تُعَدُّ بأصابِعِ اليدِ الواحدة ، مِمّن دخلْنَ مجالَ التّقديم التلفزيوني ، ويُجْرُون معهنّ المقابلات ، وكأنّ ما هم فيهِ إنجازٌ فريد ، وشجاعة ، واختراق لحواجزِ العادات والتقاليد ..!! ، .. سبحان الله .. ، آللهُ أمَرَ بهذا ؟؟ ، كان الأجدرُ بهم أن يناقِشوا حقَّها في ألاّ تعيشَ التّناقُض بين الإسلام والواقِعِ الإعلامي المؤلم ، لكنّهم .. ، حفِظَكِ اللهُ مِن شرِّهِم ، على العكْسِ مِن ذلك ، يستغِلُّون بعضَ التّصريحاتِ الرّسميّةِ العامّة ، كتلك التي عقّبت على اتفاقيّاتِ الأمم المُتّحِدة للقضاء على جميعِ أشكالِ التّمييز ضِدّ المرأة ، ليجُسُّوا النّبْضَ لموضوعِ ضرورةِ استِحداثِ "فِقْهٍ مُعاصِر وجديد لقضايا المرأة" ينسجِمُ مع مُعطَياتِ العصْرِ الحديث ، والعولمة ، وتغَيُّرِ الزّمان ، .. هذا ما يحومونَ حولَه بلا مللٍ ولا كلل ، إنّ أقلَّ النّاسِ ذكاءً يُمكِنُهُ أن يلْحظَ فيهِم ذلك النّفَسَ العَلْماني الذي لا يرى للشّرْعِ مُطلقَ الحقِّ في اتّخاذِ القرار في شئونِ المرأة ، سبحان الله .. ما أهونَ الشّرعَ في نفوسِهِم ، وما أشدَّ حِرْصِهِم على تزْهيدِ النّاسِ في الشّرْع ، وما أجْرؤهُم على الخوْضِ في مسائلِهِ وأحكامِهِ التي لا تُعجِبُهُم ، وادِّعائهِم زوراً وبُهتاناً أنّها ليست من الشّرْعِ وإنّما هي عاداتٌ وتقاليد يُمْكِنُ الاستغناءُ عنها بكُلِّ سهولةٍ ، (حفِظَ اللهُ المسلمين من شرورِهِم) .
ذكرت إحدى التّائبات في رسالةٍ لها (وقد تصرّفْتُ بالرّسالةِ قليلاً لطولِها) قالت :
أختي الكريمةُ .. يا رعاكِ الله ، إنّ قُطّاعَ الطّريقِ مِن شياطينِ الإنسِ والجِنِّ كثيرون ، كلٌّ منهم مُتَربِّصٌ بك ، يُحاوِلُ أن ينتزِعَ قِطعةً مِن إيمانِكِ ، كلٌّ منهم يُحاوِلُ أن يُضْعِفَ الصِّلةَ بينكِ وبينَ ربِّك ، كلٌّ منهم يُحاوِلُ إن يُخرجَكِ مِن بيتِكِ ، كلٌّ منهم يحاولُ أن يَنزِعَ حِجابَكِ ، أو على الأقلّ .. أنْ يُفْقِدَهُ وظيفَتَهُ التي شُرِعَ مِن أجلِها ، يُحاوِلُ أن يجعلَ حِجابَكِ زِيَّ إغراءٍ وفِتنة ، يُحاوِلُ أن يجعلَ حِجابَكِ نِقْمَةً عليكِ ووبالاً يومَ القيامة ، بدَلَ أن يكونَ رِفْعةً لكِ عندَ اللهِ وقُرْبةً إليه ، كلٌّ منهم يقومُ بهذه المُحاولاتِ ، بِشتّى الطُّرُقِ المغرية ، وبكُلِّ مَكْرٍ ودَهاء ، كلٌّ منهم يُحاوِلُ أن يقْطعَ عليكِ الطّريقَ ، طريقَ الهِداية ، طريقَ الفوْز ، طريقَ النّجاة ، .. فهناكَ مَن ذَكَرْتُ آنِفاً ، وهناك التليفزيون ، مغسَلَةُ الأدمِغةِ والأخلاق ، ببرامِجه ، ومُسلْسلاتِه ، وأفْلامِه ، .. فيه نفْعٌ ضئيلٌ يسير ، ومُعظَمُهُ شرٌّ مُستطير ، والبدائلُ مُمْكِنة ، ولكنّها ضعيفة ، وغيرُ مُقنِعة ، ولذلك فإنّها تستدْعي صبْرَكِ ، وتستدْعي عامِلاً مُهِمّاً آخر .. بل هو الأهمّ ، تستدعي حُبَّكِ لِرَبِّكِ ، وقُرْبَكِ مِنه ، وتقديمَ محابِّهِ ومرْضاتِهِ على أهوائكِ وشهواتِك ، ..إنّ قُطّاعَ الطّريقِ كثيرون ، فهُناكَ الرّفيقاتُ غيرُ الصّالِحات ، الرّفيقاتُ .. اللاّتي لا يزِدْنَكِ مِن اللهِ إلاّ بُعْداً ، الرّفيقاتُ اللاّتي يفْتَحْنَ لكِ أبوابَ المَعصِية ويُغْرِينَكِ بالدُّخُولِ فيها ، ويُزَيِّنَّ لكِ ما يُسْخِطُ اللهَ عليكِ مِنَ الأزياء ، وأنماطِ السّلوك ، ويُنْسِينَكَ الحسابَ والعِقاب ، فاحْذريهِنّ أشدَّ الحذر ، أشدَّ الحذرِ أقول .. واستبْدليهِنّ بالرّفيقاتِ الصّالحات الصّادِقات ، حفِظَني اللهُ وإيّاكِ مِن سوءِ العاقِبة
(( ويوم يعضّ الظالمُ على يديه ، يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا * يا ويلتى ليتني لم اتخذ فلانا خليلا * لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطانَ للإنسانِ خذولا ))
إنّ قُطّاعَ الطّريقِ كثيرون أختي العفيفة ، فهناك البيئةُ حولَك ، البيئةُ .. من الأهْلِ والمعارف ، وصعوبةِ الهدايةِ الرّاشِدةِ في أكنافِهم أحياناً ، دون التّعرُّضِ للسُّخريةِ(5/500)
والغمْزِ والّلمْز ، فاصبري على ما أصابَكِ مِن ذلك ، ..وهناك البيئةُ حولَكِ من اللّقاءاتِ غيرِ الهادِفة ، التي تَكْثُرُ فيها الغِيبة ، ويكثُرُ فيها الحديثُ عن الدُّنيا ، وبُيوتاتِ الأزياءِ والموضات ، والقيلُ والقال ، ولا يُذكَرُ اللهُ فيها إلاّ قليلا ، البيئةُ المليئةُ بأنواعِ الحَفَلاتِ ، والسّهَراتِ ، والسّفْرات ، ومُسْتَلْزماتِها مِنَ الزِّينة ، والفْخْرِ والخُيلاء ، وغِشيانِ الأسواقِ بصورةٍ مُستَمِرّة ، والاهتمامِ الشّديدِ بالدُّنيا وزينتِها وزُخْرُفِها ، وصرْفِ الأموالِ الكثيرةِ الكثيرةِ في هذه السّبيل ، البيئةُ التي تغرِقُكِ في الغفلةِ ونسيانِ الآخرةِ ، ونُدْرةِ التّفكير في الموْت القريب ، والتّفكيرِ في القبرِ ونعيمِه وعذابِه ، ونُدْرةِ التفكيرِ في الحسابِ والعقاب ، والنّارِ والعذاب ، والجنّةِ والثّواب ، البيئةُ .. التي لا تزيدُ قلبَكِ إلاّ قسْوةً فوقَ قسْوة ، هذه البيئة .. تقطعُ عليكِ الطّريقَ إلى الله ، وتُنسيكِ الغايةَ مِن وجودِكِ في هذه الحياة والتي تحدّثنا عنها في الوقفةِ الأولى ، .. هذه البيئةُ أختي العفيفة .. هذّبيها ، واعتدِلِي في التّعامُلِ معها ، ولا تجعليها تَطْغى على حياتِكِ على حِسابِ الآخرة ، لا تجعليها تَطْغى على حُبِّكِ لله .. ، لا تجعليها تَطْغى على حُبِّكِ لله ..
وأخيراً أختي العفيفة .. احذري مِن قُطّاعِ الطّريق ، احذري منهم على دينِك ، وعلى عقلِكِ ، وعلى أخلاقِكِ ، وعلى مبادئكِ العقَديّة ، واحذري مِن أن تكوني مُشارِكةً ، أو موافِقةً لهم في أيِّ مُنكرٍ قوليٍّ أو عمليّ ، وقدّمي رِضا اللهِ على رِضا النّاس ، واحرِصي أن تجعلي من حُبِّكِ للهِ ، وحُبِّكِ لما يُحِبُّهُ ويرضاه ، دافِعاً ، ووسيلةً لتغييرِ هذا الواقعِ لِيتَوَافَقَ مع هذه المحبّة ، فتسْعدِي حينئذٍ ، ويَسْعَدَ مُجْتَمَعُكِ سعادةً حقيقيّةً في الدّنيا والآخِرة ، إنّهم ، يا رعاكِ الله ، يريدون أن يجعلوا مِنكِ مِعْوَلَ هدْم ، فكوني يَدَ بِناء ، وأبشري بعد ذلك بالفلاح ..
هذه الوَقَفاتُ الثّلاثُ التي وقفنا عليها ، مهمّةٌ في حياتِك وحياةِ كُلِّ مسلمة ، .. قفي عندها مرّةً .. ومرّتين .. وثلاثَ مَرّات ، وتأمّلي طويلاً في واقِعِ حياتِكِ مِن خِلالِها ، فإنّ العُمُرَ يمضي بسُرْعة .. فلا تدَعِيهِ يمضي وأنتِ مِنه في غفْلة ، والموتُ يأتي بغْتة ، فاستعِدّي له مِن هذه اللحظة.. ، أسأل اللهَ تعالى أن يهدِيَنا جميعاً سبُلَ السّلام ، وأن يُخرجَنا مِن الظُّلُماتِ إلى النّور ، وأن يقِيَنا شرَّ كِلِّ ذي شرٍّ ، وأن يُثبِّتَنا وإيّاكِ على الهدى حتّى نلقاه ، إنّه سميعٌ قريبٌ مُجيب ... ، باركَ اللهُ فيكِ ، والسّلامُ عليكِ ورحمةُ اللهِ وبركاتُه ...
ـــــــــــــــــــ
حكم كشف الوجه واليدين للمرأة أمام الرجال الأجانب
يوسف بن عبدالله الأحمد
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد .
فقد اختلف العلماء رحمهم الله في حكم تغطيتهما وكثير من الناس يجهل ويخلط في هذه المسألة ، ولذا لابد من تحرير محل النزاع بين العلماء فيها .
أولاً : محل الخلاف إنما هو الوجه واليدين ، أما ما عداهما فيجب فيها التغطية بالاتفاق ؛ كالقدم ، والساعد ، وشعر الرأس ، كل هذا عورة بالاتفاق .(5/501)
ثانياً : اتفق العلماء على وجوب تغطية الوجه واليدين إذا كان فيهما زينة كالكحل في العين ، والذهب والحناء في اليدين .
ثالثاً : اتفق العلماء على وجوب تغطية الوجه واليدين إذا كان في كشفهما فتنة . وقد نص كثير من العلماء القائلين بأن وجه المرأة ليس بعورة على وجوب تغطية الشابة لوجهها دفعاً للفتنة .
وعليه فإن كشف أكثر النساء اليوم لوجوههن أمر محرم باتفاق العلماء ؛ لكونها كاشفة عن مقدمة الرأس والشعر ، أو لأنها قد وضعت زينة في وجهها أويديها ؛ كالكحل أو الحمرة في الوجه ، أو الخاتم في اليد .
فمحل الخلاف إذاً بين العلماء هو الوجه واليدين فقط ، إذا لم يكن فيهما زينة ، ولم يكن في كشفهما فتنة ، واختلفوا على قولين : الوجوب والاستحباب . فالقائلون بأن وجه المرأة عورة قالوا بوجوب التغطية ، والقائلون بأن وجه المرأة ليس بعورة قالوا يستحب تغطيته .
ولم يقل أحد من أهل العلم إن المرأة يجب عليها كشف وجهها ، أو أنه الأفضل . إلا دعاة الفتنة ومرضى القلوب .
أما العلماء فإنهم لما بحثوا المسألة بحثوا عورة المرأة ؛ هل الوجه عورة ؟ أو ليس بعورة . بمعنى هل تأثم المرأة إذا كشفت وجهها أو لا تأثم ؟ أما استحباب تغطية الوجه للمرأة فهو محل اتفاق بين القائلين بأن وجه المرأة ليس بعورة .
ومن العلماء المعاصرين القائلين بأن وجه المرأة ليس بعورة الألباني رحمه الله ، لكنه يقول بالاستحباب ويدعو النساء إلى تغطية الوجه تطبيقاً للسنة حتى قال في كتابه جلباب المرأة المسلمة : " ولقد علمت أن كتابنا هذا كان له الأثر الطيب ـ والحمد لله ـ عند الفتيات المؤمنات ، والزوجات الصالحات ، فقد استجاب لما تضمنه من الشروط الواجب توافرها في جلباب المرأة المسلمة الكثيرات منهن ، وفيهن من بادرت إلى ستر وجهها أيضاً ، حين علمت أن ذلك من محاسن الأمور ، ومكارم الأخلاق ، مقتديات فيه بالنساء الفضليات من السلف الصالح ، وفيهن أمهات المؤمنين رضي الله عنهن " انتهى كلامه رحمه الله . ( جلباب المرأة المسلمة ص26 )
وأردت بهذا أن يتميز كلام العلماء القائلين بأن وجه المرأة ليس بعورة ، وبين دعاة الرذيلة .
فإن العلماء لم يدعُ واحد منهم إلى أن تكشف المرأة وجهها ، بل أقل ما قيل بينهم إن التغطية هو الأفضل. بخلاف دعاة السوء الذين يطالبون بكشف المرأة لوجهها . وما الذي يَضُرهم ، و ما الذي يُغيظهم من تغطية المرأة لوجهها ؟! إنه سؤال يحتاج منا إلى جواب . نسأل الله الكريم أن يحفظ نساء المسلمين من كيدهم .
وأعود مرةً أخرى إلى محل النزاع في حكم تغطية المرأة لوجهها ويديها هل هو واجب أو مستحب ؟ الراجح من قولي العلماء وجوب تغطية المرأة لوجهها ويديها أمام الرجال الأجانب .
والأدلة على ذلك كثيرة منها :(5/502)
الدليل الأول : قوله تعالى : " وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن " ( النور 30) .
فالله جل وعلا يقول ( ولا يبدين زينتهن ) وقد استقر في فطر الناس أن أعظمَ زينة في المرأة هو وجهها ، ولذلك فإن أهم ما يراه الخاطب هو الوجه ، وكذلك الشعراء حاضراً وقديماً في غرض الغزل ، فالوجه أعظم مقياس عندهم للفتنة والجمال .
وقد اتفق العلماء على وجب ستر المرأة لقدمها وشعرها أمام الرجال الأجانب ؛ فأيهما أعظم زينة الوجه واليدين أم القدم ؟! ، و لاشك بأن الوجه واليدين أعظم في الزينة وأولى بالستر .
بل قد جعل الله ضرب المرأة بقدمها الأرض أثناء مشيها لسماع الرجال صوت الخلخال من الزينة المحرم ابداؤها كما في الآية التي تليها ( ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن ) (النور 31) وكشف المرأة لوجهها ويديها أمام الرجال الأجانب أعظم زينة من سماعهم لصوت خلخالها ، فوجوب ستر الوجه واليدين ألزم وأوجب .
الدليل الثاني : حديث ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان) . أخرجه الترمذي بإسناد صحيح ( الإرواء 1/303) (وأصل الاستشراف: وضع الكف فوق الحاجب ورفع الرأس للنظر. والمعنى أن المرأة إذا خرجت من بيتها طمع بها الشيطان ليغويها أو يغوي بها).
وهذا الحديث نص في أن المرأة كلها عورة ولم يستثن النبي صلى الله عليه وسلم منها شيء .
الدليل الثالث : حديث عائشة رضي الله عنها في قصة الإفك وهم راجعون من غزوة بني المصطلق وقد نزلوا في الطريق فذهبت عائشة لقضاء حاجتها ثم عادت إليهم وقد آذنوا بالرحيل فلم تجد عقدها فرجعت تتلمسه في المكان الذي ذهبت إليه فلما عادت لم تجد أحداً فجلست . وقد حملوا هودجها على البعير ظناً منهم أنها فيه ولم يستنكروا خفة الهودج ؛ لأنها كانت خفيفة حديثة السن.
وكان من فطنتها أن جلست في مكانها الذي كانت فيه ، فإنهم إن فقدوها رجعوا إليها .
قالت رضي الله عنها : فبينما أنا جالسة في منزلي غلبتني عيني فنمت ، وكان صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني من وراء الجيش ، فأصبح عند منزلي فرأى سواد إنسان نائم فعرفني حين رآني وكان رآني قبل الحجاب فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني ، فخمرت " وفي رواية : فسترت " وجهي عنه بجلبابي ...) متفق عليه .
فصفوان بن المعطل رأى سواد إنسان فأقبل إليه . وهذا السواد هو عائشة ـ رضي الله عنها ـ وكانت نائمة ، كاشفة عن وجهها ، فعرفها صفوان ، فاستيقظتْ باسترجاعه ؛ أي بقوله : ( إنا لله وإنا إليه راجعون) فعائشة رضي الله عنها لما قالت ( فعرفني حين رآني ) بررت سبب معرفته لها ولم تسكت فكأن في ذهن السامع إشكال : كيف يعرفها وتغطية الوجه واجب . فقالت : (وكان رآني قبل الحجاب ) .(5/503)
وفي قولها (وكان رآني قبل الحجاب ) فائدة أخرى ، ودليل على أن تغطية الوجه هو المأمور به في آية الحجاب .
ثم قالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ (فخمرت " وفي رواية : فسترت " وجهي عنه بجلبابي ) وقولها هذا في غاية الصراحة .
الدليل الرابع : قول عائشة -رضي الله عنها-: "كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات ، فإذا حاذوا بنا أسدلت إحدانا جلبابها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه” أخرجه أحمد وأبو داود وسنده حسن .
الدليل الخامس : عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت : ( كنا نغطي وجوهنا من الرجال ، وكنا نمتشط قبل ذلك في الإحرام ) إسناده صحيح أخرجه الحاكم وصححه ، ووافقه الذهبي ( انظر الإرواء 4/212) .
ويقول بعض الناس إن النصوص الواردة في تغطية الوجه خاص بزوجات النبي صلى الله عليه وسلم . وهذه الشبهة الضعيفة تروج عند كثير من العامة والجواب عنها أن يقال :
إن الأصل في نصوص الشرع هو العموم إلا إذا دل الدليل على التخصيص ، ولا دليل . هذا أولاً.
ثانياً : أنه قد ثبت عن نساء الصحابة تغطية الوجه كما في أثر أسماء السابق ( كنا نغطي وجوهنا من الرجال) فأسماء ليست من زوجات النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وقولها ( كنا نغطي ) يعم نساء الصحابة .
ثالثاً : أن الأمر بالحجاب ورد مصرحاً به لجميع نساء المؤمنين في قوله تعالى : " يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً ".
وأنقل هنا أقوال بعض العلماء في وجوب تغطية المرأة لوجهها أمام الرجال الأجانب :
قال أبو بكر الرازي الجصاص الحنفي (ت370هـ) في تفسيره لقوله تعالى : ( يدنين عليهن من جلابيبهن ) : " في هذه الآية دلالة على أن المرأة الشابة مأمورة بستر وجهها عن الأجنبيين ، وإظهار الستر و العفاف عند الخروج لئلا يطمع أهل الريب فيهن ".( أحكام القرآن 3/371) .
قال أبو بكر بن العربي المالكي رحمه الله (ت 543هـ) عند تفسيره لقوله تعالى ( وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ) : " و المرأة كلها عورة ؛ بدنها وصوتها ، فلا يجوز كشف ذلك إلا لضرورة أو لحاجة ، كالشهادة عليها ، أو داء يكون ببدنها " (أحكام القرآن 3/616).
قال النووي رحمه الله (ت676هـ) في المنهاج ( وهو عمدة في مذهب الشافعية ) : " و يحرم نظر فحل بالغ إلى عورة حرة كبيرة أجنبية وكذا وجهها وكفها عند خوف الفتنة ( قال الرملي في شرحه : إجماعاً ) وكذا عند الأمن على الصحيح " . قال ابن شهاب الدين الرملي رحمه الله (ت1004هـ) في شرحه لكلام النووي السابق : " و وجهه الإمام : باتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه ، وبأن النظر مظنة الفتنة ، و محرك للشهوة .. وحيث قيل بالتحريم وهو الراجح : حرم(5/504)
النظر إلى المنتقبة التي لا يبين منها غير عينيها و محاجرها كما بحثه الأذرعي ، و لاسيما إذا كانت جميلة ، فكم في المحاجر من خناجر "اهـ (نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج في الفقه على مذهب الشافعي 6/187ـ188) .
قال النسفي الحنفي رحمه الله (ت701هـ) في تفسيره لقوله تعالى : ( يدنين عليهن من جلابيبهن ): " يرخينها عليهن ، و يغطين بها وجوههن وأعطافهن " (مدارك التنزيل 3/79) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (ت728هـ): " وكشف النساء وجوههن بحيث يراهن الأجانب غير جائز. وعلى ولي الأمرِ الأمرُ بالمعروف والنهى عن هذا المنكر وغيره ، ومن لم يرتدع فإنه يعاقب على ذلك بما يزجره " ( مجموع الفتاوى 24 / 382 ) .
قال ابن جزي الكلبي المالكي رحمه الله (ت741هـ) في تفسيره لقوله تعالى : ( يدنين عليهن من جلابيبهن ) : " كان نساء العرب يكشفن وجوههن كما تفعل الإماء ، وكان ذلك داعياً إلى نظر الرجال لهن ، فأمرهن الله بإدناء الجلابيب ليستر بذلك وجوههن " ( التسهيل لعلوم التنزيل 3/144).
قال ابن القيم رحمه الله (ت751هـ) في إعلام الموقعين ( 2/80) : " العورة عورتان : عورة النظر ، وعورة في الصلاة ؛ فالحرة لها أن تصلي مكشوفة الوجه والكفين ، وليس لها أن تخرج في الأسواق و مجامع الناس كذلك ، والله أعلم ".
وقال تقي الدين السبكي الشافعي رحمه الله (ت756هـ) : " الأقرب إلى صنيع الأصحاب أن وجهها و كفيها عورة في النظر " ( نهاية المحتاج 6/187) .
قال ابن حجر في شرح حديث عائشة رضي الله عنها وهو في صحيح البخاري أنها قالت : " لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ ( وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ) أَخَذْنَ أُزْرَهُنَّ فَشَقَّقْنَهَا مِنْ قِبَلِ الْحَوَاشِي فَاخْتَمَرْنَ بِهَا " . قال ابن حجر (ت852هـ) في الفتح (8/347) : " قوله ( فاختمرن ) أي غطين وجوههن " .
قال السيوطي (ت911هـ) عند قوله تعالى : ( يدنين عليهن من جلابيبهن ) : " هذه آية الحجاب في حق سائر النساء ، ففيها وجوب ستر الرأس والوجه عليهن " (عون المعبود 11/158 ) .
قال البهوتي الحنبلي رحمه الله (ت1046هـ) في كشاف القناع ( 1/266) : " الكفان والوجه من الحرة البالغة عورة خارج الصلاة باعتبار النظر كبقية بدنها " .
وغيرهم كثير ولولا خشية الإطالة لنقلت أقوالهم .
وقد قال بوجوب تغطية المرأة لوجهها وكفيها جمع كبير من العلماء المعاصرين ، منهم أصحاب الفضيلة : عبدالرحمن بن سعدي ، ومحمد بن إبراهيم آل الشيخ ، ومحمد الأمين الشنقيطي ، و عبدالعزيز بن عبدالله بن باز ، وأبو بكر جابر الجزائري ، و محمد بن عثيمين ، وعبدالله بن جبرين ، وصالح الفوزان ، وبكر بن عبدالله أبو زيد ـ رحمهم الله ، وحفظ الأحياء منهم ـ وغيرهم كثير .
و أنقل هنا كلام العلامة محمد بن عثيمين . قال رحمه الله بعد أن قرر وجوب تغطية المرأة لوجهها وكفيها : " وإني لأعجب من قوم يقولون : إنه يجب على المرأة أن(5/505)
تستر قدمها ، ويجوز أن تكشف كفيها !! فأيهما أولى بالستر ؟! أليس الكفان ؛ لأن نعمة الكف وحسن أصابع المرأة وأناملها في اليدين أشد جاذبية من ذلك في الرجلين .
وأعجب أيضاً من قوم يقولون : إنه يجب على المرأة أن تستر قدميها ، ويجوز أن تكشف وجهها !! فأيهما أولى بالستر ؟! هل من المعقول أن نقول إن الشريعة الإسلامية الكاملة التي جاءت من لدن حكيم خبير توجب على المرأة أن تستر القدم ، وتبيح لها أن تكشف الوجه ؟! .
الجواب : أبداً هذا تناقض ؛ لأن تعلق الرجال بالوجوه أكثر بكثير من تعلقهم بالأقدام .
( إلى أن قال رحمه الله ) : " أنا أعتقد أن أي إنسان يعرف مواضع الفتن ورغبات الرجال لا يمكنه إطلاقاً أن يبيح كشف الوجه مع وجوب ستر القدمين ، وينسب ذلك إلى شريعة هي أكمل الشرائع وأحكمها .
ولهذا رأيت لبعض المتأخرين القول بأن علماء المسلمين اتفقوا على وجوب ستر الوجه لعظم الفتنة ؛ كما ذكره صاحب نيل الأوطار عن ابن رسلان .. " ( فتاوى المرأة المسلمة 1/403ـ404 ) .
ـــــــــــــــــــ
الحجاب ... إيمان .. طهارة .. تقوى .. حياء .. عفة
إعداد دار القاسم
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وبعد:-
فقد لقيت المرأة المسلمة من التشريع الإسلامي عناية فائقة كفيلة بأن تصون عفتها ، وتجعلها عزيزة الجانب ، سامية المكان ، وإن الشروط التي فرضت عليه في ملبسها وزينتها لم تكن إلا لسد ذريعة الفساد الذي ينتج عن التبرج بالزينة ، وهذا ليس تقييداً لحريتها بل هو وقاية لها أن تسقط في درك المهانة ، ووحل الابتذال ، أو تكون مسرحاً لأعين الناظرين .
فضائل الحجاب
الحجاب طاعة لله عز وجل وطاعة للرسول صلى الله عليه وسلم :
أوجب الله طاعته وطاعة رسول صلى الله عليه وسلم فقال :{ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا } [الأحزاب : 36]
وقد أمر الله سبحانه النساء بالحجاب فقال تعالى :{ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا } [النور : 31]
وقال سبحانه : { وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى } [الأحزاب :33] وقال تعالى :{ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ } [ الأحزاب : 53] وقال تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ } [الأحزاب : 59].
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم :" المرأة عورة" يعني يجب سترها .
الحجاب عفة(5/506)
فقد جعل الله تعالى التزام الحجاب عنوان العفة ، فقال تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ } [الأحزاب : 59]
لتسترهن بأنهن عفائف مصونات { فَلَا يُؤْذَيْنَ } فلا يتعرض لهن الفساق بالأذى، وفي قوله سبحانه { فَلَا يُؤْذَيْنَ } إشارة إلى أن معرفة محاسن المرأة إيذاء لها ولذويها بالفتنة والشر .
الحجاب طهارة
قال سبحانه وتعالى :{ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ } [الأحزاب : 53].
فوصف الحجاب بأنه طهارة لقلوب المؤمنين والمؤمنات لأن العين إذا لم تر لم يشته القلب ، ومن هنا كان القلب عند عدم الرؤية أطهر ، وعدم الفتنة حينئذ أظهر لأن الحجاب يقطع أطماع مرضى القلوب :{ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ } [الأحزاب : 32].
الحجاب ستر
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"إن الله حيي ستير ، يحب الحياء والستر " وقال صلى الله عليه وسلم :" أيما امرأة نزعت ثيابها في غير بيتها خرق الله عز وجل عنها ستره "، والجزاء من جنس العمل .
الحجاب تقوى
قال تعالى : { يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ } [ الأعراف : 26]
الحجاب إيمان
والله سبحانه وتعالى لم يخاطب بالحجاب إلا المؤمنات فقد قال سبحانه وتعالى :{ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ } وقال الله عز وجل { وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ}
ولما دخل نسوة من بني تميم على أم المؤمنين – عائشة رضي الله عنها – عليهن ثياب رقاق قالت :"إن كنتن مؤمنات فليس هذا بلباس المؤمنات ، وإن كنتين غير مؤمنات فتمتعن به ".
الحجاب حياء
قال صلى الله عليه وسلم :" إن لكل دين خلقاً ، وإن خلق الإسلام الحياء" وقال صلى الله عليه وسلم :" الحياء من الإيمان ، والإيمان في الجنة " وقال عليه الصلاة السلام : " الحياء والإيمان قرنا جميعاً ، فإن رفع أحدهما رفع الآخر ".
الحجاب غيرة
يتناسب الحجاب أيضاً مع الغيرة التي جُبل عليها الرجل السوي الذي يأنف أن تمتد النظرات الخائنة إلى زوجته وبناته ، وكم من حرب نشبت في الجاهلية والإسلام غيرة على النساء وحمية لحرمتهن ، قال علي رضي الله عنه :" بلغني أن نساءكم يزاحمن العلوج –أي الرجال الكفار من العجم – في الأسواق ألا تغارون ؟ إنه لا خير فيمن لا يغار ".
قبائح التبرج(5/507)
التبرج معصية لله ورسول صلى الله عليه وسلم
ومن يعص الله ورسوله فإنه لا يضر إلا نفسه ، ولن يضر الله شيئاً ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى "، قالوا : يا رسول الله ومن يأبى ؟ قال :" من أطاعني دخل الجنة ، ومن عصاني فقد أبى ".
التبرج يجلب اللعن والطرد من رحمة الله
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" سيكون في آخر أمتي نساء كاسيات عاريات ، على رؤوسهن كأسنمة البخت ، العنوهن فإنهن ملعونات ".
التبرج من صفات أهل النار
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" صنفان من أهل النار لم أرهما : قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ، ونساء كاسيات عاريات .. " الحديث .
التبرج سواد وظلمة يوم القيامة
رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :" مثل الرافلة في الزينة في غير أهلها ، كمثل ظلمة يوم القيامة لا نور لها "، يريد أن المتمايلة في مشيتها وهي تجر ثيابها تأتي يوم القيامة سوداء مظلمة كأنها متسجدة في ظلمة والحديث – وإن كان ضعيفاً – لكن معناه صحيح وذلك لأن اللذة في المعصية عذاب ، والطيب نتن ، والنور ظلمة ، بعكس الطاعات فإن خلوف فم الصائم ودم الشهيد أطيب عند الله من ريح المسك .
التبرج نفاق
قال النبي صلى الله عليه وسلم :" خير نسائكم الودود الولود ، المواسية المواتية ، إذا اتقين الله ، وشر نسائكم المتبرجات المتخيلات وهن المنافقات لا يدخلن الجنة إلا مثل الغراب الأعصم "، الغراب الأعصم : هو أحمر المنقار والرجلين ، وهو كناية عن قلة من يدخل الجنة من النساء لأن هذا الوصف في الغربان قليل .
التبرج تهتك وفضيحة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" أيما امرأة وضعت ثيابها في غير بيت زوجها ، فقد هتكت ستر ما بينها وبين الله عز وجل ".
التبرج فاحشة
فإن المرأة عورة وكشف العورة فاحشة ومقت قال تعالى :{ وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءنَا وَاللّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء} [الأعراف:28]
والشيطان هو الذي يأمر بهذه الفاحشة { الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء}[البقرة:268]
التبرج سنة إبليسية
إن قصة آدم مع إبليس تكشف لنا مدى حرص عدو الله إبليس كشف السوءات ، وهتك الأستار ، وأن التبرج هدف أساسي له ، قال تعالى :{ يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا} [الأعراف:27]
فإذن إبليس هو صاحب دعوة التبرج والتكشف ، وهو زعيم زعماء ما يسمي بتحرير المرأة .
التبرج طريقة يهودية(5/508)
لليهود باع كبير في مجال تحطيم الأمم عن طريق فتنة المرأة وهم أصحاب خبرة قديمة في هذا المجال ، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم :" فاتقوا الدنيا واتقوا النساء ، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء ".
التبرج جاهلية منتنة
قال تعالى : { وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى } [الأحزاب :33]
وقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم دعوى الجاهلية بأنها منتنة أي خبيثة فدعوى الجاهلية شقيقة تبرج الجاهلية، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :"كل شيء من أمر الجاهلية موضوع تحت قدمي "، سواء في ذلك تبرج الجاهلية ، ودعوى الجاهلية ، وحمية الجاهلية .
التبرج تخلف وانحطاط
إن التكشف والتعري فطرة حيوانية بهيمية ، لا يميل إليه الإنسان إلا وهو ينحدر ويرتكس إلى مرتبة أدنى من مرتبة الإنسان الذي كرمه الله ، ومن هنا كان التبرج علامة على فساد الفطرة وانعدام الغيرة وتبلد الإحساس و موت الشعور :
لحد الركبتين تشمرينا *** بربك أي نهر تعبرين
كأن الثوب ظلٌ في صباح *** يزيد تقلصاً حيناً فحينا
تظنين الرجال بلا شعور *** لأنكِ ربما لا تشعرينا
التبرج باب شر مستطير
وذلك لأن من يتأمل نصوص الشرع وعبَر التاريخ يتيقن مفاسد التبرج وأضراره على الدين والدنيا ، لا سيما إذا انضم إليه الاختلاط المستهتر .
فمن هذه العواقب الوخيمة :
* تسابق المتبرجات في مجال الزينة المحرمة ، لأجل لفت الأنظار إليهن .. مما يتلف الأخلاق والأموال ويجعل المرأة كالسلعة المهينة .
ومنها : فساد أخلاق الرجال خاصة الشباب ودفعهم إلى الفواحش المحرمة . ومنها : المتاجرة بالمرأة كوسيلة للدعاية أو الترفيه في مجالات التجارة وغيرها .
ومنها : الإساءة إلى المرأة نفسها باعتبار التبرج قرينة تشير إلى سوء نيتها وخبيث طويتها مما يعرضها لأذية الأشرار والسفهاء .
ومنها : انتشار الأمراض لقوله صلى الله عليه وسلم :" لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا ".
ومنها : تسهيل معصية الزنا بالعين : قال عليه الصلاة والسلام : " العينان زناهما النظر " وتعسير طاعة غض البصر التي هي قطعاً أخطر من القنابل الذرية والهزات الأرضية .قال تعالى :{ وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا}[الإسراء:16]، وجاء في الحديث : "أن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعذاب ".
فيا أختي المسلمة :(5/509)
هلا تدبرت قول الرسول صلى الله عليه وسلم :" نَحِ الأذى عن طريق المسلمين " فإذا كانت إماطة الأذى عن الطريق من شعب الإيمان فأيهما أشد شوكة ... حجر في الطريق ، أم فتنة تفسد القلوب وتعصف بالعقول ، وتشيع الفاحشة في الذين آمنوا ؟
إنه ما من شاب مسلم يُبتلى منك اليوم بفتنة تصرفه عن ذكر الله وتصده عن صراطه المستقيم – كان بوسعك أن تجعليه في مأمن منها – إلا أعقبك منها غداً نكال من الله عظيم .
بادري إلى طاعة الله ، ودعي عنك انتقاد الناس ، ولومهم فحساب الله غداً أشد وأعظم .
الشروط الواجب توفّرها مجتمعه حتى يكون الحجاب شرعياً .
الأول: ستر جميع بدن المرأة على الراجح .
الثاني: أن لا يكون الحجاب في نفسه زينة .
الثالث: أن يكون صفيقاً ثخيناً لا يشف .
الرابع: أن يكون فضفاضاً واسعاً غير ضيق .
الخامس: أن لا يكون مبخراً مطيباً .
السادس : أن لا يشبه ملابس الكافرات .
السابع : أن لا يشبه ملابس الرجال .
الثامن : أن لا يقصد به الشهرة بين الناس .
احذ ري التبرج المقنع
إذا تدبرت الشروط السابقة تبين لك أن كثيراً من الفتيات المسميات بالمحجبات اليوم لسن من الحجاب في شيء وهن اللائي يسمين المعاصي بغير اسمها فيسمين التبرج حجاباً ، والمعصية طاعة .
لقد جهد أعداء الصحوة الإسلامية لو أدها في مهدها بالبطش والتنكيل ، فأحبط الله كيدهم ، وثبت المؤمنين و المؤمنات على طاعة ربهم عز وجل . فرأوا أن يتعاملوا معها بطريقة خبيثة ترمي إلى الانحراف عن مسيرتها الربانية فراحوا يروجون صوراً مبتدعة من الحجاب على أن أنها "حل وسط " ترضي المحجبة به ربها –زعموا- وفي ذات الوقت تساير مجتمعها وتحافظ على " أناقتها "!
سمعنا وأطعنا
إن المسلم الصادق يتلقى أمر ربه عز وجل ويبادر إلى ترجمته إلى واقع عملي ، حباً وكرامة للإسلام واعتزازا ً بشريعة الرحمن ، وسمعاً وطاعة لسنة خير الأنام صلى الله عليه وسلم غير مبال بما عليه تلك الكتل الضالة التائهة ، الذاهلة عن حقيقة واقعها والغافلة عن المصير الذي ينتظرها .
وقد نفى الله عز وجل الإيمان عمن تولى عن طاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم فقال: { وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (47) وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم مُّعْرِضُونَ } [النور:47،48] إلى قوله { إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ {51} وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} [النور : 51،52 ](5/510)
وعن صفية بنت شيبة قالت : بينها نحن عند عائشة –رضي الله عنها – قالت : فذكرت نساء قريش وفضلهن ، فقالت عائشة –رضي الله عنها -:" إن لنساء قريش لفضلاً ، وإني والله ما رأيت أفضل من نساء الأنصار أشد تصديقاً لكتاب الله ، ولا إيماناً بالتنزيل ، لقد أنزلت سورة النور { وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ } [النور : 31] فانقلب رجالهن إليهن يتلون ما أنزل الله إليهن فيها ، ويتلو الرجل على امرأته وابنته وأخته وعلى كل ذي قرابته ، فما منهن امرأة إلا قامت إلى مرطها المرحل ( أي الذي نقش فيه صور الرحال وهي المساكن ) فاعتجرت به ( أي سترت به رأسها ووجهها ) تصديقاً وإيماناً بما أنزل الله في كتابه ، فأصبحن وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم معتجرات كأن على رؤوسهن الغربان " وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه .
ـــــــــــــــــــ
متى نزلت آية الحجاب ؟
أبو عبد الله الذهبي
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله ، ثم أما بعد :-
فهذه مقالة قديمة لي أحببت إعادة نشرها لتعم الفائدة .. وكانت عبارة عن سؤال تقدم بها أحد الإخوة من أمريكا يستفسر فيها عن آية الحجاب وما يتعلق بها من أحكام .. فكان الجواب كالتالي والله الموفق ..
الراجح و الله أعلم أن نزول آيات الحجاب في سورة الأحزاب{ يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ ..الآية }
[ الأحزاب/59 ] كان قبل نزول آيات سورة النور{ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ ..الآية} [النور/31] ، حيث ابتدأ تشريعه بسورة الأحزاب ، و انتهى بسورة النور ، ولا خلاف في أن سورة الأحزاب نزلت عند غزوة الأحزاب ، فإن كانت غزوة الأحزاب قبل غزوة بني المصطلق ، فمعناه أن أحكام الحجاب في الإسلام بدأت بالتعليمات التي وردت في سورة الأحزاب و تممت بالأحكام التي وردت في سورة النور .
إشكال و الجواب عنه ..
يقول ابن سعد إن غزوة بني المصطلق وقعت في شعبان في سنة خمس ، و وقعت بعدها غزوة الأحزاب أو غزوة الخندق في ذي القعدة من السنة نفسها . الطبقات ( 2/63- 65 ) .
و أكبر شهادة تؤيد ابن سعد في هذا البيان أن الطرق المروية عن عائشة بشأن قصة الإفك قد جاء في بعضها ذكر المجادلة بين سعد بن عبادة و سعد بن معاذ .
و يقول ابن إسحاق في الجانب الآخر : إن غزوة الأحزاب وقعت في شوال من سنة خمس ، و غزوة بني المصطلق في شعبان من سنة ست . سيرة ابن هشام ( 3/ 165 ) .
و يؤيد ابن إسحاق في هذا البيان ما ورد عن عائشة و غيرها من الروايات المعتمد بها و هي أكثر قوة و كثرة ، و تدل هذه الروايات على أن أحكام الحجاب كانت قد نزلت قبل قصة الإفك ، أي في سورة الأحزاب ، و توضح الروايات أن النبي صلى(5/511)
الله عليه وسلم كان قد تزوج بزينب بنت جحش رضي الله عنها قبل ذلك في ذي القعدة من سنة خمس ، و جاء ذكره في سورة الأحزاب ، كما تفيد هذه الروايات أن حمنة أخت زينب بنت جحش قد شاركت في رمي عائشة رضي الله عنها ، لأنها ضرة أختها ، و الظاهر أنه لابد من أن تمضي مدة من الزمن و لو يسيرة على صلة الضرارة بين امرأتين حتى تنشأ في القلوب مثل هذه النزاعات ، فهذه الأمور كلها مما يؤيد رواية ابن إسحاق و يقويها .
و ما هناك شيء يمنعنا قبول رواية ابن إسحاق إلا مجيء ذكر سعد بن معاذ في زمن الإفك ، و كان سعد بن معاذ – كما تفيد جميع الروايات المعتمد بها – ممن قتل في غزوة بني قريظة التي تلت غزوة الأحزاب ، فمن المستحيل أن يكون سعد بن معاذ حياً سنة ست .
إلا أن هذه المشكلة تزول بأن الروايات المروية عن عائشة جاء في بعضها ذكر سعد بن معاذ ، و في بعضها الآخر ذكر أسيد بن حضير مكان سعد ، و الرواية الأخيرة تتفق تمام الاتفاق مع الحوادث المروية عن عائشة في شأن قصة الإفك ، و إلا فلو سلمنا أن تكون غزوة بني المصطلق و قصة الإفك وقعتا قبل غزوة الأحزاب و غزوة بني قريظة لمجرد أن نجعلهما تتفقان مع حياة سعد بن معاذ في زمن الإفك ، لاستحال علينا أن نجد حلاً لمشكلة عظيمة أخرى : و هي أنه من اللازم إذن أن تكون آية الحجاب و نكاح زينب قد وقعتا قبل غزوة بني المصطلق و قصة الإفك ، مع أن القرآن والروايات الصحيحة تشهد بأن نكاح زينب والآية التي فيها حكم الحجاب من الحوادث الواقعة بعد غزوة الأحزاب و غزوة بني قريظة ، فبناءً على ذلك قطع ابن حزم في جوامع السيرة ( ص 147) و ابن القيم في زاد المعاد ( 3 /269) ، و غيرهما من العلماء المحققين بصحة رواية ابن إسحاق ، و رجحوها على رواية ابن سعد ، و ما ذهب إليه هؤلاء الأعلام من أن نزول آيات الحجاب في سورة الأحزاب كان قبل قصة الإفك و قبل آيات الحجاب في سورة النور ، و هو الأظهر ، و الله أعلم .
ـــــــــــــــــــ
يا وردةً .. من قطاف العفاف
أم سمية
... إهداء ....
إلى أمي الحنونة .... وابنتي الغالية
و درتي المصونة .... و زهرتي اليانعة
إلى من هي نصف المجتمع .... وتلد النصف الآخر فهي كل المجتمع !
إليكِ أيتها المسلمة
أكتب هذه الكلمات بحبرٍ من دمي .. وعلى ورقٍ من قلبي .. وأغلفها بحبي وإخلاصي .. وأقدمها بصدقي ووفائي
فتقبليها مني .. وتجاوزي عن زللي الذي ما هو إلا من نفسي الضعيفة والشيطان .
المخلصة / أم سمية
مقدمة(5/512)
الحمد لله وحده..والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، محمد ابن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين ..... وبعد ...
فإن الناظر إلى حجاب فتياتنا - في هذا الزمن المكتض بالفتن – ليتفطر قلبه ألماً .. وتذرف عينه دماً .. ويهتز كيانه دهشةً وحزناً !!
فما عاد الحجاب حجاباً .. ولا عاد الغطاء ستراً .. ولا الخمار حَصَاناً ..!
تألمت لحال فتيات الإسلام وفكرت في مآلهن – إن بقين على ما هن عليه الآن – فحزن قلبي أشد الحزن .. وبكت عيني ، وتفطّر فؤادي بهذه الكلمات ...
خرجت لتُخرِج معها – بإذن الله – من ضَلَلَن الطريق ، و أضعن الحقوق ، وانبهرن بزينة الدنيا .. ونسين - أو أنساهن الشيطان - ما للمؤمنات القانتات في أعالي الجنات !!
أسأل الله الكريم الرحيم أن يرد بهذه الكلمات من أعرضت عن ذكره إلى الصراط المستقيم ، ويهدي بها من جهلت الحق المبين ، ويلين بها قلوب العاصيات الزائغات عن هدي رب العالمين.
آمين
أم سمية
أيتها الدرة المكنونة .. والجوهرة المصونة .. واللمسة الحنونة ..
يا من ملأ حبك أركاني .. و حاز شأنك جلّ اهتمامي .. و بمظهركِ الفاتن طار عقلي واختلّ اتزاني !
غادر الكرى عيني ؛ وقطّع الحزن قلبي ؛ وعبث الهم بأشجاني ..
فلم يخطر لي ببال .. ولم أتوقع هذه الحال !
لم أتوقّع أختي الحبيبة أن تجري خلف العدو ليقتلك .. ولم أتصوّر أن تحدّي شفرته ليسيل على يده دمك ، ومن ثَمّ دم أحبابك وأبناء دينك !!
ربما تعجبتِ من كلماتي .. ولم ترُق لكِ عباراتي ، وقد تقولين : كيف قتلني عدوّي ولم أزل أستنشق عبير الحياة وقلبي ينبض بحبها ؟!؟
وكيف أجرى العدو دمي ولم أرَ دماً ولا سكيناً ؟!!
فأقول لكِ أختي الحبيبة ...
تذكري أن عدونا – نحن المسلمين – هو الكافر وأعوانه وأولياؤه وأصحابه ، لم يستطيعوا مواجهتنا بالسلاح الحسيّ ( السيف والرصاص ) فهم أعرف بمدى قوتنا وشجاعتنا ، وتاريخهم يذكرهم بجند الله الذين يقاتلون معنا فلا نراهم ولكن يرونهم هم فتطير عقولهم فزعاً .. وتنخلع قلوبهم خوفاً من كثرة الجند وقوتهم !!
عجزوا عن مواجهتنا بهذا النوع من السلاح ، فبدأوا بغزوهم الفكري ، وقد نجحوا وأسقطوا عدداً من القتلى .. فوا أسفي على بني قومي ويا حزني على كرامتهم ..!
وإن أعظم وأقوى سلاح استخدموه في حربهم هذه هو ( المرأة العربية المسلمة ) فدعوها إلى السفور والتبرج ليفتنوا بها شباب الإسلام ويصرفوا قلوبهم عن إليها لتخلوا من الإيمان وحب الرحمن ، إلى حب شهوات الدنيا الفانية والتعلّق بجمالها الزائف ، وبذلك تخور العزائم .. وتضعف الهمم .. ويجبن الشجعان !!(5/513)
بدأوك بالموضة والأزياء وكل جديد جذاب ، وتدرّجوا معكِ شيئاً فشيئاً وأنتِ تنفذين ما يمليه عليكِ أعداؤكِ دون أن تشعرين ..! وهذا معنى قولي لكِ : ( لم أتوقّع أن تجري خلف العدو ليقتلكِ ، ولم أتصوّر أن تحدّي شفرته ليسيل على يده دمك ) !
يؤسفني - أختي الكريمة – أن أُعلِمكِ عن أناس من بني جلدتنا ، ويأكلون معنا ، ويمشون في أسواقنا ، وينتسبون لديننا .. ولكن قلوبهم لعدونا وعدوهم موالية .. وأقلامهم وكلمتهم تعشق الغربي الكافر ، وأجسامهم و مظاهرهم تحاكي مظهر الكافر الشقي الذي لم يسعد في دنياه ولن يفرح في أخراه .. والعياذ بالله أن نكون كهؤلاء .
أختي الحبيبة ...
إن الناظر إلى حال نساء زماننا يتفطّر قلبه ألماً وحسرة .. وتدمع عينه حزناً وقهراً .. فقد أصبح حجابهن زينة ، وسترهن تفسّخ وعريّ ، متّبعات في ذلك الخريطة التي رسمها أعداؤنا من الشرق والغرب ..!
فهل عرفنا في الإسلام عباءةً مطرّزة ..؟.. وهل سمعنا بطرحةِ مزركشة ..؟.. أم هل رأينا في تاريخ الإسلام غطاء وجهٍ شفاف ؟!!
إنه والله أمرٌ يتقطّع له نياط القلب ويندى من هوله الجبين ..
فالإسلام فرض الحجاب لحكمةِ عظيمة .. وفوائد جسيمة ..
الحجاب عبادة فيها السعادة .. وجمال يفوق كل جمال .. وراحة تنسي كل راحة !!
فرض الله الحجاب ليستر المرأة عن الأجانب ، بل عن أعدائها من الجنس الآخر ، ليحميها من ذئاب البشر .. وأعداء العفاف والطهر ، ليحفظها من أعين الماكرين الخائنين .. ويرفعها عن مستنقعات العار وأوحال الرذيلة !
حجب الإسلام المرأة عن الرجال كي تبقى درةً غالية ، وجوهرة مصونة ، لا تعبث بها أيدي السارق ، ولا تطولها عين الغادر ...
حجب الإسلام المرأة لتبقى عزيزةً نظيفة ، عفيفةً شريفة ، ويتمناها التقي ، ويخشاها الشقي !
فقد قال بعض أهل الفساد عندما سئلوا عن نظرتهم للفتاة المتحجبة : نحن نخشى الاقتراب من الفتاة المحجبة ، ونستحي من النظر إليها مع كونها محجبة حجاباً كاملاً ولا يظهر منها ظفر ! فنبتعد عن طريقها ، و نغار عليها من نظرات الرجال وكأنها أخت لنا أو أم أو قريبة !
سبحان الله !! هذا كلام ذئاب البشر عن الفتاة المحجبة .. فما بالكِ أختي الحبيبة بكلام الأتقياء الأنقياء الشرفاء ..؟
إنهم يدعون لكل فتاة محجبة بأن يحفظها الله من كل سوء ، وأن يثبتها على صراطه المستقيم .. وأن ييسر لها الخير حيث يكون ، ويصرف عنها الشر مهما يكون ..
بل إن بعضهم ليفتخر بها ويعتز بحجابها ويتمنى أن تكون زوجته أو أبنته أو أخته !
فالحجاب عزة وفخر للمرأة والرجل معاً .. ولم يكن الحجاب يوماً منقصةً أو مذلةً أو ظلماً .
بل إن الإسلام أعزّ المرأة بالحجاب وصانها بالخمار وحفظها بالغطاء ..(5/514)
المرأة المسلمة المحجبة كالملكة في بيتها،وكالسيدة في قومها..لا تمشي إلا بمعية حارسها الشخصي !! يرافقها في السوق والمستشفى والشارع،ويوصلها إلى عملها – إن كانت عاملة – ويحميها و يحرسها من الكلمات والنظرات المؤذية .
يمشي معها بعزةٍ وفخر ... وتمشي معه بطمأنينةٍ وأمان ..!
فهي لا تخشى على نفسها من كيد الأعداء لأنها محجبة – والحجاب شعار العفاف والطهر- وبوجود حارسها يحميها ويحفظها بحفظ الله ...
يحرسها أبوها أو أخوها أو زوجها أو ابنها أو أحد محارمها الذين سرَتْ نار الغيرة في عروقهم .. وتمشّت بين شرايينهم ودمائهم .
فلن يسمحوا لأحد بالاقتراب منها أو الحديث معها ،، فأي سعادة وراحة وحرية أكثر من هذه ؟! وتذكري أختي الحبيبة ...
أن من تركت الحجاب فقد عصَت رب الأرباب ، وتنازلت عن الشرف والعفاف ، وعرضَت نفسها لأشرار الذئاب – ظانَّةً – أنها أجمل امرأة في أعينهم ، وما علمَت أنها كالحلوى المكشوفة لا يأخذها إلا الحشرات والهوام !! أما الإنسان العزيز النظيف لا يرضى بأن يأخذ هذه الحلوى لأنه يعلم أنها لم تبقَ مكشوفةً إلا لقذارتها وفسادها ومرور الدواب عليها ..!
فالمرأة كتلك الحلوى .. إن بقيت محجبة مصونة رغبها كل من رآها ، و إن كانت متبرجة متفسخة عافها الكل ولم يأتها إلا حشرات البشر ليأخذوا منها أنظف ما فيها وأعز ما تحمله ثم يتركونها ملقاةً على الأرض تدوسها الأقدام .. ويتأفف منها الكرام !
فهل ترضين هذا لنفسكِ أختي الحبيبة ؟.. هل ترضين المذلة والسقوط؟
أم الرفعة والعزة والكرامة ؟
أمامك طريقان فاختاري أحدهما .. فإما نجاة وإما عذاب في الدنيا والآخرة !!
أختي الغالية ...
قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ) .
فتأملي معي كيف بدأ الله بزوجات وبنات محمد صلى الله عليه وسلم .. بدأ بالعفيفات الطاهرات ، الصالحات الزاهدات .. أمرهن بالحجاب والجلباب ، ونهاهن عن التكشف والتبرج وهن أمهات المؤمنين وسيدات نساء الجنة ، ومن أمِرنَ بالتحجّب والتستر عنهم هم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم أجمعين .. أصحاب القلوب الطاهرة والنفوس العفيفة ..!!
فما بالكِ أخيتي برجال ونساء زماننا ؟!!
ما بالكِ بمن يقضون ساعات طوال أمام قنوات الفساد والدمار وتشبعت قلوبهم بحب الشهوات المنكرات ، وطارت عقولهم شوقاً إلى لقاء حبيبة ، أو رؤية جميلة ، أو سماع صوت خليلة !!
فو الذي نفسي بيده إن الأمر بالحجاب ليشتدّ ويغلّظ في زماننا هذا ، وإن مسئوليتك أمام الله عظيمة لأنك موضع فتنة - وهي أعظم فتنة على أمة محمد صلى الله عليه(5/515)
وسلم - قال عليه الصلاة والسلام :" ما تركت بعدي فتنةً أشدّ على الرجال من النساء " .
وقلوب الرجال في هذا الزمان مريضة – إلا من رحم ربي ، وقليل ما هم – وأعينهم تصول وتجول في مجتمعات النساء ، ونفوسهم تتوق إلى الشر والفساد .. ثم تأتي الفتاة المتبرجة السافرة عن محاسنها لتأجج نار الفتنة في صدورهم وتساعدهم على الاقتراب منها ، والوقوع معها في مستنقعات الفساد والعار ، وفي النهاية يخرج ذلك الشاب من مستنقعه ليغسل ما به من قاذورات ونجاسات بماء التوبة ويعيش حياته من جديد - هذا إن كان له قلب حيّ يخشى عذاب الله – أما أنتِ أيتها المسكينة فستبقين عاراً على نفسك و أهلك ولن يغفر لك المجتمع زلتك ، أو يتجاوز عن جريمتك .. حتى لو غسلتِ قلبكِ بماء التوبة والرجوع إلى الله .. فمن سيغسل جسدك مما أصابه من خراب ودمار ؟؟!
أظنكِ فهمتِ ما أرمي إليه فانتبهي قبل فوات الأوان ، وقبل أن تقعي فتندمي .. ولن ينفع ساعتها ندم ولا بكاء ، ولا حزن ولا دموع ...!
( وإن العاقل الذي يتأمل ما وصل إليه حال النساء اليوم ليحترق أسى ، ويذوب حياءً ، ويكتوي لوعةً ، ويلتهب حرقة !.. حق للقلوب المؤمنة أن تتقطع ألماً ، وحان للأعين الصادقة أن تبكي دماً ، فكيف يهنأ المؤمن زاداً ، وكيف يسيغ شراباً ، ويبشّ هانئاً ، وينام قريراً ، وهو يرى ما يمض الأجسام .. ويمزق الأفئدة ، ويبدد القلب ..!
لقد حقق هؤلاء النساء أمنية ( أوسكارليفي ) اليهودي عندما قال : { نحن اليهود لسنا إلا سادة العالم ومفسديه .. ومحركي الفتن وجلاّديه } .. إن لليهود باعاً كبيراً في مجال تحطيم الأمم عن طريق المرأة .. ولقد لقيت المرأة المسلمة من التشريع الإسلامي عناية فائقة كفيلة بأن تصون عفتها وتجعلها عزيزة الجانب ، سامية المكان ، وإن الشروط التي فرض عليها في زينتها وملبسها لم تكن إلا لسد ذريعة لفساد ، وهذا ليس تقييداً لحريتها بل حماية لها أن تسقط في درك المهانة ووحل الابتذال ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله حييّ ستّير يحب الحياء والستر ".....) أ.هـ [ من رسالة ( الجمال ) لعائشة القرني ]
فالحرب ضدك أختي الحبيبة تدور ، وأنتِ الهدف والغاية .. إن أعداءنا من الغرب يعقدون جلسات مطوّله يصممون فيها لكِ موديلاً جذاباً .. يأخذ العقول ويجذب القلوب إليكِ و يذهب بالأبصار .. أتعلمين لم هذا الموديل ..؟
إنه لعباءتك التي فُرِضَت عليكِ لتسترك وتصرف الأعين عنكِ ولتعيشي عفيفةً نظيفة ...!
استدرجوا في خلع حجابك من على رأسك لينتصروا عليكِ ويخرجوكِ من بيتك متبرجة سافرة ، قد خلعتِ الحياء قبل أن تخلعي الجلباب .. ولا حول ولا قوة إلا بالله !
ويبين لنا الشيخ محمد الهبدان – حفظه الله – كيف حدث هذا التدرج بخلع الحجاب في شريطه ( قصة عباءة ) :
[ فبدأوا بخطوة العباءة الخفيفة الشفافة واستمروا عليها فترة ليست بالقصيرة .. ثم انتقلوا إلى خطوة أخرى وهي العباءة القصيرة .. حتى إذا مر عليها زمن – وتحركت(5/516)
القلوب المؤمنة – لتظهر العباءة الطويلة .. انزعجوا منها فقالوا : لا ضير .. اجعلوها طويلة ولكن فيها قيطان بأطراف العباءة فقط .. ووقفوا قليلاً عند هذه الخطوة !
لم يجدوا من يعارض ، الكثيرات معجبات ، والإقبال يتزايد !إذاً فلتخرج موضة العباءة على الكتف فهي أيسر للمرأة والدين يسر!
وبعدها فُتِحَ الباب على مصراعيه ، و انهدر سيل من البلاء ، تارةً بتشكيلات من القيطان ذات اليمين وذات الشمال ، وتارةً بالكلف العريضة ذات الفصوص اللامعة ، ثم الدانتيل الجميل لتكون اليد أجمل ، ثم المخرمة والمطرزة من الخلف و الأمام ، ثم أخيراً أبواناً مختلفة من التطريز ] .
وأضافوا ألواناً مختلفة كالأصفر والأحمر والأخضر والبرتقالي ، ومنهم من صمم عباءة للعروس وعباءة للجامعة ، و للمدرسة والسهرة والطبيبة ... فإنا لله وإنا إليه راجعون !
وإن مما يزيد الطين بلاً .. ويحرق القلب ويدمع العين أن من صممت هذه الموديلات ولهذه الأغراض هي امرأة مسلمة ..!
نسأل الله أن يهديها ويردها إليه رداً جميلاً .. لقد تخلت عن دينها وأخلاقها وجمالها ، ونسيت أو تناست أن خمار المرأة يجملها و يزيدها وقاراً و بهاءً .. حتى إذا دخلت الجنة – نسأل الله أن نكون من أهلها – فإنها تتبعل وتتجمل لزوجها بهذا الخمار !
وفي الحديث " ولنصيفها ( خمارها ) على رأسها خير من الدنيا وما فيها"
وعند الإمام أحمد – رحمه الله – " ولنصيف امرأة من الجنة خير من الدنيا ومثلها معها " وعند البزار وابن أبي الدنيا "... ولو أخرجت الحورية نصيفها لكانت الشمس عند حُسنه مثل الفتيلة في الشمس لا ضوء لها ... ".
فإذا كان هذا الجمال في الخمار فكيف بجمال من تلبس الخمار ؟ وسبحان الله الذي أتقن كل شي !!... وبمناسبة ذكر الخمار أقول لمن تركت الخمار فضلاً عن النقاب والحجاب : انظري كيف كان الخمار من محاسن الجمال على رأس الحورية في الجنة ، في حين تتعلل الواحدة منكن بأنها لا تلبس الخمار لأنها لا تكون فيه أنيقة ولا تليق فيه ، وأخرى تتعلل بأنها ستلبسه بعد الزواج ، والعجيب أن بعض النساء تلبسه أيضاً لأنها – كما تقول – ترى جمالها وأناقتها وشخصيتها فيه ، وأقول للأخيرة هذه : اجعليها لله فالأعمال بالنيات .أ.هـ [ امتاع السامعين في وصف الحور العين / ص 6-7 ]
يقول ابن القيم في وصف عرائس الجنات :
ونصيف إحداهن وهو خمارها ليست له الدنيا من الأثمانِ
لله هاتيك الخيام فكم بها للقلب من علَقٍ ومن أشجانِ
فيهن حور قاصرات الطرف خيـ ـرات حسان هن خير حسانِ
خيرات أخلاق حسان أوجهاً فالحسن والإحسان متفقانِ
؟!.. أبعد هذا تشكِّين في وجوب تغطية الوجه..!؟
سؤال ؟:
الفرح والحزن .. تلك المشاعر أين تبدو؟
حديث العيون وفتنتها.. أين يكمن؟(5/517)
الاهتمام أو اللامبالاة.. كيف نحس بهما ؟
علامات الجمال والملاحة.. مشاعر الحب أو الكراهية. كلها نقرأها في صفحات الوجه.. فهل توافقينني الرأي ...؟
عزيزتي...
لو قدمت لك سبع صور (لأيدي نساء)، وطُلب منك أن تحددي المرأة الجميلة من الدميمة من خلال صور أيديهن فقط !
أظنك ستقولين بتعجب: بالتأكيد لن أستطيع تحديد ذلك، فقد تكون اليد جميلة بينما صاحبتها دميمة، فمن الظلم أن أحكم على جمال امرأة من خلال يدها!!
أحسنت يا موفقة....
فإنك لو حكمت على جمال امرأة من خلال صورة يدها لخالفك الجميع في ذلك بينما لو قدمت لك سبع صور لوجوه نساء مختلفات، لحددت مباشرة الجميلة من الدميمة دون أن تحتاجي لأن تطلبي رؤية يدها ولا قدمها!.. فالأمر واضح أمامك وسيؤيدك الجميع إلى ما ذهبت إليه..
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله-: (( ولا يخفى أن وجه المرأة هو أصل جمالها، ورؤيته من أعظم أسباب الافتتان بها -كما هو معلوم- والجاري على قواعد الشرع الكريم هو تمام المحافظة والابتعاد عن الوقوع فيما لا ينبغي)) -أضواء البيان (6/200)-.
أخيتي انتبهي! نعم انتبهي جيدًا...!
قفي الآن أمام المرأة وتحسسي وجهك بيديك.. وتأملي تلك النضارة.. تأمليها بعمق.. هل هان عليك أن تلفحه النار؟ فيسقط الجلد وتبقى العظام!...
احفظي وجهك في الدنيا من تلك النظرات الحارقة ليحفظه الله من حرقة جهنم.. واستريه عن غير محارمك فإن الفتنة إن لم تكن في الوجه والعينين فأين تكون؟!...
نعم ...
إن لم تكن في الوجه فأين تكون ... ؟؟
تعرفي على مصدر الفتنه و استريه لا تظهريه ..فان عزنا بإسلامنا و حجابنا ....
زعموا السفور و الاختلاط وسيلة *** للمجد قوم في المجانة أغرقوا
كذبوا متى كان التعرض للخنا *** شيئاً تعز به الشعوب وتسبقُ
اللهم احفظنا من التبرج والسفور وثبتنا أمام تيارات الغرب الحاقدة . [ كتاب (كيف تحتسبين الأجر في حياتك اليومية) لـ( هناء الصنيع ) ]
قال تعالى : ( وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْأِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) ( النور:31) 0 و العباءة المطرزة و الملونة و المخرمة من زينة المرأة التي حرم الله(5/518)
عليها أن تظهرها لغير محارمها المذكورين في الآية السابقة .. بل إن هذا النوع من العباءة يحتاج إلى عباءة تستر الزينة عن أعين الرجال !
أختاه ...
أختاه ...
أختاه ...
أختاه يا بنت الخليج تحشمي *** لا ترفعي عنكِ الخمار فتندمي
هذا الخمار يزيد وجهك بهجةً *** و حلاوة العينين أن تتحجبي
صوني جمالكِ إن أردتِ كرامةً *** كي لا يصون عليكِ أدنى ضيغمِ
لا تعرضي عن هدي ربكِ ساعةً *** عضي عليه مدى الحياة لتغنمي
نعم .. لا تعرضي عن هدي الله فيعرض الله عنك ، فتذكري معي قوله تعالى : ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً * وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى ) الله أكبر أختي الحبيبة !!... هل استغنيت عن رحمة الله حتى في ذلك اليوم العظيم ؟!..وكيف يقبل عليكِ الله برحمته – وهو والله غني عنكِ وعن عبادتك – ثم تعرضين وتشترين الحياة الدنيا بالآخرة ؟... إنه والله خسران مبين .
واعلمي أن الله لم يظلمكِ بهذا الحجاب ، بل أنصفكِ ورفعكِ ورفع شأنك بهذا الخمار .
ما كان ربكِ جائراً في شرعه *** فاستمسكي بعراه حتى تسلمي
ودعي هراء القائلين سفاهة ً *** إن التقدم في السفور الأعجمِ
إن الذين تبرأوا عن دينهم *** فهمُ يبيعون العفاف بدرهمِ
حلل التبرج إن أردتِ رخيصةً *** أما العفاف فدونه سفك الدمِ
أختاه ... أرجوك ...
لا تمنحي المستشرقين تبسماً *** إلا ابتسامة كاشرٍ متجهّمِ
أنا لا أريد بأن أراكِ جهولةً *** إن الجهالة مرة كالعلقمِ
فتعلمي وتثقفي و تنوري *** والحق يا أختاه أن تتعلمي
لكنني أمسي وأصبح قائلاً *** أختاه يا بنت الخليج تحشمي
واعلمي أختاه أنه ما نزعتِ الحجاب .. وتخلت عن الجلباب .. وسارت سافرةً أمام الأجانب إلا امرأةً فقدت الحياء .. وحاشاك أنت تكوني كتلك !
فإنه لا إيمان بلا حياء ، ولا جمال في المرأة بلا حياء ، وما مُدِحَت المرأة إلا بحيائها وعفتها وأدبها ، وكانت مثلاً يضرب به في الحياء .. فقد روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت:كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشدّ حياءً من العذراء في خدرها .
ويؤلمني والله أن أكثر الفتيات في زماننا هذا قد فقدن الحياء - أو على أقل تقدير - لم يعد للحياء عندهن شأن .. بل هو رمز ودليل على الساذجات ..!
فيا أختي الكريمة ...
صوني حياءك صوني العرض لا تهني *** وصابري واصبري لله واحتسبي
إن الحياء من الإيمان فاتخذي *** منه حليّك يا أختاه واحتجبي(5/519)
و يا لقبح فتاة لا حياء لها *** و إن تحلّت بغالي الماس و الذهبِ
إن الحجاب الذي نبغيه مكرمة *** لكل حواء ما عابت و لم تعبِ
نريد منها احتشاماً عفةً أدباً *** وهم يريدون منها قلة الأدبِ !
و إن أردتِ واضطررت للسفر لخارج بلاد المسلمين – المتمسكين بحجابهم – فلا تفرطي في حجابك بزعم أنه غريب على أهل تلك البلاد ، وأنك سوف تجذبين الأبصار إليك !!
فإن هذه حيلة شيطانية تسعى لنزع حجابك بأي حال من الأحوال .
ودينك - أختي الحبيبة – يدعوك إلى التميّز ، فلعل الله أن يهدي بك وبحجابك قلوباً غافلة جاهلة .. وتذكري أن الحجاب عبادة وليس بعادة ، أمرنا الله بالتعبد به ولا يجوز لأحد الاجتهاد في حكمه بعد حكم الله فيه .. كما أنه لا يمكن الاجتهاد في حكم الصلاة في بلاد الكفار بعد أن حكم الله فيها .. فهل ستستجيبين لمن يقول لكِ اتركي الصلاة في بلاد الكفر لأنك تجذبين الأبصار إليك ؟ لا أظنك ستستجيبين لهذه الدعوى الباطلة والتي لا يقرها دينك .. كذلك الحجاب عبادة مثل الصلاة فكيف حُقَّ لكِ أن تجتهدي فيه وتغيري من حكم الله فيه وأنتِ تقرئين قول الله تعالى : ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً ) 0
أختاه ...
يا من نطق فمك بـ ( لا إله إلا الله ) وأيقن قلبكِ بها ، وعملَت جوارحك بمقتضاها .. أكملي دينك بحجابك ولا تنظري لحثالة البشر وأتباعهم ، فما يملون عليكِ إلا ذنوباً وعاراً تتلطخين بها في دنياكِ وأخراكِ !
فتذكري أن باب التوبة مفتوح ما لم يحضركِ الموت ، وتيقني أن الله لن يردكِ خائبة وقد قال : ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) 0
وقبل الختام أودّ أن أذكّركِ أخيتي بشروط الحجاب الشرعي :
1) أن يكون ساتراً لجميع البدن .
2) أن يكون فضفاضاً لا شفافاً ولا معطراً يفوح منه البخور .
3) أن لا يكون به ما يزينه من الفصوص و الكريستالات و القيطان و غيرها مما يجعله كفستان الفرح لو كان لونه أبيض ... ! و لا أقل من ذلك و لا أكثر فيجب خلوّه من الزينة .
4) أن تكون العباءة على الرأس ، لأن العباءة على الكتف فيها تشبه بالرجال ، ولا يجوز للمرأة أن تتشبه بالرجال في جميع الأحوال ، قال صلى الله عليه وسلم : " لعن الله المتشبهات بالرجال " أو كما قال عليه الصلاة والسلام .
وقد حرم العلماء عباءة الكتف لما فيها من الفتنة .. ولكونها تشبهاً بالرجال .
وكما ذكرت لكِ أختي الحبيبة .. أدركي نفسك قبل فوات الأوان ..
وإن هوى بكِ إبليس لمعصيةٍ *** فأهلكيه بالاستغفار ينتحبِ
بسجدةٍ لكِ في الأسحار خاشعةً *** سجود معترفٍ لله مقتربِ
وخير ما يغسل العاصي مدامعه *** والدمع من تائبٍ أنقى من السحبِ(5/520)
واحتسبي الأجر عند الله كلما أردتِ لبس هذه العباءة ، وتأملي معي ( كم مرة تخرجين في الأسبوع ) ... ؟
ففي كل مرة تلبسين فيها هذه العباءة محتسبة أجرك على الله فسوف تنالين أجراً عظيماً ، وحسنات لا حصر لها سترينها في كتابك ( يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ) !...
أسأل الله العلي العظيم أن يريني و إياكِ الحق حقاً ويرزقنا إتباعه ، ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه ، وأن يهدي ضال المسلمين ويردنا إليه رداً جميلاً .
.. آمين ..[
ـــــــــــــــــــ
الحجاب الشرعي وحجاب النفاق
سماحة الشيخ صالح الفوزان حفظه الله
الحمد لله رب العالمين وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
يجب أن يكون لباس المرأة المسلمة ضافيا: يستر جميع جسمها عن الرجال الذين ليسوا محارمها. ولا تكشف لمحارمها إلا ما جرت العادة بكشفه من وجهها وخفيها وقدميها.
وأن يكون ساترا لما وراءه فلا يكون شفافا يرى من ورائه لون بشرتها.
وألا يكون ضيقا يبين حجم أعضائها..في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « صنفان من أهل النار لم أرهما: نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات ، ورؤوسهن مثل أسنمة البخت، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، ورجال معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها عباد الله »
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى : ( وقد فسر قوله صلى الله عليه وسلم : « كاسيات عاريات » بأن تكتسي ما لا يسترها. فهي كاسية وهي في الحقيقة عارية. مثل من تكتسي الثوب الرقيق يصف بشرتها أو الثوب الضيق الذي يبدي تقاطيع خلقها، وإنما كسوة المرأة ما يسترها فلا يبدي جسمها ولا حجم أعضائها لكونه كثيفا واسعا ) ، انتهى
وألا تتشبه بالرجال في لباسها ، فقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم المتشبهان من النساء بالرجال ، ولعن المترجلات من النساء. وتشبهها بالرجل في لباسه أن تلبس ما يختص به نوعا وصفة في عرف كل مجتمع بحسبه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى : ( فالفارق بين لباس الرجال والنساء يعود إلى ما يصلح للرجال وما يصلح للنساء. وهو ما يناسب ما يؤمر به الرجال وما تؤمر به النساء. فالنساء مأمورات بالاستتار والاحتجاب دون التبرج والظهور ، ولهذا لم يشرع للمرأة رفع الصوت في الأذان، ولا التلبية، ولا الصعود إلى الصفا والمروة، ولا التجرد في الإحرام كما يتجرد الرجل. فإن الرجل مأمور بكشف رأسه وألا يلبس الثياب المعتادة، وهي التي تصنع على قدر أعضائه فلا يلبس القميص، ولا السراويل، ولا الخف. إلى أن قال: وأما المرأة فإنها لم تنه عن شيء من اللباس لأنها مأمورة بالاستتار والاحتجاب، فلا يشرع لها ضد ذلك. لكن(5/521)
منعت أن تنتقب وأن تلبس القفازين، لأن ذلك لباس مصنوع على قدر العضو ولا حاجة بها إليه.
ثم ذكر أن تغطي وجهها بغيرهما عن الرجال. إلى أن قال في النهاية: وإذا تبين أنه لا بد من أن يكون بين لباس الرجال عن النساء، وأن يكون لباس النساء فيه الاستتار والاحتجاب ما يحصل مقصود ذلك ظهر أصل هذا الباب وتبين أن اللباس إذا كان غالبه لبس الرجال نهيت عنه المرأة إلى أن قال: فإذا اجتمع في اللباس قلة الستر والمشابهة نهي من الوجهين. والله أعلم ) . انتهى
وألا يكون فيه زينة تلفت الأنظار عند خروجها من المنزل: لئلا تكون من المتبرجات بالزينة.
والحجاب معناه أن تستر المرأة جميع بدنها عن الرجال الذين ليسوا من محارمها كما قال تعالى : { ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن.. } [النور:31]
وقال تعالى : { وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب } [الأحزاب:53]
والمراد بالحجاب ما يستر المرأة من جدار أو باب أو لباس ، لفظ الآية وإن كان واردا في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فإن حكمه عام لجميع المؤمنات، لأنه علل ذلك بقوله تعالى : { ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن } [الأحزاب: 53]، وهذه علة ، فعموم علته دليل على عموم حكمه ، وقال تعالى : { يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن } [الأحزاب:59]
قال شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله- في مجموع الفتاوى : ( والجلباب هو الملاءة، وهو الذي يسميه ابن مسعود وغيره الرداء وتسميه العامة الإزار. وهو الإزار الكبير الذي يغطي رأسها فلا تظهر إلا عينها ومن جنسه النقاب ) . انتهى
ومن أدلة السنة النبوية على وجوب تغطية المرأة وجهها عن غير محارمها حديث عائشة- رضي الله عنها- قالت : « كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزنا كشفناه » [رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه].
وأدلة وجوب ستر وجه المرأة عن غير محارمها من الكتاب والسنة كثيرة، وإني أحيلك أيتها الأخت المسلمة في ذلك على: - رسالة الحجاب واللباس في الصلاة لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله. - ورسالة الحجاب للشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله. - ورسالة الصارم المشهور على المفتونين بالسفور للشيخ حمد بن عبد الله التويجري. - ورسالة الحجاب للشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله.
فقد تضمنت هذه الرسائل ما يكفي.
واعلمي أيتها الأخت المسلمة أن الذين أباحوا لك كشف الوجه من العلماء- مع كون قولهم مرجوحا- قيدوه بالأمن من الفتنة. والفتنة غير مأمونة خصوصا في هذا الزمان الذي قل فيه الوازع الديني في الرجال والنساء، وقل الحياء، وكثر فيه دعاة الفتنة، وتفننت النساء بوضع أنواع الزينة على وجوههن مما يدعو إلى الفتنة، فاحذري من ذلك أيتها المسلمة، والزمي الحجاب الواقي من الفتنة بإذن الله.(5/522)
ولا أحد من علماء المسلمين المعتبرين قديما وحديثا يبيح لهؤلاء المفتونات ما وقعن فيه.
ومن النساء المسلمات من يستعملن النفاق في الحجاب فإذا كن في مجتمع يلتزم الحجاب احتجبن، وإذا كن في مجتمع لا يلتزم بالحجاب لم يحتجبن. ومنهن من تحتجب إذا كانت في مكان عام وإذا دخلت محلا تجاريا، أو مستشفى، أو كانت تكلم أحد صاغة الحلي، أو أحد خياطي الملابس النسائية كشفت وجهها وذراعيها كأنها عند زوجها أو أحد من محارمها. فاتقين الله يا من تفعلن ذلك.
ولقد شاهدنا بعض النساء القادمات في الطائرات من الخارج لا يحتجبن إلا عند هبوط الطائرة في أحد مطارات هذه البلاد، وكأن الحجاب صار من العادات لا من المشروعات الدينية.
أيتها المسلمة: إن الحجاب يصونك ويحفظك من النظرات المسمومة الصادرة من مرضى القلوب وكلاب البشر، ويقطع عنك الأطماع المسعورة، فالزميه، وتمسكي به، ولا تلتفتي للدعايات المغرضة التي تحارب الحجاب أو تقلل من شأنه، فإنها تريد لك الشر كما قال الله تعالى : { ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما } [النساء:27].
وإذا خرجت المرأة إلى المسجد للصلاة فلا بد من مراعاة الآداب: تكون متسترة بالثياب والحجاب الكامل: قالت عائشة- رضي الله عنها-: « كان النساء يصلين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ينصرفن متلفعات بمروطهن ما يعرفن من الغلس » [متفق عليه]
وأن تخرج غير متطيبة: لقوله صلى الله عليه وسلم : « لا تمنعوا إماء الله، مساجد الله وليخرجن تفلات » [رواه احمد، وأبو داود]. معنى « تفلات » : أي غير متطيبات.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أيما امرأة أصابت بخورا فلا تشهدن معنا العشاء الآخرة » [رواه مسلم، وأبو داود، والنسائي].
وألا تخرج متزينة بالثياب والحلي: قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها : « لو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى النساء ما رأينا لمنعهن من المسجد كما منعت بنو إسرائيل نساءها » [متفق عليه]
وإن كانت المرأة واحدة صفت وحدها خلف الرجال لحديث أنس رضي الله عنه حين صلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « قمت أنا واليتيم وراءه وقامت العجوز من ورائنا » [رواه الجماعة إلا ابن ماجة]
وعنه: «صليت أنا واليتيم في بيتنا خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأمي خلفنا -أم سليم- » [رواه البخاري].
وإن كان الحضور من النساء أكثر من واحدة فإنهن يقمن صفا أو صفوفا خلف الرجال، لأنه صلى الله عليه وسلم « كان يجعل الرجال قدام الغلمان، والغلمان خلفهم، والنساء خلف الغلمان » [رواه احمد](5/523)
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها » [رواه الجماعة إلا البخاري].
ففي الحديثين دليل على أن النساء يكن صفوفا خلف الرجال، ولا يصلين متفرقات إذا صلين خلف الرحال، سواء كانت صلاة فريضة أو صلاة تراويح أو كسوف أو صلاة عيد أو صلاة جنازة.
وإذا سها الإمام في الصلاة فإن المرأة تنبه بالتصفيق ببطن كفها على الأخرى ولقوله صلى الله عليه وسلم : « إذا نابكم شيء في صلاتكم فليسبح الرجال ولتصفق النساء » وهذا إذن إباحة لهن في التصفيق في الصلاة عند نائبة تنوب ومنها سهو الإمام. وذلك، لأن صوت المرأة فيه فتنة للرجال فأمرت بالتصفيق ولا تتكلم.
وإذا سلم الإمام بادرت النساء بالخروج من المسجد، وبقي الرجال جالسين: لئلا يدركوا من انصرف منهن لما روت أم سلمة قالت « إن النساء كن إذا سلمن من المكتوبة قمن وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن صلى من الرجال ما شاء الله. فإذا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم قام الرجال » .
قال الإمام النووي- رحمه الله- في المجموع: "ويخالف النساء الرجال في صلاة الجماعة في أشياء: أحدها: لا تتأكد في حقهن كتأكدها في الرجال. الثاني: تقف إمامتهن وسطتهن. الثالث: تقف واحدتهن خلف الرجل لا بجنبه بخلاف الرجل. الرابع:
إذا صلين صفوفا مع الرجال، فآخر صفوفهن أفضل من أولها". انتهى.
ومما سبق يعلم تحريم الاختلاط بين الرجال والنساء.
وإذا كان الاختلاط ممنوعا في موضع العبادة فغيره من باب أولى.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ـــــــــــــــــــ
داعيةٌ في كلِّ مكان
الشيخ محمد الدويش
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، أرجو من حضرتكم التفضُّل بذكر خطواتٍ تبيِّن كيفيَّة التعرُّف إلى الناس والتعامل معهم؛ تمهيداً لدعوتهم، لتوضيح سؤالي: مثلاً داعيةٌ يجلس في التاكسي أو على مدرَّجات الجامعة أو في حديقةٍ عامَّة، وغير ذلك من الأماكن، وإلى جانبه شخص، فكيف يفتح معه باب الحوار حتى يتمكَّن من دعوته؟ وبعد التعارف، ما الطريقة المثلى لكسب قلوب الآخرين واستمالتهم إلى هذا الدين العظيم؟ وجزاكم الله كل خير.
المستشار : الأستاذ محمود إسماعيل
الرد :
" بداية، سؤالك يؤكِّد أنَّنا أمام قيمةٍ لابدَّ من الإشارة إليها، وما لفت انتباهي قبل طبيعة السؤال هي البيانات الخاصَّة بالسائلة، والتي تؤكِّد على قيمةٍ أخرى، وهي أنَّنا أمام داعيةٍ تحت سنِّ العشرين، والعجيب في هذه الأمَّة أنَّه كلَّما مرَّ بها كمٌّ من الهزائم(5/524)
والإحباطات، فإنَّه سرعان ما تبدو في الأفق بارقة أملٍ تعيد إليها الحياة، وتبثُّ في عروقها وقلوبها نبضاً لا ينقطع، وكأنَّ الله لا يريد إلا الخير والعزَّة لهذه الأمة.
وهذا السؤال قد أعاد إلى نفسي تداعيات الأمل الذي يغيب ويريد الله له أن يعود، بل فرض عليَّ مجموعةً من التساؤلات، وهي:
1- أليست هذه الفتاة مثل كلِّ الفتيات اللواتي تحت العشرين؟!
2– كم من فتاةٍ تعتاد (وسائل المواصلات– المدرَّجات– الحدائق) دون أن يتحرَّك بداخلها هدفٌ معيَّن؟!
3– لأيِّ هدفٍ تريد تلك الفتيات التعرُّف على الناس؟
4– لأيِّ هدفٍ تريد تلك الفتيات فتح حوارٍ مع الغير؟
5- من أجل مَنْ تريد بعض الفتيات كسب القلوب؟
لكنَّ الجميل هنا أنَّنا أمام فتاةٍ من نوعٍ خاصّ، أجابت عن كلِّ التساؤلات بسؤالها.
إنَّها تريد كسب القلوب لاستمالة الناس إلى هذا الدين العظيم، وأن تتعرَّف على الناس وتفتح حواراً معهم تمهيداً لدعوتهم.
كما أنَّها تريد استثمار (وسائل المواصلات- المدرجات- الحدائق) في الدعوة إلى هذا الدين العظيم والإفادة من هذه الفرصة، وهذا كله تحت أساسٍ علميٍّ سليمٍ يتَّفق مع الإسلام.
وهذه الفتاة وسؤالها وأمثالها هي خير مثالٍ لهذه الأُمَّة وإلى المشكِّكين في قدرتها.
وإليك أيتُّها الفتاة الداعية بعض المبادئ الهامَّة التي تعينك على ما طلبت إن شاء الله تعالى، مع مراجعة الاستشارات التي تُعنَى بنفس الموضوع في نهاية الإجابة:
1– بداية، أخلصي النيَّة لله عزَّ وجلَّ في عملك ودعوتك تؤجري الخير العظيم، وحتى يمكنك التغلُّب على الصعاب التي تعترض طريقك إلى الدعوة.
2- تخيَّري الوقت المناسب للدعوة، فليست كلُّ الأوقات مثل بعضها، وليست كل الأوقات مناسبةً لدعوة الغير، وقد أعجبني بالفعل التصرُّف الذكيُّ للصحابيِّ عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عندما همَّ أن يدعو رجلا، ولمَّا وجده يحمل شيئاً على ظهره، قال: لستَ في مقام من يُدعَى!!، ثم اكتفى بإلقاء السلام عليه.
3- استخدمي الكلمات التي تناسب من تدعينه إلى الله تعالى، خاصَّةً أنَّ لكلِّ إنسانٍ عقليَّته وأسلوبه وطريقة تفكيره، وهذه الوسيلة هامَّةٌ للغاية؛ لذلك وضع عليٌّ رضي الله عنه هذه الوسيلة في أسمى معانيها بقوله: "أُمِرت أن أخاطب الناس على قدر عقولهم".
4- لا تبدئي بالحديث مع من تدعينه إلا بالقدر الذي تشعرين بأنَّه يسمح لك به، ثمَّ تدرَّجي بعد ذلك على حسب ما تسمح به الظروف والأحوال.
5- من المهمِّ للغاية ألا تقولي كلَّ شيءٍ في الجلسة أو الموقف الدعويّ، فالأهمُّ أن تتركي جزءاً يشوِّق الغير فيما بعد.
6- استثمري المواقف العفويَّة غير المعدِّ لها في دعوتك؛ لأنَّ لها تأثيراً إيجابيًّا منقطع النظير، وابتعدي عن المواقف المتصنَّعة؛ لأنَّ كثيراً من جهد الدعوة يضيع هباءً بسبب إحساس الغير بنوعٍ من التسلُّط عليه.(5/525)
7- تجنَّبي أن تفرضي نفسك بطريقةٍ تجعل الآخرين ينفرون من دعوتك، ويضيقون ذرعاً من طريقتك؛ لأنَّ العبرة في أن ينجذب الغير إلى دعوتك.
8– لا تلحِّي على الغير، فكثيراً ما يؤدِّي الإلحاح إلى نتائج عكسيَّةٍ غير متوقعة.
9- اهتمِّي بمن تدعينه بشكلٍ معقول، وتجنَّبي الاهتمام الزائد عن الحدّ؛ لأنَّ ذلك يجعل الغير يثق في نفسه أكثر من اللازم، وبالتالي يصعِّب عليك مهمَّة إقناعه بعد ذلك.
10- ليس بالضرورة أن نرى القناعة على وجوه كل من ندعوهم؛ لأن بعضهم يظهر عدم قناعته أمامك، لكنه يؤمن بكل ما تقولين.
11- الاقتصار على وسيلةٍ واحدةٍ في الدعوة يجلبُ الملل، ويولِّد نوعاً من اللامبالاة عند الطرف الآخر، ويضيع وقت الدعوة والداعية، من أجل ذلك ينبغي أن تُستخدَم وسائل متنوِّعةٌ في الدعوة.
12- لا تُشعري الغير بأنَّك مسؤولةٌ عنه، وإيَّاك أن تحقِّري من تصرُّفات الآخرين، فقط تدرَّجي في النهي عن المنكر؛ لأنَّه غالباً ما تصبح العواقب غير مأمونةٍ عندما نصطدم مع الناس في أفكارهم أو معتقداتهم.
13- استفيدي من أيِّ ثمرةٍ تدنو لك في مواقفك الدعويَّة؛ لتكون دافعاً لنشاطٍ وهمَّةٍ أكبر، فتجني كثيراً من الثمار بعد مشيئة الله تعالى.
14- تذكَّري أنَّه ليس بالضرورة أن نحصل على نتيجةٍ فوريَّة؛ لأنَّ الموضوع ليس موضوع أنَّنا تعبنا من أجل الدعوة، أو أنَّنا أخلصنا لله بالفعل في هذا الموقف ونريد الثمرة، بل الموضوع أنَّنا نأخذ فقط بالأسباب، أمَّا النتائج فعلى الله وحده، فإنَّ الدعوة إلى الله ما دامت عزيزةً في مطلبها ووسائلها، فإنَّ ثمرتها كذلك، فلا تستعجلي ثمارها؛ لأنَّها تؤتي أُكُلَها فقط بإذن ربها، واعلمي أنَّ ضياع ثمرة الدعوة محال؛ لأنَّها لو ضاعت بين العباد في أحوالهم وردود أفعالهم، فلن تضيع عند الله في ثوابها وسُمُوِّها، ولكنَّ هذا لا يعني ألا نعيد النظر في طريقتنا مرَّاتٍ ومرَّات، إذ ربَّما العيب في وسيلتنا نحن لا فيمن ندعو.
فقط نقول لك: هنيئاً لك ولأمثالك، ووفَّقك الله، ولا تنسينا من الدعاء"
كانت هذه إجابة الأستاذ محمود إسماعيل، وهي وافيةٌ كافية، فقط أضيف عليها أربع نقاط:
الأولى: ضرورة أن تقرئي وتتثقَّفي يا أختي، وتتابعي أحداث العالم، وأن تكون قراءتك منوَّعة، حتى تكون المواضيع العامَّة التي تطرح أمامك مدخلك للدعوة إلى الله تعالى، كما يمكنك من خلال قراءاتك الشرعيَّة أن تتقدَّمي خطواتٍ في إقناع الناس بك وبقدراتك، إذ يكون لديك ما يفتقدونه هم.
الثانية: هناك العديد من الكتب التي تتحدث عن "فنِّ التعامل مع الآخرين"، أنصحك بقراءتها، وأخصُّ بالذكر كتاب "كيف تكسب الأصدقاء وتؤثِّر في الناس" لديل كارنيجي، فهو كتابٌ مفيدٌ جدّا، وممتعٌ جدًّا جدّا.
الثالثة: إيَّاك والتطفُّل على أحد، أو جرح خصوصيَّته، لأنَّك إن فعلتِ ذلك تفتحين أبواب فشلك على مصراعيه، فلا تفرضي نفسك، وكوني خفيفةً لطيفةً لا تثقل على أحد.(5/526)
الرابعة: حبَّذا ألا تقتصري على هذه الوسيلة بل حاولي بمساعدة أخواتك أن تتواصلن مع من تدعين أكثر وأكثر.
وفَّقك الله يا أختي في مهمَّتك مهمَّة الأنبياء، وتواصلي معنا من فضلك... المحرر.
استشارات ذات صلة:
- قواعدُ في الدعوة إلى الله
- قواعد في الدعوة الفرديَّة.. استشارتان
- دعوةٌ ضعيفةٌ في كليةٍ جديدة..أساليب وموضوعات
- منهجٌ في الدعوة والثقافة
- كتبٌ في فقه الدعوة.. القراءة كنزٌ لا يفنى
- كتبٌ في الثقافة والدعوة
المصدر شبكة إسلام أون لاين
ـــــــــــــــــــ
لا جديد في الحجاب
أبو لحسن بن محمد الفقيه
مقدمة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.. وبعد:
إن ما يميز شريعة الله جل وعلا عن القوانين الأرضية والنظم العلمانية؛ أنها صالحة لكل زمان ومكان، فليس هناك زمان إلا وشريعة الله سبحانه تصلح له، وليس ثمة مكان إلا ودين الله يصلح له؛ ذلك لأنها ربانية المصدر، ربانية الأحكام، مما يجعلها منزهة عن العيب والخطأ والزلل. فمهما تطورت أنماط حياة الإنسان، ومهما تغيرت أشكالها سلبا أو إيجابا ؛ فإن الإسلام بثوابته الربانية قادر على السير بالإنسان نحو السعادة والهناء بما يتضمنه من الوحي الإلهي الذي يحمل للناس حلول المشاكل كلها على مر الأزمان.
لذلك فدين الله الذي أنزله على رسوله صلى الله عليه وسلم ثابت لا يقبل التغيير أو التبديل، قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا } (3) سورة المائدة
فما أحله الإسلام هو الحلال، وما حرمه هو الحرام، ولا يحل لمؤمن يؤمن بالله واليوم الآخر أن يغير أحكام الله سبحانه ليجعلها مواكبة لعصر من العصور، مهما كان شأنه وعلا كعبه!
فقضية الحجاب مثلاً، قد فصل القرآن الكريم حكمها تفصيلا شافياً كافياً منذ زمن بعيد، ورغم الوضوح والبيان الذي تناول به القرآن الكريم والسنة النبوية قضية الحجاب إلا أننا لا نزال نسمع هنا وهناك نقاشات بيزنطية صارخة عن وجوب الحجاب!
ولا نزال نرى كثيراً من المسلمات قد أبين اللحاق بقافلة الستر والعفاف، وأبين إلا مواكبة الانزلاق في متاهات التبرج والانحلال، ومن الغريب العجيب أن نرى بين هؤلاء وأولئك، فرقة لم تنكر وجوب الحجاب في حقها، ولم ترض بالتبرج لبساً لها،(5/527)
لكنها طورت مفهوم الحجاب تطويراً عجيباً يواكب- في رأيها- حضارة العصر. فهو مزيج بين التبرج والحجاب.. وإن شئت فقل: هو حجاب جديد... وما هو في الحقيقة إلا تبرج جديد، لأن الحجاب واحد، والتبرج أشكال! وهذا الكتاب !يتطرق لمفهوم الحجاب كما قرره الإسلام ويصف التبرج وأشكاله؛ ليبقى الحجاب في مأمن من عبث العابثين وتبديل المنهزمين، إذ أحكام الله لا تخضع لانهزام النفوس، فلا جديد في الحجاب!
هذا هو الحجاب
لقد شهدت الحقبة الأخيرة من هذا العصر عودة محمودة إلى الدين، وأصبحت قضية الحجاب مثارة في كثير من البلدان بما فيها بلاد الكفر.. ولكن تلك العودة تفتقد في كثير من الأحيان إلى التأصيل الشرعي لكثير من القضايا والأحكام الشرعية.
ومن هنا كان التعريف بالحجاب وإدراك حقيقته ومعناه مهما في الحد من ظاهرة التبرج المقنع، إذ بضدها تتميز الأشياء. فإليك أختي المسلمة مفهوم الحجاب كما قرره الإسلام:
مفهوم الحجاب
في اللغة: الحجاب في اللغة هو المنع من الوصول، ومنه قيل للستر الذي يحول بين الشيئين: حجاب؛ لأنه يمنع الرؤية بينهما. وسمي حجاب المرأة حجاباً لأنه يمنع المشاهدة .
ولقد وردت مادة (حجب) في القرآن الكريم في ثمانية مواضع تدور كلها بين الستر والمنع.
فمن ذلك: قال تعالى: {حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} (32) سورة ص أي: احتجبت وغابت عن البصر لما توارت بالجبل أو الأفق.
وقال تعالى:{وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ } (46) سورة الأعراف
وقال تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ } (51) سورة الشورى ، أي من حيث لا يراه.
وقال تعالى: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ} (15) سورة المطففين ، أي مستورون فلا يرونه.
وقال تعالى: {فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا} (17) سورة مريم ، أي ستارا.
وقال تعا لى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ} (53) سورة الأحزاب ، أي من وراء ساتر مانع للرؤية.
ومن هنا نعلم أن مفهوم الحجاب في الاصطلاح اللغوي هو الستر، وهو وإن دل على المنع فإن الستر داخل في مفهوم المنع بالتضمن. فالمنع يتضمن الستر.
في الشرع: الحجاب هو حجب المرأة المسلمة من غير القواعد من النساء عن أنظار الرجال غير المحارم لها .
أختي المسلمة: إذا تأملت دلالة الحجاب من حيث اللغة والشرع تبين لك أن غاية الحجاب هو الستر عن أنظار الرجال الأجانب، وأن المقصود من ذلك هو صيانة المرأة المسلمة والحفاظ على عفافها وطهارتها، ومن أجل تحقيق هذه الغاية فقد جعل الإسلام للحجاب شروطاً واضحة تميزه وتحدد مواصفاته الشرعية، فإذا تخلف شرط(5/528)
واحد متفق على وجوبه لم يعد الحجاب شرعياً بل هو تبرج وسفور أياً كان شكله ووصفه. ومن هنا كان واجباً على كل امرأة مسلمة أن تكون عالمة بشروط الحجاب وأوصافه حتى تعبد الله على بصيرة وعلم.
شروط الحجاب الشرعي
وأما شروط الحجاب الشرعي فهي كالتالي:
1- أن يكون ساتراً لجميع البدن: وهو الذي عليه عامة أهل العلم في هذا الزمان خصوصاً، "فغاية ما هنالك أن العلماء اختلفوا في وجوب ستر الوجه أو عدم وجوب ستره وحينئذ فيكون كشفه على أعلى تقدير من المباح، والمباح إذا خيفت منه الفتنة والمفسدة فإنه يجب منعه، للقواعد الشرعية التي دل عليها الكتاب والسنة، وهي سد الذرائع ووسائل الشر، وهذه المحاولات التي يحاود بعض الناس اليوم اتباع ما ذكره بعض أهل العلم من جواز كشف الوجه يحصل بها فتح الباب لدعاة السفور والاختلاط، ويدل لذلك أنهم يلحون في هذه المسألة مع أن هناك أشياء أهم منها في دين الله وأنفع منها لعباد الله لا تجدهم يتكلمون فيها أبداً، مع ضرورة الكلام فيها، ثم إننا نقول: انظروا إلى حال النساء في البلاد التي كانوا يتبعون فيها هذا القول الذي هو من مواضع الاجتهاد، هل اقتصر النساء فيها على ما أباحه لهن العلماء من كشف الوجه فقط أو أن النساء كشفن الوجه والرقبة والذراع والعضد والساق وخرجن متهتكات لستر الله عز وجل. والإنسان العاقل البصير يجب عليه أن يقيس الأمور بآثارها ومقتضياتها ويحكم عليها من هذه الناحية، والشرع والحمد لله واسع، فيه قواعد عامة تضبط الشر وتردعه وتمنعه . ومن أدلة استيعاب الحجاب لجميع بدن المرأة: قول الله جل وعلا: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} (59) سورة الأحزاب.
قال القرطبي رحمه الله: لما كانت عادة العربيات التبذل، وكن يكشفن وجوههن كما يفعل الإماء، وكان ذلك داعية إلى نظر الرجال إليهن، وتشعب الفكر فيهن، أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يأمرهن بإرخاء الجلابيب عليهن إذا أردن الخروج إلى حوائجهن .
وقال رحمه الله في تفسير الجلباب في قوله تعالى: {مِن جَلَابِيبِهِنَّ }: والصحيح أنه الثوب الذي يستر جميع البدن .
ومن السنة، ما رواه ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" لا تنتقب المرأة المحرمة، ولا تلبس القفازين " (رواه البخاري في صحيحه).
قال أبو بكر بن العربي- رحمه الله-: "قوله في حديث ابن عمر "لا تنتقب المرأة" وذلك لأن سترها وجهها بالبرقع فرض إلا في الحج. فإنها ترخي شيئاً من خمارها على وجهها غير لاصق به، وتعرض عن الرجال، ويعرضون عنها".
فعليك أختي المسلمة: بالحرص على أن يكون حجابك ساتراً لجميع بدنك لما في ذلك من البعد عن الشبهات وقطع الطريق عن الفساق الذين يتربصون ببنات المسلمين في هذه الأزمان لاسيما وأن مقتضى الورع والحشمة هو الستر والاحتجاب الكامل عن أنظار الرجال الأجانب وبالله التوفيق.(5/529)
2- أن لا يكون الحجاب في نفسه زينة: لأن الغاية من الحجاب هو تحصيل الستر والعفاف، فإذا كان الحجاب زينة مثيرة، فقد تعطلت بذلك الغاية منه. ولذلك نهى الله جل وعلا عن ذلك فقال: { وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا }(النور:31) فإبداء زينة الحجاب من التبرج المنهي عنه شرعاً، قال تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} (الأحزاب: 33)
قال الذهبي رحمه الله: ومن الأفعال التي تلعن عليها المرأة إظهار الزينة والذهب واللؤلؤ تحت النقاب، وتطيبها بالمسك والعنبر والطيب إذا خرجت، ولبسها الصباغات والأزر الحريرية والأفنية القصار، مع تطويل الثوب وتوسعة الأكمام وتطويلها، وكل ذلك من التبرج الذي يمقت الله عليه ويمقت الله فاعله في الدنيا والآخر، ولهذه الأفعال التي قد غلبت على أكثر النساء،قال عنهن النبي صلى الله عليه وسلم: ((اطلعت على النار، فرأيت أكثر أهلها النساء)).
أختي المسلمة: وتذكري أن كثيراً من المسلمات اليوم قد أخللن بهذا الشرط بقصد أو بغير قصد، فقد كثرت في الآونة الأخيرة أنواع من الحجب المزينة بأنواع من الزينة، وكم تهافتت عليها الغافلات إعجاباً بها.. وسوف نتطرق بإذن الله إلى بيان هذه الألبسة الدخيلة على الحجاب بالتفصيل في هذا الكتاب ، ونبين مدى مخالفتها للجلباب الشرعي وأقوال العلماء في ذلك.
3- أن يكون واسعاً غير ضيق: لأن اللباس الضيق يناقض الستر المقصود من الحجاب، لذلك إذا لم يكن لباس المرأة المسلمة فضفاضاً فهو من التبرج المنهي عنه، إذ إن عورة المرأة تبدو موصوفة بارزة، ويظهر حجم الأفخاذ والعجيزة ظهوراً كاملاً كما تظهر مفاصل المرأة مفصلاً مفصلاً وهذا كله يوجب تعلق النفوس الخبيثة والقلوب المريضة. فعن أسامة بن زيد قال: كساني رسول الله صلى الله عليه وسلم قبطية كثيفة كانت مما أهداها دحية الكلبي، فكسوتها امرأتي، ففال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مالك لم تلبس القبطية؟ " قلت: يا رسول الله، كسوتها امرأتي، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مرها فلتجعل تحتها غلالة إني أخاف أن تصف حجم عظامها".
وعن أم جعفر بنت مقعد بن جعفر أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت( يا أسماء إني قد استقبحت ما يصنع بالنساء أن يطرح على المرأة الثوب فيصفها)) فقالت أسماء: يا ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أريك شيئاً رأيته بالحبشة؟ فدعت بجرائد رطبة، فحنتها ثم طرحت عليها ثوباً، فقالت فاطمة: "ما أحسن هذا وأجمله تعرف به المرأة من الرجل فإن مت أنا فاغسليني أنت وعلي، ولا يدخل علي أحد" فلما توفيت غسلها علي وأسماء رضي الله عنهما)).
قال الألباني- رحمه الله- تعليقاً على الحديث: فانظر إلى فاطمة بضعة النبي صلى الله عليه وسلم كيف استقبحت أن يصف الثوب المرأة وهي ميتة، فلا شك أن وصفه إياها وهي حية أقبح وأقبح، فليتأمل في هذا مسلمات هذا العصر اللاتي يلبسن من هذه الثياب الضيقة ثم يستغفرن الله تعالى، وليتبن إليه وليذكرن قوله صلى الله عليه وسلم: "الحياء والإيمان قرنا جميعاً، فإذا رفع أحدهما رفع الآخر ".(5/530)
فعليك أختي المسلمة باقتفاء أثر أمهات المؤمنين فإن فيه صلاح الدنيا والدين وإياك والاغترار بما عليه جموع المتأخرين.
فكل خير في اتباع من سلف *** وكل شر في ابتداع من خلف
4- أن يكون صفيقاً لا يشف: فثياب المرأة إذا لم يكن صفيقاً فإنه يجسد جسمها ومواضع الفتنة فيها، وكذلك إذا كان شفافاً فإنه يبرز وجهها ولون بشرتها ويخالف الستر الذي هو غاية الحجاب.
وقد ورد وعيد شديد في النساء اللواتي يلبسن مثل هذه الألبسة التي هي أشبه بالعري إن لم تكن فتنتها أشد. فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم( صنفان من أهل النار لم أرهما، قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا" [رواه مسلم]. قال ابن عبد البر رحمه الله: "أراد صلى الله عليه وسلم من النساء اللواتي يلبسن من الثياب الشيء الخفيف الذي يصف ولا يستر، فهن كاسيات بالاسم، عاريات في الحقيقة" .
فعليك أختي المسلمة أن تتقي الله وتحتجبي الحجاب الواجب الذي لا يشف عن شيء من البدن ويقطع عن المسلمين طريق الفتن، وإياك والانجراف من تهاون في أمر الحجاب، فجعلن يتحايلن بلبس الشفاف الخفيف، فصورتهن صورة المحجبات وحقيقتهن عاريات ظاهرات. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
5- أن لا يكون مبخراً ولا مطيباً: وقد وردت أحاديث كثيرة في تحريم خروج المرأة متعطرة، فمن ذلك ما رواه أبو موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا من ريحها فهي زانية" .
وعن زينب الثقفية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا خرجت إحداكن إلى المسجد فلا تقربن طيباً)) [رواه مسلم والنسائي].
ومن الواضح أن المرأة إذا خرجت مستعطرة فإنها تحرك داعية الشهوة عند الرجال، لذلك ورد التحريم في ذلك قطعاً لدابر الفتنة وحفاظاً على طهارة المجتمع.
ومن تأمل حديث زينب وجد أن التحريم متعلق بالخروج إلى المسجد، وهو مكان طهارة وعبادة فما بال مريدة السوق والشوارع وغيرها.
6- أن لا يشبه لباس الرجال: لقوله صلى الله عليه وسلم: "ليس منا من تشبه بالرجال من النساء ولا من تشبه بالنساء من الرجال " .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يلبس لبسة المرأة والمرأة تلبس لبسة الرجل " .
وهذه الأحاديث نص في تحريم التشبه مطلقاً بالرجال سواء في اللباس أو في غيره، ومن هنا كان على المرأة المسلمة أن تحرص عن الابتعاد عن التشبه بالرجال في لباسها سواء كانت في البيت أو في خارج البيت لا سيما في عصرنا هذا، حيث اختلطت الأمور ولم يعد المسلم يميز في كثير من بلاد المسلمين بين الرجل والمرأة، لشدة التشبه بينهما في اللباس، وقد اكتسحت هذه الموجة جموعاً من المحجبات،(5/531)
فصرن يلبسن من ثياب الرجال تحت عباءاتهن مما يسقطهن في هذا المحظور والله المستعان.
7- أن لا يشبه لباس الكافرات: وذلك بأن تفصل المرأة المسلمة لباسها تفصيلاً يتنافى مع حكم الشرع وقواعده في موضوع اللباس، ويدل على تفاهة في العقل وفقدان للحياء مما ظهر في هذا العصر وانتشر باسم الموديلات التي تتغير من سيئ إلى أسوأ، وكيف ترضى امرأة شرفها الله بالإسلام ورفع قدرها، أن تكون تابعة لمن يملي عليها صفة لباسها، ممن لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر.
فاحذري أختي المسلمة: أن تتشبهي باليهود والنصارى أو غيرهم من المشركين في ملابسهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال( من تشبه بقوم فهو منهم)). وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: "رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم علي ثوبين معصفرين فقال: إن هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها".
8- أن لا يكون لباس شهرة: ولباس الشهرة هو الذي تلبسه المرأة لإلفات وجوه الناس إليها، سواء كان هذا الثوب رفيعا أو وضيعا، لأن علة التحريم هي تحقق الشهرة في الثياب، فقد روي عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من لبس ثوب شهرة في الدنيا، ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة، ثم ألهب فيه نارا .
فاحذري أختي المسلمة، من الوقوع في هذا المحظور، فإن الحجاب الواجب لا يتحقق إلا باستكمال هذا الشرط الذي غفل عنه كثير من المسلمات إذ يظن كثير منهن أن تفرد الثوب بوصف يجعله مشتهراً بين الناس ليس من المحظور في لبس الحجاب، ولذلك تفشت ظاهرة التنافس في مثل هذا اللباس والله المستعان.
أختاه: فهذه الشروط الثمانية هي الشروط المعتبرة عند العلماء في الحجاب، فإذا رمت الستر والعفاف والحشمة والحياء، وطاعة الله ورسوله، فعليك بمراعاتها في حجابك، فإن الحجاب لا يمكن أن يكون حجاباً إلا إذا استوفى تلك الشروط.
ولذلك فإن الحجاب مهما تغير لونه وشكله فهو في النهاية واحد،
إذ إنه منتظم على أية حال بتلك الشروط المذكورة. أما التبرج فهو أشكال وأنواع لا تتناهى، لأنه لا ينتظم بشرط، ولا يتقيد بقيد، ولا ينضبط بضابط، فهو خبط عشواء، تتفاوت درجات العرى وقلة الحياء فيه، بحسب تفاوت رغبة صاحبه.
فما هو التبرج؟ وما هي حدوده؟ وماذا عن الحجاب الجديد؟
حقيقة التبرج
بعد أن بينا حقيقة الحجاب ومعناه، وفصلنا شروطه وأوصافه، بقي لنا أن نعرف بالتبرج والسفور، وأن نفصل أوصافه وأشكاله حتى لا تقع في شراكه الغافلات، ممن تبرجن تبرج الجاهلية الأولى، وهن يحسبن أنهن يحسن صنعاً
1- مفهوم التبرج: والتبرج في الشرع هو: إظهار الزينة، وإبراز المرأة محاسنها. وقيل هو التبختر والتكسر في المشية .
والتبرج هو نقيض الستر والعفاف، وضد للحجاب إذ كل لباس تلبسه المرأة المسلمة في غير أهلها- وانخرم فيه شرط من شروط الحجاب المتفق عليها فهو تبرج وسفور.(5/532)
ومن هنا كان التبرج أشكالاً متعددة، وليس بالضرورة أن تكون الكاشفة عن ساقيها هي المتبرجة وحدها، وإنما يصدق التبرج على كل امرأة تخلف في لباسها شرط الحجاب.
2- التبرج كبيرة من الكبائر: فعن أبي هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات، مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا" .رواه مسلم،. وقوله صلى الله عليه وسلم " كاسيات عاريات " يصدق على الألبسة الشفافة والضيقة والقصيرة والخفيفة، وإذا كانت علة التحريم هي ضيق الثياب وقصرها فما بالك بالعري الصارخ بكشف الذراع والساق وغير ذلك.
يا أخت سابغة البرا قع في الأباطح والوعور
قري فديتك حيث لا تؤذيك لافحة الهجير
ودعي الجنوح إلى السفو ر، وخففي ألم العشير
النمر لو لزم الشرى من كان يطمع في النمور
والطير تأخذها شباك الصيد في ترك الوكور
أختي المسلمة: لقد أمرك الله بالحجاب، ونهاك عن التبرج فقال:{ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى } (33) سورة الأحزاب
قال القرطبي- رحمه الله-: المقصود من الآية مخالفة من قبلهن من المشية على تغنيج وتكسير وإظهار المحاسن للرجال، إلى غير ذلك مما لا يجوز شرعاً، وذلك يشمل الأقوال كلها ويعمها، فليلزمن البيوت، فإن مست الحاجة إلى الخروج فليكن على تبذل وتستر تام، والله الموفق . فالتزمي رعاك الله بنور الطاعة، فإن عزتك في الحجاب، ولو تأملت ما وصلت إليه نساء الغرب، وكثير من نساء بعض البلدان الإسلامية، لوقفت شاهدة على مثالب التبرج وأخطاره، ولعلمت أن الله جل وعلا ما-حرمه إلا لضرره الأكيد على الأفراد والمجتمعات.
يا من هديت إلى الإسلام راضية *** وما ارتضيت سوى منهاج خير نبي
إن الحجاب الذي نبغيه مكرمة *** لكل حواء ما عابت ولم تعب
نريد منها احتشاماً، عفة، أدباً *** وهم يريدون منها قلة الأدب
لا تحسبي أن الاسترجال مفخرة *** فهو الهزيمة أو لون من الهرب
صوني حياءك،صوني العرض،لا تهني *** وصابري واصبري لله واحتسبي
3- ما ليس من الحجاب: ولباس المرأة المسلمة لا يكون حجاباً في ذاته إذا فقد شرطاً فأكثر من الشروط المتفق عليها في الحجاب.
فكل لباس تلبسه المرأة في غير أهلها وكان كاشفاً لعورتها فهو تبرج.
وكذلك إذا كان زينة في نفسه أو شفافاً مظهراً لما يجب ستره من العورة، أو ضيقاً أو معطراً أو يشبه لباس الرجال أو يثير الناس لشهرته أو يشبه لباس الكافرات، فهو بواحد من هذه الأوصاف أو اكثر ليس من الحجاب المأمور به شرعاً بل هو تبرج وسفور.(5/533)
ومن هنا كان وصف التبرج متعلقاً بالإخلال بشروط الحجاب، وليس بوصف معين ترتديه المرأة المتبرجة، فصاحبة السروال الضيق والعري الصارخ تستوى هي وصاحبة العباءة الفاقعة الضيقة في استحقاق وصف التبرج لاشتراكهما في مطلق الإخلال بشروط الحجاب الشرعي وإن كانتا تفترقان من حيث الوصف في درجة العري والتبرج. فتأملي أختي المسلمة في هذا الأمر، فإن بعض الغافلات انطلى عليهن الأمر حتى ظنن أن التبرج هو العري، وأن لبس العباءة على أي شكل من الأشكال هو حجاب لا تبرج.
وإليك بعض أشكال التبرج حتى تكوني على بينة من الأمر:
1- التبرج الفاضح: وهذا التبرج تفهمه العامة والخاصة، لأنه يناقض الفطرة والغيرة والشرف تناقضاً لا مرية فيه. ويندرج تحته كل لباس تلبسه المرأة لتواكب به مستجدات الموضة العصرية " مهما تطلب ذلك منها من كشف لعورتها وهتك لسترها.
ويشمل ذلك: السراويل الضيقة المبرزة لجميع العورة بلا استثناء، والإزار الذي تلبسه المرأة من السرة إلى الركبة أو فوق الركبة أحياناً وهو ما يسمونه ب " المني جيب " و "الميكرو جيب ".
وكذلك الثياب الكاشفة للذراعين والصدر والعنق.
وأما العباءة والخمار فلا محل لها في هذا التبرج الفاضح.
ولأن هذا التبرج لا يعرف للحياء سبيلاً فإن صاحبته لابد أن تضع على وجهها من المساحيق والألوان ما تثير به إعجاب الناظرين، ومن الذهب والحلي ما تستميل به قلوب المتربصين، ومن زينة الشعر ونمص الحاجبين ما تفتن به المارين.
قل للجميلة أرسلت أظفارها *** إني لخوف كدت أمضي هاربا
إن المخالب للوحوش نخالها *** فمتى رأينا للظباء مخالبا
بالأمس أنت قصصت شعرك غيلة *** ونقلت عن وضع الطبيعة حاجبا
وغداً نراك نقلت ثغرك للقفا *** وأزحت أنفك رغم أنافك جانبا
من علم الحسناء أن جمالها *** في أن تخالف خلقها وتجانبا
وهذا النوع من التبرج ما ظهر في بعض الدول الإسلامية إلا بعد الاستعمار الغربي الكافر، فكان التبرج من أعظم المصائب التي غرسها ورعاها في بلاد المسلمين، حيث سخر كل طاقاته وإمكاناته في سبيل إخراج المرأة المسلمة إلى التبرج والسفور بعدما كان الحجاب لباسها لقرون طويلة. وكان لظهور الحركات التي تزعم الدعوة إلى تحرير المرأة الأثر الكبير في تسهيل المخططات الغربية المستهدفة لحجاب المرأة. ومن اطلع على الحملة التي شنها قاسم أمين وسعد زغلول وطه حسين وغيرهم من أحفاد اليهود على الحجاب والظروف التاريخية التي زامنت حملتهم، أدرك تمام الإدراك؟ أن تحريك فتنة التبرج والعري في العالم الإسلامي كان من أهم أهداف الاستعمار الغربي .
ومن المؤسف أن تلك الحملة الشيطانية حققت أهدافها في كثير من بلدان المسلمين حتى أصبح التبرج والسفور من دلالات تحرر المرأة ومن أبجديات التقدم والحرية إلى يومنا الحاضر!!(5/534)
لقد آن الأوان للمرأة المسلمة أن تكون في مستوى المجابهة والتحدي، وأن تافطن لمكائد الأعداء وأساليبهم في الترويج لأساليب التبرج والفساد، وأن تستعين بالله ثم بالعلم حتى لا تكون فريسة للذئاب.
2- التبرج الجديد: وهذا التبرج وإن صدق عليه مسمى السفور من حيث الوصف إلا أن شكله عموماً أشبه ما يكون بالحجاب، ولذلك تعتقد كثير من المسلمات أنه هو الحجاب المأمور به شرعاً وأن الأمر واسع لا ينبغي الحجر فيه.
إن التبرج الجديد هو الذي اصطلحوا على تسميته "بالحجاب العصري " وهو وإن كان مخلاً في الجملة بشروط الحجاب الشرعي إلا أنه لا يصل إلى درجة العري الفاضح، لكنه في النهاية يسمى تبرجاً وهو تعبير عن مرحلة انتقال لما هو شر منه. فأعداء الحجاب جعلوه "حلاً وسطاً" تساير به المرأة المسلمة تطورات الموضة والزينة، وفي الوقت نفسه تكون بعيدة عن التبرج الصريح. وما هو في الحقيقة إلا استدراج ماكر، بيته دهاقنة دور الأزياء والموضة، وأباطرة الدعوة إلى السفور والانحلال للقضاء على الحجاب الشرعي والنيل من بنات الإسلام وجواهر المجتمع ليسهل عليهم النيل من المسلمين جميعا كما جرت بذلك العادة في كثير من دول المسلمين.
4- ومن أنواع التبرج:
1- لبس الضيق من الثياب: ويصدق على كل لباس تلبسه المرأة في غير أهلها- بحيث يلتصق ببدنها ويبرزه للناظرين الأجانب، سواء كان هذا اللباس سروالاً أم عباءة أم غير ذلك، لأن علة التحريم هي الضيق المناقض للستر، وصاحبته تدخل في قوله صلى الله عليه وسلم: "ونساء كاسيات عاريات " كما سبق بيانه، ويدخل في هذا النوع من اللباس ما استحدثا كثير من الغافلات من الثياب الضيقة التي هي عبارة عن سروال وعباء. تصل إلى الركبة وقد تضع صاحبته حزاماً على خصرها إمعاناً في إظهار مفاتنها، وهذا كله من الأمور المنهي عنها في الحجاب لأنها تناقض غايته ومقصوده.
وصاحبات هذا النوع من الحجاب يصدق عليهن قول الشاعر:
إن ينتسبن إلى الحجاب *** فإنه نسب الدخيل
أهي التي فرض الحجاب *** لصونها شرع الرسول
جعل الحجاب معاذها *** من ذلك الداء الوبيل
ويدخل في هذا النوع من الثياب ما يسمى "بالكاب ":
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين: إنه قد كثر السؤال عما يسمى "بالكاب " وهو اللباس الذي تلبسه المرأة بدلاً عن العباءة والحقيقة أن هذا اللباس لا يكون ساتراً كما تستر العباءة إنه يبدي حجم الكتفين ويبدي حجم الرقبة ويبدي حجم الرأس ويبدي حجم اليدين، والذراعين والعضدين وإنه مع ذلك يعتبر مرحلة انتقال لما هو شر منه كما جرت به العادة.
إن الناس يتدرجون في الأشياء شيئاً فشيئاً حتى يصلوا إلى ما وصل إليه من يتبرجون تبرجاً ظاهراً لا إشكال في تحريمه .(5/535)
2- العباءة المفتوحة: أي التي تظهر من فتحتها الامامية ثياب المرأة وزينتها. لاسيما إذا كانت الشابة المسلمة أو المرأة تلبس سروالاً مجسماً لبدنها، وثياباً مبرزاً لصدرها فحينئذ يكون هذا اللباس أشد خطراً وفتنة، قال تعالى:{وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ } (31) سورة النور. -فإذا كان الله نهى عن الضرب بالرجل خوفاً من سماع الخلخال المستور فكيف بمن تلبس جميل الثياب ثم ترفع العباءة عنه ليراه الناس بأعينهم فيفتنهم، هان الفتنة بما يرى أعظم من الفتنة بما يسمع وليس الخبر كالمعاينة.
3- العباءة القصيرة: ومعلوم أن العباءة القصيرة لا تستر سائر البدن فهي كاشفة لبعض العورة، لاسيما إذا كانت المرأة تتعمد رفعها أو ترفها عن أسفل جسمها أو تشدها بيدها من فوق عجيزتها حتى يتبين حجمها، وهذا كله خلاف ما أمر الله به من الحجاب، قال تعالى: :{ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى } (33) سورة الأحزاب
وقال سبحانه: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} (31) سورة النور
4- العباءة المزوقة والمشبكة: ونعني بها التي تصل إلى درجة الشهرة لأنها تسبب الفتنة بإلفات وجوه الناظرين، لاسيما إذا كانت ألوانها زاهية مثيرة، وتزاويقها مغرية، وقد يكون فيها من التشبيك ما يظهر لحم المرأة في ذراعيها، فكل هذه الأنواع من المنهيات التي نهي الله جل وعلا عنها وكلها تدخل في قول الله جل وعلا: { وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ } (31) سورة النور، كما يدخل في ذلك أيضاً ما يسمى "نصف الكم " "وربع الكم " واتساع ما حول العنق وهو ما يسمى "الدلعة".
5- العباءة الشفافة: وهي التي تلتصق على جسد المرأة، فتبرز بدنها فتكون فتنتها أشد وأخطر، وهذا النوع من اللباس يدخل صاحبته في الوعيد الذي أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم : صنفان من أهل النار لم أرهما بعد...! وذكر منهما "نساء كاسيات عاريات " الحديث. إذ من شرط الحجاب أن يكون صفيقاً غير شفاف لكيلا تتجسم عورة المرأة ويتحقق الستر المقصود من الحجاب.
6- التشبه بالكفار أو الرجال: ويحرم على المرأة مطلقاً أن تتشبه بالكافرات أو بالرجال في لباسها سواء في بيتها أو غيره لعموم الأدلة الدالة على التحريم. فإذا تشبهت بالكافرات في لباسها فقد ارتكبت معصيتين: الأولى: التبرج والسفور لأنه لا يوجد في لباس الكافرات حجاب شرعي والثانية: التشبه بالكافرات لأن الله جل وعلا نهى عن ذلك. ويدخل في هذا الألبسة، ما اعتبر عادة وعرفاً من لباس الكافرات مما تظهره بيوت الأزياء والموضة الغربية. "وإننا لنأسف كل الأسف أن يأخذ أقوام من هذه الأمة المسلمة بكل ما ورد عليهم من عادات وتقاليد وشعارات من غير أن يتأنوا فيها وينظروا إليها بنظر الشرع والعقل " .
7- اللباس المبخر: فهو حجاب من حيث الوصف لكنه لا يحقق الستر وإبعاد أنظار الأجانب من حيث الأثر بل بالعكس يلفت وجوه الناس بطيبه القوي الرائحة فيفتن كل من في قلبه مرض من الرجال، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:إن المرأة إذا استعطرت فمرت بالمجلس فهي كذا وكذا يعني زانية لما .
أختي المسلمة: كانت هذه إشارات عابرة تدلك بإذن الله على المعنى الصحيح الشرعي للحجاب وتزيل ما حوله من شبهات، لا سيما في أيامنا هذه، حيث اختلطت(5/536)
الأمور وكثر الهرج، وأصبح العري تحرراً وتقدماً، والتبرج والسفور حجاباً، والحجاب والحشمة تشدداً! فإياك أن تفرطي في الحجاب، فإنه تعبير صامت عن جمال الحشمة والحياء، والطهارة والنقاء.
أختاه يا بنت الإسلام تحشمي *** لا ترفعي عنك الخمار فتندمي
صوني جمالك إن أردت كرامة *** كيلا يصول عليك أدنى ضيغم
حلل التبرج إن أردت رخيصة *** أما العفاف فدونه سفك دم
لا تعرضي عن هدي ربك ساعة *** عضي عليه مدى الحياة لتغنمي
وصلى الله على محمد وعلى اله وصحبه أجمعين
ـــــــــــــــــــ
مناقشة في تغطية الوجه
أبو سارة
المسائل المطروقة في المقال ما يلي: 1- العادات والتقاليد وعلاقتها بالحجاب.
2- آية الحجاب، هل هي خاصة بأمهات المؤمنين؟.
3- عورة النظر وعورة الصلاة.
4- رأي الشيخ الألباني في التغطية حال الفتنة.
5- حديث الخثعمية.
-----------------------
1- العادات والتقاليد وعلاقتها بالحجاب.
* قال صاحب المقال: "لأن هذا الرأي لم يبن على مجرد الدليل الشرعي فقط بل للخلفية الاجتماعية دور في تكوين نظرة المجتمع لهذه القضية وهي في الحقيقة قضية شائكة في مجتمع نشأ على قول واحد ولم تسعفه الدراسة النظامية والإعلام المقنن من الاطلاع على الرأي الآخر". أقول:
هذا هو قولهم دائما: خلفية اجتماعية، عادات وتقاليد... ألخ..
وهو مجانف للحقيقة تماما.. بل نحن نستدل على وجوب التغطية بآيات الكتاب والسنة، قال تعالى: {وإذا سألتموهن متاعا فسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن}.
وهذا نص صريح في وجوب تغطية الوجه وسائر البدن، ولما كان كذلك ادعى المخالفون أنه خاص بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وسيأتي تفصيل الكلام في هذا.
وقال: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن}.
وقد فسر ابن عباس رضي الله عنه الآية بقوله: " أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب، ويبدين عينا واحدة"، ومثله عن عبيدة السلماني.
وقال: { ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن}.
قال ابن مسعود: " الثياب"، أي العباءة أو الجلباب، فلا يمكن ستره، فمعفو عنه، وكذا إذا ما حرك الريح العباءة فظهر منها شيء دون قصد.(5/537)
وقال: { والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وأن يستعففن خير لهن}.
فالآية دالة على إباحة كشف الوجه للمرأة الكبيرة اليائسة من النكاح، قال الجصاص: " أباح لها كشف وجهها ويدها لأنها لا تشتهى".
وقال صلى الله عليه وسلم: ( إن المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان) رواه الترمذي وهذا نص صريح في وجوب ستر سائر البدن من غير استثناء.
فهذا النصوص وغيرها تدل بوضوح على أن ستر الوجه والكفين من الدين لا من العادات أو التقاليد الاجتماعية.
ويكفي أن تتأمل بعقلك وتفكر: أيهما أعظم فتنة: آلوجه أم القدم، فهل يعقل أن يأمر الشارع بحجب القدم ويأذن بكشف الوجه؟!.
بالنسبة للأعراف والتقاليد؛ فهي على قسمين:
قسم أصله الدليل الشرعي؛ فهو محمود، كحجاب المرأة وجهها..
وقسم لا أصل له، بل هو محرم في الشريعة؛ فهو مذموم، كدخول الرجل على الأجنبية.
إذن الأعراف والتقاليد التي نشأ عليها الناس لا يطلق عليها وصف الذم بإطلاق، ولا المدح، بل يستفصل فيها، فإن كان لها أصل من الشرع، نقبل بها ونعمل بها على جهة التدين، لا التقليد، وإن لم يكن لها أصل من الشرع فلا.
وعلى ذلك فما يوجد في المجتمع من عادات وتقاليد، فمنها المحمود الموافق للشرع، ومنها المذموم المخالف للشرع، لكن كلامنا هنا خاص بقضية تغطية الوجه.
فما نشأ ودرج عليه المجتمع من التغطية إنما هي عادة محمودة لها أصل شرعي؛ فمن الناس من يعمل بها على أنها عادة وتقليد، وهكذا كان أكثر الناس، ومنهم من يعمل بها على أنها دين وشريعة، وهذا ما صار إليه كثير من الناس اليوم.
والغرض من هذا بيان أن دعاة السفور ونزع الحجاب، يلبسون على الناس أمرهم، فيزعمون أن تغطية الوجه نتاج العادة والتقاليد التي ليس لها أصل في الدين، ويصرحون بهذا، أي أنه من قسم العادة المذمومة، يقصدون بذلك التهوين من شأن الحجاب، ليسهل نزعه، لأن العادات قد يستعاض عنها بغيرها من غير حرج ولا تأثم، وهذا بخلاف الدين، حيث إن المستعيض عنه بغيره آثم خاطيء.
وليس معنى هذا أن كل من قال: التغطية عادة؛ فبالضرورة أن يكون داعية لنزع الحجاب والسفور، كلا، بل قد يقول ذلك ظنا منه أن ذلك هو الحقيقة، وقوله ناتج عن قلة علمه بأدلة وجوب التغطية وأقوال العلماء فيها، وإلا لو تفقه في المسألة فلن يقول هذا أبدا.
وكيف يقول هذا، والعلماء مجمعون أن التغطية أفضل في كل حال، وأن الفتنة موجبة للتغطية؟!..
--------------------------
2- آية الحجاب، هل هي خاصة بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم؟.(5/538)
ذكرنا أن آية الحجاب صريحة في وجوب تغطية الوجه، ولما كان المخالفون يدركون هذا، ادعوا أنها خاصة بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم، ونحن نجيب على هذه الشبهة فنقول:
المقصود من الحجاب، هو طهارة قلب الرجل والمرأة، وهذا لا مرية فيه، وإذا تأملنا وجدنا نساء المؤمنين أحوج إلى طهارة القلب من أمهات المؤمنين، والسبب:
أنه لا مقارنة بين أمهات المؤمنين ونساء المؤمنين، فنحن لا نقدر أن نشهد لنساء المؤمنين بمثل ما نشهد به لأمهات المؤمنين من الصلاح والتقوى، ثم إن الرجال لا مطمع لهم في أمهات المؤمنين، خاصة في ذلك الزمن الذي كان الصلاح فيه غالبا، والصحابة متوافرون، بخلاف غيرهن، فإن مطمع الرجال فيهن متحقق، والأزمنة غير ذلك الزمان.
فإذا كان أمهات المؤمنين مأمورات بالحجاب فمن باب أولى نساء المؤمنين، لأن المعنى الذي لأجله أمر الأمهات رضوان الله عليهن بالتحجب، وهو طهارة القلب، أظهر وأحرى في نساء المؤمنين، للأسباب الآنفة.
وعلى ذلك فقول من يقول: إنه خاص بأمهات المؤمنين؛ قول مرجوح ضعيف، يخالف مقتضى الأصول الشرعية، بل والنصوص الصريحة، فقوله صلى الله عليه وسلم: ( المرأة عورة)، أي كلها، صريح في تغطية الوجه، وكذا آية الإدناء وآية النور، وقد ورد عن ابن مسعود وجوب التغطية، وكذا عن ابن عباس.
وما أشبه قول من يقول: التغطية خاصة بأمهات المؤمنين؛ بقول من يقول: القرار في البيت خاص بأمهات المؤمنين؛ بدعوى أن الخطاب جاء في حقهن، قال تعالى: { وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى}.
وهذا القول غير مقبول إطلاقا، فإن الشريعة طافحة بالأمر بلزوم النساء بيوتهن، وليس الحكم خاصا بالأمهات.
ثم كون الخطاب واقعا في حق أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، لا يمنع من انتشاره وشموله بقية النساء. فقول من يمنع ويخص لا يسنده دليل، إذ لو أخذنا بمثل هذا المفهوم، وقلنا: ما دام الخطاب موجها إلى الأمهات فهو يقتصر عليهن؛ كان ذلك قاضيا بأن يكون ما بعده كذلك خاصا بهن: { ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى}، فيكون حينذاك التبرج غير جائز في حقهن، جائز في حق غيرهن من سائر النساء؛ ولا قائل بهذا أبدا.
فكيف استثني التبرج فصار عاما شاملا، وقيد القرار والتغطية فصار خاصا؟!.
هذا هو التناقض..
فإن قيل: إن التبرج فيه نصوص أخرى تحرمه.
قيل: والتغطية والقرار فيه نصوص أخرى كذلك.
ثم نحن نقول نفس الخطاب فيه دلالة على أنه شامل لمن هن دون الأمهات، فإذا الطاهرات المتقيات الصالحات زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، أمهات المؤمنين رضوان الله عليهن، أمرن بالحجاب، بتغطية الوجه، والقرار في البيت، فغيرهن ممن لا يعلم صلاحن ولا تقواهن من باب أولى.
ومثل هذا قوله تعالى: { فلا تقل لهما أف}..(5/539)
فلا يصح في محكم العقول أن يقول قائل: الآية نهت عن التأفف ولم تنه عن السب أو الضرب.
فهذا فهم سقيم، فإن الآية إذ نهت عن أدنى الإثم، فهي ناهية عن الأعلى منه من باب أولى.
ومن فهم هذه المسألة زال عنه الإشكال إن شاء الله...
* قال الكاتب فضل الفضل: " ولكن قبل نقل النصوص لابد أن أشير إلى خطأ علمي يقع فيه كثير من يتكلم عن وجه المرأة وهو ربط الحجاب بالعورة وهذا خطأ شنيع فهناك فرق بين الحجاب وحد العورة " أقول:
استنشاع لا وجه له ولا معنى..
لكنه أراد بهذا المدخل أن يقرر ويؤصل لدعوى خصوصية الحكم بأمهات المؤمنين.. وكما قلت فيما سبق، في التعليق الأول على هذا المقال، أن هذه الآية:
{ وإذا سألتموهن متاعا فسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن}، نص صريح في وجوب تغطية الوجه لا مدفع له، وقد علم المجوزون للكشف هذه الحقيقة، فصاروا يدّعون الخصوصية، لكن الكاتب جاء بمعنى آخر، هو قصره معنى الحجاب على السترة التي تحجز الشخوص حتى لا تُرى؛ وهذه دعوى لا تسلم له.
فإن الحجاب أعم من ذلك وأشمل، فكل شيء حجز بين شيئين فهو حجاب، وعباءة المرأة وجلبابها حاجز بين النظر وبدن المرأة، ولا شك أن تسمية ذلك حجاب صواب، ومن هنا جاز تسمية الأعمى الضرير محجوبا، لكونه منع من النظر إلى الأشياء، فصار العمى حجابا بينه وبين الأشياء.. وهذا المعنى ذكره صاحب لسان العرب ـ الذي نقل عنه الكاتب ـ فقال: والمحجوب: الضرير"... 3/51
ولو أن الكاتب قرأ قليلا بعد الموضع الذي نقل منه من اللسان لتراجع عن هذا القصر الخاطيء لمعنى الحجاب، والذي بنى عليه أن الحجاب خاص بأمهات المؤمنين، على معنى أنه لا يجوز لهن إظهار شخوصهن إلا للضرورة كما نقل ذلك عن القاضي عياض.. .... وقد ذهب إلى القول بأن الآية عامة في حق جميع النساء طائفة من المفسرين على رأسهم ابن جرير، الذي قد نقل الكاتب كلامه مجتزأ، حيث نقل آخره، وترك أوله الذي فيه التصريح بأن الآية عامة، وكان ذلك خطأ منه، فإن احتجاجه بقول ابن جرير في هذا الموضع موهم بأن ابن جرير يقول بالخصوص، وليس كذلك، وإليك كلامه بالتمام، قال ابن جرير:
" يقول: وإذا سألتم أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم ((ونساء المؤمنين اللواتي لسن لكم بأزواج)) متاعا {فاسألوهن من وراء حجاب}، يقول من وراء ستر بينكم وبينهن، ولا تدخلوا عليهن بيوتهن.
{ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن}، يقول تعالى ذكره: سؤالكم إياهن المتاع إذا سألتموهن ذلك من وراء حجاب أطهر لقلوبكم وقلوبهن من عوارض العين فيها، التي تعرض في صدور الرجال من أمر النساء، وفي صدور النساء من أمر الرجال، وأحرى من أن لا يكون للشيطان عليكم وعليهن سبيل" ..(5/540)
إذن، ابن جرير يرى أن الآية تشمل نساء المؤمنين، وليست خاصة بالأمهات رضوان الله عليهن، فكيف ساغ للكاتب أن يستشهد بكلامه في معرض احتجاجه على أن الآية خاصة بالأمهات؟!.
هذا وهناك جمع من المفسرين ذهبوا إلى هذا القول منهم:
- الجصاص قال: " وهذا الحكم وإن نزل خاصا في النبي صلى الله عليه وسلم وأزواجه، ((فالمعنى عام فيه وفي غيره))".
- قال القاضي ابن العربي في هذه الآية: " والمرأة كلها عورة، بدنها وصوتها، فلا يجوز كشف ذلك إلا لضرورة".
- قال القرطبي: " في هذا الآية دليل على أن الله تعالى أذن في مسألتهن من وراء حجاب في حاجة تعرض، أو مسألة يستفتين فيها،(( ويدخل في ذلك جميع النساء بالمعنى)) وبما تضمنته أصول الشريعة من أن المرأة كلها عورة، بدنها وصوتها".
- قال ابن كثير في تفسير قوله: { لا جناح عليهن في آبائهن.. }: " لما أمر الله النساء بالحجاب عن الأجانب بين أن هؤلاء الأقارب لا يجب الاحتجاب عنهم".
- قال الشنقيطي في أضواء البيان:
" تعليله تعالى لهذا الحكم الذي هو إيجاب الحجاب بكونه أطهر لقلوب الرجال والنساء من الريبة في قوله تعالى: { ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن}، قرينة واضحة على إرادة تعميم الحكم، إذ لم يقل أحد من جميع المسلمين إن غير أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لا حاجة إلى أطهرية قلوبهن وقلوب الرجال من الريبة منهن، وقد تقرر في الأصول أن العلة قد تعمم معلولها، وإليه أشار في مراقي السعود بقوله:
وقد تخصص وقد تعمم.... لأصلها لكنها لا تخرم
قال: وبما ذكرنا تعلم أن في هذه الآية الكريمة الدليل الواضح على أن وجوب الحجاب حكم عام في جميع النساء لا خاص بأزواجه صلى الله عليه وسلم، وإن كان أصل اللفظ خاصا بهن، لأن عموم علته دليل على عموم الحكم فيه، ومسلك العلة الذي دل على أن قوله تعالى: { ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن}، هو علة قوله تعالى: { فاسألوهن من وراء حجاب} هو المسلك المعروف في الأصول بمسلك الإيماء والتنبيه، وضابط هذا المسلك المنطبق على جزئياته:
هو أن يقترن وصف بحكم شرعي على وجه لو لم يكن فيه ذلك الوصف علة لذلك الحكم لكان الكلام معيبا عند العارفين..
فقوله تعالى: { ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن}، لو لم يكن علة لقوله تعالى: { فاسألوهن من وراء حجاب}، لكان الكلام معيبا غير منتظم عند الفطن العارف.
وإذا علمت أن قوله تعالى: {ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن}، هو علة قوله: {فاسألوهن من وراء حجاب}، وعلمت أن حكم العلة عام، فاعلم أن العلة قد تعمم معلولها، وقد تخصصه، كما ذكرنا في بيت (مراقي السعود) وبه تعلم أن حكم آية الحجاب عام لعموم علته.
وإذا كان حكم هذه الآية عاما بدلالة القرينة القرآنية، فاعلم أن الحجاب واجب بدلالة القرآن على جميع النساء".(5/541)
فهذا الكلام المؤصل لهذه المسألة من حيث الأصول يؤكد أن الآية عامة، ولا خلاف في أنها تدل على وجوب ستر سائر البدن بغير استثناء، ومن ثم فالصواب والحق هو وجوب حجاب الوجه على سائر النساء.
وما نقله الكاتب عن القاضي عياض من قوله: " لا خلاف في أن فرض ستر وجه المرأة مما اختص به أزواج النبي صلى الله عليه وسلم.."..
قول مردود، وكيف يقول: لا خلاف؛ مع ورود كافة الأقوال السابقة وغيرها المعروفة، التي توجب غطاء الوجه على سائر النساء، وكذا ما ثبت عن ابن مسعود رضي الله عنه، الذي لا يختلف الناس في أنه كان يرى وجوب الستر على جميع النساء وكذا ما ورد عن ابن عباس أيضا؟!.
إضافة...
قررنا فيما سبق أن قوله تعالى: { وإذا سألتموهن متاعا فسألوهن من وراء حجاب}، يدل على وجوب تغطية كل بدن المرأة بما في ذلك الوجه واليدين، وأبطلنا دعوى من يقول أنها خاصة بأمهات المؤمنين.
ونزيد هنا بيانا فنقول:
الآية تنهى عن الدخول على نساء النبي صلى الله عليه وسلم، وأن من أراد سؤال شيء فليكن من خارج البيت، قال ابن جرير: " يقول من وراء ستر بينكم وبينهن، ولا تدخلوا عليهن بيوتهن".
إذن الآية جاءت في الدخول على النساء بيوتهن، يدل على هذا أن الآية نزلت في ذلك، قال تعالى:
{ يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم... }.. إلى أن قال: { وإذا سألتموهن متاعا ..}.. والاعتراض الموجه إلى القائلين بأنها خاصة بأمهات المؤمنين أن يقال:
على مقتضى قولكم بالتخصيص، فإنه يجوز للرجال أن يدخلوا بيوت نساء المؤمنين وسؤالهن من غير حجاب، باعتبار أن الآية واردة في حق الأمهات فحسب..
وهذا من أبطل الباطل، ولا يقوله به أحد أبدا، ولن ينجيكم من هذا المزلق إلا أن تقولوا المنع عام، فلا يجوز دخول الرجال على النساء في بيوتهن وسؤالهن إلا من وراء حجاب، يستوي في ذلك النساء والأمهات. فثبت بذلك أن الآية عامة، تنهى عن دخول الرجال على النساء بيوتهن إذا أرادوا شيئا، وجاء الخطاب في حق نساء النبي صلى الله عليه وسلم، لكن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، كما هو مقرر في الأصول.
3- عورة النظر وعورة الصلاة.
* قال الكاتب: " وفي الحقيقة أن كلامه هو الأكذوبة العلمية التي نالها هو من قلة اطلاعه والنقل عمن أخفى تلك الحقيقة وإليك الدليل على أن هذا القول ليس بأكذوبة علمية. يقول النووي (المشهور من مذهبنا أن عورة الحرة جميع بدنها إلا الوجه والكفين وبهذا كله قال مالك وطائفة وهي رواية عن الإمام أحمد.... ومن قال عورة الحرة جميع بدنها إلا وجهها الأوزاعي وأبو ثور، وقال أبو حنيفة والثوري والمزني(5/542)
قدماها أيضا ليس بعورة، وقال أحمد جميع بدنها إلا وجهها فقط) المجموع ج3 ص 175.
وقال ابن هبيرة - من أعلام المذهب الحنبلي - (قال أبو حنيفة وكلها عورة إلا الوجه والكفين والقدمين... وقال الشافعي: كلها عورة إلا وجهها وكفيها، وقال أحمد في إحدى روايتيه: كلها عورة إلا وجهها وكفيها كمذهبهما، والرواية الأخرى: كلها عورة إلا وجهها خاصة وهي الرواية المشهورة) الإفصاح عن معاني الصحاح ج1 ص 86.
قال ابن عبد البر في التمهيد (قال مالك وأبو حنيفة والشافعي وأصحابهم وهو قول الأوزاعي وأبو ثور على أن المرأة تغطي منها ما سوى وجهها وكفيها) التمهيد لابن عبدالبرج 6 ص364 . من هذا النقل يتضح أن هذا القول هو قول الجمهور وليس أكذوبة علمية."
أقول:
يقولون: "اختلف العلماء في الوجه واليدين بالنسبة للمرأة، فمنهم من أجاز لها كشفها، ومنهم من منع".. لكن الذي نعتقد أن كثيرا من الناس لم يفهم حقيقة هذا الخلاف بين أهل العلم..
والحقيقة تبرز إذا عرفنا أن الكلام عن عورة المرأة إنما يذكر دائما في " باب شروط صحة الصلاة"، فيقول العلماء:
" وكل المرأة عورة إلا وجهها وكفيها"..
وهم إنما يقصدون عورتها في الصلاة، لا عورتها في النظر..
وعورة الصلاة ليست مرتبطة بعورة النظر لاطردا ولا عكسا، فما يجوز كشفه في الصلاة بالنسبة للمرأة هو الوجه بالإجماع، واليدين عند جمهور العلماء، والقدمين عند أبي حنيفة وهو الأقوى..
أما خارج الصلاة فلا يجوز كشف ذلك أبدا، فإذا قيل: " إن وجه المرأة وكفيها ليستا بعورة"..
فهذا المذهب إنما هو في الصلاة إذا لم تكن بحضرة الرجال، وأما بالنسبة لنظر الأجنبي إليها فجميع بدنها عورة لابد من ستره عن الأجنبي لقوله عليه الصلاة والسلام: ( المرأة عورة) ..
قال موفق الدين ابن قدامة:
" وقال مالك والأوزاعي والشافعي: جميع المرأة عورة إلا وجهها وكفيها، وما سوى ذلك يجب ستره في الصلاة" .
وقال ابن القيم: " العورة عورتان: عورة في الصلاة، وعورة في النظر، فالحرة لها أن تصلي مكشوفة الوجه والكفين، وليس لها أن تخرج في الأسواق ومجامع الناس كذلك" .
وقال البيضاوي في تفسير قوله تعالى: {ولايبدين زينتهن إلا ماظهر منها}:
"والمستثنى هو الوجه والكفان لأنهما ليستا من العورة، والأظهر أن هذا في الصلاة لا في النظر، فإن كل بدن الحرة عورة، لا يحل لغير الزوج والمحرم النظر إلى شيء منها إلا لضرورة" .(5/543)
وقال الصنعاني: "ويباح كشف وجهها حيث لم يأت دليل بتغطيته، والمراد كشفه عند صلاتها بحيث لا يراها أجنبي، فهذه عورتها في الصلاة، وأما عورتها بالنظر إلى نظر الأجنبي إليها فكلها عورة كما يأتي تحقيقه" .
فهذه النقول عن أهل العلم كافية لإثبات الفرق بين حدود العورة وحدود الحجاب..
وعليه فلا يصح أبدا ما قد يذكره بعض الناس من إجماع العلماء على جواز كشف الوجه واليدين، فبالإضافة إلى كونه جهلا بمواقف العلماء هو كذلك جهل بحقيقة الخلاف بينهم.
فمن ورد عنهم جواز كشف الوجه واليدين على قسمين:
قسم لا يجيز ذلك بإطلاق، بل يخصه في الصلاة فقط، ويحرمه عند وجود الرجال الأجانب، وهذا القسم لم يفهم بعض الناس قوله، فلما سمعه يقول: " والمرأة كلها عورة إلا وجهها وكفيها"..
ظن أن ذلك بالعموم حتى في النظر، فحمل قوله على جواز الكشف مطلقا، وهذا خطأ، فإنهم لم يقصدوا التعميم. فهذا سبب من أسباب الاختلاف في المسألة. ( انظر: عودة الحجاب228-233)
القسم الآخر أجاز الكشف بإطلاق..
والمقصود من هذا تحرير كلام العلماء الذين ورد عنهم جواز الكشف، وأنه لا بد من التدقيق في كلامهم، فكثير منهم قصد الصلاة، ولم يقصد ذلك بإطلاق..
وقد نقل الأخ الكاتب كلاما لابن عبد البر، وهو ما يلي:
* "قال ابن عبد البر في التمهيد (قال مالك وأبو حنيفة والشافعي وأصحابهم وهو قول الأوزاعي وأبو ثور على أن المرأة تغطي منها ما سوى وجهها وكفيها) التمهيد لابن عبدالبرج 6 ص364 . من هذا النقل يتضح أن هذا القول هو قول الجمهور وليس أكذوبة علمية." أقول: الأخ الكاتب قفز كلمات مهمة تبين أن كلام الإمام ابن عبد البر إنما كان في الصلاة، وهاك تمام كلامه: قال ابن عبد البر: " وقد أجمعوا أن المرأة تكشف وجهها في الصلاة، والإحرام، وقال مالك وأبو حنيفة والشافعي، وأصحابهم، وهو قول الأوزاعي وأبي ثور: على أن المرأة تغطي منها ما سوى وجهها وكفيها".. التمهيد 6/364.
من الواضح جدا أن سياق الكلام في عورة الصلاة لا عورة النظر، ولا أدري كيف غفل الكاتب عن تلك الجملة المهمة السابقة مباشرة لما نقله؟!.
ومما يدلك على أن المقصود عورة الصلاة، ما نقله الكاتب أيضا عن النووي حيث قال: "(وقال أبو حنيفة والثوري والمزني قدماها أيضا ليس بعورة، وقال أحمد جميع بدنها إلا وجهها فقط)" المجموع ج3 ص 175.
موطن الشاهد: ذكر القدمين.. فمعلوم أن أحدا لم يقل أن القدمين ليستا بعورة في النظر، بل هم مجمعون على أنهما عورة في باب النظر، إنما الخلاف في الوجه واليدين، وإنما جاء ذكر القدم في كلامهم هنا، لأن الكلام في عورة الصلاة ...
فليتنبه لمثل هذا..
* ذكر الكاتب أن أول من قال بالتفريق بين عورة الصلاة وعورة النظر هو ابن تيمية وتابعه عليه ابن القيم.. هنا يقال:(5/544)
لا ينبني على هذا كبير فائدة؛ سواء كان كذلك أو غير ذلك، فالأمر واحد، ذلك لأن ابن تيمية لم يخترع شيئا جديدا في الدين أو قولا محدثا، غاية الأمر أنه فصل وفسر وبيّن حقيقة كلام أهل العلم، فنبه إلى أن القول بأن جمهور العلماء يقولون بكشف الوجه اعتمادا على ما جاء عنهم في باب شروط الصلاة، ليس دليلا كافيا في نسبة ذلك القول إليهم؛ وقد صدق في هذا.
فليس قولهم بجواز كشف الوجه في الصلاة دليلا على جواز الكشف مطلقا، لما بين الكشف في الصلاة والكشف خارجها من فرق ظاهر واضح، عكس ما قاله الكاتب، وبيان ذلك:
أن الكاتب أراد أن يبين خطأ التفريق بين عورة الصلاة وعورة النظر من حيثيتين:
ـ من حيث اللغة..
ـ من حيث اتهام من يقول بالتفريق للفقهاء بالخلط بينهما؛ على حد قوله.
وجواب ما ذكره في الأصل اللغوي أن يقال:
( العورة) كذا بأل العهدية ينصرف إذا ذكر إلى العورة المعروفة، وهي عورة النظر.. نعم هو كذلك، لكن ذكرها في باب شروط الصلاة أخرجها من كونها معهودة، فصارت مقيدة بالصلاة، فيقال: عورة المرأة في الصلاة.. فهنا مقيدة وليست عامة ولا عهدية؛ فتبين من هذا أن ما ذكره الكاتب غير صحيح..
فالعلماء إن ذكروا العورة في باب شروط الصلاة فهي مقيدة، ولو ذكرت بأل العهدية، لكونها مدرجة تحت باب شروط الصلاة..
وإن ذكروها بقولهم: عورة المرأة في الصلاة؛ فهي مقيدة في نفس الجملة، كما هو ظاهر، بل الأغلب ذكرها منكرة لا معرفة بأل العهدية، عكس ما ذكره الكاتب بقوله: *** "وهكذا تذكر (العورة) في هذا المبحث الفقهي معرفة بأل العهدية أي إنها العورة المعروفة المعهودة وهي عورة النظر"..
وللتأكد انظر ما نقله الكاتب في مقاله من أقوال أئمة المذاهب:
فقد نقل عن المرغيناني: ( بدن المرأة ((عورة)) كلها إلا وجهها وكفيها .. )..
وعن ابن عبد البر في التمهيد: " الحرة كلها ((عورة)) مجتمع على ذلك إلا وجهها وكفيها)...
وعن الشافعي: " والمرأة كلها ((عورة)) إلا وجهها وكفيها"..
وعن الشيرازي: "وأما الحرة فجميع بدنها ((عورة)) إلا وجهها وكفيها"..
وكذا عن أحمد: " كلها ((عورة)) إلا وجهها وكفيها.. ".
وانظر بقية النقول تجد الأمر كما بينته لك...
ولا أدري هنا أيضا: هل كان الكاتب غافلا وهو يقول: "وهكذا تذكر (العورة) في هذا المبحث الفقهي معرفة بأل العهدية أي إنها العورة المعروفة المعهودة وهي عورة النظر"؛ عن حقيقة النقولات التي جاء بها، والتي تضاد ما ذكره؟!.
فالأقوال التي نقلها هو بنفسه عن الأئمة تبين أنهم في الغالب يذكرون العورة منكرة خالية من " أل " العهدية.
وقد خلص من قوله هذا إلى أن عورة النظر هي عورة الصلاة، من غير فرق!!!!!!..(5/545)
أما وقد تبين خطأ دعواه من أن الفقهاء يذكرون العورة معرفة بأل العهدية، وأن الحقيقة أنهم إنما يذكرونها منكرة مضافة مقيدة، فإن ما بنى عليه من اتحاد عورة الصلاة وعورة النظر لا يقوم ولا يصح ولا يثبت، بل الثابت التفريق بينهما، ومما يؤكد هذا: أنه لا خلاف بين المجيزين للكشف أن التغطية ـ خارج الصلاة ـ أفضل من الكشف.
فالتغطية أمام الأجانب إما أن تكون واجبة عند جمع من أهل العلم، أو مفضلة عند غيرهم، أما في الصلاة فالكشف واجب عند الجميع. كما ذكر ابن عبد البر في التمهيد 6/365...
فلو كانت العورتان ـ النظر والصلاة ـ متحدتان لما وجد هذا الفرق فيهما في تغطية الوجه..
--------------------------
أما عن الخطأ الثاني بحسب تعبير الكاتب؛ فإن أحدا لم يتهم الفقهاء المتقدمين بالخلط بين عورة الصلاة وعورة النظر، إنما الخلط فيمن حمل كلامهم على الاتحاد بينهما وجعلهما شيئا واحدا ـ كما تبين من التفصيل الآنف ـ ..
وهنا نقول:
لا ننفي أن يكون من يقول بجواز كشف الوجه واليد في الصلاة أن يقول بمثل ذلك خارج الصلاة، إنما الذي نريد بيانه أن قول الإمام من الأئمة في حد عورة النظر لا يؤخذ مما ورد عنه في حد عورة الصلاة بمجرده.. بل لا بد أن يرد عنه قول آخر صريح وواضح في حد العورة خارج الصلاة.. كأن يقول: عورة المرأة مع الرجل، أو عورة المرأة مع الأجانب.. ونحوها...
فهذا النوع من التصريح واضح، وعليه يصح الاعتماد لنسبة القول بجواز الكشف إلى من صدر عنه.. أما ذكر الأئمة حد عورة المرأة في باب شروط الصلاة، بمجرده، فليس كافيا في إثبات أن الإمام يقول بأن عورة الصلاة هي عورة الرجل... ..... وقبل أن أنهي الكلام على هذه النقطة أذكر ما يلي:
البحث هنا إنما هو في نسبة الكلام إلى الأئمة، هل صح عنهم القول بالكشف؟، وهل ما ورد عنهم في الكشف الصلاة كاف في إثبات أنهم يقولون بالكشف أمام الأجانب؟ ... وليس البحث في أدلة الكشف..
ننبه إلى هذا، حتى يعلم أن الأصل في معرفة الأحكام الشرعية هي الأدلة الصحيحة، وليس مجرد معرفة الأقوال الواردة.
-----------------
4- رأي الشيخ الألباني في التغطية حال الفتنة.
* قال الكاتب : " وإنما الأكذوبة العلمية هي القول إن القائلين بجواز كشف الوجه يوجبون ستره عندما تكون المرأة شابة ويخشى على غيرها الفتنة بها وعن هذه المسألة يقول الشيخ الألباني في كتابه جلباب المرأة المسلمة (ثم غلا أحد الجهلة من المقلدين المعاصرين فنسب هذا الشرط إلى الأئمة أنفسهم فنتج من ذلك عند بعض من لا علم عنده إلا التحطيب والتحويش أن لا خلاف بين الأئمة) إلى أن يقول (والحقيقة أن هذا الشرط المذكور وإنما ذكره العلماء ومنهم مؤلف كتاب الفقه على المذاهب(5/546)
الأربعة في نظر الرجل إلى وجه المرأة فقالوا (يجوز ذلك بشرط أمن الفتنة) وهذا حق بخلاف ما فعله المقلدة.....) ص 16 "
أقول:
في مقال لي بعنوان:
http://209.39.13.51:81/sahat?128@55.mueUaDEbacG^1@.eeaf302
بينت بالأدلة أن تغطية الوجه واجبة بإجماع العلماء في زمن الفتنة، وعلى ذلك قول المجيزين لكشف الوجه..
وقد كنت سردت قول الأحناف لأبين أنهم يقولون بذلك، وكذا بقية المذاهب، فالقول بوجوب التغطية زمن الفتنة حقيقة ثابتة عن القائلين بجواز الكشف، وليست أكذوبة علمية...
والذي يبين هذا، ما ورد عنهم، فما ورد عنهم ليس غيبا، بل هو مكتوب في الكتب، وبيانا للحقيقة سأنقل هنا قول الأحناف، على أن أورد بقية الأقوال إن شاء الله في موضعه..
-------------
هذا إيراد لأقوال أئمة المذاهب الأربعة في وجوب التغطية حال الفتنة ( نقل هذه الأقوال وغيرها الشيخ محمد إسماعيل المقدم في كتابه العظيم الذي ننصح بقراءته "عودة الحجاب").:
--------------------------------
أولا: قول الحنفية..
1- قال الجصاص في تفسير قوله تعالى: { يدنين عليهن من جلابيبهن}:
" في هذه الآية دلالة على أن المرأة ((الشابة)) مأمورة بستر وجهها من الأجنبي، وإظهار الستر والعفاف عند الخروج، لئلا يطمع أهل الريب فيهن".
2- وقال الطحاوي: " وتمنع المرأة ((الشابة)) من كشف الوجه بين الرجال، لا لأنه عورة، بل لخوف ((الفتنة))، كمسه، وإن أمن الشهوة، لأنه أغلظ". رد المحتار على الدر المختار 1/272
3- قال ابن عابدين في شرحه:
" تمنع من الكشف لخوف أن يرى الرجال وجهها فتقع ((الفتنة))". المصدر السابق
4- نقل ابن عابدين عن صاحب المحيط قوله:
" ودلت المسألة على أن المرأة منهية عن إظهار وجهها للأجانب بلا ضرورة". المصدر السابق 2/189
5- قال الإمام محمد أنور الكشميري:
" يجوز الكشف عند الأمن عن ((الفتنة))، على المذهب، وأفتى المتأخرون بسترها لسوء حال الناس". فيض الباري على صحيح البخاري 1/254
6- قال ابن نجيم:
" وفي فتاوى قاضيخان: ودلت المسألة على أنها لا تكشف وجهها للأجانب من غير ضرورة" البحر الرائق شرخ كنز الدقائق 2/381(5/547)
وقال أيضا: " قال مشايخنا: تمنع المرأة ((الشابة)) من كشف وجهها بين الرجال في زماننا(( للفتنة))". نفس المصدر 1/284
7- وفي الهدية العلائية: " وتمنع ((الشابة)) من كشف وجهها خوف ((الفتنة))"..
8- وفي المنتقى:
" تمنع ((الشابة)) من كشف وجهها، لئلا يؤدي إلى الفتنة، وفي زماننا المنع واجب، بل فرض لغلبة الفساد".
وأقوال بقية المذاهب لا تختلف كثيرا عن قول الأحناف..
أما الشيخ الألباني رحمه الله تعالى فقد ذكر أن المتأخرين من الأحناف قيدوا كشف الوجه بشرط أمن الفتنة؛ ومفهوم الكلام أن المتقدمين لم يقيدوا.. وهذا نص كلامه:
" من عجائب المتأخرين من الحنفية المقلدين وغيرهم أنهم ـ تقليدا منهم لأئمتهم ـ يتفقون معنا على المخالفين المتشددين، ولكنهم سرعان ما يتفقون معهم على أئمتهم! وذلك أنهم اجتهدوا ـ وهم المقلدون ـ فقيدوا مذهب الأئمة فقالوا: "بشرط أمن الفتنة"؛ يعنون: فتنة الرجال بالنساء، ثم غلا أحد الجهلة من المقلدة المعاصرين فنسب هذا الشرط إلى الأئمة أنفسهم! فنتج من ذلك عند بعض من لا علم عنده إلا التحطيب والتحويش: أن لا خلاف بين الأئمة والمخالفين!. " جلباب المرأة المسلمة ص15-16
مفهوم كلام الشيخ أن الأئمة المتقدمين لم يذكروا هذا الشرط؛ لكن عدم الذكر لا يعني عدم قولهم به، إذ الحامل على ذكر الشرط قد لا يكون موجودا في زمانهم، بخلاف الذين ذكروه، فإنهم ما ذكروه إلا لغلبة الفساد، يدل على هذا ما سبق نقله، من ذلك:
- قال الإمام محمد أنور الكشميري:
" يجوز الكشف عند الأمن عن ((الفتنة))، على المذهب، وأفتى المتأخرون بسترها ((لسوء حال الناس))". فيض الباري على صحيح البخاري 1/254
- قال ابن نجيم:
" قال مشايخنا: تمنع المرأة ((الشابة)) من كشف وجهها بين الرجال في زماننا(( للفتنة))". نفس المصدر 1/284
- وفي المنتقى:
" تمنع ((الشابة)) من كشف وجهها، لئلا يؤدي إلى الفتنة، ((وفي زماننا المنع واجب، بل فرض لغلبة الفساد))".
هذه النقول توضح أن الفتوى جاءت لواقع الحال، والشيخ رحمه الله يوافق على هذا ـ بالرغم مما يظهر عنه من خلاف ذلك ـ فإنه يقرر في الموضع ذاته في كتابه "جلباب المرأة المسلمة" أن الفتنة والخشية على الخلق والدين موجب ـ لا أقول للتغطية فحسب ـ بل للزوم البيت وعدم الخروج منه، انظر ماذا يقول:
" ولو أنهم قالوا: يجب على المرأة المتسترة بالجلباب الواجب عليها إذا خشيت أن تصاب بأذى من الفساق لإسفارها عن وجهها: (((أنه يجب عليها في هذه الحالة أن تستره دفعا للأذى والفتنة)))، لكان له وجه في فقه الكتاب والسنة..
بل قد يقال: (((إنه يجب عليها أن لا تخرج من دارها إذا خشيت أن يخلع الجلباب من رأسها))) من قبل بعض المتسلطين الأشرار المدعمين من رئيس لا يحكم بما أنزل الله، كما وقع في بعض البلاد العربية منذ بضع سنين مع الأسف الشديد؛ أما أن يجعل(5/548)
هذا الواجب شرعا لازما على النساء في كل زمان ومكان، وإن لم يكن هناك من يؤذي المتجلببات فكلا ثم كلا.. " جلباب المرأة المسلمة ص17
فهو بالرغم من قوله بجواز كشف الوجه على وجه الإباحة ـ مع كونه يرى الأفضل هو التغطية ـ إلا أنه يرى، لا أقول وجوب التغطية فحسب، بل وجوب القرار في البيت، ألا تخرج أصلا، إذا صار الزمان زمان فتنة، يتعرض فيه السفهاء للصبايا واليافعات.. هذا واضح من كلامه، ونحن نقول:
ألا ترون قدر الفتنة التي تكون اليوم جراء خروج الفتاة من بيتها؟..
الخروج لوحده يستفز السفهاء ليحوموا حول الحمى، من أجل التحرش والأذى، فما بالكم حينما تكشف عن وجهها، وكلكم سمع ورأى من مثل هذا، ما صار معلوما مشهورا؟.
هذا بالإضافة إلى الكيد الكبير الذي يخطط له أعداء الحجاب، وهو معلوم لا يخفى..
إذن، نحن نعيش حالة حرب حقيقة مع أعداء الحجاب، وكل متبصر، أو لديه نصف تبصر يدرك هذا، وعلى هذا ألا تتفقون معي أن:
ـ كل العلماء يجمعون أنه في زمان كهذا يجب التغطية، حتى من أجاز، حتى الشيخ الألباني نفسه في كلامه السابق يقرر هذا؟...
ـ وأن الحكمة والعقل يأمران بالحجاب والتغطية، وأن ندعوا إلى هذه الفضيلة درءا لهذه الفتنة العمياء؟. لو كان هناك من يرى جواز الكشف مطلقا، حتى في حال الفتنة، فإنهم بالنسبة لعموم الأمة شيء لا يذكر، وقولهم لا يقبل في محكم العقول.
--------------
5- حديث الخثعمية.
روى البخاري عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال:
" أردف رسول الله صلى الله عليه وسلم الفضل بن عباس يوم النحر خلفه على عجز راحلته، وكان الفضل رجلا وضيئا، فوقف النبي صلى الله عليه وسلم للناس يفتيهم، وأقبلت امرأة من خثعم وضيئة تستفتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فطفق الفضل ينظر إليها، وأعجبه حسنها، فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم والفضل ينظر إليها، فأخلف بيده فأخذ بذقن الفضل، فعدل وجهه عن النظر إليها".
في الاستئذان، باب: قول الله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم..}
احتج بهذا من قال بجواز كشف الوجه، وموضع الشاهد قوله: " وضيئة".
قالوا: لا تعرف الوضاءة إلا بكشف الوجه، فالوجه كان مكشوفا إذن.
وهذا موضع النزاع...
فإننا ننازعهم في أن الوجه كان مكشوفا... فليس في الروايات تصريح بأنه كان مكشوفا، وأما عن دعوى أن معرفة الوضاءة تستلزم كشف الوجه نقول:
الوضاءة تعرف بالوجه، وتعرف كذلك بالقوام من دون رؤية الوجه، ومن تأمل هذا أدرك حقيقة ما نقول، وشاهد هذا من كلام العرب قول الشاعر:
.... طافت أمامة بالركبان آونة... يا حسنها من قوام ما ومنتقبا...(5/549)
فالوضاءة أو الحسن، كلاهما بمعنى، يدركان بالقوام، وهو أمر محسوس، فقد تمر المرأة بالرجل وهي مستترة بالكامل، فيرجح حسنها ووضاءتها بما يراه من اعتدال قدها وحسن مشيها، فتقع في قلبه، ويتابعها بنظره، ويطير بها، ولو لم ير شيء منها، وقد تمر به أخرى بدينة قصيرة، فلا يلتفت إليها..
هذا أمر...
وأمر آخر: أنه على فرض أن يكون الفضل قد رأى وجهها، فذلك لا يدل على أنه كان مكشوفا على الدوام، إذ لا يمتنع أن يكون الريح حرك خمارها فظهر شيء منها فوقع نظر الفضل على ذلك فأعجب بها..
والنتيجة أنه لا يمكن الجزم بأن المرأة كانت مكشوفة الوجه مع ورود الاحتمالات الآنفة، التي لا يمكن إلغاؤها أو إهمالها، وقد تقرر في قواعد الفقه: أن الدليل إذا تطرق إليه الاحتمال، لبس ثوب الإجمال، وسقط به الاستدلال..
فلا يمكن إذن الاستناد إلى دليل محتمل كهذا الحديث لتقرير حكم شرعي يناقض به نصوصا أخرى محكمة.. والله أعلم..
ـــــــــــــــــــ
تغطية المرأة وجهها - في زمن الفتنة - واجب بإجماع العلماء
أبو سارة
قبل أن أورد الكلام عن حكم تغطية الوجه، أردت أن أشير إلى مسألة الإجماع بما يلي:
الأمة منذ القديم مجمعة على أن الفتنة داعية للتغطية، ذهب إلى ذلك الحنفية الحنابلة والمالكية والشافعية ( سأورد إن شاء الله أقوالهم )، بل ذهب بعض العلماء إلى إيجاب التغطية حتى على الأمة، إذا صارت فاتنة، وكل ذلك مفهوم في ظل حرص العلماء على عفاف وستر نساء المؤمنين.. وتأمل في قول عائشة رضي الله عنها:
( لو رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء، لمنعهن المسجد، كما منعه نساء بني إسرائيل)..
تدرك هذا، حيث رأت منع النساء من الخروج من البيت، إذا تغير الحال، والقرار في البيت أكبر من تغطية الوجه..
والشيء بالشيء يذكر.. فهذا الشيخ الألباني رحمه الله تعالى ـ وهو من القائلين بجواز الكشف ـ يقول:
" ولو أنهم قالوا: يجب على المرأة المتسترة بالجلباب الواجب عليه إذا خشيت أن تصاب بأذى من الفساق لإسفارها عن وجهها: أنه يجب عليها في هذه الحالة أن تستره دفعا للأذى والفتنة، لكان له وجه في فقه الكتاب والسنة..
بل قد يقال: إن يجب عليها أن لا تخرج من دارها إذا خشيت أن يخلع من الجلباب من رأسها من قبل بعض المتسلطين الأشرار المدعمين من رئيس لا يحكم بما أنزل الله، كما وقع في بعض البلاد العربية منذ بضع سنين مع الأسف الشديد.. أما أن يجعل هذا الواجب شرعا لازما على النساء في كل زمان ومكان، وإن لم يكن هناك من يؤذي المتجلببات فكلا ثم كلا.. " جلباب المرأة المسلمة ص17(5/550)
فهو بالرغم من قوله بجواز كشف الوجه على وجه الإباحة ـ مع كونه يرى الأفضل هو التغطية ـ إلا أنه يرى، لا أقول وجوب التغطية فحسب، بل وجوب القرار في البيت، ألا تخرج أصلا، إذا صار الزمان زمان فتنة، يتعرض فيه السفهاء للصبايا واليافعات..
هذا واضح من كلامه..
ونحن نقول:
ألا ترون قدر الفتنة التي تكون اليوم جراء خروج الفتاة من بيتها؟.. الخروج لوحده يستفز السفهاء ليحوموا حول الحمى، من أجل التحرش والأذى، فما بالكم ـ ولا شك رأيتم ـ حينما تكشف عن وجهها، وكلكم سمع ورأى من مثل هذا، ما صار معلوما مشهورا.. بالإضافة إلى الكيد الكبير الذي يخطط له أعداء الحجاب، وهو معلوم لا يخفى..
إذن، نحن نعيش حالة حرب حقيقة مع أعداء الحجاب، وكل متبصر، أو لديه نصف تبصر يدرك هذا، وعلى هذا ألا تتفقون معي أن:
ـ كل العلماء يجمعون أنه في زمان كهذا يجب التغطية، حتى من أجاز، حتى الشيخ الألباني نفسه في كلامه السابق يقرر هذا؟...
ـ وأن الحكمة والعقل يأمران بالحجاب والتغطية، وأن ندعوا إلى هذه الفضيلة درءا لهذه الفتنة العمياء؟.
لو كان هناك من يرى جواز الكشف مطلقا، حتى في حال الفتنة، فإنهم بالنسبة لعموم الأمة شيء لا يذكر، وقولهم لا يقبل في محكم العقول..
وقد ذكر أهل العلم، وقد نقلت كلامهم في حوار سابق، أن مخالفة بعض الأفراد لا ينقض الإجماع، وهو مروي عن الإمام أحمد وابن جرير، في مذكرة أصول الفقه للشنقيطي ص153:
" فصل لا ينعقد الاجماع بقول الأكثرين من أهل العصر في قول الجمهور، وقال ابن جرير الطبري و ابو بكر الرازي لا عبرة بمخالفة الواحد و الاثنين فلا تقدح مخالفتهما في الاجماع وقد أومأ إليه أحمد رحمه الله .
وحجة الجمهور أن العبرة بقول جميع الأمة، لأن العصمة انما هي للكل لا البعض، و حجة الاخر اعتبار الأكثر وإلغاء الاقل،
قال في المراقي:
والكل واجب و قيل لا يضر ......... لاثنان دون من عليهما كثر" اهـ
فالإجماع لا يشترط فيه ألا يكون فيه مخالف، هذا لو كان المخالف مخالفا بدليل صحيح، فكيف إذا كان دليله غير صحيح، ولا يصح الاحتجاج به؟..
حينذاك فلا حجة في خلافه، ومن ثم لا ينقض الإجماع بحال أبدا، فإن قول العالم معتبر إذا سانده الدليل، أما إذا لم يسانده فقوله غير معتبر، ولا ينقض به قول بقية العلماء، ولا ينقض به إجماعهم..
وفي مثل من يقول بجواز كشف الوجه حتى حال الفتنة، فهذا بالإضافة إلى مخالفته للقول الصحيح الراجح في أصل الكشف، كذلك هو قول يخالف الدليل الشرعي(5/551)
والعقلي الآمر بالبعد عن مواطن الفتن والريب.. وعلى ذلك فهو قول غير معتبر، ومن ثم إذا قلنا:
إن العلماء أجمعوا على المنع من كشف الوجه حال الفتنة..
هو قول صحيح، لا غبار عليه، من حيث:
ـ إن الإجماع لا يشترط فيه عدم المخالفة من أحد، بل يصح حصول الإجماع، ولو خالف بعض الأفراد..
ـ ومن حيث إن الإجماع لا ينقض بقول يخالف الدليل الشرعي..
وقد ذهب إلى مثل هذا جمع من العلماء، قال الشيخ بكر أبو زيد:
"هذا مع العلم أنه لم يقل أحد من أهل الإسلام بجواز كشف الوجه واليدين عند وجود الفتنة ورقة الدين، وفساد الزمان، بل هم مجمعون على سترهما، كما نقله غير واحد من العلماء" حراسة الفضيلة 82
بعد هذه المقدمة عن قضية الإجماع، ألج إلى تفصيل الحكم في تغطية الوجه:
يقولون: "اختلف العلماء في الوجه واليدين بالنسبة للمرأة، فمنهم من أجاز لها كشفها، ومنهم من منع".. لكن الذي نعتقد أن كثيرا من الناس لم يفهم حقيقة هذا الخلاف بين أهل العلم..
والحقيقة تبرز إذا عرفنا أن الكلام عن عورة المرأة إنما يذكر دائما في " باب شروط صحة الصلاة"، فيقول العلماء: " وكل المرأة عورة إلا وجهها وكفيها"..
وهم إنما يقصدون عورتها في الصلاة، لا عورتها في النظر..
وعورة الصلاة ليست مرتبطة بعورة النظر لا طردا ولا عكسا، فما يجوز كشفه في الصلاة بالنسبة للمرأة هو الوجه بالإجماع، واليدين عند جمهور العلماء، والقدمين عند أبي حنيفة وهو الأقوى..
أما خارج الصلاة فلا يجوز كشف ذلك أبدا، فإذا قيل: " إن وجه المرأة وكفيها ليستا بعورة"..
فهذا المذهب إنما هو في الصلاة إذا لم تكن بحضرة الرجال..
وأما بالنسبة لنظر الأجنبي إليها فجميع بدنها عورة لابد من ستره عن الأجنبي لقوله عليه الصلاة والسلام: ( المرأة عورة) ..
قال موفق الدين ابن قدامة:
" وقال مالك والأوزاعي والشافعي: جميع المرأة عورة إلا وجهها وكفيها، وما سوى ذلك يجب ستره في الصلاة" .
وقال ابن القيم:
" العورة عورتان: عورة في الصلاة، وعورة في النظر، فالحرة لها أن تصلي مكشوفة الوجه والكفين، وليس لها أن تخرج في الأسواق ومجامع الناس كذلك" .
وقال البيضاوي في تفسير قوله تعالى: {ولايبدين زينتهن إلا ماظهر منها}:
"والمستثنى هو الوجه والكفان لأنهما ليستا من العورة، والأظهر أن هذا في الصلاة لا في النظر، فإن كل بدن الحرة عورة، لا يحل لغير الزوج والمحرم النظر إلى شيء منها إلا لضرورة" .
وقال الصنعاني:(5/552)
"ويباح كشف وجهها حيث لم يأت دليل بتغطيته، والمراد كشفه عند صلاتها بحيث لا يراها أجنبي، فهذه عورتها في الصلاة، وأما عورتها بالنظر إلى نظر الأجنبي إليها فكلها عورة كما يأتي تحقيقه" .
فهذه النقول عن أهل العلم كافية لإثبات الفرق بين حدود العورة وحدود الحجاب..
