الشرعية، فغلب عليهن العادة والأوضاع التي اعتدنها ونشئن عليها، وهذا كثيراً لا يحصى في أحوال المسلمين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
والمقصود، أن سعيك في الزواج بهذه الفتاة، هو سعي ممكن قبوله، وسعي لا بأس به، غير أن الطريقة التي تريد اتباعها في ذلك لا بد أن تكون مشروعة وواضحة في نفس الوقت، فلا يجوز لك مثلاً إقامة علاقة حب ولقاءات، ولو كان مقصدكما مقصدا شريفا عفيفا، بل الصواب أن تبين لها بوضوح ورفق وهدوء، أنك راغب في الزواج بها، ثم تبين لها أنك إنما رغبت فيها لما تعرفه عنها من الدين وحسن الخلق والأدب، وأنك تود أن تتقدم لها خاطباً، فأنت رجل واضح تعرف ما تريده وتطلبه، وبالأسلوب المرضي لله تعالى، وهو الأسلوب الواضح الصريح الذي لا شبهة ولا جهالة فيه.
وفي نفس الوقت تخبرها عما أنت عليه من التقدير لها، ومن نظرتك إليها كفتاة مؤمنة عاقلة، فتخبرها أنك راغب في أن تراها بحجاب الفتاة المؤمنة الذي يليق بأمثالها من الطاهرات العفيفات، لا لأنك فقط تريد ذلك، بل طاعة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وتبين لها أن الفلاح كله، والسعادة كلها في طاعة الله والتزام أوامره، وأن هذا هو النهج الذي لا بد أن يعيش عليه كل مؤمن ومؤمنة.
فبمثل هذا الوضوح، وبمثل هذه الخطوة المشروعة التي لا غموض فيها ولا التواء، تكون حققت كل مقاصدك بأسهل عبارة وأخصر طريق، ولا حاجة لك بعد ذلك لإقامة العلاقة التي لا تحمد عقباها، مع ما فيها من المخالفة لأمر الجبار جل جلاله، والغالب في مثل حالتكما أن تجد من الفتاة كل ترحيب واقتناع إن شاء الله تعالى، غير أننا نود لفت نظرك الكريم، إلى ضرورة تهيئة أهلك للتقدم لخطبة الفتاة، حتى تكون الشاب المؤمن الذي إذا وعد وفى بوعده.
فحاول أن تمهد مع أهلك سبيل إجراء لخطبة، بل ولو كان عقد زواج لكان خيراً وأفضل، لتتمكن من الكلام معها ومرافقتها دون حرج، ولو كان الزفاف بعد ذلك إن شاء الله تعالى، فإجراء العقد يحصل لكم مصالح كثيرة، مع كونه فرصة لزيادة دعوتها إلى الله تعالى، وتعليمها أحكام الدين ومعارفه بصورة أسهل وأفضل، مع ما في ذلك من إعفاف النفس، وقطع سبل الشيطان عنكما.
ونسأل الله الله لكما جميعاً التوفيق الهدى والفلاح، ونوصيك بصلاة الاستخارة، وبالدعاء والتضرع لله، ولن تخيب إن شاء الله تعالى.
المجيب : ... أ/ أحمد مجيد الهنداوي
ـــــــــــــــــــ
أريد لبس النقاب وتمنعني أمي
تاريخ الإستشارة : ... 2006-06-11 10:52:04
الموضوع : ... استشارات الأسرة والمجتمع
السائل : ... نضال عبد الحافظ محي الدين
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم(5/943)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أنا فتاة أبلغ من العمر 20 عاما، مشكلتي مع والدتي، فأنا والحمد لله محجبة، وأتمنى أن أنتقل لمرحلة أحسن، وهي لبس النقاب أو الإسدال، وأمي رافضة لذلك، وأنا لا أدري ماذا أفعل معها؟
أفيدوني أكرمكم الله وجزاكم الله خيرا
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ نضال حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن إرادة الخير خير، ونية المرء خير من عمله، وخير العمل ما كان خالصاً لله، ونسأل الله لك الثبات والسداد.
ومرحباً بمن تصعد بنفسها في سلم الطاعات والمعالي، وشكراً لمن اختارت موقعها وحرصت على حجابها وعفتها.
لا شك أن الحجاب شريعة الله، وليس لأهل الإيمان إذا قضى الله ورسوله أمراً إلا أن يقولوا سمعنا وأطعنا، وزينة المرأة المسلمة وقفٌ على زوجها، ولا تظهر محاسنها إلا لزوجها، ولا يعرف حسنها وأدبها مثل محارمها.
ولا يخفى على العقلاء أن الوجه هو مجمع الزينة وموضع النظر، خاصة في هذا الزمان الذي ظهرت فيه الأصباغ والألوان والزينات، والحجاب والستر للمرأة كالغطاء للحلوى، فإذا فقدت الحلوى غطاءها كانت عرضة للجراثيم والذئاب، وإذا فقدت المرأة حياءها وحجابها كان عرضة للنظرات الجائعة والذئاب البشرية التائهة.
ونحن نتمنى أن تتعاملي مع الوالدة بحكمة، وتجتهدي في برها والإحسان إليها، واحرصي على إزالة الشبه والمخاوف التي تجعلها تقف في طريق التزامك بالحجاب الكامل، ومن تلك الشبهات ما يلي:-
1- اعتقاد بعض الأمهات أن الحجاب يحرم بنتها من الزواج، وهذا خطأ، لأن الزواج بتقدير الله، ولن تكون الطاعة عائقاً دون الزواج، كما أن الشباب قد يبتسمون للمتبرجة، لكنهم لا يرضونها أماً لعيالهم وأمينة على أعراضهم.
2- اعتقاد بعض الناس جهلاً أن الحجاب لا يكون إلا بعد الزواج، فالحجاب لكبيرات السن، وهذا مفهوم مغلوط، لأن أولى من تتحجب هي الفتاة، لأن الفتنة بها أكبر.
3- تشويه وسائل الإعلام وأعداء الإسلام صورة المرأة المحجبة.
4- خوف بعض الأسر من تشدد الفتيات ورفضهن للمنكرات، ونحن نتمنى أن تكون المحجبة رحيمة بأهلها وأسرتها، وحريصة على برهم والإحسان إليهم.
وإذا تمكنا من إزالة الشبهات، فإن الوالدة سوف تعاونك على طاعة الله، ومع ذلك فإن طاعة الله أعلى وأغلى، ولكن لا عذر لك إذا لم تحترمي الوالدة وتحسني التعامل معها وتصبري عليها وتدعي لها.
وأرجو أن تجد الوالدة عندك الإصرار على الطاعة لله، ولكن بأدب ولطف، وأرجو أن تجتهدي في الارتباط بالصالحات، وحبذا لو قمت بزيارة الوالدة وهن منقبات ومنتشرات، حتى تعلم أن هناك من يشاركن في هذا الخير من كبار وصغار.(5/944)
ولأن مكان الوظيفة فيه رجال، فلا بد من الإسدال، وهذا سوف يرفع قيمتك في محيط العمل، وقبل ذلك سوف يرفع منزلتك عند الله الذي يملك قلوب العباد.
وعليك بتقوى الله وكثرة اللجوء إليه، فإنه يجيب من دعاه، وينصر من توكل عليه وتولاه.
والله الموفق.
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــ
الإستشارة : ... كيف أعلم نتيجة الاستخارة في خطبة فتاة غير محجبة؟
تاريخ الإستشارة : ... 2006-07-05 13:07:28
الموضوع : ... استشارات الأسرة والمجتمع
السائل : ... ahmed
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، جزاكم الله خيرا فضيلة الشيخ، وأسأل الله أن يجعل عملكم هذا في ميزان حسناتكم.
أما بعد:
فسؤالي هو: أنني أحب إحدى قريباتي وهي ابنة خالتي، أحبها وأرغب بالزواج منها؛ لأن بها صفات رائعة، لكن للأسف هي ليست محجبة! لكنها تصلي وقد كلمتها عن هذا الموضوع، وقالت أنها تفكر بلبس الحجاب هي وصديقتها.
دعوت الله تعالى إن كانت بنتا صالحة بأن يجعلها زوجتي وأن يجعلني أحبها، وإن كانت بنتا غير صالحة أن يطفئ حبي لها في قلبي، وأن يصرفني عنها وأن يبدلني خيرا منها.
لقد دعوت في الثلث الأخير من الليل، ودعوت أيضا في كل سجدة من صلاتي، فريضة أو نافلة، ولكن وسبحان الله لا أزداد إلا حبا لها! فهل دعائي هذا صحيح؟ وهل هذا يعني أن ربي يعلم بأنها بنت صالحة؟ آسف للأطالة لكني تعبت من هذا الوضع! وأرجو أن تجيبوني على استفساري هذا فضيلة الشيخ، وجزاك الله كل خير.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ahmed حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:-
فإن هذا الحرص الطيب الذي لديك على دعوة ابنة خالتك لتلتزم بالحجاب الذي فرضه الله تعالى على كل مؤمنة، هو بحمد الله حرص دال على حسن دينك، ودال أيضاً على أنك شاب مؤمن عاقل، تعلم أن المرأة الصالحة لا بد أن تكون ملتزمة بحجابها الذي هو رمز عفافها ورمز كرامتها، ولذلك فإنك قد أحسنت عندما دعوتها هذه الدعوة الطيبة، وأيضاً فإن جوابها لك كان جواباً يدل على أنها بحمد الله لديها التقبل لدعوتك، ولديها الاستحسان لهذا العرض المبارك منك، ومع أنها - عفا الله عنها – لا زالت على ما هي عليه، إلا أن الأمل عظيم في أن يجعل الله هدايتها قريبة وعاجلة.(5/945)
وأول ما تبدأ به هو الدعاء لها، وسؤال الله تعالى هدايتها، فإن قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، وقد قال تعالى: ( من يهد الله فهو المهتدي ) فلا بد من مزيد من دعوتها خاصة وأنك قريبها، فلو حاولت إرسال بعض الأشرطة الدعوية إليها، وخاصة التي تتعلق بالتذكير والوعظ، ثم الأشرطة التي تتعلق بحجاب المرأة المسلمة وما ينبغي أن تكون عليه من التستر والعفة والصيانة فهذا وجه من أوجه الدعوة إلى الله تعالى.
ومن الأساليب الحسنة القوية أن تستأذن أهلك في إبلاغها بأنك تود خطبتها والزواج بها، فإذا تم الاتفاق على ذلك بينك وبين أهلك، فحاول أن تستثمر ذلك بأن تخبرها بأنك تود الزواج بها، وأنك تأمل أن تكون هي الفتاة التي قال فيها صلوات الله وسلامه عليه ( فاظفر بذات الدين تربت يداك ) متفق عليه، والتي قال فيها صلوات الله وسلامه عليه: ( إن الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة ) هذا مع محاولة الاستعانة بخالتك التي هي أمها لكي تؤثر عليها في ارتدائها ما أمر الله تعالى به من الحجاب، والغالب أنها سوف تستجيب إن شاء الله تعالى إذا ما اتخذت جانب الرفق والهدوء في المعاملة، فإن الرفق يعين جداً على قبول النصيحة، والعمل بها، حتى قال صلوات الله وسلامه عليه :( إن الرفق ما كان في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه ) أخرجه مسلم في صحيحه.
ونوصيك بالتمهل وعدم التعجل، وأن تصبر على دعوتها حتى يأذن الله تعالى بهدايتها بكرمه وفضله، ومما نلفت نظرك الكريم إليه، أن الكلام مع ابنة خالتك لا بد أن يكون بحسب الحاجة والضرورة، ودون خلوة منك بها، لأنها وإن كانت قريبتك إلا أنها أجنبية عليك، وأما شعورك بانشراح نفسك، وأنك تميل للزواج بها فهذا أمر مبشر إن شاء الله تعالى، فعليك بالصبر حتى ترى هدايتها قريباً إن شاء الله جل وعلا، وأما عن سؤالك عن دعائك المذكور، فهذا دعاء مشروع وجائز ولا كراهة فيه.
ونسأل الله لك ولها أن يجمعكما على طاعته ومرضاته.
المجيب : ... أ/ أحمد مجيد الهنداوي
ـــــــــــــــــــ
أرغب بارتداء الحجاب، ولكني أخاف أن تضعف نفسي فأنزعه!
تاريخ الإستشارة : ... 2006-08-02 09:49:01
الموضوع : ... استشارات ومشاكل الشباب
السائل : ... نعمت
السؤال
السلام عليكم
أنا فتاة أبلغ من العمر 25 سنة، حاصلة على الأستاذية في التجارة الدولية، أريد أن أرتدي الحجاب ولكن أخاف من نفسي أولا ( أخاف أن أنزعه )! وأخاف من فقدان عملي، وأخاف أيضا من عدم وجود ما أرتديه!
أنا مقتنعة بالحجاب وأحب ديني كثيرا، وأريد منكم أن تشجعوني وأن تدعوا لي.
جزاكم الله خيرا، والسلام.(5/946)
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ نعمت حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن هذه العزيمة التي لديك، وهذا الحب والميل الذي تجدينه في نفسك لارتداء الحجاب، هو علامة ظاهرة جداً على أن الله تعالى يرعاك برعايته، بل هو علامة على تفضل الله عليك، وعلى إنعامه العظيم بهدايتك، فقد قال جل وعلا: {ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزيّنه في قلوبكم وكرّه إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون * فضلاً من الله ونعمة والله عليم حكيم}.
فهنيئاً لك – يا أختي – هذا التوفيق من الله تعالى، بل إن نيتك هذه التي تنوين بها ارتداء الحجاب، هي نيةٌ أنت مأجورة عليها إن شاء الله تعالى، فكيف لو أنك بعد ذلك امتثلت أمر الله تعالى، وأمر رسوله صلى الله وسلم، ثم أعلنت تمسكك بالحجاب الإسلامي الذي هو رمز كرامة كل مؤمنة من أمثالك، بل هو رمز طهارة كل مسلمة صادقة قد رضيت بالله رباً وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً.
وأما عن المصالح التي سوف تجنين ثمارها من هذا القرار الحكيم الشجاع فهي كثيرة جداً، فمن هذه المصالح العظيمة:
1- طاعة الله تعالى، وامتثال أمره حيث قال تعالى: { يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً}.
2- مغفرة الذنوب ومحو السيئات، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له) رواه الطبراني.
3- أنك بارتدائك الحجاب تكونين قد تجنبت الفتنة في نفسك وتجنبت كذلك فتنة الرجال بك، وبذلك تكونين قد سددت أبواب الشيطان على نفسك وعلى الناس كذلك.
4- أن لبسك الحجاب هو شعار تظهرينه في الناس، فيؤدي ذلك إلى تشجيع المسلمات على ارتدائه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ( من دل على خير فله أجر من عمل به ) رواه البخاري.
5- من ثمرات ارتداء الحجاب أن الرجل الصالح يحرص على الزواج بك، لأن نظرة أي رجل صالح إنما تتوجه أولاً إلى ستر المرأة وعفتها، ولذلك قيل إن الحجاب هو رمز عفة المؤمنة وطهرها.
6- بارتدائك الحجاب تسدين الباب على الذئاب البشرية التي تطمع في اصطياد النساء، ولذلك قال تعالى في آية الحجاب: { ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين } والمعنى أن لبس الحجاب يجعل المسلمة معروفة بعفافها وأنها حرة عفيفة فلا يؤذيها السفهاء بالتعرض لها.
7- من فوائد ارتداء الحجاب طمأنينة النفس، وحصول السكينة في القلب، فإن طاعة الله رحمة، ومعصيته عذاب عاجل وآجل أيضاً.
والمقصود أن عليك أن لا تترددي في هذا القرار المؤمن الذي قد عزمت عليه بالفعل، وعليك بأن تذكري قول الله دوماً: { ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه(5/947)
من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدراً}.
ونسأل الله تعالى أن يثبتك على دينه، وأن يشرح صدرك لطاعته، وأن يرزقك الزوج الصالح، والشبكة الإسلامية تتمنى دوام مراسلاتك الكريمة إليها.
والله الموفق.
المجيب : ... أ/ أحمد مجيد الهنداوي
ـــــــــــــــــــ
والدتي تريدني أن أرتدي الحجاب الملون وأنا لا أريده فكيف أتعامل معها
تاريخ الإستشارة : ... 2006-08-08 12:00:56
الموضوع : ... استشارات الأسرة والمجتمع
السائل : ... رودا
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ارتديت أنا وأختي الملحفة منذ فترة والحمد لله، وفي البداية كانت أمي راضية، ولكن نظرا لأن أختي ترتدي الإيشارب أسمر، وأنا رمادي في أسمر -علما بأن الملحفة سمراء - بدأت أمي تستاء وتطالبنا بلبس ايشارب ملون.
وطالما حاولنا إقناعها بأن الألوان الملفتة حرام لكنها لا تقتنع! وبعد مشاكل طويلة قامت أمي بأخذ الملاحف منا وأخفتها، وترفض رفضا باتا إعطاءنا إياها، وتدعو علينا، وتقول قلبي وربي غضبان عليكم، وتريدنا أن نعود إلى ملابسنا التي كانت محترمة نوعا ما، جيبات وعبايات وايشارب طويل.
طلبنا منها أن نرتدي الخمار فرفضت، وحقيقة أختي أكثر مني عقلا، ودائما تحاول التحدث بالعقل، وأنا أحاول ولكني سرعان ما أنفعل، وهذا يفسد الأمور ويغضبني، وهي كذلك.
وأنا أشعر بأن الله حرمني هذه النعمة؛ لأني لا أستحقها، ولست أدري ماذا أفعل؟! وهل أعود لملابسي لأرضيها أم أصبر؟ علما بأني لا أخرج من المنزل حاليا أنا وأختي، وهذا لا بأس به الآن، ولكن ماذا إن أصرت على موقفها حتى بدأت الدراسة.
الرجاء أفيدوني.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم.
الابنة الفاضلة/ رودا حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فنسأل الله أن يحفظكن ويسدد خطاكن، وأن يلهمكن رشدكن، وينفع بكن بلاده والعباد.
فإنه لا بأس من إرضاء الوالدة، ولكن في الحدود المقبولة شرعًا، وليس من شرط الحجاب أن يكون بلون واحد، ولكن من الضروري أن لا يكون صارخًا وملفتًا وزينة في نفسه، وأعتقد أن أي تغيير سوف يرضي الوالدة ولو كان قليلاً، فاجعلوا الألوان متنوعة ومعقولة، وتلطفوا مع الوالدة ولا تصطدموا معها، فإنها تريد الخير لكنها أخطأت طريق الخير، والعبرة في نيتها، فلا تشتدي معها حتى لا تزيد في عنادها.(5/948)
واعلمي أنها تتأثر بكلام الناس، وربما تسمع بعض الشبهات التي يثيرها أعداء الحجاب في كل زمان ومكان، ولا عجب فإنهم يغضبون لعودة الفتاة المسلمة إلى كتاب ربها الذي يهتف بها ويذكرها بقول الله تعالى: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورًا رحيمًا} ولعلنا نلاحظ قوله تعالى: {أن يعرفن} بأنهن العفيفات الطاهرات المؤمنات، وهذا دليل على أن الإسلام أراد للفتاة المسلمة أن تكون لها شخصيتها المميزة التي تخالف فيها الفاسقات والفاجرات والكافرات، ثم جاءت الآية التي بعدها لتعلن الحرب على أعداء الحجاب والطهر والإسلام والخير فقال سبحانه: {لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلاً * ملعونين أينما ثقفوا...}.
وقد أسعدتني هذه الرغبة في إرضاء الوالدة وأفرحني ذلك الحرص على الحجاب، ومرحبًا بكن في موقعكن بين الآباء والإخوان.
أما دعاء الوالدة عليكم فلا ضرر فيه، لأن طاعة الله أغلى وأعلى، ولكننا نتمنى تفادي ما يجلب غضبها والحرص على الزيادة في برها، ونسأل الله أن يغفر لنا ولها.
وأرجو أن تتولى أختك الحديث مع الوالدة، واستعينوا -بعد الله- بالعقلاء والفضلاء من المحارم والعلماء الأجلاء.
واعلمي أن نعم الله مقسمة، وإذا كان الله قد حرمك نعمة الصبر على النقاش، فقد أعطاك نعمًا أخرى، فاشكري نعم الله عليك، ولا تعوّدي نفسك مثل هذه الكلمات فأنت تستحقين كل خير، وقد منحك الله نعمة الهداية والحجاب، وهي من أعظم نعم الكريم الوهاب.
كما أرجو أن تحاولي تعود الحلم والصبر، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (إنما العلم بالتعلم والحلم بالتحلم، ومن يتصبر يصبره الله) وعليكم بكثرة اللجوء إلى من يصرف القلوب إلى طاعته، واطلبوا مساعدة الوالد ولطفوا الجو مع الوالدة، واختاروا الأوقات المناسبة لإقناعها، وأسمعوها كلام من تثق فيه من العلماء، وقدموا رضوان الله، وسوف يرضي الله عنكم الوالدة، والتزمي بتقوى الله فإنه سبحانه يؤيد أهلها وييسر أمورهم ويذهب همومهم.
ونسأل الله لكنَّ التوفيق والسداد.
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــ
الإستشارة : ... والدي يمنعني من الظهور على أبناء عمي حتى في وقت الطعام لا آكل معهم
تاريخ الإستشارة : ... 2006-08-09 08:54:10
الموضوع : ... استشارات الأسرة والمجتمع
السائل : ... ريم
السؤال
لدي أبناء عم كبار ليسوا متزوجين يسكنون معنا في منزلنا، ووالدي يمنعني من الظهور أمامهم، مع أنني أكون مرتدية الحجاب وثوبا واسعا، ولا شيء يظهر سوى(5/949)
الوجه والكفين، وأيضا عندما تجلس العائلة في مجلس واحد معهم يمنعني من الجلوس، وأذهب إلى غرفة منعزلة حتى لا يروني حتى أثناء تناول الطعام يجعلني أتناوله وحدي.
علما بأنني عندما سألت والدي لماذا؟ قال بأنه لا يجوز لهم رؤيتي، ولا يجوز لي أن أجلس معهم، فما الواجب فعله؟ وهل حرام أن أجلس معهم في مجلس واحد، طبعا مع وجود محرم؟
أرجو أن توضحوا ما هي الأمور التي علي القيام بها؟ وما الأمور التي يجب علي الابتعاد عنها؟
ولكم جزيل الشكر.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ ريم حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإننا نبدأ جوابنا بتهنئتك على هذا السؤال الكريم، فإن المؤمن والمؤمنة لا بد لهما أن يكونا على بصيرة من أمر دينهما، لا سيما وأن الله تعالى قد حث المؤمنين على أن يكونوا وقافين على حدوده لا يعتدونها، ولذلك نهى الله تعالى عباده أن يبادروا إلى قول أو فعل دون أن يرجعوا إلى حكم الله تعالى، وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم قبل الإقدام عليه، كما قال جل ثناؤه: {يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم}.
ومعنى الآية أن الله نهى المؤمنين أن يفعلوا فعلاً أو يقولوا قولاً قبل أن يعرفوا هل هو مما يرضاه الله تعالى ورسوله أم لا؟ إذا علم هذا فإن كل ما قد فعله والدك صواب وحق، إن شاء الله تعالى، فإن أولاد عمك في عداد الرجال الأجانب الذين لا يجوز لك الاختلاط بهم، بل إن الفتنة في أولاد العمومة ونحوهم كإخوة الزوج، أعظم ضرراً وأشد خطراً، لأنه يتساهل في حقهم ما لا يتساهل في حق الرجل البعيد، ولذلك ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إياكم والدخول على النساء، فقال رجل من الأنصار: أفرأيت الحمو؟ قال: الحمُو الموت) متفق على صحته.
والحمو المذكور في الحديث هو قريب الزوج كأخيه وابن أخيه ونحوهم، فهذا تنبيه من النبي صلى الله عليه وسلم على سائر الأقارب الذين لا يحرمون على المرأة، كابن العم وابن الخالة ونحوهم، وليس في هذا تشدد أو تعصب، بل هذا هو مقتضى ما أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم، ولذلك أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى خطر هذا الأمر بقوله (الحمو الموت) أي أن خطره عظيم جداً فهو كالموت في الخطر، وهذا غاية في التحذير من الاختلاط والتساهل في ذلك.
وأما النظر، فإن الله جل وعلا قد نص على تحريم النظر على الرجل والنساء الأجانب، كما قال تعالى: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون * وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن} وظاهر القرآن يدل على التحريم مطلقاً، وهو أصوب القولين في المسألة، ويشهد لذلك ما أخرجه مسلم في صحيحه عن جرير رضي الله عنه قال(5/950)
سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجأة -النظرة بدون قصد- فقال: (اصرف بصرك).
والمقصود، أن ما يقوم به والدك الكريم له ما يسوغه، وله عذره الشرعي في ذلك، وهو مأجور على كل هذا إن شاء الله تعالى، فعليك بأن تتمثلي ما أمرك به والدك، وأن تحتسبي أجرك عند الله تعالى، حتى يرزقك الزوج الصالح الذي تسعدين به ويسعد بك، ونسأل الله لك ذلك، وأن يجعلك من الصالحات القانتات الحافظات لدينهن.
وبالله التوفيق والسداد.
المجيب : ... أ/ أحمد مجيد الهنداوي
ـــــــــــــــــــ
الإستشارة : ... أرى الناس تنظر إلي عندما ألبس الحجاب وكأني نكرة بينهم فما نصيحتكم
تاريخ الإستشارة : ... 2006-07-26 08:23:47
الموضوع : ... استشارات ومشاكل الشباب
السائل : ... amaal
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا طالبة في كلية تكنولوجيا المعلومات، هداني الله إلى لبس النقاب منذ أسبوع تقريبا، وأنا ملتزمة به، ولكن المشكلة أنني أصبحت أواجه مشاكل مع المجتمع من ناحية الزي الذي أرتديه مع النقاب، فأنا بصراحة لم أعد أرتدي الألوان التي كنت أرتديها ( الأزرق والزهر ) وغيرها من هذه الفصيلة، وكذلك الاكسسوارات، ولكنني أرتدي العباءة والجلباب الشرعي.
والمشكلة أنهم قالوا لي بأنه يجب أن أرتدي البرنس الذي يغطي الكتفين، ولكن صراحة جربته ليوم واحد فهو غير عملي جدا، وكذلك بالنسبة للكفوف لا أستطيع التعامل مع لوحة المفاتيح بوجودها، وصراحة كلما أمشي في الكردورات أصبحت أحس أن الجميع ينظر إلي ويتكلم عني، فهذا خلق عندي إحساس دائم بعدم الراحة النفسية! فماذا أفعل؟
أرشدوني، وهل تنسيق اللبس مع النقاب فعلا حرام، أي حذاء أبيض وحقيبة بيضاء، وكذلك الحجاب الذي تحت النقاب وليس شرط الأبيض فقط، وكذلك الألوان المقبولة، فأنا معتادة هكذا وبصراحة لا أجد قبولا من نفسي بأن أكون غير مرتبة مثل غيري من زميلاتي.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضلة/ amaal حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فنسأل الله أن يحفظك ويسدد خطاك، وأن يلهمك رشدك، ويعينك على طاعة مولاك.
ونحن نريد لصاحبة الحجاب أن تكون مرتبة ومنسقة، ومن الذي قال أن الالتزام لا يكون إلا بالفوضى؟ وقد كان الصحابة يرتبون شعورهم حتى وهم يدخلون المعارك(5/951)
التي كانوا يخوضونها في صفوف متراصة، فكيف بالنساء؟ ولكن ليس من الضروري أن يكون الترتيب تبعاً للموضة التي أصبحت لوناً من التقلبات، وربما الأشياء المضحكات.
ولا يخفى عليك أن الإسلام أراد لصاحبة الحجاب أن تتميز عن غيرها، حتى تجبر الأخريات على محاكاتها والسير على دربها، لأن المسلمة متبوعة لا تابعة، فقال سبحانه في آية الحجاب: {ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين} فلا تبالي بالنظرات، ولا تلتفتي للكلمات، وتمسكي بما أكرمك الله به، وأبشري فغداً سيلتحق بك أخريات، رغم حرب الفاسقين والفاسقات.
واعلمي أن كلام الناس لا ينتهي، وأن رضاهم غاية لا تدرك، فأشغلي نفسك بما يرضي الله، واهتمي بدراستك حتى يعلم الجميع أن الالتزام يعين على التفوق والنجاح، مع ما فيه من طاعة للكريم الفتاح.
وأرجو أن يعلم الجميع أن الزي الإسلامي ليس له لون معين، ولكن لا ينبغي أن يكون زينة في نفسه، ومن الضروري أن يكون واسعاً، وأن يكون ساترا للجسد، وألا يكون مثل لباس الرجال في طريقة تفصيله، وألا يكون لباس شهرة، وألا يشبه لباس الفاسقات والكافرات.
وأرجو أن تتمسكي بهذا الدرب، واعلمي أن طاعة الله أغلى وأغلى، وأنك مأجورة على صبرك ومعاناتك، ونسأل الله أن يلهمك الصبر، وأن يكتب لك الأجر.
والله الموفق.
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــ
الإستشارة : ... أهلي لم يسمحوا لي بارتداء الحجاب فماذا أعمل
تاريخ الإستشارة : ... 2006-08-15 13:22:18
الموضوع : ... استشارات الأسرة والمجتمع
السائل : ... نهي عباس
السؤال
بعد التحية،
أريد أن ألبس الحجاب، وأنا والحمد لله ملابسي جميعها محترمة جدا، وأتمنى أن ألبس الحجاب، لكن أهلي لا يريدون ذلك، مع المحاولة أكثر من مرة معهم، ماذا أفعل وأنا حاولت كثيرا جدا معهم؟ وهم غير مقتنعين أصلا به، ويقولون أن الرسول (صلى الله عليه وسلم ) فرض الحجاب على أهل بيته فقط، وعندما أعترض على كلامهم تحدث مشادة كلامية بالبيت ولا يتكلمون معي لمدة قد تصل أحيانا إلى شهر، وبالرغم من ذلك يجبرونني على عدم الحجاب، فماذا أفعل؟
أرجو الرد.
وشكرا.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نهي عباس، حفظها الله.(5/952)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فهنيئاً لمن تعشق الستر والحجاب وترغب في رضوان الواحد الوهاب، ونسأل الله أن يلهمك رشدك والصواب! ومرحباً بك في موقعك، وبين إخوة يدلونك على ما جاء في السنة والكتاب.
ولا يخفي على من يعرف أحكام الشرع أن الحجاب شريعة الله لجميع المؤمنات؛ لأنه تعالى قال في كتابه: {يَا أَيها النبي قل لأَزواجك وبناتك ونساء المؤمِنِين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أَدنى أَن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رَّحيماً} الأحزاب59، فعندما نزلت هذه الآية انقلب الصحابة إلى أزواجهم وبناتهم وأمهاتهم يرددون آية الحجاب، فقامت كل امرأة إلى مرطها فشقته نصفين، ومشين إلى مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وكأن على رؤوسهن الغربان!
وليس في أمر الحجاب خيار؛ لأن الله سبحانه يقول : {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إِذَا قضى اللَّه ورسوله أمراً أَن يكون لهم الخيرة من أمرِهم ومن يعصِ الله ورسوله فقد ضل ضلالا مينا } الأحزاب36.
ويؤسفنا أن نقول أن أعداء الحجاب قد شوشوا على المسلمين في أمر الحجاب؛ لأنهم يريدون أن تخرج الفتاة وهي متبرجة، ولذلك جاء بعد آية الحجاب قوله تعالى: { لئن لم ينته المنافقون والذين فِي قلوبهم مرض والمرجفون في المدينَة لنغرِينك بهم ثم لا يجاوِرونك فيها إِلا قليلا } الأحزاب60، وكأن الآية تحدد أعداء الحجاب، وتصف ما في قلوبهم من مرض ونفاق وسوء قصد، ورغبة في التشويش.
ومن هنا فنحن ننصحك بإزالة هذه الشبهة! وذلك بالتحاكم إلى عالم درس العلوم الشرعية وعرف بالخير والصلاح، وحبذا لو كان معروفاً ومقبولاً عند أهلك؛ حتى يجد كلامه عندهم الاهتمام.
وهناك شبهات أخرى تثار حول الحجاب، حيث يرى بعضهم أن الحجاب للمتزوجات وكبيرات السن، ومنهم من يعتقد أن الحجاب يتسبب في عنوسة المرأة! ولكن الحجاب جزء من عقيدة المسلمة، وليس لديها خيار في شأنه!
ولذلك فنحن ننصحك بأن تتقي الله وتصبري، واجتهدي في إقناع أهلك وزيدي من برك لوالديك واحتملي الأذى؛ فإنك مأجورة عند الله! وذكريهم بأن الحجاب حفظ للمرأة من أعين السفهاء، والله سبحانه يقول: { ذلك أدنى أَن يعرفن فلا يؤذين}الأحزاب59، فيعرفن بأنهن العفيفات الطاهرات، ويتميزن بالحجاب عن الفاسقات المتبرجات.
وأرجو أن تحاوريهم برفق، واعلمي أن طاعة الله أعلى وأغلى، وأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق! وتدرجي في إقناعهم واجعلي البداية بمن تتوسمي فيه الخير، وقولي لهم كيف يرضيكم نظر الرجال إلى عرضكم وبنتكم؟ أليس عندكم غيرة؟!
واطلبي مساعدة العقلاء من أرحامك، وهدديهم بترك العمل إذا منعوك من الحجاب، واستخدمي كل حيلة ووسيلة لإقناعهم، وأكثري من التوجه إلى من يجيب من دعاه، ويوفق إلى التمسك من هداه.
ونسأل الله لك السداد والثبات!(5/953)
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــ
الإستشارة : ... أريد ارتداء الحجاب ولكن معظم صديقاتي غير محجبات ولا يشجعنني!
تاريخ الإستشارة : ... 2006-08-16 12:31:06
الموضوع : ... استشارات ومشاكل الشباب
السائل : ... مريم
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد:
فأنا فتاة في سن 14 اسمي مريم ومقتنعة بالحجاب وأريد ارتداءه، ولكن مشكلتي تكمن في أن معظم صديقاتي غير محجبات؛ لذا فعندما أرتديه وأكون معهن يراودني شعور بأنني سجينة الحجاب، بالإضافة إلى الكلام الموجه إلي من طرفهن بأني لازلت صغيرة على الالتزام به وأنه سيضايقني؛ لذا اتجهت إليكم لتدلوني على الصواب، وجزاكم الله خيرا على مجهوداتكم!
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإننا لا نكتفي بأن نقول إنك بحمد الله فتاة موفقة مؤمنة، قد وفقها الله تعالى وهداها، بل إننا نهنئك على إيمانك الصادق – إن شاء الله تعالى – ونهنئك على خطوة الفتاة المؤمنة التي قد عرفت طريقها وعرفت ربها، نعم إنك أنت الفتاة المؤمنة التي يهتف بها المضلون وينادي بها أهل الفجور لتتعرى وتتكشف، فترد عليهم بقوله تعالى: {إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم}.
وأيضاً فأنت الفتاة المؤمنة التي سمعت قول الله تعالى لنبيه: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيهن} فاستجابت لربها واستجابت لرسوله صلى الله عليه وسلم الذي يقول: (أيما امرأة نزعت حجابها في غير بيتها فقد هتكت ستر ما بينها وبين ربها).
إذن فأنت بحمد الله الفائزة، وأنت أيضاً الفتاة العاقلة التي علمت أن عفافها فوق رغبات الناس، وأن أكرامتها فوق شهوات البشر، فاخترت لذلك حجابك الإسلامي، الذي هو رمز عفافك ورمز طهرك، بل هو رمز عزتك وكرامتك، فأنت بالحجاب جوهرة مصونة محفوظة، والفتاة بدون حجابها سلعة رخيصة تنهشها ذئاب البشر، وتأكلها شهوات الفاجرين، فأي الفتاتين هي المسجونة المحبوسة؟ الفتاة التي خرجت من طاعة الشيطان إلى طاعة الرحمن؟! أم الفتاة التي رضيت بالذلة والمهانة، فباعت نفسها للشيطان ورضيت بأن تكون سلعة مهينة يطمع فيها الطامعون؟!(5/954)
وأما قول من قال لك إنك صغيرة على ارتداء الحجاب، فجوابك هو: إنه أمر الله الذي أوجبه على كل فتاة بالغة عاقلة، وهو أيضاً فريضة الله على كل مسلمة عفيفة تخاف أن يهجم عليها الموت، فتدخل قبرها الذي لا يميز بين صغير أو كبير، وذكر أو أنثى.
فاثبتي – يا أختي – على دينك، واحرصي على حجابك الذي أعزك الله به وصانك ربك به، واجتنبي صحبة أمثال هؤلاء الفتيات اللاتي يحرضنك على الحرام ويعن الشيطان عليك، واستبدلي صحبتهن بصحبة الفتيات المتحجبات من أمثالك، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل) رواه أبو داود، وأخرج الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( لا تصاحب إلا مؤمناً ولا يأكل طعامك إلا تقي).
فاحرصي على الصحبة الصالحة، وداومي على مراسلة المواقع الإسلامية النافعة، والشبكة الإسلامية ترحب دوماً بأي رسالة تصلها منك، لتجدي الجواب إن شاء الله تعالى في أقرب وقت ممكن.
ونوصيك وصية أكيدة، بأن تحافظي على هذا الدعاء الذي كان هو أكثر دعاء النبي صلى عليه وسلم: (يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك) وثبت عنه صلوات الله وسلامه أيضاً أنه كان من دعائه: (يا مصرف القلوب صرف قلبي على طاعتك).
ونسأل الله لك التوفيق والهدى، والفلاح والسداد والثبات على دينه.
وبالله التوفيق والسداد.
المجيب : ... أ/ أحمد مجيد الهنداوي
ـــــــــــــــــــ
الإستشارة : ... أريد خطبة فتاة تصلي ولكنها غير ملتزمة فما نصيحتكم وكيف أدعوها
تاريخ الإستشارة : ... 2006-09-03 14:09:15
الموضوع : ... استشارات الأسرة والمجتمع
السائل : ... محمد فارس البريني
السؤال
السلام عليكم
أنا شاب اقترحت عليّ أمي أن تخطب لي فتاة تبلغ من العمر 19 سنة،
وفعلا أعلمت أمها وهي موافقة (لم تتم الخطوبة بعد) أنا أعرف هذه الفتاة عن طريق أهلها، إذ تربطنا معهم قرابة من بعيد، ثم إنها يتيمة الأب،
وتقطن حاليا في ألمانيا مع أهلها منذ 4 سنوات.
هي حاليا ليست متدينة، ولكن علمت أنها تصلي، وذات أخلاق وتربية عالية، أنا تونسي أصلي، وأخاف الله عز و جل، وقد تحدثت معها بالهاتف مرتين بعد إعلام أهلها، وقالت لي أنا الآن مشوشة التفكير بسبب الدراسة.
قالت لي يجب أن نتعرف على بعضنا أكثر، أعلم أنها ليست ذات دين متين، والحقيقة هي تعجبني، ومن هنا تبدأ حيرتي، أنا عازم إن شاء الله أن أحدثها في الدين، ولا أدري هل سيكون هذا سهل، صديق ليقال"ستتعبك كثيرا".(5/955)
عندي شعور بأن هذه الفتاة لن تتفهم جيدا ما يمليه الدين من شروط في فترة التعارف هذه، كيف أوضح لها هذا بطريقة سلسة؟ وكيف أدعوها لتقوي دينها؟
أريد نصيحتكم والسلام عليكم.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإن الإنسان إذا قبل بالفتاة التي تختارها له أمه كان في ذلك عوناً له على بر الأم وحسن عشرة الزوجة، ولن يخيب من يقصد إرضاء والديه، ونسأل الله أن يوفقك لما يحبه ربنا ويرضاه.
وإذا كانت الفتاة تصلي، وعندها أخلاق عالية، فهذه هي أهم خطوات النجاح والخير، وهي مؤشرات إيجابية، وأرجو أن لا تتعجل الحكم، ولا تجامل في هذا الأمر إذا وجدت عندها إصرار على عدم الالتزام الكامل، ولكننا نرجح أن عدم الالتزام في الغالب يكون سببه عدم المعرفة بواجبات وفرائض الشريعة، ولا أظن أن الفتاة التي تواظب على الصلاة سوف ترفض الحجاب أو تُعاند وتصادم ما جاء في السنة والكتاب.
ولا شك أن الرؤية الشرعية لها أعظم الأثر، فأنت الآن تميل إليها، ولكن من حقها أيضاً أن تراك، ونسأل الله أن يجعلك سبباً لهدايتها وسعادتها، وإذا كانت الخطوات الأولى مبشرة بالخير، فلا مانع من الاستمرار بعد صلاة الاستخارة والتوجه للواحد القهار، وحاول أن تتعرف على أحوال الفتاة وأسرتها، خاصةً خلال فترة وجودهم في البلاد الغربية، فإن الإنسان يتأثر ببيئته ورفقته، واحرص كذلك على مشاورة من له خبرة ودراية، فإن الإنسان إذا شاور إخوانه أضاف عقولهم إلى عقله، وما خاب من استخار ولا ندم من استشار، ثم توكل على مقدر الأقدار، وتوجه لمن يكور الليل على النهار ويدافع عن المؤمنين الأخيار.
ونحن لا ننصحك بإطالة فرصة التعارف كما تُسمى، ولكن من الضرورة أن تتيقن من استعدادها للتحسن وقدرتها على الفهم، وحبذا لو تعرفت على اهتماماتها وطريقة تفكيرها، ونتمنى أن تجد من محارمك من تعاونك على إدراك الحقائق.
ولا شك أن الرجل يستطيع أن يؤثر على زوجته بتدينه والتزامه وصدقه وإخلاصه إذا أحسن عشرتها وقدر ضعفها، على أن التأثير الحقيقي لا يكون لا بعد الرباط الشرعي، أما قبل ذلك فقد تدخل المجاملات، ولذلك أرجو أن يكون التركيز على الاستعدادات الحقيقية للتغير؛ لأن التغيير لا يحدث بين يوم وليلة.
ونحن ننصحك بالنظر في إيجابياتها وميزاتها، ومقارنة كل ذلك مع ما فيها من سلبيات، وطوبى لم انغمرت سيئاتها في بحر حسناتها، مع ضرورة أن نتذكر أنك لن تجد امرأةً بلا عيوب، وأنت أيضاً كأي إنسان لا تخلو من العيوب، وهذه وصيتي لك بتقوى الله وطاعته، ونسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يغفر لك ذنبك، وأن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به
وبالله التوفيق والسداد.(5/956)
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــ
كيف أتعامل مع أختي المتبرجة
تاريخ الإستشارة : ... 2006-08-29 11:42:30
الموضوع : ... استشارات الأسرة والمجتمع
السائل : ... khaled
السؤال
كيف أتعامل مع أختي المتبرجة؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ khaled حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فنسأل الله أن يحفظك ويسدد خطاك، وأن يلهمك رشدك وطاعة مولاك.
وإن أول خطوات العلاج لأختك هي التوجه إلى ربك، والإخلاص والصدق في نصحك، ونسأل الله أن يسهل أمرها وأمرك، ومرحباً بك في موقعك مع آبائك وإخوانك.
ونحن نتمنى أن تكون علاقتك بأختك جيدة، وأن تشجعها على طاعة الله، وتعبر عن حرصك عليها، وتثني عليها بما عندها من صفات طيبة، ثم تبين لها أهمية الحجاب، وأنه من شريعة الله الذي أمر بالصلاة والصيام وسائر الطاعات، قال تعالى: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً}.
و من الضروري كذلك أن تتعرف على مواطن التأثير في الأسرة، وتجتهد في كسب ود الوالدين، حتى تضمن وقوفهما معك، أو على الأقل أن يكونوا في الحياد، فلا يكونوا ضد رغبتك في أن تلتزم أختك بالحجاب، ونتمنى أن تختار الأوقات المناسبة والألفاظ الجميلة عند نصحك لأختك وتعليمها.
واعلم أن معظم البنات لا يعرفن أهمية الحجاب وموقعه في شريعة الله، وربما يحتاج الأمر لمجهود كبير في إزالة الشبهات، فإن السفهاء شوشوا على مسألة الحجاب، لأنهم يكرهون السنة والكتاب، فإذا علمت الفتاة أن الحجاب شريعة الله، وأن فيه حفظ للفتاة، حتى بشهادة العصاة الذين لا يحترمون إلا المحجبة، وصدق الله: {ذلك أدنى أن يعرفن} بأنهن العفيفات الطاهرات المؤمنات، فلا يؤذين بالكلمات النابية والعبارات الساقطة.
وأرجو أن تعلم أن بعض الناس يظن أن الحجاب يؤخر زواج الفتاة، وهذا تصور خاطئ، فإن رزق الفتاة مكتوب، والإحصاءات تكذب ذلك، وقد يظن بعضهم أن الحجاب للكبيرات والمتزوجات، وهذا خطأ، وقد كانت الفتاة في هذا السن تختفي وتسمى المخبأة في الخدر، لأن الفتنة بها أشد، وهكذا.. فإذا أزيلت الشبهات سهلت الاستجابة.(5/957)
وأرجو أن أعلن لك عن فخرنا بك، وشكرنا لك، ونتمنى أن يكون عند شبابنا هذه الغيرة والاهتمام، ونسأل الله أن يوفقك للخير وأن يرزقك السداد.
والله الموفق.
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــ
الإستشارة : ... لم أقتنع بارتداء الحجاب .. فما الحل؟
تاريخ الإستشارة : ... 2006-10-11 13:39:49
الموضوع : ... استشارات الأسرة والمجتمع
السائل : ... sara
السؤال
السلم عليكم ورحمة الله وبركاته
مشكلتي هي أنني لم أقتنع على وضع الحجاب, فمن فضلكم ما العمل؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ sara حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإن الحجاب شريعة الله، ولا تملك المؤمنة إلا أن تقول سمعنا وأطعنا، قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً}.
وأرجو أن تعلمي أن الذي فرض الحجاب هو الذي فرض الصلاة والصيام، فكيف نطيعه في بعض شرعه ونخالفه في الآخر؟ { أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيا}.
فاتقي الله في نفسك وعودي إلى رشدك، واعلمي أنه سبحانه يمهل ولا يهمل { فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم}.
ولا يخفى عليك أن الإسلام دين يجعل المرأة درة مصونة، والجوهرة الغالية هي التي يحافظ عليها أهلها، وهكذا كل الأشياء التي لها قيمة، أما الأشياء الرخيصة فهي ملقاة على قارعة الطريق، والحجاب للفتاة كالغطاء للحلوى، فإذا فقدت الحلوى غطاءها كانت عرضة للجراثيم والذباب، وإذا نزعت الفتاة حجابها كانت عرضة للنظرات الجائعة، وتفقد الفتاة بتبرجها بريقها وثقة الناس فيها، وقد قالت إحدى المتبرجات أنهم ينظرون إلينا ويضحكون معنا ولكنهم يتزوجوا غيرنا، ونسبة الزواج بين المحجبات مرتفعة جداً قياساً مع المتبرجات.
كما أراد الإسلام أن تتميز المرأة المسلمة عن غيرها بحجابها وسترها، قال تعالى في آية الحجاب: {ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين} يعرفن بأنهن العفيفات الطاهرات، والفتاة المتبرجة غير جديرة بالاحترام، لأنها بذلت أغلى ما عندها لكل من هب ودب بلا ثمن ودون ضوابط، وقد تدفع ثمناً غالياً لتبرجها وربما تصيبها العين وقد يتسلط عليها الجن بسبب تبرجها.(5/958)
وإذا كان الله هو الذي خلقك وسواك ورزقك ووهبك الجمال، فكيف ترفضين لبس الحجاب إلا بعد أن تقتنعي؟ ولست أدري ما الذي لم يقنعك في أمر الحجاب، ولماذا تخرجي وأنت متبرجة ولمن تتبرجين؟ وهل تريدي أن تتزوجي بكل من في الطرقات، فاتق الله في نفسك وتمسكي بحجابك، وسوف تعرفي فائدة الالتزام.
ونسأل الله أن يوفقك للخير، وأن يحفظك ويسدد خطاك، وبالله التوفيق والسداد.
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــ
الإستشارة : ... أعيش مع أخويّ المتزوجين في نفس المنزل، فكيف أتفادى الاختلاط؟
تاريخ الإستشارة : ... 2006-11-21 12:35:04
الموضوع : ... استشارات الأسرة والمجتمع
السائل : ... saidi
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أريد أن أسأل فضيلتكم هل يجوز لي أن أعيش مع أخوي المتزوجين - رغم أن زوجتيهما يرتدون ملابس إلى حدود المرفق وأحيانا يكون شعرهما عار - ؟!
وقد حاولت مراراً أن لا أعيش معهما، لكن أخويّ مصران على بقائي، وذلك لأن والداي هما الآخران يعيشان معنا، وأخوايّ متعلقان جدا بهما ولا يريدان أن يفككا هذه الأسرة.
وجزاكم الله عنا خير الجزاء.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ saidi حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فقد أسعدني حرصك على أحكام الشرع، وأفرحتني رغبتك في الخير، ومرحباً في موقعك بين آباء وإخوان يتمنون لك التوفيق والخير.
ونحن ننصحك بحسن العرض لهذه القضية، وأرجو أن تعرض وجهة نظرك في البداية على والديك، وتحاول محاورة أخويك، وأظهر الاحترام للجميع، وبيّن لهم أنك تهدف إلى ما يرضي الله، وأنك سعيد بوجودك مع أسرتك ووالديك، وأنك تحمل لزوجات أخواتك كل احترام وتقدير، ونحن نتمنى أن تصل رسالتك دون تشويش وأن تكون سبباً في تصحيح الأوضاع فإن إخوانك لا ينبغي أن يطلعوا على زوجات بعضهم البعض، وليس أمامكم لتفادي الإحراج والخروج من المخالفات الشرعية إلا ما يلي :-
1- الاجتهاد في قسمة المنزل وفصل مكان للرجال لتكون أنت فيه.
2- فصل جزء من المنزل ليكون خاص بك وبوالديك.
3- اتخاذ سكن مجاور للأسرة لتكون فيه، وتتمكن من زيارة والديك وخدمتهم وزيارة إخوانك.(5/959)
4- دعوة الأخوات إلى التزام الحجاب الشرعي الكامل عند وجودك بالمنزل.
وهذه وصيتي لك بتقوى الله وطاعته، وعليك بالتوجه إلى من يجيب المضطر إذا دعاه، واشغل نفسك بالخير وسارع بإعداد نفسك للزواج، وهنيئاً لك بهذا السؤال الذي يدل على وعي ورغبة في الخير.
ونسأل الله أن يسهل أمرك وأمر إخوانك وأن يؤلف بين القلوب وأن يغفر الذنوب.
وبالله التوفيق والسداد.
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــ
الإستشارة : ... أحس بصعوبة في التنفس عندما أضع الحجاب على وجهي
تاريخ الإستشارة : ... 2006-12-03 13:25:07
الموضوع : ... استشارات نفسية
السائل : ... حليمة
السؤال
منذ فترة وأنا أعاني من مشكلة التنفس، وهذا المشكلة تحدث لي عندما أكون مستعملة للحجاب على رأسي، أحس أنني لا أستطيع التنفس بسهولة؛ مما يحدو بي أن أزيله، والحمد لله أنني أتواجد وحدي في مكتبي، فما العمل؟
وشكرا.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حليمة حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإن أول ما نستهل به الكلام، هو تهنئتنا العظيمة لك على التزامك بهذه الشعيرة العظيمة (شعيرة الحجاب الإسلامي) الذي أكرم الله تعالى به كل مؤمنة، بل وأكرم به جميع المؤمنين، فإن الحجاب عبادة وصيانة للنفس، ومحافظة على الكرامة والعرض، فهنيئاً لك – أختي – ثباتك على دينك، ونسأل الله لك الأجر والثبات على طاعة الله تعالى.
وأما عن شعورك بضيق التنفس عند ارتدائك الحجاب ووضعه على رأس، فهذا يحتمل ثلاثة احتمالات:
الأول: أن يكون ذلك من نزغ الشيطان ومحاولة تسلطه عليك ليضيق صدرك بحجابك، فإن الشيطان ربما تسلط نحو هذا الأذى على العباد ليصدهم عن طاعة الله تعالى، وهذا أمر ثابت قد دلت عليه النصوص في مواضع.
والاحتمال الثاني: أن يكون لديك (حساسية) من نوع القماش الذي تضعينه على رأسك، فحاولي أن تتثبتي من ذلك بتغيير نوع القماش المستعمل في حجابك، وفي كلا الحالين، فالمطلوب منك هو ( شد العزيمة) على الثبات على طاعة الله تعالى، وأن تبذلي جهدك في الدعاء، وأن تستعيني بالله على خروجك من هذه الحال.
وأما عن الاحتمال الثالث: فقد يكون ذلك مرجعه إلى حالة نفسية تصيبك بسبب الأوضاع التي ترينها من حولك، كأن تشعري بأنك مثلاً الوحيدة المتحجبة في هذا(5/960)
المكان، أو أن النظرات تتوجه إليك بسبب حجابك، أو أن بعض الناس ينظر إليك على أنك ( معقدة)!! ونحو هذه الأمور فيتولد لديك شعور بالضيق بمجرد وضع الحجاب على رأسك بسبب الضيق من نحو هذه الاعتبارات.
والمطلوب أيضاً، هو الاستعانة بالله، والثبات على دينك، بل إن وجدت مثل هذه الأوضاع فعليك أن تفخري، وأن تستبشري بأنك مطيعة لله في وضع يقل فيه ذلك، فأنت كالقابض على الجمر عندما تقبضين على دينك، وقد ثبت الطبراني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن من ورائكم أيام الصبر للعامل فيهن أجر خمسين منكم! قالوا منهم؟ قال بل منكم (ثلاث مرات) واعتبري في هذه الحال بغربة أهل الدين، وصاحبي الأخوات الصالحات، لتوجدي مجتمعاً يعينك على طاعة الله، وعليك بالدعاء والتضرع لله تعالى، وتذكري دوماً : { وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} .
ولا داعي للقلق، فمع مرور الوقت سييحصل التعود على لبس الحجاب، وستزول مشكلة ضيق التنفس....ونسأل الله لك التوفيق والسداد والثبات على دينك.
المجيب : ... أ/ أحمد مجيد الهنداوي
ـــــــــــــــــــ
عمري 16 عاما وأهلي لا يشجعونني على لبس الحجاب، فما نصيحتكم؟
تاريخ الإستشارة : ... 2006-12-07 09:56:52
الموضوع : ... استشارات الأسرة والمجتمع
السائل : ... نورة
السؤال
في الحقيقة أنا فتاة في السادسة عشرة من عمري، وقد بلغت منذ سنة ونصف، ولطالما فكرت في ارتداء الحجاب، وكلما صارحت أقاربي و أخواتي بذلك يقولون لي أنت تبدين صغيرة جدا و لم تصيري بعد امرأة فلا داعي للحجاب، ويبتسمون، رغم أنهم هم يرتدونه، فما العمل؟ أو ما نظر الدين في ذلك؟ وأيهم صحيح؟ وهل الحجاب واجب وفرض في مثل سني؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نورة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإن الفتاة البالغة الصغيرة أولى من غيرها بالحجاب، لأن الفتنة بها أكثر عند الشباب، وإن ما فكرت فيه هو الصواب، وليت أهلك عرفوا خطورة منعهم لك من لبس الحجاب، واحمدي الله الذي جعلهم ممن يرتدون الساتر من الشباب، ويحرصون على طاعة الوهاب، ومرحباً بك في موقعك وبين آبائك والإخوان.
وأرجو أن تعرف جميع المسلمات أن الحجاب شريعة الله: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً}.(5/961)
وقد أسعدني حرصك على الخير ورغبتك في الحجاب، وأرجو أن يأخذ أهلك الأمر بمأخذ الجد، وأن يشجعوك على لبس الحجاب، علماً بأن هناك من يرى أن الفتاة تؤمر بالحجاب إذا بلغت سبع سنين، كما قال ذلك الشيخ ابن باز رحمة الله عليه، قياساً على أمرها بالصلاة، فليت المسلمات يتذكرن أن الذي فرض الحجاب هو الذي فرض الصلاة، وقد قالت أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق: (إذا بلغت الفتاة تسع سنين فهي امرأة) فهنيئاً لك ببلوغك سن التكليف، وهنيئاً لأمتنا بالحريصات على الحجاب من أمثالك.
ونسأل الله أن يسددك وأن يصلح بالك، وهذه وصيتي لك بتقوى الله، والحرص على كل ما يرضيه، وأبشري بتوفيق الله وحفظه فـ {إن الله مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ}.
وبالله التوفيق والسداد.
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــ
الإستشارة : ... أريد ارتداء الحجاب وأسوّف في ذلك خوفاً من خلعه!
تاريخ الإستشارة : ... 2006-11-29 12:58:27
الموضوع : ... استشارات ومشاكل الشباب
السائل : ... مرام
السؤال
أنا فتاة مؤمنة وأصلي وأصوم ولكن لا أرتدي الحجاب، ولكن لدي النية في ارتدائه، ولكن في الوقت المناسب لأنني لا أريد أن أرتديه وأخلعه فهل يغفر الله لي على هذا؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مرام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإن أول ما نبدأ به هو تهنئتنا العظيمة لك على هذه النية الصالحة، وعلى حبك لدينك وعلى محافظتك على صلاتك ورعايتك حدود الله تعالى، بل إننا واثقون بأنك صاحبة عزيمة وهمة إن شاء الله تعالى؛ لأن تجعلي من نفسك فتاةً مؤمنة صالحة في سرها وفي علانيتها، طاهرةً في قلبها وطاهرةً في مظهرها.
وأما عن سبب ثقتنا في عزيمتك وهمتك فهو الحرص الظاهر والحب والميل البائن الذي يجعلك تحرصين على الحجاب ولكن مع المداومة عليه، فأنت بحمد الله فتاة تريد من نفسها عزيمة صادقة وتكره أن تكون فتاةً متذبذبة حائرة، ومن وهبها الله تعالى مثل هذا العزم، ومثل هذه الهمة فلا بد - إن شاء الله تعالى - أن تقودها عزيمتها للثبات على دينها، وللمضي في طريقها لا تلتفت إلا لطاعة الله تعالى ولطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم.
إذن فالمطلوب منك الآن هو تحويل هذه (العزيمة الكامنة) إلى (عزيمة نافذة)، والمطلوب منك أيضًا هو (المبادرة) للطاعة، وليس التفكير: هل سيغفر الله لي لو(5/962)
أخرتُ الحجاب، فالذي أمرك الله به هو (المسارعة)، كما قال تعالى: {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين}.
والمطلوب هو (المسابقة) كما قال تعالى: {سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض}، فكوني كما كانت قدواتك، وكما كانت حبيباتك من الصحابيات الطاهرات يوم نزلت آية الحجاب، فبادرن مسرعات متلهفات لطاعة الله ورسوله، فشققن من الثياب ووضعنه على رؤوسهنَّ عزيزات بطاعة الله تعالى، كريمات الأنفس، لا يستبدلن برضا الله رضا أحد من المخلوقين.
إذن فهذا هو اللائق بك، وهذا هو الجديرُ بك، أنت الفتاة المؤمنة التي عرفت طريقها إلى ربها ومولاها، فعرفت أن الحجاب هو رمز عفتها وطهارتها، وعلمت أن العزة إنما تنال بطاعتها لمولاها وخالقها، وترفعت أن تكون فتاة تأكلها أعين الناظرين، فالتزمت حجاب ربها، والتزمت ستر ربها لتكون ممن قال الله فيهنَّ: {فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله}، فهذا هو اللائق بالمؤمنة من أمثالك، فبادري إلى حجابك، واخلعي عنك تخذيل الشيطان، واحرصي على مصاحبة الصالحات صاحبات الحجاب اللاتي يكن لك ساعدًا ونصيرًا، ولا تلتفتي إلى كلام المخذلين الذين يوهنون عزيمتك، وليكن شعارك منذ هذه اللحظة: {إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم}.
فأبشري وأمِّلي بمعونة الله وتثبيته، وقد قال تعالى: {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة}، وقال تعالى: {ومن يتق الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه}.
ونسأل الله لك الثبات على دينه وأن يلهمك رشدك وأن ييسر أمرك، وبانتظار دوام مراسلتك للشبكة الإسلامية.
وبالله التوفيق.
المجيب : ... أ/ أحمد مجيد الهنداوي
ـــــــــــــــــــ
الإستشارة : ... أنا فتاة ملتزمة إلا أنني لا أرتدي الحجاب فهل سيسألني الله عن ذلك
تاريخ الإستشارة : ... 2006-12-10 12:31:38
الموضوع : ... استشارات ومشاكل الشباب
السائل : ... رانيا
السؤال
أنا الحمد لله أقرأ القرآن وأحفظه، وأصلي الصلوات جميعها في وقتها، حتى صلاة الفجر والحمد لله، وأسبح لله، وملابسي والحمد لله محتشمة، والحمد لله على كل نعمة أعطانيها، ولكن المشكلة أني غير محجبة.
لا أعرف لماذا أنا أحيانا أحس أني ممكن أتحجب، وأحيانا أحس أني أريد، أنا في حالة تردد في هذا الموضوع، ولا أعرف لماذا؟! وهل سيحاسبني الله على موضوع الحجاب؟ وسيجازيني على كل العبادات التي أؤديها؟ أم سأحاسب على كل شيء على حده؟ وما حكم ترك الحجاب بالرغم أني ملتزمة والحمد لله؟
أفيدونا أفدكم الله.(5/963)
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رانيا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإن الحجاب شريعة الله وليس للمؤمنة خيار في أحكام الله، وما عليها إلا أن تقول سمعنا وأطعنا، كما قال أولياء الله أصحاب رسول الله، وما أحوج هذا الالتزام إلى تاج الحجاب الذي هو شعار أمة الله، ومرحبًا بك في موقعك وفي صحبة إخوانك في الله.
وأرجو أن يعلم الشباب والفتيات أن الذي فرض الصلاة والصيام هو الذي شرع الحلال والحرام، وفرض الحجاب بالسنة والكتاب، فقال لنبيه صلى الله عليه وسلم: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهنَّ من جلابيبهنَّ ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين}، وقال سبحانه: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إلا قضى الله ورسوله أمرًا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعصِ الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبينًا}، فسارعي - يا فتاة الإسلام - إلى الحجاب، وتوجهي إلى ربك الوهاب، واعلمي أن الإيمان إذا وقر في القلب صدقته الأفعال.
وكم نحن سعداء بمواظبتك على الصلاة والأذكار والطاعة، وأرجو أن تكملي هذه الخيرات بالسير على خطى الصالحات، وتذكري أن الحجاب للفتاة كالغطاء للحلوى، وإذا فقدت الحلوى غطائها أصبحت عرضة للذباب والجراثيم، وإذا تركت الفتاة حجابها أصبحت مكانا للنظرات الجائعة، وللنفوس المريضة، ولا يخفى عليك أن الصحابيات سارعن إلى الحجاب بعد سماعهنَّ للآيات مع أخواتهنَّ استجابة لأمر الله، فقمن إلى مُرطهن فشققنها والتحفن بها، وجئن إلى مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وكأن على رؤوسهنَّ الغربان، وهذا تعبير يدل على الهدوء والأدب والحياء، فإذا وصلك هذا الجواب فسارعي إلى ارتداء الحجاب، واقصدي بذلك وجه الكريم الوهاب، واشغلي نفسك بتقوى الله، واعلمي أنه التواب.
وبالله التوفيق.
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــ
الإستشارة : ... كيف أقوم بدعوة قريباتي للالتزام بالحجاب الشرعي؟
تاريخ الإستشارة : ... 2006-12-16 19:41:07
الموضوع : ... استشارات الأسرة والمجتمع
السائل : ... امانى
السؤال
السلام عليكم
أريد أن أسئلكم: هل ألبس تنورة طويلة وعليها بلوزة طويلة - يعني تغطي الجسم - والإشاربات - أي الوشاح -، أم ألبس جلباب؟!
وأريد أن أقوم بفعل الخير، لأن عندي بنات خالتي يلبسون سراويل - بناطيل - أمريكي، التي تفصل - أي تعرض أجسامهم بالكامل -، ويلبسون عليه بلوزة قصيرة(5/964)
- أي لما يركبوا السيارة ينكشف بعض الجسم -، فكيف أنبههم على ذلك، علما أنني ألاحظ خالتي تشجعهم على لبس مثل هذه الملابس، أي أن لبسهم يشبه لبس أجانب - علما بأنهم يعيشون في الخارج -، يعني لا يوجد فرق بينهم وبين غيرهم إلا أنهم يلبسون الحجاب وأكمام البلوزة ثلاث أرباع.
فأنا أريد إصلاح واحدة منهم على الأقل، فكيف أفعل ذلك؟! لأني زوجة أخيهم.
بارك الله فيكم.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ امانى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فأول ما نبدأ به هو أننا نهنئك على هذا القرار الكريم الحكيم الذي قررت فيه الالتزام بالحجاب الإسلامي على الصورة التي تُرضى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فالحمد لله الذي شرح صدرك لهذه الشعيرة المباركة التي هي رمز عفة كل مؤمنة عفيفة من أمثالك، حفظك الله ورعاك.
وأما عن سؤالك عن لبس (التنورة والبلوزة)، فلا يخفى أن هذا ليس بالحجاب المشروع، لأن التنورة مع البلوزة قد تجسم شيئاً من جسم المرأة، لا سيما الصدر، وربما جسمت ما هو من أسفل الجسم، فالصواب هو ارتداء الجلباب الذي يستر البدن فلا يشف - لا يشف عما تحته - ولا يصف، كما قال تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً}.
فالمطلوب مراعاة هذه الشروط في كل حجاب ترتدينه:-
1- أن يكون ساتراً البدن.
2- أن يكون غير رقيق بحيث لا يشف عما تحته.
3- أن يكون واسعاً غير ضيق، حتى لا يجسم البدن من أعلى أو من أسفل.
4- أن يكون خالياً من الزينة التي تجعله ثوب زينة كثياب الأفراح والمناسبات.
5- أن لا يشابه ملابس الكافرات.
فهذه الشروط متى ما وجدت كان حجابك إسلامياً، موافقاً لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم.
ونسأل لله لك الثبات عليه وأن يؤجرك على هذه العزيمة المباركة.
وأما عن لباس (بنات خالتك) فهذا الفعل منهن – عفا الله عنهن – فعل محرم تحريماً مؤكداً ، فإن المرأة بذلك تكون فاتنة مفتونة، معرضة للوعيد الذي ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم حيث قال:(ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤسهن كأسنة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها) .
فعليك بمحاولة نصحهن بأسلوبين اثنين:-
فالأول: هو أن تكوني قدوة عملية لهن، بحيث تلتزمين حجابك الإسلامي فتكونين داعية إياهن بالفعل قبل القول، فثباتك على حجابك ومبادرتك إليه هو من أعظم الأساليب المشجعة على الالتزام بالحجاب.(5/965)
والثاني: هو بذل النصيحة لهن، مستخدمة بذلك الأساليب المتنوعة، كإهدائهن الأشرطة الإسلامية التي ترغبهن في طاعة الله، كذكر الجنة والنار، فمواعظ الترهيب والترغيب ينبغي أن تقدم على الأمر بالحجاب، ثم تقومين بإعطائهن أشرطة أو كتيبات تتناول هذا الموضوع، وكل ذلك بالرفق والإحسان والمعاملة الحسنة.
وإن أمكن الاستعانة بزوجك في هذا الأمر، فهذا مؤثر ونافع جداً بإذن الله تعالى، ومن الأساليب الحسنة أن تبدئي بأكثرهن استجابة واستعداداً لذلك، ولو تمكنت من إهدائها حجاباً إسلامياً، كخطوة مشجعة، فهذا له الأثر الطيب الحسن، فابذلي الجهد والله يتولاكم برحمته وبهدايته.
ونسأل الله لهن ولنا جميعاً الهداية والتوفيق.
المجيب : ... أ/ أحمد مجيد الهنداوي
ـــــــــــــــــــ
الإستشارة : ... كيف أقنع خطيبتي بارتداء الحجاب الساتر للوجه؟
تاريخ الإستشارة : ... 2006-12-25 12:45:48
الموضوع : ... استشارات الأسرة والمجتمع
السائل : ... محسن
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
بدايةً أشكر مجهوداتكم الملحوظة بالموقع مما تتيحون لنا حرية المناقشة وإيجاد الحلول بيننا وبين الناس في جميع المعاملات، فنحن نعلم جيداً أن الإسلام نعمةٌ من عند الله نحمد الله عليها، وأنه نظام حياة متكامل يشمل تشريعات وأحكام وقوانين لا حصر لها حتى مع الأعداء، وأكرر شكري مئات المرات على مجهوداتكم.
وإليكم مشكلتي، فأنا إنسان خاطب، ونتناسب جداً أنا وخطيبتي والحمد لله، وخطيبتي على درجة من التدين .
فهي فتاة محجبة، لكني سمعت من قبل في إحدى الدروس الإسلامية أن الهداية من عند الله، ولكن نحن البشر فقط علينا هداية الدلالة فقط، أي يمكننا أن ندل على طرق الهداية ولكن النتيجة ليست بأيدينا، فإنه من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، ولكن أنا أحاول مع خطيبتي أن تقوم بارتداء الإسدال على الأقل؛ لأنه أكثر سترة من الحجاب، مع أنها تلبس ما لا يشف ولا يصف، ولكني أريد الأكثر، من السهل أن أقوم بفرض الموضوع عليها وأنا استطيع ذلك جيداً، ولكن أن أريد سلوك الإسدال وليس مظهر الإسدال أي ما هو بداخل نفسها وليس المظهر العام، فقمت بطرح الموضوع على شكل مناقشة خفيفة، ولكن الرد أن الزي الذي ترتديه ليس به أية مشاكل وهو واسع ولا يشف ولا يصف الجسم ...وهكذا، وأنا ليس بفقيه بالدين لكي أعلم ما هو المفروض وليس المفروض أو، بمعنى أصح لا أملك الحجة على الرد وإقناعها؛ أريد منها الارتداء عن إقناع، وكما قلت في البداية أني لا أريد اتباع أسلوب الفرض، مع أنه باستطاعتي، وإن كان فرض الإسدال أو النقاب إذا فرضته عليها غصباً عنها هو الحل فهل لو فرضت ذلك عليها سيكون هذا صحيحاً؟ لأن الهداية ليست بيدي ولكنها بيد الله عز وجل، وجزاكم الله خيراً.(5/966)
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محسن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإننا نحمد الله تعالى على هذا التوفيق العظيم الذي منَّ به عليك من هذا الفهم السليم والقيّم لطبيعة هذا الدين، والذي كمَّل الله به النعمة علينا جميعًا، وأيضًا فنهنئك على حسن اختيارك المرأة الصالحة التي قال فيها صلى الله عليه وسلم: (الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة) رواه مسلم.
وأما عن تلطفك بإقناع مخطوبتك لتستجيب إلى هذه الشعيرة المباركة عن اقتناع ورغبة، فهذا التلطف هو السبيل الصواب، فإن هذا خير من فرض الأمر عليها فرضًا لا سيما إذا نظرت إلى أنها ليست في عصمتك، وليست تحت رعايتك؛ لأنك لم تعقد عليها إلى هذا الحين، فالأفضل هو استخدام الأسلوب الرفيق الهادئ، فمثلاً أول ما تبدأ معها هو بيان احترامك وتقديرك لحجابها الحالي، وأنك ترى فيه أنه حجاب مشروع، وترى من سلوكها السلوك الطيب المحافظ، ولكن ما المانع أن تكمل ذلك بالفضيلة الزائدة الحسنة؟ لا سيما إذا نظرنا إلى أن هذا هو الأحوط في الدين، فطريق إقناعها بأن تمهد للكلام معها ببيان احترامك لما هي عليه، ثم بعد ذلك تبين لها الحكم الشرعي ليس بالنقاش ولا بالجدال ولكن بالطريق المشروع الذي شرعه الله تعالى وهو سؤال أهل العلم، كما قال تعالى: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}. وبعد ذلك تكتب مثلاً للشبكة الإسلامية أو غيرها من المواقع الإسلامية النافعة وتذكر سؤالك ثم تعرض الجواب عليها، فبهذه الطريقة تجد أنك تلافيت الجدال والنقاش والآثار المحتملة لمثل هذا الأمر.
وأيضًا فإن ظهر عدم استجابة فينبغي أن تصبر عليها وألا تتعجل في الحكم عليها، لا سيما وأنت تعلم أن هذا الأمر قد يثقل على كثير من الناس نتيجة الأوضاع التي نشئوا عليها واعتادوها، فالمطلوب هو التلطف والرفق، مع البيان العلمي من كلام أهل العلم أنفسهم، فاحرص على هذين الأمرين وستجد أن الأمر قد صار سهلاً ميسورًا، وقد ثبت في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الرفق ما كان في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه)، وثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من يحرم الرفق يحرم الخير كله)، وأنت بحمد الله ظاهر فيك الرفق والحلم، وهذا سيعين كثيرًا على الوصول إلى أفضل النتائج بإذن الله تعالى.
وعليك بالدعاء لنفسك ولمخطوبتك {ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إمامًا}، ونسأل الله لك التوفيق والسداد، وأن يزيدك علمًا وثباتًا وتوفيقًا.
وبالله التوفيق.
المجيب : ... أ/ أحمد مجيد الهنداوي
ـــــــــــــــــــ
رحلتي من العريّ إلى النقاب(5/967)
عبر بريد الرياض الإلكتروني وصلت الينا رسالة الاخت سارة بوكر وهي أمريكية الجنسية اعتنقت الإسلام بعد ان عاشت صخب الحياة والانفتاح المعروف في سائر المدن الأمريكية.. وتروي الاخت سارة من خلال هذه الرسالة قصة التحول الجميل في شخصيتها بعد ان كانت عارضة ازياء ومتسابقة في كمال الاجسام وهي حالياً تقوم بدورها كناشطة مسلمة تتنقل بين الدول العربية والغربية واكد زوجها من خلال اتصال هاتفي ان زوجته سعيدة بوضعها الحالي ولا تمانع من تقديم تجربتها وتفاصيلها للقراء ولكن البداية من خلال هذه الرسالة التي أصرت على نشرها في جريدة الرياض:
كأي فتاة اخرى لطالما داعبتني أحلام الحياة المثيرة في صخب المدن الامريكية العملاقة. حلم انتظرت حتى سن التاسعة عشرة لابدأ تحقيقه.
لكم كنت سعيدة عندما نجحت بتحقيق حلمي في الانتقال الى فلوريدا ومن ثم الى قبلة المشاهير والاثرياء في حي ساوث بيتش بمدينة ميامي. كغيري من الفتيات الطموحات ركزت كل اهتمامي على مظهري، حيث انحصر كل اعتقادي بان قيمتي تقتصر على جمالي. واظبت على نظام صارم من تدريبات القوة واللياقة لتنمية رشاقة تضفي المزيد من الرونق على جاذبيتي حتى حصلت على شهادة متخصصة لتدريب الفتيات الحريصات على الحصول على المزيد من الجمال والرشاقة. انتقلت الى شقة فاخرة مطلة على منظر المحيط الخلاب. واظبت على ارتياد الشواطئ والاستمتاع بنظرات الاعجاب وعبارات الاطراء التي طالما دغدغت مسامعي. اخيرا نجحت ان أحيا الحلم الذي طالما راودني بالحياة المرموقة.
مضت سنوات لاكتشف بعدها ان شعوري بالرضا عن نفسي وسعادتي كانا آخذين بالانحدار كلما ازداد تقدمي بمقياس الجاذبية والجمال. ادركت بعد سنوات باني اصبحت أسيرة للموضة وغدوت رهينة لمظهري.
عندما أخذت الفجوة بالاتساع بين سعادتي وبين بريق حياتي لجأت الى الهروب من الواقع بتعاطي الخمور وارتياد الحفلات تارة والتأمل واسكتشاف الديانات والمعتقدات السائدة تارة اخرى ومساعدة الآخرين والدفاع عن المستضعفين تارة ثالثة، ولكن سرعان ما اتسعت هذه الفجوة لتبدو واديا سحيق الاعماق. بعد كثير من التأمل تولدت لدي قناعة بان ملاذي لم يكن سوى مسكن للألم وليس علاجا.
بحلول الحادي عشر من سبتمبر وما تلاها من ردود فعل لفت انتباهي ذلك الهجوم العارم على كل ما هو مسلم والاعلان الشهير باستئناف "الحرب الصليبية الجديدة" أول مرة في حياتي لفت انتباهي شيء يسمى اسلام. حتى تلك اللحظة كل ما عرفته عن الاسلام كان لا يتعدى احتجاب النساء بأغطية تشبه الخيام واضطهاد الرجال للنساء وكثرة "الحريم" وعالم يعج بالتخلف والارهاب.
كامرأة متحمسة للدفاع عن المرأة وحقوقها وكناشطة مثالية تدافع عن العدالة للجميع وبعد سعي حثيث لشهور عديدة تصادف وان التقيت بناشط امريكي معروف بتصدره في حملات الاصلاح وتحقيق العدالة للجميع وتصديه لحملات الكراهية والحملة ضد الاسلام. انضممت للعمل في بعض حملات هذا الناشط والتي شملت وقتها اصلاح الانتخابات والحقوق المدنية وقضايا تتعلق بالعدالة الاجتماعية.(5/968)
تحولت حياتي كناشطة تحولا جذريا، بدلا من دفاعي عن حقوق البعض او فئة من الفئات تعلمت ان مفاهيم العدالة والحرية والاحترام هي مفاهيم لا تقتصر على فئة من البشر بعينها او كائن من الكائنات. تعلمت ان مصلحة الفرد هي جزء مكمل لمصلحة الجماعة. لاول مرة ادركت معنى "أن جميع البشر خلقوا متساوين" الاهم من ذلك كله اني ولأول مرة أيقنت ان الايمان هو الطريق الوحيد لادراك وحدة الكون وتساوي الخلق.
ذات يوم عثرت بكتاب يسود لدى الكثير من الامريكيين عنه انطباعات بالغة في السلبية وهو القرآن. في البداية وحين بدأت تصفحه لفت انتباهي اسلوبه البين البالغ الوضوح ثم ثار اعجابي ببلاغته بتبيان حقيقة الخلق والوجود وملك نفسي بتفصيله لعلاقة الخالق بالمخلوق. وجدت في القرآن خطاباً مباشراً للقلب والروح دون وسيط او الحاجة لكاهن.
هنا استيقظت على حقيقة ما يجري. سعادتي والرضا العميق الذي شعرت بهما من خلال دوري وعملي مع هذا الناشط لم يكن الا نتيجة تطبيقي فعلياً لرسالة الاسلام وتجربتي في الحياة عمليا كمسلمة على الرغم من مجرد عدم تفكيري حتى تلك اللحظة باعتناق الاسلام.
دفعني فضولي الجديد لاقتناء رداء جميل طويل وغطاء للرأس يشبه زي نساء مسلمات رأيت صورهن في إحدى المجلات وتجولت بردائي الجديد في نفس الاحياء والطرقات التي كنت حتى الأمس أختال فيها مرتدية إما البكيني أو الأردية الكاشفة أو سترات العمل الأنيقة.
على الرغم من ان المارة والوجوه وواجهات المحلات والارصفة كلها بدت تماما كما تعودت رؤيتها، شيئاً ما كان مختلفاً كل الاختلاف، ذلك هو أنا.
لاول مرة في حياتي شعرت بالوقار كامرأة، أحسست بأن أغلالي كأسيرة لإعجاب الناس قد تحطمت، شعرت بالفرحة العارمة لرؤيتي نظرات الحيرة والاستغراب في وجوه الناس وقد حلت محل نظرات الصائد يترقب فريسته. فجأة أحسست بالجبال قد أزيحت عن كاهلي. لم أعد مجبرة أن أقضي الساعات الطوال مشغولة بالتسوق والمكياج وصفصفة الشعر وتمارين الرشاقة. أخيرا وبعد طول عناء نلت حريتي.
من بين كل البلاد وجدت إسلامي في قلب الحي الذي غالبا ما يوصف "أكثر بقاع الأرض إباحية وانحلالا" مما أضفى على شعوري بإيماني الجديد المزيد من الإجلال والإكبار.
على الرغم من سعادتي بارتداء الحجاب شعرت بالفضول تجاه النقاب عند رؤيتي لبعض المسلمات يرتدينه. ذات مرة سألت زوجي المسلم، والذي كنت قد تزوجته بعد إسلامي بشهور، إن كان يجب علي ارتداء النقاب أم الاكتفاء بالحجاب الذي كنت أرتديه.
أجاب زوجي بأنه، على حد علمه، هناك إجماع بين علماء المسلمين على فرضية الحجاب في حين لا يوجد ذلك الإجماع على فرضية النقاب. كان حجابي، في ذلك الوقت يتكون من عباءة تغطي سائر بدني من العنق حتى أسفل القدم وغطاء يستر كل رأسي عدا مقدمة الوجه.(5/969)
بعد مرور نحو سنة ونصف أخبرت زوجي برغبتي في ارتداء النقاب. أما سبب قراري بارتداء النقاب فقد كان إحساسي برغبتي في التقرب إلى الله وزيادة في شعوري بالاطمئنان في ازدياد حشمتي. لقيت من زوجي كل دعم حيث اصطحبني لشراء إسدال وهو رداء من الرأس حتى القدم ونقاب يغطي سائر رأسي وشعري ما عدا فتحة العينين.
سرعان ما أخذت الأنباء تتوالى عن تصريحات لسياسيين ورجال الفاتيكان وليبراليين وما يسمى بمدافعين عن حقوق الإنسان والحريات كلهم أجمعوا على إدانة الحجاب في بعض الأحيان والنقاب في أحيان أخرى بدعوى أنهما يعيقان التواصل الاجتماعي حتى بلغ الأمر مؤخرا بأحد المسؤولين المصريين بأن يصف الحجاب بأنه"ردة إلى الوراء"
في خضم هذا الهجوم المجحف على مظاهر عفة المسلمة إني لأجد هذه الحملة تعبيرا صريحا عن النفاق. خصوصا في الوقت الذي تتسابق فيه الحكومات الغربية وأدعياء حقوق الإنسان في الدفاع عن حقوق المرأة وحريتها في ظل الأنظمة التي تروج لمظاهر معينة من العفة في حين يتجاهل هؤلاء "المقاتلون من أجل الحرية" عندما تسلب المرأة من حقوقها في العمل والتعليم وغيرها من الحقوق لا لشيء إلا لإصرارها على حقها في اختيار ارتداء الحجاب أو النقاب. إنه من المذهل حقا أن تواجه المنقبات والمحجبات وبشكل متزايد الحرمان من العمل والتعليم ليس فقط في ظل نظم شمولية كتونس والمغرب ومصر بل أيضا في عدد متزايد مما يسمى الديمقراطيات الغربية كفرنسا وهولندا وبريطانيا.
اليوم أنا ما زلت ناشطة لحقوق المرأة ، ولكنني ناشطة مسلمة، تدعو سائر نساء المسلمين للاضطلاع بواجباتهن لتوفير كل الدعم لأزواجهن وإعانتهم على دينهم.
أن يحسن تربية أبنائهن كمسلمين ملتزمين حتى يكونوا أشعة هداية ومنارات خير لسائر الإنسانية مرة أخرى. لنصرة الحق أي حق ولدحر الباطل أي باطل. ليقلن حقا وليعلوا صوتهن ضد كل خطيئة. ليتمسكن بثبات بحقهن في ارتداء النقاب أو الحجاب وليتقربن إلى خالقهن بأي القربات يبتغين. ولعله بنفس القدر من الأهمية أن يبلغن تجربتهن الشخصية في الطمأنينة التي جلبها عليهن حجابهن لأخواتهن من النساء اللاتي قد يكن حرمن من لذة هذه الطاعة أو فهم ما يعنيه الحجاب والنقاب لمن يختار أن يرتديه وسبب حبنا الشديد وتمسكنا بهذه الطاعة.
غالبية النساء المرتديات النقاب اللاتي أعرفهن هن من نساء الغرب. بعض الأخوات المنتقبات عزباوات أما بعضهن الآخر فلا يجدن كامل الدعم من أسرهن أو بيئتهن.
ولكن ما يجمعنا كلنا على ارتداء النقاب أنه كان خياراً بمحض إرادة كل منا وأن كل منا يجمع على رفض قاطع لأي إنكار لحقنا في ارتدائه.
شئنا أم أبينا فإن نساء عالمنا اليوم يعشن في خضم محيطات من الإعلام التي تروج أزياء تكشف أكثر مما تستر في كل وسائل الإعلام وفي كل مكان في هذا العالم.
كامرأة ،غير مسلمة سابقاً، أنا أصر على حق جميع نساء الأرض أن يتعرفن على الحجاب وأن يعرفن فضائله تماماً كما لا يستشرن عندما تروج لهن الإباحية.(5/970)
لنساء الأرض، جميعهن، الحق كل الحق أن يعرفن مدى السعادة والطمأنينة التي يضفيها الحجاب على حياة النساء المحجبات كما أضفاها على حياتي.
بالأمس كان البكيني رمز تحرري في حين أنه لم يحررني سوى من حيائي وعفتي، من روحانيتي وقيمتي كمجرد شخص جدير بالاحترام. واليوم حجابي هو عنوان حريتي لعلي أصلح في هذا الكون بعض ما أفسدت بغير قصد مني.
لم أفرح قط كفرحتي بهجري للبكيني وبريق حياة "التحرر" في ساوث بيتش لأنعم بحياة ملؤها الأمن والوقار مع خالقي ولأن أحظى بنعمة العبودية له كسائر خلقه. ولنفس السبب ارتدي اليوم نقابي وأعاهد خالقي أن أموت دون حقي في عبادته على الوجه الذي يرضيه عني.
النقاب اليوم هو عين حرية المرأة لتعرف من هي، ما غايتها، وماهية العلاقة التي ترتضيها مع خالقها.
لكل النساء اللاتي استسلمن لحملات التشهير بالحجاب والطعن بفضائله أقول: ليس لديكن أدنى فكرة كم تفتقدن.
أما أنتم أيها المخربون أعداء الحضارة، يا من تسميتم بالصليبيين الجدد، فليس لدي ما أقول سوى: فلتعلنوا الحرب.
جريدة الرياض/ العدد 14080
الخميس 22 ذي الحجة 1427هـ - 11 يناير 2007م
ـــــــــــــــــــ
حجابك اليوم أختي المسلمة حجابك من النار غداً
حجاب المرأة الأول بيتها
خروج المرأة من بيتها يؤدي إلى محظورين عظيمين، وأمرين خطيرين
الأدلة على أن المرأة كلها عورة، بما في ذلك الوجه والكفين، وعلى حرمة الاختلاط بالأجانب
من القرآن الكريم
من السنة النبوية
الآثار
ما يشترط في حجاب المرأة
وهذا الحجاب يكون
ما لا يجوز للمرأة أن تخرج به من بيتها
الحمد لله الذي أكرم النساء وصانهن، ولهذا أمرهن بالإقرار في البيوت، وحذرهن من الاختلاط بالأجانب، والتبرج، والسفور، فقال: "وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى"1، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا الصادق الأمين، القائل لأمهات المؤمنين قدوة نساء العالمين بعد حجة الوداع: "هذه ثم ظهور الحُصُر2 الحديث، ورضي الله عن أمَّي المؤمنين سودة وزينب، حين انصاعتا لهذا الأمر وقالتا: "والذي بعثك بالحق لا تحركنا بعدك دابة"، قال الراوي: فلم تخرجا إلا بعد موتهما، أخرجتا إلى المقبرة.(5/971)
هل تعلمين أختي المسلمة أن رسولك قال، وقوله حق ووعده صدق: "صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات، مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت3 المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها لتوجد من مسيرة كذا وكذا"4، ولا أحسبك تشكين أن الجنة حق، وأن النار حق، وأن ما توعدين به لآت.
وهل تعلمين أختي المسلمة أن المرأة كلها عورة، من رأسها إلى أخمص قدميها؟ وهل تعلمين كذلك وفقك الله لكل خير وجنبك كل شر أن حجابك الأول هو بيتك؟
وبعد..
فهذه نصيحة لكل مسلمة من أب مشفق، وأخ خائف على أعراض المسلمين، وناصح أمين، وعلى ما ينفعك في دينك ودنياك من الحادبين، عن حجاب المسلمة في الدنيا، الذي هو سيكون حجابها غداً من النار إن شاء الله، عن شروطه، وأوصافه، وكيفيته، وأدلته، عما ينبغي لها أن تلبسه، وما يجب عليها أن تحذره، وما يتعلق بذلك.
أقول وبالله التوفيق:
?
حجاب المرأة الأول بيتها
الأصل للمرأة أن تقر في بيتها، وأن لا تخرج منه إلا لضرورة ملحة، فالإقرار في البيت للمرأة عزيمة، والخروج رخصة تقدر بقدرها، فالبيت هو حجاب المرأة الأول، هذا ما كان عليه المسلمون السابقون، أما الآن فقد تغيرت الأحوال، وانقلبت الموازين، واختلطت المفاهيم، فأصبح الخروج هو العزيمة، أما البقاء في البيت فهو فقط للراحة وللاستعداد لمعاودة الخروج، سواء كان للمدارس، والجامعات، أوللعمل، والأسواق، والزيارات، والمجاملات، والمنتزهات.
وقد لاحظ الشيخ بكر أبوزيد في كتابه القيم "حراسة الفضيلة"5 أن البيوت مضافة إلى النساء في القرآن إضافة إسكان ولزوم واستقرار، لا إضافة تمليك، في ثلاث آيات، هي قوله تعالى: "وقرن في بيوتكن"6، وقوله تعالى: "واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة"7، وقوله تعالى: "لا تخرجوهن من بيوتهن"8.
ولا أدل على ذلك من قوله صلى الله عليه وسلم فيما صح عن ابن عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رفعه: "المرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها"9، ومعلوم أن الراعي ملازم لرعيته لا يغيب عنها أبداً إلا لضرورة، ومن الحديث السابق: "هذه ثم ظهور الحصر".10
قال الشيخ أحمد محمد شاكر رحمه الله معلقاً على هذا الحديث: (فإذا كان هذا في النهي عن الحج بعد حجة الفريضة ـ على أن الحج أعلى القربات عند الله ـ فما بالك بما يصنع النساء المنتسبات للإسلام في هذا العصر، من التنقل في البلاد، حتى ليخرجن سافرات، عاصيات، ماجنات إلى بلاد الكفر، وحدهن دون محرم، أومع زوج أومحرم كأنه لا وجود له! فأين الرجال؟! أين الرجال).11
ومما يدل على ذلك أن صلاتها في بيتها أفضل من صلاتها في المساجد، وقوله صلى الله عليه وسلم: "وأقرب ما تكون من رحمة ربها وهي في عقر دارها".12
?(5/972)
خروج المرأة من بيتها يؤدي إلى محظورين عظيمين، وأمرين خطيرين
هما:
1. الخلوة المحرمة.
2. والاختلاط بالأجانب.
وقد انتشر هذان الداءان في مجتمعات المسلمين اليوم بصورة مخيفة تنذر بخطر محقق، ودمار شامل للمجتمع إلا أن يتداركه الله برحمته.
فعلى المسلمين نساءً ورجالاً، رعاة ورعية، أن يتقوا الله في أنفسهم، وفي أعراضهم، وفي بناتهم وأولادهم.
لقد تفشت الخلوة المحرمة بين الرجال والنساء الأجانب واستحلها كثير من الناس، إما جهلاً وإما لغرض خبيث، من تلك الأسباب التي اتخذها الناس ذريعة للخلوة بالأجنبية والاختلاط المحرم الزمالة في الدراسة، الدروس الخصوصية، العمل في تنظيم أوجماعة واحدة، العلاج لدى بعض المشايخ والأطباء، المركبات العامة، وأسوأ تلك الأسباب كلها الخلوة والاختلاط في محيط الجامعات والمعاهد العليا، وبين المسؤولين وسكرتيراتهم، حيث أصبح معظم السكرتيرات نوع خاص من النساء.
فعلى المسؤولين في تلك الجامعات، والوزارات، والمؤسسات، أن يتقوا الله في هؤلاء الشباب والشابات الذين هم أمانة في أعناقهم، وسيتعلقون بهم يوم القيامة، ويوقفوا الاختلاط في الجامعات والمعاهد العليا، فإنه والله جريمة كبيرة، وجريرة عظيمة، وليس التعليم المدني من الأسباب الشرعية التي تبيح المحظورات، فما من عرض ينتهك في هذه الجامعات والمعاهد، ولا حياء يخدش، ولاشاب ولا شابة تفسد، ولا فاحشة ترتكب، ولا زواج عرفي غير شرعي يتم، إلا كان على المسؤولين عن ذلك وأولياء الأمور كفل من وزر ذلك كله.
?
الأدلة على أن المرأة كلها عورة، بما في ذلك الوجه والكفين، وعلى حرمة الاختلاط بالأجانب
من القرآن الكريم
1. "وقرن في بيوتكن ولا تبرَّجن تبرج الجاهلية الأولى" الآية.
2. "يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه.. لا جناح عليهن في آبائهن ولا أبنائهن ولا إخوانهن ولا أبناء إخوانهن ولا أبناء أخواتهن ولا نسائهن ولا ما ملكت أيمانهن واتقين الله إن الله كان على كل شيء شهيداً".13
3. "يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً".14
وتعرف هذه الآية بآية الحجاب، قال السيوطي رحمه الله: (هذه آية الحجاب في حق سائر النساء، ففيها وجوب ستر الرأس والوجه عليهن).
قالت عائشة رضي الله عنها: "رحم الله نساء الأنصار، لما نزلت "يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين" الآية، شققن مروطهن فاعتجرن بها، فصلين خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنما على رؤوسهن الغربان"15.(5/973)
وفي رواية لها عند البخاري: "شققن مروطهن فاختمرن بها".
قال الحافظ ابن حجر في شرح حديث عائشة السابق في البخاري: "فاختمرن أي غطين وجوههن".16
4. آيتا النور: "قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم.. وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أوآبائهن..".17
5. استثناء القواعد من النساء في قوله تعالى: "والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحاً فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وأن يستعففن خير لهن والله سميع عليم"18 يدل على أن غيرهن يجب عليهن الحجاب.
?
من السنة النبوية
الأدلة على وجوب تغطية الوجه للمرأة إذا خرجت من بيتها، وهو ما ينازع فيه البعض، من السنة كثيرة جداً وصريحة، نذكر منها ما يأتي:
1. ما صح عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن حجة الوداع: "كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات، فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزنا كشفناه"19.
ووجه الدلالة فيه أن إحرام المرأة في وجهها وكفيها، فلا يجوز لها تغطيته إلا لأمر واجب.
2. وما قالته عائشة حكته أختها أسماء، قالت: "كنا نغطي وجوهنا من الرجال".20
3. حديث أم المؤمنين السابق: "رحم الله نساء المهاجرات الأول لما نزلت "وليضربن بخمرهن على جيوبهن" شققن مروطهن فاختمرن بها".21
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي المالكي رحمه الله معلقاً على هذا الحديث: (وهذا الحديث الصحيح صريح في أن النساء الصحابيات المذكورات فيه فهمن أن معنى قوله تعالى: "وليضربن بخمرهن على جيوبهن" يقتضي ستر وجوههن، وأنهن شققن أزرهن فاختمرن أي سترن وجوههن).22
4. ما قالته عائشة في قصة الإفك: "وكان صفوان يراني قبل الحجاب، فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني، فخمرت وجهي عنه بجلبابي".23
5. حديث عائشة مع عمها من الرضاع وهو أفلح أخو أبي القعيس لما جاء يستأذن عليها بعد نزول الحجاب، فلم تأذن له حتى أذن له النبي صلى الله عليه وسلم لأنه عمها من الرضاعة.24
قال الحافظ ابن حجر معلقاً على ذلك في الفتح25: (وفيه وجوب احتجاب المرأة من الرجال الأجانب).
6. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان نساء المؤمنات يشهدن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر متلفعات بمروطهن، ثم ينقلبن إلى بيوتهن حين يقضين الصلاة لا يعرفهن أحد من الغلس".26(5/974)
7. عن أم عطية رضي الله عنها قالت: إن النبي صلى الله عليه وسلم لما أمر بإخراج النساء إلى مصلى العيد قلن: يا رسول الله، إحدانا لا يكون لها جلباب؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لتلبسها أختها من جلبابها".27
8. من أقوى الأدلة على وجوب تغطية المرأة لوجهها إذا خرجت من بيتها استفسار أم سلمة رضي الله عنها وخوفها من أن ينكشف قدمها، حين سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة؛ فقالت أم سلمة: فكيف يصنع النساء بذيولهن؟ قال: يرخين شبراً؛ فقالت: إذاً تنكشف أقدامهن؛ قال: يرخينه ذراعاً لا يزدن عليه"28، سبحان الله، كيف يكون القدم عورة ولا يكون الوجه عورة؟!
9. عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان، وأقرب ما تكون من رحمة ربها وهي في قعر بيتها".29
10. وعن عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إياكم والدخول على النساء؛ فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله، أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت"30، والأحماء هم أقرباء الزوج.
?
الآثار
قال أحمد رحمه الله: "ظفر المرأة عورة، فإذا خرجت من بيتها فلا تُبِن منها شيئاً ولا خفها".
وعنه في رواية: "كل شيء منها عورة، حتى ظفرها"، كما حكى عنه ذلك شيخ الإسلام.
وهذا هو قول مالك رحمه الله.
?
أدلة المجيزين لكشف الوجه والكفين عند الخروج
كما قال الدكتور بكر أبو زيد31 حفظه الله فإن أدلة المجيزين لذلك كلها لا تخرج من ثلاث حالات، هي:
1. دليل صحيح صريح، لكنه منسوخ بآيات فرض الحجاب، كما يعلمه من حقق تواريخ الأحداث، أي قبل عام خمس من الهجرة، أوفي حق القواعد من النساء، أوالطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء.
2. دليل صحيح لكنه غير صريح، لا تثبت دلالته أمام الأدلة القطعية الدلالة من الكتاب والسنة.
3. دليل صريح لكنه غير صريح.
ثم عقب على ذلك بقوله: هذا مع أنه لم يقل أحد في الإسلام بجواز كشف الوجه واليدين عند وجود الفتنة، ورقة الدين، وفساد الزمان، بل هم مجمعون على سترهما كما نقله غير واحد من العلماء.
?
ما يشترط في حجاب المرأة(5/975)
اعلموا إخواني وأخواتي المسلمين والمسلمات، رعاة العرض والكرامة، والعفاف والصيانة، أنه يشترط في حجاب المرأة ما يأتي:
1. أن يكون ساتراً مغطياً لجميع بدنها من رأسها إلى أخمص قدميها.
2. أن لا يكون شفافاً يصف جسمها.
3. أن لا يكون ضيقاً يحكي محاسنها.
4. أن لا يشبه لبس الرجال، فقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال.
5. أن لا يشبه لبس الكافرات، لقوله صلى الله عليه وسلم: "ومن تشبه بقوم فهو منهم".
6. أن لا يكون زينة في نفسه.
7. أن لا يكون لباس شهرة.
8. أن لا يكون محرماً ولا نجساً.
?
والأدلة على ذلك كثيرة منها
الحديث السابق: "نساء كاسيات عاريات، مائلات مميلات، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وريحها يوجد من مسيرة خمسمائة عام".
وما رواه مالك في موطئه عن علقمة بن أبي علقمة عن أمه أنها قالت: "دخلت حفصة بنت عبد الرحمن على عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى حفصة خمار رقيق، فشقته عائشة وكستها خماراً كثيفاً".
قال الحافظ ابن عبد البر: (المعنى في هذين الحديثين سواء، فكل ثوب يصف ولا يستر فلا يجوز لباسه بحال، إلا مع ثوب يستر ولا يصف، فإن المكتسية به عارية كما قال أبو هريرة، وهو محفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم.
إلى أن قال: أما قوله "كاسيات عاريات" فمعناه كاسيات بالاسم، عاريات في الحقيقة، إذ لا تسترهن تلك الثياب، وقوله "مائلات" يعني عن الحق، "مميلات" يعني لأزواجهن إلى أهوائهن).32
وقال الإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم33 معلقاً على حديث "صنفان من أهل النار": (هذا الحديث من معجزات النبوة، فقد وقع هذان الصنفان، وهما موجودان، وفيه ذم هذين الصنفين، قيل معناه كاسيات من نعم الله عاريات من شكرها، وقيل معناه تستر بعض بدنها وتكشف بعضه إظهاراً بحالها ونحوه، وقيل معناه: تلبس ثوباً رقيعاً يصف لون بدنها، وأما مائلات فقيل معناه عن طاعة الله وما يلزمهن حفظه، مميلات أي يعلمن غيرهن فعلهن المذموم).
?
وهذا الحجاب يكون
بأي كيفية تفي بالغرض، إذا توفرت فيها الشروط السابقة، نحو:
1. العباءة، وخمار لتغطية الوجه، والأفضل أن تكون سوداء، وهي تختلف في نوعها وفي كيفية لبسها، فعلى المرأة أن تتقي الله في نفسها، وأن تشتري الساتر منها، وأن تغطي بها جميع بدنها.(5/976)
2. الثوب، شريطة أن يكون ساتراً غير واصف، ولا زينة في نفسه، وأن تدليه على الأرض وتلف بطرف منه وجهها، فقد كان النساء ولا يزال بعضهن يلبس الثوب ولم يُر منها شيء، ولكن الآن تغيرت نوعية الثياب فأصبح جلها زينة فاتنة، وكيفية لبسه حيث لا يوضع منه شيء على الوجه والجيب، ومن لبست هذا النوع وبهذه الكيفية فلتبشر بالوعيد بأنها من أصحاب النار، فهي كاسية عارية، فاتنة مفتنة.
3. البالطو، شريطة أن يكون واسعاً، طويلاً، سميكاً غير كاشف ولا واصف لبدن المرأة، ولا زينة زائدة، مع خمار لتغطية الوجه.
ولها أن تكشف عن عينها في كل هذه الحالات.
?
تنبيه
اللائي يلبسن البالطو أوالعباءة، أوالثوب، أوغير ذلك ويسترن كل جسمهن إلا الوجه واليدين أحسنّ، ولكنهن مقصرات آثمات بكشف وجوههن وأيديهن، وعليهن أن يكملن هذا النقص ويتداركن هذا الخلل، وهو ليس بالشيء الصعب ولا العسير، كما قيل:
ولم أر في عيوب الناس عيباً كعجز القادرين على التمام
وليعلمن أن عدم تغطية وجوههن خذلان واضح لأخواتهن المتحجبات، وعليهن أن لا يتمسكن بمجرد الخلاف الذي ورد في ذلك، فالخلاف المجرد من الدليل ليس فيه حجة لأحد، فليس كل خلاف يستراح له ويعمل به، وعليهن الاقتداء بأمهات المؤمنين، والصحابيات، ومن سار على نهجهن.
?
ما لا يجوز للمرأة أن تخرج به من بيتها
يحرم على المرأة أن تخرج من بيتها بالآتي:
1. البنطلون، لما فيه من التشبه بالكفار، وبالرجال، ولحكايته لصورتها.
2. "الإسكيرت والبلوزا" أوالتنورة، لما فيها من التشبه بالرجال، وبالكافرات، ولحكايتها ووصفها لعورتها.
3. بفستان قصير، سواء كان مع ثوب حاسر أم لا.
4. الحلي والزينة المكشوفة، ولا تحرك يدها وتضرب برجلها لتعلم بما تلبس.
فمن فعلت فلتعلم أنها داخلة في ذلك الصنف الذي وصفه الرسول صلى الله عليه وسلم وبين أنه من أهل النار.
واعلمي أختي المسلمة أنك لن تقوي على النار، ولا على مواجهة غضب الجبار، وتذكري حين توضعين وحدك في القبر، ويتولى عنك الأصدقاء، والأحبة، والزوج، والأهل، وتفضين إلى ما قدمت، وتيقني أن حجابك عن الأجانب اليوم سيكون حجاباً لك من النار غداً، وأن الناس في الدار الآخرة فريقان، فريق في الجنة وهم الأنبياء والرسل ومن تبعهم بإحسان، وفريق في السعير وهم إبليس وجنوده من الجن والإنس، ومن والاه من الكفار والمشركين، ودعاة الرذيلة، وتحرير المرأة من الأوامر الشرعية والآداب المرعية، الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا، وإياك إياك أن تنسي هادم اللذات، ومفرق الجماعات، ومؤيم الأزواج والزوجات،(5/977)
وميتم البنين والبنات، حين تلتف الساق بالساق، فيجتمع على المرء سكرات الموت وحسرات الفوت، فأعدي لهذا اليوم عدته، ولهذا السفر زوادته، فإنه والله أقرب إلى أحدنا من شراك نعله، اللهم هل بلغت؟ اللهم فاشهد، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته، وعلى عباد الله الصالحين
ـــــــــــــــــــ
إغاظة الكفار .. بإسدال الخمار
إن الحديث عن حرمة المرأة المسلمة حديثٌ يكاد يكون مؤلماً في عصرنا هذا، لأنه حديث عن شعبةٍ من شعب الإيمان آخذة في النقص متمادية في الانحسار، ولكن من قلب المأساة ومن صميم المحن تبزغ خيوط الفجر فإذا بشمس الحق بازغة يقذف نورها بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق، ولئن قيل : إن التقوى فوق الفتوى، فإن حديثي هذا سيكون بعيداً عن المصطلحات والأحكام الفقهية، قريباً من قلب المؤمن، فالأصل في كلام الله عز وجل أن يخالط شغاف القلوب فتتشرب به قبل أن تمر على معامل الفتوى ومدارس الاجتهاد، قال تعالى : { إنما المؤمنون الذين إذا ذُكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون } [الأنفال:2] ، وما أحوجنا أمةً وأفراداً إلى تعهد غرسة الإيمان في قلوبنا بكل وسيلة ممكنة في زمان الفتنة هذا، فأسأل الله تعالى أن يكون في هذه المناصحة نفاذاً إلى قلوبٍ أخبتت لذكر الله وجوارح انقادت لأوامره وارتعدت عن زواجره، ونفوس تجهد في تتبع مواضع رضا الخالق سبحانه وتعالى غير قانعة بالحد الأدنى من الواجب ولا زاهدة في صور كمال الانقياد الشرعي حين تتعبد لله تعالى به.
قال الله تعالى: { يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يُعرفن فلا يؤذَين وكان الله غفوراً رحيماً } [الأحزاب:59] وبغض النظر عن كون تغطية الوجه واجباً أم لا فإن لا أحد ينكر مشروعية هذه التغطية لا من جهة أنها مباحة بل من جهة التعبد لله تعالى بالاستتار عن الأجانب، ولا يخالف من له أدنى حظ من الفهم والعقل في أن تغطية الوجه هي الصورة الأكمل والأورع والأتقى لحجاب المرأة المسلمة، ومرةً أخرى أقول إنني لست في مقام الإنكار على من يرى جواز كشف الوجه أو يعمل بفتيا من يقول بهذا، بل إننا في مقام الأورع والأحوط والأكثر حفظاً وصيانةً ووقايةً لعرض أخواتنا وبناتنا وأمهاتنا وزوجاتنا، إننا اليوم لسنا في مقام : { ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها } [سورة النور:31]
وإنما نحن اليوم في مقام : { ولا يضربن بأرجلهنَّ ليُعلَم ما يُخفين من زينتهنَّ } [سورة النور:31]، إننا اليوم في مقام الأورع والأحوط، إننا في مقام التقوى فوق الفتوى...
نحن اليوم نواجه معركةً عنيفةً في الدين معركةً عقدية حقيقتها، فكرية اقتصادية اجتماعية سياسية عسكرية في مظاهرها، وإن تنوع الأدوار المنوطة بكل مسلم متفرعٌ على تنوع جبهات الهجوم والدفاع عن عقيدتنا الغالية؛ وما هذه الرسالة إلا محاولة جادة من أجل تجنيد أخواتنا المسلمات للانخراط في منظومة الدفاع عن هذه العقيدة المفدَّاة بالأرواح، فليس المقام في هذه المعركة مقام الاكتفاء بالحد الأدنى من(5/978)
الواجبات والتكاليف، وإنما هو مقام : « ولا يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أُحبَه » ( جزء من حديث قدسي وهو عند البخاري)، إنه مقام التشبث بكل جزئيات الدين سواء أكانت مندوبة أم مفروضة، وحتى نزيد الموقف وضوحاً نقول – والله المستعان – إن أكل الذبيحة من الغنم مباح لا أجر فيه ولا ثواب لمن فعله من حيث هو مباح، ولكن عندما يجترئ الناس على تحريم الحلال وتحليل الحرام بحيث قد يحرمون ما أحل الله يصبح أكل لحم الغنم إرغاماً لأنوف من يشرعون لأنفسهم وبأنفسهم يصبح هذا المباح من جنس جهاد هؤلاء ولسان حالك يقول : لا حلال إلا ما أحل الله ولا حرام إلا ما حرم الله ..
وإذا عرف ما تقدم، نقول – وبالله التوفيق – إن من الممكن أن نجعل من تغطية الوجه الذي هو كمال الستر والعفة والورع جبهةً من جبهات الدفاع عن الدين من جهة، وجبهة من جبهات مراغمة أعداء الله تعالى من جهة أخرى وإليك بيان كل منهما :
أما على الجبهة الدفاعية فمن المعلوم أن حقد بني قينقاع الدفين ورغبتهم المستميتة في كشف سوآت نساء المسلمين لا يزال ينفح في جنبات المجتمع المسلم إلى اليوم، ولا تزال نار السفور والفجور تستعر، وأنت تعلمين أيتها الأخت المسلمة أن أخواتٍ لك في الدين يتعبدون الله تعالى بوجوب تغطية الوجه – ولهم في ذلك اجتهاد شرعي سائغ – وهو قدر زائد على حد الحجاب الشرعي عند من لا تتعبد الله تعالى بوجوب هذه التغطية، فمن الطبيعي إذاً أن تُوجه سهام أحفاد بني قينقاع أول ما توجه إلى هذا الأمر فيحاولون بكل استماتةٍ – كما هو مشاهد – التركيز على كشف الوجه فلا تستشعر من لا ترى وجوب تغطية الوجه أن هذه السهام متوجهة إليها ولا تكترث بها ولا يهمها أن قانوناً قد سُنَّ في البلد الفلاني أو المجتمع الفلاني يمنع النساء من تغطية وجوههنَّ فالأمر عند هذا الحد لا يعنيها، حتى إذا انهدم خط الدفاع الأول توجهت سهامهم النتنة المسمومة بعدئذٍ إلى غطاء الرأس وهكذا حتى تصل نساء المسلمين إلى حال « كاسيات عاريات » وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وخلاصة القول إننا نريد أن نجنّد أخواتنا المسلمات في معركة العفة والشرف والدين بل والعقيدة هذه من أجل التصدي لسموم بني قينقاع وأحفادهم وأعوانهم وعملائهم من خلال الانضمام إلى جبهة إسدال الخمار على الوجه طلباً للصورة الأكمل والأورع والأحوط - سواء أعتقدت المسلمة وجوبه أو ندبه – وذلك تحقيقاً للمكاسب الدينية التالية:
1- التعاون على البر والتقوى: فكلما زاد عدد النساء الملتزمات بخمار الوجه كلما كان خط الدفاع الأول عن عفة وشرف المرأة المسلمة بل المجتمع المسلم أشد وأمكن وأقدر على مجابهة هذا العدوان البغيض، وقد قال تعالى : { إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم بنيان مرصوص } [الصف:4]، وقال تعالى: { وتعاونوا على البر والتقوى } [المائدة:2].
2- تحقيق الكمال في هذه الشعبة الإيمانية؛ وتوضيح ذلك أن شعبة الحجاب الشرعي لها حد أدنى هو الإيمان المجمل بوجوب ستر المرأة عن الأجانب، وحد واجب هو الالتزام العملي بتطبيق فريضة الحجاب، وحد أعلى هو تحري الكمال في العفة(5/979)
والتستر والتحصن بدليل الأمر من الله تعالى : { فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولاً معروفاً. وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرحج الجاهلية الأولى } [الأحزاب:32-33] فهذا غاية ما يكون من المبالغة في التستر عن عيون الناس والعفاف، بل إن قوله تعالى: : { ولا يضربن بأرجلهنَّ ليُعلَم ما يُخفين من زينتهنَّ } [سورة النور:31] دليل بيِّن آخر على تحري الكمال في الصيانة والعفة لأخواتنا المسلمات.
3- تحقيق مراغمة الأعداء وغيظ الكفار بهذا الالتزام، ومن الجدير بالذكر أن ننبه في هذا المقام على أن غيظ الكفار من الأمور المطلوبة شرعاً لا سيما في سياق مجاهدتهم بهذا الدين ولهذا الدين ، قال تعالى: { ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأٌ ولا نصب ولا مخمصةٌ في سبيل الله ولا يطأون موطئاً يغيظ الكفار ولا ينالون من عدوٍ نيلاً إلا كُتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين } [التوبة:120] ، نعم إن التعبد لله تعالى بالتزام شرعه الذي يغيظ الكفار هو من العمل الصالح بنص القرآن ونرجو أن يكون من جنس الجهاد في سبيل الله.
4- استشعار الانخراط في منظومة الدفاع عن الدين؛ ذلك بأن أكثر أسباب الإحباط عند المسلمين حيال الواقع المعاصر هو الشعور بالعجز عن فعل أي شيء لتغييره، ولكن عندما يحرص المسلم والمسلمة على تحري الأكمل فإنه يستشعر التغيير من نفسه ويحقق مساهمته الفردية في الدفاع عن الإسلام فلا يؤتى الإسلام من قِبله، وإن تحري الأكمل اليوم يعني العمل بالأحوط ويعني الخروج من الخلاف ويعني تتبع السنن والتزامها لا تتبع الرخص واعتيادها، إن تحري الأكمل اليوم يعني أن يقوم كل منا بعمل ما من أعمال الإسلام إحياءً لسنته وتحقيقاً لمراغمة العدو به، إن تحري الأكمل اليوم يعني أن التقوى فوق الفتوى...
ختاماً أقول إن هذه الرسالة ليست بحثاً فقهياً كما أنها ليست ترجيحاً لأحد القولين على الآخر فإن لهذا الأمر أهله وعلماؤه، وإنما هذه الرسالة كما قلت وبكل وضوح هي رسالة تجنيد لكل مسلمة لتنخرط في صفوف الدفاع عن شعبة عظيمة من شعب الإيمان ألا وهي الحجاب الشرعي والستر الشرعي والحياء الشرعي وفداك أبي وأمي يا رسول الله حيث قلت : « والحياء شعبةٌ من الإيمان » (البخاري)، فاعلمي أنك عندما تنضمين إلى البنيان المرصوص فإنك تنضمين إلى الأكمل والأطهر والأحوط والأستر بلا خلاف، وإنك عندما تنضمين إلى هذا البنيان المرصوص – أعني بنيان إسدال الخمار على الوجه – فإنك تستحيلين حجراً يلقم فاه كل خبيث، وسهماً يفقأ عين كل حقير متتبع لعورات المسلمين، وشوكة في جنب كل عدوٍ خبيث يتربص بك وبعفتك وبحجابك الدوائر، إنك أيتها المسلمة عندما تنخرطين في منظومة تخمير الوجه ترفعين من معنويات غيرك من المسلمات بنفس القدر الذي تفتين به في عضد المتربصين من أعداء الدين، وإنك عندما تنخرطين في منظومة الدفاع عن شعبة الحياء الإيماني تلتزمين جنس ما التزمه الصديق أبو بكر رضي الله عنه في حربه على المرتدين الذين أرادوا تعطيل شعبة واحدة من شعب هذا الدين العظيم، أبو بكر الصديق الذي قال : "لو خالفتني شمالي لجاهدتها بيميني"، فما بالك إذا كان المخالف لنا أعداء الله عز وجل، أفلا نكون أول المجاهدين؟(5/980)
أيها المسلمون، أيها الغيورون، أيها المؤمنون، أيها الأب وأيها الزوج وأيها الأخ وأيها الابن، إن حظك من هذا ليس بأقل من حظ نساء المسلمين، فحذار أخي المسلم أن تقف عثرةً أو عائقاً في طريق ابنتك زوجتك واختك وأمك، بل نقول إن رأيت فيها رغبةً في تلبية النداء فكن لها عوناً وسنداً ثم ارفع هامك عالياً مفتخراً بهذه المؤمنة المجاهدة، ولتكن كتيبة إسدال الخمار أول الكتائب والصواعق المرسلة على الكفار، ولسوف تتبعها كتائب وصواعق الحق تترى، والله أكبر والعزة لله.
د.وسيم فتح الله
ـــــــــــــــــــ
هل ستساعدين بتبرّجكِ في هدم هذا الدين؟
أرسلت إلينا الأخت "أميرة عربية" المقال التالي:
أختاه:
إني والله أحبكِ في الله، ولا أبتغي من وراءك نفعًا بالدنيا أو أي عرض زائل، ولكني أختاه أتمنى أن تأخذي بيدي تحت عرش الرحمن لكي نستظل بظله يوم لا ظل إلا ظله يوم الحسرة والندامة لمن لم يعمل عملا صالحًا. ولأني أحبكِ في الله فدفعني حبي هذا إلى الخوف عليكِ، فأردت أن أذكركِ وتذكريني حتى نكون عونًا لبعضنا البعض على هدم كل تدابير الشيطان لإخراجنا من الجنة ومن رضا الرحمن يوم الموقف العظيم.
أنتِ تعرفين أختاه أن في الإسلام حزبين فقط لا غير، ذكرهما الله سبحانه في كتابه الكريم:
الحزب الأول: هو حزب الله، الذي ينصره الله تعالى بطاعة أوامره واجتناب نواهيه واجتناب معاصيه.
والحزب الثاني: هو حزب الشيطان، الذي يعصي الرحمن ويكثر في الأرض الفساد.
وإنكِ حين تلتزمين بأوامر الله ومن بينها الحجاب تصيرين مع حزب الله المفلحين، وحين تتبرجين وتبدين مفاتنك تركبين سفينة الشيطان وأوليائه من العصاة، ويئس أولئك رفيقًا.
أعرف أن هناك من ستقول: "أعرف أن الحجاب واجب، ولكنني سألتزم به عندما يهديني الله."
أختاه:
اعلمي حفظك الله أن الموت لا يعرف صغيرًا ولا كبيرًا، وربما جاءكِ وأنت مقيمة على هذه المعصية العظيمة تحاربين رب العزة بسفورك وتبرجك. فماذا ستقولين لله؟
تعرفين أختاه أن لكل نجاح أعداؤه، فما بالك بدين يفضل أصحابه الموت على الحياة للفوز بما وعدهم الله على لسان رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم؟ فمن عظمة الإسلام أن رجاله ونساءه يهبون حياتهم ثمنًا في سبيل الله ورضاه.
إليكِ أختاه المؤامرة التي تُحاك للمسلمين ويرغب أعداء الدين في تنفيذها على يديكِ:
في أحد اجتماعات الفئة الضالة المضلة من أعداء الإسلام، قام أحد الأعضاء بالمجلس بتمزيق القرآن وقال إن هذا إذا اختفى انتهت هذه الأمة المحمدية.(5/981)
ولكنا يا أختاه ينبغي ألا يزدنا هذا إلا تمسكًا بكتاب الله وخوفًا عليه، فنحفظه في صدورنا وعقولنا وأفعالنا. ولكنهم هم الضالون المضلين؛ تفننوا كما تفنن الشيطان اللعين في إيذاء المسلمين، وحاول أن يجعل بعض الفجرة يقتلون الرسول الكريم –صلى الله عليه وسلم- ولكن الله نجاه وحفظه من الشيطان وأعوانه. واليوم يا أختاه هم يحاولون قتل الإسلام عبركِ!
نعم أختاه، فلقد قال شيطان بشري منهم: "لن يُهلك تلك الآمة تمزيق كتابها؛ بل يجب أن تُهزم من داخلها. إن ما يهزمهم حقًا سلاح أقوى من هذا وأشد وليس هناك أشد منه للفتك بتلك الأمة". فانتبه له الجالسون جميعًا لمعرفة ذلك السلاح وسألوا: هل نضع لهم محارق هتلر؟ وقال آخرون: ندمرهم بالنووي؟ وقال ثالث: ندس لهم السم في الماء والطعام ونلوث الهواء؟ وقال آخر: نقتل العلماء؟ فابتسم ذلك الخبيث ابتسامة صفراء ساخطة عليهم ماكرة بنا ومتشفية وقال: "سلاحي أفتك من كل هذا!"
هل تدرين أختاه ما هذا السلاح؟ أتوقع أنكِ أدركتِ هذا السلاح بفطرتك الطاهرة وروحك النقية وقلبك المؤمن. فلقد كان سلاح ذلك الرجل الشيطان هو "المرأة".
نعم أختي في الله.. إنها المرأة. فقد قال ذلك الشيطان: امرأة وكأس تُفنيان تلك الآمة المحمدية.
أختاه:
أترين إلى أي حد وصلت مهمة المرأة عندهم؟ فهم يتفننون اليوم في إخراج المرأة، بعد أن كانت كالجوهرة المصونة مكرمة محبوبة عند أهلها، فأرادوها عارضة لنفسها مطية لشهوات الرجال.
بالله عليكِ أختاه: تلك التي تقصر ثوبها أو تجعله ملتصقًا على جسدها ليحدده، أو تكشف شعرها، أو تحدد صدرها، وتتفنن في صبغ وجهها، هل تفعل ذلك من أجل الله؟؟ هل تحترم نفسها وهي تسير عارضة كل شيء فيها على الرجال؟ هل أصبحت نفسها لديها رخيصة بحيث تعرض جسدها على البرّ والفاجر من الرجال؟
أختاه:
إذا كانت عندكِ جوهرة ثمينة أغلى من كل شيء، فأين ستحتفظين بها؟ هل تُراك ستضعينها بالشارع أمام المارة وتقولين أني أثق بأن الناس لن تأخذها ولن يخونوا؟
أعلم أختاه أنكِ تدركين مغزى كلامي، وأعلم جيدًا أن حبك لله سبحانه ورسوله صلى الله عليه وسلم أقوى من مكر الماكرين، ولكني أردت فقط أن أذكركِ ونفسي حتى لا نكون مِعول هدم للدين.. حتى لا نكون ممن عصين ربهن فتبرجن وساعدن في هدم هذا الدين.
وإني أناشدك أختاه الحبيبة أن تضعي يدك بيدي لنحاول أن نكون عونًا في الحفاظ على الأمة المحمدية، تلك الأمة التي أفرادها هم الغرّ المحجلين. تعالي أختاه لنعلوا بديننا بدلا من هدمه كما يريد أولئك الحاقدين.
قال الله تعالى: "من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه" . فتعالي نعاهد الله على الحفاظ على عفافنا وتاج شرفنا.. تعالي نحافظ على ديننا الحنيف خاتم الرسائل السماوية من رب العالمين.. نحافظ على تاج الشرف الحجاب.(5/982)
فهنيئًا لنا أختي في الإسلام انتسابنا إلى هذا الدين، فيها بنا نشد العزم إلى ظل الرحمن تحت العرش متحابين في الله
وفي جنة الفردوس الأعلى مع سيد المرسلين
ـــــــــــــــــــ
الانتصار لأصح القولين في وجوب ستر الوجه والكفين
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه رسالة إلى كل أخت مسلمة كشفت وجهها دون قيود أو ضوابط؛ محتجة ببعض من اشتبه عليها علمه, أقول لكِ:
ليس كل كشف وسفور أباحه الدين, وقال به علماء الأمة, بل اتفق علماؤها على ما يلي:
أولاً : أجمع العلماء على أن الشعر والنحر وجميع أجزاء بدن المرأة غير الوجه والكفين يجب ستره وعدم إبداء شيء منه , وكما أنه يجب ستر لونه , فإنه يجب ستر حجمه, فلا يجوز تجسيد الجلباب أو الخمار لحجم عنق المرأة أو أكتافها أو عضديها وما شابه ذلك.
ثانيًا: أيضاً أجمع العلماء على أن المرأة إن خشيت الفتنة في حقها, أو في حق من يراها, فإنه يجب عليها ستر وجهها ولو لم يكن فيه زينة.
ثم إن دعوى اتفاق جمهور العلماء على أن الأصل فى المسألة هو كشف الوجه باطلة؛ لأنها تخالف مذاهب العلماء , وتعارض ما قاله الجمهور, ولا دليل عليها, وهذه بعض الأدلة الدالة على وجوب خلاف دعواهم هذه , وتعارض ذلك بوجوب ستر الوجه:
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا) [الأحزاب آية 59 ]
قال ابن عباس – رضي الله عنهما - : " أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن فى حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب , ويبدين عيناً واحدة " , وتفسير الصحابي حُجة , بل قال بعض العلماء : إنه فى حكم المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم , وقوله – رضي الله عنه – ويبدين عيناً واحدة إنما رخص فى ذلك لأجل الضرورة والحاجة إلى نظر الطريق , فأما إذا لم يكن حاجة فلا موجب لكشف العينين [رسالة الحجاب للشيخ محمد بن صالح العثيمين, دار الوطن, الرياض.].
قالت أم سلمة – رضي الله عنها - : " لما نزلت هذه الآية خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان من السكينة وعليهن أكسية سود يلبسنها ".[ رواه أبو داود ]
وعن عائشة – رضي الله عنها – قالت : "كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات ، فإذا حاذوا بنا أسدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها ، فإذا جاوزونا كشفناه" [حسّنه الألباني في جلباب المرأة 108]
ففي قولها : "فإذا حاذونا" تعنى الركبان "سدلت إحدانا جلبابها على وجهها" دليل على وجوب ستر الوجه ؛ لأن المشروع فى الإحرام كشفه , فلولا وجود مانع قوى من كشف الوجه فى الإحرام واجب على النساء عند الأكثر من أهل العلم , والواجب(5/983)
لا يعارض إلا ما واجب , ولا يُستباح المحرم إلا بواجب , فيحرم على المرأة تغطية وجهها حال الإحرام , فلولا وجوب الاحتجاب وتغطية الوجه عند الأجانب , ما ساغ ترك الواجب من كشفه حال الإحرام , وقد ثبت فى الصحيحين وغيرهما أن المرأة المحرمة تُنهى عن النقاب والقفازين.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : " وهذا مما يدل على أن النقاب والقفازين كانا معروفين فى النساء اللاتي لم يحرمن , وذلك يقتضى ستر وجوههن وأيديهن" [رسالة الحجاب للشيخ محمد بن صالح العثيمين, دار الوطن , الرياض]
فلو كان كشف الوجه جائزاً , فما حاجة النساء إلى النقاب , وهذا خطاب موجه لعموم الصحابيات , وليس خاصاً بأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم .
إن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة ".
فقالت أم سلمة رضي الله عنها:" فكيف يصنع النساء بذيولهن؟"
قال : "يرخينه شبرًا".
قالت : " إذن تنكشف أقدامهن ".
قال : " يرخينه ذراعًا لا يزدن عليه." [أخرجه البخاري ومسلم وأحمد ومالك ]
ففي هذا الحديث دليل على وجوب ستر قدم المرأة , وأنه أمر معلوم عند نساء الصحابة – رضي الله عنهن – والقدم أقل فتنة من الوجه والكفين بلا ريب , فالتنبيه بالأدنى تنبيه على ما فوقه , وما هو أولى منه بالحكم , وحكمة الشرع تأبى أن يجب ستر ما هو أقل فتنة , ويرخص فى كشف ما هو أعظم منه فتنة , فإن هذا من التناقض المستحيل على حكمة الله وشرعه ؛ لأن المتفق عليه بينهم أن الحكم المستقر والأصل الثابت عند المذاهب هو ستر الوجه , ولكن الخلاف وقع فى علة الستر فقط , وقد انقسم فيها العلماء إلى أربعة مذاهب :
1- مذهب الحنابلة :
قالوا : " إن علة ستر الوجه لأنه عورة ؛ لأن بدن المرأة كله عورة , فيجب عليها ستره , ويحرُم النظر إليه أو كشفه إلا بسبب كإباحة شرعية مثل الخِطبة والإحرام وأمام المحارم , أو ضرورة التداوي والتقاضي والشهادة , وما إلى ذلك , والنظر يكون بقدر الضرورة " [المبدع شرح المقنع ج1ص359,الإنصاف ج1ص452,نيل المآرب بشرح دليل الطالب ص39]
2- مذهب الأحناف :
قالوا : " إن وجه المرأة ليس عورة , وإنما يجب ستره لخوف الفتنة خاصةً فى زماننا هذا , فلا يجوز كشف الوجه بحال ؛ لأن الفتنة فيه غير مأمونة " [رد المحتار على الدرج ج1ص406,حاشية رد المحتار على تنوير الأبصار ج5ص237,حاشية أبى مسعود على شرح الكنز ج1ص15, بدر المتقى على هامش مجمع الأنهارج2ص540,البناية شرح الهداية ج2ص62]
وقيل في البحر الرائق : " قال مشايخنا : تُمنع المرأة من كشف وجهها بين الرجال فى زمننا للفتنة " [البحر الرائق ج2ص62](5/984)
واعلمي أن ما قاله المالكية والشافعية يرد عليه حيث أنه لا يُسند إلى دليل ولا يقوم على حجة , ولذا نرى أصحاب المذهبين لم يتفقوا فيما بينهم على هذا , وعموماً الحُجة الكتاب والسنة , ولا أريد التعقيب على ما قالوه ؛ لأن ما ذكرت فيه الكفاية لمن أراد الحق , والله يهدى إلى سواء السبيل.
3- مذهب المالكية :
قالوا : " لا يجب ستر وجه المرأة عن الرجال إلا إذا خيفت الفتنة , فإن كانت الفتنة مأمونة جاز لها كشف الوجه بخمسة شروط :
شرطان لابد من توافرهما فى الذي تكشف الوجه أمامه وهما :
1- أن يكون مسلماً , فإن كان كافراً أو كتابياً كان أو غيره , فلا يجوز مطلقاً بأي حال.
2- أن يكون المسلم لا ينظر بشهوة أو إعجاب أو تلذذ.
وثلاثة شروط لابد من توافرها فى المرأة التي تكشف وجهها :
1- أن لا تكون جميلة.
2- أن لا تكون متزينة.
3- أن لا يظهر من الوجه إلا الخدان.
وهاهي بعض أقوالهم :
قالوا : " واعلم أنه إن خشيت الفتنة يجب عليها ستر الوجه والكفين " [متن مواهب الجليل ج1ص499]
وقالوا : " عورة الأجنبية مع الأجنبي المسلم غير الوجه والكفين , فيجوز كشفهما للأجنبي – أي المسلم – وله نظرهما إن لم تخش الفتنة " [الشرح الصغير ج1ص115,وبلغة السالك ج1ص105]
4- مذهب الشافعية :
قالوا : " النظر مظنة للفتنة ومحرك الشهوة فاللائق بمحاسن الشريعة سد الباب , والإعراض عن تفاصيل الأحوال كالخلوة , مع كونه – أي الوجه – غير عورة , نظره مظنة للفتنة أو الشهوة , ففطم الناس عنه احتياطاً " [مفتى الحجاج ج3ص128,الإقناع ج2ص118]
وقالوا في نهاية المحتاج : " وحيث قيل بالتحريم وهو القول الراجح , حرم النظر إلى المنتقبة التي لا يبين منها غير العينين ومحاجرهما " [نهاية المحتاج ج6ص196]
فصل
قال صلى الله عليه وسلم : " ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء ". [رواه البخاري]
وقال أيضا : " إن الدنيا حلوة خضرة , وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون , فاتقوا الدنيا , واتقوا النساء , فإن أول فتنة بنى إسرائيل كانت في النساء". [ المسند الصحيح 2742]
فيا أيتها الأخت :
إن لم تفتني بالنظر إلى الرجال , فإن غيرك كثير يفتن بمجرد سماع كلمات الإطراء فى جمالهن من الرجال , وأي جمال أعظم من جمال وحسن وجه المرأة؟(5/985)
وإن لم تفتني, ألا تخشين فتنة الرجال بك؟ وهل تعلمين ما يدور فى أنفسهم ولا سيما هذه الأيام التي كثرت فيها الفتن والمغريات؟
فاتقِ الله – أمة الله – في نفسك وفي الرجال , والتزمي حجابك الشرعي الساتر لكل بدنك بما فى ذلك الوجه والكفين , وإليك شروط الحجاب الشرعي:
أولاً : أن يكون مستوعباً لجميع البدن بلا استثناء , فالوجه والكفان والقدمان والذراعان من العورة التي يجب سترها , والدليل قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا) [الأحزاب آية 59 ]
يقول الشيخ محمد بن عثيمين – رحمه الله - : " وأما من قال إن الحجاب الشرعي هو أن تحجب شعرها وتبدى وجهها فهذا من عجائب الأقوال! فأيهما أشد فتنة؟ شعر المرأة أم وجهها؟ وأيهما أشد رغبة لطالب المرأة؟ أن يسأل عن شعرها أم وجهها؟!
ثانيًا: ألا يكون الحجاب زينة فى نفسه, كأن يكون مزخرفاً أو ملوناً بألوان ملفتة أو منقرشاً بخيوط فضية أو ذهبية أو غيرها , فإذا كان الحجاب زينة مثيرة ؛ فقد تعطلت بذلك الغاية منه , ولذلك نهى الله جل وعلا عن ذلك فقال: (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا) [ النور من آية 31] الشيخ الألباني " جلباب المرأة المسلمة " , دار ابن حزم , بيروت 1418]
قال الذهبي – رحمه الله - : " من الأفعال التي تُلعن عليها المرأة إظهار الزينة والذهب واللؤلؤ تحت النقاب وتطيبها بالمسك والعنبر والطيب إذا خرجت" كتاب الكبائر ص131.
ثالثًا: أن يكون صفيقًا متينًا ولا يكون شفافًا, فثوب المرأة إن لم يكن صفيقًا متينًا فإنه يجسد جسمها ومواضع الفتنة فيها , وكذلك إذا كان شفافاً فإنه يبرز وجهها ولون بشرتها , ويخالف الستر الذي هو غاية الحجاب , وقد ورد وعيد شديد فى النساء اللاتي يلبسن مثل هذه الألبسة.
فقد روى مسلم فى صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "صنفان من أهل النار لم أرهما , وذكر نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة , لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها , وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا ".
رابعًا: أن يكون واسعًا فضفاضًا غير ضيق فيصف شيئًا من جسمها أو يظهر أماكن الفتنة فى الجسم أو يلف عليها فيجسد الصورة ونحو ذلك.
والدليل على ذلك أن أسامة بن زيد – رضي الله عنهما – قال : " كساني رسول الله صلى الله عليه وسلم قبطية كثيفة كانت مما أهداها له دحيه الكلبي, فكسوتها امرأتي, فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : "مالك لم تلبس القبطية؟ ", قلت: "يا رسول الله , كسوتها امرأتي, فقال لي: "مرها فلتجعل تحتها غلالة فإني أخاف أن تصف حجم عظامها". [ أخرجه أبو داود وأحمد وحسنه والبيهقي والحاكم وصححه]
خامسًا: أن لا تكون مبخرة أو مطيبة أو معطرة.
والدليل على ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "أيما امرأة استعطرت، فمرت على قوم ليجدوا ريحها، فهي زانية، وكل عين زانية".[ صحيح ابن خزيمة 1681 ](5/986)
سادسًا: أن لا يشبه لباس الرجال.
لقوله صلى الله عليه وسلم: "ليس منا من تشبه بالرجال من النساء, ولا من تشبه بالنساء من الرجال" [صحيح الجامع 5433 ]
سابعًا: أن لا يشبه لباس الكافرات.
لقوله صلى الله عليه وسلم: "من تشبه بقوم فهو منهم" [صحيح أبي داود 4031]
ثامنًا: أن لا يكون ثوب شهرة.
لقوله صلى الله عليه وسلم: "من لبس ثوب شهرة في الدنيا, ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة ثم ألهب فيه نارًا" [صحيح ابن ماجه 2922]
والله تعالى من وراء القصد
وكتبه / محمد طليبة
ـــــــــــــــــــ
العاريات!
عن ابن عباس-رضي الله عنهما- كانت المرأة تطوف بالبيت وهي عريانة فتقول: من يعيريني تطوافًا تجعله على فرجها وتقول:
اليوم يبدو بعضُه أو كله *** وما بدا منه فلا أحلّه
فنزلت هذه الآية: (خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجد) [الأعراف : 13]
هكذا كان الحال في الجاهلية الأولى!
وأما اليوم ومع الثورة المعاصرة على القيم والأخلاق تعرت المرأة من جديد في الغرب والشرق ورضيت بأن يُلتقط لها صورٌ حيّة وهي تتخلى عن ثيابها قطعة قطعة عياذا بالله!!
وسَرَت العدوى إلى العديد من البلاد الإسلامية؛ فخرجت المسلمات والحرائر من خدورهن إلى الملأ السافر متجردات عن ملابسهن اللهمّ من خرقة صغيرة لستر العورة المغلظة!
أليست ( المراقص!) و(الكباريهات!) المنتشرة في العواصم العربية شاهد حيٌ لمزاعمنا؟!
أليست (الراقصات) يخرجن في كامل زينتهن متجردات من كل لباسهن إلا ما يستر الصدر والسوأتين؟!
أليس هذا الإسفاف الخُلقي المهين يمارس بكل وقاحة وجرأة منذ عشرات السنين ودون نكير من أحدٍ؟!
أليست الأفلام العربية تُقدِّم بنات المسلمين في مشاهد عارية يضاجعن الرجال الأجانب على الأسرة مضاجعة الأزواج؟!!
أليست (الرياضيات) يُمارسن الرياضة بملابس لا تستر سوى الصدر والعورة المغلظة؟!
ألسن يلعبن كرة الطائرة والسلة وتنس الطاولة بالقمصان والشورتات.
أليست (السبّاحات!) المسلمات يمارسن السباحة أمام الجماهير وتحت الأضواء الكاشفة وأمام عدسات المصورين بالمايوهات؟!(5/987)
وأما لاعبات (الجمباز) وألعاب (القوى!!) فقد اشترط عليهنّ أن يلبسن لباساً ضيقاً جداً يجسد الصدر والبطن والفرج!!
هذه هي الحقيقة الدامية التي لم نعد نسمع من ينكرها أو يطالب بالحدّ منها وكأنها أمر مشروع ومباح؟!
وفي آخر معاقل الإسلام، وفي بلاد التوحيد تتعالى أصوات الإباحيين والخلاعيين لنقل العري إلى مجتمعنا باسم (التربية البدنية للطالبات) وبدعوى الحدِّ من السُمنة وإعادة الرشاقة لبناتنا (المترهلات!)
وفي آخر معاقل الإسلام تتعالى أصواتٌ لإقامة المسارح ودور السينما لكي تتعرى بنتُ الجزيرة شيئاً فشيئاً إلا من العورة المغلظة لأنها( حرام!!)
وفي أخر معاقل الإسلام عُريت الصبايا البريئات والعفائف المحصنات في كليات الطب و تجمهر عشرات الطُّلاب أما أجسادهن العارية ولامسوا بأيديهم الآثمة أجساد وعورات الحرائر المؤمنات بدعوى تعلم الطب وممارسة المهنة!!
وفي آخر معاقل الإسلام رضيت بنت الجزيرة والإسلام بأن تتجرد من ملابس الحشمة والحياء شيئاً فشيئاً؛ باسم متابعة الموضة ومسايرة الجديد فظهر العنق والنحر والعضدان والكتفان وظهر البطن والظهر والساقان حتى بلغ ببعضهن كشف الفخذين ولبس الشورتات الضيقة في الأوساط النسائية وربَّما أمام محارمهن من الذكور والله المستعان؟!!
إذاً فلم يبق- عياذاً بالله – سوى الخروج بهذه الملابس العارية أمام الجمهور في الشوارع والميادين العامة!
فمن المسؤول عن هذه العري الفاضح؟! ومن يتحملُ تبعة الفواحش المترتبة على هذه الإسفاف؟
ومن يأخذ على أيدي بنات المسلمين ويزجرهن عن الانسياق في طرق الرذيلة بهذه المسالك المشينة؟
أين أنتم أيها الخطباء؟ أين أنتم أيها الدعاة؟
أين أنت يا إذاعة القرآن؟
وأين أنت يا قناة المجد؟!
أين أنتم أيها الآباء والإخوة والأزواج؟!
من يعيد إلى نسائنا العفة والستر والحياء؟!
وأخيرًا اعلمي – أيتها العارية- أنّك عمّا قريب ستتعرين تماماً عن كلّ الموديلات الجديدة, والبلايز الخليعة, والشورتات الضيقة, في مغسلة الأموات استعداداً لأكفان القبر الموحشة, وتمهيداً لحياة البرزخ الطويلة تحت أطباق التراب, وبين مراتع الدود, وأكلة الخدود!
ثم استعدي لمواجهة مصيراً نارياً -ما لم تدركك عنايةُ الله ورحمته- فإنّ جهنّم بجحيمها وزقومها, ودخانها ونيرانها هي المقر المحتوم للعاريات الخليعات ((صنفان من أهل النار لم أرهما... ونساء كاسيات عاريات)) والله المستعان.
د. رياض المسيميري
شبكة نور الإسلام http://www.islamlight.net(5/988)
ـــــــــــــــــــ
رسالة في الاختلاط
لسماحة الشيخ / محمد بن إبراهيم آل الشيخ
* اختلاط الرجال بالنساء له ثلاث حالات :
الأولى : اختلاط النساء بمحارمهن من الرجال ، وهذا لا إشكال في جوازه .
الثانية : اختلاط النساء بالأجانب لغرض الفساد ، وهذا لا إشكال في تحريمه .
الثالثة : اختلاط النساء بالأجانب في : دور العلم ، والحوانيت والمكاتب ، والمستشفيات ، والحفلات ، ونحو ذلك ، فهذا في الحقيقة قد يظن السائل في بادئ الأمر أنه لا يؤدي إلى إفتتان كل واحد من النوعين بالآخر ، ولكشف حقيقة هذا القسم فإننا نجيب عنه من طريق : مجمل ، ومفصل .
أما المجمل : فهو أن الله تعالى جبل الرجال عن القوة والميل إلى النساء ، وجبل النساء على الميل إلى الرجال مع وجود ضعف بان ، فإذا حصل الاختلاط نشأ عن ذلك آثار تؤدي إلى حصول الغرض السيء ، لأن النفوس أمارة بالسوء ، والهوى يعمي ويصم ، والشيطان يأمر بالفحشاء والمنكر .
أما المفصل : فالشريعة مبنية على المقاصد ووسائلها ، ووسائل المقصود الموصلة إليه لها حكمه ، فالنساء مواضع قضاء وطر الرجال ، وقد سد الشارع الأبواب المفضية إلى تعلق كل فرد من أفراد النوعين بالآخر ، وينجلي ذلك بما نسوقه لك من الأدلة من الكتاب والسنة .
أما الأدلة من الكتاب فستة :
الدليل الأول :
قال تعالى : { وراودته التي هو في بيتها عن نفسه ، وغلقت الأبواب وقالت هيت لك قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون } وجه الدلالة أنه لما حصل اختلاط بين إمرأة عزيز مصر وبين يوسف عليه السلام ظهر منها ما كاان كامناً فطلبت منه أن ويافقها ، ولكن أدركه الله برحمته فعصمه منها ، وذلك في قوله تعالى : { فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن إنه هو السميع العليم } وكذلك إذا حصل اختلاط بالنساء اختار كل من النوعين من يهواه من النوع الآخر ، وبذلك بعد ذلك الوسائل للحصول عليه .
الدليل الثاني :
أمر الله الرجال بغض البصر ، وأمر النساء بذلك فقال تعالى : { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن } . وجه الدلالة من الآيتين : أنه أمر المؤمنين والمؤمنات بغض البصر ، وأمره يقتضي الوجوب ، ثم بين تعالى أن هذا أزكى وأطهر . ولم يعف الشارع إلا عن نظر الفجأة، فقد روى الحاكم في المستدرك عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له " يا علي ، لا تتبع النظرة النظرة فإنما لك الأولى وليست لك الآخرة " قال الحاكم بعد إخراجه : صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ، ووافقه الذهبي في تلخيصه ، وبمعناه عدة أحاديث . وما أمر الله بغض البصر إلا لأن النظر إلى من يحرم النظر إليهن زنا ، فروى أبو(5/989)
هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " العينان زناهما النظر ، والأذنان زناهما الاستماع ، واللسان زناه الكلام ، واليد زناها البطش ، والرجل زناها الخطأ " متفق عليه ، واللفظ لمسلم . وإنما كان زناً لأنه تمتع بالنظر إلى محاسن المرأة ومؤد إلى دخولها في قلب ناظرها ، فتعلق في قلبه ، فيسعى إلى إيقاع الفاحشة بها . فإذا نهى الشارع عن النظر إليهن لما يؤدي إليه من المفسدة وهو حاصل في الاختلاط ، فكذلك الاختلاط ينهى عنه لأنه وسيلة إلى ما لا تحمد عقباه من التمتع بالنظر والسعي إلى ما هو أسوأ منه
الدليل الثالث :
الأدلة التي سبقت في أن المرأة عورة ، ويجب عليها التستر في جميع بدنها ، لأن كشف ذلك أو شيء منه يؤدي إلى النظر إليها ، والنظر إليها يؤدي إلى تعلق القلب بها ، ثم تبذل الأسباب للحصول عليها ، وذلك الاختلاط .
الدليل الرابع :
قال تعالى : { ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن } . وجه الأدلة أنه تعالى منع النساء من الضرب بالأرجل وإن كان جائزاً في نفسه لئلا يكون سبباً إلى سمع الرجال صوت الخلخال فيثير ذلك دواعي الشهوة منهم غليهن، وكذلك الاختلاط يُمنع لما يؤدي إليه من الفساد .
الدليل الخامس :
قوله تعالى : { يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور } فسرها ابن عباس وغيره : هو الرجل يدخل على أهل البيت بيتهم ، ومنهم المرأة الحسناء وتمر به ، فإذا غفلوا لحظها ، فإذا فطنوا غض بصره عنها ، فإذا غفلوا لحظ ، فإذا فطنوا غمض ، وقد اطلع إليه من قلبه أنه لو اطلع على فرجها ، وأنه لو قدر عليها فزنى بها . وجه الدلالة أن الله تعالى وصف العين التي تسارق النظر إلى مالا يحل النظر إليه من النساء بأنها خائنة ، فكيف بالاختلاط .
الدليل السادس :
أنه أمرهن بالقرار في بيوتهن ، قال تعالى : { وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى } . وجه الأدلة : أن الله تعالى أمر أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم الطاهرات المطهرات الطيبات بلزوم بيوتهن ، وهذا الخطاب عام لغيرهن من نساء المسلمين ، أما تقرر في علم الأصول أن خطاب المواجهة يعم إلا ما دل الدليل على تخصيصه ، وليس هناك دليل يدل على الخصوص ، فإذا كن مأمورات بلزوم البيوت إلا إذا اقتضت الضرورة خروجهن ، فكيف يقال بجواز الاختلاط على نحو ما سبق ؟ . على أنه كثر في هذا الزمان طغيان النساء ، وخلعهن جلبات الحياء ، واستهتارهن بالتبرج والسفور عند الرجال الأجانب والتعري عندهم ، وقل الوزاع عن من أنيط به الأمر من أزواجهن وغيرهم .
أما الأدلة من السنة فإننا نكتفي بذكر تسعة أدلة :
الأول
روى الإمام أحمد في المسند بسنده عن أم حميد إمرأة أبي حميد الساعدي رضي الله عنهما أنها جاءت النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالت : يا رسول الله : إني أحب(5/990)
الصلاة معك ، قال : قد علمت أنك تحبين الصلاة معي ، وصلاتك في بيتك خير من صلاتك في حجرتك ، وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك ، وصلاتك في دارك خير من صلاتك في مسجد قومك ، وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجدي . قالت : فأمرت فبني لها مسجد في أقصى بيت من بيوتها وأظلمه ، فكانت والله تصلي فيه حتى ماتت . وروى ابن خزيمة في صحيحه ، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن أحب صلاة المرأة إلى الله في أشد مكان من بيتها ظلمة . ويعطي هذين الحديثين عدة أحادث تدل على أن صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد . وجه الدلالة : أنه إذا شرع في حقها أن تصلي بي بيتها وأنه أفضل حتى من الصلاة في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ومعه ، متى يمنع الاخلاط من باب أولى .
الثاني
ما رواه مسلم والترمذي وغيرهما بأسانيدهم ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خير صفوف الرجال أولها ، وشرها آخرها ، وخير صفوف النساء آخرها ، وشرها أولها " قال الترمذي بعد إخراجه : حديث حسن صحيح . وجه الدلالة : المسجد فاتهن ينفصلن عن الجماعة على حدة ، ثم وصف أول صفوفهن بالشر والمؤخر منهن بالخير ، وما ذلك إلا لبعد المتأخرات عن الرجال عن مخالطتهم ورؤيتهم وتعلق القلب بهم عند رؤية حركاتهم وسماع كلامهم ، وذم أول صفوفهن لحصول عكس ذلك ، ووصف آخر صفوف الرجال بالشر إذا كان معهم نساء في المسجد لفوات التقدم والقرب من الإمام وقربة من النساء اللاتي يشغلن البال وربما أفسدت به العبادة وشوشن النية والخشوع ، فإذا كان الشارع توقع حصول ذلك في مواطن العبادة مع أنه لم يحصل اختلاط ، فحصول ذلك إذا وقع اختلاط من باب أولى ، فيمنع الاختلاط من باب أولى .
الثالث
روى مسلم في صحيحه ، عن زينب زوجة عبد الله ابن مسعود رضي الله عنها ، قالت : قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمس طيباً " وروى أبو داود في سننه والإمام أحمد والشافعي في مسنديهما بأسانيدهم ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ولكن ليخرجن وهن تفلات " . قال ابن دقيق العبد : فيه حرمة التطيب على مريدة الخروج إلى المسجد لما فيه من تحريك داعية الرجال وشهوتهم ، وربما يكون سبباً لتحريك شهوة المرأة أيضاً ، قال: ويلحق بالطيب مافي معناه كحسن الملبس والحلي الذي يظهر أثره والهيئة الفاخرة ، قال الحافظ ابن حجر : وكذلك الاختلاط بالرجال ، وقال الخطابي في ( معالم السنن ) : التفل سوء الرائحة ، يقال : امرأة تفلة إذا لم تتطيب ، ونساء تفلات .
الرابع
روى أسامة بن زيد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء " . وجه الدلالة : أنه وصفهن بأنهن فتنة ، فكيف يجمع بين الفاتن والمفتون ؟ هذا لا يجوز .(5/991)
الخامس
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن الدنيا خلوة خضرة ، وإن الله مستخلفكم فيها فناظرة كيف تعملون ، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء ، فإن أول فتنة بني إسرائيل في النساء " رواه مسلم . وجه الدلالة : أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر باتقاء النساء ، وهو يقتضي الوجوب ، فكيف يحصل الامتثال مع الاختلاط ؟ هذا لا يجوز .
السادس
روى ابو داود في السنن والبخاري في الكني بسنديهما ، عن حمزة بن السيد الأنصاري ، عن أبيه رضي الله عنه ، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول وهو خارج من المسجد فاختلط الرجال مع النساء في الطريق فقال النبي صلى الله عليه وسلم للنساء : " استأخرن فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق ، عليكن بحافات الطريق " فكانت المرأت تلصق بالجدار حتى أن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها ، هذا لفظ ابي داود . قال ابن الأثير في النهاية في غريب الحديث : " يحقق الطريق " هو أن يركبن حقها ، وهو وسطها . وجه الدلالة : أن الرسول صلى الله عليه وسلم إذا منعهن من الاختلاط في الطريق لأنه يؤدي إلى الافتنان ، فكيف يقال بجواز الاختلاط في غير ذلك ؟
السابع
روى ابو داود البالسي في سننه وغيره ، عن نافع ، عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بنى المسجد جعل باباً للنساء ، وقال : " لا يلج من هذا الباب من الرجال أحد " وروى البخاري في التاريخ الكبير عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن عمر رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا تدخلوا المسجد من باب النساء " . وجه الدلالة : أن الرسول صلى الله عليه وسلم منع اختلاط الرجال والنساء في أبواب المساجد دخولاً وخروجاً ومنع أصل اشتراكهما في أبواب المسجد سداً للذريعة الاختلاط ، فغذا منع الاختلاط في هذه الحال ، ففيه ذلك من باب أولى .
الثامن
روى البخاري في صحيحه ، عن أم سلمة رضي الله عنها ، قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم من صلاته قام النساء حين يقضي تسليمه ومكث النبي صلى الله عليه وسلم في مكانه يسيراً ، وفي رواية ثانية له ، كان يسلم فتنصرف النساء فيدخلن بيوتهن من قبل أن ينصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم . وفي رواية ثالثة : كن إذا سلمن من المكتوبة قمن وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن صلى من الرجال ما شاء الله . فإذا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم قام الرجال " . وجه الدلالة : أنه منع الاختلاط بالفعل ، وهذا فيه تنبيه على منع الاختلاط في غير هذا الموضوع .
الدليل التاسع
روى الطبراني في المعجم الكبير عن معقل ابن يسار رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير من أن(5/992)
يمس امرأة لا تحل له . قال الهيثمي في مجمع الزائد : رجاله رجال الصحيح ، وقال المنذري في الترغيب والترهيب : رجاله ثقات . وروى الطبراني ايضاً من حديث أبي أمامة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : " لأن يزحم رجل خنزيراً متلطخاً بطين وحمأه خير له من أن يزحم منكبه منكب امرأة لا تحل له . وجه الدلالة من الحديثين : أنه صلى الله عليه وسلم منع مماسة الرجل للمرأة بحائل وبدون حائل إذا لم يكن محرماً لها . لما في ذلك من الأثر السيء ، وكذلك الاختلاط يمنع ذلك . فمن تأمل ما ذكرناه من الأدلة تبين له أن القول بأن الاختلاط لا يؤدي إلى فتنة إنما هو بحسب تصور بعض الأشخاص وإلا فهو في الحقيقة يؤدي إلى فتنة ، ولهذا منعه الشارع حسماً للفساد . ولا يدخل في ذلك ما تدعو إليه الضرورة وتشتد الحاجة إليه ويكون في مواضع العبادة كما يقع في الحرم المكي ، والحرم المدني ، نسأل الله تعالى أن يهدي ضال المسلمين ، وأن يزيد المهتدي منهم هدى ، وأن يوفق ولا تهم لفعل الخيرات وترك المنكرات والأخذ على أيدي السفهاء ، إنه سميع قريب مجيب ، وصلى الله على محمد ، وآله وصحبه .
ـــــــــــــــــــ
فتاوى الاختلاط
حكم الاختلاط في التعليم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فقد اطلعت على ما نشرته جريدة السياسة الصادرة يوم 24/7/1404 هـ بعددها 5644 منسوباً إلى مدير جامعة صنعاء عبد العزيز المقالح الذي زعم فيه أن المطالبة بعزل الطالبات عن الطلاب مخالفة للشريعة ، وقد استدل على جواز الاختلاط بأن المسلمين من عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ، كانوا يؤدون الصلاة في مسجد واحد ، الرجل والمرأة وقال : ( ولذلك فإن التعليم لا بد أن يكون في مكان واحد ) وقد استغربت صدور هذا الكلام من مدير لجامعة إسلامية في بلد إسلامي يطلب منه أن يوجه شعبه من الرجال والنساء إلى مافيه السعادة والنجاة في الدنيا والآخرة ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله .
ولا شك أن هذا الكلام في جناية عظيمة على الشريعة الإسلامية ، لأن الشريعة لم تدع إلى الاختلاط حتى تكون المطالبة بمنعه مخالفة لها ، بل هي تمنعه وتشدد في ذلك كما قال الله تعالى : ( وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية ) الآية ، وقال تعالى : ( يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونسآء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً ) ، وقال سبحانه : ( وقل للمؤمنات يغضضن من أبصرهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو ءابآئهن أو ءابآء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسآئهن أو ما ملكت أيمنهن ) ، وقال تعالى : ( وإذا سألتموهن متاعاً فسئلوهن من ورآء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن ) . الآية وفي هذه الآيات الكريمات الدلالة الظاهرة على شرعية لزوم النساء لبيوتهن حذراً من الفتنة بهن ، إلا من حاجة تدعو إلى الخروج ، ثم حذرهن – سبحانه – من التبرج تبرج الجاهلية ،(5/993)
وهو إظهار محاسنهن ومفاتنهن بين الرجال ، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : ( ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء ) . متفق عليه من حديث أسامة بن زيد – رضي الله عنه – وخرجه مسلم في صحيحه عن أسامة وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل – رضي الله عنهما – جميعاً ، وفي صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون فاتقوا الدنيا واتقوا النساء ، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء ) ولقد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الفتنة بهن عظيمة ، ولا سيما في هذا العصر الذي خلع فيه أكثرهن الحجاب وتبرجن فيه تبرج الجاهلية ، وكثرت بسبب ذلك الفواحش والمنكرات وعزوف الكثير من الشباب والفتيات عما شرع الله من الزواج في كثير من البلاد ، وقد بين الله – سبحانه – أن الحجاب أطهر لقلوب الجميع فدل ذلك على أن زواله أقرب إلى نجاسة قلوب الجميع وانحرافهم عن طريق الحق ، ومعلوم أن جلوس الطالبة مع الطالب في كرسي الدراسة من أعظم أسباب الفتنة ، ومن أسباب ترك الحجاب الذي شرعه الله للمؤمنات ونهاهن عن أن يبدين زينتهن لغير من بينهم الله – سبحانه – في الآية السابقة من سورة النور ، ومن زعم أن الأمر بالحجاب خاص بأمهات المؤمنين فقد أبعد النعجة وخالف الأدلة الكثيرة الدالة على التعميم وخالف قوله تعالى : ( ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن ) . فإنه لا يجوز أن يقال : إن الحجاب أطهر لقلوب أمهات المؤمنين ورجال الصحابة دون من بعدهم ولا شك أن من بعدهم أحوج إلى الحجاب من أمهات المؤمنين ورجال الصحابة – رضي الله عنهم – لما بينهم من الفرق العظيم في قوة الإيمان والبصيرة بالحق فإن الصحابة – رضي الله عنهم – رجالاً ونساء ومنهن أمهات المؤمنين هم خير الناس بعد الأنبياء وأفضل القرون بنص الرسول صلى الله عليه وسلم المخرج في الصحيحين ، فإذا كان الحجاب أطهر لقلوبهم فمن بعدهم أحوج إلى هذه الطهارة ، وأشد افتقاراً إليها ممن قبلهم ، ولأن النصوص الواردة في الكتاب والسنة لا يجوز أن يخص بها أحد من الأمة إلا بدليل صحيح يجل على التخصيص فهي عامة لجميع الأمة في عهده صلى الله عليه وسلم وبعده إلى يوم القيامة ، لأنه – سبحانه – بعث رسوله صلى الله عليه وسلم إلى الثقلين في عصره وبعده إلى يوم القيامة كما قال _ عز وجل _ : ( قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً ) وقال – سبحانه - : ( وما أرسلنك إلا كافةً للناس بشيراً ونذيراً ) . وهكذا القرآن الكريم لم ينزل لأهل عصر النبي صلى الله عليه وسلم وإنما أنزل لهم ولمن بعدهم ممن يبلغة كتاب الله كما قال تعالى : ( هذا بلغ للناس ولينذروا به وليعلموا أنما هو إله واحد وليذكر أولوا الألباب ) وقال عز وجل : ( وأوحى إلى هذا القرءان لأنذركم به ومن بلغ ) الآية وكان النساء فيهد النبي صلى الله عليه وسلم لا يختلطن بالرجال لا في المساجد ولا في الأسواق الاختلاط الذي ينهى عنه المصلحون اليوم ويرشد القرآن والسنة وعلماء الأمة إلى التحذير منه حذراً من فتنته ، بل كان النساء في مسجده ، صلى الله عليه وسلم يصلين خلف الرجال في صفوف متأخرة عن الرجال وكان يقول : (خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها ، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها ) حذراً من افتتان آخر صفوف الرجال(5/994)
بأول صفوف النساء وكان الرجال في عهده صلى الله عليه وسلم يؤمرون بالتريث في الانصراف حتى يمضي النساء ويخرجن من المسجد لئلا يختلط بهن الرجال في أبواب المساجد مع ماهم عليه جميعاً رجالاً ونساء من الإيمان والتقوى فكيف بحال من بعدهم ؟ وكانت النساء ينهين أن يتحققن الطريق ويؤمن بلزوم حافات الطريق حذراً من الاحتكاك بالرجال ، والفتنة بمماسة بعضهم
بعضاً عند السير في الطريق ، وأمر الله – سبحانه – نساء المؤمنين أن يدنين عليهن من جلابيبهن حتى يغطين بها زينتهن حذراً من الفتنة بهن ، ونهاهن – سبحانه – عن إبداء زينتهن لغير من سمى الله – سبحانه – في كتابه العظيم حسماً لأسباب الفتنة وترغيباً في أسباب العفة والبعد عن مظاهر الفساد والاختلاط ، فكيف يسوغ لمدير جامعة صنعاء هداه الله وألهمه رشده بعد هذا كله ، أن يدعو إلى الاختلاط ويزعم أن الإسلام دعا إليه وأن الحرم الجامعي كالمسجد وأن ساعات الدراسة كساعات الصلاة ؟! ومعلوم أن الفرق عظيم ، والبون شاسع ، لمن عقل من الله أمره ونهيه ، وعرف حكمته سبحانه وكيف يجوز لمؤمن أن يقول إن جلوس الطالبة بحذاء الطالب في كرسي الدراسة ، مع التبرج ولا حول ولا قوة إلا بالله ، قال الله عز وجل : ( فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ) .
وأما قوله : ( والواقع أن المسلمين منذ عهد الرسول كانوا يؤدون الصلاة في مسجد واحد الرجل والمرأة ، ولذلك فإن التعليم لابد أن يكون في مكان واحد ) فالجواب عن ذلك : أن يقال هذا صحيح ، لكن كان النساء في مؤخرة المسجد مع الحجاب والعناية والتحفظ مما يسبب الفتنة ، والرجال في مقدم المسجد ، فيسمعن المواعظ والخطب ويشاركن في الصلاة ويتعلمن أحكام دينهن مما يسمعن ويشاهدن ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم في يوم العيد يذهب إليهن بعد ما يعظ الرجال فيعظهن ويذكرهن لبعدهن عن سماع خطبته ، وهذا كله لا إشكال فيه ولا حرج فيه وإنما الإشكال في قول مدير جامعة صنعاء ، هداه الله وأصلح قلبه وفقهه في دينه ( ولذلك فإن التعليم لا بد أن يكون في مكان واحد ) . فكيف يجوز له أن يشبه التعليم في عصرنا بصلاة النساء خلف الرجال في مسجد واحد ، مع أن الفرق شاسع بين واقع التعليم المعروف اليوم وبين واقع صلاة النساء خلف الرجال في عهده صلى الله عليه وسلم لهذا دعا المصلحون إلى إفراد النساء عن الرجال في دور التعليم ، وأن يكن على حدة والشباب على حدة ، حتى يتمكن من تلقي العلم من المدرسات بكل راحة من غير حجاب ولا مشقة ، لأن زمن التعليم يطول بخلاف زمن الصلاة ، ولأن تلقي العلوم من المدرسات في محل خاص أصون للجميع وأبعد لهن عن أسباب الفتنة ، وأسلم للشباب من الفتنة بهن ، ولأن إنفراد الشباب في دور التعليم عن الفتيات مع كونه أسلم لهم من الفتنة فهو أقرب إلى عنايتهم بدروسهم وشغلهم بها وحسن الإستماع إلى الأساتذة وتلقي العلم عنهم بعيدين عن ملاحظة الفتيات والإنشغال بهن ، وتبادل النظرات المسمومة والكلمات الداعية إلى الفجور .
وأما زعمه أصلحه الله أن الدعوة إلى عزل الطالبات عن الطلبة تزمت ومخالفة للشريعة ، فهي دعوى غير مسلمة ، بل ذلك هو عين النصح لله ولعباده والحيطة لدينه والعمل بما سبق من الآيات القرآنية والحديثين الشريفين ، ونصيحتي لمدير(5/995)
جامعة صنعاء ، أن يتقي الله عز وجل ، وأن يتوب إليه سبحانه مما صدر منه ، وأن يرجع إلى الصواب والحق ، فإن الرجوع إلى ذلك هو عين الفضيلة والدليل على تحري طالب العلم للحق والإنصاف ، والله المسؤول سبحانه أن يهدينا جميعاً سبيل الرشاد ، وأن يعيذنا وسائر المسلمين من القول عليه بغير علم ، ومن مضلات الفتن ونزغات الشيطان ، كما أسأله سبحانه أن يوفق علماء المسلمين وقادتهم في كل مكان لما فيه صلاح البلاد والعباد في المعاش والمعاد ، وأن يهدي الجميع صراطه المستقيم إنه جواد كريم ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين .
الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد
--------------------------------------------------------------------------------
خطر الاختلاط بين الجنسين في المدارس والجامعات
س : شاب ، يقول : إنه من أسرة غنية يدرس في مدرسة مختلطة مما ساعده على إقامة علاقات شائنة مع الجنس الآخر ، وقد غرق في المعاصي ، فماذا يفعل حتى يقلع عما هو فيه ؟ وهل له من توبة وما شروط هذه التوبة ؟
ج _ في هذا السؤال مسألتان :
الأولى : ما ينبغي أن نوجهه للمسؤولين في الدول الإسلامية حيث مكنوا شعوبهم من الدراسة في مدارس مختلطة ، لأن هذا الوضع مخالف للشريعة الإسلامية وما ينبغي أن يكون عليه المسلمون .
وقد قال صلى الله عليه وسلم : ( خير صفوف النساء آخرها ، وشرها أولها ) . وذلك لأن الصف الأول قريب من الرجال والصف الآخر بعيد منهم ، فإذا كان التباعد بين الرجال والنساء وعدم الاختلاط بينهم مرغباً فيه حتى في أماكن العبادة كالصلاة التي يشعر المصلي فيها بأنه بين يدي ربه بعيداً عما يتعلق بالدنيا ، فما بالك إذا كان الاختلاط في المدارس أفلا يكون التباعد وترك الاختلاط أولى ؟ إن اختلاط الرجال بالنساء لفتنة كبرى زينها أعداؤنا حتى وقع فيها الكثير منا .
وفي صحيح البخاري عن أم سلمه – رضي الله عنها – قالت : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم قام النساء حين يقضي تسليمه وهو يمكث في مقامه يسيرا قبل أن يقوم ، قالت : نرى – والله أعلم – أن ذلك كان لكي ينصرف النساء قبل أن يدركهن الرجال ) .
إن على المسؤولين في الدول الإسلامية أن يولوا هذا الأمر عنايتهم وأن يحموا شعوبهم من أسباب الشر والفتنة ، فإن الله تعالى سوف يسألهم عمن ولاهم عليه . وليعلموا أنهم متى أطاعوا الله – تعالى – وحكموا شرعه في كل قليل وكثير من أمورهم فإن الله – تعالى – سيجمع القلوب عليهم ويملؤها محبة ونصحاً لهم ، وييسر لهم أمورهم وتدين لهم شعوبهم بالولاء والطاعة .(5/996)
ولتفكر الأمة الإسلامية حكاماً ومحكومين بما حصل من الشر والفساد في ذلك الاختلاط وأجلى مثال لذلك وأكبر شاهد ما ذكره هذا السائل من العلاقات الشائنة التي يحاول الآن التخلص من أثارها وآثامها .
إن فتنة الاختلاط يمكن القضاء عليها بصدق النية والعزيمة الأكيدة على الإصلاح وذلك بإنشاء مدارس ومعاهد وكليات وجامعات تختص بالنساء ولا يشاركهن فيها الرجال .
وإذا كان النساء شقائق الرجال فلهن الحق في تعلم ما ينفعهن كما للرجال لكن لهن علينا أن يكون حقل تعليمهن في منأى عن حقل تعليم الرجال ، وفي صحيح البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله ، ذهب الرجال بحديثك فاجعل لنا من نفسك يوماً نأتيك فيه تعلمنا مما علمك الله ، فقال : ( اجتمعن في يوم كذا وكذا في مكان كذا وكذا . فاجتمعن فأتاهن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلمهن مما علمه الله ) . الحديث ، وهو ظاهر في إفراد النساء للتعليم في مكان خاص إذ لم يقل لهن ألا تحضرن مع الرجال . أسأل الله تعالى أن يوفق المسلمين عموماً للسير على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لينالوا بذلك العزة والكرامة في الدنيا والآخرة .
أما المسألة الثانية فهي سؤال السائل الذي ذكر عن نفسه أنه غارق في المعاصي بإقامة العلاقات الشائنة بالجنس الآخر ، ماذا يفعل وهل له من توبه وما شروطها ، فإني أبشره أن باب التوبة مفتوح لكل تائب ، وأن الله يحب التوابين ويغفر الذنوب جميعاً لمن تاب منها ، قال الله تعالى : ( والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً (68) يضعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً (69) إلا من تاب وءامن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً (70) ومن تاب وعمل صالحاً فإنه يتوب إلى الله متاباً (71) ) وأما شروط التوبة فهي خمسة :
الشرط الأول : أن تكون التوبة خالصة لله عز وجل لا رياء فيها ولا خشية أحد من المخلوقين ، وإنما تكون ابتغاء مرضاة الله تعالى لأن كل عمل يتقرب به الإنسان إلى ربه غير مخلصين له فيه فإنه حابط باطل قال الله تعالى في الحديث القدسي : ( أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملاً أشرك فيه أحداً غيري تركته وشركه ) .
الشرط الثاني : أن يندم على ما فعله من الذنب ويتأثر ، ويرى نفسه خاطئاً في ذلك حتى يشعر أنه محتاج لمغفرة الله وعفوه .
الشرط الثالث : الإقلاع عن الذنب إن كان متلبساً به ، لأنه لا توبة مع الإصرار على الذنب ، فلو قال المذنب إني تائب من الذنب وهو يمارسه لعد ذلك من الإستهزاء بالله عز وجل ، إنك لو خاطبت أحداً وقلت له إ،ني نادم على ما بدر مني لك من سوء الأدب وأنت تمارس سوء الأدب معه فكأنك تستهزئ به والرب عز وجل أعظم وأجل من أن تدعى أنك تبت من معصيته ، وأنت مصر عليها .
الشرط الرابع : العزم على ألا يعود إلى المعصية في المستقبل .
الشرط الخامس : أن تكون التوبة في وقتها الذي تقبل فيه من التائب بأن تكون قبل أن يعاين الإنسان الموت وقبل أن تطلع الشمس من مغربها فإن كانت بعد طلوع الشمس(5/997)
من مغربها لن تنفع لقوله تعالى : ( هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض أيات ربك يوم يأتي بعض أيات ربك لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن ءامنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً قل انتظروا إنا منتظرون ) . وهذا البعض هو طلوع الشمس في مغربها ، كذلك عند حضور الموت لأن الله تعالى قال : ( وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الئن ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك اعتدنا لهم عذاباً أليماً ) .
هذه الشروط الخمسة إن تحققت فيك فإن توبتك مقبولة إن شاء الله .
الشيخ ابن عثيمين
--------------------------------------------------------------------------------
حكم الدراسة في المدارس المختلطة
س _ أنا طالب أدرس في الخارج والجامعة فيها اختلاط (ذكور وإناث ) وسؤالي : هل يجوز أن أدرس في هذه الجامعة ؟
جـ _ ننصح المسلم الذي يريد نجاة نفسه أن يبتعد عن أسباب الشر والفتنة ، ولا شك أن الاختلاط مع الشابات في المدارس من أسباب وقوع الفساد وانتشار الزنى . ولو حاول الشخص أن يحفظ نفسه فلا بد أن يجد صعوبة لكن إذا ابتلى الشخص بذلك فعليه التحفظ والاعتزال وغض البصر وحفظ الفرج وعدم القرب من النساء مهما استطاع ، والله أعلم .
الشيخ ابن جبرين
--------------------------------------------------------------------------------
موقف الإسلام من التعليم المختلط
س _ ماهو موقف الإسلام من التعليم في جامعات بعض الدول الإسلامية حيث يوجد بها من الفجور والفسق والكفر الكثير ، ففيها الفتيات شبه العاريات والشباب المنحرف الضال ، والاختلاط العلني وبشكل فاضح وفاحش لا يرضاه الإسلام بل يشجع ذلك هيئة التدريس في الجامعات ، وبعض الكليات في هذه الجامعات لا يوجد بها حتى المسجد لكي يسجد فيه لله وحده ، وفرض الزي الرسمي وهو زي المشركين من أوربا ولا يسمح لأي طالب بدخول الامتحان بدون هذا الزي مثل القميص والعمامة ، لأن هذا عندهم تأخر وجهل فما الحكم ؟
جـ _ أولاً : تعلم العلوم النافعة من فروض الكفاية ، فيجب على الأمة وخاصة ولاة أمورها أن يهيئوا جماعة منها رجالاً ونساءً لتعلم ما تحتاج إليه من أنواع العلوم ، وتيسر لهم طريقه حتى تنهض بالأمة في المحافظة على ثقافتها وعلاج مرضاها ، وتجنبها مواطن الخطر ، فإن تم ذلك برئت الذمة ، ورجي الثواب ، وإلا خشي وقوع البلاء ، وحقت كلمة العذاب .
ثانياً : اختلاط الطلاب بالطالبات والمدرسين بالمدرسات في دور التعليم محرم لما يفضي إليه من الفتنة وإثارة الشهوة والوقوع في الفاحشة ، ويتضاعف الإثم وتعظم الجريمة إذا كشفت المدرسات أو التلميذات شيئاً من عوراتهن ، أو لبسن ملابس(5/998)
شفافة تشف عما وراءها ، أو لبسن ملابس ضيقة تحدد أعضاءهن ، أو داعبن الطلاب أو الأساتذة ومزحن معهم أو نحو ذلك مما يفضي إلى انتهاك الحرمات والفوضى في الأعراض .
فعلى ولاة الأمور أن يخصصوا للطلاب معاهد ومدارس وكليات وكذا الطالبات ، محافظة على الدين ومنعاً لانتهاك الحرمات والأعراض والفوضى في الحياة الجنسية ، وبذلك يتمكن ذووا الغيرة والدين من الانتظام في سلك التعليم والتعلم دون حرج أو مضايقات . وإذا لم يقم ولاة الأمور بواجبهم ، ولم يتم فصل الذكور عن الإناث في دور التعليم ، ولا الأخذ على أيدي الكاسيات العاريات لم يجز الانضمام في سلك هؤلاء إلا إذا رأى الشخص من نفسه القدرة على تقليل المنكر ، وتخفيف الشر ببذل النصح والتعاون في ذلك مع أمثاله من الزملاء والأساتذة ، وأمن على نفسه من الفتنة .
اللجنة الدائمة
--------------------------------------------------------------------------------
حكم الدراسة في الجامعات المختلطة للدعوة إلى الله
س _ هل يجوز للرجل أن يدرس في جامعة يختلط فيها الرجال والنساء في قاعة واحدة علماً بأن الطالب له دور في الدعوة إلى الله ؟
جـ _ الذي أراه أنه لا يجوز للإنسان رجلاً كان أو امرأة أن يدرس بمدارس مختلطة وذلك لما فيه من الخطر العظيم على عفته ونزاهته وأخلاقه فإن الإنسان مهما كان من النزاهة والأخلاق والبراءة إذا كان إلى جانبه في الكرسي الذي هو فيه امرأة ولا سيما إذا كانت جميلة ومتبرجة لا يكاد يسلم من الفتنة والشر . وكل ما أدى إلى الفتنة والشر فإنه حرام ولا يجوز ، فنسأل الله – سبحانه وتعالى – لإخواننا المسلمين أن يعصمهم من مثل هذه الأمور التي لا تعود إلى شبابهم إلا بالشر والفتنة والفساد .. حتى وإن لم يجد إلا هذه الجامعة يترك الدراسة إلى بلد آخر ليس فيه هذا الاختلاط ، فأنا لا أرى جواز هذا وربما غيري يرى شيئاً آخر .
الشيخ ابن عثيمين
--------------------------------------------------------------------------------
حكم التدريس في المدارس المختلطة
س _ هل الأستاذ الذي يدرس في قسم مختلط بنات وذكور أو بنات فقط ولكنهن في سن المراهقة يأثم إذا نظر إليهن ؟
جـ _ يجب على الرجل أن يغض بصره عن النساء قال تعالى : ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون ) . وأخرج الإمام مسلم وأبو داود وغيرهما عن جرير بن عبد الله قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجأة فقال : ( أصرف نظرك ) واللفظ لأبي داود ولا يجوز الاختلاط بين الذكور والإناث في التعليم لأن ذلك من وسائل وقوع الفاحشة بينهم .(5/999)
اللجنة الدائمة
--------------------------------------------------------------------------------
خطورة تعليم النساء للأولاد في المرحلة الإبتدائية
لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد : فقد إطلعت على ما نشرته صحيفة المدينة عدد(3898 ) وتاريخ 30/2/1397 هـ بقلم من سمت نفسها " نورة بنت ... ... ... " تحت عنوان ( وجهاً لوجه ) وخلاصة القول أن نورة المذكورة ضمها مجلس مع جماعة من النساء بحضرة عميدة كلية التربية بجدة فائزة الدباغ ونسبت نورة المذكورة إلى فائزة استغرابها عدم قيام المعلمات بتعليم أولادنا الذكور في المرحلة الإبتدائية ولو إلى الصف الخامس ، وأيدتها نورة المذكورة للأسباب المنوه عنها في مقالها وإني مع شكرى لفائزة ونورة وزميلاتها على إهتمامهن بموضوع تعليم أولادنا الصغار وحرصهن على مصلحتهم أرى من واجبي التنبيه على ما في هذا الإقتراح من الأضرار والعواقب الوخيمة .. وذلك أن تولى النساء لتعليم الصبيان في المرحلة الابتدائية يفضي إلى اختلاطهن بالمراهقين والبالغين من الأولاد الذكور ، لأن بعض الأولاد لا يلتحق بالمرحلة الابتدائية إلا وهو مراهق وقد يكون بعضهم بالغاً ، ولأن الصبي إذا بلغ العشر يعتبر مراهقاً ويميل بطبعه إلى النساء ، لأن مثله يمكن أن يتزوج ويفعل ما يفعله الرجال ، وهناك أمر آخر وهو أن تعليم النساء للصبيان في المرحلة الابتدائية يفضي الاختلاط ثم يمتد ذلك إلى المراحل الأخلى فهو فتح لباب الاختلاط في جميع المراحل بلا شك ، ومعلوم ما يترتب على اختلاط التعليم من المفاسد الكثيرة والعواقب الوخيمة التي أدركها من فعل هذا النوع من التعليم في البلاد الأخرى . فكل من له أدنى علم بالأدلة الشرعية وبواقع الأمة في هذا العصر من ذوي البصيرة الإسلامية على بنينا وبناتنا يدرك ذلك بلا شك ، وأعتقد أن هذا الاقتراح مما ألقاه الشيطان أو بعض نوابه على لسان فائزة ونورة المذكورتين وهو بلا شك مما يسر أعداءنا وأعداء الإسلام ومما يدعون إليه سراً وجهراً .