وعليه فلا يصح أبدا ما قد يذكره بعض الناس من إجماع العلماء على جواز كشف الوجه واليدين، فبالإضافة إلى كونه جهلا بمواقف العلماء هو كذلك جهل بحقيقة الخلاف بينهم.
فمن ورد عنهم جواز كشف الوجه واليدين على قسمين:
قسم لا يجيز ذلك بإطلاق، بل يخصه في الصلاة فقط، ويحرمه عند وجود الرجال الأجانب، وهذا القسم لم يفهم بعض الناس قوله، فلما سمعه يقول: " والمرأة كلها عورة إلا وجهها وكفيها" أي في الصلاة..
ظن أن ذلك بالعموم حتى في النظر، فحمل قوله على جواز الكشف مطلقا، وهذا خطأ، فإنهم لم يقصدوا ذلك، فهذا سبب من أسباب الاختلاف في المسألة.
القسم الآخر أجاز الكشف بإطلاق..
والذي دعاه إلى ذلك قول منسوب لابن عباس رضي الله عنهما في تفسير قوله تعالى: { ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها}، قال: " الكحل والخاتم"، لكن هذا الأثر إسناده ضعيف للغاية، فيه مسلم الملائي قال فيه النسائي: " متروك الحديث" ..
وهناك رواية أخرى قال فيها: "ما في الكف والوجه"، وهي كذلك ضعيفة، في إسنادها أحمد العطاردي قال ابن عدي: " رأيتهم مجمعين على ضعفه" ..
فالنسبة إذاً إلى ابن عباس غير صحيحة بحسب الإسنادين السابقين ، بل جاء عنه عكس ذلك، ففي تفسير آية الحجاب: {يدنين عليهن من جلابيبهن} قال ابن عباس:" أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب، ويبدين عينا واحدة" .
لكن لو افترضنا صحة القول المنسوب إلى ابن عباس من طرق أخرى فكيف نفسر هذا التعارض بين قوليه:
مرة يجيز كشف الوجه واليدين، ومرة أخرى يحرم ذلك كله؟..
فالجواب: أنه أجاز أولاً، ثم لما نزلت آية الحجاب منع من ذلك، قال ابن تيمية:
"والسلف تنازعوا في الزينة الظاهرة على قولين، فقال ابن مسعود: هي الثياب، وقال ابن عباس ومن وافقه: هي ما في الوجه واليدين، مثل الكحل والخاتم...
وقبل أن تنزل آية الحجاب كان النساء يخرجن بلا جلباب، يرى الرجال وجهها ويديها، وكان إذ ذاك يجوز لها أن تظهر الوجه والكفين، وكان حينئذ يجوز النظر إليها لأنه يجوز إظهاره، ثم لما أنزل الله عز وجل آية الحجاب بقوله: { يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن}.
حجب النساء عن الرجال، وكان ذلك لما تزوج النبي صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش فأرخى النبي الستر ومنع أنسا أن ينظر، ولما اصطفى صفية بنت حيي بعد(5/553)
ذلك عام خيبر قالوا: إن حجبها فهي من أمهات المؤمنين، وإلا فهي مما ملكت يمينه، فحجبها...
فإذا كن مأمورات بالجلباب وهو ستر الوجه أو ستر الوجه بالنقاب، كان حينئذ الوجه واليدان من الزينة التي أمرت ألا تظهرها للأجانب، فما بقي يحل للأجانب النظر إلا إلى الثياب الظاهرة، فابن مسعود ذكر آخر الآمرين، وابن عباس ذكر أول الأمرين" .
إذاً لو صح قول ابن عباس في إباحة كشف الوجه واليدين فإنما ذلك كان قبل النسخ، ثم لما نزلت آية الحجاب أوجب الله عليهن ستر جميع ذلك، هذا وابن مسعود يذكر في معنى الزينة الظاهرة أنها الثياب والرداء، فهو يخالف ابن عباس في قوله الأول لو صح عنه.
نخلص مما سبق أن سبب الخلاف في هذه المسألة ثلاثة أمور:
أولا: عدم التفريق بين حدود الحجاب وحدود العورة، فبعض المخالفين في هذه المسألة ظن أن ما يجب ستره في الصلاة هو الذي يجب ستره عن أعين الناس فحسب، وهو سائر البدن إلا الوجه والكفين..
وهذا فهم خاطيء فليست عورة الصلاة هي عورة النظر، بل عورة النظر أعم في حق المرأة من عورة الصلاة، فالمرأة لها أن تبدي وجهها وكفيها وقدميها في الصلاة، لكن ليس لها ذلك في محضر الأجانب أو إذا خرجت من بيتها.
ثانيا: عدم التحقيق في قول ابن عباس، فالأثر الذي ورد عنه في إباحة كشف الوجه ضعيف الإسناد بحسب الأسانيد السابقة، ثم إنه قد صرح في آية الحجاب بأن المرأة لا تظهر إلا عينا واحدة، فكان ينبغي أن يجمع قوله، ويؤخذ بما هو أصح وأصرح..
وكل الآثار التي يحتج بها من قال بالجواز كحديث أسماء ضعيفة لاينهض الاحتجاج بها، وكذا حديث الخثعمية بالرغم من صحته إلا أنه ليست فيه دلالة على جواز كشف الوجه.
ثالثا: عدم التفطن إلى إن الحكم فيه نسخ، أو فيه أول وآخر، فأما آية الزينة: { ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها}، فقد كان أولاً، وكان النساء إذ ذاك يخرجن كاشفات الوجه واليدين، ثم لما نزلت آية الحجاب أمرن بالستر.
وعلى هذا الوجه يحمل قول ابن عباس، إن ثبت من طرق أخرى.
على أن ابن مسعود يفسر آية الزينة بتفسير يخالف تفسير ابن عباس الأول فيجعل الزينة الظاهرة هي الثياب أو الرداء، أو ما نسميه بالعباءة، وإسناده صحيح، وعلى ذلك فلا حجة في هذه الآية لمن احتج بها على جواز الكشف.
ومما يؤكد هذا الحكم قوله تعالى: { وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب} ، وإذا سأل الرجل المرأة وهي كاشفة عن وجهها لم يكن سألها من وراء حجاب، وتلك مخالفة صريحة لأمر الله..
ثم إن هذا الخلاف بين الفقهاء بقي خلافا نظريا إلى حد بعيد، حيث ظل احتجاب النساء هو الأصل في جميع مراحل التاريخ الإسلامي، فقد كان ولا زال أحد معالم الأمة المؤمنة، قال الغزالي: " لم يزل الرجال على ممر الزمان مكشوفي الوجوه، والنساء يخرجن منتقبات" ..(5/554)
وقال ابن حجر: " العمل على جواز خروج النساء إلى المساجد والأسواق والأسفار منتقبات لئلا يراهن الرجال" .
وهنا مسألة لابد من التنبه لها، وهي: أنك لو سألت هؤلاء المجيزين: "هل تجوزون كشف الوجه في زمن الفتنة أو إذا كانت المرأة فاتنة"؟.
لقالوا: "لا، بل يحرم الكشف في زمن الفتنة، أو إذا كانت المرأة شابة أو فاتنة"..
بل ذهبوا إلى أكبر من ذلك فقالوا:
"يجب على الأمة إذا كانت فاتنة تغطية وجهها" ..
مع أن الأمة غير مأمورة بتغطية الوجه.
إذن، فجميع العلماء متفقون من غير استثناء على:
وجوب تغطية الوجه في زمن الفتنة، أو إذا كانت المرأة فاتنة، أو شابة..
ونحن نسأل:
أليس اليوم زمن فتنة؟..
وإذا كان العلماء جميعهم حرموا الكشف إذا كان ثمة فتنة، فكيف سيكون قولهم إذا علموا أن الكشف بداية سقوط الحجاب؟..
فلم تعد القضية قضية فقهية تبحث في كتب الفقه فحسب، بل القضية أكبر من ذلك إنها قضية مصير لأمة محافظة على أخلاقها، يراد هتك حجابها، وكشف الوجه هو البداية، قد اتخذ من اختلاف العلماء فيه وسيلة لتدنيس طهارة الأمة المتمثلة في الحجاب، ويعظم الخطر في ظل اتساع نطاق عمل المرأة وازدياد خروجها من البيت، مع نظرة بعض الناس للحجاب على أنه إلف وعادة لادين وعبادة.
فهي مؤامرة على المرأة المسلمة..
ومما يبين هذا:
تلك الصور والإعلانات التي تصور المرأة لابسة عباءة سوداء، كاشفة عن وجهها، لإقناع الناس بأن تغطية الوجه ليس من الحجاب، وترسيخ هذا المفهوم فيهم.
ومما يبين أن القضية ليست قضية اختلاف بين العلماء أن كثيرا من هؤلاء النساء اللاتي يكشفن الوجه لايكشفنه لترجح أدلة الكشف عندهن، بل هن متبعات للهوى، قد وجدن الفرصة اليوم سانحة لكشف الوجه، ولو سنحت في الغد فرصة أخرى أكبر لما ترددن في اغتنامها، والدليل على هذا:
أنهن إذا سافرن إلى الخارج نزعن الحجاب بالكلية وصرن متبرجات لا فرق بينهن وبين الكافرات..
ولو كان كشفهن عن قناعة بالأدلة المجيزة للكشف للزمن ستر جميع الجسد بالعباءة إلا الوجه في كل مكان سواء في المقام أو في السفر إلا البلاد الأخرى..
ولو كان هذا الكشف ناتجا عن اتباع أقوال العلماء المجيزين لغطين وجوههن، لأن العلماء المجيزين يحرمون الكشف في زمن الفتنة، والزمان زمان فتنة ومع ذلك هن يكشفن وجوههن، والعلماء المجيزون حرموا الكشف على الفاتنة والشابة، وهن يكشفن بغير فرق بين الفاتنة وغير الفاتنة..(5/555)
فالحقيقة أن هذا الفعل من هؤلاء النساء لم يكن عن اتباع لكلام أهل العلم، بل هو اتباع للهوى وتقليد للسافرات من الكافرات والمتبرجات، وتبرم وضجر من الانصياع لأمر الله تعالى في قوله:
{ يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن}..
{ولايبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن}..
{وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن}.
وإذا سألنا المجيزين سؤالا آخر فقلنا لهم: " أيهما أفضل التغطية أو الكشف"؟..
لقالوا بلا تردد: " التغطية أفضل من كشف الوجه، اقتداء بأمهات المؤمنين"..
ونحن نعلم أن استبدال الأدنى بالذي هو خير فساد في الرأي وحرمان من التوفيق، فإذا كانت التغطية هي الفضلى فلا معنى لترك هذا الأفضل إلى الأدنى إلا الجهل بحقيقة الخير والشر والربح والخسارة، والغفلة عن مكيدة الشيطان..
فإن الشيطان لا يزال بالأمة الصالحة يرغبها في الأدنى ويزهدها في الأعلى حتى تستجيب له، فما يزال بها حتى يوقعها في الشر والوبال، كما فعل بالرهبان والعباد، وكما فعل ببني إسرائيل حتى استحقوا سخط الجبار وانتقامه..
أنزل الله لهم المن والسلوى يأكلون منهما، فأبوا إلا الأدنى وسألوا موسى عليه السلام البصل والعدس والقثاء والفوم، فأنكر عليهم هذا الرأي الفاسد، كيف تستبدلون الذي هو أدنى باللذي هو خير؟، قال تعالى: {وإذ قلتم ياموسى لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربك يخرج لنا مماتنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها قال أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباؤوا بغضب من الله ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير الحق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون}.
فما مثلنا ونحن نفضل كشف الوجه الذي هو أدنى على غطائه الذي هو خير إلا كمثل بني إسرائيل، وقد علمنا ما أصابهم من الخزي والذلة والمسكنة لأمم الأرض جميعها، فكانوا منبوذين مكروهين، ونخشى أن يصيبنا ما أصابهم..
هذا إذا فرضنا جدلا أن كشف الوجه جائز والأفضل تغطيته، أما الذي ندين الله به لا بسواه، أنا نرى حرمة كشف الوجه من حيث الأصل، وكل من كشفت وجهها بغير إذن الشارع فهي آثمة عليها التوبة إلى الله، وإذن الشارع إنما يكون في أحوال معينة كإذنه بالكشف للقواعد من النساء والمراد خطبتها ونحوها..
إذن بالرغم من هذا الخلاف إلا أنه لم يوجد في تاريخ الأمة من العلماء من يدعوا إلى كشف النساء وجوههن، فمن لم يقل منهم بوجوب التغطية جعل ذلك هو الأفضل..
وعلى ذلك فلا يدعوا إلى السفور إلا أحد رجلين، إما أنه غير مطلع على مذاهب العلماء، فاهم لمقاصدهم، وإما أنه مفسد يتخذ من اختلاف العلماء ذريعة لتحقيق مآرب خبيثة في نفسه.
أخيرا نقول لمن أجاز كشف الوجه:(5/556)
إن كنت قد اقتنعت بهذا الرأي تماما عن دين ويقين دون اتباع لهوى، فيجب عليك إذا أفتيت بهذا القول أن تقيده بما قيده العلماء المجيزون من قبلك، بأن تجعل كشف الوجه مشروطا بما يلي:
1- ألا يكون في زمن فتنة، يكثر فيه الفساق.
2- ألا تكون المرأة شابة.
3- ألا تكون المرأة فاتنة جميلة.
فهذه الشروط واجبة، لا بد من ذكرها، إذا ما أفتيت بجواز الكشف..
أما أن تقول بكشف الوجه، هكذا بإطلاق، وتنسب ذلك لأهل العلم القائلين بكشف الوجه، فهذا تدليس، فإنهم ما قالوا بجواز الكشف، هكذا بإطلاق، كما يفعل من يفتي هذا اليوم، بل قيدوه بالشروط السابقة..
ثم كذلك يجب عليك أن تدل الناس إلى الأفضل، وهو التغطية بإجماع العلماء..
حينذاك تكون معذورا مجتهدا، لك أجر اجتهادك..
أما أن تخفي عن الناس حقيقة قول العلماء المجيزين، بعدم ذكر الشروط والأفضل، فإني أخاف عليك الإثم..
ـــــــــــــــــــ
أدلة تغطية الوجه من الكتاب والسنة
علي بن عبد الله العماري
قدم له وراجعه
فضيلة الشيخ / عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين
الحمد لله رب العالمين ، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله قيوم السموات الأراضين وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الصادق الأمين – صلى الله عليه وسلم – وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد :
فهذه نبذة يسيرة موجزة في وجوب التحجب والتستر للمرأة المسلمة عن الرجال الأجانب ، وتحريم إبداء الزينة لغير المحارم الذين ذكرهم الله بقوله " ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن .." الآية ، وبيان ما في التكشف وإظهار الزينة من المفاسد والأخطار،وفي واجب الأولياء نحو محارمهم ، وفي ذكر بعض الأدلة التي توضح وجوب التستر والاحتشام ومنع التبرج والتخلع والسفور،وفي مناقشة ما يشبه به المتساهلون في هذا الباب،وبيان سوء أهدافهم وما يرمونه من دعاياتهم إلى الاختلاط وإبداء المحاسن ، كتبها الأخ علي بن عبد الله العماري الذي عُرف بالعلم ، والفهم ، والإدراك ، والبحث ، واستخراج المسائل ، وعرف بالعقل والثبات والاتزان ، ولم يُعرف عنه شيء من التسرع والتهور. فجدير بالمسلم الذي يريد الحقَّ أن يتقبل ما جاء به الدليل ، وأن يتقبل الصواب ممن جاء به بقطع النظر عن قائله ، ويرد الباطل على من جاء به مهما كانت شهرته ومنزلته، فالحق أحق أن يُتبع ، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
كتبهعبد الله بن عبد الرحمن الجبرين
عضو الإفتاء(5/557)
--------------------------------------------------------------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
الحمد لله رب العالمين ، أم نساء المؤمنين بالحشمة والحجاب ، وصلى الله على محمد وآله وسائر الأصحاب وسلم تسليماً إلى يوم الدين ... أما بعد :
فقد أمر الله تعالى نساء المؤمنين بالتستر وعدم إظهاراً لزينة لغير المحارم خوفاً عليهن من الفواحش والآثام كما قال تعالى : " ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولى الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء" . فهؤلاء الأصناف الإثنا عشر يجوز للمرأة المسلمة أن تظهر أمامهم وهي كاشفة عن وجهها وكفيها ونحوهما؛ لأنهم من المحارم، أما غيرهم فلا يجوز لها ذلك.
ثم جاء بعد ذلك من يجادل في أن الوجه والكفين قد استثنيا واستدلوا بهذه الآية : " ولا يبدين زينتهم إلا ما ظهر منها" وبعض الأحاديث كحديث أسماء ، وحديث سفعاء الخدين ، وقصة الخثعمية ، ونهيه – صلى الله عليه وسلم – أنت تنتقب المرأة وتلبس القفازين وهي محرمة ، وقصة الواهبة وغيرها من الروايات.
لذا عزمت وتوكلت على الله في ذكر أدلة المبيحين والرد عليها من الكتاب والسنة وأقوال أئمة السلف والخلف رحمهم الله ، ثم أذكر الأدلة الثابتة في وجوب ستر الوجه والكفين عن غير المحارم منم ذلك أيضاً.
أدلة المبيحين والرد عليها
أولاً : يستدلون بآية سورة النور " ولا يبدين زينتهن إلا ماظهر منها" وأن ابن عباس فد فسرها بأنها الوجه والكفان ، ويرد عليهم أن ابن مسعود قد قال – في تفسير هذه الآية " إلا ما ظهر منها " بأن المقصود هو الرداء والثياب ، وقال بقول ابن مسعود - رضي الله عنه - الحسن، وابن سيرين ، وأبو الجوزاء ، وإبراهيم النخعي ، وغيرهم. وقال ابن كثير في تفسيرها: أي لا يظهرن شيئاً من الزينة للأجانب إلا ما لا يمكن إخفاؤه. وهذا الذي رجحه الشنقيطي في تفسيره أضواء البيان حيث قال – رحمه الله - : " إن قول من قال في معنى " ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها " أن المراد بالزينة الوجه والكفان مثلاً ، توجد في الآية قرينة تدل على عدم صحة هذا القول وهي أن الزينة في لغة العرب هي ما تتزين به المرأة مما هو خارج عن أصل خلقتها : كالحلي والحلل ، فتفسير الزينة ببعض بدن المرأة خلاف الظاهر، ولا يجوز الحمل عليه إلا بدليل يجب الرجوع إليه.
ثانياً : يستدلون بحدث أسماء – رضي الله عنها – فعن عائشة – رضي الله عنها – أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق فأعرض عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : " يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يضح أن يُرى منها إلا هذا وأشار إلى وجهه وكفيه " ويرد عليهم بأن هذا الحديث ضعيف جداً كما قال بذلك أهل العلم ، وهو مرسل ؛ لأن خالد بن دريك لم(5/558)
يدرك عائشة – رضي الله عنها – فالسند منقطع .. ورد سماحة مفتي الديار السعودية الشيخ عبد العزيز بن باز – حفظه الله ورعاه – هذا الحديث بخمسة أوجه حيث قال سماحته:
1. إن الراوي عن عائشة المسمى خالد بن دريك لم يلق عائشة ، فالحديث منقطع، والحديث المنقطع لا يُحتج به لضعفه.
2. إن في إسناده رجلاً يُقال له سعيد بن بشير وهو ضعيف لا يُحتج بروايته.
3. إن قتادة الذي روى عن خالد بالعنعنة وهو مدلس يروي عن المجاهيل ونحوهم ويُخفي ذلك ، فإذا لم يصرح بالسماع صارت روايته ضعيفة.
4. إن الحديث ليس فيه التصريح أن هذا كان بعد الحجاب، فيحتمل أنه كان قبل الحجاب.
5. إن أسماء هي زوج الزبير بن العوام ، وهي أخت عائشة بنت الصديق وامرأة من خيرة النساء ديناً وعقلاً، فكيف يليق بها أن تدخل على النبي – صلى الله عليه وسلم وهي إمرأة صالحة في ثياب رقاق مكشوفة الوجه والكفين وزيادة على ذلك بثياب رقيقة وهي التي تُرى عورتها منها فلا يُظن بأسماء أن تدخل على النبي - صلى الله عليه وسلم - بمثل هذه الحال في ثياب رقيقة ترى من ورائها عورتها فيعرض عنها النبي صلى الله عليه وسلم ويقول لها عليك أن تستري كل شيء إلاّ الوجه والكفين.
معنى هذا أنها دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهي كاشفة لأشياء أخرى من الرأس أو الصدر أو الساقين أو ماشابه ذلك ، وهذا الوجه الخامس يظهر لمن تأمل المتن فيكون المتن بهذا المعنى منكراًً لا يليق أن يقع من أسماء رضي الله عنها.
ثالثاً : يستدلون بحديث سفعاء الخدين الذي رواه جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال : " تصدقن فإن أكثركن حطب جهنم: فقامت امراة من سطة النساء سفعاء الخدين فقالت لم يارسول الله ؟ قال : " لأنكن تكثرن الشكاة وتكفرن العشير" إلخ ، والحديث صحيح أخرجه النسائي.
ويُرد عليهم بما ذكره الشيخ المحدث مصطفى العدوي – حفظه الله – في كتابه ( الحجاب أدلة الموجبين وشبه المخالفين ) في ص (40):
"والصواب أنها ( امرأة من سفلة النساء) ثم ذكر ثمانية أوجه كلها تدل على أو الرواية الصحيحة هي ( امرأة من سفلة النساء) ثم قال وفقه الله في ص (41) : فعلى هذا فقوله: " امرأة من سفلة النساء سفعاء الخدين ) أي ليست من علية النساء بل من سفلتهم ، وهي سوداء ، هذا القول يُشعر ويشير إشارة قوية إلى أن المرأة كانت من الإماء وليست من الحرائر ، وعليه فلا دليل في هذا لمن استدل به على جواز كشف المرأة ؛ إذ أنه يُغتفر في حق الإماء ما لا يغتفر في حق الحرائر ... وقد فسر سفعاء الخدين بأنها جرئية ذات جسارة ورعونة وقلة احتشام.
رابعاً : يستدلون بقصة الخثعمية التي جاءت تستفتي النبي صلى الله عليه وسلم فطفق الفضيل ينظر إليها وأعجبه حسنها فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم والفضل ينظر إلها فأخلف بيده فأخذ بذقن الفضل فعدل وجهه عن النظر إليها .. إلخ ، فقالوا : لو كان كشف الوجه محرماً لأمر النبي صلى الله عليه وسلم المرأة أن تعطي وجهها.(5/559)
ويرد عليهم أن المرأة كانت محرمة ، والمحرمة لا يجب عليها أن تغطي وجهها إلا إذا احتاجت عند مرور الرجال مثلاً كما جاء عن عائشة رضي الله عنها،في حجة الوداع (كان الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع الرسول صلى الله عليه وسلم فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها على وجهها من رأسها فإذا جاوزناه كشفناه) ويرد عليهم أيضاً بما قاله الشيخ حمود التويجري – رحمه الله – وأسكنه فسيح جناته – في كتابه " الصارم المشهور على التبرج والسفور" ص (232) : وأما حديث ابن عباس رضي الله عنه أن ابن عباس رضي الله عنه لم يصرح في حديثه بأن المرأة كانت سافرة بوجهها. إلى أن قال رحمه الله تعالى – وغاية مافيه ذكر أن المرأة كانت وضيئة ؛ وفي الرواية الأخرى حسناء فيحتمل أنه أراد حسن قوامها وقدها ووضاءة ما ظهر من أطرافها.
خامسا : يستدلون بنهي النبي صلى الله عليه وسلم أن تنتقب المرأة وأن تلبس القفازين في الإحرام ، ويرد عليهم أن نهي النبي صلى الله عليه وسلم في الإحرام فقط ، فدل ذلك على أن النساء كن في عند النبي صلى الله عليه وسلم يسترن وجوههن وأيديهن عن الرجال الأجانب بعد نزول آيات الحجاب ، ومع هذا كله فالواجب على المرأة أن تستر وجهها إذا حاذاها الرجال كما كانت تفعل عائشة وأمهات المؤمنين عندما كانت إحداهن تغطي وجهها وهي محرمة عند المرور بين الرجال. قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : هذا مما يدل على أن النقاب والقفازين كانا معروفين في النساء اللاتي لم يحرمن وذلك بمقتضى ستر وجوههن وأيديهن.
سادسا : يستدلون بقصة الواهبة التي جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم لتهب نفسها فنظر إليها الرسول صلى الله عليه وسلم فصعد النظر إليها .. إلخ ، ويرد عليهم أن هذه المرأة جاءت تعرض نفسها ليتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم ولذلك كشفت وجهها ليراها النبي صلى الله عليه وسلم لأنه أمر الخاطب أن ينظر إلى مخطوبته، بل هذا دليل عليهم كما قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله : " وفيه جواز تأمل محاسن المرأة لإرادة تزويجها. أي أنه يجوز للخاطب أن ينظر إلى مخطوبته بقدر ما يسمح له من الوجه والكفين أما غيره فلا يجوز. والصحيح أنها كانت محجبة، وإنما نظر إلى حسن قوامها وقدها وبدنها وطولها أو قعرها مع تسترها.
وقبل أن أشرع في ذكر الأدلة التي تأمر المرأة المسلمة بستر جميع بدنها بما فيه الوجه والكفان أود أن أذكر القاريء الحبيب أن النساء كن على عند النبي صلى الله عليه وسلم يكشفن وجوههن حتى نزلت آيات الحجاب التي تأمرهن بتغطية سائر الجسد لقول عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها في قصة الإفك إن صفوان بن المعطل السلمي عرفني حين رآني ، وكان قد رآني قبل الحجاب ، فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني فخمرت وجهي بجلبابي. فلا يُستبعد أن تكون جميع الأحاديث التي استدل بها أولئك قبل نزول آيات الحجاب منسوخة بالآيات والأحاديث التي سنذكرها إن شاء الله ؛ خاصة أن آيات الحجاب قد نزلت في السنة الخامسة للهجرة ، كما قال ابن كثير – رحمه الله .
الأدلة التي تأمر المرأة المسلمة
بتغطية سائر جسدها(5/560)
الأدلة من الكتاب:
أولاً: قوله تعالى :" وإذا سألتموهن متاعاً فسألوهن من وراء حجاب ذلك أطهر لقلوبكم وقلوبهن" قال ابن كثير –رحمه الله:" أي وكما نهيتكم عن الدخول عليهن كذلك لا تنظروا إليهن بالكلية ، ولو كان لأحدكم حاجة يريد تناولها منهن فلا ينظر إليهن ولا يسألهن إلا من وراء حجاب.
وقال الشوكاني -رحمه الله- : أي من ستر بينكم وبينهن. وقال الطبري -رحمه الله- " إذا سألتم أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم ونساء المؤمنين متاعاً فاسألوهن من وراء ستر بينكم وبينهن، ولا تدخلوا عليهن بيوتهن. والسؤال من وراء حجاب أطهر لقلوب الرجال والنساء من عوارض العين التي تعرض في صدور الرجال والنساء وأحرى أن لا يكون للشيطان عليكم وعليهن سبيل. فهذه الآية الكريمة تبين وجوب الستر عن الرجال الأجانب. قال سماحة المفتي الشيخ عبد العزيز ابن باز – حفظه الله – في هذه الآية: " ولم يستثنِ شيئاً، وهي آية محكمة، فوجب الأخذ بها والتعويل عليها وحمل ما سواها عليها. ثم قال – جزاه الله خيراً - : " والآية المذكورة حجة ظاهرة وبرهان قاطع على تحريم سفور النساء وتبرجهن بالزينة.
ثانياً: قوله تعالى: " يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يُعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً".
قال الشيخ حمود التويجري -رحمه الله- في الصارم المشهور ص(187) : " روى ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنه في هذه الآية قال : " أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب ويبدين عيناً واحدة.
وقال سماحة الشيخ عبد العزيز ابن باز -حفظه الله- في هذه الآية : " إن محمد بن سرين (سيرين) قال: " سألت عبيدة السلماني عن قول الله عز وجل :" يدنين عليهن من جلابيبهن" فغطى وجهه ورأسه وأبرز عينه اليسرى.
ثالثا : قول الله تعالى : " ولا يبدين زينتهن إلاّ ما ظهر منها " قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه الثياب.
رابعاً : قول الله تعالى: " وليضربن بخمرهن على جيوبهن" قال الطبري -رحمه الله- في تفسير هذه الآية : " وليلقين خمرهن على جيوبهن ليسترن بذلك شعورهن وأعناقهن. وفي هذه الآية دليل على تغطية الوجه لأن الخمار هو الذي تغطي به المرأة رأسها فإذا أنزلته على صدرها غطت ما بينهما وهو الوجه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في هذه الآية : " فلما نزل ذلك عمد نساء المؤمنين إلى خمرهن فشققنها وأرخينها على أعناقهن ، والجيب هو شق في طول القميص فإذا ضربت المرأة بالخمار على الجيب سترت عنقها.
انظر أخي القارىء هل يكون ستر العنق إلا بعد ستر الوجه !!
الأدلة من السنة:
أولاً: قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الترمذي ، وقال عنه حسن غريب " المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان " ففي هذا الحديث العظيم لم يستثن صلى الله عليه وسلم منها شيئاً بل قال : إنها عورة .(5/561)
ثانياً : فعل عائشة رضي الله عنه في قصة الإفك ، والحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم " قالت عائشة وكان صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني من وراء الجيش فأدلج فأصبح عند منزلي فرأى سواد إنسان نائم فأتاني فعرفني حين رآني ، وكان يراني قبل الحجاب فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني فخمرت وجهي بجلبابي "
ثالثاً : عن عائشة رضي الله عنه قالت : "كان الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع الرسول صلى الله عليه وسلم فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها على وجهها من رأسها فإذا جوزنا كشفنا "
رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه .
رابعاً : حديث عائشة رضي الله عنه قالت : "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه وأنا أنظر إلى الحبشة يلعبون في المسجد " متفق عليه .
خامساً : عن ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين " رواه الإمام أحمد والبخاري وأهل السنن .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله – هذا مما يدل على أن النقاب والقفازين كانا معروفين في النساء اللاتي لم يحرمن ، وذلك يقتضي ستر وجوههن وأيديهن .
سادساً : عن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل " فخطبت جارية فكنت أتخبأ لها حتى رأيت ما دعاني إلى نكاحها وتزوجتها . رواه الإمام أحمد والحاكم وقال صحيح على شرط مسلم .
سابعاً : عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت له امرأة أخطبها فقال : " اذهب فانظر إليها فإنه أجدر أن يؤدم بينكما " فأتيت امرأة من الأنصار فخطبتها إلى أبويها وأخبرتها بقول النبي –صلى الله عليه وسلم- فكأنهما كرها ذلك ، قال : فسمعت ذلك المرأة وهي في خدرها فقالت : إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرك أن تنظر فانظر وإلا فأنشدك – كأنها أعظمت ذلك – قال : فنظرت إليها فتزوجتها فذكر من موافقتها "
رواه الإمام أحمد وأهل السنن إلا أبو داود وقال الترمذي هذا حديث حسن وصححه ابن حبان .
ثامناً : أخرج الإمام البخاري عن عائشة رضي الله عنه قالت : " خرجت سودة بعدما ضرب الحجاب لحاجتها وكانت امرأة جسيمة لا تخفى على من يعرفها فرآها عمر بن الخطاب فقال : يا سودة أما والله ما تخفين علينا فانظري كيف تخرجين " وفي هذا الحديث دلالة واضحة على أن وجهها كان مستوراً وأنه رضي الله عنه لم يعرفها إلا بجسمها .
وبعد أخي المسلم أختي المسلمة: هل يشك عاقل في تحريم كشف الوجه والكفين لغير المحارم لوضوح الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة علماً أن كثير من أهل العلم ساق أكثر من عشرين دليلاً من السنة في تحريم كشف الوجه ولكن اقتصرت على هذه الأدلة حتى لا أطيل، ومن أراد التفصيل في هذه المسألة فليرجع إلى مجموعة الرسائل في الحجاب والسفور لشيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – وللشيخ عبد العزيز ابن باز ، وللشيخ محمد العثيمين – حفظهما الله – وكتاب الشيخ حمود(5/562)
التويجري -رحمه الله- " الصارم المسلول على أهل التبرج والسفور" وكتاب" يافتاة الإسلام اقرئي حتى لا تُخدعي" للشيخ صالح البليهي -رحمه الله- و"الحجاب أدلة الموجبين وشبه المخالفين" للشيخ مصطفى العدوي – حفظه الله- وغيرها من الكتب.
خاصة أن نساء المؤمنين قد اعتدن هذه العبادة الطيبة الحميدة. أما في هذا الزمان الذي كثر فيه التبرج والسفور والإنحلال الخلقي من قبل الشعوب الإسلامية وغير الإسلامية، والتشبه بالكافرات في الزينة وما يسمونها بالموضة، وانتشرت الأصباغ التي توضع على الوجه فهل يرضى رجل في قلبه غيرة على محارمه أن تكشف زوجته أو أخته أو قريبته أمام الأجانب وقد قال صلى الله عليه وسلم :" ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء"، وهل يختلف اثنان في أن الوجه هو محط الأنظار من قبل الرجال لأنه هو المكان الذي تُعرف به المرأة هل هي جميلة أم لا.
وقبل أن أختم هذه الرسالة أذكر إخواني المسلمين بحدث المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي رواه مسلم في صحيحه :" إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء" وهذا الحديث يبين عظم وخطورة النساء إذا خرجن وهن نازعات للحجاب.
واله نسأل أن يحفظ أعراضنا ونساءنا من كيد الكائدين، وأن يجنبهن التبرج والسفور وأن يجعلهن صالحات مصلحات وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جمع الفقير إلى ربه
علي بن عبد الله العماري
ـــــــــــــــــــ
وقفات مع من يرى جواز كشف الوجه
وفيه :
1- تنبيهات مهمة :
أ - الألباني معذور.
ب - الألباني يرى أن تغطية الوجه أفضل.
ج- أمران يلزمان من يرى جواز كشف الوجه في البلاد التي تستر فيها النساء وجوههن؛ كالسعودية.
2- أهم أدلة وجوب ستر الوجه .
3- تناقضات للشيخ الألباني – غفر الله له - في كتابيه: "جلباب المرأة.. " و"الرد المفحم".
سليمان بن صالح الخراشي
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين: تعد مسألة "كشف وجه المرأة" البوابة الأولى التي عبر عليها "التحرير والتغريب" إلى بلاد المسلمين؛ حيث كانت بداية ومرحلة أولى لما بعدها من الشرور(1).
وقد كان المسلمون مجمعين (عمليًا) على أن المرأة تغطي وجهها عن الأجانب. قال الحافظ ابن حجر: "لم تزل عادة النساء قديمًا وحديثاً يسترن وجوههن عن(5/563)
الأجانب"(2) ونقل ابن رسلان "اتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه"(3). ومما يؤكد هذا أنك لا تجد مسألة كشف الوجه من عدمه قد أخذت حيزًا كبيرًا في مصنفات الأئمة ، ولم تستغرق جهدهم ووقتهم ، بل لا تكاد تجد – فيما أعلم – مصنّفًا خاصًا بهذه المسألة ؛ ولو على شكل رسالة صغيرة ؛ مما يدل دلالة واضحة أن هذه القضية من الوضوح بمكان ، وأن عمل المسلمين كما هو قائم ، يتوارثه الخلف عن السلف ، وهذا التواتر العملي يدلنا أيضًا على طبيعة تلقي العلماء لمثل هذه المسائل ، وأنهم يرشدون أمتهم لما فيه العفة والطهر والإستقامة على أرشد الأمور ، وأفضل السبل .
ولم يبدأ انتشار السفور وكشف الوجه إلا بعد وقوع معظم بلاد المسلمين تحت سيطرة الكفار في العصر الحديث، فهؤلاء الكفار كانوا يحرصون على نشر الرذيلة ومقدماتها في ديار الإسلام لإضعافها وتوهين ما بقي من قوتها. وقد تابعهم في هذا أذنابهم من العلمانيين المنافقين الذين قاموا بتتبع الأقوال الضعيفة في هذه المسألة ليتكئوا عليها ويتخذوها سلاحًا بأيديهم في مقابلة دعاة الكتاب والسنة. لا سيما في الجزيرة العربية ، آخر معاقل الإسلام.
وحيث أن الشيخ الألباني رحمه الله أشهر من نصر القول بجواز كشف المرأة لوجهها في هذا العصر، وتبنى هذا القول الضعيف في كتابه "جلباب المرأة"، فإن أنصار السفور قد فرحوا بزلته هذه ، وطاروا بها ، وأصبحت ترسًا لهم يواجهون به الناصحين .
فقد أحببت أن أبين في هذه الرسالة شيئاً من تناقضات الشيخ-غفر الله له- يجهلها كثير من أولئك الذين اغتروا بترجيحاته ؛ لكي يتبين لهم مدى ضعف قوله وأنه قد جانب الصواب في هذه المسألة ، فكانت زلته فيها سبباً في زلة غيره وفتنتهم. وقد قدمت لذلك بتنبيهات مهمة، وبذكر أقوى أدلة وجوب تغطية الوجه.
تنبيهات مهمة
1- أن الألباني رحمه الله معذور –إن شاء الله- في ما ذهب إليه من جواز كشف الوجه ؛ لأنه من العلماء الثقات المجتهدين، وقد أداه اجتهاده إلى هذا القول الضعيف، قال صلى الله عليه وسلم : "إذا اجتهد الحاكم ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر" متفق عليه. فينبغي علينا حفظ مكانته، لكن مع عدم متابعته على زلته ومع التنبيه على خطئه. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "إن الرجل الجليل الذي له في الإسلام قدم صالح وآثار حسنة ، وهو من الإسلام وأهله بمكانة عليا؛ قد تكون منه الهفوة والزلة هو فيها معذور بل مأجور ، لا يجوز أن يُتْبع فيها ، مع بقاء مكانه ومنزلته في قلوب المؤمنين" (4).
2- إذا كان الألباني معذورًا، فما عذر من يتابعه لمجرد أن قوله وافق هواه وشهوته؟! فهؤلاء غير معذورين، وهم ممن يتتبعون زلات العلماء بعد أن استبان لهم الحق؛ متابعة لأهوائهم.
ولتتأكد من هذا فإنك سوف تجد بعض من تابعه في هذه المسألة لا يتابعه – وهو مصيب - في تحريمه للأغاني مثلاً! أو في تحريمه لحلق اللحية! أو تحريم الإسبال!(5/564)
بل لا يتابعونه في الشروط التي ذكرها – وهي حق - للحجاب الشرعي! لتعلم بعدها أنهم ممن قال الله عنهم (اتخذ إلهه هواه).
3- أن الألباني رغم قوله بهذا القول الضعيف فإنه يرى أن تغطية المرأة لوجهها أفضل. قال رحمه الله: "نلفت نظر النساء المؤمنات إلى أن كشف الوجه وإن كان جائزاً فستره أفضل"(5) وقال: "فمن حجبهما –أي الوجه والكفين- أيضاً منهن، فذلك ما نستحبه وندعو إليه"(6).
4- أن الألباني عندما اختار هذا القول الضعيف فإنه اجتهد كثيرًا في البحث عن أي دليل يرى أنه يدل عليه. ولكنه في المقابل لا يذكر جميع أدلة من أوجب تغطية الوجه؛ لأنه –في ظني- لا يستطيع أن يجيب عن أكثرها لصراحتها! أما القائلون بتغطية الوجه فإنهم يذكرون أدلتهم، ثم يذكرون أدلة الألباني جميعها ويجيبون عنها ويفندونها. وما هذا إلا دليل على قوة موقفهم –ولله الحمد-(7)
5- أن الأولى –عندي- لمن يريد أن يناقش من يرون جواز كشف الوجه أن لا يُشغل نفسه بالرد على شبهاتهم ، إنما يكتفي بذكر أدلة وجوب تغطية الوجه مما لا يستطيعون له ردًا ، ولأنه ناقل عن الأصل. وقد ذكرت أهمها كما سيأتي -إن شاء الله-.
6- أن الواجب على المسلم الذي يريد السلامة لدينه أن يلزم النصوص المحكمة الصريحة في هذه المسألة وغيرها ويدع تتبع النصوص المتشابهة؛ لكي لا يكون ممن قال الله فيهم (فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة).
7- أنه يلزم من يرى جواز كشف المرأة لوجهها أمام الأجانب في البلاد التي يسود فيها تغطية الوجه ما يأتي :
أ - أن يكون ذلك صادرًا عن اجتهاد منه وتأمل في الأدلة، لا عن اتباع هوى وشهوة.
ب- أن لا يدعو إلى كشف الوجه ؛ لأننا علمنا سابقاً أن تغطية الوجه أفضل وأولى حتى عند القائلين بجواز كشفه ؛كالألباني، فكيف يُدْعى من يعمل بالفاضل إلى تركه ؟! وهل هذا إلا دليلٌ على مرض القلب ، لمن تأمل ؟!
ولك أن تعجب إذا رأيت من يتحمس لنشر هذا الرأي الضعيف بين النساء العفيفات المتسترات، ولا تجده يتحمس هذا الحماس لدعوة المتبرجات الفاسقات إلى التزام الحجاب! مع أن المتبرجات يرتكبن (المحرم) بالاتفاق، وأولئك النسوة المتسترات يفعلن الأفضل ! نعوذ بالله من زيغ القلوب وانتكاسها.
أهم أدلة تغطية الوجه
1- أن جميع العلماء -سواءً القائلين بتغطية الوجه أو كشفه- متفقون على أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم واجبٌ عليهن أن يغطين وجوههن عن الأجانب. قال القاضي عياض: "فرض الحجاب مما اختصصن به –أي زوجاته صلى الله عليه وسلم- فهو فرض عليهن بلا خلاف في الوجه والكفين فلا يجوز لهن كشف ذلك"(8).
وقد قال تعالى: (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين) ومعنى هذه الآية أن حجاب نساء المؤمنين كحجاب زوجاته صلى الله عليه وسلم؛ لأن الأمر واحد للجميع، وقد اتفق العلماء بلا(5/565)
خلاف كما سبق على أن حجاب نسائه صلى الله عليه وسلم هو وجوب تغطية الوجه. إذاً: فحجاب نساء المؤمنين هو تغطية الوجه. وهو معنى قوله تعالى (يدنين عليهن من جلابيبهن) .
فالجلباب مع الإدناء يستر جميع بدن المرأة حتى وجهها، ويشهد لهذا حديث عائشة –رضي الله عنه- في حادثة الإفك لما رآها صفوان بن المعطل –رضي الله عنه-، قالت: "فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني، فخمّرت وجهي بجلبابي" (أخرجه البخاري4750).
2- قوله تعالى (وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلك أطهر لقلوبكم وقلوبهن).
هذه الآية يتفق العلماء على أنها تدل على وجوب الحجاب وتغطية الوجه، ولكن القائلين بجواز كشف الوجه يرونها خاصة بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا ليس بصحيح؛ بل الآية تعم جميع النساء، ويدل لهذا عدة أمور:
أ- أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
ب- أن أزواجه صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين كن أطهر نساء الدنيا قلوبًا وأعظمهن قدرًا في قلوب المؤمنين، وهن مُحرّمات على غيره صلى الله عليه وسلم؛ ومع هذا كله أُمرن بالحجاب طلباً لتزكية قلوبهن، فغيرهن من النساء أولى بهذا الأمر.
ج- أن الله جعل الحكمة من الحجاب في هذه الآية أنه (أطهر لقلوبكم وقلوبهن)، وهذه علة متعدية مطلوب تحصيلها للمؤمنين في كل زمان ومكان . فلو قلنا بأن الحجاب خاص بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم فمعنى هذا أن نساء المؤمنين لا يحتجن إلى هذه الطهارة !! ومعناه أيضاً أنهن أفضل من زوجاته صلى الله عليه وسلم !! فهل يقول بهذا مسلم؟!
د- أن الله تعالى قال بعدها (لا جناح عليهن في آبائهن ولا أبنائهن ولا إخوانهن ولا أبناء إخوانهن ولا أبناء أخواتهن ... الآية).قال ابن كثير في تفسيرها: "لما أمر الله النساء بالحجاب عن الأجانب بين أن هؤلاء الأقارب لا يجب الاحتجاب عنهم" وهذا حكم عام لجميع النساء، فكيف يقال -حينئذٍ- بأن أول الآية خاص بزوجاته صلى الله عليه وسلم ؟!
3- قوله صلى الله عليه وسلم: "من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة" فقالت أم سلمة رضي الله عنها": فكيف يصنع النساء بذيولهن؟ قال: "يرخين شبرًا" قالت: إذاً تنكشف أقدامهن. قال: "فيرخينه ذراعاً لا يزدن عليه"(9).
ففي هذا الحديث الصحيح دليل على أنه كان من المعلوم والمتقرر في زمنه صلى الله عليه وسلم أن قدم المرأة عورة، يجب عليها سترها عن الأجانب، والألباني نفسه يوافق على هذا(10).
وإذا كان قدم المرأة عورة يجب ستره، فوجهها أولى أن يُستر.
فهل يليق –بعد هذا- أن تأتي الشريعة بتغطية القدم وهو أقل فتنة وتبيح كشف الوجه وهو مجمع محاسن المرأة وجمالها وفتنتها ؟! إن هذا من التناقض الذي تتنزه عنه شريعة رب العالمين(5/566)
4- قوله صلى الله عليه وسلم : "لا تباشر المرأة المرأة، فتنعتها لزوجها كأنه ينظر إليها" (أخرجه البخاري).
فقوله صلى الله عليه وسلم : "كأنه ينظر إليها" دليل على أن النساء كن يُغطين وجوههن وإلا لما احتاج الرجال إلى أن تُنعت لهم النساء الأجنبيات، بل كانوا يستغنون عن ذلك بالنظر إليهن مباشرة.
5- أحاديثه الكثيرة صلى الله عليه وسلم في أمر الخاطب أن ينظر إلى مخطوبته(11)؛ ومن ذلك ما رواه المغيرة بن شعبة قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت له امرأة أخطبها. قال: "اذهب فانظر إليها؛ فإنه أجدر أن يؤدم بينكما". قال: فأتيت امرأة من الأنصار فخطبتها إلى أبويها وأخبرتهما بقول النبي صلى الله عليه وسلم. فكأنهما كرها ذلك. قال: فسمعتْ ذلك المرأة وهي في خدرها فقالت: إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرك أن تنظر فانظر، وإلا فأنشدك. كأنها أعظمت ذلك. قال: فنظرت إليها، فتزوجتها"(12)
ففي هذا الحديث دليل على أن النساء كن يحتجبن عن الأجانب، ولهذا لا يستطيع الرجل أن يرى المرأة إلا إذا كان خاطباً.
ولو كنّ النساء يكشفن وجوههن لما احتاج الخاطب أن يذهب ليستأذن والدا المخطوبة في النظر إليها.
وأيضًا لو كنّ يكشفن وجوههن لما احتاج صلى الله عليه وسلم أن يأمر الخاطب بالنظر إلى المخطوبة. في أحاديث كثيرة .
ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم لمن خطب امرأة من الأنصار: "اذهب فانظر إليها؛ فإن في أعين الأنصار شيئاً" أخرجه مسلم.
إذًا استثناء النظر إلى المخطوبة دليل على أن الأصل هو احتجاب النساء ، وإلا لم يكن لهذا الإستثناء فائدة .
تناقضات الألباني – رحمه الله- في كتابيه " جلباب المرأة.." و " الرد المفحم .."
1- أن الألباني - عفا الله عنه - قرر أن الأمر الوارد بالجلباب في قوله تعالى (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن) لا يشمل تغطية الوجه؛ لأن الجلباب هو ما يستر البدن مع الرأس فقط(13). ولو كان الأمر كما قرر الشيخ لقال الله تعالى (يتجلببن) ولم يقل (يدنين عليهن من جلابيبهن)؛ لأنه كيف يقال للمرأة: أدني الجلباب، وهو يغطي رأسها وبدنها ؟!
(فالإدناء) أمر زائد على لبس الجلباب؛ وهو تغطية الوجه؛ لقوله تعالى بعده (ذلك أدنى أن يعرفن) والوجه هو عنوان المعرفة.
2- قرر الألباني – عفا الله عنه - في كتابه بأن آية الحجاب (وإذا سألتموهن متاعًا فاسألوهن من وراء حجاب ... ) عامة لكل النساء(14)، ومعلوم أن آية الحجاب نزلت في زينب بنت جحش رضي الله عنها، وهي إحدى زوجاته صلى الله عليه وسلم، وحجابهن الواجب هو تغطية الوجه باتفاق العلماء –وبإقرار الألباني نفسه!- (15) فيلزم أن يكون حجاب نساء المؤمنين هو تغطية الوجه أيضاً؛ لأن الآية عامة باعتراف الألباني !(5/567)
3- ذكر الألباني حديث عائشة رضي الله عنها قالت: "خرجت سودة بعدما ضُرب الحجاب لحاجتها وكانت امرأة جسيمة لا تخفى على من يعرفها.. الحديث، وفيه أن عمر رضي الله عنه عرفها لجسمها" ثم علق الألباني على قولها "بعدما ضُرب الحجاب" قال: "تعني حجاب أشخاص نسائه صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى (وإذا سألتموهن متاعًا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن) وهذه الآية مما وافق تنزيلها قول عمر رضي الله عنه كما روى البخاري (8/428) وغيره عن أنس قال: قال عمر رضي الله عنه: قلت: يا رسول الله! يدخل عليك البر والفاجر، فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب، فأنزل الله آية الحجاب"(16).
قلت: قول الألباني "تعني حجاب أشخاص نسائه صلى الله عليه وسلم" يناقض ما ذكره بعد هذا من أن الوحي نزل بتأييد عمر في حجاب "أبدان" زوجاته صلى الله عليه وسلم، ولم يؤيده في حجاب "أشخاصهن". قال الألباني: "في الحديث –أي السابق- دلالة على أن عمر رضي الله عنه إنما عرف سودة من جسمها، فدل على أنها كانت مستورة الوجه، وقد ذكرت عائشة أنها كانت رضي الله عنها تُعرف بجسامتها، فلذلك رغب عمر رضي الله عنه أن لا تُعرف من شخصها، وذلك بأن لا تخرج من بيتها، ولكن الشارع الحكيم لم يوافقه هذه المرة لما في ذلك من الحرج.." (17)
قد يقال: بأن هذا سبق قلم من الشيخ، أراد أن يكتب: "تعني حجاب أبدان نسائه صلى الله عليه وسلم" فكتب "تعني حجاب أشخاص نسائه صلى الله عليه وسلم"
فأقول: هذا ما أظنه، أنه سبق قلم من الشيخ بدليل ما بعده. ومع هذا ففيه تناقض شديد!! وهو ما أريد التنبيه عليه: وهو أن الشيخ هنا يرى أن آية الحجاب (فاسألوهن من وراء حجاب) نزلت في حجاب البدن، ومنه تغطية الوجه –كما سبق-. ولكننا نراه في (ص 87 من جلباب المرأة) يقول تعليقاً على أثر أم سلمة رضي الله عنها قالت: "لما انقضت عدتي من أبي سلمة أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمني بيني وبينه حجاب ... " قال الألباني: "الظاهر أن الحجاب في هذه الرواية ليس هو الثوب الذي تتستر به المرأة، وإنما هو ما يحجب شخصها من جدار أو ستار أو غيرهما، وهو المراد من قوله تعالى (وإذا سألتموهن متاعًا فاسألوهن من وراء حجاب...)" !! فهو هنا يرى أن الآية تدل على حجاب الأشخاص لا الأبدان؛ لكي يفر من القول بتغطية الوجه، وهناك يرى أنها تدل على حجاب الأبدان ومنه تغطية الوجه بدليل فعل سودة رضي الله عنها !! فتأمل هذا التناقض!
ولو ذهب الألباني إلى القول الصحيح لسلم من هذا التناقض، والله الموفق.
4- ذكر الألباني –عفا الله عنه - –كما سبق- أثر أم سلمة رضي الله عنها، قالت: لما انقضت عدتي من أبي سلمة أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمني بيني وبينه حجاب.." ثم قال : "الظاهر أن الحجاب في هذه الرواية ليس هو الثوب الذي تتستر به المرأة، وإنما هو ما يحجب شخصها من جدار أو ستار أو غيرهما، وهو المراد من قوله تعالى (.. وإذا سألتموهن متاعًا فاسألوهن من وراء حجاب ذلك أطهر لقلوبكم وقلوبهن)" (18).
قلت: في هذا عدة أمور:(5/568)
الأول: أن الألباني – عفا الله عنه - يقرر هنا بأن آية الحجاب عامة لجميع النساء؛ لأن أم سلمة عندما كلمها النبي صلى الله عليه وسلم في الأثر السابق لم تكن من زوجاته صلى الله عليه وسلم.
الثاني: أن العلماء متفقون على أن هذه الآية نزلت –كما سبق- في زواجه صلى الله عليه وسلم من زينب بنت جحش رضي الله عنها، وحجاب زوجاته بالاتفاق هو وجوب تغطية الوجه. فيلزم الألباني أن يقول به لجميع النساء المؤمنات لأنه يرى –كما سبق- أن الآية عامة لجميع النساء!
الثالث: إن قال الألباني كما سبق: نعم، هي عامة لجميع النساء، ولكنها لا تدل على تغطية الوجه، وإنما تدل على ستر النساء لأشخاصهن عند سؤال الرجال لهن المتاع. أقول: هذا تناقض عظيم تتنزه الشريعة عنه. إذ كيف تأمرهن بستر أشخاصهن عند سؤال المتاع، ثم ترخص لهن في كشف وجوههن أمام الرجال على حد قولك؟!!
فما الداعي لحجاب الأشخاص أصلاً ما دامت الوجوه مكشوفة ؟!
أما من يرى تغطية الوجه –وهو القول الصحيح- فإنه لم يتناقض هنا، ولله الحمد، لأن هذه الآية عنده تدل على تغطية الوجه لجميع النساء المؤمنات.
والحجاب في الآية عنده يشمل تغطية الوجه ، وحجاب الجدار والستر ونحوه .
5- يرى الألباني أنه لا فرق بين حجاب الحرة المسلمة والأمة المسلمة فالواجب عليهن ستر أبدانهن ما عدا الوجه والكفين، ويشنع على من قال بالفرق بين حجاب الحرة وحجاب الأمة وهم جمهور الأمة. ثم نراه يصحح أثر قتادة في تفسير آية (يدنين عليهن من جلابيبهن) وهو قوله –أي قتادة- : "أخذ الله عليهن إذا خرجن أن يقنعن على الحواجب"(19)
ولكن الألباني لم يكمل قول قتادة ! بل بتره كما سبق! فهو يقول بعد الكلام السابق: "وقد كانت المملوكة إذا مرت تناولوها بالإيذاء، فنهى الله الحرائر أن يتشبهن بالإماء" !
فقتادة كالجمهور يفرق بين حجاب الحرة والأمة. فيلزم الألباني حينئذٍ أن يفرق بين حجابيهما، أو أن لا يحتج بأثر قتادة الذي يناقض قوله !
6- أخرج البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: "يرحم الله نساء المهاجرات الأول لما أنزل الله (وليضربن بخمرهن على جيوبهن) شققن مروطهن فاختمرن بها" قال الحافظ ابن حجر: "اختمرن: أي غطين وجوههن"(20) فلم يعجب هذا التفسير الألباني رحمه الله لأنه يناقض قوله بجواز كشف الوجه. فقال مُخَطِّئًا الحافظ ابن حجر بأسلوب غريب: "قوله "وجوههن" يحتمل أن يكون خطأ من الناسخ، أو سبق قلم من المؤلف، أراد أن يقول "صدورهن" فسبقه القلم.." (21) !! فانظر كيف يخطئ العلماء في سبيل إقرار رأيه الضعيف؟! وفاته – عفا الله عنه - أن الحافظ ابن حجر قال عند تعريف الخمر: "ومنه خمار المرأة لأنه يستر وجهها"(22) ! فهو يعني ما يقول، ولم يخطئ كما يزعم الألباني ! .
7- شنع الألباني رحمه الله على القائلين بأن الخمار هو ما يغطي الوجه والرأس، فلما أحرجوه واحتجوا عليه بأقوال شراح الحديث؛ كالحافظ ابن حجر –كما سبق-، وبقول الشاعر:(5/569)
قل للمليحة في الخمار المذهب *** أفسدت نسك أخي التقي المذهب
نور الخمار ونور خدك تحته *** عجبًا لوجهك كيف لم يتلهب
قال الألباني: "لا يلزم من تغطية الوجه به أحياناً أن ذلك من لوازمه عادة"(23)! فاعترف رحمه الله بأن الخمار يغطي الوجه ! إذاً: فلماذا كل هذا التشنيع ؟!
8- ذكر الألباني حديث أنس –في الصحيحين وغيرهما- : "أن النبي صلى الله عليه وسلم لما اصطفى لنفسه من سبي خيبر صفية بنت حيي قال الصحابة: ما ندري أتزوجها أم اتخذها أم ولد؟ فقالوا: إن يحجبها فهي امرأته، وإن لم يحجبها فهي أم ولد. فلما أراد أن يركب حجبها حتى قعدت على عجز البعير، فعرفوا أنه تزوجها. وفي رواية: وسترها رسول الله صلى الله عليه وسلم وحملها وراءه وجعل رداءه على ظهرها ووجهها"
ثم ذكر قول شيخ الإسلام تعليقاً على هذا الحديث: "والحجاب مختص بالحرائر دون الإماء كما كانت سنة المؤمنين في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه أن الحرة تحتجب والأمة تبرز"(24) واستغربه !! لأن الألباني يرى أن نساء المؤمنين وإماءهم لا يجب عليهن تغطية الوجه بل الرأس.
قلت : لا غرابة في كلام شيخ الإسلام رحمه الله؛ لأنه من القائلين بأن حجاب الحرائر –سواء كن زوجاته صلى الله عليه وسلم أو نساء المؤمنين- هو تغطية الوجه، وأما الإماء فيكشفن وجوههن ورؤوسهن.
9- زعم الألباني عفا الله عنه أن الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله يذهب إلى أن الخمار هو غطاء الرأس فقط، وأن القواعد من النساء لا حرج عليهن في وضعه !! ثم نقل قوله مبتورًا! (25)
وفاته أن الشيخ ابن سعدي قال في تفسير قوله تعالى (فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن): "أي الثياب الظاهرة؛ كالخمار ونحوه الذي قال الله فيه للنساء (وليضربن بخمرهن على جيوبهن) فهؤلاء يجوز لهن أن يكشفن وجوههن لأمن المحذور منها وعليها"(26) .
فابن سعدي رحمه الله كغيره من العلماء يرى أن الخمار غطاء الوجه مع الرأس، لا الرأس فقط كما نسب إليه الألباني .
10- ذكر الشيخ الألباني رحمه الله أثراً صحيحاً عن عاصم الأحول قال: "كنا ندخل على حفصة بنت سيرين وقد جعلت الحجاب هكذا، وتنقبت به. فنقول لها: رحمك الله! قال الله تعالى (والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحًا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة) هو الجلباب. قال: فتقول لنا: أي شيء بعد ذلك؟ فنقول : (وأن يستعففن خير لهن) فتقول: هو إثبات الحجاب"(27)
قلت: هذا الأثر الذي ذكره الشيخ ينقض قوله بجواز كشف الوجه!! لأنه يدل على أن من المتقرر عند السلف أن المرأة تغطي وجهها عن الأجانب؛ كما فعلت حفصة بنت سيرين، وأن القواعد من النساء لهن أن يكشفن وجوههن غير متبرجات بزينة. ولو كان يجوز للنساء أن يكشفن وجوههن –كما يرى الألباني- لقال عاصم ومن معه لحفصة بنت سيرين: إنه يجوز لك كشف وجهك، ولما احتاجوا أن يذكروا لها آية (والقواعد) ! فتأمل !(5/570)
وفي هذا الأثر أيضاً دليل على أن الجلباب يُغطى به الوجه.
11- يردد الألباني أن مذهب الإمام مالك جواز كشف الوجه(28) ولم يذكر نصاً عن الإمام مالك على هذا، وهذا خلاف ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية من أن مذهبه عدم جواز ذلك. قال : "إن كل شيء منها –أي المرأة- عورة حتى ظفرها ، وهو قول مالك"(29). ومما يشهد لما نقله شيخ الإسلام أن الإمام مالك ذكر في موطئه قول ابن عمر "لا تنتقب المرأة المحرمة" ثم أتبعه بقول فاطمة بنت المنذر: "كنا نخمر وجوهنا ونحن محرمات، ونحن مع أسماء بنت أبي بكر الصديق"(30) ليبين أن منع المرأة المحرمة من النقاب لا يعني عدم ستر وجهها بغيره مما لم يُفصل على مقدار العضو. والله أعلم .
هذا ما أردت بيانه من تناقضات الشيخ – رحمه الله - ؛ لكي لا يغتر أحد من المسلمين بقوله في هذه المسألة .
كشف وجه المرأة : هل هو من المسائل "الخلافية" أم "الاجتهادية" ؟!
هذه المسألة هي أكثر المسائل المطروقة في هذا الباب: وهي تقريباً أول مسألة تعرض للقارئ.
فالبعض قد يعدها من قبيل "المسائل الخلافية" التي ينكر فيها على المخالف لثبوت النص بوجوب تغطية المرأة لوجهها أمام الأجانب(31)، وأيضاً فقد ثبت فيها الإجماع العلمي لدى المسلمين. قال الحافظ ابن حجر: "لم تزل عادة النساء قديمًا وحديثاً يسترن وجوههن عن الأجانب"(32) . ونقل ابن رسلان: "اتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه"(33)، ولهذا فإنه ينكر على من خالف هذا القول. مع الاعتذار للعلماء المتأخرين الذين اختاروا القول الآخر.
والبعض الآخر قد يعدها من قبيل "المسائل الاجتهادية" التي يسوغ فيها الخلاف.
وعلى كلا القولين : فإنه يُنكر على من كشفت وجهها في البلاد التي يعمل أهلها بالقول الأول؛ وهو وجوب تغطية المرأة لوجهها؛ لأنه على القول بأنها من المسائل "الخلافية" التي ثبت فيها النص؛ فإنه ينكر على من خالف النص، وعلى القول بأنها من المسائل "الاجتهادية" فإنه ينكر على المخالف بسبب أن اختياره للقول الآخر وهو جواز كشف الوجه يسبب فتنة لأهل هذه البلاد ولنسائهم.
فتوى الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله- في هذه المسألة:
سئل –رحمه الله-:
"فضيلة الشيخ، لا شك أن من شروط الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أن يكون عالماً بشروطه. هل هو منكر أو غير منكر؟ وبعض الناس إذا رأى أحد رجال الهيئة يعترض على امرأة كاشفة الوجه. يقول: لا يجب عليك أن تنكر؛ لأنها لا تخلو من حالتين: إما أن تكون مسلمة ترى عدم وجوب ستر الوجه، وإلا كافرة فلا يجب في الأصل أن تتحجب. هل ما يقول هذا صحيح، أو غير صحيح؟
والجواب: لا، هذا غير صحيح، لأن المعاصي قسمان: قسم لا تضر إلا صاحبها فهذا ندعه ورأيه إذا كان أهلاً للاجتهاد. وقسم تضر غير صاحبها، ولا شك أن كشف المرأة وجهها لا يختص ضرره بها هي، بل يضر غيرها؛ لأن الناس يفتتنون بها،(5/571)
وعلى هذا يجب أن تنهاها سواء كانت كافرة أو مسلمة، وسواء كانت ترى هذا القول أولا تراه، انهها وأنت إذا فعلت ما فيه ردع الشر سلمت منه.
أما ما كان لا يضر إلا صاحبه؛ مثل رجل يشرب الدخان، وقال: أنا أرى حلّه ولا أرى أنه حرام، وعلمائي يقولون إنه حلال، فهذا ندعه إذا كان عاميًّا، لأن العاميّ قوله قول علمائه، فإذا قال: أنا أرى أنه ليس بحرام نتركه لأن هذا لا يضر إلا نفسه. إلا إذا ثبت صحيًّا أنه يضر الناس بخنقهم أو كان يؤذيهم برائحته، قد نمنعه من هذه الناحية.
فاعرف هذه القاعدة: إن المعاصي قسمان: قسم لا تضر إلا صاحبها فهذه إذا خالفنا أحد في اجتهادنا ندعه، وقسم تضر الغير فهذا نمنعه من أجل الضرر المتعدي. لكن إذا خيف من ذلك فتنة تزيد على كشف هذا الوجه، فإنه يُدرأ أعظم الشرين بأخفهما. ولكن إذا رأيت امرأة كاشفة مع ولي أمرها تمسك ولي الأمر وتقول: يا أخي هذا لا يجوز هذا حرام هذا يضر أهلك ويضر غيرهم. تكلمه بالتي هي أحسن؛ باللين. لا تتكلم مع المرأة نفسها؛ قد يكون في هذا ضرر أكبر عليك أنت"(34) .
وسئل –رحمه الله-: "فضيلة الشيخ: هل ينكر على المرأة التي تكشف الوجه، أم أن المسألة خلافية، والمسائل الخلافية لا إنكار فيها ؟
الجواب: لو أننا قلنا: المسائل الخلافية لا ينكر فيها على الإطلاق، ذهب الدين كلّه حين تتبع الرخص لأنك لا تكاد تجد مسألة إلا وفيها خلاف بين الناس. نضرب مثلاً: هذا رجلٌ مسَّ امرأة لشهوة، وأكل لحم إبل، ثم قام ليصلي، فقال: أنا أتبع الإمام أحمد في أن مسَّ المرأة لا ينقض الوضوء، وأتبع الشافعي في أن لحم الإبل لا ينقض الوضوء، وسأصلي على هذه الحال، فهل صلاته الآن صحيحة على المذهبين ؟ هي غير صحيحة؛ لأنها إن لم تبطل على مذهب الإمام أحمد بن حنبل بطلت على مذهب الإمام الشافعي، وإن لم تبطل على مذهب الإمام الشافعي بطلت على مذهب الإمام أحمد، فيضيع دين الإنسان. المسائل الخلافية تنقسم إلى قسمين؛ قسم: مسائل اجتهادية يسوغ فيها الخلاف؛ بمعنى أن الخلاف ثابت حقاً وله حكم النظر، فهذا لا إنكار فيه على المجتهد، أما عامة الناس، فإنهم يلزمون بما عليه علماء بلدهم، لئلا ينفلت العامة؛ لأننا لو قلنا للعامي: أي قول يمرُّ عليك لك أن تأخذ به، لم تكن الأمة أمة واحدة، ولهذا قال شيخنا عبد الرحمن بن سعدي –رحمه الله-: "العوام على مذهب علمائهم". فمثلاً عندنا هنا في المملكة العربية السعودية أنه يجب على المرأة أن تغطي وجهها، فنحن نلزم نساءنا بذلك، حتى لو قالت لنا امرأة: أنا سأتبع المذهب الفلاني وكشف الوجه فيه جائز، قلنا: ليس لك ذلك؛ لأنك عامية ما وصلت إلى درجة الاجتهاد، وإنما تريدين اتباع هذا المذهب لأنه رخصة، وتتبع الرخص حرام.
أما لو ذهب عالم من العلماء الذي أداه اجتهاده إلى أن المرأة لا حرج عليها في كشف الوجه، ويقول: إنها امرأتي سوف أجعلها تكشف الوجه، قلنا: لا بأس، لكن لا يجعلها تكشف الوجه في بلاد يسترون الوجوه، يمنع من هذا؛ لأنه يفسد غيره، ولأن المسألة فيها اتفاق على أن ستر الوجه أولى، فإذا كان ستر الوجه أولى فنحن إذا ألزمناه بذلك لم نكن ألزمناه بما هو حرام على مذهبه، إنما ألزمناه بالأولى على مذهبه، ولأمر آخر هو ألا يقلده غيره من أهل هذه البلاد المحافظة، فيحصل من ذلك تفرق وتفتيت(5/572)
للكلمة. أما إذا ذهب إلى بلاده، فلا نلزمه برأينا، ما دامت المسألة اجتهادية وتخضع لشيء من النظر في الأدلة والترجيح بينها.
القسم الثاني من قسمي الخلاف: لا مساغ له ولا محل للاجتهاد فيه، فينكر على المخالف فيه لأنه لا عذر له"(35).
داعيًا الله له بالرحمة والمغفرة جزاء ما قدم لأمته من تقريب علوم السنة بين أيديهم . سائله سبحانه أن يجمعني به والمسلمين في جنات النعيم ، إخوانًا على سرر متقابلين . والله أعلم ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
-------------------------------------
(1) لهذا تجد أن قاسم أمين في كتابه "تحرير المرأة" ركز عليها واتخذها ذريعة أولى لتغريب المرأة المسلمة.
(2) فتح الباري (9/235-236). (3) نيل الأوطار للشوكاني (6/114).
(4) بيان الدليل على بطلان التحليل ( ص 203) ، وانظر : الفتاوى ( 32 / 239 ) .
(5) جلباب المرأة .. ، ص 28. (6) السابق ، ص 32.
(7) انظر أدلتهم في كتاب ( الصارم المشهور ) للشيخ حمود التويجري . وكتاب ( إبراز الحق والصواب ) للمباركفوري . وكتاب ( عودة الحجاب ) لمحمد بن اسماعيل المقدم .
(8) فتح الباري (8/391). وأقره الألباني على هذا في : (جلباب المرأة، ص 106).
(9) أخرجه الترمذي وغيره، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (1864).
(10) فقد صحح الحديث السابق وذكره في السلسلة الصحيحة تحت عنوان : "قدما المرأة عورة" !
(11) انظر بعضاً منها في: "السلسلة الصحيحة" للألباني (1/149-159).
(12) "السلسلة الصحيحة" للألباني (96).
(13) انظر "جلباب المرأة المسلمة"، (ص 82-88).
(14) جلباب المرأة ، ص 75. (15) كما في المصدر السابق، ص 106.
(16) جلباب المرأة ، ص 105. (17) السابق، ص105 – 106.
(18) جلباب المرأة ، ص 87. (19) الرد المفحم ، ص 51 – 52.
(20) فتح الباري (8/347). (21) الرد المفحم، ص 20.
(22) فتح الباري (10/51). (23) جلباب المرأة، ص 73.
(24) جلباب المرأة ، ص 95. (25) جلباب المرأة المسلمة ، ص111.
(26) تفسير ابن سعدي (5/445). (27) جلباب المرأة ، ص 110.
(28) كما في : جلباب المرأة، ص 89. والرد المفحم، ص 34-35.
(29) الفتاوى (22/110). (30) الموطأ (ص224) رواية يحي الليثي، دار النفائس.
(31) انظر أدلة هذا القول في رسالة: "عودة الحجاب" للشيخ محمد بن إسماعيل –وفقه الله-.
(32) فتح الباري (9/235-236). (33) نيل الأوطار للشوكاني (6/114).(5/573)
(34) لقاء الباب المفتوح (33-34/66-68). (35) لقاء الباب المفتوح (49/192-193).
ـــــــــــــــــــ
هل وجه المرأة ليس بعورة هو قول الجمهور ؟
الدكتور / وليد بن عثمان الرشودي (*)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه وبعد:
لا يخفى على كل مسلم -درس شيئا من الكتاب والسنة- ما يطرأ على هذه الأمة زمن الفتن، ومن ذلك الخوض في المسائل الشرعية بلا حجة علمية ولا أمانة دينية، مصداقاً للحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا.
وإنه في زماننا تعدى الأمر ذلك، فأصبح العلم -أعني الشرعي- كلأً مباحاً لكل مدعٍ للكتابة، محسن لصف العبارة، غير مبال بالمراقبة الإلهية، ولا النصرة للسنة النبوية، من كتبة زادهم التصفح والنقل المبتور والادعاء المثبور، روَّجت لكتاباتهم صحافة الباطل التي تنصر المنكر وتخذل المعروف، فالله طليبهم وهو حسيبهم، ولن نحزن؛ فالله يقول: ( بلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ )
أما ما يتعلَّق بعنواني، وهو: هل وجه المرأة ليس بعورة هو قول الجمهور ؟ فالذي دعاني أليه هو ما كثر اللغط حوله في تلك الصحافة السيارة، والمنتديات العامة، والقنوات الفضائية من أناس تصدَّروا فيها، فأعلنوا عقيرتهم ورددوا أن وجه المرأة ليس بعورة هو قول الجمهور، فأثَّر ذلك في نفسي، ودعاني للبحث المتجرد والبعيد عن التعصب لأي من الفريقين، لا سيما من يعرفني يعرف قدر العلم الشامخ والإمام الفذ محمد ناصر الدين الألباني في قلبي، ومكانته العلمية والعملية والدعوية عندي -رحمه الله رحمة واسعة- وهو الذي استفدنا منه أن الحق أحب ألينا من الرجال، وذكره هنا لأن كل من خاض في هذه المسألة تعلَّق بكلام الشيخ -رحمه الله- ثم بعد ذلك يزيد من عنده ما شاء أن يزيد وهنا أذكر أن جمعي يدور حول قول الجمهور في المسألة ،وأي النسبتين أولى أن تنسب له، فلك -أيها القارئ- الاطلاع الآن على أقوال أهل العلم، لتحكم بعد ذلك أيه قول الجمهور:
أولاً: قول أئمتنا من الأحناف رحمهم الله تعالى:
يرى فقهاء الحنفية –رحمهم الله- أنَّ المرأة لا يجوز لها كشف وجهها أمام الرجال الأجانب، لا لكونه عورة، بل لأنَّ الكشف مظنة الفتنة، وبعضهم يراه عورة مطلقاً، لذلك ذكروا أنَّ المسلمين متفقون على منع النِّساء من الخروج سافرات عن وجوههنَّ، وفيما يلي بعض نصوصهم في ذلك:
قال أبو بكر الجصاص، رحمه الله: المرأة الشابَّة مأمورة بستر وجهها من الأجنبي، وإظهار الستر والعفاف عند الخروج، لئلا يطمع أهل الرِّيب فيها (أحكام القرآن(5/574)
3/458 )، وقال شمس الأئمة السرخسي، رحمه الله: حرمة النَّظر لخوف الفتنة، وخوف الفتنة في النَّظر إلى وجهها، وعامة محاسنها في وجهها أكثر منه إلى سائر الأعضاء (المبسوط 10/152)، وقال علاء الدين الحنفيُّ، رحمه الله: وتُمنع المرأة الشابَّة من كشف الوجه بين الرجال.
قال ابن عابدين، رحمه الله: المعنى: تُمنع من الكشف لخوف أن يرى الرجال وجهها فتقع الفتنة، لأنَّه مع الكشف قد يقع النَّظر إليها بشهوة.
وفسَّر الشهوة بقوله: أن يتحرك قلب الإنسان، ويميل بطبعه إلى اللَّذة. ونصَّ على أنَّ الزوج يعزر زوجته على كشف وجهها لغير محرم (حاشية ابن عابدين 3/261) وقال في كتاب الحجّ: وتستر وجهها عن الأجانب بإسدال شيءٍ متجافٍ لا يمسُّ الوجه، وحكى الإجماع عليه. (حاشية ابن عابدين 2/488).
ونقل عن علماء الحنفيّة وجوب ستر المرأة وجهها، وهي محرمة، إذا كانت بحضرة رجال أجانب (حاشية ابن عابدين 2/528)، وقال الطحطاويُّ، رحمه الله: تمنع المرأة الشابَّة من كشف الوجه بين رجال. (رد المحتار 1/272)، ونصَّ الإسبيجانيُّ والمرغينانيُّ والموصليُّ على أنَّ وجه المرأة داخل الصلاة ليس بعورة، وأنَّه عورة خارجها، ورجَّح في (شرح المنية ) أنَّ الوجه عورة مطلقاً.
وقال: أمَّا عند وجود الأجانب فالإرخاء واجب على المحرمة عند الإمكان
(حاشية إعلاء السنن للتهانوي 2/141).
ولمطالعة مزيد من أقول الفقهاء الحنفية يُنظر حاشية ابن عابدين (1/406-408)، والبحر الرائق لابن نجيم (1/284 و2/381)، وفيض الباري للكشميري (4/24و308).
وقال سماحة مفتي باكستان الشيخ محمَّد شفيع الحنفيُّ: وبالجملة فقد اتفقت مذاهب الفقهاء، وجمهور الأمَّة على أنَّه لا يجوز للنِّساء الشوابّ كشف الوجوه والأكفّ بين الأجانب، ويُستثنى منه العجائز؛ لقوله تعالى :[وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَآءِ ] (المرأة المسلمة ص 202).
وقال السهارنفوريُّ الحنفيُّ، رحمه الله: ويدلُّ على تقييد كشف الوجه بالحاجة: اتفاق المسلمين على منع النِّساء أن يخرجن سافرات الوجوه، لاسيما عند كثرة الفساد وظهوره (بذل المجهود شرح سنن أبي داود 16/431).
ثانيا: أقوال أئمتنا من المالكيّة:
يرى فقهاء المالكيّة أنَّ المرأة لا يجوز لها كشف وجهها أمام الرِّجال الأجانب، لا لكونه عورة، بل لأنَّ الكشف مظنَّة الفتنة، وبعضهم يراه عورة مطلقاً، لذلك فإنَّ النِّساء -في مذهبهم- ممنوعات من الخروج سافرات عن وجوههنَّ أمام الرجال الأجانب.
وفيما يلي بعض نصوصهم في ذلك:
قال القاضي أبو بكر بن العربيِّ، والقرطبيُّ رحمهما الله: المرأة كلُّها عورة، بدنها وصوتها، فلا يجوز كشف ذلك إلا لضرورة أو لحاجة، كالشهادة عليها، أو داء يكون ببدنها، أو سؤالها عمَّا يعنّ ويعرض عندها. ( أحكام القرآن 3/1578)، والجامع لأحكام القرآن (14/277).(5/575)
وقال الشيخ أبو عليٍّ المشداليُّ، رحمه الله: إنَّ من كانت له زوجة تخرج وتتصرف في حوائجها بادية الوجه والأطراف -كما جرت بذلك عادة البوادي- لا تجوز إمامته، ولا تقبل شهادته.
وسئل أحمد بن يحيى الونشريسيُّ -رحمه الله- عمن له زوجة تخرج بادية الوجه، وترعى، وتحضر الأعراس والولائم مع الرِّجال، والنِّساء يرقصن والرِّجال يكفون، هل يجرح من له زوجة تفعل هذا الفعل ؟
فأورد الفتوى السابقة، ثم قال: وقال أبو عبد الله الزواوي: إن كان قادراً على منعها ولم يفعل فما ذكر أبو عليٍّ ( المشداليّ ) صحيح.
وقال سيدي عبد الله بن محمد بن مرزوق: إن قدر على حجبها ممن يرى منها ما لا يحلّ ولم يفعل فهي جرحة في حقه، وإن لم يقدر على ذلك بوجه فلا. ومسألة هؤلاء القوم أخفض رتبة مما سألتم عنه، فإنَّه ليس فيها أزيد من خروجها وتصرفها بادية الوجه والأطراف، فإذا أفتوا فيها بجرحة الزوج، فجرحته في هذه المسؤول عنها أولى وأحرى، لضميمة ما ذُكر في السؤال من الشطح والرقص بين يدي الرجال الأجانب، ولا يخفى ما يُنْتِجُ الاختلاط في هذه المواطن الرذلة من المفاسد (المعيار المعرب للونشريسي 11/193).
وذكر الآبِّيُّ: أنَّ ابن مرزوق نصَّ على: أنَّ مشهور المذهب وجوب ستر الوجه والكفين إن خشيت فتنة من نظر أجنبي إليها (جواهر الإكليل 1/41). ولمطالعة مزيد من أقول الفقهاء المالكية في وجوب تغطية المرأة وجهها، يُنظر: المعيار المعرب للونشريسي (10/165و11/226 و229)، ومواهب الجليل للحطّاب (3/141)، والذّخيرة للقرافي (3/307)، والتسهيل لمبارك (3/932)، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير (2/55)، وكلام محمد الكافي التونسي كما في الصارم المشهور (ص 103)، وجواهر الإكليل للآبي (1/186).
ثالثًا: أقوال أئمتنا من الشافعيَّة:
يرى فقهاء الشافعية أنَّ المرأة لا يجوز لها كشف وجهها أمام الرِّجال الأجانب، سواء خُشيت الفتنة أم لا؛ لأنَّ الكشف مظنَّة الفتنة، وبعضهم يرى أنَّ الوجه عورة مطلقاً.
وفيما يلي بعض نصوصهم في ذلك:
قال إمام الحرمين الجوينيُّ، رحمه الله: اتفق المسلمون على منع النِّساء من الخروج سافرات الوجوه؛ لأنَّ النَّظر مظنَّة الفتنة، وهو محرك للشهوة، فاللائق بمحاسن الشرع سدُّ الباب فيه، والإعراض عن تفاصيل الأحوال، كالخلوة بالأجنبية.
(روضة الطالبين 7/24)، و بجيرمي على الخطيب (3/315).
ونقل ابن حجر -رحمه الله- عن الزياديّ، وأقرَّه عليه: أنَّ عورة المرأة أمام الأجنبي جميع بدنها، حتى الوجه والكفين على المعتمد.
وقال: قال صاحب النِّهاية: تَعَيَّنَ سترُ المرأة وجهها، وهي مُحْرِمَة، حيث كان طريقاً لدفع نظرٍ مُحَرَّم (تحفة المحتاج 2/112و4/165).
وقال ابن رسلان، رحمه الله: اتفق المسلمون على منع النِّساء أن يخرجن سافرات عن الوجوه، لاسيما عند كثرة الفسَّاق (عون المعبود 11/162).(5/576)
وقال الشرقاويُّ، رحمه الله: وعورة الحرَّة خارج الصلاة بالنِّسبة لنظر الأجنبيِّ إليها فجميع بدنها حتَّى الوجه والكفين، ولو عند أمن الفتنة.
(حاشية الشرقاوي على تحفة الطلاب 1/174).
وقال النَّوويُّ، رحمه الله: لا يجوز للمسلمة أن تكشف وجهها ونحوه من بدنها ليهوديَّة أو نصرانيَّة وغيرهما من الكافرات، إلاَّ أن تكون الكافرة مملوكة لها، هذا هو الصحيح في مذهب الشافعيِّ رضي الله عنه (الفتاوى ص 192).
وقال ابن حجر، رحمه الله: استمر العمل على جواز خروج النِّساء إلى المساجد والأسواق والأسفار منتقبات؛ لئلا يراهنَّ الرِّجال.
وقال الغزَّاليُّ، رحمه الله: لم يزل الرجال على مرِّ الزمان مكشوفي الوجوه، والنِّساء يخرجن منتقبات (فتح الباري 9/337).
ولمطالعة مزيد من أقوال الفقهاء الشافعية، يُنظر إحياء علوم الدين (2/49)، وروضة الطالبين (7/24)، وحاشية الجمل على شرح المنهج (1/411)، وحاشية القليوبي على المنهاج (1/177)، وفتح العلام (2/178) للجرداني، وحاشية السقاف ( ص 297)، وشرح السنة للبغوي ( 7/240).
وقال الموزعيُّ الشافعيُّ، رحمه الله: لم يزل عمل النَّاس على هذا، قديماً وحديثاً، في جميع الأمصار والأقطار، فيتسامحون للعجوز في كشف وجهها، ولا يتسامحون للشابَّة، ويرونه عورة ومنكراً، وقد تبين لك وجه الجمع بين الآيتين، ووجه الغلط لمن أباح النَّظر إلى وجه المرأة لغير حاجة.
والسلف والأئمة كمالك والشافعيِّ وأبي حنيفة وغيرهم لم يتكلموا إلا في عورة الصلاة، فقال الشافعيُّ ومالك: ما عدا الوجه والكفين، وزاد أبو حنيفة:
القدمين، وما أظنُّ أحداً منهم يُبيح للشابَّة أن تكشف وجهها لغير حاجة، ولا يبيح للشابِّ أن ينظر إليها لغير حاجة (تيسير البيان لأحكام القرآن 2/1001).
رابعا: أقوال أئمتنا من الحنابلة:
يرى فقهاء الحنابلة أنَّ المرأة لا يجوز لها كشف وجهها أمام الرِّجال الأجانب، لكونه عورة مطلقاً.
وفيما يلي بعض نصوصهم في ذلك:
قال الإمام أحمد، رحمه الله: ظفر المرأة عورة، فإذا خرجت من بيتها فلا تُبِن منها شيئاً ولا خفها، فإنَّ الخفَّ يصف القدم، وأحبُّ إليَّ أن تجعل لكمها زراً عند يدها حتَّى لا يبن منها شيء (انظر الفروع 1/601).
وقال ابن تيميّة، رحمه الله: وقبل أن تنزل آية الحجاب كان النِّساء يخرجن بلا جلباب، يرى الرِّجال وجهها ويديها، وكان إذ ذاك يجوز لها أن تُظهر الوجه والكفين ... ثم لما أنزل الله -عز وجل- آية الحجاب بقوله: [يَأَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ ]حجب النِّساء عن الرِّجال.
وقال: وكشف النِّساء وجوههنَّ بحيث يراهنَّ الأجانب غير جائز، وعلى ولي الأمرِ الأمرُ بالمعروف والنهي عن هذا المنكر وغيره، ومن لم يرتدع فإنَّه يعاقب على ذلك بما يزجره.(5/577)
وقال ابن القيِّم، رحمه الله: الشارع شرع للحرائر أن يسترن وجوههنَّ عن الأجانب، وأمَّا الإماء فلم يوجب عليهنَّ ذلك ...
والعورة عورتان: عورة في الصلاة، وعورة في النَّظر، فالحرَّة لها أن تصلي مكشوفة الوجه والكفين، وليس لها أن تخرج في الأسواق ومجامع النَّاس كذلك.
خامسا: أقوال أئمتنا من المحققين:
قال الشوكاني رحمه الله في السيل الجرار (2/180) :"وأما تغطية وجه المرأة – يعني في الإحرام – فلما روي أن إحرام المرأة في وجهها ولكنه لم يثبت ذلك من وجه يصلح للاحتجاج به، وأما ما أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجة من حديث عائشة قالت: كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله -صلى الله عليه وآله سلم- محرمات فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزنا كشفناه "، وليس فيه ما يدل على أن الكشف لوجوههنَّ كان لأجل الإحرام، بل كنّ يكشفن وجوههن عند عدم وجوب من يجب سترها منه، ويسترنها عند وجود من يجب سترها منه.
قال العلامة بكر أبو زيد: معلوم أن العمل المتوارث المستمر من عصر الصحابة -رضي الله عنهم- فمن بعدهم حجة شرعية يجب اتباعها، وتلقيها بالقبول، وقد جرى الإجماع العملي بالعمل المستمر المتوارث بين نساء المؤمنين على لزومهن البيوت، فلا يخرجن إلا لضرورة أو حاجة، وعلى عدم خروجهن أمام الرجال إلا متحجبات غير سافرات الوجوه، ولا حاسرات عن شيء من الأبدان، ولا متبرجات بزينة، واتفق المسلمون على هذا العمل المتلاقي مع مقاصدهم في بناء صرح العفة والطهارة والاحتشام والحياء والغيرة، فمنعوا النساء من الخروج سافرات الوجوه، حاسرات عن شيء من أبدانهن أو زينتهن.
فهذان إجماعان متوارثان معلومان من صدر الإسلام، وعصور الصحابة والتابعين لهم بإحسان، حكى ذلك جمع من الأئمة، منهم الحافظ ابن عبد البر، والإمام النووي، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وغيرهم رحمهم الله تعالى، واستمر العمل به إلى نحو منتصف القرن الرابع عشر الهجري، وقت انحلال الدولة الإسلامية إلى دول.
الأدلة من النظر:
• قال الشنقيطيُّ، رحمه الله: إنَّ المنصف يعلم أنَّه يبعد كل البعد أن يأذن الشارع للنِّساء في الكشف عن الوجه أمام الرِّجال الأجانب، مع أنَّ الوجه هو أصل الجمال والنَّظر إليه من الشابَّة الجميلة هو أعظم مثير للغرائز البشريَّة، وداع إلى الفتنة، والوقوع فيما لا ينبغي. (أضواء البيان تفسير القرآن بالقرآن 6/602).
ويتَّضح مما سبق جلياً ظاهراً أن قول الجمهور هو القول بعورة وجه المرأة، بل حكى الإجماع على ذلك أئمة يعتمد نقلهم للإجماع وهم:
• ابن عبد البر من المالكية المغاربة.
• والنووي من الشافعية المشارقة .
• وابن تيمية من الحنابلة.
• وحكى الاتفاق السهارنفوري، والشيخ محمد شفيع الحنفي من الحنفية.
فهل يبقى بعد ذلك حجة لمدعٍ أن قول الجمهور خلاف ذلك ؟.(5/578)
• تنبيهان مهمان:
• الأول: أنه لا يجوز إطلاق كلام الشيخ محمد ناصر الدين الألباني بجواز كشف الوجه دون تقييده بأن المستحب هو تغطية الوجه.
• ثانيًا: على كل باحث في هذه المسألة أن يتجرد في البحث، جاعلاً مراقبة الله نصب عينيه، ثم معرفة مفاتح العلم، فالبعض يلتقط أقوالاً من كتاب الصلاة، ولا يراجع كتاب الحج والنظر للمخطوبة، فيقع في الخلط والخطأ في نسبة الأقوال دون تحقيق وتمحيص.
وبعد فهذا ما تيسَّر جمعه نصرة لأئمتنا أن ينسب لهم ما لم يصح عنهم، وحماية لجناب المرجعية العلمية الأصيلة، وعدم الخلط والتشويه للعلم وأهله.
أسأل الله –تعالى- أن ينفع بما كتبت، وأن يجعله لوجهه خالصًا، ولسنة نبيه متبعاً، والحمد لله رب العالمين.
ملحوظة: اعتمدت كثيراً على الكتاب الماتع النافع الأدلة المطمئنة على أن الحجاب طهر وعز للمؤمنة، لفضيلة الشيخ أحمد بن عبد العزيز الحمدان حفظه الله تعالى.
--------------------------
(*) رئيس قسم الدراسات الإسلامية بكلية المعلمين بالرياض
ـــــــــــــــــــ
الحجاب وأصول الاعتقاد
عبد العزيز بن ناصر الجليل
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه. أما بعد:
فلم يعد خافياً على أحد ما تشهده مجتمعات المسلمين اليوم من حملة محمومة من الذين يتبعون الشهوات على حجاب المرأة وحيائها وقرارها في بيتها؛ حيث ضاق عطنهم وأخرجوا مكنونهم ونفذوا كثيراً من مخططاتهم في كثير من مجتمعات المسلمين؛ وذلك في غفلة وقلة إنكار من أهل العلم والصالحين، فأصبح الكثير من هذه المجتمعات تعج بالسفور والاختلاط والفساد المستطير مما أفسد الأعراض والأخلاق، وبقيت بقية من بلدان المسلمين لا زال فيها ـ والحمد لله ـ يقظة من أهل العلم الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر حالت بين دعاة السفور وبين كثير مما يرومون إليه. وهذه سنة الله ـ عز وجل ـ في الصراع بين الحق والباطل والمدافعة بين المصلحين والمفسدين.
ومن كيد المفسدين في مثل المجتمعات المحافظة مع وجود أهل العلم والغيرة أن أولئك المفسدين لا يجاهرون بنواياهم الفاسدة؛ ولكنهم يتسترون وراء الدين ويُلبِسون باطلهم بالحق واتباع ما تشابه منه، وهذا شأن أهل الزيغ كما وصفهم الله ـ عز وجل ـ في قوله: "فّأّمَّا بَّذٌينّ فٌي قٍلٍوبٌهٌمً زّيًغِ فّيّتَّبٌعٍونّ مّا تّشّابّهّ مٌنًهٍ بًتٌغّاءّ بًفٌتًنّةٌ ّابًتٌغّاءّ تّأّوٌيلٌهٌ" [آل عمران: 7]. وهم أول من يعلم أن فساد أي مجتمع إنما يبدأ بإفساد المرأة واختلاطها بالرجال، ولو تأملنا في التاريخ لوجدنا أن أول ما دخل الفساد على أية أمة فإنما هو من باب الفتنة بالنساء، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: "ما(5/579)
تركت فتنة هي أضر على الرجال من النساء"(1)، وقوله صلى الله عليه وسلم: "فاتقوا النساء؛ فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء"(2).
وهذه حقيقة لا يماري فيها أحد، وملل الكفر أول من يعرف هذه الحقيقة؛ حيث إنهم من باب الفتنة بالنساء دخلوا على كثير من مجتمعات المسلمين وأفسدوها وحققوا أهدافهم البعيدة، وتبعهم في ذلك المهزومون من بني جلدتنا ممن رضعوا من ألبان الغرب وأفكاره، ولكن لأنهم يعيشون في بيئة مسلمة ولا زال لأهل العلم والغيرة حضورهم؛ فإنهم ـ كما سبق بيان ذلك ـ لا يتجرؤون على طرح مطالبهم التغريبية بشكل صريح لعلمهم بطبيعة تديُّن الناس ورفضهم لطروحاتهم وخوفهم من الافتضاح بين الناس، ولذلك دأبوا على اتباع المتشابهات من الشرع، وإخراج مطالبتهم في قوالب إسلامية وما فتئوا يلبسون الحق بالباطل.
ومن هذه الطروحات التي أجلبوا عليها في الآونة الأخيرة مطالبتهم في مجتمعات محافظة بكشف المرأة عن وجهها وإخراجها من بيتها معتمدين ـ بزعمهم ـ على أدلة شرعية وأقوالٍ لبعض العلماء في ذلك. ولنا في مناقشة هؤلاء القوم المطالبين بكشف وجه المرأة المسلمة أمام الأجانب واختلاطها بهم في مجتمع محافظ لا يعرف نساؤه إلا الحجاب الكامل والبعد عن الأجانب لنا في ذلك عدة وقفات:
الوقفة الأولى:
إن هناك فرقاً في تناول قضية الحجاب ـ وهل يدخل في ذلك الوجه أم لا؟ ـ بين أن يقع اختلاف بين العلماء المخلصين في طلب الحق، المجتهدين في تحري الأدلة، الدائرين في حالتي الصواب والخطأ بين مضاعفة الأجر مع الشكر، وبين الأجر الواحد مع العذر ـ هناك فرق بين أولئك وبين من يتبع الزلات، ويحكم بالتشهي، ويرجِّح بالهوى؛ لأن وراء الأكمة ما وراءها؛ فيؤول حاله إلى الفسق وَرِقَّة الدين ونقص العبودية وضعف الاستسلام لشرع الله ـ عز وجل ـ.
وهناك فرق بين تلك الفتاوى المحلولة العقال المبنية على التجرِّي لا على التحري التي يصدرها قوم لا خلاق لهم من الصحافيين ومن أسموهم المفكرين تعج منهم الحقوق إلى الله عجيجاً، وتضج منهم الأحكام إلى من أنزلها ضجيجاً، ينفرون من تغطية الوجه لا لأن البحث العلمتي المجرد أدَّاهم إلى أنه مكروه أو جائز أو بدعة كما يُرجفون، ولكن لأنه يشمئز منه متبوعهم من كفار الشرق والغرب. فاللهم باعد بين نسائنا وبناتنا وأخواتنا وبينهم كما باعدت بين المشرق والمغرب"(3).
"ولك أن تقدر شدة مكر القوم الذين يريدون من جانبهم أن يتَّبعوا التمدن الغربي، ثم يسوِّغون فعلهم هذا بقواعد النظام الإسلامي الاجتماعي.
ولقد أوتيت المرأة من الرخص في النظام الإسلامي أن تبدي وجهها وكفيها إذا دعت الحاجة في بعض الأحوال، وأن تخرج من بيتها لحاجتها، ولكن هؤلاء يجعلون هذا نقطة البدء وبداية المسير، ويتمادون إلى أن يخلعوا عن أنفسهم ثوب الحياء والاحتشام، فلا يقف الأمر بإناثهم عند إبداء الوجه والكفين، يل يجاوزه إلى تعرية الشعر والذراع والنحر إلى آخر هذه الهيئة القبيحة المعروفة، وهي الهيئة التي لا تخص بها المرأة الأزواج والأخوات والمحارم فقط، بل يخرجن بكل تبرج من(5/580)
بيوتهن، ويمشين في الأسواق، ويخالطن الرجال في الجامعات، ويأتين الفنادق والمسارح، ويتبسطن مع الرجال الأجانب.
ثم يأتي القوم فيحملون رخصة الإسلام للمرأة في الخروج من البيت للحاجة وهي الرخصة المشروطة بالتستر والتعفف؛ على أنه يحل لها أن تغدو وتروح في الطرقات، وتتردد إلى المتنزهات والملاعب والسينما في أبهى زينة، وأفتنها للناظرين، ثم يتخذ إذن الإسلام لها في ممارسة أمور غير الشؤون المنزلية ـ ذلك الإذن المقيد المشروط بأحوال خاصة ـ يُتَّخذ حجة ودليلاً على أن تودِّع المرأة المسلمة جميع تبعات الحياة المنزلية، وتدخل في النشاط السياسي والاقتصادي والعمراني تماماً وحذو القُذَّة بالقذة كما فعلت الإفرنجية.
وها هو ذا الشيخ المودودي ـ رحمه الله ـ يصرخ في وجوه هؤلاء الأحرار في سياستهم، العبيد في عقليتهم قائلاً: "ولا ندري أيُّ القرآن أو الحديث يُستخرَج منه جواز هذا النمط المبتذل من الحياة؟ وإنكم ـ يا إخوان التجدد ـ إن شاء أحدكم أن يتبع غير سبيل الإسلام فهلاَّ يجترئ ويصرح بأنه يريد أن يبغي على الإسلام، ويتفلَّت من شرائعه؟ وهلاَّ يربأ بنفسه عن هذا النفاق الذميم والخيانة الوقحة التي تزيِّن له أن يتَّبع علناً ذلك النظام الاجتماعي وذلك النمط من الحياة الذي يحرمه الإسلام شكلاً وموضوعاً، ثم يخطو الخطوة الأولى في هذا السبيل باسم اتِّباع القرآن كي ينخدع به الناس فيحسبوا أن خطواته التالية موافقة للقرآن؟"(4).
الوقفة الثانية:
وهي نتيجة للوقفة الأولى، وذلك بأن ينظر إلى قضية الحجاب اليوم وما يدور بينها وبين السفور من معارك إلى أنها لم تعد قضية فرعية ومسألة خلافية فيها الراجح والمرجوح بين أهل العلم، ولكنها باتت قضية عقدية مصيرية ترتبط بالإذعان والاستسلام لشرع الله ـ عز وجل ـ في كل صغيرة وكبيرة وعدم فصله عن شؤون الحياة كلها؛ لأن ذلك هو مقتضى الرضى بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً.
إن التشنيع على تغطية المرأة وجهها والتهالك على خروجها من بيتها واختلاطها بالرجال ليست اليوم مسألة فقهية فرعية ولكنها مسألة خطيرة لها ما بعدها؛ لأنها تقوم عند المنادين بذلك على فصل الدين عن حياة الناس وعلى تغريب المجتمع وكونها الخطوة الأولى أو كما يحلو لهم أن يعبروا عنه بالطلقة الأولى.
وإن لنا في جعل قضية الحجاب اليوم قضية أصولية كلية مع أن محلها كتب الفروع ـ إن لنا في ذلك أسوة في سلف الأمة؛ حيث صنفوا بعض المسائل الفرعية مع أصول الاعتقاد لَمَّا رأوا أن أهل البدع يشنِّعون على أهل السنة فيها ويفاصلون عليها، من ذلك ما ذكره الإمام الطحاوي في العقيدة الطحاوية في قوله عن أهل السنة والجماعة: "ونرى المسح على الخفين في السفر والحضر كما جاء في الأثر" وعلق شارح الطحاوية على ذلك بقوله: "وتواترت السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمسح على الخفين وبغسل الرجلين، والرافضة، تخالف هذه السنة المتواترة"(5).
ومعلوم أن المسح على الخفين من المسائل الفقهية؛ ولكن لأن أهل البدع أنكروه وشنعوا على مخالفيهم فيه نص العلماء عليه في عقائدهم.(5/581)
إذن فلا لوم على من يجعل قضية الحجاب اليوم قضية أصولية مصيرية، وذلك لتشنيع مبتدعة زماننا ومنافقيهم عليه ولحملتهم المحمومة لنزعه وجر المرأة بعد ذلك لما هو أفسد وأشنع من ذلك، وأنها لم تعد مسألة فقهية يتناقش فيها أهل العلم المتجردون لمعرفة الراجح وجوانب الحاجة والضرورة فيه.
وقد صرَّح بعضُ العلماء بتكفير من قال بالسفور ورفْع الحجاب وإطلاق حرية المرأة؛ إذا قال ذلك معتقداً جوازه.
قال الشيخ محمد بن يوسف الكافي التونسي في كتابه: "المسائل الكافية؛ في بيان وجوب صدق خبر رب البرية"(6):
"المسألة السابعة والثلاثون": من يقول بالسفور ورفع الحجاب وإطلاق حرية المرأة ففيه تفصيل:
فإن كان يقول ذلك ويُحسِّنُه للغير مع اعتقاده عَدَم جوازه، فهو مؤمن فاسق يجب عليه الرجوعُ عن قوله، وإظهارُ ذلك لدى العموم.
وإن قال ذلك معتقداً جوازه، ويراه من إنصاف المرأة المهضومة الحق على دعواه! فهذا يكفر لثلاثة أوجه:
الأول: لمخالفته القرآن(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وبَنَاتِكَ ونِسَاءِ المُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ))[الأحزاب: 59].
الثاني: لمحبته إظهار الفاحشة في المؤمنين. ونتيجة رفع الحجاب، وإطلاق حرية المرأة، واختلاط الرجال بالنساء: هو ظهور الفاحشة، وهو بيِّنٌ لا يحتاج إلى دليل.
الثالث: نسبةُ الحيف على المرأة وظلمها إلى الله ـ تعالى الله عما يقول المارقون ـ؛ لأنه هو الذي أمر نبيه بذلك، وهو بيِّنٌ أيضاً.
قلتُ: وظهور الفاحشة نتيجة لرفع الحجاب، وإطلاق حرية المرأة، واختلاط النساء بالرجال ـ يَشهد به الواقعُ من حال الإفرنج والمتفرنجين الذين ينتسبون إلى الإسلام، وهم في غاية البعد منه.
وصرح الشيخ محمد بن يوسف الكافي أيضاً بتكفير من أظهرت زينتها الخلقية أو المكتسبة، معتقدة جواز ذلك، فقال في كتابه المشار إليه ما نصُّه: "المسألة السادسة والثلاثون": من أظهرت من النساء زينتها الخِلقية أو المكتسبة؛ فالخلقية: الوجه والعنق والمعصم ونحو ذلك، والمكتسبة ما تتحلى وتتزين به الخلقة كالكحل في العين، والعقد في العنق، والخاتم في الإصبع، والأساور في المعصم، والخلخال في الرِّجل، والثياب الملونة على البدن، ففي حكم ما فعلتْ تفصيل:
فإن أظهرت شيئاً مما ذُكِرَ معتقدة عدم جواز ذلك، فهي مؤمنة فاسقة تجب عليها التوبة من ذلك، وإن فعلته معتقدة جواز ذلك فهي كافرة لمخالفتها القرآن؛ لأن القرآن نهاها عن إظهار شيء من زينتها لأحد إلا لمن استثناه القرآن، قال الله ـ تعالى ـ: ((ولا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ)) [النور: 31].
قال هشام بن عمار: سمعت مالكاً يقول من سَبَّ أبا بكر وعمر أُدِّب، ومن سَبَّ عائشة قُتِل؛ لأن الله يقول(يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ)) [النور: 71]. فمن سَبَّ عائشة فقد خالف القرآن، ومن خالف القرآن قُتِل أي لأنه استباح ما حرَّم الله ـ تعالى ـ انتهى.(5/582)
الوقفة الثالثة:
ليس المقصود في هذه الوقفات حشداً للأدلة الموجبة لستر وجه المرأة وكفيها عن الرجال الأجانب ووجوب الابتعاد عنهم؛ فهي كثيرة وصحيحة وصريحة ـ والحمد لله ـ ويمكن الرجوع إليها في فتاوى أهل العلم الراسخين ورسائلهم كرسالة الحجاب للشيخ ابن عثيمين. ومن الكتب التي توسعت في هذا الموضوع وردَّت على شبهات المخالفين كتاب: (عودة الحجاب/ القسم الثالث) للدكتور محمد بن إسماعيل المقدم ـ حفظه الله ـ وإنما المقصود في هذه المقالة ما ذكر سابقاً من فضح نوايا المنادين بكشف الوجه والاختلاط بالرجال، وأن وراء ذلك خطوات وخطوات من الفساد والإفساد؛ ومع ذلك يحسن بنا في هذه الوقفة أن نشير إلى أن علماء الأمة في القديم والحديث ـ من أجاز منهم كشف الوجه ومن لم يجزه ـ كلهم متفقون ومجمعون على وجوب ستر وجه المرأة وكفيها إذا وُجِدَت الفتنة وقامت أسبابها؛ فبربكم أي فتنة هي أشد من فتنة النساء في هذا الزمان؛ حيث بلغت وسائل الفتنة والإغراء بهن مبلغاً لم يشهده تاريخ البشرية من قبل، وحيث تفنن شياطين الإنس في عرض المرأة بصورها المثيرة في كل شيء في وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، وأخرجوها من بيتها بوسائل الدعاية والمكر والخداع؛ فمن قال بعد ذلك: إن كشف المرأة عن وجهها أو شيء من جسدها لا يثير الفتنة فهو ـ والله ـ مغالط مكابر لا يوافقه في ذلك من له مُسْكَة من دين أو عقل أو مروءة.
وبعد التأكيد على أن أهل العلم قاطبة متفقون على وجوب تغطية الوجه إذا وجدت الفتنة يتبين لنا أن خلافهم في ذلك كان محصوراً فيما إذا أُمِنَتِ الفتنةُ، ومع ذلك فتجدر الإشارة أيضاً إلى أن هذا القدر من الخلاف بقي خلافاً نظرياً إلى حد بعيد؛ حيث ظل احتجاب النساء هو الأصل في الهيئة الاجتماعية خلال مراحل التاريخ الإسلامي، وفيما يلي نُقُول عن بعض الأئمة تؤكد أن التزام الحجاب كان أحد معالم "سبيل المؤمنين" في شتى العصور: قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ: "كانت سُنَّة المؤمنين في زمن النبي صلى الله عليه وسلم أن الحرة تحتجب، والأَمَةُ تبرز"(7).
وقال أبو حامد الغزالي ـ رحمه الله تعالى ـ: "لم يزل الرجال على مر الزمان مكشوفي الوجوه والنساء يخرجن متنقبات"(8).
وقال الحافظ ابن حجر: "لم تزل عادة النساء قديماً وحديثاً أن يسترن وجوههن عن الأجانب"(9).
وقد يتعلق دعاة السفور أيضاً ببعض الحالات التي أذن الشارع للمرأة فيها بكشف وجهها لغير محارمها كرؤية الخاطب لمخطوبته، وعند التداوي ـ إذا عدمت الطبيبة بشرط عدم الخلوة ـ وعند الشهادة أمام القاضي ونحوها، وهذا كله من يُسْر الشريعة وسماحة الإسلام؛ حيث رُخِّص للمرأة إذا اقتضت المصلحة الراجحة والحاجة الماسة أن تكشف عن وجهها في مثل هذه الأحكام؛ وليس في هذا أدنى مُتَعَلَّق لدعاة السفور؛ لأن الأصل هو الحجاب الكامل وهذه رخص تزول إذا زالت الحاجة إليه.
الوقفة الرابعة:(5/583)
ومن منطلق النصح والشفقة وإقامة الحجة أتوجه بالكلمات الآتية إلى أولئك القوم الذين ظلموا أنفسهم وأساؤوا إلى مجتمعهم وأمتهم وخانوا أماناتهم وحملوا بذلك أوزارهم وأوزار الذين يضلونهم بغير علم ـ ألا ساء ما يزرون ـ فأرجو أن تجد هذه الكلمات آذاناً صاغية وقلوباً واعية قبل مباغتة الأجل وهجوم الموت؛ حيث لا تقبل التوبة ولا ينفع الندم.
1 - أذكِّركم بموعظة الله تعالى ؛ إذ يقول: ((قُلْ إنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لله مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا)) [سبأ: 46].
فماذا عليكم لو قام كل فرد منكم مع نفسه أو مع صاحبه، ثم فكرتم فيما أنتم عليه من إفساد وصد عن سبيل الله ـ عز وجل ـ، هل أنتم مقتنعون بما تفعلون وبما تجرُّونه على أمتكم من الفتن؟ وهل هذا يرضي الله ـ تعالى ـ، ويجلب النعيم لكم في الآخرة؟ إنكم إن قمتم لله ـ عز وجل ـ متجردين مثنى أو فرادى، وفكرتم في ذلك فإن الجواب البدهي هو أن الفساد والإفساد لا يحبه الله ـ عز وجل ـ، بل يمقته، ويمقت أهله، وسيأتي اليوم الذي يمقت فيه أهل الفساد أنفسهم، ويتحسرون على ما فرطوا وضيعوا وأفسدوا، وذلك في يوم الحسرة؛ حيث لا ينفع التحسر ولا التندم، فعليكم بالتوبة قبل أن يحال بينكم وبينها.
2 - أذكِّركم بيوم الحسرة والندامة يوم يتبرأ منكم الأتباع وتتبرؤون من الأتباع، ولكن حين لا ينفع الاستعتاب ولا التنصل ولا التبرؤ، بل كما قال ـ تعالى ـ: ((وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا العَذَابَ وَجَعَلْنَا الأَغْلالَ فِي أَعْنَاقِ الَذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إلاَّ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)) [سبأ: 33].
أذكِّركم بالأثقال العظيمة التي ستحملونها يوم القيامة من أوزاركم وأوزار الذين تضلونهم بغير علم إن لم تتوبوا، قال ـ تعالى ـ: ((ولَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ ولَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ القِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ)) [العنكبوت: 13]، وقال ـ عز وجل ـ(لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ القِيَامَةِ ومِنْ أَوْزَارِ الَذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ)) [النحل:25].
وإن الظالمين جميعهم رئيسهم ومرؤوسهم، تابعهم ومتبوعهم لهم يوم مشهود ويوم عصيب، يوم يكفر بعضهم ببعض، ويلعن بعضهم بعضاً، ويحيل التبعة بعضهم على بعض؛ ولكن حين لا يجدي لهم ذلك إلا الخزي والبوار.
3 - إن لم يُجْدِ واعظُ الله ـ سبحانه ـ والدار الآخرة فيكم فلا أقل من أن يوجد عندكم بقية مروءة وحياء تمنعكم من إفساد المرأة وإفساد المجتمع بأسره.
إن المتأمل لحال المتبعين للشهوات اليوم ليأخذه العجب والحيرة من أمرهم! فما لهم وللمرأة المسلمة التي تقر في منزلها توفر السكن لزوجها وترعى أولادها؟ ماذا عليهم لو تركوها في هذا الحصن الحصين تؤدي دورها الذي يناسب أنوثتها وطبيعتها؟ ماذا يريدون من عملهم هذا؟!
ثم ماذا عليهم لو تركوا أولاد المسلمين يتربون على الخير والدين والخصال الكريمة؟ ماذا يريدون من إفسادهم وتسليط برامج الإفساد المختلفة عليهم؟ هل يريدون جيلاً منحلاًّ يكون وبالاً على مجتمعه ذليلاً لأعدائه عبداً لشهواته؟ إن هذه هي النتيجة؛ وإن(5/584)
من يسعى لهذه النتيجة الوخيمة التي تتجه إليها الأسر المسلمة اليوم لهو من أشد الناس خيانة لمجتمعه وأمته وتاريخه.
إن من عنده أدنى مروءة ونخوة ـ فضلاً عن الدين والإيمان ـ لا يسمح لنفسه أن يكون من هؤلاء الظالمين، وما ذُكِرَ من إفساد الأسرة إنما هو على سبيل المثال لا الحصر؛ فيا من وصلوا إلى هذا المستوى من الهبوط والجناية! توبوا إلى ربكم، وفكِّروا في غايتكم ومصيركم، واعلموا أن وراءكم أنباءاً عظيمة وأهوالاً جسيمة تشيب لها الولدان، وتشخص فيها الأبصار؛ فإن كنتم تؤمنون بهذا فاستيقظوا من غفلتكم وراجعوا أنفسكم، والله ـ جل وعلا ـ يغفر الذنوب جميعاً، وإن كنتم لا تؤمنون بذلك فراجعوا دينكم، وادخلوا في السلم كافة قبل أن يحال بينكم وبين ما تشتهون.
4 - يا قومنا! أعدوا للسؤال جواباً وذلك حين يسألكم عالم الغيب والشهادة عن مقاصدكم في حملتكم وإجلابكم على المرأة وحجابها وقرارها في بيتها، فماذا أنتم قائلون لربكم ـ سبحانه ـ؟ إنكم تستطيعون أن تفروا من المخلوق فتدلِّسون وتلبِّسون، وقد يظهر ذلك للناس في لحن القول وقد لا يظهر؛ لكن كيف الفرار ممن يعلم ما تخفون وما تعلنون؟ ((يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية" [الحاقة: 81]. فتوبوا إلى علاَّم الغيوب ما دمتم في زمن التوبة، وصحِّحوا بواطنكم قبل أن يُبعثَر ما في القبور ويُحَصَّل ما في الصدور.
وختاماً:
أوصي نفسي وإخواني المسلمين الحريصين على دينهم وأعراضهم وسلامة مجتمعاتهم من الفساد بأن يكونوا يقظين لما يطرحه الظالمون لأنفسهم وأمتهم من كتابات وحوارات مؤداها دعوة إلى سفور المرأة واختلاطها بالرجال الأجانب، فما دامت المدافعة بين المصلحين والمفسدين فإن الله ـ عز وجل ـ يقذف بالحق على الباطل فإذا هو زاهق. وينبغي أن لا ننسى في خضم الردود على ما يكتبه المفسدون من الشبهات والشهوات؛ ذلكم السيل الهادر الذي يتدفق من وسائل الإعلام المسموعة والمرئية في بلاد المسلمين؛ وذلك بما تبثه الإذاعات والتلفاز والقنوات الفضائية من دعوة للمرأة إلى السفور ومزاحمة الرجال في الأعمال والطرقات، والتمرد على الرجل سواء كان أباً أو زوجاً أو أخاً؛ ولقد ضربت هذه الوسائل بأطنابها في بلاد المسلمين فكان لزاماً على المصلحين محاربتها وإبعادها عن بيوت المسلمين قدر الاستطاعة، فإن لم يكن إلى ذلك سبيل فلا أقل من تكثيف الدعاية ضدها والتحذير من شرها ووقاية المسلمين من خطرها؛ وذلك بإصدار الفتاوى المتتابعة والخطب المكثفة حول أضرارها وأثرها المدمر للدين والأخلاق؛ فإنها ـ والله ـ لا تقل خطراً عما تكتبه الأقلام الآثمة عن المرأة إن لم تزد عليه، والمقصود أن لا يكتفي المصلحون بمحاربة ما يكتبه المفسدون في الصحف والمجلات عن المرأة فإن هم سكتوا سكت المصلحون وظنوا أن الخطر قد انتهى. كلا! إن الخطر لم ينته وإن المعركة مستمرة؛ لأن الخطر الأكبر لا يزال قائماً ما دامت الوسائل المسموعة والمرئية لا تكفُّ عن المرأة والاستهزاء بحجابها وقرارها في بيتها وقوامة الرجل عليها، وإثارة الشبهات في ذلك.(5/585)
أسأل الله ـ عز وجل ـ أن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يعز دينه ويعلي كلمته، وأن يرد كيد المفسدين في نحورهم. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
ـــــــــــــــــــ
الهوامش :
(1) رواه البخاري، ح/ 6074.
(2) رواه مسلم، ح/ 5294.
(3) انظر عودة الحجاب، 3/ 734.
(4) انظر مقدمة عودة الحجاب للدكتور محمد إسماعيل المقدم، ص 22، 32 باختصار وتصرف يسير.
(5) شرح الطحاوية، ص 683.
(6) عن كتاب الصارم المشهور على أهل التبرج والسفور، للشيخ حمد التويجري ـ رحمه الله ـ.
(7) تفسير سورة النور، ص 56.
(8) إحياء علوم الدين، 4 / 927.
(9) فتح الباري، 9/423.
ـــــــــــــــــــ
بلجيكا تحظر على الموظفات المسلمات ارتداء الحجاب
قررت بلدية مدينة أنتويرب البلجيكية يوم الخميس حظر ارتداء الحجاب على الموظفات المسلمات بداية من الشهر القادم.
وقالت صحيفة "الباييس" الإسبانية: إن سلطات أنتويرب، ثاني أكبر المدن البلجيكية، بررت القرار بضرورة أن تكون الإدارة المحلية "محايدة"، بحسب وكالة الأنباء الألمانية .
وفي أعقاب إعلان القرار نظم نحو 200 شخص أغلبهم من السيدات المسلمات تظاهرة احتجاج ضد القرار، مؤكدين رفضهم للقرار.
ويتماثل هذا القرار الأخير مع النظام المعمول به في مدن بلجيكية أخرى كالعاصمة بروكسل؛ حيث يحظر ارتداء الحجاب على الموظفات الرسميات.
من جانبها قالت سعيدة الفكري، من جمعية النساء المهاجرات: إن كثيرًا من المسلمات سيفضلن البقاء في المنزل على العمل بعد تطبيق القرار، بينما نوه مدير الموارد البشرية إلى إمكانية عمل الملتزمات بالحجاب في أي وظيفة غير رسمية.
ـــــــــــــــــــ
رحلتي من البكّيني إلى النقاب
كأي فتاة أخرى لطالما داعبتني أحلام الحياة المثيرة في صخب المدن الأمريكية العملاقة. حلم انتظرت حتى سن التاسعة عشرة لابدأ تحقيقه. لكم كنت سعيدة عندما نجحت بتحقيق حلمي في الانتقال الى فلوريدا ومن ثم الى قبلة المشاهير والأثرياء في حي ساوث بيتش بمدينة ميامي. كغيري من الفتيات الطموحات ركزت كل اهتمامي على مظهري، حيث انحصر كل اعتقادي بان قيمتي تقتصر على جمالي. واظبت على نظام صارم من تدريبات القوة واللياقة لتنمية رشاقة تضفي المزيد من الرونق(5/586)
على جاذبيتي حتى حصلت على شهادة متخصصة لتدريب الفتيات الحريصات على الحصول على المزيد من الجمال والرشاقة. انتقلت الى شقة فاخرة مطلة على منظر المحيط الخلاب. واظبت على ارتياد الشواطئ والاستمتاع بنظرات الاعجاب وعبارات الاطراء التي طالما دغدغت مسامعي. اخيرا نجحت ان أحيا الحلم الذي طالما راودني بالحياة المرموقة. مضت سنوات لاكتشف بعدها ان شعوري بالرضا عن نفسي وسعادتي كانا آخذين بالانحدار كلما ازداد تقدمي بمقياس الجاذبية والجمال. ادركت بعد سنوات باني اصبحت أسيرة للموضة وغدوت رهينة لمظهري. عندما أخذت الفجوة بالاتساع بين سعادتي وبين بريق حياتي لجأت الى الهروب من الواقع بتعاطي الخمور وارتياد الحفلات تارة والتأمل واسكتشاف الديانات والمعتقدات السائدة تارة اخرى ومساعدة الآخرين والدفاع عن المستضعفين تارة ثالثة، ولكن سرعان ما اتسعت هذه الفجوة لتبدو واديا سحيق الاعماق. بعد كثير من التأمل تولدت لدي قناعة بان ملاذي لم يكن سوى مسكن للألم وليس علاجا. بحلول الحادي عشر من سبتمبر وما تلاها من ردود فعل لفت انتباهي ذلك الهجوم العارم على كل ما هو مسلم والاعلان الشهير باستئناف "الحرب الصليبية الجديدة" أول مرة في حياتي لفت انتباهي شيء يسمى اسلام. حتى تلك اللحظة كل ما عرفته عن الاسلام كان لا يتعدى احتجاب النساء بأغطية تشبه الخيام واضطهاد الرجال للنساء وكثرة "الحريم" وعالم يعج بالتخلف والارهاب. كامرأة متحمسة للدفاع عن المرأة وحقوقها وكناشطة مثالية تدافع عن العدالة للجميع وبعد سعي حثيث لشهور عديدة تصادف وان التقيت بناشط امريكي معروف بتصدره في حملات الاصلاح وتحقيق العدالة للجميع وتصديه لحملات الكراهية والحملة ضد الاسلام. انضممت للعمل في بعض حملات هذا الناشط والتي شملت وقتها اصلاح الانتخابات والحقوق المدنية وقضايا تتعلق بالعدالة الاجتماعية. تحولت حياتي كناشطة تحولا جذريا، بدلا من دفاعي عن حقوق البعض او فئة من الفئات تعلمت ان مفاهيم العدالة والحرية والاحترام هي مفاهيم لا تقتصر على فئة من البشر بعينها او كائن من الكائنات. تعلمت ان مصلحة الفرد هي جزء مكمل لمصلحة الجماعة. لاول مرة ادركت معنى "أن جميع البشر خلقوا متساوين" الاهم من ذلك كله اني ولأول مرة أيقنت ان الايمان هو الطريق الوحيد لادراك وحدة الكون وتساوي الخلق. ذات يوم عثرت بكتاب يسود لدى الكثير من الامريكيين عنه انطباعات بالغة في السلبية وهو القرآن. في البداية وحين بدأت تصفحه لفت انتباهي اسلوبه البين البالغ الوضوح ثم ثار اعجابي ببلاغته بتبيان حقيقة الخلق والوجود وملك نفسي بتفصيله لعلاقة الخالق بالمخلوق. وجدت في القرآن خطاباً مباشراً للقلب والروح دون وسيط او الحاجة لكاهن. هنا استيقظت على حقيقة ما يجري. سعادتي والرضا العميق الذي شعرت بهما من خلال دوري وعملي مع هذا الناشط لم يكن الا نتيجة تطبيقي فعلياً لرسالة الاسلام وتجربتي في الحياة عمليا كمسلمة على الرغم من مجرد عدم تفكيري حتى تلك اللحظة باعتناق الاسلام. دفعني فضولي الجديد لاقتناء رداء جميل طويل وغطاء للرأس يشبه زي نساء مسلمات رأيت صورهن في إحدى المجلات وتجولت بردائي الجديد في نفس الاحياء والطرقات التي كنت حتى الأمس أختال فيها مرتدية إما البكيني أو الأردية الكاشفة أو سترات العمل الأنيقة. على الرغم(5/587)
من ان المارة والوجوه وواجهات المحلات والارصفة كلها بدت تماما كما تعودت رؤيتها، شيئاً ما كان مختلفاً كل الاختلاف، ذلك هو أنا. لاول مرة في حياتي شعرت بالوقار كامرأة، أحسست بأن أغلالي كأسيرة لإعجاب الناس قد تحطمت، شعرت بالفرحة العارمة لرؤيتي نظرات الحيرة والاستغراب في وجوه الناس وقد حلت محل نظرات الصائد يترقب فريسته. فجأة أحسست بالجبال قد أزيحت عن كاهلي. لم أعد مجبرة أن أقضي الساعات الطوال مشغولة بالتسوق والمكياج وصفصفة الشعر وتمارين الرشاقة. أخيرا وبعد طول عناء نلت حريتي.
من بين كل البلاد وجدت إسلامي في قلب الحي الذي غالبا ما يوصف "أكثر بقاع الأرض إباحية وانحلالا" مما أضفى على شعوري بإيماني الجديد المزيد من الإجلال والإكبار. على الرغم من سعادتي بارتداء الحجاب شعرت بالفضول تجاه النقاب عند رؤيتي لبعض المسلمات يرتدينه. ذات مرة سألت زوجي المسلم، والذي كنت قد تزوجته بعد إسلامي بشهور، إن كان يجب علي ارتداء النقاب أم الاكتفاء بالحجاب الذي كنت أرتديه. أجاب زوجي بأنه، على حد علمه، هناك إجماع بين علماء المسلمين على فرضية الحجاب في حين لا يوجد ذلك الإجماع على فرضية النقاب. كان حجابي، في ذلك الوقت يتكون من عباءة تغطي سائر بدني من العنق حتى أسفل القدم وغطاء يستر كل رأسي عدا مقدمة الوجه. بعد مرور نحو سنة ونصف أخبرت زوجي برغبتي في ارتداء النقاب. أما سبب قراري بارتداء النقاب فقد كان إحساسي برغبتي في التقرب إلى الله وزيادة في شعوري بالاطمئنان في ازدياد حشمتي. لقيت من زوجي كل دعم حيث اصطحبني لشراء إسدال وهو رداء من الرأس حتى القدم ونقاب يغطي سائر رأسي وشعري ما عدا فتحة العينين. سرعان ما أخذت الأنباء تتوالى عن تصريحات لسياسيين ورجال الفاتيكان وليبراليين وما يسمى بمدافعين عن حقوق الإنسان والحريات كلهم أجمعوا على إدانة الحجاب في بعض الأحيان والنقاب في أحيان أخرى بدعوى أنهما يعيقان التواصل الاجتماعي حتى بلغ الأمر مؤخرا بأحد المسؤولين المصريين بأن يصف الحجاب بأنه"ردة إلى الوراء" في خضم هذا الهجوم المجحف على مظاهر عفة المسلمة إني لأجد هذه الحملة تعبيرا صريحا عن النفاق. خصوصا في الوقت الذي تتسابق فيه الحكومات الغربية وأدعياء حقوق الإنسان في الدفاع عن حقوق المرأة وحريتها في ظل الأنظمة التي تروج لمظاهر معينة من العفة في حين يتجاهل هؤلاء "المقاتلون من أجل الحرية" عندما تسلب المرأة من حقوقها في العمل والتعليم وغيرها من الحقوق لا لشيء إلا لإصرارها على حقها في اختيار ارتداء الحجاب أو النقاب. إنه من المذهل حقا أن تواجه المنقبات والمحجبات وبشكل متزايد الحرمان من العمل والتعليم ليس فقط في ظل نظم شمولية كتونس والمغرب ومصر بل أيضا في عدد متزايد مما يسمى الديمقراطيات الغربية كفرنسا وهولندا وبريطانيا. اليوم أنا ما زلت ناشطة لحقوق المرأة ، ولكنني ناشطة مسلمة، تدعو سائر نساء المسلمين للاضطلاع بواجباتهن لتوفير كل الدعم لأزواجهن وإعانتهم على دينهم. أن يحسن تربية أبنائهن كمسلمين ملتزمين حتى يكونوا أشعة هداية ومنارات خير لسائر الإنسانية مرة أخرى. لنصرة الحق أي حق ولدحر الباطل أي باطل. ليقلن حقا وليعلوا صوتهن ضد كل خطيئة.(5/588)
ليتمسكن بثبات بحقهن في ارتداء النقاب أو الحجاب وليتقربن إلى خالقهن بأي القربات يبتغين. ولعله بنفس القدر من الأهمية أن يبلغن تجربتهن الشخصية في الطمأنينة التي جلبها عليهن حجابهن لأخواتهن من النساء اللاتي قد يكن حرمن من لذة هذه الطاعة أو فهم ما يعنيه الحجاب والنقاب لمن يختار أن يرتديه وسبب حبنا الشديد وتمسكنا بهذه الطاعة. غالبية النساء المرتديات النقاب اللاتي أعرفهن هن من نساء الغرب. بعض الأخوات المنتقبات عزباوات أما بعضهن الآخر فلا يجدن كامل الدعم من أسرهن أو بيئتهن. ولكن ما يجمعنا كلنا على ارتداء النقاب أنه كان خياراً بمحض إرادة كل منا وأن كل منا يجمع على رفض قاطع لأي إنكار لحقنا في ارتدائه. شئنا أم أبينا فإن نساء عالمنا اليوم يعشن في خضم محيطات من الإعلام التي تروج أزياء تكشف أكثر مما تستر في كل وسائل الإعلام وفي كل مكان في هذا العالم. كامرأة ،غير مسلمة سابقاً، أنا أصر على حق جميع نساء الأرض أن يتعرفن على الحجاب وأن يعرفن فضائله تماماً كما لا يستشرن عندما تروج لهن الإباحية. لنساء الأرض، جميعهن، الحق كل الحق أن يعرفن مدى السعادة والطمأنينة التي يضفيها الحجاب على حياة النساء المحجبات كما أضفاها على حياتي. بالأمس كان البكيني رمز تحرري في حين أنه لم يحررني سوى من حيائي وعفتي، من روحانيتي وقيمتي كمجرد شخص جدير بالاحترام. واليوم حجابي هو عنوان حريتي لعلي أصلح في هذا الكون بعض ما أفسدت بغير قصد مني. لم أفرح قط كفرحتي بهجري للبكيني وبريق حياة "التحرر" في ساوث بيتش لأنعم بحياة ملؤها الأمن والوقار مع خالقي ولأن أحظى بنعمة العبودية له كسائر خلقه. ولنفس السبب ارتدي اليوم نقابي وأعاهد خالقي أن أموت دون حقي في عبادته على الوجه الذي يرضيه عني. النقاب اليوم هو عين حرية المرأة لتعرف من هي، ما غايتها، وماهية العلاقة التي ترتضيها مع خالقها. لكل النساء اللاتي استسلمن لحملات التشهير بالحجاب والطعن بفضائله أقول: ليس لديكن أدنى فكرة كم تفتقدن. أما أنتم أيها المخربون أعداء الحضارة، يا من تسميتم بالصليبيين الجدد، فليس لدي ما أقول سوى: فلتعلنوا الحرب.
ـــــــــــــــــــ
ضابطة بريطانية مسلمة ترفض مصافحة رئيسها
اطبع
...
أرسال
...
4/1/1428 هـ
القسم : البلد->بريطانيا
نور الإسلام_04 محرم 1428 هـ 22 يناير 2007_ في اضافة جديدة الى الجدل الدائر في بريطانيا حول مدى حرية الالتزام بالمعتقدات الدينية في مكان العمل أثار رفض شرطية مسلمة مصافحة قائد شرطة لندن لأسباب دينية المزيد من التعليقات حول اندماج المسلمين في المجتمع البريطاني.(5/589)
وكانت الشرطية التي رفضت المتحدثة باسم الشرطة البريطانية إعلان اسمها، قد رفضت مصافحة قائد الشرطة البريطانية سير إيان بيلر خلال حفل تسليم شهادات لخريجين جدد، حسب تقرير لوكالة (أ.ف.ب).
وقالت الشرطية إنه التزاما منها بالتعاليم الاسلامية لا يمكنها مصافحة رجل غريب وكذلك رفضت التقاط صور لها مع رئيس الشرطة حتى لا تستخدم تلك الصور لاغراض دعائية.
وذكرت اسبوعية «ميل اون صنداي» نقلا عن مصادر في الشرطة، ان «سير ايان بلير ابلغ بهذا الطلب لدى وصوله» الى حفل تسليم الشهادات في 21 ديسمبر (كانون الاول) الماضي، مضيفة انه «غضب بشدة لهذا الموقف الذي لم يسبق ان تعرض له». واوضحت «لكنه وافق على ذلك لعدم اثارة مشكلة»، مضيفة ان القضية اصبحت موضع نقاش بين عناصر الشرطة في سكوتلانديارد الذين تساءل الكثير منهم عن قدرة هذه الشابة على اعتقال اي شخص بسبب «رفضها لمس الرجال». غير ان المتحدثة عقبت بان طلب الضابطة والذي مرر فقط لرغبة المسؤولين لتفادي الحرج يمكن النظر اليه على انه حدث في مناسبة شخصية وان الامر قد يختلف عند ممارسة الضابطة لمهامها الوظيفية.
واضافت الصحيفة ان تحقيقا قد بدأ في الواقعة وان الضابطة التي وصفت بانها ليست من اصول آسيوية قد تتعرض للفصل اذا ظهر ان معتقداتها الدينية قد تؤثر على ادائها المهني. ولكن بعض المراقبين أبدوا قلقهم من أن يثير فصلها، اذا وقع، المزيد من التوتر بين الجالية المسلمة والبوليس البريطاني.
وكانت سكوتلانديارد قد سمحت للضابطات المسلمات بارتداء الحجاب في عام 2001 ويبلع عدد الضباط المسلمين في الجهاز 300 ضابط وضابطة. وقد حصلت الشرطية على شهادتها بعد ان اجتازت بنجاح جميع الاختبارات المطلوبة خلال دورة تدريبية من 18 اسبوعا شملت تدريبات على الامن تتطلب اتصالا جسديا بشخص اخر.
وكانت قضية مماثلة قد أثارت ضجة في بريطانيا العام الماضي عندما رفضت معلمة مسلمة في الرابعة والعشرين خلع النقاب الذي يغطي وجهها. وفي حالة اخرى رفضت محامية مسلمة خلع نقابها اثناء انعقاد المحكمة رغم طلب رئيس المحكمة بان تخلع نقابها حتى يستطيع سماعها وتم تاجيل الجلسة واستبدلت المحامية من قبل شركة المحاماة. وقد اصبحت قضية اندماج المسلمين في المجتمع البريطاني من اولويات سياسة البلاد منذ تفجيرات تموز/يوليو 2005 .
ـــــــــــــــــــ
الجزيرة العربية "الحالة الفكرية والاجتماعية" عند ظهور الإسلام
...
...
الجمعة :25/07/2003
(الشبكة الإسلامية) الدكتور / أكرم ضياء العمري ( خاص للشبكة )
الشبكة الإسلامية >> السيرة النبوية >> الجزيرة العربية قبل البعثة(5/590)
...
...
تقدم معنا في مقال سابق أن العرب قبل الإسلام كانوا في شر حال، والخلل داخل في جميع نواحي حياتهم ، ومن ذلك الحياة الفكرية والاجتماعية والأخلاقية، وسنقف على مايتعلق بحال شبة الجزيرة العربية من الناحية الفكرية والاجتماعية في الأسطر التالية :
1- الحياة الفكرية:
يتكلم سكان شبه جزيرة العرب اللغة العربية , وتنتمي إلى مجموعة اللغات السامية , بل هي أقدمها . وأقدم نقوش عثر عليها باللغة العربية ترجع إلى القرن الرابع الميلادي . وقد قامت حركة أدبية شفهية واسعة شعراً ونثراً , صاحبتها حركة نقدية للخطب والأشعار التي كانت تلقى في الأسواق الجاهلية (عكاظ , المربد , مجنة ...) , وقد ساعدت هذه اللقاءات الأدبية على توحيد لغة العرب , حيث سادت لغة قريش التي نزل بها القرآن . فتمكن العرب جميعا من فهمه لما حدث من تقارب في لغتهم ولهجاتهم . ويفصح شعرهم وخطبهم قبيل الإسلام عن براعة أدبية وتوسع لغوي وذوق للمعاني مما يدل على الرقي والازدهار الأدبي مما هيأ للمعجزة البيانية للقرآن حيث تحداهم فيما يجيدون من صناعة الكلام وبلاغة التعبير ورهافة الشعور وقوة الحس .
وقد أنجز القرآن وحدة العرب اللغوية عندما قرؤوه باعتبار أول كتاب مدون في تاريخهم بعد تاريخ أدبي محفوظ . ومن الجدير بالذكر أن العرب لم يتأثروا بالفلسفات اليونانية والقوانين الرومانية , ولم تنشأ بينهم مدارس فكرية معقدة , فكانوا مهيئين لتلقي الرسالة الإسلامية وحملها بنقاوتها وصفائها دون أن تشوبها أو تدخلها أفكار أجنبية فكان ذلك من تهيئة الله تعالى الظروف الملائمة لاستقبال العرب لرسالة الإسلام .
2- الحالة الاجتماعية والأخلاقية:
تعتبر القبيلة هي الوحدة الاجتماعية في بلاد العرب , وتتكون من :
الصليبية : وهم رجال القبيلة الذين تربطهم روابط الدم , فهم ينتمون إلى سلف واحد .
والحلفاء : وهم رجال أو قبائل صغيرة انتمت إلى القبيلة لاحتماء بها .
والعبيد : ومصدرهم أسرى الحرب أو الشراء .
ويرأس القبيلة شيخ يتصف بالحكمة والشجاعة والكرم , وعادة يكون كبير السن . ويجتمع أعيان القبيلة حول الشيخ في خيمته أو بيته لتدارس شؤون القبيلة ومصالحها , والتحكيم بين أفرادها عندما يقع بينهم خلاف , وبذلك تمارس الشورى بنطاق محدود . وقد تتحالف عدة قبائل كبيرة ضد قبائل أخرى , أو للقيام بمهمة ما ، كما حدث في مكة في حلف الفضول , أو تعقد بينها معاهدات " إيلاف " تضمن سلامة الطرق التجارية كما في إيلاف قريش مع القبائل العربية التي تسكن على إمتداد تلك الطرق .
وقد استمرت الحروب بين القبائل العربية حتى غلب الإسلام عليها , مثل حروب الأوس والخزرج في المدينة , وبكر وخزاعة قرب مكة وكان العربي قبل الإسلام(5/591)
يتزوج عادة بامرأة أو أكثر دون تحديد , ولم يكن الحجاب شائعاً بين النساء , ووجد الاختلاط بين الرجال والنساء , ولكنهم سمّوا من يكثر من مخالطة النساء " بالزير ".
وكانت أنواع الزواج تأخذ صيغاً مختلفة منها الزواج بخطبة ومهر وهو الشائع بينهم وقد أقره الإسلام , ومنها صيغ أخرى حرمها الإسلام . وفي الغالب كان الأبوان يزوجان البنت دون أن يكون لها رأي , وقد منع الإسلام ذلك .
ويحب العربي إنجاب الأبناء ويكره البنات , لقدرة الذكر على القتال , وحماية القبيلة من أعدائها , والقيام بالغزو للآخرين . في حين لا تشترك النساء في الحرب , كما أنهن عرضة للسبي . وكانت بعض القبائل تمارس عادة وأد البنات بدفنهن عند الولادة , وهي عادة كانت تشيع في أمم أخرى عاصرتهم بنطاق واسع , وكان الدافعان الرئيسيان للوأد هما خوف العار والفقر . وقد عرف العربي قبل الإسلام بالكرم والشجاعة والصدق والصراحة والعفو عند المقدرة , وحب الحرية , والحفاظ على العرض , والذود عن الحمى , وقد أكد الإسلام على هذه الصفات و أثنى عليها , كما عرف بالتفاخر والغطرسة والكبرياء , وبالغزو وقطع طرق القوافل ونهبها وطلب الثأر مهما طال الزمن وشرب الخمور , وقد حرّم الإسلام ذلك . ويهتم العربي بنظافة بدنه ودهن شعره وتمشيطه وضفره وبخضاب الشيب بالحناء والوسمة والزعفران والتطيب بأنواع الطيب لكنه يهمل ذلك كله عند طلب الثأر .
وهذا العرض الإجمالي للأوضاع السائدة في شبه جزيرة العرب يوضح أحوال البيئة التي بزغ فيها فجر الإسلام وسطعت من خلاله أنوار الوحي على العالم كله وفي مقدمته بلاد العرب التي ظهر منها رسول الإسلام محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة والسلام
ـــــــــــــــــــ
أيها الإعلاميون
الإسلام دين أكمله الله وأتم به نعمته ورضيه لهذه الأمة دينا من أستمسك به أعزه الله ومن أبتغى الهدى في غيره أضله الله والذلة والصغار لمن خالف أمره.
عقيدة نقية وتنظيم شامل وفكر كامل هذا هو الدين وهذه هي قوة الصادقين من أهله ولكن يظهر في بعض ضعاف النفوس استعباد فكري وخضوع معنوي وتبيعية مهيمنة وسنة الله قاضية أن كل أمة تستبدل الضلال بالهدى وتتقاعس عن العمل المثمر النافع لا نزال في تقهقر وانحطاط وتلاشي اضمحلال يكون ذلك في فكرها وثقافتها وسلوكها وإذا هزمت الأمة في عقيدتها فقد غشيتها الذلة وما كان لها أن ترفع رأسا أو تحقق عزة.
إن من أبرز علامات ضعف الأمم أخذها بكل ما يساق إليها من غير تمييز بين ما يضر وما ينفع ولا تفرق بين ما يوافق وما لا يوافق حتى ينتهي بها الحال إلى أن تفقد خصائصها وتذوب أصالتها ذلة تزاحم فيها لغة الغالب لغة المغلوب وتزحزحها أو تطردها لتحل محلها تبعية ذليلة تمسخ فيها عقل الأمة وتشوه أفكارها.ففي الإعلام تستبدل الأمة أخلاق للكافرين بأخلاقها المستقيمة فيقوم دعاة من القوم يدعون إلى الميوعة والسفور وهدم الأخلاق.يقول زعيم يهودي( لقد نشرنا روح التحرر الكامل(5/592)
بين الشعوب الغيورة لإقناعهم بالتخلي عن دينهم بل استطعنا تثبيت الشعور بالخجل من الأعلام من تعاليم الدين وأمره ونواهيه ومزاياه ) .
وفي عصرنا المشاهد نماذج كثيرة من عاشق حياة الغربيين يحملون أفكار هدامة تنابذ عقائد أهل الإسلام.فلقد شمل هجوم العقائد والسياسة والحكم والاقتصاد والتعليم والإعلام واللغة والتقاليد الصحيحة بل وحتى الأزياء المحتشمة فلقد شمل العقل والنقل والدين والدنيا.ولقد تعددت مجالات الغزو وتنوعت أساليبه أنهم ما سكتوا ولن يسكتوا وكيف يكون ذلك؟؟؟!! وقد علموا أن الإسلام عصي عليهم في مبادئه.لكن على قدر شرف رسالتنا تكون شراسة الهجوم علينا فلو كان ديننا دين خمول أو بلادة عقل لما أكثروا ولما اهتموا ، فما رأيناهم هاجموا وثنية ولاقاوموا بوذية.وأن في قلوب القوم غلاً راسبا منذ مئات السنين ، أمة الحق والدين أمام هذا الواقع المؤلم لامحيص لها ، لابد من دعوة صريحة شاملة إلى أناس من بني جلدتنا يدينون بديننا كما يزعمون ، سلطوا أضوائهم الإعلامية وأقلامهم الصحفية على أخلاقياتنا التي تمثلنا بين الأمم وتميزنا بين الشعوب فبعد أن اختلطت المفاهيم وغاصت الأهداف في وحول الحرية المزعومة وتحدثت للإسلام ألسنتا مكذوبة وخطت له أقلاما مسمومة والإسلام منها براء.عندما أصبحت الغاية من الإعلام ترويج أفكار ومذاهب ، وسوق لعرض السلع ونشر الرذيلة غاب الهدف منه.
_حينما أصبح الأعلام بين ممارسات الواقع وطموحات المستقبل المنشود.
_حينما أصبح الإعلام بكل وسائله أحد الوسائط التربوية التي تعمل على تنشئة المجتمعات.أضأت نقاط حمراء لا ينبغي تجاوزها هنا وقفة للإعلاميين ماذا لهم وماذا عليهم...؟؟؟
أيها الإعلامي أسال نفسك ماذا بوسعك أن تقدم للإسلام كلما ازداد وجه هذا العالم دمامة ؟!!
أسال نفسك كلما تراكمت الهموم على أرصفة ميناء الخلاص الأخير ؟!!
أسال نفسك كلما عم الفساد أكثر وأكثر وانتشرت الفوضى في البلاد والقلوب والمفاهيم...أسال نفسك كلما غاب العدل والحق...أسالها كلما ازدادت عتمة هذا الليل الطويل وكلما أوغلت البشرية في غيها وغرورها وابتعادها عن الصراط ...قال تعالى :{ ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون } [ الروم أيه41]
_أيها لإعلامي بادئ ذي بدء تذكر قوله تعالى{ ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد}وقوله{وويل لهم مما يكتبون}
_أيها الإعلامي الإشارة حمراء والمنعطف خطر وأنت صاحب رسالة ولك أهداف وغاية فحذاري ثم حذاري أن تنزلق وراء تيارات مدعين الحرية والمنادين باسم التقدم والحضارة فحينها لا ينفع مالا ولا بنون إلا من ألقى السمع وهو شهيد وقال قولة حق في عالم جائر وخط حرفا يسره يوم القيامة أن يلقاه.
_أيها الإعلامي منُ عليك الله بهذه النعمة فاجعلها بالشكر خدمة والله لك من الشاكرين.(5/593)
_ أيها لإعلامي لابد لك من علوم تنزوي تحت العقيدة وعلم النفس تتناولها بطريقة إسلامية حتى يكون لك مصداقية وتذكر إنما يخشى الله من عباده العلماء.
_أيها الإعلامي ألتزم بأخلاقيات ومواثيق الشرف المهني وذلك في ضوء معاني التقوى والمسؤولية أمام الله تعالى وتحرير الإنسان من الخوف إلى من الله
أيها الإعلامي إن الوسائل والأساليب الفنية المستخدمة في العمل الإعلامي كاللون والخط والتصوير وطريقة إخراج العنوان والفكرة وصياغتها مؤثره ولاشك فألم بها فالنفس البشرية جبلت على حب كل متغير وجديد
_ أيها الإعلامي كن رشيدا داعيا إلى الله ولا تكن معول هدم ودمار فأنت الوجه الآخر لهذه الرسالة لا تضر الأمة حيث أردت نفعها وأعلم يا هداك الله أنه ثمة فرق بين ألآم تصيبنا من وراء عقبات الطريق الطبيعية والمعتادة وبين ألآم تصيبنا بسب ممارسات خاطئة ومتعمده ومغامرات غير محسوبة بأقلام طائشة .
_أيها الإعلامي نحن بحاجة إلى إعلام إسلامي كوسيلة لمجابهة الواقع القائم بأسلحة ذاتية فعالة ؛خاصة أننا نعيش معركة عقائدية لن ننتصر بغير عقيدة وليس لنا من عقيد تحت لوائها سوى الإسلام خاصة ونحن نرى الأفكار والمذاهب تروج علما وحرفه وفنا.
_.أيها الإعلامي أجعل من أهدافك الدفاع عن المسلمين بإزالة الشبهات ورد الحملات المغرضة على المسلمين بأنهم أمة سلب ونهب وقتل وإرهاب وضع نصب عينيك ما استطاع اليهود فعله بتملكهم لوسائل الإعلام في عصر الديمقراطية والحرية أن أصبحوا مصدر رعب كل رأي يعارض رأيهم أو ينتقدهم أو يكشف سوء ما جبلوا عليه من خصال القبح.
_أيها الإعلامي كن سيف لله المسلول لدفاع عن الإسلام ورد الشبهات التي يثيرها أعداء الإسلام من الداخل والخارج اجعل لصوتك بين الأصوات صهيل ولقلمك بين الأقلام صريف وأعلم أنه بكلمة تملك الدول وبقلم تطاير جماجم عن رقابها.
أيها الإعلامي اكشف النقاب عن وجه الإسلام الحقيقي وأعلمنا بكل ما أتيت من قوة أن الإسلام دين رحمة وتسامح.
_أيها الإعلامي ابتعد كل البعد عن الكذب والخداع والصور الخليعة واللعب بالعواطف واستفزاز المشاعر وهتك حرمات المسلمين ونشر الرذيلة والفساد الأخلاقي في الحرام أو ما هو حرام بذاته حتى تحافظ على سمعتك ورسالتك ورصانتها ونقائها لتقوم على أساس بيان الحقيقة.
أيها الإعلامي لا تكن من الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين أمنوا وتذكر قول النبيr ( العينان تزنيان وزناهما النظر والأذنان تزنيان وزناهما السمع ...) فمن دل على هدى فله مثل أجر من تبعه وكذلك في الرذيلة وكل نفس بما كسبت رهينة
أيها الإعلامي أرفض وبشدة نشر المواد الإعلامية التي تزلزل العقيدة الإسلامية أو تستهين بالعبادات أو المعاملات الإسلامية أو التقاليد والأخلاق .
أيها الإعلامي لا تجعل من المرأة سلعة أو بالأصح دعاية لترويج سلعة ، لا تحصر المرأة في الموضة والأزياء والماكياج والزينة والتخسيس وقصص الحب والغرام(5/594)
وإن كان لابد فاعلين فذكروا بمواقف نساء الأنصار من الحجاب أو موقف الزهراء من الحياء أو صاحبات البطولات في الغزوات أمثال صفية وأم عمار بن ياسر .
أيها الإعلامي بتحقيق مبدأ الشورى وسماع آراء الآخرين وتقبل نقدهم خاصة إذا كان نقدا بناء فأنت أرقى من إن تغضب لنفسك أو تزعزعك مشاعر الأثرة والاستعلاء المكروه فالمشاركة والحوار المميز يضفي على العمل القوة والجدية ولا تنسى أمرهم شورى بينهم
أيها الإعلاميون لابد من إحداث انتفاضة نفسية فعلموا أن كل أشكال الهزائم التي يمكن أن تصيب امة ما تضل محدودة التأثير ما لم يتولد عنها هزائم نفسية تزعزع ثقتها بنفسها وتسد أفاق التقدم في وجهها فهذه الانتفاضة تحتاج إلى تعزيز الانتماء من خلال التضحية والقدوة الحسنة وتحتاج كذلك إلى نوع من إبراز الإيجابيات التاريخية والحاضرة كما تحتاج إلى التأكيد على إمكانية تحسين الأحوال فإن خسارة جولة لا تعني خسارة المعركة ما دام إصرار على كسب الفوز موجود
أيها لإعلامي لا تجعل أخلاقياتنا وقيمنا وعاداتنا فاكهة الإعلام و أكتسواره الذي يتسلى به
أيها الإعلامي زين رسالتنا بوسيلتك وإلا نحن بالله عنك أغنياء
أيها الإعلامي سطر بأناملك كلمات يستضئ بها جمهورك واتقي الله وإلا عليك إثمك وإثم من اتبعك من الجمهور
أيها الإعلاميون كفانا ذلا واستسلاما كفانا اتباعية وانهزاما ولنعلنها صريحة وبلا هوادة غايتنا لامناص رضاء ربنا وأما أنتم فإليكم عنا ولسنا لكم تابعون
أيها العالم الحيران في ضوضاء الإعلام وبين سطور الصحفيين تذكروا أن هذا ولله لهو البلاء العظيم فأرو الله من أنفسكم خيرا وعليكم بالكتاب والسنة وما أتفق عليه علماء الأمة وإليكم عن هذه الرذائل واعلموا أن بعد العسر يسرا وبعد الجوع شبع ولابد لهذه الألسنة وهذه الأيدي من كلمة حق تزلزلها ولابد أن تغيب الشمس ثم تعود صباحا فبعد غروبها صبح قريب، فالإسلام دين لله وهو دستور الأمة في الصغير والكبير والنقير والقطمير فإذا ادلهمت الخطوب وكثرة الكروب فتذكروا قوله تعالى( ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين) فاتقوا الله واستمسكوا بهدي نبيكم وانبذوا طريق الضالين سدد الله الخطاء وبارك في الجهود واعز الإسلام وأهله إن لله إن إليه راجعون .
ـــــــــــــــــــ
السفور
يقول الشاعر
فتاة اليوم ضيعت الصوابا وألقت عن مفاتنها الحجابا
فلن تخشى حياءً من رقيب ولم تخشى من الله الحسابا
بربك هل سألت العقل يوما ً أهذا طبع من رام الصوابا
أهذا طبع طالبة لعلم إلى الإسلام تنتسب انتسابا
ما كان التقدم صبغ وجه وما كان السفور إليه باباً
شباب اليوم يا أختي ذئاب وطبع الحمل أن يخشى الذئابا(5/595)
ـــــــــــــــــــ
علماء ومثقفون مصريون يطالبون بإقالة وزير الثقافة
...
...
الاثنين :04/12/2006
(الشبكة الإسلامية)
الشبكة الإسلامية >> المركز الإعلامي >> ثقافة و فكر
...
...
أصدر مجموعة من العلماء والمثقفين بيانا بشأن تصريحات وزير الثقافة فاروق حسني التي تهجم فيها على فريضة الحجاب ، وتهكم على العلماء والدعاة معتبرًا إياهم سبباً فيما دعاه بـ"العودة إلى الوراء" من خلال الدعوة لارتداء الحجاب .
وطالب البيان ـ الذي وقع عليه 261 من علماء الدين والمثقفين المصريين ـ بإقالة الوزير بسبب تصريحاته المسيئة للحجاب والعلماء ورفضه الاعتذار لجموع الشعب ، مشددا على أن دين الأمة وثوابتها وهويتها أحق بالانتصار وأولى برد الاعتبار.
وحذر البيان من إغلاق هذا الملف دون معالجة لما يمثله ذلك من خطأ جسيم قد لا تحمد عقباه، ويفضي إلى مزيد من الاحتقان والغضب، ويخلق أزمة ثقة بين أبناء الوطن الواحد ، ؛ مطالبا الذين تورطوا في التوقيع على البيان المساند للوزير في خطئه واحتكروا وصف المثقفين بفك الارتباط المُتوَهَّم بين حرية التعبير وبين التعدي على حدود الأمة وثوابتها والنيل من مقدساتها .. وفيما يلي نص البيان :
بسم الله وحده، و الصلاة و السلام على من لا نبى بعده...
في مرحلةٍ دقيقةٍ من تاريخ أمتنا، تتعرض فيها لهجمةٍ عدوانية غربية ذات وجه عسكري استعماري وآخر ثقافي وحضاري ، صُدم الشعب المصري ،بتصريحاتٍ شائنة صدرت من وزير الثقافة المصري، تهجَّم فيها على فريضة الحجاب، وتهكم على العلماء والدعاة معتبرًا إياهم سبباً فيما دعاه بـ"العودة إلى الوراء" من خلال الدعوة لارتداء الحجاب!
وقد جاءت هذه التصريحات متزامنة مع حملة شبه عالمية منظمة على الحجاب وغيره من شعائر وشرائع الإسلام، وهو ما أثار الارتياب فى بواعثها وأهدافها، وخاصةً أنها صدرت عن شخصٍ يحتل منصبًا منوطًا به تمثيل ثقافة الشعب الذي ينتمي إليه والحفاظ على قِيَمه وثوابته الدينية والوطنية.
و لهذا فإن المُوَقِّعين على هذا البيان يرون ما يلى:
أن تلك التصريحات من وزير الثقافة تُعَد اعتداءً على ثقافة وهوية الأمة المصرية، لكونها تحط من شأن فريضة مُحكَمَة مُجمَع عليها في الإسلام الذى رضيته دينًا، ونصَّت في دستورها على أنه دين الدولة، وأن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع؛ ولهذا فهي تصريحات مُدانة بكل المقاييس الشرعية والقانونية والدستورية.(5/596)
2. أنه لا يمكن وضع تلك التصريحات التي أطلقها الوزير -وهو ما يزال في منصبه- في خانة الحرية الشخصية المكفولة له ولغيره في إبداء الرأي؛ لأن حرية الرأي المعتبرة مشروطة بالحفاظ على ثوابت الأمة والحدود الشرعية وعدم الإزدراء بالغير وخاصةً العلم والعلماء.
3. أن طلب الوزير من الشعب المصري ممثلاً في نوابه أن يَرُدَّ له اعتباره ويُقدِّم له اعتذاره فيه مزيد من الاستخفاف بهذا الشعب وبمقدساته، ومزيد من الحجْر على حقه في مراقبة ومحاسبة من يتخطون حدود المسئولية.
4. أن غضبة الشعب المصري بعامته وخاصته -والتي يعبر عنها هذا البيان- لا تعني اختزال دعوة الإصلاح الإسلامية في الحجاب؛ فهو جزءٌ من كلٍّ من مطالب الإصلاح العام المستمد من ثقافتنا الإسلامية. وكذلك فإن التصدي لحملات التطاول على الثوابت والحُرُمات في الداخل لا يعنى التغافل عن حملات العدوان في الخارج؛ فحرمات الأمة كلها خطوط حمراء أرضها وأعراضها ودماؤها، وأغلى ذلك وأعلاه: دينها وشرعها.
ويرى الموقعون على البيان أن المشكلة المثارة بسبب الحجاب لم يؤججها رد فعل الشعب المصري الغيور وإنما أججتها هذه التصريحات ذاتها وما صاحبها من تداعيات كنا في غِنى عنها ونحن نعيش ظروفًا دولية وإقليمية ومحلية فارقة كانت تتطلب من الجميع الاصطفاف لمواجهتها بدلاً من افتعال الخلاف في قضية الحجاب التي لم تعُد موضع جدل في مصر.
ولمِا رأيناه آنفاً، فإننا نطالب بما يلي:
أولاً: إقالة الوزير لما أحدثته تصريحاته المسيئة للحجاب والعلماء، وبسبب استنكافه عن الاعتذار لجموع الشعب الغاضبة من عباراته واتهاماته المرسَلة لغالبية الشعب المصري، وعجزه عن الوفاء لهذا الشعب -من خلال منصبه- بما يحفظ له ثقافته وقيَمه، ولتعاطيه السلبي مع الأزمة بالاعتكاف بعيدًا في منزله وتركه محله بالوزارة شاغرًا بحجة الإحباط، ونأيه عن مواجهة نواب مجلس الشعب، ولاكتشافه المتأخر بعد كل هذه السنوات التي قضاها بوزارته لحاجتها إلى الجانب الديني المفتقَد بسبب هذه الأزمة!! ونحن نعتبر أن المطلب العادل بإقالة هذا الوزير هو أقل إجراء يمكن اتخاذه تجاهه، تمهيدًا لمحاسبته على تعدياته وتحدياته لعموم الأمة، أُسوة بالإجراءات التي اُتخذت انتصارًا لبعض الشخصيات أو المؤسسات الرسمية؛ فدين الأمة وثوابتها وهويتها أحق بالانتصار وأولى برد الاعتبار.
ثانيًا: عدم إغلاق هذا الملف دون معالجة؛ حيث نرى أن إغلاقه دون اكتراث بمشاعر الأمة يمثل خطأً جسيمًا قد لا تُحمَد عقباه، وسيفضي إلى مزيد من الاحتقان والغضب، وسيخلق أزمة ثقة بين أبناء الوطن الواحد.
ثالثًا: يجدر بالمتورطين في التوقيع على البيان المساند للوزير في خطئه ممن احتكروا وصف المثقفين، أن يفكوا الارتباط المُتوَهَّم بين حرية التعبير وبين التعدي على حدود الأمة وثوابتها والنيل من مقدساتها، ويكفوا عن التحرش بحرُمات الله وشرائعه وقِيَم الأمة وأخلاقها. ونهيب -في الوقت نفسه- بالشرفاء من أصحاب الأقلام(5/597)
والمنابر ووسائل التعبير أن يمارسوا حقهم في الرد على الطابور الثقافي الخامس بما يعيد للأمة اعتبارها ويحفظ لها قدرها.
والله من وراء القصد، وهو حسبنا ونِعم الوكيل.
الموقعون:
1. الشيخ/ حافظ سلامة قائد المقاومة الشعبية بحرب رمضان ورئيس جمعية الهداية الإسلامية
2. أ.د./ عبد الستار فتح الله سعيد أستاذ التفسير بجامعة الأزهر
3. أ.د./ عبد العظيم المطعني أستاذ النقد والبلاغة بكلية اللغة العربية جامعة الأزهر
4. أ. د./ محمد عبد المنعم البري رئيس جبهة علماء الأزهر وعميد معهد الدراسات الحرة
5. أ.د./ أحمد علي طه ريان عميد سابق لكلية الشريعة والقانون بأسيوط- أستاذ ورئيس قسم الفقه المقارن
6. أ.د./ العجمي الدمنهوري خليفة أستاذ الحديث بكلية أصول الدين جامعة الأزهر- القاهرة
7. أ.د./ عبد الحى حسين الفرماوى أستاذ بجامعة الأزهر الشريف وعضو مجلس الشعب السابق
8. أ.د./ مروان مصطفى شاهين أستاذ الحديث بكلية أصول الدين جامعة الأزهر- القاهرة
9. أ.د./ محمد السيد جبريل أستاذ التفسير بكلية أصول الدين جامعة الأزهر- القاهرة
10. أ.د./ أحمد طلعت الغنام عميد أسبق لكلية الدراسات الإسلامية والعربية بسوهاج- أستاذ العقيدة
11. أ.د./ حمودة داود رئيس قسم أصول الدين بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنين- القاهرة
وقد وقع على البيان عدد كبير من الكتاب والأدباء والمحامين والأطباء زاد عددهم عن المائتين وخمسين فردا.
ــــــــــــــ
المصريون: 3/12/2006
ـــــــــــــــــــ
إنحناءة على طاولة الحجاب
...
...
الاثنين :04/12/2006
(الشبكة الإسلامية) حسام الدين صالح
الشبكة الإسلامية >> المركز الإعلامي >> اقرأ في الشبكة
...
...(5/598)
• انحناءة صغيرة أمام طاولة نجلس إليها مع عدد من الأوراق والمعلومات تجعلنا ننحني، ونقرر أن:
• المعركة العالمية ضد الحجاب الإسلامي يفتعلها البعض افتعالاً وينسون أنها مجرد معركة (كلامية) سرعان ما تخبو أمام (الفعل) الإيجابي المتواصل والمعزز لواقع الحجاب في العالم.
• و(الهوشة) الأخيرة ضد الحجاب لم يبتدرها حسني وزير الثقافة المصري عندما اعتبر أن الحجاب عودة إلى الوراء، وإنما (الهوشة) كلها تقليد راتب يصاحب كل فترات الصحو الإسلامية، عندما يتمظهر فيها الحجاب كشكل من أشكال التعبير الخارجي الذي يشف عن وعي جماعي لقلوب وضمائر بدأت تتذوق حلاوة الرجوع إلى الدين الحق والذوق السليم.
• وعلى الطاولة التي نجلس إليها نجد أن مجلة (النيوزويك) الأمريكية حتى تجد نفسها على أكف القراء العرب والمسلمين تجعل موضوع الغلاف لعدد28/11/2006 مزينا بصورة امرأة(كحيلة) تلبس نقابا(مقدداً)، وضعت له عنوانا مضخما:(ما وراء الحجاب).
• نفس الإشارة التي أطلقها الوزير المصري.
• وتبرز المجلة مقالة لسابّة الرسول صلى الله عليه وسلم الصومالية الهولندية أيان هيرسي علي التي تسببت في مقتل المخرج الهولندي فان خوخ لإخراجه فيلمها المسمى بـ(الخضوع).
• هيرسي كتبت تدعو النساء المسلمات لنزع الحجاب، واعتبرت أن المحجبات في الغرب يتصرفن بعدوانية بارتدائهن الحجاب، ويخدشن الذوق العام.
• لكن مقالة أخرى في المجلة بقلم (فارينا علم) رئيسة تحرير مجلة(كيو نيوز) البريطانية تنظر إلى ما أمام الحجاب، وتصب التراب على رؤوس العلمانيين الذين يقفون (وراء) وزير الثقافة المصري، وتصب التراب على رؤوس المانعين للحجاب في أوربا بحجة الاندماج في المجتمع الغربي، وتقول للجميع:
• (هناك أسباب أكثر إلحاحا للفصل من قضية الحجاب من بينها الفقر، والإسكان وعدم المساواة، وقلة فرص التعليم).
• وأمامنا في نفس الطاولة نطالع صحيفة (سودان تربيون) السودانية الجنوبية بتاريخ23/11/2006 وهي تتحدث عمّا أما الحجاب فتقول:
• (يبدو حجاب المرأة ملبياً لاحتياج المرأة الفطري النفسي للتستر، أما محاولات التعري لدى النساء فإنها غالبا تتم بإيعاز من الرجل).
• ونضحك ضحكة داخلية عندما نقرأ هذا الكلام ونتذكر وصف الوزير المصري حسني لشعر المرأة بأنه جميل مثل الزهرة لا يجب تغطيته وحجبه عن الناس.
• وفي الطاولة أيضا نجد حواراً أجرته(الجزيرة نت) مع المذيعة التلفزيونية الألمانية الشهيرة (إيفا هيرمان) مؤلفة كتاب (مبدأ حواء) الذي حقق معدل بيع وتوزيع قياسي، واحتل عند صدوره المرتبة الأولى بقائمة الكتب الأكثر رواجا داخل ألمانيا.
• هذا الحوار أضحك (إيفا) واضطرها لشكر القراء الذين تمنوا لها أن تعتنق الدين الإسلامي.(5/599)
• فـ (إيفا) إن لم تكن تعرف ما وراء الحجاب إلا أنها كانت على علم كاف بما أمام الحجاب يؤهلها لأن تقول إن (أفكار الحركة النسوية المعاصرة أكذوبة كبيرة سلبت النساء أنوثتهن).
• وتقول:( الخالق أوجد المرأة لتكوين أسرة وإنجاب أطفال).
• وفي الطاولة نجد صحيفة المحرر الأسبوعية السودانية تنقل قصة امرأة يابانية لم يعجبها- قبل إسلامها- شئ في الإسلام غير منظر الفتيات المحجبات وهن يعشن حياتهن بشكل اعتيادي.
• وفي الطاولة ذاتها نمسك بأعظم كتاب في الوجود.
• فسورة فيه تقع بين سورتي(المؤمنون) و(الفرقان) تحسم كل الجدل الدائر الآن حول الحجاب ومن سطرها الأول حيث تقول:(:سورة أنزلناها وفرضناها وأنزلنا فيها آيات بينات لعلكم تذكرون).
• فسورة(النور) بما حوته من أحكام الحجاب تشير إلى أن كل ما ورد فيها إنما هو (منزل) و(مفروض) من عند الله وحده لا دخل لبشر ولا أوضاع اجتماعية في تقنينه وتشريعه.
• وللعجب نجد أن هذه السورة هي الوحيدة في القرآن- والله أعلم- التي تتحدث عن نفسها منذ بدايتها بأنها سورة أنزلها الله وفرضها.
• وقبل أن نلقي النظرة الأخيرة على الطاولة التي نجلس إليها ندرك أن المعركة العالمية ضد الحجاب من أوربا إلى وطننا العربي تصرخ وتصرخ تريد أن تقلب طاولة الحقائق هذه، وتريدها خالية من أي شيء يذكِّر العالم بأن ما أمام الحجاب ليس إلا صحوة إسلامية عالمية ترفض ورائيات واقع التعري والمنتكسين.
ـــــــــــــــ
المصريون 3/12/2006
ـــــــــــــــــــ
[قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر]
كنا نجد صعوبة بالغة في إقناع الناس بحقد الرافضة على أهل السنة والجماعة حتى قدر الله أن يهتك سترهم ويكشف سرهم من خلال البروتوكول الذي رافق إعدام الرئيس العراقي صدام حسين رحمه الله،فإصرار حكومتهم العميلة على تنفيذ الإعدام في يوم العيد رغم معارضة ذلك للدستور العراقي واختيار الجلادين من عتاة المتعصبين لمذهبهم الوثني الذين لم يستطيعوا إخفاء حقدهم وعبروا عنه بإطلاق الكلمات البذيئة على الرجل وهو مكبل اليدين لايفصل بينه وبين الإنتقال إلى الدار الآخرة إلا ثواني معدودة،وهذا العمل أقل ما يقال عنه أنه من خوارم المروءة التي لايجرؤ على فعلها إلا من تأصلت الخسة في نفسه وجرت رغبة الإنتقام المقيتة في عروقه مجرى الدم،إضافة إلى الهتافات الجوفاء بحياة الوثني الصغير مقتدى الصدر الذي كان تلك اللحظة بين الحضور،وأعتقد جازما أنه قد ابتلع الطعم الذي رماه له الصفويون وذلك بإظهاره على مسرح الجريمة لدق أسفين العداء بين مايسمى بجيش المهدي من جهة والسنة العرب من جهة أخرى ليبقى مجوس إيران بالعراق المستفيدون الوحيدون من مضاعفات ماسيحدث مستقبلا,ً والذي يرجح أن تتحول(5/600)
الأزمة إلى عمليات إنتقام متبادلة بين سنة وشيعة العرب بالعراق،وقطعا هذا الوضع سيسعد مجوس الفرس،الذين لايخفون سرورهم المتأجج في مقتل صدام من قبل حيث قال كبرائهم من أمثال الحكيم والمالكي والحسيني وغيرهم إن خير ماضحت به الأمة في هذا العيد هو الطاغية صدام،على حد وصفهم،فهذه الأقوال وغيرها من الأفعال التي رافقت إعدام صدام جعلت المشككين بما يقال عن عداء الرافضة لأتباع سنة محمد صلى الله عليه وسلم يغيرون قناعاتهم السابقة،ويتأكد لديهم بما لايدع مجال للشك أن الرافضة لايقلون خطرا على هذا الدين من اليهود،وربما كانوا هم الأكثر خطرا نظرا لتدليسهم على العامة ومن في حكمهم باسم الإسلام الذي هو منهم براء،وهذا بحد ذاته يعد انتصاراً لايستهان به لأهل السنة والجماعة،فأن تعر ف الأمة عدوها تستطيع أن تحدد مكان وزمان معركتها معه وتكون هي صاحبة القرار الإستراتيجي الذي تستطيع أن تفرضه على خصومها متى وكيف تشاء،كان النبي صلى الله عليه وسلم يعطي هذا الجانب أهميته في غزواته التي خاضها مع أعداء الأسلام،فلم يرد في سيرته صلى الله عليه وسلم وهو المؤيَد بالوحي أنه خاض معركة مع عدوه دون أن يبعث العيون ويستطلع الأخبار لمعرفة مخططات العدو ومايملك من قوة مادية ومعنوية،فقتل صدام جلب للأمة معلومات عن الرافضة لاتقدر بثمن دون أن يبذل في طلبها أي جهد،فخلال العقود الماضية مابرح الدعاة يوضحون للأمة خطر الرافضة وحقدهم على أبناء السنة ولم يبلغ هذا الإيضاح عشر مابلغته الدقائق التي أعدم فيها صدام،يضاف إلى ذلك مااتضح من سذاجة الصدر وقطيعه الذين استدرجهم مجوس الفرس لمعركة مع السنة ماكان لهم أن يكونوا هم الطرف الأبرز فيها.
أما صدام فقد أفضى إلى ما قدم ولا يستطيع أحد أن يشهد له بجنة أو بنار،وكل ما يمكن أن يقال عنه أنه كان بطلا في حياته وعند موته،فقد تصدى للمد الفارسي في الثمانينات من القرن المنصرم الذي كان يستهدف منطقة المشرق العربي برمتها ومن المعلوم أنه لولا صدام(بعد إرادة الله)لخلت كثير من الكراسي بالمنطقة العربية من شاغليها،وصدام هو الرجل الذي قال لأمريكا(لا)في عصر(النعم العربي)وضحى بكرسي الحكم الذي تعودنا في عالمنا العربي أنه لاينتقل منه صاحبه إلا إلى القبر،فقد عرض عليه رحمه الله أن يبقى على كرسيه مرفه منعم تحيطه فرق الحراس المدجَجين بالسلاح وتعج قصوره بأفواج الخدم والحجاب مقابل أن يجعل العراق مستعمرة أمريكية كما هي الآن،فرفض واستعاض عن حياة الترف بحياة الشريد الذي لايملك من حطام الدنيا قوت يومه وعن الحراس والحجاب الذين يسهرون على راحته وأمنه،باللجوء إلى بيوت من كان يعتقد بهم الكرم والمنعه وقد أكرموه على طريقة اللئام حيث سلموه لعدوه بمنتهى الغدر والخسة،وقد ضحى بأبنائه الذين رفض أن يخرجوا من العراق بمئات الملايين التي كانت تحت أيديهم من أموال الشعب العراقي ليعيشوا بها بقية حياتهم مرفهين منعمين كغيرهم من أبناء الحكام السابقين بالعالم الثالث حتى قضو حياتهم في معركة غير متكافئة مع العدو كان طرفيها الجيش الأمريكي بطائراته ودباباته من جهة وأبناء صدام بسلاحهم الشخصي من جهة أخرى, استمرت هذه المعركة ست ساعات دون انقطاع منها ثلاث خاضها الصبي(5/601)
ذو الأربعة عشر عاما مصطفى قصي صدام لوحده بعد مقتل والده وعمه ومرافقهم،وانتهت رحلت صدام إلى أن يموت شامخ الرأس في عصر الإنكسار ينظر إلى حبل مشنقة الخونة بإزدراء يهتف بآخر رمق من حياته قبل الشهادة( تحيا العراق تحيا فلسطين)وصدق عندما قال بعد سماع الحكم عليه بالإعدام(الله أكبر الله أكبر نحن لها الحياة لنا والموت لأعدائنا) فهو يعلم أن الأجل محدد الزمان والمكان، فاختار أن يموت ميتة الأبطال على أن يموت ميتة الجبناء الذين ماتوا على كراسيهم قبل موعد آجالهم،وختم حياته بشهادة التوحيد نسأل الله أن يتقبلها منه ويغفر له ماسلف من حياته، وماأحسبه إلا قد تبوَأ مقعده في تاريخ الأمة..
ـــــــــــــــــــ
وزير الثقافة المصري يعتبر الحجاب عودة إلى الوراء
...
...
الخميس :16/11/2006
(الشبكة الإسلامية) الجزيرة نت
الشبكة الإسلامية >> أخبار الشبكة
...
...
فاروق حسني أشار إلى أن الحجاب ليس له علاقة بالتقوى اعتبر وزير الثقافة المصري فاروق حسني أن ارتداء المرأة المصرية الحجاب "عودة إلى الوراء".
وقال حسني في تصريحات نشرتها اليوم الخميس صحيفة "المصري اليوم" "نحن عاصرنا أمهاتنا وتربينا وتعلمنا على أيديهن عندما كن يذهبن إلى الجامعات والعمل دون حجاب، فلماذا نعود الآن إلى الوراء".
وأضاف أن "النساء بشعرهن الجميل كالورود التي لا يجب تغطيتها وحجبها عن الناس".
واعتبر أن الدين أصبح الآن مرتبطا بالمظاهر فقط "رغم أن العلاقة الإيمانية بين العبد وربه لا ترتبط بالملابس".
وأعرب الوزير المصري عن اعتقاده بأن "حجاب المرأة يكمن في داخلها وليس في خارجها ولا بد أن تعود مصر جميلة كما كانت وتتوقف عن تقليد العرب الذين كانوا يعتبرون مصر في وقت من الأوقات قطعة من أوروبا".
وقال إن الحجاب ليست له علاقة بالتقوى "وإلا فما تفسير مناظر الشباب والبنات على كورنيش النيل" بالقاهرة.
ـــــــــــــــــــ
حوار مع فضيلة الشيخ أحمد عبد القادر الفرجابي
...
...
الاثنين :30/10/2006
(الشبكة الإسلامية)(5/602)
الشبكة الإسلامية >> المركز الإعلامي >> حوارات >> حوارات ثقافية وأدبية
...
...
د.الفرجابي
انتهزت المحرر فرصة وجوده بالسودان، وأرادت أن تعرف القارئ بجوانب أخرى في حياة هذا الرجل الموسوعة، متعدد المواهب، والضارب بسهم ماضٍ في كل علم من العلوم الإسلامية، فقد درس وهو بالسنة الأولى بجامعة القرءان الكريم ثمانية وعشرين فنا، وكان من الدفعة الأولى التي طبق عليها هذا النظام. وصلناه في وقت متأخر بعد صلاة المغرب حيث كان الموعد فوجدنا الشيخ أحمد عبد القادر الفرجابي ضيف المحرر ينتظرنا لدى الباب، وبحرارة أهل السودان، وتواضع أهل العلم استقبلنا ورحب بنا، ثم أدخلنا داره العامرة، وهناك وجدنا من الراحة النفسية ما أعاننا على إتمام هذا الحوار على الوجه الذي نحب؛ غير أننا ما نزال في شوق لمعرفة المزيد من الخيرات، والتوجيهات، والآراء التي ترد المحتار إلى جادة الطريق.
• دكتور أحمد .. ما هو دور النشأة في تكوين الشخصية وأثرها على حياة الإنسان؟
الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على رسوله المصطفى ورضي الله عن أصحابه الذين ارتضى، في البداية نتوجه بالشكر لصحيفة المحرر، وأقول مستعينا بالله:
لا شك أن الاهتمام بالنشىء هو أساس كل إصلاح وخير، وكما قيل من أحسن تربية ولده فقد أغاظ عدوه؛ لأنه بذلك يضمن لأمته مستقبلاً أفضل من يومها، والأطفال هم نصف الحاضر لكنهم كل المستقبل، فبعد ربع قرن من الزمان ستكون كل الأمور بأيديهم بعد الله عز وجل فإن أردنا لأمتنا غدًا أفضل من يومها فلابد لنا من أن نصدق ونحسن في تربيتنا لهذا الجيل، ولن يكون إحسان التربية إلا بربط هذا الجيل بالله تعالى، وبرده لتلك القواعد التي جاء بها رسول الله صلى الله عليه وسلم.. وللإسلام في ذلك منهج عظيم جدًّا، فهو يبدأ هذه المسألة قبل أن يوجد الطفل؛ ولذلك قال أبو الأسود الدؤلي لأبنائه: لقد أحسنت إليكم كبارًا وأحسنت إليكم صغاراً وأحسنت إليكم قبل أن تولدوا .. فقالوا له: أما إحسانك لنا كبارًا فقد عرفنا، وأما إحسانك لنا صغارًا فما أنكرناه فكيف إحسانك لنا قبل أن نولد؟! فقال لهم: لأني تخيرت لكم أمًّا لا تُعيَّرون بها!! .. فالإسلام دينٌ يختار البذرة الطيبة، وينتقي لها التربية الصالحة؛ لتخرج الثمرة من شجرة طيبة، أصلها ثابت وفرعها في السماء؛ تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها.
• من خلال تجربتك في مجال الدعوة ما هي عوامل نجاح الداعية، وما هو مقدار رصيده الواجب من العلم ورصيده من الثقة في نفس المتلقي؟!
إن الدعوة إلى الله هي مهمة الأنبياء وهي مهمة شريفة؛ ميدانها أوسع مما نتصور، وكل مسلم يجب أن يستخدم مواهبه وقدراته في نصرة هذا الإسلام؛ حتى يكتمل العمل الدعوي؛ الذي ينبغي أن تشترك فيه جهات كثيرة؛ من ضمنها وسائل الإعلام، وطلاب العلم في كل مكان، وكذلك القائمون على إدارة الأعمال الدعوية؛ كل هؤلاء لهم دور كبير في الدعوة..(5/603)
أما بالنسبة للداعية فرصيده الحقيقي أن يبدأ بكتاب الله تعالى، ثم بالتعمق في سيرة وسنة المصطفى عليه الصلاة والسلام، ثم بعد ذلك يطور رصيده بمتابعة المستجدات؛ لأن تفاعل النصوص مع الواقع هو الذي يولد الفقه الذي يحتاجه الناس.
والداعية إلى الله يجب أن يهتم بنفسه؛ فيؤكد على معاني الإخلاص لله تعالى، ويركز على معنى العطاء والبذل؛ فإننا نخطئ حين نترك للدعوة فضول أوقاتنا، بل يجب أن تجري الدعوة إلى الله في دمائنا.. وعلى الداعية أن يستفيد من سير الدعاة إلى الله تعالى؛ مثل قصة نبي الله نوح عليه السلام؛ وألا يترك وقتًا من ليل أو نهار ولا وسيلة من جهر وإعلان وإسرار إلا واستفاد منها في دعوته، فإن نبي الله يوسف عليه السلام جعل من السجن ميدانًا للدعوة.
ونحن من خلال إجاباتنا على الاستشارات نحاول الدخول لقلب هذا الإنسان؛ لندعوه إلى الله تبارك وتعالى، وهذا جانب ينبغي أن يهتم به المفتي، والمستشار ومفسر الأحلام، فيقدم لهم دعوته قبل أن يحل للسائل مشكلته، وأرجو أن يكون الدعاة قبلة يقصدها الناس لحوائجهم ومعضلاتهم كما قال السجناء لنبي الله يوسف دون غيره" نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين".
•الدعوة في ظل هذا الخضم وغياب الهوية الإسلامية والصعوبات التي تعترض الداعية .. كيف تراها؟
الدعوة إلى الله تعالى يأبى الله إلا أن تكون مهمة شاقة، لأنها مهر للجنة؛ والجنة حفت بالمكاره والأشواك.. هذا معنى يجب أن يدركه الدعاة؛ لكن الداعية مصباح؛ لا يقول: "ما بال الدنيا مظلمة" ولكن حسبه أن يقول: "ها أنا ذا مضيء".
والدعوة إلى الله هي كضوء الشمس، فإذا خرجت الشمس فلا مكان للجراثيم، وما راجت هذه الأفكار، وظهرت هذه الانحرافات إلا بتقصير الدعاة إلى الله تعالى، وبعدم تنسيق الجهود بين الدعاة إلى الله تعالى، فإنه مثلاً إذا واجهنا الأعداء بشبهة أخرجنا مئات الردود.. فما نكاد نفرغ من هذا الرد إلا وجاءتنا شبهة أخرى؛ فنظل محصورين؛ ندافع عن أنفسنا فنحرم الناس من طرح هذا الإسلام وهذا الخير.. أرى أن يكون هناك تنسيق في الجهود بين الدعاة إلى الله للرد على تلك الشبهات؛ كأن تكلف مجموعة ويتفرغ الباقون للدعوة إلى الله تعالى. فالناس يجهلون أصول الدين؛ لذلك هم يتأثرون بتلك الشبهات؛ فعلينا أن نعمل لتحصينهم بإيصال العقيدة الصحيحة، وغرس قيم الإيمان الراسخة؛ لأن الأطباء يقولون: الجراثيم موجودة في كل مكان لكن لا يصاب بالمرض إلا من فقد مناعته. وكذلك لا يسقط في المعاصي والآثام إلا من فقد مناعة الإيمان بالله تعالى. فالإيمان للإنسان كالمناعة للأبدان.
وكذلك على الدعاة أن يحصروا الخلافات التي تحدث بين العلماء؛ فليس من الصواب نشرها بين الجماهير المسلمة التي ربما يكون فيها من لا يحسن الفاتحة؛ لكنه يحفظ الخلاف!! ولعل بعض السلف عندما جاء أحد يحدثه عن الخلاف فسأله عن الفاتحة وتفسيرها، فلما علم أنه لا يحسنها أمره بحفظها.. وقد ورد في الأثر رحم الله امرءًا عرف قدر نفسه.. فمن مصلحة الدعوة أن يكون الخلاف محصورًا بين العلماء؛ كل يجلس للآخر، ويسمع ما عنده؛ فقد كان سفيان بن عيينة رحمه الله يدرس الطلاب؛ فقال بعضهم: إن الإمام الثوري أخذ عطية السلطان، ودخل عليه.. فغضب الإمام(5/604)
سفيان بن عيينة؛ وقال: ما أخذ إلا حقه فالمال مال المسلمين وأولى الناس به حملة سنة نبينا الأمين!! فلما انصرف الطلاب دعا الثوري فحاوره وأنّبه حتى أبكاه!! ونحن بتجربتنا أدركنا خطأ انتشار الخلافات بين الناس (وما آفة الأخبار إلا رواتها) .. يجلس أحدهم عند شيخه ويقول: الشيخ فلان قال كذا.. فيغضب الشيخ ويرد عليه دون أن يتثبت .. وهذا يجعلنا نخسر مرتين .. أولاً: نعلم العوام سوء الأدب مع العلماء، ثم تسوء العلاقة بين المشايخ.. وليت الناس يراجعوا رسالة الليث بن سعد للإمام مالك رحمهما الله تعالى؛ فإنه تمنى له الخير، وأثنى عليه، وأرسل له الهدايا، ثم قال له: بلغنا عنك كذا؛ فما تقول في كذا؛ حتى نناقشك؟!
فعلينا أن نصرف طاقة الشباب للتفقه في الدين، فإنه إذا زاد الفقه قلّ الخلاف.
• القوى المعادية للإسلام والمسلمين تعمل على ضربهم، بعضهم ببعض؛ فكيف نفوّت عليهم هذه الفرصة؟
يستخدمون سياسة فرق تسد.. وهم أدركوا أن هذه الأمة لا يمكن أن تواجه إذا كانت مجتمعة؛ ولذلك حرصوا في البداية على أن يسقطوا الخلافة الإسلامية؛ لأن الخلافة هي رمز وحدة الأمة كما قال اليهودي .. ورغم أن تركيا كانت رجل أوروبا المريض إلا أن أوروبا كلها تخشى رجلها المريض رغم أنه مريض؛ لأن الخلافة الإسلامية هي التي تستطيع أن تجمع المسلمين؛ لأن السلطان في الأستانة إذا رفع راية الجهاد كان الناس في أطراف السودان يبيعون أبقارهم وأغنامهم لتلبية نداء السلطان.. والأعداء لما عرفوا هذا ضربوا الخلافة العثمانية؛ فقالوا للعرب: هؤلاء أتراك .. وقالوا للأتراك: هؤلاء عرب .. ثم جاؤوا للعرب ووزعوهم إلى فراعنة، ونوبة، وعرب، وأشوريين .. ثم جاؤوا للدولة الواحدة وقسموها إلى اتجاهات مختلفة .. وكما قال أشياخنا مازلنا نختلف في الخف ومسح القدم؛ حتى فقدنا في الأرض موضع قدم.. فالعدو بمكره استطاع أن يثبت هذه الخلافات بين الناس؛ حتى إذا رسم الحدود بين الدول جعل هناك منطقة نزاع، وقنبلة موقوتة، يفجرها متى ما شاء.
الذي يعيننا على تفويت الفرصة على الأعداء – بعد توكلنا على الله وثقتنا به – وعي العلماء والقائمين على قيادة العمل الدعوي الذين ينبغي أن يديروا طاقة الشباب؛ ويوجهوها إلى الأشياء المفيدة، ويعرفوا أن الخلاف مع أخي لا يبرر لي أن أكرهه؛ فإذا كنت أكرهه فكيف أصلحه!! لابد أن تكون هناك أرضية مشتركة، وأن يدل بعضنا بعضًا على مواطن الخلل برفق ولين ومحبة.
وهناك اختلاف تنوع يسعنا الاختلاف فيه؛ فعلى طالب العلم أن يأخذ من الأدلة أقواها، ومن الحجج أرجحها؛ عبر محاورته إخوانه مع توفر روح السماحة.
• البشريات التي يمكن أن ترى من خلال الصحوة الإسلامية في أوساط الشباب الذين يمثلون نصف الحاضر وكل المستقبل.
لا شك أن المبشرات أكثر من أن تحصر.. ونحن إذا عملنا 1% فإن أكثر 99% عون إلهي، وتوفيق من الله تعالى للعاملين في حقل الدعوة إلى الله تبارك وتعالى.. ومن المبشرات أن الإسلام أصبح الآن في الواجهه، بل أصبح حديث العالم.. فما تعرض له النبي صلى الله عليه وسلم محنة من تحتها منح كثيرة من الله تبارك وتعالى.. هذا الموقف اختصر للمسلمين وللدعاة سنوات طويلة من العمل والإعداد. وأدركوا أن(5/605)
المسلمين يجمعهم حبهم للنبي صلى الله عليه وسلم، فلنعمق معرفتنا بالنبي صلى الله عليه وسلم، كما أن تعرضهم للنبي صلى الله عليه وسلم بالسب من المبشرات بقرب النصر؛ لأن الله يتولى الدفاع عن رسوله صلى الله عليه وسلم: {فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم}، {إنا كفيناك المستهزئين}، {والله يعصمك من الناس}، و"من عادى لي وليًا فقد آذنته بالحرب"فكيف بمن يعادي نبياً. فعلينا أن نعلم أن المبشرات كثيرة وأن أجيال الشباب؛ بل وأجيال الناس خارج البلاد الإسلامية تزداد يومًا بعد يوم، وأن هذا الغضب والتوتر الذي أصاب أعداء الله تعالى دليل على أن الأرض الإسلامية بدأت تمور وتتحرك؛ وما علينا إلا أن نرتب الجهود ونوزع الأدوار وننظم صفوفنابعد التوكل على ربنا.
• إن أمريكا تبدو كالضبع الجريح الذي يحس بالخطر من كل مكان؛ فهي الآن تقوم بما يسمى بالحرب الاستباقية!! هل بالإمكان أن نقول: إنها بذلك تكتب حروف نهايتها؟!
إن الذي يفعله أعداء الله الأمريكان يدل فعلاً على أنهم فقدوا صوابهم، وأنهم يسعون بأنفهم لحتفهم!! إن هذه الأمة الإسلامية لا يوجد ما يجمعها مثل ا لعدوان على كرامتها؛ ولذلك عندما حوربت الأمة الإسلامية اجتمعت الكلمة، فنحن الآن نحارب بنوعين من الحروب: حرب صامتة من خلال وسائل الإعلام، والبضائع، ومن خلال تيارات الشهوات والشبهات والفساد التي تنسي الشباب قضاياه؛ وهي أخطر من الحرب الأخرى التي يضربون فيها بآلتهم العسكرية والتي يمكنهم بها أن يحطموا بها الجسور، ولكنهم لن ينتزعوا إيماننا بالغفور؛ بل عمقوا إيماننا بالله تعالى، وكأن هذه الضربات جاءت لتذكر الناس بربهم ليعودوا إليه؛ فقد عجز الدعاة من أن يوفروا الحجاب للمقبلات عليه، والمصحف من كثرة الداخلين في الإسلام.
فإن المخططين الاستراتيجيين يرون أن ملوكهم أخطئوا خطأً كبيرًا عندما أيقظوا هذا المارد من سباته؛ فضاعت هيبتهم وأودعوا في المسلمين همة الإعداد للمواجهة. وهذه طبيعة هذه الأمة { وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إلا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} (22الأحزاب).
• متى بدأت العمل بالاستشارات؟ وما هي مؤهلات المستشار العلمية والعملية؟
بدأت العمل بالاستشارات في العام 2002م مع إخواننا في الشبكة الإسلامية؛ وإلى الآن ولله الحمد مستمرين؛ وأنا أعتقد أن هذه رسالة عظيمة استطاعت أن تؤديها هذه الشبكة المباركة التي نالت الموقع الأول كما هو معروف .. نحن نشعر أن هذه الاستشارات فتحت أبوابًا كثيرة للراغبين في السؤال، ووفرت لهم من يأخذ بأيديهم لينقذهم؛ فتأتي هذه الأسئلة خفية تتسلل عبر هذه الشبكة العنكبوتية التي تعطي السائل فرصة لأن يقول ما في نفسه.. ونحن استفدنا منهم ذلك بتوجيه رسائل دعوية لهؤلاء وتنبيههم على أن كل الذي يحصل لهم بسبب المعاصي والبعد عن الله.
والاستشارات تحتاج إلى علم ودربة ودراية ولابد أن تجتمع هذه الأشياء. كما أن التعمق في السيرة النبوية والعلوم الإسلامية من أهم ما يعين الإنسان على امتهان هذه الوظيفة؛ لأن الإسلام هو خير من يحل قضايانا ويردنا إلى صوابنا.. كذلك تحتاج إلى الإلمام بالواقع الذي يحيط بصاحب السؤال.(5/606)
• من خلال عملك بالقوات المسلحة السودانية في فرع التوجيه المعنوي، وبالشرطة القطرية كيف وجدت هذه الشريحة؟!
أنا أعشق المؤسسات العسكرية، وأحب أهل قطر الذين تشرفت بالعمل في مساجد الشرطة عندهم؛ فقد وجدت في القوات النظامية هنا وهناك الخير الكثير؛ ويكفي أن يكونوا هم الذين يحملون راية العزة والمنعة، كما أنها تمتاز بالنظام والدقة، ونحن نحتاج إلى هذا؛ لأن العشوائية لا يمكن أن تنتصر.
وكذلك مما يميز المؤسسات العسكرية أن لها قيادة واحدة، وقائدًا واحدًا يأمر وينهى .. وهو معنى جميل إذا كان في طاعة الله .. وشهادتي للمؤسسات العسكرية أن فيها رجالاً أخيارًا، وفيها معاني جليلة للرجولة والكرم وحسن النظام، وأنا لازلت متعاونًا في هذا المجال مع إخواننا في مجلة الشرطة بقطر فأعد لهم مقالات شهرية، وكذلك القوات المسلحة السودانية.
• لماذا هذا التسارع نحو دخول القوات الأجنبية في دارفور؟ هل من أجل التوجه الفكري أم من أجل الإمكانيات الاقتصادية؟
لا شك أن دخول الأعداء في أراضي المسلمين له أهداف رسمت من زمن بعيد، فدارفور كانت في أعينهم، والعراق كان في أعينهم، وأفغانستان كانت في أعينهم، ومن قبل فلسطين، لكن يجب أن نعلم أن دخول الأعداء في هذه البلاد له صلة بعودة أهلها إلى الله تعالى؛ وعلى المسئولين أن ينتبهوا لخطورة مسألة دخول الأعداء في أراضي الأمة، وأن يبصروا الأمة بأعدائها، وأنهم لا يريدون بنا خيرًا؛ فهم يرسلون لنا فائض عمالتهم، ويرسلون لنا مرضاهم، ويرسلون لنا مجرمين عجزوا عن علاجهم؛ فيرسلونهم لنا ليتقوا شرهم!! وعلينا أن طرح مثل هذه القضايا بين أيدي أهل الاختصاص في العلوم الشرعية والإستراتيجية لمعرفة المصالح القريبة والبعيدة للأعداء؛ فإن أمريكا نادمة على إهمالها للسودان؛ وترك الفرصة فيه لدول أخرى كالصين؛ فهم لهم طمع في الثروات الهائلة التي مازالت تحت الأرض، وكذلك للموقع الاستراتيجي الهام الذي يتمتع به السودان؛ ومن خلاله سيتمكنون من خنق دول الإسلام.. وهم لهم أكثر من هدف ليس فيها هدف واحد نبيل، وهم ليسوا أهلاً لحماية حقوق الإنسان؛ لأنهم هم الذين يذبحون إخواننا في العراق، وفي فلسطين، وفي أمريكا نفسها..
• كيفية يمكن أن نستفيد الاستفادة القصوى من الإنترنت خصوصًا وأنه يحمل الضار والنافع؟!
الإنترنت عالم عجيب والدخول إليه يتطلب التسلح بالإيمان بالله؛ فإن هذا الكفر والفساد إذا صادف قلبًا خاليًا من الإيمان تمكن منه .. وعليه فيجب أن تستخدم هذه الآلة في إطارها المعقول للأغراض العلمية النافعة، وأن توضع في الأماكن والصالات المفتوحة.. فما ينبغي للإنترنت أن يتسلل للغرف الداخلية وتغلق دونه الأبواب؛ فإنه مليء بالقنوات الشيطانية.. والإنترنت مثل النافذة؛ قد تفتحها فتأتيك بالأتربة والغبار، وقد تفتحها فتأتيك بالنسيم الجميل؛ فعليه يجب إحسان الاختيار؛ وعلى الدولة أن ترعى الأماكن العامة، وتضع عليها الرقابة، وكذلك الأسر ينبغي أن تقوم بدورها.(5/607)
• أريد معرفة استشارة أدهشتك وأخرى أبكتك، وأخرى أضحكتك!!
من الاستشارات التي أبكتني فرحًا استشارة ليتيمة فلسطينية؛ فأجبت عليها، فردت بعد فترة فقالت: الآن اكتشفت أن عندي أبًا غير أبي!! فقلت لها: نحن كلنا آباء لأبنائنا في فلسطين الذي يدافعون عن قضايانا، ويقومون بهذا الواجب نيابة عنا!!
وبهذه المناسبة أنا أناشد المسلمين أن يدعموا حكومة حماس والشعب الفلسطيني في ظل هذه المحنة.
أما الاستشارة التي أدهشتني فإن بعض الناس يكون له تقصير بحق والديه بدرجة لا يتصورها الإنسان، أو يكون له درجة في الاعتداء على الحرمات بدرجة لا يستطيع أن يذكرها الإنسان. فكيف يتلطخ بها عياذاً بالله.
__________________
المحرر 81السنة الثانية 17/7/2006م
ـــــــــــــــــــ
الفتاة المسلمة
مقدمة:
- لو دون المرء الأمور المهمة في حياته فسيجد قائمة طويلة.
- لكنه حين يعمد إلى ترتيبها حسب الأولويات فسيأتي في رأس القائمة أولاده و ذريته فهم أغلى من المال ، من الراحة ، من رغباته و شهواته. والدليل على ذلك يا بنتي أنه حين يمرض أحد أولاده مرضاً مزعجاً فهو يسهر و يسافر هنا وهناك و يدفع من أمواله ما يدفع بل ربما اقترض و استدان، كل ذلك من أجل و لده.
- لذلك فهو حين يخاطب و لده ويناصحه فسوف يكون صادقاً غاية الصدق ومخلصاً غاية الإخلاص و قديما ً قيل " الرائد لا يكذب أهله " .
يا بنتي
- واقع بعض فتيات المسلمين يدعوا للحسرة عليهن.
- تعيش في دوامة من الصراع.
- فتسمع تارة ذلك الصوت النشاز الذي يدعوها إلى الإرتكاس والتخلي عن كل معاني العفة.
- و تسمع أخرى الصوت الصادق يهز من داخلها هزاً عنيفاً ليقول لها رويدك فهو طريق الغواية و بوابة الهلاك.
- و تتصارع هذه الأصوات أمام سمعها وتتموج هذه الأفكار في خاطرها.
يا بنتي
- لنكن صريحين صراحة منضبطة بضوابط الشرع.
- واضحين وضوحاً محاطاً بسياج الحياء والعفة لتكون خطوة للتصحيح و نقلة للإصلاح .
- بعيداً عن العاطفة وعن سرابها الخادع.
- لو كانت هذه الفتاة التي تقيم هذه العلاقة المحرمة منطقية مع نفسها وطرحت هذا السؤال.(5/608)
- ماذا يريد هذا الشاب ؟ ما الذي يدفعه إلى هذه العلاقة ؟ بل ماذا يقول لزملائه حين يلتقي بهم ؟ و بأي لغة يتحدثون عني ؟
- إنني أجزم يا بنتي أنها حين تزيح وهم العاطفة عن تفكيرها فستقول و بملء صوتها إن مراده هو الشهوة و الشهوة الحرام ليس إلا.
- إذن ألا تخشين الخيانة ؟ أترين هذا أهلاً للثقة ؟
- شاب خاطر لأجل بناء علاقة محرمة، شاب لا يحميه دين أو خلق أو وفاء.
- شاب لا يدفعه إلا الشهوة أولاً و آخراً ، أتأمنه على نفسها بعد ذلك ؟
- لقد خان ربه ودينه وأمته ولن تكون هذه الفتاة أعز ما لديه.
- و ما أسرع ما يحقق مقصوده لتبقى لا سمح الله صريعة الأسى والحزن و الندم .
- وحين يخلو هؤلاء الشباب التائهون يا بنتي بأنفسهم تعلو ضحكاتهم بتلك التي خدعوها.
- أو التي ينطلي عليها الوعد الكاذب والأحاديث المعسولة.
يا بنتي
- إن الله حكيم عليم ما خلق شيء إلا لحكمة.
- لقد شاء الله بحكمته أن تكون المرأة ذات عاطفة جياشة.
- تتجاوب مع ما يثيرها لتتفجر رصيداً هائلاً من المشاعر التي تصنع سلوكها أو توجهه .
يا بنتي
- ماذا بقي في قلب هذه الفتاة من حب الله و رسوله و حب الصالحين بحب الله ( ماذا بقي لتلاوة كتاب الله و التلذذ به ؟ )
- أين تلك التي تنتظر موعد المكالمة على أحر من الجمر في وقت النزول الإلهي حين يبقى ثلث الليل الآخر !؟
- أين هي عن الوقوف بين يدي الله والتلذذ بمناجاته ؟
- إن هذا الركام الهائل من العواطف المهدرة ليتدفق فيغرق كل مشاعر الخير والوفاء للوالدين الذين لم يعد لهما في القلب مكانه.
- وبعد حين ترزق أبناء تتطلع لبرهم فلن تجد رصيداً من العواطف تصرفه لهم فينشئون نشأة شاذة و يتربون تربية نشازاً .
- إن العاقل حين يملك المال فإنه يكون رشيداً في التصرف فيه حتى لا يفقده حين يحتاجه.
- فما بالها تهدر هذه العواطف و المشاعر فتصرفها في غير مصرفها و هي لا تقارن بالمال، و لا تقاس بالدنيا ؟
يا بنتي
- لقد خص الله سبحانه و تعالى الفتاة بهذه العاطفة و الحنان لحكم يريدها الله سبحانه.
- ومنها أن تبقى هذه العاطفة رصيداً يمد الحياة الزوجية بعد ذلك بماء الحياة والاستقرار والطمأنينة.
- رصيداً يدر على الأبناء والأولاد الصالحين حتى ينشئوا نشأة صالحة.(5/609)
- فلم تهدر هذه العواطف لتجني صاحبتها وحدها الشقاء في الدنيا وتضع يدها على قلبها خوفاً من الفضيحة في النهاية ؟
يا بنتي
- حين تعودين إلى المنزل.
- تفضلي على نفسك بدقائق فاسترجعي صورة الفتاة الصالحة القانتة، البعيدة عن مواطن الريبة.
- وقارني بينها وبين الفتاة الأخرى التي أصابها من لوثة العلاقات المحرمة ما أصابها.
- بالله عليك أيهما أهنأ عيشاً وأكثر استقراراً ؟
- أيهما أولى بصفات المدح والثناء تلك التي تنتصر على نفسها ورغبتها وتستعلي على شهواتها وهي تعاني من الفراغ كما يعاني غيرها، و تشكو من تأجج الشهوات كما يشتكين.
- أم الأخرى التي تنهار أمام شهواتها ؟
- تساؤل يطرح نفسه ويفرضه الواقع ، لماذا هذه الفتاة تنجح و تلك لا تنجح ؟
- لماذا تجتاز هذه العقبات و تنهزم تلك أمامها ؟
يا بنتي
- لقد عجبت أشد العجب عندما رأيت فتاة الإسلام تسير بلهاث مستمر وراء ما يريده الأعداء.
- فتساير الموضة ، وتتمرد على حجابها و حيائها.
- وها نحن نرى كل يوم صورة جديدة و لوناً جديداً من ألوان هذا التمرد.
- إنها يا بنتي تتحايل على الحجاب بحيل مكشوفة.
- لكن المؤمن الحق يا بنتي يخاف الله و يتقيه ورائده قول الرسول صلى الله عليه و سلم "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك "
- و هو يدرك أن الالتفاف على الأحكام و الاحتيال عليها لن ينفعه يوم يلقى الله العليم بما تخفي الصدور .
يا بنتي
- ها أنت تغدين و تروحين و أنت تتمتعين بوافر الصحة وقوة الشباب.
- و لكن ألم تزوري جدتك يوماً ، أو تري عجوزاً قد رق عظمها ، و خارت قواها ؟!
- لقد كانت يوماً من الدهر شابة مثلك، وزهرة كزهرتك.
- و لكن سرعان ما مضت السنون وانقضت الأيام فاندفنت زهرة الشباب تحت ركام الشيخوخة و مضت أيام الصبوة لتبقى صورة منقوشة في الذاكرة.
- وها أنت يا بنتي على الطريق، وما ترينه من صورة شاحبة و شيخوخة ستصيرين إليها بعد سنوات.
- إذاً فإياك أن تهدري وقت الشباب وزهرته ، وتضيعي الحيوية فيما لا يعود عليك إلا بالندم و سوء العاقبة.
يا بنتي(5/610)
- لو فكر أهل الشهوات و المتاع الزائل في الدنيا بحقيقة مصيرهم لأعادوا النظر كثيراً في منطلقاتهم. تصوري يا بنتي من حصل كل متاع الدنيا وذاق لذائذها ولم ير يوماً من الأيام ما يكدره.
- إن كل هذا سينساه لو غمس غمسة واحدة في عذاب النار حمانا الله و إياك .
- والآخر الذي عاش من الحياة أشقاها سينسى هذا الشقاء لو غمس غمسة واحدة في النعيم.
- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: " يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة فيصبغ في النار صبغة ثم يقال : يا ابن آدم هل رأيت خيراً قط ؟ هل مر بك نعيم قط فيقول لا والله يا رب ويؤتى بأشد الناس بؤساً في الدنيا من أهل الجنة فيصبغ صبغة في الجنة فيقال له يا ابن آدم هل رأيت بؤساً قط ؟ هل مر بك شدة قط فيقول لا والله يا رب ما مر بي بؤس قط ولا رأيت شدة قط " رواه مسلم.
لكل فتاة
- هل حمدت الله عز وجل على أعظم نعمة أنعم الله بها عليك ألا وهي نعمة الإسلام؟
- هل تؤدين الصلوات الخمس على وقتها؟
- لان أول ما يحاسب عنه العبد يوم القيامة الصلاة فان صلحت صلح سائر عمله وان فسدت فسد سائر عمله، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة ) رواه مسلم.
- هل تقرأين القران الكريم بتدبر وخشوع وحضور قلب وهل تعملين به ؟
- قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( خيركم من تعلم القران وعلمه ) رواه البخاري.
- هل أنت بارة بوالديك ؟ هل تصلين أرحامك ؟
- هل أحببت الخير للمسلمين ؟ وهل أمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر؟
- هل تكرمين الأيتام والأرامل والضعفاء والفقراء والمساكين وتتواضعين لهم وترحمينهم وخصوصا الأقارب؟
- هل حافظت على أذكار الصباح والمساء ؟ وهل راقبت الله في السر والعلن؟
- هل تحافظين على حجابك الشرعي الذي أمرك به الله الذي خلقك ؟
- هل اتخذت جليسات صالحات تذكرك بالله رؤيتهن ؟
- هل تجنبت رفيقات السوء لأنهن سبب الضلال والضياع فاحذريهن حفظك الله ؟
- هل تجنبت الاختلاط بالرجال وهل قللت الخروج إلى الأسواق ؟
- هل تجنبت الإكثار من المزاح وكثرة الضحك وهل بكيت من خشية الله ؟
- هل طهرت قلبك من أمراض ( النفاق ، الرياء ، العجب ، الغل ، الحقد ، الحسد والبغضاء)؟
- هل نظفت لسانك من ألفاظ ( الشرك ، الكذب ، الغيبة ، النميمة ، واللغو) ؟
- هل ابتعدت عن مزامير الشيطان ( الغناء ) ؟
- فإنها محرمة بالقران والسنة وهي بريد الزنا وسبب لقسوة القلب وسوء الخاتمة نعوذ بالله من سوء الخاتمة ؟(5/611)
- هل أخذت حذرك من المكالمات الهاتفية ؟
- فكم من القصص المؤلمة بدأت بمكالمة وانتهت بمأساة والضحية الأخت المسلمة فاحذري الذئاب البشرية ؟
أخيراً
- س : ما حكم ركوب المرأة مع سائق أجنبي ؟
- أقول وأنا كاتبه محمد بن صالح العثيمين ، أنه لا يجوز للرجل أن ينفرد بالمرأة الواحدة بالسيارة إلا أن يكون محرما لها لان النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم ". أما إذا كان معه امرأتان فأكثر فلا بأس لأنه لا خلوة حينئذ بشرط أن يكون مأموناً ، وأن يكون في غير سفر والله الموفق.
المرجع: فتاوى ورسائل للفتيات-أحمد بن صالح بن فهد الخليف.
ـــــــــــــــــــ
الحزب الحاكم بتونس يرفض ارتداء الحجاب في المدارس
...
...
الجمعة :06/10/2006
(الشبكة الإسلامية) الجزيرة نت
الشبكة الإسلامية >> أخبار الشبكة
...
...
عبر حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم في تونس عن رفضه ارتداء الحجاب في المدارس والجامعات، في رد مباشر على انتقادات حقوقيين للحكومة لإجبارها طالبات على خلع الحجاب.
ونقلت وكالة الأنباء الحكومية عن الأمين العام للتجمع الهادي المهني قوله "إذا قبلنا اليوم الحجاب فقد نقبل غدا حرمان المرأة من حقها في العمل والتصويت ومنعها من الدراسة، وأن تكون فقط أداة للتناسل والقيام بالأعمال المنزلية".
ووصف هذه الانتقادات بأنها لا تمت للإسلام بصلة ولا علاقة لها بهوية البلاد وأصالتها، وبأنها تنال مما تحقق للمرأة التونسية من إنجازات ومكاسب.
وحذر مهني من أن الحجاب سيرجع "التقدم في البلاد خطوات إلى الوراء وينال من أحد المقومات الأساسية التي يقوم عليها استقرار المجتمع".
واقترنت بداية العام الدراسي الجديد بعودة السلطات إلى منع ارتداء الحجاب وإجبار الطالبات المتحجبات على توقيع التزام بخلعه.
احترام خيارات النساء
بالمقابل ارتفعت في الآونة الأخيرة أصوات منظمات حقوقية تونسية نددت بمسلك الحكومة مطالبة باحترام خيارات النساء المتحجبات.
وفي هذا الخصوص انتقدت الرابطة التونسية لحقوق الإنسان ما سمته المساس بحرية اللباس الذي تضمنه كل المواثيق الدولية.(5/612)
وتشهد مناطق تونسية عدة خلال الآونة الأخيرة عودة مكثفة لارتداء الحجاب رغم قرار منعه، ويرجع منع الحكومة للحجاب إلى بداية الثمانينيات عندما أصدرت مرسوما يعرف باسم "منشور 108" يمنع ارتداء ما أسمته اللباس الطائفي من قبل الطالبات والمدرسات والموظفات.
وتقول الحكومة إنها ليست ضد اللباس المحتشم وإنها تعترض على نشر أشكال "اللباس الطائفي المتشدد".
ـــــــــــــــــــ
الحياء
مقدمة:
- للخير والشر معان كامنة في النفس تعرف بعلامات وسمات دالة كما قال الشاعر:
لا تسأل المرء عن أخلاقه في وجهه شاهد من الخير
- من سمات الخير: الدعه والحياء والكرم.
- ومن سمات الشر: الوقاحة والبذاءة واللؤم.
حياءك فاحفظه عليك وإنما يدل على فعل الكريم حياؤه
- الحياء علامة تدل على ما في النفس من الخير وهو إمارة صادقة على طبيعة الإنسان يكشف عن مقدار بيانه وأدبه.
- عندما ترى إنساناً يشمئز ويتحرج عن فعل ما لا ينبغي فاعلم أن فيه خيراً وإيماناً بقدر ما فيه من ترك للقبائح.
- تعريف الحياء وحقيقته:
- الحياء: خلق يبعث على فعل كل مليح وترك كل قبيح، فهو من صفات النفس المحمودة التي تستلزم الانصراف من القبائح وتركها وهو من أفضل صفات النفس وأجلها وهو من خلق الكرام وسمة أهل المروءة والفضل.
- من الحكم التي قيلت في شأن الحياء: ( من كساه الحياء ثوبه لم يرى الناس عيبه)
- قال الشاعر:
ورب قبيحة ما حال بيني وبين ركوبها إلا الحياء
- لذلك فعندما نرى إنساناً لا يكترث ولا يبالي فيما يبدر منه من مظهره أو قوله أو حركاته يكون سبب ذلك قلة حيائه وضعف إيمانه، كما جاء في حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم): إذا لم تستح فافعل ما شئت(
- قال الشاعر:
إذا رزق الفتى وجهاً وقاحاً تقلب في الأمور كما يشاء
فمالك في معاتبة الذي لا حياء لوجهه إلا العناء
- قال أبو حاتم: إن المرء إذا إشتد حياؤه صان ودفن مساوئه ونشر محاسنه.
- الحياء من الأخلاق الرفيعة التي أمر بها الإسلام وأقرها ورغب فيها.
- جاء في الصحيحين قول النبي صلي الله عليه وسلم): الإيمان بضع وسبعون شعبه فأفضلها لا إله إلا اللّه وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان(
- في الحديث الذي رواه الحاكم وصححه على شرط الشيخين في قول رسول الله صلي الله عليه وسلم): الحياء والإيمان قرنا جميعاً فإذا رفع أحدهما رفع الآخر )(5/613)
- والسر في كون الحياء من الإيمان:أن كل منهما داع إلى الخير مُقرب منه صارف عن الشر مُبعد عنه.
- الإيمان يبعث المؤمن على فعل الطاعات وترك المعاصي والمنكرات. والحياء يمنع صاحبه من التفريط في حق الرب والتقصير في شكره. ويمنع صاحبه كذلك من فعل القبيح أو قوله اتقاء الذم والملامة.
ورب قبيحة ما حال بيني وبين ركوبها إلا الحياء
- قيل: ( الحياء نظام الإيمان فإذا انحل نظام الشيء تبدد ما فيه وتفرق(
- فالحياء ملازم للعبد المؤمن كالظل لصاحبه وكحرارة بدنه لأنه جزء من عقيدته وإيمانه ومن هنا كان الحياء خيراً ولا يأتي إلا بالخير.
- في الصحيحين عن النبي صلي الله عليه وسلم) : الحياء لا يأتي إلا بخير) وفي رواية مسلم) الحياء خير كله).
- في الصحيحين أن النبي صلي الله عليه وسلم: مر على رجل يعظ أخاه في الحياء: أي يعاتبه فيه لأنه اضر به، فقال له الرسول صلي الله عليه وسلم) : دعه فإن الحياء من الإيمان ( فقد أمر الرسول صلي الله عليه وسلم ذلك الرجل أن يترك أخاه ويبقيه على حيائه ولو منع صاحبه من إستيفاء حقوقه.
- ضياع حقوق المرء خير له من أن يفقد حيائه الذي هو من إيمانه وميزة إنسانيته وخيريته.
- رحم الله امرأة كانت فقدت طفلها فوقفت على قوم تسألهم عن طفلها فقال أحدهم: تسأل عن ولدها وهي تغطي وجهها. فسمعته فقالت: ( لأن أرزأ في ولدي خير من أن أرزأ في حيائي أيهل الرجل ).
- أين هذه المرأة من نساء اليوم تخرج المرأة كاشفة وجهها مبدية زينتها لا تستحي من الله ولا من الناس.
- صدق الشاعر حين قال:
فتاة اليوم ضيعت الصوابا وألقت عن مفاتنا الحجابا
فلن تخشى حياءٌ من رقيب ولم تخشى من الله الحسابا
بربك هل سألت العقل يوما ً أهذا طبع من رام الصوابا
أهذا طبع طالبة لعلم إلى الإسلام تنتسب انتسابا
ما كان التقدم صبغ وجه وما كان السفور إليه باباً
شباب اليوم يا أختي ذئاب وطبع الحمل أن يخشى الذئابا
- أما انقباض النفس عن الفضائل والانصراف عنها فلا يسمى حياء.
- خلق الحياء في المسلم غير مانع له من أن يقول حقاً أو يطلب علماً أو يأمر بمعروف أو ينهى عن منكر.
- فإذا منع العبد عن فعل ذلك باعث داخلي فليس هو حياء وإنما هو ضعف إيمانه وجبنه عن قول الحق، قال تعالي: {وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ} (الأحزاب:53).
- النبي صلي الله عليه وسلم مع شدة حيائه إلا أنه لم يكن يسكت عن قول الحق بل كان يغضب غضباً شديداً إذا انتهكت محارم الله.(5/614)
- من ذلك عندما شفع مرة عند رسول الله صلي الله عليه وسلم أسامة بن زيد حب رسول الله وابن حبه فلم يمنعه حياؤه من أن يقول لأسامة في غضب (أتشفع في حد من حدود الله يا أسامة والله لو سرقت فاطمة لقطعت يدها )
- لم يمنع الحياء أم سليم الأنصارية أن تقول: يا رسول الله إن الله لا يستحي من الحق فهل على المرأة غسل إذا احتلمت؟ فيقول لها ولم يمنعه الحياء في بيان العلم) نعم، إذا رأت الماء) إذاً الحياء لا يمنع من الاستفسار والسؤال عما جهل من أمور الدين وما يجب عليه معرفته وقد قيل) :لا يتعلم العلم مستكبر ولا مستح ).
- وهناك من النساء من يمنعها حياؤها بزعمها من ترك بعض العادات المحرمة التي اعتادت عليها في مجتمعها مثل مصافحة الرجال الأجانب والاختلاط بهم فلا تتحجب من أقارب زوجها ولا تمنع دخولهم عليها في بيتها حال غياب زوجها.
- النبي صلي الله عليه وسلم يقول) :إياكم والدخول على النساء ) صحيح الجامع.
- فإذا كان خير الخلق لا يصافح نساء الصحابة وهن خير القرون فما بال رجال ونسوة في عصر كثر فيه الشر وأهله أصبحوا لا يرون في المصافحة بأساًَ. محتجين أن قلوبهم تقية ونفوسهم نقية؟ فأيهم أزكى نفساً وأطهر قلباً؟ أهذا الغثاء أم تلك النفوس الكبيرة؟ فضلاً عن أن الرسول صلي الله عليه وسلم حذر من مس النساء فقال) :لأن يُطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير من أن يمس امرأة لا تحل له ) (صحيح الجامع( .
- من الناس من يتساهل في إقامة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بحجة أنه يستحي من الإنكار على الناس.
- من ذلك ما يفعله بعض الناس من مجاملة بعضهم لبعض في سماع الغيبة أو سماع أي من المنكرات أو رؤيتها.
- و فهذا جبن مذموم كل الذم وصاحبه شريك في الإثم إن لم ينكر أو يفارقهم.
- والله عز وجل قال: {كُنتُم خَير اُمةٍ أخرِجت لِلنّاسِ تَأمرونَ بالمَعروف وَتَنهُونَ عَنِ المُنكرِ وَتُؤمِنُونَ باللّه} (آل عمران:110).
- حذرنا رسول الله صلي الله عليه وسلم من التساهل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقال) :والذي نفسي بيده لتأمرون بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً منه ثم تدعوه فلا يستجاب لكم ).
أقسام الحياء:
ينقسم الحياء من حيث الأصل إلى قسمين:
أولاً: حياء فطري غريزي.
ثانياً: حياء مكتسب.
- قال القرطبي: ( الحياء المكتسب هو الذي جعله الشارع من الإيمان غير أن من كان فيه غريزة الحياء فإنها تعينه على المكتسب وقد يتطبع بالمكتسب حتى يصير غريزياً.(
- وهذا قول صحيح ومعلوم بالتجربة في مجال التربية.
- فإن المتربي قد يكون في بدايته لا يملك حياء غريزياً أو أن عنده حياء غريزياً ناقصاً ثم ينشأ في جو ينمي بواعث الحياء في قلبه ويدله على خصال الحياء.(5/615)
- فإن هذا المتربى سيكتسب الحياء شيئاً فشيئاً ويقوى الحياء في قلبه بالتوجيه والتربية حتى يصبح الحياء خلقاً ملازماً له.
- وقد قال بعض الحكماء: ( احيوا الحياء بمجالسة من يستحيا منه ) وهذا الكلام بديع المعنى بعيد الفقه.
- حيث أن كثرة مجالسة من لا يستحيا منه لوضاعته أو حقارته أو قلة قدره ومروءته تخلق في النفس نوع التجانس معهم.
- ثم إن قلة قدرهم عنده تجعله لا يستحي منهم فيصنع ما يشاء بحضرة هذه الجماعة فيضعف عنده خصلة الحياء شيئاً فشيئاً فيتعود أن يصنع ما يشاء أمام الناس جميعاً.
- أما مجالسة من يستحيا منه لصلاحهم وعلو قدرهم فأنها تحيي في القلب الحياء فيظل الإنسان يراقب أفعاله وأقواله قبل صدورها حياء ممن يجالسه فيكون هذا خلقاً له ملازماً فتتعود نفسه إتيان الخصال المحمودة ومجانية وكراهية الخصال المذمومة.
- إن مجالس الأخيار تقوي الحياء المكتسب وتنميه.
- أما مجالسة الأرذال فإنها تحول بين العبد وبين اكتساب الحياء.
أنواع الحياء:
1- الحياء من الله.
2- الحياء من الملائكة.
3- الحياء من الناس.
4- الحياء من النفس.
أولاً:ً الحياء من الله:
- قال الله تعالى:{ أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى}) العلق:14(.
- وقال تعالى:{ مَا قَدَرُواْ اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} ) الأنعام:91.(
- تجرؤ العبد على المعاصي واستخفافه بالأوامر والنواهي الشرعية يدل على عدم إجلاله لربه وعدم مراقبته له.
- الحياء من الله يكون باتباع الأوامر واجتناب النواهي.
- قال رسول الله صلي الله عليه وسلم): استحيوا من الله حق الحياء (قال: قلنا يا رسول الله إنا نستحي والحمد لله قال): ليس ذلك ولكن من استحيا من الله حق الحياء فليحفظ الرأس وما وعى وليحفظ البطن وما حوى، وليذكر الموت والبلى ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء( .
- معنى الحديث) استحيوا من الله حق الحياء ( أي استحيوا من الله قدر استطاعتكم لأنه من المعلوم أن الإنسان لا يستطيع أن يقوم بكل ما عليه تاماً كاملاً ولكن كل على حسب طاقته ووسعه قال تعالى:{ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (التغابن:16( .
- قال قلنا: (إنا نستحي والحمد لله ). أجابوا بذلك لأنهم قصدوا أنهم يفعلون كل مليح ويتركون كل قبيح على حسب استطاعتهم فرد عليهم رسول الله صلي الله عليه وسلم أن ليس المقصود هذا العموم
- لأن هناك شروطاً للحياء حق الحياء فليس كما يظنون ( أن يحفظ الرأس وما وعى(أي ما جمع من الأعضاء: العقل والبصر والسمع واللسان.(5/616)
- قال تعالى:{ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} (الإسراء:36( .
- (وليحفظ البطن وما حوى ( أي يحفظ بطنه وما في ذلك من حفظ الفرج عن الحرام فيحفظ بطنه من أن يدخله طعام حرام أو من مال حرام فالبدن نبت ويقوي من الطعام.
- والرب عز وجل لا يقبل من عبده أن يتقوى على طاعته بمطعم حرام ولا مشرب حرام لأن الله طيب لا يقبل إلا طيباً.
- (وليذكر الموت والبلى (أن يذكر الموت دائماً لأننا في هذه الدنيا لسنا مخلدين وإنما سنموت وسنرجع وسنقف بين يدي الله تبارك وتعالى.
- قال رسول الله صلي الله عليه وسلم): أكثروا من ذكر هادم اللذات(
- وقال أيضاً: (ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا).
- قال تعالى:{ تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} (القصص:83).
- فالمقصود أن الحياء من الله يكون باتباع أوامر الله واجتناب نواهيه ومراقبة الله في السر والعلن.
- قال رسول الله صلي الله عليه وسلم): استحي من الله تعالى كما تستحي من الرجل الصالح من قومك ) (صحيح الجامع).
- وهذا الحياء يسمى حياء العبودية الذي يصل بصاحبه إلى أعلى مراتب الدين وهي مرتبة الإحسان الذي يحس فيها العبد دائماً بنظر الله إليه وأنه يراه في كل حركاته وسكناته فيتزين لربه بالطاعات.
- وهذا الحياء يجعله دائماً يشعر بأن عبوديته قاصرة حقيرة أمام ربه لأنه يعلم أن قدر ربه أعلى وأجل.
- قال ذو النون: ( الحياء وجود الهيبة في القلب مع وحشة مما سبق منك إلى ربك ).
- وهذا يسمى أيضاً حياء الإجلال الذي متبعه معرفة الرب عز وجل وإدراك عظم حقه ومشاهدة مننه وآلائه.
- وهذه هي حقيقة نصب الرسول صلي الله عليه وسلم وإجهاد نفسه في عبادة ربه.
- ومن هذا الحياء أيضاً، حياء الجناية والذنب.
ومن أنواع الحياء من الله:
- الحياء من نظر الله إليه في حالة لا تليق:
- كالتعري كما في حديث بهز بن حكيم عندما سأل رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال: ( عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ ) فقال: (احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك ( قال: ( يا نبي الله إذا كان أحدنا خالياً؟ ) قال): فالله أحق أن يستحي منه الناس ).
- لذلك عقد الإمام البخاري باباً سماه: ( التعري عند الاغتسال والاستتار أفضل )
- قد ورد أن ابن عباس كان يغتسل وهو يرتدي ثوباً خفيفاً حياء من الله أن يتجرد.
- وكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يقول: ( والله إني لأضع ثوبي على وجهي في الخلاء حياء من الله ).(5/617)
- وجاء رجل إلى الحسين بن علي رضي الله عنهما فقال له: أنا رجل عاصي ولا أصبر عن المعصية فعظني. فقال الحسين: ( افعل خمسة وافعل ما شئت ). قال الرجل: هات. قال الحسين: ( لا تأكل من رزق الله وأذنب ما شئت ). قال الرجل: كيف ومن أين آكل وكل ما في الكون من رزقه. قال الحسين: ( اخرج من أرض الله وأذنب ما شئت ). قال الرجل: كيف ولا تخفى على الله خافية. قال الحسين: ( اطلب موضعاً لا يراك الله فيه وأذنب ما شئت ). قال الرجل: هذه أعظم من تلك، فأين أسكن. قال الحسين: ( إذا جاءك ملك الموت فادفعه عن نفسك وأذنب ما شئت ). قال الرجل: هذا مُحال. قال الحسين: ( إذا دخلت النار فلا تدخل فيها وأذنب ما شئت ). فقال الرجل: حسبك، لن يراني الله بعد اليوم في معصية أبداً.
- لقد بلغ الإيمان بالصحابة رضي الله عنهم أنهم أصبحوا يستحيون من الله في التقصير في النوافل وكأنهم قد ضيعوا الفرائض.
- قال يحيي بن معاذ: ( من استحى من الله مطيعاً استحى الله منه وهو مذنب ). أي من غلب عليه خلق الحياء من الله حتى في حال طاعته فهو دائماً يحس بالخجل من الله في تقصيره فيستحي أن يرى من يكرم عليه في حال يشينه عنده.
- ثم قال يحيي بن معاذ: ( سبحان من يذنب عبده ويستحي هو ). وفي الأثر: ( من استحيا الله منه )
- ويجدر هنا أن ننبه إلى أن حياء الرب صفة من صفاته الثابتة بالكتاب والسنة وهي كسائر صفاته عز وجل لا تدركها الأفهام ولا تكيفها العقول بل نؤمن بها من غير تشبيه ولا تكييف.
- وحياء الله عز وجل صفة كمال تدل على الكرم والفضل والجود والجلال.
- ففي حديث الرسول صلي الله عليه وسلم): أن الله حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه أن يردهما صفراً(وأيضاً) إن الله يستحي أن يعذب شيبة شاب في الإسلام)
ثانياً: الحياء من الملائكة:
- من المعلوم أن الله قد جعل فينا ملائكة يتعاقبون علينا بالليل والنهار.
- هناك ملائكة يصاحبون أهل الطاعات مثل الخارج في طلب العلم والمجتمعين على مجالس الذكر والزائر للمريض وغير ذلك.
- وأيضاً هناك ملائكة لا يفارقوننا وهم الحفظة والكتب، قال تعالي: { وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَامًا كَاتِبِينَ }الإنفطار:11،10. وقال سبحانه:{ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ} (الزخرف:8(
- إذاً فعلينا أن نستحي من الملائكة وذلك بالبعد عن المعاصي والقبائح وإكرامهم عن مجالس الخنا وأقوال السوء والأفعال المذمومة المستقبحة.
- قال صلي الله عليه وسلم): إياكم والتعري فإن معكم من لا يفارقكم إلا عند الغائط وحين يفضي الرجل إلى أهله فاستحيوا منهم وأكرموهم ).
ثالثاً: الحياء من الناس:
- هذا النوع من الحياء هو أساس مكارم الأخلاق ومنبع كل فضيلة لأنه يترتب عليه القول الطيب والفعل الحسن والعفة والنزاهة.
- الحياء من الناس قسمين:(5/618)
1ـ هذا القسم أحسن الحياء وأكملة وأتمه.
- فإن صاحبه يستحي من الناس جازم بأنه لا يأتي هذا المنكر والفعل القبيح إلا خوفاً من الله تعالى أولاً ثم اتقاء ملامة الناس وذمهم ثانياً.
- فهذا يأخذ أجر حيائه كاملاً لأنه استكمل الحياء من جميع جهاته إذ ترتب عليه الكف عن القبائح التي لا يرضاها الدين والشرع ويذمه عليها الخلق.
2 ـ قسم يترك القبائح والرذائل حياء من الناس وإذا خلا من الناس لا يتحرج من فعلها وهذا النوع من الناس عنده حياء ولكن حياء ناقص ضعيف يحتاج إلى علاج وتذكير بعظمة ربه وجلاله وأنه أحق أن يستحيا منه لأنه القادر المطلع الذي بيده ملكوت كل شيء الذي أسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة فكيف يليق به أن يأكل من رزقه ويعصيه ويعيش في أرضه وملكوته ولا يطيعه ويستعمل عطاياه فيما لا يرضيه.
- على ذلك فإن هذا العبد لا يليق به أن يستحي من الناس الذين لا يملكون له ضراً ولا نفعاً لا في الدنيا ولا في الآخرة ثم لا يستحي من الله الرقيب عليه المتفضل عليه الذي ليس له غناء عنه.
- أما الذي يجاهر بالمعاصي ولا يستحي من الله ولا من الناس. فهذا من شر ما منيت به الفضيلة وانتهكت به العفة. لأن المعاصي داء سريع الانتقال لا يلبث أن يسري في النفوس الضعيفة فيعم شر معصية المجاهر ويتفاقم خطبها.
- المجاهر شره على نفسه وعلى الناس عظيم وخطره على الفضائل كبير.
- ومن المؤسف أن المجاهرة بالمعاصي التي سببها عدم الحياء من الله ولا من الناس ـ قد فشت في زماننا.
- فلا شاب ينزجر ولا رجل تدركه الغيرة ولا امرأة يغلب عليها الحياء فتتحفظ وتتستر.
- فقد كثر في المجتمعات المسلمة التبرج من النساء في الأسواق وفي الحدائق العامة وحتى في المساجد.
- تخرج المرأة كاشفة الوجه مبدية الزينة بكل جرأة لم تجل خالقاً ولم تستحي من مخلوق.
- ومن مظاهر عدم الحياء في مجتمع النساء: تحدث المرأة بما يقع بينها وبين زوجها من الأمور الخاصة.
- وقد وصف النبي صلي الله عليه وسلم من يفعل ذلك بشيطان أتى شيطانه في الطريق والناس ينظرون.
- ومن مظاهر ضعف الحياء لدى بعض النساء: تبسطها بالتحدث مع الرجل الأجنبي مثل البائع وتليين القول له وترقيق الصوت من أجل أن يخفض لها سعر البضاعة.
- ومن المظاهر تشبه النساء بالرجال في اللباس وقصات الشعر والمشية والحركة.
- وهذا فعل مستقبح تأباه الفطرة السليمة والذوق والحياء وحرمه الشرع ونهى عنه.
رابعاً: الحياء من النفس:
- وهو حياء النفوس العزيزة من أن ترضى لنفسها بالنقص أو تقنع بالدون.
- يكون هذا الحياء بالعفة وصيانة الخلوات وحسن السريرة.(5/619)
- فيجد العبد المؤمن نفسه تستحي من نفسه حتى كأن له نفسين تستحي إحداهما من الأخرى وهذا أكمل ما يكون من الحياء.
- فإن العبد إذا استحى من نفسه فهو بأن يستحي من غيره أجدر.
- يقول أحد العلماء: ( من عمل في السر عملاً يستحي منه في العلانية فليس لنفسه عنده قدر.
- والحقيقة أن هناك نفساً أمارة بالسوء تأمر صاحبها بالقبائح.
- قال تعالى على لسان امرأة العزيز:{ وَمَا أبَرِّىءُ نَفسِي إنَّ النّفسَ لأَمّارَةٌ بِالسُوءِ إلاَ مَارَحِمَ رَبِيِ إنّ رَبِي غَفُورٌ رّحِيمٌ} (يوسف:53)
- والنفس الثانية هي النفس الأمارة بالخير الناهية عن القبائح وهي النفس المطمئنة.
- قال تعالى:{ يَا أيّتُهَا النّفسُ المُطمَئِنَةُ ارجِعِى إلى رَبِكِ رَاضِيَةً مَرضِيَةً فَأدخُلي في عِبادِي وَادخُلي جَنَتي} (الفجر:27-30)
خاتمة:
- علينا أن نجاهد أنفسنا فلا نجعلها تفكر في الحرام ولا تعمله حتى تكون من النفوس المطمئنة التي تبشر بجنة عرضها السموات والأرض.
- يقول تعالى: { وَالّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهدِيَنّهُمَ سُبُلُنَا وَإنّ اللّهَ لَمَعَ المُحسِنِينَ }العنكبوت:69.
- نسأل الله العزيز القدير ذا العرش المجيد أن يعصمنا من قبائحنا وأن يستر عوراتنا ويغفر زلاتنا ويقينا شرور أنفسنا وشر الشيطان وشركه.
- اللهم إنا نعوذ بك من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن.
المرجع: الحياء- دار القاسم.
ـــــــــــــــــــ
الغنوشي: الحرب على الحجاب مؤشر على تقهقر النظام التونسي
...
...
الجمعة :30/12/2005
(الشبكة الإسلامية) الجزيرة نت
الشبكة الإسلامية >> أخبار الشبكة
...
...
راشد الغنوشي
أكد زعيم حركة النهضة التونسي راشد الغنوشي أن النظام التونسي يعيش حالة تقهقر، وأن التصريحات الأخيرة لوزير الشؤون الدينية بالنظام حول الحجاب، قد تكون ردا على التداعيات التي أعقبت مؤتمر قمة المعلوماتية، والتي كشفت ما أسماه الوجه القمعي للنظام.
وكان وزير الشؤون الدينية التونسي أبو بكر الأخزوري وصف الحجاب بالدخيل وبأنه زي طائفي يعبر عن ظاهرة آخذة في التراجع، بسبب ما وصفه بثقافة التنوير التي تنشرها الحكومة، مضيفا أن هذا الفكر كفيل باجتثاث الحجاب.(5/620)
وقال الغنوشي في اتصال مع الجزيرة نت إن هذا الموقف من الحجاب ليس جديدا بل هو جزء من الحرب على الإسلام التي بدأت, كما قال زعيم النهضة, مع دولة الاستقلال بقيادة الرئيس السابق الحبيب بورقيبة. وأوضح أن منع الحجاب بدأ عام 1981, إلا أن تطبيقه منذ ذلك الوقت شهد صعودا أو انحدارا حسب الظروف.
وأبلغ زعيم حزب النهضة المعارض الجزيرة نت أنه ومنذ عام 1991, تحول الأمر من حرب على الحركة الإسلامية التونسية بوصفها حركة سياسية, ليصبح حربا على الإسلام نفسه وعلى كل ممارسة دينية.
وتسببت تلك الحرب, حسب الغنوشي, في هجر آلاف الشباب للمساجد ومنع الحجاب، إضافة لطرد آلاف الفتيات والعاملات والموظفات, بل حظر على المحجبات التعامل مع مؤسسات الدولة لدرجة منع الحوامل من وضع أحمالهن بالمستشفيات حتى يخلعن الحجاب.
وكان الرئيس التونسي زين العابدين بن علي شدد في ذكرى إعلان الجمهورية في 25 يوليو/تموز الماضي, على أن الحرب على الحجاب مستمرة وأنه لا عودة للحجاب الذي وصفه بالطائفي. وكانت تأكيدات بن علي جاءت ردا على نداءات من داخل تونس وخارجها لإطلاق حرية المرأة في لبس الحجاب, كما قال الغنوشي.
رسالة للغرب
وبخصوص توقيت هذه التصريحات رأى زعيم حزب النهضة أنه جزء من تعبئة أجهزة الدولة على الصحوة الإسلامية. ولم يستبعد أن تكون هذه التصريحات تعبيرا عن استياء النظام من انكشاف صورته أمام المنظمات الدولية أثناء انعقاد قمة المعلوماتية وما تعرض له الصحفيون والمعارضون من قمع لفت أنظار المنظمات الحقوقية والإعلامية الدولية.
ورأى أن النظام يهدف من وراء هذه التصريحات إلى إظهار أنه يمثل دولة متحضرة ومدنية, وأنه بالتالي يوجه رسالة للقوى الغربية التي بدأت بالضغط على النظام من أجل تحقيق انفراج يتعلق بحقوق الإنسان بتونس. وأضاف أن السلطات التونسية تعتقد أن تحركها ضد ما يسمى بالأصولية والإرهاب, قد يوفر لها فرصة لاستعادة رضا الدول الغربية عنها.
الغنوشي رأى أن ما يجري قد تكون له علاقة بقلق النظام من لقاء الإسلاميين التونسيين بقوى المعارضة الأخرى, وهو ما يراه النظام خطرا يمكن تبديده بزيادة الضغط على المعارضة الإسلامية التونسية لمنع تطور وضع المعارضة هذا. وشدد على أن النظام يريد تسويق كذبة تقول إن الإسلاميين خطر على المجتمع المدني والحياة السياسية.
واستبعد زعيم حزب النهضة أن يكون للحملة الجديدة على الحجاب تأثير كبير, بل توقع العكس وقال إن الإسلام روح تسكن الشعب التونسي, وهو شعب يعيش الصحوة كما تعيشها أمته. ورأى أن النظام يعيش حالة تقهقر وأنه سيدخل مرحلة احتضار وأفول، على حد قوله.
وترفض السلطات التونسية التهم الموجهة إليها بمحاربة الحجاب أو أي شكل من أشكال التدين، معتبرة أن ما تقوم به يدخل في باب محاربة ما تصفه بملابس دخيلة(5/621)
على العادات والتقاليد التونسية. ويرجع مراقبون تنامي ظاهرة الحجاب في السنوات الأخيرة في صفوف التونسيات إلى تأثير البرامج الدينية في عدد من الفضائيات التي يشاهدها التونسيون بكثافة.
ـــــــــــــــــــ
فتياتنا بين الحجاب وصرعة الأزياء
...
...
الاحد :27/11/2005
(الشبكة الإسلامية)
الشبكة الإسلامية >> المركز الإعلامي >> للشباب فقط >> قضايا شبابية
...
...
.
لا شك أن زي الفتاة ومظهرها دليل عفتها وطهارتها أو علامة على عكس ذلك، ومن خلال ما تلبسه المرأة يمكن في أكثر الأحوال الحكم على نوع ما تحمله من فكر وخلق.
ولا يستطيع أحد أن ينكر أن المرأة كلما كانت محتشمة في زيها متأدبه في مشيتها مع وقار في هيئتها كل ذلك ينم عن داخل نقي ومنبت زكي ونفس طاهرة، وبقدر ما يظهر ذلك على الفتاة بقدر ما تبتعد عنها همم اللئام وأفكار وأنظار الذئاب، وأطماع الكلاب، وتطلعات مرضى القلوب، ولصوص الأعراض.
والفتاة التي تتفنن في إظهار مفاتنها من خلال الموضات المثيرة التي تظهر أكثر مما تخفي سواء بإظهار مفاتن البدن من خلال لبس الأزياء العارية أو الضيقة التي تصف تقاطيع البدن أو الخفيفة التي تشف عما تحتها أو من خلال الموضات الصارخة والعجيبة والغريبة التي تلفت الانتباه وتعلق عين الناظر هذا كله يعرض الفتاة لأن يتعرض لها الفسقة ومرضى النفوس والقلوب .. وهي في ذات الوقت تعرض نفسها لخطر هي في غنى عنه.
والغريب أن فتياتنا وبناتنا بتن يلهثن وراء الموضات في سعار غريب ورغبة محمومة للبحث عن كل جديد حتى وإن كان يخالف شريعتنا وعقيدتنا بل وأعرافنا أيضا، وفي كثير من الأحيان تكون الحالة المادية للأسر لا تسمح بمثل هذا التطرف في اختيار الموضات الذي تصر عليه بناتنا وفتياتنا بحجة الظهور بالمظهر اللائق وعدم الإحراج أمام بقية البنات في المدارس أو الطالبات في الجامعة أو الزميلات في العمل..
ونظرة إلى واقع مدارسنا المتوسطة والثانوية وجامعاتنا وشوارع كثير من بلداننا مع إطلالة سريعة على ما تعرضه محلات الأزياء في أسواقنا تدلنا على واقعنا ومدى ما وصل إليه فكر نسائنا وبناتنا، وقد وصل الحال في بعض البلدان أنك لا تستطيع أن تفرق بينها وبين شوارع أوروبا وبلاد الغرب.. وهذا نذير شؤم أن يصل حال نسائنا يوما إلى ماوصل حال نسائهم إليه.(5/622)
هذا الكلام أعلم أنه لا يعجب دعاة التحرر حملة لواء الاختلاط ودعوات المساواة .. وغيرها من المسميات المزيفة، الذين يرون في عفة المرأة ردة عن طريق الحرية وتخلفا عن طريق المدنية، وانتكاسا في المنظومة الفكرية!! وربما لا يعجب هذا الكلام أيضا بعض أخواتنا الفتيات ظنا منهن أن هذا افتئات على آرائهن الفكرية واختياراتهن التحررية، وحريتهن الشخصية. أو يرين أن الواقع على خلاف ما نقول وأن نظرتنا نظرة تشاؤمية أو مبالغا فيها..
ولذلك سنترك الكلام لمن سبقنا في هذا التحرر المزعوم ونال منه المطلوب وزيادة فكانت العاقبة ما أظهره استطلاع أجرته منظمة العفو الدولية في لندن، وشمل نحو 1000 رجل وامرأة، حيث كانت النتيجة أن السبب الأساسي لجرائم الاغتصاب التي يشهدها الشارع البريطاني، تعود لـ"عبث المرأة" و "لباسها الفاضح"، لتتحمل، بذلك، مسؤولية تعرضها للاعتداء.
وقد تفاجأ المشاركون في الاستطلاع بأن معظم جرائم الاغتصاب لا تتم من قبل غرباء كما كانوا يعتقدون، حيث تظهر الوقائع أن 80% من هذه الاعتداءات تحدث من قبل أصدقاء، أو أشخاص معروفين من قبل الضحايا.
وأعربت المشرفة على الاستطلاع كات ايلين، عن "قلقها الشديد" تجاه هذه الأرقام، مشيرة إلى ضرورة اتخاذ الحكومة البريطانية لخطوات تجاه هذه الجرائم. ولفتت إلى أن أغلبية المشاركين في الاستفتاء يعتقدون أنه توجد أكثر من 10 آلاف امرأة تتعرض للاغتصاب سنوياً، بينما يتجاوز الرقم الحقيقي لحالات الاغتصاب، بحسب الخبراء، الـ 50 ألف امرأة سنويا.
ومن النتائج التي خلص إليها الاستطلاع، اعتبار 30 % أن العديد من النساء يتحملن مسؤولية تعرضهن للاغتصاب لأسباب عدة منها اللباس الفاضح والمظهر المثير.(انتهى الخبر).
ومن هذا الاستفتاء نعلم أن هناك 137 حالة اغتصاب يوميا .. ولذلك ضج الغيورون وأصحاب العقول وأولياء الأمور في الغرب وضاقوا ذرعا بما وصل إليه حال المرأة هناك، وبدأ الكثيرون يطالبون باتخاذ إجراءات لإصلاح الأحوال في الوقت الذي يسعى أناس في بلادنا لنبدأ نحن الطريق من أوله بل من آخره إذ إن نهاية المرأة الغربية هو ما يريد دعاة السفور أن يكون بداية للمرأة المسلمة والعربية.
إن الله سبحانه لما كان أعلم بما يصلح العباد والبلاد والرجال والنساء، أمر المرأة أن تخفي مفاتنها وتستر نفسها عن كل من لا يحل له النظر إليها فقال لنبيه صلى الله عليه وسلم: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً" الأحزاب:59
فأمر الله المسلمة بالحجاب الذي هو علامة العفاف والطهارة يستر جميع بدنها، صفيقاًً لا يشف، فضفاضاً واسعاً لا يصف، لا يشبه ملابس الكافرات، ولا ملابس الرجال، وليس بزينة في نفسه، ولا بثوب شهرة.. فلا يلفت نظرا ولا يبعث على ريبة.. فإذا رأى منها أحد هذا الظاهر لم تطمح إليها عينه ولم يطمع فيها قلبه؛ فيحفظها حجابها ووقار ثيابها من التعرض للمعاكسات وسماع كلمات الغزل النابيات أوالتعرض لها بما هو أكبر من ذلك.(5/623)
إن حجاب المرأة تشريف وتكريم لها، وليس تضييقا عليها، بل هو حلة جمالها وصفة كمالها، وهو أعظم دليل على إيمانها وسمو أخلاقها، وطاعة ربها واتباع نبيها "ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما".
ـــــــــــــــــــ
الحجاب
يقول الشاعر
إياك إياك الخداع بقولهم سمراء يا ذات الجمال تقدمي
إن الذين تبرءوا عن دينهم فهم يبيعون العفاف بدرهم
حلل التبرج إن أردت رخيصة أما العفاف فدونه سفك الدم
بنت الجزيرة ما أرى لك شيمة هذا التبرج يا فتاة تكلمي
حسناء يا ذات الدلال فإنني أخشى عليك من الخبيث المجرم
لا تعرضي هذا الجمال على الورى إلا لزوج أو قريب محرم
لا ترسلي الشعر الحرير مرجلاً فالناس حولك كالذئاب الحوم
ـــــــــــــــــــ
جدل في فرنسا بشأن تفتيش الطالبات المحجبات
...
...
الاحد :19/06/2005
(الشبكة الإسلامية) الجزيره نت
الشبكة الإسلامية >> أخبار الشبكة
...
...
الحرب على الحجاب في فرنسا تعود مرة أخرى
يجتمع المجلس الفرنسي للدراسات والحياة الجامعية في شهر أكتوبر/ تشرين أول القادم، لبحث مسألة ارتداء الحجاب داخل الجامعة، يأتي ذلك في أعقاب قرار جامعة نانتير الباريسية إحدى أشهر الجامعات في فرنسا بشأن تفتيش المحجبات خلال موسم الامتحانات.
وقد أصدر مارك بتي مدير ديوان رئيس الجامعة بياناً قال فيه إن ما تم اتخاذه من إجراءات "يتلاءم مع الواقع على الأرض".
واختار رئيس الجامعة برونو لوفيفر حلاً وسطاً للخروج من مشكلة التفتيش التي تخضع لها إلى جانب المحجبات الطالبات ذوات الشعر الكثيف أو اللاتي يضعن سماعة للموسيقى على الأذن، لمواجهة أي محاولة للغش باستخدام سماعات لتلقي الإجابات من طرف خارج مقر الامتحان.
وقال لوفيفر الذي قام بصياغة تعليمات جامعة نانتير في هذا الخصوص إن القرار اتخذ "تجنباً لوقوع حوادث في أجواء الامتحانات المتوترة" أصلا.
وعبر لوفيفر عن اقتناعه بضرورة إتاحة الفرصة أمام الطالبات للحصول على المعرفة أياً كانت التنازلات. وقال "نحن لسنا معنيين بقانون العلمانية".(5/624)
هذه القضية تفاعلت مع رفض إحدى المنقبات قبول التفتيش من طرف أحد المراقبين من الرجال. وسارعت رئاسة الجامعة في أعقاب ذلك بتوجيه رسالة عبر البريد الإلكتروني إلى العاملات في الجامعة تدعوهن إلى المجيء على وجه السرعة لتفتيش الطالبة وهو الأمر الذي تحقق وانتهت المشكلة عند هذا الحد.
التحقق من الهوية
من جانبه قال مارسيل مونا المحاضر في مادة القانون إنه من المحتم التأكد من هوية الطالب ومن أجل ذلك يطلب من الطالبة (المنقبة) وبعيداً عن أنظار بقية الطلاب التحقق من هويتها.
واستطرد مونا الذي تعمد تجاهل تعليمات رئاسة الجامعة باللجوء إلى إحدى السيدات للقيام بتدقيق الهوية، قائلا إنه شخصياً تحقق من هوية طالبة منقبة "بدون أدنى مشكلة".
واعتبر في تصريحات نشرتها الصحف الفرنسية أن ما يحدث هو "انحراف" تشهده مؤسسات عامة، وأضاف "لا نستطيع تطبيق الشريعة أو أي نصوص أخرى مقدسة داخل الجامعات العامة لأسباب مبدئية وتقنية ترتبط بإدارة الامتحانات".
وواصل القول "لقد عرفنا عدة حالات غش هذا العام من طرف محجبات". ووسط حملته على المحجبات رفضت إحداهن أن يقوم بتفتيشها وغادرت قاعة الامتحان متجهة إلى قسم الشرطة لتحرر محضراً بالواقعة، تمهيداً لرفع دعوى قضائية ضد مونا.
ومن المنتظر أن يبحث المجلس الذي يضم أساتذة وإداريين وطلابا وشخصيات من خارج الجامعة قرارا في هذا السياق بالرجوع إلى ما يعرف باسم (كراس النصائح الخاصة بتطبيق العلمانية) في الجامعات الذي تم تحريره العام الماضي
ـــــــــــــــــــ
محكمة أوروبية تبحث حظر ارتداء الحجاب بجامعات تركيا
...
...
الخميس :19/05/2005
(الشبكة الإسلامية) الجزيرة نت
الشبكة الإسلامية >> أخبار الشبكة
...
...
الاتحاد الأوروبي لم ينصف محجبات تركيا بحثت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان من جديد قضية حظر ارتداء الحجاب في الجامعات التركية في جلسة استئناف في الطعن المقدم من طالبة طردت من جامعتها.
وأشار كاظم برتسيغ أحد محامي الطالبة ليلي شاهين خلال الجلسة إلى أن ارتداء الحجاب في الجامعة ليس محظورا في أوروبا، آخذا على القضاة الأوروبيين "الاختلاف في التعامل بالنسبة لتركيا".(5/625)
واعتبر أن رفض المحكمة الأوروبية لدعوى رفعتها شاهين العام الماضي تأثر آنذاك بالأجواء التي سادت بعد هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001، وأيضا بـ"الدعاية التركية الواسعة في الداخل والخارج من قبل قلة حاكمة مستبدة".
من جهة أخرى دافع ممثل الحكومة التركية منجي أوزمان عن مواقف أنقرة وطلب تأكيد القرار الصادر عن المحكمة في يونيو/ حزيران الماضي.
وكانت شاهين, التي أكملت دراسة الطب في النمسا حيث تعمل حاليا, منعت من دخول الامتحانات ثم من التسجيل الإداري في مارس/ آذار 1998 عندما كانت في السنة الخامسة بكلية طب جامعة إسطنبول.
وجاء طردها من الجامعة بناء على مرسوم صادر عن عميدها قبل ذلك بشهر يحظر قبول الطالبات المحجبات والطلبة الملتحين في الدراسة.
ورفضت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في يونيو/ حزيران 2004 الدعوى المرفوعة من الطالبة الشابة التي نددت فيها بانتهاك حرية الفكر والتعبير والدين (المادة التاسعة من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان) إضافة إلى حقها في التعليم (المادة الثانية من البروتوكول الأول للاتفاقية).
واعتبرت المحكمة أن حظر الحجاب في الجامعة يمكن اعتباره "ضرورة في مجتمع ديمقراطي"، وأشارت إلى أنه يستند إلى "مبدأين متكاملين يعزز كل منهما الآخر هما العلمانية والمساواة".
ـــــــــــــــــــ
محجبات بلا حجاب !!
...
...
الاثنين :04/04/2005
(الشبكة الإسلامية) نور الهدى سعد
الشبكة الإسلامية >> المركز الإعلامي >> الأسرة >> تحرير .. أم تغرير
...
...
ليس حجاب المرأة المسلمة شيئًا هينًا أو أمرًا عارضًا تعبث به أنامل مصممي الموضة والأزياء حتى تخرجه عن جوهره، وتحوله إلى مجرد زى ليس له من مواصفات الزى الشرعي نصيب، فالحجاب دين وهوية به تعبد المرأة ربها، وتتقرب إليه، وتُعرف به وتتميز.
فهل حجاب اليوم يعكس هذه المقاصد وما يرتبط بها من التزام أخلاقي وسلوكي، وإن لم يكن فما أسباب هذا التناقض؟ وكيف نزيلها؟
خاصة أن بعض الناس يعتبرون المحجبات غير الملتزمات بضوابط السلوك الإسلامي حجة على الإسلام، ويحاسبون الإسلام بهن.
هذه التساؤلات وغيرها يجيب عليها الشيخ جمال قطب - وكيل لجنة الفتوى بالأزهر الشريف - في هذا الحوار:
الحجاب والالتزام(5/626)
ـ بادئ ذى بدء ما الضوابط والالتزامات التى يفرضها الحجاب على أخلاق الفتاة وسلوكها ؟
- الحجاب فريضة على المرأة المسلمة، ويمثل في الوقت ذاته نوعين من أنواع الفرائض والالتزامات، فهو يمثل في أصله أولاً التزامًا خلقيًا بجميع تكاليف الدين من عقائد وتشريعات وأخلاق، ويمثل ثانيًا شعيرة ظاهرة تبدو المرأة من ورائها، فيعرف انتماؤها العقدي والتشريعي والخلقي، وهكذا لا يغنى ارتداء الحجاب عن الالتزام وإقامة الفرائض، كذلك لا تغنى الفرائض عن ارتداء الحجاب.
ـ إذًا فما تفسيركم للتناقضات والتجاوزات التى تصدر من بعض المحجبات والتى تتخذ حجة على الإسلام ذاته من اختلاط أو زينة وصداقة ؟.
- إذا ارتدت المرأة الحجاب فلابد أن ينعكس لباسها على سلوكها وأخلاقها، باعتباره جزءًا من هويتها كمسلمة، فمن ارتدت الحجاب دون التزام تشريعي وأخلاقي فلا اعتبار لحجابها، ومن التزمت بالفرائض وتركت الحجاب فلا اعتبار لها؛ لأن الحجاب والعمل بتكاليف الإسلام كالوضوء والصلاة، فلا يغنى وضوء عن صلاة، ولا تقبل صلاة بغير وضوء.
من ناحية أخرى فإن ارتداء الحجاب بالنسبة للغير هو جزء من ثياب المرأة يمثلها ويمثل عفافها والتزامها، فإذا تردت المرأة المحجبة إلى خطأ من الأخطاء فما هي إلا واحدة من البشر قد أخطأت، وعلى الناس أن تنسب الخطأ لصاحبه وليس للمجتمع جميعه أو للإسلام نفسه كدين ومنهج شامل.
فكم من وزير سرق أو أخطأ، فهل تم توجيه الاتهام لجميع الوزراء؟ وكم من ملك فسد فهل اعتبرت السقطة في حق جميع الملوك؟
فلماذا يضغط أصحاب الأفكار الهدامة على أعصاب المرأة المسلمة، ويخيرونها بين عدم الخطأ الذى هو من طبيعة البشر، وبين ارتداء الحجاب الذي هو من صميم الدين.
تعتقد بعض الفتيات أن الحجاب يعنى التجهم والعبوس والعزلة.. بما ترد عليهن؟
- لا يعتبر الحجاب اعتزالاً للمجتمع، بل هو احترام للنفس، واحترام للآخرين؛ لأن ستر الأنثى لجسدها فيه تقدير لمشاعر الآخرين، فهي لا تريد أن تستثيرهم بغير حِل أو بغير مبرر شرعي، وليس الحجاب معناه اعتزال المجتمع، وترك حركة الحياة، ورسم الكآبة على الوجوه والغلظة في الكلام ، بل هو فضيلة تعلن عفاف المرأة لا سلبيتها، وتعكس آداب دينها في سلوكها ومعاملاتها بغير تبرج أو سفور أو إسفاف.
في إطار التربية
ـ بعض الفتيات يرتدين الحجاب ثم يخلعنه ويعلنَّ أن المهم هو الجوهر وليس مجرد المظهر أو الملبس، فما تعليقكم؟
- إجابة هذا السؤال ترتبط بالسؤال الأول، فمتى التزمت المرأة المسلمة بالحجاب أو الزى الإسلامي عن عقيدة واقتناع، فليس من المعقول ولا المتوقع أن تتزعزع عقيدتها أو تتغير قناعتها بأن الحجاب فريضة كالصلاة والصوم وغيرهما من العبادات.(5/627)
ـ أيهما يأتي أولاً التربية أم الحجاب، وكيف تنمى الأم في ابنتها حب الحجاب وتعدها للالتزام به بحيث يصبح عبادة وليس مجرد عادة؟
- أتصور أنه لا مقارنة في الأولوية بين التربية والحجاب، فالحجاب جزء والتربية كل، تبدأ التربية عند التمييز من خلال التلقين والتقليد والمعايشة والمتابعة والتوجيه قبل أن يكون بالأمر والضغط والتشديد، فإذا ما وصلت الفتاة إلى مرحلة البلوغ أو قرابة الخامسة عشرة يجيء التزامها بالحجاب في نسقه وتطوره الطبيعي بناء على ما سبقه من خطوات تربوية، فتكون الفتاة قد أحست بقيمتها وضرورة تميزها وصيانة نفسها بالحجاب حتى يطلبها الزوج الكفء صاحب الدين والخلق.
ـ تتنافس بيوت الأزياء في عرض ملابس المحجبات وفق أحدث صيحات الموضة بما قد لا يفى بمواصفات الزى الشرعى، فكيف توازن الفتاة بين الأناقة والالتزام ؟
- لا تعارض بين الأناقة والالتزام بالزى الشرعي ، فالأولى إضافة للقادرات ماديًا والراغبات نفسيًا ، ولا حرج شرعيًا عليها ما دامت لم تستعمله في ما حرمه الله ، ولم تغير أوصاف الزى الشرعي للمرأة الذي لابد أن يستوفى شرطين اثنين، ألا يشف عما تحته، ولا يصف حدود وأبعاد وتضاريس الجسم، فضلاً عن أن يستر بدن المرأة الواجب ستره.
وأخيرًا أقول لكل فتاة تؤمن بالله ، وتحرص على إرضائه ما قال الله تعالى في محكم آياته : {عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم}.
ـــــــــــــــــــ
فرنسا تمنع الحجاب على العاملات بمستشفياتها
...
...
السبت :05/03/2005
(الشبكة الإسلامية) الجزيرة نت
الشبكة الإسلامية >> أخبار الشبكة
...
...
شرعت الدوائر الصحية في فرنسا في منع ارتداء الحجاب على العاملات بالمستشفيات بعد أشهر من دخول حظر الرموز الدينية بما فيها الحجاب حيز التطبيق في المدارس الحكومية.
ويأتي هذا الحظر الجديد للحجاب تطبيقا لمرسوم يحمل تاريخ 2 فبراير/شباط وتوقيع وزير الصحة فيليب دوست بلازي مستمد من تقرير رسمي بشأن تطبيق مبادئ العلمانية في الجمهورية.
وكان هذا التقرير الرسمي استخدم كأساس في وضع قانون حظر الرموز الدينية الظاهرة في المدارس العامة الذي أصبح ساري المفعول في سبتمبر/أيلول الماضي بعد أن أثار جدلا حادا.(5/628)
ويعتبر المرسوم المتعلق بالمستشفيات أن "وضع علامة تهدف إلى إظهار الانتماء الديني يشكل إخلالا بالواجبات" بالنسبة "لجميع العاملين في الوظيفة العامة" في المستشفى.
من جهة أخرى, أكد النص من جديد حق "الحرية الدينية" للمرضى مما يستلزم "معاملة جميع المرضي على قدم المساواة أيا كانت عقائدهم الدينية".
كما نص المرسوم على ضرورة أن تضمن المستشفيات "المساواة في حصول الكل على العلاج اللازم وضمان ممارسة شعائرهم" مثل الصلاة والغذاء وغيرهما.
ويشترط المرسوم أيضا أن يكون "للمريض حرية اختيار معالجه ومستشفاه", لكنه أوضح أن حرية الاختيار هذه يجب أن يمارسها المريض نفسه وليس "أحد الوالدين أو الأقارب".
ـــــــــــــــــــ
نواب أوروبيون يدعون لإلغاء قانون الحجاب الفرنسي
...
...
الخميس :24/02/2005
(الشبكة الإسلامية) الجزيرة نت
الشبكة الإسلامية >> أخبار الشبكة
...
...
دعا خمسة نواب أوروبيين الحكومة الفرنسية إلى إعادة النظر في قانون حظر ما يسمى الرموز الدينية البارزة ومنها الحجاب الاسلامي في الأماكن العمومية ولاسيما المدارس.
وقال الموقعون على البيان إن القانون الفرنسي يشكل انتهاكا لحقوق الإنسان، مؤكدين على حق كل رجل وكل امرأة في ارتداء ما يحلو لهم.
كما دعا البيان الذي وقعه النائب الفرنسي آلان ليبياتز والنواب البريطانيون كارولاين لوكاس وكلود موراييس وساره لودفورد وفيليب بوشيل مايتيوز الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى التسامح مع التعبير عن العقيدة بشكل خارجي متحفظ في المدارس.
ويمكن أن يطرح هذا البيان للتصويت في البرلمان الأوروبي إذا ما وقعه خلال الأشهر الثلاثة المقبلة ثلث النواب الـ732 في هذا البرلمان.
تجدر الإشارة إلى أن الحكومة الفرنسية صادقت على مشروع القانون الذي يحظر ارتداء الحجاب الإسلامي في المدارس العامة في السادس من ديسمبر/ كانون الأول 2003. وينص مشروع القانون على حظر ارتداء الرموز أو الملابس التي تظهر بشكل واضح انتماء الطالب الديني في المدارس.
ـــــــــــــــــــ
الإختلاط فساد وانحطاط(5/629)
الخطبة الأولى
الحمد لله الذي جلَّت قدرته وعظمت حكمته وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له كملت نعمته ووسعت كل شيء رحمته ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المحمودة سيرته صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً أما بعد.
فيا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين أغمِض عينيك وأصم أذنيك واصرف قلبك عما يتفوّه به المجرمون ويسطِّره الكَتَبة الكاذبون من رموز النفاق وأرباب العلمنة وغلمان الأهواء أدعياء العقلنة من مصادمة للحقائق ومعارضة لحكمة الخالق ولبس للحق بالباطل وكتم للحق وتزيين للباطل كي تميل الأمة ميلاً عظيماً0
لا تُطِع الكافرين والمنافقين ودَع أذاهم وتوكَّل على الله ، وقف هيبة واستسلاماً وخضوعاً وانقياداً بقلبك وجوارحك لحقائق القرآن الذي أنزله من هو أعلم بمن خلق وهو اللطيف الخبير وتقبل بتصديق ويقين كلام سيد المرسلين الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.
استمع إلى حقائق القرآن والسنة واقبلها غير متردد ولا متحرج {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ} الأحزاب 36
استمع إلى الحقائق التي تكلَّم بها رب العالمين {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً }النساء 122
{وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ }المائدة50 ،وأعلنها خاتم المرسلين صلى الله عليه وسلم ولن تجد لسنته مثلاً ولا بديلاً.
اسمعها وارضَ بها ولا يستخفنَّك الذين لا يوقنون.
الحقيقة الأولى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} الأحزاب 33
إنَّ البيت هو مثابة المرأة التي تجد فيها نفسها على حقيقتها كما أرادها الله تعالى غير مشوَّهة ولا منحرفة ولا مُلوَّثة ولا مكدودة في غير وظيفتها التي هيَّأَها الله لها بالفِطرة.
وإن الأم المكدودة بالعمل للكسب المرهقة بمقتضيات العمل لا يمكن أن تهب للبيت جوه وعطره ، ولا يمكن أن تمنح الطفولة النابتة فيه حقها ورعايتها،
وإنَّ خروج المرأة لتعمل كارثة على البيت قد تبيحها الضرورة ، أما أن يتطوع الناس بها وهم قادرون على اجتنابها فتلك هي النكسة التي تصيب الأرواح والضمائر والعقول في عصور الإنتكاس والضلال
فأما خروج المرأة لغير العمل ...خروجها للاختلاط وأماكن الملاهي والتسكُّع في النوادي و المجتمعات وحضور الحفلات والمهرجانات فذلك هو الإرتكاس في الحماة الذي يرد البشر إلى مراتع الحيوان.
لقد كان النساء على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرجن للصلاة غير ممنوعات شرعاً ولكن كان في زمن عفّة وتقوى وكانت المرأة تخرج إلى الصلاة متلفعة لا يعرفها أحد ولا يبرز من مفاتنها شيء ..ومع هذا فقد كرهت عائشة رضي الله عنها لهن أن يخرجن بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم 0(5/630)
في الصحيحين أن عائشة رضي الله عنها قالت : كان نساء المؤمنين يشهدن الفجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يرجعن متلفعات بمروطهن ما يعرفن من الغلس ، وفي الصحيحين أنها قالت :(لو أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء لمنعهن من المساجد كما منعت نساء بني إسرائيل) فماذا أحدث النساء في عهد عائشة ؟ وماذا كان يُمكن أن يحدثن حتى ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مانعهن من الصلاة ؟ . ماذا بالقياس إلى ما نراه في هذه الأيام حيث الخروج لاإلى الصلاة بل لمخالطة الرجال وإبداء الزينة وإثارة الفتنة .
أما الحقيقة الثانية: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ }الأحزاب53
هكذا يقول اللطيف الخبير. أما المنافق الحقير فينعق : نصف المجتمع معطل والمجتمع يتنفس برئة واحدة0
فلا يقل أحد غير ما قال الله ، لا يقل أحد إن الاختلاط وإزالة الحجاب والترخص في الحديث واللقاء والجلوس والمشاركة بين الجنسين أطهر للقلوب وأعف للضمائر وأعون على تصريف الغريزة المكبوتة وعلى إشعار الجنسين بالأدب وترقيق المشاعر والسلوك إلى آخر ما يقوله نفر من خلق الله الضعاف المهازل الجهَّال المحجوبين 0
لا يقل أحد شيئاً من هذا والله يقول {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ}الأحزاب53 يقول هذا عن نساء النبي الطاهرات أمهات المؤمنين وعن رجال الصدر الأول من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن لا تتطاول إليهم وإليهن الأعناق ...وحين يقول الله قولاً ويقول خلق من خلقه قولاً فالقول لله سبحانه وكل قول آخر هراء لا يردده إلا من يجرؤ على القول بأن العبيد الفانين أعلم بالنفس البشرية من الخالق الباقي الذي خلق هؤلاء العبيد
والواقع العملي الملموس يهتف بصدق الله وكذب المدعين غير ما يقوله الله والتجارب المعروضة اليوم في العالم مصدقة لما نقول وهي في البلاد التي بلغ الاختلاط الحر فيها أقصاه أظهر في هذا وأقطع من كل دليل وأمريكا أول هذه البلاد التي آتى الاختلاط فيها أبشع الثمار.
والحقيقة الثالثة: {إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ}الأحزاب32 من هنَّ اللَّواتي يحذرهن الله هذا التحذير ؟ إنهنَّ أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وأمهات المؤمنين اللاتي لا يطمع فيهن طامع ولا يرف عليهن خاطر مريض ، وفي أي عهد يكون هذا التحذير؟ في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد الصفوة المختارة من البشريَّة ولكن الله الذي خلق الرجال والنساء يعلم أن في صوت المرأة حين تخضع بالقول وتترقق في اللفظ ما يثير الطمع في قلوب ويهيج الفتنة في قلوب وإن القلوب المريضة موجودة في كل عهد وفي كل بيئة وتجاه كل امرأة ولو كانت هي زوج النبي الكريم وأُم المؤمنين ، فكيف بهذا المجتمع الذي نعيش فيه اليوم في عصرنا الذي هاجت فيها الفتن وثارت الشهوات... كيف بنا في هذا الجو الذي كل شيء فيه يثير الفتة ويُهيِّج الشهوة ويُنبه الغريزة ؟ كيف بنا في هذا العصر في هذا الجو ونساء يتكسَّرن في نبراتهن ويتميَّعن في أصواتهن ؟(5/631)
هل بعد هذا نجد مبرراً أن تقرأ المرأة أمام الرجال وتلقي كلمة أمام الرجال وتخاطب الرجال خاضعة في القول فيطمع فيها مرضى القلوب ويتغنى بجمال صوتها ضعاف النفوس. هذه هي الحقيقة لكن أرباب الشهوات لا يفقهون.
والحقيقة الرابعة: يعلنها (صلى الله عليه وسلم) قائلاً :"المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان وأقرب ما تكون بروحة ربها وهي في قعر بيتها"وقال:"ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء"، وحينما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المسجد وقد اختلط الرجال مع النساء في الطريق قال للنساء:"استأخرن فليس لكُنَّ أن تَحقُقْن الطريق عليكن بحافات الطريق"فكانت المرأة تلصق بالجدار حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به ... فواعجباً من زمن أصبحت فيه النساء يمشين بكل زهو وتبختر أمام الرجال 0
وحرصاً منه صلى الله عليه وسلم على هذا المبدأ فقد أفرد باباً خاصاً للنساء يدخلن منه للمسجد ويخرجن منه لا يخالطهن ولا يشاركهن فيه الرجال ..ومن ذلك تشريعه للرجال أن لا يخرجوا فور التسليم من الصلاة إذا كان في الصفوف الأخيرة نساء حتى يخرجن وينصرفن إلى دورهن قبل الرجال. فقد كان صلى الله عليه وسلم إذا سلم مكث قليلاً وكانوا يرون أن ذلك كيماًينفذ النساء قبل الرجال 0
إنَّه في أقدس الأماكن وفي أطهر الأعمال وهي الصلاة كان الإسلام يحرص على انفصال النساء عن الرجال كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم :( خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها وشر صفوف النساء أولها وخيرها آخرها) وهذا ابن عباس رضي الله عنه يقول شهدت العيد مع النبي صلى الله عليه وسلم ولولا مكاني من الصغر ما شهدته حتى أتى العلم الذي عند دار كثير بن الصلت فصلى ثم خطب ثم أتى النساء ومعه بلال فوعظهن وذكّرهن 0
قال بن حجر : قوله : ثم أتى النساء يشعر بأن النساء كنَّ على حِدة من الرجال غير مُختلطات بهم ، وقوله : ومعه بلال فيه أن الأدب في مخاطبة النساء في الموعظة أو الحكم أن لا يحضر من الرجال إلا من تدعو الحاجة إليه من شاهد ونحوه فالله المستعان من هذا الزمان.
بل قد حرصت الصحابيات على عدم الاختلاط حتى في أشد المساجد زحاماً وفي أشد الأوقات زحاماً في موسم الحج بالمسجد الحرام.
جاء في البخاري :كانت عائشة رضي الله عنها تطوف حجرة من الرجال لا تخالطهم ودخلت على عائشة رضى الله عنها مولاة لها فقالت لها: يا أم المؤمنين طفت بالبيت سبعاً واستلمت الركن مرتين أو ثلاثاً، فقال لها عائشة : لا آجرك الله، لا آجرك الله، تدافعين الرجال ؟ ، ألا كبرت ومررت ، ونهى عمر أن يطوف الرجال مع النساء ، فرأى رجالاً معهن فضربه بالدرة 0
هذه هي الحقيقة يعلنها صلى الله عليه وسلم في مقاله وفعاله ويقرر فيها للأمة أن الأنثى هي أنثى مهما استرجلت ، والجمل هو جمل مهما استنوق وأن العواطف والهواتف في أجسادهما تشدهما شطراَ إلى شطر مهما كان الجو الذي يسودهما مفعماً بجد أو هزل، وبفرح أو ترح ، وإنما يخفف من ذلك الشد أو يستره الحياء والدين وما أقلهما في عالم الاختلاط.(5/632)
وأما الحقيقة الخامسة: فقد نطق بها الواقع وشهد عليها شاهد من أهلها قد أثبتت الإحصائيات المعلنة أن نسبة الحبالى من تلميذات المدارس الثانوية الأمريكية بلغت في إحدى المدن 48% ودلت الإحصاءات في أحد الأعوام على أن 120000 طفل أنجبتهم فتيات بصورة غير شرعية لا تزيد أعمارهن عن العشرين وأن كثيرات منهن من طالبات الكليات والجامعات.
وهذه كاتبة إنجليزية تشعر بالخطر فتقول: إن الاختلاط يألفه الرجال ولهذا طمعت المرأة بما يخالف فطرتها وعلى قدر كثرة الاختلاط تكون كثرة أولاد الزنا وهنا البلاء العظيم على المرأة ..ثم تقول : أما آن لنا أن نبحث عما يخفف إذا لم نقل عما يزيل هذه المصائب العائدة بالعار على المدينة الغربية أما آن لنا أن نتخذ طرقاً تمنع قتل الآلاف من الأطفال الذين لا ذنب لهم بل الذنب على الرجل الذي أغرى المرأة المجبولة على رقة القلب ... ثم قالت : أيها الوالدان لا يغرنَّكم دريهمات تكسبها بناتكم باشتغالهن في المعامل ونحوها ومصيرهن إلى ما ذكرنا علموهنَّ الابتعاد عن الرجال وأخبروهنَّ بعاقبة الكيد الكامن لهنَّ بالمرصاد. ثم تقول :لقد دلتنا الإحصاءات على أنَّ البلاء الناتج من حمل الزنا يعظم ويتفاقم حين يكثر اختلاط النساء بالرجال. ولقد أدت بنا هذه الحال إلى حد من الدناءة لم يكن تصورها في الإمكان وهذا غاية الهبوط في المدينة ) اهـ كلامها.
إنَّ الاختلاط داء ووباء وشر وبلاء بكل صوره ومظاهره ... اختلاط الذكور والإناث في المضاجع ولو كانوا إخوة ...اتَّخاذ الخدم الرجال واختلاطهم بالنساء وحصول الخلوة بهم ...اتَّخاذ الخادمات بلا محرم ... استقبال المرأة أقارب زوجها الأجانب ، الاختلاط في دور التعليم والجامعات ، الاختلاط في الوظائف والأندية والمواصلات والمستشفيات والزيارات وحفلات الأعراس ، الاختلاط في الأعياد والمهرجانات والمناسبات ، الاختلاط في الأماكن الترفيهية والحدائق والأسواق ، حيث في أجواء التسوق والترفيه وتسكع بعض الشباب اللاهث وراء المتعة تحدث ظاهرة خطيرة وهي ظاهرة التعرُّف السريع والإعجاب من النظرة الأولى التي تعقبها خطوات الانحراف.
الاختلاط بكل أشكاله محرم وتعدٍ على حدود الله وانتهاك لمحارمه {وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ }البقرة229الاختلاط بكل صوره نتائج مرللدعوات الآثمة التي ينفثها أرباب الشهوات في كتاباتهم وزواياهم وينادون من خلالها بالمساواة بين الذكر والأنثى في كل شيء اعتراضاً منهم على فطرة الله ومخالفة لهديه وشريعته0
لقد وُلدت هذه الدعوى جُرأة عند المرأة في إقدامها على غشيان مجتمعات الرجال والاتصال بهم ومحادثتهم بل ومغازلتهم بلا تحفظ ولا حياء ... وولدت هذه الدعوى الظالمة جُرأة عند المرأة فأقدمت على تأليف الجمعيات النسوية واللِّجان النسائية وإصدار الصحف والمجلات وإعلان المسيرات لا في سبيل إصلاح ما فسد من شؤونهنّ وتقويم مااعوجَّ من سلوكهنَّ وإنَّما في سبيل المُطالبة بحق المرأة بالمساواة مع الرجل... تخرج كما يخرج ..وتلبس كما يلبس بل أفضح مما يلبس وتصادق من تشاء وتعمل ما تريد وتغشى الأندية العامة كما يغشاها الرجال وتنادي بتبني قضايا سياسيَّة أو اقتصاديَّة أو بيئية ليس من شأنهن أن يتصدَّين لها وليس في قدرتهنَّ(5/633)
الفكرية والعملية أن يفلحنَّ في حلِّها ومعالجتها ..وإنَّما النيَّة الخفية من وراء ذلك هي أن يتكشَّفن ويبدين زينتهن ولتذكرهن الصحف وتردد الإذاعات أسماءهن بأنهن المتحضرات المتحررات.وليتهن إذ فعلن ذلك كان حفلهن مستقلاً عن الرجال 0
إن جعبة الباحثين والدارسين لمستنقع الاختلاط حافلة بالمآسي المخزية والفضائح المشينة التي تمثل صفعة قوية في وجه كل من يجادل في الحق بعدما تبين ..وإن الإحصائيات الواقعية في كل البلاد التي شاع فيها الاختلاط ناطقة بل صارخة بخطر الاختلاط على الدين والدنيا ..لخصها العلامة أحمد وفيق العثماني عندما سأله بعض الساسة الأوربيين : لماذا تبقى نساؤكم محتجبات في بيوتهن مدى حياتهن من غير أن يخالطن الرجال ويغشين مجامعهم ؟ فأجاب في الحال قائلاً: (لأنهن لا يرغبن أن يلدن من غير أزواجهن) ولما وقعت فتنة الاختلاط من جامعة مصرية كان ما كان من حوادث يندى لها الجبين ولما سُئل عميد قلة الأدب العربي طه حسين عن رأيه في هذا قال: ( لابد من ضحايا) ولكنه لم يبين بماذا تكون الضحية ؟ وفي سبيل ماذا لابد من ضحايا وأي ثمرة يمكن أن تكون أغلى وأثمن من أعراض المسلمين ؟ 0
والآن نعلن وبكل قوة ونجزم بحقيقة لا مراء فيها وهي أنك إذا وقفت على جريمة فيها نهش العرض وذبح العفاف وأهدر الشرف ثم فتشت عن الخيوط الأولى التي نسجت هذه الجريمة وسهلت سبيلها فإنك حتماً ستجد أن هناك ثغرة حصلت في الأسلاك الشائكة التي وضعتها الشريعة بين الرجال والنساء ومن خلال هذه الثغرة دخل الشيطان وصدق الله {وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً }النساء27أقول هذا القول ..
الخطبة الثانية
أما بعد،،، إنَّنا وكأي أمة مسلمة وكغيرنا من مجتمعات المسلمين يوجد من بيننا دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها ، إنَّهم قوم من بني جلدتِنا ويعيشون بين أظهرِنا ويتكلَّمون بألسنتنا يلبسون لباس الإصلاح ويزينون باطلهم بدثار الصلاح {أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ }البقرة12إنهم أرباب الشهوات ودعاة الشبهات المتهوكون في أودية الباطل أولئك المنهزمون الذين لم يجدوا سبيلاً لرفع رؤوسهم إلا بالتقليد المطلق لكل غربي فهو المحور الذي يدورون فيه واستعلوا بانهزاميَّتهم وتطاولوا بسقوطهم وعدَّوا ذلك باباً من أبواب التَّزين يتبخترون به على غيرهم
إنَّهم فئة تمتد جذورهم الفكرية في فكر أعداء الإسلام تشرب منه وتستمد من تعاليمه ومناهجه ...يدعون الإيمان والإسلام ويزعمون أنَّهم على الهدى والصلاح فإذا ما تكشفت خبيئتهم وجدنا نُفوساً مريضة أسَّرها الهوى وغلبت عليها الشهوات وأحاطت بها الشكوك والشُبُهات يقول قائلهم: كان الرعيل الأول - ويعني بهم دعاة تحرير المرأة - قناديل تغوص ذبالاتها بدرجة أو بأخرى في الفكر الغربي المتقدم..
إن هذه الفئة بكتاباتها وأقوالها وطرحها تسعى إلى جر الأمة لمستنقع الاختلاط ووحل الانحطاط الذي غاصت فيه المسلمات في بلاد أخرى فجنت منه المصاب والعلقم.
إن المأزق الذي يتساقط فيه هؤلاء يوماً بعد يوم هو أنهم لايملكون مشروعاً حضارياً جاداً لنهضة الأمة وإنما غاية ما يملكون أنَّهم يريدون أن يزجوا الأمة في المُستنقع الغربي الآسن ليكون أبناؤها عبيداً يتمرغون تحت أعتابهم 0(5/634)
حينما رأوا هذه البلاد تعتز بدينها وتحافظ على قيمها ويقف أهلها بإيمانهم وشرفهم صخرة تتحطَّم عليها أفكارهم ورأوا أن ولاة أمرها يؤكِّدون في كلماتهم وقراراتهم على خُطورة الاختلاط ومنعه بدءاً بالكلمة المشهورة للملك عبدالعزيز رحمه الله ...
حينما رأوا ذلك التميز سعوا إلى جر الأمة لويلات الاختلاط عبر سياسة تكسير الموجة وبشعارات برَّاقة وتحت رايات مشبوهة ... تارة تحت مسمى الاقتصاد وتارة تحت غطاء المعارض الثقافية وأخرى تحت ستار حماية البيئة ورابعة بستار الاختراع والمخترعين. ومرة عبر مهرجان الزهور وهكذا إلى أن تتقبل الأمة فكرة الاختلاط وتخضع للأمر الواقع .. ولا بأس عندهم أن تظهر المرأة متحجبة تارة ومتكشفة تارة أخرى حسب البيئة والمجتمع ...وإذا نجحوا في مرحلة تقدموا إلى غيرها إلى أن تتحول الأمة في النهاية إلى مُستنقع من الفساد والانحلال 0. هذا في الوقت الذي ترتفع فيها صيحات العُقلاء في الغرب والشرق منادية المرأة بالعودة إلى بيتها والحِفاظ على كرامتها وفي الوقت الذي تتجه فيه الدول الغربية إلى حماية أخلاقها فأنشأت مستشفيات خاصة بالنساء ومواصلات خاصة بالنساء ومنحت منحت مزايا للمرأة التي تعكف على تربية أولادها0
رُبَّ قائلٍ : ما هذا التهويل وتلك الإثارة ، ولماذا هذه المُبالغة وكأن نساءنا سيظهرن على الشواطىء عرايا أو أن المسارح سُتنصَب في الزوايا ؟
ولهؤلاء أقول : ولِمَ لا يُمكِن أن يكون الأمر كذلك ؟ أولم يخبرنا ربنا أن للشيطان خطوات وحذرنا منها {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ}النور21
أوليس الاختلاط أصبح أمراً واقعاً في كثير من ميادين حياتنا ؟ فهل كان مجتمعنا كذلك قبل سنوات، أليس من نسائنا من تمردن على الفطرة وخلعن جلباب الحياء فنافسن الرجال في قيادة الطائرات وسباق الفروسية والعمل في الشركات والظهور مع الكبراء متبرجات ؟ أوليس الاختلاط واقعا في المستشفيات والمستوصفات وفي وسائل الإعلام وفي الحدائق والمتنزهات وفي بعض الشركات ؟ بل وفي الأجواء على الطائرات ؟ . فكيف حدث هذا ؟ أليس بخطوات خطوات ؟ أفليس إذا تواصلت الخطوات بلا إنكار ولا استنكار سنصل إلى ما يشتهون ؟
أولم تقرأوا كتاب ( تحرير المرأة) والذي يصور المرأة في بلاد مسلمة كانت أكثر تحشماً وتستراً منا فمازالت يد التغريب تعمل حتى سقطت النساء في درك الاختلاط والانحطاط الخُلقِي الذي تسمعون به وربما تُبصرون ..ألا فلتعلموا أن فصول تلك المسرحية تطبق اليوم حذو القذة بالقذة فخذوا حذركم فوالله إن رضينا وسكتنا فسنجد أنفسنا يوماً ما في الدرك الذي سقط فيه غيرنا غارقين في الوحل الذي غرق فيه من حولنا.
إن السعي إلى فرض الاختلاط في مجتمعنا أو الدعوة إليه أو الرضا أو السكوت عليه هو سعي لجر الأمة إلى السقوط والانهيار حينما تخسر أعظم مقوماتها وهي الدين والأخلاق والمثل 0
وإن من يسعى لهذه النتيجة فهو ظالم لنفسه وأمته 0(5/635)
إننا نناشد المسؤولين المخلصين في بلادنا والغيورين على دينهم وقرآنهم والحريصين على أمن بلادهم أن يقفوا في وجه هذه التيارات ويصدوها فبلادنا أمانة في أعناقهم فليتقوا الله في هذه الأمانة 0
وننادي دُعاة الاختلاط والانحطاط : رُويدكم يا أدعياء التقدم والتحضر.. رُويدكم فقد طفح الصاع وطفح الكيل وجاوزتم حدكم وخرجتم عن طوركم ..من أنتم حتى تطاولوا السماء بأعناقكم ..ومن أنتم حتى تنازعوا الله في حكمه ؟ أنتم تقولون قولاً والله يقول قولاً وقولكم مصادمة لقول الله ...أفتريدون أن نصدق كلامكم ونتبع أهواءكم ونُخالف قول ربنا ؟ تالله لن نؤمن لكم قد نبأنا الله من أخباركم
إننا ننادي دُعاة الاختلاط من كان جاهلاً بآثار دعوته ونتائجها أن يستغفر ربه ويتقي الله في مقولاته وممارساته قبل أن يأتي يوم يرى فيه نتائج دعوته في أقرب الناس إليه ...يراه في أخواته أو زوجته أو بناته ..ونقول لهم إنَّ المسلم الحقيقي لن يسكتَ ولن يصمت لأنَّه يُدرك تمام الإدراك أن حضارته في إسلامه واستقراره في التزامه وعظمته بإيمانه ..فهو يرفض كل دعوة تصادم إسلامه ويُناهِض كل فِكرة تُعارض التزامه.
إنَّ الشخصية المسلمة ستقف لكم بالمرصاد لأنَّها تُدرك أهداف الدعوات الهابطة وألوان المشاعر المتردية 0
وإننا لنناشد كل مسلم ومسلمة في بلادنا بأن يقف أمام تيار اختلاط ..ندعوه إلى أن يكون أصيلاً وقوياً فلا يتقاعس عن المواجهة بالتي هي أحسن وإنَّ الساكت أمام هذا الخطر شيطان أخرس وسيحمل إثمه وإثم الأجيال القادمة إن فسدت {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ }الأنفال51 وإنَّ على علماء الأمة ودُعاتها ووُجهائها الكفل الأعظم في مواجهة تيار التغريب باحياء شعار (الدين النصيحة ، لله ولرسوله وللأئمة المسلمين وعامتهم) 0
وأمام هذه الموجة القاتلة من ريح التغيير وأعاصير التدمير فإنَّ على الدُعاة وعلى الأولياء والآباء مسئولية ودوراً سأسطره في جمعة أخرى بإذن الله
وختاماً: يا فتاة هذه البلاد وربِّ السماء والأرض إني لكِ من الناصحين ..اقرأى حتى لا تنخدعي واحذري قبل أن تقعي ولا تكرري المأساة التي تورطت بها أختك في بلاد مسلمة وهي الآن تعود إلى رشدها وتؤدب إلى عقلها بعد أن ذاقت مرارة التحرر من عُبودية الله وتجرَّعت ذل العبودية لعباد الله وانكشف لها زيف المفسدين فخذي العبرة من الساقطين السابقين ولا تكوني عبرة للاحقين..
ويقيننا : أن قرون الوعول النفاقية ستتحطم على صخرة الإيمان والثبات والوعي والإدراك ، وإن الله لا يصلح عمل المفسدين.
اللهم صل وسلم على النبي المختار صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيراً ...
ـــــــــــــــــــ
ملك بلجيكا يتضامن مع حق ارتداء الحجاب
...
...
الخميس :30/12/2004(5/636)
(الشبكة الإسلامية) الجزيرة نت
الشبكة الإسلامية >> أخبار الشبكة
...
...
أبدى ملك بلجيكا ألبرت الثاني تضامنه مع رئيس شركة بلجيكية تلقى تهديدات بالقتل لدفاعه عن حق إحدى الموظفات المسلمات في ارتداء حجابها.
وجاء في بيان صادر عن القصر الملكي أن الملك سيستقبل ريك ريميري الذي يترأس شركة مواد غذائية مع موظفته نعيمة أمزيل.
وقال البيان إن الملك ألبرت الثاني يتابع عن كثب تطورات القضية وإنه معجب بقرار المدير بعدم الرضوخ للضغوط.
وكان ريميري تلقى في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي رسالة موقعة من جانب مجموعة تطلق على نفسها أحرار الفلندرز الجدد يطالبونه بطرد نعيمة أمزيل إذا أصرت على ارتداء الحجاب أثناء العمل ونعتوه بالبلجيكي السيئ الذي يتعاطف مع المسلمين ويتعاون معهم ووجهوا تهديدا لكل من ريميري وأسرته.
وردا على ذلك عرضت أمزيل أن تخلع الحجاب أثناء العمل أو الاستقالة ولكن رئيسها رفض كلا الخيارين وأصبح يحظى بدعم متزايد في أوساط سكان مقاطعة فلندرز في شمال بلجيكا.
وجمعت إحدى منظمات المستخدمين تواقيع 17000 شخص تضامنا مع ريميري. وفي هذا السياق قالت رابطة مدراء الأعمال "لعل موقفكم الهادئ يصبح رمزا للتسامح في مقاطعة فلندرز."
ومن المقرر أن يستقبل العاهل البلجيكي كلا من ريميري وأمزيل في القصر الملكي يوم 12 يناير/كانون الثاني القادم.
ـــــــــــــــــــ
انصري دينك يا أختاه
...
...
الخميس :07/10/2004
(الشبكة الإسلامية)
الشبكة الإسلامية >> المركز الإعلامي >> دعوة وإعلام >> الدعوة >> خواطر دعوية
...
...
لا تزال قوافل التائبين والتائبات ماضية لا يضرها نكوص الناكصين ولا نباح النابحين ولسان حالها يقول:
إذا الكلب لا يؤذيك إلا بنبحه .. ... .. فدعه إلى يوم القيامة ينبح
كان ممن التحق بركب الإيمان الفنانة الشهيرة ( ... ..... ) والتي صار لها الآن أكثر من عشرين عاما في مجال الدعوة إلى الله, ارتبط اسمها بالفنانات التائبات وكان لها(5/637)
دور دعوي بينهن.. روت قصت توبتها فقالت: تخرجت من مدارس (ألماردي ديبيه) ثم في قسم الصحافة بكلية الآداب عشت مع جدتي والدة الفنان الشهير (... ... ) فهو عمي .. كنت أجوب طرقات حي الزمالك ، وارتاد النوادي وكأنني استعرض جمالي أمام العيون الحيوانية بلا حرمه تحت مسميات التحرر والتمدن. وكانت جدتي العجوز لا تقوى عليِ بل حتى أبي وأمي، فأولاد الذوات هكذا يعيشون إلا من رحم الله عز وجل.
حقيقة.. كنت في غيبوبة عن الإسلام سوى حروف كلماته, لكنني برغم المال والجاه كنت أخاف من شيء ما .. أخاف من مصادر الغاز والكهرباء, وأظن إن الله سيحرقني جزاء ما أنا فيه من معصية, وكنت أحيانا أقول في نفسي: كيف أنجو من عذاب الله غدا؟! لكنني كنت اهرب بسرعة من تأنيب ضميري بالاستغراق في النوم أو الذهاب إلى النادي.
وعندما تزوجت, ذهبت مع زوجي إلى ما يسمى بـ "شهر العسل"، وكان مما لفت نظري إنني عندما ذهبت "للفاتيكان" في روما، وأردت دخول "المتحف البابوي" أجبروني على ارتداء البالطو أو الجلد الأسود عند الباب.. فتعجبت من احترامهم لدينهم على ما فيه.. وهنا تساءلت بصوت خافت: فما لنا نحن لا نحترم ديننا؟؟!
وفي مرة أحسست بسعادة عظيمة لحدث ما وفي أوج سعادتي الدنيوية قلت لزوجي أريد أن أصلي شكرا لله على نعمته, فأجابني: افعلي ما تريدين، فهذه حرية شخصيه!!!
وأحضرت معي ذات مرة غطاء وملابس طويلة ودخلت المسجد الكبير بباريس فاديت الصلاة.. وعلى باب المسجد وعند خروجي أزحت غطاء الرأس وخلعت الملابس الطويلة وهممت أن أضعها في الحقيبة، وهنا كانت المفاجأة.. اقتربت مني فتاة فرنسيه ذات عيون زرقاء ـ لن أنساها طول عمري ـ ترتدي الحجاب .. أمسكت بيدي برفق وربتت على كتفي وقالت بصوت منخفض: لماذا تخلعين الحجاب؟ ألا تعلمين انه أمر الله. كنت استمع لها في ذهول، والتمست مني أن ادخل المسجد لدقائق.. حاولت أن افلت منها لكن أدبها الجم وحوارها اللطيف أجبراني على الدخول.
سألتني: أتشهدين أن لا اله إلا الله؟ أتفهمين معناها؟
إنها ليست مجرد كلمات تقال باللسان، بل لابد من التصديق والعمل بها..
لقد علمتني هذه الفتاة أقسى درس في الحياة.. اهتز قلبي، وخضعت مشاعري لكلماتها ثم صافحتني قائلة: "انصري يا أختي الدين".
خرجت من المسجد وأنا غارقة في التفكير لا أحس بما حولي .. ثم صادف في هذا اليوم أن صحبني زوجي في سهرة إلى نادي ليلي ـ وهو مكان يتراقص فيه الرجال مع النساء شبه عرايا ـ ويفعلون أحيانا ما تترفع الحيوانات أن تفعل مثلهم..
كرهتهم وكرهت نفسي الغارقة في الضلال، لم أنظر إليهم ولم أحس بمن حولي، وطلبت من زوجي أن نخرج حتى أستطيع أن أتنفس، ثم عدت فورًا إلى القاهرة وبدأت أولى خطواتي للتعرف على الإسلام .(5/638)
وعلى الرغم مما كنت فيه من زخرف الحياة الدنيا إلا إنني لم اعرف الطمأنينة, ولكنني كنت أقترب إليها كلما صليت وقرأت القران. واعتزلت الحياة الجاهلية من حولي وعكفت على قراءة القران ليلاً ونهارًا وأحضرت بعض الكتب الدينية في التفسير والحديث وغيرهما.. وكنت انفق الساعات الطويلة في حجرتي للقراءة بشوق وشغف .. قرأت كثيرا وهجرت حياة النوادي والغفلة، وبدأت أتعرف على أخوات مسلمات.
ورفض زوجي في بداية الأمر بشدة حجابي واعتزالي طريقة حياتهم، ولم أعد اختلط بالرجال من الأقارب وغيرهم، ولم اعد أصافح الذكور, وكان امتحانا من الله ولكن أولى خطواتي هي الاستسلام لله وأن يكون الله ورسوله أحب إلي مما سواهما .
وحدثت مشاكل كادت تفرق بيني وبين زوجي.. ولكن الحمد لله فرض الإسلام وجوده في بيتنا الصغير وهدى الله زوجي إلى الإسلام الصحيح، وأصبح الآن خيرا مني وداعيا مخلصا لدينه ، أحسبه, وبالرغم من المرض والحوادث الدنيوية والابتلاءات التي تعرضنا لها فنحن سعداء ما دامت مصيبتنا في دنيانا وليست في ديننا.
ــــــــــــــــــــ
من كتاب: العائدات إلى الله
ـــــــــــــــــــ
ماذا يريد محررو المرأة
...
...
الاحد :26/09/2004
(الشبكة الإسلامية)
الشبكة الإسلامية >> المركز الإعلامي >> دعوة وإعلام >> الدعوة
...
...
سؤال يحتاج إلى وقفة، بل وقفات لمعرفة تلك الدعوة التي في ظاهرها حسنة مقبولة محببة، ما إن تسمع بها الفتاة إلا انجذبت إليها، وسارت في ركابها، مسحورة ببريقها الخداع، وزينتها الكاذبة، ووعودها الكثيرة المفتراة.
فماذا يريد هؤلاء الدعاة من ادعائهم تحرير المرأة، وما هي أهدافهم؟ وما الذي يسعون إليه، ويبذلون من أجله، ويضحون له؟
إن حركة تحرير المرأة، حركة علمانية، نشأت في مصر في بادئ الأمر، ثم انتشرت في أرجاء البلاد الإسلامية، تدعو إلى تحرير المرأة من الآداب الإسلامية والأحكام الشرعية الخاصة بها مثل الحجاب، وتقييد الطلاق، ومنع تعدد الزوجات والمساواة في الميراث وتقليد المرأة الغربية في كل أمر ... ونشرت دعوتها من خلال المجلات والجمعيات والاتحادات النسائية في العالم العربي.
ثم توسعت الدائرة إلى مؤتمرات بإشراف هيئات عالمية، تقوم بتقنين تلك الأفكار، والإلزام بتطبيقها، وحشد التأييد لها، والإنفاق السخي اللامحدود من أجلها، فلماذا كل هذا؟ وما الذي يريدون نشره والدعوة إليه تحت شعار تحرير المرأة؟(5/639)
إنهم يريدون ويقصدون بتحرير المرأة ما يلي:
1- الحرية والانعتاق من أي سلطان أو التزام، وإبعادها عن الدين والقيم والأخلاق، وجعلها وفق التصور والمفهوم الغربي.
2- يريدون إخراجها من مملكتها العظيمة، ودارها المكينة، وسلطانها الوارف، وخيرها الدائم، ألا وهو البيت، لتزاحم وتنافس غيرها في تخصصاتهم، ثم يأتي من ينافسها في دارها، ويفسد عليها مملكتها.
3- يريدون لها السفور وأن تتخلى عن الحجاب، فتكشف مفاتنها لغير زوجها، ويطّلع على جمالها غير محارمها.
4- يريدون لها التزين والتطيب والتغنج لكل أحد، ولا تبقى خالصة لزوجها، وفي كل مكان حتى يصير البيت وغيره سواء.
5- يريدون لها مخالطة الرجال الأجانب، وفي كل المجالات في المدارس والجامعات والمؤسسات، والأسواق، من أجل هدم الحياء، وإزالة الحواجز النفسية، والاجتماعية.
6- يريدون لها المساواة بالرجل في كل شئ، حتى في التخصصات التي لا تصلح للمرأة ولا تقوى عليها، سواء لطبيعتها الأنثوية، أوضعف قدراتها الجسدية، وزادوا في المطالبة بالمساواة حتى تجرؤا على شرع الله، فقالوا بالمساواة في الميراث مع الرجل.
7- بل يريدون لها أكثر من ذلك، فلا مانع من أن توجد علاقات مع الأجانب غير المحارم، تبدأ علاقات تعارف وصداقة، ثم تتوسع إلى حرية جنسية مع غير الزوج والعياذ بالله.
8- يريدون لها حرية التحكم في الجنين الذي في أحشائها من حيث إبقائه، أو إسقاطه وإجهاضه.
9- يريدون لها حرية التصرف في جسدها كما تشاء دون ضابط شرعي، أو استشارة ولي، أو مراعاة عادات ولو كانت حميدة وسديدة.
10- يريدون لها ممارسة البغاء ومعاشرة الأخدان دون حياء، شأنها شأن الكافرات اللاتي لا يحرصن على عرض، فلا يعرفن البكارة ولا يحرصن عليها.
11- يريدون لها الابتعاد عن الزواج وتأخيره وتعقيد أمره بحجة التعليم والعمل، وصعوبة التعامل مع الأزواج .
12- يريدون منها رفض مبدأ تعدد الزوجات الذي شرعه الحكيم العليم، وتشويهه، والضغط على الزوج للاكتفاء بزوجة واحدة.
13- يريدون لها ترك الزواج، والأخذ بالبدائل المحرمة، كالصاحب والصديق والعشيق، وممارسة الزنى والسحاق، والدخول مع المماثل في ممارسة فعلية تؤدي إلى الاكتفاء به عن الشريك الطبيعي.
14- يريدون فرض مصطلحات جديدة لمفهوم الأسرة، يمكن أن تشمل الجنسين، وإبعاد الفوارق بين الذكر والأنثى، وتتضمن هذه النزعة فرض فكرة حق الإنسان في تغيير هويته الجنسية وأدواره المترتبة عليها، ومن ثَمَّ الاعتراف رسمياً بالشذوذ.
15- يريدون لها التهتك والإباحة والرقص والفجور وشرب الخمور والقمار، ثم الإلحاد وإنكار الأديان والكفر بالله وبالأنبياء، والسخرية بالدين وبالمتمسكين به.(5/640)
16- يريدون لها ممارسة ثقافة الجنس والجسد بعيدا عن الدين والعرف الاجتماعي، وذلك من خلال ممارسة فنون صناعة الجسد وفنون الاهتمام باللذة الجنسية ومستلزماتها من الإعلان, والتجميل, والموضة, والعطور, والملابس الداخلية والخارجية, والإكسسوارات, ومسابقات الجمال, وعروض الأزياء, وفنانات ذوات أجساد.
17- يريدون لها أكثر مما مضى، وزادوا فجوراً ونكراً، فسموا العفة التي أمر الله بها في كل دين كبتاً، وصارت الدعوة سافرة إلى تخفيف هذا الكبت عن الشبان من الجنسين، بل صارت الدعوة علانية إلى البغاء، لا يستحي الداعون إليه، بل يريدون تنظيم البغاء حتى لا يضار الشبان من الكبت، فهؤلاء ملعونون فى كل دين وعلى لسان كل نبي.
18- يريدون إزالة الاختلافات بين الرجل والمرأة، واستخدام (التنمية) للتعبير عن الحرية الجنسية والانفلات الأخلاقي، واستخدام كلمة (السلم) لمطالبة الحكومات بخفض نفقاتها العسكرية وتحويل الإنفاق إلى خطط التخريب والتدمير للأيديولوجية النسوية الجديدة؛ حيث تلزم مقررات بكين مثلاً الحكومات المحلية بتنفيذ الأهداف الاستراتيجية للنظام العالمي الجديد فيما يتصل بإقرار الأيديولوجية النسوية الجديدة، وذلك بمساعدة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وبالطبع فإنه يستهدف من وراء ذلك ضرب مواطن القوة في الحضارات المخالفة له.
وكان استهداف المرأة من تلك الدعوة الماكرة للأسباب التالية:
1- لأنها اللبنة الأولى في الأسرة، فإن استطاعوا إصابتها، أصابوا البناء الحصين، الذي أراده رب العالمين، وهو الأسرة.
2- لأنها مربية الأجيال، ومنشأة الأبطال العظام، فإن شُغلت أو أُبعدت ضعف الإنتاج وقل، وهذا ما يسعى إليه العدو الماكر.
3- لأنه بانحرافها ينحرف الكثيرون سواء كانوا من أبنائها، أو من غيرهم ممن أوكلت بهم.
4- الضرب في الصميم لاستهداف الهوية الإسلامية والقضاء على النظم الاجتماعية التي أثبتت أنها القلعة التي حمت العالم الإسلامي من السقوط والانهيار، ولذا فإن الصراع مع الغرب انتقل من السياسي والاقتصادي إلى الديني والثقافي والاجتماعي المتصل بالهوية والوجود.
وأخيراً نقول لأختنا المرأة الفاضلة، انتبهي –بارك الله فيك- ولا تنخدعي بالشعارات البراقة التي تخفي ورائها سموما قاتلة، تكونين أنتِ الضحية بالدرجة الأولي، والله يحفظ الجميع، والحمد لله رب العالمين.
ـــــــــــــــــــ
الشرطة الفرنسية توقف مسلمة - تمسكت بحجابها - عن العمل
...
...
الثلاثاء:14/09/2004
(الشبكة الإسلامية) الجزيره نت(5/641)
الشبكة الإسلامية >> أخبار الشبكة
...
...
أوقفت الشرطة الفرنسية موظفة مسلمة عن العمل لارتدائها الحجاب تحت قبعتها التي يشملها زيها في أحدث قضايا فرنسا العلمانية في مواجهة المسلمات المصرات على ارتداء الحجاب.
وقالت متحدثة باسم الشرطة إن المرأة التي تبلغ من العمر 29 عاما تعمل في تحصيل رسوم الطريق رفضت كذلك مصافحة زملائها الرجال بسبب معتقداتها الإسلامية، مشيرة إلى أنها عاملة على مستوى عال من الكفاءة ويحاول الجميع إقناعها بتغيير رأيها.
وأوقفت المرأة عن العمل يوم 25 أغسطس/ آب عندما رفضت خلع غطاء رأس يخفي شعرها. ومن المقرر أن تلتقي السيدة مع قائد الشرطة جان بول بروست الأسبوع المقبل لبحث حالتها.
وفرضت فرنسا قانونا يمنع ارتداء "أي رموز دينية" ومن بينها الحجاب في المدارس العامة أوائل هذا الشهر. ولم يتحد القانون سوى عدد قليل من الفتيات جاء أقل من المتوقع بعد أن احتجز مسلحون مجهولون صحفيين فرنسيين في العراق.
ـــــــــــــــــــ
تأسيس لجنة طلابية للدفاع عن المُحَجَّبَات في تونس
أُعلن في تونس عن تأسيس لجنة طلابية للدفاع عن الحجاب والمُحَجَّبَات؛ وذلك ردًّا على الهجمة الشرسة التي يشنَّها النظام الحاكم حاليًا على الحجاب والمُحَجَّبَات، من تصريحاتٍ رسميَّةٍ، وتسخير للإعلامٍ للترويج للحملة ضد الحجاب، إضافةً إلى القمع الأمني الذي شَمِلَ جميع فئات المجتمع.. من طلبة وعُمَّال وغيرهم.
وقال بيان للجنة: إنَّ تأسيس هذه اللجنة الجديدة يأتي "إيمانًا منَّا بدور الطلبة كعنصر فاعل في المجتمع وفي تقرير مصيره الوطني؛ وذلك لكون هذه الهجمة انتهاكًا صارخًا لمشاعر المسلمين في تونس وخرقًا لمنظومة الحقوق والحُريَّات المُكَرَّسَة في الدستور والمواثيق الدولية".
وقال بيان اللجنة أيضًا: "إنَّ من حقِّ المرأة في ارتداء الخمار أو ما يُعْرَف عامةً بالحجاب يدخل ضمن ما نص عليه آخر الفصل الخامس من الدستور التونسي من أن الجمهورية التونسيَّة تَضْمَن حرمة الفرد".
وقالت اللجنة في بيانها: إنَّ الأهداف الرئيسية لتأسيسها هي "تكتيل جميع أحرار وشُرفاء الشعب التونسي رجالاً ونساءً, للدفاع عن حق المرأة في ارتداء الحجاب ومحاولة حمايتها من الانتهاكات الأمنية والحكومية".
وسوف تمارِس اللجنةُ دورَها في المؤسسات الطلابية وفي مختلف المدن التونسية بمختلف الوسائل المُتاحَة، مع توعية الرأي العام الطلابي والوطني وكذلك العالمي بمدى
ـــــــــــــــــــ
تونس والحرب على الإسلام(5/642)
بسم الله الرحمن الرحيم
تونس ذلك البلد الجميل الهادئ الساكن في غرب أفريقيا , تطل برأسها داخلة في البحر المتوسط لتقول للناس تعالوا تأملوا في خلق الله هنا , فهناك بيئة من أجمل ما خلق الله .
عاصمتها في نقطة وصل رئيسة بين أوروبا وأفريقيا في مسالك الطرق البحرية , فالنتؤ الذي تقع عليه تونس ويطل على جزيرة صقلية يفصل البحر المتوسط إلى شرق وغرب .
تلك البقعة الجميلة التي تعرف عند المؤرخين المسلمين باسم أفريقيا , فإذا قيل فتحت أفريقيا ( مجردة هكذا ) فمعناه تونس .
في سنة خمسين من الهجرة دخل الإسلام هناك على يد عقبة بن نافع ثم حملة حسان بن النعمان سنة ( 84) الذي وطد الحكم بافريقية وجعلها مستقلة عن مصر , مع أن مصر فتحت قبلها بسنين .
تميزت تونس بتاريخ عريق جداً يعو لحوالي ثلاثة الآف سنة وتنازع عليها الرومان في روما مع أهلها الأصليين , وفعلا كانت الحرب بينهم سجالاً ( فيوم لك ويوم عليك ) .
كانت المدينة العريقة هناك هي ( قرطاج ), وكانت من الشهرة بحيث أنهم استولوا على البحر الأبيض المتوسط وأحكموا نفوذهم عليه , مما أثار روما وقامت بسبب ذلك الحروب الطويلة التي عرفت في التاريخ باسم ( الحروب البونية) والتي حاول الرمان الرحماء !! بتدمير تلك المدينة العريقة .
مرت الليالي والدهور وإذا تونس تدخل تحت الحكم الإسلامي في وقت مبكر بل وتصبح منطلقاً لجيوش الإسلام ومنبعاً علمياً رئيساً بعد إنشاء مدينة القيروان التي أسسها عقبة بن نافع الفهري , وتصبح بعدها القيروان من أهم مدن الإسلام في تلك النواحي علماً وحضارة وتجارة , كل ذلك بعد منتصف القرن الأول الهجري .
عرفت تونس الجوامع العلمية مبكراً مثل جامع الزيتونة الشهير الذي بني في حوالي سنة ثمانين هجرية أي في القرن الأول ( قيل أنه نسبة لشجر الزيتون ) وأصبح أهلها من أكثر الناس نفعاً في مجال العلوم الشرعية , فظهر منها علماء الشريعة مثل الطاهر بن عاشور من المتأخرين , بل إن علم الإجماع كان ابرز علمائه في العالم هو التونسي ابن خلدون الذي لا يخفى على باحث .
فتونس إذاً إسلامية أولاً عربية ثانيا ً , مهد بطولات , ومنبع فضلاء , ودوحة فاضلة من الجامعات العريقة التي نشرت النور في العالم بأسره .
مثل أي بقعة في العالم تداول السلطة أقوام وممالك هناك فقامت حكومات ودويلات , منها دولة الأغالبة التي حكمت حوالي مئة وعشر سنوات (184- 296)ثم الدولة الفاطمية ( 296- 362) وهكذا تعاقبت الحكومات الصنهاجية ثم الحفصية حتى الخلافة العثمانية (981- 1298)
ثم قدر الله أن تضعف الدول الإسلامية عموماً وتدخل تونس تحت الحكم الفرنسي والحماية المقيتة (هـ 1398- م1881) بغطاء من ملوك ضعفاء لايملكون شيئاً(5/643)
لنفوسهم فضلاً عن أن يستطيعوا نفع أمة بأكملها !!, عرف هؤلاء الملوك باسم البايات مفرد باي .
بعد أكثر من ثمانية وسبعين سنة وبحيلة ذكية خرج الكافر الأصلي ليحل محلة الكافر المرتد ( كما أفتى بذلك جمع من علماء الإسلام فيه ) وهو المدعو الحبيب بورقيبة .
رضيت فرنسا أن يكون بورقيبة حاكماً بتمثيلية صدقها السذج من العرب سنة (1956_1375) دخلت بعدها البلد الإسلامية في موجة عارمة من التغيير والتزييف والعبث بمقدرات الأمة و الاستهتار بالشريعة الإسلامية , بل ونبذها ومحاربتها بكل وسيلة .
في تمسك ( عادي طبعاً لحكام العرب ) بالسلطة الإنتخابية التي ينص دستورها الانتخابي على أن يتولى السلطة رئيس ينتخب لمدة خمس سنوات قابلة للتجديد مرتين !!!, بعد سنوات معدودة قرر بورقيبة أن ينصب نفسه رئيساً مدى الحياة بدستور جديد ينسخ القديم وذلك سنة ( 1975).
أعلن أبو رقيبة أنه لابد من وجوب إلغاء الصيام عن العمال لأنه يقلل الإنتاجية !! وأنه لابد من خلع الحجاب في تونس لأنه يؤخر التنمية بزعمه , وفعلاً قام ( كما هو موجود في شريط فيديو بث على الشعب المقهور) بنزع الحجاب بيده القذرة أمام الملأ وهتاف المجرمين وقهر المظلومين .
منع بورقيبة الهالك صلاة الفجر للشباب , وبدأت المخابرات تلاحق من يصلي باستمرار واعتبار ذلك من الإرهاب الذي ينبغي قمعه ومحاربته .
من أخطر ما فعل أن تكلم في مؤتمر عام في سنة (1394)هـ زعم فيه أن القران متناقض ومشتمل على بعض الخرافات مع وصف النبي صلى الله عليه وسلم بأنه إنسان بسيط يسافر في الصحراء كثيراً ويستمع للخرافات البسيطة السائدة في ذلك الوقت .
كان هذا الخطاب الذي نشر على سلسلة مقالات بعد ذلك كارثة بكل المعاني المعروفة .
حتى قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في ذلك : ( وقد أفزع هذا المقال كل مسلم قرأه أو سمعه , لما اشتمل عليه من الكفر الصريح , والجرأة على الله سبحانه وتعالى وعلى رسوله من مسؤل دولة تنتسب إلى الإسلام ) الفتاوى (1/84).
بعدها أرسل عدد من علماء العالم الإسلامي برقية يطلبونه الإعتذار والدخول في الإسلام مجدداً لكنه رفض وأصر على ردته وعناده وكفره وكانت الرسالة موجهة من المشايخ :
ابو الحسن الندوي أمين العلماء في الهند ,
وعبد العزيز بن باز العالم المعروف ,
وحسنين مخلوف مفتي مصر ,
وابوبكر جومي رئيس قضاة نيجيريا ,
ومحمد أمين المصري .
ومما جاء فيها ( فالواجب عليكم المبادرة إلى التوبة والعودة للإسلام , وإلا وجب عليكم المبادرة إلى التكذيب الصريح , ونشره في العالم بجميع وسائل النشر ,(5/644)
وإعلان عقيدتكم الإسلامية ....وإن عدم التكذيب دليل على الإصرار على الردة ومثار فتن لايعلم عواقبها إلا رب العالمين ..).
وهكذا كأن لم يسمع شيئاً مع اشتعال نار الردود في صحف العالم الإسلامي , ولم يبارك مقالته إلا الشيوعيون العرب والمنافقون والمنافقات كما قال الله تعالى ( والمنافقون والمنافقات بعضهم أولياء بعض) .
في عهد هذا المأفون الهالك إمتلأت السجون بالعلماء والمصلحين ( ولازالت ), وبدأت رياح الإلحاد الصارخ تدب على وجه الأرض , وتطاولت أعناق المفسدين و وبدأت الحملة على كل ما هو شرعي وديني .
يرى بورقيبة أن سبب التخلف هو التمسك بالإسلام , ولما حارب الإسلام لم يحدث أي تقدم أصلاً , فكم دولة تقدمت مثل ماليزيا وأندونيسيا , لم تفعل مثل ما فعل . لم تحرز تونس إلى اليوم أي تميز في ناحية المخترعات والصناعات , بل على العكس تزداد الحالة سوء بسبب القهر والحصار الفكري والشرعي على الناس .
بعد هذا العناد وبسفن حربية فرنسية حملت الفارس الجديد وصل الرئيس الجديد ( علي بن زين العابدين ) وهو النائب السابق ورئيس الإستخبارات في حكومة بورقيبة , ليعلن عزل بورقيبة وطرده من الحكم لكبر سنه وعجزه عن إدارة شئون الدولة , وذلك سنة ( 1987م ) .
وبذلك بدأت مرحلة الحرب العظمى على الهوية المسلمة من جديد , وبأسلوب استخباراتي أكثر صرامة وأكثر ضراوة .
عشرات الآلاف من المساجين بحجة حب الإسلام أو تدريس الدين !!! مما جعل كثيراً منهم يخرج للدول الأخرى هرباً بدينه .
منع الحجاب وفصل كل طالبة أو معلمة في مراحل التعليم العام والعالي ترتدي الحجاب وبقوة القانون !!!.
توحيد الأذان عن طريق المسجل .!!!
توحيد خطبة الجمعة !! وتكون من الدولة !!.
الاستهتار بشعائر الدين علناً والسماح لكل شيوعي واشتراكي وملحد بقول ما يريد بحجة الحرية التي يستحقها كل أحد سوى أهل الدين الإسلامي !!.
شتم الإسلام والمسلمين , وعدم السماح بالرد على تلك التهم الفظيعة !!.
يوم الجمعة لا يوجد إجازة عمل والصلاة لا تكون إلا بعد نهاية الدوام قبل صلاة العصر بقليل .
منع صلاة الفجر للشباب إلا ببطاقة ممغنطة وتصريح من الحكومة .
بل ومن المفارقات أن الحكومة التونسية تمنع وتشدد على الحجاج بعدم سماع مواعظ الخطباء في موسم الحج في مكة وتجند الإستخبارات لذلك , وتمنع دخول الواعظين إلى مخيمات الحج التونسية , وتمنع نشر أي كتاب أو نشرة إرشادية لهم مهما كان عنوانها أو موضوعها !!!.
يسكن تونس حوالي عشرة ملايين من البشر يتمتعون بغاية الحرب على دينهم وعقيدتهم , الصلاة ممنوعة اليوم إلا ببطاقة ممغنطة !!! ( أي تدخل سافر في الحريات مثل هذا (.(5/645)
السؤال المطروح الآن :
أين منظمة الدول العربية ؟؟.
أين منظمة المؤتمر الإسلامي ؟؟ وجهودها في إيقاف هذه الحرب السافرة .
أين علماء العالم الإسلامي الذين تحركوا لقضية فتاتين في فرنسا منعا من دخول المدرسة بحجاب !!؟؟؟ .
ووزير ما يسمى بالشؤون الدينية في تونس يقول : (إن الحجاب دخيل ونشاز وغير مألوف على المجتمع التونسي ) وقد توعد قاتله الله باجتثاثه من جذوره واصفاً إياه بلباس طائفي وبغيض ... كبرت كلمة تخرج من أفواههم .
أين خطباؤنا عن نصرة المسلمين هناك ؟؟.
أين البيانات التي تستنكر وتشجب ما يحصل هناك ؟؟.
أين المسيرات التي نراها وتحركها الجماعات الإسلامية هنا وهناك لنزع حجاب فتاتين , وأمة بأكملها تتعرض لنزع الحجاب قسراً .؟؟
هل حقاً نحن أدوات للعب السياسية !!!!! .
هل نستطيع كتابة بيانات استنكار توقع من العلماء والكتاب والوجهاء قبل أن يعمنا الله بغضبه , هل نستطيع أن نبلغ سفارات دولهم استنكارنا وغضبنا من ذلك !!!!!!..... هل سيتحرك علماؤنا وخطباؤنا وكتابنا وشعراؤنا لذلك ......!!.
هل ستلحق تونس بأسبانيا وتسقط كما سقطت الأندلس ؟؟ ( أسأل الله أن يحيها ويحمي أهلها ) ...
هل سيستمر سكوتنا عن كل هذه الأمور الفظيعة هناك ..... اللهم لا تفضحنا ولا تؤاخذانا يا رب بسكوتنا عن ذلك .
ـــــــــــــــــــ
رافاران يعتبر الحجاب تحديا للانفتاح والتسامح بفرنسا
...
...
الاربعاء:04/02/2004
(الشبكة الإسلامية) الجزيره نت
الشبكة الإسلامية >> أخبار الشبكة
...
...
اعتبر رئيس الوزراء الفرنسي جان بيير رافاران أن الحجاب الإسلامي في مدارس الدولة أصبح تحديا سياسيا للقيم الأساسية الفرنسية ممثلة في الانفتاح والتسامح.
وشدد رافاران لدى تقديمه مشروع قانون للجمعية الوطنية بحظر الرموز الدينية في المدارس الحكومية أمس الثلاثاء على ضرورة فرض حظر على ارتداء الحجاب في الفصول الدراسية الحكومية.
وقال رافاران إن "علامات دينية معينة بينها الحجاب الإسلامي تتكاثر في مدارسنا، إنها تكتسب طابعا سياسيا والبعض يريد أن يعرف إلى أي مدى يمكن أن يذهب، واليوم نعطيهم ردنا". وأضاف أن الجماعات التي تتحدى مبادئ الحرية والمساواة(5/646)
بالمجتمع الفرنسي يجب ألا تكون مصدر تهييج في الفصول الدراسية التي تستهدف دمج جميع المواطنين.
ورفض رافاران حجج المسلمين واليهود بأن غطاء الرأس فرض ديني وأن الحظر سينتهك حقهم في حرية العقيدة. وقال "الدين لا يمكن أن يكون مشروعا سياسيا".
وبعدما عجل بطرح المشروع على الجمعية الوطنية قبل الانتخابات المحلية التي ستجري الشهر القادم ردد رافاران نفسه شكوكا سبق أن عبر عنها أنصار الحظر بشأن مدى مساهمة حظر الحجاب في حل المعضلة الكبرى المتعلقة بدمج خمسة ملايين مسلم في المجتمع الفرنسي.
وقال رافاران إن الحكومة ستقدم قريبا مشروع قانون يؤكد على مبادئ العلمانية في المستشفيات العامة حيث يرفض بعض المسلمين تلقي العلاج على أيدي شخص من الجنس الآخر. كما ستكثف الحكومة جهودها لمحاربة التمييز بين الجنسين والتمييز في الوظائف.
وافتتح رافاران أربعة أيام من المناقشات بشأن مسودة القانون الذي يستهدف أساسا وقف تنامي النفوذ الإسلامي في المدارس، وإن صيغ بحيث يحظر الحجاب الإسلامي والقلنسوة اليهودية والصلبان الكبيرة.
ومن المتوقع أن توافق الجمعية الوطنية على القانون بسهولة عندما يطرح للتصويت في العاشر من فبراير/ شباط.
من جهته حرص جاك بارو زعيم الكتلة البرلمانية لحزب الاتحاد من أجل الحركة الشعبية الذي يتزعمه الرئيس جاك شيراك في الجمعية الوطنية على تذكير النواب بأن الدور المتنامي للإسلام السياسي في المدارس أدى إلى رفض التلاميذ بشكل متزايد تلقي دروس عما يسمى بالمحرقة.
احتجاجات
وفي محاولة منه لتخفيف نتائج القانون المرتقب قدم اتحاد المنظمات الإسلامية الفرنسية مناشدة أخيرة بالسماح للتلميذات المسلمات الملتزمات بوضع منديل رأس بسيط أو ربطة شعر إذا منعن من ارتداء الحجاب الطويل الذي يغطي الرقبة والأكتاف.
واحتجاجا على مشروع القانون دعا عضو جمعية الشباب الفرنسي المسلم شريف بودوح المواطنين الفرنسيين مسلمين وغير مسلمين إلى تنظيم تظاهرة احتجاجية اليوم الأربعاء أمام مبنى البرلمان الفرنسي.
وقال بودوح في حديث مع الجزيرة إن ارتداء الحجاب لا يتعارض ومبادئ الجمهورية والعلمانية.
وفي لندن نظمت الرابطة الإسلامية ومنظمة المرأة المسلمة في بريطانيا مظاهرة أمام السفارة الفرنسية احتجاجا على توصية الرئيس الفرنسي بمنع الحجاب في المدارس والمؤسسات الحكومية الفرنسية.
ويخشى المسلمون في بريطانيا من أن تنتقل عدوى التوصية الفرنسية إلى دول أوروبية أخرى.
ـــــــــــــــــــ(5/647)
فرنسا والحجاب .. إنهم أناس يتطهرون !!
...
...
الاثنين :19/01/2004
(الشبكة الإسلامية) د .حلمى محمد القاعود ( بتصرف يسير )
الشبكة الإسلامية >> المركز الإعلامي >> الأسرة >> تحرير .. أم تغرير
...
...
كان قوم لوط من الشواذ ، يمارسون الفحشاء مع أمثالهم من الرجال ، وعدوا الشذوذ هو الأصل ، والطهارة هى الاستثناء ، ولذا حاربوها وحاربوا الداعين إليها ، وعلى رأسهم سيدنا لوط عليه السلام ، وكانت تساعدهم فى حربهم ضد الطهارة زوجه التى كانت تنقل أخباره إلى قومه ،وكانت نهاية هؤلاء القوم طبيعية حين انقلبت بهم الأرض فصار عاليها سافلها ، ومعهم زوج لوط ، الذى أنجاه الله ومن آمن به .
وقد وردت قصة لوط وقومه فى أكثر من سورة على امتداد القرآن الكريم ، وأكدت القصة دائما على النهاية التى يستحقونها وهى التدمير بخسف الأرض وإمطارهم بحجارة من سجيل لقد وردت القصة فى سور منها :هود ،والحجر ،والأنبياء ،والشعراء ،والعنكبوت .والنمل ،والصافات ،وسأكتفى بإيراد آيات سورة النمل لكشف التفكير المعوج الذى يجادل به قوم لوط ، مع أنهم كانوا أصحاب عقل وبصر : (ولوطاً إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون .أئنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم تجهلون .فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم ،إنهم أناس يتطهرون .فأنجيناه وأهله إلا امرأته قدرناها من الغابرين .وأمطرنا عليهم مطرا فساء مطر المنذرين) (النمل:54-58).
وتكشف الآيات أن قوم لوط أصروا على شذوذهم وإجرامهم ،وكان ردهم على الاستفهام الإنكارى التوبيخى من جانب لوط عليه السلام هو طلب إخراج لوط ومن معه لأنهم أناس يتطهرون ، الطهارة والعفة والنقاء مسوغات الطرد من الديار عند الشواذ والمنحرفين ..
معاناة المسلمين في فرنسا
وهذه المسوغات بعينها هى ما يرفعه الصليبيون الاستعماريون المتعصبون فى فرنسا ضد المسلمين ، دع قضية الحجاب جانبا ، وانظر إلى مجمل ما يعانيه المسلمون من تمييز عنصرى بشع وكريه فى أرجاء البلاد الفرنسية ،مع أنهم يمثلون القوة الثانية بعد الكاثوليك ،ويبلغ عددهم أكثر من خمسة ملايين مسلم ،منهم ثلاثة ملايين يحملون الجنسية الفرنسية ،والباقى من المقيمين الذين قضوا فترات طويلة هناك فلا يوجد وزير مسلم واحد فى فرنسا ،ولا يوجد مسئولون مسلمون فى الإدارات الفرنسية حتى المستويات الدنيا ..والمسلمون يسكنون غالبا فى الأحياء الفقيرة ،ويعيشون مستوى اقتصاديا أقل من اليهود والكاثوليك ..ومع ذلك فهم يخدمون الدولة الفرنسية بإخلاص ، ويعطونها جهدهم وعمرهم ، ويأبى عليهم المتعصبون أن يكون لهم وجود إنسانى أو كيان محترم ..بل يريدونهم عبيدا بلا دين ولا عقيدة ولا ثقافة ولا هوية !.(5/648)
الحجاب يقضي على النظام الجمهوري!!
إن فرنسا تمتلئ بالنساء العاريات والداعرات والمدمنين والشواذ والإباحيين ، ولكن ذلك لا يشغلها ولا يمثل لها مشكلة خطيرة ، فقط يشغلها استراتيجيا وقوميا حجاب المرأة الفرنسية المسلمة الذى يعلن من وجهة نظرهاعن هوية صاحبتها الإسلامية ..صار الحجاب علامة وشارة لدى فرنسا المتعصبة الظلامية ،وليس جزءا من العقيدة الإسلامية التى تلزم المرأة بالطهارة والعفة والنقاء ..ويجب التخلص من هذه الشارة وتلك العلامة لأن ذلك يخل بالمعادلة العلمانية ويقضى على النظام الجمهورى ؟!.
مشابهة بين منطقين
ولا ريب أن المشابهة قائمة بين قوم لوط فى منطقهم المعوج ضد المتطهرين ،و المتعصبين الفرنسيين ضد الحجاب ،وكلا الطرفين يملك عقلا وبصرا وعلما وفقها ،ولكن الشذوذ والتعصب ضربا بظلامها على الجميع ،وإذا كان قوم لوط قد نالوا جزاءهم قديما ،فلا أظن المتعصبين الفرنسيين سيفلتون من العقاب الإلهى قريبا أو بعيدا.. وصدق الله إذ يقول " وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا " الكهف ، فالظلم هو سبب الهلاك ومقدمته فى كل مكان وزمان !.
ليست قضية حجاب
القضية فى كل الأحوال ليست قضية الحجاب ، وإن كان الحجاب جزءا منها ، إنها قضية الإسلام الذى يكرهه الصليبيون المتعصبون ، ويحاربونه ليل نهار ، ويحققون انتصارات عظيمة ( في هذا المضمار ) .. .. ومع كل هذه الانتصارات الصليبية الاستعمارية ، فإنهم يخافون الإسلام والمسلمين ،لأن قيمه ضد طموحاتهم الشريرة وغاياتهم العدوانية وسلوكهم الإجرامى ضد الآخر استعمارا ونهبا وإذلالا واستعبادا .
المفارقة!!
والمفارقة أن الإسلام ينتشر فى عقر دارهم ،وبين أبنائهم الذين يهديهم الله تعالى إلى التعرف عليه وعلى مبادئه وتشريعاته ، وقد كثر القول مؤخرا عن دخول عدد كبير من الأوربيين والأمريكان إلى الإسلام عقب أحداث سبتمبر (2001) الغامضة ،التي اتهم المسلمون بتدبيرها ،حيث تهافت عدد كبير من أهل أوربا وأمريكا على شراء نسخ القرآن الكريم ومحاولة التعرف على ما فيه وكانت النتيجة إسلام بعضهم ، وتحجب نسائهم المسلمات ،مما أثار ذعرا وقلقا فى دوائر المتعصبين الصليبيين الظلاميين الذين مازالوا يعيشون بمنهج بطرس الحافى !!.
والمسيحية أبعد ما تكون عن الصليبية الاستعمارية ،ولقد اتخذ الاستعماريون الهمج من الصليب شارة وعلامة على المسيحية ،وهم يذبحون ويقتلون المسلمين والنصارى على السواء( الحملة الصليبية الثالثة توجهت إلى بيزنطة بدلا من القدس ،فأعملت فى أهلها النصارى قتلا وتشريدا ونهبا مما تقشعر له الأبدان).
وهو ما يكرره الصليبيون المعاصرون فى هيستريا لا تقل خطورة عن الهيستريا الصليبية القديمة ، حين يرون فى الحجاب تدل على تمدد الإسلام داخل المجتمع الصليبى الاستعمارى ،وهو ما يضعه الاستراتيجيون الغربيون تحت دائرة الضوء والتشريح لمعرفة مستقبله وتأثيره على المعادلة الاجتماعية والثقافية والسياسية فى(5/649)
الغرب ،كما يرى بعض الباحثين .إن الإسلام اليوم وهو حاضر المسلمين دائما فى الشارع الأوروبى يجعل الأوربيين يتساءلون دائما عن الإسلام ، وعن أولئك القوم الذين يتطهرون بالحجاب والعفة والنقاء ولا ينضوون تحت لواء الإباحية أو الإدمان أو الشذوذ ..وهذا ما تراه الحكومات الاستعمارية المتعصبة خطرا على وجودها فى المدى القريب أو البعيد .. ومهما يكن من أمر ،فإن الحملة المسعورة ضد الحجاب لن تزيد المسلمين إلا تمسكا بدينهم وحرصا عليه ودفاعا عنه وانتماء إليه ، والله غالب على أمره.
ـــــــــــــــــــ
موجة التقليد والتشبه وأصالة المسلمين وصحوتهم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صلي وسلم عليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين وعلى آل محمد الطيبين، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً .
أما بعد : فأوصي نفسي وإياكم معاشر المسلمين بتقوى الله استجابة لأمر ربكم ((يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ )) (التوبة:119)
(( يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)) (آل عمران:102).
إخوة الإسلام : ومع ظاهرة التدين العالمية التي لم تعد قصراً على المسلمين وحدهم تجتاح العالم الإسلامي موجةٌ من التقليد الأبله والتشبه المذموم، ويكادُ أفرادٌ وجماعاتٌ من المسلمين أن يفقدوا هويتهم الإسلامية، وتذوب شخصياتُهم في شخصيات الآخرين فالهيئة يُداخلها التشبهُ بالكافرين إذ يُحلق ما حقُّهُ الإعفاءُ ويُعفى ما حقه الإحفاء في الشرع المطهر، قال عليه الصلاة والسلام: (( أَعْفُوا اللِّحَى، وجزوا الشَّوَارِبَ ، وَغَيِّرُوا شَيْبَكُمْ وَلا تَشَبَّهُوا بِاليَهُودِ وَالنَّصَارَى))[1].
والملبسُ يطغى عليه الإسبالُ المحرم، أو تبدوا لقصرِه العورةُ المأمور بسترها، أو يُفصَّلُ على هيئة لباس غير المسلمين فتدعو المشابهة شكلاً إلى عدم المخالفة في الأمور الأخرى، والزينة فيها تعدٍ وتجاوزٌ فالذهبُ يتختم به بعض أبناء المسلمين، ومعلومٌ نصوصُ الشرع في تحريم لبس الذهب للرجال وإباحته للنساء بشكل عام، وفيما يخص التختم: (( رَأَى رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم خَاتَماً مِنْ ذَهَبٍ فِي يَدِ رَجُلٍ فَنَزَعَهُ وَطَرَحَهُ وَقَال : يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ إِلى جَمْرَةٍ مِنْ نَارٍ فَيَجْعَلُهَا فِي يَدِهِ ، فَقِيل لِلرَّجُلِ بَعْدَ مَا ذَهَبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم خُذْ خَاتِمَكَ انْتَفِعْ بِهِ ، قَال : لا وَاللهِ لا آخُذُهُ أَبَداً وَقَدْ طَرَحَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ))[2].
وهكذا يكون التأسي وكذلك يكون الإتباع .
والأمرُ أدهى وأمر .. وفي مضمار التميع وغياب العزِّة والهوية الإسلامية حين يُحتفي بالكفار ويُقدّر الفُجَّار ويُستهانُ بالمسلمين ويُتهم الأخيار ، وكل ذلك خلافُ هدي الإسلام، قال عليه الصلاة والسلام : ((لا تَبْدَءُوا اليَهُودَ وَالنَّصَارَى بِالسَّلامِ ، وَإِذَا لقِيتُمْ أَحَدَهُمْ فِي الطَّرِيقِ فَاضْطَرُّوهُ إِلى أَضْيَقِهِ))[3].(5/650)
وأخطرُ من ذلك مشاركتهم في أعيادهم وحضورُ احتفالاتهم وتهانيهم بمناسباتهم التي لم يُنْزل الله بها من سلطان، قال تعالى في صفات عباد الرحمن :((وَالذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ)) (الفرقان: من الآية72).
قال مجاهدٌ والربيعُ بن أنسٍ والقاضي أبو يعلى والضحاك -في تفسيرها- : إنها أعيادُ المشركين [4].
وعن أنس رضي الله عنه قال: (( قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ( المَدِينَةَ ) وَلهُمْ يَوْمَانِ يَلعَبُونَ فِيهِمَا ، فَقَال : مَا هَذَانِ اليَوْمَانِ؟ قَالُوا : كُنَّا نَلعَبُ فِيهِمَا فِي الجَاهِلِيَّةِ ، فَقَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : إِنَّ اللهَ قَدْ أَبْدَلكُمْ بِهِمَا خَيْراً مِنْهُمَا يَوْمَ الأَضْحَى وَيَوْمَ الفِطْرِ ))(رواه أبو داود وأحمد والنسائي على شرط مسلم ) [5]
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - يرحمه الله-: ((والمحذورُ في أعياد أهل الكتابين التي نقرّهم عليها أشدُّ من المحذور في أعياد الجاهلية التي لا نقرهم عليها، فإن الأمة قد حُذِّروا مشابهة اليهود والنصارى وأُخبروا أن سيفعلُ قومٌ منهم هذا المحذور بخلاف دين الجاهلية فإنه لا يعود إلاّ في آخر الدهر عند اخترامِ أنفسِ المؤمنين عموماً، ولو لم يكن أشدَّ منه فإنه مثلُه على ما لا يخفى، إذ الشرُّ الذي له فاعلٌ موجود يُخافُ على الناس منه أكثرُ من شرٍّ لا مُقتضى له قوي )) [6]
أما الفاروق عمرُ رضي الله عنه فقد قال: (( إياكم ورطانة الأعاجم، وأن تدخلوا على المشركين يومَ عيدهم في كنائسهم فإن السخطة تنْزل عليهم))[7].
وفي سبيل التشبه الظاهري بالكافرين تأكلُ وتشربُ فئامٌ من المسلمين بالشمال وكأن الأمر عادةٌ من العوائد ليس فيها ملام، والمصطفى صلى الله عليه وسلم يُحذر من هذا ويقول: ((لا تَأْكُلُوا بِالشِّمَالِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِالشِّمَالِ)) [8].
وتُستبدل تحيةُ الإسلام ( السلامُ عليكم ) بأنواع من التحايا لا تبلغُ في كمالها ولا في حسنها مبلغَ تحيةِ أهلِ الإسلام هذا فضلاً عن أجر هذه، ووزر تلك إذا قُصد بها التشبهُ بالكافرين بل ويُنهى المسلمون عن مشابهة غير المسلمين في هيئة السلام .
أمة الإسلام : ومع خطورة هذه المشابهات الظاهرية ومثيلاتها وما فيها من تبعية للكفار، فالأمرُ أعظمُ وأخطرُ حين يتجاوز ذلك إلى التشبه في الباطن، فلا يقف الأمرُ عند حدود المحسوسات مع خطورتها بل ويشمل المعنويات، ويأتي على القيم وأنماط التفكير، ويشيع التقليدُ في القضايا الخطرة، وجوانب الحياة الأساسية، فثمة مسلمون يفكرون بعقلية غير إسلامية، وثمة كُتابٌ منتسبون إلى الإسلام وكتابتهم ليست من الإسلام في شيء !!
وما أخطرَ التعليم حين تجري مناهجهُ في بلاد المسلمين على وفق مناهج غير المسلمين، فتنشأ ناشئة المسلمين ضائعة الهوية مسلوخة العقيدة الحقة مفتونةً بقيم وحضارات الكافرين .
وليس أقلَّ خطراً منه الإعلامُ حين تُسير قنواتهُ المختلفة محاكيةً لإعلام غير المسلمين، فتضيُع الحقيقة وتُرتهنُ الكلمة الصادقة، ويروجُ الخداعُ والنفاق، ويغيبُ فيه الدفاعُ عن قضايا المسلمين، ويُمجد من لا يستحق التمجيد، وتسوّدُ الصفحات بتوافه الأمور وسواقط الأخبار، وما أعظم الخطبُ في مجال الاقتصاد إذا نسي المسلمون أو تناسوا زواجر القرآن عن أكل المال الحرام فساد الربا وانتشر الاحتكار(5/651)
ومورس القمار وكان الغشُّ في البيع والشراء، وشابه المسلمون الكفار في سياساتهم الاقتصادية المحرمة، وأعلنوا الحرب صراحةً مع الله إذ لم يسمحوا بانتشار الاقتصاد الإسلامي النَزيه أو ضيقوا عليه الخناق وكم هو مصابٌ إذا نحيت شريعةُ السماء عن الحكم في الأرض واستبدلت بالقوانين البشرية المستوردة من الكافرين .
وما أشدَّ البلية حين يُقلّدُ المسلمون غيرهم في بناء المساجد والقباب على القبور أو يُطاف بها أو يستشفع بأصحابها، وتلك من عوائد اليهود والنصارى التي نُهي عنها المسلمون قال عليه الصلاة والسلام : (( لعَنَ اللهُ اليَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ)) [9]
وفي الحديث الآخر: ((أَلا وَإِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلكُمْ كَانُوا يَتَّخِذُونَ قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ وَصَالِحِيهِمْ مَسَاجِدَ، أَلا فَلا تَتَّخِذُوا القُبُورَ مَسَاجِدَ إِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ ))[10].
عباد الله : ولم تكن المرأة المسلمة بمعزل عن هذا التقليد الأبله والتشبِّه المذموم وإن شابك شكٌّ فألق نظرةً فاحصةً على عدد من حواضر العالم الإسلامي، ومسيرة المرأة ونمطِ حياتها، وسيهولك الأمر في الشكل والهندام وسيقضُّ مضجعك الاختلاطُ المحموم، والسفورُ المستهتر وتنفطر أكبادُ الغيورين لركض المرأة وراء أحدث الموديلات والموضات، ومسارعتِها الخطا لتقليد الكافرات، وأصبحت المرأة هدفاً لتوصيات المؤتمرات العالمية وضحية تخطيط المنظمات المعادية، ولم يعد في الأمر سرُّ أو استحيا، وكأن المسلمين كلٌّ مباحٌ ورعايا سائبة يحتاجون إلى رعاةٍ وتُفرض عليهم الوصايةُ، ويتنازع الغربُ والشرقُ في الإشراف على برامجهم وتصدير البضائع إليهم ؟!
أجل لقد صدقت فينا معاشر المسلمين نبوءة محمد صلى الله عليه وسلم حين قال: (( لتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلكُمْ شِبْراً شِبْراً ، وَذِرَاعاً بِذِرَاعٍ حَتَّى لوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ، قُلنَا يَا رَسُول اللهِ : اليَهُودُ وَالنَّصَارَى ؟ قَال : فَمَنْ )) [11]
يا ويح أمة محمد صلى الله عليه وسلم كيف استساغت التبعية بعد القيادة ؟ وكيف رضيت بمحاكاة التائهين وهي المؤهلةُ لإصلاح فساد الأمم أجمعين ؟ وكيف قبلت أن تشهد عليها الأممُ بذلِّ التبعية وضحالة التفكير، وضعف الانتماء، والارتماء في أحضانِ الآخرين، وهي الأمةُ الوسطُ التي جعلها الله شاهدةً على الناس بمحكم التنْزيل: (( وَكَذَلِكَ جَعَلنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَليْكُمْ شَهِيداً )) (البقرة: من الآية143).
وتستمر عدالتُها وتقبل شهادتُها على الأمم المكذبة يوم الدين تأملوا هذا النصَّ وما فيه من العبرة لعلكم تذكرون، أخرج الإمام البخاري في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( يَجِيءُ نُوحٌ وَأُمَّتُهُ فَيَقُولُ اللهُ تَعَالى : هَل بَلغْتَ ؟ فَيَقُولُ : نَعَمْ أَيْ رَبِّ ، فَيَقُولُ لأُمَّتِهِ : هَل بَلغَكُمْ ؟ فَيَقُولُونَ : لا مَا جَاءَنَا مِنْ نَبِيٍّ ، فَيَقُولُ لِنُوحٍ مَنْ يَشْهَدُ لكَ : فَيَقُولُ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم وَأُمَّتُهُ فَتشْهَدُ أَنَّهُ قَدْ بَلغَ وَهُوَ قَوْلُهُ جَل ذِكْرُهُ : (( وَكَذَلِكَ جَعَلنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلى النَّاسِ))))[12].
فهل تدركُ الأمةُ حقيقة موقعها وطبيعة تميزها، وضخامة دورها وتفيء إلى أصالتها وتعتِّز بقيمها ؟(5/652)
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (( وَلا تَرْكَنُوا إِلى الذِينَ ظَلمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ)) (هود:113).
نفعني الله وإياكم بهدي كتابه.
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية
الحمد لله ربِّ العالمين أحمده تعالى وأشكره وهو للحمد أهل، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبدهُ ورسوله وخيرته من خلقه، اللهم صلِ وسلم عليه وعلى سائر المرسلين .
أما بعد : فعباد الله: فحتى تتضح الصورةُ وتتبين الحكمةُ من مخالفة أصحاب الجحيم، وعدم التشبه بالكافرين أسوق لكم عدداً من أدلةِ الكتاب والسنةِ ومدلولاتِها في النهي والتحذير من ذلك، إذ كان ذلك من تكاليف هذه العقيدة الربانية التي ندينُ بها ونؤمن بمنْزلها .
يقول تعالى مخاطباً رسوله صلى الله عليه وسلم ليبلغ أمته: (( ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الذِينَ لا يَعْلمُونَ* إِنَّهُمْ لنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللهِ شَيْئاً وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ )) (الجاثية:18-19).
يقول في تفسيرها شيخُ الإسلام ابنُ تيمية - رحمه الله -: (( جعل اللهُ محمداً صلى الله عليه وسلم على شريعة من الأمرِ شرعها له وأمره باتباعها ونهاه عن اتباع أهواء الذين لا يعلمون، ويدخل في الذين لا يعلمون كلُّ من خالف شريعتَه، وأهواءهم: هي ما يهوونه ولو فرض أن الفعل ليس من اتباع أهوائهم فلا ريب أن مخالفتهم في ذلك أحسمُ لمادة متابعتهم في أهوائهم، وأعونُ على حصولِ مرضاةِ الله في تركها [13]
وقال تعالى: ((وَلنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدَى وَلئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ))(البقرة:120).
فانظر كيف قال في الخبر ((ملتهم)) وقال في النهي: ((أهواءهم)) لأن القوم لا يرضون إلا باتباع الملةِ مطلقاً، والزجرُ وقع عن اتباع أهوائهم في قليل أو كثير [14]
معاشر المسلمين : وتأملوا في حادثة تغيير القبلة حينما هاجر النبيُ صلى الله عليه وسلم وصحبهُ من المدينة - وكان بها يهود - وتوجيه القرآن للمسلمين في قوله تعالى: ((وَلئِنْ أَتَيْتَ الذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلةَ بَعْضٍ وَلئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذاً لمِنَ الظَّالِمِينَ)) إلى قوله تعالى: ((وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَليْكُمْ حُجَّةٌ...) (البقرة: 145-150).
فلقد استمر النبيُ صلى الله عليه وسلم في الاتجاه بصلاته نحو بيت المقدس ستة عشر شهراً )) [15](5/653)
ولاشك أن هذا التوجيه لقي رغبةً وترحيباً من اليهود إذ يوافقهم النبيُ صلى الله عليه وسلم في قبلتهم، وربما استغلوا ذلك وقالوا: (يخالفنا محمد ويتبع قبلتنا) [16]
وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يتطلع إلى الوحي ويرغب التوجه إلى الكعبة عودة إلى قبلة إبراهيم عليه السلام، ورغبةً في تميز المسلمين بقبلتهم عن اليهود، فنَزل الوحيُّ مبيناً هذه الرغبة ومحقاً للحق ومستجيباً لنبيه ومميزاً للمسلمين عن غيرهم وكاشفاً لأهواء واعتراض السفهاء من الناس: ((قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ ليَعْلمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ)) (البقرة:144).
قال غيرُ واحد من السلف في حكمة تغير القبلة : لئلا يحتج عليكم اليهودُ بالموافقةُ في القبلة فيقولوا: قد وافقونا في قبلتنا فيوشكُ أن يوافقونا في ديننا فقطع الله بمخالفتهم في القبلة هذه الحجة، قال العلماء: ((وهذا المعنى ثابتٌ في كل مخالفة وموافقة فإن الكافر إذا أُتبع في شيء من أمره كان له من الحجة مثل ما كان - أو قريبٌ مما كان - لليهود من الحجة في القبلة )) [17].
ولم يقف الأمر عند حدود النهي بل أشارت آياتُ القرآن وأحاديثُ المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى أن من اتبع الكافرين وقلدهم فهو منهم ومصيرُهم مصيرهم قال تعالى: (( وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُول مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً )) (النساء:115).
((يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ))(المائدة:51).
وقال عليه الصلاةُ والسلام: (( من تشبه بقوم فهو منهم )) [18]،
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: (( إسناده جيد، وأقلُّ أحواله أنه يقتضي تحريم التشبِّه بهم، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبِّه بهم كما في قوله تعالى: ((وَمَنْ يَتَوَلهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ)).
إخوة الإيمان : إن من لوازم العقيدة الحقة الولاء والبراء، ويكون الولاءُ للمؤمنين والبراءُ من الكافرين، قال تعالى: ((إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالذِينَ آمَنُوا)) (المائدة: من الآية55).
ولا حجة لمن قال: إن الولاء في القلب ولا تضرُ المشابهة في الظاهر مع الكره لهم باطنا ً.
قال شيخ الإسلام في كتابه القيم: (( اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم،وهو كتاب قيمٌ نافعٌ في هذا الباب: والموالاةُ والمودة وإن كانت متعلقةً بالقلب، لكن المخالفة في الظاهر أعونُ على مقاطعة الكافرين ومبايينهم)) . [19].
إلى أن قال: ولهذا كان السلف رضي الله عنهم يستدلون بهذه الآيات على ترك الاستعانة بالكافرين في الولايات، فروى الإمامُ أحمدُ بإسناد صحيح عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قلت لعمر رضي الله عنه : إن لي كاتباً نصرانياً، قال مالك: قاتلك الله، أما سمعتَ الله يقول: ((يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ)) (المائدة:51).(5/654)
ألا اتخذت حنيفاً ؟ قال: قلت: يا أمير المؤمنين: لي كتابتهُ وله دينهُ، قال ( عمر ): لا أكرمهم إذ أهانهم الله ولا أعزّهم إذا ذلهم الله، ولا أدنيهم إذ أقصاهم الله [20]، وأشار المحقق إلى عدم وجوده له في المسند ( أبي موسى ).
ويقول ابن القيم - رحمه الله - : (( إن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن التشبه بأهل الكتاب في أحاديث كثيرة، وسرُّ ذلك إن المشابهة في الهدْي الظاهر ذريعةٌ إلى الموافقة في القصد والعمل )) [21]
معاشر المسلمين : والنصوص في هذا كثيرة، وتعليلاتُ العلماء في النهي عن التشبه بالكافرين مقنعة ومبسوطةٌ ومن رام المزيد فليرجع إليها في مظانها، وإنما أردت الذكرى لمن كان له قلبٌ أو ألقى السمع وهو شهيد .
ومع هذه الموجة العارمة في التشبه بالكافرين في عالمنا الإسلامي في معظم مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والعلمية والإعلامية وسلوكيات الناس وعوائدهم الاجتماعية إلا أن من الإنصاف أن نقول: إن هذه وتلك من ركام الماضي ومن مخلفات الاستعمار والمستعمرين، ولئن بقي في المسلمين من لا يزال سادراً في غيِّه مخدوعاً بمشابهة الكافرين وتقليدهم وموالاتهم، فثمة صحوةٌ إسلاميةٌ نشطةٌ تسري في أوساط المسلمين، وثمة وعي وشعور بالعزة الإيمانية لدى الشعوب المسلمة تنتظم الرجال والنساء، لقد بدأ الإسلام يستيقظ في النفوس وبات واضحاً تململ المسلمين من واقعهم المشين وكرههم لأعداء الدين ومعرفتهم بمخططات المستعمرين، ولم تقف حدودُ هذه الصحوة عند قطر دون آخر، ولم تكن في العرب دون العجم، ولا في الشرق دون الغرب، إنها شمسُ الحقيقة بدأ إشراقها وسيعم الخافقين بإذن الله نورُها.
ليس هذا كلاماً عاطفياً يقال، ولا مجرد أحلام لا يرى الناسُ لها مقاماً بل هي الحقيقة يشهد بها العدوُّ قبل الصديق، ويتآمر الكافرون ويخططون لاقتلاع الشجرة قبل أن توتي ثمارها... فتعقد المؤتمرات، وتفتح الملفات وتقترح الوسائل والخطط لمكافحة ما يسمى بالإرهاب والتطرف والأصولية، ونورُ الله قادمٌ لا محالة، والإسلام الحقُّ هو الديانة المؤهلة لقيادة العالم قيادةً عادلة، ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون ولو كره المشركون .
ومن أواخر ما سمع العالمُ ما يحدث اليوم في تركيا ربيبة الاستعمار، ورائدةُ العلمنة في ديار المسلمين، والتي مكث المجرمون في تغيير هويتها ردحاً من الزمن، حتى أعلن استبدال العربية بحروف لاتينية، ومنع الحجاب رسمياً، وأعلنت القوانين الكافرة لتحكم في البلاد قسراً... ومع هذا التغريب والتحدي السافر، بقي الإسلامُ محفوظاً في قلوب الأتراك المسلمين، وبقيت الأصالة رصيداً مدفوناً في الصدور، حتى إذا أُتيحت الفرصة تفاجأ العالمُ كلُّه بالتصويت لحكم الإسلام، وفوز حزب الرفاة الإسلامي وسحقه للأحزاب العلمانية الأخرى، وعادت العلمانية تندب حظهَّا، والكفارُ العلمانيون يجرون أذيال الهزيمة وتهاوي الصنم الوهمي، وأُحبطت القوى العالمية وزادت من تخوفها من الإسلام والمسلمين، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون اللهم هيئ للمسلمين من أمرهم رشداً، اللهم وأجمع كلمتهم على الحقِّ والهدى، اللهم عليك بأعداء الدين اللهم وأحصهم عدداً وأقتلهم بدداً ولا تبقِ على الأرض منهم أحداً، هذا وصلوا وسلموا على المبعوث رحمة للعالمين .(5/655)
[1] رواه أحمد بسند صحيح ( صحيح الجامع الصغير 1/352).
[2] أخرجه مسلم (2090)، جامع الأصول 4/716).
[3] رواه أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي، انظر: صحيح الجامع الصغير 6/128).
[4] ابن تيمية، اقتضاء الصراط المستقيم ص181
[5] أبو داود كتاب الصلاة 675ح 1134، الولاء والبراء للقحطاني / 331 .
[6] الاقتضاء 1/435-436 .
[7] رواه أبو الشيخ الأصبهاني، والبيهقي بإسناد صحيح، الولاء والبراء 332، والاقتضاء 1/428 بدون لفظة: "فإن السخطة تنْزل عليهم .
[8] رواه ابن ماجة بسند صحيح، صحيح الجامع الصغير 6/126
[9] رواه مسلم 1/377، الاقتضاء 1/298 .
[10] رواه مسلم، السابق 1/297
[11] رواه البخاري 13/300 ح7320، ومسلم 4/2054، ح2669 .
[12] الصحيح مع الفتح 6/371
[13] اقتضاء الصراط المستقيم 1/85، 86 .
[14] الاقتضاء 1/87 .
[15] صحيح البخاري مع الفتح 1/95، ومسلم 1/374، السيرة النبوية الصحيحة للعمري 2/349
[16] نسبه العمري إلى مجاهد ومال إلى تصحيحه، السيرة النبوية الصحيحة 2/351
[17] ابن تيمية الاقتضاء 1/88 .
[18] رواه أحمدُ وأبو داود .
[19] 1 / 163.
[20] الاقتضاء 1/164، 165
[21] إعلام الموقعين 3/140 .
ـــــــــــــــــــ
العفة ركن المروءة وطهارة المجتمع
...
...
الاحد :11/01/2004
(الشبكة الإسلامية) ماهر السيد
الشبكة الإسلامية >> المركز الإعلامي >> أخلاق وتزكية >> الأخلاق >> محاسن الأخلاق
...
...
قديمًا قال بعض أعداء الأمة: كأس وغانية يفعلان في تحطيم الأمة المحمدية أكثر مما يفعله ألف مدفع؛ فأغرقوها في حبِّ المادة والشهوات.(5/656)
وقد حذر نبي الرحمة صَلى الله عليه وسلم من خطر فتنة النساء: "ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء". وقد كان علاج القرآن لهذه الفتنة أبدع العلاجات؛ إذ سدَّ الإسلام كلا لذرائع وأغلق كل الأبواب التي يمكن أن يصل منها الشر إلى المسلم فيوقعه في الفاحشة، أو يفتنه بالمرأة.
لقد حرم الشرع الزنا، وسدَّ كل الطرق الموصلة إليه، وكان من الوسائل التي حفظ بها الشرع المسلمين أفرادًا ومجتمعات من خطورة الفواحش، حثهم على العفة وترغيبهم في التحلي بها.