ولذا فإني أرى أن من الواجب قفل هذا الباب بغاية الإحكام وأن يبقى أولادنا الذكور تحت تعليم الرجال في جميع المراحل . كما يبقى تعليم بناتنا تحت تعليم المعلمات من النساء في جميع المراحل وبذلك نحتاط لديننا وبنينا وبناتنا ونقطع خط الرجعة على أعدائنا وحسبنا من المعلمات المحترمات أن يبذلن وسعهن بكل إخلاص وصدق وصبر على تعليم بناتنا في جميع المراحل . ومن المعلوم أن الرجال أصبر على تعليم البنين وأقوى عليه وأفرغ له من المعلمات في جميع مراحل التعليم كما أن من المعلوم أن البنين في المرحلة الابتدائية وما فوقها يهابون المعلم الذكر ويحترمونه ويصغون إلى ما يقول أكثر وأكمل مما لو كان القائم بالتعليم من النساء مع ما في ذلك كله من تربية البنين في هذه المرحلة على أخلاق الرجال وشهامتهم وصبرهم وقوتهم ، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع ) . " رواه أحمد وأبو داود والحاكم ورمز السيوطي لصحته " . هذا الحديث الشريف يدل على ما ذكرناه من(5/1000)
الخطر العظيم في اختلاط البنين والبنات في جميع المراحل والأدلة على ذلك من الكتاب والسنة وواقع الأمة كثيرة لا نرى ذكرها هنا طلباً للإختصار . وفي علم حكومتنا وفها الله وعلم معالي وزير المعارف وعلم سماحة الرئيس العام لتعليم البنات وحكمتهم جميعاً وفقهم الله ما يغني عن البسط في هذا المقام . وأسأل الله أن يوفقنا لكل ما فيه صلاح الأمة ونجاتها وصلاحنا ، وصلاح شبابنا وفتياتنا وسعادتهم في الدنيا والآخرة إنه سميع قريب . وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
--------------------------------------------------------------------------------
طريق السلامة من فتنة النساء
س _ أنا شاب في التاسعة عشرة من عمري وغير متزوج ومتأثر بجمال المرأة ، ماذا أعمل حتى أبتعد عن المرأة لأنها هي التي تلفت انتباهي لها مما يجعلني أفكر فيها في كل وقت ؟
جـ _ عليك أن تغض بصرك عن التطلع إلى النساء ، وتقطع تفكيرك فيهن وأن ما أعد الله لأهل التعفف والبعد عن الحرام ، وعليك أيضاً أن تبادر إلى الزواج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ، فهناك ينقطع التفكير وتقتصر على المباح الحلال والله أعلم .
الشيخ ابن جبرين
--------------------------------------------------------------------------------
الحمو أشد خطراً
س _ أنا وإخوتي نقطن في مسكن واحد ، ونحن والحمد لله ممتثلون لأوامر الله ورسوله ، ولكن نعاني من عادة بيننا ورثناها عن آبائنا وأجدادنا .. وهي أن الرجال يجلسون سوياً مع النساء أي الإخوان مع زوجاتهم جميعاً ، ولقد قام بنصحنا بعض الغيورين على دين الله ، ولكن لم نستجب له ، لأنه جديد العهد بالدين وقد كلمت والدي يوماً من الأيام وقلت له : يجب أن لا نكون قائمين على هذا المنكر بل يجب أن نتركه فقال والدي والله لو عملتم هذا فإنني سوف أفارقكم ولن أجلس معكم ، وكذلك يوجد من إخوتي من وافق الوالد على هذا الأمر فأرجو من فضيلتكم التوجيه والنصح ، وهل أنا على حق في موقفي ؟
جـ _ نعم أنت على حق في الامتناع عن هذه العادة السيئة المخالفة لما دلت عليه النصوص ، فإن الواجب على الزوجات أن يحتجبن عن إخوان أزواجهن ، ولا يحل لهن أن يكشفن وجوههن أمام إخوان أزواجهن كما لا يحل أن يكشفن وجوههن عند الرجال الأجانب في السوق بل إن كشف وجوههن عند إخوان أزواجهن أشد خطراً ، لأن أخا الزوج يكون في البيت إما ساكناً وإما وافداً ضيفاً أو ما أشبه ذلك ، وإذا دخل البيت لم سيتنكر ولم يستغرب فيكون خطره أعظم .
ولهذا حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الدخول على النساء فقال : ( إياكم والدخول على النساء .. فقالوا : يا رسول الله أرأيت الحمو قال : " الحمو الموت " . أي أنه ينبغي الفرار منه كما يفر الإنسان من الموت ) .(5/1001)
وهذه الكلمة أعني قوله صلى الله عليه وسلم الحمو الموت من أعظم الكلمات التحذيرية لهذا أقول : إن عملك صحيح أي امتناعك عن هذا العمل الذي اعتاده الناس ، أما قول أبيك إن فعلتم ذلك أي قمتم بحجب النساء عن إخوان أزواجهن فإني لا أكون معم . فإني أوجه إليه نصيحة وهي أن يكون مذعناً للحق غير مبال بالعادات التي تخالفه وعليه أن يتقي الله _ عز وجل _ وأن يكون هو أول من يأمر بهذا العمل أعني أن يأمر باحتجاب النساء عن غير المحارم حتى يكون راعياً وقائماً بالرعية خير قيام . فإن الرجل راع في بيته ومسؤول عن رعيته .
الشيخ ابن عثيمين
--------------------------------------------------------------------------------
حكم الاختلاط بالنساء بحجة سلامة النية
س _ يوجد لدينا عادة سيئة وهي اختلاط الرجال بالنساء والسبب إننا نعمل معهن في كثير من الأعمال وننظر إليهن وهن يؤدين أعمالهن كاشفات الوجوه ونقول إن نياتنا سليمة والشخص فينا ينظر إلى زوجة شقيقة فيعتبرها في مكانة شقيقته في المحرم ، ونساء جيرانه يعدهن في مكانة محرمه اللاتي يحرم الزواج منهن فالرجل فينا يسكن مع شقيقه وابن عمه والذي من جماعته ويأكلون ويشربون معاً الرجال والنساء فما هو الحكم ؟
جـ _ هذه الأمور من عادات الجاهلية الأولى والواجب شرعاً عدم كشف المرأة وجهها إلا لذوي محرمها كما أن الواجب على المرأة عدم الاختلاط بالأجانب وهي متكشفة ويجب عليها أيضاً أن لا تخلو في مكان مع رجل أجنبي وهو الذي لا يكون محرماً لها ، لأنه يحث بسبب ذلك من المفاسد ما لا حصر له . والله ولي التوفيق .
الشيخ ابن باز
--------------------------------------------------------------------------------
سائق العائلة والنساء
س _ ما حكم اختلاط سائق العائلة بنساء وفتيات العائلة وخروجه معهن إلى الأسواق والمدارس ؟
جـ _ ثبت في الحديث قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يخلون رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما ) . فالخلوة عامة في البيت والسيارة والسوق والمتجر ونحوه ، وذلك أنهما مع الخلوة لا يؤمن أن يكون حديثهما في العورات وما يثير الشهوة ، ومع ما يوجد من بعض النساء أو الرجال من الورع والخوف من الله وكراهية المعصية والخيانة فإن الشيطان يتدخل بينهما ويهون عليهما أمر الذنب ويفتح لهما أبواب الحيل فالبعد عن ذلك أحفظ وأسلم .
الشيخ ابن جبرين
--------------------------------------------------------------------------------
الاختلاط محرم(5/1002)
س _ هنا في بريطانيا يعقد اجتماع في بعض المدارس لأولياء أمور الطلبة فيحضره الرجال والنساء ، فهل يجوز للمرأة المسلمة أن تحضر هذا الاجتماع بدون محرم مع وجود الرجال فيه ، علماً بأن أحد الأخوة أجاز ذلك واستدل بحديث أبي هريرة الوارد في صحيح البخاري ومسلم وفيه أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فطلب من يضيفه فاستضافه رجل من الأنصار وذكر أن الأنصاري وزوجته جلسا مع الرجل وأظهر له أنهما يأكلان ، نرجو توضيح هذه المسألة ؟
جـ _ هذه المسألة يظهر من السؤال أن فيها اختلاطاً بين الرجال والنساء ، والاختلاط بين الرجال والنساء مؤد إلى الفتنة والشر وهو فيما أرى غير جائز ولكن إذا دعت الحاجة إلى حضور النساء مع الرجال فإن الواجب أن يجعل النساء في جانب والرجال في جانب آخر ، وأن يتم الحجاب الشرعي بالنسبة للنساء بحيث تكون المرأة ساترة لجميع بدنها حتى وجهها ، وأما الحديث الذي أشار إليه السائل فليس فيه اختلاط وإنما الرجل مع زوجته في جانب بيته والضيف في مكان الضيافة على أن مسألة الحجاب كما هو معلوم لم تكن من المسائل المتقدمة بالنسبة للتشريع ، فالحجاب إنما شرع بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم بنحو خمس سنين أو ست سنين وما ورد من الأحاديث مما ظاهره عدم الحجاب فإنه يحمل على أن ذلك كان قبل نزول آيات الحجاب .
الشيخ ابن عثيمين
--------------------------------------------------------------------------------
حكم كشف الطبيب على المرأة الأجنبية
س _ أنا رجل متزوج منذ أكثر من خمس سنوات ولم تنجب زوجتي وقررنا الذهاب إلى الطبيب فبدأ بالكشف والتحليل لي وكانت النتيجة أنني سليم وبقيت زوجتي ، فهل آثم إذا قدمتها للطبيب للكشف ؟
جـ _ لا يجوز للرجل أن يكشف على المرأة فيما يتصل بالعورة إلا عند الضرورة وحالة الضيق ، وههنا لا ضرورة ففي الإمكان تأخير الكشف حتى تجد امرأة عارفة بأمور النساء وهن كثير في الداخل والخارج .
الشيخ ابن جبرين
--------------------------------------------------------------------------------
حكم الاختلاط في المواصلات
س _ وسائل النقل في بلدنا جماعية ومختلطة وأحياناً يحدث ملامسة لبعض النساء دون قصد أو رغبة في ذلك ولكن نتيجة الزحام فهل نأثم على ذلك ؟ وما العمل ونحن لا نملك إلا هذه الوسيلة ولا غنى لنا عنها ؟
جـ _ الواجب على المرء أن يبتعد عن ملامسة النساء ومزاحمتهن بحيث يتصل بدنه ببدنهن ولو من وراء حائل ، لأن هذا مدعاة للفتنة والإنسان ليس بمعصوم قد يرى من نفسه أنه يتحرز من هذه الأمور ولا يتأثر بها ولكن الشيطان يجري من ابن أدم مجرى الدم فربما يحصل منه حركة تفسد عليه أمره ، فإذا اضطر الإنسان إلى ذلك(5/1003)
اضطراراً لا بد منه وحرص على أن لا يتأثر فأرجو ألا يكون عليه بأس . لكن في ظني أنه لا يمكن أن يضطر إلى ذلك اضطراراً لابد منه إذ من الممكن أن يطلب مكاناً لا يتصل بالمرأة حتى ولو بقى واقفاً ، وبهذا يتخلص من هذا الأمر الذي يوجب الفتنة . والواجب أن يتقي الله تعالى ما استطاع وأن لا يتهاون بهذه الأمور .
الشيخ ابن عثيمين
--------------------------------------------------------------------------------
حكم دخول الأسواق المختلطة
س _ هل يجوز للمسلم أن يدخل سوقاً تجارياً وهو يعلم أن في السوق نساء كاسيات عاريات وأن فيه اختلاطاً لا يرضاه الله عز وجل ؟
جـ _ مثل هذا السوق لا ينبغي دخوله إلا لمن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر أو لحاجة شديدة مع غض البصر والحذر من أسباب الفتنة حرصاً على السلامة هذا لعرضه ودينه وابتعاداً عن وسائل الشر لكن يجب على أهل الحسبة وعلى كل قادر أن يدخلوا مثل هذه الأسواق لإنكار ما فيها من المنكر عملاً بقول الله سبحانه وتعالى : ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ) . الآية ، وقوله سبحانه وتعالى : ( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون ) . والآيات في هذا المعنى كثيرة .
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أو شك أن يعمهم الله بعقابه ) . رواه الإمام أحمد وبعض أهل السنن عن أبي بكر الصديق _ رضي الله عنه _ بإسناد صحيح ، ولقوله صلى الله عليه وسلم : ( من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان ) . رواه الإمام مسلم في صحيحه ، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة والله ولي التوفيق .
الشيخ ابن باز
--------------------------------------------------------------------------------
حكم الاختلاط بين النساء والرجال في المصانع والمكاتب
س _ ما حكم معاملة النساء كالرجال في المصانع أو في المكاتب غير الإسلامية ؟ وما حكم النفس فيها التي تعرضت بالهلاك لمرض خطير يؤدي علاجه إلى تجريد المسلمة في هذه المذكورة ولو في دول إسلامية حيث الأطباء فيها كلهم رجال ؟
جـ _ أما في حكم اختلاط النساء بالرجال في المصانع والمكاتب وهم كفار في بلاد كافرة فهو غير جائز ، ولكن عندهم ما هو أبلغ منه وهو الكفر بالله ، جل وعلا _ فلا يستغرب أن يقع بينهم مثل هذا المنكر ، وأما اختلاط النساء بالرجال في البلاد الإسلامية وهم مسلمون فحرام وواجب على مسئولي الجهة التي يوجد فيها هذا الاختلاط أن يعملوا على فصل النساء على حدة والرجال على حدة ، لما في الاختلاط من المفاسد الأخلاقية التي لا تخفى على من له أدنى بصيرة . وأما تجريد الرجل(5/1004)
للمرأة المسلمة من أجل علاجها فإذا دعت الضرورة إلى العلاج ولم يوجد من يعالجها سوى رجل فيجوز ذلك ولكن يكون بحضرة زوجها إن أمكن ، وإلا فيوجد نساء من محارمها ولا يجرد منها إلا ما تدعو الضرورة لكشفه من جسمها ، والأصل في جواز ذلك أدلة يسر الشريعة ورفع الحرج عن الأمة عند الضرورة كقوله تعالى : ( ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ) وقوله تعالى ( وما جعل عليكم في الدين من حرج ) .
اللجنة الدائمة
--------------------------------------------------------------------------------
حكم عمل المرأة في مكان مختلط
س _ هل يجوز العمل للفتاة في مكان مختلط مع الرجال علماً بأنه يوجد غيرها من الفتيات في نفس المكان ؟
جـ _ الذي أراه أنه لا يجوز الاختلاط بين الرجال والنساء بعمل حكومي أو بعمل في قطاع خاص أو في مدارس حكومية أو أهلية . فإن الاختلاط يحصل فيه مفاسد كثيرة ، ولو لم يكن فيه إلا زوال الحياء للمرأة وزوال الهيبة للرجال ، لأنه إذا اختلط الرجال والنساء أصبح لا هيبة عند الرجل من النساء ، ولا حياء عند النساء من الرجال ، وهذا ( أعني الاختلاط بين الرجال والنساء ) خلاف ما تقضية الشريعة الإسلامية ، وخلاف ماكان عليه السلف الصالح ، ألم تعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل للنساء مكاناً خاصاً إذا خرجن إلى مصلى العيد ، لا يختلطن بالرجال ، كما في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم حين خطب في الرجال نزل وذهب للنساء فوعظهن وذكرهن وهذا يدل على أنهن لا يسمعن خطبة النبي صلى الله عليه وسلم أو إن سمعن لم يستوعبن ما سمعنه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ألم تعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( خير صفوف النساء آخرها وشرها أولها وخير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها ) . وما ذاك إلا لقرب أول صفوف النساء من الرجال فكان شر الصفوف ، ولبعد آخر صفوف النساء من الرجال فكان خير الصفوف ، وإذا كان هذا في العبادة المشتركة فما بالك بغير العبادة ، ومعلوم أن الإنسان في حال العبادة أبعد ما يكون عما يتعلق بالغريزة الجنسية ، فكيف إذا كان الاختلاط بغير عبادة، فالشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ، فلا يبعد أن تحصل فتنة وشر كبير في هذا الاختلاط ، والذي أدعو إليه إخواننا أن يبتعدوا عن الاختلاط وأن يعلموا أنه من أضر ما يكون على الرجال كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام : ( ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء ) . فنحن والحمد لله _ نحن المسلمين _ لنا ميزة خاصة يجب أن نتميز بها عن غيرنا ويجب أن نحمد الله _ سبحانه وتعالى _ أن من علينا بها ويجب أن نعلم أننا متبعون لشرع الله الحكيم الذي يعلم ما يصلح العباد والبلاد ويجب أن نعلم أن من نفروا عن صراط الله _ عز وجل _ وعن شريعة الله فإنهم على ضلال ، وأمرهم صائر إلى الفساد ولهذا نسمع أن الأمم التي يختلط نساؤها برجالها أنهم الآن يحاولون بقدر الإمكان أن يتخلصوا من(5/1005)
هذا ولكن أنى لهم التناوش من مكان بعيد ، نسأل الله تعالى أن يحمي بلادنا وبلاد المسلمين من كل سوء وشر وفتنة .
الشيخ ابن عثيمين
ـــــــــــــــــــ
"لماذا النساء عندكم لا يخالطن الرجال الأجانب؟!.
أبو سارة
جناية الاختلاط .....
في الزمن الذي لم يكن فيه اختلاط في بلاد الإسلام: سأل أحد نصارى الغرب بعض المسلمين:
" لماذا النساء عندكم لا يخالطن الرجال الأجانب؟!.
فرد قائلا : "لأنهن لا يرغبن في الإنجاب من غير أزواجهن"..!!.
بعض الأجوبة تأتي حاسمة مبهتة، إذ تعبر عن الحقيقة كما هي دون زيادة، لا يسع الخصم الذي يحترم نفسه والحقيقة إلا الصمت، أما المتلوي المتلون فيرد كيفما اتفق بسخف وصفاقة، تنبئ عن خلق رديء، أو فكر وضيع، أو بلاهة مفتعلة.
نعم.. منع الإسلام الاختلاط، وامتنع منه المسلمون، فجعلوا للنساء حريما، وسموا المرأة : حرمة. من التحريم، وهو غاية في التكريم، إذ معناه أن لها حرمة بالغة لقيمتها عندهم، فلا تمس من أجنبي، ولا تختلط به، لأنهم لا يرغبون في إفساد فرشهم، وأعراضهم، وضياع أنسابهم.
والمرأة المسلمة قبلت بهذا الأمر الإلهي عن رضا تام، لأنها لمست فيه التكريم والأمن، ولأنها لا ترغب أن تؤذي نفسها وأهلها وعشيرتها، ولأنها تريد أن تنال الولد من طريق الشرف، لامن طريق المهانة، فإجماع العقلاء منعقد على أن الزواج شرف، وأن الزنا مهانة.
نعم.. الاختلاط يعني: الإنجاب من غير الأزواج.
وهذه الحقيقة كما هي، فمن ادعى خلافها، وزعم أن ذلك ممتنع في الاختلاط البريء، واستند إلى حادثة من هنا وهناك، فهو إما صفيق يعبث بالحقيقة، أو مغفل لدرجة لا تطاق، يحتاج إلى صدمات كبيرة حتى يفيق، وفي العادة لا يفيق إلا بعدما يذوق مرّ غفلته.
الاختلاط السبب الرئيس من أسباب الوقوع في الزنا، وإذا زنت المرأة تعرضت للحمل والإنجاب، ولذا قال ذلك المسلم كلمته الموفقة:
"لأنهن لا يرغبن أن ينجبن من غير أزواجهن"..
فقد أتى بالنتيجة المتوقعة، لكن تخلفها لا يسقط حجته، فحصول الفاحشة دون حصول إنجاب لا يعني بطلان خطر الاختلاط، فالزنا وحده جريمة، سماها الله تعالى فاحشة، وكل أمم الأرض لا توقره، وتعظم إزاءه الزواج..
فالاختلاط مظنة الزنا، كما أن الزنا مظنة الحمل.. لذا فكلها قبيحة، وكلها يجب الانتهاء عنها، بدءا برأس المصيبة وهو الاختلاط..
فالسلامة من الاختلاط تعني السلامة من الزنا، والسلامة من الزنا تعني السلامة من الإنجاب المحرم، والعكس بالعكس..(5/1006)
فالوقوع في الاختلاط مظنة كل البلايا التي بعدها، ولو حدث أن اختلاطا لم يفض إلى فاحشة، فذلك لا يعني بطلان خطره، فلو سلم إنسان مرة فقد لا يسلم في المرات المقبلة، كذلك تقول الغريزة الجنسية البشرية، وحصاد الاختلاط.
--------------------------------------------------------------------------------
الكل يعلم مدى ميل الرجل إلى المرأة، والعكس، ميل أشد من ميل الموجب إلى السالب، وكم من رجل حازم أذهبت لبّه امرأة يهواها، حتى صار يتصرف كالصبيان والمجانين، والعكس كذلك في حال المرأة.
كل شيء في المرأة يستهوي الرجل: نظرا، وسماعا، وفكرا، ووسوسة.
وكل شيء في الرجل يستهوي المرأة كذلك..
شيء عجيب ذلك التعانق بين روحيهما، والانجذاب بين جسديهما، لا يمكن لقوة مهما كانت حازمة أو جائرة أو فاتكة أن توقف تدفق سيل عواطف كليهما نحو الآخر.. هل شيء أشد من الموت؟!.
فهاهما كلاهما يرضيان بالموت في سبيل الآخر، في سبيل أن يضمه ويمضي معه ما بقيت الحياة.
فإذا لم يكن ثمة حب حقيقي بينهما ينضاف إلى الغريزة الجنسية ليمثل بركانا من المشاعر، فإن الغريزة وحدها كافية في الانجذاب لأجل المتعة الجسدية، في أحلك الظروف والأحوال.
هل يقدر أحد أن يجادل في هذا؟، فكيف يدعي المدعي أن ثمة اختلاطا بريئا، يعني ليس فيه علاقة محرمة؟!!.
--------------------------------------------------------------------------------
أنت أيها الأب الذي سمح لبناته بالاختلاط بالرجال في الدراسة أو العمل، وأنت أيها الزوج الذي رضي لزوجته بمثل ذلك، وأنت أيها الأخ الذي رضي لأخته بذلك.. أليست لكم مشاعر تجاه المرأة؟.
ماذا تشعرون؟، أليس الانجذاب إليها قهري قسري؟، ألستم تتمنونها؟، ألستم تشعرون بذلة الميل والحب؟.
هل ستقولون: كلا، لا نشعر؟.
فإن قلتم ذلك، فأنتم مرضى، عليكم أن تعرضوا أنفسكم على طبيب، فهذه حالة غير طبيعة، أو عليكم أن تطلبوا راقيا يرقيكم، فربما الشيطان ربط على خواصركم، فخنق غريزتكم.
وإن كنتم عاقلين، منصفين، سالمين من البرود الجنسي، فأنتم تقرون بتلك المشاعر تجاه المرأة، إذن كيف تأمنون على أعراضكم، وكيف تطمئنون على محارمكم حين يكن مع الطامع فيهن دوما؟.
تقولون: نحن نثق في بناتنا، وزوجاتنا، وأخواتنا، قد نشأن على الفضيلة، وليس الرذيلة من خلقهن؟.(5/1007)
حسنا، فهل أنتم تثقون في أنفسكم إذا اختلطتم بالنساء؟، ألا تشعرون بالجذب والميل تجاههن؟، ألا تخافون على أنفسكم، فمن كان فيه بقية تقوى هرب وتباعد؟.
انظروا: كما تفكرون في المرأة، كذلك زملاء محارمكم في الدراسة والعمل يفكرون، فمهما وثقتم فيهن فلا يمكنكم أن تثقوا فيهم، ومهما كنتم زاجرين لهن فزجركم لن ينفع زملاءهن..
فكيف بالله عليكم ترمونهن في أحضان من يتمناهن ليل نهار، في كل مكان؟.
وكيف تفعلون ذلك، وأنتم تعلمون أن الرجل إذا هوي امرأة فلم تطاوعه فعل كل شيء، حتى لو أدى ذلك إلى التحايل عليها، واستدراجها، واغتصابها، حتى لو أدى إلى تشويه سمعتها، وتحطيم أسرتها؟.
هل تظنون جميع الرجال يخافون الله ويتقون؟..
وحتى لو كانوا يخافون، ألا تعلمون أن الشيطان أحرص وأشد ما يكون وسوسة وعبثا إذا لقي رجل امرأة؟.
حتى بناتكم اللائي تثقون فيهن، هن يسبحن في غريزة مائجة، فيهن من الميل ما في الرجل، فإقحامهن في عالم الذكور تعريض لهن للمهالك. ماذا لو هويت زميلا؟..
ألم تسمعوا ببنات أديبات متأدبات وقعن في المحرم لأجل زميل في المدرسة أو العمل؟، وبنات هربن مع عشقاهن؟، وزوجات أفسدن فراشهن لأجل العشيق؟.
ألم يبلغكم خبر الجمعية الرجالية المنشأة في استراليا؟، هل تدرون لماذا أنشئت؟.
أنشأت لمناهضة ومحاربة وتجريم الذين يخببون الزوجات على أزواجهم.. يأتي الزميل والصديق في العمل في الدراسة أو الشارع، فيغري المرأة بحب جديد، بعد أن ذبل أو ضعف حب الزوج القديم، فتنساق وراءه، فتترك زوجها، وأولادها، وبيتها، وأسرتها، لأجل هذا المسخ الرجس، فتخلف وراءها حسرة وألما، وفي العادة لا تدوم متعتها، فتخرج من تجربتها بخسارة ما كان في يدها، وبخسارة ما لم يكن في يدها؟.
هل تحبون مثل هذه النهاية البائسة؟!!..
--------------------------------------------------------------------------------
لا مكان للثقة في الاختلاط، إنما يخادع نفسه من يقول ذلك، والرجل إذا جنب محارمه الاختلاط فلا يعني ذلك أنه لا يثق بهن، أو يتهمهن في خلقهن، كلا، فلا يقول ذلك إلا ساذج لا يفهم ما يقول، أو خبيث يفهم ما يقول، إنما يفعل ذلك لأنه يعلم أن الغريزة قوية، وفي الحرام أقوى لأن الشيطان يؤججها، ويسعرها، فمثله كمثل من يجعل النار في ناحية والزيت في ناحية، ولا يقرب بينهما إلا حين الحاجة، وبشروط وحذر.
إن الاختلاط المحرم هو الحال الذي ترتفع فيه الحواجز بين الذكر والأنثى، فتكون العلاقة بينهما، كعلاقة الذكر بالذكر والأنثى بالأنثى، فيكونا زملاء في التعليم والعمل والشارع..
هذا هو المحرم من الاختلاط، أما ما يشغب به بعضهم من الاستشهاد بأمثلة نبوية على جواز الاختلاط مثل: خروج المرأة للبيع والشراء، وحضور المساجد، والطواف بالبيت، والعلم، والغزو. فهذه ليست محل النزاع، فخروجها على ذلك النحو لا يلزم(5/1008)
منه الصداقة والزمالة، وأن تكون مع الرجل في كل حال.. فلا يحتجن أحد بمثل هذه الأمثلة على جواز الاختلاط..!! من أراد أن يثبت الجواز فعليه أن يأتي لنا بدليل:
- أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع الرجال والنساء جميعا في دروسه جنبا إلى جنب؟ !!.
- وعليه أن يأتي بدليل أنه والخلفاء والصحابة من بعده كانوا يستخدمون النساء ويوظفونهن في دكاكينهم وتجاراتهم، ويجمعون الرجال والنساء جميعا للعمل في محل واحد، كل حين وآن..
- وعليه أن يأتي بدليل يدل أن النساء كن مثل الرجال تماما خروجا وولوجا من البيت.
- وعليه أن يثبت أنهن لم يكن مأمورات بالقرار في البيت، ولم يخبرن بأن صلاتهن فيه خير من صلاتهن في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنهن لم يؤمرن بترك وسط الطريق للرجال.
- وعليه أن يثبت أن الله تعالى لم يأمر الرجال بغض أبصارهم عن النساء، وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل لعلي رضي الله عنه: (لا تتبع النظرة النظرة، فإنما لك الأولى وعليك الثانية).
- وعليه أن يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحذر من فتنة النساء، ولم يأمر باتقائهن.
لو كان الاختلاط جائزا كما يزعمون فلم لم يجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم النساء والرجال في صف واحد في الصلاة، الرجل إلى جنب المرأة، تلصق كتفها بكتفه، وقدمها بقدمه.. ربما كان أخشع لهما؟!.
فإذا تعذر ذلك: فلم لم يجعل صفا للرجال، والثاني للنساء، والثالث للرجال، والرابع للنساء؟..
أليس هذا هو ما يحدث في العمل والتعليم المختلط؟.. أليس يدعي هؤلاء جوازه شريعة، وأن الإسلام دين يسر، لا تشدد، لم ينه عن ذلك؟، وليس هناك دليل يقول الاختلاط ممنوع؟.
فها هو الإسلام قد شدد، فلم يجمع صفوف النساء إلى صفوف الرجال، بل جعل صفوفهن في مؤخرة المسجد، وقال: (خير صفوف الرجال أولها، وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها، وشرها أولها)..
فما عساهم أن يقولوا؟.. مقتضى قولهم في الجواز كان يقتضي التقريب بين صفوف الرجال والنساء، لا وصف الصف البعيد بالخير، والقريب بالشر، أهذا دليل مع الاختلاط أو ضده؟.
--------------------------------------------------------------------------------
وإن أذكر ما آل إليه حال كثير من عوام المسلمين والمسلمات من الاختلاط بكل حسرة وألم وضيق، فإن ما هو أشد من ذلك ألما: ظهور فئة منتسبة إلى الدين، من علماء، ومفكرين، وجماعات وأحزاب. تدعو إلى خروج المرأة واختلاطها، تحت(5/1009)
دعوى مشاركة المرأة في بناء الحياة، فإذا نظرت في دعوتهم وكلامهم، وقارنته بكلام العلمانيين والمفسدين في الأرض لا تكاد تجد فرقا ؟؟!!..
فكلهم يدعون إلى خروج المرأة!!.. وكلهم يدعون إلى العمل المشترك بين الجنسين.. وكلهم يدعون إلى مشاركة المرأة في كافة النشاطات..!!.. وكلهم مع ذلك يدعون إلى التزام الحجاب.
- فبالحجاب يمكن للمرأة أن تشارك في دراسة وعمل مختلط ؟!!..
- وبه يمكنها أن تشارك في النشاطات الرياضية: كرة قدم، سباحة، عدو..بمشاركة الرجال وحضرتهم!!. - وبحجابها يمكنها التمثيل مع الأجانب!!..
- وبحجابها يمكنها أن تغني في حضرة الأجانب؟!!..
بصفة مجملة: يمكنها أن تفعل كل ما يفعله الرجل، في شهود الرجال، إذا كانت بحجابها..هكذا زعموا؟!!.
وإني أسألكم، وأرى أن تحكموا عقولكم:
ما فائدة الحجاب إذا صارت المرأة صديقة الرجل.. يراها أمامه، يحادثها، ينظر إليها، إلى جسدها من وراء العباءة، ما تشف عنه، أو تجسده، عند قيام أو قعود، أو ذهاب أو إياب؟!.
هل ثمة فرق بين لباس صفيق ثقيل تلبسه المرأة في يوم شاتٍ، تجلس به بين الرجال، وبين عباءة رقيقة جميلة تلبسها تسميها حجابا؟..
هل هذا أو ذاك يمنع افتتان الرجل بالمرأة التي أمامه؟.
هؤلاء لم يفهموا معنى الحجاب..
إن الحجاب أعظم من مجرد قطعة ثوب يغطي جسد المرأة، إنما حاجز يحجز ويحدد نوعية العلاقة بين الجنسين، ليعلم كلاهما أن علاقتهما تختلف جذريا عن علاقة كل منهما بجنسه.
ولأن الأمر أعظم وأكبر من مجرد الحجاب، كان أصل الحجاب هو القرار في البيت، كما أمر الله تعالى بقوله:
{وقرن في بيوتكن}..
وليس هذا الحكم خاصا بزوجات النبي صلى الله عليه وسلم، كما يدعيه هؤلاء، فقد جاءت السنة بنصوص متوافرة، كلها تغري المرأة المسلمة بالمكوث في بيتها..
فالقرار في البيت يحقق الحجاب الحقيقي، وهو الذي يحجز الذكر عن الأنثى، لكن لما كان ضرورة للمرأة أن تخرج لقضاء حوائجها، عوضها الشارع بحجاب يحقق لها العزلة ويكون حاجزا بينها وبين الرجال، وعلامة لهم أن هذه محرمة عليهم نظرا وكلاما وتمتعا إلا بحقها وطريقها الشرعي..
فإذا صارت تشارك الرجال في كل شيء من النشاطات: هل يدرء عنها الفتنة بهم أو فتنتهم بها، كونها تلبس حجاب الرأس أو غطاء الرأس؟.
في مثل هذه المسائل على المرء أن يستفتي قلبه، ولو أفتاه المفتون، فمن استفتى قلبه، وكان صحيحا غير مريض، فإن الفطرة وحدها كافية في الإعراض عن مثل هذا الرأي الغريب السخيف الذي يرى أن خلطة المرأة بالرجال جائزة ما دامت بحجابها ؟؟!!. وقد قدمت في أول الكلام شرح الآثار الخطيرة للاختلاط.(5/1010)
--------------------------------------------------------------------------------
الاختلاط جناية على المرأة، وعلى الرجل، وعلى الأبناء، وعلى الأسرة، وعلى المجتمع، وعلى الأمة، فساد الدنيا والدين، ولا يجوز لنا أن نقع في هذه التجربة الخاسرة بعدما علمنا الله وفهمنا من أوامره ونواهيه وأخباره ما فيه حصان وضمان، ولا يجوز لنا أن نقع في هذه التجربة الخاسرة ونحن نرى آثارها في المجتمعات التي سبقت إليها، حتى صاروا يرجون الخلاص، ويعملون على اتقائه..
وإذا كان من الرجال من هو مغفل غافل، أو بارد الغريزة لا يشعر بالمصيبة الواقعة على محارمه حين اختلاطهن بالأجانب، فإن ثمة أناسا ضعفاء الدين والخلق والمروءة، قد فسدت فطرهم وانتكست، حتى لم تعد فيهم ذرة من الرجولة، وغلب عليهم النفاق واللؤم والخسة، حتى صاروا يتلذذون ويتمتعون بما عليه محارمهم من تفلت وحرية واختلاط، ولا يتألمون، ولا يستحيون مما يجره عليهم من العار، وهؤلاء هم الذين قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(لا يدخل الجنة ديوث، الذي يقر في أهله الخبث).
ـــــــــــــــــــ
حدث هذا .. في إحدى المستشفيات.. ؟!!
أبو سارة
في إحدى المستشفيات الخاصة المختلطة.. وكلها مختلطة إلا قليلا: (*)
يعلن مسؤول أن الحجاب ممنوع..!!.. فعلى كل العاملات نزع غطاء الوجه..
هذا هو الشرط، والممتنعة من تنفيذ الشرط، مصيرها الطرد والإبعاد من أجواء الاختلاط.
---
في إحدى المدارس الأجنبية المختلطة:
يمنع مدير المدرسة فتاة في الرابعة عشرة من عمرها من دخول المدرسة، إلا بشرط نزع حجاب الرأس.. حجاب الرأس، أما الوجه فهو مكشوف.. والاختلاط حاصل..؟؟!!.
--------------------------------------------------------------------------------
يحدث هذا في بلاد المسلمين :
- محاربة غطاء الوجه.. ولو كان الاختلاط حاصلا.
- محاربة غطاء الرأس، ولو كان الوجه مكشوفا، والاختلاط حاصل.
والناس معترضون..!!..
على أي شيء يعترضون؟..
يعترضون على منعها من غطاء الوجه، ومنعها من غطاء الرأس..
لكن أين اعتراضهم على الاختلاط ؟؟!!..
هل هؤلاء يفهمون ما معنى الحجاب، ولم شرع، ولم أمرت به المرأة، ولم أمر الرجل بأمر وليته بذلك؟..(5/1011)
الحجاب هو الحاجز، الذي يفصل بين الشيئين ، وحجاب المرأة هو ما يحجزها عن نظر الرجل إلى بدنها..
والغرض معلوم: هو صون المرأة، وتزكية الرجل، وحفظ المجتمع من انتشار الرذيلة.. ذلك أن انجذاب الرجل إلى المرأة، والعكس، من القوة بحيث إذا لم يوضع هذا الحاجز، خيف عليهما من الوقوع في المحرم.
فالحجاب إذن مقصوده ستر محاسن المرأة عن الرجل، فلا يقع نظره على ما يفتنه منها..وأتم ذلك وأحسنه حجاب البيت، وهو قرارها في بيتها، قال تعالى: {وقرن في بيوتكن}..
لكن لما كان من الضرورة أن تخرج المرأة في حاجاتها، كان لها الإذن في ذلك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذن لكن أن تخرجن لحاجتكن)، لكن بشرط الحجاب الذي يحقق لها الستر والصون، ولن يكون ذلك إلا بأمرين:
- أن يكون الحجاب في نفسه يحقق الستر، وذلك بأن يكون سابغا لكل البدن، وأن يكون واسعا: لا يبدي شيئا من المفاتن، وأن يكون صفيقا: لا يشف عما وراءه.
- وأن تبتعد قدر الإمكان عن طريق الرجال، فلا تتعرض لهم، إلا بقدر الحاجة إن احتاجت، كبيع وشراء، ونحو ذلك، فلا تمكث أمام نظر الرجل من الزمن ما يمكنه فيها من تأمل حسنها..
فإذا كان هذا هو معنى الحجاب، فإن من يعترض على منع المرأة من ستر وجهها أو رأسها، ولا يعترض على اختلاطها بالذكور، إنما يأخذ من معنى الحجاب ظاهره، وهو اللباس، دون أن ينفذ إلى المعنى الحقيقي وهو: منع افتتان الرجل بالمرأة، وصيانة المرأة من عدوان الرجل..
فإن كل من يفهم هذا المعنى من الحجاب، فلا يمكن أن يرضى للفتاة أن تشارك الفتى في مقاعد الدراسة، ولا يمكن أن يرضى للمرأة أن تشارك الرجل في مقاعد العمل..
--------------------------------------------------------------------------------
فالحجاب في أخص وأعمق معناه هو: الفصل بين الجنسين فصلا تاما.. فلا يلتقيان إلا لعرض طارئ لا بد منه، لا أن تيسر السبل، وتفتح الطرق لأجل وقع هذا الالتقاء.
وعلى هذا، وبهذا جاءت الشريعة:
- قال تعالى: { وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن}..
فمنع السؤال إلا من وراء حجاب.. أي يكون ثمة حائل بين المرأة والرجل.. وهذا منع للاختلاط..
- قال تعالى: { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون * وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن}.
فأمر بغض البصر.. وغض البصر محال في الاختلاط.. فدل على تحريم الاختلاط..
- قال عليه الصلاة والسلام: ( المرأة عورة).. وكونها عورة.. أي لا يجوز النظر إلى زينتها وشيء من جسدها.. والاختلاط معناه النظر إلى كل ذلك..(5/1012)
- صفوف النساء كانت في مؤخرة المسجد خلف صفوف الرجال، فالنساء كن يصلين مع بعضهن، ولم يكن يشاركن الرجال في الصف.. والرجال مع بعضهم، لا تجد رجلا داخلا في صفوف النساء، ولو كان الاختلاط مباحا، لكانت صفوف الصلاة أولى وأحسن مكان لذلك، حيث إن كل مصل إنما يأتي ليطلب المغفرة والرضوان، لا لأمر دنيوي..
فلم جرى الفصل بين الجنسين بهذه الطريقة، حتى في هذا المكان المقدس، الطاهر؟..
- كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته صبر ولم يلتفت إلى الناس، والناس مثله، فإذا التفت إليهم كان ذلك إيذانا لهم بالإنصراف، كان يفعل ذلك حتى ينصرف النساء أولا، ثم الرجال ثانيا، حتى لا يقع الاختلاط عند باب المسجد، وفي الطريق..
- كان للنساء يوم يأتيهن فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ليعلمهن أمور دينهن، وله مع الرجال أيام يتعلمون فيها..
فلم لم يجمع الرجال والنساء، ليتلقوا جميعا؟..
- لما رأى النساء يمشين في وسط الطريق قال: ( ليس لكن أن تحققن الطريق، عليكن بحافته).. أي ليس للمرأة أن تسير وسط الطريق، بل تدعه للرجال.. وهذا منع للاختلاط حتى في الطرقات..
- قال عليه الصلاة والسلام: ( ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء)..
والاختلاط معناه اجتماع المرأة والرجل في مكان واحد.. وهذا مناف لمعنى الحديث:
فكيف يجمع بين الفاتن والمفتون في مكان واحد؟ ...
--------------------------------------------------------------------------------
كل هذه الأدلة وغيرها لا تدل إلا على شيء واحد: هو أن الشريعة جاءت بالفصل التام بين الجنسين، وهو ما نسميه بالاصطلاح الحادث: منع الاختلاط.
بعد ذلك يأتي المتحذلقون ليقولوا:
- إن كلمة الاختلاط ليست شرعية..
- وأن الاختلاط كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
- وأن المحرم إنما هو الخلوة.؟؟!!!..
وكل إنسان يعلم حقيقة نفسه، فالرجل يعلم ويدرك كيف هو عند نظره إلى المرأة؟.. كيف إن غريزته تتحرك تلقائيا، دون إرادة منه؟..
هذا أمر لا يجادل فيه إنسان، لكن العجب كل العجب، أن تجد مع ذلك رجلا كامل الرجولة، يفهم فهم الأصحاء، ويدرك حقيقة المرأة، يرضى، ويأذن، ويدفع بمحارمه: زوجته، ابنته، أخته؛ للعمل في مكان مختلط، بين الرجال، أو للدراسة مع الذكور..
وهؤلاء على صنفين:
- صنف غافل ، بلغ في الغفلة غاية مذمومة، أنساه الشيطان، ولعب به، حتى عمي عن إدراك الآثار الخطيرة من وراء تفريطه في عرضه.. وهذا الصنف للأسف موجود، ولا أدري حقيقة كيف يفكر، وكيف يقدر؟!!..(5/1013)
- وصنف آخر ضعفت الغيرة نفسه، وهان عليه أن يرى محارمه في مواطن الخطر..
والأعجب من ذلك كله: أن تجد المرأة في الموقف السلبي، لا تتقدم بشيء، بل تنظر ما يأذن به وليها فتفعله، فإن أغراها بالاختلاط، وزين لها الدراسة أو العمل مع الذكور، سارعت وبادرت، بدعوى أن وليها أذن لها..
نعم من الجميل أن تطيع المرأة وليها، لكن ذلك ليس بإطلاق: (إنما الطاعة في المعروف)، فإذا أمرها بمعصية، أو أذن لها في معصية، مثل الاختلاط، فعليها الرفض، وإعلان ذلك بوضوح، فإذا كان وليها لا يهتم بشأنها، وإذا كان قد تخلى عن صيانتها، فالواجب عليها عقلا وشرعا أن تصون نفسها، وتبتعد عن كل ما يؤذيها في نفسها، أو بدنها، أو دينها، أو خلقها.
--------------------------------------------------------------------------------
الأمم الغربية بدأت تعمل على الفصل بين الجنسين في كليات كثيرة بلغت المائة في الولايات المتحدة الأمريكية، وبلغت أعدادا كثيرة في أوربا، عدا المدارس العامة..
وذلك الفصل جاء بعد وقوف كامل على المشاكل التي جنيت من وراء الاختلاط، من:
زنا وشذوذ جنسي، لواط وسحاق، وأمراض، وانتهاك لمكانة المرأة، من قبل من لا ينظر إليها إلا نظر شهوة.
ثم يأتي بعد هذا من بني جلدتنا من يدعو إلى الاختلاط ويزين ذلك ويتساءل عن الحكم، ويطلب الدليل ...
ونحن نقول بصراحة ووضوح: من الذي نهى عن الاختلاط؟.. الجواب:
الله جل شأنه.
--------------------------------------------------------------------------------
قد يحتج بعضهم بما يحدث في الطواف، وفي الأسواق، وخروج النساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم للتمريض.. ومع أنه لا حجة في ذلك بوجه.. إذ الأصل هو النص، لا أحوال الناس.. فأحوال الناس تعتريها أمور كثيرة، إلا أننا نقول:
- الأصل في الطواف طواف النساء من وراء الرجال..
هكذا طاف نساء المسلمين في عهد النبي صلى الله عليه وسلم .. أي الأقرب إلى البيت هم الرجال، ثم النساء من ورائهم.. قال عطاء:
" لم يكن يخالطن، كانت عائشة رضي الله عنها تطوف حَجْرة (معتزلة) من الرجال لا تخالطهم، فقالت امرأة: انطلقي نستلم يا أم المؤمنين، قالت: انطلقي عنكِ، وأبت.
يخرجن متنكرات بالليل فيطفن مع الرجال، ولكنهن كن إذا دخلن البيت قمن حتى يدخلن وأخرج الرجال" رواه البخاري في الحج.
وقال عليه الصلاة والسلام لأم سلمة: ( طوفي من وراء الناس وأنت راكبة).. المصدر السابق.
فما يحدث اليوم خلاف الأصل.. ومع كونه خلاف الأصل.. إلا أن الطواف على هذا النحو المحدث (بالرغم من خطئه) لا يقارن بما يدعو إليه دعاة الاختلاط.. إذ يدعون إلى الاختلاط في التعليم والعمل..(5/1014)
وأين اختلاط محدود، في وقت محدود، كما في الطواف، من اختلاط دائم، مفتوح.. في التعليم والعمل؟..
- أما الخروج للأسواق.. فالمرأة تخرج لقضاء حوائجها، من بيع وشراء، تمر بين الرجال، ثم تمضي إلى بيتها، وليس هذا اختلاط، إنما الاختلاط المقصود هو:
أن يرتفع الحاجز بين المرأة والرجل، حتى تعود العلاقة بينهما كما تكون العلاقة بين الرجل والرجل، وكما بين المرأة والمرأة، فتكون زميلته، ويكون زميلها، في الدراسة أو العمل..
ويلحق بهذا المعنى دخول النساء بين الرجال، لأجل اللهو، فإذا كان الشارع قد أذن في مرور النساء بين الرجال في الأسواق، ونحو ذلك، لقضاء حوائجهن، لكونها ضرورة، فإنه لم يأذن في مثل ذلك لأجل أن تلهو، فهذه ليست ضرورة، بل هي ضارة.
- أما التمريض في الحروب.. فلا أدري كيف يحتجون به؟..
فالاحتجاج به باطل من وجوه:
1- أنهن كن يخرجن مع محارمهن، بحجابهن.
2- لم يكن يباشرن التمريض، بل كن يهيئن الأدوية.
3- أن خروجهن كان سببه قلة الرجال، وكن في الغالب من كبيرات السن.
فلا حجة في هذا أبدا لمن احتج به على جواز الاختلاط.. فليس فيه اختلاط أصلا، بالمعنى الذي سبق آنفا، بل هو مشاركة، والمشاركة لا تلزم منها الاختلاط..
وأين هذا الذي يحدث في الحرب من خروج النساء للمعونة، مما يحدث في المستشفيات من اختلاط؟..
وهل تصح المقارنة بين حالة الضرورة، وحالة اللاضرورة؟، فإن قيل: فمن يمرض النساء؟.
قيل: فما المانع من فصل النساء عن الرجال في المستشفيات؟..
حاصل الأمر ليس لدى هؤلاء حجة إلا اتباع الهوى..!!!..
فحذار أن تخدعوا...... فالاختلاط محرم.. ولو كان بحجاب..
--------------------------------------
(*)
في مخالفة صريحة لأنظمة العمل والعمال وتعليمات وزارة الصحة
مستشفيات بالشرقية تستغل حاجة الفتيات للعمل وتمنع غطاء الوجه
الدمام : خالد الجناحي
أثارت شروط استحدثتها بعض مستشفيات القطاع الخاص بالمنطقة الشرقية لتوظيف المواطنات حفيظة الكثير من أسر الفتيات الباحثات عن وظيفة، والتي تجاوزت شرط المؤهل العلمي والخبرة المبالغ بها إلى شرط جمال المظهر وعدم تغطية الوجه أثناء الدوام الرسمي.
وقد وضع هذا التوجه، الذي أصبح عائقا أمام الراغبات بالعمل في هذه القطاعات، مما وضعهن أمام خيارين أحلاهما مرّ، إما التنازل عن بعض عادات وتقاليد المجتمع(5/1015)
السائدة أمام الحاجة للوظيفة، وإما فقدان الوظيفة في ظل قلة فرص العمل، مما يعني استمرار الدوران في حلقة البحث، التي لا تنتهي، عن فرص أخرى.
إنهم يستغلون حاجتنا
تقول "عالية.ح"، موظفة استقبال في أحد مستشفيات الدمام الأهلية إن شرط عدم تغطية الوجه سبب لها إرباكاً على الرغم من فرحتها بالحصول على الوظيفة وأنها عاشت صراعا هي وأسرتها لعدة أيام في سبيل اتخاذ قرار من أصعب القرارات في حياتها أجبرتها على اتخاذه ظروف أسرتها المالية الصعبة.
أما "مريم.د"، موظفة أرشيف في مستشفى أهلي بالخبر، فتقول "إن أغلب العاملات معها، ممن اعتدن تغطية الوجه بشكل كامل، وهذه الفئة تقع في إحراجات حينما تلتقي مصادفةً بأقربائها أو جيرانها. وتصف مريم معاناتها وزميلاتها بأنها معاناة مزدوجة فمن مشكلة حرمانها من تغطية الوجه إلى هروب فرص الزواج، حيث تعتقد أن هناك مفاهيم خاطئة يتداولها البعض عن العاملات بالمستشفيات ساهمت في مشكلة العنوسة.
الأسرة لا تمانع.. ولكن
أما "نوف الناصر"، فتؤكد أنه على الرغم من أنها من أسرة لا تمانع من كشفها للوجه وتعتبر ذلك حجابا شرعيا إلا أنها تركت عملها القديم واتجهت إلى عمل آخر لا يجبرها على كشف الوجه، وتقول "لم أكن مرتاحة في عملي السابق الذي كان من شروطه أن أكشف وجهي، فكشف الوجه أثناء تأدية العمل بعيداً عن الأسرة، يعد مصدراً للإزعاج، كأن تتعرض العاملة لمضايقة من بعض المراجعين, والمضايقات متنوعة وأقلها التركيز في النظر وبشكل مزعج خاصة إذا كانت الموظفة سعودية وفي موقع احتكاك مع جمهور معين بلا غطاء الوجه، ولهذا لم أضيع على نفسي فرصة العمل لدى جهة أخرى تعمل في نفس المجال دون مثل هذه الاشتراطات.
وتذكر فاطمة ياسر، مندوبة شركة تأمين تعمل داخل واحدة من هذه المستشفيات، أن مدير أحد المستشفيات حاول أكثر من مرة الضغط عليها للكشف عن وجهها أسوة ببقية زميلاتها، ولكنها رفضت كونها تعمل لدى شركة تأمين، وليس في المستشفى نفسه. وتقول "إن سلوكها هذا دفع زميلاتها العاملات في المستشفى إلى التقدم لإدارتهن بطلب السماح لهن بتغطية وجوههن".
مبررات غير مقنعة
ويؤكد "عبدالمحسن.ع" مسؤول طبي يعمل لدى شركة تأمين "أن شرط خلع غطاء الوجه هو ظاهرة مؤسفة تمارسها بعض مستشفيات الشرقية، وهو لا يجد أي تفسير منطقي في ظل إخفاء المسؤولين للدوافع الحقيقية لفرض هذه الشروط". ويرى عبدالمحسن أن هناك بعض المبررات غير المقنعة التي يدعيها المسؤولين، على سبيل المثال حادثة اختطاف مولود مستشفى الولادة الحكومي في الدمام قبل عدة سنوات. ويضيف "لكن الواقع غير ذلك إذا ما علمنا أن الموظفة السعودية التي نتحدث عنها بعيدةً كل البعد عن الأقسام الداخلية للمستشفى، وأن العاملات في أقسام الولادة هن ممرضات من جنسيات آسيوية، أما السعوديات القابعات وراء "كاونترات" الاستقبال، فلا أجد مبرراً لفرض هذه الشروط عليهن سوى أنه وسيلة(5/1016)
لجذب الزبائن، حتى صارت بعض المجالس تصف هذه المستشفيات بـ"شركات السياحة"، ومن ينكر وجود هذه الظاهرة فهو يدافع عن مصلحة ما، وغالباً ما يكون دفاعه عن علم بأن نكران الظاهرة خلاف الواقع أو أن يكون نكرانه عن جهل بما يحصل.
مخالفة صريحة لنظام العمل
من جانبه أكد مدير مكتب العمل والعمال في الدمام سعد اليحيى أن هذه الشروط هي مخالفة للشريعة قبل أن تكون مخالفة لنظام العمل والعمال في المملكة وقال "نحن في السعودية لدينا نظام يفوق جميع الأنظمة الأخرى في حفظ حقوق العمل والعمال يستند على ديننا الحنيف، ومثل هذه الاشتراطات تخالف الشريعة الإسلامية، أما من جهة مكتب العمل والعمال، فلديه تنظيمات لهذه المسائل تنص على عقوبات محددة للجهة التي تثبت عليها مخالفة النظام.
أما مسؤولو مستشفيات القطاع الخاص في الشرقية فقد أجمعوا على نفي وجود مثل هذه الاشتراطات، وقالوا "إن الفتاة التي تعمل دون تغطية وجهها إنما هي تتصرف وفق رغبتها الخاصة".
وزارة الصحة تمنع المكياج
من جانبها شددت المديرية العامة للشؤون الصحية في المنطقة الشرقية في تعميم صدر أخيراً على المستشفيات والمستوصفات والعيادات الخاصة بالمنطقة على ضرورة التقيد والالتزام بالزي الموحد للعاملات في هذه المنشآت أثناء وقت الدوام الرسمي لهن.
وأوضح مدير إدارة الرخص الطبية وشؤون الصيدلة بالمنطقة الشرقية يعقوب الدوسري في الخطاب الصادر من إدارته أن التعميم صدر بعد أن لوحظ تهاون بعض العاملات في القطاع الصحي من عدم الالتزام بالزي الموحد لهن وخروجهن عن التعليمات والحدود المسموح بها، وكذلك ما لوحظ من التهاون في الاستخدام غير الجائز لمواد الزينة والمكياج، حيث لوحظ من خلال قيام الجهات الرقابية في صحة الشرقية بالجولات التفتيشية على المستشفيات والمستوصفات ومجمع العيادات الخاصة في المنطقة، أن بعض المرافق الصحية في المنطقة لم تلتزم ببعض ما ورد في التعاميم السابقة بهذا الخصوص وما زالت هناك بعض التجاوزات الخاطئة من بعض العاملات في بعض القطاعات الصحية والمخالفة لنص تعاميم وزارة الصحة.
ـــــــــــــــــــ
قصة حب
ذات النطاقين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نعم أحببتها...جعلتني كأني ملكة وليس أي ملكة...
تعلقت بها...لا أستطيع أن أتركها...
لكن لو خيروني بين الموت وبينك يا حبيبتي...
فأني اختار الموت...لأن كفني سوف يكون بدلا عنك...
فكيف أتركك وأنتي جزء من جهادي...وأنتي جزء من حياتي...(5/1017)
فتذكرت الحديث القدسي... ( ...... وإن تقرب مني شبراً، تقربت إليه ذراعاً، وإذا تقرب إلي ذراعاً، تقربت منه باعاً، وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة )
نعم تقربت إليك يا حبيبتي ولكن تأخرت في ذلك ...فلعنة الله على إبليس...
حبيبتي ...أنتي فخري ...فأني اقتدي بالصالحات والتشبه بهن..فأنتي يا أحلى ما أحسستيني بأني قريبه لربي...
والله يا حبيبتي لقد تندمت إني لم أحبك يوما خوفا من كلام الناس...
فقلت في نفسي كيف أظهر معك؟ كيف أتجول معك وأعين الناس تتعجب من هذا المنظر؟؟
<< ربما يقولون أني نادرة...أو في أحد في زمننا هذا أن يكون بهذا الشكل ؟؟؟؟ وفي الوجه الآخر يقولون كيف لك أن تحبي وأنتي في هذا السن...؟؟؟( فأنتي مازلت زهرة)...<<< هذا كلام الشيطان لعنة الله عليه...
كنت دائما أهتم في كلام الناس ولا أهتم بك يا ربي...استغفر الله ...
حبيبتي أعتذر لك...لأني تخلفت في حبك لي...أعلم إنك تحبيني...
ولكن يا حبيبتي أن أردتي أن أحبك حبا لا يوصف فأن لي طلب واحد منك...
فقالت لي: ما هو طلبك يا من أحبتني...؟
فقلت: أتمنى أن لا تتركيني...
فأني أحبك حبا...فأن قلبي تعلق بك...
********
لقد تعجبن صديقاتي لحبي لك...
فقلت لهن: كيف لا أحبها وهي سوف تدخلني الجنة بإذن الله...اللهم آمين
فتعجبن من كلامي...فقلن ماهو قصدك...؟
فقلت لهن باركوا لي...فأني قد أحببتها...فأني أفتخر بها...
فباركن لي وكانوا يقولون العقبى لنا...فقلت فإن كنتن تحبنها بصدق فإنها لا تحتاج للتأخير...
ولا تأخير في طاعة من طاعات الرحمن..
فمن تأخر في حبها فربما يكون الموت أسبق من حبكن لها...
فبادروا بحبها ...
فعلا أنها تستحق أن أحد يحبها...
فأنها لا تضر لأن لا ضرر لها .. بل نفعها هو الذي يوصلكن لطريق الجنة ونعيمها...
********
أحبتي في الله... والله لو تركتها سوف ينزل عليه ربي عذاب أليم..
فتذكرت كلام حبيبي رسول الله...قال عليه الصلاة والسلام..: ( صنفان من أهل النار لم أرهما، قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها لتوجد من مسيرة كذا وكذا )
وأيضا قوله عليه الصلاة والسلام..: ( إن أكثر أهل النار النساء )
فقلت في نفسي لا والله لن أتركك...لأني لن أحتمل عذاب النار...(5/1018)
كيف أحتمل عذاب النار وأنا في الدنيا لم أحتمل حرق بسيط...
وقبل هذا كيف أحتمل غضب من خلقني...؟؟
فكلما رأيت أخريات مثلك يا حبيبتي ...فقلت لن أحب غيرك...ولن أقبل غيرك...
فيا أخوتي فهلا عرفتوا من هي حبيبتي؟؟؟؟
.
.
.
.
.
.
.
.
فأنها عباءتي التي على الرأس...
أعرف أنكم سوف تضحكون مثلما ما ضحكت علي أمي على هذه الخاطرة بعد أن عرفت من هي حبيبتي ؟؟ لأنها تعودت على خواطر غير ذلك...
ولكن والله أني لم أكتب هذه القصة بعد أن تعبت لما رأيته من بنات حواء ...
وأنا أعلن لكم جميعا ...إني لم ألبس العباءة التي على الرأس إلا بعد أن سمعت شريط وغارت الحور... http://www.islamway.com/bindex.php?sectionlessons&lesson_id21664&scholar_id409
صحيح أني كنت أفكر فيها من قبل ...وأن أخواتي لم يقصرن في النصيحة لي...ولكن كنت ممن ...
لا حياة لمن تنادي ومن الخوف والخجل من كلام الناس...
وأحمد ربي إني ملتزمة ولكن كان ينقصني العباءة على الرأس والقفاز...
لكن بفضل الله ثم بفضل الداعية عبد المحسن الأحمد فلقد لبست العباءة والقفاز...فجزى الله كل من أسهم في عمل هذا الشريط...
ولا أنسى فضل أخوتي ...والله إني أحبكم في الله...
وعندما لبستها أحسست براحه لم أشعرها من قبل ...فأحسست إني حقا ملكة ...
وعندما أخرج وأكون لابسة العباءة على الرأس والقفاز...فأني أتذكر دعاء الداعية حفظه الله ورعاه...
ولا أنسى بعد أني تركت المسلسلات وغيرها والتلفاز...إلا إذا كان هناك محاضرات فأني أسمعها..
فقولي السابق ليس غرورا أو تباهينا بما أفعل ولكن لأكشف حقيقة غابت عن الكثير- أسألك العفو والعافية- ألا وهي بداية طاعة تجر بعدها طاعات...
أحبتي في الله أهديكم هذه الكلمات لـ هشام زرور والذي أنشدها أحمد بو خاطر...بارك الله فيهم...رزقهم الجنة ..اللهم آمين
كيف أنزعه؟(5/1019)
أكثروا من عتابي ......بعد لبس الحجاب
بت من قولهم في ......حيرة واضطراب
حدثوني فقالوا ....... مذ لبس الحجاب
خانك السعد عودي ..... حرة كالسحابة
ولكن كيف كيف كيف أنزعه؟
كيف لي أن أزيل ...... ذا الحجاب الأصيل
صار مني كبعضي .... صرت فيه جليلة
لن أميط غطائي ...... رغم مر الجفاء
شرع ربي دليلي ....... لا هوى الأدعياء
ولكن كيف كيف كيف أنزعه؟
جائني بالورود.......ناصح ذو عود
ربة الحسن عودي..... للهنا والسعود
جال فكري وحار ..... تارة بعد تارة
بت أسأل نفسي ...... هل أزيل الخمار
ولكن كيف كيف كيف أنزعه؟
من يعش في الهداية ...... لم يمل للغاوية
ربي ثبت فؤادي ......... وامح عني الخطايا
من أراد السعادة ....... والعلا والريادة
فليقم شرع ربه........ وليدم في العبادة
ولكن كيف كيف كيف أنزعه؟
رسالة إلى الأزواج ... وأيضا الإخوان...
أعين زوجتك على طاعة الرحمن.... فلا تتركها بدون الحجاب الكامل...
فإن كنت ممن تحب أن زوجتك تظهر بلباسها الكاشف .... فماذا يعني لك هذا ؟؟؟ انك تحب زوجتك ؟؟؟
فهل تحب أن تساندها في ظهر جمالها ؟؟؟ عيب عليك فأنته ليس برجل فأنت ذكر...ألا تغار عليها من نظرة الناس وكلامهم ... وأول ذلك من غضب الرحمن...
أما ممن يحبون زوجاتهم بأن يكن لكم العون...فساندوهم وساعدوهم وحببوهن ...
إنهن جميلات بهذا الحجاب الكامل وبالعباءة على الرأس وقولوا لهم أن الحور سوف يغرن منكن ومن جمالكن... وكل واحد يقول لزوجته سوف تكونين أحلى الحور...
ـــــــــــــــــــ
الحقوووا موضة السنة!!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نشاهد في هذه الأيام ما يجعل الشخص يمل من الخروج ومشاهدة هذه المنكرات من حوله في الاسواق وفي اجتماعات النساء والأفراح والمناسبات للأسف هذا ونحن مسلمون...
أخواتي:
لماذا تتابعين الموضة وتسيرين خلفهم؟؟(5/1020)
هل لكي تبدي جميلة؟؟
ام تسمينه تطور؟؟
ام تقلدين الناس لمتابعتهم للموضة؟؟
ولكن يخطر في بالي سؤال:
هل استفدت من هذه الموضة بشيء؟؟
هل حققت رغبتك في ذلك؟
نحن في بلد إسلامي وأمة إسلامية ...
لما هذا التقليد...لما هذا الغباء؟؟
جاؤا بالأحمر ....اشترينا كل شيء احمر...جاؤا بالألوان الفاقعة..رحنا جري وراءها...
لماذا؟؟
اشعر ان هناك نوع من الهبل والجنون..!!
هل نحن نتبع هؤلاء اليهود والنصارى الذين يهينون اخواننا المسلمين ويستحقرونهم..
أين ذهبت عقولنا عندما نقلدهم...
بل للأسف الأغلبية يسمى هذا..( تقدم ورقي واتيكيت)...
هل التقدم والرقي يزيد بالتشبه وتقليد شيء ليس له قيمة ولا فائدة ولا غاية...ام التقدم يكون بالعلم وزيادة الإيمان؟؟
اترك الجواب لكم؟؟
إخوتي الم نسمع بقول الرسول صلى الله عليه وسلم:
( لتتبعن سنن من كان قبلكم ، شبرا بشبر، وذراعا بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم) قالوا: يارسول الله: اليهود والنصارى؟؟!! قال: ( فمن؟)...أخرجه البخاري
تأملوا هذا الحديث وانظروا ماذا قال الرسول عليه افضل الصلاة وازكى التسليم قال حتى لودخلوا جحر ضب لدخلتموه..
ياناس ياعالم ..جحر ضب خص هنا بالذكر لشدة ضيقه..؟؟!!
احذروا اخوتي انه امر عظيم لقد تفشى مظاهره في المجتمعات الإسلامية....
وكثير من ابناء وبنات العصر انبهروا بالغرب وحضاراتهم الزائفة لانها قائمة على باطل..
الم نسأل انفسنا يوما لماذا الغرب لا يلبسون لباسنا ولا يقلدونا؟؟
والمشكلة الكبرى نقلدهم...
اخوتي نحن ابتعدنا عن الدين لذلك لجأنا لهذه الساخافات...
وللأسف أصبح الان الشباب ليس البنات فقط يتابعون الموضة..
البنطلون والكاب والنظارات الشمسية والحلقان والسلاسل وووووووووو
أحبائي:
هيا بنا لنعود سويا ونرجع الى كتاب الله وسنة رسول الله..
ونعمل على مايفيدنا في الدنيا
ولالاننسى ان الدنيا مزرعة للآخرة
وفق الله الجميع إلى كل خير(5/1021)
وبالله التوفيق
والسلام عليكم
أختكم في الله
العائدة للرحمن
للفائدة :
ارفعي صوتك ضد الخلاعة ... ضد الأزياء الماجنة
ما هو القصد من ترويج مفهوم الموضات والأزياء؟
ـــــــــــــــــــ
بيان في لباس المرأة عند محارمها ونسائها
صادر من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرقم : ( 21302 )
التاريخ : 25/1/1421هـ
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :
فقد كانت نساء المؤمنين في صدر الإسلام قد بلغن الغاية في الطهر والعفة ، والحياء والحشمة ببركة الإيمان بالله ورسوله واتباع القرآن والسنة ، وكانت النساء في ذلك العهد يلبسن الثياب الساترة ولا يعرف عنهن التكشف والتبذل عند اجتماعهن ببعضهن أو بمحارمهن ، وعلى هذه السنة القويمة جرى عمل نساء الأمة - ولله الحمد - قرناً بعد قرن إلى عهد قريب فدخل في كثير من النساء ما دخل من فساد في اللباس والأخلاق لأسباب عديدة ليس هذا موضع بسطها .
ونظراً لكثرة الاستفتاءات الواردة إلى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عن حدود نظر المرأة إلى المرأة وما يلزمها من اللباس فإن اللجنة تبين لعموم نساء المسلمين : أنه يجب على المرأة أن تتخلق بخلق الحياء الذي جعله النبي صلى الله عليه وسلم من الإيمان وشعبة من شعبه ، ومن الحياء المأمور به شرعاً وعرفاً تستر المرأة واحتشامها وتخلقها بالأخلاق التي تبعدها عن مواقع الفتنة ومواضع الريبة . وقد دل ظاهر القرآن على أن المرأة لا تبدي للمرأة إلا ما تبديه لمحارمها مما جرت العادة بكشفه في البيت وحال المهنة كما قال تعالى : { ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أو أبنائهن أو أبنا بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن } . الآية .
وإذا كان هذا هو نص القرآن وهو ما دلت عليه السنة فإنه هو الذي جرى عليه عمل نساء الرسول صلى الله عليه وسلم ونساء الصحابة ومن اتبعهن بإحسان من نساء الأمة إلى عصرنا هذا . وما جرت العادة بكشفه للمذكورين في الآية الكريمة هو : ما يظهر من المرأة غالباً في البيت وحال المهنة ويشق عليها التحرز منه كانكشاف الرأس واليدين والعنق والقدمين ، وأما التوسع في التكشف فعلاوة على أنه لم يدل على جوازه دليل من كتاب أو سنة هو أيضاً طريق لفتنة المرأة والافتتان بها من بنات جنسها وهذا موجود بينهن ، وفيه أيضاً قدوة سيئة لغيرهن من النساء ، كما أن في ذلك تشبهاً بالكافرات والبغايا الماجنات في لباسهن ، وقد ثبت عن النبي صلى الله(5/1022)
عليه وسلم أنه قال : ( من تشبه بقوم فهو منهم ) . أخرجه الإمام أحمد وأبوداود . وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى عليه ثوبين معصفرين فقال : ( إن هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها ) . وفي صحيح مسلم أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( صنفان من أهل النار لم أرهما : قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها ، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا ) . ومعنى ( كاسيات عاريات ) : هو أن تكتسي المرأة ما لا يسترها فهي كاسية وهي في الحقيقة عارية ، مثل من تلبس الثوب الرقيق الذي يشف بشرتها ، أو الثوب الضيق الذي يبدي تقاطيع جسمها ، أو الثوب القصير الذي لا يستر بعض أعضائها .
فالمتعين على نساء المسلمين التزام الهَدي الذي كان عليه أمهات المؤمنين ونساء الصحابة رضي الله عنهن ومن اتبعهن بإحسان من نساء هذه الأمة ، والحرص على التستر والاحتشام فذلك أبعد عن أسباب الفتنة ، وصيانة للنفس عما تثيره دواعي الهوى الموقِع في الفواحش .
كما يجب على نساء المسلمين الحذر من الوقوع فيما حرمه الله ورسوله من الألبسة التي فيها تشبّه بالكافرات والعاهرات طاعة لله ورسوله ورجاءً لثواب الله وخوفاً من عقابه .
كما يجب على كل مسلم أن يتقي الله فيمن تحت ولايته من النساء فلا يتركهن يلبسن ما حرمه الله ورسوله من الألبسة الخالعة والكاشفة والفاتنة وليعلم أنه راع ومسئول عن رعيته يوم القيامة .
نسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين وأن يهدينا جميعاً سواء السبيل إنه سميع قريب مجيب وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه 0
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
ـــــــــــــــــــ
حدود وضوابط لباس المرأة أمام محارمها وأمام النساء
عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
لباس المرأة بين النساء وأمام المحارم مما تساهلت به بعض النساء ، ولا شكّ أن لهذا التساهل آثاره الخطيرة التي وقفت على بعضها بنفسي ، وسأذكرها لا حقاً بعد بيان الحُكم .
عورة المرأة :
الصحيح أن عورة المرأة مع المرأة كعورة المرأة مع محارمها .
فيجوز أن تُبدي للنساء مواضع الزينة ومواضع الوضوء لمحارمها ولبنات جنسها .
أما التهتك في اللباس بحجة أن ذلك أمام النساء فليس من دين الله في شيء .
وليس بصحيح أن عورة المرأة مع المرأة كعورة الرجل مع الرجل ، أي من السرة إلى الركبة .
فهذا الأمر ليس عليه أثارة من علم ولا رائحة من دليل فلم يدل عليه دليل صحيح ولا ضعيف .(5/1023)
بل دلّت نصوص الكتاب والسنة على ما ذكرته أعلاه .
قال سبحانه وتعالى : ( وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوْ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الإِرْبَةِ مِنْ الرِّجَالِ أَوْ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )
ووجه الدلالة أن الله ذكر النساء بعد ذكر المحارم وقبل ذكر مُلك اليمين .
فحُكم النساء مع النساء حُكم ما ذُكِرَ قبلهن وما ذُكِرَ بعدهنّ في الآية .
ولعلك تلحظ أن الله سبحانه وتعالى لم يذكر الأعمام والأخوال في هذه الآية ، وليس معنى ذلك أنهم ليسوا من المحارم .
قال عكرمة والشعبي : لم يذكر العم ولا الخال ؛ لأنهما ينعتان لأبنائهما ، ولا تضع خمارها عند العم والخال فأما الزوج فإنما ذلك كله من أجله فتتصنع له بما لا يكون بحضرة غيره .
وهذه الآية حدَّدَتْ مَنْ تُظهر لهم الزينة ، فللأجانب ( وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ )
قال ابن مسعود رضي الله عنه : الزينة زينتان : فالظاهرة منها الثياب ، وما خفي الخلخالان والقرطان والسواران . رواه ابن جرير في التفسير والحاكم وصححه على شرط مسلم ، والطبراني في المعجم الكبير ، والطحاوي في مشكل الآثار .
قال ابن جرير : ولا يُظهرن للناس الذين ليسوا لهن بمحرم زينتهن .
أما الزينة المقصودة في قوله تعالى : ( وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ ... ) الآية
فهذه يُوضِّحها علماء الإسلام .
قال البيهقي : والزينة التي تبديها لهؤلاء الناس قرطاها وقلادتها وسواراها ، فأما خلخالها ومعضدتها ونحرها وشعرها ، فلا تبديه إلا لزوجها . وروينا عن مجاهد أنه قال : يعني به القرطين والسالفة والساعدين والقدمين ، وهذا هو الأفضل ألاّ تبدي من زينتها الباطنة شيئا لغير زوجها إلا ما يظهر منها في مهنتها . اهـ .
وقوله ( لهؤلاء الناس ) : أي المذكورين في الآية من المحارم ابتداءً بالبعل ( الزوج ) وانتهاءً بالطفل الذي لم يظهر على عورات النساء ، ثم استثنى الزوج . والمعضدة ما يُلبس في العضد .
ويؤيد هذا قوله صلى الله عليه وسلم : المرأة عورة . رواه الترمذي وغيره ، وهو حديث صحيح ، فلا يُستثنى من ذلك إلا ما استثناه الدليل .
وأما قول إن عورة المرأة مع المرأة كعورة الرجل مع الرجل فليس عليه أثارة من علم ، ولا رائحة من دليل ، ولو كان ضعيفاً .
إذاً فالصحيح أن عورة المرأة مع المرأة ليست كعورة الرجل مع الرجل ، من السرة إلى الركبة ، وإن قال به من قال .
بل عورة المرأة مع المرأة أكثر من ذلك .(5/1024)
ويؤيّد ذلك أيضا أن الأمَة على النصف من الحُرّة في الحدِّ ، لقوله تعالى : ( فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ) .
والأمَة على النصف في العورة لما رواه أبو داود من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا زوج أحدكم خادمه عبده أو أجيره فلا ينظر إلى ما دون السرة وفوق الركبة . وحسّنه الألباني وزاد نسبته للإمام أحمد .
وإذا كان ذلك في الأمَة التي هي على النصف من الحرة في الحدِّ والعورة وغيرها ، فالحُرّة لا شك أنها ضِعف الأمَة في الحدِّ والعورة وغيرها مع المحارم والنساء .
قال البيهقي : والصحيح أنها لا تبدي لسيِّدها بعدما زوّجها ، ولا الحرة لذوي محارمها إلا ما يَظهر منها في حال المهنة . وبالله التوفيق .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : والحجاب مختص بالحرائر دون الإماء ، كما كانت سنة المؤمنين في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاءه إن الحرة تحتجب ، والأمَة تبرُز ، وكان عمر رضي الله عنه إذا رأى أمَة مختمرة ضربها ، وقال : أتتشبهين بالحرائر ! أيْ لكاع . فَيَظْهَر من الأمَة رأسها ويداها ووجهها ... وكذلك الأمَة إذا كان يُخاف بها الفتنة كان عليها أن ترخي من جلبابها وتحتجب ، ووجب غض البصر عنها ومنها ، وليس في الكتاب والسنة إباحة النظر إلى عامة الإماء ولا ترك احتجابهن وإبداء زينتهن ، ولكن القرآن لم يأمرهن بما أمر الحرائر ... فإذا كان في ظهور الأمَة والنظر إليها فتنة وجب المنع من ذلك كما لو كانت في غير ذلك ، وهكذا الرجل مع الرجال ، والمرأة مع النساء : لو كان في المرأة فتنة للنساء ، وفى الرجل فتنة للرجال لَكَانَ الأمر بالغض للناظر من بَصَرِهِ متوجِّها كما يتوجَّه إليه الأمر بِحِفْظِ فَرْجِه . انتهى كلامه – رحمه الله – .
وقول عمر هذا . قال عنه الألباني : هذا ثابت من قول عمر رضي الله عنه .
وهذا الفعل من عمر رضي الله عنه من أقوى الأدلة على اختصاص الحرائر بالحجاب – الخمار ، وهو غطاء الوجه – دون الإماء ، وأن من كشفت وجهها فقد تشبّهت بالإماء ! .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – : بل كانت عادة المؤمنين أن تحتجب منهم الحرائر دون الإماء .
وما أعظم ما تفتتن به النساء بعضهن ببعض ، خاصة الفتيات في هذا الزمن ، فيما يُسمّى بالإعجاب نتيجة التزيّن والتساهل في اللباس ولو كان أمام النساء ، والشرع قد جاء بتحصيل المصالح وتكميلها ، وتقليل المفاسد وإعدامها .
ومما يَدلّ على أنه لا يجوز للمرأة أن تُبدي شيئاً مِن جسدها أمام النساء إلا ما تقدّم ذِكره من مواضع الزينة ومواضع الوضوء إنكار نساء الصحابة على من كُنّ يدخلن الحمامات العامة للاغتسال ، وكان ذلك في أوساط النساء .
والحمام هو مكان الاغتسال الجماعي سواء للرجال مع بعضهم ، أو للنساء مع بعضهن .
وهو الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : الحمام حرام على نساء أمتي . رواه الحاكم ، وصححه الألباني .(5/1025)
وقد دخلت نسوة من أهل الشام على عائشة رضي الله عنها فقالت : لعلكن من الكُورَة التي تدخل نساؤها الحمّام ؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أيما امرأة وضعت ثيابها في غير بيت زوجهـ
ـــــــــــــــــــ
أختاه أين الحياء
أبو أنس الطائفي
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا ونبينا محمد وعلى اله وصحبه وسلم أما بعد :
لقد كثر الجدل هذه الأيام حول عورة المرأة ولم يكن المقصود إلا الحصول على رخصه بالسماح لهن بالعري أمام النساء وخاصة في تلك المناسبات والحفلات في قصور الأفراح وهذا من اثر ما تنقله وسائل الإعلام بشتى أنواعها لتغريب المرأة المسلمة وإخراجها في طور الحياة الهمجية البهيمية وأسوق لك يا أخت عائشة وحفصه وزينب من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في الحياء ما كان له من عظيم الأثر في تلك المجتمعات التي تفتقد لها الأمة في زمننا هذا .
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال{ الإيمان بضع وستون شعبة والحياء شعب من الإيمان} رواه البخاري
عن سلمان الفارسي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { إن الله حيي كريم يستحيي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفرا خائبتين } حديث حسن رواه الترمذي
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم { أشد حياء من العذراء في خدرها } رواه البخاري
عمران بن حصين قال قال النبي صلى الله عليه وسلم { الحياء لا يأتي إلا بخير} فقال بشير بن كعب مكتوب في الحكمة إن من الحياء وقارا وإن من الحياء سكينة . رواه البخاري
عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { ما كان الفحش في شيء إلا شانه وما كان الحياء في شيء إلا زانه } حديث حسن رواه الترمذي
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { الحياء من الإيمان والإيمان في الجنة والبذاء من الجفاء والجفاء في النار} حديث حسن رواه الترمذي
عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { استحيوا من الله حق الحياء قال قلنا يا رسول الله إنا نستحيي والحمد لله قال ليس ذاك ولكن الاستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس وما وعى والبطن وما حوى ولتذكر الموت والبلى ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء} حديث حسن رواه الترمذي
عن أبي المليح الهذلي أن نساء من أهل حمص أو من أهل الشام دخلن على عائشة فقالت أنتن اللاتي يدخلن نساؤكن الحمامات سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول { ما من امرأة تضع ثيابها في غير بيت زوجها إلا هتكت الستر بينها وبين ربها } حديث حسن رواه الترمذي(5/1026)
وفي سؤال للشيخ محمد العثيمين رحمه الله عن حكم لبس الملابس الضيقة عند النساء وعند المحارم ؟
أجاب بما يلي:
لبس الملابس الضيقة التي تبين مفاتن المرأة وتبرز ما فيه الفتنه محرم لان النبي صلى الله عليه وسلم قال { عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صنفان من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رءوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا }رواه مسلم
فقد فسر قوله كاسيات عاريات بأنهن يلبسن ألبسه قصيرة لا تستر ما يجب ستره من العورة وفسر بأنهن يلبسن ألبسه خفيفة لا تمنع من رؤية ما وراءها من بشرة المرأة وفسرت بأن يلبسن ملابس ضيقه فهي ساتره عن الرؤية لكنها مبدية لمفاتن المرأة وعلى هذا فلا يجوز للمرأة أن تلبس هذه الملابس الضيقة إلا لمن يجوز لها إبداء عورتها عنده وهو الزوج فإنه ليس بين الزوج وزوجته عوره لقول الله تعالي{والذين }
وقالت عائشة رضي الله عنها { كنت اغتسل أنا والنبي صلى الله عليه وسلم يعني من الجنابة من إناء واحد تختلف أيدينا فيه } فالإنسان بينه وبين زوجته لا عورة بينهما وأما بين المرأة والمحارم فإنه يجب عليها أن تستر عورتها والضيق لا يجوز لا عند المحارم ولا عند النساء إذا كان ضيقا شديدا يبين مفاتن المرأة
وسئل الشيح صالح الفوزان حفظه الله عن امرأة لديها أربعة أولاد وأنها تلبس أمامهم القصير فما حكم ذلك ؟
فأجاب بما يلي:
لا يجوز للمرأة أن تلبس القصير من الثياب أمام أولادها ومحارمها ولا تكشف عندهم إلا بما جرت العادة بكشفه مما ليس فيه فتنة وإنما تلبس القصير عند زوجها فقط.
وسئل الشيح صالح الفوزان حفظه الله عن كثير من النساء يذكرن أن عورة المرأة من المرأة هي من السرة إلى الركبة فبعضهن لا يترددن في ارتداء الملابس الضيقة جدا أو المفتوحة لتظهر أجزاء كبيرة من الصدر واليدين فما تعليقكم ؟
فأجاب بما يلي:
مطلوب من المرأة المسلمة الاحتشام والحياء وأن تكون قدوة حسنة لأخواتها من النساء وأن لا تكشف عند النساء إلا ما جرت عادة المسلمات الملتزمات بكشفه فيما بينهن هذا هو الأولى والأحوط لأن التساهل في كشف ما لا داعي لكشفه قد يبعث على التساهل ويجر إلى السفور المحرم والله اعلم .
وسئل الشيخ ابن جبرين حفظه الله عن حكم لبس الثياب الضيقة أو القصيرة أو المشقوقة من الجوانب أو القصيرة الأيادي ؟
الجواب :
الثياب الضيقة التي تبين تفاصيل البدن فلا تجوز للمرأة فإن ظهورها بذلك يلفت الأنظار حيث يتبين حجم ثدييها أو عظام صدرها أو إليتها أو بطنها أو نحو ذلك فاعتياد مثل هذه الأكسية يعودها على ذلك ويصير ديدنها ويصعب عليها التخلي عنه(5/1027)
مع ما فيه من المحذور وهكذا لبس القصير أو مشقوق الطرف بحيث يبدو الساق أو القدم أو قصير الأكمام ولا يبرر ذلك كونها أمام المحارم أو النساء لان اعتياد ذلك يجر إلى الجرأة على لبسه في الأسواق والحفلات والجمع الكثير كما هو مشاهد وفي لباس النساء المعتاد ما يغني عن مثل هذه الألبسة والله اعلم
وسئل الشيح صالح الفوزان حفظه الله عن حكم لبس المرأة الملابس الضيقة أمام النساء ؟
فأجاب بما يلي :
لا شك أن لبس المرأة للشيء الضيق الذي يبين مفاتن جسمها لا يجوز إلا عند زوجها فقط أما عند غير زوجها فلا يجوز حتى ولو كان بحضرة نساء لأنها تكون قدوة سيئة لغيرها إذا رأتها تلبس هذا يقتدين بها وأيضا هي مأمورة بسر عورتها بالضافي والساتر عن كل أحد إلا عن زوجها تستر عورتها عن النساء كما تسترها عن الرجال إلا ما جرت العادة بكشفه عند النساء كالوجه واليدين والقدمين ومما تدعو الحاجة إلى كشفة .
فا الله الله في حياؤك يا أختاه إياك أن تخدشية فأنه أغلى ما تملكين ولا تكوني امعه كوني استقلالية ولا تكوني مقلدة وخاصة للكافرات العاهرات كوني قدوة حسنة وأنكري على من ترينها بتلك الملابس العاهرة .
وصلى الله وسلم على نبيه محمد وعلى اله وصحبه وسلم .
ـــــــــــــــــــ
الحجاب عبادة
إعداد القسم العلمي بدار الوطن
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيّ بعده، أما بعد :
أختي المسلمة!
لقد دأبت بعضُ الأقلام بين فينةٍ وأخرى على النيلِ من حجابك والهجوم عليه، واصفةً إياه بالتخلف والرجعية وعدم مواكبة التطور الذي نشهده، والقرن الذي نحن على مشارفه، حيث إننا نعيش عصر الفضائيات والاتصالات والعولمة وتلاقح الأفكار وغير ذلك من مظاهر التقدم العلمي والتكنولوجي .
وقد انقسم هؤلاء المبهورون بمدنية الغرب إلى أقسام عدة :
فمنهم من أنكر فرضية الحجاب بالكلية، وزعم أنه من خصوصيات العصور الإسلامية الأولى !! .
ومنهم من أنكر غطاء الوجه وراح يدعو إلى السفور والاختلاط، زاعماً أن ليس في كتاب الله ولا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ما يدل على تغطية وجه المرأة، وأن ذلك من قبيل العادات الموروثة التي فرضها المتشددون ! .
ومنهم من تخبَّط فقال : إن الحجاب سجن يجب على المرأة أن تتحرر منه حتى تستثمر طاقاتها في مواكبة العصر، ومشاركة الرجل مسيرته التقدمية نحو آفاق المدنية الحديثة ! .(5/1028)
ومنهم من طبق المثل القائل : "رمتني بدائها وانسلَّت" فزعم أن الذين يدعون إلى الحجاب ونبذ التبرج والسفور ينظرون إلى المرأة نظرة جسدية،ولو أنهم تركوا المرأة تلبس ما تشاء لتخلَّص المجتمع من هذه النظرة الجسدية المحدودة!! .
وهؤلاء جميعاً قد اشتركوا في الجهل والدعوة إلى الضلال، شاءوا أم أبوْا .
والأمر في ذلك كما قال الشاعر :
فإن كنتَ لا تدري فتلك مصيبةٌ *** وإن كنت تدري فالمصيبةُ أعظمُ
أما حقيقة هؤلاء فلا تخفى على ذي عينين ! .
وأما كلامهم فباطل باطل، يبطل أولُه آخرَه، وآخرُه أولَه، قال تعالى : } وَلَتَعرِفَنهُم فِي لَحنِ القَولِ وَاللهُ يَعلَمُ أَعمالَكُم{ [ محمد : 30 ] .
وأما دعوتهم فمؤامرة مكشوفة على المرأة المسلمة، وعلى الأسرة والمجتمع والأمة بأسرها .
ومع ذلك فقد نجح هؤلاء في السيطرة على عقول بعض نسائنا، فأغروهن بكلامهم المعسول وعباراتهم البراقة التي تحمل في طيَّاتها الهلاك والدمار، فظننَّ أن هؤلاء هم المدافعون عن قضايا المرأة وحقوقها، وجهلن أن الإسلام قد صان المرأة أتمَّ صيانة، ورفع مكانتها في جميع مراحل حياتها، طفلةً وبنتاً وزوجة وأُمًّا وجدة .
ولما كان الأمر كما قال الشاعر :
لكلِّ ساقطةٍ في الحيِّ لاقطةٌ........... وكلُّ كاسدةٍ يوماً لها سوقُ
فقد تعيَّن الردُّ على هؤلاء ودحض شبهاتهم، وتفنيد كلامهم، وكشف عوار أحاديثهم وزيف أطروحاتهم، لعلهم يعودوا لرشدهم ويتخلوا عن باطلهم .
الحجاب عبادة
الحجاب عبادة من أعظم العبادات وفريضة من أهم الفرائض؛ لأن الله تعالى أمر به في كتابه، ونهى عن ضده وهو التبرج، وأمر به النبي صلى الله عليه و سلم في سنته ونهى عن ضده، وأجمع العلماء قديماً وحديثاً على وجوبه لم يشذّ عن ذلك منهم أحد، فتخصيص هذه العبادة – عبادة الحجاب – بعصر دون عصر يحتاج إلى دليل، ولا دليل للقائلين بذلك ألبتة . ولذلك فإننا نقول ونكرر القول : "لا جديد في الحجاب" .
ولو لم يكن الحجاب مأموراً به في الكتاب والسنة، ولو لم يرد في محاسنه أيُّ دليل شرعي، لكان من المكارم والفضائل التي تُمدح المرأة بالتزامها والمحافظة عليها، فكيف وقد ثبتتْ فرضيَّتُه بالكتاب والسنة والإجماع؟!.
أدلة الحجاب من الكتاب والسنة
وفي هذه الأدلة برهان ساطع على وجوب الحجاب، وإفحامٌ واضح لمن زعم أنه عادة موروثة أو أنه خاصٌّ بعصور الإسلام الأولى.
أولاً : أدلة الحجاب من القرآن :
الدليل الأول : قوله تعالى : { وَقُل للمُؤمِنَاتِ يَغضُضنَ مِن أَبصَارِهِن وَيَحفَظنَ فُرُوجَهُن وَلاَ يُبدِينَ زِينَتَهُن إِلا مَا ظَهَرَ مِنهَا وَليَضرِبنَ بِخُمُرِهِن عَلَى جُيُوبِهِن وَلاَ يُبدِينَ زِينَتَهُن } إلى قوله: { وَلاَ يَضرِبنَ بِأَرجُلِهِن لِيُعلَمَ مَا يُخفِينَ مِن زِينَتِهِن وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيهَا المُؤمِنُونَ لَعَلكُم تُفلِحُونَ} [ النور:30 ] .(5/1029)
قالت عائشة رضي الله عنها : "يرحم الله نساء المهاجرات الأُول؛ لما أنزل الله : } وَليَضرِبنَ بِخُمُرِهِن عَلَى جُيُوبِهِن{ شققن مروطهن فاختمرن بها" [ رواه البخاري ] .
الدليل الثاني : قوله تعالى : { وَالقَوَاعِدُ مِنَ النسَاء اللاتي لاَ يَرجُونَ نِكَاحاً فَلَيسَ عَلَيهِن جُنَاحٌ أَن يَضَعنَ ثِيَابَهُن غَيرَ مُتَبَرِّجَاتِ بِزِينَةٍ وَأَن يَستَعفِفنَ خَيرٌ لهُن وَاللهُ سَمِيعٌ عِلِيمٌ } [ النور : 60 ] .
الدليل الثالث : قوله تعالى :{ يأَيهَا النبِي قُل لأزواجِكَ وَبَناَتِكَ وَنِسَاء المُؤمِنِينَ يُدنِينَ عَلَيهِن مِن جَلابِيبِهِن ذلِكَ أَدنَى أَن يُعرَفنَ فَلاَ يُؤذَينَ وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رحِيماً } [ الأحزاب : 59 ] .
الدليل الرابع : قوله تعالى :{ وقَرنَ فِي بُيُوتِكُن وَلاَ تَبَرَّجنَ تَبَرجَ الجاَهِلِيةِ الأولَى } [ الأحزاب : 33 ] .
الدليل الخامس : قوله تعالى : { وَإِذَا سَأَلتُمُوهُن مَتَاعاً فاسأَلُوهُن مِن وَرَاء حِجَابٍ ذلِكُم أَطهَرُ لِقُلُوبِكُم وَقُلُوبِهِن} [ الأحزاب : 53 ] .
ثانياً : أدلة الحجاب من السنة :
الدليل الأول : في الصحيحين أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: يا رسول الله، احجب نساءك . قالت عائشة : فأنزل الله آية الحجاب . وفيهما أيضاً : قال عمر : يا رسول الله، لو أمرتَ أمهات المؤمنين بالحجاب . فأنزل الله آية الحجاب .
الدليل الثاني : عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : "المرأة عورة" [ الترمذي وصححه الألباني ] .
الدليل الثالث : عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: "من جرَّ ثوبه خُيَلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة" فقالت أم سلمة رضي الله عنها : فكيف يصنع النساء بذيولهن؟ قال : "يرخين شبراً" فقالت : إذن تنكشف أقدامهن . قال : "فيرخينه ذراعاً لا يزدن عليه" [ رواه أبو داود والترمذي وقال : حسن صحيح ] .
أدلة سَتر الوجه من الكتاب والسنة
أولاً : قوله تعالى : { وَليَضرِبنَ بِخُمُرِهِن عَلَى جُيُوبِهِن} [ النور : 30 ] .
قال العلامة ابن عثيمين : "فإن الخمار ما تخمِّر به المرأة رأسها وتغطيه به كالغدقة، فإذا كانت مأمورة بأن تضرب بالخمار على جيبها كانت مأمورة بستر وجهها" .
ثانياً : قوله تعالى : { يأَيهَا النبِي قُل لأزواجِكَ وَبَناَتِكَ ... } [ الأحزاب : 59 ] .
قال ابن عباس رضي الله عنهما : "أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رءوسهن بالجلاليب" . قال الشيخ ابن عثيمين : "وتفسير الصحابي حجة، بل قال بعض العلماء إنه في حكم المرفوع إلى النبي صلى الله عليه و سلم ".
ثالثاً : عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : "لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين" [ رواه البخاري ] .(5/1030)
قال القاضي أبو بكر بن العربي : "قوله في حديث ابن عمر: "لا تنتقب المرأة المحرمة" وذلك لأن سترها وجهها بالبرقع فرض إلا في الحج، فإنها ترخي شيئاً من خمارها على وجهها غير لاصق به، وتعرض عن الرجال ويعرضون عنها" .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : "وهذا مما يدلّ على أن النقاب والقفازين كانا معروفين في النساء اللاتي لم يحرمن، وذلك يقتضي ستر وجوههن وأيديهن" .
رابعاً : في قوله صلى الله عليه و سلم : "المرأة عورة" دليل على مشروعية ستر الوجه . قال الشيخ حمود التويجري : "وهذا الحديث دالّ على أن جميع أجزاء المرأة عورة في حق الرجال الأجانب، وسواءٌ في ذلك وجهها وغيره من أعضائها" .
جهل أم عناد؟!
إليكم يا من تزعمون أن حجاب المسلمة لا يناسب هذا العصر!!
إليكم يا من تدّعون أن تغطية الوجه من العادات العثمانية!!
إليكم يا من تريدون إخراج المرأة من بيتها واختلاطها بالرجال في كل مكان .
هذه آيات القرآن أمامكم فاقرءوها.. وهذه أحاديث النبي محمد صلى الله عليه و سلم بين أيديكم فادرسوها ... وهذا فهم أئمة الإسلام من السلف والخلف يدل على وجوب الحجاب وستر الوجه فاعقلوه . فإن كنتم جهلتم هذه الآيات والأحاديث في الماضي فها هي أمامكم، ونحن ننتظر منكم الرجوع إلى الحق وعدم التمادي في الباطل؛ فإن الرجوع إلى الحق فضيلة، والإصرار على الباطل شر ورذيلة .
أما إذا كنتم من الصنف الذي وصفه الله تعالى بقوله : } وَجَحَدُوا بِهَا وَاستَيقَنَتهَا أَنفُسُهُم ظُلماً وَعُلُواً { [ النمل : 14] فإنكم لن تنقادوا للحق، ولن ترجعوا إلى الصواب، وإن سردنا لكم عشراتٍ بل مئاتِ الآيات والأحاديث، لأنكم – بكل بساطة – لا تؤمنون بكون الإسلام منهج حياة، وبكون القرآن صالحاً لكلّ زمان ومكان . قال تعالى : } أَفَحُكمَ الجَاهِلِيةِ يَبغُونَ وَمَن أَحسَنُ مِنَ اللهِ حُكماً لقَومٍ يُوقِنُونَ { [المائدة : 50] .
الحجاب والمدنية
يرى دعاة المدنية أن الحجاب مظهر من مظاهر التخلف، وأنه يمنع المرأة من الإبداع والرقي، وهو عندهم من أكبر العقبات التي تحول بين المرأة وبين المشاركة في مسيرة الحضارة والمدنية، وفي عملية البناء التي تخوضها الدول النامية للوصول إلى ما وصلت إليه الدول المتقدمة من رقي وتمدن !!
ونقول لهؤلاء : ما علاقة الحجاب بالتقدم الحضاري والتكنولوجي؟ !
هل من شروط الحضارة والمدنية أن تخلع المرأة ملابسها وتتعرَّى أمام الرجال؟ !
هل من شروط الحضارة والمدنية أن تشارك المرأة الرجل متعته البهيمية وشهواته الحيوانية؟ !
هل من شروط الحضارة والمدنية أن تكون المرأة جسداً بلا روح ولا حياء ولا ضمير ؟ !
هل الحجاب هو السبب في عجزنا عن صناعة السيارات والطائرات والدبابات والمصانع والأجهزة الكهربائية بشتى أنواعها؟!(5/1031)
لقد تخلت المرأة المسلمة في معظم الدول العربية والإسلامية عن حجابها، وألقته وراء ظهرها، وداست عليه بأقدامها، وخرجت لتعمل مع الرجل، وشاركته معظم ميادين عمله !!.
فهل تقدمت هذه الدول بسبب تخلِّي نسائها عن الحجاب؟!
وهل لحقت بركب الحضارة والمدنية بسبب اختلاط الرجال بالنساء؟!
وهل وصلت إلى ما وصلت إليه الدولُ المتقدمة من قوة ورقيّ؟!
وهل أصبحت من الدول العظمى التي لها حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن ؟!
وهل تخلصت من مشاكلها الاقتصادية والتعليمية والاجتماعية والأخلاقية؟!
الجواب واضح لا يحتاج إلى تفصيل . فلماذا إذن تدعون إلى التبرج والسفور والاختلاط يا دعاة المدنية والحضارة؟!!
نعم للتعليم .. لا للتبرج
إن المرأة في هذه البلاد – ولله الحمد – وصلت إلى أرقى مراتب التعليم، وحصلت على أعلى الشهادات التعليمية، وهي تعمل في كثير من المجالات التي تناسبها، فهناك الطبيبة، والمعلمة، والمديرة، وأستاذة الجامعة، والمشرفة والباحثة الاجتماعية، وكلّ هؤلاء وغيرهن يؤدين دورهن في نهضة الأمة وبناء أجيالها، لم يمنعهن من ذلك حجابهن وسترهن وحياؤهن وعفتهن .
لقد أثبتت المرأة المسلمة – في هذه البلاد – أنها تستطيع خدمة نفسها ومجتمعها وأمتها دون أن تتعرض لما تعرضت له المرأة في كثير من البلدان من تبذُّلٍ وامتهان، ودون أن تكون سافرة أو متبرجة أو مختلطة بالرجال الأجانب .
إن هذه التجربة التي خاضتها المرأة في بلادنا تثبت خطأ مقولة دعاة التبرج والاختلاط : "إن النساء في بلادنا طاقات معطَّلة لا يمكن أن تُستَثمر إلا إذا خلعت حجابها وزاحمت الرجال في مكاتبهم وأعمالهم" .} كَبُرَت كَلِمَةً تَخرُجُ مِن أَفوَاهِهِم إِن يَقُولُونَ إِلا كَذِبًا{ [ الكهف : 5 ] .
ماذا يريدون؟!
إن هؤلاء لا يريدون حضارة ولا مدنية ولا تقدماً ولا رقياً .. إنهم يريدون أن تكون المرأة قريبة منهم .. يريدونها كلأً مباحاً لشهواتهم .. يريدونها سلعةً مكشوفةً لنزواتهم ... يريدون العبث بها كلما أرادوا .. والمتاجرة بها في أسواق الرذيلة .. إنهم يريدون امرأة بغير حياء ولا عفاف .. يريدون امرأة غربية الفكر والتصور والهدف والغاية .. يريدون امرأة تجيد فنون الرقص .. وتتقن ألوان الغناء والتمثيل .. يريدون امرأة متحررة من عقيدتها وإيمانها وطهرها وأخلاقها وعفافها.
الرد على من اتهم الدعاة إلى الحجاب
أما هؤلاء، فحدّث عنهم ولا حرج .. إنهم يكذبون .. ويعلمون أنهم يكذبون .. يقولون : إن الدعاة إلى الفضيلة ينظرون إلى المرأة نظرة جسدية، أما إذا تُركت المرأة تلبس ما تشاء فسوف تختفي تلك النظرة وسوف يكون التعامل بين الرجل والمرأة على أساس من الاحترام المتبادل .
والحقيقة التي لا مراء فيها تكذِّب هذه الدعوى وتفضح تلك المقولة .(5/1032)
والدليل على ما أقول هو ما يحدث الآن في المجتمعات التي تلبس فيها المرأة ما تشاء، وتصاحب من تشاء .. هل خَفَّ في هذه المجتمعات سعار الشهوة؟ وهل كان التعامل فيها بين الرجل والمرأة على أساس من الاحترام المتبادل؟
يجيب على ذلك تلك الإحصائيات :
1- أظهرت إحدى الإحصائيات أن 19 مليوناً من النساء في الولايات المتحدة كُنَّ ضحايا لعمليات الاغتصاب !! [ كتاب : يوم أن اعترفت أمريكا بالحقيقة ] .
2- أجرى الاتحاد الإيطالي للطب النفسي استطلاعاً للرأي اعترف فيه 70% من الإيطاليين الرجال بأنهم خانوا زوجاتهم [ تأملات مسلم ] .
3-في أمريكا مليون طفل كل عام من الزنا ومليون حالة إجهاض [ عمل المرأة في الميزان ] .
4-في استفتاء قامت به جامعة كورنل تبين أن 70% من العاملات في الخدمة المدنية قد اعتُدي عليهن جنسيًّا وأن 56% منهن اعتدي عليهن اعتداءات جسمانية خطيرة [ المرأة ماذا بعد السقوط ؟ ] .
5-في ألمانيا وحدها تُغتصب 35000 امرأة في السنة، وهذا العدد يمثل الحوادث المسجلة لدى الشرطة فقط أما حوادث الاغتصاب غير المسجلة فتصل حسب تقدير البوليس الجنائي إلى خمسة أضعاف هذا الرقم [ رسالة إلى حواء ] .
ألا تدل هذه الأرقام والإحصائيات على خطأ دعوى هؤلاء ومقولتهم ؟ أم أن هذه الأرقام والإحصائيات هي جزء من الاحترام المتبادل بين الرجل والمرأة الذي يريده هؤلاء ؟ !
فاعتبروا يا أولي الأبصار
يا فتاة الإسلام :
إن الحجاب أعظم معين للمرأة للمحافظة على عفَّتها وحيائها، وهو يصونها عن أعين السوء ونظرات الفحشاء، وقد أقرَّ بذلك الذين ذاقوا مرارة التبرج والانحلال واكتووا بنار الفجور والاختلاط، والحقُّ ما شهدت به الأعداء!! تقول الصحفية الأمريكية (هيلسيان ستاسنبري) بعد أن أمضت في إحدى العواصم العربية عدة أسابيع ثم عادت إلى بلادها : "إن المجتمع العربي كامل وسليم، ومن الخليق بهذا المجتمع أن يتمسك بتقاليده التي تقيّد الفتاة والشاب في حدود المعقول . وهذا المجتمع يختلف عن المجتمع الأوربي والأمريكي، فعندكم أخلاق موروثة تحتِّم تقييدَ المرأة، وتحتم احترام الأب والأم، وتحتم أكثر من ذلك عدم الإباحية الغربية، التي تهدم اليوم المجتمع والأسرة في أوربا وأمريكا .. امنعوا الاختلاط، وقيّدوا حرية الفتاة، بل ارجعوا إلى عصر الحجاب، فهذا خير لكم من إباحية وانطلاق ومجون أوربا وأمريكا" [ من : رسالة المرأة وكيد الأعداء ] .
فيا فتاة الإسلام :
هذه امرأة أمريكية تدعو إلى الحجاب بعد أن رأت التمزق الأسري والانحلال الخلقي يعصف بمجتمعها .
أمريكية توصينا بالتمسك بأخلاقنا الإسلامية الجميلة، وعاداتنا الحسنة .ما هو القصد من ترويج مفهوم الموضات والأزياء؟(5/1033)
خالد بن عبد الرحمن الشايع
أيتها المرأة المسلمة ، العفيفة ، لقد استطعت بفضل من الله أن تغيظي أعداء الإسلام وأذنابهم ؛ فحافظت – ولازلت بحمد الله – على شرفك وعرضك ، وعلى أجيال المسلمين من التدنس بوحل المدنية الزائفة ، فصرت غصةً في حلوقهم ، ولا إخالك إلا مرددةً ، تلك الأبيات التي تكتبُ بمداد من نور ، وقد سطرتها ((عائشة التيمورية )) فقالت :
بيد العفاف أصون عز حجابي *** وبعصمتي أعلو على أترابي
وبفكرة وقادة وقريحةٍ *** نقادة قد كملت آدابي
ما ضرني أدبي وحسن تعلمي *** إلا بكوني زهرة الألباب
ما عاقني خجلي عن العليا ولا *** سدل الخمار بلمتي ونقابي
واقرئي ما فعله بنات جنسك من حنينهن لما فطرهن الله عليه ؛ من حب الحشمة والستر ، فقد قامت فرنسا – من أجل القضاء على العفة والحياء الذي أوجده القران في قلوب شباب الجزائر قامت بتجربة عملية ، فتم انتقاء عشر مسلمات جزائريات أدخلتهن الحكومة الفرنسية في المدارس الفرنسية ، ولقنتهن الثقافة الفرنسية ، وعلمتهن اللغة الفرنسية ؛ فأصبحن كالفرنسيات تماماً وبعد أحد عشر عاماً من الجهود هيأت لهن حفلة تخرج ٍ رائعة ، دعي إليها الوزراء والمفكرون والصحافيون ، ولما ابتدأت الحفلة فوجئ الجميع بالفتيات الجزائريات يدخلن بلباسهن الإسلامي الجزائري . فثارت ثائرة الصحف الفرنسية ، وتساءلت (( ماذا فعلت فرنسا في الجزائر إذن بعد مرور مائة وثمانية عشر عاماً ؟!)) أجاب (( لاكوست )) وزير المستعمرات الفرنسي (( وماذا أصنع إذا كان القرآن أقوى من فرنسا ؟!)) [1]
أجل أختاه – أيتها الأمل – أنت بإيمانك أقوى من كل أولئك ، ومن حذا حذوهم ، وذهب يتجرع صديد أفكار الغرب ، ثم رجع ليقيئه بيننا .
أيتها الأخت الكريمة ، لقد أيقن أعداء الإسلام أنك أفضل وسيلة يتوصلون بها لإفساد المجتمع المسلم ، فهذه إحدى عباراتهم التي تبين تخطيطهم لك أيتها المرأة المسلمة ، قالوا : ( اكسبوا النساء أولاً والبقية تتلو ) وتقول إحدى الكافرات : ( ليس هناك طريق أقصر مسافة لهدم الإسلام من إبعاد المرأة المسلمة ، والفتاة المسلمة ، عن آداب الإسلام وشرائعه ).
لقد علم أعداؤنا أن من المستحيل أن يتوصلوا لما يصبون إليه ؛ من إفساد المرأة المسلمة خلال أشهر ، أو سنوات معدودة ، فعمدوا إلى أسلوب ماكر ٍ وخبيث ، يقوم في أساسه على التدرج ، والتخطيط للمدى البعيد من الزمن ، وارتكازه على إزالة حياء المرأة وتنفيرها من دينها ، مع ملاحظة التدرج في كل ذلك ،وعدم التصريح أو العرض المباشر ، وإليك أمثلة لما يصدر عن أعدائك ، وأعداء المرأة على وجه العموم ، فقد قالوا :
إن أردت ِ الرشاقة وخفة الحركة فعليك بالأزياء .. انتقي منها ما يناسبك ، وما يظهر رشاقتك ... ينبغي أن تكوني جذابة فهكذا تكون المرأة المتحضرة ...
تابعي صيحات الموضة .. فالممثلة المشهورة تلبس كذا ، وفلانة تصفف شعرها وتقصه على تلك الطريقة .. . أبرزي نفسك بقدر ما تستطيعن ؛ لتحوزي على(5/1034)
إعجاب غيرك ، لينجذب إليك كل أحد .. لينجذب إليك فتى أحلامك ، وشريك حياتك ..
ثم تلبسوا بلبوس الأخلاق ، فقالوا : كيف تحافظين على محبة زوجك ؟ البسي كذا وافعلي كذا .. وهكذا ، ثم صرحوا فقالوا : كيف تجذبين انتباه الرجل ؟ .. هذا فستان يكشف [ مفاتن الصدر ] ، وهذا يكشف [مفاتن الظهر ] ، وهذا يكشف [مفاتن الساقين ] .
وقد كان الخبث أعظم والمكر أكبر ؛ فأغرقوا السوق بالمجلات النسائية ، التي تعرض صور الموديلات الشرقية والغربية ، وهي بجملتها وتفاصيلها مما حرمه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، فتأتي تلك المسلمة المقلدة لتدفع للخياط بالموديل الذي تلبسه تلك الكافرة ، أو الأخرى الفاسقة ، من اللواتي يتاجرن بأعراضهن ، وتريد أن تلبس مثله ، فإن سلمت من الموديل المتبرج ، لم تسلم قطعاً من التقليد والتشبه بتلك الكافرة ، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (( من تشبه بقوم فهو منهم ))[2] . وهذه البلية قل أن يسلم منها أحد من نساء المسلمين ، حتى المتمسكات بالدين منهن ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
وأنت ترين – أختي المسلمة – كيف أن الموديلات والأزياء أخذت في التوسع لدى النساء ، ويدل على ذلك الكم الهائل من مجلات الأزياء الشرقية والغربية ، في الأقمشة ، وطرق لبسها ، وتفصيلها ، وفي العطور وقصات الشعر ... الخ.
--------------
(1) جريدة الأيام عدد (7780) تاريخ (6 كانون الأول 1962) : عن معركة السفور والحجاب ص105 ..
(2) رواه أبو داود (4031) . وجود إسناده ابن تيمية .
ـــــــــــــــــــ
ارفعي صوتك ضد الخلاعة ... ضد الأزياء الماجنة
خالد بن عبد الرحمن الشايع
* (( أليس شفاوزر )) امرأة ألمانية تحمل راية الدفاع عن الحقوق الإنسانية للمرأة في مواجهة استغلالها في تجارة الخلاعة ، واقترحت قانوناً لمكافحة الخلاعة قُدم للبرلمان الألماني ، فهذه واحدة من الحركات في الغرب التي يسعى النساء من خلالها لتحرير المرأة من الامتهان والاستغلال الجنسي وجعل المرأة وسيلة للمتعة .(1)
* وكتبت عالمة اجتماعية أمريكية تُدعى ( اندريا دوراكن ) تحت عنوان [ خلاعة ] : " بدافع اللذة يربطوننا وكأننا قطع لحم ، ويعلقوننا على الأشجار ، ويصورون الاغتصاب ويعرضونه في السينما وينشرونه في المجلات ".(2)
* وتقول الكاتبة الأمريكية (هيلين ستانبري ) :" إن المجتمع المسلم مجتمع كامل وسليم ومن الخليق بهذا المجتمع أن يتمسك بتقاليده التي تقيد الشاب والفتاة " ثم تقول :" ولهذا أنصح بأن تتمسكو بتقاليدكم وأخلاقكم وامنعوا الاختلاط وقيدوا حرية الفتاة . بل ارجعوا إلى عصر الحجاب فهذا خير لكم من الإباحة والانطلاق ومجون أوروبا وأمريكا " . (3)(5/1035)
* وهذا اعتراف وهتاف من عارضة أزياء مشهورة .. فتاة في الثامنة والعشرين من عمرها .. فهي من عالم العطور والفراء ودنيا (الموضات ) والأزياء تقول : إن بيوت الأزياء جعلت مني مجرد صنم متحرك ، مهمته العبث بالقلوب والعقول ... فقد تعلمت كيف أكون باردة قاسية مغرورة فارغة من الداخل .. لا أكون سوى إطار يرتدي الملابس ، فكنت جماداً يتحرك ويبتسم ، ولكنه لا يشعر ، ولم أكن وحدي المطالبة بذلك ، فكلما تألقت العارضة في تجردها من بشريتها وآدميتها زاد قدرها في هذا العالم القاسي البارد ، أما إذا خالفت أياً من تعاليم الأزياء فتعرض نفسها لألوان العقوبات ، التي يدخل فيها الأذى النفسي والجسماني أيضاً .)ثم تضيف : (( عشت أتجول في العالم عارضة لأحدث خطوط الموضة ، بكل ما فيها من تبرج وغرور ، ومجاراة لرغبات الشيطان في إبراز مفاتن المرأة دون خجل ولا حياء )) وتقول: (( لم أكن أشعر بجمال الأزياء فوق جسدي المفرغ إلا من الهواء والقسوة ، بينما كنت أشعر بمهانة النظرات واحتقارهم لي شخصياً واحترامهم لما أرتديه .))هذا ما قالته (فابيان ) عارضة الأزياء الفرنسية الشابة البالغة من العمر ثمانية وعشرين عاماً ، وذلك بعد إسلامها وفرارها من ذلك الجحيم الذي لا يطاق، وتوجهها إلى الحدود الأفغانية لتعيش ما تبقى من حياتها وسط الأسر المسلمة وهو كلام واضح لا يحتاج إلى تعليق . (4)
* وتقول الممثلة المشهورة : ( بريجيت باردو ) : ((كنت غارقة في الفساد الذي أصبحت في وقت رمزاً له ، لكن المفارقة أن الناس أحبوني عارية ورجموني عندما تبت ، عندما أشاهد الآن أحد أفلامي السابقة فإنني أبصق على نفسي وأقفل الجهاز فوراً كم كنت سافلة ... قمة السعادة للإنسان الزواج ... إذا رأيت امرأة مع رجل ومعهما أولادهما أتساءل في سري : لماذا أنا محرمة من مثل هذه النعمة ) .(5)
وبعد – أختي القارئة – هذه مقتطفات مختصرة من مئات بل من آلاف الهتافات ضد الخلاعة .. ضد الأزياء المتهتكة .. ضد تعرية الجسد وتسعير الشهوات .. هذه الآهات – في معظمها – من العاقلات أو المجربات من بنات جنسك فهل تعتبرين ؟!
ـــــــــــــــــــ
(1) رسالة إلى حواء لمحمد العويد (5/ 19)
(2) رسالة إلى حواء (5/19)
(3) في محكمة التاريخ ، د. عبد الودود شلبي ، (ص29)
(4) جريدة المسلمون ، العدد (238) عن " اعترافات متأخرة " ص 45.
(5) فتياتنا بين التغريب والعفاف ، د. ناصر العمر ، (ص58) .
ـــــــــــــــــــ
أعذار من لا ترتدي الحجاب وبيان تهافتها
د.هويدا إسماعيل
اركبي ـ يا أختاه ـ قطار التوبة قبل أن يرحل عن محطتك.
تأملي ـ يا أختاه ـ في هذا العرض اليوم قبل الغد.
فكري فيه ـ يا أختاه ـ من الآن.(5/1036)
أحمد الله (تعالى) كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، وأصلي وأسلم على رسوله الكريم الذي رسم الطريق إلى رضوان الله وجنته.
فكان ذلك الطريق مستقيماً، تحف جنباته الفضيلة، ويحفَلُ بطيب الأخلاق، ويزدان بزينة الطهر والستر والعفاف.
وكان طريقاً يقود شِقّي المجتمع الإنساني ـ الرجل والمرأة ـ إلى مرافئ الاطمئنان والسعادة في الدنيا والآخرة.
فكان من ذلك: أن أوجب المولى (تبارك وتعالى) على المرأة الحجاب؛ صوناً لعفافها، وحفاظاً على شرفها، وعنواناً لإيمانها.
من أجل ذلك كان المجتمع الذي يبتعد عن منهج الله ويتنكّبُ طريقه المستقيم : مجتمعاً مريضاً يحتاج إلى العلاج الذي يقوده إلى الشفاء والسعادة.
ومن الصور التي تدل على ابتعاد المجتمع عن ذلك الطريق، وتوضح ـ بدقة ـ مقدار انحرافه وتحلله: تفشي ظاهرة السّفور والتبرج بين الفتيات.
وهذه الظاهرة نجد أنها أصبحت ـ للأسف ـ من سمات المجتمع الإسلامي، رغم انتشار الزي الإسلامي فيه، فما هي الأسباب التي أدت إلى هذا الانحراف؟.
للإجابة على هذا السؤال الذي طرحناه على فئات مختلفة من الفتيات كانت الحصيلة: عشرة أعذار رئيسة، وعند الفحص والتمحيص بدى لنا كم هي واهية تلك الأعذار.
معاً أختي المسلمة نتصفح هذه السطور؛ لنتعرف ـ من خلالها ـ على أسباب الإعراض عن الحجاب، ونناقشها كلاّ على حدة:
العذر الأول:
قالت الأولى: (أنا لم أقتنع بعد بالحجاب).
نسأل هذه الأخت سؤالين:
الأول: هل هي مقتنعة أصلاً بصحة دين الإسلام؟.
إجابتها بالطبع: نعم مقتنعة؛ فهي تقول: (لا إله إلا الله)، ويعتبر هذا اقتناعها بالعقيدة، وهي تقول (محمد رسول الله)، ويعتبر هذا اقتناعها بالشريعة، فهي مقتنعة بالإسلام عقيدة وشريعة ومنهجاً للحياة.
الثاني: هل الحجاب من شريعة الإسلام وواجباته؟.
لو أخلصت هذه الأخت وبحثت في الأمر بحث من يريد الحقيقة لقالت : نعم.
فالله (تعالى) الذي تؤمن بألوهيته أمر بالحجاب في كتابه، والرسول الكريم الذي تؤمن برسالته أمر بالحجاب في سنته . وهو لعن المتبرجات السافرات.
فماذا نسمي من يقتنع بصحة الإسلام ولا يفعل ما أمره الله (تعالى) به ورسوله الكريم؟، هو على أي حال لا يدخل مع الذين قال الله فيهم: ((إنَّمَا كَانَ قَوْلَ المُؤْمِنِينَ إذَا دُعُوا إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ)) [النور: 51].
خلاصة الأمر: إذا كانت هذه الأخت مقتنعة بالإسلام، فكيف لا تقتنع بأوامره؟.
العذر الثاني:
قالت الثانية: (أنا مقتنعة بوجوب الزي الشرعي، ولكن والدتي تمنعني لبسه، وإذا عصيتها دخلت النار).(5/1037)
يجيب على عذر هذه الأخت أكرم خلق الله، رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، بقول وجيز حكيم: (لا طاعة لمخلوق في معصية الله)(1).
مكانة الوالدين في الإسلام ـ وبخاصة الأم ـ سامية رفيعة، بل الله (تعالى) قرنها بأعظم الأمور ـ وهي عبادته وتوحيده ـ في كثير من الآيات، كما قال (تعالى): ((وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إحْسَاناً)) [النساء: 36].
فطاعة الوالدين لا يحد منها إلا أمر واحد هو: أمرهما بمعصية الله، قال (تعالى): ((وَإن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا)) [لقمان: 15].
ولا يمنع عدم طاعتهما في المعصية من الإحسان إليهما وبرهما؛ قال (تعالى): ((وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً)).
خلاصة الأمر: كيف تطيعين أمك وتعصين الله الذي خلقك وخلق أمك؟.
العذر الثالث:
أما الثالثة فتقول: (إمكانياتي المادية لا تكفي لاستبدال ملابسي بأخرى شرعية).
أختنا هذه إحدى اثنتين:
إما صادقة مخلصة، وإما كاذبة متملصة تريد حجاباً متبرجاً صارخ الألوان، يجاري موضة العصر، غالي الثمن.
نبدأ بأختنا الصادقة المخلصة:
هل تعلمين يا أختاه أن المرأة المسلمة لا يجوز لها الخروج من المنزل بأي حال من الأحوال حتى يستوفي لباسها الشروط المعتبرة في الحجاب الشرعي والواجب على كل مسلمة تعلمها، وإذا كنت تتعلمين أمور الدنيا فكيف لا تتعلمين الأمور التي تنجيك من عذاب الله وغضبه بعد الموت..؟!، ألم يقل الله (تعالى): ((فَاسْأََلُوا أََهْلَ الذِّكْرِ إن كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ)) [النحل: 43]، فتعلمي يا أختي شروط الحجاب.
فإذا كان لا بد من خروجك فلا تخرجي إلا بالحجاب الشرعي؛ إرضاءً للرحمن، وإذلالاً للشيطان؛ وذلك لأن مفسدة خروجك سافرة متبرجة أكبر من مصلحة خروجك للضرورة.
يا أختي لو صَدَقَتْ نيّتُك وصحّتْ عزيمتُك لامتدت إليك ألف يدٍ خيِّرة، ولسهل الله (تعالى) لك الأمور!، أليس هو القائل: ((وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ)) [الطلاق: 2، 3]؟.
أما أختنا المتملصة، فلها نقول:
ـ الكرامة وسمو القدر عند الله (تعالى) لا تكون بزركشة الثياب وبهرجة الألوان ومجاراة أهل العصر، وإنما تكون بطاعة الله ورسوله والالتزام بالشريعة الطاهرة والحجاب الإسلامي الصحيح، واسمعي قول الله (تعالى): ((إنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)) [الحجرات: 13].
خلاصة الأمر: في سبيل رضوان الله (تعالى)، ودخول جنته: يهون كل غالٍ ونفيس من نفس أو مال.
العذر الرابع:
جاء دور الرابعة، فقالت: (الجو حار في بلادي وأنا لا أتحمله، فكيف إذا لبست الحجاب؟)..(5/1038)
لمثل هذه يقول الله (تعالى): ((قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ)) [التوبة: 81].
كيف تقارنين حرّ بلادك بحر نار جهنم.
اعلمي ـ أختي ـ أن الشيطان قد اصطادك بإحدى حبائله الواهية، ليخرجك من حر الدنيا إلى نار جهنم، فأنقذي نفسك من شباكه، واجعلي من حر الشمس نعمةً لا نقمة، إذ هو يذكرك بشدة عذاب الله (تعالى) الذي يفوق هذا الحر أضعافاً مضاعفة، فترجعي إلى أمر الله وتضحي براحة الدنيا في سبيل النجاة من النار، التي قال (تعالى) عن أهلها: ((لا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْداً وَلا شَرَاباً (24) إلاَّ حَمِيماً وَغَسَّاقاً)) [النبأ: 24، 25].
خلاصة الأمر: حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات.
العذر الخامس:
لنستمع الآن إلى عذر الخامسة، حيث قالت: أخاف إذا التزمت بالحجاب أن أخلعه مرة أخرى؛ فقد رأيت كثيرات يفعلن ذلك!!.
وإليها أقول: لو كان كل الناس يفكرون بمنطقك هذا لتركوا الدين جملة وتفصيلاً، ولتركوا الصلاة؛ لأن بعضهم يخاف تركها، ولتركوا الصيام؛ لأن كثيرين يخافون من تركه.. إلخ.. أرأيت كيف نصَبَ الشيطان حبائله مرة أخرى فصدك عن الهدى؟.
والله (تعالى) يحب استمرار الطاعة حتى ولو كانت قليلة أو كانت مستحبة، فكيف إذا كانت واجباً مفروضاً مثل الحجاب؟!.
قال: (أَحَبّ العمل إلى الله أدومه وإن قل).. لماذا لم تبحثي عن الأسباب التي أدت بهؤلاء إلى ترك الحجاب حتى تجتنبيها وتعملي على تفاديها؟.
لماذا لم تبحثي عن أسباب الثبات على الهداية والحق حتى تلتزميها؟.
فمن تلك الأسباب: الإكثار من الدعاء بثبات القلب على الدين كما كان يفعل النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكذلك: الصلاة والخشوع، قال (تعالى): ((وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إلاَّ عَلَى الخَاشِعِينَ)) [ البقرة: 45]، ومنها: الالتزام بكل شرائع الإسلام ـ ومنها: الحجاب ـ قال (تعالى): ((وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً)) [النساء: 66].
خلاصة الأمر: لو تمسكت بأسباب الهداية وذُقتِ حلاوة الإيمان لما تركتِ أوامر الله (تعالى) بعد أن تلتزميها.
العذر السادس:
الآن ها هي ذي السادسة، فما قولها؟ قالت: قيل لي: (إذا لبست الحجاب فلن يتزوجك أحد، لذلك سأترك هذا الأمر حتى أتزوج).
إن زوجاً يريدك سافرة متبرجة عاصية لله هو زوج غير جدير بك، هو زوج لا يغار على محارم الله، ولا يغار عليك، ولا يعينك على دخول الجنة والنجاة من النار.
إن بيتاً بني من أساسه على معصية الله وإغضابه حَقّ على الله (تعالى) أن يكتب له الشقاء في الدنيا والآخرة، كما قال (تعالى): ((وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ أَعْمَى)) [طه: 124].
وبعدُ، فإن الزواج نعمة من الله يعطيها من يشاء، فكم من متحجبة تزوجت، وكم من سافرة لم تتزوج.(5/1039)
وإذا قلت: إن تبرجي وسفوري هو وسيلة لغاية طاهرة، ألا وهي الزواج، فإن الغاية الطاهرة لا تبيح الوسيلة الفاجرة في الإسلام، فإذا شرفت الغاية فلا بد من طهارة الوسيلة؛ لأن قاعدة الإسلام تقول: (الوسائل لها أحكام المقاصد).
خلاصة الأمر: لا بارك الله في زواج قام على المعصية والفجور.
العذر السابع:
وما قولك أيتها السابعة؟ قالت: (لا أتحجب؛ عملاً بقول الله (تعالى): ((وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ)) [الضحى: 11]، فكيف أخفي ما أنعم الله به عليّ من شعر ناعم وجمال فاتن؟).
أختنا هذه تلتزم بكتاب الله وأوامره ما دامت هذه الأوامر توافق هواها وفهمها!، وتترك هذه الأوامر نفسها حين لا تعجبها، وإلا فلماذا لم تلتزم بقوله (تعالى): ((ولا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا)) [النور: 31]، وبقوله (سبحانه): ((يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ)) [الأحزاب: 59].
بقولك هذا يا أختاه تكونين قد شرعت لنفسك ما نهى الله (تعالى) عنه، وهو التبرج والسفور، والسبب: عدم رغبتك في الالتزام.
إن أكبر نعمة أنعم الله بها علينا هي نعمة الإيمان والهداية، ومن ذلك: الحجاب الشرعي، فلماذا لم تظهري وتتحدثي بأكبر النعم عليك؟.
خلاصة الأمر: هل هناك نعمة أكبر للمرأة من الهداية والحجاب؟.
العذر الثامن:
نأتي إلى أختنا الثامنة، التي تقول: ( أعرف أن الحجاب واجب، ولكنني سألتزم به عندما يهديني الله).
نسأل هذه الأخت عن الخطوات التي اتخذتها حتى تنال هذه الهداية الربانية؟.
فنحن نعرف أن الله (تعالى) قد جعل بحكمته لكل شيء سبباً، فكان من ذلك أن المريض يتناول الدواء كي يشفى، والمسافر يركب العربة أو الدابة حتى يصل غايته، والأمثلة لا حصر لها.
فهل سعت أختنا هذه جادة في طلب الهداية، وبذلت أسبابها من: دعاء الله (تعالى) مخلصة كما قال (تعالى): ((اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ))[الفاتحة: 6]، ومجالسة الصالحات؛ فإنهن خير معين على الهداية والاستمرار فيها، حتى يهديها الله (تعالى)، ويزيدها هدى، ويلهمها رشدها وتقواها، فتلتزم أوامره (تعالى) وتلبس الحجاب الذي أمر به المؤمنات؟.
خلاصة الأمر: لو كانت هذه الأخت جادة في طلب الهداية لبذلت أسبابها فنالتها.
العذر التاسع:
وما قول أختنا التاسعة؟، قالت: (الوقت لم يحن بعد، وأنا ما زلت صغيرة على الحجاب، وسألتزم بالحجاب بعد أن أكبر، وبعد أن أحج!).
ملك الموت، أيتها الأخت، زائر يقف على بابك ينتظر أمر الله (تعالى) حتى يفتحه عليك في أي لحظة من لحظات عمرك.(5/1040)
قال (تعالى): ((فَإذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَاًخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ)) [الأعراف: 34]، الموت يا أختاه لا يعرف صغيرة ولا كبيرة، وربما جاء لك وأنت مقيمة على هذه المعصية العظيمة تحاربين رب العزة بسفورك وتبرجك.
يا أختاه سَابقي إلى الطاعة مع المسابقين، استجابة لدعوة الله (تبارك وتعالى): ((سَابِقُوا إلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ)) [الحديد: 21].
يا أختاه: لا تنسي الله (تعالى) فينساك، بأن يصرف عنك رحمته في الدنيا والآخرة، وينسيك نفسك، فلا تعطينها حقها من طاعة الله وعبادته.. قال (تعالى) عن المنافقين: ((نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ)) [التوبة: 67]، وقال (تعالى): ((وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ)) [الحشر: 19]، أختاه: تحجبي في صغر السن عن فعل المعاصي؛ لأن الله شديد العقاب سائلك يوم القيامة عن شبابك وكل لحظات عمرك.
خلاصة الأمر: ما أطول الأمل!!، كيف تضمني الحياة إلى الغد؟.
العذر العاشر:
وأخيراً قالت العاشرة: (أخشى إن التزمت بالزي الشرعي أن يطلق علي اسم جماعة معينة وأنا أكره التحزب).
أختاه في الإسلام: إن في الإسلام حزبين فقط لا غير، ذكرهما الله العظيم في كتابه الكريم، الحزب الأول: هو حزب الله، الذي ينصره الله (تعالى) بطاعة أوامره واجتناب معاصيه، والحزب الثاني: هو حزب الشيطان الرجيم، الذي يعصي الرحمن، ويكثر في الأرض الفساد، وأنت حين تلتزمين أوامر الله ـ ومن بينها الحجاب ـ تصيرين مع حزب الله المفلحين، وحين تتبرجين وتُبْدين مفاتنك تركبين سفينة الشيطان وأوليائه من المنافقين والكفار، وبئس أولئك رفيقاً.
أرأيتِ كيف تفرِّين من الله إلى الشيطان، وتستبدلين الخبيث بالطيب، ففري يا أختي إلى الله، وطبقي شرائعه ((فَفِرُّوا إلَى اللَّهِ إنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ)) [الذاريات: 50]، فالحجاب عبادة سامية لا تخضع لآراء الناس وتوجيهاتهم واختياراتهم؛ لأن الذي شرعها هو الخالق الحكيم.
خلاصة الأمر: في سبيل إرضاء الله (تعالى) ورجاء رحمته والفوز بجنته: اضربي بأقوال شياطين الإنس والجن عرض الحائط، وعضي على الشرع بالنواجذ، واقتدي بأمهات المؤمنين والصحابيات العالمات المجاهدات.
خاتمة:
الآن يا أختاه أحدثك حديث الصراحة:
جسدك معروض في سوق الشيطان، يغوي قلوب العباد: خصلات شعر بادية، ملابس ضيقة تظهر ثنايا جسمك، ملابس قصيرة تبين ساقيك وقدميك، ملابس مبهرجة مزركشة معطرة تغضب الرحمن وترضي الشيطان.. كل يوم يمضي عليك بهذه الحال يزيدك من الله بعداً ومن الشيطان قرباً، كل يوم تنصبّ عليك لعنة من السماء وغضب حتى تتوبي، كل يوم تقتربين من القبر ويستعد ملك الموت لقبض روحك: ((كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ المَوْتِ وَإنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا إلاَّ مَتَاعُ الغُرُورِ)) [آل عمران: 185].(5/1041)
اركبي ـ يا أختاه ـ قطار التوبة قبل أن يرحل عن محطتك.
تأملي ـ يا أختاه ـ في هذا العرض اليوم قبل الغد.
فكِّري فيه ـ يا أختاه ـ الآن قبل فوات الأوان.
-----------
الهوامش :
1) أخرجه الإمام أحمد.
ـــــــــــــــــــ
العفيفة
عبدالعزيز السويدان
الحمد لله القائلِ في كتابه الكريم : (( فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض فالذين هاجروا و أخرجوا من ديارهم و أوذوا في سبيلي و قاتلوا و قتلوا لأكفرن عنهم سيئاتهم و لأدخلنهم جنات تجري من تحتها الأنهار ثواباً من عند الله و الله عنده حسن الثواب ))
كانت تمشي في السوق مِشيةً مثيرةً متكسّرة ، مزهوّةً بقوامها و عباءتِها الجميلةِ المُخَصَّرَةِ الجذّابةِ جداً ، والتي أبرزت معالِمَ جِسْمِها ، وأضفتْ على قَوامِها نُعومةً ورِقّة .. ولا فُستان سهرة !! ، فمرّت بأختٍ لها من النساء ، فتحسّرت تلك الأخرى و هي ترى ما تلبّست به أختُها من معالمِ الفتنةِ و الإغراءِ و جذْبِ الأنظار ، فخافت عليها من عقاب الله ، نعم .. خافت عليها من عقابِ الله ، و أشفقت عليها من سَخَطِه ، فلم تستطع إلاّ أن تُبادِرَها قائلةً لها : ( يا أختي .. يا أختي تستّري ستر اللهُ عليَّ و عليك في الدنيا و الآخرة ) ، فسبحان من أوقع كلامَها في سويداءِ قلبِ تلك المرأة ، فطأطأت رأسَها و قالت : ( إلى هذه الدرجة !!؟؟ ) ، قالت : ( إي و الله .. ألا ترين نظراتِ الرجال ؟ ) ، فتلفّتت حولها فما هو إلاّ كما قالت ، ثم التفتت إليها و قالت : ( أتدرين أنكِ أوّلُ واحدة تقول لي مثلَ هذا الكلام ؟.. لا أمِّي ، ولا أبي ، ولا أَحَدَ من أهلي ، ولا حتى صديقاتي قدّموا إليَّ هذه الملاحظة !! ) ، (ربما استحوْا مِنْكِ ؟) ، (لا بالعكس .. هم ينتقدون بعض الفساتين إللّي ألبسْها ، وبعضَ الألوان إللّي اختارها ، لكن العباءة .. ولا مرّة .. ، حتّى اللِّي ما يَلْبَسون نوعيّة هاذي العباءة ولا مرّة قالوا شيْ !! ) ، ( تتوقعين إنّ هاذي العباءة حرام ؟؟) ، ( يا أختي أنا متأكّدة إنها حرام .. لأن هاذي العباءة صُمِّمَت أصلاً لتُعطي إللي تلبسها نعومة وجمال وإثارة ، وهاذي الأمور.. يجب على المرأة أن تسترها .. ولاّ تُظهِرْها وتمشي بها بين الرجال ؟؟) ، ( لكن ..أنا ما أقصد إظهارها للرجال) ، ( أنا عارفة ياأختي ..لكن الأثم أحياناً يكون على القصد السّيّء ، وأحيناً يكون على العمل نفسِه ولو لم يكن القصد سيّء ) ، ( سبحان الله ..صحيح هذا الكلام ؟؟!!) ، ( نعم ، شوفي يا أختي .. ، هاذي العباءة واللهِ ما فيها خير ، وما تجيب إلاّ الشرّ.. ، وأحلفْ لِك إنّ الرِّجال ، يحترمون المرأة اللي تلبس عباية الرأس العاديّة ، أكثرْ من اللي تلبس العباءة المخصّرة أوالمغربية أو مثلَها من أنواع العِبيّ ، حتّى الفسّاق أهلُ المعاكسات ما يَجْرَئون على إزعاجها ، ثم لاتنسين ياأختي .. إنّ هناك رب ، وحساب ، وجنّة ونار.. الله يجعلني وياكِ من أهل(5/1042)
الجنة ، ويِبْعِدْني وإياكِ عن أهل النار ) ، ( والله كلامِك صحيح ..الله يجزيكِ خير.. الله يجزيكِ خير ..استغفر الله العظيم وأتوب إليه ، استغفر الله العظيم وأتوب إليه )
( وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين * وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين)[ 83 ، 84 المائدة ]
أختي الكريمة .. مشهدُ النّصيحةِ هذا .. بوِدِّي لو يتكرّر ، بوِدّي لو تنصحُ كلُّ مسلمةٍ أختَها ، بوِدّي لو تنصحين أنتِ كلَّ مسلمةٍ.. سواءً كنتِ امرأةً متزوجة ، أو كنتِ طالبةً في المدرسةِ ، أو في الكلية ، تنصحين من ترين أنها تستدعي النُّصحَ من أَخَواتِكِ المؤمنات ، فالمؤمنون والمؤمنات ، كما قال الله تعالى ، أولياء يتعاونون على البر والتقوى ( و المؤمنون والمؤمناتُ بعضُهم أولياءُ بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاةَ ويُطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيزٌ حكيم )
أختي العفيفة .. حتّى متى نُسْرِفُ على أنفسنا ؟ ، استمعي إلى ما قالته أمُّ سلمة رضي الله عنها .. ، قالت (استيقظَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم من الليل وهو يقول: لا إلهَ إلا اللّه!! ، ماذا أُنْزِلَ الليلةَ منَ الفتن؟ ، ماذا أُنزِلَ من الخزائن ؟ من يوقظُ صواحبَ الحُجُرات؟ [ يقصِد زوجاتِه (صلى الله عليه وسلم)] كم من كاسيةٍ في الدنيا عاريةٌ يومَ القيامة) ، ولاحظي لفظة ( كم من ) في قوله : (كم من كاسيةٍ في الدنيا عاريةٌ يوم القيامة ) فهذه اللَّفْظة تعني الكَثْرة ، يعني : أن النساءَ العارياتِ يوم القيامة كثيراتٌ جدّاً ( نسأل الله السِّتْرَ والسلامة ) ، إذن فالمسألة ليست زِيّاً تلبسينه وانتهى الأمر .. ، لا ، ليس بهذه البساطة !! ، هناك مراقبةٌ لكل فِعْل ، وتسجيلٌ لكل حركة ، ومحاسبة ، وعقاب ، وثواب ، ولذلك .. انظري كيف كان إيمانُ الصحابيات وشدّةُ تأثِّرِهِنَّ بالأحاديث ، يقول الزُّهري : وكانت هند بنتُ الحارث(رضي الله عنها) ، وهي التي روت الحديث عن أم سلمة ، كانت لها أزرارٌ في كُمَّيْها بين أصابعها ، والمعنى ، أنها كانت تخشى أن يبدو من جَسَدِها شيء بِسَببِ سَعةِ كُمَّيْها ، فكانت تُزرِّرُ ذلك لئلا يبدوَ منه شيءٌ ، خوفاً من أن تدخلَ في قولِه (صلى الله عليه وسلم) (كاسيةٍ في الدنيا عاريةٌ يوم القيامة) ، .
قال الحافظ بنُ حجر في شرحه للحديث : أنه (صلى الله عليه وسلم) حذّر النساء من لِباس الرقيقِ من الثيابِ الواصفةِ لأجسامهن ، لئلا يَعْرَيْنَ في الآخرة ، واخْتلَفَ العلماءُ في المُرادِ بقوله: «كاسية وعارية» ، وإن كانت المحصِّلةُ وخيمةً على أيِّ حال ، اختلفوا على أوجه ، أحَدُها : كاسيةٌ في الدنيا بالثياب لوجود الغِنَى ، عاريةٌ في الآخرة من الثَّواب ، لعدم العمل على طاعة الله وتركِ مساخطه في الدنيا ، ثانيها : كاسيةٌ بالثياب نعم .. لكنها ثيابٌ شفافةٌ أو رقيقةٌ أوضيِّقة تُبدي مفاتِنَها ، فتُعاقَبُ في الآخرة بالعُري جزاءً على ذلك ، ثالثها : كاسيةٌ جسدَها ، لكنها تشُدُّ خمارَها من ورائها ، فيبدو صدرُها ، فتصير عاريةً ، فتُعاقب في الآخرة ، الحاصل أنّ اللفظة.. وإن وَرَدَتْ في أزواج النبي (صلى الله عليه وسلم) ، لكن العبرة بعموم اللفظ ، قال العلماء : فأراد (صلى الله عليه وسلم) تحذيرَ أزواجِه من ذلك كلِّه، وكذا تحذيرَ غيرِهن مّمن بَلَغه ذلك ، ولذلك تقول أم سلمة (رضي الله عنها) « لَمَّا نَزَلَتْ { يُدَنِينَ(5/1043)
عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلاَبِيبِهِنَّ} خَرَجَ نِسَاءُ الأنْصَارِ كَأَنَّ عَلَى رُؤوسِهِنَّ الْغِرْبَانَ مِنَ الأكْسِيَةِ». وهو ما حَمَل عائشةَ(رضي الله عنه) لأن تُثنيَ على نساء الأنصارِ بذلك وتقولُ فيما ورد : (( إن نساءَ قريشٍ لَفُضَلاء ، ولكني واللهِ ما رأيتُ أفضلَ من نساء الأنصارِ أشدَّ تصديقاً بكتاب الله ولا إيماناً بالتنزيل ، يعني لمّا نَزَلت آياتُ الأمرِ بالحجاب ، بادرْن إلى الالتزامِ بالحجابِ كلُّهُنّ بلا استثناء مباشرةً دون تردد ، تقول : ما منهن امرأة .. ما منهن امرأة إلا قامت إلى مِرْطها [ وهو الكساءُ من الصوف ] يعني استترْن بتلك الأكسية ، فأصبحن يصلين الصبح معتجِرات [ أي بتلك الأكسية ] كأن على رؤوسهن الغِربان» .
أختي الكريمة .. أنا وأنتِ نتّفق أنّ اللهُ تعالى هو الأعلمُ بعبادِه كما جاء في الآية: ( هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض ) ، فهو سبحانه يعلم ، أنّ المرأةَ هي أضرُّ فتنةٍ على الرجال ، كما قال (صلى الله عليه وسلم) : ( ما تركت بعدي فتنةً أضرَّ على الرجال من النساء ) ، ولذلك صحّ أنه (صلى الله عليه وسلم) قال : ( المرأةُ عورة إذا خرجت [ يعني من بيتها ] استشرفها الشيطان ) [أي زينها في نظر الرجال ليفتنهم بها ] ولذلك قال الأمام بن المبارك : ( المرأة عورة ، وأقربُ ما تكونُ إلى الله في قَعْرِ بيتها ، فإذا خرجت استشرفها الشيطان.) ، واللهُ تعالى يعلم أيضاً ، أنّ من طبيعةِ الفسّاقِ والمنافقين أذيّةَ النساء المفرِّطاتِ بالحجاب ، لأنّ الاستهانةَ بالحجاب ، أو بهيئةِ الحجاب ، يدعو السِّفلةَ والفُسَّاقَ المتسكّعين في الأسواق والطرقات ، إلى التّعرُّضِ و الأذى و النظر بشهوة ، وهذا من الفساد !! و الله لا يحبُّ الفساد ، فقال تعالى مُرْشداً وآمراً : ( يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين [يعني من قِبَلِ الفُسّاق] وكان الله غفوراً رحيما ) ، فكانت تلك الاستجابةُ العظيمةُ من نساءِ الصّحابة كما وصفت أمُّ المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها .
أختي العفيفة .. ونحن نسير نحو حالٍ أرشد ، ومستوىً إيمانيٍّ أفضل ، سنقفُ أنا وأنتِ اليوم إن شاء الله تعالى وقَفَاتٍ مهمّة ، ونحاول أن نتأمّلَ عند كلِّ وَقْفَة ، ونوضِّحَ بعضَ المفاهيمَ والثّوابتَ المهمّة ، ثم نُقرِّرُ سويّاً [إن شاء الله] أهمّيّةَ العنايةِ بها ، وهكذا نصنعُ عند كلِّ وقفة .. حتى نَصِلَ إلى بَرِّ الأمانِ.
الوقفةُ الأولى :
(عِلَّةُ الحياة)
طالما قرأنا قوله تعالى : ( وما خلقت الجن والإنس إلاّ ليعبدون ) لكننا لم نتأمّل بشكلٍ جاد في مدى مطابقة واقعنا لهذه الآية العظيمة ، ربما لو سألتُكِ : ما العِلَّةُ من إيجادكِ في هذه الحياة ؟ لبادرْتِ قائلةً بكل بساطة: لعبادة الله تعالى .. ، أليس كذلك ؟ ، أقول بلى هو كذلك .. ، لكنْ هذه الإجابةُ السطحيّة ليست مقصودةً في هذا المقام ، فلسنا في مدرسةٍ ولا في قاعةِ امتحان.. ، إذن ما المقصود من السؤال ؟ ، المقصود من السؤال هو استشعار أبعادِ الإجابةِ الآنفة .. ، لعبادة الله تعالى ، استشعار مقتضياتِها ، استشعار معناها الحقيقي ، استشعار الجانب العملي الواسع لمفهومِ العبادة .. ، هل يا تُرَى يَقْتَصِرُ مفهومُ العبادةِ في أذهاننا على الصلاةِ و الزكاةِ والصومِ والحج ، أم إنّ للعبادةِ مفهوماً أوسع ؟؟ ، ومَن أفصحُ وأصدقُ من القرآن ليُجِيبَ على هذا التّساؤل ..(5/1044)
يقول الله تعالى : ( قل إنّ صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين ) ، لاحظي الجمع بين الصلاة والحياة ، صلاتي..ثم قال .. ومحياي ، فكلاهما للهِ رب العالمين ، فلئِن تَبَادَرَ إلى الذّهن عند ذِكْرِ العبادة.. "الصلاة" .. فلا تحْجِزِي دونها الحياةَ بأكْمَلِها .. فإنها أيضاً للهِ رب العالمين ، الصلاةُ لله ، والحياةُ لله ، بل حتّى المماتُ لله!! ، والحياة ..
أختي الكريمة .. تشمل كلَّ نشاطٍ تقومين به في حياتِكِ ، حتى إماطةُ الأذى عن الطريق ، الذي بعتبِرُهُ مُعظَمُ الناس مُجرَّدَ سلوكٍ حضاريّ.. هو أيضاً لله ، أي أنّه عبادة كما صح في الحديث ، بل حتى المشاعرُ وخوالجُ القلب كلُّها عبادات يجب أن تُصْرف لله لاشريك له ، فالحبُّ والبغض ، والموالاة والمعاداة ، والخوف والرجاء ، والرغبةُ والرهبة ، والخضوعُ والتوكل .. كل هذه المشاعرِ القلبية عباداتٌ عظيمة ، وليس الصلاة والصوم فقط ، ويجب أن تكون كلُّها خالصةً لله ، ولا تتصوَّري أنّ هناك تعقيداً أو صعوبةً في هذا المفهوم أو في ممارسته ، أبداً..أبداً ..الأمر فقط يحتاجْ إلى حضور قلب ونيّة ، فمُمارسةْ هذا المفهومِ الشّامل إذاً ، هي العبادةُ بعينها ، بل إنّ العبدَ [وأقصدْ بالعبد ، الرّجُل والمرأة على حدٍّ سَواء] العبد ، لا يكونُ عبداً حُرّاً من كلِّ قيْد ، ... حُرّاً من كلِّ قيْد ، من كلِّ قيد أقول .. ، حتى يُجَرِّدَ هذه المشاعرَ القلبيةَ للهِ وحدَه لا شريكَ له ، فلا يجمع بين المتضادّات في قلبه ولا في سلوكه ، فيزعُمُ إخلاصَ المحبةِ للهِ مثلاً .. يقول : (أنا أحبُّ الله وحده لاشريك له ، وأنا مُخلِص في حُبِّي لربّي [وإخلاصُ المحبّةِ أعظمُ عبادة] ثم بعدَ كُلِّ هذا التعبير الجازم والتأكيد على محبّةِ الله.. يُجاهِرُ بمعصيته ..!! ، كيف؟ ، ويباهي بها .. ، ويُصِرُّ عليها..كيف؟ ، أين إخلاصُ المحبَّةِ للهِ إذن ، أين ؟؟ ، لأن المتعارفَ عليه .. أنّ مِن مقتضياتِ المحبّةِ الكاملةِ الخالصة .. طاعةَ المحبوب ، إذا أحببتِ بإخلاص .. ما الذي تحرصين عليه ..؟ إرضاءُ من تُحِبِّين أم إسخاطُه ؟؟ ، طاعتُه أم معصيتُه ؟؟ ، ثم بِناءً على محبّتِكِ لله .. من وماذا تحبين ؟ ، فإذا كان الجواب : لأنّي أُحِبُّ الله ، فإنّي أحبُّ ما يحبّه الله !! ، .. نقول هذا الكلام جميل ..!! لكن إذا كان في قلبِكِ مكانٌ للفسقةِ ، والعُصاةِ المجاهرين بالمعاصي ، فتحبّين المطربة الفلانية ، وتُعجَبين بالمطرب أو الممثّل الفلاني ، فينبغي مراجعةُ كلامِكِ السابق ، فالتناقض ، والازدواجيّة بين ضِدّين أمْرٌ مرفوض ، فإنّ المُحِبَّ الصّادق ، لا يَخلِطُ في محبّتِه بين حبيبِهِ ومن يُسخِطُ حبيبَه ، فالعبرة إذن ليست في محبّةِ اللهِ عزّ وجلّ .. ، فكلٌّ يدّعي محبّةَ الله ، ولكنّ العبرةَ في محبَّةِ ما يُحِبُّ اللهُ جلّ وعلا من الأعمال ، والهيئات[ أي الأشكال] ، والأقوال ، ... ولذلك امتحن الله الناسَ رجالاً ونساءً بهذه العبادةِ العُظمى قائلاً : ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله) ، فالاتباع ، والخضوعُ لأمر اللهِ ورسولِه ، هو برهانُ المحبّة ، وقال تعالى : ( قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموالٌ اقترفتموها وتجارةٌ تخشون كسادها ومساكنُ ترضونها أحبَّ إليكم من الله ورسوله وجهادٍ في سبيله فتربّصوا حتى يأتيَ الله بأمره و الله لا يهدي القوم الفاسقين ) ، وواللهِ يا أختي .. إنّ السعادةَ الحقيقة ، لا السعادةَ الوهميةَ الآنيَّةَ الخادعة..لا .. ، هذه يشترك فيها معظمُ الناس ، العصاة ، الفجرة ، بل حتّى الكُفّار ، يضحكون مِلءَ أفواههم اليوم ، ويحسَبون أنّهم سُعداء .. ثم يقطِّعُهُم البكاءُ من الغد !!(5/1045)
، لا ..لا.. ، أنا أتكلّم عن شيءٍ آخر ، أنا أتكلّم عن السعادة الحقيقية ، سعادةِ الإيمان ، السعادة التي تجدينها عندما تنفرِدِين بنفسِك ، ما معكِ أحدٌ إلاّ الله .. ، فَتَشْعُرينَ بسعادةِ مناجاتِه والأُنسِ به تبارك في عُلاه ، ولا تجدين ما يُنَغِّصُ عليكِ هذا الأُنسَ والانشراح من أنواعِ المعاصي ، ويتحقّقُ اتّصالٌ مُباشر بينَ قلبِكِ وبين من تُحبِّين بكُلِّ صدقٍ وإخلاص ، اتّصالٌ مباشرٌ بين قلبِكِ وبين الله ، هذه هي السّعادةُ التي أعنيها ، السعادة الممتدّة عبر هذه الحياةِ القصيرة إلى ما بَعْدَ هذه الحياة ، السعادة الأزليّة التي لا تنتهي ، لا تنتهي ، فهي معكِ حيثُما كُنتِ ، وحيثُما تقلّبَ بِكِ الزّمان ، في السّرّاءِ والضّرّاء ، في الغِنى والفقر ، في الصِحّة والمرَض ، إنّه السّرور الذي تجدينه في الحياة ، وأثناءَ الاحتضارِ عند توديعِ الحياة ، وبعد الموتِ وأنتِ لِوَحدِكِ في القبر ، وعند النشور في يومِ العرْضِ الأكبر ، يومِ الحساب ، كما قال اللهُ تعالى مُبشّراً : ( فأمّا من أوتي كتابه بيمينِه فسوف يُحاسَب حساباً يسيراً وينقلِبُ إلى أهلِهِ مسروراً) هذا السرور وهذه السعادة .. ، لا تتحقق إلاّ بتجريدِ العبوديّةِ كلِّها لله تعالى كما ذكَرْتُ آنِفاً ، فالحياةُ الطّيّبة ، التي هي حياةُ الطُّمأنينة ، وراحةِ البال ، وراحةِ الضمير ، لا يُمكِن أن تتحقق إلاّ بتجريد المشاعرِ والأفعالِ لله تعالى ، كما قال تعالى : ( من عمل صالحاً ممن ذكرٍ أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينّه حياةً طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ) ، نعم .. حياةً طيبةً في
الدنيا ، و حياةً أطيبَ منها في الآخرة ، والآن أعود وأسأل .. هل تصوّرتِ هذا المفهومَ الواسعَ للعبادة لمّا أجبْتِ على السؤالِ المتقدِّم ، لمّا سألتُكِ فقُلْتُ: ما العِلَّةُ من إيجادِك ؟ فقلتِ : عبادةَ الله ، هل تصوّرتِ هذا المفهومَ الواسعَ للعبادة لمّا أجبْتِ على السؤال ؟ ، فإن كانت الإجابة ( لا..لم أتصوّر هذا المفهومَ الواسع ) فيلْزَمُكِ استدراكُ الخلل ، واستكمالُ مفهوم العبادة بشكلٍ شاملٍ وعمليّ ، ومحسوس ، راجعي أختي ..راجعي ، راجعي مدى مطابقةِ سلوكيّاتِك لما يحتويهِ قلبُكِ من مشاعرِ العبادة ، عسى اللهُ أن يُعِينَكِ ويأخُذَ بيدِكِ ، .. وأمّا إن كانت الإجابة ( نعم .. كنت أتصور هذا المفهوم ) ..فالحمد لله إذن ، ولْنَنْطلِقْ في طريقنا نحو التطبيق العملي .. وهو السلوك ..
الوقفة الثانية :
( السلوك )
السلوك أختي الكريمة .. هو مصداق ما في القلب مِن أعمال ، ولأنّ أعمالَ القلب أصلُ مَيْدانِها.. أصلُ مكانِها القلب ، فهي إذن خفيّة مستترة ، القلب .. لا أحَدَ يستطيعُ أن يَشْهَدَ بما فيه من صِدْق ، وإخلاص ، ومحبّةٍ لله ، وخضوع ، ورهبة ، وخشية ، وتعظيم ، وغيرِها من الأعمالِ القلبية ، فالسبيلُ الوحيد إذن لمعرفةِ قيامِ أعمالِ القلب هذه وحقيقتِها ما هي؟ .
هي عَمَلُ الأركان ، عملُ الجوارح ، فالقلبُ إذا أخلص العبادةَ لله ، فاض ذلك الإخلاصُ على أركان الجسدِ كلِّه ، فيتحرك الجسد بما يُمليهِ عليه قلبُ المخلصِ المحبِ الله ، فالسلوك إذن .. ، ماذا تقولين ، ماذا تفعلين ، ماذا تلبسين ، كيف تتعاملين مع نصوصِ القرآن وأوامرِ النّبيّ (صلى الله عليه وسلم) وإرشاداتِه ، .. هذا السلوك ، هو انعكاسٌ حيٌّ ظاهرٌ محسوس لما استتر في القلب من إيمان ، ومشاعر ،(5/1046)
وتعظيم وإجلال لله تبارك وتعالى ، والآن .. هل يُمكن أن تتصوَّري وجودَ صدْقٍ وإخلاص وحبٍّ لله ، ورهبةٍ وخشيةٍ منه ، وتعظيمٍ له ، في قلْبِ من إذا غادرت البلادَ ، وهي على مَتْنِ الطائرةِ بعْدُ ، لم تَمَسَّ قدمُها الأرضَ التي هي مُسافِرةٌ إليها ، كان من سلوكِها أنْ خلعت العباءةَ والحجاب ، ثم طوتْهُما ، كأن لم تكن بينها وبينَهما مودّة ، وحشرتْهما في شنطتها ، كَمَنْ يُخْفي عَيْباً !! ، ثم خرجت أمام أعينِ الناس مُسْفرةً عن كلِّ زينة !! ، أسألُكِ بكُلِّ أمانةٍ أُختي الكريمة ، هل يُمكن أن تتصوَّرِي صدْقاً وإخلاصاً للهِ في قلْبِ من تسلُكُ هذا السلوك ؟؟ ، هل يُمكن أن تتصوَّري تعظيماً للهِ وإجلالاً لأمره ونهيه في قلبِها؟؟ ، هل يُمكن أن تتصوَّري حُبّاً لما يُحِبُّه الله في قلبها ؟؟ ، هل يُمكن أن تتصوَّري ذلك ..
أُختاه يا بِنتَ الجزيرةِ ربما *** غَطَّى على عينيكِ فِكْرٌ أحمر
ولَرُبمَّا خدَعَتْكِ عَلمانيّةٌ *** ولَرُبمَّا أغراكِ ذِئبٌ أغبر
أُختاه يا بِنتَ الجزيرةِ هكذا *** وخنادقُ الباغينَ حولَكِ تُحفر
أو هكذا والحربُ تَضْرِبُ دَفَّها *** يُلقَى بيانُكِ بالسفور ويُنشَرُ
أو هكذا والملحدون تجمّعوا مِن *** حولِنا والطّامعون تجمهروا
أنسيتِ فاطمةَ التي لِحِجابها *** خَضَعَتْ فرنسا والعُصاةُ توتّروا
أنسيتِها .. أنسيتِ كيف تحدّثت *** عنها الوسائلُ كيف عَزَّ المَخْبَرُ
قد كنتِ أوْلَى أن تكوني قُدْوةً *** تدعو إلى إسلامِها وتُبشِّرُ
قد كنتِ أوْلَى أن تكوني للتُّقى *** رمْزاً يَجِلُّ به العَفافُ ويفْخرُ
أوّاهُ يا بِنتَ الجزيرةِ هكذا *** تتمرّدين لبِئسَ هذا المنظرُ
إنّ التِزامَكِ بالحجابِ تماسُكٌ *** والسّعيُ في نزْعِ الحجابِ تدهْورُ
إنّ التِزامَكِ بالحجابِ تقدُّمٌ *** والسّعيُ في نزْعِ الحجابِ تأخُّرُ
ماذا نقولُ لكعبةِ الله التي *** بالثَّوْبِ طُولَ زمانها تتستّر
فَنَزْعُ الحِجاب ، والتّفريطُ في الالتزامْ بهيئةِ الحجابِ الرّبّانيّةِ الشّرْعيّة ، هذا السلوكُ المَشين ، سلمكِ اللهُ منه ، سلوكٌ عمليّ .. ولا يُمكن أن ينعَزِلَ السلوكُ عمّا يُكِنُّه القلب ، إذِ القلب .. هو الذي يُفرِزُ السلوك ، هذه هي الحقيقةُ الناصعة مهما كابرَ المُكابِر ، وهو مصداقُ قوله (صلى الله عليه وسلم) : ( ألا إنّ في الجسد مُضغةً إذا صَلَحت صلح الجسدُ كلُّه وإذا فسدت فسد الجسدُ كلُّه ألا وهي القلب ) ، وأذكِّرُ هنا.. أننا قد اتّفقنا أنا وأنتِ من قبْلُ على مفهومِ العبادةِ الواسع والشّامل ، وأنّكِ تَعينه وتفهمينه جيّداً ، القضية أختي ليست صلاة وصوم فقط ، لا .. ، القضية أكبر وأبعدُ من ذلك ، إنّ العبادة تسليمٌ واستسلام ، تسليمٌ بربوبيَّةِ الله.. أنّه هو الخالق ، الرّزّاق ، مالكُ كلِّ شيء ، له وحدَه حقُّ الأمرِ و النهي كما جاء في الآية ( ألا له الخلق والأمر) ، هذا أوّلاً ، ومن ثَمّ .. ، استسلامٌ لأمره (سمِعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير ) وهذا ثانياً ، فالإستسلام ، الذي يعني السّمع والطّاعة ، هو نتيجةٌ حتْميّةٌ لإيماننا الكامل بربوبيّته ، ولذلك .. تريْنَ اللهَ عزّ وجلّ يُقسِم بذاتِه العظيمةِ جلّ وعلا .. ، يقسِمُ بذاتِه المقدّسة على هذا الأمر ، ولا يقسِمُ اللهُ بذاته إلاّ على أمرٍ عظيمٍ جدّاً ، وهذا الأمرُ العظيم هو صِدْقُ استسلامي واستسلامِكِ لأحكامِه وأوامرِه عزّ وجلّ ، قال تعالى : ( فلا وربِكَ [ ما الذي يُقسِمُ به اللهُ هُنا ؟ يُقْسِمُ بذاتِه سبحانه ] فلا وربِكَ لا يؤمنون حتى(5/1047)
يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلّموا تسليما) ، وتأمّلي أيّتها الفاضلة(أسْعَدَكِ اللهُ بطاعتِه) تأمّلِي في قوله تعالى : ( ويسلموا تسليما ) فلم يقل : ( ويسلّموا ) فقط ، لا.. ، بل أتى بالمفعولِ المطلق الذي هو المصدرُ هنا ( تسليما ) والذي يفيد التّوكيدَ الجازم على فَرَضِيّةِ التسليم لأحكام الله جلّ وعلا ، باطِناً وظاهِرا ، فقال مؤكِّداً وجازماً : ( ويسلّموا تسليما ) ، وإنّ من التسليم للهِ تعالى ، أن تشعُرَ المسلمة بالحياءِ من اللهِ خالقِها ، تشعُر بالحياء باطِناً وظاهِرا ، فالحياءُ في أصلِهِ شعورٌ قلبيّ ، لكنْ يظهرُ أثرُه على السّلوك بشكلٍ واضح ، الحياء .. يظهرُ أثرُه على السّلوك بشكلٍ واضح ، وهو عبادةٌ عظيمةٌ جدّاً جدّاً ، بيّن ذلك رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بقولِه : ( الحياءُ والإيمانُ قُرِنا جميعاً فإذا رُفِعَ أحدُهُما رُفِعَ الآخر ) ، سبحان الله !! ..إذا رُفِعَ الإيمان رُفِعَ الحياء ، وإذا رُفِعَ الحياء رُفِعَ الإيمان ، .. والآن .. هل من الحياء أن تخرُجَ المرأةُ المسلمةُ الموحِّدة في حفْلاتِ الزّواج ، أو أيَّةِ مناسَبَة ، بأزياء تكشِفُ مفاتِنَها أمام النساء ..؟؟ ، هل من الحياء أن تخرُجَ بفستان قصير فوق الركبة ، وآخر مشقوقِ الجنبين يُظهِرُ فخِذَيْها ، وآخر يكشِفُ صدرَها .. نِصْفَه أو أكثرَ من ذلك ، أو يكشِفُ كلَّ ظهرِها ، أو تخرج بفستانٍ ضيّق يُحجِّمُ مفاتِنَها ، أو غيرِها من الأزياءِ التي لا تليقُ بالمرأةِ العفيفة ، هل من الحياء .. الذي هو دليل الإيمان .. أن تخرُجَ المرأةُ بمِثلِ هذه الأزياء ..؟؟ ، أَوَ هكذا تسوقُنا الأهواءُ والشّهواتُ سَوْقَ النِّعاج..! ، نركُضُ وراء الموُضة بلا شعور !! ، نركضْ وراءَها رَكْضَ العُميان !! ، نركض وراء الموُضة بلا اعتبار لدين ولا أخلاق ولا حياء!! ، أين تميّزُ المسلمة عن غيرِها من نساءِ الكُفْرِ والإباحيّة ؟ ، أمّ سلمة (رضي الله عنها) ، أمّ سلمة التي ينبغي أن تكونَ قُدْوةً لكِ ولكلِّ مسلمة ، لمّا سمِعت رسولَ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) يقول : ( من جرّ ثوبه خيلاء لم ينظرِ الله إليه يوم القيامة ) ، جاءت إليه تسألُهُ باهتمامٍ شديد ( فكيف يصنعُ النساءُ بذيولهنّ [ أي بطرفِ الفستان أو الثّوب ] ، قال : (يرخين شِبْراً ) ، فقالت : ( إذن تنكشفُ أقدامهنّ !!) ، قال : ( يُرخين ذراعاً ولا يزدن ) ، الله أكبر .. انظري .. ، انظري .. ، ما الذي أقلق أمَّ سلمة (رضي الله عنها) ؟؟ ، انكشافُ القدمين !! ، ..كيف تنكشفُ القدمان .. هذا هو الذي أقلقها ؟!! ، ..هل لكِ أن تتصوّري حياءً مثْلَ هذا الحياء أختي المسلمة ؟؟ ، ولمّا نعود إلى أصلِ الحكم الفقهي ، أقول : نعم .. ، نعم .. هناك من تحتجّ ببعضِ أقوالِ العلماء مِن أنّ حدودَ عورةِ المرأةِ أمام المرأة من السُّرّةِ إلى الرّكبة ، وهو قولٌ مَبْنِيٌّ على أن الأصل ، اشتراكُ المرأةِ مع الرّجلِ في الأحكام إلاّ ما خُصّت به المرأة ، فلمّا لم يأتِ بيانٌ خاصٌّ بالمرأةِ في حدودِ عورتِها بالنّسبةِ للمرأة ، قاس أصحابُ هذا القولِ على الحكمِ بالنسبة للرجال ، فقالوا : عورةُ المرأةِ أمام المرأة من السّرّةِ إلى الركبة أيضاً ، وقيّد بعضُهم جوازَ النّظرِ بأمْنِ الفتنة ، يعني إذا لم
يكن هناك فتنة ، فيجوزُ لها أن تنظرَ سِوى ما بينَ السّرّةِ والرّكبة ، واستدرك بعضُ العلماء على هذا القول بالتّفريق بين (حكمِ النّظر وحكمِ اللّباس) ، فقالوا : هناك أحكامٌ للنّظرِ وأحكامٌ لِلّباس ، فجوازُ نظرِ المرأةِ إلى صدرِ المرأةِ مثلاً ، لا يستلزِمُ جوازَ تكشُّفِها وارتداءِها ملابسَ الفاسقات ، فإنّ التّشبُّهَ بالفاسقاتِ بِلُبْسِ ملابِسِهِنّ الخليعةِ الفاضحةِ ، حرامٌ قطْعاً ، وإنّما أجزْنا النّظرَ لما تقتضيه حاجةُ المرأةِ من كشْفِ الثّديِ(5/1048)
للرَّضاعِ حالَ اجتماعِها بالنساءِ وما شابه ذلك ، وعلى أيِّ حال ..أختي الكريمة ، فهناك قولٌ فقهيٌّ قويّ يذهبُ إلى أنّ حدودَ عورةِ المرأةِ بالنّسبةِ للمرأةِ ، هي كما هي بالنّسبةِ للمحارم ، أي مواضعُ الزّينةِ مِن جسدِ المرأة ، وهي كالتالي : الشعر ، الذي هو موضعُ التّاج ، والنحر ، الذي هو موضعُ القِلادة ، واليدان والذراعان حتى العَضُدَيْن ، موضعُ الخاتَم و الأَسورةِ والدُّملُج ، والقدمان حتّى أسفلَ السّاقين ، موضِعُ الخَلْخال ، أمّا ما وراءَ هذه الحدودِ ، فحرامٌ كشفُهُ على الإطلاقِ ، سِوى للزّوج ، واستدلّوا على ذلك بالآيةِ الكريمة (وقل للمؤمناتِ يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ، ، ولا يبدين زينتهنّ [ أي زينتَهُنّ ذاتَها ويأتي تَبَعاً مواضعُ زينتِهِنّ ] إلاّ لبعولتِهِنّ أو آبائهِنّ أو آباءِ بعولتهِنّ ، ، إلى قولِه : أو نسائهن ) ، فجَمَعَ في حدود ما يجوزُ أن تُبدِيَه المرأةُ من أجزاءِ جسدِها ، جَمَعَ بين المحارمِ والنساءِ ، فحُكْمُهُما واحد ، .. ولذلك نرى نهْياً من الرّسولِ (صلى الله عليه وسلم) للرّجالِ أن يسمحْنَ لزوجاتِهِنّ أن يدخُلْنَ الحمّامَ الخاصّ بالنِّساء [ والمقصود : هو ذلك الحمّامُ الجماعي الخاصّ ، إمّا للرجالِ أو للنساء ، والذي يُخَصَّصُ في بعضِ البلاد من أجل غَسْلِ الجسد ، أشْبَهَ بالحمام التُّرْكي ، ويُخْشَى أن يكونَ فيه كشْفٌ للعورات ] ، قال (صلى الله عليه وسلم) : ( من كان يؤمن بالله واليومِ الآخِر فلا يُدخِلُ حليلتَه الحمّام ) ، رواه النَّسائي والتِّرْمذيّ وحسّنه ، وفي حديثِ أبي أيوبٍ (رضي الله عنه) بلفظ : (من كان يؤمن بالله واليومِ الآخِر من نسائكُم فلا يَدخُلِ الحمّام ) ، وعن أبي المُلَيْحِ الهُذَلِيّ ، أنّ نساءً من أهلِ حِمْص ، أو من أهلِ الشّام ، دخلْنَ على عائشةَ (رضي الله عنها) ، فقالت : ( أنتُنّ اللاتي يَدخُلْنَ نساؤكُنّ الحمّامات ؟! ، سمِعتُ رسولَ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) يقول : ( ما مِنِ امرأةٍ تضعُ ثيابَها في غيرِ بيتِ زوجِها إلاّ هَتَكَتِ السِّتْرَ بينها وبين ربِّها ) رواه التِّرمذيُّ وهو صحيح ، فتلك الآية ، وتلك الآثار تدُلُّ على أنّ الحياءَ لباسٌ للمسلمةِ لا تنزِعُهُ عنها ، سواءً أمام الرجال ، أو أمام النِّساء ، فالأزياءُ الخليعة التي يلبَسُها بعضُ النساء ، أو كثيرٌ من النساء في الحفَلات ، ويتباهيْن بها وبخلاعَتِها وتعريتِها لأجسادهن ، تناقِضُ الحياء ، ولا تليق أبداً بالمرأةِ المؤمنة ، ..
ظاهرةٌ أخرى تتعلقُ بالسلوكِ النّابعِ من مقدار إيمانِ المسلمةِ بحديثِ الرّسولِ(صلى الله عليه وسلم) ، إنّها ظاهرةُ السّفرِ بدونِ محرم ، فما هو مقدارُ إيمانُكِ أختي المسلمة بحديثِ النّبيِ(صلى الله عليه وسلم) الذي يقولُ فيه : ( لا تُسافرُ المرأةُ إلاّ مع ذي محرم ) رواه أحمد والبيهقي بسندٍ صحيح ، ولا تغترِّي أختي العفيفةُ ببعضِ الآراءِ الغريبةِ المُتساهلة ، الآراءِ التي لا تستندُ إلى دليل ، كالرّأيِ الذي يُجيزُ للمرأة السفرَ مع مجموعةٍ مأمونةٍ من النّساء ، فالحكمُ الشّرعي لا يؤخذُ من الآراءِ العقلانيّة التي تَأَثَّرَ أصحابُها بضغطِ الواقع وكثرةِ الأهواء فحرِصَوا على أن يُنشِئوا فِقْهاً يُناسبُ أمزجةَ النّاسِ ولو خالَفَ الدّليل ، فالحكمُ الشرعيّ لا يُؤخَذُ من تلك الآراء ، أُختي في الله ..إنّ الأمرَ دين ، والدِّين .. هو أعظمُ وأغلى شيءٍ يملِكُهُ الإنسان ، فلا يُؤخذُ مِن أصحابِ المناهجِ التي ترى أنّ التّيسيرَ ، في قولِه(صلى الله عليه وسلم) : ( يسِّروا ولا تُعسِّروا ) هو في اتّباعِ الأقوالِ الضّعيفةِ والآراءِ الشّاذّة ، هؤلاءِ لن يرفعوا عنكِ الإثمَ باتّباعِكِ لأقوالِهِم ، وإنّما يَعتصِمُ المسلمُ بالكتابِ والسنّةِ في مثلِ هذه الأمور ولو خالَفَ رغبةَ النّفس ، ومِن ثَمّ يطلُبُ البراءةَ لدينِه ، ولقد أعْفَىَ النبيُّ (صلى الله عليه(5/1049)
وسلم) رجلاً من الجهادِ في سبيل الله من أجلِ أن يُسافرَ مع زوجتِه إلى الحج ، ولو كان سفرُ المرأةِ لوحدِها مع النساءِ مُباحاً لرخّص لها النّبيُّ (صلى الله عليه وسلم) في ذلك ، فعن ابن عباس: « أَنَّه سَمِعَ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ يَقُولُ: لاَ يَخْلُونَّ رَجَلٌ بِامْرَأةِ إلاَّ وَمَعَها ذو مَحْرَمٍ وَلاَ تُسَافِرُ الْمَرْأةُ إِلاَّ مع ذِي مَحْرَمِ» ، فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ امْرَأَتِي خَرَجَتْ حَاجَّةً وإِنِّي اكْتُتِبْتُ في غَزْوَةِ كَذَا وكذا ، قَالَ: « فَانْطَلِقْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ». متفقٌ على صحّته ، فإذا كان الرّجلُ يُعفَى من الجهاد من أجْلِ السّفرِ مع زوجته ، فكيف تُبيحُ المُسلِمةُ لِنَفْسِها السّفر بلا محرم بلا سبب أو لأدنى سبب ؟ ، وإذا كان الشّارعُ قد نهى المسلمةَ عن سفرِ الطّاعةِ ، كالحج مثلاً ، بدونِ محرم .. فكيف بغيرِهِ من الأسفار العادية للنُّزهة أو للزيارة ..؟ ، جاءَ عند الداّرَقطني من حديث بنِ عبّاس أنه(صلى الله عليه وسلم) قال: «لاَ تَحُجَّنَّ امْرَأَةٌ إِلاَّ وَمَعَهَا زَوْجٌ» صححه أبو عوانة .
الحاصل أختي الكريمة ، أن السلوك مهما كان.. هو مِصداقُ ما في القلب مِن أعمال ، ولا يُمكن لأحدٍ أن يفرِّقَ بين السلوك وبين ما يُكِنُّه القلب ، ولذلك جمع النبيُّ (صلى الله عليه وسلم) بين الأمرين في ميزانِ الله تعالى فقال (صلى الله عليه وسلم) : ( إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبِكم وأعمالِكم) رواه أحمد ومسلم وبن ماجة ، (ينظرُ إلى قلوبكم وأعمالكم).. إذن لا انفصال بين عمل القلب وعمل الجارحةِ في ميزانِ الله تبارك وتعالى .
ألا تتّفقين معي إذن أختي الكريمة ، في أنّ السّلوكَ .. هو مصداقُ ما في القلب مِن أعمال؟؟ ، وأنّ كُلَّ عمَلٍ صغيرٍ وكبيرٍ تقومين به ، وكُلَّ مَظْهرٍ تَخرُجين به ، بِحَسَبِ قُرْبِه أو بُعْدِهِ مِن دينِ الله .. إنّما هو انعكاسٌ (حيٌّ ، ظاهرٌ ، محسوس) لما استتر في قَلْبِكِ من إيمان ومشاعرَ حُبٍّ وتعظيمٍ وإجلالٍ لله تبارك وتعالى ؟؟ ، إذا قُلْتِ كلاّ لا أتّفِقُ معَك !! ، قُلْتُ استعيني باللهِ ، واسأليهِ الهدايةَ والرّشاد ، وراجعي كتابَ الله ، راجعيه ..فإنّه مليءٌ بالأدِلّةِ ، مليءٌ بالأدِلّةِ على هذه الحقيقة ، أمّا إنْ كانت إجابَتُكِ : بلى أتّفِقُ معكَ ..[ وهو ما أتوقّعُه إن شاءَ الله] قُلْتُ : الحمدُ للهِ .. عسى اللهُ أن يُثَبِّتَ قلبي وقلبَكِ على الحقَّ ، فإنّ الثّباتَ على الحقِّ والاستقامةَ عليهِ نعمةٌ عظيمة ، والثّباتُ على الحقّ ، يقودُنا للوقفةِ الثّالثةِ التي تُعْنَى بِرعايةِ الحقّ وحِفْظِه ، ووِقايَةِ القلب مِن أسبابِ الزّيغِ والانحراف .. ،
الوقفةُ الثالثة:
(قُطّاعُ الطّريق ..!!)