ونقصد بالعفة هنا: الكفَّ عن الحرام في هذا الجانب جانب النساء. فهي إذن خلق إيماني رفيع يعود على صاحبه بالخير في الدنيا والآخرة.
قال ابن القيم رحمه الله: "إن للعفة لذة أعظم من لذة قضاء الوطر، لكنها لذة يتقدمها ألم حبس النفس، ثم تعقبها اللذة، أما قضاء الوطر فبالضد من ذلك".
*غض البصر عفة:
إن إطلاق البصر إلى ما حرم الله من أعظم أسباب الوقوع في الفواحش، ولهذا أمر الله بغض البصر: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) [النور:30]، ولما سئل النبي صَلى الله عليه وسلم عن نظر الفجأة قال: "اصرف بصرك". فمن غض بصره عف فرجه.
حجاب المسلمة عفة وطهارة ونقاء:
إن الآيات التي تدعو إلى الحجاب هي في الحقيقة تدعو إلى الغفاف وتحض عليه ، قال الله تعالى: (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ) [الأحزاب:53]. وقال: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ) [الأحزاب:59]، وهكذا نجد أن حجاب المرأة المسلمة بالإضافة إلى كونه صيانة لها فهو وسيلة من وسائل إشاعة العفة والفضيلة في المجتمع.
عفة الفرج سبيلك إلى الجنة:
قال الله تعالى في وصف المؤمنين المفلحين أهل الجنة: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) [المؤمنون:5- 11].
وقال النبي صَلى الله عليه وسلم: "سبعة يظلهم الله في ظله ...". منهم: "رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله". وقال صَلى الله عليه وسلم: "من يضمن لي ما بين رجليه وما بين لحييه أضمن له الجنة".
العفة نجاة من المهالك:
ففي حديث الثلاثة الذين انسد عليهم باب الغار فتوسلوا إلى الله بصالح أعمالهم توسل أحدهم بعفته وتركه الزنا مع قدرته عليه ففرج الله عنهم.
المبادرة إلى الزواج:(5/657)
إن من أهم أسباب العفة الزواج، ولهذا حثَّ النبي صَلى الله عليه وسلم شباب أمته على المبادرة إليه وعدم التأخير: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغضُّ للبصر، وأحصن للفرج...". بل إن الله وعد على لسان نبيه صَلى الله عليه وسلم من تزوج يريد العفاف بالمعونة: "ثلاثة حقٌ على الله عونهم: الناكح الذي يريد العفاف".
العفة تحفظ المجتمع وتحميه:
نعم؛ فإن من عفَّ عن المحارم عفَّ أهله "عفُّوا تعفَّ نساؤكُم..." ولك أن تتخيل حالة مجتمع تشيع فيه روح الفضيلة.. كيف يتآزر أبناؤه ويتحابون وينتشر فيه الأمن، وتحفظ فيه الأنساب.
ثم انظر إلى الصورة المقابلة إلى المجتمعات التي ضعفت فيها صيانة الأعراض كيف تعيش حالة من الخوف وقلة الأمن واختلاط الأنساب وانتشار الخنا والخيانات، والجزاء من جنس العمل.
وقد ضرب السلف أروع الأمثلة.. في العفة نذكر منها على سبيل المثال:
قصة عبيد بن عمير رحمه الله وامرأة من مكة:
ذكر أبو الفرج ابن الجوزي أن امرأة جميلة كانت بمكة، وكان لها زوج، فنظرت يومًا إلى وجهها في المرآة فقالت لزوجها: أترى أحدًا يرى هذا الوجه ولا يفتن به؟ قال: نعم. قالت: مَنْ؟ قال: عبيد بن عمير، قالت: فائذن لي فيه فلأفتننه، قال: قد أذنت لك. فأتته كالمستفتية، فخلا معها في ناحية في المسجد الحرام، فأسفرت عن وجه مثل فلقة القمر، فقال لها: يا أَمَةَ الله استتري، فقالت: إني قد فتنت بك. قال: إني سائلك عن شيء، فإن أنت صدقتيني نظرت في أمرك. قالت: لا تسألني عن شيء إلا صدقتك. قال: أخبريني لو أن ملك الموت أتاكِ ليقبض روحك أكان يسركِ أن أقضي لك هذه الحاجة؟ قالت: اللهم لا. قال: صدقت. قال: فلو أُدخلتِ قبركِ، وأجلستِ للمسألة أكان يسرك أني قضيتها لك؟ قالت: اللهم لا. قال: صدقت. قال: فلو أن الناس أعطوا كتبهم، ولا تدرين أتأخذين كتابك بيمينك أم بشمالك أكان يسرك أني قضيتها لك؟ قالت: اللهم لا. قال: صدقت. قال: فلو أردت الممر على الصراط، ولا تدرين هل تنجين أو لا تنجين، أكان يسرك أني قضيتها لك؟ قالت: اللهم لا. قال: صدقتِ. قال: فلو جيء بالميزان، وجيء بك، فلا تدرين أيخف ميزانك أم يثقل أكان يسرك أني قضيتها لك؟ قالت: اللهم لا. قال: صدقتِ. قال: اتقي الله، فقد أنعم عليك وأحسن إليك. قال: فرجعت إلى زوجها. فقال: ما صنعتِ؟ قالت: أنت بطالٌ ونحن بطالون. فأقبلت على الصلاة والصوم والعبادة، فكان زوجها يقول: مالي ولعبيد بن عمير أفسد علي امرأتي، كانت في كل ليلة عروسًا فصيرها راهبة.[روضة المحبين (340)].
فيا أيها الحبيب إذا أردت أن تذوق حلاوة الإيمان، وأن تعيش حميدا موفور الكرامة مُصان العرض فكن عفيفا.
ـــــــــــــــــــ
المجلس الأوروبي للإفتاء ينتقد حظر الحجاب بفرنسا
...
...(5/658)
الاثنين :05/01/2004
(الشبكة الإسلامية) الجزيره نت
الشبكة الإسلامية >> أخبار الشبكة
...
...
دعا المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث الحكومة الفرنسية إلى إعادة النظر في سن قانون يحظر ارتداء الحجاب في المدارس والمؤسسات الحكومية.
واعتبر المجلس في البيان الختامي لدورته الثانية عشرة التي احتضنتها العاصمة الأيرلندية دبلن أن الحجاب واجب شرعي للمرأة المسلمة وليس رمزاً دينيا أو سياسيا.
وحث المجلس -الذي يترأسه المفكر الإسلامي الدكتور يوسف القرضاوي- المسلمين في فرنسا وأوروبا على العمل لضمان حقوقهم الدينية والمدنية في نطاق الأعراف والقوانين المتعارف عليها.
وكان علماء الدين المشاركون في هذه الاجتماعات انتقدوا في وقت سابق تصريحات شيخ الأزهر سيد محمد طنطاوي بشأن حق فرنسا في منع المسلمات من ارتداء الحجاب في المدارس. وأدان أعضاء المجلس توصية الرئيس الفرنسي جاك شيراك باعتماد القانون, وحذروا من العواقب الوخيمة لذلك.
وكان شيراك قد أيد الشهر الماضي تقرير لجنة يوصي بحظر ما سمي بالرموز الدينية الظاهرة بالمدارس الحكومية بما فيها الحجاب الإسلامي والقلنسوة اليهودية والصلبان المسيحية الكبيرة.
ـــــــــــــــــــ
فضل الله يتهم شيخ الأزهر بالإساءة للإسلام
...
...
السبت :03/01/2004
(الشبكة الإسلامية) الجزيره نت
الشبكة الإسلامية >> أخبار الشبكة
...
...
طالب الزعيم الشيعي الأعلى في لبنان محمد حسين فضل الله شيخ الأزهر بتقديم اعتذار للمسلمين عن تأييده لقرار فرنسا بحظر ارتداء الحجاب في المدارس الحكومية.
وقال فضل الله في خطبة الجمعة ببيروت إن شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي أساء للإسلام والمسلمين عندما أعطى الدولة الفرنسية الحجة الشرعية الإسلامية في إصدار القرار, داعيا إياه إلى الاعتذار للمسلمين وتغيير موقفه من أجل حماية الإسلام من الضغوط الداخلية والخارجية.
ومنح طنطاوي الثلاثاء فرنسا حق حظر ارتداء الحجاب في المدارس, ودعا المسلمات في هذا البلد إلى الامتثال للقانون إذا صدر. وجاءت فتوى شيخ الأزهر بعد(5/659)
أن وافق الرئيس الفرنسي جاك شيراك بناء على توصيات لجنة الحكماء, على إصدار قانون يحظر ارتداء الرموز الدينية الظاهرة في المدارس الحكومية مثل الحجاب الإسلامي والقلنسوة اليهودية والصلبان المسيحية الكبيرة.
وكان فضل الله انتقد في 20 ديسمبر/كانون الأول في رسالة مفتوحة إلى الرئيس الفرنسي قرار حظر ارتداء الحجاب, معتبرا أن منعه يمثل اضطهادا لحرية الإنسان المسلم. وكتب في رسالة وجهها لشيراك "هل بلغت العلمانية مستوى من الضعف بحيث يخاف القائمون عليها من قطعة قماش أو قلنسوة توضع على الرأس أو صليب يوضع على الصدر؟ إنه منطق لا معنى له".
وأضاف أن "الحجاب التزام ديني وعدم الالتزام به خطيئة, الأمر الذي يجعل الضغط على الفتيات تدخلا في الحريات الدينية للفرد واضطهادا له, وهذا يختلف عن شعار الصليب عند المسيحيين والقلنسوة عند اليهود, الذي لم يصل حسب علمنا إلى الالتزام الديني".
توبيخ الفرنسيين
وفي طهران أعلن رئيس مجلس الرقابة على القوانين أحمد جنتي في صلاة الجمعة عن رأيه في القرار الفرنسي, زاعما أنه يكفي توبيخ الفرنسيين ليتراجعوا عن مشروع القانون.
وطالب جنتي وسط هتافات آلاف المصلين الذين رددوا "الموت لفرنسا", الدول المسلمة بتهديد فرنسا بتعليق العقود وإعادة النظر في علاقاتها معها إذا تمت المصادقة فعلا على مشروع القانون. كما طلب من المسؤولين الفرنسيين أن يتركوا للمسلمات حريتهن وحرية تطبيق فرائضهن الدينية.
ودعا عدد من المسؤولين الإيرانيين -بينهم الرئيس محمد خاتمي ونحو 200 نائب في البرلمان- السلطات الفرنسية إلى العودة عن مشروع القانون. ونظم يوم الاثنين نحو 150 طالبا إيرانيا بينهم فتيات تجمعا أمام السفارة الفرنسية في طهران احتجاجا على مشروع القانون.
ـــــــــــــــــــ
رفض إسلامي واسع لتصريحات شيخ الأزهر بشأن الحجاب
...
...
الجمعة :02/01/2004
(الشبكة الإسلامية) الجزيرة نت
الشبكة الإسلامية >> أخبار الشبكة
...
...
انتقد العلماء المشاركون في اجتماعات المجلس الأوروبي للإفتاء المنعقدة في العاصمة الإيرلندية دبلن, تصريحات شيخ الأزهر سيد محمد طنطاوي بشأن حق فرنسا في منع المسلمات من ارتداء الحجاب في المدارس.(5/660)
ودان أعضاء المجلس -الذي يترأسه المفكر الدكتور يوسف القرضاوي- توصية الرئيس الفرنسي جاك شيراك باعتماد القانون, وحذروا من العواقب الوخيمة لذلك.
من جانبها نددت جماعة الإخوان المسلمين في بيان صادر عن نواب الكتلة الإسلامية في البرلمان المصري بموقف شيخ الأزهر.
وجاء في البيان "لقد وقعت تصريحات الإمام الأكبر شيخ الأزهر حول قضية الحجاب كالصاعقة على أبناء الأمة الإسلامية رجالا ونساء وأصابت الكثير من المسلمين بالحزن وأضرمت في صدورهم الغضب".
وأكد البيان أن الشيخ طنطاوي "تطوع بتصريحات مخالفة لصحيح القرآن والسنة وإجماع الأمة" داعيا علماء الأزهر إلى "الوقوف ضد هذه التصريحات المريبة التي تخالف إجماع الأمة وعلمائها وتمس عقيدتها".
وقد أثارت تصريحات طنطاوي ردود أفعال متباينة وانقسامات بين شيوخ الأزهر والعلماء الذين هاجم العديد منهم هذه التصريحات مؤكدين أن ما قاله أمام وزير الداخلية الفرنسي نيكولا ساركوزي لا يمثل إلا رأيه الشخصي فقط.
من جانبه ندد الدكتور عبد الصبور مرزوق -الأمين العام للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية وعضو المجلس الأعلى للبحوث الإسلامية التابعين للأزهر- بشدة بهذه التصريحات قائلا "هو لا يمثل الإسلام أو الأزهر. لقد تنازل عن هذا المنصب".
ومن جانبه أكد الدكتور إبراهيم الخولي من جامعة الأزهر أن ما تفوه به طنطاوي هو رأيه الشخصي، الذي وصفه بالأقرب إلى المنطق السياسي منه إلى المنطق الشرعي.
واعتبر الخولي في اتصال هاتفي مع قناة الجزيرة أنه عندما يعترض علماء الأزهر على رأي أبداه شيخ الأزهر فهذا يعني أنه لا يمثل الأزهر مشيرا إلى أن مفتي مصر اعترض على هذا الرأي أيضا.
جاء ذلك بعد أن تعرض شيخ الأزهر لنقد شديد من قبل بعض الجماعات الإسلامية وعلماء الدين لدعمه إصدار فرنسا لقانون يحظر ارتداء الحجاب في المدارس داعيا المسلمات إلى الامتثال لهذا القانون حال صدوره.
مبارك يدافع
في هذه الأثناء اعتبر الرئيس المصري حسني مبارك أن القرار الفرنسي بحظر الحجاب في المدارس العامة "شأن فرنسي لا يمكن التدخل فيه" مشيرا إلى أنه ينطبق على المسلمين وغير المسلمين حسب زعمه.
وقال مبارك في حديث تلفزيوني بثته وكالة أنباء الشرق الأوسط أمس الخميس إن القرار "لا يمكن أن نقول له لا". وفي تأييد غير مباشر لموقف شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي اعتبر مبارك أن اختلاف بعض علماء الدين الآخرين معه "رحمة".
ـــــــــــــــــــ
الحجاب.. عاصفة انتقادات وسوء فهم!
...
...
الخميس :01/01/2004
(الشبكة الإسلامية)(5/661)
الشبكة الإسلامية >> المركز الإعلامي >> اقرأ في الشبكة
...
...
قضية الحجاب في أوربا أفرزت مشهدين يحملان في طياتهما الانتقادات اللاذعة، إلا أنهما لا يخلوان مع ذلك من المفارقة؛ ففي الوقت الذي تعرض شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي للانتقاد من مسلمي فرنسا والسويد بسبب موقفه الذي اعتبر مؤيدا لمنع ارتداء الحجاب بالمدارس الحكومية الفرنسية، تعرض الرئيس الألماني للهجوم أيضا ولكن لدفاعه عن مبدأ العدل والمساواة عند التعامل مع قضية ارتداء الحجاب أو حظره.
ففي فرنسا وجهت مسئولات عن منظمات نسائية مسلمة انتقادات حادة لتصريحات شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي بمناسبة لقائه الثلاثاء 30-12-2003 وزير الداخلية الفرنسي نيكولا ساركوزي، والذي أقر فيه بـ"حق" فرنسا في حظر الحجاب بالمدارس الحكومية، ورأى أنه من زاوية شرعية على المسلمات المقيمات بفرنسا أن يتعاملن "مضطرات" مع هذا القانون.
كما وجهت انتقادات إلى ساركوزي؛ لأنه "خالف شعاره بضرورة إيجاد إسلام فرنسي عندما التجأ إلى مؤسسة دينية أجنبية (يقصدون مشيخة الأزهر) من أجل انتزاع فتوى تبرر حظر الحجاب بفرنسا بمقتضى قانون".
واعتبرت الرابطة الفرنسية للنساء المسلمات أن تصريح "طنطاوي يمثل أمرا مؤلما للآلاف من نساء فرنسا المسلمات اللاتي عبرن طوال الأشهر الأخيرة عن حقهن الإنساني والشرعي في ارتداء الحجاب".
وقالت نورة جاب الله رئيسة الرابطة، وهي أكبر تمثيل إسلامي نسوي في فرنسا في تصريحات خاصة لـ"إسلام أون لاين.نت" الأربعاء: "إن موقف شيخ الأزهر فاجأنا وصدمنا؛ ففي الوقت الذي دعت أبرز المراجع الدينية السنية والشيعية في العالم الإسلامي -وعلى رأسهما الشيخان يوسف القرضاوي ومحمد حسين فضل الله- لمساندة قضية الحجاب في فرنسا باعتبارها قضية عادلة من الناحية الشرعية والإنسانية؛ نجد أن شيخ الأزهر يخالف ما أجمع عليه العديد من العلماء".
مواقف سياسية
واعتبرت نورة جاب الله أنه من الواضح أن "طنطاوي كان رهين مواقف سياسية لا علاقة لها بقضية الحجاب العادلة في نظرنا".
وحول التأثير الممكن لتصريحات شيخ الأزهر، قالت نورة جاب الله: "لا أعتقد أن رأي شيخ الأزهر سوف يغير من معركة الحقوق التي نخوضها والتي سنواصل خوضها؛ لأن القضية بالنسبة إلينا هي قضية تطبيق لأمر شرعي أولا وقضية حقوق شخصية يضمنها الدستور الفرنسي ثانيا".
من جهتها توجهت سعيدة كادة صاحبة كتاب "الأولى محجبة والأخرى لا"، والتي أدلت بشهادتها في 5-12-2003 كامرأة محجبة أمام لجنة ستاسي الفرنسية التي أوصت بحظر الحجاب في المدارس الحكومية، بالنقد إلى وزير الداخلية الفرنسي نيكولا ساركوزي.(5/662)
وقالت في تصريحات لـ"إسلام أون لاين.نت": "إن موقف طنطاوي لا يهمني كثيرا؛ لأني أعتقد أنه لا يعبر عن البيئة والسياق الذي أعيش فيه كامرأة مسلمة بفرنسا، فلمسلمي أوربا ومسلمي فرنسا علماؤهم الذين يفهمون بيئتهم وعلى رأسهم المجلس الأوربي للبحوث والإفتاء الذي كان خير مدافع شرعي عنا".
وتابعت: "ما يهمني، الخطأ الذي قام به وزير داخليتنا نيكولا ساركوزي الذي ناقض الشعار الذي يدعو إليه بضرورة إيجاد إسلام فرنسي بدل الإسلام الذي يصدر لفرنسا من الخارج سواء أكان مصريا أو سعوديا أو مغاربيا".
وبينت كادة أنها كمسئولة في جمعية نسوية جنوب فرنسا ترى أن "خطورة" ما حدث في الأزهر الثلاثاء 30-12-203 تتمثل في أن "يلتجئ وزير الداخلية إلى مؤسسة دينية خارج فرنسا في حين أنه حرص بنفسه على تكوين مجلس يمثل مسلمي فرنسا" خلال 2003.
وحول التحركات المناهضة لسن قانون يمنع الحجاب بمدارس فرنسا الحكومية، بعد تصريحات طنطاوي، قالت مليكة شواربي التي تمثل "ائتلاف البند 18"، وهو ائتلاف نسائي مسلم أنشئ مؤخرا للدفاع عن حق النساء في ارتداء الحجاب اعتمادا على البند الثامن عشر من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان: "إن طنطاوي لا يمثلنا من الوجهة الشرعية".
وأضافت في تصريح "إسلام أون لاين.نت": "أما من ناحية المبدأ، فنحن ننطلق من قدسية حقوق الإنسان الأساسية والمرتبطة بحرية ممارسة التدين وارتداء اللباس".
السويد
وفي السويد صدرت أيضا انتقادات عن المسلمين لتصريحات شيخ الأزهر التي رأوا فيها أنها تعطي "الشرعية" لفرنسا في تضييقها ومحاصرتها للمسلمين وتضييق حرياتهم في أداء مناسكهم وشعائرهم.
ورأى محمود الدبعي نائب رئيس المجلس الإسلامي السويدي في تصريح لـ"إسلام أون لاين.نت" الأربعاء أن "موقف شيخ الأزهر موقف سياسي لا يمت بصلة إلى الشريعة الإسلامية، وموقفه ليس شرعيا مطلقا".
المشهد المقابل!
أما في ألمانيا فقد كان الوجه الآخر من المشهد المرتبط بقضية الحجاب؛ إذ شن سياسيون في التحالف المسيحي الألماني المعارض وأسقف بارز في الكنيسة الكاثوليكية الألمانية هجوما حادا على الرئيس الألماني يوهانز راو بعد دعوته للعدل والمساواة في التعامل مع قضية عمل المعلمات المسلمات بالحجاب في المدارس الرسمية الألمانية. وأظهرت الانتقادات الموجهة للرئيس الألماني توجها متشددا مسيحيا.
ففي تصريحات نشرتها الثلاثاء 30-12-2003 صحيفة "بيلد" المعروفة بالعداء للإسلام، وجه إدموند شتويبر رئيس وزراء ولاية بافاريا انتقادا شديدا لراو واتهمه بالتشكيك فيما أسماه بـ"الهوية النصرانية" لألمانيا.(5/663)
وأوضح شتويبر الذي يرأس الحزب المسيحي الاجتماعي الحاكم في ولاية بافاريا والذي نافس المستشار شرودر في الانتخابات العامة الأخيرة أن الحجاب الإسلامي يمثل -حسب رأيه- "رمزا سياسيا لا يتناسب مع الديمقراطية الغربية الحديثة".
وفي تصريحات مماثلة للصحيفة نفسها، وصف الأسقف الكاثوليكي للعاصمة البافارية ميونيخ الكاردينال فريدريش فيتير الحجاب بأنه "إعلان حرب مسلحة ضد قيم الدستور الألماني".
واستبقت ولاية بافاريا -المعروفة بتعصبها الكاثوليكي وتشددها ضد الأجانب- جميع الولايات الألمانية وأصدرت في بداية ديسمبر 2003 قانونا يحظر عمل المعلمات المسلمات بالحجاب في المدارس الرسمية بالولاية.
وفي مواجهة الحملة المعارضة لتصريحاته دافع الرئيس الألماني راو عن موقفه، وأشار إلى عدم تأييده أو معارضته لعمل المعلمات المسلمات بالحجاب في المدارس الحكومية.
وقالت متحدثة باسم الرئاسة الألمانية لمجلة فوكس على موقعها الإلكتروني الثلاثاء 30-12-2003: إن راو هدف من تصريحه إلى "مراعاة القوانين المقترحة لحظر العمل بالحجاب في المدارس للمبادئ الدستورية المتعلقة بالحرية الدينية والمساواة بين الأديان".
ودعا الرئيس الألماني راو في مقابلة بثتها القناة الثانية في التلفاز الألماني (زد. دي. إف) الأحد 28-12-2003 الإدارات التعليمية في الولايات الألمانية إلى إخراج الصلبان وكافة الرموز الدينية من فصولها الدراسية في حالة منعها لارتداء المعلمات المسلمات للحجاب في مدارسها.
عاصفة من الاعتراضات!
وجاءت أعنف الانتقادات للرئيس الألماني من فريد بيرت فلوجر عضو البرلمان الألماني عن الحزب المسيحي الديمقراطي الذي اتهم راو بـ"الوقوع في الخطيئة واقتراف ضلال مبين"؛ لأنه اعتبر الحجاب رمزا دينيا ووضعه مع الصليب في نفس الدرجة!
بدون تعليق
وأشار فلوجر في تصريحات الثلاثاء 30-12-2003 لمجلة فوكوس على موقعها الإلكتروني إلى أن "الحجاب رمز سياسي جاءت به الثورة الإيرانية عام 1979 وفرضته على النساء وحولته إلى رمز للأصولية الإسلامية"!!
أما يوهانز زينجهامر مسئول الكنائس في المجموعة البرلمانية للحزب المسيحي الاجتماعي البافاري في البرلمان الألماني (البوندستاج) فقال: "إن ألمانيا دولة تحتل فيها النصرانية وضعا مميزا وليست دولة محايدة دينيا مثل الولايات المتحدة الأمريكية أو فرنسا"، وطالب زينجهامر الجميع بـ"التسليم دون نقاش بتعليق الصليب في المدارس باعتباره رمزا للسلام والتسامح"!!، حسبما قال.
مظاهرات لإقالة شيخ الأزهر
هذا وقد تظاهر مئات في صحن المسجد الأزهر الجمعة, مرددين هتافات مناهضة لشيخ الازهر الدكتور محمد سيد طنطاوي وطالبوا باستقالته, بعد اتهامه بـ"الخروج(5/664)
عن الشريعة وممالأة الحكومة". وشارك في التظاهرة القيادي في حزب العمل الاسلامي المجمّد مجدي أحمد حسين وأنصار من الحزب. ثم عقدوا مؤتمراً رددوا فيه انتقادات لطنطاوي واتهموه بالمسؤولية عن اسقاط هيبة الأزهر لـ"تنازلاته المستمرة عن مبادئ الإسلام". ولوحظ غياب طنطاوي عن إلقاء خطبة الجمعة في المسجد الازهر, على غير عادته. وأرجع المحتجون غيابه الى خشيته من مواجهة معارضيه.
وتلقى رئيس الحكومة عاطف عبيد طلب إحاطة عاجل من النائب في "جماعة الاخوان" الدكتور حمدي حسن طالب فيه بتعيين شيخ جديد للأزهر "يحفظ هيبته وكرامته ويُعيد إليه صدقيته". وأرجع النائب ذلك الى أن "فتوى شيخ الازهر أساءت إلى مقام المشيخة أشد الإساءة وخالفت ما أجمع عليه علماء الأمة ووضع مسلمات فرنسا وغيرها في بلدان العالم الاخرى في مأزق وتسبب في اهتزاز صورة ومقام المشيخة".
وحمل نواب "كتلة الاخوان" في البرلمان على طنطاوي, واتهموه بإصدار تصريحات "مهينة" في شأن "الحجاب". ووصفوا موقف الامام الاكبر بأنه "مريب" و"مخالف للعقيدة", وذلك في أقوى اتهام توجهه دوائر "الاخوان" في هذا الشأن.
ــــــــ
إسلام أونلاين-الحياة اللندنية
ـــــــــــــــــــ
غضب في الأزهر بعد تأييد طنطاوي حظر الحجاب بفرنسا
...
...
الخميس :01/01/2004
(الشبكة الإسلامية) الجزيره نت
الشبكة الإسلامية >> أخبار الشبكة
...
...
فجر موقف شيخ جامع الأزهر محمد سيد طنطاوي الذي اعتبر أن من حق فرنسا حظر ارتداء الحجاب على طالبات المدارس الحكومية، انقسامات وخلافات بين شيوخ الأزهر وعلماء الدين في القاهرة الذين هاجم العديد منهم طنطاوي وأكدوا أن ما قاله أمام وزير الداخلية الفرنسي نيكولا ساركوزي لا يمثل إلا رأيه الشخصي فقط.
فمن جانبه هاجم الدكتور عبد الصبور مرزوق الأمين العام للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية وعضو المجلس الأعلى للبحوث الإسلامية التابعين للأزهر بشدة طنطاوي قائلا "هو لا يمثل إلا نفسه، ولا يمثل الإسلام أو الأزهر.. لقد تنازل عن هذا المنصب".
وقال مرزوق فور انتهاء طنطاوي من الإدلاء برأيه إن شيخ الأزهر لم يأخذ رأي علماء الأزهر أو شيوخه في البيان الذي أدلى به قبل محادثاته مع وزير الداخلية الفرنسي. وأضاف "الإمام الأكبر بدأ بداية طيبة حين أكد أن الحجاب فرض على(5/665)
المسلمة يحاسبها الله على تركه، ولكنه لم يوفق في القول إن ترك الحجاب في فرنسا بسبب قانون سوف يصدر هناك يجعلها في حكم المضطر".
وحذر مرزوق من تداعيات موافقة شيخ الأزهر على القانون الفرنسي، وقال إن "حظر الحجاب يمكن أن يكون بداية لحظر فرائض أخرى في ظل الهجمة الشرسة التي يتعرض لها الإسلام".
كما شدد مفتي مصر الدكتور علي جمعة على أن التوجه الفرنسي يعتبر تدخلا سافرا في عقيدة المسلمين وشعائرهم، مؤكدا أن ارتداء المرأة المسلمة للحجاب هو أمر منصوص عليه بالقرآن الكريم.
ومن جانبه أكد الدكتور إبراهيم الخولي من جامعة الأزهر أن ما تفوه به طنطاوي هو رأيه الشخصي، الذي وصفه بالأقرب إلى المنطق السياسي منه إلى المنطق الشرعي.
واعتبر الخولي في اتصال هاتفي مع قناة الجزيرة أنه عندما يعترض علماء الأزهر على رأي أبداه شيخ الأزهر يعني أن هذا الرأي لا يمثل الأزهر وإنما يمثل الشيخ بصفة شخصية، مشيرا إلى أنه ليس شيوخ الأزهر وحدهم الذين اعترضوا على ما قاله طنطاوي وإنما مفتي مصر أيضا.
وقال الخولي إن حضور الوزير الفرنسي إلى القاهرة إنما يعكس مدى قلق وإدراك باريس لخطورة القرار الذي تبنته بخصوص الحجاب، منوها إلى أن الوزير الفرنسي نجح بالفعل في انتزاع تأييد غير متوقع من طنطاوي.
وعلى النقيض من هذه المواقف أيد الدكتور محمد إبراهيم الفيومي رئيس المجلس الأعلى للبحوث الإسلامية السابق وعضو المجلس حاليا ما ذهب إليه طنطاوي، مؤكدا أنه قرأ المذكرة الفرنسية وأنه توصل إلى أن الإسلام سيظل موجودا في المؤسسات الفرنسية وستقام شعائره في فرنسا التي وصفها بدولة الحرية والديمقراطية.
وبرر الفيومي لشيراك قراره قائلا "أتصور أن الفرنسيين يشعرون بوجود تعصبات في مدارسهم الثانوية يريدون التخلص منها، أما في الشارع فإن المسلمة ترتدي ما تشاء".
ورأى محللون أن الهدف من زيارة الوزير الفرنسي في هذا الوقت هو كسب قبول إسلامي من خلال الأزهر الشريف لقرار شيراك حظر الحجاب في المدارس.
ورغم اللقاءات التي عقدها ساركوزي مع كبار المسؤولين المصريين فإن المحللين يرون أن أهم محطة في لقاءاته كانت تلك التي جمعته مع طنطاوي، والتي أكد الأخير فيها أنه إذا كانت المرأة المسلمة في غير دولة الإسلام وأراد المسؤولون فيها أن يقرروا قوانين تتعارض مع مسألة الحجاب بالنسبة للمرأة المسلمة "فهذا حقهم، هذا حقهم، هذا حقهم".
وقال طنطاوي "أكرر هذا حقهم الذي لا أستطيع أن أعارض فيه أنا كمسلم لأنهم هم غير مسلمين، وفي هذه الحالة عندما تستجيب المرأة المسلمة لقوانين الدولة غير المسلمة تكون من الناحية الشرعية الإسلامية في حكم المضطر
ـــــــــــــــــــ
الحجاب سبب في إسلام ثمانية أمريكيين(5/666)
...
...
الاحد :28/12/2003
(الشبكة الإسلامية) " مذكرات ذات خمار" لمحمد رشيد العويد
الشبكة الإسلامية >> المركز الإعلامي >> الأسرة >> الأسرة اليوم
...
...
كان السبب الأول لإسلامه حجاب طالبة أميركية مسلمة, معتزة بدينها, و معتزة بحجابها, بل لقد اسلم معه ثلاثة دكاترة من أستذة الجامعة و أربعة من الطلبة. لقد كان السبب المباشر لإسلام هؤلاء السبعة, الذين صاروا دعاة إلى الإسلام. هو هذا الحجاب. لن أطيل عليكم في التقديم. وفي التشويق لهذه القصة الرائعة التي سأنقلها لكم على لسان الدكتور الأميركي الذي تسمى باسم النبي محمد صلى الله عليه و سلم و صار اسمه (محمد أكويا).
يحكي الدكتور محمد أكويا قصته فيقول:
قبل أربع سنوات, ثارت عندنا بالجامعة زوبعة كبيرة, حيث التحقت للدراسة طالبة أميركية مسلمة, و كانت محجبة, و قد كان من بين مدرسيها رجل متعصب يبغض الإسلام و يتصدى لكل من لا يهاجمه. فكيف بمن يعتنقه و يظهر شعائره للعيان؟ كان يحاول استثارتها كلما وجد فرصة سانحة للنيل من الإسلام.
وشن حربا شعواء عليها, و لما قابلت هي الموضوع بهدوء ازداد غيظه منها,فبدأ يحاربها عبر طريق آخر,حيث الترصد لها بالدرجات, و إلقاء المهام الصعبة في الأبحاث, و التشديد عليها بالنتائج, و لما عجزت المسكينة أن تجد لها مخرجا تقدمت بشكوى لمدير الجامعة مطالبة فيها النظر إلى موضوعها. و كان قرار الإدارة أن يتم عقد بين الطرفين المذكورين الدكتور و الطالبة لسماع وجهتي نظرهما والبت في الشكوى.
و لما جاء الموعد المحدد. حضر أغلب أعضاء هيئة التدريس, و كنا متحمسين جدا لحضور هذه الجولة التي تعتبر الأولى من نوعها عندنا بالجامعة. بدأت الجلسة التي ذكرت فيها الطالبة أن المدرس يبغض ديانتها. و لأجل هذا يهضم حقوقها العلمية, و ذكرت أمثلة عديدة لهذا, و طلبت الاستماع لرأي بعض الطلبة الذين يدرسون معها, وكان من بينهم من تعاطف معها و شهد لها, و لم يمنعهم اختلاف الديانة أن يدلوا بشهادة طيبة بحقها. حاول الدكتور على أثر هذا أن يدافع عن نفسه, و استمر بالحديث فخاض بسب دينها. فقامت تدافع عن الإسلام. أدلت بمعلومات كثيرة عنه, و كان لحديثها قدرة على جذبنا, حتى أننا كنا نقاطعها فنسألها عما يعترضنا من استفسارات. فتجيب فلما رآنا الدكتور المعني مشغولين بالاستماع والنقاش خرج من القاعة.فقد تضايق من اهتمامنا و تفاعلنا. فذهب هو ومن لا يرون أهمية للموضوع. بقينا نحن مجموعة من المهتمين نتجاذب أطراف الحديث, في نهايته قامت الطالبة بتوزيع ورقتين علينا كتب فيها تحت عنوان " ماذا يعني لي الإسلام؟ " الدوافع التي دعتها لاعتناق هذا الدين العظيم, ثم بينت ما للحجاب من أهمية و أثر. وشرحت(5/667)
مشاعرها الفياضة صوب هذا الجلباب و غطاء الرأس الذي ترتديه. الذي تسبب يكل هذه الزوبعة.
لقد كان موقفها عظيما ، و لأن الجلسة لم تنته بقرار لأي طرف, فقد قالت أنها تدافع عن حقها, و تناضل من أجله, ووعدت أن لم تظفر بنتيجة لصالحها أن تبذل المزيد حتى لو اضطرت لمتابعة القضية و تأخير الدراسة نوعا ما, لقد كان موقفا قويا, و لم نكن أعضاء هيئة التدريس نتوقع أن تكون الطالبة بهذا المستوى من الثبات و من أجل المحافظة على مبدئها. و كم أذهلنا صمودها أمام هذا العدد من المدرسين و الطلبة, و بقيت هذه القضية يدور حولها النقاش داخل أروقة الجامعة.
أما أنا فقد بدأ الصراع يدور في نفسي من أحل تغيير الديانة ,فما عرفته عن الإسلام حببني فيه كثيرا, و رغبني في اعتناقه, و بعد عدة أشهر أعلنت إسلامي, و تبعني دكتور ثان و ثالث في نفس العام, كما أن هناك أربعة طلاب أسلموا. و هكذا في غضون فترة بسيطة أصبحنا مجموعة لنا جهود دعوية في التعريف بالإسلام والدعوة إليه, و هناك الآن عدد من الأشخاص في طور التفكير الجاد, و عما قريب إن شاء الله ينشر خبر إسلامهم داخل أروقة الجامعة. و الحمد لله وحده.
ـــــــــــــــــــ
هل يهدد الحجاب العلمانية الفرنسية؟
...
...
الخميس :18/12/2003
(الشبكة الإسلامية)
الشبكة الإسلامية >> المركز الإعلامي >> ثقافة و فكر
...
...
"إن فرنسا هي جمهورية موحدة علمانية ديموقراطية اشتراكية". هذا ما تنص عليه المادة الأولى من دستور العام 1946 صادق عليه الشيوعيون والاشتراكيون، والديموقراطيون المسيحيون(MRP) أيضاً، وهذا ما يوضح كثيراً ما حدث من تطورات بعد إقرار قانون 1905 في فرنسا الذي يقضي بفصل الدين عن الدولة والذي حدد مرحلة حاسمة في المعركة من أجل العلمانية.
وبالأمس 17/12/2003 دعا الرئيس الفرنسي جاك شيراك البرلمان في بلاده إلى اعتماد قانون يقضي بحظر العلامات الدينية الظاهرة في المدارس العامة, بحيث يكون جاهزاً للتطبيق في بداية الموسم الدراسي المقبل, وذلك باسم العلمانية التي أكد على أنها مبدأ "غير قابل للتفاوض" ولا "لإعادة الصياغة". وبين هذه المظاهر الحجاب. واعتبر أن "ارتداء ملابس أو علامات تعبر بشكل ظاهر عن انتماء ديني يجب أن يحظر" في المؤسسات والمدارس العامة, وأن الحجاب والقلنسوة والصلبان الكبيرة "لا مكان لها" في المؤسسات التعليمية الرسمية. كما أعلن رفضه لإضافة أعياد جديدة "على جدول العطل المدرسية الكثيرة", لكنه أشار إلى حق التلامذة بالتغيب إذا رغبوا لمناسبة أعياد كبرى مثل الأضحى والغفران.(5/668)
وأبدى شيراك حرصه على الاختلاط وحماية حقوق النساء "لأن درجة تقدم المجتمع رهن بمكانة المرأة في إطاره", معرباً عن رفضه "تقويض المساواة بين الاجناس" بذرائع مختلفة. ودعا إلى إعداد "مدونة علمانية" تكون ملزمة لجميع الموظفين الذين يلتحقون بالإدارات العامة.
لكن آلان غريش (رئيس تحرير ليموند ديبلوماتك 5/8/2003) يرى أنه عندما يصر وزير الداخلية الفرنسي نيقولا ساركوزي على أنه يجب أن تظهر النساء سافرات في صور بطاقات الهوية فإنما هو يطرح قضية لها علاقة بالنظام العام وليس بالعلمانية ... وعندما يجري الحديث عن اختلاط الجنسين في المدرسة فإنما يتعلق الأمر بالمساواة بين الصبية والبنات وليس بالعلمانية، فالمدرسة العلمانية تأقلمت حتى أواخر ستينيات القرن الماضي مع عملية الفصل بين الجنسين، كما تأقلمت الجمهورية العلمانية مع رفض حق الانتخاب للنساء على مدى عقود.
ويتساءل غريش: هل العلمانية مهددة اليوم في فرنسا؟ وهل يجب التحرك كما في العام 1905؟ ويجيب: إن سيطرة الكنائس قد تقلصت وما من واحدة منها تضاهي من قريب أو بعيد النفوذ الكاسح للكنيسة الكاثوليكية في مطلع القرن الماضي. وبالعكس فان جان بوبيرو، في تأمله في صيغة "الاكليروسية، هي العدو" يتساءل حول ما إذا كانت "قد بقيت هي الراية للعلمانية المناضلة. لكن من هم اليوم رجال الاكليروس الجدد؟ ومن هم الذين يشكلون خطراً ملموساً على حرية التفكير؟. هل هم بدرجة أولى الديانات المنظمة أم بالأحرى "اكليركاتور" (كاريكاتور رجال الدين) المال أو وسائل الإعلام؟
ويعيد غريش التساؤل: هل بضع عشرات من القتيات اللواتي يضعن الحجاب في المباني المدرسية هن اللواتي يهددن هذا الميثاق؟ أم هي المظالم وأشكال التمييز والغيتوات والبطالة وكل هذه القضايا المهملة التي تستبعدها "الإصلاحات"؟ واصفًا ذلك بعمليات "الإلهاء".
في حين أن المفكر الفرنسي فرانسوا بورجات يرى (في حوار خاص مع معتز الخطيب الباحث في الشبكة الإسلامية 15/12/2003) أن المشكلة تكمن في "عدم التفريق بين لب القيم ومرجعيات القيم، مثل ما فعل أتاتورك في بداية القرن العشرين، فحين فرض على الناس لبس "الطربوش" كان يخلط بين شكليات العالم الدلالي ولب الحداثة".
وينظر إلى هذا الجدل حول الحجاب في فرنسا بوصفه "تعبيرًا عن رفض أن تلعب الثقافة (غير السائدة) دورًا معلنًا في النسيج الأيديولوجي الوطني".
-ـــــــــــــــــــ
الحاخام الأكبر بفرنسا ينتقد حظر الحجاب
...
...
الخميس :11/12/2003
(الشبكة الإسلامية) الجزيره نت
الشبكة الإسلامية >> أخبار الشبكة(5/669)
...
...
انضم أكبر حاخام فرنسي يهودي إلى الكنائس التي دعت الرئيس الفرنسي جاك شيراك إلى التصدي لاتجاه متنام لحظر ارتداء المسلمات الحجاب في المدارس العامة والمكاتب الحكومية.
وشدد جوزيف سيتروك على أن الفرنسيين من مختلف الديانات يجب أن يظهروا التسامح تجاه بعضهم بعضا بدلا من السعي لفرض القيود.
وقد عارضت الكنائس الكاثوليكية والبروتستانتية والأورثودوكسية الفرنسية نية الحكومة الفرنسية حظر الحجاب الإسلامي قائلة إن فشل فرنسا في إدخال مسلميها في نسيج المجتمع يمثل مشكلة أكثر إلحاحا من مشكلة بضع فتيات رفضن خلع الحجاب.
وكان الرئيس الفرنسي قد ألمح إلى أنه سيتخذ الأسبوع المقبل قرارا بفرض حظر على ارتداء الحجاب الإسلامي في المدارس العامة أو في المؤسسات الحكومية، معتبرا أن الحجاب يتناقض مع الدولة الفرنسية العلمانية، وأنه علامة ملفتة للنظر دالة على الانتماء لدين معين.
وقال الحاخام اليهودي قبل يوم من تسليم لجنة خاصة تقريرا عن العلاقة بين الكنيسة والدولة في فرنسا "الأسلوب الصحيح هو عدم تمرير قانون أخشى أن ينتهي به الأمر إلى حظر كافة الرموز الدينية"، وأضاف "أي ضلال هذا أن تقمع الأديان باسم العلمانية".
واعتبر سيتروك أن قرار فصل الكنيسة عن الدولة في فرنسا يعمل منذ قرون بشكل جيد ويجب أن لا يتغير، وشدد سيتروك وهو الذي يحث الصبية اليهود على ارتداء قبعة البيس بول على أنه إذا كان غطاء الرأس اليهودي من شأنه أن يثير هجمات مناهضة للصهيونية، فإن ذلك غير صحيح لأن يهود فرنسا على حد قوله والبالغ عددهم 600 ألف مواطن يدينون بالولاء لفرنسا، ويرغبون في العيش بسلام.
وشجب قادة الجالية المسلمة البالغ تعدادها خمسة ملايين نسمة، خطوات فرض الحظر على حجاب تلميذات المدارس، وأكدوا أن من حق هؤلاء الطالبات اتباع تعاليم دينهن وحذر قياديو الجالية المسلمة من أن الحظر سيدفع المسلمين لفتح مدارس خاصة بهم.
وأصبح الحجاب الإسلامي يتصدر الصفحات الأولى في الصحف الفرنسية على الرغم من أن التقارير الرسمية تفيد أن أربع فتيات فقط منعن من دخول مدارسهن هذا العام بسبب ارتدائهن الحجاب.
والمسألة من شأنها إثارة العديد من القضايا المختلف عليها والمسكوت عنها مثل الفشل في تحقيق التكامل بين أفراد المجتمع والخوف من العولمة وتنامي المشاعر المناهضة للسامية بين الشبان المسلمين.
ـــــــــــــــــــ
الحرب على الحجاب!
...(5/670)
...
الاربعاء:10/12/2003
(الشبكة الإسلامية) نشرة العالم الإسلامي
الشبكة الإسلامية >> المركز الإعلامي >> الأسرة >> تحرير .. أم تغرير
...
...
جاء الإسلام مكملاً لمكارم الأخلاق منادياً بالبُعد عن كل ما يثير الغرائز ويحرك الشهوات وذلك من أجل إصلاح البشرية والسمو بها عن مرحلة البهيمية والفوضى إلى مراتب مرتفعة من العفة والطهارة. قال عليه الصلاة والسلام: "إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق".
ولأن الشهوات والغرائز الطبيعية جزء أساسي من تكوين الإنسان فقد سعى الإسلام لضبطها وتوجيهها التوجيه الصحيح فشرع الزواج قناة وحيدة لإشباع الغرائز والشهوات وإنشاء الأسرة التي هي النواة الرئيسية للمجتمع الإسلامي.
ولأن النفس أمارة بالسوء فقد حرَّم الإسلام كل ما يمكن أن يؤدي إلى إثارة غرائز الإنسان أو تهييج شهواته، لذا جاء الأمر الرباني للمسلمين بأن يغضوا من أبصارهم وأمر المسلمات بارتداء الحجاب يحفظن به أنفسهن وحرَّم عليهن التبرج والسفور ومخالطة الرجال غير المحارم، قال تعالى (وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
ولأن أمر الحجاب في الإسلام عظيم فقد جاء الأمر الرباني للنبي الكريم عليه الصلاة والسلام بأن يأمر أزواجه وبناته قبل نساء المؤمنين بارتداء الحجاب، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا). فإذا كان الأمر بالحجاب قد بدأ بأزواج النبي (صلى الله عليه وسلم) وهن العفيفات الشريفات الطاهرات فكيف ببقية نساء المؤمنين وخاصة في هذا الزمان الذي انتشرت فيه الفتن وصار فيه الدين غريباً؟
من أجل ذلك توعَّد الله عز وجل المتبرجات المظهرات لزينتهن لغير أزواجهن بالعذاب الأليم يوم القيامة قال صلى الله عليه وسلم في وصف أهل النار (صنفان من أهل النار لم أرهما، قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا).
التبرج هو إظهار المرأة زينتها لغير محارمها وهو من الأمور المحرمة في الإسلام لأن المقصود منه هو إثارة شهوات الرجال من غير الأزواج وإحداث الفتنة في المجتمع.(5/671)
أما الحجاب فهو نقيض التبرج ويُقصد به الستر والإخفاء ومنه حاجب العين الذي يمنع عنها الغبار والأتربة وأشعة الشمس وحاجب الملوك أو الرؤساء والذي يمنع عنهم الدخلاء والمتطفلين والمتسكعين.
وتقتضي فطرة الإنسان العفة والطهارة ولذلك نجد أن إبليس اللعين عندما أغوى آدم عليه السلام وزوجه بالأكل من الشجرة المحرمة وتم له ما أراد، سقطت عنهما ثيابهما وبدت لهما عورتاهما فأخذا يلتقطان من أوراق الشجر ليخفياهما وذلك التصرف الطبيعي والتلقائي الذي قاما به من دون أن يأمرهما به أحد يدل على أن الأصل في الفطرة البشرية العفة والطهارة وإخفاء العورات.
قال سبحانه وتعالى: (فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ).
كانت النساء قبل الإسلام وفي عهد الجاهلية يتبرجن ويلبسن الملابس الخفيفة ويمشين في الأسواق ويعرضن أنفسهن على الرجال، لذلك جاء الأمر من عند الله لنساء المسلمين بارتداء الحجاب، قال تعالى: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا).
أما في العصر الحديث فقد تفننت النساء في ابتداع أساليب جديدة من التبرج والسفور وصارت المصانع الغربية تمد بلاد المسلمين بالملابس الضيقة الشفافة التي تكشف أكثر مما تستر، وتزيد من مفاتن النساء. وغمرت هذه المصانع أسواق المسلمين بأنواع كثيرة من المساحيق والطلاء والعطور المثيرة للشهوات وأنواع شتى ومتباينة من الأحذية التي تجعل النساء يتمايلن في مشيتهن ويبالغن في التغنج والدلال.
وعندما بدأت مظاهر الصحوة الإسلامية تدب في العديد من بلدان العالم وانتشر الحجاب في بلاد المسلمين ووسط بناتهم في الدول الغربية هاج الغرب وماج وتجاوب معه بعض أنصار الرذيلة ودعاة الفجور في بلاد المسلمين وبدأوا في محاربة الحجاب الإسلامي حرباً لا هوادة فيها ووصفوا الحجاب بأنه يغطي على عقل المرأة وأنه جزء من اضطهاد الإسلام لها ونعتوا المحجبات بنعوت لا تليق ورموهن بالتخلف والرجعية والاستسلام لسطوة الرجل وغيرها مما ينعق به الناعقون.
اتخذت هذه الحملة أشكالاً عديدة فمرة نسمع من يقول إن الحجاب يعزل المرأة عن بقية شرائح المجتمع ويحرمها من دورها وظهر من يدعو إلى (تحرير) المرأة وغيرها من الدعاوى الساقطة المردودة، ونسى هؤلاء الذين لا هم لهم إلا تحرير المرأة من قيمها واحترامها لنفسها أن الإسلام ما شرع الحجاب إلا صوناً للمرأة المسلمة وتكريما لها وإعلاءً لقدرها وتقديراً لدورها في المجتمع إذ أن المرأة المحجبة تكون بمنأى عن مشاكسات الذئاب البشرية ومصانة ممن لا يريدون لها إلا أن تكون متاعاً ومكاناً لتفريغ الشهوات.
وعندما يشعر هؤلاء أن ما ساقوه من حجج يتساقط من تلقاء نفسه نسبة لضعفه وعدم موضوعيته نجدهم يلجأون إلى الاستشهاد برأي بعض من يتدثرون برداء الدين من(5/672)
المستغربين والماركسيين وذوي المصالح الخاصة على أنهم من العلماء المسلمين فيلوون لهم أعناق الحقائق ويستشهدون بأدلة ليست في مكانها ويفسرون الأحكام الإسلامية حسب هواهم متوهمين أن هذه الافتراءات سوف تنطلي على الأمة الإسلامية، وما دروا أن علماء الأمة الأمناء على دينها واقفون لهم بالمرصاد مفندين حججهم ودعاواهم.
وعندما تأكد لهم أن الحجاب الإسلامي أصبح مطلباً شعبياً وأنه آخذ في الانتشار وسط نساء المسلمين لم يجدوا بداً من إعلان الحرب عليه، وخلال الفترة الماضية قامت العديد من الدول الغربية بشن حملة ضارية على الحجاب في المدارس ودواوين الحكومة.
تشتد هذه الحملة في فرنسا حيث فصلت السلطات التعليمية العديد من الطالبات المسلمات لإصرارهن على ارتداء الحجاب وتجلى اهتمام الحكومة الفرنسية بمحاربة الحجاب عندما أعلن رئيس الوزراء الفرنسي أنه قد آن الأوان (لاستئصال) الحجاب من المجتمع الفرنسي وأنه لا مكان في المدارس الفرنسية لطالبة محجبة، وأكد ذلك الرئيس الفرنسي جاك شيراك الذي زاد عليه أن الحجاب يمثِّل مشكلة ثقافية تهدد المجتمع الفرنسي العلماني ويجب التصدي لها بكل صرامة وحسم.
وتمتد الحملة المسعورة وتشمل الولايات المتحدة حيث قضت محاكمها بتأييد فصل العديد من الطالبات المحجبات، كما تتعرض النساء المحجبات للاعتداء بسبب الحجاب الذي يبدو أنه يثير حساسية بعض المتعصبين في المجتمع الأمريكي.
وفي هولندا تأخذ الحملة على الإرهاب طابعاً أكثر سخونة حيث تشن الصحف التي تتبع لليمين المتطرف حملة متواصلة شعواء على الحجاب وأشادت هذه الصحف بمبدأ مدير إحدى المدارس والذي رفض السماح لطالبة محجبة بدخول المدرسة وبرر موقفه بأنه (يؤمن بالمساواة التامة بين الرجل والمرأة) وأن حجاب المرأة المسلمة يرمز (للظلم الواقع على عاتقها).
وفي المقابل نجد نماذج مشرقة لبعض الدول الأوروبية التي اعترفت بالحجاب كجزء من الخصوصية والحرية الشخصية للمسلمات حيث قضت المحكمة العليا الألمانية بحق المسلمات في ارتداء الحجاب ومنعت الجهات المعنية من التغول على ذلك الحق وضمان تمتع المسلمين به.
كذلك فإن الدنمارك قد أقرت بهذا الحق للمسلمات حيث قضت محكمة دنماركية بفصل معلم ومعلمة قاما بطرد طالبة صومالية من المدرسة لإصرارها على ارتداء الحجاب وقررت المحكمة أن ارتداء الحجاب لا يتنافى مع التعاليم المعمول بها.
ومما يؤسف له أن بعض المسؤولين في دول عربية وإسلامية انساقوا وراء هذه الحملة الجائرة وانضموا للهجمة الشرسة على الحجاب وحملوا لواءها وأعلنوا - صراحة - منعه وسط طالبات المدارس وقاموا بفصل من أصرت عليه بوصفه جزءًا أصيلاً من هويتها الدينية وشخصيتها العامة.
ففي مصر على سبيل المثال تتعرض النساء المحجبات لمضايقات عديدة فقد تم قبل فترة منع مذيعة بإحدى القنوات الفضائية من الظهور على شاشة التليفزيون بسبب ارتدائها للحجاب بدعوى أنه (يثير الحساسيات)، وتم كذلك فصل امرأة محجبة تعمل(5/673)
مساعدة طيار في إحدى شركات الطيران بسبب رفضها التخلي عن الحجاب رغم أن ارتداءه لم يؤثر على كفاءتها ومقدرتها على أداء عملها.
كما أقدمت مدرسة (شامبليون) بالإسكندرية والتابعة للسفارة الفرنسية بفصل طالبة مسلمة بسبب الحجاب مما أثار الرأي العام المصري ضد إدارة المدرسة، وتدخل شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي وهاجم إدارة المدرسة ودعاها للالتزام بالتقاليد الإسلامية السائدة في مصر، وكذلك قامت إدارة إحدى المدارس الخاصة بطرد معلمة محجبة وهددتها بالفصل وعدم إعادتها للعمل إلا بعد أن تخلعه.. والأمثلة على تلك الحملة كثيرة ومتعددة.
وفي تونس أقدمت إدارة معهد القنال الثانوي على منع 38 طالبة من أداء الامتحانات بسبب ارتدائهن الحجاب، كما أقدمت إدارة معهد المنذر بن عكاز على رفض السماح لطالبات مسلمات بأداء الامتحانات بسبب الحجاب، وبالرغم من أن بعضهن اضطررن إلى خلع الحجاب ليتمكن من أداء الامتحانات إلا أن مدير المعهد أصر على رفضه واشترط على الطالبات الذهاب إلى قسم الشرطة وتوقيع تعهد بعدم ارتداء الحجاب مستقبلاً!!
وكانت السلطات التعليمية التونسية قد أصدرت في عام 1981م منشوراً قضى باعتبار الحجاب رمزاً طائفياً يجب محاربته ومنعه في المدارس الثانوية والجامعات، مما أدى لزيادة التمييز ضد المحجبات في الجامعات وحتى بعد تخرجهن حيث يواجهن صعوبات بالغة في الحصول على وظائف حكومية.
ويبقى السؤال الكبير هو: لماذا اتحد كل هؤلاء على محاربة الحجاب؟ ولماذا هذه الحملة الشرسة وفي هذا التوقيت بالذات؟ هل السبب هو فوبيا الحجاب والخوف من كل ما يرمز للإسلام؟ أم أنها حالة مرضية وترسبات نفسية كانت تعتمل في دواخل مرضى النفوس ولم تجد فرصة للخروج إلى العلن بهذه الصورة إلا بعد تداعيات أحداث الحادي عشر من سبتمبر وما تبعها من تطورات عالمية وما يسمى بالحرب على الإرهاب؟؟
ولكن يبقى أصحاب القلوب المطمئنة العامرة بالإيمان على يقين بأن العاصفة سوف تزول وأن سحب التشكيك سوف تنقشع عما قريب وأن الله متم نوره ولو كره الكافرون.
ـــــــــــــــــــ
رافاران يتمسك بمنع الحجاب في المدارس الفرنسية
...
...
السبت :29/11/2003
(الشبكة الإسلامية) الجزيره نت
الشبكة الإسلامية >> أخبار الشبكة
...
...(5/674)
أعلن رئيس الوزراء الفرنسي جان بيير رافاران إصرار حكومته على منع الطالبات المسلمات من ارتداء الحجاب في المدارس العامة. وعزا رافاران هذا الموقف إلى ما أسماه بـ"حماية الفتيات من ضغوط المتشددين عليهن لارتداء الحجاب" حسب زعمه .
وأكد رئيس الوزراء الفرنسي أن حزب الاتحاد من أجل الحركة الشعبية الذي ينتمي إليه والمدافع عن حقوق المرأة سيكون القوة الموجهة الرئيسية في أي قانون تجيزه الحكومة بشأن الحجاب.
واعتبر رافاران خلال اجتماع حزبي في ضاحية فيليبني بباريس أن القرار ليس له علاقة بالدين بل برفع القيود عن المرأة على حد زعمه.
يشار إلى أن جماعات حقوق المرأة وبعض القيادات السياسية النسائية في فرنسا تشن حملة لحظر الحجاب تزعم أن العائلات المسلمة تجبر السيدات والفتيات على ارتدائه معتبرين ذلك انتهاكا لمبدأ المساواة بين الجنسين على حد زعمهم.
وتدعو هذه الحملة إلى حظر ما تسميه "رموز التفاخر الديني" مع طرد السيدات والفتيات المسلمات من المدارس وحرمانهن من الوظائف بل ورفض قيامهن بمهام المحلفين لإصرارهن على ارتداء الحجاب.
وفي إطار تداعيات هذه القضية شكل الرئيس الفرنسي جاك شيراك لجنة لدراسة الوضع الحالي للعلمانية وهي إحدى المبادئ المؤسسة للجمهورية الفرنسية وكيفية الدفاع عنها في مواجهة ما يسمى الأصولية.
ومن المقرر إعلان تقرير اللجنة في 11 ديسمبر/ كانون الأول المقبل. وقال نيكولاي ساركوزي وزير الداخلية الفرنسي والمعارض منذ فترة طويلة لحظر الحجاب بقوة القانون إنه غير رأيه وأيد هذه الفكرة مادامت غير موجهة للمسلمين بشكل خاص.
وفي المقابل أعرب النصارى واليهود عن قلقهم تجاه صدور أي قانون يمنع ما يسمى التفاخر الديني لأنه قد يشمل أيضا المنع من ارتداء الصلبان الصغيرة أو نجمة داود ومنع الفتيان اليهود من ارتداء القبعة اليهودية.
وقال رئيس حزب الاتحاد من أجل الحركة الشعبية آلان جوبيه إن "التفاخر يعني الرموز المبالغ فيها والاستفزازية والتبشيرية وهذا غير مقبول" حسب زعمه .
ـــــــــــــــــــ
مذيعة بقناة الجزيرة: "هزمتُ الشيطان وارتديتُ الحجاب"
...
...
الجمعة :28/11/2003
(الشبكة الإسلامية)
الشبكة الإسلامية >> المركز الإعلامي >> الأسرة
...
...
ظهرت إحدى مذيعات قناة الجزيرة وهي الجزائرية 'خديجة بن قنه' مرتدية غطاء الرأس قبل يوم واحد من عطلة عيد الفطر.(5/675)
ونقلت صحيفة خليج تايمز عن خديجة قولها:' لقد استطعت أخيرا أن أهزم الشيطان وأرتدي الحجاب، بعد تفكير استمر 3 سنوات'.
وأضافت:' لم أتعرض لأي ضغط من القناة، حيث يعتبر مجلس الإدارة ارتداء المذيعات للحجاب أمرا شخصيا لا دخل له بالعمل'.
وتكشف خديجة عن السبب في اتخاذها القرار أخيرا بعد التفكير الطويل فتقول:' لقد جاءت اللحظة النهائية على يد الداعية المصري عمر عبد الكافي أثناء حديثه في برنامج الشريعة والحياة'،
ـــــــــــــــــــ
رافاران يطالب بنص تشريعي بشأن الحجاب في فرنسا
...
...
الاثنين :24/11/2003
(الشبكة الإسلامية) الجزيره نت
الشبكة الإسلامية >> أخبار الشبكة
...
...
دعا رئيس الوزراء الفرنسي جان بيير رافاران إلى توفير نص تشريعي يوفر إطار عمل لتشريع جديد بخصوص ارتداء الحجاب في فرنسا وذلك بعد تصاعد الجدل حول هذه القضية هناك.
وقال رافاران إن مثل هذا النص التشريعي لن يكون بديلا للقوانين وأضاف لراديو أوروبا - 1 متحدثا بشكل علني للمرة الأولى لصالح مثل هذا النص الذي يمكن أن يقدم إرشادات بشأن كيف يجري التعامل مع الرموز الدينية في مؤسسات عامة "ينبغي علينا أن نتمكن من إنجاز هذا العمل خلال النصف الثاني من عام 2004".
وتأتي تصريحات رافاران وسط تصاعد الجدل بشأن الرموز الدينية في فرنسا. إذ طردت فتاتان من مدرسة ثانوية في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي كما تعرضت موظفة في المجلس البلدي في باريس لإجراء تأديبي جميعهم بسبب ارتداء الحجاب.
ويفرض القانون الفرنسي حيادا دينيا صارما في المؤسسات العامة ولكن الحكومة منقسمة بشأن ما إذا كانت ستحظر الحجاب. وتعيش في فرنسا أكبر أقلية مسلمة في أوروبا حيث يبلغ عدد المسلمين فيها خمسة ملايين شخص.
ومن جهة أخرى نفى رافاران وجود تهديد إرهابي محدد في الوقت الحاضر ضد فرنسا.
وقال رئيس الوزراء الفرنسي لإذاعة أوروبا -1 "نحن متيقظون تماما. لدينا إجراءات أمنية, إلا أن بإمكاني القول بكل صدق إنه لا يوجد اليوم تهديد خاص ضد فرنسا". وتابع قائلا "لدينا تعاون ممتاز مع أجهزة أمنية واستخباراتية دولية تتيح لنا تحديد مختلف التهديدات".
ـــــــــــــــــــ
متدينو المناسبات" يستغلون رمضان للتكفير عن باقي الشهور!(5/676)
...
...
الاربعاء:19/11/2003
(الشبكة الإسلامية) الجزائر - وسيلة عولمي
الشبكة الإسلامية >> المركز الإعلامي >> للشباب فقط >> قضايا شبابية
...
...
يمكن اعتبار شهر رمضان في الجزائر "الفرصة الذهبية" التي لا تفوتها شريحة عريضة من الشباب للتقرب من الله وطلب التوبة والغفران منه، أملاً في مسح ذنوب السنة. ويظهر ذلك من خلال السلوكيات المنضبطة التي تميز هؤلاء الشباب منذ بداية الشهر حتى نهايته، إذ تتحول المساجد قبلتهم المفضلة بعد أن كانت المقاهي ومحال الانترنت تستهلك من أيامهم الوقت الطويل والمال الكثير.
اللافت أن هؤلاء الشباب أو "متديني المناسبات" كما يسميهم بعضهم، يحرصون طوال أيام رمضان على مراقبة أدنى تصرفاتهم سواء في الشارع أم في الجامعات والأسواق. وإذا كانوا يسمحون لأنفسهم خلال أيام السنة العادية بمعاكسة الفتيات ومضايقتهن، فإنهم يكتفون خلال أيام رمضان بترديد عبارتي "اللهم إني صائم" و"استغفر الله" كلما شاهدوا ملامح فتاة جميلة أو متبرجة. وإذا تعودوا خلال أيام السنة على التمتع بالاستماع إلى أغاني "الراي"، أو مشاهدة الأفلام والمسلسلات الآتية من وراء البحار، فإنهم في المقابل يكتفون خلال أيام الصيام بالاستماع إلى أشرطة القرآن، ومتابعة الحصص الدينية التي تبثها القنوات الفضائية المتخصصة.
وعلى رغم السهرات الفنية والحفلات المتنوعة التي تشهدها ليالي رمضان، ولا سيما في المدن الجزائرية الكبرى مثل العاصمة وهران وعنابة، يفضل عدد كبير من الشباب قضاء سهراته بعيداً من صخب الموسيقى وفتنة الجنس الآخر، تفادياً لارتكابهم أي "ذنب" يكون السبب في بطلان صيامهم، فتجدهم يختارون الجلوس في جماعات يغلب على أحاديثها الطابع الديني، وآخر فتاوى الدعاة، وأحياناً عن أحدث موديلات السيارات أو نتائج مباريات الدوري لكرة القدم.
رفيق (24 عاماً) يعترف بأنه عاد خلال هذا الشهر إلى أداء فريضة الصلاة، كما أنه أطلق لحيته، على رغم حرصه المعتاد والشديد على تشذيبها يومياً قبل الخروج من البيت. ويقول رفيق: "ينتابني شعور غريب في هذا الشهر الكريم، أحس أكثر من أي وقت بضرورة التقرب من الله، لذلك أحس بأن سلوكياتي تتغير وأصبح أكثر هدوءاً من المعتاد. كما أنني أقضي على غير عادتي معظم أوقاتي في البيت لمتابعة الحصص الدينية أو المسلسلات التاريخية بينما اختار أداء صلوات اليوم في المسجد برفقة أصدقائي".
الشعور نفسه ينتاب وداد (23 عاماً) التي تقول إن برنامجها اليومي خلال شهر رمضان يتغير تماماً بحيث إنها تقضي غالبية أوقاتها بين الجامعة والمكتبة والبيت، عكس الأيام الأخرى التي تسمح لنفسها خلالها بالبقاء لمدة طويلة مع زميلاتها في الجامعة على رغم انتهاء مواعيد المحاضرات. وترى وداد أن شهر رمضان يعتبر(5/677)
مناسبة لا يجب تفويتها للتكفير عن الذنوب والتقرب من الله، لذلك فهي تحرص يومياً على أداء صلاة التراويح في المسجد برفقة والدتها وشقيقتها.
وإذا كان رفيق ووداد يعتبران مثالاً للكثير من الشباب الجزائريين الذين يشعرون بالرغبة القوية في التقرب من الله، وأداء فريضة الصوم من دون المساس بمشاعر الغير أو إلحاق الأذى بهم، فإن شباباً آخرين يتحولون خلال شهر رمضان إلى أئمة أو دعاة حتى إنهم لا يجدون حرجاً في تقديم النصائح والإرشادات لزملائهم وزميلاتهم، كأن يقولوا لأحدهم "كف عن التدخين" أو لإحداهن "لماذا لا ترتدين الحجاب؟"، وغيرهما من النصائح التي أشارت إليها نبيلة، وهي طالبة في كلية الإعلام والاتصال في العاصمة.
وتعرب نبيلة عن استغرابها من التغير الكبير الذي طرأ على بعض زملائها في الجامعة بحلول شهر رمضان، وتقول: "لم أكن أتوقع أن يقول لي أحد الزملاء انني أتعب نفسي بالصيام سدى، لأنني لا أرتدي الحجاب ولا أصلي". وتضيف: "بصراحة أنا لم أفهم هل كان زميلي يريد إحراجي أمام بقية الزملاء أم أنه كان يمزح فقط! لكن الأمر المؤكد هو أن طريقة كلامه معنا تغيرت، وأصبح منذ بداية رمضان يتفادى قدر الإمكان الحديث مع البنات. وحتى إذا تحدث معهن، فيكون كلامه مجرد ملاحظات قاسية أو نصائح".
ولا ينفي عبد القادر مصباح وهو إمام مسجد، أن نسبة الشباب المقبلين على المسجد ترتفع بنسبة كبيرة خلال شهر رمضان، لا سيما في الليل لأداء صلاة التراويح. ويقول عبد القادر إنه يستقبل يومياً عشرات الشباب الذين يسألونه عن أمور الدين، ويستفسرون منه عن الأشياء التي يتوجب عليهم تفاديها خلال هذا الشهر. وعلى رغم ارتياحه لهذا الاهتمام الكبير بالشعائر، يأسف "لأن الإقبال غير دائم ويرتبط فقط بشهر رمضان".
ــــــ
الحياة 2003/11/11
ـــــــــــــــــــ
توبة حداثية لماذا وكيف ؟
أرسلت إحدى التائبات - ثبتنا الله وإياها على الحق – أرسلت برسالة تكشف فيها عن الخير التي صارت إليه بعد أن خلصها الله من فتنة أولئك القطاع – وسأكتفي ببعض ما جاء فيها لعل فيها عبرة .
تقول فيها: الحمد لله حمدا يليق بأنعمه الحمد لك ربي حتى ترضى والحمد لك إذا رضيت والحمد لك بعد الرضا وصلى الله وسلم على نبينا وحبيبينا محمد بن عبد الله عدد قطرات المطر وبعد
اليوم أقلد قلمي شرف هتك الأسرار ، أسرار الضياع لم تكن توبتي نتيجة ظروف قاسية ، أو محنة عارضة ، بل كنت أنعم بكل أشكال الترف ، وحرية في كل شيء ، وكنت أجسد العلمنة بمعناها الصحيح، وكانت أفكار الحداثيين وخططهم نهجي ودستوري ، وكتبهم مرصوصة في مكتبتي ، وقلمي تتلمذ على أشعار نزار قباني ، ورمي الحجاب حلم يداعب خيالي ، وقيادة السيارة قضيتي الأولى أنادي بها في كل(5/678)
مناسبة ، واستغل ظروف من هم حولي لإقناعهم بضرورتها ، تمنيت أن أكون أول من تترجم فكرة القيادة إلى واقع ملموس، ولطالما سهرت الليالي أخطط فيها لتحقيق الحلم ، أما تحرير المرأة السعودية من معتقدات وأفكار القرون البالية وتثقيفها وزرع مقاومة الرجل في ذاتها فلقد تشربتها وتشربتها خلايا عقلي، وسعيت جاهدة لتسليط الضوء على جبروت الرجل السعودي وأنانيته ، وقدمت الرجل المتحرر على طبق من ذهب على أنه يفهم المرأة وقد استخرج كنوز أنوثتها وقدمها معه جنبا إلى جنب، وشوهت صورة الرجل المتدين على أنه اكتسب الخشونة والرعونة من الصحراء وتعامل مع الأنثى كما تعامل مع نوقه وهو يسوقها بين القفار ، كانت الموسيقى غذاء الروح كما كنت أسميها هي نديمي من الصباح إلى الفجر، أما الرقص بكل أنواعه فقد جعلته رياضة تعالج تخمة الهموم ، ونظريات فرويد كنت أدعمها في كل حين بأمثلة واقعية، وأنسب المشاكل الزوجية إلى الكبت ، والعقد من آثار أساليب التربية القديمة التي استعملها أهلنا معنا، وكانت أفكاري تجد بين المجتمع النسائي صيتا عاليا ومميزا ؛ سرت على هذا النمط سنين عديدة، وفي يوم من الأيام وأنا في إحدى الأسواق كنت جالسة في ساحته لفت نظري شاب متدين بهيئته التي تدل على التدين ، ثوب قصير وسير هاديء وعيون مغضوضة أظنه في سن ما بعد العشرين وبدأ عقلي الضال يعمل أعجبني هدوؤه وراودتني بعدها أفكار غريبة – غريبة علي جدا، علامات الرضا بادية على محياه خطواته ثابته رغم أن قضيته في نظري خاسرة هو والقلة التي ينتمي إليها يتحدون ماردا جبارا تقدم وحضارة ، ولا يزالون يناضلون سخرت بداخلي منه ومنهم ، لكني لم أنكر إعجابي بثباتهم، فقد كنت أحترم من يعتنق الفكرة ويثبت عليها رغم الجهود المتواضعة وقلة العدد وصعوبة إقناع البشر بالكبت كما كنت أسميه حاولت أن أحلل الموضوع فقلت في نفسي ربما هؤلاء الملتزمين تدينوا نتيجة الفشل فأخذوا الدين شعارات ليشار إليهم بالبنان ، لكن منهم العلماء والدكاترة وماضي عريق قد ملكوا الدنيا حينا من أقصى الشرق إلى أقصى المغرب أو ربماهو الترفع عن الرغبات ؛ وعند هذه النقطة بالذات اختلطت علي الأمور – الترفع عن الرغبات معناه الكبت – والكبت لاينتج حضارة حاولت أن أتناسى هذا الحوار مع نفسي لكن عقلي أبى علي ولم يصمت ومنذ ذلك الوقت وأنا في حيرة فقدت معها اللذة التي كنت أجدها بين كتبي ومع أنواع الموسيقى والرقص ومع الناس كافة علمت أنني فقدت شيئا ، لكن ماهو ؟؟ لست أدري اختليت بنفسي لأعرف علتي وطرقت أبواب الطب النفسي دون جدوى فقدت الإحساس السابق بل لا أشعر بأي شيء كل شيء بلا طعم وبلا لون ورجعت مرة أخرى لنقطة البداية متى كان التغير ؟؟ إنه بعد ذلك الحوار تساءلت كل ما أتمنى أستطيع أخذه ما الذي يحدث لي إذاً أين ضحكاتي المجلجلة ؟؟ وحواراتي التي ما خسرت فيها يوما ؟؟ جلسات السمر والرقص ؟؟ كيف ثقل جسدي بهذا الشكل ؟؟ وكلما حاولت أن أكتب أجدني أسير بقلمي بشكل عشوائي لأملأ الصفحة البيضاء بخطوط وأشكال لا معنى لها غير أن بداخلي إعصاراً من حيرة بدأت أتساءل هذه الموسيقى المنسابة إلى مسمعي لم أعد أشعر بروعتها لو كانت غذاء الروح لكانت روحي الآن روضة خضراء ، أو تلك الكتب التي احترمت كتابها وصدقتهم لِمَ تخذلني الآن كلماتهم ولا تشعل حماسي كما(5/679)
كانت ، وهنا لاح سؤال صاعق هل هم فعلا أفضل منا - –تقصد الغربيين –- ؟؟ هل هم فعلا أفضل منا ؟؟ وبماذا أفضل ؟؟ تكنلوجيا ؟؟ وبماذا خدمت التكنلوجيا المرأة عندهم ؟؟ خدمة الرجل الغربي ، والمرأة أين مكانها ؟؟ معه في العمل !! وأخرى في المرقص تتراقص على أنغام الآلات التي اخترعها الرجل !! وأخرى ساقية للخمر الذي صنعه الرجل ونوع في أسمائه !! اكتشفت حقيقة أمرّ من العلقم الرجل تقدم وضمن رفاهيته وتملص من الحقوق والواجبات، حتى في جنونه جعل المرأة صالة عرض لكل ما يطرأ على خياله ، اخترع لها رقصات بكل الأشكال، رقصت وهي واقفة ، جالسة ، نائمة ، مقلوبة كمارقصت الراقصة كما اشتهاها العازف، اشتهاها ممثلة؛ مثلت كل الأدوار التي تحاكي رغباته من اغتصاب، إجرام، حب، شذوذ ، أي دور وكل دور!! اشتهاها عارية على الشاطيء تعرت !! اكتشفت الخديعة الكبرى في شعار حرية المرأة، فإن نادى بها رجل فهو ينادي بحرية الوصول إلى المرأة ، ثم من ماذا يريدون تحرير المرأة، من الحجاب ؟؟ لماذا ؟؟ ماهو الحجاب ؟؟ إنه عبادة كالصلاة والصوم؛ كنت سأحرم نفسي منه لولا أن تداركتني رحمة الله ،
يريدون أن يحرروني من طاعة الأب والزوج إنهم حماتي بعد الله ، الأب والزوج حماتي بعد الله يريدون أن يحرروني من الكبت، كيف سميتم العفة والطهارة كبتا ؟؟ كيف ؟؟ ما الذي جنوه من الحرية الجنسية ؟؟ أمراض ضياع !! حرروا المرأة كما يزعمون أخرجوها من بيتها تكدح كالرجل وضاع الأطفال !! واليوم اليوم يتدارسون ضياع الأطفال تباً لهم وتباً لعقلي الصغير كيف صدقهم ؟؟ كيف لم أرَ تقدمنا والمرأة متمسكة بحجابها ؟؟ كيف كنت أنادي بالقيادة ؟؟ فمع قيادة المرأة للسيارة يسقط الحجاب ةتسقط المرأة بعده عرفت علتي وعلة الشباب جميعا أولا : مشكلتنا الأساسية أننا لانعرف عن الإسلام إلا اسمه وعادات ورثناها عن أهلنا كأنه واقع فرض علينا وثانيا : لم ندرك طريقة الغزو الحقيقية خدرونا بالرغبات شغلونا عن القرآن وعلوم الدين ، فهي خطة محكمة تخدير ثم بتر ، ونحن لانعلم ؛ اتجهت إلى الإسلام من أول نقطة من كتب التوحيد إلى الفقه ومع كلمات ابن القيم عدت إلى الله ، ومع إعجاز القرآن اللغوي والتصويري والعلمي والفلكي ووو.. ندمت على كل لحظة ضيعتها أقلب فيها ناظري في كتب كتبتها عقول مسخها الله وطمس بصيرتها كانت معجزة أمامي هو القرآن الكريم لم أحاول يوما أن أفهم ما فيه أو أبحث في تفسيره ؛ أخرجت من منزلي ومن قلبي كل آلات الضياع والغفلة ، وعندها خرج اللحن من قلبي ، ووجدت حلاوة الشهد تنبع مع قراءة آيات القرآن ، وعرفت أعظم حب : أحببت الله تعالى، أحببت الله لبست الحجاب الإسلامي الصحيح بخشوع وطمأنينة واقتناع بعد تسليم أشعر معه رضا الله عني ، وعرفت معنى قوله تعالى : ((وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)) في سكناتي وحركاتي وطعامي وشرابي استشعر معناها العظيم بت أنتظر الليل بشوق إلى مناجاة الحبيب أشكو إليه أشكو إليه شدة شوقي إلى لقائه ، وإلى لقاء رسول الله المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم، وحنينا إلى صحابته الكرام ، ونسائه الطاهرات وأخيرا كلمة إلى كل من سمع قصتي لاترفضوا دينكم قبل أن تتعرفوا عليه جيدا لإنكم إذا عرفتموه لن تتخلوا عنه فداه الأهل والمال والبنون والنفس لا تنسوني ووالدي من صالح دعائكم(5/680)
أختكم في الله المشتاقة إلى الله.
ـــــــــــــــــــ
حجاب المرأة المسلمة في الثقافة الغربية
...
...
الثلاثاء:28/10/2003
(الشبكة الإسلامية) غازي دحمان
الشبكة الإسلامية >> المركز الإعلامي >> ثقافة و فكر
...
...
ثمة ظاهرة في العالم الإسلامي بدأت في العقدين الأخيرين تثير انتباه علماء الاجتماع الغربيين، وخاصة أولئك المهتمين بقضايا العالم الإسلامي خصوصاً، أو المهتمين بالظواهر الاجتماعية المختلفة عموماً. وهي ظاهرة عودة الحجاب بكثافة في الوطن العربي، ولاسيما في المجتمعات التي كان للاستعمار تأثير اجتماعي وثقافي كبير فيها.
لقد أخذت هذه الظاهرة تفاجئ زوار المدن العربية في الحزام الشمالي من الوطن العربي: مصر، وسوريا، ولبنان، وتونس، والجزائر، والمغرب. وصارت تمثل لغزاً مبهماً أمام أعين المراقبين الخارجيين، ذلك أن هؤلاء الفتيات هنَّ في متوسط العمر، ومن المنتميات للأجيال الحديثة، فضلاً عن أنهنَّ قطعنَ شوطاً كبيراً في مضمار التعليم، والأهم أنَّ هؤلاء الفتيات قد تحجبنَ بإرادتهنَّ الحرة، بل وفي كثير من الحالات ضد رغبات آبائهنَّ.
مثار الاستغراب حسب عالم اجتماع غربي هو ( LOIS BECK) يعود لكون الحجاب كان لقرون عدة يرمز إلى "اضطهاد" المرأة العربية المسلمة، وإلى المركز "المتدني" الذي كانت تحتله في المجتمع، وفق النظرة الغربية السطحية.
عالم اجتماع غربي آخر هو( NIKKI KEDDIE ) يَردّ أسباب الاستغراب والإثارة إلى كون ظاهرة الحجاب قد جاءت إلى المجتمع العربي بعد حركة نسائية نشطة شهدتها المنطقة خلال النصف الأول من القرن المنصرم. وكان السفور أثناءها رمزاً لتصميم النساء على "التحرر من الأغلال" . ويضيف KEDDIE) ) أنَّ تلك الحركة نجحت فعلاً في صوغ قوانين للأسرة وللأحوال الشخصية في المنطقة.
هذه التساؤلات وغيرها دفعت علماء الاجتماع الغربيين إلى ربط هذه الظاهرة بالحداثة بمفهومها الغربي العلماني، متسائلين إن كانت هذه القضية تمثل نكسة ضد الحداثة. مستندين في ذلك إلى تصنيفات كثيراً ما تكون مقطوعة الصلة بمثل هذه الظواهر، ومختزلين الحداثة بشكل ظاهري سطحي وهو السفور والملابس العصرية والاختلاط الحر مع الجنس الآخر واللقاء "الرومانسي" بين الجنسين.
عالم اجتماع بريطاني هو (جودي مابرو) لخّص النظرة الغربية لظاهرة الحجاب وفق قراءة فيها شيء من الموضوعية في كتابه "تصورات الرحالة الغربيين عن النساء في الشرق الأوسط".(5/681)
يقول مابرو: "شكلت النساء المسلمات مؤخراً موضوع نقاش كثيف في الصحافة الغربية، خاصة حين طالبت قلّة قليلة من الفتيات في فرنسا وإنكلترا بحقهن في ارتداء غطاء الرأس في المدرسة. ولقد عكس السجال الطويل الذي دار في فرنسا، والآخر المقتضب الذي دار في إنكلترا، تلك النظرة الغربية المتأصلة التي ترى أنّ السبب الأوحد لاضطهاد النساء المسلمات هو دينهن. إذ إنه ، يضيف مابرو، طالما اعتقدت أوروبا أن النساء المسلمات يعانين من الاضطهاد ما لا تعانيه غيرهن من النساء، فهذا ما وصفته كتب الرحلات الغربية والأدب الغربي. وما صوّره الفن الغربي على مر فترة مديدة من الزمن، لذا فقد أُخذ الأمر على أنه واقعة لا شك فيها، ويمكن للجميع أن يروها متجلية في الحجاب، وفي مؤسسة الحريم. هاتان الظاهرتان لا تزالان تثيران اليوم ردود فعل قوية شأنهما في أي وقت مضى.
يرى (مابرو) أنّ "الحجاب هو الذي يطلقه الغرب على كل وشاح يغطى به رأس المرأة، وهو تعبير يمكن أن يضلّل ويسوق إلى تعميمات زائفة ومغلوطة، لذا سرعان ما طفت على السطح مجموعة من الأفكار الخاطئة عن الإسلام والنساء المسلمات.
ومن الأمثلة التي يوردها مابرو على ذلك أنَّ مراسلاً للـ (جارديان) قام بتحقيق عن حالة تلميذتين في "أولتر بخشام" ارتدتا غطاء الرأس فطلب مقابلة والدهما لاقتناعه أن الإسلام دين يهيمن فيه الرجال، وأنَّ النساء المسلمات كائنات سلبية لا حول لها ولا قوة. غير أنَّ إحدى الفتاتين قالت له : إنَّ والدها مشغول، وعرضت عليه أن تساعده هي نفسها. ويقول هذا المراسل: من ثم فقد ساعدتني فاطمة طوال 40 دقيقة كاملة, ومع أنها لم تتجاوز الخامسة عشرة من عمرها فإنَّ طلاقتها وثقتها بنفسها لو وجدتا في أي شخص في ضعف سنها لكانتا لافتتين للانتباه، فهي سيدة تعرف نفسها وتعرف ما تريد. ( الجارديان 19 يناير 1990 ).
مثال آخر يسوقه مابرو، ففي مايو 1989 تضمَّن برنامج تلفزيوني عن أفغانستان مقابلة أجراها رجل أيضاً مع بعض الفتيات في جامعة كابول، وحين أعربت الفتيات اللاتي يعشن في مدينة أنهكتها الحرب في رغبتهنَّ الجامحة في السلام، وعن استعدادهنَّ لقبول التسويات إذا ما كانت ضرورية لتحقيقه، أصيب المحاور البريطاني بصدمة. فقد كان واثقاً من أنَّ هؤلاء الصبايا اللاتي ترعرعن في فترة الحكم الشيوعي لا بد أن يجدن مكانة النساء أكثر أهمية من السلام. وحين طرح عليهن السؤال: "أأنتن مستعدات حقاً لارتداء الحجاب؟ أجبنَ جميعاً أنهنَّ مستعدات إذا ما كان لذلك أن يسهم في إحلال السلام في البلاد".
مثال آخر يضيفه مابرو موضحاً الرؤية الغربية لموضوع الحجاب والمرأة المسلمة عموماً. "يقول: نشرت مجلة "ماري كلير" ، وهي مجلة للأزياء في بريطانيا مقالاً بعنوان "جزيرة العرب خلف الحجاب" في سبتمبر 1988. يصفه مابرو "بأنه يعزف على وتر افتراضات بالية ورثها عن الرحالة الغربيين بخصوص النساء الشرقيات".
ومن المقال: "غالباً ما تأتي خبرة الغربيين بالحجاب من رؤيتهم زمراً من النساء القصيرات المتسربلات من الرأس إلى أخمص القدمين بنوع من الكتان الأسود الفاحم، وهن يطفنَ على مهل في متاجر المدن الكبرى. ومع أنَّ هؤلاء النساء يبدينَ بمثابة الشيء الشاذ والغريب وهنَّ يركبنَ ويترجلنَ من سيارات الليموزين التي تراها(5/682)
متوقفة بانتظارهنَّ أمام محلات " الماربل آرش لماركس وسبنسر في لندن " إلاَّ أنهنَّ قد يكنَّ في بلادهنَّ ساحرات الجمال وغامضات وفاتنات ومدهشات مثل نجد تلك الصحراء القاحلة في شبه الجزيرة العربية".
يرى مابرو: أنَّ كاتب المقال المذكور لا يُعنى بهؤلاء النساء إلا بوصفهنَّ موضوعات جنسية. كما يرى في مكان آخر أن أسباب وصف الأوربيين للمرأة المحجبة بالتخلف والبؤس إنما هو نتاج للمركزية العنصرية والإيمان بتفوق العنصر الأوربي".
وفق هذه الرؤية كثيراً ما يدرس علم الاجتماع الغربي هذه الظاهرة بناء على نظرة سطحية هشة. فضلاً عن كونها، كما أسلفنا، مقطوعة الصلة بظروفها وأبعادها ومضامينها الحقيقية. وهو ما عبر عنه الفكر الغربي في التجمعات العالمية التي نُظمت لدرس قضايا المرأة في العالم، كـ "المؤتمر العالمي للسكان والتنمية" الذي عقد في القاهرة في سبتمبر 1994، و"المؤتمر الرابع للمرأة" الذي عقد في بكين سبتمبر1995.
لقد تعامى الفكر الغربي تماماً في هذه المؤتمرات عن حقيقة أنّ النسق الاجتماعي في كل دولة يخلق أوضاعاً خاصة بها تسمح بإباحة حقوق للمرأة قد لا تتناسب مع دول أخرى لها نسق يتفق مع ظروفها، ومن ثم يختلف تناول قضية "تمكين المرأة"، وهو المصطلح الذي يسود حالياً، من مجتمع لآخر بحسب المعايير التي تشجع بها تقاليد كل مجتمع.
وهنا نعود لنتساءل مع عالم الاجتماع المصري "سعد الدين إبراهيم" حول حقيقة هذه الظاهرة ومدى أثرها على تطور المرأة وتخلفها كما تدَّعي تصنيفات علم الاجتماع الغربي. وحسب إبراهيم في كتابه الموسوم "النظام الاجتماعي العربي الجديد": "أنه إذا كانت الحداثة تعني السفور والملابس العصرية والاختلاط الحر مع الجنس الآخر واللقاء الرومانسي بين الجنسين، ففي هذه الحالة يمثل الفتيات المحجبات نكسة لقضية الحداثة؛ أما إذا كانت الحداثة من ناحية أخرى تعني اكتساب العلوم الحديثة والتكنولوجيا والإنسانيات، وإذا كانت تعني أيضاً الالتزام، ففي هذه الحالة تعدّ الفتيات المحجبات حديثات بكل المعاني".
ويصف الدكتور ابراهيم فوائد الحجاب بما يتناسب مع المنطق الغربي الفلسفي فيقول "إنّ هؤلاء الفتيات يؤكدنَ على واحد أو أكثر من المعاني التالية: هوية أصيلة في مواجهة تقليد أساليب الحياة الغربية, اعتراض على ما يبدو أمامهنَّ سلوكاً منحرفاً أو فاسداً في المجتمع، والحرص على السمعة الأخلاقية.
إنهنَّ بكل بساطة ينتقينَ من محتويات حقيبة الحداثة، ويأخذنَ من الحداثة ما تحتويه من علم وتكنولوجيا، ومن التزام بمستقبل مهني، ثم يتركنَ بقية هذه المحتويات، يحدوهنَّ شعور وقناعة عميقة بأنَّ ما اخترنه من هذه الحقيبة إنما يتسق مع تراثهنَّ ومع تعاليم الدين الحنيف، ومع الأصالة.
ويختم إبراهيم معلقاً: هذا هو سبيلهنَّ لكي يفرضنَ بعض النظام على عالم يبدو لهنَّ مفعماً بالفوضى والاضطراب.
بقي أن نذكر مثالاً أورده المفكر الأفريقي "فرانز فانون" عن المرأة الجزائرية أيام الاستعمار الفرنسي: "إن حجابها وسفورها كان جزءاً لا يتجزأ من تأكيدها لذاتها(5/683)
القومية والثقافية والحضارية. فعندما شجع الاستعماريون الفرنسيون النساء الجزائريات على السفور عمدنَ إلى التمسك أكثر بالحجاب كرمز للمقاومة، وعندما تطلبت المقاومة سفور بعض النساء للتسلل داخل صفوف المستعمرين الفرنسيين وزرع المتفجرات في الأحياء السكنية الأجنبية تخلت بعض النساء عن الحجاب" ، ولكن التخلي كان مؤقتا ولمصلحة بغية الجهاد في سبيل الله.
ـــــــــــــــــــ
قيادة المرأة للسيارة
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، فإن أصدق الحديث كتاب الله،وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة. أما بعد:
فإن الشريعة الإسلامية لا تأمر إلا بمصلحة خالصة أو راجحة، ولا تنهى إلا عن ما مفسدته خالصة أو راجحة، ومن قواعد الشريعة الغراء درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، ومن قواعدها أيضاً ارتكاب أدنى المفسدتين لدفع أعلاهما، ومن قواعدها أيضاً يحتمل الضرر الخاص لدفع الضرر العام، وإذا أردنا أن نطبق حكم قيادة المرأة للسيارة على هذه القواعد يتبين لنا مفسدته الراجحة، وعموم ضرره، وأعظم ضرراً من عدم قيادتها والضرر مدفوع في الشريعة ومحرم، ومن قواعد الشريعة: (لا ضرر ولا ضرار) لما يلي:
1- إن قيادتها سبب لنزع الحجاب، والحجاب أمر واجب، بما في ذلك تغطية الوجه واليدين، والذين قالوا بعدم وجوب تغطية الوجه واليدين من أهل العلم، قالوا بوجوب حصول الفتنة، ولا شك أن الفتنة في زماننا حاصلة لوجود أسباب إثارة الغرائز والشهوات.
2- إنه سبب لعدم القرار في البيت، والأصل في المرأة المسلمة القرار في البيت قال الله عز وجل: ? وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ? وقال سبحانه وتعالى عن ابنة صاحب مدين ? يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ ? فكونها تطلب من أبيها أن يستأجره بدل من أن تعمل هي في رعي الغنم دليل على أن الأصل في حقها هو الأصل القرار في البيت.
وأيضاً قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ) دليل على أن الأصل في حقها القرار في البيت.
3- إن قيادتها للسيارة سبب للفتنة في عدة مواطن من ذلك فتنتها فالوقوف عند إشارات الطريق ومحطات الوقود وعند نقاط التفتيش وعند تعطل السيارة ونحو ذلك، وفتنة المرأة على هذه الأمة من أعظم الفتن، وقد ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في التحذير من فتنة الدنيا وفتنة النساء، فقال: (إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ وَإِنَّ اللَّهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ) رواه مسلم.(5/684)
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ).
4- إن قيادتها سبب للاختلاط بالرجال والشارع الحكيم منع من اختلاط المرأة بالرجل لما يترتب على هذا الاختلاط من مفاسد كثيرة منها أنه سبب افتتان الرجال بالنساء والوقوع في الفاحشة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا وَشَرُّهَا آخِرُهَا وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا) أخرجه مسلم.
ثم يدل ذلك على عدم اختلاط المرأة بالرجل بل كلما كان الرجل أقرب من المرأة كان ذلك سبباً للفتنة.
5- من مفاسد قيادة المرأة للسيارة أيضاً ما يحصل من نزع الحياء من المرأة والحياء شعبة من الإيمان.
6- إن قيادة المرأة للسيارة سبب لوقوع الحوادث إذ إن المرأة لا تتحمل كما يتحمل الرجل إذا حصل لها خطر ما.
7- إنه سبب للأزمات الاقتصادية وذلك من عدة أوجه منها: كثرة ازدحام السيارات في الشوارع مما يؤثر ذلك على الاقتصاد والإنفاق في شراء هذه السيارات وإصلاح الطرق وتوسيعها وفتحها ومزاحمة أصحاب الأعمال إذ إن المرأة لا يناط بها من الأعمال ما يناط بالرجال وتأخر أصحاب هؤلاء الأعمال عن أعمالهم وأيضاً النفقات في شراء هذه السيارة، وذلك بما فتنت به المرأة من تغيير هذه المراكب فترة بعد أخرى إذ إن المرأة من طبيعتها ذلك.
وغير ذلك مما هو معلوم لدى الجميع.
فلهذه الأسباب وغيرها يتضح أن الشريعة الإسلامية تمنع مما يؤدي إلى الشر أو الفساد في المجتمع ومن القواعد الشرعية المقررة (إن الوسائل لها أحكام المقاصد) وقد روى حذيفة رضي الله تعالى عنه أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم قلت: (فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ قَالَ نَعَمْ دُعَاةٌ إِلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا فَقَالَ هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا) وهذا في الصحيحين.
وإني أدعو كل مسلم أن يتقي الله في قوله وفي عمله وأن يحذر الفتن والداعين إليها وأن يبتعد عن كل ما يسخط الله عز وجل أو يفضي إلى ذلك و أن يحذر كل الحذر من مسببات الفساد والشر في المجتمع، ومن مسببات الإخلال بالأمن .
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه وصلى الله وسلم على نبينا محمد
ـــــــــــــــــــ
السويد تمنع التلميذات من ارتداء النقاب
...
...
السبت :25/10/2003
(الشبكة الإسلامية) الجزيره نت
الشبكة الإسلامية >> أخبار الشبكة
...
...(5/685)
أعلن المكتب الوطني للتربية الوطنية في السويد أمس الجمعة أنه سيسمح للمدارس السويدية بمنع التلميذات من ارتداء النقاب (غطاء الوجه) لأسباب فنية تتعلق بتمكين المدرسين من ممارسة تعليم الفتيات بطريقة سليمة.
وذكر المكتب أن الاتصال بين الناس جزء كبير من التربية، و"قد يكون من الصعب على مدرس لا يرى تعبيرات وجه تلميذته أن يعرف ما إذا كانت قد فهمت دروسها أم لا".
وأضاف المكتب أن المدرس يجب أيضا أن يكون قادرا على التعرف على تلميذاته، وهو ما يصعب عندما ترتدين نقابا يغطي الوجه.
وأكد أن "المدرسة يجب أن تحترم الفتيات ومواقفهن، لكن يجب على الفتيات أيضا أن تتعلمن احترام الطريقة التي يرى بها المجتمع السويدي تصرفاتهن"، مشددا على أن الحس التربوي يبقى الأولوية الأساسية للمكتب.
وأثير جدل في السويد إثر قرار فتاتين من أصل صومالي ارتداء النقاب في إحدى ثانويات غوتبورغ جنوب غرب البلاد مما أثار ثائرة مدرسيهما.
وتقر السويد حرية تعبير تسمح لكل شخص بارتداء ما يريد من زي ولو كان يحمل إشارات دينية، ولا تضيق على الحجاب الإسلامي في المدارس كما يحدث في دول أوروبية أخرى.
وتختلف المذاهب الفقهية في الإسلام في وجوب النقاب، حيث يرى كثيرون أن المرأة يجب عليها فقط أن ترتدي زيا يكسو جسدها ما عدا الوجه والكفين.
ـــــــــــــــــــ
الرئيس التركي يتعرض لانتقادات بسبب الحجاب
...
...
الخميس :23/10/2003
(الشبكة الإسلامية) الجزيره نت
الشبكة الإسلامية >> أخبار الشبكة
...
...
وجهت الصحف التركية انتقادات حادة للرئيس التركي أحمد نجدت سيزر بسبب رفضه توجيه الدعوة إلى زوجات أعضاء البرلمان اللاتي يرتدين الحجاب لحضور حفل استقبال الأسبوع القادم بمناسبة العيد الوطني لتركيا.
وقالت وسائل الإعلام التركية إن سيزر أرسل دعوات الحضور لحفل استقبال يوم 29 أكتوبر/ تشرين الأول إلى كافة أعضاء البرلمان التركي وإلى الزوجات اللاتي لا يعرف عنهن ارتداء الحجاب.
وقالت النائبة في حزب العدالة والتنمية نعمت شبكشي وهي لا ترتدي الحجاب إن "احتفالات عيدنا الوطني هي احتفالات لكل فرد، ومثل هذا التمييز يظهر عدم الاحترام تجاه الشعب الذي انتخب هؤلاء النواب".(5/686)
وأشار العديد من المعلقين الصحفيين في كتاباتهم إلى أن علمانيين مثل سيزر رجعيون وغير ديمقراطيين في بلد غالبية نسائه يرتدين الحجاب. وقال الكاتب محمد أوكاكطان في يني سافاك إن "سيزر ينظر إلى النساء كمواطنين من الدرجة الثانية".
من جانبه أكد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الذي سبق أن سجن لاتهامه بالتحريض على الفتنة أنه لن يصطحب زوجته التي ترتدي الحجاب إلى حفل الاستقبال. وأما القصر الرئاسي فقد امتنع عن التعليق على القرار.
ويلقي تصرف سيزر الضوء على التوترات داخل تركيا -الدولة المسلمة- بين المؤسسة العلمانية التي تشمل القوات المسلحة ذات النفوذ بالبلاد وبين حزب العدالة والتنمية الحاكم ذي الأصول الإسلامية، حيث يعارض العلمانيون ارتداء الحجاب داخل المؤسسات العامة وينظرون إليه بوصفه تحديا إسلاميا للفصل بين الدين والدولة المطبق منذ تأسيس جمهورية تركيا الحديثة عام 1923.
ـــــــــــــــــــ
وصية لبنتي
يا بنتي أنا رجل يمشي الى الخمسين قد فارق الشباب وودع أحلامه وأوهامه ، ثم إني سحت في البلدان ولقيت الناس وخبرت الدنيا فاسمعي مني كلمة صحيحة صريحة من سني وتجاربي لم تسمعيها من غيري، لقد كتبت وناديت ندعو الى تقويم الأخلاق ومحو الفساد وقهر الشهوات حتى كلت منا الأقلام وملت الألسنة وما صنعنا شيئا ولا أزلنا منكرا بل إن المنكرات لتزداد والفساد ينتشر والسفور والحسور والتكشف تقوى شرّته وتتسع دائرته ويمتد من بلد الى بلد حتى لم يبق بلد إسلامي - فيما احسب - في نجوة منه حتى الشام التي كانت فيها الملاءة السابغة وفيها الغلو في حفظ الأعراض وستر العورات قد خرج نساؤها سافرات حاسرات كاشفات السواعد والنحور.. ما نجحنا وما أظن أننا سننجح ، أتدرين لماذا؟ لأننا لم نهتد الى اليوم الى باب الإصلاح ولم نعرف طريقه ، إن باب الإصلاح أمامك أنت يا بنتي ومفتاحه بيدك فإذا امنت بوجوده وعملت على دخوله صلحت الحال ، صحيح أن الرجل هو الذي يخطو الخطوة الأولى في طريق الإثم لا تخطوها المراة ابدا ولكن لولا رضاك ما أقدم ولولا لينك ما اشتد أنت فتحت له وهو الذي دخل ، قلت للص تفضل .. فلما سرقك اللص صرخت اغيثوني يا ناس سرقت ..... ولو عرفت أن الرجال جميعا ذئاب وأنت النعجة لفررت منهم فرار النعجة من الذئب ، وأنهم جميعا لصوص لاحترست منهم احتراس الشحيح من اللص0 وإذا كان الذئب لا يريد من النعجة إلا لحمها . فالذي يريده منك الرجل أعز عليك من اللحم على النعجة ، وشر عليك من الموت عليها ، يريد منك أعز شئ عليك : عفافك الذي تشرفين ، وبه تفخرين ، وبه تعيشين ، وحياة البنت التي فجعها الرجل بعفافها ، أشد عليها بمئة مرة من الموت على النعجة التي فجعها الذئب بلحمها ... إي والله، وما رأى شاب فتاة إلا جردها بخياله من ثيابها ثم تصورها بلا ثياب. إي والله ، أحلف لك مرة ثانية ، ولا تصدقي ما يقوله بعض الرجال ، من أنهم لا يرون في البنت إلا خلقها وأدبها، وأنهم يكلمونها كلام الرفيق ، ويودونها ود الصديق ، كذب والله، ولو سمعت أحاديث الشباب في خلواتهم ، لسمعت مهولا مرعبا ، وما يبسم لك الشاب بسمة ، ولا يلين لك كلمة ، ولا يقدم لك خدمة ،(5/687)
إلا وهي عنده تمهيد لما يريد ، أو هي على الأقل إيهام لنفسه أنها تمهيد. وماذا بعد؟ ماذا يا بنت؟ فكري. تشتركان في لذة ساعة ، ثم ينسى هو ، وتظلين أنت أبدا تتجرعين غصصها ، يمضي (خفيفا) يفتش عن مغفلة أخرى يسرق منها عرضها، وينوء بك أنت ثقل الحمل في بطنك ، والهم في نفسك ، والوصمة على جبينك ، يغفر له هذا المجتمع الظالم ، ويقول : شاب ضل ثم تاب ، وتبقين أنت في حمأة الخزي والعار طول الحياة ، لا يغفر لك المجتمع أبدا. ولو انك إذ لقيته نصبت له صدرك ، وزويت عنه بصرك ، وأريته الحزم والإعراض ... فإذا لم يصرفه عنك هذا الصد ، وإذا بلغت به الوقاحة أن ينال منك بلسان أو يد ، نزعت حذاءك من رجلك ، ونزلت به على رأسه ، لو أنك فعلت هذا ، لرأيت من كل من يمر في الطريق عونا لك عليه، ولما جرؤ بعدها فاجر على ذات سوار ، ولجاءك _ إن كان صالحا _ تائبا مستغفرا ، يسأل الصلة بالحلال ، جاءك يطلب الزواج. والبنت مهما بلغت من المنزلة والغنى والشهرة والجاه ، لا تجد البنت أملها الأكبر وسعادتها إلا في الزواج ، في أن تكون زوجا صالحة ، وأما موقر’ ، وربة بيت . سواء في ذلك الملكات و الأميرات ، وممثلات هوليود ذوات الشهرة والبريق الذي يخدع كثيرات من النساء . وأنا أعرف أدبيبتين كبيرتين في مصر والشام ، أديبتين حقا ، جمع لهما المال والمجد الأدبي ، ولكنهما فقدتا الزوج فقدتا العقل وصارتا مجنونتين ، ولا تحرجيني بسؤالي عن الأسماء إنها معروفة!! .
الزواج أقصى أماني المرأة ولو صارت عضوة البرلمان وصاحبة السلطان ، والفاسقة المستهترة لا يتزوجها احد، حتى الذي يغوي البنت الشريفة بوعد الزواج إن هي غوت وسقطت تركها وذهب- إذا أراد الزواج- فتزوج غيرها من الشريفات لأنه لا يرضى أن تكون ربة بيته وأم بنته امرأة ساقطة
والرجل وان كان فاسقا داعرا إذا لم يجد في سوق اللذات بنتا ترضى أن تريق كرامتها على قدميه وان تكون لعبة بين يديه إذ لم يجد البنت الفاسقة أو البنت المغفلة التي تشاركه في الزواج على دين إبليس وشريعة القطط في شباط طلب من تكون زوجته على سنة الإسلام
فكساد سوق الزواج منكن يا بنات لو لم يكن منكن الفاسقات ما كسدت سوق الزواج ولا راجت سوق الفجور .. فلماذا لا تعملن ، لماذا لا تعمل شريفات النساء على محاربة هذا البلاء ؟ انتن أولى به واقدر عليه منا لأنكن اعرف بلسان المرأة وطرق إفهامها ولأنه لا يذهب ضحية هذا الفساد إلا انتن : البنات العفيفات الشريفات البنات الصيّنات الديّنات
في كل بيت من بيوت الشام بنات في سن الزواج لا يجدن زوجا ، لان الشباب وجدوا من الخليلات ما يغني عن الحليلات ، ولعل مثل هذا في غير الشام أيضا ... فألفن جماعات منكن من الأديبات والمتعلمات و مدرسات المدرسة و طالبات الجامعة تعبد أخواتكن الضالات الى الجادة، خوّفنهن الله ، فان كن لا يخفنه فحذرهن المرض ، فان كن لا يحذرنه فخاطبهن بلسان الواقع ، قلن لهن : إنكن صبايا جميلات فلذلك يقبل عليكن الشباب ويحومون حولكن ولكن هل يدوم عليكن الصبا والجمال ؟ ومتى دام في الدنيا شئ حتى يدوم على الصبيّة صباها وعلى الجميلة جمالها ؟ فكيف يكن إذا(5/688)
صرتن عجائز محنيات الظهور مجعّدات الوجوه من يهتم يومئذ بكنومن يسأل عنكن ، أتعرفن من يهتم بالعجوز ويكرمها ويوقرها ؟ أولادها وبناتها وحفدتها وحفيداتها ، هناك تكون عجوز ملكة في رعيتها ومتوجة على عرشها على حين تكون الأخرى ... انتن اعرف بما تكون عايه.فهل تساوي هذه اللذة تلك الآلام ؟ وهل تشتري بهذه البداية تلك النهاية ?. وأمثال هذا الكلام لا تحتجن الى من يدلكن عليه، ولا تعدمن وسيلة الى هداية أخواتكن المسكينات الضالات ، فإن لم تستطعن ذلك معهن فاعملن على وقاية المسلمات من مرضهن ، والناشئات الغافلات من أن يسلكن طريقهن .
وأنا لا أطلب منكن أن تعدن بالمرأة المسلمة اليوم بوثبة واحدة إلى مثل ما كانت علية المرأة المسلمة حقا، لا، وإني لأعلم أن الطفرة مستحيلة في العادة ، ولكن أن ترجعن إلى الخير خطوة خطوة ، كما أقبلتن على الشر خطوة خطوة ، إنكن قصرتن الثياب شعرة شعرة ، ورققتن الحجاب ، وصبرتن الدهر الاطول تعلمن لهذا الانتقال ، والرجل الفاضل لا يشعر به ، والمجلات الداعرة تحث عليه ، والفساق يفرحون به ، حتى وصلنا إلى حال لا يرضى بها الإسلام ، ولا ترضى بها النصرانية ، ولم يعلمها المجوس الذين نقرأ أخبارهم في التاريخ ، إلى حال تأباها الحيوانات. إن الديكين إذا اجتمعا على الدجاجة اقتتلا غيرة عليها وذودا عنها ، وعلى الشواطئ في الإسكندرية وبيروت رجال مسلمون ، لا يغارون على نسائهم المسلمات أن يراهن الأجنبي ، لا أن يرى وجوههن ...ولا أكفهن...ولا نحورهن... بل كل شيء فيهن!! كل شيء إلا الشيء الذي يقبح مرآه ويجعل ستره ، وهو حلقتا العورتين ، وحلمتا الثديين.....
وفي النوادي والسهرات (التقدمية) الراقية ، رجال مسلمون يقدمون نساءهم المسلمات للأجنبي ليراقصهن، يضمهن حتى يلامس الصدر الصدر ، والبطن البطن، والفم الخد، والذراع ملتوية على الجسد ، ولا ينكر ذلك أحد ، وفي الجامعات المسلمات شباب مسلمون يجالسون بنات مسلمات متكشفات باديات العورات، ولا ينكر ذلك الآباء والأمهات المسلمات ، وأمثال هذا!!. وأمثال هذا كثير لا يدفع في يوم واحد ، ولا بوثبة عاجلة ، بل بأن نعود إلى الحق ، من الطريق الذي وصلنا منه إلى الباطل ، ولو وجدناه الآن طويلا، وإن من لا يسلك الطريق الطويل الذي لا يجد غيره لا يصل أبدا، وأن نبدأ بمحاربة الاختلاط غير السفور ، أما كشف الوجه، إن كان لا يتحقق بكشفه الضرر على الفتاة والعدوان على عفافها فأمره أسهل ولعله أهون من هذا الذي نسميه في بلاد الشام حجابا ، وما هو إلا ستر للمعايب ، وتجسيم للجمال ، وإغراء للناظر.
السفور إن اقتصر على الوجه كما خلق الله الوجه ليس حراما متفقا على حرمته، وإن كنا نرى الستر أحسن وأولى، وكان ستره عند خوف الفتنة واجبا. أما الاختلاط فشيء آخر ، وليس يلزم من السفور أن تختلط الفتاة بغير محارمها، وأن تستقبل الزوجة السافرة صديق زوجها في بيتها، أو أن تحييه إن قابلته في الترام ، أو لقيته في الشارع ، وأن تصافح البنت رفيقها في الجامعة ، أو أن تصل الحديث بينها وبينه، أو أن تمشي معه في الطريق ، وتستعد معه للامتحان ، وتنسى أن الله جعلها أنثى وجعله ذكرا، وركب في كل الميل إلى الآخر، فلا تستطيع هي ولا هو ولا الأهل الأرض جميعا، أن يغيروا خلقة اله ، وأن (يساووا) بين الجنسين، أو أن يمحوا من نفوسهم(5/689)
هذا الميل. وإن دعاة المساواة والاختلاط باسم المدينة قوم كذابون من جهتين : كذابون لأنهم ما أرادوا من هذا كله إلا إمتاع جوارحهم، وإرضاء ميولهم ، وإعطاء نفوسهم حظها من لذة النظر ، وما يأملون به من لذائذ أخر، ولكنهم لم يجدوا الجرأة على التصريح به ، فلبسوه بهذا الذي يهرفون به من هذه الألفاظ الطنانة ، التي ليس وراءها شيء : التقدمية، والتمدن ، والفن ، والحياة الجامعية ، والروح الرياضية ، وهذا الكلام الفارغ (على دويه) من المعنى فكأنه الطبل.
وكذابون لان أوروبة التي يأتمون بها ، ويهتدون بهديها، ولا يعرفون الحق إلا بدمغتها عليه ، فليس الحق عندهم الذي يقابل الباطل ، ولكن الحق ما جاء من هناك : من باريس ولندن وبرلين ونيويورك ، ولو كان الرقص والخلاعة ، والاختلاط في الجامعة ، والتكشف في الملعب والعري على الساحل ، والباطل ما جاء من هنا : من الأزهر والأموي وهاتيك المدارس الشرقية ، والمساجد الإسلامية ولو كان الشرف والهدى والعفاف والطهارة ، طهارة القلب وطهارة الجسد. إن في أوروبا وفي أمريكا ، كما قرأنا وحدثنا من ذهب إليهما ، أسرا كثيرات لا ترضى بهذا الاختلاط ولا تسيغه ، وإن في باريز (في باريس يا ناس) آباء وأمهات لا يسمحون لبناتهم الكبيرات أن يسرن مع الشاب ، أو يصحبنه إلى السينما ، بل هم لا يدخلونهن إلا إلى روايات عرفوها ، وأيقنوا بسلامتها من الفحش والفجور، اللذين لا يخلو منهما مع الأسف واحد من هذه (التهريجات) والصبيانيات السخيفة التي تسميها شركات مصر الهزيلة الرقيعة (الجاهلة بالفن السينمائي مثل جهلها بالدين) تسميها أفلاما!!يقولون : إن الاختلاط يكسر شرة الشهوة ، ويهذب الخلق ، وينزع من النفس هذا الجنون الجنسي . وأنا أحيل في الجواب على من جرب الاختلاط في المدارس ، روسيا التي لا تعود إلى دين ، ولا تسمع رأي شيخ ولا قسيس ، ألم ترجع عن هذه التجربة لما رأت فسادها؟
وأميركا ، ألم تقرؤوا أن من جملة مشاكل أمريكا مشكلة ازدياد نسبة (الحاملات) من الطالبات؟ فمن يسره أن يكون في جامعات مصر والشام ، وسائر بلاد الإسلام مثل هذه المشكلة. وأنا لا أخاطب الشباب، ولا أطمع في أن يسمعوا لي ، وأنا أعلم أنهم قد يردون علي ويسفهون رأيي، لأني أحرمهم من لذائذ ما صدقوا أنهم قد وصلوا إليها حقا، ولكن أخاطبكن أنتن يا بناتي . يا بناتي المؤمنات الدينات، يا بناتي الشريفات العفيفات ، إنه لا يكون الضحية إلا أنتن ، فلا تقدمن نفوسكن ضحايا على مذبح إبليس، لا تسمعن كلام هؤلاء الذين يزينون لكن حياة الاختلاط باسم الحرية والمدنية والتقدمية والفن والحياة الجامعية ، فإن أكثر هؤلاء الملاعين لا زوجة له ولا ولد ، ولا يهمه منكن جميعا إلا اللذة العارضة ، أما أنا فإني أبو بنات ، فأنا حين أدافع عنكن أدافع عن بناتي ، وأنا أريد لكن من الخير ما أريده لهن . إنه لا شيء مما يهرف به هؤلاء يرد على البنت عرضها الذاهب ، ولا يرجع لها شرفها المثلوم، ولا يعيد لها كرامتها الضائعة ، وإذا سقطت البنت لم تجد واحدا منهم يأخذ بيدها، أو يرفعها من سقطتها ، إنما تجدهم جميعا يتزاحمون على جمالها، ما بقي فيها جمال ، فإذا ولى ولوا عنها، كما تولي الكلاب عن الجيفة التي لم يبق فيها مزعة لحم !(5/690)
هذه نصيحتي إليك يا بنتي ، وهذا هو الحق فلا تسمعي غيره ، واعلمي أن بيدك أنت ، لا بأيدينا معشر الرجال ، بيدك مفتاح باب الإصلاح ، فإذا شئت أصلحت نفسك وأصلحت بصلاحك الأمة كله
ـــــــــــــــــــ
تربية البنات من الجدات إلى الحفيدات
...
...
الاربعاء:22/10/2003
(الشبكة الإسلامية) رسالة القاهرة
الشبكة الإسلامية >> المركز الإعلامي >> الأسرة >> معاً .. نربي ونعلم
...
...
عند عودتى من عملى وفى طريقى إلى منزلى وجدت تلاميذ وتلميذات المدارس الإعدادية والثانوية يتحدثون مع بعضهم بطريقة مبتذلة، وأسلوب غير محترم، فقد رأيت بعينى فتاة تصرخ فى وجه شاب بأقبح الألفاظ، لم أتخيل ساعتها أن التى تتحدث فتاة، فتاة ستكون يومًا ما زوجة وأمًا ومربية أجيال.
عندها أدركت أننا تربينا علي قيم لايمكن أن تزول بمرور الزمن تربينا على الحياء خاصة عند محادثة الرجال، تربينا على أن البنت هادئة بطبعها والتى تفعل عكس ذلك تكون مثل الولد.
تربينا على ضوابط الحديث مع الشباب وعلى المقولة الشهيرة: "لا تسيرى فى الشارع إلا مع أبيك أو أخيك أو زوجك، والتزمى فى سيرك معهم الأدب والحياء".
استوحشت هذه القيم الجميلة، فقررت البحث عنها عند ثلاثة أجيال .. جدة وأم وحفيدة.
رقابة غير مباشرة
تقول السيدة أمينة أمين محمد - جدة:
إن الأم الصالحة هى القدوة لأبنائها، وخاصة البنت التى تتأثر كثيرًا بأمها، والزوجة لابد أن تكون مطيعة للزوج، وتُظهر ذلك أمام أولادها كى يكونوا مثلها فى الطاعة، وعليها ألا تظهر أى خلافات بينها وبين زوجها أمام أولادها؛ لأن الطفل ينقد ما يراه وتظل هذه الأشياء فى ذاكرته، وربما تصاب البنت بعقدة من الزواج، وعلى الأم أن تربى أبناءها على الأمانة، وعدم التطلع للآخرين، وليس معنى ذلك أن تلبى لهم كل رغباتهم كى لاينظروا للآخرين، ولكن أن تشعرهم دائمًا بأنهم أفضل من غيرهم، وتجعلهم يراقبون الله، ويخشون عقابه إن كانوا مترفين أو يزيد مالديهم على حاجتهم.
وعن تربيتها لبناتها تقول الجدة أمينة: كنت دائمًا صديقة لبناتى تدرجت معهن فى كل شيء، ولم أفرض عليهن أى رأى خاصة عندما كن متبرجات فى بدايات شبابهن، ولكننى كنت دائمة النصيحة والتوجيه، وبعد ذلك اقتنعن بأنفسهن بأن هذا يغضب الله، وكانت نصيحتى لهن دائمًا لا يقلدن أحدًا فى لبسه وتنصح الأمهات بأن يكن صديقات لبناتهن، فهذا يجعلهن ألا يفعلن أى شيء دون الرجوع للأم، ولابد أن يكون هناك(5/691)
ضبط وحزم فى المنزل، ولا نترك الحبل على الغارب خاصة للبنت، ولكن لابد أن تكون عينى عليها دائمًا أراقبها دون أن تشعر حتى لا أفقد ثقتها فيَّ وفى نفسها.
علمتنى ابنتى الكبرى
أما سلوى عبد الجواد - زوجة وأم - تقول: تربية أمى لى لاتصلح الآن لابنتيّ، فقد اختلف العصر واختلفت الأجيال، أيضًا طبيعة كل بنت تختلف عن الأخرى، فما يصلح مع ابنتى الكبرى لايصلح مع الصغرى؛ لأن لكل منهما شخصيتها المختلفة عن الأخرى، وسوف أضرب لك مثلاً فقد ألبست ابنتى الكبرى - ثانوية عامة - الحجاب مبكرًا ظنًا منى أن هذا تعويد لها على ارتدائه عندما تكبر، وكانت هى تجيب كل من يسألها عن سبب ارتدائها الحجاب فى سن صغيرة بقولها: حتى أعتاد عليه، وظننت أنها مقتنعة بذلك، ولكنى عندما أردت أن أتبع ذلك مع أختها الصغرى رفضت هى بشدة، وقالت لاتحرميها من طفولتها، عندهما عرفت أنها لم تكن مقتنعة بما كنت أرغمها عليه، ولكنها الآن مقتنعة بعد أن قرأت وعرفت وفهمت، وهذا معناه أن التزام البنت برأى الأم لا يعنى أنها مقتنعة به.
من هنا لابد للأم أن تكون صديقة لابنتها، وأتذكر أننى عندما كنت فى مرحلة المراهقة سألت أمى: ماذا يعنى الحب؟ فلم تجب عليّ؛ لأن أمهات زمان كان عندهن حياء، أما اليوم لابد للأمهات أن يعرفن كل شيء، وأن يجبن على بناتهن دون حياء؛ لأن البنات تعرف كل شيء يمكن أن تتوقعه الأم أو لا تتوقعه، وذلك من خلال المدرسة والأصدقاء.
إذن على الأم أن تتأهل تربويًا هى والأب، وأن تكون متجددة متابعة لكل ما يحدث حولها، وأن تقرأ فى كل شيء، وأن تتعمق أكثر فى دينها حتى تستطيع الإجابة عن أسئلة بناتها.
وأنصح كل أم أن تطلع ابنتها على الكتب التى تتضمن معلومات تريد توصيلها للبنت، وتستحى من ذلك مثل كتب فقه الطهارة.
ممنوع بلا اقتناع
السيدة أم عمار - ربة بيت وأم لابنتين - تقول: إن البنت لم تعد مثل زمان، فهى تجادل وتناقش، ولا توجد طاعة عمياء، فمثلاً زمان كنا إذا أردنا الخروج ومنعنا الأب والأم نحترم رأيهما، أما الآن إذا مُنعت البنت من الخروج فهى تثور وتغضب وتجادل وتظل على موقفها حتى نرضى ونوافق على خروجها، نحن نحاول حماية بناتنا من الخطر الموجود حاليًا، وهن لا يقدرن، وفى معاملتى مع ابنتى لا أمنع عنهما كل شيء دون أن تقتنعا، ولا أستخدم معهما العنف والشدة حتى لا تفعلا ما تريدان دون علمى، وأنا لا أريد أن تصل ابنتاى إلى هذه الدرجة.
جامعية مضطرة
أما مديحة أحمد - طالبة جامعية - فتوافق مضطرة على أسلوب التربية الذى نشأت فيه قائلة: أمى لم تفهم أن التربية منها المعنوى والمادى، فأعطتنى الحب المادى دون المعنوى، فلم تكن قريبة منى أبدًا مما جعلنى أبحث عنه (الحب المعنوى) خارج البيت، ولم تربينى على مبادئ معينة، ولم يكن هناك حوار بينى وبينها، وإن سألتها عن أى شيء يهم الفتاة يكون ردها تأنيبًا ونهرًا.(5/692)
من هنا كانت الفجوة كبيرة بينى وبين أمى، فتخبطت فى الدنيا، وواجهت الحياة بنفسى، وأدركت أن ذلك يرجع لتربية جدتى لأمى، فقد كانت قاسية مع أمى وخالاتى، وكن لايتحدثن معها أبدًا، من هنا فعلت أمى معى ما كانت تفعله جدتى معها، مع أن العصر اختلف لكن أمى لم تدرك ذلك.
ـــــــــــــــــــ
مدرسة أميركية تمنع طالبة مسلمة من ارتداء الحجاب
...
...
السبت :11/10/2003
(الشبكة الإسلامية) الجزيره نت
الشبكة الإسلامية >> أخبار الشبكة
...
...
منعت سلطات التعليم الأميركية في ولاية أوكلاهوما فتاة مسلمة من ارتداء الحجاب في المدرسة، الأمر الذي قد يتسبب في رفع القضية إلى المحاكم.
وكان مسؤولو التعليم في منطقة موسكوجي بأوكلاهوما قد علقوا دراسة التلميذة ناشالا هيرن في مدرسة "بنجامين فرانكلين ساينس أكاديمي" بدعوى انتهاكها قوانين المدرسة المتعلقة باللباس وذلك بارتدائها الحجاب.
ومن المقرر أن تعود هيرن (11 عاما) إلى المدرسة الأسبوع المقبل بعد انتهاء مدة تعليق دراستها المحددة بخمسة أيام، لكن مسؤولين قالوا إنه لن يسمح لها بدخول قاعة الدراسة إذا واصلت ارتداء الحجاب.
وتحظر قوانين المدارس في المنطقة الطلاب من ارتداء القبعات وعصابات الرأس وغيرها داخل مباني المدرسة. وقال مسؤولو التعليم في هذه البلدة التي تبعد 200 كلم شرق أوكلاهوما سيتي إنهم لن يستثنوا أحدا من هذه القاعدة.
وأكد والد الفتاة إيفين هيرن -وهو أميركي من أصل أفريقي اعتنق الإسلام مؤخرا- أن ابنته لن تتراجع عن ارتداء الحجاب، وقال "لن تساوم في دينها ولا يمكن أن ندير ظهرنا لله". ويعرب محامو هيرن عن ثقتهم بأن القضاء سينصفهم.
وقال رئيس معهد روثيرفورد المتخصص في الحياة المدنية جون وايتهيد إن المحاكم واضحة بشأن التسامح مع العقائد الدينية حتى في المدارس العامة، مضيفا أن جماعات حقوق الإنسان تحقق حاليا في القضية.
ـــــــــــــــــــ
منظمة تونسية تتهم الحكومة بشن حملة ضد الحجاب
...
...
الخميس :18/09/2003
(الشبكة الإسلامية) الجزيرة نت(5/693)
الشبكة الإسلامية >> أخبار الشبكة
...
...
نددت جمعية "نساء ضد التعذيب في تونس" بما وصفته بحملة واسعة تقوم بها السلطات التونسية حاليا ضد النساء المحجبات وذلك بمناسبة العودة إلى المدارس والجامعات.
ودعت المنظمة ومقرها لندن في بيان تلقت قناة الجزيرة نسخة منه جميع المحجبات في تونس إلى التمسك بحقهن في اختيار لباسهن ومقاضاة أي جهة تخرق ذلك لدى المحاكم التونسية ومحكمة حقوق الإنسان الأوروبية والأمم المتحدة.
وقالت رئيسة الجمعية منجية العبيدي في مقابلة مع الجزيرة إن قرارات صدرت من وزارتي التربية والتعليم العالي تمنع المحجبات من التسجيل للسنة الدراسية الحالية مشيرة إلى أن تعنيفا جسديا وشفهيا قد يلحق بالمخالفات للقرار.
وأوضحت أن السلطات التونسية تشن منذ سنوات حملة ضد الملتزمات بالحجاب قائلة إن المرأة المحجبة تُمنع من وضع حملها في المستشفيات.
وأكدت الناشطة التونسية أن منظمتها تحدثت في كثير من المنابر عن هذا الأمر ورفعت أخيرا عريضة بهذا الخصوص إلى المشائخ والمهتمين بحقوق الإنسان "حتى يعبر الجميع عن رأيه في هذه الممارسات التي لا يقبلها عقل وتنافي كل الأعراف الدولية".
ـــــــــــــــــــ
محكمة ألمانية تقضي بخطأ طرد مسلمة بسبب الحجاب
...
...
الجمعة :22/08/2003
(الشبكة الإسلامية) الجزيره نت
الشبكة الإسلامية >> أخبار الشبكة
...
...
أصدرت المحكمة العليا في ألمانيا اليوم حكما اعتبرت فيه أن فصل امرأة مسلمة من عملها كمساعدة في أحد المتاجر بسبب رغبتها في ارتداء الحجاب أثناء العمل هو قرار خاطئ.
ورفضت المحكمة الدستورية في مدينة كارلسروهه الاستماع إلى الاستئناف الذي تقدم به المتجر ضد حكم أصدرته محكمة الموظفين الفدرالية في أكتوبر/ تشرين الأول 2000 اعتبر فيه أن ارتداء الحجاب هو جزء من حق المرأة في الحرية الدينية.
وكانت المرأة البالغة من العمر 30 عاما طردت من عملها عندما أعلنت عند نهاية إجازة الأمومة التي كانت تقضيها رغبتها في ارتداء الحجاب لأسباب دينية.(5/694)
وقالت إدارة المتجر الذي تعمل فيه وهو الوحيد في بلدة شلوشتيرن الصغيرة غرب ألمانيا إن ذلك ينتهك قوانين الزي وربما يكون منفرا "للزبائن المحافظين" في المنطقة الريفية. وتم فصلها رغم أنها كانت تعمل في المتجر منذ عشر سنوات.
ـــــــــــــــــــ
إلى غير المحجبات هذه نتائج الاختلاط
...
...
الاثنين :21/07/2003
(الشبكة الإسلامية)
الشبكة الإسلامية >> المركز الإعلامي >> الأسرة >> الأسرة اليوم
...
...
اختلاط النساء بالرجال أمرٌُخطير وشر مستطير ، والمفاسد والأضرار التي تعاني منها المجتمعات التي طبقته وجربته خير دليل وأصدق برهان على ذلك ، ولذا كان الرأي بعد تجربة ومعاناة له دلالته ومعناه لأنه رأي جاء بعد رؤية للآثار ، ومشاهدة للنتائج سلبًا كانت أو إيجابًا واختلاط النساء بالرجال تعاني منه المجتمعات التي جربته أشد المعاناة ، فقد قوّض أمنهم وهدم أخلاقهم ، وزعزع استقرارهم ، وفكك روابطهم فسطرت أقلام بعضهم ذكر شيء من أضراره ، وبيان شيء من أخطاره ناصحة لبني قومها ، ومحذرة في الوقت نفسه غيرها أن تحذو حذوها فيصيبها ما أصابها .
تقول الصحفية الأمريكية " هيليان ستانبري " أنصح بأن تتمسكوا بتقاليدكم وأخلاقكم ، امنعوا الاختلاط ، وقيدوا حرية الفتاة ، بل ارجعوا لعصر الحجاب ، فهذا خير لكم من إباحية وانطلاق ، ومجون أوربا وأمريكا ، امنعوا الاختلاط ، فقد عانينا منه في أمريكا الكثير ، لقد أصبح المجتمع الأمريكي مجتمعًا مليئًا بكل صور الإباحية والخلاعة ، إن ضحايا الاختلاط يملؤون السجون ، إن الاختلاط في المجتمع الأمريكي والأوروبي ، قد هدد الأسرة وزلزل القيم والأخلاق " .
وتقول الكاتبة " أنارود " إنه لعار على بلاد الإنجليز أن تجعل بناتها مثلاً للرذائل بكثرة مخالطة الرجال .
وفي بريطانيا حذرت الكاتبة الإنجليزية " الليدي كوك " من أخطار وأضرار اختلاط النساء بالرجال ، حيث كتبت محذرة : على قدر كثرة الاختلاط تكون كثرة أولاد الزنى .
لقد دلنا الاحصاء على البلاء الناتج من حمل الزنى يتعاظم ويتفاقم حيث يكثر اختلاط النساء بالرجال ، علموهنَّ الابتعاد عن الرجال ، أخبروهنَّ بعاقبة الكيد الكامن لهنَّ بالمرصاد
هذه أقوالهم من واقع حالهم
أما الأرقام والإحصائيات عن أضرار اختلاط النساء بالرجال فتوضح أن 70% إلى 90% من الموظفات العاملات بمختلف القطاعات ارتكبت معهنَّ فاحشة الزنى .(5/695)
ونصف من أجري معهنَّ استفتاء ممن يعملون في مجال الأمن تعرضنَّ لارتكاب فاحشة الزنى معهنَّ من قبل رؤسائهنَّ في العمل .
حتى الجامعات وأماكن التربية والتعليم لم تسلم من هذه الموبقات فأستاذ الجامعة يرتكب الفاحشة مع طالبته ، والطلاب يفعلون ذلك مع الطالبات والمعلمات بالرضا أو الإكراه .
هذه الإحصائيات ، وهذه الأرقام رغم ارتفاع معدلاتها فهي قبل أكثر من ربع قرن من الزمان فما الظن بالحال الآن ؟
الحال الآن أن الاختلاط بين الرجال والنساء في ديار الكفار لم يزد الناس إلا شهوانية حيوانية ، وسعارًا بهيميًا فارتكاب الفواحش ، وهتك الأعراض في ازدياد وارتفاع ، وهذا الواقع يرد على من يقول إن الاختلاط يكسر الشهوة ، ويهذب الغريزة ، حيث زاد الاختلاط من توقد الشهوة وزاد من الفساد ومثله مثل الظمآن يشرب من ماء البحر فلا يزيده شربه إلا عطشًا على عطش يقول سيد قطب ـ رحمه الله ـ : " ولقد شاع في وقت من الأوقات أن الاختلاط تنفيس وترويح وإطلاق للرغبات الحبيسة ، ووقاية من الكبت ، ومن العقد النفسية (!!) ، ولكن هذا لم يكن سوى فروض نظرية رأيت بعيني في أشد البلاد إباحة وتفلتا من جميع القيود الاجتماعية والأخلاقية والإنسانية ما يكذبها وينقضها من الأساس .
نعم شاهدت في البلاد التي ليس فيها قيد واحد على الكشف الجسدي والاختلاط الجنسي بكل صوره وأشكاله أن هذا كله لم ينته بتهذيب الدوافع الجنسية وترويضها إنما انتهى إلى سعار مجنون لا يرتوي ولا يهدأ إلا ريثما يعود إلى الظمأ والاندفاع .
وشاهدت الأمراض النفسية ، والعقد التي كان مفهومًا أنها لا تنشأ إلا من الحرمان ، وإلا من التلهف على الجنس الآخر المحجوب ، شاهدتها بوفرة ومعها الشذوذ الجنسي بكل أنواعه ثمرة مباشرة للاختلاط الذي لا يقيده قيد ولا يقف عند حد .
والتجارب المعروضة اليوم في العالم مصدقة لما نقول ، وهي في البلاد التي بلغ الاختلاط فيها أقصاه أظهر في هذا وأوقع من كل دليل . أ.هـ .
إن العاقل لا يقول : " لنلق إنسانًا وسط أمواج متلاطمة ثم نطلب منه أن يحافظ على ثيابه من البلل .
وهو لا يقول : " لنلق إنسانًا وسط نيران متوقدة ، ثم نطلب منه أن يحافظ على جسمه من الاحتراق " .
إذا كان لا يقول ذلك لعلمه باستحالته فهو كذلك لا يقول لتختلط النساء بالرجال في الوظائف والأعمال ودور التعليم والجامعات ليقينه أن العفة لا تجتمع مع مثيراتها ، ومن مثيراتها الاختلاط بين الرجال والنساء ، ولذا فإن الداعين لاختلاط النساء والرجال من بعض أبناء جلدتنا ممن يتكلمون بلغتنا وينتسبون لديننا سواء كان ذلك على جهة التعريض أو التلميح بحجة أن ذلك من مقتضيات العصر ومتطلبات الحضارة إنما يحملون من خلال هذه الدعوة معاول هدم لأمن أوطانهم ، وسعادة مجتمعاتهم وترابط أسرهم ، وكرامة نسائهم وغيرة رجالهم ، إن العقلاء في البلاد التي جربت الاختلاط بعد أن شاهدوا آثاره المضرة ومساوئه المتعددة نادوا بقوة بمنع اختلاط النساء بالرجال في بلادهم بعد أن أحسوا أنها تهددهم في قوتهم .(5/696)
(عن مجلة الدعوة)
ـــــــــــــــــــ
مشروع قانون لحظر الحجاب الإسلامي في فرنسا
...
...
الاربعاء:25/06/2003
(الشبكة الإسلامية)
الشبكة الإسلامية >> منوعات
...
...
في إطار الممارسات العدائية الغربية للمظاهر الإسلامية قال رئيس الوزراء الفرنسي جان بيير رافاران: إن فرنسا ربما تصدر قانونا جديدا يحظر الحجاب الإسلامي.
وقال رافاران: إنه يأمل أن تكون التقاليد العلمانية لفرنسا من القوة بما يكفي لأن يحترمها كل السكان.
وأشار في اجتماع للماسونيين الفرنسيين والأجانب اليوم إلى أنه 'إذا لم يكن هناك إجماع وخاصة على الرموز والسلوك المرتبط بالدين في المنشآت العامة فلن أتردد في فرض احترام العلمانية بالقانون'.
وتشهد فرنسا حاليا نقاشا محتدما بشأن ارتداء الحجاب في المدارس, وطلب عدة نواب إصدار 'قانون بحظر الحجاب'، لكنّ آخرين ترددوا خشية ما سيترتب على ذلك من عواقب مثل حظر غطاء الرأس اليهودي التقليدي أو قلادة الصليب التي ترتديها الفتيات المسيحيات.
وتزايدت تقارير الصحف الفرنسية في الآونة الأخيرة عن فتيات يرتدين الحجاب في المدارس,كما أن حمامات سباحة البلدية تخصص فترات للنساء استجابة لطلب جماعات إسلامية.
ويشكو المسلمون في فرنسا من التمييز ويقولون إن الرموز الدينية الأخرى مسموح بها في المدارس والمباني العامة، أما الرموز الإسلامية فلا.
ويعيش في فرنسا التي يبلغ عدد سكانها 60 مليون نسمة نحو خمسة ملايين مسلم نصفهم من المهاجرين والنصف الآخر مولود في فرنسا, ويمثل هؤلاء أكبر تجمع للمسلمين في أوروبا وثاني أكبر ديانة في فرنسا بعد الكاثوليكية.
.................
مفكرة الإسللام
ـــــــــــــــــــ
الحجاب الإسلامي .. يسيء إلى العلمانية!!
...
...
الاربعاء:25/06/2003
(الشبكة الإسلامية) رويترز - الجزيرة(5/697)
الشبكة الإسلامية >> رؤية غربية
...
...
قال رئيس الوزراء الفرنسي جان بيير رافاران إن فرنسا ربما تصدر قانونا جديدا يحظر الحجاب الإسلامي وغيره من الرموز الدينية في المباني والمدارس العامة إذا لم يحترم الناس السياسات العلمانية للجمهورية.
وأوضح رافاران أنه يأمل أن تكون التقاليد العلمانية لفرنسا من القوة بما يكفي لأن يحترمها كل السكان.
وأشار في اجتماع للماسونيين الفرنسيين والأجانب اليوم إلى أنه "إذا لم يكن هناك إجماع وخاصة على الرموز والسلوك المرتبط بالدين في المنشآت العامة فلن أتردد في فرض احترام العلمانية بالقانون".
وتشهد فرنسا حاليا نقاشا محتدما بشأن ارتداء الحجاب في المدارس. وطلب عدة نواب محافظين إصدار "قانون بحظر الحجاب"، لكن آخرين ترددوا خشية ما سيترتب على ذلك من عواقب مثل حظر غطاء الرأس اليهودي التقليدي أو قلادة الصليب التي ترتديها الفتيات المسيحيات.
وتزايدت تقارير الصحف الفرنسية في الآونة الأخيرة عن فتيات يرتدين الحجاب في المدارس وحمامات سباحة البلدية تخصص فترات للنساء استجابة لطلب جماعات إسلامية.
ويشكو المسلمون في فرنسا من التمييز ويقولون: إن الرموز الدينية الأخرى مسموح بها في المدارس والمباني العامة، أما الرموز الإسلامية فلا.
ويعيش في فرنسا التي يبلغ عدد سكانها 60 مليون نسمة نحو خمسة ملايين مسلم نصفهم من المهاجرين والنصف الآخر مولود في فرنسا. ويمثل هؤلاء أكبر تجمع للمسلمين في أوروبا وثاني أكبر ديانة في فرنسا بعد الكاثوليكية.
ـــــــــــــــــــ
الحجاب يحافظ على الشعر
...
...
الاثنين :06/01/2003
(الشبكة الإسلامية)
الشبكة الإسلامية >> المركز الإعلامي >> الأسرة >> صحة الأسرة
...
...
خرج بعض خبراء التجميل بشائعة تزامنت مع انتشار الزي الإسلامي، حيث زعموا أن الحجاب أحد أهم أسباب سقوط الشعر، وتشويه جمال المرأة.
هذه المقولة يرد عليها اثنان من الأطباء ردا علميا، فتؤكد الدكتورة مي السماحي - أستاذة الطب التجميلي بجامعة عين شمس - أن الحجاب بريء تماما من أي تأثير سلبي يحدث للشعر، فقد أكدت البحوث العلمية التي أجريت على عدد من النساء(5/698)
المحجبات وغير المحجبات أن الحجاب ليس أي صلة بتساقط الشعر أو تقصفه، بل على العكس، فالحجاب يحفظ الشعر من عوامل البيئة ويحميه، وإن كنا نفضل أن يكون الحجاب مصنوعا من نسيج قطني، لأنه صحي بالنسبة للشعر والبشرة.
وتوضح الدكتورة مي السماحي أن تساقط الشعر يرجع إلي أمرين لا ثالث لهما:
أولا - الحالة النفسية غير المستقرة.
والثاني - هو الحالة الصحية العامة
فالشعر يأخذ غذاءه من الجسم، لذا فلابد من تناول كمية مناسبة من الفاكهة و الخضروات والبروتينيات.
ولابد من القضاء على أسباب القلق والتوتر، والعناية بالصحة العامة للجسم، مع عدم الإسراف في استخدام الكريمات والزيوت والشامبوهات، لأنها تؤثر على الشعر، وقصر غسل الشعر على مرتين أسبوعيا فقط.
ويؤكد د. محمد ندا - أستاذ الأمراض الجلدية بطب بالقاهرة - أن الحجاب حماية للشعر، فتيارات الهواء وأشعة بالشمس المباشرة تؤدي إلي فقدان الشعر لنعومته وشحوب لونه وضعفه، كما ثبت أن تهوية الشعر لا تؤثر في تغذيته، لأن الجزء الظاهر من الشعر على سطح الرأس خلايا قرنية ليس بها حياة، حيث يتغذى الشعر من الأوعية الدموية داخل الجلد، وتنبع صحته من صحة الجسم بشكل عام.
ـــــــــــــــــــ
الصراع بين الإسلام والتغريب في قضية المرأة
...
...
الاثنين :30/12/2002
(الشبكة الإسلامية) بقلم: إدريس الكنبوري
الشبكة الإسلامية >> المركز الإعلامي >> الأسرة >> تحرير .. أم تغرير
...
...
لم تخضع قضية للتشريح والنقد وزرع الشكوك في العالم الإسلامي مثلما كان الحال مع قضية حرية المرأة المسلمة التي كانت مسرحا لشتى الطروحات والأفكار والنماذج الحضارية المتصارعة منذ أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، وما ذلك إلا لكون هذه القضية عنت منذ البداية في تصور الاستعمار والاستشراق وحلفائهما تطويرا لآليات الصراع ، بنقل السموم إلى داخل البيت المسلم والأسرة المسلمة، النواة التي ظلت أكثر صلابة في وجه التغريب والغزو الثقافي طوال القرون الماضية التي شهدت أعتى الهجمات ضد الإسلام باسم التخلف والتقليد وعدم القابلية للتطور الحضاري ومسايرة التقدم.
ولعل مقصد أنصار الاستعمار ومن سار في ركبه من كل ذلك هو زرع الشكوك، وبذر الخلاف بحيث تصبح الطريق سالكة أمامه بعد ترسيخ نفسية القابلية للاستعمار حسب تعبير المفكر الجزائري المسلم الراحل مالك بن نبي.(5/699)
ونحن لاننكر أن كثيرين من مفكري الأمة وعلمائها ومثقفيها قد انقادوا مع الحملة الغربية الرامية إلى تشويه الإسلام والتشكيك في قيمه الثابتة وأسسه الخالدة في تنظيم شؤون المجتمع والأسرة، سواء بحسن نية أو لسوء الطوية، في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، غير أننا لاننكر أن الصراع كان قويا ومزلزلا بالنظر إلى جدة الطروحات الأوروبية الاجتماعية والثقافية والسياسية في ذلك الحين، وذلك لسببين اثنين مترابطين: الأول أن المجتمعات الإسلامية كانت تعيش تحت نير التخلف والركود بحكم سريان مفعول التقاليد البالية وغلبتها في نفوس المسلمين على قيم الشرع الحنيف، والثاني محاولة مفكري الأمة وعلمائها البحث عن سبيل للخروج من هذه الأوضاع وشق طريق الحضارة التي عبدها أسلافهم الصالحون.
وفي ظل هذا الشد و الجذب، أي دواعي الجمود و محاولة النهوض، كان المستعمر الأوروبي المدفوع بالحقد الصليبي على الإسلام يعمل على تقويض ما تبقى من دعائم الصرح الإسلامي وإثارة الناقمين ضد "التقاليد المتخلفة" - حسب زعمهم- التي هي عين الإسلام.
بداية الانحدار
و قد سخّر قاسم أمين ، الكاتب المصري ذو الانتماء الأرستقراطي، قلمه للكتابة عن المرأة في المجتمع المصري المسلم، و انتشرت دعواته في شتى أرجاء العالم الإسلامي باعتبارها أول محاولة جريئة للخوض في هذا الموضوع الذي ظل شبه مغلق أمام المفكرين والعلماء المسلمين، و ذلك بسبب كونه يمس التقاليد الاجتماعية التي تعود الناس عليها وألفوا التعايش معها، مما جعل هؤلاء العلماء والمصلحين يترددون في الخوض فيها خشية الصدام مع المجتمع ونعتهم بشتى النعوت.
أصدر قاسم أمين أول كتاب يدور حول المرأة عام1899 تحت عنوان(تحرير المرأة)، و قد حاولت مضامين المقدمة أن تصب في الهوية الإسلامية، وتدعو إلى الإصلاح العام، ومن ضمنه الإصلاح الاجتماعي. ولا غرابة في ذلك، فقد كان قاسم أمين تلميذا للشيخ محمد عبده ورفيقه في باريس عندما كان يصدر مع الشيخ جمال الدين الأفغاني (العروة الوثقى)، حيث كان قاسم أمين يقوم بمساعدة الشيخ عبده على الترجمة من اللغة الفرنسية التي كان يجيدها. و يذهب الدكتور السيد أحمد فرج إلى أن كتاب قاسم أمين المذكور "نبت منبتا إسلاميا" وتطابقت أفكاره مع كثير من أفكار محمد عبده التي عبر عنها في كلامه عن المرأة وحديثه عنها في مقالات (الواقع)، وفي تفسير آيات القرآن الكريم (المؤامرة على المرأة المسلمة:تاريخ ووثائق ص65). فقد اعتمد قاسم أمين في إ ثبات دعوته إلى تحرير المرأة الشرقية على أدلة من السيرة النبوية والأحاديث الشريفة والآيات القرآنية، مدافعا عن الحجاب الشرعي الذي يدعي أن الفقهاء قد أجمعوا عليه، والمتمثل في كشف الوجه والكفين فقط ، و حمل على عزل المرأة داخل أسوار البيت، ودعا إلى طرح الحجاب التقليدي أو الخمار الذي يجعل المرأة كما يقول( لاتتمكن من المشي ولا الركوب، بل ولا تتنفس ولاتنظر ولا تتكلم إلا بمشقة)، وذهب مذهب الشيخ محمد عبده في تقنين عدد الزوجات حينما أعطى للحاكم حق منع التعدد في حالة فساد الزمان للشطط والفساد في استعمال التعدد من طرف الرجل.(5/700)
ومهما يكن من أمر هذا الكتاب والخلفيات التي كانت تكمن وراءه أو ما كان يدبره صاحبه من مفاجآت لاحقة، فإن الكتاب في الصفحات التي بين دفتيه كان يعبر في نظر الكثير من المثقفين عن حاجة موضوعية إلى إخراج المرأة المسلمة من العزلة الاجتماعية و الثقافية التي ضربت عليها بسبب تراكم التقاليد المنافية لجوهر الإسلام، وكان جميع المصلحين المسلمين متفقين على ضرورة إصلاح هذا الوضع الشاذ وإطلاق مبادرة المسلم ذكرا وأنثى في بناء النهضة المنشودة بعد سبات طويل عمل الاستعمار على تأبيده.
لكن قاسم أمين ألحق كتابه الأول حول تحرير المرأة، بعد عام واحد فقط، بكتاب آخر هز أولئك الذين استقبلوا كتابه الأول بالقبول والترحاب، وهو "المرأة الجديدة" عام1900، وكأنه عنى بهذا العنوان المعبر الإعلان عن بروز امرأة جديدة غير التي عرفها المسلمون، أي امرأة متمردة على التقاليد والإسلام معا، أو أنه عنى أن دعوته الجديدة هي غير الدعوة السابقة إلى تحرير المرأة، و أن ما يدعو إليه هذه المرة ليس تحرير المرأة المسلمة من قيودها، بل تجاوز هذه المرأة نحو شخصية جديدة.
مرحلة جديدة
و قد دشن هذا الكتاب الثاني مرحلة جديدة في حياة صاحبه، حيث انتقل من الدعوة الإصلاحية التوفيقية والنهج السلفي إلى التغريبية والاقتلاع الحضاري مباشرة، وقطع علاقته بأفكار المصلحين المسلمين الذين أيدوا دعوته السابقة كالشيخ محمد عبده، و الشيخ رشيد رضا، و الشيخ عبد القادر المغربي، معلنا انحيازه إلى طبقته الاجتماعية والثقافية، الطبقة الأرستقراطية المصرية التي كانت تابعة للغرب في المسلك والملبس والثقافة. ويذهب أحد الباحثين إلى أن كتاب "المرأة الجديدة" كان بمثابة اعتذار قدمه قاسم أمين للأميرة "نازلي" التي كانت على صلة وثيقة بسعد زغلول رئيس حزب الوفد الليبرالي، وكانت تؤيد أفكار رجال تركيا الفتاة ، وذلك بسبب ما جاء في كتابه "مصر والمصريون" والذي ألفه عام1894 ردا على المستشرق النصراني الدوق داركور الذي هاجم الشرقيين، وفي هذا الكتاب دافع قاسم أمين عن المرأة والتقاليد وعن الحجاب التقليدي. وبهذا يكون قاسم أمين قد عاش عدة تحولات فكرية قبل أن يكشف عن الوجه السافر للمثقف المتغرب العلماني الذي لا يرضى بالحلول الوسطى، بل يريد أن يجتث القيم الإسلامية من جذورها لحساب القيم الغربية العلمانية، وإذا لاحظنا أن الفاصل الزمني بين الكتابين الأول والثاني عام واحد، يكون الاحتمال الطبيعي أن أفكار الكتاب الثاني كانت جاهزة ، إذ من الصعوبة بمكان أن تتغير مواقف الرجل في ظرف وجيز بمقدار مائة وثمانين درجة دفعة واحدة.
وهكذا لم يعد قاسم أمين يدافع عن الحجاب الشرعي الذي عليه الفقهاء كما في دعوته السابقة، بل دعا علانية إلى تمزيق الحجاب ومحو آثاره، واعتبر أن أوروبا هي النموذج الذي ينبغي أن نحتذيه، وأن التمدن الأوروبي ليس خيرا محضا ولكنه الخير المحض الذي أمكن للإنسان أن يصل إليه .
قضية المرأة وتدويل القيم
مضى اليوم على دعوة قاسم أمين نحو مائة عام ، قطع خلالها العالم الغربي والإسلامي أشواطا كبيرة في مسار التحولات الاجتماعية والثقافية و الفكرية، وهذه(5/701)
المدة الفاصلة بين انطلاق ما يسمى الدعوة إلى تحرير المرأة المسلمة في الماضي وما نحن عليه اليوم كافية للتأمل في مسلسل الانحدار الخطير الذي أصاب المجتمعات الإسلامية.
حاصل المسألة ، أن موضوع المرأة اليوم لم يعد مسؤولية أفراد أو شخصيات، أو مبادرات معزولة تنطلق من هنا وهناك لتثير معركة أو تشعل حربا أو تطلق نقاشا بين المؤيدين و المعارضين ، بين أنصار التغريب وتيار الهوية والتأصيل.
لقد أصبحت القضية اليوم تطرح على بساط النقاش الدولي، و خضعت قضية المرأة في العالم الإسلامي لنوع من التدويل، السياسي والثقافي، وهو ما يعني أن موضوع المرأة والأسرة عموما صار جزءا من المواجهة الحضارية الشاملة.
منذ 1994، تتالت المؤتمرات واللقاءات الدولية التي كان الهدف منها فرض الرؤية الغربية العلمانية على المجتمعات الأخرى، بما فيها العالم الإسلامي الذي هو قلب التحولات العالمية خلال قرنين من الزمان على الأقل، فيما يخص نظام الأسرة ووضع المرأة وأخلاقيات الزواج.
ففي ذلك العام انعقد مؤتمر السكان والتنمية في القاهرة ، وتلاه مؤتمر الصحة الإنجابية في بكين عام 1995، وفي عام 1998 انعقد مؤتمر الصحة الإنجابية في القاهرة أيضا، وفي يونيو من نفس العام نظم مؤتمر الشباب في بانكوك، وتوالت اللقاءات والمؤتمرات الدولية الجانبية لمتابعة الشق المتعلق بتنفيذ توصيات هذه المؤتمرات في أكثر من مناسبة.
هذا الانتقال والتحول الذي طرأ على شعار تحرير المرأة في العالم الإسلامي، بين بداية القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين، أي على مسار قرن كامل، لم يحدث فجأة ودفعة واحدة، وإنما حدث على مراحل متدرجة، وكان يراد لكل مرحلة أن تصبح مكسبا، ليتم الانتقال إلى المرحلة التالية، وأن تترسخ كواقع لا يمكن التشكيك فيه أو التراجع عنه. وخلال هذه المراحل كلها تمكن الفكر الغربي العلماني من التسلل إلى المجتمعات العربية والإسلامية من خلال المثقفين المتغربين والأحزاب والحركات النسوية العلمانية التي حاولت أن تمتلك النفوذ من خلال سلطة الإعلام والثقافة والدعم الغربي المادي والسياسي والأدبي.
وقد سمح هذا التقارب الواسع بين الحركات النسوية في العالم الإسلامي ونظيراتها في الغرب والمنظمات الغربية، بظهور شبه تكتل دولي، عبر التنسيق والتعاون والعمل المشترك، وهذا هو المسلسل الذي أدى إلى انعقاد العديد من اللقاءات الدولية بشأن المرأة ، أصبحت توصياتها ملزمة للدول والشعوب غير الغربية ، ليس فقط بقوة الشرعية العالمية، بل كذلك بقوة النفوذ الذي اكتسبته الحركات النسوية داخل هذه البلدان بفضل الدعم الأجنبي، بحيث أصبحت تشكل لوبيات للضغط والمطالبة إزاء الحكومات.
وتحضرني هنا نماذج من المغرب والجزائر وبلدان عربية وإسلامية أخرى، عملت فيها الهيئات الحزبية والنسوية للضغط على الحكومات ورفع مطالب بتغيير قوانين الأسرة والزواج بشكل يستوعب المبادئ والقرارات الصادرة عن تلك المؤتمرات واللقاءات الدولية.(5/702)
لقد خلق هذا التطور في طرح قضية تحرير المرأة ، بالمفهوم الغربي لكلمة التحرير الذي لا يقبل أي نقاش اليوم خشية فضح حقيقته، خلق واقعا عالميا جديدا هو واقع تدويل القيم المتعلقة بالأسرة بشكل عام ، والمرأة بشكل خاص.
وجاءت العولمة قبل سنوات قليلة لتعطي لهذا التدويل دفعة، ولم تعد توصيات المؤتمرات الدولية وحدها التي تؤدي هذا الدور، بل تدخلت قوى جديدة ذات نفوذ وسلطة أدبية وأخلاقية على العقول والنفوس لخلق هذا التدويل في الشعور العربي والمسلم ، هذه القوى الجديدة هي الإعلام وثورة الاتصالات، التي أصبحت تسوق رؤية جديدة للمرأة والأسرة تقوم على امتداح الليبرالية الأخلاقية وحرية الاختيار ومبدأ المتعة والفائدة وقانون الرغبة الذاتية وسلطة الفرد على نفسه.
كيف نربح المعركة؟
إن التحدي الذي يواجه الأمة الإسلامية في قضية المرأة ليس تحديا هينا ولا بسيطا، كما قد يبدو، ليس بسيطا ولا هينا لأن قضية المرأة ليست معزولة عن قضية الأسرة، والأسرة ليست معزولة عن المجتمع برمته، وصحة الحضارة من صحة المجتمع وسلامته.
ونحن نخطئ كثيرا حين نعتقد بأن الغرب يتناول قضية المرأة في العالم الإسلامي من منطلق التجزيء، بل لأن الغاية هي تفكيك المجتمع ، إن المعادلة السابقة بين المرأة والأسرة والمجتمع ثم الحضارة قد فهمها الغرب جيدا قبل أزيد من قرنين، ولذلك فهو يحاول البدء من الحلقة الأولى الأقوى لكسرها.
مهما يكن من الأمر، فإن المعركة الحضارية اليوم هي معركة الثقافة والإعلام من أجل التنوير وخلق الوعي التاريخي السليم بما حدث وما يحدث، وما سوف يحدث مستقبلا لو أننا سرنا في نفس الطريق.
وهناك قضيتان لا بد من إيفائهما حقهما من الدرس والشرح والتحليل، من أجل اعتراض الهجمة الحضارية القوية التي يقودها الغرب ضد العالم الإسلامي ، تحت ستار المرأة والأسرة.
القضية الأولى ، فكرية تاريخية: لقد جاء الإسلام بالمفهوم السليم للتحرير الشامل للمرأة ، وأعطاها جميع حقوقها من الميلاد إلى الممات، أسوة بشقيقها الرجل الذي تشترك معه على قدم المساواة في بناء المجتمع والحضارة، وفي تقديم الحساب في الآخرة.
ولدينا تجربة تاريخية فريدة عمرها يزيد على أربعة عشر قرنا من الممارسة،التشريعية والدينية والأخلاقية الإسلامية يمكن القياس عليها، بينما لدى الغرب تجربة لا تزيد على قرنين، قادت اليوم إلى تفسخ الأسرة وإذلال المرأة والقضاء على الأخلاق الاجتماعية السليمة والإنسانية. وبقياس التجربة الثانية الغربية على التجربة الأولى الإسلامية، مع الفارق الكبير في الفترة الزمنية بينهما، يمكننا الخروج بقاعدة فكرية والبناء على أساسها: لقد نجح الإسلام في أربعة عشر قرنا في بناء الحضارة الإنسانية السليمة المرتكزة على الأخلاق، لكن الفكر الغربي سقط في أول الطريق ولم يكمل قرنين من عمره.(5/703)
أما القضية الثانية، فهي قضية اجتماعية وأخلاقية: إن الأصل في الفلسفة التي أنجبت هذا النموذج الغربي لمفهوم تحرير المرأة أنها فلسفة فاسدة أخلاقيا واجتماعيا، وصيرورة هذا النموذج في الغرب منذ نشأته والتبشير به تكشف لنا المخاطر التي تهدد كل كيان يسعى إلى تقليده والسير على نهجه.
في فرنسا مثلا، أشارت إحصائيات ظهرت العام الماضي أن أكثر من أربعين في المائة من الولادات تسجل خارج مؤسسة الزواج، وأن 53 في المائة من النساء يلدن من حمل خارج إطار العلاقات الزوجية الشرعية، وأن 300 ألف مولود يولدون سنويا - نعم سنويا - من علاقات محرمة، والرقم في ارتفاع مطرد، ووصلت نسبة المراهقات الحوامل إلى 30 فتاة من كل ألف، أعمارهن تتراوح بين 15 و19 سنة. وتشير نفس الإحصائيات إلى أن معدل الزواج في تراجع مستمر، ولا تسجل فروق كبيرة بين فرنسا والسويد والنرويج وفنلندا، أما في بريطانيا فالحال أسوأ، إذ تشير آخر الأرقام الصادرة عن مكتب الإحصاء الوطني البريطاني إلى أن نصف الأطفال في بريطانيا تحبل بهم أمهاتهم خارج العلاقات الزوجية المتعارف عليها، بينما كانت النسبة تصل إلى الثلث فقط قبل عشر سنوات، هذا معناه، في تقديرنا، أن النسبة مرشحة للارتفاع بعد عشر سنوات أخرى، والنتيجة: مجتمعات لقيطة وعالم بهيمي بعد عشرين عاما مثلا.
والصورة تبدو أكثر قتامة وسوادا حين نتأمل في أرقام ومعطيات عالم الدعارة الخفي في أوروبا وأمريكا، حيث تحولت المرأة إلى سلعة تباع وتشترى بدون رحمة ودون أي حس بالانتماء إلى الإنسانية.
وأمامي الآن كتاب خطير ألفته برلمانية سويسرية تدعى "نيكول كاستيوني " ظهر قبل نحو عام في باريس عنوانه" الشمس في آخر الليل"، تحكي فيه قصتها الغريبة كواحدة ممن ابتلعتهن ماكينة الدعارة في الغرب، أو تجارة" الرقيق الأبيض" كما أصبح يطلق على تجارة النساء في هذا العصر الحديث، عصر الهيمنة الأوروبية والغربية.
ومن خلال صفحات الكتاب التي تتجاوز ثلاثمائة صفحة، نتعرف على رحلة المؤلفة، ومن خلالها على العالم الأسود للدعارة في البلدان الغربية التي يقدر ضحاياها بمئات الآلاف من النساء، كما نتعرف على أساليب القتل والاغتصاب والفساد السياسي، وقد خرجت المؤلفة من تلك الوهدة العميقة واستطاعت أن تتزوج عام 1995 وتكون أسرة وتدرس المحاماة ثم تتقدم للانتخابات وتدخل البرلمان السويسري، لتبدأ كفاحها ضد عالم المواخير بواسطة الكتابات وتأسيس الجمعيات.
غرضي من سوق هذه الشواهد، أن أوضح بأن قضية تحرير المرأة في الغرب بدأت بشعارات براقة، وانتهت في أفواه الرأسمالية الجشعة التي لا فرق لديها بين تجارة الأخشاب وتجارة البشر، وهناك عقلاء في الغرب نفسه يتعلمون من هذه التجربة الفاشلة مع تحرير المرأة، فلماذا لا نتعلم نحن قبلهم.
إن المخدوعين بشعارات التحرير عندنا، من كلا الجنسين ، يخططون للالتحاق بالغربيين والغربيات، ولكنهم لا يدركون أن الكثيرين من هؤلاء يفكرون في الوقت(5/704)
نفسه في كيفية الخلاص، والالتحاق بنا، لو عرفوا الطريق، ولو عرفنا نحن كيف نجعلهم يعرفونها. ـــــــــــــــــــ
مفيد فوزي يتراجع عن هجومه على الحجاب والدعاة
...
...
السبت :21/12/2002
(الشبكة الإسلامية) القاهرة ـ كمال حبيب
الشبكة الإسلامية >> العالم الإسلامي
...
...
نفى مفيد فوزي الكاتب والإذاعي القبطي في برنامج "صباح الخير يا مصر" الذي بثه التلفزيون المصري الاثنين الماضي أي علاقة له بموضوع الهجوم على الداعية الاسلامي الشاب "عمرو خالد" وقال: إنه لا يعرفه ولم يره مطلقاً ، كما نفى ما قاله بشأن عودة الممثلة الشابة "مرنا المهندس" للتمثيل بعد اعتزالها له وخلعها للحجاب.. وقال: إنه لا يعرف الممثلة وليس له أي اهتمامات بهذا النوع من الموضوعات .
وعن سبب صمته إزاء ما أثير عن هجومه الجرئ على الداعية عمرو خالد وترحيبه بخلع ميرنا المهندس لحجابها ووصف ذلك بأنه عودة لها إلى مصر الوحدة الوطنية التي ترفض الغيبيات وقوى التخلف قال مفيد فوزي: إنه كمن ألقي عليه حجر وهو يمشي في الصحراء فأصابته الصدمة التي منعته من الرد.. وقال: إنه يحترم الحجاب وأنه قبطي ابن الحضارة المصرية!! ونوه إلى ضرورة الاهتمام بالقضايا الكبيرة على حد قوله .
ويبدو أن ظهور الكاتب القبطي في التلفزيون المصري في أهم برامجه وأشهرها هي ذروة المعركة التي قادت إليها تصريحاته غير المسؤولة لمجلة لبنانية في البداية دون اكتراث من جانبه ثم جرى تداولها على نطاق واسع بين نشاطاء المجموعات البريدية والحوارية على الإنترنت ثم أصبحت المسألة قضية رأي عام حيث دخل على خط أزمة تصريحات فوزي صحفيون كان أبرزهم الزميل محمد حماد الكاتب بمجلة العربي الناصرية والذي اعتبر أن تدخل فوزي في مسألة لا تخصه باعتباره قبطي هو تعبير عن إحداث فتنة نائمة لعن الله من أيقظها ، وطالب محمد حماد مفيد فوزي بضرورة الخروج عن صمته وتوضيح حقيقة موقفه مما نسب إليه من تصريحات ، وطالبه بضرورة اعتذاره لملايين المحجبات وللشعب المصري كله علناً مذكرا إياه أن التطاول على عقائد وحريات المحجبات يعد خطاً أحمر لا يجوز اقتحامه .
ضغوط سياسية
وتشير المعلومات إلى تعرض مفيد فوزي إلى ضغوط سياسية فرضت عليه أن يدخل تعديلاً على مقاله الأخير في صحيفة أخبار اليوم المصرية قبل خروجه للنشر أكد فيه أنه يكذب وينفي تماماً مايتردد بشأن ما ذكر على لسانه كذباً وبهتاناً بشأن أنه تناول بالكتابة أو التعليق حجاب الفنانة ميرنا المهندس أو الهجوم علي الداعية عمرو خالد(5/705)
وأن ذلك لم يصدر عنه لا في صحيفة ولا في أي وسيلة إعلامية أخرى، وأكد أنه لن يكون طرفاً فيما وصفه بالفرية السوداء الحاقدة .
وكان المحامي نبيه الوحش تقدم ببلاغ إلى النائب العام المستشار ماهر عبد الواحد طالبه فيه بمحاكمة عاجلة لمفيد فوزي بتهمة ازدراء الأديان وإنكاره معلوما من الدين بالضرورة عند المسلمين وهو الحجاب كما اعتبر ما فعله فوزي تهديداً للسلام الاجتماعي وإيقاظاً لفتنة وتساءل في بلاغه هل يستطيع مسلم أن يطالب الراهبات بخلع غطاء الرأس واعتزال الرهبنة والخروج من الدير وهو مكان العبادة لأماكن الفجور والفاحشة .
وشن النائب رجب هلال حميدة هجوماً شديداً على مفيد فوزي في مجلس الشعب ووصفه بأنه أرثوذكسي متعصب وأنه تطاول على العلماء والدعاة والحجاب، وأحال د. فتحي سرور رئيس مجلس الشعب ما أعلنه النائب رجب حميدة إلى لجنة الشؤون الدينية بالمجلس .
ونُظر إلى تصريحات فوزي باعتبارها مؤشر خطر إن هي مرت بدون وقفة حازمة أمامها في وقت تشعر الأغلبية المسلمة في مصر أن التطورات الراهنة بالمنطقة قد تؤدي إلى دعم مواقف الأقليات غير المسلمة وهو ما يفتح الباب لتطاولها على الرموز الإسلامية ، ويعتقد كثير من المراقبين في مصر أن غير المسلمين يعيشون عصراً ذهبياً منحهم الكثير من الحقوق والمزايا والتي كان آخرها اعتبار يوم 7يناير (عيد النصارى) عيداً للدولة المصرية كلها بجعله إجازة لكل المصريين
ـــــــــــــــــــ
تحرير المرأة .. عقم المفهوم وانتهازية التطبيق
...
...
الاحد :17/11/2002
(الشبكة الإسلامية) معتز الخطيب *
الشبكة الإسلامية >> المركز الإعلامي >> اقرأ في الشبكة
...
...
درجت حركة تحرير المرأة العربية على الاحتفاء بقاسم أمين رائدًا للتحرير , واعتبار كتابه "تحرير المرأة" البيان الثوري لها , لكن مفهوم "تحرير المرأة" مر بتحولات تجاوزت فكر قاسم أمين بمراحل نظرًا لاختلاف "المرحلة" والظروف المحيطة , بالإضافة إلى الإنجازات التي تحققت .. ففي حين كان الاحتكاك الإرادي بالغرب الشرارة التي أحيت الكثير من الإشكاليات في الفكر العربي والإسلامي , وقضية المرأة إحداها , وخصوصًا واضع دستور التحرير "قاسم أمين" الذي عاش في فرنسا من 1881 إلى 1885 ووضع كتابيه "تحرير المرأة" و "المرأة الجديدة" في 1889 : 1900 متأثرًا بأنموذج باهر ؛ عاينه في حضارة حديثة ومسيطرة .
وفي حمأة الثورة العارمة من أجل الحرية في مصر وغيرها (كانت هناك مسيرة متعثرة منذ أول مشاركة دستورية حقيقية من 1866 إلى قيام الثورة العرابية لانتزاع(5/706)
الحق في المشاركة في السلطة) فكان "تحرير المرأة" جزءًا من مشروع البحث عن الحرية الشاملة .. وفي لحظة الانبهار هذه يكمن تفسير التقلب الملحوظ في فكر قاسم أمين بين كتبه الثلاثة "المصريون" و "تحرير المرأة" و "المرأة الجديدة" .
في هذه المرحلة استند مفهوم "تحرير المرأة" إلى تحرير جسدها من الحَجب والحجاب ؛ باعتبارهما ينتميان إلى التراث (نقيض العصر) في وقت كان مفهوم سائد للنهضة ينبني على القطيعة معه .
وفي حين كان "الحجب" يستمد مشروعيته من خصوصية كل من الرجل والمرأة , هذه الخصوصية التي تفرض نفسها على مجال ونوع المهام التي يمارسها كل منهما , و"الحجاب" يستمد مشروعيته من اعتبار أن الجسد حامل للذة , في ذلك الحين بدأ "تحرير المرأة" بنزع الحجاب وتجاوز الحَجب باعتباره رمزًا إلى عمق الإحساس بالسجن والقيد الذي لا يستقيم مطلقًا مع قيمة الحرية على النمط العصري .
وفي سنة 1924 دخل مفهوم "تحرير المرأة" مرحلة التنظيم حيث أسست هدى شعراوي الاتحاد النسائي بعد عودتها من مؤتمر الاتحاد النسائي الدولي المنعقد في روما سنة 1922 , ثم انعقد مؤتمر الاتحاد النسائي العربي سنة 1944 الذي لقي ترحيبًا من بريطانيا والولايات المتحدة حتى إن زوجة الرئيس الأمريكي روزفلت كانت من ضمن المؤيدين , والمميز لهذه المرحلة أن ذلك كان يتم "طوعيًا" وبترحيب خارجي .
وفي مرحلة لاحقة تحولت تلك التنظيمات إلى مراكز استطالة لسلطة الغرب داخل المجتمعات العربية .. على صورة مؤتمرات دولية تشكل وثائقها أجندة عمل التنظيمات النسائية بل والحكومات أحيانًا , وفي هذا السياق يأتي مؤتمر المرأة الأول في مكسيكو عام 1975 تحت شعار "رفع التمييز ضد المرأة" ثم مؤتمر كوبنهاجن سنة 1980 ونيروبي 1985 ومؤتمر السكان والتنمية في القاهرة 1994 وبكين 1995 , وعن هذه المؤتمرات وبالتنسيق مع قياداتها تحت مظلة الأمم المتحدة انبثقت المؤتمرات العربية حيث شهدت مصر ظهور أول قمة نسائية سنة 2000 شارك فيها تسع من زوجات الرؤساء , ثم قمة المرأة العربية سنة 2001 التي شهدت إنشاء منظمة عربية للمرأة لها استقلالها في إطار جامعة الدول العربية .
وإذا كان مفهوم "تحرير المرأة" لدى قاسم أمين ركز على الحجاب وتعدد الزوجات والطلاق ونحوها , فإنه أصبح أكثر تبلورًا نتيجة الاطلاع العميق على حركة التحرر الغربية والتشبع بأفكارها , خصوصًا من خلال الانخراط في التنظيمات الدولية والإقرار بمرجعية ما يصدر عنها من بيانات وتوصيات , بحيث أصبح جوهر فكرة "تحرير المرأة" يكمن في مطلب السيطرة دون الرجل أو في العلاقة مع الرجل بحيث تركز المؤتمرات على المرأة "الفرد" (أنا أولاً) و(حقوقنا الآن) الشعار الذي اتخذته سابقًا المنظمة القومية للمرأة التي أسستها رائدة التحرر "بيتي فريدان" في أمريكا وذلك في مقابل أولويات الأسرة والأطفال.. ومن ثم اعتبرت وثيقة بكين أن "الأمومة" (الدور الذي كانت تطمح إليه المرأة لتصبح رمزًا للعطاء وتستمد منه سلطتها وسطوتها) دور "نمطي" تقليدي (بمعنى الازدراء) ؛ لأنه مرتبط بالخضوع للرجل .(5/707)
وإذا كانت المرحلة السابقة اقتصرت على الدعوة الفكرية (بدءًا من قاسم أمين) ثم التوصيات "غير الملزمة" (مع مؤتمرات الأمم المتحدة) فإن المشروع دخل طورًا جديدًا مع تبني بعض الأنظمة العربية والإسلامية له في محاولة استعجال تطبيقه بالدفع تجاه الحل السياسي من أعلى , وفي هذا السياق تأتي تعديلات قوانين الأحوال الشخصية بدءًا من مصر , ثم مشروع قانون "الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية" ـ كما سُميَ ـ في المغرب وعدد من الدول , وأخيرًا ـ وليس آخرًا ـ تعديل قانون الأحوال الشخصية في تركيا الذي أنهى سيادة الرجل على الأسرة وفرض مطالب "تحرير المرأة" كاملة وبدأ تنفيذه مطلع سنة 2002 .
في هذه المرحلة نجد أن المفهوم انتقل من مجرد "الثورة الفكرية" ليصبح "مطلبًا اقتصاديًا" وسياسيًا باعتباره ركنًا في "التنمية" ليتناسب مع توجهات مجتمع السوق والقيم الرأسمالية , وبهذا يصبح مفهوم الإلحاح على موضوع "عمل المرأة" ومنح القروض المالية من البنك الدولي للمرأة العاملة , الأمر الذي يبين تحول وسائل تنفيذ مشروع التحرير من مجرد بث الأفكار إلى التوصيات والتنظيمات ثم محاولة الفرض الحكومي الرسمي .
التنظيمات النسائية.. قراءة نقدية:
إنه من اللافت للنظر تزايد النشاط النسوي في العالم العربي وتأسيس الكثير من التنظيمات النسوية (الحكومية وغير الحكومية) في البلد الواحد ؛ فمثلاً وجد في الأراضي الفلسطينية (كما تسمى) ـ حسبما ذكر بحث موَّله برنامج الأمم المتحدة للتنمية عن المنظمات النسوية ـ أكثر من (174) منظمة حتى عام 1993 , وبعد اتفاق أوسلو في العام نفسه بدأت وتيرة النشاط النسوي في التزايد بشكل فاق التوقعات , حتى إنه ربما تجاوز غيره من الأنشطة الاجتماعية والسياسية الأخرى .. وكذلك الأمر في كثير من الدول العربية هذا فضلاً عن المنظمات الحكومية والاتحادات النسائية المرتبطة بالتنظيم العالمي للمرأة , ومن المثير للجدل .. الدعم الأوروبي والدولي السخي لهذه التنظيمات والأنشطة وتمويل صندوق المرأة التابع للأمم المتحدة لها ! وعلى سبيل المثال حصلت التنظيمات النسوية في الأراضي الفلسطينية على 5% من إجمالي المعونات الدولية المخصصة للأراضي الفلسطينية (حسب تقرير 1997) فيما لم يخصص للمجال الزراعي والصناعي إلا أقل من 1.2 % منها .
ومن الجدير بالذكر أن أي تمويل إنما يتم لأهداف محددة وله شروطه ومحدداته السياسية والثقافية , ومن ثم تخضع الأولويات لتحديد الجهات المانحة ماليًا والضاغطة سياسيًا وثقافيًا , كما أنه يتعين الالتزام بتلك الأولويات لضمان استمرار التمويل .. ومن جهة أخرى فإن التنظيمات الحكومية تخضع لأولويات النظام السياسي ووفق خلفيته الفكرية والأيدلوجية .
هذه الاعتبارات تجعل التنظيمات وما يصدر عنها من مؤتمرات وأنشطة تختلط فيها المواقف الثقافية والحضارية بالسياسية إلى حد كبير ؛ مما يُحدث إشكاليات كبيرة على المستوى الثقافي والاجتماعي والديني ؛ لأنه لا يمكن لنا أن نستعير / نستنسخ جزءًا من نمط حياة قائم في بناء حضاري وثقافي معقد (الغرب هنا) من دون إدراك(5/708)
مكملات هذا الجزء , وتبعات ومشاكل هذا الاستنساخ على مجتمعاتنا ؛ ما يسفر عن فجوات تفرضها خصوصية المجتمعات العربية المتعددة ثقافيًا , والمتفاوتة وعيًا وتمسكًا بالقيم الدينية (المتيقنة أو الموهومة) .