ربما سمِعتِ ، أو قَرَأتِ يوماً ما تحذيرَ البعضِ للمرأةِ المسلمة بأنّها مستهدَفة .. ، فهل أنتِ فِعلاً مُستَهدفة ؟ ، وما معنى مُستهدفة ؟ ، وما الدّليلُ على هذا الاستهداف ؟ ، أم أنّ موضوعَ الاستهداف ، كما يقول بعضُ كُتّابِ الصُّحف وبعضُ المثقّفين ، موضوعاً وهمِيّاً لا حقيقةَ له ؟؟ ، ويُلحِقونَه بما يُسمُّونه نظريّةَ المُؤامَرة !! ، .. فدعينا نتناولُ هذه التّساؤلات :
هل أنتِ فِعْلاً مُسْتهدَفة .. وما الدّليل على ذلك؟
والجواب : بدونِ فلسفةٍ طويلة ، ولا كلامٍ عَقْلانيٍّ فارغ ، هناكَ اسْتِهْدافٌ عام ، وهناكَ اسْتِهْدافٌ خاص ، أمّا الدّليل على الاستِهداف العام ، فهو ما نطَقَ به القُرآنُ(5/1050)
الكريم وحذّر منه في أكثرَ مِن آية ، قال تعالى : {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُواْ مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ }. إنما يدعو حزبه ، يعني شيعتَه ، ومن تابعَهُ إلى طاعته والقَبولِ منه ، والكفرِ بالله ، لِيَكُونُوا منْ أصحَابِ السَّعِيرِ ، وقال تعالى : {يَابَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَآ أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ } ، فنحن جميعاً مُستهدفون مِن قِبَلِ الشّيطانِ وأعوانِه ، بل إنّ القرآنَ بَيّنَ هذا الاستهدافَ الشّيطاني على لسانِ عدوِّنا اللّدودِ ذاتِه لمّا قال : {قَالَ فَبِمَآ أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ } ، وهناك آياتٌ أُخرى كثيرةٌ مُشابهة لا يتّسِعُ المَقامُ لذِكرِها ، .. ثم إنّ للشيطان أعواناً ، ولذلك حذّر النّبيُّ(صلى الله عليه وسلم) في أكثرَ مِن حديث ، مِن أن يكونَ المسلمُ عوناً للشيطانِ على أخيه ، فيقول أحياناً(صلى الله عليه وسلم) : ((لاَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونُوا أعوانَ الشيطان)) ، ويقولُ أحياناً أُخرى: ((لا تكونوا عوناً للشيطان على أخيكم)) ، فإن كان المُستَهْدِفُ في هذه الآياتِ هو الشّيطان .. فإنّ له[كما تقدّم] أعواناً مِن الإنسِ هيّأهُم ، ثُمّ استخدمهُم لإعانتِه في تحقيقِ هدفِه ، سواءً علِموا بذلك أم لم يعلموا ، والحقيقةُ أنّهم لا يعلمون .. إذْ أنّ ضلالَهم قد اسْتفْحل فيهِم حتّى أعماهُم عن الحقّ فاجتنَبُوه واتّخذوا الباطل سبيلاً لهم ، بل إنّهم أصبحوا دُعاةً للباطل ، فكانوا بذلك أعواناً للشّيطان بالضّرورة ، وهؤلاء هم أهلُ الأهواءِ والشهوات من الإنس ، قال تعالى : (( إنّ الذين يحِبّون أن تشِيعَ الفاحِشةُ في الّذين آمنوا لهم عذابٌ أليمٌ في الدّنيا والآخرة ، والله يعلم وأنتم لا تعلمون )) ، وقال تعالى : (( وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً )) ، تلك المحبّة ، وهذه الإرادةُ هما أصْلُ الاستهداف !! ، إنّهم يُحِبُّون أن تشيعَ الفاحشةُ في أهْلِ الخير ، وإنّهم يُريدونَ أهلَ الخيرِ والطّاعةِ أن يميلوا عن طريقِ الهُدى ميلاً عظيما ، إنّهم واللهِ .. يُرِيدُونَكِ أنتِ أن تَميلي مَيْلاً عظيما!! ، وإنّهم كما ذكر (صلى الله عليه وسلم) مِن جِلدتِنا ، ويتكلّمون بألسِنَتِنا ، وقد يُصَلُّون معنا ، لكنهم كما قال(عليه الصّلاةُ والسلام) : ((دُعاةٌ على أبوابِ جهنّم ، من أجابهُم إليها قذفوه فيها !!)) ، هذا حَوْلَ الاستهدافِ العام ، أمّا الاستهداف الخاصُّ بكِ ، حفِظَكِ اللهُ من الشيطانِ وأعوانِه ، فدليلُهُ قولُهُ(صلى الله عليه وسلم) : ((الْمَرْأَةُ عَوْرَةٌ، فَإِذَا خَرَجَت اسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَان )) رواه التّرمذيّ وبنُ ماجة وبنُ حِبّان ، وهو حديثٌ صحيح ، قال العلماءُ في شرْحِهِم لقولِه ((استشرفها)) ، أي : أي زيّنها في نَظَرِ الرِّجال ، وقيل أي نَظَر إليها ليُغْوِيَها ويُغْوِيَ بها ، فأنتِ أيّتُها الأختُ الكريمةُ مُستَهْدفةٌ مِن قِبَلِ إبليسَ وأعوانِه ، وإبليس يحاولُ أن يُفْسِدَ دينَكِ ، ويُفسِدَ دينَ الرِّجالِ بكِ بِحُكْمِ الميْلِ الذي فُطِرَ عليهِ الرِّجالُ نحوَكِ ، ذلك الميْلُ الذي قال اللهُ تعالى فيه : (( زُيِّنَ للنّاسِ حُبُّ الشَّهواتِ مِنَ النّساء .. الآية )) ، فجاءت النِّساءُ في المُقدِّمة ، وذلك الميْلُ الذي حذّر مِنه النّبيُّ (صلى الله عليه وسلم) في صورتِهِ المُحرّمةِ قائلاً : «ما تركتُ في الناسِ بعدي فتنةً أضرَّ على الرجالِ من النساء» رواه البخاري ومسلم ، ومن هنا نُفسِّرُ استِخدامَ الشّرقِ والغرْبِ للنِّساءِ ، بل وكثيرٍ من المسلمينَ مع الأسف ، استخدامَهُم للنساء [للغرضِ المادّي] ، في الدِّعاياتِ لتسويقِ مختَلَفِ السِّلَع والمُنتجاتِ(5/1051)
الصِّناعيّة ، سواءً كان لها علاقةٌ بالمرأةِ أم لم يكُنْ لها عَلاقةٌ البتّة ، واستِخدامَهِم للنّساءِ كذلك في أماكنِ الاستِقبال في المُستشفياتِ والفنادِقِ ، وفي المطاعِم ، وفي المرافقِ السّياحيّة ، ومُظِيفات في الطّائرات ، وما شابه هذه الأماكِن والأعمال ، يَقْصِدُون من وراءِ هذا التّوظيفِ جذْبَ الرِّجال استِغْلالاً
لذلك الميْلِ الفِطْريّ ، وكذلك نُفسِّرُ استِخدامَهُم لِصُوَرِ النّساءِ لتسويقِ المجلاّت ، مع التّأكيد على اختيارِ الفاتِنةِ مِنهُنَّ على صَفْحَةِ الغِلاف ، إلى آخِرِهِ مِن هذه الأغراضِ ، .. فالشيطانُ يستَفِزُّ أعوانَهُ مِن الإنس لاستغلالِ هذا الميْل في تحقيقِ أغراضِهِم المادّية التّجاريّة ، وبالتّالي يَفسُدُ المجتمعُ دينيّاً وأخلاقيّاً ، فأنتِ بلا أدنى شكّ مُستهدفة فخذي الحذَر !! ، نعم .. ، لقد أردتُ أُختي العفيفة .. أن أستدِلَّ بكتابِ اللهِ وسُنّةِ نبيِّه (صلى الله عليه وسلم) على حقيقةِ هذا الاستهداف ، أوّلاً ، لأنّني أعلَمُ أنّهُما في نظري ونظَرِكِ .. أعزُّ وأوثَقُ ما يُستَدَلُّ به ، وثانياً ، حتّى لا أدَعَ مَجالاً لأهْلِ القِيَمِ والمَبادئ المادِّيّةِ ، المعارضين لحقيقةِ هذا الاستهداف ، كي يتفلسفوا ، ويُنَمِّقوا كلاماً عقْلانيّاً لا أصْلَ له مِن شرْعٍ ولا خُلُق ، نعم .. قد يكون أحدُهُم دكتوراً جامِعِيّاً ، أو كاتِباً مشهوراً تتنازَعُ عليه الصُّحُف ، وقد يكون الآخرُ مُحَلِّلاً اجتماعيّاً له في كُلِّ صحيفةٍ بَصْمة ، ولكنّ مبادِئَهُم وقِيَمَهُم ، وإنْ كانت جميلةَ الإخراج ، وقريبةً مِن المَنطقِ المادّيِّ المُجرّد ، إلاّ أنّها غريبةٌ على مبادئِ دين الإسلام ، وبعيدةٌ عن مقاصِدِ الشّريعةِ ، وإن كانوا يتمسّحون بالدِّين في ثنايا كلامهِم ، بل إنّ قيمَهُم في كثيرٍ مِن الأحيان – ولا أُبالِغُ إذا قلت – قيَمٌ مُنحرِفة ، هؤلاء .. هم الذين يُدمنون الدّعوةَ إلى خروجِ المرأةِ للعمل خارجَ بيتِها أجيرةً عند الغير ، وليس لأعمالٍ مُعيّنةٍ خاصّةٍ بها .. لا ، بل حتّى للأعمال الّتي لا تتناسبُ مع تكوينِ المرأةِ الجسَدِيّ ، والنّفسيّ ، والدّينيّ ، بدعوى المساواةِ بالرَّجل وعدَمِ تعطيلِ نِصْفِ المُجتمع ، هؤلاء .. هم الّذين ينتَهِجون أساليب الغرْب في المُطالبةِ بِحقوقِ المرأةِ المَهضومةِ هُناك ، المرأةِ الغربيّةِ المُستَهْلَكة ، الكادِحةِ كدْحَ البهائم ، المرأةِ الغربيّةِ المُستَغلّة .. التي لا وليَّ لها ولا ناصر ، إنّهم ينتهِجون أساليبَهُم ، فيطالبون أن يُتاحَ للمرأةِ المسلمةِ الكريمةِ العزيزة هُنا ، ما أُتيحَ للمرأةِ الغربيّة هناك من حُرّيّةٍ بهيميّةٍ عمياء ، بلا تقديرٍ ولا أدْنى اعتبار لما تترتّبُ عليه تلك المُطالباتُ من مفاسدَ شّرعيّةٍ قرّرها عُلماءُ أُصولِ الشّريعة ، لكنّهم [ لمعرِفتِهِم بِفِطْرةِ الناسِ الدّينيّة هنا في هذا المجتمعِ الكريم ] يتمسّحون بالدّين في ثنايا كلامِهم ، كي يكونَ كلامُهُم أدْعى للقَبُول ، كترديدِهم لعبارةِ " وَفْقاً لتعاليم دينِنا الحنيف وشريعتِنا السّمحةِ " ، ذرّاً للرّمادِ على عيون المغفّلين ، فهم يردّدون هذه العبارة ..ثمّ يُطالبون بما يُناقِضُها..!! ، كمطالبتِهم بالسّماحِ للمسلمةِ بالسّفرِ بِمُفْردِها ، أو المُطالبة بإقْحامِها في الرّياضة ، أو في السّياسة ، أو إلحاحِهِم المستميت في مطالبتهِم بقيادَتِها للسيّارة ، أو ما شابه ذلك مِن المُطالباتِ والآراءِ المُنحرِفة ، هؤلاء .. هم الّذين يحتقرون دورَ المرأةِ العظيمِ في رِعايةِ بيتِها وتَهْيِئتِه ليكونَ سَكَناً سعيداً لها ولزوْجِها ، أو لأهلِ بيتِها أيّاً كانوا ، هم الذين يهزئون برَبّةِ البيتِ الّتي سخّرت وقْتَها كاملاً للقيام بتلكَ المَهَمّةِ الفِطْرِيّةِ النّبيلة ، مَهَمّةِ تَرْبِيةِ الأطفال ، وإنشاءِ الأجيالِ الصّالحة ، مَهَمّةِ رَبَّةِ البيتِ ، التي استيقظ الغربُ وتنبّه إلى أهميّتِها بعد فواتِ الأوان ، وأصبح ينادي العقلاءُ في أمريكا وأوروبا إلى عودةِ المرأةِ إلى هذه المَهَمَّةِ العظيمة(5/1052)
إنقاذاً للمُجتمع ، هؤلاء ..هم الذين يُقَلِّلونَ مِن شأنِ هذه المَهَمَّة ، بل ويعتَبِرون منْ قامت بها رقْماً زائداً في قائمةِ بَطالةِ النّساء ، فالمرأةُ العامِلةُ في نظَرِهِم ، هي الّتي دخلت سوقَ العمل فحسْب ، هي فقط المرأةُ الأجيرة .. تلك التي تتقاضى راتِباً في مِهنةٍ ما ، وأقول أجيرة ، ليس تحقيراً لمفهوم المِهنة بالنّسْبةِ للمرأة ، أبداً لا أقصِدُ هذا .. ، وإنّما أُحاوِل أنْ أُعِيدَ المُصطَلَحاتِ الّتي ألِفْنا استِخْدامَها إلى أُصولِها الصّحيحة ، لأنّ أجير ، أو أجيرة ، هو[ غالِباً ] المُصطَلَحُ المُستَخْدَمُ في الشّرْع للأعمال المتبوعةِ بالأجْر ، وليس مُصطلَح [ عامل ] ، قال تعالى : (قالت إحداهُما يا أبتِ استأجِرْه إنّ خير من استأجرْت القوِيُّ الأمين )( قال إنّي أُريد أن أُنكِحَك إحدى ابنتيّ هاتين على أن تأجُرَني ثماني حجج ) ، حتّى كتبُ الفِقه تُطلِقُ على هذا النّشاطِ من نشاطاتِ الحياةِ لفْظَ الإجارة ، تجدين في أبوابِ الفِقه ، بابْ الإجارة ، أو كتاب الإجارات ، أمّا لفظُ العمل فقد جاء في القرآن بمعنى الطّاعاتِ ، أو السّيئات عُموماً ، كما قدّمنا أوّلَ الكلام ، في قولِهِ تعالى: (( فاستجاب
لهم ربهم أنّي لا أُضيعُ عَمَلَ عاملٍ منكم من ذكرٍ أو أُنثى بعضُكم من بعض )) ، (( اعملوا آل داود شكرا )) ، (( فمن يعمل مثقال ذرّةٍ خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرّةٍ شرّاً يره )) ، فلفْظُ العملِ لأعمالِ الإجارةِ ، هو في الحقيقةِ مُعرّبٌ من اللّفظِ الغرْبيّ ، لأنّ مُصطلح القُوى العامِلةِ المُنتِجةِ في مُفهومِ الغرْب ، لا يدخُلُ فيه إلاّ الأفرادُ الّذين يتقاضون عن أعمالِهِم أجوراً مادّيّةً ، وبالتّالي فإنّ المرأةَ الأجيرةَ ، التي تتقاضى أجْراً مادّياُ ، المرأة الأجيرة في مفهومِ هؤلاءِ الّذين تربَّوا على أفكارِ وقِيَمِ الغرْب ، هي المرأةُ المُنتِجةُ عِندَهُم نظيرَ مُقابلٍ مادّي ، هي المرأةُ التي تنفَعُ وطَنَها فحسْب ، أمّا الأمّ العاملةُ في مجالاتٍ عظيمةٍ بدون انتظارِ أجْرٍ مادّي ، كتلك المُنْهَمِكةِ في تربيةِ أولادِها ورِعايةِ بيتِها .. فإنّها لا تُعْتَبَرُ امرأةً عاملةً مُنتِجةً نافِعةً للوطن !! ، بل هي في نظَرِهم .. عُنصُراً مُعطّلاً!! ، .. سبحان الله !! ، أيُّ مَسْخٍ فِكْريٍّ يمارِسُهُ هؤلاء !! ، أيُّ إفسادٍ للعقولِ وللأخلاقِ وللقِيَمِ يقترِفونه ، لقد بات كثيرٌ من النّساء من جرّاءِ هذا الطّرْحِ المتكَرِّر والمُجْحِف ، لا يَريْنَ شيئاً يُحقِّقُ كيانَهُنّ ووُجودَهُنَّ سِوى الوظيفة ، أو بِعبارةٍ أخرى أجيرة ، حتّى لو كان مستواهُنَّ المعيشِيُّ بِدُونِ الوظيفةِ مُسْتَوىً طيّباً ، لقد تكوّنت لدى المجتمِعِ نظْرةٌ مادّيّةٌ مُخيفةٌ ، فإذا تخرّجتِ الفتاةُ ولم تتوظّف أجيرةً لدى الغير ، فيا للمُصيبة.. ، ويا لَخسارةِ التّعَب ، وأصْبَحَتْ وظيفةُ الفتاةِ شُغْلاً شاغِلاً ، ففي سبيلِ وظيفةِ البِنت .. يهونُ كلُّ شيء ، كلُّ شيء.. ، فمِنْ أجْلِ الوظيفةِ رُدَّ كثيرٌ مِن الشَبابِ المُتَقدِّمِ للزَّواج إذا تعارض الزّواج مع وظيفتِها ، ومِن أجْلِ الوظيفةِ زادت نِسْبةُ الطّلاق ، ومِن أجْلِ الوظيفةِ ، ومُباشَرَةِ العملِ فيها ولو كانت بعيدةَ المسافةِ ، مِئاتِ الأميالِ خارجَ المدينة ، أُزْهِقَتْ كثيرٌ مِن أرواحِ النِّساءِ في حوادثِ السّياراتِ ، ومِن أجْلِ الوظيفةِ ضاعَ كثيرٌ من البيوت ، وانحرَفَ كثيرٌ مِن الأولادِ تحت إشرافِ الخادِمات ، هذا هو نتاجُ النّفْخِ في هذا الموضوع الّذي ينفُخُ فيه هؤلاءِ المادِّيون ، ..
أختي الكريمة .. ، لا تفهمي خطَأً بأنّي ضِدَّ عملِ المرأةِ أجيرةً في مجالاتِ العملِ اللاّئقةِ بها كامرأةٍ مسلمة ، لا .. أبداً ، بل إنّ عمَل المرأةِ خارِجَ بيتِها في بعضِ الحالاتِ يُعتَبَرُ مُهِمّاً وضروريّاً إذا لم تجِدْ من يعولُها ، أو كانت هي بِذاتِها تعولُ(5/1053)
والدَيْها أو بيْتَها ، لا سِيِّما وأوضاعُ الأمّةِ الإسلاميِّةِ اليوم لا تَمنَحُ المرأةَ ما يجِبُ على الأمَّةِ أن تمنَحهُ لها في ظِلِّ الحكم الإسلاميّ المُتكامل مِن توفيرِ المعيشةِ الكريمة لها ، وسَتْرِها ، والمحافظةِ عليها مِن التّبذُّلِ خارجَ بيتِها إن لم يكن لها وليٌّ مقتدِر ، فالمقصود أن ننظرَ إلى الموضوعِ بتعَقُّل ، وبِنظرةٍ إسلاميّةٍ شرعيّةٍ متجرّدة ، لا بنظْرةٍ مادّيةٍ لا روحَ فيها ولا مِزْعَةً مِن دين ، فأنا لا أقصِدُ بهذا الكلامِ إلْغاءَ توظيفِ النّساء .. أبداً ، ولكنْ أقصِدُ كما قُلْت ، أنّه ينبغي أن ننظُرَ إلى هذا الموضوع بنظرةٍ مُتَّزِنَةٍ ، نُقدِّمُ فيها المصالحَ الشّرْعِيّةَ في المَقامِ الأوّل ، على المصالِحِ المادِّيّةِ ، الغرْبيّةِ القِيَم ، والتي سيطرت على عقولِ هؤلاء القوم ، وهؤلاء أيضاً ..هم الذين يُحاولون التّأثيرَ على المسلمةِ العفيفة ، بإبرازِ نماذِجَ شاذّةٍ لشخصيّاتٍ نِسائيّةٍ مسلمةٍ في العموم ، لكنّ نظْرتَهُنَّ للحياة ، نظْرةٌ عَلْمانيّةٌ لا تُقِيمُ للدّين ولا للشّرعِ وزْناً عند تحديدِ معالمِ المَنْهَجِ السّلوكيّ والأخْلاقيّ للمرأةِ ، كالمُمَثِّلات ، والمُغنِّيات ، والمُذيعات ، أو مَنْ تقلّدْنَ أيّةَ مناصِبَ تستلْزِمُ مُخالطةَ الرِّجال ، و قتْلَ الحَياءِ في المرأةِ المؤمنة ، مناصبْ .. تستلْزِمُ هدْمَ الحجابِ الّذي أمَرَ القُرآنُ بإقامتِه بين الرَّجُلِ والمرأة (( وإذا سألتموهُنّ متاعاً فسألوهُنّ من وراءِ حجاب .. ذلكم أطهرُ لقلوبِكم وقلوبِهِنّ )) ، هؤلاء أختي .. هم الّذين ما يَفْتئَون يزْعُمون أنّ المرأةَ في هذه البلادِ مظلومة ، مُهانة ، فما هو وجهُ الظُّلْمِ في نظَرِهِم يا تُرى ؟؟ ، هل هي العاداتُ الّتي لا تَمُتُّ للإسلامِ بِصِلة ، العاداتُ التي تحتقِرُ المرأة ، وتعتبِرُها أمراً مَعِيباً يخجلُ الإنسانُ حتّى مِن ذِكْرِه ، كما هو الحاصِلُ في عاداتِ بعْضِ النّاس ؟؟ ، لا ..!! ، طيب هل هي العاداتُ التي تحرِمُها مِن الميراث ، ويردِّدُ أصحابُها المقولةَ المشهورة " الحلالْ ما يروحْ لِلنِّسيب " كما هو المعمولُ بهِ إلى الآن في بعضِ المناطق ظُلْماً وعُدوانا؟؟ ، لا ..!! ، ليس هذا وجهَ الظُّلْمِ عندَهُم .. ولا أمثالَ هذا ، فإنّهم يعلمون أنّ الإسلامَ هو أوّلُ المعارضين لهذه العاداتِ الجاهليّة ، إذن .. فما هو وجهُ الظُّلمِ عندَهُم ، وما هي أمثِلَتُه؟؟ ، إنّ وجْهَ الظُّلْمِ عندَهُم ، هو في مَنْعِ المرأةِ مِن السّفرِ لوحْدِها بلا محرَم ، فهل يقصِدون أنّ رسولَ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) ظلَمَ المرأةَ أم ماذا ..؟!! ، لأنّه هو الآمرُ بهذا !! ، فقد صحّ عند الإمامِ أحمدَ وغيرِه قولُهُ (صلى الله عليه وسلم) : ((لا تسافر المرأة إلا مع زوجها أو ذي محرم منها)) ، وفي لفْظٍ آخَر ، ((لا يَحِلُّ لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر يوماً إلا مع ذي رحم)) ، .. وجْهُ الظُّلْمِ عندَهُم أيضاً ، هو في منْعِها مِن دخولِ عالمِ الفنّ ، كالتمثيل ، والغِناء ، والموسيقى ، كما صوّر لنا الإعلامُ تلك المغنّيةَ ، التي حاول أخوها أن يمنعها من الغناء .. ، صوّرَها الإعلام بصورةِ المرأةِ الجريئة التي تتحدّى الجميع ، الجميع .. حتّى أقاربَها!! ، وتكسِرُ جميعَ الحواجزِ في سبيلِ الفنّ ، فهل رضِيَ اللهُ عن الرّجلِ الذي دخَلَ عالَمَ الفنِّ المُعاصِر فضْلاً عن أن يرضى عن المرأةِ المسلمةِ أن تخوضَ في هذا العالمِ العفِن !!؟ ، وجْهُ الظُّلْمِ عندَهُم ، هو في منْعِها مِن قيادةِ السّيارة ، حتّى في ظِلِّ انهيارِ النِّظامِ الأخلاقي الذي يعيشُهُ كثيرٌ مِن شبابِ الشّوارعِ اليوم ، أولئك الذين لا يأمَنُ الإنسانُ من شرِّهِم على أهلِهِ وهو معهم في السّيارة ، فكيف والمرأةُ تقودُها لوحْدِها أو معها بناتُها الشّابّات (نسألُ اللهَ أن يحفظَنا جميعاً) ، إنّ العاقلَ ، الذي ينظُرُ إلى واقعِ الشّبابِ اليوم ، بنَظْرةٍ عقلانيّةٍ مادّية ، دعْكِ مِن الدّينيّة ، ليأنَفُ مِن هذا التّوجُّهِ خوفاً على عِرْضِه ،(5/1054)
فكيف إذا جمَعَ إلى ذلك نظْرةً دينيّةً واعية ، وليست قيادةُ السيّارةِ عندَهُم مقصودةً بذاتِها بِقدْرِ ما هي نقطةُ البدايةِ التي لو تحقّقت ، لطالبوا بعدَها بما هو أكبرُ وأعظم ، .. هذه المطالبٌ وأمثالُها ، هي الحقوقُ التي ينادون بها للمرأة .. ، وإنّني أتعجّبُ أيتُها الأُخت ، أتعجّب مِن هؤلاءِ الذين يُطْلَقُ عليهِم مُثقّفين ، أتعجّبُ مِن إصْرارِهِم على هذا النّوعِ المحدودِ ، والمعروف ، والمُتكرِّر من المطالِب ، ومحاولاتِهِم
المُستميتَةِ ، والمُتَكَرِّرةِ بِصورةٍ مُمِلّة ، ولسنواتٍ عديدة ، لِجَعْلِ تلك المطالب واقِعاً مَرْئِيّاً ، .. أتعجّبُ مِن إصرارِهم على تلك المطالبِ المُحَدَّدة ، وإغفالِهِم التّام ، وإهمالِهِم الواضح ، للمطالِبِ الحقيقيّةِ الشّرعيّةِ والمُلِحّةِ للمرأة .. ، إنّهم لم ينادوا بحقِّها ، إنّهم لم ينادوا بحقِّكِ أنتِ أختي العفيفة ، في توفيرِ بيئةٍ أكْثَرَ أمْناً لكِ مِن اعتداءاتِ قُطعانِ الفَسَقةِ ، مِن سِفْلَةِ الشّباب المُتسكّعين في الأسواقِ ، وعند مدارسِ البنات ، وفي الطُّرُقِ العّامّة ، وفي المُنتزهات ، وخاصّةً في المُناسباتِ العاّمة ، واحتفالاتِ الأعياد ، تلك الاعتداءاتُ التي هي آخذةٌ في الازديادِ بشكْلٍ مخيفٍ في الآونةِ الأخيرة ، إنّهم لم ينادوا بحقِّكِ في توفيرِ البيئة الآمنة لصَوْنِكِ وحِمايتِكِ مِن تلك القُطعانِ الهائجة ، لأنّ تلك الاعتداءاتِ ليست مشكلِةً كبيرةً عِندَهُم ، ولكنّ المشكلة هي في منعِ المرأةِ مِن القيادة ، هذه هي المشكلة .. هذا هو الهَمُّ الأكبر !! ، إنّهم لم ينادوا بحقِّكِ في إيجادِ مُنتَزَهاتٍ خاصّةٍ للنِّساء فيها الألعاب والتّسالي للأطفال ، تستطيع المسلمةُ فيها أن تخلعَ حجابَها بلا خوْفٍ مِن نظَرِ الرِّجالِ ، وتُعْطَى بذلك الحُريّةَ الكاملةَ في التّنزُّه وتفريحِ أطفالِها ، إنّهم لم ينادوا بحقِّكِ في ذلك .. بل إنّهم يُعارِضون هذا النّوعَ مِن المُنتَزَهاتِ ، ويُؤكِّدون على أهمِيّةِ الإبقاءِ على المُنتَزَهَاتِ مُختَلَطَة !! ، إنّهم لم ينادوا بحقِّكِ في إيجادِ مكتبات عامّةٍ خاصّة بالنّساء والأطفال ، كي تصحَبَ الأمُّ أطفالَها الصّغارَ معها إلى تلك المكتبات ، فتستفيد ويستفيدون ، مع التّأكيد على المادةِ النّافعةِ في تلك المكتبات ، والحِرْص على تكثيفِ التّرغيب في زيارتِها من خلال الصّحُفِ ووسائلِ الإعلامِ الأخرى ، كي تكتسِبَ المرأةُ العِلْمَ النّافع ، والثقافةَ الإسلاميّةَ الرّفيعة ، وتتربّى على حُبِّ القراءةِ والاهتمامِ بالعلم ، وكذا يتربّى أطفالُها أيضاً ، لم ينادوا بحقِّكِ في ذلك ، لأنّ ذلك غيرُ مهمّ .. الذي يهُمّ عندَهُم هو السّماحُ للمرأةِ بالسّفَرِ لِوَحْدِها ، هذا هو شُغْلُهُم الشّاغل ، لتتمرّدَ على دينِها وأوامرِ نبيِّها ، إنّهم لم ينادوا بإيجاد حلّ جذري لموضوع العنوسة الذي يتزايد عاماً وراء عام ، والذي هو ناتجٌ عن أسبابٍ عديدة ، منها المغالاةُ في المهور ، وجشعُ كثيرٍ من الآباء ، إنّهم لم ينادوا بحقِّ المرأةِ في معامَلَةٍ حسنةٍ مِن زوجِها ، أو من أبيها ، معامَلةٍ خاليةٍ مِن الظُّلْمِ [كالاستيلاءِ على راتبِ الزّوجةِ ، أو الإبنة مثلاً] وغيرِ ذلك مِن أنواعِ الظُّلم ، لم ينادوا بِمَنْعِ ذلك الظُّلْمِ ، ولم ينادوا بِمَنْعِ الإهاناتِ المُتَنَوِّعةِ التي يتلقّاها كثيرٌ من النّساءِ من أزواجِهِنّ ، كما يجري ذلك في كثيرٍ كثيرٍ مِن البيوت ، إنّهم لم ينادوا بحقِّها في رَفْعِ ذلك الظُّلْم ، لأنّ هناك في نظَرِهِم ما هو أهمُّ مِن هذه الأمور ، سخّروا له أقلامَهُم ، واسْتَجْمَعوا له فلسفتَهُم .. ، ما هو يا تُرى ؟؟ ، إنّه إعادةُ النّظر في حُكْمِ غِطاءِ الوَجه للمرأة ، ودندنة طويلة .. ، وأُطروحات مُتَكَلَّفة .. ، ونقاشات متنوِّعة .. ، وجهود .. ، واستحضار لخِلافات فقهية .. ، ومُحصِّلةُ هذا كُلِّه ما هو ؟؟ ، ماذا يريدون في النِّهاية ؟؟ ، يريدون أن ترفَعَ المرأةُ الغطاءَ عن وجهِها ، ..يريدون سفورَ(5/1055)
النّساءِ بوجوهِهِنّ في هذا البلدِ الكريم ، آخرِ مَعْقَلٍ للحجابِ الكامل !! ، هذا هو الهدفُ الذي يلهثون في سبيلِ الوصولِ إليه ، ويبذُلون في سبيلِ تحقيقِهِ هذه الجهودَ المُضنِية ، ولن تنشرَِحَ صدورُهُم حتى ترفعَ المرأةُ المسلمةُ الغطاءَ عن وجهِها ، ..حتّى المصالحُ العامّة ، والمهمّة ، التي تنفعُ المرأةَ ، لم يلتفِتوا إليها لشِدَّةِ تركيزِهم على هذا الموضوع ، إنّهم لم ينادوا بِجِدّيةِ بحقِّ المرأةِ العاملة ، وبالذّات المُعلِّمة ، في إيجادِ فُرَصِ عملٍ قريبةٍ مِن مدينتِها ، لا في مُدُنٍ أُخرى بعيدة ، حتّى لا تتغرّب وتتعرّضَ للضّرر ، إنّهم لم ينادوا بحقِّها في هذا المَطْلبِ المُلِحّ ، .. لا .. لأنّهم يصرُخُون هناك ، في وادٍ آخرَ بعيدٍ ، إنّهم مشغولون في طَرْحِ موضوعِ دخولِ المرأةِ عالمَ الرِّياضة ، ..هذا هو المهم!! ، هذا هو حقُّ المرأةِ الضّائعُ في نظَرِهِم !! ، إنّهم لم ينادوا بحقِّ المرأةِ العامِلةِ خارجَ بيتِها بإجازةِ أُمومةٍ مُناسِبةٍ ، براتِبٍ رمْزيّ ، أو بدونِ راتِب ، إجازة .. ليسَ لِمُدّةٍ شهرين أو أربعة ، وإنّما كما نصّ القرآنُ في قولِهِ تعالى : ( وفِصالُهُ في عامين ) على مُدّةِ العامين لِفصالِ الطِّفْلِ الرّضيع ، كي تتفرّغَ المُسلمةُ لأهمِّ عملٍ رفعَ الإسلامُ بهِ شأنَ المرأة ، وجعَلَ الجنّةَ لأجْلهِ عندَ قدَمَيْها ، لتربيةِ
طِفلِها والعنايةِ به حقَّ العناية ، لم يُناقِشوا هذا الموضوع ، لم يناقشوا حقّها في زمنِ تقاعدٍ مُبكِّرٍ يُناسِبُ طبيعتَها الأُنثويّة ، لحاجَتِها للالتفاتِ لأولادِها [بنين وبنات] ومتابعتِهِم على أقلِّ حال في سِنِّ المُراهقة ، لم يُطالِبوا بالتّفريقِ بينَها وبين الرّجلِ في المُدّة ، لم يطالبوا بذلك لأنّه موضوعٌ هامشيّ .. ، إنّهم مشغولون في طرْحِ الموضوعِ الأهم ، موضوع ضرورةِ البِطاقةِ للمرأة ، وكأنّه موضوع حياة أو موت ، إنّهم مشغولون في حثّ المرأة على العمل كمذيعة في التلفزيون ، تخرج بوجهِها على ملايين الرّجال ، ثم يمدحون الحالاتِ النّادرةَ مِن النّساءِ ، الحالاتِ التي بِحمدِ الله ، تُعَدُّ بأصابِعِ اليدِ الواحدة ، مِمّن دخلْنَ مجالَ التّقديم التلفزيوني ، ويُجْرُون معهنّ المقابلات ، وكأنّ ما هم فيهِ إنجازٌ فريد ، وشجاعة ، واختراق لحواجزِ العادات والتقاليد ..!! ، .. سبحان الله .. ، آللهُ أمَرَ بهذا ؟؟ ، كان الأجدرُ بهم أن يناقِشوا حقَّها في ألاّ تعيشَ التّناقُض بين الإسلام والواقِعِ الإعلامي المؤلم ، لكنّهم .. ، حفِظَكِ اللهُ مِن شرِّهِم ، على العكْسِ مِن ذلك ، يستغِلُّون بعضَ التّصريحاتِ الرّسميّةِ العامّة ، كتلك التي عقّبت على اتفاقيّاتِ الأمم المُتّحِدة للقضاء على جميعِ أشكالِ التّمييز ضِدّ المرأة ، ليجُسُّوا النّبْضَ لموضوعِ ضرورةِ استِحداثِ "فِقْهٍ مُعاصِر وجديد لقضايا المرأة" ينسجِمُ مع مُعطَياتِ العصْرِ الحديث ، والعولمة ، وتغَيُّرِ الزّمان ، .. هذا ما يحومونَ حولَه بلا مللٍ ولا كلل ، إنّ أقلَّ النّاسِ ذكاءً يُمكِنُهُ أن يلْحظَ فيهِم ذلك النّفَسَ العَلْماني الذي لا يرى للشّرْعِ مُطلقَ الحقِّ في اتّخاذِ القرار في شئونِ المرأة ، سبحان الله .. ما أهونَ الشّرعَ في نفوسِهِم ، وما أشدَّ حِرْصِهِم على تزْهيدِ النّاسِ في الشّرْع ، وما أجْرؤهُم على الخوْضِ في مسائلِهِ وأحكامِهِ التي لا تُعجِبُهُم ، وادِّعائهِم زوراً وبُهتاناً أنّها ليست من الشّرْعِ وإنّما هي عاداتٌ وتقاليد يُمْكِنُ الاستغناءُ عنها بكُلِّ سهولةٍ ، (حفِظَ اللهُ المسلمين من شرورِهِم) .
ذكرت إحدى التّائبات في رسالةٍ لها (وقد تصرّفْتُ بالرّسالةِ قليلاً لطولِها) قالت :
أختي الكريمةُ .. يا رعاكِ الله ، إنّ قُطّاعَ الطّريقِ مِن شياطينِ الإنسِ والجِنِّ كثيرون ، كلٌّ منهم مُتَربِّصٌ بك ، يُحاوِلُ أن ينتزِعَ قِطعةً مِن إيمانِكِ ، كلٌّ منهم يُحاوِلُ أن(5/1056)
يُضْعِفَ الصِّلةَ بينكِ وبينَ ربِّك ، كلٌّ منهم يُحاوِلُ إن يُخرجَكِ مِن بيتِكِ ، كلٌّ منهم يحاولُ أن يَنزِعَ حِجابَكِ ، أو على الأقلّ .. أنْ يُفْقِدَهُ وظيفَتَهُ التي شُرِعَ مِن أجلِها ، يُحاوِلُ أن يجعلَ حِجابَكِ زِيَّ إغراءٍ وفِتنة ، يُحاوِلُ أن يجعلَ حِجابَكِ نِقْمَةً عليكِ ووبالاً يومَ القيامة ، بدَلَ أن يكونَ رِفْعةً لكِ عندَ اللهِ وقُرْبةً إليه ، كلٌّ منهم يقومُ بهذه المُحاولاتِ ، بِشتّى الطُّرُقِ المغرية ، وبكُلِّ مَكْرٍ ودَهاء ، كلٌّ منهم يُحاوِلُ أن يقْطعَ عليكِ الطّريقَ ، طريقَ الهِداية ، طريقَ الفوْز ، طريقَ النّجاة ، .. فهناكَ مَن ذَكَرْتُ آنِفاً ، وهناك التليفزيون ، مغسَلَةُ الأدمِغةِ والأخلاق ، ببرامِجه ، ومُسلْسلاتِه ، وأفْلامِه ، .. فيه نفْعٌ ضئيلٌ يسير ، ومُعظَمُهُ شرٌّ مُستطير ، والبدائلُ مُمْكِنة ، ولكنّها ضعيفة ، وغيرُ مُقنِعة ، ولذلك فإنّها تستدْعي صبْرَكِ ، وتستدْعي عامِلاً مُهِمّاً آخر .. بل هو الأهمّ ، تستدعي حُبَّكِ لِرَبِّكِ ، وقُرْبَكِ مِنه ، وتقديمَ محابِّهِ ومرْضاتِهِ على أهوائكِ وشهواتِك ، ..إنّ قُطّاعَ الطّريقِ كثيرون ، فهُناكَ الرّفيقاتُ غيرُ الصّالِحات ، الرّفيقاتُ .. اللاّتي لا يزِدْنَكِ مِن اللهِ إلاّ بُعْداً ، الرّفيقاتُ اللاّتي يفْتَحْنَ لكِ أبوابَ المَعصِية ويُغْرِينَكِ بالدُّخُولِ فيها ، ويُزَيِّنَّ لكِ ما يُسْخِطُ اللهَ عليكِ مِنَ الأزياء ، وأنماطِ السّلوك ، ويُنْسِينَكَ الحسابَ والعِقاب ، فاحْذريهِنّ أشدَّ الحذر ، أشدَّ الحذرِ أقول .. واستبْدليهِنّ بالرّفيقاتِ الصّالحات الصّادِقات ، حفِظَني اللهُ وإيّاكِ مِن سوءِ العاقِبة
(( ويوم يعضّ الظالمُ على يديه ، يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا * يا ويلتى ليتني لم اتخذ فلانا خليلا * لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطانَ للإنسانِ خذولا ))
إنّ قُطّاعَ الطّريقِ كثيرون أختي العفيفة ، فهناك البيئةُ حولَك ، البيئةُ .. من الأهْلِ والمعارف ، وصعوبةِ الهدايةِ الرّاشِدةِ في أكنافِهم أحياناً ، دون التّعرُّضِ للسُّخريةِ والغمْزِ والّلمْز ، فاصبري على ما أصابَكِ مِن ذلك ، ..وهناك البيئةُ حولَكِ من اللّقاءاتِ غيرِ الهادِفة ، التي تَكْثُرُ فيها الغِيبة ، ويكثُرُ فيها الحديثُ عن الدُّنيا ، وبُيوتاتِ الأزياءِ والموضات ، والقيلُ والقال ، ولا يُذكَرُ اللهُ فيها إلاّ قليلا ، البيئةُ المليئةُ بأنواعِ الحَفَلاتِ ، والسّهَراتِ ، والسّفْرات ، ومُسْتَلْزماتِها مِنَ الزِّينة ، والفْخْرِ والخُيلاء ، وغِشيانِ الأسواقِ بصورةٍ مُستَمِرّة ، والاهتمامِ الشّديدِ بالدُّنيا وزينتِها وزُخْرُفِها ، وصرْفِ الأموالِ الكثيرةِ الكثيرةِ في هذه السّبيل ، البيئةُ التي تغرِقُكِ في الغفلةِ ونسيانِ الآخرةِ ، ونُدْرةِ التّفكير في الموْت القريب ، والتّفكيرِ في القبرِ ونعيمِه وعذابِه ، ونُدْرةِ التفكيرِ في الحسابِ والعقاب ، والنّارِ والعذاب ، والجنّةِ والثّواب ، البيئةُ .. التي لا تزيدُ قلبَكِ إلاّ قسْوةً فوقَ قسْوة ، هذه البيئة .. تقطعُ عليكِ الطّريقَ إلى الله ، وتُنسيكِ الغايةَ مِن وجودِكِ في هذه الحياة والتي تحدّثنا عنها في الوقفةِ الأولى ، .. هذه البيئةُ أختي العفيفة .. هذّبيها ، واعتدِلِي في التّعامُلِ معها ، ولا تجعليها تَطْغى على حياتِكِ على حِسابِ الآخرة ، لا تجعليها تَطْغى على حُبِّكِ لله .. ، لا تجعليها تَطْغى على حُبِّكِ لله ..
وأخيراً أختي العفيفة .. احذري مِن قُطّاعِ الطّريق ، احذري منهم على دينِك ، وعلى عقلِكِ ، وعلى أخلاقِكِ ، وعلى مبادئكِ العقَديّة ، واحذري مِن أن تكوني مُشارِكةً ، أو موافِقةً لهم في أيِّ مُنكرٍ قوليٍّ أو عمليّ ، وقدّمي رِضا اللهِ على رِضا النّاس ، واحرِصي أن تجعلي من حُبِّكِ للهِ ، وحُبِّكِ لما يُحِبُّهُ ويرضاه ، دافِعاً ، ووسيلةً لتغييرِ(5/1057)
هذا الواقعِ لِيتَوَافَقَ مع هذه المحبّة ، فتسْعدِي حينئذٍ ، ويَسْعَدَ مُجْتَمَعُكِ سعادةً حقيقيّةً في الدّنيا والآخِرة ، إنّهم ، يا رعاكِ الله ، يريدون أن يجعلوا مِنكِ مِعْوَلَ هدْم ، فكوني يَدَ بِناء ، وأبشري بعد ذلك بالفلاح ..
هذه الوَقَفاتُ الثّلاثُ التي وقفنا عليها ، مهمّةٌ في حياتِك وحياةِ كُلِّ مسلمة ، .. قفي عندها مرّةً .. ومرّتين .. وثلاثَ مَرّات ، وتأمّلي طويلاً في واقِعِ حياتِكِ مِن خِلالِها ، فإنّ العُمُرَ يمضي بسُرْعة .. فلا تدَعِيهِ يمضي وأنتِ مِنه في غفْلة ، والموتُ يأتي بغْتة ، فاستعِدّي له مِن هذه اللحظة.. ، أسأل اللهَ تعالى أن يهدِيَنا جميعاً سبُلَ السّلام ، وأن يُخرجَنا مِن الظُّلُماتِ إلى النّور ، وأن يقِيَنا شرَّ كِلِّ ذي شرٍّ ، وأن يُثبِّتَنا وإيّاكِ على الهدى حتّى نلقاه ، إنّه سميعٌ قريبٌ مُجيب ... ، باركَ اللهُ فيكِ ، والسّلامُ عليكِ ورحمةُ اللهِ وبركاتُه ...
ـــــــــــــــــــ
حكم كشف الوجه واليدين للمرأة أمام الرجال الأجانب
يوسف بن عبدالله الأحمد
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد .
فقد اختلف العلماء رحمهم الله في حكم تغطيتهما وكثير من الناس يجهل ويخلط في هذه المسألة ، ولذا لابد من تحرير محل النزاع بين العلماء فيها .
أولاً : محل الخلاف إنما هو الوجه واليدين ، أما ما عداهما فيجب فيها التغطية بالاتفاق ؛ كالقدم ، والساعد ، وشعر الرأس ، كل هذا عورة بالاتفاق .
ثانياً : اتفق العلماء على وجوب تغطية الوجه واليدين إذا كان فيهما زينة كالكحل في العين ، والذهب والحناء في اليدين .
ثالثاً : اتفق العلماء على وجوب تغطية الوجه واليدين إذا كان في كشفهما فتنة . وقد نص كثير من العلماء القائلين بأن وجه المرأة ليس بعورة على وجوب تغطية الشابة لوجهها دفعاً للفتنة .
وعليه فإن كشف أكثر النساء اليوم لوجوههن أمر محرم باتفاق العلماء ؛ لكونها كاشفة عن مقدمة الرأس والشعر ، أو لأنها قد وضعت زينة في وجهها أويديها ؛ كالكحل أو الحمرة في الوجه ، أو الخاتم في اليد .
فمحل الخلاف إذاً بين العلماء هو الوجه واليدين فقط ، إذا لم يكن فيهما زينة ، ولم يكن في كشفهما فتنة ، واختلفوا على قولين : الوجوب والاستحباب . فالقائلون بأن وجه المرأة عورة قالوا بوجوب التغطية ، والقائلون بأن وجه المرأة ليس بعورة قالوا يستحب تغطيته .
ولم يقل أحد من أهل العلم إن المرأة يجب عليها كشف وجهها ، أو أنه الأفضل . إلا دعاة الفتنة ومرضى القلوب .
أما العلماء فإنهم لما بحثوا المسألة بحثوا عورة المرأة ؛ هل الوجه عورة ؟ أو ليس بعورة . بمعنى هل تأثم المرأة إذا كشفت وجهها أو لا تأثم ؟ أما استحباب تغطية الوجه للمرأة فهو محل اتفاق بين القائلين بأن وجه المرأة ليس بعورة .(5/1058)
ومن العلماء المعاصرين القائلين بأن وجه المرأة ليس بعورة الألباني رحمه الله ، لكنه يقول بالاستحباب ويدعو النساء إلى تغطية الوجه تطبيقاً للسنة حتى قال في كتابه جلباب المرأة المسلمة : " ولقد علمت أن كتابنا هذا كان له الأثر الطيب ـ والحمد لله ـ عند الفتيات المؤمنات ، والزوجات الصالحات ، فقد استجاب لما تضمنه من الشروط الواجب توافرها في جلباب المرأة المسلمة الكثيرات منهن ، وفيهن من بادرت إلى ستر وجهها أيضاً ، حين علمت أن ذلك من محاسن الأمور ، ومكارم الأخلاق ، مقتديات فيه بالنساء الفضليات من السلف الصالح ، وفيهن أمهات المؤمنين رضي الله عنهن " انتهى كلامه رحمه الله . ( جلباب المرأة المسلمة ص26 )
وأردت بهذا أن يتميز كلام العلماء القائلين بأن وجه المرأة ليس بعورة ، وبين دعاة الرذيلة .
فإن العلماء لم يدعُ واحد منهم إلى أن تكشف المرأة وجهها ، بل أقل ما قيل بينهم إن التغطية هو الأفضل. بخلاف دعاة السوء الذين يطالبون بكشف المرأة لوجهها . وما الذي يَضُرهم ، و ما الذي يُغيظهم من تغطية المرأة لوجهها ؟! إنه سؤال يحتاج منا إلى جواب . نسأل الله الكريم أن يحفظ نساء المسلمين من كيدهم .
وأعود مرةً أخرى إلى محل النزاع في حكم تغطية المرأة لوجهها ويديها هل هو واجب أو مستحب ؟ الراجح من قولي العلماء وجوب تغطية المرأة لوجهها ويديها أمام الرجال الأجانب .
والأدلة على ذلك كثيرة منها :
الدليل الأول : قوله تعالى : " وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن " ( النور 30) .
فالله جل وعلا يقول ( ولا يبدين زينتهن ) وقد استقر في فطر الناس أن أعظمَ زينة في المرأة هو وجهها ، ولذلك فإن أهم ما يراه الخاطب هو الوجه ، وكذلك الشعراء حاضراً وقديماً في غرض الغزل ، فالوجه أعظم مقياس عندهم للفتنة والجمال .
وقد اتفق العلماء على وجب ستر المرأة لقدمها وشعرها أمام الرجال الأجانب ؛ فأيهما أعظم زينة الوجه واليدين أم القدم ؟! ، و لاشك بأن الوجه واليدين أعظم في الزينة وأولى بالستر .
بل قد جعل الله ضرب المرأة بقدمها الأرض أثناء مشيها لسماع الرجال صوت الخلخال من الزينة المحرم ابداؤها كما في الآية التي تليها ( ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن ) (النور 31) وكشف المرأة لوجهها ويديها أمام الرجال الأجانب أعظم زينة من سماعهم لصوت خلخالها ، فوجوب ستر الوجه واليدين ألزم وأوجب .
الدليل الثاني : حديث ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان) . أخرجه الترمذي بإسناد صحيح ( الإرواء 1/303) (وأصل الاستشراف: وضع الكف فوق الحاجب ورفع الرأس للنظر. والمعنى أن المرأة إذا خرجت من بيتها طمع بها الشيطان ليغويها أو يغوي بها).(5/1059)
وهذا الحديث نص في أن المرأة كلها عورة ولم يستثن النبي صلى الله عليه وسلم منها شيء .
الدليل الثالث : حديث عائشة رضي الله عنها في قصة الإفك وهم راجعون من غزوة بني المصطلق وقد نزلوا في الطريق فذهبت عائشة لقضاء حاجتها ثم عادت إليهم وقد آذنوا بالرحيل فلم تجد عقدها فرجعت تتلمسه في المكان الذي ذهبت إليه فلما عادت لم تجد أحداً فجلست . وقد حملوا هودجها على البعير ظناً منهم أنها فيه ولم يستنكروا خفة الهودج ؛ لأنها كانت خفيفة حديثة السن.
وكان من فطنتها أن جلست في مكانها الذي كانت فيه ، فإنهم إن فقدوها رجعوا إليها .
قالت رضي الله عنها : فبينما أنا جالسة في منزلي غلبتني عيني فنمت ، وكان صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني من وراء الجيش ، فأصبح عند منزلي فرأى سواد إنسان نائم فعرفني حين رآني وكان رآني قبل الحجاب فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني ، فخمرت " وفي رواية : فسترت " وجهي عنه بجلبابي ...) متفق عليه .
فصفوان بن المعطل رأى سواد إنسان فأقبل إليه . وهذا السواد هو عائشة ـ رضي الله عنها ـ وكانت نائمة ، كاشفة عن وجهها ، فعرفها صفوان ، فاستيقظتْ باسترجاعه ؛ أي بقوله : ( إنا لله وإنا إليه راجعون) فعائشة رضي الله عنها لما قالت ( فعرفني حين رآني ) بررت سبب معرفته لها ولم تسكت فكأن في ذهن السامع إشكال : كيف يعرفها وتغطية الوجه واجب . فقالت : (وكان رآني قبل الحجاب ) .
وفي قولها (وكان رآني قبل الحجاب ) فائدة أخرى ، ودليل على أن تغطية الوجه هو المأمور به في آية الحجاب .
ثم قالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ (فخمرت " وفي رواية : فسترت " وجهي عنه بجلبابي ) وقولها هذا في غاية الصراحة .
الدليل الرابع : قول عائشة -رضي الله عنها-: "كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات ، فإذا حاذوا بنا أسدلت إحدانا جلبابها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه” أخرجه أحمد وأبو داود وسنده حسن .
الدليل الخامس : عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت : ( كنا نغطي وجوهنا من الرجال ، وكنا نمتشط قبل ذلك في الإحرام ) إسناده صحيح أخرجه الحاكم وصححه ، ووافقه الذهبي ( انظر الإرواء 4/212) .
ويقول بعض الناس إن النصوص الواردة في تغطية الوجه خاص بزوجات النبي صلى الله عليه وسلم . وهذه الشبهة الضعيفة تروج عند كثير من العامة والجواب عنها أن يقال :
إن الأصل في نصوص الشرع هو العموم إلا إذا دل الدليل على التخصيص ، ولا دليل . هذا أولاً.
ثانياً : أنه قد ثبت عن نساء الصحابة تغطية الوجه كما في أثر أسماء السابق ( كنا نغطي وجوهنا من الرجال) فأسماء ليست من زوجات النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وقولها ( كنا نغطي ) يعم نساء الصحابة .(5/1060)
ثالثاً : أن الأمر بالحجاب ورد مصرحاً به لجميع نساء المؤمنين في قوله تعالى : " يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً ".
وأنقل هنا أقوال بعض العلماء في وجوب تغطية المرأة لوجهها أمام الرجال الأجانب :
قال أبو بكر الرازي الجصاص الحنفي (ت370هـ) في تفسيره لقوله تعالى : ( يدنين عليهن من جلابيبهن ) : " في هذه الآية دلالة على أن المرأة الشابة مأمورة بستر وجهها عن الأجنبيين ، وإظهار الستر و العفاف عند الخروج لئلا يطمع أهل الريب فيهن ".( أحكام القرآن 3/371) .
قال أبو بكر بن العربي المالكي رحمه الله (ت 543هـ) عند تفسيره لقوله تعالى ( وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ) : " و المرأة كلها عورة ؛ بدنها وصوتها ، فلا يجوز كشف ذلك إلا لضرورة أو لحاجة ، كالشهادة عليها ، أو داء يكون ببدنها " (أحكام القرآن 3/616).
قال النووي رحمه الله (ت676هـ) في المنهاج ( وهو عمدة في مذهب الشافعية ) : " و يحرم نظر فحل بالغ إلى عورة حرة كبيرة أجنبية وكذا وجهها وكفها عند خوف الفتنة ( قال الرملي في شرحه : إجماعاً ) وكذا عند الأمن على الصحيح " . قال ابن شهاب الدين الرملي رحمه الله (ت1004هـ) في شرحه لكلام النووي السابق : " و وجهه الإمام : باتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه ، وبأن النظر مظنة الفتنة ، و محرك للشهوة .. وحيث قيل بالتحريم وهو الراجح : حرم النظر إلى المنتقبة التي لا يبين منها غير عينيها و محاجرها كما بحثه الأذرعي ، و لاسيما إذا كانت جميلة ، فكم في المحاجر من خناجر "اهـ (نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج في الفقه على مذهب الشافعي 6/187ـ188) .
قال النسفي الحنفي رحمه الله (ت701هـ) في تفسيره لقوله تعالى : ( يدنين عليهن من جلابيبهن ): " يرخينها عليهن ، و يغطين بها وجوههن وأعطافهن " (مدارك التنزيل 3/79) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (ت728هـ): " وكشف النساء وجوههن بحيث يراهن الأجانب غير جائز. وعلى ولي الأمرِ الأمرُ بالمعروف والنهى عن هذا المنكر وغيره ، ومن لم يرتدع فإنه يعاقب على ذلك بما يزجره " ( مجموع الفتاوى 24 / 382 ) .
قال ابن جزي الكلبي المالكي رحمه الله (ت741هـ) في تفسيره لقوله تعالى : ( يدنين عليهن من جلابيبهن ) : " كان نساء العرب يكشفن وجوههن كما تفعل الإماء ، وكان ذلك داعياً إلى نظر الرجال لهن ، فأمرهن الله بإدناء الجلابيب ليستر بذلك وجوههن " ( التسهيل لعلوم التنزيل 3/144).
قال ابن القيم رحمه الله (ت751هـ) في إعلام الموقعين ( 2/80) : " العورة عورتان : عورة النظر ، وعورة في الصلاة ؛ فالحرة لها أن تصلي مكشوفة الوجه والكفين ، وليس لها أن تخرج في الأسواق و مجامع الناس كذلك ، والله أعلم ".(5/1061)
وقال تقي الدين السبكي الشافعي رحمه الله (ت756هـ) : " الأقرب إلى صنيع الأصحاب أن وجهها و كفيها عورة في النظر " ( نهاية المحتاج 6/187) .
قال ابن حجر في شرح حديث عائشة رضي الله عنها وهو في صحيح البخاري أنها قالت : " لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ ( وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ) أَخَذْنَ أُزْرَهُنَّ فَشَقَّقْنَهَا مِنْ قِبَلِ الْحَوَاشِي فَاخْتَمَرْنَ بِهَا " . قال ابن حجر (ت852هـ) في الفتح (8/347) : " قوله ( فاختمرن ) أي غطين وجوههن " .
قال السيوطي (ت911هـ) عند قوله تعالى : ( يدنين عليهن من جلابيبهن ) : " هذه آية الحجاب في حق سائر النساء ، ففيها وجوب ستر الرأس والوجه عليهن " (عون المعبود 11/158 ) .
قال البهوتي الحنبلي رحمه الله (ت1046هـ) في كشاف القناع ( 1/266) : " الكفان والوجه من الحرة البالغة عورة خارج الصلاة باعتبار النظر كبقية بدنها " .
وغيرهم كثير ولولا خشية الإطالة لنقلت أقوالهم .
وقد قال بوجوب تغطية المرأة لوجهها وكفيها جمع كبير من العلماء المعاصرين ، منهم أصحاب الفضيلة : عبدالرحمن بن سعدي ، ومحمد بن إبراهيم آل الشيخ ، ومحمد الأمين الشنقيطي ، و عبدالعزيز بن عبدالله بن باز ، وأبو بكر جابر الجزائري ، و محمد بن عثيمين ، وعبدالله بن جبرين ، وصالح الفوزان ، وبكر بن عبدالله أبو زيد ـ رحمهم الله ، وحفظ الأحياء منهم ـ وغيرهم كثير .
و أنقل هنا كلام العلامة محمد بن عثيمين . قال رحمه الله بعد أن قرر وجوب تغطية المرأة لوجهها وكفيها : " وإني لأعجب من قوم يقولون : إنه يجب على المرأة أن تستر قدمها ، ويجوز أن تكشف كفيها !! فأيهما أولى بالستر ؟! أليس الكفان ؛ لأن نعمة الكف وحسن أصابع المرأة وأناملها في اليدين أشد جاذبية من ذلك في الرجلين .
وأعجب أيضاً من قوم يقولون : إنه يجب على المرأة أن تستر قدميها ، ويجوز أن تكشف وجهها !! فأيهما أولى بالستر ؟! هل من المعقول أن نقول إن الشريعة الإسلامية الكاملة التي جاءت من لدن حكيم خبير توجب على المرأة أن تستر القدم ، وتبيح لها أن تكشف الوجه ؟! .
الجواب : أبداً هذا تناقض ؛ لأن تعلق الرجال بالوجوه أكثر بكثير من تعلقهم بالأقدام .
( إلى أن قال رحمه الله ) : " أنا أعتقد أن أي إنسان يعرف مواضع الفتن ورغبات الرجال لا يمكنه إطلاقاً أن يبيح كشف الوجه مع وجوب ستر القدمين ، وينسب ذلك إلى شريعة هي أكمل الشرائع وأحكمها .الحجاب ... إيمان .. طهارة .. تقوى .. حياء .. عفة
إعداد دار القاسم
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وبعد:-
فقد لقيت المرأة المسلمة من التشريع الإسلامي عناية فائقة كفيلة بأن تصون عفتها ، وتجعلها عزيزة الجانب ، سامية المكان ، وإن الشروط التي فرضت عليه في ملبسها وزينتها لم تكن إلا لسد ذريعة الفساد الذي ينتج عن التبرج بالزينة ، وهذا ليس تقييداً لحريتها بل هو وقاية لها أن تسقط في درك المهانة ، ووحل الابتذال ، أو تكون مسرحاً لأعين الناظرين .(5/1062)
فضائل الحجاب
الحجاب طاعة لله عز وجل وطاعة للرسول صلى الله عليه وسلم :
أوجب الله طاعته وطاعة رسول صلى الله عليه وسلم فقال :{ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا } [الأحزاب : 36]
وقد أمر الله سبحانه النساء بالحجاب فقال تعالى :{ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا } [النور : 31]
وقال سبحانه : { وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى } [الأحزاب :33] وقال تعالى :{ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ } [ الأحزاب : 53] وقال تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ } [الأحزاب : 59].
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم :" المرأة عورة" يعني يجب سترها .
الحجاب عفة
فقد جعل الله تعالى التزام الحجاب عنوان العفة ، فقال تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ } [الأحزاب : 59]
لتسترهن بأنهن عفائف مصونات { فَلَا يُؤْذَيْنَ } فلا يتعرض لهن الفساق بالأذى، وفي قوله سبحانه { فَلَا يُؤْذَيْنَ } إشارة إلى أن معرفة محاسن المرأة إيذاء لها ولذويها بالفتنة والشر .
الحجاب طهارة
قال سبحانه وتعالى :{ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ } [الأحزاب : 53].
فوصف الحجاب بأنه طهارة لقلوب المؤمنين والمؤمنات لأن العين إذا لم تر لم يشته القلب ، ومن هنا كان القلب عند عدم الرؤية أطهر ، وعدم الفتنة حينئذ أظهر لأن الحجاب يقطع أطماع مرضى القلوب :{ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ } [الأحزاب : 32].
الحجاب ستر
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"إن الله حيي ستير ، يحب الحياء والستر " وقال صلى الله عليه وسلم :" أيما امرأة نزعت ثيابها في غير بيتها خرق الله عز وجل عنها ستره "، والجزاء من جنس العمل .
الحجاب تقوى
قال تعالى : { يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ } [ الأعراف : 26]
الحجاب إيمان
والله سبحانه وتعالى لم يخاطب بالحجاب إلا المؤمنات فقد قال سبحانه وتعالى :{ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ } وقال الله عز وجل { وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ}(5/1063)
ولما دخل نسوة من بني تميم على أم المؤمنين – عائشة رضي الله عنها – عليهن ثياب رقاق قالت :"إن كنتن مؤمنات فليس هذا بلباس المؤمنات ، وإن كنتين غير مؤمنات فتمتعن به ".
الحجاب حياء
قال صلى الله عليه وسلم :" إن لكل دين خلقاً ، وإن خلق الإسلام الحياء" وقال صلى الله عليه وسلم :" الحياء من الإيمان ، والإيمان في الجنة " وقال عليه الصلاة السلام : " الحياء والإيمان قرنا جميعاً ، فإن رفع أحدهما رفع الآخر ".
الحجاب غيرة
يتناسب الحجاب أيضاً مع الغيرة التي جُبل عليها الرجل السوي الذي يأنف أن تمتد النظرات الخائنة إلى زوجته وبناته ، وكم من حرب نشبت في الجاهلية والإسلام غيرة على النساء وحمية لحرمتهن ، قال علي رضي الله عنه :" بلغني أن نساءكم يزاحمن العلوج –أي الرجال الكفار من العجم – في الأسواق ألا تغارون ؟ إنه لا خير فيمن لا يغار ".
قبائح التبرج
التبرج معصية لله ورسول صلى الله عليه وسلم
ومن يعص الله ورسوله فإنه لا يضر إلا نفسه ، ولن يضر الله شيئاً ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى "، قالوا : يا رسول الله ومن يأبى ؟ قال :" من أطاعني دخل الجنة ، ومن عصاني فقد أبى ".
التبرج يجلب اللعن والطرد من رحمة الله
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" سيكون في آخر أمتي نساء كاسيات عاريات ، على رؤوسهن كأسنمة البخت ، العنوهن فإنهن ملعونات ".
التبرج من صفات أهل النار
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" صنفان من أهل النار لم أرهما : قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ، ونساء كاسيات عاريات .. " الحديث .
التبرج سواد وظلمة يوم القيامة
رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :" مثل الرافلة في الزينة في غير أهلها ، كمثل ظلمة يوم القيامة لا نور لها "، يريد أن المتمايلة في مشيتها وهي تجر ثيابها تأتي يوم القيامة سوداء مظلمة كأنها متسجدة في ظلمة والحديث – وإن كان ضعيفاً – لكن معناه صحيح وذلك لأن اللذة في المعصية عذاب ، والطيب نتن ، والنور ظلمة ، بعكس الطاعات فإن خلوف فم الصائم ودم الشهيد أطيب عند الله من ريح المسك .
التبرج نفاق
قال النبي صلى الله عليه وسلم :" خير نسائكم الودود الولود ، المواسية المواتية ، إذا اتقين الله ، وشر نسائكم المتبرجات المتخيلات وهن المنافقات لا يدخلن الجنة إلا مثل الغراب الأعصم "، الغراب الأعصم : هو أحمر المنقار والرجلين ، وهو كناية عن قلة من يدخل الجنة من النساء لأن هذا الوصف في الغربان قليل .
التبرج تهتك وفضيحة(5/1064)
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" أيما امرأة وضعت ثيابها في غير بيت زوجها ، فقد هتكت ستر ما بينها وبين الله عز وجل ".
التبرج فاحشة
فإن المرأة عورة وكشف العورة فاحشة ومقت قال تعالى :{ وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءنَا وَاللّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء} [الأعراف:28]
والشيطان هو الذي يأمر بهذه الفاحشة { الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء}[البقرة:268]
التبرج سنة إبليسية
إن قصة آدم مع إبليس تكشف لنا مدى حرص عدو الله إبليس كشف السوءات ، وهتك الأستار ، وأن التبرج هدف أساسي له ، قال تعالى :{ يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا} [الأعراف:27]
فإذن إبليس هو صاحب دعوة التبرج والتكشف ، وهو زعيم زعماء ما يسمي بتحرير المرأة .
التبرج طريقة يهودية
لليهود باع كبير في مجال تحطيم الأمم عن طريق فتنة المرأة وهم أصحاب خبرة قديمة في هذا المجال ، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم :" فاتقوا الدنيا واتقوا النساء ، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء ".
التبرج جاهلية منتنة
قال تعالى : { وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى } [الأحزاب :33]
وقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم دعوى الجاهلية بأنها منتنة أي خبيثة فدعوى الجاهلية شقيقة تبرج الجاهلية، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :"كل شيء من أمر الجاهلية موضوع تحت قدمي "، سواء في ذلك تبرج الجاهلية ، ودعوى الجاهلية ، وحمية الجاهلية .
التبرج تخلف وانحطاط
إن التكشف والتعري فطرة حيوانية بهيمية ، لا يميل إليه الإنسان إلا وهو ينحدر ويرتكس إلى مرتبة أدنى من مرتبة الإنسان الذي كرمه الله ، ومن هنا كان التبرج علامة على فساد الفطرة وانعدام الغيرة وتبلد الإحساس و موت الشعور :
لحد الركبتين تشمرينا *** بربك أي نهر تعبرين
كأن الثوب ظلٌ في صباح *** يزيد تقلصاً حيناً فحينا
تظنين الرجال بلا شعور *** لأنكِ ربما لا تشعرينا
التبرج باب شر مستطير
وذلك لأن من يتأمل نصوص الشرع وعبَر التاريخ يتيقن مفاسد التبرج وأضراره على الدين والدنيا ، لا سيما إذا انضم إليه الاختلاط المستهتر .
فمن هذه العواقب الوخيمة :
* تسابق المتبرجات في مجال الزينة المحرمة ، لأجل لفت الأنظار إليهن .. مما يتلف الأخلاق والأموال ويجعل المرأة كالسلعة المهينة .(5/1065)
ومنها : فساد أخلاق الرجال خاصة الشباب ودفعهم إلى الفواحش المحرمة . ومنها : المتاجرة بالمرأة كوسيلة للدعاية أو الترفيه في مجالات التجارة وغيرها .
ومنها : الإساءة إلى المرأة نفسها باعتبار التبرج قرينة تشير إلى سوء نيتها وخبيث طويتها مما يعرضها لأذية الأشرار والسفهاء .
ومنها : انتشار الأمراض لقوله صلى الله عليه وسلم :" لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا ".
ومنها : تسهيل معصية الزنا بالعين : قال عليه الصلاة والسلام : " العينان زناهما النظر " وتعسير طاعة غض البصر التي هي قطعاً أخطر من القنابل الذرية والهزات الأرضية .قال تعالى :{ وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا}[الإسراء:16]، وجاء في الحديث : "أن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعذاب ".
فيا أختي المسلمة :
هلا تدبرت قول الرسول صلى الله عليه وسلم :" نَحِ الأذى عن طريق المسلمين " فإذا كانت إماطة الأذى عن الطريق من شعب الإيمان فأيهما أشد شوكة ... حجر في الطريق ، أم فتنة تفسد القلوب وتعصف بالعقول ، وتشيع الفاحشة في الذين آمنوا ؟
إنه ما من شاب مسلم يُبتلى منك اليوم بفتنة تصرفه عن ذكر الله وتصده عن صراطه المستقيم – كان بوسعك أن تجعليه في مأمن منها – إلا أعقبك منها غداً نكال من الله عظيم .
بادري إلى طاعة الله ، ودعي عنك انتقاد الناس ، ولومهم فحساب الله غداً أشد وأعظم .
الشروط الواجب توفّرها مجتمعه حتى يكون الحجاب شرعياً .
الأول: ستر جميع بدن المرأة على الراجح .
الثاني: أن لا يكون الحجاب في نفسه زينة .
الثالث: أن يكون صفيقاً ثخيناً لا يشف .
الرابع: أن يكون فضفاضاً واسعاً غير ضيق .
الخامس: أن لا يكون مبخراً مطيباً .
السادس : أن لا يشبه ملابس الكافرات .
السابع : أن لا يشبه ملابس الرجال .
الثامن : أن لا يقصد به الشهرة بين الناس .
احذ ري التبرج المقنع
إذا تدبرت الشروط السابقة تبين لك أن كثيراً من الفتيات المسميات بالمحجبات اليوم لسن من الحجاب في شيء وهن اللائي يسمين المعاصي بغير اسمها فيسمين التبرج حجاباً ، والمعصية طاعة .
لقد جهد أعداء الصحوة الإسلامية لو أدها في مهدها بالبطش والتنكيل ، فأحبط الله كيدهم ، وثبت المؤمنين و المؤمنات على طاعة ربهم عز وجل . فرأوا أن يتعاملوا معها بطريقة خبيثة ترمي إلى الانحراف عن مسيرتها الربانية فراحوا يروجون(5/1066)
صوراً مبتدعة من الحجاب على أن أنها "حل وسط " ترضي المحجبة به ربها –زعموا- وفي ذات الوقت تساير مجتمعها وتحافظ على " أناقتها "!
سمعنا وأطعنا
إن المسلم الصادق يتلقى أمر ربه عز وجل ويبادر إلى ترجمته إلى واقع عملي ، حباً وكرامة للإسلام واعتزازا ً بشريعة الرحمن ، وسمعاً وطاعة لسنة خير الأنام صلى الله عليه وسلم غير مبال بما عليه تلك الكتل الضالة التائهة ، الذاهلة عن حقيقة واقعها والغافلة عن المصير الذي ينتظرها .
وقد نفى الله عز وجل الإيمان عمن تولى عن طاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم فقال: { وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (47) وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم مُّعْرِضُونَ } [النور:47،48] إلى قوله { إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ {51} وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} [النور : 51،52 ]
وعن صفية بنت شيبة قالت : بينها نحن عند عائشة –رضي الله عنها – قالت : فذكرت نساء قريش وفضلهن ، فقالت عائشة –رضي الله عنها -:" إن لنساء قريش لفضلاً ، وإني والله ما رأيت أفضل من نساء الأنصار أشد تصديقاً لكتاب الله ، ولا إيماناً بالتنزيل ، لقد أنزلت سورة النور { وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ } [النور : 31] فانقلب رجالهن إليهن يتلون ما أنزل الله إليهن فيها ، ويتلو الرجل على امرأته وابنته وأخته وعلى كل ذي قرابته ، فما منهن امرأة إلا قامت إلى مرطها المرحل ( أي الذي نقش فيه صور الرحال وهي المساكن ) فاعتجرت به ( أي سترت به رأسها ووجهها ) تصديقاً وإيماناً بما أنزل الله في كتابه ، فأصبحن وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم معتجرات كأن على رؤوسهن الغربان " وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه .
ـــــــــــــــــــ
يا وردةً .. من قطاف العفاف
أم سمية
... إهداء ....
إلى أمي الحنونة .... وابنتي الغالية
و درتي المصونة .... و زهرتي اليانعة
إلى من هي نصف المجتمع .... وتلد النصف الآخر فهي كل المجتمع !
إليكِ أيتها المسلمة
أكتب هذه الكلمات بحبرٍ من دمي .. وعلى ورقٍ من قلبي .. وأغلفها بحبي وإخلاصي .. وأقدمها بصدقي ووفائي
فتقبليها مني .. وتجاوزي عن زللي الذي ما هو إلا من نفسي الضعيفة والشيطان .
المخلصة / أم سمية
مقدمة(5/1067)
الحمد لله وحده..والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، محمد ابن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين ..... وبعد ...
فإن الناظر إلى حجاب فتياتنا - في هذا الزمن المكتض بالفتن – ليتفطر قلبه ألماً .. وتذرف عينه دماً .. ويهتز كيانه دهشةً وحزناً !!
فما عاد الحجاب حجاباً .. ولا عاد الغطاء ستراً .. ولا الخمار حَصَاناً ..!
تألمت لحال فتيات الإسلام وفكرت في مآلهن – إن بقين على ما هن عليه الآن – فحزن قلبي أشد الحزن .. وبكت عيني ، وتفطّر فؤادي بهذه الكلمات ...
خرجت لتُخرِج معها – بإذن الله – من ضَلَلَن الطريق ، و أضعن الحقوق ، وانبهرن بزينة الدنيا .. ونسين - أو أنساهن الشيطان - ما للمؤمنات القانتات في أعالي الجنات !!
أسأل الله الكريم الرحيم أن يرد بهذه الكلمات من أعرضت عن ذكره إلى الصراط المستقيم ، ويهدي بها من جهلت الحق المبين ، ويلين بها قلوب العاصيات الزائغات عن هدي رب العالمين.
آمين
أم سمية
أيتها الدرة المكنونة .. والجوهرة المصونة .. واللمسة الحنونة ..
يا من ملأ حبك أركاني .. و حاز شأنك جلّ اهتمامي .. و بمظهركِ الفاتن طار عقلي واختلّ اتزاني !
غادر الكرى عيني ؛ وقطّع الحزن قلبي ؛ وعبث الهم بأشجاني ..
فلم يخطر لي ببال .. ولم أتوقع هذه الحال !
لم أتوقّع أختي الحبيبة أن تجري خلف العدو ليقتلك .. ولم أتصوّر أن تحدّي شفرته ليسيل على يده دمك ، ومن ثَمّ دم أحبابك وأبناء دينك !!
ربما تعجبتِ من كلماتي .. ولم ترُق لكِ عباراتي ، وقد تقولين : كيف قتلني عدوّي ولم أزل أستنشق عبير الحياة وقلبي ينبض بحبها ؟!؟
وكيف أجرى العدو دمي ولم أرَ دماً ولا سكيناً ؟!!
فأقول لكِ أختي الحبيبة ...
تذكري أن عدونا – نحن المسلمين – هو الكافر وأعوانه وأولياؤه وأصحابه ، لم يستطيعوا مواجهتنا بالسلاح الحسيّ ( السيف والرصاص ) فهم أعرف بمدى قوتنا وشجاعتنا ، وتاريخهم يذكرهم بجند الله الذين يقاتلون معنا فلا نراهم ولكن يرونهم هم فتطير عقولهم فزعاً .. وتنخلع قلوبهم خوفاً من كثرة الجند وقوتهم !!
عجزوا عن مواجهتنا بهذا النوع من السلاح ، فبدأوا بغزوهم الفكري ، وقد نجحوا وأسقطوا عدداً من القتلى .. فوا أسفي على بني قومي ويا حزني على كرامتهم ..!
وإن أعظم وأقوى سلاح استخدموه في حربهم هذه هو ( المرأة العربية المسلمة ) فدعوها إلى السفور والتبرج ليفتنوا بها شباب الإسلام ويصرفوا قلوبهم عن إليها لتخلوا من الإيمان وحب الرحمن ، إلى حب شهوات الدنيا الفانية والتعلّق بجمالها الزائف ، وبذلك تخور العزائم .. وتضعف الهمم .. ويجبن الشجعان !!(5/1068)
بدأوك بالموضة والأزياء وكل جديد جذاب ، وتدرّجوا معكِ شيئاً فشيئاً وأنتِ تنفذين ما يمليه عليكِ أعداؤكِ دون أن تشعرين ..! وهذا معنى قولي لكِ : ( لم أتوقّع أن تجري خلف العدو ليقتلكِ ، ولم أتصوّر أن تحدّي شفرته ليسيل على يده دمك ) !
يؤسفني - أختي الكريمة – أن أُعلِمكِ عن أناس من بني جلدتنا ، ويأكلون معنا ، ويمشون في أسواقنا ، وينتسبون لديننا .. ولكن قلوبهم لعدونا وعدوهم موالية .. وأقلامهم وكلمتهم تعشق الغربي الكافر ، وأجسامهم و مظاهرهم تحاكي مظهر الكافر الشقي الذي لم يسعد في دنياه ولن يفرح في أخراه .. والعياذ بالله أن نكون كهؤلاء .
أختي الحبيبة ...
إن الناظر إلى حال نساء زماننا يتفطّر قلبه ألماً وحسرة .. وتدمع عينه حزناً وقهراً .. فقد أصبح حجابهن زينة ، وسترهن تفسّخ وعريّ ، متّبعات في ذلك الخريطة التي رسمها أعداؤنا من الشرق والغرب ..!
فهل عرفنا في الإسلام عباءةً مطرّزة ..؟.. وهل سمعنا بطرحةِ مزركشة ..؟.. أم هل رأينا في تاريخ الإسلام غطاء وجهٍ شفاف ؟!!
إنه والله أمرٌ يتقطّع له نياط القلب ويندى من هوله الجبين ..
فالإسلام فرض الحجاب لحكمةِ عظيمة .. وفوائد جسيمة ..
الحجاب عبادة فيها السعادة .. وجمال يفوق كل جمال .. وراحة تنسي كل راحة !!
فرض الله الحجاب ليستر المرأة عن الأجانب ، بل عن أعدائها من الجنس الآخر ، ليحميها من ذئاب البشر .. وأعداء العفاف والطهر ، ليحفظها من أعين الماكرين الخائنين .. ويرفعها عن مستنقعات العار وأوحال الرذيلة !
حجب الإسلام المرأة عن الرجال كي تبقى درةً غالية ، وجوهرة مصونة ، لا تعبث بها أيدي السارق ، ولا تطولها عين الغادر ...
حجب الإسلام المرأة لتبقى عزيزةً نظيفة ، عفيفةً شريفة ، ويتمناها التقي ، ويخشاها الشقي !
فقد قال بعض أهل الفساد عندما سئلوا عن نظرتهم للفتاة المتحجبة : نحن نخشى الاقتراب من الفتاة المحجبة ، ونستحي من النظر إليها مع كونها محجبة حجاباً كاملاً ولا يظهر منها ظفر ! فنبتعد عن طريقها ، و نغار عليها من نظرات الرجال وكأنها أخت لنا أو أم أو قريبة !
سبحان الله !! هذا كلام ذئاب البشر عن الفتاة المحجبة .. فما بالكِ أختي الحبيبة بكلام الأتقياء الأنقياء الشرفاء ..؟
إنهم يدعون لكل فتاة محجبة بأن يحفظها الله من كل سوء ، وأن يثبتها على صراطه المستقيم .. وأن ييسر لها الخير حيث يكون ، ويصرف عنها الشر مهما يكون ..
بل إن بعضهم ليفتخر بها ويعتز بحجابها ويتمنى أن تكون زوجته أو أبنته أو أخته !
فالحجاب عزة وفخر للمرأة والرجل معاً .. ولم يكن الحجاب يوماً منقصةً أو مذلةً أو ظلماً .
بل إن الإسلام أعزّ المرأة بالحجاب وصانها بالخمار وحفظها بالغطاء ..(5/1069)
المرأة المسلمة المحجبة كالملكة في بيتها،وكالسيدة في قومها..لا تمشي إلا بمعية حارسها الشخصي !! يرافقها في السوق والمستشفى والشارع،ويوصلها إلى عملها – إن كانت عاملة – ويحميها و يحرسها من الكلمات والنظرات المؤذية .
يمشي معها بعزةٍ وفخر ... وتمشي معه بطمأنينةٍ وأمان ..!
فهي لا تخشى على نفسها من كيد الأعداء لأنها محجبة – والحجاب شعار العفاف والطهر- وبوجود حارسها يحميها ويحفظها بحفظ الله ...
يحرسها أبوها أو أخوها أو زوجها أو ابنها أو أحد محارمها الذين سرَتْ نار الغيرة في عروقهم .. وتمشّت بين شرايينهم ودمائهم .
فلن يسمحوا لأحد بالاقتراب منها أو الحديث معها ،، فأي سعادة وراحة وحرية أكثر من هذه ؟! وتذكري أختي الحبيبة ...
أن من تركت الحجاب فقد عصَت رب الأرباب ، وتنازلت عن الشرف والعفاف ، وعرضَت نفسها لأشرار الذئاب – ظانَّةً – أنها أجمل امرأة في أعينهم ، وما علمَت أنها كالحلوى المكشوفة لا يأخذها إلا الحشرات والهوام !! أما الإنسان العزيز النظيف لا يرضى بأن يأخذ هذه الحلوى لأنه يعلم أنها لم تبقَ مكشوفةً إلا لقذارتها وفسادها ومرور الدواب عليها ..!
فالمرأة كتلك الحلوى .. إن بقيت محجبة مصونة رغبها كل من رآها ، و إن كانت متبرجة متفسخة عافها الكل ولم يأتها إلا حشرات البشر ليأخذوا منها أنظف ما فيها وأعز ما تحمله ثم يتركونها ملقاةً على الأرض تدوسها الأقدام .. ويتأفف منها الكرام !
فهل ترضين هذا لنفسكِ أختي الحبيبة ؟.. هل ترضين المذلة والسقوط؟
أم الرفعة والعزة والكرامة ؟
أمامك طريقان فاختاري أحدهما .. فإما نجاة وإما عذاب في الدنيا والآخرة !!
أختي الغالية ...
قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ) .
فتأملي معي كيف بدأ الله بزوجات وبنات محمد صلى الله عليه وسلم .. بدأ بالعفيفات الطاهرات ، الصالحات الزاهدات .. أمرهن بالحجاب والجلباب ، ونهاهن عن التكشف والتبرج وهن أمهات المؤمنين وسيدات نساء الجنة ، ومن أمِرنَ بالتحجّب والتستر عنهم هم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم أجمعين .. أصحاب القلوب الطاهرة والنفوس العفيفة ..!!
فما بالكِ أخيتي برجال ونساء زماننا ؟!!
ما بالكِ بمن يقضون ساعات طوال أمام قنوات الفساد والدمار وتشبعت قلوبهم بحب الشهوات المنكرات ، وطارت عقولهم شوقاً إلى لقاء حبيبة ، أو رؤية جميلة ، أو سماع صوت خليلة !!
فو الذي نفسي بيده إن الأمر بالحجاب ليشتدّ ويغلّظ في زماننا هذا ، وإن مسئوليتك أمام الله عظيمة لأنك موضع فتنة - وهي أعظم فتنة على أمة محمد صلى الله عليه(5/1070)
وسلم - قال عليه الصلاة والسلام :" ما تركت بعدي فتنةً أشدّ على الرجال من النساء " .
وقلوب الرجال في هذا الزمان مريضة – إلا من رحم ربي ، وقليل ما هم – وأعينهم تصول وتجول في مجتمعات النساء ، ونفوسهم تتوق إلى الشر والفساد .. ثم تأتي الفتاة المتبرجة السافرة عن محاسنها لتأجج نار الفتنة في صدورهم وتساعدهم على الاقتراب منها ، والوقوع معها في مستنقعات الفساد والعار ، وفي النهاية يخرج ذلك الشاب من مستنقعه ليغسل ما به من قاذورات ونجاسات بماء التوبة ويعيش حياته من جديد - هذا إن كان له قلب حيّ يخشى عذاب الله – أما أنتِ أيتها المسكينة فستبقين عاراً على نفسك و أهلك ولن يغفر لك المجتمع زلتك ، أو يتجاوز عن جريمتك .. حتى لو غسلتِ قلبكِ بماء التوبة والرجوع إلى الله .. فمن سيغسل جسدك مما أصابه من خراب ودمار ؟؟!
أظنكِ فهمتِ ما أرمي إليه فانتبهي قبل فوات الأوان ، وقبل أن تقعي فتندمي .. ولن ينفع ساعتها ندم ولا بكاء ، ولا حزن ولا دموع ...!
( وإن العاقل الذي يتأمل ما وصل إليه حال النساء اليوم ليحترق أسى ، ويذوب حياءً ، ويكتوي لوعةً ، ويلتهب حرقة !.. حق للقلوب المؤمنة أن تتقطع ألماً ، وحان للأعين الصادقة أن تبكي دماً ، فكيف يهنأ المؤمن زاداً ، وكيف يسيغ شراباً ، ويبشّ هانئاً ، وينام قريراً ، وهو يرى ما يمض الأجسام .. ويمزق الأفئدة ، ويبدد القلب ..!
لقد حقق هؤلاء النساء أمنية ( أوسكارليفي ) اليهودي عندما قال : { نحن اليهود لسنا إلا سادة العالم ومفسديه .. ومحركي الفتن وجلاّديه } .. إن لليهود باعاً كبيراً في مجال تحطيم الأمم عن طريق المرأة .. ولقد لقيت المرأة المسلمة من التشريع الإسلامي عناية فائقة كفيلة بأن تصون عفتها وتجعلها عزيزة الجانب ، سامية المكان ، وإن الشروط التي فرض عليها في زينتها وملبسها لم تكن إلا لسد ذريعة لفساد ، وهذا ليس تقييداً لحريتها بل حماية لها أن تسقط في درك المهانة ووحل الابتذال ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله حييّ ستّير يحب الحياء والستر ".....) أ.هـ [ من رسالة ( الجمال ) لعائشة القرني ]
فالحرب ضدك أختي الحبيبة تدور ، وأنتِ الهدف والغاية .. إن أعداءنا من الغرب يعقدون جلسات مطوّله يصممون فيها لكِ موديلاً جذاباً .. يأخذ العقول ويجذب القلوب إليكِ و يذهب بالأبصار .. أتعلمين لم هذا الموديل ..؟
إنه لعباءتك التي فُرِضَت عليكِ لتسترك وتصرف الأعين عنكِ ولتعيشي عفيفةً نظيفة ...!
استدرجوا في خلع حجابك من على رأسك لينتصروا عليكِ ويخرجوكِ من بيتك متبرجة سافرة ، قد خلعتِ الحياء قبل أن تخلعي الجلباب .. ولا حول ولا قوة إلا بالله !
ويبين لنا الشيخ محمد الهبدان – حفظه الله – كيف حدث هذا التدرج بخلع الحجاب في شريطه ( قصة عباءة ) :
[ فبدأوا بخطوة العباءة الخفيفة الشفافة واستمروا عليها فترة ليست بالقصيرة .. ثم انتقلوا إلى خطوة أخرى وهي العباءة القصيرة .. حتى إذا مر عليها زمن – وتحركت(5/1071)
القلوب المؤمنة – لتظهر العباءة الطويلة .. انزعجوا منها فقالوا : لا ضير .. اجعلوها طويلة ولكن فيها قيطان بأطراف العباءة فقط .. ووقفوا قليلاً عند هذه الخطوة !
لم يجدوا من يعارض ، الكثيرات معجبات ، والإقبال يتزايد !إذاً فلتخرج موضة العباءة على الكتف فهي أيسر للمرأة والدين يسر!
وبعدها فُتِحَ الباب على مصراعيه ، و انهدر سيل من البلاء ، تارةً بتشكيلات من القيطان ذات اليمين وذات الشمال ، وتارةً بالكلف العريضة ذات الفصوص اللامعة ، ثم الدانتيل الجميل لتكون اليد أجمل ، ثم المخرمة والمطرزة من الخلف و الأمام ، ثم أخيراً أبواناً مختلفة من التطريز ] .
وأضافوا ألواناً مختلفة كالأصفر والأحمر والأخضر والبرتقالي ، ومنهم من صمم عباءة للعروس وعباءة للجامعة ، و للمدرسة والسهرة والطبيبة ... فإنا لله وإنا إليه راجعون !
وإن مما يزيد الطين بلاً .. ويحرق القلب ويدمع العين أن من صممت هذه الموديلات ولهذه الأغراض هي امرأة مسلمة ..!
نسأل الله أن يهديها ويردها إليه رداً جميلاً .. لقد تخلت عن دينها وأخلاقها وجمالها ، ونسيت أو تناست أن خمار المرأة يجملها و يزيدها وقاراً و بهاءً .. حتى إذا دخلت الجنة – نسأل الله أن نكون من أهلها – فإنها تتبعل وتتجمل لزوجها بهذا الخمار !
وفي الحديث " ولنصيفها ( خمارها ) على رأسها خير من الدنيا وما فيها"
وعند الإمام أحمد – رحمه الله – " ولنصيف امرأة من الجنة خير من الدنيا ومثلها معها " وعند البزار وابن أبي الدنيا "... ولو أخرجت الحورية نصيفها لكانت الشمس عند حُسنه مثل الفتيلة في الشمس لا ضوء لها ... ".
فإذا كان هذا الجمال في الخمار فكيف بجمال من تلبس الخمار ؟ وسبحان الله الذي أتقن كل شي !!... وبمناسبة ذكر الخمار أقول لمن تركت الخمار فضلاً عن النقاب والحجاب : انظري كيف كان الخمار من محاسن الجمال على رأس الحورية في الجنة ، في حين تتعلل الواحدة منكن بأنها لا تلبس الخمار لأنها لا تكون فيه أنيقة ولا تليق فيه ، وأخرى تتعلل بأنها ستلبسه بعد الزواج ، والعجيب أن بعض النساء تلبسه أيضاً لأنها – كما تقول – ترى جمالها وأناقتها وشخصيتها فيه ، وأقول للأخيرة هذه : اجعليها لله فالأعمال بالنيات .أ.هـ [ امتاع السامعين في وصف الحور العين / ص 6-7 ]
يقول ابن القيم في وصف عرائس الجنات :
ونصيف إحداهن وهو خمارها ليست له الدنيا من الأثمانِ
لله هاتيك الخيام فكم بها للقلب من علَقٍ ومن أشجانِ
فيهن حور قاصرات الطرف خيـ ـرات حسان هن خير حسانِ
خيرات أخلاق حسان أوجهاً فالحسن والإحسان متفقانِ
؟!.. أبعد هذا تشكِّين في وجوب تغطية الوجه..!؟
سؤال ؟:
الفرح والحزن .. تلك المشاعر أين تبدو؟
حديث العيون وفتنتها.. أين يكمن؟(5/1072)
الاهتمام أو اللامبالاة.. كيف نحس بهما ؟
علامات الجمال والملاحة.. مشاعر الحب أو الكراهية. كلها نقرأها في صفحات الوجه.. فهل توافقينني الرأي ...؟
عزيزتي...
لو قدمت لك سبع صور (لأيدي نساء)، وطُلب منك أن تحددي المرأة الجميلة من الدميمة من خلال صور أيديهن فقط !
أظنك ستقولين بتعجب: بالتأكيد لن أستطيع تحديد ذلك، فقد تكون اليد جميلة بينما صاحبتها دميمة، فمن الظلم أن أحكم على جمال امرأة من خلال يدها!!
أحسنت يا موفقة....
فإنك لو حكمت على جمال امرأة من خلال صورة يدها لخالفك الجميع في ذلك بينما لو قدمت لك سبع صور لوجوه نساء مختلفات، لحددت مباشرة الجميلة من الدميمة دون أن تحتاجي لأن تطلبي رؤية يدها ولا قدمها!.. فالأمر واضح أمامك وسيؤيدك الجميع إلى ما ذهبت إليه..
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله-: (( ولا يخفى أن وجه المرأة هو أصل جمالها، ورؤيته من أعظم أسباب الافتتان بها -كما هو معلوم- والجاري على قواعد الشرع الكريم هو تمام المحافظة والابتعاد عن الوقوع فيما لا ينبغي)) -أضواء البيان (6/200)-.
أخيتي انتبهي! نعم انتبهي جيدًا...!
قفي الآن أمام المرأة وتحسسي وجهك بيديك.. وتأملي تلك النضارة.. تأمليها بعمق.. هل هان عليك أن تلفحه النار؟ فيسقط الجلد وتبقى العظام!...
احفظي وجهك في الدنيا من تلك النظرات الحارقة ليحفظه الله من حرقة جهنم.. واستريه عن غير محارمك فإن الفتنة إن لم تكن في الوجه والعينين فأين تكون؟!...
نعم ...
إن لم تكن في الوجه فأين تكون ... ؟؟
تعرفي على مصدر الفتنه و استريه لا تظهريه ..فان عزنا بإسلامنا و حجابنا ....
زعموا السفور و الاختلاط وسيلة *** للمجد قوم في المجانة أغرقوا
كذبوا متى كان التعرض للخنا *** شيئاً تعز به الشعوب وتسبقُ
اللهم احفظنا من التبرج والسفور وثبتنا أمام تيارات الغرب الحاقدة . [ كتاب (كيف تحتسبين الأجر في حياتك اليومية) لـ( هناء الصنيع ) ]
قال تعالى : ( وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْأِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) ( النور:31) 0 و العباءة المطرزة و الملونة و المخرمة من زينة المرأة التي حرم الله(5/1073)
عليها أن تظهرها لغير محارمها المذكورين في الآية السابقة .. بل إن هذا النوع من العباءة يحتاج إلى عباءة تستر الزينة عن أعين الرجال !
أختاه ...
أختاه ...
أختاه ...
أختاه يا بنت الخليج تحشمي *** لا ترفعي عنكِ الخمار فتندمي
هذا الخمار يزيد وجهك بهجةً *** و حلاوة العينين أن تتحجبي
صوني جمالكِ إن أردتِ كرامةً *** كي لا يصون عليكِ أدنى ضيغمِ
لا تعرضي عن هدي ربكِ ساعةً *** عضي عليه مدى الحياة لتغنمي
نعم .. لا تعرضي عن هدي الله فيعرض الله عنك ، فتذكري معي قوله تعالى : ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً * وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى ) الله أكبر أختي الحبيبة !!... هل استغنيت عن رحمة الله حتى في ذلك اليوم العظيم ؟!..وكيف يقبل عليكِ الله برحمته – وهو والله غني عنكِ وعن عبادتك – ثم تعرضين وتشترين الحياة الدنيا بالآخرة ؟... إنه والله خسران مبين .
واعلمي أن الله لم يظلمكِ بهذا الحجاب ، بل أنصفكِ ورفعكِ ورفع شأنك بهذا الخمار .
ما كان ربكِ جائراً في شرعه *** فاستمسكي بعراه حتى تسلمي
ودعي هراء القائلين سفاهة ً *** إن التقدم في السفور الأعجمِ
إن الذين تبرأوا عن دينهم *** فهمُ يبيعون العفاف بدرهمِ
حلل التبرج إن أردتِ رخيصةً *** أما العفاف فدونه سفك الدمِ
أختاه ... أرجوك ...
لا تمنحي المستشرقين تبسماً *** إلا ابتسامة كاشرٍ متجهّمِ
أنا لا أريد بأن أراكِ جهولةً *** إن الجهالة مرة كالعلقمِ
فتعلمي وتثقفي و تنوري *** والحق يا أختاه أن تتعلمي
لكنني أمسي وأصبح قائلاً *** أختاه يا بنت الخليج تحشمي
واعلمي أختاه أنه ما نزعتِ الحجاب .. وتخلت عن الجلباب .. وسارت سافرةً أمام الأجانب إلا امرأةً فقدت الحياء .. وحاشاك أنت تكوني كتلك !
فإنه لا إيمان بلا حياء ، ولا جمال في المرأة بلا حياء ، وما مُدِحَت المرأة إلا بحيائها وعفتها وأدبها ، وكانت مثلاً يضرب به في الحياء .. فقد روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت:كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشدّ حياءً من العذراء في خدرها .
ويؤلمني والله أن أكثر الفتيات في زماننا هذا قد فقدن الحياء - أو على أقل تقدير - لم يعد للحياء عندهن شأن .. بل هو رمز ودليل على الساذجات ..!
فيا أختي الكريمة ...
صوني حياءك صوني العرض لا تهني *** وصابري واصبري لله واحتسبي
إن الحياء من الإيمان فاتخذي *** منه حليّك يا أختاه واحتجبي(5/1074)
و يا لقبح فتاة لا حياء لها *** و إن تحلّت بغالي الماس و الذهبِ
إن الحجاب الذي نبغيه مكرمة *** لكل حواء ما عابت و لم تعبِ
نريد منها احتشاماً عفةً أدباً *** وهم يريدون منها قلة الأدبِ !
و إن أردتِ واضطررت للسفر لخارج بلاد المسلمين – المتمسكين بحجابهم – فلا تفرطي في حجابك بزعم أنه غريب على أهل تلك البلاد ، وأنك سوف تجذبين الأبصار إليك !!
فإن هذه حيلة شيطانية تسعى لنزع حجابك بأي حال من الأحوال .
ودينك - أختي الحبيبة – يدعوك إلى التميّز ، فلعل الله أن يهدي بك وبحجابك قلوباً غافلة جاهلة .. وتذكري أن الحجاب عبادة وليس بعادة ، أمرنا الله بالتعبد به ولا يجوز لأحد الاجتهاد في حكمه بعد حكم الله فيه .. كما أنه لا يمكن الاجتهاد في حكم الصلاة في بلاد الكفار بعد أن حكم الله فيها .. فهل ستستجيبين لمن يقول لكِ اتركي الصلاة في بلاد الكفر لأنك تجذبين الأبصار إليك ؟ لا أظنك ستستجيبين لهذه الدعوى الباطلة والتي لا يقرها دينك .. كذلك الحجاب عبادة مثل الصلاة فكيف حُقَّ لكِ أن تجتهدي فيه وتغيري من حكم الله فيه وأنتِ تقرئين قول الله تعالى : ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً ) 0
أختاه ...
يا من نطق فمك بـ ( لا إله إلا الله ) وأيقن قلبكِ بها ، وعملَت جوارحك بمقتضاها .. أكملي دينك بحجابك ولا تنظري لحثالة البشر وأتباعهم ، فما يملون عليكِ إلا ذنوباً وعاراً تتلطخين بها في دنياكِ وأخراكِ !
فتذكري أن باب التوبة مفتوح ما لم يحضركِ الموت ، وتيقني أن الله لن يردكِ خائبة وقد قال : ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) 0
وقبل الختام أودّ أن أذكّركِ أخيتي بشروط الحجاب الشرعي :
1) أن يكون ساتراً لجميع البدن .
2) أن يكون فضفاضاً لا شفافاً ولا معطراً يفوح منه البخور .
3) أن لا يكون به ما يزينه من الفصوص و الكريستالات و القيطان و غيرها مما يجعله كفستان الفرح لو كان لونه أبيض ... ! و لا أقل من ذلك و لا أكثر فيجب خلوّه من الزينة .
4) أن تكون العباءة على الرأس ، لأن العباءة على الكتف فيها تشبه بالرجال ، ولا يجوز للمرأة أن تتشبه بالرجال في جميع الأحوال ، قال صلى الله عليه وسلم : " لعن الله المتشبهات بالرجال " أو كما قال عليه الصلاة والسلام .
وقد حرم العلماء عباءة الكتف لما فيها من الفتنة .. ولكونها تشبهاً بالرجال .
وكما ذكرت لكِ أختي الحبيبة .. أدركي نفسك قبل فوات الأوان ..
وإن هوى بكِ إبليس لمعصيةٍ *** فأهلكيه بالاستغفار ينتحبِ
بسجدةٍ لكِ في الأسحار خاشعةً *** سجود معترفٍ لله مقتربِ
وخير ما يغسل العاصي مدامعه *** والدمع من تائبٍ أنقى من السحبِ(5/1075)
واحتسبي الأجر عند الله كلما أردتِ لبس هذه العباءة ، وتأملي معي ( كم مرة تخرجين في الأسبوع ) ... ؟
ففي كل مرة تلبسين فيها هذه العباءة محتسبة أجرك على الله فسوف تنالين أجراً عظيماً ، وحسنات لا حصر لها سترينها في كتابك ( يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ) !...
أسأل الله العلي العظيم أن يريني و إياكِ الحق حقاً ويرزقنا إتباعه ، ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه ، وأن يهدي ضال المسلمين ويردنا إليه رداً جميلاً .
.. آمين ..[
ـــــــــــــــــــ
داعيةٌ في كلِّ مكان
الشيخ محمد الدويش
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، أرجو من حضرتكم التفضُّل بذكر خطواتٍ تبيِّن كيفيَّة التعرُّف إلى الناس والتعامل معهم؛ تمهيداً لدعوتهم، لتوضيح سؤالي: مثلاً داعيةٌ يجلس في التاكسي أو على مدرَّجات الجامعة أو في حديقةٍ عامَّة، وغير ذلك من الأماكن، وإلى جانبه شخص، فكيف يفتح معه باب الحوار حتى يتمكَّن من دعوته؟ وبعد التعارف، ما الطريقة المثلى لكسب قلوب الآخرين واستمالتهم إلى هذا الدين العظيم؟ وجزاكم الله كل خير.
المستشار : الأستاذ محمود إسماعيل
الرد :
" بداية، سؤالك يؤكِّد أنَّنا أمام قيمةٍ لابدَّ من الإشارة إليها، وما لفت انتباهي قبل طبيعة السؤال هي البيانات الخاصَّة بالسائلة، والتي تؤكِّد على قيمةٍ أخرى، وهي أنَّنا أمام داعيةٍ تحت سنِّ العشرين، والعجيب في هذه الأمَّة أنَّه كلَّما مرَّ بها كمٌّ من الهزائم والإحباطات، فإنَّه سرعان ما تبدو في الأفق بارقة أملٍ تعيد إليها الحياة، وتبثُّ في عروقها وقلوبها نبضاً لا ينقطع، وكأنَّ الله لا يريد إلا الخير والعزَّة لهذه الأمة.
وهذا السؤال قد أعاد إلى نفسي تداعيات الأمل الذي يغيب ويريد الله له أن يعود، بل فرض عليَّ مجموعةً من التساؤلات، وهي:
1- أليست هذه الفتاة مثل كلِّ الفتيات اللواتي تحت العشرين؟!
2– كم من فتاةٍ تعتاد (وسائل المواصلات– المدرَّجات– الحدائق) دون أن يتحرَّك بداخلها هدفٌ معيَّن؟!
3– لأيِّ هدفٍ تريد تلك الفتيات التعرُّف على الناس؟
4– لأيِّ هدفٍ تريد تلك الفتيات فتح حوارٍ مع الغير؟
5- من أجل مَنْ تريد بعض الفتيات كسب القلوب؟
لكنَّ الجميل هنا أنَّنا أمام فتاةٍ من نوعٍ خاصّ، أجابت عن كلِّ التساؤلات بسؤالها.
إنَّها تريد كسب القلوب لاستمالة الناس إلى هذا الدين العظيم، وأن تتعرَّف على الناس وتفتح حواراً معهم تمهيداً لدعوتهم.(5/1076)
كما أنَّها تريد استثمار (وسائل المواصلات- المدرجات- الحدائق) في الدعوة إلى هذا الدين العظيم والإفادة من هذه الفرصة، وهذا كله تحت أساسٍ علميٍّ سليمٍ يتَّفق مع الإسلام.
وهذه الفتاة وسؤالها وأمثالها هي خير مثالٍ لهذه الأُمَّة وإلى المشكِّكين في قدرتها.
وإليك أيتُّها الفتاة الداعية بعض المبادئ الهامَّة التي تعينك على ما طلبت إن شاء الله تعالى، مع مراجعة الاستشارات التي تُعنَى بنفس الموضوع في نهاية الإجابة:
1– بداية، أخلصي النيَّة لله عزَّ وجلَّ في عملك ودعوتك تؤجري الخير العظيم، وحتى يمكنك التغلُّب على الصعاب التي تعترض طريقك إلى الدعوة.
2- تخيَّري الوقت المناسب للدعوة، فليست كلُّ الأوقات مثل بعضها، وليست كل الأوقات مناسبةً لدعوة الغير، وقد أعجبني بالفعل التصرُّف الذكيُّ للصحابيِّ عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عندما همَّ أن يدعو رجلا، ولمَّا وجده يحمل شيئاً على ظهره، قال: لستَ في مقام من يُدعَى!!، ثم اكتفى بإلقاء السلام عليه.
3- استخدمي الكلمات التي تناسب من تدعينه إلى الله تعالى، خاصَّةً أنَّ لكلِّ إنسانٍ عقليَّته وأسلوبه وطريقة تفكيره، وهذه الوسيلة هامَّةٌ للغاية؛ لذلك وضع عليٌّ رضي الله عنه هذه الوسيلة في أسمى معانيها بقوله: "أُمِرت أن أخاطب الناس على قدر عقولهم".
4- لا تبدئي بالحديث مع من تدعينه إلا بالقدر الذي تشعرين بأنَّه يسمح لك به، ثمَّ تدرَّجي بعد ذلك على حسب ما تسمح به الظروف والأحوال.
5- من المهمِّ للغاية ألا تقولي كلَّ شيءٍ في الجلسة أو الموقف الدعويّ، فالأهمُّ أن تتركي جزءاً يشوِّق الغير فيما بعد.
6- استثمري المواقف العفويَّة غير المعدِّ لها في دعوتك؛ لأنَّ لها تأثيراً إيجابيًّا منقطع النظير، وابتعدي عن المواقف المتصنَّعة؛ لأنَّ كثيراً من جهد الدعوة يضيع هباءً بسبب إحساس الغير بنوعٍ من التسلُّط عليه.
7- تجنَّبي أن تفرضي نفسك بطريقةٍ تجعل الآخرين ينفرون من دعوتك، ويضيقون ذرعاً من طريقتك؛ لأنَّ العبرة في أن ينجذب الغير إلى دعوتك.
8– لا تلحِّي على الغير، فكثيراً ما يؤدِّي الإلحاح إلى نتائج عكسيَّةٍ غير متوقعة.
9- اهتمِّي بمن تدعينه بشكلٍ معقول، وتجنَّبي الاهتمام الزائد عن الحدّ؛ لأنَّ ذلك يجعل الغير يثق في نفسه أكثر من اللازم، وبالتالي يصعِّب عليك مهمَّة إقناعه بعد ذلك.
10- ليس بالضرورة أن نرى القناعة على وجوه كل من ندعوهم؛ لأن بعضهم يظهر عدم قناعته أمامك، لكنه يؤمن بكل ما تقولين.
11- الاقتصار على وسيلةٍ واحدةٍ في الدعوة يجلبُ الملل، ويولِّد نوعاً من اللامبالاة عند الطرف الآخر، ويضيع وقت الدعوة والداعية، من أجل ذلك ينبغي أن تُستخدَم وسائل متنوِّعةٌ في الدعوة.
12- لا تُشعري الغير بأنَّك مسؤولةٌ عنه، وإيَّاك أن تحقِّري من تصرُّفات الآخرين، فقط تدرَّجي في النهي عن المنكر؛ لأنَّه غالباً ما تصبح العواقب غير مأمونةٍ عندما نصطدم مع الناس في أفكارهم أو معتقداتهم.(5/1077)
13- استفيدي من أيِّ ثمرةٍ تدنو لك في مواقفك الدعويَّة؛ لتكون دافعاً لنشاطٍ وهمَّةٍ أكبر، فتجني كثيراً من الثمار بعد مشيئة الله تعالى.
14- تذكَّري أنَّه ليس بالضرورة أن نحصل على نتيجةٍ فوريَّة؛ لأنَّ الموضوع ليس موضوع أنَّنا تعبنا من أجل الدعوة، أو أنَّنا أخلصنا لله بالفعل في هذا الموقف ونريد الثمرة، بل الموضوع أنَّنا نأخذ فقط بالأسباب، أمَّا النتائج فعلى الله وحده، فإنَّ الدعوة إلى الله ما دامت عزيزةً في مطلبها ووسائلها، فإنَّ ثمرتها كذلك، فلا تستعجلي ثمارها؛ لأنَّها تؤتي أُكُلَها فقط بإذن ربها، واعلمي أنَّ ضياع ثمرة الدعوة محال؛ لأنَّها لو ضاعت بين العباد في أحوالهم وردود أفعالهم، فلن تضيع عند الله في ثوابها وسُمُوِّها، ولكنَّ هذا لا يعني ألا نعيد النظر في طريقتنا مرَّاتٍ ومرَّات، إذ ربَّما العيب في وسيلتنا نحن لا فيمن ندعو.
فقط نقول لك: هنيئاً لك ولأمثالك، ووفَّقك الله، ولا تنسينا من الدعاء"
كانت هذه إجابة الأستاذ محمود إسماعيل، وهي وافيةٌ كافية، فقط أضيف عليها أربع نقاط:
الأولى: ضرورة أن تقرئي وتتثقَّفي يا أختي، وتتابعي أحداث العالم، وأن تكون قراءتك منوَّعة، حتى تكون المواضيع العامَّة التي تطرح أمامك مدخلك للدعوة إلى الله تعالى، كما يمكنك من خلال قراءاتك الشرعيَّة أن تتقدَّمي خطواتٍ في إقناع الناس بك وبقدراتك، إذ يكون لديك ما يفتقدونه هم.
الثانية: هناك العديد من الكتب التي تتحدث عن "فنِّ التعامل مع الآخرين"، أنصحك بقراءتها، وأخصُّ بالذكر كتاب "كيف تكسب الأصدقاء وتؤثِّر في الناس" لديل كارنيجي، فهو كتابٌ مفيدٌ جدّا، وممتعٌ جدًّا جدّا.
الثالثة: إيَّاك والتطفُّل على أحد، أو جرح خصوصيَّته، لأنَّك إن فعلتِ ذلك تفتحين أبواب فشلك على مصراعيه، فلا تفرضي نفسك، وكوني خفيفةً لطيفةً لا تثقل على أحد.
الرابعة: حبَّذا ألا تقتصري على هذه الوسيلة بل حاولي بمساعدة أخواتك أن تتواصلن مع من تدعين أكثر وأكثر.
وفَّقك الله يا أختي في مهمَّتك مهمَّة الأنبياء، وتواصلي معنا من فضلك... المحرر.
استشارات ذات صلة:
- قواعدُ في الدعوة إلى الله
- قواعد في الدعوة الفرديَّة.. استشارتان
- دعوةٌ ضعيفةٌ في كليةٍ جديدة..أساليب وموضوعات
- منهجٌ في الدعوة والثقافة
- كتبٌ في فقه الدعوة.. القراءة كنزٌ لا يفنى
- كتبٌ في الثقافة والدعوة
المصدر شبكة إسلام أون لاين
ـــــــــــــــــــ
مناقشة في تغطية الوجه(5/1078)
أبو سارة
المسائل المطروقة في المقال ما يلي: 1- العادات والتقاليد وعلاقتها بالحجاب.
2- آية الحجاب، هل هي خاصة بأمهات المؤمنين؟.
3- عورة النظر وعورة الصلاة.
4- رأي الشيخ الألباني في التغطية حال الفتنة.
5- حديث الخثعمية.
-----------------------
1- العادات والتقاليد وعلاقتها بالحجاب.
* قال صاحب المقال: "لأن هذا الرأي لم يبن على مجرد الدليل الشرعي فقط بل للخلفية الاجتماعية دور في تكوين نظرة المجتمع لهذه القضية وهي في الحقيقة قضية شائكة في مجتمع نشأ على قول واحد ولم تسعفه الدراسة النظامية والإعلام المقنن من الاطلاع على الرأي الآخر". أقول:
هذا هو قولهم دائما: خلفية اجتماعية، عادات وتقاليد... ألخ..
وهو مجانف للحقيقة تماما.. بل نحن نستدل على وجوب التغطية بآيات الكتاب والسنة، قال تعالى: {وإذا سألتموهن متاعا فسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن}.
وهذا نص صريح في وجوب تغطية الوجه وسائر البدن، ولما كان كذلك ادعى المخالفون أنه خاص بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وسيأتي تفصيل الكلام في هذا.
وقال: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن}.
وقد فسر ابن عباس رضي الله عنه الآية بقوله: " أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب، ويبدين عينا واحدة"، ومثله عن عبيدة السلماني.
وقال: { ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن}.
قال ابن مسعود: " الثياب"، أي العباءة أو الجلباب، فلا يمكن ستره، فمعفو عنه، وكذا إذا ما حرك الريح العباءة فظهر منها شيء دون قصد.
وقال: { والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وأن يستعففن خير لهن}.
فالآية دالة على إباحة كشف الوجه للمرأة الكبيرة اليائسة من النكاح، قال الجصاص: " أباح لها كشف وجهها ويدها لأنها لا تشتهى".
وقال صلى الله عليه وسلم: ( إن المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان) رواه الترمذي وهذا نص صريح في وجوب ستر سائر البدن من غير استثناء.
فهذا النصوص وغيرها تدل بوضوح على أن ستر الوجه والكفين من الدين لا من العادات أو التقاليد الاجتماعية.
ويكفي أن تتأمل بعقلك وتفكر: أيهما أعظم فتنة: آلوجه أم القدم، فهل يعقل أن يأمر الشارع بحجب القدم ويأذن بكشف الوجه؟!.(5/1079)
بالنسبة للأعراف والتقاليد؛ فهي على قسمين:
قسم أصله الدليل الشرعي؛ فهو محمود، كحجاب المرأة وجهها..
وقسم لا أصل له، بل هو محرم في الشريعة؛ فهو مذموم، كدخول الرجل على الأجنبية.
إذن الأعراف والتقاليد التي نشأ عليها الناس لا يطلق عليها وصف الذم بإطلاق، ولا المدح، بل يستفصل فيها، فإن كان لها أصل من الشرع، نقبل بها ونعمل بها على جهة التدين، لا التقليد، وإن لم يكن لها أصل من الشرع فلا.
وعلى ذلك فما يوجد في المجتمع من عادات وتقاليد، فمنها المحمود الموافق للشرع، ومنها المذموم المخالف للشرع، لكن كلامنا هنا خاص بقضية تغطية الوجه.
فما نشأ ودرج عليه المجتمع من التغطية إنما هي عادة محمودة لها أصل شرعي؛ فمن الناس من يعمل بها على أنها عادة وتقليد، وهكذا كان أكثر الناس، ومنهم من يعمل بها على أنها دين وشريعة، وهذا ما صار إليه كثير من الناس اليوم.
والغرض من هذا بيان أن دعاة السفور ونزع الحجاب، يلبسون على الناس أمرهم، فيزعمون أن تغطية الوجه نتاج العادة والتقاليد التي ليس لها أصل في الدين، ويصرحون بهذا، أي أنه من قسم العادة المذمومة، يقصدون بذلك التهوين من شأن الحجاب، ليسهل نزعه، لأن العادات قد يستعاض عنها بغيرها من غير حرج ولا تأثم، وهذا بخلاف الدين، حيث إن المستعيض عنه بغيره آثم خاطيء.
وليس معنى هذا أن كل من قال: التغطية عادة؛ فبالضرورة أن يكون داعية لنزع الحجاب والسفور، كلا، بل قد يقول ذلك ظنا منه أن ذلك هو الحقيقة، وقوله ناتج عن قلة علمه بأدلة وجوب التغطية وأقوال العلماء فيها، وإلا لو تفقه في المسألة فلن يقول هذا أبدا.
وكيف يقول هذا، والعلماء مجمعون أن التغطية أفضل في كل حال، وأن الفتنة موجبة للتغطية؟!..
--------------------------
2- آية الحجاب، هل هي خاصة بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم؟.
ذكرنا أن آية الحجاب صريحة في وجوب تغطية الوجه، ولما كان المخالفون يدركون هذا، ادعوا أنها خاصة بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم، ونحن نجيب على هذه الشبهة فنقول:
المقصود من الحجاب، هو طهارة قلب الرجل والمرأة، وهذا لا مرية فيه، وإذا تأملنا وجدنا نساء المؤمنين أحوج إلى طهارة القلب من أمهات المؤمنين، والسبب:
أنه لا مقارنة بين أمهات المؤمنين ونساء المؤمنين، فنحن لا نقدر أن نشهد لنساء المؤمنين بمثل ما نشهد به لأمهات المؤمنين من الصلاح والتقوى، ثم إن الرجال لا مطمع لهم في أمهات المؤمنين، خاصة في ذلك الزمن الذي كان الصلاح فيه غالبا، والصحابة متوافرون، بخلاف غيرهن، فإن مطمع الرجال فيهن متحقق، والأزمنة غير ذلك الزمان.(5/1080)
فإذا كان أمهات المؤمنين مأمورات بالحجاب فمن باب أولى نساء المؤمنين، لأن المعنى الذي لأجله أمر الأمهات رضوان الله عليهن بالتحجب، وهو طهارة القلب، أظهر وأحرى في نساء المؤمنين، للأسباب الآنفة.
وعلى ذلك فقول من يقول: إنه خاص بأمهات المؤمنين؛ قول مرجوح ضعيف، يخالف مقتضى الأصول الشرعية، بل والنصوص الصريحة، فقوله صلى الله عليه وسلم: ( المرأة عورة)، أي كلها، صريح في تغطية الوجه، وكذا آية الإدناء وآية النور، وقد ورد عن ابن مسعود وجوب التغطية، وكذا عن ابن عباس.
وما أشبه قول من يقول: التغطية خاصة بأمهات المؤمنين؛ بقول من يقول: القرار في البيت خاص بأمهات المؤمنين؛ بدعوى أن الخطاب جاء في حقهن، قال تعالى: { وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى}.
وهذا القول غير مقبول إطلاقا، فإن الشريعة طافحة بالأمر بلزوم النساء بيوتهن، وليس الحكم خاصا بالأمهات.
ثم كون الخطاب واقعا في حق أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، لا يمنع من انتشاره وشموله بقية النساء. فقول من يمنع ويخص لا يسنده دليل، إذ لو أخذنا بمثل هذا المفهوم، وقلنا: ما دام الخطاب موجها إلى الأمهات فهو يقتصر عليهن؛ كان ذلك قاضيا بأن يكون ما بعده كذلك خاصا بهن: { ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى}، فيكون حينذاك التبرج غير جائز في حقهن، جائز في حق غيرهن من سائر النساء؛ ولا قائل بهذا أبدا.
فكيف استثني التبرج فصار عاما شاملا، وقيد القرار والتغطية فصار خاصا؟!.
هذا هو التناقض..
فإن قيل: إن التبرج فيه نصوص أخرى تحرمه.
قيل: والتغطية والقرار فيه نصوص أخرى كذلك.
ثم نحن نقول نفس الخطاب فيه دلالة على أنه شامل لمن هن دون الأمهات، فإذا الطاهرات المتقيات الصالحات زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، أمهات المؤمنين رضوان الله عليهن، أمرن بالحجاب، بتغطية الوجه، والقرار في البيت، فغيرهن ممن لا يعلم صلاحن ولا تقواهن من باب أولى.
ومثل هذا قوله تعالى: { فلا تقل لهما أف}..
فلا يصح في محكم العقول أن يقول قائل: الآية نهت عن التأفف ولم تنه عن السب أو الضرب.
فهذا فهم سقيم، فإن الآية إذ نهت عن أدنى الإثم، فهي ناهية عن الأعلى منه من باب أولى.
ومن فهم هذه المسألة زال عنه الإشكال إن شاء الله...
* قال الكاتب فضل الفضل: " ولكن قبل نقل النصوص لابد أن أشير إلى خطأ علمي يقع فيه كثير من يتكلم عن وجه المرأة وهو ربط الحجاب بالعورة وهذا خطأ شنيع فهناك فرق بين الحجاب وحد العورة " أقول:
استنشاع لا وجه له ولا معنى..(5/1081)
لكنه أراد بهذا المدخل أن يقرر ويؤصل لدعوى خصوصية الحكم بأمهات المؤمنين.. وكما قلت فيما سبق، في التعليق الأول على هذا المقال، أن هذه الآية:
{ وإذا سألتموهن متاعا فسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن}، نص صريح في وجوب تغطية الوجه لا مدفع له، وقد علم المجوزون للكشف هذه الحقيقة، فصاروا يدّعون الخصوصية، لكن الكاتب جاء بمعنى آخر، هو قصره معنى الحجاب على السترة التي تحجز الشخوص حتى لا تُرى؛ وهذه دعوى لا تسلم له.
فإن الحجاب أعم من ذلك وأشمل، فكل شيء حجز بين شيئين فهو حجاب، وعباءة المرأة وجلبابها حاجز بين النظر وبدن المرأة، ولا شك أن تسمية ذلك حجاب صواب، ومن هنا جاز تسمية الأعمى الضرير محجوبا، لكونه منع من النظر إلى الأشياء، فصار العمى حجابا بينه وبين الأشياء.. وهذا المعنى ذكره صاحب لسان العرب ـ الذي نقل عنه الكاتب ـ فقال: والمحجوب: الضرير"... 3/51
ولو أن الكاتب قرأ قليلا بعد الموضع الذي نقل منه من اللسان لتراجع عن هذا القصر الخاطيء لمعنى الحجاب، والذي بنى عليه أن الحجاب خاص بأمهات المؤمنين، على معنى أنه لا يجوز لهن إظهار شخوصهن إلا للضرورة كما نقل ذلك عن القاضي عياض.. .... وقد ذهب إلى القول بأن الآية عامة في حق جميع النساء طائفة من المفسرين على رأسهم ابن جرير، الذي قد نقل الكاتب كلامه مجتزأ، حيث نقل آخره، وترك أوله الذي فيه التصريح بأن الآية عامة، وكان ذلك خطأ منه، فإن احتجاجه بقول ابن جرير في هذا الموضع موهم بأن ابن جرير يقول بالخصوص، وليس كذلك، وإليك كلامه بالتمام، قال ابن جرير:
" يقول: وإذا سألتم أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم ((ونساء المؤمنين اللواتي لسن لكم بأزواج)) متاعا {فاسألوهن من وراء حجاب}، يقول من وراء ستر بينكم وبينهن، ولا تدخلوا عليهن بيوتهن.
{ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن}، يقول تعالى ذكره: سؤالكم إياهن المتاع إذا سألتموهن ذلك من وراء حجاب أطهر لقلوبكم وقلوبهن من عوارض العين فيها، التي تعرض في صدور الرجال من أمر النساء، وفي صدور النساء من أمر الرجال، وأحرى من أن لا يكون للشيطان عليكم وعليهن سبيل" ..
إذن، ابن جرير يرى أن الآية تشمل نساء المؤمنين، وليست خاصة بالأمهات رضوان الله عليهن، فكيف ساغ للكاتب أن يستشهد بكلامه في معرض احتجاجه على أن الآية خاصة بالأمهات؟!.
هذا وهناك جمع من المفسرين ذهبوا إلى هذا القول منهم:
- الجصاص قال: " وهذا الحكم وإن نزل خاصا في النبي صلى الله عليه وسلم وأزواجه، ((فالمعنى عام فيه وفي غيره))".
- قال القاضي ابن العربي في هذه الآية: " والمرأة كلها عورة، بدنها وصوتها، فلا يجوز كشف ذلك إلا لضرورة".
- قال القرطبي: " في هذا الآية دليل على أن الله تعالى أذن في مسألتهن من وراء حجاب في حاجة تعرض، أو مسألة يستفتين فيها،(( ويدخل في ذلك جميع النساء بالمعنى)) وبما تضمنته أصول الشريعة من أن المرأة كلها عورة، بدنها وصوتها".(5/1082)
- قال ابن كثير في تفسير قوله: { لا جناح عليهن في آبائهن.. }: " لما أمر الله النساء بالحجاب عن الأجانب بين أن هؤلاء الأقارب لا يجب الاحتجاب عنهم".
- قال الشنقيطي في أضواء البيان:
" تعليله تعالى لهذا الحكم الذي هو إيجاب الحجاب بكونه أطهر لقلوب الرجال والنساء من الريبة في قوله تعالى: { ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن}، قرينة واضحة على إرادة تعميم الحكم، إذ لم يقل أحد من جميع المسلمين إن غير أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لا حاجة إلى أطهرية قلوبهن وقلوب الرجال من الريبة منهن، وقد تقرر في الأصول أن العلة قد تعمم معلولها، وإليه أشار في مراقي السعود بقوله:
وقد تخصص وقد تعمم.... لأصلها لكنها لا تخرم
قال: وبما ذكرنا تعلم أن في هذه الآية الكريمة الدليل الواضح على أن وجوب الحجاب حكم عام في جميع النساء لا خاص بأزواجه صلى الله عليه وسلم، وإن كان أصل اللفظ خاصا بهن، لأن عموم علته دليل على عموم الحكم فيه، ومسلك العلة الذي دل على أن قوله تعالى: { ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن}، هو علة قوله تعالى: { فاسألوهن من وراء حجاب} هو المسلك المعروف في الأصول بمسلك الإيماء والتنبيه، وضابط هذا المسلك المنطبق على جزئياته:
هو أن يقترن وصف بحكم شرعي على وجه لو لم يكن فيه ذلك الوصف علة لذلك الحكم لكان الكلام معيبا عند العارفين..
فقوله تعالى: { ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن}، لو لم يكن علة لقوله تعالى: { فاسألوهن من وراء حجاب}، لكان الكلام معيبا غير منتظم عند الفطن العارف.
وإذا علمت أن قوله تعالى: {ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن}، هو علة قوله: {فاسألوهن من وراء حجاب}، وعلمت أن حكم العلة عام، فاعلم أن العلة قد تعمم معلولها، وقد تخصصه، كما ذكرنا في بيت (مراقي السعود) وبه تعلم أن حكم آية الحجاب عام لعموم علته.
وإذا كان حكم هذه الآية عاما بدلالة القرينة القرآنية، فاعلم أن الحجاب واجب بدلالة القرآن على جميع النساء".
فهذا الكلام المؤصل لهذه المسألة من حيث الأصول يؤكد أن الآية عامة، ولا خلاف في أنها تدل على وجوب ستر سائر البدن بغير استثناء، ومن ثم فالصواب والحق هو وجوب حجاب الوجه على سائر النساء.
وما نقله الكاتب عن القاضي عياض من قوله: " لا خلاف في أن فرض ستر وجه المرأة مما اختص به أزواج النبي صلى الله عليه وسلم.."..
قول مردود، وكيف يقول: لا خلاف؛ مع ورود كافة الأقوال السابقة وغيرها المعروفة، التي توجب غطاء الوجه على سائر النساء، وكذا ما ثبت عن ابن مسعود رضي الله عنه، الذي لا يختلف الناس في أنه كان يرى وجوب الستر على جميع النساء وكذا ما ورد عن ابن عباس أيضا؟!.
إضافة...(5/1083)
قررنا فيما سبق أن قوله تعالى: { وإذا سألتموهن متاعا فسألوهن من وراء حجاب}، يدل على وجوب تغطية كل بدن المرأة بما في ذلك الوجه واليدين، وأبطلنا دعوى من يقول أنها خاصة بأمهات المؤمنين.
ونزيد هنا بيانا فنقول:
الآية تنهى عن الدخول على نساء النبي صلى الله عليه وسلم، وأن من أراد سؤال شيء فليكن من خارج البيت، قال ابن جرير: " يقول من وراء ستر بينكم وبينهن، ولا تدخلوا عليهن بيوتهن".
إذن الآية جاءت في الدخول على النساء بيوتهن، يدل على هذا أن الآية نزلت في ذلك، قال تعالى:
{ يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم... }.. إلى أن قال: { وإذا سألتموهن متاعا ..}.. والاعتراض الموجه إلى القائلين بأنها خاصة بأمهات المؤمنين أن يقال:
على مقتضى قولكم بالتخصيص، فإنه يجوز للرجال أن يدخلوا بيوت نساء المؤمنين وسؤالهن من غير حجاب، باعتبار أن الآية واردة في حق الأمهات فحسب..
وهذا من أبطل الباطل، ولا يقوله به أحد أبدا، ولن ينجيكم من هذا المزلق إلا أن تقولوا المنع عام، فلا يجوز دخول الرجال على النساء في بيوتهن وسؤالهن إلا من وراء حجاب، يستوي في ذلك النساء والأمهات. فثبت بذلك أن الآية عامة، تنهى عن دخول الرجال على النساء بيوتهن إذا أرادوا شيئا، وجاء الخطاب في حق نساء النبي صلى الله عليه وسلم، لكن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، كما هو مقرر في الأصول.
3- عورة النظر وعورة الصلاة.
* قال الكاتب: " وفي الحقيقة أن كلامه هو الأكذوبة العلمية التي نالها هو من قلة اطلاعه والنقل عمن أخفى تلك الحقيقة وإليك الدليل على أن هذا القول ليس بأكذوبة علمية. يقول النووي (المشهور من مذهبنا أن عورة الحرة جميع بدنها إلا الوجه والكفين وبهذا كله قال مالك وطائفة وهي رواية عن الإمام أحمد.... ومن قال عورة الحرة جميع بدنها إلا وجهها الأوزاعي وأبو ثور، وقال أبو حنيفة والثوري والمزني قدماها أيضا ليس بعورة، وقال أحمد جميع بدنها إلا وجهها فقط) المجموع ج3 ص 175.
وقال ابن هبيرة - من أعلام المذهب الحنبلي - (قال أبو حنيفة وكلها عورة إلا الوجه والكفين والقدمين... وقال الشافعي: كلها عورة إلا وجهها وكفيها، وقال أحمد في إحدى روايتيه: كلها عورة إلا وجهها وكفيها كمذهبهما، والرواية الأخرى: كلها عورة إلا وجهها خاصة وهي الرواية المشهورة) الإفصاح عن معاني الصحاح ج1 ص 86.
قال ابن عبد البر في التمهيد (قال مالك وأبو حنيفة والشافعي وأصحابهم وهو قول الأوزاعي وأبو ثور على أن المرأة تغطي منها ما سوى وجهها وكفيها) التمهيد لابن عبدالبرج 6 ص364 . من هذا النقل يتضح أن هذا القول هو قول الجمهور وليس أكذوبة علمية."(5/1084)
أقول:
يقولون: "اختلف العلماء في الوجه واليدين بالنسبة للمرأة، فمنهم من أجاز لها كشفها، ومنهم من منع".. لكن الذي نعتقد أن كثيرا من الناس لم يفهم حقيقة هذا الخلاف بين أهل العلم..
والحقيقة تبرز إذا عرفنا أن الكلام عن عورة المرأة إنما يذكر دائما في " باب شروط صحة الصلاة"، فيقول العلماء:
" وكل المرأة عورة إلا وجهها وكفيها"..
وهم إنما يقصدون عورتها في الصلاة، لا عورتها في النظر..
وعورة الصلاة ليست مرتبطة بعورة النظر لاطردا ولا عكسا، فما يجوز كشفه في الصلاة بالنسبة للمرأة هو الوجه بالإجماع، واليدين عند جمهور العلماء، والقدمين عند أبي حنيفة وهو الأقوى..
أما خارج الصلاة فلا يجوز كشف ذلك أبدا، فإذا قيل: " إن وجه المرأة وكفيها ليستا بعورة"..
فهذا المذهب إنما هو في الصلاة إذا لم تكن بحضرة الرجال، وأما بالنسبة لنظر الأجنبي إليها فجميع بدنها عورة لابد من ستره عن الأجنبي لقوله عليه الصلاة والسلام: ( المرأة عورة) ..
قال موفق الدين ابن قدامة:
" وقال مالك والأوزاعي والشافعي: جميع المرأة عورة إلا وجهها وكفيها، وما سوى ذلك يجب ستره في الصلاة" .
وقال ابن القيم: " العورة عورتان: عورة في الصلاة، وعورة في النظر، فالحرة لها أن تصلي مكشوفة الوجه والكفين، وليس لها أن تخرج في الأسواق ومجامع الناس كذلك" .
وقال البيضاوي في تفسير قوله تعالى: {ولايبدين زينتهن إلا ماظهر منها}:
"والمستثنى هو الوجه والكفان لأنهما ليستا من العورة، والأظهر أن هذا في الصلاة لا في النظر، فإن كل بدن الحرة عورة، لا يحل لغير الزوج والمحرم النظر إلى شيء منها إلا لضرورة" .
وقال الصنعاني: "ويباح كشف وجهها حيث لم يأت دليل بتغطيته، والمراد كشفه عند صلاتها بحيث لا يراها أجنبي، فهذه عورتها في الصلاة، وأما عورتها بالنظر إلى نظر الأجنبي إليها فكلها عورة كما يأتي تحقيقه" .
فهذه النقول عن أهل العلم كافية لإثبات الفرق بين حدود العورة وحدود الحجاب..
وعليه فلا يصح أبدا ما قد يذكره بعض الناس من إجماع العلماء على جواز كشف الوجه واليدين، فبالإضافة إلى كونه جهلا بمواقف العلماء هو كذلك جهل بحقيقة الخلاف بينهم.
فمن ورد عنهم جواز كشف الوجه واليدين على قسمين:
قسم لا يجيز ذلك بإطلاق، بل يخصه في الصلاة فقط، ويحرمه عند وجود الرجال الأجانب، وهذا القسم لم يفهم بعض الناس قوله، فلما سمعه يقول: " والمرأة كلها عورة إلا وجهها وكفيها"..(5/1085)
ظن أن ذلك بالعموم حتى في النظر، فحمل قوله على جواز الكشف مطلقا، وهذا خطأ، فإنهم لم يقصدوا التعميم. فهذا سبب من أسباب الاختلاف في المسألة. ( انظر: عودة الحجاب228-233)
القسم الآخر أجاز الكشف بإطلاق..
والمقصود من هذا تحرير كلام العلماء الذين ورد عنهم جواز الكشف، وأنه لا بد من التدقيق في كلامهم، فكثير منهم قصد الصلاة، ولم يقصد ذلك بإطلاق..
وقد نقل الأخ الكاتب كلاما لابن عبد البر، وهو ما يلي:
* "قال ابن عبد البر في التمهيد (قال مالك وأبو حنيفة والشافعي وأصحابهم وهو قول الأوزاعي وأبو ثور على أن المرأة تغطي منها ما سوى وجهها وكفيها) التمهيد لابن عبدالبرج 6 ص364 . من هذا النقل يتضح أن هذا القول هو قول الجمهور وليس أكذوبة علمية." أقول: الأخ الكاتب قفز كلمات مهمة تبين أن كلام الإمام ابن عبد البر إنما كان في الصلاة، وهاك تمام كلامه: قال ابن عبد البر: " وقد أجمعوا أن المرأة تكشف وجهها في الصلاة، والإحرام، وقال مالك وأبو حنيفة والشافعي، وأصحابهم، وهو قول الأوزاعي وأبي ثور: على أن المرأة تغطي منها ما سوى وجهها وكفيها".. التمهيد 6/364.
من الواضح جدا أن سياق الكلام في عورة الصلاة لا عورة النظر، ولا أدري كيف غفل الكاتب عن تلك الجملة المهمة السابقة مباشرة لما نقله؟!.
ومما يدلك على أن المقصود عورة الصلاة، ما نقله الكاتب أيضا عن النووي حيث قال: "(وقال أبو حنيفة والثوري والمزني قدماها أيضا ليس بعورة، وقال أحمد جميع بدنها إلا وجهها فقط)" المجموع ج3 ص 175.
موطن الشاهد: ذكر القدمين.. فمعلوم أن أحدا لم يقل أن القدمين ليستا بعورة في النظر، بل هم مجمعون على أنهما عورة في باب النظر، إنما الخلاف في الوجه واليدين، وإنما جاء ذكر القدم في كلامهم هنا، لأن الكلام في عورة الصلاة ...
فليتنبه لمثل هذا..
* ذكر الكاتب أن أول من قال بالتفريق بين عورة الصلاة وعورة النظر هو ابن تيمية وتابعه عليه ابن القيم.. هنا يقال:
لا ينبني على هذا كبير فائدة؛ سواء كان كذلك أو غير ذلك، فالأمر واحد، ذلك لأن ابن تيمية لم يخترع شيئا جديدا في الدين أو قولا محدثا، غاية الأمر أنه فصل وفسر وبيّن حقيقة كلام أهل العلم، فنبه إلى أن القول بأن جمهور العلماء يقولون بكشف الوجه اعتمادا على ما جاء عنهم في باب شروط الصلاة، ليس دليلا كافيا في نسبة ذلك القول إليهم؛ وقد صدق في هذا.
فليس قولهم بجواز كشف الوجه في الصلاة دليلا على جواز الكشف مطلقا، لما بين الكشف في الصلاة والكشف خارجها من فرق ظاهر واضح، عكس ما قاله الكاتب، وبيان ذلك:
أن الكاتب أراد أن يبين خطأ التفريق بين عورة الصلاة وعورة النظر من حيثيتين:
ـ من حيث اللغة..
ـ من حيث اتهام من يقول بالتفريق للفقهاء بالخلط بينهما؛ على حد قوله.(5/1086)
وجواب ما ذكره في الأصل اللغوي أن يقال:
( العورة) كذا بأل العهدية ينصرف إذا ذكر إلى العورة المعروفة، وهي عورة النظر.. نعم هو كذلك، لكن ذكرها في باب شروط الصلاة أخرجها من كونها معهودة، فصارت مقيدة بالصلاة، فيقال: عورة المرأة في الصلاة.. فهنا مقيدة وليست عامة ولا عهدية؛ فتبين من هذا أن ما ذكره الكاتب غير صحيح..
فالعلماء إن ذكروا العورة في باب شروط الصلاة فهي مقيدة، ولو ذكرت بأل العهدية، لكونها مدرجة تحت باب شروط الصلاة..
وإن ذكروها بقولهم: عورة المرأة في الصلاة؛ فهي مقيدة في نفس الجملة، كما هو ظاهر، بل الأغلب ذكرها منكرة لا معرفة بأل العهدية، عكس ما ذكره الكاتب بقوله: *** "وهكذا تذكر (العورة) في هذا المبحث الفقهي معرفة بأل العهدية أي إنها العورة المعروفة المعهودة وهي عورة النظر"..
وللتأكد انظر ما نقله الكاتب في مقاله من أقوال أئمة المذاهب:
فقد نقل عن المرغيناني: ( بدن المرأة ((عورة)) كلها إلا وجهها وكفيها .. )..
وعن ابن عبد البر في التمهيد: " الحرة كلها ((عورة)) مجتمع على ذلك إلا وجهها وكفيها)...
وعن الشافعي: " والمرأة كلها ((عورة)) إلا وجهها وكفيها"..
وعن الشيرازي: "وأما الحرة فجميع بدنها ((عورة)) إلا وجهها وكفيها"..
وكذا عن أحمد: " كلها ((عورة)) إلا وجهها وكفيها.. ".
وانظر بقية النقول تجد الأمر كما بينته لك...
ولا أدري هنا أيضا: هل كان الكاتب غافلا وهو يقول: "وهكذا تذكر (العورة) في هذا المبحث الفقهي معرفة بأل العهدية أي إنها العورة المعروفة المعهودة وهي عورة النظر"؛ عن حقيقة النقولات التي جاء بها، والتي تضاد ما ذكره؟!.
فالأقوال التي نقلها هو بنفسه عن الأئمة تبين أنهم في الغالب يذكرون العورة منكرة خالية من " أل " العهدية.
وقد خلص من قوله هذا إلى أن عورة النظر هي عورة الصلاة، من غير فرق!!!!!!..
أما وقد تبين خطأ دعواه من أن الفقهاء يذكرون العورة معرفة بأل العهدية، وأن الحقيقة أنهم إنما يذكرونها منكرة مضافة مقيدة، فإن ما بنى عليه من اتحاد عورة الصلاة وعورة النظر لا يقوم ولا يصح ولا يثبت، بل الثابت التفريق بينهما، ومما يؤكد هذا: أنه لا خلاف بين المجيزين للكشف أن التغطية ـ خارج الصلاة ـ أفضل من الكشف.
فالتغطية أمام الأجانب إما أن تكون واجبة عند جمع من أهل العلم، أو مفضلة عند غيرهم، أما في الصلاة فالكشف واجب عند الجميع. كما ذكر ابن عبد البر في التمهيد 6/365...
فلو كانت العورتان ـ النظر والصلاة ـ متحدتان لما وجد هذا الفرق فيهما في تغطية الوجه..
--------------------------(5/1087)
أما عن الخطأ الثاني بحسب تعبير الكاتب؛ فإن أحدا لم يتهم الفقهاء المتقدمين بالخلط بين عورة الصلاة وعورة النظر، إنما الخلط فيمن حمل كلامهم على الاتحاد بينهما وجعلهما شيئا واحدا ـ كما تبين من التفصيل الآنف ـ ..
وهنا نقول:
لا ننفي أن يكون من يقول بجواز كشف الوجه واليد في الصلاة أن يقول بمثل ذلك خارج الصلاة، إنما الذي نريد بيانه أن قول الإمام من الأئمة في حد عورة النظر لا يؤخذ مما ورد عنه في حد عورة الصلاة بمجرده.. بل لا بد أن يرد عنه قول آخر صريح وواضح في حد العورة خارج الصلاة.. كأن يقول: عورة المرأة مع الرجل، أو عورة المرأة مع الأجانب.. ونحوها...
فهذا النوع من التصريح واضح، وعليه يصح الاعتماد لنسبة القول بجواز الكشف إلى من صدر عنه.. أما ذكر الأئمة حد عورة المرأة في باب شروط الصلاة، بمجرده، فليس كافيا في إثبات أن الإمام يقول بأن عورة الصلاة هي عورة الرجل... ..... وقبل أن أنهي الكلام على هذه النقطة أذكر ما يلي:
البحث هنا إنما هو في نسبة الكلام إلى الأئمة، هل صح عنهم القول بالكشف؟، وهل ما ورد عنهم في الكشف الصلاة كاف في إثبات أنهم يقولون بالكشف أمام الأجانب؟ ... وليس البحث في أدلة الكشف..
ننبه إلى هذا، حتى يعلم أن الأصل في معرفة الأحكام الشرعية هي الأدلة الصحيحة، وليس مجرد معرفة الأقوال الواردة.
-----------------
4- رأي الشيخ الألباني في التغطية حال الفتنة.
* قال الكاتب : " وإنما الأكذوبة العلمية هي القول إن القائلين بجواز كشف الوجه يوجبون ستره عندما تكون المرأة شابة ويخشى على غيرها الفتنة بها وعن هذه المسألة يقول الشيخ الألباني في كتابه جلباب المرأة المسلمة (ثم غلا أحد الجهلة من المقلدين المعاصرين فنسب هذا الشرط إلى الأئمة أنفسهم فنتج من ذلك عند بعض من لا علم عنده إلا التحطيب والتحويش أن لا خلاف بين الأئمة) إلى أن يقول (والحقيقة أن هذا الشرط المذكور وإنما ذكره العلماء ومنهم مؤلف كتاب الفقه على المذاهب الأربعة في نظر الرجل إلى وجه المرأة فقالوا (يجوز ذلك بشرط أمن الفتنة) وهذا حق بخلاف ما فعله المقلدة.....) ص 16 "
أقول:
في مقال لي بعنوان:
http://209.39.13.51:81/sahat?128@55.mueUaDEbacG^1@.eeaf302
بينت بالأدلة أن تغطية الوجه واجبة بإجماع العلماء في زمن الفتنة، وعلى ذلك قول المجيزين لكشف الوجه..
وقد كنت سردت قول الأحناف لأبين أنهم يقولون بذلك، وكذا بقية المذاهب، فالقول بوجوب التغطية زمن الفتنة حقيقة ثابتة عن القائلين بجواز الكشف، وليست أكذوبة علمية...(5/1088)
والذي يبين هذا، ما ورد عنهم، فما ورد عنهم ليس غيبا، بل هو مكتوب في الكتب، وبيانا للحقيقة سأنقل هنا قول الأحناف، على أن أورد بقية الأقوال إن شاء الله في موضعه..
-------------
هذا إيراد لأقوال أئمة المذاهب الأربعة في وجوب التغطية حال الفتنة ( نقل هذه الأقوال وغيرها الشيخ محمد إسماعيل المقدم في كتابه العظيم الذي ننصح بقراءته "عودة الحجاب").:
--------------------------------
أولا: قول الحنفية..
1- قال الجصاص في تفسير قوله تعالى: { يدنين عليهن من جلابيبهن}:
" في هذه الآية دلالة على أن المرأة ((الشابة)) مأمورة بستر وجهها من الأجنبي، وإظهار الستر والعفاف عند الخروج، لئلا يطمع أهل الريب فيهن".
2- وقال الطحاوي: " وتمنع المرأة ((الشابة)) من كشف الوجه بين الرجال، لا لأنه عورة، بل لخوف ((الفتنة))، كمسه، وإن أمن الشهوة، لأنه أغلظ". رد المحتار على الدر المختار 1/272
3- قال ابن عابدين في شرحه:
" تمنع من الكشف لخوف أن يرى الرجال وجهها فتقع ((الفتنة))". المصدر السابق
4- نقل ابن عابدين عن صاحب المحيط قوله:
" ودلت المسألة على أن المرأة منهية عن إظهار وجهها للأجانب بلا ضرورة". المصدر السابق 2/189
5- قال الإمام محمد أنور الكشميري:
" يجوز الكشف عند الأمن عن ((الفتنة))، على المذهب، وأفتى المتأخرون بسترها لسوء حال الناس". فيض الباري على صحيح البخاري 1/254
6- قال ابن نجيم:
" وفي فتاوى قاضيخان: ودلت المسألة على أنها لا تكشف وجهها للأجانب من غير ضرورة" البحر الرائق شرخ كنز الدقائق 2/381
وقال أيضا: " قال مشايخنا: تمنع المرأة ((الشابة)) من كشف وجهها بين الرجال في زماننا(( للفتنة))". نفس المصدر 1/284
7- وفي الهدية العلائية: " وتمنع ((الشابة)) من كشف وجهها خوف ((الفتنة))"..
8- وفي المنتقى:
" تمنع ((الشابة)) من كشف وجهها، لئلا يؤدي إلى الفتنة، وفي زماننا المنع واجب، بل فرض لغلبة الفساد".
وأقوال بقية المذاهب لا تختلف كثيرا عن قول الأحناف..
أما الشيخ الألباني رحمه الله تعالى فقد ذكر أن المتأخرين من الأحناف قيدوا كشف الوجه بشرط أمن الفتنة؛ ومفهوم الكلام أن المتقدمين لم يقيدوا.. وهذا نص كلامه:
" من عجائب المتأخرين من الحنفية المقلدين وغيرهم أنهم ـ تقليدا منهم لأئمتهم ـ يتفقون معنا على المخالفين المتشددين، ولكنهم سرعان ما يتفقون معهم على أئمتهم!(5/1089)
وذلك أنهم اجتهدوا ـ وهم المقلدون ـ فقيدوا مذهب الأئمة فقالوا: "بشرط أمن الفتنة"؛ يعنون: فتنة الرجال بالنساء، ثم غلا أحد الجهلة من المقلدة المعاصرين فنسب هذا الشرط إلى الأئمة أنفسهم! فنتج من ذلك عند بعض من لا علم عنده إلا التحطيب والتحويش: أن لا خلاف بين الأئمة والمخالفين!. " جلباب المرأة المسلمة ص15-16
مفهوم كلام الشيخ أن الأئمة المتقدمين لم يذكروا هذا الشرط؛ لكن عدم الذكر لا يعني عدم قولهم به، إذ الحامل على ذكر الشرط قد لا يكون موجودا في زمانهم، بخلاف الذين ذكروه، فإنهم ما ذكروه إلا لغلبة الفساد، يدل على هذا ما سبق نقله، من ذلك:
- قال الإمام محمد أنور الكشميري:
" يجوز الكشف عند الأمن عن ((الفتنة))، على المذهب، وأفتى المتأخرون بسترها ((لسوء حال الناس))". فيض الباري على صحيح البخاري 1/254
- قال ابن نجيم:
" قال مشايخنا: تمنع المرأة ((الشابة)) من كشف وجهها بين الرجال في زماننا(( للفتنة))". نفس المصدر 1/284
- وفي المنتقى:
" تمنع ((الشابة)) من كشف وجهها، لئلا يؤدي إلى الفتنة، ((وفي زماننا المنع واجب، بل فرض لغلبة الفساد))".
هذه النقول توضح أن الفتوى جاءت لواقع الحال، والشيخ رحمه الله يوافق على هذا ـ بالرغم مما يظهر عنه من خلاف ذلك ـ فإنه يقرر في الموضع ذاته في كتابه "جلباب المرأة المسلمة" أن الفتنة والخشية على الخلق والدين موجب ـ لا أقول للتغطية فحسب ـ بل للزوم البيت وعدم الخروج منه، انظر ماذا يقول:
" ولو أنهم قالوا: يجب على المرأة المتسترة بالجلباب الواجب عليها إذا خشيت أن تصاب بأذى من الفساق لإسفارها عن وجهها: (((أنه يجب عليها في هذه الحالة أن تستره دفعا للأذى والفتنة)))، لكان له وجه في فقه الكتاب والسنة..
بل قد يقال: (((إنه يجب عليها أن لا تخرج من دارها إذا خشيت أن يخلع الجلباب من رأسها))) من قبل بعض المتسلطين الأشرار المدعمين من رئيس لا يحكم بما أنزل الله، كما وقع في بعض البلاد العربية منذ بضع سنين مع الأسف الشديد؛ أما أن يجعل هذا الواجب شرعا لازما على النساء في كل زمان ومكان، وإن لم يكن هناك من يؤذي المتجلببات فكلا ثم كلا.. " جلباب المرأة المسلمة ص17
فهو بالرغم من قوله بجواز كشف الوجه على وجه الإباحة ـ مع كونه يرى الأفضل هو التغطية ـ إلا أنه يرى، لا أقول وجوب التغطية فحسب، بل وجوب القرار في البيت، ألا تخرج أصلا، إذا صار الزمان زمان فتنة، يتعرض فيه السفهاء للصبايا واليافعات.. هذا واضح من كلامه، ونحن نقول:
ألا ترون قدر الفتنة التي تكون اليوم جراء خروج الفتاة من بيتها؟..
الخروج لوحده يستفز السفهاء ليحوموا حول الحمى، من أجل التحرش والأذى، فما بالكم حينما تكشف عن وجهها، وكلكم سمع ورأى من مثل هذا، ما صار معلوما مشهورا؟.
هذا بالإضافة إلى الكيد الكبير الذي يخطط له أعداء الحجاب، وهو معلوم لا يخفى..(5/1090)
إذن، نحن نعيش حالة حرب حقيقة مع أعداء الحجاب، وكل متبصر، أو لديه نصف تبصر يدرك هذا، وعلى هذا ألا تتفقون معي أن:
ـ كل العلماء يجمعون أنه في زمان كهذا يجب التغطية، حتى من أجاز، حتى الشيخ الألباني نفسه في كلامه السابق يقرر هذا؟...
ـ وأن الحكمة والعقل يأمران بالحجاب والتغطية، وأن ندعوا إلى هذه الفضيلة درءا لهذه الفتنة العمياء؟. لو كان هناك من يرى جواز الكشف مطلقا، حتى في حال الفتنة، فإنهم بالنسبة لعموم الأمة شيء لا يذكر، وقولهم لا يقبل في محكم العقول.
--------------
5- حديث الخثعمية.
روى البخاري عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال:
" أردف رسول الله صلى الله عليه وسلم الفضل بن عباس يوم النحر خلفه على عجز راحلته، وكان الفضل رجلا وضيئا، فوقف النبي صلى الله عليه وسلم للناس يفتيهم، وأقبلت امرأة من خثعم وضيئة تستفتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فطفق الفضل ينظر إليها، وأعجبه حسنها، فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم والفضل ينظر إليها، فأخلف بيده فأخذ بذقن الفضل، فعدل وجهه عن النظر إليها".
في الاستئذان، باب: قول الله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم..}
احتج بهذا من قال بجواز كشف الوجه، وموضع الشاهد قوله: " وضيئة".
قالوا: لا تعرف الوضاءة إلا بكشف الوجه، فالوجه كان مكشوفا إذن.
وهذا موضع النزاع...
فإننا ننازعهم في أن الوجه كان مكشوفا... فليس في الروايات تصريح بأنه كان مكشوفا، وأما عن دعوى أن معرفة الوضاءة تستلزم كشف الوجه نقول:
الوضاءة تعرف بالوجه، وتعرف كذلك بالقوام من دون رؤية الوجه، ومن تأمل هذا أدرك حقيقة ما نقول، وشاهد هذا من كلام العرب قول الشاعر:
.... طافت أمامة بالركبان آونة... يا حسنها من قوام ما ومنتقبا...
فالوضاءة أو الحسن، كلاهما بمعنى، يدركان بالقوام، وهو أمر محسوس، فقد تمر المرأة بالرجل وهي مستترة بالكامل، فيرجح حسنها ووضاءتها بما يراه من اعتدال قدها وحسن مشيها، فتقع في قلبه، ويتابعها بنظره، ويطير بها، ولو لم ير شيء منها، وقد تمر به أخرى بدينة قصيرة، فلا يلتفت إليها..
هذا أمر...
وأمر آخر: أنه على فرض أن يكون الفضل قد رأى وجهها، فذلك لا يدل على أنه كان مكشوفا على الدوام، إذ لا يمتنع أن يكون الريح حرك خمارها فظهر شيء منها فوقع نظر الفضل على ذلك فأعجب بها..
والنتيجة أنه لا يمكن الجزم بأن المرأة كانت مكشوفة الوجه مع ورود الاحتمالات الآنفة، التي لا يمكن إلغاؤها أو إهمالها، وقد تقرر في قواعد الفقه: أن الدليل إذا تطرق إليه الاحتمال، لبس ثوب الإجمال، وسقط به الاستدلال..(5/1091)
فلا يمكن إذن الاستناد إلى دليل محتمل كهذا الحديث لتقرير حكم شرعي يناقض به نصوصا أخرى محكمة.. والله أعلم..
ـــــــــــــــــــ
تغطية المرأة وجهها - في زمن الفتنة - واجب بإجماع العلماء
أبو سارة
قبل أن أورد الكلام عن حكم تغطية الوجه، أردت أن أشير إلى مسألة الإجماع بما يلي:
الأمة منذ القديم مجمعة على أن الفتنة داعية للتغطية، ذهب إلى ذلك الحنفية الحنابلة والمالكية والشافعية ( سأورد إن شاء الله أقوالهم )، بل ذهب بعض العلماء إلى إيجاب التغطية حتى على الأمة، إذا صارت فاتنة، وكل ذلك مفهوم في ظل حرص العلماء على عفاف وستر نساء المؤمنين.. وتأمل في قول عائشة رضي الله عنها:
( لو رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء، لمنعهن المسجد، كما منعه نساء بني إسرائيل)..
تدرك هذا، حيث رأت منع النساء من الخروج من البيت، إذا تغير الحال، والقرار في البيت أكبر من تغطية الوجه..
والشيء بالشيء يذكر.. فهذا الشيخ الألباني رحمه الله تعالى ـ وهو من القائلين بجواز الكشف ـ يقول:
" ولو أنهم قالوا: يجب على المرأة المتسترة بالجلباب الواجب عليه إذا خشيت أن تصاب بأذى من الفساق لإسفارها عن وجهها: أنه يجب عليها في هذه الحالة أن تستره دفعا للأذى والفتنة، لكان له وجه في فقه الكتاب والسنة..
بل قد يقال: إن يجب عليها أن لا تخرج من دارها إذا خشيت أن يخلع من الجلباب من رأسها من قبل بعض المتسلطين الأشرار المدعمين من رئيس لا يحكم بما أنزل الله، كما وقع في بعض البلاد العربية منذ بضع سنين مع الأسف الشديد.. أما أن يجعل هذا الواجب شرعا لازما على النساء في كل زمان ومكان، وإن لم يكن هناك من يؤذي المتجلببات فكلا ثم كلا.. " جلباب المرأة المسلمة ص17
فهو بالرغم من قوله بجواز كشف الوجه على وجه الإباحة ـ مع كونه يرى الأفضل هو التغطية ـ إلا أنه يرى، لا أقول وجوب التغطية فحسب، بل وجوب القرار في البيت، ألا تخرج أصلا، إذا صار الزمان زمان فتنة، يتعرض فيه السفهاء للصبايا واليافعات..
هذا واضح من كلامه..
ونحن نقول:
ألا ترون قدر الفتنة التي تكون اليوم جراء خروج الفتاة من بيتها؟.. الخروج لوحده يستفز السفهاء ليحوموا حول الحمى، من أجل التحرش والأذى، فما بالكم ـ ولا شك رأيتم ـ حينما تكشف عن وجهها، وكلكم سمع ورأى من مثل هذا، ما صار معلوما مشهورا.. بالإضافة إلى الكيد الكبير الذي يخطط له أعداء الحجاب، وهو معلوم لا يخفى..(5/1092)
إذن، نحن نعيش حالة حرب حقيقة مع أعداء الحجاب، وكل متبصر، أو لديه نصف تبصر يدرك هذا، وعلى هذا ألا تتفقون معي أن:
ـ كل العلماء يجمعون أنه في زمان كهذا يجب التغطية، حتى من أجاز، حتى الشيخ الألباني نفسه في كلامه السابق يقرر هذا؟...
ـ وأن الحكمة والعقل يأمران بالحجاب والتغطية، وأن ندعوا إلى هذه الفضيلة درءا لهذه الفتنة العمياء؟.
لو كان هناك من يرى جواز الكشف مطلقا، حتى في حال الفتنة، فإنهم بالنسبة لعموم الأمة شيء لا يذكر، وقولهم لا يقبل في محكم العقول..
وقد ذكر أهل العلم، وقد نقلت كلامهم في حوار سابق، أن مخالفة بعض الأفراد لا ينقض الإجماع، وهو مروي عن الإمام أحمد وابن جرير، في مذكرة أصول الفقه للشنقيطي ص153:
" فصل لا ينعقد الاجماع بقول الأكثرين من أهل العصر في قول الجمهور، وقال ابن جرير الطبري و ابو بكر الرازي لا عبرة بمخالفة الواحد و الاثنين فلا تقدح مخالفتهما في الاجماع وقد أومأ إليه أحمد رحمه الله .
وحجة الجمهور أن العبرة بقول جميع الأمة، لأن العصمة انما هي للكل لا البعض، و حجة الاخر اعتبار الأكثر وإلغاء الاقل،
قال في المراقي:
والكل واجب و قيل لا يضر ......... لاثنان دون من عليهما كثر" اهـ
فالإجماع لا يشترط فيه ألا يكون فيه مخالف، هذا لو كان المخالف مخالفا بدليل صحيح، فكيف إذا كان دليله غير صحيح، ولا يصح الاحتجاج به؟..
حينذاك فلا حجة في خلافه، ومن ثم لا ينقض الإجماع بحال أبدا، فإن قول العالم معتبر إذا سانده الدليل، أما إذا لم يسانده فقوله غير معتبر، ولا ينقض به قول بقية العلماء، ولا ينقض به إجماعهم..
وفي مثل من يقول بجواز كشف الوجه حتى حال الفتنة، فهذا بالإضافة إلى مخالفته للقول الصحيح الراجح في أصل الكشف، كذلك هو قول يخالف الدليل الشرعي والعقلي الآمر بالبعد عن مواطن الفتن والريب.. وعلى ذلك فهو قول غير معتبر، ومن ثم إذا قلنا:
إن العلماء أجمعوا على المنع من كشف الوجه حال الفتنة..
هو قول صحيح، لا غبار عليه، من حيث:
ـ إن الإجماع لا يشترط فيه عدم المخالفة من أحد، بل يصح حصول الإجماع، ولو خالف بعض الأفراد..
ـ ومن حيث إن الإجماع لا ينقض بقول يخالف الدليل الشرعي..
وقد ذهب إلى مثل هذا جمع من العلماء، قال الشيخ بكر أبو زيد:
"هذا مع العلم أنه لم يقل أحد من أهل الإسلام بجواز كشف الوجه واليدين عند وجود الفتنة ورقة الدين، وفساد الزمان، بل هم مجمعون على سترهما، كما نقله غير واحد من العلماء" حراسة الفضيلة 82
بعد هذه المقدمة عن قضية الإجماع، ألج إلى تفصيل الحكم في تغطية الوجه:(5/1093)
يقولون: "اختلف العلماء في الوجه واليدين بالنسبة للمرأة، فمنهم من أجاز لها كشفها، ومنهم من منع".. لكن الذي نعتقد أن كثيرا من الناس لم يفهم حقيقة هذا الخلاف بين أهل العلم..
والحقيقة تبرز إذا عرفنا أن الكلام عن عورة المرأة إنما يذكر دائما في " باب شروط صحة الصلاة"، فيقول العلماء: " وكل المرأة عورة إلا وجهها وكفيها"..
وهم إنما يقصدون عورتها في الصلاة، لا عورتها في النظر..
وعورة الصلاة ليست مرتبطة بعورة النظر لا طردا ولا عكسا، فما يجوز كشفه في الصلاة بالنسبة للمرأة هو الوجه بالإجماع، واليدين عند جمهور العلماء، والقدمين عند أبي حنيفة وهو الأقوى..
أما خارج الصلاة فلا يجوز كشف ذلك أبدا، فإذا قيل: " إن وجه المرأة وكفيها ليستا بعورة"..
فهذا المذهب إنما هو في الصلاة إذا لم تكن بحضرة الرجال..
وأما بالنسبة لنظر الأجنبي إليها فجميع بدنها عورة لابد من ستره عن الأجنبي لقوله عليه الصلاة والسلام: ( المرأة عورة) ..
قال موفق الدين ابن قدامة:
" وقال مالك والأوزاعي والشافعي: جميع المرأة عورة إلا وجهها وكفيها، وما سوى ذلك يجب ستره في الصلاة" .
وقال ابن القيم:
" العورة عورتان: عورة في الصلاة، وعورة في النظر، فالحرة لها أن تصلي مكشوفة الوجه والكفين، وليس لها أن تخرج في الأسواق ومجامع الناس كذلك" .
وقال البيضاوي في تفسير قوله تعالى: {ولايبدين زينتهن إلا ماظهر منها}:
"والمستثنى هو الوجه والكفان لأنهما ليستا من العورة، والأظهر أن هذا في الصلاة لا في النظر، فإن كل بدن الحرة عورة، لا يحل لغير الزوج والمحرم النظر إلى شيء منها إلا لضرورة" .
وقال الصنعاني:
"ويباح كشف وجهها حيث لم يأت دليل بتغطيته، والمراد كشفه عند صلاتها بحيث لا يراها أجنبي، فهذه عورتها في الصلاة، وأما عورتها بالنظر إلى نظر الأجنبي إليها فكلها عورة كما يأتي تحقيقه" .
فهذه النقول عن أهل العلم كافية لإثبات الفرق بين حدود العورة وحدود الحجاب..
وعليه فلا يصح أبدا ما قد يذكره بعض الناس من إجماع العلماء على جواز كشف الوجه واليدين، فبالإضافة إلى كونه جهلا بمواقف العلماء هو كذلك جهل بحقيقة الخلاف بينهم.
فمن ورد عنهم جواز كشف الوجه واليدين على قسمين:
قسم لا يجيز ذلك بإطلاق، بل يخصه في الصلاة فقط، ويحرمه عند وجود الرجال الأجانب، وهذا القسم لم يفهم بعض الناس قوله، فلما سمعه يقول: " والمرأة كلها عورة إلا وجهها وكفيها" أي في الصلاة..(5/1094)
ظن أن ذلك بالعموم حتى في النظر، فحمل قوله على جواز الكشف مطلقا، وهذا خطأ، فإنهم لم يقصدوا ذلك، فهذا سبب من أسباب الاختلاف في المسألة.
القسم الآخر أجاز الكشف بإطلاق..
والذي دعاه إلى ذلك قول منسوب لابن عباس رضي الله عنهما في تفسير قوله تعالى: { ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها}، قال: " الكحل والخاتم"، لكن هذا الأثر إسناده ضعيف للغاية، فيه مسلم الملائي قال فيه النسائي: " متروك الحديث" ..
وهناك رواية أخرى قال فيها: "ما في الكف والوجه"، وهي كذلك ضعيفة، في إسنادها أحمد العطاردي قال ابن عدي: " رأيتهم مجمعين على ضعفه" ..
فالنسبة إذاً إلى ابن عباس غير صحيحة بحسب الإسنادين السابقين ، بل جاء عنه عكس ذلك، ففي تفسير آية الحجاب: {يدنين عليهن من جلابيبهن} قال ابن عباس:" أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب، ويبدين عينا واحدة" .
لكن لو افترضنا صحة القول المنسوب إلى ابن عباس من طرق أخرى فكيف نفسر هذا التعارض بين قوليه:
مرة يجيز كشف الوجه واليدين، ومرة أخرى يحرم ذلك كله؟..
فالجواب: أنه أجاز أولاً، ثم لما نزلت آية الحجاب منع من ذلك، قال ابن تيمية:
"والسلف تنازعوا في الزينة الظاهرة على قولين، فقال ابن مسعود: هي الثياب، وقال ابن عباس ومن وافقه: هي ما في الوجه واليدين، مثل الكحل والخاتم...
وقبل أن تنزل آية الحجاب كان النساء يخرجن بلا جلباب، يرى الرجال وجهها ويديها، وكان إذ ذاك يجوز لها أن تظهر الوجه والكفين، وكان حينئذ يجوز النظر إليها لأنه يجوز إظهاره، ثم لما أنزل الله عز وجل آية الحجاب بقوله: { يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن}.
حجب النساء عن الرجال، وكان ذلك لما تزوج النبي صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش فأرخى النبي الستر ومنع أنسا أن ينظر، ولما اصطفى صفية بنت حيي بعد ذلك عام خيبر قالوا: إن حجبها فهي من أمهات المؤمنين، وإلا فهي مما ملكت يمينه، فحجبها...
فإذا كن مأمورات بالجلباب وهو ستر الوجه أو ستر الوجه بالنقاب، كان حينئذ الوجه واليدان من الزينة التي أمرت ألا تظهرها للأجانب، فما بقي يحل للأجانب النظر إلا إلى الثياب الظاهرة، فابن مسعود ذكر آخر الآمرين، وابن عباس ذكر أول الأمرين" .
إذاً لو صح قول ابن عباس في إباحة كشف الوجه واليدين فإنما ذلك كان قبل النسخ، ثم لما نزلت آية الحجاب أوجب الله عليهن ستر جميع ذلك، هذا وابن مسعود يذكر في معنى الزينة الظاهرة أنها الثياب والرداء، فهو يخالف ابن عباس في قوله الأول لو صح عنه.
نخلص مما سبق أن سبب الخلاف في هذه المسألة ثلاثة أمور:(5/1095)
أولا: عدم التفريق بين حدود الحجاب وحدود العورة، فبعض المخالفين في هذه المسألة ظن أن ما يجب ستره في الصلاة هو الذي يجب ستره عن أعين الناس فحسب، وهو سائر البدن إلا الوجه والكفين..
وهذا فهم خاطيء فليست عورة الصلاة هي عورة النظر، بل عورة النظر أعم في حق المرأة من عورة الصلاة، فالمرأة لها أن تبدي وجهها وكفيها وقدميها في الصلاة، لكن ليس لها ذلك في محضر الأجانب أو إذا خرجت من بيتها.
ثانيا: عدم التحقيق في قول ابن عباس، فالأثر الذي ورد عنه في إباحة كشف الوجه ضعيف الإسناد بحسب الأسانيد السابقة، ثم إنه قد صرح في آية الحجاب بأن المرأة لا تظهر إلا عينا واحدة، فكان ينبغي أن يجمع قوله، ويؤخذ بما هو أصح وأصرح..
وكل الآثار التي يحتج بها من قال بالجواز كحديث أسماء ضعيفة لاينهض الاحتجاج بها، وكذا حديث الخثعمية بالرغم من صحته إلا أنه ليست فيه دلالة على جواز كشف الوجه.
ثالثا: عدم التفطن إلى إن الحكم فيه نسخ، أو فيه أول وآخر، فأما آية الزينة: { ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها}، فقد كان أولاً، وكان النساء إذ ذاك يخرجن كاشفات الوجه واليدين، ثم لما نزلت آية الحجاب أمرن بالستر.
وعلى هذا الوجه يحمل قول ابن عباس، إن ثبت من طرق أخرى.
على أن ابن مسعود يفسر آية الزينة بتفسير يخالف تفسير ابن عباس الأول فيجعل الزينة الظاهرة هي الثياب أو الرداء، أو ما نسميه بالعباءة، وإسناده صحيح، وعلى ذلك فلا حجة في هذه الآية لمن احتج بها على جواز الكشف.
ومما يؤكد هذا الحكم قوله تعالى: { وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب} ، وإذا سأل الرجل المرأة وهي كاشفة عن وجهها لم يكن سألها من وراء حجاب، وتلك مخالفة صريحة لأمر الله..
ثم إن هذا الخلاف بين الفقهاء بقي خلافا نظريا إلى حد بعيد، حيث ظل احتجاب النساء هو الأصل في جميع مراحل التاريخ الإسلامي، فقد كان ولا زال أحد معالم الأمة المؤمنة، قال الغزالي: " لم يزل الرجال على ممر الزمان مكشوفي الوجوه، والنساء يخرجن منتقبات" ..
وقال ابن حجر: " العمل على جواز خروج النساء إلى المساجد والأسواق والأسفار منتقبات لئلا يراهن الرجال" .
وهنا مسألة لابد من التنبه لها، وهي: أنك لو سألت هؤلاء المجيزين: "هل تجوزون كشف الوجه في زمن الفتنة أو إذا كانت المرأة فاتنة"؟.
لقالوا: "لا، بل يحرم الكشف في زمن الفتنة، أو إذا كانت المرأة شابة أو فاتنة"..
بل ذهبوا إلى أكبر من ذلك فقالوا:
"يجب على الأمة إذا كانت فاتنة تغطية وجهها" ..
مع أن الأمة غير مأمورة بتغطية الوجه.
إذن، فجميع العلماء متفقون من غير استثناء على:
وجوب تغطية الوجه في زمن الفتنة، أو إذا كانت المرأة فاتنة، أو شابة..
ونحن نسأل:(5/1096)
أليس اليوم زمن فتنة؟..
وإذا كان العلماء جميعهم حرموا الكشف إذا كان ثمة فتنة، فكيف سيكون قولهم إذا علموا أن الكشف بداية سقوط الحجاب؟..
فلم تعد القضية قضية فقهية تبحث في كتب الفقه فحسب، بل القضية أكبر من ذلك إنها قضية مصير لأمة محافظة على أخلاقها، يراد هتك حجابها، وكشف الوجه هو البداية، قد اتخذ من اختلاف العلماء فيه وسيلة لتدنيس طهارة الأمة المتمثلة في الحجاب، ويعظم الخطر في ظل اتساع نطاق عمل المرأة وازدياد خروجها من البيت، مع نظرة بعض الناس للحجاب على أنه إلف وعادة لادين وعبادة.
فهي مؤامرة على المرأة المسلمة..
ومما يبين هذا:
تلك الصور والإعلانات التي تصور المرأة لابسة عباءة سوداء، كاشفة عن وجهها، لإقناع الناس بأن تغطية الوجه ليس من الحجاب، وترسيخ هذا المفهوم فيهم.
ومما يبين أن القضية ليست قضية اختلاف بين العلماء أن كثيرا من هؤلاء النساء اللاتي يكشفن الوجه لايكشفنه لترجح أدلة الكشف عندهن، بل هن متبعات للهوى، قد وجدن الفرصة اليوم سانحة لكشف الوجه، ولو سنحت في الغد فرصة أخرى أكبر لما ترددن في اغتنامها، والدليل على هذا:
أنهن إذا سافرن إلى الخارج نزعن الحجاب بالكلية وصرن متبرجات لا فرق بينهن وبين الكافرات..
ولو كان كشفهن عن قناعة بالأدلة المجيزة للكشف للزمن ستر جميع الجسد بالعباءة إلا الوجه في كل مكان سواء في المقام أو في السفر إلا البلاد الأخرى..
ولو كان هذا الكشف ناتجا عن اتباع أقوال العلماء المجيزين لغطين وجوههن، لأن العلماء المجيزين يحرمون الكشف في زمن الفتنة، والزمان زمان فتنة ومع ذلك هن يكشفن وجوههن، والعلماء المجيزون حرموا الكشف على الفاتنة والشابة، وهن يكشفن بغير فرق بين الفاتنة وغير الفاتنة..
فالحقيقة أن هذا الفعل من هؤلاء النساء لم يكن عن اتباع لكلام أهل العلم، بل هو اتباع للهوى وتقليد للسافرات من الكافرات والمتبرجات، وتبرم وضجر من الانصياع لأمر الله تعالى في قوله:
{ يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن}..
{ولايبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن}..
{وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن}.
وإذا سألنا المجيزين سؤالا آخر فقلنا لهم: " أيهما أفضل التغطية أو الكشف"؟..
لقالوا بلا تردد: " التغطية أفضل من كشف الوجه، اقتداء بأمهات المؤمنين"..
ونحن نعلم أن استبدال الأدنى بالذي هو خير فساد في الرأي وحرمان من التوفيق، فإذا كانت التغطية هي الفضلى فلا معنى لترك هذا الأفضل إلى الأدنى إلا الجهل بحقيقة الخير والشر والربح والخسارة، والغفلة عن مكيدة الشيطان..(5/1097)
فإن الشيطان لا يزال بالأمة الصالحة يرغبها في الأدنى ويزهدها في الأعلى حتى تستجيب له، فما يزال بها حتى يوقعها في الشر والوبال، كما فعل بالرهبان والعباد، وكما فعل ببني إسرائيل حتى استحقوا سخط الجبار وانتقامه..
أنزل الله لهم المن والسلوى يأكلون منهما، فأبوا إلا الأدنى وسألوا موسى عليه السلام البصل والعدس والقثاء والفوم، فأنكر عليهم هذا الرأي الفاسد، كيف تستبدلون الذي هو أدنى باللذي هو خير؟، قال تعالى: {وإذ قلتم ياموسى لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربك يخرج لنا مماتنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها قال أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباؤوا بغضب من الله ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير الحق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون}.
فما مثلنا ونحن نفضل كشف الوجه الذي هو أدنى على غطائه الذي هو خير إلا كمثل بني إسرائيل، وقد علمنا ما أصابهم من الخزي والذلة والمسكنة لأمم الأرض جميعها، فكانوا منبوذين مكروهين، ونخشى أن يصيبنا ما أصابهم..
هذا إذا فرضنا جدلا أن كشف الوجه جائز والأفضل تغطيته، أما الذي ندين الله به لا بسواه، أنا نرى حرمة كشف الوجه من حيث الأصل، وكل من كشفت وجهها بغير إذن الشارع فهي آثمة عليها التوبة إلى الله، وإذن الشارع إنما يكون في أحوال معينة كإذنه بالكشف للقواعد من النساء والمراد خطبتها ونحوها..
إذن بالرغم من هذا الخلاف إلا أنه لم يوجد في تاريخ الأمة من العلماء من يدعوا إلى كشف النساء وجوههن، فمن لم يقل منهم بوجوب التغطية جعل ذلك هو الأفضل..
وعلى ذلك فلا يدعوا إلى السفور إلا أحد رجلين، إما أنه غير مطلع على مذاهب العلماء، فاهم لمقاصدهم، وإما أنه مفسد يتخذ من اختلاف العلماء ذريعة لتحقيق مآرب خبيثة في نفسه.
أخيرا نقول لمن أجاز كشف الوجه:
إن كنت قد اقتنعت بهذا الرأي تماما عن دين ويقين دون اتباع لهوى، فيجب عليك إذا أفتيت بهذا القول أن تقيده بما قيده العلماء المجيزون من قبلك، بأن تجعل كشف الوجه مشروطا بما يلي:
1- ألا يكون في زمن فتنة، يكثر فيه الفساق.
2- ألا تكون المرأة شابة.
3- ألا تكون المرأة فاتنة جميلة.
فهذه الشروط واجبة، لا بد من ذكرها، إذا ما أفتيت بجواز الكشف..
أما أن تقول بكشف الوجه، هكذا بإطلاق، وتنسب ذلك لأهل العلم القائلين بكشف الوجه، فهذا تدليس، فإنهم ما قالوا بجواز الكشف، هكذا بإطلاق، كما يفعل من يفتي هذا اليوم، بل قيدوه بالشروط السابقة..
ثم كذلك يجب عليك أن تدل الناس إلى الأفضل، وهو التغطية بإجماع العلماء..
حينذاك تكون معذورا مجتهدا، لك أجر اجتهادك..(5/1098)
أما أن تخفي عن الناس حقيقة قول العلماء المجيزين، بعدم ذكر الشروط والأفضل، فإني أخاف عليك الإثم..
ـــــــــــــــــــ
أدلة تغطية الوجه من الكتاب والسنة
علي بن عبد الله العماري
قدم له وراجعه
فضيلة الشيخ / عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين
الحمد لله رب العالمين ، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله قيوم السموات الأراضين وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الصادق الأمين – صلى الله عليه وسلم – وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد :
فهذه نبذة يسيرة موجزة في وجوب التحجب والتستر للمرأة المسلمة عن الرجال الأجانب ، وتحريم إبداء الزينة لغير المحارم الذين ذكرهم الله بقوله " ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن .." الآية ، وبيان ما في التكشف وإظهار الزينة من المفاسد والأخطار،وفي واجب الأولياء نحو محارمهم ، وفي ذكر بعض الأدلة التي توضح وجوب التستر والاحتشام ومنع التبرج والتخلع والسفور،وفي مناقشة ما يشبه به المتساهلون في هذا الباب،وبيان سوء أهدافهم وما يرمونه من دعاياتهم إلى الاختلاط وإبداء المحاسن ، كتبها الأخ علي بن عبد الله العماري الذي عُرف بالعلم ، والفهم ، والإدراك ، والبحث ، واستخراج المسائل ، وعرف بالعقل والثبات والاتزان ، ولم يُعرف عنه شيء من التسرع والتهور. فجدير بالمسلم الذي يريد الحقَّ أن يتقبل ما جاء به الدليل ، وأن يتقبل الصواب ممن جاء به بقطع النظر عن قائله ، ويرد الباطل على من جاء به مهما كانت شهرته ومنزلته، فالحق أحق أن يُتبع ، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
كتبهعبد الله بن عبد الرحمن الجبرين
عضو الإفتاء
--------------------------------------------------------------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
الحمد لله رب العالمين ، أم نساء المؤمنين بالحشمة والحجاب ، وصلى الله على محمد وآله وسائر الأصحاب وسلم تسليماً إلى يوم الدين ... أما بعد :
فقد أمر الله تعالى نساء المؤمنين بالتستر وعدم إظهاراً لزينة لغير المحارم خوفاً عليهن من الفواحش والآثام كما قال تعالى : " ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولى الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء" . فهؤلاء الأصناف الإثنا عشر يجوز للمرأة المسلمة أن تظهر أمامهم وهي كاشفة عن وجهها وكفيها ونحوهما؛ لأنهم من المحارم، أما غيرهم فلا يجوز لها ذلك.(5/1099)
ثم جاء بعد ذلك من يجادل في أن الوجه والكفين قد استثنيا واستدلوا بهذه الآية : " ولا يبدين زينتهم إلا ما ظهر منها" وبعض الأحاديث كحديث أسماء ، وحديث سفعاء الخدين ، وقصة الخثعمية ، ونهيه – صلى الله عليه وسلم – أنت تنتقب المرأة وتلبس القفازين وهي محرمة ، وقصة الواهبة وغيرها من الروايات.
لذا عزمت وتوكلت على الله في ذكر أدلة المبيحين والرد عليها من الكتاب والسنة وأقوال أئمة السلف والخلف رحمهم الله ، ثم أذكر الأدلة الثابتة في وجوب ستر الوجه والكفين عن غير المحارم منم ذلك أيضاً.
أدلة المبيحين والرد عليها
أولاً : يستدلون بآية سورة النور " ولا يبدين زينتهن إلا ماظهر منها" وأن ابن عباس فد فسرها بأنها الوجه والكفان ، ويرد عليهم أن ابن مسعود قد قال – في تفسير هذه الآية " إلا ما ظهر منها " بأن المقصود هو الرداء والثياب ، وقال بقول ابن مسعود - رضي الله عنه - الحسن، وابن سيرين ، وأبو الجوزاء ، وإبراهيم النخعي ، وغيرهم. وقال ابن كثير في تفسيرها: أي لا يظهرن شيئاً من الزينة للأجانب إلا ما لا يمكن إخفاؤه. وهذا الذي رجحه الشنقيطي في تفسيره أضواء البيان حيث قال – رحمه الله - : " إن قول من قال في معنى " ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها " أن المراد بالزينة الوجه والكفان مثلاً ، توجد في الآية قرينة تدل على عدم صحة هذا القول وهي أن الزينة في لغة العرب هي ما تتزين به المرأة مما هو خارج عن أصل خلقتها : كالحلي والحلل ، فتفسير الزينة ببعض بدن المرأة خلاف الظاهر، ولا يجوز الحمل عليه إلا بدليل يجب الرجوع إليه.
ثانياً : يستدلون بحدث أسماء – رضي الله عنها – فعن عائشة – رضي الله عنها – أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق فأعرض عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : " يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يضح أن يُرى منها إلا هذا وأشار إلى وجهه وكفيه " ويرد عليهم بأن هذا الحديث ضعيف جداً كما قال بذلك أهل العلم ، وهو مرسل ؛ لأن خالد بن دريك لم يدرك عائشة – رضي الله عنها – فالسند منقطع .. ورد سماحة مفتي الديار السعودية الشيخ عبد العزيز بن باز – حفظه الله ورعاه – هذا الحديث بخمسة أوجه حيث قال سماحته:
1. إن الراوي عن عائشة المسمى خالد بن دريك لم يلق عائشة ، فالحديث منقطع، والحديث المنقطع لا يُحتج به لضعفه.
2. إن في إسناده رجلاً يُقال له سعيد بن بشير وهو ضعيف لا يُحتج بروايته.
3. إن قتادة الذي روى عن خالد بالعنعنة وهو مدلس يروي عن المجاهيل ونحوهم ويُخفي ذلك ، فإذا لم يصرح بالسماع صارت روايته ضعيفة.
4. إن الحديث ليس فيه التصريح أن هذا كان بعد الحجاب، فيحتمل أنه كان قبل الحجاب.
5. إن أسماء هي زوج الزبير بن العوام ، وهي أخت عائشة بنت الصديق وامرأة من خيرة النساء ديناً وعقلاً، فكيف يليق بها أن تدخل على النبي – صلى الله عليه وسلم وهي إمرأة صالحة في ثياب رقاق مكشوفة الوجه والكفين وزيادة على ذلك بثياب(5/1100)
رقيقة وهي التي تُرى عورتها منها فلا يُظن بأسماء أن تدخل على النبي - صلى الله عليه وسلم - بمثل هذه الحال في ثياب رقيقة ترى من ورائها عورتها فيعرض عنها النبي صلى الله عليه وسلم ويقول لها عليك أن تستري كل شيء إلاّ الوجه والكفين.
معنى هذا أنها دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهي كاشفة لأشياء أخرى من الرأس أو الصدر أو الساقين أو ماشابه ذلك ، وهذا الوجه الخامس يظهر لمن تأمل المتن فيكون المتن بهذا المعنى منكراًً لا يليق أن يقع من أسماء رضي الله عنها.
ثالثاً : يستدلون بحديث سفعاء الخدين الذي رواه جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال : " تصدقن فإن أكثركن حطب جهنم: فقامت امراة من سطة النساء سفعاء الخدين فقالت لم يارسول الله ؟ قال : " لأنكن تكثرن الشكاة وتكفرن العشير" إلخ ، والحديث صحيح أخرجه النسائي.