فمثلاً , إن التوجه الحكومي في اليمن لدمج المرأة في العملية الاقتصادية لا يبتعد كثيرًا عن "التوجه العالمي" والتنسيق مع جهات خارجية أو "الخضوع" لمطالب سياسية دولية بخصوص هذا الشأن .. والأهم من ذلك هو أن هذا التوجه الذي ينشغل "كلية" بالتساوق مع التوجه العالمي لا يهتم كثيرًا بخصوصية المجتمع اليمني والذي يفرض سلم أولويات يختلف عن غيره ؛ فأبرز ما نلحظه في هذا التوجه أنه لا يهتم "الاهتمام المطلوب" بتعليم المرأة في مجتمع ترتفع فيه نسبة الأمية بشكل مقلق , خاصة بين صفوف النساء , فالإمعان في مطلب "اللجنة الوطنية للمرأة" اليمنية (وهي هيئة حكومية تأسست قبل نحو خمسة أعوام) الذي ينص على (توفير فرص التعليم وخصوصًا الثانوي لجميع النساء , وتشجيع الإناث على الاستمرار في مواصلة دراستهن لما بعد المرحلة الإلزامية وعدم الاكتفاء بمستويات متدنية من التعليم لزيادة فرص مشاركة المرأة في سوق العمل بتوفير حوافز مادية وعينية) .. هذا الإمعان يبين أن مطلب تعليم النساء ينحصر في هدف محدد جاء "مكملاً" للتوجه العام نحو إدماج المرأة في العملية الاقتصادية , بمعنى أن الاهتمام بالتعليم لغرض إشراك المرأة في سوق العمل "فقط" , الأمر الذي يؤكد ما قلناه قبلُ من قفز التنظيمات النسوية على البعد الثقافي والفكري (باعتباره كان يمثل مطلبًا مبدئيًا مع قاسم أمين ومعاصريه) , لتحقيق مطالب سياسية واقتصادية من دون الالتفات إلى الفوارق التي تعيشها تلك المجتمعات .
وكذلك الأمر بالنسبة للتنظيمات النسوية الفلسطينية التي تنشغل بقضايا الزواج المبكر والتعدد ونحوها .. في حين لم نجد تنظيمًا نسائيًا يهتم بالمقاومة والعنف الإسرائيلي !
يأتي ذلك في سياق عولمة نموذج المرأة الغربية من خلال سعي الأمم المتحدة والتنظيمات المنضوية تحتها والخاضعة لها إلى فرض منظومة من القيم الغربية على أنها قيم إنسانية عالمية , وتطالب بها كل المجتمعات وتعتبرها هدفًا يستحق النضال من أجله .. وهذا من شأنه أن يجعل قضايا المرأة (وفق تصور التنظيمات النسوية) جزءًا من مشروع "العولمة" على اعتبار أن لها تداعيات وتأثيرات تتجاوز حدود الجغرافيا والهويات وتهميش كل المرجعيات الدينية والثقافية لصالح مرجعية الفلسفة الغربية .. وهذا يعيدنا من جديد إلى أزمة العلاقة مع الغرب والحداثة , وإشكالية الهوية والمرجعية .
مطلبان رئيسيان:
ولو عدنا نتأمل القضايا التي تلح عليها كل المؤتمرات على مدار القرن الماضي لوجدناها تنحصر في مطلبين رئيسين :
الأول :
حق المرأة في إثبات الوجود والمشاركة في فعاليات الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والفكرية والاجتماعية وغير ذلك في محاولة لإعادة صياغة العلاقة "المتخلفة" (بمعيار المقارنة مع الغرب) التي تقوم على "اقتسام" النشاط الإنساني(5/709)
بين الرجل والمرأة , وتجعل لكل منهما مجالاً خاصًا , مكانًا ونوعًا .. هذه الصياغة الجديدة استدعت الكثير من القضايا مثل "القوامة" و"عمل المرأة" , ما استدعى "حق المرأة" في التشريع القانوني وممارسة أدوار قيادية سياسية وغيرها , وما تفرع عن ذلك من إشكالات شغلت نقاشًا طويلاً من الخطاب الثقافي والسياسي .. هذه المشاركة مع الرجل كانت كفيلة بإعادة صياغة "العلاقة" بين الرجل والمرأة من منظور "حديث" و "واقعي" بعد أن كان ذلك الاحتكاك استثنائيًا وفي نطاق ضيق جدًا , وبعد أن كان الرجل هو المسؤول عن الدور القيادي في البيت وخارجه .
و"الحقوق" هذه تستدعي ضرورة مبدأ "المساواة" الذي شغل مساحة كبيرة من المؤتمرات المتوالية ثم من التشريعات في بعض الدول العربية والإسلامية كتركيا ومصر والمغرب وغيرها.. والإقرار بهذا المبدأ كفيل بإعادة صياغة خارطة العلاقة بين الرجل والمرأة في البيت وخارجه , ومن أبرز القضايا التي تحضر هنا "القوامة" , وبالتالي تأثيراتها على تنظيم شؤون الأسرة وتربية الأولاد , وحق الطلاق , وسفر المرأة وعملها من دون إذن الزوج , والتساوي في الميراث؛ بل اقتسام الممتلكات بالتساوي بعد الانفصال أو الوفاة , وغير ذلك مما قد يعود بالنقض على مسلّمات دينية ونصوص صريحة .
إن توسيع مشاركة المرأة في الاقتصاد من خلال تأمين فرص العمل بالاستناد إلى مفهوم "المساواة" وكذا باقي المجالات .. من شأنه أن يغير كثيرًا من ملامح الخارطة الاجتماعية والثقافية للأسرة العربية ؛ لنجد أنفسنا أمام "نمط" مختلف , يثير كثيرًا من الإشكالات التي سنستوردها من "النموذج المثال" الذي نحاكيه , من دون تَبْيِئَة هذا الاقتباس نفسه (قد رأينا بعض هذه البوادر من خلال أَنْثنة الإعلام العربي عامة) ؛ فتأمين فرص العمل لكل امرأة (من المهم هنا تَذَكر عجز الحكومات عن القضاء على البطالة بتوفير فرص عمل للرجال) من شأنه أن يرفع ـ إلى حد كبير ـ من نسبة البطالة في مجتمعات "نامية" كمجتمعاتنا , كما من شأنه أن يضع بثقله على قوانين وأعراف "الزواج" ليعاد ترتيبها وفق الوضع الجديد (بطالة الرجل وفقره , وخلق نساء رأسماليات) وربما نصل إلى أن تدفع المرأة المهر كما في كثير من ولايات الهند , أو أن يعول كل من الزوجين نفسه كما في الغرب .
المطلب الثاني :
تركز حول "حرية" المرأة في ممارساتها ونشاطاتها .. والحرية هنا تعني الانعتاق من أي سلطان (وفق التصور الغربي) ؛ وإذا كان المطلب الأول يركز على "الحقوق" بوصفها نشاطًا , فإن الثاني يركز على "الحرية" بوصفها قيمة لا بد أن تحضر في كل النشاطات التي تمارسها المرأة .
وتحت هذا المطلب تندرج كثير من القضايا الشائكة أبرزها حرية المرأة في التصرف بجسدها (الحرية الجنسية , والتحكم بالحمل وبجنس الجنين , والإجهاض , وتشكيل الجسد كما تشاء أو هكذا تتصور) في مقابل منع التعدد , وهو ما ركزت المؤتمرات وخاصة مؤتمر السكان ووثيقة بكين .. يأتي هذا في زمن ازدهرت فيه فنون صناعة الجسد وفنون الاهتمام باللذة الجنسية ومستلزماتها (الإعلان , التجميل , الموضة , العطور , الملابس الداخلية والخارجية , الإكسسوارات , مسابقات الجمال(5/710)
, عروض الأزياء , فنانات ذوات أجساد ..) , وأصبح فيه الجنس والجسد هما الثقافة السائدة (في النموذج المثال الذي يراد عولمته) بالتحالف مع العقل المادي الساعي لتعظيم اللذة والربح وتقديمهما على كل هدف آخر , بعد أن كان الجنس والجسد يخضعان للثقافة السائدة التي يساهم في تشكيلها الدين والعرف الاجتماعي .
ومن المهم هنا أن الحرية الجنسية لا تقتصر على العلاقة الطبيعية (ذكر وأنثى) بل تتسع لتشمل اشتهاء المماثل والدخول معه في ممارسة فعلية ربما تؤدي إلى الاكتفاء به عن الشريك الطبيعي , الأمر الذي سيصل إلى الاعتراف به قانونيًا كما في ألمانيا مثلاً , بالرغم من وجوده بكثرة في أمريكا وفرنسا والسويد والكيان الصهيوني وغيرها .
إن الإشكالية الجوهرية التي تنشأ عنها كل هذه الإشكاليات هو تَعَمّد التنظيمات النسوية العربية (حكومية وغير حكومية) تجاوز النسق الثقافي والديني الخاص بنا , وتَبنّي النموذج الغربي للمرأة لتحقيق مكاسب خاصة بتأثير الإرهاب أو الإغراء الدولي , وتحدي معتقدات ومفاهيم الجماهير التي تبقى على الدوام مشدودة إلى ثوابت دينية (سواء متيقنة أم مظنونة أو موهومة) فضلاً عن نسقها الثقافي الذي يتميز بكثير من الخصوصية والتحفظ إزاء نقيضه الغربي الذي تلح نخبنا (الثقافية والسياسية) المنتمية إلى ثقافته على فرضه وتعميمه .
إن غياب المؤتمرات والتنظيمات النسوية العربية عن الاهتمام بشكل رئيس بموضوعات التربية والأسرة والعنوسة (سجلت بعض الإحصائيات أن في مصر 9 ملايين عانس) وصورة المرأة في وسائل الإعلام (خاصة أن هذه المؤتمرات لها صفة رسمية بمعنى أنها قريبة من مواقع القرار) وعن قضايا مشاكل الدعارة والبغاء المتنامية في العالم العربي , وعن خطاب المجلات النسائية الاستهلاكي , الذي ينشغل كلية بجماليات الفن لصناعة أجساد وفق المقاييس المحددة مسبقًا للجسد المثال في عالم يشكل فيه الجسد الأنثوي كل مقتضيات التوظيف في عالم المال ؛ لأن قطاع الإنتاج لا يرى في المرأة سوى جسد , ومن ثم يشترط ـ في الدرجة الأولى ـ جمال الهيئة في معظم المهن التي تشغلها المرأة ليكون الجسد هو أداة التواصل بين المالك والزبون , إن غياب كل ذلك عن أجندة التنظيمات يؤكد اغترابها عن المطالب الحقيقية للمرأة لاستلابها لمرجعية مختلفة كليًا عن مرجعية مجتمعاتها , كما يؤكد على البعد الاقتصادي في "تحرير المرأة" .
هذا العبث الذي يصر على تغيير ملامح حياتنا يجعل من أولوياتنا الحالية العودة إلى قضية المرأة وإعادة تأهيلها ومعالجة مشاكلها من سياق واقعها وثقافتنا ومرجعيتنا الدينية , والتأكيد على صناعة كوادر نسائية قادرة على العطاء والإبداع في المواقع الفكرية والاجتماعية وغيرها ؛ فقد تسبب تجاهلنا لمشاكل المرأة وغيابها أو تغييبها (بفعل عادات وتقاليد واجتهادات غير واعية) بإتاحة المجال لكثير من الاختراقات , وحدوث هذه التشوهات والالتباسات التي نعايشها.. وغني عن القول : إن الحل لمشاكل المرأة لا يكون بالقوانين والقرارات "الرسمية" أو بتسييسها ؛ لأنها مشاكل ثقافية واجتماعية منبنية على الوعي الديني والثقافي والاجتماعي .
ــــــــ(5/711)
* كاتب وباحث
ـــــــــــــــــــ
حجابها الفحم !!
ذكر في مجلة حياة العدد 26 لعام 1423هـ تلك القصة العجيبة والمؤثرة والأمر الذي يثير إعجابنا وتأثرنا أنه موقف لامرأة ليست بعربية ولا من بنت الجزيرة إنها لامرأة لغتها وبلدها ليست العربية ومع ذلك تمسكت بمبادئ إسلامها وعفافها في وقت تتراجع عنه كثير من نساء اليوم نسأل الله لها ولنا ولجميع الأخوات المسلمات الثبات:
قالت الأخت اليوغسلافية وهي تتحدث الفصحى لمجلة ذات النطاقين :
عندما غزانا المد الشيوعي كنت حينها صبية في العاشرة من عمري، وكنت أرتدي الحجاب دون غطاء الوجه، وكانت أمي تغطي وجهها مع سائر بدنها. وقبل هذا المد الخبيث كنا نعيش في أمان على كل شيء.. أموالنا.. وأعراضنا.. وديننا.. فلما ابتلانا الله بهذا الطاغوت الذي لا يراعي في مسلم إلاً ولا ذمة، تغيرت أحوالنا فما كنا نستطيع أن ننام ليلة واحدة في أمان، وكانت أمي تنام في حجابها خوفاً من أن يداهم الحراس الكفرة بيوتنا في ساعة من الليل. وفرضوا على كل من تغطي وجهها أن تحمل صورة فوتوغرافية تبرز هويتها.. وعندما علمت أمي بذلك بكت كما لم تبك من قبل.. وهي تردد تقولها: كيف سأكشف وجهي أمام المصور؟! وهو يركز نظره علي ثم يأتي أتباع الدب الأحمر ليتمتعوا بالنظر إلى صورتي.. ماذا أفعل ؟
وبينما نحن في حيرة من أمرنا وقد تألمت جداً لبكائها وحرقتها إذ قام والدي وأحضر بين يديه فحماً أسوداً وقال لها: خذي هذا ولا تجزعي.. فقالت وماذا أنا فاعلة به ؟ قال اصبغي به وجهك!.. وقنعيه بالسواد فلا تبدو ملامح جمالك حين تكشفين عن وجهك أمام المصور وستظهر الصورة قاتمة. فأخذته أمي ولطخت وجهها به.. ولما رأت معالم جمالها قد اختفت انفرجت أساريرها، ولا زلت أحتفظ من يومها بتلك الصورة الرائعة بقناع من الفحم الأسود تقف شاهدة لأمي وأبي أمام الله يوم القيامة في غيرتهما على دينهما .
ثم أظهرت الصورة من حقيبتها..
ـــــــــــــــــــ
هل العمل فيه كرامة للمرأة ؟
قرأت ما كتبه الكاتب نجيب عصام يماني في "الوطن" عدد الخميس 10/6/1427هـ يعقب به - بزعمه - على ما سبق أن كتبه في موضوع عمل المرأة، هذا الموضوع الذي شغل كثيرا من كتاب الصحف وأشغلوا به الناس، ولا ندري هل الدافع لهم الشفقة على المرأة أو لهم هدف آخر، وقد عنون الكاتب مقاله بعنوان عريض حيث قال: (العمل فيه كرامة للمرأة وصيانة لها عن الحاجة والزلل)، ولو أنه قيد هذا العنوان بالعمل الذي يليق بالمرأة ويحفظ كرامتها لكان لقوله وجاهة ولم نختلف معه فيه، وأكد هذا بقوله في أثناء كلامه لما ذكر جملة من النساء الصحابيات قال عنهن إنهن كن يعملن في كل مجال يشاركن الرجل في كل المهن والأعمال بموافقة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومباركته لهن .(5/712)
وأقول له : هل هؤلاء الصحابيات كن يزاولن عملهن متبرجات وغير ملتزمات بالحجاب، هل كن يسافرن للعمل بدون محارم، هل كانت إحداهن تخلو مع الرجل في المكتب أو مكان العمل، هل كن يقمن بعمل الرجال ويقرهن الرسول صلى الله عليه وسلم على هذه الأمور - كما هو صريح كلامك - يا رجل اتق الله فإنك مسؤول ومحاسب عما تقول وما تكتب، هل كانت هؤلاء الصحابيات يتركن أعمال بيوتهن وتربية أولادهن لما ذكرت ؟، إننا لا نمانع في عمل المرأة الذي لا يتعارض مع كرامتها ولا يعطل عمل بيتها الذي هو الأساس. وإنما نمانع كل الممانعة ومعنا كل مسلم غيور من عمل المرأة الذي يخرجها عن كرامتها ويحملها فوق طاقتها وهو الذي ينادي به بعض الكتاب الذين يقولون إن نصف المجتمع معطل ويجحدون ما تقوم به المرأة من أعمال جليلة في بيتها وخارج بيتها في محيط النساء مدرسة وطبيبة، وإذا كانت صلاة المرأة في بيتها خيراً لها من صلاتها في المسجد بنص الحديث الصحيح حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وبيوتهن خير لهن وليخرجن تفلات"، أي غير متزينات ولا متبرجات. فإذا كانت عبادتها لله في بيتها خيراً من عبادتها في المسجد، فكيف لا يكون عملها في بيتها خيراً من عملها خارجه، وما ذاك إلا حفاظا عليها، وقد قال الله تعالى لنساء نبيه اللاتي هن خير نساء العالمين: ((وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ)) (الأحزاب : 33) ، فكيف لا تنهى بقية النساء عما نهيت عنه زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم وهن القدوة للمؤمنات .
ثم قال الكاتب لما ذكر النساء اللاتي كن يعملن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم قال: ولعل فيما ذكرت ردا بليغا على فضيلة الشيخ صالح الفوزان الذي كتب في "الوطن" 2096 بعنوان "المنادون بخروج المرأة خارج منزلها يريدون تحريرها من كرامتها"، وهو يعلم قصدي أنني أريد العمل الذي لا يتناسب مع كرامتها لا مطلق العمل.
وأقول له: ليس فيما ذكرت من عمل الصحابيات رد على ما كتبته بل فيه ما يؤيده، وكل مسلم يريد أن تعمل نساؤنا كعمل الصحابيات لا كعمل الأفرنجيات فأنا متفق معك تماما إذا كنت تريد أن تعمل نساؤنا كعمل الصحابيات ملتزمات بالحشمة والكرامة متجنبات للسفور والاختلاط مع الرجال متقيدات بآداب الإسلام وأحكامه.
ثم قال الكاتب: وفي الشرع الحكيم يجوز للمرأة أن تتولى جميع المناصب التي يتولاها الرجل، وأقول له: في أي شرع ورد هذا الذي تقوله هل هو في الشرع المنزل أو في الشرع المبدل فالله تعالى يقول: ((وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى)) (آل عمران : 36) ، ويقول : ((الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ)) (النساء : 34) ، وإنما أجاز الشرع للمرأة أن تقوم بالأعمال الخاصة بالنساء لأنها لا تستطيع أن تقوم بما يقوم به الرجال ولا يتناسب ذلك مع حشمتها وكرامتها بل لقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم المتشبهات من النساء بالرجال ولعن المترجلات .
وما ذكره الكاتب من أن بعض العلماء يرى جواز تولي المرأة للقضاء ومنهم من يرى توليها الحكم يرد عليه بأن هذه مجرد آراء لا دليل عليها من الكتاب والسنة ولا(5/713)
من عمل المسلمين المستمر ثم قال الكاتب: "لا يستقيم عدم عمل المرأة وما تقوم به الدولة من جهد عظيم في تعليم المرأة للحصول على أعلى الشهادات وتوظيفها لتقوم بدورها الطبيعي في الحياة، كما أراده الله لها، ونقول له: "الدولة - حفظها الله - لا تريد أن تتولى المرأة أعمال الرجال التي زعمت أن الشرع أجازها لها. وإنما تريد الدولة أن تتولى المرأة العمل اللائق بها في حدود الشرع كما هو الواقع من عملها مدرسة وطبيبة وممرضة وكل عمل في محيط النساء مما لا يتعارض مع عملها في بيتها وتربية أولادها.
قال النبي صلى الله عليه وسلم : ((والمرأة راعية في بيتها ومسؤولة عن رعيتها)) فلا تضيع رعيتها لأجل العمل خارج البيت وإنما تقوم بالعمل الذي لا يتعارض مع ما استرعاها الله عليه في البيت وهو سائلها عنه يوم القيامة.
ثم قال الكاتب: فلو كان هناك مس بكرامتها كما قال الشيخ الفوزان لما رضي الشرع لها هذا"، وأقول للكاتب: أنا لم أقل إن العمل الذي رضيه الشرع للمرأة يمس بكرامتها، كما نسبت إلي، وإنما قلت ولا أزال أقول وكل غيور يقول معي إن العمل الذي لا يرضاه الشرع للمرأة هو الذي يمس كرامتها وهو الذي ننهى عنه، وقول الكاتب: بل إن العمل فيه صيانة لكرامتها وإعفافها عن ذلك المسألة، فأقول له نحن معك في هذا ولكن بشرط أن يكون العمل لائقا بها وبعيداً عن تنازلها عن شيء من الآداب الشرعية الخاصة بها من ترك الحجاب ومخالطة الرجال والخلوة مع الرجل الذي ليس محرما لها في أي مكان، وعن سفرها بدون محرم، فإذا توفرت في عملها الضوابط الشرعية فلا أحد يمنعها منه.
وقوله : (لا يحق للرجل أن يجبر زوجته على خدمته)، يخالف ما عليه العمل في عهد النبي عليه الصلاة والسلام من عمل النساء في بيوت أزواجهن حتى فاطمة رضي الله عنها خدمت في بيت زوجها حتى أثر ذلك في جسمها، وطلبت من النبي صلى الله عليه وسلم أن يعطيها خادمة تعينها فأبى عليها ذلك فأوصاها أن تستعين على عملها بالتسبيح والذكر ولم يقل لها هذا العمل لا يلزمك فاتركيه، ونحن نرحب بالنقد الهادف الموجه من الكاتب ومن غيره، لأن هدف الجميع الوصول إلى الحق ونسأل الله أن يوفق الجميع لمعرفة الحق والعمل به.
ـــــــــــــــــــ
الأدوات الجديدة لتخريب الأخلاق وزلزلة الثوابت
...
...
الاربعاء:06/11/2002
(الشبكة الإسلامية) القاهرة ـ كمال حبيب
الشبكة الإسلامية >> العالم الإسلامي
...
...
يظهر في الأفق المصري الآن أداتان جديدتان لتخريب أخلاق الشباب واقتحام ثوابت الأمة بغشم وجهل فاضح، الأداة الأولى هي البرامج التي تظهر في القنوات الفضائية(5/714)
الخاصة، والتي تتدثر بطرح قضايا جريئة وحساسة تقتحم حجب الحياء لدى المشاهدين بينما هي في الحقيقة أقرب لبرامج البرنو والإثارة الشهوانية والجسدية ، أما الأداة الثانية: فهي توظيف أشباه المثقفين ممن يفتقدون الحس الديني والوطني لمخطط الهجوم على ثوابت الأمة وعقيدتها وتراثها الاجتماعي والأخلاقي ضمن خطة حديثة ومعاصرة لطرح إسلام جديد وفق الطلب الأمريكي والغربي .
وفي العادة فإن الرابط بين الأداتين هو وجود عنصر نسائي فيهما، وهذا العنصر النسائي عادة ما يكون موظفا - بمعنى أنه يؤدي مهمة مطلوبة منه ؛ ذلك لأنه لا يمكن فهم دوافعه الإنسانية أو الأخلاقية أو الوطنية أو الدينية وراء ما يقوم به ، ومن الواضح أن توظيف العنصر النسائي بالذات في مهام من هذا القبيل يعكس التبجح وييسر على المخاطبين احتذاؤه ، لأن الله خلق المرأة موطن الحياء فإذا فقدته فإن ذلك يجعل من القيمة التي تمثلها موضعا للافتراء والتهجم .
الفضائيات وإشاعة الفاحشة
عرضت قناة دريم الفضائية الخاصة برنامجاً مسفاً عن" العادة السرية " واستضافت أحد المشايخ وبعض الاختصاصيين في الطب، وقدمت ضمن البرنامج مشروعا لتخرج أحد طلبة معهد السينما لمدة عشر دقائق يعرض لأنواع القبلات ويقدم وصفاً لها ، وفي الواقع فإن أول من حدثني عن هذا الأمر بنوع من الانزعاج والفزع هو أحد الأصدقاء القادمين من كندا وجمعتني به جلسة خاصة، وهو يضرب كفا بكف ويؤكد أن ما قدم في البرنامج على الناس والعامة لا تجرؤ قناة في الغرب على أن تفعله، وأنه لم يسمع عن هذا المستوى من الإسفاف الذي يبلغ حد الفضيحة والعار .
ثم مضت بي الأمور ونسيت الأمر وإذا بالبرنامج الذي تقدمه مذيعة مصرية مسلمة في قناة فضائية مصرية يحدث ضجة ضخمة هي تعبير عن صدمة الناس وفزعم مما شاهدوا ومما قدم ، كان البرنامج خروجا على كل الأعراف المهنية والأخلاقية بكل المقاييس، فقد استأجرت المذيعة بعض السيدات ليتصلن بالبرنامج ويكشفن في وقاحة وجرأة أنهم يمارسن العادة السرية .. ياللعار المرأة المسلمة التي وصفها الله بالمحصنة والصالحة والقانتة واعتبر الحياء أحد صفاتها الأساسية تتبذل إلى حد مناقشة أمورها الخاصة بالفراش على الملأ ولم تستح أن تذكر اسمها وتذكر تفصيلات مخجلة .
هذا كله يتم في قناة فضائية تدخل البيوت ويشاهدها الصغار والكبار وهو ما دعا أحد العلماء أن يقرر وبصدق - أنها أصبحت عادة علنية ، ومنهج الإسلام والقرآن واضح في هذا المجال فهو يكني عن هذه الأمور الخاصة ولا يكشف عنها وهو نوع من الأدب وتعويد للناس على الأدب والحياء والفطرة .
وكانت جريدة الوفد أول من هاجم القناة والبرنامج وذكرت الجريدة " في جرأة بالغة وتبجح غير مسبوق أطلت الإعلامية هالة سرحان على مشاهدي القناة الفضائية التي يمولها بأموال البنوك أحد كبار المدنيين المتعثرين المسكوت عنهم .. فاجأت هالة سرحان المشاهدين ببرنامج أقل ما يوصف بأنه فضيحة .. وطالبت الجريدة تدخل صفوت الشريف وزير الإعلام وتدخل محمود أبوالعيون محافظ البنك المركزي، كما(5/715)
نعت على صاحب القناة أحمد بهجت سماحه بمثل هذه البرامج التي تتحدى القيم والعادات وتمثل تهديدًا لأخلاق الشباب .
وهاجمت جريدة الأسبوع المستقلة البرنامج والقناة الخاصة وأطلقت عليها قنوات العار الخاصة التي سقطت في الامتحان، ونشرت الجريدة عددًا من الرسائل لمشاهدين يعبرون عن اشمئزازهم مما يعرض في القناة .
ونشرت جريدة المصور حوارًا مع المذيعة كشفت عن مآربها الخاصة، فهي تحاول استخدام القنوات الفضائية للتبشير بالتثقيف الجنسي "وتحدثت عن أنه لا توجد لديها محظورات فقط التعدي على الرموز الوطنية"!! .. ونحن نتساءل هل الرموز الوطنية أعز عليك من قيم المجتمع وتراثه وتقاليده ودينه وأخلاقه ؟
واستشهدت المذيعة بتشجيع سيدات الأنرويل "وهي الفرع النسوي للماسونية، وذكرت في حوار المصور أن شلتها هي يسرا وإيناس الدغيدي وهي مخرجة تقتحم نفس المنطقة بنفس الدعوى وهي التوعية بالجنس ومشاكله في وقت يحتاج الشباب والناس للتوعية بقضاياهم العامة وقضايا أمتهم ومجتمعاتهم التي يتهددها كافة المخاطر .
وفي جريدة اللواء الإسلامي التي يصدرها الحزب الوطني الحاكم وهي لسانه الديني اعتبرت البرنامج مخالفة أخلاقية وخروجا على العرف والتقاليد وسعيا لجذب المشاهدين بثمن بخس.
لقد كان الرفض قاطعا لمثل هذه البرامج الإباحية ، وفي اعتقادنا أن النخبة التي تريد إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا والذين يتسللون لهذه المواقع الحساسة يسعون بين الحين والآخر لاقتحام ثوابت الناس الأخلاقية لاختبار مدى تمسكهم بدينهم فإذا وجدوا يقظة خنسوا كالشياطين أما إذا وجدوا غفلة أقدموا، لذا فأخلاق الشباب وعفة المرأة وحياء البنات هي أحد الثغور الهامة التي تحتاج إلي رباط ويقظة ووعي وإلا فإن شياطين الإنس يسعون في أوقات الأزمات الكبرى للتسلل من مناطق يظن أنها آمنة ومحروسة لكن الأخلاق اليوم هي معركة سيشتد أوارها لأنها - أي الأخلاق ـ هي أساس النهوض ، لذا فهي مقصودة بالطعن والنزال .
التهجم على ثوابت الأمة
عنصر نسائي آخر هو رئيسة مجلة حواء النسائية ، ولا يعرف عنها تخصص في علوم الشريعة أو أن لها أي صلة بها لكنها من الشلة الجديدة التي يجري تجهيزها للتبشير بالقيم الأمريكية الجديدة لكن عن طريق اقتحام الإسلام .. فليتبعوا القيم الأمريكية ..ولكن بعيداً عن الدخول في مناطق ليست من ثوبهم ، لذا يبدو الحديث فيها مثيراً للدهشة والاستغراب ، ولا يمكن فهم ما يجري منفصلا عن توظيف هذه العناصر لخدمة أهداف أعداء الأمة وأنهم أدوات في تنفيذ هذا المخطط .
الكاتبة "إقبال بركة" تكتب كتاباً جديدا ً بعنوان"الحجاب رؤية عصرية" وفي الكتاب تعتبر أن الحجاب ليس أمراً ربانياً بل هو أمر خاص بأمهات المؤمنين وهن لسن قدوة لبقية النساء المسلمات!!! وتطالب بأن يقوم الفقهاء بتقديم تفسيرات عصرية وعدم حبس المسلمات في تقاليد وقيم العصور الوسطي .. وهي تري أن الحجاب ليس زياً إسلاميا ً وإنما هو عودة للجاهلية وخروج عن الإسلام.(5/716)
وتتصدى إقبال بركة في جرأة تحسد عليها للهجوم على زي المرأة المسلمة وترى أن ذلك يقدم الإسلام باعتباره دينا يفرق بين الرجل والمرأة ، وتتحدث عن انزعاجها من انتشار الحجاب بين النساء المسلمات بشكل غير مسبوق ؛ ولذا فهي تسعى لإيقاف هذه الظاهرة التي جاءت نتيجة انتشار الفكر السلفي على حد قولها .
وهي ترى أن استجابة المرأة المسلمة للحجاب باعتباره أمراً إلهيا يعد مؤشر خطر لأن معنى ذلك سلبيتها وإلغاء عقلها .
وكما هو معلوم فإن النظام الاجتماعي للإسلام أحد ثوابت الأمة وهو أمر مقصود بالهجمة العولمية الجديدة ذات الطابع الثقافي حيث يريد الغرب أن يجعل من النموذج الغربي للمرأة النموذج الوحيد والسائد في العالم الإسلامي وعولمة المرأة هو أحد المطالب الجديدة التي يسعي الغرب لفرضها على العالم الإسلامي .
وأحد الأدوات الجديدة لتنفيذ مخطط الغرب هو اصطناع أعوان له يتهجمون علي ثوابت الأمة ودينها ورموزها فيكتبون الكتب ويلقون المحاضرات وتسلط عليهم الأضواء لكن الله غالب على أمرها .
"يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره" لكن العبارة الآن هي أن المرأة المسلمة وإيمانها وحجابها مقصود ؛ ذلك لأن حجاب المرأة هو دليل إسلامها وإيمانها، وعودة المرأة للحجاب عودة للإيمان فالمرأة ترمومتر مجتمعها وهي خط هجومه الأول ودفعه ومدافعته الأخير
ـــــــــــــــــــ
بداية تعليم المرأة في المملكة
لما جئت مكة أُدرس فيها، لم يكن في المملكة إلا مدرسة واحدة للبنات، فيما أعلم أنا هي المدرسة النصيفية، التي أنشأها الرجل العظيم الشيخ محمد نصيف رحمة الله عليه ، فكان رائداً في فتح مدارس البنات، أما الرائد الأول الذي كان أبا التعليم حقاً في هذه المملكة وكان نادرة بين الرجال ، قلما يجود الزمان بمثله، والذي أفضل الله به على أكثر المتعلمين الآن من الشيوخ ومن الكهول ،هو الشيخ محمد علي زنيل .. ( ذكريات 8/270-275)
* الفرق بين السنة الأولى والسنة الثانية !! :
لما قدمت المملكة سنة 1383 كلفني الشيخ (الأفندي) محمد نصيف رحمة الله عليه بأن أعقد ندوة في المدرسة النصيفية أجيب فيها على أسئلتهن ، فاعتذرت وتنصلت، قال : ولم ؟ هل هذا حرام ؟ قلت التحريم لابد فيه من دليل ، وأنا ما عندي دليل، ولا أقول بأن ذلك حرام، بل ربما قلت بأن تعليم البنات أمر دينهن مباشرة واجب على المسلمين ، فإن كان المدرس كبيراً مأموناً وكن محتجبات يكون ذلك مفروضاً ولكنني أخشى أن أستن في المملكة سنة يساء إتباعها، فيكون علي وزرها، ووزر من عمل بها، لذلك لا أبدأ أنا بها ، ولكن إن ألقيت محاضرتان، تكون محاضرتي الثالثة إن شاء الله ، ولا أكون أنا فاتح هذا الباب .
فسكت وإن ظهر على وجهه أنه لم يقتنع بما قلت، ثم زرته بعد حين، فقال لي :
أنها قد ألقيت الآن محاضرتان ونحن نطالبك بوعدك، وكانت الأولى للشيخ عمر الداعوق، مؤسس جماعة عباد الرحمن، وهو رجل فاضل إن كان حياً فإنني أدعو له(5/717)
بزيادة التوفيق، وإن توفي فعليه رحمة الله ،ونسيت من ألقى الثانية، ولعله كان أخانا وابن شيخنا الأستاذ محمد المبارك رحمة الله عليه، وجئت وفاء بوعدي ،فوجدت حجاباً كاملاً ، وجواً إسلامياً شاملاً ،ولا عجب في ذلك ومديرة المدرسة ، هي أم الأساتذة النجب العلماء : الدكتور عبد الله نصيف ،وأخوة الدكتور عبد العزيز وسائر الأخوة الأفاضل .
وأخذت معي زوجتي وبنتين لي حضرن معي من الشام، وكان اجتماعا موفقاً والحمد لله.
ولما كثرت الطالبات في كلية التربية في مكة، ولم يكن هذا الرائي (التلفزيون) الداخلي الذي تلقى منه اليوم الدروس على البنات، فيسمعنها ويرين المدرس ولا يراهن، كلفت بتدريس الطالبات في مسكنهن في الحفائر وكانت المشرفة عليهن يومئذ الأساتذة السيدة إصلاح .
فوجدت الطالبات مستعدات، وكن بالحجاب السابغ، ولكن منهن من يبدين الوجوه فقط ، فألقيت عليهن الدرس كما ألقيه على الطلاب، أشرح لهن كما أشرح لهم ، وأجيب على أسئلتهن ، كما أجيب على أسئلتهم، ومر العام بسلام ، فلما كانت التي بعدها كثر الكاشفات عن الوجوه، ثم أخذ بعضهن يرتفعن بالخمار قليلاً، حتى يكشف عن بعض الشعر، فقلت : لا، إني في السن كالجد لأكبركن، ولكني لا أعدو أن أكون رجلاً أجنبياً، وإن جاز كشف الوجه من غير فتنة بالمرأة ولا فتنة عليها ، ولا خلوة للأجنبي بها، فلا يجوز تجاوزه إلى الشعر ولا إلى العنق ، ولا تجاوز الكفين إلى الذراع ، والستر مع ذلك كله أولى وأفضل [1]. (ذكريات 8/270-275).
* توجيهات لأهل هذا البلد :
- أنا أحمد الله على أن مدارس البنات هنا في المملكة لا تزال على خير ، ولكن كل صحيح الجسم معرض للعدوى ، إذا كان يحف به من كل جانب من يحمل جرثومة المرض، وإذا نحن لم نتخذ أسباب الوقاية كلها ولم نبق على حذر دائم أصابنا المرض . (ذكريات 8/280- 283).
- المملكة هنا لا تزال بحمد الله خيراً من غيرها، ولا يزال لواء الدين فيها مرفوعاً، وصوته مسموعاً، ولكن على كل صحيح الجسد أن يتخذ أسباب الوقاية من المرض، وأن يسأل الله النجاة منه, والدين لا يمنع من الأخذ بأسباب القوة، ومجاراة الأمم في ميدانها, ولا يحول بيننا وبين النافع من نتاج الفكر ، ولا من ثمرات الحضارة , ومن عرف هذه البلاد قبل خمسين سنة كما عرفتها ، ورأى ما وصلت إليه الآن، في كل ميدان، من غير أن تفرط في شيء من عقائدها ، أو تدع كثيرا من فضائلها ومن سلائقها، أدرك أن من أراد الجمع بين التمسك بالدين الذي يكون به النجاة في الآخرة، وبين أعلى درجات التمدن والحضارة ، التي يكون بها السمو والفخار في لدنيا وجده سهلاً ممكناً .( ذكريات 5/ 243) .
- هذا الذي سردته ليس منه والحمد لله شيء في مدارس المملكة ، ولا تزال على الطريق السوي ، ولكن من رأى العبرة بغيره فليعتبر ، وما اتخذ أحد عند الله عهداً أن لا يحل به ما حل بغيره إن سلك مسلكه ، فحافظوا يا إخوتي على ما أنتم عليه ، واسألوا الله وأسأله معكم العون, إن المدارس هنا لا تزال بعيدة عن الاختلاط ،(5/718)
قاصرة على المدرسات والطالبات، ولما كنت أذهب إلى مسكن الطالبات في الحفاير، وكان ذهابي على موعد مضروب ، في وقت محدد ، كنت أقف مع ذلك على الباب لا أدخله حتى يحتجبن جميعاً، وكانت سيارة الرياسة تأخذهن من بيوتهن وتعيدهن من المدرسة إلى بيوتهن، وكانوا لا يختارون السواقين إلا من المسنين من أهل الخلق والدين، المدارس هنا لا تزال على خير .. وأقرر مع ذلك بأنه لا بد لنا من تعليم البنات، ومن إلقاء المواعظ على النساء غير الطالبات وأأكد لكم أنها لا تصلح حالنا إلا إذا أوصلنا الدين إليهن رأساً، وأن ذلك من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي خص النساء بمجلس يعظهن فيه وحدهن.
(ذكريات 8/280- 283).
[1] بل الصواب أن تغطية الوجه واجب على أصح أقوال العلماء والأدلة متظافرة في تقرير ذلك.
ـــــــــــــــــــ
ميرنا المهندس.. لؤلؤة في عقد العودة إلى الله
...
...
السبت :12/10/2002
(الشبكة الإسلامية) القاهرة ـ نور الهدى سعد
الشبكة الإسلامية >> المركز الإعلامي >> حوارات >> حوارات دعوية وإعلامية
...
...
ـ اتهموني بالكآبة والحزن وأوهموني بأن الموت بعيد .. ولكن.
ـ لم أسمع أشرطة دينية أو أحضر دروسا إلا بعد التزامي.
ـ كنت أتعجب كيف تتحمل المحجبات ملابسهن وأنا أطيق الحجاب في صلاتي بصعوبة.
ـ أنا وعبير نرى نفسينا أجمل بعد الحجاب، والضجة التي صحبت التزامنا لا داعي لها.
ـ طلبت من الله في قمة معاناتي أن يعيدني إلى الحياة لأفعل ما يرضيه والشهرة والنجومية عندي بلا قيمة.
ـ فتى أحلامي طائع لله يعينني على بلوغ الجنة، وصديقات الوسط الفني بعضهن على طريق الالتزام.
ـ تربيت في عائلة ملتزمة وعشت فترة بالخارج ولدي استقلالية كبيرة في التفكير
حياتي الآن كلها طمأنينة وراحة ولا أرغب في مشاهدة أي عمل فني لي.
ـــــــــ
عمرها الفني قصير, حققت خلاله شهرة ونجومية, وصارت بالنسبة للفتيات نموذجا للبنت الطيبة الرقيقة المثقفة. أدوارها معدودة, ولكنها بصمات واضحة في مجال العمل التليفزيوني, وكان ينتظرها مستقبل فني, لولا أنها اختارت المستقبل الحقيقي,(5/719)
واتخذت في لحظة فاصلة قرارًا يداعب فكرها منذ سنوات, يتقدم مرة ويتأخر أخرى, وهي مشغولة بفنها أحيانا, وبمرضها أحيانا أخرى.
حتى حانت لحظة اليقين, وارتدت الفنانة الجميلة الشابة المتألقة الحجاب, وصارت صديقة لورقة الشجر التي تحلم بأن تقابلها في الجنة, وأصبحت صور الشهداء أنيسها, تبتسم لها, وتغبط أصحابها; لأنهم في الجنة.
وبعباءة واحدة بدأت زهرتنا رحلة الحجاب, ولم تأسف على الملابس الغالية التي لن ترتديها خارج بيتها مرة أخرى إن شاء الله.
ميرنا المهندس فتحت لنا قلبها, وعندما حاورتها شعرت أنني أمام مسلمة عرفت فلزمت, وعادت بعد رحلة مرض مرة أخرى إلى - ليس إلى الفن - ولكن إلى الله, وما أجملها من عودة, تحدثنا عنها ميرنا وسط دعائي الذي يردده قلبي لها بالتثبيت والثواب.
عشت طفولتي
ـ نرجو أن تحدثينا عن طفولتك ودراستك وتعرفي قارئاتنا بنفسك أكثر?
في إحدى مدارس اللغات تلقيت تعلمي, وكنت في مدرسة ثانوي كوليدج, وبعد ذلك درست في الباليه لمدة ست سنوات, والتحقت بمعهد الكونسير, وحصلت على دبلوم فويست (deplomevoiu) وظللت به أربع سنوات, وبعد ذلك تخرجت من معهد الموسيقي تخصص غناء أوبورالي, وقررت بعد ذلك أن ألتحق بكلية ما ليكون معي شهادة تساعدني على أن أتوظف, كي لا أعتمد اعتمادًا كليا على التمثيل, وستعجبين إذا عرفت أنني لم أكن أتوقع أن أرتدي الحجاب; لأنني عندما كنت أصلي وأرتدي غطاء الرأس كنت أحس أني أختنق, وأقول لنفسي كان الله في عون المحجبات, كيف يتحملن هذا الحجاب?
أما عن طفولتي فقد عشت طفولة سعيدة, لعبت كثيرًا, كنت أذهب إلى النادي وألعب الباتيناج وأنزل حمام السباحة, وأعيش طفولتي بطريقة طبيعية, كما كنت أسافر إلى الخارج, وإلى جانب استمتاعي بطفولتي كنت أعمل في برامج الأطفال, فطوال عمري وأنا أحب العمل.
وقد ربتني أسرتي على حرية التفكير في كل شيء, فأهلي بفضل الله ملتزمون منذ وقت طويل, ولكن لكل فرد منا أسلوب في التعبير عن التزامه, أمي محجبة ومختمرة منذ مدة طويلة, والحمد لله كلنا نصلي, وعندما كنت أصور أي عمل فني كنت أترك التصوير وأذهب إلى الصلاة, كنت أمثل وأصلي, فأنا لم أكن بعيدة كل البعد عن الله.
ـ عمرك 26 سنة وتصلين منذ فترة طويلة .. فلماذا تأخر ارتداؤك للحجاب?
منذ حوالي عام أو عامين, وأنا أفكر في الحجاب, ولكن الحجاب كان خطوة جريئة وصعبة بالنسبة لي, خصوصا وأن المجال الذي أعمل فيه مجال نجومية, وقد كنت أشعر أن النجومية لا ترضيني, فأنا لم أكن سعيدة وأحس بأننا بدلا من أن نفكر في الدنيا علينا أن نفكر في الآخرة, وكان بعض الناس يقولون لي: لماذا أنت حزينة, مازال هناك الكثير على الموت, وأرد عليهم بأن الموت ليس بعيدًا, بل قريب, والأعمار بيد الله تعالى.(5/720)
ـ معنى هذا أنك كنت تشعرين بأن الماكياج والملابس بهما فتنة ولا ترضين عن عدم حجابك?
في الحقيقة لا; لأنني عشت في الخارج, وكل شيء كان عاديّا, ولكن وجهة نظري الآن أن الفتاة تصبح أجمل, وتزداد أنوثتها وجمالها عندما تستر نفسها, وبعد أن تركت التمثيل أصبحت أستمع إلى مشاكل الناس, وأتضايق بشدة بسبب زيادة الجريمة, وقد سمعت قصة عن فتاتين استقلتا وسيلة للنقل العام, وحاول أحد الأشخاص الاعتداء عليهن, والناس من حولهما غافلون لا يفعلون شيئا.
جعلني أعيد النظر في حياتي, وأشعر بأنني يجب أن أنجو بنفسي من الفساد والشرور, وبعد أن قمت بعمل مسلسل "بنات أفكاري" قال لي مصفف الشعر: إن كل الفتيات يريدون عمل تسريحة شعري, وأيضا ملابسي, وكنت أسأل نفسي على ماذا يقلدونني, وهل إذا ارتديت ملابس محترمة يفعلن مثلي? أنا أنصح كل الشباب بأن يكون لهم شخصياتهم المستقلة, وعلىهم أن يواجهوا عيوبهم, ويحسنوا من أنفسهم عن طريق ملازمة الصحبة الصالحة والإلتزام بالعبادة, فالموضوع ليس حجابا فقط.
أفخر بمرضي
ـ يتردد أن مرضك هو السبب في عودتك إلى الله والتزامك?
- مرحلة المرض والعلاج كانت طويلة, ومع هذا فلم أكن أرتدي الحجاب.
كان ربي ينادي على , ولم ألحظ ذلك سافرت إلى الخارج, وعولجت والحمد لله, فلقد نجاني الله, وأتناول حاليا علاجا يثبت الحالة, ولا يشفي; لأن الله هو الشافي, سبحان الله, هذا المرض أوضح لي مدى ضعف الإنسان, الذي ممكن أن تقضي علي نملة ضعيفة, لقد واجهت الموت, الذي كان بيني وبينه مطاردات, طاردني الموت في عز شبابي, ورأيت عذابا كثيرً, وبلاء كبيرً, والحمد لله على كل ما واجهت, وأنا فخورة بذلك المرض, وسعيدة به جدً, ولا أخاف من أن يصيبني مرة أخرى, وإن أصابني مرة أخرى, فوسف أعتبر نفسي أحارب وأجاهد في سبيل الله.
وبعد أن عدت إلى مصر عاودني المرض مرة أخرى, وبعد نجاح "بنات أفكاري" جاء لي العديد من العروض, وأحسست بالنجاح, فرحت وسعدت جدًا ولكن بعدها أصابني الاكتئاب, ورفضت أن أقوم بأي عمل, وسافرت إلى شرم الشيخ, ولكن لم أتحسن كنت أراقب الناس وصفاتهم, وتصرفاتهم.
وأحسست بقدرة الله وعظمته, وأنه لا يوجد جبار إلا الله ولا أعظم من الله, ولكن الحزن لم يزل بي يطاردني, أخرج إلى الناس فينبهرون بي, وأنا على حزني, ليست هذه هي الحياة إني أريد أن أصبح قدوة لا أن ينظر الناس إلى .
بدأ التغيير في حياتي ما بين يوم وليله كأن هناك من يناديني تعبت كثيرًا, وذهبت إلى المستشفى, وحينما جاء اليوم الموعود نزفت الدماء من الساعة التاسعة مساء حتى الساعة الثالثة صباحا, وكنت أشعر أنني سأموت, وقلت لأختي إلهام, إنني أتمني أن أغطي نفسي لأنني أحس أني سأموت.
وفي اليوم التالي عندما قمت من على الفراش, وقعت على الأرض ورأيت الموت بعيني لا أريد أن أموت, وأنا لم أعمل شيئا لله. قلت لنفسي: أنا أريد الفردوس الأعلى, وشعرت على فراش المرض بأنه لا حبيب إلا الله سبحانه وتعالى, من أجل ذلك ييسر(5/721)
لنا كل أمور العبادة, أخذت أتذكر كل حياتي الماضية, وأنا أحس أن روحي تنسحب مني, ولا أري أمامي إلا السماء, أختي تبكي, وأخي يصرخ ويقول ماذا فعلتم بها?
والدكتور يصلي ويدعو, وأنا أدعو الله من أعماق قلبي يارب إن كان هذا هو الموت, فأعدني للحياة أعيش عبدة مخلصة لك, بعد ذلك بأربع ساعات استعدت وعيي, وبعد أربعة أيام بدأت أعرف من أنا, وبداخلي خوف من الناس, ومن كل شيء, وبسبب حالتي الحرجة هذه قالوا لي لن تشفي إلا إذا عملت عملية, ولكن رفضت, وأعلنت حجابي, وتوكلت على الله, ولقد توقعوا أن ما أقول هي تخاريف مرض, ولكن على العكس من ذلك كنت أريد أن أرتدي الحجاب, وأخرج من المستشفي, ولكنهم كانوا يتوقعون أنني سوف أخلع الحجاب, وعندما جاء الصحفيون إلى المستشفي أعلنت لهم حجابي, فأنا أريد أن أكون نجمة عند الله ليس عند الناس, وأنا أعتذر للجمهور فنحن جميعاعباد لله, لن أكون نجمة دنيا. وكان عندي في بادئ الأمر عباءة واحدة, والأن الحمد لله عندي الكثير.
سخروا مني بعد الحجاب
ـ هل واجهت بعد حجابك أي محاولات لإعادتك إلى الفن?
- بالطبع, لقد سخروا من حجابي, وضغطوا علي لكي أعود للفن, وهؤلاء الناس منهم بعض المخرجين والمنتجين وأيضا الجمهور.
ـ ماذا غير فيك الالتزام، وما شكل حياتك بعده?
- حياتي الآن حياة مريحة, فيها طمأنينة, أحيا في دنيا أخرى, أحيا مع الطبيعة, أتأمل ورقة الشجر, وأكلمها وأتخيل أنني سأقابلها في الجنة, أتأمل صور الشهداء وأغبطهم; لأنهم في الجنة. أستمتع بصلواتي وحجابي, أتعلم الدين في المنزل; لأنني لا أحب الخروج كثيرًا, لهذا تأتي لي مدرسة تعلمني القرآن والتجويد, وبعد ذلك الفقه إن شاء الله. أعيش اليوم حياة مختلفة كلها يقين وثقة في الله, وهدوء نفسي.
ـ حياتك فقط التي تغيرت أم صداقاتك أيضا?
- بالطبع حدث تغيير, ولكن ليس معنى هذا أنني قاطعت صديقاتي القديمات, فأنا أريد أن أحافظ على الحب في الله, وعلى الحياة الجميلة, التي أحياها الأن; لأنها مريحة جدًا.. مظهري أصبح أفضل, ولقد قلت لعبير صبري إنني أحس أنني بعد ارتدائي للحجاب أصبحت أجمل, فقالت إنها تحس بذلك أيضا, ولقد أصبحنا أخوة في الله, ونحضر المجالس الدينية.
ـولكن حياتك بعد الحجاب خلت من الشهرة والأضواء أليس كذلك?
- نعم بالطبع, ولكنني لا أفتقد هذه الأشياء, ولا أفكر فيها أصلا , وكلما تذكرت تلك الأيام قلت الحمد لله الذي عافانا, وكل من يتصل بي يقول: يا ميرنا لك مسلسل جميل يعرض حاليا هل تشاهدينه? بينما أنا لا أفكر في مشاهدته ولا أهتم بذلك.
ـ ماذا عن فتى أحلامك?
- أتمني أن يكون طائعا لله, مخلصا لدينه لكي أحبه في الله, ونساعد بعضنا ونصعد سويا إلى الجنة, فنحن نعيش من أجل الجنة لا من أجل الدنيا.
ـ كيف تختارين أصدقاءك الأن?
- مواصفات صديقاتي أن يكن طائعات لله نتعاون معا على الخير.(5/722)
ـ وهل مازال لك أصدقاء في الوسط الفني?
- الوسط الفني ليس سيئا كله, فهناك أشخاص ذوو أخلاق كريمة داخله, وهناك أشخاص يسيؤون, ولقد تربيت ونشأت في هذا المجال, ولم أره شرًا بكامله, فهناك فنانون طيبون جدا, أما عن صديقاتي من الوسط الفني فهما دينا سمير غانم, ودنيا; لأن أخلاقهما عالية جدًا.
الحب الحقيقي
ـ كيف كانت تصورك للإسلام, وكيف أصبح بعد التزامك?
- حقيقة الإسلام كانت بالنسبة لي أن يعيش الإنسان سعيدًا في الدنيا, وتكون لديه قيم, ولكن بعد الالتزام عرفت أن الحب الحقيقي هو حب الله عز وجل, والمسلم عندما يعرف حقيقة الإسلام يعيش في السماء وإن كان يمشي على الأرض, ويسير في طريق الله, ويتعامل مع الدنيا كعابر سبيل.
ـ هل في نيتك دعوة زميلاتك للحجاب?
- نعم وهناك الكثيرات على الطريق.
ـ يتردد أن الممثلات يعتزلن بسبب عدم وجود أدوار وانحسار الأضواء عنهن?
- سبحان الله عندما كان وزني 35 كيلو جرام, ولا أسير على قدمي لم أفكر في الاعتزال, وعندما كانت حالتي تتحسن كنت أقوم بعمل مسلسل, ثم أتعب بعد ذلك دون أن أفكر في الحجاب, أما الآن فقد زاد وزني, وصرت أسير على قدمي , وعرضت على أدوار كثيرة, ولذلك أرى أن من يرددون أننا لا نجد عملا, يروجون شائعات مغرضة ومضحكة وربما يكون هؤلاء المغرضون مغتاظين منا; لأنهم لا يستطيعون أن يفعلوا مثلنا بسبب حبهم للشهرة والمال والمجد, وعدم استطاعتهم التخلي عن هذه الأشياء, وأن يستروا أنفسهم, ولكن الذين لايريدون الإسلام كثيرون للأسف الشديد.
ـ كم درسا حضرت, وكم شريطا سمعت لعمرو خالد قبل اعتزالك?
- ولا درس واحد, ولا أيضا شريط واحد, فلم أعرف هذا الداعية الكريم, أو أسمع له إلا بعد التزامي, ولكن لو كان له دور في ذلك, فهذا أمر لا يسيء إليه, ولا إلىَّ, بل يشرفه, ولكن الحاقدين كثيرون, والضجة التي حدثت بعد حجابي وحجاب عبير صبري وموناليزا وغادة عادل وغيرنا ليس لها أي مبرر.
ميرنا في سطور
- ميرنا عبد الفتاح محمد - واسم الشهرة ميرنا المهندس - وأطلقه عليها حسين حلمي المهندس الذي أخرج أول أعمالها.
- 26 سنة.
- أبرز أعمالها: ساكن قصادي, وبنات أفكاري.
- تنبأ لها النقاد بمستقبل فني, خاصة في أدوار الفتاة الأرستقراطية المهذبة.
- اعتزلت في قمة شهرتها, وبعد شفائها تقريبا من مرض بالقولون أدخلها في نوبات شديدة طوال ست سنوات مضت
ـــــــــــــــــــ
فنانة مصرية جديدة تعتزل وترتدي الحجاب(5/723)
...
...
السبت :28/09/2002
(الشبكة الإسلامية) القاهرة
الشبكة الإسلامية >> منوعات
...
...
أصبح في حكم المؤكد أن الفنانة نرمين الفقي تتجه للاعتزال وترك الحياة الفنية الصاخبة وارتداء الحجاب وذلك بعد الانتهاء من بعض الأعمال الفنية التي سبق لها التعاقد عليها، وتشير مصادر لها صلة بالفنانة التي تنوي الاعتزال وارتداء الحجاب أنها في الفترة الأخيرة تتجه نحو العزلة والانطواء والضيق بالحياة الفنية الصاخبة ، كما أنها تداوم على الصلاة وقراءة القرآن وتبدو متحفظة مع زملائها في الوسط الفني، وكانت الدروس التي سمعتها نرمين الفقي من الحبيب بن علي الجفري الداعية اليمني الذي زار مصر مؤخرًا والتقى خلالها العديد من الفنانات في المساجد التي تشرف عليها وتديرها فنانات سابقات قمن بارتداء الحجاب واعتزال الحياة الفنية ، كما زار الداعية اليمني مجالس العلم في بيوت الطبقة العليا المصرية وكان يحضر هذه المجالس فنانات مصريات أبدين تأثرًا بخطاب الداعية ولغته، وكانت استجابة الحبيب بن علي لدعوات هذه الطبقة الفنية سببا في اعتبار السلطات المصرية إياه شخصاً غير مرغوب فيه وقامت بترحيله من القاهرة ، خاصة وأن حملة صحفية شنت عليه أشارت بشكل خاص إلى الاستجابة الواسعة من الطبقة الفنية لدعوته لهم للاعتزال وارتداء الحجاب باعتباره واجباً شرعيا.
يذكر أيضا أن الداعية عمرو خالد الذي كان يحاضر ويخطب بمسجد في حي العجوزة الراقي بالقاهرة كان له تأثيره على الفنانة نرمين الفقي، وقد استطاع أن يحدث اختراقاً هاماً في أوساط الطبقات المخملية والنخب الراقية من أسر الأغنياء وأبنائهم، وهو ما كان سبباً في منع الحكومة المصرية له من الخطابة في المسجد، بل ومنعه من العملية الدعوية كليا، وثارت شائعات قوية عن سفره خارج مصر .
وكانت نرمين الفقي بدأت الفن منذ عشر سنوات واستطاعت أن تحقق نجاحًا كبيًرا، لكنها تشعر اليوم بزيف كل هذه الأضواء وأنها ليست سوى قبض الريح وأن الآخرة خير وأبقى.
وكانت ظاهرة اعتزال الفنانات المصريات حدثاً هاماً اعتبر جزءًا من الصحوة الإسلامية العامة التي عرفتها مصر في أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات وبدأتها الفنانة شمس البارودي زوجة حسن يوسف ثم تلتها ياسمين الحصري كريمة شيخ المقارئ المصرية الشيخ محمود الحصري وتبعهم بعد ذلك عدد كبير من الفنانات كانت أهمهن شادية وسهير البابلي وهناء ثروت ، وكان للشيخ الشعراوي - يرحمه الله - دور كبير في دعوة هؤلاء الفنانات إلى ترك العمل الفني والالتزام بالحجاب .(5/724)
وتشعر الأوساط العلمانية في مصر بانزعاج شديد من اعتزال الفنانات خاصة الأسماء الكبيرة والمؤثرة لأن المرأة تعد العمود الفقري للأعمال الفنية المصرية، كما أن هذه الأوساط تخشى من بوار سوق الفن مع تزايد انسحاب أعداد كبيرة منه.
ـــــــــــــــــــ
تلبيس إبليس على بعض الكتاب
(تلبيس إبليس) عنوان لكتاب عظيم ألفه الإمام الحافظ جمال الدين بن الجوزي المتوفى سنة 597ه، كشف فيه حبائل إبليس ومكائده ومداخله على كثير من الفئات والجماعات وأصحاب النحل في عصره.. ولو كان ابن الجوزي يعيش اليوم بيننا ويرى حال بعض كتابنا وما عليه من التخبط و الغبش في موقفهم من بعض القضايا لأفرد فيهم مصنفات ومؤلفات ينوء بالعصبة أولي القوة حملها.. فقد لبسَ إبليس على جماعة من كتابنا في كثير من القضايا فأوهمهم وصوَر لهم الباطل في صورة الحق وزين لهم ذلك، فلبسَ عليهم في بعض المسائل الشرعية وخاصة التي تتعلق بالمرأة، وكان مدخل إبليس عليهم في هذا الباب من جهة قلة بضاعتهم في علوم الشرعية ومن جهة أنهم منحوا لأنفسهم حرية إبداء الرأي في كل شيء حتى في قضايا الشرعية لأنهم يزعمون أنهم أصحاب الثقافة ورجال الفكر وأنهم! أوتوا من الفهم ما لم يؤته أحد غيرهم ؛ فغرَهم إبليس فخاضوا في هذه القضايا الشرعية وهم ليسوا بأهل لها فضلَوا وأضلَوا، فنادوا بحرية المرأة المطلقة وإلغاء قوامة الرجل عليها وقيادتها للسيارة وإقحامها في أعمال لا تتناسب مع طبيعتها بل تجعلها تتخلى عن الآداب الشرعية التي تحفظ كرامتها و تجعلها تختلط بالرجال وتضطرها إلى خلع الحجاب، زعما منهم أنهم يريدون بدعواتهم هذه حفظ حقوق المرأة، وما علموا أن دعواتهم هذه هي الظلم بعينه للمرأة والانتهاك الكبير لحقوقها، إذ إن الزج بها في أعمال لا تتناسب مع خلقتها وحشمتها وعفافها هو ظلم كبير وعظيم لها ولزوجها وأولادها وتضييع لرسالتها العظيمة وهي تربية النشء..
ولا أحسب هذه الدعوات الرنانة التي ظاهرها الرحمة وباطنها البؤس والشقاء والتي نسمعها صباحا و مساء حتى أصبنا بالسأم والملل إلا من أجل حرية الوصول إلى المرأة لا من أجل حريتها، لأن ديننا الحنيف قد تكفل برعايتها وحفظ حقوقها، ولا أحد ينكر ما أوجبه الشرعية من حقوقها..
ومن تلبيس إبليس عليهم، تلبيسه في قضية المناهج الدراسية وخصوصا الدينية منها، فنادوا بتغييرها وتبديلها لكونها تفرخ الإرهاب وتدعو إلى التطرف وتحض على الكراهية، فجعلوا هذه المناهج شماعة تعلق عليها جميع أخطاء المجتمع، ولو كانت هذه التهم حقيقة وأن الفكر الإرهابي المتطرف هو نتاج هذه المناهج الدراسية للزم أن يكون نصف المجتمع السعودي أو ثلثه لديه فكر إرهابي متطرف لأنهم تخرجوا في هذه المدارس التي تدرس هذه المناهج والتي خرجت بعض هؤلاء المتطرفين من أصحاب الفكر الضال، ومعلوم أن طباع النفس البشرية واحدة فمع ذلك معظم المجتمع السعودي يتميز بالوسطية والاعتدال الأمر الذي يؤكد لأدنى عاقل أن مناهجنا بريئة من هذه التهمة كبراءة الذئب من دم يوسف، ولو تتبعنا هذه التهم لوجدنا أن منشأها وسائل الإعلام الغربية ثم تبناها بعد ذلك بعض المرجفين الذين(5/725)
أصبحوا حيطانا يتردد فيها صدى الدعوات والتهم الزائفة التي تطلقها وسائل الإعلام الغربية على بلادنا الغالية، حتى ألهت الدعاوى والتهم التي يصدرها بيت الحرية الأمريكي بعض كتابنا عن كل مكرمة وأشغلهم تلقفهم لتلك التهم وترويجهم لها عن الاهتمام بأمور التنمية ومستقبل بلادنا، والله المستعان..
وبغض عن النظر عن أهداف هذه التهم وأصل منشئها فإننا لسنا ضد تطوير مناهجنا الدراسية، لكننا ضد تغييرها ؛ وشتان ما بين التطوير والتغيير، فالتطوير بناء، وأما التغيير فهو هدم وإزالة لما هو قائم، والبناء صعب، والهدم سهل وهو وسيلة الضعفاء والعاجزين..
وأما تلبيس إبليس عليهم في الحط من شأن العلماء واحتقار الدعاة، فقد كان مدخل إبليس عليهم من جهة غرورهم وشدة إعجابهم بأنفسهم وزعمهم أنهم مفكرو الأمة وسدنة الثقافة، فلما كان الوعظ يلامس مكامن الجروح والخلل في نفوسهم نعتوا العلماء بالوعاظ من باب الاحتقار لكي يصرفوا عن قلوبهم تأثير الوعظ عليها، على حد قول المشركين لما سمعوا الذكر فأرادوا أن يصرفوا تأثيره عن نفوسهم فقالوا : ((إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ)) (المدثر : 24) .
وماعلم هؤلاء الكتبة الجوف عندما نعتوا العلماء والدعاة بالوعاظ احتقارا واستكبارا أن الرسول - عليه الصلاة والسلام - وصحابته - رضوان الله عليهم - وهم خيار الأمة كانوا وعاظا يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، بل إن القرآن الكريم وهو كلام الله - عز وجل - جاء عظة وتذكرة للمؤمنين ولكن المنافقين لا يفقهون..
وربما عابوا على العلماء تكلمهم في الأمور الدنيوية؛ لأنها ليست من اختصاصهم ولأن العلماء - على حد زعمهم - لا يفقهون في أمور الحياة شيئا، وإنما وظيفتهم تقتصر على الدين ووعظ الناس، ونسوا أن الإسلام جاء بالتشريع في كل شيء وأنه صالح لكل زمان ومكان.. وربما وقع هؤلاء الكتاب فيما عابوا عليه العلماء فحشروا أنوفهم في قضايا الشرعية بغير علم ولا هدى مبين فضلوا وأضلوا وجاؤوا بالعجائب، فهم يعيشون في تخبط و تناقض عجيب..
والله المستعان والهادي إلى سواء السبيل.
إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه وصدق ما يعتاده من توهم
ـــــــــــــــــــ
الشباب وثقافة الغرب
...
...
الاحد :11/08/2002
(الشبكة الإسلامية) عمان- أحمد أبو حليوة
الشبكة الإسلامية >> المركز الإعلامي >> للشباب فقط >> قضايا شبابية
...
...
.(5/726)
كان للتطور المادي الذي شهدته البشرية في العقود الأخيرة نتائج سلبية ومؤلمة في حياة كثير من الشعوب، وخاصة في الفترات الأكثر حيوية وتجدداً من ضمن فئات مجتمعات هذه الشعوب ؛ فئة الشباب.
والسبب في ذلك يعود للتركيز المبالغ فيه الذي مارسته العولمة الإعلامية على هذه الفئة، باعتبارها الفئة ذات الاستهلاك الأكبر للمنتجات التي أفرزها هذا التطور المادي، فضلاً عن كونها الفئة الأسهل اختراقاً من قبل آليات تلك العولمة، لرخاوة قيمها ومبادئها ولحاجاتها الجسدية الملحة وطاقاتها المتفجرة.
وبناءاً عليه استطاعت حضارة المادة أن توقع بأعداد كبيرة من هؤلاء الشباب في شَرَك ألوانها الفاقعة وأنماط سلوكياتها وقيمها، التي لا هدف لها سوى تعظيم أرباح شركاتها. وزيادة انتشار منتجها، حتى لو كان وراء ذلك ليس تدمير ثقافة وقيم المجتمعات التي ينتمي إليها هؤلاء الشباب، بل وتهديد حياتهم بالخطر في كثير من الأحيان.
وكان أن انتشرت في أوساط الشباب الكثير من الأمراض الجنسية ، ليس الإيدز نهايةَ مطافها، فضلاً عن انتشار المخدرات والجريمة.
تمثلت الإشكالية الأساسية في هذا السياق، بإصرار الطرف الذي يمتلك ناصية التطور المادي، باشتراطه مسبقاً أن يصار إلى توطين واستبطان قيمه المذكورة بالتزامن مع استهلاك منتجه، مستأنساً في ذلك بحملة إعلامية وثقافية شرسة، كان أهم أهدافها المعلنة، سلخ فئات الشباب هذه من مجتمعاتها وإلحاقها بتطبيع المستهلكين المعولمين.
الإشكالية الثانية تمثلت بأن هذه الحملة استهلاكية الطابع والمضمون قد تم تحميلها بحمولات سياسية ذات أبعاد خطيرة حيث راحت تصنف كل أشكال الممانعة التي تواجهها وخاصة بعد أحداث 11 سبتمبر، على أنها شكل من أشكال الإرهاب، وليس أدل على ذلك سوى الحملة الشعواء التي شنتها الدوائر الغربية على مناهج التعليم والتربية في بعض الدول الإسلامية، التي تستخدم في تنشئة الأجيال الصاعدة، وتحصينها ضد الوقوع في ذلك.
والسؤال الآن: كيف هو حال الشباب المسلم في ظل تبعية عالمية ومناخ ثقافي عالمي، طارد للقيم والثقافات التي تتعارض مع توجهاته ونهجه؟
كان لتطور الحضارة المادية في الغرب، والتوجهات الثقافية التي رافقتها، وقع مختلف في العالم الإسلامي؛ حيث نُظر لمفرزات هذه الحضارة، والسلبية منها خاصة، على أنها تمثل تحدياً خالصاً لا بد من صوغ استجابات معينة لمواجهته.
محاولات النخب المرتبطة بالغرب ثقافياً واقتصاديا، تسهيلَ نشر وتوطين قيم تلك الحضارة، جعل التحدي يأخذ بعدًا أكبر ، لكن العمق الحضاري للأمة والتراث الديني والثقافي المتجذر في التاريخ لا يزال يشكل حائلاً دون الاندماج في تلك القيم الوافدة .
إن الناظر إلى العالم الإٍسلامي قبل ثلاثة عقود من الزمان وكيف كانت الدعوات التغريبية تجد صداً حسناً لدى أبناء هذه الأمة، والناظر إلى حال الأمة حاضراً وكيف أصبحت الأمة محصنة في أجزاء كبيرة منها بجهود علمائها ومخلصيها، سيجد هناك(5/727)
فرقًا واضحًا لمصلحة أبناء هذه الأمة، ومستقبل تنشئتها وتشكل عودة الحجاب وظاهرة الالتزام الديني دلالة على انتصار هذا التوجه.
"سلمى" فتاة من عائلة متوسطة وفي العشرينيات من عمرها، تعيش ضمن عائلة ذات توجهات علمانية بعض الشيء ، معرفتها بدينها معرفة سطحية لا تتجاوز ما تعلمته على مقاعد الدرس، وبعد زيارة لها إلى شقيقتها التي تعيش في الولايات المتحدة الأمريكية قررت ارتداء الحجاب والتزام الدين بطريقة أذهلت المحيطين بها عن حقيقة هذا التحول.
تقول سلمى: إنها حين شاهدت المرأة في الغرب وأسلوب حياتها، ونظرة المجتمع لها، أدركت الفرق الهائل بينها وبين المرأة المسلمة، فهي في الغرب إما سلعة، وإما حيوان مستهلك، وإما مدمنة على قارعة الأرصفة، في حين أنها في العالم الإسلامي، أم تحت أقدامها الجنة، ومدرسة عظيمة مؤتمنة على مستقبل الأمة.
أكثر من ذلك فإن سلمى ترى في الإسلام حصنًا وحماية لشابة مثلها، فالإٍسلام كفيل "حسب قولها" بتشذيب الطاقة الكامنة بداخلها وتحويلها إلى قدرة خلاقة ومبدعة في خدمة المجتمع وعمل الخير.
قاسم شاب في بداية العقد الرابع من عمره دفعته حياته السابقة إلى الاطلاع على الكثير من التيارات الفكرية المتعددة وتجريب أنماط حياة مختلفة، لا يختلف عن سلمى بصلته بدينه، حيث العلاقة شكلية، وخاصة في مدى تأثير الدين بسلوكه.
المحيطون بقاسم فوجئوا بتوجهاته الجديدة، حيث بدأت تظهر عليه علامات التدين والالتزام ، والسبب - حسب قول قاسم - أن الإسلام هو الملجأ الذي حماه كشاب من انزلاقات كان من شأنها ليس تشويه أخلاقياته وحسب ، وإنما تحطيم حياته المستقبلية " ، ويضيف قاسم "أنه بات مسؤولاً عن أسرة ، وأنه ليس هناك أفضل من الإسلام قيمة ومعتقداً لهذه الأسرة".
يمثل كل من قاسم وسلمى نماذج لشباب استفادوا من الصحوة الإسلامية، ومن المناخ الإسلامي الذي انتشر مؤخراً ، وكان له نتائج طيبة ، عبرت عنها بعض التقارير مبينة أن الشباب المسلم هو أقل الشباب في العالم إصابة بالأمراض التي ينشرها الشذوذ الجنسي "الإيدز" على سبيل المثال، وهو أقل الشباب إدماناً على المخدرات والمسكرات.
ـــــــــــــــــــ
أسرار الدور الجديد - العلني - لوكالة المخابرات الأمريكية في المنطقة!!
...
...
الاحد :14/07/2002
(الشبكة الإسلامية) د. رفعت سيد أحمد *
الشبكة الإسلامية >> قضايا سياسية
...
...(5/728)
كأن منطقتنا العربية قد صارت مزرعة خلفية لوكالة المخابرات الامريكية ، يجيء ويذهب مدير الوكالة (تينت) ، ويصرح ، ويبتسم ، ويغضب ويسم المقاومة بالإرهاب وهو يقف محتضناً بقوة يد (شارون) ، معلناً بكل ميراث العنصرية الامريكية، أن الخجل لم يعد له وجود فى سياسة دولته ، أو في عمل أجهزتها الأمنية ، وأن ما كان يتم قبل 11 سبتمبر / أيلول 2001 ، في الخفاء ، يحدث الآن علناً وبلا حياء من طرفي العلاقة : الوكالة وبعض حكام هذه المنطقة وأيضاً أجهزتهم الأمنية والسياسية والتي لم تعد فقط تخفي علاقاتها بهذه الوكالة ؛ بل تتفاخر بها في مشهد شديد البؤس ، والإهانة لكل صاحب ضمير ؛ يمتلك عزة أو دينًا أو روحًا عربية تخاف الله وتحرص على مستقبل هذه الأمة قبل حرصها على عروش الحكام ومصالحهم الضيقة .
إن هذه الحالة غريبة الشأن تحتاج إلى وقفة تأمل ؛ وقفة نفهم من خلالها كيف أصبح (المجرم) حَكَماً، بل ومرجعاً في قضايانا وخاصة قضية فلسطين ؟ وكيف أنيط به - وياللسخرية المُرة - إعادة بناء أجهزة أمن بعض دولنا.
كيف أصبح الأمر كذلك .. وإلى أين تأخذنا هذه (الكوميديا السوداء) في المشهد السياسي الرسمي العربي بعلاقاته الدافئة مع أخطر وكالة مخابرات عرفها العالم خلال الـ 60 عاماً الماضية ؟ ذلك ما نحاول أن نجيب عليه فى السطور التالية .. علّ ما نكتبه يفيد.
النشأة والتطور
إذا ما عرفنا نشأة وتطور هذه الوكالة وتاريخها الأسود .. عرفنا لماذا يرفض كل صاحب ضمير تحركها في المنطقة، وبداية يحدثنا التاريخ أن نشأة وكالة المخابرات المركزية الأمريكية يعود إلى أجواء الحرب العالمية الثانية ، وتحديداً بعد أن تم تدمير الأسطول الأمريكي في (بيرل هاربور) ، وشعور الرئيس الأمريكي وقتها (ترومان) بأن الحاجة إلى إدارة لجمع وتنظيم (المعلومات) باتت ضرورة لأمن الجيش والشعب الأمريكي ، فاستدعى الادميرال (وليم دنوفان) وهو ضابط أمريكي كبير ومهم شارك فى الحرب العالمية الأولى وطلب منه إنشاء (إدارة للخدمة الاستراتيجية) سرعان ما تم حلها لكي يُنشأ بدلاً منها هيئة أكبر وأشمل تسمى (الهيئة القومية للمخابرات) وذلك في (22/1/1946) تتبعها هيئة أصغر سميت وقتها بـ(جماعة المخابرات المركزية) وتولى الادميرال (سيدنى سويزر) منصب أول مدير لها وقام عمل هذه الجماعة / الوكالة على جمع وتنظيم وتوصيل المعلومات فحسب ، دون الانتقال إلى العمل المباشر ، وهو ما أسماه رجل المخابرات المركزية الأقوى - فيما بعد - آلان دلاس - "بالعمل السلبي" للمخابرات ، وطالب بعد أن تولى رئاسة الوكالة (C- I - A ) بالعمل الإيجابي ، وكان يقصد به التدخل وإعادة صياغة وتشكيل الأحداث في العالم كي تتماشى مع المصالح الأمريكية التي صارت مهددة باعتبارها قوة عظمى بعد انهيار القوة العظمى الأكبر وقتها : بريطانيا ، إثر الحرب العالمية الثانية.
وبدءاً من عام 1953 تولى آلان دلاس الذى اشتهر وقتها بعدائه لمصر وبرغبته في تصفية عبد الناصر ورفاقه جسدياً ، تولى رئاسة المخابرات المركزية وبدأت سلسلة من العمليات (القذرة) للوكالة وقد سميت كذلك ؛ لأنها تتم في الظلام والخفاء وبأسلحة(5/729)
غير مشروعة وغير أخلاقية تخطت بها الدور السلبي (دور المعلومات وتجميعها) إلى الدور الإيجابي (دور المؤامرات وتغيير الأحداث والأنظمة والمصالح) ، وقد كان ..
فقد شاهدنا ارتفاع عدد موظفي الوكالة من 5 آلاف عام 1950 إلى 15 ألف عام 1955 ، وتم استخدام قرابة المليار دولار في خطط ومؤامرات لقلب أنظمة حكم في العالم الثالث وقتها؛ فعلى سبيل المثال تمت (محاولات في إيران 1953 وجواتيمالا 1954) تلاها محاولات انقلاب إندونيسيا ضد سوكارنو مستخدمة طائرات الـ بى 26 عام 1958، وغزو كوبا (عملية خليج الخنازير عام 1961 والتي فشلت في قتل كاسترو) ثم التجسس على الاتحاد السوفيتي عبر طائرة يو 2 والتي كان يقودها رجل المخابرات فرنسيس باورز وفضيحة إسقاطها في مايو 1960 ثم حرب فيتنام 1960 - 1975 والدور القذر لوكالة المخابرات الأمريكية فيه ، والذي لم يحل دون سقوط نصف مليون قتيل من الجانبين الفيتنامي والأمريكي ومثلت - هذه الحرب - عقدة تاريخية نفسية وسياسية لدى الشعب الأمريكي سُميت بـ (عقدة فيتنام).
ثم حروب (لاوس) و(1967) في مصر والانقلاب في شيلي وقتل سلفادور الليندي ومحاولات إسقاط الحكومات والحركات الثورية العربية (ليبيا - السودان - اليمن - لبنان - سوريا - العراق وأخيراً فلسطين) بكل ما حيك لها من مؤامرات أمريكية لا تزال مستمرة بالتعاون الكامل فضلاً عن التنسيق المخابراتي مع إسرائيل.
هيكل المخابرات
هذه النشأة الشاذة تواصلت في شذوذها لكي تشكل جسد (المخابرات الأمريكية) عبر سلسلة عملياتها - الخطرة في العالم - ولكي يستقر هذا الجسد في خمس إدارات :
الإدارة الأولى : وتشمل مدير الوكالة ونائبه وهما يعينان بقرار سياسي.
الإدارة الثانية: إدارة الخدمة السرية وهي تضم 35% من العاملين في الوكالة نصفهم يعمل كجواسيس في الخارج عبر مراكز الوكالة التي عادة تتركز في السفارات وبعض القواعد العسكرية ، وأحياناً تستقل في عملها (بشكل منفرد وخاصة في بعض دول العالم الثالث الذي تحبذ الوكالة العمل فيه لأسباب سياسية وثقافية .
الإدارة الثالثة: إدارة الخدمات ، وهي تعد وتجهز وسائل الانتقال أو العمل للجواسيس وخاصة الأموال والأسلحة والأجهزة الخاصة بعمليات التجسس مثل أجهزة غسيل المخ وكشف الكذب والمواد السرية .
الإدارة الرابعة: إدارة العلم والتكنولوجيا وهي تقوم بمهام إجراء الأبحاث وتجنيد العلماء والصحفيين وإدارة أقمار التجسس واختراق الجامعات والمؤسسات البحثية ومراكز حقوق الإنسان وغيرها .
الإدارة الخامسة: وتختص بشؤون أفراد وموظفي الوكالة معيشياً واجتماعياً .
وتعد الإدارة الثانية (إدارة الخدمة السرية) أهم وأخطر الإدارات، وبها أكبر عدد من موظفي وجواسيس الوكالة ، وإليها يتجه 70% من أموال الوكالة وأنشطتها لأنها إدارة للعمليات السرية التى تتعيش عليها الإدارة الأمريكية ككل ، ولا نبالغ إذا قلنا : إنها قلب العمل في هذه الوكالة الشيطانية .(5/730)
هذا وتؤكد كتب المخابرات الصادرة حول أنشطة الـ (C I A)، خلال الربع قرن الأخير وما أكثرها، أن هذه الوكالة لم تألُ جهداً في استخدام كل الأسلحة في أعمالها عبر العالم أجمع بدءاً بالمخدرات وصولاً إلى القتل والاغتيالات عبر عصابات المافيا مروراً بتجنيد الحكام أنفسهم، بل ودفع رواتب مالية ثابتة لبعضهم ولبعض مساعديهم القريبين طيلة النصف قرن الماضي ومروراً أيضاً باستخدام الصحافة وشبكات الدعارة ، وغيرها من الأسلحة الخفية شديدة القذارة واللاأخلاقية.
هذا وقد وصل عدد العاملين في (الوكالة) وفقاً لأحدث الأرقام المتاحة هذا العام 2002 قرابة الخمسين ألف موظف فضلاً عن عشرات الألوف من الجواسيس في الخارج وبعضهم جواسيس بالقطعة ، وليسوا جواسيس بالشكل الدائم والمستمر ؛ وتصل ميزانية (الوكالة) - خاصة بعد 11 سبتمبر - قرابة الـ 2 مليار دولار في أقصى التقديرات ولا تقل عن مليار في أقلها .
هذا وتعمل وكالة المخابرات الأمريكية ضمن أسرة أكبر للمخابرات ، يصل عدد موظفيها إلى حوالى 200 ألف موظف وميزانيتها إلى 10 مليارات دولار ، هذه الأسرة تضم إلى جانب الوكالة كلاً من (وكالة الأمن القومي N . S . A - مخابرات الجيش G . Z - مخابرات البحرية O . N . I - مخابرات السلاح الجوي A . I - مكتب المخابرات والأبحاث التابع لوزارة الخارجية I . N . R - مكتب التحقيقات الفيدرالية F .. B . I - لجنة مخابرات الطاقة الذرية A . I . C - ووكالة المخابرات المركزية C . I . A) تمثل أقوى الوكالات المذكورة وواسطة العقد فيها وهى التى تهيمن على أنشطتها جميعاً وتجعلها تابعة لها .
وغني عن البيان أن الـ (C - I - A) تعمل بتنسيق كامل مع أجهزة المخابرات الغربية ومع الموساد الإسرائيلي وبعض أجهزة المخابرات العربية ، ونتذكر في هذا الصدد ما كشفته وثائق السفارة الأمريكية في طهران عندما وقعت بين أيدي الطلاب عام (1981) وكيف كان التنسيق عالياً جداً بين وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ومخابرات شاه إيران ومصر وبعض دول الخليج والكيان الصهيوني.
وصدرت هذه الوثائق في سلسلة كتب تحت عنوان "وكر الجاسوسية"، وهو ما تؤكده أيضاً كتب شهيرة مثل كتاب (الحجاب) للكاتب الأمريكي الأشهر بوب وود ورد ، وكذلك الكتاب الشهير للمؤلفين اللذين كانا من رجال المخابرات المركزية [فيكتور مارشينى وجون د. ماركس والمعنون بـ (C - I - A)] وحذف منه بأمر المخابرات الأمريكية ذاتها 339 فقرة قبل النشر تمثل 15% من الكتاب.
وكذلك كتاب مايلز كويلاند الأشهر والأقدم (لعبة الأمم) وكتاب آلن جران (رجال المخابرات المركزية) ومذكرات أنتوني ايدن وكتاب سيدنى ماشيير (كنت جاسوساً أمريكياً) وأخيراً كتاب (التحالف الأسود بين الـ C - I - A والصحافة والمخدرات) ..
وغيرها من عشرات المؤلفات والكتاب والمذكرات التى تكشف الوجه القبيح لهذه الوكالة في عالمنا الثالث وفي القلب منه العالم العربي والإسلامي والمدى الذي وصلت إليه في علاقاتها ببعض الحكام والمسؤولين وصناعة الأحداث والتواريخ بغض النظر عن مصلحة العرب أو أعداد الضحايا لعملياتها .(5/731)
كل هذه الحقائق المرة عن (وكر الجاسوسية) (...) كيف لنا أن نؤمن من جانبها وأن نستقبل رجالها (بل رجلها الأول) عشرات المرات، لكي يحل لنا قضية القضايا العربية؛ فلسطين ؟ كيف سمحنا له بأن يمر مبتسماً وفخوراً من بين حدودنا ونستقبله بالأحضان ، وهو ووكالته من تسببا في كل هذه الدماء الطاهرة التي أريقت ، ليس فقط فوق أرض فلسطين الحبيبة ، بل في أغلب الأراضي والبلاد العربية والإسلامية طيلة الخمسين عاماً الماضية ؟
كيف نأمل من (الجاسوس) لصالح العدو أن يصير صديقاً ، وحكماً نزيهاً ؟ كيف سمحت أنظمتنا العربية بكل هذه التنازلات والاقتراحات.. كيف سمحت للمجرم أن يتولى قيادة شؤونها ، بل ويضع معالم لحركتها القادمة .. وخاصة ناحية فلسطين ؟ وكيف صور لها أن ألد أعدائها هو (الإسلام) وجماعات الإسلام السياسي ككل دون تفرقة بين معتدل ومتطرف ، وكيف حطم علاقات بعض هذه الأنظمة بشعوبها باسم الحرص على مصالحها ومستقبلها في أسوأ مؤامرة عرفتها الأمة منذ خمسين عاماً ؟ تساؤلات .. الإجابة القاطعة عليها لا تكون بأن نذكرهم فقط - كما فعلنا في السطور السابقة بالماضى ، بل وأيضاً بالمستقبل .. فماذا عنه ؟
المستقبل مظلم
إن أخطر ما في هذا المشهد العبثي المؤلم الذي جعلنا نشاهد لأول مرة - بعد 11 سبتمبر- (جورج تنيت) وهو يقبّل ياسر عرفات ثم يجلس قبالته - مرة تلو المرة - على المنضدة المحاصرة والمهزومة في مقر الأخير في رام الله، ثم هو يملي عليه خططه المخابراتية لتصفية ما تبقى من روح المقاومة لدى الشعب الفلسطيني كله ، وليس لدى حماس والجهاد وشهداء الأقصى وكتائب الشهيد أبي علي مصطفى فحسب ؛ هو أن هذه الخطط لا تعرف لها سقفاً أو مدى زمنيًّا محددًا.
إنها خطط مفتوحة وبألم ، وحتى الرمق الأخير لاغتيال حق الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال ، إنها خطط بنيت وفقاً لميراث من التجسس والعمليات القذرة التي لا تتورع عن فعل أي شيء تجاه الخصم ، حتى يخضع تماماً ، ويستسلم ، ثم بعد ذلك لا تترك له حرية أن يعيش وهو مستسلم، بل لا بد وبعقلية (آلان دلاس) ، عقلية الكاوبوي الأمريكي العنصرية والاستعلائية المتجبرة لا بد وأن تداس بالأقدام حتى ينتهي تماماً ويتحول إلى (لا شيء).
إن الذى يفرضه (تينت) على الفلسطينيين وعلى القادة العرب الذين باركوا خطواته ، بل وأرسلوا رجال مخابراتهم ووزراءهم قبل وبعد حضوره المكروه شعبياً إلى فلسطين ، أرسلوهم كي يمهدوا الطريق ويعبدوه ثم يعمدوه بالموافقة المهينة ، أن الذي يفرضه تينت هو ذاته الأجندة الأمنية لشارون ولكن بإخراج أمريكي مخابراتي ، وهو إخراج ، بحكم الموروث التاريخي لوكالة المخابرات المركزية ، يبدأ بالإغراءات المالية والسياسية ثم بالضغط فإذا ما تنازل الخصم ، في جزئية فإن سبحة التنازلات حتماً ، وتحت الضغوط والإغراءات المتعددة ووفقاً للأسلحة الكثيرة الموجودة في جعبة هذه الوكالة ، ستكر ، وستبدأ بعدها سلسلة لا تنتهي من التنازلات المهينة والتي سيتحول على أثرها هؤلاء القادة إلى مجرد (خدم) في ركاب الإدارة الأمريكية والإسرائيلية ، سيتحولون إلى حراس لأمن المشروع الصهيوني بالكامل ،(5/732)
وبالمقابل أعداء لشعبهم ، ولا بأس ساعتها من أن تشتعل الحرب الأهلية الفلسطينية كي يسهل أكثر قيادة رجال السلطة عبر رجال المخابرات المركزية والموساد .
نتمنى من الشعوب العربية ، ومن طليعتها المثقفة ومن رجال الفكر والاستراتيجية - الشرفاء - أن يبادروا بخطة عمل عاجلة ذات مستويين :
المستوى الأول : هو الكشف المستمر عن خفايا الأطماع الصهيونية والمؤامرات الأمريكية وخاصة مؤامرات الـ (C - I - A) وتاريخها الأسود في بلادنا.
المستوى الثانى : الاحتضان والدعم المادي المباشر للانتفاضة المقاومة في فلسطين ، لحمايتها من طعنات (الأصدقاء) وذوي القربى التي هي أشد ايلاماً من طعنات الأعداء ، وهو دور تقع مسؤوليته علينا جميعاً ، وتبدأ بالكلمة ولا تنتهي إلا عند الدعم بالسلاح وبالأنفس ، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.
ــــــــــــ
* مدير مركز يافا للدراسات الفلسطينية -
ـــــــــــــــــــ
هل تحررت المرأة الأفغانية بعد طالبان؟
...
...
الجمعة :12/07/2002
(الشبكة الإسلامية) معتز الخطيب *
الشبكة الإسلامية >> المركز الإعلامي >> اقرأ في الشبكة
...
...
"إن الحرب ضد أسامة بن لادن والملا محمد عمر هي، أيضًا، حرب من أجل تحرير نساء أفغانستان" ! كانت تلك مقولة لورا بوش (زوجة الرئيس الأمريكي) في الحديث الأسبوعي الرئاسي، الذي أذاعته، ولأول مرة، بالنيابة عن زوجها وخصصته لنساء أفغانستان أواخر العام الماضي.
وقالت لورا بوش : "الإسلام دين يحترم المرأة والإنسانية، وطالبان لا تحترم هذا ولا ذاك .. والحكومة الأميركية تؤيد تأسيس حكومة تمثل كل الشعب في أفغانستان وتمثل المرأة .. والنساء الأفغانيات يجب أن يكون لهن دور في مستقبل بلدهن" .
كنت تساءلتُ - كما تساءل غيري - عن سر هذا الاهتمام المفاجئ بالمرأة الأفغانية، والاهتمام الكبير بالشادور الأفغاني (البرقع) الذي شغل حيزاً كبيراً من الاهتمام الإعلامي، على أنه من إكراهات طالبان، ولكن المفاجأة الكبيرة كانت إصرار الأفغانيات على لبسه والتمسك به بعد زوال طالبان! وهذا ما اضطر ماركوس جورج (مراسل بي بي سي في أفغانستان) إلى الاعتراف به واصفاً إياه بالـ " صدمة " في تقرير نشرته البي بي سي (25/11/01) .
وتؤكد "حميرا مأمور" (عضو تنظيم المرأة الأفغانية) أنها في نوفمبر الماضي، وبعد سقوط كابول من قبضة حكومة طالبان، ظلَّت تراقب بفزع مقدمي الأخبار في(5/733)
القنوات الفضائية الغربية، وهم ينتظرون بشغف أن تقوم النساء في كابول بخلع الحجاب، كرمز لاحتفالهن بما يسمى "حريتهن السياسية والاجتماعية".
واللافت للنظر أيضاً هو عدم تورع أمريكا عن إطلاق أي شعار لما أسمته "الحرب ضد الإرهاب" لضمان تحقيق مكاسبها الاقتصادية والسياسية والثقافية وغير ذلك. لقد رأينا بوش يصرح من قبل بأن الحرب هي من أجل العدالة، ومن أجل الديمقراطية، وهذه زوجته تقول - بالنيابة عنه- : إنها - أيضاً - حرب من أجل تحرير النساء! وهذه التصريحات كانت دوماً خاضعة للمناسبات والظروف السياسية والدولية لاستقطاب كل الفئات والتنظيمات ولتسويغ كل التصرفات، وإن بقي العنوان الرسمي/السياسي للحرب "حرب ضد الإرهاب" .
ويبقى التساؤل المركزي: لماذا نساء أفغانستان بالذات؟ ولماذا في ذلك التوقيت بالذات؟ والطريف في الأمر أن الرئيس بوش والحزب الجمهوري لم يُعرف عنهما كل هذا الحماس لقضايا المرأة، ولم يعرف عن المرأة الأميركية حماس للحزب الجمهوري، بل إن الإحصائيات من انتخابات الرئاسة توضح أن أغلبية النساء لم يصوتن للرئيس بوش !
هذه المؤشرات دفعت د. كارين أوكونور (مديرة معهد النساء والسياسة في الجامعة الأميركية في واشنطن) أن تقول لـ "المجلة" : "إن هنالك شكوكًا حول نيات الذين خططوا لهذه الحملة، ليس فقط خارج أميركا، بل هنا في الداخل. مثلاً : لم يحدث في الماضي أن وقف رئيس أمريكي إلى جانب رئيس روسي ودافع عن حقوق المرأة في بلد ثالث" .
وتجدر الإشارة إلى أن شيري بلير (زوجة رئيس الوزراء البريطاني توني بلير) سبقت لورا بوش في الدخول على خط المرأة الأفغانية فاعتبرت في مؤتمر صحفي (19/11/01) أن "مساعدة المرأة الأفغانية ضمن أولويات برنامج المساعدة التي ستقدمها بريطانيا والمجتمع الدولي خصوصاً في حقل تعليم النساء في أفغانستان ". وقالت : " إنها بوصفها محامية تعمل في حقل حقوق الإنسان تعتبر أن وضع المرأة الأفغانية تحت نظام طالبان هو الأسوأ في العالم، إذ جعلت طالبان حياة الأفغانية جحيماً " (الحياة20/11/01) .
لكن من المهم التساؤل عن كيفية " تحرير المرأة " ، وما الذي قدمته الحرب الأمريكية - البريطانية للمرأة الأفغانية؟
الجميع يدرك حجم المغالطة التي ارتكبها هؤلاء في مثل هذه التصريحات، ولا أظن أحداً يمكن أن يفضل وضع المرأة في ظل الحرب على وضعها في ظل طالبان، خصوصاً النساء اللاجئات واللواتي تيتمن في ظل الحرب، ولنكن أكثر صراحة: ما الذي حصلت عليه المرأة بعد طالبان؟
لم تجد د. كارين أوكونور جواباً على هذا السؤال الذي يمتحن تلك الدعاوى إلا الجواب التالي الذي أدلت به لـ "المجلة" (8/12/01) قائلة : " شاهدنا النساء في أفغانستان يكشفن عن وجوههن، وسمعنا صوت الموسيقى في شوارع كابل" !! لكنها استدركت قائلة : "وهذه ليست أهم المشاكل التي تواجه المرأة هناك .
أولاً : لا بد من التخطيط لنظام تعليمي ومهني يعطي المرأة حقوقها.(5/734)
ثانيًا : لا بد من إدخال المرأة في العملية السياسية، ووضع ضمانات لذلك حتى لا تتغير الظروف بعد سنة أو سنتين وتعود المرأة إلى ما كانت عليه" .
ومهما يكن من أمر فالكل عاين تلك "الحقوق" وذلك "التحرير" الذي أنجزته أمريكا في أفغانستان : (دمار، أرامل ، جوع، بؤس، مهانة، موسيقا، أفلام أمريكية، .. ) والشيء الأخطر، أو لنقل الأهم، في سياق الحديث عن تحرير المرأة الأفغانية : ما أفادته مصادر بعثة الهلال الأحمر في أفغانستان من أن المعركة اليائسة من أجل البقاء وسد الرمق في بعض أجزاء أفغانستان الفقيرة قد دفعت أهالي الفتيات الصغيرات (10 سنوات ) إلى مقايضتهن بجوالات من القمح!!
لعل هذا كافٍ لتفسير سبب ولع الصحافة والإعلام العالمي بالحديث عن "البرقع" والمرأة الأفغانية في ظل الإرهاب الطالباني، وفي هذا السياق نفهم دوافع تعيين أمريكا "سيما سمر" نائبة لرئيس الحكومة الأفغانية الموقتة ووزيرة لشؤون المرأة، والدكتورة سهيلة صدّيقي وزيرة للصحة بين ثلاثين وزيراً في الحكومة في محاولة للبرهنة على صدق نوايا الولايات المتحدة في دعواها من جهة، ورغبة في التعتيم على ما حل بأفغانستان، والمرأة الأفغانية من جهة أخرى، وإلا ما الذي يجعل خبر البرقع يتصدر الصحف والإعلام على حين يتم التعتيم على تقارير تؤكد بيع الأفغانيات ووضع الأرامل واللاجئات واللاجئين؟!
والآن وبعد هذه الشهور هل تغير وضع المرأة؟ وهل ظهر ما يؤكد تلك الدعاوى الواسعة؟
ظهر بالإضافة إلى ما ذكرناه من الإنجازات/المآسي إنشاء المجلس الأميركي - الأفغاني للمرأة الذي أنشئ للبحث في إمكانيات تطوير وضع المرأة في أفغانستان، وكان عقد اجتماعاته في واشنطن (25 أبريل 2002).
وقالت مساعدة وزير الخارجية الأميركي للشؤون العالمية "بولا دوبريانسكي" : إن "إعطاء النساء الأفغانيات الراغبات في العمل في الوزارات، معلومات في مجال المعلوماتية يلبي أولوية أكدتها الوزيرة في الإدارة الأفغانية المؤقتة سيما سمار". يأتي ذلك بعد إشراك 160 امرأة في مجلس اللويا جيركا (مجلس الشورى الأفغاني التقليدي) من أصل 1501 عضو.
فهل تشكل هذه الإنجازات طموحات المرأة الأفغانية (ولادة ونشأة وثقافة)؟ وهل تشكل أدوات فعالة لحل مشاكلها والتخفيف من معاناتها؟ أم أنها لا تخرج عن كونها أدوات لتحقيق مصالح أمريكية؟
ـــــــــــــ
* كاتب وباحث
ـــــــــــــــــــ
دعاة التحرر قد نبأنا الله من أخباركم
في القرن التاسع عشر خرج ( النسويون ) ـ أو دعاة تحرير المرأة كما يسمون أنفسهم ـ على الناس يَعِدُونهم ويمنونهم، يقدمون لهم النموذج الغربي كنموذج للتطور والرقي.(5/735)
كانت الأمة غارقة في مستنقع الجهل الآسن يخيم عليها ظلام الإرجاء البهيم الذي أقعد الناس عن الجهاد ضد عدوهم وعن الاجتهاد من أجل تحصيل النافع لهم ومنع الضار بهم.
أتفهمُ ـ وليس أقبلُ ـ أن ينجح الخطاب (النسوي) قبل قرنين من الزمن في وسط الشعوب الأوروبية التي عانت حينا من الزمن من ظلم الدين الكنسي، الذي أكل أموالهم باسم الدين، وسامهم سوء العذاب باسم الدين، ووقف حجر عثرة في طريق عمارة الأرض باسم الدين.
أتفهم هذا ولكني لا أقبله.
فهي مبررات تصلح لتنحية الدين الكنسي... دين بولس (شاؤول) اليهودي، مبررات تصلح لأن يقال للنصرانية: لستِ من عند الله، وكتابك المحرف لا يصلح أن يُقيم الناس بالقسط، ولكن ما شأن هذا بالدين الإسلامي؟!
إنه عجب عجاب.
جاءنا الإسلام (ونحن على أسوأ حال، جوعنا لم يكن يشبه الجوع؛ كنا نأكل الخنافس والجعلان والعقارب والحيات، ونرى ذلك طعامنا وأما المنازل فإنما هي ظهر الأرض، ولا نلبس إلا ما غزلنا من أوبار الإبل وأشعار الغنم، ديننا أن يقتل بعضنا بعضا وأن يبغي بعضنا على بعض وإن كان أحدنا ليدفن ابنته وهى حية؛ كراهية أن تأكل من طعامه)، كان هذا حالنا قبل مجيء الإسلام ـ كما وصف المغيرة بن زرارة بين يدي كسرى ـ، ثم بالإسلام أصبحنا مِشعل النور الذي أضاء الكون كله ودخل كل البلدان واستضاء بنوره البار والفاجر.
فكيف القياس؟!
أتَخَلَّفْنَا حين التزمنا بالإسلام كي نتركه طلباً للتحضر والرقي؟!
لا والله. بل لا سبيل للتحضر والرقي إلا بالإسلام (( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ)) (الأعراف: 96) .
والبُعْدُ عن منهج الله هو سبب كل بلاء (( وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ)) (النحل: 112) .
ومن أصدق من الله قيلاً ؟! ومن أصدق من الله حديثاً؟!
قل أأنتم أعلم أم الله ؟!
والتاريخ والواقع يشهدان، ولكنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور.
قرنان من الزمان وزمام الأمة في أيديكم، فإلى أين سرتم بها؟
أين التحضر وأين الرقي؟!
دعاةَ (التحرر!)
قد نبأنا الله من أخباركم، أنتم الذين تحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا، وإنا نبشركم بعذاب أليم في الدنيا والآخرة. قال _تعالى_: ((إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ(5/736)
الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)) (النور : 19) .
فلا نفهم من دعوة التحرر إلى أنها دعوى للعري والتفسخ ومخالطة الرجال، تنزعون عن المرأة لباس الطهر والعفاف لتشيع الفاحشة في الذين آمنوا، وتعترضون على التعدد ـ تعدد الزوجات ـ وأنتم تعلمون أنه الحق، إذ النساء أكثر من الرجال، كي تشيع الفاحشة في الذين آمنوا، وتُخْرِجون المرأة من بيتها ليفتتن بها الرجل في الطريق والزميل في العمل وتتهدم الأسرة وتشيع الفاحشة في الذين آمنوا.
دعاة (التحرر!)
قد نبأنا الله من أخباركم. أنتم الذين كرهوا ما أنزل الله... أنتم الذين اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه.
ما أفهمه من حملة (تحرير) المرأة، والدعوة إلى المساواة بينها وبين الرجل في كل شيء، أنها في جوهرها حملة على العقيدة الإسلامية، حملة تشكيك في أحكام الإسلام ، وحملة من أجل زحزحة الشريعة من حياة الناس.
وأراه هدفكم الرئيس، وما المرأة إلا سبيل تعبرون منه لشريعتنا كي تنالوا منها.
فماذا يعني قولكم (تحرير) المرأة وإعطائها حقوقها؟
أظلمَهَا ربها ـ سبحانه وتعالى وعز وجل ـ وجئتم تنصفوها ؟!
وماذا تعني مناداتكم بالمساواة بين الرجل والمرأة في الميراث؟
أليس تعديلا لثوابتنا الشرعية يستبطن اتهاما لها؟!
وماذا يعني جرأتكم على (التعدد) ودعوى أنه ظلم وهضم لحق المرأة؟!
وماذا تعني السخرية من حجاب المرأة الذي ارتضاه أحكم الحاكمين العليم الخبير لها؟
وماذا يعني تلبيسكم على عوام الناس بما ترددونه عن الملتزمين بشرع ربهم؟!
كله ينطق صراحة بأنكم تحبونهم ولا تحبوننا، وتتمنون أن لو كانت ديار الإسلام كديار الغرب والشرق.
ولكن: إن كيد الشيطان كان ضعيفاً، وإن الباطل كان زهوقاً، وإن العاقبة للمتقين، وعد الله القدير، وهاهي بشائر النصر تلوح في الأفق فالحجاب قد عاد حتى أصبح ظاهرة في كثير من بلدان المسلمين التي بدأ فيها التغريب، وإنا نرى حرقة أكبادكم فيما تسودنه بأقلامكم، وما يحدث الآن من مؤتمرات ما هي صحوة الموت.
قال الله تعالى: (( يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)) (التوبة: 32) .
ـــــــــــــــــــ
شرطية مسلمة في شرطة ولاية ألينوي ترتدي الحجاب
...
...
الثلاثاء:09/07/2002
(الشبكة الإسلامية) كير ـ واشنطن
الشبكة الإسلامية >> منوعات
...(5/737)
...
أثنى مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (كير) وهو منظمة مهتمة بحماية حقوق وحريات المسلمين والعرب في الولايات المتحدة الأمريكية على قرار إدارة مأمور شرطة مقاطعة كوك بولاية ألينوي الأمريكية بالسماح لشرطية مسلمة تشغل منصب نائب مأمور شرطة المقاطعة بإرتداء الحجاب (غطاء الرأس) أثناء تأدية وظيفتها.
وكان المجلس قد دعا في الثاني من يوليو الحالي مؤيديه إلى تنظيم حملة ضغط جماهيري وإعلامي على إدارة مأمور شرطة مقاطعة كوك بولاية ألينوي بسبب رفضه السماح للشرطية المسلمة بارتداء الحجاب خلال عملها بعد اعتناقها الإسلام في يناير الماضي.
وذكر إبراهيم هوبر مدير الإعلام والاتصالات في المجلس: أن "كير ترحب بقرار إدارة مأمور شرطة مقاطعة كوك بولاية ألينوي الاستجابة لحقوق الشرطية المسلمة الدينية، كما نشكر كل من اتصلوا بالإدارة لمساندة حقوق النائبة المسلمة استجابة لحملتنا".
وأضاف هوبر قائلا "هذه الحالة توضح أنه يمكن حل قضايا التعددية الدينية في أماكن العمل بنجاح إذا ما توفرت النوايا الحسنة لدى الطرفين والرغبة في البحث عن حلول مبتكرة".
وأشار إبراهيم هوبر إلى المادة السابعة في قانون حقوق الإنسان لعام 1964 والتي تحرم على أصحاب الأعمال التمييز ضد الأفراد على أساس معتقاداتهم أو ممارساتهم الدينية. ويطالب القانون أصحاب الأعمال بالاستجابة إلى حاجات موظفيهم الدينية في الحدود المقبلولة مادامت لا تمثل عبئا مبالغا فيه على صاحب العمل.
ويصدر مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (كير) كتيبا عن حاجات الموظفين المسلمين الدينية مصمم بهدف الحيلولة دون وقوع حوادث تمييز ضد الموظفين المسلمين في الشركات الأمريكية لأسباب دينية، والكتيب بعنوان "دليل صاحب العمل إلى الممارسات الدينية الإسلامية".
ـــــــــــــــــــ
الشرطة الأمريكية ترفض الحجاب والقلنسوة
...
...
الخميس :04/07/2002
(الشبكة الإسلامية) CNN
الشبكة الإسلامية >> رؤية غربية
...
...
عبرت منظمة إسلامية أمريكية عن تأييدها القوي لنائب رئيس شرطة شيكاغو وهو يهودي أرثوذكسي تلقى أوامر بنزع قلنسوته اليهودية أثناء وجوده في الخدمة.(5/738)
وقد انتقد مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية ( كير ) قرار إدارة شرطة إلينوي بتجريد الشرطي الأمريكي اليهودي لاري دافيدسون من صلاحياته بسبب رفضه الانصياع لقرار نزع القلنسوة اليهودية .
وجاء قرار رئيس شرطة شيكاغو في أعقاب قرار سابق أثار ضجة بإلزام شرطية مسلمة تدعى كريستال كلارك بنزع الحجاب أثناء أداء عملها .
وقال إبراهيم هوبر المتحدث باسم المجلس إن الضابطة تحولت إلى الإسلام في يناير ، وقد أرسل المجلس خطابا الإثنين الماضي احتجاجا على قرار منع الشرطية من ارتداء الحجاب ، تضمن إشارة إلى أن شخصا آخر يرتدي غطاء للرأس اثناء عمله ، في إشارة للشرطي اليهودي . وأضاف هوبر أن السماح لرجل الشرطة اليهودي بارتداء قلنسوته لعامين يعني أن حرمانه منها هو ممارسة تمميزية متعصبة.
وفي أعقاب نشر صحيفة شيكاغو تريبون تقريرا عن الضابطة المسلمة ، قررت إدارة الشرطة منع الضابط اليهودي من ارتداء قلنسوته . وتركز احتجاج المجلس على إنه من غير المعقول حرمان شخص آخر من ممارسة حقوقه الدينية ، بدلا من السماح للشرطية المسلمة بارتداء الحجاب . وكان المجلس قد تقدم بشكوى للتمييز ضد لجنة المساواة المهنية . ويحظر قانون الحقوق المدنية في أمريكا لعام 1964 ممارسة أي تمييز ضد العاملين بسبب معتقداتهم الدينية او ممارساتهم .
ويحق للعاملين بموجب القانون التوافق مع ممارساتهم الدينية بما لا يؤثر على العمل ، وهو ما احتج المجلس الإسلامي على عدم السماح به في حالة الشرطية المسلمة أو الشرطي اليهودي
ـــــــــــــــــــ
وقفات مع دعاة تحرير المرأة
حديث يتكرر، لأن باعثه يتجدد، فخفافيش الظلام بدأت تعمل وتظهر في النهار، والفتوى تجاوزت الأئمة الأعلام، ليتطاول عليها المذيعون وصبيان الإعلام، والدين رقّ، والالتزام لان، وكل مسألة فيها قولان، وإن ناقشت مفتيا وعندك دليل مفحم وأثر قال: هذه وجهة نظري ، وحينما غابت الأسود نطقت القرود ، فالمنافقون في أوقات الأزمات ينبحون، وعلى صفحات الصحف يتقيئون، وشجرتهم لا تنبت إلا حنظلا من شبهات، وزقوما من الشهوات، بضاعتهم السخرية والاستهزاء بالدعاة والعلماء، والتهكم على الأبطال النجباء من رجال الهيئات، ومبشراتهم بذور السفور والانحلال، وآخر إنتاجهم بشارة بأول فتاة سعودية تتدرب على الطيران، تنشر صورتها ويجعل منها رمزا لفتاة جزيرة الإسلام فأينك يا درة عمر من هؤلاء الأقزام 0
لم يعد خافيا على أحد ما تشهده مجتمعات المسلمين اليوم من حملة محمومة، مِن الذين يتبعون الشهوات على حجاب المرأة وحيائها، وقرارها في بيتها، حيث ضاق عطنهم، وأخرجوا مكنونهم، ونفذوا كثيرا من مخططاتهم في كثير من مجتمعات المسلمين، وذلك في غفلة وقلة إنكار من أهل العلم والصالحين، فأصبح الكثير من هذه المجتمعات يعج بالسفور والاختلاط والفساد المستطير ، الأمر الذي أفسد الأخلاق والأعراض 0(5/739)
وبقيت بقية من بلدان المسلمين لازال فيها بحمد الله يقظة من أهل العلم والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، حالت بين دعاة السفور وبين كثير مما يرومون، وهذه سنة الله عز وجل في الصراع بين الحق والباطل، والمدافعة بين المصلحين والمفسدين 0
ومن كيد المفسدين في مثل المجتمعات المحافظة، وبسبب وجود أهل العلم والغيرة، أنهم لا يجاهرون بنواياهم الفاسدة، ولكنهم يتسترون وراء الدين، ويلبسون باطلهم بالحق واتباع ما تشابه منه، وهذا شأن أهل الزيغ والضلال، (( َأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ)) (آل عمران :7)
وهم أول من يعلم أن فساد أي مجتمع إنما يبدأ بإفساد المرأة واختلاطها بالرجال ، وقد ثبت عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ( ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء ).
وهذه حقيقة لا يماري فيها أحد، وملل الكفر أول من يعرف هذه الحقيقة، حيث إنهم من باب الفتنة بالنساء دخلوا على كثير من مجتمعات المسلمين وأفسدوها، وحققوا أهدافهم البعيدة، وتبعهم في ذلك المنهزمون من بني جلدتنا، ممن رضعوا من لبان الغرب وأفكاره، أو ممن يسعون إلى الشهرة من أوسخ أبوابها، ولأنهم يعيشون في بيئة مسلمة، ولازال لأهل العلم والغيرة حضورهم، فإنهم لا يتجرءون على طرح مطالبهم التغريبية بشكل صريح، لعلمهم بطبيعة تدين الناس، ورفضهم لطروحاتهم، وخوفهم من الافتضاح بين الناس 0
ولذلك دأبوا على اتباع المتشابهات من الشرع، وإخراج مطالبهم في قوالب إسلامية، وما فتئوا يلبسون الحق بالباطل، وهم كما قال الله: (( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ )) ( البقرة:11) .
ومن هذه الطروحات التي أجلبوا عليها في الآونة الأخيرة، مطالبتهم في مجتمعنا المحافظ وفي بلدنا الذي يأرز إليه الإيمان، وتهوي إليه أفئدة الصالحين، ومنه نبعت الفضيلة ودعاتها، مطالبتهم بكشف المرأة وجهها، والسماح لها بقيادة السيارة، معتمدين بزعمهم على أدلة شرعية، وأقوال لبعض العلماء في ذلك، وهم يعلمون ونحن نعلم أن تلك هي الشرارة الأولى، والخطوة الأولى نحو فساد المرأة وذهاب حيائها 0
ولئلا يلتبس الحق بالباطل، ولكيلا ينخدع بعض الناس ببريق دعوتهم ، وصيانة لأخلاق الأمة، ومساهمة في تحقيق الأمن الأخلاقي للبلاد، نقف مع هذه الدعوة الآثمة وقفات :
أولاها: أن هناك فرقا في تناول قضية الحجاب وكشف الوجه، بين أن يقع اختلاف بين العلماء المخلصين في طلب الحق، المجتهدين في تحري الأدلة، الدائرين في حالتي الصواب والخطأ بين مضاعفة الأجر مع الشكر، وبين الأجر الواحد مع العذر، وبين من يتتبع الزلات ويحكم بالتشهي ويرجح بالهوى، لأن وراء الأكمة ماوراءها، فيؤول حاله إلى الفسق ورقة الدين، ونقص العبودية، وضعف الاستسلام لشرع الله عز وجل 0(5/740)
وهناك فرق بين الفتاوى العلمية المؤصلة، المبنية على التحري والاجتهاد، وأخرى محلولة العقال، مبنية على التجري لا التحري، والتي يصدرها قوم لا خلاق لهم من الصحفيين ومن أسموهم المفكرين، وأهل التزوير المسمون ظلما بأهل التنوير، يفرقون من تغطية الوجه لا لأن البحث العلمي المجرد أوصلهم إلى أنه مكروه أو جائز، أو بدعة كما يرجفون، ولكن لأنه يشمئز منه متبوعهم من كفار الشرق والغرب 0
ولك أن تقدر شدة مكر القوم الذين يريدون من جانبهم أن يتبعوا التمدن الغربي، ثم يبررون فعلهم هذا بقواعد النظام الإسلامي الاجتماعي 0
وثاني الوقفات: لابد أن ينظر إلى قضية الحجاب اليوم، وما يدور بينها وبين السفور من معارك، إلى أنها لم تعد قضية فرعية ومسألة خلافية فيها راجح ومرجوح بين أهل العلم، ولكنها باتت قضية عقدية مصيرية، ترتبط بالإذعان والاستسلام لشرع الله عز وجل في كل صغيرة وكبيرة، وعدم فصلها عن شئون الحياة كلها، لأن ذلك هو مقتضى الرضا بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد نبيا 0
إن التشنيع على تغطية المرأة وجهها، والتهالك على خروجها من بيتها، واختلاطها بالرجال ليست اليوم مسألة فقهية فرعية، ولكنه مسألة خطيرة لها ما بعده، لأنها تقوم عند المنادين بذلك على فصل الدين عن حياة الناس، وعلى تغريب المجتمع، وكونها الخطوة الأولى أو كما يحلو لهم أن يعبروا عنها بالطلقة الأولى .
وإذا كان علماؤنا يوردون مسألة المسح على الخفين في كتب العقيدة، باعتباره من خصائص أهل السنة في مقابل شذوذ الرافضة، فلا لوم على من يجعل قضية الحجاب اليوم قضية أصولية مصيرية، وذلك لتشنيع مبتدعة زماننا ومنافقيه عليه، ولحملتهم المحمومة لنزعه، وجر المرأة بعد ذلك لما هو أفسد وأشنع 0
وثالثها: أن بداية السفور والتبرج الجاهلي الذي عليه طائفة من نساء المسلمين اليوم في بعض ديار المسلمين، إنما بدأ من كشف الوجه بإزالة الغطاء والحجاب عنه ، حتى أصبح وبات وأضحى وظل وأمسى من المعلوم بالضرورة أن من كشفت من الفتيات وجهها اليوم ، ستكشف غدا حتما عن رأسها وصدرها، وساقيها وحتى فخذيها، ولا يجادل في هذا إلا ساذج مخدوع0
لقد بدأت مؤامرة السفور بالدعوة إلى كشف الوجه، وامتدت إلى الجلسات المختلطة المحتشمة، ثم على السفر من غير محرم بدعوى الدراسة في الجامعة، ثم زينت الوجوه المكشوفة، وبدأ الثوب ينحسر شيئا فشيئا حتى وقعت الكارثة، فخرجت المرأة سافرة عن مفاتنها، كاشفة عن المواضع التي أمر الله بسترها، حتى أضحت شبه عارية، وراح أهل الكيد يتلذذون بالنظر إليها، ويستدرجونها للإيقاع بها، حتى كان لهم ما أرادوه منها، ففسدت الأخلاق، وكثرت محلات البغاء، وانتشر اللقطاء، وتفسخ المجتمع، ومن هنا، وبناء على هذا فإن اليد التي تحاول أن تحسر الحجاب عن وجوه فتياتنا اليوم ينبغي أن تبتر ، وإن اللسان الذي يدعو فتياتنا إلى نزع الحجاب ينبغي أن يقطع 0(5/741)
أو يسركم يا أهل الغيرة والكرامة أن تصبح بلادكم مقصداً لرواد البغاء ، وأهل الخنا، أو أن تصبح نساؤكم مزابل وإماء في سوق النخاسة، يصحبن كل زان ، ويصادقن كل سافل 0
لابد أن تعلم المرأة المسلمة أنهم اليوم لا يطلبون منها أكثر من كشف وجهها، وبحجة أن كشف الوجه مختلف فيه بين أهل العلم ، غير أنهم يعلمون علم اليقين، ونحن نعلم، وبحكم التجارب الطويلة العديدة أنها يوم أن تكشف وجهها ويذهب ماؤه وحياؤه، ستكشف لهم عما سوى ذلك، وصدق القائل :
رفع الحجاب وسيلة إن حُبّذت ضمت إليها للفجور وسائل
فالاختلاط ، فمرقص ، فتواعدٌ فالاجتماع ، فخلوة ، فتواصل
ورابع الوقفات: لو أن المنادين اليوم بكشف وجه المرأة أمام غير المحارم، كانوا في مجتمع يعج بالسفور والتعري الفاضح ، لأحسنا بهم الظن وقلنا: لعل قصدهم ارتكاب أهون المفسدتين، والتدرج بالنساء في ردهن إلى الحجاب الشرعي، والحياء والحشمة شيئا فشيئا .
أما وإن الذين ينادون اليوم بنزع الحجاب عن الوجه، إنما يوجهون نداءهم إلى مجتمعات محافظة لم تعرف نساؤه إلا الحشمة و الحياء، وتغطية الوجه والبعد عن الرجال الأجانب، فإن هذا مما يثير العجب ويحير العقل، ويضع استفهاماتِ كثيرة على مطالبهم تلك، فماذا يريدون من ذلك ، وماذا عليهم لو بقيت نساؤهم وبناتهم، وأخواتهم ونساء المسلمين على هذه الحشمة والعفة والحياء، ماذا يضيرهم في ذلك ؟ ألا يشكرون الله عز وجل على هذه النعمة العظيمة، ألا يعتبرون بما يرونه في المجتمعات المختلطة المتبرجة، حيث ضاعت قوامة الرجل، وظهر الفساد، وهتكت الأعراض، وأصبحت تلك البلدان مقصد كل فاجر، وملاذ كل طالب للرذيلة، إن زماننا اليوم زمن العجائب، و إلا فعلام يشرق قومنا بالفضيلة والطهر والعفاف، ولكن صدق الله: (( وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً )) (النساء: 27).
و خامس الوقفات : أن الأدلة الموجبة لستر وجه المرأة وكفيها عن الرجال الأجانب، ووجوب الابتعاد عنهم أدلة كثيرة، وصحيحة وصريحة، ويمكن الرجوع إليها في فتاوى ورسائل أهل العلم الراسخين، ولكن يحسن أن نشير إلى أن علماء الأمة قديماً وحديثا من أجاز منهم كشف الوجه ومن لم يجزه، كلهم متفقون ومجمعون على وجوب ستر وجه المرأة وكفيها إذا وجدت الفتنة، وقامت أسبابها، بل حكى الإجماع على ذلك أكثر من خمسين عالما، فبربكم أي فتنة هي أشد من فتنة النساء في هذا الزمان، حيث بلغت وسائل الفتنة والإغراء بهن مبلغاً لم يشهده تاريخ البشرية من قبل، وحيث تفنن شياطين الأنس في عرض المرأة بصورها المثيرة في كل شئ، في وسائل الأعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، وأخرجوها من بيتها بوسائل الدعاية والمكر والخداع، فمن قال بعد ذلك ، إن كشف المرأة عن وجهها أو شئ من جسدها لا يثير الفتنة، فهو والله مغالط مكابر، لا يوافقه في ذلك من له مسكة من دين أو عقل، أو مروءة، وإذا تبين ذلك فلنعلم أيضاً أن هذا القدر من الخلاف بين العلماء بقي خلافاً نظرياً إلى حد بعيد، حيث ظل احتجاب النساء هو الأصل في الهيئة الاجتماعية خلال(5/742)
مراحل التاريخ الإسلامي، كما قال شيخ الإسلام: (كانت سنة المؤمنين في زمن النبي- صلى الله عليه وسلم- أن الحرة تحتجب).
و قال الإمام الغزالي: (( لم يزل الرجال على مر الزمان مكشوفي الوجوه والنساء يخرجن متنقبات )) 0
إن كثرة الكلام وهن هذه القضية ، وعلى أصعدة متعددة ، بل إن وسائل الإعلام تحاول ترسيخ هذا المفهوم من خلال الدعايات الإعلانية، حينما تصور الرجل حالقاً لحيته والمرأة كاشفة وجهها، ومن خلال نشر صور النساء في الصحف، حتى بلغت في صحيفة واحدة في عدد واحد أكثر من ثلاثين صورة، ومن خلال الكتابات التي يتقيؤها غلمان الأهواء وصبيان الصحافة .
إن ذلك لأمر يثير الريبة ، فلم يحدث في تأريخ الأمة أن اجتمع العلماء المجيزين لكشف الوجه ليخرجوا على الأمة مجتمعين، يدعون النساء إلى إزالة غطاء الوجه بدعوى أن المسألة خلافية 0
كانوا يذكرون ذلك في كتبهم من باب التفقيه فحسب، أما أن يرتقوا المنابر، ويتصدروا المجالس والمنتديات ليقرروا ما ترجح لديهم، بإصرار وإلحاح لا ينقطع، ليحملوا نساء الأمة على كشف الوجه، فذلك لم يفعلوه، ولم يحصل في تأريخ الأمة مع أنهم هم الأحق بذلك إن كان في ذلك خير ، فهم مجتهدون ينطلقون من الشرع ومقصدهم نصرته 0
أما ما يفعله هؤلاء المستغربون من الدعوة بإلحاح، وعلى كافة المستويات، مع التلفيق والتلاعب بأقوال العلماء، فليس له إلا تفسير واحد، هو أنهم كرهوا ما أنزل الله فسحقا لهم ، وأولى لهم طاعة وقول معروف ، ولو صدقوا الله لكان خيراً لهم 0
يا صالحون ويا مصلحون، يا أهل الشرف والحياء و المروءة ، كونوا يقظين لما يطرحه الظالمون لأنفسهم وأمتهم من كتابات و حوارات، مؤداها إلى سفور المرأة واختلاطها بالرجال، فما دامت المدافعة بين المصلحين والمفسدين فإن الله عز وجل يقذف بالحق على الباطل فإذا هو زاهق.
ينبغي أن لا ننسى في خضم الردود على ما يكتبه المفسدون من الشبهات والشهوات، ذلك السيل الهادر الذي يتدفق من وسائل الأعلام المسموعة و المرئية في بلاد المسلمين، وذلك بما تبثه من دعوات للمرأة إلى السفور، ومزاحمة الرجال في الأعمال و الطرقات، عبر القصة و المسلسل، والبرامج الحوارية والمقابلات، والبرامج الغنائية، ولقد ضربت هذه الوسائل بأطنابها في بلاد المسلمين، فكان لزاماً على كل غيور محاربتها وإبعادها عن بيته قدر الاستطاعة .
ربوا نساءكم وبناتكم على حب الحجاب والتعلق به منذ الصغر ومن وسائل ذلك تحصينهن الحصانة الفكرية والأخلاقية، بأن تعلم المرأة المسلمة أوضاع المرأة الغربية، والإسفاف النفسي الذي وصلت إليه، وتعتيم الغزو لأوضاعها، وأحياناً قلب مفاسدها وانحرافاتها إلى فضائل وتكريم0
إننا لا نريد المرأة المتحجبة تقليداً وعادة ، تشعر مع الحجاب بالضيق والحرج ، وتتخلى عنه لأدنى شبهة أو شهوة.(5/743)
نريد المرأة المسلمة التي ترى في الحجاب عزاً وشرفاً، وترى في الحياء سلوكاً وخلقاً، نريد المرأة التي تتحجب استسلاماً لله ، ورضا بشريعته، وخضوعاً لحكمه وتتمثل قول الحق: ((وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً)) (الأحزاب:36) 0
لا نريد المرأة المتحجبة المتخلفة، فإن الدعوة إلى فريضة الحجاب والعودة إليه، لا بد أن تواكبها دعوة القائمين بأمر المرأة إلى أن يؤدوا لها فريضة تحرير عقلها من حجب التضليل والجهل، والتخلف، وتِلكم مسئوليتكم أيها الأولياء، فاتقوا الله وقوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة.
إننا نتطلع أيها المسلمون إلى أن تكون غيرتكم جبلاً تتحطم عليه كل نصال دعاة الضلال، وأن لا تكون غيرتكم جداراً من ورق، ينهار عند أدنى طمع دنيوي أو شهوة مادية .
نحن لا نريد المجتمع الذي يقتل الحسين ويسأل عن دم البعوضة، لا نريد الجيل الذي يأنف أفراده من ذكر أسماء نسائهم في المجالس، ويتقبلون أن تصبح وجوههن معرضا مكشوفا لكل راء ومتفرج 0
وإلى أختنا بنت هذا البلد، وإلى كل مسلمة تخشى الله وتتقيه ، طوبى لمن تفاخر بحجابها، وتتمسك بعفافها، ومعها العلم والوعي والبصيرة والحرية الحقة، من عبودية العبيد قائلة لشياطين الإنس: (( إِنِّيَ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ )) (الأنعام:15).
ـــــــــــــــــــ
طرد مسلمة بريطانية محجبة من دورة جودو في فرنسا
...
...
الاربعاء:03/07/2002
(الشبكة الإسلامية) لندن ـ حافظ الكرمي
الشبكة الإسلامية >> تقارير
...
...
ذكرت صحيفة /مسلم نيوز/ البريطانية,أن المشرفين على دورة ودية لرياضة الجودو, تنظمها فرنسا, قد منعوا فتاة بريطانية مسلمة, في التاسعة من عمرها, من المشاركة في الدورة بسبب ارتدائها للحجاب، وانسحب كامل الفريق, الذي تشارك معه هذه الطفلة من القاعة, تعبيرًا عن تضامنهم مع زميلتهم الصغيرة.
وكان الفريق البريطاني غادر إلى فرنسا, للمشاركة في دورة للجودو, أقيمت في منطقة هويل, شمال غرب العاصمة الفرنسية باريس. وقد رفض الفائزون من الفريق المشارك في الدورة تسلم الميداليات, وأعادوها للمنظمين, تعبيرًا منهم عن استيائهم لإبعاد الفتاة المسلمة.(5/744)
وقال قائد الفريق البريطاني ومدربه لي دافوس: "لقد تعجبت كثيرًا، وصدمت للقرار, لأن زينب تتدرب في بريطانيا دون أي مشكلات". وأضاف: "لقد كانت دورة ودية، وهي المرة الأولى, منذ سبعة أعوام من المنافسات في رياضة الجودو, التي يحدث فيها مثل هذا الأمر".
وفي تصريح له برّر الفرنسي جيل ليموزين, الرئيس المنظم للدورة قراره بالقول:"إن ارتداء غطاء الرأس مخالف للقوانين الفرنسية والعالمية للجودو, لأنه قد يسبب اختناقا للفتاة، ولا يمكن لي أن أخرق أي قوانين", حسب ادعائه.
وعندما قيل له: "إن زينب تمارس رياضة الجودو في بريطانيا دون اعتراض", ردّ بالقول: إن القوانين الفرنسية تمنع ارتداء غطاء الرأس, عند ممارسة رياضة الجودو. وعندما طلبت إليه الصحيفة ذكر هذه القوانين, لم يكن المسؤول الفرنسي قادرًا على تقديمها.
وقال مدرب زينب: إنها ترتدي غطاء الرأس بطريقة لا يمكن أن تحدث لها أي اختناق. وأضاف: "إن السبب الحقيقي لرفض مشاركة زينب هو ديانتها".
وقال لي دايفوس: إن أحد المسؤولين الفرنسيين قال له إن هناك في فرنسا حملة لمنع ارتداء الحجاب, منعا للدعاية الدينية.
يذكر أن القوانين الفرنسية تتسامح مع القلنسوة اليهودية, التي توضع على الرأس, ولا تعتبرها رمزًا للدعاية الدينية, كما هو الشأن بالنسبة للحجاب. وتسببت هذه القوانين، ذات الطبيعة العنصرية، في طرد العديد من الفتيات المسلمات من التعليم في المعاهد الثانوية والجامعات الفرنسية, مما أثار ضجة كبيرة على مدى سنوات.
وقال المدرب البريطاني: إنه عندما منعت الطفلة زينب من المشاركة في الدورة, طالب كامل الفريق, عبر مكبر الصوت, بالانسحاب خارج القاعة, وأخبرهم بقرار منع الطفلة، فاصطف أعضاء الفريق رافضين المشاركة.
وقال: إن من لعب وفاز من الفريق قرر إعادة الميدالية تضامنا مع زينب، التي أبدى الجميع تعاطفا معها, حتى من قبل الأطفال الفرنسيين المشاركين في الدورة, الذين جاءوا لتحيتها قائلين: "إن الخطأ ليس خطأنا".
وقالت زينب صاحبة الحزام الأحمر: "لقد حزنت وغضبت كثيرًا, عندما منعت من المشاركة لمجرد ارتدائي الحجاب"، وأضافت تقول: "لقد تدربت طويلاً لهذه الدورة", لكنها حرمت من المشاركة فيها لمجرد ارتدائها غطاء الرأس.
وفي الإطار ذاته وضمن التحريض على المسلمين ودينهم المتصاعد في الإعلام الغربي زعم بحث صدر من مكتب الصحة الهولندية أن 80% من المسلمات في هولندا يعانين مشكلات صحية في الظهر والعظام بسبب نقص فيتامين "د"، وأن المسلمات لا يخرجن من منازلهن، ولا يرين الشمس بأوامر الأزواج، حيث لا يسمح المسلم لزوجته بمغادرة المنزل في غيابه، ويبقى طيلة النهار في عمله، وزوجته في البيت حتى يعود في الساعة الخامسة مساء، وتكون الشمس قد غربت. وإذا ما أذن لزوجته بالخروج لقضاء شيء ما، ونادرًا ما يحدث هذا لأن المحلات في هولندا تغلق بعد هذا الوقت، وبذلك تبقى المسلمات في المنازل.(5/745)
وحسب التقرير ، الذي أوردته صحيفة الوطن السعودية، فقد أكد البحث أن معظم الأجنبيات بصفة عامة من البلدان العربية والإفريقية يضاف إليهن الأتراك يبقين أيضا في المنازل خاصة المغاربة، ومن الصومال والسودان، ولا يتوقف الخطر في نقص هذا الفيتامين عند النساء أو الأمهات، بل يمتد إلى الأطفال الذين يبقون في المنازل بعد انتهاء وقت الدراسة، ولا يخرجون للعب والتعرض للشمس، إما لخوف الأباء المبالغ فيه من لعبهم في الشوارع، أو رغبتهم في عدم الاختلاط بهولنديين، وفرض العزلة عليهم ، أو نتيجة لعدم وجود الأب حيث لا تأخذ الأم قرارًا بخروج الأطفال للعب خارج المنزل دون موافقة زوجها.
وطالب البحث بتمديد بطاقات التأمين الصحي للأجانب لمنحهم فيتامين "د" على البطاقات مجانا، حيث يكبد عناء المسلمات الأجنبيات عامة الحكومة الهولندية موازنة كبيرة نتيجة لحاجتهن للعلاج والتردد على الأطباء أو إخضاعهن لعلاج طبيعي يكلف التأمين الصحي ملايين من اليورو.
ـــــــــــــــــــ
أزمة المحجبات في المطارات الأميركية
...
...
الاحد :21/04/2002
(الشبكة الإسلامية) ميدل إيست أونلاين
الشبكة الإسلامية >> أفغانستان والإرهاب >> حصاد الحدث
...
...
تصاعد حالات التمييز ضد المحجبات بعد هجمات سبتمبر، ورجال الامن يصرون على خلع الحجاب دون ضرورة .
_______________________
اعتذرت شركة طيران أميركية كبرى عن إجراء تمييزي كانت قد قامت به بحق مسافرة مسلمة . فقد وجهت شركة دلتا إيرلاينز، وهي واحدة من أكبر شركات الطيران الأميركية اعتذاراً لفتاة مسلمة أميركية في السابعة عشرة من عمرها عن حادثة أجبرت فيها الفتاة المسلمة على خلع غطاء رأسها أمام العامة بسبب ضغوط رجال أمن المطار .
وقد استحوذت الحادثة على اهتمام الإعلام الأميركي خلال الأسابيع الماضية، وتم تغطيتها من قبل غالبية وسائل الإعلام الأميركية بما في ذلك شبكة سي إن إن الإخبارية وصحيفة واشنطن بوست .
وقد جاء اعتذار الشركة في صورة خطاب رسمي بعثت به إلى الفتاة المسلمة عن طريق مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية كير ، إضافة إلى اتصال هاتفي اعتذر فيه فريدريك ريد رئيس شركة " دلتا إير لاينز " للفتاة المسلمة شخصياً .
وقال ريد في خطابه الرسمي إلى الفتاة "نحن نادمون ونعتذر عن الإحراج والمضايقة التي واجهتها، وتأكدي أننا نتعامل مع هذا الأمر بكل جدية ". كما أشار(5/746)
إلى أن ما طال الفتاة المسلمة من تمييز هو أمرغير قانوني وخاطئ ولا يجب التسامح معه ، على حد تعبيره.
ويأتي الاعتذار بعدأن طالب مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية كير ، والذي أثار قضية الفتاة المسلمة في الثامن من يناير الحالي ، مسؤولي مطار بالتيمور - واشنطن الدولي بالاعتذار ، وذلك بعد أن اتصلت الفتاة بالمجلس واشتكت مما تعرضت له على أيدي رجال الأمن في المطارأثناء سفرها مؤخراً على إحدى رحلات شركة دلتا.
إذ ذكرت الفتاة أنه بعدمرورهامن نقطة تفتيش الأمن بالمطار والتي يمر بها جميع المسافرين خاطبها أحد الحراس بلغة فظة قائلاً " يجب عليكِ أن تخلعي هذا " مشيرا إلى حجابها، فأجابته قائلة " لماذا ينبغي عليّ خلع غطاء رأسي؟ "، وبعد ذلك فوجئت بقيام بعض رجال أمن المطار العسكريين - في زيهم العسكري وأسلحتهم - بإحاطتها، مما أصابها بخوف شديد مما دفعها إلى نزع حجابها بسرعة.
وقد وصف المجلس في بيانات بعث بها إلى الصحافة الأميركية ما تعرضت له الفتاة المسلمة من تخويف دفعها إلى نزع حجابها أمام العامة بأنه أشبه "بتفتيش جسدي لامرأة" أمام الجمهور ، وذلك لإيضاح جسامة الضرر الذي لحق بالفتاة المسلمة لإجبارها على خلع الحجاب ، مشيراً إلى أن التعاليم الإسلامية تفرض على النساء المسلمات ارتداء الحجاب أمام العامة ، ومؤكداً على اعتزاز الفتاة المسلمة بحجابها.
كما أشار المجلس في بيانه إلى تلقيه أكثر من 170 تقريراً عن حوادث أخرى تعرض فيها مسافرون مسلمون وعرب للتمييز أثناء سفرهم في المطارات الأميركية .
وتعليقا على اعتذار شركة دلتا ، أعرب السيد نهاد عوض مدير " كير " عن أمله في أن يعبر اعتذار دلتا أيرلاينز للفتاة المسلمة عن تحوّل نسبي في موقف الرأي العام الأميركي تجاه ما يتعرض له المسلمون والعرب في أميركا من تمييز بعد الحادي عشر من سبتمبر . وأضاف عوض في تصريحاته " قائلاً " تلقى المجلس منذ الحادي عشر من سبتمبر أكثر من 1600 شكوى تتضمن انتهاكات خطيرة تعرضت لها حقوق وحريات مسلمي أميركا، ونحن نتعامل مع هذا الكم من القضايا بمواردنا المحدودة وفي ظل جو عام غير مشجع "، على حد تعبيره .
قضية أخرى تتفاعل
وتندلع في الوقت ذاته قضية مشابهة تكشف عن شيوع التمييز ضد المحجبات في المطارات الأميركية . إذ تسعي مسلمة أميركية من أصل باكستاني لمقاضاة سلطات أمن مطار أوهير بولاية ألينوي ، لتعريضهم إياها لتفتيش مهين وغير مبرر لأسباب ترجع لخلفيتها العرقية والدينية أثناء سفرها عبر المطار في السابع من نوفمبر الماضي ، في طريق عودتها من مؤتمر بمدينة شيكاغو إلى محل إقامتها في مدينة كولومبس بولاية أوهايو .
وتذكر الفتاة المسلمة سمر كوكب ، والتي تبلغ من العمر 22 عاماً، أنها سافرت إلى شيكاغو لحضور مؤتمر نظمته مؤسسة متطوعين في خدمة أميركا المعروفة اختصاراً بـ"فيستا"، والتي تهتم بعلاج مشاكل الفقر ، وتدني مستويات المعيشة(5/747)
بالمدن الأميركية الفقيرة ، وبعد انتهاء المؤتمر توجهت بصحبة مجموعة من المشاركين فيه إلى مطار أوهير عائدة إلى محل إقامتها.
وأوضحت الشابة المسلمة أنها مرّت مع جميع المسافرين على نقاط تفتيش الحقائب ، ثم توجهت بعد ذلك إلى نقاط تفتيش المسافرين ، ثم عبرت من خلال نقطة تفتيش المسافرين الإلكترونية دون أن ينطلق إنذار نقطة التفتيش ، ومع ذلك توجه إليها أحد رجال الأمن ، وأصر على إخضاعها لمزيد من التفتيش دون أي دليل على حملها لمواد معدنية ، وأصر رجل الأمن على تمرير جهاز كشف المعادن المحمول على جسدها وعلى حذائها ، كما قام بلمس النصف الأعلى من جسدها .
وفي ذلك الحين كان العديد من المسافرين قد تجمعوا بسبب بطء عملية تفتيش المسلمة أو لمشاهدة الحدث ، واستمر موظف الأمن في تمرير جهاز كشف المعادن المحمول ببطء شديد على جسد الفتاة المسلمة ، ثم مرره أكثر من مرة على رأسها، ورغم عدم إطلاق جهاز المعادن المحمول لأي إنذار ، طلب موظف الأمن من الفتاة المسلمة خلع حجابها، وهو ما رفضته الفتاة موضحة أنها لا تستطيع خلع حجاب رأسها أمام العامة لأسباب دينية ، وأنها مستعدة لفعل ذلك في مكان خاص وفي حضور موظفات أمن فقط .
وأوضحت الفتاة المسلمة أن رفضها إزالة الحجاب لا يعبر عن رغبتها في عدم التعاون مع رجال الأمن ، ولكنه أمر ضروري وفقاً لدينها، ومع ذلك طالب رجل الأمن الفتاة المسلمة مجدداً بخلع حجابها.
وبعد محادثات بين رجال الأمن، اصطحب أحد رجال الأمن الفتاة المسلمة إلى أحد مكاتب التفتيش لإخضاعها لخلع حجابها، مصرّاً على البقاء في الغرفة أثناء خلعها لحجابها، وهو ما رفضته الفتاة المسلمة باستمرار موضحة أسبابها الدينية ومؤكدة رفضها خلع حجابها أمام رجال الأمن ، ومطالبة بوجود موظفات أمن فقط معها في الغرفة أثناء التفتيش ، وبعد إصرارها وافق موظف الأمن على أن تصطحب شرطيتان الفتاة المسلمة لغرفة خاصة لإجراء علمية التفتيش .
وتوضح الفتاة المسلمة أن الشرطيتين اللتين اصطحبتاها لغرفة التفتيش لم تكتفيا بتفتيش حجابها وإنما أخضعتاها لتفتيش جسدي كامل ، وهو الأمر الذي أصابها بالذهول ودفعها للانخراط في حالة رعب وبكاء مستمرين بعد الانتهاء من عملية التفتيش .
وتقول سمر كوكب إن "التجربة بأكملها كانت مهينة ، لقد شعرت أن أفراد الأمن استهدفوني وكأنني لا أنتمي لبلدي (الولايات المتحدة) ولا يُوثق بي ولا يُرحّب بي فيه . بكل أسف لم يحدث لي مثل هذه من قبل ".
وقد قدمت الفتاة المسلمة شكواها للاتحاد الأميركي للحريات المدنية ( ACLU ) والذي يعد أحد أكبر جماعات الحقوق المدنية بالولايات المتحدة . وقد رأي محامو الاتحاد أن الفتاة أخضعت لتفتيش مبالغ فيه وغير مبرر ، وأرجعوا سبب ذلك في قضية رفعوها أمام أحد محاكم شيكاغو بولاية ألينوي ضد سلطات الحراسة وشركات الأمن بمطار أوهير ، نيابة عن الفتاة المسلمة ، إلى دينها وخلفيتها العرقية اللذين كانا واضحين بسبب ارتدائها للحجاب .(5/748)
كما رأي المحامون أن ما تعرضت له الفتاة المسلمة يعبر عن نموذج متزايد من سلوكيات التمييز الديني والعرقي ضد المسافرين المسلمين والعرب بالمطارات الأميركية بعد الحادي عشر من سبتمبر .
ويساند مجلس العلاقات الإسلاميةالأميركية "كير" مساعي الفتاة المسلمة سمر كوكب لمقاضاة شركة الأمن، كما يعمل على إثارة القضية في الإعلام الأميركي بغرض دعم حملة الفتاة المسلمة بالضغط الإعلامي والجماهيري الذي تحتاجه .
ـــــــــــــــــــ
خطر مشاركة المرأة للرجل في ميدان عمله
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضلَّ له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان وسلم تسليماً كثيراً .
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)) (آل عمران:102) . ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)) (النساء:1) . ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً)) (الأحزاب:70-71)
أما بعد:
عباد الله : قضية تم طرحها في الأيام الماضية ، وتكلمت عنها وسائل الإعلام ومن حق أهل المنابر أيضا أن يظهروا للناس الوجهة الشرعية في هذه القضية ..إنها قضية التوسع في عمل المرأة في المحلات التجارية وفي الشركات والمؤسسات حتى رأينا ذلك بادياً على أرض الواقع وللأسف الشديد .
أيها الأخوة في الله : إن الدعوة إلى نزول المرأة للعمل في ميدان الرجال المؤدي إلى الاختلاط سواء كان ذلك على جهة التصريح أو التلويح بحجة أن ذلك من مقتضيات العصر ومتطلبات الحضارة أمر خطير جدا له تبعاته الخطيرة، وثمراته المرة، وعواقبه الوخيمة، رغم مصادمته للنصوص الشرعية التي تأمر المرأة بالقرار في بيتها والقيام بالأعمال التي تخصها في بيتها ونحوه.
ومن أراد أن يعرف عن كثب ما جناه الاختلاط من المفاسد التي لا تحصى فلينظر إلى تلك المجتمعات التي وقعت في هذا البلاء العظيم اختيارا أو اضطرارا بإنصاف من نفسه وتجرد للحق عما عداه يجد التذمر على المستوى الفردي والجماعي، والتحسر على انفلات المرأة من بيتها وتفكك الأسر، ويجد ذلك واضحا على لسان الكثير من الكتاب بل في جميع وسائل الإعلام وما ذلك إلا لأن هذا هدم للمجتمع وتقويض لبنائه .
والأدلة الصحيحة الصريحة الدالة على تحريم الخلوة بالأجنبية وتحريم النظر إليها، وتحريم الوسائل الموصلة إلى الوقوع فيما حرم الله أدلة كثيرة قاضية بتحريم الاختلاط؛ لأنه يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه.(5/749)
وإخراج المرأة من بيتها الذي هو مملكتها ومنطلقها الحيوي في هذه الحياة إخراج لها عما تقتضيه فطرتها وطبيعتها التي جبلها الله عليها .
فالدعوة إلى نزول المرأة في الميادين التي تخص الرجال أمر خطير على المجتمع الإسلامي، ومن أعظم آثاره الاختلاط الذي يعتبر من أعظم وسائل الزنا الذي يفتك بالمجتمع ويهدم قيمه وأخلاقه .
أيها المسلمون : أن الله تبارك وتعالى جعل للمرأة تركيبا خاصا يختلف تماما عن تركيب الرجال هيأها به للقيام بالأعمال التي في داخل بيتها والأعمال التي بين بنات جنسها.
ومعنى هذا: أن اقتحام المرأة لميدان الرجال الخاص بهم كأن تبيع في المحلات التجارية أو تكون حارسة أمن أو نحو ذلك ؛ يعتبر إخراجا لها عن تركيبها وطبيعتها، وفي هذا جناية كبيرة على المرأة وقضاء على معنوياتها وتحطيم لشخصيتها، ويتعدى ذلك إلى أولاد الجيل من ذ كور وإناث؛ لأنهم يفقدون التربية والحنان والعطف، فالذي يقوم بهذا الدور هو الأم قد فصلت منه وعزلت تماما عن مملكتها التي لا يمكن أن تجد الراحة والاستقرار والطمأنينة إلا فيها وواقع المجتمعات التي تورطت في هذا أصدق شاهد على ما نقول.
والإسلام جعل لكل من الزوجين واجبات خاصة على كل واحد منهما أن يقوم بدوره ليكتمل بذلك بناء المجتمع في داخل البيت وفي خارجه .
فالرجل يقوم بالنفقة والاكتساب، والمرأة تقوم بتربية الأولاد والعطف والحنان والرضاعة والحضانة والأعمال التي تناسبها لتعليم الصغار وإدارة مدارسهن والتطبيب والتمريض لهن ونحو ذلك من الأعمال المختصة بالنساء. فترك واجبات البيت من قبل المرأة يعتبر ضياعا للبيت بمن فيه، ويترتب عليه تفكك الأسرة حسيا ومعنويا وعند ذلك يصبح المجتمع شكلا وصورة لا حقيقة ومعنى.
قال الله جل وعلا : (( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ )) (النساء : 34) .
فسنة الله في خلقه أن القوامة للرجل بفضله عليها كما د لت الآية الكريمة على ذلك، وأمر الله سبحانه للمرأة بقرارها في بيتها ونهيها عن التبرج معناه: النهي عن الاختلاط وهو: اجتماع الرجال بالنساء الأجنبيات في مكان واحد بحكم العمل أو البيع أو الشراء أو النزهة أو السفر أو نحو ذلك؛ لأن اقتحام المرأة في هذا الميدان يؤدي بها إلى الوقوع في المنهي عنه، وفي ذلك مخالفة لأمر الله وتضييع لحقوقه المطلوب شرعا من المسلمة أن تقوم بها.
والكتاب والسنة دلا على تحريم الاختلاط وتحريم جميع الوسائل المؤدية إليه قال الله جل وعلا: (( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا * وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا )) ( الأحزاب : 34,33) .
فأمر الله أمهات المؤمنين- وجميع المسلمات والمؤمنات داخلات في ذلك- بالقرار في البيوت لما في ذلك من صيانتهن وإبعادهن عن وسائل الفساد؛ لأن الخروج لغير(5/750)
حاجة قد يفضي إلى التبرج كما يفضي إلى شرور أخرى، ثم أمرهن بالأعمال الصالحة التي تنهاهن عن الفحشاء والمنكر وذلك بإقامتهن الصلاة وإيتائهن الزكاة وطاعتهن لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، ثم وجههن إلى ما يعود عليهن بالنفع في الدنيا والآخرة وذلك بأن يكن على اتصال دائم بالقرآن الكريم وبالسنة النبوية المطهرة اللذين فيهما ما يجلو صدأ القلوب ويطهرها من الأرجاس والأنجاس ويرشد إلى الحق والصواب، وقال الله تعالى: (( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا)) (الأحزاب :59) .
فأمر الله نبيه عليه الصلاة والسلام- وهو المبلغ عن ربه- أن يقول لأزواجه وبناته وعامة نساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن وذلك يتضمن ستر باقي أجسامهن بالجلابيب وذلك إذا أردن الخروج لحاجة مثلا لئلا تحصل لهن الأذية من مرضى القلوب. فإذا كان الأمر بهذه المثابة فما بالك بنزولها إلى ميدان الرجال واختلاطها معهم، وإبداء حاجتها إليهم بحكم الوظيفة، والتنازل عن كثير من أنوثتها لتنزل في مستواهم وذهاب كثير من حيائها ليحصل بذلك الانسجام بين الجنسين المختلفين معنى وصورة.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ,,,
الخطبة الثانية
الحمد لله حمداً كثيراً كما أمر، وأشكره وقد تأذن بالزيادة لمن شكر وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد :
أيها المسلمون : يقول الله جل وعلا : (( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ )) ( النور :31,30 ) .
يأمر الله نبيه عليه الصلاة والسلام أن يبلغ المؤمنين والمؤمنات أن يلتزموا بغض النظر وحفظ الفرج عن الزنا ثم أوضح سبحانه أن هذا الأمر أزكى لهم. ومعلوم أن حفظ الفرج من الفاحشة إنما يكون باجتناب وسائلها ولا شك أن إطلاق البصر واختلاط النساء بالرجال والرجال بالنساء في ميادين العمل وغيرها من أعظم وسائل وقوع الفاحشة، وهذان الأمران المطلوبان من المؤمن يستحيل تحققهما منه وهو يعمل مع المرأة الأجنبية كزميلة أو مشاركة في العمل له. فاقتحامها هذا الميدان معه واقتحامه الميدان معها لا شك أنه من الأمور التي يستحيل معها غض البصر وإحصان الفرج والحصول على زكاة النفس وطهارتها.
وهكذا أمر الله المؤمنات بغض البصر وحفظ الفرج وعدم إبداء الزينة إلا ما ظهر منها، وأمرهن الله بإسدال الخمار على الجيوب المتضمن ستر رأسها ووجهها؛ لأن الجيب محل الرأس والوجه، فكيف يحصل غض البصر وحفظ الفرج وعدم إبداء الزينة عند نزول المرأة ميدان الرجال واختلاطها معهم في الأعمال؟ والاختلاط كفيل بالوقوع في هذه المحاذير، كيف يحصل للمرأة المسلمة أن تغض بصرها وهي تسير(5/751)
مع الرجل الأجنبي جنبا إلى جنب بحجة أنها تشاركه في الأعمال أو تساويه في جميع ما تقوم به ؟
والإسلام حرم جميع الوسائل والذرائع الموصلة إلى الأمور المحرمة، وكذلك حرم الإسلام على النساء خضوعهن بالقول للرجال لكونه يفضي إلي الطمع فيهن كما في قوله عز وجل: (( يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ)) (الأحزاب :32) .
يعني مرض الشهوة . فكيف يمكن التحفظ من ذلك مع الاختلاط؟
ومن البدهي أنها إذا نزلت إلى ميدان الرجال لا بد أن تكلمهم وأن يكلموها، ولا بد أن ترقق لهم الكلام وأن يرققوا لها الكلام، والشيطان من وراء ذلك يزين ويحسن ويدعو إلى الفاحشة حتى يقعوا فريسة له، والله حكيم عليم حيث أمر المرأة بالحجاب، وما ذاك إلا لأن الناس فيهم البر والفاجر والطاهر والعاهر فالحجاب يمنع- بإذن الله- من الفتنة ويحجز دواعيها، وتحصل به طهارة قلوب الرجال والنساء، والبعد عن مظان التهمة قال الله عز وجل: (( وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ )) ( الأحزاب : 53) .
وخير حجاب المرأة بعد حجاب وجهها باللباس هو بيتها. وحرم عليها الإسلام مخالطة الرجال الأجانب؛ لئلا تعرض نفسها للفتنة بطريق مباشر أو غير مباشر، وأمرها بالقرار في البيت وعدم الخروج منه إلا لحاجة مباحة مع لزوم الأدب الشرعي، وقد سمى الله مكث المرأة في بيتها قرارا، وهذا المعنى من أسمى المعاني الرفيعة ففيه استقرار لنفسها وراحة لقلبها وانشراح لصدرها. فخروجها عن هذا القرار يفضي إلى اضطراب نفسها وقلق قلبها وضيق صدرها وتعريضها لما لا تحمد عقباه، ونهى الإسلام عن الخلوة بالمرأة الأجنبية على الإطلاق إلا مع ذي محرم وعن السفر إلا مع ذي محرم، سدا لذريعة الفساد وإغلاقا لباب الإثم وحسما لأسباب الشر، وحماية للنوعين من مكايد الشيطان، ولهذا صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء )) .
وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( اتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء ))
اللهم أصلح أحوال المسلمين ورد ضالهم إليك رداً جميلا .
هذا وصلوا وسلموا رحمكم الله على نبيكم كما أمركم الله بذلك ,,,
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* أصل الخطبة مقال لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله وتم تعديلها وإضافة بعض الأشياء اليسيرة لتناسب الخطبة .
ـــــــــــــــــــ
مذكرات مسلم .. عن الحملة الأمريكية
...
...
الاحد :21/04/2002
(الشبكة الإسلامية) بقلم / جمال سلطان(5/752)
الشبكة الإسلامية >> أفغانستان والإرهاب >> 11 سبتمبر .. تقويم جديد .. ومفاهيم ملتبسة
...
...
( 1 )
على الرغم من الحرص المتكررلقادة الدول الغربية المشاركة في التحالف ضد طالبان الأفغانية ، على نفي أي بعد ديني أو حضاري عن هذه الحرب , إلا أن الرسائل الإعلامية التي تعمد الإعلام الغربي بثها في أعقاب انسحاب قوات طالبان من كابول ومزار الشريف والمدن الأخرى كانت شائنة للغاية, ولا تعطي مصداقية لتصريحات قادة التحالف , وعززت من الانطباع السائد عن حضور البعد الديني أوالحضاري في هذه المواجهات فقد كان إعلان النصر لقوات التحالف يتمثل في بث صور بعض النساءالأفغانيات اللاتي رفعن الحجاب ولبسن الأزياء الأوربية التي تكشف الرأس والوجه وأجزاء من الصدر , مع حوارات صوتية تعلن السعادة والحبور بالتحرر والانعتاق من "أحكام القانون الإسلامي" على حد تعبير بعض المتحدثين .
والحجاب - كرمز إسلامي - أثار موجات من الجدل ، في الغرب ذاته في فرنسا وألمانيا وبريطانيا, لا يخفى على أحد, وكان العناد الغربي في رفض الحجاب على رؤوس الفتيات المسلمات مثار دهشة الكثيرين الذين اعتبروه عنصرية ونوعًا من التعصب الديني ، لا يليق بمجتمع غربي يتحدث عن الحريات العامة وحقوق الإنسان, فالحجاب في النهاية ليس قانون طالبان, ولا هو شعارها, وإنما هو شعار المرأة المسلمة الملتزمة بشعائر دينها في كل مكان, حتى في فرنسا وأمريكا ذاتها, فما معنى رسالة " النصر على الحجاب " التي بثها الإعلام الغربي بتكرار ممل ، وعلى مستويات متعددة من الصحف والمجلات وشاشات التليفزيون ؟
هل هذا مما يعزز فرضية غياب البعد الديني أو الحضاري عن المواجهات الدائرة هناك ، أم أنه - على العكس - يعزز مصداقية المشاعر المتدفقة في العالم الإسلامي ضد الأهداف المضمرة لهذه الحرب ؟
أيضًا الاحتفال المبالغ فيه ببعض الصبية الذين دخلوا إلى صالونات الحلاقة لكي يقوموا بحلق اللحى , واحتفال الإعلام الغربي المدهش بهذا المشهد رغم فجاجته , هل اللحية هي من شعائر طالبان أم من شعائر الإسلام ؟ وهل كل مسلم يلتحي في أمريكا أو مصر أو الخليج هو بالضرورة من "أتباع طالبان", فما هو ـ إذن ـ معنى هذه الرسالة الإعلامية التي تجعل أحد أبرز ثمرات النصر الغربي في أفغانستان "حلق اللحى" ؟
هل هذه رسالة تخدم إبعاد الظلال الدينية والحضارية عن هذا الصراع ؟
كذلك المشاهد المتكلفة التي بثها الإعلام الغربي في احتفالية مسفة عن الشباب الأفغاني في كابول الذي يشغل أشرطة الموسيقى المحلية والغربية , ويضع على صدره صورًا لممثلات أمريكا أو الهند وفنانيها , كذلك الاحتفالية الإعلامية التي قادها محللون غربيون عن إلغاء اسم الإذاعة الأفغانية وتبديلها, والحرص على ذكر(5/753)
أن قوات التحالف ألغت اسم "الشريعة الإسلامية" من الإذاعة, وجعلتها "إذاعة أفغانستان" بدلاً من "إذاعة الشريعة", ما معنى كل ذلك ؟ المؤسف أن هذه الرسائل الإعلامية تعيد إنتاج الرسائل الإعلامية التي كان الإعلام "الشيوعي" الروسي والأفغاني المحلي يبثها في عهد العملاء "بابراك كارميل , ونجيب الله" عن تحديث المجتمع الأفغاني , وكان مفهوم التحديث هو تحويل المجتمع الأفغاني المسلم عن دينه وعقيدته وقيمه وثوابته إلى الشيوعية والإباحية والإلحاد .
وقد سمعت بنفسي بالقاهرة منذ أسابيع بعض المتحدثين من كبار المفكرين اليساريين المصريين, وهو يفاخر بأنه سافر إلى أفغانستان أيام بابراك كارميل, ورأى بنفسه عمليات تحديث أفغانستان مثل إقامة دور للسينما وإنشاء مسارح ـ على حد تعبيره ـ وتأسف أن ثورة المجاهدين على الحكم (الشيوعي) عطلت مسيرة تحديث أفغانستان !
ويبدو أننا من جديد مضطرون إلى سماع نفس الاسطوانة المشروخة عن "تحديث" أفغانستان على يد "التحالف الغربي" هذه المرة, بحلق اللحى, وتعرية النساء, وتقديس رموز الفن الغربي , ومحو اسم الشريعة الإسلامية من قاموس الحياة الأفغاني.
( 2 )
أذكر القارئ بحادثة خطيرة وقعت في أفغانستان قبل الأحداث الأخيرة مباشرة , وهي ضبط مجموعة من المنصرات العاملات تحت ستار " مؤسسات خيرية " تقوم باستغلال بؤس اللاجئين الأفغان لتنصيرهم , واعترفت "الراهبات" بأن الكتب والنشرات التي ضبطت معهن تخصهن , ولكن قلن أنها للاستخدام الشخصي , وهو كلام يصعب تفسيره في ضوء وجود المطبوعات باللغات الأوردية والفارسية .
وفي واقعة المنصرات هذه درس أخلاقي قدمته طالبان , عندما رفضت الاحتفاظ بهن كرهائن, رغم الضغوط والحصار عليها, كما رفضت ـ بطريق أولى وأسهل ـ التخلص منهن بالقتل, وكان هذا لا يكلف الحركة أكثر من نصف دقيقة ومسدس واحد, وإنما قررت إطلاق سراحهن لأنها عاجزة عن "حمايتهن" والتنقل بهن , كما أن توإلى الأحداث جعل فكرة تقديمهن للمحاكمة غير واقعية, وقد أثنت هؤلاء المفرج عنهن على حركة طالبان وأخلاقهم في التعامل معهن .
والمثير للدهشة أن الولايات المتحدة وآلتها الإعلامية رفضت الاعتراف بهذا الموقف الأخلاقي من خصومها ، وادعت أنها هي التي حررتهن, وهي سخافة لا تليق بأصحاب العقول .
من جانب آخر -ولمن لا يتخيل عنف وضراوة الصراع حول "مناطق الفراغ" العقائدي في عالم اليوم -أذكر القارئ بأن بعض "الرهبان والراهبات" يقومون بأعمال "وحشية"إذا اقتضى الأمر ؛ ليمهدوا الطريق أمام "حركة التنصير".
وقد أدانت إحدى المحاكم البلجيكية مؤخرًا ـ البلجيكية وليست محاكم طالبان ـ راهبتين في رواندا تعملان مع "منظمة خيرية مسيحية" ثبت قيامهما بما أسمته المحكمة "أعمال إبادة جماعية", وقضت بسجنهما .
أنقل كذلك ما نقلته الصحف عن وزير الأمن الروسي نيكولاي باتروشيف ورئيس المحكمة الدستورية الروسية مارات باجلاي ومسؤولين آخرين خلال أحد(5/754)
الاجتماعات الأمنية الموسعة في موسكو ، من إعرابهم عن القلق إزاء تزايد عدد المنظمات والجمعيات الخيرية الإسلامية في روسيا, وقال بيان صدر عن الاجتماع أن تلك الجمعيات التي توفر خدماتها لنحو 20 مليون مسلم ، تعمل على نشر مبادئ الدين الإسلامي في روسيا بما يمثل "خطرًا" على القومية الروسية ـ حسب نص البيان ـ وألمح البيان إلى أنه سيكون هناك اتجاه للحد من نشاط المؤسسات الإسلامية التعليمية في روسيا ، إلى جانب تضييق الخناق على أنشطة الجمعيات الخيرية المتهمة بمساندة ما يوصف بالإرهاب ،بدعوى أنها تمثل خطرًا على النظام الاجتماعي والأمني الروسي .
( 3)
كطبيعة أمريكية راسخة, حيث تمتزج الحياة العادية بالحياة الهوليودية, وحيث تعبر المناظر "السينمائية" عن هوس أمريكي يحول كل شيء إلى "مشهد سينمائي", حرصت آلة الإعلام الأمريكي على نقل وقائع استقبال الرئيس "بوش" لعدد من أطفال المسلمين في أمريكا في البيت الأبيض ، لكي يقدم لهم "كعك العيد", وفي الوقت نفسه تحديدًا, كان السيد بوش يصدر أوامره بمصادرة وإغلاق العديد من الجمعيات الخيرية الأمريكية التي ترعى أطفال المسلمين في البوسنة ،والشيشان وأفغانستان, والعراق, وفلسطين, والصومال, ودون أن يكلف أحد خاطره بتقديم أي دليل مهما كان تافهًا عن "الجريمة" التي ارتكبتها هذه الجمعيات الناشطة منذ سنوات طويلة , والتي جعلت الإدارة الأمريكية تكتشف فجأة أنها خلايا إرهابية خطيرة , لقد بدا الأمر كما لو كان حرب تجويع موازية تفرض على أطفال المسلمين , والمفارقة المحزنة أن الأطفال البائسين والجائعين والعرايا في الصومال, والعراق وأفغانستان, والبوسنة, هم في الحقيقة الأحوج إلى "العطف الإنساني" وليس أطفال أمريكا المسلمين "المستورين" على كل حال!! كما أن هؤلاء في مسيس الحاجة إلى كسرة الخبز وزجاجة الدواء , وليس إلى "كعك العيد", ولكن الهوس "السينمائي" الأمريكي ليس بوسعه إدراك ذلك , كما لم يكن بوسعه إدراك أن أطفال ونساء أفغانستان هم الأحوج إلى الرعاية الطبية من حيوانات حديقة حيوان كابل التي ذرفوا الدموع من أجلها.
( 4 )
كان التساؤل مؤلمًا جدًا على نفسي , عندما قال مسؤول إحدى المؤسسات الخيرية الإسلامية في الخليج : هل سنحتاج إلى إذن من الولايات المتحدة بعد ذلك لكي نؤدي فريضة الزكاة ؟! , التساؤل المؤلم لخص لنا حجم القلق والاندهاش ، الذي أصاب القطاعات الإسلامية الناشطة في مجال العمل الخيري, من جراء الهوس المبالغ فيه جدًا تجاه النشاط الخيري الإسلامي , وهو هوس يجعلنا نطرح أكثر من سؤال عن عملية "استثمار" الفزع العالمي من أحداث الثلاثاء الأمريكي الأسود ، والتعاطف مع الأوجاع الأمريكية, من أجل تصفية حسابات قديمة مع المنظمات الخيرية الإسلامية, التي وقفت حائط صد أمام حملات التنصير واسعة النطاق التي شهدها العالم ، على مدار ربع القرن الأخير كله, ويكفي أن أذكر القارئ بأن مؤسسات التنصير الدولية كانت قد أعلنت سابقًا أن عام "2000" سيكون عام إعلان قارة إفريقيا كقارة مسيحية(5/755)
, ثم مر الموعد المزعوم بفشل كبير , بفضل الجهود الرائعة التي قامت بها شخصيات ومؤسسات خيرية خليجية تحديدًا في قارة إفريقيا, حالت بين الابتزاز الغربي , وعمليات شراء الضمير العقائدي للفقراء والجوعى والبائسين في أدغال إفريقيا وأحراشها , من خلال منظومة ضخمة من المدارس والمستشفيات والمشروعات الحرفية الصغيرة , فضلاً عن العون الغذائي والمادي المباشر .
عمليات التربص بالمؤسسات الخيرية الإسلامية لتصفية الحساب معها بدأت منذ عدة سنوات , وكانت ساحتها الرئيسة في ذلك الوقت هي منطقة البلقان , حيث شنت حملة مطاردة واسعة على الجمعيات الخيرية الإسلامية في ألبانيا والبوسنة وكوسوفو, بالتعاون بين مرتزقة في أجهزة أمن محلية, وأجهزة مخابرات غربية ومؤسسات تنصيرية غربية , في محاولة ضارية لتفريغ (الجيب الإسلامي) في أوربا من نشاط المؤسسات الخيرية العربية للانفراد بالأجيال الجديدة هناك .
وقد تم بالفعل تنصير عشرات الآلاف من المسلمين في ألبانيا تحديدًا , أكرر: عشرات الآلاف , الأمر الذي ينذر بتحويل ألبانيا إلى دولة نصرانية بحلول العقد الثاني من القرن الجديد , لكي نشهد "أندلسًا" جديدة في صورة عصرية, الصورة الخطيرة عبر عنها من جانبه الأمين العام للمجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة السيد "كامل الشريف" عندما قال : إن المنظمات الغربية تري في المنظمات الإسلامية منافسًا قويًا يحول بينها وبين تحقيق أهدافها التنصيرية في مناطق المجاعات , إذ إن أغلب هذه المناطق تضم مسلمين, ومن ثم فتحت ستار العمل الإنساني تقوم بعض هذه المنظمات بممارسة التبشير بين المسلمين الجوعى والمرضى, إلا أن وجودالمنظمة الإسلامية التي توفر هذه الخدمات يقطع الطريق أمام حملات التنصير التي تخوضها المنظمات الغربية التبشيرية, وهو ما يكشف بوضوح أسباب الحملة الضارية التي تشن على منظمات الإغاثة الإسلامية , ولأول مرة ـ الكلام ما يزال لكامل الشريف ـ تجد المنظمات التبشيرية الغربية التي تتستر وراء تقديم المعونات والخدمات الإنسانية منظمات إغاثية إسلامية تماثلها أو تتفوق عليها في الإمكانيات والكفاءة الإدارية وتتميز بسرعة الحركة والتواجد في أماكن الأزمات , وهو أمر يعرقل خططها التي تقوم علي مساومة المسلمين علي دينهم ودفعهم إلى تغيير عقيدتهم إلى النصرانية في مقابل توفير الغذاء والدواء والكساء وفرص العمل .
( 5 )
مع مطلع شهر ديسمبر الماضي تسربت تقارير صحفية من دوائر غربية عديدة توضح أن "الدين الإسلامي" أصبح في بؤرة اهتمام الأجهزة السياسية والمخابراتية في كثير من الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية , التقارير التي تسربت تفيد معنىً مشتركًا في الخطط الغربية الجديدة , وهي أن التصادم مع الحالة الإسلامية وضح أنه غير مجد , بل قد يعمق من مشاعر العداء مع الغرب ، ويكسب (المتشددين) زخمًا شعبيًا أكثر , وبالتالي كانت الرؤية الجديدة تنحو باتجاه (احتواء) الحالة الإسلامية , وهذا الاحتواء أتى على لسان مسؤولة كبيرة في الخارجية الأمريكية هي بولا دوبريانسكي, وكيل وزارة الخارجية الأمريكية للشؤون الدولية ,(5/756)
وحاصل الاقتراح هو العمل على احتواء الحالة الدينية في العالم الإسلامي عن طريق الدعم المالي لمن يتعاطفون مع الرؤى الغربية (الحضارية) , والتقرير تحدث بوضوح وصراحة شديدة عن "دفع أموال" إلى بعض العلماء أو الشخصيات الدينية التي تروج للقيم العصرية , والتسامح , والحوار الثقافي , ونحو ذلك في المحيط الإسلامي , وقد أكدعلى كلام دوبريانسكي مسؤول كبير آخر في الخارجية الأمريكية , مضيفًا أن الخطة تهدف إلى جذب المزيد من رجال الدين إلى برامج "التبادل الثقافي والأكاديمي " التي تمولها الولايات المتحدة ... التقرير الذي بثته وكالة رويتر جاء مثيرًا في صراحته , لأنها المرة الأولى ـ في حدود علمي ـ الذي تتحدث فيه دوائر غربية مسؤولة عن دفع "رشوة" لرجال دين ومفكرين مسلمين من أجل الترويج للقيم التي يوافق عليها الغرب وتخدم مصالحه, نعم ... هناك حالات قائمة لشخصيات دينية عربية مسلمة في الولايات المتحدة تتقاضى رواتب من الإدارة الأمريكية لتقديم ما يسمى "خدمات" ثقافية ودينية لمؤسسات أمريكية حساسة , مثل وزارة الدفاع , ولكن هذه هي المرة الأولى الذي تطرح فيه صراحة البحث في وضع آليات منتظمة ومؤسسية لرشوة رجال الدين والمفكرين المسلمين من أجل الترويج للقيم(العصرية) الغربية , هذا التقرير المثير أتى متوافقًا مع تقرير آخر نشرته إحدى الصحف العربية المهاجرة في مطلع الشهر نفسه لمراسلها في باكستان (الحياة 3 / 12), يقول : إن البنك الدولي والولايات المتحدة الأمريكية ترتب مع الحكومة الباكستانية لإنشاء سلسلة من المدارس الدينية العصرية في باكستان تكون بديلة للمعاهد الدينية التقليدية المستقلة التي تخرج رجال دين "علماء" ينحون باتجاه ما تراه المؤسسات الغربية لونًا من التشدد الديني غير المرغوب فيه , مدارس الدين العصرية الجديدة ستحاول ـ حسب الرؤية الأمريكية ـ تخريج رجال دين يقبلون بالقيم الغربية الحضارية ويروجون لها في المجتمع الإسلامي .
( 6 )
في الوقت نفسه نشرت بعض الصحف نصوص رسائل موجزة أرسلتها الإدارة الأمريكية إلى شخصيات عربية دينية ، فحواها الشكر والامتنان من الإدارة على ما تقدمه هذه الشخصيات من عون في "مكافحة التشدد الديني", مثل هذه التطورات المثيرة تدعوناإلى إعادة النظر في بعض النشاطات التي تبدو(بريئة) رغم إمكانية احتوائها على مخاطر فادحة على الوعي والفكر الإسلامي وعلى مستقبل الأجيال المسلمة, وخاصة النشاطات التي عرفتها بعض العواصم الغربية كحوارات من أجل التسامح الديني , والتعاون الحضاري , والحوار الثقافي, ونحو ذلك, وهي لقاءات ومنتديات لا يعرف أحد على وجه الدقة من أين يأتي تمويلها , وتتركز الآن على شخصيات دينية أو ذات اهتمامات بالشأن الديني مباشرة .
وجدير بالذكر أن هذا الأسلوب الخطير في اختراق النشاطات الإنسانية ليس جديدًا في ساحات الصراع المفتوحة, وإنما جرت تجربته بنجاح في فترات الخمسينيات والستينيات في الدوائر الثقافية والأدبية, أثناء الحرب الباردة والصراع مع القوى اليسارية الناشطة أدبيًا وثقافيًا في ذلك الوقت , وقد كشفت الأيام والاعترافات كيف أن المخابرات الأمريكية كانت تمول نشاطات بعض الشخصيات والجمعيات الأدبية(5/757)
الداعية إلى الحوار والحداثة , وبعض المجلات الأدبية مثل مجلة " حوار " التي اندثرت بعد الفضيحة, وكذلك مجلة "شعر" وكيف كان يتم تمويل مؤتمرات ولجان (حوار ثقافي) في العاصمة الإيطالية روما وغيرها , دون أن يدري كثير من "الطيبين" ما يتم ترتيبه وتوجيهه من خلال هذه النشاطات .
واللافت للنظر أن هذه الجهود الجديدة تتم في الوقت الذي تتعرض فيه المؤسسات الإسلامية المستقلة الخيرية والدعوية لحرب ضروس بهدف إرهابها ، وإرباك مجهوداتها -إن لم يكن إغلاقها بالكامل - دون أن تفكر أية جهة في إدارة حوار مع هذه المؤسسات والجمعيات , على الأقل قبل استخدام العصا الغليظة الباطشة ضدها , قمع هنا .. وحوار هناك , ولا يدري أحد فيم كان القمع ، ولا فيم كان الحوار !
( 7 )
كان صديقي هذا معارضًا , يجتهد في مناقشاتي القديمة معه في أن يثبت أن الضغوط التي يتعرض لها المعارضون هي بتوجيهات خفية من الولايات المتحدة الأمريكية , وأن أوامر الاعتقال هي في الحقيقة طلبات من وكالة الاستخبارات الأمريكية .
وكان يستغرق الساعات في محاولات إثبات وجهة نظره التي يتحدث عنها كأمر خطير لا يعرفه إلا الراسخون في العلم , العالمون ببواطن الأمور , والعالم السري للعلاقات بين الأجهزة الأمنية في العالم, وقد نشر كتابًا في هذا الاكتشاف ما يزال يدافع عنه حتى اليوم .
تذكرت ذلك الصديق هذه الأيام وأنا أتابع ـ كغيري من المراقبين المذهولين ـ تحولات الأحداث في عالم اليوم , وأشفقت على صاحبي والساعات الطويلة التي كان يقضيها في البحث والتقصى والاستدلال المعمق والمضني ،ورأيت أن الأحداث قد أحرقت كل جهده القديم, إذ أن الأمور الآن أصبحت أبسط كثيرًا من أن يستدل عليها باحث أو يغوص في أسرارها متأمل, الآن أوامر الاعتقال تصدر علانية من واشنطن ليتم تنفيذها في العاصمة المطلوب منها تنفيذ الأمر , هكذا بدون لف أو دوران , بل أصبح الحديث عن "العمالة" للمخابرات الأمريكية على سبيل المثال, أشبه بالحديث عن وظيفة مرموقة في السلك الدبلوماسي , وأصبح من المعتاد على آذان المستمعين والمشاهدين لأجهزة البث الفضائي مطالعة الخبر عن جلسات للتنسيق بين قوى سياسية في العالم الإسلامي تحت إشراف CIA كما أن تلقي منظمات وجمعيات عربية للأموال من أجهزة المخابرات الأجنبية يبدو الآن حدثًا لا يشد الأذهان , ولم يعد يلفت الانتباه إلا إذا ظهرت الاتهامات "الفنية" مثل الطعن بعدم وجود " دورة مستندية " للوارد والمنصرف ، من قبل المنظمات التي تتلقى "الهبة" !!
( 8 )
لم يعد ـ فقط ـ هؤلاء الأفغان البائسون هم الذين يذرعون شعاب أفغانستان وجبالها بحثًا عن ابن لادن , حيًا أو ميتًا, لكي ينالوا الجائزة الدولارية التي رصدتها الولايات المتحدة , وإنما أصبح أصحاب أقلام عرب ومسلمون في العواصم العربية , وفي لندن وغيرها يذرعون الصحف وأجهزة الإعلام صخبًا في سب وهجاء ابن لادن والملا عمر , سعيًا وراء نيل الجائزة الدولارية التي رصدتها المخابرات الأمريكية "ثلاثون مليون دولار " لإنجاز حملتها الإعلامية على تنظيم القاعدة وحركة طالبان(5/758)
, وأصبحت تقرأ لبعض الكتاب والباحثين (المرموقين) في صحف ومراكز أبحاث عربية محلية وهم يكتبون أعمدة متكررة مترعة بسخافات وبذاءات لا تليق بكاتب سوقي مبتدئ , بغض النظر عن شخص من يوجه إليه الهجاء فتلك قضية أخرى ، إلا أن الشاهد هو هذا التدني والإسفاف في الكتابة والذي تحول إلى "فضيحة" للكتاب العرب الذين يتبارون في السباق المهين خلف الجائزة الدولارية , أو قطعة من "كعكة" هجاء ابن لادن, وتحولت صحف "كبيرة" إلى مجرد "فضاء" للإعلام الأمريكي , لدرجة يصعب معك أن تفرق بين هذه الصحيفة العربية أو تلك , وبين النشرات التي يصدرها البنتاجون , أو البيانات التي يوزعها السيد "رامسفيلد", وكان مثيرًا للدهشة أن بعض هذه الصحف "العربية" أخلت حتى صفحتها الأولى الرئيسية لتقارير وأخبار مكتوبة مباشرة بأقلام أمريكية صريحة , لم تجد الصحيفة حرجا من تكرار أسمائهم الغريبة مرات عدة في صفحة واحدة ويوم واحد !
وكان أصدقاء من المحامين والمثقفين المصريين قد شكوا لي ـ في حوارات شخصية ـ من أن إحدى الصحف العربية الكبرى التي تصدر من لندن عندما أجرت استطلاعًا حول شريط ابن لادن الذي بثته الولايات المتحدة كدليل على إدانته, أخذت الآراء التي قالت بأن الشريط صحيح وغير مزور , وامتنعت عن نشر الآراء التي رأت أن الشريط مزور , وكان هؤلاء المثقفون في أسف وضيق مما حدث , وتساءلوا ببراءة :
لماذا تفعل الصحيفة ذلك , ولحساب من ؟.
ـــــــــــــــــــ
ضوابط الحجاب الشرعي
الحجاب الشرعي هو أن تستر المرأة ما يجب عليها ستره من الوجه والكفين، ومواضع الزينة من بدنها، كموضع الكحل والخضاب والسوار والقلادة وغير ذلك مما يستلزم النظر إليه رؤية موضعه من بدن المرأة. فستر هذا كله وإخفاؤه داخل في مفهوم الحجاب الشرعي، إلا لمن استثناهم الله تعالى كما تقدم.
وليس الحجاب ستر الجسم وإظهار الوجه والكفين، كما قد تفهمه بعض النساء تأثراً بدعاة السفور أو تعلقاً بفتوى مجانبة للصواب، وقد ظهر على غلاف بعض الكتب المتعلقة بالحجاب أو بالمرأة عموماً صورة امرأة سترت جسمها عدا الوجه والكفين، مما يوحي بأن هذا هو الحجاب، ولا ريب أن هذا فهم خاطئ يبين وجهه في السطور التالية إن شاء الله [1]
وإذا كان الحجاب يطلق على ستر الوجه واليدين ومواضع الزينة، فهو يطلق – أيضاً- على حجاب المرأة في البيوت بحيث لا يرى منها شيء لا شخصها، ولا لباسها، ولا زينتها، وعلى هذا قوله تعالى: (( إِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ)) (الأحزاب: 53) .
ويستثنى من ذلك خروج المرأة من بيتها لحاجة، كما قال النبي e: ((إنه قد أذن لكن أن تخرجن لحاجتكن)) [2].(5/759)
ويؤكد هذا المعنى نصوص من الكتاب والسنة، تحث المرأة على بقائها في بيتها. وعدم الخروج منه إلا لحاجة، حتى في الصلاة حبّب إليها أن تصلي في بيتها[3]، وإذا خرجت لحاجة فهناك شروط وضوابط لابد أن تتقيد بها، وأهمها:
* أن تتقيد بالحجاب الشرعي.
* وألا تتطيب.
* وأن تغض بصرها.
* وأن يكون خروجها وكلامها بقدر الحاجة.
* وأن يكون طريقها آمناً.
* وألا تركب مع سائق أجنبي.
فإذا اختل شرط منها وخرجت فهي آثمة. وقد دلت النصوص على اعتبار هذه الشروط.
ولتعلم المرأة المسلمة أن الحجاب عبادة وطاعةلله تعالى ولرسوله e تثاب عليه كما تثاب على امتثال أحكام الشرع، لأن الله تعالى أمر به فقال تعالى: ((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً )) (الأحزاب: 59) .
وكما أنه عبادة فهو وقاية وحماية للمرأة المسلمة، وللمجتمع بأسره؛ لأن الحجاب يساعد على غض البصر الذي أمر الله تعالى به في قوله: ((قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ)) ( النور: 30) .
ويساعد على حفظ المجتمع من أسباب الفساد؛ لأنه يقطع أطماع الفساق أصحاب النظرات الجائعة، ويساعد على ستر العورات التي توقظ المشاعر، وتثير كوامن الشهوة، وهذا على عكس المرأة السافرة المتكشفة [4].
[1] انظر معاني الحجاب في (المرأة المسلمة) وهبي سليمان غاوجي، ص193 دار القلم – دمشق.
[2] أخرجه البخاري (1/249) (9/337).
[3] راجع: عون المعبود (2/274، 277). وانظر كتابنا (أحكام حضور المساجد) الفصل الرابع.
[4] المرأة المسلمة ص177.
ـــــــــــــــــــ
الفتيات المسلمات يواجهن التحديات
...
...
السبت :16/03/2002
(الشبكة الإسلامية)
الشبكة الإسلامية >> المركز الإعلامي >> للشباب فقط >> قضايا شبابية
...
...
المرأة المسلمة تواجه تحديات جمة(5/760)
كانت هموم وواقع النساء المسلمات في أنحاء العالم ، موضوع حوارات وتقارير ودراسات قدمتها وفود نسائية شابة من 45 دولة شاركت في الملتقى العالمي للفتيات المسلمات وتراوحت أعمار المشاركات الزائرات بين 16 و 20 عامًا .
ودارت المناقشات والتصورات حول كيفية التعايش مع مستجدات عصر العولمة ، وأساليب تقديم الإسلام للعالم بصورته الحضارية الحقيقية ، وطرق الرد على الافتراءات التي تشوّه سمعته ، سواء أكان ذلك من الحاقدين من غير المسلمين ، أم من المسلمين الذين يسيؤون بجهالتهم إلى دينهم العظيم .
وناقشت الحاضرات عدم وجود خطط مدروسة لمساعدة المسلمات في الخارج ، وهو ما يجعلهن يشعرن بأنهن يواجهن الضغوط والإغراءات وحدهن .
المسلمة الأندلسية :
عائدة روميرو ، من أسبانيا ، فتاة في العشرين من العمر تتحدث اللغة العربية الفصحى بطلاقة ، تعلمتها كما تعلمها أبواها اللذان أشهرا إسلامهما أيضًا ، وسافرت العائلة إلى مكة المكرمة لتتعلم الدين الإسلامي ، وأقاموا فيها مدة تسع سنوات ، وهناك أصبح والدها أستاذًا في الشريعة الإسلامية وصارت والدتها أستاذة في القراءة والتلاوة والتفسير ، وتقول : " الدين الإسلامي انتشر في نفوس أهل الأندلس بيسر وسهولة ، اعتنقوه وعرفوا عاداته وتقاليده التي مازلت باقية حتى الآن ، لكنه يجد أيضًا العوائق والأضرار الناتجة عن مؤامرات محاكم التفتيش ، التي حاولت بكل إمكاناتها تشويه صورة المسلمين ، فحولوا المساجد إلى كنائس ، ودمروا الثقافة الإسلامية ، وطردوا المسلمين ، وقالت : إن مشكلة الفتاة في البلدان الغربية أنها تتعلم دينها وسلوكها الإسلامي في منزلها بين عائلتها ، وفي بعض الحالات بين مجموعات صغيرة ومحدودة من المسلمين ، في المساجد والجمعيات المنتشرة في المدن الكبيرة .
والفتاة عندما تنتظم في دراستها مع رفقائها في المدارس الغربية النصرانية أو العلمانية ، تجد نفسها بين أمرين أولهما دينها وسلوكها الإسلامي ، الذي عليها أن تحميه وتتمسك به ، وثانيهما رفقاؤها في المجتمع الغربي المغري بالفساد والشبهات .
وأكدت ضرورة بناء مدارس ومعاهد إسلامية في البلدان الأوروبية والغربية ، على أن تكون معترفًا بها من الجهات الرسمية الحكومية ، وأعتقد أنه على الجمعيات والمنظمات الإسلامية في الأقليات المسلمة أن تتمسك ببعضها بعضًا ، وتعمل على كلمة واحدة ، حتى لا تشعر الفتاة المسلمة بالوحدة والغربة في المجتمع الغربي ، وحتى توقن أن دينها شرف كبير وتاج على رأسها .
وتضيف عائدة : أن المجتمع الغربي مهما بلغ من العلم والتقنية إلا أنه ملوث في جميع مجالاته ، وأشارت إلى إسهامات إسلامية في دعم المسلمين في أوروبا .
وتضيف قائلة : إن أسبانيا ، التي ظلّت دولة إسلامية مدة ثمانية قرون لا تعطي الآن أي اهتمام للغة العربية ، وكذلك للإسلام الذي لا يعرف أحد عنه شيئًا ، فيحاولون تشويهه بشتى السبل ، ويصورون المرأة المسلمة على أنها متخلّفة وجاهلة .(5/761)
وذكرت أن الحكومات الغربية تفرض قيودًا وقرارات ، مثل الزواج ، وتعدّد الزوجات لا يقبلونه ، فالمرأة الثانية تعتبر كالعشيقة ولا يسمحون للرجل المسلم بأن يتزوج للمرة الثانية.
مدونة الأحوال الشخصية :
وتشير "مريم خنيجر " من المغرب ، إلى أن بلادها مقبلة على تطبيق مشروع الخطة الوطنية لدمج المرأة في التنمية ، خلال السنوات الأربع المقبلة ، وتعتبر أن هذا المشروع يلفظ آخر سمومه للقضاء على آخر حصن من حصون الإسلام المنيعة، وهي " مدونة الأحوال الشخصية ".
صوّر هذا المشروع الظروف ، التي تعيشها الفتاة المغربية المبنية على أُصول من الشريعة الإسلامية في صورة الانحطاط والتخلّف والظلم، وتؤكد مريم أن هذا المشروع ليس وطنيًا كما ادعى واضعوه ؛ لأنه عالج موضوع الأُسرة من منطلق أيديولوجي ضيق، وفي غياب العديد من الهيئات الوطنية ، فلم تتم استشارة العلماء ، أو حتى استقراء آراء المواطنين ، وجعل الطلاق في يد القاضي.
وقالت : إذا كان الطلاق من الحرية الشخصية التي يجب أن تقيد بسبب آثاره السلبية على المجتمع ، أفلا ينطبق الأمر بالأولى على الخمر ، والتي لها آثار مدمرة ، ليس على الأسرة فحسب ، ولكن على المجتمع برمته ؟ أليس الخمر من أسباب العنف ضد النساء .
وذكرت أن الأفكار التي ابتدعها المشروع تقسيم الملكية مناصفة بين الزوجين المنفصلين بالطلاق ، كما حدد سن الزواج بالنسبة إلى الفتاة ابتداءً من الثامنة عشرة ، واعتبرت ذلك نوعًا من القهر النفسي والاجتماعي ، والغريب في الأمر أنه في الوقت الذي ينادي المشروع بذلك ، نجده يشجع على العلاقات غير الشرعية بين المراهقين والمراهقات ، ونشر ثقافة الجنس في المدارس ، والدعوة إلى استعمال العازل الطبي ، حيث وصل الحال إلى توزيعه مجانًا في الأكشاك ، أليست هذه دعوة صريحة للجنس المحرم ، الذي اعتبره القرآن الكريم فاحشة ومقتًا ؟ ألا يعتبر 360 حالة أم عازبة تضع حملها في مستشفى " ابن رشد " في الدار البيضاء خلال سنة واحدة وفي مدينة واحدة مؤشرًا خطيرًا ، وكارثة وطنية؟.
قلب أفريقيا :
وتؤكد " فاطمة الزهراء " من جمهورية تشاد التي يشكل فيها المسلمون 85 في المئة من عدد السكان ، أن اللغة العربية هي اللغة المتداولة في تشاد ، رغم أن الاستعمار الفرنسي فرض اللغة الفرنسية ، إلا أن اللغة العربية لها قوتها وسيطرتها ، حتى أصبح في الدستور ، العربية والفرنسية لغتين رسميتين للدولة ، وذكرت أن تشاد موجودة في قلب القارة الأفريقية ، وليس لها منفذ بحري ، إلا أن الإسلام دخلها منذ زمن الهجرات ، وكانت لها ممالك إسلامية مثل " مملكة كانم ، وبرنو ، وودّاي ، وباقري " وكانت اللغة المتعامل بها العربية ودستورها الإسلام ، وعندما دخل الاستعمار عام 1900م أزال الممالك وفرض اللغة الفرنسية .
وأشارت إلى عدم تأثر البلاد بحركة التبشير باستثناء الجنوب ، حيث قامت حركات التبشير بإمداد السكان بالمعونات المادية وبناء المستشفيات والمراكز الصحية ،(5/762)
وقالت : إن للفتاة المسلمة في تشاد ميزة خاصة ، وهي أنها محتشمة وملتزمة بالأخلاق الحسنة ؛ لأن نشأتها في أُسرة إسلامية وأول نواة تعليمها هي " الخلوة " وفيها تتعلّم تلاوة القرآن الكريم والعلوم الدينية ، ثم تلتحق بالمدرسة الابتدائية ، وتكمل تعليمها .
وذكرت أن الفتاة التشادية كانت تسافر للدراسة في السودان وليبيا ونيجيريا وسوريا والجزائر ، كما أن لها دورًا في المجال الاقتصادي .
فقر وجهل :
وتؤكد " مناية أبو بكر " من غانا ، أن المرأة تعاني الفقر والجهل ، وهي في عمر الثلاثين تكون قد تزوجت ثلاث مرات ، وبشكل عام فإنها تسير وراء الصرعات الغربية ، وكل ما يصدره لنا الغرب من نمط حياة وسلوك ، والمرأة ا لمسلمة لا يوجد لها أي احترام ، والسبب في ذلك هو الجهل.
وتقول "كلثم كراسيروفا " من روسيا : نحن أقلية مسلمة ، وبالاجتهاد سوف ينتشر الإسلام ، لقد انتشر الفساد وتعاطي المخدرات بين الشباب من جميع الأعمار ، نحن نخشى على مستقبلنا ؛ لأنه لا يوجد من يلتزم بالدين ، أنا أدرس في المعهد الإسلامي في جمهورية "كازان " وهناك مكان واحد فقط في روسيا لتعليم الفتيات المسلمات ، ولابد أن نهتم بالعلم ، كما أوصت أول آية نزلت في القرآن الكريم : (اقرأ باسم ربك الذي خلق) .
وتضيف " نورا زكاي " من ألبانيا : إننا دولة يشكل فيها المسلمون 87 في المئة من السكان ، ويحتاجون دعم إخوانهم المسلمين ،منذ ثلاث سنوات بعد انتهاء الحرب في كوسوفا لم يزرنا أي وفد مسلم .
السفور بأمر الدولة :
وتقول " خالدة الرميثاء " من تركيا : لا يمكن أن أدخل من ساحة المدرسة وأنا أرتدي الحجاب ، كما أن المسلمات ممنوعات من ارتدائه على كل المستويات وفي المدارس والجامعات والدوائر الحكومية ، فمنذ عامين طردت أكثر من ألف امرأة من وظائفهن الرسمية بسبب قرار الحكومة منع الحجاب ، وأُجبرت أمي على ترك عملها في المدرسة ، وكذلك زوجة عمي ، وهي مهندسة نووية ، وبهذا فإن المسلمات في تركيا ، وخاصة المحجبات لن ينلن حقوقهن في التعليم والعمل .
شهادات :
وتتساءل " أمل البوعينين " من قطر عما تبقّى من الحضارة المدعاة في العالم في هذا القرن ، وتقول إن سحق الإنسان وإثقال كاهله بالمزيد من متاعب الحياة ربما يحظى باهتمام أكبر ، وتقول : إن نصيب المرأة قد يكون أوفر في تحمّل الأعباء خارج بيتها وداخله ، فهي اليوم باسم التطور السياسي تظهر كعبء على المجتمعات المتحررة في أوروبا ، فالفتاة المسلمة بغض النظر عن أنها عربية أو أوروبية تشغل بال أصحاب السياسة ، فمثلاً في الدنمارك الفتاة المسلمة " إسلام أمين " من عائلة تركية مسلمة أرسلتها المدرسة الثانوية للتدريب العلمي في فرع من فروع مركز تجاري شهير في كوبنهاغن ، فرفضتها إدارة المركز بحجة ارتداء الحجاب ، فما كان منها إلا أن قدمت شكوى لوزارة العمل الدنماركية ، التي أرسلت بدورها تحذيرًا(5/763)
لذلك المركز والمتاجر الأخرى بعدم التعرض لمسألة الحجاب ، ولم يلتزم ذلك المركز بهذا الأمر ، فلم تقف عن الدفاع عن حجابها قبل الدفاع عن تعليمها ، وقامت برفع دعوة قضائية أمام المحاكم وانتصرت فيها .
وتضيف قائلة : إن من نماذج التحدي الفاضح ، الذي تتعرض له المرأة المسلمة ، تلك البيانات التي صدرت عن مؤتمر السكان والتنمية في القاهرة ، والذي حطّ من شأن المرأة ، والتكوين الأُسري السليم الذي نادى به الإسلام ، فقد دعا إلى حرية الجنس للجميع دون أي التزام قانوني أو أخلاقي .
ــــــــــــــ
المصدر: زهرة الخليج
-ـــــــــــــــــــ
مصر للطيران تفصل موظفة بسبب ارتداء الحجاب
...
...
الاحد :10/02/2002
(الشبكة الإسلامية) مراسل القاهرة
الشبكة الإسلامية >> المركز الإعلامي >> ثقافة و فكر
...
...
فصلت شركة مصر للطيران نرين سالم ملكة جمال مصر لعام 1989بسبب ارتدائها الحجاب .
وكانت نرين قد رفضت المشاركة في مسابقة ملكات الجمال بسبب شرط ارتداء المايوه . وبعد تخرجها من كلية السياحة والفنادق تعلمت الطيران في أمريكا والتحقت بشركة شروق للطيران وهي شركة مساهمة تملكها مصرللطيران وشركة كويتية وأظهرت نرين كفاءة نادرة في عملها ، لكنها ارتدت الحجاب بعد قراءات دينية عديدة .
ومع أول رحلة لها بعد ارتداء الحجاب طالبها المسؤولون بالشركة بخلع الحجاب ، وأنذروها بالفصل ، لكنها تمسكت بحجابها فقامت الشركة بفصلها وطالبتها بدفع تعويض قدره 45ألف دولار لمخالفتها العقد مع الشركة 0
حصلت نرين علي الفتوي رقم 1175 من مفتي مصر الدكتور نصر فريد واصل ، التي تحرم لبس المرأة للبنطلون الذي يصف جسدها ، كما أكدت الفتوي علي حرمة تعرية المرأة لشعرها وساقيها ، وانتهت الفتوي الي حرمة اجبار المراة علي خلع حجابها ، وانه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق لكن الشركة رفضت الفتوي 0
وتوجهت نرين الي هيئة الطيران المدني التي أبلغتها أنه لا باس بلبسها الحجاب وانه لا يؤثر علي سلامة الطيران المدني لكن الشركة لا تزال مصرة علي موقفها !
وعلمت الشبكة أن نرين سوف ترفع قضية علي الشركة في القضاء الاداري حتي تعود الي العمل 0
ـــــــــــــــــــ(5/764)
من مفاسد خروج المرأة من بيتها 1 / 2
وهذه المفاسد التي سنذكرها تشمل خروجها للعمل أو لغيره وهي كثيرة جدا منها :
1- مخالفة أمر الله تعالى ورسوله r :
فإنَّ النصوص المتقدمة دلت على أنَّ الأصل بقاء المرأة في بيتها، ولا تخرج إلاَّ عند الحاجة، وغالب خروج النساء في هذا الزمن لا حاجة له إلاَّ في النادر القليل، كتعليم بنات جنسها أو تطبيبهن، أو زيارة والدين ونحو ذلك، فهل من الحاجة مثلاً خروجها لشراء الخضار والفواكه وهي تحت زوج أو ولي قادر على الشراء ؟ وهل من الحاجة أن تخرج إلى الأسواق بشكلٍ متكرر ؟
وهل من الحاجة للعمل وهي - بحمد الله - في حالةٍ جيدةٍ قد تيسر لها أمرها ؟! وهل من الحاجة أن تخرج لزيارة صديقاتها وزميلاتها مع وجود الهاتف ؟ !!
وهل من الحاجة أن تخرج إلى المطاعم المختلطة ؟
2- إهمال الأولاد :
إنَّ خروج المرأة من البيت يعني إهمال النشء ، وهذا يهدد الأجيال القادمة بفساد التربية، وحرمان الأمة من الرجل الصالح، الرجل الذي يصلح للعمل، الرجل الذي يحسن التفكير والاختراع، الرجل الذي يعيش لدينه وأمته.
تقول الخبيرة الاجتماعية الأمريكية - الدكتورة إيدا إلين - : ( إنَّ التجارب أثبتت ضرورة لزوم الأم لبيتها ، وإشرافها على تربية أولادها ، فإنَّ الفارق الكبير بين المستوى الخلقي لهذا الجيل والمستوى الخلقي للجيل الماضي إنَّما مرجعه إلى أن الأم هجرت بيتها، وأهملت طفلها، وتركته إلى من لا يحسن تربيته ..) [1] .
وقال (جوربت شوف) : الرئيس السابق للإتحاد السوفيتي في كتابه(البروستريكا): (لقد اكتشفت أنَّ كثيراً من مشاكلنا في سلوك الأطفال وتربية الشباب وفي معنوياتنا وثقافتنا، وإنتاجنا تعود جميعاً إلى تدهور العلاقات الأسرية، وهذه نتيجةً طبيعيةً لرغبتنا الملحة والمسوغة سياسياً بضرورة مساواة المرأة بالرجل) .[2]
ويقول : ( سيام سافا ) : المدير التنفيذي للرابطة الوطنية لمديري المدارس المتوسطة في الولايات المتحدة : ( إنَّ الطفل يرجعُ من يومه في المدرسة، وهو متحمس جداً للقاء أحد أبويه، كي يحكي له ما حدث في المدرسة، وعندما لا يجد هذا الطفل من يحدثه عن مغامراته الطفولية في المدرسة، يشعر بالحزن الشديد، ويتأثر نفسياً دون أن يظهر عليه ذلك ) .
ولقد جاء في تقرير أصدرته الحكومة الأميركية أن 7% من الأطفال - 7 ملايين طفل - (5 إلى 13 عاماً) يرجعون من مدارسهم إلى منازلهم الخالية، ينتظرون وحدهم عودة الآباء والأمهات من العمل، خمسة ملايين من هؤلاء الأطفال يجدون المربية أو الجارة، ومليونان لا يجدون أحدا ويقومون برعاية أنفسهم .[3]
وهنا نتساءل عند من يكون هذا الطفل ؟ قد يجاب عن هذا في منطقة الخليج ؛ بأنَّهُ سيكون عند الخادمة أو المربية في المنزل، ولقد دلت دراسات حديثة أجريت على منطقة الخليج: منها دراسة في البحرين عام 1985م شملت 31 أسرة .
وكان من نتائجها ضعف قدرة الأبناء على تحمل مسئولية خدمة أنفسهم؛ نتيجة الاعتماد على الخدم، كما أنَّ أثر المُربيات غير المسلمات على الأبناء من الناحية(5/765)
الدينية كان واضحاً، وفي دراسة أجرتها وزارة الشئون الاجتماعية والعمل بعمان عام 1984م شملت 160 أسرة ، وكانت نسبة العاملات من ربات البيوت 52%، واتضح من البحث ؛ أنَّ ثلث عدد الأطفال في العينة يتأثر بلغة المربية، ويستعمل اللغة الإنجليزية في التفاهم، وأنَّ دلالات النمو النفسي أعلى في المعدل لدى أطفال الأسر التي لا تستخدم مربيات خاصة، في مواقف الاعتماد على النفس، كما أنهم أكثر ميلا للتفاعل مع الآخرين ، وممارسة أدوار الزعامة والقيادة ، وإدراك معنى الصواب والخطأ، من أطفال الأسر التي تستخدم مربيات .[4]
إضافة إلى أن ذلك يسبب كثيراً في عقوق الآباء والأمهات، لأنَّ الأطفال لم يجدوا الرعاية الشرعية التي تربي فيهم أهمية البر بالوالدين، وحسن التعامل معهما .
3- ضعف الحياء أو انعدامه :
وذلك بكثرة المخالطات لمن هب ودرج من الرجال ، الأمر الذي يفقد المرأة فضيلة جوهرية في عنصر جمالها ألا وهي الحياء، والمرأة حين تفقدُ حيائها تتدرج من سيئ إلى أسوأ، وتهبط من رذيلة إلى أرذل، ولا تزال تهوي حتى تنحدر إلى الدركات السفلى، روى البخاري في صحيحه من حديث أبي مسعود البدري- رضي الله عنه- قال: قال النبي r : ((إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى : إذا لم تستح فاصنع ما شئت)) [5] .
يقول عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- : (( من قل حياؤه قل ورعه ، ومن قل ورعه مات قلبه )) [6] .
وقال سليمان بن ـ لعله ـ عبد الملك قال: ( إذا أراد الله بعبد هلاكاً نزع منه الحياء، فإذا نزع منه الحياء لم تلقه إلا مقيتاً ممقتاً ) [7] .
وقال صالح بن جناح :
إذا قل ماءُ الوجه قل حياؤهُ ولا خير في وجهٍ إذا قل ماؤه [8]
4- إهمال البيت :
فالمرأة التي تكثر من الخروج ويكون هو شغلها الشاغل، لا تكاد تجد وقتاً كافياً لنظافة منزلها وترتيبهِ والاعتناءِ به ، فلا تقومُ بصناعةِ المأكلِ والمشربِ إلاَّ على عجلةٍ من أمرها، ولا تكاد تجد وقتاً لغسل الثياب أو تنظيف المنزل وترتيبه، بل ربما لا تعمل شيئاً من ذلك اعتماداً على الخادمة.
قال ( جوربت شوف) الرئيس السابق للاتحاد السوفيتي في كتابه(البروستريكا) (إن المرأة بعد أن اشتغلت في مجالات الإنتاج والخدمات والبناء وشاركت في النشاط الإبداعي لم يعد لديها وقت للقيام بالواجبات اليومية من أعمال المنزل وتربية الأطفال)[9].
5- إهمال الزوج وعدم إعطائه حقوقه :
فالزوج سيفقد عنصر السكينة النفسية، يرجع إلى بيته يريد الابتسامة المتهللة ، والأذن الصاغية تستمع إليه، وإذ به يجد بدلا من ذلك المطالبة منه بالذهاب إلى هنا أو هناك، فما أن تسمع بمناسبة لأقاربها أو صديقاتها إلا وتبادر إلى المشاركة فيها ؛ فهذا زواج لقريب أو قريبة، وهذه زيارة لصديقة أو أقارب، وهذه عيادة لمريضة، وهذه فرصة لاجتماع الجيران والصديقات، وهكذا وهو يبقى حبيس البيت فمن يأنس(5/766)
وحشته ؟ ومن يقضي حاجته ؟ ويزداد الأمر سوءاً إذا كان خروجها للعمل، فقد تبين من خلال دراسة أجريت أن 84% منهن يقولن: أضايق زوجي بغيابي عن البيت عندما يكون موجوداً فيه، وقال 42 % منهن: أثير أعصاب زوجي بكلامي حول مشكلات عملي مع رؤسائي وزملائي ، وقال 7 % منهن : أثير أعصاب زوجي عندما أناقشهُ حول اعتقاده بعدم كفاءتي في العمل ، وأجاب 23 % بقولهن : أؤلم زوجي بتركي له وحيداً في حالات مرضه الشديد، وقال 22 % أقلق زوجي بتأجيل فكرة إنجاب طفل آخر، وقال 12 % منهن أثير أعصاب زوجي عندما أرغب أن يكون لي رأي أساسي في الموضوعات الهامة في الأسرة، وقال 9 % أثيرُ أعصاب زوجي عندما أسأله مساعدتي في إدارة شئون المنزل كالطبخ وغسل الأواني والملابس .[10]
في مجلة ماري كير بفرنسا أجري استفتاء عام 1990م على مليونين ونصف من الفتيات أبدى 90% منهن الرغبة في العودة إلى البيت لتجنب التوتر الدائم في العمل ولعدم استطاعتهن رؤية أزواجهن وأطفالهن إلا عند تناول العشاء .
6- إهمالها لحق الله تعالى :
فالإنسان خلق في هذه الحياة لغاية عظيمة، وحكمة جليلة ألا وهي عبادة الله تعالى، فالمرأة التي أصبحت خرَّاجة ولاجة، وتعلق قلبها بالخروج من منزلها، كيف يتسنى لها الوقت للقيام بعبادة الله تعالى حق عبادته ؟ وكيف لها أن تتعلم ما ينفعها في دينها ؟ وكم سيكونُ نصيب القرآن منها قراءةً وحفظا ؟ ودراسةً وفهما ؟! خاصةً أنَّ وقت العملِ يستغرق ما يُقاربُ ثمان ساعات يوميا، إضافةً إلى الأعمال المنزلية والعناية بالزوج والأولاد، فمع كثرة هذه الأعمال قد تنسى المرأة نفسها من العبادة التي تنمي إيمانها وتزيد في وعيها .
7- إثقال الأسرة اقتصادياً :
لأنَّ المرأة التي تخرج وتكثر من الخروج تحتاج إلى ملابس جديدة في كل زيارة أو حفلة أو مناسبة، أضف إلى ذلك حاجتها إلى خادمة وسائق للقيام بشؤون المنزل والأولاد، وهؤلاء يحتاجون إلى مبالغ مالية لإعاشتهم والقيام بحقوقهم، تقول ( بيناو لاديف ) السويسرية ( فلو حسبت أجر المربية والمعلمين الخصوصيين ونفقاتي الخاصة؛ لو أنني واصلت العمل ولم أتفرغ للأسرة لوجدتها أكثر ممَّا أتقاضاه في الوظيفة )[11]
8 - طلاق المرأة :
فالمرأة التي تكثر من الخروج ويصبح هو ديدنها، مما يسبب ملل الزوج، فتبدأ الخصومات والمشاكل الزوجية من جراء ذلك ثم تنتهي القضية إلى الفراق والطلاق، نسأل الله السلامة والعافية، تقول المجلة الألمانية : ( وقد تسببت هذه النزعة في خلق المشاكل العائلية، فازدادت نسبة الطلاق ازديادا مريعا، وتناقص عدد الأطفال تبعا لرغبة المرأة في تجنب الإرهاق بالتربية والاهتمام بشؤون المنزل ..) [12] .
وأجرت جريدة (البلاد) السعودية استبياناً شاركت فيها 200 ممرضة ، كانت النتيجة كالآتي : 62% من الممرضات السعوديات عوانس ، 25% مطلقات .. [13].
9- الحد من عدد الأولاد :(5/767)
فالمرأة التي تخرج ستجد نفسها مضطرة لاتخاذ التدابير الممكنة لمنع الحمل، كي تستطيع أن تأخذ راحتها أكثر، وهذه مخالفة صريحةً لما أراده النبي r في قوله : ((تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم )) [14].
ولقد ظهر من خلال الدراسات الميدانية أنه يقل عدد الأولاد عند النساء العاملات ، ففي دراسة أجريت على 260 أسرة عاملة، وجد أن 31ر67 % أطفالهن من الواحد إلى الثلاثة، وأما من أطفالهن من الأربعة إلى الستة فلا تتجاوز نسبتهن 46ر8 % ، وأما من أطفالهن سبعة فما فوق فهن قلة إذ لا يشكلن أكثر من 92ر1 % ([15]) .
وها نحن نجد دولا كبرى كفرنسا مثلاً تحس بالخطر يحدق بها بسبب نقص المواليد، حتى إنَّها لتمنح مرتباً خاصاً للعائلة مقابل كل طفل تنجبه، ولو لم يكن الأبوان من الموظفين .
بل إنَّ الدول الشيوعية أحست بذلك فأخذت بعضها تمنح التشجيعات المالية للمرأة، التي تقوم على الأطفال ، ففي المجر تقرر أن تتلقى الأمهات اللاتي يبقين في المنازل مع أولادهن مبلغ 800 فورينت (عملة المجر) بالنسبة للطفل الأول ، و 900 للطفل الثاني ، و 1000 للطفل الثالث ، ولأي طفل بعد الثالث أيضا ، وذلك بدلا من 650 فورينت الحالي .
وسوف تصبح إعانة عملية الولادة 2500 فورينت، وسوف يتم تغيير السياسية الإسكانية، وسياسة المعونات الخاصة بالعطلات كي تشجع على تكوين الأسر الكبيرة . [16]
والحقيقة أنَّ خروج المرأة من البيت أخطر بدعة تهدد حضارة الإنسان ومستقبل الأجيال، كما شهد بذلك علماء الاختصاص الكبار الذين أوردنا شهاداتهم، وكما خلص إليه علامة علم الإنسان الدكتور الكسيس كاريل في كتابه العالمي ، ( الإنسان ذلك المجهول) فقال :
( لقد ارتكب المجتمع العصري غلطةً جسيمةٌ حينما استبدل المدرسة بتدريب الأسرة استبدلا تاماً، ولهذا تترك الأمهات أطفالهنَّ لدور الحضانة حتى يستطعن الانصراف إلى أعمالهن، أو مطامعهنَ الاجتماعية ،أو مباذلهن، أو هوايتهن الأدبية أو الفنية أو للعب البريدج، أو ارتياد دور السينما، وهكذا يضيعن أوقاتهن في الكسل ) .
( إنَّهن مسئولات عن اختفاء وحدة الأسرة واجتماعاتها التي يتصل فيها الطفل بالكبار فيتعلم منهم أمورا كثيرة، وحينما يكون الطفل وحده فقط في المدرسة يظلُ غير مكتمل، ولكي يبلغ الفرد قوته الكاملة فإنَّهُ يحتاج إلى عزلةٍ نسبية، واهتمام جماعةٍ اجتماعية محدودة تتكون من الأسرة )[17] .
[1] ماذا عن المرأة ص 125-126 .
[2] ماذا يريدون من المرأة ص
[3] رسالة إلى حواء (3/58) .
[4] قالوا في المرأة ولم أقل ص 234-235 نقلا من تأملات في عمل المرأة ص 39-40 .
[5] رواه البخاري ورقمه (6120) .(5/768)
[6] رواه الطبراني في الأوسط ( 2259) وقال في المجمع (10/302) : ( فيه دريد بن مجاشع ولم أعرفه ، وبقية رجاله ثقات ) ورواه القضاعي (374) وفي إسناده صالح المري وهو ضعيف كما في التقريب .
[7] مكارم الإخلاق لابن أبي الدنيا ص 89 .
[8] الآداب الشرعية 2/227 .
[9] ماذا يريدون من المرأة ص
[10] مجلة العلوم الاجتماعية ص 222 نقلا من تأملات في عمل المرأة ص 41-42 .
[11] المرأة العربية المعاصرة إلى أين ؟ د . صلاح الدين جوهر ؛ ص 94-95 . وانظر : مجلة الأسرة عدد (47) 1418هـ
[12] المرأة بين الفقه والقانون ص 265 .
[13] العالم في عام ، حسن قطامش :ص 28 .
[14] رواه أبو داود (2050) وقال الألباني : حسن صحيح .
[15] أثر عمل المرأة السعودية المتعلمة على التوافق في الحياة الزوجية ص 755 . وقد أثبتت جميع الدراسات أن الأم العاملة تحاول أن تحدد حجم العائلة نتيجة خطة موضوعة . انظر : عمل المرأة في المنزل وخارجه ، إبراهيم الجوير ص 43 .
[16] ماذا عن المرأة ص 134 .
[17] ـ ماذا عن المرأة ص 134 .
-----------------
10- كثرة الجرائم :
وذلك من عدة جوانب:
أ - سوء تربية الأبناء:
وعدم وجود من ينتشلهم من أصدقاء السوء، فيتعلم التمرد والسرقات من أطفال الشوارع، أو يقع في شباك المخدرات وتعاطي المسكرات .
ب - خروج المرأة نفسها فيه من المخاطر ما فيه:
فقد تتعرض للخطف والاغتصاب، أو القتل ونحو ذلك.
تقول الدكتورة ( إيبرين ) : ( إن سبب الأزمات العائلية في أمريكا، وسر كثرة الجرائم في المجتمع هو أن الزوجة تركت بيتها لتضاعف دخل الأسرة فزاد الدخل، وانخفض مستوى الأخلاق) ثم تواصل قائلة: ( إن التجارب أثبتت أن عودة المرأة إلى الحريم هي الطريقة لإنقاذ الجيل الجديد من التدهور الذي يسير فيه . )[1]ز
وحسب التقرير الإحصائي المجرى في ألمانيا تبين أن كل امرأة من ثلاثة نساء عانت من ملاحقة الرجال، في حين تعرض 7% لمحاولة اغتصاب ، وذهب ثلاثة في المائة ضحية اعتداءات مهينة .[2]
ج - كثرة خروجها من بيتها يتطلب منها إحضار خادمة :
وقد ذكرت جريدة الوطن أنه يوجد (750) ألف خادمة في السعودية ، و75% من العائلات السعودية تستخدم من 1ـ 12 خادمة في العائلة الواحدة ([3]).(5/769)
وقد قامت علاقات كثيرة بين صاحب المنزل أو أبنائه مع الخادمة، ( تقول إحدى النساء وهي تعمل في الكويت، واضطرتها ظروف العمل وخروجها هي وزوجها صباحا كلٌ إلى عمله، أن تحضر خادمة لرعاية أطفالها والاهتمام بشؤون البيت. تقول هذه السيدة: إنها لاحظت اهتماماً غير عادي من زوجها تجاه الخادمة، كما أن الخادمة أيضا تسرع في تلبية طلبات زوجها مع ابتسامة ذات مغزى، إضافة إلى أنها ـ الخادمة ـ بدأت تزيد من اهتمامها بمظهرها وشكلها حين يكون زوجها في البيت .
وتخشى أن يتطور هذا إلى علاقة بين زوجها والخادمة ! أو أن هذه العلاقة قائمة فعلاً بينهما دون أن تدري هي ؟ ) [4] .
د - قيام الخادمات بتعذيب الأطفال أو قتلهم :
يقول الأستاذ عبد الله النوري : (وإنني بحكم عملي في المحاكم أسمع كل يوم أخباراً وشكايات يندى لها الجبين، من الخدم وأعمالهم مع أولاد أسيادهم ، لأنَّ الأمهات تركن الأطفال أو اعتمدن على الخدم الذين لا أخلاق لهم في محاسن الأخلاق، والذين لا يرحمون ولا يطيقون . [5]
فمن ذلك ما نشرته مجلة الدعوة عن أحد الأخوات أرسلت رسالتها فقالت : ( رزق الزوجان بمولود لم يلبث - بعد أيام معدودة - أن مرض مرضاً شديداً لم يتعرف الطبيب على أسبابه، حيث لا توجد أسباب ظاهرة، وتوفي الطفل وسلم الزوجان بأنه القضاء المكتوب دون التفكير لحظة بأنَّ في الأمر جريمة، ثم رزق الزوجان بمولود ثان تكررت معه نفس التجربة الأليمة، وشاء الله أن يكشف السر لهذه الأسرة المنكوبة، عندما اعترفت خادمتهم لزميلتها خادمة الأسرة المجاورة لهم في السكن، بأنها لم تكن تتحمل الضوضاء وبكاء الطفلين، فكانت تغرس إبرة في رأس الطفل إذا بكى في المنطقة الضعيفة من الجمجمة، فتنفذ إلى المخ وتؤدي في النهاية إلى الوفاة [6] .
هذه حالة من حالات كثيرة، فهل من عودةٍ صادقةٍ قبل أن تقع الكارثة .
11- ضرب الأولاد ضرباً مبرحاً :
حين يكون على المرأة عبء خارج المنزل، وعبء العمل داخله، فإنها تتحمل ضغوطاً مضاعفة، فعليها أن ترضي مسؤوليتها في عملها، وزوجها وأطفالها في بيتها، وهذه الضغوط لابد أن تترك آثارها على أعصابها .
ولما يصعب عليها أن تخفف من هذه الضغوط بالثورة على مسؤوليتها في العمل، كما يصعب عليها أحياناً كثيرة أن تثور على زوجها، فإنَّ أطفالها المساكين سيكونون هم الضحية، وستكون ثورتها الدائمة عليهم .
هذا حال كثيرٍ من النساء اللواتي يعملن خارج البيت وداخله[7].
حتى انتشرت في الغرب ظاهرة ما يسمى بمرض الطفل المضروب .
12- الافتتان بها :
فالمرأة تميل إليها قلوب الرجال ، وتشتاق إليها، فخروجها من بيتها واحتكاكها بهم، تعريض لهم للفتنة بها، وافتتانها هي، فالرجل قد يصمد في كثيرٍ من المعارك والحروب ، ولكن هذا الرجل العملاق يفاجأ أنه كثيراً ما ينهار أمام المرأة بمغرياتها وفتنتها وصدق القائل :(5/770)
يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به وهن أضعف خلق الله إنسانا
يقول النبي r : (( ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء)) [8]
بل لقد كانت المرأة هي أول فتنة لبعض الأمم السابقة والشعوب الماضية، يقول النبي r : (( إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء)) [9] .
والمرأة إذا خرجت من بيتها خرجت بصورة شيطان في إقبالها وإدبارها كما جاء في صحيح مسلم عن جابر- رضي الله عنه- أنَّ رسول الله r : ((رأى امرأة فأتى امرأته زينب وهي تمعس منيئة لها [10] فقضى حاجته ثم خرج إلى أصحابه فقال : إن المرأة تقبل في صورة شيطان وتدبر في صورة شيطان ، فإذا أبصر أحدكم امرأة فليأت أهله فإن ذلك يرد ما في نفسه)) [11] .
قال النووي ـ رحمه الله : ( قال العلماء: معناه : الإشارة إلى الهوى والدعاء إلى الفتنة بها لما جعله الله تعالى في نفوس الرجال من الميل إلى النساء، والالتذاذ بنظرهن، وما يتعلق بهن، فهي شبيهة بالشيطان في دعائه إلى الشر بوسوسته وتزيينه له، ويستنبط من هذا أنه ينبغي لها ألا تخرج بين الرجال إلا لضرورة، وأنه ينبغي للرجل الغض عن ثيابها، والإعراض عنها مطلقا ) .[12]
وإذا كانت المرأة فتنة للناظر وهي في ذاك الزمان، فكيف يكون الحال في هذا الزمان الذي تفننت فيه بعض النساء في إبداء الجمال وإظهاره ؟ وهل يمكن المقارنة بين قلوب الرجال في ذلك الجيل الفريد، وبين رجال هذا القرن ؟!! فاتق الله يا أمة الله والزمي بيتك، فإنه خيرٌ لك في الدنيا والآخرة.
13 - التعرف على صديقات السوء :
تخرج المرأة إلى السوق أو مقاهي الإنترنت أو الوظيفة أو غيرها، فتتعرف على زميلاتها في العمل أو في غيره فتدعوها إلى منزلها أو استراحة قريبة، وهكذا تبدأ العلاقة مع هذه الصديقة، وكم جلبت هذه من نقمة، وأبعدت من نعمة، وكم سببت من فراق، وأوقعت في طلاق ، وانتهكت من جرائها أعراض، وكم تجرعت المرأة مرارة في قلبها، وحسرةً في نفسها بسبب هذه النوعيات من النساء، يقول عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- : ( إنَّ في العزلة لراحة من خلاط السوء ) [13].
14 - إساءة الظن بها :
قد يتسبب كثرة خروج المرأة من بيتها إساءة الظن بها، فإذا جاء الزوج أو الأب ولم يجد زوجته في المنزل ولم يعلم أين ذهبت ؟ ومتى ترجع ؟ فماذا يكون حاله ؟! وكيف سيكون شعوره ؟! وهل الشيطان سيدع الفرصة تفوت من بين يديه ولا ينتهزها في التحريش والتفريق، وإثارة الشكوك والظنون ؟!
روى الإمام مسلم في صحيحه عن محمد بن قيس قال: سمعت عائشة تحدث فقالت: ألا أحدثكم عن النبي r وعني ؟ قلنا : بلى ، قالت : (( لما كانت ليلتي التي كان النبي صلى r فيها عندي انقلب فوضع رداءهُ وخلع نعليه فوضعهما عند رجليه وبسط طرف إزاره على فراشه فاضطجع فلم يلبث إلا ريثما ظن أن قد رقدت فأخذ رداءه رويداً وانتعل رويدا، وفتح الباب فخرج، ثم أجافه رويدا فجعلت درعي في رأسي واختمرت وتقنعت إزاري، ثم انطلقت على إثره حتى جاء البقيع فقام فأطال القيام، ثم(5/771)
رفع يديه ثلاث مرات، ثم انحرف فانحرفت، فأسرع فأسرعت، فهرول فهرولت، فأحضر فأحضرت فسبقته، فدخلت فليس إلا أن اضطجعت فدخل فقال : ما لك يا عائشة حشيا رابية ؟ قالت: قلت : لا شيء ، قال: لتخبريني أو ليخبرني اللطيف الخبير، قالت : قلت يا رسول الله بأبي أنت وأمي، فأخبرته، قال فأنت السواد الذي رأيت أمامي؟ قلت : نعم ؛ فلهدني في صدري لهدةً أوجعتني)) الحديث [14] .
فالنبي r لهد عائشة في صدرها - اللهد : الضرب في الثديين وأصول الكتفين[15]- حتى أوجعتها بسبب خروجها من بيتها من غير علمه ، وإذنه r فاتق الله والزمي بيتك .
15- الركوب مع السائق لوحدها :
من مفاسد خروج المرأة من بيتها أن يكون الزوج أو الولي مشغولاً بعمله وتجارته، وهي تريد أن تخرج فتركب مع السائق لوحدها، وفي استبانة أجريت على تسعين أسرة سعودية تبين أن 50 % من النساء يركبن مع السائق لوحدهن[16] .
وقد أفتى العلماء الأجلاء بحرمة ذلك، يقول العلامة ابن باز ـ رحمه الله ـ : ( لا يجوز ركوب المرأة مع سائق ليس محرماً لها، وليس معهما غيرهما ؛ لأنَّ هذا في حكم الخلوة، وقد صح عن رسول الله r أنه قال: (( لا يخلون رجل بامرأة فإن الشيطان ثالثهما ))[17] .
16- البطالة في صفوف الرجال :
ومن الآثار أن زيادة عمل المرأة بدون قيود، يساهم مساهمةً فعالة في زيادة عدد البطالة في صفوف الرجال، وقد أكدت الإحصائيات أنه يوجد ما بين 16-20 مليون شاب عربي عاطل عن العمل معظمهم من المتعلمين[18].
وقال المدير العام لصندوق تنمية الموارد البشرية في السعودية: إنَّ معدل البطالة قد يصل إلى 20% في المملكة .[19]
كما أنَّ هذا يعني أن يلجأ هؤلاء الشباب للسرقة و النصب والاحتيال من أجل البحث عن لقمة العيش، وهذا فيه من المفسدة ما فيه على الرجل والمرأة على حدٍ سواء، فهل تتنبه نساءنا لهذه القضية الجلل ؟!
يقول جيوم فيربرو: ( إن اشتغال المرأة يؤثر على الحياة الاقتصادية، تأثيراً سيئاً باعتبار أن اشتغالها فيه مزاحمة للرجل في ميدان نشاطه الطبيعي؛ مما يؤدي إلى نشر البطالة في صفوف الرجال كما وقع في بلادنا، فمنذ أخذت المرأة طريقها إلى وظائف الدولة أصبح عدد كبير من حملة الشهادات الثانوية والعليا، عاطلين عن العمل يملئون المقاهي، ويقرعون أبواب الحكومة طلبا للوظائف، بينما تحتل أماكنهم فتيات لا يحملن غالبا مثل مؤهلاتهم )[20]
17 - زيادة العنوسة :
ساهم عمل المرأة مساهمة فعالة في قضية العنوسة فقد أجرى مكتب التوظيف النسوي للمنطقة الغربية إحصائية للعاملات في منطقة جدة فبلغ عددهن 520، ولم يتزوج منهن إلا 250 فقط !!(5/772)
وأجرت جريدة (البلاد) السعودية استبياناً شاركت فيها 200 ممرضة، كانت النتيجة كالآتي: 62% من الممرضات السعوديات عوانس، 25% مطلقات، 18 % فقط متزوجات، 32% يرفضن الزواج [21].
18 ـ انهيار الأمم وسقوط الحضارات :
خروج المرأة من بيتها عده العقلاء من المفكرين وغيرهم أنَّه من أكبر الأسباب المؤدية إلى انهيار الأمم وسقوط الحضارات، ومن الأمثلة على ذلك الحضارة الرومانية .
جاء في دائرة معارف القرن التاسع عشر: ( كان النساء عند الرومانيين محبات للعمل مثل محبة الرجال له، وكن يشتغلن في بيوتهن، أما الأزواج والآباء فكانوا يقتحمون غمرات الحروب، وكان أهم أعمال النساء بعد تدبير المنزل، الغَزْل وشغل الصوف )، ثم دعاهم بعد ذلك داعي اللهو والترف إلى إخراج النساء من خدورهن، ليحضرن معهم مجالس الأنس والطرب، فخرجن كخروج الفؤاد من بين الأضالع، فتمكن الرجل لمحض حظ نفسه من إفساد أخلاقهن، وتدنيس طهارتهن، وهتك حيائهن، حتى صرن يحضرن المراقص، ويغنين في المنتديات، وساد سلطانهن حتى صار لهن الصوت الأول في تعيين رجال السياسة وخلعهم، فلم تلبث دولة الرومان على هذه الحال حتى جاءها الخراب من حيث تدري ولا تدري ) [22]
وهكذا سائر الحضارات التي انهارت وسقطت، وهاهي ذي الحضارة الغربية اليوم كما صرح بذلك عقلاؤها تعيش في النزع، وتعاني من سكرات الموت، وما ذلك إلا للسبب نفسه، فهل نعتبر بذلك ؟ [23]
19 ـ أن في خروجها تحقيقاً لمآرب الأعداء:
فالأعداء يسعون بقضهم وقضيضهم لإخراج المرأة المسلمة من قعر بيتها، لتخالط الرجال في كل مكان.
تقول الصليبية ( آنا مليجان ): ( ليس هناك لهدم الإسلام أقصر مسافة من خروج المرأة المسلمة سافرة متبرجة ) [24].
ويقول قاسم أمين: وهو أحد دعاة فساد المرأة في مصر، وقد أشاد بالمرأة الغربية، ( وأخذت في تثقيف عقلها، ونالت حقوقها واحداً بعد الآخر، واشتركت مع الرجل في شؤون الحياة البشرية، وساحت في البلاد، هذا التحويل هو كل ما نقصد، وغاية ما نسعى إليه ..) [25]
20- كثرة الأمراض والتأزم النفسي لدى النساء العاملات :
أظهر إحصاء أمريكي حديث أن النساء العاملات هناك أكثر تعرضاً من ربات البيوت للإصابة بضغط الدم المرتفع، وتصلب الشرايين والانهيار النفسي، ولا يرجع السبب في ذلك إلى جمع المرأة بين عملها والبيت بقدر ما يرجع إلى ارتفاع مستوى طموحها [26].
وقد انتهى الباحثون الأمريكيون أنفسهم إلى أنَّ المرأة العاملة قد يعترض زواجها العمل، وأنها إذا جمعت بينهما - أي الزواج والعمل - تتأزم نفسيتها نتيجةً لصراع الأدوار .(5/773)
لقد دلت دراسات حديثة أجريت في الولايات المتحدة، على أنَّ النساء العاملات أقل اتزاناً من الرجال ، ولأنهن يتعرضن لمؤثرات خاصة شديدةَ الوطأة على شخصياتهن، وهذا المؤثرات لا وجود لها عند الرجال البتة [27].
وعقد مؤتمر في ألمانيا: أكد فيه رئيس أطباء المستشفى أن الإحصاءات تبين أنه من كل ثمان نساءٍ عاملات، واحدة تعاني مرضاً في القلب والجهاز الدموي، بسبب الإرهاق غير الطبيعي الذي تعاني منه المرأة العاملة، بينما نرى هؤلاء الكتاب ومن وراءهم يدفعون المرأة للعمل دون أي مناقشة، وطرح للآثار السلبية المترتبة عليه، ولو كانوا منصفين لما أهملوا ذكر هذه القضية.
21 - التحرش بها والتعرض لها جنسياً :
تشير الدكتورة سامية الساعاتي : أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس، إلى نتائج بحث المرأة الجديدة التي تم تقديمها لمؤتمر بكين، حيث تبين أن 66 % من نساء العينة في البحث تعرضن للإهانة في أماكن عملهن، وقد اتخذت الإهانة في 70 % من هذه الحالات الطابع الجنسي و30 % من الحالات التحرش بالكلام، و20 % الغزل المباشر.[28]
ويقول أحد علماء الطبيعة الشيوعيين : مصوراً جانباً من مآسي الشيوعية : ( الحق أن جميع العمال بدت فيهم أعراض الفوضى الجنسية، وهذه حالة خطيرة جداً، تهدد النظام الاشتراكي بالدمار، فيجب أن تحارب بكل ما أمكن من الطرق )[29].
[1] المرأة الأولى دروس وعبر ص 34 .
[2] رسالة إلى حواء (2/36) .
[3] جريدة الوطن 18/3/1422هـ .
[4] رسالة إلى حواء (3/23) .
[5] انظر: المرأة المسلمة أمام التحديات للشيخ أحمد الحصين ص 97-98 .
[6] مجلة الدعوة تاريخ 26/6/1414هـ وآمل من القارئ الكريم أن يقرأ كتاب الخدم ضرورة أم ترف ليقف على الكثير من القصص عن مثل هذه الجرائم ص 33 إلى ص 39 .
[7] انظر : رسالة إلى حواء (2/68) وما بعده . 89-456 .
[8] أخرجه : البخاري (4808) ومسلم (2740) عن أسامة بن زيد رضي الله عنه
[9] أخرجه : مسلم (2742) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه .
[10] قوله : ( تمعس منيئة لها ) أصل المعس الدلك والدباغ . والمنيئة : الجلد أول ما يدبغ .
[11] أخرجه : مسلم (1403) .
[12] شرح صحيح مسلم (9/178)
[13] كنز العمال (2/159) .
[14] أخرجه : مسلم (974) .
[15] انظر لسان العرب (3/393) مادة : لهد .
[16] انظر : الخدم ..ضرورة أم ترف ؟ ص 25 .
[17] الفتاوى الجامعة للمرأة المسلمة (3/933)(5/774)
[18]العالم في عام ، حسن قطامش : ص 27 .
[19] العالم في عام ، حسن قطامش : ص 34 .
[20] انظر : تأملات في عمل المرأة ص 53 .
[21] العالم في عام ، حسن قطامش :ص 28 .
[22] المرأة بين الفقه والقانون لمصطفى السباعي ص 187 .
[23] اعترافات متأخرة لمحمد المسند ص 45 .
[24] رسالة إلى فتاة الإسلام ص 29 .
[25] انظر : حجاب المرأة المسلمة د محمد البرازي ص 425 .
[26] أصول علم النفس د.أحمد عزت راجح ص 15 . نقلاً من عمل المرأة وموقف الإسلام منه ص 50 .
[27] في علم النفس الاجتماعي ص 216 . نقلا من عمل المرأة وموقف الإسلام منه ص 67ـ 68 .
[28] انظر : جريدة الرياض –العدد 12772-الجمعة 13/4/1424هـ .
[29] مكانة المرأة في الشؤون الإدراية ص 229 .
ـــــــــــــــــــ
تلميذات سنغافورة تتجاهلن حظر ارتداء الحجاب
...
...
السبت :02/02/2002
(الشبكة الإسلامية) القناة
الشبكة الإسلامية >> العالم الإسلامي
...
...
تجاهلت تلميذات مسلمات تهديدا بطردهن من المدارس في سنغافورة بسبب ارتداء الحجاب داخل المدرسة رغم منعهن ، ومددت وزارة التربية مهلة التهديد التي انتهت امس الجمعة حتى الاثنين .
وحضرت نور النصيحة ( 7 اعوام) الى المدرسة مرتدية الحجاب برفقة والدها. كما حضرت تلميذة ثانية الى مدرسة اخرى، في حين تخلفت الثالثة .
وقال والد نور محمد ناصر ( 37 عاما )، انه سيطلب مشورة الطائفة المسلمة وقد يقبل تسوية مع المدرسة والا فانه سيرسل ابنته الى مدرسة قرآنية .
واثارت هذه القضية جدلا في سنغافورة التي تضم عدة مجموعات عرقية ودينية وتفرض فيها السلطات على الطلاب قوانين صارمة حول اللباس المدرسي بهدف تسهيل الاندماج .
ويمكن للطالبات ارتداء الحجاب خارج المدرسة فقط . وبدأت الفتيات بارتداء الحجاب منذ الثالث من يناير ، وانضمت اليهن فتاة رابعة في الاسبوع الثاني من الشهر نفسه وباتت السلطات في سنغافورة تبدي تشددا فيما يتعلق بتطبيق التدابير الرامية الى ضمان الانسجام بين الاعراق منذ اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر في(5/775)
الولايات المتحدة . واعتقلت السلطات 13 مسلما في الثالث عشر من ديسمبر بتهمة التورط مع شبكة القاعدة التابعة لاسامة بن لادن والتخطيط للاعتداءات ضد الولايات المتحدة
ـــــــــــــــــــ
أقوال واعترافات دعاة تحرير المرأة
- هذا الاعتراف للكاتبة المشهورة (غنيمة المرزوق) : رئيسة تحرير مجلة أسرتي، تتحدث لبنات جنسها بصراحة فتقول: (عيب أنتِ بنت)، كلمة سمعناها كثيراً في طفولتنا، ورددتها (أغلب العجائز) آنذاك .
كنا نرى الولد يحظى بكل أنواع المتعة من مأكل وملبس، ولعب وسيارات، كان قلبنا يحترق، نريد أن نلعب بـ الفريج ولكن الحكارة لنا بالمرصاد، وكلمة عيب، عيب، كان كل شيء عيباً، ولا نعرف ما معنى عيب، وببراءة الطفولة سألت جدتي (كيف أصبح رجلاً) ؟ فردت بدهاء (حِبي كوعك)، والكوع: هو العظم الذي يفصل الذراع عن الزند [1] .
حاولنا مراراً مع بنات الفريج دون جدوى، كبرنا وكبرت آمالنا وتطلعاتنا، نلنا كل شيء، نهلنا من العلم والمعرفة ما يفوق الوصف، أصبحنا كالرجال تماماً، نقود السيارة، نسافرُ إلى الخارج، نلبس البنطلون، ارتدينا الماكسي الشبيه بالدشداشة، والحجاب الشبيه بـ الغترة، أصبح لنا رصيد في البنك، أصبح لنا رجل يحمينا ويعطينا كل شيء، دون قرقة أو نجرة، وصلنا إلى المناصب القيادية، واختلطنا بالرجال، ورأينا الرجل الذي أخافنا في طفولتنا، أصبحنا ـ نحن النساء ـ رجالاً، وبدأت تعتري أجسادنا الأمراض، وأصبنا كما يصاب الرجل، نتيجة تحمل المسؤولية بـ السكر وتصلب الشرايين، بدأ الشيب يغزو الشعر الأسود، وبدأ الشعر الكثيف الذي كأنَّهُ ليل أرخى سدوله بالسقوط، وبدأت الصلعة تظهر نتيجة التفكير والتأمل والذكاء، الرجل كما هو، والمرأة غدت رجلاً تشرف على منزلها، وتربي أطفالها، وتأمر خدمها، وتقف مع المقاولين، وتقابل الرجال في العمل، وكثرت هذه الأيام ظاهرة العقم عند النساء، وعن سؤالٍ وجِّه لاختصاصي كبير في الهرمونات قال: إن هناك تزايدا في هرمونات الذكورة عند النساء في الكويت، وقد يكون سببها البيئة، هذه حقيقة ذكرها طبيب عريق في مجال العقم، وبعد أن نلنا كل شيء، وأثلجت صدورنا انتصاراتنا النسائية على الرجال في الكويت، أقول لكم بصراحتي المعهودة : (ما أجمل الأنوثة)، وما أجمل المرأة، المرأة التي تحتمي بالرجل، ويشعرها الرجل بقوته، ويحرمها من السفر لوحدها، ويطلب منها أن تجلس في بيتها، تربى أطفالها، وتشرف على مملكتها، وهو السيد القوي، نعم أقولها بعد تجربةٍ، أريد أن أرجع إلى أنوثتي التي فقدتها أثناء اندفاعي في الحياة والعمل، إن الذكاء نقمة في بعض الأحيان، وأغلب الأمراض الحديثة نتيجة ذلك، وما أجمل الوضع الطبيعي لكل شيء، لقد انفتح المجال أمامنا بشكلٍ أتعبنا جميعاً، والآن لو تيسر لنا فعلاً وبالآلات الحديثة، (حبة الكوع) فلن أفعل هذا العمل إطلاقاً، ولن أخبركم بالسر، ولكن سأحتفظ به لنفسي[2].
- وهذا اعتراف آخر للأديبة الكويتية (ليلى العثمان) : حيث كتبت تقول : سأعترف اليوم بأنني أقف في كثير من الأشياء ضد ما يُسمى بحرية المرأة، تلك الحرية التي(5/776)
تكون على حساب أنوثتها، وعلى حساب كرامتها، وعلى حساب بيتها وأولادها، سأقول: إنني لن أحمل نفسي - كما تفعل كثيرات - مشقةً رفع شعار المساواة بينها وبين الرجل، نعم أنا امرأة، ثم تقول : هل يعني هذا أن أنظر إلى البيت ـ الذي هو جنة المرأة - على أنَّه السجن المؤبد ؟ وأنَّ الأولاد ما هُم إلاَّ حبل من مسد يُشد على عنقي، وأنَّ الزوج ما هو إلاَّ السجان القاهر، الذي يكبل قدمي ، خشية أن تسبقه خطوتي ؟ لا، أنا أنثى أعتز بأنوثتي، وأنا امرأة أعتز بما وهبني الله، وأنا ربة بيت، ولا بأس بعد ذلك أن أكون عاملةً أخدم خارج نطاق الأسرة، ولكن ـ ويا رب أشهد ـ بيتي أولاً، ثم بيتي، ثم بيتي، ثم العالم الآخر )[3]
- وهذا اعتراف آخر لأحد دعاة التحرير يقول: كلمة حق في القضية ذاتها، إنه أنيس منصور يقول في كتابه ( يوم بيوم ) : (إن اليتيم ليس هو الذي مات أبوه أو أمه، ولكن اليتيم هو الذي له أبٌ وله أمٌ ولكنه لا يشعر بهما، يريانهِ ولكن لا يلمسانه، ويلمسانه ولكن بلا حنان، فلا هما موجودان بالنسبة له، ولا هو موجود بالنسبة لهما، لأنَّ الرجل يعمل، والمرأة تعمل، وليس عند هما متسعٌ من الوقت لتربية الأطفال ) .
ثم يأمل أنيس منصور: (أن يجيءَ ذلك اليوم الذي تعودُ فيه المرأة إلى البيت، لكي تكون أماً، ولكي تساهم في إنقاص عدد الأيتام) [4].
- وهاهو ذا الكاتب الروائي الشهير إحسان عبد القدوس : الذي أغرق السوق الأدبية، برواياته الداعية إلى خروج المرأة من البيت، والاختلاط بالرجال ومراقصتهم في الحفلات والنوادي والسهرات، يقول في مقابلةٍ أجرتها معه جريدة الأنباء الكويتية في عددها الصادر بتاريخ 18/1/1989 : (أعتبر أنَّ أساس مسؤولية أيِّ امرأة هو البيت والأولاد ، وهذا ينطبق عليّ بالدرجة الأولى، فلولا زوجتي ما كنت أستطيع تحقيق الأسرة، والاستقرار والنجاح، لأنَّها متفرغة للبيت والأولاد ) [5].
- وهذا تصريح آخر من أحد دعاة إفساد المرأة وهو قاسم أمين يقول: (لقد كنت أدعو المصريين قبل الآن إلى اقتفاء أثر الترك، بل الإفرنج في نحو تحرير نسائهم، وغاليت في هذا المعنى حتى دعوتهم إلى تمزيق ذلك الحجاب، وإلى اشتراك النساء في كل أعمالهم، ومآدبهم وولائمهم، ولكني أدركتُ الآن خطرَ هذه الدعوة، بما اختبرته من أخلاق الناس، فلقد تتبعتُ خطوات النساء في كثيرٍ من أحياء العاصمة والإسكندرية، لأعرف درجة احترام الناس لهن، وماذا يكون شأنهم معهن إذا خرجن حاسرات، فرأيتُ من فساد أخلاق الرجال بكل أسف، ما حمدت الله على ما خذل من دعوتي، واستنفر الناس إلى معارضتي، رأيتهم ما مرت بهم امرأة أو فتاة إلا تطاولوا إليها بألسنة البذاءة، ثم ما وجدت زحاماً في طريق فمرت به امرأة إلا تناولها الأيدي والألسن جميعا.) [6]
[1] ليس هذا هو الكوع وإنما هو المرفق ، والكوع هو العظم الذي يلي الإبهام .
[2] المجلة العربية العدد 143 نقلا من كتاب اعترافات متأخرة ص 33-35 لمحمد المسند وفقه الله .
[3] رسالة إلى حواء ، الجزء الثالث ص 85 .
[4] مكانك تحمدي ص 116-117 .
[5] انظر : شخصية المرأة المسلمة د . محمد الهاشمي ص 57-58 .(5/777)
[6] ـ انظر : حجاب المرأة المسلمة ص 458 . د محمد البرازي .
----------------
إجبار مسلمة على خلع حجابها بمطار أمريكي
...
...
الاربعاء:09/01/2002
(الشبكة الإسلامية) رويترز - أريبيا
الشبكة الإسلامية >> العالم الإسلامي
...
...
طالبت جماعة إسلامية أمريكية أمس الثلاثاء اثنتين من أكبر شركات الطيران الأمريكية بتقديم اعتذارات عن إجبار تلميذة مسلمة تبلغ من العمر &1633;&1639; عاما على خلع حجابها.
وقال مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية ومقره واشنطن إن جنودا مسلحين يرتدون ملابس مموهة أحاطوا بالطالبة إيناس صرصور من فرجينيا عندما رفضت خلع حجابها بعد مرورها عبر جهاز كشف الأجسام المعدنية في مطار بلتيمور واشنطن الدولي.
وقال المجلس إنه أرسل شكاوى إلى شركتي طيران دلتا إير لاينز ونورث وست إيرلاينز كورب ، إضافة إلى مطار بلتيمور واشنطن الدولي ، وشركة خاصة للخدمات الأمنية .
وقال هدي حسن أخصائي الحقوق المدنية بالمجلس لرويترز بالنسبة للمرأة المسلمة الحجاب علامة من علامات الحياء وفريضة من الله . أن يطلب من الفتاة خلع حجابها مماثل لتفتيشها بتجريدها من ملابسها علنا.
وقالت شركة دلتا ثالث أكبر شركة طيران أمريكية إنها مسؤولة عن نقطة التفتيش الأمنية التي حدثت بها الواقعة.
وقالت كرستي توكر المتحدثة باسم شركة دلتا "نأخذ هذه الادعاءات بمحمل الجد ، ونحن نحقق في الواقعة المزعومة."
ولم يتم الرد على الشكوى المرسلة لشركة طيران نورث وست.
وقال المجلس إنه يتعامل مع &1633;&1634; قضية أجبرت فيها سيدات مسلمات على خلع حجابهن ، وما يقرب من &1633;&1639;&1632; قضية تتعلق بمعاملات عنصرية في المطارات .
والأسبوع الماضي اتهم محامو رجل أمن سري أمريكي من أصل عربي كان في طريقه من مطار بلتيمور واشنطن الدولي للانضمام إلى طاقم حراسة الرئيس الأمريكي جورج بوش خلال قضائه عطلته بمزرعته في تكساس شركة أمريكان إير لاينز بالتمييز العنصري عندما منعته من الصعود إلى متن طائرة خلال رحلة في عيد الميلاد.(5/778)
وتعمل المطارات في جميع أنحاء الولايات المتحدة في ظل اجراءات أمنية مشددة بعد أن قاد &1633;&1641; خاطفا يعتقد المحققون الأمريكيون أنهم من أصل عربي أربع طائرات للاصطدام بمعالم أمريكية شهيرة مما أسفر عن مقتل أكثر من ثلاثة الاف شخص .
ـــــــــــــــــــ
شروط اللباس
لقد حدد الإسلام الشروط والضوابط التي يجب على المرأة المسلمة أن تتقيد بها في موضوع اللباس، وهذه الشروط تنقسم إلى قسمين:
الأول: ما يتعلقُ بتفصيل اللباس وهيئتهِ على البدن.
الثاني : ما يتعلقُ بنوعية اللباس.
ونحنُ – الآن – نتكلمُ – بعون الله تعالى – عن كل قسمٍ بشيءٍ من التفصيل فنقول:
القسم الأول: ما يتعلق بتفصيل اللباس
ونعني بذلك الخياطة، فلابدَّ أن تكون خياطة لباس المرأة موافقةً لما حددهُ الإسلام في هذا المجال، ثم في وضعهُ على البدن، وذلك بمراعاةِ الشروط الآتية:
الشرط الأول: أن يستوعب اللباس جميع البدن:
وذلك ليكون ساتراً للعورة، وللزينةِ التي نُهيت المرأة عن إبدائها، فإنَّ القصد الأول من اللباس هو الستر، فلابدَّ أن يكون لباسُ المرأة ساتراً لوجهها وكفيها وقدميها، وسائر جسمها، قال تعالى: (( وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا )) (سورة النور :31) .
والنهي عن إبداءِ الزينة نهيٌّ عن إبداء مواضعها من باب أولى، ولولا اللباسُ لظهرت مواضع الزينة: من الصدر، والذراع، والقدم ونحوها، فعلى المرأةِ المسلمةِ مراعاة ما يلي:
أولاً: أن يكون اللباس ساتراً لبدن المرأة – ومنه الوجه والكفان والقدمان والساقان – وعلى هذا فلابد أن تلبس المرأة ما يستر كل ذلك إذ قد يظهر شيء منه، لا سيما عند ركوبها للسيارة ونزولها منها، أو دخولها أماكن تضطر فيها على صعود سلالم، فتظهر زينتها وتحصل الفتنة بها.
ثانياً: وينبغي للمرأة لبس القفازين لستر الكفين، ويجوزُ استعمال البرقع إذا كان يسترُ الوجه ما عدا العينين أو إحداهما لحاجةِ الإبصار، ويدلُ لذلك قول عائشة- رضي الله عنها- في المرأة المحرمة: ( لا تتبرقع، ولا تلبس ثوباً بورسٍ أو زعفران) [1].
وما ورواه مالك عن نافع عن ابن عمر، كان يقول: ( لا تنتقبُ المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين) [2].
فهذا يدلُ على أنَّ المرأة في غير حالةِ الإحرام تلبس البرقع والقفازين، إذ لو لم يكن كذلك، لم يكن هناك فائدةً من نهيها عنهما حال الإحرام [3].
ويرى بعض علمائنا عدم الإفتاءِ بجواز لبس البرقع في عصرنا هذا، لأنه ذريعةً إلى الفساد، حيثُ أصبحت النساء يظهرنَ مع العينين جزءاً من الوجه، مما يجلبُ الفتنة ولا سيما أنَّ كثيراً منهن تكتحلُ عند لبسه، فمنعهُ وجيه جداً من باب درءِ المفسدة والله أعلم [4].(5/779)
ثالثاً: لبس العباءة لابد أن يكون ضافياً على جميع البدن، لئلاَّ يظهر شيءٌ من مفاتن بدنها وثيابها، لأنَّ ظهور هذا من التبرج الذي نُهيت عنه المرأة المسلمة، قال تعالى : (( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا)) (سورة الأحزاب) . وعلى هذا فلا تضع المرأة عباءتها على كتفها أو على رأسها، ثُمَّ ترفع أسفلها، لعدم حصول المقصود منها.
رابعاً: إنَّ مهمة العباءةِ ستر ما تحتها من لباسٍ يعتبر من أهم أنواع الزينة المكتسبة، يقول تعالى: (( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا)) (سورة الأحزاب :59) والجلباب هو الرداء فوق الخمار. وقيل: هو ثوبٌ واسع تستر به المرأة بدنها كله، والعباءة نوع من الجلباب.
قالت أم سلمة – رضي الله عنها -: لما نزلت هذه الآية: (( يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ )) ، خرج نساء الأنصار كأنَّ على رؤوسهنَّ الغربان من السكينة، وعليهنَّ أكسيةِ سود يلبسنها [5].
وعلى هذا فلا يجوز للمرأة أن تلبس العباءة المطرزة، التي يكون في أطرافها وأكمامها قيطان أو خيوطٍ ملونة، أو تكون واسعة تظهر منها الذراع، لأنَّ هذا من التبرج، ولأنَّ العباءة إذا كانت زينةً في نفسها فهي بحاجةٍ إلى ما يسترها.
الشرط الثاني: ألا يكون اللباس ضيقاً يصف جسمها
وذلك أنَّ الغرض من اللباس – كما سبق – ستر العورة، ومواضع الزينة، وهذا إنما يكون بالثوب الواسع، أما الثوب الضيق فإنه – وإن يستر لون البشرة – يصفُ جسم المرأة أو بعضه، فالواجب على المرأة أن تهتم بستر بدنها وتقاطع جسمها، والتساهل في ذلك من أعظمِ أسباب الفساد ودواعي الفتنة.
يقول أسامة بن زيد – رضي الله عنه -: كساني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبطية كثيفة مما أهدى له دحية الكلبي، فكسوتها امرأتي، فقال: مالك لم تلبس القبطية؟ قلت: كسوتها امرأتي. فقال: (( مرها فلتجعل تحتها غلالة فإني أخافُ أن تصف حجم عظامها)) [6].
فالرسول - صلى الله عليه وسلم - يأمر أسامة أن يطلب من امرأته أن تضع تحت هذا الثوب الثخين غلالة، ليمنع وصف بدنها وحجم عظامها؛ فهذه القبطية – وإن كانت ثخينة – قد تصف الجسم، ولا سيما إذا كان اللباس الثخين من طبيعته الليونة والانثناء؛ ولذلك خاف صلى الله عليه وسلم من أن تصف حجم عظامها.
وانطلاقاً من هذا الشرط على المرأة ملاحظة ما يلي:
أولاً: أن تعلم المرأة أن اللباس الضيق الذي يصف مفاتن الجسم لا يجوز شرعاً عند المحارم ولا عند النساء، وهو داخلٌ في لباس أهل النار كما قال - صلى الله عليه وسلم -: (( سيكون في آخر أمتي نساء كاسياتٍ عارياتٍ على رؤوسهن كأسنمة البخت إلعنوهنَّ فإنهن ملعونات)) وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة: (( لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها )) [7].(5/780)
وقد فسر العلماء – ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية [8] – الكاسيات العاريات: بأنَّ من معانيها أن تلبس الثوب الضيق الذي يبدي تقاطيع جسمها. وقد انتشر عند النساء ظاهرة اللباس الذي يكون أسفلهُ ضيقاً لا تكاد المرأة تمشي فيه، ومما يزيدُ الأمر فتنة وضع فتحات جانبيه تظهر ساقيها. وجزءاً من فخذها. والله المستعان!!
ثانياً: ليس للمرأة أن تلبس البنطلون، لأنه من الثياب الضيقة التي تحددُ أجزاء البدن التي تحيط بها. فهو داخلٌ في معنى الحديث، ثم إنَّ في لبسه تشبهاً بالرجال، لأنه من لباسهم، بل إني أخشى أن يكون لبس المرأة البنطلون داخلاً في ثوب الشهرة الذي سيأتي الحديث عنه إن شاء الله.
ثالثاً: إنَّ هذا اللباس الضيق له آثار على بدن المرأة، يقول الدكتور وجيه زين العابدين: إنَّ الملابس الضيقة لا تخلو من أضرار لما قد تسببه من حساسية الجلد، والضغط على الأحشاء الداخلية، هذا عدا حساسية النايلون نفسه([9]).
الشرط الثالث : ألا يشبه لباس الرجال
فإنَّ لثوب الرجل صفات أهما أن يكون فوق الكعبين أو إلى أنصاف الساقين، وقد ورد عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (( ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار)) [10].
ولكن الأمر أنعكس في هذا العصر، فصار ثوب كثيرٍ من النساء فوق الكعبين، وبعضهنَّ إلى أنصاف الساقين، وصار ثوب الرجال أسفل من الكعبين، ولا شك أنَّ قصر ثوب المرأة يُؤدي إلى ظهور عورتها من القدم والساق ونحوهما، وظهور زينتها إذا قامت، أو انحنت، أو جلست ، والله يقول: (( وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ )) (النور: 31) فإذا نُهيت عن إظهار زينة الرجل فهي منهية عن إظهار الرجل نفسها من باب أولى.
وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: "لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل"([11]).
ولباس المرأة أسفل من الكعبين لحديث ابن عمر – رضي الله عنهما – قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة، فقالت أم سلمة: فكيف تصنع النساء بذيولهن! قال: يرخينه شبراً، فقالت: إذن تنكشف أقدامهن، قال: فيرخينه ذراعاً ولا يزدن عليه)) [12].
فهذا فيه دليل على وجوب ستر قدم المرأة، وأنه أمرٌ معلوم عند نساء الصحابة – رضي الله عن الجميع – وأن الرجلين والساقين مما يخفى ولا يجوز إظهاره، فلابدَّ من ستره، ولا يكون ذلك إلاَّ بأن ترخي المرأة ثوبها شبراً أو ذراعاً، فعلى المرأة المسلمة أن تعمل بهذا الحديث، وتفصل ثيابها على ما يقتضيه الدليل الشرعي، ويكون لها قدوة بنساء خير الأمة وأفضل القرون.
وهناك أحاديث كثيرة تنهى المرأة أن تتشبه بالرجل، وتنهى الرجل أن يتشبه بالمرأة، ولا شك أن تشبه أحد الجنسين بالآخر انحرافٌ عن الفطرة، ودليلٌ على عقليةٍ فاسدة، وهو داءٌ عضال، انتقل إلينا نتيجة الاحتكاك بالغرب، ومحاكاته وتقليده، حتى أصبح الرجل كالمرأة! والمرأة كالرجل، في الزي واللباس والمشية والكلام ونحو ذلك! وهذا أمرٌ مستقبح يأباه الشرع، وتنفرُ منه العقول السليمة، لذا زجر عنه الإسلام، فقد(5/781)
ورد عن ابن عباس – رضي الله عنهما – أنه قال: (( لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال)) [13] وعن عائشة – رضي الله عنها – قالت: "لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرجُلة من النساء" [14].
قال ابن أبي جمرة عن التشبه: "إنَّ الذي تقرر مما فهم من قواعد الشريعة خلفاً عن سلف هو في زي اللباس، وبعض الصفات والحركات وما أشبه ذلك. وأما التشبه بهم في أمور الخير، وطلب العلوم والسلوك في درجات التوفيق فمرغب فيه". ثم ذكر أنَّ الحكمةَ من لعن المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال، هي إخراج شيءٍ عن الصفة التي وضعها عليها أحكم الحاكمين، وقد بين ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - في لعن الواصلات وغيرهن بقوله: (( المغيرات خلق الله)) [15].
وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية الضابط في تشبه الرجل بالمرأة، وتشبه المرأة بالرجل، وبين أن ذلك يرجع إلى الأغلب، فما كان من اللباس غالبه للرجال نهيت عنه المرأة، وما كان غالبة للمرأة نهي عنه الرجل، مع اعتبار أن النساء مأمورات بالاستتار والاحتجاب دون التبرج والظهور، والرجل بضد ذلك، فالمرأة مأمورة بستر قدميها، فثوبها أسفل الكعبين بشبر أو ذراع، والرجل ثوبه فوق الكعبين، فمن فصّل ثوبه على صفة ثوب الآخر فهو متشبه به.
وليس الأمرُ راجعاً على مجرد ما يختاره الرجال والنساء، ويشتهونه ويعتاد ونه، إذ لو كان الأمر كذلك، لكان إذا اصطلح قومٌ على أن يلبس الرجال الخمار الذي يغطي الرأس والوجه والعنق، وتلبس النساء العمائم والأقبية لكان ذلك سائغاً. وهذا خلاف النص والإجماع، لأنَّ الله تعالى قال: (( وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ )) . فالفارق بين لباس الرجال ولباس النساء، هو ما يصلح للرجال وما يصلح للنساء، مع ملاحظة الاعتبار السابق [16].
ولهذا نصَّ العلماءُ على أنَّهُ لا يجوزُ للمرأة أن تلبس اللباس الأبيض إذا كانت الملابسُ البيضاء في بلادها من سيما الرجال وشعارهم، لأنَّ هذا تشبه بهم والله أعلم.
الشرط الرابع : ألا يشبه لباس الكافرات
وذلك بأن تفصل المرأة المسلمة لباسها تفصيلاً يتنافى مع حكم الشرع وقواعده في موضوع اللباس، مما ظهرَ في هذا العصر وانتشر باسم "الموديلات"، التي تتغيرُ كل يومٍ من سيئٍ إلى أسوأ! وكيف ترضى امرأة شرَّفها الله بالإسلام، ورفع قدرها. أن تكون تابعةً لمن يملي عليها صفة لباسها، بل صفة تجملها عموماً، ممن لا يؤمنُ بالله ولا باليوم الآخر، لأنَّه لباس فصّل لغيرها، وهل يلبسُ الإنسان ما فصّل له أو ما فصّل لغيره؟!
إنَّ كثيراً من صفات لباسِ المرأة اليوم، لا يتفقُ مع الضوابط التي حددها الإسلام في باب اللباس ، وليس لأحدٍ أن يمنع التجديد في صفةِ الخياطة والتفصيل، ما دامت متفقةً مع تعاليم الإسلام في صفة اللباس، لكننا الآن نرى كل يوم صفة للخياطة والتفصيل، فمن أين جاءت؟ وما مدى تحقق شروط اللباس فيها؟ وما دور المرأة(5/782)
المسلمة في ذلك؟ أهو التعقل ومعرفة حكم الإسلام؟ أم هو إجادة التقليد وحب التبعية والإعجاب بما عليه الآخرون من خيرٍ أو شر؟!
لقد انتشرت في المكتبات "مجلاتُ الأزياء" التي تُعنى بصفة لباس المرأة، وتنويع التفصيل، تسابقت النساء إلى اقتنائها ، بل إنَّ مما يُؤسف عليه، أنَّ بعضهنَّ لها اشتراك سنوي أو شهري، في هذه المجلات التي هي من وضعِ مصممي الأزياء، الذين خدعوا نساءنا باسم الموضة، وسخروا منهنَّ لترويج بضاعتهم، مع إفساد الأخلاق، والقضاءِ على العفة والنزاهة.
إن انتشار مثل هذه المجلات فيه محاذير عديدة منها:
- اشتمالها على صورِ فتيات شابات عاريات، واقتناءِ الصور حرام للأدلة في ذلك.
- إنَّ هذه الأزياء والموديلات تتنافى غالباً مع قواعد الإسلام في لباس المرأة، لأنها صُممت في بلاد الكفر والإباحية، التي لا ترى بأساً في العري، أو وصف حجم البدن، أو ظهور ما يسبب الفتنة، ونحو ذلك ممَّا تشتمل عليه.
- إنَّ المرأة تتطلعُ إلى كل زي جديد، فيقتضي ذلك – بالتدريج – نبذ أحكام ديننا والتأثر بأزياءٍ لا تمت إلى الإسلام بصلة، وإذا كثر الإمساس قلَّ الإحساس، وهذا هو الواقع.
- إنَّ التهافت على شراء هذه المجلات واقتنائها، يوحي بأن عندنا نقصاً في موضوع لباس المرأة، نريد تكميلهُ من غيرنا، ولا ريبَ أنَّ تشبه أمةٍ بأمةٍ في غير ما أذن فيه ينافي الدين، وهو دليلُ الضعف والانحطاط والإحساس بالهزيمة وفقدان الثقة.
- إنَّ هذه المجلات تلعبُ بعقل المرأة، وتجعلها حقلاً للتجارب والحصول على أرباحٍ طائلة، لأنَّ هذه المجلات تتغيرُ بسرعةٍ مذهلة، فكلما تغيرت الموضة ازدادت النساء شراءً وإنفاقاً.
- إنَّ هذه المجلات خدمةً لمعامل الأقمشة الأجنبية، ذلك أنَّ المرأة تفصلُ عدداً من الملابس على نمطٍ معين، حتى إذا أكملت استعدادها تغير "الموديل" فجأة، فتركت ملابسها القديمة، وبدأت في تفصيلٍ جديد، وهكذا!
ولو وضعت المرأة إحصائية لملابسها في العام، لاتضح الإسرافُ في الشراء والخياطة، كما يدلُ على ذلك كثرة مشاغل الخياطة في المدن والقرى.
والقصد أنَّ المرأة منهيةٌ – كالرجل – عن التشبه بالكفار، ومنه التشبه بهم في اللباس، وقد ورد عن عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( من تشبه بقوم فهو منهم)) [17].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -: ( وهذا الحديث أقل أحواله أن يقتضي تحريم التشبه بهم، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم) ، كما في قوله تعالى (( وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)) ( سورة المائدة :51 ) [18].
وقال في سبل السلام: "والحديث دال على أنَّ من تشبه بالفساق كان منهم، أو بالكفار أو بالمبتدعة في أيِّ شيءٍ مما يختصون به من ملبوسٍ أو مركوبٍ أو هيئة . .[19].
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليّ ثوبين معصفرين، فقال: ("إن هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها") ([20]).(5/783)
وفي رواية قال: (( اذهب فاطرحهما عنك" قال: أين يا رسول الله؟ قال: "في النار)) والمعصفر: هو المصبوغ بالعصفر، وهو نبت معروف.
والكلام في التشبه يحتاج إلى بسطٍ ليس هذا مكانه، ولكن أكتفى بالنقاط الآتية:
1) إنَّ الإسلام يريد من المسلم والمسلمة أن يكون لكل منهما شخصيةً مستقلة، وذلك بأن يأخذ عقيدته وعبادته، وأخلاقه وسلوكه، من المصدر الرباني لا من غيره، وبذلك تحصل له العزة والسعادة في الدارين، وإنَّ الأفكار والمناهج الأخرى غير صالحةً للتلقي منها واتباعها، لتحريفها وفسادها، وكفى بأهلها وأتباعها الضالين والمنحرفين دلالةً على عدم صلاحها وإصلاحها.
2) إنَّ التشبه بالكفار ضعفٌ وانهزامية، وعقدةُ نقصٍ سرت في أجسام بعض المسلمين في هذا العصر، بين الرجال والنساء على حدٍ سواء، وكأن عندنا من النقص والتخلف ما نحاولُ أن نمحوه بالتشبه بالكفار، واقتباس مناهجهم وأوضاعهم، وقد حكى ذلك المؤرخ "عبد الرحمن بن خلدون"، وعقد له فصلاً في مقدمته، فليرجع إليه[21]
3) إنَّ التشبه بالكفار لابد أن يورث عند المسلم نوعَ مودةٍ لهم، أو هو على الأقل مظنةُ المودة، فيكون مُحرماً من هذا الوجه، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -: (فإذا كانت المشابهة في أمور دنيوية تورثُ المحبة والموالاة، فكيف بالمشابهة في أمور دينية؟ فإنَّ إفضاءها إلى نوع من الموالاة أكثر وأشد، والمحبة والموالاة لهم تنافي الإيمان) [22].
فليعلم هذا من يتشبه بالإفرنج في لباسهم أو سلوكهم، وعاداتهم وغير ذلك مما يشعرُ بالميل إلى حبهم والإعجاب بهم، ويزدري المسلمين المتمسكين بما هم عليه من لباس وسلوك وعادات.
4) الضابط في موضوع التشبه بالكفار، هو ما ذكرهُ شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – من أنَّ كل فعلٍ مأخوذ عن الكفار ممَّا هو من خصائصهم فهو تشبه.
أما ما انتشر بين المسلمين مما لا يتميزُ به الكفار، ففي كونه تشبهاً نظر، لكن قد ينهى عنه لئلا يكون ذريعةً إلى التشبه، وإذا عارض هذا الفعل نصاً من نصوص الشريعة أو أصلاً، أو ترتب عليه مفسدةً فإنَّه ينهى عنه لذلك.
والشريعة إذا نهت عن التشبه بالكفار دخل في النهي، ما عليه الكفار قديماً وحديثاً، وبهذا نعلم أنَّ ما عليه الكفار في هذا الزمان من الأخلاق والعادات التي تختص بهم، مما لم يكن معروفاً من قبل فنحنُ منهينَ عنه [23].
[1] انظر: فتح الباري (3/405).
[2] الموطأ (1/328)، وانظر: جامع الأصول (3/23).
[3] النظر: مجموع فتاوى ابن تيمية (15/371).
[4] فتاوى معاصرة ص31.
[5]تفسير ابن كثير (6/471). وانظر تفسير آيات الحجاب ص15.
[6] أخرجه أحمد (5/205)، والبيهقي (2/234) وله شاهد من حديث دحية نفسه أخرجه أبو داود وغيره وفيه مقال. انظر: عون المعبود (11/174)، وحجاب المرأة للألباني ص60، ط الخامسة.(5/784)
[7] أخرجه الطبراني في الصغير (2/127) من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال الألباني. بسند صحيح. حجاب المرأة ص56. وأما حديث أبي هريرة رضي الله عنه فسيأتي إن شاء الله.
[8] مجموع الفتاوى (22/146).
[9] مجلة الوعي الإسلامي الكويتية عدد 140 شعبان 1396هـ ص92.
[10] أخرجه البخاري (10/256)، والنسائي (8/207).
[11] أخرجه أبو داود (4/157)، وأحمد 02/325)، والنسائي في عشرة النساء رقم 371. الناشر: مكتبة السنة. وقال النووي: إسناده صحيح (رياض الصالحين ص527).
[12] أخرجه البخاري (10/258)، ومسلم (14/304) دون قوله: فقالت أم سلمة . . الخ، وأخرجه الترمذي بتمامه (5/406)، والنسائي (8/209).
[13] أخرجه البخاري (10/333)، وأبو داود (11/156)، والترمذي (8/69)، وابن ماجة (1/614). ولفظه يختلف.
[14] أخرجه أبو داود (11/157) ورجاله ثقات غير ابن جريح فإنه ملس وقد رواه بالعنعنة لكن له شواهد ذكرنا بعضها فهو حسن. وانظر: جامع الأصول (10/655) .
[15] انظر: بهجة النفوس لابن أبي حمزة (4/14) .
[16] مجموع فتاوى ابن تيمية (22/146).
[17] أخرجه أبو داود (11/74)، وأحمد (2/50، 92). وإسناد جيد قاله شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -. انظر: اقتضاء الصراط المستقيم ص82، وفتح الباري (10/222)، وتخريج أحاديث إحياء علوم الدين للعراقي (1/269) بهامش الإحياء.
[18] انظر: اقتضاء الصراط المستقيم ص83 تحقيق: محمد حامد الفقي.
[19]) سبل السلام (4/348) طبع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
[20] أخرجه مسلم (14/297)، وأبو داود (11/118)، والنسائي (8/203، 204)، والحاكم (4/190)، وغيرهم والرواية المذكورة للنسائي.
[21] انظر: مقدمة ابن خلدون ص147. واقرأ في كتاب (اقتضاء الصراط المستقيم) فهو مرجع أساسي في موضوع التشبه. وانظر: مجموع الفتاوى (22/154)
[22] اقتضاء الصراط المستقيم (1/39، 40، 489) .
[23] المصدر السابق (1/242) .
ـــــــــــــــــــ
ما يتعلق بنوعية اللباس
تقدم أنَّ الإسلام اعتنى بلباس المرأة أكثر من الرجل، فوضع شروطاً لكيفية التفصيل، وكيفية اللبس، ووضع شروطاً لنوعية اللباس الذي تختاره المرأة، وأحبُّ قبل أن أدخل في بيان شروط نوعية اللباس، أن أنبه المرأة إلى ما انتشر أخيراً من رسمِ الصليبِ بأشكالٍ مختلفة على ملابس النساء الجاهزة وغير الجاهزة، وكذا الأطفال، ومعلومٌ أن الصليب هو شعار النصارى، وقد ورد النهي عنه في عدة أحاديث منها: حديث دقرة أم عبد الرحمن بن أذينة قالت: كنت أمشي مع عائشة في نسوة بين(5/785)
الصفا والمروة، فرأت امرأةً عليها خميصة فيها صليب، فقالت لها عائشة: ((انزعي هذا من ثوبك، فإنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رآه في ثوبٍ قضبه)) [1].
فعلى المرأة أن تحذر ذلك، وأن ترفض مثل هذه الملابس، وأن تنتبه حال شرائها، فإذا حصل ذلك من كل امرأةٍ عرف البائع وصاحب السلعةِ يقظة المسلمين، فراعى مشاعرهم، لئلا تكون بضاعته مزجاة يردها كل من رآها.
أما شروط نوعية لباس المرأة فمنها ما يلي :
- ألا يكون اللباس زينة في نفسه
وأعني بذلك الثياب الظاهرة، فالمرأة منهيةٌ عن الثياب إذا كانت تلفت أنظار الرجال إليها، لعموم قوله تعالى: (( وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ )) .
فإذا نهيت عن إبداءِ الزينة، فكيف تلبس ما هو زينة ؟ ولأنَّ ذلك داخلٌ في التبرج، فإن تعريفه (أن تبدي المرأة من زينتها ومحاسنها وما يجبُ عليها ستره ما يستدعى به شهوة الرجل)، ولا ريب أن خروج المرأة بملابسها الجميلة، من أكبر أسباب الفتنة وعوامل الفساد، والله يقول: ((وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى )) (سورة الأحزاب :33) .
وعلى هذا فمتى اختارت المرأة ثيابها من الألوان الجذابة، لكي تلذّ بها أعين الناظرين من الرجال، فهذا من مظاهر التبرج الجاهلي!
يقول المودودي – رحمه الله - : (إنَّ كلمةَ (التبرج) إذا استعملت للمرأة كان لها ثلاثة معان):-
* أن تبدي للأجانب جمال وجهها ومفاتن جسدها.
* أن تبدي لهم محاسن ملابسها وحليها.
* أن تبدي لهم نفسها بمشيتها وتمايلها وترفلها وتبخترها.
وهذا عين ما شرح به هذه الكلمة أكابر علماء اللغة والتفسير، ثم ذكر بعضاً من أقوالهم [2].
ولقد حذر الإسلام من التبرج – كما تقدم – إلى درجة أنه قرنه بالشرك والزنى والسرقة والقتل وغيرها من المحرمات، ففي حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو – رضي الله عنه – قال: جاءت أميمة بنت رقيقة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تبايعهُ على الإسلام فقال: (( أبايعك على ألا تشركي بالله شيئاً ولا تسرقي ولا تزني، ولا تقتلي ولدك، ولا تأتي ببهتان تفترينه بين يديك ورجليك ولا تنوحي ولا تتبرجي تبرج الجاهلية الأولى)) [3].
فعلى المرأة المسلمة أن تحذرَ ثياب الزينة الظاهرة ولو كانت في منزلها عند زوجها، إذا حضر بعض أقارب الزوج كأخيه وعمه وابن أخيه ونحوهم، وهذا يختلفُ عن اللباس لزوجها، فلها أن تلبس ما شاءت عنده مهما بلغ من الزينة، ما لم يصل إلى حد الإسراف، كما أنه لا مانع من لباس الزينة إذا سترته بالعباءة لحضور مناسبة من المناسبات إذا لم يرها الرجال الأجانب والله أعلم.
- ألا يكون شفافاً يصف ما تحته
وهذا - كما سبق - لأنَّ القصد من اللباس الستر، وذلك لا يحصلُ إلا بالصفيق، لأنَّ الشفاف يزيد المرأة زينة وجمالاً، وليس اللباس الذي يشفُّ عن الجسم، ويفضح(5/786)
العورات بلباس في نظر الإسلام، فلباسُ المرأة لابدَّ أن يكون صفيقاً، لئلا تفتن غيرها بمحاسن جسمها، ومنه يعلم أنه لا يجوز للمرأة لباس الشراب الشفاف.
كما لا يجوزُ لبس الخمار "أي الغدفة أو الطرحة" إذا كان خفيفاً لا يستر الرأس والوجه، لأنَّ الله تعالى قال: ((وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ )) (سورة النور :31) .
والخمارُ ما تخمر به المرأة رأسها وتغطيه به، ويلزم منه ستر الوجه، وما كان خفيفاً فإنَّهُ لا يؤدي المقصود، بل هو إلى الفتنة أقرب، ولما سئلت عائشة – رضي الله عنها – عن الخمار، قالت: ((إنما الخمار ما وارى البشرة والشعر)) [4].
وانظري – أيتها المرأة – إلى نساء الصحابة – رضي الله عنهن أجمعين – كيف تلقين هذا الأمر في الآية برحابة صدر، وسرعة تنفيذٍ، وهنّ طائعاتٍ راغباتٍ فغطين وجوههن وصدورهنَّ بالخمار الساتر، تقول عائشة – رضي الله عنها -: ("يرحم الله نساء المهاجرات الأول لما أنزل الله : ((وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ )). شققن مروطهنَّ فاختمرنَ بها)) وفي رواية أبي داود: (( شققن أكنف مروطهن فاختمرن بها)) [5].
قال العيني : (فاختمرن بها: أي غطين وجوههن بالمروط التي شققنها).
قال الخطابي : ( المروط أكسيةً من صوف وأحدها مرط وقولها (أكنَف) معناه: استر واغلظ ) [6].
فما ذكرناه دليلٌ على أنَّ خمار المرأة لابدَّ أن يكون صفيقاً يستر الوجه والرأس والعنق والصدر، كما فعلت نساء الصحابة – رضي الله عنهن – وقد ورد الوعيد الشديد فيمن تلبس لباساً خفيفاً لا يستر ما أمر الله بستره، فقد ورد عن عبد الله بن عمرو – رضي الله عنه – قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( سيكون في آخر أمتي نساء كاسياتٍ عارياتٍ على رؤوسهن كأسنمة البخت، ألعنوهن فإنهن ملعونات")([7]). وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة : (( لا يدخلنَّ الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها لتوجد من مسيرة كذا وكذا)) [8].
وعن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : (( استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فزعاً يقول: سبحان الله! ماذا أنزل الله من الخزائن، وماذا أنزل من الفتن؟ من يوقظ صواحب الحجرات – يريد أزواجه – لكي يصلين؟ رُبًّ كاسية في الدنيا عارية في الآخرة)) [9].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : (وقد فسر قوله: (كاسيات عاريات) بأن تكتسي ما لا يسترها، فهي كاسية، وهي في الحقيقة عارية ! مثل أن تكتسي الثوب الرقيق الذي يصف بشرتها، أو الثوب الضيق الذي يبدي تقاطيع خلقها، مثل عجيزتها وساعدها ونحو ذلك، وإنما كسوة المرأة ما يسترها، فلا يبدي جسمها، ولا حجم أعضائها لكونه كثيفاً واسعاً) [10].
وقد ذكر في غذاء الألباب، أنَّه يجوزُ للمرأة أن تلبس ما يصفُ بشرتها لزوجها، لأنَّه يباحُ له النظر لجميع بدنها، ويكره أن تلبس خفيفاً ولو في بيتها، ولكن التعبيرُ بالكراهة في اللباس الخفيف فيه نظر، إلاَّ إن كان المرادُ كراهة التحريم، كما كان(5/787)
يعبر به سلف هذه الأمة، حيث يطلقون لفظ أي (الكراهة) ويريدون (التحريم) من باب الورع كما ذكر ذلك ابن القيم – رحمه الله تعالى – [11].
- ألا يكون لباس شهرة
فلا يجوز لامرأة مسلمة أن تختار من ألوان الثياب ما ترضي به رغبة الدعَاية، ولا يتعلقَ بضرورة اللباس، أو حسنه وجماله في حدود المباح، وإنما لأجل أن يرفع الرجال إليها أبصارهم، وتفتن تلك النظرات الجائعة! وقد ورد عن عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من لبس ثوب شهرة في الدنيا ألبسة الله ثوب مذلة يوم القيامة ثم ألهب فيه ناراً)) [12].
قال ابن الأثير: ( ثوب الشهرة: هو الذي إذا لبسه الإنسان افتضح به واشتهر بين الناس) [13].
وقال الشوكاني : ( والحديث يدل على تحريم لبس ثوب الشهرة، وليس هذا الحديث مختصاً بنفيس الثياب، بل قد يحصل ذلك لمن يلبس ثوباً يخالف ملبوس الناس من الفقراء، ليراه الناس فيتعجبوا من لباسه ويعتقدوه) [14].
وقد ظهر في هذا العصر على النساء أنواع من لباس الشهرة، ترفع له الأبصار، وهو علامةٌ على نقص الإيمان، وضعف الوازع الديني، والإفلاس في عالم القيم، وهو شاهدٌ على قصور النظر، وقلة الإدراك، كما أنَّهُ دليلٌ على ضعيف القوامة، وفقد التربية الإسلامية الأصيلةِ من أب أو زوج أو غيرهما. فإلى الله المشتكى !
وقد ذكر العلماءُ أنه يكرهُ للإنسان مخالفةَ زي بلدهِ، وأن ذلك داخلٌ في لباس الشهرة، بل قال بعضهم يحرمُ ذلك، فينبغي للإنسان أن يلبس لباسَ بلده إذا كان موافقاً للشرع، لئلاَّ يشارَ إليه بالأصابع، لأنَّ لباس غير أهل بلده ربما يزري بصاحبه وينقص مروءته.
قال ابن عبد البر : ( كان يقال: كل من الطعام ما اشتهيت، والبس من الثياب ما اشتهى الناس).
وعقد ذلك بعض الشعراء في قوله :
إن العيون رمتك مُذ فاجأتها وعليك من شهر اللباس لباس
أما الطعام فكل لنفسك ما اشتهت واجعل لباسك ما اشتهاه الناس [15].
[1] أخرجه أحمد في المسند (6/225)، قال في بلوغ الأماني (17/285) سنده جيد. و(دقرة) بالقاف ما في الإصابة (12/247) ، وانظر: فتح الباري (10/385) . ومعنى : (قضبه) أي: قطعة . قال في تحفة الأحوذي: (8/492) الصليب : كل ما كان على شكل خطين متقاطعين. أهـ.
[2] تفسير آيات الحجاب ص13.
[3] أخرجه أحمد (2/196) قال في مجمع الزوائد (6/37) : رواه الطبراني ورجاله
ثقات وحسن الألباني إسناده. انظر: حجاب المرأة ص55.
[4] ذكره البيهقي معلقاً (2/235). وانظر حجاب المرأة ص58.
[5] أخرجه البخاري (8/489)، وأبو داود (11/159).
[6]عمدة القاري (15/348)، وغريب الحديث للخطابي (2/576). طبع المركز العام بجامعة أم القرى.(5/788)
[7] تقدم تخريجه.
[8] أخرجه مسلم (14/356) وسيأتي بتمامه إن شاء الله.في أحكام الشعر
[9] أخرجه البخاري (13/20) وقد أخرجه في عدة مواضع – كعادته رحمه الله – وإنما أحلت على هذا الموضع وهو في كتاب الفتن لأن ابن حجر – رحمه الله – شرح الحديث هنا . وانظر أيضاً : الفتح (1/210)، وأخرجه الترمذي (6/439).
[10] مجموع الفتاوى (22/146). وانظر: التمهيد لابن عبد البر (13/204) تحقيق: محمد الفلاح، وفتح الباري (13/23).
[11] غذاء الألباب للسفا ريني (2/164)، مطبعة الحكومة 1393هـ. وانظر: إعلام الموقعين لابن القيم (1/29، 43) تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد.
[12] أخرجه أبو داود (11/72)، وابن ماجة (2/1192)، وأحمد (2/139) وإسناده حسن. انظر: صحيح ابن ماجة للألباني (2/284).
[13] جامع الأصول (10/658).
[14] نيل الأوطار (2/126).
[15]الآداب الشرعية لابن مفلح (3/527) الناشر: مؤسسة قرطبة، غذاء الألباب (2/163).
ـــــــــــــــــــ
لباس المرأة في الصلاة
للصلاة شأن كبير، فهي صلة بين العبد وربه، يقف المصلي بين يدي الله تعالى يناجيه، فينبغي أن يكون المصلي في هذا المقام على أحسن هيئة وأتم حال.
وقد انعقد إجماع أهل العلم على الأمر بستر العورة في الصلاة، وذلك بلبس لباس الزينة الساترة، التي منّ الله بها على عباده، قال تعالى : (( يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد)) [الأعراف: 31].
قال في فتح الباري: ( وقد ذهب الجمهور إلى أن ستر العورة من شروط الصلاة) [1].
قال بيَّن الدين الإسلامي لباس المرأة في الصلاة، وما ينبغي أن تكون عليه حالُ أداء هذه العبادة العظيمة.
فعن عائشة – رضي الله عنها – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار)) [2]. فدل الحديث على أنَّ المرأة لا تقبل صلاتها إلا بخمار يستر رأسها.
والمراد بالحائض المكلفة التي بلغت، وليس المراد بها من هي في أيام حيضها، لأنَّ الحائض ممنوعةً من الصلاة، وعبر بالحيض نظراً إلى الأغلب، وإلاَّ فلو تكلفت بالاحتلام – مثلاً – شملها الحكم المذكور[3] ودلّ الحديث بمفهومه على أن غير البالغة إذا صلت لا يلزمها أن تصلي بخمار.
وقد وردت آثارٌ تدل على أن صلاة المرأة في الدرع وهو القميص والخمار – كان أمراً معروفاً لدى السلف الصالح، فقد أخرج عبد الرازق في مصنفه وابن أبي شيبة عن عائشة – رضي الله عنها – أنها سُئلت في كم تُصلي المرأة من الثياب؟ فقالت له:(5/789)
اسأل عليّا ثم ارجع إليّ فأخبرني بالذي يقول لك. قال: فأتى عليّا فسأله فقال: في الخمار والدرع السابغ، فرجع إلى عائشة فأخبرها، فقالت: صدق.
وروى عبد الرازق من طريق أم الحسن قالت: (( رأيت أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تصلي في درع وخمار)) وإسناده صحيح [4].
وينبغي للمرأة أن تصلي في درعٍ سابغ يغطي قدميها، وخمار يغطي رأسها وعنقها، وجلبابٌ تلتحف بهِ من فوق الدرع، والغرض من ذلك الستر، لأنَّ الجلباب تجافيه راكعة وساجدة، لئلاَّ تصفها ثيابها، فتبين عجيزتها ومواضع عورتها، وقد روى ابن أبي شيبة عن ابن عمر – رضي الله عنهما -، قال: (( إذا صلت المرأة فلتصلِّ في ثيابها كلها)) : الدرع والخمار والملحفة [5] .
والملحفة: هو الثوب تلتحف به المرأة فوق ثيابها، ويُسمى الجلباب والملاءة، ويعرف عند نسائنا (بالجلال) : وهي كلمة عربية فصيحة، جمعها أجلة([6]).
ووجه المرأة ليس بعورةٍ في الصلاة، إلاَّ إذا كان بحضرتها أجانب ليسوا من محارمها، كأخي زوجها وابن عمها، فيجب عليها سترة، لأنَّه عورة في باب النظر.
أما الكفان والقدمان فقد ذكر شيخ الإسلام – رحمه الله – أنَّه لا يلزمُ سترهما في الصلاة فليسا بعورة، قال في الإنصاف: وهو الصواب [7].
وأما حديث أم سلمة أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم : أتصلي المرأة في درع وخمار ليس عليها إزار، قال: (( إذا كان الدرع سابغاً يغطي ظهور قدميها)) . فهذا وإن دل على وجوب ستر القدمين في الصلاة، لكن ضعفهُ كثيرٌ من أهل العلم، وقالوا: أنَّه لا يصحُ لا مرفوعاً ولا موقوفاً فلا تقوم به حجة([8]).
فأمرها بتغطية يديها وقدميها في الصلاة إذا لم يكن عندها أجانب يحتاج إلى دليل، وإنَّما هي مأمورةٌ بالخمار مع القميص، لكن عموم قوله صلى الله عليه وسلم : ((المرأة عورة)) [9]. يدل على أن سترهما في الصلاة أحوط، والله أعلم.
قال في المغني: (ويكره أن تنتقب المرأة وهي تصلي. لأنَّه يخلُ بمباشرة المصلّى بجبهتها وأنفها، ويجري مجرى تغطية الفم للرجل، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه)[10].
وعلى المرأة إذا صلّت وعندها غير محارمها، أو يمر عليها أجانب كما في المسجد الحرام أن تستر جميع بدنها بما في ذلك الوجه والكفان والقدمان، لا لأجل الصلاة، وإنما لأجل النظر؛ لأنَّ عورة النظر ليست مرتبطةً بعورة الصلاة، فهذا نوع، وهذا نوع، وأخذ الزينة في الصلاة إنَّما هو لحق الله تعالى، ولهذا لا يجوز أن يصلي عرياناً ولو كان وحده، وزينة الصلاة غير الزينة خارج الصلاة، فقد يسترُ المصلي في الصلاة ما يجوزُ إبداؤه في غير الصلاة، فالمرأة تلبس الخمار على رأسها في الصلاة ولو كانت عند زوجها ومحارمها، ولا تختمر عندهم إذا كانت في غير الصلاة. وكذلك الوجه والكفان والقدمان، ليس لها أن تبدي شيئاً منهما للأجانب، وأما سترهما في الصلاة فلا يجب، بل تكشف وجهها إذا لم يكن عندها أجانب كما تقدم[11]. والله أعلم.
[1] فتح الباري (1/466).(5/790)
[2] أخرجه أبو داود ( 2/245) الترمذي (2/377)، وابن ماجة (1/215) وقال الترمذي: حديث حسن.
[3] النهاية في غريب الحديث (1/469).
[4] انظر المصنف: عبد الرازق (3/128) وابن أبي شيبة (2/224)، وانظر: تمام المنة للألباني 161-261 الطبعة الثانية.
[5]أخرجه ابن أبي شيبة (2/225).بإسناد صحيح، وانظر: المغني (1/602)، الناشر: مكتبة الرياض الحديثة. وحجاب المرأة ص62.
[6] لسان العرب (11/119)، فتح القدير للشوكاني (4/304)، الصحاح (4/426).
[7] مجموع الفتاوى (22/115، 117، 118)، الإنصاف للمر داوي (1/452) تحقيق: محمد حامد الفقي.
[8] إرواء الغليل (1/303)، السيل الجرار للشوكاني (1/161).
[9] أخرجه الترمذي (4/337) وقال: هذا حديث حسن غريب، وفي التحفة: صحيح.
[10]المغني (1/603) .
[11]مجموع الفتاوى (22/113، 114) .
ـــــــــــــــــــ
أيها الباكون على المرأة .. كفى خداعا
...
...
الثلاثاء:01/01/2002
(الشبكة الإسلامية) الشيخ فاروق الرحماني (رحمه الله)
الشبكة الإسلامية >> المركز الإعلامي >> الأسرة >> تحرير .. أم تغرير
...
...
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أما بعد:
فإن أعظم العلل وأشدها خطرًا على جسد الأمة ؛ هي تلك الأمراض الاجتماعية التي تفتك بالمجتمعات وتسقط الدول ؛ كما أن أسرع التغيرات وأجلها نفاذًا إلى نخاع الأمة تلك التغيرات الاجتماعية ، خاصة في مجال المرأة . وقد قال أحد أقطاب الاستعمار: " كأس وغانية تفعلان في تحطيم الأمة المحمدية ما لا يفعله ألف مدفع".
فهذا المعز الفاطمي ما يزال يرنو إلى فتح مصر متهيبًا غزوها ، حتى بلغه استهتار نساء الأخشيد في مصر ، فتحرك لغزوها وقال : اليوم فتحت مصر ؛ اليوم لا يردنا عنها شيء .
ولأجل ذلك كانت قضية المرأة قضية خطيرة ، وما زال أعداء الأمة يستغلونها ؛ منذ قال جلاد ستون رئيس وزراء بريطانيا في عصره : " لا يمكن أن تتقدم بلاد الشرق إلا بأمرين:
الأول : أن يُرفع الحجاب عن المرأة المسلمة.
الثاني : أن يُغَطى بالحجاب القرآن الكريم .(5/791)
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال : [ إن الدنيا حلوة خضرة ، وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعلمون ، فاتقوا الدنيا ، واتقوا النساء ، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء ].
إنما النساء شقائق الرجال
وليس معنى ذلك أن المرأة رجس ونجس كما هي عند اليهود والنصارى وغيرهم ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : [ إنما النساء شقائق الرجال ].
- شقائق في الأصل والخلقة ، شقائق في أصل التكليف ، شقائق في جزاء الآخرة.
أما دعاة المساواة الذين باعوا عرض المرأة ، وكرامتها وعفتها وأنوثتها ، وأخرجوها من بيتها موضع كرامتها لكنس الشوارع ، وحمل الأمتعة ، وقيادة سيارات الأجرة .. وغير ذلك من الأعمال الحقيرة الممتهنة ؛ بحجة أن المرأة نصف المجتمع ، فكذبوا . فإن المرأة هي المجتمع كله والأمة بأسرها ؛ لأنها تلد لنا النصف الآخر ؛ فهي أم الرجل وأخته وزوجه وابنته .
أيتها الأخت المسلمة .. انتبهي فأنت الضحية ، إنهم يخدعونك بتلك المفاهيم الخاطئة والأفكار الخبيثة تحت عناوين براقة مثل :" تحرير المرأة - مكانة المرأة - عمل المرأة - جمال المرأة " .. احذري استدراجهم ، تمسكي بالحجاب ، فإنهم كانوا لا يطلبون منك أكثر من كشف وجهك ، وبحجة أن كشف الوجه مختلف فيه ، غير أنهم يعلمون علم اليقين - بحكم التجارب الطويلة العديدة- أنك يوم تكشفين عن وجهك ، ويذهب ماؤه وحياؤه ستكشفين لهم عما عدا ذلك.
أيها الباكون ..
أما انتم أيها الراثون الباكون على المرأة وحقوقها ، فإنكم لا ترثون لها بل ترثون لأنفسكم ، وتبكون على ما يُحال بينكم وبينه من شهواتكم ، هذِّبوا رجالكم قبل أن تهذبوا نساءكم ، فإن عجزتم عن الرجال ، فأنتم عن النساء أعجز .
لقد عاشت المرأة القطرية حقبةً من دهرها هادئة مطمئنة في بيتها ، راضية عن نفسها وعن عيشها ، ترى السعادة كل السعادة في واجب تؤديه لنفسها ، أو وقفة تقفها بين يدي ربها ، أو عطفة تعطفها على ولدها ، أو جلسة تجلسها إلى جارتها ؛ تبثها ذات نفسها وتستبثها سريرة قلبها ، وترى الشرف كل الشرف في خضوعها لأبيها ، وائتمارها بأمر زوجها ، ونزولها عند رضاهما ، وكانت تفهم معنى الحب ، وتجهل معنى الغرام ، فتحب زوجها ؛ لأنه زوجها كما تحب ولدها لأنه ولدها ، فإن رأى غيرها من النساء أن الحب أساس الزواج رأت هي أن الزواج أساس الحب ، فقلتم لها : إن هؤلاء الذي يستبدون بأمرك من اهلك ليسوا بأوفر منك عقلاً ولا أفضل رأيًا ولا أقدر على النظر لك من النظر لنفسك ، فلا حق لهم في هذا السلطان الذي يزعمونه لأنفسهم عليك ، فازدرت أباها ، وتمردت على زوجها ، وأصبح البيت الذي كان بالأمس عرسًا من الأعراس الضاحكة ، مناحة قائمة لا تهدأ نارها ، ولا يخبو أوارها .
وقلتم لها : " لا بد لك أن تختاري زوجك بنفسك ؛ حتى لا يخدعك أهلك عن سعادة مستقبلك " فاختارت لنفسها أسوأ مما اختار لها أهلها ، فلم يزد عمر سعادتها عن يوم وليلة ، ثم الشقاء الطويل بعد ذلك والعذاب الأليم ، وقلتم لها : " إن الحب أساس(5/792)
الزواج " فما زالت تقلب عينيها في وجوه الرجال مصعدة مصوبة حتى شغلها الحب عن الزواج فغنيت به عنه ، وقلتم لها : " إن سعادة المرأة في حياتها أن يكون زوجها عشيقها " وما كانت تعرف إلا أن الزوج غير العشيق ، فأصبحت تبغي كل يوم زوجًا جديدًا يحيي من لوعة الحب ما أمات الزوج القديم ، فلا قديمًا استبقت ، ولا جديدًا أفادت ، وقلتم لها : " لا بد أن تتعلمي لتحسني تربية ولدك ، والقيام على شؤون بيتك ، فتعلمت كل شيء إلا تربية ولدها والقيام على شؤون بيتها ، وقلتم لها " " نحن لا نتزوج من النساء إلا من نحبها ونرضاها ويلائم ذوقها ذوقنا وشعورها شعورنا " فرأت أن لا بد لها أن تعرف مواقع أهوائكم ومباهج أنظاركم لتتجمل لكم بما تحبون ، فراجعت فهرس حياتكم صفحة صفحة فلم تر فيه غير أسماء الخليعات المستهترات والضاحكات اللاعبات ، والإعجاب بهن والثناء عليهن ؛ فتخلعت واستهترت لتكسب رضاكم وتنزل عند محبتكم ، فأعرضتم عنها ونبوتم ، فرجعت أدراجها خائبة منكسرة وقد أباها الرفيع وترفع عنها المحتشم .
فهل تودون أن تتحول المرأة المسلمة إلى هذه الصورة الساقطة بعد تلك الحياة العفيفة المطمئنة . نسأل الله أن يصلح أحوالنا ، وأن يستر عيوبنا .
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
ـــــــــــــــــــ
هذه نصيحتي يا ابنتي
...
...
الثلاثاء:01/01/2002
(الشبكة الإسلامية) علي الطنطاوي رحمه الله تعالى
الشبكة الإسلامية >> المركز الإعلامي >> الأسرة >> معاً .. نربي ونعلم
...
...
يا ابنتي ! أنا رجل، قد فارق الشباب، وودع أحلامه وأوهامه، ثم إني سحت في البلدان ولقيت الناس ، وخبرت الدنيا ، فاسمعي مني كلمة صحيحة صريحة من سني وتجاربي ، لم تسمعيها من غيري ، لقد كتبنا ونادينا ندعو إلى تقويم الأخلاق ، ومحو الفساد ، وقهر الشهوات ، حتى كلَّت منا الأقلام ، وكلَّت الألسنة ، وما صنعنا شيئاً، ولا أزلنا منكراً ، بل إن المنكرات لتزداد ، والفساد ينتشر ، والسفور والحسور والتكشف تقوى شِرَّتُهُ، وتتسع دائرته، ويمتد من بلد إلىبلد، حتى لم يبق بلد إسلامي (فيما أحسب) في نجوة منه، حتى الشام التي كانت فيها الملاءة السابغة، وفيها الغلو في حفظ الأعراض، وستر العورات، وقد خرج نساؤها سافرات حاسرات ، كاشفات السواعد والنحور !
ما نجحنا وما أظن أننا سننجح . أتدرين لماذا ؟
لأننا لم نهتد إلى اليوم إلى باب الإصلاح، ولم نعرف طريقه . إن باب الإصلاح أمامك أنت يا بنتي، ومفتاحه بيدك، فإذا أمنت أنت يا بنتي على دخوله صلحت الحال، صحيح أن الرجل هو الذي يخطو الخطوة الأولى في طريق الإثم، لا تخطوها المرأة(5/793)
أبداً، ولكن لولا رضاك ما أقدم، ولولا لينك ما اشتد، أنت فتحت له، وهو الذي دخل، قلت للص : تفضل.. فلما سرقك اللص ، صرخت: أغيثوني، يا ناس سُرقت ... ولو عرفت أن الرجال جميعهم ذئاب وأنت النعجة لفررت فرار النعجة من الذئب، ولو ذكرت أنهم جميعاً لصوص لاحترست منهم احتراس الشحيح من اللص.
وإذا كان الذئب لا يريد من النعجة إلا لحمها، فالذي يريده الرجل أعز عليك من اللحم على النعجة، وشر عليك من الموت عليها: عفافك الذي به تشرفين، وبه تفخرين، وبه تعيشين. وحياة البنت التي فجعها الرجل بعفافها، أشد بمئة مرة من الموت على النعجة التي فجعها الذئب بلحمها ... أي والله، وما رأي شاب فتاة إلا جردها بخياله من ثيابها، ثم تصورها بلا ثياب.
أي والله، أحلف لك مرة ثانية، ولا تصدقي ما يقوله بعض الرجال، من أنهم لا يرون في البنت إلا خلقها وأدبها، وأنهم يكلمونها كلام الرفيق، ويودونها ود الصديق كذب والله، ولو سمعت أحاديث الشباب في خلواتهم، لسمعت مهولاً مرعباً، وما يبسم لك الشاب بسمة، ولا يلين لك كلمة، ولا يقدم لك خدمة، إلا وهي عنده تمهيد لما يريد، أو هي إيهام لنفسه أنها تمهيد.
وماذا بعد ؟ ماذا يا بنت ؟ فكري!
تشتركان في لذة ساعة ، ثم ينسى هو، وتظلين أنت أبداً تتجرعين غصصها، يمضي (خفيفاً) يفتش عن مغفلة أخرى يسرق منها عِرضها، وينوء بك أنت (ثقل) الحمل في بطنك، والهم في نفسك، والوصمة على جبينك. يغفر له هذا المجتمع الظالم، ويقول : شاب ضل ثم تاب ، وتبقين أنت في حمأة الخزي والعار طول الحياة ، لا يغفر لك المجتمع أبداً !
ولو أنك إذ لقيته نصبت له صدرك، وزويت عنه بصرك، وأريته الحزن والإعراض ... فإذا لم يصرفه عنك هذا الصد، وإذا بلغت به الوقاحة أن ينال منك بلسان أو يد، نزعت حذاءك من رجلك، ونزلت به على رأسه، لو أنك فعلت هذا، لرأيت من كل من يمر في الطريق عوناً لك عليه، ولما جرؤ بعدها فاجر على ذات سوار، ولجاءك (إن كان صالحاً) تائباً مستغفراً، يسأل الصلة بالحلال: جاءك يطلب الزواج
والبنت مهما بلغت من المنزلة والغنى والشهرة والجاه، لا تجد أملها الأكبر وسعادتها إلا في الزواج، في أن تكون زوجاً صالحة، وأماً مرموقة، وربة بيت، سواء في ذلك الملكات والأميرات، وممثلات هوليود ذوات الشهرة والبريق الذي يخدع كثيرات من النساء، وأنا أعرف أديبتين كبيرتين في مصر والشام، أديبتين حقاً، جُمع لهما المال والمجد الأدبي، ولكنهما فقدتا الزواج، ففقدتا العقل، وصارتا مجنونتين، ولا تحرجيني بسؤالي عن الأسماء لأنها معروفة!
الزواج أقصى أماني المرأة ولو صارت عضوة البرلمان ،وصاحبة السلطان . والفاسقة المستهترة لا يتزوجها أحد . وحتى الذي يغوي البنت الشريفة بوعد الزواج ، إن هي غوت وسقطت، تركها وذهب إذا أراد الزواج، فتزوج غيرها من الشريفات، لأنه لا يرضى أن تكون ربة بيته وأم بنته، امرأة ساقطة.
والرجل إذا كان فاسقاً داعراً، إذا لم يجد في سوق اللذات بنتاً ترضى أن تريق كرامتها على قدميه، وأن تكون لعبة بين يديه، إذا لم يجد البنت الفاسقة أو البنت(5/794)
المغفلة، التي تشاركه في الزواج، على دين إبليس، وشريعة القطط في شباط، طلب أن تكون زوجته على سنة الإسلام . فكساد الزواج منكن يا بنات، لو لم يكن منكن الفاسقات ما كسدت سوق الزواج ولا راجت سوق الفجور ... فلماذا لا تعملن ؟ لماذا لا تعمل شريفات النساء على محاربة هذا البلاء ؟
أنتن أولى به ، وأقدر عليه منا لأنكن أعرف بلسان المرأة وطرق إفهامها لأنه لا يُذهب الفساد إلا أنتُنّ ؟ البنات العفيفات الشريفات ، البنات الصيّنات الدينّات في كل بيت من البيوت بنات في سن الزواج لا يجدن زوجاً ، لأن الشباب وجدوا من الخليلات ما يغني عن الحليلات، فألفن جماعات منكن من الأديبات، والمتعلمات ومدرسات المدرسة، وطالبات الجامعة، تعيد أخواتكن الضالات إلى الجادة ، فخوفنهن الله، فإن كن لا يخفنه فحذرنهن المرض، فإن كن لا يحذرنه، فخاطبنهن بلسان الواقع، قلن لهن: إنكن صبايا جميلات فلذلك يقبل الشباب عليكن، ويحومون حولكن، ولكن هل يدوم عليكن الصبا والجمال؟ ومتى دام في الدنيا شيء حتى يدوم على الصبية صباها، وعلى الجميلة جمالها؟
فكيف بكن إذا صرتن عجائز محنيات الظهور، مجعدات الوجوه؟! من يهتم يومئذ بكن ؟ ومن يسأل عنكن ؟
أتعرفن من يهتم بالعجوز ويكرمها ويوقرها؟ أولادها وبناتها، حَفَدَتها وحفيداتها. هنالك تكون العجوز ملكة في رعيتها، ومتوجة على عرشها على حين تكون (الأخرى) ... أنتن أعرف بما تكون عليه!
فهل تساوي هذه اللذات تلك الآلام ؟ وهل تُشترى بهذه البداية تلك النهاية؟
وأمثال هذا الكلام لا تحتجن إلى من يدلكن عليه، ولا تعدمن وسيلة إلى هداية أخواتكن المسكينات الضالات، فإن لم تستطعن ذلك معهن، فاعملن على وقاية السالمات من مرضهن، والناشئات الغافلات من أن يسلكن طريقهن.
وأنا لا أطلب منكن أن تعدن بالمرأة المسلمة اليوم بوثبة واحدة إلى مثل ما كانت عليه المرأة المسلمة حقاً، لا وإني لأعلم أن الطفرة مستحيلة في العادة، ولكن أن ترجعن إلى الخير خطوة خطوة، كما أقبلتن على الشر خطوة خطوة، إنكن قصرتن شعرة شعرة ، ورققتن الحجاب ، وصبرتن الدهر الأطول ، تعملن لهذا الانتقال ، والرجل الفاضل لا يشعر به ، والمجلات الداعرة تحث عليه والفساق يفرحون به حتى وصلنا إلى حال لا يرضى بها الإسلام، ولا ترضى بها النصرانية، ولم يعملها المجوس الذين نقرأ أخبارهم في التاريخ، إلى حال تأباها الحيوانات.
إن الديكين إذا اجتمعا على الدجاجة اقتتلا - غيرة عليها، وذوداً عنها - وعلى الشواطئ رجال مسلمون ، لا يغارون على نسائهم المسلمات أن يراهُنَّ الأجنبي ، لا أن يرى وجوههن ... ولا أكفهن ... ولا نحورهن ... بل كل شيء فيهن! كل شيء إلا الشيء الذي يقبح مرآه ويجمل ستره ، وهو العورتان ، وحلمتا الثديين ... وفي النوادي والسهرات ( التقدمية ) الراقية رجال مسلمون يقدمون نساءهم المسلمات للأجنبي، ليراقصهن ، ويضمهن حتى يلامس الصدر الصدر، والبطن البطن ، والفم الخد، والذراع ملتوٍ على الجسد ، ولا ينكر ذلك أحد ، وفي الجامعات المسلمة شبان(5/795)
مسلمون ، يجالسون بنات مسلمات متكشفات باديات العورات ولا ينكر ذلك الآباء المسلمون ولا الأمهات المسلمات.
وأمثال هذا كثير، لا يدفع في يوم واحد ولا بوثبة عاجلة، بل بأن نعود إلى الحق، من الطريق الذي وصلنا منه إلى الباطل ، وإن وجدناه الآن طويلاً - وإن من لا يسلك الطريق الطويل الذي لا يجد غيره لا يصل أبداً - وأن نبدأ بمحاربة الاختلاط. لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: [ لا يخلُوَنّ رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما ] رواه أحمد والترمذي والحاكم . وقال صلى الله عليه وسلم :
[ لا يخلون أحدكم بامرأة إلا مع ذي مَحرَم ] متفق عليه .
السفور إن اقتصر على الوجه - كما خلق الله الوجه - نقبل به - وإن كنا نرى الستر أحسن وأولى - وأما الاختلاط فشيء آخر، وليس يلزم من السفور أن تختلط الفتاة بغير محارمها، وأن تستقبل المرأة السافرة صديق زوجها في بيتها، أو أن تحييه إن لقيته في الترام، أو لقيته في الشارع، وأن تصافح البنت رفيقها في الجامعة، أو أن تصل الحديث بينها وبينه، أو أن تمشي معه في الطريق، وتستعد معه للامتحان وتنسى أن الله جعلها أنثى وجعله ذكراً ،وركّب في كلٍّ الميل إلى الآخر فلا تستطيع هي ولا هو ولا أهل الأرض جميعاً أن يغيروا خلق الله ، وأن ( يساووا ) بين الجنسين أو أن يمحوا من نفوسهم هذا الميل
وإن دعاة المساواة والاختلاط باسم المدنية قوم كذابون من جهتين :
كذابون لأنهم ما أرادوا من هذا كله إلا إمتاع جوارحهم ، وإرضاء ميولهم ، وإعطاء نفوسهم حظها من لذة النظر، وما يأملون به من لذائذ أُخر، ولكنهم لم يجدوا الجرأة على التصريح به، فلَبَسوه بهذا الذي يهرفون به من هذه الألفاظ الطنانة ، التي ليس وراءها شيء : التقدمية ، والتمدن ، والحياة الجامعية ، وهذا الكلام الفارغ ( على دويه ) من المعنى ، فكأنه الطبل .
وكذابون لأن أوروبا التي يأتمرون بها، ويهتدون بهديها، ولا يعرفون الحق إلا بدمغتها عليه ، فليس الحق عندهم الذي يقابل الباطل ولكن ما جاء من هناك :
من باريس ولندن وبرلين ونيويورك، ولو كان الرقص والخلاعة، والاختلاط في الجامعة ، والتكشف في الملعب، والعري على الساحل والباطل ما جاء من هنا: من الأزهر، والأموي، وهاتيك المدارس الشرقية، والمساجد الإسلامية ولو كان الشرف والهدى ، والعفاف، والطهارة، طهارة القلب وطهارة الجسد.
إن في أوروبا وفي أمريكا - كما قرأنا وحدثنا من ذهب إليها- أُسر كثيرات لا ترضى بهذا الاختلاط ولا تسيغه، وإن في باريز (باريس يا ناس) آباء وأمهات لا يسمحون لبناتهم الكبيرات أن يسرن مع شاب، أو يصحبنه إلى السينما، بل هم لا يدخلونهن إلا إلى روايات عرفوها وأيقنوا بسلامتها من الفحش والفجور، اللذين لا يخلو منهما - مع الأسف - واحد من هذه التهريجات والصبيانيات السخيفة التي تسميها الشركات الهزيلة الرقيعة الجاهلة بالفن السينمائي مثل جهلها بالدين، تسميها أفلاماً.
يقولون: إن الاختلاط يكسر شِرَّة الشهوة ، ويهذب الخلق، وينزع من النفس هذا الجنون الجنسي، أنا أُحيل الجواب على من جرب الاختلاط في المدارس، روسيا التي لا تعود إلى دين، ولا تسمع رأي شيخ ولا قسيس، ألم ترجع عن هذه التجربة لما رأت(5/796)
فسادها؟ وأمريكا، ألم تقرأوا أن من جملة مشاكل أميركا ازدياد نسبةالحاملات من الطالبات! فمن يسرُّه أن يكون في جامعات مصر والشام وسائر بلاد الإسلام مثل هذه المشكلة؟
وأنا لا أُخاطب الشباب ولا أطمع في أن يسمعوا إلي، أنا أعلم أنهم قد يردون علي ويسفهون رأيي، لأني أحرمهم من لذائذ ما صدقوا أنهم وصلوا إليه حقاً.
ولكن أخاطبكن أنتن يا بناتي المؤمنات الدينات، يا بناتي الشريفات العفيفات ..
إنه لا يكون للضحية إلا أنتن ، فلا تقدمن نفوسكن ضحايا على مذبح إبليس، لا تسمعن كلام هؤلاء الذين يزينون لكن حياة الاختلاط باسم الحرية والمدنية والتقدمية والحياة الجامعية، فإن أكثر هؤلاء الملاعين لا زوجة له ولا ولد، ولا يهمه منكن إلا اللذة العارضة، أما شأني فإني أبو أربع بنات ، فأنا حين أدافع عنكن أدافع عن بناتي، وأنا أريد لكنّ من الخير ما أريد لهن .
إنه لا شيء مما يهرف به هؤلاء يرد على البنت عرضها الذاهب، ولا يرجع لها شرفها المثلوم، ولا يعيد لها كرامتها الضائعة، وإذا سقطت البنت لم تجد واحداً منهم يأخذ بيدها، أو يرفعها من سقطتها، إنما تجدهم جميعاً يتزاحمون على جمالها ما بقي فيها جمال ، فإذا ولى ولوا عنها كما تولي الكلاب عن الجيفة التي لم يبق فيها مُزْعة لحم !
هذه نصيحتي إليك يا بنتي ..
وهذا هو الحق ..
فلا تسمعي لهم ، واعلمي أن بيدك أنت - لا بأيدينا معشر الرجال - بيدك مفتاح باب الإصلاح ، فإذا شئت أصلحت نفسك، وأصلحت بصلاحك الأمة كلها.
والسلام عليكم ورحمة الله.
ـــــــــــــــــــ
حكم لبس المرأة الجلباب القصير مع الجورب السميك، وحكم تغطيتها وجهها عند الأجانب
المفتي ... اللجنة الدائمة للبحوث العلمية و الإفتاء
رقم الفتوى ... 6996
تاريخ الفتوى ... 20/9/1425 هـ -- 2004-11-03
تصنيف الفتوى ...
السؤال ...
وصلتني رسالتكم المسجلة بتاريخ 24 ربيع الآخر 1408هـ، ولكم جزيل الشكر بالنسخة التي بعثتموها، ولكن كنت أريد بالنسبة للجلباب القصير المرتفع عن أخمص القدم شبرًا فقط، ويلبس عليه جورب سميك جدًا، لا ترى الرجل من خلاله، ما لونها، ولا أعتبر أن هذه المنطقة من الساق عورة؛ لأنها غير مرئية، ففي رأي الإمام الشافعي إنه جائز، ويوجد هذا الدليل في فقه العبادات للأئمة الأربعة المخصص للجلباب، وأنتم بعثتم إلى عن حجاب المرأة ككل، وجزاكم الله كل خير، إني أريد الجواب بالتحديد بكلمة واحدة (جائز أم غير جائز)، ويوجد نسبة كبيرة من أخواتنا المرضعات يرتدين هذا الجلباب مع النقاب، الذي يوضع على الرأس والحمد لله(5/797)
بالنسبة للعبادة تؤدى على أكمل وجه إن شاء الله من ناحية حفظ القرآن والتسبيح الدائم، وصلاة النوافل، فنحن يا أخي والله أصبحنا في شك بالنسبة للحجاب، مع أن هذه تعتبر شكليات، والمهم هو الجوهر، إنه المظهر الخارجي له تأثير بالنسبة لنا، فنحن مثلاً، نستمع لجماعة الجلباب القصير نجد التزام بالدين بشكل لا يعقل، ونستمع للجلباب الطويل الفضفاض فنراه أيضًا التزام، فتصبح عندنا حيرة الجلباب الطويل الذي يجر على الأرض أم الجلباب القصير الذي يرتفع شبرًا عن القدم، ولا يرى شيء من الساق أفادكم الله أفيدونا، وعلى فكرة بعثتم لنا بكتاب الحجاب والسفور ونكاح الشغار، ويوجد بداخله الحديث الذي يقول: ((يا أسماء: متى بلغت المرأة المحيض فلا يرى منه إلا هذا وهذا))، يعني الوجه والكفين، وأنتم تقولون بأنه حديث ضعيف، فكيف هذا ونحن على هذا الحديث سائرون حسب ما ورد في الكتاب والسنة.
الجواب ...
أولاً: يجب على المرأة أن ترتدي الجلباب الطويل الذي يستر قدميها؛ لما روى أبو داود والترمذي والنسائي، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله له يوم القيامة))، فقالت أم سلمة: فكيف يصنع النساء بذيولهن؛ قال: ((يرخين شبرًا))، فقالت أم سلمة: إذًا تنكشف أقدامهن، قال: ((فيرخين ذراعًا لا يزدن))، وفي رواية أبي داود قال: (رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمهات المؤمنين في الذيل شبرًا، فاستزدنه فزادهن شبرًا، فكن يرسلن إلينا فنذرع لهن ذرعًا)، وفي (الموطأ) و(سنن أبي داود والنسائي)، عن أم سلمة رضي الله عنها قالت حين ذكر الإزار: فالمرأة يا رسول الله، قال: ((ترخيه شبرًا)) قالت أم سلمة: إذًا ينكشف عنها، قال: ((فذراعًا لا تزيد عليه)).
ثانيًا: القول الصحيح وجوب تغطية الوجه والكفين عن الرجال الأجانب.
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مصدر الفتوى: فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء - (ج 17/ ص 96) [ رقم الفتوى في مصدرها: 11253]
ـــــــــــــــــــ
حكم تخصيص حجاب المرأة المسلمة باللون الأسود
المفتي ... اللجنة الدائمة للبحوث العلمية و الإفتاء
رقم الفتوى ... 7014
تاريخ الفتوى ... 20/9/1425 هـ -- 2004-11-03
تصنيف الفتوى ...
السؤال ...
حجاب المرأة المسلمة هل هو خاص باللون الأسود أو عام في كل الألوان؟
الجواب ...(5/798)
لباس المرأة المسلمة ليس خاصًا باللون الأسود، ويجوز لها أن تلبس أي لون من الثياب، إذا كان ساترًا لعورتها، وليس فيه تشبه بالرجال، وليس ضيقًا يحدد أعضاءها، ولا شفافًا يشف عما وراءه، ولا مثيرًا للفتنة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مصدر الفتوى: فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء - (ج 17/ ص 108) [ رقم الفتوى في مصدرها: 5089]
ـــــــــــــــــــ
من تزوج بامرأة فرفضت أن تلبس الحجاب
المفتي ... اللجنة الدائمة للبحوث العلمية و الإفتاء
رقم الفتوى ... 7017
تاريخ الفتوى ... 20/9/1425 هـ -- 2004-11-03
تصنيف الفتوى ...
السؤال ...
في بعض الدول حجاب المرأة المسلمة نادرًا، فرجل تزوج امرأة مسلمة ولم ترض أن تلبس الحجاب، فهل يطلقها أو ماذا يفعل؟ وآخر مسلم تزوج بامرأة كتابية، ولم ترض أيضًا أن تلبس الحجاب فما الحكم؟
الجواب ...
المرأة التي امتنعت من تستر عورتها عن الرجال الأجانب تعتبر عاصية لزوجها، ومخالفة لشرع الله، وعلى زوجها أن ينصحها بالحجاب الشرعي، وإذا لم تستجب له طلقها، سواء كانت مسلمة أو كتابية؛ بعدًا عن المنكر، وصيانة للأسرة من مثار الشر.
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مصدر الفتوى: فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء - (ج 17/ ص 108) [ رقم الفتوى في مصدرها: 5089]
ـــــــــــــــــــ
المفهوم الصحيح للعبادة ومظاهر انحرافه وضعفه
ما العبادة ؟
اختلفت أقوال العلماء في مفهوم العبادة وتعريفها ، وهذا الاختلاف هو من اختلاف التنوع لا التضاد ،أي : إن هذه التعريفات يكمل بعضها بعضاً ، والإلمام بكل هذه الأقوال ينتج عنه المفهوم الصحيح للعبادة ، ومن هذه الأقوال :
قول ابن القيم رحمه الله تعالى : ( أصل العبادة : محبة الله ، بل إفراده بالمحبة ، وأن يكون الحب كله لله ، فلا يحب معه سواه ، وإنما يحب لأجله وفيه ، كما يحب أنبياءه ورسله وملائكته وأولياءه ، فمحبتنا لهم من تمام محبته ، وليست محبة معه ، كمحبة من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحبه ، وإذا كانت المحبة له حقيقة عبوديته وسرها : فهي إنما تتحقق باتباع أمره واجتناب نهيه) [1] .
وقوله في موطن آخر : (العبادة تجمع أصلين : غاية الحب بغاية الذل والخضوع) [2] .(5/799)
ويعرفها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى فيقول : (العبادة : اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة) [3] .
وعلى ضوء ذلك : لا يكون العبد متحققاً بوصف العبودية إلا بأصلين عظيمين :
1- الإخلاص لله (جل وعلا) .
2- متابعة الرسول .
ومما سبق بيانه من النقولات وغيرها يتضح لنا جليّاً معنى العبادة الحقة التي أمرنا الله عز وجل أن نتعبد له بها ، ويمكن تلخيص هذا المعنى العظيم وتلك الحقيقة الضخمة فيما يلي :
* العبادة الحقة تعني تمام المحبة مع تمام الخضوع والتذلل لله (عز وجل) الذي يعني طاعته (سبحانه) والانقياد لأمره ، ومحبة ما يحب ، وبغض ما يكره ، واتباع رسوله -صلى الله علييه وسلم- فيما أمر ونهى وما سن وما شرع ، من غير زيادة ولا نقصان ؛ وإلا .. فما قيمة محبة وخضوع لايثمران طاعة واتباعاً وقبولاً والتزاماً ؟
* العبادة الحقة تفرض على العبد أن يكون في كل أوقاته وتحركاته وسكناته مصبوغاً بصبغة العبودية ، لا يخرج عنها في أي لحظة من اللحظات .
* ومن صرف شيئاً من العبادة لغير الله تعالى فهو مشرك تجب البراءة منه ومن شركه ، ولا تصح العبادة إلا بهذه البراءة .
بعض مظاهر الضعف والانحراف في مفهوم العبادة وتطبيقها :
بعد أن اتضح لنا مفهوم العبادة الحقة كما عرضناها من فهم العلماء الربانيين للكتاب والسنة : فلابد بعد ذلك من عرض هذه المفاهيم العظيمة والحقائق الضخمة على واقعنا نحن المسلمين في هذه الأزمنة المتأخرة ، وهل هذا الفهم الصحيح للعبادة هو السائد اليوم بين المسلمين ؟ أم أن هذا الفهم قد اعتراه من الضعف والانحراف الشيء الكثير ؟
إن المتأمل في حال المسلمين الأليم ، والغربة التي يعيشها أهل الإسلام اليوم : ليجد كثيراً من المفاهيم العقدية قد انحرفت عند كثير من عامة المسلمين إلا من رحم الله عز وجل، فهناك انحراف في معنى التوحيد والعبادة ، وانحراف في عقيدة اليوم الآخر ، وانحراف في عقيدة القضاء والقدر ،وانحراف .. وانحراف .. ولقد ساهم في هذه الانحرافات غزو أعداء المسلمين لديار المسلمين بثقافاتهم الكافرة وأفكارهم المنحرفة ، وقابل هذا الغزو من الأفكار جهلٌ عند كثير من الأجيال المسلمة بدينها وعقيدتها ، وعجز عند أكثر علماء الأمة عن تعليم الناس والوقوف في وجه هذا الغزو ، (فوافق الغزو قلباً خالياً فتمكنا) .
من هنا سيتوجه التركيز على بعض مظاهر الانحراف والضعف في مفهوم العبادة ، فمن ذلك ما يلي :
1- الانحراف في تطبيق شرطي العبادة :
من مظاهر الانحراف في العبادة فهماً وتطبيقاً ما هو منتشر بين أهل البدع والخرافة في القديم والحديث من ترك لأحد شرطي العبادة أو كليهما واللذين لا تصح العبادة إلا بهما ، ألا وهما : الإخلاص والمتابعة . المراد هنا : إيضاح الانحراف الذي يترتب على ترك هذين الشرطين أو أحدهما ؛ فترك الإخلاص في العبادة نتج عنه صرف(5/800)
العبادة التي هي لله وحده إلى غيره من الخلق ولو كانوا أنبياء أو ملائكة أو أولياء وهذا صرف للعبادة عن مستحقها ، وحجتهم الداحضة عند ربهم : أنهم يؤمنون بأن الله الخالق الرازق بيده الضر والنفع ، ولكنهم يتوسلون بالصالحين ليقربوهم إلى الله زلفى ؛ وهذا هو الشرك الأكبر الذي من أجله أنزلت الكتب وأرسلت الرسل ، فترى هؤلاء يصرفون العبادة بأنواعها المختلفة من ذبح ، ونذر ، وخوف ، ورغبة ... وغير ذلك من أصناف العبادة إلى غير الله عز وجل، وهذا من أشد مظاهر الانحراف في العبادة ؛ لأنه شرك أكبر يضاد الإخلاص لله عز وجل، الذي هو شرط من شروط كلمة التوحيد وقبول العبادة .. ومحل الكلام عن هذا الشرك وأنواعه مبسوط في كتب التوحيد والعقائد [4] .
أما ترك الشرط الثاني لصحة العبادة (وهو المتابعة) فينتج عنه انحرافات كثيرة في العبادة وتطبيقاتها ، حيث ظهرت ألوان وصور من العبادات التي لم يأذن بها الله عز وجل، ولم يشرعها الرسول لأمته ، وبخاصة بين المتصوفة الذين يعطون لمشائخهم حق التشريع ، وبعتبرون أقوالهم وأفعالهم مصدراً من مصادر الاستدلال ، فظهرت بذلك هيئات وصور متعددة للعبادة والأوراد والأذكار ، كلها مبتدعة ، سواء أكان ذلك في كيفيتها ، أو كمها ، أو هيئتها ، أو طريقة أدائها ، أو زمانها ، أو مكانها ، وهذه كلها مردودة على أصحابها ، لأنها تشريع لم يأذن به الله ، قال تعالى : (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَاًذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلا كَلِمَةُ الفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [الشورى : 21] ، ولقوله : (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) [5] .
2- الانحراف في مفهوم العبادة :
وهو النظر إلى العبادة على أنها أداء للشعائر التعبدية من : صلاة ، وصيام ، وحج ، وذبح ، وقراءة قرآن .. فحسب ، وأن ما سوى ذلك من معاملات ، وأخلاقيات ، ومباحات .. وغيرها ، كل ذلك لايدخل في العبادة .
نعم إن هذا المفهوم هو السائد عند بعض المسلمين ، سواء أقالوه بلسان مقالهم أم بلسان حالهم وأعمالهم ، ولا أدل على ذلك من أننا قد نجد ذاك العبد المصلي ، الصائم ، القارئ للقرآن ، بعد فراغه من هذه الشعائر التعبدية لا يتورع أن يغشّ ، أو يرابي ، أو يظلم ، أو يملأ بيته من آلات اللهو ووسائل الإفساد ما الله به عليم ، وكذلك قد نرى المرأة المصلية الصائمة لا تتورع عن التصرف في نفسها بما يخالف الشرع ، من سفور ، أو زينة محرمة ، أو اختلاط .. أو غيره . وإذا نصح مثل هؤلاء الناس ، قالوا : إنهم من المصلين العابدين ، وقد انتهى وقت العبادة ! وهكذا تنحرف الغايات ، وتنشأ اللوثات، وتفسد النيات ، وذلك كمن يفصل أمر تعليمه وتعليم أولاده عن غاية العبادة لله عزوجل، ويربط ذلك بالشهادة والمال والوظيفة ، بل يستخدم أي وسيلة توصله إلى ذلك .
إن العبادة بهذا المفهوم المنحرف تجعل المسلم في انفصال وانفصام بين حياته في مسجده وخارج مسجده ، لأنه لو كان مفهوم العبادة التي يريدها الله عز وجل كما فهمها هذا الصنف من الناس لكانت عبثاً ، ولبقي أكثر الأوقات غير معمور بعبادة الله عز وجل ، وهذا لا يرضاه الباري جل وعلا ؛ ذلك لأن أوقات الصلوات لا تتعدى(5/801)
ساعتين أو ثلاث في اليوم والليلة ، فماذا يكون شأن الساعات الباقية ؟ هل تنفق في غير عبادة ؟ ! كلا .. فإن الله سبحانه لا يرضى لعباده هذه الحال .
إذن : فالواجب على كل مسلم أن يعلم أنه ما خلق إلا للعبادة ، وأن وقته يجب أن يكون في عبادة سواء ما كان منه في الشعائر التعبدية ، أو ما كان منه في المعاملات ، أو ما كان منه في المباحات ، كل ذلك يجب أن يمارسه العبد وشعور العبادة لله عز وجل يصاحبه ، فيراقب ربه في كل أعماله ، وينوي بها التقرب إليه عز وجل والاستعانة بها على طاعته .
إن هذا الشعور وهذه النية تجعل العبد في كل أعماله حتى في مباحاته ولذاته عبداً لله ، مسلماً وجهه لربه عز وجل [6] ،
( قُلْ إنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ (162) لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ المُسْلِمِينَ ) [الأنعام : 162 ، 163] .
3- الانحراف في التطبيق :
وقد ترتب على ذلك الانحراف في مفهوم العبادة انحراف آخر في تطبيق العبادة ، فحتى الشعائر التعبدية التي حُصرت العبادة فيها بحسب ، هي الأخرى نالها ما نالها من الضعف والميل بها عن حقيقتها وغايتها ، وهذه نتيجة متوقعة وبدهية معروفة ؛ فالانحراف في الفهم لابد أن ينتج عنهانحراف في التطبيق ، ويوضح الأستاذ محمد قطب هذا الانحراف ، فيقول : ( حين صار المطلوب كله هو أداء الشعيرة ، وانحصرت (العبادة) كلها في هذا الأمر ، كان حريّاً بهذا اللون من العبادة أن ينحسر أكثر فأكثر ، حتى يصبح المطلوب هو أداء الشعيرة بأي صورة كانت .. ولو كان أداءً آليا بغير روح ، أو أداء تقليديّاً يحركه الحرص على التقاليد أكثر مما يحركه الدافع إلى عبادة الله . وتلك هي الصورة التي انتهت إليها العبادة في الجيل الذي شهد الانهيار) .
4- الانحراف في مصدر التلقي :
ترتب على الانحراف السابق في مفهوم العبادة انحراف أشد خطراً وأسوأ أثراً ، حيث كان الانحراف السابق ذكره منحصراً على مستوى الفرد ، بينما هذا الانحراف الذي نحن بصدده يتمثل في النظم التي تحكم في أكثر بلدان المسلمين اليوم ، والتي يسعى أربابها إلى عزل الدين عن الحياة وتوجيهها وتنظيمها ، وحصره بين جدران المسجد وأداء الشعائر التعبدية ، ولسان مقالهم أو حالهم يردد تلك المقولة الجاهلية ، والتي قالها أصحاب مدين لنبيهم شعيب (عليه الصلاة والسلام) ويقولها العلمانيون في زماننا : ما للدين وحجاب المرأة وعملها ؟ ما للدين والسياسة وموالاة الكفار ومحبتهم ؟ ما للدين والاقتصاد ؟ ما للدين والإعلام والتعليم ؟ ... !! إلخ، الدين :أن تعبد الله في المسجد ، وتقرأ القرآن ، وتذكر الله ... هكذا يزعمون ! ! أما الحياة فلها نظمها التي تتناسب مع تطورها .. إلى آخر هذا الهذيان والانحراف والفجور .
إن هذا الفهم الأعوج هو ما قاله أهل مدين لنبيهم شعيب بعد أن دعاهم إلى التوحيد وترك البخس والنقص في المكيال والميزان ، قال الله عز وجل : (قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَاًمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إنَّكَ لأَنتَ(5/802)
الحَلِيمُ الرَّشِيدُ) [هود : 87] . إنهم يقولون : يا شعيب : ما دخل عبادتك وصلاتك في حياتنا الاقتصادية ، وفي اتباعنا لآبائنا وطاعتهم فيما كانوا يعبدون .. سبحان الله ! ما أشبه قلوبهم بقلوب الجاهلين في زماننا هذا ، وما أشبه مقولتهم
بمقولة العلمانيين المنافقين [7] .
والحاصل مما سبق : إذا حصرت العبادة في الشعائر التعبدية فحسب ، فما معنى قوله تعالى : (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللَّهِ) [التوبة : 31] ، وما معنى قوله تعالى : ( وَإنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ) [الأنعام : 121] ، وقد علق العلامة الشنقيطي رحمه الله على هذه الآية ، فيقول : ( فهي فتوى سماوية من الخالق (جل وعلا) صرح فيها بأن متبع الشيطان
المخالف لتشريع الرحمن مشرك بالله) [8] .
إذن : فإن من أخص خصائص العبادة : الطاعة ، والاتباع ، والخضوع ، والانقياد ، فكما أن العبادة تأتي بمعنى الدعاء والنسك ، فهي تأتي أيضاً بمعنى الطاعة والاتباع ، ولكن الجاهلين أوالمتجاهلين يريدون حصرها فقط في الشعائر التعبدية والعبادات الخاصة ، ثم لا دخل بعد ذلك للعبادة في شؤون الحياة وتسيير دفتها .
وإن الذين يرون هذا الفصل المشين والفصام النكد بين الدين والحياة على
قسمين :
* إما أن يكونوا جهلة بحقيقة الدين وحقيقة العبادة في الإسلام ، إذ لم يكن لهم حظ من العلم الشرعي ينير بصائرهم ، وإنما غاية ما عندهم ثقافات مشوهة من الغرب أوالشرق تسربت إلى قلوبهم على حين غفلة وخواء ، فتمكنت منها ، وهؤلاء وأمثالهم من الذين انحرفوا بمفهوم العبادة عن معناها الصحيح بسبب جهلهم ، وقد نرى بعضهم من المصلين ، الصائمين ، التالين للقرآن الكريم !
وعلاج هذا الصنف من الناس يكون بالعلم الشرعي ، والرفق بهم حتى يفقهوا هذا الدين بمعناه الصحيح .
* والأخطر من أولئك هم الذين يفهمون حقيقة العبادة وحقيقة دين الإسلام ، ولكنهم يستكبرون عن الانقياد لهذا الفهم ، وينطلقون بخبث وغرض سيء لإثارة الشبهات ، وصرف المسلمين عن دينهم ، وتشويه هذه المفاهيم في نفوسهم ، وهؤلاء إن صلوا أو قاموا ببعض الشعائر فهو نفاق وزندقة . والحذر من هؤلاء يجب أن يكون على أشده ، كما أن فضح أفكارهم وخططهم هو المتعين ، فهم من المنافقين الذين جاء الأمر الإلهي بمجاهدتهم ، قال تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَاًوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ المَصِيرُ) [التحريم : 9] .
5- الانحراف في المفهوم والتطبيق :
ومن مظاهر الانحراف في مفهوم العبادة وتطبيقها ما عرف عن بعض غلاة المتصوفة وزنادقتهم من أن أداء العبادات والطاعات مرتبط بحصول اليقين المطلق هكذا زعموا فإذا وصل العبد إلى هذا المستوى سقط عنه التكليف ولم يعد في حاجة إلى العبادة التي هي من منازل العامة ! ، أما الخاصة ، ومن يسمونهم بالأبدال والأقطاب : فقد بلغوا درجة اليقين التي ترفع عنهم التكاليف والعبادات (نعوذ بالله من هذه الحال) ، ونبرأ إلى الله عز وجل من أهل الزندقة والإلحاد [9] .(5/803)
هذا ..ومن شطحات الصوفية في مفهوم العبادة أيضاً : المقالة المشهورة عن بعضهم من أنهم (لا يعبدون الله خوفاً من ناره ، ولاطمعاً في جنته ، وإنما حبّاً له وشوقاً إليه) .
وواضح ما في هذا الكلام من تكلف وانحراف عن طريق الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، وسؤالهم الله عز وجل جنته وتعوذهم به من النار ، يقول شيخ الإسلام رحمه الله تعالى في معرض رده على هذه المقالة :
( كان أفضل الخلق يسأل الله الجنة ويستعيذ به من النار ، ولما سأل بعض أصحابه عما يقول في صلاته ، قال : إني أسأل الله الجنة وأعوذ بالله من النار ، أما إني لا أحسن دندنتك ولا دندنة معاذ ، فقال : (حولها ندندن) [10] [11] .
وقال من قال من السلف : (من عبد الله بالحب وحده فهو زنديق ، ومن عبده بالرجاء وحده فهو مرجئ ، ومن عبده بالخوف وحده فهو حروري (أي خارجي) ؛ ومن عبده بالحب والخوف والرجاء فهو مؤمن موحد) .
إذن : فالعبادة الحقة هي التي تجمع بين المحبة والخوف والرجاء والذلة والخضوع ، كماسبق ذلك في تعريف العبادة وحقيقتها .
________________________
(1) مدارج السالكين ، لابن القيم ، 1/91 .
(2) مدارج السالكين ، لابن القيم ، 1/77 .
(3) العبودية لابن تيمية ، ص4 ، ت : بشير عيون .
(4) مثل : كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد ، للشيخ محمد بن عبد الوهاب (رحمه الله) ، وشروحه المعروفة ، ومن أشهرها : (فتح المجيد) و (تيسير العزيز الحميد) .
(5) رواه البخاري من حديث عائشة (رضي الله عنها (، ك/ الصلح ، ح/ 2697 ، ومسلم ، ك/ الأقضية ، ح/ 1343 .
(6) وقد تحدث الأستاذ محمد قطب حول هذا الموضوع حديثا مستفيضاً وفق فيه ، عند حديثه عن مفهوم العبادة ، انظر كتابه (مفاهيم ينبغي أن تصحح) .
(7) تحدث الأستاذ سيد قطب عن قوله (تعالى) : ] أَصَلاتُكَ تَاًمُرُكَ [ الآية حديثاً قيماً ، فضح فيه منطلقات العلمانيين من الدين وتعاليمه ومحاولاتهم الدائبة لفصل الدين عن الحياة بدعاوى ما أنزل الله بها من سلطان ، انظر الظلال (آية 87 من سورة هود) .
(8) أضواء البيان ، 7/170 .
(9) وقد فضح الإمام ابن القيم هؤلاء المتصوفة الزنادقة في (مدارج السالكين) ، 1/103 ، 104 .
(10) ابن ماجة في الإقامة (910) ، والدعاء (3847) ، وأبو داود في الصلاة (792) ، وفي صحيح ابن ماجة (748) .
(11) تفسير ] لا إلَهَ إلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ [ [الأنبياء : 87] لابن تيمية ، تحقيق : عبد العلي حامد ، ص13 .
مجلة البيان : العدد :( 104) التاريخ : ربيع الآخر / 1417هـ .(5/804)
ـــــــــــــــــــ
الحجاب وأصول الإعتقاد
الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه . أما بعد :
فلم يعد خافياً على أحد ما تشهده مجتمعات المسلمين اليوم من حملة محمومة من الذين يتبعون الشهوات على حجاب المرأة وحيائها وقرارها في بيتها؛ حيث ضاق عطنهم وأخرجوا مكنونهم ونفذوا كثيراً من مخططاتهم في كثير من مجتمعات المسلمين ؛ وذلك في غفلة وقلة إنكار من أهل العلم والصالحين ، فأصبح الكثير من هذه المجتمعات تعج بالسفور والاختلاط والفساد المستطير مما أفسد الأعراض والأخلاق ، وبقيت بقية من بلدان المسلمين لا زال فيها والحمد لله يقظة من أهل العلم الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر حالت بين دعاة السفور وبين كثير مما يرومون إليه .
وهذه سنة الله عز وجل في الصراع بين الحق والباطل والمدافعة بين المصلحين والمفسدين .
ومن كيد المفسدين في مثل المجتمعات المحافظة مع وجود أهل العلم والغيرة أن أولئك المفسدين لا يجاهرون بنواياهم الفاسدة ؛ ولكنهم يتسترون وراء الدين ويُلبِسون باطلهم بالحق واتباع ما تشابه منه ، وهذا شأن أهل الزيغ كما وصفهم الله عز وجل في قوله : ((فّأّمَّا بَّذٌينّ فٌي قٍلٍوبٌهٌمً زّيًغِ فّيّتَّبٌعٍونّ مّا تّشّابّهّ مٌنًهٍ بًتٌغّاءّ بًفٌتًنّةٌ ابًتٌغّاءّ تّأّوٌيلٌهٌ)) [آل عمران : 7] .
وهم أول من يعلم أن فساد أي مجتمع إنما يبدأ بإفساد المرأة واختلاطها بالرجال ، ولو تأملنا في التاريخ لوجدنا أن أول ما دخل الفساد على أية أمة فإنما هو من باب الفتنة بالنساء ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله : ((ما تركت فتنة هي أضر على الرجال من النساء )) [1]
وقوله صلى الله عليه وسلم : ((واتقوا النساء ؛ فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء ))[2].
وهذه حقيقة لا يماري فيها أحد ، وملل الكفر أول من يعرف هذه الحقيقة ؛ حيث إنهم من باب الفتنة بالنساء دخلوا على كثير من مجتمعات المسلمين وأفسدوها وحققوا أهدافهم البعيدة، وتبعهم في ذلك المهزومون من بني جلدتنا ممن رضعوا من ألبان الغرب وأفكاره، ولكن لأنهم يعيشون في بيئة مسلمة ولا زال لأهل العلم والغيرة حضورهم؛ فإنهم كما سبق بيان ذلك لا يتجرؤون على طرح مطالبهم التغريبية بشكل صريح لعلمهم بطبيعة تديُّن الناس ورفضهم لطروحاتهم وخوفهم من الافتضاح بين الناس ، ولذلك دأبوا على اتباع المتشابهات من الشرع ، وإخراج مطالبتهم في قوالب إسلامية وما فتئوا يلبسون الحق بالباطل .
ومن هذه الطروحات التي أجلبوا عليها في الآونة الأخيرة مطالبتهم في مجتمعات محافظة بكشف المرأة عن وجهها وإخراجها من بيتها معتمدين بزعمهم على أدلة شرعية وأقوالٍ لبعض العلماء في ذلك . ولنا في مناقشة هؤلاء القوم المطالبين بكشف(5/805)
وجه المرأة المسلمة أمام الأجانب واختلاطها بهم في مجتمع محافظ لا يعرف نساؤه إلا الحجاب الكامل والبعد عن الأجانب لنا في ذلك عدة وقفات :
الوقفة الأولى :
إن هناك فرقاً في تناول قضية الحجاب وهل يدخل في ذلك الوجه أم لا ؟ بين أن يقع اختلاف بين العلماء المخلصين في طلب الحق، المجتهدين في تحري الأدلة، الدائرين في حالتي الصواب والخطأ بين مضاعفة الأجر مع الشكر ، وبين الأجر الواحد مع العذر هناك فرق بين أولئك وبين من يتبع الزلات، ويحكم بالتشهي ، ويرجِّح بالهوى ؛ لأن وراء الأكمة ما وراءها ؛ فيؤول حاله إلى الفسق وَرِقَّة الدين ونقص العبودية وضعف الاستسلام لشرع الله عز وجل .
وهناك فرق بين تلك الفتاوى المحلولة العقال المبنية على التجرِّي لا على التحري التي يصدرها قوم لا خلاق لهم من الصحافيين ومن أسموهم المفكرين تعج منهم الحقوق إلى الله عجيجاً ، وتضج منهم الأحكام إلى من أنزلها ضجيجاً ، ينفرون من تغطية الوجه لا لأن البحث العلمتي المجرد أدَّاهم إلى أنه مكروه أو جائز أو بدعة كما يُرجفون ، ولكن لأنه يشمئز منه متبوعهم من كفار الشرق والغرب .
فاللهم باعد بين نسائنا وبناتنا وأخواتنا وبينهم كما باعدت بين المشرق والمغرب ) [3].
ولك أن تقدر شدة مكر القوم الذين يريدون من جانبهم أن يتَّبعوا التمدن الغربي، ثم يسوِّغون فعلهم هذا بقواعد النظام الإسلامي الاجتماعي .
ولقد أوتيت المرأة من الرخص في النظام الإسلامي أن تبدي وجهها وكفيها إذا دعت الحاجة في بعض الأحوال ، وأن تخرج من بيتها لحاجتها ، ولكن هؤلاء يجعلون هذا نقطة البدء وبداية المسير ، ويتمادون إلى أن يخلعوا عن أنفسهم ثوب الحياء والاحتشام، فلا يقف الأمر بإناثهم عند إبداء الوجه والكفين ، يل يجاوزه إلى تعرية الشعر والذراع والنحر إلى آخر هذه الهيئة القبيحة المعروفة، وهي الهيئة التي لا تخص بها المرأة الأزواج والأخوات والمحارم فقط، بل يخرجن بكل تبرج من بيوتهن، ويمشين في الأسواق، ويخالطن الرجال في الجامعات ، ويأتين الفنادق والمسارح ، ويتبسطن مع الرجال الأجانب .
ثم يأتي القوم فيحملون رخصة الإسلام للمرأة في الخروج من البيت للحاجة وهي الرخصة المشروطة بالتستر والتعفف؛ على أنه يحل لها أن تغدو وتروح في الطرقات ، وتتردد إلى المتنزهات والملاعب والسينما في أبهى زينة ، وأفتنها للناظرين ، ثم يتخذ إذن الإسلام لها في ممارسة أمور غير الشؤون المنزلية ذلك الإذن المقيد المشروط بأحوال خاصة يُتَّخذ حجة ودليلاً على أن تودِّع المرأة المسلمة جميع تبعات الحياة المنزلية ، وتدخل في النشاط السياسي والاقتصادي والعمراني تماماً وحذو القُذَّة بالقذة كما فعلت الإفرنجية .
وهاهو ذا الشيخ المودودي رحمه الله يصرخ في وجوه هؤلاء الأحرار في سياستهم ، العبيد في عقليتهم قائلاً : (ولا ندري أيُّ القرآن أو الحديث يُستخرَج منه جواز هذا النمط المبتذل من الحياة ؟ وإنكم يا إخوان التجدد إن شاء أحدكم أن يتبع غير سبيل الإسلام فهلاَّ يجترئ ويصرح بأنه يريد أن يبغي على الإسلام، ويتفلَّت من شرائعه ؟(5/806)
وهلاَّ يربأ بنفسه عن هذا النفاق الذميم والخيانة الوقحة التي تزيِّن له أن يتَّبع علناً ذلك النظام الاجتماعي وذلك النمط من الحياة الذي يحرمه الإسلام شكلاً وموضوعاً ، ثم يخطو الخطوة الأولى في هذا السبيل باسم اتِّباع القرآن كي ينخدع به الناس فيحسبوا أن خطواته التالية موافقة للقرآن ؟) [4].
الوقفة الثانية :
وهي نتيجة للوقفة الأولى ، وذلك بأن ينظر إلى قضية الحجاب اليوم وما يدور بينها وبين السفور من معارك إلى أنها لم تعد قضية فرعية ومسألة خلافية فيها الراجح والمرجوح بين أهل العلم ، ولكنها باتت قضية عقدية مصيرية ترتبط بالإذعان والاستسلام لشرع الله عز وجل في كل صغيرة وكبيرة وعدم فصله عن شؤون الحياة كلها ؛ لأن ذلك هو مقتضى الرضى بالله رباً ، وبالإسلام ديناً ، وبمحمد
صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً .
إن التشنيع على تغطية المرأة وجهها والتهالك على خروجها من بيتها واختلاطها بالرجال ليست اليوم مسألة فقهية فرعية ولكنها مسألة خطيرة لها ما بعدها؛ لأنها تقوم عند المنادين بذلك على فصل الدين عن حياة الناس وعلى تغريب المجتمع وكونها الخطوة الأولى أو كما يحلو لهم أن يعبروا عنه بالطلقة الأولى .
وإن لنا في جعل قضية الحجاب اليوم قضية أصولية كلية مع أن محلها كتب الفروع إن لنا في ذلك أسوة في سلف الأمة ؛ حيث صنفوا بعض المسائل الفرعية مع أصول الاعتقاد لَمَّا رأوا أن أهل البدع يشنِّعون على أهل السنة فيها ويفاصلون عليها،
من ذلك ما ذكره الإمام الطحاوي في العقيدة الطحاوية في قوله عن أهل السنة والجماعة : ( ونرى المسح على الخفين في السفر والحضر كما جاء في الأثر ) وعلق شارح الطحاوية على ذلك بقوله : ( وتواترت السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمسح على الخفين وبغسل الرجلين ، والرافضة ، تخالف هذه السنة المتواترة ) [5].
ومعلوم أن المسح على الخفين من المسائل الفقهية ؛ ولكن لأن أهل البدع أنكروه وشنعوا على مخالفيهم فيه نص العلماء عليه في عقائدهم .
إذن فلا لوم على من يجعل قضية الحجاب اليوم قضية أصولية مصيرية ، وذلك لتشنيع مبتدعة زماننا ومنافقيهم عليه ولحملتهم المحمومة لنزعه وجر المرأة بعد ذلك لما هو أفسد وأشنع من ذلك ، وأنها لم تعد مسألة فقهية يتناقش فيها أهل العلم المتجردون لمعرفة الراجح وجوانب الحاجة والضرورة فيه .
وقد صرَّح بعضُ العلماء بتكفير من قال بالسفور ورفْع الحجاب وإطلاق حرية المرأة ؛ إذا قال ذلك معتقداً جوازه .
قال الشيخ محمد بن يوسف الكافي التونسي في كتابه : ( المسائل الكافية؛ في بيان وجوب صدق خبر رب البرية ) [6]:
(المسألة السابعة والثلاثون) : من يقول بالسفور ورفع الحجاب وإطلاق حرية المرأة ففيه تفصيل :
فإن كان يقول ذلك ويُحسِّنُه للغير مع اعتقاده عَدَم جوازه ، فهو مؤمن فاسق يجب عليه الرجوعُ عن قوله ، وإظهارُ ذلك لدى العموم .(5/807)
وإن قال ذلك معتقداً جوازه ، ويراه من إنصاف المرأة المهضومة الحق على دعواه ! فهذا يكفر لثلاثة أوجه :
الأول : لمخالفته القرآن : ((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وبَنَاتِكَ ونِسَاءِ المُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ )) (الأحزاب : 59) .
الثاني : لمحبته إظهار الفاحشة في المؤمنين . ونتيجة رفع الحجاب ، وإطلاق حرية المرأة واختلاط الرجال بالنساء : هو ظهور الفاحشة ، وهو بيِّنٌ لا يحتاج إلى دليل .
الثالث : نسبةُ الحيف على المرأة ، وظلمها إلى الله تعالى الله عما يقول المارقون ؛ لأنه هو الذي أمر نبيه بذلك ، وهو بيِّنٌ أيضاً .
قلتُ : وظهور الفاحشة نتيجة لرفع الحجاب ، وإطلاق حرية المرأة ، واختلاط النساء بالرجال يَشهد به الواقعُ من حال الإفرنج والمتفرنجين الذين ينتسبون إلى الإسلام ، وهم في غاية البعد منه .
وصرح الشيخ محمد بن يوسف الكافي أيضاً بتكفير من أظهرت زينتها الخلقية أو المكتسبة ، معتقدة جواز ذلك ، فقال في كتابه المشار إليه ما نصُّه : (المسألة السادسة والثلاثون) : من أظهرت من النساء زينتها الخِلقية أو المكتسبة ؛ فالخلقية : الوجه والعنق والمعصم ونحو ذلك ، والمكتسبة ما تتحلى وتتزين به الخلقة كالكحل في العين، والعقد في العنق، والخاتم في الإصبع، والأساور في المعصم، والخلخال في الرِّجل، والثياب الملونة على البدن ، ففي حكم ما فعلتْ تفصيل :
فإن أظهرت شيئاً مما ذُكِرَ معتقدة عدم جواز ذلك ، فهي مؤمنة فاسقة تجب عليها التوبة من ذلك ، وإن فعلته معتقدة جواز ذلك فهي كافرة لمخالفتها القرآن ؛ لأن القرآن نهاها عن إظهار شيء من زينتها لأحد إلا لمن استثناه القرآن ، قال الله تعالى : ((ولا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ )) (النور : 31) .
قال هشام بن عمار : سمعت مالكاً يقول من سَبَّ أبا بكر وعمر أُدِّب ، ومن
سَبَّ عائشة قُتِل ؛ لأن الله يقول : (( يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ)) (النور : 71).
فمن سَبَّ عائشة فقد خالف القرآن ، ومن خالف القرآن قُتِل أي لأنه استباح ما حرَّم الله تعالى انتهى .
الوقفة الثالثة :
ليس المقصود في هذه الوقفات حشداً للأدلة الموجبة لستر وجه المرأة وكفيها عن الرجال الأجانب ووجوب الابتعاد عنهم ؛ فهي كثيرة وصحيحة وصريحة والحمد لله ويمكن الرجوع إليها في فتاوى أهل العلم الراسخين ورسائلهم كرسالة الحجاب للشيخ ابن عثيمين رحمه الله .
ومن الكتب التي توسعت في هذا الموضوع وردَّت على شبهات المخالفين كتاب : (عودة الحجاب/ القسم الثالث) للدكتور محمد بن إسماعيل المقدم حفظه الله وإنما المقصود في هذه المقالة ما ذكر سابقاً من فضح نوايا المنادين بكشف الوجه والاختلاط بالرجال ، وأن وراء ذلك خطوات وخطوات من الفساد والإفساد ؛ ومع ذلك يحسن بنا في هذه الوقفة أن نشير إلى أن علماء الأمة في القديم والحديث من أجاز منهم كشف الوجه ومن لم يجزه كلهم متفقون ومجمعون على وجوب ستر وجه(5/808)
المرأة وكفيها إذا وُجِدَت الفتنة وقامت أسبابها ؛ فبربكم أي فتنة هي أشد من فتنة النساء في هذا الزمان ؛ حيث بلغت وسائل الفتنة والإغراء بهن مبلغاً لم يشهده تاريخ البشرية من قبل ، وحيث تفنن شياطين الإنس في عرض المرأة بصورها المثيرة في كل شيء في وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية ، وأخرجوها من بيتها بوسائل الدعاية والمكر والخداع ؛ فمن قال بعد ذلك : إن كشف المرأة عن وجهها أو شيء من جسدها لا يثير الفتنة فهو والله مغالط مكابر لا يوافقه في ذلك من له مُسْكَة من دين أو عقل أو مروءة .
وبعد التأكيد على أن أهل العلم قاطبة متفقون على وجوب تغطية الوجه إذا وجدت الفتنة يتبين لنا أن خلافهم في ذلك كان محصوراً فيما إذا أُمِنَتِ الفتنةُ ، ومع ذلك فتجدر الإشارة أيضاً إلى أن هذا القدر من الخلاف بقي خلافاً نظرياً إلى حد بعيد ؛ حيث ظل احتجاب النساء هو الأصل في الهيئة الاجتماعية خلال مراحل التاريخ الإسلامي.
وفيما يلي نُقُول عن بعض الأئمة تؤكد أن التزام الحجاب كان أحد معالم (سبيل المؤمنين ) في شتى العصور : قال شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله تعالى : ( كانت سُنَّة المؤمنين في زمن النبي صلى الله عليه وسلم أن الحرة تحتجب ، والأَمَةُ تبرز ) [7].
وقال أبو حامد الغزالي رحمه الله تعالى : ( لم يزل الرجال على مر الزمان مكشوفي الوجوه والنساء يخرجن متنقبات) [8].
وقال الحافظ ابن حجر : (لم تزل عادة النساء قديماً وحديثاً أن يسترن وجوههن عن الأجانب )[9].
وقد يتعلق دعاة السفور أيضاً ببعض الحالات التي أذن الشارع للمرأة فيها بكشف وجهها لغير محارمها كرؤية الخاطب لمخطوبته ، وعند التداوي إذا عدمت الطبيبة بشرط عدم الخلوة وعند الشهادة أمام القاضي ونحوها، وهذا كله من يُسْر الشريعة وسماحة الإسلام ؛ حيث رُخِّص للمرأة إذا اقتضت المصلحة الراجحة والحاجة الماسة أن تكشف عن وجهها في مثل هذه الأحكام ؛ وليس في هذا أدنى
مُتَعَلَّق لدعاة السفور؛ لأن الأصل هو الحجاب الكامل وهذه رخص تزول إذا زالت الحاجة إليه .
الوقفة الرابعة :
ومن منطلق النصح والشفقة وإقامة الحجة أتوجه بالكلمات الآتية إلى أولئك القوم الذين ظلموا أنفسهم وأساؤوا إلى مجتمعهم وأمتهم وخانوا أماناتهم وحملوا بذلك أوزارهم وأوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون فأرجو أن تجد هذه الكلمات آذاناً صاغية وقلوباً واعية قبل مباغتة الأجل وهجوم الموت ؛ حيث لا تقبل التوبة ولا ينفع الندم .
* أذكِّركم بموعظة الله تعالى ؛ إذ يقول : (( قُلْ إنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لله مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا)) (سبأ : 46) .
فماذا عليكم لو قام كل فرد منكم مع نفسه أو مع صاحبه ، ثم فكرتم فيما أنتم عليه من إفساد وصد عن سبيل الله عز وجل ، هل أنتم مقتنعون بما تفعلون وبما تجرُّونه على(5/809)
أمتكم من الفتن ؟ وهل هذا يرضي الله تعالى ، ويجلب النعيم لكم في الآخرة ؟ إنكم إن قمتم لله عز وجل متجردين مثنى أو فرادى ، وفكرتم في ذلك فإن الجواب البدهي هو أن الفساد والإفساد لا يحبه الله عز وجل ، بل يمقته ، ويمقت أهله ، وسيأتي اليوم الذي يمقت فيه أهل الفساد أنفسهم، ويتحسرون على ما فرطوا وضيعوا وأفسدوا ، وذلك في يوم الحسرة ؛ حيث لا ينفع التحسر ولا التندم ، فعليكم بالتوبة قبل أن يحال بينكم وبينها .