ويُرد عليهم بما ذكره الشيخ المحدث مصطفى العدوي – حفظه الله – في كتابه ( الحجاب أدلة الموجبين وشبه المخالفين ) في ص (40):
"والصواب أنها ( امرأة من سفلة النساء) ثم ذكر ثمانية أوجه كلها تدل على أو الرواية الصحيحة هي ( امرأة من سفلة النساء) ثم قال وفقه الله في ص (41) : فعلى هذا فقوله: " امرأة من سفلة النساء سفعاء الخدين ) أي ليست من علية النساء بل من سفلتهم ، وهي سوداء ، هذا القول يُشعر ويشير إشارة قوية إلى أن المرأة كانت من الإماء وليست من الحرائر ، وعليه فلا دليل في هذا لمن استدل به على جواز كشف المرأة ؛ إذ أنه يُغتفر في حق الإماء ما لا يغتفر في حق الحرائر ... وقد فسر سفعاء الخدين بأنها جرئية ذات جسارة ورعونة وقلة احتشام.
رابعاً : يستدلون بقصة الخثعمية التي جاءت تستفتي النبي صلى الله عليه وسلم فطفق الفضيل ينظر إليها وأعجبه حسنها فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم والفضل ينظر إلها فأخلف بيده فأخذ بذقن الفضل فعدل وجهه عن النظر إليها .. إلخ ، فقالوا : لو كان كشف الوجه محرماً لأمر النبي صلى الله عليه وسلم المرأة أن تعطي وجهها.
ويرد عليهم أن المرأة كانت محرمة ، والمحرمة لا يجب عليها أن تغطي وجهها إلا إذا احتاجت عند مرور الرجال مثلاً كما جاء عن عائشة رضي الله عنها،في حجة الوداع (كان الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع الرسول صلى الله عليه وسلم فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها على وجهها من رأسها فإذا جاوزناه كشفناه) ويرد عليهم أيضاً بما قاله الشيخ حمود التويجري – رحمه الله – وأسكنه فسيح جناته – في كتابه " الصارم المشهور على التبرج والسفور" ص (232) : وأما حديث ابن عباس رضي الله عنه أن ابن عباس رضي الله عنه لم يصرح في حديثه بأن المرأة كانت سافرة بوجهها. إلى أن قال رحمه الله تعالى – وغاية مافيه ذكر أن المرأة كانت وضيئة ؛ وفي الرواية الأخرى حسناء فيحتمل أنه أراد حسن قوامها وقدها ووضاءة ما ظهر من أطرافها.
خامسا : يستدلون بنهي النبي صلى الله عليه وسلم أن تنتقب المرأة وأن تلبس القفازين في الإحرام ، ويرد عليهم أن نهي النبي صلى الله عليه وسلم في الإحرام فقط ، فدل ذلك على أن النساء كن في عند النبي صلى الله عليه وسلم يسترن وجوههن وأيديهن عن الرجال الأجانب بعد نزول آيات الحجاب ، ومع هذا كله فالواجب على المرأة أن(5/1101)
تستر وجهها إذا حاذاها الرجال كما كانت تفعل عائشة وأمهات المؤمنين عندما كانت إحداهن تغطي وجهها وهي محرمة عند المرور بين الرجال. قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : هذا مما يدل على أن النقاب والقفازين كانا معروفين في النساء اللاتي لم يحرمن وذلك بمقتضى ستر وجوههن وأيديهن.
سادسا : يستدلون بقصة الواهبة التي جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم لتهب نفسها فنظر إليها الرسول صلى الله عليه وسلم فصعد النظر إليها .. إلخ ، ويرد عليهم أن هذه المرأة جاءت تعرض نفسها ليتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم ولذلك كشفت وجهها ليراها النبي صلى الله عليه وسلم لأنه أمر الخاطب أن ينظر إلى مخطوبته، بل هذا دليل عليهم كما قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله : " وفيه جواز تأمل محاسن المرأة لإرادة تزويجها. أي أنه يجوز للخاطب أن ينظر إلى مخطوبته بقدر ما يسمح له من الوجه والكفين أما غيره فلا يجوز. والصحيح أنها كانت محجبة، وإنما نظر إلى حسن قوامها وقدها وبدنها وطولها أو قعرها مع تسترها.
وقبل أن أشرع في ذكر الأدلة التي تأمر المرأة المسلمة بستر جميع بدنها بما فيه الوجه والكفان أود أن أذكر القاريء الحبيب أن النساء كن على عند النبي صلى الله عليه وسلم يكشفن وجوههن حتى نزلت آيات الحجاب التي تأمرهن بتغطية سائر الجسد لقول عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها في قصة الإفك إن صفوان بن المعطل السلمي عرفني حين رآني ، وكان قد رآني قبل الحجاب ، فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني فخمرت وجهي بجلبابي. فلا يُستبعد أن تكون جميع الأحاديث التي استدل بها أولئك قبل نزول آيات الحجاب منسوخة بالآيات والأحاديث التي سنذكرها إن شاء الله ؛ خاصة أن آيات الحجاب قد نزلت في السنة الخامسة للهجرة ، كما قال ابن كثير – رحمه الله .
الأدلة التي تأمر المرأة المسلمة
بتغطية سائر جسدها
الأدلة من الكتاب:
أولاً: قوله تعالى :" وإذا سألتموهن متاعاً فسألوهن من وراء حجاب ذلك أطهر لقلوبكم وقلوبهن" قال ابن كثير –رحمه الله:" أي وكما نهيتكم عن الدخول عليهن كذلك لا تنظروا إليهن بالكلية ، ولو كان لأحدكم حاجة يريد تناولها منهن فلا ينظر إليهن ولا يسألهن إلا من وراء حجاب.
وقال الشوكاني -رحمه الله- : أي من ستر بينكم وبينهن. وقال الطبري -رحمه الله- " إذا سألتم أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم ونساء المؤمنين متاعاً فاسألوهن من وراء ستر بينكم وبينهن، ولا تدخلوا عليهن بيوتهن. والسؤال من وراء حجاب أطهر لقلوب الرجال والنساء من عوارض العين التي تعرض في صدور الرجال والنساء وأحرى أن لا يكون للشيطان عليكم وعليهن سبيل. فهذه الآية الكريمة تبين وجوب الستر عن الرجال الأجانب. قال سماحة المفتي الشيخ عبد العزيز ابن باز – حفظه الله – في هذه الآية: " ولم يستثنِ شيئاً، وهي آية محكمة، فوجب الأخذ بها والتعويل عليها وحمل ما سواها عليها. ثم قال – جزاه الله خيراً - : " والآية المذكورة حجة ظاهرة وبرهان قاطع على تحريم سفور النساء وتبرجهن بالزينة.(5/1102)
ثانياً: قوله تعالى: " يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يُعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً".
قال الشيخ حمود التويجري -رحمه الله- في الصارم المشهور ص(187) : " روى ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنه في هذه الآية قال : " أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب ويبدين عيناً واحدة.
وقال سماحة الشيخ عبد العزيز ابن باز -حفظه الله- في هذه الآية : " إن محمد بن سرين (سيرين) قال: " سألت عبيدة السلماني عن قول الله عز وجل :" يدنين عليهن من جلابيبهن" فغطى وجهه ورأسه وأبرز عينه اليسرى.
ثالثا : قول الله تعالى : " ولا يبدين زينتهن إلاّ ما ظهر منها " قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه الثياب.
رابعاً : قول الله تعالى: " وليضربن بخمرهن على جيوبهن" قال الطبري -رحمه الله- في تفسير هذه الآية : " وليلقين خمرهن على جيوبهن ليسترن بذلك شعورهن وأعناقهن. وفي هذه الآية دليل على تغطية الوجه لأن الخمار هو الذي تغطي به المرأة رأسها فإذا أنزلته على صدرها غطت ما بينهما وهو الوجه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في هذه الآية : " فلما نزل ذلك عمد نساء المؤمنين إلى خمرهن فشققنها وأرخينها على أعناقهن ، والجيب هو شق في طول القميص فإذا ضربت المرأة بالخمار على الجيب سترت عنقها.
انظر أخي القارىء هل يكون ستر العنق إلا بعد ستر الوجه !!
الأدلة من السنة:
أولاً: قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الترمذي ، وقال عنه حسن غريب " المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان " ففي هذا الحديث العظيم لم يستثن صلى الله عليه وسلم منها شيئاً بل قال : إنها عورة .
ثانياً : فعل عائشة رضي الله عنه في قصة الإفك ، والحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم " قالت عائشة وكان صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني من وراء الجيش فأدلج فأصبح عند منزلي فرأى سواد إنسان نائم فأتاني فعرفني حين رآني ، وكان يراني قبل الحجاب فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني فخمرت وجهي بجلبابي "
ثالثاً : عن عائشة رضي الله عنه قالت : "كان الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع الرسول صلى الله عليه وسلم فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها على وجهها من رأسها فإذا جوزنا كشفنا "
رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه .
رابعاً : حديث عائشة رضي الله عنه قالت : "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه وأنا أنظر إلى الحبشة يلعبون في المسجد " متفق عليه .
خامساً : عن ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين " رواه الإمام أحمد والبخاري وأهل السنن .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله – هذا مما يدل على أن النقاب والقفازين كانا معروفين في النساء اللاتي لم يحرمن ، وذلك يقتضي ستر وجوههن وأيديهن .(5/1103)
سادساً : عن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل " فخطبت جارية فكنت أتخبأ لها حتى رأيت ما دعاني إلى نكاحها وتزوجتها . رواه الإمام أحمد والحاكم وقال صحيح على شرط مسلم .
سابعاً : عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت له امرأة أخطبها فقال : " اذهب فانظر إليها فإنه أجدر أن يؤدم بينكما " فأتيت امرأة من الأنصار فخطبتها إلى أبويها وأخبرتها بقول النبي –صلى الله عليه وسلم- فكأنهما كرها ذلك ، قال : فسمعت ذلك المرأة وهي في خدرها فقالت : إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرك أن تنظر فانظر وإلا فأنشدك – كأنها أعظمت ذلك – قال : فنظرت إليها فتزوجتها فذكر من موافقتها "
رواه الإمام أحمد وأهل السنن إلا أبو داود وقال الترمذي هذا حديث حسن وصححه ابن حبان .
ثامناً : أخرج الإمام البخاري عن عائشة رضي الله عنه قالت : " خرجت سودة بعدما ضرب الحجاب لحاجتها وكانت امرأة جسيمة لا تخفى على من يعرفها فرآها عمر بن الخطاب فقال : يا سودة أما والله ما تخفين علينا فانظري كيف تخرجين " وفي هذا الحديث دلالة واضحة على أن وجهها كان مستوراً وأنه رضي الله عنه لم يعرفها إلا بجسمها .
وبعد أخي المسلم أختي المسلمة: هل يشك عاقل في تحريم كشف الوجه والكفين لغير المحارم لوضوح الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة علماً أن كثير من أهل العلم ساق أكثر من عشرين دليلاً من السنة في تحريم كشف الوجه ولكن اقتصرت على هذه الأدلة حتى لا أطيل، ومن أراد التفصيل في هذه المسألة فليرجع إلى مجموعة الرسائل في الحجاب والسفور لشيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – وللشيخ عبد العزيز ابن باز ، وللشيخ محمد العثيمين – حفظهما الله – وكتاب الشيخ حمود التويجري -رحمه الله- " الصارم المسلول على أهل التبرج والسفور" وكتاب" يافتاة الإسلام اقرئي حتى لا تُخدعي" للشيخ صالح البليهي -رحمه الله- و"الحجاب أدلة الموجبين وشبه المخالفين" للشيخ مصطفى العدوي – حفظه الله- وغيرها من الكتب.
خاصة أن نساء المؤمنين قد اعتدن هذه العبادة الطيبة الحميدة. أما في هذا الزمان الذي كثر فيه التبرج والسفور والإنحلال الخلقي من قبل الشعوب الإسلامية وغير الإسلامية، والتشبه بالكافرات في الزينة وما يسمونها بالموضة، وانتشرت الأصباغ التي توضع على الوجه فهل يرضى رجل في قلبه غيرة على محارمه أن تكشف زوجته أو أخته أو قريبته أمام الأجانب وقد قال صلى الله عليه وسلم :" ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء"، وهل يختلف اثنان في أن الوجه هو محط الأنظار من قبل الرجال لأنه هو المكان الذي تُعرف به المرأة هل هي جميلة أم لا.
وقبل أن أختم هذه الرسالة أذكر إخواني المسلمين بحدث المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي رواه مسلم في صحيحه :" إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء" وهذا الحديث يبين عظم وخطورة النساء إذا خرجن وهن نازعات للحجاب.(5/1104)
واله نسأل أن يحفظ أعراضنا ونساءنا من كيد الكائدين، وأن يجنبهن التبرج والسفور وأن يجعلهن صالحات مصلحات وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جمع الفقير إلى ربه
علي بن عبد الله العماري
ـــــــــــــــــــ
وقفات مع من يرى جواز كشف الوجه
وفيه :
1- تنبيهات مهمة :
أ - الألباني معذور.
ب - الألباني يرى أن تغطية الوجه أفضل.
ج- أمران يلزمان من يرى جواز كشف الوجه في البلاد التي تستر فيها النساء وجوههن؛ كالسعودية.
2- أهم أدلة وجوب ستر الوجه .
3- تناقضات للشيخ الألباني – غفر الله له - في كتابيه: "جلباب المرأة.. " و"الرد المفحم".
سليمان بن صالح الخراشي
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين: تعد مسألة "كشف وجه المرأة" البوابة الأولى التي عبر عليها "التحرير والتغريب" إلى بلاد المسلمين؛ حيث كانت بداية ومرحلة أولى لما بعدها من الشرور(1).
وقد كان المسلمون مجمعين (عمليًا) على أن المرأة تغطي وجهها عن الأجانب. قال الحافظ ابن حجر: "لم تزل عادة النساء قديمًا وحديثاً يسترن وجوههن عن الأجانب"(2) ونقل ابن رسلان "اتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه"(3). ومما يؤكد هذا أنك لا تجد مسألة كشف الوجه من عدمه قد أخذت حيزًا كبيرًا في مصنفات الأئمة ، ولم تستغرق جهدهم ووقتهم ، بل لا تكاد تجد – فيما أعلم – مصنّفًا خاصًا بهذه المسألة ؛ ولو على شكل رسالة صغيرة ؛ مما يدل دلالة واضحة أن هذه القضية من الوضوح بمكان ، وأن عمل المسلمين كما هو قائم ، يتوارثه الخلف عن السلف ، وهذا التواتر العملي يدلنا أيضًا على طبيعة تلقي العلماء لمثل هذه المسائل ، وأنهم يرشدون أمتهم لما فيه العفة والطهر والإستقامة على أرشد الأمور ، وأفضل السبل .
ولم يبدأ انتشار السفور وكشف الوجه إلا بعد وقوع معظم بلاد المسلمين تحت سيطرة الكفار في العصر الحديث، فهؤلاء الكفار كانوا يحرصون على نشر الرذيلة ومقدماتها في ديار الإسلام لإضعافها وتوهين ما بقي من قوتها. وقد تابعهم في هذا أذنابهم من العلمانيين المنافقين الذين قاموا بتتبع الأقوال الضعيفة في هذه المسألة ليتكئوا عليها ويتخذوها سلاحًا بأيديهم في مقابلة دعاة الكتاب والسنة. لا سيما في الجزيرة العربية ، آخر معاقل الإسلام.(5/1105)
وحيث أن الشيخ الألباني رحمه الله أشهر من نصر القول بجواز كشف المرأة لوجهها في هذا العصر، وتبنى هذا القول الضعيف في كتابه "جلباب المرأة"، فإن أنصار السفور قد فرحوا بزلته هذه ، وطاروا بها ، وأصبحت ترسًا لهم يواجهون به الناصحين .
فقد أحببت أن أبين في هذه الرسالة شيئاً من تناقضات الشيخ-غفر الله له- يجهلها كثير من أولئك الذين اغتروا بترجيحاته ؛ لكي يتبين لهم مدى ضعف قوله وأنه قد جانب الصواب في هذه المسألة ، فكانت زلته فيها سبباً في زلة غيره وفتنتهم. وقد قدمت لذلك بتنبيهات مهمة، وبذكر أقوى أدلة وجوب تغطية الوجه.
تنبيهات مهمة
1- أن الألباني رحمه الله معذور –إن شاء الله- في ما ذهب إليه من جواز كشف الوجه ؛ لأنه من العلماء الثقات المجتهدين، وقد أداه اجتهاده إلى هذا القول الضعيف، قال صلى الله عليه وسلم : "إذا اجتهد الحاكم ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر" متفق عليه. فينبغي علينا حفظ مكانته، لكن مع عدم متابعته على زلته ومع التنبيه على خطئه. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "إن الرجل الجليل الذي له في الإسلام قدم صالح وآثار حسنة ، وهو من الإسلام وأهله بمكانة عليا؛ قد تكون منه الهفوة والزلة هو فيها معذور بل مأجور ، لا يجوز أن يُتْبع فيها ، مع بقاء مكانه ومنزلته في قلوب المؤمنين" (4).
2- إذا كان الألباني معذورًا، فما عذر من يتابعه لمجرد أن قوله وافق هواه وشهوته؟! فهؤلاء غير معذورين، وهم ممن يتتبعون زلات العلماء بعد أن استبان لهم الحق؛ متابعة لأهوائهم.
ولتتأكد من هذا فإنك سوف تجد بعض من تابعه في هذه المسألة لا يتابعه – وهو مصيب - في تحريمه للأغاني مثلاً! أو في تحريمه لحلق اللحية! أو تحريم الإسبال! بل لا يتابعونه في الشروط التي ذكرها – وهي حق - للحجاب الشرعي! لتعلم بعدها أنهم ممن قال الله عنهم (اتخذ إلهه هواه).
3- أن الألباني رغم قوله بهذا القول الضعيف فإنه يرى أن تغطية المرأة لوجهها أفضل. قال رحمه الله: "نلفت نظر النساء المؤمنات إلى أن كشف الوجه وإن كان جائزاً فستره أفضل"(5) وقال: "فمن حجبهما –أي الوجه والكفين- أيضاً منهن، فذلك ما نستحبه وندعو إليه"(6).
4- أن الألباني عندما اختار هذا القول الضعيف فإنه اجتهد كثيرًا في البحث عن أي دليل يرى أنه يدل عليه. ولكنه في المقابل لا يذكر جميع أدلة من أوجب تغطية الوجه؛ لأنه –في ظني- لا يستطيع أن يجيب عن أكثرها لصراحتها! أما القائلون بتغطية الوجه فإنهم يذكرون أدلتهم، ثم يذكرون أدلة الألباني جميعها ويجيبون عنها ويفندونها. وما هذا إلا دليل على قوة موقفهم –ولله الحمد-(7)
5- أن الأولى –عندي- لمن يريد أن يناقش من يرون جواز كشف الوجه أن لا يُشغل نفسه بالرد على شبهاتهم ، إنما يكتفي بذكر أدلة وجوب تغطية الوجه مما لا يستطيعون له ردًا ، ولأنه ناقل عن الأصل. وقد ذكرت أهمها كما سيأتي -إن شاء الله-.(5/1106)
6- أن الواجب على المسلم الذي يريد السلامة لدينه أن يلزم النصوص المحكمة الصريحة في هذه المسألة وغيرها ويدع تتبع النصوص المتشابهة؛ لكي لا يكون ممن قال الله فيهم (فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة).
7- أنه يلزم من يرى جواز كشف المرأة لوجهها أمام الأجانب في البلاد التي يسود فيها تغطية الوجه ما يأتي :
أ - أن يكون ذلك صادرًا عن اجتهاد منه وتأمل في الأدلة، لا عن اتباع هوى وشهوة.
ب- أن لا يدعو إلى كشف الوجه ؛ لأننا علمنا سابقاً أن تغطية الوجه أفضل وأولى حتى عند القائلين بجواز كشفه ؛كالألباني، فكيف يُدْعى من يعمل بالفاضل إلى تركه ؟! وهل هذا إلا دليلٌ على مرض القلب ، لمن تأمل ؟!
ولك أن تعجب إذا رأيت من يتحمس لنشر هذا الرأي الضعيف بين النساء العفيفات المتسترات، ولا تجده يتحمس هذا الحماس لدعوة المتبرجات الفاسقات إلى التزام الحجاب! مع أن المتبرجات يرتكبن (المحرم) بالاتفاق، وأولئك النسوة المتسترات يفعلن الأفضل ! نعوذ بالله من زيغ القلوب وانتكاسها.
أهم أدلة تغطية الوجه
1- أن جميع العلماء -سواءً القائلين بتغطية الوجه أو كشفه- متفقون على أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم واجبٌ عليهن أن يغطين وجوههن عن الأجانب. قال القاضي عياض: "فرض الحجاب مما اختصصن به –أي زوجاته صلى الله عليه وسلم- فهو فرض عليهن بلا خلاف في الوجه والكفين فلا يجوز لهن كشف ذلك"(8).
وقد قال تعالى: (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين) ومعنى هذه الآية أن حجاب نساء المؤمنين كحجاب زوجاته صلى الله عليه وسلم؛ لأن الأمر واحد للجميع، وقد اتفق العلماء بلا خلاف كما سبق على أن حجاب نسائه صلى الله عليه وسلم هو وجوب تغطية الوجه. إذاً: فحجاب نساء المؤمنين هو تغطية الوجه. وهو معنى قوله تعالى (يدنين عليهن من جلابيبهن) .
فالجلباب مع الإدناء يستر جميع بدن المرأة حتى وجهها، ويشهد لهذا حديث عائشة –رضي الله عنه- في حادثة الإفك لما رآها صفوان بن المعطل –رضي الله عنه-، قالت: "فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني، فخمّرت وجهي بجلبابي" (أخرجه البخاري4750).
2- قوله تعالى (وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلك أطهر لقلوبكم وقلوبهن).
هذه الآية يتفق العلماء على أنها تدل على وجوب الحجاب وتغطية الوجه، ولكن القائلين بجواز كشف الوجه يرونها خاصة بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا ليس بصحيح؛ بل الآية تعم جميع النساء، ويدل لهذا عدة أمور:
أ- أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
ب- أن أزواجه صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين كن أطهر نساء الدنيا قلوبًا وأعظمهن قدرًا في قلوب المؤمنين، وهن مُحرّمات على غيره صلى الله عليه وسلم؛(5/1107)
ومع هذا كله أُمرن بالحجاب طلباً لتزكية قلوبهن، فغيرهن من النساء أولى بهذا الأمر.
ج- أن الله جعل الحكمة من الحجاب في هذه الآية أنه (أطهر لقلوبكم وقلوبهن)، وهذه علة متعدية مطلوب تحصيلها للمؤمنين في كل زمان ومكان . فلو قلنا بأن الحجاب خاص بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم فمعنى هذا أن نساء المؤمنين لا يحتجن إلى هذه الطهارة !! ومعناه أيضاً أنهن أفضل من زوجاته صلى الله عليه وسلم !! فهل يقول بهذا مسلم؟!
د- أن الله تعالى قال بعدها (لا جناح عليهن في آبائهن ولا أبنائهن ولا إخوانهن ولا أبناء إخوانهن ولا أبناء أخواتهن ... الآية).قال ابن كثير في تفسيرها: "لما أمر الله النساء بالحجاب عن الأجانب بين أن هؤلاء الأقارب لا يجب الاحتجاب عنهم" وهذا حكم عام لجميع النساء، فكيف يقال -حينئذٍ- بأن أول الآية خاص بزوجاته صلى الله عليه وسلم ؟!
3- قوله صلى الله عليه وسلم: "من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة" فقالت أم سلمة رضي الله عنها": فكيف يصنع النساء بذيولهن؟ قال: "يرخين شبرًا" قالت: إذاً تنكشف أقدامهن. قال: "فيرخينه ذراعاً لا يزدن عليه"(9).
ففي هذا الحديث الصحيح دليل على أنه كان من المعلوم والمتقرر في زمنه صلى الله عليه وسلم أن قدم المرأة عورة، يجب عليها سترها عن الأجانب، والألباني نفسه يوافق على هذا(10).
وإذا كان قدم المرأة عورة يجب ستره، فوجهها أولى أن يُستر.
فهل يليق –بعد هذا- أن تأتي الشريعة بتغطية القدم وهو أقل فتنة وتبيح كشف الوجه وهو مجمع محاسن المرأة وجمالها وفتنتها ؟! إن هذا من التناقض الذي تتنزه عنه شريعة رب العالمين
4- قوله صلى الله عليه وسلم : "لا تباشر المرأة المرأة، فتنعتها لزوجها كأنه ينظر إليها" (أخرجه البخاري).
فقوله صلى الله عليه وسلم : "كأنه ينظر إليها" دليل على أن النساء كن يُغطين وجوههن وإلا لما احتاج الرجال إلى أن تُنعت لهم النساء الأجنبيات، بل كانوا يستغنون عن ذلك بالنظر إليهن مباشرة.
5- أحاديثه الكثيرة صلى الله عليه وسلم في أمر الخاطب أن ينظر إلى مخطوبته(11)؛ ومن ذلك ما رواه المغيرة بن شعبة قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت له امرأة أخطبها. قال: "اذهب فانظر إليها؛ فإنه أجدر أن يؤدم بينكما". قال: فأتيت امرأة من الأنصار فخطبتها إلى أبويها وأخبرتهما بقول النبي صلى الله عليه وسلم. فكأنهما كرها ذلك. قال: فسمعتْ ذلك المرأة وهي في خدرها فقالت: إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرك أن تنظر فانظر، وإلا فأنشدك. كأنها أعظمت ذلك. قال: فنظرت إليها، فتزوجتها"(12)
ففي هذا الحديث دليل على أن النساء كن يحتجبن عن الأجانب، ولهذا لا يستطيع الرجل أن يرى المرأة إلا إذا كان خاطباً.(5/1108)
ولو كنّ النساء يكشفن وجوههن لما احتاج الخاطب أن يذهب ليستأذن والدا المخطوبة في النظر إليها.
وأيضًا لو كنّ يكشفن وجوههن لما احتاج صلى الله عليه وسلم أن يأمر الخاطب بالنظر إلى المخطوبة. في أحاديث كثيرة .
ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم لمن خطب امرأة من الأنصار: "اذهب فانظر إليها؛ فإن في أعين الأنصار شيئاً" أخرجه مسلم.
إذًا استثناء النظر إلى المخطوبة دليل على أن الأصل هو احتجاب النساء ، وإلا لم يكن لهذا الإستثناء فائدة .
تناقضات الألباني – رحمه الله- في كتابيه " جلباب المرأة.." و " الرد المفحم .."
1- أن الألباني - عفا الله عنه - قرر أن الأمر الوارد بالجلباب في قوله تعالى (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن) لا يشمل تغطية الوجه؛ لأن الجلباب هو ما يستر البدن مع الرأس فقط(13). ولو كان الأمر كما قرر الشيخ لقال الله تعالى (يتجلببن) ولم يقل (يدنين عليهن من جلابيبهن)؛ لأنه كيف يقال للمرأة: أدني الجلباب، وهو يغطي رأسها وبدنها ؟!
(فالإدناء) أمر زائد على لبس الجلباب؛ وهو تغطية الوجه؛ لقوله تعالى بعده (ذلك أدنى أن يعرفن) والوجه هو عنوان المعرفة.
2- قرر الألباني – عفا الله عنه - في كتابه بأن آية الحجاب (وإذا سألتموهن متاعًا فاسألوهن من وراء حجاب ... ) عامة لكل النساء(14)، ومعلوم أن آية الحجاب نزلت في زينب بنت جحش رضي الله عنها، وهي إحدى زوجاته صلى الله عليه وسلم، وحجابهن الواجب هو تغطية الوجه باتفاق العلماء –وبإقرار الألباني نفسه!- (15) فيلزم أن يكون حجاب نساء المؤمنين هو تغطية الوجه أيضاً؛ لأن الآية عامة باعتراف الألباني !
3- ذكر الألباني حديث عائشة رضي الله عنها قالت: "خرجت سودة بعدما ضُرب الحجاب لحاجتها وكانت امرأة جسيمة لا تخفى على من يعرفها.. الحديث، وفيه أن عمر رضي الله عنه عرفها لجسمها" ثم علق الألباني على قولها "بعدما ضُرب الحجاب" قال: "تعني حجاب أشخاص نسائه صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى (وإذا سألتموهن متاعًا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن) وهذه الآية مما وافق تنزيلها قول عمر رضي الله عنه كما روى البخاري (8/428) وغيره عن أنس قال: قال عمر رضي الله عنه: قلت: يا رسول الله! يدخل عليك البر والفاجر، فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب، فأنزل الله آية الحجاب"(16).
قلت: قول الألباني "تعني حجاب أشخاص نسائه صلى الله عليه وسلم" يناقض ما ذكره بعد هذا من أن الوحي نزل بتأييد عمر في حجاب "أبدان" زوجاته صلى الله عليه وسلم، ولم يؤيده في حجاب "أشخاصهن". قال الألباني: "في الحديث –أي السابق- دلالة على أن عمر رضي الله عنه إنما عرف سودة من جسمها، فدل على أنها كانت مستورة الوجه، وقد ذكرت عائشة أنها كانت رضي الله عنها تُعرف بجسامتها، فلذلك رغب عمر رضي الله عنه أن لا تُعرف من شخصها، وذلك بأن لا(5/1109)
تخرج من بيتها، ولكن الشارع الحكيم لم يوافقه هذه المرة لما في ذلك من الحرج.." (17)
قد يقال: بأن هذا سبق قلم من الشيخ، أراد أن يكتب: "تعني حجاب أبدان نسائه صلى الله عليه وسلم" فكتب "تعني حجاب أشخاص نسائه صلى الله عليه وسلم"
فأقول: هذا ما أظنه، أنه سبق قلم من الشيخ بدليل ما بعده. ومع هذا ففيه تناقض شديد!! وهو ما أريد التنبيه عليه: وهو أن الشيخ هنا يرى أن آية الحجاب (فاسألوهن من وراء حجاب) نزلت في حجاب البدن، ومنه تغطية الوجه –كما سبق-. ولكننا نراه في (ص 87 من جلباب المرأة) يقول تعليقاً على أثر أم سلمة رضي الله عنها قالت: "لما انقضت عدتي من أبي سلمة أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمني بيني وبينه حجاب ... " قال الألباني: "الظاهر أن الحجاب في هذه الرواية ليس هو الثوب الذي تتستر به المرأة، وإنما هو ما يحجب شخصها من جدار أو ستار أو غيرهما، وهو المراد من قوله تعالى (وإذا سألتموهن متاعًا فاسألوهن من وراء حجاب...)" !! فهو هنا يرى أن الآية تدل على حجاب الأشخاص لا الأبدان؛ لكي يفر من القول بتغطية الوجه، وهناك يرى أنها تدل على حجاب الأبدان ومنه تغطية الوجه بدليل فعل سودة رضي الله عنها !! فتأمل هذا التناقض!
ولو ذهب الألباني إلى القول الصحيح لسلم من هذا التناقض، والله الموفق.
4- ذكر الألباني –عفا الله عنه - –كما سبق- أثر أم سلمة رضي الله عنها، قالت: لما انقضت عدتي من أبي سلمة أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمني بيني وبينه حجاب.." ثم قال : "الظاهر أن الحجاب في هذه الرواية ليس هو الثوب الذي تتستر به المرأة، وإنما هو ما يحجب شخصها من جدار أو ستار أو غيرهما، وهو المراد من قوله تعالى (.. وإذا سألتموهن متاعًا فاسألوهن من وراء حجاب ذلك أطهر لقلوبكم وقلوبهن)" (18).
قلت: في هذا عدة أمور:
الأول: أن الألباني – عفا الله عنه - يقرر هنا بأن آية الحجاب عامة لجميع النساء؛ لأن أم سلمة عندما كلمها النبي صلى الله عليه وسلم في الأثر السابق لم تكن من زوجاته صلى الله عليه وسلم.
الثاني: أن العلماء متفقون على أن هذه الآية نزلت –كما سبق- في زواجه صلى الله عليه وسلم من زينب بنت جحش رضي الله عنها، وحجاب زوجاته بالاتفاق هو وجوب تغطية الوجه. فيلزم الألباني أن يقول به لجميع النساء المؤمنات لأنه يرى –كما سبق- أن الآية عامة لجميع النساء!
الثالث: إن قال الألباني كما سبق: نعم، هي عامة لجميع النساء، ولكنها لا تدل على تغطية الوجه، وإنما تدل على ستر النساء لأشخاصهن عند سؤال الرجال لهن المتاع. أقول: هذا تناقض عظيم تتنزه الشريعة عنه. إذ كيف تأمرهن بستر أشخاصهن عند سؤال المتاع، ثم ترخص لهن في كشف وجوههن أمام الرجال على حد قولك؟!!
فما الداعي لحجاب الأشخاص أصلاً ما دامت الوجوه مكشوفة ؟!
أما من يرى تغطية الوجه –وهو القول الصحيح- فإنه لم يتناقض هنا، ولله الحمد، لأن هذه الآية عنده تدل على تغطية الوجه لجميع النساء المؤمنات.(5/1110)
والحجاب في الآية عنده يشمل تغطية الوجه ، وحجاب الجدار والستر ونحوه .
5- يرى الألباني أنه لا فرق بين حجاب الحرة المسلمة والأمة المسلمة فالواجب عليهن ستر أبدانهن ما عدا الوجه والكفين، ويشنع على من قال بالفرق بين حجاب الحرة وحجاب الأمة وهم جمهور الأمة. ثم نراه يصحح أثر قتادة في تفسير آية (يدنين عليهن من جلابيبهن) وهو قوله –أي قتادة- : "أخذ الله عليهن إذا خرجن أن يقنعن على الحواجب"(19)
ولكن الألباني لم يكمل قول قتادة ! بل بتره كما سبق! فهو يقول بعد الكلام السابق: "وقد كانت المملوكة إذا مرت تناولوها بالإيذاء، فنهى الله الحرائر أن يتشبهن بالإماء" !
فقتادة كالجمهور يفرق بين حجاب الحرة والأمة. فيلزم الألباني حينئذٍ أن يفرق بين حجابيهما، أو أن لا يحتج بأثر قتادة الذي يناقض قوله !
6- أخرج البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: "يرحم الله نساء المهاجرات الأول لما أنزل الله (وليضربن بخمرهن على جيوبهن) شققن مروطهن فاختمرن بها" قال الحافظ ابن حجر: "اختمرن: أي غطين وجوههن"(20) فلم يعجب هذا التفسير الألباني رحمه الله لأنه يناقض قوله بجواز كشف الوجه. فقال مُخَطِّئًا الحافظ ابن حجر بأسلوب غريب: "قوله "وجوههن" يحتمل أن يكون خطأ من الناسخ، أو سبق قلم من المؤلف، أراد أن يقول "صدورهن" فسبقه القلم.." (21) !! فانظر كيف يخطئ العلماء في سبيل إقرار رأيه الضعيف؟! وفاته – عفا الله عنه - أن الحافظ ابن حجر قال عند تعريف الخمر: "ومنه خمار المرأة لأنه يستر وجهها"(22) ! فهو يعني ما يقول، ولم يخطئ كما يزعم الألباني ! .
7- شنع الألباني رحمه الله على القائلين بأن الخمار هو ما يغطي الوجه والرأس، فلما أحرجوه واحتجوا عليه بأقوال شراح الحديث؛ كالحافظ ابن حجر –كما سبق-، وبقول الشاعر:
قل للمليحة في الخمار المذهب *** أفسدت نسك أخي التقي المذهب
نور الخمار ونور خدك تحته *** عجبًا لوجهك كيف لم يتلهب
قال الألباني: "لا يلزم من تغطية الوجه به أحياناً أن ذلك من لوازمه عادة"(23)! فاعترف رحمه الله بأن الخمار يغطي الوجه ! إذاً: فلماذا كل هذا التشنيع ؟!
8- ذكر الألباني حديث أنس –في الصحيحين وغيرهما- : "أن النبي صلى الله عليه وسلم لما اصطفى لنفسه من سبي خيبر صفية بنت حيي قال الصحابة: ما ندري أتزوجها أم اتخذها أم ولد؟ فقالوا: إن يحجبها فهي امرأته، وإن لم يحجبها فهي أم ولد. فلما أراد أن يركب حجبها حتى قعدت على عجز البعير، فعرفوا أنه تزوجها. وفي رواية: وسترها رسول الله صلى الله عليه وسلم وحملها وراءه وجعل رداءه على ظهرها ووجهها"
ثم ذكر قول شيخ الإسلام تعليقاً على هذا الحديث: "والحجاب مختص بالحرائر دون الإماء كما كانت سنة المؤمنين في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه أن الحرة تحتجب والأمة تبرز"(24) واستغربه !! لأن الألباني يرى أن نساء المؤمنين وإماءهم لا يجب عليهن تغطية الوجه بل الرأس.(5/1111)
قلت : لا غرابة في كلام شيخ الإسلام رحمه الله؛ لأنه من القائلين بأن حجاب الحرائر –سواء كن زوجاته صلى الله عليه وسلم أو نساء المؤمنين- هو تغطية الوجه، وأما الإماء فيكشفن وجوههن ورؤوسهن.
9- زعم الألباني عفا الله عنه أن الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله يذهب إلى أن الخمار هو غطاء الرأس فقط، وأن القواعد من النساء لا حرج عليهن في وضعه !! ثم نقل قوله مبتورًا! (25)
وفاته أن الشيخ ابن سعدي قال في تفسير قوله تعالى (فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن): "أي الثياب الظاهرة؛ كالخمار ونحوه الذي قال الله فيه للنساء (وليضربن بخمرهن على جيوبهن) فهؤلاء يجوز لهن أن يكشفن وجوههن لأمن المحذور منها وعليها"(26) .
فابن سعدي رحمه الله كغيره من العلماء يرى أن الخمار غطاء الوجه مع الرأس، لا الرأس فقط كما نسب إليه الألباني .
10- ذكر الشيخ الألباني رحمه الله أثراً صحيحاً عن عاصم الأحول قال: "كنا ندخل على حفصة بنت سيرين وقد جعلت الحجاب هكذا، وتنقبت به. فنقول لها: رحمك الله! قال الله تعالى (والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحًا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة) هو الجلباب. قال: فتقول لنا: أي شيء بعد ذلك؟ فنقول : (وأن يستعففن خير لهن) فتقول: هو إثبات الحجاب"(27)
قلت: هذا الأثر الذي ذكره الشيخ ينقض قوله بجواز كشف الوجه!! لأنه يدل على أن من المتقرر عند السلف أن المرأة تغطي وجهها عن الأجانب؛ كما فعلت حفصة بنت سيرين، وأن القواعد من النساء لهن أن يكشفن وجوههن غير متبرجات بزينة. ولو كان يجوز للنساء أن يكشفن وجوههن –كما يرى الألباني- لقال عاصم ومن معه لحفصة بنت سيرين: إنه يجوز لك كشف وجهك، ولما احتاجوا أن يذكروا لها آية (والقواعد) ! فتأمل !
وفي هذا الأثر أيضاً دليل على أن الجلباب يُغطى به الوجه.
11- يردد الألباني أن مذهب الإمام مالك جواز كشف الوجه(28) ولم يذكر نصاً عن الإمام مالك على هذا، وهذا خلاف ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية من أن مذهبه عدم جواز ذلك. قال : "إن كل شيء منها –أي المرأة- عورة حتى ظفرها ، وهو قول مالك"(29). ومما يشهد لما نقله شيخ الإسلام أن الإمام مالك ذكر في موطئه قول ابن عمر "لا تنتقب المرأة المحرمة" ثم أتبعه بقول فاطمة بنت المنذر: "كنا نخمر وجوهنا ونحن محرمات، ونحن مع أسماء بنت أبي بكر الصديق"(30) ليبين أن منع المرأة المحرمة من النقاب لا يعني عدم ستر وجهها بغيره مما لم يُفصل على مقدار العضو. والله أعلم .
هذا ما أردت بيانه من تناقضات الشيخ – رحمه الله - ؛ لكي لا يغتر أحد من المسلمين بقوله في هذه المسألة .
كشف وجه المرأة : هل هو من المسائل "الخلافية" أم "الاجتهادية" ؟!
هذه المسألة هي أكثر المسائل المطروقة في هذا الباب: وهي تقريباً أول مسألة تعرض للقارئ.(5/1112)
فالبعض قد يعدها من قبيل "المسائل الخلافية" التي ينكر فيها على المخالف لثبوت النص بوجوب تغطية المرأة لوجهها أمام الأجانب(31)، وأيضاً فقد ثبت فيها الإجماع العلمي لدى المسلمين. قال الحافظ ابن حجر: "لم تزل عادة النساء قديمًا وحديثاً يسترن وجوههن عن الأجانب"(32) . ونقل ابن رسلان: "اتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه"(33)، ولهذا فإنه ينكر على من خالف هذا القول. مع الاعتذار للعلماء المتأخرين الذين اختاروا القول الآخر.
والبعض الآخر قد يعدها من قبيل "المسائل الاجتهادية" التي يسوغ فيها الخلاف.
وعلى كلا القولين : فإنه يُنكر على من كشفت وجهها في البلاد التي يعمل أهلها بالقول الأول؛ وهو وجوب تغطية المرأة لوجهها؛ لأنه على القول بأنها من المسائل "الخلافية" التي ثبت فيها النص؛ فإنه ينكر على من خالف النص، وعلى القول بأنها من المسائل "الاجتهادية" فإنه ينكر على المخالف بسبب أن اختياره للقول الآخر وهو جواز كشف الوجه يسبب فتنة لأهل هذه البلاد ولنسائهم.
فتوى الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله- في هذه المسألة:
سئل –رحمه الله-:
"فضيلة الشيخ، لا شك أن من شروط الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أن يكون عالماً بشروطه. هل هو منكر أو غير منكر؟ وبعض الناس إذا رأى أحد رجال الهيئة يعترض على امرأة كاشفة الوجه. يقول: لا يجب عليك أن تنكر؛ لأنها لا تخلو من حالتين: إما أن تكون مسلمة ترى عدم وجوب ستر الوجه، وإلا كافرة فلا يجب في الأصل أن تتحجب. هل ما يقول هذا صحيح، أو غير صحيح؟
والجواب: لا، هذا غير صحيح، لأن المعاصي قسمان: قسم لا تضر إلا صاحبها فهذا ندعه ورأيه إذا كان أهلاً للاجتهاد. وقسم تضر غير صاحبها، ولا شك أن كشف المرأة وجهها لا يختص ضرره بها هي، بل يضر غيرها؛ لأن الناس يفتتنون بها، وعلى هذا يجب أن تنهاها سواء كانت كافرة أو مسلمة، وسواء كانت ترى هذا القول أولا تراه، انهها وأنت إذا فعلت ما فيه ردع الشر سلمت منه.
أما ما كان لا يضر إلا صاحبه؛ مثل رجل يشرب الدخان، وقال: أنا أرى حلّه ولا أرى أنه حرام، وعلمائي يقولون إنه حلال، فهذا ندعه إذا كان عاميًّا، لأن العاميّ قوله قول علمائه، فإذا قال: أنا أرى أنه ليس بحرام نتركه لأن هذا لا يضر إلا نفسه. إلا إذا ثبت صحيًّا أنه يضر الناس بخنقهم أو كان يؤذيهم برائحته، قد نمنعه من هذه الناحية.
فاعرف هذه القاعدة: إن المعاصي قسمان: قسم لا تضر إلا صاحبها فهذه إذا خالفنا أحد في اجتهادنا ندعه، وقسم تضر الغير فهذا نمنعه من أجل الضرر المتعدي. لكن إذا خيف من ذلك فتنة تزيد على كشف هذا الوجه، فإنه يُدرأ أعظم الشرين بأخفهما. ولكن إذا رأيت امرأة كاشفة مع ولي أمرها تمسك ولي الأمر وتقول: يا أخي هذا لا يجوز هذا حرام هذا يضر أهلك ويضر غيرهم. تكلمه بالتي هي أحسن؛ باللين. لا تتكلم مع المرأة نفسها؛ قد يكون في هذا ضرر أكبر عليك أنت"(34) .
وسئل –رحمه الله-: "فضيلة الشيخ: هل ينكر على المرأة التي تكشف الوجه، أم أن المسألة خلافية، والمسائل الخلافية لا إنكار فيها ؟(5/1113)
الجواب: لو أننا قلنا: المسائل الخلافية لا ينكر فيها على الإطلاق، ذهب الدين كلّه حين تتبع الرخص لأنك لا تكاد تجد مسألة إلا وفيها خلاف بين الناس. نضرب مثلاً: هذا رجلٌ مسَّ امرأة لشهوة، وأكل لحم إبل، ثم قام ليصلي، فقال: أنا أتبع الإمام أحمد في أن مسَّ المرأة لا ينقض الوضوء، وأتبع الشافعي في أن لحم الإبل لا ينقض الوضوء، وسأصلي على هذه الحال، فهل صلاته الآن صحيحة على المذهبين ؟ هي غير صحيحة؛ لأنها إن لم تبطل على مذهب الإمام أحمد بن حنبل بطلت على مذهب الإمام الشافعي، وإن لم تبطل على مذهب الإمام الشافعي بطلت على مذهب الإمام أحمد، فيضيع دين الإنسان. المسائل الخلافية تنقسم إلى قسمين؛ قسم: مسائل اجتهادية يسوغ فيها الخلاف؛ بمعنى أن الخلاف ثابت حقاً وله حكم النظر، فهذا لا إنكار فيه على المجتهد، أما عامة الناس، فإنهم يلزمون بما عليه علماء بلدهم، لئلا ينفلت العامة؛ لأننا لو قلنا للعامي: أي قول يمرُّ عليك لك أن تأخذ به، لم تكن الأمة أمة واحدة، ولهذا قال شيخنا عبد الرحمن بن سعدي –رحمه الله-: "العوام على مذهب علمائهم". فمثلاً عندنا هنا في المملكة العربية السعودية أنه يجب على المرأة أن تغطي وجهها، فنحن نلزم نساءنا بذلك، حتى لو قالت لنا امرأة: أنا سأتبع المذهب الفلاني وكشف الوجه فيه جائز، قلنا: ليس لك ذلك؛ لأنك عامية ما وصلت إلى درجة الاجتهاد، وإنما تريدين اتباع هذا المذهب لأنه رخصة، وتتبع الرخص حرام.
أما لو ذهب عالم من العلماء الذي أداه اجتهاده إلى أن المرأة لا حرج عليها في كشف الوجه، ويقول: إنها امرأتي سوف أجعلها تكشف الوجه، قلنا: لا بأس، لكن لا يجعلها تكشف الوجه في بلاد يسترون الوجوه، يمنع من هذا؛ لأنه يفسد غيره، ولأن المسألة فيها اتفاق على أن ستر الوجه أولى، فإذا كان ستر الوجه أولى فنحن إذا ألزمناه بذلك لم نكن ألزمناه بما هو حرام على مذهبه، إنما ألزمناه بالأولى على مذهبه، ولأمر آخر هو ألا يقلده غيره من أهل هذه البلاد المحافظة، فيحصل من ذلك تفرق وتفتيت للكلمة. أما إذا ذهب إلى بلاده، فلا نلزمه برأينا، ما دامت المسألة اجتهادية وتخضع لشيء من النظر في الأدلة والترجيح بينها.
القسم الثاني من قسمي الخلاف: لا مساغ له ولا محل للاجتهاد فيه، فينكر على المخالف فيه لأنه لا عذر له"(35).
داعيًا الله له بالرحمة والمغفرة جزاء ما قدم لأمته من تقريب علوم السنة بين أيديهم . سائله سبحانه أن يجمعني به والمسلمين في جنات النعيم ، إخوانًا على سرر متقابلين . والله أعلم ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
-------------------------------------
(1) لهذا تجد أن قاسم أمين في كتابه "تحرير المرأة" ركز عليها واتخذها ذريعة أولى لتغريب المرأة المسلمة.
(2) فتح الباري (9/235-236). (3) نيل الأوطار للشوكاني (6/114).
(4) بيان الدليل على بطلان التحليل ( ص 203) ، وانظر : الفتاوى ( 32 / 239 ) .
(5) جلباب المرأة .. ، ص 28. (6) السابق ، ص 32.(5/1114)
(7) انظر أدلتهم في كتاب ( الصارم المشهور ) للشيخ حمود التويجري . وكتاب ( إبراز الحق والصواب ) للمباركفوري . وكتاب ( عودة الحجاب ) لمحمد بن اسماعيل المقدم .
(8) فتح الباري (8/391). وأقره الألباني على هذا في : (جلباب المرأة، ص 106).
(9) أخرجه الترمذي وغيره، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (1864).
(10) فقد صحح الحديث السابق وذكره في السلسلة الصحيحة تحت عنوان : "قدما المرأة عورة" !
(11) انظر بعضاً منها في: "السلسلة الصحيحة" للألباني (1/149-159).
(12) "السلسلة الصحيحة" للألباني (96).
(13) انظر "جلباب المرأة المسلمة"، (ص 82-88).
(14) جلباب المرأة ، ص 75. (15) كما في المصدر السابق، ص 106.
(16) جلباب المرأة ، ص 105. (17) السابق، ص105 – 106.
(18) جلباب المرأة ، ص 87. (19) الرد المفحم ، ص 51 – 52.
(20) فتح الباري (8/347). (21) الرد المفحم، ص 20.
(22) فتح الباري (10/51). (23) جلباب المرأة، ص 73.
(24) جلباب المرأة ، ص 95. (25) جلباب المرأة المسلمة ، ص111.
(26) تفسير ابن سعدي (5/445). (27) جلباب المرأة ، ص 110.
(28) كما في : جلباب المرأة، ص 89. والرد المفحم، ص 34-35.
(29) الفتاوى (22/110). (30) الموطأ (ص224) رواية يحي الليثي، دار النفائس.
(31) انظر أدلة هذا القول في رسالة: "عودة الحجاب" للشيخ محمد بن إسماعيل –وفقه الله-.
(32) فتح الباري (9/235-236). (33) نيل الأوطار للشوكاني (6/114).
(34) لقاء الباب المفتوح (33-34/66-68). (35) لقاء الباب المفتوح (49/192-193).
ـــــــــــــــــــ
هل وجه المرأة ليس بعورة هو قول الجمهور ؟
الدكتور / وليد بن عثمان الرشودي (*)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه وبعد:
لا يخفى على كل مسلم -درس شيئا من الكتاب والسنة- ما يطرأ على هذه الأمة زمن الفتن، ومن ذلك الخوض في المسائل الشرعية بلا حجة علمية ولا أمانة دينية، مصداقاً للحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا.(5/1115)
وإنه في زماننا تعدى الأمر ذلك، فأصبح العلم -أعني الشرعي- كلأً مباحاً لكل مدعٍ للكتابة، محسن لصف العبارة، غير مبال بالمراقبة الإلهية، ولا النصرة للسنة النبوية، من كتبة زادهم التصفح والنقل المبتور والادعاء المثبور، روَّجت لكتاباتهم صحافة الباطل التي تنصر المنكر وتخذل المعروف، فالله طليبهم وهو حسيبهم، ولن نحزن؛ فالله يقول: ( بلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ )
أما ما يتعلَّق بعنواني، وهو: هل وجه المرأة ليس بعورة هو قول الجمهور ؟ فالذي دعاني أليه هو ما كثر اللغط حوله في تلك الصحافة السيارة، والمنتديات العامة، والقنوات الفضائية من أناس تصدَّروا فيها، فأعلنوا عقيرتهم ورددوا أن وجه المرأة ليس بعورة هو قول الجمهور، فأثَّر ذلك في نفسي، ودعاني للبحث المتجرد والبعيد عن التعصب لأي من الفريقين، لا سيما من يعرفني يعرف قدر العلم الشامخ والإمام الفذ محمد ناصر الدين الألباني في قلبي، ومكانته العلمية والعملية والدعوية عندي -رحمه الله رحمة واسعة- وهو الذي استفدنا منه أن الحق أحب ألينا من الرجال، وذكره هنا لأن كل من خاض في هذه المسألة تعلَّق بكلام الشيخ -رحمه الله- ثم بعد ذلك يزيد من عنده ما شاء أن يزيد وهنا أذكر أن جمعي يدور حول قول الجمهور في المسألة ،وأي النسبتين أولى أن تنسب له، فلك -أيها القارئ- الاطلاع الآن على أقوال أهل العلم، لتحكم بعد ذلك أيه قول الجمهور:
أولاً: قول أئمتنا من الأحناف رحمهم الله تعالى:
يرى فقهاء الحنفية –رحمهم الله- أنَّ المرأة لا يجوز لها كشف وجهها أمام الرجال الأجانب، لا لكونه عورة، بل لأنَّ الكشف مظنة الفتنة، وبعضهم يراه عورة مطلقاً، لذلك ذكروا أنَّ المسلمين متفقون على منع النِّساء من الخروج سافرات عن وجوههنَّ، وفيما يلي بعض نصوصهم في ذلك:
قال أبو بكر الجصاص، رحمه الله: المرأة الشابَّة مأمورة بستر وجهها من الأجنبي، وإظهار الستر والعفاف عند الخروج، لئلا يطمع أهل الرِّيب فيها (أحكام القرآن 3/458 )، وقال شمس الأئمة السرخسي، رحمه الله: حرمة النَّظر لخوف الفتنة، وخوف الفتنة في النَّظر إلى وجهها، وعامة محاسنها في وجهها أكثر منه إلى سائر الأعضاء (المبسوط 10/152)، وقال علاء الدين الحنفيُّ، رحمه الله: وتُمنع المرأة الشابَّة من كشف الوجه بين الرجال.
قال ابن عابدين، رحمه الله: المعنى: تُمنع من الكشف لخوف أن يرى الرجال وجهها فتقع الفتنة، لأنَّه مع الكشف قد يقع النَّظر إليها بشهوة.
وفسَّر الشهوة بقوله: أن يتحرك قلب الإنسان، ويميل بطبعه إلى اللَّذة. ونصَّ على أنَّ الزوج يعزر زوجته على كشف وجهها لغير محرم (حاشية ابن عابدين 3/261) وقال في كتاب الحجّ: وتستر وجهها عن الأجانب بإسدال شيءٍ متجافٍ لا يمسُّ الوجه، وحكى الإجماع عليه. (حاشية ابن عابدين 2/488).
ونقل عن علماء الحنفيّة وجوب ستر المرأة وجهها، وهي محرمة، إذا كانت بحضرة رجال أجانب (حاشية ابن عابدين 2/528)، وقال الطحطاويُّ، رحمه الله: تمنع المرأة الشابَّة من كشف الوجه بين رجال. (رد المحتار 1/272)، ونصَّ الإسبيجانيُّ(5/1116)
والمرغينانيُّ والموصليُّ على أنَّ وجه المرأة داخل الصلاة ليس بعورة، وأنَّه عورة خارجها، ورجَّح في (شرح المنية ) أنَّ الوجه عورة مطلقاً.
وقال: أمَّا عند وجود الأجانب فالإرخاء واجب على المحرمة عند الإمكان
(حاشية إعلاء السنن للتهانوي 2/141).
ولمطالعة مزيد من أقول الفقهاء الحنفية يُنظر حاشية ابن عابدين (1/406-408)، والبحر الرائق لابن نجيم (1/284 و2/381)، وفيض الباري للكشميري (4/24و308).
وقال سماحة مفتي باكستان الشيخ محمَّد شفيع الحنفيُّ: وبالجملة فقد اتفقت مذاهب الفقهاء، وجمهور الأمَّة على أنَّه لا يجوز للنِّساء الشوابّ كشف الوجوه والأكفّ بين الأجانب، ويُستثنى منه العجائز؛ لقوله تعالى :[وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَآءِ ] (المرأة المسلمة ص 202).
وقال السهارنفوريُّ الحنفيُّ، رحمه الله: ويدلُّ على تقييد كشف الوجه بالحاجة: اتفاق المسلمين على منع النِّساء أن يخرجن سافرات الوجوه، لاسيما عند كثرة الفساد وظهوره (بذل المجهود شرح سنن أبي داود 16/431).
ثانيا: أقوال أئمتنا من المالكيّة:
يرى فقهاء المالكيّة أنَّ المرأة لا يجوز لها كشف وجهها أمام الرِّجال الأجانب، لا لكونه عورة، بل لأنَّ الكشف مظنَّة الفتنة، وبعضهم يراه عورة مطلقاً، لذلك فإنَّ النِّساء -في مذهبهم- ممنوعات من الخروج سافرات عن وجوههنَّ أمام الرجال الأجانب.
وفيما يلي بعض نصوصهم في ذلك:
قال القاضي أبو بكر بن العربيِّ، والقرطبيُّ رحمهما الله: المرأة كلُّها عورة، بدنها وصوتها، فلا يجوز كشف ذلك إلا لضرورة أو لحاجة، كالشهادة عليها، أو داء يكون ببدنها، أو سؤالها عمَّا يعنّ ويعرض عندها. ( أحكام القرآن 3/1578)، والجامع لأحكام القرآن (14/277).
وقال الشيخ أبو عليٍّ المشداليُّ، رحمه الله: إنَّ من كانت له زوجة تخرج وتتصرف في حوائجها بادية الوجه والأطراف -كما جرت بذلك عادة البوادي- لا تجوز إمامته، ولا تقبل شهادته.
وسئل أحمد بن يحيى الونشريسيُّ -رحمه الله- عمن له زوجة تخرج بادية الوجه، وترعى، وتحضر الأعراس والولائم مع الرِّجال، والنِّساء يرقصن والرِّجال يكفون، هل يجرح من له زوجة تفعل هذا الفعل ؟
فأورد الفتوى السابقة، ثم قال: وقال أبو عبد الله الزواوي: إن كان قادراً على منعها ولم يفعل فما ذكر أبو عليٍّ ( المشداليّ ) صحيح.
وقال سيدي عبد الله بن محمد بن مرزوق: إن قدر على حجبها ممن يرى منها ما لا يحلّ ولم يفعل فهي جرحة في حقه، وإن لم يقدر على ذلك بوجه فلا. ومسألة هؤلاء القوم أخفض رتبة مما سألتم عنه، فإنَّه ليس فيها أزيد من خروجها وتصرفها بادية الوجه والأطراف، فإذا أفتوا فيها بجرحة الزوج، فجرحته في هذه المسؤول عنها أولى وأحرى، لضميمة ما ذُكر في السؤال من الشطح والرقص بين يدي الرجال(5/1117)
الأجانب، ولا يخفى ما يُنْتِجُ الاختلاط في هذه المواطن الرذلة من المفاسد (المعيار المعرب للونشريسي 11/193).
وذكر الآبِّيُّ: أنَّ ابن مرزوق نصَّ على: أنَّ مشهور المذهب وجوب ستر الوجه والكفين إن خشيت فتنة من نظر أجنبي إليها (جواهر الإكليل 1/41). ولمطالعة مزيد من أقول الفقهاء المالكية في وجوب تغطية المرأة وجهها، يُنظر: المعيار المعرب للونشريسي (10/165و11/226 و229)، ومواهب الجليل للحطّاب (3/141)، والذّخيرة للقرافي (3/307)، والتسهيل لمبارك (3/932)، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير (2/55)، وكلام محمد الكافي التونسي كما في الصارم المشهور (ص 103)، وجواهر الإكليل للآبي (1/186).
ثالثًا: أقوال أئمتنا من الشافعيَّة:
يرى فقهاء الشافعية أنَّ المرأة لا يجوز لها كشف وجهها أمام الرِّجال الأجانب، سواء خُشيت الفتنة أم لا؛ لأنَّ الكشف مظنَّة الفتنة، وبعضهم يرى أنَّ الوجه عورة مطلقاً.
وفيما يلي بعض نصوصهم في ذلك:
قال إمام الحرمين الجوينيُّ، رحمه الله: اتفق المسلمون على منع النِّساء من الخروج سافرات الوجوه؛ لأنَّ النَّظر مظنَّة الفتنة، وهو محرك للشهوة، فاللائق بمحاسن الشرع سدُّ الباب فيه، والإعراض عن تفاصيل الأحوال، كالخلوة بالأجنبية.
(روضة الطالبين 7/24)، و بجيرمي على الخطيب (3/315).
ونقل ابن حجر -رحمه الله- عن الزياديّ، وأقرَّه عليه: أنَّ عورة المرأة أمام الأجنبي جميع بدنها، حتى الوجه والكفين على المعتمد.
وقال: قال صاحب النِّهاية: تَعَيَّنَ سترُ المرأة وجهها، وهي مُحْرِمَة، حيث كان طريقاً لدفع نظرٍ مُحَرَّم (تحفة المحتاج 2/112و4/165).
وقال ابن رسلان، رحمه الله: اتفق المسلمون على منع النِّساء أن يخرجن سافرات عن الوجوه، لاسيما عند كثرة الفسَّاق (عون المعبود 11/162).
وقال الشرقاويُّ، رحمه الله: وعورة الحرَّة خارج الصلاة بالنِّسبة لنظر الأجنبيِّ إليها فجميع بدنها حتَّى الوجه والكفين، ولو عند أمن الفتنة.
(حاشية الشرقاوي على تحفة الطلاب 1/174).
وقال النَّوويُّ، رحمه الله: لا يجوز للمسلمة أن تكشف وجهها ونحوه من بدنها ليهوديَّة أو نصرانيَّة وغيرهما من الكافرات، إلاَّ أن تكون الكافرة مملوكة لها، هذا هو الصحيح في مذهب الشافعيِّ رضي الله عنه (الفتاوى ص 192).
وقال ابن حجر، رحمه الله: استمر العمل على جواز خروج النِّساء إلى المساجد والأسواق والأسفار منتقبات؛ لئلا يراهنَّ الرِّجال.
وقال الغزَّاليُّ، رحمه الله: لم يزل الرجال على مرِّ الزمان مكشوفي الوجوه، والنِّساء يخرجن منتقبات (فتح الباري 9/337).
ولمطالعة مزيد من أقوال الفقهاء الشافعية، يُنظر إحياء علوم الدين (2/49)، وروضة الطالبين (7/24)، وحاشية الجمل على شرح المنهج (1/411)، وحاشية القليوبي على المنهاج (1/177)، وفتح العلام (2/178) للجرداني، وحاشية السقاف ( ص 297)، وشرح السنة للبغوي ( 7/240).(5/1118)
وقال الموزعيُّ الشافعيُّ، رحمه الله: لم يزل عمل النَّاس على هذا، قديماً وحديثاً، في جميع الأمصار والأقطار، فيتسامحون للعجوز في كشف وجهها، ولا يتسامحون للشابَّة، ويرونه عورة ومنكراً، وقد تبين لك وجه الجمع بين الآيتين، ووجه الغلط لمن أباح النَّظر إلى وجه المرأة لغير حاجة.
والسلف والأئمة كمالك والشافعيِّ وأبي حنيفة وغيرهم لم يتكلموا إلا في عورة الصلاة، فقال الشافعيُّ ومالك: ما عدا الوجه والكفين، وزاد أبو حنيفة:
القدمين، وما أظنُّ أحداً منهم يُبيح للشابَّة أن تكشف وجهها لغير حاجة، ولا يبيح للشابِّ أن ينظر إليها لغير حاجة (تيسير البيان لأحكام القرآن 2/1001).
رابعا: أقوال أئمتنا من الحنابلة:
يرى فقهاء الحنابلة أنَّ المرأة لا يجوز لها كشف وجهها أمام الرِّجال الأجانب، لكونه عورة مطلقاً.
وفيما يلي بعض نصوصهم في ذلك:
قال الإمام أحمد، رحمه الله: ظفر المرأة عورة، فإذا خرجت من بيتها فلا تُبِن منها شيئاً ولا خفها، فإنَّ الخفَّ يصف القدم، وأحبُّ إليَّ أن تجعل لكمها زراً عند يدها حتَّى لا يبن منها شيء (انظر الفروع 1/601).
وقال ابن تيميّة، رحمه الله: وقبل أن تنزل آية الحجاب كان النِّساء يخرجن بلا جلباب، يرى الرِّجال وجهها ويديها، وكان إذ ذاك يجوز لها أن تُظهر الوجه والكفين ... ثم لما أنزل الله -عز وجل- آية الحجاب بقوله: [يَأَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ ]حجب النِّساء عن الرِّجال.
وقال: وكشف النِّساء وجوههنَّ بحيث يراهنَّ الأجانب غير جائز، وعلى ولي الأمرِ الأمرُ بالمعروف والنهي عن هذا المنكر وغيره، ومن لم يرتدع فإنَّه يعاقب على ذلك بما يزجره.
وقال ابن القيِّم، رحمه الله: الشارع شرع للحرائر أن يسترن وجوههنَّ عن الأجانب، وأمَّا الإماء فلم يوجب عليهنَّ ذلك ...
والعورة عورتان: عورة في الصلاة، وعورة في النَّظر، فالحرَّة لها أن تصلي مكشوفة الوجه والكفين، وليس لها أن تخرج في الأسواق ومجامع النَّاس كذلك.
خامسا: أقوال أئمتنا من المحققين:
قال الشوكاني رحمه الله في السيل الجرار (2/180) :"وأما تغطية وجه المرأة – يعني في الإحرام – فلما روي أن إحرام المرأة في وجهها ولكنه لم يثبت ذلك من وجه يصلح للاحتجاج به، وأما ما أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجة من حديث عائشة قالت: كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله -صلى الله عليه وآله سلم- محرمات فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزنا كشفناه "، وليس فيه ما يدل على أن الكشف لوجوههنَّ كان لأجل الإحرام، بل كنّ يكشفن وجوههن عند عدم وجوب من يجب سترها منه، ويسترنها عند وجود من يجب سترها منه.
قال العلامة بكر أبو زيد: معلوم أن العمل المتوارث المستمر من عصر الصحابة -رضي الله عنهم- فمن بعدهم حجة شرعية يجب اتباعها، وتلقيها بالقبول، وقد جرى(5/1119)
الإجماع العملي بالعمل المستمر المتوارث بين نساء المؤمنين على لزومهن البيوت، فلا يخرجن إلا لضرورة أو حاجة، وعلى عدم خروجهن أمام الرجال إلا متحجبات غير سافرات الوجوه، ولا حاسرات عن شيء من الأبدان، ولا متبرجات بزينة، واتفق المسلمون على هذا العمل المتلاقي مع مقاصدهم في بناء صرح العفة والطهارة والاحتشام والحياء والغيرة، فمنعوا النساء من الخروج سافرات الوجوه، حاسرات عن شيء من أبدانهن أو زينتهن.
فهذان إجماعان متوارثان معلومان من صدر الإسلام، وعصور الصحابة والتابعين لهم بإحسان، حكى ذلك جمع من الأئمة، منهم الحافظ ابن عبد البر، والإمام النووي، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وغيرهم رحمهم الله تعالى، واستمر العمل به إلى نحو منتصف القرن الرابع عشر الهجري، وقت انحلال الدولة الإسلامية إلى دول.
الأدلة من النظر:
• قال الشنقيطيُّ، رحمه الله: إنَّ المنصف يعلم أنَّه يبعد كل البعد أن يأذن الشارع للنِّساء في الكشف عن الوجه أمام الرِّجال الأجانب، مع أنَّ الوجه هو أصل الجمال والنَّظر إليه من الشابَّة الجميلة هو أعظم مثير للغرائز البشريَّة، وداع إلى الفتنة، والوقوع فيما لا ينبغي. (أضواء البيان تفسير القرآن بالقرآن 6/602).
ويتَّضح مما سبق جلياً ظاهراً أن قول الجمهور هو القول بعورة وجه المرأة، بل حكى الإجماع على ذلك أئمة يعتمد نقلهم للإجماع وهم:
• ابن عبد البر من المالكية المغاربة.
• والنووي من الشافعية المشارقة .
• وابن تيمية من الحنابلة.
• وحكى الاتفاق السهارنفوري، والشيخ محمد شفيع الحنفي من الحنفية.
فهل يبقى بعد ذلك حجة لمدعٍ أن قول الجمهور خلاف ذلك ؟.
• تنبيهان مهمان:
• الأول: أنه لا يجوز إطلاق كلام الشيخ محمد ناصر الدين الألباني بجواز كشف الوجه دون تقييده بأن المستحب هو تغطية الوجه.
• ثانيًا: على كل باحث في هذه المسألة أن يتجرد في البحث، جاعلاً مراقبة الله نصب عينيه، ثم معرفة مفاتح العلم، فالبعض يلتقط أقوالاً من كتاب الصلاة، ولا يراجع كتاب الحج والنظر للمخطوبة، فيقع في الخلط والخطأ في نسبة الأقوال دون تحقيق وتمحيص.
وبعد فهذا ما تيسَّر جمعه نصرة لأئمتنا أن ينسب لهم ما لم يصح عنهم، وحماية لجناب المرجعية العلمية الأصيلة، وعدم الخلط والتشويه للعلم وأهله.
أسأل الله –تعالى- أن ينفع بما كتبت، وأن يجعله لوجهه خالصًا، ولسنة نبيه متبعاً، والحمد لله رب العالمين.
ملحوظة: اعتمدت كثيراً على الكتاب الماتع النافع الأدلة المطمئنة على أن الحجاب طهر وعز للمؤمنة، لفضيلة الشيخ أحمد بن عبد العزيز الحمدان حفظه الله تعالى.
--------------------------
(*) رئيس قسم الدراسات الإسلامية بكلية المعلمين بالرياض(5/1120)
ـــــــــــــــــــ
ولهذا رأيت لبعض المتأخرين القول بأن علماء المسلمين اتفقوا على وجوب ستر الوجه لعظم الفتنة ؛ كما ذكره صاحب نيل الأوطار عن ابن رسلان .. " ( فتاوى المرأة المسلمة 1/403ـ404 ) .
ـــــــــــــــــــ
قصة حجاب " أمة الله " وإسلام أسرتها
د. نبيل السعدون*
أثار اهتمامي خبر الفتاة الصغيرة التي طردتها أكاديمية (بن فرانكلين) في مدينة (ماسكوجي) بولاية (أوكلاهوما) – في أوائل شهر أكتوبر الماضي – بسبب إصرارها على ارتداء الحجاب خلال ساعات الدوام المدرسي ، فقررت زيارتها في مدينتها مع أولادي خلال عطلة نهاية الأسبوع نيابة عن مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية(كير).
وجدت أسرتها تقيم في بيت متواضع وفي حي فقير في المدينة حيث استقبلتنا الأسرة بالترحاب، وكان أكبر همي أن أرى تلك الفتاة الشجاعة التي هزت الأوساط التربوية والإعلامية في أمريكا وتناقلت أخبارها وكالات الأنباء الأمريكية والعالمية.
سلمت "أمة الله" علينا، وهذا اسمها الإسلامي، وحيانا والدها وشكرنا على الزيارة لمؤازرته وأسرته حيث يشعر بالوحدة بسبب خلو المدينة الصغيرة من المسلمين تقريباً، كما أن أمة الله هي الطالبة الوحيدة المسلمة في المدرسة.
سألتها لماذا يريدون إجبارك على خلع الحجاب ؟ فقالت ببساطة وبراءة الطفل: "لأنهم لا يريدون لديني الإسلامي أن يكون له وجود في المدرسة". ثم حدثني والدها فقال إن الأمر بدأ في 11 سبتمبر الماضي حيث قالت معلمة أمة الله بأنها لا تستطيع أن تأتي إلى الأكاديمية مرتدية الحجاب لأن قوانين المنطقة التعليمية تقضي بمنع غطاء الرأس من أي نوع خلال اليوم الدراسي، وأكد على ذلك مدير المدرسة ثم تبنى الموقف أيضاً مدير المنطقة التعليمية.
وتحدثنا عن عدم منطقية هذا القرار حيث أن القوانين الأمريكية تجيز حرية التعبير وحرية ممارسة الاعتقادات الدينية كما هو مفروض وبخاصة في ولاية أوكلاهوما حيث أنها واحدة من اثني عشرة ولاية تبنت قوانين إضافية محلية تؤكد على حرية ممارسة الاعتقادات الدينية والتعبير عنها.
وكنت قد تحاورت مع إبراهيم هوبر المدير الإعلامي لكير حيث نتابع تطورات هذه القضية فقال: "كنا في الماضي ننجح في حل مشكلة من هذا النوع بمجرد مكالمة هاتفية، أما بعد أحداث سبتمبر 2001 أصبح الأمر أكثر صعوبة وتعقيداً".
وعلى كل حال وبتوفيق الله وبعد حملة ضغط إعلامي وجماهيري دعت إليها (كير) وشارك فيها مئات المسلمين والعرب وانضمت إليها مؤسسات حقوقية أمريكية أخرى تراجعت إدارة المنطقة التعليمية في منتصف شهر أكتوبر عن موقفها جزئياً وسمحت لأمة الله أن تعود للمدرسة مرتدية حجابها لحين إتمام الجهاز القانوني لدى المنطقة التعليمية في (ماسكوجي) مراجعة نظمها وقوانينها ومحاولة استيعاب حجاب أمة الله دون مخالفة للقوانين المرعية لديهم.(5/1121)
وفي حالة تراجع المنطقة التعليمية وتضييقها على أمة الله مرة أخرى فإن (كير) وربما مؤسسات حقوقية أمريكية أخرى يدرسون إمكانية رفع دعوى قضائية ضد المنطقة التعليمية في (ماسكوجي) ، وذلك للدفاع عن حق أمة الله وحقوق الملايين من المسلمات اللواتي يرتدين الحجاب في المدارس الأمريكية على مدى السنوات والأجيال القادمة.
•البداية
سار بنا الحديث إلى الطريقة التي تعرف بها (إيفونهيرن) والد الفتاة على الإسلام ، فقال كان هذا في عام 2000 حيث وقعت في يدي نسخة من القرآن الكريم فشدني هذا الكتاب وقرأت فيه كثيراً حتى أسلمت، ثم بدأت بتعليم أسرتي الإسلام فأسلمت أمة الله رغم أنها أصغر أولادي الثلاثة وأتمنى أن يشرح الله صدر زوجتي وأولادي الآخرين لهذا الدين قريباً إن شاء الله فإنهم ما زالوا مترددين في أن يعتنقوا الإسلام.
أما أمة الله فقال إنها شديدة الحرص على تعلم القرآن ومبادئ الإسلام العظيم وأنا مسرور لمدى حبها والتزامها بهذا الدين، وقال إنها هي التي اختارت اسمها الإسلامي "أمة الله " حيث وجدته في أحد المواقع خلال بحثها في الشبكة المعلوماتية.
غادرنا منزل العائلة وكلنا احترام وإكبار لموقف الفتاة الشجاع وثباتها على المبدأ العظيم الذي تؤمن به. وخلال الأيام التالية توجهت المراكز والمؤسسات المسلمة في (أوكلاهوما) و(تكساس) بدعوات للأسرة لحضور مناسبات تم خلالها تكريم أمة الله وتشجيعها على الثبات على موقفها.
•بشرى ورسائل
ومع حلول شهر رمضان المبارك اتصلت هاتفياً بالأسرة لتهنئتها بحلول الشهر الكريم ففاجأني والد أمة الله بأن زوجته وابنه الأكبر قد أسلما والحمد لله وهو يأمل في أن تحذو بنته الكبرى حذوهما ويصبح جميع أفراد هذه الأسرة مسلمين، وقال : إن زوجته أصرت على أن ترتدي الحجاب فور إسلامها لأنها تريد أن تلتزم بما يأمرها به الإسلام وتبدأ طريق الإسلام بداية صحيحة أي بالطاعة التامة.
هذا الخبر أثار في نفسي مشاعر فياضة غامرة واحتراماً عظيماً لهذه الفتاة المسلمة وأسرتها التي أرسلت من خلال موقفها عدة رسائل وفي عدة اتجاهات.
أولها للمسلمين جميعاً أن المسلم الحق يثبت على مبدأه ويكون رائدا في رفع شعارات الإيمان والعفة، وهو يؤثر إيجابياً على الغير ولا يتأثر سلبياً بهم ولو كان وحيدا، وأن الثبات على المبدأ الصحيح يؤدي بعون الله إلى ترسيخ الحق في واقع الناس. ورسالة للشباب المسلم أن عليهم ألا ينجرفوا وراء المظاهر وأن يتجنبوا التقليد الطائش والأعمى وأن يلتزموا بجوهر طاهر ومظهر عفيف كما أمر الدين الحنيف.
وثالث هذه الرسائل للآباء والأمهات أن يكون هدفهم في الحياة أن ينشئوا من نسلهم جيلاً يكون أكبر همه إرضاء الله تعالى والفوز بالجنة لا الافتتان بمظاهر هذه الحياة وزينتها.
ورسالة للمجتمع الأمريكي تنبهه إلى مدى التراجع الذي وصل إليه في مجال الحريات الدينية، إلى حد ضيق بعض أفراده بحجاب فتاة صغيرة وحيدة عرفت كيف(5/1122)
تتمسك بقوة وإيجابية بحقها حتى استعادته، ورسائل أخرى عديدة يضيق المجال بذكرها.
* عضو مجلس إدارة مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (كير)
ـــــــــــــــــــ
بلا حجاب..
مؤمنة الصالح
ألأنني الأَولى بقلبك لا تجاورني ببابْ؟
ولأن في عينيك برقاً.. تختفي وقت الغيابْ؟
وتريق في كفيّ ضوء البدر حتى تستريحَ من العتابْ
أتهيم في درب الشمال ولا تفكر في الإيابْ؟
وتقول للأقمار غوري حين تفجؤك الربابْ
ألا، نجوانا تبوح بما يخبئه الضبابْ
وتميط ستر الشوق عن قلبين عرقهما مصابْ
سنقول للبدر استضفْنا كي تزال بلا حجابْ
بشغاف هذا القلب يثوي ياسمينٌ من غيابْ
ويحاول البلابُ عربشة على كفِّ السرابْ
ويقول مأسورٌ بقيد: فكَّه يا شيخُ تاب
ويعيرُ عبرته لقيسٍ من جنون الشوقِ ذاب
عينان ذرَّفتا بليلكَ والمخادعُ يستتابْ
ويقول عنترةٌ لعبسٍ: تلك أيامُ اغترابْ
ويمر في الديوان رمحاً مثل غلغلة الشهابْ
من قبل أيام التبختر لا يطيقُ من استراب
ولأجل أيام التنادي شدَّ راحلة وغاب
يحتار عنترةٌ لأيِّ الموج مركبه استجاب
ويخاف من أي البحور أتاه ميلاد العباب
وتقول عبلتهُ بحزنٍ: آن تسديد الحساب
عينان أرَّقتا بليلكَ نجمةً ذاتَ ارتقابْ
تبكي على كتف السماء بساعةِ احترقَ الجوابْ
وتقول هامسة لبدر: كيف ولَّى شهرُ آب؟
عودي إليَّ فما أقلَّ بذلك الأفقِ السحابْ
عودي فكل مرافئ الذكرى يعطلها الغراب
ردي دموع قصائدي وثقي بديوان التحابْ
عتبي عليكَ، تضل شهراً ثمت تصطنع الإيابْ؟
عتبي على ميزان شعرك عندما اغترب استرابْ
يرنو إليك (بنو ثقيف) حين تنكرهم (كلابْ).
ويضاحكون بدور ليلك كي تسيل من الشعابْ
وينفّرون خيول دربك كلما ارتحل الحُبابْ(5/1123)
يرنو إليك بنو ثقيف خائفين من التبابْ
وتقول عبسٌ في غرور: ليت عنترةَ استجاب
ـــــــــــــــــــ
مَدرِسة تنزع حجاب إحدى الطالبات بالقوة
أخبار لها
مدرسة بريطانية تنزع حجاب إحدى الطالبات بالقوة
لندن – أمان جوردن: تواجه مدرسة بريطانية تهمة الإساءة الإسلام بعد أن نزعت حجاب احدى التلميذات بالقوة، ووجهت لها عبارات مسيئة للإسلام فى مدرسة بشرق بريطانيا. ويذكر أن المدرسة هازيل ديك البالغة من العمر 42 عاما، مثلت أمام محكمة بيتربورو العليا بتهمة الاساءة للدين.
بالرغم من أن المدعى العام أقر، بأنها لم تعترض على الحجاب التى كانت ترديه الفتاة البالغة من العمر 15 عاما، ولكنها كانت تعترض على أن لونه كان مخالفا للزى المدرسى.
ويشار إلى أنه قد نفت ديك التهم الموجهة اليها، وهى خلع حجاب الفتاة بالقوة مما سبب لها بعض الخدوش فى الذقن، والتفوه بعبارات فيها اساءة للإسلام، مؤكدة انها كانت فقط تساعد الفتاة على خلع الحجاب.
ـــــــــــــــــــ
حجاب العراقيات.. المحلي بمواجهة المستورد
أخبار لها
بغداد: انتشر الالتزام بارتداء الحجاب بين معظم النساء في العراق، وبخاصة في الجامعات والمدارس ومواقع العمل, وتشهد التصاميم السورية والأردنية للحجاب إقبالاً كبيراً من جانب المحجبات.
ويؤكد كثيرون من أصحاب محال بيع الحجاب في شارع النهر وسط بغداد, والذي يعد من اكبر أسواق بيع الجملة, إن "الجلابيب المحلية شهدت تراجعاً ملحوظاً في نسبة مبيعاتها بعد إغراق السوق المحلية بمختلف الموديلات الأنيقة المستوردة, مما أدى إلى عزوف معظم الشابات عن شراء الحجاب المحلي".
ويقول "أحمد التميمي" ـ صاحب محل لبيع الحجاب في شارع النهر, إن: "معظم المحجبات الشابات يفضلن الحجاب المستورد لجماله وتعدد قياساته, على العكس من الجلابيب المحلية التقليدية التي تصمم وفق قياس واحد, فيما تفضل النساء المسنات الناتج المحلي لرخص أسعاره وملاءمته لأعمارهن".
ويضيف أن "هذه الظاهرة اضطرت كثير من المحال التجارية إلى الاستغناء عن الحجاب المحلي والاعتماد على الاستيراد لملء رفوفها من المعروضات المناسبة".
ويؤكد "ياسين الكاظمي" صاحب أحد محلات بيع الألبسة الإسلامية في ضاحية الكاظمية: "ارتفاع مبيعات البضاعة المستوردة بنسبة 70 في المئة على رغم ارتفاع سعرها الذي يراوح بين 40 ألفاً و100 ألف دينار عراقي للجلباب الواحد, بينما تراجعت مبيعات المحلية منها بنسبة 50 في المئة".(5/1124)
ويضيف أن "اقتناء الحجاب لا يقتصر على المسلمات, بل إن معظم النساء من الأديان الأخرى كالنصرانيات والصابئيات، يرتدين الحجاب عند خروجهن إلى الأسواق المحلية للتبضع. كما أن الحجاب منتشر في صفوف الصحافيات والمراسلات الأجنبيات اللواتي يتخذنه لباساً رسمياً أثناء التنقل بين المدن العراقية وداخل الأزقة الشعبية لتغطية الأحداث".
وتشير معظم المحجبات ـ وفقا للحياة ـ إلى أن "قرار ارتداء الحجاب أصبح صمام الأمان لكثير من النساء اللواتي يخشين التعرض للمتاعب عند التوجه إلى أماكن العمل والدراسة والتنقل في سيارات الأجرة".
ـــــــــــــــــــ
معلم أمريكي ينزع حجاب طالبة مسلمة
واشنطن: أعلن مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (كير) أنه تم إيقاف مدرس بإحدى مدارس ولاية "لويزيانا" الثانوية الأمريكية عن العمل بعد نزعه حجاب طالبة مسلمة عنوة وإدلائه بتصريحات معادية للإسلام.
وذكرت الطالبة المسلمة أن المدرس المسيء قام بشد حجابها للخلف، خلال فصل دراسي عن تاريخ العالم في الثلاثين من يناير الماضي. وقال لها: "أتمنى أن يعاقبك الرب. لا، عذراً، أتمنى أن يقوم الله بمعاقبتك. لم أكن أعلم أن لديك شعرا تحت (غطاء رأسك)".
كما ذكرت الطالبة ـ وهي عراقية الأصل وتبلغ السابعة عشرة من العمر ـ أن المدرس نفسه سبق أن أدلى بتصريحات مسيئة لخلفيات بعض الطلاب العرقية والاثنية.
وأخبر "ليل جير" ـ مدير "وست جيفرسون" الثانوية ـ (كير) بأنه تم إيقاف المدرس المسيء عن العمل. وأكد جير أن مدرسته تحترم طلابها وثقافاتهم المختلفة، وأنه لن يتسامح مع التصرفات المسيئة والعنصرية.
وفي تعليق لـ (كير) أثنى "إبراهيم هوبر" المتحدث باسم المجلس، على سرعة تعامل المدرسة مع القضية، وقال: "نحن نقدر سرعة تصرف المدرسة وموقفها الحازم ردا على هذه الحادثة المفزعة". وأضاف هوبر: "يجب أن يشعر جميع الطلاب بغض النظر عن خلفياتهم العرقية والدينية بالأمان في مدارس بلدنا".
وأشار هوبر إلى أن (كير) تعمل حاليا على عدة قضايا للدفاع عن حقوق المسلمات في ارتداء حجابهن في الأماكن العامة.
وكانت (كير) قد دعت المسلمين والعرب في أمريكا وخارجها منتصف يناير الماضي للمشاركة في حملة لمطالبة مسؤولي ولاية "ألباما" الأمريكية بمنح مسلمات الولاية حقهن في ارتداء الحجاب في صور رخص قيادة السيارات.
كما التقت (كير) في السادس من الشهر الماضي السفير الفرنسي بواشنطن "جان ديفيد ليفت" بخصوص دعوة الرئيس الفرنسي " جاك شيراك" لحظر حق المسلمات في ارتداء الحجاب في المدارس العامة. وسلمت (كير) السفير الفرنسي رسالة إلى الرئيس شيراك تحمل اعتراضات على دعوته لحظر الحق بالحجاب.
ـــــــــــــــــــ(5/1125)
مدرسات يمزقن حجاب الطالبات باليمن
أخبار لها
صنعاء: قامت بعض مديرات المدارس اليمنية بنزع وتقطيع الحجاب من على الطالبات اليمنيات رغم وجود الرجال في تلك المدارس من الحرس والموجهين وغيرهم.
وكان مجموعة من أعضاء مجلس النواب اليمني قد طالبوا باستدعاء وزير التربية والتعليم إلى المجلس للرد على أسئلة د/ صالح السنباني التي وجهها في رسالة رفعها لرئاسة المجلس مطالبا باستدعاء الوزير المختص (وزير التربية) لمسائلته حولها.
وكان د/ صالح السنباني، عضو مجلس النواب، قد وجه عديدا من الأسئلة لوزير التربية، مشيراً إلى أن هناك مديرات للمدارس أقدمن على تقطيع حجاب الطالبات وإرغامهن على كشف الوجه، بالرغم من وجود موجهي المدارس من الرجال إضافة إلى وجود الحراس.
وأكد د/ السنباني أن قرار تأنيث التعليم يتعارض مع الإجراءات الواقعية من حيث التوزيع الجديد وإرسال مدرسين ذكور إلى مدارس البنات، وأيضاً نقل مدارس البنات وبالذات في المرحلة الثانوية ما أدى إلى حرمانهن من التعليم أو تحميل أولياء أمورهن معاناة مادية، أو توصيلهن إلى المدارس البعيدة، مشيراً إلى أن الوزارة والمتنفذين فيها لا يلتزمون بقرار مجلس الوزراء الذي حدد أن يكون مدير المدرسة حاصلاً على مؤهل جامعي، وأن يكون قد عمل وكيلاً لمدرسة خمس سنوات، موضحاً أن هناك مديرات مدارس يحملن مؤهلات متوسطة والبعض ثانوية عامة فقط، إلى جانب تعمد إزاحة بعض الكوادر التربوية المؤهلة والمشهود لها بالخبرة والنزاهة ولأسباب حزبية صرفة.
وقدم الدكتور السنباني أسماء معينة كأمثلة على استبدال من يحملون مؤهلات ماجستير تربية بحاملي ثانوية عامة، مؤكداً على ضرورة معالجة أوضاع الذين ظلموا بسبب المكايدات الحزبية باعتبارهم أبناء الوطن وليسوا دخلاء عليه، وإن اختلفوا مع القائمين على التربية والتعليم في التوجه السياسي والانتماء الحزبي .
وأكد الأعضاء في توصياتهم لوزير التربية والتعليم بضرورة إزالة أي تعامل حزبي من المؤسسات التربوية، وان يكون معيار الكفاءة هو الأساس في تعييناتها مشددين على ضرورة حل المشكلات السابقة.
ومما يذكر أن وزير التربية والتعليم اليمني د/ "عبد السلام الجوفي" نفى أمام البرلمان أن تكون وزارته قد أصدرت أي أوامر أو توجيهات أو قرارات, تقضي بإلزام الطالبات بكشف وجوههن، مؤكداً عدم علمه بمثل هذه الممارسات التي وصفها بأنها تسيء إلى الوزارة والى الحقل التربوي وإلى المجتمع اليمني وقيمه وعاداته بشكل عام.
ـــــــــــــــــــ
حجاب تركيا على خطى فرنسا
أخبار لها(5/1126)
أنقرة ـ وكالات الأنباء: اعتبر رئيس الوزراء التركي "رجب طيب أردوغان" أن القانون الفرنسي حول العلمانية في المدرسة قد يشكل نموذجا لبلاده ذات الغالبية المسلمة.
وقال أردوغان في مقابلة بثتها صحيفة "حرييت" الأسبوع الحالي أن القانون الذي يحظر إبراز ما يسمى بالعلامات الدينية الظاهرة، ومن بينها الحجاب في المدارس التابعة للدولة في فرنسا، قد يطبق في تركيا؛ لتهدئة الخلافات بين المدافعين بشراسة عن الدولة العلمانية والمتمسكين بحرية ممارسة الشعائر الدينية.
وميزة هذا القانون هي حظره ارتداء الحجاب في المدارس والسماح به في الجامعات.
وقد انتقدت منظمات حقوق الإنسان الدولية القانون الفرنسي، معتبرة إياه قانونا تمييزيا يستهدف المسلمين ويثير الكراهية ضدهم. وقالت إن القانون أقر خصيصا لحظر حق المسلمات في ارتداء الحجاب.
وقال أردوغان: "نستطيع تطبيق النظام نفسه المطبق في فرنسا". وأشار إلى أنه "حلل بكثير من العناية النظام الفرنسي. ليس هناك حظر لارتداء الحجاب في الجامعة ولكن فقط في المدارس الابتدائية والثانوية".
وإذا كان تأييد أردوغان للقانون الفرنسي حول العلمانية يبدو مفاجئا، فإنه يجد تفسيرا له في الصعوبات التي تواجهها حكومته للسماح بارتداء الحجاب، بسبب رفض الدكتاتورية العسكرية المتحكمة في النظام التركي للحجاب.
وبالفعل فإن أي إشارة إلى السماح بارتداء الحجاب ستدفع إلى لتحرك الجيش التركي الذي يعتبر نفسه حامي العلمانية والمؤيدين للعلمانية، الذين يعتبرون أن ارتداء الحجاب - المحظور في المؤسسات التابعة للدولة وفي الجامعات - يشكل علامة ظاهرة على تأييد الإسلام.
وقد أثار القانون الفرنسي احتجاجات شديدة اللهجة في بين المسلمين في أنحاء العالم، بمن فيهم المسلمين الأتراك، والذين في غالبيتهم يدعمون أردوغان.
ـــــــــــــــــــ
حجاب المسلمات أثناء العمل
أخبار لها
واشنطن: أكد بيان لمجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية "كير" أن موظفات مسلمات حصلن على حقوقهن في ارتداء الحجاب خلال ساعات العمل بشركات في ولايتي جورجيا وفيرجينيا الأمريكتين وفي كندا بعد تدخل "كير" لمساعدتهن.
ففي جورجيا، حصلت موظفة مسلمة بشركة "أطلانطا كوتش"؛ وهي إحدى فروع شركة كوتش لتسويق الهدايا والإكسسوارات للرجال والنساء ومركزها نيويورك؛ حصلت على حقها في ارتداء الحجاب بعد إن أرسلتها الشركة إلى بيتها في الثالث عشر من يونيو الحالي لرفضها خلع حجابها. وبعد اتصال "كير" بالشركة سمحت الشركة للموظفة المسلمة بارتداء حجابها.
وفي ولاية فيرجينيا، أعادت شركة "بينكرتون بيرنز" للأمن الدولي موظفة أمن مسلمة إلى عملها ومنحتها تعويضا ماليا عن الأيام التي افتقدتها، بعد أن رفضت(5/1127)
الشركة استمرارها في عملها لارتدائها الحجاب. وبعد اتصال "كير" بالشركة أعيدت الموظفة المسلمة إلى عملها.
وقد أعرب المسؤولون في "كير" عن تقديرهم لدور مسؤولي الشركة الإيجابي الذي ساعد على التوصل إلى تسوية مرضية للقضية مع الموظفة المسلمة.
وفي كندا، أبلغت سلسلة مطاعم "صب واي" المعروفة مسؤولي مكتب "كير" بكندا أنها سوف تتخذ الخطوات المناسبة لضمان تطبيق مطاعمها لسياسات عدم التمييز الديني.
وجاء ذلك بعد أن اتصل مكتب "كير" بكندا بالشركة بخوص شكوى تلقاها من موظفة مسلمة بإحدى مطاعم "صب واي" بمقاطعة "أونتاريو" الكندية، والتي أخبرت "كير" أن المطعم رفض ارتداءها الحجاب.
وقد أخبرت الشركة "كير" أنها طلبت من فروعها بـ "أونتاريو" بالسماح للنساء المسلمات بارتداء الحجاب، وأنها سوف تذكِّر جميع مطاعمها بكندا بتلك التعليمات. كما ستقوم الشركة بنشر مقال عن القضية بنشرتها الصادرة في شهر يونيو الحالي.
وقد أبدى "جاشوا سلام" ـ مسؤول الحقوق المدنية في "كير" ـ تقديره للحلول السريعة لهذه القضايا. وأعرب عن أمله في أن يحذو أصحاب أعمال آخرون حذو الشركات السابقة في توفير الحقوق الدينية لموظفيهم.
وأشار "سلام" إلى أن "كير" ستصدر دليلا لتوعية أصحاب الأعمال بحقوق موظفيهم المسلمين الدينية بعنوان: "دليل أصحاب الأعمال إلى الممارسات الدينية".
ـــــــــــــــــــ
حجاب المسلمة بعيون أمريكي متحرر
أخبار لها
وافانا الأخ/ محمد الكندري ـ الإعلامي والباحث في شؤون المنظمات الخيرية، عبر البريد الإلكتروني بهذا المقال؛ الذي يجسد إعجاب أحد الأمريكيين المتحررين بحجاب الفتاة المسلمة، وكيف أن الستر والحياء جديران بتكريس الاحترام لفتاة المسلمة، وصيانتها وصيانة مجتمعها.
المقال نشر بعنوان :"البرقع مقابل البكيني.. فسوق المرأة الأمريكية"؛ وفيه يبدي كاتبه "د.هنري ماكوو" تقديره للحياء كصفة ملازمة للفتاه المسلمة، كما لا يخفي احترامه للمرأة المسلمة التي تكرس حياتها لأسرتها وإعداد النشء وتربيتهم. وعلى الوجه الآخر يبوح بما يضمره من استياء نتيجة للانحطاط القيمي والهياج الجنسي الذي تعيشه المرأة الأمريكية.
ود. "هنري ماكوو" هو أستاذ جامعي ومخترع لعبة (scruples) الشهيرة، ومؤلف وباحث متخصص في الشؤون النسوية والحركات التحررية. ويعكس المقال مدى إعجاب بعض المنصفين من دعاة التحرر في الغرب بقيمنا الإسلامية رغم اختلاف الإيديولوجيا والتوجه. وقد أثار مقال د.هنري ردود فعل في الشارع الأمريكي بين مؤيد ومعارض.
يقول د. هنري في مقاله:"على حائط مكتبي صورتان، الأولى صورة امرأة مسلمة تلبس الحجاب، وبجانبها صورة متسابقة جمال أمريكية لا تلبس شيئا سوى البكيني؛(5/1128)
المرأة الأولى تغطت تماماً عن العامة، والأخرى تكشفت تماماً".. هكذا كانت مقدمة المقالة، التي تعتبر مدخلاً لعرض نموذجين مختلفين في التوجهات والسلوكيات.
ويشير الكاتب إلى الدوافع الخفية لحرب الغرب على الأمة العربية والإسلامية موضحاً أنها حرب ذات أبعاد سياسة وثقافية وأخلاقية، إذ إنها تستهدف ثروات ومدخرات الأمة، إضافة إلى سلبها أثمن ما تملك: دينها، وكنوزها الثقافية والأخلاقية.
وعلى صعيد المرأة؛ فاستبدال الحجاب وما يحمله من قيم بالبكيني كناية عن التعري والتفسخ. يقول الكاتب:" دور المرأة في صميم أي ثقافة، فإلى جانب سرقة نفط العرب، فإن الحرب في الشرق الأوسط إنما هي لتجريد العرب من دينهم وثقافتهم واستبدال الحجاب بالبكيني"!
ويمتدح د.هنري القيم الأخلاقية للحجاب، وما يستر المرأة المسلمة فيقول: "لست خبيراً في شئون النساء المسلمات، وأحب الجمال النسائي كثيراً مما لا يدعوني للدفاع عن الحجاب هنا، لكني أدافع عن بعض من القيم التي يمثلها الحجاب لي". ويضيف قائلاً:"بالنسبة لي؛ الحجاب (التستر) يمثل تكريس المرأة نفسها لزوجها وعائلتها، هم فقط يرونها، وذلك تأكيد لخصوصيتها".
وكأن د.هنري يتفق هنا مع ما روي عن أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها لما سئلت: "أي النساء أفضل؟ قالت: التي لا تعرف عيب المقال ولا تهدي لمكر الرجال، فارغة القلب إلا من الزينة لزوجها والإبقاء على رعاية أولادها".
ويشيد الكاتب بمهمة ورسالة المسلمة والمتمثلة في حرصها على بيتها واهتمامها بإعداد النشء الصالح، فيقول:"تركيز المرأة المسلمة منصب على بيتها.. العش؛ حيث يولد أطفالها وتتم تربيتهم، هي الصانعة المحلية، هي الجذر الذي يُبقي على الحياة والروح للعائلة، تربي وتدرب أطفالها، تمد يد العون لزوجها وتكون ملجأ له".
بعد الانتهاء من شرح الصورة الأولى التي على مكتبه وهي صورة المرأة المسلمة؛ ينتقل د. هنري إلى الصورة الثانية فيقول:"على النقيض من ذلك متسابقة الجمال الأمريكية وهي ترتدي البكيني، فهي تختال عارية تقريباً أمام الملايين على شاشات التلفزة، وهي ملك للعامة، تسوق جسمها إلى المزايد الأعلى سعراً، هي تبيع نفسها بالمزاد العلني كل يوم".
ويضيف: "في أمريكا المقياس الثقافي لقيمة المرأة هو جاذبيتها، وبهذه المعايير تنخفض قيمتها بسرعة، هي تشغل نفسها وتهلك أعصابها للظهور".
وينتقد د. هنري فترة المراهقة الشاذة التي تعيشها الفتاة الأمريكية حيث التعري والجنس والرذيلة فيقول: "كمراهقة قدوتها هي "بريتني سبيرز" المطربة التي تشبه العرايا.. من شخصية بريتني تتعلم أنها ستكون محبوبة فقط إذا مارست الجنس.. هكذا تتعلم التعلق بالعواطف الفارغة بدلاً من الخطوبة والحب الحقيقي والصبر".
ثم يعرج الكاتب إلى الآثار السلبية لتلك الحياة الماجنة التي تعيشها الفتاة الأمريكية فيقول: "العشرات من الذكور يعرفونها قبل زوجها.. تفقد براءتها التي هي جزء من جاذبيتها.. تصبح جامدة وماكرة..غير قادرة على الحب".(5/1129)
ويشير إلى أن المرأة في المجتمع الأمريكي تجد نفسها منقادة إلى السلوك الذكوري مما يجعلها امرأة عدوانية مضطربة لا تصلح أن تكون زوجة أو أماً، إنما هي فقط للاستمتاع الجنسي وليست للحب أو التكاثر.
وينتقد د. هنري نظام الحياة في العالم المعاصر حيث التركيز على الانعزالية والانفراد فيقول:"الأبوة هي قمة التطور البشري، إنها مرحلة التخلص من الانغماس في الشهوات حتى نصبح عباداً لله.. تربية وحياة جديدة". ويضيف قائلاً:"النظام العالمي الجديد لا يريدنا أن نصل إلى هذا المستوى من الرشد.. حيث يريدوننا منفردين منعزلين.. جائعين جنسياً، ويقدم لنا الصور الفاضحة بديلاً للزواج".
ويكشف د. هنري زيف ادعاءات تحرير المرأة ويصفها بالخدعة القاسية، إذ يقول:"تحرير المرأة خدعة من خدع النظام العالمي الجديد.. خدعة قاسية أغوت النساء الأمريكيات وخربت الحضارة الغربية".
ويؤكد الكاتب أن تحرير المرأة يمثل تهديداً لمجتمعات المسلمين فيقول:"لقد دمرت الملايين وتمثل تهديداً كبيراً للمسلمين".
وأخيراً يقول د. هنري:"لا أدافع عن الحجاب، لكن إلى حد ما بعض القيم التي يمثلها، بصفة خاصة عندما تهب المرأة نفسها لزوجها وعائلتها، والتواضع والوقار يستلزم مني هذه الوقفة".
ـــــــــــــــــــ
عبادي: سأتسلم نوبل بدون حجاب
أخبار لها
طهران ـ وكالات الأنباء: قالت المحامية الإيرانية "شيرين عبادي" في حديث لوكالة فرانس برس أنها ستتسلم جائزة نوبل للسلام الأربعاء في أوسلو غير محجبة!.
وترفض عبادي التي تزعم الدفاع عن حقوق الإنسان والنساء والأطفال، حمل راية الليبرالية في الجمهورية الإسلامية لأن "عبادة الشخصية" كما تقول "طالما ساهمت في تراجع هذا البلد".
وأضافت عبادي التي صدمت الملتزمين الإيرانيين عندما ظهرت غير محجبة أمام الكاميرات في فرنسا بعد إعلان فوزها بجائزة نوبل للسلام في العاشر من أكتوبر "لن ارتدي الحجاب".
ومضت تقول إن "جائزة نوبل للسلام لم تغير أي شيء في التزامها" رافضة فكرة أنها تجسد أمل الليبرالية للإيرانيين وفكرة خوض معركة سياسية. وأكدت أن "عبادة الشخصية طالما ساهمت في تراجع هذا البلد.. على الأشخاص أن يحاربوا بأنفسهم للحصول على حقوقهم وكثيرون يقومون بذلك. والحرية لا تقدم على طبق من فضة". وأكدت على ضرورة إجراء الإصلاحات "سلميا".
وتابعت أن العدول عن الإصلاحات يخدم المحافظين والأمريكيين و"نحن لا نريد المحافظين ولا الاحتلال الأجنبي".
وهاجمت عبادي الهيئات المحافظة الإيرانية التي "تعتبر نفسها فوق القانون" دون تسميتها وعزت إلى هذه الهيئات تراجع حقوق الإنسان في العامين الماضيين.(5/1130)
وتعتبر قضية الصحافية الكندية الإيرانية "زهرة كاظمي" التي توفيت نتيجة الضرب وهي قيد الاعتقال في إيران وأدت إلى اتهام الاستخبارات والعدالة "نموذجا" في هذا الإطار.
ـــــــــــــــــــ
منع حجاب المسلمة في رخصة القيادة
أخبار لها
سراييفو: رفضت سلطات سلوفينيا ـ إحدى الدول المستقلة عن يوغوسلافيا ـ السماح للنساء المسلمات بالظهور بحجابهن في الصور الخاصة برخص قيادة السيارات.
وادعت وزارة الداخلية في سلوفينيا إن "الحجاب من شأنه أن يخفي الملامح الكلية للمرأة".
وكانت فتاة سلوفينية مسلمة تدعى "وحيدة شبكار" قد أشعرت بأنها لن تحصل على رخصة قيادة ما لم تقدم صورة بدون حجاب. وتشترط الشرطة على المتقدمين للحصول على رخصة قيادة أن يكون حاسر الرأس، وبدون طواق أو مظلات أو كوفيات.
وقالت وزارة الداخلية إن القانون لا يشمل جوازات السفر والبطاقات الشخصية، حيث يسمح للمسلمات بارتداء لباسهن وفق تعاليم الإسلام للمرأة فيما يخص اللباس.
لكن ناشطين مسلمين في سلوفينيا يؤكدون أن القانون لا يفصل في هذا الموضوع فهو "يسمح للمتقدمات في السن، ولأصحاب الديانات، وضع ما يشاؤون على رؤوسهم حسب تعاليم دينهم، مثل الراهبات والمتدينين اليهود، والمسلمين".
وقد طالبت لجنة حقوق الإنسان بسلوفينيا السلطات المحلية تقديم رخصة القيادة المحجوزة للمتضررة، وتقديم تعويضات مادية على ما لحقها من ضرر وضغوط نفسية بسبب الممارسات اللا إنسانية للشرطة.
وقالت اللجنة في رسالة بعثت بها إلى المحكمة في "لوبليانا": "ما تقوم به بعض الدول من إجراءات بخصوص حرية اللباس سواء في الغرب أو بعض البلدان العربية ليس حجة على حقوق الإنسان، وحرية التدين والتعبير عن الانتماء الديني أو الفكري أو العرقي".
وقالت اللجنة: "لا يوجد أي تهديد من الحرية في هذا السياق، بل إن التهديد الحقيقي للهوية الإنسانية، وللمبادئ على مختلف مصادرها، هو في منع الناس من التعبير عن خصوصياتهم".
ـــــــــــــــــــ
تلاميذ يؤيدون حجاب مدرستهم
أخبار لها
برلين: أذاعت قناة التليفزيون الألمانية الشهيرة "زد دي إف" برنامجا عن "فريشتيا لودين" المدرسة المسلمة التي أوقفتها السلطات الألمانية عن عملها بسبب الحجاب.
وعرض البرنامج، كما ذكر موقع "مفكرة الإسلام"، ما تعرضت له "فريشتيا لودين" من متاعب ومشاكل، وأردف هذا العرض بآراء للتلاميذ تؤيد موقف المُدرِّسة.(5/1131)
وقد أصدرت عدة محاكم في ألمانيا في الأعوام السابقة قرارات تمنع فريشتيا من التدريس في المدارس الابتدائية طالما هي ترتدي الحجاب. وردا على ذلك قامت فريشتيا برفع دعوى أمام المحكمة الدستورية الاتحادية (أعلى محكمة في ألمانيا).
وفي الاستطلاع الذي قامت به القناة، قالت التلميذة "ناتاشا" (12 عاما) : "أنا لا أرى أنه من السيئ ارتداء أحد الحجاب داخل الفصل، لكن الشيء الذي أراه سيئا أن يفتخر أحد بدينه ويزدري الآخرين، وأرى أن من حق كل شخص أن يؤمن بدينه كيفما شاء".
ـــــــــــــــــــ
حجاب فرنسا: العلمانية في مواجهة الإسلام
أخبار لها
باريس ـ وكالات الأنباء: بعد أن آثار القرار الحكومي الفرنسي بمنع المسلمات من حق ارتداء الحجاب في المدارس وأماكن العمل الحكومية، ردود فعل سلبية وصلت أحيانا إلى حد الاستياء في العالم، أيد بعض الفرنسيين فرض هذا القانون في بلدهم الذي يعتبر واحدا من أكثر الدول الأوروبية تطرفا في العلمانية، ويواجه وجودا إسلاميا متناميا لم يستطع دمجه في مجتمعه.
فقد أيد 69% من الفرنسيين هذا القانون، بينما ارتفعت شعبية الرئيس "جاك شيراك" ورئيس الحكومة "جان بيار رافاران" بين المتعصبين الفرنسيين بعد موقف الأول.
فبعد أشهر من الجدل الحاد بشأن حرية المسلمات في ارتداء الحجاب، بت الرئيس الفرنسي في المسألة عملا بتوصيات لجنة "برنار ستازي" فوافق على قانون يحظر الرموز والإشارات الدينية الواضحة، بما فيها الحجاب في المدارس والمؤسسات الحكومية.
ويعتبر هذا القانون موجها بالمرتبة الأولى إلى مسلمي فرنسا. ويبدو كأنه رد على الخوف من تنامي الإسلام في أوربا عامة وفرنسا على وجه الخصوص.
وقد قوبل هذا القانون بالرفض من جانب مسلمي فرنسا. وأثار مظاهرات شارك فيها حوالي أربعة آلاف شخص بينهم عديد من المسلمات المحجبات في عطلة نهاية الأسبوع الماضي في باريس وستراسبورج (شرق). وسارت المتظاهرات على إيقاع النشيد الوطني الفرنسي للمطالبة بـ"حرية الاختيار". ومن المقرر تنظيم مظاهرات جديدة في يناير.
وتضم فرنسا أكبر جالية مسلمة في أوروبا، يتراوح عدد أفرادها بين أربعة وخمسة ملايين شخص، وتمثل حوالي 8% من مجموع الفرنسيين. وقد نمت هذه الجالية بشكل ملفت خلال العقود الأخيرة، ومن المتوقع أن تواصل نموها في المستقبل.
وخلافا للدول الأوروبية المجاورة لها؛ تحظر فرنسا مظاهر التدين باسم العلمانية التي أقرها القانون منذ العام 1905، غير أنها لم تنجح في دمج الجالية المسلمة التي يتوزع وجودها على بعض الأحياء، مع ما يترتب عن ذلك من مشكلات اقتصادية واجتماعية فضلا عن مشكلات الهوية والانتماء.(5/1132)
ويشكل الحجاب بالنسبة للفتيات المسلمات أداء لفريضة إسلامية واجبة فضلا عن كونه إعلانا عن الهوية. أما الفرنسيون فينتقدونه زاعمين أنه "سلاح سياسي" كما أعلن معظم المشاركين في مناقشة نظمتها الإذاعة الخاصة "أوروبا 1" الخميس.
وأثار قرار جاك شيراك دهشة كبيرة في العالم العربي والإسلامي خصوصا، حيث يعتبر صديقا للعرب، ولا سيما بعد موقفه الحازم أثناء العدوان الأمريكي البريطاني على العراق.
غير أن الرئيس الفرنسي اضطر إلى استغلال الأوضاع الجارية، واتخاذ إجراء بشكل عاجل يرفع شعبيته، في مواجهة تصاعد ما يعرف بـ"معاداة السامية" وسط أنباء الانتفاضة الفلسطينية ضد الاحتلال الصهيوني، ونسب التأييد التي يسجلها اليمين المتطرف الداعي إلى عداء الأجانب والمهاجرين مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية في 2004.
غير أن أصواتا عديدة ارتفعت معتبرة أن القرار لم يكن متناسبا مع دافعه. ودعا عالم الاجتماع "إدجار موران" إلى تجاوز "التناقض بين التمايز الطائفي وفرض تماثل" من أجل تطوير نموذج متعدد الثقافات.
وإذا كان عديدون مثل "بول تيبو" رئيس رابطة الصداقة اليهودية المسيحية يبررون هذا الموقف المرتبك إزاء الإسلام بـ"حصر" الديانة في مساحة خاصة، فإن البعض يعتبرون أن الفرنسيين أنفسهم يواجهون مشكلة أخلاقية فضلا عن مشكلة في تحديد هويتهم.
وتساءلت صحيفة "لو فيجارو" المحافظة مختصرة المسألة قائلة: "أي طموح يمكن أن يساور فرنسا؟ ما معنى أن نكون فرنسيين؟"، مشيرة إلى أن "العلمانية هي مبدأ تنظيمي وليست مصيرا".
ـــــــــــــــــــ
ديميريل: حجاب زوجة اردوغان لا يعوق توليه الرئاسة
أخبار لها
أنقرة ـ أ ش أ: أكد "سليمان ديميريل" رئيس الجمهورية التركي السابق أنه إذا ما وافق البرلمان التركي على تولي "طيب أردوغان" منصب رئيس الجمهورية فإنه لا يوجد أي عائق يمكن أن يحول دون دخوله القصر الجمهوري وفوزه بالمنصب بما في ذلك مسألة حجاب زوجته السيدة "أمينة أردوغان".
جاء ذلك في حوار أجراه ديميريل في برنامج لشبكة (سي إن إن تورك) الإخبارية التركية بعنوان: "كواليس أنقرة" حول إمكانية تولي أردوغان رئاسة الجمهورية خلفاً للرئيس الحالي "نجدت سيزار" الذي تنتهي فترة رئاسته في أبريل 2007 على الرغم من أن زوجته محجبة.
وأشار ديميريل إلى أن القول بأن حجاب زوجة أردوغان يعتبر عائقاً يتطلب أولاً أن يكون هناك قانون واضح وصريح يحظر ذلك وهو أمر غير قائم في الوقت الراهن.
وقال إن قانون القيافة والملبس ليس له صلة برئيس الوزراء أردوغان وزوجته لأن القانون لم يتطرق إلى تفصيلات الملبس وما يجب أن يكون عليه تحديداً؛ مشيراً إلى(5/1133)
أنه وحتى إذا ما كان قانون القيافة والملبس يمس وضع زوجة أردوغان المحجبة فعلاً فإنه يمكن للبرلمان أن يضيف مادة أخرى للقانون تتجاوز هذا الوضع.
وحول قرار محكمة حقوق الإنسان الأوروبية حظر ارتداء الحجاب في كل المؤسسات الحكومية والمدارس وما إذا كان سيشمل زوجة الرئيس التركي المحتمل أردوغان؛ قال ديميريل إن تفسير القرار الصادر عن محكمة حقوق الإنسان الأوروبية هو أن الحجاب كرمز ديني لا يدخل للمدارس لكن هذا القرار الصادر من المحكمة لا يشمل القصر الجمهوري.
وشدد ديميريل على أنه يتعين من أجل تأمين الاستقرار والرفاهية في البلاد عدم إتاحة الفرصة لفتح نقاشات عديدة حول دخول زوجة أردوغان القصر الجمهوري أو عدم دخولها.
وقال إنه إذا ما تطور الأمر وحصلت مثل هذه النقاشات فبإمكان البرلمان إعادة صياغة المادة الخاصة بقانون القيافة والملبس لصالح زوجة أردوغان وخصوصاً أن حزبه يتمتع بأغلبية برلمانية كبيرة.
ومما يذكر أن ديميريل سبق له تولى رئاسة الجمهورية قبل الرئيس الحالي نجدت سيزار، كما تولى من قبل منصب رئيس الوزراء في تركيا.
ـــــــــــــــــــ
يوم المرأة العالمي، هل ينهي معاناة المرأة المسلمة؟
أحمد الدسوقي
في ذكري الاحتفال باليوم العالمي للمرأة
هل تنتهي معاناة المرأة المسلمة في فلسطين والشيشان والعراق؟!
الرياض ـ لها أون لاين
مصر ـ أحمد الدسوقي:
text box: بعد فشل الحركات النسوية ..المرأة الغربية تعود إلى المنزل لتستعيد كرامتها يحتفل العالم هذا اليوم الموافق للثامن من شهر مارس باليوم العالمي للمرأة.. وتأتي احتفالات هذا العام وسط أحداث عالمية ساخنة يمر بها العالم تلقي الضوء حول استمرار المعاناة العارمة التي تعاني منها المرأة على مستوى العالم وتحديداً المرأة المسلمة التي تواجه القهر والظلم، وتتعرض في بقع عديدة من العالم في فلسطين والعراق والشيشان والبوسنة وكشمير لانتهاكات تفوق الوصف والخيال بل إن معدل تلك الانتهاكات تصاعدت بعد أحداث 11 سبتمبر التي غيرت خريطة العالم وجعلت من الهجوم على كل ما هو مسلم شعاراً يرفعه الغرب بدعوى مكافحة الإرهاب.. والسؤال الذي يطرح نفسه هل استطاعت الفلسفة الغربية أن تعيد للمرأة كرامتها وتحقق أهدافها وأحلامها وتخفف من معاناتها؟ وإذا كان عنوان احتفال هذه السنة بهذا اليوم هو عن المرأة الأفغانية، فهل قدم هذا اليوم لهذه المرأة ما تحتاجه وتطلبه لتكون أكثر رقياً وإنسانية؟.. وهل منحت الحرية الكاملة لتحافظ على عقيدتها ومبادئها، أم نزع الحجاب والقضاء على المعتقدات هو الحرية المعنية لديهم؟ لنتساءل مرة أخرى هل فشلت هذه الاحتفالات في تحقيق ذلك فشلاً ذريعا حيث أن واقع التجربة يشير إلى أن الحقيقة التي لا تقبل الجدال أو التمحيص أن الإسلام أحدث في(5/1134)
تاريخ المرأة أعظم ثورة لم تشهد مثلها من قبله ولن تشهد مثلها إلا في ظله . وأن الإسلام سبق الإعلان عن حقوق الإنسان في الإقرار بإنسانيتها قبل أوروبا وهو ما أعترف به الغرب نفسه ..
بداية الاحتفال
في البداية نقلب أوراق الماضي لنتعرف على العام الذي تم فيه تحديد صيغة الاحتفال والمكان الذي نبعت منه الفكرة.. لقد بدأ الاحتفال بهذا اليوم عام 1910 من خلال تجمع ضم نحو مائة سيدة يمثلن 17 دولة في فنلندا احتفاء بقبول ثلاث سيدات كعضوات في البرلمان الفنلندي.. ومثلت هذه الخطوة نقلة نوعية في إرساء قاعدة جيدة لسماع صوت المرأة في برلمانات العالم.
والغريب أن حادثة مقتل حوالي 140 فتاة في حريق بأحد مصانع نيويورك في العام نفسه الذي اختيرت فيه سيدات فنلندا مما أثار قضية كيفية توفير مواصفات الأمن والسلامة في مواقع عمل النساء. وتوالت الأحداث عاصفة عقب ذلك وبالتحديد في عام 1913 عند مطالبة النساء الروسيات بكامل حقوقهن في العمل بما يساعدهن على إعالة أسرهن في ظل غياب الأزواج الذين غيبهم الموت في الحروب.. ووسط بحر من الاحتجاجات والمظاهرات رضخ قيصر روسيا وأصدر موافقته بالسماح للنساء بالعمل والتصويت في الانتخابات وقد صادف ذلك يوم 8 مارس فاحتفلت النساء بالقرار واعتبرن ذلك اليوم وهو الثامن من مارس يوم عيدهن بعد انتزاعهن لحقهن في التعبير.
وكان الانتصار الأكبر عام 1945 حيث اعتمدت الأمم المتحدة عدداً من الجمعيات التي تدعم موقف المرأة عبر بحوث ودراسات وإحصائيات حول أوضاع المرأة في كافة أنحاء العالم بتوفير المساعدة لهن في شتى مجالات الحياة.
وعليه فإن المرأة في عالم اليوم أصبح لها الكلمة المسموعة بعد أن كانت كل الأشياء بالنسبة لها ممنوعة.. ولكن الاحتفال بيوم المرأة عالمياً هل يعني أن معاناة النساء انتهت وأن مشاكلهن اختفت ومتاعبهن انتفت وظروفهن تحسنت، للأسف.. التقارير تجيب بالنفي.
انتهاكات متعددة
يأتي اليوم العالمي للمرأة في ظل ظروف غاية في الصعوبة تعاني منها المرأة علي مستوى العالم لما تتعرض له من انتهاكات تتناقض مع اتفاقية جنيف الصادرة يوم 8 يونيو عام 1977م والتي تشير إلى أنه يجب أن تكون النساء موضع احترام خاص، وأن يتمتعن بالحماية، لا سيما ضد الاغتصاب والإكراه على البغاء وضد أية صورة أخرى من صور خدش الحياء خاصة مع تزايد ظاهرة العنف الجنسي ضد النساء في زمن الحرب، واستخدامه كوسيلة للقتال ترمي إلى التعذيب والإيذاء وانتزاع المعلومات والإهانة والإذلال والترهيب والمعاقبة على أفعال حقيقية أو مزعومة تنسب إلى النساء أو أفراد عائلاتهن، والقانون الدولي يحظر هتك العرض وجميع أشكال العنف الجنسي التي ترتكب في زمن الحرب واتفاقيات جنيف عام 1949 والبتروكولان الإضافيان 1977 تتضمن مبادئ قانون الحرب وتعتبر تلك الانتهاكات(5/1135)
جرائم حرب. والقانون الدولي يكفل أيضاً حماية النساء الأسيرات والمحتجزات والمعتقلات خلال النزاعات المسلحة ومعاملتهن معاملة إنسانية.
والنساء يتأثرن بفقدان ذويهن من الرجال حيث يضطررن إلى البحث عن لقمة العيش في مواجهة المستقبل المجهول. كما تحتاج النساء إلى غذاء بالقدر والنوعية الكافية للحفاظ على صحتهن وسلامتهن وفي حالات النزاعات المسلحة قد لا يتمكن من الحصول على ما يسد الرمق بسبب تدمير المزارع ومرافق إنتاج الغذاء.
النساء ضحايا للعنف
يعتبر العنف المنزلي السبب الرئيس في موت وإصابة النساء على نطاق العالم. وذكرت مصادر الأمم المتحدة المعنية بالمرأة ـ في إحصاءات نشرتها مؤخراً ـ أن هناك فقط واحدة من بين كل مائة امرأة في الولايات المتحدة من النساء اللاتي يتعرضن للضرب والاعتداء بشكل مستمر تقوم بإبلاغ السلطات عمّا تعرضت له، وفي كل 9 ثوان تتعرض امرأة للضرب والاعتداء من قبل شريكها في المنزل.
وقالت إن 59% من النساء اليابانيات هن ضحايا للعنف المنزلي.
وذكرت المصادر أن 42% من النساء في كينيا و80% من نساء باكستان قد تعرّضن لتجربة العنف داخل المنزل.
ويتم قتل 5000 عروس في الهند أو يقدمن على الانتحار كل عام؛ لأن هدية أو مهر الزواج الذي قدمته العروس للعريس لم يكن في نظر الآخرين ملائماً أو منصفاً.
وأوضحت مصادر الأمم المتحدة أن نصف ضحايا جرائم القتل في روسيا هن من النساء ويتم قتلهن بيد شريكهن الذكر.
وفي جنوب إفريقيا فإن امرأة تتعرض للاغتصاب كل 80 ثانية.
وأكدت أن امرأة من بين خمسة في الولايات المتحدة تكون ضحية للاغتصاب خلال حياتها، علماً بأن امرأة واحدة يتم اغتصابها كل 3 دقائق.
أما في "مانيلا" فيتم التبليغ في كل يوم عن تعرض امرأة للاغتصاب. وذكرت المصادر أن ثلث النساء في الباربادوس وكندا وهولندا ونيوزيلندا والنرويج يتم استغلالهن جنسياً خلال مرحلة الطفولة.
وكانت الأمم المتحدة قد أصدرت تقريراً بعنوان "نساء العالم عام 2000م: نزعات وإحصاءات" تضمن كثيرا من البيانات والمعلومات حول أوضاع النساء في العالم.
كما أصدر صندوق الأمم المتحدة للتنمية للنساء، تقريراً بعنوان "تقدم نساء العالم 2000م". كما صدر تقرير "مناهج الأمم المتحدة للتنمية، تقرير التطوير البشري 2000م"؛ وكلاهما تعرض لأوضاع النساء حول العالم.
المرأة الفلسطينية
text box: بعد فشل الحركات النسوية ..المرأة الغربية تعود إلى المنزل لتستعيد كرامتهاأما المرأة المسلمة فهي تتعرض لصور شتى من أشكال التعذيب والانتهاكات التي تفوق الوصف، بالإضافة إلى صور التنكيل المعنوية والهجوم الشرس عليها من أجل النيل من الإسلام الحنيف، فلم تسلم المرأة المسلمة من الاعتداء البدني عليها في بلاد الغرب من بعض المتطرفين والعنصريين والسبب شكلها المميز بحجابها(5/1136)
الإسلامي في جميع الظروف، كما لم يسلم الإسلام كدين من افتراءات هؤلاء حول المرأة ليستغلوها موضوعاً للهجوم على جوهر الإسلام.
ليس شيئاً من بدع القول أو أفانين الوصف، الحديث عن مأساة المرأة الفلسطينية، ذروة الانفعال العاطفي والجيشان الوجداني تتجلى بعنف وحسرة حين نتحدث عن مأساة هذه المرأة التي عانت ولا زالت تعاني، اضطهاداً وحشياً لا حدود له، وتقتيلاً وتهجيراً.. ومن ذا الذي يُبصر هذا الأنين الصابر يخرج حسيراً متعثراً بين أنقاض البيوت المهدمة وأشلاء الشهداء الممزعة، ولا تغرق أنفاسه المتحشرجة في ميازيب الدموع المتدفقة.
إنها أيام الحزن التي لا تنتهي، جعلها الخبر اليومي النازف الذي تقذف به وكالات الأنباء شيئاً من الروتين اليومي، الذي تعودنا عليه، وستبقى المرأة الفلسطينية تعاني وتقاسي.. ولنا أن نتساءل والعالم يحتفل بهذا اليوم العالمي للمرأة، ماذا قدموا وما سيقدمون لها؟ إن مأساة تعيشها أم فلسطينية فقدت فلذة كبدها، أو عاشقة غيّب القهر زوجها لكفيلة أن تفصح عن عمق الهوة التي تجترحها هذه الاحتفالات وتدعي وصلاً بها، وليلى الجريحة في فلسطين لا تقر لهم بذلك..
إن امرأة تصمد أمام أدوات الاكتساح الإسرائيلي وتجاهد بصبر وإيمان لهي خير نموذج يجب أن يقتفى أثره ويحتذى بسيره.. وليس غريباً إذ ذاك أن تتعرض لصور شتى من الإرهاب والتنكيل الصهيوني وأن تنال الكثيرات منهن الشهادة ويتعرضن للاعتقال والتعذيب داخل السجون الصهيونية، لقد تعرضت المرأة الفلسطينية لأبشع أنواع التعذيب الجسدي والنفسي من خلال الضرب بالكرباج والتعذيب بالكهرباء والمياه الساخنة والباردة والوقوف ساعات طويلة مقيدات في العراء أو في الحمامات والسجن في الزنزانة الانفرادية لمدة طويلة والتركيع وحمل بعض الأشياء عالياً وهن مكبلات الأيدي والوقوف بوضعية مقلوبة , أما التعذيب النفسي فقد تنوع بين التهديد بالاغتصاب أو تعذيب أحد أفراد الأسرة أمامها أو إخبارها بالأنباء السيئة عن أهلها وتدمير بيتها .
المرأة العراقية
من عجائب الصدف، أن تكون كلمة الافتتاح في احتفال هذا اليوم لسيدة أمريكا الأولى لورا زوجة الرئيس الأمريكي بوش، سوف تتحدث عن مستقبل المرأة، متجاهلة مأساة عالمية تخطط لها بقسوة ووحشية الإدارة الأمريكية، في الجهة الأخرى من الأرض تكمن حاملات الطائرات ويصطف الجنود والمدرعات وأحدث الآلات الحربية، بانتظار ساعة الانطلاق لشن حرب شاملة على أرض العراق وشعب العراق.. الذي عاش طوال السنوات العشر الماضية وزيادة في محنة من التضييق الاقتصادي و الصحي..
text box: بعد فشل الحركات النسوية ..المرأة الغربية تعود إلى المنزل لتستعيد كرامتهاهناك تكمن صورة أخرى من صور المعاناة التي تتعرض لها المرأة المسلمة حيث تواجه المرأة العراقية أقسى امتحانات حياتها بسبب تهديد الإدارة الأمريكية بشن حرب لا تبقي ولا تذر بحجة حيازة العراق لأسلحة الدمار الشامل رغم تأكيد المفتشين الدوليين خلو العراق من الأسلحة .. فأصبحت المرأة العراقية أمام مهمة(5/1137)
وطنية وإنسانية عامة لإنقاذ شعبها من هذه الحرب وإنقاذ البشرية من تكرارها إذا ما وقعت في أكثر من بلد آخر. إنها تدعو نساء العالم إلى وقف هذه الموجة العاتية من الإرهاب الذي تقوده الولايات المتحدة لإنقاذ البشرية من شرورها مستفيدة من تجاربها في مكافحة الفاشية قبل أكثر من نصف قرن ولا تترك المجال لها لتمارس همجيتها بحق البشرية كما فعلت الفاشية.
نساء المجاهدين الشيشان
ومن المجازر الإسرائيلية والتهديدات الأمريكية للعراق إلي صورة أخرى من صور الذل والهوان التي تعاني منه المرأة المسلمة، حيث يقوم الجيش الروسي بحملة اعتقالات في صفوف نساء المجاهدين الشيشان كورقة ضغط لتسليم أنفسهم أو إيقاف عملياتهم، ليس ذلك فحسب بل تتعرض النساء الشيشانيات لحوادث اغتصاب مروعة علي يد الجنود والضباط الروس، بالإضافة إلى بقر بطون الحاملات منهن وغيرها من صور التعذيب المختلفة التي يتفنن فيها الروس، وزاد الأمر سوء بعد حادث المسرح الأخير واكتشاف الروس وجود استشهاديات ضمن المجاهدين فزادت حدة التنكيل والتعذيب، أبرزها ما قامت به القوات الروسية المنتشرة في جمهورية الشيشان بمساعدة الشرطة الشيشانية الموالية لها بأسر شقيقة أحد المجاهدين في العاصمة جروزني كما قامت برمي طفلتها ذات السنوات الثلاث من الدور الثالث لإحدى البنايات حيث أصيبت برضوض وفقدت بصرها.
كما قامت القوات الروسية في قرية مخكتي باعتقال ثلاث نساء من زوجات المجاهدين وتكرر هذا الفعل في منطقة اتشخوي مرتان حيث قامت القوات الروسية باعتقال سبع زوجات من نساء المجاهدين. هذا وقد طلب المسئول على المدينة من المجاهدين بحماية زوجاتهم من القوات الروسية حيث لا يستطيع فعل شيء لمنع القوات الروسية.
هجمة مسعورة
لم تسلم المرأة المسلمة من الاعتداء البدني عليها في بلاد الغرب من بعض المتطرفين والعنصريين، بسبب شكلها المميز بحجابها الإسلامي الفريد في جميع الظروف، كما لم يسلم الإسلام كدين من افتراءات هؤلاء حول المرأة ليستغلوها موضوعاً للهجوم على جوهر الإسلام، وهؤلاء الذين يعتدون بدنياً على المرأة المسلمة في الغرب يحملون فجأة وبشكل يثير الشكوك والريبة لواء الدفاع عن المرأة، ويزعمون أن الإسلام قهرها وهضم حقوقها وانتهك آدميتها وقلل من شأنها.. و.. و.. الخ من هذه الاتهامات الباطلة.. إلا إن المتأمل في حقيقة الأمور يدرك زيف وكذب ما يتشدق به بعض الأصوات في الغرب، ويعلم تمام العلم أن الإسلام على العكس مما يقولون منح المرأة كرامتها وحريتها وأعطاها جميع حقوقها.
وبصفة عامة تظل المرأة المسلمة اليوم هي أكثر نساء الدنيا معاناة وألماً، ويظل الإسلام هو المستهدف الأول من وراء ذلك الهجوم الشرس وهو ما يتطلب ضرورة إيجاد موقف عربي وإسلامي فعال للتخفيف من معاناة المرأة المسلمة ورفع الضرر عنها.
الفشل الغربي(5/1138)
ويدور تساؤل هام والعالم يحتفل بيوم المرأة العالمي ..هل نجحت الفلسفة الغربية في تحقيق طموحات المرأة والتخفيف من معاناتها؟! الإجابة تتضح من خلال التجربة ففي الغرب تخضع فلسفة الثورة الأنثوية إلى مراجعة خطيرة شاملة على ضوء تجربة التطبيق العملي، ومحور تلك الفلسفة كما عبرت عنها بتي فريدان في كتابها سر الأنوثة الغامض في عام 1963, أن حصر عمل المرأة في البيت وما يتطلبه ذلك من طبخ وحياكة ونظافة , وخدمة زوجها وطاعته والعناية بتربية أطفالها , ضرب من العبودية واستغلال للمرأة وتعويق لقدراتها الفكرية والإبداعية يحولها إلى عالة على الغير وإلى مخلوق سلبي تعس . واستجاب لهذه الدعوة مئات الألوف من النساء خرجن كأطفال الأسطورة وراء مزمارها , ينشدن السعادة والحرية بعيداً عن مسئولية البيت والزوج والولد . وبعد سنوات طوال من التجربة المريرة وخيبة الأمل وتحقيق المستحيل , وفقدان مشاعر الأمومة , وتفكك الأسرة وتفشي الطلاق والفساد والعنف والانحلال الخلقي والجريمة والانتحار , يعود الغرب إلي مراجعة حساباته ويبدأ موسم العودة إلى البيت والأسرة لا قهراً ولا إذلالاً ولا تسليماً بتدني المرأة عقلياً وخلقياً ولا إنكاراً لإنسانيتها ودورها في الحياة، ولا رفضاً لحقها في الاختيار وفقد خصوصيتها وظروفها بل عن قناعة رسختها التجربة . وخرجت أفلام سينمائية تليفزيونية أبرزها زوجة الأب والشيء الحقيقي الوحيد وكلها تمجد دور المرأة كأم وربة أسرة .
وبرزت كاتبات شهيرات منهن كارولين جراقليا , ودانييل كريتندال يهاجمن الحركة الأنثوية , ويؤكدن أن استرجال المرأة لم يؤد بها إلا إلى التعاسة واليأس , وأنهن لن يحققن طبيعتهن وتطلعاتهن إلا من خلال رعاية أطفالهن وربط أسرهن , والعودة إلي البيت لا تقلل من شأنهن ولا تحرمهن حقاً دستورياً أو قانونياً من دون الرجل . باختصار إن الإسلام أحدث في تاريخ المرأة أعظم ثورة لم تشهد مثلها من قبله ولن تشهد مثلها إلا في ظله . وأن الإسلام سبق الإعلان عن حقوق الإنسان وأنه اقر لها بإنسانيتها قبل أوروبا.
ـــــــــــــــــــ
تحرير المرأة هدفه تدمير المرأة المسلمة وهدم أركان المجتمع
أ. غسان الشامي
تلعب المرأة المسلمة في مجتمعها الإسلامي دوراً فعالاً وقوياً فهي التي تشرف على تنشئة الأجيال وتربيتهم منذ نعومة أظفارهم، وهي التي تعمل على بث روح العمل والإخلاص في نفوسهم من أجل خدمة الدين الإسلامي والارتقاء به لذلك حظيت المرأة باهتمام خاص من قبل أعداء الإسلام بهدف ضربها من الداخل وإيقافها عن أداء رسالتها السامية وجعلها سلعة رخيصة في متناول الرجال، فهم يصورون لها التبرج والسفور حرية شخصية ويزينون لها الاختلاط وأن له أهدافاً سامية، ويريدون منها أن تحتكم لشهواتها وهواها حتى تصبح مجتمعاتنا نسخة من المجتمعات الضالة.
لها أون لاين اختارت أن تطرح هذه القضية على عدد من الفتيات والنساء لسماع آرائهن وتحليلاتهن في هذه القضية فخرجت بهذا التحقيق...
كيان المجتمع(5/1139)
فدوى طالبة في الثانوية العامة التقينا بها في أحد المخيمات الصيفية، تساءلت لماذا دائماً المرأة... لماذا هي في فوهة المدفع... لماذا كل المخططات تدبر من أجل إسقاطها وتدميرها... حتى أصبحنا نجدها على شاشات الفضائيات سلعة رخيصة تعرض سافرة ماجنة... لماذا كل هذا.... هدفهم ضرب المرأة من الداخل لأنها هي كيان المجتمع، فإذا صلحت المرأة صلح المجتمع وإذا فسدت المرأة فسد المجتمع.
الجاهلية الأولى
الطالبة روان أحمد إحدى الطالبات المتميزات تقول: الحمد لله على نعمة الإسلام حيث إنها اكبر نعمة في هذا الوجود، فالإسلام تبصرة لنا وهدى ونور على الطريق الصحيح، والمرأة قبل الإسلام كانت منتهكة ومذلولة وكانت أمة وخادمة وجارية ولم يكن لها أي اسم أو مكانة في المجتمع، أما عندما جاء الإسلام فقد كرمها وصانها وجعل لها من الحقوق الكثيرة التي حفظت لها مكانتها وكرامتها وحقوقها وجعل لها سورة في القرآن الكريم باسمها هي سورة النساء.
أما ما نسمعه الآن من قضايا تحرير المرأة فهذه مجرد شعارات براقة تهدف إلى العودة بالمرأة إلى زمن الجاهلية الأولى، فالتبرج والسفور جاهلية والله سبحانه وتعالى يقول: }وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى{ لذلك يجب علينا كفتيات مسلمات ألا ننساق وراء هذه الشعارات البراقة والتي لا هدف لها إلا تدمير المرأة وضربها من الداخل..
مؤامرات
منى العجلة "رئيسة جمعية الشابات المسلمات في قطاع غزة المحتل" تقول: إننا في الجمعية نحرص كل الحرص على تنظيم الفعاليات والنشاطات التثقيفية للمرأة المسلمة، وذلك بهدف توعيتها بما يحيطها من مؤامرات تهدف إلى سلخها عن دينها وإيمانها، وأيضاً هناك في هذا الصيف مجموعة كبيرة من المخيمات الصيفية كلها هدفها الأول والأخير هو حماية المرأة المسلمة من براثن الأعداء والعمل على توعيتها ثقافياً وفكرياً من أجل أن المرأة هي صانعة الأجيال داخل المجتمع لذلك يجب علينا المحافظة عليها من هؤلاء..
البداية
ويقول الكاتب محمد أحمد جمال في مقال له نشر على أحد مواقع الإنترنت الإسلامية إن بداية المؤامرة الاستعمارية على ما نسميه (حركة تحرير المرأة) كانت مع أوائل الربع الأخير من القرن التاسع عشر الميلادي.. حين بدأت أعمال (التنصير) ونشاطها المفسد في بعض البلاد العربية: مصر والسودان وسوريا ولبنان وفلسطين والشمال الإفريقي العربي - فأنشأت المدارس والكليات الأمريكية والإنجليزية والفرنسية لتعليم البنين والبنات.
ويضيف أن المنصِّرين ركزوا على تعليم البنات أكثر من البنين، وقد لاحظوا واقع تخلف المرأة العربية المسلمة في مجال الثقافة، وعرفوا في الوقت نفسه أن المرأة ذات أثر أكثر من الرجل في تربية الشباب، ومن هنا أولوها اهتماماً عظيماً حتى قال أحد شياطينهم الكبار (جيب): إن مدرسة البنات في بيروت هي بؤبؤ عيني!! لقد شعرت دائماً أن مستقبل سوريا إنما هو بتعليم بناتها ونسائها.(5/1140)
وكانت مدرسة البنات في بيروت هي أول مدرسة فتحها المنَصِّرون سنة 1830م وقد تتابع إنشاء مثيلاتها في مصر، والسودان، وسوريا، وفي الهند، والأفغان.
وكان اهتمامهم بمدارس البنات الداخلية أشد؛ لأنها تتيح فرصاً أكثر للاحتكاك والاتصال بين القائمات على إدارة المدارس ومناهج التربية والتعليم فيها، وبين الطالبات المسلمات، كما أنها بإقامة هؤلاء الطالبات فيها مدة أطول ... تبعدهن عن نفوذ آبائهن وأمهاتهن، وإشرافهم التربوي والأخلاقي!
وتعترف المنصّرة (آنا ميلغان): بأنه ليس هناك طريق إلى حصن الإسلام أقصر مسافة من كلية البنات بالقاهرة، هؤلاء البنات اللاتي ينتمين إلى أسر الباشوات والبكوات، وليس ثمة مكان آخر يمكن أن يجتمعن فيه بمثل هذا العدد تحت النفوذ المسيحي.
وتقول إن هناك - إلى جانب المدرسة والكليات التنصيرية - جمعيات الشبان المسيحيين وجمعيات الشابات المسيحيات، التي كانت امتداداً لأعمال التحرير والتطوير الثقافي والأخلاقي مع الشباب المسلم من الجنسين، وقد جاء في كتاب (التبشير والاستعمار) قول المؤلفين: (إن المبشرين يصفقون باليدين، لأن المرأة المسلمة قد تخطت عتبة دارها إلى الهواء الطلق، ونزعت عنها حجابها، وهو ما يتيح لهم التغلغل في الأسر المسلمة بتعاليمهم التبشيرية! ولهذا أخذ المبشرون يأتون بالمبشرات ليتصلن بالنساء المسلمات).
تدمير الأسرة
فداء طالبة في الثانوية العامة قسم آداب تقول: شعار تحرير المرأة الذي يرفعه الغربيون ما هو إلا واجهة للعلمانية وهدفه هدم أركان المجتمع وكيانه وبث السموم والفرقة في داخل أفراده، فالإسلام منح المرأة كل حقوقها التي تصونها وتجعل منها المرأة الأفضل في العالم.
وأضافت أن هدف هذه الشعارات هي تدمير المرأة داخل أسرتها مع أبنائها ومع زوجها فهي عندما تنساق وراء هذه الأفكار ربما يكون هناك تعارض مع فكر زوجها أو أحد أبنائها وبهذا تنشب خلافات بينهم وقد تترك المرأة بيتها وقد تطلق من أجل هذا، إذن فنسأل أنفسنا ماذا فعلت بنا هذا النداءات سوى بث الفرقة بيننا والعمل على تدمير مجتمعنا.
فأنا منذ أن كنت بالصف الثاني الإعدادي وأنا أحرص كل الحرص على ارتداء الحجاب وعلى ارتياد المساجد وحفظ القرآن وتعليم أخواتي الصغيرات وحثهم على الذهاب إلى المسجد وأشعر الآن براحة نفسية وطمأنينة لأنني أرضي الله عز وجل..
أبرز الشخصيات التي تبنت الدعوات
ومن جانبه استعرض سليمان بن صالح الخراشي في مقال له كتبه حول حركة تحرير المرأة نشر على صفحات موقع كلمات على الإنترنت أبرز الشخصيات التي دعت إلى تحرير المرأة، منهم الشيخ محمد عبده من خلال مقالاته عن حقوق المرأة وحديثه عنها في صحيفة الوقائع المصرية وهي أول صحيفة في الوطن العربي وصدرت 1923م وفي تفسير الشيخ عبده لآيات أحكام النساء.(5/1141)
وسعد زغلول، زعيم حزب الوفد المصري، الذي أعان قاسم أمين على إظهار كتبه وتشجيعه في هذا المجال.
ولطفي السيد، الذي أطلق عليه أستاذ الجيل وظل يروج لحركة تحرير المرأة على صفحات الجريدة لسان حال حزب الأمة المصري في عهده.
وصفية زغلول، زوجة سعد زغلول وابنة مصطفى فهمي باشا رئيس الوزراء في تلك الأيام وأشهر صديق للإنكليز عرفته مصر.
وهدى شعراوي، ابنة محمد سلطان باشا الذي كان يرافق الاحتلال الإنكليزي في زحفه على العاصمة وزوجة علي شعراوي باشا أحد أعضاء حزب الأمة (حالياً الوفد) ومن أنصار السفور.
سيزا نبراوي (واسمها الأصلي زينب محمد مراد)، وهي صديقة هدى شعراوي في المؤتمرات الدولية والداخلية، وهما أول من نزع الحجاب في مصر بعد عودتهما من الغرب إثر حضور مؤتمر الاتحاد النسائي الدولي الذي عقد في روما 1923م.
درية شفيق، من تلميذات لطفي السيد، رحلت وحدها إلى فرنسا لتحصل على الدكتوراه، ثم إلى إنكلترا، وصورتها وسائل الإعلام الغربية بأنها المرأة التي تدعو إلى التحرر من أغلال الإسلام وتقاليده مثل: الحجاب والطلاق وتعدد الزوجات.
المرأة عماد المجتمع
تقول اعتماد الطرشاوي "ناشطة في إحدى المؤسسات الإسلامية": إن هذه الدعوات مغرضة وليست في صالح المرأة بأي حال من الأحوال، ومن يدعو لهذه الدعوات من بني جلدتنا هم أبواق للغربيين وأداة لتنفيذ مخططاتهم ومؤامراتهم، فالمرأة لها دور كبير في المجتمع، فهي صانعة الرجال وهي المعلمة والمربية والمرشدة وهي كل شيء في هذا المجتمع، متسائلة هل يسير المجتمع بعيداً عن المرأة؟؟ إذن فضرب المرأة يؤثر تأثيراً كبيراً على كيان المجتمع وأركانه، نحن كمسلمات يجب أن يكون لنا دور مهم في العمل على تثقيف أخواتنا وأمهاتنا وبناتنا من هذه الدعوات الهدامة من خلال الأنشطة والفعاليات التثقيفية التي تهدف إلى توعية المرأة، وأقول لمن يحمل هذه الأفكار ويروج لها: اتقوا الله في النساء لأن صلاح المرأة بصلاح المجتمع وفسادها بفساد المجتمع...
وأقول لأختي المسلمة: حجابك.. حجابك، فهو رمز عفتك وطهارتك وهو حصنك الحصين وهو نجاتك في الدنيا والآخرة فالله الله في حجابك ودينك...
سلاح ذو حدين
وتتساءل الإعلامية الفلسطينية رندة جاد الله مم سيحررون المرأة من الحشمة والعفة والإيمان أم من الدين والخلق الحسن؟!!.. فالمرأة ليست مقيدة مطلقاً، بل هي حرة وفق تعاليم الإسلام السمحة ووفق عادات وتقاليد مجتمعها.
وأضافت أن قضية تحرير المرأة يقف وراءها أعداء الإسلام وأعداء الأمة العربية والإسلامية الذين يهدفون إلى النيل من هذا الدين العظيم وهذه الأمة القويمة من خلال دس السموم والأفكار الغربية في عقول النساء بحجة تحريرهن من القيود ودعوتهن لنبذ العادات والتقاليد في مجتمعاتهن وبث الخرافات التي تجعل منهن سلاحاً ذا حدين ينفذ ما يطلب منها من أجل تدمير المجتمعات الإسلامية لأنهم يدركون جيداً أن المرأة(5/1142)
هي التي بيدها التقويم والتنشئة والتربية للأبناء منذ نعومة أظفارهم، لذلك كان التركيز على المرأة دون الرجل.
وأشارت إلى أن الإسلام لم يقيد حرية المرأة مطلقاً، بل أعطاها الحقوق الكثيرة التي لا تزال المرأة الغربية تفتقدها، فكل الدعوات التي تنادي بحرية المرأة باطلة ومزيفة.
ـــــــــــــــــــ
مؤتمر المرأة في يومه الثاني يناقش مشكلات المسلمة في أندونيسيا والرؤية الشرعية لعمل المرأة
أخبار لها
القاهرة ـ ولاء الشملول:استمرت مناقشات المؤتمر الدولي الأول لقضايا المرأة المسلمة بين التشريع الإسلامي والثقافة الوافدة لليوم الثاني على التوالي والذي نظمته رابطة الجامعات الإسلامية بمشاركة كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بجامعة الأزهر، ومنظمة الإيسيسكو (المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة) وجمعية الدعوة الإسلامية بليبيا.
وتعرضت المناقشات والأبحاث في اليوم الثاني لعدة قضايا منها مشكلات المرأة المسلمة في أندونيسيا وإنجلترا، المشاركة السياسية للمرأة المسلمة في المغرب، وقضية عمل المرأة من الناحية الشرعية.
وجاءت المناقشات تحت عنوان (القضايا الرئيسية التي تثيرها التغيرات الاجتماعية في المجتمعات الإسلامية المعاصرة)
مشكلات المرأة في أندونيسيا
عرضت الدكتورة نبيلة لوبيز رئيس مجلس العالمات المسلمات بأندويسيا بحثاً بعنوان ( التغيير الاجتماعي في المجتمعات الإسلامية بالتطبيق علي أندويسيا ) وتشير إلى ظهور تيارات دينية بأندونيسيا متطرفة تبيح زواج المسلمة من غير المسلم، وترى أن العدة واجبة على الرجل كما هي واجبة على المرأة المطلقة أو المتوفى عنها زوجها، والمهر على العروس كما هو على العريس، وأباحوا الزواج المؤقت(زواج المتعة)، وطالبوا بمنع تعدد الزوجات بحجة أن التعدد يؤذي مشاعر المرأة، وفي رأيهم إذا كان تعدد الزوجات مباحاً، فلماذا لا يباح تعدد الأزواج بالنسبة للمرأة؟ وتعلق على هذا بقولها (إنهم يخلطون الحق بالباطل، ولا يحترمون قوانين الدولة ولا القانون الإلهي أيضاً، وقد نوقش هذا بين العلماء الثقاة في أندونيسيا وعبروا عن استيائهم منه مطالبين بالعودة إلى القرآن والسنة في استنباط الأحكام والتشريع).
وأكدت أن المرأة في أندونيسيا تواجه العديد من الصعوبات التي تحد من دورها في المجتمع. وتحدثت عن الكوارث الطبيعية وعواقبها، وأوضحت أن زحف"تسونامي" أدى إلي خسائر فادحة، ومن الطبيعي أن يؤثر هذا على كل النواحي ومن بينها التعليم بين الرجال والنساء، لأن الأسر كبيرة، وتكون الأولوية للرجال، وحتى إذا تعلمت المرأة يكون تعليمها بسيطا.
ولحل هذه المشكلة يتم تعليم الإناث بطريقة غير رسمية في الحدائق وغيرها عن طريق المنظمات الإنسانية حتى تكتب، تقرأ اسمها. أما بالنسبة للحالة الصحية، فقد(5/1143)
بلغ عدد حالات الوفاة بالنسبة للأمهات (307 حالة لكل 100 ألف ولادة عام 2002)، وهذه نسبة كبيرة.
وأضافت أن من بين القضايا التي تواجهها المرأة في أندويسيا قضية العنف فقد قامت وزارة المرأة بإصدار قانون يمنع العنف ويحدد العقوبات. أما عن أهم المعوقات التي تواجه المرأة أيضاً والتي تؤثر علي تعليم المرأة فمنها زيادة الطبقة الفقيرة في أندويسيا والمستوى الردئ من التعليم.
احذروا محاولات هدم الأسرة المسلمة
وقدمت المهندسة كاميليا حلمي مدير عام اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل بالمجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة بحثاً بعنوان (العولمة وإعادة تشكيل المجتمعات ) موضحة أن الغرب بصفة عامة يتبنى سياسة تفكيك المجتمعات أي جعل أهلها شيعاً وأحزاباً، لكي تفكك هذه المجتمعات فإنها تسعي إلى ضرب مواطن القوة التي تحول دون اختراق المجتمعات الإسلامية، وأحد أهم مواضع القوة في العالم الإسلامي نظام الأسرة الذي يحفظ للمجتمع قوته وتماسكه.
وأشارت في حديثها إلى أن الغرب عامة وأمريكا خاصة تستخدم جمعيات ضغط نسائية وحقوقية عامة وعبر تمويل هذه الجمعيات وتفرض من خلالها أجندة خاصة وتأتي قضايا المرأة على رأس الأجندة. كما تفرض قضايا مخالفة للشريعة الإسلامية من خلال المؤتمرات التي تعقدها الأمم المتحدة والهيئات الدولية وتسن قوانين تهدم نظام الأسرة الإسلامي من أجل الهيمنة على العالم في إطار ما يسمى بالعولمة من خلال عولمة النظام الأسري الغربي ونشره في العالم الإسلامي.
ومن البنود والقوانين التي تخرجها هذه المحاولات الخبيثة رفع القوامة من الرجل وإلغاء تعدد الزوجات ومنع الحجاب، وتدعو لرعاية المراهقات اللاتي يحملن وأن توفر المجتمعات للمراهقين حرية التعامل مع نشاطهم الجنسي بشكل إيجابي ومسئول مثل توفير وسائل منع الحمل منذ سن 9 سنوات بالمدارس، وتوفير الإجهاض الآمن! كما نصت بنود مؤتمر(سيداو) إسقاط قوامة الرجل وعدم ولاية الأب علي ابنته، ودعا إلى عدم السخرية من أو مهاجمة الشذوذ الجنسي في دول العالم حتى ولو برسم كاريكاتيري.
محاولات إفساد المرأة المسلمة
وناقش الدكتور فؤاد بن عبد الكريم مدير مركز المرأة للدراسات والاستشارات الأسرية والتربوية بالسعودية المخاطر التي تواجهها المرأة المسلمة من خلال إفساد الأسرة مشيراً إلى اهتمام الإسلام بالأسرة باعتبار أن إنشاء الأسرة المسلمة حلقة من حلقات الأمة الإسلامية، موضحاً أن أعداء الإسلام تنبهوا إلى سر قوة الأمة ممثلة بالدرجة الأولى في الأسرة والمرأة فوجهوا الضربات لها مستخدمين سلاح العولمة بذراعه الاجتماعي من خلال الترويج لنموذج المرأة الغربية في دول العالم عموماً والمسلمة خصوصاً، وتعقد من أجل هذا المؤتمرات العالمية.
وأوضح الدكتور فؤاد أنه مما تروج له هذه المؤتمرات حرية العلاقة الجنسية المحرمة وتوفير خدمات الصحة الإنجابية للمرأة وتحديد النسل والاعتراف بحقوق(5/1144)
للزناة والزواني والاعتراف بالشذوذ الجنسي والاعتراف بالزواج المثلي بين الجنس الواحد!
ويضيف أن هناك محاولات حثيثة من عدة جهات إسلامية من أجل التصدي لمثل هذه المؤتمرات المعولمة لقضايا المرأة التي تحمل مخالفات عديدة للفطرة السوية والشريعة الإسلامية وللدفاع عن المرأة والأسرة ضد دعوات إفسادها أخلاقياً وإعلامياً وثقافياً، وبين حقوق المرأة في الإسلام، والرد علي الشبهات المثارة ضدها.
الحقوق السياسية للمرأة
وتحدث الدكتور محمد فؤاد البرازي رئيس الرابطة الإسلامية بالدانمرك وعضو مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا عن الحقوق السياسية للمرأة في الإسلام، قائلاً إن الإسلام أعطى كل الحقوق السياسية للمرأة بعكس الغرب، ففي العصور الوسطى في عام 1805 كان يمكن للرجل أن يبيع زوجته بـ(6) فلسات فقط في بريطانيا، وهؤلاء الذين يزايدون على حقوق المرأة في الإسلام لم يعطوا حق الانتخاب للمرأة في سويسرا مثلاً إلا عام 1970، في حين كرم الإسلام المرأة من اللحظة الأولى.
وأكد الدكتور البرازي أن دخول المرأة في البرلمان لا يعدو عن كونه أمر بالمعروف ونهي عن المنكر وهو ما أمر الله به جميع عباده المسلمين. ويضرب مثلا بحق حرية التعبير الذي أعطاه الإسلام للمرأة بالمرأة التي ناقشت سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه أثناء خطبته في الناس بتقليل المهور عند الزواج واعترضت مستشهدة بكلام الله تعالي فما كان منه رضي الله عنه إلا أن قال:(كل الناس أفقه منك يا عمر، أصابت امرأة وأخطأ عمر).
ويشير الدكتور البرازي إلى إباحة الإفتاء للمرأة قائلاً أن الشريعة لا تمنع هذا، موضحاً أنه من كبار الصحابة المجتهدين كانت السيدة عائشة رضي الله عنها، والتي كان أكابر الصحابة يلجئون إليها عند استشكال المسائل عليهم.
وأضاف أن الإسلام أعطى للمرأة حق الولاية العامة مثل الوزارة والبرلمان والقضاء، وأشار بتخصيص الإمامة الكبرى للرجال لأن خليفة المسلمين يؤمهم ويخرج للجهاد ويقود الجيوش وهذا لا يتناسب مع طبيعة المرأة وفطرتها وما جبلت عليه من لطف ولين.
تغيير قوانين الأحوال الشخصية
وأشارت الأستاذة هدي عبد المنعم المحامية المصرية وعضو اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل إلى محاولات الغرب بالتدخل في شئون الدول الإسلامية وسن قوانين الأحوال الشخصية بما يتفق مع ممارسات الدول الغربية، مثل تغيير قانون الميراث الشرعي وجعل ميراث الرجل مساو لميراث المرأة بما يتعارض مع الإسلام، وإلغاء القوامة وولاية الأب على ابنته خاصة في الزواج!
وأوضحت الدكتورة إقبال عبد العزيز المطوع الأستاذ بكلية التربية الأساسية بالكويت أن الإسلام سمح للمرأة بالمشاركة في الحياة السياسية بل بالخروج في الغزوات مع الرسول صلى الله عليه وسلم مستشهدة بالدور الذي لعبته الصحابية رفيدة في مداواة الجرحى في الغزوات.
تمكين الرجل أيضاً(5/1145)
وتشير الدكتورة نشوى ثابت المدرس المساعد بجامعة عين شمس لضرورة النظر لقضية تمكين المرأة بما يتفق مع الشريعة الإسلامية، لأن كلمة تمكين المرأة كلمة مطاطة تشيع في مؤتمرات المرأة التي تعقدها الهيئات الدولية بما يتعارض مع الشريعة الإسلامية، فهي تقيس معيار تمكين المرأة بثلاثة معايير هي (حرية استخدام وسائل الصحة الإنجابية وحرية الخروج من البيت وحرية التنقل والسفر بدون إذن الزوج).
وتدعو إلى تمكين الرجل، فقصر التمكين على المرأة فقط يعني تجاهل فئات أخرى في المجتمع بحاجة إلى دعم ومساندة مثل الرجل الفقير والطبقة المتوسطة بصفة عامة في المجتمع، وتدعو لتمكين المجتمع الإسلامي بصفة عامة وليس فئة معينة مثل المرأة.
الدور السياسي للمرأة في المغرب
وعن هوية الدور السياسي للنساء في المجتمعات الإسلامية المعاصرة تحدثت الدكتورة بسيمة الحقاوي عضو البرلمان المغربي قائلة إن الإسلام لا يقيد خدمة الصالح العام والانخراط في العمل الجماعي البرلماني بل يحث عليه ويأمر به ولا يفصل في ذلك بين النساء والرجال يقول تعالى: " وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون"، موضحة أن الله سبحانه وتعالى يفسح آفاق العمل العام على وجه الخصوص الذي يستدعي الإبداع والخلق.
وعن وضعية المرأة المغربية في الحياة السياسية تقول إنه داخل الأحزاب لم ترق النساء في السلم الحزبي إلى درجة عضو في القيادة العليا (كالأمانة العامة أو المكتب السياسي) إلا في السنوات الأخيرة بنسبة واحدة أو اثنتين في هذا الجهاز، بصفات محددة: مستشارة أو مكلفة بملف المرأة أو بالقطاع النسائي للحزب.
وتضيف أن النساء عبر تاريخ الإنسانية قمن بدور سياسي على هامش الفعل السياسي حيث إن نساء الملوك والحكام كن مستشارات في اتخاذ القرار السياسي، بل إن النبى صلى الله عليه وسلم كان قد أخذ برأي أم سلمة رضي الله عنها في وضعية سياسية كادت تعصف باجتماع المسلمين حول الرسول صلى الله عليه وسلم على إثر صلح الحديبية إذ كانت له تجلياته على أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى مدى امتثالهم لأوامره.
رؤية شرعية واستراتيجية لعمل المرأة
وعن عمل المرأة بشكل عام جاءت الورقة التي قدمها الدكتور عبد الباقي عبد الكبير مدرس الفقه المقارن - من أصل أفغاني - والتي جاء فيها رؤية شرعية واستراتيجية لعمل المرأة، وأوضح الدكتور عبد الباقي في حديثه مع مراسلة موقع لها أون لاين أن المرأة هي نصف المجتمع، وأن فاعليتها وقيامها بوظائفها المجتمعية يجعل المجتمع أكثر قدرة على النهوض والتفوق والتأثير، كما أن قعودها عن وظائفها المجتمعية يكون سبباً في الركود والتخلف، والأمة الإسلامية قد خسرت كثيراً عندما لم تفلح في الاستفادة من قدراتها وبالأخص إقعادها المرأة عن مسئولياتها المجتمعية.
وأضاف أن الدين الإسلامي لا يطلب تعطيل المرأة عن العمل الفعال لتنمية المجتمع بل يجعل هذا العمل واجباً عليها وليس جائزاً فقط كما اصطلح، وتقصيرها في(5/1146)
الواجبات المجتمعية تقصير في الواجبات الدينية يستوجب الإثم، فإن الله عز وجل قد طلب العمل الصالح من الناس جميعا ًرجالا ونساءً.
ووضح أن عمل المرأة الطبيعي يكمن في بيتها وأن هذا من الأعمال المهمة التي لا يستهان بها، ولكن لا ينبغي أن تنحصر المرأة في بيتها وحده لأن قدرات المرأة أكبر من أن تنحصر في الأعمال المنزلية، كما أن النساء متفاوتات في القدرة على العطاء والإمكانات العقلية، ولذا فالدعوة إلى حبسها في منزلها فيه تعطيل لقدراتها التي تحتاجها الأمة.
وأكد الدكتور عبد الباقي أن القرآن الكريم نص على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الرجال والنساء، وهو واجب مجتمعي مؤسساتي نقابي، ومجال ممارسته في البيت ضيق تماماً، وهذا يدل على أن المطلوب من المرأة المشاركة الفاعلة في صياغة المجتمع بكل طاقاتها لمصلحة الوطن وتنمية البلاد ورقيها.
الإجهاض جريمة كبرى
وأكدت الدكتورة صفاء الضبع أستاذ الطب الشرعي بكلية الطب بجامعة الأزهر بنات أن الإجهاض حرام شرعاً بكل المقاييس باستثناء الإجهاض لظروف طبية عندما يكون هناك خطر على حياة الأم أو إذا كان الطفل مشوهاً تشويهاً خلقياً كبيراً، وهذا يتطلب رأياً طبياً من طبيب مسلم ثقة.
وأضافت أن الإجهاض جريمة، وتساءلت: كيف نقتل طفلاً في بطن أمه والقرآن الكريم حرم قتل النفس بغير حق؟ وليس من حقنا أن نقتل نفساً أراد الله لها أن تبقي على قيد الحياة.
المرأة المسلمة في إنجلترا
وعن المرأة المسلمة في إنجلترا تحدث الدكتور بساطي محمد سعيد أستاذ الفقه الإسلامي في جامعة برمنجهام بإنجلترا قائلاً إن المرأة المسلمة الآن تمثل حوالي ثلث عدد المهاجرين المسلمين في بريطانيا، ولكنها تنتقل بعادات وتقاليد البلد الأم التي هاجرت منها، وكذلك هي تهتم بالقضايا التي تطرح على الساحة، فقد شاركت في المظاهرات ضد الرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم مثلا، واحتلال العراق وغيرها. وعن أهم المشكلات التي تواجهها المرأة المسلمة في هذه المجتمعات أوضح عدم وجود قضاء شرعي في بريطانيا، ولأن قضايا الأحوال الشخصية تخضع للقانون الإنجليزي فإن المرأة تعاني كثيراً.
ـــــــــــــــــــ
محطات في حركة تحرير المرأة
ليلى بيومي
200 عاما من التغريب
محطات في حركة تحرير المرأة
•صافيناز كاظم: قاسم أمين "تاجر شنطة"
•سعاد صالح: قادة الحركة وضعوها في مواجهة مع الإسلام
•نادية هاشم: انتشار الحجاب خير رد على حركة تحرير المرأة
كتبت الدكتورة: ليلى بيومي(5/1147)
التأريخ لحركة تحرير المرأة التي بدأت في مصر، والتي انتشرت منها في جميع البلاد العربية والإسلامية يرتبط بالحملة الفرنسية التي جاءت إلى مصر عام 1789 م وحملت معها الأفكار التي تحض المرأة على التحرر والتمرد. وقد جاء الفرنسيون بنسائهم معهم، فكن يسرن في الشوارع سافرات، يركبن الخيول والحمير ويسوقونها سوقا عنيفا مع الضحك والقهقهة ويداعبن سائقي الحمير وحرافيش العامية. فاتخذنهم النساء الأسافل من المصريات قدوة وصرن يقلدهن ويفعلن مثلهن، وحينما دخل الفرنسيون حي بولاق وفتكوا بأهلها وغنموا أموالهم، أخذوا ما استحسنوه من النساء والبنات أسيرات عندهم، فألبسوهن زي نسائهم...
هذا ما سجله الجبرتي مؤرخ هذه الحقبة من تاريخ مصر. ولما جاء محمد على، ورغم أنه لم يؤسس مدارس حكومية لتعليم البنات، إلا أنه استقدم نساء أوربيات لتعليم بناته في قصره، ثم قلده بعد ذلك علية القوم.
وكان أول كتاب يحمل دعوة لتحرير المرأة هو كتاب مرقص فهمي (المحامي النصراني) عام 1894 م وكان بعنوان "المرأة في الشرق" وقد دعا فيه إلى نزع الحجاب وإباحة الاختلاط وتقييد الطلاق، ومنع الزواج بأكثر من واحدة.
وفي عام 1899م أصدر قاسم أمين كتابه الأول "تحرير المرأة" أكد فيه أن حجاب المرأة الذي كان سائدا حينئذ ليس من الإسلام، وأن الدعوة إلى السفور ليست خروجا على الدين ونصوص الشرع.
وفي عام 1900م أصدر قاسم أمين كتابه الثاني "المرأة الجديدة" الذي كرر فيه أفكاره السابقة ودعا إلى سفور المرأة.
وكانت كتابات قاسم أمين – على حد قول كثير من الباحثين الإسلاميين والعلمانيين – بتشجيع من الشيخ محمد عبده وسعد زغلول ولطفي السيد.
دور الاستعمار والنصارى
وظلت الحركة النسائية في مصر والمتمثلة في تعليم النساء والدعوة إلى سفورهن ونزع الحجاب والتحرر من أحكام الشريعة الإسلامية مرتبطة بالجاليات الأجنبية وبالاستعمار، فقد أنشئ في مصر عام 1835م أول مدرسة أجنبية للبنات على يد المستر ليدز ( وهو أحد المنصرين الإنجليز).
ثم أسست راهبات المحبة مدرسة لتربية البنات عام 1846م وأسست الراهبات الفرنسيسكان مدرسة للبنات بالقاهرة عام 1859م، ومدرسة ثانية ببولاق عام 1868م، ومدرسة ثالثة بالمنصورة عام 1872م.. وتكبدت هذه المدارس الكثير من المتاعب من أجل جذب بنات المصريين إليها.
ومما ساهم في تأجيج حركة تحرير المرأة، ظهور موجة من المطبوعات النسائية بدأت عام 1892م حينما أصدرت هند نوفل مجلة "الفتاة".. وهند تنتمي إلى أسرة لبنانية أقامت بالإسكندرية وتخرجت من إحدى مدارس الراهبات بها.
وفي عام 1896 م ظهرت مجلة نسائية أخرى هي "الفردوس" لصاحبتها لويزا حابلين التي جاءت مع عائلتها من الشام، وفي آخر عام 1896 ظهرت مجلة "مرآة الحسناء" التي أصدرها "سليم سركيس"، وفي بداية القرن العشرين أنشأت "لبيبة هاشم" مجلة "فتاه الشرق" وكانت تباع في مدارس مصر وسوريا ولبنان.(5/1148)
كما أصدر اتحاد النساء المصريات عام 1925 م مجلة "المصرية" وأصدرت رابطة فتيات النيل مجلة "المرأة الجديدة".
رجال صالون نازلي فاضل
نظمت الأميرة "نازلي فاضل" صالونا ثقافيا لأصدقائها من المثقفين المصريين الذين يؤمنون بحركة تحرير المرأة.. وكان من أهم أعضاء هذا الصالون الشيخ "محمد عبده"، و"سعد زغلول" و"قاسم أمين".
والغريب أن هذا الثلاثي هو الذي قاد حركة التحرير هذه... فالقيادة الثقافية كانت لقاسم أمين، والقيادة الدينية كانت للشيخ محمد عبده، والقيادة السياسية كانت لسعد زغلول، وقيادة قاسم أمين معروفة من خلال تفجيره المعركة بكتابيه "تحرير المرأة" و"المرأة الجديدة"..
وكثير من المحققين يذهب إلى أن كتاب "تحرير المرأة" هو بقلم وفكر الشيخ محمد عبده، ولكنه فضل أن يتوارى خلف اسم صديقه قاسم أمين، ومن هؤلاء المحققين د. محمد عمارة في تحقيقه للأعمال الكاملة للشيخ محمد عبده.
وهناك محققون آخرون يرون أن كتاب "تحرير المرأة" نبت في حديقة أفكار الشيخ محمد عبده، وبه عبارات للشيخ كتبها عن حقوق المرأة في مقالات مجلة "الوقائع المصرية"... وفي تفسيره لآيات أحكام النساء.
أما الزعيم السياسي "سعد زغلول" فلم يترك فرصة يروج فيها لتحرير المرأة إلا
اغتنمها، لدرجة أنه اشترط على النساء اللواتي كن يحضرن لسماع خطبه أن يزحن النقاب عن وجوههن، ثم كان هو أول من نزع الحجاب عن المرأة المصرية عندما دخل في إثر عودته من المنفي إلى سرادق المستقبلات من النساء فاستقبلته هدى شعراوي بحجابها، فمد يده ونزع الحجاب عن وجهها وهو يضحك واتبعتها النساء فنزعن الحجاب بعد ذلك.
وكذلك فعلت زوجته "صفية زغلول"، ابنة مصطفي فهمي باشا، رئيس الوزراء وقتئذ، وأشهر صديق للإنجليز عرفته مصر.
هدى شعراوي والاتحاد النسائي
هدى شعراوي هي ابنة محمد سلطان باشا الذي خان الثورة العرابية وكان يرافق الإنجليز عند دخولهم القاهرة محتلين، وقد اشتركت هدى شعراوي في ثورة 1919م... وأسست الاتحاد النسائي في عام 1924م بعد عودتها من مؤتمر الاتحاد النسائي الدولي الذي عقد في روما 1922م... والذي نادى بمجمل مبادئ حركة تحرير المرأة المعروفة. وقد مهد هذا الاتحاد لعقد مؤتمر الاتحاد النسائي العربي عام 1944م... الذي رحبت به الولايات المتحدة وبريطانيا.
على خطى هدى شعراوي
وكانت "سيزا نبراوي" صديقة هدى شعراوي زميلتها على درب الحركة النسائية وأكملت المشوار بعدها، ثم جاءت "درية شفيق" التي سافرت إلى فرنسا وإنجلترا وحصلت على الدكتوراه وشكلت بعد عودتها حزب "بنت النيل" عام 1949م بدعم من السفارتين الأمريكية والبريطانية، وكان لها حضور بارز بعد الثورة في هذا المجال.(5/1149)
وعلى خطى "هدى شعراوي" جاءت د. "سهير القلماوي" التي تربت في الجامعة الأمريكية بالقاهرة وتنقلت بين الجامعات الأمريكية والأوربية ثم عادت للتدريس في الجامعات المصرية.
ثم جاءت "أمينة السعيد" التي رأست مجلة حواء... وكانت جريئة في الهجوم على أحكام الإسلام والأعراف الإسلامية.
وورثت د. "نوال السعداوي" الراية.. وهي أكثر تطرفا في الهجوم على كل ما ينتسب للإسلام بصلة.. ومن جملة خرافاتها أن الحج شعيرة وثنية.
في مواجهة حركة تحرير المرأة
وقف الأزهر ضد ما في حركة تحرير المرأة من تصادم مع الشريعة الإسلامية... فكان مع تعليم المرأة، ولكنه لم يكن مع خروجها واختلاطها بالرجال، كما وقف ضد الدعوة إلى حظر تعدد الزوجات وتقييد الطلاق.
ومنذ أن ظهرت دعوة قاسم أمين للعلن عارضها نفر من ذوي الاتجاه الوطني مثل الزعيم مصطفي كامل الذي رأى أن أفكار قاسم أمين ضد الشريعة الإسلامية وتخدم الاستعمار الإنجليزي.. كما ألف الاقتصادي المصري الكبير محمد طلعت حرب كتابه "تربية المرأة والحجاب" للرد على قاسم أمين وتفنيد أفكاره التي لا تخدم التحرير الوطني.
قاسم أمين تاجر شنطة
الأدبية والكتابة الإسلامية "صافيناز كاظم" تعترض على وصف قاسم أمين بأنه "محرر المرأة".. لأنه كان مشغولا بقضية التغريب أكثر من انشغاله بقضية تحرير المرأة.
في كتابي قاسم أمين "تحرير المرأة" و "المرأة الجديدة" قال إن مصر كان أمامها طريقان: محاكاة أوروبا أو العودة إلى الإسلام... وقد اختارت مصر محاكاة أوروبا... فهو لم يقل التمثل بأوروبا أو الإقتداء بالنماذج الطيبة هناك.. وإنما قال "محاكاة".. وفي كل كتابات قاسم أمين كانت هذه هي نقطة اهتمامه الرئيسية. وكان لابد أن يكون هناك لافتة براقة لقضية التغريب وهى قضية المرأة... لأن قاسم أمين كان "تاجر شنطة" ثقافية ولم يكن صاحب رؤى أصيلة، والبداية الإسلامية الصحيحة في قضية المرأة بدأها الشيخ حسن البنا... فقد كانت هناك جمعية "السيدات المسلمات" التي كانت ترأسها الداعية زينب الغزالي... فمد لها يده لدمج العمل، لأنه لا شيء اسمه الرجال وحدهم والنساء وحدهن... وقد كانت هذه لفتة ذكية ومتطورة من حسن البنا.
بينما كانت بداية قاسم أمين خطأ.. كانت بداية "ملك حفني ناصف" بداية صحيحة.... وكانت معاصرة لقاسم أمين.. وكانت دائماً تهاجم دعوته... وكان لها برنامج بديل ومتكامل في تهذيب المرأة المصرية وتطويرها وتعليمها.
دور استعماري مشبوه
أما د. "سعاد صالح" ـ أستاذة الفقه بجامعة الأزهر ـ فترى أن حركة تحرير المرأة تحمل الكثير من الأفكار المعادية للإسلام... ورموز هذه الحركة وضعوها في مواجهة الإسلام، فلم يحرصوا أن يكونوا متوافقين مع تعاليم الإسلام، فقد تصوروا أن الإسلام هو مصدر لقهر المرأة وإذلالها. ومشكلتهم أنهم لم يفهموا الإسلام(5/1150)
وتعاليمه فهماً عميقاً متكاملاً... وفي الوقت الذي أصدر فيه قاسم أمين كتابيه اللذين دشن بهما أفكار الحركة... في هذه الأثناء.. ألّف الإيطالي "أومتليو جوريو" كتابه "ثورة النساء في الإسلام" ووصف كتابي قاسم أمين أنهما ذوى طابع ثوري خطير... وقال إن تعاليم القرآن في موضوع المرأة أحفظ لكرامتها من أفكار قاسم أمين.
فالإسلام حض على تعليم المرأة ومشاركتها في جوانب الحياة المختلفة وحذر في ذات الوقت من الاختلاط المحرم وعدم الحياء، ونحن نعترف بأن الأمة تعرضت لعصور جهل وظلام كثيرة نتيجة بعدها عن الدين، ولم تأت – كما يزعم هؤلاء – بسبب تمسكها بالدين، ورثت الأمة فيها بعض العادات التي ألصقها القوم بعد ذلك بالإسلام وهو منها بريء. وحينما جاء الاستعمار كان كل همه هو تفكيك الأسرة المسلمة التي كانت أساس تماسك المجتمع الإسلامي.
فعملوا جاهدين على تصدير أفكارهم في هذا الشأن إلينا... والعجيب أنهم لم يملوا في ذلك.. فما زالوا حتى الآن يتحدثون عن قهر الإسلام للمرأة وينادون بحقوق الإنسان وحقوق المرأة في المجتمعات الإسلامية على المنهج الغربي المنحرف.
الصحوة الإسلامية رد طبيعي
الدكتورة "نادية هاشم" ـ أستاذة الفقه بجامعة الأزهر ـ مازالت متفائلة، ولا يقلقها ما تطرحه حركة تحرير المرأة، وحجتها في ذلك الديناميكية الهائلة للإسلام، على مقاومة الضغوط والتغلب عليها، فرغم شراسة الحملة لتمرير ما يسمونه بقضية تحرير المرأة منذ وصول الحملة الفرنسية على مصر وحتى الآن، أي قرابة مئتي عام.... لم يفلحوا إلا في القليل، وكانت الصحوة الإسلامية التي اجتاحت العالم العربى والإسلامي، بل ووصلت إلى المجتمعات الأوروبية نفسها، خير رد على مخططاتهم.
فالفتاة العربية المسلمة بعد أن تعلمت وأصبحت طبيبة ومهندسة ومحامية وأستاذة في الجامعة ومعلمة وطالبة في الجامعة، وفي المرحلة الثانوية ارتدت الحجاب وضربت بأفكار حركة تحرير المرأة عرض الحائط، بل ووصل الحجاب إلى فرنسا وألمانيا ومختلف أنحاء أوروبا وأمريكا فلم يجد القوم إلا القوانين المقيدة للحريات لمواجهة الحجاب.
ـــــــــــــــــــ
معوقات أمام المرأة في الدعوة
تظل الدعوة إلى الله تعالى من أنبل وأشرف المهن، كيف لا وهي مهمة الأنبياء والرسل الذين اصطفاهم الله من خيرة خلقه ليحملوا على عواتقهم مسئولية تبليغ هذه الدين للناس كافة؟ إن الدعوة إلى الله تعالى مجال خصب وميدان فسيح للجهاد في سبيل الله، فالمجاهد والداعية كلاهما يسلكان كل الطرق للوصول لهدف واحد.
وإن من المعلوم أن الفرد يجب أن تتوافر معه أدوات معينة كي يمارس هذا النوع من النشاط – وليس المجال هنا مجالاً لبسطها - ويحلو لنا في بداية هذا الموضوع أن نؤكد على أن الدعوة إلى الله تعالى ليست حكراً على الرجال كما يظن البعض؛ بل إن الدعوة مهمة الرجل والمرأة على حدٍ سواء ويكون كل منهما لبنة في صرح هذا البناء الشامخ.(5/1151)
وتتبوأ المرأة في هذا الجانب موقعاً في غاية الأهمية كيف لا وهي مربية الأجيال والنواة الأولى لكل أسرة. ومما يؤكد لنا أهمية وضرورة ممارسة المرأة للدعوة وجود نصوص من الكتاب والسُنَّة تفيد اشتراك المرأة مع الرجل في خطاب التكليف قال تعالى: }ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر{... وقوله صلى الله عليه وسلم: "من رأى منكم منكر فليغيره بيده..".
وكذا وجود نص صريح خاص بتكليف النساء بالدعوة كقول الله تعالى في حق نساء النبي صلى الله عليه وسلم }وقلن قولاً معروفاً{، وقوله أيضاً في حقهن }واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة{. كذلك من المعلوم أن الإسلام وضع ضمانات خُلقية للمرأة تتمثل في وجوب حشمتها عن الرجال الأجانب، وهذا يستوجب وجود داعيات في الوسط النسائي، ومن الأمور المؤكدة لأهمية وضرورة وجود الداعية في النساء وجود أعذار شرعية خاصة بالنساء لا يطلع عليها غيرهن فهن أقدر على الإيضاح فيما بينهن.
وإن كانت المرأة المسلمة قد كلفت شرعاً بالقيام بالدعوة إلى الله فإن ذلك التكليف مبني على عدة مسوغات وأسباب يتضح من خلالها مدى ما تحققه تلك المسوغات والأسباب من بيان شامل لإمكانية مشاركة المرأة بالدعوة، فإن المرأة في الغالب تكون أقدر من الرجل على بيان وتبليغ بعض ما يخص الوسط النسائي نظراً لتجانس الظروف. أضف إلى ذلك أن مجال تأثر المرأة بأختها سواء في القول أو في العمل والسلوك أكثر مما تتأثر المرأة فيه بالرجل، لأن فعل المرأة الداعية هو نفسه نوع من دعوة النساء بفعلها على عكس الرجل حيث يكلف بأمور لا تكلف بها وتكلف المرأة بما لا يكلف به الرجل. والمرأة بحكم معاشرتها لمجتمع النساء تستطيع أن تطرق المجالات كافة التي تحتاجها المرأة في مجال الدعوة. كذلك تميز الأولويات في القضايا الخاصة بهن وتستطيع وبشكل واضح ملاحظة الأخطاء سواء ما يتعلق بالعقيدة أو العبادات المفروضة أو السلوك مما يدفعها إلى التنبيه وتصحيح الخطأ.