* أذكِّركم بيوم الحسرة والندامة يوم يتبرأ منكم الأتباع وتتبرؤون من الأتباع ، ولكن حين لا ينفع الاستعتاب ولا التنصل ولا التبرؤ ، بل كما قال تعالى : ((وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا العَذَابَ وَجَعَلْنَا الأَغْلالَ فِي أَعْنَاقِ الَذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إلاَّ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)) (سبأ : 33) .
* أذكِّركم بالأثقال العظيمة التي ستحملونها يوم القيامة من أوزاركم وأوزار الذين تضلونهم بغير علم إن لم تتوبوا ، قال تعالى : ((ولَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ ولَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ القِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ)) (العنكبوت : 13).
وقال عز وجل : (( لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ القِيَامَةِ ومِنْ أَوْزَارِ الَذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ )) (النحل : 25) .
وإن الظالمين جميعهم رئيسهم ومرؤوسهم، تابعهم ومتبوعهم لهم يوم مشهود ويوم عصيب ، يوم يكفر بعضهم ببعض ، ويلعن بعضهم بعضاً، ويحيل التبعة بعضهم على بعض؛ ولكن حين لا يجدي لهم ذلك إلا الخزي والبوار .
* إن لم يُجْدِ واعظُ الله سبحانه والدار الآخرة فيكم فلا أقل من أن يوجد عندكم بقية مروءة وحياء تمنعكم من إفساد المرأة وإفساد المجتمع بأسره .
إن المتأمل لحال المتبعين للشهوات اليوم ليأخذه العجب والحيرة من أمرهم ! فما لهم وللمرأة المسلمة التي تقر في منزلها توفر السكن لزوجها وترعى أولادها ؟
ماذا عليهم لو تركوها في هذا الحصن الحصين تؤدي دورها الذي يناسب أنوثتها وطبيعتها ؟
ماذا يريدون من عملهم هذا ؟ !
ثم ماذا عليهم لو تركوا أولاد المسلمين يتربون على الخير والدين والخصال الكريمة ؟
ماذا يريدون من إفسادهم وتسليط برامج الإفساد المختلفة عليهم ؟ هل يريدون جيلاً منحلاًّ يكون وبالاً على مجتمعه ذليلاً لأعدائه عبداً لشهواته ؟ إن هذه هي النتيجة؛ وإن من يسعى لهذه النتيجة الوخيمة التي تتجه إليها الأسر المسلمة اليوم لهو من أشد الناس خيانة لمجتمعه وأمته وتاريخه .
إن من عنده أدنى مروءة ونخوة فضلاً عن الدين والإيمان لا يسمح لنفسه أن يكون من هؤلاء الظالمين، وما ذُكِرَ من إفساد الأسرة إنما هو على سبيل المثال لا الحصر؛ فيا من وصلوا إلى هذا المستوى من الهبوط والجناية ! توبوا إلى ربكم، وفكِّروا في غايتكم ومصيركم، واعلموا أن وراءكم أنباءاً عظيمة وأهوالاً جسيمة تشيب لها الولدان، وتشخص فيها الأبصار؛ فإن كنتم تؤمنون بهذا فاستيقظوا من غفلتكم(5/810)
وراجعوا أنفسكم ، والله جل وعلا يغفر الذنوب جميعاً، وإن كنتم لا تؤمنون بذلك فراجعوا دينكم ، وادخلوا في السلم كافة قبل أن يحال بينكم وبين ما تشتهون .
* يا قومنا ! أعدوا للسؤال جواباً وذلك حين يسألكم عالم الغيب والشهادة عن مقاصدكم في حملتكم وإجلابكم على المرأة وحجابها وقرارها في بيتها ، فماذا أنتم قائلون لربكم سبحانه ؟ إنكم تستطيعون أن تفروا من المخلوق فتدلِّسون وتلبِّسون ، وقد يظهر ذلك للناس في لحن القول وقد لا يظهر ؛ لكن كيف الفرار ممن يعلم ما تخفون وما تعلنون ؟ ((يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ)) [الحاقة : 81] .
فتوبوا إلى علاَّم الغيوب ما دمتم في زمن التوبة ، وصحِّحوا بواطنكم قبل أن يُبعثَر ما في القبور ويُحَصَّل ما في الصدور .
وختاماً :
أوصي نفسي وإخواني المسلمين الحريصين على دينهم وأعراضهم وسلامة مجتمعاتهم من الفساد بأن يكونوا يقظين لما يطرحه الظالمون لأنفسهم وأمتهم من كتابات وحوارات مؤداها دعوة إلى سفور المرأة واختلاطها بالرجال الأجانب ، فما دامت المدافعة بين المصلحين والمفسدين فإن الله عز وجل يقذف بالحق على الباطل فإذا هو زاهق . وينبغي أن لا ننسى في خضم الردود على ما يكتبه المفسدون من الشبهات والشهوات ؛ ذلكم السيل الهادر الذي يتدفق من وسائل الإعلام المسموعة والمرئية في بلاد المسلمين ؛ وذلك بما تبثه الإذاعات والتلفاز والقنوات الفضائية من دعوة للمرأة إلى السفور ومزاحمة الرجال في الأعمال والطرقات ، والتمرد على الرجل سواء كان أباً أو زوجاً أو أخاً ؛ ولقد ضربت هذه الوسائل بأطنابها في بلاد المسلمين فكان لزاماً على المصلحين محاربتها وإبعادها عن بيوت المسلمين قدر الاستطاعة ، فإن لم يكن إلى ذلك سبيل فلا أقل من تكثيف الدعاية ضدها والتحذير
من شرها ووقاية المسلمين من خطرها ؛ وذلك بإصدار الفتاوى المتتابعة والخطب المكثفة حول أضرارها وأثرها المدمر للدين والأخلاق ؛ فإنها والله لا تقل خطراً عما تكتبه الأقلام الآثمة عن المرأة إن لم تزد عليه ، والمقصود أن لا يكتفي المصلحون بمحاربة ما يكتبه المفسدون في الصحف والمجلات عن المرأة فإن هم سكتوا سكت المصلحون وظنوا أن الخطر قد انتهى . كلا ! إن الخطر لم ينته وإن المعركة مستمرة ؛ لأن الخطر الأكبر لا يزال قائماً ما دامت الوسائل المسموعة والمرئية لا
تكفُّ عن المرأة والاستهزاء بحجابها وقرارها في بيتها وقوامة الرجل عليها، وإثارة الشبهات في ذلك .
أسأل الله عز وجل أن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن ، وأن يعز دينه ويعلي كلمته ، وأن يرد كيد المفسدين في نحورهم . وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
[1] رواه البخاري ، ح/ 6074 .
[2] رواه مسلم ، ح/ 5294 .
[3] انظر عودة الحجاب ، 3/ 734 .
[4] انظر مقدمة عودة الحجاب للدكتور محمد إسماعيل المقدم ، ص 22 ، 32 باختصار وتصرف يسير .(5/811)
[5] شرح الطحاوية ، ص 683 .
[6] عن كتاب الصارم المشهور على أهل التبرج والسفور ، للشيخ حمد التويجري رحمه الله .
[7] تفسير سورة النور ، ص 56 .
[8] إحياء علوم الدين ، 4 / 927 .
[9] فتح الباري ، 9/423 .
ـــــــــــــــــــ
نافذة الهلاك
...
...
الثلاثاء:01/01/2002
(الشبكة الإسلامية) عبد الله الحريف
الشبكة الإسلامية >> المركز الإعلامي >> الأسرة >> تحرير .. أم تغرير
...
...
الصحف والمجلات .. والقصص .. الأشرطة .. والفيديو .. والتليفزيون .. ثم جهاز الاستقبال الفضائي المشهور بـ ( الدش ).
أفكار متنوعة .. وثقافات مختلفة .. وأخلاقيات غربية .. وصور فاضحة .
لقد اعترضت فرنسا وغيرها من بلدان أوروبا على غزو الثقافة والإعلام الأمريكي لهم ، ورأوا في ذلك اعتداء على عقلية شعوبهم .. و انتهاكا سافر لخصوصياتهم ..؟!!!
كانت أدوات الخطاب والمواجهة في الماضي مقصورة على خطبة أو قصيدة لكنها قد تنوعت في هذا العصر وأصبح فكر الإنسان .. وعواطفه .. وعقله .. وقلبه يتحكم فيها الإعلام رديئا كان أو صالحا ..
وكانت المرأة المسلمة في السابق .. بعيدة عن كثير من الأفكار السيئة والتصرفات الخاطئة .. فأصبحت في هذا العصر تبصر ذلك عن كثب .. وأصبحت تستقبل كثيرا من الأخلاق الغربية بدون أن يكون لذلك الوضع أي إنكار أو معارضة لدرجة أنه قد أصبح الوضع الصحيح .. وما سواه الخطأ ..
إنك عندما تريد أن تقتني بفكرة ما ستذكر الأدلة المؤيدة .. والفوائد المنبثقة و . .. ثم تنجح في إقناعي .
فما بالك إذا كنت تخاطبني كل يوم .. وبأساليب مختلفة .. وبطرائق جذابة ومبهرة ..
كانت طفلة صغيرة تعيش مع أبيها الذي لم يتعلم ومع أمها التي تكدح طوال اليوم لتوفر لها ولإخوتها كل ما تريد ..
ومع إخوة في المنزل لكل واحد منهم همومه وحياته وكان جهاز التلفزيون يتربع في أحد أركان المنزل وكذلك المذياع ، والصحف والمجلات يحضرها الأخوة يوميا وكان ذلك زادها الفكري ونافذتها على العالم إذا أضفنا صاحباتها في المدرسة .(5/812)
كانت ترى كل هذه النوافذ تصور فتاة العصر على أنها هي الفتاة المنطلقة المتبرجة ذات الصديقات والأصدقاء التي تعمل تذهب متى تشاء وتعود متى تشاء ( الحرة ) .
بينما تظهر المرأة البلهاء .. ذات العقل الغبي والفكر الناقص .. تقبع في البيت ثياب متسخة وشعر أشعث وحياة بائسة
أثناء ذلك وبعده تفتح المجلة فترى صور الفتيات الجميلات .. المتحررات ثم تسمع الأغنية وتقرأ القصة ..
تلبس العباءة بدون مبالاة وتغطي وجهها أمام من تعرف ..
تهمس لصديقة خاصة بما تجد وتحاذر وتبدأ الفتاة شعرت أو لم تشعر بفك ما تتصور أنها قيود مؤلمة .
ويظهر كل ذلك في أشكال متنوعة وحسب قدرة كل فتاة على التخلص والنفور
لا أحد تفتح له قلبها من أخوتها وأبيها ولا أحد يناقشها ويجيب عن أسئلتها ؟
ليست فتاة واحدة إن كثيرة من الفتيات اللاتي شربن الأفكار المعادية لتعاليم الإسلام قد أظهرن كثيرا من التبرم ، قلن ذلك بألسنتهن أو بتصرفاتهن .
فمن يقول لها إن الحجاب طهر وعفاف ، وإن المرأة الغربية التي بلغت أوج الحرية والانطلاق تتمنى الآن أنها لم تفعل ؟
من يقول لها إن الأفكار المسمومة التي توجه لها على قاعدة ( دس السم في العسل ) أفكار تؤدي بها الهلاك ؟
إننا لا نريد أن توضع المرأة في صندوق حتى تكبر ولسنا عساكر على فكرها فنأذن لمن نشاء ونحجب من نشاء .
وفي نفس الوقت نحن نحرص عليها ونتمنى لها الخير والصلاح ولا نريد أن تصل إلى الدرك الأسفل الذي وصلت إليه المرأة في بعض المجتمعات .
ولكن كم هو عاجز وجاهل ذلك الذي يوفر لها كل أساليب وطرق الفساد الفكري والسلوكي ثم يريد منها أن تكون ( مريم ) .
إن الرجل يصبح في منتهى الجبن والوهن عندما يرى اللص يدخل إلى بيته ويسكت .
وإن لصوص الفكر والفضيلة يدخلون البيوت .
وقد يجول ويتوعد ويتهدد إذا أتاه الخبر أن ابنته ضبطت مع شاب في سيارة .
مع أنه هو الذي سمح لعفاف ابنته أن يتسرب شيئا فشيئا تحت وقع أدوات الفساد ، إن مقولة العالم أصبح قرية واحدة مقولة صحيحة ولكنها ليست مبرراً أن أدخل بيتي كل ما هب ودب.
وإن في هذه القرية إلى الآن بدائل خير كثيرة تغني عن البلاء القادم .
ومسئولية المرأة ـ سواء كانت أما أم ربة بيت أم فتاة متعلمة مقبلة على الحياة ـ أصبحت أكبر وأعظم في هذا العصر .
الأم عندما تخاطب زوجها قائلة : لا أسمح لك أن تخرب بيتي وتفسد أولادي .
وتقف أمام الأب الطائش بكل حزم وجرأة فهي بذلك تذود عن بيتها أخطر الأعداء .
وإن الفتاة عندما تبذل الجهد المضاعف في البيت مع الأم والإخوة الصغار ثم الأب في سبيل تطهير المنزل من كل مخلفات الحضارة وقذارات المدينة ..(5/813)
فهي بذلك تحقق حريتها بالشكل الصحيح ، وتصبح جديرة بالثقة وهي بذلك تلقم الأعداء حجراً في أفواههم .
قبل الزواج تشترط المنزل النظيف من كل ما من شأنه تلويث عقول أطفالها القادمين .
والتنغيص على استقرارها في بيت هادئ ومستقر .
وكثير من حالات الطلاق كان وراءها منظر مخل أو فيلم ساقط أو فكرة استمدت من أداة شر
ـــــــــــــــــــ
تحرير أم تغرير ؟!
...
...
الثلاثاء:01/01/2002
(الشبكة الإسلامية) د. إبراهيم بن عثمان الفارس
الشبكة الإسلامية >> المركز الإعلامي >> الأسرة >> الأسرة اليوم
...
...
جاء الإسلام والمرأة على حال مخزية ، تعيش واقعًا مؤلمًا ، وحياة تعيسة ، حقوقها ضائعة ، وواجباتها فوق طاقتها ، عمرها يمضي في بؤس وتعاسة ، من ولادتها إلى موتها ، فإن نجت من الوأد صغيرة ، عاشت مهانة حقيرة ذليلة .
فهي تدس في التراب صغيرة ، وتعيش كسقط متاع إن بقيت كبيرة ، وليس لها حق في الحياة ، فأي معيشة عاشتها تلك المرأة ؟
لقد جاء الإسلام فانتشلها من واقعها المنحط ، وحياتها المشينة ، إلى ما فيه عزها وتكريمها ورفعتها ، طفلة صغيرة محبوبة مدللة ، وأختًا مبجلة ، وزوجة ودودة محبوبة ، وأمًا حنونًا مكرمة .
ولما كان للمرأة المسلمة أهمية كبيرة في تربية الأجيال ، وتنشئتهم على الإسلام عقيدة وسلوكًا ، وعبادة وأخلاقًا ، فقد أعطى أعداء الإسلام أهمية قصوى لمحاولة تغريبها ، من خلال الدعوات البراقة المسماة بالتحرر ، وانتزاع الحقوق ، وطلب المساواة بينها وبين الرجل وهي دعوات انخدع بها كثير من نساء أمتنا .
ومن المؤسف أن نجد فئة من نسائنا قد انجذبت وانساقت لتلك الأباطيل والترهات ، فتبنت أفكارهم المضللة ، والدعوة لها عبر الوسائل المختلفة ، وعاشت بتبعية كاملة للغرب ، فكريًا واجتماعيًا وسلوكيًا ، مقلدة للمرأة الغربية تقليدًا أعمى دون إدراك أو تفكير ، بحيث ينطبق عليها حديث الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرًا بشبر وذراعًا بذراع حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه ، قلنا : يا رسول الله اليهود والنصارى ، قال : فمن ؟!! "(متفق عليه) .
وغاب عن وعي أولئك النسوة ، أن الظروف الاجتماعية والقانونية والتاريخية التي واجهت المرأة الأوروبية مختلفة تمامًا عما تعيشه المرأة المسلمة ، فالمرأة هناك(5/814)
تعيش مجتمعًا ظالمًا ، قائمًا على قوانين بشرية ، وليست شرائع ربانية ، مما جعلها تثور وتتمرد لتحصل ولو على جزء يسير من حقوقها .
أما المرأة المسلمة فقد أعطاها الإسلام كامل حقوقها ، فيحق لها أن تفخر وترتفع رأسها عاليًا بتلك الحقوق التي لم تحصل عليها النساء في أكثر البلدان التي تدعي الحضارة والتقدم إلى الآن .
زعمون أنهم يريدون تحرير المرأة ، وما همهم والذي نفسي بيده إلا اغتيال عفتها وشرفها ، وبمعنى أدق تحرير الوصول إليها .
إن انطلاق المرأة في طرق التيه والضلال ، معناه انحلال العقدة الوثيقة التي تشد أفراد الأسرة بعضهم إلى بعض ، وانفراط العقد الذي ينتظم أعضاء الأسرة الواحدة ، وتبعثرهم في متاهات الحياة .
إن خلل الرماد وميض جمر ، يستهدف المرأة المسلمة في ظروف مقصودة ، فاليهود شنوا الحرب على حجاب المرأة المسلمة من قديم ، منذ تآمروا على نزع حجاب المرأة أيام رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في سوق بني قينقاع ، ومازالت حربهم مشبوبة مشتعلة ، لا يزيدها الزمن إلا اشتعالاً واضطرامًا ؛ لأنهم يدركون جيدًا أن إفساد المرأة إفساد للمجتمع المسلم .
فلا ريب أن من أولئك من ترعرع في كنف الإلحاد ، فالتحف فريق منهم بالإسلام وتبطن الكفر ، حمل بين كفيه لسانًا مسلمًا ، وبين جنبيه قلبًا كافرًا مظلمًا ، حرص على أن ينزع حجاب المرأة المسلمة ، ويخدش كرامتها ، فلم يجد هؤلاء أعون لهم من أن يقدموا لنا تحرير المرأة على طبق إسلامي يزينون من خلاله للمرأة المسلمة حياة الاختلاط باسم الحرية والمدنية ، ونزع الحجاب باسم التقدم والحضارة ، لتكون بعد ذلك ألعوبة في أيديهم .
قال تعالى : (وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ) [القصص:23] .
إن هذه الآية جزء من قصة نبي الله موسى ـ عليه الصلاة والسلام ـ بين تعالى فيها أن هذا النبي الكريم قبل إرساله إلى قومه ، قدم على أرض بعيدة عن بلاده ، هاربًا من بطش فرعون وكيده ، فوجد مجموعة من الناس تسقي مواشيها وأنعامها ، ووجد امرأتين تنظران من بعيد إلى هذا الجمع الكبير ، فسألهما عن حالهما ، فبينتا أنهما جاءتا إلى هذا المكان لكسب لقمة العيش ؛ لأن أباهما رجل طاعن في السن عاجز عن العمل ، ثم إنهما تحت وطأة هذه الضرورة الملحة لا تختلطان بالرجال أبدًا ، فإذا انتهى الرجال من عملهم ذهبن وسقين مواشيهن .
فلتراجع المرأة المسلمة نفسها ولتتأمل دربها ، لتبصر طريق النجاة ، وتسلك سبيل الرشاد ، ولتقتدي بزوجات من أنزل عليه الفرقان ، فهذا هو طريق الجنان والنجاة من النيران .
ـــــــــــــــــــ
المرأة المسلمة والأعاصير الغربية !
...(5/815)
...
الثلاثاء:01/01/2002
(الشبكة الإسلامية) الدكتور حلمي محمد القاعود
الشبكة الإسلامية >> المركز الإعلامي >> الأسرة >> تحرير .. أم تغرير
...
...
تمثل المرأة في التفكير الغربي الاستعماري الحديث محورًا مهمًّا من محاور الصراع ضد الإسلام والمسلمين ، الذي غايته - أو محصلته - هيمنة الغرب الصليبي على مقدرات الأمة الإسلامية ، والسيطرة على إرادتها ، واستنزاف مواردها ، وإدخالها دائرة التبعية المطلقة من منظور السيّد الخادم .
ولا يكفّ الغرب الصليبي عن إثارة موضوع المرأة المسلمة في شتى المناسبات الممكنة ، وبوساطة الأقلام المحلية والأجنبية ، ليكون بديلاً
عن القضايا الأساسية التي تعنى الأمّة وتشغلها وتؤرقها مثل : الحريّة والشورى والتعليم والثقافة والإدارة والبحث العلمي والقوة الاقتصادية والقوة العسكرية ، وما إلى ذلك من قضايا ترتبط ارتباطًا وثيقًا بواقع المسلمين ومستقبلهم .
إن الإلحاح على قضية المرأة وإثارتها في الأدبيات المطروحة يثير من الرّيبة أكثر مما يثير من اليقين ، وخاصّة أن الأمر تجاوز المؤسسات الغربية الصليبية إلى المؤسسات العالمية أو الدولية التي يفترض أنها تمثل أمم الأرض جميعًا ، وأعني بها مؤسسات الأمم المتحدة .
إن معظم بلاد المسلمين الآن تغصّ بالمدارس التي تعلّم البنات ، والكليات المخصّصة للبنات ، فضلاً عن المؤسسات التعليمية المشتركة للبنين والبنات ، فضلاً عن امتلاء الشوارع ومؤسسات العلم والإنتاج والمستشفيات والمصالح الحكومية والجمعيات الخاصة والعامة ، والمجالس الشعبية والنيابية بالنساء من مختلف الأعمار والتخصّصات ، مما يعني أن المرأة المسلمة لا مشكلة جوهرية لديها .. صحيح أن هناك مشكلات محددة تصنعها التقاليد الظالمة والعادات السخيفة ، ولكن من قال إن هذه العادات أو تلك التقاليد تمثّل حالة عامة يتم في المجتمات الإسلامية تحتاج إلى عملية تحرير ؟ وتحرير ممن ؟
إن الإسلام يحقق للمرأة ما لا تحققه لها المجتمعات الغربية الصليبية و لقد أعزّ الإسلام المرأة ، وحقق لها إنسانيتها، وراعى ظروفها الطبيعية والبيولوجية فألزم المجتمع - ممثلاً في الأب أو الزوج أو الأقارب - بحمايتها وصيانتها ورعايتها ، وفضلاً عن ذلك فقد جعل الإسلام للمرأة ذمّتها المالية الخاصة ، وحقوقهاالمادية التي لا يجوز لأحد أن ينال منها أو يستبيحها .. في الوقت الذي تحوّلت فيه المرأة الغربية الصليبية إلى مجرد سلعة يتداولها رجال الأعمال ، ومنتجو السينما والتلفزيون ، ومنظمو حفلات ملكات الجمال المحلية والعالمية ، وغيرهم من رجال المافيا والدعاية وشبكات الدعارة وما شابه .. ولعل هذا يفسّر سرّ زيادة عدد النساء الأوروبيات الداخلات في الإسلام أكثر من الرجال .(5/816)
إن المرأة المسلمة تؤدي دورها الإنساني بكفاءة وتفوّق وسعادة ، فهي مدبّرة منزلها ومربّية أولادها .... أسرتها دون ادّعاء عريض ، أو صراخ بغيض ، وهي على مستوى الجمهور الكبير في البلاد الإسلامية - تواجه مع الرجل - صعوبات الحياة وقسوتها بما يشبه البطولة ، وتسعى - مع الرجل - إلى توفير أساسيات الحياة في صبر وجهاد عظيم ، ثم إنها تذهب إلى المدرسة وتتعلم وتتفوّق وتنافس الرجال ، دون أن تكون هناك قيود أو سدود ؛ اللهم إلا ما يفرضه الخلق الإسلامي والقيم الكريمة التي يتحلى بها الرجال والنساء معاً .
بيد أن العالم الصليبي يصر على تصدير انحلاله ، أو انحلال بعض النماذج النسائية عنده إلى أمتنا . ويتخذ من بعض المقولات العامة طريقًا عامًا لعملية التصدير والإقناع بها .. إنه يطرح قضيّة المساواة المطلقة بين الرجال والنساء في كل شيء ، دون مراعاة لخصائص كل من الرجل والمرأة ، بوصفها حقًّا من حقوق الإنسان ، ويطمح من وراء ذلك أن يكون عدد النساء مثلاً مساويًا لعدد الرجال في الحكومات والمجالس النيابية والإدارات المحلية ومواقع السلطة في كل مكان .
نقل عن السيد "كوفي عنان" أمين عام الأمم المتحدة قوله :
"لا أستطيع أن أفكر في أي قضيّة ترتبط بمنظمة الأمم المتحدة إلا وكانت تتعرض لقضية المرأة وتتداخل فيها . فالمرأة أصبح لها دور مساوٍ للرجل في تحقيق السلام ، والأمن وحقوق الإنسان ، لذلك فإن من الحق ، بل من الضروري ، أن تكون المرأة ممثلة في مواقع السلطة واتخاذ القرار لتحقيق هذه الأهداف . وأن تكون نسبة تمثيلها في هذه المراكز مساوية لعدد الرجال لأنها تملك القدرة نفسها والأداء المتميز لخروج خططها إلى حيّز التنفيذ ( الأهرام : 7/ 16 / 2000 ) .
وهذا القول ، مع ما فيه من مبالغة ، لا يخلو من خيال واسع ، يبتعد عن أرض الواقع ، وحقائق التكوين الإنساني البيولوجي للرجل والمرأة .
إن قدرات المرأة - مهما تفوقت في المجالات الإنسانية والإدارية والعلمية - تظل مرتبطة بالمجال الأساسي والرئيس للمرأة ، وهو الإنجاب وتربية الأبناء ، وتكوين الأسرة ، وهذه مهمة من أشرف المهام وأنبلها .
وإذا كانت بعض المجتمعات الغربية الصليبية قد أهملت شأن الأسرة ، ولم تعد تعدّ بها ، فإن الأسرة - وفقاً للفطرة الإنسانية - كيان ضروري ، لا تستطيع المجتمعات الطبيعية التفريط فيه ، أو النظر إليه بعدم مبالاة .
إن " كوفي عنان " يطمح إلى أن تكون نسبة المرأة بين موظفي الأمم المتحدة 50% ، حيث وصلت الآن إلى ما يقرب من 38.9 % ، وهدف خطة "عنان" من ذلك أن يقدم نموذجًا عالمياً لأمم الأرض كي تحذو حذوه ، وتصنع مثله ، وتجعل المرأة مساوية للرجل في الوظائف القيادية والإدارية ، واتخاذ القرار ، مما سيعطي المرأة فرصة الاهتمام بقضاياها وهمومها التي تلح عليها دول الغرب الصليبي . ومن هذه القضايا : التطرف الديني والأيديولوجي وتأثيره السلبي في المساواة بين الرجل ، وعدم الاعتراف بالأم المراهقة والأم العزباء ( خارج نطاق الزوجية ) ، وتنفيذ خطة بكين على الصعيدين الدولي والإقليمي ، والحدّ من الممارسات الضارة ( من وجهة(5/817)
نظر هذه الدول ) مثل ختان الإناث والزواج المبكر والزواج بالإكراه وتعدد الزوجات .
وكما نرى فإن هذه القضايا التي تطرح في المؤتمرات الدولية الخاصة بالمرأة ، وآخرها "مؤتمر نيويورك 2000" أو الدورة الاستثنائية للجمعية العامة للأمم المتحدة ( المرأة 2000 ) ، تصدر عن تصوّر غربي يركّز بالدرجة الأولى على المفاهيم الإسلامية الأساسية حول المرأة ؛ لنسفها ، وإحلال السوك الغربي الإباحي محلّها !
فالتطرّف الديني - مثلاً - مفهوم غير واضح وغير محدد ، ولكن المفهوم من الكتابات الغربية والكتابات المحلية المشايعة له : أنه السلوك المعادي للحرية والإنسانية وللمرأة أيضًا ، وفكرنا الإسلامي يرفض هذا السلوك ويدينه ، ولكن القوم يقصدون من وراء طرح مفهوم التطرّف الديني نبذ الإسلام ، وعدم تحكيمه في قضايا المجتمعات الإسلامية بصفة عامة ، والمرأة بصفة خاصة ، وبالطبع فإن القوم يرون ارتداء الحجاب تطرّفًا ، وأداء الصلوات تطرّفًا ، والزواج الإسلامي تطرّفًا .. وهكذا .
أما موضوع الأم المراهقة والأم العزباء ، فهو إصرار من جانب الدول الغربية الصليبية - ومن خلال الأمم المتحدة - على إلزام الدول الإسلامية بتقنين الإباحية ، وفرضها على المجتمع الإسلامي بوصفها حقًّا من حقوق الإنسان .. أي يصبح من حق أي فتاة أن تمارس الزنا مع من تريد ، وتحمل منه ، وعلى المجتمع الإسلامي أن يقرّ هذا السلوك ، بوصفه أمراً واقعًا يترتب لصاحبته حقوق الاعتراف والمشروعية وطلب المساعدة المادية والمعنوية !
ولنا أن نتصوّر كيف يكون الواقع الاجتماعي حين نسمح لبناتنا بممارسة الزنا والولادة غير الشرعية ، ثم يتوجب علينا بعدئذٍ أن نقرّ هذا الوضع ونتماهى فيه ؟
لا ريب أن تصدير الإباحية والانحلال إلى مجتمعاتنا عدوان سافر على قيمنا وأخلاقنا وحقوقنا الإنسانية المشروعة في الاعتقاد والتصّور والتفكير والحرية .
وقس على ذلك ما يتعلق بمسائل الختان والزواج المبكر وتعّدذ الزوجات ، وغيرها من أمور لها طبيعتها في المنظور الإسلامي الذي يختلف اختلافًا جذريًّا مع التصور الدولي الصليبي وغاياته . وإذا كانت المؤسسات الإسلامية في العالم الإسلامي تتصدى لهذا القهر الدولي الصليبي بما تستطيع ، فإنه من المؤسف ، أن تتولى مجموعة من النساء العاملات في المجال النسائي والجمعيات النسائية على الأرض الإسلامية الترويج لهذه المفاهيم والدعوة لها ، والدفاع عنها ، في الوقت الذي تتناسى فيه حقوق الأمة كلها في الحرية والشورى والأمل !
ـــــــــــــــــــ
وقفات في الحجاب وأصول الاعتقاد
1 / 4
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد.(5/818)
فلم يعد خافيًا على أحدٍ ما تشهدهُ مجتمعات المسلمين اليوم، من حملةٍ محمومةٍ من الذين يتبعون الشهوات على حجاب المرأة وحيائها، وقرارها في بيتها، حيثُ ضاق عطنهم، وأخرجوا مكنونهم، ونفذوا كثيرًا من مخططاتهم في كثيرٍ من مجتمعات المسلمين، وذلك في غفلةِ وقلة إنكارٍ من أهل العلم والصالحين، فأصبح الكثير من هذه المجتمعات تعجُّ بالسفور والاختلاط والفساد المستطير، الأمر الذي أفسد الأعراض والأخلاق.
وبقيت بقيةٌ من بلدان المسلمين لا زال فيها والحمد لله يقظة من أهل العلم، والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، حالت بين دعاة السفور وبين كثيرٍ مما يرومون، وهذه سنةُ الله عز وجل في الصراع بين الحق والباطل، والمدافعة بين المصلحين والمفسدين.
ومن كيد المفسدين في مثل المجتمعات المحافظة، ووجود أهل العلم والغيرة، أنهم لا يجاهرون بنواياهم الفاسدة، ولكنَّهم يتسترون وراء الدين، ويُلبسون باطلهم بالحق واتباع ما تشابه منه، وهذا شأنُ أهل الزيغ، كما وصفهم الله عز وجل في قوله : (( فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ )) (آل عمران: 7) .
وهُم أولُ من يعلم أن فساد أي مجتمع إنما يبدأ بإفساد المرأة واختلاطها بالرجال، ولو تأملنا في التاريخ، لوجدنا أن أوَّلَ ما دخل الفساد على كثير من الأمم، فإنما هو من باب الفتنة بالنساء،
وقد ثبت عن النبي e قوله : (( ما تركت بعدي فتنةً هي أضر على الرجال من النساء )) [1]
وهذه حقيقة لا يمُاري فيها أحد، ومللُ الكُفر أوَّلُ من يعرف هذه الحقيقة، حيث إنَّهم من باب الفتنة بالنساء، دخلوا على كثير من مجتمعات المسلمين وأفسدوها، وحققوا أهدافهم البعيدة، وتبعهم في ذلك المهزومون من بني جلدتنا، ممن رضعوا من لبان الغرب وأفكاره ، ولكن لأنهم يعيشون في بيئة مسلمة، ولا زال لأهل العلم والغيرة حضورهم، فإنهم ـ كما سبق بيان ذلك ـ لا يتجرؤون بطرح مطالبهم التغريبيةِ بشكلٍ صريح، لعلمهم بطبيعة.
تدين الناس ورفضهم لأطروحاتهم وخوفهم من الافتضاح بين الناس، ولذلك دأبوا على اتباع المتشابهات من الشرع، وإخراج مطالبهم في قوالب إسلامية، وما فتئوا يُلبسون الحق بالباطل.
ومن هذه الطروحات التي أجلبوا عليها في الآونةِ الأخيرة، مطالبتهم في مجتمعاتٍ محافظة بكشف المرأة عن وجهها، وإخراجها من بيتها، معتمدين بزعمهم على أدلةٍ شرعية، وأقوالٍ لبعضِ العلماء في ذلك.
ولنا في مناقشةِ هؤلاءِ القوم المطالبين بكشف وجه المرأة المسلمة أمام الأجانب، واختلاطها بهم في مجتمعٍ محافظ، لا يعرف نساؤهُ إلا الحجاب الكامل، والبعد عن الأجانب، لنا في ذلك عدة وقفات :
الوقفة الأولى : (( إنَّ هناك فرقًا في تناول قضية الحجاب، وهل يدخلُ في ذلك الوجه أم لا ؟ بين أن يقع اختلاف بين العلماءَ المخلصين في طلب الحق، المجتهدين في(5/819)
تحري الأدلة، الدائرين في حالتي الصواب والخطأ، بين مضاعفةِ الأجر مع الشكر، وبين الأجرِ الواحد مع العذر، وبين من يتتبعُ الزلات، ويتحكمُ بالتشهي، ويرجِّحُ بالهوى، لأنَّ وراء الأكمةِ ما وراءها، فيُؤولُ حالهُ إلى الفسق ورقة الدين، ونقص العبودية وضعف الاستسلام، لشرع الله عز وجل.
وهُناك فرقٌ بين تلك الفتاوى المحلولة العقال، المبنيةِ على التجرئ لا على التحري، والتي يصدرها قومٌ لا خلاق لهم من الصحفيين، ومن أسموهم المفكرين، تعجُّ منهم الحقوقُ إلى الله عجيبًا، وتضجُّ منهم الأحكام إلى من أنزلها ضجيجًا، يفرقون من تغطية الوجه لا لأنَّ البحث العلمي المجرد أدَّاهم إلى أنه مكروه، أو جائز، أو بدعة كما يرجفون ، ولكن لأنَّهُ يشمئزُّ منه متبوعيهم من كفار الشرق والغرب، فا للهمَّ باعد بين نسائنا وبناتنا وأخواتنا وبينهم كما باعدت بين المشرق والمغرب )) [2] .
ولك أن تُقدر شدَّة مكرِ القوم الذين يريدون من جانبهم أن يتبعوا التمدن الغربي، ثم يبررون فعلهم هذا بقواعد النظام الإسلامي الاجتماعي.
ولقد أُوتيت المرأة من الرخصة في النظام الإسلامي أن تبدي وجهها وكفيها، وما دعت إليه الحاجة أو الضرورة في بعض الأحوال، وأن تخرج من بيتها لحاجتها، ولكن هؤلاءِ يجعلون هذا نقطة البدء، وبداية المسير، ويتمادون إلى أن يخلعوا عن أنفسهم ثوب الحياء والاحتشام، فلا يقفُ الأمرُ بإناثهم عند إبداء الوجه والكفين، بل يجاوزه إلى تعريةِ الشعر والذراع والنحر، إلى آخر هذه الهيئات القبيحة المعروفة، وهي الهيأة التي لا تخصُّ بها المرأة الأزواج والأخوات والمحارم فقط، بل يخرجن بكلِّ تبرجٍ من بيوتهن، ويمشين في الأسواق، ويخالطن الرجال في الجامعات ، ويأتين الفنادق والمسارح، ويتبسطن مع الرجال الأجانب.
ثم يأتي القوم فيحملون رخصةَ الإسلام للمرأة، في الخروج من البيت للحاجة، وهي الرخصة المشروطة بالتستر والتعفف، على أنَّها يحل لها أن تغدو وتروح في الطرقات، وتتردد إلى المنتزهات والملاعب والسينما في أبهى زينة، وأفتنها للناظرين، ثم يُتَّخَذُ إذن الإسلام لها في ممارسة أمورٍ غير الشؤون المنزلية ـ ذلك الإذن المقيد المشروط بأحوال خاصة ـ يتخذُ حجةً ودليلاً على أن تودِّع المرأة المسلمة جميع تبعات الحياة المنزلية، وتدخلُ في النشاط السياسي والاقتصادي والعمراني تمامًا، وحذو القُذَّة بالقذة، كما فعلت الإفرنجية.
وها هو ذا المودودي ـ رحمه الله ـ يصرخُ في وجوه هؤلاءِ الأحرار في سياستهم، العبيد في عقليتهم قائلاً : (( ولا ندري أيُّ القرآن أو الحديث يُستخرج منهُ جواز هذا النمط المبتذل من الحياة؟ وإنَّكم ـ يا إخوان التجدد: إن شاءَ أحدكم أن يتبعَ غير سبيل الإسلام فهلا يجترئُ ويصرِّحُ بأنَّهُ يريدُ أن يبغي على الإسلام؟ ويتفلَّت من شرائعه؟ وهلا يربأ بنفسه عن هذا النفاق الذميم والخيانة الوقحة، التي تزيِّن له أن يتبع علناً ذلك النظام الاجتماعي ، وذلك النمطِ من الحياة الذي يحرِّمه الإسلام شكلاً وموضوعًا، ثم يخطو الخطوةَ الأولى في هذا السبيل، باسم اتباع القرآن، كي ينخدع به الناس ، فيحسبوا أنَّ خطواته التالية موافقةً للقرآن ))[3] أهـ.
[1] البخاري في النكاح ( 5096 ) ، مسلم في الذكر ( 2740 ) .
[2] انظر عودة الحجاب 3 / 437 .(5/820)
[3] انظر مقدمة عودة الحجاب للدكتور محمد إسماعيل المقدم 1 / ص22 ، 23
باختصار وتصرف يسير .
الوقفة الثانية
وهي نتيجة للوقفة الأولى، وذلك بأن ينظرَ إلى قضية الحجاب اليوم، وما يدورُ بينها وبين السفور من معارك، إلى أنَّها لم تُعد قضيةً فرعية ومسألةً خلافية فيها الراجح والمرجوح بين أهل العلم، ولكنَّها باتت قضيةً عقدية مصيرية، ترتبط بالإذعان والاستسلام لشرع الله عز وجل، في كلِّ صغيرة وكبيرة، وعدم فصلها عن شئونِ الحياة كلها، لأنَّ ذلك هو مقتضى الرضى بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد e نبيًّا.
إن التشنيعَ على تغطيةِ المرأة لوجهها، والتهالك على خروجها من بيتها، واختلاطها بالرجال، ليست اليوم مسألة فقهية فرعية، ولكنَّها مسألة خطيرةً لها ما بعدها، لأنها تقومُ عند المنادين بذلك على فصل الدين عن حياة الناس، وعلى تغريب المجتمع، وكونها الخطوة الأولى أو كما يحلو لهم أن يعبروا عنها بالطلقة الأولى.
وإنَّ لنا في جعلِ قضية الحجابِ اليوم قضيةً أصوليةً كلية، مع أن محلها كتب الفروع، إنَّ لنا في ذلك أسوة في سلف الأمة، حيث صنفوا بعض المسائل الفرعية مع أصول الاعتقاد، لمَّا رأوا أنَّ أهل البدع يشنعون على أهل السنة فيها، ويفاصلون عليها؛ من ذلك ما ذكره الإمام الطحاوي في العقيدة الطحاوية، بقوله عن أهل السنة والجماعة : (( ونرى المسح على الخفين في السفر والحضر كما جاء في الأثر )).
وعلَّق شارحُ الطحاوية على ذلك بقوله : (( وتواترت السنةُ عن رسول الله e بالمسح على الخفين، وبغسل الرجلين، والرافضة تُخالفُ هذه السنة المتواترة )) [1] .
ومعلومٌ أنَّ المسحَ على الخفين من المسائل الفقهية، ولكن لأنَّ أهل البدع أنكروه وشنعوا على مخالفيهم فيه، نص العلماء عليه في عقائدهم.
إذاً فلا لومَ على من يجعل قضية الحجاب اليوم قضيةً أُصولية مصيرية، وذلك لتشنيعِ مبتدعةِ زماننا ومنا فقيهم عليه، ولحملتهم المحمومة لنزعه، وجرِّ المرأة بعد ذلك لما هو أفسد وأشنع من ذلك، وأنَّها لم تُعد مسألةً فقهية يتناقشُ فيها أهلُ العلم المتجردون لمعرفة الراجح فيها، وجوانب الحاجة والضرورة فيه.
الوقفة الثالثة :
لو أنَّ المنادين اليومَ بكشف وجهِ المرأة أمام غير المحارم، وكانوا في مجتمعٍ يعجُّ بالسفور والتعري الفاضح لأحسنا الظنَّ بهم، وقلنا : لعلَّ قصدهم ارتكاب أهون المفسدتين، والتدرج بالنساء في ردهنَّ إلى الحجاب الشرعي والحياءِ والحشمة شيئًا فشيئًا، حيثُ إنَّ المرأة التي تكشف وجهها وكفيها فقط في مجتمعٍ متعرٍّ متفسخ، هي بلا شك أحسنُ حالاً ودينًا ممن تتعدى ذلك إلى كشف ما هو أشد وأشنع.
أما وإنَّ الذين يُنادون اليومَ بنزع الحجاب عن الوجه، إنما يُوجِّهون نداءهم إلى مجتمعات محافظة، لم يعرف نساؤهُ إلاَّ الحشمة والحياء، وتغطيةَ الوجهِ والبعد عن الرجال الأجانب، فإنَّ هذا مما يثيرُ العجب، ويحيرُ العقل، ويضعُ استفهاماتٍ كثيرة على مطالبهم تلك، فماذا يريدون من ذلك؟ وماذا عليهم لو بقيت نساؤُهم وبناتهم وأخواتهم ونساءَ المسلمين على هذه الحشمة والعفة والحياء؟ ماذا يضيرهم في ذلك؟ ألا يشكرون الله عز وجل على هذه النعمة العظيمة؟ ألا يعتبرون بما يرونه في(5/821)
المجتمعات المختلطة المتبرجة، حيث ضاعت قوامة الرجل وظهرَ الفساد، وهُتكت الأعراض ؟!إنَّ زماننا اليوم زمن العجائب، وإلاَّ فعلام يشرقُ قومنا بالفضيلة والطُهر والعفاف.
[1] شرح الطحاوية : ص 386 .
الوقفة الرابعة :
ليس المقصود في هذه الوقفات حشدَ الأدلةِ الموجبة لستر وجه المرأة وكفيها عن الرجال الأجانب، ووجوب الابتعاد عنهم؛ فهي كثيرة وصحيحة وصريحة والحمد لله، ويمكن الرجوع إليها في فتاوى ورسائل أهل العلم الراسخين، كرسالة (الحجاب) للشيخ ابن عثيمين- رحمه الله تعالى، وكتاب (عودة الحجاب) القسم الثالث للدكتور محمد بن إسماعيل المقدم- حفظه الله- الذي توسع في هذا الموضوع، وردَّ على شبهات المخالفين، وإنَّما المقصود في هذه المقالة ما ذُكر سابقًا في الوقفات الثلاث، من فضح نوايا المنادين بكشفِ الوجهِ والاختلاط بالرجال، وأنَّ وراءَ ذلك خطوات وخطوات من الفساد والإفساد.
ومع ذلك يحسنُ بنا في هذه الوقفة، أن نشيرَ إلى أن علماءَ الأمة في القديم والحديث - من أجاز منهم كشف الوجه ومن لم يجزه ـ كلهم متفقون ومجمعون على وجوب ستر وجه المرأة وكفيها، إذا وجدت الفتنة وقامت أسبابها، فبربكم أيُّ فتنة هي أشدُّ من فتنة النساء في هذا الزمان، حيث بلغت وسائل الفتنةِ والإغراء بهن، مبلغًا لم يشهده تاريخ البشرية من قبل، وحيث تفنن شياطين الإنس في عرضِ المرأة بصورها المثيرة في كلِّ شيء، في وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، وأخرجوها من بيتها بوسائل الدعاية والمكر والخداع.
فمن قال بعد ذلك : إنَّ كشف المرأة عن وجهها أو شيء من جسدها لا يثير الفتنة، فهو والله مغالطٌ مكابر، لا يوافقهُ في ذلك من له مسكت من دينٍ أو عقل أو مروءة.
وبعد التأكيد على أنَّ أهل العلم قاطبةً متفقون على وجوب تغطية الوجه إذا وجدت الفتنة، يتبين لنا أنَّ خلافهم في ذلك كان محصورًا فيما إذا أمنت الفتنة، ومع ذلك فتجدر الإشارة أيضًا إلى أنَّ هذا القدر من الخلاف بقي خلافًا نظريًّا إلى حَدٍّ بعيد، حيثُ ظل احتجاب النساء هو الأصل في الهيئة الاجتماعية، خلال مراحل التاريخ الإسلامي، وفيما يلي نُقُول عن بعض الأئمة تؤكد أنَّ التزام الحجاب كان أحد معالم »سبيل المؤمنين« في شتى العصور :
قال شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله تعالى- : ((كانت سنة المؤمنين في زمن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّ الحرة تحتجب، والأمة تبرز )) [1] أهـ.
وقال الإمام أبو حامد الغزالي- رحمه الله تعالى- (( لم يزل الرجال على مرِّ الزمان مكشوفي الوجوه، والنساء يخرجنَّ متنقبات )) [2] .
وقد يتعلق دعاة السفور أيضًا ببعض الحالات التي أذن الشارع للمرأة فيها بكشف وجهها لغير محارمها، كرؤيةِ الخاطب لمخطوبته، وعند التداوي إذا عدمت الطبيبة بشرط عدم الخلوة، وعند الشهادة أمام القاضي ونحوها، وهذا كله من يُسر الشريعة، وسماحة الإسلام، حيث رُخِّص للمرأة إذا اقتضت المصلحة الراجحة والحاجة(5/822)
الماسة، أن تكشف عن وجهها في مثل هذه الأحوال، وليس في هذا أدنى متعلقٌ لدعاة السفور، لأنَّ الأصل هو الحجاب الكامل، وهذه رخصٌ تزول إذا زالت الحاجة إليها.
[1] - تفسير سورة النور : ص 65 .
[2] - إحياء علوم الدين 4 / 729 .
الوقفة الخامسة :
ومن منطلقِ النصحِ والشفقة وإقامةِ الحجة، أتوجَّهُ بالكلمات التالية إلى أولئك القوم الذين ظلموا أنفسهم، وأساءوا إلى مجتمعهم وأمتهم، وخانوا أماناتهم، وحملوا بذلك أوزارهم وأوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون، فأرجو أن تجد هذه الكلمات آذانًا صاغية، وقلوبًا واعية، قبل مباغتة الأجل وهجوم الموت، حيث لا تقبلُ التوبة ولا ينفع الندم.
1- أذكركم بموعظةِ الله تعالى ؛ إذ يقول : (( قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا )) (سبأ: 46) .
فماذا عليكم لو قام كلُّ فردٍ منكم مع نفسه أو مع صاحبه، ثم فكرتم فيما أنتم عليه من إفسادٍ وصدٍ عن سبيل الله عز وجل، هل أنتم مقتنعون بما تفعلون وبما تتسببون به إلى أمتكم من الفتن؟ وهل هذا يُرضي الله تعالى ويجلب النعيم لكم في الآخرة؟ إنَّكم إن قُمتم لله عز وجل متجردين مثنى أو فرادى، وفكرتم في ذلك؛ فإنَّ الجوابَ البد هي هو أنَّ الفساد والإفساد لا يحبهُ الله عز وجل، بل يمقتهُ، ويمقتُ أهله، وسيأتي اليوم الذي يَمقت فيه أهلُ الفساد أنفسهم، ويتحسرون على ما فرَّطوا وضيعوا وأفسدوا، وذلك في يومِ الحسرة؛ حيث لا ينفعُ التحسرُ ولا التندم، فعليكم بالتوبةِ قبل أن يُحال بينكم وبينها.
2- أُذكركم بيوم الحسرةِ والندامة، يوم يتبرأُ منكم الأتباع، وتتبرءون من الأتباع، ولكن حين لا ينفعُ الاستعتاب ولا التنصل ولا التبرؤ، بل كما قال تعالى: (( وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )) (سبأ:33) .
3- أذكركم بالأثقالِ العظيمةِ، التي ستحملونها يوم القيامة من أوزاركم وأوزار الذين تضلونهم بغير علمٍ إن لم تتوبوا، قال تعالى : (( وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ )) (العنكبوت:13) .
وقال عز وجل: (( لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ )) (النحل:25)
وإنَّ الظالمين جميعهم،رئيسهم ومرءوسيهم، تابعهم ومتبوعيهم، لهم يومٌ مشهود، ويومٌ عصيب، يومَ يكفرُ بعضهم ببعض، ويلعنُ بعضهم بعضًا، ويحيلُ التبعةُ بعضهم على بعض، ولكن حين لا يجدي لهم ذلك إلاَّ الخز ي والبوار.
4- إن لم يوجد واعظ الله سبحانه والدار الآخرة فيكم، فلا أقل من أن يوجد عندكم بقيةُ مروءةٍ وحياء، تمنعكم من إفسادِ المرأةِ وإفساد المجتمع بأسره .
إنَّ المتأملَ في حال المتبعين للشهوات اليوم، ليأخذه العجب والحيرة من أمرهم ! فما لهم وللمرأة المسلمة التي تقرُّ في منزلها؟! توفرُ السكن لزوجها وترعى أولادها، ماذا(5/823)
عليهم لو تركوها في هذا الحصن الحصين تؤدي دورها الذي يُناسبُ أنوثتها وطبيعتها؟! ماذا يريدون من عملهم هذا ؟!
ثم ماذا عليهم لو تركوا أولاد المسلمين يتربون على الخيرِ والدينِ والخصال الكريمة ؟ ماذا يريدونَ من إفسادهم وتسليطِ برامج الإفساد المختلفة عليهم؟ هل يريدون جيلاً منحلاً، يكونُ وبالاً على مجتمعه، ذليلاً لأعدائه، عبدًا لشهواته؟ إنَّ هذه هي النتيجة، وإنَّ من يسعى لهذه النتيجةِ الوخيمةِ التي تتجهُ إليها الأسرُ المسلمة اليوم، لهو من أشدِّ الناسِ خيانةً لمجتمعه وأُمته وتاريخه. إنَّ من عنده أدنى مروءةٍ ونخوة ـ فضلاً عن الدين والإيمان ـ لا يسمحُ لنفسهِ أن يكون من هؤلاءِ الظالمين المفسدين، وما ذُكر من إفسادِ الأسرةِ إنما هو على سبيل المثال لا الحصر.فيا من وصلوا إلى هذا المستوى من الهبوطِ والجناية، توبوا إلى ربكم، وفكروا في غايتكم ومصيركم، واعلموا أنَّ وراءكم أنباءً عظيمة، وأهوالاً جسيمة، تشيبُ لها الولدان، وتشخصُ فيها الأبصار، فإن كنتم تُؤمنون بهذا فاستيقظوا من غفلتكم، وراجعوا أنفسكم، والله جلَّ وعلا يغفرُ الذنوب جميعًا، وإن كنتم لا تؤمنون بذلك فراجعوا دينكم، وادخلوا في السلم كافة قبل أن يُحال بينكم وبين ما تشتهون.
5- يا قومنا أعدوا للسؤالِ جوابًا، وذلك حين يسألُكم عالم الغيب والشهادة عن مقاصدكم في حملتكم، واجتراؤكم على المرأةِ وحجابها، وقرارها في بيتها، فماذا أنتم قائلون لربكم سُبحانه؟ إنَّكم تستطيعون أن تفروا من المخلوق فتُدلسون وتلبسون، وقد يظهرُ تدليسكم هذا في لحنِ القول وقد لا يظهر، لكن كيف الفرارُ ممن يعلمُ ما تخفون وما تعلنون؟ : (( يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ )) (الحاقة:18).
فتوبوا إلى علاَّم الغيوب ما دمتم في زمن التوبة، وصححوا بواطنكم قبل أن يُبعثرَ ما في القبور، ويحصلَ ما في الصدور.
وختامًا :
أوصي نفسي وإخواني المسلمين الحريصين على دينهم وأعراضهم، وسلامة مجتمعاتهم من الفساد، أن يكونوا يقظين لما يطرحهُ الظالمون لأنفسهم وأمتهم، من كتاباتٍ وحواراتٍ مؤداها إلى سفور المرأة واختلاطها بالرجال الأجانب، فمادامت المدافعة بين المصلحين والمفسدين، فإنَّ الله عز وجل يقذفُ بالحق على الباطل فإذا هو زاهق. وينبغي أن لا ننسى في خضمِّ الردود على ما يكتبهُ المفسدون من الشبهات والشهوات، ذلكُ السيلُ الهادر الذي يتدفقُ من وسائلِ الإعلامِ المسموعةِ والمرئيةِ في بلاد المسلمين، وذلك بما تبثهُ الإذاعات والتلفاز والقنوات الفضائية، من دعوةٍ للمرأة إلى السفور ومزاحمة الرجال في الأعمال والطرقات، والتمردِ على الرجل، سواءً كان أبًا أو زوجًا أو أخًا، ولقد ضربت هذه الوسائل بأطنابها في بلاد المسلمين، فكان لزامًا على المصلحين محاربتها وإبعادها عن بيوت المسلمين قدر الاستطاعة، فإن لم يكن إلى ذلك سبيل فلا أقلَّ من تكثيفِ الدعاية ضدَّها والتحذير من شرها، ووقاية المسلمين من خطرها، وذلك بإصدارِ الفتاوى المتتابعة، والخطب المكثفةِ حول أضرارها وأثرها المدمرِ للدين والأخلاق ، فإنَّها والله لا تقل خطرًا عما تكتبهُ الأقلام الآثمة عن المرأةِ إن لم تزد عليه .(5/824)
والمقصودُ أن لا يكتفي المصلحون بمحاربةِ ما يكتبهُ المفسدون في الصحف والمجلات عن المرأة، فإنَّ هُم سكتوا سكت المصلحون وظنُّوا أنَّ الخطر قد انتهى، كلا، إنَّ الخطر لم ينته، وإنَّ المعركة مستمرة، لأنَّ الخطر الأكبر لا يزالُ قائمًا ما دامت الوسائلُ المسموعة والمرئية لا تكفُّ عن المرأة، والاستهزاءِ بحجابها وقرارها في بيتها، وقوامة الرجل عليها، وإثارة الشبهات في ذلك.أسأل الله عز وجل أن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يعزَّ دينهُ، ويعلي كلمتهُ، وأن يردَّ كيد المفسدين في نحورهم؛ وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
رقم الفتوى : ... 29486
عنوان الفتوى : ... الضوابط التي يجب على الطبيب مراعاتنها إذا عالج امرأة أجنبية عنه .
تاريخ الفتوى : ... 28 ذو الحجة 1423 / 02-03-2003
السؤال
أنا طبيب اضطر للكشف عن عورات النساء، فهل هذا حرام أم حلال وماذا أفعل؟ وشكراً.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز للطبيب المسلم أن يعالج المرأة الأجنبية عنه لكن بشروط:
أولاً: أن لا يمكن أو لا يتيسر علاج هذا المرض عند طبيبة تقوم بنفس الغرض.
ثانياً: أن لا تكشف المرأة من جسدها إلا ما تدعو الضرورة إلى الكشف عنه.
ثالثاً: أن لا يخلو بالمريضة، بأن يكون معها محرم لها أو ما تنتفي به الخلوة.
رابعاً: أن يحفظ بصره عن المريضة إلا ما تدعو حاجة العلاج للنظر إليه.
وعليه أن يستشعر أن الله مطلع عليه عالم بحاله، فليحذر من الشيطان ومن فتنة النساء، وانظر الفتوى رقم:
8107.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفق
ـــــــــــــــــــ
قصص عن أناس ثبتوا أمام فتنة النساء المال الأولاد
(1) عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: كان رجل يقال له: مرثد بن أبي مرثد الغنوي،
وكان رجلاً شديداً يحمل الأسرى من مكة حتى يأتي بهم المدينة، قال: فدعوت رجلاً لأحمله، وكانت امرأة بغي بمكة يقال لها: عناق، وكانت صديقة له، قال: فجئت حتى انتهيت إلى ظل حائط من حوائط مكة في ليلة مقمرة، قال: فجاءت عناق فأبصرت سواد ظلي بجنب الحائط، فلما انتهت إلي عرفته، فقالت: من هذا مرثد؟ فقلت: مرثد.
فقالت: مرحباً وأهلاً هلم فبت عندنا الليلة، قال: قلت: يا عناق حرم الله الزنا. قالت: يا أهل الخيام هذا الرجل يحمل أسراكم من مكة إلى المدينة! قال: فتبعني ثمانية، وسلكت الخندمة، فانتهيت إلى كهف، أو غار، فدخلت، فجاءوا حتى قاموا على(5/825)
رأسي، فبالوا، فظل بولهم على رأسي وأعماهم الله عني، قال: ثم رجعوا ورجعت إلى صاحبي فحملته، وكان رجلاً ثقيلاً حتى انتهيت إلى الإذخر، ففككت عنه كبله، فجعلت أحمله ويعييني حتى قدمت المدينة، فأتيت رسول الله - صلى الله عليه و سلم - فقلت: يا رسول الله أنكح عناقاً؟ فأمسك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يرد علي شيئاً حتى نزلت [الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين]
فقال رسول الله - صلى الله عليه و سلم -: ((يا مرثد [الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك] فلا تنكحها)) رواه أهل السنن إلا ابن ماجه.
(2) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه و سلم - قال: ((لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة:
عيسى ابن مريم، وصاحب جريج، وكان جريج رجلاً عابداً، فاتخذ صومعة فكان فيها، فأتته أمه وهو يصلي،
فقالت: يا جريج، فقال: يا رب أمي وصلاتي، فأقبل على صلاته. فانصرفت، فلما كان من الغد أتته وهو يصلي.
فقالت: يا جريج، فقال: يا رب أمي وصلاتي، فأقبل على صلاته فانصرفت، فلما كان من الغد أتته وهو يصلي.
فقالت: يا جريج، فقال: أي رب أمي وصلاتي، فأقبل على صلاته، فقالت: اللهم لا تمته حتى ينظر إلى وجوه المومسات! فتذاكر بنو إسرائيل جريجاً وعبادته، وكانت امرأة بغي يتمثل بحسنها، فقالت: إن شئتم لأفتننه لكم، قال: فتعرضت له فلم يلتفت إليها، فأتت راعياً كان يأوي إلى صومعته فأمكنته من نفسها فوقع عليها فحملت، فلما ولدت،
قالت: هو من جريج، فأتوه فاستنزلوه وهدموا صومعته وجعلوا يضربونه، فقال: ما شأنكم؟ قالوا: زنيت بهذه البغي فولدت منك، فقال: أين الصبي؟ فجاءوا به، فقال: دعوني حتى أصلي، فصلى، فلما انصرف أتى الصبي فطعن في بطنه، وقال: يا غلام من أبوك؟ قال: فلان الراعي. قال: فأقبلوا على جريج يقبلونه ويتمسحون به، وقالوا: نبني لك صومعتك من ذهب، قال: لا أعيدوها من طين كما كانت، ففعلوا.
وبينا صبي يرضع من أمه، فمر رجل راكب على دابة فارهة وشارة حسنة، فقالت: أمه اللهم اجعل ابني مثل هذا، فترك الثدي وأقبل إليه فنظر إليه، فقال: اللهم لا تجعلني مثله، ثم أقبل على ثديه فجعل يرتضع، ومروا بجارية وهم يضربونها، ويقولون: زنيت سرقت، وهي تقول: حسبي الله ونعم الوكيل، فقالت أمه: اللهم لا تجعل ابني مثلها، فترك الرضاع ونظر إليها، فقال: اللهم اجعلني مثلها، فهناك تراجعا الحديث، فقالت: حلقى، مر رجل حسن الهيئة، فقلت: اللهم اجعل ابني مثله، فقلت: اللهم لا تجعلني مثله، ومروا بهذه الأمة وهم يضربونها، ويقولون: زنيت سرقت، فقلت: اللهم لا تجعل ابني مثلها، فقلت: اللهم اجعلني مثلها، قال: إن ذاك الرجل كان جباراً، فقلت: اللهم لا تجعلني مثله، وإن هذه يقولون لها: زنيت، ولم تزن، وسرقت، ولم تسرق، فقلت: اللهم اجعلني مثلها)) متفق عليه.(5/826)
(3) عن أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها -، أن وليدة كانت سوداء لحي من العرب فأعتقوها، فكانت معهم، قالت: فخرجت صبية لهم عليها وشاح أحمر من سيور، قالت: فوضعته، أو وقع منها، فمرت به حدياة وهو ملقى فحسبته لحماً فخطفته، قالت: فالتمسوه فلم يجدوه، قالت: فاتهموني به، قالت: فطفقوا يفتشون حتى فتشوا قبلها، قالت: والله إني لقائمة معهم إذ مرت الحدياة فألقته، قالت: فوقع بينهم، قالت: فقلت: هذا الذي اتهمتموني به، زعمتم وأنا منه بريئة وهو ذا هو، قالت: فجاءت إلى رسول الله - صلى الله عليه و سلم - فأسلمت، قالت عائشة: فكان لها خباء في المسجد، أو حفش، قالت: فكانت تأتيني فتحدث عندي، قالت: فلا تجلس عندي مجلساً إلا قالت: ويوم الوشاح من أعاجيب ربنا... ألا إنه من بلدة الكفر أنجاني، قالت عائشة: فقلت لها: ما شأنك لا تقعدين معي مقعداً إلا قلت: هذا، قالت: فحدثتني بهذا الحديث. رواه البخاري.
(4) وقصة كعب بن مالك - رضي الله عنه - في تخلفه عن غزوة تبوك وتوبة الله عليه، وما فيها من ثبات على الحق، ورفض لصور إغراء وإعاقة نعرض لها، وهي في الصحيحين.
(5) وقصة خروج معاذ بن جبل - رضي الله عنه - من ماله مرتين لله - تعالى -؛ مرة قبل خروجه إلى اليمن، ومرة قبل خروجه إلى الشام، رواها جابر بن عبد الله وعبد الرحمن بن كعب - رضي الله عنهم -، وهي في طبقات ابن سعد الكبرى، والحلية لأبي نعيم، وتاريخ دمشق لابن عساكر، ورواها الحاكم مختصرة وصحح سندها.
(6) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه و سلم - عشرة رهط سرية عينا، وأمر عليهم عاصم بن ثابت الأنصاري، فانطلقوا حتى إذا كانوا بالهدأة وهو بين عسفان ومكة، ذكروا لحي من هذيل يقال لهم: بنو لحيان، فنفروا لهم قريباً من مائتي رجل كلهم رام، فاقتصوا آثارهم حتى وجدوا مأكلهم تمراً تزودوه من
المدينة، فقالوا: هذا تمر يثرب، فاقتصوا آثارهم، فلما رآهم عاصم وأصحابه لجئوا إلى فدفد، وأحاط بهم القوم، فقالوا لهم: انزلوا وأعطونا بأيديكم ولكم العهد والميثاق ولا نقتل منكم أحداً، قال عاصم بن ثابت أمير السرية: أما أنا فوالله لا أنزل اليوم في ذمة كافر، اللهم أخبر عنا نبيك، فرموهم بالنبل فقتلوا عاصماً في سبعة، فنزل إليهم ثلاثة رهط بالعهد والميثاق؛ منهم: خبيب الأنصاري وابن دثنة ورجل آخر، فلما استمكنوا منهم أطلقوا أوتار قسيهم فأوثقوهم، فقال الرجل الثالث: هذا أول الغدر، والله لا أصحبكم إن لي في هؤلاء لأسوة، يريد القتلى، فجرروه وعالجوه على أن يصحبهم فأبى فقتلوه، فانطلقوا بخبيب وابن دثنة حتى باعوهما بمكة بعد وقعة بدر، فابتاع خبيباً بنو الحارث بن عامر ابن نوفل بن عبد مناف، وكان خبيب هو قتل الحارث بن عامر يوم بدر، فلبث خبيب عندهم أسيراً، فأخبرني عبيد الله بن عياض أن بنت الحارث أخبرته أنهم حين اجتمعوا استعار منها موسى يستحد بها فأعارته، فأخذ ابناً لي وأنا غافلة حين أتاه، قالت: فوجدته مجلسه على فخذه والموسى بيده، ففزعت فزعة عرفها خبيب في وجهي، فقال: تخشين أن أقتله؟ ما كنت لأفعل ذلك، والله ما(5/827)
رأيت أسيراً قط خيراً من خبيب، والله لقد وجدته يوماً يأكل من قطف عنب في يده، وإنه لموثق في الحديد، وما بمكة من ثمر، وكانت تقول: إنه لرزق من الله رزقه خبيباً، فلما خرجوا من الحرم ليقتلوه في الحل، قال لهم خبيب: ذروني أركع ركعتين، فتركوه فركع ركعتين، ثم قال: لولا أن تظنوا أن ما بي جزع لطولتها، اللهم أحصهم عدداً:
ما أبالي حين أقتل مسلماً على أي شق كان لله مصرعي
وذلك في ذات الإله وإن يشأ يبارك على أوصال شلو ممزع
فقتله ابن الحارث، فكان خبيب هو سن الركعتين لكل امرئ مسلم قتل صبراً، فاستجاب الله لعاصم بن ثابت يوم أصيب، فأخبر النبي - صلى الله عليه و سلم - أصحابه خبرهم وما أصيبوا، وبعث ناس من كفار قريش إلى عاصم حين حدثوا أنه قتل ليؤتوا بشيء منه يعرف، وكان قد قتل رجلاً من عظمائهم يوم بدر، فبعث على عاصم مثل الظلة من الدبر فحمته من رسولهم فلم يقدروا على أن يقطع من لحمه شيئاً. رواه البخاري.
وفيما ذكرته لك كفاية – إن شاء الله تعالى - كما أنصح بمراجعة بعض الكتب المؤلفة في هذه الموضوعات.
والله الموفق والهادي إلى سواء الصراط
http: //www.dawahwin.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ
قيادة المرأة للسيارة
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، فإن أصدق الحديث كتاب الله،وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة. أما بعد:
فإن الشريعة الإسلامية لا تأمر إلا بمصلحة خالصة أو راجحة، ولا تنهى إلا عن ما مفسدته خالصة أو راجحة، ومن قواعد الشريعة الغراء درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، ومن قواعدها أيضاً ارتكاب أدنى المفسدتين لدفع أعلاهما، ومن قواعدها أيضاً يحتمل الضرر الخاص لدفع الضرر العام، وإذا أردنا أن نطبق حكم قيادة المرأة للسيارة على هذه القواعد يتبين لنا مفسدته الراجحة، وعموم ضرره، وأعظم ضرراً من عدم قيادتها والضرر مدفوع في الشريعة ومحرم، ومن قواعد الشريعة: (لا ضرر ولا ضرار) لما يلي:
1- إن قيادتها سبب لنزع الحجاب، والحجاب أمر واجب، بما في ذلك تغطية الوجه واليدين، والذين قالوا بعدم وجوب تغطية الوجه واليدين من أهل العلم، قالوا بوجوب حصول الفتنة، ولا شك أن الفتنة في زماننا حاصلة لوجود أسباب إثارة الغرائز والشهوات.(5/828)
2- إنه سبب لعدم القرار في البيت، والأصل في المرأة المسلمة القرار في البيت قال الله عز وجل: ? وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ? وقال سبحانه وتعالى عن ابنة صاحب مدين ? يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ ? فكونها تطلب من أبيها أن يستأجره بدل من أن تعمل هي في رعي الغنم دليل على أن الأصل في حقها هو الأصل القرار في البيت.
وأيضاً قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ) دليل على أن الأصل في حقها القرار في البيت.
3- إن قيادتها للسيارة سبب للفتنة في عدة مواطن من ذلك فتنتها فالوقوف عند إشارات الطريق ومحطات الوقود وعند نقاط التفتيش وعند تعطل السيارة ونحو ذلك، وفتنة المرأة على هذه الأمة من أعظم الفتن، وقد ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في التحذير من فتنة الدنيا وفتنة النساء، فقال: (إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ وَإِنَّ اللَّهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ) رواه مسلم.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ).
4- إن قيادتها سبب للاختلاط بالرجال والشارع الحكيم منع من اختلاط المرأة بالرجل لما يترتب على هذا الاختلاط من مفاسد كثيرة منها أنه سبب افتتان الرجال بالنساء والوقوع في الفاحشة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا وَشَرُّهَا آخِرُهَا وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا) أخرجه مسلم.
ثم يدل ذلك على عدم اختلاط المرأة بالرجل بل كلما كان الرجل أقرب من المرأة كان ذلك سبباً للفتنة.
5- من مفاسد قيادة المرأة للسيارة أيضاً ما يحصل من نزع الحياء من المرأة والحياء شعبة من الإيمان.
6- إن قيادة المرأة للسيارة سبب لوقوع الحوادث إذ إن المرأة لا تتحمل كما يتحمل الرجل إذا حصل لها خطر ما.
7- إنه سبب للأزمات الاقتصادية وذلك من عدة أوجه منها: كثرة ازدحام السيارات في الشوارع مما يؤثر ذلك على الاقتصاد والإنفاق في شراء هذه السيارات وإصلاح الطرق وتوسيعها وفتحها ومزاحمة أصحاب الأعمال إذ إن المرأة لا يناط بها من الأعمال ما يناط بالرجال وتأخر أصحاب هؤلاء الأعمال عن أعمالهم وأيضاً النفقات في شراء هذه السيارة، وذلك بما فتنت به المرأة من تغيير هذه المراكب فترة بعد أخرى إذ إن المرأة من طبيعتها ذلك.
وغير ذلك مما هو معلوم لدى الجميع.
فلهذه الأسباب وغيرها يتضح أن الشريعة الإسلامية تمنع مما يؤدي إلى الشر أو الفساد في المجتمع ومن القواعد الشرعية المقررة (إن الوسائل لها أحكام المقاصد) وقد روى حذيفة رضي الله تعالى عنه أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم قلت: (فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ قَالَ نَعَمْ دُعَاةٌ إِلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا فَقَالَ هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا) وهذا في الصحيحين.(5/829)
وإني أدعو كل مسلم أن يتقي الله في قوله وفي عمله وأن يحذر الفتن والداعين إليها وأن يبتعد عن كل ما يسخط الله عز وجل أو يفضي إلى ذلك و أن يحذر كل الحذر من مسببات الفساد والشر في المجتمع، ومن مسببات الإخلال بالأمن .
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه وصلى الله وسلم على نبينا محمد
ـــــــــــــــــــ
تحذير حول عمل المرأة في المحلات التجارية
الصفحة 1 لـ 2
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد :
فقد كثر الحديث في هذه الأيام عن عمل المرأة في المحلات التجارية وذلك بسبب ما صدر من قرار بهذا الشأن يُلزم التجار في المستلزمات النسائية الخاصة بتوظيف النساء في محلاتهم ولم يُعتبر في هذا القرار كَون هذه المحلات التي تعمل فيها النساء في أسواق نسائية خاصة لا يدخلها إلا النساء ومن المشهور أن وراء هذا القرار بعض المتهمين في دينهم من ذوي النفوذ .
وفي هذا القرار عدة أمور محرمة :
1 ـ ظلم التجار بإلزامهم ما لا يجب عليهم شرعاً وتعريضهم للخسارة في تجارتهم .
2 ـ ظلم العاملين لديهم بتسريحهم من غير موجب شرعي ولاسيما من لم تنته عقودهم .
3 ـ فتح باب من أبواب فتنة النساء رغم أن هذا القرار مبني على دعوى المحافظة على المرأة والواقع أنه على العكس فإنه يترتب على توظيف النساء في هذه المحلات عدة محاذير منها :
أ ـ حدوث علاقة غير مأمونة بين الموظفة أو الموظفات وصاحب المحل .
ب ـ أن وجود هذه المحلات النسائية في أسواق الرجال يؤدي إلى دخول الرجال عليهن لأن المحافظة غير متوفرة في كثير من الناس وكذلك الرقابة .
ج ـ أن هذه الموظفات تتعرض لخطر الاعتداء عليهن في أوقات خلو الأسواق كما في أول الصباح وآخر دوام المساء .
4 ـ أن هذا القرار خطوة أولى لتوظيف النساء في سائر المحلات مما يؤدي إلى تغيير صورة هذا المجتمع المحافظ بتفاقم فتنة المرأة وشيوع الفاحشة ويؤدي إلى المزيد من بطالة الرجال .
وبهذا يتبين أن هذا القرار من جهود أصحاب التغريب في هذه البلاد – حرسها الله – من كل من يريدها بسوء .
وبناء على ما تقدم فإننا نحذر عموم المسلمين أن يحملهم الطمع في كسب المال على التفريط في أمانتهم التي ولاهم الله عليها واسترعاهم إياها فإنهم مسئولون كما قال صلى الله عليه وسلم : ( كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ) .
فاحموا أيها المسلمون بناتكم وأخواتكم وزوجاتكم من كل ما يدنس كرامتهن واحذروا أن تستجيبوا أو تُخدعوا بما يزخرفه أدعياء حقوق المرأة وهم الجناة عليها على(5/830)
الحقيقة رد الله كيدهم في نحورهم والله من ورائهم محيط وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين ـــــــــــــــــــ
رقم الفتوى : ... 78561
عنوان الفتوى : ... مذاهب العلماء في محادثة الشابة ابتداء أو عبر النت
تاريخ الفتوى : ... 20 شوال 1427 / 12-11-2006
السؤال
أنا شاب أعيش في أوربا وأحسب نفسي عند الله ملتزما، صدفة تعرفت على بنت عبر الانترنت وهي تعيش في بلد عربي في أسرة مسلمة ولكن متحررة حاولت دعوتها للإسلام وفعلا استجابت وتحجبت ولبست الجلباب وأصبحت تصلي دون انقطاع ولكن تواجه رفضا كبيرا من أهلها لكل شيء فعلته وتجد صعوبة كبيرة في الاستمرار وهي تجد بكلماتي حين أكلمها عونا لها وتقول لولا وقوفك بجانبي لخلعت الحجاب والجلباب
أنا أريد الزواج منها لكن ظروفي الآن لا تسمح فهل إذا استمررت في الكلام معها عبر النت حرام، مع العلم أن كلامي معها كله كلام مفيد وغالبا في الدين.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم –وفقنا الله وإياك للخير- أن فتنة النساء من أعظم الفتن وأكثرها خطرا وضررا، كما ورد ذلك في الصحيحين وغيرهما من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء.
وروى مسلم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء.
والكلام مع امرأة شابة، وإنشاء علاقة معها عبر الأنترنت أو غيره من أعظم الوسائل التي قد تجر إلى الوقوع في الحرام، وإن زين الشيطان ذلك في أول الأمر وأظهره على أنه علاقة بريئة من كل ما يدعو إلى الحرام.
وقد نص الفقهاء رحمهم الله على المنع من التكلم مع المرأة الشابة خشية الفتنة، وهذا ما لم يكن هناك ضرورة أو حاجة للكلام، فقال العلامة الخادمي رحمه الله في كتابه: بريقة محمودية وهو حنفي قال: التكلم مع الشابة الأجنبية لا يجوز بلا حاجة لأنه مظنة الفتنة.
وقال صاحب كشاف القناع من الحنابلة: وإن سلم الرجل عليها -أي على الشابة- لم ترده دفعا للمفسدة.
ونص فقهاء الشافعية على حرمة ابتداء الشابة الرجل الأجنبي بالسلام، وكذا ردها عليه، وكرهوا ابتداء الرجل لها بالسلام، وعللوا التفريق بينها وبينه أن ردها عليه أو ابتداءها له مطمع له فيها.
وإذا كان الأمر كذلك علمت أنه لا يجوز لك التمادي في محادثة هذه الفتاة عن طريق الأنترنت قطعا لدابر الفتنة، وعليك التوبة مما مضى.(5/831)
وطالما أنك تريد الزواج منها فعليك أن تجتهد في تدبير أمور زواجك، وفي الحلال غنية عن الحرام.
والله أعلم.
المفتي: ... مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
ـــــــــــــــــــ
الثبات حين تتوالى المدلهمات
الصفحة 1 لـ 2
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
حين تتوالى المدلهمات وتتنادى الخطوب، وتتلون الفتن يتكاثر المتساقطون على قارعة الطريق، منهم من يسقط خوفا ومنهم من يسقط جزعا، ومنهم من يسقط طمعا، ومنهم من يسقط وهو يظن السلامة في الحور بعد الكور [1].
وفي هذه الأزمنة المتأخرة التي كثرت فيها الفتن وتوالت فيها المغريات، وأقبلت الدنيا حاشدة رجلها وخيلها وعسكرها، مغررة بالقلوب، ومغرية للأنفس بنعيم الدنيا الزائف ومتاعها المرجف الراجف، في هذه الأزمنة ما أحوجنا إلى ذلك الصوت النبوي الحاني: (( ياعباد الله اثبتوا)) .[2]
إن الثبات أمام الشدائد والمحن والخطوب، وأمام تلون الدنيا ومغرياتها سمة من سمات عباد الراشدين، الذين يعلمون أن الفتن إنما هي تمحيص للمؤمنين وفتنة للغافلين اللاهين، والفئة المؤمنة لا تغير من إيمانها الكروب سلباً بل إن الكروب تزيدها قناعة بنصاعة الطريق الذي تسير عليه، ولذا تجد في محطات الألم والغربة والكربة والابتلاء جلاء لما صدأ من إيمانها.
إن الثبات معناه أن يستمر المرء في طريق الهداية، والالتزام بمقتضيات هذا الطريق والمداومة على الخير، والسعي الدائم للاستزادة، ومهما فتر المرء إلا أن هناك مستوى معين لا يقبل منه النزول دونه، أو التقصير فيه، وإن زلت قدمه فلا يلبث أن يئوب ويتوب لله علام الغيوب.
لقد ذكر الله عز وجل في محكم التنزيل صورا متعددة للثبات في حياة المسلم، وما هذا إلا لكي يستشعر المسلم خطورة هذه القضية وأهميتها، ومن تلك الصور التي ذكرها القرآن العظيم صورة الثبات في المعركة أمام جحافل أعداء الله ورسوله، فالربانيون لا يزيدهم صليل السيوف وزمجرة الموت إلا ثباتا وتضحية واطراحا بين يدي الواحد الأحد، مؤملين في عونه ومدده ومغفرته، ((وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ )) (آل عمران:147،146).
نعم في أحلك ساعات الخوف والشدة والكربة ثبات على الحق، وإيمان عميق يقود إلى تماسك وتمسك، وعبودية مطلقة للواحد الأحد، وهكذا هم رجال الموقف ورجال الحسم الذين لا تعصف بهم الرياح كما تعصف بغيرهم من أصحاب الإيمان الواهن الضعيف، (( وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُواْ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ )) (البقرة:250).(5/832)
لقد كانت نتيجة ذلك الصبر والثبات حميدة سعيدة في الدنيا، مع ما ينتظر أصحابها من حسن الجزاء في الآخرة.
لقد كانت مسألة الثبات على دين الله عز وجل الشغل الشاغل لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت هي القضية التي تشغل فكر أصحابه من بعده، وهي القضية التي أتعبت أذهان العلماء والصلحاء والفضلاء ، فلقد كان رسولنا- صلى الله عليه وسلم- كما في مسند الإمام أحمد- رحمه الله- كثيرا ما يدعو (( يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك )) [3].
وهاهو حذيفة- رضي الله عنه- يحذر العلماء بقوله: (( يا معشر القراء استقيموا فإن أخذتم يميناً وشمالاً لقد ضللتم ضلالا بعيدا )) [4].
وكان عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- كثيرا ما يدعو بهذا الدعاء،(( أللهم إني أسألك إيمانا لا يرتد ونعيماً لا ينفد )) [5].
ويقول شداد بن أوس- رضي الله عنه-: (( كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يعلمنا كلمات ندعو بهن في صلاتنا: اللهم إني أسألك الثبات في الأمر، وأسألك عزيمة الرشد )).[6]
وهكذا فالثبات صفة العظماء والأخيار النبلاء، الذين اصطفاهم الله وأراد الله بهم الخير في الدنيا والآخرة.
إن صفة الثبات على الإسلام والاستمرار على منهج الحق نعمة عظيمة، حبا الله بها أولياءه وصفوة خلقه، وامتن عليهم بها، فقال مخاطباً عبده ورسوله محمداً- صلى الله عليه وسلم-: (( وَلَوْلا أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً )) ( الإسراء: 74).
ويتبين أهمية الثبات في وقت المحن والفتن، فعند المحن تطيش القلوب وتتقلب يمنة ويسرة، ولا نجاة لها إلا بالثبات.
وقد شبه رسولنا- عليه الصلاة والسلام- قلب ابن ادم حينما قال: (( لقلب ابن آدم أشد انقلاباً من القدر إذا اجتمعت غلياً ))[7].
ويضرب- عليه الصلاة والسلام- للقلب مثلاً آخر فيقول: (( إنما مثل القلب كمثل ريشة في أصل شجرة يقلبها الريح طهراً لبطن )).[8]
فسبق الحديث قول الشاعر:
وما سمي الإنسان إلا لنسيانه ولا القلب إلا أنه يتقلبُ
كما لا يخفى أن للتذبذب والنكوص وفقدان معنى وجوهر الثبات يحدث خللاً وآثاراً لا تحمد عقباها على الفرد والأمة بأسرها.
فلقد كانت دعوة النبي -صلى الله عليه وسلم- واضحة جلية منذ أيامها الأولى، فحينما رأى المشركون قوة دعوة النبي- صلى الله عليه وسلم- والتفاف الناس حوله: أرادوا أن يجروه إلى التفاوض على المبدأ وسياسة الترقيع والقبول بالحلول الوسط والمنافع المشتركة، أنزل الله تعالى قوله: (( قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ وَلا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ وَلا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ وَلا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ )) ( الكافرون: 1، 6) .(5/833)
ولهذا فمن مبادئ الدخول في دين الإسلام: الكفر بالطاغوت، قال الله تعالى: (( فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الوُثْقَى لا انفِصَامَ لَهَا)) (البقرة: 256).
ويتربى الصحابة- رضي الله عنهم- على هذه الحقيقة أعزة شامخين بإيمانهم، فها هم هؤلاء يخرجون من غزوة أحد وقد أثقلتهم الجراح، وفقدوا جمعاً كريماً من أجلّة الصحابة، ومع ذلك يتنزل عليهم قول الله تعالى: (( وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ )) ( آل عمران: 139) .
صحيح أنّ ذلك قد يجرّ مزيداً من التسلط والتضييق والملاحقة لأولياء الله الصالحين، ولكن هذه هي طبيعة هذا الدين، فما من نبي من الأنبياء- عليهم أفضل الصلاة والسلام- إلا وقد تسلط عليه قومه بالسخرية والإيذاء، بل بالضرب والقتل أحياناً، قال الله تعالى: (( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُواً مِّنَ المُجْرِمِينَ )) (الفرقان: 31) .
ولما سمع ورقة بن نوفل- رضي الله عنه- ما حصل للنبي- صلى الله عليه وسلم- في غار حراء، قال له: هذا الناموس الذي نزّل الله على موسى، ياليتني فيها جذعاً، ليتني أكون حيّاً إذ يخرجك قومك، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : (( أو مخرجيّ هم ؟ قال: نعم، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي))[9].
وقال قيصر الروم في حواره مع أبي سفيان بن حرب: (( سألتك كيف قتالكم إياه، فزعمت أنّ الحرب سجال ودول، فكذلك الرسل تبتلى ثم تكون لهم العاقبة)) [10].
ولفقدان معلم الثبات تترتب العديد من الآثار الوخيمة على الفرد والأمة، ومن أبرز هذه الآثار، ما يلي:
1 – بث الضعف والخور في الأمة، فعادة الناس ومعظمهم يتأثرون بالدعاة والعلماء، فيكون ضعف الداعية أو العالم ضعف لهم، فإن عامة الناس سيصيبهم الخور والضعف في التمسك بدينهم.
2 – شماتة الأعداء والحاسدين بالدعاة والمصلحين، فيصفون الدعاة بالتذبذب وعدم التزام الجادة في سلوك هذا الدين.
3 – تشتت العامة وتشرذمهم وتفرقهم.
4 – إنتاج جيل لا يعرف للتضحية معنى ولا يجعل لها وزناً.
5 – السب والقدح في العلماء، لعدم ثباتهم وصمودهم، فالعامي ليس لديه شيء يميز بين الأمور، فلا يقتصر في سبه للعالم أو الداعية الناكص، بل تجده يجعله أمراً عاماً في جميع العلماء ما علم منهم وما لم يعلم.
وأختم هذا المقال بنماذج من الثابتين الذين ثبتوا على هذا الطريق، عسى أن تكون قدوة يحتذى بها، وأسوة يقتدى بها فأقول:
لقد سار في هذا الطريق أقوام فواجهتهم الفتن والمحن والخطوب فصبروا وثبتوا.
وعلى رأسهم الأنبياء والمرسلين، فصبروا وصابروا وثبتوا، (( وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ )) (آل عمران : 146 ) .
وعلى رأسهم نبينا محمد عليه الصلاة وأزكى السلام .
عن عقيل بن أبي طالب- رضي الله عنه- قال: ( جاءت قريش إلى أبي طالب فقالوا: إن ابن أخيك هذا قد آذانا في نادينا من كنس، أو قال خنس يقول: بيت صغير، فجاء(5/834)
به في الظهيرة في شدة الحر، فلما أتاهم قال: إن بني عمك هؤلاء زعموا أنك تؤذيهم في ناديهم ومسجدهم، فانته عن أذاهم، فحلّق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ببصره إلى السماء فقال: (( ترون هذه الشمس، قالوا: نعم، قال: فما أنا بأقدر أن أدع ذلك منكم على أن تشعلوا منه بشعلة)).
وفي رواية: (( والله ما أنا بأقدر أن أدع ما بعثت به من أن يشعل أحد من هذه الشمس شعلة من نار)).
فقال أبو طالب: ( والله ما كذب ابن أخي قط؛ فارجعوا راشدين) [11].وصورة أخرى للمساومة تجلت في التلميح بالتهديد والإغراء في آن واحد، وذلك بتوعده، ثم إغرائه، وعرض المناصب والمال والنساء عليه، فأبى عليهم، فعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: اجتمعت قريش للنبي- صلى الله عليه وسلم- يوماً، فقالوا: انظروا أعلمكم بالسحر والكهانة والشعر، فليأت هذا الرجل الذي فرق جماعتنا وشتت أمرنا، وعاب ديننا، فليكلمه ولينظر ما يرد عليه، قالوا: ما نعلم أحداً غير عتبة بن ربيعة، قالوا: أنت يا أبا الوليد، فأتاه عتبة فقال: أما والله ما رأينا سخطة أشأم على قومك منك، فرقت جماعتنا، وشتّتّ أمرنا، وعبت ديننا، وفضحتنا في العرب حتى طار فيهم أن في قريش ساحراً ، وأن في قريش كاهناً، ما ينظر إلى مثل منيحة الحبلة بأن يقوم بعضنا لبعض بالسيوف حتى نتفانى، أيها الرجل: إن كان إنما بك الحاجة جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أغنى قريش رجلاً، وإن كان إنما بك الباءة فاختر أي نساء قريش فنزوجك عشراً، وفي رواية ابن إسحاق : يا ابن أخي ! إن كنت إنما تريد بما جئت به من هذا الأمر مالاً جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالاً، وإن كنت إنما تريد شرفاً سوّد ناك علينا فلا نقطع أمراً دونك، وإن كنت تريد ملكاً ملكناك علينا) .
فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : (( أفرغت ؟ قال: نعم، قال فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (( حم تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ )) حتى بلغ ((فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ)) فقال عتبة: حسبك، ما عندك غير هذا قال: (لا) )) [12].
ومن أولئك غلام الأخدود، نعم إنه غلام !! لكنه ثبت في مواجة ذلك الحاكم الطاغية، وصدع بالحق، حتى أسلم الناس وآمنوا بربهم تبارك وتعالى، فقال الناس: آمنا برب الغلام .
صحيح أنهم قد دخلوا ناراً تلظى، لكن عذاب الدنيا أخف وأهون من عذاب الآخرة، وعذاب البشر أخف من عذاب الله سبحانه وتعالى .
وكذلك ثبت أتباع موسى لما أسلموا وتخلصوا من رق العبودية لفرعون فأصبحوا عبيداً لله، وفازوا بالثواب العظيم من الرب الكريم.
(( قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ قَالُوا لَا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ إِنَّا نَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَن كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ )) (الشعراء:51،47) .(5/835)
نعم ، هكذا تنتصر المبادئ والقيم، وهكذا تثبت الجبال شامخةً فلا تؤثر فيها قوة الأعاصير ولا هبوب الرياح .
وقد ثبت شيخ الإسلام ابن تيمية فأودع السجن، وثبت أحمد بن حنبل في محنة القول بخلق القرآن، وثبت العز بن عبد السلام في الصدع بكلمة الحق وعدم مجاراة السلاطين على باطلهم، وثبت الإمام البخاري أمام فتنة خلق القرآن وضٌرب على ذلك .
وثبت بلال بن رباح وصمد على إسلامه، وثبت خبيب بن عدي حين قتل وكان مما قال :
فلست أبالي حين أقتل مسلماً على أيّ جنبٍ كان في الله مصرعي
وذلك في ذات الإله وإن يشأ يبارك على أوصالِ شلْو ممزّع
وقد خيروني الكفرَ والموت دونه وقد هملت عيناي من غير مجزع
وثبت أبو بكر الصديق في قتال المرتدين، وثبت يوسف عليه الصلاة والسلام على فتنة النساء، وثبت مصعب بن عمير، وما استطاع عمير بن الحمام أن يأكل التمرات وكان يراها، وثبت أنس بن النضر، فكان العوض لهذا الثبات الشامخ أنه كان يقول قبيل وفاته: ( إني والله لأجد ريح الجنة دون أحد ).
وعلى الرغم من سير الثابتين، الذين رسموا للأمة منهجاً ونبراساً في هذا الطريق المحفوف بالشهوات والشبهات .
إلا أن قوافل الثابتين لا تزال موجودة بوجود هذا الدين، ليحي من حيَ عن بينة، ويهلك من هلك عن بينة.
ففي الصحيحن عن ثوبان قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: (( لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك )) .
[1] - أصل هذه الكلمة قد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما في صحيح مسلم [ جزء 2 - صفحة 979 ]
من حديث عبد الله بن سر جس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سافر يتعوذ من وعثاء السفر وكآبة المنقلب والحور بعد الكون ودعوة المظلوم وسوء المنظر في الأهل والمال .
( والحور بعد الكون ) هكذا هو في معظم النسخ من صحيح مسلم بعد الكون وكذا ضبطه الحفاظ المتقنون في صحيح.
ورواه العذري بعد الكور بالراء، قال والمعروف في رواية عاصم الذي رواه مسلم عنه بالنون. قال القاضي قال إبراهيم الحربي: يقال إن عاصماً وهم فيه وإن صوابه الكور بالراء قلت وليس كما قال الحربي بل كلاهما روايتان وممن ذكر الروايتين جميعا الترمذي في جامعه وخلائق من المحدثين وذكرهما أبو عبيد وخلائق من أهل اللغة وغريب الحديث قال الترمذي بعد أن رواه بالنون ويروي بالراء أيضا ثم قال وكلاهما له وجه قال ويقال هو الرجوع من الإيمان إلى الكفر أو من الطاعة إلى المعصية، ومعناه الرجوع من شيء إلى شيء من الشر هذا كلام الترمذي .(5/836)
[2] - هذا الحديث أخرجه الإمام مسلم في صحيحه ، من حديث النواس بن سمعان – رضي الله عنه - ، وجاء في ذكره الأعور الدجال .
[3] - الحديث أخرجه الترمذي في سننه ( 2140 ) ، وأحمد في مسنده ( 12128 ) .
[4] - هذا الأثر أخرجه البخاري في صحيحه في باب الإقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
[5] - هذا الأثر أخرجه أحمد في مسنده برقم ( 3797 ) ، وأخرجه ابن حبان في صحيحه برقم ( 1970 ) ، والحاكم في مستدركه برقم ( 1928 ) ، وقال عنه : في المستدرك [ جزء 1 - صفحة 707 ] ( هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه ) .
[6] - أخرجه الترمذي في سننه برقم ( 3704 ) ،
[7] - رواه أحمد 6/4 ، والحاكم 2/289 ، وهو في السلسلة الصحيحة 1772 .
[8] - رواه أحمد 4/408 وهو في صحيح الجامع 2361 .
[9] - أخرجه : البخاري رقم (3) .
[10] - أخرجه : البخاري رقم (5) .
قال ابن حجر في المطالب العالية : رواه أبو يعلى وإسناده صحيح ، والطبراني في الأوسط والكبير ، رقم 4278 ، وقال الهيثمي في المجمع : رواه أبو يعلى باختصار يسير من أوله ، ورجال أبي يعلى رجال الصحيح ، ج6 ، ص 15 .
[12] - رواه ابن هشام في السيرة ، ج1 ، ص 313 ، وصححه الشيخ الألباني في حاشية فقه السيرة للغزالي ، ص 168 ، وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف ، ج14 ، ص 295 ، 296 والحاكم في المستدرك ، وصححه ووافقه الذهبي ، ج2 ، ص 253 ، 254 ، وأبو نعيم في الدلائل رقم 282 ، ج1 ، ص 299 .
ـــــــــــــــــــ
أيها الشاب .. لمن تسجد ؟!
كان مشهداً بشعاً جداً، وسلوكاً مخزياً، هو ماظهر عبر جوال (البلوتوث) عن شرذمة من الشباب، وهم يتراقصون طرباً ولهواً، ثم عمد أحدهم فسجد لمعشوقه كما يسجد المسلم على أعضائه السبعة لله الواحد الأحد.
هذا التصرف المخذول، والجرم الفاضح، وقع في جزيرة العرب التي يئس الشيطان أن يعبد فيها- عياذاً بالله تعالى- من الحور بعد الكور.
ولنا مع هذه الواقعة بعض الوقفات التالية :
1- أن السجود عبادة لله عزوجل وحده لا شريك له، هو أمر بدهي ظاهر لأخفاء فيه .
قال الله تعالى: (( لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ)) (فصلت:37).
أي لا تشركون به فما تنفعكم عبادتكم له مع عبادتكم لغيره،فإن الله لا يغفر أن يشرك به [1].
فلا يلتفت إلى تهوين هذا الذنب الشنيع، والفعل القبيح، ولا مسوغ إلى تكلف التبريرات والاعتذارات .(5/837)
وكما قال ابن القيم : ومن أنواع الشرك سجود المريد للشيخ، فإنه شرك من الساجد والمسجود له، والعجيب أنهم يقولون: ليس هذا سجود، وإنما هو وضع الرأس قدام الشيخ احتراماً وتواضعاً، فيقال لهؤلاء: ولوسميتموه ماسميتموه، فحقيقة السجود: وضع الرأس لمن يسجد له، وكذلك السجود للصنم والشمس وللنجم، وللحجر، كله وضع الرأس قدامه..)) [2].
2- أن نحذر من المعاصي كلها، والمعاصي بريد الكفر، وإذا كان الإيمان يزيد بالطاعة فإنه ينقص بالمعصية حتى لا يبقى منه شيء [3].
وقال الحافظ ابن رجب ـ في شرحه ـ : قول البخاري: ( باب خوف المؤمن أن يحبط عمله وهو لا يشعر، وما يحذر من الإصرار على النفاق والعصيان من غير توبة).
مراده: أن الإصرار على المعاصي وشعب النفاق من غير توبة، يخشى منها أن يعاقب صاحبها بسلب الإيمان بالكلية، وبالوصول إلى النفاق الخالص وسوء الخاتمة، نعوذ بالله من ذلك [4].
3- إن الإغراق في الملذات المحرمة ، والولوغ في مستنقع قاذورات الجنس يؤول على استيلائها على القلب، فيظل قلب صاحبها غريقاً وأسيراً لتلك الشهوات .
فقد سلبت عقله، واستحوذت على فؤاده، فربما انسلخ بسببها عن ملة الإسلام، ألا ترى ما حكاه ابن الجوزي عن صالح المؤذن، وكان معروفاً بالصلاح، وملازمة الأذان، ثم ما لبث أن تنصر بسبب عشقه لامرأة نصرانية، ومات على ذلك !! [5]
ألم تقرأ ما سطره ابن كثير عن عبده بن عبد الرحيم، والذي كان من المجاهدين، فنظر إلى امرأة من نساء الروم فاستحوذت على قلبه، ثم تنصَّر من أجلها حتى هلك !![6]
فالحذر الحذر من فتنة النساء، وما هو أشد منهن فتنة (المردان )، لا سيما في عصر انفتحت فيه سبل الغواية، واستفحلت فيه دواعي الفتنة والانجذاب إلى أوحال الرذيلة، فإن هذه الشهوات قد تصرف عن عبادة الله تعالى وحده .
فربما أشرب قلبه حب معشوق فأحبه كحب الله تعالى، فوقع في شرك المحبة الذي يخرج من الملة، وقد يكون محبوبه من النساء أو أشباههن، هو مقصوده الأول، ومراده ووجهته، فيتلبس بشرك النية والإدارة والقصد، كما في قصة عاشق أسلم، الذي أنهكه العشق وأتلفه، فأنشد هذا العاشق المخذول .
أسلم يا راحة العليل رفقاً على الهائم النحيل
وصلك أشهى إلى فؤادي من رحمة الخالق الجليل [7]
وكما يحكي صاحب الأزقة المهجورة كلام معشوقته وهي تخاطبه قائلة
( أنا أعبدك يا هشام، أنت ربي، ترحمني وتعذبني..) [8] .
4- أحذر الفضلاء الذي يتساهلون في تداوله هذه الصورة المخزية وما يلحق بها، وإن كان على سبيل التسخط لتلك المخازي، فإن النظر إلى الفواحش المرتكبة والكفر المقارف، قد يورث تبلداً في الفؤاد، ويؤول إلى ضعف في حياة القلب وروحه، وقد يتعسر تدارك ما فاته من حياة القلب وإشراقه، بسبب هذه الصورة الفاتنة، فالقلوب ضعيفة، والشبهات والشهوات خطافة، فاللهم لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين،(5/838)
أما إذا نظر إليها المحتسب من أجل تصور الواقعة وإنكارها، فليكن نظره بحذر وقدر، لقد كان العلماء الأوائل يتمعرون غضباً لله تعالى .
وانتصاراً لدين رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، فابن تيمية- رحمه الله- ذب عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عند تجرأ أحد النصارى، فشتم نبينا محمد- صلى الله عليه وسلم- بأبي هو وأمي، فاحتسب شيخ الإسلام على ذلك النصراني وأوذي ابن تيمية في ذلك، وألف كتابه النفيس (الصارم المسلول في الرد على شاتم الرسول- صلى الله عليه وسلم-) ولما تحدث عن أنواع السب في هذا الشأن، قال- رحمه الله- : التكلم في تمثيل سب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وذكر صفته، وذلك مما يثقل على القلب واللسان، ونحن نتعاظم أن نتفوه بذلك، ذاكرين أو آثرين ... ))[9].
وما أروع ما سطره تقي الدين السبكي في مطلع كتابه (( السيف المسلول على من سب الرسول- صلى الله عليه وسلم-) .
حيث قال في سسب تصنيفه: "وكان الداعي إليه أن فتيا رفعت إليَّ في نصراني سب ولم يُسلم، فكتبت عليها( يقتل النصراني المذكور كما قتل النبي- صلى الله عليه وسلم- كعب بن الأشرف، ويطهر الجناب الرفيع من ولوغ الكلب) .
لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى حتى يراق على جوانبه الدم
إلى أن قال وليس لي قدرة أن أنتقم بيدي من هذا الساب الملعون، والله يعلم أن قلبي كاره منكر، ولكن لا يكفي الإنكار بالقلب ها هنا، فأجاهد بما أقدر عليه من اللسان والقلب.
وأسأل الله عدم المؤاخذة بما تُقصر يدي عنه، وأن ينجِّني كما أنجى الذين ينهون عن السوء، إنه عفوٌّ غفور [10].
[1] تفسير ابن كثير(4/4).
[2] مدارج السالكين 1/ 344 ) .
[3] كما جاء عن سفيان ابن عيينة فيما أخرجه الآجري في الشريعة صـ 117، والصابوني في عقيدة السلف صـ 271.
[4] فتح الباري لابن رجب (1 /181) .
[5] أنظر ذم الهوى لابن الجوزي ص(408) .
[6] أنظر البداية والنهاية لأبن كثير(11/64) .
[7] أنظر تأريخ ابن الجوزي(15/47) .
[8] إلى أخر ردته وكفرانه الصلع في رواية الشمسي ص( 164- 171) .
[9] الصارم المسلول (3/1500) .
[10] السيف المسلول ص (113- 114) .
ـــــــــــــــــــ
وقفات مع دعاة تحرير المرأة
حديث يتكرر، لأن باعثه يتجدد، فخفافيش الظلام بدأت تعمل وتظهر في النهار، والفتوى تجاوزت الأئمة الأعلام، ليتطاول عليها المذيعون وصبيان الإعلام، والدين رقّ، والالتزام لان، وكل مسألة فيها قولان، وإن ناقشت مفتيا وعندك دليل مفحم وأثر قال: هذه وجهة نظري ، وحينما غابت الأسود نطقت القرود ، فالمنافقون في أوقات(5/839)
الأزمات ينبحون، وعلى صفحات الصحف يتقيئون، وشجرتهم لا تنبت إلا حنظلا من شبهات، وزقوما من الشهوات، بضاعتهم السخرية والاستهزاء بالدعاة والعلماء، والتهكم على الأبطال النجباء من رجال الهيئات، ومبشراتهم بذور السفور والانحلال، وآخر إنتاجهم بشارة بأول فتاة سعودية تتدرب على الطيران، تنشر صورتها ويجعل منها رمزا لفتاة جزيرة الإسلام فأينك يا درة عمر من هؤلاء الأقزام 0
لم يعد خافيا على أحد ما تشهده مجتمعات المسلمين اليوم من حملة محمومة، مِن الذين يتبعون الشهوات على حجاب المرأة وحيائها، وقرارها في بيتها، حيث ضاق عطنهم، وأخرجوا مكنونهم، ونفذوا كثيرا من مخططاتهم في كثير من مجتمعات المسلمين، وذلك في غفلة وقلة إنكار من أهل العلم والصالحين، فأصبح الكثير من هذه المجتمعات يعج بالسفور والاختلاط والفساد المستطير ، الأمر الذي أفسد الأخلاق والأعراض 0
وبقيت بقية من بلدان المسلمين لازال فيها بحمد الله يقظة من أهل العلم والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، حالت بين دعاة السفور وبين كثير مما يرومون، وهذه سنة الله عز وجل في الصراع بين الحق والباطل، والمدافعة بين المصلحين والمفسدين 0
ومن كيد المفسدين في مثل المجتمعات المحافظة، وبسبب وجود أهل العلم والغيرة، أنهم لا يجاهرون بنواياهم الفاسدة، ولكنهم يتسترون وراء الدين، ويلبسون باطلهم بالحق واتباع ما تشابه منه، وهذا شأن أهل الزيغ والضلال، (( َأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ)) (آل عمران :7)
وهم أول من يعلم أن فساد أي مجتمع إنما يبدأ بإفساد المرأة واختلاطها بالرجال ، وقد ثبت عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ( ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء ).
وهذه حقيقة لا يماري فيها أحد، وملل الكفر أول من يعرف هذه الحقيقة، حيث إنهم من باب الفتنة بالنساء دخلوا على كثير من مجتمعات المسلمين وأفسدوها، وحققوا أهدافهم البعيدة، وتبعهم في ذلك المنهزمون من بني جلدتنا، ممن رضعوا من لبان الغرب وأفكاره، أو ممن يسعون إلى الشهرة من أوسخ أبوابها، ولأنهم يعيشون في بيئة مسلمة، ولازال لأهل العلم والغيرة حضورهم، فإنهم لا يتجرءون على طرح مطالبهم التغريبية بشكل صريح، لعلمهم بطبيعة تدين الناس، ورفضهم لطروحاتهم، وخوفهم من الافتضاح بين الناس 0
ولذلك دأبوا على اتباع المتشابهات من الشرع، وإخراج مطالبهم في قوالب إسلامية، وما فتئوا يلبسون الحق بالباطل، وهم كما قال الله: (( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ )) ( البقرة:11) .
ومن هذه الطروحات التي أجلبوا عليها في الآونة الأخيرة، مطالبتهم في مجتمعنا المحافظ وفي بلدنا الذي يأرز إليه الإيمان، وتهوي إليه أفئدة الصالحين، ومنه نبعت الفضيلة ودعاتها، مطالبتهم بكشف المرأة وجهها، والسماح لها بقيادة السيارة، معتمدين بزعمهم على أدلة شرعية، وأقوال لبعض العلماء في ذلك، وهم يعلمون(5/840)
ونحن نعلم أن تلك هي الشرارة الأولى، والخطوة الأولى نحو فساد المرأة وذهاب حيائها 0
ولئلا يلتبس الحق بالباطل، ولكيلا ينخدع بعض الناس ببريق دعوتهم ، وصيانة لأخلاق الأمة، ومساهمة في تحقيق الأمن الأخلاقي للبلاد، نقف مع هذه الدعوة الآثمة وقفات :
أولاها: أن هناك فرقا في تناول قضية الحجاب وكشف الوجه، بين أن يقع اختلاف بين العلماء المخلصين في طلب الحق، المجتهدين في تحري الأدلة، الدائرين في حالتي الصواب والخطأ بين مضاعفة الأجر مع الشكر، وبين الأجر الواحد مع العذر، وبين من يتتبع الزلات ويحكم بالتشهي ويرجح بالهوى، لأن وراء الأكمة ماوراءها، فيؤول حاله إلى الفسق ورقة الدين، ونقص العبودية، وضعف الاستسلام لشرع الله عز وجل 0
وهناك فرق بين الفتاوى العلمية المؤصلة، المبنية على التحري والاجتهاد، وأخرى محلولة العقال، مبنية على التجري لا التحري، والتي يصدرها قوم لا خلاق لهم من الصحفيين ومن أسموهم المفكرين، وأهل التزوير المسمون ظلما بأهل التنوير، يفرقون من تغطية الوجه لا لأن البحث العلمي المجرد أوصلهم إلى أنه مكروه أو جائز، أو بدعة كما يرجفون، ولكن لأنه يشمئز منه متبوعهم من كفار الشرق والغرب 0
ولك أن تقدر شدة مكر القوم الذين يريدون من جانبهم أن يتبعوا التمدن الغربي، ثم يبررون فعلهم هذا بقواعد النظام الإسلامي الاجتماعي 0
وثاني الوقفات: لابد أن ينظر إلى قضية الحجاب اليوم، وما يدور بينها وبين السفور من معارك، إلى أنها لم تعد قضية فرعية ومسألة خلافية فيها راجح ومرجوح بين أهل العلم، ولكنها باتت قضية عقدية مصيرية، ترتبط بالإذعان والاستسلام لشرع الله عز وجل في كل صغيرة وكبيرة، وعدم فصلها عن شئون الحياة كلها، لأن ذلك هو مقتضى الرضا بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد نبيا 0
إن التشنيع على تغطية المرأة وجهها، والتهالك على خروجها من بيتها، واختلاطها بالرجال ليست اليوم مسألة فقهية فرعية، ولكنه مسألة خطيرة لها ما بعده، لأنها تقوم عند المنادين بذلك على فصل الدين عن حياة الناس، وعلى تغريب المجتمع، وكونها الخطوة الأولى أو كما يحلو لهم أن يعبروا عنها بالطلقة الأولى .
وإذا كان علماؤنا يوردون مسألة المسح على الخفين في كتب العقيدة، باعتباره من خصائص أهل السنة في مقابل شذوذ الرافضة، فلا لوم على من يجعل قضية الحجاب اليوم قضية أصولية مصيرية، وذلك لتشنيع مبتدعة زماننا ومنافقيه عليه، ولحملتهم المحمومة لنزعه، وجر المرأة بعد ذلك لما هو أفسد وأشنع 0
وثالثها: أن بداية السفور والتبرج الجاهلي الذي عليه طائفة من نساء المسلمين اليوم في بعض ديار المسلمين، إنما بدأ من كشف الوجه بإزالة الغطاء والحجاب عنه ، حتى أصبح وبات وأضحى وظل وأمسى من المعلوم بالضرورة أن من كشفت من الفتيات وجهها اليوم ، ستكشف غدا حتما عن رأسها وصدرها، وساقيها وحتى فخذيها، ولا يجادل في هذا إلا ساذج مخدوع0(5/841)
لقد بدأت مؤامرة السفور بالدعوة إلى كشف الوجه، وامتدت إلى الجلسات المختلطة المحتشمة، ثم على السفر من غير محرم بدعوى الدراسة في الجامعة، ثم زينت الوجوه المكشوفة، وبدأ الثوب ينحسر شيئا فشيئا حتى وقعت الكارثة، فخرجت المرأة سافرة عن مفاتنها، كاشفة عن المواضع التي أمر الله بسترها، حتى أضحت شبه عارية، وراح أهل الكيد يتلذذون بالنظر إليها، ويستدرجونها للإيقاع بها، حتى كان لهم ما أرادوه منها، ففسدت الأخلاق، وكثرت محلات البغاء، وانتشر اللقطاء، وتفسخ المجتمع، ومن هنا، وبناء على هذا فإن اليد التي تحاول أن تحسر الحجاب عن وجوه فتياتنا اليوم ينبغي أن تبتر ، وإن اللسان الذي يدعو فتياتنا إلى نزع الحجاب ينبغي أن يقطع 0
أو يسركم يا أهل الغيرة والكرامة أن تصبح بلادكم مقصداً لرواد البغاء ، وأهل الخنا، أو أن تصبح نساؤكم مزابل وإماء في سوق النخاسة، يصحبن كل زان ، ويصادقن كل سافل 0
لابد أن تعلم المرأة المسلمة أنهم اليوم لا يطلبون منها أكثر من كشف وجهها، وبحجة أن كشف الوجه مختلف فيه بين أهل العلم ، غير أنهم يعلمون علم اليقين، ونحن نعلم، وبحكم التجارب الطويلة العديدة أنها يوم أن تكشف وجهها ويذهب ماؤه وحياؤه، ستكشف لهم عما سوى ذلك، وصدق القائل :
رفع الحجاب وسيلة إن حُبّذت ضمت إليها للفجور وسائل
فالاختلاط ، فمرقص ، فتواعدٌ فالاجتماع ، فخلوة ، فتواصل
ورابع الوقفات: لو أن المنادين اليوم بكشف وجه المرأة أمام غير المحارم، كانوا في مجتمع يعج بالسفور والتعري الفاضح ، لأحسنا بهم الظن وقلنا: لعل قصدهم ارتكاب أهون المفسدتين، والتدرج بالنساء في ردهن إلى الحجاب الشرعي، والحياء والحشمة شيئا فشيئا .
أما وإن الذين ينادون اليوم بنزع الحجاب عن الوجه، إنما يوجهون نداءهم إلى مجتمعات محافظة لم تعرف نساؤه إلا الحشمة و الحياء، وتغطية الوجه والبعد عن الرجال الأجانب، فإن هذا مما يثير العجب ويحير العقل، ويضع استفهاماتِ كثيرة على مطالبهم تلك، فماذا يريدون من ذلك ، وماذا عليهم لو بقيت نساؤهم وبناتهم، وأخواتهم ونساء المسلمين على هذه الحشمة والعفة والحياء، ماذا يضيرهم في ذلك ؟ ألا يشكرون الله عز وجل على هذه النعمة العظيمة، ألا يعتبرون بما يرونه في المجتمعات المختلطة المتبرجة، حيث ضاعت قوامة الرجل، وظهر الفساد، وهتكت الأعراض، وأصبحت تلك البلدان مقصد كل فاجر، وملاذ كل طالب للرذيلة، إن زماننا اليوم زمن العجائب، و إلا فعلام يشرق قومنا بالفضيلة والطهر والعفاف، ولكن صدق الله: (( وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً )) (النساء: 27).
و خامس الوقفات : أن الأدلة الموجبة لستر وجه المرأة وكفيها عن الرجال الأجانب، ووجوب الابتعاد عنهم أدلة كثيرة، وصحيحة وصريحة، ويمكن الرجوع إليها في فتاوى ورسائل أهل العلم الراسخين، ولكن يحسن أن نشير إلى أن علماء الأمة قديماً وحديثا من أجاز منهم كشف الوجه ومن لم يجزه، كلهم متفقون ومجمعون على(5/842)
وجوب ستر وجه المرأة وكفيها إذا وجدت الفتنة، وقامت أسبابها، بل حكى الإجماع على ذلك أكثر من خمسين عالما، فبربكم أي فتنة هي أشد من فتنة النساء في هذا الزمان، حيث بلغت وسائل الفتنة والإغراء بهن مبلغاً لم يشهده تاريخ البشرية من قبل، وحيث تفنن شياطين الأنس في عرض المرأة بصورها المثيرة في كل شئ، في وسائل الأعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، وأخرجوها من بيتها بوسائل الدعاية والمكر والخداع، فمن قال بعد ذلك ، إن كشف المرأة عن وجهها أو شئ من جسدها لا يثير الفتنة، فهو والله مغالط مكابر، لا يوافقه في ذلك من له مسكة من دين أو عقل، أو مروءة، وإذا تبين ذلك فلنعلم أيضاً أن هذا القدر من الخلاف بين العلماء بقي خلافاً نظرياً إلى حد بعيد، حيث ظل احتجاب النساء هو الأصل في الهيئة الاجتماعية خلال مراحل التاريخ الإسلامي، كما قال شيخ الإسلام: (كانت سنة المؤمنين في زمن النبي- صلى الله عليه وسلم- أن الحرة تحتجب).
و قال الإمام الغزالي: (( لم يزل الرجال على مر الزمان مكشوفي الوجوه والنساء يخرجن متنقبات )) 0
إن كثرة الكلام وهن هذه القضية ، وعلى أصعدة متعددة ، بل إن وسائل الإعلام تحاول ترسيخ هذا المفهوم من خلال الدعايات الإعلانية، حينما تصور الرجل حالقاً لحيته والمرأة كاشفة وجهها، ومن خلال نشر صور النساء في الصحف، حتى بلغت في صحيفة واحدة في عدد واحد أكثر من ثلاثين صورة، ومن خلال الكتابات التي يتقيؤها غلمان الأهواء وصبيان الصحافة .
إن ذلك لأمر يثير الريبة ، فلم يحدث في تأريخ الأمة أن اجتمع العلماء المجيزين لكشف الوجه ليخرجوا على الأمة مجتمعين، يدعون النساء إلى إزالة غطاء الوجه بدعوى أن المسألة خلافية 0
كانوا يذكرون ذلك في كتبهم من باب التفقيه فحسب، أما أن يرتقوا المنابر، ويتصدروا المجالس والمنتديات ليقرروا ما ترجح لديهم، بإصرار وإلحاح لا ينقطع، ليحملوا نساء الأمة على كشف الوجه، فذلك لم يفعلوه، ولم يحصل في تأريخ الأمة مع أنهم هم الأحق بذلك إن كان في ذلك خير ، فهم مجتهدون ينطلقون من الشرع ومقصدهم نصرته 0
أما ما يفعله هؤلاء المستغربون من الدعوة بإلحاح، وعلى كافة المستويات، مع التلفيق والتلاعب بأقوال العلماء، فليس له إلا تفسير واحد، هو أنهم كرهوا ما أنزل الله فسحقا لهم ، وأولى لهم طاعة وقول معروف ، ولو صدقوا الله لكان خيراً لهم 0
يا صالحون ويا مصلحون، يا أهل الشرف والحياء و المروءة ، كونوا يقظين لما يطرحه الظالمون لأنفسهم وأمتهم من كتابات و حوارات، مؤداها إلى سفور المرأة واختلاطها بالرجال، فما دامت المدافعة بين المصلحين والمفسدين فإن الله عز وجل يقذف بالحق على الباطل فإذا هو زاهق.
ينبغي أن لا ننسى في خضم الردود على ما يكتبه المفسدون من الشبهات والشهوات، ذلك السيل الهادر الذي يتدفق من وسائل الأعلام المسموعة و المرئية في بلاد المسلمين، وذلك بما تبثه من دعوات للمرأة إلى السفور، ومزاحمة الرجال في(5/843)
الأعمال و الطرقات، عبر القصة و المسلسل، والبرامج الحوارية والمقابلات، والبرامج الغنائية، ولقد ضربت هذه الوسائل بأطنابها في بلاد المسلمين، فكان لزاماً على كل غيور محاربتها وإبعادها عن بيته قدر الاستطاعة .
ربوا نساءكم وبناتكم على حب الحجاب والتعلق به منذ الصغر ومن وسائل ذلك تحصينهن الحصانة الفكرية والأخلاقية، بأن تعلم المرأة المسلمة أوضاع المرأة الغربية، والإسفاف النفسي الذي وصلت إليه، وتعتيم الغزو لأوضاعها، وأحياناً قلب مفاسدها وانحرافاتها إلى فضائل وتكريم0
إننا لا نريد المرأة المتحجبة تقليداً وعادة ، تشعر مع الحجاب بالضيق والحرج ، وتتخلى عنه لأدنى شبهة أو شهوة.
نريد المرأة المسلمة التي ترى في الحجاب عزاً وشرفاً، وترى في الحياء سلوكاً وخلقاً، نريد المرأة التي تتحجب استسلاماً لله ، ورضا بشريعته، وخضوعاً لحكمه وتتمثل قول الحق: ((وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً)) (الأحزاب:36) 0
لا نريد المرأة المتحجبة المتخلفة، فإن الدعوة إلى فريضة الحجاب والعودة إليه، لا بد أن تواكبها دعوة القائمين بأمر المرأة إلى أن يؤدوا لها فريضة تحرير عقلها من حجب التضليل والجهل، والتخلف، وتِلكم مسئوليتكم أيها الأولياء، فاتقوا الله وقوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة.
إننا نتطلع أيها المسلمون إلى أن تكون غيرتكم جبلاً تتحطم عليه كل نصال دعاة الضلال، وأن لا تكون غيرتكم جداراً من ورق، ينهار عند أدنى طمع دنيوي أو شهوة مادية .
نحن لا نريد المجتمع الذي يقتل الحسين ويسأل عن دم البعوضة، لا نريد الجيل الذي يأنف أفراده من ذكر أسماء نسائهم في المجالس، ويتقبلون أن تصبح وجوههن معرضا مكشوفا لكل راء ومتفرج 0
وإلى أختنا بنت هذا البلد، وإلى كل مسلمة تخشى الله وتتقيه ، طوبى لمن تفاخر بحجابها، وتتمسك بعفافها، ومعها العلم والوعي والبصيرة والحرية الحقة، من عبودية العبيد قائلة لشياطين الإنس: (( إِنِّيَ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ )) (الأنعام:15).
ـــــــــــــــــــ
أفعمياوان أنتما ؟ !
والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه .
فمن المعلوم أن الله تعالى – أمر المؤمنات بمثل ما أمر به المؤمنين من غض الأبصار وحفظ الفروج .
قال الله تعالى : (( قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ)) (سورة النور: 30) .
((وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ(5/844)
أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)) (سورة النور: 31).
وهذا يدل على أن ما يُخاف على الرجال من إطلاق البصر يخاف على النساء ، وقد قرن الله تعالى : في هاتين الآيتين بين الوسيلة والغاية ، فغض البصر سبب لحفظ الفرج ، وفي المقابل يكون إطلاق البصر سبباً للوقوع فيما حرم الله تعالى – من الزنا ودواعيه ، وذلك في حق الرجال والنساء ، لأن غريزة الشهوة موجودة عن الجنسين ، فالفتنة حاصلة لكل منهما بالآخر، وإن كانت فتنة الرجال بالنساء أعظم ، وتعلق نظرهم بهن أكثر وأشد ، ولهذا جاء من التحذير للرجال من فتنة النساء ، ما لم يأت مثله في حق النساء ، كما قال : صلى الله عليه وسلم – فاتقوا الدنيا واتقوا النساء .
وقال صلى الله عليه وسلم : ((ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء )) .
وقال سبحانه وتعالى : (( زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء)) .
ولذلك شرعت أحكام تتعلق بالنساء لوقاية الرجال من هذه الفتنة . فنهى المؤمنات عن إبداء زينتهن إلا لمن استثني ، وعن الضرب بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن ، وأمرهن بأن يضربن بخمرهن على جيوبهن ، وأن يدنين عليهن من جلابيبهن ، ونهى الله تعالى : نساء نبيه - صلى الله عليه وسلم – عن الخضوع في القول ، لأن ذلك يطمع الذي في قلبه مرض وهو شهوة الزنا .
قال الله تعالى : ((يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا)) (سورة الأحزاب :32) .
وقال سبحانه : (( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ )) (سورة الأحزاب :59) .
الآية : وجاء في السنة من تحذير الرجال من إطلاق البصر ما لم يرد مثله في النساء ، وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجأة فقال : اصرف بصرك ) .
وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((العينان زناهما النظر)) وروى البخاري في صحيحه من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لا تباشر المرأةُ المرأة فتصفها لزوجها كأنه ينظر إليها )) .
ولم يؤمر الرجال بالاحتجاب من النساء ، ولم يشرع الحجاب للنساء نظرهن إلى الرجال ، وهذا كله يدل على الفرق بين الرجل والمرأة في نظر أحدهما إلى الآخر ، فنظر الرجل إلى المرأة الأجنبية ، التي ليست له بمحرم حرام مطلقاً إلا في مواضع تدعو إليها الحاجة أو الضرورة ، كنظر الخاطب والطبيب، وكلما كانت الفتنة بهذا النظر أعظم كان التحريم أشد .
وأما نظر المرأة إلى الرجال فأمره أخف والرخصة فيه أوسع ، إذ يحرم منه ما كان لشهوة أو مظنة الشهوة ، كالنظر إلى الشاب الوسيم ، ويباح لغير شهوة ، ولم يكن مظنة للشهوة .(5/845)
يدل لذلك حديث عائشة – رضي الله عنه – في نظره للحبشة وهو يلعبون في المسجد وهي في حجرتها ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يسترها .
وحديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها - إذ قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( اعتدي في بيت ابن أم مكتوم فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك عند ه)) وهو يدل على أن المرأة لا يجب عليها أن تحتجب من الرجل الأعمى .
وأما حديث : (( أفعمياوان أنتما )) .
فهو شاذ لا يعارض به حديث فاطمة بنت قيس – رضي الله عنها . .
وبعدُ فنظر النساء إلى صور الرجال في التلفاز من صور المقدمين للبرامج والمتحدثين والممثلين والمفتين ، والمنشدين فيه فتنة لهنّ ، لأن جميع هؤلاء أو أكثرهم يجتهدون في التصنع ليظهروا بالمظهر الجذاب أمام المشاهدين والمشاهدات ن في شعرهم ولباسهم .
ويختار لبعض البرامج الشباب المردان والشباب الوسيمون ، ولا فرق في النظر إلى الرجال بين القنوات الإسلامية وغير الإسلامية ، ومع هذا فكيف تسمح المسلمة لأن تطلق بصرها في وجود من لا تأمن على نفسها الفتنة بهم ، وقد يستدرجها الشيطان فتنظر أولاً لغير شهوة ، ثم تنجر إلى النظر بشهوة بحجة الإعجاب بذوي الصور الجميلة والاعتذار بأنها لا تنظر إليهم بشهوة : ((يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ)) .
فعلى المؤمنة أن تغض بصرها عن الحرام أو ما يجر إلى الحرام ، وإن علمت من نفسها أنها لا تنظر النظر المحرم فإنها تكون قدوة يحتج بها من النساء مَنْ يقصد النظر إلى المحَّرم .
ويجب على أولياء أمور النساء من الأزواج والآباء رعايتهن وحمايتهن من التعرض للفتنة بما تبثه القنوات من الشرور والمناظر الفاتنة ، وأفضل طريق لهذا إخلاء البيت من التلفاز ، فإن السلامة لا يعدل لها شيء .
والواجب على كل مسلم ومسلمة ، أن يطلب السلامة لدينه أعظم من طلبه سلامة بدنه وماله .
نسأل الله تعالى أن يعصمنا من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن وأن يكف عن المسلمين شرور الأعداء من الكافرين والمنافقين الذين قال الله تعالى فيهم : ((وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا)) (سورة النساء: 27).
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .
ـــــــــــــــــــ
صانت حجابها فضربوها حتى أفقدوها بصرها
...
...
الثلاثاء:31/07/2001
(الشبكة الإسلامية) وكالات ـ يسري شاهين
الشبكة الإسلامية >> فلسطين
...(5/846)
...
اليهود هم اليهود، لا يختلفون من زمن إلى آخر ، فيهود اليوم هم يهود الأمس ـ لا فارق ـ فهم في سفالتهم ووقاحتهم كيهود بني قينقاع ، وفي خيانتهم كيهود بني النضير ، وفي غدرهم وخلفهم للوعد كيهود بني قريظة، هذا ما تثبته أفعالهم وتصرفاتهم التي من أوقحها وأفظعها ،ـ وإن كان جرابهم يحوي من ذلك الكثير ـ قصة الفتاة شفاء الهندي التي نسوقها لك الآن:
شفاء تيسير الهندي مسلمة فلسطينية ملتزمة بدينها وحجابها في الثلاثين من عمرها ، تنتمي لعائلة الهندي ، وتعيش في بلدة الجديرة المقدسية .
لم تكن شفاء تظن أنها يوما ستفقد بصرها وهي تدافع عن حجابها وتحاول صيانة دينها وعرضها ، ولكن هؤلاء الخنازير الوقح يخرج منهم ما لا يخطر بالبال ولا يأتي على الخيال.
والقصة كما يقول المصدر الفلسطيني وقعت حين كانت شفاء تغادر دار الحديث الشريف في الحرم القدسي ـ حيث تتلقى تعليمها في الشريعة الإسلامية ـ فاعترض الجنود اليهود طريقها حيث عمدوا للتحرش بها ومحاولة نزع خمارها ساخرين من الزي الاسلامي ، فقال أحدهم اخلعي الخمار عن وجهك الآن، فرفضت، فمد الكلب يده بقوة ومزق الحجاب عن وجهها، فما كان منها إلا أن بصقت في وجهه" .. وفي خطوة إجرامية قام ثلاثة من جنود الاحتلال بضرب الشابة الهندي على رأسها حتى فقدت بصرها.
شفاء تروي قصتها
من فوق سريرها الذي ترقد عليه في مستشفى المقاصد في القدس المحتلة روت الشفاء قصتها فقالت:
" كنت عائدة يوم الخميس الماضي من دار الحديث الشريف في المسجد الاقصى المبارك، وذهبت لشراء مجموعة من الكتب قبل العودة الى المنزل، وخلال سيري في إحدى الطرقات بالبلدة القديمة اوقفني ثلاثة جنود، وسألني أحدهم عن محتويات حقيبتي ؟ فأجبته: محتوياتها عبارة عن أوراق وكتب.. فتناول ورقة من حقيبتي وورقة من جيبه وبدأ يكتب عليها.
وأضافت أثناء ذلك استنتجت أنه يريد إثارة انتباه الشبان باني احتفظ بأسماء شبان، وأنني أقوم بتزويده بهاـ أي أنني شعرت أنه جلب الشبهة لي ، وإعطاء انطباع للمارة بالشارع انني شاب متخف بلبس النقاب ـ عندها سألته عن ماهية ما يفعله؟ فأجابني ليس لك دخل في ذلك ، واخلعي الخمار عن وجهك الآن !! فرفضت ، فمد يده بقوة ومزقه عن وجهي وفورا بصقت في وجهه.
واضافت تقول : في تلك اللحظة انهال الجنود عليّ وضربوني بأعقاب البنادق على رأسي ، فقدت الوعي وصحوت لأجد إلى جانبي مجموعة من الأطفال الصغار يرشون الماء على وجهي وعدت إلى البيت .
وأشارت شفاء أنها بعد ذلك شعرت بآلام جديدة في رأسها أدت في نهاية الامر الى فقدانها بصرها وتضيف والدة الهندي أن شفاء كانت تصعد الى الدرج برفقة شقيقتها التي شعرت بانها لا ترى الطريق امامها فسألتها عن الامر فاخبرتها بما حدث معها .(5/847)
وأوضح الدكتور حمودة الفقيه أن المشكلة تتمثل في موقع العصب والدماغ، فبعد التشخيص الطبي لم يظهر أي سبب في العيون أو الدماغ، وتبين أن هناك تضخما وانتفاخا في الدماغ وفوق مركز الأعصاب نتيجة للتعرض للضرب، ولذلك فقدت البصر.
وأكد أنها ستخضع للعلاج والمراقبة الطبية نحو أسبوع حتى يتحسن وضعها، سيما أننا لا نستطيع التدخل جراحيا، أما بخصوص البصر فلا نستطيع التوقع متى سيعود اليها .
ـــــــــــــــــــ
لون حجاب المرأة
المفتي ... اللجنة الدائمة للبحوث العلمية و الإفتاء
رقم الفتوى ... 6765
تاريخ الفتوى ... 19/9/1425 هـ -- 2004-11-02
تصنيف الفتوى ...
السؤال ...
حجاب المرأة المسلمة هل هو خاص باللون الأسود أم عام في كل الألوان.
الجواب ...
لباس المرأة المسلمة ليس خاصًا باللون الأسود، ويجوز لها أن تلبس أي لون من الثياب إذا كان ساترًا لعورتها، وليس فيه تشبه بالرجال، وليس ضيقًا يحدد أعضائها، ولا شفافًا يشف عما وراءه، ولا مثيرًا للفتنة.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مصدر الفتوى: فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء - (ج 17/ ص 181) [ رقم الفتوى في مصدرها: 5089]
ـــــــــــــــــــ
حكم كشف المرأة وجهها أمام الرجال الصالحين
المفتي ... اللجنة الدائمة للبحوث العلمية و الإفتاء
رقم الفتوى ... 6762
تاريخ الفتوى ... 19/9/1425 هـ -- 2004-11-02
تصنيف الفتوى ...
السؤال ...
هل فرض الله حجاب المرأة عن الرجال المنحطين الأخلاق، أي: إذا علمت المرأة سوء أخلاق الرجل الأجنبي احتجبت عنه أم ذلك أمر من الله عز وجل للجميع وعلى الجميع بمعنى: أن إخوتي نحسبهم على خير، ولا نزكيهم على الله، وأخلاقهم عالية، فهل يجوز لزوجتي أن تكشف وجهها وكفيها أمامهم أم لا يجوز ذلك؟ أفيدونا أفادكم الله.
الجواب ...(5/848)
لا يجوز للمرأة أن تكشف وجهها أمام من يرى من الرجال، غير محارمها وزوجها على الصحيح من قولي العلماء، سواء كانوا فسقة أم صالحين؛ لعموم الأدلة في ذلك، وسدًا لذريعة الفتنة.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مصدر الفتوى: فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء - (ج 17/ ص 179) [ رقم الفتوى في مصدرها: 6810]
ـــــــــــــــــــ
صفة حجاب المرأة
المفتي ... اللجنة الدائمة للبحوث العلمية و الإفتاء
رقم الفتوى ... 6761
تاريخ الفتوى ... 19/9/1425 هـ -- 2004-11-02
تصنيف الفتوى ...
السؤال ...
أرجو نصيحة الأخوات اللاتي يرتدين الحجاب التقليدي، وهو عبارة عن طرحة قصيرة تغطي الرأس والرقبة فقط، والحزام الذي يجسم الجسد، والجيب والبلوزة بداخلها.
الجواب ...
يجب على النساء أن يلبسن حجابًا يسترهن دون أن يشف عما وراءه لخفته، ودون أن يحدد أعضاءهن.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مصدر الفتوى: فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء - (ج 17/ ص 178) [ رقم الفتوى في مصدرها: 8942]
ـــــــــــــــــــ
اشتراك إلغاء الإشتراك ...
عنوان الفتوى ... حجاب الطبيبة في المستشفى
المفتي ... اللجنة الدائمة للبحوث العلمية و الإفتاء
رقم الفتوى ... 6754
تاريخ الفتوى ... 19/9/1425 هـ -- 2004-11-02
تصنيف الفتوى ...
السؤال ...
كيف يكون حجاب المرأة في المستشفى؟ علمًا بأن النقاب قد يبرز جمال العينين أكثر من الحقيقة، وفي نفس الوقت قد يعوق عمل الطبيبة في مجال النساء والتوليد، حيث تكثر الحالات الطارئة التي تستوجب لباسًا خاصًا لدخول غرفة العمليات في ثوان.
الجواب ...(5/849)
إذا كان عمل الطبيبات في مجال طب النساء ولادة وغيرها فليست في حاجة إلى لبس النقاب حال قيامها بالعمليات إذا لم يكن معها رجال أجانب عنها.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مصدر الفتوى: فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء - (ج 17/ ص 173) [ رقم الفتوى في مصدرها: 8863]
ـــــــــــــــــــ
حكم حجاب المرأة، والفرق بينه وبين النقاب، ومعنى لباس الشهرة
المفتي ... اللجنة الدائمة للبحوث العلمية و الإفتاء
رقم الفتوى ... 6748
تاريخ الفتوى ... 19/9/1425 هـ -- 2004-11-02
تصنيف الفتوى ...
السؤال ...
ما حكم الإسلام في حجاب المرأة، وما الفرق بين الحجاب والنقاب، وما هو لباس الشهرة في الحجاب؟
الجواب ...
ستر المرأة عورتها حتى الوجه عن الأجانب من الرجال واجب، وكشفها حرام، ويسمى ستر ذلك حجابًا، وضده يسمى سفورًا، والنقاب: ما تستر به المرأة وجهها وتجعل فيه فتحة أمام عينيها لترى الطريق في سيرها، ولباس الشهرة ما يلفت النظر ويثير العجب والضحك، وليس منه ما يستر العورة، فإنه لا يثير العجب ولا الضحك إلا من ضعفاء الدين وسفهاء الأحلام.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مصدر الفتوى: فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء - (ج 17/ ص 168) [ رقم الفتوى في مصدرها: 3618]
ـــــــــــــــــــ
حكم تغطية المرأة وجهها وكفيها عن الرجال الأجانب
المفتي ... اللجنة الدائمة للبحوث العلمية و الإفتاء
رقم الفتوى ... 6741
تاريخ الفتوى ... 19/9/1425 هـ -- 2004-11-02
تصنيف الفتوى ...
السؤال ...
رجل ألف كتابًا اسمه (حجاب المرأة المسلمة في الكتاب والسنة) اسم المؤلف محمد ناصر الدين الألباني، وصار الكتاب أو كاد أمره أن يكون فتنة هنا على الجهال الذين ستروا زوجاتهم قبل رؤية الكتاب، حتى إنهم الآن قد كشفوا وجوه نسائهم في الطرقات والأسواق، مستدلين بهذا الكتاب. أنا محمد إبراهيم سيسي ـ والله يشهد ـ بأنني قد ألقيت عليهم الأدلة من القرآن والحديث؛ لضعف دليل محمد ناصر الدين(5/850)
الألباني، قلت لهم في وعظي: واجب على النساء المسلمات أن يحتجبن ولو في الدار عن الرجال الأجانب، ولا يبدين زينتهن إلا للإثني عشر المذكورين في سورة النور، ومن ضمنهم ما ذكر في الأحزاب، وهي صفة زيد عليهم في سورة النور خمسة؛ لقول الله تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا } إلى قوله تعالى: {أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ} [النور:30ـ31]، الآية من سورة النور، وذكرت لهم فوائد الجلابيب وأسمائها التي تدعو المسلمين إلى حجاب نساءهم:
1ـ سيد الملابس. 2ـ أحر الملابس. 3ـ تقليل الخروج. 4ـ جهالة الذات. 5ـ الساتر كما طلب كامل الزينة.6ـ كامن للوقاية والمنديل والخمار والقميص والرداء. 7ـ محبوب عند الله تعالى وإيمان بالله سبحانه وتعالى.8ـ تصديق للرسول صلى الله عليه وسلم. 9ـ حجاب عن الرجال الأجانب.10ـ مانع للحرام.11ـ نافي للغيرة.12ـ فرق بين الحرة والأمة وفرق بين السنية والبدعية وبين المؤمنات والمشركات.13ـ نافي للفخر.14ـ لباس هاجر امرأة إسماعيل عليه وعلى نبينا محمد الصلاة والسلام، ومخوف عند الجهال الذين يريدون ارتكاب الكبائر في الأجنبيات.15ـ منع الإيذاء؛ لقوله تعالى: {أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ} [الأحزاب:59].
يا شيخ ما عندي فرصة الآن للإتيان بكل ما ألقيت عليهم من الأدلة أن الناس يفهمونني، ولكن بعض منهم دخل رؤوسهم أدلة محمد ناصر الدين، حتى كشفوا الستر عن وجه نسائهم ولم يبالوا به، أطلب من فضيلتكم الإجابة كتابيًا يقوي حجاب المسلمات وعن كشف الوجه والسلام.
الجواب ...
تغطية المرأة وجهها وكفيها عن الرجال الأجانب واجب، ويحرم عليها كشفهما لغير محارمها.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مصدر الفتوى: فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء - (ج 17/ ص 158) [ رقم الفتوى في مصدرها: 10178]
ـــــــــــــــــــ
فرضية الحجاب ليست خاصة بنساء أهل الجزيرة العربية
المفتي ... اللجنة الدائمة للبحوث العلمية و الإفتاء
رقم الفتوى ... 6732
تاريخ الفتوى ... 19/9/1425 هـ -- 2004-11-02
تصنيف الفتوى ...
السؤال ...
قرأت كتيبًا صغيرًا من مؤلفات فضيلتكم بعنوان (السفور والحجاب) فوجدت أنك تقول: إن تغطية الوجه والكفين فرض لا ريب فيه. فسألت بعض أهل العلم، فقالوا: إن الوجه والكفين ليسا بعورة. واستدلوا بأحاديث كثيرة، ويجوز كشفهما، نجد ذلك في كتاب (حجاب المرأة المسلمة) للمحدث ناصر الدين الألباني، وقيل لي: إن فرضية الحجاب إنما هي خاصة بنساء أهل الجزيرة العربية دون سائر نساء العالمين،(5/851)
وبالتحديد قال ذلك أستاذ يدرس بجامعة الملك عبد العزيز، اسمه حسن أيوب عندما كان زائرًا للخرطوم العام الماضي، فهل يعني هذا أننا لسنا آثمات بترك هذا العمل، ولم التفريق بين نساء أهل الجزيرة ونساء العالم الأخريات.
الجواب ...
الصحيح أن وجه المرأة وكفيها عورة، ولا فرق في ذلك بين نساء أهل الجزيرة وسائر نساء المسلمين؛ لأن الأحكام الشرعية عامة، ولا نعلم شيئًا يدل على التخصيص، والأصل العموم في الأحكام.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مصدر الفتوى: فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء - (ج 17/ ص 154) [ رقم الفتوى في مصدرها: 6336]
ـــــــــــــــــــ
من تزوج بامرأة فرفضت أن تلبس الحجاب
المفتي ... اللجنة الدائمة للبحوث العلمية و الإفتاء
رقم الفتوى ... 6447
تاريخ الفتوى ... 18/9/1425 هـ -- 2004-11-01
تصنيف الفتوى ...
السؤال ...
في بعض الدول حجاب المرأة المسلمة نادرًا، فرجل تزوج امرأة مسلمة ولم ترض أن تلبس الحجاب، فهل يطلقها أو ماذا يفعل؟ وآخر مسلم تزوج بامرأة كتابية، ولم ترض أيضًا أن تلبس الحجاب فما الحكم؟
الجواب ...
المرأة التي امتنعت من تستر عورتها عن الرجال الأجانب تعتبر عاصية لزوجها، ومخالفة لشرع الله، وعلى زوجها أن ينصحها بالحجاب الشرعي، وإذا لم تستجب له طلقها، سواء كانت مسلمة أو كتابية؛ بعدًا عن المنكر، وصيانة للأسرة من مثار الشر.
وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مصدر الفتوى: فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء - (ج 17/ ص 108) [ رقم الفتوى في مصدرها: 5089]
ـــــــــــــــــــ
تنبيه الغيور على تهافت شُبه دعاة السفور
الحمد لله, وأصلي وأسلم على رسول الله وبعد,
فقد أثار دعاةُ السّفور عدداً من الشُبه تأييداً لرأيهم في السّفور وكشف الوجه وهي شُبه ضعيفة الحجة ، واهية الأساس ، لا يعسر على كلّ منصف دحضها بسهولة ، ودمغها بطرفة عين .
الشبهة الأولى :(5/852)
- يقول بعضهم لو أنّ الدين الإسلامي أمر بستر وجه المرأة لما كان هناك حاجة لأمر الرجال بغض البصر ، فعن أي شيء يغضون أبصارهم ما دامت النساء يرخين الحجاب على الوجوه ؟! .
يقول الشيخ محمد الغزالي[1] – سامحه الله - : (إذا كانت الوجوه مُغطاة فممّ يغض المؤمنون أبصارهم ؟ كما جاء في الآية الشريفة : ((قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبير ٌ بِمَا يَصْنَعُونَ)). (النور:30) .
أيغضون عن القفا والظهر ؟ الغضُّ يكون عند مطالعة الوجوه بداهة ، وربّما رأى الرجل ما يستحسنه من المرأة فعليه ألا يعاود النظر عندئذ كما جاء في الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي – رضي الله عنه - : (( يا علي لا تتبع النظرة النظرة ؛ فإنّ لك الأولى وليست لك الآخرة )) .
الجواب من وجوه :
1- أنّ الدعوى والشبهة المذكورة حجة عقلية لا ينبغي أن تُقدم على الأدلة النقلية الشرعية الثابتة ، ولو كان الدين يؤخذ وفق هذه المسالك العقلانية ، لاضطرب نظامه وتهدّمت أركانه ، واختل توازنه ، وحار أتباعه ! ولكنّه تنزيلٌ من حكيم حميد ، نزل به الروح الأمين .
2- أنّ الأمر بغض البصر لا يبرر كشف النساء لوجوههن لأنّ العليم الخبير ، يعلم أنّ المجتمعات الإنسانية لن تخلو من كافرات سافرات ، ومشركات عاهرات وكتابيات متبرجات ، ومسلمات فاسقات فلزم غض البصر عمن لم يلتزمن الحجاب من هؤلاء وأشباههن .
3- لا أحد يدّعي أنّ الأمر بغض البصر يكون عن المسلمات فقط بل هي عامة والنصوصُ المستفيضة في الكتاب والسُنّة لم تفرق بين مسلمة وكافرة . فكان غضّ البصر مقاماً راسخاً من مقامات السلوك الإسلامي الشريف .
4- إنّ الاحتجاج بآية غض البصر على جواز سفور الوجه منهج غير منضبط ، ومسلك غير محكم وإلا لأبحنا كشف الشعر والنحر بل واليدين والساقين والركبتين لأنّ الرجال ملزمون بغض الأبصار ؟! .
5- أنّ المرأة مهما بالغت في التستر فإنّه قد يحدث في بعض الأحيان أن ينكشف شي رغماً عنها ، كأن تعصف الريح فتكشف شيئاً من أعضائها أو يفاجأ الأجنبي برؤيتها أو تحتاج للكشف ( للخطبة ، أو العلاج أو الشهادة ) فيكون نظر الرجل إليها بقدر الحاجة وما زاد عن ذلك فيكون منهياً عنه .
( الشهب والحراب على من حرّم النقاب ص (111) .
أقوال المفسرين في معنى الآية .
قال ابن كثير (التفسير 6/ 43) : ( هذا أمر من الله تعالى لعباده المؤمنين أن يغضوا من أبصارهم عمّا حرّم عليهم فلا ينظروا إلا ما أباح الله لهم النظر إليه ، وأن يغضوا أبصارهم عن المحارم ، فإن اتفق أن وقع البصر على مُحَرم من غير قصد فليصرف بصره عنه سريعاً ) .
الشبهة الثانية:(5/853)
قالوا في قوله تعالى : ((لَا مِن بَعْدُ وَلَا أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ)) . (الأحزاب: 52 ).
فلو كانت الوجوه محتجبة لما أمكنه معرفة حُسن وجوههن ومن ثم الإعجاب بتلك الوجوه الحسناوات !! .
يقول الدكتور يوسف القرضاوي[2] : ( وهذه الآية تقرر أنّه لا يحل للنبي صلى الله عليه وسلم الزواج من بعد ولو أعجبه حسن بعض النساء ، والإعجاب يكون نتيجة الرؤية ، والرؤية تقتضي كشف الوجه ، والمقصود بالرؤية : الرؤية العابرة عند اللقاء بالرجال أو المرور أمامهم .. فمن أين يعجبه حُسْنهن إذا لم يكن هناك مجال لرؤية الوجه الذي هو مجمع المحاسن للمرأة باتفاق ..) .
الجواب عن هذه الشبهة :
1- وكما تقدم في الجواب عن الشبهة الأولى فإنّ المجتمعات الإنسانية لن تخلو من نساء سافرات أما بسبب الديانة كالكتابيات أو الجهل كالأعرابيات أو بسبب صغر السن أو غير ذلك .
فالمحتج بالآية على السفور موغل في تصور وافتراض المثالية في المجتمعات البشرية ، يظن أنّ كلّ المجتمع في شقه النسائي على قلب امرأة واحدة تقوى وورعاً والتزاماً .
وقد غاب عن ذهنه أنّ مجتمع المدينة كان يغصُّ بالكتابيات من قبائل اليهود المشهورة آنذاك كبني النضير وقريظة وقينقاع .
2- إنّنا نتساءل ألا يوجد وسيلة لمعرفة حُسن المرأة إلا برؤيتها المباشرة سافرة ؟ ألا يمكن أن يعرف حسن المرأة بالوصف ، وبواسطة النقل أو الاشتهار والتواتر ؟!
ألم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – قوله ( ولا تنعت المرأة المرأة لزوجها كأنه يراها ..
3- قال السيوطي في الإكليل (ص 213) : قوله تعالى : ((ولو أعجبك حُسنهن )) (الأحزاب:52) .
قال ابن الفرس فيه دليل على جواز النظر من الرجل إلى التي يريد نكاحها ) .
الشبهة الثالثة :
أنّ السفور كذلك ضروري في معرفة شخصية المرأة عند الإدلاء بالشهادة أو في حالة الكشف عن الجنايات !
الجواب :
إنّ مسألة تعميم حكم شرعي لعامة الناس لا ينبغي أن يخلط مع مسألة خاصة وحالات خاصة .
فكوننا نحتاج احتياجاً لا مفر منه للكشف عن شخصية امرأة ما للإدلاء بالشهادة أو التحقيق في جناية لا يُخوِّل لنا أن نفتي بجواز سفور كل النساء من أجل حادثة عين ، وخصوصية شخصية !!
والشارع الحكيم لم يُغفل إيجاد الرُّخص عند الحاجة وإباحة المحظورات عند الضرورات فالله يقول : ((وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ)) . (الأنعام:119) .(5/854)
ومن ذا الذي يمنعُ من القائلين بوجوب ستر وجه المرأة من كشفه عند الحاجة من شهادة أو خطبة أو تحقيق جناية ؟! .
في صحيح البخاري قال سعيدُ بن أبي الحسن للحسن : إنّ نساء العجم يكشفن صدورهن ورؤوسهن ؟ قال : اصرف بصرك عنهن ، يقول الله عز وجل : (( قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ)) (النور:30) .
الشُبهة الرابعة :
أن كشف الوجه يزيل[3]المشقة في التغطية لا سيما في المناطق الحارة فيكون النقاب رهقاً وعناءً !!
بل إنّ عبد الحليم أبا شقة ليعتبر الحجاب وإن كان للرأس فقط دون الوجه والكفين مصيبة تتطلب الصبر والرضا بالقضاء والقدر .
ففي كتابه تحرير المرأة ( 4/ 229) يقول : ( إن كان في الستر الشرعي لجميع البدن عدا الوجه والكفين والقدمين بعض مشقة على المرأة في الأجواء الحارة فهذا أمر قد كتبه الله على بنات آدم ، وعلى المرأة الصبر والرضا بقضاء الله)!!!
والجواب عن هذه الشبهة
أن نقول : ولنا أن نعكس القضية ؛ فما ذا عساه تكون الحال في البلاد الباردة ألا يكون دفئاً وراحة ؟!!
ثم هل في أحكام الشريعة مشقة والله يقول : ((طه مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى))
ويقول : (( ماجَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)) . (طه:1) .
ويقول عن نبيه عليه الصلاة والسلام : (( يَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)) (الأعراف: 157) .
وغير ذلك من الآيات الكثيرة .
ثم لو كانت القضايا الشرعية تُعامل بهذه الصورة الفوضوية لساغ لنا أن نهجر المساجد في شدة الحر ونؤجل الحج في المواسم الحارّة وغير ذلك ممّا يؤدي بنا إلى الانسلاخ من شرائعنا ، والتخلص من شعائرنا عياذاً بالله .
الشبهة الخامسة:
ومن الشُبه كذلك بل من الدعاوى الجريئة :
(إنّ تغطية الوجه بالنقاب أو البرقع للطالبات تطرف لا يقره الشرع الإسلامي ، ولا ترتاح إليه اللوائح والتعليمات المدرسية أو الجامعية ، وما هو إلا شذوذ مظهري مريب ) [4] .
بل بالغ أحدهم [5] إلى أبعد من ذلك فزعم أنّ تغطية الوجه بدعة ، وأن من حجبت وجهها آثمة تستوجب العقوبة من الله عز وجل ، ووضع في ذلك كتاباً أسماه : (تذكير الأصحاب بتحريم النقاب) !! .
الجواب عن هذه الفرية :
إنّ هذه الدعوى الجريئة ، والفرية الخطيرة لو صدرت عن شخص مجهول لقلنا جازمين إنّه لم يشم للعلم رائحة ولم يطلّع من التفسير على كتاب واحد ، ولم يتأمل من(5/855)
السُنّة أي حديث ولو كان ضعيفاً أو موضوعاً !! لكن أن يتصدى لهذه الدعوى الغليظة شخص كالغزالي فهو أمر غاية في العجب ، ونهاية في الغرابة !!
فكيف يكون تغطية الوجه بالنقاب أو البرقع للطالبات تطرف لا يقره الشرع الإسلامي ؟!!
دعونا من إعادة ذكر الأدلة التي تناهز الخمسين دليلاً على وجوب تغطية الوجه لعموم النساء ، ونكتفي فقط بما يدّعيه كلُّ مبيحي السفور بأنّ النصوص الواردة في حجاب الوجه خاصة بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم فنقول فهل كان تغطية عائشة رضي الله عنها التي مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي ذات ثمان عشرة سنة فقط – أي أصغر من كثير من طالبات الجامعات التي يشير إليهن الغزالي – أقول هل كان تغطية عائشة لوجهها تطرفاً لا يقره الشرع الإسلامي ؟! أليس حجاب أمهات المؤمنين – على الأقل – محلّ إجماع بين علماء الإسلام كافة ؟! .
أفيجتمعون على تطرف لا يُقرِّه الشرعُ الإسلامي ؟! وهل كانت أمهات المؤمنين – رضي الله عنهن – متطرفات ؟! وهل كان نبيُ الرحمة والشفقة والعدل والوسط متطرفاً ؟!
ثم قوله : ( ولا ترتاح إليه اللوائح ، والتعليمات المدرسية أو الجامعية ) فأقول متى كانت اللوائح والتعليمات المدرسية أو الجامعية حاكمة على شريعة محمد صلى الله عليه وسلم ؟
وهل ارتاحت تلك التعليمات واللوائح يوما ما إلى شريعة الإسلام ؟ وهي التي استوردت بعجرها وبجرها من لوائح وتعليمات وقوانين أوربا ؟!
أليس الذي استورد تلك التعليمات واللوائح والقوانين هو طه حسين وشرذمته إبان توليه منصب وزير المعارف في مصر وهو القائل بالحرف الواحد : ( السبيل أن نسير سيرة الأوربيين ونسلك طريقهم لنكون لهم أنداداً ، ولنكون لهم شركاء في الحضارة خيرها وشرها ، حلوها ومرها ، وما يحب منها وما يكره وما يُحمد منها وما يُعاب ) (الاتجاهات الوطنية 2/ 229)
ثم هل الطالبات في مدارس وجامعات مصر اكتفين بكشف الوجه والكفين أم حسرن عن الشعور والنحور، والأذرع والسيقان ؟!
وهل هذا هو ما يقره الشرع الإسلامي ؟!
أم تتفق فقط مع التعليمات واللوائح الغربية المستوردة ؟! .
ثم قوله : (وما هو إلا شذوذ مظهري مريب ) !!
فسبحان الله ! أيكون التستر والتصون والعفاف شذوذاً مظهرياً مُريباً ؟!
أيكون حجاب الوجه عن النظرات الجائعة ، واللحظات الخائنة شذوذاً مظهرياً مريباً ؟!
أيكون قول النبي صلى الله عليه وسلم : (لا تنتقب المحرمة ولا تلبس القفازين ) أي حال إحرامها كما رواه البخاري إقرار لغير المحرمة بالشذوذ المظهري المريب ؟!
ومن العجيب المحير أن يجترئ الغزالي على التصريح بكلام مثل هذا في وقت أجمع العلماء كلهم – حتى مبيحو السفور على مشروعية النقاب وأنّه مستحب على الأقل !
فهل كلُّّ هؤلاء دعاة شذوذ مظهري مريب ؟!(5/856)
رحم الله الشيخ وغفر له فقد شطح قلمه بما أثلج صدور قوم لم يذرفوا عليه دمعة واحدة بعد موته أو يدعوا له بدعوة صادقة تنفعه في قبره !
أما مناقشة صاحب تحريم النقاب فهي مضيعة وقت مع دخيل على العلم ، متطفل على موائده ، لا يعرف له أصولاً ، ولم يشم له رائحة ، وحسبنا أنّه قول شاذ منحرف لم يُسبق إليه ولم يتابعه عليه أشد المتحمسين إلى السفور من علماء أو علمانيين!!
الشبهة السادسة:
ومن الشُبه أنّ الحجاب الشرعي عادة وعرف وليس تشريعاً !!
يقول د/عبد الحليم أو شقة في ( تحرير المرأة 4/ 229) : ( صحيح أنّ الشارع حين وجد بعض النساء يلبسن النقاب ويألفنه ، وأصبح عرفاً لهن لم ينكر عليهن ، لكنه أيضاً لم يشرع استحسانه ولم يندب إليه ويحض عليه بل تركه تقديراً للعرف والإلف وتوسعة على الناس فيما ألفوه وتعارفوا عليه) بواسطة حجاب المسلمة فؤاد البرازي ص 17 .
قلت : وهي امتداد [6] لافتراءات قاسم أمين القائل: ( إنّ الشريعة ليس فيها نصٌ يوجب الحجاب على الطريقة المعهودة ، وإنّما هي عادة عرضت لهم من مخالطة بعض الأمم فاستحسنوها وأخذوا بها ، وبالغوا فيها ، وألبسوها لباس الدين كسائر العادات الضارة التي تمكنت في الناس باسم الدين والدين براء منها) .
الجواب عن هذه الفرية والإفك المبين من وجوه :
الوجهُ الأول :
الزعم بأنّ الشارع لم يشرع للنساء النقاب لا استحساناً ولا ندباً ولا حضاً زعمٌ غير مسبوق لا نعرف عالماً معتبراً قال به قبل أبي شقة ، وهي من أشد أنواع الافتراءات فجاجة وجراءة!!
وقائله إما جاهل بعشرات النصوص من الكتاب والسُنّة الآمرة بحجاب الوجه أو مكابر لا يريد أن يعترف بخطأ مذهبه في السفور فيريد تمريره بطريقة تفتقد منهج البحث العلمي ، وأصالة الحوار الفقهي الرصين .
وإلا فأين هو عن قوله تعالى : (((وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ)) (الأحزاب:53) .
أليس في هذه الآية أمرٌ بالحجاب التام ، فضلاً أن تكون استحساناً أو ندباً أو حضاً عليه ؟! وأين هو من قوله تعالى : ((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ)) (الأحزاب: 59) .
الآية أليس لفظة (يدنين) أمراً دالاً على الوجوب والإلزام فضلاً عن أن تكون استحساناً أو ندباً أو حظاً ؟
وإذا زعم أنها غير دالة على الحجاب فليجب عمّا ذكره في مواضع من كتابه بأنّ أزواج النبي صلى الله عليه وسلم مأمورات بتغطية الوجه بدلالة هذه الآية ؟! .
ولا داعي لسوق عشرات الأدلة التي تفرض حجاب الوجه فرضاً لا مجرد استحسان أو ندب أو حض في هذا المكان مرة أخرى .
الوجه الثاني :(5/857)
أنّه في قوله هذا ، خالف حتى القائلين بجواز السفور ؛ فإنّ أشهر المعاصرين من العلماء المعتبرين وهو علّامة الشام ناصر الدين الألباني يرى استحباب حجاب الوجه ، وإن لم يقل بوجوبه ، فمن العجيب أن يستند أبو شقة إلى كثير من آراء الألباني حين توافق مزاعمه لكنه يتجاهلها تماماً حين تصطدم بآرائه الشاذة وفيما يلي نصّ كلام الألباني والذي يرى أن ستر الوجه ليس مجرد سائغ وجائز بل هو أفضل من كشفه فيقول : (لم يفتنا أن نلفت نظر النساء المؤمنات إلى أنّ كشف الوجه وإن كان جائزاً فستره أفضل ) جلباب المرأة المسلمة ص 28 .
قلت : وقد ساق الألباني ثمانية أدلة شرعية صحيحة ثابتة تدل على أن حجاب الوجه ،رغم إنكاره لوجوب الحجاب فلتراجع في جلباب المرأة المسلمة [7] .
الشبهة السابعة:
ومن الشُبه والدعاوى المريرة ما ذكره الشيخ محمد الغزالي بقوله : ( فهذا الزي المبرقع أو المنقب ليس إلا زيا من صميم الأزياء الجاهلية البائدة ، التي عفا عليها الزمان ، ولم يعد لها اليوم مكان إلا في بعض البلاد المتخلفة أو النامية ولن يبقي فيها طويلاً أمام التطور الوثاب الذي يؤكد ما قاله داعية تحرير المرأة الأول في مصر والشرق العربي قاسم أمين) .[8] .
الجواب عن هذه الدعوى والفرية العظيمة من وجوه :
الوجه الأول :
هل المرأة في الجاهلية كانت متصونة أم متبرجة ؟
لنستمع إلى القرآن وهو يحذر نساء الأمة من مشابهة نساء الجاهلية بقوله : ((وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى)) (الأحزاب:33) .
فأيهما نُصّدق القرآن الكريم ، كلام رب العالمين ، أم كلام الغزالي ؟!
صحيح أنّ النساء في الجاهلية كان يُوجد منهن من تنتقب بل وتغطي وجهها عادة وتقليداً لكنّ السمة الغالبة هي السفور والتبرج ولذا نزل قوله تعالى: (( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا)) (سورة الأحزاب: 59) .
وهي آية الحجاب كما قال ابن كثير وغيره ، فإذا بمجتمع المدينة تنقلب نساؤه كالغربان من لبس الأكسية السوداء السابقة فهل كان فعل نساء الصحابة بعد نزول الحجاب يعد من أفعال الجاهلية البائدة ؟!
ثم ما بال الشيخ ينتقد المرأة الجاهلية هنا لأنّها متنقبة متصونة ثم تراه ينبري مدافعاً عنها، مادحاً لها في مقالته التي هي بعنوان : (الجاهلية العربية أشرف) حيث يقول : ( إنّ الجاهلية العربية الأولى كانت أشرف من جاهليات اليونان والرومان،لا سيما في الوضع الاجتماعي للمرأة .. إلى أن قال : (أما النظرة إلى المرأة والتشرف بصونها والاستقتال في حمايتها فخلق عربي لا يكاد الرومان أو اليونان القدامى يعرفون شيئاً عنه !! وتدبر قول عمرو بن كلثوم في معلقته
على آثارنا بيضٌ حسانٌ نحاذرُ أن تقسَّم أو تهونَا
إذا لم نحمهنّ فلا بقينا لشيءٍ بعدهنّ ولا حيينا .
الوجه الثاني :(5/858)
قوله : ( ولم يعد لها اليوم مكان إلا في بعض البلاد المتخلفة أو النامية ) فأقول
وهل الميزان في الحكم على شرعية المظاهر والتصرفات هو مدى تطبيقها أو إهمالها في أرض الواقع ؟!
لنأخذ الشريعة برمتها ونسأل أليست قد غُيّبت بكلّ أحكامها وشرائعها عن بلاد المسلمين كلها إلا ما رحم الله فهل هذا مُسوِّغ للقول بعد صحتها والجزم ببطلانها ؟!
ثم هل النقاب – فعلاً _ لا يوجد إلا في بعض البلاد المتخلفة أو النامية ؟!
ألم يعلم الشيخ أنّ الجماهير المسلمة قد عادت تطالب بصوت جهير يبلغُ الآفاق بتطبيق كل أحكام الشريعة في كل ديار الإسلام وليس الحجاب فقط ؟!
ألم ير الشيخ العودة الجماعية المباركة لفتيات الإسلام إلى الحجاب في كل أنحاء المعمورة حتى أغاظ دعاة الإباحية من أمثال الهالك مصطفى أمين القائل متباكياً على عودة الحجاب في الجامعات المصرية : ( حارب الأحرار في هذا البلد سنوات طويلة لتحصل المرأة على بعض حقها ويظهر أنّ بعض الناس يريدون العودة بنا إلى الوراء ، وقد يحدث هذا في أي مكان ، ولكن لا نفهم أن يحدث في الجامعة مهد التقدم والفكر الحر ) [ أخبار اليوم / نوفمبر 1997 نقلا عن عودة الحجاب ] .
ويقول العلماني المحترق زكي نجيب محمود : ( أصابت المرأة المصرية في أيامنا هذه نكسة ، ارتدت بها إلى ما قبل .. وهناك اليوم عشرات الألوف من النساء (المرتدات !) ينزلقن تطوعاً إلى هوة الماضي ، والمأساة أنّ المرأة تتبرع سلفاً بحجاب نفسها قبل أن يأمرها بالحجاب والد أو زوج) نقلاً عن الولاء والبراء لسيد عبد الغني ص 421 .
ثم ما بالنا نذهب بعيداً لندلل على مدى التشابه بين كلام الشيخ الغزالي ودعاة الإباحية ،والشيخ نفسه يُصرّح باستبشاره وابتهاجه بإمكانية شيوع السفور وفق ما بشر به قاسم أمين داعية تحرير المرأة في مصر والشرق العربي !! (فلا حول ولا قوة إلا بالله ) .
الشبهة الثامنة :
ومن الشبه أنّ حجاب الوجه خاص بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم :
وهذه الشبهة تشبث بها أكثر القائلين بالسفور من غير بينة ولا هدى ولا كتاب منير والله المستعان .
الجواب عن هذه الشبهة
قال شيخ الإسلام رحمه الله – (والحجاب مختص بالحرائر دون الإماء كما كانت سنة المؤمنين في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه أن الحرة تحتجب والامة تبرز .[9]
قلت:وكلام الشيخ رحمه الله – صريح بأن الحجاب مختص بالحرائر وهذا يدل على دخول عموم الحرائر من نساء الأمة وليس مقصوراً على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وهذا واضح بحمد الله .
ثم إن دعوى خصوصية أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بحجاب الوجه مردودة من وجوه :(5/859)
أنه لا دليل البتة على هذه الخصوصية فإنّ غاية ما عند القائلين بهذا القول ظواهر نصوص لا تدل على ما ذهبوا إليه ولا تقوم بها حجة كمثل حديث ابن ساعدة حين تزوج النبي صلى الله عليه وسلم ابنته وأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يقدم بها فذهب إليه فأمرت بالدخول فقال : إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لا يراهن الرجال ..الحديث .
فنقول : وهذا هو قولنا إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لا يراهن الرجال!
لكن هل في قول هذا الصاحب تصريح بأن ما سوى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يجوز رؤيتهن ؟!
أفتعطل عشرات النصوص لعبارة كهذه من غير معصوم أو حجة ؟!!
إن تخصيص أحد من أفراد الأمة بحكم دون باقي الناس يحتاج إلى أدلة صريحة لا محتملة أو متكلفة لأنّ الأصل هو عموم الأحكام الشرعية لكل أفراد الأمة.
سيما في مسألة كهذه دلت عشرات الأحاديث على عدم اختصاص أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بالحكم بمفردهن .
فليس من التحقيق العلمي ولا من الأمانة العلمية بمكان إلغاء كل تلك النصوص والتشبث بقول محتمل لصاحب أو غيره .
2- إن حاجة نساء الأمة للاحتجاب دفعاً للفتنة ، وقطعاً لبواعث الشر والريبة أولى من حاجة أمهات المؤمنين الطاهرات العفيفات . فلقد نص الله تعالى في آية الحجاب بأن الحجاب أطهر لقلوب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وقلوب أمهات المؤمنين فأيهم أحوج إلى الحجاب ؟ نساء النبي صلى الله عليه وسلم الطاهرات المطهرات ؟ أم نساء الأمة الأضعف إيماناً والأقل خُلُقاً والأرق ديانة ؟
ومن الأولى بأن يُحتجب عنه أهو أبو بكر وعمر ، وعثمان وعلي ، وطلحة والزبير وغيرهم من سادات الأولياء ، وشيوخ العفة والنزاهة أم هم رجال هذه الأزمان ممن أشربت قلوبهم الفتن، واستوطنت المحن ديارهم وأرضهم ؟! .
3- إن جملة من الأحاديث التي سردناها صريحة باحتجاب نساء أخريات لسن زوجات للمصطفى عليه السلام فما جواب المتمحلين عنها بموضوعية وتجرد ؟!
بل ما جوابهم عن قوله تعالى : ((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} (سورة الأحزاب: 59) .
[1] السُنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث ص 45.
[2] انظر : النقاب للمرأة بين القول ببدعيته والقول بوجوبه ص 36 .
جاء في كتاب المرأة في الإسلام ريم الخياط ص 47-48.
يقول بعضهم ( لو أنّ الدين الإسلامي أمر بستر وجه المرأة لما كان هناك حاجة لأمر الرجال بغض البصر فعن أي شيء يغضون أبصارهم مادامت النساء يرخين الأغطية على الوجوه ؟ وهو عين ما قاله القرضاوي في( النقاب للمرأة بين القول ببدعيته والقول بوجوبه) ص36
[3] انظر : النقاب للمرأة ص 36 ، د يوسف القرضاوي .(5/860)
[4] جريدة الأهرام المصرية 2/ فبراير 1981م ، محمد الغزالي عن عودة الحجاب لمحمد المقدم .
[5] انظر : الكتاب لمؤلفه إسماعيل جودة ، أستاذ الطب الشرعي والسموم البيطرية فقد ملأ كتابه سموماً قاتلة !
[6] تحرير المرأة - قاسم أمين _ قبحه الله بواسطة الردود الخمسة ص 7 قلت : وقد تابع أبا شقة غيره من الكّتاب المتعالمين انظر على سبيل المثال : مكانة المرأة ص 92 للدكتور محمد بلثاجي
[7] انظر : ص 104 – 114.
[8] الأهرام المصرية 2/ فبراير 981م بواسطة الردود الخمسة لأحمد محمد الديب ص 7 .
[9] مجموع الفتاوى ( 15/ 372) .
ـــــــــــــــــــ
الثقافة الجنسية .. وتدريسها في المدارس
...
...
الاثنين :23/04/2001
(الشبكة الإسلامية)
الشبكة الإسلامية >> المركز الإعلامي >> حوارات >> حوارات اجتماعية وأسرية
...
...
* الإسلام يدعو للثقافة في كل النواحي ويحذر من التورط فى تقليد الآخرين
* لابد من رقابة الأزهر حتى لا تكون هذه الثقافة إباحية باسم العلم والدين
* لا يزال البعض يتخوف من التربية الجنسية ويعتبرها حراماً ومدعاة للتحرر والفجور.
* ماذا يقول الشرع ؟ وهل الدين يرفض تناول الأمور الجنسية مع الأبناء ؟ أم يرى أنها ضرورة ملحة ؟ وما الضوابط ؟ وكيف يكون المنهج والمعلم ؟ كل هذه التساؤلات طرحناها على الأستاذ الدكتور محمد عبد السميع جاد - عميد كلية الدعوة - جامعة الأزهر .
* ما رؤية الشرع لتدريس مادة الثقافة الجنسية للطلبة والطالبات فى المدارس ؟
- الإسلام منهج شامل متكامل يضم جميع نواحي الحياة ، وكل ما يتصل بالإنسان منذ نشأته إلى لقاء ربه إلى الآخرة وما فيها.
ومن بين متطلبات وجود الإنسان في الحياة التثقيف الذي لا بد أن يلم به : الثقافة الجنسية التي يحث عليها الإسلام ، كما يحث علي أي ثقافة بشرط أن تتم بقدر فهم الفتي والفتاة لهذه الأمور .
ففي الأزهر مثلاً يتم تعليم التلاميذ بعض الأمور الخاصة بالطهارة وأحكام الأسرة في إطار الشرع والدين ، وكان يكفي هذا للطالب في الماضي ، أما الآن وقد فرضت(5/861)
مغريات العصر نفسها علي كل بيت ، وأصبحنا نشهد ما يسمي بعصر انفجار المعلومات ، حيث كل شيء متاح في التلفزيون وعن طريق الدش والإنترنت أصبحت هناك ضرورة ملحة لدراسة مثل هذه المادة .
فالإسلام يدعو إلى ثقافة الإنسان في جميع النواحي ، ويحذر من التورط في تقاليد الآخرين مع الاحتفاظ بقاعدة الحياء ، فالحياء من الإيمان ومن لا حياء عنده لا خير فيه .
* في رأي سيادتكم هل تدرس الثقافة الجنسية كمادة منفصلة ، أم يتم إدراجها في مادة الإحياء أو التربية الإسلامية ؟
- في رأيي لا يتم تدريسها مادة منفصلة ، لأن ذلك سيلفت الانتباه ويتضمن لوناً من الإثارة في العنوان ذاته ، ويمكن تدريس الثقافة الجنسية في إطار الثقافة الجسمانية التي تتناول الثقافة الفكرية السمعية والبصرية ، حتى لا يتم التركيز على جزئية التمتع والإثارة وإشباع الرغبات وإهمال باقى أجهزة الجسم .
أو يتم تدريسها في إطار مادة الثقافة الإسلامية العامة ، ويمكن أن تقسم إلى جزء يدرس ضمن الدين ، وهو ما يتصل بفقه الطهارة والغسل والفقه ، وجزء يدخل فى مادة العلوم وهو ما يتصل بوظائف الأعضاء ، وفى الاقتصاد المنزلي تدرج ضمن النظافة العامة وبعض النواحي الصحية .
أما إذا تجاوزنا ذلك كان الأمر دعوة لتفتيح الأذهان ونشرًا لما لا يحمد عقباه .
لجنة علمية للدراسة
* وفى رأيكم هل يصلح المعلم الحالي لتدريس مثل هذه المادة ؟
- لا بد من تأهيل المعلم والمعلمة لأن دورهما مهم جدًا قد يكون أهم من المنهج نفسه ، فلابد أن يكون المعلم على خلق ودين ، ويتلقى دورات تدريبية تؤهله لتدريس هذه المادة سواء فى التربية الإسلامية أو علم الأحياء أو الاقتصاد المنزلي .
* وهل تفرض أهمية هذه المادة إجراءات معينة فى وضع مناهجها ؟
- بالطبع فالأمر يتطلب لجنة من علماء الأزهر ، ومن الفروع العلمية ذات الصلة بالموضوع ، ولابد أن يكونوا علماء ثقات فى مجال علم النفس والاجتماع والتاريخ والأحياء والهندسة الوراثية ، والطب والفقه والتفسير ، ويجب طرح هذا الأمر ليس على مستوى مصر فحسب ، ولكن على مستوى العالم العربي والإسلامي للمشاركة فى هذه اللجنة ، وهذا قد يستغرق سنوات ، ومهمة اللجنة : التشاور في النقاط التي يجب أن يتضمنها المنهج ، ويا حبذا لو تم ذلك في مجمع البحوث الإسلامية الذي يجتمع أعضاؤه كل عامين أو ثلاثة لأن القضية سلاح ذو حدين ، إذا أهمل سيحدث الجهل به آثاراً ضارة ، وإذا أبيح على الإطلاق سيحول المجتمع إلى مجتمع غربي أو أمريكي وهذا لا يناسب ديننا وآدابنا وتقاليدنا على الإطلاق .
خبرة المتخصصين ومخاوف الأمهات
* التثقيف الجنسي يجب أن يتم فى إطار الأسرة أما في المدرسة فأخشى أن يتحول لتهريج
* التربية الأسرية لا التربية الجنسية ، ولا لهذه المناهج قبل المرحلة الجامعية(5/862)
* حتى المثقفين لديهم جهل أسري وجنسي واضح مما يزيد نسبة الأبناء الجانحين
* المبالغة في تحذير الفتاة قد تؤثر عكسياً وتهدم حياتها الزوجية
أطلت علينا الدعوة إلى تدريس مادة الثقافة الجنسية في مدارسنا برأسها وفرضت نفسها ، ووجدت فى وسائل الإعلام من يؤازرها ويأخذ بيدها لتقوى ، وترتفع وتأخذ طريقها إلى التطبيق ، وهنا يكون السؤال : على أي أساس تدرس هذه المادة ؟ وما هو محتواها ؟ وهل لها من ضرورة ؟ وفي أي سياق تحقق أهدافها ، خاصة ونحن فى مجتمع مسلم وبرغم ما يتعرض له من موجات التغريب ، والعولمة فلا يزال الحياء طابعه والعفة سمته .
أكدت حوارات المائدة المستديرة التي عقدتها "الأسرة" لمناقشة قضية تدريس الثقافة الجنسية رفض أولياء الأمور ، وأكد علم النفس أهمية مواجهة القضية ، وحذر علم الأخلاق من الانسياق وراء الرؤية الغربية للثقافة الجنسية ، وساندت الأمهات الدعوة لنشر الثقافة الصحيحة لتلافي المشكلات التى انتشرت فى المدارس ، وبين الطلبة والطالبات دعوة لفتح باب النقاش ، ونتمنى أن تكتبوا لنا خبرتكم ورأيكم حتى نصل لرؤية صحيحة تصل بنا لبر الأمان .
في إطار الأسرة
* هل ندرس الثقافة الجنسية في مدارسنا أم لا؟
- السؤال كان مفتاح النقاش ، يرفض الدكتور أحمد عبد الرحمن - المفكر الإسلامي وأستاذ علم الأخلاق بالجامعة الإسلامية بكوالا لامبور سابقًا - تدريس مادة الثقافة الجنسية ، وقال لا أجد مبرراً علمياً أو تربوياً أو أخلاقياً يجعل من الضرورى تخصيص منهج دراسى بعنوان الثقافية الجنسية ، في الإسلام الثقافة الجنسية جزء من الثقافة الإسلامية الأسرية ، وهي ضرورة جدًا لشبابنا وفتياتنا ، لأن شبابنا على جهل فاضح بأسس تكوين الأسرة والعلاقات الأسرية وأسس العلاقة بين الذكر والأنثى والحقوق والواجبات ، وهذا ليس فقط لدى العامة من الناس بل لدى الصفوة المثقفة، وخريجي وخريجات الجامعة ، وينتج عن هذا الجهل نسبة كبيرة من الأطفال الجانحين .
وينادي د. أحمد عبد الرحمن بمصطلح الثقافة الأسرية بدلاً من مصطلح الثقافة الجنسية والتربية الأسرية توحي بجو الأسرة ، وتهيئة الجنسين لهذه الحياة الأسرية بما فيها العلاقة الجنسية بين الزوجين . وأحكام الزواج وأحكام الخلوة وحدود العلاقة مع أهل الزوج وحقوق الأولاد ، وحقوق الجار وصلات الأرحام ، والعلاقات الاجتماعية والإنسانية في إطار الحدود والضوابط والآداب الإسلامية .