ويتسنى للمرأة القيام بالدعوة الفردية الذي يصعب على الرجل القيام به مع تحريم الخلوة. كذا سهولة الاتصال وذلك من خلال المدرسة والزيارات المتكررة والهاتف.
بل إن المرأة الواعية لأهمية دورها لهي خير قائد وخير حامل لهذا اللواء خاصة، ونحن نؤمن فيما لا مجال للشك فيه أن مجتمع النساء بحاجة إلى تكلم المرأة الداعية الموجهة، مع وجود ذلك التيار القوي الذي يستهدف المرأة لكونها مربية الأجيال، فهو لن يهدأ حتى يخرج المسلمة من بيتها سافرة متبرجة تبيع دينها بعرض من الدنيا زائل.
إذاً فللمرأة في هذا المجال هموم وآمال وأفق جميل تنطلق إليه، ولكن قد يقف أمام تحقيقها عوائق ومصاعب ربما تقضي على مشروع المرأة الداعية في مرحلة من المراحل.
ويمكن تقسيم تلك المعوقات إلى نوعين:
الأول: هو نابع من المرأة نفسها فالسبب فيه عائد للمرأة نفسها.(5/1152)
الثاني: من قبل البيت الذي تعيش المرأة فيه ومدى دفعه ومنعه لها. ويشاركنا في مناقشة هذا الموضوع من زوايا مختلفة كل من: الشيخ سعد الغنام الداعية المعروف والأستاذة البندري العمر عضو هيئة التدريس في كلية الشريعة بالرياض.
ويحسن أن نبدأ الموضوع من المعوقات داخل البيت فيأتي في مقدمتها:
أولاً: الأعباء المنزلية:
إننا إذا أمعنا النظر في نظام الحياة في العالم الإسلامي فيما يتعلق بخدمة البيت والزوج والأولاد لوجدنا أن طابع الحضارة الغربية والشرقية يكاد يسيطر على بيوت المسلمين. وإن استمرار هذا الطابع لهو أشد العوائق أمام المرأة عن الدعوة، وعلى ذلك فعلى الأمة إعادة رسم خارطتها الفكرية والعلمية من جديد على الأسس الموجودة في الكتاب وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم حتى تستطيع المرأة تحديد مسئوليتها في بيتها وأسرتها بدقة وفق وصية الرسول – صلى الله عليه وسلم – في حديث المسئولية الذي يتضمن "والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها".
يقول الشيخ سعد الغنام في أثناء حديثه عن الأثر المترتب على إهمال المرأة الدعوة داخل نطاق البيت والأسرة قال: إن عجز المرأة عن إقامة محضنٍ تربوي في مقر بيتها، يعني شللها التام عن القيام بدور فعال في المجتمع الكبير، وهذا هو الواقع مع الأسف، ونرجو أن لا يكون ذلك سبباً للإحباط بقدر ما يكون دافعاً للتصحيح والنقد الهادف، التربويون يقولون بأن السنوات الأولى من حياة الطفل تترك آثاراً عميقة في نفسه، فهل يا ترى استشعرت المرأة المسلمة هذه المرحلة الذهبية للنقش والتكوين لتجذير مسائل العقيدة والأخلاق؟ ولا شك أن خلايا المجتمع تبدأ من الأسرة ولذلك سارعت وسائل الدمار العقدي والأخلاقي لتقويض دعائم الأسرة المسلمة، ومن ثم تفتيت المجتمع الإسلامي وإفراغه من محتواه.
كثيرة هي البيوت التي تضج بالمنكر بأنواعه وفنونه، ولا تخلو كذلك من وجود فتيات صابرات ويسكتن على ذلك على مضض ويستعظمن ممارسة الدعوة في بيوتهن رهبة وإكباراً لأمرها. الأستاذة البندري العمر عضو هيئة التدريس في كلية الشريعة تضع إشارات على طريق من كانت تلك حالها تقول: لا بد من الصبر والمصابرة وعدم اليأس، والاستعانة بالله تعالى والاستمرار في الدعاء، ثم على من كانت تعاني من مثل هذا الحال أن تحرص على فن التعامل معهم واكتساب ذلك عن طريق القراءة في الكتب التي تعتني بالموضوع وسماع الأشرطة التي تتحدث عن ذلك؛ حتى تكسب قلوب أفراد عائلتها وإذا تم لها ذلك سهل الطريق أمامها، كما عليها أن تفقه الأولويات وكذلك تعرف المصالح والمفاسد وتعلم أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، كما عليها أن تسعى وتعمل لنقلهم من المعاصي إلى المباحات، فإذا تيسر وحان وقت العبادات التطوعية وتهيأت أنفسهم لها نقلتهم إليها، كما أن عليها أن تحرص على غرس احترامها في نفوسهم حتى لا يجاهروا أمامها بالمعصية فتضطر إما للسكوت على الإنكار أو الانفعال فيحسب عليها لا لها وينهدم ما قد بنته في أيام وليال، وعليها أن تحرص على التخلق بالحلم والصبر والأناة، وكذلك تحرص على الدعوة بطرق غير المباشرة كالثناء عليهم ثم استهجان بعض التصرفات التي تقع من(5/1153)
الناس في مجلس آخر وقد تقع منهم، أو الثناء مع إظهار أنهم لا ينقصهم إلا ذلك الأمر فإن هذا يدعوهم لقبول النصح لذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "نعم الرجل عبدالله لو كان يقوم من الليل".
ثانياً: داخل البيت رب الأسرة:
أيضاً يدخل ضمن المعوقات داخل البيت رب الأسرة، فترى كثير من النساء أن رب الأسرة أباً كان أو أخاً أو زوجاً يمثل عائقاً أمام المرأة في الدعوة.
ويعود هذا العائق إلى عدة أسباب لعل من أبرزها:
أ- عدم اقتناع رب الأسرة بمسئولية المرأة الدعوية، فكثير هم أولئك الرجال الذين يهمشون دور المرأة ولا يرون أنها أهل لأي عمل علاوة على أن يكون عملاً دعوياً. فيظن أحدهم أن دور المرأة ينحصر في تربية الأولاد والقيام على شئون البيت وسد متطلباته وحسب، ولا يراها مجدية في غير ذلك؛ لكونه يرى كثرة الدعاة إلى الله والعلماء، وفي المقابل تراه يتحرج من سؤال زوجته أهلَ العلم إن هي اضطرت لذلك، مما يدل دلالة واضحة على أهمية انخراط المرأة في هذا المجال ولو على الأقل لسد حاجة النساء في أمور الفقه وغيرها.
ولعل غالب أحوال أولياء الأمور من هذا النوع عدم الاستقامة، لكن نقول أن على المرأة الداعية القيام بواجبها في الدعوة بأساليب الدعوة المعروفة.
كذلك من الأمور التي يمكن أن تكون عائقاً للمرأة عن الدعوة.
ب- سوء استخدام ولي الأمر للقوامة: فإن بعض أولياء الأمور لا يفهم من قوله تعالى: }الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض{ إلا معنى التسلط وظلم المرأة وعدم إعطائها الحرية في مشاركته الرأي، في حين أن قوامة الرجل على المرأة إنما هي قوامة تنظيم وإدارة ورياسة عامة للأسرة ليس لأحد من أفرادها الخروج عليها، وإذا كان المسلم يعرف أن سبب إسناد هذه القوامة إليه من الله عز وجل إنما هو ما فضل الله به الرجال على النساء وبما أنفقوا؛ فإن هذه المكانة لا تعطيه حق ظلم رعيته أو توجيه الإهانة والازدراء لهم والتضييق عليهم.
ويؤكد الشيخ سعد الغنام ذلك فيقول: إن الوسطية والتوازن من أعظم النعم التي يمن بها سبحانه على عباده، وفي موضوعنا هذا هناك أناس محرومون من فتح باب الخير لمحارمهم للانطلاق في ميدان الدعوة، وهناك آخرون منفلتون في ذلك بدون ضوابط والتوفيق بيد الله.
ج- صعوبة المواصلات عقبة كئود أمام انخراط المرأة في الدعوة إلى الله، فالمرأة المسلمة الواعية تعرف أن دينها يحرم عليها التبرج والسفور والاختلاط والخلوة مع الرجل الأجنبي، كما أنه يحرم عليها السفر بدون محرم، فالسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: كيف تعمل المرأة الداعية في مجال الدعوة الذي يحتاج إلى الحركة والانتقال والاتصال بالأخوات لدراسة مشروع أو لإلقاء محاضرة أو غير ذلك؟
وقد تكفل الدكتور أحمد بن محمد أبابطين الأستاذ المساعد في قسم الدعوة والاحتساب بالرياض بالإجابة عن هذا السؤال في كتابة المرأة المسلمة المعاصرة إعدادها ومسئوليتها في الدعوة. فقال: إن الله سبحانه وتعالى وضع للرجل والمرأة أحكاماً فقهية لا يجوز لأي منهما أن يتجاوزها، وهو كذلك لا يحاسب عباده على شيء لم(5/1154)
يكلفهم به وما ليس في طاقاتهم كما قال تعالى: {لا يكلف الله نفساً إلا وسعها} وعلى ذلك فما الذي يحرج المرأة الداعية في هذه القضية فتحمل نفسها ما لم تكلف به شرعاً، وهي تعلم علم اليقين أن لها أوضاعاً خاصة تختلف فيها عن الرجل، وهذه الأوضاع لها أحكام خاصة في الشريعة تتفق مع الفطرة التي خلقت عليها المرأة ولا ينبغي منها الخروج عنها.
عندما فرض الإسلام الحجاب في حق المرأة، وكلف الرجل بالقوامة عليها وأعطاها حقوقها كما قرر سبحانه: }ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة{ كما أن للمرأة حق المعاشرة بالمعروف تنفيذاً لأمر الله سبحانه }وعاشروهن بالمعروف{ وهذا الحق الذي لهن ومعاشرتهن بالمعروف وفق ما شرع الله يختلف من عصر إلى عصر، فإذا غلب على طابع العصر أن تخرج المرأة لطلب العلم أو للتعليم أو التطبيب أو أي خدمة اجتماعية أو زيارة أو حضور حفل؛ فإن من الحق الذي لهن ومعاشرتهن بالمعروف أن يؤمن لهن سبيل وصولهن إلى هذه الأماكن مع المحرم بعد إذن ولي المرأة.
ويضيف د. أحمد فيقول: وإذا أذن ولي أمر المرأة من زوج أو أب أو أخ للمرأة بالخروج لأماكن العلم أو الدعوة فيلزم اتخاذ الإجراءات التالية:
1. أن يتولى ولي الأمر أو أحد المحارم إيصالها.
2. إذا تعذر الأمر الأول فبالإمكان الاستعانة بسائق مسلم ثقة ترافقه زوجته أثناء خروج المرأة داخل البلد.
3. كما يجوز لامرأتين فأكثر استخدام السيارات العامة الصغيرة والحافلات الكبيرة بشرط أن يكون السائق مسلماً مأموناً.
4. إذا تعذر ذلك وجب على ولي الأمر في الدولة المسلمة تأمين وسائل المواصلات الخاصة بنقل النساء.
5. هذا بالإضافة على وجود مجالات الدعوة داخل البيت، كقيامها على تربية الأولاد ودعوة الزائرات والدعوة عن طريق الهاتف والكتابة في مواضيع الدعوة الكثيرة.
ما سبق نعدها عوائق أمام المرأة عن ممارسة الدعوة نابعة من البيت.
وبعد هذا التطواف بعدد من العوائق المانعة للمرأة من ممارسة الدعوة، يحلو لنا أن نعرض لعدد من المجالات التي يمكن للمرأة ممارسة الدعوة بنجاح فيها. فتعد الأستاذة البندري العمر لنا مجالات سبع ترشحها كمجالات ناجحة يمكن للمرأة أن تشارك فيها بالدعوة دون أدنى عائق وهي:
1. الأسرة: فتستطيع أن تؤثر على أطفالها ووالديها وإخوانها وخادمتها دون عائق.
2. المدرسة: سواء كانت طالبة أو معلمة فتستطيع أن تؤثر على الزميلات والطالبات، وحتى الطالبة تستطيع أن تؤثر على معلمتها عن طريق المطويات والمجلات الحائطية والإذاعة المدرسية، وعن طريق كلمة صادقة تلقيها أثناء درسها أو محاضراتها أو حديثها مع من حولها.
3. الأقارب: فتستغل الجلسة العائلية والجلسة مع الأقارب، فتؤثر عليهم عن طريق قصة تقف معها بعض الوقفات، أو مسابقة هادفة تخللها ببعض الأحكام الفقهية والتعليق على بعض الآيات والأحاديث.(5/1155)
4. الكتابة في المجلات الحائطية في المدارس وأماكن العمل، والمشاركة في المجلات الإسلامية والردود على الأفكار الهدامة في بعض المقالات.
5. المستشفيات: فيمكن للمرأة أن تستغل فترة انتظارها بالتأثير على من حولها من المراجعات والممرضات، ووضع الكتيبات والمطويات النافعة على أرفف مكتبات استراحات المستشفيات.
6. دور تحفيظ القرآن الكريم فهي مجال خصب لتربية نساء الأمة، فتضاف إلى حفظ القرآن ودروس التجويد المحاضرات والندوات والبرامج، والمسابقات الهادفة. والتأثير على الحي بكامله من خلالها عن طريق إقامة المسابقات ثم إعلان النتائج في الدار وإقامة محاضرة مؤثرة لهم.
7. دار رعاية الأيتام ودار الملاحظة الاجتماعية فمن استطاعت أن تتعاون معها فهو أمر عظيم لمسيس حاجتهم وقلة المهتمين بهم.
ويدعم الشيخ سعد الغنام المجالات التي ذكرتها الأستاذة البندري بقوله: هذه الجوانب وغيرها لا يمكن للرجل أن يفيد فيها مثل إفادة المرأة؛ لأنها من بنات جنسها وأقرب لمشاعرها من الرجل الذي قد لا يفهم مشكلاتها بالشكل الصحيح، وقد لا تقبل منه كل شئ؛ لأنها تشعر بالفرق بينهما في أمور كثيرة، ومن الجوانب التي تحتاج للنساء فيها بشكل كبير قضايا الفتوى وما يكتنفها من مسائل دقيقة يمنع المرأة الحياء من الخوض فيها مع الرجل.
ويقول أخيراً أن كل من حملت هم الدين وعرفت المسئولية العظيمة للقيام بحقه ستعرف كيف تعمل؟ وأين تعمل؟ وستعرف كيف تذلل العقبات وتتجاوز مرارة الفشل لو أصابتها، وستعرف كيف تستفيد من خبرات من لهن قدم سابقة في المجال، وكيف تنشئ علاقات تستفيد منها معهن.
ونؤكد هنا على أنه يجب على كل أحد إذا أراد أن يدخل مجالاً يعلم صعوبته يجب عليه أن يتزود بأمور تضمن له بإذن الله تعالى النجاح، وهكذا الدعوة يجب أن تتحلى المسلمة قبل الدخول في مضمارها بحلة العلم.
فما هو القدر المطلوب منه والذي يجب أن يكون عند المرأة حتى تقوم معه بالنشاط الدعوي؟ وهل توفره شرط في الحقيقة؟ سؤال طرحناه على الأستاذة البندري العمر فكانت الإجابة: العلم قبل العمل، والدعوة إلى الله شرط لا بد منه، ولذا قال تعالى آمراً ورسوله – صلى الله عليه وسلم -: أن يقول للمشركين وغيرهم: {قل هذه سبيلي ادعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني}.
فالبصيرة: الفقه في دين الله، بأن يعلم بما يأمر به وما ينهي عنه. وذلك أن العلم يقي من الشبهات ويحفظ من الزلات والهنات، والجهل باب كل شر وفتنة فقد زين له الشيطان أمراً فيدعو له فيضل ويضل، والقدر المطلوب أن تفقه حكم ما تريد إيضاحه للناس بكل جوانبه وما يتصل به من معانيه وحكمه وأدلته وما يعرض له من شبه وكيف تدفعها. وتعرف المادة العلمية المراد عرضها وتأخذها من مصادرها، فإن كانت في أول الطريق يحسن بها أن تعرض المادة على من عرف علمه كالمشايخ المعتبرين والدعاة البارزين والداعيات الراسخات المعروفات بالعلم والعمل، فتصوب ما أمر بتصويبه وتتعلم مع ذلك الكيفية الصحيحة التي تعرض بها المادة العلمية(5/1156)
فتعرف طريق الدعوة وأساليبها والأنسب منها لكل مقام امتثلاً لقول تعالى: }ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة{.
فالحكمة تشمل:
1. معرفة المخاطبين ومراعاة أحوالهم.
2. اختيار الوقت المناسب والمكان المناسب والموضوع المناسب، فلا تعظ عن الموت في حفل زفاف وما أشبه ذلك لئلا ينفر الحاضرين.
3. التشويق قبل عرض المادة العلمية وتحبيب الخير للناس وتبغيض الشر لهم ليقبلوا على الخير بحماس.
4. فقه الأولويات والبدء بالأهم فالمهم، ومعرفة المصالح والمفاسد.
الآثار المترتبة لممارسة المرأة للدعوة: -
لا بد أن يكون لجهودها آثار ملموسة ولعل تلك الجهود تتلخص في الآتي:
1. إن عدم قيام المرأة بالدعوة يؤدي إلى الوهم واعتقاد عدم تكليف المرأة المسلمة بالدعوة.
2. إن قيام المرأة بالدعوة يؤدي إلى انتشار العلم بصورة أوسع وأشمل.
3. كما أن قيام المرأة بالدعوة يجعل منها رقيبة على نفسها في قولها وفعلها وحركاتها وسكناتها حتى لا يختلف القول عن العمل فتظهر مالا تبطن.
4. إن عمل المرأة الدعوي يؤدي إلى اختفاء كثير من الممارسات الخاطئة التي أخذت طابع الظاهرة الاجتماعية في المجتمع النسائي بالذات.
5. إن مشاركة المرأة في الدعوة يؤدي إلى إبراز المكانة الشخصية للمرأة في تعاليم الإسلام.
6. من الآثار المهمة سد ثغرة من ثغور الإسلام؛ لحماية عرينه وتماسكه الاجتماعي، والصمود أمام الباطل الموجه ضده بعامه وشئون المرأة المسلمة خاصة.
7. إن مشاركة المرأة المسلمة للرجل في الدعوة إلى الله مما يوجد التوازن في التوجيه واتحاد الأهداف وتضافر الجهود؛ لإخراج جيل مسلم مستنير بعلوم القرآن الكريم والسنة المطهرة مترب على الأخلاق الحسنة ويسوده التعاون والألفة والمحبة.
وبعد أختي المسلمة: فلعل الجميع يدرك أهمية الدعوة إلى الله تعالى، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والاحتساب على عامة المجتمع وعلى مختلف أصنافه وجميع أجهزته وإداراته.
وأن العمل للدين مسئولية الجميع كل بحسبه، وأن على المسلم بوجه عام والداعية وطالب العلم على وجه الخصوص المساهمة الفعلية في خدمة الإسلام والدعوة إليه.
وليعلم كل مسلم أنه في هذه الحياة إما أن يتقدم إلى الخير والإيمان أو يتأخر نحو المعصية والنقصان، فليس هناك وقوف أو استراحة.
فانظري أختي الكريمة إلى رصيدك من الخير وما نصيبك من الاحتساب وما سهمك في تلك القافلة التي يقودها الأنبياء والمرسلون.
لقد تعددت وسائل الدعوة وطرقها فأين وقع سهمك.
فالبدار البدار والمسابقة المسابقة والتنافس التنافس في طريق الخير وسبل الحق: روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم –(5/1157)
قال: "بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً أو يمسي مؤمناً ويصبح كافراً يبيع دينه بعرض من الدنيا".
المصدر لها أون لاين
ـــــــــــــــــــ
المرأة والدعوة ... طريق الورد والشوك
سلمان بن فهد العودة
لاشك أن الشيطان لن يترك دعاة الحق في مسيرتهم دون أن يضع لهم العقبات في طريقهم أملا في ثنيهم عن الوصول إلى أهدافهم وتحقيقها وإن لم يستطع فلا اقل من تعطيلهم وتأخيرهم ولذا نجد أن هناك عقبات كثيرة تعترض المرأة الداعية، كما يعترض الرجل الداعية عقبات أخرى كثيرة، فمن العقبات التي تعترض المرأة الداعية.
أولاً: عقبات نفسية:
الشعور بالتقصير:
إن كثيرًا من الأخوات الداعيات تشعر بأنها ليست على مستوى المسؤولية التي ألقيت عليها، وهذه في الحقيقة مكرمة وليست عقبة.
إن المشكلة تكون إذا شعرت الفتاة بكمالها أو أهليتها التامة، ومعنى ذلك أنها لن تسعى إلى تكميل نفسها، أو تلافي عيبها، ولن تقبل النصيحة من الآخرين؛ لأنها ترى في نفسها الكفاية، أما شعورها بالنقص أو التقصير، فهو مدعاة إلى أن تستفيد مما عند الآخرين، وأن تقبل النصيحة. وينبغي أن تعلم الأخت الداعية أنه ما من إنسان صادق، إلا ويشعر بهذا الشعور.
فكلما زاد فضل الإنسان، زاد شعوره بالنقص، وكلما زاد جهله وبعده، زاد شعوره بالكمال.
وباختصار فإنه ما دامت الروح في الجسد، فلن يكمل الإنسان، وكلما شعرنا بالتقصير وهضم النفس، كان أقرب إلى الله تعالى، وأبعد عن الكبر والغرور.
التخوف والإحجام والتهيب من الدعوة والكلام أمام الأخريات:
وهذا لا يمكن أن يزول إلا بالتجربة والممارسة، ففي البداية: من الممكن أن تتكلم الفتاة وسط مجموعة قليلة، أن تلقي حديثًا مفيدًا ـ ولو كان مكتوبًا في ورقة ـ، ثم مع مجموعة أكثر، ثم تشارك في المسجد، والدروس التي تقام في المدرسة، ثم تبدأ بعد ذلك في إعداد بعض العناصر، ثم بعد ذلك يمكنها أن تلقي كلمة بطريقة الارتجال، ولابد من التدرج، وإلا ستظل المرأة، وسيظل الرجل يقول: لا أستطيع!
ثانيًا : عقبات اجتماعية:
فساد البيئة:
فإذا كانت البيئة التي تعمل فيها المرأة الداعية فاسدة، سواء كانت هذه البيئة: مدرسة، أو مؤسسة، أو مستشفى، أو معهدًا؛ فإن ذلك يؤثر على المرأة تأثيرًا شديدًا، ويضغط عليها ضغطًا كبيرًا.
حلول مقترحة:(5/1158)
هناك بعض الحلول يمكن أن تساهم في إزالة تلك العقبات، أو تخفيفها في بعض الأحيان، من أبرزها:
1- مواصلة العلماء، وطلاب العلم، والدعاة الغيورين بكل ما يحدث داخل تلك المجتمعات، إنها ليست أسرارًا ولا خفايا، كيف وهي تنشر في بعض الصحف العالمية، فإذا تحدثت طالبة ـ مثلاً ـ أو راسلت أحد الدعاة، حُقق معها، بحجة أنها نشرت أسرار الجامعة، أو نشرت أسرار المستشفى، كيف يحدث هذا؟!
2- ومن الحلول: النزول للميدان مهما كانت التضحيات، فالهروب من هذه المجالات عبارة عن هدية ثمينة نقدمها بالمجان للعلمانيين والمفسدين في الأرض، وأرى ـ اجتهادًا ـ ضرورة خوض هذه الميادين، وتحمل الفتاة ما تلقاه في ذات الله ـ عز وجل ـ إلا إذا خشيت على نفسها الفتنة، ورأت أنها تسير إليها فعلاً؛ لضعف إيمانها، أو قوة الدوافع الغريزية لديها، أو ما شابه ذلك، فحينئذ السلامة لا يعدلها شيء. ويجب أن تظل الدعوة هاجسًا قويًا للأخت مع كل الأطراف، فلا تعين الشيطان على أخواتها الأخريات، فحتى تلك التي يبدو فيها شيء من الجفوة في حقها، أو الصدود عنها، أو سوء الأدب معها، يجب أن تتحمل منها، وتتلطف معها، وتضع في الاعتبار أنها من الممكن أن تهتدي، والله تعالى على كل شيء قدير: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [القصص:56] .
3- من الحلول: أنه يجب على الدعاة والتجار والمخلصين أن يسعوا جاهدين إلى إقامة مؤسسات إسلامية أصيلة نظيفة، مستقلة.
لم يعد مستحيلاً إنشاء مستشفى نسائي خاص، ولم يعد مستحيلاً إقامة أسواق نسائية خاصة؛ بل هي موجودة بالفعل، ويجب أن تطوّر وتوسع، ولم يعد مستحيلاً إقامة مدارس نسائية خاصة، وليس من المستحيل إقامة جامعات خاصة بالنساء، في هذا البلد، وفي كل بلد.
وقد رأيت بعيني جامعات تضم ألوف الطالبات في قلب أمريكا، ليس فيها طالب واحد على الإطلاق، مع أن دينهم ليس هو الذي أملى عليهم ذلك، ولكنهم رأوا في ذلك مصلحة ما.
عدم التجاوب من الأخريات:
من العقبات التي تواجهها المجتمعات الدعوية النسائية، عدم التجاوب من الأخريات من النساء، ورفض بعضهن للدعوة. فبدءًا أقول: هذه الأمة أمة مجربة، فلست أنت أول من دعا؛ وإنما دعا قبلك كثيرون وكثيرات، وكان التجاوب كثيرًا وكبيرًا، والكفار الآن يدخلون في دين الله أفواجًا، فمن باب أولى أن يستجيب المسلمون لله وللرسول إذا دعوا إلى ما يحييهم.
فأما أسباب عدم التجاوب فتنقسم إلى:
أ- أسباب ترجع إلى المدعوة نفسها :
وذلك كأن تكون شديدة الانحراف، أو طال مكثها في الشر، وأصبح خروجها منه ليس بالأمر السهل، وأصبحت جذورها ضاربة في تربة الفساد، أو صعوبة طبعها، وعدم ليونتها، ووجود شيء من العناد، وقد يكون ذلك راجعًا لوجود قرينات سوء يدعينها إلى الشر. وهذا كله يمكن أن يعالج بالصبر وطول النَّفَس، والأناة، وتكثيف(5/1159)
الجهود، وربط هذه الفتاة ببيئة إسلامية جديدة تكون بديلاًَ عن البيئة الفاسدة التي تعيش فيها، وقد يكون عدم قبولها للدعوة؛ بسبب كبر سنها كما مرَّ، فيعالج ذلك بالوسائل المناسبة.
ب- أسباب ترجع إلى الداعية نفسها:
ومن هذه الأسباب التي تتعلق بالداعية نفسها: عدم استخدامها الأسلوب المناسب الذي يتسلل إلى قلب المدعوّة ويؤثر فيها، وقد يعود ذلك إلى غلظتها وقسوتها، أو شدة تركيزها على أخطاء الآخرين، أو شعور الأخريات بأن الداعية تمارس نوعًا من الأستاذية أو التسلط، مما يحرضهن على مخالفتها ومعاندتها؛ لأنهن يرين عملها هذا مسّاً للكرامة، أو جرحًا للكبرياء، والشيطان حاضر، فيؤجج في الفتاة مشاعر الكبرياء والعزة، فترفض الدعوة ولا تقبلها.
أما علاج هذه العقبة، فيمكن حصره في الأمور التالية:
أولاً: أن تحرص الفتاة الداعية على استخدام أسلوب الالتماس، والعرض، والتلميح، دون المواجهة، كلما أمكن ذلك، وألا تُشعر الأخريات باستعلائها عليهن، أو أنها فوقهن، ولا تشعرهن بالأستاذية، أو التسلط عليهن.
ثانيًا: ومن العلاج: العناية بشخصية المرأة: عقيدة، وثقافة، وسلوكًا، ومظهرًا، ومخبرًا، دون إهمال الأمور المعنوية المهمة والأساسية، بسبب الاشتغال بالقضايا المظهرية فحسب.
ومع الأسف، إن تسعين بالمائة من الأسئلة التي تصلني، لا تكاد تتجاوز شعر الرأس إلى أكمام اليدين، أو حذاء القدمين!! أين عقيدة المرأة؟! أين أخلاقها؟! أين معرفتها بعباداتها؟! أين معرفتها بالصلاة، بالصيام، بالحج؟! أين معرفتها بحقوق الآخرين؟! أين.. أين..؟
ثالثًا: عدم تتبع الزلات والعثرات، فما من إنسان إلا وعليه مآخذ وله زلات، وليس من الأسلوب التربوي التركيز على ملاحظة الزلات، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يثني أحيانًا، ويمدح الإنسان بخصال الخير الموجودة فيه، وكتب المناقب في البخاري، ومسلم، وكل كتب السيرة مليئة بمثل ذلك، فيثنى على الإنسان بخصال الخير الموجودة فيه؛ حتى ينمو هذا الخير ويكبر، وحتى يقتدي به الآخرون في ذلك، وليس من شرط ذلك مدح الإنسان بشخصه فقط، ولكن مدح الفئة، أو الأمة، أو الطائفة بالخير الموجود فيهم، يدعوهم ذلك إلى مزيد من الخير، وإلى التغلب على خصال النقص الموجودة لديهم. ولا يمنع هذا أن يُلاحظ على الفتاة أحيانًا شيء من النقص، فتُنصح به في رسالة، أو حديث أخوي مباشر، أو مكالمة هاتفية.. أو غير ذلك، لكن لا يكون هذا هو الأصل؛ بل يكون أمرًا طارئًا، حدث لوجود غلط معين.
رابعًا: عدم محاصرة المرأة المخطئة أو المقصرة، أو المسارَعة في اتهامها، فنحن لم نؤمر أن ننقب عن قلوب الناس، ولا أن نشق عن قلوبهم، ومالنا إلا الظاهر، ولسنا مغفلين بكل تأكيد، لكننا لا نطلق لخيالنا العنان في تصور فساد مستور، أمره إلى الله تعالى، إن شاء عذَّب، وإن شاء غفر، والله تعالى يقول: "رحمتي سبقت غضبي"، فأحيانًا يتصور الإنسان فسادًا، أو يغلب على ظنه أنه واقع، لكن ليس هناك داعٍ للبحث عن حقيقته مادام أمره مستورًا، ليس عندك أدلة عليه، ولم يظهر لك، فدع أمر(5/1160)
الناس للناس، فالأمور المستورة دعها إلى الله، فما ظهر منها شيء أخذناه به أما المستور فأمره إلى الله تعالى، وقد يتبين لك فيما بعد أن ما كنت تظنه، لم يكن صحيحًا، وأن الأمر كان بخلاف ذلك.
وبين اليقظة وسوء الظن خيط رفيع، فبعض الناس عنده تغفيل، والتغفيل مذموم، قد يرى الفساد فيتجاهله ويتغافل عنه؛ فينبغي أن يكون الإنسان يقظًا واعيًا مدركًا، وفي نفس الوقت ألا يسيء الظن بالآخرين.
ـــــــــــــــــــ
صِناعةُ المرأة
عبد الله بن سليمان العبد الله
صِناعةُ المرأة
عبد الله بن سليمان العبد الله
الناظرُ في تأريخ البشر كُلِّهِ يرى ما يقضي بالعجبِ لديه، فيرى أحوالاً لا تكادُ تنال طرفاً ضئيلاً من الحقيقة، ويرى أشخاصاً كأنهم من غير الجنس البشري مخلوقين، ووو..
إن التأريخ يحوي هذه الأمور و غيرها ليدل بدلالة اليقين على أن حصولها ممكن ليس بصعبٍ.
من أجناس التأريخ و الحياة كلها: (المرأة)، وهي شقيقة الرجل، وهي ساعده، وهي سكنُه، عفواً: بل هي صانعةُ الرجل ـ رغماً عنه ـ.
(المرأة) نالت من بعض الرجال ـ وأعني به: البعض الأكثر ـ تهويناً لقدرها، وهضماً لحقها، وتحقيراً لشأنها، وليس ذلك من الإسلام في شيء، ولا من الأخلاق في قُرْبٍ أو بُعْدٍ، ولا من شِيَمِ العقلاء.
الإسلام أولاها عنايةً كبرى ـ شهرةُ ذلك تغني عن ذكرها ـ، و الأخلاق مُوْلِيَةٌ (المرأة) حقها ـ بوصفي العموم و الخصوص ـ.
إن الناظرَ إلى (المرأة) تلكَ النظرةَ النشاز فاقد العقل والتمييز، ومسلوب العلم والفهم.
العنايةُ بـ (المرأة) من أسمى ما يجبُ أن يُعتنى به في أزمنة الإصلاح ـ عموماً ـ، بل إنها الباب الأساس في تكوين بيئةٍ صالحة في مجتمعٍ يَغُطُّ في نومٍ عميقٍ، ويعيشُ جهالةً بما يُكادُ حولَه.
وها أنا خاطٌّ ـ هنا ـ بسطرٍ من رصيف المعاني راغباً في تشميخ رفيع المباني، أرغبُ فيه أن أنقلَ (المرأة) من الغرقِ في النظرةِ (العَكِرَةِ) إلى العوم في رحابِ النُّضْرَةِ (المُشْرِقَة).
إنني أريد من هذه الكلمات أن أبذلَ ما بالوِسْعِ حيالَ (صناعة المرأة)...
(صناعة المرأة)؟!
قد يكون في العنوان ما يثيرُ عَجَبَاً، لكن الحقائق تجعل الأمرَ مُسَلَّمَةً.
فَلْتَقْبَلْ مني أُخَيَّتي الكريمة بأن أبوح لها بكلمات أخاطبُ فيها: نفسَها، وعقلَها، وقلبَها، وأرادتها.
أختي النبيلة: إن الله ـ تعالى ـ لم يجعَلْكِ سوى إنسانٍ مَيَّزَهُ بـ: عقلٍ، وفهم، وإرادةٍ.
وهذه مما أصبَحَتْ وصفاً أساساً في الإنسان ـ ذكراً وأُنْثى ـ.(5/1161)
فما الذي جعلَ الرجلَ ممتازاً عن المرأة، وكلاهما متفقٌ في أصل التمايُز البشَري؟
إذاً فالأمر بينهما واحدٌ في أصلِ التمايزِ، وأما التفاوت في درجات ذاك التمايُز فهو زائد عن الأصل، وخارجٌ عن أصل ما أريده.
إذا عرفتِ ذلك؛ فهل من المعقولِ أن يكون في المجتمعِ نساءٌ لا يَنْظُرْنَ إلى أنفسهنَّ سوى النظرة (الدُّوْنِيَّة)؟ بل من الرجال ـ أحياناً كثيرة ـ من يكون هذا ديدنه.
العقلُ الذي وهبَه الله الإنسانَ ـ ذكراً وأُنْثى ـ سبيلٌ مُعْتَبَرٌ لمعرفةِ الأشياء، وتبيينِ الصدق من الكذب، والحقيقة من الخيال.
إذاً فالخُطْوَةُ الأولى ـ وهي الأساس ـ أن تعرفَ (المرأة) أنها ذاتُ عقلٍ مُمَيِّزٍ، وهذه الخُطْوَةُ ليستْ من المجهولاتِ لدى المرأة وغيرها، وإنما ذكرها من باب: تحصيل الحاصل.
ثم إن (المرأة) لها نفسٌ تستشرفُ شيئاً تناله، وتبتغي أمراً ترجو بلوغَه، وهذا ـ بِحَدِّ ذاته ـ كافٍ لكونها متأهلَةٌ لصناعةِ نفسها، أما أن تكون غيرَ راغبةٍ في شيء من الأمور العوالي، ولا طموحةٍ إلى منتهى الكمالات، فإنها ستحتضنُ التراب لصيقاً لهمتها، وبيت العنكبوت معشوقاً لإرادتها؛ وحيثُ كانتْ فاقدةً للسعي وراءَ ذلك فإنها مُطالَبَةٌ بتحصيل أسباب نوالِه، إذ التَطلُّعُ للشيء العالي من أهم مَيْزَات العقل.
والسَعْيُ نحوَ الكمالِ ميسورٌ سهلٌ ـ ولله الحمد ـ فليس صعباً لا يُنالُ إلا بشقِّ الأنْفس، ولا غالياً باهظَ الثمن؛ وأصلُ ذلك: معرفةُ (المرأة) قُدْرَةَ نفسها و عقلها نحو الأشياء التي تريدها، والبداية بعزمٍ وحزمٍ في المقصود.
وهذه هي الخُطْوَةُ الثانية في عمليةِ (صناعة المرأة), وهي: أن تكون ذات طموحٍ وهمةٍ نحو الكمال.
والهِمَّةُ إنما تكونُ في سعايةٍ نحوَ أمرٍ مطلوبٍ معروف، تَطْمَحُ المرأةُ في الوصولِ إليه، بل تجنح إلى سلوك أسباب تحصيلِه.
وعدَمُ سَعْيِها نحوَ أمْرٍ ترْنُوْ إليهِ هو سعي نحو مجهولٍ، والمجهولُ ليسَ بشيء، وسَعْيُها نحو غايةٍ يَشُوْبُها غَبَشٌ سعي في ظلامٍ بلا نورٍ.
إن المرأة الراغبَةِ في صناعة نفسها لابدَّ لها من تحديد معالمَ ما ترغبُ الوصولَ إليه بِحُداءِ الهمة، وترانيم الإرادة.
والغاياتُ التي تريدُها أغلبُ النساء ـ في سبيل الإصلاحِ ـ نوعان:
الأول: غايةٌ عِلْمِيَّةٌ.
فالعلمُ أسمىَ غايةٍ سَعَتْ المرأة في نوالِه، وأشرف مقصد رَغِبَتْ في تحصيلِه، وهو غايةُ الكمال البشري، والجهْلُ من أدنى صفاتِ الإنسان، بل يَشْرُفُ المخلُوْقُ بما عنده من علمٍ وبما أُوْتِيْهِ من معرفة، وهذه الغايةُ متفاوتةٌ، فهي قسمان:
الأول: غايةٌ أصْلٌ واجبةٌ حَتْمِيَّةٌ، و هي تحصيلُ المرأة ما هو واجبٌ عليها من علمٍ في دِيْنِ الله ـ تعالى ـ.
و هذا الواجبُ يندرجُ تحتَه شيئان:
أولهما: ما يكون به تحصيلُ أصْلِ الدين، وهذا في تَحْصِيْلِ أصولِ الإيمان الستة المذكوْرَةِ في حديثِ جبريلَ المشهور "... قال: يا محمد: ما الإيمان؟ قال: أن تؤمنَ(5/1162)
بالله وملائكتِه وكتبِه ورسلِه واليوم الآخر وتؤمنَ بالقدر خيره وشرِّه..." [ متفقٌ عليه ].
ثانِيْهما: ما يكون به تمام العبادات، و تمامُها بأمرين:
الأول: الإخلاص لله ـ تعالى ـ.
الثاني: المُتابَعةُ للنبي صلى الله عليه و سلم.
هذه هي الغايةُ الواجبة اللازمةِ للعبد أن يقومَ بتحصيلها.
و أما الغايةُ الثانية: غايةُ كمالٍ، و هي تحصِيْلُ ما زادَ عن الأول.
الثاني: غايةٌ دعويةٌ.
الدعوةُ نِتاجُ العلم، و ثمرةٌ من ثمار المعرفة، وهي فَرْعٌ عن العلم ـ حيثُ كان الأصلُ ـ.
و الدعوةُ نهجُ المصلحين من: الأنبياء وأتباعهم، ولا يحيدُ عنها إلا جاهل أو منطوٍ على خبيئةِ خُبْثٍ.
فسلوكِ الطريقِ سَعْياً في تحصِيْلِها أمرٌ من نفيسِ العمل، و النساءُ في ذلك في تفاوتٍ و تمايُزٍ بيْنَهُنَّ.
و الدعوةُ أنواعٌ:
الأول: التعليمُ الشرْعي، وهو بذلُ العلم الشرعي بين صفوف النساء، وهو على جهتين:
الأولى: إلقاءُ دَرْسٍ عِلْميٍ كـ: شرحٍ لكتابٍ، و طرْحٍ لفتوى، و مذاكرةٍ بعلمٍ.
الثانية: تَوْجِيْهٌ و نصحٌ، وهو متضمنٌ أمراً بمعروفٍ و نهياً عن منكرٍِ.
النوعُ الثاني: الدِّلالَةُ والإعانةُ، دلالةُ الغير على مواطن الخير، وإعانةُ داعٍ على بذلِ دعوة و نشرها.
ثم هي يتجَاذَبُها حُكْمان اثنان:
الأولُ: الوجوب، و قدرُه تبليغُ ما يَجِبُ العلم به.
الثاني: الاستحباب، وهو العُكوفُ على الاشتغال بالدعوة والإبداعِ فيها.
هاتان غايتان تستغلهما أغلبُ نساءِ المسلمين، فأيهما سلكتْ المرأة ورأتْ إتقانَها له فلتَلْزَمْهُ.
ولا يستقيمُ للمرء سلوكٌ في عمَلٍ في تحقيق هدفٍ ما لمْ يَكُنْ صاحبَ عزيمةٍ.
والعزِيْمَةُ المُرَادَةُ ثنتان:
الأولى: عزيمةُ الهمَّة؛ وأعني بها: تأهُّبُ الهِمَّةِ للسعي نحو المكارم.
الثانية: عزيمةُ الطريق؛ وأعني بها: تَبْيِيْتُ العزم على السير بجد وحزمٍ.
إن المُلاحظَ لعامةِ مَنْ يسْعى لتحصيلِ كمالٍ، ويحدو السير لنَوَاْلِ شَرَفٍ مَرُوْمٍ تتخَلَّف عنه إحدى هاتينِ العَزِيْمَتَيْن.
والقِلَّةُ مَنْ حواهما في مسيرهِ مسيرةَ الكمال.
فمتى كانت لدى المرأة عَزِيْمَةٌ وإرادة حَظِيَتْ بسلوكِ طريق (صناعة المرأة)، لكنْ يُؤْسِفُنا أن نرى نساءً ممن متعهنَّ الله ـ تعالى ـ بِهِمَمٍ كِبارٍ عَوَالٍ يَفْتَقِرْنَ إلى عزائمَ شِدادٍ، بل يُمِتْنَ العزَائِمَ اللائيِ وُهِبْنَها.
فضَاعَتْ أعمارٌ وأُهْلِكَتْ أنفسٌ، وتمضي ضيعةُ الأعمارِ سبهللاً ـ و الله المستعان ـ.(5/1163)
فَمُراعاةُ هذه الخُطْوَةِ أمرٌ في غايةِ الأهميّةِ، ومطلبٌ في منتهى النفاسة، وإهمالُه وإغفالُه خللٌ في سلوك الطريق، وخطأٌ في لزوم جادةِ الكمال.
فإذا صحَّ العَزْمُ لدى المرأة شَرَعَت في العمل سعياً في تحقيق الكمال، وسيراً في إتقان (صناعة المرأة).
ولا بدَّ لها من رعايةِ أمورٍ في سير العمل:
الأول: الجد في العمل، فإن كثيراً من الأخواتِ يَسْعَيْنَ ويَعْمَلْنَ وهُنَّ على غير جدٍ في العمل؛ وبهذا لا يستقيم لها الأمر، ولا يتم لها العمل للنجاح, بل عليها بإسباغِ العمل رحيق الجد حتى تتذوقَ منه جنياً وشَهْداً طيباً.
الثاني: الصبر، فإن بلوغ المعالي لا يكون إلا بجسور من الصبر، ومن يخطبِ الحَسْناءَ لم يُغْلِهِ المهرُ.
الثالث: الإتقانُ، فالرضى بالعمل المَخْدُوْشِ الناقص دنوٌ في الهمة، وخَوَرٌ في العزيمة، ومحبةُ الله مصروفةٌ لِمُتْقِنِ العمل، والإتقان من أدلِّ الأشياء على صدق السعي نحوَ الكمال.
الرابع: الاحترازُ من القوادح، إن العمل ـ أي عملٍ ـ لابدَّ من أن تعتريه قوادحُ تقْدَحُ فيه، والقوادحُ هذه قسمان:
الأول: قوادحُ في أصلِ العمل كـ: الشرك، الرياء، إهمالُ الركن في العبادات.
الثاني: قوادحُ في كمالِ العمل كـ: ترك الإتباع.
هذه خُطُوَاتٌ مَيْسُوْرَاتٌ نحو (صناعة المرأة) رغبتُ في كتابتها أملاً في أن ترعاها المرأةُ برعاية العمل، وأن تلْحَظَها بملاحظةِ العنايةِ بها.
غيرَ أنني أعترفُ أنني لم أستوعبْ ما أظنهُ سبيلاً نحوَ كمالِها، ولا طريقاً لوصولها لعليائها، إلا أنني أقطع أنني أشرْتُ إلى أمورٍ أظنهنَّ معالم في (صناعةِ المرأة)، وأتيتُ على قواعدَ في ضبط (صناعة المرأة)، ولن تَعْدِمَ الأختُ شيئاً إن هي راعتْ كُلاَّ بعين الغضِّ عن السوء، وبعين الرضى عن الحسن.
وفقَ الله الجميع, وسدد الخُطى، وبارك في الجهود!.
ـــــــــــــــــــ
من صفا ت المرأة الداعية
سلمان بن فهد العودة[1]
27/3/1424
28/05/2003
إذا كنّا نتحدث عن الفتاة الملتزمة؛ فإنني لا أكاد أتصور فتاة أو رجلاً ملتزمًا يمكن أن يكون غير داع - في مثل هذه الظروف الواقعة الآن - لأن من الالتزام أن يدعو الإنسان.
ومعنى كون المرأة ملتزمة؛ أنها مطيعة لربها، والله ـ عز وجل ـ يقول: )والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر( [التوبة:71]. فأمرها بالمعروف ونهيها عن المنكر؛ جزء من التزامها، وقيامها بالدعوة - أيضًا - جزء من التزامها؛ لأن الله تعالى يقول: )كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ(5/1164)
لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ( [آل عمران: 110]، ويقول أيضًا )وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللّهُ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ( [البقرة: 143].
وقد أثبتت التجارب والأحداث الكثيرة، أن هذه الأمة -رجالاً ونساء - لديها قدرة على قبول الحق؛ بل لديها رغبة في إيجاد الحق والتزامه، فلا عبرة بقول إنسان إنه ملتزم لكنه غير داعية، لا يمكن هذا؛ لأن الملتزم -رجلاً كان أو امرأة- هو داعية إلى الله؛ إذ إنّ التزامه يعني أنه مطيع لله، والذي أمره بالصلاة هو الذي أمره بالدعوة، وهو الذي أمره بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا يمكن أن نفرق بين هذا وذاك بحال من الأحوال، وينبغي أن نعلم بأن كل صفة نتصورها من الرجل الداعي؛ يجب أن تكون أيضًا في المرأة الداعية.
وسوف نتناول بعض الصفات المهمة التي تطلب من الفتاة والمرأة الداعية، كما هي مطلوبة أيضًا من الرجل الداعي:
الصفة الأولى: العلم بما تدعو إليه:
يجب على المرأة الداعية أن تدعو إلى الله على بصيرة وعلى علم، فلا يمكن أن تدعو إلى شيء وهي لا تعلم هل هو من الشرع أم لا، هل هو من العبادات، أم من العادات، هل هو من الأمور الدينية، أم من التقاليد الاجتماعية الموروثة -مثلاً-؟!
والشرع واضح بحمد الله: إما آية محكمة، أوسنة ماضية، أو إجماع قائم، أو قول معروف مبني على اجتهاد صحيح واضح كالشمس. فلابد أن تعرف المرأة المسلمة الأمر الذي تدعو إليه بدليله، بحيث إذا قال لها أحد: ما الدليل؟ أو لماذا؟ استطاعت أن تجيبه عن ذلك.
الصفة الثانية: القدوة الحسنة:
قال الله تعالى على لسان نبيه شعيب – عليه السلام - : )قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىَ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ( [هود:88]، وفي صحيح البخاري عن أسامة بن زيد – رضي الله عنه - أن النبي – صلى الله عليه وسلم - قال: "يؤتى بالرجل يوم القيامة فيُلقى في النار، فتنْدَلِق أقتاب بطنه، فيدور بها كما يدور الحمار بالرحى، فيجتمع إليه أهل النار، فيقولون: يا فلان، ما لك، ألم تكن تأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر؟ فيقول: بلى، قد كنت آمر بالمعروف ولا آتيه، وأنهى عن المنكر وآتيه".
إذاً من الخطورة بمكان، أن يتكلم الإنسان بلسانه، ويكذب ذلك بأفعاله.
يا واعظَ الناس قد أصبحتَ متَّهمًا
إذ عِبْتَ منهم أمورًا أنت تأتيها
أصبحتَ تنصحهم بالوعظ مجتهدًا
والموبقات- لَعَمري- أنت جانيها(5/1165)
فالتربية والدعوة بالسلوك أحيانًا أفضل من ألف محاضرة، وألف خطبة.. سلوك امرأة بين زميلاتها: في حسن خلقها وآدابها، ومظهرها ومخبرها، وطيب حديثها، والتزامها بشريعة ربها، وصلاحها؛ أعتقد أنه أفضل من كثير من الكلمات والمحاضرات.
الصفة الثالثة: حسن الخلق والتواضع ولين الجانب:
ومن الصفات التي ينبغي أن تتصف بها الداعية: حسن الخلق، والتواضع، ولين الجانب؛ مما يحبب إليها الأخريات. ولعل غرس المحبة في نفوس المدعوات هو أول سبب لقبول الدعوة في حالات كثيرة، والأسلوب شديد التأثير في قبول الدعوة أو ردها، ولا يجوز لنا أبدًا أن نتجنى على الحق الذي نحمله حين نقدمه للناس بالأسلوب الغليظ الجاف؛ بل يجب أن نعطف على الآخرين، ونحتوي مشاعرهم، ونتلمس همومهم، ونشاطرهم أفراحهم وأتراحهم، ولانستعلي عليهم أو نستكبر؛ فما تواضع أحد لله تعالى إلا رفعه.
وقد مدح الله رسوله – صلى الله عليه وسلم – بقوله: (وإنك لعلى خلقٍ عظيم) [القلم:4] وقال: )فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ( [آل عمران: 159]. فإذا كان هذا شأن أصحاب محمد – صلى الله عليه وسلم -؛ فكيف بغيرهم من سائر الناس؟
الصفة الرابعة : الاهتمام بالمظهر الخارجي:
ومن الصفات التي ينبغي أن تتحلَّى بها الأخت الداعية أيضًا: أن يكون عندها قدرٌ من الاهتمام بمظهرها.
أقول هذا لأنه قد يظن البعض أنني أدعو المرأة المتدينة الداعية أن تكون متبذلة، بعيدة عن الاهتمام بمظهرها.. كلا، فالمظهر هو البوابة الرئيسة التي لابد من عبورها إلى قلوب الأخريات.
ومن الطَبَعي أن تتحلى المرأة، أو تبحث عن الثوب الجميل، والله تعالى قال: )أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ( [الزخرف: 18]. فكون الفتاة تنشأَ منذ طفولتها في الحلية هذا أمر طبعي، لا تلام عليه.
من الطبعي أيضًا: أن تهتم المرأة بتسريح شعرها، والرسول – صلى الله عليه وسلم - أوصى بذلك الرجل، فقد كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم - في المسجد، فدخل رجل ثائر الرأس واللحية، فأشار إليه رسول الله – صلى الله عليه وسلم - بيده: أن اخرج، كأنه يعني إصلاح شعر رأسه ولحيته، ففعل الرجل ثم رجع، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: "أليس هذا خيرًا من أن يأتي أحدكم ثائر الرأس كأنه شيطان"، فالمرأة مع بنات جنسها، من باب أولى يجب أن تعتني بمظهرها.
ونحن بطبيعة الحال، لا نقبل أبدًا أن تتبرج المرأة بزينة، ولا أن تتطيب لخروجها من بيتها، لكن هذا لا يعني بحالٍ التبذل، أو أن تذهب إلى المجتمعات النسائية في أثواب مهنتها، خاصة عندما تكون داعية يشار إليها بالبنان.
الصفة الخامسة: الاعتدال:
من الصفات التي يجب أن تتحلى بها الداعية: الاعتدال في كل شيء. ومن الاعتدال: الاعتدال في المشاعر، بين الإفراط والتفريط.(5/1166)
فنحن نجد أن بعض الأخوات تكون جافة في عواطفها ومشاعرها تجاه الأخريات: لا تتجاوب معهنَّ، ولا تبادلهن شعورًا بشعور، وودًّا بود، ومحبة بمحبة، ولا تبتسم في وجوههنَّ، وترى أن جديَّة الدين، وجدية الدعوة، تتطلب قدرًا من الصرامة، والوضوح، والقسمات الحادة، وهذا أمر- بلا شك- غير مقبول. يقول الرسول – صلى الله عليه وسلم -: "وتبسمك في وجه أخيك صدقة"، ونقول للمرأة أيضًا: تبسمك في وجه أختك صدقة؛ فالحكم عام.
بالمقابل هناك من النساء ومن الأخوات، من تبالغ في إغراق الأخريات بمشاعر تصل أحيانًا إلى حد الإفراط، فتجد أن من الأخوات من لا تصبر عن فلانة ساعة من نهار، فإذا ذهبت إلى بيتها بدأت تتصل بها بالهاتف، وتكلمها الساعات الطوال، وربما خلت بها أوقاتًا طويلة، تبث إحداهنَّ إلى الأخرى مشاعرها، وهمومها، وشجونها؛ بل ربما تغار لو رأت أخرى تجالسها أو تحادثها؛ لأنها تريدها لنفسها فقط!!.
[1]. المشرف العام لمؤسسة الإسلام اليوم.. والمقالة نشرت في الموقع..
دور المرأة في تربية الأسرة (1)[1]
فضيلة الشيخ/ صالح بن فوزان الفوزان
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه، وعلى آله وصحبه وسلم.
وبعد: حديثنا يتعلق بالمرأة المسلمة، والحديث عنها أحسبه في هذا الوقت هامًّا؛ ذلك لأن المرأة في مجتمعنا تتعرض لهجمة شرسة من أعداء هذا الدين حيث يطرح ما يسمى بقضية أو قضايا المرأة، ويقصدون به إخراج المرأة عن الوضع الذي أراد الله لها...
ونحن لا نعرف للمرأة قضية غير قضية أمتها، إن جهل الأمة بدينها، وضعفها في الأخذ به هو قضية الأمة والمرأة. وهو ما نحاول إيضاح شيء منه في هذه المحاضرة التي عنوانها (دور المرأة في تربية الأسرة) [أصل هذا الموضوع محاضرة عنوانها (دور المرأة في تربية الأسرة ألقيت ليلة الاثنين الموافق 6/11/1411هـ، وهي ضمن ندوة علمية بعنوان "فقه المرأة" أقامها مركز الدعوة والإرشاد بالرياض بجامع الذياب بحي النسيم]. ولنا مع هذا العنوان وقفات.
الأولى: حول مفهوم التربية، حيث نقصد بها المعنى الواسع للبناء وما يلزم له من تعهد الأسرة ورعايتها. حتى لا يظن البعض أن التربية مجرد تهذيب الأخلاق وتقويمها وهذا من مشمولات التربية، والتربية للأسرة أوسع مجالاً من هذا.
والثانية: أنه قد يفهم من العنوان أن للمرأة دورًا في تربية الأسرة ولكنه عمل ثانوي لها، والحقيقة أن عمل المرأة في تربية الأسرة هو عملها الرئيس وما عداه فهو استثناء، ولو كان عنوان المحاضرة (دور المرأة هو تربية الأسرة) لكان جيدًا.
مكان المرأة:(5/1167)
وهذه المسألة بحاجة إلى توضيح وجلاء فنقول: إن مكان المرأة الطبيعي هو البيت وهو مكان عملها، هذا هو الأصل، وهذا ما تدعمه أدلة الشرع، وهو منطق الفطرة التي فطرت المرأة عليها.
أما دلالة الشرع على هذا فالنصوص والوقائع التي تشهد له كثيرة منها:
1 ـ قال تعالى مخاطبًا أمهات المؤمنين: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب: 33] يقول سيد قطب: (فيها إيماءة لطيفة إلى أن يكون البيت هو الأصل في حياتهن، وهو المقر، وما عداه استثناءً طارئًا لا يثقلن فيه ولا يستقررن إنما هي الحاجة تقضى وبقدرها) [في ظلال القرآن 59، 28/5 (ط- العاشرة – الشروق)].
2 ـ ويقول تعالى: {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ} [الطلاق: 1] وهي وإن كانت في المعتدة فقد قال العلماء: إن الحكم لا يختص بها بل يتعداها. فدلالة الإضافة {بُيُوتِكُنَّ} {بُيُوتِهِنَّ} مع أنها في الغالب للأزواج فهي إضافة إسكان لا تمليك، كأن الأصل لها سكنًا.
3 ـ في قصص الأنبياء دروس وعبر. قصة موسى مع المرأتين {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ} إلى قوله: {قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ، قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ...} [القصص: 23: 27] لنتأمل هذه الدروس في الآية. فهذا موسى يجد الرعاة على الماء ومن دونهم امرأتين تذودان غنمهما لئلا تختلط بغنم الناس؟ يسألهما ما شأنكما؟ لماذا لا تسقيان غنمكما مع الناس؟
يأتي الجواب: لا نسقي حتى يصدر الرعاء. إن لديهما تقوى وورعًا يمنعانهما من الاختلاط بالرجال، فكأنه يأتي سؤال آخر، ما الذي أخرجكما؟ ثم يأتي الجواب مباشرة {وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ} فهي الضرورة والحاجة دعت لذلك، ولما اضطرتا للخروج لزمتا الخلق والأدب، فلم تختلطا بالرجال.
ثم يأتي درس آخر حيث تفكر إحدى المرأتين أن الوقت قد حان لتعود الأمور إلى طبيعتها {قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ} واقتنع شعيب بالحل فعرض على موسى: {قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ...} ويقبل موسى العرض وتعود الأمور إلى نصابها فيعمل موسى بالرعي وتعود المرأة زوجة عاملة في بيتها. هكذا يقص علينا القرآن وإن في قصصهم لعبرة.
4 ـ الصلاة في المسجد مشروعة في حق الرجال ومن أفضل الأعمال فكيف إذا كانت في مسجد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومعه، ومع ذلك يحث رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ المرأة على الصلاة في بيتها. عن امرأة أبي حميد الساعدي، أنها جاءت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقالت: يا رسول الله إني أحب الصلاة معك. فقال: "قد علمت أنك تحبين الصلاة معي، وصلاتك في بيتك خير من صلاتك في حجرتك، وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك، وصلاتك في دارك خير من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجدي". فأمرت فنبي لها مسجدٌ في أقصى شيء من بيتها وأظلمه فكانت تصلي فيه(5/1168)
حتى لقيت الله عز وجل. [الحديث أخرجه أحمد 6/371، وابن خزيمة في صحيحه 3/95، والحديث حسن انظر حاشية الأعظمي على صحيح ابن خزيمة].
وإيحاء الحديث واضح في أن الأصل قرار المرأة في بيتها، حتى فضل الصلاة في بيتها على الصلاة في مسجده ـ صلى الله عليه وسلم ـ مع أنه أذن للمرأة في الذهاب للمسجد.
5 ـ واقع المرأة في القرون المفضلة الأولى – التي هي مكان القدوة – يؤيد هذا، حيث نجد أن خروج المرأة وقيامها بعمل خارج البيت يكاد يكون حوادث معدودة لها أسبابها الداعية لها، بل هذا هو فهم الصحابة. ورد أن ابن مسعود طلبته امرأته أن يكسوها جلبابًا فقال: أخشى أن تتركي جلباب الله الذي جلببك، قالت: ما هو؟ قال: بيتك.
6 ـ ما جاء به الشرع هو الموافق للفطرة {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 14] إن قرار المرأة في بيتها هو منطق الفطرة الذي يوافق وظائفها وطبيعتها، ويقيها التشتت والتناقض ولقد أثبتت التجارب العلمية والنفسية ما يؤيد هذا، كما نادى بعض الباحثين المنصفين في الغرب لتلافي خطر تشغيل المرأة بما يخالف فطرتها وطبيعتها، ولكن أصحاب الشهوات صم عن كل داع لذلك بل يتهمونه بأنه يدعو للعودة بالمرأة إلى عهود الرجعية والرق كذا زعموا! ويأتي مزيد بيان لهذا في ثنايا الموضوع.
الموقف حول خروج المرأة:
بقي أن يفهم أن خروج المرأة ليس ممنوعًا على إطلاقه، فقد وردت نصوص تدل على جواز خروج المرأة وعملها خارج المنزل، لكن هذه الحالة ليست هي الأصل بل هي استثناء وضرورة.
ومما ورد في هذا إذن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ للمرأة في الصلاة بالمسجد مع أنه فضّل الصلاة في بيتها.
ومن ذلك ما ورد من مشاركة بعض النساء في بعض المعارك في السقي ومداواة الجرحى.
وقد تمسك بهذا دعاة تحرير المرأة، بل دعاة إفسادها من أصحاب الأهواء، كما استدل بها بعض الطيبين الذين انهزموا أمام ضغط الحضارة الوافدة دفاعًا عن الإسلام في ظنهم.
وللإجابة على هذا نقول: إن خروج المرأة وعملها خارج البيت ليس ممنوعًا على الإطلاق، بل قد تدعو إليه الحاجة كما خرجت بنتا شعيب، وقد يكون ضرورة للأمة كتعليم المرأة بنات جنسها وتطبيبهن وعليه تحمل أدلة خروج المرأة، وهي حالة استثناء وليست أصلاً، ولهذا نجد الإمام ابن حجر يقول: لعل خروج المرأة مع الجيش قد نسخ، حيث أورد في "الإصابة" ترجمة أم كبشة القضاعية وقال: أخرج حديثها أبو بكر بن أبي شيبة والطبراني وغيرهما من طريق الأسود بن قيس عن سعيد بن عمرو القرشي أن أم كبشة امرأة من قضاعة قالت: يا رسول الله ائذن لي أن أخرج في جيش كذا وكذا. قال: لا، قالت: يا رسول الله: إني لست أريد أن أقاتل: إنما أريد أن أداوي الجرحى والمرضى وأسقي الماء. قال: "لولا أن تكون سنة، ويقال: فلانة خرجت(5/1169)
لأذنت لك، ولكن اجلسي". وأخرجه ابن سعد، وفي آخره "اجلسي لا يتحدث الناس أن محمدًا يغزو بامرأة" ثم قال: يمكن الجمع بين هذا وبين ما تقدم في ترجمة أم سنان الأسلمي أن هذا ناسخ لذاك؛ لأن ذلك كان بخيبر وكان هذا بعد الفتح [الإصابة 4/463].
وعلى كل حال فالأدلة ثابتة في خروج بعض النساء والمشاركة في مداواة الجرحى والسقي، ولكنها حالات محدودة تقدر بقدرها ولا تغلّب على الأصل، ومن المهم أن يتضح الفرق بين كون عمل المرأة خارج البيت أصل، وبين كونه استثناء.
فإذا كان استثناء لحالات معينة فلن نعدم الحلول للسلبيات المتوقعة من الخروج.. وليس هذا مجال طرحها، أما إذا كان الخروج أصلاً كما يرى بعض المستغربين حيث يرى أن المرأة ستبقى معطلة إذا عملت في البيت، وأن هذا شلل لنصف المجتمع. أقول: إن سرنا في هذا الاتجاه فستقع سلبيات الخروج وما يترتب عليه، كما حصل في المجتمعات الغربية.
ستقع مفاسد الاختلاط، ومفاسد خلو البيوت من الأم، مهما اتخذنا من إجراءات وكنا صادقين في ذلك، ولو حاول البعض أن يغطيها بالشعار الخادع: "خروج في ظل تعاليم شريعتنا، وحسب تقاليدنا". ثم لابد أن نفهم أنه إذا تقرر لدينا أن الأصل هو عمل المرأة في بيتها، وأن عملها خارج البيت استثناء، وأن هذا مقتضى أدلة الشرع فلسنا بعد ذلك مخيرين بين الالتزام بهذا أو عدمه إن كنا مسلمين حقًّا. {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُّبِينًا} [الأحزاب: 36] فالآية وإن نزلت في قضية معينة، فمفهومها عام. ثم هي جاءت بعد الآيات التي أمرت نساء النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالقرار في بيوتهن.
ولقد بيّن الله أن ترك شريعته والإعراض عنها سبب حتمي – لا شك – للشقاء كحال أكثر أمم الأرض اليوم {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا} [ط: 125] وإن حال الأمة التي لديها المنهج القويم ثم تتركه وتبحث في زبالة أفكار الرجال كقول الشاعر:
كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ
والماء فوق ظهورها محمول
[1]) أصل المقال منشور في موقع الشيخ صالح الفوزان حفظه الله: http://www.alfuzan.net/msgfeqh/details.asp?id6
دور المرأة في تربية الأسرة(2)[1]
فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان
شرع الشيخ ـ حفظه الله ورعاه ـ في حديثه السابق، مستهلاً موضوعه بتوضيح شرعي عن مكان المرأة وخير أماكنها التي تقضي فيها دورها.. وتؤديه فيها على أكمل حال وأتم وجه، ومستدلاً على رأيه بالأدلة الشرعية، ومبيّناً فيها مقاصد ودلالاتٍ للمرأة المسلمة، ثم وضح بعد ذلك خروج المرأة وأحكامه.. وبيان موضع ذلك من الأحكام الشرعية، ومبيناً المفاسد المترتبة على ما يحدث من الإخلال بهذه الأحكام والتغافل عنها..(5/1170)
المحرر
ما هي الأسرة؟
الوقفة الثالثة مع العنوان عن "الأسرة": ما هي الأسرة التي هي مجال عمل المرأة، ما أهميتها؟
الأسرة إحدى المؤسسات التربوية الدائمة التي لا تنفك أبدًا فلا نتصور مجتمعًا بدون أسرة.
وإن وجودها واستمرارها واستقرارها من مقاصد الشرع {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً} [النساء: 1].
توحي الآية أن أصل البشر أسرة واحدة (نفس واحدة وخلق منها زوجها) ومن الزوجين بث أسرًا كثيرة. ويقول: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا} [الفرقان: 54] نسبًا بالنسبة للذكور، وصهرًا بالنسبة للإناث. وقد حثّ الإسلام على تكوينها متى توفرت الإمكانات، قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج" [أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: من استطاع الباءة فليتزوج، ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ووجد مؤنة].
وقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "تزوجوا الودود الولود" [أخرجه أبو داود في كتاب النكاح، باب النهي عن تزوج من لم يلد من النساء، والنسائي في كتاب النكاح، باب كراهية تزويج العقيم، والحديث حسن صحيح، انظر صحيح أبي داود. حديث 1805، وصحيح النسائي حديث 3026].
بيّن الإسلام دور الأسرة وأثرها العظيم إذ هي التي تحدد مسار حياته ودينه، قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه.." [أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما قيل في أولاد المشركين، وباب إذا أسلم الصبي فمات هل يصلى عليه، ومسلم في كتاب القدر باب معنى كل مولود يولد على الفطرة].
جاءت تشريعات الإسلام كلها لتنظيم الأسرة وحمايتها من التفكك، ومن ذلك أحكام النكاح والطلاق والعدد وحقوق الآباء والأمهات، وغيرها كثير، كلها تدلّ على تلك المكانة التي أولاها الإسلام للأسرة، لأنها مكان نشوء الأجيال، وعلى قدر ما تكون الأسرة يكون مستقبل الأمة.
وإن المرأة هي العمود الفقري لهذه الأسرة، وكما قيل: وراء كل عظيم امرأة تربى في حجرها.
ألا تستحق هذه الأسرة من المرأة تفرغًا، وهل عمل المرأة فيها جهد ضائع؟ إن رسالة المرأة هي الأمومة بما تحمله، وهي أوسع من مجرد الإنجاب، بل التربية التي تعد الفرد الصالح.
إن عمل المرأة في بيتها إن ظنه البعض صغيرًا فهو كبير تلتقي فيه كثير من التخصصات ويحتاج لما تحتاج له دولة، يحتاج للعلم والفكر، يحتاج الدقة، يحتاج الإدارة، يحتاج الاقتصاد، يحتاج الرقة والإحساس، يحتاج لسمو المبادئ.(5/1171)
إن المرأة التي تنظر لعمل البيت نظرة استصغار لدليل على أنها لم تفهمه حق الفهم، ومن ثم لن تقوم به، كذلك الذين يرون أنها معطلة في بيتها إما أنهم لا يفهمون هذا العمل، أو أنهم يفهمونه ولكن في قلوبهم مرض.
هل يصح أن نقول: إن المرأة إذا تفرغت للعناية بالأسرة تبقى معطلة ويخسر المجتمع نصف طاقاته.
من الضروري أن تفهم المرأة هذا الدور الكبير في ظل العقيدة {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام: 162] إنه عبادة، فليس عملاً قسريًا، أو عملاً روتينيًا، بل هو عمل فيه روح لمن أدركت أهداف الحياة وسر وجود الإنسان. قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت بعلها دخلت من أي أبواب الجنة شاءت" [رواه أحمد 1/191، والحديث في مجمع الزوائد 4/306، وقال: (وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن، وبقية رجاله رجال الصحيح) وقال شاكر: (إسناده منقطع فيما أرى) المسند 3/128].
وبعد هذه الوقفات يأتي الحديث عن أعمال المرأة داخل بيتها والتي تمثل دورها الرئيسي في هذه الحياة لتساهم في بناء الأمة، وسوف يتضح لنا أنها أعمال كبيرة وعظيمة إذا أعطيت حقها فإنها تستغرق جل وقتها، وهذه الأعمال:
أعمال المرأة في بيتها:
أولاً: عبادة الله:
لأن ذلك هو الغاية من وجود الإنسان ككل {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56].
لذا نجد التوجيه الإلهي لأمهات المؤمنين لما أمرن بالقرار في البيوت، قال الله تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ...} [الأحزاب: 33].
ومفهوم العبادة وإن كان أوسع من أداء الشعائر التعبدية، لكنها جزء كبير من العبادة، وأداء العبادة هو أكبر معين للمرأة على أداء دورها بإتقان في بيتها فالمرأة الصالحة هي التي تؤدي دورها على الوجه المطلوب، كما أن ذلك هو أساس التربية الصالحة بالقدوة، حيث إن قيام المرأة بأداء العبادة بخشوع وطمأنينة له أكبر الأثر على من في البيت من الأطفال وغيرهم، فحينما تحسن المرأة الوضوء، ثم تقف أمام ربها خاشعة خاضعة ستربى في الأطفال هذه المعاني بالقدوة إضافة للبيان والتوجيه بالكلام.
وهذا الجانب وإن كان معلومًا لكن لابد أن تتضح أهدافه وغاياته وأثره ويُفهم بعيدًا عن الروتين القاتل للمعاني السامية.
ثانيًا: المرأة في البيت سكن واستقرار للزوج والبيت:
قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم: 21].
التعبير بـ "سكن" وما يحمله من معنى. إن كلمة "سكن" تحمل معنى عظيمًا للاستقرار والراحة والطمأنينة في البيت، ولو حاولنا أن نوجد لفظًا يعبر عما تحمله ما استطعنا ولن نستطيع، ذلك كلام رب العالمين الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه(5/1172)
ولا من خلفه. فالمرأة سكن للزوج، سكن للبيت. ثم وصف العلاقة بأنها "مودة ورحمة".
وقال: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} [الأعراف: 189] أي يأنس بها ويأوي إليها، ولنفهم سر التعبير "إليها" في الآيتين حيث أعاد السكن إلى المرأة فهي مكانه وموطنه، فالزوج يسكن إليها، والبيت بمن فيه يسكن إليها (لتسكنوا إليها) ولا تكون المرأة سكنًا لزوجها حتى تفهم حقه ومكانته، ثم تقوم بحقوقه عليها طائعة لربها فرحة راضية.
لذا يحرص الإسلام على تقرير مكانة الزوج لأنها الأساس، يقول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها" [أخرجه الترمذي في أبواب الرضاع، باب في حق الزوج على المرأة، وابن ماجه في كتابه النكاح، باب حق الزوج على المرأة، والحديث صحيح انظر صحيح الترمذي حديث رقم 926].
بل الإشعار بمكانته حتى بعد وفاته "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم والآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج فإنها تحد عليه أربعة أشهر وعشرًا..." [أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب حد المرأة على غير زوجها، ومسلم في كتاب الطلاق، باب وجوب الإحداد في عدة الوفاة].
وليفهم أن الإحداد أمر زائد على العدة، ففيه إشعار بحق الزوج على الزوجة. وقد شرع في الإسلام أحكام تكفل أداء حقوق الزوج، ومن ثم يكون البيت سكنًا ويصبح بيئة صالحة.
على أن هذه الأحكام والتشريعات ليست خاصة بالمرأة بل هي على الزوجين، لكن دور المرأة فيها أكبر لأنها العمود كما ذكرنا، وحيث مجال حديثنا عن المرأة وعن دورها في تربية الأسرة، لابد من الإشارة لبعض المسئوليات والوسائل اللازمة لها التي تجعل البيت سكنًا كما أراد الله، ومنها:
1 ـ الطاعة التامة للزوج فيما لا معصية فيه لله:
هذه الطاعة هي أساس الاستقرار، لأن القوامة للرجل {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ...} [النساء: 34] فلا نتصور قوامة بدون طاعة... والبيت مدرسة أو إدارة، فلو أن مديرًا في مؤسسة أو مدرسة لديه موظفون لا يطيعونه، هل يمكن أن يسير العمل، فالبيت كذلك. إن طاعة الزوج واجب شرعي تثاب المرأة على فعله، بل نجد طاعة الزوج مقدمة على عبادة النفل، قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "لا تصوم المرأة وبعلها شاهد إلا بإذنه" متفق عليه [البخاري في كتاب النكاح، باب صوم المرأة بإذن زوجها تطوعًا، ومسلم في كتاب الزكاة، باب ما أنفق العبد من مال مولاه]. وفيه إشارة إلى أهمية طاعة الزوج حتى قدمت على عبادة صيام النفل.
2 ـ القيام بأعمال البيت التي هي قوام حياة الأسرة من طبخ ونظافة وغسيل وغير ذلك:
وحتى يؤدي هذا العمل ثمرته لابد أن يكون بإتقان جيد، وبراحة نفس ورضى وشعور بأن ذلك عبادة.(5/1173)
وإليك أيها الأخت نماذج من السيرة ومن سلف هذه الأمة. أخرج الإمام أحمد بسنده عن ابن أعبد قال: قال لي علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ألا أخبرك عني وعن فاطمة رضي الله عنها كانت ابنة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وكانت من أكرم أهله عليه، وكانت زوجتي، فجرَّت بالرحى حتى أثّر الرحى بيدها، وأسقت بالقربة حتى أثرت القربة بنحرها، وقمّت البيت حتى اغبرت ثيابها، وأوقدت تحت القدر حتى دنست ثيابها، فأصابها من ذلك ضرر، فقدم على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بسبي أو خدم، قال: فقلت لها: انطلقي إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فاسأليه خادمًا يقيك حر ما أنت فيه، فانطلقت إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فوجدت عنده خدمًا أو خدامًا فرجعت ولم تسأله فذكر الحديث فقال: "ألا أدلكِ على ما هو خير لكِ من خادم إذا أويتِ إلى فراشكِ سبحي ثلاثًا وثلاثين واحمدي ثلاثًا وثلاثين وكبري أربعًا وثلاثين" فأخرجت رأسها فقالت: رضيت عن الله ورسوله مرتين.. [مسند الإمام أحمد 1/153، وهو في البخاري أخصر من هذا في كتاب فرض الخمس، باب الدليل على أن الخمس لنوائب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ والمساكين. وفي مسلم كتاب الذكر والدعاء، باب التسبيح أول النهار وعند النوم، وأبو داود في أبواب النوم باب في التسبيح عند النوم، والترمذي في أبواب الدعوات باب في التسبيح والتكبير والتحميد عند المنام]. فلم ينكر قيامها بهذا المجهود، ومن هي في فضلها وشرفها، بل أقرها وأرشدها إلى عبادة تستعين بها على ذلك، وأن ذلك خير لها من خادم.
روى ابن إسحاق بسنده عن أسماء بنت عميس قالت: لما أصيب جعفر وأصحابه دخل عليَّ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقد دبغت أربعين منا، وعجنت عجيني وغسلت بنّى ودهنتهم ونظفتهم. قالت: فقال لي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "اتيني ببني جعفر" قالت: فأتيته بهم، فتشممهم وذرفت عيناه، فقلت: يا رسول الله بأبي أنت وأمي، ما يبكيك؟ أبلغك عن جعفر وأصحابه شيء؟ قال: "نعم، أصيبوا هذا اليوم"... الحديث [سيرة ابن هشام 3/380].
3 ـ استجابتها لزوجها فيما أحل الله له:
قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح" [البخاري، كتاب بدء الخلق، باب إذا قال أحدكم "آمين". ومسلم، كتاب النكاح، باب تحريم امتناعها من فراش زوجها]. بل الأولى في حقها أن تتقرب إليه دون الطلب، وأن تتهيأ لذلك وتتجمل. وإنه لمن المؤسف أن بعض النساء تتجمل لخروجها – وقد نُهيت عن ذلك – أكثر مما تتجمل لزوجها – وقد أُمرت به – وكل ذلك يدل على جهل بالمسؤولية، أو عدم اتباع لشرع الله.
إن لقيام المرأة بهذا الأمر، وحسن الأخذ به أثرًا كبيرًا على استقرار البيت، حيث عفة الزوج ورضاه بما عنده وعدم شعوره بالإحباط والحرمان، ومن ثم الاستقرار النفسي.
ما أكثر الرجال الذين يعيشون حياة غير مستقرة بسبب شعورهم بالحرمان، لأن المرأة لم تعر هذا الجانب اهتمامًا، أو لم تعرف كيف تقوم به حق القيام، فلتدرك المرأة دورها في ذلك، ثم لتفكر وتبحث كيف تؤديه.(5/1174)
4 ـ حفظ سره وعرضه:
فلا تتعرض للفتنة ولا للتبرج، ولا تتساهل في التعرض للرجال في باب المنزل أو النافذة أو خارج البيت، ولتكن محتشمة عند خروجها.
قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "فأما حقكم على نسائكم فلا يوطين فرشكم من تكرهون ولا يأذنَّ في بيوتكم لمن تكرهون" [بهذا اللفظ أخرجه الترمذي في أبواب الرضاع، باب ما جاء في حق المرأة على زوجها. وهو حديث حسن، انظر صحيح سنن الترمذي 1/341، أخرجه مسلم من حديث جابر في صفة حج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في كتاب الحج، باب حجة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، دون – قوله: (ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون)].
إن هذا يعطي صيانة أخلاقية للبيت، وثقة للزوج، وتربية للأبناء على العفة، وأن البيت الذي يحصل فيه شيء من التساهل في أي أمر من هذه الأمور لن يكون سكنًا مريحًا، ولا مكان استقرار.
5 ـ حفظ المال:
يقول ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها" [أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الجمعة في القرى والمدن، ومسلم في كتاب الإمارة، باب فضيلة الإمام العادل]. وقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (خير نساء ركبن الإبل صالح نساء قريش. أحناه على ولد في صغره وأرعاه على زوج في ذات يده) [البخاري في كتاب النكاح، باب إلى من ينكح، وأي النساء خير ومسلم في كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل نساء قريش].
وقضية المال قضية هامة يتعلق بها أمور منها:
1 ـ الإصلاح في البيوت بحفظ ما فيه.
2 ـ عدم التبذير والإسراف.
3 ـ عدم تحميل الزوج ما لا يطيق من النفقات.
والأمور المالية اليوم أصبح لها نظام وحساب فكم من الوسائل والطرق توفر للأسرة عيشًا هنيئًا مع عدم التكلفة المالية، وقد أصبحت فنًّا يدرس، فهل تعي الزوجة دورها في ذلك.
6 ـ المعاملة الحسنة:
فالزوج له القوامة فلابد من أن تكون المعاملة تنطلق من هذا ومن صور حسن المعاملة.
ـ تحمل خطئه إذا أخطأ.
ـ استرضاؤه إذا غضب.
ـ إشعاره بالحب والتقدير.
ـ الكلمة الطيبة والبسمة الصادقة، قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "تبسمك في وجه أخيك صدقة" [أخرجه الترمذي في أبواب البر والصلة، باب ما جاء في صنائع المعروف، والحديث صحيح انظر صحيح سنن الترمذي 2/186].
فكيف إذا كانت من زوجة لزوجها.(5/1175)
ـ الانتباه لأموره الخاصة من طعام وشراب ولباس من ناحية النوع والوقت. ولتعلم المرأة أنها حين تقوم بهذه الأمور ليس فيه اعتداء على شخصيتها أو حطّ من مكانتها بل هذا هو طريق السعادة، ولن تكون السعادة إلا في ظل زوج تحسن معاملته وذلك تقدير العزيز العليم {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ...} [النساء: 34] يقول ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها" [أخرجه أبو داود في كتاب النكاح باب في حق المرأة على زوجها والترمذي في أبواب الرضاع، باب في حق الزوج على المرأة والحديث صحيح انظر صحيح سنن أبي داود 2/402].
فلتفهمي مقاصد الشرع ولا تغتري بالدعاية الكاذبة وليكن شعارك سمعنا وأطعنا.
{فَإِمَّا يَأتِيَنَّكُم مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى} [طه: 123].
7 ـ تنظيم الوقت:
احرصي على تنظيم وقتك حتى يكون عملك متعة، واجعلي البيت دائمًا كالروضة نظافة وترتيبًا، فالبيت دليل على صاحبته، وبالنظافة والترتيب يكون البيت بأجمل صورة، ولو كان الأثاث متواضعًا والعكس بالعكس.
إن الزوج والأولاد حينما يعودون من أعمالهم ودراستهم متعبين فيجدون بيتًا منظمًا نظيفًا يخف عنهم العناء والإرهاق، والعكس بالعكس؛ فنظافة السكن ونظامه من أهم الأسباب لكونه سكنًا وراحة.
8 ـ قفي مع زوجك:
في الأحداث والأزمات وما أكثرها في هذه الدنيا! أمدِّيه بالصبر والرأي، اجعليه عند الأزمات يهرب لبيته، لزوجته، لسكنه، لا يهرب عنها، فذلك من أكبر الأسباب للوئام، وبهذا يكون البيت سكنًا.
9 ـ الصدق معه:
كوني صادقة معه في كل شيء وخصوصًا فيما يحدث وهو خارج البيت، وابتعدي عن الكذب والتمويه، فإن الأمر إن انطلى مرة فلن يستمر ثم تفقد الثقة، فإذا فقدت الثقة فلن يكون البيت سكنًا مريحًا، ولا مكانًا للتربية الصالحة.
10 ـ كيف تتصرفين عند حصول الخلاف؟
وأخيرًا اعلمي أننا بشر، فلا بد من الضعف، ولابد من وقوع اختلاف حول بعض الأمور، لكن المهم كيف تعالج الخلافات فإذا كان من الطبيعي حصول بعض الخلاف، فليس من الجائز أن يتحول كل خلاف إلى مشكلة قد تقوض كيان البيت، وإليك بعض التوصيات التي ينبغي الانتباه لها عند حصول خلاف.
1 ـ تجنبي الاستمرار في النقاش حالة الغضب والانسحاب حتى تهدأ الأعصاب.
2 ـ استعملي أسلوب البحث لا الجدال والتعرف على المشكلة وأسبابها.
3 ـ البعد عن المقاطعة والاستماع الجيد.
4 ـ لابد من إعطاء المشاعر الطيبة، وبيان أن كل طرف يحب الآخر، ولكن يريد حل المشكلة.
5 ـ لابد من الاستعداد للتنازل، فإن إصرار كل طرف على ما هو عليه يؤدي إلى تأزم الموقف، وقد ينتهي إلى الطلاق.(5/1176)
هذا بعض ما ينبغي للمرأة أن تسلكه في بيتها حتى تكون قد شاركت في إيجاد السكن الحقيقي، البيت الذي يعيش فيه الزوج هادئًا آمنًا مستقرًا فينتج لأمته، وفيه يتربى الأولاد التربية السليمة فتصلح الأمة بصلاح الأجيال، والزوجان هما أساس الأسرة فإذا كانت العلاقة بينهما سيئة فلا استقرار للبيت.
ثالثًا: جعل الأسرة في إطارها الواسع سكنًا:
من الأعمال التي تقوم بها المرأة في بيتها لتؤدي دورها في تربية الأسرة حرصها على جعل الأسرة سكنًا واستقرارًا في إطار الأسرة الواسع، إن الحديث في الفقرة السابقة يمسّ الأسرة في إطارها الضيق الزوج والزوجة والأولاد، لكن هناك إطار للأسرة أوسع من ذلك يشمل الأم والأب والأخوة والأخوات، ولهم حقوق سواء كانوا مع الزوج في البيت أو ليسوا معه. ولابد أن يلتئم شملهم وتصلح العلاقات بينهم، حيث يتعلق بذلك أحكام كثيرة، منها بر الوالدين وصلة الأرحام.
وللمرأة دور خطير في ذلك، فكم من امرأة بوعيها بهذا الجانب وخوفها من الله، كانت سببًا للصلة بين زوجها وأمه وأبيه وإخوته وأرحامه، فأصبحت أداة خير تجمع الأسرة على الخير، وكم من امرأة جاهلة بواجبها في هذا الجانب، أو تعرفه لكنها لا تخاف الله فسببت فرقة الأسرة فكان عقوق الآباء والأمهات، وكان قطيعة الرحم كل ذلك بسبب جهل المرأة بدورها في هذا الجانب وعدم القيام به.
رابعًا: تربية الأولاد:
من المجالات التي يظهر فيها دور المرأة في تربية الأسرة (تربية الطفل) وهذا من أهم المجالات وأخطرها لسببين:
الأول: لأنه موجه للطفل ومن الطفل تتكون الأمة، وعلى أي حال كان واقع الطفل وتربيته اليوم سيكون وضع الأمة في المستقبل كذلك، ومن هنا ندرك أنه سيمر عبر مدرسة الأم أفراد الأمة كلهم.
الثاني: ولأن الطفل كثير المجاهيل ينطبق عليه أنه واضح غامض، سهل صعب، لذا فرعايته وتربيته تحتاج لجهد ليس سهلاً، وهذا ما سوف نوضحه فيما يأتي.
إن رعاية الطفل مسؤولية الأبوين معًا، قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، والرجل راع في بيته ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها" [البخاري في كتاب الجمعة، باب الجمعة في القرى والمدن، ومسلم في كتاب الإمارة، باب فضيلة الإمام العادل].
ويقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [التحريم: 6].
ولكننا إذا نظرنا إلى واقع الأمر وجدنا أن الرجل لا يقضي في بيته ومع أطفاله إلا جزءًا يسيرًا من الوقت هذا من حيث الكم، ومن حيث الكيف فهذا الوقت يكون فيه منهكًا من العمل، يطلب الراحة، وليس لديه قدرة على التفكير في شأن أولاده. لذا يظهر لنا أن الدور الأكبر في هذا هو دور المرأة ومسؤوليتها، أخرج البخاري عن جابر بن عبد الله – رضي الله عنه – قال: هلك أبي وترك سبع بنات، أو تسع بنات، فتزوجت امرأة ثيبًا فقال لي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "تزوجت يا جابر" فقلت: نعم، فقال: "بكرًا أم ثيبًا؟" قلت: بل ثيبًا. قال: "فهلا جارية تلاعبها وتلاعبك،(5/1177)
وتضاحكها وتضاحكك" قال: قلت له: إن عبد الله هلك وترك بنات وإني كرهت أن أجيئَهُنَّ بمثلهن فتزوجت امرأة تقوم عليهن وتصلحهن، فقال: "بارك الله لك، أو قال: خيرًا" [البخاري كتاب النفقات، باب عون المرأة زوجها في ولده].
الحديث دلّ على مشاركة المرأة زوجها في تربية الأولاد بل إن الدور الأول هو دورها: (تقوم عليهن وتصلحهن).
أيتها الأخت:
إن قيامك بهذه المهمة العظيمة يتطلب فهمك التام لها حتى تؤديها على وجهها المطلوب، إن رعاية الطفل وتربيته التربية الجيدة لابد له من معرفة بعض الجوانب التي تتعلق بالطفل، وأعرض لبعض منها:
أولاً الجانب الصحي: إن الطفل المريض أو المعوق لن يكون فردًا تامًّا مفيدًا للأمة.
لذا فأول أمر تعمله المرأة وتوليه عناية، صحة طفلها، ولقد كتبت في هذا الموضوع كتابات متعددة ومن ذلك كتاب (رعاية الطفل الصحية) للدكتور "نبيه الغبرة" فهو يعرض رعاية الطفل الصحية بأسلوب سهل ميسر تفهمه كل امرأة لديها قدر يسير من الإطلاع، ومن الملاحظات التي تتعلق بصحة الطفل:
1 ـ المرأة الحامل وعنايتها بصحتها، حيث صحتها صحة للجنين، ولابد من عمل اللازم لذلك.
2 ـ ما بعد الولادة يمر الطفل بأدوار، لكل دور حالة خاصة ورعاية صحية خاصة، ونجملها فيما يلي.
ـ الوليد في شهره الأول حيث دقة حساسيته في هذا السن، لابد أن تعرف الأم: ما هي المظاهر الصحية وغير الصحية في تلك الفترة، كيف تعامله، مكان نومه المناسب، الرضاع السليم، اللباس.. إلى غير ذلك.
ـ المرحلة الثانية: ما بعد الوليد وهي الرضيع وفيها يحصل المشي، والنطق وما يلزم لها من رعاية صحية، فعند محاولة الطفل المشي لا يكلف فوق طاقته ولا داعي لإعانته بحاجة يمشي عليها بل يترك لقدرته.
النطق: ألا تعلمين أن اضطرابات النطق سببها تشخيص الأهل لها، أي: قولهم بوجودها واتخاذ الوسائل لمعالجتها.
ـ المرحلة الثالثة: سن ما قبل المدرسة، وفيها يتم إعداده للمدرسة، يراعى قدرة الطفل، جعل المدرسة والقراءة محببة إليه.
ـ ثم تأتي مرحلة الطفولة المتوسطة والمراهقة والتي يكون الجهد التربوي فيها صعبًا.
ثم تذكري بعض القضايا الصحية التي يجب أن يكون لديك خبرة بها.
1 ـ لقاحات الطفل ما هي، أوقاتها.
2 ـ النمو السليم للطفل.
3 ـ مجارات ملكات الطفل.
4 ـ لِعب الطفل ولُعبه.
أهمية اللعب في حياة الطفل ليس مجرد تسلية بل وسيلة للتعليم وتنمية المواهب.(5/1178)
لكل سنّ لُعب معيّنة تناسبه، لو أعطي لعبة أقل من مستواه الذهني لم يحفل بها، ولو أعطي لعبة فوق مستواه يحتاج لجهد أكبر من طاقته، وقد يفسدها وهناك لعب ضارة يحذر منها.
ـ السلس أو التبول الليلي أسبابه كيف يعالج بصورة صحيحة.
ـ الطفل الأعسر: البيئة والتوجيه. لهما دور كبير.
ـ الحوادث: السقوط، الابتلاع، التسمم، الحروق، الدهس.. إلخ لكل سن حوادث خطرة كيف تقين طفلك؟ [انظر كتاب "رعاية الطفل الصحية" للدكتور نبيه الغبرة].
هذا جانب من جوانب العناية بالطفل، هل لديك فيه الخبرة الكافية؟ لم يكن القصد من ذكرها التفصيل وإعطاء منهج صحي فليس هذا موضعه، وإنما إشارة إلى أن الأمر ليس بالسهولة المتوقعة.
إذا انتقلنا إلى الجانب الآخر وهو جانب تربية الطفل خلقيًّا وبنائه بناءً صالحًا وغرس العادات الطيبة وإبعاده عن العادات السيئة حتى ينشأ ولدًا صالحًا يكون قرّة عين لوالديه، إن هذا الجانب يحتاج لمحاضرات متعددة؛ لأنه موضوع ذو تشعب. إن من يقوم على تربية الطفل لابد أن يعرف ما هي خصائص الطفل حتى يتعامل معه على بيّنة، ثم ما هي الوسائل الجيدة والمجدية للتربية، ولابد أن تدركي أيتها الأخت أن لكل سن في حياة الطفل طبيعة خاصة ولها وسائلها التربوية الخاصة والكتابات في هذا الجانب كثيرة، وإذا كنت تؤمنين بأن هذا جزء هام من دورك العظيم في تربية الأسرة فلا بد أن يكون لديك فيه الإلمام الذي يمكنك من القيام برسالتك العظيمة [مما أنصح به في هذا الجانب سماع محاضرة مسجلة للدكتور عبد العزيز النغيمشي بعنوان (واقع الطفل المسلم)]. وأنا أذكر إشارات بسيطة في هذا:
خصائص الطفل:
وهذه الخصائص لابد أن يعرفها من أراد أن يربي الطفل على منهج تربوي وسليم ومنها:
1 ـ القابلية، فالطفل صفحة بيضاء لم يتعمق لديه أي سلوك أو أفكار، قابل للتعديل والتوجيه. مثل الغصن اللين قابل للتشكيل على أي شكل تريد، إذن فلا بد أن تعي المرأة دورها في هذا الأمر.
2 ـ مادية في التفكير، فلا تقلق الأم إذا لم يفهم بعض الأمور؛ لأنه يربط ما أمامه بالتفكير المادي، فلو قلت له ثلاثة زائد ثلاثة لم يفهم، لكن ضع أمامه ثلاثة أقلام، وثلاثة، يقول: ستة وهكذا.
من أجل هذا فهو لا يكلف إلا بعد البلوغ ولتربيته على الصفات الحميدة لابد أن تربط بآثارها العملية المحسوسة له.
3 ـ الفردية، والأنانية، كل شيء له، دور المربي إخراجه منها حتى يحترم الآخرين.
4 ـ الطفل له حاجات لابد منها إذا لم توفر له تعرقل نموه، أو تنشئ عنده سلوكيات سيئة، منها:
أ ـ الحب والأمن من أبويه.
ب ـ التقدير والثقة فإنه إذا لم يحترم ويعطى الثقة ينشأ عنده عدم الثقة بالنفس.(5/1179)
جـ ـ الرفقة، لابد له من صحبة، فينبغي اختيار الرفقة الذين اعتني بتربيتهم حتى لا يقع التناقض.
كيف نربي الطفل؟
كل ما نعمله من وسائل لتربية الطفل يرجع إلى أحد الطرق الآتية:
1 ـ التلقين وهذا يعتمد فيه على مجرد الأمر وهو غير مجد كثيرًا، وللأسف أنه المستعمل لدى كثير من الناس.
2 ـ يضاف مع التلقين أمر آخر كالنصح أو الترغيب والترهيب، وهذا أجدى من سابقه.
3 ـ بالملاحظة والتقليد، وهذا أهمها وأخطرها وهنا دور القدوة والسلوكيات في البيت وسلوك الأم كيف يكون حال الطفل، فل تستطيع تعليمه الصدق ونهيه عن الكذب وهي تكذب أمامه.
بعد هذا هناك ملحوظات عامة حول تربية الطفل ومنها:
ـ الضرب وسوء استعماله، لا شك أن الضرب وسيلة تربوية لكن كيف ومتى يستعمل؟ هذا أمر مهم.
ـ تخويف الطفل بالبعبع وآثاره على نفسية الطفل.
ـ التربية بين التدليل والقسوة.
ـ إبعاد الطفل عن الأطفال غير المهذبين.
ـ متابعة الطفل في دراسته.
ـ تربية البنت على الحياء.
ـ التربية بالنظرة وتعويد الطفل على ذلك.
ـ عدم التناقض بين الزوجين في التوجيه فهذا يأمر وهذا ينهى عن نفس الفعل.
ـ عدم التناقض بين القول والفعل.
ـ مراقبة الأطفال في البيت من حيث لا يشعرون.
ـ الدعاء واستعمال الكلمات النابية.
ولا شك أن كل نقطة مما سبق بحاجة إلى شرح وإفاضة، وليس المجال شرح وسائل التربية وطرقها، وإنما ذكرت ذلك لأبيّن أن عمل المرأة في تربية الطفل ليس عملاً يسيرًا بل هو عمل يحتاج للعلم، ويحتاج جهدًا في المتابعة.
خامسًا: أعمال أخرى:
تلك المجالات الأربعة السابقة هي أهم مجالات عمل المرأة في بيتها والتي من خلالها تشارك في إعداد الأسرة إعدادًا سليمًا، ولكن هناك أعمال أخرى فيها نفع للأسرة مادّيًّا أو تربويًّا إن بقي لدى المرأة متسع من الوقت ـ بعد قيامها بالأعمال الرئيسة السابقة ـ وهذه الأعمال كثيرة لا تنحصر، وهي متجددة حسب الظروف المادية والاجتماعية للأسرة وحسب جهد المرأة وتفكيرها، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
ـ خياطة الملابس، كم تنفق الأسرة من المال في هذا الجانب، إضافة إلى آثارها السلبية الأخرى، حيث تقضي المرأة وقتًا طويلاً أمام هذا الخياط الأجنبي وهي تحاول أن تشرح له ما تريد وهو أعجمي في الغالب يفهم بعض الكلام ولا يدرك أكثره،(5/1180)
إضافة لما يجلب للبيوت من الموديلات والموضات المخالفة للشرع وللأخلاق والذوق الاجتماعي.
إنه من العجيب أن تخرج المرأة للعمل خارج المنزل لاكتساب بعض الريالات، ثم يصرف هذا الراتب على الخياط، وعلى المربية التي تقوم على الأطفال، ترى لو تفرغت المرأة لتربية أطفالها وما بقي لديها من وقت قضته في خياطة ملابسها كم ستوفر للأمة، ليس مبلغًا من المال إنما حفظ أجيال الأمة وحفظ أخلاقها، وهذا ليس على العموم، فقد مر بنا أن الأمة بحاجة للمرأة العاملة في بعض المجالات التي لا يقوم بها غيرها، لكن فرق أن يكون هذا استثناءً أو هو الحالة العامة.
ـ من الأعمال التي يمكن أن تقوم بها المرأة في البيت صناعة بعض التحف والأشكال الجمالية. إن طلب الجمال أمر مركوز في الفطرة، فحب الإنسان للمناظر الجميلة والأشكال الرائعة أمر مباح، وللإنسان أن يطلبها ويعملها إذا لم يكن فيها إسراف، ولا محذور شرعي كوجود الصور. وإن كثيرًا من تلك الأشكال قد تعملها المرأة. إن بعض الناس مولع بتلك التحف ويبذل كثيرًا من المال لاقتنائها، ماذا لو استغلت المرأة بعض وقتها وعملت شيئًا من تلك التحف ووفرت هذا المال. هذا الجانب من الأعمال ليس ذا أهمية كبيرة، لكن ذكرته لأبين أن أمام المرأة مجالاً للتفكير في استغلال فاضل وقتها فيما ينفعها وينفع أسرتها.
وبعد أن استعرضنا تلك الأعمال الهامة التي تقوم بها المرأة في بيتها وتشارك من خلالها في تربية الأسرة. هل يصح أن نقول: إن المرأة إذا جلست في بيتها وتفرغت لتلك المهمات تبقى معطلة، وهل تصح مقولة الذين يقولون: إن بقاء المرأة في بيتها يجعل نصف المجتمع عاطلاً عن العمل؟
ما هي المقاييس الصحيحة للبطالة؟ تخرج المرأة لتترك أقدس وظيفة وأخطرها لتؤدي دور كاتب صادر أو وارد، أو ناسخ آلة يؤديها أي شاب من الشباب العاطلين! وتترك المرأة بخروجها رعاية أطفالها وتربيتهم للخادمة والحاضنة! ثم تعود لتنفق هذا المال الذي تركت وظيفتها الأساسية من أجله تعود لتنفق هذا المال على تلك الخادمة وعلى السائق وعلى أماكن الخياطة! ولكن مرض النفوس وانتكاس الفطرة.
إنها انتكاسات البشر حين يحيدون عن منهج الله {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [طه: 125] قد يقول بعض من فرض عليهم الواقع ضغوطه وأصبحوا لا يفكرون إلا من خلال أوضاع اجتماعية معينة يقول هؤلاء: إن هذا كلام عاطفي بعيد عن الواقع العملي.
صور من واقع المرأة في الغرب:
أقول لمثل هؤلاء تعالوا واسمعوا إلى صيحات بعض الغربيين الذين هالهم ما وصلت إليه مجتمعاتهم عندما خرجت المرأة وتركت البيت، إن الغرب وإن تقدّم مادّيًّا لكنه تأخّر اجتماعيًّا وخلقيًّا وأصبحت حضارته معرضة للسقوط، وبدأ المفكرون الغربيون ينذرون بالخطر ويحذرون مما وصلت إليه حالة الأسرة، وحالة المرأة بعد نزولها لميدان العمل خارج المنزل، يقول (أجوست كونت مؤسس علم الاجتماع): "يجب أن يغذي الرجل المرأة، هذا هو القانون الطبيعي لنوعنا الإنساني، وهو قانون يلائم الحياة الأصلية المنزلية للجنس المحب (النساء)، وهذا الإجبار يشبه ذلك الإجبار(5/1181)
الذي يقضي على الطبقة العاملة من الناس بأن تغذي الطبقة المفكرة منهم، لتستطيع هذه أن تتفرغ باستعداد تام لأداء وظيفتها الأصلية، غير أن واجبات الجنس العامل من الجهة المادية (الرجل) نحو الجنس المحب (المرأة) هي أقدس من تلك تبعًا لكون الوظيفة النسوية تقتضي الحياة المنزلية" [المرأة بين الفقه والقانون ص22].
وهذه كاتبة غربية شهيرة تقول في مقال نشر في جريدة (الاسترن ميل) في 10 مايو 1901 تقول: "لأن يشتغل بناتنا في البيوت خوادم أو كالخوادم خير وأخف بلاء من اشتغالهن في المعامل، حيث تصبح البنت ملوثة بأدران تذهب برونق حياتها إلى الأبد، ألا ليت بلادنا كبلاد المسلمين، فيها الحشمة والعفاف والطهارة رداء، الخادمة والرقيق يتنعمان بأرغد عيش، ويعاملان كما يعامل أولاد البيت ولا تمس الأعراض بسوء. نعم إنه لعار على بلاد الإنجليز أن تجعل بناتها مثلاً للرذائل بكثرة مخالطة الرجال. فما بالنا لا نسعى وراء ما يجعل البنت تعمل بما يوافق فطرتها الطبيعية من القيام في البيت وترك أعمال الرجال للرجال سلامة لشرفها" [المرأة بين الفقه والقانون للسباعي ص178، عن مجلة المنار لرشيد رضا].
انظر إلى كلام هذه المرأة في أوائل هذه القرن، وقد زاد حال المرأة الغربية سوءًا بعد ذلك، فأين عقول دعاة التحرير أم ران عليها مرض الشهوة.
ويقول جول سيمون: "المرأة التي تشتغل خارج بيتها تؤدي عمل عامل بسيط ولكنها لا تؤدي عمل امرأة" [المرأة بين الفقه والقانون ص179].
وهذه امرأة تدعى "كاتلين ليند" زوجة رائد الفضاء الأمريكي "د. دون ليزي ليند" فليست أسرة أمية، بل هي أسرة غربية في قمة التقدم العلمي، تقول هذه المرأة: (كربة بيت فإنني أقضي معظم وقتي في البيت. وكامرأة فإنني أرى أن المرأة يجب أن تعطي كل وقتها لبيتها وزوجها وأولادها.. ولازلت أذكر حديثًا لأحد رجال الدين ردًّا على سؤال: إذا كان مصير المرأة بيتها فلماذا إذن تتعلم؟ لقد قال يومها لصاحبة السؤال: إذا علمت رجلاً فإنك تعلم فردًا، وإذا علمت امرأة فأنت تعلم جيلاً أو أمة..
ثم تقول: "وأنا مسرورة جدًّا من بقائي في البيت إلى جانب زوجي وأطفالي حتى في الأيام العصيبة ـ وأقصد الأيام التي كنا في حاجة فيها إلى المال ـ لم يطلب مني زوجي أن أعمل وكانت فلسفته أننا نستطيع أن نوفر احتياجاتنا الضرورية لكننا لا نستطيع أن نربي أولادنا إذا أفلت الزمام من بين أيدينا..." [رسالة إلى حواء ص2/61، نقلاً عن جريدة الأنباء الكويتية].
إن هذه النصوص واضحة، وليست بحاجة إلى تعليق، بل لسنا بحاجة إليها فإننا نؤمن بأن ما اختار الله للبشر هو الصلاح، وهو ما جاء به دين الإسلام {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُّبِينًا} [الأحزاب: 36].
سؤال أخير:
وبعد هذا يأتي سؤال أخير وهو مهم جدًّا، هل كل امرأة تستطيع القيام بهذه الوظيفة الكبيرة، وهل مجرد جلوس المرأة في بيتها كاف لتتم هذه الوظيفة؟
وجوابًا على هذا السؤال نقول: إن الشرط الأساسي في المرأة التي تستطيع القيام بهذه المهمة هو أن تكون امرأة صالحة كما أرشد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لهذا بقوله:(5/1182)
"تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك" [الحديث أخرجه البخاري عن أبي هريرة، كتاب النكاح/ باب (الأكفاء في الدين) ومسلم كتاب الرضاع، باب (استحباب نكاح ذات الدين)].
بيّن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ المعايير التي يقوّم الناس عليها شريكة الحياة، ثم أمر بتقديم معيار الدين. إن بعض الناس يجعل الميزان هو الجمال ويتفنن الناس في رسمه، وبعضهم يجعل المال هو المعيار سواء كان موجودًا أو مكتسبًا.
وبعضهم يجعل الحسب والنسب معيارًا، ولكن معيار الشرع هو الدين. والمرأة الصالحة هي المؤتمنة للقيام بهذه المهمة العظيمة.
إن الذي يختار المرأة الدينة يكون قد وفر على نفسه جهدًا عظيمًا.
وإذا توفرت المرأة الصالحة فلابد أن يكون لديها قدر من العلم الذي يجعلها مؤهلة للقيام بعملها خير قيام، تعرف ما يجب عليها، واعية ومدركة لرسالتها في الحياة، وبهذا ندرك أن المقصود بالعلم هنا ليس الشهادة والمؤهل، وإنما العلم بوظائفها التي يحب أن تقوم بها والعلم بالوسائل التي تعينها على ذلك.
فيلزم المرأة بعد تعلّم دينها أن تعلم كل ما يلزم لها مما يعينها لتقوم بوظيفتها في البيت، تقوم بمتابعة كل ما يستجد مما يكتب حول الموضوعات التي تهمها كالموضوعات المتعلقة بالطفل سواء ما كان حول صحته أو عن تربيته، والموضوعات المتعلقة بالبيت والتدبير المنزلي، والموضوعات المتعلقة ببعض المواضيع الاجتماعية، والمواضيع التي تكتب حول المرأة وغيرها مما يهم المرأة.
إن وجود المرأة الصالحة مع العلم هو المؤشر على إمكانية أداء المرأة لوظيفتها.
وإن جهل المرأة وعدم صلاحها سبب للضياع حتى ولو كانت المرأة متفرغة غير عاملة فإنها سوف تضيع الوقت في الزيارات الفارغة والقيل والقال وتتبع الموضات، ومثل هذه لا يرجى منها أن تقوم بدور مهم ولا أن تخرج جيلاً صالحًا. والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ـــــــــــــــــــ
المرأة المسلمة والدعوة إلى الله
خولة درويش
تحملت المرأة المسلمة أعباء هذه الدعوة منذ فجر الإسلام، وضربت أروع الأمثلة في الصبر والتفاني والثبات..
"وإن أول قلب خفق بالإسلام وتألق بنوره قلب امرأة وقد هيئ لها من جلال الحكمة وبُعد الرأي وزكاء الحسب ما عز على الأكثرين من الرجال.
لقد تأثرت أم المؤمنين خديجة بنت خويلد رضي الله عنها بهذا الدين تأثراً نفذ إلى قلبه صلى الله عليه وسلم، فكان مبعث الغبطة والسكينة عند تدافع النُّوَب واشتداد الخطوب"(عودة الحجاب 2/263). فقال صلى الله عليه وسلم مبيناً فضلها وسابقتها: "آمنت بي إذ كذبني الناس، وآوتني إذ رفضني الناس، ورزقت منها الولد، وحرمتموه مني". ثم تحملت المرأة العذاب في سبيل دينها، متحدية سطوة قريش وجبروت طغيانها آنذاك.(5/1183)
كانت سمية بنت خيَّاط أم عمار بن ياسر، سابعة سبعة في الإسلام، وكان بنو مخزوم اذا اشتدت الظهيرة خرجوا بها وبابنها وزوجها إلى الصحراء وأهالوا عليها الرمال المتقدة وأخذوا يرضخونهم بالحجارة، وتوفيت سمية تحت التعذيب رضي الله عنها.
وعن مجاهد قال: أول شهيد في الإسلام سمية بنت خيَّاط، والدة عمار بن ياسر، كانت عجوزاً كبيرة ضعيفة، ولما قُتل أبو جهل يوم بدر، قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمار "قتل الله قاتل أمك"(الإصابة : 4/327).
لقد هانت النفس والمال والولد عند الرعيل الأول من الرجال والنساء في سبيل عقيدتهم ودينهم وحب الله ورسوله.
"عن ابن اسحق عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بامرأة من بني دينار وقت أصيب زوجها وأخوها وأبوها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحد، فلما نُعوا لها قالت: ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: خيراً يا أم فلان، هو بحمد الله كما تحبين. قالت: أرونيه حتى أنظر إليه. قال: فأشير لها حتى إذا رأته قالت:"كل مصيبة بعدك جلل"(البداية والنهاية: 4/47).
وخلال الهجرة ساهمت المرأة في التخذيل عن رسول الله وصاحبه وتحملت الأرزاء والمشاق في سبيل دينها.
فكانت رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، من أوائل من هاجر إلى الحبشة، وكان معها جملة من نساء المؤمنين(الإصابة: 4/297).
وكانت أم سلمة رضي الله عنها، قد منعها قومها بنو المغيرة من الهجرة مع زوجها، ثم جذبوا ابنها سلمة منها حتى خلعوا يده، ففرقوا بينها وبين زوجها.
تقول رضي الله عنها: كنت أخرج كل غداة، وأجلس بالأبطح، فما أزال أبكي حتى أمسي سبعاً.. حتى مر بها رجل من بني عمها فرقّ لها. وقال لبني المغيرة: ألا تخرجون هذه المسكينة؟ فرقتم بينها وبين زوجها، وبين ابنها، فقالوا: الحقي بزوجك إن شئت، وردوا عليها ابنها ثم لحقت بزوجها، رضي الله عنهما(الإصابة : 4/439).
ويستمر شأن الجاهلية هذه حتى أيامنا هذه، فيشرد المؤمنون في أصقاع الأرض، ويمنع ذووهم من النساء والأطفال من تأشيرات الخروج للحاق بهم، وتبقى سلعة الله غالية، تستحق التضحيات الجسام.
وكانت أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، ذات مواقف عظيمة خلال الهجرة، تمثل لباقة الداعية وحصافتها وثباتها.
قال ابن اسحق: حدثت عن أسماء بنت أبي بكر أنها قالت: "لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر رضي الله عنه، أتانا نفر من قريش فيهم أبو جهل، فوقفوا على باب أبي بكر فخرجت إليهم فقالوا: اين أبوك يا بنت أبي بكر؟ قلت: لا أدري والله أين؟ قالت: فرفع أبو جهل يده وكان فاحشاً خبيثاً فلطم خدي لطمة طرح منها قرطي (السيرة النبوية لابن هشام: 1/487).
وعندما احتمل أبو بكر ماله كله، خمسة آلاف أو ستة آلاف درهم خلال هجرته، سكّنتْ أسماء جدها أبا قحافة بأن وضعت حجارة في كوة البيت الذي كان يضع أبو بكر ماله فيها، وغطتها بثوب ووضعت يد أبي حقافة على ما ظنه مالاً.. تقول: ولا والله ما ترك لنا شيئاً، ولكني أردت أن أسكن الشيخ بذلك..(سيرة ابن هشام: 1/488)(5/1184)
ولم تكتف المرأة المسلمة بذلك، بل ساهمت في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على قدر طاقتها.
"دخل قريب لأم المؤمنين ميمونة رضي الله عنها، فوجدت من ريح شراب. فقالت: لئن لم تخرج إلى المسلمين فيجلدوك؛ لا تدخل علي أبداً"(أخرجه بن سعد : 8/129، وسنده حسن).
وها هي أُم سليم تدفع ولدها ليكون جندياً يخدم صاحب الدعوة. عن أنس قال: "جاءت بي أم سليم "والدته" إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أزّرتني بنصف خمارها، وردَّتني ببعضه فقالت: يا رسول الله! هذا أُنيًس ابني أتيك به يخدمك فادع الله له. فقال: "اللهم أكثر ماله وولده" فو الله إن مالي كثير، وإن ولدي وولد ولدي يتعادّون على نحو من مئة اليوم"(أخرجه مسلم).
وعندما خطب أبو طلحة أم سُليم (قبل أن يسلم) قالت: يا أبا طلحة! ألست تعلم أن إلهك الذي تعبد نبتُ من الأرض قال: بلى. قلت: أفلا تستحي؟ تعبد شجرة؟ إن أسلمت فإني لا أريد منك صداقاً غيره. قال: حتى أنظر في أمري. فذهب ثم جاء فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. فقالت: يا أنس زوج أبا طلحة. فزوجها فكان صداقها الإسلام"(الإصابة لابن حجر : 2/442).
فأين من ذلك فتيات اليوم؟ ممن يتغالى أهلهن بالمهور، وقد يكون الخاطب ذا دين وخلق، ولكن لا يستطيع دفع الأموال الطائلة، وكذلك الفتيات يتباهين بكثرة ما يدفع إليهن من مهر وذهب ومجوهرات، أو يبقين عوانس مدى حياتهن وما أكثر هذه الظاهرة في عصرنا الحاضر.
ـــــــــــــــــــ
دور المرأة في إصلاح المجتمع
محمد بن صالح العثيمين
لفضيلة الشيخ/ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله -
إن دور المرأة في إصلاح المجتمع دور له أهميته الكبرى، وذلك لأن إصلاح المجتمع يكون على نوعين:
النوع الأول: الإصلاح الظاهر:
وهو الذي يكون في الأسواق، وفي المساجد، وفي غيرها من الأمور الظاهرة، وهذا يغلب فيه جانب الرجال لأنهم هم أهل البروز والظهور.
النوع الثاني: إصلاح المجتمع فيما وراء الجدر:
وهو الذي يكون في البيوت، وغالب مهمته موكول إلى النساء لأن المرأة هي ربة البيت، كما قال الله سبحانه وتعالى موجهاً الخطاب والأمر إلى نساء النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: {وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً} [الأحزاب: 33].
ـ أهمية دور المرأة في إصلاح المجتمع:
نظن بعد ذلك أنه لا ضير علينا إن قلنا: إن إصلاح نصف المجتمع أو أكثر يكون منوطاً بالمرأة.(5/1185)
السبب الأول:
أن النساء كالرجال عدداً، إن لم يكن أكثر، أعني أن ذرية آدم أكثرهم من النساء، كما دلت على ذلك السنة النبوية، ولكنها تختلف من بلد إلى بلد ومن زمن إلى زمن، فقد تكون النساء في بلد ما أكثر من الرجال، وقد يكون العكس في بلد آخر، كما أن النساء قد يكن أكثر من الرجال في زمن، والعكس في زمن آخر.
وعلى كل حال فإن للمرأة دوراً كبيراً في إصلاح المجتمع.
السبب الثاني:
أن نشأة الأجيال أول ما تنشأ إنما تكون في أحضان النساء، وبه يتبين أهمية ما يجب على المرأة في إصلاح المجتمع.
ـ مقومات إصلاح المرأة في المجتمع:
لكي تتحقق أهمية المرأة في إصلاح المجتمع، لا بد للمرأة من مؤهلات أو مقومات لتقوم بمهمتها في الإصلاح.. وإليكم جانباً من هذه المقومات:
المقوم الأول: صلاح المرأة:
أن تكون المرأة نفسها صالحة، لتكون أسوة حسنة وقدوة طيبة لبنات جنسها، ولكن كيف تصل المرأة إلى الصلاح؟
لتعلم كل امرأة أنها لن تصل إلى الصلاح إلا بالعلم، وما أعنيه هو العلم الشرعي الذي تتلقاه، إما من بطون الكتب ـ إن أمكنها ذلك ـ وإما من أفواه العلماء، سواء أكان هؤلاء العلماء من الرجال أو النساء.
وفي عصرنا هذا يسهل كثيراً أن تتلقى المرأة العلم من أفواه العلماء، وذلك بواسطة الأشرطة المسجلة، فإن هذه الأشرطة ـ ولله الحمد ـ لها دور كبير في توجيه المجتمع إلى ما فيه الخير والصلاح، إذا استعملت في ذلك.
إذن فلا بد لصلاح المرأة من العلم، لأنه لا صلاح إلا بالعلم.
المقوم الثاني: البيان والفصاحة:
أي أن يمن الله عليها - أي على المرأة - بالبيان والفصاحة، بحيث يكون عندها طلاقة لسان وتعبير بيان تعبر به عما في ضميرها تعبيراً صادقاً، يكشف ما في قلبها وما في نفسها من المعاني، التي قد تكون عند كثير من الناس، ولكن يعجز أن يعبر عنها، أو قد يعبر عنها بعبارات غير واضحة وغير بليغة، وحينئذٍ لا يحصل المقصود الذي في نفس المتكلم من إصلاح الخلق.
وبناءً على ذلك نسأل: ما الذي يوصل إلى هذا؟ أي يوصل إلى البيان والفصاحة والتعبير عما في النفس بعبارة صادقة كاشفة عما في الضمير؟
نقول:
الطريق إلى ذلك هو أن يكون عند المرأة شيء من العلوم العربية: نحوها، وصرفها، وبلاغتها، وحينئذٍ لا بد أن يكون للمرأة دروس في ذلك ولو قليلة، بحيث تعبر عما في نفسها تعبيراً صحيحاً تستطيع به أن توصل المعنى إلى أفئدة النساء اللاتي تخاطبهنّ.
المقوم الثالث: الحكمة:
أي أن يكون لدى المرأة حكمة في الدعوة، وفي إيصال العلم إلى من تخاطب، وحكمة في وضع الشيء في موضعه، كما قال أهل العلم، وهي من نعمة الله سبحانه وتعالى(5/1186)
على العبد، أن يؤتيه الله الحكمة. قال الله عز وجل: {يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً} [ البقرة 269].
وما أكثر ما يفوت المقصود ويحصل الخلل، إذا لم تكن هناك حكمة، فمن الحكمة في الدعوة إلى الله عز وجل أن ينزل المخاطب المنزلة اللائقة به، فإذا كان جاهلاً عومل المعاملة التي تناسب حاله، وإذا كان عالماً، ولكن عنده شيء من التفريط والإهمال والغفلة عومل بما تقتضيه حاله، وإذا كان عالماً ولكن عنده شيء من الاستكبار وردّ الحق عومل بما تقتضيه حاله.
فالناس - إذن - على درجات ثلاث: جاهل، وعالم متكاسل، وعالم معاند، ولا يمكن أن نسوي كل واحد بالآخر، بل لا بد أن ننزل كل إنسان منزلته، ولهذا لما أرسل النبي صلى الله عليه وسلم معاذاً إلى اليمن قال له "إنك تأتي قوماً أهل كتاب" وإنما قال له النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ليعرف معاذ حالهم كي يستعد لهم بما تقتضيه هذه الحال ويخاطبهم بما تقتضيه هذه الحال أيضاً.
ـ أمثلة على استعمال الحكمة في دعوته صلى الله عليه وسلم:
ويدل على استعمال الحكمة في الدعوة إلى الله وقائع وقعت ممن هو أحكم الخلق في الدعوة إلى الله، ألا وهو النبي صلى الله عليه وسلم، ولنضرب لذلك أمثلة:
المثال الأول: الأعرابي الذي بال في المسجد:
أخرج البخاري ومسلم وغيرهما: من حديث أنس بن مالك أن أعرابياً دخل المسجد ثم جعل يبول، فأخذت الصحابة الغيرة، فنهوه وصاحوا به، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم الذي أوتي الحكمة في الدعوة إلى الله عز وجل، قال: "لا تزرموه" أي لا تقطعوا عليه بوله، فلما قضى الأعرابي بوله أمر النبي صلى الله وعليه وسلم أن يصب عليه (أي على البول) ذنوبا من ماء (أي دلوا من ماء)، ثم دعا الأعرابي وقال له: "إن هذه المساجد لا يصلح فيها شيء من الأذى (أو من القذر) وإنما هي للصلاة وقراءة القرآن وذكر الله عز وجل.." و كما قال صلى الله عليه وسلم.
وقد روى الإمام أحمد رحمه الله أن هذا الأعرابي قال: "اللهم ارحمني ومحمداً ولا ترحم معنا أحدا".
ونأخذ من هذه القصة العبر التالية:
العبرة الأولى:
أن الصحابة رضي الله عنهم أخذتهم الغيرة وصاحوا بهذا الأعرابي، فيؤخذ من ذلك أنه لا يجوز الإقرار على المنكر، بل الواجب المبادرة بالإنكار على فاعل المنكر، ولكن إذا كانت المبادرة تؤدي إلى أمر أكبر ضرراً فإن الواجب التأني حتى تزول هذه المفسدة الكبرى، ولهذا نهاهم النبي صلى الله عليه وسلم، بل زجرهم عن أن ينهوا الأعرابي ويصيحوا به.
العبرة الثانية:
أن النبي صلى الله عليه وسلم أقر بالمنكر لدفع ما هو أنكر منه، فالمنكر الذي أقره هو استمرار هذا الأعرابي في التبول، والمنكر الذي دفعه بهذا الإقرار هو أن هذا الأعرابي لو قام لا يخلو من أمرين:(5/1187)
1- إما أن يقوم مكشوف العورة لئلا تتلوث ثيابه بالبول، و حينئذٍ يتلوث منه المسجد بقدر أكبر، ويبدو الرجل للناس وهو كاشف عورته وهاتان مفسدتان.
2- وأما إذا لم يقم على هذا الوجه، فإنه سوف يستر عورته، ولكن تتلوث ثيابه بما يصيبها من البول.
فمن أجل هاتين المفسدتين أقره النبي صلى الله عليه وسلم على استكمال البول، على أنه أيضاً قد حصلت هذه المفسدة بالبول في المسجد من أول الأمر، فإذا قام فإن هذه المفسدة التي حصلت لن تختفي، فنأخذ من هذه النقطة عبرة، وهي أن المنكر إذا كان لا يؤول إلا لشيء أنكر منه، فإن الواجب الإمساك دفعاً لكبرى المفسدتين بصغراهما.
ولهذا أصل في كتاب الله، فقد قال الله تعالى: {وَلا تَسُبُّوا الذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ الله فَيَسُبُّوا الله عَدْوَاً بِغَيْرِ عِلْمٍ} [ الأنعام 108 ] ... كلنا يعلم أن سب آلهة المشركين من الأمور المحبوبة لله عز وجل، ولكن لما كان سب هذه الآلهة يؤدي إلى سب من ليس أهلاً للسب، وهو الرب عز وجل، فقد نهانا الله سبحانه وتعالى عن سب آلهتهم في الآية السابقة.
العبرة الثالثة:
أن النبي صلى الله عليه وسلم بادر بإزالة المفسدة لأن التأخير له آفات، إذ كان من الممكن أن يؤخر النبي صلى الله عليه وسلم تطهير هذه البقعة من المسجد حتى يحتاج الناس إلى الصلاة فيها، فتطهر من أجل ذلك، ولكن من الأولى أن يبادر الإنسان إلى إزالة المفسدة حتى لا يعتريه فيما بعد عجز أو نسيان، وهذه نقطة هامة جداً، وهي أن يبادر بإزالته المفسدة خوفاً من العجز عن إزالتها في المستقبل، أو نسيانه ... فمثلاً: لو أصابت الثوب نجاسة وهو ثوب يصلي فيه أو لا يصلي فيه.. فالأولى أن يبادر بغسل هذه النجاسة، وألا يؤخره لأنه ربما ينسى في المستقبل، أو يعجز عن إزالتها إما لفقد الماء، أو لغير ذلك.
ولهذا لما جيء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بصبي أقعده في حجره فبال الصبي في حجر النبي صلى الله عليه وسلم فأمر صلى الله عليه مسلم بماء فأتبع البول مباشرة، ولم يؤخر غسل ثوبه إلى وقت الصلاة لما ذكرنا آنفاً.
العبرة الرابعة:
أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر الأعرابي بشأن هذه المساجد وأنها إنما بنيت للصلاة وقراءة القرآن وذكر الله.. أو كما قال صلى الله عليه وسلم: لا يصلح فيها شيء من الأذى والقذر.
إذن فشأن المساجد: أن تعظم وأن تنظف وأن تطهر وألا يعمل فيها إلا ما يرضي الله تعالى، من الصلاة وقراءة القرآن وذكر الله عز وجل ونحو ذلك.
العبرة الخامسة:
أن الإنسان إذا دعا غيره بالحكمة واللطف واللين حصل من المطلوب ما هو أكبر مما لو أراد معالجة الشيء بالعنف، وقد اقتنع هذا الأعرابي اقتناعاً تاماً بما عَلَّمَه النبي صلى الله عليه وسلم حتى إنه قال هذه الكلمة المشهورة "اللهم ارحمني ومحمداً ولا ترحم معنا أحدا". فنجد هنا أن النبي صلى الله عليه وسلم استعمل مع هذا الرجل(5/1188)
جانب اللين والرفق لأنه جاهل بلا شك، إذ لا يمكن لعالم بحرمة المسجد، ووجوب تعظيمه أن يقوم أمام الناس ليبول في جانب منه.
المثال الثاني: الصحابي الذي جامع زوجته في نهار رمضان:
أخرج البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه رجل فقال: يا رسول الله هلكتُ. قال "ما أهلكك؟" قال: وقعت على امرأتي في رمضان وأنا صائم!
وهذا جرم عظيم أن يتعمد الإنسان جماع زوجته وهو صائم في رمضان، ولكن لننظر كيف عامله النبي صلى الله عليه وسلم.. هل زجره؟ هل تكلم عليه؟ هل وبّخه؟ لا. لأن الرجل جاء تائباً نادماً، وليس معرضاً مستهتراً غير مبالٍ بما جرى منه. فسأله النبي صلى الله عليه وسلم: هل يجد رقبة ليعتقها كفارة عما وقع منه؟ فقال: لا.. فسأله: هل يستطيع أن يصوم شهرين متتابعين؟ فقال: لا، فسأله: هل يستطيع أن يطعم ستين مسكيناً؟ فقال: لا.. ثم جلس الرجل فأُتي النبي صلى الله عليه وسلم بتمرة، فقال: "خذ هذا فتصدق به" يعني كفارة. فقال: أعلى أفقر مني يا رسول الله؟! ما بين لامتيها أهل بيت أفقر مني! فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجده، ثم قال: "أطعمه أهلك".
فنجد في هذه القصة عبراً منها، أنه صلى الله عليه وسلم لم يعنف الرجل ولم يزجره ولم يوبخه لأنه جاء تائباً نادماً، وهناك فرق بين رجل معاند ورجل مسالم جاء يستنجد بنا ويطلب منا أن نخلصه مما وقع فيه، لذلك عامله النبي صلى الله عليه وسلم بهذه المعاملة حيث رده إلى أهله ومعه الغنيمة التي حملها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي هذا التمر الذي كان مفروضاً عليه أن يطعمه ستين مسكيناً، لو لم يكن فقيراً.
المثال الثالث: الرجل الذي عطس في الصلاة:
نأخذ هذا المثال من حديث معاوية بن الحكم رضي الله عنه، حين دخل مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فعطس رجل من القوم، فقال: الحمد لله. فقال له معاوية: يرحمك الله. فرماه الناس بأبصارهم، يعني استنكاراً لقوله.. فقال: واثكل أميّاه، فجعلوا يضربون على أفخاذهم يسكتونه فسكت، فلما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم من الصلاة دعاه وقال له: "إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هي التكبير، وقراءة القرآن" أو كما قال صلى الله عليه وسلم.
قال معاوية: بأبي هو وأمي ما رأيت معلماً أحسن تعليماً منه..
المثال الرابع: الرجل الذي لبس خاتماً من ذهب:
نأخذ هذا المثال من قصة الرجل الذي كان عليه خاتم من ذهب، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد بيّن أن الذهب حرام على ذكور هذه الأمة. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيضعها في يده". ثم نزع النبي صلى الله عليه وسلم الخاتم بنفسه، ورمى به فلما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم قيل للرجل: خذ خاتمك وانتفع به، فقال: والله لا آخذ خاتماً طرحه النبي صلى الله عليه وسلم.(5/1189)
نرى في معاملة النبي صلى الله عليه وسلم لهذا الرجل شيئاً من الشدة، إذ الظاهر أن هذا الرجل كان قد بلغه الخبر بأن الذهب حرام على ذكور هذه الأمة فلهذا عامله النبي صلى الله عليه وسلم هذه المعاملة التي هي أشد من معاملة من ذكرنا سابقاً.
إذن لا بد أن يكون الداعية منزلاً لكل إنسان منزلته بحسب ما تقتضيه الحال: فهناك جاهل لا يدري، وهناك عالم ولكن عنده فتور وكسل، وهناك عالم ولكنه معاند ومستكبر، فيجب أن ينزل كل واحد من هؤلاء المنزلة اللائقة به.
المقوم الرابع: حسن التربية:
أي أن تكون المرأة حسنة التربية لأولادها، لأن أولادها هم رجال المستقبل ونساء المستقبل، وأول ما ينشئون يقابلون هذه الأم، فإذا كانت الأم على جانب من الأخلاق وحسن المعاملة، وظهروا على يديها وتربوا عليها، فإنهم سوف يكون لهم أثر كبير في إصلاح المجتمع.
لذلك يجب على المرأة ذات الأولاد أن تعتني بأولادها، وأن تهتم بتربيتهم، وأن تستعين إذا عجزت عن إصلاحهم وحدها بأبيهم أو بولي أمرهم، إذا لم يكن لهم أب من إخوة أو أعمام أو بني أخوة أو غير ذلك.
ولا ينبغي للمرأة أن تستسلم للواقع، وتقول: سار الناس على هذا فلا أستطيع أن أغيّر، لأننا لو بقينا هكذا مستسلمين للواقع ما تم الإصلاح، إذ إن الإصلاح لا بد أن يغير ما فسد على وجه صالح، ولا بد أن يغير الصالح إلى ما هو أصلح منه حتى تستقيم الأمور.
ثم إن التسليم للواقع أمر غير وارد في الشريعة الإسلامية، ولهذا لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم في أمته مشركة يعبد أفرادها الأصنام، ويقطعون الأرحام، ويظلمون ويبغون على الناس بغير حق، لم يستسلم صلى الله عليه وسلم، بل لم يأذن الله له أن يستسلم للأمر الواقع، بل قال سبحانه وتعالى له: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ المُشْرِكِينَ} [ الحجر:94 ].
فأمره سبحانه أن يصدع بالحق، وأن يعرض عن المشركين ويتناسى شركهم وعدوانهم حتى يتم له الأمر وهذا هو الذي حصل، نعم قد يقول قائل: إن من الحكمة أن نغير، لكن ليس بالسرعة التي نريدها، لأن المجتمع على خلاف ما نريد من الإصلاح. فحينئذٍ لا بد أن ينتقل الإنسان بالناس لإصلاحهم من الأهم إلى ما دونه، أي يبدأ بإصلاح الأهم والأكثر إلحاحاً ثم ينتقل بالناس شيئاً فشيئاً حتى يتم له مقصوده.
المقوم الخامس: النشاط في الدعوة:
أي أن يكون للمرأة دور في تثقيف بنات جنسها، وذلك من خلال المجتمع سواء أكان في المدرسة أو الجامعة أو في مرحلة ما بعد الجامعة كالدراسات العليا.
كذلك أيضاً من خلال المجتمع فيما بين النساء من الزيارات التي تحصل فيها من الكلمات المفيدة ما يحصل.
ولقد بلغنا - ولله الحمد - أن لبعض النساء دوراً كبيراً في هذه المسألة، وأنهن قد رتّبْنَ جلسات لبنات جنسهن في العلوم الشرعية، والعلوم العربية، وهذا لا شك أمر طيب تحمد المرأة عليه، وثوابه باقٍ لها بعد موتها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا(5/1190)
مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له".
فإذا كانت المرأة ذات نشاط في مجتمعها في نشر الدعوة: من خلال الزيارات، أو من خلال المجتمعات في المدارس أو غيرها، كان لها أثر كبير، ودور واسع في إصلاح المجتمع.
هذا هو ما حضرني الآن بالنسبة لدور المرأة في إصلاح المجتمع، وذكر مقومات هذا الإصلاح.
هذا والله سبحانه أسأل أن يجعلنا هداة مهتدين، وصالحين مصلحين، وأن يهبنا منه رحمته إنه هو الوهاب.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
ـــــــــــــــــــ
المرأة والتربية
د. علاء الدين زعتري[1]
الحمد لله الذي جعل التربية مشتقة من اسمه (رب العالمين)، وجعل أشرف الأعمال عمل المؤدبين، وأرسل إلى عباده خيرة المربين، والصلاة والسلام على مَن كان ولا يزال أفضل قدوة للمربين، سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحابته الغر الميامين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فأصل المشكلة:
أن العالم اليوم بأسره يشكو من المشكلات والمصاعب، ويتأوه من الصعوبات والمآزق، ويجِدُّ الباحثون عن حلول ومقترحات، ويفتش المصلحون عن أدوية وعلاجات، ليعيش الإنسان في راحة وأمان، ولمَّا يهتدوا لسبيل بعد، وإنه لمن حسن العمل أن يدرك المصلحون أصل المشكلة، ويعرفوا أُسَّ القضية، ألا وهي الإنسان.
فعلاج أي مشكلة منبعه الإنسان، ذلك أنه هو محور الكون، والإنسان في الحقيقة ليس هو الجسد، فكل الكائنات الحية تمتلك هذه الصفة، بل الإنسان هو التربية التي يحملها، والقيم التي يعتقدها، والسلوك الذي يقوم به.
فأهم مشكلة تواجه الأمة اليوم، هي الإنسان وبناؤه؛ بناءً متصلاً بتراثه وثقافته، متفاعلاً مع عصره، وملتزماً بقضايا مجتمعه وأمته.
وإذا أُهمل الإنسان ونشأ بلا تربية انفصل عن جذوره، فضاع وأضاع مَن حوله.
وإن التقدم والرقي لا يتحقق بالسياسة ولا بالمال فحسب، بل يتحقق بالأساس، وهو إعداد الجيل الذي يُسهم في إيجاد بنية ذاتية متطورة تعزز التقدم المنشود، وتكرس الرقي المطلوب.
وإن ما يميز أفراد مجتمع ما عن أفراد مجتمع آخر، هو ثقافة ذلك المجتمع، ونوع التربية السائدة فيه، إذ لا يميزهم غناهم أو فقرهم، ولا يتميزون بألوان عيونهم، أو أشكال أجسادهم، وإنما يتميزون بالتربية التي يتلقونها، والتي تجعل منهم أشخاصاً أصحاب هوية معينة ولون محدد، وفي الحديث الشريف عن رسول الله صلى الله(5/1191)
عليه وسلم: "إن الله لا ينظر إلى أجسادكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم"([2]).
فعلى سبيل المثال عندما يُذكر المجتمع الياباني هذه الأيام فإنه لا يقفز إلى الأذهان إلا العلم والتكنولوجيا والتقدم والاختراع والعمل الدءوب، وعندما يُذكر مجتمع الصحابة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يقفز إلى الذهن عصر العلم والحضارة، والتنشئة السوية والتربية الصالحة.
العلاقة بين التربية والتعليم:
التعليم: إيصال المعلومات كما هي عليه إلى طالبها ومن يريدها، فالعلم: إدراك الشيء على حقيقته.
أما التربية فهي: فن وملكة وخبرة إيصال المعلومات بوجهها الصحيح إلى المتلقي.
وبالتالي فإن العلاقة بين التربية والتعليم علاقة تلازم، وعموم وخصوص، والعلم جسد، والتربية روح هذا الجسد، فالتعليم جزء من التربية، والتربية عامة شاملة، ولا يمكن الفصل بينهما بحال، بدليل أو كلمة في أمة العرب التي أصبحت خالدة خلود الرسالة، قال الله تعالى )اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ(1) خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ(2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ(3)( [العلق: 1ـ 3]. أي تعلم مع التربية، إذ لم يكن النص: اقرأ باسم خالقك، أو رازقك، بل ربط التعليم بالتربية.
والرب والتربية من اشتقاق لغوي واحد، كما قال الإمام البيضاوي في تفسيره: "والرب في الأصل بمعنى التربية، وهي تبليغ الشيء إلى كماله شيئاً فشيئاً"([3]).
وإذا كانت التربية أداة التغيير، والتعليم أداة البناء، فكلاهما يسعى للمستقبل الأفضل، والتعليم جزء ووسيلة من أجزاء ووسائل التربية، إذ إن مدلول التعليم موضوع معين، أما التربية فمدلولها شامل عام.
فالتعليم قد يهدف إلى تحصيل المعرفة، أو التدرب على مهارة، أو حفظ نص، أو الإطلاع على قانون رياضي أو طبيعي، أما التربية فتهدف في ما تهدف إلى:
• تنمية الإحساس بالذوق والجمال في الكون.
• وتربية الضمير والوجدان.
• وتنمية الإرادة الحرة الواعية.
• والنهوض بالقيم الإنسانية.
• وتعديل أنماط السلوك البشري.
والتعليم الجيد هو الذي يكون له هدف تربوي، ولا تعارض بين التربية والتعليم، وليس بينهما أي انفصال أو انفصام، بل هما متآزران ومتكاملان.
ولما كانت التربية أشمل وأعم من التعليم فسيتم التركيز في الحديث عنها:
أهمية التربية:
التربية أساس كل تقدم وصلاح، وعنوان كل تغيير ونهضة.
والتربية بالتعريف: هي الجهد الذي يقوم به المربون في مجتمع ما لإنشاء الأجيال القادمة على أساس نظرية الحياة التي يؤمنون بها.
وبالتالي: إذا كانت حياتهم مادية كانت تربيتهم مادية، وإذا كانت حياتهم فلسفية روحية كانت تربيتهم من جنس نظريتهم.(5/1192)
وإن الدين ـ لَمَّا كان من عند خالق الكون والحياة ـ فقد اكتملت فيه عناصر المادية والروحية، بلا إغراق أو تطرف لأحد الجوانب على الآخر.
وهذه هي التربية الشاملة المتوازنة؛ التي تجمع بين الروح والمادة، بين الدنيا والآخرة، بين السلوكيات المادية والقيم الروحية.
فالتربية الشاملة ليست تلك التي تهتم بالجانب المحسوس أو الجانب العقلي أو الجانب الروحي فقط، بل التربية الشاملة هي:
• التربية المتوازنة؛ الجامعة بين فضائل المادية ومحاسن الروحانية.
• التربية الواقعية؛ التي تلامس الحياة وتخاطب الإنسان وتتجاوب مع فطرته.
• التربية العملية؛ التي تقارن العمل مع القول، والسلوك مع النظرية.
• التربية المستمرة؛ في مناحي الحياة، وظروف الإنسان، وليست مقتصرة على مكان أو زمان معين.
• التربية القيمية؛ التي تحوي مفاهيم الخير والعدل والمساواة، لا مفاهيم التسلط والفساد.
خصائص التربية الناجحة:
لا يمكن أن تكون التربية ناجحة إلا إذا كانت شاملة، ولا تكون شاملة إلا إذا تمتعت بخصائص، منها:
• ربانية المنهج؛ إذ إن المناهج البشرية خاضعة للخطأ والزلل، عرضة للانتقادات، كونها صادرة عن إنسان متأثر ببيئة معينة، فتبقى مناهجه ضمن إطار بيئته، أما المنهج الرباني فهو عام لكل البشر، على اختلاف ألوانهم وألسنتهم، وتفاوت طباعهم، وتعدد آرائهم.
• إنسانية النزعة؛ ليست مقتصرة على شعب من الشعوب، أو أمة من الأمم، أو تخدم مصالح جماعة معينة أو مجتمع بمفرده، فكلما كانت التربية إنسانية كان نفعها أعم وأشمل.
• عملية التطبيق؛ غير مغرقة في خيالات كاذبة أو فلسفيات مادية عقلية، بل هي تربية قابلة للعمل والتطبيق.
• ذاتية المنطلق؛ نابعة من الشعور بالنفس والآخرين، لا تحتاج إلى رقابة مادية محسوسة، فرقابة صاحب المنهج وهو الله الرب المربي كافية ومغنية عن كل الرقابات المادية مهما كانت دقتها عالية.
• اجتماعية المحتوى؛ ليس فيها من الأنانية القاتلة، ولا الأثرة المهلكة، بل هي تربية التعاون والتكامل، وتربية التكاتف والتكافل.
غايات التربية المنشودة:
إيجاد جيل يحمل الصفات الآتية:
• العلم النافع.
• العمل الصالح.
• الخُلُق القويم.
والطريق إلى ذلك تهذيب النفوس، وتثقيف العقول، وبناء الأمم.(5/1193)
فالتربية في مجملها: الإنسان في جوانبه الجسمية، والعقلية، والعلمية، واللغوية، والوجدانية، والاجتماعية، والدينية، وتوجيهه نحو الصلاح، والوصول به إلى الكمال.
الاهتمام بحامل التربية:
تقدم المجتمعات ونجاحجها من نجاح التربية فيها.
من الأمور التي اجتمع عليها المربون إقرارهم بأهمية التربية بوصفها عاملاً رئيساً في توجيه الأفراد نحو أهداف المجتمعات، ويجمع المربون والمصلحون والحكماء على أن البيت والأسرة هما محضن التربية الأول:
فإذا كان المحضن واعياً لدوره مقدِّراً لمسؤوليته استقام الجيل ونما.
وإذا كان المحضن مستهتراً بمسؤوليته جاهلاً دوره ضاع الجيل وفسدت الأسرة.
فالأسرة هي الدائرة الأولى من دوائر التنشئة الاجتماعية، وهي التي تغرس لدى الطفل المعايير التي يحكم من خلالها على ما يتلقاه فيما بعد من سائر المؤسسات في المجتمع، فهو حينما يغدو إلى المدرسة ينظر إلى أستاذه نظرةً من خلال ما تلقاه في البيت من تربية، وهو يختار زملاءه في المدرسة من خلال ما نشَّأته عليه أسرته، ويقيِّم ما يسمع وما يرى من مواقف تقابله في الحياة، من خلال ما غرسته لديه الأسرة، وهنا يكمن دور الأسرة وأهميتها وخطرها في الميدان التربوي.
والإنسان يولد ولادتان: ولادة عضوية جسدية، وولادة تربوية اجتماعية.
وإذا لم يكن في مقدور المجتمع التحكم بولادته الإنسان الطبيعية، فإنه قادر على التحكم بولادته الاجتماعية، وهي الأهم.
المرأة محضن التربية:
في الحديث عن المحضن الأول للتربية يجب الانتباه إلى وعاء هذا التربية، وهي المرأة (الأم) التي يعيش معها الجيل أكثر وقته، ويمضيه أول سني عمره، ويكتسب من معين المرأة غراس الحياة.
وهنا يكون دور المرأة الأم في:
• المحافظة على فطرة الناشئ ورعايتها.
• تنمية المواهب والاستعدادات لدى الناشئ.
• توجيه الفطرة والمواهب نحو الصلاح اللائق.
• التدرج في العملية التربوية.
وللمرأة دور بارز في إنهاض المجتمع وتطويره، ومعارف المرأة وتربيتها له أثر كبير في أخلاق الأجيال.
فالطفل الذي يرى أمه مقبلة على مطالعة الكتب واكتساب العلوم والمعارف، والاشتغال بالتربية والتنشئة، غير الطفل الذي يرى أمه مقبلة على مجرد التزين والتبرج وإضاعة الوقت بهذر الكلام والزيارات غير اللازمة.
فالتربية: أم فاضلة وزوجة صالحة.
ومما ينبغي التنبيه إليه أن قضية التربية يجب ألا تكون تابعاً بل يجب أن تحتل الصدارة في الاهتمام والرعاية، وأن تأخذ التربية زمام المبادرة الفعلية، بأن يكون دورها دور الموجه والقائد؛ سعياً وراء مصلحة المجتمع، وتحقيقاً للمنفعة فيه.
رسائل المرأة في الحياة:(5/1194)
رسالة عبادة: قال الله تعالى: )وَقَرْن فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا( [الأحزاب:33].
رسالة علم: قال الله تعالى: )واذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ ـ أي القرآن ـ وَالْحِكْمَةِ ـ أي السنة النبوية ـ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا( [الأحزاب:34].
رسالة تربية: قال الله تعالى: )يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنْ النِّسَاءِ إِنْ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفًاً( [الأحزاب: 32].
رسالة رعاية بيت الزوجية: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، والأمير راع والرجل راع على أهل بيته، والمرأة راعية على بيت زوجها وولده، فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته"([4] ).
رسالة توجيه المجتمع: قال الله تعالى: )والْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ؛ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ، وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ، وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ، وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ، وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمْ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمَ( [التوبة:71] .
أثر تربية المرأة في تحقيق التنمية الشاملة:
في الجملة: إن تربية المرأة تعني تربية المجتمع بأكمله حيث أن لها دورها في التعبئة الشاملة من أجل التنمية الاقتصادية والاجتماعية خاصة فيما يتعلق بالمسائل التنفيذية مثل: حملات التوعية من أجل الادخار، ورفع الوعي الغذائي، ورعاية الأطفال، والتزام الأمهات بقواعد الصحة العامة، وتحسين مستوى الخدمة في جميع مراحل التعليم، انتظام التلاميذ في الدراسة.
ورحم الله ابن باديس القائل: مَن علَّم ذكراً (رجلاً) فقد علَّم فرداً، ومَن علَّم أنثى (امرأة) فقد علَّم شعباً.
وما أجمل قول معروف الرصافي:
يهذبها كحضن الأمهات
ولم أر للخلائق من محل
بتربية البنين أو البنات
فحضن الأم مدرسة تسامت
بأخلاق النساء الوالدات
وأخلاق الوليد تقاس حُسناً
كمثل ربيب سافلة الصفات
وليس ربيب عالية المزايا
كمثل النبت ينبت في الفلاة
وليس النبت ينبت في جِنان
وعود على بدء؛ إذا أردنا حلاً لمشكلات الأمة، ونصراً على مختلف الصُعُد: فالتربية هي الوسيلة الأمثل.
فالنصر العسكري يحتاج إلى نصر اقتصادي، ونصر اجتماعي، ونصر ثقافي، ونصر تربوي.(5/1195)
فنصر صلاح الدين سبقه نصر تربوي؛ من خلال الأئمة الأعلام: الإمام الغزالي، والإمام الجيلاني، ونور الدين زنكي، وغيرهم.
فتكوين قيادات المستقبل هي أهم أهداف التربية.*****
[1]) أستاذ الفقه المقارن والاقتصاد الإسلامي في جامعات سورية ولبنانية..
[2]) رواه مسلم، رقم الحديث: (2564).
[3]) أنوار التنزيل وأسرار التأويل، المعروف بتفسير البيضاوي، دار صادر، بيروت، 1/25-26.
[4]) رواه البخاري، رقم الحديث: (4904).
ـــــــــــــــــــ
ثريا العريض.. من تحرير الشعر إلى تحرير المرأة!
الرياض ـ لها أون لاين
على مدى ستين عاماً هي عمر الشاعرة السعودية المعروفة "ثريا العريض" قدمت خلالها عدداً من النصوص الشعرية، لم يعرفها القارئ شاعرة كمعرفته بـ "نازك الملائكة" مثلاً، وإنما تعرف على حضورها العام على صفحات الجرائد، والخوض في قضايا المرأة، ما حقق لها شهرة وذيوعاً! فأكثر الذين يعرفونها تعرفوا عليها من خلال مواقفها من المرأة، ومن باب العلم بالشيء يعرفون أنها شاعرة أيضاً! لكن الأكثرية ربما لم تقرأ نصاً واحداً لها!
وهذه الإشكالية ليست خاصة بالشاعرة "ثريا العريض" وحدها، وإنما هي ظاهرة أو شبه ظاهرة موجودة في مجتمعنا العربي، فالذين يعرفون "عمر أبي ريشة" ليسوا كعدد الذين يعرفون الشاعر "أدونيس"، فأدونيس أكثر شهرة وأكثر حضوراً في الوسائل الإعلامية من أبي ريشة وممن هم في وزنه؛ بالرغم من أن أبي وريشة أشعر من أدونيس ومن غيره بشهادة النقاد!
ولدت "ثريا إبراهيم العريض" في مملكة البحرين عام 1946م، وحصلت على درجة (البكالوريوس) من كلية بيروت للبنات عام 1966م، ثم (الماجستير) من الجامعة الأمريكية ببيروت عام 1969م، و(الدكتوراه) من جامعة (كارولينا الشمالية) بالولايات المتحدة الأمريكية عام 1975م. وقد عملت في ميادين عدة، منها وزارة التربية والتعليم بالبحرين بين عامي 1967م- 1969م، والتحقت بشركة الزيت العربية السعودية (أرامكو) أكبر شركة للنفط في العالم عام 1980م ومازالت فيها إلى اليوم وتعمل كمستشارة للتخطيط فيها.
وقد شاركت في عدد من المؤتمرات الخليجية والعربية والإقليمية التابعة لمنظمات الأمم المتحدة، وتكتب بشكل شبه دائم في جريدتي الرياض والحياة، وكذلك في جريدة اليوم الصادرة بمدينة الدمام.
وكان لها مشاركة وحضور قويين في منتدى جدة الاقتصادي أوائل عام 2004م الذي جرت فيه أحداث غي ر مسبوقة في المملكة العربية السعودية من خروج نساء سافرات متبرجات في وسائل الإعلام، ونشر صحيفة "عكاظ" صورة كبيرة في صدر صفحتها الأولى لعدد من الحاضرات وهن في كامل زينتهن، ما أثار الرأي(5/1196)
العام السعودي، وسرت موجات من الاستنكار في المجتمع الذي رفض أن يحدث للمرأة السعودية ما حدث لأختها في مصر وفي الشام قبل أكثر من ستين عاماً.
ر مسبوقة في المملكة العربية السعودية من خروج نساء سافرات متبرجات في وسائل الإعلام، ونشر صحيفة "عكاظ" صورة كبيرة في صدر صفحتها الأولى لعدد من الحاضرات وهن في كامل زينتهن، ما أثار الرأي العام السعودي، وسرت موجات من الاستنكار في المجتمع الذي رفض أن يحدث للمرأة السعودية ما حدث لأختها في مصر وفي الشام قبل أكثر من ستين عاماً.
وتحدثت الدكتورة ثريا في كلمة لها معلنة التحدي قائلة "إن للريادة ضريبة، وإننا كنساء سعوديات نتحداكم جميعا وعلى أتم الاستعداد لدفع هذه الضريبة" وشكرت الآباء والأزواج الذين سمحوا لها ومن معها بالعمل. وقالت: "اقتصاديا تعتبر المرأة عنصرا هامشيا وحتى وقت قريب لم نكن نعتبر جزءا من الحل. وأيا كان ما حققته المرأة السعودية فقد حققته رغم كل الصعوبات!".
ـــــــــــــــــــ
"جوهرة السّفّاريني".. المرأة حاملة الحب والعفاف
حسني أدهم جرار
"جوهرة السفاريني" شاعرة فلسطينية اكتوت بنار القضية، وعانت نفسها المرهفة من الحزن والأسى.. ففلسطين وقضيتها ومأساتها، امتزجت وتفاعلت لتكون هماً مقيماً تعيشه جوهرة بكل مشاعرها وأحاسيسها.. همٌّ كبير ناء بحمله ملايين العرب والمسلمين.. ويكفي جوهرة أن تكون واحدة من القلّة التي لا يزال يؤرقها ذلك الهم الكبير، وأن تقول لهذه الملايين شيئاً يمكن أن يوقظ بعض المشاعر المتبلورة التي لم يعد يقضّ مضجعها ذلك الهم.
شعرها متخصص في تشخيص الواقع السياسي والاجتماعي، إذ قصرت جهودها على تجسيد مأساة اللاجئين، والارتباط الوثيق بالأرض والوطن، وتأريخ لحقبة من تاريخ الأمة الإسلامية في العالم العربي وصراعها مع خصومها والطامعين بها..
وإن نشأة شاعرتنا وظروف حياتها، وحظها من العلم والثقافة، ومعاناتها واغترابها، واتجاهها الفكري.. كان لكل ذلك أثر واضح في شعرها.
هي الشاعرة "جوهرة بنت مصطفى حسين العيسى"، وكنيتها "أمّ غسّان"، تُنسب إلى "سفارين" مسقط رأس جدها ـ وهي قرية من أعمال طولكرم في فلسطين- فتُعرف بجوهرة السفاريني.
استوطن جدها "عيسى" مدينة الناصرة، وعمل فيها مقاولاً لأعمال البناء والتعمير، وهي مهنة مارسها أعمامه وأجداده..
ولدت جوهرة في الناصرة سنة 1947م، فكانت طفولتها متزامنة مع النكبة التي وقعت على أهل فلسطين، حيث أُخرجوا من ديارهم قسراً، وتفرّقوا في بلدان كثيرة، ولجأ مصطفى ـ أبو جوهرة- إلى دولة لبنان، ونزل في مدينة بعلبك، وكانت جوهرة يومئذ طفلة رضيعة، ولم تطمئن نفس الرجل إلى بعلبك، فشدّ رحاله إلى دمشق واستقرّ فيها، فلقي في ربوعها الراحة، وتفتحت له فيها أبواب الرزق.(5/1197)
وفي أرض الفيحاء فتحت جوهرة عينيها على ضياع وطنها، ومأساة قومها، وكبرت وكبر معها حسّها المرهف، وقلبها الرقيق، وعاطفتها الجيّاشة، وانتماؤها الوطني.. وخفق قلبها بحبّ وطنها الضائع، وبحب أرض هذا الوطن وأطفاله، فطفقت تلتمس الأساليب والوسائل التي تعبر بها عن حبها لوطنها وإخلاصها له، ونقمتها على مغتصبيه ومن يساندهم، فشاركت في المظاهرات الوطنية، التي كانت تُنظم في دمشق، فأدى ذلك إلى فصلها من المدرسة التي كانت تتلقى العلم فيها مع ستّ من زميلاتها.
شبّت جوهرة في دمشق، وتلقّت علومها في مدارسها العامرة، وحصلت على شهادة البكالوريا عام 1965، وعملت في سلك التدريس مدة ثم التحقت بأخيها في الكويت عام 1966م ـ الذي عمل مدرّساً فيها منذ الخمسينيات- ودفعها طموحها العلميّ إلى إتمام دراستها، فدخلت معهد المعلمات لدراسة اللغة العربية وآدابها، وبعد أن تخرّجت فيه، عملت مدرّسة في مدرسة "الجميل الخاصة"، ثم مشرفة على تدريس اللغة العربية في مدرسة النصر.
وتزوّجت من "مصطفى أحمد سليمان" سنة 1967م، وكان زوجها يعمل مدرساً للرياضة البدنية في إحدى مدارس الكويت، وحين نشبت حرب الخليج، شدّ رحاله إلى أمريكا الشمالية، وزاول مهنة التجارة هناك. أما شاعرتنا، فإنها سئمت المقام في بلد أجنبي، فاستأذنت زوجها في أن تعود إلى وطنها الأردن لتستقر فيها، وفي الأردن عملت في مجال التربية والتعليم مشرفة تعليمية في مدرسة الخمائل، وواصلت نشاطها التربوي والأدبي.
بدأ نشاط جوهرة الفكري والأدبي في سن مبكرة، فكانت تصوغ ما يخطر ببالها من أفكار، وتدفع بما كتبت إلى إحدى الصحف أو المجلات، وكان أول مقال نشرته في مجلة "الجندي" الدمشقية، وكانت وقتها في الحادية عشرة من عمرها. تقول جوهرة عن بداية تجربتها الفنية: "كان شعوري مرهفاً منذ الصغر، وكبرت وكبر معي هذا الشعور حتى إنه دفعني إلى الانطواء عن الأهل والأصدقاء، وفزعت إلى القراءة والمطالعة، فكنت أقضي ساعات في قراءة القصص والأشعار، وكانت أمي تشفق علي، وترشوجهي بالماء إذا وجدتني نائمة والكتاب بين يديّ، وحين بلغت الثانية عشرة كتبت قصة خيالية بلغة شاعرة، وأرسلتها إلى مجلة "حواء" المصرية، فبادرت المجلة إلى نشرها".
ووسّعت جوهرة دائرة نشاطها وأخذت تنشر إنتاجها الأدبي في جريدة فلسطين، وفي عدد من الصحف والمجلات التي تصدر في الكويت كالوطن والقبس والرأي العام والأنباء واليقظة، وشاركت في نشاط اتحاد الكتّاب الفلسطينيين بالكويت.
وتأثرت جوهرة في حياتها الفكرية والأدبية برجلين هما: الشاعر الفلسطيني يوسف الخطيب، فهي تقول: "إنني لأذكر أنني أُعجبت بشعر يوسف، وتأثرت بمنهجه في التناول، منذ أن كنت مدرّسة في إحدى مدارس دمشق المتوسطة، فكنت أقرأ قصيدته الوطنية التي يُعبّر فيها عن حنينه لمدينة يافا، وشوقه إلى ربوعها، فأحسّ بنشوة بالغة، ولذّة عارمة".(5/1198)
والثاني: المناضل الفلسطيني صلاح خلف (أبو إياد) فتقول إنه كان ذا فضل كبير في توجيه مسيرتها الوطنية، وحثّها على تجنيد شعرها لصالح المعركة التي يخوضها أبناء قومها ضدّ اليهود، فانضمّت إلى اتحاد الكتّاب الفلسطينيين، وكانت عضواً فاعلاً ومنتجاً.. وحين أُنشئت جمعية "بيادر السلام" في الكويت، انخرطت في صفوفها، وكانت تقوم بتوجيه الأطفال، وتعمل على غرس الروح الوطنية في نفوسهم، وتثقيفهم تثقيفاً دينياً يذكي فيهم جذوة الكفاح.
إنّ أهم ما يميز شعر جوهرة أنه يحمل في ثناياه هموم القضية الفلسطينية، ويستوعب في مضامينه صراع العرب مع خصومهم، ويفصح عن معاناة الشاعرة ومتاعب قومها، فالشاعرة نفسها ربيبة القضية والمكتوية بنار المأساة، والمقاسية من تباريح اللجوء، والشاكية من أوجاع الاغتراب، وآلام التآمر والظلم والعسف، فقد ولدت في ظل النكبة، وتأثرت بها في كل أحوالها، فقرضت الشعر ـ وهي صغيرة -؛ لأنها وجدت فيه متنفساً عمّا يملأ جوانحها من حزن وأسى، يتبيّن ذلك من قولها في قصيدة "من عتاب اللوز":
أنتِ يا لوزةُ والأرضُ.. هُمومي..
ثَوبيَ المُلقى على عُري الجُسوم..
صورةُ الوجه التي.. تُخفي عيوبَ المُترفين..
وصياحَ الخائفين
لوثةَ الحُزنِ.. وغاراتُ وُجومي..
والمتتبع لشعر جوهرة يجد أن إنتاجها الأدبي قد سار في اتجاهين:
الأول: سياسي وطني.. اتجهت فيه الشاعرة إلى تصوير ما يعانيه اللاجئون الفلسطينيون في غربتهم، وفي كفاحهم ضد أعدائهم لاستعادة أرضهم، وفي صراعهم مع الحياة لكسب معاشهم، وأبرزت ما يلاقيه أبناء هذا الشعب من ألوان القهر والظلم والاستغلال، وصورت ما يختلج في صدر المرأة من نوازع مكبوتة..
والثاني: سياسي ديني.. اتجهت فيه إلى التعبير عن معاناتها ومعاناة شعبها، واتخذت من بعض المفاهيم الدينية معبراً إلى عرض قضيتها السياسية، وسلكت ـ في الأغلب- سبيل الموازنة بين الماضي والحاضر المتردي..
أما الأفكار والموضوعات التي طرقتها جوهرة في شعرها، فقد كانت فلسطين هي الفكرة الأساسية عندها، كما طرقت أبواب القضايا الوطنية والسياسية والاجتماعية وما شاكلها من القضايا العامة، وخاصة ما يتعلق بالكفاح والانتفاضة والرثاء والعودة والقومية والمرأة.. فكانت هذه القضايا هي وسائلها للتعبير عن ذاتها والتنفيس عن عواطفها وميولها..
أما المرأة في شعر جوهرة فهي مدرسة مؤثرة في مجتمعها، تحمل رسالة الحبّ والحنان، والعفة والوفاء، والبذل والعطاء، والتربية والتوجيه، يضاف إلى ذلك أن طبيعة المرأة وعاطفتها الجيّاشة وحسّها المرهف، تجري في شرايين هذا الشعر، فقد قادتها أنوثتها إلى الإكثار من استعمال الألفاظ التي تخص المرأة، وتتصل بطبيعتها، وأنماط تفكيرها.. فلنستمع إلى جوهرة وهي تبدو في صورة الواعظة التي تلبس الحجاب، وتقوم بتوجيه أخواتها النساء، وتدعوهن إلى التشبث بأهداب الفضيلة،(5/1199)
والتقيّد بأحكام الدين الحنيف، وتنصحهن بالحجاب وغضّ البصر تجنباً للفتنة، فتقول في قصيدة بعنوان "نصائح في الحجاب":
إنّ التّحلي بالفضيلة مَغنمٌ
وبفضلها نرقى إلى الجوزاء
ليس الحضارة أن نُزيّن جيدنا
بقلائد من زينةٍ ورداء
اللهُ ما جعلَ الحجابَ فريضةً
إلا ليحفظنا من الدّخلاء
عودي إلى الدين الحنيف فإنه
نورٌ يُضيءُ لنا الطريقَ النّائي
وتعرض لنا في شعرها صورة المرأة الجادة، التي ترى أنّ المعركة تحتاج إلى تجنيد كل الطاقات، فتصرح لتوقظ أختها المرأة من رقدتها، وتحملها على أن تنفض عنا غبار الوهن والضعف، وأن تشارك في مسيرة التضحية والفداء، فتقول في قصيدة بعنوان "صرخة"
إيهِ يا أخت يا ابتداءَ ربيعٍ
نَوّرَ الأرضَ في الثّرى، أطلقيه
أعتقي النفسَ للفداءِ وهُبّي
حرّضي النورَ في الدُّجى، أعتقيهِ
لا تمرّي وفي عيونك نومٌ
اخلعي الوهنَ جانباً، اقذفيه
ثم ترى أن مشاركة المرأة في الكفاح لا يشترط أن تكون بحمل السلاح وخوض غمار المعركة، وهي لذلك تهيب بالمرأة أن تتبرع بالمال والحلي لدعم المناضلين؛ لأن الوطن أغلى من الذهب ومن كل متاع الدنيا، فتقول في قصيدة بعنوان "الأرض ثم يميننا":
أوَ تُدركينَ بأنَّ دِرهمكِ الذي
تَهبينَهُ يمحو أسىً ومُصابا
نَزْرٌ يسيرٌ قد يصيرُ غمامةً
يسقي نَداها هضبةً وجنابا
وغداً تَرين بأنَّ هذا حَربةٌ
طَعنتْ لئيماً خائناً كذّابا
ولشاعرتنا العديد من الأناشيد والقصائد الاجتماعية المتنوعة التي نجدها متناثرة في دواوينها الشعرية، كما أن لها أعمالاً أدبية وفنية (أشرطة للأطفال، ومسرحيات).
ـــــــــــــــــــ
لماذا تتزين المرأة ؟؟
كتبت - فاطمة الرفاعى
تموج مجتمعاتنا بظواهر عديدة وغريبة تعكس حالة من الفراغ النفسي يعانيها بعض أفراد هذه المجتمعات، ومن هذه الظواهر اتباع الفتيات والسيدات لصيحات الموضة،(5/1200)
ومبالغاتهن في التزين ووضع المكياج خارج بيوتهن دون الوقوف على تعاليم الدين أو تقاليد المجتمع وتختلف دوافعهن وتتعدد أسباب حرصهن على الانسياق وراء جرعات الموضة لكن النتيجة واحدة.
" البحث عن الجمال "
تقول .. هدى السبعاوى - طالبة جامعية – رغم أنني نشأت في أسرة متدينة حريصة على التمسك بتعاليم الدين، إلا إنني منذ التحاقي بالجامعة بدأت أضع المكياج وأساير مجتمع الجامعة في كل شيء، حتى لا أشعر بالعزلة أو بأنى أقل من زميلاتي وحتى لا يقال عنى أنى فتاة ريفية أو رجعية، والحقيقة أنني أشعر داخلي بصراع بين ما تربيت عليه من قيم دينية وبين ما أفعله الآن، وكثيرا ما أفكر في الإقلاع عن هذا الذنب ولكني للأسف أعود إليه .
وترى سالي كمال – مهندسة ديكور – أن اتجاه المجتمعات العربية إلى الاهتمام بالمظاهر سبب يدفع الفتيات لهذه السلوكيات، فالمظهر أصبح مقياسا للحكم على الأشياء والأشخاص، حتى في قراراتنا المصيرية نجد بعض الشباب يشترطوا في شريكة الحياة الجمال الفاتن قبل أن يبحثوا عن الأخلاق أو الصفات ، وكذلك بعض الفتيات يبحثن عن الرجل الثري الوسيم دون البحث عن جوهره وأخلاقه .
وعن تجربتها الشخصية تقول سالي : بالنسبة لي كنت أضع المكياج وأتبع أحدث صيحات الموضة وكنت غير محجبة ، وكان هذا بحكم نشأتي في أسرة أرستقراطية لا تهتم كثيراً بالنواحي الدينية، ولكن بعد تعرفي وأختي على أحكام ديننا الإسلامي من خلال بعض صديقاتنا الصالحات بالجامعة امتنعنا بفضل الله عن ذلك كله وارتدينا الحجاب. وأرى أن طاعة ربي قد جعلتني أكثر جمالا من ذي قبل. وفي الوقت نفسه أنا أتزين في بيتي لزوجي .
وتقول سهام عبد العظيم (سكرتيرة): البحث عن فرصة عمل قد يضطر كثير من الفتيات إلى الاهتمام الزائد بمظهرهن لا سيما أن أصحاب الأعمال يشترطون حسن المظهر - الذي يعني " التبرج " - قبل أن يشترطوا الخبرة أو المؤهل !!
أما منى حسنى – محاسبة – فترى أن علاقة الإنسان بربه ودرجة التزامه بالشريعة هي التي تحدد مظهره وجوهره وتقول: أنا مؤمنه بأن من يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب، لذا رفضت العمل بتلك الشركات التي تشترط خلع الحجاب وقد أكرمني الله بعمل آخر أحصل منه على نفس الأجر تقريبا ولا أعصى فيه ربي.
" جذب الانتباه..ولفت الانظار "
وحول هذه الظاهرة التي تفشت في مجتمعاتنا العربية يقول الدكتور ياسر نصر – أخصائي نفسي – أن حب التزين والتجمل فطرة في الإنسان يتساوى في ذلك المرأة والرجل وقد أمرنا الله بذلك وحدد لنا حدود، فبالنسبة للرجل حرم الله عليه لبس الحرير والذهب، أما المرأة فقد أمرها أن تكون زينتها لزوجها وأمام نساء مثلها، ومع هذا نجد النساء يخالفن شرع الله! والسبب في ذلك من وجهة نظري يرجع إلى عامل نفسي هو رغبتهن في جذب الانتباه ونيل تقدير وإعجاب الآخرين في محاولة لتعويض الشعور بالنقص والإحساس بالفراغ النفسي وافتقاد الاهتمام. ولا شك أن(5/1201)
ضعف الصلة بالله سبب رئيسي لكل الانحرافات والسلوكيات الخاطئة التي تنتشر في مجتمعاتنا، إلى جانب اتجاه هذه المجتمعات نحو الاهتمام بالشكليات أو المظهريات، وهو ما يعكس وجود تغيير سريع في قيم المجتمع.
" الابتعاد عن القيم "
الدكتور إجلال إسماعيل أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة عين شمس لا يعتقد أن هذه الظاهرة ترجع إلى رغبة المرأة العربية في تقليد المرأة الغربية التي تتبع تقاليد مجتمعها وقيمه وهي تتصف بالبساطة في كل شيء حتى في المظهر الخارجي .
لذا يرى أن السبب الرئيسي هو ابتعاد المرأة العربية عن قيمها الإسلامية التي تحدد ملامح شخصيتها وسلوكياتها ومظهرها .
ويضيف الدكتور إجلال: ربما يرجع ذلك إلى رغبة الفتيات المراهقات في جذب انتباه الشباب وكذلك رغبتهن في التمرد على قيم المجتمع والأسرة .
أما بالنسبة للمرأة التي تعدت سن المراهقة وأصبحت ناضجة فإنها تفعل ذلك بدافع من أفكار مستوردة كرغبتها في أن تكون امرأة عصرية ومتحضرة وغير ذلك .. وهذه من وجهة نظري امرأة تعاني خلل في الشخصية وتحتاج إلي علاج .
ضوابط
وعن رأي الشريعة الإسلامية في هذه الظاهرة يقول الدكتور جلال الدين عبد الرحمن أستاذ الفقه بكلية الشريعة بجامعة الأزهر: إذا كان الإنسان مؤمنا صادقا في إيمانه فانه يلتزم بما جاء في الكتاب والسنة سواء كان رجلا أو امرأة، وبالنسبة للمرأة المتبرجة السافرة فالإيمان في قلبها غير مستقر أو ضعيف، لذلك فهي تخالف القرآن الكريم وسنة النبي صلى الله عليه وسلم. وبالنسبة لزينة المرأة داخل البيت إذا كانت غير متزوجة فلها أن تتزين أمام محارمها والنساء مثيلاتها في حدود عدم كشف العورات المعروفة .
أما خارج البيت فلا يجوز للمرأة أن تظهر أي زينة ولايجوز أن تتعطر أوتضع مكياجاً وإن كانت تغطي وجهها فذلك حرام.. لما فيه من فتنة واشاعة للفاحشة .
ـــــــــــــــــــ
المرأة الجميلة تعرف من أظافرها !!
لها أون لاين
الرياض : لها أون لاين
اهتمام المرأة بجمال يديها وأظافرها يشير بدرجة كبيرة إلى أنها تحرص على صحتها وجمالها.. فحالة الأظافر تعكس - في كثير من الأحيان - حالة الصحة العامة.. فالأظافر الهشّة المشوّهة سهلة الكسر أو الالتواء تشير عادة إلى ضعف الصحة أو إلى الأنيميا (فقر الدم) ، كما أن هناك بعض الأمراض العضوية تظهر علاماتها بالأظافر.. ففي أنيميا نقص الحديد تظهر الأظافر ملعقة ، أي شبيهة بالملعقة ، وفي بعض أمراض الكبد تأخذ الأظافر شكلاً مشوهاً...(5/1202)
ومن المعروف أن كثيرا من ربّات البيوت يتعرضن لضعف وتشوهات بالأظافر بسبب كثرة تعريضها للماء والصابون أو للمنظفات الكيماوية المختلفة أثناء الغسيل .. وللعناية بسلامة أظافرك يقدم لك خبراء التجميل بعض الإرشادات منها:
- ارتداء قفّازً أثناء الغسيل لفترة طويلة أو عند استعمال مواد كيماوية في الغسل.. وخلعه عن اليد مباشرة بمجرد الانتهاء من العمل.
- العناية بالتغذية الجيدة ؛ فسوء أو نقص التغذية يؤدي إلى ضعف الصحة العامة بما في ذلك صحة الأظافر. كما يجب علاج هذا الضعف أو الأنيميا بالفيتامينات والمعادن اللازمة لاسيما الحديد ؛ فمن الملاحظ أن المرأة تتعرض لأنيميا نقص الحديد أكثر من الرجل بكثير بسبب النزيف الشهري المتكرر وأعباء الحمل والولادة.. مما يضر بسلامة أظافرها.. ولذا يجب عليها مراعاة هذه الناحية بالإقبال على تناول المأكولات الغنية بالحديد مثل البنجر والسبانخ والكبدة والبيض والبطاطس والخضروات واللحوم..
كما يجب مراعاة الآتي:
- عدم استعمال المانيكير بكثرة لأن كثرة استعمال الأسيتون لإزالة الطلاء يعرض الأظافر للتقصف والجفاف. ولا تنسي أن استخدام المانيكير يمنع وصول الماء في الطهارة ولا يجوز للمرأة استعماله ما دامت تصلي .
- عدم تنظيف أو تقليم الأظافر وهي مبللة لأن ذلك يعرضها للتقصف.
- عدم المبالغة في إطالة الأظافر حتى لا تتعرض للإصابة .
- معالجة أي عدوى فطرية تصيب الأظافر في بدايتها لأن علاجها يطول، فعليك استشارة الطبيب متى لاحظتِ أن أظافر بعض الأصابع صارت سميكة جافة فاقدة للبريق .
ولجمال أظافرك يقدم لك خبراء التجميل بعض الوصفات الطبيعية :
المكونات:3 ملاعق صغيرة زيت الزيتون ، 3 ملاعق صغيرة خل التفاح ، صفار بيضة .
التحضير والاستعمال: تخلط المكونات جيداً، وتحفظ في زجاجة. يستخدم هذا المستحضر بصفة متكررة في دهان الأظافر.. ويمكن الاستعانة في ذلك بقطعة قطن لدهان الأظافر والأنسجة المحيطة بها .
المكونات : ملعقة صغيرة عصير ليمون طازج ، ملعقة صغيرة يود أبيض.
التحضير والاستعمال: تُخلط المكونات جيداً.. وتحفظ في زجاجة. يفضل استخدام فرشاة صغيرة ليّنة في دهان الأظافر والأنسجة المحيطة بها بهذا المستحضر. ويفضل كذلك أن يتم الدهان مرة في الصباح وأخرى في المساء بصفة منتظمة ، يساعد استعمال هذا المستحضر على تنظيف اليدين كما أنه يكسبهما نعومة ولمعاناً .
المكونات: صفار بيضة واحدة ، 4 ملاعق صغيرة ملح طعام ، 4 ملاعق صغيرة زيت خروع ، ملعقة صغيرة عسل سائل .
التحضير والاستعمال: تُخلط المكونات جيداً، وتحفظ في زجاجة ، ويفضل استخدام هذا المستحضر بمعدل 2 – 3 مرات أسبوعياً بالمساء قبل النوم ، ويراعى عند استخدامه أن تدهن الأظافر بطبقة من الطلاء ثم تترك لتجف ثم يكرر الطلاء عدة(5/1203)
مرات . فهذا المستحضر بمثابة "ورنيش" مغذٍ ومفيد جداً للأظافر.. حيث يعمل على تقويتها والمحافظة على سلامتها، ويزيد من مقاومتها للتشققات والإصابات .
تناول عصير الخيار الطازج بصفة يومية يعتبر غذاء لتقوية الأظافر.. وهذا ما ستلحظينه بنفسك بعد الانتظام على تناول هذا العصير لبضعة أيام .. حيث تكتسب الأظافر صلابة وقوة وجمالاً .
ـــــــــــــــــــ
حين تطالب المرأة بالتعدد
عزالدين فرحات
دعت جمعية نسائية مصرية تسمى جمعية "الحق في الحياة" إلى مبدأ تعدد الزوجات، كحل أمثل لمواجهة ظاهرة العنوسة المتفشية في مجتمعاتنا العربية.
وقالت الصحفية "هيام دربك" -رئيسة الجمعية- :إن الفكرة راودتها بعد أن صرح لها أحد الفرنسيين أثناء إجرائها حوارا معه بأن أهم الأسباب التي دفعته لاعتناق الدين الإسلامي، هو أنه وجد أن الإسلام يحمي الرجل من الانحراف خارج المنزل، حينما يمنحه الحق في الزواج بأربع نساء مما يجنبه الإصابة بأمراض عضوية ونفسية.
وفي برنامج "للنساء فقط" الذي عرض في قناة (الجزيرة)في28/10/2002م ذكرت السيدة "هيام دربك" تجربة لها مع إحدى صديقاتها حين علمت بأن زوجها قد تزوج عليها فتقول:
جاءتني إحدى صديقاتي المقربات..وكانت منهارة جداً، وهي تبكي وتضرب وجهها وقالت: "زوجي تزوج عليَّ، وأنا لا يمكن أعيش معه، ولابد من الطلاق"، وللعلم معها ثلاثة أطفال، وكان متزوجا من 3 سنين.. ولم تكن تعرف، وكان يعاملها معاملة طيبة جداً، ولم يتغير في مشاعره تجاهها، ولا تجاه أولاده أو بيته، ولكن لما عرفت هي كادت تخرب البيت،.. فحاولت أهدّيها، وكلمتها بالمنطق أن هذا حقه، وهو لو لم يشعر بالحاجة لهذه المرأة لما تزوج بها، وهو يُشكر على أنه لم يقع في الزنا، فبالتالي يخون دينه ونفسه وبيته، ويكون أكثر إهانة لكِ، وأقنعتها بأن الطلاق سيعقَّد المشكلة ولن يحلها على الإطلاق، وسيكون هناك ضحايا؛ 3 أطفال في سن يحتاجون فيه للأب، بالإضافة إلى الزوجة الجديدة، سنجني عليها من أجل حل مشكلة امرأة أخرى - الزوجة الأولى-.. هدأت واقتنعت بالكلام وبالفكرة ورجعت لبيتها، ورجعت لزوجها، وهو رجع معها أفضل مما كان عليه في الأول، واستقامت الحياة بشكل جيد جداً.
- كشفت أرقام رسمية صادرة عن وزارة التخطيط في المملكة العربية السعودية أن ظاهرة العنوسة "بدأت تتفشى في المجتمع السعودي بشكل كبير"... وأكدت الإحصاءات أن ظاهرة العنوسة امتدت لتشمل حوالي ثلث الفتيات السعوديات في سن الزواج, وأن عدد الفتيات اللاتي لم يتزوجن أو تجاوزن سن الزواج اجتماعيا ـ وهو 30 عاما ـ بلغ حتى نهاية عام 2002 حوالي "مليون و813 ألف فتاة"!
- وفي دولة الإمارات العربية بلغت نسبة العنوسة بين الفتيات 68% وهي تعني باختصار أن في كل بيت فتاة عانسا.(5/1204)
- وكشفت دراسة إحصائية أجراها المجلس القومي للسكان في مصر، ونشرتها مجلة المستقبل في عددها رقم 151 الصادر في ذي القعدة 1424 عن تفشي ظاهرة الزواج السري، خاصة بين طالبات الجامعات المصرية، وبينت الإحصاءات وجود 400 ألف حالة زواج سري، وأن أغلب الحالات بين الشباب والفتيات الذين تراوح أعمارهم ما بين 18 ـ 30 سنة، وأن نسبة الزواج السري بين طالبات الجامعة تشكل 6% من مجموع الطالبات المصريات.
-وكشفت دراسة أخرى للمركز القومي للبحوث الاجتماعية في مصر عن وجود 30 ألف حالة زواج عرفي بين أصحاب الشركات وسكرتيراتهم.
بدأت الدول الغربية الآن تطالب بالتعدد وتدعو إلى تطبيقه بعدما رأت ما حل بمجتمعاتها من فساد وانحراف؛ نتيجة لعدم تطبيق الشرع الرباني فيها وسماحهم باتخاذ العشيقات، حتى أثر ذلك في بعض مجتمعات تلك الدول، فضعف نسلها وقلت مواليدها قلة تهدد بالانقراض، ونتيجة لذلك فقد صرحت بعض المثقفات من النساء الغربيات بتمني تعدد الزوجات للرجل الواحد لكي يكون لكل امرأة قيم وكفيل من الرجال تركن وتأوي إليه، وليزول بذلك البلاء عنهن وتصبح بناتهن ربات بيوت وأمهات لأولاد شرعيين. ويقول الكاتب الإنجليزي "برتراندرسل": "إن نظام الزواج بامرأة واحدة وتطبيقه تطبيقاً صارماً قائم على افتراض أن عدد أعضاء الجنسين متساو تقريباً، وما دامت الحالة ليست كذلك فإن في بقائه قسوة بالغة لأولئك اللاتي تضطرهن الظروف إلى البقاء عانسات".
حقائق وإحصائيات تفضح واقع المرأة الغربية:
- يغتصب يومياً في أمريكا 1900 فتاة، 20% منهن يغتصبن من قبل آبائهن!!
- يقتل سنويا في أمريكا مليون طفل، ما بين إجهاض متعمد أو قتل فور الولادة!!
- بلغت نسبة الطلاق في أمريكا 60% من عدد الزيجات!!
- وفي بريطانيا 170 شابة تحمل سفاحاً كل أسبوع.
- في إسبانيا سجلت الشرطة أكثر من 500 ألف بلاغ اعتداء جسدي على المرأة في عام واحد وأكثر من حالة قتل واحدة كل يوم!!
** في أمريكا أثبتت مراكز دراسات وبحوث أمريكية عديدة هذه الإحصائية التالية:
ـ (1,553.000) حالة إجهاض أجريت على النساء الأمريكيات سنة 1980م (30%) منها لفتيات لم يتجاوزن العشرين من أعمارهن. بينما تقول الشرطة: إن الرقم الحقيقي ثلاثة أضعاف ذلك!!
- 82 ألف جريمة اغتصاب منها 80% وقعت في محيط الأسرة والأصدقاء.
- يتم اغتصاب امرأة واحد كل 3 ثوان ٍ سنة 1997م .
- 74% من العجائز النساء فقيرات، و85% منهن يعشن وحيدات دون أي معين أو مساعدة.
- مليون امرأة تقريباً عملن في البغاء بأمريكا خلال الفترة من 1980م إلى 1990م.
- 2500 مليون دولار الدخل المالي الذي جنته مؤسسات الدعارة وأجهزتها الإعلامية سنة 1995م.
** إسبانيا تموت من الداخل!(5/1205)
يتحدث الدكتور (سايمونس مور) - وهو شاهد من أهلها - عن وضع المرأة في الغرب؛ فيؤكد أن العلاقة غير الشرعية مع المرأة لم يتولد معها غير الخراب الاجتماعي، فيقول: "تؤكد آخر الإحصائيات عن أحوال المرأة في العالم الغربي بأنها تعيش أتعس فترات حياتها المعنوية، رغم البهرجة المحاطة بحياة المرأة الغربية التي يعتقد البعض أنها نالت حريتها، والمقصود من ذلك هو النجاح الذي حققه الرجل في دفعها إلى مهاوي ممارسة الجنس معه دون عقد زواج يتوّج مشاعرها ببناء أسرة فاضلة. وهناك اعتراف اجتماعي عام بأن المرأة الغربية ليست هي المرأة النموذجية، ولا تصلح أن تكون كذلك وهي تعيش حالة انفلاتها مع الرجال".
ومشاكل المرأة الغربية يمكن إجمالها بالأرقام؛ لتبيّن مدى خصوصية تلك المشاكل التي تعاني منها (مع الإقرار أن المرأة غير الغربية تعاني أيضاً من مشاكل تكون أحياناً ذات طابع آخر):
- تراجع متوسط الولادات في إسبانيا من (1,36) لكل امرأة سنة 1989م إلى (1,2) سنة 1992م، وهي أقل نسبة ولادة في العالم.
- 93% من النساء الإسبانيات يستعملن حبوب منع الحمل وأغلبهن عازبات.
• من أسباب التعدد:
لا شك أن التعدد هو أقوم الطرق وأعدلها؛ لأمور يعرفها العقلاء بعيداً عن العواطف والمجاملات، منها:
- من سنن الله في الكون أن الرجال أقل دائماً من النساء في كل إحصائيات الدنيا تقريباً، وأكثر تعرضاً للهلاك في جميع ميادين الحياة كالحروب وحوادث السيارات ونحو ذلك، مما يجعل دائماً عدد النساء أكثر من الرجال، فلو اقتصر الرجل على امرأة واحدة لبقي عدد كبير من النساء من غير زواج، مما يؤدي إلى انتشار العديد المشكلات الاجتماعية، كما هو موجود الآن في كثير من الدول الغربية.
- قد يتزوج الرجل بامرأة عاقر وهو يريد الأولاد، أو قد يتزوج بامرأة ثم تمرض مرضاً طويلاً، فماذا يفعل؟ هل يطلقها لأنها عاقر أو لأنها مريضة؟ أو يبقيها ويبقى هو مريضاً معها أو بدون أولاد؟ إنه إن طلقها لأحد هذه الأسباب؛ فإن هذا من سوء العشرة وظلم للمرأة، وإذا بقي هو معها على هذا الحال فهو ظلم له أيضاً؛ فالحل إذاً أن تبقى زوجة له معززة مكرمة ويتزوج بأخرى.
- غالبا ما تكون النساء مستعدات للزواج في أي وقت؛ إذ ليس عليهن تكاليف مادية، أما كثير من الرجال فقد لا تكون له قدرة على متطلبات الزواج إلا بعد وقت طويل، فإذا كان كذلك فهل تتعطل النساء بدون زواج وهن جاهزات؟ فإن كان بعضهم لا يجد مهراً فإن هناك من عنده القدرة على المهر ممن يتزوج ويرغب في أخرى، فهل تتعطل المرأة لهذا السبب؟ إن هذا فيه ظلم كبير للمرأة.
وأخيرا لماذا يلام الرجل على التعدد؟ ولا تلام المرأة على القبول بأن تكون زوجة ثانية وثالثة؟!
إن المرأة التي تقبل بأن تكون زوجة ثانية أو ثالثة هي بالتأكيد في حاجة إلى رجل يرعاها ويعفها؛ فإن لم تقبل بالزواج الثاني فهل تلجأ إلى الحرام؟!
ـــــــــــــــــــ(5/1206)
عناد المرأة رمز قوتها أم دليل ضعفها ؟
سحر فؤاد
عناد الزوجة وتصلب رأيها شكوى يعاني منها بعض الأزواج مما يدفع بالحياة الزوجية ـ في كثير من الأحيان ـ إلى طريق شائك . تُرى لماذا تلجأ بعض الزوجات إلى العناد هل تستمد منه قوتها أم هو تجسيد لضعفها ودلالها ؟!
يقول علماء النفس : إن العناد صفة موجودة في الرجل والمرأة لكنه أكثر وضوحاً عند المرأة ، فهو السلاح الوحيد الذي تدافع به عن نفسها أمام قوة الرجل واستبداده بالرأي أحياناً . ولأنها مخلوق ضعيف لا يقوى على الصراع " الخشن " تلجأ إلى الرفض السلبي لما تراه لا يتوافق مع أسلوبها ومشاعرها فيترجمه الزوج على أنه عناد وتبدأ المشاكل .
• أسباب شتى :
يقول التربويون : إن عناد الزوجة قد يكون طبعاً يصل بجذوره إلى مراحل حياتها الأولى نتيجة تربية خاطئة ، فالطفلة قد تتشبث برأيها فيبتسم الوالدان وينفذان ما تريد ، ثم يتطور الأمر إلى أن تصبح شابة ليتحول بعد ذلك إلى سلوك يومي يرافقها في زواجها ويمثل نوعاً من التمرد .
وقد يكون العناد تقليدا للأم ــ ، فالمرأة التي نشأت وترعرعت في بيت تتحكم فيه الأم وتسيّر دفته، تحاول أن تحذو نفس الحذو في بيتها ومع زوجها، بل وربما تختار زوجا ضعيف الشخصية حتى يتحقق لها ما تريد .
كما أن الشعور بالنقص من أهم العوامل المؤدية للعناد ، وقد يكون هذا الشعور لدى المرأة قبل الزواج نتيجة المعاملة الأسرية التي لا تتسم بالاحترام والتقدير وبث الثقة في النفس ، وقد يكون وليد ظروف الزواج ، فالمعاملة القاسية للزوجة وعدم تقديرها واحترامها قد يدعم ذلك الشعور لديها فتلجأ للعناد للتغلب على هذا الإحساس.
وقد يأتي العناد من قبل الزوجة لعدم التكيف مع الزوج والشعور باختلاف الطباع ، فيكون العناد صورة من صور التعبير عن رفض الزوجة سلوك زوجها، وكذا تعبير عن عدم انسجامها معه في حياتهما الزوجية.
ومن ناحية أخرى فإن تسلط الزوج وعدم استشارته للزوجة وتحقير رأيها أحياناً والاستهزاء بها قد يدفعها في طريق العناد ، فهناك بعض الأزواج لديهم أفكار خاطئة عن فساد رأي المرأة وأن مشورتها تجلب خراب البيوت ، وهذه الأفكار فوق أنها حمقاء فهي بعيدة عن هدي الإسلام الحنيف.
وتكفينا هنا الإشارة إلى أن مشورة امرأة مسلمة كانت سبباً في نجاة المسلمين جميعاً من فتنة معصية الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، ألا وهي أم سلمة أم المؤمنين رضي الله عنها في قصة الحديبية.. حينما أشارت على النبي صلى الله عليه وسلم بالحلق والذبح .. فلما فعل ذلك قام المسلمون وجعل بعضهم يحلق بعضاً..
• للزوج دور :
يتم علاج عناد الزوجة أولاً بتجنب الأسباب المؤدية للعناد ، وإذا كان العناد طبعا فيها فليصبر الزوج ويحاول فدر المستطاع تجنب مواطن النزاع حتى تتخلص من هذه الصفة .(5/1207)
ولتقليص العناد وتذويبه لدى الزوجة ينصح أساتذة الطب النفسي الزوج بالآتي:
- أن يمنح الزوجة مزيدا من الحب والاهتمام والتقدير والاحترام .
- أن يتصرف بذكاء وهدوء عند عناد الزوجة ويحاول امتصاص غضبها وتأجيل موضوع النقاش إلى وقت مناسب يسهل فيه إقناعها إذا كانت مخطئة .
- التعود على أسلوب الحوار واحترام الرأي الآخر ونسيان المواقف السلبية السابقة والتعامل بروح التسامح ، والتنازلات مطلوبة بين الزوجين حتى تسير الحياة في أمان واستقرار .
- هناك جانب إيجابي في عناد الزوجة حيث تدفع الزوج للعمل والنشاط والتفوق والبحث عن مجالات جديدة لزيادة الدخل .
- أحيانا يكون العناد رغبة من الزوجة في السيطرة مما يتعارض مع رغبة الزوج ، وفي هذه الحالة عليه توضيح الأمور لها قبل أن تستحيل الحياة بينهما ويتحول منزل الزوجية إلى حلبة صراع .
- لا تظهرا صراعكما أمام الأبناء ولا تحاولا إشعارهم بأي خلل أسري ، أيضاً لا تناقشا مشاكلكما أمام الأقارب والأهل مما قد يزيد من حدة التوتر والخلاف .
• همسة في أذن الزوجة العنيدة ..
اعلمي أنك بعنادك قد تهدمين بيتك ، فالزوج قد ينفذ صبره ويركب رأسه وتجنين من وراء عنادك ما تكرهين، ثم إن عناد زوجك وعدم طاعته لا يقره شرع ولا دين ولا عُرف، فقد جعل الله سبحانه وتعالى للرجل القوامة على المرأة، وفرض عليها طاعته ، قال صلى الله عليه وسلم : (إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحصنت فرجها وأطاعت بعلها – زوجها – دخلت من أي أبواب الجنة شاءت) .
وعن حصين بن محصن أن عمة له أتت النبي صلى الله عليه وسلم في حاجة ففرغت من حاجتها ، فقال لها: أذات زوج أنت ؟ قالت: نعم ، قال: كيف أنت له؟ قالت: ما آلوه إلا ما عجزت عنه، قال: فانظري أين أنت منه؛ فإنه جنتك ونارك.
وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لو كنت آمراً بشراً أن يسجد لبشر، لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها، والذي نفسي بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها)
وفي وصية أمامة بنت الحارث ابنتها أم إياس عند زواجها: ( كوني له أمة يكن لكي عبداً). وأخرى أوصت ابنتها فقالت: ( كوني له أرضاً يكن لك سماءاً). وفي وصية ثالثة: ( كوني له مهاداً يكن لك نجاداً)..
ولست أدري ماذا يضير المرأة إن هي أطاعت زوجها ونفذت رغبته ؟! أتظن أن في ذلك انتقاصاً من قدرها ؟! كلا والله.. فما كانت الطاعة يوماً انتقاصاً من قدر الإنسان، فقد شاءت إرادة الله سبحانه وتعالى أن تسير الحياة وفق قوانين ونواميس ونظم ، فلابد من رئيس ومرؤوس وتابع ومتبوع، فالزوج رئيس الأسرة ولا يعني هذا تسلطه أو تجبره أو ظلمه للمرأة، ولكن يعني أنه موجه لدفة الأسرة، ومتحمل للتبعات والمسؤوليات، واعلمي أن طاعتك لزوجك تنعكس آثارها عليك بحب زوجك وإجلالك وعلو قدرك عنده ، ثم رضا الله عز وجل عنك وهو خير ما يكسب المرء في الدنيا.(5/1208)
ـــــــــــــــــــ
المرأة وحمى الشراء
أ. هياء الرشيد
الحديث عن جديد الأسواق موضوع مفضل لمجالس النساء اللاتي يشجعن بعضهن على ارتيادها، ولن نقول بأن هذا عملاً سيئا على كل حال، ولكن المبالغة هي السوء بعينه .
التجار فطنوا إلى ولع النساء بالتسوق ، ونشطوا للترويح لبضائعهم باستغلال ضعف النساء أمام المعروضات، واستغلال المناسبات في المجتمع النسائي ، وكما نعرف جميعاً فالعام الواحد فيه الكثير من المناسبات ، وكل مناسبة يكثر فيها الشراء بشكل مختلف، ولأشياء مختلفة.
في بداية العام الدراسي ، تكون المستلزمات المكتبية بأشكال وألوان مختلفة هي أساس تلك الفترة، وبعدها يكون شهر رمضان المبارك، حيث تتفنن ربات البيوت في شراء الآلات والأدوات التي تحتاج إليها في المطبخ، ولا نبالغ عندما نقول بأن بعض النساء قد شغفن حباً في اقتناء أدوات المطبخ وتجميعها إلى درجة شراء ما لا يحتجن إليه في كثير من الأحيان، ، بعد ذلك يأتي موسم عيد الفطر لتزدحم الأسواق لشراء الملابس والزينات وأنواع الحلوى، وبعد فترة عيد الأضحى وفرصة ذهبية أخرى لتجار الملابس للاستيلاء على ما تحتويه محافظ النساء بأسلوب مؤدب .
وتأتي خاتمة المطاف للعام الدراسي بشراء ألعاب الأطفال كهدايا للنجاح، ومستلزمات الحفلات التي لا تخلو غالباً من المبالغة والإسراف، وبعد أن يأخذ الجميع قسطاً من الراحة، تبدأ جولة جديدة للنساء في عالم المشتروات وهي شراء الملبوسات الخاصة بالمناسبات الاجتماعية .
• همسة
خلق الله سبحانه وتعالى الناس وبينهم تفاوت في كل شيء، وعلى رأس هذه الاختلافات المستوى المادي، ومن حق أي إنسان التصرف في ماله كيفما شاء دون التعدي على تعاليم الشرع المطهر، ولكننا نهمس في أذن كل أخت مسلمة مهما كان مستواها المادي والاجتماعي: عندما تبالغين في اقتناء الأشياء، وتكثرين المشتروات أياً كان نوعها وقيمتها، تذكري بأن لك أخوات مسلمات في شتى بقاع العالم، يفتقدن للقمة يضعنها في أفواه صغارهن، ويتمنين الكساء لستر أطفالهن، وكذلك لأبسط الأدوات المكتبية لتعليم أولادهن ...
تذكري بأن المال نعم من الله – عز وجل – وأنك محاسبة عليه، والإسراف صفة ذميمة نهانا عنها ديننا الإسلامي الحنيف في قوله تعالى :(ولا تبذر تبذيرا ، إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا )
• دعوة
لا نقول لك احرمي نفسك، ولا ننادي بالتقتير على الأولاد، ولكن التوسط صفة حميدة، والمساهمة في رفع معاناة إخواننا وأخواتنا في شتى بقاع العالم واجب علينا، فقليل منك مع قليل منها، بمثابة القطرات التي تسيل بإذن الله أودية وشعاباً، فمثلما(5/1209)
تحرصين على رصيدك الدنيوي بمال أوحلي أو ملبوسات ، فلا تبخلي أخيتي على نفسك بتأمين رصيدك الأخروي .
ـــــــــــــــــــ
تريد الدراسة في أمريكا وأبوها يمنعها من الحجاب
السؤال:
السؤال : أنا فتاة عمري 21 سنة وبدأت لبس الحجاب قبل سنة ونصف وخالفت بهذا رغبة والداي . سأذهب في العام القادم إلى أمريكا للدراسة ، والدي ينصحني وبحرص على عدم لبس الحجاب هناك لأن الناس هناك لا يريدون أن يكونوا مخالفين . أواجه مشكلة الآن فأنا أريد لبس الحجاب لأنه قيل لي أن عدم لبس الحجاب ذنب عظيم . أرجو أن تنصحني في هذا الأمر.
الجواب:
الجواب :
الحمد لله
أحسنت وبارك الله فيك حيث اتبعت شرع الله في ارتداء الحجاب واعلمي أن لا طاعة لمخلوق في معصية الله ، فعليك بالمداومة على الحجاب وسائر الشرائع ، ولكن نخشى عليك بذهابك إلى أمريكا من أجل الدراسة من الفتن المتلاطمة والشبهات المختلفة وكذا الشهوات المحرمة فإن استطعت أن تدرسي في جامعة أو مدرسة تراعي الأحكام الشرعية من لبس الحجاب وعدم الاختلاط فهذا هو المتيقن عليك .. والله يوفقنا وإياك لكل خير
الشيخ محمد آل عبد اللطيف (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
زوجته لا ترتدي الحجاب ويخشى على ابنته الصغيرة
السؤال:
السؤال :
زوجتي لا ترتدي الحجاب مع أنها شديدة الإيمان ، وتصلي جميع الفروض في وقتها ...الخ. أنا وهي مهندسان ولنا طفلتان (5 سنوات وسنتان) . ويراودني القلق من أن الطفلتين لن ترتديان الحجاب لأن والدتهما لا ترتديه . وقد حاولت مرارا إقناعها بارتداء الحجاب (لقد قرأت السور ذات العلاقة), لكني توقفت عن ذلك عندما وجدت أنها سترفض ما هي عليه الآن .
وسؤالي: كوني زوجا ووالدا هل أجبرها على لبس الحجاب بأي طريقة حفاظا على مستقبل طفلتي أم أستمر في الصبر حتى يرشدها الله؟
والسؤال الثاني: هل نتحمل (نحن الآباء) المسؤولية أمام الله عن لبس زوجاتنا وبناتنا للحجاب أم لا؟.
الجواب:
الجواب :
الحمد لله(5/1210)
قوة الإيمان لابد أن يظهر أثرها على الإنسان في حياته وسلوكه ، وإصرار الإنسان على المعصية دليل على ضعف إيمانه .
والواجب عليك أن تسعى إلى غرس الإيمان وتقويته لديها ، والمراد بذلك الإيمان الذي يدفع صاحبه إلى العمل والسلوك الشرعي .ثم تسعى لغرس محبة الحجاب والأعمال الصالحة ، ومن ذلك بيان فوائد الحجاب ومحاسنه وإعطاؤها بعض الكتب والاشرطه الصوتية _ إن وجدت _ التي تتحدث عن ذلك ، ومن الوسائل المهمة التي تعين على هذا ربطها ببعض النساء الصالحات المرتديات للحجاب _ بطريقٍ غير مباشر _ والحرص على كثرة اللقاءات العائلية مع الأقارب الصالحين .
وبعد ذلك تكون قد هيأت الوسائل لإقناعها ، فعليك إلزامها بالطريقة المناسبة وعدم السماح لها بالخروج إلى الأماكن العامة بدون حجاب . ( ومن المهمّ أن تبيّن لابنتك وجوب الحجاب وحكم الله فيه ، ولو فهمت أن أمها مقصّرة ، وعليك أن تشرح لها بما يستوعبه عقلها ما يفسّر التناقض بين الحكم الشرعي النّظري والسلوك المخالف لأمها ومن يدري فلعلها تنصح هي أمها بالحجاب بطريقة براءة الأطفال المؤثّرة ) .
أما السؤال الثاني فلا شك أن الأباء مسؤولون عن عدم لبس زوجاتهم وبناتهم للحجاب ، والتزامهم الأحكام الشرعية كما قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة ) وكما عليه الصلاة والسلام " كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته ، والرجل راعٍ في أهل بيته ومسؤول عن رعيته ..." .
لكن حين يفعل الإنسان الأسباب ويجتهد في ذلك ثم لا يوفّق فإن الله يعذره ولا يعاقبه ، بل يثيبه على ما فعل واجتهد ، والله لا يُضيع أجر من أحسن عملا .
كتبه الشيخ محمد الدويش. (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
آيات وأحاديث في الحجاب
السؤال:
أرجو أن تزودني بآيات وأحاديث تتعلق بأهمية الحجاب للمسلمات .
الجواب:
الحمد لله
الآيات التي تتعلق بالحجاب :
1. قال تعالى : ( وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الأِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) النور/31
2. وقال تعالى : ( وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) النور/60 .(5/1211)
والقواعد : هن اللاتي تقدَّم بهن السن فقعدن عن الحيض والحمل ويئسن من الولد . وسيأتي من كلام حفصة بنت سيرين وجه الاستدلال بهذه الآية .
3. وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ) الأحزاب/59
4. وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً ) الأحزاب/53
أما الأحاديث :
1. عن صفية بنت شيبة أن عائشة رضي الله عنها كانت تقول : لما نزلت هذه الآية ( وليضربن بخمرهن على جيوبهن ) أخذن أُزُرَهن (نوع من الثياب) فشققنها من قبل الحواشي فاختمرن بها . رواه البخاري ( 4481 ) ، وأبو داود ( 4102 ) بلفظ :
" يرحم الله نساء المهاجرات الأول لما أنزل الله { وليضربن بخمرهن على جيوبهن } شققن أكثف مروطهن (نوع من الثياب) فاختمرن بها " . أي غطين وجوههن .
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي - رحمه الله تعالى - :
وهذا الحديث صريح في النساء الصحابيات المذكورات فيه ، فهمن أن معنى قوله تعالى : { وليضربن بخمرهن على جيوبهن } يقتضي ستر وجوههن ، وأنهن شققن أزرهن فاختمرن أي : سترن وجوههن بها امتثالا لأمر الله في قوله تعالي : { وليضربن بخمرهن على جيوبهن } المقتضي ستر الوجه ، وبهذا يتحقق المنصف : أن احتجاب المرأة عن الرجال وسترها وجهها عنهم ثابت في السنة الصحيحة المفسرة لكتاب الله تعالى ، وقد أثنت عائشة رضى الله عنها على تلك النساء بمسارعتهن لامتثال أوامر الله في كتابه ، ومعلوم أنهن ما فهمن ستر الوجوه من قوله { وليضربن بخمرهن على جيوبهن } إلا من النبي صلى الله عليه وسلم لأنه موجود وهن يسألنه عن كل ما أشكل عليهن في دينهن ، والله جل وعلا يقول : ( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ) فلا يمكن أن يفسرنَها من تلقاء أنفسهن .
وقال ابن حجر في " فتح الباري " : ولابن أبي حاتم من طريق عبد الله بن عثمان بن خيثم عن صفية ما يوضح ذلك ولفظه : " ذكرنا عند عائشة نساء قريش وفضلهن فقالت : " إن نساء قريش لفضلاء ، ولكنى والله ما رأيت أفضل من نساء الأنصار : أشد تصديقا بكتاب الله ولا إيمانا بالتنزيل ، لقد أنزلت سورة النور { وليضربن بخمرهن على جيوبهن } فانقلب رجالهن إليهن يتلون عليهن ما أنزل فيها ، ما منهن امرأة إلا قامت إلى مرطها فأصبحن يصلين معتجرات كأن على رؤوسهن الغربان " كما جاء موضحاً في رواية البخاري المذكورة آنفاً ، فترى عائشة رضى الله عنها مع علمها وفهمها وتقواها ، أثنت عليهن هذا الثناء العظيم ، وصرحت بأنها ما رأت أشد منهن تصديقا بكتاب الله ولا إيمانا بالتنزيل ، وهو دليل واضح على أنهن فهمن لزوم ستر الوجوه من قوله تعالى : { وليضربن بخمرهن على جيوبهن } من تصديقهن(5/1212)
بكتاب الله وإيمانهن بتنزيله ، وهو صريح في أن احتجاب النساء عن الرجال وسترهن وجوههن تصديق بكتاب الله وإيمان بتنزيله كما ترى ، فالعجب كل العجب ممن يدعي من المنتسبين للعلم أنه لم يرد في الكتاب ولا السنة ما يدل على ستر المرأة وجهها عن الأجانب ،مع أن الصحابيات فعلن ذلك ممتثلات أمر الله في كتابه إيمانا بتنزيله ، ومعنى هذا ثابت في الصحيح كما تقدم عن البخاري ، وهذا من أعظم الأدلة وأصرحها في لزوم الحجاب لجميع نساء المسلمين كما ترى " . " أضواء البيان ( 6 / 594 – 595 ) .
2. عن عائشة أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كنَّ يخرجن بالليل إذا تبرزن إلى المناصع ( أماكن معروفة من ناحية البقيع ) فكان عمر يقول للنبي صلى الله عليه وسلم : احجب نساءك ، فلم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ، فخرجت سودة بنت زمعة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ليلة من الليالي عشاء - وكانت امرأة طويلة - فناداها عمر : ألا قد عرفناك يا سودة ، حرصاً على أن ينزل الحجاب ، فأنزل الله آية الحجاب . رواه البخاري ( 146 ) ومسلم ( 2170 ) .
3. عن ابن شهاب أن أنسا قال : أنا أعلم الناس بالحجاب كان أبي بن كعب يسألني عنه : أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم عروساً بزينب بنت جحش وكان تزوجها بالمدينة فدعا الناس للطعام بعد ارتفاع النهار فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وجلس معه رجال بعد ما قام القوم حتى قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فمشى ومشيت معه حتى بلغ باب حجرة عائشة ثم ظن أنهم خرجوا فرجعت معه فإذا هم جلوس مكانهم فرجع ورجعت معه الثانية حتى بلغ باب حجرة عائشة فرجع ورجعت معه فإذا هم قد قاموا فضرب بيني وبينه سترا وأنزل الحجاب . رواه البخاري ( 5149 ) ومسلم ( 1428 ) .
4. عن عروة أن عائشة قالت : لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الفجر فيشهد معه نساء من المؤمنات متلفعات في مروطهن ثم يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحد . رواه البخاري ( 365 ) ومسلم ( 645 ) .
5. وعن عائشة رضي الله عنها قالت : كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مُحْرِمات ، فإذا حاذوا بنا أسدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها ، فإذا جاوزونا كشفناه . رواه أبو داود ( 1833 ) وابن ماجه ( 2935 ) ، وصححه ابن خزيمة ( 4 / 203 ) . وصححه الألباني في كتاب جلباب المرأة المسلمة .
6. وعن أسماء بنت أبى بكر رضي الله عنهما قالت : كنا نُغطِّي وجوهنا من الرجال ، وكنَّا نمتشط قبل ذلك في الإحرام . رواه ابن خزيمة ( 4 / 203 ) ، والحاكم ( 1 / 624 ) وصححه ووافقه الذهبي . وصححه الألباني في كتاب جلباب المرأة المسلمة
7. وعن عاصم الأحول قال : كنا ندخل على حفصة بنت سيرين وقد جعلت الجلباب هكذا : وتنقبت به ، فنقول لها : رَحِمَكِ الله قال الله تعالى : ( وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللاَّتِي لاَ يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ ) ، قال : فتقول لنا : أي شئ بعد ذلك ؟ فنقول : ( وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ ) فتقول : هو إثبات الحجاب . رواه البيهقي ( 7 / 93 ) .(5/1213)
وللاستزادة يرجى مراجعة السؤال رقم ( 6991 )
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
لا تستطيع خلع الحجاب عند الوضوء في محل عملها فهل تمسح عليه ؟
السؤال:
أنا أعمل في شركة ومن الصعب علي الوضوء للصلاة ( أي خلع الحجاب لمسح الشعر والأذنين ) والسؤال هل الأفضل أن أمسح على الحجاب وأمسح الأذنين قدر استطاعتي فقط ؟ أم أن أجمع صلاة الظهر والعصر بالمنزل ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
الظاهر أن تحرجك من خلع الحجاب هو لوجود الرجال الأجانب في محل عملك ، فإن كان الأمر كذلك فاعلمي أن اختلاط المرأة بالرجال الأجانب عنها يترتب عليه مفاسد ومحاذير كثرة ، كالخلوة والنظر والخضوع بالقول وفتنة القلب وغير ذلك مما لا يخفى على أهل البصائر ، وراجعي السؤال رقم (1200) لمعرفة أدلة تحريم الاختلاط .
ثانيا :
من ابتليت بذلك ، وحان وقت الصلاة أثناء عملها ، ولم يمكن تأخيرها إلى حين رجوعها لبيتها ، فإنها تصلي في أستر موضع في محل العمل ، مع سترها لوجهها وكفيها وجميع بدنها عن الرجال الأجانب ، وقد سبق بيان ذلك في السؤال رقم (39178) .
ثالثا :
قولك : إنه من الصعب خلع الحجاب لمسح الشعر والأذنين في الوضوء ، يثير تساؤلا ، وهو كيف تغسلين ذراعيك وقدميك في حضرة الرجال ؟
ولا يخفى عليك أن الذراعين والقدمين هما من العورة التي يجب سترها عن الأجانب ، وأما الوجه والكفان ففيهما خلاف ، والراجح وجوب سترهما أيضا ، وانظري السؤال رقم (11774) .
رابعا :
يجوز للمرأة أن تمسح على خمارها عند الحاجة ، كشدة البرد ، أو مشقة خلع الحجاب ولبسه .
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : هل يجوز للمرأة أن تمسح على خمارها ؟
فأجاب : " المشهور من مذهب الإمام أحمد ، أنها تمسح على الخمار إذا كان مدارا تحت حلقها ، لأن ذلك قد ورد عن بعض نساء الصحابة رضي الله عنهن .
وعلى كل حال فإذا كانت هناك مشقة ، إما لبرودة الجو أو لمشقة النزع واللف مرة أخرى ، فالتسامح في مثل هذا لا بأس به ، وإلا فالأولى ألا تمسح " انتهى .
"فتاوى الطهارة" (ص 171) .(5/1214)
وقال في "شرح منتهى الإرادات" (1/60) : " و يصح المسح أيضا على خُمُرِ نساء مُدارةٍ تحت حلوقهن ؛ لأن أم سلمة كانت تمسح على خمارها ، ذكره ابن المنذر " انتهى .
ومادام الخمار ساترا للأذنين ، فإنه يكفي المسح على الخمار ، ولا يلزم إدخال اليدين تحت الخمار لمسحهما ، وكذلك الرجل إذا لبس عمامة ، فإنه لا يلزمه مسح الأذنين ، ولو كانتا مكشوفتين ، بل يستحب ذلك فقط .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " ويسن أيضا أن يمسح ما ظهر من الرأس كالناصية وجانب الرأس والأذنين ".
"فتاوى الطهارة" (ص 170) .
خامسا :
على المرأة المسلمة أن تحرص على تقوى الله تعالى ، وامتثال أمره ، واجتناب نهيه ، والبعد عن العمل المختلط الذي قد يُحل بها غضب الله وسخطه ، والحذر من إيثار الدنيا على الآخرة ، فإنها متاع زائل ، وما عند الله لا ينفد . وقد صح عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه ) صححه الشيخ الألباني رحمه الله في "حجاب المرأة المسلمة" (ص 49) .
نسأل الله أن يوفقك لما فيه خيرك في الدنيا والآخرة .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
الفرق بين الحرائر والإماء في الحجاب
السؤال:
السؤال : هل صحيح أن نساء الطبقة المحترمة من المسلمات يرتدين الحجاب أما من دون ذلك فلا. البعض هنا يعتقد ذلك بناءً على حديث في البخاري وهو كالآتي: روى أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام بين خيبر والمدينة 3 ليال وتزوج صفية فدعوت المسلمين إلى وليمته ولم يكن هناك لحم ولا خبز ولكن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بلالاً فمد البسط وعليها تمر وأقط فقال المسلمون في أنفسهم: هل تكون أماً للمؤمنين أم سريرة أم مما ملكت يمينه فقال بعضهم: إن أمرها النبي بالحجاب فهي أم للمؤمنين وإن لم يأمرها بالحجاب فهي أمته. فلما رحل أركبها الناقة وراءه وأمرها بالحجاب. أريد أن أعرف هل هذا الحديث كان قبل أم بعد آية الحجاب (الأحزاب 59) وأريد أن أعرف رأيك وبعض البحث في الأحاديث.
الجواب:
الجواب :
الحمد لله
الحديث بعد نزول الحجاب وفرضه على النساء المؤمنات ، لكن الحجاب الكامل للحرائر من النساء ، وأما الاماء وملك اليمين فلا يتشبهن بالحرائر في الحجاب الكامل ، فليس على الأَمَة أن تغطي وجهها ، وكان عمر رضي الله عنه يمنعهن من(5/1215)
ذلك ، وهذا مع أمن الفتنة فيهن ، وأما إذا وجدت الفتنه فعليهن فعل ما يحول دون هذه الفتنة .
كتبه : الشيخ الخضير (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
مصاعب متحجبة
السؤال:
مشكلتي هي أنني ارتديت الحجاب منذ زمن قريب . وفي المدينة التي أسكن فيها هناك قلة قليلة من النساء اللاتي يرتدين الحجاب لأنها مدينة صغيرة جداً . اعتنقت الإسلام حديثا . أنا أمريكية من أصل أفريقي وزوجي باكستاني ولقد مضى على زواجنا أربع سنوات . زوجي لا يريدني أن ارتدي الحجاب ولا يرغب في مرافقتي إذا خرجت من البيت مرتدية الحجاب . لا أعرف ما عليّ فعله . إن ارتداءه أمر صعب بالنسبة لي لكن هذا أمر اعرف انه لزام عليّ لأنه من السبل المؤدية إلى الجنة . هل أفكر بالطلاق ؟
الدين الإسلامي يعني الكثير بالنسبة لي . يؤدي زوجي صلاة الجماعة فقط في أيام الجمعة . وأنا حديثة عهد بالإسلام هذه المشكلة تجعلني أبكي مراراً وتكراراً .
الجواب:
الحمد لله
في البداية نُهَنِؤُك بأن وفقك الله لاعتناق الإسلام دين الحق وخاتمة الأديان ، وأسأل الله أن يثبتنا وإياك عليه حتى الممات.
وأبشرك بقول النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة ( إن من ورائكم أيام الصبر للمتمسك فيهن يومئذ بما أنتم عليه أجر خمسين منكم قالوا يا نبي الله أو منهم ؟ قال : بل منكم ) رواه ابن نصر وصححه الألباني في السلسة الصحيحة (494)
وقبل التفكير بالطلاق حاولي أن تقومي بدور الداعية لزوجك ومن حولك ، فهذا فيه نفع لغيرك وتثبيت لك. وقدوتك في ذلك المؤمنات الصالحات كأم المؤمنين خديجة رضي الله عنها التي قامت بدور كبير في تثبيت قلب النبي صلى الله عليه وسلم عند بعثته حتى إنه صلى الله عليه وسلم كان إذا ذكرها بعد موتها أثنى عليها فأحسن الثناء كما تروي ذلك عائشة رضي الله عنهما قَالَتْ : ( ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا خَدِيجَةَ فَأَطْنَبَ فِي الثَّنَاءِ عَلَيْهَا ) مسند الإمام أحمد (24684) وحسنه الهيثمي في المجمع.
وكأم سُليم رضي الله عنها : خطبها أبو طلحة فقالت : والله ما مثلك يا أبا طلحة يرد ولكنك رجل كافر وأنا امرأة مسلمة لا يحل لي أن أتزوجك فإن تُسلم فذلك مهري فأسلم فكان ذلك مهرها " رواه النسائي (3341) وصححه الألباني في صحيح النسائي/3133 .
فابدئي – وفقك الله – بدعوة زوجك وإقناعه بشتى الوسائل بالتمسك بالإسلام وفرائضه كالصلاة والقناعة بالحجاب وغير ذلك ، لاسيما أنه معتنق للإسلام من قبل ، ودعوة زوجك من الطرق المؤدية إلى الجنة .(5/1216)
وإني لأرجو أن يهدي الله زوجك بسبب نصحك ، أكثري من الدعاء له ، فإذا مضى على هذا مدة ولم تري منه أي تحسن وغلب على ظنك أن تجدي من يتزوجك وهو خير من زوجك هذا ففكري هنا في الطلاق وإلا فلا .
هذا إن كان متساهلا في الصلاة أي يؤديها تارة ويتركها تارة . أما إن كان تاركا لها بالكلية ولا يصلي حتى منفردا فهذا لا يجوز بقاؤك معه لأن ترك الصلاة كفر بالله .
قال النبي صلى الله عليه وسلم (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ) رواه الترمذي (2621) والنسائي (463) وغيرهما ، وهو صحيح (المشكاة /574).
وقال عليه الصلاة والسلام (بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة ) رواه مسلم (82).
أما أنت فاصبري على الحجاب وإن كان صعباً ، فكم عانى قدواتنا من الصحابة أو الصحابيات وأُوذوا في سبيل الله بما لم نُعَانِ إلا شيئاً يسيراً منه ، وهذا هو سبيل الجنة ، فإن النار حُفت بالشهوات والجنة حفت بالمكاره.
وتأكدي أن صعوبة الحجاب لكونه جديداً عليك ومع الصبر والإيمان ستتحول هذه الصعوبة والضيق ـ إن شاء الله ـ إلى راحة وطمأنينة، ومع انتظار الأجر تهون الصعاب .
وتمسُكك بالحجاب مع صعوبته عليك دليل على قوة إيمانك .
أسأل الله لنا ولك الثبات على الدين . آمين.
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
هددها والداها بالضرب إن تحجبت
السؤال:
أنا مسلمة من xxxx ، أرتدي الحجاب وأعتقد أنني يجب أن أغطي وجهي ولكن أبي وأمي قالوا لي بأن الحجاب الواجب هو تغطية الشعر فقط ، حاولت كثيراً إقناعهم ولكن بدون جدوى وقد هددتني والدتي بالضرب إذا ذكرت هذا ثانية.
لا أدري ما أفعل وأنا بحاجة ماسة للنصيحة.
الجواب:
الحمد لله
اعلمي يا أيتها الفاضلة : أن ارتداء الحجاب واجب على المرأة لا خيار لأحد فيه قال الله عز وجل : ( وليضربن بخمرهن على جيوبهن ) وقال عز وجل : ( ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ) ، واعلمي أن ما أنت عليه من الحجاب الكامل خير عظيم ونعمة تستوجب شكر الله عليها وسؤاله الثبات ، فاثبتي ثبّت الله قلبك .
وما تذكره لك أمك من أن الحجاب إنما هو للشعر فهو كلام غير صحيح ، وزينة المرأة في وجهها لا في شعرها فقط ، وقد أمر الله عز وجل بستر الزينة فقال : ( ولا يبدين زينتهن ) والمحاسن مجمعها الوجه فيجب ستره على الصحيح من أقوال أهل العلم .
واعلمي أن الله عز وجل قد ابتلاك بأمك ليرى أتطيعينه أم تطيعينها ؟
فالواجب عليك أن تنصحي أمك بطرق منها :(5/1217)
الكلام المباشر أو أن تعطيها شريطاً لأحد أهل العلم يوضح فيه حكم الحجاب أو عن طريق كتاب ذَكر ذلك ، أو عن طريق الاتصال على أحد المشايخ هاتفياً وتطلبين من أمك أن تستمع إلى الجواب ، أو عن طريق حضور محاضرة شرعية يعرض فيها الحكم الصحيح لهذه المسألة أو بغيرها من الوسائل .
ومع الصبر والتكرار ودعاء الله بشرح صدرها في أوقات الإجابة سيحصل الأثر إن شاء الله ، فإن لم يستجب الأم فلا طاعة لها في هذه المسألة خصوصاً قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنما الطاعة في المعروف ) ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق عز وجل ، مع الإحسان إليها وبرّها ، فإن الله يقول : ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين ) وقال : ( يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون ) والله الهادي لا إله إلا هو .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد (www.islam-qa.com)
-ـــــــــــــــــــ
صفات الحجاب الصحيح
السؤال:
السؤال :
ما هي الصفات الواجب توفرها في الحجاب الإسلامي؟ حيث أن هناك العديد من الأشكال، ولدي صديقة من الدنمرك أسلمت منذ فترة وهي سعيدة بإسلامها (ولله الحمد)، وهي تريد ارتداء الحجاب.
أرجو أن ترشدنا إلى المكان الذي ورد فيه أن الحجاب يجب أن يكون جلبابا طويلا. فهي في حاجة ماسة لجوابك.
الجواب:
الجواب :
الحمد لله
قال الشيخ الألباني ، رحمه الله تعالى :
شروط الحجاب :
أولا : ( استيعاب جميع البدن إلا ما استثني )
فهو في قوله تعالى : { يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما } .
ففي الآية الأولى التصريح بوجوب ستر الزينة كلها وعدم إظهار شيء منها أمام الأجانب إلا ما ظهر بغير قصد منهن فلا يؤاخذن عليه إذا بادرن إلى ستره .
قال الحافظ ابن كثير في تفسيره :
أي : لا يظهرن شيئا من الزينة للأجانب إلا ما لا يمكن إخفاؤه ، قال ابن مسعود : كالرداء والثياب يعني على ما كان يتعاطاه نساء العرب من المقنعة التي تجلل ثيابها وما يبدو من أسافل الثياب فلا حرج عليها فيه لأن هذا لا يمكن إخفاؤه .
ثانيا : ( أن لا يكون زينة في نفسه )(5/1218)
لقوله تعالى : { ولا يبدين زينتهن } فإنه بعمومه يشمل الثياب الظاهرة إذا كانت مزينة تلفت أنظار الرجال إليها ويشهد لذلك قوله تعالى : { وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى } سورة الأحزاب:33 ، وقوله صلى الله عليه وسلم : " ثلاثة لا تسأل عنهم : رجل فارق الجماعة وعصى إمامه ومات عاصيا ، وأمة أو عبد أبق فمات ، وامرأة غاب عنها زوجها قد كفاها مؤونة الدنيا فتبرجت بعده فلا تسأل عنهم " . أخرجه الحاكم (1/119) وأحمد (6/19) من حديث فضالة بنت عبيد وسنده صحيح وهو في " الأدب المفرد " .
ثالثا : ( أن يكون صفيقا لا يشف ) فلأن الستر لا يتحقق إلا به ، وأما الشفاف فإنه يزيد المرأة فتنة وزينة ، وفي ذلك يقول صلى الله عليه وسلم : "سيكون في آخر أمتي نساء كاسيات عاريات على رؤوسهن كأسنمة البخت العنوهن فإنهن ملعونات " زاد في حديث آخر :"لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها لتوجد من مسيرة كذا وكذا " . رواه مسلم من رواية أبي هريرة .
قال ابن عبد البر : أراد صلى الله عليه وسلم النساء اللواتي يلبسن من الثياب الشيء الخفيف الذي يصف لا يستر فهن كاسيات بالاسم عاريات في الحقيقة . نقله السيوطي في تنوير الحوالك (3/103) .
رابعا : ( أن يكون فضفاضا غير ضيق فيصف شيئا من جسمها )
فلأن الغرض من الثوب إنما هو رفع الفتنة ولا يحصل ذلك إلا بالفضفاض الواسع ، وأما الضيق فإنه وإن ستر لون البشرة فإنه يصف حجم جسمها أو بعضه ويصوره في أعين الرجال وفي ذلك من الفساد والدعوة إليه ما لا يخفى فوجب أن يكون واسعا وقد قال أسامة بن زيد : " كساني رسول الله صلى الله عليه وسلم قبطية كثيفة مما أهداها له دحية الكلبي فكسوتها امرأتي فقال : ما لك لم تلبس القبطية ؟ قلت : كسوتها امرأتي ، فقال : مرها فلتجعل تحتها غلالة ، فإني أخاف أن تصف حجم عظامها " أخرجه الضياء المقدسي في " الأحاديث المختارة" (1/441) وأحمد والبيهقي بسند حسن .
خامسا : ( أن لا يكون مبخرا مطيبا ) فلأحاديث كثيرة تنهى النساء عن التطيب إذا خرجن من بيوتهن، ونحن نسوق الآن بين يديك ما صح سنده منها :
1-عن أبي موسى الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا من ريحها فهي زانية "
2-عن زينب الثقفية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا خرجت إحداكن إلى المسجد فلا تقربن طيبا ".
3-عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أيما امرأة أصابت بخورا فلا تشهد معنا العشاء الآخرة " .
4-عن موسى بن يسار عن أبي هريرة : " أن امرأة مرت به تعصف ريحها فقال : يا أمة الجبار المسجد تريدين ؟ قالت : نعم ، قال: وله تطيبت ؟ قالت : نعم ، قال : فارجعي فاغتسلي فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ما من امرأة تخرج إلى المسجد تعصف ريحها فيقبل الله منها صلاة حتى ترجع إلى بيتها فتغتسل ".(5/1219)
ووجه الاستدلال بهذه الأحاديث على ما ذكرنا العموم الذي فيها فإن الاستعطار والتطيب كما يستعمل في البدن يستعمل في الثوب أيضاً لا سيما وفي الحديث الثالث ذكر البخور فإنه الثياب أكثر استعمالاً وأخص.
وسبب المنع منه واضح وهو ما فيه من تحريك داعية الشهوة وقد ألحق به العلماء ما في معناه كحسن الملبس والحلي الذي يظهر والزينة الفاخرة وكذا الاختلاط بالرجال ، انظر " فتح الباري " (2/279) .
وقال ابن دقيق العيد : وفيه حرمة التطيب على مريدة الخروج إلى المسجد لما فيه من تحريك داعية شهوة الرجال . نقله المناوي في "فيض القدير" في شرح حديث أبي هريرة الأول .
سادساً: (أن لا يشبه لباس الرجل)
فلما ورد من الأحاديث الصحيحة في لعن المرأة التي تشبه بالرجل في اللباس أو غيره، وإليك ما نعلمه منها :
1. عن أبي هريرة قال:" لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل" .
2. عن عبد الله بن عمرو قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول" ليس منا من تشبه بالرجال من النساء، ولا من تشبه بالنساء من الرجال" .
3. عن ابن عباس قال: "لعن النبي صلى الله عليه وسلم المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء ، وقال: أخرجوهم من بيوتهم، وقال: فأخرج النبي صلى الله عليه وسلم فلاناً، وأخرج عمر فلاناً" وفي لفظ " لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال".
4. عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاث لا يدخلون الجنة ولا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاق والديه والمرأة المترجلة المتشبهة بالرجال والديوث".
5. عن ابن أبي مليكة -واسمه عبد الله بن عبيد الله- قال قيل لعائشة رضي الله عنها: إن المرأة تلبس النعل؟ فقالت "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجلة من النساء".
وفي هذه الأحاديث دلالة واضحة على تحريم تشبه النساء بالرجال، وعلى العكس، وهي عادة تشمل اللباس وغيره إلا الحديث الأول فهو نص في اللباس وحده .
سابعاً : ( أن لا يشبه لباس الكافرات ) .
فلما ت قرر في الشرع أنه لا يجوز للمسلمين رجالاً ونساءً التشبه بالكفار سواء في عباداتهم أو أعيادهم أو أزيائهم الخاصة بهم وهذه قاعدة عظيمة في الشريعة الإسلامية خرج عنها اليوم - مع الأسف - كثير من المسلمين حتى الذين يعنون منهم بأمور الدين والدعوة إليه جهلاً بدينهم أو تبعاً لأهوائهم أو انجرافاً مع عادات العصر الحاضر وتقاليد أوروبا الكافرة حتى كان ذلك منن أسباب المسلمين وضعفهم وسيطرة الأجانب عليهم واستعمارهم { إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم } لو كانوا يعلمون .(5/1220)
وينبغي أن يعلم أن الأدلة على صحة هذه القاعدة المهمة كثيرة في الكتاب والسنة وإن كانت أدلة الكتاب مجملة فالسنة تفسرها وتبينها كما هو شأنها دائماً.
ثامناً: (أن لا يكون لباس شهرة).
فلحديث ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من لبس ثوب شهرة في الدنيا ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة ثم ألهب فيه ناراً". حجاب المرأة المسلمة " ( ص 54 - 67 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد (www.islam-qa.com)
-ـــــــــــــــــــ
هل يشترط لبس النقاب للمرأة
السؤال:
هل لبس النقاب من شروط الزي الإسلامي للمرأة ؟.
الجواب:
الحمد لله
الحجاب في اللغة : الستر ، والحجاب : اسم ما احتجب به ، وكل ما حال بين شيئين فهو حجاب .
والحجاب : كل ما يستر المطلوب ويمنع من الوصول إليه كالستر والبواب والثوب ... ألخ.
والخمار : من الخمر ، وأصله الستر ، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم : " خمروا آنيتكم ، وكل ما يستر شيئا فهو خماره .
لكن الخمار صار في العرف اسما لما تغطي به المرأة رأسها ، ولا يخرج المعنى الاصطلاحي للخمار في بعض الإطلاقات عن المعنى اللغوي .
ويعرفه بعض الفقهاء بأنه ما يستر الرأس والصدغين أو العنق .
والفرق بين الحجاب والخمار أن الحجاب ساتر عام لجسم المرأة ، أما الخمار فهو في الجملة ما تستر به المرأة رأسها .
النِّقاب - بكسر النون - : ما تنتقب به المرأة ، يقال : انتقبت المرأة ، وتنقبت : غطت وجهها بالنقاب .
والفرق بين الحجاب والنقاب : أن الحجاب ساتر عام ، أما النقاب فساتر لوجه المرأة فقط .
وأما زي المرأة الشرعي فهو الذي يغطي رأسها ووجهها وجسمها كاملاً .
إلا أن النقاب أو البرقع - والذي تظهر منه عيون المرأة - قد توسعت النساء في استعماله وأساءت بعضهن في لبسه ، مما جعل بعض العلماء يمنع من لبسه لا على أنه غير شرعي في الأصل ، بل لسوء استعماله وما آل إليه الحال من التساهل والتفريط واستعمال أشكال جديدة من النقاب غير شرعية تشتمل على توسيع فتحتي العينين حتى يظهر منهما الخدّ والأنف وشيء من الجبهة .(5/1221)
وعليه : فإذا كان نقاب المرأة أو برقعها لا يظهر منهما إلا العين وتكون الفتحة على قدر العين اليسرى كما ورد عن بعض السلف فإن ذلك جائز ، وإلا فإن عليها أن تلبس ما يغطي وجهها بالكامل .
قال الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله :
الحجاب الشرعي : هو حجب المرأة ما يحرم عليها إظهاره ، أي : سترها ما يجب عليها ستره ، وأولى ذلك وأوله : ستر الوجه ؛ لأنه محل الفتنة ومحل الرغبة .
فالواجب على المرأة أن تستر وجهها عن من ليسوا بمحارمها ... فعلم بهذا أن الوجه أولى ما يجب حجابه ، وهناك أدلة من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وأقوال الصحابة وأقوال أئمة الإسلام وعلماء الإسلام تدل على وجوب احتجاب المرأة في جميع بدنها على من ليسوا بمحارمها .
" فتاوى المرأة المسلمة " ( 1 / 391 ، 392 ) .
وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
الصحيح الذي تدل عليه الأدلة : أن وجه المرأة من العورة التي يجب سترها ، بل هو أشد المواضع الفاتنة في جسمها ؛ لأن الأبصار أكثر ما توجه إلى الوجه ، فالوجه أعظم عورة في المرأة ، مع ورود الأدلة الشرعية على وجوب ستر الوجه .
من ذلك : قوله تعالى : { وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن } النور/31 ، فضرب الخمار على الجيوب يلزم منه تغطية الوجه .
ولما سئل ابن عباس رضي الله عنهما عن قوله تعالى : { يدنين عليهن من جلابيبهن } الأحزاب/59 ، غطى وجهه وأبدى عيناً واحدةً ، فهذا يدل على أن المراد بالآية : تغطية الوجه ، وهذا هو تفسير ابن عباس رضي الله عنهما لهذه الآية كما رواه عنه عَبيدة السلماني لما سأله عنه .
ومن السنة أحاديث كثيرة ، منها : أن النبي صلى الله عليه وسلم " نهى المحرمة أن تنتقب وأن تلبس البرقع " ، فدل على أنها قبل الإحرام كانت تغطي وجهها .
وليس معنى هذا أنها إذا أزالت البرقع والنقاب حال الإحرام أنها تبقي وجهها مكشوفاً عند الرجال الأجانب ، بل يجب عليها ستره بغير النقاب وبغير البرقع ، بدليل حديث عائشة رضي الله عنها قالت : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم محرمات ، فكنا إذا مرَّ بنا الرجال سدلت إحدانا خمارها من على رأسها على وجهها ، فإذا جاوزنا كشفناه .
فالمحرمة وغير المحرمة يجب عليها ستر وجهها عن الرجال الأجانب ؛ لأن الوجه هو مركز الجمال ، وهو محل النظر من الرجال ... ، والله تعالى أعلم .
" فتاوى المرأة المسلمة " ( 1 / 396 ، 397 ) .
وقال أيضاً :
لا بأس بستر الوجه بالنقاب أو البرقع الذي فيه فتحتان للعينين فقط ؛ لأن هذا كان معروفاً في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ومن أجل الحاجة ، فإذا كان لا يبدو إلا العينان فلا بأس بذلك ، خصوصاً إذا كان من عادة المرأة لبسه في مجتمعها .
" فتاوى المرأة المسلمة " ( 1 / 399 ) .(5/1222)
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
هل المرأة غير المحجبة ستدخل النار
السؤال:
إذا لم تكن الفتاة ترتدي الحجاب، فهل سيكون مصيرها إلى النار؟ وإذا كانت تصلي وتقرأ القرآن بانتظام وتتصرف بأدب ولا تنظر إلى الفتيان ولا تمارس الغيبة والنميمة وغيرها فهل يؤدي عدم ارتدائها الحجاب إلى أن تدخل النار على الرغم من صفاتها الحميدة جميعا؟.
الجواب:
الحمد لله
يجب العلم أولاً بأن المسلم والمسلمة يجب عليهما أن ينقادا لأوامر الله ورسوله ، مهما كان صعبة وشاقة على النفس ، دون خجل من أحدٍ من الناس ، فإن المؤمن الصادق في إيمانه هو الذي يصدق في تحقيق طاعة ربه سبحانه وتعالى وامتثال أوامره واجتناب نواهيه ، وليس للمؤمن ولا المؤمنة أن يتلكآ أو يترددا في الأمر ، بل يجب السمع والطاعة مباشرة عملا بقوله جل وعلا : ( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ) الأحزاب وهذا هو دأب المؤمنين الذي مدحهم ربهم سبحانه وتعالى بقوله : ( إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون ، ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون ) سورة النور/50 -51 .
ثم إن المسلم لا ينظر إلى صغر الذنب وكبره ، بل ينظر إلى عظمة من عصاه سبحانه وتعالى فهو الكبير المتعال ، وهو شديد المحال ، وهو جل وعلا شديد البطش ، أخذه أليم ، وعذابه مهين ، وإذا انتقم سبحانه ممن عصاه فالهلاك هو مصيره ، قال عزّ وجلّ : ( وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد ، إن في ذلك لآية لمن خاف عذاب الآخرة ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود ) سورة هود/102-103 .
وقد تصغر المعصية في نظر العبد وهي عند الله عظيمة كما قال الله تعالى : ( وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم ) والأمر كما قال بعض أهل العلم : " لاتنظر إلى صغر المعصية ولكن انظر إلى عظمة من عصيت " والواجب علينا طاعة الله وتنفيذ أوامره ومراقبته في السر والعلانية واحتناب نواهيه وزواجره .
أما من جهة الاعتقاد فإن المسلم المصلي إذا صدرت منه بعض المعاصي والسيئات فإنه باق على الاسلام ما لم يرتكب أمرا مخرجا عن الملة ويقع في ناقض من نواقض الإسلام ، وهذا المسلم العاصي تحت مشيئة الله في الآخرة إن شاء عذّبه وإن شاء غفر له ، ولو دخل النار في الآخرة فإنه لا يخلد فيها ، ولا يستطيع أحدٌ من الناس أن يجزم بمصيره من ناحية وقوع العذاب عليه أو عدم وقوعه لأنّ هذا أمر مردّه إلى الله وعلمه عنده سبحانه وتعالى .(5/1223)
والذنوب تنقسم إلى قسمين ( صغيرة - وكبيرة ) فالصغيرة تكفّرها الصلاة والصيام والأعمال الصالحة ، والكبيرة ( وهي التي ورد فيها وعيد خاص أو حَدٌّ في الدنيا أو عذاب في الآخرة ) فلا تكفّرها الأعمال الصالحة ، بل لابد لمن وقع فيها أن يحدث لها توبة نصوحاً ، ومن تاب تاب الله عليه ، والكبائر أنواع كثيرة منها مثلاً ( الكذب والزنا والربا والسرقة وترك الحجاب بالكلية ونحوها ) .
وبناء على ما تقدّم فلا يمكن الجزم بأن من تركت الحجاب سوف تدخل النار ، ولكنها مستحقّة لعقوبة الله لأنها عصت ما أمرها به ، وأما مصيرها على التعيين فالله أعلم به ، وليس لنا أن نتكلم فيما لا نعلمه قال تعالى : ( ولا تقف ما ليس لكَ به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً ) . ويكفي المسلم صاحب القلب الحيّ أن ينفر من عمل يعلم بأنّه إذا فعله سيكون معرّضا لعقوبة الربّ عزّ وجلّ لأنّ عقابه شديد وعذابه أليم وناره حامية ( نار الله الموقدة . التي تطّلع على الأفئدة )
وفي المقابل فإن من أطاعت ربها فيما أمرها به - ومن ذلك الالتزام بالحجاب الشرعي - فإننا نرجو لها الجنة والفوز بها والنجاة من النار وعذابها .
وغريب حقاً في امرأة صفاتها حميدة وتصلي وتصوم ولا تنظر للفتيان وتجتنب الغيبة والنميمة ثم بعد هذا لا تلتزم بالحجاب ، وذلك لأن من تمسكت حقاً بهذه الأعمال الصالحة الحسنة فإن هذا مؤشر كبير على حبها للخير ، ونفورها من الشر ، ثمّ لا ننسى أنّ الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ، والحسنة تأتي بأختها ، ومن اتقى الله تعالى في نفسه وفقه الله وأعانه على نفسه ، ويبدو أن هذه المسلمة فيها خير كثير ، وهي قريبة من طريق الاستقامة فلتحرص على الحجاب الذي أمرها به ربها تبارك وتعالى ولتترك الشبهات وتقاوم ضغوط أهلها ولا تستسلم لكلام الناس والمنتقدين ، ولتترك مشابهة العاصيات اللاتي يردن التبرّج على حسب الموضة والموديلات ، ولتقاوم هوى النفس الذي يدعوها لإظهار الزينة والتباهي بها ، وتتمسك بما فيه صون لها وستر وحماية وتترفّع عن أن تكون سلعة يتمتع بها الغادي والرائح من الأشرار ، وتأبى أن تكون سببا لفتنة عباد الله ، ونحن نخاطب فيها إيمانها وحبها لله ورسوله ، ونناشدها ان تحافظ على ما أُمرت به من الحجاب وأن تلتزم بقول الله تعالى : ( ولا يبدين زينتهن ) ، وبقوله ( ولا تبرّجن تبرّج الجاهلية الأولى وأطعن الله ورسوله ) . والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
صفات الحجاب الصحيح
السؤال:
السؤال :
ما هي الصفات الواجب توفرها في الحجاب الإسلامي؟ حيث أن هناك العديد من الأشكال، ولدي صديقة من الدنمرك أسلمت منذ فترة وهي سعيدة بإسلامها (ولله الحمد)، وهي تريد ارتداء الحجاب.(5/1224)
أرجو أن ترشدنا إلى المكان الذي ورد فيه أن الحجاب يجب أن يكون جلبابا طويلا. فهي في حاجة ماسة لجوابك.
الجواب:
الجواب :
الحمد لله
قال الشيخ الألباني ، رحمه الله تعالى :
شروط الحجاب :
أولا : ( استيعاب جميع البدن إلا ما استثني )
فهو في قوله تعالى : { يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما } .
ففي الآية الأولى التصريح بوجوب ستر الزينة كلها وعدم إظهار شيء منها أمام الأجانب إلا ما ظهر بغير قصد منهن فلا يؤاخذن عليه إذا بادرن إلى ستره .
قال الحافظ ابن كثير في تفسيره :
أي : لا يظهرن شيئا من الزينة للأجانب إلا ما لا يمكن إخفاؤه ، قال ابن مسعود : كالرداء والثياب يعني على ما كان يتعاطاه نساء العرب من المقنعة التي تجلل ثيابها وما يبدو من أسافل الثياب فلا حرج عليها فيه لأن هذا لا يمكن إخفاؤه .
ثانيا : ( أن لا يكون زينة في نفسه )
لقوله تعالى : { ولا يبدين زينتهن } فإنه بعمومه يشمل الثياب الظاهرة إذا كانت مزينة تلفت أنظار الرجال إليها ويشهد لذلك قوله تعالى : { وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى } سورة الأحزاب:33 ، وقوله صلى الله عليه وسلم : " ثلاثة لا تسأل عنهم : رجل فارق الجماعة وعصى إمامه ومات عاصيا ، وأمة أو عبد أبق فمات ، وامرأة غاب عنها زوجها قد كفاها مؤونة الدنيا فتبرجت بعده فلا تسأل عنهم " . أخرجه الحاكم (1/119) وأحمد (6/19) من حديث فضالة بنت عبيد وسنده صحيح وهو في " الأدب المفرد " .
ثالثا : ( أن يكون صفيقا لا يشف ) فلأن الستر لا يتحقق إلا به ، وأما الشفاف فإنه يزيد المرأة فتنة وزينة ، وفي ذلك يقول صلى الله عليه وسلم : "سيكون في آخر أمتي نساء كاسيات عاريات على رؤوسهن كأسنمة البخت العنوهن فإنهن ملعونات " زاد في حديث آخر :"لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها لتوجد من مسيرة كذا وكذا " . رواه مسلم من رواية أبي هريرة .
قال ابن عبد البر : أراد صلى الله عليه وسلم النساء اللواتي يلبسن من الثياب الشيء الخفيف الذي يصف لا يستر فهن كاسيات بالاسم عاريات في الحقيقة . نقله السيوطي في تنوير الحوالك (3/103) .
رابعا : ( أن يكون فضفاضا غير ضيق فيصف شيئا من جسمها )
فلأن الغرض من الثوب إنما هو رفع الفتنة ولا يحصل ذلك إلا بالفضفاض الواسع ، وأما الضيق فإنه وإن ستر لون البشرة فإنه يصف حجم جسمها أو بعضه ويصوره في أعين الرجال وفي ذلك من الفساد والدعوة إليه ما لا يخفى فوجب أن يكون واسعا وقد قال أسامة بن زيد : " كساني رسول الله صلى الله عليه وسلم قبطية كثيفة مما(5/1225)
أهداها له دحية الكلبي فكسوتها امرأتي فقال : ما لك لم تلبس القبطية ؟ قلت : كسوتها امرأتي ، فقال : مرها فلتجعل تحتها غلالة ، فإني أخاف أن تصف حجم عظامها " أخرجه الضياء المقدسي في " الأحاديث المختارة" (1/441) وأحمد والبيهقي بسند حسن .
خامسا : ( أن لا يكون مبخرا مطيبا ) فلأحاديث كثيرة تنهى النساء عن التطيب إذا خرجن من بيوتهن، ونحن نسوق الآن بين يديك ما صح سنده منها :
1-عن أبي موسى الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا من ريحها فهي زانية "
2-عن زينب الثقفية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا خرجت إحداكن إلى المسجد فلا تقربن طيبا ".
3-عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أيما امرأة أصابت بخورا فلا تشهد معنا العشاء الآخرة " .
4-عن موسى بن يسار عن أبي هريرة : " أن امرأة مرت به تعصف ريحها فقال : يا أمة الجبار المسجد تريدين ؟ قالت : نعم ، قال: وله تطيبت ؟ قالت : نعم ، قال : فارجعي فاغتسلي فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ما من امرأة تخرج إلى المسجد تعصف ريحها فيقبل الله منها صلاة حتى ترجع إلى بيتها فتغتسل ".
ووجه الاستدلال بهذه الأحاديث على ما ذكرنا العموم الذي فيها فإن الاستعطار والتطيب كما يستعمل في البدن يستعمل في الثوب أيضاً لا سيما وفي الحديث الثالث ذكر البخور فإنه الثياب أكثر استعمالاً وأخص.
وسبب المنع منه واضح وهو ما فيه من تحريك داعية الشهوة وقد ألحق به العلماء ما في معناه كحسن الملبس والحلي الذي يظهر والزينة الفاخرة وكذا الاختلاط بالرجال ، انظر " فتح الباري " (2/279) .
وقال ابن دقيق العيد : وفيه حرمة التطيب على مريدة الخروج إلى المسجد لما فيه من تحريك داعية شهوة الرجال . نقله المناوي في "فيض القدير" في شرح حديث أبي هريرة الأول .
سادساً: (أن لا يشبه لباس الرجل)
فلما ورد من الأحاديث الصحيحة في لعن المرأة التي تشبه بالرجل في اللباس أو غيره، وإليك ما نعلمه منها :
1. عن أبي هريرة قال:" لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل" .
2. عن عبد الله بن عمرو قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول" ليس منا من تشبه بالرجال من النساء، ولا من تشبه بالنساء من الرجال" .
3. عن ابن عباس قال: "لعن النبي صلى الله عليه وسلم المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء ، وقال: أخرجوهم من بيوتهم، وقال: فأخرج النبي صلى الله عليه وسلم فلاناً، وأخرج عمر فلاناً" وفي لفظ " لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال".(5/1226)
4. عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاث لا يدخلون الجنة ولا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاق والديه والمرأة المترجلة المتشبهة بالرجال والديوث".
5. عن ابن أبي مليكة -واسمه عبد الله بن عبيد الله- قال قيل لعائشة رضي الله عنها: إن المرأة تلبس النعل؟ فقالت "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجلة من النساء".
وفي هذه الأحاديث دلالة واضحة على تحريم تشبه النساء بالرجال، وعلى العكس، وهي عادة تشمل اللباس وغيره إلا الحديث الأول فهو نص في اللباس وحده .
سابعاً : ( أن لا يشبه لباس الكافرات ) .
فلما ت قرر في الشرع أنه لا يجوز للمسلمين رجالاً ونساءً التشبه بالكفار سواء في عباداتهم أو أعيادهم أو أزيائهم الخاصة بهم وهذه قاعدة عظيمة في الشريعة الإسلامية خرج عنها اليوم - مع الأسف - كثير من المسلمين حتى الذين يعنون منهم بأمور الدين والدعوة إليه جهلاً بدينهم أو تبعاً لأهوائهم أو انجرافاً مع عادات العصر الحاضر وتقاليد أوروبا الكافرة حتى كان ذلك منن أسباب المسلمين وضعفهم وسيطرة الأجانب عليهم واستعمارهم { إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم } لو كانوا يعلمون .
وينبغي أن يعلم أن الأدلة على صحة هذه القاعدة المهمة كثيرة في الكتاب والسنة وإن كانت أدلة الكتاب مجملة فالسنة تفسرها وتبينها كما هو شأنها دائماً.
ثامناً: (أن لا يكون لباس شهرة).
فلحديث ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من لبس ثوب شهرة في الدنيا ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة ثم ألهب فيه ناراً". حجاب المرأة المسلمة " ( ص 54 - 67 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
متزوجة من مسلم والحجاب يعيقها عن الإسلام
السؤال:
زوجي مسلم ويخاطبني كثيراً لكي أتحول للإسلام ، ولكن هناك شيء مهم بالنسبة لي وهو الحجاب ، لماذا يجب على النساء أن يتحجبن ويظهر منهن فقط ما يظهر بالعادة ؟ أنا أمريكية ونحن نكشف في العادة أغلب الجسد هنا . أريد أن أفهم .
الجواب:
الحمد لله
ما من شك أن الله تعالى لا يأمر إلا بما فيه الحكمة ، وفي بعض الأحيان تخفى حكمة بعض هذه الأحكام على العبيد وفي بعضها تكون ظاهرة معلومة ، كتحريم الله تعالى للخمر التي تُذهب العقل وتصد عن ذكر وعن الصلاة .(5/1227)
وحكمة تشريع الحجاب من أظهر ما يكون ، فإنها ستر للمرأة وعفاف لها ، وهي بذلك تمنع السفهاء من التعرض لها والنيل منها ، فكم من امرأة متحجبة منع حجابها من تعرض شياطين الإنس لها ، وكم من امرأة متبرجة عرضت زينتها وأظهرت مفاتنها للناس فتسببت في مضايقتها والتعرض لها من السفهاء ، وفي هذا يقول الله تبارك وتعالى : { يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما } الأحزاب / 59 ، وهذه الآية فيها الجواب الكامل على السؤال حيث ذكر الله تعالى فيها الأمر لرسوله صلى الله عليه وسلم أن يأمر أزواجه وبناته ونساء المؤمنين بالحجاب ، وفيها كذلك ذِكر الحكمة وهو حفظهن وعدم تعرضهن للإيذاء .
وخروج المرأة مبدية لأغلب جسدها – كما تقول السائلة – هو من أكثر أسباب الجرائم ، وفساد أخلاق الرجال ، وشيوع الفواحش ، كما أنه إساءةٌ للمرأة ، وإهدارٌ لكرامتها ، حيث أصبحت المرأة سلعة رخيصة لأصحاب الشركات والدعايات ، والتي تُظهر المرأة منزوعة اللباس والحياء لجلب الزبائن وتسويق المنتجات التجارية .
إن جسد المرأة لها وليس مشتركاً بين الناس ، فإن تزوجت فهو لزوجها ولا ينبغي لها أن تشرك معه غيره ، وماذا تريد المرأة التي تعرض جسدها وتبرز مفاتنها للناظرين ؟ هل تريد منهم فقط أن ينظروا ويتأملوا ؟ حسناً فما هو أثر ذلك على المغتصبين والسفهاء ؟ وكيف ستمنعينهم من تحقيق رغبتهم بافتراسك والانقضاض عليك ؟ وقد أظهرت للجائعين لحماً ثم تريدين منعهم من أكله ؟ .
ففي دراسة حديثة وجد أن :
65 % من العاملات يتعرضن للتحرش الجنسي في أماكن عملهن في بعض الدول الأوربية .
18% من النساء في أمريكا اغتصبن أو تعرضن لمحاولة اغتصاب في مرحلة من مراحل عمرهن .
أكثر من نصف الضحايا تحت سن الـ 17 سنة .
"كتاب إحصاءات ، دراسات ، أرقام " ( ص 140 ) .
إن الشريعة الإسلامية جاءت بما هو خير للمرأة والرجل والأسرة والمجتمعات ، ولم تقيد المرأة كما يزعم أعداء الدين ، فقد أباح الإسلام للمرأة العمل وطلب العلم والتجارة والشهادة وصلة الرحم وعيادة المريض وغير ذلك ، لكنه وضع لخروجها ضوابط تحفظها وتمنع تعرض السفهاء لها .
ونقول للسائلة :
إن كثيرات من نساء الغرب عندما تأملن وعرفن حقيقة شرع الله تعالى وخاصة فيما يتعلق بالمرأة لم يترددن في إعلان إسلامهن والدخول في ركب الأنبياء والصالحين .
فالمرأة في الإسلام محفوظة ومكفولة ، وليس ذلك مقابل بقائها في البيت فقط بل لأنها تؤدي دوراً عظيماً وهو رعاية الزوج والقيام على شئونه ، وتربية الأبناء والعناية بهم ، وهو دور عظيم إذ يعرف صلاح المجتمعات وفسادها بمدى نجاح الأم في التربية والتوجيه .(5/1228)
وفي دراسة نشرتها إحدى أكبر شركات التأمين البريطانية على مليون امرأة ووقع الاختيار على " أم بيت متفرغة " فجاءت النتائج المثيرة : إن المرأة المتفرغة للبيت تعمل 19ساعة في أعمال البيت ، وهي المربية ، والممرضة ، والمسؤول الأول عن إدارة الشؤون المالية للبيت ..
إضافة لذلك – فحسب دراسة بالتقييم المادي البعيد عن العواطف - كانت المرأة المتفرغة للمنزل هي أثمن شيء تمتلكه الأسرة .
" المرجع السابق " ( ص 118 ، 119 ) .
وقد تبين لكثير من العاقلات خطر ما هنَّ عليه من حرية زائفة ، وانتبهن أخيراً إلى أين يذهب بهن هذا الطريق ، ففي دراسة أخرى تبين أن :
80 % من الأمريكيات يعتقدن أن الحرية التي حصلت عليها المرأة خلال الثلاثين عاما الأخيرة هي سبب الانحلال والعنف في الوقت الراهن .
75% يشعرن بالقلق لانهيار القيم والتفسخ العائلي .
80% يجدن صعوبة بالغة في التوفيق بين مسؤولياتهن تجاه العمل ومسؤولياتهن تجاه الزوج والأولاد .
87% قلن لو عادت عجلة التاريخ للوراء لاعتبرنا المطالبة بالمساواة مؤامرة اجتماعية ضد الولايات المتحدة وقاومنا اللواتي يرفعن شعاراتها .
" المرجع السابق " ( ص 147 ) .
فقط يحتاج الأمر منكِ إلى تفكير يسير ، ومراجعة للواقع الذي ترينه ، لتعرفي بعدها أن نزع الحجاب عن المرأة يعني الشر والضرر والجريمة ، وقد أغلق الإسلام طرق ذلك كله بما وضع من تشريعات ، ومنها وجوب الحجاب على البالغات .
وفي ختام هذا الجواب نهنئك على أن وفقك الله للاقتران بزوج مسلم ترين منه أو من أقاربه المسلمين من شعائر الإسلام ما يرغبك في الإسلام وما يكسر حاجز خوفك من الدخول في هذا الدين الحنيف العظيم ، ثم اعلمي أن الدخول في هذا الدين الخاتم الذي ارتضاه الله لجميع الخلق ، شرف عظيم لك قد تحرمين منه إذا تأخرت عنه ودهمك الموت فبادري إليه مذعنة راغبة فرحة بفضل الله .
واعلمي أن وقوعك في شيء من التقصير في شعيرة الحجاب بسبب ضعفك عن الالتزام به أو خجلك من بني قومك ، يعد معصية من المعاصي ينبغي ألا تصدك عن الحسنة الكبرى التي يبنى عليها دخول الجنة والنجاة من النار وهي اعتناق الإسلام ، وأعلمي أن الشيطان عدو بني آدم كلهم هو الذي يجعل لك هذه الشبهة ليصدّك عن الدخول في هذا الدين ليكثر إتباعه إلى النار ، فكوني قوية حازمة جريئة في اتخاذ قرار السعادة الأبدية بإذن الله ، سائلين الله لك العون وقوة النفس على الدخول في الإسلام أختا لنا في الله ، ومشاركة لما في هذه النعمة ، ونشكر لك على حسن ثقتك بنا .
والله الهادي .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
\ـــــــــــــــــــ
هل تلبس الحجاب إذا كان أهلها سيتضررون بذلك ؟(5/1229)
السؤال:
ما هو الحكم في مَن ترتدي الحجاب في بلد عربي يمنع ذلك بالقوة وإلحاق الضرر دينيّاً واجتماعيّاً ؟ هل عليها أن تثبت رغم تضرر أفراد عائلتها بطريقة غير مباشرة ؟.
الجواب:
الحمد لله
إنها والله الجريمة العظيمة والفعلة النكراء ، أن تُمنع المرأة المسلمة من ارتداء حجابها الذي أمرها الله به ، وتلزم قانوناً بكشف رأسها ووجهها لتخرج سافرة بين الناس .
والواجب على المسلم الالتزام بأحكام الشرع ، و " لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق " ، وحجاب المرأة المسلمة من الواجبات التي يلزمها الطاعة فيها ، والضرر الذي تتصور المرأة وقوعه عليها أو على أهلها قد لا يكون له أصل ، وقد يكون الضرر غير بالغ ، ويمكن تحمله والصبر عليه ، وعليه : فيجب عليها البقاء على الالتزام بلباسها الشرعي .
فإن كان الضرر بالغاً ويقينيّاً أو بغلبة ظن راجح : فيمكن للمرأة نزع الحجاب حفاظاً على عرضها ودينها ، لكن يجب عليها الالتزام بأعلى قدر ممكن من الستر والحشمة ، ولا يجوز لها الخروج من المنزل على هذه الحال إلا في وقت الضرورة ، ولا يجوز الترخص في الخروج على هذه الحال للدراسة أو لشراء حاجيات يمكن أن يأتي بها غيرها ، بل نعني بالضرورة الخروج لعلاج لا يتيسر في البيت ، أو عمل شرعي لا يمكن تركه ، وما يشبههما .
سئل الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله - :
في بعض البلدان قد تجبر المسلمة على خلع الحجاب بالأخص غطاء الرأس ، هل يجوز لها تنفيذ ذلك علما بأن من يرفض ذلك ترصد له العقوبات كالفصل من العمل أو المدرسة ؟ .
فأجاب الشيخ :
هذا البلاء الذي يحدث في بعض البلدان هو من الأمور التي يمتحن بها العبد ، والله سبحانه وتعالى يقول { الم . أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين } العنكبوت / 1 – 3 .
فالذي أرى أنه يجب على المسلمات في هذه البلدة أن يأبين طاعة أولي الأمر في هذا الأمر المنكر ؛ لأن طاعة أولي الأمر في المنكر مرفوضة ، قال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم } النساء / 59 .
لو تأملت هذه الآية لوجدت أن الله قال : { أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم } ، ولم يكرر الفعل ثالثة مع أولي الأمر ، فدل على أن طاعة ولاة الأمور تابعة لطاعة الله وطاعة رسوله ، فإذا كان أمرهم مخالفا لطاعة الله ورسوله : فإنه لا سمع لهم ولا طاعة فيما أمروا به فيما يخالف طاعة الله ورسوله ، " ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق " .(5/1230)
وما يصيب النساء من الأذى في هذه الناحية من الأمور التي يجب الصبر عليها والاستعانة بالله تعالى على الصبر ، ونسأل الله لولاة أمورهم أن يهديهم إلي الحق ، ولا أظن هذا الإجبار إلا إذا خرجت المرأة من بيتها ، وأما في بيتها فلن يكون هذا الإجبار، وبإمكانها أن تبقى في بيتها حتى تسلم من هذا الأمر ، أما الدراسة التي تترتب عليها معصية فإنها لا تجوز ، بل عليها دراسة ما تحتاج إليه في دينها ودنياها ، وهذا يكفي ويمكنها ذلك في البيت غالبا .
" أسئلة تهم الأسرة المسلمة " ( ص 22 ، 23 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
تابا من علاقة غير شرعية وتريد مراسلته للزواج منه
السؤال:
بدأت مؤخراً - والحمد لله - في ارتداء الحجاب ، ومنذ ذلك الوقت أدركت كم كنت ميتة قبل الحجاب ، الحجاب هذا مسؤولية تحملتها ، وأبذل ما أستطيع لكي أصبح مسلمة أفضل .
قبل الحجاب تعرفت على أحد الفتيان وقد أحببنا بعضنا ، أعلم أن العلاقات حرام ، لكني عندها لم أكن واعية بالصواب والخطأ ، غير أني أحمد الله أننا لم نرتكب الزنا ، وأنا الآن في السنة الثالثة من الجامعة ، وهو في السنة الرابعة .
وهو الآن متدين أيضاً ، وعلى الرغم من أنني لم أعد أتحدث إلى الشباب مطلقاً : فإنني لن أستطيع نسيان مشاعري تجاهه ، وأتمنى أن يتقدم لي أو على الأقل أن يقول لي شيئاً يجعلني أنتظر خطبته لي ، لكن ذلك ليس ممكناً إلا إذا أرسلت له بريداً الكترونيّاً أو حاولت الاتصال به .
وعليه فسؤالي هو :
هل إذا أنا كتبتُ له وأرسلتُ له بريداً الكترونيّاً أساله فيه إن كان يجب عليَّ انتظاره ليتقدم إليَّ أو لا ، هل يعتبر ذلك الفعل حراماً ؟ فأنا أريد الزواج به على سنَّة الله ورسوله .
وأظن أنه قد يعتقد أني لم أعد أحبه ، لذلك أرجو إخباري إن كان عليَّ أن أرسل له رسالة بالبريد الالكتروني أم لا ، إنه شخص محترم جدّاً ولا يحب أيضا الحديث مع الفتيات .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
من المعلوم في دين الله تعالى تحريم اتباع خطوات الشيطان ، وتحريم كل ما قد يؤدي إلى الوقوع في الحرام ، حتى لو كان أصله مباحاً ، وهو ما يسمِّيه العلماء " قاعدة سد الذرائع " .
وقاعدة الشرع المطهر ، أن الله سبحانه إذا حرَّم شيئاً حرَّم الأسباب والطرق والوسائل المفضية إليه تحقيقاً لتحريمه ، ومنعاً من الوصول إليه .(5/1231)
وإننا لنسعد عندما نسمع أو نرى من يرجع إلى الله تعالى وإلى دينه بعد رحلة ضياعه ، وفي الوقت نفسه نخشى أن يزين له الشيطان ما كان يعمل في ضياعه فيصده عن الهداية ويولجه طريق الغواية .
ولا نخفي على الأخت السائلة خشيتنا من هذا الأمر عليها وعلى صديقها القديم التائب ، وبالتالي : لا يمكننا أن نوافقها على فكرتها بإعادة المراسلة لمن كانت على علاقة به قبل هدايتها ، ولو كان ذلك بحجة الزواج وفق شرع الله سبحانه وتعالى .
وفي مراسلة المرأة الأجنبية لمن لا يحل لها مراسلته مفاسد لا تحصى على العقلاء ، لهذا حرم الله إقامة العلاقات وإتخاذ الخليلات ، وقد تقدم بعض فتاوى أهل العلم في هذه المسألة في الأسئلة رقم ( 23349 ) و ( 20949) و ( 10221 ) .
ثانياً :
وأما الجواب على سؤالك وخلاصته هل يجوز للمرأة أن تخطب الرجل أو تخبره برغبتها في نكاحها ؟
فالخطبة في الشرع أن يطلب الرجل المرأة ... انظري السؤال رقم ( 20069 ) .
فإن رغبة المرأة في الزواج من رجل ما ، فلا بأس أن ترسل من تثق بدينه وأمانته ليعرضها عليه ، كما فعلت خديجة رضي الله عنها لما سمعت بالنبي صلى الله عليه وسلم ورأت خلقه وأمانته رغبة في الزواج منه ، فأرسلت أحد أقاربها فعرضها عليه فوافق وتزوجها .
وبناءً عليه نقول للأخت السائلة إن كنت راغبة في الزواج من هذا الشاب وكان صاحب خلقٍ ودين فلا بأس أن تعرضي الزواج عليه بواسطة شخص ثقة من أقاربك .
وتجنبي مراسلته ومراسلة غيره من الرجال الأجانب لما في ذلك من الفتنة .
والله اعلم .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
مسلمة جديدة تريد الدراسة ولا تستطيع
السؤال:
فتاة مسلمة ، أنهت دراستها الثانوية العام الماضي، وانتقلت من عند والدتها إلى بلاد ما وراء البحار لتعيش مع أخيها. ودخلت الإسلام, بينما باقي أفراد عائلتها ليسوا مسلمين أو أنهم يتبعون أي دين آخر.
تلك الفتاة كانت تلبس الحجاب , لكنها لا تلبسه بشكل صحيح الآن . ولا يوجد عذر لذلك , لكنها ترغب في الحصول على وظيفة لا تمانع لبسها الحجاب . كما أن أخاها لن يجبرها على خلع الحجاب. وهي الآن تعمل ، لكنها ترغب في الذهاب للكلية لتحصل على درجة جامعية في التدريس. والمشكلة حيث أن الحكومة في بلاد والدتها تعطي قروضا بفوائد عالية, والبلاد التي هي فيها الآن تعطي قروضا بدون فوائد , لكن عليها أن تنتظر مدة سنتين كاملتين قبل أن تتمكن حتى من التقديم للحصول على قرض من هذا النوع. وهي لا تريد أن تضيع الوقت على نفسها . وقد تعرفت على سائق سيارة أجرة (تاكسي) تقي , وقد أخبرها أنه يجب عليها ألا تكون في بيئة كتلك؛(5/1232)
وأن عليها أن تتزوج في أسرع وقت ممكن . وأخوها لا يسمح لها بمغادرة البيت أبدا, كما أنه صاحب نفوذ قوي جدا . إنها تريد أن تذهب إلى والدتها للدراسة، لكنها لا ترغب في الحصول على قرض بفوائد ربوية . فبماذا تنصحها ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
الحمد لله الذي كتب لك الهداية للدخول في دين الإسلام وهذه نعمة لا توازيها نعمة على وجه الأرض .
ثانيا :
لاشك أن يواجه المسلم الملتزم الذي أسلم حديثا بعض الصعوبات وبعض المشاكل وخصوصا أنه تعود على نمط من الحياة يوجب دخوله الإسلام أن يغيره وبالتالي قد يواجه بعض الصعوبات من أسرته ومن مجتمعه الذي يعيش فيه .
ثالثا :
المسلم الجديد لابد أن يبحث عن رفقة ملتزمة صالحة تعينه وترشده وتقدم له النصائح حتى لا يتأثر بالجو الذي كان عليه ولا يستزله الشيطان أو رفاق السوء بالرجوع إلى ما كان عليه .
رابعا :
ننصح الأخت المسلمة أن تتقي الله سبحانه وتعالى وأن تلتزم بالحجاب الصحيح وقد تواجهها بعض الصعوبات ولكن الله سوف يكون لها سنداً وعوناً وسيحفظها إن علم منها صدق النية والإخلاص .
خامسا :
ننصحها أن لا تلتفت لدخول الجامعة لأن ذلك يؤدي إلى الوقوع في محاذير شرعية كالتعامل بالربا - كما ذكرت السائلة - أو التخلي عن الحجاب أو الاختلاط المحرم .
سادسا :
ننصحها أن تبحث عن زوج مسلم يعفها وتعيش في كنفه كما ذكر لها ذلك السائق المسلم وأن تستعين بالله على ذلك ، وتجتهد في تعلم الإسلام حتى تكون داعية إلى الله وتنقذ من استطاعت من أهلها وأقاربها ومجتمعها من الموت على الشرك ، وهذا من أهم الأعمال وأفضلها قال الله تعالى : ( ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين ) فصلت / 33 ، ونسأل الله أن يثبتك على الإسلام وأن يكتب الهداية لأسرتك .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
عمل حجاباً من القرآن لتلبسه زوجته
السؤال:(5/1233)
منذ سنتين عملت حجابًا من آيات القرآن وأعطيته لزوجتي كي تلبسه بناءً على طلبها ، وقد نظرت في السؤال رقم 11788 وعلمت من الجواب أن هذا العمل شرك ، لم أكن أعلم وقتها أن الأحجبة تعد شركًا ، فهل ما زلت مشركًا ؟ الرجاء النصيحة
الجواب:
الحمد لله
الحجاب إذا كان من غير القرآن الكريم والأدعية النبوية أو كان فيه رموز وطلاسم وألفاظ أعجمية غير مفهومة المعنى فقد اتفق العلماء على تحريمه وأنه شرك ، وأما إذا كان الحجاب من القرآن الكريم أو الأدعية النبوية ففيه خلاف بين السلف والصحيح تحريمه . انظر سؤال رقم ( 10543 )
قال علماء اللجنة الدائمة :
اتفق العلماء على تحريم لبس التمائم إذا كانت من غير القرآن ، واختلفوا إذا كانت من القرآن ، فمنهم من أجاز لبسها ومنهم من منعها ، والقول بالنهي أرجح لعموم الأحاديث ولسدِّ الذريعة .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 1 / 212 ) .
فيجب عليك وعلى زوجتك التي طلبت منك هذا الحجاب نزع هذا الحجاب فوراً وإحراقه ، وقد ذكرت أنك فعلت ذلك وأنت لا تعلم أن هذا شرك ، ولذلك فإنك لا تعد مشركاً ولا آثماً بهذا الفعل لأنك لم تتعمد فعل المعصية وقد قال الله تبارك وتعالى : ( وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم ) الأحزاب / 5 ، وقال : ( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ) البقرة / 284 ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ) ، فهذه الأدلة تدل على أن من ارتكب معصية وهو لا يعلم أنها معصية أنه لا شيء عليه وأن الله تعالى قد عفا عنه .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
حكم تغطية الوجه بالأدلة التفصيلية
السؤال:
أريد أن أعرف الآيات القرآنية التي تتناول تغطية المرأة لوجهها، فأنا أريد أن أقدمها لبعض الأخوات الآتي يرغبن في معرفة ما إذا كان تغطية الوجه واجبة أم أنها أفضل وليست واجبة ؟.
الجواب:
الحمد لله
"اعلم أيها المسلم أن احتجاب المرأة عن الرجال الأجانب وتغطية وجهها أمر واجب دلَّ على وجوبه كتاب ربك تعالى وسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم ، والاعتبار الصحيح والقياس المطرد .
أولاً : أدلة القران .
الدليل الأول /(5/1234)
قال الله تعالى : " وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوْ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنْ الرِّجَالِ أَوْ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ " سورة النور / 31
وجه الدلالة من الآية على وجوب الحجاب على المرأة ما يلي :
أ- أن الله تعالى أمرالمؤمنات بحفظ فروجهن ، والأمر بحفظ الفرج أمرٌ بما يكون وسيلة إليه ، ولا يرتاب عاقل أن من وسائله تغطية الوجه لأن كشفه سبب للنظر إليها وتأمل محاسنها والتلذذ بذلك ، وبالتالي إلى الوصول والاتصال ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " العينان تزنيان وزناهما النظر ... ـ ثم قال ـ والفرج يصدق ذلك أويكذبه " رواه البخاري (6612) ومسلم (2657)
فإذا كان تغطية الوجه من وسائل حفظ الفرج كان مأموراً به لأن الوسائل لها أحكام المقاصد .
ب - قوله تعالى : " وليضربن بخمرهن على جيوبهن " والجيب هو فتحة الرأس والخمار ما تخمربه المرأة رأسها وتغطيه به ، فإذا كانت مأمورة بأن تضرب بالخمار على جيبها كانت مأمورة بستر وجهها إما لأنه من لازم ذلك أو بالقياس ، فإنه إذا وجب ستر النحر والصدر كان وجوب ستر الوجه من باب أولى لأنه موضع الجمال والفتنة .
ج ـ أن الله نهى عن إبداء الزينة مطلقاً إلا ما ظهر منها وهي التي لابد أن تظهر كظاهر الثياب ولذلك قال " إلا ماظهر منها " لم يقل إلا ما أظهرن منها ـ وقد فسر بعض السلف : كابن مسعود، والحسن ، وابن سيرين ، وغيرهم قوله تعالى ( إلاماظهر منها ) بالرداء والثياب ، وما يبدو من أسافل الثياب (أي اطراف الأعضاء ) ـ . ثم نهى مرة أُخرى عن إبداء الزينة إلا لمن استثناهم فدل هذا على أنَّ الزينة الثانية غير الزينة الأُولى ، فالزينة الأُولى هي الزينة الظاهرة التي تظهر لكل أحد ولايُمكن إخفاؤها والزينة الثانية هي الزينة الباطنة ( ومنه الوجه ) ولو كانت هذه الزينة جائزة لكل أحد لم يكن للتعميم في الأُولى والاستثناء في الثانية فائدة معلومة .
د ـ أن الله تعالى يُرخص بإبداء الزينة الباطنة للتابعين غير أُولي الإربة من الرجال وهم الخدم الذين لاشهوة لهم وللطفل الصغير الذي لم يبلغ الشهوة ولم يطلع على عورات النساء فدل هذا على أمرين :
1- أن إبداء الزينة الباطنة لايحل لأحدٍ من الأجانب إلا لهذين الصنفين .
2- أن علة الحكم ومدارة على خوف الفتنة بالمرأة والتعلق بها ، ولاريب أن الوجه مجمع الحسن وموضع الفتنة فيكون ستره واجباً لئلا يفتتن به أُولو الإربة من الرجال .
هـ - قوله تعالى : ( ولا يضربن بأرجلهن ليُعلم ما يُخفين من زينتهن ) يعني لا تضرب المرأة برجلها ليُعلم ما تخفيه من الخلاخيل ونحوها مما تتحلى به للرِجْل ،(5/1235)
فإذا كانت المرأة منهية عن الضرب بالأرجل خوفاً من افتتان الرجل بما يسمع من صوت خلخالها ونحوه فكيف بكشف الوجه .
فأيما أعظم فتنة أن يسمع الرجل خلخالاً بقدم إمرأة لايدري ماهي وما جمالها ؟ ولايدري أشابة هي أم عجوز ؟ ولايدري أشوهاء هي أم حسناء ؟ أو ينظر إلى وجه جميل ممتلىء شباباً ونضارة وحسناً وجمالاً وتجميلاً بما يجلب الفتنة ويدعو إلى النظر إليها ؟
إن كل إنسان له إربة في النساء ليعلم أي الفتنتين أعظم وأحق بالستر والإخفاء .
الدليل الثاني /
قوله تعالى : ( وَالْقَوَاعِدُ مِنْ النِّسَاءِ اللاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) سورة النور / 60
وجه الدلالة من الآية أن الله تعالى نفى الجناح وهو الإثم عن القواعد وهن العجاوز اللاتي لا يرجون نكاحاً لعدم رغبة الرجال بهن لكبر سنهن بشرط أن لا يكون الغرض من ذلك التبرج والزينة . وتخصيص الحكم بهؤلاء العجائز دليل على أن الشواب اللاتي يرجون النكاح يخالفنهن في الحكم ولو كان الحكم شاملاً للجميع في جواز وضع الثياب ولبس درع ونحوه لم يكن لتخصيص القواعد فائدة .
ومن قوله تعالى ( غير متبرجات بزينة ) دليل آخر على وجوب الحجاب على الشابة التي ترجو النكاح لأن الغالب عليها إذا كشفت وجهها أنها تريد التبرج بالزينة وإظهار جمالها وتطلع الرجال لها ومدحها ونحو ذلك ، ومن سوى هذه فنادر والنادر لا حكم له .
الدليل الثالث /
قوله تعالى ( يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ) الأحزاب / 59
قال ابن عباس رضي الله عنهما : " أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب ويبدين عيناً واحدة " .
وتفسير الصحابي حجة بل قال بعض العلماء : إنه في حكم المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم .
وقوله رضي الله عنه : ويبدين عيناً واحدة إنما رخص في ذلك لأجل الضرورة والحاجة إلى نظر الطريق فأما إذا لم يكن حاجة فلا موجب لكشف العين .
والجلباب هو الرداء فوق الخمار بمنزلة العباءة.
الدليل الرابع /
قوله تعالى : ( لا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلا أَبْنَائِهِنَّ وَلا إِخْوَانِهِنَّ وَلا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلا نِسَائِهِنَّ وَلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا ) الأحزاب / 55 .
قال ابن كثير رحمه الله : لما أمر الله النساء بالحجاب عن الأجانب بين أن هؤلاء الأقارب لا يجب الاحتجاب عنهم كما استثناهم في سورة النور عند قوله تعالى : " ولايبدين زينتهن إلا لبعولتهن "(5/1236)
ثانياً : الأدلة من السنة على وجوب تغطية الوجه .
الدليل الأول /
قوله صلى الله عليه وسلم : " إذا خطب أحدكم إمرأة فلا جناح عليه أن ينظر منها إذا كان إنما ينظر إليها لخطبة وإن كانت لاتعلم " رواه أحمد . قال صاحب مجمع الزوائد : رجاله رجال الصحيح .
وجه الدلالة منه : أن النبي صلى الله عليه وسلم نفى الجناح وهو الإثم عن الخاطب خاصة بشرط أن يكون نظره للخطبة ، فدل هذا على أن غير الخاطب آثم بالنظر إلى الأجنبية بكل حال ، وكذلك الخاطب إذا نظر لغير الخطبة مثل أن يكون غرضه بالنظر التلذذ والتمتع ونحو ذلك .
فإن قيل : ليس في الحديث بيان ماينظر إليه ، فقد يكون المراد بذلك نظر الصدر والنحر ؟
فالجواب : أن كل أحد يعلم أن مقصود الخاطب المريد للجمال إنما هو جمال الوجه ، وما سواه تبع لا يُقصد غالباً فالخاطب إنما ينظر إلى الوجه لأنه المقصود بالذات لمريد الجمال بلا ريب .
الدليل الثاني :
أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أمر بإخراج النساء إلى مصلى العيد قلن يا رسول الله إحدنا لا يكون لها جلباب فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لتلبسها أُختها من جلبابها " . رواه البخاري ومسلم .
فهذا الحديث يدل على أن المعتاد عند نساء الصحابة أن لا تخرج المرأة إلا بجلباب وأنها عند عدمه لا يمكن أن تخرج . وفي الأمر بلبس الجلباب دليل على أنه لابد من التستر والله أعلم .
الدليل الثالث :
ما ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الفجر فيشهد معه نساء من المؤمنات متلفعات بمروطهن ثم يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحدٌ من الغلس . وقالت : لو رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم من النساء ما رأينا لمنعهن من المساجد كما منعت بنو إسرائيل نساءها " . وقد روى نحو هذا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه .
والدلالة من هذا الحديث من وجهين :
أحدها : أن الحجاب والتستر كان من عادة نساء الصحابة الذين هم خير القرون وأكرمهم على الله عز وجل .
الثاني : أن عائشة أم المؤمنين وعبد الله ابن مسعود رضي الله عنهما وناهيك بهما علماً وفقهاً وبصيرة أخبرا أن الرسول صلى الله عليه وسلم لو رأى من النساء ما رأياه لمنعهن من المساجد وهذا في زمان القرون المفضلة فكيف بزماننا !!
الدليل الرابع :
عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاءَ لَمْ يَنْظُرْ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ فَكَيْفَ يَصْنَعْنَ النِّسَاءُ بِذُيُولِهِنَّ قَالَ يُرْخِينَ شِبْرًا(5/1237)
فَقَالَتْ إِذًا تَنْكَشِفُ أَقْدَامُهُنَّ قَالَ فَيُرْخِينَهُ ذِرَاعًا لا يَزِدْنَ عَلَيْه " رواه الترمذي وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
ففي هذا الحديث دليل على وجوب ستر قدم المرأة وأنه أمرٌ معلوم عند نساء الصحابة رضي الله عنهم ، والقدم أقل فتنة من الوجه والكفين بلا ريب . فالتنبيه بالأدنى تنبيه على ما فوقه وما هو أولى منه بالحكم وحكمة الشرع تأبى أن يجب ستر ما هو أقل فتنة ويرخص في كشف ما هو أعظم منه فتنة ، فإن هذا من التناقض المستحيل على حكمة الله وشرعه .
الدليل الخامس :
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ الرُّكْبَانُ يَمُرُّونَ بِنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْرِمَاتٌ فَإِذَا حَاذَوْا بِنَا سَدَلَتْ إِحْدَانَا جِلْبَابَهَا مِنْ رَأْسِهَا عَلَى وَجْهِهَا فَإِذَا جَاوَزُونَا كَشَفْنَاهُ " رواه أبو داوود (1562) .
ففي قولها " فإذا حاذونا "تعني الركبان " سدلت إحدانا جلبابها على وجهها " دليل على وجوب ستر الوجه لأن المشروع في الإحرام كشفه فلولا وجود مانع قوي من كشفه حينئذٍ لوجب بقاؤه مكشوفاً حتى مع مرور الركبان .
وبيان ذلك : أن كشف الوجه في الإحرام واجب على النساء عند الأكثر من أهل العلم والواجب لايعارضه إلا ما هو واجب فلولا وجوب الاحتجاب وتغطية الوجه عند الأجانب ما ساغ ترك الواجب من كشفه حال الإحرام وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما : أن المرأة المحرمة تنهى عن النقاب والقفازين .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وهذا مما يدل على أن النقاب والقفازين كانا معروفين في النساء اللاتي لم يُحرمن وذلك يقتضي ستر وجوههن وأيديهن .
هذه تسعة أدلة من الكتاب والسنة .
الدليل العاشر :
الاعتبار الصحيح والقياس المطرد الذي جاءت به هذه الشريعة الكاملة وهو إقرار المصالح ووسائلها والحث عليها ، وإنكار المفاسد ووسائلها والزجر عنها .
وإذا تأملنا السفور وكشف المرأة وجهها للرجال الأجانب وجدناه يشتمل على مفاسد كثيرة ، وإن قدر أن فيه مصلحة فهي يسيرة منغمرة في جانب المفاسد . فمن مفاسده :
1ـ الفتنة ، فإن المرأة تفتن نفسها بفعل ما يجمل وجهها ويُبهيه ويظهره بالمظهر الفاتن . وهذا من أكبر دواعي الشر والفساد .
2ـ زوال الحياء عن المرأة الذي هو من الإيمان ومن مقتضيات فطرتها . فقد كانت المرأة مضرب المثل في الحياء فيقال ( أشد حياءً من العذراء في خدرها ) وزوال الحياء عن المرأة نقص في إيمانها وخروج عن الفطرة التي خلقت عليها .
3ـ افتتان الرجال بها لاسيما إذا كانت جميلة وحصل منها تملق وضحك ومداعبة كما يحصل من كثير من السافرات ، والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم .
4ـ اختلاط النساء بالرجال فإن المرأة إذا رأت نفسها مساوية للرجل في كشف الوجه والتجول سافرة لم يحصل منها حياءٌ ولا خجل من مزاحمة الرجال ، وفي ذلك فتنة كبيرة وفساد عريض ، فقد أخرج الترمذي (5272) عَنْ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ الأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَهُوَ خَارِجٌ مِنْ(5/1238)
الْمَسْجِدِ فَاخْتَلَطَ الرِّجَالُ مَعَ النِّسَاءِ فِي الطَّرِيقِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلنِّسَاءِ اسْتَأْخِرْنَ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَكُنَّ أَنْ تَحْقُقْنَ الطَّرِيقَ ، عَلَيْكُنَّ بِحَافَّاتِ الطَّرِيقِ . فَكَانَتْ الْمَرْأَةُ تَلْتَصِقُ بِالْجِدَارِ حَتَّى إِنَّ ثَوْبَهَا لَيَتَعَلَّقُ بِالْجِدَارِ مِنْ لُصُوقِهَا بِهِ " حسنه الألباني في صحيح الجامع ( 929 )
انتهى من كلام الشيخ محمد ابن عثيمين رحمه الله من رسالة الحجاب بتصرف .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
متى تحتجب الفتاة ؟
السؤال:
إذا بدأ شعر جسم الفتاة ينمو فهل يجب عليها أن ترتدي الحجاب الكامل ؟.
الجواب:
الحمد لله
لا يعتبر الشخص مكلفاً إلا بعد البلوغ ، أما قبل البلوغ فلا تكليف عليه ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاثَةٍ : عَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَبْلُغَ ، وَعَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ ، وَعَنْ الْمَعْتُوهِ حَتَّى يَبْرَأَ ) رواه أبو داود (4402) ، وعلى هذا فيجب على الفتاة أن ترتدي الحجاب الكامل إذا بلغت , وللبلوغ ثلاث علامات مشتركة بين الذكر والأنثى :
1- الاحتلام .
2- نبات الشعر الخشن حول العانة .
3- بلوغ خمس عشرة سنة .
وتزيد الأنثى بأمر رابع وهو :
4- الحيض .
فإذا حصل للفتاة إحدى علامات البلوغ هذه وجب عليها الإتيان بجميع الواجبات واجتناب جميع المحرمات ، ومن الواجبات ارتداء الحجاب .
ولكن ينبغي لولي أمر الفتاة أن يُعوِّدها على الالتزام بالواجبات واجتناب المحرمات قبل البلوغ , حتى تنشأ على ذلك , فلا يشق عليها الالتزام بها بعد البلوغ ، وهذا من الأصول التربوية المقررة في الشريعة .
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين , واضربوهم عليها وهم أبناء عشر , وفرقوا بينهم في المضاجع " رواه أبو داود (495) وأحمد (2/187) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده .
وجاء هذا المعنى من حديث سبرة بن معبد عند أبي داود (494) والترمذي (407) وقال : حسن صحيح . والحديث صححه الألباني في "الإرواء" (247) .
وروى البخاري (1960) ومسلم (1136) في " صحيحيهما " من حديث الرُّبيع بنت معوذ في ذكر صيام عاشوراء عندما فرض صيامه على المسلمين , وفيه : فكنا بعد ذلك نصومه _ يعني عاشوراء _ ونُصوِّم صبياننا الصغار منهم ، إن شاء الله ,(5/1239)
ونذهب إلى المسجد فنجعل لهم اللعبة من العهن _ وهو الصوف _ , فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناها إياه عند الإفطار .
وفي رواية لمسلم : فإذا سألونا الطعام أعطيناهم اللعبة تلهيهم حتى يتموا صومهم .
قال النووي في "شرح صحيح مسلم" (8/14) : ( في هذا الحديث تمرين الصبيان على الطاعات وتعويدهم العبادات , ولكنهم ليسوا مكلفين ) ا.هـ
وقال ابن القيم في "تحفة المودود بأحكام المولود" (ص :162) : ( والصبي وإن لم يكن مكلفا فوليه مكلف ، لا يحل له تمكينه من المحرم , فإنه يعتاده ويعسر فطامه عنه ) ا.هـ
وإذا قاربت الفتاة البلوغ فإنه يُخشى أن يكون عدم ارتدائها الحجاب سبباً لفتنة الشباب بها ، وفتنتها بهم .
ولذلك ينبغي لوليها في هذه الحال أن يلزمها بالحجاب ، سداً للذريعة ومنعاً للمفسدة .
والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
تريد لبس الحجاب وأهلها يرفضون فهل تطيعهم ؟
السؤال:
أنا مسلمة وسأتزوج في الأشهر القريبة إن شاء الله ، والداي من باكستان ويريدان مني أن ألبس اللباس التقليدي والذي يتكون من حجاب مطرز مزخرف وتنورة طويلة واسعة وأنا أشعر بتأنيب الضمير لأنني أريد أن ألبس كما تأمر الشريعة الفتاة المسلمة أن تلبس ، كنت أتحدث مع بعض الأخوات اللاتي قلن لي بأن هذا اللباس غير مقبول في الإسلام وسيراني بعض الأقارب من غير المحارم ، لا أدري ما أفعل لأنني الوحيدة في العائلة التي ترتدي الحجاب وإذا رفضت لبس هذه الملابس قد يؤدي إلى مشكلة كبيرة وثوران في العائلة خصوصاً وأنني سأتزوج شخصا من غير العائلة . طاعة الله بالنسبة لي تأتي أولاً لذلك أنا أطلب منك النصيحة .
الجواب:
الحمد لله
نشكر لك حرصك واجتهادك في طلب النصح , ونسأل الله أن ييسر أمرك , وأن يجعل لك فرجا ومخرجا.
والمرأة مأمورة بستر زينتها عن الرجال الأجانب من غير محارمها؛ لقوله تعالى: ( وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الأِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) النور / 31 .
ولهذا اشتُرط في اللباس الذي تتستر به المرأة ألا يكون زينة في نفسه؛ إذ هي مأمورة بستر الزينة كما سبق .(5/1240)
كما يشترط في اللباس أن يكون واسعاً فضفاضا ساترا لجميع البدن وأن يكون سميكاً لا يشف .
وينبغي أن تناصحي أهلك وتبيني لهم ضرورة التمسك بما شرعه الله تعالى وأمر به. وتبيني ذلك لزوجك أيضا فإنه مسئول أمام الله تعالى عنك ، ومطالب بحفظك والغيرة عليك .
وتضرعي إلى الله تعالى أن يحفظك وأن يهدي أهلك للخير ، واثبتي على ما أنت عليه ولو أدى هذا لغضبهم وتضايقهم ، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق . فلا يجوز لك أن تطيعي والديك أو زوجك في لبس ما حرم الله ، أو ترك ما أوجب الله ، لا ليلة الزفاف ولا بعدها .
قال صلى الله عليه وسلم : " لا طاعة في معصية إنما الطاعة في المعروف " رواه البخاري 7257 ، ومسلم 1840 .
ويراجع للأهمية سؤال رقم ( 11967 ) و ( 6408 ) و ( 6991 ) و ( 5393 ) ففي هذه الأسئلة البيان لحكم الحجاب وصفته ، فعليك أن تقرأيها وتنتقي منها ما يناسب لعرضه على والديك لعلهم أن يقتنعوا بالحكم الشرعي .
نسأل الله لك الثبات حتى الممات والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
هل ارتداء الحجاب شرط لقراءة القرآن
السؤال:
ماذا ينبغي أن نفعل قبل قراءة القرآن ؟ وهل يجب على المرأة أن ترتدي الحجاب الكامل وهي تقرأ القرآن ؟.
الجواب:
الحمد لله
لا يجب على المرأة ارتداء الحجاب لقراءة القرآن ، لعدم وجود دليل يدلُّ على وجوب ذلك .
قال الشيخ ابن عثيمين : ( قراءة القرآن لا يشترط فيها ستر الرأس ... ) فتاوى ابن عثيمين 1/420 .
وقال الشيخ ابن عثيمين في كلامه على سجود التلاوة : " وسجود التلاوة يكون حال قراءتها للقرآن ، لا بأس بالسجود على أي حال ولو مع كشف الرأس ونحوها لأن هذه السجدة ليس لها حكم الصلاة " الفتاوى الجامعة للمرأة المسلمة 1/249 .
ويراجع جواب سؤال رقم : ( 4908 ).
" أما قراءة القرآن فلا يجوز للجنب قراءة القرآن لا من المصحف ولا من غيره حتى يغتسل لأنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يحجزه شيء عن القرآن إلا الجنابة . أما إن كان حدثا أصغر فيجوز قراءة القرآن عن ظهر قلب ، لعموم الأدلة " . مجموع فتاوى الشيخ ابن باز رحمه الله 10/150 .
والأفضل والمستحب ، الوضوء حتى عند القراءة ، لأن هذا القرآن كلام الله ، فالأفضل الوضوء عند قراءته لشرفه ، أما مسُّ المُصْحَفِ فلا يجوز مَسُّه حتى(5/1241)
يتوضأ ، لقول الله تعالى : ( لا يمَسُّه إلا المطهرون ) الواقعة /79 . المرجع السابق والله أعلم .
أما في حالة الحيض والنفاس فيراجع سؤال ( 2564 ).
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
حديث في كشف المرأة وجهها
السؤال:
ما صحة حديث الرسول صلى الله عليه وسلم "إذا بلغت المرأة المحيض لا يظهر منها غير وجهها و كفيها" ؟ وكيف يكون زي المرأة على هذا الأساس ؟ وكيف الحال إذا كان التحجب الشديد سيؤذى المرأة في مجتمعها الذي تعيش فيه ؟.
الجواب:
الحمد لله
الحديث المذكور في السؤال رواه أبو داوود (4104) عن الْوَلِيدُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ خَالِد بْنِ دُرَيْكٍ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ دَخَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهَا ثِيَابٌ رِقَاقٌ فَأَعْرَضَ عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ : ( يَا أَسْمَاءُ إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا بَلَغَتْ الْمَحِيضَ لَمْ تَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنْهَا إِلا هَذَا وَهَذَا ) - وَأَشَارَ إِلَى وَجْهِهِ وَكَفَّيْهِ –
قَالَ أَبُو دَاوُد هَذَا مُرْسَلٌ ؛ خَالِدُ بْنُ دُرَيْكٍ لَمْ يُدْرِكْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا .
وهذا الحديث ضعيف لا يصح الاستدلال به ، وسبب ضعفه ما يلي :
1- انقطاع سنده ، كما صرَّح بذلك الإمام أبو داوود رحمه الله نفسه بقوله : " هَذَا مُرْسَلٌ ؛ خَالِدُ بْنُ دُرَيْكٍ لَمْ يُدْرِكْ عَائِشَةَ " .
2- في سنده سعيد بن بشير الأزدي ويقال البصري أبو عبد الرحمن ، وثقه بعض علماء الحديث وضعفه أحمد وابن معين وابن المديني والنسائي والحاكم وأبو داوود ،
وقال عنه محمد بن عبدالله بن نمير : منكر الحديث ، وليس بشيء وليس بقوي الحديث ، يروي عن قتادة المنكرات .
وقال عنه ابن حبان : كان رديء الحفظ فاحش الغلط ، يروي عن قتادة ما لا يُتابع عليه .
وقال الحافظ ابن حجر عنه : " ضعيف " .
3- فيه قتادة وهو مدلس وقد عنعنه ، كما أن فيه الوليد بن مسلم قال عنه الحافظ : " ثقةٌ لكنه كثير التدليس والتسوية " . وقد عنعنه .
فهذه هي علل الحديث التي حُكم على الحديث بالضعف بسببها . انظر فتاوى اللجنة الدائمة ( مجلة البحوث 21/68) .
وعلى فرض صحة الحديث أو تقويته بشواهده فقد أجاب عنه العلماء بأنه كان قبل الحجاب ، قال ابن قدامة : " وأما حديث أسماء فيحمل على أنه كان قبل نزول آية الحجاب."(5/1242)
وقال الشيخ محمد ابن عثيمين – رحمه الله - : " على تقدير الصحة يُحمل على ما قبل الحجاب " . انظر كتاب عودة الحجاب (3/336) .
ولو تأملنا متن الحديث لوجدناه في غاية البعد لأن أسماء رضي الله عنها فيها من الورع والحياء ما يمنعها أن تلبس هذه الملابس الشفافة وتظهر بها أمام الرسول صلى الله عليه وسلم .
والصواب في هذه المسألة هو وجوب تغطية المرأة جميع بدنها عن الأجانب يراجع السؤال رقم (21134) .
وأما كون التحجب سيؤذي المرأة في مجتمعها الذي تعيش فيه ، فعليها أن تصبر وتحتسب ما تلاقيه في سبيل تمسكها بدينها وطاعة ربها ، ولنا قدوة حسنة في سلفنا الصالح رضي الله عنهم ، فإنهم أوذوا في سبيل الله أشد الإيذاء ، ولم يصرفهم ذلك عن دينهم ، بل كان يمر بهم الإيذاء والتعذيب ولا يزيدهم إلا تمسكاً بدينهم ، ولعل هذه الأيام التي نعيشها هي أيام الصبر التي أخبر عنها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قوله : ( يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ الصَّابِرُ فِيهِمْ عَلَى دِينِهِ كَالْقَابِضِ عَلَى الْجَمْرِ ) رواه الترمذي (2260) . صححه الألباني في السلسلة الصحيحة (957) . والجمر هو النار المتقدة .
قَالَ الْقَارِي : الظَّاهِرُ أَنَّ مَعْنَى الْحَدِيثِ كَمَا لا يُمْكِنُ الْقَبْضُ عَلَى الْجَمْرَةِ إِلا بِصَبْرٍ شَدِيدٍ وَتَحَمُّلِ غَلَبَةِ الْمَشَقَّةِ كَذَلِكَ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ لا يُتَصَوَّرُ حِفْظُ دِينِهِ وَنُورِ إِيمَانِهِ إِلا بِصَبْرٍ عَظِيمٍ اهـ من تحفة الأحوذي .
وقال المناوي في "فيض القدير" :
أي الصابر على أحكام الكتاب والسنة يقاسى بما يناله من الشدة والمشقة من أهل البدع والضلال مثل ما يقاسيه من يأخذ النار بيده ويقبض عليها بل ربما كان أشد وهذا من معجزاته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإنه إخبار عن غيب وقد وقع اهـ .
نسأل الله تعالى أن يثبتا على دينه حتى نلقاه عليه .
والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
هل للمرأة أن تبحث عن شريك حياتها بنفسها ؟
السؤال:
أتهَمُ بالبحث عن صديق أثناء ارتدائي الحجاب بشكل متكرر. وأنا شخصيا , لا أظن أن ارتداء الحجاب يجب أن يمنعني من اختيار شريك حياة يناسبني . وعندما أجده, سأقدمه لوالديّ وسأطلب منهما أن يبديا رأيهما فيه . ويقول البعض "أن عدم ارتدائي للحجاب بتاتا هو أفضل مما أقوم به" . فهل الحق معي في قولي بأن الإسلام لا يمنع أي فتاة من البحث عن شريك مناسب , وأن ارتداء الحجاب لا دخل له في ذلك ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :(5/1243)
لا بد أن تعلم المسلمة أنه يجب عليها أن تتحجب وأن تلتزم بالحجاب الشرعي في كل وقت ولا يجوز للمرأة أن تتبرج ، والتبرج كبيرة من الكبائر يستوجب فاعلُها عقابَ الله وعذابه ، والمرأة كما يقال هي جوهرة فمتى تعرضت للناس وتبرجت : فقدت قيمتها .
فأنصح السائلة وكل مسلمة أن تلتزم بالحجاب الشرعي فهو مرضاة لله وطاعة له سبحانه وتعالى وهو سبب لتوفيق الله لعبده وتيسير أموره .
ثانياً :
أما الزواج فإنه قد يصبح واجباً إذا تاقت نفس الرجل والمرأة إلى الزواج ، وخافا من الوقوع في الفاحشة ، وهو سنة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام .
قال تعالى :{ ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية } الرعد / 38 .
ثالثاً :
هناك فرق بين أن تبحث المسلمة عن زوج وتتعرض في ذلك للرجال ، وبين أن تجده مصادفة ، فالأول : ينافي الحياء ، فالمرأة مطلوب منها أن تتخلق بخلق الحياء وهو زينة للمرأة وجمال لها والبكر يُضرب بها المثل في الحياء كما جاء في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال : " كان النبي صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء ( أي البكر ) في خدرها وإذا كره شيئا عُرف في وجهه " .
رواه البخاري ( 5751 ) ومسلم ( 2320 ) .
وتستطيع المرأة أن تلجأ إلى شيء أفضل من ذلك وهو الدعاء أن ييسر الله لها رجلاً طيباً صالحاً ، والدعاء من أفضل ما تسلح به المسلم وأفضل ما التجأ إليه المسلم في طلب الحاجات وقضاء المطلوبات ، وتستطيع أيضاً أن تُكلم بعضَ أخواتها المسلمات ممن تثق بدينها وأماناتها أن تدل عليها من يسأل أو يبحث من الشباب المسلم عن فتاة مسلمة يرغب بالزواج منها فهذا أفضل من أن تتعرض لأمر ينافي الحياء .
رابعاً :
لا شك أن من نصحكِ بخلع الحجاب وأنه أفضل من ارتدائه : أنه مخطئ ، وكيف تترك المرأة دينها وحجابها وتتخلى عن أمر أمرها الله به إن تركته تستوجب سخط الله وعقابه وعدم توفيقه ؟
فعلى المسلمة أن تتمسك بهذه الفضيلة التي تركها كثير من المسلمات ، فهو شعار المسلمة ، ودليل التزامها وصدق إيمانها وتقواها .
فأنصح الأخت السائلة أن تتقي الله وأن تتمسك بالحجاب والله سبحانه وتعالى سوف يوفقها وييسر لها أمور حياتها والله المستعان .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
امرأة تخجل من القيام بالدعوة
السؤال:
كنت أشعر بالخجل من المنافقين أو الكفار يغتابونني أو يتحدثون بكلام سيئ عني أو النظر إلي ، اختفيت عنهم عندما بدأت الحجاب ، ثم اقتنعت بأنه كان من المفيد عدم(5/1244)
لقائهم ، لم أكن أريد أن أكون خجلة منهم وأعانني الله على ذلك بأن جعلني أعلم بأنني يجب أن لا أخشى ولا أُرضي إلا الله .
أشعر بالخجل أحياناً عندما أقول الحقيقة للناس ، أشعر بالخجل من القول للناس عما يطلبه منا القرآن ، مثلاً أشعر بالخجل من أن أقول للرجال بأنهم يجب أن يغضوا أبصارهم عن النظر للنساء ، أشعر بأنهم لن يستمعوا لنصيحتي أو أنني لا أريد أن ألفت انتباههم بالكلام معهم بهذه الطريقة .
كما أشعر بالخجل من الحديث مع المسلمين عندما يفعلوا شيئا غير صحيح .
غالباً لا أصحح أخطاء الناس مع أنني أريدهم أن يقلعوا عن خطئهم ولكنني أخجل .
الجواب:
الحمد لله
شكر الله لك أيتها السائلة غيرتك على دينك ورغبتك في دعوة غيرك ولكن ينبغي عليك العلم بأنه لا يجب على المرأة دعوة الرجال مباشرة من غير المحارم ، لما في ذلك من الفتنة .
وننصحكِ أيتها السائلة – وغيرك من النساء - بتربية النفس على طاعة الله ، والقيام بحقوق الله تعالى ، وحقوق الزوج والأهل والأولاد ، والقيام بالدعوة إلى الله في مجتمع النساء بقدر الاستطاعة ، إما بإلقاء كلمة أو قراءة كتاب أو إهداء شريط أو كتاب نافع . أو عقد حلقة شرعية إن كان لديك علم كافً وكذلك الإنكار على صاحبات المنكر ، وتقديم النصيحة والموعظة لأخواتك النساء والمساهمة في حل مشكلاتهم الاجتماعية ونحو ذلك .
وأما إحجامك عن الدعوة بسبب الخجل فهذا غير مسوغ لترك الدعوة - وهو من الخجل المذموم - ولكن اعلمي بأن كل عمل يعمله الإنسان فإنه يكون صعباً في البداية ومخجلاً أحياناً ، ولكن إذا ما استمر فيه الإنسان فإنه يكون سجيةً له ، وأمراً طبيعياً بالنسبة له ، بل قد يصل إلى درجةٍ لا يستغني فيها عن هذا العمل ، فعليك بالمجاهدة والصبر ؛ لأن الدعوة إلى الله – ومنها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر – تحتاج إلى صبر لقوله تعالى : ( والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ) فالصبر على الدعوة من أخلاق المؤمنين بل هو من أسباب النجاة من الخسران المبين والذي لا ينجو منه إلا من استثناهم الله في هذه السورة ، وهم مَنْ جَمَعَ أربعة أوصاف :
1- الإيمان ، والذي لا يحصل إلا بالعلم بالله وبرسوله وبدين الإسلام .
2- العمل بهذا العلم .
3- الدعوة إلى هذا العلم .
4- الصبر على الأذى في سبيل العلم والعمل به والدعوة إليه .
وأما الدعوة عن طريق الإنترنت فهي أمر مطلوب ، ولكن النصيحة لكِ ولكل فتاة بالبعد عنه لما فيه من المزالق التي قلما ينجو منها إلا من عصمه الله ، وهناك من الناس من تفرغوا للقيام بهذه المهمة العظيمة ، والتي تحتاج إلى علم راسخ تُردُ به الشبهات ، وإيمان صادق تُرد به الشهوات ، وأما إن دخله مَن فقد هذين السلاحين أو(5/1245)
أحدهما فقلما ينجو من الفخ . فإذا توفر لديك هذان الشرطان فإن بإمكانك الدخول في هذا المجال .
ثم إنك قد أحسنتِ صنعاً أيتها السائلة عندما قمت بارتداء الحجاب ، الذي هو واجب على المسلمة لقول الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ) الأحزاب/59 .
فقد ذكر الله في هذه الآية الحكمة من الحجاب وهو صيانة المرأة به عن أذى الفساق .
وعليك بالبعد عن مجتمع السوء وأصحاب السوء ، والإعراض عن الجاهلين . والحمد لله رب العالمين .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
لبست الحجاب وتابت من العلاقات المحرمة فهل يغفر الله لها ؟!
السؤال:
هل يغفر الله لفتاة تعودت على الخروج مع الشباب ، وهي الآن تريد أن تمتنع عن ذلك ، وقد طلبت من الله المغفرة ، وبدأت تلبس الحجاب ؟.
الجواب:
الحمد لله
لا شك أن هذا العمل الذي كنت عليه من الأمور المحرمة التي لا يرضاها الله عز وجل ، ويراجع للأهمية جواب سؤال رقم ( 1114 )
لكن فضل الله واسع فهو أرحم الراحمين وهو أرحم من الوالدة بولدها ، ولذلك فإن التوبة تجُبُّ ما قبلها ، فإذا تاب الإنسان إلى الله عز وجل توبة نصوحاً فإن الله يغفر له قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ) التحريم/8 .
قال ابن كثير : عسى من الله مُوجِبَة .
وقد جاء في الحديث الحسن الذي رواه ابن ماجة عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لا ذَنْبَ لَهُ ) ( الزهد/4240 ) وحسنه الألباني في " صحيح سنن ابن ماجة " برقم ( 3427 ) ، ولا شك أن رجوع المسلم إلى الله وتوبته إليه من الأمور التي تبعث في النفس السرور بهذا الأمر ، كيف لا والله عز وجل يفرح بذلك فقد جاء في الحديث الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : ( وَاللَّهِ لَلَّهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ يَجِدُ ضَالَّتَهُ بِالْفَلاةِ ) كتاب التوبة/4927 ، فاحمدي الله عز وجل أن وفقك للتوبة وأرشدك إلى طريق الهداية ، واحذري من الحَوْرِ بعد الكَوْرِ ومن الضلال بعد الهداية ، فعليك بالثبات على هذا الأمر وعدم التهاون بأي شيء من المحرمات التي كانت قبل التوبة ، والبعد عن رفقاء السوء ، والصبر عن ذلك ، لأن رفقاء السوء سيبذلون قصارى جهدهم في التثبيط تارة ، وبالتشكيك من مغفرة الله تارة ، فعليك أن لا تلتفتي إلى شيء من ذلك ، بل اجتهدي(5/1246)
في التقرب إلى الله بالطاعات وعليك بإيجاد رفقة بديلة من نساء صالحات حتى يكنَّ عونا لك في طريق الهداية .
نسأل الله لك الثبات على دينه وشرعه والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد .
الشيخ محمد صالح المنجد (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
تريد الصيام وهي تكشف الوجه والشعر
السؤال:
أصوم بصفة دورية وأريد أن أعرف هل صيامي صحيح إذا لم أرتدي الحجاب الصحيح؟ عندما أذهب للعمل يكون شعري ورقبتي ويدي مكشوفين بينما أغطي ما عدا ذلك .
الجواب:
الحمد لله
ننصحك بالالتزام بالحجاب التام أمام الرجال الأجانب حتى يُقبل الصيام ويكون مضاعفا ، وكذلك الصلاة وبقية الأعمال الصالحة ، وإذا صامت المسلمة مع ترك الحجاب يصح صيامها ، وتأثم على ترك الحجاب ، فالكشف لا يؤثر على صحة الصيام ، ولكن المتبرجة مهددة بالعقوبة من الله على مخالفتها أمر الله ، فننصحك يا أمة الله بالتزام أمر الله ( يدنيين عليهن من جلابيبهن ... ) وبقوله تعالى ( ولا يبدين زينتهن ... ) وبقوله تعالى : ( وليضربن بخُمرهن على جيوبهن ... ) .
الشيخ محمد صالح المنجد (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
الأدلة على أن القرآن كلام الله
السؤال:
أكتب لك راجية أن تتمكن من مساعدتي في الخروج من هذه الورطة. أنا فتاة متمسكة وأبلغ من العمر 20 عاما. لقد انتقلت منذ 5 سنوات للعيش في كندا. والداي لم يمارسا الشعائر الإسلامية البتة، لكن جدتي سعت في تعليمي أمور الإسلام. أنا مؤمنة بالله منذ نعومة أظفاري. لكني لم أكن أعرف كيفية تأدية الصلاة حتى وقت قريب، وقد قررت أن أتعلم بنفسي حيث أنه لا يوجد حولي من يعلمني تلك الأمور. وقد تعرفت، بفضل الله، على كيفية الصلاة، كما أني بدأت أضع الحجاب. أما عن مشكلتي فهي أني بدأت أقابل شابا وقعت في حبه. إلا أنه، للأسف، غير مسلم، ولا يؤمن بأي ديانة أخرى. إنه يؤمن بالرب، وقد حاولت إقناعه بالدخول في الإسلام وأن يكون فردا من أتباع الدين الصحيح الوحيد، وإلا فلن يكون باستطاعتي الزواج منه (ونحن نعيش سويا منذ 3 سنوات). أما الأمر الذي لم أفلح في إقناعه به فهو أن محمدا صلى الله عليه وسلم هو رسول الله. إنه يطرح علي أسئلة من قبيل: "كيف لك التأكد أن هذا هو كلام الرب؟ ماذا لو أن محمدا أتى به من عند نفسه وجعله يظهر وكأنه كلام الرب؟" أرجو أن توضح لي كيف أقنعه بأن القرآن هو كلام الله وحده، وأن محمدا هو رسوله. أرجو المساعدة، فهو يقول دوما أنه لو حصل وتزوجنا، فإنه لن يجد بأسا في استمراري في ممارسة ديني. إنه فخور لأني بدأت أضع الحجاب في مجتمع لا يشيع(5/1247)
فيه هذا العمل. (فربما أكون واحدة من القلائل الآتي يضعن الحجاب هنا، وإيماني بالله هو الذي أعطاني القوة على ذلك). أعلم أنه لن يجد غضاضة من تمسكي بديني، لكني أريده أن يسلم، فهو شخص جيد ولا يفعل ما يشين. أنا أتألم حقا عندما استحضر فكرة أننا لن نكون مع بعض. وأسأل: هل الزواج منه يعد معصية عظيمة؟ فهناك الكثيرات ممن يتزوجن بغير مسلمين، خصوصا عندما لا يوجد أي مسلم في المكان الذي أعيش فيه. فهل سأعاقب بشدة إن أنا تزوجت به؟.
الجواب:
الحمد لله
فنحمد الله عز وجل أن حبب إليك الخير ، ونسأله أن يزيدك هدى وإيماناً ، وأن يهدي والديك للعمل بالإسلام ،والالتزام بأحكامه.. آمين .
وبعد : فأما بالنسبة للقرآن وما الذي يثبت أنه كتاب الله ،فهذه الشبهة قد طرحها الكفار الأوائل الذين أرسل إليهم النبي صلى اله عليه وسلم عنادا واستكبارا ، فرد الله عليهم قولهم بأدلة كثيرة تبطل قولهم وتبين فساده منها : -
1- أن هذا القرآن تحدى الله الإنس والجن على أن يأتوا بمثله فعجزوا ، ثم تحداهم أن يأتوا بعشر سور فقط ، فعجزوا ثم تحداهم أن يأتوا بمثل أصغر سورة من القرآن فلم يستطيعوا ، مع أن الذين تحداهم كانوا أبلغ الخلق ، وأفصحهم ، والقرآن نزل بلغتهم ، ومع هذا أعلنوا عجزهم التام الكامل ، وبقي التحدي على مدار التاريخ ، فلم يستطع أحد من الخلق أن يأتي بشيء من ذلك ، ولو كان هذا كلام بشر لاستطاع بعض الخلق أن يأتي بمثله أو قريبا منه .والأدلة على هذا التحدي من القرآن كثيرة منها قوله تعالى : ( قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْأِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) الاسراء:88
وقال تعالى يتحداهم بأن يأتوا بعشر سور فقط :( أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ
وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) هود:13
قال تعالى يتحداهم بأن يأتوا بسورة واحدة فقط : (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا
بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) البقرة:23
2- أن البشر مهما كانوا من العلم والفهم فلابد أن يقع منهم الخطأ والسهو ، والنقص ، فلو كان القرآن ليس كلام الله لحصل فيه أنواع من الاختلاف والنقص كما قال تعالى : ( ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ) ، ولكنه سالم من أي نقص أو خطأ أو تعارض ، بل كله حكمة ورحمة وعدل ، ومن ظن فيه تعارضا فإنما أتي من عقله المريض ، وفهمه الخاطئ ، ولو رجع إلى أهل العلم لبينوا له الصواب ، وكشفوا عنه الإشكال ، كما قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيز . لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) فصلت: 41،42
3- أن الله تكفل بحفظ هذا القرآن العظيم كما قال تعالى (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) الحجر:9 فكل حرف منه ينقله الآلاف عن الآلاف على مدار التاريخ لم(5/1248)
يختلفوا في حرف واحد منه ، ولو حاول أي شخص أن يحرف فيه أو يزيد أو بنقص فإنه يفتضح مباشرة لأن الله سبحانه هو الذي تكفل بحفظ القرآن بخلاف غيره من الكتب السماوية التي أنزلها الله لقوم النبي فقط وليس لجميع الخلق ، فلم يتكفل بحفظها بل وكل حفظها إلى أتباع الأنبياء فلم يحفظوها بل دخلها التحريف والتغيير المفسد لكثير من معانيه ، أما القرآن فقد أنزله الله لجميع الخلق على امتداد الزمن لأن رسالة محمد ا صلى الله عليه وسلم هي الرسالة الخاتمة ، فصار القرآن محفوظا في الصدور ، ومحفوظا في االسطور ، وحوادث التاريخ تثبت ذلك . فكم من شخص اجتهد في تحريف آيات القرآن وترويجها عند المسلمين فسرعان ما يفتضح أمره ، وينكشف زيفه ، حتى عند أطفال المسلمين .
وما يدل دلالة قطعية على أن هذا القرآن ليس من عند الرسول صلى الله عليه وسلم ، وإنما هو وحي من الله أوحاه له :
4- الإعجاز العظيم الذي اشتمل عليه القرآن في التشريعات ، والأحكام ، والقصص ، والعقائد ، الذي لا يمكن أن يصدر عن أي مخلوق مهما بلغ من العقل والفهم ، فمهما حاول الناس أن يسنوا تشريعات وقوانين لتنظيم حياتهم ، فلا يمكن أن تفلح ما دامت بعيدة عن توجيهات القرآن ، وبقدر هذا البعد بقدر ما يكون الفشل ، وهذا قد أثبته الكفار أنفسهم .
5- الإخبار بالأمور الغيبية الماضية والمستقبلية مما لا يمكن أن يستقل بشر مهما بلغ من العلم أن يخبر به خاصة في ذلك الزمن الذي يعتبر بدائيا من جهة التقنية والآلات الحديثة ، فهناك أشياء كثيرة لم يتم اكتشافها إلا بعد تجارب طويلة مريرة بأحدث الأجهزة ، والآلات ، قد أخبرنا الله عنها في القرآن ، وذكرها رسوله صلى الله عليه وسلم قبل ما يقرب من خمسة عشر قرنا ، كأحوال الجنين ، ومراحل نموه ، وأحوال البحار ، وغير ذلك . مما جعل بعض الكافرين يقرون بأن هذا لايمكن أن يكون إلا من عند الله فمثلا أطوار الجنين :
فمنذ 60 عاما فقط تأكد الباحثون من أن الإنسان لا يوجد دفعة واحدة إنما يمر بأطوار ومراحل طورا بعد طور ومرحلة بعد مرحلة وشكلا بعد شكل. منذ 60 عاما فقط وصل العلم إلى إحدى الحقائق القرآنية .
يقول الشيخ الزنداني التقينا مرة مع أحد الأساتذة الأمريكان بروفيسور أمريكى من أكبر علماء أمريكا اسمه (بروفيسور مارشال جونسون ) فقلنا له : ذكر في القرآن أن الإنسان خلق أطوارا فلما سمع هذا كان قاعدا فوقف وقال : أطوارا ؟! قلنا له : وكان ذلك في القرن السابع الميلادى ! جاء هذا الكتاب ليقول : الإنسان خلق أطوارا !! فقال : هذا غير ممكن .. غير ممكن .. قلنا له : لماذا تحكم عليه بهذا ؟ هذا الكتاب يقول : ( يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ) ( الزمر) ويقول : ( مَّا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا * وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا ) ( نوح ) فقعد على الكرسي وهو يقول : بعد أن تأمل : أنا عندي الجواب : ليس هناك إلا ثلاث احتمالات : الأول : أن يكون عند محمد ميكروسكوبات ضخمة .. تمكن بها من دراسة هذه الأشياء وعلم بها ما لم يعلمه الناس فذكر هذا الكلام ! الثاني : أن تكون وقعت صدفة .. وهذه جاءت صدفة الثالث : أنه رسول من عند الله قلنا : نأخذ الأول : أما القول(5/1249)
بأنه كان عنده ميكروسكوب وآلات أنت تعرف أن الميكروسكوب يحتاج إلى عدسات وهي تحتاج للزجاج وخبرة فنية وتحتاج إلى آلات وهذه معلومات بعضها لا تأتي إلا بالميكروسكوبات الإلكترونية وتحتاج كهرباء والكهرباء تحتاج إلى علم وهذه العلوم لا تأتي إلا من جيل سابق ولا يستطيع جيل أن يحدث هذا دفعة فلا بد أن للجيل الذي قبله كان له اشتغال بالعلوم ثم بعد ذلك انتقل إلى الجيل الذي بعده ثم هكذا ...أما أن يكون واحد فقط .. لا أحد من قبله ولا من بعده ولا في بلده ولا في البلاد المجاورة والرومان كذلك كانوا جهلة ما عندهم هذه الأجهزة والفرس والعرب كذلك ! واحد فقط لا غير هو الذي عنده كل هذه الأجهزة وعنده كل هذه الصناعات وبعد ذلك ما أعطاها لأحد من بعده .. هذا كلام ما هو معقول ! قال : هذا صحيح صعب نقول : صدفة ..ما رأيك لو قلنا لم يذكر القرآن هذه الحقيقة في آية بل ذكرها في آيات ولم يذكرها في آية وآيات إجمالا بل أخذ يفصل كل طور : قال : الطور الأول يحدث فيه وفيه والطور الثاني كذا وكذا والطور الثالث .. أيكون هذا صدفة ؟! فلما عرضنا التفاصيل والأطوار وما في كل طور قال : الصدفة كلام غلط !! هذا علم مقصود قلنا : ما في تفسير عندك : قال : لا تفسير إلا وحي من فوق !!
وأما الأخبار الكثيرة في القرآن عن البحار فبعضها لم يكتشف إلا في العصور المتأخرة ، وكثير منها لا يزال مجهولا . فمثلاً هذه حقيقة تم الوصول إليها بعد إقامة مئات من المحطات البحرية .. والتقاط الصور بالأقمار الصناعة .. والذي قال هذا الكلام هو ( البروفيسور شرايدر ) .. وهو من أكبر علماء البحار بألمانيا الغربية .. كان يقول : إذا تقدم العلم فلا بد أن يتراجع الدين .. لكنه عندما سمع معاني آيات القرآن بهت وقال : إن هذا لا يمكن أن يكون كلام بشر .. ويأتي ( البروفيسور دورجاروا ) أستاذ علم جيولوجيا البحار ليعطينا ما وصل إليه العلم في قوله تعالى : ( أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ )سورة النور : 40 .. فيقول لقد كان الإنسان في الماضي لا يستطيع أن يغوص بدون استخدام الآلات أكثر من عشرين مترا .. ولكننا نغوص الآن في أعماق البحار بواسطة المعدات الحديثة فنجد ظلاما شديدا على عمق مائتي متر .. الآية الكريمة تقول :( بَحْرٍ لُّجِّيٍّ ) كما .. أعطتنا اكتشافات أعماق البحار صورة لمعنى قوله تعالى : ( ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ ) فالمعروف أن ألوان الطيف سبعة ...منها الأحمر والأصفر والأزرق والأخضر والبرتقالي إلى آخرة .. فإذا غصنا في أعماق البحر تختفي هذه الألوان واحدا بعد الآخر .. واختفاء كل لون يعطي ظلمة .. فالأحمر يختفي أولا ثم البرتقالي ثم الأصفر .. وآخر الألوان اختفاء هو اللون الأزرق على عمق مائتي متر .. كل لون يختفي يعطي جزءا من الظلمة حتى تصل إلى الظلمة الكاملة .. أما قوله تعالى : ( مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ ) فقد ثبت علميا أن هناك فاصلا بين الجزء العميق من البحر والجزء العلوي .. وأن هذا الفاصل ملئ بالأمواج فكأن هناك أمواجا على حافة الجزء العميق المظلم من البحر وهذه لا نراها وهناك أمواج على سطح البحر وهذه نراها .. فكأنها موج من فوقه موج .. وهذه حقيقة علمية مؤكدة(5/1250)
ولذلك قال البروفيسور دورجاروا عن هذه الآيات القرآنية : إن هذا لا يمكن أن يكون علما بشريا انظر الأدلة المادية على وجود الله " محمد متولي الشعراوي)
الأمثلة على ذلك كثيرة جدا .
6-أن في القرآن بعض الآيات التي فيها معاتبة للنبي صلى الله عليه وسلم ، وذكر بعض الأمور التي نبه الله عليها نبيه صلى الله عليه وسلم ، وبعضها قد يكون فيها إحراج للنبي صلى الله عليه وسلم ، فلو كان هذا القرآن من عند رسول الله ، لما احتاج إلى هذا ، ولو كان كتم شيئا من القرآن لكتم بعض هذه الآيات المشتملة على العتاب له وتنبيهه على بعض ما كان الأولى به أن لا يفعله كما في قوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : ( وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاه)(الأحزاب: من الآية37) . أيبقى بعد هذا شك عند ذي عقل أن هذا القرآن هو كلام الله ، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد بلغ ما أوحي إليه أكمل بلاغ وأتمه ؟!
ثم نقول لهذا الشخص جرب بنفسك قراءة ترجمة من تراجم القرآن الصحيحة وأعمل عقلك في تدبر هذه الأحكام والتشريعات ، فلاشك أن أي عاقل عنده قدرة على التمييز سيلحظ فرقا كبيرا بين هذا الكلام ، وكلام أي مخلوق على وجه الأرض .
وأما علاقتِك بالشاب فإن هذا الدين الشريف قد منع المرأة من مخالطة الرجال للنساء لحكم عظيمة جليلة فيجب عليك أن تبتعدي عن اللقاء به ، وأن تقطعي صلتك بهذا الشاب حتى يُسلِم ، ثم يتزوجك بعد ذلك زواجا شرعيا . وتجدين في السؤال رقم ( 1200 ) بيان حكم اختلاط المسلمة بالرجال الأجانب فراجعيه .
وأما حبك ، وتعلقك به ، فهذا ابتلاء من الله لك ، هل تقدمين محبة الله على محبة مخلوق من مخلوقاته ، أو تقدمين محبة هذا الشخص على محبة ربك العظيم الذي نهاك عن هذا الأمر ، واعلمي أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه ، وأول هذا الخير الذي ستجدينه بإذن الله أن يعوضك الله راحة وأنسا بمحبته سبحانه ، فتجتهدي في التقرب إلى الله بما يحبه فتزداد محبتك لربك ، وتعلقك به ، ويضعف تعلقك بجميع المخلوقين . وفي السؤال رقم ( 10254 ) بعض الحلول المناسبة لهذه المشكلة .
وأما عن حكم زواج المسلمة بالكافر فهذا محرم بإجماع أهل العلم ، بل هو من الفواحش العظيمة التي نهى الله عنها في القرآن وتجدين في إجابة السؤال (8396) و ( 1825 ) إجابة وافية عن هذا السؤال .
فننصحك بالصبر والتحمل ، والبعد التام عن كل ما قد يسبب لك الوقوع فيما يغضب ربك ، واعلمي أن الله جعل هذه الدنيا دار ابتلاء وامتحان لعباده المؤمنين ، فمن صبر ، ومنع نفسه مما تشتهي رغبة في رضى الله عوضه الله في الجنة بمنه وكرمه من أنواع النعيم ، ما لا يمكن أن يقارن بما ضحى به العبد من المتع الزائلة الفانية ، زيادة عما قد يجده في قلبه من السعادة والراحة بطاعة ربه .
ولعله إذا رأى تمسكك بدينك وأنك امتنعت عن لقائه والجلوس معه رغم محبتك له يعلم عظمة هذا الدين الذي يجعل أتباعه على أتم الاستعداد بالتضحية بكل ما يحبون لإرضاء ربهم سبحانه ، ويعلم أنهم يرجون عند ربهم خيرا عظيما يكرمهم به لأجل صبرهم على طاعته ، وامتناعهم عن حرماته فيكون ذلك سببا في إسلامه .
نسأل الله أن يهديه للإسلام ، وأن ييسر لك الخير ، ويصرف عنك الشر .. آمين .(5/1251)
الشيخ محمد صالح المنجد (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
سترسب في الامتحان بسبب حجابها
السؤال:
أرجو أن أعلم ماذا تفعل فتاة تريد أن تلبس الحجاب في بلاد علمانية ولكنها تدرس في كلية الطب ، وهي تخاف أن يسقطوها في الامتحان لأجل ذلك. فماذا تفعل ؟ وهل تنتظر حتى تنتهي من الدراسة ، وجزاكم الله خيرا.
الجواب:
الحمد لله
يجب على المرأة أن تلبس الحجاب أمام الرجال الأجانب ؛ لأدلة كثيرة معلومة ، منها قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ) الأحزاب / 59 .
وقوله : ( وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الأِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) النور / 31
ولا يجوز خلع الحجاب بحجة الدراسة ، فإن ذلك ليس ضرورة تبيح ما حرم الله تعالى ، والواجب على هذه الفتاة أن تتمسك بدينها ، وأن تلتزم بحجابها ، ولو أدى ذلك إلى ترك الدراسة .
وينبغي أن تعلم أن من توكل على الله كفاه وحماه ، وأن من اتقى الله يسر له أمره ، كما قال سبحانه : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً. وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً ) الطلاق / 2 ،3 .
ولتصبر على ما يصيبها من أذى أو سخرية ، مستحضرة ما أعده الله من الأجر للمتمسك بدينه ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن من ورائكم زمان صبر للمتمسك فيه أجر خمسين شهيدا منكم " رواه الطبراني من حديث ابن مسعود ، وصححه الألباني في صحيح الجامع رقم 2234
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
هل يجوز كشف وجه المرأة من أجل طلب العلم ؟
السؤال:(5/1252)
سمعت ذات مرة من التلفاز أنه يجوز للفتاة أو المرأة الكشف عن وجهها في سبيل طلب العلم - لا أذكر على أي مذهب – وقال المتحدث : إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : " اختلاف فقهاء أمتي رحمة " .
وخاصة أنني أستصعب نقلتي النوعية من السفور إلى الحجاب والجلباب ، فدلني على الصواب لأتبعه .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
حديث " اختلاف أمتي رحمة " : حديث موضوع كما في " الأسرار المرفوعة " ( 506 ) ، و" تنزيه الشريعة " ( 2 / 402 ) .
وقال عنه الشيخ الألباني كما في " السلسلة الضعيفة والموضوعة "( حديث رقم 57 ) – :
لا أصل له ، ولقد جهد المحدثون في أن يقفوا له على سند فلم يوفقوا ...
ونقل المناوي عن السبكي أنه قال : " وليس بمعروف عند المحدِّثين ، ولم أقف له على سند صحيح ، ولا ضعيف ، ولا موضوع ، وأقرّه زكريا الأنصاري في تعليقه على " تفسير البيضاوي " ( ق 92 / 2 ) .
انتهى
ثانياً :
لا يجوز للمرأة أن تكشف وجهها أمام الرجال الأجانب ، إلا إذا دعت لذلك ضرورة ، كالطبيب المعالج إذا عدمت الطبيبة وبشرط عدم الخلوة ، والخاطب للزواج ، والشهادة أمام القضاء ، ويقتصر فيما سبق على موضع الضرورة دون ما عداه .
وحجاب المرأة ونقابها ليس عائقاً أمام طلب العلم للمرأة ، ولا يصح أن تُجعل منافرة ومضادة بين الستر والعلم ، ولا بارك الله في علم لا يأتي إلا بمعصية وتهتك للمرأة ، وها هي المرأة المتحجبة والمتسترة قد بلغت أعلى المنازل في العلم ونيل الشهادات دون أن تختلط بالرجال أو أن تكشف عن وجهها ، وها نحن نرى كثيراً من الفاشلات في العلم لا يضعن على أجسادهن إلا القليل من الملابس ، فمتى كان التهتك يأتي بالعلم والحجاب يمنع منه ؟! .
وقد أحسن الشاعر بقوله :
ليس الحجاب بمانع تعليمها * فالعلم لم يرفع على الأزياء
أولم يسع تعليمهن بغير أن * يملأن بالأعطاف عين الرأي
وخمار الوجه فرض على النساء المسلمات البالغات ، وتجدين في جواب السؤال رقم : ( 12525 ) بيان أن الوجه عورة .
وقد سبق ذكر الأدلة على وجوب تغطيته في جواب السؤال ( 21134 ) و ( 21536 ) ، و ( 11774 ) .
فالقول بجواز كشف المرأة وجهها من أجل طلب العلم غير صحيح .
ونسأل الله تعالى أن يوفقكِ لما فيه رضاه ، وأن يجزيكِ خير الجزاء على سؤالكِ واستفساركِ ، والوصية لك أن تبتعدي عن مواطن الريبة والاختلاط ، ولكِ بشرى(5/1253)
من النبي صلى الله عليه وسلم وهي قوله " من ترك شيئاً لله عوَّضه الله خيراً منه " ، فاستعيني بالله تعالى واصبري ، وقد تركت النساءُ المسلماتُ الأوَلُ دينهن وأزواجهن وأوطانهن من أجل الدخول في الإسلام ، فهذه النقلة من السفور إلى الحجاب لا شيء مقابل ما فلعلتْه أولئك النسوة ، وثقي أنك ستكونين موضع ثقة وتشجيع أخواتكِ الفاضلات المتسترات ، وسيخففن عنكِ وطأة تلك النقلة ، ولا تلتفتي إلى المعوقات من أهل الشر والفساد نساء ورجالاً ، فهم لا يحبون لكِ الخير ، ولا يتمنوْن لك السعادة والثواب ، أو أنهم لا يعرفون الطريق الحقيقي للسعادة والثواب .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
هل الحجاب فرض على الجميلات فقط أم على جميع النساء ؟
السؤال:
هل الخمار فرض أم فضل ؟ وإن كان فرضاً هل هو فرض على المثيرات الجمال أم على كل نساء الإسلام ؟!.
الجواب:
الحمد لله
الخمار فرض على النساء المسلمات البالغات ، وتجدين في جواب السؤال رقم : ( 12525 ) بيان أن الوجه عورة ، وقد سبق ذكر الأدلة على وجوب تغطيته في جواب السؤال ( 21134 ) و ( 21536 ) ، وفي جواب السؤال رقم ( 11774 ) تجدين الأدلة التفصيلية في المسألة .
والأمر بالخمار عامٌّ لكل النساء ، ويدل للعموم قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ) الأحزاب/59 .
وقد امتثلت نساء المهاجرين والأنصار لهذا الأمر :
قالت عائشة رضي الله عنها : يرحم الله نساء المهاجرات الأوَل لما أنزل الله ( وليضربن بخمرهن على جيوبهن ) شققن مروطهن فاختمرن بها .
رواه البخاري ( 4480 ) وأبو داود ( 4102 ) .
ومعنى " فاختمرن " أي : غطين وجوههن ، كما قال الحافظ ابن حجر في " الفتح " ( 8 / 490 ) .
وعن أم سلمة قالت : لما نزلت ( يدنين عليهن من جلابيبهن ) خرج نساء الأنصار كأن على رءوسهن الغربان من الأكسية . رواه أبو داود ( 4101 ) وصححه الشيخ الألباني في " صحيح أبي داود " .
ومما لا شك فيه أن كثيراً من النساء من نساء المهاجرين والأنصار كنَّ يتمتعن بجمال مشهور ولم يفهم أحد أنه خاصٌّ بهنَّ دون من عداهنَّ .
فهذه الأحاديث فيها امتثال نساء المهاجرين والأنصار والأمر بستر وجوههن ، ولم يفهمن رضي الله عنهن أن الأمر خاص بالجميلات .
وقد جاءت أقوال العلماء تبين أن الحكم عام لجميع النساء .(5/1254)
ففي تفسير قوله تعالى : ( يدنين عليهن من جلابيبهن ) قال الجصاص الحنفي رحمه الله :
في هذه الآية دلالة على أن المرأة الشابة مأمورة بستر وجهها عن الأجنبيين ، وإظهار الستر و العفاف عند الخروج لئلا يطمع أهل الريب فيهن .
" أحكام القرآن " ( 5 / 245 ) .
وقال ابن جزي الكلبي المالكي - رحمه الله - :
كان نساء العرب يكشفن وجوههن كما تفعل الإماء ، وكان ذلك داعياً إلى نظر الرجال لهن ، فأمرهن الله بإدناء الجلابيب ليسترن بذلك وجوههن .
" التسهيل لعلوم التنزيل " ( 3 / 144 ) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : وكشف النساء وجوههن بحيث يراهن الأجانب غير جائز ، وعلى ولي الأمرِ الأمرُ بالمعروف والنهى عن هذا المنكر وغيره ، ومن لم يرتدع فإنه يعاقب على ذلك بما يزجره . " مجموع الفتاوى " ( 24 / 382 ) .
وقال السيوطي – رحمه الله - :
هذه آية الحجاب في حق سائر النساء ، ففيها وجوب ستر الرأس والوجه عليهن . " عون المعبود " ( 11 / 106 ) .
وانظري جواب السؤال رقم ( 13646 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
زوجته لا تقبل النصيحة فما هو الحل معها؟
السؤال:
تزوجت قبل أربع سنوات ، كانت زوجتي لا تطبق أياًّ من شعائر الدين ، كانت ضد الحجاب والنقاب تماماً ، وكانت لا تغطي حتى رأسها ، عندما طلبت منها الحجاب رفضت وقالت بأنها متعلمة وتعرف الخطأ من الصواب ، لم أفقد الأمل وبقيت أحاول أن أقنعها وأخوفها بعظمة الله ، الآن وبعد 4 سنوات هناك تحسن بسيط ، بدأت تضع الحجاب ، تغطي به رأسها وصدرها فقط ولكنها حتى الآن ليست مقتنعة بالنقاب ، أصبحت تصلي وتقرأ القرآن وتخطيء فيه (نطق الكلمات غير سليم) ، ليست لديها الرغبة في تعلم قراءة القرآن، لا تبالي في تعلم أمور الدورة الشهرية وتخلط الأيام وتترك الصلاة يوماً أو يومين بعد انقضاء الدورة، لا تأخذ برأي أحد وتعتبر أن قرارها نهائي .
ما هو التصرف الذي أتخذه معها إذا كانت لا تتحمل أي كلام أو تصرف قاس ؟ .
الجواب:
الحمد لله
لاشك أخي السائل أن زوجتك مقيمة على خطأ عظيم جداً ، نسأل الله لها الهداية ، وأخطر ما ذكرت عنها هي مسألة التهاون بشأن الصلاة ، لأن تركها يقود والعياذ بالله إلى الخروج من الملة والدين ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم (بين الرجل وبين(5/1255)
الشرك أو الكفر ترك الصلاة ) رواه مسلم 82 ، وهذا فيمن تركها بالكلية ، وإن كان بعض العلماء رحمهم الله يرى كفر من ترك صلاة واحدة حتى خرج وقتها ، انظر المغني (3/354) ، وهذا يدل على خطورة الأمر وهوله .
وقد قمت بما يجب عليك تجاه زوجتك من التوجيه والنصح الذي ظهرت ثمرته ، وإن كانت ليست كاملة ، ولكنها خطوة إيجابية تدل على وجود خير في زوجتك واستعداد لتغيير الباقي ، نعم قد يكون ذلك بطيئاً ولكنه ممكن ، فأنت ترى أنها في بداية الأمر لم تكن مقتنعة بالحجاب ولم تكن ترتدي منه شيئاً ، ولكنها بعد تلك المساعي النبيلة منك أصبحت ترتدي شيئاً منه ، وإن لم يكن ذلك كاملاً على ما ينبغي ، ولكن هذه بارقة أمل ودلالة على خير مكنون ، يمكنك أن تجليه لتفعل ذلك عن اقتناع ورغبة على وجه الكمال مع مرور الأيام ومواصلة المجهود ، وهذا يعني أنه لابد من الاستمرار في نصحها وإرشادها ، وعدم الانقطاع في ذلك، وأنت مأجورٌ مثاب على ذلك ، قال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لأَنْ يُهْدَى بِكَ رَجُلٌ وَاحِدٌ خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ ) رواه البخاري برقم (6)
ذَكِّرْهَا بالله دائماً وخَوِّفْهَا به وعَلِّمْهَا منزلةَ الصلاة في الإسلام وأنها يجب عليها أن تتعلم ما له صلة بالصلاة مثل أحكام الحيض والنفاس ، إذ يجب على كل من طهرت من حيضها أو نفاسها أن تبادر إلى الغسل إذا حانت الصلاة ، حاول أن تناولها الكتب النافعة في ذلك مثل رسالة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في الدماء الطبيعية للنساء ، أو بعض الأشرطة النافعة . ويمكنك أن تساعدها على ذلك بأن تجلس وتقرأ معها ، أو تستمع إلى الشريط معها . فإن هذا من التعاون على البر والتقوى .
وأما ما ذكرته من الخطأ في القراءة ، فهذا إن كان في قراءتها للفاتحة في الصلاة وكان هذا الخطأ يحيل المعنى ويغيره كما لو قرأت " أنعمتَ " بكسر التاء " أنعمت ِ" أو أي خطأ إذا سمعه السامع فهم منه معنى آخر غير المعنى الصحيح المراد من الآية فهذا يجب عليها أن تتعلمه جيداً لأن مثل هذا الخطأ يبطل الصلاة لأن قراءة الفاتحة ركنٌ في الصلاة ، لا تصح الصلاة إلا بها ، أما إن كان الخطأً لا يغير المعنى كما لو قرأت "الرحمنِ الرحيمِ" بالضم " الرحمنُ الرحيمُ " فهذا لا يبطل الصلاة .
والواجب على المسلم أن يتعلم قراءة القرآن حتى يقرأه قراءة صحيحة ، ولا يقع في تحريف القرآن وهو لا يشعر .
وعليك أن تعينها على ذلك إما أن تعلمها أنت بنفسك ، وإما أن تدلها على ما يفيدها في ذلك مثل أشرطة القرآن للقراء المعروفين بحسن التلاوة والتجويد ، كما ينبغي لك أن تبين لها فضل قراءة القرآن الكريم ، وما فيه من الأجر والمثوبة .
وبالجملة فالواجب عليك أن تستمر في تعليمها وتوجيهها ، وتصبر على ذلك ، ولا تقل لم تستجب مع طول المدة وبذل الجهد إلا شيئاً قليلاً ، فإن هذا القليل يبارك الله فيه ، ولنا في أنبياء الله تعالى الأسوة الحسنة ، فهذا نوح عليه السلام مكث يدعو قومه ألف سنة إلا خمسين ، قال الله تعالى : ( ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما ) العنكبوت / 14 . ومع ذلك لم يؤمن معه إلا قليلٌ من قومه .
حَبِّبْ إليها تَعَلُّمَ أمورِ دينها بتسهيلها لها ، شَجِّعْهَا إن رأيت منها تجاوباً ولو كان شيئاً قليلاً ، واعلم أنك قدوة عندها ، فراقب أقوالك وأفعالك ، وإياك أن تأمرها بأمر ثم(5/1256)
تكون أول المخالفين له ، أو تنهاها عن أمر وتكون أول الفاعلين له ، فإن هذا يمنعها من قبول توجيهك أو يؤخر ذلك .
وعليك بالرفق في نصحها وإرشادها ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ ، وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ ، وَمَا لا يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ ) رواه مسلم (2593) .
وعليك أن تكثر من الدعاء والتضرع إلى الله أن يشرح صدرها لطاعته ويحبب إليها دينه وشرعه .
وأسأل الله أن يوفقك لك خير .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
-ـــــــــــــــــــ
مجالسة أقارب الزوج ومصافحتهم
السؤال:
تسخر مني عائلة زوجي دائما بسبب لبسي لغطاء الرأس حتى عندما أكون معهم في المنزل أثناء التجمعات العائلية أو احتفالات الأعياد ، وهم يقولون إنني غير مضطرة إلى التغطية في وجود أفراد العائلة ، أعرف عن قواعد عورة المرأة أمام غير المحارم في الإسلام وأود أن أحافظ عليها ، كيف أواجه تعليقاتهم دون جرح شعورهم ، وفي نفس الوقت أعرفهم بمزايا الإتباع الصحيح للإسلام كذلك ، هل أبناء أخ أو أخت الزوج من المحارم للزوجة ؟ لقد راجعت بعض الأساتذة في هذا وقالوا إنهم ليسوا من المحارم ، ولكن لأسباب عائلية ولإصرار الزوج (وحتى لا نجرح شعورهم) فإنني أسلم عليهم باليد ، لا أزال ، حيث أن هذه الممارسة عادية في العائلة ، أشعر بعدم الارتياح في هذا الأمر ، وأرجو من الله أن يرشدني إلى طريق الخير وأن يعفو عني .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
نسأل الله أن يعينك على الخير ، وأن ييسر لك أمراً يكشف به همَّك ، فإن ما تسمعه المرأة المسلمة وتراه ممن بعُد عن دين الله تعالى أو رقَّ ورعه كثير ، وعليها أن تصبر على ذلك وأن تحتسب ما يصيبها عنده سبحانه وتعالى ، فترجو ربها وتسأله العون والتثبيت .
ولا يجوز لها أن ترضخ لطلباتهم ولا أن تستجيب لنزواتهم وشهواتهم من الاختلاط والنظر والمصافحة وترك الحجاب ؛ فإنها إن أرضتهم بذلك فإنها تُسخط ربَّها عز وجل .
ثانياً :
أبناء أخ وأخت الزوج ليسوا من المحارم بل هم ممن يجب الاحتياط منهم أكثر ؛ وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعلهم بمثابة الموت .(5/1257)
عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إياكم والدخولَ على النساء ، فقال رجل من الأنصار : يا رسول الله أفرأيت الحمو ؟ قال : الحمو الموت " .
رواه البخاري ( 4934 ) ومسلم ( 2172 ) .
قال النووي :
اتفق أهل اللغة على أن الأحماء أقارب زوج المرأة كأبيه وعمه وأخيه وابن أخيه وابن عمه ونحوهم ، والأختان أقارب زوجة الرجل ، والأصهار يقع على النوعين .
وأما قوله صلى الله عليه وسلم " الحمو الموت " فمعناه : أن الخوف منه أكثر من غيره ، والشر يتوقع منه ، والفتنة أكثر لتمكنه من الوصول إلى المرأة والخلوة من غير أن ينكر عليه بخلاف الأجنبي ، والمراد بالحمو هنا أقارب الزوج غير آبائه وأبنائه ، فأما الآباء والأبناء فمحارم لزوجته تجوز لهم الخلوة بها ولا يوصفون بالموت وإنما المراد الأخ وابن الأخ والعم وابنه ونحوهم ممن ليس بمحرم ، وعادة الناس المساهلة فيه ويخلو بامرأة أخيه ، فهذا هو الموت ، وهو أولى بالمنع من أجنبي لما ذكرناه ، فهذا الذى ذكرته هو صواب معنى الحديث .
" شرح مسلم " ( 14 / 154 ) .
قال الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله - :
يجوز للمرأة أن تجلس مع اخوة زوجها أو بني عمها أو نحوهم إذا كانت محجَّبة الحجاب الشرعي ، وذلك بستر وجهها وشعرها وبقية بدنها ؛ لأنها عورة وفتنة إذا كان الجلوس المذكور ليس فيه ريبة ، أما الجلوس الذي فيه تهمة لها بالشر : فلا يجوز ، وهذا كالجلوس معهم لسماع الغناء وآلات اللهو ونحو ذلك ، ولا يجوز لها الخلوة بواحدٍ منهم أو غيرهم ممن ليس مَحْرَماً لها ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم " لا يخلونَّ رجلٌ بامرأةٍ إلا ومعها ذو محرم " متفق على صحته ، وقوله صلى الله عليه وسلم " لا يخلون رجل بامرأة ؛ فإن الشيطان ثالثهما " أخرجه الإمام أحمد بإسنادٍ صحيحٍ من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه .
والله ولي التوفيق .
" فتاوى المرأة المسلمة " ( 1 / 422 ، 423 ) .
ثالثاً :
أما المصافحة بين المرأة والأجنبي فحرام ، ولا يجوز لكِ التساهل فيه بناءً على رغبة أقربائكِ أو أقرباء زوجكِ .
عن عروة أن عائشة أخبرته عن بيعة النساء قالت : " ما مس رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده امرأة قط إلا أن يأخذ عليها فإذا أخذ عليها فأعطته ، قال : اذهبي فقد بايعتك " .
رواه مسلم ( 1866 ) .
فهذا المعصوم خير البشرية جمعاء سيد ولد آدم يوم القيامة لا يمس النساء ، هذا مع أن الأصل في البيعة أن تكون باليد ، فكيف غيره من الرجال ؟ .
عن أميمة ابنة رقيقة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إني لا أصافح النساء " .(5/1258)
رواه النسائي ( 4181 ) وابن ماجه (2874) .
والحديث صححه الشيخ الألباني في " صحيح الجامع " ( 2513 ) .
قال الشيخ ابن باز – رحمه الله تعالى - :
مصافحة النساء من وراء حائل – فيه نظر – والأظهر المنع من ذلك مطلقا عملا بعموم الحديث الشريف ، وهو قوله صلى الله عليه وآله وسلم : " إني لا أصافح النساء " ، وسدّاً للذريعة ، والله أعلم .
" حاشية مجموعة رسائل في الحجاب والسفور " ( 69 ) .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
صديقها أسلم وخيَّرها بين الإسلام أو الفراق
السؤال:
أنا امرأة نصرانية وعشيقي أسلم الآن ، تواعدنا أن نبقى سويّاً حتى لو لم أسلم أنا ، أتعلم أكثر وأكثر عن الإسلام ، ولكن مع عملي وعقيدتي فلن أستطيع أن أرتدي الحجاب مطلقاً ، أنا دائماً ألبس ملابس العمل وقميصاً بكم طويل ، هل أستطيع أن ألبس ملابس العمل إذا أسلمت ؟ .
أنا لست خائفة مما يقوله الناس ولكنني لا أؤمن بهذا الشيء ، في الأسبوع الماضي قال لي صديقي بأنه لن يختار أحداً غيري سواء أسلمت أم لم أسلم ، وبالأمس قال لي إنني يجب أن أختار بين الإسلام أو أن نفترق ؛ لأن الإمام قال له بأنه يجب أن يكون مع امرأة مسلمة .
كل ما أريده هو بعض الوقت لكي أقرر ما هو الأفضل بالنسبة لي وأنا أتعلم المزيد عن القرآن .
وضعني في موقف حرج ويريد أن يجبرني على الاختيار .
الجواب:
الحمد لله
إن الله سبحانه وتعالى ييسر لمن أراد له السعادة أسباب الوصول إليها والدخول فيها ، ولعل الله تعالى يريدها لك عن طريق هذا الذي دعاكِ للإسلام ، وعن طريق مراسلتنا لندلك على ما فيه خير الدنيا والآخرة لكِ .
والإسلام يرفض أن تكون بين الرجل والمرأة علاقة محرَّمة ، وقد جعل الله تعالى الزواج وسيلة شرعية لقضاء الشهوة ، وبه يكوِّن الرجل والمرأة أسرة قائمة على شرع الله ، ويكون أبناؤهم شرعيين .
ولا نقول لك إن الحجاب ليس بواجب ، ولا نقول لك إن الشرع استثناكِ من لبسه ، بل نقول لكِ : لا ينبغي لك أن تجعلي لبس الحجاب مانعاً وعائقاً لكِ من دخول الإسلام ، فالواجب عليك ابتداءً النجاة مما أنت فيه ، والدخول فيما يحبه الله تعالى ويرضاه منكِ وهو توحيده عز وجل ، والشهادة لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة ، وبعد الدخول في الإسلام واستقرار الإيمان في قلبك وتوفر الفرصة المناسبة لكِ ستبحثين(5/1259)
أنتِ بنفسك عن كل ما يحبه الله لتفعليه ، وعن كل ما يبغضه الله لتتركيه أو تحذري منه .
وإننا لننصحك من صميم قلبنا أن تختاري الأفضل لنفسك لا لأجل الزواج من رجل مسلم ، بل لأجل نفسك وسعادتك ونجاتك من عذاب الله وسخطه ، وهذا الذي ستختارينه ليس إلا دين الأنبياء من قبل ، فهو دين آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى ، فكل الأنبياء كانوا يشهدون لله تعالى بالوحدانية ، وكانوا ينفون عنه الشريك والزوجة والولد .
وقد أخذ الله تعالى الميثاق على الأنبياء جميعاً أن يؤمنوا بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم وأن ينصروه إذا بعث في حياتهم ، وأمرهم أن يأمروا أممهم بذلك ، وقد جعل الله تعالى رسالته للناس كافة وإلى قيام الساعة ، بينما كان الأنبياء قبله يُرسل كل واحد منهم لقومه خاصة .
فلا تتردي ، وسارعي قبل فوات الوقت ومجيء الموت ، واختاري طريق السعادة الدنيوي والأخروي ، ولعل الله تعالى أن يجعل منكِ امرأة مسلمة وزوجة صالحة تقيمين بيتاً على التوحيد والطاعة .
ونسأل الله لكِ الهداية والتوفيق .
ونرجو منك النظر في جواب السؤال رقم ( 3023 ) .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
تريد أن تتزوج من كافر على الأوراق فقط !!
السؤال:
أنا آنسة أسكن وحدي ، أعمل في نزل في الاستقبال ، هل عملي حرام مع العلم أنّي لست متحجّبة وأخاف أن أطرد إن تحجّبت ولا أجد مورد رزق آخر مع العلم أنّي أبلغ من العمر 34 سنة. وهل أستطيع الزّواج على الأوراق بغير مسلم لكي أتمكّن من الهجرة والعيش في الخارج لأنّي بتّ أخشى العنوسة والنّاس كلامهم كثير ولم أعد أتحمّل ملاحظاتهم ومراقبتهم لي .
الجواب:
الحمد لله
أولا :
نسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد والرشاد ، وأن يغنيك بحلاله عن حرامه ، وبفضله عمن سواه .
ثانيا :
تضمَّن سؤالك أنك الآن لا ترتدين الحجاب ، خوفا من أن تطردي من عملك ، ونحن لن نشير عليك إلا بما نرضاه لزوجاتنا ولأخواتنا وبناتنا ، فمهما كان الأمر كما ذكرت فإن الحجاب شأنه عظيم ، وهو شعار المؤمنة ، ورمز حيائها وعفتها ، ولا يجوز التفريط فيه احتجاجا بالرزق الذي كفله الله تعالى لكل أحد ، ووعد بالمزيد منه أهل طاعته ومرضاته ، قال تعالى : ( وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ) الذاريات/22، 23. وقال سبحانه : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً . وَيَرْزُقْهُ مِنْ(5/1260)
حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً ) الطلاق/2 ،3.
فكوني على يقين وثقة بالله تعالى ، وأن رزقك لن ينقطع لو لبست الحجاب ، بل نرجو أن يعقب ذلك فرج عظيم ورزق كبير كما وعد الله ، وقد صح عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه ) صححه الألباني في حجاب المرأة المسلمة .
فالبسي حجابك ، وابحثي عن عمل مباح لا تختلطين فيه بالرجال ، ويعوضك الله خيرا ، فإن الأمر كله بيده ، وخزائنه ملأى سبحانه وتعالى وتقدس .
وراجعي السؤال رقم (6666) .
ثالثا :
لا يجوز للمسلمة أن تتزوج من غير المسلم ، مهما كانت الأسباب ، ولو كان ذلك على الورق كما قلت ، فإن النكاح جده جد ، وهزله جد ، وليس هناك نكاح صوري كما يظن البعض ، بل هناك نكاح لازم ، إن كان مستوفي الشروط فهو مباح ، وإن كان مختل الشروط فهو نكاح محرم لا يجوز لأحد أن يقدم عليه .
قال تعالى : ( وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ) البقرة/221.
وقال : ( فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ) الممتحنة/10.
قال شيخ الإسلام رحمه الله : " وقد اتفق المسلمون على أن الكافر لا يرث المسلم , ولا يتزوج الكافر المسلمة " (انتهى من "الفتاوى الكبرى" (3/130) ).
ومرة أخرى نعود إلى مسألة الرزق – والزواج من جملة الرزق – فإن أعظم أسباب الرزق : طاعة الله تعالى ، والعجب ممن يسعى للرزق بمعصية الله ، فهذا حري أن تسد في وجه الأبواب ، وإن فتحت له كان ذلك استدراجا له ، نسأل الله العافية .
وإليك هذا الحديث العظيم لتزدادي إيمانا ويقينا بأن الرزق مصاحب لطاعة الله : قال صلى الله عليه وسلم : ( إن روح القدس نفث في رُوعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها ، وتستوعب رزقها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ولا يحملن أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية الله ، فإن الله تعالى لا ينال ما عنده إلا بطاعته ) رواه أبو نعيم في الحلية ، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم: (2085) .
ولا تهتمي بنظر الآخرين وتعليقاتهم ، فإن كلامهم لا يضر ولا ينفع في الحقيقة ، وتأخير الزواج قد يكون لخير أراده الله لك ، ونحن لا نعلم أين يكون الخير ، ففوضي أمرك إلى الله تعالى ، وابذلي وقتك في تحصيل الحسنات وتكفير السيئات ، فإن الموعد غدا ، يوم يفوز الفائزون ، ويخسر الخاسرون ( فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا مَتَاعُ الْغُرُورِ ) آل عمران/185.
فيا لله كم من امرأة متزوجة ، متعها الله بالذرية والمال ، تساق غدا إلى النار !
وكم من امرأة لم تنل مالا ، ولم تسعد بزوج ، هي في أعلا جنان الخلد !(5/1261)
فالله الله في الإيمان ، والطاعة ، والعفة ، فإن الدنيا عرض زائل ، ومتعة فانية ، ولذة منقضية ( وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ) العنكبوت/64.
وفقنا الله وإياك لطاعته ومرضاته .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
حجت قبل استقامتها فهل تعيد الحج ؟
السؤال:
أنا كنت قد أديت فريضة الحج قبل أن ألتزم دينيا بسنوات وقبل أن أرتدي الحجاب . الحمد لله قد أصبحت الآن على قدر من الالتزام وأرتدي الحجاب والنقاب . هل علي تأدية فريضة الحج أم لا ؟.
الجواب:
الحمد لله
الحمد لله
أولا :
نحمد الله تعالى أن وفقك وهداك ، وأخذ بيدك إلى طاعته ومرضاته ، ونسأله سبحانه لنا ولك الثبات حتى نلقاه .
ثانيا :
حجك الماضي يكفيك عن حجة الإسلام ، ولا يلزمك إعادته ، حتى لو كنت مقصرة في التزامك وتمسكك بالدين وارتداء الحجاب ، إلا إذا كنت في تلك الفترة تتركين الصلاة ، واستمر تركك لها أثناء الحج أيضا ، فحينئذ لا يعتدّ بحجك ، لأن ترك الصلاة كفر ، ولا يصح الحج مع وجود الكفر .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : إذا حج من لا يصلي ولا يصوم فما حكم حجه وهو على تلك الحال ؟
فأجاب : " ترك الصلاة كفر مخرج عن الملة ، موجب للخلود في النار ، كما دل على ذلك الكتاب والسنة وقول السلف رحمهم الله ، وعلى هذا فهذا الرجل الذي لا يصلي لا يحل له أن يدخل مكة ؛ لقوله تعالى : ( إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا ) .
وحجه وهو لا يصلي غير مجزئ ولا مقبول ، وذلك لأنه وقع من كافر ، والكافر لا تصح منه العبادات ؛ لقوله تعالى : ( وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلا وَهُمْ كُسَالَى وَلا يُنْفِقُونَ إِلا وَهُمْ كَارِهُونَ) " انتهى من "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (21/45) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
كفلها وهي يتيمة ثم يرفض أن تتحجب أمامه
السؤال:(5/1262)
السؤال :
أخذني شخص ورباني وأنا يتيمة وكفلني وأنفق علي وكنت في بيته كالبنت له تماماً وهو يعاملني بناء على هذا الأساس ثم تقدم أحد الأشخاص لخطبتي وتزوجته فقال لي لابد من الحجاب أما الشخص الذي رباني فلما تحجبت أمامه أنكر ذلك واعتبره منافياً للإحسان السابق وجحوداً لما فعله نحوي من المعروف فماذا أفعل ؟ .
الجواب:
الجواب :
يجب الرضى بالحكم الشرعي وتنفيذه وإن كانت العواطف بخلاف ذلك فإذا لم يكن بينك وبين هذا الذي كفلك ورباك أي علاقة محرمية من نسب أو رضاع ( أنظر السؤال رقم 5538 ) فلا بد من الحجاب عند هذا الرجل ( وعن شروط الحجاب الشرعي أنظر سؤال رقم 6991 ) . وأما عما ذكره هذا الشخص المحسن الذي كفلك من الحجج فإنه أمر غير صحيح ومنافي للشريعة وإحسانه الذي قام به يؤجر به عند الله إذا كان مخلصاً .
فعليك أن توضحي له أن تنفيذ الأمر الشرعي بالحجاب شيء والإحسان الذي أحسنه إليك شيء آخر وأن الخلط بينهما غير صحيح . والله يوفقنا وإياك للعمل بكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
لا يجوز أن يطيع أبويه في خلع نقاب زوجته
السؤال:
إذا كان والدا الشخص لا يرغبان في أن ترتدي زوجته النقاب هل يجوز له أن يجعل زوجته ترتدي النقاب ويخالف رأي والديه؟.
الجواب:
الحمد لله
يجب على الزوج إلزام زوجته بارْتِدَاءِ الحجاب الشرعي وأن تُغَطِّي وجهها ، فقد دلت الأدلة من الكتاب ومن السنة على أنه يجب على المرأة أن تستر وجهها ، فمن هذه الأدلة قول الله عز وجل : ( يأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يُدْنِينَ عليهن من جَلابِيبِهِنَّ ) الأحزاب/59 والجلباب هو ما تجعله المرأة على رأسها مُرْخِيَةً له إياه على وجهها ، ولقول الله عز وجل : ( ولا يُبْدِينَ زينتهن إلا لبعولتهن ) النور/31 ومركز الجمال والزينة هو الوجه فهو عورة ، فعليه أن يتقي الله ولا يطيع والديه في هذا الأمر , و يجعل زوجته ترتدي الحجاب الشرعي ، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق كما جاء في حديث ابن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " َ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ حَقٌّ مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِالْمَعْصِيَةِ فَإِذَا أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلا سَمْعَ وَلا طَاعَةَ " رواه البخاري ( الجهاد والسير/2735) ، فكيف يسخط ربه برِضَى والديه فليَتَّقِ الله وليعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد حَمَّلَهُ المسؤلية عن أهله فقال : " الرجل راعٍ في أهله ومسْؤُولٌ عن رعِيَّته " رواه البخاري(5/1263)
الجمعة/ 844 ، فلتحمد الله أن يسر لك زوجةً ترضى بارتداء الحجاب الشرعي , والله يوفقنا وإياك لكل خير .
وللمزيد انظر فتاوى المرأة المسلمة 1/443-444.
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
حديث حجاب نساء الأنصار
السؤال:
ابحث عن الحديث الذي يذكر أن النساء المسلمات ظهرن كالغربان بعد نزول آية الحجاب ، وهذا يدل على أن لون الحجاب أسود . هل يمكن إرشادي إلى مكان الحديث بالمرجع والجزء والصفحة ؟ . .
الجواب:
الحمد لله
الحديث الذي تشيرين إليه رواه أبو داود رحمه الله تعالى في سننه عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ : لَمَّا نَزَلَتْ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ خَرَجَ نِسَاءُ الْأَنْصَارِ كَأَنَّ عَلَى رُءُوسِهِنَّ الْغِرْبَانَ مِنْ الْأَكْسِيَةِ . سنن أبي داود : كتاب اللباس : باب في قوله تعالى ( يدنين عليهن من جلابيبهن ) .
قال صاحب عون المعبود في شرح سنن أبي داود في شرح عبارة :
( كأن على رءوسهن الغربان ) : جمع غراب ( من الأكسية ) : جمع كساء شبهت الخُمُر [ جمع خمار ] في سوادها بالغراب .
هذا ولا يُشترط اللون الأسود في حجاب المرأة ولكنه قد يكون أجود في السّتر من غيره . يراجع شروط حجاب المرأة المسلمة سؤال رقم ( 214 ) .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
ظهور المرأة أمام الرجال
السؤال:
كثير من الرجال في بعض الأسر يسمح لزوجته أو ابنته أو أخته بالظهور أمام الرجال غير المحارم كجماعته وأصدقائه وزملائه والجلوس معهم والتحدث إليهم كما لو كانوا محرما لها ، وإذا نصحناهم قالوا إن هذه عاداتهم وعادات آبائهم ، كما أنهم يزعمون أن قلوبهم نظيفة ، ومنهم المكابر والمعاند وهو يفهم الحكم ، ومنهم من يجهله فما نصيحتكم لهم ؟.
الجواب:
الحمد لله
الواجب على كل مسلم أن لا يعتمد على العادات بل يجب عرضها على الشرع المطهر فما أقره منها جاز فعله وما لا فلا ، وليس اعتياد الناس للشيء دليلا على حله فجميع العادات التي اعتادها الناس في بلادهم أو في قبائلهم يجب عرضها على كتاب(5/1264)
الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام فما أباح الله ورسوله فهو مباح ، وما نهى الله عنه وجب تركه وإن كان عادة للناس ، فإذا اعتاد الناس التساهل بالخلوة بالأجنبية أو بكشف وجهها لغير محارمها فهذه عادات باطلة يجب أن تترك كما لو اعتاد الناس الزنا أو اللواط أو شرب المسكر فإن الواجب عليهم تركها وليست العادة حجة لهم في ذلك ، بل الشرع فوق الجميع فعلى من هداه الله للإسلام أن يبتعد عما حرم الله عليه من خمر وزنا وسرقة وعقوق وقطيعة الرحم وسائر ما حرم الله عز وجل ، وأن يلتزم بما أوجب الله عليه.
وهكذا الأسرة يجب عليها أن تحترم أمر الله ورسوله وأن تبتعد عما حرم الله ورسوله فإذا كان من عاداتهم كشف نسائهم لغير المحارم أو الخلوة بغير المحارم وجب عليهم ترك ذلك.
فليس للمرأة أن تكشف وجهها أو غيره لابن عمها ولا لزوج أختها ولا لإخوان زوجها ولا لأعمامه ولا لأخواله ، بل يجب عليها الاحتجاب وستر وجهها ورأسها وجميع بدنها عن غير محارمها ، أما الكلام فلا بأس به كرد السلام والبداءة به مع الحجاب والبعد عن الخلوة لقول الله سبحانه : ( وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ) الأحزاب / 53 وقوله عز وجل : ( يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلا مَعْرُوفًا ) الأحزاب / 32 ، فنهى الله سبحانه وتعالى نساء النبي صلى الله عليه وسلم أن يخضعن بالقول وهو تليينه وتكسيره حتى يطمع من كان في قلبه مرض أي مرض الشهوة ويظن أنها مواتية ولا مانع عندها ، بل تقول قولا وسطا ليس فيه عنف ولا خضوع ، وأخبر سبحانه أن الحجاب أطهر لقلوب الجميع
وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ) الأحزاب / 59 ، والجلباب ثوب يطرح على الرأس والبدن تطرحه المرأة على رأسها وتغطي به بدنها فوق ثيابها ، وقال عز وجل : ( وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ ...الآية ) النور / 31 ، فهؤلاء المذكورون في الآية لا حرج في إبداء المرأة زينتها لهم .
والواجب على جميع النساء المسلمات تقوى الله سبحانه وتعالى ، والحذر مما حرم الله عليهن من إبداء الزينة لغير من أباح الله إبداءها له .
فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ ابن باز 6 / 406 . (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
تريد الإسلام وهناك معارضة منِ أمها وجدتها
السؤال:
لقد كنت أفكر في اعتناق الإسلام منذ بلوغي الحادية عشرة من عمري . الآن أصبح عمري 14 عاماً وأنا متأكدة من أن هذا ما أريده في هذه الحياة . لقد تعلمت كل كلمات الصلاة ( أذكار الصلاة ) وسورة الفاتحة وحاولت أن أمارسها لكنني لا زلت(5/1265)
مشوشة فيما يتعلق بحركات وأوضاع الصلاة . كما أنني اخترت لنفسي اسماً إسلامياً .
لقد أخبرت أمي عن معتقداتي لكنها كاثوليكية ولذلك فهي تعارض دخولي في الإسلام .
ليس لدي أصدقاء مسلمين ولذلك لا يوجد من ينصحني . تقول والدتي أن علي الانتظار حتى أبلغ السادسة عشرة أما في الوقت الحالي فيجب علي الذهاب للكنيسة وما إلى ذلك .
أعلم أنني جاهزة لدخول الإسلام لكن في كل مرة أذكره فيها تقول لي جدتي – التي تسكن معنا أيضاً – أنني أسبب لهم المتاعب وأنهم لا ينتمون إلى بريطانيا . وهذا يزعجني ويضايقني لكني لا أريد أن أصرخ في وجهها لأني أعلم أن عدم احترامها يخالف الإسلام .
أرغب في الإعلان عن معتقداتي بوضوح لأصدقائي لكن جدتي تقول إن معاملة الناس لي ستختلف وسأصبح منبوذة . لقد فكرت في اعتناق الإسلام سراً لكن هذا لن يتيح لي الذهاب للمسجد وحدي ولن يكون مسموحاً لي أن أرتدي الحجاب أو أن أصلي الفروض الخمسة من قبل مدرستي . لا أدري ماذا أفعل . أرجوكم ساعدوني !!!
الجواب:
الحمد لله
لقد حمل لنا سؤالك في هذا الصباح أنباء سارة ، وأثلج صدورنا . ولله الحمد ما قرأناه في سؤالك ، وفهمنا المتاعب التي تواجهينها ونحن نعيشها معك الآن من خلال الإجابة على سؤالك والمساهمة في تقديم حلول للمشكلة التي تعانين منها ، وعجبنا من حفظك لكل كلمات الصلاة وسورة الفاتحة رغم أن لغتك هي الإنجليزية وتعرفك على الله منذ أن كنت في الحادية عشر من العمر وزيادة يقينك واقتناعك بالإسلام بعد مضي ثلاث سنوات وأنت الآن في الرابعة عشر من العمر فنقول وبالله التوفيق :
الإنسان إذا آمن بشيء فإنه سيكون على استعداد للتضحية من أجله فكيف إذا كان هذا الشيء هو توحيد الله وعبادته وإتباع رسوله وتنفيذ أوامره فلا شك أن التضحية عندئذ ستكون أعظم وأعظم . وقد أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن الجنة حفت بالمكاره ومعنى ذلك أنه ليس لنا طريق إلى الجنة إلا باقتحام الصعاب وتحمل المشاق والمكاره ولأن سلعة الله غالية ونعيمه كبير لا ينفد والحياة فيها خالدة واللذات فيها دائمة فإن المسلم الحق سيكون على استعداد للتضحية بأمور كثيرة من الدنيا الفانية الزائلة من أجل ذلك النعيم وسيكون مستعداً لتحمل أذى الناس والصبر على سبهم وشتمهم وانتقادهم وسخريتهم من أجل الحصول على ذلك النعيم وهناك أمر آخر جميل في هذا الموضوع وهو أنه كلما أوذي وصبر فسيزداد أجراً وسيرتفع درجات ٍعند رب العالمين بل إنه قد يزيد إيمانه ويقوى بحيث أنه يتلذذ بالصبر على مرارته من أجل مرضات الله ، وحلاوة السعي لرضا الرب ستنسيه مرارة غضب الناس وإيذائهم وانتقاداتهم وإذا كان الأذى بعض الكلمات التي سيسمعها من السخرية أو الاستهزاء أو الانتقاد فماذا عليه لو تحمل من أجل تحقيق رضا الرب والحصول على(5/1266)
ثوابه وهو في كل ذلك يؤمن بموعود الله الذي قال في كتابه العزيز : ( والعاقبة للمتقين ) ويعلم بأن الصبر لا يمكن أن يتحقق إلا بمدد من الله فيطلب منه العون والتثبيت قال تعالى : ( واصبر وما صبرك إلا بالله ) وهو مستعد أن يُعلن الحق للناس رضي من رضي وأبى من أبى ، فإذا رفضوه أعرض عنهم وتركهم كما قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم : ( فاصدع بما تُؤمر واعرض عن المشركين ) ، وقال تعالى : ( واعرض عن الجاهلين ) إن الكلمات الجارحة من الأقارب ثقيلة على النفس وأشد عليها من وقع السلاح ولكن من استحضر عظمة الله وثوابه هان عليه ذلك ومضى في طريقه لا يلتفت ولا يتردد وبعد هذا التوضيح نتم لك الإجابة على سؤالك في النقاط التالية :
أولاً : أحسنت بعدم رفع صوتك على جدتك لأن احترام الوالدين والجد والجدة هو من دين الإسلام .
ثانياً : حاولي مقاومة الذهاب إلى الكنيسة ما أمكنك ذلك لأنه مكان يُكفر فيه بآيات الله ويُعلن الشرك بالله ، ويُجهر فيه بدين باطل ، وحيث أنك أنثى فإنه لا يجب عليك الذهاب إلى المسجد مثل الرجال ، ولن تكوني مقصرة عندما لا تذهبين إلى المسجد لأن أفضل مكان للصلاة بالنسبة للمرأة هو بيتها .
ثالثاً : جاهدي قدر استطاعتك ارتداء الحجاب واحتملي الأذى في سبيل الله ، واصبري على أداء الفروض الخمسة في أوقاتها علماً بأنها لا تتعارض كلها مع وقت المدرسة فإنك إذا صليت الصبح بعد طلوع الفجر ثم ذهبت إلى المدرسة فإنك تستطيعين القيام بصلاة الظهر قبل دخول وقت العصر في المدرسة وستجدين وقتاً لذلك في فسحةٍ بين الحصص أو وقت الغداء أو بعد الرجوع إلى البيت والمهم أن تقع صلاة الظهر بعد زوال الشمس وقبل دخول صلاة العصر .
رابعاً : إذا أحسنت معاملة الناس فستكسبينهم في النهاية ولن تصبحي منبوذة بإذن الله .
خامساً : لا تتأخري في الدخول إلى الإسلام ولا تنتظري لحظة فإنك لا تعرفين متى يأتي الموت فانطقي بالشهادتين وأدي الصلاة فستتعودين عليها بعدد ركعاتها وأوقاتها وأذكارها وبممارستها مع مرور الوقت سيزول التشويش الذي تشعرين به في سؤالك ، وما دمتِ جاهزة للدخول في الإسلام فإنك ولله الحمد لا تحتاجين لموافقة أم ولا جدة ولا غيرهما مادام الله قد أمرك باتباع دينه ، قال تعالى : ( ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه )
سادساً : ابحثي عن أخوات مسلمات لمصاحبتهن ومصادقتهن والاتصال بهن ليكُنَّ عوناً لك وسنداً لتعلم الدين والثبات عليه وفيما يلي رقم هاتف المنتدى الإسلامي في مدينة لندن للاستعلام عن مواعيد الدروس النسائية لعله يكون لك انطلاقاً من ذلك المكان حيث أنك تسكنين في بريطانيا (7369060 ).
وأخيراً : فإننا نكرر إعجابنا وفرحنا بما ورد في سؤالك ، ونستبشر لك بحياة سعيدة ومستقبل جميل في ظل الدين الإسلامي الحنيف ، ونحن على استعداد لمساعدتك في كل ما يمكننا القيام به .
وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضى ، والله الهادي إلى سواء السبيل .(5/1267)
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
مصاعب تواجه فتاة نصرانية تريد اتخاذ قرار بالدخول في الإسلام
السؤال:
السؤال:
أنا فتاة مسيحية أقرأ منذ بضعة شهور عن الإسلام. وقد انتهيت من قراءة ترجمة للقرآن وعدة كتب عن الإسلام بالإضافة إلى مقالات ومواد أخرى وجدتها على الإنترنت وفي أماكن أخرى. ولا أدعي أنني أعرف أو أفهم كل شيء، فهناك أشياء كثيرة تحيرني وأجد صعوبة في قبول بعض تطبيقات الإسلام وتفسيراته التي قرأت عنها. ولكني أؤمن بالله وأؤمن بأن محمداً نبيَه وأن القرآن كلام الله الموحى.
وسؤالي هو ما الذي ينبغي أن أفعله حيال ذلك؟ فكما قلت لا زال هناك الكثير مما أجهله أو لا أفهمه وهذا قرار هام أحاول أن أتخذه وبصراحة أشعر أنني أمام مسئولية هائلة ومهولة. وأكثر ما يزعجني هو إلى أي حد سأستطيع الالتزام بتعاليم الإسلام في حياتي بعد اعتناقه. لقد غيرت بالفعل بعض الأشياء في حياتي، حيث امتنعت عن الخمر وأتجنب لحم الخنزير وأحاول أن أرتدي قمصاناً ذات أكمام طويلة وسراويل (أو تنورات) طويلة عند الخروج. ولكني أعلم أيضاً أن هناك أشياء لن أستطيع أن أقوم بها على الفور إذا دخلت في الإسلام، وذلك لعدة أسباب، (على الأقل هذا ما يبدو لي الآن)، مثل ارتداء الحجاب.
كذلك، أنا الآن أدرس في الخارج (في الولايات المتحدة ولكني من أوروبا) وسأعود إلى أهلي في الكريسماس ولا أظن أنني سأستطيع أن أخبرهم على الفور أنني اعتنقت الإسلام ومن ثم لا أعرف إذا كنت أستطيع القيام بأشياء مثل أداء الصلاة في الأوقات الخمس أو الصيام أو تجنب لحم الخنزير أثناء وجودي معهم في الكريسماس.
فهل أكون مخطئة إذا دخلت في الإسلام مع علمي بأنني لن أستطيع القيام بجميع الالتزامات المترتبة على ذلك (على الأقل ليس على الفور)، وعلمي بأنه لا زالت هناك أشياء كثيرة لا أفهمها أو أجد صعوبة في قبولها عن طيب نفس لنقص في الفهم والعلم. أرجو توجيهي.
الجواب:
الجواب:
الحمد لله
ما حققتيه أيتها السائلة الحصيفة العاقلة الحريصة على الحقّ هو إنجاز رائع وعمل عظيم وبقي أن يُتمم بأهم خطوة في حياتك على الإطلاق وهي النّطق بالشّهادتين والدّخول في الدّين ، إننا حقّا ننظر بتقدير بالغ إلى الجهد الذي قمتِ به من قراءة ترجمة القرآن الكريم كاملة وعدد من الكتب والمقالات عن الإسلام وما أقدمت عليه أيضا من الامتناع عن عدد من المحرمات كشرب الخمر وأكل الخنزير والأهم من ذلك كلّه القناعة التي حصلت لديك بدين الإسلام ونبي الإسلام وكتاب الإسلام ، ومن خلال سؤالك يمكن أن نلخّص العقبات التي تعترضك في جانبين :(5/1268)
- بعض الإحراجات الاجتماعية .
- وبقاء بعض الأمور التي لم يكتمل علمك بها وتفهمك لها .
فأما بالنسبة للجانب الثاني فإنه لا يُشترط للدخول في الإسلام أن يحيط الشّخص علما بكلّ الإسلام لأنّه بحر عظيم فيستطيع أن يُسلم ثم يتعلّم دين الله وتتمّ القناعة في نفسه بسائر الأحكام الشّرعية ، ويكفي في البداية الإيمان المجمل بأركان الإيمان الستة ( وهي الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر والقدر خيره وشره ) والعلم المجمل والتسليم بأركان الإسلام الخمسة ( شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحجّ بيت الله الحرام لمن استطاع إليه سبيلا ) واعلمي بأنّ العلم والقناعة يأتيان تدريجيا وأنّ الإيمان يزداد بممارسة العبادات والطّاعات وكلّ ذلك يدفع إلى الفهم والتسليم بأحكام الله تعالى .
وأما بالنسبة للأمر الأول فإننا على يقين بأنّك إذا دخلت في دين الإسلام وأخلصت لله وعملت الصالحات فإنّ الله سيرزقك من القوة والثبات والجرأة واليقين ما تستطيعين به مواجهة سائر الصعوبات والتغلّب عليها وفي تجارب من أسلم من النسوة قبلك مثال صالح لما يمكن أن يحدث معك مستقبلا من تطبيق سائر الأحكام الشرعية من الحجاب وغيره على الرّغم من عموم الكفر في الوسط المحيط ، ثم نقول لو أنّ امرأة سألتنا هل أُسلم دون حجاب كامل أو أبقى على الكفر فإننا سنجيبها بلا ريب بأن تدخل في الإسلام لأنّ إثم وخطورة وفداحة مصيبة البقاء على الكفر لا تُقارن مطلقا بالإسلام مع ارتكاب معصية .
إننا نتفهم تماما الصعوبات والإحراجات الاجتماعية التي تتحدثين عنها ونعلم يقينا بأنّ مخالفة الإنسان لأهله وللمجتمع مِن حوله أمر شاقّ على النّفس وصعب ولكنّ الله ييسر كلّ أمر عسير ، قال الله تعالى : ( والله مع الصّادقين ) وقال : ( والله وليّ المؤمنين ) وقال : ( ومن يتقّ الله يجعل له مخرجا ) وقال : ( سيجعل الله بعد عُسر يُسرا ) وقال : ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ) .
ونريد أن نبيّن لك أيضا أنّه يُمكن للشخص إذا أسلم وخشي على نفسه من أذى لا يُطيقه أن يكتم إسلامه ويُبقيه سرا ويُخفي عباداته عن أعين من حوله وسيواجه في ذلك صعوبات ولكن في سبيل اتّباع الحقّ وإنقاذ النّفس من عذاب النّار يهون كلّ شيء ويتغلّب الإنسان المؤمن على جميع المصاعب .
وفي ختام هذا الجواب لا يسعنا إلا أن نشكرك على الجهد الذي بذلتيه والخطوات التي قمت بها وعلى اهتمامك بالسّؤال ونرجو أن تكون الخطوة القادمة والعاجلة واضحة تماما من خلال هذا الجواب ونحن على استعداد للمساعدة وبكلّ سرور في أيّ أمر تحتاجينه مستقبلا ونسأل الله أن يأخذ بيدك إلى طريق الحقّ ويٌعينك وييسر أمورك والله الهادي إلى سواء السبيل .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
هل يذهب بأمه إلى السوق وهي ترتدي عباءة مخصَّرة؟
السؤال:(5/1269)
إذا كانت عباءة الأم مخصّرة ، هل يجوز تلبية طلبها في الذهاب بها إلى السوق ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
عليك أن تنصح والدتك برفق ولين بأن لا تلبس مثل هذه العباءة التي تحدد جسمها وأن تلتزم بشروط الحجاب الشرعي والتي منها أن يكون واسعاً فضفاضاً .
ولمعرفة شروط الحجاب الشرعي راجع السؤال رقم (214) و(6991) .
ثانياً :
إذا كانت والدتك ستذهب إلى السوق على كل حال سواء ذهبت بها أم لم تذهب وإذا امتنعت من الخروج معها ستذهب منفردة فعليك في هذه الحال أن تذهب بها إلى السوق حفاظاً عليها، وتقليلاً للمنكر بقدر الإمكان والاستطاعة .
والله تعالى المسؤول أن يصلح أحوال المسلمين .
قاله الشيخ عبد الرحمن البراك بمعناه . (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
ما العمل مع أخواته اللاتي لا يلبسن الحجاب الكامل؟
السؤال:
أنا شاب هداني الله والحمد كل الحمد لله جل جلاله منذ نحو أربعة أشهر وقد فوجئت بما يقع فيه الناس من بدع ومحدثات الأمور لذلك أنا على اتصال دائم بموقعكم هذا . أما بعد فأنا يا شيخنا أعيش في أسرة جميع أفرادها يصلي والحمد لله ولي أختان ( 16,14 عاما) وهما لا ترتديان الجلباب وإنما ترتديان غطاء الرأس فقط وعندما أحاول إقناعهما تقف لي والدتي بالمرصاد مع أنها هي ترتدي الجلباب وتقول لي عندما تكبران سوف نلبسهما الجلباب وأنا التزاماً لما جاء في قرآننا الكريم من أمر باحترام الوالدين أسكت . وأريد أن أسأل :
1- هل أسكت وأنتظر إلى أن تكبر أختاي ؟
2- هل أخالف والديّ وأعصيهما وأغصب أختيّ على لبس الجلباب , خاصة وأن والديّ معارضان وبشدة لهذه الفكرة في الوقت الحالي. ؟
الجواب:
الحمد لله
نسأل الله تعالى أن يزيدك هدى وإيمانا ، وأن يثبتنا وإياك على دينه.
وينبغي أن تستمر في نصح أختيك بلبس الجلباب، ونصح والديك بإلزامهما أمر الله تعالى، وليكن ذلك برفق ولطف، ولعلك تستعين في هذا الأمر ببعض الأشرطة والكتيبات الموضحة لحكم الجلباب ، المأمور به في قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ) الأحزاب / 59
قال القرطبي رحمه الله : ( لما كانت عادة العربيات التبذل ، وكن يكشفن وجوههن كما يفعل الإماء ، وكان ذلك داعية إلى نظر الرجال إليهن ، وتشعب الفكرة فيهن ، أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يأمرهن بإرخاء الجلابيب عليهن إذا أردن(5/1270)
الخروج إلى حوائجهن ، وكن يتبرزن في الصحراء قبل أن تتخذ الكنف فيقع الفرق بينهن وبين الإماء ، فتعرف الحرائر بسترهن ، فيكف عن معارضتهن من كان عزبا أو شابا . وكانت المرأة من نساء المؤمنين قبل نزول هذه الآية تتبرز للحاجة فيتعرض لها بعض الفجار يظن أنها أمة ، فتصيح به فيذهب ، فشكوا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم . ونزلت الآية بسبب ذلك. قال معناه الحسن وغيره) انتهى . انظر السؤال رقم ( 11774 ) .
وما يردده بعض الناس من أن الفتاة لا تُلزم بالحجاب أو الجلباب إلا بعد زواجها أو إنهاء تعليمها أو غير ذلك ، لا أصل له ، بل كل فتاة بالغة يلزمها هذا الحكم الشرعي ، سواء كان سنها 12 أو 18 أو غير ذلك . وانظر للأهمية السؤال ( 20475 )
وينبغي أن يعلم الآباء والأمهات أنهم مسئولون أمام الله تعالى، عما استرعاهم من أمر أبنائهم ، كما قال سبحانه : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) التحريم / 6 . وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ، الإمام راع ومسئول عن رعيته ، والرجل راع في أهله وهو مسئول عن رعيته ) الحديث رواه البخاري 893 ، ومسلم 1829
وقال صلى الله عليه وسلم : "إن الله سائل كل راع عما استرعاه ، أحفظ ذلك أم ضيع ؟ حتى يسأل الرجل عن أهل بيته " رواه ابن حبان ، وصححه الألباني في غاية المرام برقم 271
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
ماذا تكشف المسلمة أمام الكفار من محارمها والنساء ؟
السؤال:
هل يجوز أن أخالط والد زوجي ، وأجالسه وأخلع حجابي أمامه وهو شخص كافر ؟ وما هو الحكم مع والدة زوجي ، هل يجوز أن أخلع حجابي أمامها ؟ كما أرجو أن تبين لي كيف أعاملهما ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
لا حرج على المرأة المسلمة من مخالطة محارمها ، ومن يحرم عليها من الكفار إذا أمنت فتنتهم ، وكذا الأمر بالنسبة للكافرات من قريباتها أو الأجنبيات ممن تدعو الحاجة لمخالطتهن كأم الزوج ، والواجب على المرأة المسلمة دعوة هؤلاء بالتي هي أحسن ، ويكون ذلك بإظهار محاسن الأخلاق التي دعا إليها الشرع من حسن الكلام ولطف الأفعال ، على أن تلتزم بأحكام الإسلام مثل عدم ابتدائهم بالسلام ، وعدم المودة القلبية .(5/1271)
وأما بخصوص لباسها أمامهم فإن المرأة المسلمة يجوز لها أن تكشف أمام محارمها ونسائها ما جرت العادة عند أهل الشرع والأدب بكشفه كالوجه والرأس والرقبة والذراع وبعض الساق .
وسواء كانت النساء والمحارم مسلمين أم كفاراً فإن الحكم فيه لا يختلف .
ولا يجوز للمسلمة أن تلبس القصير أمامهم ، ولا الشفاف ، ولا الضيِّق الذي يحجم العورة .
قال علماء اللجنة الدائمة :
على المرأة أن تحتشم وتتحلى بالحياء حتى ولو لم ينظر إليها إلا نساء ولا تكشف لهن إلا ما جرت العادة بكشفه ودعت له الحاجة كالخروج لهن في ثياب البذلة ( هي الثياب التي تلبسها وهي في عملها في البيت ) مكشوفة الوجه واليدين وأطراف القدمين ونحو ذلك وذلك أستر لها وأبعد عن مواطن الريبة . " فتاوى اللجنة الدائمة " ( 17 / 288 ، 289 ) .
وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين :
وأما محارمهن في النظر ، فكنظر المرأة إلى المرأة ، بمعنى أنه يجوز للمرأة أن تكشف عند محارمها ما تكشفه عند النساء ، تكشف الرأس والرقبة والقدم والكف والذراع والساق وما أشبه ذلك ، ولكن لا تجعل اللباس قصيرا ً ." مجموع الفتاوى " ( 12 / 276 ، 277 ) .
وانظر جواب السؤال رقم : ( 12371 ) و ( 6569 ) ففيه زيادة نقولات وتوضيح عن أهل العلم فيما تظهره وتمتنع عن إظهاره أمام النساء ومحارمها .
ثانياً :
ومن العلماء من فرَّق بين المرأة المسلمة والكافرة فمنع وضع الحجاب أما المرأة الكافرة ، وهذا القول مرجوح ، فقد كانت النساء اليهوديات يدخلن على عائشة وغيرها من الصحابيات ، ولم يُعلم منهن احتجاب عنهن .
سئل علماء اللجنة الدائمة :
هل يجب الحجاب عن المرأة الكافرة ، أو تُعامل كما تُعامل المرأة المسلمة ؟ .
فأجابوا :
فيه قولان لأهل العلم ، والأرجح : عدم الوجوب ؛ لأن ذلك لم يُنقل عن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا عن غيرهن من الصحابيات حين اجتماعهن بنساء اليهود في المدينة والنساء الوثنيات ، ولو كان واقعاً لنُقل كما نُقل ما هو أقل منه .
وقالوا :
لا مانع من كشف المرأة وجهها عند المرأة ، مسلمة كانت أو كانت كافرة ؛ لأنها لم تُؤمر بستر وجهها إلا عن الرجال الذين ليسوا من محارمها ، قال تعالى : ( وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ ) إلى قوله سبحانه { أَوْ نِسَائِهِنَّ } الآية ، فأمرها الله سبحانه بضرب الخمار على وجهها عن الرجال ما عدا المحارم المذكورين في الآية ، أو مَن بينها وبينهم رضاعة محرمة كما في الآية الأخرى .
والمراد بالنساء في الآية : جميع النساء المسلمات وغير المسلمات ، والله أعلم .(5/1272)
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 17 / 287 ، 288 ) .
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - :
هل يجوز أن تكشف المرأة المسلمة شعرها أمام امرأة غير مسلمة ، خاصة وأنها تصف المرأة المسلمة أمام الرجال من أقاربها وهم غير مسلمين ؟ .
فأجاب :
هذا الأمر مبنيٌّ على اختلاف العلماء في تفسير قوله – تعالى - : ( وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ ) النور/31 ، فالضمير في قوله – تعالى - : { نِسَائِهِنَّ } ؛ اختلف فيه العلماء ؛ فمنهم من قال : إن المقصود ، الجنس ؛ أي جنس النساء عموماً . ومنهم من قال : إن المقصود بالضمير : الوصف ؛ أي : النساء المؤمنات فقط ، فعلى القول الأول يجوز للمرأة أن تكشف شعرها ووجها أمام امرأة غير مسلمة ، وعلى القول الثاني لا يجوز ، ونحن نميل إلى الرأي الأول وهو الأقرب ؛ لأن المرأة مع المرأة لا فرق فيه بين امرأة مسلمة وغير مسلمة ، هذا إذا لم تكن هناك فتنة ، أما إذا خشيت الفتنة كأن تصف المرأة لأقاربها من الرجل فيجب توقي الفتنة حينئذ ، فلا تكشف المرأة شيئاً من جسدها ، كالرجلين أو الشعر أمام امرأة أخرى سواء مسلمة أو غير مسلمة .
" فتاوى المرأة المسلمة " – جمع صلاح الدين محمود – ( ص 605 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
حوار مع نصراني حول عقيدة الفداء عند النصارى
السؤال:
لماذا يصر المسلون على إنكار أن المسيح قد جاء مخلصا لفدائنا ؟.
الجواب:
الحمد لله
تعد عقيدة الفداء عند النصارى وأصلها الذي بنيت عليه ، وهو قولهم بصلب المسيح عليه السلام ، من العقائد الأساسية عند النصارى ؛ حتى إنهم ليراهنون بالديانة كلها إذا لم تصح هذه العقيدة . يقول الكاردينال الإنجليزي منينغ في كتابه : " كهنوت الأبدية " : ( لا تخفى أهمية هذا البحث الموجب للحيرة ، فإنه إذا لم تكن وفاة المسيح صلباً حقيقية ، فحينئذ يكون بناء عقيدة الكنيسة قد هدم من الأساس ، لأنه إذا لم يمت المسيح على الصليب ، لا توجد الذبيحة ، ولا النجاة ، ولا التثليث . . فبولس والحواريون وجميع الكنائس كلهم يدعون هذا ، أي أنه إذا لم يمت المسيح لا تكون قيامة أيضاً ) .
وهذا ما يقرره بولس :{ وإن لم يكن المسيح قد قام ، فباطل كرازتنا ، وباطل أيضاً إيمانكم } [ كورنثوس 1/14-15] .(5/1273)
وعلى نحو ما تخبطوا في قولهم بالتثليث ، وما مفهومه ، وكيف يوفقون بينه وبين التوحيد الذي يقرره العهد القديم ، [ راجع السؤال رقم 12628 ] ، وعلى نحو تخبطهم أيضا في كل ما يتعلق بالصلب من تفصيلات ، وهو أصل قولهم بالفداء الذي يعتبرونه علة لهذا الصلب ، [ راجع أيضا سؤال رقم 12615 ] ، نقول : على نحو هذا الخبط الملازم لكل من حاد عن نور الوحي المنزل من عند الله ، كان تخبطهم في عقيدة الفداء .
فهل الفداء خلاص لجميع البشر ، كما يقول يوحنا : { يسوع المسيح البار ، شفيع عند الآب ، فهو كفارة لخطايانا ، لا لخطايانا وحدها ، بل لخطايا كل العالم أيضاً } [ رسالة يوحنا الأولى 2/2 ] ، أو هو خاص بمن آمن واعتمد : { من آمن واعتمد خلص ، ومن لم يؤمن يدن } [ مرقس 16/16 ] .
إن المتأمل في سيرة المسيح وأقواله يرى بوضوح أن دعوة المسيح كانت لبني إسرائيل ، وأنه خلال سني دعوته نهى تلاميذه عن دعوة غيرهم ، وعليه فالخلاص أيضاً يجب أن يكون خاصاً بهم ، وهو ما نلمسه في قصة المرأة الكنعانية التي قالت له : { ارحمني يا سيد يا ابن داود . ابنتي مجنونة جداً ، فلم يجبها بكلمة واحدة ، فتقدم إليه تلاميذه ، وطلبوا إليه قائلين : اصرفها لأنها تصيح وراءنا ، فأجاب وقال : لم أرسل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة ، فأتت وسجدت له قائلة : يا سيد أعني ، فأجاب وقال : ليس حسناً أن يؤخذ خبز البنين ويطرح للكلاب{ (متى 15/22 - 26) ، فالمسيح لم يقم بشفاء ابنة المرأة الكنعانية ، وهو قادر عليه ، فكيف يقوم بالفداء عن البشرية جمعاء ؟
وهل هذا الخلاص من خطيئة آدم الأولى فقط ، أو هو عام لجميع خطايانا ؟
إن أحدا لا يحمل إثم أحد ، ولا يفديه بنفسه ، كما قال الله تعالى في كتابه الكريم : ( وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ) فاطر/18 .
وهذا هو ما تقرره نصوص كتابكم المقدس : { النفس التي تخطيء هي تموت ، الابن لا يحمل من إثم الأب ، والأب لا يحمل من إثم الابن ، بر البار عليه يكون ، وشر الشرير عليه يكون } [ حزقيال 18/20 - 21 ] .
فليس هناك خطيئة موروثة : { لولا أني جئت وكلمتهم ، لما كانت عليهم خطيئة ، وأما الآن فلا عذر لهم في خطيئتهم . . لولا أني عملت بينهم أعمالاً ما عمل أحد مثلها ، لما كانت لهم خطيئة ، لكنهم الآن رأوا ، ومع ذلك أبغضوني وأبغضوا أبي } [ يوحنا 15/22 - 24 ] .
وحين تكون هناك خطيئة ، سواء كانت مما اكتسبه العبد ، أو ورثه عن آدم ، أو من دونه من الآباء (؟!!) ، فلم لا يكون محو هذه الخطيئة بالتوبة ؟!
إن فرح أهل السماء بالتائب كفرح الراعي بخروفه الضائع إذا وجده ، والمرأة بدرهمها الضائع إذا عثرت عليه ، والأب بابنه الشارد إذا رجع :
{ هكذا يكون الفرح في السماء بخاطئ واحد يتوب ، أكثر من الفرح بتسعة وتسعين من الأبرار لا يحتاجون إلى التوبة } [ لوقا 15/1-31 } .(5/1274)
ولقد وعد الله التائبين بالقبول : { فإذا رجع الشرير عن جميع خطاياه التي فعلها ، وحفظ كل فرائضي وفعل حقاً وعدلاً ، فحياة يحيا ، لا يموت ، كل معاصيه التي فعلها لا تذكر عليه ، بره الذي عمل يحيا } [ حزقيال 18/21-23 ] ، وانظر [ إشعيا 55/7 ]
إن الاتكال على النسب من غير توبة وعمل صالح ، ضرب من الخبال ؛ فمن أبطأ به عمله ، لم يسرع به نسبه ، كما يقول نبينا صلى الله عليه وعلى إخوانه المرسلين وسلم [ صحيح مسلم 2699] ، وهكذا علمكم يوحنا المعمدان ( يحي عليه السلام ) : { يا أولاد الأفاعي من علمكم أن تهربوا من الغضب الآتي ، أثمروا ثمراً يبرهن على توبتكم ، ولا تقولوا لأنفسكم : نحن أبناء إبراهيم ، أقول لكم : إن الله قادر على أن يجعل من هذه الحجارة أبناء لإبراهيم ؛ ها هي الفأس على أصول الشجر : فكل شجرة لا تعطي ثمرا جيدا تقطع ، وترمى في النار } [ متى 3/7 - 11 ] .
إن غفران الذنب بتوبة صاحبه هو اللائق بالله البر الرحيم ، لا الذبح والصليب ، وإراقة الدماء ، هذا ما يقرره الكتاب المقدس :
{ إني أريد رحمة لا ذبيحة ، لأني لم آت لأدعو أبراراً ، بل خطاة إلى التوبة } [ متى 9/13 ]
و لهذا يقول بولس : { طوبى للذين غفرت آثامهم وسترت خطاياهم ، طوبى للرجل الذي لا يحسب له الرب خطية } [ رومية 4/7-8 ] .
هذا مع إيماننا بأن الله تعالى لو أمر بعض عباده بقتل أنفسهم توبة من خطاياهم ، لم يكن كثيرا عليهم ، ولم يكن منافيا لبره سبحانه ورحمته ، وقد أمر بذلك بني إسرائيل لما طلبوا أن يروا الله جهرة ، لكن حينئذ لا يقتل أحد عن أحد ، بل يقتل المرء عن إثم نفسه ، لا عن آثام غيره ، وقد كان ذلك من الإصر والأغلال التي وضعها الله عن هذه الأمة المرحومة .
ومما يبطل نظرية وراثة الذنب أيضاً النصوص التي تحمل كل إنسان مسئولية عمله ؛ كما قال الله تعالى في كتابه الكريم : ( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ ) فصلت /46 وقال : ( كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ) المدثر/38 .
وهكذا في كتابكم المقدس :
{ لا تَدينوا لئلا تُدانوا ، فكما تدينون تُدانون ، وكما تكيلون يُكال لكم } [ متى 7/1-2 ]
{ فإن ابن الإنسان سوف يأتي في مجد أبيه مع ملائكته ، وحينئذ يجازي كل واحد حسب عمله } [ متى 16/27 ]
وأكد المسيح على أهمية العمل الصالح والبر ، فقال للتلاميذ : { ليس كل من يقول : لي يا رب يا رب ، يدخل ملكوت السموات . بل الذي يفعل إرادة أبي الذي في السموات ، كثيرون سيقولون لي في ذلك اليوم : يا رب يا رب ، أليس باسمك تنبأنا وباسمك أخرجنا شياطين ، وباسمك صنعنا قوات كثيرة ، فحينئذ أصرّح لهم : إني لم أعرفكم قط . اذهبوا عني يا فاعلي الإثم } [ متى 7/20-21 ] .
ومثله قوله : { يرسل ابن الإنسان ملائكته فيجمعون في ملكوته جميع المعاثر ، وفاعلي الإثم ، ويطرحونهم في أتون النار } [ متى 13/41-42 ] .(5/1275)
فلم يحدثهم عن الفداء الذي سيخلصون به من الدينونة .
والذين يعملون الصالحات هم فقط الذين ينجون يوم القيامة من الدينونة ، بينما يحمل الذين عملوا السيئات إلى الجحيم ، من غير أن يكون لهم خلاص بالمسيح أو غيره :
{ تأتي ساعة فيها يسمع جميع الذين في القبور صوته ، فيخرج الذين فعلوا الصالحات إلى قيامة الحياة ، والذين عملوا السيئات إلى قيامة الدينونة } [ يوحنا 5/28-29] .
{ متى جاء ابن الإنسان في مجده وجميع الملائكة والقديسين معه ، فحينئذ يجلس على كرسي مجده . . . ثم يقول أيضاً للذين عن اليسار : اذهبوا عني يا ملاعين إلى النار الأبدية المعدة لإبليس وملائكته } [ متى 25/31 - 42 ] .
ويقول المسيح لهم : { أيها الحيات أولاد الأفاعي كيف تهربون من دينونة جهنم }( متى 23/33 ) .
ويلاحظ أدولف هرنك أن رسائل التلاميذ خلت من معتقد الخلاص بالفداء ، بل إنها جعلت الخلاص بالأعمال كما جاء في رسالة يعقوب { ما المنفعة يا إخوتي إن قال أحد : إنّ له إيماناً ، ولكن ليس له أعمال ، هل يقدر الإيمان أن يخلصه ؟ الإيمان أيضاً إن لم يكن له أعمال ميت في ذاته . . الإيمان بدون أعمال ميت } [ يعقوب 2/14 – 20 وانظر :1/22 , 1/27 ] .
ويقول بطرس : { أرى أن الله لا يفضل أحدا على أحد في الحقيقة ، فمن خافه من أية أمة كانت ، وعمل الخير ، كان مقبولا عنده } [ أعمال الرسل 10/34-35 ] . ومثل هذا كثير في أقوال المسيح والحواريين .
وصدق الله العظيم : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) الحجرات/13 .
والعجب أن بولس نفسه الذي أعلن نقض الناموس وعدم فائدة الأعمال ، وأن الخلاص إنما يكون بالإيمان ، هو ذاته أكد على أهمية العمل الصالح في مناسبات أخرى منها قوله : { إن الذي يزرعه الإنسان ، إياه يحصد أيضاً . . . فلا تفشل في عمل الخير لأننا سنحصده في وقته{ ( غلاطية 6/7) .
ويقول : {كل واحد سيأخذ أجرته حسب تعبه} (كورنثوس (1) 3/8) .
[ انظر حول هذه القضية بتوسع : د . منذر السقار : هل افتدانا المسيح على الصليب ]
وهكذا ، فليس أمامك حيال هذا التناقض إلا أن تلغي فهمك وعقلك ، وتعلل نفسك بالأماني الكاذبة ، على نحو ما فعلت في عقيدة التثليث والتوحيد ، وهو ما ينصحك به "ج . ر . ستوت" في كتابه "المسيحية الأصلية" : ( لا أجسر أن أ تناول الموضوع ، قبل أن أعترف بصراحة بأن الكثير منه سوف يبقى سرا خفيا . . . ، ويا للعجب كيف أن عقولنا الضعيفة لا تدركه تماما ، ولا بد أن يأتي اليوم الذي فيه ينقشع الحجاب ، وتُحل كل الألغاز ، وترى المسيح كما هو !!
. . فكيف يمكن أن يكون الله حل في المسيح ، بينما يجعل المسيح خطية لأجلنا ، هذا ما لا أستطيع أن أجيب عنه ، ولكن الرسول عينه يضع هاتين الحقيقتين جنبا إلى جنب ، وأنا أقبل الفكرة تماما ، كما قبلت أن يسوع الناصري هو إنسان وإله في(5/1276)
شخص واحد . . . وإن كنا لا نستطيع أن نحل هذا التناقض ، أو نفك رموز هذا السر ، فينبغي أن نقبل الحق كما أعلنه المسيح وتلاميذه ، بأنه احتمل خطايانا )
[ المسيحية الأصلية ص 110 ، 121 ، نقلا عن د . سعود الخلف : اليهودية والنصرانية ص 238 ] .
ونعم ، سوف نرى نحن وأنتم المسيح كما هو ؛ عبدا من عباد الله المقربين ، وأنبيائه المرسلين ، وفي هذا اليوم الذي ينقشع فيه الحجاب يتبرأ ممن اتخذه إلها من دون الله ، أو نسب إليه ما لم يقله ، لتعلم ساعتها أنه لم يكن هناك لغز ولا أسرار :
( وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ (116) مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنْ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (117) إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (118) قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (119) لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (120) ) سورة المائدة .
فهل من وقفة قبل فوات الأوان ، وعودة إلى كلمة سواء ، لا لغز فيها ولا حجاب :
( قُلْ يا أهل الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلا نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ) آل عمران /64 .
والله اعلم .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
حكم تغطية الكفين في حضور الرجال الأجانب
السؤال:
ما حكم تغطية الكفين - علماً بأني ألبس النقاب ولكن بسبب ظروف الدراسة من كتابة واستخدام الأجهزة كالكمبيوتر والأجهزة التعليمية الأخرى لا أستطيع الالتزام بتغطية الكفين لأن ذلك يعوقني ، والمكان لا يخلو من الرجال ؟ .
الجواب:
الحمد لله
لا يجوز للمرأة – وخاصة أنها تقول إنها منقبة - أن تخالط الرجال الأجانب وأن تجالسهم سواء كان ذلك في دراسة أو عمل ، وقد بيَّنا حكم الاختلاط وما يترتب عليه من مفاسد في أجوبتنا على الأسئلة : ( 1200 ) و ( 20784 ) و ( 12837 ) .
ومن مفاسد هذا الاختلاط : نظر كل من الطرفين إلى الآخر ، وهو أمر محرَّم ، وقد أمر الله تعالى المؤمنين والمؤمنات بغض البصر عما لا يحل لهم .
ولا يجوز أن يرى الأجانب منها شيئاً ، ولا يحل لها أن تتهاون في لباسها ليظهر منها ما لا يحل لها إظهاره .(5/1277)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
وحقيقة الأمر أن الله جعل الزينة زينتين : زينة ظاهرة ، وزينة غير ظاهرة ، ويجوز لها إبداء زينتها الظاهرة لغير الزوج وذوات المحارم ، وكانوا قبل أن تنزل آية الحجاب كان النساء يخرجن بلا جلباب يرى الرجل وجهها ويديها ، وكان إذ ذاك يجوز لها أن تظهر الوجه والكفين ، وكان حينئذ يجوز النظر إليها لأنه يجوز لها إظهاره ، ثم لما أنزل الله آية الحجاب بقوله : ( يأَيُّهَا النَّبِىُّ قُل لاَِزْوَجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً ) : حجب النساء عن الرجال ...
والجلباب هو الملاءة ، وهو الذي يسميه ابن مسعود وغيره الرداء ، وتسميه العامة الإزار ، وهو الإزار الكبير الذي يغطي رأسها وسائر بدنها ، ثم يقال : فإذا كن مأمورات بالجلباب لئلا يعرفن وهو ستر الوجه أو ستر الوجه بالنقاب : كان الوجه واليدان من الزينة التي أمرت أن لا تظهرها للأجانب ، فما بقي يحل للأجانب النظر إلا إلى الثياب الظاهرة .
وعكس ذلك الوجه واليدان والقدمان ليس لها أن تبدي ذلك للأجانب على أصح القولين بخلاف ما كان قبل النسخ ، بل لا تبدي إلا الثياب .
" مجموع الفتاوى " ( 22 / 110 - 114 ) باختصار .
وقد بينا في جواب الأسئلة : ( 11774 ) و ( 21536 ) حكم تغطية الوجه والكفين .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
هل يختلف حكم قيادة السيارة من بلد إلى آخر ؟
السؤال:
مساحة الدول الإسلامية شاسعة ، ونجد أن هناك فرقاً بين دولة وأخرى ، في اللباس والعادات والتقاليد ، فمثلا نجد أنه في بعض الدول تلتزم فيها أخواتنا بالنقاب ، حيث إنهم يتبعون الفتوى القائلة إن النقاب واجب ، ولكن ذلك ليس منتشراً في دول أخرى ، والرأي الذي يأخذونه هناك أن النقاب ليس واجباً بل مستحب ، كذلك قيادة المرأة للسيارة ففي بعض الدول حرَّمها المشايخ لما لها من أضرار لو سمح بها ، بينما في دول أخرى- قيادة المرأة للسيارة أمر عادي جدّاً ، وله عشرات السنين .
فإلى أي مدى تكون هناك مرونة في الأحكام ؟ وهل ما يحدث صحيح أقصد أن الشيء يصبح واجباً في مناطق ومستحبّاً في مناطق أخرى ؟ .
الجواب:
الحمد لله
الأحكام الشرعية نوعان :
الأول : ما دلت الأدلة الصحيحة على حكمه ، بقطع النظر عن العادات المختلفة أو ما يترتب عليه من مصالح أو مفاسد .(5/1278)
فهذا حكمه ثابت ولا يختلف من مكان إلى آخر ولا من شخص لآخر إلا إذا كان الإنسان مضطراً أو مريضاً أو معذوراً فإنه يسهل له الحكم حسب حاله على ما جاء به الشرع .
ومن هذا النوع : وجوب الصلوات الخمس ، وصيام رمضان ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وطلب العلم ، ..إلخ .
ومنه أيضاً : سترة المرأة المسلمة جميع بدنها بما فيه الوجه والكفان ، فإن هذا الحكم واجب ولا يختلف من مكان إلى آخر .
وقد سبق في إجابة السؤال : ( 21134 ) و ( 13647 ) بيان الأدلة على هذا .
النوع الثاني : أحكام بنيت على أسباب معيّنة أو كان حكمها التحريم أو الإباحة أو الوجوب ـ مثلاً ـ بناء على ما يترتب عليها من مصالح أو مفاسد ، ولم ترد الأدلة الشرعية بحكم ثابت لها لا يختلف ، وقد يكون من هذا النوع قيادة المرأة للسيارة .
وقد أفتى العلماء بتحريمه لما يترتب عليه من مفاسد .
وهذا إنما ينطبق تمام الانطباق على بلاد الحرمين ، وأما ما عداها من البلاد فإنه يرجع إلى علمائها الثقات الأثبات فإنهم أعلم بأحوال بلادهم .
قال الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله - :
فقد كثر حديث الناس في صحيفة " الجزيرة " عن قيادة المرأة للسيارة ، ومعلوم أنها تؤدي إلى مفاسد لا تخفى على الداعين إليها ، منها الخلوة المحرمة بالمرأة ، ومنها السفور ، ومنها الاختلاط بالرجال بدون حذر ، ومنها ارتكاب المحظور الذي من أجله حرمت هذه الأمور ، والشرع المطهر مَنَع الوسائل المؤدية إلى المحرم واعتبرها محرمة ، وقد أمر الله جل وعلا نساء النبي ونساء المؤمنين بالاستقرار في البيوت ، والحجاب ، وتجَنُّب إظهار الزينة لغير محارمهن لما يؤدي إليه ذلك كله من الإباحية التي تقضي على المجتمع قال تعالى : ( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآَتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ) الأحزاب/33 الآية ، وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ ) الأحزاب/59 ، وقال تعالى : ( وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) النور/31 ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما " ، فالشرع المطهر منع جميع الأسباب المؤدية إلى الرذيلة بما في ذلك رمي المحصنات الغافلات بالفاحشة وجعل عقوبته من أشد العقوبات ؛ صيانة للمجتمع من نشر أسباب الرذيلة .
وقيادة المرأة من الأسباب المؤدية إلى ذلك وهذا لا يخفى ولكن الجهل بالأحكام الشرعية وبالعواقب السيئة التي يفضي إليها التساهل بالوسائل المفضية إلى المنكرات(5/1279)
- مع ما يبتلى به الكثير من مرضى القلوب - ومحبة الإباحية والتمتع بالنظر إلى الأجنبيات كل هذا يسبب الخوض في هذا الأمر وأشباهه بغير علم وبغير مبالاة بما وراء ذلك من الأخطار ، وقد قال الله تعالى : ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ ) الأعراف/33 ، وقال سبحانه : ( وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ) البقرة/168 ، وقال صلى الله عليه وسلم : " ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء " .
وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال : كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني ، فقلت : يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر ؟ قال : نعم ، قلت : وهل بعد ذلك الشر من خير ؟ قال : نعم وفيه دخن ، قلت : وما دخنه ؟ قال : قوم يهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر ، قلت : فهل بعد ذلك الخير من شر ؟ قال : نعم دعاة إلى أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها ، قلت : يا رسول الله صفهم لنا ؟ فقال : هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا ، قلت : فما تأمرني إن أدركني ذلك ؟ قال : تلزم جماعة المسلمين وإمامهم ، قلت : فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام ، قال : فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك " متفق عليه.
وإنني أدعو كل مسلم أن يتقي الله في قوله وفي عمله وأن يحذر الفتن والداعين إليها وأن يبتعد عن كل ما يسخط الله جل وعلا أو يفضي إلى ذلك وأن يحذر كل الحذر أن يكون من هؤلاء الدعاة الذين أخبر عنهم النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الشريف.
وقانا الله شر الفتن وأهلها وحفظ لهذه الأمة دينها وكفاها شر دعاة السوء ووفق كُتَّاب صحفنا وسائر المسلمين لما فيه رضاه وصلاح أمر المسلمين ونجاتهم في الدنيا والآخرة إنه ولي ذلك والقادر عليه .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " ( 3 / 351 – 353 ) .
وسئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين : أرجو توضيح حكم قيادة المرأة للسيارة ، وما رأيكم بالقول:
( إن قيادة المرأة للسيارة أخف ضررا من ركوبها مع السائق الأجنبي؟ )
الجواب على هذا السؤال ينبني على قاعدتين مشهورتين بين علماء المسلمين :
القاعدة الأولى : أن ما أفضى إلى محرم فهو محرم . والدليل قوله تعالى : ( وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ ) الأنعام/108 ، فنهى الله عن سب آلهة المشركين – مع أنه مصلحة – لأنه يفضي إلى سب الله تعالى .
القاعدة الثانية : أن درء المفاسد – إذا كانت مكافئة للمصالح أو أعظم – مقدم على جلب المصالح . والدليل قوله تعالى: ( يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا ) البقرة/219 ، وقد حرم الله الخمر والميسر مع ما فيهما من المنافع درءاً للمفسدة الحاصلة بتناولهما .(5/1280)
وبناء على هاتين القاعدتين يتبين حكم قيادة المرأة للسيارة . فإن قيادة المرأة للسيارة تتضمن مفاسد كثيرة، فمن مفاسدها :
1- نزع الحجاب : لأن قيادة السيارة سيكون بها كشف الوجه الذي هو محل الفتنة ومحط أنظار الرجال ، ولا تعتبر المرأة جميلة أو قبيحة على الإطلاق إلا بوجهها ، أي أنه إذا قيل جميلة أو قبيحة ، لم ينصرف الذهن إلا إلى الوجه ، وإذا قصد غيره فلا بد من التقييد ، فيقال جميلة اليدين ، أو جميلة الشعر ، أو جميلة القدمين . وبهذا عرف أن الوجه مدار القاصدين .
وقد يقول قائل : إنه يمكن أن تقود المرأة السيارة بدون نزع الحجاب ، بأن تتلثم المرأة وتلبس في عينيها نظارتين سوداوين .
والجواب على ذلك أن يقال : هذا خلاف الواقع من عاشقات قيادة السيارة ، واسأل من شاهدهن في البلاد الأخرى ، وعلى فرض أنه يمكن تطبيقه في ابتداء الأمر فإن الأمر لن يدوم طويلا ، بل سيتحول – في المدى القريب – إلى ما عليه النساء في البلاد الأخرى ، كما هي سنة التطور المتدهور في أمور بدأت هينة مقبولة بعض الشيء ثم تدهورت منحدرة إلى محاذير مرفوضة .
2- من مفاسد قيادة المرأة للسيارة : نزع الحياء منها ، والحياء من الإيمان – كما صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم – والحياء هو الخلق الكريم الذي تقتضيه طبيعة المرأة وتحتمي به من التعرض للفتنة ، ولهذا كانت مضرب المثل فيه فيقال ( أحيا من العذراء في خدرها ) ، وإذا نزع الحياء من المرأة فلا تسأل عنها .
3- ومن المفاسد : أنها سبب لكثرة خروج المرأة من البيت والبيت خير لها – كما أخبر بذلك النبي المعصوم صلى الله عليه وسلم – لأن عاشقي القيادة يرون فيها متعة ، ولهذا تجدهم يتجولون في سياراتهم هنا وهناك بدون حاجة لما يحصل لهم من المتعة بالقيادة .
4- ومن مفاسدها أن المرأة تكون طليقة تذهب إلى ما شاءت ومتى شاءت وحيث شاءت إلى ما شاءت من أي غرض تريده ، لأنها وحدها في سيارتها ، متى شاءت في أي ساعة من ليل أو نهار، وربما تبقى إلى ساعة متأخرة من الليل . وإذا كان الناس يعانون من هذا في بعض الشباب ، فما بالك بالشابات ؟؟! وحيث شاءت يمينا وشمالا في عرض البلد وطوله ، وربما خارجه أيضاً .
5- ومن المفاسد : أنها سبب لتمرد المرأة على أهلها وزوجها ، فلأدنى سبب يثيرها في البيت تخرج منه وتذهب في سيارتها إلى حيث ترى أنها تروح عن نفسها فيه ، كما يحصل ذلك من بعض الشباب وهم أقوى تحملا من المرأة .
6- ومن مفاسدها : أنها سبب للفتنة في مواقف عديدة : في الوقوف عند إشارات الطريق – في الوقوف عند محطات البنزين – في الوقوف عند نقطة التفتيش – في الوقوف عند رجال المرور عند التحقيق في مخالفة أو حادث – في الوقوف لملء إطار السيارة بالهواء– في الوقوف عند خلل يقع في السيارة في أثناء الطريق ، فتحتاج المرأة إلى إسعافها ، فماذا تكون حالتها حينئذ ؟ ربما تصادف رجلا سافلا يساومها على عرضها في تخليصها من محنتها ، لاسيما إذا عظمت حاجتها حتى بلغت حد الضرورة .(5/1281)
7- من مفاسد قيادة المرأة للسيارة : كثرة ازدحام الشوارع ، أو حرمان بعض الشباب من قيادة السيارات وهم أحق بذلك وأجدر .
8- من مفاسدها أنها سبب للإرهاق في النفقة ، فإن المرأة – بطبيعتها – تحب أن تكمل نفسها مما يتعلق بها من لباس وغيره ، ألا ترى إلى تعلقها بالأزياء ، كلما ظهر زِيٌّ رمت بما عندها وبادرت إلى الجديد ، وإن كان أسوأ مما عندها . ألا ترى ماذا تعلق على جدرانها من الزخرفة . وعلى قياس ذلك – بل لعله أولى منه – السيارة التي تقودها ، فكلما ظهر موديل جديد فسوف تترك الأول إلى هذا الجديد .
أما قول السائل : وما رأيكم بالقول : ( إن قيادة المرأة للسيارة أخف ضررا من ركوبها مع السائق الأجنبي ؟ ).
فالذي أراه أن كل واحد منهما فيه ضرر ، وأحدهما أضر من الثاني من وجه ، ولكن ليس هناك ضرورة توجب ارتكاب أحدهما .
واعلم أنني بسطت القول في هذا الجواب لما حصل من المعمعة والضجة حول قيادة المرأة للسيارة ، والضغط المكثف على المجتمع السعودي المحافظ على دينه وأخلاقه ليستمرئ قيادة المرأة للسيارة ويستسيغها .
وهذا ليس بعجيب لو وقع من عدو متربص بهذا البلد الذي هو آخر معقل للإسلام يريد أعداء الإسلام أن يقضوا عليه ، ولكن هذا من أعجب العجب إذا وقع من قوم من مواطنينا ومن أبناء جلدتنا يتكلمون بألسنتنا ، ويستظلون برايتنا . قوم انبهروا بما عليه دول الكفر من تقدم مادي دنيوي فأعجبوا بما هم عليه من أخلاق، تحرروا بها من قيود الفضيلة إلى قيود الرذيلة .
ا.هـ كلام الشيخ ابن عثيمين
( وأما في البلاد التي يُسمح فيها بقيادة المرأة للسيارة فعلى المرأة المسلمة تجنّب ذلك ما أمكنها للأسباب السابق ذكرها .
وأما في حالات الضرورة كإسعاف مصاب أو فرار من مجرم فإنه لا حرج على المرأة المسلمة أن تستخدم السيارة في مثل هذه الحالات إذا لم تجد رجلاً تستنجد به .
وتبقى حالات أخرى مثل النساء اللاتي لا بد لهن من الخروج إلى العمل فليس لها زوج أو أب أو وليّ يكفيها ولا من المرتبات الحكومية ما يقوم بحاجتها ، ولم تجد عملاً يكفيها تقوم به في منزلها كبعض وظائف الإنترنت ، واضطرت إلى الخروج فإنها تستخدم أقل وسائل المواصلات خطراً عليها .
وقد تكون هناك مواصلات عامة خاصة بالنساء أو سائق يُستأجر لعدة نساء يوصلهن إلى العمل أو الجامعة ، وقد تكون سيارات الأجرة الخاصة ـ لمن قدرت عليها ماليا ـ أرحم لها من الحافلات العامة التي قد تتعرض فيها للإهانة والاعتداء فتستعمل سيارات الأجرة دون خلوة مع السائق .
وإذا اضطرت في النهاية إلى قيادة السيارة في حالات الحاجة الشديدة الماسة التي لا غنى عنها فإنها تسوقها بجلبابها الشرعي الكامل مع تقوى الله .
وقد تقدم ذكر حال الاضطرار
وتستعين بفتوى علماء بلدها الثقات ـ من غير المتساهلين ـ الذين يفقهون الشريعة ويعرفون وضع البلد .(5/1282)
وقد قال الله تعالى : ( فاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) التغابن/6
نسأل الله السلامة والعافية وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
هل يجب الحجاب على المرأة في سجود التلاوة
السؤال:
السؤال : ماذا تفعل المرأة عندما تكون تقرأ القرآن وتقابلها آية سجدة هل تسجد وهي بدون غطاء أم ماذا تفعل ؟
الجواب:
الجواب:
الحمد لله
الأولى للمرأة إذا مرت بآية سجدة أن تسجد وهي مخمرة رأسها وإن سجدت للتلاوة بدون خمار فنرجو ألا حرج ، لأن سجود التلاوة ليس له حكم الصلاة ، وإنما هو خضوع لله سبحانه وتقرب إليه مثل بقية الأذكار وأفعال الخير .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 7/263 (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
حكم معانقة الرجل للمرأة
السؤال:
هل الاحتضان / العناق جائز ؟ للمزيد من التدقيق : عناق النساء سواء القريبات أو غيرهن ؟.
الجواب:
الحمد لله
إذا عرف الأخ السائل وغيره أن مصافحة المرأة الأجنبيَّة لا يحل ولا يجوز : فإنه من باب أولى أن يكون احتضانهن ومعانقتهن حرام كذلك بل أشد حرمة ، والقريبة التي ليست من المحارم حكمها حكم الأجنبيَّة .
أما بالنسبة للقريبات من المحارم كالعمة والخالة : فإنه يجوز للرجل مصافحتهن ، أما الاحتضان والمعانقة وتقبيل الفم : فإنه يمنع منه لما في ذلك من تحريك للشهوة ، ومنعه إنما هو من باب سد الذرائع ، ويكتفي بتقبيل الرأس أو الأنف .
وهذا أسئلة للشيخ عبد العزيز بن باز وأجوبتها :
1. سئل الشيخ عبد العزيز بن باز :
أنا أسكن حاليا في مدينة الرياض ولي فيها أقارب صلة القرابة بيني وبينهم قريبة جدا ومن بينهم ( بنات خالتي وزوجات أعمامي وبنات أعمامي ) وعندما أزورهم أقوم بالسلام عليهن وتقبيلهن ويجلسن معي وهن كاشفات وأنا أتضايق من هذه الطريقة علما أن هذه العادة منتشرة في أغلب مناطق الجنوب فما قولكم في هذه العادة وماذا أفعل أنا ؟ ... أفيدوني جزاكم الله خيرا.(5/1283)
الجواب : هذه العادة سيئة منكرة مخالفة للشرع المطهر ولا يجوز لك تقبيلهن ولا مصافحتهن لأن زوجات أعمامك وبنات عمك وبنات خالك ونحوهن لسن محارم لك فيجب عليهن أن يحتجبن عنك وأن لا يبدين زينتهن لك لقول الله سبحانه : ( وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ) الأحزاب / 53 ، وهذه الآية تعم أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهن في أصح قولي العلماء ومن قال إنها خاصة بهن فقوله باطل لا دليل عليه ، وقال سبحانه في سورة النور في حق النساء ( وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ ) الآية النور / 31 ، ولست من هؤلاء المستثنين بل أنت أجنبي من بنات عمك وبنات خالك وزوجات أعمامك ، بمعنى أنك لست من محارمهن والواجب عليك أن تخبرهن بما ذكرنا وتقرأ عليهن هذه الفتوى حتى يعذرنك ويعلمن حكم الشرع في ذلك ، ويكفي أن تسلم عليهن بالكلام من دون تقبيل أو مصافحة لما ذكرنا من الآيات ..
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم لما أرادت امرأة أن تصافحه قال صلى الله عليه وسلم: " إني لا أصافح النساء " ، ولقول عائشة رضي الله عنها : " ما مسَّت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يدَ امرأةٍ قط ، ما كان يبايعهن إلا بالكلام " ولما ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها في قصة الإفك أنها قالت لما سمعت صوت صفوان بن المعطل " خمَّرتُ وجهي وكان قد رآني قبل الحجاب " ، فدل ذلك على أن النساء كن يخمرن وجوههن بعد نزول آية الحجاب .
أصلح الله أحوال المسلمين ومنحهم الفقه في الدين ، والله ولي التوفيق .
" فتاوى إسلامية " ( 3 / 77 ، 78 ) .
2. وقال الشيخ – أيضاً - :
لا حرج في تقبيل الرجل لابنته الكبيرة والصغيرة بدون شهوة ، على أن يكون ذلك في خدها إذا كانت كبيرة ؛ لما ثبت عن أبي بكر الصدِّيق رضي الله عنه أنه قبَّل ابنته عائشة في خدها ؛ ولأن التقبيل على الفم قد يفضي إلى تحريك الشهوة فترْكه أولى وأحوط ، وهكذا البنت لها أن تقبِّل أباها على أنفه أو رأسه من دون شهوة ، أما مع الشهوة فيحرُم ذلك على الجميع حسماً لمادة الفتنة وسدّاً لذرائع الفاحشة .
" فتاوى إسلامية " ( 3 / 78 ، 79 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
الراجح في حكم تغطية الوجه
السؤال:
بخصوص النقاب ما الأحاديث والآيات الخاصة به ؟.
الجواب:
الحمد لله
الصحيح أن على المرأة أن تستر جميع بدنها حتى الوجه والكفين ، بل إن الإمام أحمد يرى أن ظفر المرأة عورة وهو قول مالك – رحمهما الله تعالى - ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى - :(5/1284)
... . وهو ظاهر مذهب أحمد فإن كل شيء منها عورة حتى ظفرها وهو قول مالك .
" مجموع الفتاوى " ( 22 / 110 ) .
خلافا لمن قال بعدم وجوب ذلك ، ولو تتبعنا أقوال القائلين بعدم وجوب تغطية الوجه للمرأة فهي كما قال الشيخ بكر أبو زيد – حفظه الله تعالى - :
... .. لا يخلو من ثلاث حالات :
1- دليل صحيح صريح ، لكنه منسوخ بآيات فرض الحجاب ... .
2- دليل صحيح لكنه غير صريح ، لا تثبت دلالته أمام الأدلة القطعية الدلالة من الكتاب والسنة على حجب الوجه والكفين ... .
3- دليل صريح ولكنه غير صحيح ، ... .
" حراسة الفضيلة " ( ص 68 – 69 ) .
أما الأدلة على وجوب ستر الوجه والكفين :
1- قال الله تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا } الأحزاب / 59 .
قال ابن تيمية – رحمه الله تعالى - :
وأمر سبحانه النساء بإرخاء الجلابيب لئلا يُعرفن ولا يؤذين وهذا دليل على القول الأول وقد ذكر عبيدة السلمانى وغيره أن نساء المؤمنين كن يدنين عليهن الجلابيب من فوق رؤوسهن حتى لا يظهر إلا عيونهن لأجل رؤية الطريق ، وثبت في الصحيح أن المرأة المحرمة تنهى عن الانتفاب والقفازين ، وهذا مما يدل على أن النقاب والقفازين كانا معروفين في النساء اللاتي لم يُحرمن وذلك يقتضي ستر وجوههن وأيديهن .
" مجموع الفتاوى " ( 15 / 371 – 372 ) .
2- وقال الله تعالى : { وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ } النور / 31 .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
... .. قوله تعالى : { ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها } ، قال عبد الله بن مسعود : الزينة الظاهرة : الثياب ، وذلك لأن الزينة في الأصل : اسم للباس والحلية بدليل قوله تعالى : { خذوا زينتكم } الأعراف / 31 ، وقوله سبحانه : { قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده } الأعراف / 32 ، وقوله تبارك وتعالى : { ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن } النور / 31 ، وإنما يعلم بضرب الرجل الخلخال ونحوه من الحلية واللباس وقد نهاهن الله عن إبداء الزينة إلا ما ظهر منها وأباح لهن إبداء الزينة الخفية لذوي المحارم ومعلوم أن الزينة التي تظهر في عموم الأحوال بغير اختيار المرأة هي الثياب ، فأما البدن فيمكنها أن تظهره ويمكنها أن تستره ونسبة الظهور إلى الزينة دليل على أنها تظهر بغير فعل المرأة ، وهذا كله دليل على أن الذي ظهر من الزينة الثياب .
قال أحمد : الزينة الظاهرة : الثياب ، وقال : كل شيء من المرأة عورة حتى ظفرها وقد روي في حديث : " المرأة عورة " ، وهذا يعم جميعها ؛ ولأن الكفين لا يكره(5/1285)
سترهما في الصلاة فكانا من العورة كالقدمين ، ولقد كان القياس يقتضي أن يكون الوجه عورة لولا أن الحاجة داعية إلى كشفه في الصلاة بخلاف الكفين .
" شرح العمدة " ( 4 / 267 – 268 ) .
3- عن عائشة قالت : " كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزونا كشفناه " .
رواه أبو داود ( 1833 ) وأحمد ( 24067 ) .
وقال الشيخ الألباني في " جلباب المرأة المسلمة " /107 : وسنده حسن في الشواهد .
ومما هو معلوم أن المرأة لا تضع شيئاً على وجهها حال إحرامها ، ولكن عائشة ومن معها من الصحابيات كن يسدلن على وجوههن لأن وجوب تغطية الوجه في حال مرور الأجانب أوجب من تركها حال الإحرام .
4- وعن عائشة رضي الله عنها قالت : " يرحم الله نساء المهاجرات الأول لما أنزل الله وليضربن بخمرهن على جيوبهن شققن مروطهن فاختمرن بها " .
رواه البخاري ( 4480 ) .
قال ابن حجر :
قوله : " فاختمرن " أي : غطين وجوههن .
" فتح الباري " ( 8 / 490 ) .
5- وعن عائشة : " ... ... وكان صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني من وراء الجيش فأصبح عند منزلي فرأى سواد إنسان نائم فعرفني حين رآني وكان رآني قبل الحجاب فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني فخمرت وجهي بجلبابي " .
رواه البخاري ( 3910 ) ومسلم ( 2770 ) .
6- وعن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان " .
رواه الترمذي ( 1173 ) .
وقال الألباني في " صحيح الترمذي " ( 936 ) : صحيح .
ويمكن مراجعة السؤال رقم 21134 ففيه زيادة بيان حول " النقاب " .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
هل تحتجب عن خالها النصراني؟
السؤال:
كانت والدتي على النصرانية وقد أسلمت منذ 16 عاما ، وعائلتها لا تزال على النصرانية . وأنا في الوقت الراهن أقيم معهم ، حيث يقيم خالي مع أهله أيضا ، أي أنه يقيم في نفس المكان الذي أقيم فيه . وبينما كنت أذكر هذا الأمر لصديقاتي ، قلن بأن علي أن أرتدي الحجاب في وجوده . وأنا لا أوافقهم في ذلك لأنه من محارمي مع أنه نصراني . أرجو أن تبين رأيك في هذه المسألة .
الجواب:(5/1286)
الحمد لله
خالكِ يُعتبر محرَماً لكِ ، وعليه : فيجوز أن ترفعي الحجاب عنده ، ولا يُعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ باحتجاب النساء المسلمات عن أهاليهن الكفار .
إلا أن العلماء ذكروا أنه ينبغي أن يكون القريب الذي تكشف عنده النساء أميناً ، وهذا الشرط يجري على المسلم وعلى الكافر .
وقد ذكروا ذلك في باب المصافحة والتقبيل بين النساء ومحارمهن ، أما إن كان محرمها ليس أميناً بحيث يصفها لغيره أو يُفتن بمشاهدتها فإنها تحتجب عنه سواءً كان مسلماً أم كافراً ، ومن مفردات الإمام أحمد رحمه الله أنه نصَّ على وجوب كون المحرَم في السفر للمسلمة مسلماً ، ولم يوافقه على هذا الشرط بعض أصحابه ، والعلة التي في منعه الكافر أن يكون محرَماً في السفر هو عدم أمانته ، وخاصة إذا كان مجوسيّاً فإنه ذكر رحمه الله أنه لا يكون محرما لأمه لأنه يرى جواز جماعها ! ، وقد قال بعض أصحابه أن اليهودي والنصراني قد يبيعها أو يقتلها ! وإذا نظرنا إلى هذه العلة وجدناها تنطبق على بعض الفسقة من المسلمين فزال كون الكفر مانعاً من المحرمية وبقي ما عداه من فقد الأمانة والحفظ والرعاية .
هذا بالنسبة للمحارم ، وأما بالنسبة للأجانب من الكفار فقد وقع خلاف بين العلماء في جواز نظر المرأة الكافرة للمسلمة ، والراجح من القولين : الجواز ، وأن المنع إنما هو في الكشف على من لا تؤمَن من وصف المسلمة لغيرها من الأجانب سواء كانت مسلمة أو كافرة .
سئل الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله - :
هل يجوز أن تكشف المرأة المسلمة شعرها أمام امرأة غير مسلمة خاصة وأنها تصف المرأة المسلمة أمام الرجال من أقربائها وهم غير مسلمين ؟
فأجاب :
هذا الأمر مبني على اختلاف العلماء في تفسير قوله تعالى : ( وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن ) النور / 31 .
فالضمير في قوله تعالى { أو نسائهن } اختلف فيه العلماء ، فمنهم من قال إن المقصود الجنس ، أي : جنس النساء عموماً ، ومنهم من قال إن المقصود بالضمير الوصف ، أي : النساء المؤمنات فقط .
فعلى القول الأول : يجوز للمرأة أن تكشف شعرها ووجهها أمام امرأة غير مسلمة ، وعلى القول الثاني : لا يجوز .
ونحن نميل إلى الرأي الأول ، وهو الأقرب ؛ لأنَّ المرأة مع المرأة لا فرق فيه بين امرأة مسلمة وغير مسلمة ، هذا إذا لم تكن هناك فتنة ، أما إذا خشيت الفتنة كأن تصف المرأة لأقاربها من الرجال فيجب توقي الفتنة حينئذٍ ، فلا تكشف المرأة شيئاً من جسدها كالرِّجليْن ، أو الشعر أمام امرأة أخرى سواء مسلمة أو غير مسلمة .
والله أعلم .(5/1287)
" فتاوى المرأة المسلمة " ( 1 / 532 ، 533 ) .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
هل يسمح الزوج لزوجته بكشف وجهها
السؤال:
ما حكم الزوج الذي يسمح لزوجته بالخروج وهي تضع ماكياج وترتدي قرطاً كبيراً يظهر من خمارها وترتدي خماراً تظهر منه أذنها ورقبتها ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
يجب أن يَعلم الزوج أنه مسؤول عن زوجته وأبنائه وبناته ، ففي حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ، الإمام راع ومسؤول عن رعيته ، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته ، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها ، والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته ، والرجل راع في مال أبيه ومسؤول عن رعيته ، وكلكم راع ومسؤول عن رعيته " .
رواه البخاري ( 893 ) ومسلم ( 1829 ) .
فالزوج محاسب عند الله يوم القيامة عن زوجته وأولاده إن قصر في نصحهم وإحسان تربيتهم .
ثانياً :
ذكر العلماء أن زينة المرأة تنقسم إلى قسمين :
زينة ظاهرة ، وهي الثياب الخارجية للمرأة .
وزينة باطنة ، لا يراها إلا الزوج كالكحل والسوار والخاتم .
والدليل على ذلك ما جاء عن ابن مسعود رضي الله عنه في تفسير قوله تعالى : { ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها } النور / 31 .
قال : الزينة زينتان : زينة ظاهرة ، وزينة باطنة لا يراها إلا الزوج ، فأما الزينة الظاهرة : فالثياب ، وأما الزينة الباطنة : فالكحل والسوار والخاتم .
وفي رواية : فالظاهرة منها الثياب وما يخفى فالخلخال والقرطان والسواران .
رواه ابن جرير في " تفسيره " ( 18 / 117 ) .
وجاء عن ابن عباس نحو تفسير ابن مسعود المذكور .
انظر " أضواء البيان " ( 6 / 196 ) .
وبالتالي أوجب العلماء على المرأة أن تغطي وجهها ويديها وزينتها الباطنة ، وهذا ما رجحه جمع من العلماء منهم شيخ الإسلام ابن تيمية .
وقال الشنقيطي رحمه الله – في بحث ماتع في هذه المسألة بعد أن عرض أقوال العلماء ورجح ما جاء عن ابن مسعود - :
وهذا القول هو أظهر الأقوال عندنا وأحوطها وأبعدها من الريبة وأسباب الفتنة .
" أضواء البيان " ( 6 / 192 ) .(5/1288)
والماكياج – ومثله – الحناء من الزينة التي لا يجوز للمرأة أن تبديها للأجانب .
قال الشيخ محمد الصالح العثيمين :
التزين بالحناء لا بأس به ، لا سيما للمرأة المتزوجة التي تتزين به لزوجها ، وأما غير المتزوجة فالصحيح أنه مباح لها إلا أنها لا تبديه للناس لأنه من الزينة .
" فتاوى المرأة المسلمة " ( 1 / 477 ) .
لكن بعض الأطباء يذكر أن استعمال المكياج الصناعي يضر ببشرة المرأة ، فإن ثبت هذا فإنه ينبغي اجتنابه .
قال الشيخ ابن عثيمين :
فالمكياج إذا كان يجملها ولا يضرها : فإنه لا بأس به ولا حرج ، ولكني سمعت أن المكياج يضر بشرة الوجه ، وأنه بالتالي تتغير به بشرة الوجه تغيراً قبيحاً قبل زمن تغيرها في الكِبَر ، وأرجو من النساء أن يسألن الأطباء عن ذلك ، فإن ثبت ذلك : كان استعمال المكياج إما محرَّماً أو مكروهاً على الأقل ؛ لأن كل شيء يؤدي بالإنسان إلى التشويه والتقبيح : فإنه إما محرم وإما مكروه .
" فتاوى المرأة المسلمة " ( 1 / 474 ) .
ثالثاً :
أما ظهور رقبة المرأة وأذنها من خمارها : فهو أمر محرم ، والأذن والرقبة مما أمرت المرأة بتغطيته عن الأجانب ، وهما من الزينة التي يحرم كشفها على غير الزوج والمحارم .
وقد " اتفق الفقهاء على أن أذن المرأة من العورة ، ولا يجوز إظهاره للأجنبي .
وما اتصل بها من الزينة - كالقرط - هو من الزينة الباطنة التي لا يجوز إظهارها أيضاُ ...
" الموسوعة الفقهية " ( 2 / 376 ) .
وانظر في شروط الحجاب السؤال رقم ( 6991 ) .
فالخلاصة :
أنه لا يجوز للزوج أن يسمح لامرأته أن تُظهر زينتها الباطنة ، وعليه أن يأمرها أن تحسن الحجاب وإلا وقع تحت من عدهم الشرع ممن لا يغارون على عرضهم .
قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ثلاثة لا يدخلون الجنة ولا ينظر الله إليهم يوم القيامة : العاق والديه ، والمرأة المترجلة المتشبهة بالرجال ، والدّيُّوث )
رواه أحمد وقال أحمد شاكر ( 6180 ) إسناده صحيح
وعلى زوجته أن تتقي الله تعالى وأن تلتزم بالحجاب الصحيح ، فهذا خير لها في دينها وعند ربها .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
حكم عمل المرأة بدار العجزة
السؤال:(5/1289)
هل يجوز للمرأة العمل في دار العجزة المختلطة بين الرجال والنساء والعاملة فيها تقوم بتغسيل الرجال والنساء العجزة وتغير الحفاظ لهم ، وربما قدمت لهم المشروبات المحرمة ووجبات الخنزير ، وهل للمرأة المسلمة أن تعمل في هذا المكان إذا تجنبت تقديم الكحوليات واللحوم المحرمة ، مع العلم أنها لا يُسمح لها أن تلبس غير الإشارب على رأسها والقميص إلى الركبة مع البنطال بحجة الضرورة . والتي يفتي بها البعض لهن أن العمل بهذه الصورة أفضل من الوقوف أمام المؤسسة الاجتماعية التي تقدم المساعدات للأسير الغير عامل رب بيتها.
الجواب:
الحمد لله
أما عن تقديم الخمر والخنزير لنزلاء دار العجزة فلا شك في تحريمه وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم في الخمر عشرة ومنهم حاملها وساقيها ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ – رضي الله عنه - قَالَ : لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْخَمْرِ عَشْرَةً عَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَشَارِبَهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةُ إِلَيْهِ وَسَاقِيَهَا وَبَائِعَهَا وَآكِلَ ثَمَنِهَا وَالْمُشْتَرِي لَهَا وَالْمُشْتَرَاةُ لَهُ ) رواه الترمذي (1295) وأبو داود (3674) فلا يجوز حملها ولا أخذ الأجرة على ذلك ، وقال النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا حَرَّمَ عَلَى قَوْمٍ أَكْلَ شَيْءٍ حَرَّمَ عَلَيْهِمْ ثَمَنَهُ ) صححه الألباني رحمه الله في صحيح أبي داود رقم ( 2978 ) .
ومعلوم تحريم الخمر والخنزير في القرآن الكريم .
وبقي لدينا محذوران :
الأول : عدم اكتمال الحجاب الشرعي للمرأة المسلمة العاملة في هذه الدور .
والثاني : ما يترتب على تغسيل العجزة وتغيير حفاظاتهم من رؤية العورات ومسها وهذا جائز للضرورة ولكن لا أظنهم يولّون الرجال على الرجال ، والنساء على النساء ، بل الغالب أنهم يجمعون الجميع في مكان واحد وتعمل المرأة مع الجنسين والرجل مع الجنسين .
فانصح بعدم العمل في هذا المكان للمرأة المسلمة خصوصاً وأن هذا العمل غير محبوب لما فيه من ملابسة النجاسات ، وأخذ المساعدات من المؤسسة الاجتماعية على ما فيه من غضاضة على المسلم في الأخذ من الكافر ، إلا أنه أهون من العمل الذي فيه مخالفات شرعية .
نسأل الله أن يعز الإسلام والمسلمين والله الموفق .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
حكم الاستهزاء بالحجاب
السؤال:
ما هو حكم من يستهزئ بمن ترتدي الحجاب الشرعي وتغطي وجهها وكفيها ؟
الجواب:
الحمد لله(5/1290)
من يستهزئ بالمسلم أو المسلمة من أجل تمسكه بالشريعة الإسلامية فهو كافر سواء كان ذلك في احتجاب المسلمة احتجاباً شرعياً أم غيره لما رواه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال رجل في غزوة تبوك في مجلس ما رأيت مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطوناً ولا أكذب ألسناً ولا أجبن عند اللقاء ، فقال رجل : كذبت ولكنك منافق لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ونزل القرآن فقال عبد الله بن عمر : وأنا رأيته متعلقاً بحقب ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، تنكبه الحجارة وهو يقول : ( أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزءون ، لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين ) التوبة/65،66 ، فجعل استهزاءه بالمؤمنين استهزاء بالله وآياته ورسوله وبالله التوفيق .
اللجنة الدائمة في الفتاوى الجامعة للمرأة المسلمة ج/3 ص 813 (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
الجلوس مع غير المحارم بالحجاب الكامل
السؤال:
هل يجب على المرأة أن تتحجب في البيت أمام غير المحارم كأخي الزوج ؟ أم يكفي أن تلبس ملابس فضفاضة وتضع حجاباً على الرأس ؟.
الجواب:
الحمد لله
الذي أوجبه الله على المرأة ستر جميع جسدها أمام غير المحارم ، ومن ذاك وجهها وكفاها ، ويكون فضفاضا لا يجسد شيئا من جسدها ، ولا يكون مثيرا للفتنة .
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
" يجوز للمرأة أن تجلس مع أخي زوجها أو بني عمها أو نحوهم ، إذا كانت محجبة الحجاب الشرعي ، وذلك بستر وجهها وشعرها وبقية بدنها ؛ لأنها عورة وفتنة ، إذا كان الجلوس المذكور ليس فيه ريبة ، ولا خلوة بأحد منهم .
أما الجلوس الذي فيه خلوة أو تهمة فلا يجوز " اهـ
وتحَجُب المرأة أمام أقارب زوجها كأخيه أولى بالمراعاة ، وذلك لأن أقارب زوجها يدخلون عليها وبجلسون معها من غير نكير من أحد ثم قد يحصل بعد ذلك ما لا تُحمد عقباه . راجع سؤال رقم ( 12837 )
انظر: فتاوى المرأة جمع المسند ص 157 .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
تسأل عن حقوق المرأة في الإسلام
السؤال:
ما هي حقوق المرأة في الإسلام ؟ وكيف تغيرت منذ العصر الذهبي للإسلام ( من القرن الثامن إلى الثاني عشر) إن طرأ عليها تغييرات ؟.
الجواب:(5/1291)
الحمد لله
أولا :
لقد كرم الإسلام المرأة تكريما عظيما ، كرمها باعتبارها ( أُمّاً ) يجب برها وطاعتها والإحسان إليها ، وجعل رضاها من رضا الله تعالى ، وأخبر أن الجنة عند قدميها ، أي أن أقرب طريق إلى الجنة يكون عن طريقها ، وحرم عقوقها وإغضابها ولو بمجرد التأفف ، وجعل حقها أعظم من حق الوالد ، وأكد العناية بها في حال كبرها وضعفها ، وكل ذلك في نصوص عديدة من القرآن والسنة .
ومن ذلك : قوله تعالى : ( وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا ) الأحقاف/15 ، وقوله : ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ) الإسراء/23، 24 .
وروى ابن ماجه (2781) عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ جَاهِمَةَ السُّلَمِيِّ رضي الله عنه قَال َ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ أَرَدْتُ الْجِهَادَ مَعَكَ أَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ وَالدَّارَ الآخِرَةَ : قَالَ : وَيْحَكَ أَحَيَّةٌ أُمُّكَ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ . قَالَ : ارْجِعْ فَبَرَّهَا . ثُمَّ أَتَيْتُهُ مِنْ الْجَانِبِ الآخَرِ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي كُنْتُ أَرَدْتُ الْجِهَادَ مَعَكَ أَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ وَالدَّارَ الآخِرَةَ ، قَالَ : وَيْحَكَ ! أَحَيَّةٌ أُمُّكَ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ : فَارْجِعْ إِلَيْهَا فَبَرَّهَا . ثُمَّ أَتَيْتُهُ مِنْ أَمَامِهِ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي كُنْتُ أَرَدْتُ الْجِهَادَ مَعَكَ أَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ وَالدَّارَ الآخِرَةَ ، قَالَ : وَيْحَكَ ! أَحَيَّةٌ أُمُّكَ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ : وَيْحَكَ الْزَمْ رِجْلَهَا فَثَمَّ الْجَنَّةُ ) صححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجة . وهو عند النسائي (3104) بلفظ : ( فَالْزَمْهَا فَإِنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ رِجْلَيْهَا ) .
وروى البخاري (5971) ومسلم (2548) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : ( جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي ؟ قَالَ : أُمُّكَ . قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : ثُمَّ أُمُّكَ . قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : ثُمَّ أُمُّكَ .قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : ثُمَّ أَبُوكَ ) .
إلى غير ذلك من النصوص التي لا يتسع المقام لذكرها .
وقد جعل الإسلام من حق الأم على ولدها أن ينفق عليها إذا احتاجت إلى النفقة ، ما دام قادرا مستطيعا ، ولهذا لم يعرف عن أهل الإسلام طيلة قرون عديدة أن المرأة تُترك في دور العجزة ، أو يخرجها ابنها من البيت ، أو يمتنع أبناؤها من النفقة عليها ، أو تحتاج مع وجودهم إلى العمل لتأكل وتشرب .
وكرم الإسلام المرأة زوجةً ، فأوصى بها الأزواج خيرا ، وأمر بالإحسان في عشرتها ، وأخبر أن لها من الحق مثل ما للزوج إلا أنه يزيد عليها درجة ، لمسئوليته في الإنفاق والقيام على شئون الأسرة ، وبين أن خير المسلمين أفضلُهم تعاملا مع زوجته ، وحرم أخذ مالها بغير رضاها ، ومن ذلك قوله تعالى : ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) النساء/19 ، وقوله : ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) البقرة/228 .(5/1292)
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا ) رواه البخاري (3331) ومسلم (1468) .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي ) رواه الترمذي (3895) وابن ماجه (1977) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
وكرمها بنتا ، فحث على تربيتها وتعليمها ، وجعل لتربية البنات أجرا عظيماً ، ومن ذلك : قوله صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ عَالَ جَارِيَتَيْنِ حَتَّى تَبْلُغَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَا وَهُوَ وَضَمَّ أَصَابِعَهُ ) رواه مسلم (2631) .
وروى ابن ماجه (3669) عن عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( مَنْ كَانَ لَهُ ثَلاثُ بَنَاتٍ ، فَصَبَرَ عَلَيْهِنَّ ، وَأَطْعَمَهُنَّ وَسَقَاهُنَّ وَكَسَاهُنَّ مِنْ جِدَتِهِ كُنَّ لَهُ حِجَابًا مِنْ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه .
وقوله : (من جِدَته) أي من غناه .
وكرم الإسلام المرأة أختا وعمة وخالة ، فأمر بصلة الرحم ، وحث على ذلك ، وحرم قطيعتها في نصوص كثيرة ، منها : قوله صلى الله عليه وسلم : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، أَفْشُوا السَّلامَ ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ ، وَصِلُوا الأَرْحَامَ ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلامٍ ) رواه ابن ماجه (3251) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه .
وروى البخاري (5988) عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ : قال اللَّهُ تعالى – عن الرحم- : ( مَنْ وَصَلَكِ وَصَلْتُهُ ، وَمَنْ قَطَعَكِ قَطَعْتُهُ ) .
وقد تجتمع هذه الأوجه في المرأة الواحدة ، فتكون زوجة وبنتا وأما وأختا وعمة وخالة ، فينالها التكريم من هذه الأوجه مجتمعة .
وبالجملة ؛ فالإسلام رفع من شأن المرأة ، وسوى بينها وبين الرجل في أكثر الأحكام ، فهي مأمورة مثله بالإيمان والطاعة ، ومساوية له في جزاء الآخرة ، ولها حق التعبير ، تنصح وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتدعو إلى الله ، ولها حق التملك ، تبيع وتشتري ، وترث ، وتتصدق وتهب ، ولا يجوز لأحد أن يأخذ مالها بغير رضاها ، ولها حق الحياة الكريمة ، لا يُعتدى عليها ، ولا تُظلم . ولها حق التعليم ، بل يجب أن تتعلم ما تحتاجه في دينها .
ومن قارن بين حقوق المرأة في الإسلام وما كانت عليه في الجاهلية أو في الحضارات الأخرى علم حقيقة ما قلناه ، بل نجزم بأن المرأة لم تكرم تكريما أعظم مما كرمت به في الإسلام .
ولا داعي لأن نذكر حال المرأة في مجمتع الإغريق أو الفرس أو اليهود ، لكن حتى المجتمعات النصرانية كان لها موقف سيء مع المرأة ، فقد اجتمع اللاهوتيون في "مجمع ماكون" ليبحثوا : هل المرأة جسد بحت أم جسد ذو روح ؟! وغلب على آرائهم أنها خِلْو من الروح الناجية ، ولا يستثنى من ذلك إلا مريم عليها السلام .
وعقد الفرنسيون مؤتمرا سنة 586م للبحث في شأن المرأة : هل لها روح أم لا ؟ وإذا كانت لها روح هي روح حيوانية أم روح إنسانية ؟ وأخيرا قرروا أنها إنسان ! ولكنها خلقت لخدمة الرجل فحسب .(5/1293)
وأصدر البرلمان الإنجليزي قرارا في عصر هنري الثامن يحظر على المرأة أن تقرأ "العهد الجديد" لأنها تعتبر نجسة .
والقانون الإنجليزي حتى عام 1805 م كان يبيح للرجل أن يبيع زوجته ، وقد حدد ثمن الزوجة بستة بنسات .
وفي العصر الحديث أصبحت المرأة تطرد من المنزل بعد سن الثامنة عشرة لكي تبدأ في العمل لنيل لقمة العيش ، وإذا ما رغبت في البقاء في المنزل فإنها تدفع لوالديها إيجار غرفتها وثمن طعامها وغسيل ملابسها !
ينظر : "عودة الحجاب" (2/47- 56) .
فكيف يقارن هذا بالإسلام الذي أمر ببرها والإحسان إليها وإكرامها ، والإنفاق عليها ؟!
ثانياً :
وأما تغير هذه الحقوق عبر العصور ، فلا تغير فيها من حيث المبدأ والتأصيل النظري ، وأما من حيث التطبيق فالذي لا شك فيه أن العصر الذهبي للإسلام كان المسلمون فيه أكثر تطبيقا لشريعة ربهم ، ومن أحكام هذه الشريعة : بر الأم والإحسان إلى الزوجة والبنت والأخت والنساء بصفة عامة . وكلما ضعف التدين كلما حدث الخلل في أداء هذه الحقوق ، لكن لا تزال طائفة إلى يوم القيامة تتمسك يدينها ، وتطبق شريعة ربها ، وهؤلاء هم أولى الناس بتكريم المرأة وإيصال حقوقها إليها .
ورغم ضعف التدين عند كثير من المسلمين اليوم إلا أن المرأة تبقى لها مكانتها ومنزلتها ، أمّاً وبنتا وزوجة وأختا ، مع التسليم بوجود التقصير أو الظلم أو التهاون في حقوق المرأة عند بعض الناس ، وكل مسئول عن نفسه .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
حكم التحجب عن زوج البنت
السؤال:
بعض النساء يضعن عليهن حجاباً عن أزواج بناتهن ، ويمتنعن من السلام عليهم ومصافحته ، فهل يجوز لهن ذلك أم لا ؟
الجواب:
الحمد لله
زوج ابنة المرأة من محارمها بالمصاهرة ، يجوز له أن يرى منها ما يجوز أن يراه من أمه وأخته وابنته وسائر محارمه ، فسترها وجهها أو شعرها أو ذراعها ونحو ذلك عن زوج ابنتها من الغلو في الحجاب ، والامتناع عن مصافحته عند اللقاء غلو أيضاً في التحفظ ، وقد يوجب ذلك نفرة وقطيعة ، فينبغي لها أن تترك الغلو في ذلك إلا إذا أحست منه ريبة أو وجدت منه عيناً خائنة ، فهي محسنة فيما فعلت .
اللجنة الدائمة للإفتاء في الفتاوى الجامعة للمرأة المسلمة ج/3 ص 822 (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ(5/1294)
تريد أن تسلم ولكنها لا تقبل بعض الأحكام الشرعية كالحجاب وأداء الصلوات في أوقاتها
السؤال:
ولدت في فرنسا لعائلة كاثوليكية ، حيث الناس متمسكون بدينهم جدا وأنا أحترم هذا الشيء . أنا مهتمة جدا بالإسلام ولكن هناك أمران يمنعاني من الإسلام أولهما : لأني امرأة فأنا لا أوافق على عدة أمور مثلاً التعدد ورجم الزانية المحصنة وأن أكون دائما معتمدة على المحرم ، كما أنه ليس من السهل أبدا أن أعيش كامرأة مسلمة في الغرب : في عملي لن أستطيع لبس الحجاب أو أن لا أصافح الرجال أو أن أصلي خمس مرات يومياً ، كما أن والداي وخصوصا أمي المريضة لن يكونا سعيدين أبدا إذا علما بأني سأترك النصرانية.
وسؤالي هو كيف لي أن أتحول للإسلام في هذه الحال ؟ وهل هناك حد أدنى من المتطلبات ؟
أعني مع الأخذ بعين الاعتبار أنه يوجد أشياء لا أقبلها ، فهل هو من الأفضل لي بأن أنتظر ؟
الجواب:
الحمد لله
عرضنا السؤال التالي على الشيخ محمد بن صالح العثيمين :
السؤال : امرأة كافرة تقول : أريد أن أسلم لكن بشرط أن لا أصلي الصلوات الخمس إلا في آخر النهار لأنني لا يمكن أن أؤديها في عملي كما أنني لا يمكن أن أقبل بفكرة تعدد الزوجات . فأجاب بقوله :
الجواب :
الحمد لله
نرى أن تلتزم بأحكام الإسلام إن كانت تريد الإسلام وتريد النجاة من النار وأما أن تتحكم فتقول لا أقبل بتعدد الزوجات وظاهر كلامها أنها لا تقبله شرعاً أو تقول لا أصلي إلا إذا فرغت من عملي فلا نقبل منها هذا .
سؤال - في كتاب "منتقى الأخبار قال المؤلف : باب صحة الإسلام مع الشرط الفاسد وذكر حديث .. وهيب قال سألت جابراً عن شأن ثقيف إذ بايعت فقال اشترطت على النبي صلى الله عليه وسلم أن لا صدقة عليها ولا جهاد وأنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك يقول سيتصدقون ويجاهدون ، هل يؤخذ من هذا أنه لو جاءنا كافر مثل هذا قال : أريد أن أسلم بشرط أن أجمع الصلوات كلها في آخر اليوم ، هذه الأحاديث لا تشبه حالة هذا الشخص .
الشيخ : لا تشابه ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما قيل له في هذا قال إنهم إذا أسلموا صلوا وهذا من أمور الغيب التي لا نعلمها ( أي أن النبي صلى الله عليه وسلم قَبِل منهم ذلك لأنّه عَلم بما علّمه الله تعالى من الغيب أنّ هؤلاء سيحسن إسلامهم وسيتصدقون ويُجاهدون بينما نحن لا يُمكن أن نعلم الغيب من حال الكافر في المستقبل ) ولو قبلنا من الكفار ما يشترطون لتفكك الإسلام ، هذا يشترط أن نبيح له الزنا وهذا يشترط أن نبيح له الخمر وهذا يشترط أن .. ، وقد قال الرسول صلى الله(5/1295)
عليه وسلم لعليّ رضي الله عنه لما بعثه إلى أهل خيبر : أخبرهم بما يجب عليهم من حق الله في الإسلام ، (و) شرط الإسلام لا بد أن يتم كما هو فإنه صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ " أعلمهم أن الله قد افترض عليهم خمس صلوات فإن هم أجابوك لذلك ... ثم ذكر الزكاة " فلا بد من الإجابة على أشراط الإسلام .
سؤال : - هل يُمكن أن نقول بأن دخول هذا الكافر في الإسلام مصلحة كبيرة ، واشتراطه ترك لبعض العبادات مفسدة أقل ؟
الشيخ : أبداً ، مصلحة لمن ؟ مصلحة للشخص نفسه . ولكنه مفسدة للإسلام ، لأنه سيقول الكُسالى من المسلمين لا نصلي إلا إذا فرغنا من أعمالنا كما فعل هذا الرجل ، فمضرته على الإسلام كبيرة ، وهذا إن أراد أن ينجِّي نفسه فليأتِ بالإسلام على شرطه " ومن يضلل الله فلا هادي له " أهـ
فالذي نقوله لك أيتها السائلة المهتمة بالإسلام أسلمي واقبلي الإسلام كاملا واستسلمي لله في كلّ ما شرعه والله سيعينك ويرزقك القوّة للتنفيذ والتطبيق إذا صدقت مع الله وأخلصت النيّة ، ثمّ لو فُرض أنْ واجهك أمر لم تستطيعي تنفيذه بعذر صحيح وصِرْت مُكْرهة وعلم الله صدقك فلن يعذّبك على ذلك ، والله يوفقنا وإيّاك لقبول الحقّ والالتزام به . وصلى الله على نبينا محمد .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
هل زوجي محرم لابنة أخي التي ربيتها
السؤال:
لي الوصاية على ابنة أختي (أو ابنة أخي) وأنا متزوجة , هل يكون زوجي محرما لابنة أختي وهل يجب على ابنة أختي أن تتغطى (تلبس الحجاب) أمام زوجي في البيت, علما بأن عمرها 16 سنة
الجواب:
الحمد لله
ذكر الله تعالى في محكم كتابه أقسام الرجال الذين يجوز للمرأة أن لا تحتجب عنهم في قوله تعالى : ( وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الأِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) النور/31 ، راجع تفصيل ذلك في إجابة السؤال (5538)
وحيث إن زوج الخالة أو العمة ليس من المذكورين في هذه الآية ، فإن حكمه يبقى على الأصل من وجوب الاحتجاب عنه ، إلا إن كانت هذه المرأة (العمة) قد أرضعت ابنة أخيها هذه فحين ذلك يكون هذا الزوج أباً لها من الرضاع فيكون محرماً لها ، وعليه فإن لم تكوني قد أرضتِ ابنة أخيك هذه فعليها أن تحتجب عن زوجك امتثالاً(5/1296)
لأمر الله الذي هو خير كله للطرفين ، وذلك أطهر للقلوب وأبعد عن الفتنة ، ونسأل الله أن يثيبك وزوجك خيراً على قيامكما على هذه البنت وتربيتكما لها ، وأن يجعل ذلك في ميزان حسناتكما .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
تريد أن تكون مسلمة جيدة
السؤال:
أريد أن أكون مسلمةً حقيقيةً فكيف أبدأ ؟ أنا لست سيئةً الآن لكني لا أصلي كل الصلوات الخمس ولا أرتدي الزي الإسلامي الصحيح. فكيف أبدأ ؟.
الجواب:
الحمد لله
الإسلام الحقيقي يعني أن يلتزم المسلم بأحكام الإسلام ، ومن أهم ذلك الصلاة فهي عمود الدين ، وهي أول ما يحاسب عنه العبد يوم القيامة ، وهي العهد بين أهل الإيمان وأهل الكفر فمن تركها فقد كفر .
لذا فالواجب عليكِ المحافظة على الصلاة في أوقاتها وعدم التفريط في شيءٍ منها .
ثمّ عليك الإلتزام بسائر أحكام الشرع ، ومنها الحجاب ، ومما يعين المسلم على ذلك اعتناؤه بقراءة القرآن ، وقراءة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وسير الصالحين وأخبارهم ، وننصحك باختيار صحبة صالحة من النساء المسلمات فإن ذلك مما يعينكِ بإذن الله على الإستقامة على دين الله .
وعليك أيتها الأخت بمحاسبة نفسك امتثالا لقول الله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله ) فأمر مرتين بتقواه وأمر بينهما بمحاسبة النفس فانظري ماذا قدّمت ليوم القيامة من فعل الخيرات وترك المنكرات ، وهذه المحاسبة هي الوسيلة العظيمة للتغيير فيوم القيامة شديد طويل عبوس قمطرير فانظري ماذا أعددت له من الطاعات واستكثري منها وأخلصي فيها ودعي المعاصي فإنها شر ما يُستعدّ به لذلك اليوم وانتقلي إلى الآخرة بأفضل ما لديك ، ولاتنسي الدعاء لله تبارك وتعالى بأن يهديكِ إلى الصراط المستقيم ، وأن يرزقك الثبات عليه .
نسأل الله لنا ولك التوفيق والهداية والخاتمة الحسنة وصلى الله على نبينا محمد.
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
شروط المزاح الشرعي
السؤال:
ما هي شروط المزاح الشرعي ؟.
الجواب:
الحمد لله
1- لا يكون فيه شيء من الاستهزاء بالدين :(5/1297)
فإن ذلك من نواقض الإسلام قال تعالى : ( ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون – لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم ) التوبة/65-66 ، قال ابن تيمية رحمه الله : ( الاستهزاء بالله وآياته ورسوله كفر يكفر به صاحبه بعد إيمانه )
وكذلك الاستهزاء ببعض السنن ، ومما انتشر كالاستهزاء باللحية أو الحجاب ، أو بتقصير الثوب أو غيرها .
قال فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين في المجموع الثمين 1/63 : فجانب الربوبية والرسالة والوحي والدين جانب محترم لا يجوز لأحد أن يبعث فيه لا باستهزاء بإضحاك ، ولا بسخرية ، فإن فعل فإنه كافر ، لأنه يدل على استهانته بالله عز وجل ورسله وكتبه وشرعه ، وعلى من فعل هذا أن يتوب إلى الله عز وجل مما صنع ، لأن هذا من النفاق ، فعليه أن يتوب إلى الله ويستغفر ويصلح عمله ويجعل في قلبه خشية من الله عز وجل وتعظيمه وخوفه ومحبته ، والله ولي التوفيق .
2- لا يكون المزاح إلا صدقاً :
قال صلى الله عليه وسلم : ( ويل للذي يُحدث فيكذب ليُضحك به القوم ويل له ) رواه أبو داود .
وقال صلى الله عليه وسلم محذراً من هذا المسلك الخطير الذي اعتاده بعض المهرجين : ( إن الرجل ليتكلم بالكلمة ليُضحك بها جلساءه يهوي بها في النار أبعد من الثريا ) رواه أحمد
3- عدم الترويع :
خاصة ممن لديهم نشاط وقوة أو بأيديهم سلاح أو قطعة حديد أو يستغلون الظلام وضعف الناس ليكون ذلك مدعاة إلى الترويع والتخويف ، عن أبي ليلى قال : ( حدثنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يسيرون مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فنام رجل منهم فانطلق بعضهم إلى حبل فأخذه ففزع ، فقال رسول الله عليه وسلم : ( لا يحل لمسلم أن يروع مسلماً ) رواه أبو داود .
4- الاستهزاء والغمز واللمز :
الناس مراتب في مداركهم وعقولهم وتتفاوت شخصياتهم وبعض ضعاف النفوس – أهل الاستهزاء والغمز واللمز – قد يجدون شخصاً يكون لهم سُلماً للإضحاك والتندر – والعياذ بالله – وقد نهى الله عز وجل عن ذلك فقال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيراً منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ) الحجرات/11 ، قال ابن كثير في تفسيره : ( المراد من ذلك احتقارهم واستصغارهم والاستهزاء بهم ، وهذا حرام ، ويعد من صفات المنافقين )
والبعض يستهزأ بالخلقة أو بالمشية أو المركب ويُخشى على المستهزئ أن يجازيه الله عز وجل بسبب استهزائه قال صلى الله عليه وسلم : ( لا تُظهر الشماتة بأخيك فيرحمه الله ويبتليك ) رواه الترمذي .(5/1298)
وحذر صلى الله عليه وسلم من السخرية والإيذاء ، لأن ذلك طريق العداوة والبغضاء قال صلى الله عليه وسلم : ( المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره ، التقوى ها هنا – ويشير إلى صدره ثلاث مرات – بحسب امرئٍ من الشر أن يحقر أخاه المسلم ، كل المسلم على المسلم حرام ، دمه وماله وعرضه ) رواه مسلم .
5-أن لا يكون المزاح كثيراً :
فإن البعض يغلب عليهم هذا الأمر ويصبح ديدناً لهم ، وهذا عكس الجد الذي هو من سمات المؤمنين ، والمزاح فسحة ورخصة لاستمرار الجد والنشاط والترويح عن النفس .
قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله : " اتقوا المزاح ، فإنه حمقة تورث الضغينة "
قال الإمام النووي رحمه الله : " المزاح المنهي عنه هو الذي فيه إفراط ويداوم عليه ، فإنه يورث الضحك وقسوة القلب ، ويشغل عن ذكر الله تعالى : ويؤول في كثير من الأوقات إلى الإيذاء ، ويورث الأحقاد ، ويسقط المهابة والوقار ، فأما من سلم من هذه الأمور فهو المباح الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله .
7- معرفة مقدار الناس :
فإن البعض يمزح مع الكل بدون اعتبار ، فللعالم حق ، وللكبير تقديره ، وللشيخ توقيره ، ولهذا يجب معرفة شخصية المقابل فلا يمازح السفيه ولا الأحمق ولا من لا يُعرف .
وفي هذا الموضوع قال عمر بن عبد العزيز : ( اتقوا المزاح ، فإنه يذهب المروءة ) .
وقال سعد بن أبي وقاص : " اقتصر في مزاحك ، فإن الإفراط فيه يُذهب البهاء ، ويجرّئ عليك السفهاء "
7- أن يكون المزاح بمقدار الملح للطعام :
قال صلى الله عليه وسلم : ( لا تكثر الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب ) صحيح الجامع 7312
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ( من كثر ضحكه قلت هيبته ، ومن مزح استُخف به ، ومن أكثر من شيء عُرف به ) .
فإياك إياك المزاح فإنه يجرئ عليك الطفل والدنس النذلا
ويُذهب ماء الوجه بعد بهائه ويورثه من بعد عزته ذلاً
8- ألا يكون فيه غيبة
وهذا مرض خبيث ، ويزين لدى البعض أنه يحكي ويقال بطريقة المزاح ، وإلا فإنه داخل في حديث النبي صلى الله عليه وسلم : ( ذكرك أخاك بما يكره ) رواه مسلم .
9- اختيار الأوقات المناسبة للمزاح :
كأن تكون في رحلة برية ، أو في حفل سمر ، أو عند ملاقاة صديق ، تتبسط معه بنكتة لطيفة ، أو طرفة عجيبة ، أو مزحة خفيفة ، لتدخل المودة على قلبه والسرور على نفسه ، أو عندما تتأزم المشاكل الأسرية ويغضب أحد الزوجين ، فإن الممازحة الخفيفة تزيل الوحشة وتعيد المياه إلى مجاريها .
أيها المسلم :(5/1299)
قال رجل لسفيان بن عيينة رحمه الله : المزاح هجنة أي مستنكر ! فأجابه قائلاً : " بل هو سنة ، ولكن لمن يُحسنه ويضعه في موضعه "
والأمة اليوم وإن كانت بحاجة إلى زيادة المحبة بين أفرادها وطرد السأم من حياتها ، إلا أنها أغرقت في جانب الترويح والضحك والمزاح فأصبح ديدنها وشغل مجالسها وسمرها ، فتضيع الأوقات ، وتفنى الأعمار ، وتمتلئ الصحف بالهزل واللعب .
قال صلى الله عليه وسلم : ( لو علمتم ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً ) قال في فتح الباري : ( المراد بالعلم هنا ما يتعلق بعظمة الله وانتقامه ممن يعصيه ، والأهوال التي تقع عند النزع والموت وفي القبر ويوم القيامة )
وعلى المسلم والمسلمة أن ينزع إلى اختيار الرفقة الصالحة الجادة في حياتها ممن يعينون على قطع ساعات الدنيا والسير فيها إلى الله عز وجل بجد وثبات ، ممن يتأسون بالأخيار والصالحين ، قال بلال بن سعد : ( أدركتهم يشتدون بين الأغراض ، ويضحك بعضهم إلى بعض ، فإذا كان الليل كانوا رهباناً )
وسُئل ابن عمر رضي الله عنهما : " هل كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يضحكون "
قال : نعم ، والإيمان في قلوبهم مثل الجبال .
فعليك بأمثال هؤلاء فرسان النهار ، رهبان الليل .
جعلنا الله وإياكم ووالدينا من الآمنين يوم الفزع الأكبر ، ممن ينادون في ذلك اليوم العظيم : ( ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون )
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
منشورة لعبد الملك القاسم . (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
لماذا الاهتمام بالحجاب وهو ليس من أركان الإسلام
السؤال:
هل بوسع أحد أن يقول أنه إذا كان الحجاب ليس من أركان الإسلام الخمسة فإنه ليس بتلك الأهمية ؟.
الجواب:
الحمد لله
هذا خطأ ، فالحجاب فرض على المرأة ، وهو أمرها بستر زينتها بما في ذلك وجهها وصدرها وسائر زينتها ، وقد فرض عليها حماية لها ، وصيانه لها عن الإبتذال وعن الإمتهان ، وذلك لأن المرأة محلٌ للشهوة ، ومحلٌ لنظر المفتونين فإذا تكشفت وأظهرت زينتها تبعتها الشهوات ، وتعلق بها الناس وتابعوها ، وكان ذلك سببا في كثرة الفواحش من الزنا ومقدماته ، ففرض عليها وأمرت به بقوله تعالى : ( وليضربن بخمرهن على جيوبهن ) والخمار هو ما يتدلى من الرأس فيغطي الوجه ، وكذلك الجلباب وهو الرداء الذي تستر به نفسها فلا يبدو منها شيئا .
وقال تعالى : ( وإذا سألتموهن متاعاً فسألوهن من وراء حجاب ) فهو إذن حماية للمرأة حتى لا تكون محلا لتلاعب الناس بها .
الشيخ عبد الله بن جبرين . (www.islam-qa.com)(5/1300)
ـــــــــــــــــــ
مصافحة المرأة الأجنبية
السؤال:
أريد أجابه مفصلة عن حكم مصافحة الرجل للمرأة وأقوال الأئمة الأربعة في ذلك وقول جمهور العلماء ؟ .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
لا يحل لرجل يؤمن بالله ورسوله أن يضع يده في يد امرأة لا تحل له أو ليست من محارمه ، ومن فعل ذلك فقد ظلم نفسه .
عن معقل بن يسار يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لئن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له " .
رواه الطبراني في " الكبير " ( 486 ) .
والحديث : قال الألباني عنه في " صحيح الجامع " ( 5045 ) : صحيح .
فهذا الحديث وحده يكفي للردع والتزام الطاعة التي يريدها الله تعالى منا لما يفضي إليه مس النساء من الفتن والفاحشة .
عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : " كانت المؤمنات إذا هاجرن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يُمتحنَّ بقول الله عز وجل : ( يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين ) الممتحنة / 12 ، قالت عائشة : فمن أقر بهذا من المؤمنات فقد أقر بالمحنة ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقررن بذلك من قولهن قال لهن رسول الله صلى الله عليه وسلم : انطلقن فقد بايعتكن ، ولا والله ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يدَ امرأةٍ قط غير أنه يبايعهن بالكلام ، قالت عائشة : والله ما أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم على النساء قط إلا بما أمره الله تعالى وما مست كف رسول الله صلى الله عليه وسلم كف امرأة قط وكان يقول لهن إذا أخذ عليهن قد بايعتكن كلاما " .
رواه مسلم ( 1866 ) .
عن عروة أن عائشة أخبرته عن بيعة النساء قالت : " ما مس رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده امرأة قط إلا أن يأخذ عليها فإذا أخذ عليها فأعطته ، قال : اذهبي فقد بايعتك " .
رواه مسلم ( 1866 ) .
فهذا المعصوم خير البشرية جمعاء سيد ولد آدم يوم القيامة لا يمس النساء ، هذا مع أن الأصل في البيعة أن تكون باليد ، فكيف غيره من الرجال ؟ .
عن أميمة ابنة رقيقة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إني لا أصافح النساء " .
رواه النسائي ( 4181 ) وابن ماجه (2874) . وصححه الألباني " صحيح الجامع " ( 2513 ) .
ثانياً :(5/1301)
لا تجوز المصافحة ولو بحائل من تحت ثوب وما أشبهه والذي ورد بذلك من الحديث ضعيف :
عن معقل بن يسار أن النبي صلى الله عليه وسلم : " كان يصافح النساء من تحت الثوب " .
رواه الطبراني في الأوسط ( 2855 ) .
قال الهيثمي : رواه الطبراني في " الكبير " و " الأوسط " ، وفيه عتاب بن حرب ، وهو ضعيف .
" مجمع الزوائد " ( 6 / 39 ) .
قال ولي الدين العراقي :
قولها رضي الله عنها " كان يبايع النساء بالكلام " أي : فقط من غير أخذ كف ولا مصافحة ، وهو دال على أن بيعة الرجال بأخذ الكف والمصافحة مع الكلام وهو كذلك ، وما ذكرته عائشة رضي الله عنها من ذلك هو المعروف .
وذكر بعض المفسرين أنه عليه الصلاة والسلام دعا بقدح من ماء فغمس فيه يده ثم غمس فيه أيديهن ! وقال بعضهم : ما صافحهن بحائل وكان على يده ثوب قطري ! وقيل : كان عمر رضي الله عنه يصافحهن عنه !
ولا يصح شيءٌ من ذلك ، لا سيما الأخير ، وكيف يفعل عمر رضي الله عنه أمرا لا يفعله صاحب العصمة الواجبة ؟ .
" طرح التثريب " ( 7 / 45 ) .
قال الشيخ ابن باز – رحمه الله تعالى - :
الأظهر المنع من ذلك ( أي مصافحة النساء من وراء حائل ) مطلقا عملا بعموم الحديث الشريف ، وهو قوله صلى الله عليه وآله وسلم : " إني لا أصافح النساء " ، وسدّاً للذريعة .
( حاشية مجموعة رسائل في الحجاب والسفور صفحة " 69 " بتصرف ) .
ثالثاً :
ومثله مصافحة العجائز ، فهي حرام لعموم النصوص في ذلك ، وما ورد في ذلك من الإباحة فهو ضعيف :
قال الزيلعي :
قوله : " وروي أن أبا بكر كان يصافح العجائز " ، قلت : غريب أيضاً .
" نصب الراية " ( 4 / 240 ) .
وقال ابن حجر :
لم أجده .
" الدراية في تخريج أحاديث الهداية " ( 2 / 225 ) .
رابعاً :
وأما مذاهب العلماء الأربعة فكما يلي :
1- مذهب الحنفية :
قال ابن نجيم :(5/1302)
ولا يجوز له أن يمس وجهها ولا كفها وإن أمن الشهوة لوجود المحرم ولانعدام الضرورة .
" البحر الرائق " ( 8 / 219 ) .
2- مذهب المالكية :
قال محمد بن أحمد ( عليش ) :
ولا يجوز للأجنبي لمس وجه الأجنبية ولا كفيها ، فلا يجوز لهما وضع كفه على كفها بلا حائل ، قالت عائشة رضي الله تعالى عنها " ما بايع النبي صلى الله عليه وسلم امرأة بصفحة اليد قط إنما كانت مبايعته صلى الله عليه وسلم النساء بالكلام " ، وفي رواية " ما مست يده يد امرأة وإنما كان يبايعهن بالكلام " .
" منح الجليل شرح مختصر خليل " ( 1 / 223 ) .
3- مذهب الشافعية :
قال النووي :
ولا يجوز مسها في شيء من ذلك .
" المجموع " ( 4 / 515 ) .
وقال ولي الدين العراقي :
وفيه : أنه عليه الصلاة والسلام لم تمس يده قط يد امرأة غير زوجاته وما ملكت يمينه ، لا في مبايعة ، ولا في غيرها ، وإذا لم يفعل هو ذلك مع عصمته وانتفاء الريبة في حقه : فغيره أولى بذلك ، والظاهر أنه كان يمتنع من ذلك لتحريمه عليه ؛ فإنه لم يُعدَّ جوازه من خصائصه ، وقد قال الفقهاء من أصحابنا وغيرهم : إنه يحرم مس الأجنبية ولو في غير عورتها كالوجه ، وإن اختلفوا في جواز النظر حيث لا شهوة ولا خوف فتنة، فتحريم المس آكد من تحريم النظر ، ومحل التحريم ما إذا لم تدع لذلك ضرورة فإن كان ضرورة كتطبيب وفصد وحجامة وقلع ضرس وكحل عين ونحوها مما لا يوجد امرأة تفعله جاز للرجل الأجنبي فعله للضرورة .
" طرح التثريب " ( 7 / 45 ، 46 ) .
4- مذهب الحنابلة :
وقال ابن مفلح :
وسئل أبو عبد الله – أي الإمام أحمد – عن الرجل يصافح المرأة قال : لا وشدد فيه جداً ، قلت : فيصافحها بثوبه ؟ قال : لا ...
والتحريم اختيار الشيخ تقي الدين ، وعلل بأن الملامسة أبلغ من النظر )
الآداب الشرعية 2/257
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
يجب على المرأة ستر بدنها في الصلاة وإن كانت وراء زوجها
السؤال:
هل يجب على زوجتي ارتداء الحجاب في الصلاة عندما نصلي سوياً (ليس معنا أي شخص أخر) ؟.(5/1303)
الجواب:
الحمد لله
حال المرأة في الصلاة ولو مع زوجها يختلف عن حالها في غير الصلاة ، فإن ستر العورة شرط من شروط صحة الصلاة ، سواء للرجل أو المرأة ، ولا تصح صلاتها بدون ذلك ، فقد صح من حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار ) رواه أبو داود (الصلاة/546) وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود ( 596 ) والمعنى : أي لا تصح صلاة المرأة البالغة ، إذ الأصل في نفي القبول نفي الصحة .
قال شيخ الإسلام : والمرأة لو صلّت وحدها كانت مأمورة بالاختمار ، .. وحينئذ فقد يستر المصلي في الصلاة ما يجوز إبداؤه في غير الصلاة . أهـ انظر مجموع الفتاوى ج/22 ص/109
وعلى هذا فإنه يجب على المرأة ستر بدنها في الصلاة إلا الوجه والكفان ، يراجع جواب سؤال رقم (1046) في عورة المرأة التي يجب سترها في الصلاة . والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
زوجها يلزمها بلبس النقاب وتريد النصيحة
السؤال:
أنا ألبس الحجاب ولكنني لا ألبس النقاب ، قال زوجي بأنني إذا لم أغط وجهي فسوف يطلقني ، يقول بأنني يجب أن أطيعه في كل شيء يطلبه مني ، أنا لا أريد أن أعصيه ولكن لبس النقاب سيسبب لي الضيق والشدة ، ويحزنني كثيراً ، أظن بأنني أشعر بهذا الإحساس بسبب ضعف إيماني ولكنني أشعر بأنه يريد أن يغصبني على فعل شيء لا أريد فعله . أرجو أن تنصحني في هذا الموضوع .
الجواب:
الحمد لله
قد دلت الأدلة من الكتاب ومن السنة على أنه يجب على المرأة أن تستر وجهها ، فمن هذه الأدلة قول الله عز وجل : ( يأأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يُدْنِينَ عليهن من جَلابِيبِهِنَّ ) الأحزاب / 59 ، والجلباب هو ما تجعله المرأة على رأسها مُرْخِيَةً له على وجهها .
وعليكِ أيتها الأخت أن تتقي الله تعالى في هذا الأمر لتجمعي بين الاستجابة لأمرين : أمر الله تعالى ، وأمر زوجك ، ولا شك أن في هذا خيراً لكِ وصلاحاً وعفافاً ، وهذا الأمر سيُدخل السعادة على زوجكِ والهناء على بيتكِ ، والشعور بالضيق يزول مع الصبر والتعود عليه ، كما أن هذا الضيق سنقلب إلى فرحٍ عندما ترين أثر لبسك له ، فأنت بذلك تستجيبين للأوامر الشرعية ، ولأمر زوجك الذي وافق شرع الله تعالى بأمره، وتقطعين الطريق على شيطان الناظرين إليك ، وتحفظين نظر العفيفين أهل(5/1304)
الخير عن النظر كذلك إلى ما لا يحل لهم ، وفوائد أخرى ترينها وتحسينها عندما تستجيبين لهذا الأمر .
وكثيراً ما تحسَّرت الأخوات المنتقبات على السنوات اللاتي كنَّ يكشفن فيها وجوههن بعد أن أكرمهن الله بالنقاب ، ولو دُفع لواحدةٍ منهن الآن مال الدنيا على أن تخلعه ما فعلت ، بل رأينا الكثيرات من العفيفات من تركت زوجها لأنه أراد أن يجبرها على خلع النقاب ، فتأملي الفرق العظيم بين حالكِ وحالهن ، وأين نجد الآن من يحرص على عفاف وستر أهل بيته ؟ إنهم قليل ، فهل نفرط في هذا القليل أم نشكره على فعله ذلك الذي يصب في نشر الخير في المجتمعات ؟ .
فنذكركِ بتقوى الله تعالى ، ونذكركِ بفعل المؤمنات اللاتي استجبن لأمر الله تعالى : ( وليضربن بخمرهن على جيوبهن ) روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت : لما نزلت هذه الآية أخذ النساء المهاجرات أزرهن فشققنها من قبل الحواشي فاختمرن بها .
وانظري جواب السؤال : ( 21134 ) ففيه بيان وجوب تغطية المرأة وجهها.
ولينظر زوجكِ جواب السؤال : ( 20343 ) ففيه : وجوب نصيحة الزوج لزوجته وطرق ذلك .
والله أعلم.
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
حكم عمل الخادمات في البيوت وهل هن إماء ؟!
السؤال:
أنا مسلم إندونيسي ، وأريد فتوى في عمل النساء في الشرق الأوسط .
هل النساء اللاتي يعملن في البيوت ويسكنَّ في البيوت يعتبرن من الإماء ؟
من المهم جدّاً أن نعرف عن حالة النساء العاملات لأن هذا الموضوع يستغله بعض الكفار ليشوهوا صورة الإسلام هنا . أرجو أن ترفق فتوى من بعض العلماء أو المنظمات .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
الخدم الذين يعملون في البيوت لا يأخذون حكم الأرقاء والإماء ، بل حكمهم حكم الأجير الخاص الذي استُؤجر ليعمل عند المستأجِر فقط ، كالموظف .
وقد تقدم الكلام عن الخادمات وحكم إحضارهن من بلادهن ، والمحاذير التي يقع فيها أهل البيوت التي تعمل فيها الخادمات ، وذلك عند الجواب على السؤال رقم ( 26282 ) .
ثانياً :
ما يقع من ظلم من بعض أصحاب البيوت لهؤلاء الخدم ، أمر لا يقره الإسلام بل ينهى عنه ويحذر منه ، ولا يجوز أن يتخذ من ذلك وسيلة للطعن في الإسلام أو تشويه صورته ، لأن هذه أخطاء من بعض المسلمين وقد حرمها الإسلام نفسه .(5/1305)
روى البخاري (30) ومسلم (1661) عن أَبي ذَرٍّ قَالَ : سَابَبْتُ رَجُلًا فَعَيَّرْتُهُ بِأُمِّهِ ، فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا أَبَا ذَرٍّ ، أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ ؟ إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ ! إِخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ جَعَلَهُمْ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ ، فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ ؛ فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ ، وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ ، وَلا تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ ، فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ . فإذا كان هذا عدل الإسلام مع العبيد الذين هم ملك للإنسان ، فكيف يكون الحال مع الخدم الذين لا يملكهم ، وإنما استأجرهم للعمل فقط ؟!
ثالثاً :
هؤلاء الخدم من النساء لا يجوز الخلوة بهن ولا النظر إليهن لأنهن أجانب عن الرجال من أهل البيت .
وكذلك الخدم من الرجال أجانب عن أهل البيت فلا يجوز للنساء الكشف عليهم ولا الخلوة بهم .
سئل الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - :
ما حكم مقابلة الخدم والسائقين ، وهل يعتبرون في حكم الأجانب ، علما بأن والدتي تطلب مني الخروج أمام الخدم وأن أضع على رأسي إشارب ، فهل يجوز هذا في ديننا الحنيف الذي أمرنا بعدم معصية أوامر الله عز وجل ؟
فأجاب :
السائق والخادم حكمهما حكم بقية الرجال يجب التحجب عنهما إذا كانا ليسا من المحارم ، ولا يجوز السفور لهما ولا الخلوة بكل واحد منهما لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " لا يخلون رجل بامرأة فإن الشيطان ثالثهما " ، ولعموم الأدلة في وجوب الحجاب وتحريم التبرج والسفور لغير المحارم ولا تجوز طاعة الوالدة ولا غيرها في شيء من معاصي الله.
" التبرج وخطره " للشيخ ابن باز .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
حكم تقبيل الرجل للمرأة واحتضانها بدعوى الصداقة
السؤال:
هل يجوز للمسلم تقبيل مسلمة من غير محارمه على وجنتها (قبلة صديق) ؟ وما هو الحكم في احتضانه لها بصداقة؟
وهل الذنب هو بنفس الحجم حتى وإن فعله ذلك الشخص وهو في حال يحتاج فيه إلى مرافقة صديق، ولم يكن بإمكان أي شخص غير تلك الفتاة تقديم الرفقة المطلوبة؟.
الجواب:
الحمد لله
يحرم على الرجال اتخاذ صديقات من النساء ، يراجع جواب سؤال رقم 1114 .
وينبغي على الإنسان أن يكون عاقلا ، لأن من يقول بأن الشخص يقبِّل صديقته على وجنتها قبلة صداقة ويحتضنها بصداقة ، إن قول ذلك يعتبر سفاهة وقلة عقل ، لأنه لا يخفى على أي عاقل أن هذه التصرفات إنما تُأجِّج الشهوة وتوقدها وهذا هو طريق(5/1306)
الزنا ، ولا يقال بأن القلب سليم ، لأن الله فطر الرجل على الميل إلى المرأة ، ولذلك حرم الله عز وجل النظر إلى النساء فأمر بغض البصر فقال سبحانه : ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ) النور/30 ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " العين تزني وزناها النظر " رواه أبو داود (النكاح/1840) ، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود برقم 1884 .
ولذلك حرم الاختلاط بالنساء والخلوة بهن مع لبسهن الحجاب فكيف إذا كانت المرأة متبرجة والآيات والأحاديث كثيرة جداً على تحريم ذلك ، وحرم مصافحتهن يراجع سؤال رقم 2459 ، وقد يدعي الشخص الذي يزعم ذلك أنه يمارس الزنا معها بعد ذلك بصداقة , ولا يقال إن ذلك بسبب ظروف صعبة يحتاج فيها إلى شخص يواسيه . فإن كل ذلك مُحرَّم ولا يجوز . وعلى من وقع في مثل هذه الأمور المبادرة إلى التوبة من هذا الذنب توبةً نصوحا ، واللجوء إلى الله والندم على ما فعل . وعلى المسلم أن يعلم أنه إذا لجأ إلى الله فيما يصيبه ويعرض له من المصائب والمشكلات في الدنيا فإن الله سيجعل له فرجاً ومخرجاً من ذلك وليتق الله تعالى : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ) الطلاق/2 ، وقال تعالى : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ) الطلاق/4 . والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
الأسباب المعينة على قيام الليل
السؤال:
ما هي الأمور التي تساعد على قيام الليل ( التهجد ) .
الجواب:
الحمد لله
الأسباب المعينة على قيام الليل كثيرة منها :
1- الإخلاص لله تعالى : كما أمر الله تعالى بإخلاص العمل له دون ما سواه : ( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين ) ، فكلما قوي إخلاص العبد كان أكثر توفيقاً إلى الطاعات والقربات ، وفي حديث أبي بن كعب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " بشر هذه الأمة بالسناء والدين والرفعة والنصر والتمكين في الأرض ، فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخرة من نصيب " رواه أحمد صحيح الجامع 2825 . قال مطرف بن عبدالله بن الشخير : صلاح العمل بصلاح القلب ، وصلاح القلب بصلاح النية . قال ابن القيم رحمه الله : وعلى قدر نية العبد وهمته ومراده ورغبته يكون توفيقه سبحانه وإعانته ، فالمعونة من الله تنزل على العباد على قدر هممهم ونياتهم ورغبتهم ورهبتهم ، والخذلان ينزل عليهم على حسب ذلك . ولذا حرص السلف الكرام أشد الحرص على إخفاء الطاعات كقيام الليل ؛ سأل رجل تميم بن أوس الداري رضي الله عنه فقال له : كيف صلاتك بالليل ؟ فغضب غضباً شديداً ثم قال : والله لركعة أصليها في جوف الليل في السر أحب إلي من أن أصلي الليل كله ، ثم أقصه على الناس . وكان أيوب السختياني يقوم الليل كله(5/1307)
، فإذا قرب الفجر رجع فاضطجع في فراشه ، فإذا طلع الصبح رفع صوته كأنه قد قام تلك الساعة .
2- أن يستشعر مريد قيام الليل أن الله تعالى يدعوه للقيام : فإذا استشعر العبد أن مولاه يدعوه لذلك وهو الغني عن طاعة الناس جميعاً كان ذلك أدعى للاستجابة ، قال تعالى : ( يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلاً نصفه أو انقص منه قليلا أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلاً ) ، قال سعد بن هشام بن عامر لعائشة رضي الله عنها : أنبئيني عن قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : ألست تقرأ ( يا أيها المزمل ) قلت : بلى ، فقالت : إن الله عز وجل افترض قيام الليل في أول هذه السورة فقام النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه حولاً ، وأمسك الله خاتمتها اثني عشر شهراً في السماء حتى أنزل الله في آخر هذه السورة التخفيف ، فصار قيام الليل تطوعاً بعد فريضة . رواه مسلم .
2- معرفة فضل قيام الليل : فمن عرف فضل هذه العبادة حرص على مناجاة الله تعالى ، والوقوف بين يديه في ذلك الوقت ، ومما جاء في فضل هذه العبادة ما ثبت من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أفضل الصلاة بعد الصلاة المكتوبة الصلاة في جوف الليل ، وأفضل الصيام بعد شهر رمضان صيام شهر الله المحرم " رواه مسلم . وعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أحب الصلاة إلى الله صلاة داود ، وأحب الصيام إلى الله صيام داود ، كان ينام نصف الليل ، ويقوم ثلثه ، وينام سدسه ، ويصوم يوماً ويفطر يوماً " متفق عليه . وعن عمرو بن عبسة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الآخر ، فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن " رواه الترمذي والنسائي . وفي حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " عجب ربنا من رجلين : رجل ثار عن وطائه ولحافه من بين أهله وحبه إلى صلاته فيقول الله جل وعلا : أيا ملائكتي انظر إلى عبدي ثار من فراشه ووطائه من بين حبه وأهله إلى صلاته رغبة فيما عندي ، وشفقة مما عندي " رواه أحمد وهو حسن ، صحيح الترغيب 258 . وقيام الليل يطرد الغفلة عن القلب كما جاء في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين ، ومن قام بمائة آية كتب من القانتين ، ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين " رواه أبوداود وابن حبان وهو حسن ، صحيح الترغيب 635 . قال يحى بن معاذ : دواء القلب خمسة أشياء : قراءة القرآن بالتفكر ، وخلاء البطن ، وقيام الليل ، والتضرع عند السحر ، ومجالسة الصالحين .
4-النظر في حال السلف والصالحين في قيام الليل ومدى لزومهم له : فقد كان السلف يتلذذون بقيام الليل ، ويفرحون به أشد الفرح ، قال عبد الله بن وهب : كل ملذوذ إنما له لذة واحدة ، إلا العبادة ، فإن لها ثلاث لذات : إذا كنت فيها ، وإذا تذكّرتها ، وإذا أعطيت ثوابها . وقال محمد بن المنكدر : ما بقي من لذات الدنيا إلا ثلاث : قيام الليل ، ولقاء الإخوان ، والصلاة في جماعة . وقال ثابت البناني : ما شيء أجده في قلبي ألذّ عندي من قيام الليل وقال يزيد الرقاشي : بطول التهجد تقر عيون العابدين ،(5/1308)
وبطول الظمأ تفرح قلوبهم عند لقاء الله . قال مخلد بن حسين : ما انتبهت من الليل إلا أصبت إبراهيم بن أدهم يذكر الله ويصلي ، فأَغتمُّ لذلك ، ثم أتعزى بهذه الآية ( ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم ) . وقال أبو عاصم النبيل : كان أبو حنيفة يسمى الوتد لكثرة صلاته . وعن القاسم بن معين قال : قام أبو حنيفة ليلة بهذه الآية ( بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر) يرددها ويبكي ، ويتضرع حتى طلع الصبح . وقال إبراهيم بن شماس : كنت أرى أحمد بن حنبل يُحيي الليل وهو غلام . وقال أبو بكر المروذي : كنت مع الإمام أحمد نحواً من أربعة أشهر بالعسكر ولا يدع قيام الليل وقرآن النهار ، فما علمت بختمة ختمها ، وكان يسرّ ذلك . وكان الإمام البخاري : يقوم فيتهجد من الليل عند السحر فيقرأ ما بين النصف إلى الثلث من القرآن ، فيختم عند السحر في كل ثلاث ليال . وقال العلامة ابن عبد الهادي يصف قيام شيخ الإسلام ابن تيمية : وكان في ليله منفرداً عن الناس كلهم خالياً بربه ، ضارعاً مواظباً على تلاوة القرآن ، مكرراً لأنواع التعبدات الليلية والنهارية ، وكان إذا دخل في الصلاة ترتعد فرائصه وأعضاؤه حتى يميل يمنة ويسرة . وقال ابن رجب في شيخه الإمام ابن القيم : وكان ذا عبادة وتهجد وطول صلاة إلى الغاية القصوى ، ولم أشاهد مثله في عبادته وعلمه بالقرآن والحديث وحقائق الإيمان . وقال الحافظ ابن حجر يصف شيخه الحافظ العراقي : وقد لازمته ، فلم أره ترك قيام الليل بل صار له كالمألوف .
3- النوم على الجانب الأيمن : وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يرشد أمته إلى النوم على الجانب الأيمن ، كما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا أوى أحدكم إلى فراشه فليفضه بداخلة إزاره ، فإنه لا يدري ما خلّفه عليه ، ثم ليضطجع على شقه الأيمن ، ثم ليقل باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه إن أمسكت نفسي فارحمها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين " متفق عليه . وعن البراء بن عازب رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ، ثم اضطجع على شقك الأيمن " متفق عليه ، وعن حفصة رضي الله عنها قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أخذ مضجعه جعل يده اليمنى تحت خده الأيمن " رواه الطبراني ، صحيح الجامع 4523 . قال الإمام ابن القيم رحمه الله : وفي اضطجاعه صلى الله عليه وسلم على شقه الأيمن سر ، وهو أن القلب معلّق في الجانب الأيسر ، فإذا نام على شقه الأيسر استثقل نوماً ، لأنه يكون في دعة واستراحة فيثقل نومه ، فإذا نام على شقه الأيمن فإنه يقلق ولا يستغرق في النوم لقلق القلب وطلبه مستقره وميله إليه .
4- النوم على طهارة : تقدم حديث البراء بن عازب رضي الله عنه وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة " متفق عليه ، وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما من مسلم يبيت على ذكر طاهراً فيتعارّ من الليل ، فيسأل الله خيراً من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه " رواه أبو داود وأحمد ، صحيح الجامع 5754 . وجاء من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " طهّروا هذه الأجساد(5/1309)
طهركم الله ، فإنه ليس عبد يبيت طاهراً إلا بات معه في شعاره ملك ، لا يتقلب ساعة من الليل إلا قال : اللهم اغفر لعبدك ، فإنه بات طاهراً " رواه الطبراني ، قال المنذري : إسناد جيد ، صحيح الجامع 3831 .
6- التبكير بالنوم : النوم بعد العشاء مبكراً وصية نبوية ، وخصلة حميدة ، وعادة صحية ومما جاء في فضله حديث أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستحب أن يؤخر العشاء ، وكان يكره النوم قبلها والحديث بعدها " رواه البخاري ، نقل الحافظ ابن حجر عن القاضي عياض في قوله : "وكان يكره النوم قبلها " قال : لأنه قد يؤدي إلى إخراجها عن وقتها مطلقاً ، أو عن الوقت المختار ، والسمر بعدها قد يؤدي إلى النوم قبل الصبح ، أو عن وقتها المختار ، أو عن قيام الليل . وقال ابن رافع : كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه ينِشّ الناس بدِرّته بعد العتمة ويقول : قوموا لعل الله يرزقكم صلاة . ومما يتعلق بالنوم : اختيار الفراش المناسب ، وذلك بعدم المبالغة في حشو الفراش ، وتليينه وتنعيمه لأن ذلك من أسباب كثرة النوم والغفلة ، ومجلبة للكسل والدّعة ، وثبت من حديث عائشة رضي الله عنها قالت : كانت وسادة النبي صلى الله عليه وسلم التي ينام عليها بالليل من أدم حشوها ليف . رواه أبوداود وأحمد ، صحيح الجامع 4714 . وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن عمر بن الخطاب دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على حصير قد أثر في جنبه الشريف فقال عمر : يا نبي الله لو اتخذت فراشاً أوْثر من هذا ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : ما لي وللدنيا ، ما مثلي ومثل الدنيا إلا كراكب سار في يوم صائف ، فاستظل تحت شجرة ساعة من نهار ، ثم راح وتركها . رواه أحمد والحاكم ، صحيح الجامع 5545. وكان علي بن بكار رحمه الله تفرش له جاريته فراشه ، فيلمسه بيده ثم يقول : والله إنك لطيب ، والله إنك لبارد ، والله لا علوتك ليلتي ، ثم يقوم يصلي إلى الفجر . ومن ذلك عدم الإفراط في النوم والاستغراق فيه ، قال إبراهيم ابن أدهم : إذا كنت بالليل نائماً ، وبالنهار هائماً ، وفي المعاصي دائماً ، فكيف تُرضي من هو بأمورك قائماً .
7- المحافظة على الأذكار الشرعية قبل النوم : فإن هذه الأذكار حصن حصين يقي بإذن الله من الشيطان ، ويعين على القيام ، ومن هذه الأذكار ، ما ثبت من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا أوى أحدكم إلى فراشه ، فلينفضه بداخلة إزاره ، فإنه لا يدري ما خلّفه عليه ، ثم ليضطجع على شقّه الأيمن ، ثم ليقل : باسمك ربي وضعت جنبي ، وبك أرفعه ، إن أمسكت نفسي فارحمها ، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين " متفق عليه . وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ، ثم نفث فيهما يقرأ (قل هو الله أحد) و (قل أعوذ برب الفلق) و (قل أعوذ برب الناس) ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده ، يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده ، يفعل ذلك ثلاث مرات " متفق عليه .وعن أبي مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه " متفق عليه . وعن أنس بن مالك رضي الله أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه قال : " الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا ، وكفانا فكم ممن لا(5/1310)
كافي له ولا مؤوي له " رواه مسلم . وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه وقصة الشيطان معه قال له : إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي (الله لا إله إلا هو الحي القيوم ) حتى تختمها ، فإنه لن يزال عليك من الله حافظ ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح ، فذكر ذلك أبو هريرة للنبي صلى الله عليه وسلم فقال له : صدقك وهو كذوب " متفق عليه . وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لابنته فاطمة رضي الله عنها لما جاءت إليه تطلب منه خادماً ، فقال لها ولعلي : ألا أدلكما على خير لكما من خادم ،إذا أويتما إلى فراشكما ، فسبّحا ثلاثاً وثلاثين ، واحمدا ثلاثاً وثلاثين ، وكبرا أربعاً وثلاثين ، فإنه خير لكما من خادم " متفق عليه . وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " اقرأ ( قل يا أيها الكافرون) عند منامك ، فإنها براءة من الشرك " رواه البيهقي ، صحيح الجامع 1172 . وعن حفصة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أخذ مضجعه جعل يده اليمنى تحت خده الأيمن وقال : رب قني عذابك يوم تبعث عبادك " رواه أبو داود ، صحيح الجامع 4532 . وعن البراء بن عازب رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا أتيت إلى مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ، ثم اضطجع على شقك الأيمن ، ثم قل : اللهم أسلمت نفسي إليك ، ووجهت وجهي إليك ، وفوضت أمري إليك ، وألجأت ظهري إليك ، رغبة ورهبة إليك ، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك ، آمنت بكتابك الذي أنزلت ، وبنبيك الذي أرسلت ، فإن متّ متّ على الفطرة ، واجعلهن آخر ما تقول " متفق عليه . وينبغي كذلك أن يحافظ المسلم على الأذكار الشرعية عند الاستيقاظ ، ومنها : ما ثبت من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "إذا استيقظ أحدكم فليقل : الحمد لله الذي رد علي روحي ، وعافاني في جسدي ، وأذن لي بذكره " رواه الترمذي والنسائي ، صحيح الجامع 326 . وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من تعارّ من الليل فقال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، الحمد لله سبحان الله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، ثم قال : اللهم اغفر لي ، أو دعا استجيب له ، فإن توضأ ثم صلى قُبلت صلاته " رواه البخاري . قال الإمام ابن بطال : وعد الله على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم أن من استيقظ من نومه لَهِجاً بتوحيد ربه ، والإذعان له بالملك ، والاعتراف بنعمه بحمده عليها ، وينزهه عما لا يليق به بتسبيحه والخضوع له بالتكبير ، والتسليم له بالعجز عن القدرة إلا بعونه ، أنه إذا دعاه أجابه ، وإذا صلى قبلت صلاته ، فينبغي لمن بلغه هذا الحديث أن يغتنم العمل به ، ويخلص نيته لربه سبحانه وتعالى . وعن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا استيقظ من نومه قال : " الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور " رواه مسلم . وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا استيقظ من الليل يمسح النوم عن وجهه بيده ، ثم ينظر إلى السماء ويقرأ العشر آيات الخواتم من سورة آل عمران : ( إن في خلق السماوات والأرض ... ) الآيات . رواه مسلم ، قال الإمام النووي : فيه استحباب مسح أثر النوم عن الوجه ، واستحباب قراءة هذه الآيات عند القيام من النوم .(5/1311)
5- الحرص على نومة القيلولة بالنهار : وهي إما قبل الظهر أو بعده ، فعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " قيلوا فإن الشياطين لا تقيل " رواه الطبراني ، الصحيحة 2647 ، قال إسحاق بن عبدالله : القائلة من عمل أهل الخير ، وهي مجمة للفؤاد مَقْواة على قيام الليل . ومرّ الحسن البصري بقوم في السوق في وسط النهار فرأى صخبهم وضجيجهم فقال : أما يقيل هؤلاء ، فقيل له : لا فقال : إني لأرى ليلهم ليل سوء .
6- اجتناب كثرة الأكل والشرب : فإن الإكثار منهما من العوائق العظيمة التي تصرف المرء عن قيام الليل ، وتحول بينه وبينه كما جاء في حديث المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما ملأ آدمي وعاءاً شراً من بطنه ، حسْب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه ، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه ، وثلث لشرابه ، وثلث لنفسه " رواه الترمذي وابن ماجه ، صحيح الجامع 5674 . وعن أبي جحيفة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل تجشأ في مجلسه : أقصر من جشائك ، فإن أكثر الناس شبعاً في الدنيا أكثرهم جوعاً يوم القيامة " رواه الحاكم ، صحيح الجامع 1190 . قال سفيان الثوري : عليكم بقلة الأكل ، تملكوا قيام الليل . ورأى معقل بن حبيب قوماً يأكلون كثيراً فقال : ما نرى أصحابنا يريدون أن يصلوا الليلة . وقال وهب بن منبه : ليس من بني آدم أحب إلى شيطانه من الأكول النوام .
7- مجاهدة النفس على القيام : وهذا من أعظم الوسائل المعينة على قيام الليل لأن النفس البشرية بطبيعتها أمارة بالسوء تميل إلى كل شر ومنكر فمن أطاعها فيما تدعو إليه قادته إلى الهلاك والعطب ، وقد أمرنا الله تعالى بالمجاهدة فقال : ( وجاهدوا في الله حق جهاده) وقال سبحانه : ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين ) وقال تعالى : ( تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ) وعن فضالة بن عبيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " المجاهد من جاهد نفسه في الله " رواه الترمذي وابن حبان ، الصحيحة 549 . وفي حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الرجل من أمتي يقوم من الليل يعالج نفسه إلى الطهور وعليه عُقَد ، فإذا وضأ يديه انحلت عقدة ، وإذا وضأ وجهه انحلت عقدة ، وإذا مسح رأسه انحلت عقدة ، وإذا وضأ رجليه انحلت عقدة ، فيقول الله عز وجل للذين من وراء الحجاب : انظروا إلى عبدي هذا يعالج نفسه ، ويسألني ، ما سألني عبدي فهو له " رواه أحمد وابن حبان ، صحيح الترغيب 627 . قال محمد بن المنكدر : كابدت نفسي أربعين عاماً حتى استقامت لي . وقال ثابت البناني : كابدت نفسي على قيام الليل عشرين سنة وتلذذت به عشرين سنة . وقال عمر بن عبد العزيز : أفضل الأعمال ما أكرهت عليه النفوس . وقال عبد الله بن المبارك : إن الصالحين فيما مضى كانت تواتيهم أنفسهم على الخير ، وإن أنفسنا لا تكاد تواتينا إلا على كره فينبغي لنا أن نكرهها . وقال قتادة : يا ابن آدم : إن كنت لا تريد أن تأتي الخير إلا بنشاط ، فإن نفسك إلى السآمة وإلى الفترة وإلى الملل أميل ، ولكن المؤمن هو المتحامل .(5/1312)
8- اجتناب الذنوب والمعاصي : فإذا أراد المسلم أن يكون مما ينال شرف مناجاة الله تعالى ، والأنس بذكره في ظلم الليل ، فليحذر الذنوب ، فإنه لا يُوفّق لقيام الليل من تلطخ بأدران المعاصي ، قال رجل لإبراهيم بن أدهم : إني لا أقدر على قيام الليل فصف لي دواء ؟ فقال : لا تعصه بالنهار ، وهو يُقيمك بين يديه في الليل ، فإن وقوفك بين يديه في الليل من أعظم الشرف ، والعاصي لا يستحق ذلك الشرف . وقال رجل للحسن البصري : يا أبا سعيد : إني أبِيت معافى ، وأحب قيام الليل ، وأعِدّ طهوري ، فما بالي لا أقوم ؟ فقال الحسن : ذنوبك قيدتْك . وقال رحمه الله : إن العبد ليذنب الذنب فيحرم به قيام الليل ، وصيام النهار . وقال الفضيل بن عياض : إذا لم تقدر على قيام الليل ، وصيام النهار ، فأعلم أنك محروم مكبّل ، كبلتك خطيئتك .
9- محاسبة النفس وتوبيخها على ترك القيام : فمحاسبة النفس من شعار الصالحين ، وسمات الصادقين قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون ) . قال الإمام ابن القيم : فإذا كان العبد مسئولاً ومحاسباً على كل شيء حتى على سمعه وبصره وقلبه كما قال تعالى : ( إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولاً ) فهو حقيق أن يحاسب نفسه قبل أن يناقش الحساب .
وقيام الليل عبادة تصل القلب بالله تعالى ، وتجعله قادراً على التغلب على مغريات الحياة الفانية ، وعلى مجاهدة النفس في وقت هدأت فيه الأصوات ، ونامت العيون وتقلب النّوام على الفرش . ولذا كان قيام الليل من مقاييس العزيمة الصادقة ، وسمات النفوس الكبيرة ، وقد مدحهم الله وميزهم عن غيرهم بقوله تعالى : ( أمّن هو قانت آناء الليل ساجداً وقائماً يحذر الآخرة ويرجوا رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب ) .
وقيام الليل سنة مؤكدة حث النبي صلى الله عليه وسلم على أدائها بقوله : " عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم ، ومقربة إلى ربكم ، ومكفرة للسيئات ، ومنهاة عن الإثم مطردة للداء عن الجسد " رواه الترمذي وأحمد .
وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " أفضل الصلاة بعد المكتوبة قيام الليل " ، وقد حافظ النبي صلى الله عليه وسلم على قيام الليل ، ولم يتركه سفراً ولا حضراً ، وقام صلى الله عليه وسلم وهو سيد ولد آدم المغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر حتى تفطّرت قدماه ، فقيل له في ذلك فقال : " أفلا أكون عبداً شكوراً " متفق عليه .
وهكذا كان حال السلف الكرام عليه رحمة الله تعالى ؛ قال أبو الدرداء رضي الله عنه : صلوا ركعتين في ظلم الليل لظلمة القبور . وقال أحمد بن حرب : عجبت لمن يعلم أن الجنة تزيّن فوقه ، والنار تضرم تحته ، كيف نام بينهما . وكان عمر بن ذر إذا نظر إلى الليل قد أقبل قال : جاء الليل ، وللّيل مهابة ، والله أحق أن يهاب ، ولذا قال الفضيل بن عياض : أدركت أقواماً يستحيون من الله في سواد الليل من طول الهجعة إنما هو على الجنب فإذا تحرك قال : ليس هذا لكِ ، قومي خذي حظك من الآخرة . وقال الحسن : ما نعلم عملاً أشد من مكابدة الليل ، ونفقة المال ، فقيل له : ما بال(5/1313)
المتهجدين من أحسن الناس وجوهاً ؟ قال : لأنهم خلو بالرحمن فألبسهم نوراً من نوره .
وكان نساء السلف يجتهدن في قيام الليل مشمرات للطاعة ، فأين نساء هذه الأيام عن تلك الأعمال العظام . قال عروة بن الزبير أتيت عائشة رضي الله عنها يوماً لأسلم عليها فوجدتها تصلي وتقرأ قوله تعالى : ( فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم ) ترددها وتبكي ، فانتظرتها فلما مللت من الانتظار ذهبت إلى السوق لحاجتي ثم رجعت إلى عائشة فإذا هي على حالتها الأولى تردد هذه الآية في صلاتها وتبكي . وفي حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : قال لي جبريل : راجع حفصة فإنها صوامة قوامة . رواه الحاكم ، صحيح الجامع 4227 . وقامت معاذة العدوية من التابعيات الصالحات ليلة زفافها هي وزوجها صلة بن أشيم يصليان إلى الفجر ، ولما قتل زوجها وابنها في أرض الجهاد ، كانت تحيي الليل كله صلاة وعبادة وتضرعاً ، وتنام بالنهار ، وكانت إذا نعست في صلاتها بالليل قالت لنفسها : يا نفس النوم أمامك . وكانت حبيبة العدوية إذا صلت العشاء ، قامت على سطح دارها وقد شدت عليها درعها وخمارها ، ثم تقول : إلهي ، غارت النجوم ، ونامت العيون ، وغلقت الملوك أبوابها ، وبابك مفتوح ، وخلا كل حبيب بحبيبه ، وهذا مقامي بين يديك ، ثم تقبل على صلاتها ومناجاتها لربها إلى السحر ، فإذا جاء السحر قالت : اللهم هذا الليل قد أدبر ، وهذا النهار قد أسفر ، فليت شعري هل قبلت مني ليلتي فأهني ، أم رددتها علي فأعزي . وقامت عمرة زوج حبيب العجمي ذات ليلة تصلي من الليل ، وزوجها نائم ، فلما دنا السحر ، ولم يزل زوجها نائماً ، أيقظته وقالت له : قم يا سيدي ، فقد ذهب الليل ، وجاء النهار ، وبين يديك طريق بعيد وزاد قليل ، وقوافل الصالحين قد سارت قدامنا ، ونحن قد بقينا .
نسأل الله أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته ، وصلى الله على نبينا محمد .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
حوار مع نصراني : توحيد الله هو رسالة عيسى والأنبياء جميعا ، عليهم السلام
السؤال:
لماذا تبتعدون عن الحقيقة ، وتنظرون إلى عيسى على أنه رسول بدلا من النظر إليه كابن للرب ، عيسى هو ابن الرب الوحيد ، هذه هي الحقيقة !!.
الجواب:
الحمد لله
شكرا لك أيها السائل أن أتحت لنا فرصة التواصل معا ، لنتحاور حول الحقيقة التي نحتاج أن نعرفها جميعا ، ثم نتبعها مهما خالفت آراءنا السابقة ، واعتقاداتنا القديمة ، فبهذا فقط ، أعني معرفة الحق واتباعه ، نتحرر من خطايانا وذنوبنا ، كما في كتابكم المقدس : { وتعرفون الحق ، والحق يحرركم } [ يوحنا 8/32] ، فهلم إلى وقفة قصيرة ، مع هذه الحقيقة ، كما يعرضها كتابكم المقدس ، رغم كل ما ناله من تحريف وتغيير !!(5/1314)
إن الدعوة التي جاء بها المسيح عليه السلام هي عبادة الله الواحد ، رب المسيح ورب العالمين :
{ هذه هي الحياة الأبدية ؛ لابد أن يعرفوك : أنت الإله الحقيقي وحدك ، ويسوع المسيح الذي أرسلته } [ يوحنا 17/3 ]
{ سأله رئيس قائلا : أيها المعلم الصالح ، ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية ؟ فقال له يسوع : لماذا تدعوني صالحا ؛ ليس أحد صالحا إلا واحد ؛ هو الله !!} [ لوقا 18/18-19 ] .
{ وأصعده إبليس إلى جبل مرتفع ، وأراه في لحظة من الزمن جميع ممالك العالم ، وقال له : أعطيك هذا السلطان كله ، ومجد هذه الممالك ، لأنه من نصيبي ، وأنا أعطيه لمن أشاء !! فإن سجدت لي يكون كله لك . فأجابه يسوع : ابتعد عني يا شيطان ، يقول الكتاب : للرب إلهك تسجد ، وإياه وحده تعبد . } [ لوقا 4/5-8] .
إن توحيد الله الذي لا إله إلا غيره ، أعظم وصية جاء بها المسيح ، وهو أعظم وصايا الأنبياء جميعا :
{ وكان أحد معلمي الشريعة هناك ، فسمعهم يتجادلون ، ورأى أن يسوع أحسن الرد على الصدوقيين ، فدنا منه وسأله : ما هي أول الوصايا كلها ؟
فأجاب يسوع : الوصية الأولى هي : اسمع يا إسرائيل ، الرب إلهنا هو الرب الأحد ؛ فأحب الرب إلهك بكل قلبك ، وكل نفسك ، وكل فكرك ، وكل قدرتك .
والوصية الثانية مثلها ؛ أحب قريبك مثلما تحب نفسك .
وما من وصية أعظم من هاتين الوصيتين .
فقال له معلم الشريعة : أحسنت يا معلم ؛ فأنت على حق في قولك : إن الله واحد ، ولا إله إلا هو ، وأن يحبه الإنسان بكل قدرته ، وأن يحب قريبه بكل قلبه وكل فكره وكل قدرته ، وأن يحب قريبه مثلما يحب نفسه ، أحسن من كل الذبائح والقرابين .
ورأى يسوع أن الرجل أجاب بحكمة ، فقال له : ما أنت بعيد عن ملكوت الله .
وما تجرأ أحد بعد ذلك أن يسأله عن شيء .} [ مرقس 12/28-34] .
ولا تظن أن هاتين الوصيتين لإسرائيل ، أو لشعبه فقط ، بل هي أصل الشريعة وتعاليم جميع الأنبياء ، فالوصيتان نفسهما في إنجيل متى ، وبعبارة قريبة ، ثم قال بعدهما : { على هاتين الوصيتين تقوم الشريعة كلها ، وتعاليم الأنبياء } [ متى 22/39] .
فهذا التوحيد حقا هو رسالة كل الأنبياء ؛ قال الله تعالى :
) وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ ) الأنبياء/25
وهو الأصل الذي دعا إليه المسيح ، وحذر من مخالفته ؛ قال الله تعالى :
( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرائيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ) المائدة/72
وهذا هو الأصل الذي ينبغي أن نلتقي عليه جميعا ؛ قال الله تعالى : ) قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلا نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ(5/1315)
بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ) آل عمران/64
إنها غريبة على النصرانية الحقة تلك المحاولة اليائسة للجمع بين التوحيد الذي جاءت به الأنبياء ، وصرح به الكتاب المقدس لديكم ، وقررته التوراة خصوصا ، وبين ما تؤمنون به من التثليث .
جاء في دائرة المعارف الأمريكية :
( لقد بدأت عقيدة التوحيد – كحركة لاهوتية – بداية مبكرة جدا في التاريخ ، وفي حقيقة الأمر فإنها تسبق عقيدة التثليث بالكثير من عشرات السنين . لقد اشتُقَّت المسيحية من اليهودية ، واليهودية صارمة في عقيدة التوحيد .
إن الطريق الذي سار من أورشليم [ مجمع تلاميذ المسيح الأول ] إلى نيقية [ حيث تقرر مساواة المسيح بالله في الجوهر والأزلية عام 325م ] كان من النادر القول بأنه كان طريقا مستقيما .
إن عقيدة التثليث التي أقرت في القرن الرابع الميلادي لم تعكس بدقة التعليم المسيحي الأول فيما يختص بطبيعة الله ؛ لقد كانت على العكس من ذلك انحرافا عن هذا التعليم ، ولهذا فإنها تطورت ضد التوحيد الخالص ، أو على الأقل يمكن القول بأنها كانت معارضة لما هو ضد التثليث ، كما أن انتصارها لم يكن كاملا . ) [ 27/294 ]
ويمكنك الرجوع إلى بعض آراء من لا يزالون يذهبون إلى التوحيد من المسيحيين ، في المصدر السابق نفسه ، دائرة المعارف [ 27/300-301 ] .
إنها معضلة للعقول ، مستحيلة في الفطر والأذهان ، فلا عجب أنكم لم تفهموها مجرد فهم ، لكن العجب هو الإيمان بما يستحيل فهمه ، إلا أن نغرر أنفسنا بأن ذلك الفهم سيأتي في اليوم الآخر :
( قد فهمنا ذلك على قدر عقولنا ، ونرجو أن نفهمه فهما أكثر جلاء في المستقبل ، حين ينكشف لنا الحجاب عن كل ما في السموات وما في الأرض ، وأما في الوقت الحاضر ففي القدر الذي فهمناه كفاية ) !!
نعم سوفي يتجلى لكم الحق عيانا في المستقبل ، كما تجلى لنا اليوم ، والحمد لله ؛ يوم يجمع الله الرسل فيشهدهم على أممهم ؛ قال الله تعالى :
( وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلامُ الْغُيُوب ِ(116) مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنْ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (117) إ ِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (118) قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (119) لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (120) سورة المائدة
والله اعلم .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)(5/1316)
ـــــــــــــــــــ
شروط حجاب المرأة المسلمة
السؤال:
السؤال :
كون المرأة مسلمة ، فكيف يجب أن يكون لباسها حتى يقال أنها امرأة مسلمة؟
الجواب:
الجواب:
الحمد لله
لقد أخذ العلماء شروط حجاب المرأة المسلمة أمام الرجال الأجانب من الأدلة الواردة في الكتاب والسنة فإذا التزمت المرأة بها فتلبس ما شاءت وتخرج به إلى الأماكن العامة وغيرها ويكون حجابها حجابا إسلاميا ، وهذه الشروط باختصار هي :
1- أن يكون الحجاب ساترا لجميع البدن
2- أن يكون ثخينا لا يشفّ عما تحته
3- أن يكون فضفاضا غير ضيّق
4- أن لا يكون مزينا يستدعي أنظار الرجال
5- أن لا يكون مطيّبا
6- أن لا يكون لباس شهرة
7- أن لا يُشبه لباس الرجال
8- أن لا يشبه لباس الكافرات
9- أن لا يكون فيه تصاليب ولا تصاوير لذوات الأرواح
وسيأتي شرح كلّ واحدة في موضع آخر بإذن الله .
( يراجع سؤال رقم 6991 )
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
من هم المحارم الذين تكشف أمامهم المرأة
السؤال:
السؤال :
من هم الناس الذين يجوز للمسلمة أن تخلع حجابها أمامهم ؟
الجواب:
الجواب :
الحمد لله
.يجوز للمرأة أن تخلع حجابها أمام محارمها .
والمحرم للمرأة هو من لا يجوز له مناكحتها على التأبيد بقرابة ( كالأب وإن علا والابن وإن نزل والأعمام والأخوال والأخ وابن الأخ وابن الأخت ) أو رضاع ( كأخي المرأة من الرضاعة وزوج المرضعة ) أو صهرية ( كزوج الأم وأبي الزوج وإن علا وولد الزوج وإن نزل ) . وإليك أيتها السائلة تفصيلا للموضوع :(5/1317)
المحارم من النسب :
وهؤلاء هم المذكورون في سورة النور في قوله تعالى : ( ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن .. ) سورة النور/31 . وقد قال المفسرون : إن محارم المرأة من الرجال بسبب النسب على ما صرحت به هذه الآية الكريمة أو دلت عليه هم من يأتي :
أولاً : الآباء ، أي آباء النساء وإن علوا من جهة الذكور والإناث كآباء الآباء وآباء الأمهات ، أما آباء بعولتهن فهم من المحارم بالمصاهرة كما سنبينه .
ثانياً : الأبناء : أي أبناء النساء ، فيدخل فيهم أولاد الأولاد وإن نزلوا من الذكور والإناث مثل بني البنين ، وبني البنات ، أما ( أبناء بعولتهن ) في الآية الكريمة فهم أبناء أزواجهن من غيرهن ، وهؤلاء محارم بسبب المصاهرة لا بسبب النسب كما سنبينه لاحقاً .
ثالثاً : إخوانهن سواء كانوا اخوة لأم وأب ، أو لأب فقط أو لأم فقط .
رابعاً : بنو إخوانهن وإن نزلوا من ذكران وإناث كبني بنات الأخوات .
خامساً : العم والخال وهما من المحارم من النسب ولم يذكروا في الآية الكريمة لأنهما يجريان مجرى الوالدين ، وهما عند الناس بمنزلة الوالدين ، والعم قد يسمى أبا قال تعالى : ( أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي ، قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق .. ) البقرة /133 . وإسماعيل كان العم لبني يعقوب . تفسير الرازي 23/206 ، وتفسير القرطبي 12/232و233 ، وتفسير الآلوسي 18/143، وفتح البيان في مقاصد القرآن لصديق حين خان 6/352 .
المحارم بسبب الرضاع
ومحارم المرأة قد يكونون بسبب الرضاع ، جاء في تفسير الآلوسي : ( ثم إن المحرمية المبيحة لإبداء الزينة للمحارم كما تكون من جهة النسب تكون من جهة الرضاع ، فيجوز أن يبدين زينتهن لآبائهن أو أبنائهن من الرضاع تفسير الآلوسي 18/143 لأن المحرمية بسبب الرضاع كالمحرمية بسبب النسب تمنع النكاح على التأبيد بالنسبة لأطراف المحرمية ، وهذا ما أشار إليه الإمام الجصاص وهو يفسر هذه الآية فقال - رحمه الله - : ( لما ذكر الله تعالى مع الآباء ذوي المحارم الذين يحرم عليهم نكاحهن تحريماً مؤبداً ، دل ذلك على أن من كان في التحريم بمثابتهم فحكمه حكمهم مثل أم المرأة والمحرمات من الرضاع ونحوهم ) أحكام القرآن للجصاص 3/317 .
يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب :
وقد جاء في السنة النبوية الشريفة : " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " ، ومعنى ذلك أن المحارم للمرأة كما يكونون بسبب النسب يكونون أيضاً بسبب الرضاع ، فقد جاء في صحيح البخاري عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت : ( إن أفلح أخا أبي قٌعيس جاء يستأذن عليها وهو عمها من الرضاعة بعد أن نزل الحجاب ، فأبيت أن آذن له ، فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرته بالذي صنعت فأمر أن آذان له ) صحيح البخاري بشرح العسقلاني 9/150 وقد روى هذا(5/1318)
الحديث الإمام مسلم ولفظه : ( عن عروة عن عائشة أنها أخبرته أن عمها من الرضاعة يسمى أفلح استأذن عليها فحجبته ، فأخبرت الرسول صلى الله عليه وسلم فقال لها : لا تحتجبي منه ، فإنه يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب ) صحيح مسلم بشرح النووي 10/22 .
محارم المرأة من الرضاع مثل محارمها من النسب :
وقد صرح الفقهاء متبعين ما دل عليه القرآن والسنة ، بأن محارم المرأة بسبب الرضاع مثل محارمها من النسب ، فيجوز لها أن تبدي زينتها لمحارمها من الرضاع كما تبدي زينتها لمحارمها من النسب ، ويحل لهم النظر من بدنها ما يحل لمحارمها من النسب من النظر إلى بدنها .
المحارم بسبب المصاهرة :
محارم المرأة بسبب المصاهرة هم الذين يحرم عليهم نكاحها على وجه التأبيد ، مثل زوجة الأب ، وزوجة الابن ، وأم الزوجة شرح المنتهى 3/7 .
فالمحرم بالمصاهرة بالنسبة لزوجة الأب هو ابنه من غيرها ، وبالنسبة لزوجة الابن هو أبوه ، وبالنسبة لأم الزوجة هو الزوج ، وقد ذكر الله تعالى في آية سورة النور : ( ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن .. ) وآباء بعولتهن وأبناء بعولتهن من محارم المرأة بالمصاهرة ، وقد ذكرهم الله تعالى مع آبائهن وأبنائهن وساواهم جميعاً في حق إبداء الزينة لهم . المغني 6/555
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
ثقب الأنف وحاجب العين
السؤال:
السؤال :
هل يجوز لفتاة في العقد الثاني من عمرها وترتدي الحجاب أن تثقب أنفها أو حاجب العين؟.
الجواب:
الجواب :
الحمد لله
الأولى ألاّ تفعل ، لأنه ليس فيه مصلحة بيِّنة مع مافيه من الألم أو التشويه بخرق الأنف وأسوء منه خرق حاجب العين ، وأمّا خرق شحمة الأذن لتعليق القرط فيها فقد كانت من عادة النساء في عهد النبي عليه الصلاة والسلام ، فينبغي الإقتصار عليه .
كتبه : الشيخ عبد الرحمن البراك . (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
زوجة داعية تشتكي من انشغال زوجها
السؤال:(5/1319)
أقوم بالاشتراك في الدعوة في الوقت الحالي ولكن زوجتي تشكو بأنني أحمل مسئولية أكبر تجاهها وتجاه الأطفال. وإنني أؤدي ما عليّ وأعمل وأقضي وقتاً معها ولكنها ليست راضية عن ذلك.
أرجو إرشادي إلى ما ينبغي عليّ أن أفعله ؟ إنها لاتحب ما أفعل والله عز وجل يعلم الخير.
الجواب:
هذه الأمة أمة الاقتصاد والتوسط ، فوجب على كل من انتسب إلى هذه الأمة أن يكون كذلك في كل أمور حياته .
ففي الوقت الذي نسمع عن بعض المسلمين الذين يقضون أكثر أوقاتهم بعيداً عن أهليهم - سواء للدعوة أو في سفر أو أمور مباحة - نجد العكس عند كثيرين ممن يلتصق بأهله ولا يعطي من وقته شيئاً للدعوة إلى الله .
وكما أن للأهل حقوقاً يجب على الراعي أن لا يفرط فيها ، فكذلك لغير أهله من المسلمين وغير المسلمين حقوق ينبغي عدم التفريط فيها .
عن الحسن أن عبيد الله بن زياد عاد معقل بن يسار في مرضه الذي مات فيه فقال له معقل إني محدثك حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : "ما من عبد استرعاه الله رعية فلم يحطها بنصيحة إلا لم يجد رائحة الجنة " . رواه البخاري ( 6731 ) ومسلم ( 142 ) .
وعن عبد الله بن عمر قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( كلكم راع وكلكم مسئول فالإمام راع وهو مسئول والرجل راع على أهله وهو مسئول والمرأة راعية على بيت زوجها وهي مسئولة والعبد راع على مال سيده وهو مسئول ألا فكلكم راع وكلكم مسئول ) . رواه البخاري ( 4892 ) ومسلم ( 1829 ) .
وكثير من النساء تود أن لو زوجها لا يخرج من عندها ولو إلى الصلاة ! فكيف للدعوة إلى الله تعالى ، وقد قالت بعض النساء قديماً : ثلاث ضرائر أهون عليَّ من مكتبة زوجي ! وذلك لأن زوجها كان شغوفا بالعلم والقراءة .
لذا فإنها لا تطاع في كل ما تشتهيه ، بل مردّ الأمر إلى ما يحبه الله ويريده .
وفي بعض العبادات أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يتجاوز فيها الحدّ المشروع خشية أن تضيع حقوق الآخرين بسببها وعلى رأس هؤلاء الأهل ، وفي ذلك بعض الأحاديث ، ومنها :
عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين سلمان وأبي الدرداء فزار سلمان أبا الدرداء فرأى أم الدرداء متبذِّلة ( وهذا قبل نزول آية الحجاب ) فقال لها ما شأنك قالت أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا ، فجاء أبو الدرداء فصنع له طعاما فقال كل قال فإني صائم قال ما أنا بآكل حتى تأكل قال فأكل فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم قال نم فنام ثم ذهب يقوم فقال نم فلما كان من آخر الليل قال سلمان قم الآن فصل ، فقال له سلمان إن لربك عليك حقا ولنفسك عليك حقا ولأهلك عليك حقا فأعط كل ذي حق حقه فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " صدق سلمان " . رواه البخاري ( 1867 ) .
متبذلة : رثة الهيئة واللباس .(5/1320)
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا عبد الله ألم أخبر أنك تصوم النهار وتقوم الليل فقلت : بلى يا رسول الله ، قال : فلا تفعل صم وأفطر وقم ونم فإن لجسدك عليك حقا وإن لعينك عليك حقا وإن لزوجك عليك حقا وإن لزوْرك عليك حقا وإن بحسبك أن تصوم كل شهر ثلاثة أيام فإن لك بكل حسنة عشر أمثالها فإن ذلك صيام الدهر كله فشدَّدتُ فشدَّد عليَّ قلت يا رسول الله إني أجد قوة قال فصم صيام نبي الله داود عليه السلام ولا تزد عليه قلت وما كان صيام نبي الله داود عليه السلام قال نصف الدهر فكان عبد الله يقول بعد ما كبر يا ليتني قبلت رخصة النبي صلى الله عليه وسلم . رواه البخاري ( 1874 ) ومسلم ( 1159 ) . زوْرك : أي ضيفك .
فأنت ترى في هذه الأحاديث وصية النبي صلى الله عليه وسلم بالاعتدال في الصيام والقيام وقراءة القرآن - لمن كان مكثراً منها مفرِّطاً في حق أهله - وذلك رعاية لأصحاب الحقوق الأخرى ومنهم الأهل .
ومن رتَّب وقته فأعطى كل ذي حقٍّ حقَّه ، لا يهمه بعدها من رضي ومن غضب ، فلا تجعل أمور الدعوة طاغية على حياتك ووقتك ، ولا تستجب لامرأتك في تركها بالكلية .
ومن الأمور المعينة لك في هذا الباب - إن شاء الله - أن تحاول إشراك امرأتك في أمور الدعوة ، فتكلفها بسماع شريط وتلخيصه ، أو قراءة كتيب وكتابة فوائده أو حضور حِلَق العلم أو المشاركة في الأنشطة النسائية للمركز الإسلامي أو حضور مجلس علمي نسائي مواز لمجلس الأزواج وما شابه ذلك لتشعر أنها معك في هذا الباب ، ولا تشعر بالسآمة والملل من غياب الزوج .
وأمر آخر : وهو : أن عليك أن تفهمها أنها شريكة معك في الأجر إن صبَرَت عليك وهيَّأت لك الجوّ المناسب للعلم والدعوة ، وأنّ الصّحابيات كنّ يحفظن بيوت أزواجهن وأولادهم إذا خرج الأزواج للجهاد ، ويخدمْن ضيوف أزواجهنّ إذا حضروا ، وأنّها إذا حفظت بيت زوجها عند خروجه لطلب العلم والدّعوة والجهاد وخدمت ضيوفه من طلاب العلم والدعاة الذين يزورونه بإكرامهم وعمل الطّعام لهم فإنّ لها في ذلك أجرا عظيما وأنّ الله يُدخل بالسهم الواحد ثلاثة نفر الجنّة ومنهم الصانع له بنيّة طيّبة والمناول له وليس الرامي فقط . إنّ فهم الزوجة لهذا الموضوع وإدراكها لجانب الأجر فيه يخفف عليها كثيرا أمر غياب زوجها وانشغاله ،
ونختم بهذه القصّة العظيمة لامرأة عظيمة وهي أسماء بنت أبي بكر الصّديق لنرى ماذا كانت تفعل لما كان زوجها مشغولا بالجهاد وتدبير أمور الدّعوة والدّولة الإسلامية بجانب النبي صلى الله عليه وسلم :
عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَتْ تَزَوَّجَنِي الزُّبَيْرُ وَمَا لَهُ فِي الْأَرْضِ مِنْ مَالٍ وَلَا مَمْلُوكٍ وَلَا شَيْءٍ غَيْرَ نَاضِحٍ وَغَيْرَ فَرَسِهِ فَكُنْتُ أَعْلِفُ فَرَسَهُ وَأَسْتَقِي الْمَاءَ وَأَخْرِزُ غَرْبَهُ وَأَعْجِنُ وَلَمْ أَكُنْ أُحْسِنُ أَخْبِزُ وَكَانَ يَخْبِزُ جَارَاتٌ لِي مِنْ الأَنْصَارِ وَكُنَّ نِسْوَةَ صِدْقٍ وَكُنْتُ أَنْقُلُ النَّوَى مِنْ أَرْضِ الزُّبَيْرِ الَّتِي أَقْطَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَأْسِي وَهِيَ مِنِّي عَلَى ثُلُثَيْ فَرْسَخٍ فَجِئْتُ يَوْمًا وَالنَّوَى عَلَى رَأْسِي فَلَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَدَعَانِي ثُمَّ قَالَ(5/1321)
إِخْ إِخْ لِيَحْمِلَنِي خَلْفَهُ فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسِيرَ مَعَ الرِّجَالِ وَذَكَرْتُ الزُّبَيْرَ وَغَيْرَتَهُ وَكَانَ أَغْيَرَ النَّاسِ فَعَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي قَدْ اسْتَحْيَيْتُ فَمَضَى فَجِئْتُ الزُّبَيْرَ فَقُلْتُ لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى رَأْسِي النَّوَى وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَأَنَاخَ لِأَرْكَبَ فَاسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ وَعَرَفْتُ غَيْرَتَكَ فَقَالَ وَاللَّهِ لَحَمْلُكِ النَّوَى كَانَ أَشَدَّ عَلَيَّ مِنْ رُكُوبِكِ مَعَهُ قَالَتْ حَتَّى أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ ذَلِكَ بِخَادِمٍ تَكْفِينِي سِيَاسَةَ الْفَرَسِ فَكَأَنَّمَا أَعْتَقَنِي . رواه البخاري 4823
نسأل الله أن يصْلح أحوال المسلمين أزواجا وزوجات وصلى الله على نبينا محمد .
والله أعلم.
الشيخ محمد صالح المنجد (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
هل يجب أن تتحجّب المرأة المسلمة أمام الكافرة
السؤال:
السؤال :
قيل لي أنه لا يجوز أن تنظر الكافرة للمسلمة بدون حجاب ، فهل ينطبق هذا على والدة زوجي غير المسلمة ؟.
الجواب:
الجواب :
1. اختلف العلماء في حكم كشف المرأة حجابها أمام المرأة الكافرة ، وسبب اختلافهم هو اختلاف أفهامهم لتفسير آية النور { ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن ... أو نسائهن } ، وقد جاء في تفسيرها ثلاثة أقوال :
1. أن المعنى : النساء المسلمات .
2. جميع النساء المسلمات وغير المسلمات .
3. النساء المسلمات على الاستحباب لا الوجوب .
2. والراجح - والله أعلم - جواز ظهور المرأة المسلمة أمام الكافرة إلا إذا خافت المسلمة منها أن تصفها لزوجها أو لأي أجنبي فعند ذلك يلزم الاحتجاب عنها ولا فرق بين الكافرة والمسلمة الفاسقة في هذا الباب .
3. ومن الأدلة التي ترجح جواز ترك الحجاب أمام الكافرة : حديث عائشة رضي الله عنها ، وفيه دخول امرأة يهودية عليها ، وقول اليهودية لعائشة : أعاذكِ الله مِن عذاب القبر ... .
رواه البخاري ( 1007 ) ومسلم ( 584 ) .
وقد قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
لا يجب الاحتجاب عنهن - أي : غير المسلمات - فهنَّ كسائر النساء في أصح قولي العلماء . أ. هـ " فتاوى المرأة المسلمة " ( 2 / 582 ) .
4. والذي تظهره المرأة المسلمة أمام الكافرة هو الذي تظهره أمام محارمها ، وهو : مواضع الزينة ، أو مواضع الوضوء .(5/1322)
وقال الشيخ محمد الصالح ابن عثيمين : لها أن تكشف لمحارمها عن الوجه والرأس والرقبة والكفين والذراعين والقدمين والساقين ، وتستر ما سوى ذلك . أ.هـ " فتاوى المرأة المسلمة " ( 1 / 417 ) .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
إدعاء ضعف الثقة بالسنة
السؤال:
السؤال :
بعض الناس يرفضون السنة بحجة أن هناك أحاديث ضعيفة وموضوعة كثيرة وأن الوضع وكثرة الوضاعين للحديث أضعف الثقة بالسنة الشريفة . فما رأيكم بهذه الحجة ؟.
الجواب:
الجواب :
الحمد لله
هذه مقولة عدد من الزنادقة والمنحرفين في القديم والحديث وممن قال بهذا في العصر الحديث صالح أبو بكر في كتاب الأضواء القرآنية وحسين أحمد أمين في كتاب دليل المسلم الحزين وأحمد أمين في كتاب فجر الإسلام وعبد الله النعيم في كتاب نحو تطوير التشريع الإسلامي ، وسعيد العشماوي في كتاب حقيقة الحجاب ، وصالح الورداني في كتاب الخدعة رحلتي من السنة إلى الشيعة ، وعبد الجواد ياسين في كتاب السلطة في الإسلام ، ونصر أبو زيد في كتاب الإمام الشافعي ، وزكريا عباس داود في كتاب تأملات في الحديث ، وحولة نهر في كتاب دراسات محمدية ، وموريس بوكاي في كتاب دراسة الكتب المقدسة ، ومرتضى العسكر في كتاب خمسون ومائة صحابي مختلق ، والدكتور مصطفى محمود في مقالاته عن الشفاعة .
ونقول صحيح أنه كان هناك وضاعون وكذابون لفّقوا أقوالاً ، ونسبوها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكن الأمر لم يكن بهذه البساطة التي تخيلها أصحاب هذه الشبهة ، وأثاروا بها الوساوس في النفوس ، وقد جهلوا الحقائق التي سادت الحياة الإسلامية فيما يتعلق بالسنة النبوية ، فقد كان إلى جانب ذلك عدد وفير من الرواة الثقات المتقنين العدول ، وعدد وفير من العلماء الذين أحاطوا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بسياج قوي يعسر على الأفاكين اختراقه ، واستطاع هؤلاء المحدثون بسعة اطلاعهم ، ونفاذ بصيرتهم أن يعرفوا الوضاعين ، وأن يقفوا على نواياهم ودافعهم ، وأن يضعوا أيديهم على كل ما نُسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سبيل الوضع والكذب فهؤلاء الوضاعون لم يُترك لهم الحبل على الغارب يعبثون في الحديث النبوي كما يشاؤون ، ولم يترك لهم المجال لأن يندسوا بين رواة الأحاديث النبوية الثقات العدول دون أن يُعرفوا .
وإلا فمن إذن الذي كشف كذب الكفرة والزنادقة وغلاة المبتدعين ؟.(5/1323)
ومَن الذي عرّف بالموضوع ، وبأسبابه ، وبأصنافه ، وبعلاماته ، وصنف فيه المصنقات المتعدة ؟.
إنهم حراس الدين خلفاء الله وجنوده في أرضه ، إنهم الجهابذة الذين قال فيهم هارون الرشيد لما أخذ زنديقاً فأمر بضرب عنقه فقال له الزنديق : لَم تضرب عنقي ؟ قال : لأريح العباد منك ، فقال : يا أمير المؤمنين أين أنت من ألف حديث - وفي رواية أربعة آلاف حديث - وضعتها فيكم ، أحرم فيها الحلال ، وأحلل فيها الحرام ، ما قال النبي منها حرفاً ؟ فقال له هارون الرشيد : أين أنت يا عدو الله من أبي إسحاق الفزاري وعبد الله بن المبارك ؟ فإنهما ينخلانها نخلاً فيخرجانها حرفاً حرفاً . تذكرة الحفاظ للذهبي 1/273 ، وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص 174
يقول الأستاذ محمد أسد : ( فوجود الأحاديث الموضوعة إذن لا يمكن أن يكون دليلاً على ضعف نظام الحديث في مجموعه ، لأن تلك الأحاديث الموضوعة لم تَخْفَ قط على المحدثين كما يزعم بعض النقاد الأوروبيين عن سذاجة ، وتابعهم على ذلك بعض أدعياء من أبناء أمتنا الإسلامية ) . الإسلام على مفترق الطريق ص 96
ونختم هذه الشبهة بما ذكره الإمام ابن القيم الجوزية : قال الإمام أبو المظفر السمعاني : ( فإن قالوا : قد كثرت الآثار في أيدي الناس واختلطت عليهم ، قلنا : ما اختلطت إلا على الجاهلين بها ، فأما العلماء بها فإنهم ينتقدونها انتقاد الجهابذة الدراهم والدنانير ، فيميزون زيوفها ويأخذون خيارها ، ولئن دخل في أغمار الرواة من وسم بالغلط في الأحاديث فلا يروج ذلك على جهابذة أصحاب الحديث ، ورواته العلماء حتى إنهم عدّوا أغاليط من غلط في الإسناد والمتون ، بل تراهم يعدون على كل واحد منهم كم في حديث غلط ، وفي كل حرف حرّف ، وماذا صحّف ، فإن لم تَرُج عليهم أغاليط الرواة في الأسانيد والمتون ، فكيف يروج عليهم وضع الزنادقة ، وتوليهم الأحاديث التي يرويها الناس حتى خفيت على أهلها ؟ وهو قول بعض الملاحدة ، وما يقول هذا إلا جاهل ضال مبتدع كذاب يريد أن يهجّن بهذه الدعوة الكاذبة صحاح أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ، وآثاره الصادقة ، فيغالط جهال الناس بهذه الدعوى ، وما احتج مبتدع في رد آثار رسول الله صلى الله وسلم بحجة أوهن ولا أشد استحالة من هذه الحجة ، فصاحب هذه الدعوى يستحق أن يُسف في فِيهِ ، ويُنفى من بلد الإسلام . مختصر الصواعق المرسلة 2/561
مجلة البيان عدد153 ص26. (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
طريقة إلقاء الدّروس للذّكور والإناث
السؤال:
أنا طالب في الجامعة في كندا وقد كنت في إحدى الدول الإسلامية سابقاً وقد تعلمت بعضاً من العلم الشرعي ويوجد بعض المسلمين في جامعاتي فأقوم بإلقاء الدروس عليهم ، ولكن أثناء الدرس يكون الشباب على يساري والبنات على يميني ، فهل هذا من الاختلاط المحرم ؟ وما هو الاقتراح المناسب لطريقة إلقاء الدرس ؟.
الجواب:
الحمد لله(5/1324)
أثابك الله على ما تقوم به من جهد في إلقاء الدروس النافعة لهؤلاء الطّلبة المسلمين في مدينتك والذين هم بأمسّ الحاجة لتعلّم دينهم في بلاد الكفر ، ولعلّ خلفيتك التي اكتسبتها من معيشتك السّابقة في بلاد الحرمين ستساعدك على ذلك وأوصيك بالتّركيز على تعليمهم التوحيد والعقيدة الإسلامية الصّحيحة ، وشرح كيفية القيام بالعبادات فقهيا ، وعرض سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه .
أمّا بالنّسبة للموضوع الذي سألت عنه فإنّ قعود الذّكور والإناث في حلقة واحدة أمام بعضهم البعض في مجلس واحد لا يخلو من أخطار كما تعلم ، بل أظنّ أنّ لديك إحساسا بذلك دفعك إلى السّؤال وخصوصا أنّنا نتوقّع من حجاب الإناث عندكم أنّه ليس كاملا وأنّ وجوه بعضهّن - على الأقلّ - ستكون مكشوفة أمام الذّكور لذلك فإنني أقترح عليك أحد أمرين : إمّا أن يجلس الإناث بالحجاب الكامل خلف صفوف الذّكور حتى لا يكون عليك من حرج إذا واجهت الجميع لإلقاء الدّرس ، والاقتراح الثّاني جعل حاجز بين الذّكور والإناث - بحيث يصل الصّوت - إذا لم يُرد الإناث لبس الحجاب الكامل . ويمكنهن السؤال من وراء الحاجز دون خضوع بالقول أو كتابة الأسئلة في أوراق .
وفقنا الله وإياك لعمل الخير والدّعوة إلى سبيل الله كما يُرضي الله وصلى الله على نبينا محمد .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
التعليق على ما انتشر في المنتديات باسم " وصية إبليس قبل اعتقاله "
السؤال:
انتشر في كثير من المنتديات ما عرف باسم " رسالة إبليس " ، وهي مذيلة باسمه ! وفيها خطابات للناس ولشياطين الإنس ، فنرجو النظر فيها والتعليق عليها .
الجواب:
الحمد لله
قد وقفنا على تلك النشرة ، ورأيناها في كثير من المنتديات ، وتعرف باسم " وصية إبليس " أو " وصيتي قبل الاعتقال " أو " رسالة إبليس " وهي مذكورة على لسان الشيطان يخاطب فيها الناس قبل تصفيده في رمضان ، ويحث فيها شياطين الإنس على القيام بمهماته ، وسنذكر نص هذه الرسالة ، وما يتيسر من التعليق عليها .
نص الرسالة :
" يقول إبليس في الرسالة : أبعث إليكم بأشواقي وتحياتي قبل سويعات من الاعتقال الذي تأكد لي خبره وطار أمره .
ثلاثون يوماً بعيداً عنكم بعد أن كنت معكم على مدار العام ، ولعل عزائي أن فيكم من سيعوض غيابي ويسد فراغي من اللئام .
لا يخفاكم ما حدث في رمضان الماضي ، فعلى الرغم من كل الجهود الذي بذلتها معكم ،(5/1325)
وكل الأفكار التي صببتها في آذانكم : فقد رأينا الملايين من كل مكان يرتادون المساجد ،
والملايين يرتدين الحجاب ، وكنت أنا وقتها في معتقلي أكتوي بنار الغضب .
فهذا جهدُ عامٍ مع تلك الفتاة الضائعة يضيع في ليلة القدر ، وهذا الذي ما تركت كبيرة إلا وأوقعته فيها تنزل من عينه دمعة تطفئ غضب الرب عليه ، وتفتح باب التوبة إليه .
يا شياطين الإنس : في خضم غياب فارسكم أمامكم دور كبير ، فافعلوا ما تؤمرون ، أريدهم في رمضان لا يعرفون سوى السهر حتى الصباح في الخيام الرمضانية ،
والنوم حتى موعد وجبة الإفطار الشهية حتى تمتلأ بطونهم وكروشهم المتدليّة ،
ثم أتموا عليهم بنعمة البرامج التلفزيونية ، نريد رقصا ، نريد هجصا ،
نريد شهوة ، نريد نزوة ، نريد أفكاراً إبليسية ، ولا تنسوا حتى تكتمل التمثيلية : اختموا بثَّكم بالتلاوات القرآنية !
يا شياطين الإنس : أكثروا من اللقاءات مع الفنانات والراقصات ، وكل جميلة فتيّة ليحدثوهم عن روحانية رمضان وما يقمن به من نضال على عتبات المسارح والمراقص الهرمية ،
نريد الجميع أن يتحدث عن ذلك المسلسل اليومي ، والفيلم الأسبوعي ، والمسرحية النصف شهرية ، نريد مباريات كروية ، وأغان عربية ، وقنوات فضائية ، لا أريد أن أرى أحدكم يتوقف ولو لثانية ، فكما تعلمون وقتنا غال وأهدافنا دنيّة .
يا شياطين الإنس : أتريدون لهم أن يدخلوا الجنة التي حُرمنا حتى من شم رائحتها النديّة ؟
أتريدون أن تمرَّ عليهم لحظات توبة فيضيع كل ما بذلناه في عشرات السنين الضنيّة ، أما حذرتكم أن من أدرك منهم ليلة القدر غفر له كل ماضيه والبقية ، لا وألف لا ، خبتم وخسرتم إذا فعلتم .
ستستبدلون بغيركم أيها الأباليس الغثائية ، ألا تريدون للجحيم سكاناً ؟ وللدرك الأسفل رعيّة ؟ أما من أحباب لسقر والشجرة الزقومية ؟ أين قلوبكم الميتة ؟ وعقولكم الشيطانية ؟
أما أنت يا حواء : فدورك في الأمة فعّال ، فأنت أقوى مخدّر للرجال ، أعلق عليك الآمال ، فأنت الجواب لكل سؤال ، نريد سهرة ، نريد رقصة وضحكة ، نريدها - باختصار - إثارة ومتعة ، اطرحي التراويح جانبا ، وانسَيْ ثواب القائمة ، ألا يكفي يا حبيبتي أنك صائمة ؟!
يا بني آدم أجمعين : اسمعوا لي فما أنا لكم إلا ناصح أمين ، لا تهتموا في رمضان إلا بكل لذيذ سمين ، ولتنسوا الصلاة لرب العالمين ، وإياكم وقراءة آيات الذكر الحكيم ؛ فإنه المنكر الأثيم في منطق سكان الجحيم ، رمضان سيتكرر سنين بعد سنين فتوبوا حينها لرب غفور رحيم ، أما الآن فامضوا وقتكم تسبحون بحمد بوش وبنيامين عليهم رحمة الأبالسة أجمعين .
التوقيع : إبليس اللعين " .
ولنا على هذه الرسالة ملاحظات ، ومنها :(5/1326)
1. أنها طريقة مبتدعة في الدعوة والوعظ ، فيمكن للداعية والواعظ أن يوصل رسائل للعصاة لترك معاصيهم ، وللطائعين للازدياد من طاعاتهم بغير تلك الرسالة السمجة الهزلية ، التي حويت أصنافا من الجهل والتكلف والهزل .
2. أن هذه الطريقة في الوعظ والتذكير تفتح الباب للكلام على لسان غير إبليس كالملائكة أو الأنبياء أو الشهداء أو الدجال أو الجنة أو النار وغيرها ، وهو مما يجعل الأمر فوضى ، ويفتح الباب لكل عابث بتوجيه تلك الرسائل على لسان من يشاء ، فتنقلب الدعوة إلى مباريات كتابية خيالية ، ويصير الوعظ تنافساً في اختيار الشخصية التي يتكلمون بلسان حالها .
3. ونحن نجزم أن كاتبها ليس عالما ولا طالب علم ، ولم نرَ هذه الرسالة إلا في منتديات يرتادها العامة ، ومن شروط الدعوة إلى الله أن يكون المتكلم صاحب علم يعرف ما يقول لأنه يوقع عن رب العالمين ، ويتكلم باسم الدين ، فلا يجوز أن يكون هذا المجال لكل صاحب خيال واسع .
4. وهذه الرسالة ليس فيها آية ولا حديث ، ففيها صرف الناس عن الوعظ بالقرآن ، وكأن الشرع المطهَّر ليس فيه ما يُخاطب به الناس من القوارع والزلازل من الآيات البينات والأحاديث الصحيحة الواضحات ، والأحكام الشرعية البيِّنة .
5. وفي الرسالة تعظيم للشيطان ؛ حيث جُعل هو المتكلم والناس تستمع وتنقل رسائله المذيلة بتوقيعه ! ولا شك أن في هذا تشريفاً لذلك المطرود من رحمة الله ، والذي شأنه أحقر من أن يكون صاحب رسائل ينقلها المسلمون في منتدياتهم وجوالاتهم ، ويمكن لأحد الدعاة أو طلبة العلم أن يكتب رسالة يوضح فيها حال الشيطان مع العصاة ، وحاله مع العبَّاد ، وأن يجعل بين الحالين مقارنة ، ويوضح ذلك بالآيات والأحاديث دون أن يجعل المتكلم هو الشيطان ، ويكون بذلك أدَّى الغرض الذي من أجله كُتبت هذه الرسالة .
6. وفي الرسالة جهل بالأحكام الشرعية ، وافتراء على الشرع ، ومنه قوله " أما حذرتكم أن من أدرك منهم ليلة القدر غفر له كل ماضيه والبقية " ، وفي هذه الجملة جهل من وجهين : الأول : أن المعلوم أن مجرد إدراك ليلة القدر ليس فيه فضل ، وقد نصَّ الحديث الصحيح على فضل من قام ليلة القدر ، لا من أدركها ، والثاني : أن الفضل لمن قام ليلة القدر أنه يغفر له ما تقدم من ذنبه دون " البقية " أي : ما تأخر ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ) رواه البخاري ( 1802 ) ولم يقل النبي صلى الله عليه وسلم : وما تأخر .
7. وفي الرسالة بيان أن شياطين الجن جميعها تصفَّد وتسلسل ، والظاهر أن الذي يصفَّد هو مردتهم ، كما جاء في بعض الروايات الصحيحة ، وقد بيَّنا هذا في أجوبة كثيرة ، منها ( 39736 ) و ( 12653 ) و ( 14253 ) ، وفي بعض تلك الأجوبة أن تصفيد أولئك المردة لا يعني عدم وسوستهم ، وهو ما يقضي على الرسالة من أصلها .
والخلاصة :(5/1327)
أننا لا نرى جواز نشر هذه الرسالة ؛ لما فيها من مخالفات للشرع ؛ ولما فيها من سماجة وهزلية ، ونرى أن مثل هذه الأساليب فيها صرف للناس عن القرآن والسنة ، وأن نفعها المزعوم قد يتركز في الفكرة والأسلوب دون المعنى والمضمون .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
-ـــــــــــــــــــ
البابية والبهائية ليسوا مسلمين
السؤال:
ما هي أفكار وعقائد البهائية ؟ وما الفرق بينهم وبين سائر المسلمين ؟.
الجواب:
الحمد لله
البابية والبهائية حركة نبعت من فرقة من فرق الشيعة وهي الشيخية سنة 1260هـ /1844م تحت رعاية الاستعمار الروسي واليهودية العالمية والاستعمار الإنجليزي ، بهدف إفساد العقيدة الإسلامية وتفكيك وحدة المسلمين ، وصرفهم عن قضاياهم الأساسية .
التأسيس وأبرز الشخصيات :
1- أسس البابية الميرزا على محمد رضا الشيرازي الذي تلقى العلوم الشيعية والصوفية منذ الصغر.
وفي سنة 1260هـ / 1844م أعلن الشيرازي هذا أنه الباب الموصل إلى الحقيقة الإلهية ، وشجعه على ذلك أحد الجواسيس الروس .
ثم ادعى بعد ذلك أنه رسول كموسى وعيسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام ، بل ادعى أنه أفضل شأناً منهم .
وفي عام 1266 هـ ادعى حلول الإلهية فيه ، فحكم عليه بالإعدام .
2- قرة العين ، وهي امرأة فصيحة بليغة ، رافقت الشيرازي في تعلم العلوم الشيعية الشيخية ، وكانت إباحية فاجرة ، فطلقها زوجها ، وتبرأ منها أولادها .
عقدت مؤتمراً مع زعماء البابية بدشت بإيران أعلنت فيه نسخ الشريعة الإسلامية ، وتم إعدامها سنة 1268هـ 1852م .
البهائية :
قبل مقتل الشيرازي كان قد أوصى بخلافته للميرزا يحيى علي الملقب بـ ( صبح أزل ) ولكن نازعه أخوه حسين البهاء ، وبعد خلافات بينهما وفتن ، ومحاولة كل منهما قتل أخيه ، نُفي صبح أزل إلى جزيرة قبرص ، ومات بها سنة 1912 م .
ونُفي حسين البهاء إلى عكا بفلسطين ، وقتل بها على يد بعض أتباع أخيه عام 1892 م ودفن بها .
عقائد البهائية وأفكارها وشعائرها :
1- الإيمان بحلول الله في بعض خلقه، وأن الله قد حلَّ في "الباب" و"البهاء".
2- الإيمان بتناسخ الكائنات، وأن الثواب والعقاب يقع على الأرواح فقط.(5/1328)
3- الاعتقاد بأن جميع الأديان صحيحة، وأن التوراة والإنجيل غير محرَّفين، ويرون ضرورة توحيد جميع الأديان في دين واحد هو البهائية.
4- يعتقد البهائيون أن كتاب "الأقدس" الذي وضعه البهاء حسين ناسخ لجميع الكتب السماوية بما فيها القرآن الكريم .
5- يقولون بنبوة بوذا وكنفوشيوس وبراهما وزرادشت وأمثالهم من حكماء الهند والصين والفرس.
6- يؤمنون - موافقة لليهود والنصارى - بصلب المسيح.
7- ينكرون معجزات الأنبياء وحقيقة الملائكة والجن كما ينكرون الجنة والنار .
8- يحرمون الحجاب على المرأة، ويحللون المتعة، ويدعون إلى شيوعية النساء والأموال.
من الواضح جدا أنه دين يسعى إلى هدم القيم والأخلاق والسعي نحو الإباحية والفسق .
9- يقولون إن دين الباب ناسخ لشريعة محمد صلى الله عليه وسلم.
10- يؤولون القيامة بظهور البهاء، أما قبلتهم فهي إلى البهجة بعكا بفلسطين (حيث يوجد قبر البهاء) بدلاً من المسجد الحرام.
11- الصلاة عندهم تؤدى في اليوم ثلاث مرات ، كل صلاة ثلاث ركعات، صبحا وظهرا ومساء، والوضوء لها بماء الورد، وإن لم يوجد فيكتفون بالبسملة "بسم الله الأطهر الأطهر" خمس مرات .
12- لا يجوزون الصلاة جماعة إلا عند الصلاة على الميت.
يتضح هنا مدى سعيهم لتفرقة المسلمين بتحريمهم صلاة الجماعة .
13- يقدّس البهائيون العدد تسعة عشر، ويجعلون عدد أشهر السنة تسعة عشر شهرا، عدد كل شهر تسعة عشر يوما.
14- يصوم البهائيون شهرا بهائيا واحدا هو شهر العلا ويبدأ من 2 إلى 21 مارس وهو آخر الشهور البهائية، وفيه يجب الامتناع عن تناول الطعام من الشروق إلى الغروب، ويعقب شهر صومهم عيد النيروز.
15- يحرم البهائيون الجهاد وحمل السلاح وإشهاره ضد الكفار الأعداء !! خدمةً للمصالح الاستعمارية . كما سيأتي .
وهذا يؤيد ما قيل عنها : إنها حركة تربت في حجر الاستعمار ، وما زالت تحظى بتأييده إلى الآن .
16- ينكرون أن محمداً - خاتم النبيين - مدعين استمرار الوحي بعده.
17- يبطلون الحج إلى مكة، ولهذا كان حجهم إلى حيث دفن البهاء في عكا بفلسطين.
18- لا يرون الاغتسال من الجنابة ولا تطهير النجاسة لأنهم يعتقدون أن من اعتقد بالبهائية فقد طهر.
19- والزكاة استبدلوها بنوع من الضريبة تقدر بـ 19% من رأس المال تدفع مرة واحدة.(5/1329)
تلك هي البهائية، وتلك بعض عقائدها، خليط غير متجانس من العقائد السماوية والأفكار الوثنية، أخرجها "البهاء" في قالب غريب، سماه وحياً وكتاباً مقدساً، فيالله أين عقول الخلق حين اتبعوه، وأين بصيرتهم حين قلدوه ؟!
علاقة البابية والبهائية بالاستعمار واليهود والنصارى :
1- أحد الجواسيس الروس هو الذي شجع علي الشيرازي على دعواه أنه الباب .
2- اشترك "البهاء" في محاولة اغتيال الملك " ناصر الدين" شاه إيران، إلا أن المحاولة باءت بالفشل، وكشف الفاعلون، ففر "البهاء" إلى سفارة روسيا التي قدمت له الحماية الكاملة، ولم تسلمه إلى السلطات الإيرانية إلا بعد أن أخذت وعدا منها بعدم إعدامه .
3- لما نفي البهاء إلى عكا سنة 1285هـ /1868م ، لقي حفاوة بالغة من اليهود الذين أحاطوه بالرعاية، وأضحت عكا منذ ذلك التاريخ مقرا دائما للبهائية ومكانا مقدسا لهم.
4- يقف وراء هؤلاء بعض النصارى ، ففي إحدى الدول العربية التي للبهائيين وجود بها ، رئيس الحركة ومحاميها ، كلاهما نصراني .
5- أشارت الأنباء إلى أن السفير الإسرائيلي في إحدى الدول العربية ، قام بزيارة البهائيين في أحد معاقلهم ، والتقى بقياداتهم وطالبهم بضرورة المشاركة في النشاط السياسي عن طريق إنشاء جمعية أو حزب والترشيح للمجالس البرلمانية وممارسة الأنشطة الفاعلة في الحياة السياسية للتأثير على مراكز القرار، وقد وعدهم أيضًا بتقديم تسهيلات لهم لزيارة إسرائيل ليقوموا بالحج إلى قبر البهاء .
6- لهذه الطائفة عدة ممثلين وأعضاء في مكاتب وهيئات تابعة للأمم المتحدة ، يبلغ عددهم نحو سبعة أشخاص !!
ولهذا لا تعجب أيها القارئ أبداً إذا عرفت بعد كل هذا ، أن البهائيين يحرمون الجهاد ضد الأعداء ، ويوجبون على المسلمين أن يستسلموا للاستعمار والاحتلال ، وأن البهاء كان يدعو في كتبه إلى التجمع الصهيوني في أرض فلسطين .
الانتشار ومواقع النفوذ :
توجد الغالبية العظمى من البهائيين في إيران ، وقليل منهم في العراق وسوريا ولبنان ، وفلسطين ، ولهم وجود في مصر ، ولهم عدة محافل في إثيوبيا وأوغندا وزامبيا وجنوب إفريقيا وباكستان ، ولهم حضور في بعض الدول والمدن الغربية كلندن ، وفيينا وفرانكفورت وسيدني ، ويوجد في شيكاغو أكبر معبد لهم .
الحكم عليها وفتاوى العلماء فيها :
يظهر مما سبق أن البابية والبهائية من الفئات الضالة الخارجة عن الإسلام .
وقد صدرت العديد من الفتاوى من علماء المسلمين بتكفير هؤلاء ، وبيان خروجهم عن الإسلام ، ووجوب الحذر منهم .
فقد أصدر الشيخ سليم البشري شيخ الأزهر سنة 1910 م بكفر البهائيين .
كما صدر حكم قضائي بتاريخ 30/6/1946 م من محكمة شرعية في مصر بطلاق وتفريق امرأة اعتنق زوجها البهائية لأنه مرتد عن الإسلام .
كما أصدرت لجنة الفتوى بالأزهر في عام 1947 م فتوى بردة معتنقي البهائية .(5/1330)
بالإضافة إلى فتوى من دار الإفتاء المصرية عام 1939 م بارتداد البهائي .
وفتوى أخرى من "دار الإفتاء المصرية" عام 1968 م جاء فيها : " من اعتنق الدين البهائي يكون مرتدا عن الدين الإسلامي ، وحكم المرتد شرعاً أنه يستتاب ويعرض عليه الإسلام وتكشف شبهته إن كانت ، فإن تاب فيها ، وإلا قتل شرعاً " انتهى من "فتاوى دار الإفتاء" (6/2138) .
وفي عام 2003 م ، أصدر مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر . فتوى جاء فيها " إن هذا المذهب البهائي وأمثاله من نوعيات الأوبئة الفكرية الفتاكة التي يجب أن تجند الدولة كل إمكاناتها لمكافحته والقضاء عليه" .
وأكد الشيخ إبراهيم الفيومي أمين مجمع البحوث الإسلامية على أن البهائيين فرقة خارجة عن وعلى الإسلام وهي من أخطر القوى المعادية للإسلام وقد نشأت في حجر الاستعمار الصهيوني ولا تزال تلقى الرعاية والعناية من أعداء الإسلام . ولدى البهائية مشروع يسمى المشروع السياسي العدائي للأمة الإسلامية ، وغرضهم الأول ضرب الإسلام وزعزعة الاستقرار السياسي والديني في المجتمعات الإسلامية ، كما قاموا بإلغاء آيات كثيرة من القرآن اعتقاداً منهم بأن المسلمين قد حرفوها ، كما أبطلوا الحج وطالبوا بهدم الكعبة وتوزيع حطامها على بلاد العالم .
ولشيخ الأزهر السابق الشيخ جاد الحق رحمه الله فتوى في تكفير البهائية وردتها عن الإسلام ، أقرها مجمع البحوث الإسلامية الحالي ، جاء فيها : " والبابية أو البهائية فكر خليط من فلسفات وأديان متعددة، ليس فيها جديد تحتاجه الأمة الإسلامية لإصلاح شأنها وجمع شملها، بل وضُح أنها تعمل لخدمة الصهيونية والاستعمار، فهي سليلة أفكار ونحل ابتليت بها الأمة الإسلامية حربا على الإسلام وباسم الدين " انتهى .
وقد نقلنا في جواب السؤال رقم (88689) فتوى الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في كفر هذه الطائفة ، وخروجها عن الإسلام ، وأنه لا يجوز أن يدفنوا في مقابر المسلمين .
والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
-ـــــــــــــــــــ
حكم مصافحة الطالب لزميلته في المدرسة
السؤال:
ما حكم مصافحة الطالب لزميلته في الدراسة وماذا يفعل لو مّدت يدها للسلام عليه ؟.
الجواب:
الحمد لله
لا تجوز الدراسة المختلطة مع الفتيات في محل واحد أو في مدرسة أو في كرسي واحد ، بل هذا من أعظم أسباب الفتنة فلا يجوز للطالب ولا للطالبة هذا الاشتراك لما فيه من الفتن وليسس للمسلم أن يصافح المرأة الأجنبية عنه ولو مدت يدها إليه ويخبرها أن المصافحة لا تجوز للرجال الأجانب لما ثبت عن النبي صلى الله عليه(5/1331)
وسلم أنه قال حيت بيعته للنساء : ( إني لا أصافح النساء ) وثبت عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : ( والله ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة قط ما كان يبايعهن إلا بالكلام ) وقد قال عز وجل : ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً ) الأحزاب/21 ، ولأن مصافحة النساء من غير محارمهن من وسائل الفتنة للطرفين فوجب تركهما .
أما السلام الشرعي الذي ليس فيه فتنة ومن دون مصافحة ولا ريبة ولا خضوع بالقول ومع الحجاب وعدم الخلوة فلا بأس به لقول الله عز وجل : ( يا نساء النبي لستن كأحد من نساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قبله مرض وقلن قولاً معروفاً ) الأحزاب/32 ، ولأن النساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كن يسلِّمن عليه ويستفتينه فيم يشكل عليهن وهكذا كانت النساء يستفتين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يشكل عليهن .
أما مصافحة المرأة للنساء ولمحارمها من الرجال كأبيها وأخيها وعمها وغيرهم من المحارم فليس في ذلك بأس .
اللجنة الدائمة للإفتاء في الفتاوى الجامعة للمرأة المسلمة ج/3 ص988 (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
خروج النساء إلى الأسواق والمحلات التجارية
السؤال:
هل يجوز للنساء الخروج للمحلات التجارية والأسواق ؟ قال علي رضي الله عنه: ألا تغارون , أنتم تتركون نساءكم يذهبن حيث يرغبن (إلى الأسواق) .
الجواب:
الحمد لله
لاشك أن بقاء المرأة في بيتها خير لها كما قال الله عز وجل ( وقرن في بيوتكن ) الأحزاب/33 وكما جاء في الحديث ( وبيوتهن خير لهن )رواه أبو داود (الصلاة /480) وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود 530 ، ولا شك أن إطلاق الحرية لها في الخروج خلاف ما يأمر به الشرع والواجب على الأولياء أن يكونوا أولياء بمعنى الكلمة فقد قال الله سبحانه ( الرجال قوّامون على النساء ) النساء/34 ، فالذي ينبغي على المرأة ألا تخرج إلا إذا دعت الحاجة ، ومتى دعت الحاجة إلى الخروج فبإذن زوجها متحفظة مما حرم الله مع الحجاب الكامل لوجهها وغيره ، فإن خرجت متبرجة أو متطيبة فإنه لا يحل لها ذلك ، فإذا أُمِنَتِ الفتنة وخرجت المرأة على الوجه المطلوب شرعا فإنه لا حرج عليها في الخروج ، وقد كان النساء على عهد النبي صلى الله عليه وسلم يخرجن إلى الأسواق من غير مَحْرَم .
وقد أَذِنَ النبي صلى الله عيه وسلم لهن بالخروج إذا كانت حاجتهن مَاسَّةً فَقَالَ : ( إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُن ) رواه البخاري ( تفسير القرآن/4421 )
قال ابن حجر في فتح الباري : قال ابن بطَّال : " فِقْهُ هذا الحديث : أنه يجوز للنساء التَّصَرُّفُ فيما لهن الحاجَةُ إليه من مَصَالِحِهِنَّ " .
الفتاوى الجامعة للمرأة المسلمة 3/1063. (www.islam-qa.com)(5/1332)
ـــــــــــــــــــ
هل للرجل أن ينام مع أخته في غرفة واحدة
السؤال:
هل يجوز النوم مع أختي في غرفة واحدة وكلا منا علي سرير منفرد ومتقابل أثناء الصوم بحيث قد نرى بعضنا بعض.
الجواب:
الحمد لله
لا حرج على الرجل أن ينام مع أخته في غرفة واحدة ، كل منهما على فراشه ، إذا أُمن الاطلاع على شيء من عورتهما ، ولا فرق في ذلك بين حال الصوم وغيره .
وعورة المرأة بالنسبة لأخيها وعامة محارمها : جميع بدنها إلا ما يظهر غالبا ، كالرقبة والرأس والكفين والقدمين والساقين ، قال في "كشاف القناع" (5/11) : " ( و ) لرجل أيضا نظر وجه ورقبة ويد وقدم ورأس وساق ( ذات محارمه ) قال القاضي على هذه الرواية : يباح ما يظهر غالبا كالرأس واليدين إلى المرفقين " انتهى .
وعورته بالنبسة لها : ما بين السرة إلى الركبة .
قال في "كشاف القناع" (5/15) : " ( وللمرأة مع الرجل ) نظر ما فوق السرة وتحت الركبة ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس : ( اعتدي في بيت ابن أم مكتوم فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك فلا يراك ) ، وقالت عائشة : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه وأنا أنظر إلى الحبشة يلعبون في المسجد ) متفق عليه ، ولما فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من خطبة العيد مضى إلى النساء فذكرهن ومعه بلال فأمرهن بالصدقة ؛ ولأنهن لو منعن من النظر لوجب على الرجال الحجاب كما وجب على النساء لئلا ينظرون إليهم " انتهى .
فيجب أن يحتاط كل منهما عند نومه ، فيلبس ما يستر عورته ، ويحفظه من الانكشاف .
ولما كان النوم مظنة انكشاف العورة ، وثوران الشهوة جاءت الشريعة الكاملة المطهرة بالأمر بالتفريق بين الأولاد في المضاجع . كما روى أبو داود (418) عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرُوا أَوْلادَكُمْ بِالصَّلاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ )
وروى الدارقطني والحاكم عن سبرة بن معبد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا بلغ أولادكم سبع سنين ففرقوا بين فرشهم و إذا بلغوا عشر سنين فاضربوهم على الصلاة ) والحديث صححه الألباني في "صحيح الجامع" برقم 418
وقد فسر أهل العلم التفريق في المضاجع بأمرين :
الأول : التفريق بين فرشهم ، وهذا هو ظاهر الحديث الثاني .
الثاني : ألا يناما متجردين على فراش واحد ، فإن ناما بثيابهما من غير ملاصقة جاز ذلك عند أمن الفتنة .(5/1333)
قال زكريا الأنصاري رحمه الله : " التفريق في المضاجع يصدق بطريقين : أن يكون لكل منهما فراش ، وأن يكونا في فراش واحد ولكن متفرقين غير متلاصقين ، وينبغي الاكتفاء بالثاني ; لأنه لا دليل على حمل الحديث على الأول وحده . قال الزركشي حمله عليه هو الظاهر بل هو الصواب للحديث السابق : ( فرقوا بين فرشهم ) مع تأييده بالمعنى وهو خوف المحذور " انتهى من "أسنى المطالب" (3/113).
وقال في "كشاف القناع" (5/18) : " ( وإذا بلغ الإخوة عشر سنين ذكورا كانوا أو إناثا , أو إناثا وذكورا فرق وليُّهم بينهم في المضاجع فيجعل لكل واحد منهم فراشا وحده ) لقوله صلى الله عليه وسلم : ( وفرقوا بينهم في المضاجع ) أي حيث كانوا ينامون متجردين كما في المستوعب والرعاية " انتهى.
وقال ابن مفلح رحمه الله : " ومن بلغ من الصبيان عشرا منع من النوم مع أخته ومع محرم غيرها متجردين ذكره في المستوعب والرعاية ، وهذا والله أعلم على رواية عن أحمد واختارها أبو بكر. والمنصوص واختاره أكثر أصحابنا وجوب التفريق في ابن سبع فأكثر ، وأن له عورة يجب حفظها ، والمسألة مشهورة مذكورة في كتاب الجنائز " انتهى من "الآداب الشرعية" (3/538).
وإنما ذكرنا هذا للفائدة ، ولئلا يُظن أن الحديث يقتضي عدم نوم الأخ مع أخته في غرفة واحدة ، وإن كان هذا هو الأولى لمن تيسر له ذلك .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
يمنع زوجته من الظهور على أشقائه
السؤال:
تزوج أخي منذ سنتين تقريبا ، وخلال هذه المدة منع زوجته من الظهور على إخوته ولو بالحجاب ولا التحدث معهم أثناء زيارة إخوته له ، وإلى الآن نحن لا نعرف شكلها ولا تكلمنا معها كلمة واحدة ، السؤال : هل هذا جائز شرعاً أم فيه شيء من التزمت ؟.
الجواب:
الحمد لله
الواجب على المرأة أن تستر بدنها كاملاً ومنه وجهها عن الرجال الأجانب عنها ، ويتحتم الحجاب أكثر على أقرباء زوجها من الأجانب ، وهو عكس ما يفعله أكثر الناس من المتساهلين في هذه الأيام ، وقد قال صلى الله عليه وسلم لما أراد بعض الصحابة استثناء أقرباء الزوج في الدخول على امرأته قال " الحمو الموت " ، فالواجب – إذن – هو الاحتياط أكثر من أقرباء الزوج – ومنهم إخوانه – لما يقع من تساهل في هذا الأمر .
وقد أحسن أخوكم بمنع امرأته من الظهور عليكم ، وقد أحسنت هي بالاستجابة لأمر الله وأمر زوجها ، وليس هذا من التزمت في شيء بل هو من الاستجابة لأمر الله(5/1334)
تعالى ، ولا حاجة لإخوة الزوج في رؤية زوجة أخيهم فضلا عن الجلوس والحديث معها .
ومن أجاز من أهل العلم جلوس المرأة مع أقرباء زوجها فإنما أجازه بشرط عدم وجود ريبة في المجلس أو خلوة بينها وبين أحدهم أو حيث يوجد الغناء أو النظر المحرَّم من كلا الطرفين ، وهذه – للأسف – هي أكثر مجالس عامة الناس ، وفي حال خلو المجلس مما سبق من المنكرات والمحرمات مع التزام المرأة بحجابها الكامل فيجوز لها الجلوس والكلام بشرط أن لا تخضع بالقول إلا أن الأفضل والأكمل والأحوط أن لا تفعل ، وهو ما فعله أخوكم ، حتى تظل القلوب على نقائها وصفائها وخلوها من الطرق التي ينفذ من خلالها الشيطان .
ولا ينبغي أن يعكر فعل أخيكم على علاقتكم به ، وعلى علاقة نسائكم بزوجته ، فهما على خير ودين ، وينبغي لكم التقرب منهما والاستفادة من طريقتها في علاقتهما مع الناس ، واعلموا أن عتب الإخوة على أخيهم من عدم كشف امرأته عليهم أو عدم جلوسهم معها مما يوجب الريبة فيهم ، ولستم – إن شاء الله – من هذا النوع من الناس ، لكن قد يسوِّل الشيطان للمرء أمراً ويزينه له ، فيجعل المعروف عنده منكراً ، والمنكر عنده معروفاً ، ويجعل التستر والحياء تزمتا ، والتميع والانفلات ثقة وتقدما .
ونسأل الله تعالى أن يطهر قلوبنا وجوارحنا ، وأن يجمع بينكم على خير ، وأن يؤلف بين قلوبكم ، وأن يجعلكم قدوة صالحة للناس .
وانظر جواب السؤال ( 21363 ) و ( 13261 ) – مهم – .
والله أعلم.
-ـــــــــــــــــــ
تريد الخروج مع الخاطب للتأكد من حاله حتى لا تحدث كارثة
السؤال:
السؤال :
سؤالي متعلق بموضوع سبب لي الكثير من القلق منذ فترة، فقد طُلقت منذ سنة تقريبا وليس عندي أطفال. لقد مضى علي سنة الآن. والسؤال : حيث أني لم أكن أعرف الرجل قبل زواجي به, وتزوجته لأن والداي ظنا أنه يناسبني. والآن ، وقد وقع ما وقع لي, فقد فكرت أنه من الأفضل أن أكون أعرف الشخص قبل أن أتزوج به. أنا لا أقصد أن أخرج معه في مواعيد, بل مجرد الحديث والتعرف إذا ما كان يناسبني أم لا. والنقطة التي أريد أن أوضحها هي أني لا أريد أن أجرح نفسي، أو أن ينتهي بي المطاف بالطلاق مرة أخرى. وسؤالي هو هل يُبيح الإسلام للفتاة أن تختار رجلا وتتزوج به؟ أنا بحاجة لأن توضح لي هذا الموضوع. وسأقدّر مساعدتك.
وشكرا، والله يحفظك.
الجواب:
الجواب :
لقد شرع الإسلام استئذان الأب لابنته حين يزوجها ، سواء كانت بكراً أم ثيباً ( التي سبق لها الزواج )(5/1335)
ومن حق الفتاة أن تعرف ما يكفي عن الشخص المتقدّم للزواج بها ، ويمكن أن يتم ذلك عن طريق السؤال عنه بالطّرق المختلفة ، مثل أن توصي الفتاة بعض أقاربها بسؤال أصدقائه ومن يعرفونه عن قرب فإنه قد تبدو لهم الكثير من صفاته الحسنة والسيئة التي لا تبدو لغيرهم من الناس .
لكن لا يجوز لها الخلوة معه قبل العقد بأي حال ، ولا نزع الحجاب أمامه ، ومن المعروف أن مثل هذه اللقاءات لا يبدو فيها الرجل على طبيعته بل يتكلف ويجامل ، فحتى لو خلت به وخرجت معه فلن يُظهر لها شخصيته الحقيقية وكثير من الخارجات معصية مع الخاطبين انتهت بهم الأمور إلى نهايات مأساوية ولم تنفعهم خطوات المعصية التي قاموا بها مع الخاطب خلوة وكشفا .
وكثيرا ما يلعب معسول كلام الخاطب بعواطف المخطوبة عند خروجه معها ويُظهر لها جانبا حسنا لكن إذا سألت عنه وتحسّست أخباره من الآخرين اكتشفت أمورا مختلفة ، إذن الخروج معه والخلوة به لن تحلّ المشكلة ولو فرضنا أنّ فيه فائدة في اكتشاف شخصية الرجل فإنّ ما يترتّب عليه من المعاصي واحتمال الانجراف إلى ما لا تُحمد عُقباه هو أكثر من ذلك بكثير ولذلك حرّمت الشريعة الخلوة بالرجل الأجنبي - والخاطب رجل أجنبي - والكشف عليه .
ثمّ إننا يجب أن لا ننسى أمرا مهما وهو أنّ المرأة بعد العقد الشرعي وقبل الدّخول والزفاف لديها فرصة كبيرة ومتاحة للتعرّف على شخصية الرجل والتأكّد عن كثب وقُرب مما تريد التأكّد منه لأنها يجوز لها أن تخلو به وتخرج معه ما دام العقد الشّرعي قد حصل ، ولو اكتشفت أمرا سيئا لا يُطاق فيمكن أن تطلب منه الخُلع وفي الغالب لن تكون النتيجة سيئة ما دامت عملية السؤال عن الشخص والتنقيب عن أحواله قبل العقد قد تمّت بالطريقة الصحيحة .
نسأل الله أن يختار لك الخير وييسره لكِ حيث كنتِ وصلى الله على نبينا محمد .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
الاستجابة لأمر الله بالحجاب والتحذير من مخالفته
السؤال:
نحن على علم بالحجاب – تغطية المرأة لوجهها وشعرها - لكن بعض صديقاتي المسلمات لا يغطين شعر رؤوسهن ، كما أن هناك جدالاً أنهن لو ربطن شعر رؤوسهن بدلا من تركه مفتوحا فإن درجة المعصية تكون أقل ، وأيضاً فإن ترك الشعر الطويل مفتوحاً هو أعظم معصيةً من ترك الشعر القصير مفتوحاً ، فهل هذا صحيح ؟.
الجواب:
الحمد لله
إذا أمر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم بأمرٍ فإن الواجب على المسلم أن يقول : سمعنا وأطعنا , ويسارع إلى تنفيذ ما أُمر به , وهذا هو مقتضى الإيمان بالله تعالى .(5/1336)
قال تعالى : ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُبِينًا ) الأحزاب/36 .
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله :
" ( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة ) أي : لا ينبغي ولا يليق من اتصف بالإيمان إلا الإسراع في مرضاة الله ورسوله ، والهرب من سخط الله ورسوله ، وامتثال أمرهما ، واجتناب نهيهما ، فلا يليق بمؤمن ولا مؤمنة ( إذا قضى الله ورسوله أمرا ) من الأمور ، وحتَّما به وألزما به :
( أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ) أي : الخيار ، هل يفعلونه أم لا ؟ بل يعلم المؤمن والمؤمنة أن الرسول أولى به من نفسه ، فلا يجعل بعض أهواء نفسه حجابا بينه وبين أمر الله ورسوله .
( ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا ) أي : بيِّناً ؛ لأنه ترك الصراط المستقيم الموصلة إلى كرامة الله ، إلى غيرها من الطرق الموصلة للعذاب الأليم ، فذكر أولاً السبب الموجب لعدم معارضة أمر الله ورسوله ، وهو الإيمان ، ثم ذكر المانع من ذلك ، وهو التخويف بالضلال ، الدال على العقوبة والنكال " انتهى .
" تفسير السعدي " ( ص 612 ) .
وأخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن الذي يعصي أمره هو الذي لا يريد أن يدخل الجنة !! روى البخاري (7280) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ إِلا مَنْ أَبَى ) , قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ يَأْبَى ؟ قَالَ : ( مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ , وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى ) .
وحال النساء الأوَل عند الأمر بالحجاب هو المسارعة لتنفيذه ، حتى شَقَّت النساء أثوابهن من أجل المبادرة إلى تنفيذ هذا الأمر ، وهذا هو مقتضى الإيمان .
فعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : يرحم الله نساء المهاجرات الأوَل لما أنزل الله : ( وليضربن بخمرهن على جيوبهن ) شققن أكثف مروطهن فاختمرن بها .
رواه البخاري تعليقاً وأبو داود ( 4102 ) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
قال الحافظ ابن حجر :
" مروطهن " جمع مرط وهو الإزار .
" فاختمرن " أي : غطين وجوههن .
" فتح الباري " ( 8 / 490 ) .
فالنصيحة لأولئك الأخوات : المسارعة لتنفيذ أمر الله تعالى دون تلكؤ أو تأخر ، وأن لا يبحثن عن تنفيذ جزء من الأمر وترك آخر ، والواجب على المرأة أن تغطي شعرها ووجهها وجميع بدنها , ولا يحل لها أن تظهر شيئاً من ذلك أمام الرجال الأجانب عنها ، ومن فعلت ذلك فقد عرضت نفسها للوعيد ، وقد نقص من إيمانها بقدر ما أنقصت من الاستجابة لأمر الله تعالى .
وقد سبق في جواب السؤال رقم ( 11774 ) بيان حكم تغطية المرأة وجهها بالأدلة التفصيلية .(5/1337)
وسبق في جواب السؤال رقم ( 6244 ) الجواب عن سؤال " لماذا تغطي المرأة شعرها ؟ " فلينظر .
وفي جواب السؤالين ( 214 ) و ( 6991 ) بيان " صفات الحجاب الصحيح " .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
خطيبها غير ملتزم هل تتزوجه
السؤال:
لدي مشكلة تتعلق بالزواج . فأنا مخطوبة لابن عمي/خالي . أنا وهو مسلمان، لكن يوجد فارق كبير بيني وبينه في العلم بالدين الإسلامي. أنا، في الواقع ، أرتدي الحجاب وأحاول جاهدة أن أكون مسلمة صالحة، وهو يحاول أيضا أن يكون مسلما صالحا لكني أحسّ بأنه لا يبذل من الجهد إلا القليل . الرجل لطيف ، لكني أشعر بالخوف أحيانا من أنه ربما يكون أقل من المطلوب فيما يتعلق بالتمسك بالإسلام. فهو، على سبيل المثال، يذهب مع أصدقائه إلى الأندية الليلية ، أنا خائفة وحائرة !! هل أتزوج به؟ لقد قررنا أن نتزوج بعد 5 سنوات، فهل عندي متسع من الوقت يسمح لي بالارتباط بغيره؟ إنه يتهمني دوما أني أحاول تغييره، لكني أريده أن يتغير للأحسن. ماذا أفعل؟ .
الجواب:
الحمد لله
نحن نشارك التخوف من الزواج بهذا الرجل ونحثك على الموافقة على صاحب الدين والخلق إذا تقدم لقوله صلى الله عليه وسلم : " إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير "
ومن المستغرب ما ورد في السؤال من اتخاذ القرار بالزواج بعد خمس سنوات ولكن ما دام قريبك اختار هذه المدة الطويلة فعندك متسع من الوقت للموافقة على غيره ممن هو أصلح منه إذا تقدم في هذه الفترة مادام لم يحصل بينك وبين قريبك عقد نكاح ، وأما إذا لم يأت من هو أصلح منه خلال هذه المدة فيجوز لك الزواج منه ما دام مسلماً ليس عنده ما يخرجه من الملة ، ونسأل الله لك التوفيق.
الشيخ محمد صالح المنجد (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
يريد الحديث مع امرأة قبل أن يخطبها
السؤال:
أنا أدرس حاليا في إحدى الجامعات البريطانية ، وتوجد في الجامعة فتاة أعجبت بها.
لم يسبق لي التحدث إليها مطلقا، وأنا لا أحادث النساء في العادة . إلا أننا نتبادل السلام أحيانا.
كيف يمكنني التقدم لطلب الزواج بها، وأنا متمسك بالإسلام، ولا أحادث النساء، فما هي أفضل طريقة لذلك؟(5/1338)
هل أذهب وأتحدث إليها وأحاول التعرف عليها أولا، دون تجاوز الحدود الشرعية؟ أم أتقدم لها مباشرة؟
أخشى إن أنا تقدمت لها مباشرة بدون التعرف عليها أولا أن ترفض طلبي على الفور لأنها لا تعرفني حق المعرفة، ولأنها تنتمي لثقافة غير التي أنتمي إليها. وفي المقابل، فأنا أخاف أن أنا تحدثت معها بقصد التعرف إليها، أن يكون فعلي يخالف الإسلام.
أنا في وضع صعب، فما هو أفضل ما يمكنني عمله؟.
الجواب:
الحمد لله
وبعد : اعلم وفقك الله أن محادثة الرجل للمرأة الأجنبية يجوز في الشرع بضوابط وشروط مهمة الغرض منها كلها هو سد باب الفتنة ومنع الوقوع في المعصية .من هذه الشروط :
1- أن لا يستطيع توصيل الكلام إليها عبر محرمها أو عبر امرأة من محارمه .
2- أن يكون بدون خلوة .
3- أن لا يكون خارجا عن الموضوع المباح .
4- أن تؤمن الفتنة فلو تحركت شهوته بالكلام أو صار يتلذّذ به حرُم عليه .
5- أن لا يكون من المرأة خضوع بالقول .
6- أن تكون المرأة بكامل الحجاب والحشمة أو يخاطبها من وراء الباب والأحسن أن يكون بالهاتف وأحسن منه أن يكون برسالة مكتوبة أو بالبريد الألكتروني مثلا .
7- أن لا يزيد على قدر الحاجة .
فإذا تحققت هذه الشروط ، وأمنت الفتنة فلا بأس ـ والله أعلم ـ
قال الشيخ صالح الفوزان في جوابه عن حكم مخاطبة الفتيان للفتيات عبر الهاتف : " مخاطبة الشباب للفتيات لا تجوز لما في ذلك من الفتنة ؛ إلا إذا كانت الفتاة مخطوبة لمن يكلمها ، وكان الكلام مجرد مفاهمة لمصلحة الخطوبة ، مع أن الأولى والأحوط مخاطبة وليها بذلك ." المنتقى من فتاوى الشيخ صالح الفوزان ( 3 / 163 ، 164 ) ، وأنت لم تخطب هذه المرأة بعد فيجب أن تكون شديد الاحتراس لنفسك من الوقوع في أسباب الفتنة باتخاذ كل إجراء يمكّنك من تحصيل مقصودك دون الاقتراب من هذه المرأة .
والأصل في هذا هما آيتان في كتاب الله :
أولاهما : قوله تعالى : (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً) (الأحزاب:32) .
وثانيهما : قوله تعالى : ( وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنّ) (الأحزاب: من الآية53)
وبعد ذلك أود تذكيرك بأنه ينبغي أن يكون مقياس المسلم في اختيار المرأة التي يتزوجها هو المقياس الذي حث عليه الرسول صلى الله عليه وسلم ورغّب فيه بقوله : " فاظفر بذات الدين تربت يداك " رواه البخاري ( 5090 ) ومسلم ( 1466 ) .
ثم أحذرك من كل ما يوقعك في الحرام أو يقربك منه . كالخلوة بها ، أو الخروج معها ، أو غير ذلك .(5/1339)
أسأل الله أن ييسر لك المرأة التي تعينك على طاعته .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
حكم لبس المرأة البنطلون تحت الثوب القصير
السؤال:
هل يجوز أن أرتدي بنطالا عريضا وفوقه أضع سترة تغطي سائر الجسد تكاد تصل إلى الكعبين بشبر دون وجود أي فتحة في السترة وليست بالشفافة ولا بالضيقة ؟.
الجواب:
الحمد لله
يشترط في لباس المرأة الذي تبدو به أمام الرجال الأجانب ثمانية أشياء :
1- أن يكون ساترا لجميع البدن ، بما في ذلك الوجه والكفان ، وقد سبق بيان أدلة ذلك في جواب السؤال (11774) .
2- أن يكون فضفاضا واسعا ، لا يصف حجم أعضائها ، وتقاطيع جسمها .
3- أن لا يكون رقيقا يصف لون بشرتها .
4- ألا يكون زينة في نفسه كالمطرز والمزركش .
5- ألا يكون مطيبا .
6- ألا يشبه لباس الرجال .
7- ألا يشبه لباس الكافرات .
8- ألا يكون لباس شهرة .
ينظر: "آداب الزفاف" للشيخ الألباني رحمه الله ص (177) ، "حجاب المرأة المسلمة" له ، ص 16- 111، "عودة الحجاب" (3/145- 163) .
وبناء على ذلك فليس للمرأة أن تخرج أمام الرجال بسروال أو بنطلون ؛ لأمرين :
الأول : أنه يصف رِجْل المرأة .
الثاني : أن في لبسه تشبها بالرجال .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " أرى ألا ينساق المسلمون وراء هذه الموضة من أنواع الألبسة التي ترد إلينا من هنا وهناك ؛ وكثير منها لا يتلاءم مع الزي الإسلامي الذي يكون فيه الستر الكامل للمرأة مثل الألبسة القصيرة أو الضيقة جداً أوالخفيفة . ومن ذلك : البنطلون ، فإنه يصف حجم رِجْل المرأة وكذلك بطنها وخصرها وثدييها وغير ذلك ، فلابسته تدخل تحت الحديث الصحيح : (صنفان من أهل النار لم أرهما : قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا ) . انتهى . والحديث رواه مسلم (2128) .
وقال أيضا : "الذي أراه تحريم لبس المرأة للبنطلون لأنه تشبه بالرجال ، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم المتشبهات من النساء بالرجال ، ولأنه يزيل الحياء من المرأة ، ولأنه يفتح باب لباس أهل النار حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( صنفان من أهل النار لم أرهما ) وذكر أحدهما ( نساء كاسيات عاريات مائلات(5/1340)
مميلات رؤسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها ) انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (12سؤال رقم 192، 194) .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (17/102) : " لا يجوز لها أن تلبس البنطلون ؛ لما فيه من تشبه النساء بالرجال " .
وانظري السؤال (10436) .
وأما لبس البنطلون أو السروال تحت الجلباب ، فلا حرج فيه ، بل هو زيادة ستر وصيانة . إذا كان الجلباب سابغا ساترا ليس به فتحات تبدي ما تحته .
قال الشيخ عبد الرزاق عفيفي رحمه الله : " إذا لبست المرأة البنطلون وفوقه ملابس سابغة فلا تشبه فيه بالرجال ما دامت تلبسه أسفل ملابسها " انتهى من "فتاوى الشيخ عبد الرزاق عفيفي" ص 573 .
والأصل أن يكون جلباب المرأة سابغا ، يغطي ظهور قدميها ، لما روى الترمذي (1731) والنسائي (5336) وأبو داود (4117) وابن ماجه (3580) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاءَ لَمْ يَنْظُرْ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ : فَكَيْفَ يَصْنَعْنَ النِّسَاءُ بِذُيُولِهِنَّ ؟ قَالَ : ( يُرْخِينَ شِبْرًا ) فَقَالَتْ : ( إِذًا تَنْكَشِفُ أَقْدَامُهُنَّ ) قَالَ : ( فَيُرْخِينَهُ ذِرَاعًا لا يَزِدْنَ عَلَيْهِ ) . والحديث صححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي" .
قال الباجي : " وَقَوْلُهَا رَضِي اللَّهُ عَنْهَا فِي إرْخَاءِ الذَّيْلِ شِبْرًا : ( إِذًا تَنْكَشِفُ أَقْدَامُهُنَّ ) تُرِيدُ أَنَّهُ لا يَكْفِيهَا فِيمَا تَسْتَتِرُ بِهِ ; لأَنَّ تَحْرِيكَ رِجْلَيْهَا لَهُ فِي سُرْعَةِ مَشْيِهَا وَقِصَرِ الذَّيْلِ يَكْشِفُهُ عَنْهَا فَلَمَّا تَبَيَّنَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قَالَ : ( فَذِرَاعًا لا تَزِيدُ عَلَيْهِ ) " انتهى من "المنتقى" .
وسئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله ما نصه : " إطالة المرأة لثوبها هل هو على سبيل الاستحباب أم الوجوب ؟ وهل وضع الشراب على القدمين يكفي مع قصر الثوب بحيث لا يظهر شيء من الساق ؟ وكيف تطيل المرأة ثوبها ذراعًا أتحت الكعب أم تحت الركبة ؟ "
فأجاب : " مطلوب من المرأة المسلمة ستر جميع أجزاء جسمها عن الرجال ، ولذلك رخص لها في إرخاء ثوبها قدر ذراع من أجل ستر قدميها ، بينما نهي الرجال عن إسبال الثياب تحت الكعبين ، مما يدل على أنه مطلوب من المرأة ستر جسمها كاملاً ، وإذا لبست الشراب كان ذلك من باب زيادة الاحتياط في الستر ، وهو أمر مستحسن ، ويكون ذلك مع إرخاء الثوب كما ورد في الحديث ، والله الموفق " انتهى . "المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان" (5/334) .
والحاصل أنه يلزم المرأة أن يكون ( جلبابها ) سابغا إلى الكعبين وزيادة ، وأما أن يكون قصيرا فوق الكعبين بنحو شبر ، فلا يجوز ولو سترت ساقيها وقدميها ببنطلون أو جورب ؛ لما في ذلك من التشبه بالرجال المأمورين بتقصير ثيابهم إلى ما فوق الكعبين ، مع ما فيه من تحديد حجم رِجْلها .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ(5/1341)
أحكام التمائم وتعليقها وهل تدفع التميمة العين والحسد
السؤال:
أريد أن أعرف إن كان يجوز وضع التمائم. لقد قرأت كتاب التوحيد وبعض الكتب الأخرى بقلم بلال فيليبس ، إلا أني وجدت بعض الأحاديث في الموطأ تجيز بعض أنواع التمائم. كما أن كتاب التوحيد ذكر أن بعض السلف سمحوا بها . وهذه الأحاديث موجودة في الجزء 50 من الموطأ، وقد وردت تحت أرقام : 4 و11 و14. الرجاء الرد ، وإعلامي بصحة هذه الأحاديث وإعطائي المزيد من المعلومات عن هذا الموضوع . وشكرا لك .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
لم نهتد إلى الأحاديث التي أراد السائل بيان صحتها ؛ وذلك لعدم معرفتنا بعين تلك الأحاديث وقد ذكر لنا أنها في الجزء ( 50 ) من الموطأ ! والموطأ جزء واحد .
لذا سنذكر ما تيسر من الأحاديث الواردة في الموضوع ونبين - إن شاء الله - حكم العلماء عليها ، ولعل بعضها أن يكون مما أراده السائل :
1. عن عبد الله بن مسعود أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يكره عشر خصال : الصفرة - يعني : الخلوق - وتغيير الشيب وجر الإزار والتختم بالذهب والضرب بالكعاب والتبرج بالزينة لغير محلها والرقى إلا بالمعوذات وتعليق التمائم وعزل الماء عن محله وإفساد الصبي ، غير محرِّمه .
رواه النسائي ( 50880) وأبو داود ( 4222 ) .
الخَلوق : نوع من الطيب أصفر اللون .
عزل الماء عن محله : أي : عزل المني عن فرج المرأة .
إفساد الصبي : وطء المرأة المرضع ، فإنها إذا حملت فسد لبنها . والمعنى أي كره ولم يُحرِّمه والمقصود وطء المرضع .
والحديث : ضعَّفه الشيخ الألباني في " ضعيف النسائي " ( 3075 ) .
2. عن زينب امرأة عبد الله بن مسعود عن عبد الله قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الرقى والتمائم والتوَلة شرك ، قالت : قلت لم تقول هذا ؟ والله لقد كانت عيني تقذف وكنت أختلف إلى فلان اليهودي يرقيني فإذا رقاني سكنت ، فقال عبد الله : إنما ذاك عمل الشيطان كان ينخسها بيده فإذا رقاها كف عنها إنما كان يكفيك أن تقولي كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أذهب البأس رب الناس اشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقماً .
رواه أبو داود ( 3883 ) وابن ماجه ( 3530 ) .
والحديث : صححه الشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 331 ) و ( 2972 ) .
3. عن عقبة بن عامر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له " .
رواه أحمد ( 16951 ) .(5/1342)
والحديث : ضعفه الشيخ الألباني في " ضعيف الجامع " ( 5703 ) .
4. عن عقبة بن عامر الجهني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل إليه رهط فبايع تسعة وأمسك عن واحد فقالوا : يا رسول الله بايعتَ تسعة وتركت هذا ، قال : إن عليه تميمة ، فأدخل يده فقطعها فبايعه وقال : من علق تميمة فقد أشرك .
رواه أحمد ( 16969 ) .
والحديث : صححه الشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 492 ) .
ثانياً :
التمائم : جمع تميمة وهي ما يعلق بأعناق الصبيان أو الكبار أو يوضع على البيوت أو السيارات من خرزات وعظام لدفع الشر - وخاصة العين - ، أو لجلب النفع .
وهذه أقوال العلماء في أنواع التمائم وحكم كل واحدة منها ، وفيها تنبيهات وفوائد :
1. قال الشيخ سليمان بن عبد الوهاب :
اعلم أن العلماء من الصحابة والتابعين فمَن بعدهم اختلفوا في جواز تعليق التمائم التي من القرآن وأسماء الله وصفاته :
فقالت طائفة : يجوز ذلك وهو قول عبد الله بن عمرو بن العاص وغيره ، وهو ظاهر ما روي عن عائشة وبه قال أبو جعفر الباقر وأحمد في رواية ، وحملوا الحديث على التمائم الشركية ، أمَّا التي فيها القرآن وأسماء الله وصفاته فكالرقية بذلك .
قلت : وهو ظاهر اختيار ابن القيم .
وقالت طائفة : لا يجوز ذلك ، وبه قال ابن مسعود وابن عباس ، وهو ظاهر قول حذيفة وعقبة بن عامر وابن عكيم رضي الله عنه ، وبه قال جماعة من التابعين منهم أصحاب ابن مسعود وأحمد في رواية اختارها كثير من أصحابه ، وجزم بها المتأخرون ، واحتجوا بهذا الحديث وما في معناه فإن ظاهره العموم لم يفرق بين التي في القرآن وغيرها بخلاف الرقى فقد فرق فيها ، ويؤيد ذلك أن الصحابة الذين رووا الحديث فهموا العموم كما تقدم عن ابن مسعود .
وروى أبو داود عن عيسى بن حمزة قال : دخلت على عبد الله بن عكيم وبه حمرة فقلت : ألا تعلق تميمة ؟ فقال : نعوذ بالله من ذلك ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مَن تعلق شيئاً وكل إليه " ...
هذا اختلاف العلماء في تعليق القرآن وأسماء الله وصفاته فما ظنك بما حدث بعدهم من الرقى بأسماء الشياطين وغيرهم وتعليقها بل والتعلق عليهم والاستعاذة بهم والذبح لهم وسؤالهم كشف الضر وجلب الخير مما هو شرك محض وهو غالب على كثير من الناس إلا من سلم الله ؟ فتأمل ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم وما كان عليه أصحابه والتابعون وما ذكره العلماء بعدهم في هذا الباب وغيره من أبواب الكتاب ثم انظر إلى ما حدث في الخلوف المتأخرة يتبين لك دين الرسول صلى الله عليه وسلم وغربته الآن في كل شيء ، فالله المستعان .
" تيسير العزيز الحميد " ( ص 136 - 138 ) .
2. وقال الشيخ حافظ حكمي :(5/1343)
إن تك هي - أي : التمائم - آيات قرآنية مبينات ، وكذلك إن كانت من السنن الصحيحة الواضحات فالاختلاف في جوازها واقع بين السلف من الصحابة والتابعين فمَن بعدهم :
فبعضهم - أي : بعض السلف - أجازها ، يروى ذلك عن عائشة رضي الله عنها وأبي جعفر محمد بن علي وغيرهما من السلف .
والبعض منهم كفَّ - أي : منع - ذلك وكرهه ولم يره جائزاً ، منهم عبد الله بن عكيم وعبد الله بن عمرو وعقبة بن عامر وعبد الله بن مسعود وأصحابه كالأسود وعلقمة ومن بعدهم كإبراهيم النخعي وغيرهم رحمهم الله تعالى .
ولا شك أن منع ذلك أسد لذريعة الاعتقاد المحظور لا سيما في زماننا هذا ؛ فإنه إذا كرهه أكثر الصحابة والتابعين في تلك العصور الشريفة المقدسة والإيمان في قلوبهم أكبر من الجبال فلأن يكره في وقتنا هذا - وقت الفتن والمحن - أولى وأجدر بذلك ، كيف وهم قد توصلوا بهذه الرخص إلى محض المحرمات وجعلوها حيلة ووسيلة إليها ؟ فمن ذلك أنهم يكتبون في التعاويذ آية أو سورة أو بسملة أو نحو ذلك ثم يضعون تحتها من الطلاسم الشيطانية ما لا يعرفه إلا من اطلع على كتبهم ، ومنها أنهم يصرفون قلوب العامة عن التوكل على الله عز وجل إلى أن تتعلق قلوبهم بما كتبوه ، بل أكثرهم يرجفون بهم ولم يكن قد أصابهم شيء فيأتي أحدهم إلى من أراد أن يحتال على أخذ ماله مع علمه أنه قد أولع به فيقول له : إنه سيصيبك في أهلك أو في مالك أو في نفسك كذا وكذا ، أو يقول له : إن معك قريناً من الجن أو نحو ذلك ويصف له أشياء ومقدمات من الوسوسة الشيطانية موهماً أنه صادق الفراسة فيه شديد الشفقة عليه حريص على جلب النفع إليه فإذا امتلأ قلب الغبي الجاهل خوفاً مما وصف له حينئذ أعرض عن ربه وأقبل ذلك الدجال بقلبه وقالبه والتجأ إليه وعول عليه دون الله عز وجل وقال له : فما المخرج مما وصفت ؟ وما الحيلة في دفعه ؟ كأنما بيده الضر والنفع ، فعند ذلك يتحقق فيه أمله ويعظم طمعه فيما عسى أن يبذله له فيقول له إنك إن أعطيتني كذا وكذا كتبت لك من ذلك حجابا طوله كذا وعرضه كذا ويصف له ويزخرف له في القول وهذا الحجاب علقه من كذا وكذا من الأمراض ، أترى هذا مع هذا الاعتقاد من الشرك الأصغر ؟ لا بل هو تأله لغير الله وتوكل على غيره والتجاء إلى سواه وركون إلى أفعال المخلوقين وسلب لهم من دينهم ، فهل قدر الشيطان على مثل هذه الحيل إلا بوساطة أخيه من شياطين الإنس { قل من يكلؤكم بالليل والنهار من الرحمن بل هم عن ذكر ربهم معرضون } [ الأنبياء / 42 ] ، ثم إنَّه يكتب فيه مع طلاسمه الشيطانية شيئاً من القرآن ويعلقه على غير طهارة ، ويحدث الحدث الأصغر والأكبر ، وهو معه أبداً لا يقدسه عن شيء من الأشياء ، تالله ما استهان بكتاب الله أحدٌ من أعدائه استهانة هؤلاء الزنادقة المدَّعين الإسلام به ، والله ما نزل القرآن إلا لتلاوته والعمل به وامتثال أوامره واجتناب نواهيه وتصديق خبره والوقوف عند حدوده والاعتبار بأمثاله والاتعاظ بقصصه والإيمان به { كلٌّ من عند ربنا } وهؤلاء قد عطلوا ذلك كله ونبذوه وراء ظهورهم ولم يحفظوا إلا رسمه كي يتأكلوا به ويكتسبوا كسائر الأسباب التي يتوصلون بها إلى الحرام لا الحلال ولو أن ملكا أو أميرا كتب كتابا إلى من هو تحت ولايته أن افعل كذا واترك كذا وأمر من(5/1344)
في جهتك بكذا وانههم عن كذا ونحو ذلك فأخذ ذلك الكتاب ولم يقرأه ولم يتدبر أمره ونهيه ولم يبلغه إلى غيره ممن أمر بتبليغه إليه بل أخذه وعلقه في عنقه أو عضده ولم يلتفت إلى شيء مما فيه البتة لعاقبه الملك على ذلك أشد العقوبة ولسامه سوء العذاب فكيف بتنزيل جبار السموات والأرض الذي له المثل الأعلى في السموات والأرض وله الحمد في الأولى والآخرة وإليه يرجع الأمر كله فاعبده وتوكل عليه هو حسبي لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم وإن تكن مما سوى الوحيين فإنها شرك بغير مين ، بل إنها قسيمة الأزلام في البعد عن سيما أولي الإسلام .
وإن تكن - أي : التمائم - مما سوى الوحيين بل من طلاسم اليهود وعباد الهياكل والنجوم والملائكة ومستخدمي الجن ونحوهم أو من الخرز أو الأوتار أو الحلق من الحديد وغيره فإنها شرك - أي : تعليقها شرك - بدون ميْن - أي : شك - إذ ليست من الأسباب المباحة والأدوية المعروفة بل اعتقدوا فيها اعتقادا محضا أنها تدفع كذا وكذا من الآلام لذاتها لخصوصية زعموا فيها كاعتقاد أهل الأوثان في أوثانهم بل إنها قسيمة أي شبيهة الأزلام التي كان يستصحبها أهل الجاهلية في جاهليتهم ويستقسمون بها إذا أرادوا أمرا وهي ثلاثة قداح مكتوب على إحداها افعل ، والثاني لا تفعل ، والثالث غفل ، فإن خرج في يده الذي فيه افعل مضى لأمره ، أو الذي فيه لا تفعل ترك ذلك ، أو الغفل أعاد استقسامه ، وقد أبدلنا الله تعالى - وله الحمد - خيراً من ذلك صلاة الاستخارة ودعاءها .
والمقصود : أن هذه التمائم التي من غير القرآن والسنة شريكة للأزلام وشبيهة بها من حيث الاعتقاد الفاسد والمخالفة للشرع في البعد عن سيما أولي الإسلام - أي : عن زي أهل الإسلام - فإن أهل التوحيد الخالص من أبعد ما يكون عن هذا ، والإيمان في قلوبهم أعظم من أن يدخل عليه مثل هذا ، وهم أجل شأناً وأقوى يقيناً من أن يتوكلوا على غير الله أو يثقوا بغيره ، وبالله التوفيق . " معارج القبول " ( 2 / 510 - 512 ) .
والقول بالمنع حتى ولو كانت التمائم من القرآن هو الذي عليه مشايخنا :
3. وقال علماء اللجنة الدائمة :
اتفق العلماء على تحريم لبس التمائم إذا كانت من غير القرآن ، واختلفوا إذا كانت من القرآن ، فمنهم من أجاز لبسها ومنهم من منعها ، والقول بالنهي أرجح لعموم الأحاديث ولسدِّ الذريعة .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 1 / 212 ) .
4. وقال الشيخ الألباني رحمه الله :
ولا تزال هذه الضلالة فاشية بين البدو والفلاَّحين وبعض المدنيين ، ومثلها الخرزات التي يضعها بعض السائقين أمامهم في السيارة يعلقونها على المرآة ، وبعضهم يعلق نعلاً عتيقة في مقدمة السيارة أو في مؤخرتها ، وغيرهم يعلقون نعل فرس في واجهة الدار أو الدكان ، كل ذلك لدفع العين زعموا ، وغير ذلك مما عمَّ وطمَّ بسبب الجهل بالتوحيد ، وما ينافيه من الشركيات والوثنيات التي ما بعثت الرسل ولا أنزلت الكتب(5/1345)
إلا من أجل إبطالها والقضاء عليها ، فإلى الله المشتكى من جهل المسلمين اليوم ، وبعدهم عن الدين .
" سلسلة الأحاديث الصحيحة " ( 1 / 890 ) ( 492 ) .
والله أعلم.
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
هل يشترط في حجاب المرأة أن يكون لونه أسود
السؤال:
هل ارتداء المرأة للملابس الملونة حرام بالرغم من الالتزام بشروط الحجاب ؟ وإذا كان حراماً فهل هناك حديث أو آية بذلك ؟ وما المقصود بألا يكون زينة في نفسه ؟ .
الجواب:
الحمد لله
سبق في إجابة السؤال رقم (6991) بيان شروط حجاب المرأة المسلمة .
وليس من هذه الشروط أن يكون لونه أسود ، فللمرأة أن تلبس ما شاءت غير أنها لا تلبس لوناً يختص بالرجال ، ولا تلبس ثوباً يكون زينةً في نفسه ، أي : مزخرفاً ومزيناً بحيث يستدعي أنظار الرجال ، لعموم قول الله تعالى : ( وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ ) النور/31 . فإنه عمومه يشمل الثياب الظاهرة إذا كانت مزينةة. وروى أبو داود (565) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ ، وَلَكِنْ لِيَخْرُجْنَ وَهُنَّ تَفِلاتٌ ) . صححه الألباني في إرواء الغليل (515) .
قال في عون المعبود :
( وَهُنَّ تَفِلات ) أَيْ غَيْر مُتَطَيِّبَات . . . وَإِنَّمَا أُمِرْنَ بِذَلِكَ وَنُهِينَ عَنْ التَّطَيُّب لِئَلا يُحَرِّكْنَ الرِّجَال بِطِيبِهِنَّ ، وَيَلْحَق بِالطِّيبِ مَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ الْمُحَرِّكَات لِدَاعِي الشَّهْوَة ، كَحُسْنِ الْمَلْبَس ، وَالتَّحَلِّي الَّذِي يَظْهَر أَثَره وَالزِّينَة الْفَاخِرَة اهـ .
فالواجب على المرأة إذا ظهرت أمام الرجال الأجانب أن تبتعد عن الثياب المنقوشة المزخرفة التي تجذب أنظار الرجال إليها .
جاء في فتاوى الجنة الدائمة (17/100) :
لا يجوز للمرأة أن تخرج بثوب مزخرف يلفت الأنظار ، لأن هذا مما يغري بها الرجال ، ويفتنهم عن دينهم ، وقد يعرضها لانتهاك حرمتها اهـ .
وجاء فيها أيضاً (17/108) :
لباس المرأة المسلمة ليس خاصاً باللون الأسود ، ويجوز لها أن تلبس أي لون من الثياب إذا كان ساتراً لعورتها ، وليس فيه تشبه بالرجال ، وليس ضيقاً يحدد أعضاءها ، ولا شفافا يشف عما وراءه ، ولا مثيراً للفتنة اهـ .
وجاء فيها أيضاً (17/109) :
لبس السواد للنساء ليس بمتعين ، فلهن لبس ألوان أخرى مما تختص به النساء ، لا تلفت النظر ، ولا تثير فتنة اهـ .(5/1346)
وقد اختارت كثير من النساء لبس السواد لا لكونه واجباً ، وإنما لكونه أبعد عن الزينة ، وقد ورد ما يدل على أن نساء الصحابة كن يلبسن السواد ، روى أبو داود (4101) عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ : لَمَّا نَزَلَتْ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ خَرَجَ نِسَاءُ الأَنْصَارِ كَأَنَّ عَلَى رُءُوسِهِنَّ الْغِرْبَانَ مِنْ الأَكْسِيَةِ . صححه الألباني في صحيح أبي داود .
وقالت اللجنة الدائمة (17/110) : وهو يوحي بأن ذلك اللباس أسود اللون اهـ .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
حكم السفر فيما يسمى بـ "شهر العسل"
السؤال:
يسافر الزوجان بعد الزواج إلى بلد بقصد السياحة والترفيه ، وهذا يسمى بشهر العسل . فما حكم هذا ؟
الجواب:
الحمد لله
ما يسميه الناس بـ ( شهر العسل ) وهو أن يصحب الزوج زوجته ويسافر بها إلى مدينة أو بلد آخر .
الغالب على هذا السفر أنه يكون إلى أماكن اللهو والمعصية ، وبذلك يكون من العادات المنكرة والظواهر السيئة .
ويزيد هذا السفر قبحا إذا كان إلى بلاد الكفار ، إذ يترتب عليه مفاسد كثيرة وأضرار تعود على الزوج والزوجة معا ، فقد يتأثر الزوج بعادات الكفار وتقاليدهم فيزهد في دينه وعاداته الطيبة ، وتتأثر الزوجة بالكافرات فتخلع ربقة الدين وتاج الحياء ، وتزهد في أخلاق وعادات أهلها الطيبة ، وتنجرف في تيار الفساد والخلاعة والتبرج .
قال الشيخ صالح الفوزان في "الملخص الفقهي" (2/581) :
" وما تعورف عليه في هذا الزمان لدى كثير من المترفين من الشباب وذوي الثروة من السفر صبيحة الزواج إلى البلاد الخارجية الكافرة لإمضاء شهر العسل كما يسمونه ، وهو في الواقع شهر السم ؛ لأنه شهر محرم ، يؤدي إلى شرور كثيرة ؛ من خلع الحجاب ، والتزيي بزي الكفار، ومشاهدة أفعال الكفار وتقاليدهم السخيفة ، وزيارة أمكنة اللهو ، حتى ترجع المرأة متأثرة بتلك الأخلاق الرذيلة ، زاهدة بأخلاق مجتمعها المسلم ، فإن هذا السفر حرام شديد التحريم ، يجب الأخذ على يد مرتكبيه ، ومنعهم منه ، ويجب على أولياء المرأة منعها من ذلك السفر " انتهى .
نعم ، إذا سافر الزوجان إلى مكان ما بقصد الترفيه ، ولم يكن في هذا السفر شيء من المنكرات ، أو سافروا سفراً مشروعاً ، كالسفر لأداء العمرة مثلا ، فإن هذا السفر لا بأس به .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ(5/1347)
هل تغطى وجهها وشعرها أمام والدها
السؤال:
إن أغلب الكتب المتوفرة باللغة الإنجليزية، هنا في الولايات المتحدة، يكون فيها رسائل متناقضة. ففيما يتعلق بملابس النساء، نجد أن بعض الكتب تقول بأنه يجوز للمرأة أن تبدي يديها ووجهها وقديمها، وكتب أخرى تقول بأن لها أن تظهر يديها ووجهها فقط، وبعض الكتب تقول بأنه يجوز لها أن تبدي يديها فقط، والبعض الآخر يقول بأنه لا يجوز أن يظهر منها إلا العينين عند الحاجة. فكيف لنا أن نوفق بين تلك الأقوال؟ وهل يوجد دليل على كل قول منها؟ أنا امرأة تستر كامل البدن، بما في ذلك اليدين والوجه. وقد قرأت في بعض الكتب مؤخرا الخاصة بـ " " purdah حيث ذكر الكاتب أن النساء يجب عليهن أن يغطين أنفسهن عدا الأيدي والأوجه فقط حتى أمام الإخوان والآباء. فهل هذا صحيح؟ ألا يجوز أن أظهر شعر رأسي أمام والدي، أم أن تلك العبارة تظهر فقط عادات تلك البلاد التي ينتمي إليها الكاتب؟.
الجواب:
الحمد لله
الاختلاف المذكور في حجاب المرأة من قبيل الاجتهاد والراجح وجوب ستر المرأة لجميع بدنها من الوجه والكفين ، والشعر وسائر البدن عن الأجانب لعموم قوله تعالى : ( وليضربن بخمرهن على جيوبهن ) . ولا يتأتى ذلك إلا بتغطية الوجه ، والشعر وغيره من باب أولى ويحرم إظهاره .
ولقوله عليه الصلاة والسلام : " المرأة كلها عورة " ، ولحصول الفتنة بالنظر إلى ذلك كله ، والحديث الوارد في جواز كشف الوجه والكفين من جانب لا يصح .
وأما عورة المرأة لمحارمها من الأخوة ، والأباء ، والأعمام ونحوهم وكذلك النساء فما سوى ما يظهر منها غالبا فيجوز لها كشف الرأس ، والوجه ، والكفين ، والرقبة ، والقدمين لمشقة ستر ذلك عنهم ولانتفاء الفتنة.
الشيخ وليد الفريان .
فقد قال ابن كثير في تفسير قوله تعالى " وليضربن بخمرهن على جيوبهن " : يعني المقانع يعمل لها صنفات ضاربات على صدورهن لتواري ما تحتها من صدرها وترائبها ليخالفن شعار نساء أهل الجاهلية فإنهن لم يكن يفعلن ذلك بل كانت المرأة منهن تمر بين الرجال مسفحة بصدرها لا يواريه شيء وربما أظهرت عنقها وذوائب شعرها وأقرطة آذانها فأمر الله المؤمنات أن يستترن في هيئاتهن وأحوالهن ؛ كما قال تعالى " يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين " وقال في هذه الآية الكريمة " وليضربن بخمرهن على جيوبهن " والخُمُر جمع خمار وهو ما يخمر به أي يغطى به الرأس وهي التي يسميها الناس المقانع ، قال سعيد بن جبير : " وليضربن " وليشددن " بخمرهن على جيوبهن " يعني على النحر والصدر فلا يرى منه شيء ، وقال البخاري ( 4758 ) حدثنا أبي عن يونس عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت يرحم الله نساء المهاجرات الأول لما أنزل الله وليضربن بخمرهن على جيوبهن ؛ شققن مروطهن فاختمرن بها ، وقال البخاري أيضا ( 4759 ) حدثنا أبو نعيم حدثنا(5/1348)
إبراهيم بن نافع عن الحسن بن مسلم عن صفية بنت شيبة أن عائشة رضي الله عنها كانت تقول لما أنزلت هذه الآية " وليضربن بخمرهن على جيوبهن " أخذن أزرهن فشققنها من قبل الحواشي فاختمرن بها وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس حدثني الزنجي بن خالد حدثنا عبد الله بن عثمان بن خثيم عن صفية بنت شيبة قالت بينا نحن عند عائشة قالت فذكرن نساء قريش وفضلهن فقالت عائشة رضي الله عنها أن لنساء قريش لفضلا وإني والله مارأيت أفضل من نساء الأنصار أشد تصديقا لكتاب الله ولاإيمانا بالتنزيل لقد أنزلت سورة النور " وليضربن بخمرهن على جيوبهن " انقلب رجالهن إليهن يتلون عليهن ما أنزل الله إليهم فيها ويتلو الرجل على امرأته وابنته وأخته وعلى كل ذي قرابته فما منهن امرأة إلا قامت إلى مرطها المرحل فاعتجرت به تصديقا وإيمانا بما أنزل الله من كتابه فأصبحن وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم معتجرات كأن على رؤوسهن الغربان ، ورواه أبو داود ( 4100 ) من غير وجه عن صفية بنت شيبة به ، وقال ابن جرير ( 18120 ) حدثنا يونس أخبرنا ابن وهب أن قرقرة بن عبد الرحمن أخبره عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة قالت يرحم الله النساء المهاجرات الأول لما أنزل الله وليضربن بخمرهن على جيوبهن شققن أكتف مروطهن فاختمرن بها ، ورواه أبو داود ( 4102 ) من حديث ابن وهب به ( تفسير ابن كثير 3/283 ).
وما ذكرتيه نقلا عن بعض الكتب أن المرأة يجب عليها الحجاب أمام إخوانها وأبيها فهو تنطّع خاطئ ، وكلام غير صحيح وقد قال الله تعالى : " وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوْ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الإِرْبَةِ مِنْ الرِّجَالِ أَوْ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ " النور : 31 . والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
لبس الضيق والقصير أمام النساء والمحارم
السؤال:
السؤال :
ما هي عورة المرأة أمام أبنائها (الذكور والإناث) وأمام غيرها من نساء المسلمين؟ أطرح هذا السؤال لأنه نُقل إلى معلومات بهذا الخصوص (لكن بدون دليل)، فقد ذكر الناقل أنه لا يجوز أن ترتدي المسلمة ملابس صيفية (تانك توب والشورت) في البيت أثناء وجود ابنها (الذي قارب سن البلوغ) . كما أن بعض المسلمين يعتقدون أنه إذا كان النساء مجتمعات، فإن يجب ألا يضعن الحجاب . أرجو منك توضيح الأمر.
وجزاك الله خيرا على هذه المساعدة.
الجواب:
الجواب :(5/1349)
الحمد لله
1. سئل فضيلة الشيخ محمد الصالح ابن عثيمين عن هذا فأجاب :
لبس الملابس الضيقة التي تبين مفاتن المرأة ، وتبرز ما فيه الفتنة : محرم ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " صنفان من أهل النار لم أرهما بعد ؛ رجال معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس - يعني : ظلماً وعدواناً - ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات " .
فقد فُسِّر قوله " كاسيات عاريات " : بأنهن يلبسن ألبسة قصيرة ، لا تستر ما يجب ستره من العورة ، وفسر : بأنهن يلبسن ألبسة خفيفة لا تمنع من رؤية ما وراءها من بشرة المرأة ، وفسرت : بأن يلبسن ملابس ضيقة ، فهي ساترة عن الرؤية لكنها مبدية لمفاتن المرأة .
وعلى هذا : فلا يجوز للمرأة أن تلبس هذه الملابس الضيقة ، إلا لمن يجوز لها إبداء عورتها عنده ، وهو الزوج ؛ فإنه ليس بين الزوج وزوجته عورة ، لقوله تعالى { والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين } [ المؤمنون 5،6 ] ، وقالت عائشة : كنتُ أغتسل أنا والنبي صلى الله عليه وسلم - يعني من الجنابة - مِن إناء واحد ، تختلف أيدينا فيه .
فالإنسان بينه وبين زوجته لا عورة بينهما .
وأما بين المرأة والمحارم : فإنه يجب عليها أن تستر عورتها .
والضيِّق لا يجوز لا عند المحارم ، ولا عند النساء إذا كان ضيِّقاً شديداً يبيِّن مفاتن المرأة . أ.هـ " فتاوى الشيخ محمد الصالح ابن عثيمين " ( 2 / 825 ) .
2 . وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
لا يجوز للمرأة أن تلبس القصير من الثياب أمام أولادها ومحارمها ، ولا تكشف عندهم إلا ما جرت به العادة بكشفه مما ليس فيه فتنة ، وإنما تلبس القصير عند زوجها فقط . أ.هـ " المنتقى من فتاوى فضيلة الشيخ صالح الفوزان " ( 3 / 170 ) .
انظر - لهما - : " فتاوى المرأة المسلمة " ( 1 / 417 ، 418 ) ، جمعها أشرف عبد المقصود .
2. وقال الشيخ صالح الفوزان أيضاً :
لا شك أن لبس المرأة للشيء الضيِّق الذي يبيِّن مفاتن جسمها : لا يجوز ، إلا عند زوجها فقط ، أما عند غير زوجها : فلا يجوز ، حتى لو كان بحضرة النساء ، ( و) لأنَّها تكون قدوة سيئة لغيرها ، إذا رأينها تلبس هذا : يقتدين بها .
وأيضاً : هي مأمورة بستر عورتها بالضافي والساتر عن كل أحد ، إلا عن زوجها ، تستر عورتها عن النساء كما تسترها عن الرجال ، إلا ما جرت العادة بكشفه عن النساء ، كالوجه واليدين والقدمين ، مما تدعو الحاجة إلى كشفه . أ.هـ " المنتقى من فتاوى فضيلة الشيخ صالح الفوزان " ( 3 / 176 ، 177 ) .
وقال المرداوي رحمه الله : ( يباح للرجل نظر وجه ورقبة ورأس وساق من ذات محرم ) شرح المنتهى ج3 / ص7 .
والله تعالى أعلم.
الإسلام سؤال وجواب(5/1350)
الشيخ محمد صالح المنجد (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
خال المرأة محرم لها يجوز له أن ينفرد بها
السؤال:
ما حكم زيارة خال الزوجة على الزوجة وهي تكون وحيدة في فترة عمل الزوج ؟ حيث تكرر الموضوع أكثر من مرة .
الجواب:
الحمد لله
الخال محرم لجميع بنات أخواته وبناتهن ، لقوله تعالى في بيان المحرمات في سورة النساء : ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ ) النساء/23 .
فلا حرج في زيارته لبنت أخته وخلوته بها ، وسفره معها ، ما لم تكن هناك ريبة ، كما لو كان فاسقاً غيرَ مأمونٍ على بنت أخته ، فإن وجدت ريبة ، مُنع من الخلوة بها وزيارتها في غياب زوجها .
وراجع للفائدة السؤال رقم (21953) .
وقد ذهب بعض السلف – كعكرمة والشعبي - إلى أن الخال والعم وإن كان يحرم عليه أن يتزوج بابنة أخته ، وابنة أخيه إلا أنه لا يجوز لها أن تبدي زينتها أمامه ، ويلزمها الحجاب معه ، واستدلوا على ذلك بدليلين :
1- أن الخال والعم لم يُذكرا في آية سورة الأحزاب التي تبيح للمرأة أن تبدي زينتها أمام المحارم ، قال الله تعالى : ( لا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلا أَبْنَائِهِنَّ وَلا إِخْوَانِهِنَّ وَلا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلا نِسَائِهِنَّ وَلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً ) الأحزاب/55 . فلم يذكر الله تعالى العم والخال .
2- قالوا : ولأن الخال والعم قد يصفان المرأة لأبنائهم .
وذهب عامة أهل العلم إلى أن الخال والعم من المحارم الذين يجوز للمرأة أن تبدي زينتها أمامهم ، وأجابوا عن عدم ذكر الخال والعم في الآية :
1- بأنهما لم يُذكرا لأنهما بمنزلة الوالدين ، ولذلك سمى الله تعالى العم أباً في قوله : ( أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ) البقرة/13 . وإسماعيل عم ليعقوب ، عليهما الصلاة والسلام .
2- أو لم يُذكرا اكتفاء بذكر ابن الأخ وابن الأخت ، فالعم والخال أولى منهما بهذا الحكم .
قال السعدي رحمه الله (ص 788) :
" ( لا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ ) أي في عدم الاحتجاب عنهم ، ولم يذكر فيها الأعمام والأخوال لأنهن إذا لم يحتجبن عَمَّن هُنَّ عماته وخالاته من أبناء الإخوة والأخوات مع رفعتهن عليهم ، فعدم احتجابهم عن عمهن وخالهن من باب أولى " انتهى .(5/1351)
وأما ما ذكروه من التعليل وهو قولهم : ( لأن الخال والعم قد يصفان المرأة لأبنائهم ) فأجاب الجمهور عن هذا التعليل بأنه ضعيف ، لأنه لو قيل بهذا ، لكان لازم ذلك أنه لا يجوز للمرأة أن تبدي زينتها أمام أي امرأة لأنها قد تصفها لأبنائها !
ومما يدل على صحة ما ذهب إليه الجمهور من جواز إظهار المرأة زينتها لعمها وخالها ، وجواز دخولهما عليها والخلوة بها ، ما رواه البخاري (4796) ومسلم (1445) عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : اسْتَأْذَنَ عَلَيَّ أَفْلَحُ أَخُو أَبِي الْقُعَيْسِ بَعْدَمَا أُنْزِلَ الْحِجَابُ ، فَقُلْتُ : لا آذَنُ لَهُ حَتَّى أَسْتَأْذِنَ فِيهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَإِنَّ أَخَاهُ أَبَا الْقُعَيْسِ لَيْسَ هُوَ أَرْضَعَنِي ، وَلَكِنْ أَرْضَعَتْنِي امْرَأَةُ أَبِي الْقُعَيْسِ ، فَدَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقُلْتُ لَهُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ أَفْلَحَ أَخَا أَبِي الْقُعَيْسِ اسْتَأْذَنَ فَأَبَيْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ حَتَّى أَسْتَأْذِنَكَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَمَا مَنَعَكِ أَنْ تَأْذَنِي ؟ عَمُّكِ ! قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ الرَّجُلَ لَيْسَ هُوَ أَرْضَعَنِي وَلَكِنْ أَرْضَعَتْنِي امْرَأَةُ أَبِي الْقُعَيْسِ ! فَقَالَ : ائْذَنِي لَهُ ، فَإِنَّهُ عَمُّكِ ، تَرِبَتْ يَمِينُكِ.
فإذا كان العم من الرضاعة يجوز له الدخول على المرأة والخلوة بها ، فالعم من النسب أولى ، والخال مثله .
انظر : تفسير القاسمي (13/298)
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
اطلبوا العلم ولو في الصين حديث مكذوب
السؤال:
أدرس في أمريكا ، وعندما أذهب لجامعتي فأنا أغطي نفسي بملابس فضفاضة وأرتدي الحجاب . لكن المشكلة هي أن الجامعة جامعة مختلطة . وأنا أحاول أن أتجنب التحدث إلى الرجال ، لكني أجبر أحيانا على التحدث إليهم . أريد أن أكمل دراستي هنا ثم أنتقل لأعيش في أي بلد إسلامي . هل يجوز لي أن أدرس في أمريكا ؟ وهل ينطبق هذا الحديث : " لو كان عليك أن تذهب للصين لطلب العلم ، فاذهب " على النساء أيضا.
الجواب:
الحمد لله
أما دراسة الفتاة في مثل هذا المجتمع المختلط وهذا الوضع الفاسد فيراجع جواب سؤال رقم (5384)
أما الحديث المذكور وهو حديث : ( اطلبوا العلم ولو بالصين ، فإن طلب العلم فريضة على كل مسلم )
قال الشيخ الألباني في ضعيف الجامع ( موضوع ) برقم (906) .
والحديث الثابت هو ما رواه ابن ماجة من حديث أنس بْنِ مَالِكٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ ) ( 220 ) وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجة . والمقصود بالعلم هنا هو العلم الشرعي . قال الثوري : هو العلم الذي لا يُعذر العبد في الجهل به ، والله أعلم .(5/1352)
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
إرخاء المرأة لثوبها شبرا ألا يؤدي إلى اتساخ ثيابها ، وكيف تصلي به ؟
السؤال:
سؤالي يتعلق بأحد الأجوبة يقول إن النبي صلى الله عليه وسلم سمح للنساء بأن يسدلن حجابهن على الأرض حتى تتم تغطية الجسم تماماً، إذا فعلن هذا ، ألن يؤدي هذا إلى تجمع الأوساخ والقاذورات الموجودة على الأرض ، ثم ألا يبطل هذا الصلاة إذا صلين بهذا الحجاب المتسخ ؟.
الجواب:
الحمد لله
إن مجتمع الصحابة رضي الله عنهم أجمعين كان أحرص ما يكون على الحفاظ على المرأة ، وصيانتها ، وستر عورتها ، والمرأة كلها عورة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ، فإذا خرجت فالواجب أن تغطي جميع بدنها حتى أقدامها ، ولهذا كانت الواحدة منهن تجعل لها ذيلاً- يعني أنها كانت تطيل ثيابها حتى يكون كالذيل خلفها - حتى لا يبدي شيئا من جسمها .
قال شيخ الإسلام : وهذا كان إذا خرجن من البيوت ... وأما في نفس البيت فلم تكن تلبس ذلك . مجموع الفتاوى 22/119
وما ذكرته – وفقك الله – من اتساخ ثوبها فهذا لا قيمة له مع الحفاظ على المرأة ، وقطع باب الشر والفتنة عن المجتمع .
واعلم أن الأصل في النساء القرار في بيتها كما قال تعالى : ( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ) الأحزاب / 33 ، فهي لا تخرج إلا لما دعت إليه الحاجة .
وأما ما ذكرته من اتساخ ثوبها ، وأنه ربما أصابته النجاسة ، فهذا وارد ، وقد حصل هذا الاستشكال في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، فعن أم ولد لإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف قالت : كنت أجر ذيلي ، فأمر بالمكان القذر والمكان الطيب ، فدخلت عليّ أم سلمة فسألتها عن ذلك ، فقالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يطهره ما بعده . أخرجه الإمام أحمد (25949) ، والترمذي ( 143 ) ، و ابن ماجه ( 531) وصححه الألباني . انظر : صحيح أبي داود (369).
انظر : المنتقى شرح الموطأ للباجي ( 1/65) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
كيفية الوقاية من العين
السؤال:
شعرت في السنوات الأخيرة بأني مصابة بالعين ، فقد آتاني الله حسن صورة يلفت النظر، . والحمد لله لكني لا أريد أن تكون حياتي في اضطراب بسبب ذلك. أقول لك : ليس كل الناس يحمدون الله ويثنون عليه للأشياء التي يعجبون بها ، خصوصا(5/1353)
الكفار. فهل يوجد أمام الفتاة من طريق للتمكن من حماية نفسها من العين بدون (أن تحتاج إلى) تغطية وجهها ؟ هل وضع مقاطع من القرآن يحمي الفرد من الإصابة بالعين ؟ وماذا عن لبس القلائد والتعليقات التي تكون على شكل أعين أو أيدي ؟ فقد سمعت بأن تلك التعليقات تحفظ الفرد لكنها حرام ؟ حياتي أفضل كثيرا الآن بالمقارنة مع ما كانت عليه في السابق حيث كنت لا أتمسك بالإسلام مع أني ولدت مسلمة، فهل يعني هذا أنه بسبب أني مسلمة أفضل فإن العين ، إن أنا كنت غير محظوظة بما يكفي لأن أصاب بها فقد اختفت من روحي (؟)، أم يجب أن يقرأ علي القرآن كي أتخلص منها. كيف لي أن أحفظ نفسي من أن يصيبني ذلك مرة أخرى؟.
الجواب:
الحمد لله
عليك أن تعرفي أن الحجاب واجب ، وليس لشخص أن يختار من الشرع ما يميل إليه نفسه ، ويترك ما لا تميل إليه نفسه ، لأن الله عز وجل يقول : ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ) البقرة /208 قال ابن كثير : أمر الله عباده المؤمنين أن يأخذوا بجميع عرى الإسلام وشرائعه والعمل بجميع أوامره وترك جميع زواجره تفسير ابن كثير 1/566 ، والمؤمنات مَنْهِيّات عن إبداء الزينة لغيرالمحارم ، قال تعالى : (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوْ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الإِرْبَةِ مِنْ الرِّجَالِ أَوْ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) النور/31 ، فامتثال أمر الله بالحجاب يحفظك من العين بإذن الله . في الدنيا ويحفظك من عذاب الله في الآخرة .
أما تعليق مقاطع من القرآن أو غيرها أو لبس أشكال معينة ، فقد روى الإمام أحمد في مسنده عن عقبة بن عامر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من تعلَّق تمِيمَةً فلا أتَمَّ الله له ، ومن تَعَلَّقَ وَدعَةً فلا ودع الله له " وفي رواية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل رهط فبايع تسعة ، وأمسك عن واحد , فقالوا : يا رسول الله بايعت تسعة وأمسكت عن هذا ، فقال : " إن عليه تميمة " فأدخل يده فقطعها ، فبايعه وقال : " من تعلق تميمة فقد أشرك " من فتاوى العين والحسد ص 277 .
أما علاج العين والحسد ، فلا شك أن الإنسان متى كان قريباً من الله عز وجل مداوماً على ذكره ، وقراءة القرآن ، كان أبعد عن الإصابة بالعين ، وغيرها من الآفات وأذى شياطين الإنس والجن ، وكذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعوِّذ نفسه ، وأعظم ما يتعوذ به المسلم قراءة كتاب الله وعلى رأس ذلك :
المعوذتان وفاتحة الكتاب وآية الكرسي
ومن التعوذات الصحيحة الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم ومنها :
( أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ) رواه مسلم ( الذكر والدعاء/4881)(5/1354)
وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَوِّذُ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ وَيَقُولُ إِنَّ أَبَاكُمَا كَانَ يُعَوِّذُ بِهَا إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لامَّةٍ ) رواه البخاري( أحاديث الأنبياء/3120) ، ومعنى الَّلامة : قال الخطابي : المراد به كلُّ داء وآفة تُلمُّ بالإنسان من جنون وخبل . وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ جِبْرِيلَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : " يَا مُحَمَّدُ اشْتَكَيْتَ فَقَالَ نَعَمْ قَالَ بِاسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ أَوْ عَيْنِ حَاسِدٍ اللَّهُ يَشْفِيكَ بِاسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ " رواه مسلم ( السلام/4056) ، ولا شك أن مداومة الإنسان على أذكار الصباح والمساء ، وأذكار النوم ، وغيرها من الأذكار له أثر عظيم في حفظ الإنسان من العين فإنها حصن له بإذن الله فينبغي الحرص عليها ، ومن أهم العلاجات أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخَّصَ في الرُّقية من العين وأمر بها
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : " أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ أَمَرَ أَنْ يُسْتَرْقَى مِنْ الْعَيْنِ " رواه البخاري ( الطب/5297) ، وما جاء عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : " كَانَ يُؤْمَرُ الْعَائِنُ فَيَتَوَضَّأُ ثُمَّ يَغْتَسِلُ مِنْهُ الْمَعِينُ " رواه أبو داود ( الطب/3382) قال الألباني في صحيح سنن أبي داود صحيح الإسناد برقم 3286 .
هذه بعض الأذكار والعلاجات التي تحفظ بإذن الله من العين والحسد ، نسأل الله أن يعيذنا من ذلك , والله أعلم .
يراجع كتاب زاد المعاد لابن القيم 4/162.
الشيخ محمد صالح المنجد (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
زوجته لا تستر يديها فهل يهددها بالطلاق ؟
السؤال:
ماذا أفعل لو رفضت زوجتي ستر يديها ، مع أني أطلب منها ذلك في البداية ثم آمرها لكنها ترفض ؟ وما تقول لو أني هددتها بالطلاق ؟.
الجواب:
الحمد لله
قد بينا في جواب الأسئلة ( 11774 ) و ( 21536 ) حكم تغطية المرأة لوجهها وكفيها ، وأنه يجب عليها أن تسترهما أمام الأجانب عنها .
وقد أوجب الله تعالى الطاعة عليها لزوجها ، وجعل الرجل قوَّاماً على المرأة بالأمر والتوجيه والرعاية ، كما يقوم الولاة على الرعية ، بما خصه الله به من خصائص جسمية وعقلية ، وبما أوجب عليه من واجبات مالية ، قال تعالى : ( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم ) النساء/34 .
قال ابن كثير :
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ( الرجال قوامون على النساء ) يعني : أمراء عليهن ، أي : تطيعه فيما أمرها الله به من طاعته ، وطاعته أن تكون محسنة لأهله حافظة لماله .
" تفسير ابن كثير " ( 1 / 492 ) .(5/1355)
وعلى الزوج مراعاة التدرج في حال مخالفتها لأمره وترفعها عن طاعته ، فيبدأ أولاً بالوعظ وتخويفها من عاقبة عصيان أمره ، فإن لم يُجدِ فلينتقل إلى هجرها في الفراش ، فإن لم ينفع فليضربها ضرباً غير مبرح ، ولا بأس من تهديدها معه بالطلاق .
قال تعالى : ( وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ) النساء/34 .
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي :
( وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ ) أي : ارتفاعهن عن طاعة أزواجهن بأن تعصيه بالقول أو الفعل فإنه يؤدبها بالأسهل فالأسهل ، { فَعِظُوهُنَّ } أي : ببيان حكم الله في طاعة الزوج ومعصيته والترغيب في الطاعة ، والترهيب من معصيته ، فإن انتهت فذلك المطلوب ، وإلا فيهجرها الزوج في المضجع ، بأن لا يضاجعها ، ولا يجامعها بمقدار ما يحصل به المقصود ، وإلا ضربها ضربًا غير مبرح ، فإن حصل المقصود بواحد من هذه الأمور وأطعنكم ( فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ) أي : فقد حصل لكم ما تحبون فاتركوا معاتبتها على الأمور الماضية ، والتنقيب عن العيوب التي يضر ذكرها ويحدث بسببه الشر .
" تفسير السعدي " ( ص 142 ) .
ويمكنك أن تستعين على وعظها وترغيبها وترهيبها بالأشرطة والكتيبات النافعة التي تتحدث عن وجوب الحجاب على المرأة المسلمة ، وبيان خطر المعصية والعقوبات المرتبة عليها في الدنيا والآخرة .
ولا بد من الرفق واللين . قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ ، وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ ، وَمَا لا يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ ) . رواه مسلم (2593)
وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ الرِّفْقَ لا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلا زَانَهُ ، وَلا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلا شَانَهُ ) رواه مسلم (2594) . زانه أي زينه . وشانه أي عَيَّبَه .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
القائمون على المسجد مقصرون دينياً فهل يترك الصلاة فيه
السؤال:
لجنة المسجد تتولى اتخاذ أغلب القرارات الخاصة بجاليتنا . لكن القليل جداً من أعضائها يتمسكون بالسنة أو بالشريعة . وأنا أعلم شخصياً أن بعضهم يقع في المعاصي ، كما أن النساء اللآتي يحضرن لا يرتدين الحجاب الصحيح . وأنا لا أراهم يحضرون إلى المسجد إلا إذا كان عندهم اجتماع أو يوم الجمعة .
فهل أستمر في الذهاب إلى ذلك المسجد ، أم أقيم مصلى جديداً ؟.
الجواب:
الحمد لله(5/1356)
عليك الاستمرار في الذهاب للمسجد ، وإياك وتفريق جماعة المسجد ، واحرص على الإصلاح من الداخل بالوعظ والنصيحة وقم بتحسين العلاقات دون الوقوع بالمحرمات ولعل تقديم اقتراحات مكتوبة من جهتك مع الرفق واللين قد يساهم في تحسين الأحوال ، وتفائل بتحسن الأمور في المستقبل فقد يتغير هذا المجلس أو بعض أعضاءه فيكونون أكثر تديناً واصلح وقد تكون أنت واحداً منهم نسأل الله لنا ولك التوفيق .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
والدها يحاول ضربها ومنعها من الصوم
السؤال:
فعلت أشياء محرمة ولكن في هذا الشهر أشعر بقربي من الله وأنوي الصيام ( إن شاء الله )، المشكلة أن والدي جعل حياتي صعبة في هذا الشهر وكنت سأتوقف عن الصيام فاضطررت أن أخرج من البيت وأمشي بالخارج فلا أستطيع البقاء في البيت فقد حاول ضربي، والدتي تعمل وسأبقى معه وحيدة في البيت ولن أدعه أبداً يحرمني من صيام هذا الشهر، حافظت على الصيام وأصبحت أخرج وأجلس خارج البيت من حين الاستيقاظ حتى يأتي موعد خروجه وهو تقريباً مع غروب الشمس ، أشعر بالمرض فأنا مصابة بفقر الدم ومصابة بالحساسية .
أريد أن أعرف هل ما يفعله حرام أم أن ما يفعله لا يعاقبه الله عليه ؟ عندما يخرج ويراني أتألم يضحك علي، فأرجو أن تجيب على سؤالي .
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
ينبغي أن تحمدي الله تعالى أن هداك ووفقك للرجوع إليه ، ويجب عليك صوم ما افترضه الله عليك ، ولو كره أبوك ذلك ، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .
ثانياً :
قد ذكرت أنك تشعرين بالمرض وأنك مصابة بفقر الدم والحساسية ، فهنا لابد من رجوعك إلى طبيب ثقة ، وتسألينه هل الصيام يضرك أم لا ؟ وهل هذا المرض يرجى حصول الشفاء منه أم لا ؟ فإن كان الصيام يضرك بسبب المرض أو يزيد من المرض أو يؤخر الشفاء أو يشق عليك مشقة شديدة فقد يسر الله لك وخفف عنك وأسقط عنك وجوب الصيام ، فافطري وعليك قضاء الأيام التي أفطرتيها بعد شفاءك إن شاء الله تعالى .
أما إذا كان المرض مستمراً معك ولا ترجين أن تتمكني من القضاء فأفطري وعليك أن تطعمي مسكيناً عن كل يوم أفطرتيه ، راجعي السؤال رقم ( 12488 ) .
ثالثاً :
الواجب على الأب أن يقوم بحق رعيته ، فيأمرهم بفعل الواجبات وترك المحرمات ، فإن قصر في ذلك كان معرضا للعذاب والعقاب ، قال الله تعالى : ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا(5/1357)
قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) التحريم / 6
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : "ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة " رواه البخاري (6731) ومسلم (142) .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " كلكم راعٍ ومسئول عن رعيته .. والرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته ... " . رواه البخاري (844) ، ومسلم (3408) ، فسوف يسأل كل صاحب ولاية ( ومنهم الأب ) هل قام بما يجب عليه أم لا ؟
ومعلوم أنه يترتب على هذا السؤال النعيم إن كان قد قام بما وجب عليه ، واستحقاق العذاب والعقاب إن كان مفرطاً مضيعاً ، نسأل الله السلامة .
وإن انضاف إلى تفريط الأب أنه ينهى عن المعروف والخير والواجب ، كان إثمه أشد وأعظم ، فإن الله تعالى أخبر أن هذه صفة المنافقين الفاسقين ، يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف : ( الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) التوبة / 67
وعليك بالصبر واحتساب الأجر ، والاستمرار في نصح الأب ، والاستعانة على ذلك بصالحي أهلك وأقاربك ، مع الدعاء له بالهداية والاستقامة .
وينبغي أن تحذري من الجلوس خارج البيت من غير حاجة ، لما قد يترتب عليه من الضرر أو الفتنة ، فإن احتجت إلى الخروج أو اضطررت فعليك بالالتزام بالحجاب الشرعي وتجدين في السؤال رقم ( 6991 ) شروط الحجاب الشرعي .
نسأل الله أن يحفظك بحفظه ، وأن يهدي والدك إلى الخير والرشاد .
والله أعلم.
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
مطلوب منه بحث عن الإسلام وأثره على أوربا
السؤال:
ناقش ظهور الإسلام وانتشاره بدراسة حياة محمد صلى الله عليه وسلم وأفكاره الدينية وتاريخ القرن الذي بعد وفاته. اشرح بالتفصيل أفكار محمد الدينية مقسماً إياها إلى ثلاث أقسام : كيف انعكست هذه الأفكار على حياة محمد الشخصية، على معتقداته وخلفياته ، وعلى مجتمع القرن السابع عموماً. ثم اشرح متى وكيف انتشر الإسلام من جزيرة العرب ووصل أوروبا . ووضح أثر الإسلام على النصارى في الغرب وفي بلاد العرب والمناطق المجاورة.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
لم يأتِ نبيُّنا محمد صلى الله عليه وسلم بأفكارٍ من عند نفسه ، بل ما جاء به إنما هو من عند الله تعالى ، وهو وحي أوحاه الله له .
ثانياً :(5/1358)
أما حياته صلى الله عليه وسلم :
فهو خير أهل الأرض نسباً على الإطلاق فلنسبه من الشرف أعلى ذروة ، وأعداؤه كانوا يشهدون له بذلك ولهذا شهد له به عدوه إذ ذاك أبو سفيان بين يدي ملك الروم ، فأشرف القوم : قومه ، وأشرف القبائل : قبيلته ، وأشرف الأفخاذ : فخذه ، فهو : محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان ... بن إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام .
بعثه الله على رأس أربعين ، وهي سن الكمال ، وأول ما بدئ به رسول الله من أمر النبوة : الرؤيا فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ، قيل وكان ذلك ستة أشهر ومدة النبوة ثلاث وعشرون سنة فهذه الرؤيا جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة ، ثم أكرمه الله تعالى بالنبوة فجاءه الملك وهو بغار حراء وكان يحب الخلوة فيه فأول ما أنزل عليه { اقرأ باسم ربك الذي خلق } العلق/1 .
وكان لدعوته مراتب : المرتبة الأولى : النبوة ، الثانية : إنذار عشيرته الأقربين ، الثالثة : إنذار قومه ، الرابعة : إنذار قوم ما أتاهم من نذير من قبله وهم العرب قاطبة ، الخامسة : إنذار جميع من بلغته دعوته من الجن والإنس إلى آخر الدهر .
وأقام بعد ذلك ثلاث سنين يدعو إلى الله سبحانه مستخفيا ثم نزل عليه { فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين } الحجر/94 .
ينظر " زاد المعاد " لابن القيم ( 1 / 71 فما فوق ) ، ومنه استفدنا ما سبق .
ثالثاً :
وأما ما كان يدعو إليه نبينا صلى الله عليه وسلم ، فيكفي منه ما ورد على لسان أبي سفيان – وكان كافراً وقت قوله – قال هرقل – عظيم الروم - لأبي سفيان : فماذا يأمركم به ؟ قال : يأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئاً وينهانا عما كان يعبد آباؤنا ، ويأمرنا بالصلاة ، والصدقة ، والعفاف ، والوفاء بالعهد ، وأداء الأمانة .
وقد علَّق هرقل على كلام أبي سفيان بقوله : وهذه صفة النبي ، قد كنت أعلم أنه خارج ، ولكن لم أظن أنه منكم ، وإن يك ما قلت حقا فيوشك أن يملك موضع قدميَّ هاتين ، ولو أرجو أن أخلص إليه لتجشمت لقيه ولو كنت عنده لغسلت قدميه .
رواه البخاري ( 2782 ) ومسلم ( 1773 ) .
رابعاً :
وأما بعد وفاته صلى الله عليه وسلم ، فقد تولَّى أبو بكر الصدِّيق الخلافة ، وقد وقع في أيامه من الأمور الكبار : تنفيذ جيش أسامة ، وقتال أهل الردة وما نعى الزكاة ومسيلمة الكذاب ، وجمع القرآن .
ثم عمر بن الخطاب ، وهو أحد السابقين الأولين ، وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة ، وأحد الخلفاء الراشدين ، وأحد أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأحد كبار علماء الصحابة وزهادهم ، وكثرت الفتوح في أيامه : ففتحت دمشق والأردن والعراق وبيت المقدس ومصر وهو الذي كتب التاريخ من الهجرة بمشورة علي . واستشهد في آخر سنة ثلاث وعشرين على يد قاتله الكافر المجوسي أبي لؤلؤة .(5/1359)
ثم عثمان بن عفان ، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة ، وأسلم قديماً ، وهو ممن دعاه الصدِّيق أبو بكر إلى الإسلام ، وهاجر الهجرتين الأولى إلى الحبشة والثانية إلى المدينة ، وتزوج رقية بنت الرسول صلى الله عليه وسلم ثم توفيت ، فتزوج أختها أم كلثوم ، وقد مكث في الخلافة ثنتي عشرة سنة ، واستشهد سنة خمس وثلاثين وله بضع وثمانون سنة .
ثم علي بن أبي طالب ، وهو أحد العشرة المشهود لهم بالجنة ، وأخو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالمؤاخاة ، وصهره على فاطمة سيدة نساء العالمين رضي الله عنها ، وأحد السابقين إلى الإسلام ، وأحد العلماء الربانيين ، والشجعان المشهورين ، والزهاد المذكورين ، والخطباء المعروفين ، وأحد من جمع القرآن وعرضه على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
خامساً :
وقد كان صلى الله عليه وسلم مهتديا بهدي القرآن ، بل كان خُلقه القرآن كما قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، وما كان نبينا صلى الله عليه وسلم عليه في الإسلام هو ما كان عليه من خلق قبل الإسلام لكن الله تعالى كمَّل له أخلاقه وزينها ، وعند أول نزول الوحي قالت خديجة رضي الله عنها وهي تعدد أخلاقه :
كلا والله ما يخزيك الله أبدا إنك لتصِل الرحم ، وتحمل الكلَّ – أي : الضعيف العاجز - وتُكسب المعدوم – أي : الفقير - ، وتقري – أي : تكرم - الضيف ، وتعين على نوائب الحق – كما رواه البخاري ( 4 ) ومسلم ( 160 ) - .
وقد وصفه أصحابه وأعداؤه بما هو أهل له صلى الله عليه وسلم : من الكرم والشجاعة والرحمة وحسن الكلام وكثرة العبادة والصدق والأمانة ... الخ .
ويلخص ذلك كله قوله تعالى { وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ } القلم/4 .
وقد كان لحسن أخلاقه صلى الله عليه وسلم أكبر الأثر وأعظمه ، حتى كان ذلك سبباً في دخول بعض المشركين في الإسلام .
عن أبي هريرة قال : بعث النبي صلى الله عليه وسلم خيلا قبل نجد فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له " ثمامة بن أثال " فربطوه بسارية من سواري المسجد ، فخرج إليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أطلقوا ثمامة ، فانطلق إلى نخل قريب من المسجد فاغتسل ثم دخل المسجد فقال : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله " . رواه البخاري ( 4114 ) ومسلم ( 1764 ) .
سادساً :
أما بالنسبة لوصول الإسلام إلى أوربا فقد وصلها من عدة طرق ، منها :
1. حرص المسلمين على إيصال دعوة الحق إلى جميع الناس ، ففتحت الأندلس على يد طارق بن زياد عام 92 هـ /711 م واستمرت الفتوحات في غرب أوربا حتى وصلت انتهت إلى شرق جنوب فرنسا في عام 114 هـ .
2. القادمون من شمال أفريقيا والشرق الأوسط وجنوب آسيا بحثاً عن عمل وأمل .
3. استقدام الغربيين لشعوب بعض الدول مثل استقدام الألمان للأتراك للعمل في بلادهم .
4. وجود دعاة الإسلام في تلك البلاد .(5/1360)
5. نفوذ الدولة العثمانية في أوربا .
6. إسلام أهل أوربا الأصليين وتحولهم إلى دعاة للإسلام .
7. التواصل التجاري بين المسلمين وأوربا .
8. دخول أناس من الأوربيين في الإسلام .
9. تغير أنماط التفكير الأوربي .
10. نبذ خرافات الكنيسة المخالفة للوحي واعتماد العلم التجريبي الذي وضع أسسه وطوره المسلمون .
11. مشاركة الجاليات الإسلامية في تطوير الأبحاث والمخترعات والشركات في أوربا من خلال أصحاب الشهادات والكفاءات من المسلمين ثم زيادة عدد الجاليات الإسلامية في أوربا وما تتطلب من مساجد ومدارس ومراكز .. الخ واتسع تأثيرهم حتى خشي من ذلك أعداء الإسلام كاليهود فكتبت صحيفة " هآرتس " الإسرائيلية تقول في عددها الصادر في آخر يونيو عام 2001م : " كما هو الحال في غرب أوروبا كذلك أدت الزيادة الكبيرة في الولايات المتحدة في عدد المسلمين إلى ازدياد نفوذهم السياسي ... بيد أن الزيادة في عدد المسلمين وتعاظم وتزايد وعيهم السياسي وخاصة الطلاب العرب والذين يلاحظ أنهم من أكثر العرب نشاطاً وحركية من الناحية السياسية وكذلك التضاؤل في عدد اليهود نتيجة لزيجاتهم المختلطة وذوبانهم في المجتمع الأمريكي ، كل ذلك سوف يلعب مستقبلاً دوراً في ميزان القوى المتنافسة على النفوذ بواشنطن ، وقد أصبح ذلك ملموساً ومحسوساً في نشاطات جماعات الضغط العربية بالكونجرس ...
1. تزايد عدد المسلمين في البلاد الأوربية ، فقبل أكثر من عشر سنوات كان عدد المسلمين في أوربا حوالي ( 12 ) مليون مسلماً .
2. انتشار المساجد والمراكز الإسلامية والمدارس .
3. انتشار الحجاب واللباس الشرعي في عواصم الدول الأوربية .
4. إقامة المعارض والندوات الإسلامية ، وتأسيس شركات تعنى بالذبح الحلال ودفن الموتى على الطريقة الشرعية .
وغير ذلك كثير .
والله الهادي والموفق.
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
هذه المرأة ليست محرماً لك
السؤال:
أخو زوجتي متزوج ، فما هي علاقتي بزوجته ؟ إنها تناديني بـ "أخي" ، وأنا أعاملها وكأنها أختي . فهل يجوز هذا في الإسلام ؟ أرجو النصح .
الجواب:
الحمد لله(5/1361)
لا يجوز أن تعامل زوجة أخي زوجتك كأختك ، لأنها ليست من محارمك ، فلا يجوز لها أن تظهر أمامك بغير الحجاب الشرعي ولا يجوز لك أن تخلو بها ولا أن تصافحها ولا أن تنظر إليها ولا تكلّمها إلا من وراء حجاب ،إذا أُمنت الفتنة ، فقد نهى الله المؤمنات عن إبداء زينتهن إلا لأشخاص معينين ، قال تعالى : ( وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ ءَابَائِهِنَّ أَوْ ءَابَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) النور/31 ، وحيث أنك لست من هؤلاء المذكورين في الآية فلا تدخل في حكمهم والله أعلم . ويراجع للأهمية جواب سؤال رقم ( 5538 ) .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
لها صديقات يجاهرن بالمعاصي فهل تستمر في صحبتهن
السؤال:
ماذا على المسلمة أن تفعل إذا كانت مع مسلمات يذنبن جهارا ، وقد سبق أن نصحتهن مرات عديدة ؟ هل تستمر في مصاحبتهن ؟ مثل ذلك ، النساء اللاتي لا يرتدين الحجاب الصحيح ، أو اللاتي يخرجن مكتحلات بارك الله فيكم
الجواب:
الحمد لله
إن من نعمة الله علينا طرح مثل هذه التساؤلات ، التي تنم عن مدى غيرة السائلة على دينها واهتمامها بالحفاظ على أسباب ثباته ، والتي من أعظمها تجنب صحبة أهل المعاصي ، فنسأل الله لنا ولها الثبات على دينه . والجواب على هذا السؤال سيكون في النقاط التالية :
أولاً : المجاهرة بالمعاصي من أسباب حرمان العبد من معافاة الله فقد حذر منها النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( كل أمتي معافى إلا المجاهرين ) رواه البخاري برقم(6069) فهي ذنب عظيم نسأل الله أن يسلمنا منه.
ومن جالس أهل المعاصي فلا يخلو أمره من حالين :
الحال الأولى :
أن يجالسه حال اقترافه المعصية ...
ففي هذه الحال لا يحل له أن يجالسه مادام في المعصية إلا إذا استطاع أن يزيل ذلك بالنصيحة أو غيرها ، فإن زال المنكر جاز له أن يجالسه ، قال الله تعالى : ( وقد نّزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يُكفر بها ويستهزُأ بها فلا تجلسوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم ) النساء/140 .
وإذا لم يقلع عن معصيته فالواجب عليه أن يفارق المجلس لكن الأفضل أن يبين له سبب خروجه منه إذا كان ذلك يؤثر فيه ويدعوه إلى ترك المنكر.(5/1362)
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله في تفسير هذه الآية : وذلك أن الواجب على كل مكلف في آيات الله الإيمان بها وتعظيمها وإجلالها ، وتفخيمها.......... ويدخل في ذلك مجادلة الكفار والمنافقين لإبطال آيات الله ونصر كفرهم .....بل وكذلك يدخل فيه ، حضور مجالس المعاصي والفسوق ، التي يستهان فيها بأوامر الله ونواهيه ، وتقتحم حدوده التي حدها لعباده . ا.هـ (2/198)
الحال الثانية :
ألا يكون متلبِّسا بالمعصية فهذا تجوز مجالسته ولا حرج فيها .
ثانياً :
قولك : هل أترك مصاحبتهن أم لا ؟
فالجواب إذا كانت الأخت تأمن على نفسها من الانحراف بسببهن وترى أن في مصاحبتها لهن فائدة بحيث تستمر في نصحهن وتوجيههن إلى ما فيه صلاحهن فإن استمرارها في ذلك أفضل ونسأل الله لها التوفيق والسداد .
وأما إذا رأت أنهن ربما أثَّرن عليها بكثرة المجالسة واعتياد ما هنّ عليه فعليها ألا تجالسهنّ وأن تترك صحبتهنّ حفاظًا على دينها لاسيما إذا كانت قد نصحتهنّ مراراً ولم يستجبن .
ثم إن رأت أن تبحث عن غيرها ممن يقوم بنصحهن فإنها تكون مأجورة على ذلك .
هذا والله تعالى أعلم .
الشيخ محمد صالح المنجد (www.islam-qa.com)
مخالطة الطلاب بالطالبات في مشروع التخرج
السؤال:
أنا في كلية هندسة ويوجد مشروع للتخرج في العام القادم إن شاء الله, فنظرا لأن عدد البنات قليل, وخاصة المجتهدات , وأنا والحمد لله الأولى على الدفعة, فهل يجوز العمل مع أولاد ، أم المجازفة والعمل مع مجموعة بنات مستواهم الدراسي منخفض وتحمل عبء العمل كله ؟.
الجواب:
الحمد لله
إن التعليم المختلط له مفاسده ومخاطره ، ولهذا أفتى جماعة من أهل العلم بتحريمه ، وقد سبق أن بينا ذلك في الجواب رقم 23407 ، 31210 ، 23393 .
ولاشك أن العمل في مشروع التخرج مع الرجال ، يزيد على الدراسة المجردة ، لكونه يحتاج إلى كثرة مخالطة واجتماع واتصال وتشاور ، ولهذا فالقول فيه أشد ، وما ذكرتيه ليس عذرا يبيح الإقدام على هذا العمل ؛ فمصلحة حفظ الدين مقدمة على سائر المصالح .
فاتقي الله تعالى ، واستعيني به ، وسليه التوفيق والتسديد ، واحذري مخالطة الرجال ، وثقي بأن الله مع المتقين والمؤمنين والمحسنين كما أخبر سبحانه .
وكوني في ما بقي لك من مدة الدراسة ، محافظة على الحجاب ، مجانبة للرجال ، ملتزمة غضَّ البصر ، وترك الزينة .(5/1363)
نسأل الله أن يوفقك ويهديك لما يحب ويرضى .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
شكت في صديقتها فهجرها أخوها
السؤال:
أنا عندي صديقه من 18 سنة وفي يوم شككت أنها تتكلم في التليفون مع شخص ، وخفت عليها لأنها محترمة جدا فحكيت ذلك لأخ لي يصغرني لنجد حلا ، ولكن بعد فترة تأكدت أنها بريئة وأني استعجلت لما حكيت لأخي . المهم صار أخي يشك في كل حركة من حركاتي وأصبح لا يطيق أن آتي باسمه . لا أعرف كيف الحل في هذا الموضوع وهل لي كفارة وماذا أعمل مع أخي ؟.
الجواب:
الحمد لله
إذا كنت تكلمت في صديقتك ، خوفا وحرصا عليها ، ورغبة في إنقاذها فلا حرج عليك ، لكن كان ينبغي التريث والتأني وترك الاستعجال ، ولا يلزمك كفارة ولا غيرها ، إلا أن تكوني قد استرسلت في الحديث عنها بما تكره ، فيجب عليك التحلل من غيبتها ، فإذا كان قد بلغها ما قلتيه عنها فإن عليك أن تعتذري لها وتطلبي منها العفو والصفح ، وإن كانت لم يبلغها ما قلتيه عنها فإنك لا تخبرينها بذلك بل أكثري من الدعاء لها والاستغفار والثناء عليها وذكر حسناتها أمام من تكلمت في شأنها أمامهم . ونسأل الله أن يعفو عنا وعنك. انظر : إجابة السؤال رقم (6308) .
وأما ما تعانينه من شك أخيك في تصرفاتك ، فإن علاجه يكون بسؤال الله تعالى أن يهديه وأن يصرف عنه ذلك ، ثم بالتزامك أمر الله تعالى في الحجاب وغض البصر ومجانبة الرجال الأجانب ، والإكثار من نوافل الصلاة والصوم والصدقة ، ومحاولة الحديث معه ، ومصارحته ، وتحذيره من ظن السوء بك.
ولاشك أن أخاك إن رأى عليك الاستقامة الواضحة ، ذهب عنه الشك ، وانتفت من قلبه الريبة إن شاء الله تعالى .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
هل تكشف وجهها أمام زوج أختها ؟
السؤال:
زوج أختي ينام عندنا في البيت أحيانا ويبقى أحيانا طوال النهار ، ولا أستطيع أن أغطي وجهي أمامه ، فهل أنا آثمة بهذا ؟ وما هو الحل ؟.
الجواب:
الحمد لله
زوج الأخت أجنبي عنكِ ، والواجب عليكِ تغطية وجهكِ عنه ، وعدم الخلوة به ، وكذلك هو يحرم عليه أن ينظر إليكِ ويخلو بكِ ، وللأسف يتهاون الناس في بيوتهم(5/1364)
مع أقارب الزوج وأقارب الزوجة ، مع أن الشرع شدَّد في جهتهم أكثر من غيرهم لوجود الخلطة في البيوت معهم ، وثقة أهل البيت بهم .
فعن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إياكم والدخول على النساء ، فقال رجل من الأنصار : يا رسول الله أفرأيت الحمو ؟ قال : الحمو الموت .
رواه البخاري ( 4934 ) ومسلم ( 2172 ) .
والحمو : هو قريب الزوج .
وأنت تلاحظ أن الصحابي أراد أن يستثني قريب الزوج من الحكم فجاء التشديد من جهته ، لأن دخوله البيت لا يُستغرب .
قال النووي :
وأما قوله صلى الله عليه وسلم " الحمو الموت " فمعناه : أن الخوف منه أكثر من غيره , والشر يتوقع منه , والفتنة أكثر لتمكنه من الوصول إلى المرأة والخلوة من غير أن ينكر عليه , بخلاف الأجنبي ، والمراد بالحمو هنا أقارب الزوج غير آبائه وأبنائه ، فأما الآباء والأبناء فمحارم لزوجته تجوز لهم الخلوة بها , ولا يوصفون بالموت , وإنما المراد الأخ , وابن الأخ , والعم , وابنه , ونحوهم ممن ليس بمحرم ، وعادة الناس المساهلة فيه , ويخلو بامرأة أخيه , فهذا هو الموت , وهو أولى بالمنع من الأجنبي لما ذكرناه ، فهذا الذي ذكرته هو صواب معنى الحديث ... وقال ابن الأعرابي : هي كلمة تقولها العرب , كما يقال : الأسد الموت , أي لقاؤه مثل الموت ، وقال القاضي : معناه الخلوة بالأحماء مؤدية إلى الفتنة والهلاك في الدين , فجعله كهلاك الموت , فورد الكلام مورد التغليظ .
" شرح مسلم " ( 14 / 154 ) .
فننصح السائلة وغيرها بتقوى الله عز وجل والحرص على الحجاب أما الرجال الأجانب .
وللأهمية تُراجع الأسئلة ( 13728 ) و ( 6408 ) و ( 13261 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
اغتصبها كافر في نهار رمضان
السؤال:
قام رجل كافر باغتصاب صديقتي وهي صائمة العام الماضي ، وهي تريد أن تعرف هل أبطل ذلك الحادث صومها ؟.
الجواب:
الحمد لله
الاغتصاب فيه معنى القهر والإكراه ، والمكره على فعل شيء لا يؤاخذ عليه ، قال الله تعالى : ( مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنْ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) النحل / 106 . فهذه الآية الكريمة ترفع الإثم والمؤاخذة عمن أظهر الكفر بلسانه مكرهاً بشرط أن يكون(5/1365)
قلبه مطمئناً بالإيمان . وإذا كان في الكفر الذي هو أعظم المحرمات فما دونه من باب أولى ، ألا يؤاخذ عليه فاعله إذا فعله مكرهاً .
وقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ) رواه ابن ماجه (2033) وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه(1664) .
فالمرأة المغتصبة التي بذلت جهدها في المقاومة ولكنها لم تستطع الفرار والتخلص لا ذنب عليها ، وصيامها صحيح ولا قضاء عليها ولا كفارة .
قال الإمام أحمد رحمه الله :
كلُّ أمر غُلِبَ عليه الصائم ليس عليه قضاءٌ ولا غيره اهـ المغني (4/376) .
وسئل الشيخ ابن باز عمن جامع امرأته وهي غير راضية فأجاب :
. . . أما المرأة فإن كانت مكرهة فلا شيء عليها وصومها صحيح أما إن كانت تساهلت معه فعليها قضاء اليوم مع التوبة ولا كفارة عليها اهـ .
فتاوى الشيخ ابن باز (15/310) .
وقال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (6/414) عن حكم الجماع في نهار رمضان :
إذا كانت المرأة معذورة بجهل أو نسيان أو إكراه فلا قضاء عليها ولا كفارة اهـ .
وبهذه المناسبة ننصح النساء بتقوى الله عز وجل ، والبعد عن مخالطة الرجال لاسيما الكفار والفساق منهم ، والبعد عن كل ما يطمع فيهن الرجال من التبرج بالزينة والخضوع والتكسر في القول والفعل ، وأن تختار الزمان المناسب ، ولا تغشى أماكن الريبة والمواضع المخيفة ، وأن تلتزم بما أمرها الله تعالى به من الحجاب والتستر فإن في ذلك حفظها وصيانتها وخيرها في الدنيا والآخرة .
والله تعالى المسئول أن يصلح أحوال المسلمين .
والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)
ـــــــــــــــــــ
من هو الذي يجب تغطية الوجه عنه ؟ أو [ من تجب تغطية الوجه عنه ].
الاجابة:
تجب تغطية الوجه عن الرجل الأجنبي وهو من ليس محرماً للمرأة في أصح قولي العلماء سواء كان الأجنبي ابن خال أو من الجيران أو من غيرهم لقوله تعالى يخاطب المسلمين في عهد الرسول (ص) , ومن يأتي بعدهم : -? وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ)-(الأحزاب: من الآية53) وهذا يعم أزواج النبي (ص) وغيرهن من المؤمنات كما قال سبحانه : -? يا أيُها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين ? -[ الأحزاب : 59 ] والجلباب ما يوضع على الرأس والبدن فوق الثياب وهو الذي تغطي به النساء الرأس والوجه والبدن كله وما يوضع على الرأس يقال له خمار فالمرأة تغطي بالجلباب رأسها ووجهها وجميع بدنها فوق الثياب كما تقدم . وقال الله جل وعلا : -? وقُل للمؤمنات يَغضُضن مِن أبصَارهِن ّويَحفْظنَ فُرُوجَهنّ(5/1366)
ولا يُبْدِينّ زِينَتُهُنّ إلا لِبُعُولَتِهِنّ أو آبائِهنّ أو آباء بُعُولتِهِنّ أو أبْنائِهنّ أَوأبنَاءِ بعولتِهِنّ ?- [ النور : 31] فقوله : -? إلاّ ما ظَهَر مِنْها? - فسره ابن مسعود (ر)وجماعة بالملابس الظاهرة وفسره قوم بالوجه والكفين والأول أصح لأنه هو الموافق للأدلة الشرعية وللآيتين السابقتين وحمل بعضهم قول من فسره بالوجه والكفين ان هذا كان قبل وجوب الحجاب لأن المرأة كانت في أول الإسلام تبدي وجهها وكفيها للرجال ثم نزلت آية الحجاب فمنعن من ذلك ووجب عليهن ستر الوجه والكفين في جميع الأحوال ثم قال سبحانه :-? ولْيَضْرِبنَ بِخُمُرِهِنّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ)- [النور: 31] والخمر جمع خمار وهو ما يستر به الرأس وما حوله سمى خماراً لأنه يستر ما تحته كما سميته الخمر خمراً لأنها تستر العقول وتغيرها ، والجيب الشق الذي يخرج منه الرأس فإذا ألقت الخمار على وجهها ورأسها فقد سترت الجيب وإذا كان هناك شئ من الصدر سترته أيضاً ثم قال تعالى : -(وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ )-(النور: من الآية31) إلى آخر الآية والزينة تشمل الوجه وبقية البدن فيجب على المرأة أن تغطي هذه الزينة حتى لا تفتن ولا تُفتن ويدل على ذلك ما ثبت في الصحيحين عن عائشة (ر) أنها قالت : " لما سمعت صوت صفوان بن معطل فخمرت وجهي وكان قد رآني قبل الحجاب " . نعلم بذلك أن النساء بعد نزول آية الحجاب مأمورات بستر الوجه وأنه من الحجاب المراد في الآية الكريمة وهي قوله عز وجل : -( وإذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعَاً فَاسْالُوهُنّ مِنْ وَرَاءِ حِجَاب )-[الأحزاب : 53] وأما ما رواه أبو داود عن عائشة (ر)أن النبي (ص)قال في شأن أسماء أن إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يري منها إلا هذا وهذا وأشار إلى وجهه وكفيه فهو حديث ضعيف لا يجوز الاحتجاج به لعلل كثيرة منها انقطاعه بين عائشة والراوي عنها ، ومنها ضعف بعض رواته وهو سعيد بن بشير ومنها تدليس قتادة (ر)، وقد عنعن ومنها من مخالفته للأدلة الشرعية من الآيات والأحاديث الدالة على وجوب تحجب المرأة في وجهها وكفيها وسائر بدنها ومنها أنه لو صح وجوب حمله على أنّ ذلك قبل نزول آية الحجاب جمعاً بين الأدلة – والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل (1)
(1) مجلة البحوث الإسلامية 33/114
ـــــــــــــــــــ
حكم كشف الوجه
الفتاوي الجامعة للمرأة > كتاب اللباس والزينة > باب الحجاب وكشف الوجه
سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء :
ما حكم المرأة التي تستعمل الحجاب وتخرج أمام الرجال الأجانب كاشفة ، وبعض الأحيان تجلس معهم تتناول القهوة وتتحدث معهم وتخرج معهم ووليها راض بذلك ؟
الاجابة:
لا يجوز للمرأة أن تكشف وجهها لغير محارمها ولا تجلس معهم ولا تخرج معهم (1).
(1) مجلة البحوث الإسلامية
ـــــــــــــــــــ
حكم تغطية الوجه للمرأة(5/1367)
الفتاوي الجامعة للمرأة > كتاب اللباس والزينة > باب الحجاب وكشف الوجه
قال فضيلة الشيخ صالح الفوزان :
عن حكم تغطية المرأة وجهها عن غير محارمها ؟
الاجابة:
دلت السنة النبوية على وجوب تغطية المرأة وجهها عن غير محارمها حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت : كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله (ص) ـ محرمات فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزنا كشفناه . وأدلة وجوب ستر وجه المرأة عن غير محارمها من الكتاب والسنة كثيرة وإني أحيلك أيتها الأخت المسلمة على رسالة الحجاب واللباس في الصلاة لابن تيميه ورسالة الحجاب للشيخ عبد العزيز بن باز ورسالة الصارم المشهور على المفتونين بالسفور للشيخ حمود التو يجري ورسالة الحجاب للشيخ محمد بن صالح العثيمين وقد تضمنت هذه الرسائل ما يكفي (1).
(1) هات على أحكام تخص المؤمنات للشيخ الفوزان، ص 25.
ـــــــــــــــــــ
معنى آيات الحجاب
الفتاوي الجامعة للمرأة > كتاب اللباس والزينة > باب الحجاب وكشف الوجه
سئل سماحة الشيخ محمد ابن إبراهيم :
حكم كشف المرأة وجهها ويديها للرجال الأجانب ؟
الاجابة:
الجواب : معنى قوله تعالى : -( ولا يُبْدِينَ زِينَتَهُنّ إلاَّ مَا ظَهَرَ منْهَا وَلْيضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ )- [النور: 31]. اختلف المفسرون في معنى هذه الآية على أقوال : الأول : روى الحاكم عن ابن مسعود أنه قال:-( وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ )- [النور: 31] الزينة السوار والدملج والخلخال والقرط والقلادة وقوله : -( إِلا ّمَا ظَهَرَ مِنْهَا )- [النور: 31] الثياب والجلباب. الثاني : روى عبد الرزاق عن ابن عباس (ر) ، أنه قال في قوله : -( إلا مَاظَهَرَمِنْها) - [النور : 31] قال : الوجه والكفان ، وعن عائشة رضي الله عنها ، قالت إن أسماء بنت أبي بكر على النبي (ص) ، وعليها ثياب رقاق فأعرض عنها وقال : يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وأشار إلى وجهه وكفه : وروى أبو داود أن النبي (ص)، قال : *(أن الجارية إذا حاضت لم يصلح أن يرى منها إلا وجهها ويداها إلى المفصل )* فالراجح من هذه الأقوال قول ابن مسعود (ر) ، أما أدلة الكتاب فهي ما يلي : الأول : قال تعالى : -( وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُبِهِن )-[النور:31] وجه الدلالة أن المرأة إذا كانت مأمورة بسدل الخمار من رأسها على وجهها لتستر صدرها فهي مأمورة بدلالة التضمن أن تستر ما بين الرأس والصدر والوجه والرقبة ، وروى البخاري عن عائشة (ر) ، أنها قالت : رحم الله نساء المهاجرين الأول لما نزل قوله تعالى : -( وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُبِهِن )- [ النور :31] شققن أزرهن فاختمرن بها والخمار ما تغطي به المرأة رأسها والجيب موضع القطع من الدرع والقميص وهو من الأمام كما نزل عليه الآية لا من الخلف كما تفعله نساء الإفرنج ومن تشبه بهن من نساء(5/1368)
المسلمين . الثاني :قوله تعالى : -( وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النّسَاءِ الَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنّ جُنَاحٌ أن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِجّاتٍ بِزِينَةٍ وأن يَسَتَعْفِفْنَ خَيرٌ لَّهُنّ واللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )- [ النور : 60] قال الراغب في مفرداته : القاعدة من قعدت عن الحيض والتزوج . وقال البغوي في تفسيره : قال ربيعة الرأي : هن العجز اللاتي إذا رآهن الرجال استقذروهن فأما من كانت فيها بقية من جمال وهي محل الشهوة فلا تدخل في هذه الآية . انتهى كلام البغوي ، وأما التبرج فهو إظهار المرأة زينتها ومحاسنها للرجال الأجانب . وجه الدلالة من الآية : أنها دلت بمنطوقها على أن الله تعالى رخص للعجوز التي لا تطمع في النكاح أن تضع ثيابها فلا تلقى عليها جلباباً ولا تحتجب لزوال المفسدة الموجودة في غيرها ولكن إذا تسترت كالشباب فهو أفضل لهن .قال البغوي :-(وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ)-(النور: من الآية60) فلا يلقين الحجاب والرداء(خَيْرٌ لَهُنَّ) (النور: من الآية60) خير لهن ) ، وقال أبو حيان : " وأن يستعففن عن وضع الثياب ويتسترن كالشباب فهو أفضل لهن أ.هـ. أما الأدلة من السنة فهي كما يلي : لأول : عن أم سلمة (ر) ، أنها كانت عند رسول الله (ص) مع ميمونة ، قالت : بينما نحن عندها أقبل ابن أم مكتوم فدخل عليه وذلك بعد أن أُمر بالحجاب فقال (ص) ،* " احتجبا منه " فقالت إنه أعمى لا يبصرنا فقال النبي صلى الله عليه وسلم ، أفعمياوان أنتما ؟ ألستما تبصرانه "*؟ رواه الترمذي بمعناه . الثاني : عن أنس (ر) قال : قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : يا رسول الله إن نساءك يدخل عليهن البر والفاجر فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب فأنزل الله آية الحجاب أخرجه الشيخان (1) .
(1) فتاوى ورسائل محمد بن إبراهيم 10/25باختصار
ـــــــــــــــــــ
أهمية الغطاء على وجه المرأة
الفتاوي الجامعة للمرأة > كتاب اللباس والزينة > باب الحجاب وكشف الوجه
سئل سماحة الشيخ عبد العزيز ابن باز :
أرجو من فضيلتك إجابتي عن أهمية الغطاء على وجه المرأة وهل هو واجب أوجبه الدين الإسلامي وإذا كان كذلك فما هو الدليل على ذلك ، إنني أسمع الكثير وأعتقد أن الغطاء عم استعماله في الجزيرة على عهد الأتراك ومنذ ذلك الوقت سار التشديد على استعماله حتى أصبح يراه الجميع فرض على كل امرأة كما قرأنا أن في عهد النبي (ص) ، وعهد الصحابة والراشدين كانت المرأة تشارك الرجل في الكثير من الأعمال كما تساعده في أيام الحروب فهل هذه الأشياء حقيقة أم أن فيها غلط لا أساس له إنني أنتظر الإجابة من فضيلتكم لفهم الحقيقة وحذف ما هو مشوه ؟
الاجابة:
الحجاب كان أول الإسلام غير مفروض على المرأة وكانت تبدي وجهها وكفيها عند الرجال ، ثم شرع الله سبحانه وتعالى الحجاب للمرأة وأوجب ذلك عليها صيانة لها من نظر الرجال الأجانب إليها وحسماً لمادة الفتنة بها وذلك بعد نزول آية الحجاب وهي قوله تعالى في سورة الأحزاب : -(وإذَا سألْتُمُوهُنّ مَتَاعاً فَاسألُوهُنّ مِن وَرَاءِ حِجابٍ ذلِكُمْ أطهرُ لِقُلوبِكم وقُلُوبِهِنّ )- [الأحزاب : الآية ، والآية المذكورة وإن كانت(5/1369)
نزلت في زوجات النبي صلى الله عليه وسلم ، فالمراد منها هن وغيرهن في النساء لعموم العلة المذكورة والمعنى وذلك مثل قوله سبحانه في السورة نفسها : -( وقَرْنَ في بُيُوتِكُنّ ولا تبرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجاهِليَّةِ الأُولى وأقِمْنَ الصَّلاة َ وآتينَ الزَّكاةَ وأطِعْنَ الله ورسولَه)- [ الأحزاب : 33] الآية . فإن هذه الآية تعمهن وغيرهن بالإجماع ، ومثل قوله عز وجل في سورة الأحزاب أيضاً : -( يَاأَيّها النِّبِيُّ قُل لأزواجِكَ وبَنَاتِكَ ونِسَاءِ المُؤمِنِينَ يُدْنِينَ عليهِن من جلابِيبهِنَّ ذلك أدنى أن يُعرَفْنَ فلا يُؤذيْنَ وكان اللهُ غفوراً رحيماً )- [الأحزاب: 59]الآية وأنزل الله في ذلك أيضاً آيتين أخريين في سورة النور وهما قوله تعالى : -( وقُل للمؤمِناتِ يغْضُضْنَ من أبصارِهِنّ ويحفظنَ فُرُوجَهنّ ولا يبدين زِينَتُهنّ إلا ما ظَهر منها ولْيضرِبْنَ بِخُمُرهنّ على جيوبهنّ ولا يُبدينَ زينتَهُنّ إلا لِبُولَتِهنّ أو آباءِ آبائِهنّ بعولتهن )- [النور : 31] الآية ، والبعولة هم الأزواج ، والزينة هي المحاسن والمفاتن والوجه أعظمها وقوله سبحانه : -(إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا )-(النور: من الآية31) المراد به الملابس في أصح قولي العلماء كما قاله الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، لقوله تعالى : -(وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ )-(النور: من الآية60) ، ووجه الدلالة من هذه الآية على وجوب تحجب النساء وهو ستر الوجه وجميع البدن عن الرجال غير المحارم وأن الله سبحانه وتعالى رفع الجناح عن القواعد اللاتي لا يرجون نكاحاً وهن العجائز إذا كن غير متبرجات بزينة ، فعلم بذلك أن الشابات يجب عليهن الحجاب وعليهن جناح في تركه ، وهكذا العجائز المتبرجات بزينة عليهن أن يتحجبن لأنهن فتنة ثم إنه سبحانه أخبر في آخر الآية أن استعفاف القواعد غير المتبرجات خير لهن وما ذاك إلا لكونه أبعد لهن من الفتنة ، وقد ثبت عن عائشة وأختها أسماء رضي الله عنهما ، ما يدل على وجوب ستر المرأة وجهها عن غير المحارم ولو كانت في حال الإحرام كما ثبت عائشة (ر) ، ما يدل على أن كشف الوجه للمرأة كان في أول الإسلام ثم نسخ بآية الحجاب وبذلك تعلم أن حجاب المرأة أمر قديم من عهد النبي صلى الله عليه وسلم قد فرضه الله سبحانه وليس من عمل الأتراك ، أما مشاركة النساء للرجال في كثير الأعمال على عهد النبي صلى الله عليه وسلم كعلاج الجرحى وسقيهم في حال الجهاد ونحو ذلك فهو صحيح مع التحجب والعفة والبعد عن أسباب الريبة كما قالت أم سليم رضي الله عنها : كنا نغزو مع النبي صلى الله عليه وسلم فنسقي الجرحى ونحمل الماء ونداوي المرضى هكذا كان عملهن لا عمل النساء اليوم في كثير من الأقطار ـ التي يدعي أهلها الإسلام ـ اللائي اختلطن بالرجال في مجالات العمل متبرجات مبتذلات فآل الأمر إلى تفشي الرذيلة وتفكك الأسر وفساد المجتمع ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم ، ونسأل الله أن يهدي الجميع صراطه المستقيم وأن يوفقنا وإياك وسائر إخواننا للعلم النافع والعمل به إنه خير مسؤول (1) .
(1) مجلة البحوث الإسلامية فتوى الشيخ ابن باز 22/111
ـــــــــــــــــــ
حكم السفور في بلاد الكفار
الفتاوي الجامعة للمرأة > كتاب اللباس والزينة > باب الحجاب وكشف الوجه(5/1370)
وسئل سماحة الشيخ عبد العزيز ابن باز :
في أوقات سفرنا إلى خارج المملكة هل يجوز أن أكشف وجهي وأرمي الحجاب لأننا بعنا عن بلدنا ولا أحد يعرفنا لأن والدتي تعمل المستحيل وتحرض والدي على أن يجبرني على كشف وجهي لأنهم يعتبرونني عندما أغطي وجهي أنني ألفت النظر إليهم ؟
الاجابة:
لا يجوز لك ولا لغيرك السفور في بلاد الكفار كما لا يجوز ذلك في بلاد المسلمين بل يجب الحجاب عن الرجال الأجانب سواء كانوا مسلمين أو كفار بل وجوبه عن الكفار أشد لأنه لا إيمان لهم يحجزهم عن ما حرم الله ولا يجوز لك ولا لغيرك طاعة الوالدين وغيرهما في فعل ما حرم الله ورسوله ، والله سبحانه يقول في كتابه المبين في سورة الأحزاب : -(وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ و)-(الأحزاب: من الآية53) فبين سبحانه وتعالى في هذه الآية الكريمة أن تحجب النساء عن الرجال غير المحارم أطهر لقلوب الجميع وقال سبحانه في سورة النور : -( وقُل للمؤمنات يَغضُضْنَ من أبصارِهنّ ويحفظنَ فُرُجِهنّ )- [ النور 31] إلى أن قال سبحانه:-( ولا يُبدينَ زينتهنّ إلا لِبُعُولتِهنّ أو آبائِهن أو آباءِ بعولتهن)-[ النور : 31] ( 1).
(1) كتاب فتاوى الدعوة للشيخ ابن باز ج 1/189
ـــــــــــــــــــ
إزالة اللبس في حكم كشف الوجه
الفتاوي الجامعة للمرأة > كتاب اللباس والزينة > باب الحجاب وكشف الوجه
سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين :
ما هو جوابكم على حديث العروسة التي قدمت لخطيبها مشروباً كاشفة عن وجهها بحضور النبي صلى الله عليه وسلم مع العلم بأن الحديث في صحيح مسلم ؟
الاجابة:
هذا الحديث وأمثاله مما ظاهره أن نساء الصحابة رضي الله عنهن ، يكشفن وجوههن هذا ينزل على ما قبل الحجاب ، لأن الآيات الدالة على وجوب الحجاب للمرأة كانت متأخرة في السنة السادسة من الهجرة وكان النساء قبل ذلك لا يجب عليهن ستر وجوههن وأيديهن ، فكل النصوص التي ترد يمكن أن تحمل على هذا ولكن قد ترد أحاديث فيها ما يدل على أنها بعد الحجاب فهذه هي التي تحتاج إلى جواب ، مثل : حديث المرأة الخثعمية التي جاءت تسأل النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان الفضل بن العباس رديفاً له في حجة الوداع فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه ، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يصرف وجه الفضل بن العباس إلى الشق الآخر . وقد استدل بهذا من يرى أن المرأة يجوز لها كشف الوجه ، وهذا الحديث بلا شك من الأحاديث المتشابهة التي فيها احتمال الجواز ، وفيها احتمال عدم الجواز .أما احتمال الجواز فظاهر ، وأما احتمال عدم الدلالة على الجواز فإننا نقول : هذه المرأة محرمة والمشروع في حق المحرمة أن يكون وجهها مكشوفاً ولا نعلم أن أحد من الناس ينظر إليها سوى النبي صلى الله عليه وسلم ، والعضل بن العباس ، فأما الفضل بن(5/1371)
العباس فلم يقره النبي صلى الله عليه وسلم وأما النبي صلى الله عليه وسلم فإن الحافظ ابن حجر – رحمه الله- ذكر أن النبي صلى عليه وسلم يجوز له من النظر إلى المرأة والخلوة بها ما لا يجوز لغيره كما جاز له أن يتزوج المرأة بدون مهر ، وبدون ولي ، وأن يتزوج أكثر من أربعة ، والله عز وجل قد فسح له بعض الشيء في هذه الأمور لأنه أكمل الناس عفة ، ولا يمكن أن يرد على النبي (ص) ما يرد على غيره من الناس من احتمال ما لا ينبغي أن يكون في حق ذوي المروءة . وعلى هذا فإن القاعدة عند أهل العلم أنه إذا وجد الاحتمال بطل الاستدلال ، فيكون هذا الحديث من المتشابه والواجب علينا في النصوص المتشابهة أن نردها إلى النصوص المحكمة الدالة دلالة واضحة على أنه لا يجوز للمرأة أن تكشف وجهها ، وأن تكشف المرأة وجهها من أسباب الفتنة والشر ، والأمر كما تعلمون ظاهر في البلاد التي رخص للنساء فيها بكشف الوجوه ، فهل اقتصر النساء اللاتي رخص لهن بكشف الوجوه على كشف الوجه . الجواب : لا بل كشف الوجه والرأس والرقبة والنحر والذراع والساق والصدر أحياناً ، وعجز هؤلاء أن يمنعوا نساءهم مما يعترفون بأنه منكر ومحرم وإذن فتح باب الشر للناس فثق إنك إن فتحت مصرعاً فسوف ينفتح مصاريع كثيرة ، وإذا فتحت أدنى شيء فسيشيع حتى لا يستطيع الراقع أن يرقعه فالنصوص الشرعية والمسوغات العقلية كلها تدل على وجوب ستر المرأة وجهها وإني لأعجب من قوم يقولون : إنه يجب على المرأة أن تستر قدمها ويجوز لها أن تكشف كفيها ، فأيهما أولى بالتستر أليس الكفان لأن نعومة الكف وحسن أصابع المرأة وأناملها في اليدين أشد جاذبية من ذلك في الرجلين وأعجب من قوم يقولون إنه يجب على المرأة أن تستر قدميها ويجوز أن تكشف وجهها فأيهما أولى بالستر هل من المعقول أن نقول إن الشريعة الإسلامية الكاملة التي جاءت من لدن حكيم خبير توجب على المرأة أن تستر القد م ، وتبيح لها أن تكشف الوجه ؟ الجواب : أبداً هذا تناقض ، لأن تعلق الرجال بالوجوه أكثر بكثير من تعلقهم بالأقدام ما أظن أحداً يقول للخاطب الذي أوصاه أن يخطب له امرأة يا أخي أبحث عن قدميها أهي جميلة أم غير جميلة فيترك الوجه فهذا مستحيل بل أول ما يوصيه به هو البحث عن الوجه فهذا مستحيل فإذن محل الفتنة هو الوجه . وكلمة ( عورة ) لا تعني أيها الاخوة أنها الفرج يستحيا من إخراجه أو من كشفه وإنما نقول عورة أي أن تستر لأنه يعور المرأة بالفتنة بالتعلق بها . وإني لأعجب من قوم يقولون : إنه لا يجوز للمرأة أن تخرج شعرات أو أقل من شعر رأسها ، ثم يقولون: يجوز أن تخرج الحواجب الدقيقة الجميلة والأهداب الظليلة السوداء والأحجاب الرقيقة المفرقة ، المقرونة حسب رغبة الناس ، فهذه لا بأس ولا مانع من إظهارها ؟ثم ليت الأمر ليقتصر على إخراج هذا الجمال وهذه الزينة ، بل في الوقت الحاضر يجمل بشتى أنواع المكياج من أحمر وغيره . أنا أعتقد أن أي إنسان يعرف مواضع الفتن ورغبات الرجال لا يمكنه إطلاقاً أن يبيح كشف الوجه مع وجوب ستر القدمين وينسب ذلك إلى شريعة هي أكمل الشرائع وأحكمها . ولهذا رأيت لبعض المتأخرين القول بأن علماء المسلمين اتفقوا على وجوب ستر الوجه لعظم الفتنة كما ذكره صاحب نيل الأوطار عن ابن رسلان قال : لأن الناس عندهم الآن ضعف إيمان والنساء عند كثير منهن عدم العفاف وكان الواجب أن يستر هذا(5/1372)
الوجه حتى لو قلن بإباحته فإن حال المسلمين اليوم تقتضي القول بوجوب ستره ، لأن المباح إذا كان وسيلة إلى محرم صار محرماً تحريم الوسائل. وإني لأعجب أيضاً من دعاة السفور بأقلامهم وما يدعون إليه اليوم وكأنه أمر واجب تركه الناس بل قد نقول إنه لو كان أمراً واجباً تركه الناس . ما صارت هذه الأقلام
لتحرر هذه الكلمات وتدعو إليه فإذا كان هذا القول بأنه جائز إنما هو من باب المباح ، فكيف نسوغ لأنفسنا أن ندعو ونحن نرى عواقبه الوخيمة في من قالوا بهذا القول . والإنسان يجب عليه أن يتقي الله قبل أن يتكلم بما يقتضيه النظر ، وهذه من المسائل التي تفوت كثيراً من طلبة العلم ، يكون عند الإنسان علم نظري ويحكم بما يقتضيه هذا العلم النظري دون أن ينظر إلى أحوال الناس ونتائج القول . عمر بن الخطاب – (ر) – كان أحياناً يمنع من شيء أباحه الشارع جلباً للمصلحة ، كان الطلاق في عهد النبي صلى الله وسلم ، وفي عهد أبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة ، أي أن الرجل إذا طلق زوجته ثلاثاً بكلمة واحدة جعلوا ذلك واحداً أو بكلمات متعاقبات على ما اختار شيخ الإسلام ابن تيمية وهو الراجح فإن هذا الطلاق يعتبر واحداً لكن لما كثر هذا في الناس قال أمير المؤمنين عمر : إن الناس قد تعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم ، فأمضاه عليهم ومنعهم من مراجعة الزوجات ، لأنهم تعجلوا هذا الأمر وتعجله حرام . أقوال:حتى لو قلنا بإباحة كشف الوجه فإن الأمانة العلمية والرعاية المبنية على الأمانة تقتضي ألا نقول بجوازه في هذا العصر الذي كثرت فيه الفتن ، وأن نمنعه من باب تحريم الوسائل مع أن الذي يتبين من الأدلة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، أن كشف الوجه تحريم المقاصد لا تحريم الوسائل ، وان تحريم كشفه أولى من تحريم كشف القدم أو الساق أو نحو ذلك ( 1). * * *
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) دروس وفتاوي الحرم المكي للشيخ ابن العثيمين 3/219.
ـــــــــــــــــــ
كشف الوجه والكفان
الفتاوي الجامعة للمرأة > كتاب اللباس والزينة > باب الحجاب وكشف الوجه
سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء :
جاء في حديث الرسول (ص) أن المرأة إذا بلغت المحيض لا يجوز أن يظهر منها إلا الكفان والوجه فهذا هو الحجاب فهل هناك أحاديث تدل على النقاب ؟
الاجابة:
هذا الحديث رواه أبو داود في باب ما تبدي المرأة من زينتها من سننه قال : حدثنا يعقوب بني كعب الأنطاكي ومؤمل بن الفضل الحراني قالا : حدثنا الوليد عن سعيد بن بشير عن قتادة عن خالد قال يعقوب ابن دريك عن عائشة رضي الله عنها أن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها ثياب رقاق فأعرض عنها رسول الله (ص) قال : *( يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا ) *وأشار إلى وجهه وكفيه ، وهو حديث مرسل لأن خالد بن دريك لم يدرك عائشة رضي الله عنها وفي سنده سعيد ابن بشير(5/1373)
الأسدي ويقال البصري أيضاً لأنه أصله من البصرة وثقه بعض علماء الحديث وضعفه أحمد وابن المديني والنسائي والحاكم أبو احمد وأبو داود وقال محمد بن عبد الله بن نمير : منكر الحديث ليس بشيء وليس بقوي الحديث يروى عن قتادة المنكرات وقال ابن حبان : كان رديء الحفظ فاحش الغلط يروي عن قتادة ما لا يتابع عليه وقال الساجي : حدث عن قتادة بمناكير وقد روى هذا الحديث عن قتادة ثم إن قتادة مدلس وقد روى هذا الحديث عن خالد بن دريك يعني وفيه الوليد وهو ابن مسلم وكان يدلس تدليس التسوية وكان رفاعاً وبذلك يتضح ضعف هذا الحديث من وجوه .(1)
ــــــــــــــ (1)مجلة البحوث الإسلامية 21/68.
ـــــــــــــــــــ
وجه المرأة عورة
الفتاوي الجامعة للمرأة > كتاب اللباس والزينة > باب الحجاب وكشف الوجه
وسئلت اللجنة الدائمة للإفتاء :
هل يعتبر وجه المرأة عورة ؟
الاجابة:
نعم وجه المرأة عورة على الصحيح من قولي العلماء . (1)
(1) مجلة البحوث الإسلامية 24/75
ـــــــــــــــــــ
ما يباح للمرأة إظهاره للمحارم
الفتاوي الجامعة للمرأة > كتاب اللباس والزينة > باب الحجاب وكشف الوجه
وسئلت اللجنة الدائمة للإفتاء :
ماهي الزينة التي أباح الله للمرأة أن تبديها لأقاربها ؟
الاجابة:
ما يجوز للمرأة أن تبديه من زينتها لمحارمها غير زوجها فهو وجهها وكفاها وخلخالها وقرطاها وأساورها وقلادتها ومواصفها ورأسها وقدماها .(1)
(1) مجلة البحوث الإسلامية 24/75
ـــــــــــــــــــ
كشف الوجه عند الأقارب غير المحارم
الفتاوي الجامعة للمرأة > كتاب اللباس والزينة > باب الحجاب وكشف الوجه
سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين :
إخوان متزوجان ويسكنان في شقة واحدة ، فهل يجوز كشف الزوجتين لوجهيهما أمام بعضهما البعض علماً بأنهما مستقيمان ؟
الاجابة:
العائلة إذا سكنت جميعاً أن تحجب المرأة على من ليس بمحرم لها ، فزوجة الأخ لا يجوز أن تكشف لأخيه ، لأن أخاه بمنزلة رجل الشارع بالنسبة والمحرمية ولا يجوز أيضا أن يخلو أخوه بها إذا خرج أخوه من البيت وهذه مشكلة يعاني منها كثير من الناس مثل أن يكون إخوان في بيت واحد أحدهما متزوج ، فلا يجوز لهذا المتزوج(5/1374)
أن يبقي زوجته عند أخيه إذا خرج للعمل أو للدراسة لأن النبي (ص) قال : *( لا يخلون رجل بامرأة )* ، وقال : *( إياكم والدخول على النساء ) قالوا : يا رسول الله : أرأيت الحموـ والحمو أقارب الزوج ـ قال : الحمو الموت)* . ودائماً يقع السؤال عن جريمة فاحشة الزنى في مثل هذه الحال : يخرج الرجل وتبقى زوجته وأخوه في البيت فيغويهم الشيطان ويزني بها ـ والعياذ بالله ـ يزني بحليلة أخيه وهذا أعظم من الزنى بحليلة جاره ؛ بل إن الأمر أفظع من هذا على كل حال أريد أن أقول كلمة أبرأ بها عند الله من مسئوليتكم : إنه لا يجوز للإنسان أن يبقي زوجته عند أخيه في بيت واحد مهما كانت الظروف حتى لو كان الأخ من أوثق الناس وأصدق الناس وأبر الناس فإن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم والشهوة الجنسية لا حدود لها ، لا سيما مع الشباب . ولكن كيف نصنع إذا كان أخوان في بيت واحد وأحدهما متزوج ؟ هل معناه إذا أراد أن يخرج ومعه زوجته إلى العمل ؟ الجواب : لا ، ولكن يمكن أن يقسم البيت نصفين : نصف يكون للأخ عند انفراده ، ويكون فيه باب يغلق بمفتاح يكون مع الزوج يخرج به معه وتكون المرأة في جانب مستقل من البيت والأخ في جانب مستقل ، لكن قد يحتج الأخ على أخيه ويقول : لماذا تفعل هذا ؟ ألا تثق بي ؟ فالجواب : أن يقول له أنا فعلت ذلك لمصلحتك لأن الشيطان من ابن آدم مجرى الدم فربما يغويك وتدعوك نفسك قهراً أو قصراً عليك فتغلب الشهوة على العقل ، وحين إذن تقع في المحظور ، فكوني أضع هذا الشيء حماية لك هو من مصلحتك كما إنه من مصلحتي أنا ، وإذا غضب من أجل هذا فليغضب ولا يهمك . هذه المسألة أبلغكم إياها تبرؤاً من مسئولية كتمها وحسابكم على الله عز وجل . أما بالنسبة لكشف الوجه فإنه حرام ولا يجوز للمرأة أن تكشف لأخ زوجها لأنه أجنبي منها ، فهو منها كرجل الشارع تماماً (1).
(1) دروس وفتاوى الحرم المكي للشيخ العثيمين 3/217
ـــــــــــــــــــ
حكم منع الزوجة من ارتداء الحجاب
الفتاوي الجامعة للمرأة > كتاب اللباس والزينة > باب الحجاب وكشف الوجه
وسئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين :
رجل متزوج وله أبناء وزوجة تريد أن ترتدي الزي الشرعي وهو يعارض ذلك فما تنصحونه بارك الله فيكم ؟
الاجابة:
إننا ننصحه أن يتقي الله ـ عز وجل ـ في أهله وأن يحمد الله عز وجل أن يسر له مثل هذه الزوجة التي تريد أن تنفذ ما أمر الله به من اللباس الشرعي الكفيل بسلامتها من الفتن وإذا كان الله عز وجل قد أمر عباده المؤمنين أن يقوا أنفسهم وأهليهم النار في قوله تعالى : -(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)- (التحريم:6) وإذا كان النبي (ص) ، قد حمل الرجل المسؤولية في أهله فقال : -( الرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته )- فكيف يليق بهذا الرجل أن يحاول إجبار زوجته على أن تدع الزي الشرعي في اللباس إلى زي محرم يكون سبباً للفتنة بها(5/1375)
ومنها فليتقي الله تعالى في نفسه وليتقي الله في أهله وليحمد الله على نعمته أن يسر له مثل هذه المرأة الصالحة ، وأما بالنسبة لزوجته فإنه لا يحل لها أن تطيعه في معصية الله أبداً لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق (1)
(1) دروس وفتاوى الحرم المكي للشيخ ابن عثيمين
ـــــــــــــــــــ
حكم اطالة المرأة لثوبها ذراع
الفتاوي الجامعة للمرأة > كتاب اللباس والزينة > باب الحجاب وكشف الوجه
وسئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين :
إطالة المرأة لثوبها هل هو على سبيل الاستحباب أم الوجوب؟وهل وضع الشراب على القدمين يكفي مع قصر الثوب بحيث لا يظهر شيء من الساق ؟ وكيف تطيل المرأة ثوبها ذراعاً تحت الكعب أم تحت الركبة ؟
الاجابة:
الجواب : مطلوب من المرأة المسلمة ستر جميع أجزاء جسمها عن الرجال ، ولذلك رخص لها في إرخاء ثوبها قدر ذراع من أجل ستر قدميها ، بينما نهى الرجال عن إسبال الثياب تحت الكعبين ، مما يدل على أنه مطلوب من المرأة ستر جسمها كاملاً ، وإذا لبست الشراب كان ذلك من باب زيادة الاحتياط في الستر ، وهو أمر مستحسن ، ويكون ذلك مع إرخاء الثوب كما ورد في الحديث ( 1 )
(1) دروس وفتاوى الحرم المكي للعثيمين
ـــــــــــــــــــ
التسويف في لبس الحجاب
الفتاوي الجامعة للمرأة > كتاب اللباس والزينة > باب الحجاب وكشف الوجه
وسئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين :
إنني شابة مسلمة دخل الإيمان في قلبي منذ صغري لأني نشأت في عائلة محافظة ومتدينة أؤدي الصلوات في أوقاتها ولا أخطو خطوة واحدة إلا جعلت الله أمام عيني وأفكر كثيراً مع نفسي في يوم الحساب وأخاف عقاب الله ومع ذلك لم ألبس الحجاب مع إني دائماً أفكر بلبس الحجاب مستقبلاً فهل جزائي في الآخر ة هو النار ؟
الاجابة:
إن هذا السؤال تضمن مسألتين : المسألة الأولى : ما وصفت به نفسها من استقامة على دين الله عز وجل لكونها نشأت في بيئة صالحة وهذا الوصف الذي وصفت به نفسها إن كان الحامل لها على ذلك التحدث بنعم الله عز وجل وأن تجعل من ذلك الإخبار وسيلة للإقتداء بها فهذا قصد حسن تؤجر عليه ولعلها تدخل في ضمن قوله تعالى : -(وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ)- (الضحى:11). وقال النبي (1) : -( من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة )- وإن كان الحامل لها على ذلك تزكية النفس والإطراء والإدلال بعملها على ربها فهذا مقصود سيئ خطير ولا أظنها تريد ذلك إنشاء الله . أما المسألة الثانية فهي : تفريطها بالحجاب كما ذكرت عن نفسها وتسأل هل تعذب على ذلك بالنار في الآخر ة ؟ والجواب عن ذلك : أن كل من عصى الله عز وجل بمعصية لا تكفرها الحسنات فإنه على خطر فإن(5/1376)
كانت شركاُ وكفراً مخرجاً من الملة العذاب محقق لمن أشرك بالله وكفر قال تعالى : -(إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ )-(النساء: من الآية48) وإن كان دون ذلك أي دون الكفر المخرج عن الملة وهو من المعاصي التي لا تكفرها الحسنات فإنه تحت مشيئة الله عز وجل إن شاء غفر له وإن شاء عذبه ، والحجاب الذي يجب على المرأة أن تتخذه هو أن تستر جميع بدنها عن غير زوجها ومحارمها لقول الله تعالى : -(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ )-(الأحزاب: من الآية59) والجلباب هو الملاءة أو الرداء الواسع الذي يشمل جميع البدن فأمر الله تعالى نبيه أن يقول لأزواجه وبناته ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن حتى يسترن وجوههن ونحورهن . وقد دلت الأدلة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، والنظر الصحيح والميزان على أنه يجب المرأة أن تستر وجهها عن الرجال الأجانب الذين ليسوا من محارمها وليسوا من أزواجها وأن لا تضرب برجلها حتى يعلم ما تخفي من زينتها من الخلخال ونحوه وأن هذا واجب فإن وجوب ستر الوجه أوجب وأعظم وذلك لأن الفتنة الحاصلة بكشف الوجه أعظم بكثير من الفتنة الحاصلة بظهور شعر من شعرة رأسها أو ظفر رجليها . وإذا تأمل العاقل المؤمن هذه الشريعة وحكمها وأسرارها تبين أنه لا يمكن أن تلزم المرأة بستر الرأس والعنق والذراع والساق والقدم ثم تبيح للمرأة أن تخرج كفيها ووجهها المملوء جمالاً وتحسيناً فإن ذلك خلاف الحكم ومن تأمل ما وقع فيه الناس اليوم من التهاون في ستر الوجه الذي أدى إلى أن تتهاون المرأة في ما وراءه حيث تكشف رأسها وعنقها ونحرها وذراعها وتمشي في الأسواق بدون مبالاة في بعض البلاد الإسلامية علماً بأن الحكمة تقتضي أن على النساء ستر وجوههن . فعليك أيتها المرأة أن تتقي الله عز وجل وأن تحتجبي الحجاب الواجب الذي لا تكون معه فتنة بتغطية جميع البدن عن غير الأزواج والمحارم (1) * * *
(1) فتاوى نور على الدرب للشيخ العثيمين 2/69 الطبعة الأولىالتبرج والسفور
الفتاوي الجامعة للمرأة > كتاب اللباس والزينة > باب الحجاب وكشف الوجه
وسئل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم :
ما حكم سفور المرأة وخروجها بين الرجال الأجانب ؟
الاجابة:
الحمد لله لا يخفى عن عمل المسلمين ونساء النبي (ص) ونساء الصحابة في عهده (ص) وعهد خلفاءه الراشدين والسلف الصالح أن المرأة لا تخرج سافرة والنصوص الشرعية من الكتاب والسنة وأقوال سلف الأمة ومن بعدهم عن هذا كثيرة وقد أمر الله نساء المؤمنين )- ُيُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ)-(الأحزاب: من الآية59) وفسره ابن عباس وغيره تغطية الوجه عن الرجال الأجانب ولم يضع الجناح في ترك الحجاب إلا عن القواعد بشرط عدم التبرج فقال تعالى -( والقَواعِدُ من النساءِ اللاّتي لا يَرْجُون نِكاحاً فليس عليهِنّ جُناحٌ أن يَضعْنَ ثِيابَهُنَّ غير مُتبرِّجاتٍ بزينةٍ)- [سورة النور:60] وقال (ص) : *" المرأة عورة "* والعورة يجب سترها كلها ولا يجوز كشف شئ منها وحكى ابن المنذر الإجماع على أن المرأة المحرمة تغطي رأسها(5/1377)
وتستر شعرها وتسدل الثوب على وجهها سدلاً خفيفاً تستتر به عن نظر الرجال الأجانب وحكى ابن رسلان اتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه ولو تتبعنا كل ما ورد في هذا لطال الكلام وفي هذا كفاية لمن كان قصده الحق . (1) . * * *
(1) فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن ابراهيم 10/23
ـــــــــــــــــــ
حكم الإستهزاء بالحجاب
الفتاوي الجامعة للمرأة > كتاب اللباس والزينة > باب الحجاب وكشف الوجه
سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء :
ما هو حكم من يستهزئ بمن ترتدي الحجاب الشرعي وتغطي وجهها وكفيها؟
الاجابة:
من يستهزئ بالمسلم أو المسلمة من أجل تمسكه بالشريعة الإسلامية فهو كافر سواء كان ذلك في احتجاب المسلمة احتجاباً شرعياً أم في غيره لما رواه عبد الله بن عمر (ر)قال رجل في غزوة تبوك في مجلس ما رأيت مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطوناً ولا أكذب ألسناً ولا أجبن عند اللقاء . فقال رجل : كذبت ولكنك منافق لأخبرن رسول الله (ص). فبلغ رسول الله (ص). ونزل القرآن فقال عبد الله بن عمر : وأنا رأيته متعلقاً بحقب ناقة رسول الله (ص). تنكبه الحجارة وهو يقول : يا رسول الله إنما كنا نخوض ونلعب ورسول الله (ص)يقول : -(أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ [65] لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ)- [التوبة : 65 ، 66] فجعل استهزاءه بالمؤمنين استهزاء بالله وآياته ورسوله وبالله التوفيق . (1) * * *
(1) مجلة البحوث الإسلامية 21/72
ـــــــــــــــــــ
اتق الله ما استطعت
الفتاوي الجامعة للمرأة > كتاب اللباس والزينة > باب الحجاب وكشف الوجه
سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين :
أنا فتاة حائرة أعيش في عائلة سيطرت عليها مفاهيم الشعوذة وكنت أرتدي الحجاب فتعرضت لهجوم شديد واستهزاء أسرتي وصل إلى حد الضرب ومنعوني من الخروج من المنزل فاضطررت لترك الحجاب ولبس رداء طويل ولكن وجهي مكشوف فماذا أفعل هل أترك المنزل ووحوش البشر كثيرون ؟ أرجو الإفادة .
الاجابة:
هذا السؤال يتضمن مسألتين : معاملة أهل لها هذه المعاملة السيئة معاملة قوم : إما جاهليين بالحق أو مستكبرين عنه ، وهي معاملة وحشية لأنهم ليس لهم الحق فيها فالحجاب ليس بعيب ولا سوء أدب الإنسان حر في حدود الشرع . فإن كانوا لا يعلمون أن الحجاب واجب على المرأة فيجب أن يعلموا أن ذلك واجب بالكتاب والسنة أما إن كانوا عالمين ولكنهم مستكبرون فالمصيبة أعظم كما قال القائل : فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم أما المسألة الثانية : فهي(5/1378)
بالنسبة لهذه الفتاة فنقول لها إن الواجب عليها أن تتقي الله ما استطاعت فإن أمكن لها استعمال الحجاب دون أن يشعر أهلها فعلت أما إن ضربوها وأكرهوها على خلعه فلا ذنب عليها لقوله تعالى : -(مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ)- (النحل:106) وقوله تعالى : -(وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً)-(الأحزاب: من الآية5) . ولكن اتق الله ما استطعت وإذا كان أهلها لا يدركون حكمة فرض الحجاب على النساء فتقول لهم : إن الواجب على المؤمن أن ينقاد لأمر الله ورسوله سواء أدرك حكمة هذا الأمر أم لم يدركها لأن الانقياد نفسه حكمة قال تعالى : -(وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً)- (الأحزاب:36) ولهذا لما سئلت عائشة (ر) ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة ؟ فقالت : كان يصيبنا ذلك على عهد الرسول (ص) فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة فجعلت مجرد الأمر هو الحكمة ومع ذلك فحكمة الحجاب ظاهرة لأن كشف محاسن المرأة سبب للفتنة فإذا وقعت الفتنة وقعت المعاصي والفحشاء وإذا سادت المعاصي والفحشاء فذلك عنوان على الدمار والهلاك . ( 1) * * *
(1) فتاوى المرأة 1/75
ـــــــــــــــــــ
على مسلمات هذه البلدة عدم طاعة أولياء الأمور
الفتاوي الجامعة للمرأة > كتاب اللباس والزينة > باب الحجاب وكشف الوجه
سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين :
صدر قرار من السلطات العليا ببلدتي الإسلامية لإجبار الفتيات وجميع النساء على خلع الحجاب وبالأخص غطاء الرأس ، هل يجوز لي تنفيذ ذلك علماً بأن من يرفض ذلك ترصد له العقوبات كالرفت من العمل أو المدرسة أو السجن ؟
الاجابة:
هذا البلاء الذي حدث في بلدتك هو من الأمور التي يمتحن بها العبد ، والله سبحانه وتعالى يقول : -(أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ)- (العنكبوت:2))َولَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ) (العنكبوت:3) فالذي أرى أنه يجب على المسلمات في هذه البلدة أن يأبين طاعة أولي الأمور في هذا الأمر ، لأن طاعة ولي الأمر في الأمر المنكر مرفوضة قال تعالى)- َياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ )-(النساء: من الآية59) لو تأملت الآية لوجدت أن الله قال -(َأطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ )- (النساء: من الآية59) ولم يكرر الفعلة الثالثة مع أولي الأمر فدل على أن طاعة ولاة تابع لطاعة الله وطاعة الرسول . فإذا كان أمرهم مخالفاً لطاعة الله ورسوله فإنه لا سمع لهم ولا طاعة فيما أمروا به فيما يخالف طاعة الله ورسوله ( ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ) . وما يصيب النساء من الأذى في هذه الناحية فإنه من الأمور التي يجب الصبر عليها والاستعانة بالله تعالى على الصبر(5/1379)