أما الدكتورة سناء أحمد - أستاذة علم النفس فتطالب أن يكون التثقيف الجنسي فى إطار الأسرة، ويبدأ دور الأسرة - وخاصة الأم - مع أطفالها منذ الصغر ، ففي التطور النفسي للطفل نجد أن الطفل في سن الرابعة لديه حب استطلاع لمعرفة نوعه هل هو ذكر أم أنثى ؟ وحتى ينشأ الطفل بصورة نفسية سليمة لا بد أن تساعده الأم فى معرفته لهويته الجنسية ، وخاصة إذا كان ذكرًا وسط بنات ، أو بنتاً وسط ذكور، فلا بد إذن من تنمية الشعور بالنوع المختلف .(5/863)
وإذا لم نرب فى الطفل إحساسه بنوعه ونساعده على تكوين صداقات مع جنسه، وخاصة فى سن المدرسة يمكن أن تحدث عنده اضطرابات نفسية أو تتربى عنده عادات سيئة مثل : عادة اللواط.
وفى مرحلة المراهقة وما يعتري الشاب والفتاة من تغيرات نفسية وعضوية ، واهتمام كل جنس بالجنس الآخر والانجذاب نحوه - للأسرة دور مهم في تهيئة الفتى والفتاة لما سيعتريه من تغيرات ، ومحاولة توصيل المعلومات السليمة ، وإقامة جسور الحب والود بين الأسرة والمراهق حتى يلجأ المراهق للأسرة عند حدوث مشكلة أو للإجابة عن أية تساؤلات .
وترى د. سناء أن الأسرة يمكن أن تقوم بهذا الدور أما إذا درست مادة الثقافة الجنسية فى المدارس فإنه يخشى أن تنقلب المسألة إلى تهريج .
بدءاً من الجامعة
* فى أي مرحلة ندرس الثقافة الجنسية؟
- يكرر الدكتور أحمد عبد الرحمن أنه يرفض مصطلح الثقافة الجنسية ، وإذا اتفقنا على مفهوم التربية الأسرية ، فيمكن أن تبدأ فى المرحلة الإعدادية وتتدرج بحيث يكون التركيز فى هذه المرحلة على حقوق الوالدين والعلاقات بين أفراد الأسرة وواجبات الأم والأب نحو أبنائهما .
وفى المرحلة الثانوية يمكن أن يتطور المنهج ليشمل اقتصاديات الأسرة وميزانية الأسرة وبنودها ، وبالنسبة للبنات ويا حبذا لو تضمن المنهج الأحكام الشرعية المتعلقة بالحيض والطهارة وحرمة العورة ، وكذلك الحجاب والعفة ، والهدف يكون واضحًا ألا وهو أسرة واعية بحقوقها وواجباتها بالنسبة لكل أفرادها.
* وماذا عن المرحلة الجامعية؟
- فى المرحلة الجامعية يكون الشاب والفتاة على أعتاب الزواج ، ومن ثم ينبغى أن يتوافق المنهج مع متطلبات هذه المرحلة بحيث يتضمن واجبات البنت كزوجة وأم وحقوقها كذلك ، وأحكام الخطبة وحدودها وضوابطها ، وأحكام الزواج والرضاعة والعلاقة الزوجية ، وتدخل فيها الثقافة الجنسية . كما يمكن توعية الشاب والفتاة بأن المتعة الجنسية حلال ، ولكن فقط فى إطارها الشرعي المحدد بالزواج الشرعي .
يحتاجها الآباء أكثر
أما الدكتورة سناء أحمد فتقول : إن التربية الجنسية يحتاجها الآباء والأمهات أكثر من التلاميذ، فكثير من الآباء والأمهات لا يعرفون ماذا يحتاج الأبناء من الثقافة الجنسية ، وكيف يوصلون لهم المعلومات الصحيحة ؟ من هذه الأمور : أن بعض الأمهات يفرطن فى التحذيرات والتنبيهات خاصة للبنات ، لا تتحدثي مع غرباء ، احذري أي رجل ، وتكثر من التخويف والترهيب من الجنس الآخر ، مما يخلق اضطرابات نفسية وخوفاً من الزواج أو الفشل وتخشى الزوجة اقتراب الزوج منها وتنفر وتخاف من العلاقة الجنسية . لذلك أدعو لعقد ندوات شهرية للتثقيف الجنسي للآباء والأمهات ، وكذلك يمكن عقد ندوات للطلبة والطالبات يفتح فيها باب المناقشة للإجابة العلمية على الأسئلة التى يطرحها التلاميذ ، ويدعى للندوة مختصون لحل مشكلات التلاميذ فى هذا المجال والرد على تساؤلاتهم .(5/864)
لا خجل من الفطرة
* ماذا ندرس فى مادة الثقافة الجنسية؟
- يرى د. أحمد عبد الرحمن أننا لا بد ألا نخطو خطوات الغرب فى هذا المجال، ففي الغرب تدرس مادة الثقافة الجنسية علاقة البنت ، وكيف تعاشر البنت الولد دون حمل أو دون إصابة بالإيدز ؟ أو كيف تتخلص من الجنين أو الوليد ؟
أما فى الإسلام فالثقافة الجنسية جزء من الثقافة الإسلامية ، وهي ضرورة جدًا لشبابنا وفتياتنا .
ويمكن وضعها داخل منهج متكامل للتربية الأسرية بمقررات دراسية منضبطة على أيدي أساتذة فضلاء مختصين .
ولا خجل من الحديث عن العلاقة الجنسية بين الزوجين بكل احترام لأنها فطرة فى الإنسان ، وهي سبب لبقاء البشرية واستمرارها ، ونحن فى حاجة إلى تتبع مايقوله الإسلام عن هذه النواحي التى لا تنعزل عن حياة الأسرة ، ومن العلاقات الإنسانية بوجه عام مع تدريس مناهجها في سن يسمح للشباب بمعرفة الخطأ من الصواب.
ويدعو إلى استراتيجية تربوية تتآزر فيها كل وسائل الإعلام ومؤسسات التربية والأسرة حتى تصل المعلومات الصحيحة لأولادنا ونربي جيلاً صالحاً قادراً على بناء أسر صالحة وتربية أجيال جديدة .
* هل يمكن القول : إن غياب التربية الجنسية وراء معظم مشكلات الشباب اليوم ؟
سؤال وجهته إحدى الأمهات الحاضرات للدكتور أحمد عبد الرحمن فقال : إن التحلل الأخلاقي من قواعد العفة قد يكون السبب الرئيس لبعض مشكلات الشباب اليوم ، ولكن تقع المسؤولية على تقصير مؤسسات وقوى التربية فى المجتمع وفي مقدمتها الإعلام الذي أساء إلى دور الأسرة التربوي ، وبدد جهود المدرسة وانتصر فى نشر التحلل الأخلاقي وتمرد الشباب على قواعد العفة وقيم الحياء بدعوى المدنية ومواكبة الموضة والعولمة لمواجهة هذه الدعوة إلى نشر الفاحشة والعري ووأد قيم الحياء والعفة ، فلابد أن تتآزر وتتعاون مؤسسات التربية فى بث القيم الإيجابية وتثبيت القيم الأسرية في نفوس الشباب .
وعي الأم
وتضيف الدكتورة سناء أحمد : إن كثيراً من المشكلات سببها عدم وعي الأسرة فيجب غرس التربية الإيمانية منذ الصغر وربط العفة بطاعة الله وتربية أولادنا على أخلاق الستر وكراهة العري وهذه هي الفطرة . وذلك إلى جانب توعية الأبناء لحمايتهم من الاعتداء الجنسي لما يتركه من آثار سلبية تستمر معهم طوال عمرهم ، فنعلم الولد والبنت ألا يدخل حمام المدرسة إلا للضرورة القصوى ، وأن يغلق باب الحمام وراءه جيداً ولا يدخل معه أبداً زميلاً أو غيره ، وألا يخلع ملابسه أمام أحد ونعلم الطفل أن يرفض إذا طلب منه أحد أن يدخل معه الحمام حتى لا يعلمه أحد الشذوذ فيعرضه لعقدة تستمر معه ، وتسبب له مشكلات بعد الزواج .
وتطالب بمد جسور الثقة بين الأم والطفل بأن تحاول الأم أن تطمئن طفلها بأنها لن تعاقبه إذا صارحها بأى شيء مما يجعلها على علم بكل ما يحدث له ونصحه أولاً بأول، ولكن للأسف بعض الأمهات يفرطن فى التحذيرات مما يلفت نظر الطفل وقد(5/865)
يدفعه للتجربة والأخريات قد يهملن ولا ينصحن أولادهن مما يعرضهم للوقوع فى الخطأ .
وتزيد المشكلة مع الطفل أو الطفلة الخجولة بطبعها فقليلاً ما يصارحان الوالدين بما يحدث لهما فعلى الأم أن تفاتحهم هى لتعرف ما يجول بخاطرهم، وترد على تساؤلاتهم فى جو ود وحب.
وبعض الآباء والأمهات - نتيجة انتشار الحوادث - يخافون جداً على أولادهم ويشددون عليهم ، وهذه الشدة والصرامة قد تأتي بنتائج عكسية .
فخ الثقافة الجنسية
تغيرت الأسماء والمحتوى واحد!
د. نانسي عويس
ماالمقصود بالثقافة الجنسية؟
تقوم المدارس وبعض الجمعيات في أمريكا بإعداد برامج لتوعية الأطفال والمراهقين بالممارسات الجنسية وكيفية تجنب الآثار غير المرغوب فيها فى حالة الممارسات غير الشرعية - كالحمل ؟! وهي تقوم أساسًا على مبدأ حق الطفل في التعرف على جسده، وكيفية إشباع رغباته من جميع النواحي ، وهذا هو التعريف الرسمي لها من منبعها الأصلي فى الولايات المتحدة الأمريكية ، ومن المواضيع التى تحتوي عليها هذه البرامج: المعاشرة بين الجنسين ، العادة السرية ، الإجهاض ، كيفية ممارسة الجنس دون خطر الحمل، مساعدة المراهق على تحديد اتجاهه الجنسي ، أى تحديد أي الجنسين يفضل أن يعاشر ، العادة السرية كوسيلة للإشباع الجنسي بعد البلوغ ، العلاقات الشاذة كبديل مُرضٍ للعلاقات العادية ، وهذه المواضيع مدرجة في برامج الثقافة الجنسية المطروحة للتدريس في مدارس الولايات المتحدة الأمريكية .
أما من سن 15 - 18 فيضاف لهم المواضيع التالية : من حق النساء أن يقررن إجراء الإجهاض، من حق الناس احترام تعاليم دينهم وتقاليدهم ، ولكن هذا لا علاقة له بحقوق المرء الشخصية ، عدم وجود دليل على أن الصور الفاضحة تسبب أي إثارة جنسية ، خدمة التواصل مع الشريك الجنسي بشأن الاحتياطات اللازمة لكليهما ، تعليم المراهقين كيفية الحوار حول هذه العلاقات والحدود التى يجب التوقف عندها .
الآباء الأمريكيون يرفضون هذه الجمعيات ويسمونها "بالوحش" الذي يتخفى تحت مسميات علمية للتحكم فى السلوك الاجتماعي للناس عن طريق الأطفال، ويقول الآباء: إن الغرض المعلن لهذه الجمعيات هو تخفيف حالات الحمل عند المراهقات تحت شعار الإنسانية ، وتأخير الممارسة الجنسية لحمايتهن من الإجهاض ، أما الغرض الخفي فهو إعطاء الأطفال تعليماً جنسياً شاملاً طبيعياً وشاذاً ، ويقول الآباء : إن من حقهم تعليم أبنائهم أمور الحياة الزوجية من خلال تعاليم الإنجيل ، وليس بهذه السبل الفاضحة، وقد أدى ضغط الآباء إلى أن أصبحت هذه البرامج في المدارس مرهونة بمواقف الأبوين .
ويرتفع الآن فى أمريكا شعار "قل لا للجنس" ولكنه حقيقة لا يعني الإحجام عن الجنس قبل الزواج ، ولكن تقليل نسبة حالات الحمل عند المراهقة بتأخير الممارسة(5/866)
مع أي شخص حتى تلتقي الفتاة بالشخص المناسب ، وذلك لتجنب الإصابة بالأمراض الجنسية أو حدوث الحمل المبكر .
وتحاول الولايات المتحدة إدخال هذا البرنامج فى مناهجها الدراسية لتشجيع الشباب على تأخير العلاقات الجنسية الكاملة حتى الزواج إن أمكن ، ومن العناوين المقترح إدخالها في المنهج : "قبل الجنس" استخدام العازل ، حل يقلل أو يمنع الأمراض الجنسية ، لم يفضل الشخص العلاقات الطبيعية على العلاقات الشاذة ؟ ما الوضع القانونى للشواذ ؟ حق الآباء في الاطلاع على المناهج المقترحة ، وهذا المشروع من المتوقع أن ينفق عليه 50 مليون دولار لإقناع الشباب بالإحجام عن العلاقات الجنسية حتى الزواج ، وقد خصص له بالفعل 400 مليون دولار كميزانية كلية لتنفيذه بكافة مراحله .
أما عن حمل المراهقات فى أمريكا فتقترح هذه البرامج الحلول التالية :
- إعطاء الحبوب للبنات في عيادات المدارس ، تقديم نصائح تتعلق بالصحة الإنجابية، تغيير القانون حتى لا تضطر الفتاة للحصول على موافقة الأبوين للتغييب عن المدرسة في حالة ذهابها لمراكز الرعاية الخاصة بالصحة الإنجابية ، إعطاء وسائل منع الحمل في سرية تامة .
وقد رد الآباء في أمريكا ببث رسالة على شبكة الإنترنت تسجل اعتراضهم على "الوحش" المسمى "بالإنسانية" فهم يقولون: إن هذه البرامج تسحب السلطة من الآباء في توجيه أولادهم ، ويصرون على الإبقاء على هذا الحق لهم وحدهم ويرفضون الوقوف موقف المتفرج !!
وقد أدرجت هيئة الأمم المتحدة برنامج "الثقافة الجنسية" فى برامج الصحة الإنجابية والمطلوب تدريسها في مدارسنا لطلابنا المسلمين والمسيحيين على حد سواء ، ومهما كان من تغيير الأسماء "ثقافة أسرية" أو "ثقافة زوجية" فالمضمون واحد وهو ما عرضناه من مصدره الأساس وهو برامج الأمم المتحدة الرسمية والتي تنفذه عن طريق المدارس والجمعيات ، فهل آن لنا أن ننتبه إلى الهدف الحقيقي وراء هذه البرامج حتى لو تم تعديل بعض محتواها لمناسبة مجتمعاتنا المحافظة ؟.
ضوابط فى تهذيب الطفل جنسياً
- تعويد الطفل غض بصره وحفظ عورته ، وليعلم أن الله يراه فيتعلم بذلك مراقبة الله (عز وجل) ويفعل كما فعل الطفل عبد الله التستري الذي كان يردد "الله شاهدي ، الله ناظرى، الله معي".
- تعويد الطفل منذ الصغر على أدب الاستئذان في الدخول ، وهذا الأدب يخص الأطفال دون سن البلوغ والخدم .
- لا تخرج البنت بمفردها وقت الظهيرة والمساء.
- تعويد الأطفال على عدم مشاهدة اللقطات البذيئة على شاشة التليفزيون ، وتنمية الرقابة الذاتية لديهم .
- تعويد الطفل على عدم خلع ملابسه أمام إخوته.
- غرس خلق الحياء فى نفس الطفل وخاصة البنت ، يقول الرسول (صلى الله عليه وسلم) : "الإيمان بضع وسبعون شعبة والحياء شعبة من شعب الإيمان".(5/867)
- توعية الأطفال وخاصة الأخوة بعدم ضرب البنات لأن جسم البنت رقيق لا يتحمل عنف الصبيان ، وحتى لا يلمسوا أماكن حساسة أثناء الضرب مما يؤدي إلى بعض المشكلات .
- تعليم الطفل الاستنجاء ، وآداب الغسل والطهارة والوضوء للصلاة ، فهذه كلها تعتبر مدخلاً للتربية الجنسية .
- عدم ترك البنت وسط مجموعة من الصبية الأقارب فترة طويلة دون مراقبة من الأم .
- فتح الباب أثناء وجود مدرس خصوصي للبنت .
- شرح بعض آيات من سورة النور للأطفال بعد سن العاشرة ، فقد كان السلف الصالح (رضوان الله عليهم) يقدمون لأطفالهم سورة النور كوقاية لهم ، ويهتمون بتحفيظها لهم فى بداية سن المراهقة ، وقبيل البلوغ وخاصة البنات .
الشارع المسلم وتدريس الثقافة الجنسية
* تأييد مطلق ، معارضة ، موافقة متحفظة والخلط بين العلم والإثارة مرفوض
* تأهيل معلمي المادة والفصل بين الجنسين فى تدريسها ضرورة
فيما مضى كان مجرد جلوس الأولاد مع الكبار أو تدخلهم فى الحديث عيباً وتجاوزًا لحدود الأدب ، أما اليوم فقد اختلف الأمر كثيراً ، وأصبح الأبناء يناقشون آباءهم في قضايا تحرج الآباء ، وتوقعهم فى مأزق الإجابة على تساؤلاتهم التى لا تنتهى ، ويكون الآباء بين نارين ، إما أن يجيبوا على أسئلة أبنائهم ، وهذا أمر شاق يحتاج إلى تخير الألفاظ ، والأسلوب اللائق الذي لا يخدش الحياء ويفي بالإجابة ، أو يتجاهلوا هذه الأسئلة ويسكتوا عنها ، وهذا أيضاً خطأ وخطر معاً ، لأن الابن قد يبحث عن إجابة من مصادر غير أمينة .
وأخيراً خرجت علينا دعوة تدعو إلى تدريس الثقافة الجنسية في المدارس الإعدادية والثانوية ، فهل يجد فيها الآباء مخرجاً من الحرج الذي تسببه أسئلة أبنائهم ، أم أنها تفجر مشكلة أكبر تهدد أخلاق أبنائهم ومستقبلهم ؟
تنوعت آراء الأمهات والقائمين على العملية التعليمية ما بين مؤيد ومعارض ، ومتحفظ تجاه تدريس مادة الثقافة الجنسية فى مدارسنا الإعدادية والثانوية ، وهذه آراؤهم
تأهيل المعلم
أيدت كل من : عزيزة سيد إبراهيم - ربة بيت ، وحنان محمد - مدرسة ، وأمل بخيت خلاف - مدرسة ، وإيمان عبد الرحمن - ربة بيت ، وعزة عبد الجواد ، ومحمود أبو زيد - رئيس قطاع بالتعليم الابتدائي ، وعاطف عاشور - مدرس تاريخ ، فكرة تدريس مادة الثقافة الجنسية في المدارس للوفاء بحاجة الأبناء والبنات فى هذه المرحلة للتعرف على طبيعة التغيرات التى تطرأ عليهم ، والحصول على المعلومات الخاصة بهذا الموضوع من مصادرها العلمية الموثوقة بدلاً من البحث عنها في فخاخ الكتب الصفراء وأصدقاء السوء ووسائل الإعلام ، واعتبروا أن تدريس هذه المادة فرصة لغرس قيم الحياء والعفة بين الشباب ، وتقوية الوازع الديني لديهم ووضع الحدود والضوابط في التعامل بين الجنسين سواء في المدرسة أو الجامعة أو العمل .(5/868)
واشترطوا لنجاح هذه التجربة ضرورة تأهيل المعلم الذي يقوم بتدريس هذه المادة حتى تظل في إطارها العلمي المقبول ، ولا تخرج إلى حيز التهريج والإثارة.
ومن المهم أن تقوم المدرسات بتدريس المادة للبنات ، ويختص المدرسون بتدريسها للأولاد حفظًا للحياء ، ومراعاة للحدود والضوابط الأخلاقية .
جهل لا يضر
ورفض آخرون هذه الفكرة بشدة لأسباب كثيرة ومنهم : صفاء سيد - ربة بيت ، لمياء سيد - طالبة، رضا إبراهيم - مدرس لغة عربية ثانوية ، نور الهدى محمد - مدرسة اقتصاد ثانوي ، وفاء حنفي - مدرسة علوم ، وسعدية سعد - مدرسة جغرافيا ، وماجدة بكر - مدرسة اول ثانوي ، وأجمعوا على أن تدريس هذه المادة في هذه المرحلة الحرجة سيفتح عقول الأولاد والبنات ويدفعهم إلى التفكير في موضوعات أكبر من سنهم ، وخاصة مع تأثير الإعلام والأغاني الهابطة التى تحقق لهم الإثارة بالفعل .
كما أن الطلاب في هذه المرحلة تبدأ مشاعرهم فى التفتح ويزداد الإحساس بالجنس الآخر ، وقد يتطور الأمر إلى علاقات عاطفية تفرضها مرحلة المراهقة قد يحول الحياء أو الخوف دون ظهورها سواء بين الطلبة والطالبات ، أو بينهم وبين مدرسيهم .
ويكون تدريس هذه المادة تشجيعاً لهم على التمادي فى هذه العلاقات وتطورها إلى ماهو أخطر ، ولذلك فإنه من الأحوط الابتعاد عن علم الجهل به لا يضر فى هذه المرحلة.
وبين التأييد والرفض تحفظ فريق ثالث وأبدي تخوفه من إطلاق هذه المادة وانفتاحها بلا ضوابط مما قد ينال من عفة أبنائنا وحيائهم ، واشترط لوضع هذه المادة موضع التطبيق عدة ضوابط .
ومن هؤلاء : إيمان شوقي - طالبة فقد اشترطت أن تقوم مدرسة بتدريسها للبنات ومدرس للأولاد .
وأكدت هدى علي أحمد - مأمورة ضرائب - ضرورة تأهيل المعلم الذي يتولى هذه المسؤولية مع توفير الرقابة الشرعية على مضمون المنهج حتى لا يخرج عن سياج الحياء والعفة فيضر أكثر مما ينفع .
واقترحت أمل شوقي - مدرسة علوم - الاكتفاء بما هو موجود بالفعل فى مادة الأحياء فى مجال تشريح وظائف الأعضاء ، ففي هذه المرحلة يكفي أن يعرف الطلاب أن التكاثر يحتاج إلى ذكر وأنثى ، أما كيفية حدوثه فلا تهمهم في هذه السن، بل إنها قد تفتح أمامهم أبواب التساؤل في موضوعات حساسة لا يستوعبها سنهم ولا احتياجاتهم .
أما فتحية علي - مدرسة - فقد ركزت على أن البلوغ فى بلادنا أصبح مبكرًا عن ذي قبل بفعل حرارة الجو والمؤثرات الخارجية ، وفي مقدمتها الإعلام ، وهذا يضعنا في مأزق تدريس المادة لتوعية الأبناء بما يطرأ عليهم من تغيرات وما يرتبط بها من تطورات في علاقتهم بالجنس الآخر ، أو تركهم نهبًا لمصادرهم الخاصة التى لا تخلو من مخاطر .(5/869)
واقترحت أن يكون المدخل إلى هذه المادة هو الفقه والتوعية بقواعد النظافة والطهارة ، والمحافظة على الجهاز التناسلي الذي يقوم بمهمة عظيمة في بقاء النوع وتعاقب الأجيال وعمارة الأرض ، في إطار الزواج الشرعي والتحذير من الممارسات الخاطئة التي قد يقوم بها الأولاد والبنات عن جهل ، أو على سبيل التجربة وهو ما قد يضرهم أو يسبب لهم بعض الأمراض الفتاكة مثل الإيدز .
وتحفظت فاطمة عبد الغني - ربة بيت - على كيفية تدريس هذه المادة - رغم أهميتها - في المدارس المختلطة ، واقترحت الفصل بين الجنسين في هذه المادة لإتاحة الفرصة لطرح التساؤلات المتعلقة بالموضوع والإجابة عنها في إطار العلم والحياء .
ـــــــــــــــــــ
... أحببت فتاة في الجامعة وأصبح فكري منشغلا بها فهل أصارحها ... 19816 ...
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لقد التقيت منذ فترة قريبة بفتاة تدرس معي في الكلية، وعلى الرغم من أنها غير متحجبة إلا أنني رأيت فيها قدرا من الأخلاق والتهذيب أكثر بكثير من أغلب المتحجبات عندنا في الكلية ( وللأسف ) ولم أكن أدري ما الذي يحصل لي عندما أرى تلك الفتاة، حيث كنت لا أحضر محاضراتي ولكنني صرت أجد نفسي دوما في قاعة المحاضرات، أحضر معها دون أن أكلمها، إلا أن نظراتي باتت تلاحقها في كل مكان دون أن أستطيع ردها أو السيطرة عليها! وكما صرت أشعر بالبهجة والسرور كلما أراها، ولم أكن أدري ماذا يمكن أن أفعل؟ وقد أحسست أنها تبادلني النظرات أيضا! وتوقف الدوام في الكلية دون أن أكلمها وتكلمني، وها أنا في عطلة الامتحان لا أستطيع الدراسة، بل أنا دائم التفكير بها وأخاف عليها من أن ينتابها نفس حالتي من عدم الدراسة فترسب في هذه السنة، لذا أرجوكم أريد الحل المناسب؟ فهل هو مصارحتها بالمشاعر التي بداخلي تجاهها فقط؟ أم ماذا؟ وهل يجوز إقامة علاقة صداقة مع هذه الفتاة ضمن الضوابط الشرعية؟
شاكرا جهودكم.
وعندي سؤال آخر:
أعاني من كثرة الحب أي أن ( قلبي يتعلق بالفتاة فورا، وذلك عندما أرى أنها تناسبني) أي عندما تكون ذات دين، فالرجاء أرشدوني ما الحل؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ elar87 حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
فإنه لا توجد صداقة بين الذكور والإناث، ولا ما يسمى بالزمالة، والفتاة بالنسبة للفتى إما أن تكون محرماً يستطيع أن يحج بها ويجلس معها، وأما أن تكون أجنبية عنه، وهي كل ما يصح زواجه منها، والفتاة المذكورة ليست من المحارم، ولذا فإنه يحرم عليك تكرار النظر إليها والخلوة بها أو الكلام معها إلا لأمر ضروري ووفق الضوابط الشرعية، وإذا أردت تصحيح هذه العلاقة فلا بد من الذهاب لأهلها والتقدم(5/870)
رسمياً لطلب يدها أو الابتعاد عنها وعن غيرها، مع ضرورة البعد عن مواطن النساء واتخاذ الأصدقاء من الرجال الأوفياء.
وأرجو أن تعلم أن الأخلاق الفاضلة تبدأ بالحجاب الشرعي والتمسك بأحكام الشريعة، والحجاب للفتاة كالغطاء للحلوى، وإذا فقدت الحلوى غطائها أصبحت عرضة للذباب والميكروبات.
ولن تكون المتبرجة أفضل من المطيعة المحجبة، وما أحوج صاحبة الأخلاق الفاضلة إلى حجاب يسترها، وما أحوج صاحبة الحجاب إلى الأخلاق والآداب.
وننحن ننصحك بأن لا تكلمها ولا تنظر إليها إلا بعد خطبتها وفي حضور أهلها، أرجو أن تعلم أن الخطبة ما هي إلا وعد بالزواج فقط لا تبيح للخاطب الخلوة بها والخروج معها، فاتق الله في نفسك وفي أعراض المسلمين، ولا تقلب بصرك في النساء، فإن ذلك يجلب الحسرة، ويورث الشقاء، وقد أحسن من قال: -
كل الحوادث مبدأها من النظر *** ومعظم النار من مستصغر الشرر
كم نظرة فعلت في نفس صاحبها *** فعل السهام بلا قوس ولا وتر
يسر ناظره ما ضر خاطره *** لا مرحباً بشرور عاد بها الضرر
وقد أمر الله المؤمنين والمؤمنات بغض الأبصار فقال سبحانه:{ قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون}.
ولا يخفي عليك أن الرجل لا يستطيع أن يتزوج كل من تعجبه، فغض بصرك عن النساء، ولا تستجيب لعواطفك الهوجاء، واعلم أن الوصول إلى بعضهن أبعد من السماء.
فلا تتعب نفسك بالجري وراء السراب، وردد ما قاله الحكيم.
فإنك متى أرسلت طرفك رائداً* لقلبك يوما أتعبتك المناظر
رأيت الذي لا كله أنت قادر * عليه ولا عن بعضه أنت صابر
فاتق الله في نفسك وعد إلى صوابك ورشدك، ولا تتعود على محادثه النساء ولا مجالسة السفهاء، وأكثر من اللجوء إلى من يجيب المضطر إذا دعاء ويكشف السوء.
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــ
... زوجي وأهله يريدونني أن أرفع غطاء وجهي عند إخوانه ... 242019
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تزوجت من ابن خالي وأعيش معه في روسيا البيضاء، ولكن عندما وصلت إليه، طلب مني نزع الحجاب! لإنه سيسبب له الحرج عندما أخرج معه وألبسه في الشام، لإنه لن ينزل معي مع أنه من المتابعين للدروس الدينية ويحفظ من القرآن أكثرمن أي شاب عادي في عمره فوافقته على الأمر لكي أرضيه.
وكنت أعاني من مشاكل معه ونحن موجودون في الشام، وهو دائما يحسسني بإنه من السهل استبدالي، وأنا من أجل أن أجلبه إلي أفعل ما يريد من أجل أن لا يصل إلى الانفصال.(5/871)
ولكن أهلي في الشام علموا بالأمر وعملوا له مشكلة وطلبوا منه أن يرجعني إليهم، وأهلي يكلموني من قبل الشفقه بي ولكثرة البكاء الذي أبكيه ليكلموني، وأنا أحس نفسي تائهة بين زوجي الذي أريد جلبه إلي وأن أجعله يتعلق بي، وبين أهلي وهم أغلى شيء في حياتي.
أرجو مساعدتي لكي أحتفظ بالإثنين معا لأني أحب الطرفين ولا أريد التخلي عن أحدهم، ولكم جزيل الشكر والامتنان.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فنسأل الله العظيم لك السداد والثبات في الحياة وبعد الممات.
فإن الإنسان إذا أصلح ما بينه وبين الله، أصلح الله ما بينه وبين الناس، ومن أرضى الناس بسخط الله، سخط الله عليه، وأسخط عليه الناس، ومن أرضى الله لو بسخط الناس، رضي الله عنه وأرضى عنه الناس، فلا تقدمي رضا زوجك على رضا الله، واعلمي أن الحجاب شريعة الله، وأن المؤمنة لا خيار لها في أمر الحجاب، قال تعالى: { وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضي الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعصي الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً }. فلا تظني أن موافقتك على نزع الحجاب إرضاء للزوج تقربك إليه، ولن تكون المعصية في يوم من الأيام سبباً للخير.
ولا أظن أن هناك مصلحة في إخراج مشاكلك الخاصة مع الزوج للأهل، ولكن حاولي مواجهة الموقف، واحترمي زوجك، واحفظي له مكانته، وحاوريه بلطف، وقدمي ما شئت من التنازلات في الأمور العادية، لكن المسائل الشرعية لا تطيعي فيها زوجاً ولا أماً ولا أباً، واعلمي أن طاعة الله أعلى وأغلى، وأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ولكننا نتمنى أن تديري حوارك بلطف وأدب، واختاري الوقت المناسب والألفاظ المناسبة.
ونحن نتمنى أن تكفى عن البكاء، وأن تحاولي أن تصبري، وتتأقلمي مع الوضع الجديد، فإن مصير الفتاة أن تفارق أهلها، واعلمي أن زوجك يصعب عليه بكاؤك، وليس في تدخلات الأهل مصلحة لأحد، فواجهي حياتك الجديدة بصبر المؤمنات، وتوجهي إلى رب الأرض والسماوات، واعلمي أنه يرفع الصابرات درجات.
ونسأل الله العظيم أن يلهمك رشدك، وأن يعيذك من شر نفسك وأن يسهل أمرك.
والله الموفق.
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــ ...
... ... هل أطيع زوجي في نزع الحجاب لإنه يسبب له الحرج ... 252855
... بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ زينب حركات حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،(5/872)
فنسأل الله أن يقدر لك الخير ويسدد خطاك ويلهمنا جميعاً رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا!
فإن الرزق لا يطلب بمعصية الله ومخالفة أمره، ولكن {من يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب}، واعلمي أن الله يزرق الجميع ولم يجعل سبحانه بفضله المعاصي سبباً للرزق أو علاجاً للأمراض والمشاكل، والحرَّة تموت من الجوع ولا تأكل بثدييها أو بعرض جسدها للعيون الجائعة، فتمسكي بحجابك، واعلمي أن رسولنا صلى الله عليه وسلم أخبرنا بأنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها، ثم وجهنا فقال: "فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، فخذوا ما حل ودعوا ما حرم عليكم ولا يحملنكم استبطاء الرزق على طلبه بالحرام".
وما عند الله من التوفيق إنما ينال بطاعته، والمرأة لا تطلب العمل إلا إذا كانت بحاجة ماسة للمال وكان المجتمع المسلم بحاجة إلى خدماتها مع ضرورة أن يكون العمل مناسباً لأنوثتها، وفي بيئة العمل رعاية للآداب الشرعية، وعليها بعد كل ذلك أن تحافظ على حيائها وتبتعد عن مواطن الرجال وتجعل كلامها معهم في الحدود المقبولة شرعاً ووفق الضوابط المقررة في كتاب ربنا وهدى نبينا، قال تعالى: {فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفاً} وقال تعالى : {ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن} إلى غير ذلك من آداب وأحكام.
وأرجو أن تجدي من أرحامك وقريباتك من يساعدك على إقناع أسرتك بأهمية الحجاب وأنه شريعة الله الذي فرض الصلاة والصيام، وتأكدي أن صبرك وإصرارك على الحجاب سوف يغير الوضع ويعين المترددات على الالتزام بالحجاب.
وننصحك بتقوى الله وطاعته وزيادة البر لوالديك والتعامل مع أهلك بالحكمة والأدب، وأكثري من اللجوء إلى من يجيب المضطر إذا دعاه، واعلمي أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ونسأل الله أن يجعل لك مما أنت فيه فرجاً ومخرجاً وأن يلهمك وأهلك الصواب والسداد، ونسأله تبارك وتعالى أن يرزقك برجل صالح يغنيك الله به ويكفيك مؤونة الخروج والعمل، ويحفظك الله به من الأعين الجائعة والنفوس الجائعة.
والله ولي التوفيق والسداد!
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــ
... أهلي طلبوا مني نزع الخمار للبحث عن عمل ... 244586 ...
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ زينب حركات حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فنسأل الله أن يقدر لك الخير ويسدد خطاك ويلهمنا جميعاً رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا!
فإن الرزق لا يطلب بمعصية الله ومخالفة أمره، ولكن {من يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب}، واعلمي أن الله يزرق الجميع ولم يجعل سبحانه بفضله المعاصي سبباً للرزق أو علاجاً للأمراض والمشاكل، والحرَّة تموت من(5/873)
الجوع ولا تأكل بثدييها أو بعرض جسدها للعيون الجائعة، فتمسكي بحجابك، واعلمي أن رسولنا صلى الله عليه وسلم أخبرنا بأنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها، ثم وجهنا فقال: "فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، فخذوا ما حل ودعوا ما حرم عليكم ولا يحملنكم استبطاء الرزق على طلبه بالحرام".
وما عند الله من التوفيق إنما ينال بطاعته، والمرأة لا تطلب العمل إلا إذا كانت بحاجة ماسة للمال وكان المجتمع المسلم بحاجة إلى خدماتها مع ضرورة أن يكون العمل مناسباً لأنوثتها، وفي بيئة العمل رعاية للآداب الشرعية، وعليها بعد كل ذلك أن تحافظ على حيائها وتبتعد عن مواطن الرجال وتجعل كلامها معهم في الحدود المقبولة شرعاً ووفق الضوابط المقررة في كتاب ربنا وهدى نبينا، قال تعالى: {فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفاً} وقال تعالى : {ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن} إلى غير ذلك من آداب وأحكام.
وأرجو أن تجدي من أرحامك وقريباتك من يساعدك على إقناع أسرتك بأهمية الحجاب وأنه شريعة الله الذي فرض الصلاة والصيام، وتأكدي أن صبرك وإصرارك على الحجاب سوف يغير الوضع ويعين المترددات على الالتزام بالحجاب.
وننصحك بتقوى الله وطاعته وزيادة البر لوالديك والتعامل مع أهلك بالحكمة والأدب، وأكثري من اللجوء إلى من يجيب المضطر إذا دعاه، واعلمي أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ونسأل الله أن يجعل لك مما أنت فيه فرجاً ومخرجاً وأن يلهمك وأهلك الصواب والسداد، ونسأله تبارك وتعالى أن يرزقك برجل صالح يغنيك الله به ويكفيك مؤونة الخروج والعمل، ويحفظك الله به من الأعين الجائعة والنفوس الجائعة.
والله ولي التوفيق والسداد!
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــ
... أريد أن ألبس اللباس الشرعي ... 19431 ...
السؤال
أنا من لبنان، وأريد أن أطمئن، فأنا لا ألبس اللبس الشرعي أي الجلباب، فهنا لا أحد يلبس هكذا، ولكنني أنوي أن ألبس لاحقا، هنا في بلدنا يوجد العديد من الطوائف.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ fatima حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فنسأل الله أن يحفظك ويسدد خطاك، وأن يرزقك الهدى والتقى والعفاف والغنى.
فبشرى لمن تنوي لبس الحجاب، وهنيئاً لمن تحول النية إلى عمل، وتسارع إلى الحشمة قبل حول الأجل، فاحرصي على أن تكوني سباقة إلى الخير، حتى تفوزي ببشارة النبي صلى الله عليه وسلم لمن سن في الإسلام سنة حسنة، فإنه عند ذلك يأخذ أجره وأجر من تبعه على طريق الخير، دون أن ينقص من أجورهم شيئاً.(5/874)
والمسلمة داعية لإسلامها بحشمتها ووقارها، وداعية إلى الله بأخلاقها وفعالها، كما أن وجود عدد من الطوائف يبرز أهمية تميز المسلمة عن غيرها واستقلالها بشخصيتها، وهذا هدف من أهداف الحجاب الذي هو شريعة الله التي لا خيار للمسلمة معها، إلا أن نقول: (سمعنا وأطعنا) وذلك لأن الله قال في آية الحجاب: {ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين}.
كما أن أهل الإسلام مطالبون بمخالفة أصحاب الجحيم، فلا تتردي في لبس الحجاب، واعلمي أن الناس بفطرتهم يحبون الاحتشام، وإن أظهروا التبرج والعري وتابعوا الأفلام، وهذا كلام من هداهن الله للإسلام، وكان سبب هدايتهن رؤيتهن للحجاب.
وليس ترك الناس للحجاب مبررا لمخالفة السنة والكتاب، فسيري على طريق الحق وأبشري بالثواب، واعلمي أن الله سبحانه يقول في الكتاب: {وما كان لمؤمنة ولا مؤمنة إذا قضى الله رسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضلالاً مبيناً}.
وأرجو أن يصاحب لبسك للحجاب التزام بأحكام الدين وبر للوالدين، وإحسان للناس أجمعين، فإن الحجاب جزء من ديننا العظيم الذي يدعوا للفضائل ويحرم الشرور والرذائل.
وفي الختام نوصيك بتقوى الله وطاعته، ونشكرك على تواصلك مع موقعك، ومرحباً بك بين الآباء والإخوان، ونسأل الله أن يوفقك لما يحبه ويرضاه.
والله الموفق.
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــ
لا أستطيع لبس الحجاب بسبب العمل فأرجو الإفادة
تاريخ الإستشارة : ... 2006-05-16 12:55:08
الموضوع : ... استشارات ومشاكل الشباب
السائل : ... amina
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عندي سؤال، أريد القيام بعمرة مع زوجي، وأتمنى ذلك، لكني لا أستطيع لبس الحجاب بعد العودة من العمرة؛ لأنني سأخسر وظيفتي، ورزق العيش، بحكم عملي بألمانيا وأنتم تعلمون مدى أهمية العمل.
هذا السؤال يؤرقني، أرجوكم الإجابة عنه وشكرا.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ amina حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
نسأل الله لكم السداد والثبات، والهداية والرشاد.
فإن في الحجاب صيانة للمرأة المسلمة من نظر الذئاب، وهو من شريعة العظيم الوهاب، واهب الأرزاق ومسبب الأسباب، ولا خيار للمؤمنة في أمر الحجاب، لأن(5/875)
الله يقول: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله رسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً } وقد مدح الله المؤمنين والمؤمنات لسرعة استجابتهم فقال سبحانه: { إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون}.
ولو كان الرزق بأيديهم للتمسنا عذراً لمن يطعهم، ولكن لا يملك أرزاقنا إلا الوهاب سبحانه، وهذا أمر يعرفه الكافر والمسلم، فلا تتبعي وساوس الشيطان ( إذا قال للإنسان أكفر فلما كفر قال أني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين* فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدين فيها، وذلك جزاء الظالمين).
ونحن نتمنى أن يظهر أهل الإسلام شعائر دينهم، وأن يتوكلوا على ربهم، وأن يعرفوا أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها، وأن الذي قسم الأرزاق وكتب الآجال هو الكبير المتعال، وليتنا علمنا أن الأعداء إذا أغلقوا على الإنسان باب، فإن الله سوف يفتح له أبواب ، وأرجو أن نتذكر أن المسلم لا ينبغي أن يقيم في مكان لا يستطيع أن يقيم فيه شعائر الدين، وإلا فإن من واجبه أن يهاجر إلى الله حتى لا يقال له: ( ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها ) وحتى لو كان من أهل البلاد وحورب في دينه، ومنع من شعائره، فإن الإسلام يدعوه إلى أن يهاجر إلى أرض يعبد فيها الله كما يريد، لأننا خلقنا لعبادة الله الذي تكفل بأرزاقنا فقال سبحانه: { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ...}
فكوني مع الله وودعي أيام الغفلة، ولا تجعلي لبس الحجاب في موسم معين، فإن طاعة الله ينبغي أن تكون في كل زمان ومكان، لأن الإنسان لا يدري متى يمضي إلى الله الذي يقول :{ واعبد ربك حتى يأتيكا اليقين}.
ونسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يغفر ذنبك.
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــ
كلما أرددت أن أتحجب
تاريخ الإستشارة : ...
الموضوع : ... استشارات ومشاكل الشباب
السائل : ... فاطمة
السؤال
السؤال الاول:
ماذا أفعل كلما أرددت أن أتحجب أتحجب فترة ثم أرجع وأقلع حتى أبدو أجمل أو تأتيني وساوس ماذا أفعل أريد أن اتوب بصدق لانه يقال من تتحجب وتفسخ الحجاب يكون ذنبها أكبر من التي لا تتحجب أفيدوني جزاكم الله...
السؤال الثاني:
لقد كنت من النوع الذي إذا ذهبت إلى المكتبة وتوفر المجال للسرقة سرقت ماذا أفعل أنا خائفة وأريد أن أتوب وكيف يتقبل الله مني على الرغم من أنني اؤمن بأن الله يغفر لعباده والحمدلله بعد إقلاعي فتحت لي أبواب الخير ...وفرج الله لي...
جزاكم الله ألف خير على هذا الموقع وجعله الله في موازين حسناتكم(5/876)
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظهاالله تعالى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يتوب عليك، وأن يثبتك على الحق، وأن يجعلك من المقتديات بأم الحسنين فاطمة الزهراء رضي الله عنها وأن يحشرك معها في الفردوس الأعلى .
الأخت الفاضلة، اسمك جميل ورائع ويذكرنا ببنت رسول الله المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم ، يذكرنا بأفضل الناس، وأطهر الناس، وأعظم الناس، وأقوى الناس إيمانًا وثباتًا على الحق، ولذلك أتعجب لماذا يضحك الشيطان على مثلك - أيتها المباركة - تارة تلبسين ثياب أهل الجنة، وتارة تلبسين ثياب أهل النار ، هل هذا معقول يا أيتها الفاضلة الحجاب لباس العفاف لباس الطهر، لباس الفضيلة، لباس الصالحات القانتات، والتبرج لباس وصف أهل النار الذي تكوى أجسادهن بنار جهنم يوم لقاء الله ولا حول ولا قوة إلا بالله، لذا أنصحك أولاً بما يلي:
عقد العزم على عدم خلع الحجاب مرة أخرى مهما كانت الأسباب .
مجالسة الصالحات من أخواتك الملتزمات ليزيد إيمانك .
حضور مجالس العلم، وحِلقِ الذكر التي تقوي الالتزام .
سماع بعض الأشرطة الإسلامية التي تبين حكم الحجاب .
قراءة بعض الكتب أو المطويات في ذلك .
الدعاء والإلحاح على الله أن يثبتك على الحق وأن يرد عنك كيد شياطين الإنس والجن، خاصة السجود، وفي الليل، وبعد الفجر .
أما عن سؤالك الثاني:
فأحمد الله أن أعانك على الإقلاع عن هذه المعصية، وهذا هو أول طريق التوبة المقبولة بإذن الله تعالى .
ثانياً: عليك بالندم على فعل تلك المعصية؛ لأن الندم توبة .
ثالثا: عليك بالعزم على عدم العودة إليها مرة أخرى مهما كانت الأسباب .
رابعا: هناك شرط مهم في قبول التوبة وهو: ضرورة رد هذه المسروقات أو رد قيمتها لنفس المكان الذي أخذتيها منه، وهذا شرط أساس في التوبة من حقوق العباد، واختاري أي وسيلة ترينها مناسبة لرد هذه الأشياء إن كانت موجودة وجديدة، أو تسألي عن قيمتها وتدفعيها للمحل بحجة أنها كانت دين عليك من فترة، أو ترسلي غيرك بالأموال ويقول للمحل: إن صاحبة هذه الأموال أرسلتها لكم؛ لأنها كانت دين عليها من فترة ولم تتذكره إلا الآن .
المهم تبحثي عن أي وسيلة لرد قيمة هذه الأشياء إذا كنت قادرة على ذلك ماديا، وإن كنت عاجزة ماديا فتوبي إلى الله واستغفريه، واسأليه أن يغفر لك ما حدث في حق هؤلاء الناس، وعسى الله أن يقبل توبتك.(5/877)
أما إذا كنت مقتدرة ماديا فلا بد من الرد لأصحاب البضاعة بأي وسيلة مناسبة، ولا يلزم أن يعرفوا من أنت، ولماذا تدفعين، المهم أن يصل الحق إلى أصحابه ولو بدون علمهم.
مع دعواتي لك بالثبات، وأن يتوب الله عليك، وأن يغفر لنا ولك ولجميع المسلمين والمسلمات. إنه جواد كريم.
الشيخ / موافي عزب
ـــــــــــــــــــ
وبعد استشارة المستشارة إيمان الشيباني ، أفادت بالتالي :
كانت إجابة الشيخ وافية ومريحة ودوري هنا مساعدتك في التخلق بأخلاق السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها ، وكيف تغرسي الإيمان في قلبك غرساً ، ويمكنك عصيان النفس الأمارة بالسوء .
حبيبتي فاطمة أسال الله لك السلامة من كل سوء، وحفظك الله من كل ذنب، وأضاء الله طريقك إلى الحق.
أما بالنسبة للحجاب وخلعه لتبدين جميلة فهذا يحتاج أن تقوي ثقتك بنفسك، وذلك بأن تنظري إلى المرآة وتقولي لنفسك أنت جميلة أنت رقيقة أنت مهذبة ورزينة، تستطيعين التحكم في نفسك، وتسيطرين على أهوائك، لأنك فعلا جميلة، أحبك يا نفسي وأقدرك واحترمك كما أنت بدون شرط، واكتبي كل صفاتك الجميلة في ورقة صغيرة تضعينها في جيبك وتخرجيها في كل وقت لقراءتها . والعبي كل التمارين الممكنة في المنزل مثل التمدد والقفز مع تحريك اليدين، وبإذن الله سترين أثره على مظهرك العام . ولكي يكون أثر ذلك فعالا، ويستقر في قرارة نفسك اقرئي سيرة السيدة فاطمة رضي الله عنها، وحاكي تصرفاتها، وتخيلي طريقة تفكيرها وماذا كانت رضي الله عنها تقول في نفسها حتى تزداد إيماناً وقربا من الله؟.
كيف استطاعت أن تحافظ على نفسها وشرفها، كيف كانت عفيفة تصون زوجها وتساعده وهي ضعيفة، وعلى رضي الله عنه فقير، تخيلي نفسك وأنت تشاهدين أحداث هذه السيدة العظيمة، وحاولي أن تحاكيها، وتكلمي نفسك بنفس أسلوبها، وتصرفي تصرفاتها، هذا سيجعلك في قمة السعادة، افعلي ذلك لمدة عشر دقائق يومياً وسترين تأثيره في قلبك وسلوكك وتفكيرك.
وبالله التوفيق.
أ/ إيمان الشيباني
المجيب : ... الشيخ / موافي عزب
ـــــــــــــــــــ
ماذا أعمل مع والدي الذين منعوني من ارتداء الحجاب
تاريخ الإستشارة : ... 2006-04-29 09:54:33
الموضوع : ... استشارات الأسرة والمجتمع
السائل : ... فردوس
السؤال(5/878)
أنا فتاة أبلغ من العمر 20 سنة، لدي مشكلة مع والدي بخصوص الالتزام، فمنذ أن تدينت وهم يمنعونني من كثير من الأمور، وأول ما منعوني منه هو ارتداء الحجاب، ولكني ولله الحمد تمكنت من ارتدائه بتوفيق من الله، رغم هذا المنع، وهم يمنعونني أيضا من طلب العلم، وحضور مجالس الخير والصحبة الصالحة ..... لقد طال بي هذا الأمر، فأنا أعاني من هذا الاضطهاد منذ 4 سنوات لم يتغير شيئا من هذا الوضع.
لم أعد أحس بطعم الحياة، خصوصا بعد رفضهم لتزويجي بالرجل الذي وجدت فيه الصفات المناسبة ( الدين و الخلق)، فقد قمت بصلاة الاستخارة عدة مرات ووجدت ارتياحا لهذا الرجل و هو كذلك.
لست أدري ما الذي يجب علي القيام به، لم أعد أطيق هذا، أنا في انتظار نصيحتكم و جزاكم الله عني كل خير. والسلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فردوس حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
نسأل الله العظيم أن يسهل أمرك، وأن يغفر ذنبك، وأن يهدى أهلك.
فهنيئاً لمن تعيش حياة الغربة، وطوبى للغرباء، ومرحباً بمن تقبض على دينها كالقابض على الجمر في موقعها وبين آبائها وإخوانها، ونسأل الله أن يسهل لك الأمر، وأن يرزقك الثبات رغم الضيق والضير، وأن يدل أهلك على طريق الخير .
وأرجو أن تعلمي أن الذي وفقك للحجاب وهداك للصواب سوف ينصرك ويخرجك من حياة الضيق والعذاب، وإذا تذكر الإنسان لذة الثواب نسي ما يجد من آلام وأتعاب، فأكثري من اللجوء إلى الله، فانه لطيف وهاب.
ولست أدري ما هي أسباب رفضهم؟ ولماذا لم تكلمي العقلاء والفضلاء من أرحامك، ولن يضيع الله فتاة تستخيره وتتوكل عليه، ونحن نتمنى أن يكرر ذلك الرجل المحاولات، ويتفهم ظروفك ويجتهد في تخليصك مما أنت فيه، كما أرجو أن تبذلوا الأساليب، فتكلمي الوالدة والعمات والخالات، وتطلبي مساعدة ومشورة الصالحات، ولا تنزعجي فإن عليك فعل الأسباب ثم التوكل على الكريم الوهاب.
أشغلي نفسك بذكر الله وتلاوة الكتاب، واعلمي أنه لن يحدث في كون الله إلا ما أراده، وأن الأمة لو اجتمعوا وخططوا وكادوا ليضروك بشيء لن يستطيعوا إلا بشيء قد كتبه الله عليك، وإن اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف، وإذا لم يكن للرفض سبب فأرجو أن يكون في العقلاء من يتمكن من أخذ الحق لك، وأرجو أن تصبري عليهم وتقابلي إساءتهم بالإحسان، وواصلي برك لوالديك، واحتملي الأذى، واصبري فإن العاقبة للصابرين .
ونسأل الله أن يسهل أمرك وأن يغفر ذنبك.
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــ
بنات عم زوجي لا يستترن من زوجي
تاريخ الإستشارة : ... 2006-04-10 12:01:21(5/879)
الموضوع : ... استشارات الأسرة والمجتمع
السائل : ... nunnah
السؤال
أنا متزوجة من سنتين، وكنت بصراحة لفترة، لا أتستر من غير المحارم من اهلي، ثم تسترت، وعندما تزوجت والحمدلله، والتزمت بالحجاب، ولكن أهل زوجي متعودين أن يذهبون عند جدة زوجي، للغداء في سفرة واحدة، رجالا ونساء.
لكن عندما أذهب معهم ينجبرون إلى قسمها إلى سفرتين، وأنا الوحيدة التي أغطي وجهي، والباقي يذهبن عند الرجال، ويجلسن معهم،نساء أعمامه وبنات عمه، ولسن صغارا، يكشفوا عليه، فواحده عمرها 24 سنة، والثانيه 21 سنة، يكشفن على زوجي كاملا، (يعني لا يوجد حياء، يلبسن الجينز، وعريانات، وهذا عندهن شيئا عاديا.
هذه المشكلة تأثر على حياتي الزوجية، فقررت أني أبتعد عنهن حتى يستترن، وبعدين سأذهب إذا عزمنا للغداء.
زوجي وأهله لا يحاولون أن يصلحو الغلط، لأنهم تعودوا على هذا الحال.
وأم زوجي تحسبني أني سأبعد الأهل عن زوجي، وبنات عمه لسن راضيات أن يستترن، وعندما أذهب إلى أهلي، زوجي يذهب عند جدته وهم موجودين من ورائي، يعني أنا السبب فقط، لبعد زوجي عن أعمامه.
فما العمل مع زوجي وأهله، وما حكم الشرع في ذلك.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ nunnah حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يسترك في الدنيا والآخرة، وأن يصلح زوجك وأهله وأن يهديهم.
وبخصوص ما ورد برسالتك، فاحمدي الله أن شرح صدرك للستر والحجاب، فهذه نعمة حرم منها كثير من المسلمات، واثبتي على ما أنت عليه، فأنت على الحق الذي ارتضاه الله لزوجات نبيّه أمهات المؤمنين.
اجتهدي في دعوة غيرك لذلك، والدال على الخير كفاعله، وتزودي بالعلم الشرعي حتى تقيمي الحجة على المكابِرات والمعارضات والجاهلات، ولا تلق بالاً لما عليه أهل زوجك من اختلاط وسفور وتبرج، واجتهدي في دعوتهم على قدر استطاعتك، وحسب الظروف المتاحة أمامك حتى لا يكرهونك.
توددي إليهم بالهدايا، وأكثريِ من الدعاء لهم، خاصة في أوقات الإجابة، ولا تذهبي مع زوجك لهذا المكان إلا نادراً، وتمسكي بما أنت عليه، واذهبي إليهم بنية الدعوةن ولكن بهدوء وحكمة حتى لا يكرهوك، فاجعلي الزيارة لله ولا تكثري منها، واجتهدي في نصح زوجك وتذكيره بالحكم الشرعي، وليكن ذلك كله بهدوء حتى لا تخسري زوجك ولا أهله.(5/880)
وإذا ما زرتيهم فاجتهدي في أن تكوني أكثر التزاماً ومراعاة لعدم الخلوة أو الاختلاط، وحاولي استمالة بعضهم إليك بهدوء وبعيداً عن الأخريات، وتأكدي من أن الله سيصلحهم ببركة إخلاصك وحرصك على توجيههم للخير، ولا تجابهيهم جميعاً دفعة واحدة، وإنما خذيهم واحدة واحدة، وابدئي بمن تشعري بأنها تحبك أو تميل إليك، وقدمي لها بعض الهدايا ولو وردة بسيطة، وكذلك بعض المواد الدعوية التي تتحدث عن الحجاب والجنة والنار وغير ذلك.
اجتهدي ولا تضعفي، فأنت على الحق، واعلمي أن هؤلاء مسكينات، ولعلهن لا يعرفن الحكم الشرعي، أو لديهن بعض الضعف الإيماني، ويحتجن لمن يساعدهن ويأخذ بأيديهن، فهذه فرصتك التي ينبغي ألا تضيعيها.
أما عن نفسك فواصلي الالتزام، وقللي الزيارة، فمرة عند أهلك، ومرة عند أهل زوجك، وأنا واثق من الله سوف يجعلك سبباً في صلاح هذه الأسرة واستقامتها، فتوكلي على الله.
مع تمنياتنا لك بالتوفيق.
المجيب : ... الشيخ / موافي عزب
ـــــــــــــــــــ
كيف أدفع زوجتي نحو الحجاب
تاريخ الإستشارة : ...
الموضوع : ... استشارات الأسرة والمجتمع
السائل : ... ر ع ع
السؤال
زوجتى تصلى بصورة غير صحيحة ورغم اننى عملت على تصحيح كيفية صلاتها ولكنى أشعر انها تصلى كقضاء واجب تجاهى وليس خوفا من الله بالاضافة الى انها تترك جزء من شعرها الامامى مكشوف وتقول انها لا تطيق وضع الحجاب عليها وانى احبها ولكنى أخاف من الله ان يعاقبنى بذنبها لانى زوجها وانى احب الخير لها لانى احبها فماذا أفعل أرشدونى أثابكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل / ر ع ع حفظه الله .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد ،،،
حاول أن تفهم زوجتك أن الحجاب هو احتشام المرأة في زيها ، وسترها لعورتها وجسمها ، وصيانتها من مخاطر الانحراف ومزالق الاختلاط ومفاسد التبرج ، وهذا أمرٌ يدعوا إليه الإسلام ويحث عليه ، حيث يقول الله تعالى مخاطباً نبيه صلى الله عليه و سلم : ((وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا ِلبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ ) الاية من سورة النور:31 ، فهذه الآية يا أخي تدعو المرأة المسلمة إلى ستر عورتها ، والبعد عن التبرج والاستهتار ، والتمسك بالحشمة(5/881)
والوقار ، والواجب على المرأة المسلمة أن تستجيب لربها ورسولها فتتأدب بأدب الإسلام 0
وحاول يا أخي أن تمشي مع زوجتك خطوةً خطوة حتى تقنعها بارتداء الحجاب ، وذلك بعملية الترغيب ، وشراء لها بعض الأشرطة والكتب التي تتكلم على الحجاب وآدابه وشرعيته ، مع منحها هدايا ترغبها في هذا الأمر ، و حاول أن لا تشد عليها حتى لا تبغض الحجاب ، واعمل على تعليمها للصلاة الصحيحة ، والمحافظة عليها في وقتها ، فكم لك من الأجر في تعليم زوجتك وتوعيتها.
وفقك الله يا أخي وأعانك على الطاعات وفعل الخيرات، وبالله التوفيق.
المجيب : ... د/ العربي عطاء الله
ـــــــــــــــــــ
: ... رفضتني فتاة لأنني أمرتها بالحجاب
تاريخ الإستشارة : ... 2005-10-09 11:50:49
الموضوع : ... استشارات الأسرة والمجتمع
السائل : ... علي
السؤال
السلام عليكم.
إنني أعيش حالة قلق ومرض وصدمة، في الحقيقة أحببت فتاة واتفقنا على الزواج، كنا متفاهمين وكنت مثالا للزوج الخلوق، إلا أنها في الأخير تركتني بعدما أهانتني لا لشيء سوى أنني أمرتها بالحجاب، مشكلتي أنني رفضت لأنني اقترحت عليها أن نكون أسرة مسلمة، ووالله كنت معها خلوقا وأوفر لها كل ما تريد فصدمت، أصبحت الدنيا هكذا يهان المرء من أجل دينه، أريد نصيحة وحلا.
جزاكم الله كل الخير.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
نسأل الله العظيم أن يقدر لك الخير حيث كان ثم رضيك به، وأن يلهمك السداد والرشاد، وأن يعيننا جميعاً على ذكره وشكره وحسن عبادته.. وبعد،،،
فإن رسولنا صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نطلب صاحبة الدين، والحجاب من أهم مظاهر التدين؛ فكيف تترك المحجبات وتتفق مع فتاة وتصرف عليها دون أن تكون بينكما علاقة تعترف بها هذه الشريعة، وتريد من وراء ذلك تكوين أسرة مسلمة؟!! لا بد أن تعلم أن المقدمات الصحيحة هي التي توصل إلى النهايات السعيدة، وأن كل خلل ونقص يمكن إصلاحه إلا نقص الدين وقلة الخوف من الله رب العالمين.
ولا داعي للقلق والضيق فالنساء غيرها كثير، واحمد الله الذي صرفها عنك قبل أن تدخل عش الحياة الزوجية، وإنما تهين العاصية لله نفسها وتفضح أسرتها وتسيء لزوجها وتفسد أطفالها {وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شرٌ لكم} [البقرة:216].(5/882)
فانتبه لنفسك، واتق شر من أحسنت إليها، واعلم أن العطار لن يصلح ما أفسده الدهر، وأحسن الشاعر بقوله:
إن أنت أكرمت الكريم ملكته *** وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا
ولا أظن أن في الأمر إهانة لك، وحق لك أن تعتز بدينك وتفتخر بتمسكك بأحكامه وآدابه، واعلم بأن {العزة لله ولرسوله وللمؤمنين}.
وبالله التوفيق.
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــ
: ... إقناع أمي بالحجاب
تاريخ الإستشارة : ...
الموضوع : ... استشارات الأسرة والمجتمع
السائل : ... عمرو عبد المنعم سعيد
السؤال
السلام عليكم ورحمةالله وبركاته
أمي وأختي ليسوا متحجبين ماذا أفعل؟
جزاكم الله خيراً.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمرو حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا دائماً في أي وقت وفي أي موضوع.
أخي الكريم: جزاك الله خيراً على هذا الاهتمام بأمر الحجاب، وأسأل الله أن يصلحك وأن يصلح بك، وهذا هو واجب المسلم تجاه أهله، ولكن الأفضل أن تبدأ ببيان أهمية الحجاب وأنه أمر من الله سبحانه، وفيه صيانة وحفظ للمرأة المسلمة، وتتميز به عن الفاسقات والفاجرات، قال تعالى: ((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ...)) [الأحزاب:59] ولا يحل لمسلم ولا لمسلمة أن يردا أمر الله وأمر رسوله، قال تعالى: ((وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ...)) [الأحزاب:36].
كما أرجو ربط أسرتك بالأسر الملتزمة بالحجاب الحريصة على طاعة الرحمن، والمرأة سريعة التأثر ببنات جنسها.
والأخت المتعلمة من المستحسن أن تناقشها بعيداً عن والدتك؛ حتى لا تجامل الوالدة وتخالف أمر الله، واسألها عن أسباب امتناعها عن ارتداء الحجاب، فربما كانت هناك بعض الشبهات والمفاهيم المغلوطة، ويحسن أن تدخل إلى المنزل الأشرطة النافعة والكتب المفيدة.(5/883)
أما بالنسبة للوالدة: فعليك أن تلاطفها وتستخدم معها ألفاظا مهذبة، وتذكرها بالله، وتبين لها حبك لها وشفقتك عليها وخوفك عليها من غضب الله وعقابه، وأرجو أن تزيد من برّك لها والإحسان إليها، وتأمل الآيات الواردة في نصح إبراهيم عليه الصلاة والسلام لأبيه، قال تعالى حاكياً عن إبراهيم: ((يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيّاً)) [مريم:45] وهذا منهجٌ أصيل في نصح الوالدين وتذكيرهما بالله، واحرص على التوجه إلى الله واللجوء إليه، فالمؤمن يدعو للناس بالليل وفي السجود ويدعوهم إلى الله في النهار وفي السر والعلانية بالحكمة والموعظة الحسنة، مع اختيار الأوقات المناسبة.
واسأل الله أن يرد المسلمين والمسلمات إلى دينه رداً جميلاً، والله ولي الهداية والتوفيق.
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــ
مشكلتها الوحيدة أنها لا ترتدي الحجاب
تاريخ الإستشارة : ...
الموضوع : ... استشارات الأسرة والمجتمع
السائل : ... hanane
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته!
أما بعد:
فجزاكم الله خيراً! وبارك الله فيكم!
لدي صديقة طيبة الأخلاق، تبذل كل ما في وسعها لإرضاء الله سبحانه وتعالى، فمثلا في هذا الشهر الفضيل تحرص على أداء التراويح، وختم القرآن أكثر من مرة.
مشكلتها الوحيدة أنها لا ترتدي الحجاب! مع أنها مقتنعة أشد الاقتناع بأنه أمر لا يجوز التهاون فيه، ومبررها الوحيد هو أنها يجب أن تعود نفسها أولا الحفاظ على صلاتها في أوقتها، وعدم التكاسل والتهاون في أدائها، وخاصة صلاة الفجر.
أنا نصحتها، وقلت لها أنه إذا قمت بهذه الخطوة إلى الله، وارتديت الحجاب فإنه سيساعدك على تغيير نفسك إلى الأفضل.
أود ـ يا فضيلة الشيخ ـ التوجه لها بالنصيحة، والدعاء لها ولجميع الأخوات!
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
ابنتي الفضلى/ هناء حفظك الله!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،
نسأل الله أن يوفقك لما يحبه ويرضاه، وأن يرزقنا الهدى والتقى، وأن يلهمنا رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا!
فشكر الله لك هذا الحرص على هداية صديقتك، ونسأل الله أن يكثر من أمثالك، وأن ينفع بك بلاده والعباد! وهكذا ينبغي أن تكون المرأة المسلمة طاهرة في نفسها مطهرة لأخواتها صالحة في نفسها ومصلحة لصديقاتها، وأرجو أن يكون نصحك لها(5/884)
بأسلوب طيب وفي الأوقات المناسبة وبعيداً عن أعين الناس وسمعهم! وابحثي عن المدخل الحسن إلى نفسها، كأن تقولي لها أنت ـ ولله الحمد ـ محافظة على صلاتك وتلاوتك للقرآن والناس عرفوا عنك كل خير، وليس فينا مثلك إذا أكملت هذا الخصال الجميلة بارتداء الحجاب الذي هو من طاعة الله وأحكام شريعته التي لا يجوز للمسلم التهاون بها، وسوف أكون سعيدة جداً إذا رأيتك ملتزمة بالحجاب الذي شرعه الله.
والمسلم لا يختار من أحكام الإسلام ما يوافق هواه ويترك ما عداه، ولكن لابد من الدخول في السلم كافة، فإن الذي أمر بالصلاة وفرض الصيام هو الذي أمر بالحجاب سبحانه، وقد ذم الله في كتابه من جعل القرآن عضين، ونعي على الذي يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض فقال سبحانه: { أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعلمون }.
والإنسان لا يقول لا أصوم حتى أواظب على الصلاة، ولا ارتدي الحجاب حتى أواظب على صلاة الفجر، والصواب أن نعرف أن الطاعة تجر إلى أختها فإن الحسنات آخذة برقاب بعضها، ومن علامة الحسنة الحسنة بعدها، كما أن المعاصي تحول بين الإنسان وبين المواظبة على صلاة الفجر، كما قال الحسن البصري لرجل أعلن عجزه عن القيام لصلاة الفجر، فقال له الحسن: ( قيدتك ذنوبك ).
والمرأة لا تظهر محاسنها للرجال؛ لأن في ذلك فتنة لهم ولها، والمرأة المتبرجة تسقط في أعين الشرفاء من الرجال، وحتى السفهاء لا يرضون أن تكون المتبرجة أما لعيالهم ولا مانع عندهم من النظر إليها والكلام معها، وهذا يعرضها للفتن، والمخاطر، ويفقدها حياءها الذي هو أغلى ما تملكه المرأة بعد إيمانها بالله.
وأرجو أن نذكر هذه الأخت بأن رضوان الله لا يمكن الوصول إليه بمعاصيه، وأن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته.
والله ولي التوفيق!
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــ
: ... الحجاب ليس طريقي للجنة بل عملي وصلاتي
تاريخ الإستشارة : ...
الموضوع : ... استشارات ومشاكل الشباب
السائل : ... نور الهدى
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
أنا فتاة سورية ، أعيش بالكويت ، محجبة ، أصلي وأصوم والحمد لله ، ملتزمة وأخاف الله، لدي مشكلة كبيرة في حياتي ، وللأسف أقولها وكلي خجل بنفسي (الحجاب) من الممكن أن تستغربوا ما المشكلة؟ فأنا محجبة ، المشكلة هي أني منذ سنة تقريباً أو أقل كنت غير محجبة، لكن كنت ملتزمة جداً في طريقة لباسي ، وفي يوم من الأيام تعرض لي شابٌ في الطريق ، وأراد أن يكلمني، فطلبت منه أن يكلم والدي ليخطبني رسمياً وأعطيته رقم هاتفه ، وأني لا أستطيع أن أكلمه بدون صفةٍ(5/885)
رسمية بيننا، وبعد ذلك اتضح لي أنه لم تكن بنية الزواج أبداً ، وبعد محاولات عديدة منه ليتقرب مني عن طريق عملي أو أي مكان آخر ، وبعد أن عجز عن الوصول لنواياه قرر أن ينصب لي مكيدة كبيرة، وما كانت بيده حيلة لأن يمسك عني أي شيء غلط كي يهددني به ، فما كان منه إلا أن اخترع قصة مزيفة مع شهود مزيفين ، ويأتي بها لوالدي ، وما كان يريده حققه بجدارة ، فقد نلت أشد العقاب من والدي ، بالرغم من أن والدي إنسان عاقل ومتفهم جداً ، لكن الشاب أتى لوالدي بما يهز الجبال، وبعد ذلك قرر والدي حرماني من العمل والدراسة ، وحتى لقاء أصحابي في المنزل أو حتى الهاتف أو قيادة السيارة ، وأجبرني على لبس الحجاب ، وقد طلبت منه أن يعطيني فرصة حتى أقتنع بالحجاب ؛ لأني أريد أن أرتديه لإرضاء الله عز وجل لا لإرضاء والدي، ومن ذلك اليوم حتى يومنا هذا وأنا أعيش بنار اسمه الحجاب ؛ لأن ذلك قد ترك أثر سلبي على نفسيتي وعلى ديني للأسف، نعم على ديني، فقد حاولت مراراً وتكراراً أن أُقنع نفسي به لكن تصرف والدي قد جاء عكسياً على ديني وحبي للدين الإسلامي، وبصراحة شديدة جداً جداً إن الحجاب الآن يشكل علي عبء كبير، وأخجل جداً لأقول أنني غير مقتنعة به أبداً ، وأنه يدفعني لتفكير غير سليم في حقي وحق ديني وحق أهلي ، فأنا هدفي ليس التبرج والتزين إنما هدفي إرضاء الله بأعمالي وصلاتي وحبي لله عز وجل، أما حجابي فأنا أدعو الله أن يهديني له، أما في وقتي الحالي فأنا أحاول وبشتى الوسائل أن أقنع والدي بأن أخلعه، وإذا لم يقتنع فسأضطر لأن أخلعه دون علمه، مع حبي لله وحبي لدين الإسلام، وتمسكي بديني، أسألكم أن تنصحوني، فأنا لجأت لعدة مصادر للفتوى الإسلامية، وجميعهم حاولوا أن يقنعوني بالحجاب ولم يجدوا لي حلاً لغير ذلك ، وهذا الذي لم أقتنع به.
(الحجاب) ليس طريقي إلى الجنة وإرضاء الله بل عملي وصلاتي وصدقي هو أقوى الإيمان ، والله أعلم بنفسي .
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الكريمة الفاضلة/ نور الهدى المحترمة حفظها الله وثبتها!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت، وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يشرح صدرك للذى هو خير، وأن يجعل لك من لدنه وليا ونصيرا، وأن يثبتك على الحق، وأن ينصرك على نفسك وهواك، وأن يملأ قلبك بمحبته ومحبة شرعه وسنة نبيه!
وبخصوص ما ورد برسالتك، فأحمد الله أن وفقك للالتزام بالدين الإسلامي خلقا وسلوكا، خاصة في طريقة لباسك، وهذا كله من نعمة الله وفضله عليك، وهي نعمة حرمها الكثير من المسلمات، فاحمدي الله على ذلك، وأما ما حدث من هذا الشاب، فحسابه على الله، وسينتقم الله منه على قدر ما أساء إليك وأفسد ما بينك وبين والدك؛ لأنه لا يحب الظالمين، ويا ويله من عقاب الله يوم القيامة، فاتركيه لله، وسوف يريك الله فيه شديد عقابه، وأليم عذابه على قدر جرمه في حقك، وإساءته إليك.(5/886)
ومن وجهة نظري أرى أن العقاب الذى أنزله والدك بك به شيء من القسوة والتجاوز، ولكن نعذره نظرا لهول الكلام الذى سمعه وفظاعته، ونسأله جل وعلا أن يغفر له! إلا أن موضوع الحجاب هذا هو الأمر المحير فعلا، وأنا تأخرت في الرد عليك؛ لأحلل موقفك، وأحاول أن أتفهمه، وأن أتعاطف معك، ولكني حقيقة في غاية الدهشة من موقفك! فأنت امرأة محترمة، ورائعة، وملتزمة كما ذكرت، وعلى قدر عال من الوعي والفهم والإدراك ونبل الأخلاق؛ مما يجعل قضية الحجاب بالنسبة لك غير قابلة للنقاش مطلقا، على العكس كنت أتصور أن والدك قد يأمرك بعدم ارتدائه، وأنت تصرين على ذلك، وعلى فرض أن والدك أصر على لبسك الحجاب، فهل لهذا السبب ترفضينه لهذه الدرجة؟ وهل يمكن تصور أن يكون علاج المشكلة في معصية الله تعالى؟ وهل يرضيك أن يمر عليك يوم وأنت على معصية الله ومصرة على ذلك؟ لا أعتقد أن هذا هو الحل الأمثل والأصح، بل الأصح أن تقولي لنفسك هذا شرع الله، ولن أخالف أمره، وجزى الله والدي عني خيرا؛ لأنه حريص على نجاتي من عذاب الله، وافرضي أنه - ولا قدر الله - جاءتك المنية وأنت مصرة على ذلك، فقولي لي بالله عليك ماذا أنت قائلة لمولاك جل وعلا؟ أعندك جواب مقنع تجيبين به مولاك جل وعلا؟ أرى أن تراجعي نفسك، وأن تعينيها على طاعة الله، وأن تعلميها أن التي رفضت أن تكلم شابا كلمة واحدة ليس لديها استعداد أن تعصي الله بترك الحجاب.
لن أحدثك عن أهمية الحجاب أو فرضيته ، لكن سأحدثك عن قصر جميل رأيته ، في حديقة خضراء ، فيه الغرف الفارهة والأنوار الملفتة .... لقد أعجبني القصر بكل ما فيه ..... حتى حديقة القصر ... كانت رائعة بمعنى الكلمة ... لكن للأسف .... وقعت عيني على الجدار الجانبي للقصر ... فإذا به مكسور ومتهدم ... فقلت لنفسي ... ألم يكن عند الرجل الذي بنى القصر بضعه نقود .... أو قليلا من العمال ليصلحوا له الجدار المتهدم ..
أختي العزيزة .
أنت القصر ... فلماذا لا تكملي البناء !! ، وصدق الشاعر حين قال :
ولم أر في عيوب الناس عيبا كنقص القادرين على التمام
اجعلي دعاءك لله تعالى أن يشرح صدرك للحجاب ، أكثر من تفكيرك في خلعه أو إلقائه ، وانسي أو تناسي مسألة إرغام والدك لك على الحجاب . بل صححي النية ليكون لبسك له إرضاء لله تعالى .
مع تمنياتي لك بالتوفيق!
المجيب : ... الشيخ / موافي عزب
ـــــــــــــــــــ
: ... أريد أن أتحجب
تاريخ الإستشارة : ...
الموضوع : ... استشارات ومشاكل الشباب
السائل : ... ahlam
السؤال(5/887)
أنا فتاة أحب الإسلام والمسلمين، وأصلي، وأصوم، لكن لا ألبس الحجاب! أريد المساعدة!
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة / أحلام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
نسأل الله العظيم أن يرزقك الهدى والرشاد، وأن يعيننا وإياك على ذكره وشكره وحسن عبادته.
إن حبك للإسلام والمسلمين دليلٌ على الخير الذي فيك، ونرجو أن تحرصي على تنمية هذه المشاعر الطيبة، وقد سرتني محافظتك على صلاتك وصيامك، ولكني أذكرك بأن الذي فرض الصلاة وشرع الصيام هو الذي أمر بالحجاب سبحانه، فقال: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يُعرفن فلا يؤذين} ولا يجوز للمسلم أن ينفذ بعض أحكام الشريعة ويترك بعضها، وقد شنّع القرآن بمن فعلوا ذلك، قال سبحانه: {أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي ..}.
والحجاب سترٌ وجمال، وصيانة للفتاة، وتمييزٌ لها عن الفاسقات، ولذلك قال سبحانه: {ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين} أي يعرف بأنهن العفيفات الطاهرات، وقد اعترف أهل الفسق والفجور بأنهم يحترمون الفتاة المحجبة، بل ويهابون من التعرض لها بالأذى، بخلاف المتبرجة التي تشجعهم على التحرش بها.
واعلمي أن جمالك نعمةٌ من الله، ومن شكر النعم أن نستعملها في طاعته، فاجعلي هذا الجمال وقفاً على المحارم والزوج في المستقبل، وليس سلعةً تُعرض للفساق في الطرقات والأسواق.
ولم تتخل الفتاة المسلمة عن حجابها وسترها إلا بعد فترة الاستعمار، حيث تأثرنا بغزوٍ ثقافي، ولكن -ولله الحمد- ها هي الفتاة المسلمة في كل مكان تُسارع الخطى بالعودة إلى حجابها وصوابها، فكوني ممن يسارعن الاسجابة لله والرسول، وهكذا فعلت المؤمنات في صدر الإسلام حين انقلب الأزواج والآباء والإخوان يرددون عليهن آية الحجاب، فقامت كل امرأة إلى مرطها فشقته واعتجرت به، وخرجن إلى المسجد وكأن على رؤوسهن [الغربان] -رضي الله عنهن-.
ويؤسف الإنسان أن يقول هناك شبهات تُثار حول الحجاب، منها ما يلي:
1- بعضهم يقول للفتاة الحجاب يخفي جمالك، ولكن متى كان الجمال مُشاعاً للأشرار الذين همهم أن يشبعوا نفوسهم المريضة بالنظر إلى النساء.
2- وقد يقال للفتاة: الإيمان في القلوب، ولكن الإيمان ليس بالتمني ولا بالتحلي، ولكن ما وقر في القلب وصدقه العمل، والحجاب من دلائل صدق الإيمان وكمال الاستجابة.
3- وربما قيل لك: المحجبات فيهن كذا وكذا..، وأقول: الإنسان لا يترك الصلاة إذا كان هناك من لا يحسن الصلاة، ولكن الصواب أن نحسن وندعو غيرنا إلى(5/888)
الإحسان، وما أحوج المحجبات إلى إكمال ذلك الخير بالأخلاق الفاضلة! وما أحوج المتبرجات إلى حجاب يسترهن!
4- وأحياناً يُقال للفتاة أنت صغيرة فلماذا الحجاب؟ وهذا كلامٌ مردود؛ لأن البنت الشابة الفتنة بها أشد، والإنسان لا يدري كم تبقى له في الدنيا ، فقد تموت الفتاة وهي شابة وتندم على تقصيرها في شأن الحجاب.
أسأل الله أن يعيننا وإياك على طاعته وعبادته.
وبالله التوفيق.
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــ
: ... التعامل مع زوجة ترفض الحجاب
تاريخ الإستشارة : ...
الموضوع : ... استشارات الأسرة والمجتمع
السائل : ... Z.rachid
السؤال
أنا شاب متزوج ، بعد سنين من الضلال بدأت أعود إلى الطريق القويم والحمد لله .
مشكلتي هي أن زوجتي تماطل في التحجب ، وتقول إنها ستتحجب حين تقتنع ، وأنه سيأتي يوم وسأجدها قد تحجبت دون الحاجة لأن أنصحها باستمرار.
إنها لا تقبل مني نصحها وتذكيرها. فماذا يجب علي أن أفعل في هده الحالة وكيف يجب أن أتعامل معها بخصوص الخروج من المنزل وإلى أي حد يمكن أن أصبر على هدا الوضع؟ أخبركم بأننا ننتظر مولودا إن شاء الله.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبوراشد حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
بداية أحمد الله بأن هداك وردك إلى صراطه المستقيم، وأسأله تبارك وتعالى أن يثبتك على الحق، وأن يحفظ عليك نعمة الطاعة والإستقامة، وأما بخصوص زوجتك فمثلها مثل كثير من النساء اللواتي نشأن نشأة غير ملتزمة بضوابط الشرع ، وأنها كالأرض الموات التى تحتاج إلى إعادة تاهيل وتهيأة للزرع والحرث، وقد تنجح وسائل الإصلاح في إعادة تاهيلها لتكون صالحة للحياة الطيبة الملتزمة بضوابط الشرع، وقد تذهب الجهود أدراج الرياح ولاتؤتي أي ثمرة ، وأسأل الله بداية أن تكون زوجتك من الصنف الأول، فكم من غافلات بل وعاصيات مدمنات المعاصي هداهن الله وأصبحن من الصالحات القانتات، وأوضح مثال على ذلك توبة الكثير من الفنانات والمطربات والراقصات، لذلك أقول لأخي أبي راشد واصل النصح والتذكير، ولامانع من الاستعانة ببعض المواد الدعوية كالأشرطة، والكتيبات، والمطويات، خاصة مايتعلق بالجنة والنار وحب الله ورسوله، وبيان حقيقة الإلتزام وكذلك أخذها لحضور مجالس العلم بالمساجد، أو غيرها ولا مانع من الاستعانة ببعض الإخوة لزيارتكم بأهليهم على أن تكون زوجته من الصالحات الداعيات، فإن هذه الزيارات(5/889)
لها أثرها القوي والفعال في علاج كثير من هذه التجاوزا ت، وفوق ذلك كله الدعاء فإنه لا يهلك مع الدعاء أحد، فعليك بالدعاء لها بالهداية والصلاح، ولنفسك بالثبات على الحق وللمسلمين بالإستقامة على دين الله، والنجاة من عذابه إنه جواد كريم.
المجيب : ... الشيخ / موافي عزب
ـــــــــــــــــــ
الإستشارة : ... أريد معرفة لماذا كل المشايخ لا يريدون الفتاة أن تتعلم
تاريخ الإستشارة : ... 2006-08-17 12:47:59
الموضوع : ... استشارات ومشاكل الشباب
السائل : ... هدى
السؤال
كل المشايخ حفظهم الله لا يريدون أن تدرس البنت وتتعلم وتعمل، وأنا حائرة! علما أني طالبة سنة ثانية طب بشري وأنا متوقفة فأتمنى أن أصبح طبيبة نساء وولادة.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هدى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فلا تتوقفي عن دراسة الطب، واقصدي بعملك رضى الرب، والتزمي بحجابك، وحافظي على حيائك ووقارك، وشكراً لك على تواصلك واهتمامك، ونسأل الله أن ينفع بك أهلك وأخواتك، وأن يحقق لك فيما يرضيه آمالك، ومرحباً بك وشكراً لك على سؤالك.
ولا أظن أن المشايخ يرفضون دراسة المرأة للطب أو لغيره من العلوم والتخصصات التي تناسب أنوثة المرأة ووظيفتها في الحياة، وإن وجد بين العلماء من يرفض دراسة البنت وتعلمها، فذلك لما في بيئة العلم من اختلاط وفساد، كما لأن طائفة من المتعلمات أصبحن حرباً على الفضيلة والحجاب، وجلبن لأهلهن الفضيحة والعار، وأصبحت معول هدم بيد الكفار.
ومع كل ذلك فليس العلاج في منع التعليم، ولكن الإصلاح يكون بتصحيح المسير، وإبعاد المرأة كل ما يجلب لها العار ويخرجها عن طاعة القدير، مع ضرورة أن نضع قول المشايخ في الاعتبار، وأن نلتمس لهم الأعذار، ونفعل ما يرضي ربنا الغفار، ويحقق مصلحة الصغار والكبار، ويحفظ لنسائنا حياءهن والوقار.
ونحن نتمنى أن تصبحي طبيبة تخاف الله وتتقيه، وتتخذ من ممارستها للطب طريقاً لنصح الغافلات ومعاونة الضعيفات، وإدخال السرور على المكروبات، فسيرى على درب رفيدة رضي الله عنها، والتزمي بحجابك، وتمسكي بكتابك ولا تغلقي دون المسلمات بابك.
وأرجو أن تعلمي أن المشايخ هم أحرص الناس على تعليم الفتاة لأنها أم الأبطال، ووراء كل عظيم امرأة، ولكن الواقع لا يسر أحداً، ونسأل الله أن يعين القائمين على أمر أمتنا حتى يباعدوا بين أنفاس الرجال والنساء، ويؤسفنا أن يدرك أهل الكفر خطورة ذلك بعد تجربتهم المرة التي أورثتهم الأمراض الجنسية والنفسية، وفتكت(5/890)
بالنسيج الاجتماعي، وهاهي أصواتهم ترتفع من أجل الفصل بين الرجال والنساء، وقد بلغت المدارس التي تباعد بين الرجال والنساء في أمريكا أكثر من ستين مدرسة، ولست أدري متى ننتبه نحن الذين يحرم ديننا هذا الاختلاط والتبرج والسفور؟
ونسأل الله أن يسهل الأمور ويغفر الذنوب، وبالله التوفيق والسداد.
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــ
ما صحة قولنا أن الحجاب للفتيات أهم من الصلاة
تاريخ الإستشارة : ...
الموضوع : ... استشارات الأسرة والمجتمع
السائل : ... خلدون سلمان
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته!
أخي المجيب، أود أن أطرح قضية تؤرقني في عملي! ألا وهي قضية صلاة الفتيات غير المحجبات.
في الشركة التي أعمل فيها هنا في عمّان الكثير من الفتيات، للأسف معظمهن لا يرتدين الحجاب! أما عن طبيعة اللباس فهو في بعضه يبدو عليه الاحتشام، والكثير المتبقي ثياب ضيقة، أو ملابس قصيرة وغيره من اللباس غير المقبول.
الغريب بالنسبة لي هنا أن كثيرا من هؤلاء الفتيات يصلين، بل إني أرى واحدة ترتدي أضيق الملابس، وتصلي! وعندما أحاول أن أتحدث معهن، فالجواب السائد أن ااصلاة فرض، أما الحجاب فهو بيني وبين الله.
ما رأيكم ـ دام فضلكم ـ هل ما يحصل منطقي!؟ أليست الصلاة تنهى عن المنكر؟!! وما هي صحة قولنا أن الحجاب للفتيات أهم من الصلاة؟ حيث أن الصلاة هي التي بين العبد وربه، أما الحجاب فذلك يؤثر في كثير من الشباب؟! وما الدليل على أن الحجاب فرض أيضا!؟
أرجو أن تفيدوني! نفع الله الأسلام بكم، وبعلمكم!
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خلدون حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
إن الحجاب باتفاق جميع المسلمين فرضٌ واجب على كل مسلمة حرّة، وهذا بحمد الله حكمٌ لا يُختلف فيه عند أئمة الدين، بل هو منصوص في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم نصاً واضحاً صريحاً، قال الله تعالى: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يُعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيماً} [ الأحزاب : 59].
ويدخل في وجوب الحجاب تحريم إظهار الزينة، قال تعالى: {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن .. } وأخرج الإمام البخاري في صحيحه عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، قالت:(5/891)
(يرحم الله نساء المهاجرات الأول لما أنزل الله {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} شققن مروطهن فاختمرن بها) ومعنى (فاختمرن بها) أي جعلت الواحدة منهن الخمار على رأسها .
والمقصود أن الحجاب فريضة محكمة، وإنما تطرق الخلل لنساء المسلمين بسبب استيلاء الكفار على بلاد المسلمين ونشر الإلحاد والفجور فيهم، والكيد للحجاب وأهله هو أصل دعوة الملحدين ومن يوالونهم من منافقي هذه الأمة.
وقد أبديتَ –حفظك الله– استغراباً من كون كثير من النساء يصلين مع كونهن متبرجات متكشفات، ولا شك أن في هذا شيءٌ من العجب، إلا أنه ينبغي أن يتقرر لدينا أن المسلم قد يجمع بين الطاعة والمعصية، ألست ترى الرجل ربما يرتكب الحرام ويصلي، أو يأكل الربا ويصلي؟ فهذا يشبه ما رأيته أنت من أن النساء يصلين وهن متبرجات، فإن من المسلمين من يخلط بين الطاعة والمعصية، والخير والشر، بل إن أكثر المسلمين على هذه الشاكلة، قال تعالى: {خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئا عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم}.
ولا يعني ارتكاب مثل هذه المعاصي أن الله -جل وعلا – لا يتقبل منهن الصلاة، أو غيرها من الطاعات ، فإن المسلم ربما اقترف الذنب العظيم، والسيئة الكبيرة، ومع هذا فلديه من حب الله ورسوله ما يحفظ له حرمته وقدره عند الله تعالى .
غير أن العبد الذي يحقق أمر الله بالصلاة، ويقيمها على الوجه المطلوب من الخشوع وسائر الواجبات، لا بد أن يرجع في النهاية ويتوب ويرتدع عن معاصيه، كما قال تعالى: {وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر} إلا أن عدم توبته من بعض الذنوب لا يعني أن صلاته باطلة، بل هو إذا أتى بالصلاة كما أمر الله فقد برئت ذمته، ولا ريب أن من حافظ على الصلاة في أوقاتها كما يجب، لا ريب أن مرجعه إلى خير وتوبة إن شاء الله تعالى.
ونحن – أخي الكريم – نحمد لك غيرتك على دين الله جل وعلا، غير أننا لا بد أن ننظر إلى أمثال هؤلاء النساء المتبرجات -لا سيما اللاتي يحافظن على الصلاة– لا بدَّ أن ننظر إليهن بعين الرحمة والشفقة، فإنهن قد تربين في أوضاع ومجتمعات بعيدة عن أصول الإسلام، هذا مع الكيد الشديد لصدهن عن الحجاب وإبعادهن عنه، فلا بد إذن من شيء من الرفق والشفقة بأمثال هؤلاء، بل الواجب أن يكون إرشادهن إلى الخير بأقرب العبارات وألطفها، فمثلاً ليس من الضروري أن تتكلم مع إحداهن مباشرة في هذا الموضوع، إلا أنه بالإمكان إعطائها مثلاً شريطاً دينياً يتكلم عن الحجاب، أو تعطيها كتيباً لطيف الحجم، ونحو هذه الوسائل التي تحبب الناس في دين الله، دون أن يكون الكلام على هيئة انتقاد لاذع، أو نصيحة هي أقرب للتوبيخ ، وباب النصيحة والدعوة بابٌ واسع لو فتحه الله عليك لاهتدى على يديك أضعافاً مضاعفة من العصاة والمذنبين ، نسأل الله أن يتوب علينا وعليهم.
وأما عن سؤال أيهما أهم بالنسبة للنساء، الحجاب أم الصلاة؟ فنقول بدايةً: كلاهما في غاية الأهمية، وكلاهما فرض لازم، غير أن الصلاة هي آكد الأركان بعد الإيمان بالله ورسوله - صلى الله عليه وسلم– وقد أجمع العلماء على أن ترك الصلاة أعظم جرماً وأشد إثماً من ارتكاب الزنا، بل ومن قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق .(5/892)
وبهذا يظهر أن إثم ترك الصلاة، أشد من إثم ترك الحجاب، واعلم –يا أخي– أن من حافظت على صلاتها فهي أقرب للتوبة من العصيان، ومن فرطت في صلاتها فهي أقرب للعصيان من الطاعة، وفقك الله لما يحب ويرضى.
وبالله التوفيق.
المجيب : ... أ/ أحمد مجيد الهنداوي
ـــــــــــــــــــ
كيف أقنع أهلي بارتدائي للنقاب
تاريخ الإستشارة : ...
الموضوع : ... استشارات ومشاكل الشباب
السائل : ... حنان
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أبلغ من العمر 19 سنة ونصف، وأنا طالبة جامعية سنة ثانية علوم اقتصادية, أرتدي الحجاب منذ 3 سنوات مع كشف الوجه والكفين، وأود أن أنتقب لأني أحس أن حجابي الحالي غير كاف, لكن أواجه مواجهة شديدة من قبل عائلتي كلها, خصوصا والدي, أنا من عائلة لم تتحدث يوما عن الحجاب ولم تعتبره فرضا, حتى الحجاب البسيط كحجابي, لكن أبي وأمي كذلك كانا فرحين عندما التزمت أنا وشقيقتي الكبرى والصغرى بعد ذلك.
المشكلة أنهما الآن يرفضان تماما فكرة النقاب, يقول والدي أن ذلك غير واجب وأن الواجب هو ما أرتديه الآن وذلك يكفي, نحن نعيش في مجتمع على الرغم من كونه مسلما إلا أن أغلب النساء لا يتحجبن، ويرون في النقاب تطرفا وتشددا, وتمنع المنقبات على حد علمي من ولوج الجامعات إلا إن كن من دول أخرى كدول الخليج.
أمي تقول لي دائما: انتظري إلى أن تتزوجي وبعد ذلك افعلي ما شئت, والهم الأكبر هو أني حينما أحدث أمي في الموضوع أمام عماتي أو خالاتي, تتدخل إحداهن قائلة أن هذا مبالغ فيه وأني لن أجد عملا هكذا, وأنا قلت أنا أفضل ألا أعمل في هذا الحال إذن, يجبن: وهل تريدين أن تكوني عالة على المجتمع، وحين تتزوجين أن تطلبي من زوجك أن يعطيك مالا! دعي عنك ذلك واسعي لتحقيق ذاتك وخدمة المجتمع, أنا أرى أنه بإمكاني فعل ذلك دون حاجة للعمل أو لترك الحجاب الأصيل, لا أدري ما الحل! أرى في الزواج الحل الوحيد لمشكلتي، ولا أدري أهذا صائب أم لا!؟ ما الحل؟ أفيدوني، جزاكم الله خيرا.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حنان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فنسأل الله أن يقدر لك الخير ويسدد خطاك ويلهمنا جميعاً رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا!(5/893)
فإننا في زمان القابض فيه على دينه كالقابض على الجمر، ونسأل الله أن يرزقنا الثبات حتى الممات، وأرجو أن تحمدي الله على هدايته وتوفيقه، ويحسن بك أن تتدرجي في عرض رغبتك بارتداء النقاب وأن تقدمي بين يدي ذلك مزيداً من البر والإحسان لوالديك، وأرجو أن تجدي في الصالحات والدعاة من يساعدك على تجاوز هذه الصعوبات، وثقي بأن الله معك وسوف تنالين بصبرك وتقواك لله كل خير، فأكثري من التوجه إلى من يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء، ولا أظن أن الرفض سوف يستمر وأنت تحتاجين إلى صبر وإصرار مع حسن أدب في التعامل مع أسرتك، وحرص على إزالة الشبهات التي تدور في نفوس كثير من المسلمين بكل أسف.
وهذا عرض لبعض الشبهات حول الحجاب:-
الشبهة الأولى: اعتقاد بعض الناس أن النقاب يؤخر زواج الفتاة، ولكن الصواب أن الزواج قسمة ونصيب، وكل الشباب يحترمون الفتاة الملتزمة ويتمناها أما لعياله وحتى لو أظهر الشباب اهتماماً بالفتاة المترجة فذلك لقضاء الوقت والشهوة ثم ترمى كما ترمى العلكة، وحتى لو ارتبط بها فإن الشكوك تطارد حياتهم.
الشبهة الثانية:- اعتقاد بعض الجهلاء أن الالتزام بأحكام الدين تعصب، وهذا غير صحيح بل إن التعصب والتشدد عند الذين يبالغون في حرب الدين وأهله لدرجة منع اللحى والنقاب مع أنها أمور شرعية.
الشبهة الثالثة: بعض الناس يظن أن الحجاب والنقاب للكبيرات في السن أما الفتاة فعليها إظهار محاسنها أمام الناس، ولست أدري هل ستتزوج الفتاة بكل أهل الأسواق والطرقات؟
الشبهة الرابعة: المرأة غير مكلفة بالعمل والإنفاق على نفسها فضلاً عن غيرها، ورواتب الموظفات لا تكفي في كثير من الأحيان للملابس والزينات، وبخروج المرأة يضيع الزوج والأطفال وتفسد المجتمعات بوجود المرأة إلى جوار الرجل، وهذا ما بدأت تدركه حتى البلاد الغربية الكافرة، بعد أن دفعوا ثمناً غالياً ووجدوا أنفسهم أمام انحرافات خطيرة وأمراض كثيرة.
الشبهة الخامسة: اعتقاد بعض الناس أن المرأة التي لا تعمل عالة على المجتمع وهذا فهم مغلوط ورأي معكوس؛ لأن المرأة العاملة تركت وظيفتها العظمى في إعداد الأبطال وشاركت الرجال في مهام قد لا تليق بأنوثتها، والصواب أن نقول هل يجوز للمرأة أن تترك أهم الوظائف لتزاحم الرجال، ولاشك أن المرأة المربية تعمل ليلاً ونهاراً في بيتها.
الشبهة السادسة: يظن الناس أن الأرزاق لا تنال إلا بالتنازل عن الحجاب وطاعة أولياء الشيطان، ولكن المؤمنون يدركون أن الأرزاق بيد الله وأنها مقسومة ومحددة ونحن في بطون الأمهات، وقد يكسب العصاة ذنوباً بمخالفتهم لكنهم لا يزيدون أرزاقهم بمعاصيهم لله.
وقد يكون الزواج حلاً مناسبا إذا وجدت رجلاً صالحاً يخاف الله ويتقيه ويحرص على أن تكون زوجته مطيعة لله، محافظة على سترها وعفافها، تقصر طرفها على زوجها، وتحفظ زينتها إلا لزوجها.(5/894)
ونسأل الله أن يجعل لك فرجاً ومخرجاً.
والله ولي التوفيق والسداد!
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــ
لي أخت لا تلبس الحجاب
تاريخ الإستشارة : ...
الموضوع : ... استشارات الأسرة والمجتمع
السائل : ... علي
السؤال
السلام عليكم!
بارك الله في مساعيكم، وفي موقعكم! أعانكم الله!
لي أخت، لا ينقصها من الدين سوى لبس الحجاب. في كل مرة أحاول أن أفتح الموضوع معها أرى أن الوقت غير ملائم، فأكتفي بالتلميح لها.
أريد أن أعرف: ما هو وضعي في نظر الشريعة بالإضافة إلى إرشادات لكيفية العمل على هدايتها بوفق ما يقتضيه الإسلام؟
أرجو أن تسرعوا بالإجابة! ومعذرة على الإطالة!
وجزاكم الله خيرا عن أمة الإسلام!
والسلام عليكم!
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فبدايةً نحمد الله -جلا وعلا- على ما وفقك إليه من الحرص على دينك، ولاهتمام بهداية أهلك وإرشادهم، وهذا كله من فضل الله عليك، قال تعالى: {ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون * فضلاً من الله ونعمة والله عليم حكيم }.
وأمّا عن سؤالك عن حكم سكوتك عن مواجهة أختك في وجوب الحجاب عليها، فلا بد أولاً أن تعلم أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبٌ بإجماع الفقهاء، بل إنه لا يستقيم دين الإنسان حتى يكون آمراً بما أمر الله به، ناهياً عما نهى الله عنه، وهذا أصلٌ واجب، قد قرره الله -جلا وعلا- في مواضيع كثيرة من كتابه العزيز، واستفاض معناه عن النبي صلى الله عليه وسلم استفاضةً تامة، كما قال جلا جلاله: {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون} وقال جلا وعلا في حق من ترك هذا الواجب: {كانوا لا يتناهون عن منكرٍ فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون} بل قد بين النبي صلوات الله وسلامه عليه أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو من الإيمان الواجب المفروض، كما أخرج مسلم في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم(5/895)
يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان، وليس وراء ذلك من الإيمان مثقال حبة من خردل).
إذا ثبت هذا، فينبغي أن يُعلم أنه لا بد لك عند محاولة دعوة أختك إلى الخير وإلى الالتزام بما فرضه الله جل وعلا عليها، لا بد من الرفق بدعوتها لذلك، ولا بد من الأخذ بالأسباب الموصلة إلى المراد قدر الاستطاعة.
فمثلاً يمكنك أن تمهّد لنفسك قبل الكلام معها صراحةً بأن تهديا بعض الأشرطة التي تتناول موضوع الحجاب، فتقدمها على أنها هدية من أخ محب لأخته حريصٌ عليها.
ثم بعد سماعها هذه الأشرطة، أو قراءتها لبعض الكتيبات تبدأ في فتح حوار هادئ معها، ملتزماً جانب الهدوء والسكينة قدر الإمكان، فمثلاً تسألها عن رأيها في هذه المحاضرة، وعن الفائدة التي حصلتها منها، ثم تسألها مثلاً: لماذا يا أختي لا تحاولين أن تكوني من الأخوات الملتزمات باللباس الإسلامي؟! ما يمنعك من هذا الخير وأنت بحمد الله على خلقٍ كريم، وأدبٍ رفيع ؟! كم أتمنى لو رأيتك من المتحجبات ! أنت عزيزة علي وغالية ، والله إني لأتمنى لك كل توفيق ...ونحو هذا الكلام .
ثم تقيّم بعد هذه الجلسة ردة فعلها، هل كانت إيجابية، أم كانت جلسة سلبية؟ وعليه فلا بد من تكرار المحاولة ، ولو بعد أيام قادمة ..إن شاء الله تعالى .
ولا بد -أخي الكريم- من الصبر على دعوة الناس، ولا بد أيضاً أن يتقرر في نفسك أن من تصدى للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلا بد أن يؤذى، وأن يناله شيء من الضرر، قال العبد الصالح لولده: (يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر، واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور ).
وعليك بالاستعانة بالدعاء لها ولك ولأهلك جميعاً.
وأيضاً، فإن كان والدك ممن يقفون إلى صفك في هذا، فحاول أن تستعن به على هدايتها ، ولعل الله أن ييسر لك ذلك، ويتم لك مرادك ، وقد قال تعالى: {ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين}.
وفقك الله لما يحب ويرضى .
المجيب : ... أ/ أحمد مجيد الهنداوي
ـــــــــــــــــــ
أنا حائرة أأترك الحجاب من أجل العمل
تاريخ الإستشارة : ...
الموضوع : ... استشارات ومشاكل الشباب
السائل : ... ليلى
السؤال
أنا فتاة أبلغ من العمر 25 سنة، من بلد عربي ومسلم، أنا ـ والحمد لله ـ متحجبة منذ سنتين، ومنذ 6 أشهر حصلت على شهادتي العليا في الهندسة، ومنذ ذاك الوقت وأنا أبحث عن عمل، وهنا تكمن المشكلة: إذ أني وجدت أن الحجاب يشكل سببا رئيسيا في عدم حصولي على عمل إلى حد الآن!
أنا الآن حائرة جدا! هناك من يقول لي أن أزيل الحجاب عندما أدخل إلى العمل، وأضعه حين أخرج! وهناك من يقول لي أن أزيله كليا حتى أستقر في عمل؛ لأن(5/896)
للضرورة أحكاما! وهناك من يقول لي أن الأرزاق بيد الله، وأن الله سيسهل علي بعمل دون أن أزيل الحجاب!
أنا لا أعرف ماذا أفعل؛ لأنني لا أستطيع أن أجلس دون عمل، وفي نفس الوقت لا أريد أن أغضب الله!
أرجوكم ساعدوني على اتخاذ القرار الصحيح بإرسال رأيكم في مشكلتي! وشكرا!
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
ابنتي الفضلى/ ليلي حفظها الله!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
نسأل الله أن يوفقك ويسدد خطاك، وأن يعننا وإياك على ذكره وشكره وحسن عبادته!
فلا خير في عمل أو وظيفة تكون على حساب الدين والأخلاق، واعلمي أن للمعاصي شؤمها { فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم }، واعلمي أن الله هو الرزاق ذو القوة المتين، وإنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها؛ ولذا قال عليه صلاة الله وسلامه: "فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، فخذوا ما حل ودعوا ما حرم عليكم" ولا ينبغي أن يحملنا استبطاء الرزق على طلبه بالمعاصي.
وإذا فقد الإنسان الوظائف، فما ينبغي أن يفقد دينه وقيمه، ولا داعي للقلق! فلكل أجل كتاب، وعلى الإنسان أن يسعى، ويتخذ الأسباب، ثم يتوكل على الوهاب، وقد تحجبت بعض المسلمات فطردن من الوظائف التي يسيطر عليها السفهاء الأشرار، وفتح الله لهن أبواب الخير والرزق والتوفيق، وهكذا يدافع الله عن الذين آمنوا، وييسر أمر من يتقيه، قال تعالى: { ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب }، وقال سبحانه: { ومن يتق الله يجعل له من أمره يسراً }.
فتمسكي بحجابك، وحافظي على وقارك! واعلمي أن الشيطان لا يأمر الإنسان بالمعصية مرة واحدة، ولكنه يتدرج معه بخطوات، ويزين له المخالفات؛ ولهذا نهي المسلم عن اتباع خطواته، فقال سبحانه موجهاً للمؤمنين: {يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان .. }، وأخبر سبحانه أن الشيطان يزين القبيح، فقال سبحانه: { وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم ..} فتعوذي بالله من شياطين الإنسان والجن! واعلمي أن الله يراك، فاتق الله حيثما كنت! واعلمي أن المسلم يطيع الله في كل زمان ومكان، والغاية عندنا لا تبرر الوسيلة، فلا بد أن تكون الغاية مشروعة، والوسيلة شريفة مقبولة.
وصدق وأحسن من قال لك الأرزاق بيد الله وأن الله سوف يسهل عليك دون أن تنزعي حجابك، والصواب أن العبد قد يحرم الرزق بالذنب يصيبه، وما عند الله لا ينال إلا بطاعته، وعليك بالصبر والتوكل على الله وكثرة الاستغفار { فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً * يرسل السماء عليكم مدراراً * ويمددكم بأموال ...}
واجتهدي في البحث عن عمل تراعى فيه ضوابط الشريعة، واختاري لنفسك مكاناً ليس فيه اختلاط بالرجال، وابحثي عن وظيفة لا تؤثر في أنوثتك، ورسالتك الأصلية في الحياة! ولن تكون الوظائف والشهادات بديلاً عن الأمومة، ولن تسعد المرأة إلا(5/897)
في مملكتها وبيتها، وها هي المرأة الغربية تفكر في العودة إلى بيتها، ولكن هيهات وهيهات! وقد صرح الكثيرات منهن بأنهن يتمنين عشر ما تنعم به المرأة المسلمة!
وأرجو أن نحمد الله أن خصنا بهذا الدين الذي أكرم المرأة أماً، فجعل الجنة تحت أرجل الأمهات، وأكرمها بنتاً، فجعل الجنة مكاناً لمن أحسن للبنات والأخوات، وأكرمها زوجة، فقال خير الرجال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي".
وقد ضمنت الشريعة للمرأة المسلمة كفالتها، وأمرت الرجال بالإنفاق على البنات، وأوجبت على الأزواج الإنفاق على الزوجات، فالمرأة المسلمة عزيزة وغالية، تبذل من أجلها الأموال، وترخص في صيانتها الأرواح، ونسأل الله أن يرزقك بزوج صالح يغنيك، ويسعدك، وأن يسهل لك الأمور، وأن يرزقنا الصلاح والثبات!
والله الموفق!
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــ
: ... أقوم بتصرفات مخالفة للإسلام مع أني متحجبة
تاريخ الإستشارة : ...
الموضوع : ... استشارات ومشاكل الشباب
السائل : ... بشرى
السؤال
أحس باضطراب في شخصيتي؛ فأنا محتجبة، ومن أسرة محافظة، غير أني أحس أني بعيدة عن الدين والأهل! أقوم في بعض الأحيان بتصرفات مخالفة للإسلام: كالتحدت في الهاتف النقال، أو الإنترنت مع أحد الشباب لتعويض الحرمان الذي أحس به! وأنا أعرف أني أقوم بعمل خاطئ! إلا أن كلامي لا يتجاوز آداب الكلام، فكيف أتصرف!؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفضلى/ بشرى حفظها الله!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
فنسأل الله أن يقدر لك الخير! ويسدد خطاك! ويلهمنا جميعاً رشدنا! ويعيذنا من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا!
فإن الفتاة المسلمة كالثوب الأبيض، والبياض سريع الحمل للدنس، وخطوات الشيطان تبدأ بأمور صغيرة، والإنسان العاقل يوقف هذه الخطوات في بدايتها، فاحرصي أولاً على طرد هذه الهواجس! ودافعي هذا الإحساس بالحرمان بذكر الله وطاعتك للرحمن! واشغلي نفسك بالخير قبل أن تشغلك بالباطل! وتجنبي الوحدة فإن الشيطان مع الواحد! واتخذي لنفسك صديقات صالحات من أسر طيبة محافظة مثل أسرتك الكريمة، فإن عدمت الصادقات ـ ولا أظن ـ فاجعلي كتاب الله صديقا وجليساً؛ فإنه جليس لا يمل وصاحب لا يغش! وما جالس أحد هذا الكتاب إلا قام عنه بزيادة في هدى، ونقصان من عمى وجهالة وضلالة.(5/898)
واحمدي الله على حجابك وسترك! واعلمي أن الحجاب ينبغي أن يصحبه حياء! وهو أغلى ما تملكه الفتاة، وهو للفتاة كالغطاء للحلوى، فإذا فقدت الحلوى غطاءها، كانت مرتعاً للجراثيم والذباب، وعندها يترفع عنها ويتجنبها أصحاب الفضل والألباب.
وحاولي الاقتراب من والدتك، وأشعريها بحاجتك إليها! وكذلك الوالد، وامنحي عواطفك لأخواتك الصغار وصديقاتك الصالحات! وتبادلي معهن المشاعر الطيبة شريطة أن تحرصن على بناء صداقتكن على الإيمان والخوف من الرحمن، لا على جمال الشكل، أو حسن الملبس، أو طريقة الكلام، أو أسلوب الحياة كما تفعل بعض الغافلات!
واعلمي ـ يا عزيزتي ـ أن الحديث مع الشباب يعتبر من أخطر ينابيع الشر وطرق الضياع، وذلك لكثرة الذئاب (وطبع الحمل أن يخشى الذئاب)، واعلمي أن أولئك الشباب يلبسون لكل حال لبوسها: فإن وجدوا صالحة محافظة، حدثوها عن الصلاة والصيام حتى يوقعوها في المصيدة، ويطالبون بإحضار صورها أو إرسالها، فإن رفضت، هددوها بالمكالمات المسجلة التي سوف ترسل لأسرتها، فإن استجابت ووضعت صورها في أيديهم الخبيثة، طلبوا منها اللقاء! فإن تمنعت، هددوها بنشر صورها بعد عمل الدبلجة، وفضحها عند أهلها والناس، فإذا استجابت لرغباتهم المحرمة، فقدت عفتها، ورميت بعد ذلك في مزبلة العار، وتنصلوا عنها؛ لأنهم لا يرضون أن تكون في بيوتهم عاهرة خانت أهلها وفرطت في شرفها، وخانت قبل ذلك الأمانة، وخالفت أمر ربها، والعياذ بالله!
وهذا العمل خاطئ حتى ولو كنت تتكلمين معهم عن القرآن وطاعة الرحمن؛ لأنك لم تؤمري بالكلام مع الرجال حتى ولو بكلام محترم، فقد يفتتن الشباب بنبرات صوتك، والأذن تعشق قبل العين أحياناً، فحافظي على أسرارك، وحيائك وعلى حجابك.
وإذا كنت تعلمين أنك تقومين بعمل خاطئ، فأرجو أن تعرفي أن العواقب وخيمة! وقد يكون ثمن هذا التهاون هو خسارة الدنيا والآخرة، والعياذ بالله! ولا أستطيع أن أطيل المقام، ولكن العاقل من وعظ بغيره، والشقي الجاهل هو الذي يكون عبرة لغيره، وما أكثر الضائعات ممن سرن على هذا الدرب!
واعلمي أننا ندفع الثمن باهظاً عن كل مخالفة لأوامر هذه الشريعة التي أرادت للفتاة أن تكون درة مصانة، ألا {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصبيهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم}. وإذا أحسست بضعف أو فتور، فاستغفري الغفور، وتذكري أن قوة الشخصية وثباتها وطمأنينتها لا تنال إلا بذكر الله، وطاعته! قال تعالى: {الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب}، فاحفظي الله، يحفظك، واحرصي على التوقف عن مهاتفة الشباب أو مراسلتهم! واعلمي أن العلاج في البداية سهل!
ولك منا عاطر البشرى على هذا العقل والوعي الذي دفعك للاستفسار والسؤال، وهذا دليل على بذرة الخير في نفسك، فحافظي على هذا النور، ولا تطفئيه بظلمة المعاصي! واعلمي أن شفاء العي السؤال!
ونسأل الله أن يوفقك، ويسدد خطاك!
والله ولي التوفيق!(5/899)
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــ
الإستشارة : ... أكره الحجاب مع أني ملتزمة دينيا
تاريخ الإستشارة : ...
الموضوع : ... استشارات ومشاكل الشباب
السائل : ... ن س
السؤال
أنا محجبة وأكره الحجاب، مع أني ملتزمة دينيا في كل شيء: من قيام ليل، وصلاة الفجر، وكل شيء، علما بأني نزعت الحجاب يوما! ولكن ارتديته مرة أخرى.
وأنا الآن أكره الحجاب وأشعر بنفور منه وأريد خلعه! إنه يسبب لي اكتئابا! وغير سعيدة بمظهري به! أحس أن شكلي أصبح قبيحا! فماذا أفعل? وهل عقوبة خلع الحجاب أكثر من عدم ارتدائه؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ ن س حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
فنسأل الله أن يقدر لك الخير ويسدد خطاك ويلهمنا جميعاً رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا!
فإن الحجاب شريعة الله، وبه تتميز العفيفة الطاهرة عن غيرها من السافرات الفاجرات، قال تعالى: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين }، والحجاب جمال وحماية للفتاة المسلمة، والجوهرة الغالية هي التي يحفظها أهلها ويبعدونها عن الأعين والأيدي، والإسلام بتشريعه للحجاب جعل الفتاة جوهرة مصونة وسلعة غالية يبذل الرجال من أجلها الأموال والوسائط، ويتقدمون لأهلها طالبين القرب والشرف.
واعلمي أن الحلوى تفقد قيمتها إذا سقط عنها الغطاء؛ لأنها تصبح عرضة للذباب والجراثيم والأوساخ، وعندما تتبرج المرأة تفقد حياءها وتصبح سلعة وألعوبة في أيدي الذئاب الذين لا هم لهم إلا الاستمتاع بجمالها ثم ترمى في القمامة مثل العلكة، ومهما كان الشاب فاسقاً فإنه لا يختار شريكة الحياة إلا من العفيفات المتحجبات، أما رفيقة الهوى والغواية؛ فإنه يريد أن يقضي معها وقتاً في العصيان، ثم يتنصل عن وعوده وكلماته؛ لأنه لا يرضى لفتاة تخالف أمر الله وتتبرج وتخون أهلها وتعرض جمالها في الطرقات أن تكون أماً لأبنائه وملكة في بيته، وحتى لو فرضنا أن فتاة تبرجت وأعجبت شاباً وتزوجها فإن حياته سوف تمتلئ بالشكوك والمشاكل والشقاء، وهذا هو مصير كل من يبدأ طريقه بالمعاصي {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصبيهم عذاب أليم }.
والمهم هو أن يعجب مظهرك وحشمتك الآخرون، والجمال نسبي، ولولا اختلاف وجهات النظر لبارت السلع، والشيطان هو الذي يطرح لك مثل هذه الهواجس من أجل أن تنزعي عنك الحجاب لينزل عليك غضب الله وهو شديد العقاب.(5/900)
والإسلام هو الانقياد والطاعة {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله رسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً }، ولا ينبغي أن يكون في نفوسنا حرج أو ضيق في تطبيق أحكام هذه الشريعة التي هي من عند من خلق النفوس فسواها وألهمها مع الفجور تقواها، وجعل الفلاح لمن بالطاعات زكاها وكتب الخسارة على من بالدناءات دساها، والحرج في أي شيء من أمور الدين قد يخرج الإنسان من الملة والعياذ بالله؛ لأن الله يقول: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلوا تسليماً}، وعندما تتردد في نفسك هذه المشاعر تعوذي بالله من الشيطان الذي همه {أن يحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئاً إلا بإذن الله}.
والله ولي التوفيق والسداد!
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــ
: ... لا تريد الحجاب ولا تصلي
تاريخ الإستشارة : ...
الموضوع : ... استشارات الأسرة والمجتمع
السائل : ... Nabil Ebraheem Eldosouky
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله
زوجتي لا تريد أن تتحجب وغير منتظمة في الصلاة وجربت معها طرق كثيرة للإقناع وآخشي عليها من عقوبة ترك الصلاة كما أنها قدوة للأبناء في المنزل فما العمل
أشكركم وجزاكم الله خيرا
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل الأستاذ / نبيل حفظه الله .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد ،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية ، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك أخي بين إخوانك ، وكم يسعدنا أن نتلقى رسائلك في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جلا وعلا أن يصلح لك زوجتك ، وأن يمن عليكم بالهداية والطاعة والالتزام ، وأن يجعلك عوناً لأهلك على طاعة الله ، وأن يرزقها الاستقامة على الدين .
أخي نبيل : مما لا يخفى عليك أن الإنسان وليد بيئته ، وأنه يتأثر بها تأثراً كبيراً ، ولعل زوجتك نشأت في بيئة كان التزامها بالحجاب والصلاة ضعيفاً ، مما جعلها تعتقد إمكانية الحياة بدون هذه الأمور الهامة ، ولذلك فهي تحتاج إلى علاج طويل مع قدر كبير من الصبر ، لذلك عليك بالآتي :
1- قد تكون طريقتك في دعوتها غير مناسبة أو غير موفقة ، فلماذا لا تفكر في طريقة أخرى للدعوة ، حاول وستنجح إن شاء الله ، والحاجة أم الاختراع .(5/901)
2- لماذا لا تستعين بغيرك في دعوتها كأن تحضر لها بعض الأشرطة الدعوية مثل شريط ( لماذا لا تصلي ) للشيخ محمد حسين يعقوب ، أو بعض الأشرطة الأخرى التي تتحدث عن الجنة والنار ، أو شيء من الإيمانيات .
3- قوموا بزيارة لبعض العائلات الملتزمة ، واطلب من صاحبك أن تحدثها زوجته في هذه الأمور برفق ولين وعدم جرح مشاعر .
4- اطلب من بعض إخوانك الصالحين أن يزوركم مع أهليهم في منزلكم ، وأن يتطرقوا للموضوع ولو من بعيد بشيء من الحكمة والذكاء .
5- خذها معك إلى بعض المحاضرات الدينية ، وحاول توجيه سؤال للمحاضر بطريقة ذكية عن حكم هذه الأشياء .
6- اجلس معها جلسة صفاء ومودة وأنس ، وقدم إليها هدية مناسبة ، ثم اسألها عن سبب عدم التزامها بالحجاب أو الصلاة ، وخذ منها عهداً بأن تلتزم بذلك أو على الأقل تشرح لك وجهة نظرها وحاول مساعدتها .
7- عدم تأنيبها باستمرار ، وعليك بالدعاء لها وخاصة في صلاتك ، وستنجح بإذن الله ، مع تمنياتنا لك بالتوفيق والسداد.
المجيب : ... د. أكرم ضياء العمري
ـــــــــــــــــــ
كيف أقنع والدتي بأن الحجاب لا يجعلني متقوقعة
تاريخ الإستشارة : ...
الموضوع : ... استشارات ومشاكل الشباب
السائل : ... المجاهدة في سبيل الله
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إنني فتاة التزمت بالحجاب الشرعي الصحيح بعد أن كنت أرتدي الحجاب المزركش الملفت للأنظار بفضل الله تعالى، لاقيت معارضة شديدة من قبل والديّ؛ بحيث عملت والداتي ـ حفظها الله ـ بتخبئة الحجاب الشرعي الصحيح!
والداي يحبونني كثيرا خصوصا أني ابنتهم الوحيدة من بين خمسة أولاد, ويريدون أن أعيش حياتي وأكون سعيدة، أنا معهم في ذلك وأقدر لهم ذلك, لكن ألا ترون أنه يجب أن أرضي الله والرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أولا حتى أكون مرتاحة البال وسعيدة في حياتي؟!
أمي تعتقد أني إذا ارتديت الحجاب الشرعي الصحيح فسأصبح متقوقعة, وأنني لن أكون سعيدة أبدا بهذا الحجاب، مع إخبارها بأني سأكون سعيدة جدا عند ارتدائه، وأنني ما زلت صغيرة للالتزام بهذا الحجاب, وأن الخطاب سوف يقلّون, و أن هذا الحجاب هو ليس لزمننا هذا بل للصحابيات ـ رضي الله عنهن ـ ! وليس هناك أي معصية إن خرجت بالحجاب المزين أو بما كنت أخرج به سابقا!
فما هي الطريقة المناسبة لإقناعها بأن التزامي بالحجاب الشرعي الصحيح هو الأفضل لي، وأنني لن أصبح فتاة متقوقعة, وأغير من طريقة التفكير بحيث أقنعها بما أمرني به الله والرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأنه بذلك تكون سعادتي؟(5/902)
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ المجاهدة في سبيل الله حفظها الله!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فنسأل الله أن يقدر لك الخير ويسدد خطاك ويلهمنا جميعاً رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا!
فأرجو أن تحمدي الله على هدايته وتوفيقه، وأبشري بحب والديك لك ونسأل الله أن يرزقك رضاهما بعد رضا الله، ولاشك أن الابتلاء سنة، والمؤمن ينال بصبره وثباته أعظم الأجور، ويتبين به صدق الصادقين قال تعالى: {أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين}.
ولا داعي للانزعاج لأن ثباتك وإصرارك على الحجاب سوف يعينك على تجاوز تلك الصعاب، ونوصيك بالتوجه إلى الله الذي يجيب المضطر إذا دعاه، وأرجو أن تحرصي على كمال الأدب واللطف في معاملة والدتك حتى تعرف أن الحجاب والالتزام يزيد من البر والإحسان لآبائنا والأمهات، وتذكري أن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطي على سواه.
ولا بد كذلك من إزالة الشبهات حول الحجاب، وإزالة سوء الفهم عند الوالدة التي تتأثر بلا شك بالوسط الذي تعيش فيه، وهذا عرض لبعض الشبهات:-
1- اعتقاد كثير من الناس أن الحجاب يكون لكبيرات السن المتزوجات، وهذا يصادم الفهم الصحيح؛ لأن الشابة أولى بالحجاب والستر من كبيرات السن بل إن القواعد من النساء بإمكانهن وضع الحجاب.
2- بعض الأمهات تظن أن الحجاب يخفي جمال الفتاة، وبالتالي لا تجد من يتقدم للزواج منها، وهذا غير صحيح لأن الشباب يفضل الفتاة المحجبة وحتى الشباب غير الملتزم عندما يريد بناء أسرة لا يرضى لنفسه بفتاة عرضت محاسنها في الأسواق والطرقات، وحتى لو تزوجها فإن الشكوك تطارده؛ لأنه يعرف أن الفتاة التي تبرجت بالأمس لن تترك ما تعودته.
3- بعض النساء تظن أن الفتاة الجميلة لا تتحجب لتخفي جمالها، وأن الحجاب الكامل لا تلبسه إلا الفتيات ناقصات الجمال، وهذا غير صحيح فالحجاب شريعة الله، وأجمل شيء في الفتاة حياؤها وحشمتها، وقد نصحت فتاة امرأة بضرورة ستر وجهها فقالت لها المتبرجة أظن أنك غير جميلة فلما كشفت لها وجهها وشاهدت جمالها انصرفت حياءاً والتزمت بالحجاب.
4- ليس للحجاب وقت معين أو أجيال معينة، ولكن الحجاب حكم الله لكل زمان ومكان، وشرف للمرأة أن تتأسى بالصحابيات، والإنسان لا يجوز له أن يجاري أهل العصر إن خالفوا أحكام الله.
5- يعتقد بعض الناس أن الفتاة المتحجبة معقدة وتعامل الناس بقسوة وتخاصم أهلها ووالديها، وهذا غير صحيح وحتى لو فرضنا أنه وجدنا حالات نادرة، فليس ذلك بمقياس، وكثير من المتبرجات لا أدب عندهن ولا حياء.(5/903)
6- يظن بعض الناس أن الإيمان في القلوب، وإذا كانت الفتاة مؤدبة فلا ضرورة للبس الحجاب، وهذا فهم مغلوط لأن الإيمان تصديق بالجنان ونطق باللسان وعمل بالجوارح والأركان، وليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي ولكن ما وقر في القلب وصدقه العمل، كما قال الحسن البصري رحمه الله.
واعلمي أن طاعة الله أعلى وأغلى، وأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق سبحانه، وأن من طلب رضوان الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه عباده، ولكن من يطلب رضوان الله فإن الله يرضى عنه ويلقي له القبول والمحبة في قلوب الخلق، قال تعالى {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وداً }.
وأرجو أن تحرصي على زيادة البر والاهتمام بوالديك، واطلبي من الأخيار من أرحامك أن يعاونوك في إقناع الوالدة، وأرجو أن تطلبي من صديقاتك المحجبات زيارة الوالدة والجلوس معها وملاطفتها حتى تتصحح المفاهيم الخاطئة.
والله ولي التوفيق والسداد!
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــ
: ... أبي يرفض النقاب
تاريخ الإستشارة : ...
الموضوع : ... استشارات ومشاكل الشباب
السائل : ... شيماء
السؤال
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته،،
أنا فتاة من مصر، علمت والحمد لله بوجوب ارتداء النقاب الساتر لوجهي، ولكن أبي يرفض رفضاً شديداً جداً، ويمنعني منه، ماذا أفعل هل ألزم البيت ولا أخرج؛ لأني لست لابسةً الحجاب الشرعي، أم ماذا أفعل؟ علماً بأن جلوسي بالبيت من الأمور الصعبة بالنسبة لي وذلك بسبب دراستي، فماذا أفعل؟
أفيدوني جزاكم الله خيراً.
الجواب
الابنة العزيزة الغالية/ شيماء حفظها الله ورعاها
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الاسلامية فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونعتذر إليك عن تأخر الرد نظراً لظروف خارجة عن إرادتنا، ونسأله جل وعلا أن يبارك فيك وأن يثبتك على الحق، وأن يكثر من أمثالك في المسلمين، وأن يعينك على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يجعل لك من لدنه ولياً ونصيرا.
وبخصوص ما ورد برسالتك فأقول لك كان الله في عونك، فأنت تذكرينا بجهاد الصالحات من الصحابيات اللواتي قدمن أعظم التضحية والفداء من أجل دين الله تعالى، وقدمن أروع الأمثلة في ذلك، فأبشري بخير واحمدي الله أن أكرمك بهذا(5/904)
الالتزام وهذا الحب له ولرسوله ولدينه، وسليه أن يثبتك على ذلك، وأن يتقبل منك هذا الجهاد المبارك.
وبخصوص موقف والدك فهو في الواقع ليس بالغريب على أمثاله من عوام المسلمين، وذلك نتيجة الحرب الشعواء على الإسلام كله عامة وعلى المرأة المسلمة وحجابها خاصة، فالإعلام ككل يسخِّر كل طاقاته وإمكاناته للنيل من الإسلام وقيمه ومبادئه، وأبوك بلا شك قد تاثر بهذه الهجمة الشرسة، وأصبح يتصور أن هذا النقاب لا أصل له في دين الله، أو لا تلبسه إلا الفتاة المعقدة أو المنحرفة أو المتخلفة وهو لا يريد لك ذلك، أو أنك بالنقاب لم ولن يتقدم إليك أحد للزواج منك وهو بذلك يخاف عليك ولا يريد لك ذلك، لذا أنصحك بالصبر وعدم المواجهة مع أهلك ولا مانع من الإقلال من الخروج من المنزل قدر الاستطاعة إلا عند الضرورة، والمسألة ستكون مسألة وقت، وسوف يمكنك الله من لبس النقاب كما تحبين فاتركي هذا الأمر الآن لأنك لا تستطيعين وحدك مواجهة أسرتك، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، وعليك بالدعاء أن يشرح الله صدرهم للنقاب خاصة وللإسلام عامة، وأن يمن عليك بإحياء هذا الأدب الإسلامي المبارك.
مع تمنياتنا لك بالتوفيق.
المجيب : ... الشيخ / موافي عزب
ـــــــــــــــــــ
: ... أمي تريد خلع الحجاب
تاريخ الإستشارة : ... 2003-07-06 15:13:23
الموضوع : ... استشارات الأسرة والمجتمع
السائل : ... علي
السؤال
السلام عليكم أمي تريد خلع الحجاب ، فماذا أقول لها كي أوقفها؟
الجواب
الابن الكريم : علي حفظه الله ورعاه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد :
فانه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية فأهلا وسهلا ومرحبا بك يا ولدي بين إخوانك بالموقع وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع ونسأله جل وعلى أن يبارك فيك وأن يكثر من أمثالك وأن يحفظك من كل مكروه وسوء وأن يثبتك على الحق وأن يجعلك من الدعاة إليه على بصيرة ومن عباده الصالحين .
ولدنا الحبيب / علي
بخصوص ما ورد برسالتك فأنا متألم جدا لتفكير أمك في خلع الحجاب ,فهذا أمر مؤسف حقا أن نرى المسلمين في أنحاء العالم يعودون إلى الله والنساء يلبسن الثقاب وليس الحجاب خاصة وان حكم الحجاب لم يختلف أحد من المسلمين في حكمه لانه واجب شرعا وأن المرأة المسلمة التي تخلع حجابها عاصية لله ورسوله ولقد ثبت في السنة أن رسول (صلى الله عليه وسلم ) قال " صنفان من امتي من أهل النار لم(5/905)
أرهما : نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة " فكل امرأة مسلمة تكشف شيء من جسمها بغير عذر شرعي فانما تعرض نفسها لعذاب النار يوم القيامة وهذا مما لاخلاف فيه فينبغي على والدتك أن تتقي الله ولا تخالف أمره ، لأن طاعة الله ورسوله من علامات محبته ومحبة نبيه ، والا فما الفرق بين المسلمة والكافرة .
إن التزام الحجاب من علامات الاسلام وهو شعار المرأة المسلمة الصادقة الصالحة ولا ينبغي بحال أن تخلع أمك الحجاب لأنها بذلك ستكون فتنة للمسلمين وغيرهم وستتحمل وزر من ينظر اليها دائمة في الدنيا والاخرة
فانصحها بأن تتقي الله وأن تخشى عذابه وأن تعلم أن الحجاب الشرعي ضرورة للمرأة المسلمة وأما من تعيش بغير حجاب يخشى عليها من عذاب الله الشديد وعقابه الاليم ، وينبغي عليها أن تكون قدوة صالحة لأولادها وللمسلمين ولا مانع من أن تزودها ببعض الكتب أو المراجع الاسلامية البسيطة التي تبين الحكم الشرعي للحجاب من الكتاب والسنة وعليك بالدعاء لها بالهداية والتوفيق والاستعانة على الدين والنجاة من عذاب الله في الاخرة مع تمنياتي لك بالتوفيق ولامك بالهداية وبالله التوفيق .
المجيب : ... الشيخ / موافي عزب
ـــــــــــــــــــ
أريد أن أخطب فتاة غير محجبة فكيف أدعوها إلى الحجاب
تاريخ الإستشارة : ... 2005-06-08 11:54:26
الموضوع : ... استشارات الأسرة والمجتمع
السائل : ... علي
السؤال
السلام عليكم.
لي فتاة أريد خطبتها ولكنها غير محجبة، أنا شاب ملتزم والحمد لله، أرشدوني جزاكم الله خيرا إلى أحسن طريقة إلى دعوتها وإقناعها بالالتزام
بالحجاب الشرعي؟ وإن لم تقتنع هل أتخلى عنها أم أنتظر لعلها تقتنع في يوم ما؟
والسلام.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإننا نسأل الله – جل وعلا – أن يثيبك خيراً على حرصك على دينك، وعلى حرصك على اختيار المرأة الصالحة المتحجبة المحافظة على دينها، ومن المعلوم من دين الرسول صلى الله عليه وسلم أنه يجب على الزوج حفظ زوجته وصيانتها، وأمرها بطاعة الله وعدم عصيانه، ولا ريب أنك إذا أقدمت على الزواج بفتاةٍ غير متحجبة ورافضة للحجاب، فإنك ستقع في مشاكل كثيرة تؤثر على دينك بل وتؤثر أيضاً على حياتك الزوجية كلها، لأنك ستكون بين أمرين، إما أن تسكت على هذا الوضع الذي لا(5/906)
يرضي الله ولا يرضي كرامتك وغيرتك، وإما أن تحاول إلزام زوجتك بالحجاب فيحصل حينئذ التعارض والمشاكل المعلومة الكثيرة.
والذي نشير به عليك أن تكون صريحاً وواضحاً جداً في هذا الباب، وذلك بأن تبين لهذه الفتاة أنك تريد بالزواج منها بناء أسرةٍ مسلمة تعيش على طاعة الله، وعلى مبدأ عدم عصيانه، وأنك إنما تطلب منها الالتزام بالحجاب الشرعي طاعة لله وليس لأن هذا الأمر مسألة قناعات شخصية فقط، فإذا وافقت على هذا الكلام الواضح البين، وأبدت رغبتها في بناء هذا الأسرة المسلمة الطيبة معك، فحينئذ لا بأس بالزواج بها، بل إنك تكون مأجوراً إن شاء الله بدعوتها إلى الله وبإنقاذها من الوقوع في الحرام، ومعصية الرحمن، وأما إن لم توافق وأبدت اعتراضها على أمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، فالواجب عليك هو عدم الزاوج بها، لأنه لا خير في امرأة تعترض على حكم الله الثابت بكتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
وأيضاًَ فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الدنيا كلها متاع وخير متاعها المرأة الصالحة)، وهذا حديث صحيح مشهور يبين فيه النبي (ص) أن المرأة الصالحة هي سبب السعادة وحصول الخير في هذه الحياة، وأما المرأة الفاسدة فلا ريب أنها سبب عظيم لانتشار الفساد في الدين والدنيا، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما تركت فتنة أضر على الرجال من النساء).
وأيضاً فإن الله جل وعلا لم يضيق عليك، متى وجدت أن هذه الفتاة غير صالحة وترفض أمر الشرع، فابحث لك عن فتاة أخرى متدينة صالحة، فإنك في زمن تحتاج فيه من يعينك على أمر دينك، بل ومن يعينك على تربية أولادك خاصة البنات اللاتي يتأثرن جداً بأمهن ويقتدين بها كما هو معلوم ومشاهد.
وأيضاً، فإننا نوصيك بصلاة الاستخارة ودعاء ربك ومولاك أن يرشدك ويهديك ويسددك، وعليك بالتمهل وعدم الاستعجال.
نسأل الله جل وعلا لك التوفيق والسداد!
المجيب : ... أ/ أحمد مجيد الهنداوي
ـــــــــــــــــــ
: ... أريد ارتداء الحجاب الشرعي
تاريخ الإستشارة : ...
الموضوع : ... استشارات ومشاكل الشباب
السائل : ... أ . م . ع
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
أطرح عليكم مشكلتي وهي:
أنا فتاة من أسرةٍ ملتزمة جداً، وتعرف حدود الله جيداً، وأنا أريد لبس النقاب ولكن أبي معارض بشدة ، ويقول لي يكفيك الحجاب الشرعي الذي ذكر في الكتاب والسنة، وأن النقاب شيءٌ لا داعي له في ذلك الوقت.(5/907)
أريد مشورتكم وحل مشكلتي ، هل إذا لبسته أكون عاقة لوالدي أم أستمع كلامه وأكتفي بهذا؟ مع العلم أني لست متزوجة ولا مخطوبة، ويمكن أن يكون ذلك أحد أسباب المعارضة من والدي، ولكم جزيل الشكر.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أ . م . ع حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يبارك فيك، وأن يكثر من أمثالك، وأن يثبتك على الحق، وأن يملأ قلبك محبة له ولكتابه ولرسوله ولهديه وشرعه، وأن يشرح صدر والدك للعمل بالسنة، وأن يجعله وبقية أفراد أسرتك عوناً لك على طاعته ورضاه، وأن يرزقك زوجاً صالحاً.
وبخصوص ما ورد برسالتك فيبدو -والله أعلم- أن والدك حفظه الله رغم ما هو عليه من فهم والتزام يعيش بفكر غالب العوام الذين يرون أن النقاب وستر الوجه قد يحول دون تقدم الخطاب؛ نظراً لعدم معرفتهم بمستوى جمال ابنتهم، وأن كشف الوجه يشجع الخطاب على التقدم لخطبتها، ونسوا أو تناسوا أن الزواج من قدر الله الذي قدره قبل خلق السماوات والأرض، وأنه لن تموت نفس حتى تستوفى رزقها وأجلها، وأن هناك الكثير من الشباب الفاضل الملتزم يقبل على الأخت المنقبة حتى وإن كانت متواضعة الجمال؛ لأنهم يتزوجون الفتاة لدينها فقط، وهم غالباً أفضل الشباب وأكثرهم نجاحاً وتوفيقاً، وعموماً قد يكون والدك أيضاً من النوع الذي يرى أن مسألة النقاب مسألة خلافية حيث أن هناك من يرى أنه سنة ومنهم من يرى أنه واجب، وهذا ما دعاه إلى أن يطلب منك هذا، ومن هنا فإني أرى أن تحاولي إقناع والدك بالحجة والبرهان وبهدوء وأدب وتواضع، فإن قبل كلامك فهذا ما نرجوه، وإن لم يقبل فلا مانع من تأجيل هذا الأمر لفترة محدودة من باب التوسط في الأمر، اتفقي معه على ذلك حتى تكوني قد أعذرت إلى الله تعالى وأخذت بأسباب الإقناع وإقامة الحجة، وأخبري والدك بأن كشف الوجه لن يقدم ولن يؤخر في مسألة الزواج، وأن الإنسان كلما كان أحرص على طاعة الله وتحقيق مراضيه كان أولى بإكرامه والتفضل عليه، وأن ما عند الله لا يتوصل إليه بمعصيته، وإنما الطاعة والاستقامة هي سبيل النجاح والفلاح والفوز في الدنيا والآخرة ، كما قال جل جلاله: ((فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشةً ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى)).
مع تمنياتنا لك بالتوفيق في إقناع والدك أو الصبر عليه حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً، وبالله التوفيق.
المجيب : ... الشيخ / موافي عزب
ـــــــــــــــــــ
أريد أن أغطي وجهي ولكن أبي رفض فما الحل
تاريخ الإستشارة : ... 2005-07-17 11:49:07(5/908)
الموضوع : ... استشارات الأسرة والمجتمع
السائل : ... هدير
السؤال
أنا فتاة مصرية تعلمت في السعودية، ودرست رسالة الحجاب للشيخ ابن عثيمين رحمه الله، وعرفت وجوب تغطية الوجه والكفين، وعندما حدثت أبي برغبتي في ذلك ثار في وجهي ورفض ذلك!
وحاولت معه مراراً، مرة بالحوار الهادئ عن إيجابيات الاحتشام ومرة بالأدلة من الكتاب والسنة ومرة بإعطائه رسالة الحجاب، لكن دون فائدة، فتارة يبرر رفضه بوجود الخلاف حول هذه المسألة، وتارة بالزواج، وتارة بالجامعة، فقررت أن أرتدي غطاء الوجه دون علمه في فترة تواجده في السعودية، وفعلت، لكن أحد أعمامي أخبره بالهاتف بما فعلت فبعث إلي يقول إن لم تخلعيه فأنا بريء منك وستكونين سبباً في دمار الأسرة!! فاضطررت إلى خلعه رغماً عني، وسؤالي: ماذا أفعل مع أبي؟ كيف أقنعه؟
وجزاكم الله خيراً.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هدير حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فنسأل الله العظيم أن يلهمنا رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا، وأن يرزقنا الهدى والتقى والعفاف والغنى، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.
فإن الإسلام انقياد لله وطاعة، (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرًا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم)[الأحزاب:36]، وشكر الله لك هذا الحرص على الخير، ونسأل الله أن يكثر في بنات المسلمين من أمثالك.
ولا شك أن طاعة الله مقدمة على طاعة المخلوقين، ومن أسخط الناس برضا الله فإنه يوشك أن ينال بتوفيق الله رضا الناس.
ويؤسفنا أن يكون الأب هو الذي يقف في طريق الفتاة إذا رغبت في الالتزام بأحكام الدين، ويزداد الأسف إذا كان الأعمام والأهل يصرفون عن الخير، ويضيِّقون على الفتاة، ولكن أبشري فإن الله غالب على أمره وكفى به سبحانه وكيلا، ولكني أوصيك بعد تقوى الله بضرورة الحرص على احترام الوالد والاجتهاد في نيل رضاه حتى يتبين لهم جميعًا أن الالتزام بآداب الدين يزيد الفتاة برًّا لوالديها وحرصًا على رضاهما ورغبة في إدخال السرور عليهما، وحرصًا على القيام بحق الأرحام، وليس كما يفهم كثير من الناس بأن التدين تعصب وتهجم وسوء في المعاملة وإساءة لكبار السن.
كما أرجو أن تجتهدي في إزالة هذه الشبهات ولو بالاستعانة بعد الله بالدعاة الموثوقين، وحبذا لو كانوا ممن يقدرهم الوالد، أو كانوا من الأقارب، كما أرجو تكرار المحاولات لإقناعهم مع ضرورة اختيار الأساليب المناسبة والأوقات المناسبة،(5/909)
ودعوة الأخوات الملتزمات لزيارة الأهل وإظهار محاسن الحجاب والستر والذي يكفي منها فهمنا لقول الله تعالى: (ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين)[الأحزاب:59].
ولن ينال هذا العم خيرًا من هذا العمل، ولن يضرك كلام الوالد وتهديده، ومع ذلك فإنه سوف يتراجع عن كلامه وتهديده، وسوف تكونين فخرًا وشرفًا لأسرتك بإذن الله.
ولا يخفى على العقلاء أن الشباب يرغب في الفتاة المحجبة؛ فهي التي تؤتمن على الأعراض والبيوت، وحتى السفهاء الذين يقضون أوقاتهم في العبث بمشاعر الفتيات لا يختارون لبيوتهم إلا العفيفة؛ فإن رفيقة الهوى لا تصلح أمًّا وربة بيت، وقد تنازلت كثير من الفتيات عن الحجاب والحشمة فخسرت الدنيا والآخرة، وما عند الله من توفيق وخير لا ينال إلا بطاعته.
وحركي في نفس والدك كوامن الغيرة على الأعراض، واعرفي له فضله واشكريه على قيامه بتربيتك، وبيني له ما تعانيه الفتاة عندما تظهر زينتها وتخالف أمر ربها، وقولي له لا مانع عندي من وضع الحجاب إذا امتنعت عن الخروج وتركت الدراسة، وأرجو أن تسمح أن أقول لك في أدب وحب وتقدير وعرفان بالجميل: "إن طاعة الله أغلى وأعلى"، وكل أملي في أن يكون أحب الناس عندي عونًا لي على طاعة ربي، وأنا فخورة بك وسعيدة بأبوتك لي، وشاكرة لمشاعرك الطيبة ولن أنساك من صالح الدعوات، وأرجو أن أفوز برضا الله ثم برضاك.
والله الموفق.
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــ
أعينوني على الحجاب
تاريخ الإستشارة : ...
الموضوع : ... استشارات ومشاكل الشباب
السائل : ... nona
السؤال
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته .
جزاكم الله عني وعن المسلمين جميعاً خير الجزاء.
أنا فتاة في الثامنة والعشرين من عمري ولم أتزوج، وأنا مؤمنة بالله سبحانه وأن هذا التأخير هو الخير لي ((وعسي أن تكرهوا شيئاً وهو خيرٌ لكم وعسي أن تحبوا شيئاً وهو شرٌ لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون)) ولكن المشكلة في أني أريد أن ألبس الحجاب الشرعي (النقاب)، ولكن كل من يكلمني يقول: انتظري حتى تتزوجي، وهذا الكلام يؤثر علي، وقد أثر علي رأيي الآن، فماذا أفعل، أرجو التشجيع منك أو إفادتي بالنصح المناسب ، وجزاكم الله خيراً.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ نونا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،(5/910)
ابنتي العزيزة: نسأل الله العظيم أن يعينك على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يرزقنا وإياك الثبات حتى الممات.
الحجاب شريعة الله، والإسلام هو الانقياد لله والاستسلام له سبحانه (( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما)) [النساء:65] والمؤمن ليس له إلا أن يقول سمعنا وأطعنا ((وما كان لمؤمنٍ ولا مؤمنةٍ إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم)) [الأحزاب:36] فأرجو أن تسارعي بارتداء الحجاب، ولا تلتفتي لكلام من يدعوك إلى ترك الحجاب حتى تتزوجي، والإنسان لا يضمن أن يعيش إلى الغد.
وكم من عروس جهزوها لزوجها وقد نسجت أكفانها وهي لا تدري
وهذه النية دليلٌ على بذرة الخير التي أرجو أن تنميها بتلاوة القرآن وطاعة الرحمن، واعلمي أن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، وإنما ننال التوفيق في حياتنا بالطاعة لا بالمعصية.
واعلمي أن الشباب ينظر إلى المتبرجات ولكنه عندما يتزوج لن يرضى إلا بالحريصة على حجابها وسترها، حتى لو كان هذا الفتى غير متدين فإنه يحرص على ذات الدين؛ لأنه لا يثق بالتي كانت بالأمس تعرض جمالها على كل من هب ودب ؛ لأن العاقل لا يرضى لزوجته أن تكون قد عرضت جسدها ومحاسنها لكل الناس، وهذا مصدر توتر في الحياة الزوجية مستقبلاً إذا تم الزواج من امرأة متبرجة .
فأرجو أن تعلمي أن طاعة الله أعلى وأغلى، وأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق سبحانه ، فاحرصي يا ابنتي على حجابك وصلاتك وطاعتك لله، واعلمي أن ما عند الله لا ينال بمعصية، وهذا تفكير غير صحيح ومفاهيم مغلوطة عن الحجاب، فبعض الناس يظن أن الحجاب للكبيرات في السن، ولكن العكس هو الصحيح، فالقواعد من النساء ليس عليهن جناح في ترك الحجاب، ومع ذلك قال تعالى : (( وأن يستعففن خيرٌ لهن والله سميعٌ عليم)) سميعٌ لكل ما يقال، عليمٌ بما في القلوب من النيات والمقاصد، فراقبي الذي يعلم السر وأخفى، وكوني مع الله لتكون الدنيا في خدمتك، واسأل الله أن يحفظك من التبرج والسفور.
أسأل الله أن يرزقك الزوج الصالح الذي يعينك على طاعة الله، والله الموفق.
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــ
: ... خطيبتي لا ترتدي الخمار ووالدتها تعينها
تاريخ الإستشارة : ...
الموضوع : ... استشارات الأسرة والمجتمع
السائل : ... إبراهيم بركات
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
أنا خاطبٌ منذ 3 سنوات، وأنا وخطيبتي على وفاق، ولكن أهلها لا يريدون مني بأن أصدر لها الأوامر، ولا أن أقوم بتوجيهها، فأنا خطبتها وهي ترتدي الحجاب، وتمنيت(5/911)
منها بأن ترتدي الخمار؛ لأنني أغير عليها وأحبها بجنون، وأريد أن أسترها، فهي على قدر عالٍ جداً من الجمال، وهذا هو ما يسبب غيرتي عليها، والحمد لله فقد ارتدت الخمار، ولكن بعد فتره -أي بعد 6 أشهر- حدثت مشاكل بين العائلتين، وفوجئت بأنها قالت لي أنها خلعت الخمار وعادت للحجاب، وحينما سألتها ولماذا ارتديته من قبل ما دمتِ غير مقتنعة به؟ قالت: ارتديته من أجلك، وحينما زال الخلاف عادت وارتدت الخمار، وبعدها وبسبب زواج أخيها تحدتني وخلعت الخمار مرةً أخرى، وتزينت، بالرغم من أنني قلت لها أن هذا يغضبني، قالت ( أنا عايزه أفرح زي البنات الخمار جعلني كبيره في السن) وتخاصمت معها، وفوجئت بأنها شكت لوالدتها، وقامت الأم بمعاتبتي في هذا، وحينما واجهاني بأنني ليس لي الحق في أن آمرها لأنها ليست في عصمتي، وتحدت حماتي رغبتي، وأقسمت بأنها لن تجعلها أيضاً بعد الزواج ترتدي الخمار وهي في عصمتي، مما جعلني أغضب وأتوعدها بأن ترجع عن رأيها لأنها في عصمة رجل، وهذا لا يجوز شرعاً، ومن حقها أن تجعل ابنتها تفعل ما تشاء ما دامت ليست في عصمتي، ولكن حينما تكون في عصمتي فليس لها الحق في ذلك، مما جعلها تقول لي ( كل واحد من طريق) ومما يجعلني خائفا أن خطيبتي لم ترد ولم تنطق بأي كلمه في وجود والدتها، وهذا ما يحيرني، هل تريدني أم لا؟ أخاف أن أظلمها وأتركها من أجل أهلها، وأنا أشعر بأنها تريدني ولكن لماذا تطيع أهلها وتكون معهم في مثل هذا؟! وقد نصحني البعض بأن أتقبل الإهانات منهم حتى أتمكن وتصبح في عصمتي، ومنذ هذه اللحظة أفعل ما أشاء، فهل هذا صحيح أم خطأ؟ وهل أنا على صواب أم لا؟ وهل أتركها أم لا؟ ماذا أفعل؟ فأنا في حيرة من أمري.
أرجو سرعة الرد.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إبراهيم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
نسأل الله العظيم أن يوفقك للخير، وأن يرزقنا جميعاً السداد والرشاد، وأن يلهمنا رشدنا ويعيذنا شرور أنفسنا.
جزاك الله خيراً وزادك حرصاً، وأصلح لنا ولكم النية والذرية.
أرجو أن تسارع في إكمال مراسيم الزواج، وبعدها سوف تتمكن من التأثير على زوجتك، وهي ولله الحمد فيها خيرٌ كثير؛ والدليل على ذلك سرعة استجابتها لطلباتك وتوجيهاتك مع ما كانت عليه من خير.
ولا شك أن طول فترة الخطوبة لها آثار سالبة على الطرفين، والخطوبة ما هي إلا وعدٌ بالزواج، لا تُبيح للخاطب الخلوة بالفتاة أو التوسع في العلاقات، كما أن طول فترة الخطوبة يسبب قلق واضطراب لأهل الفتاة، وهذا ظاهر من تصرفات والدة الفتاة وكلامها وعنادها.
ويظهر أن هذه الفتاة تواجه ضغوط عائلية، والحل هو الإسراع في إكمال الزواج حتى تتحلل من تلك القيود ويصبح التزامها بالخمار طاعة لربها ثم لزوجها، وهي(5/912)
مأمورة بطاعة الزوج، (وإذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها...وأطاعت بعلها دخلت جنة ربها).
لا بد أن نعلم أن هناك شبهات كثيرة يُثيرها الجهلاء في وجه حجاب المرأة المسلمة، فربما قالوا لها أنت لا زلت صغيرة، مع أن الفتنة بالفتاة أشد، وقد يُقال لها لماذا تخفي الجمال وهو نعمة من الله؟! وينسى أتباع الشيطان أن من شُكر النعمة أن يستخدمها في طاعة الله ورضوانه، وأحياناً يقولوا لها: القلوب صافية وليس بين الأهل إنسان غريب! مع أن الشريعة تبين أن (الحمو الموت) والمقصود أقارب المرأة، فالفتنة بهم أعظم؛ لأن الوصول إلى المرأة بالنسبة لهم أيسر، ولا يُتهمون في دخولهم وخروجهم، والشيطان حاضر والعياذ بالله، ولم تُفرق الشريعة بين القلوب الصافية وغيرها، بل قال تعالى في حق أطهر نساء وأتقى رجال وهم الصحابة {ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن} .
ولقد أحسن الشاعر حين قال:
لا تأمنن على النساء ولو أخاً
ما في الرجال على النساء أمين
فكل رجل يحل له الزواج من المرأة هو أجنبي عنها، لا يجوز له النظر أو الخلوة.
أخي إبراهيم: لا تترك هذه البنت من أجل ما حدث من أهلها، فلم يكن أمامها حل، فهي في موقف ضعيف وأنت مجرد خاطب، ويصعب عليها إغضاب والدتها، ولا تعرض نفسك للإهانات، واجتهد في إعداد نفسك للزواج، فإذا أصحبت زوجتك عندك فلك أن تأمرها بما تريد في طاعة الله المجيد، واحرص على أن تكون توجيهاتك وملاحظاتك بأسلوب طيب، واحرص على اختيار الأوقات المناسبة، ولا تنصح أي إنسان أمام الناس، وتوجه إلى الله بالدعاء، ولا تنس صلاة الاستخارة، وشاور أهل الصلاح والخبرة ثم توكل على الله، واحرص على طاعة الله وسارع في مرضاته، وسوف يجعل الله لك بعد عسرٍ يسراً، وأرجو أن تتوقف عن مجادلة والدة هذه الزوجة؛ حتى لا تدفعها إلى العناد فتضطر هذه البنت إلى مجاملة أمها، واتفق مع زوجتك بعد الزواج على عدم نقل المشاكل إلى الخارج، والتزم أنت بذات المنهج.
نسأل الله أن يصلح لنا ولكم الذرية، ربنا هب لنا من أزوجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين أماماً.
وبالله التوفيق.
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــ
أمي لا تريد التناقش معي في قضية لبس الحجاب
تاريخ الإستشارة : ... 2005-08-30 11:18:18
الموضوع : ... غير محدد
السائل : ... داليا
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم(5/913)
أنا بنت مسلمة ، أبى متوفى، وأعمل في مكتب كمبيوتر، وجميع من فيه رجال ما عدا أنا، ولكنهم والحمد لله متدينين، وأنا أحتاج لهذا العمل الآن، وأرغب في لبس النقاب، ولكن تُقابلني مشاكل، ألا وهي:
1- أمي لا تريد التناقش معي، مع العلم بأنها والحمد لله تقية طاهرة، ولكنها لا تحب المناقشة.
2- كنت ناوية أن أسجل ماجستير، هل يمكن لي أن أسجل ماجستير وأنا مرتديةً النقاب، وكيف سيكون التعامل معي في الجامعة، مع العلم بأن الجامعة في بلد آخر غير بلدي؟
3- وما حكم الإسلام في السفر لطلب العلم؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ داليا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
نسأل الله لك التوفيق والسداد، ونسأله تبارك وتعالى أن يبارك في الوالدة، وأن يرحم الوالد، وأن يهيئ لك من أمرك رشداً.
إن الحجاب شريعة الله، ولا مجال فيه للنقاش، والله تبارك وتعالى يقول: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم}، وتزداد أهمية المسارعة في أمر الحجاب والنقاب مع وجودك مع مجموعة رجال، حتى ولو كانوا متدينين، وأحسن من قال:
لا تأمنن على النساء ولو أخاً *** ما في الرجال على النساء أمين
بل إن الله تبارك وتعالى قال في حق أكرم النساء وأطهر الرجال: {وإذا سألتموهنَّ متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهنَّ}، وفي ارتداء النقاب حفظٌ لك وعونٌ للرجال على طاعة الله، وفيه رفعٌ لمنزلتك عند الله ثم عند الناس، فإن الناس يحترمون الفتاة المحتشمة، وصدق الله: {ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين}، وكون الوالدة تقية طاهرة هذا يعينها على تقبل أحكام الله، ويجعلها أحرص على صيانة بناتها من النظرات الجائعة والمواطن المشبوهة، وأرجو أن تتلطفي في عرض الأمر عليها، فإن رضيت فتلك نعمةٌ من الله وخيرٌ لك ولها، وإن كانت الأخرى فاجتهدي في إزالة الشبه التي عندها حول قضية الحجاب، واعلمي أنك مطالبة بطاعة العزيز الوهاب، واحرصي على زيادة البر والإحسان بوالدتك، واستعيني بالله وعليه فتوكلي، واعلمي أن طاعة الله أعلى وأغلى، وأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
واحرصي على أن تكون علاقتك مع الرجال في حدود العمل وبقدر الضرورة، وإذا كانت الكلمة الواحدة تؤدي الغرض فلا داعي للمجيء بعشر كلمات، مع ضرورة أن تكون الكلمات من المعروف وبدون خضوع، قال تعالى: {فلا تخضعن بالقول وقلن قولاً معروفًا}.(5/914)
أما بالنسبة لدراسة الماجستير في الخارج، فلا بد فيها من وجود محرم، وأرجو تأجيل هذه الرغبة حتى يتيسر لك أمر وجود محرم مرافق كزوج أو أخ، ولا تعارض بين الدراسة وارتداء النقاب، خاصةً في البلاد الخارجية التي لا تسأل فيها الطالبة عن خُصوصياتها وحجابها، فإن من عُرف الدول أن تحترم الأجانب، وهذا عندنا في البلاد العربية، أما البلاد الغربية فقد بدأ المسلمون يفقدون هذه الميزة في عدد من البلدان ، والله المستعان.
واعلمي أن الحجاب طاعة لله، وكل طاعة لله تقرب لصاحبها أسباب النجاح وتدفعه إلى كل خير وفلاح، وقد تفوق الكثير من الصالحات الحريصات على النقاب والحجاب في دراستهنَّ وحياتهنَّ.
وفقك الله لكل خير.
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــ
: ... أمي تشجع أختي على الكذب وتنتقدني في لبس الحجاب
تاريخ الإستشارة : ... 2005-09-20 13:59:15
الموضوع : ... استشارات الأسرة والمجتمع
السائل : ... مريم
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة من الله تعالى وبركاته، أما بعد:
فأواجه مشاكل كثيرة في بيتي، أولها مساندة والديّ للأعمال غير الصالحة، أقصد أن كل ما يرونه مني من تستر (لبس الحجاب الإسلامي وستر سائر البدن)، وأيضا رفضي لأن يكون إخوتي يتصفون بالكذب أو أن يتعاملوا بالكذب كي يصلوا إلى مطلبهم، فأنا أمقت الكذب والكذابين، بل لا أثق بهم ولا أود أن أجالسهم، فما بالك بأن أجلس مع إخوتي الذين يكذبون على أهلهم؟!
أختي الصغيرة كثيرة الكذب، وأعرف كذبها وأشكو الحال لأمي فتقول لي: "إن لم تكذب أختك فلن يشتري لها أبوها ما تريد" كيف لأم أن تقول هذا وأمامها!! أمام أختي، كيف تشجعها على الخطأ!؟ وباتت أمي غاضبة وناقمة علي، فقط لأن مدللتها الصغيرة قد تألمت من غضبي العارم عليها!! وطلبت مني أن لا أتدخل في شؤونها!! كيف لها أن تظهرني بصورة المرأة القاسية والمتجبرة!! وهل أخطأت عندما غضبت عليها (على أختي)!؟؟ أليس علي إن رأيت الخطأ أن أغيره بيدي أو بلساني!!؟ وهل أذنبت؟؟ وأي ذنب قبيح قد اقترفته!!؟؟ ما إن لبست الحجاب حتى انقلبوا علي، قلت لأمي: "أنا أيضا مسؤولة ولي الحق بل وكل الحق إن رأيت خطأ أن أصلحه"، قالت لي: "لا دخل لك بها، وهل اقترفت إثما؟؟؟" كيف لها أن تقول أن الكذب ليس إثما؟؟
لا أستبعد أن تكذب أمي، ولا أستبعد أن يكذب أبي، ولا أستبعد أن يكذب كل من هو موجود بالمنزل!! فأثق بمن؟؟ ماذا أفعل الآن؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم(5/915)
الابنة الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
نسأل الله العظيم أن يحفظك ويسدد خطاك، وأن يلهمنا رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا.. وبعد،،،
فإن كراهيتك للكذب دليلٌ على سلامة فطرتك، وبرهانٌ على ما في نفسك من الحرص على الخير، فزادك الله حرصاً وتوفيقاً، وكثّر في فتياتنا من أمثالك.
وأرجو أن تعلمي أن مثل هذه الأم لا مصلحة في الشكوى لها، فاحرصي على بناء جسور الثقة مع أختك الصغرى، وقبّحي الكذب في عينها، ويبِّني لها أن {لعنة الله على الكاذبين}، وأن المؤمنة لا يصلح أن تكون كذابة؛ لأن الكذب يهدي إلى الفجور، والفجور يهدي إلى النار، ولا يزال الإنسان يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً، وكان العرب يكرهون الكذب حتى في جاهليتهم، ولذلك لما سُئل أبو سفيان عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لولا أنني خشيت أن تؤثر عني كذبة لكذبت) فلم يكذب في شهادته مع شدة عداوته للرسول صلى الله عليه وسلم آنذاك، وقد قالت عائشة رضي الله عنها: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا علم عن أحد كذبة يتغير عليه حتى يعلم أنه أحدث توبة).
ولست أدري كم هو عمر هذه الأخت! لأن الطفلة الصغيرة جداً إذا أخبرت بخلاف الحقيقة فإن ذلك لا يسمى للوهلة الأولى كذباً، ولكن مع التشجيع والضحك والاستحسان يعتاد الطفل على الكذب رغبةً في إضحاك الناس، أو طمعاً في الظهور، أو تعبيراً عن الخلل في الجانب العاطفي، أو لينجو من العقوبة.
والإنسان لا يدخل معركة في كل الجبهات ويخسر الصديقات والأخوات ويُغضب الآباء والأمهات، ولكن عليك بالرفق فإنه يوصل إلى الخير، وما دخل في شيء إلا زانه، ولا نُزع من شيء إلا شانه.
ولا بد من استخدام الحكمة مع الكبير والصغير، وعليك بإظهار الاحترام لوالديك؛ حتى يعرفوا أن الدين يهذب الإنسان، واجعلي نصحك لهم برفقٍ وأدب، واحرصي على رضاهما وإحسان صحبتهما في كل الأحوال، ونوصيك بالتدرج في الإصلاح؛ فإن الناس إذا حملناهم على الحق جملة رفضوه جملة، ولكن خطوة بعد أخرى، وتركيزاً على الجوانب الهامة مثل الصلاة وتلاوة القرآن وغرس شجرة الإيمان، وسوف تظهر بعد ذلك أطيب الثمار.
وعليك بالنصح لهم في السر؛ فإن النصيحة أمام الناس فضيحة يصعب على الإنسان قبولها، والشيطان يحرضه على الرفض ويدعوه للعناد والمكابرة، فلا تعيني الشطيان على أهلك، واختاري لنصحك أطيب الكلمات وأحسن اللحظات.
أما حجابك فحافظي عليه لأنه طاعة لله ولا طاعة لمخلوق في معصية الله، وعليك بمساعدة هذه الأخت الصغيرة وملاطفتها حتى تكسبي جانبها، وقد تكون هي المفتاح إلى قلب والدتك، والدعوة إلى الله لا بد فيها من الحكمة، وهي وضع الشيء في موضعه الصحيح.(5/916)
ولا شك أن الوالدة تعلم أن الكذب حرام لكن العناد يدفعهم للمكابرة، فلا تعيني الشيطان عليهم، وأكثري من الدعاء لهم قبل وبعد دعوتهم إلى الله، واعلمي أن الله سبحانه يجيب من دعاه.
والله ولي الهداية والتوفيق.
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــ
أريد أن أضع الحجاب ولكن والديّ رافضان
تاريخ الإستشارة : ... 2005-10-04 09:44:26
الموضوع : ... استشارات الأسرة والمجتمع
السائل : ... لينا
السؤال
السلام عليكم.
أريد أن أرتدي الحجاب ولكن أواجه الصعوبات بإقناع أمي وأبي بارتدائه، فما هو الحل؟؟ كيف لي أن أقوم بواجبي كمسلمة وفي الوقت نفسه لا أريد مشاحنات ومشاجرات مع أمي وأبي؟
جزاكم الله كل خير.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ لينا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
نسأل الله أن يوفقك ويسدد خطاك، وأن يهدي والديك إلى الحق، وأن يُعينك على البر بهما والإحسان لهما، وأن يلهمنا رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا.. وبعد،،،
فشكراً لك على هذه الرغبة في العفاف والستر والحرص على الالتزام بالحجاب، وهكذا ينبغي أن تكون فتاة الإسلام التي تقرأ قول الله تعالى: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهنَّ من جلابيبهنَّ ذلك أدنى أن يُعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً} [الأحزاب:59].
ونسأل الله أن يزيدك حرصاً وثباتاً، وأرجو أن تعلمي أن الصواب أن نبدأ بتذكير الآباء والأمهات بلطف أن الحجاب أمر الله وشرعه الحنيف، وإذا جاء الأمر من الله فليس أمام المؤمنين والمؤمنات إلا أن يقولوا سمعنا وأطعنا، فليس في أمر الحجاب خيار، وقد قال الله تبارك وتعالى: {وما كان لمؤمنٍ ولا مؤمنةٍ إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً} [الأحزاب:36].
أما الخطوة الثانية: فهي الحرص على إزالة الشبهات التي تُثار عادةً حول الحجاب من أعداء السنة والكتاب، ومنها ما يلي:
1- قولهم: (إن العبرة بالإيمان ومكانه القلب ولا حاجة للفتاة العفيفة أن تتحجب) وهذا كلام ساقط؛ لأن الإيمان قولٌ وعمل، وليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي، ولكن الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل.(5/917)
2- قولهم: (إن المحجبات معقدات ومتعصبات) وهذا كلامٌ باطل لا يخفى على أحد يملك مسكة عقل، وإن وجدت واحدة بهذه الصورة فلا يجوز التعميم، ولا يصح أن نترك أمر ربنا لأن فتاة معينة أساءت تطبيق الإسلام.
3- اعتقاد بعض كبار السن بأن الحجاب يكون بعد الزواج وبعد أن تصبح البنت كبيرة في السن، وهذا فهمٌ معكوس يخرج من عقل منكوس، فإن الفتاة أولى من غيرها بالحجاب؛ لأنها موضع نظر الرجال، ولأن الشريعة أعطت الخيار للكبيرات في السن ورخصت لهن وضع الحجاب عندما يكبر سنها ويرق عظمها ويحدودب ظهرها، قال تعالى: {والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحاً فليس عليهنَّ جناح أن يضعن ثيابهنَّ غير متبرجات بزينة} ومع ذلك قال تعالى: {وأن يستعففن خيرٌ لهنَّ} [النور:60] والله سميعٌ للأقوال، عليمٌ بالنيات والأحوال.
4- اعتقاد بعض الناس بأن المحجبة لا تتزوج، وهذا خطأ؛ لأن الشباب يفضلون المحجبة التي تحرص على صيانة نفسها، ويمكن للسفهاء أن يسمعوا المتبرجة كلمات الثناء والإعجاب لكنهم لا يرضونها أُمًّا لعيالهم، ولا يأمنوها على بيوتهم؛ لأن التي تعرض لحمها وشحمها في الشوارع لا تصلح زوجة وأمًّا، وحتى إذا تزوج الشاب من المتبرجة فإنه يقضي حياته في شكوك وظنون فتتحول حياتهما إلى جحيم.
5- خوف الأهل من الفتاة المتدينة؛ لأنها تمنعهم من كثير مما ألفوه، وتمتنع عن السلام للرجال، وتنهى عن المنكر وتأمر بالمعروف، وقد لا تكون عند بعض المحجبات حكمة في الدعوة وتقديم النصح للآخرين، وقد تريد إدخال الناس في الدين جملة فيرفضوه جملة، والصواب أن يتدرج الإنسان في الإصلاح ويستخدم الحكمة والموعظة الحسنة.
ومما يُساعدك في إقناع والديك زيادة البر لهما والإحسان إليهما وطاعتهما، إلا إذا أمروا بمعصية فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ولكن ليس معنى ذلك القسوة عليهما وإساءة الأدب معهما.
وأرجو أن يكون في أرحامك من يُساعدك على الثبات، وحبذا لو كان من الأعمام أو الأخوال والعمات والخالات.
ونحن أيضاً لا نحب المشاحنات، ولكن الأهل إذا وجدوا منك حسن الأدب والإصرار على الحجاب وتحمل المشاكل والصعاب فإنهم سوف يعودوا بإذن الله إلى الصواب. وعليك بكثرة الدعاء والتوجه إلى من يجيب المضطر ويصرف السوء والفحشاء.
نسأل الله لك التوفيق والسداد.
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــ
صديقتي لا تصلي ولا تتحجب وتقول هذا بينها وبين الله
تاريخ الإستشارة : ... 2005-10-13 11:57:34
الموضوع : ... استشارات الأسرة والمجتمع
السائل : ... زينب
السؤال(5/918)
لدي صديقة غير متحجبة ولا تصلي، وأنا أنصحها وهي تقول أن هذه مسألة بينها وبين الله.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ زينب حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فنسأل الله أن يقدر لك الخير ويسدد خطاك، ويلهمنا جميعاً رشدنا، ويعيذنا من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.
فإن الصلاة صلةٌ بين العبد وربه تبارك وتعالى، وهي كما قال عمر في رسالته لعمالة: (إن أهم أموركم عندي الصلاة فمن حافظ عليها فهو لما سواها أحفظ ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع ) وهي العلامة الفارقة بين أهل الإيمان وغيرهم، قال صلى الله عليه وسلم: (بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة)، وقال صلى الله عليه وسلم: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) وهي الفريضة التي لا تسقط عن المسلم ما دامت به حياة، ولذلك صلى الصحابة وهم في الحروب وهم في جراهم، وهم مرضى، والمسلم يصلي قائماً فإن لم يستطع فقاعداً، فإن لم يستطع فمستلقياً، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها.
وليس بين الله وبين أحد من عباده نسب إلا التقوى، والصلاة ميزانٌ للأعمال في الدنيا والآخرة، وكان السلف إذا أرادوا أن ينظروا في دين إنسانٍ معين نظروا في صلاته، فإن كان من أهلها المواظبين عليها ظنوا به الخير وأملوا فيه خيراً، والصلاة هي أول ما يُحاسب عليه الإنسان يوم القيامة، فإن صلحت صلح سائر عمله.
ولست أدري على أي أساسٍ بنيتِ صداقتك مع فتاةٍ لا تصلّي ولا ترتدي الحجاب؟!
وأرجو أن تعلمي أن كل صداقة ومحبة لا تؤسس على الصلاة والطاعة والتقوى تنقلب في الآخرة إلى عداوة، قال تعالى: {الأخلاء يومئذٍ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين}.
ولذا، فأرجو أن تجتهدي في نصحها، فإن لم تستجب فلا بد من فراقها طاعةً لله، واحرصي على مصادقة من تسجد لله وتحرص على طاعته.
والصلاة من شعائر الإسلام وأركانه الظاهرة التي لا يقبل من مسلم ولا مسلمة حتى يؤديها، ولذلك حتى أهل النفاق كانوا يوأدونها -لكنهم كانوا يأتونها وهم كسالى- لأنهم يعلمون أن تارك الصلاة يُقام عليه حكم الله بعد أن يُستتاب، ولم يعرف أهل الإسلام ترك الصلاة إلا بعد فترة الاستعمار البغيض، وقد أحسن من قال:
خسر الذي ترك الصلاة وخابا **** وأبى معاداً صادقاً وماباً
إن كان يجحدها فحسبك أنه *** أضحى بربك كافراً مرتاباً
فالشافعي ومالك رأيا له **** إن لم يتب حد الحسام عقاباً
وقال بلال بن سعد بن أبي وقال رضي الله عنه لأبية في قوله تعالى: { فويل للمصلين * الذين هم عن صلاتهم ساهون} أهم الذين لا يصلون؟ قال: لا يا بني، لو تركوها لكفروا، ولكنهم الذين يؤخرونها عن وقتها.(5/919)
وليس هذا العذر مقبول، وأرجو أن تتلطفي في نصحها، وتختاري الوقت المناسب والكلمات الرقيقة، واختاري مكاناً بعيداً عن سمع الناس وأبصارهم، وقدمي لها نصيحة مغلفة بالحب والشفقة، واختاري مدخلاً إلى نفسها، وذلك كأن تقولي لها: أنت مؤدبة ومتعاونة مع الزميلات، وهم يمدحونك، ولكن ما أحوج هذا الوجه الجميل إلى حجابٍ يستره، وما أحوج هذه القلب الطيب إلى إيمانٍ يعمره، وما أحوجك إلى سجود لله الذي تفضل عليك وأنعم عليك.
وأرجو أن يعاونك على نصحها من تحب من زميلاتها ومعلماتها، ولك شكرنا وتقديرنا على اهتمامك، وكثّر الله في فتياتنا من أمثالك.
نسأل الله لنا ولكم الهداية والثبات حتى الممات.
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــ
أريد زيادة إيماني والالتزام بلبس الحجاب الكامل ولكني ضعيفة
تاريخ الإستشارة : ... 2005-11-17 10:53:33
الموضوع : ... استشارات ومشاكل الشباب
السائل : ... nurilislam
السؤال
أنا فتاة محجبة منذ 3 سنوات، ولكني لا ألتزم باللباس الكامل ولكن لا أرتدي شيئا فاضحا جدا ولكن ليس طويلا جدا، وأريد أن أبعد عن الاختلاط والالتزام بعدم المصافحة، ولكني مترددة وأواجه خوفا شديدا من الله، دلوني على طريق الخير وقووني أرجوكم.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ nurilislam حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
إننا نلمس من عباراتك شعور الفتاة المؤمنة المسلمة التي تخشى عذاب ربها، والتي هي مقبلة على خالقها ومولاها.
فإنك والحمد لله موقنة بعظمة الله، وجلالة المصيبة التي تحل بالإنسان إن هو عصى الله العظيم الجبار.
وبدايةً فإننا نقول لك: إننا على ثقة عظيمة أنه ليس بينك وبين التمسك بالحجاب الشرعي وبالتمسك بأوامر الله من مجانبة مخالطة الرجال الأجانب ومصافحتهم، ليس بينك وبين ذلك إلا العزيمة القوية، عزيمة الفتاة المؤمنة الطاهرة النقية من أمثالك.
إنك بحاجة أختي الكريمة إلى قرار شجاع، وإن هذا القرار هو الذي سينير لك دربك، وسيفتح لك أبواب الخير والفلاح إن شاء الله تعالى .
إن هذا القرار هو أنك سوف تبذلين جهدك للتمسك بأوامر الله ، وستبذلين موقفك الشجاع في الانتهاء والكف عن كل ما حرم الله، قال الله تعالى: {فاستمسك بالذي أوحى إليك إنك على صراطٍ مستقيم}.
فاستمسكي بأمر الله الذي هو نصيرك والذي يعينك.(5/920)
إنك بهذا القرار وبهذه العزيمة تستجلبين ليس رضا الله فقط بل وتستجلبين نصرته وتأييده ومعونته، قال تعالى: {إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ..}.
وتأملي كيف يكون هو حالك إذا كان الله العظيم هو الذي معك!! وانظري كيف ستكون قوتك وعزيمتك عندما تستمدينها من رعاية الله وحفظه ونصره !!
إن الأمة كلها، وإن الخلق كلهم، لن يقدروا أن يصلوا إليك بشيء طالما الله هو الذي معك، وطالما عينه هي التي ترعاك وتحفظك، كما قال صلوات الله وسلامه عليه: (واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيءٍ لم ينفعوك إلا بشيءٍ قد كتبه الله لك، ولو اجتمعت على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك) أخرجه أبو داود بإسناد صحيح.
إذن: فالحل واضح وجلي، إنه ليس عليك إلا أن تتوضئي وتصلي لله ركعتين تُعلنين فيهما لربك أنك قد تُبت إليه توبة نصوحاً، ثم ترفعين يديك سائلةً إلهك ومولاك أن يُعينك على الاستقامة على طريقه، وأن ييسر لك أمرك (رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري).
وأيضاً أختي الكريمة، إن عليك أن لا تقعي في تخويفٍ من الشيطان، واستسلامٍ لوسواسه وحيله، فلربما صعَّب عليك الشيطان هذا الطريق، كأن يقول لك: كيف سوف تواجهين مجتمعك؟ أو كيف ستمتنعين عن مخالطة الرجال الأجانب في الدراسة أو في الزيارات أو الأفراح؟! أو ماذا ستفعلين لو مد أحد الرجال الأجانب يده ليصافحك، فكيف ستمتنعين وكيف سترفضين؟!! إن عليك أن تقفي موقف الحذر من تخذيل الشيطان وتخوفيه، قال تعالى: {إنما ذلكم الشيطان يخوف أوليائه} أي إنما هذا هو الشيطان يخوفكم من حزبه وجماعته من الفسقة والفجرة، ولذلك قال تعالى بعدها: {فلا تخافوهم وخافونِ إن كنتم مؤمنين} أي يبين الله عدم الخوف من هؤلاء ، وإنما الخشية والخوف له وحده سبحانه، فاخشوني أنا إذا كنتم من المؤمنين الموقنين بقدرتي .
إذن: فلا بد من الانتصار على نزغات الشيطان ووسوسته، وأيضاً على نزغات بني الإنسان الذين ربما قد يقف بعضهم منك موقف التخذيل، بل وربما موقف الاستهزاء والعداوة .
وأيضاً فلو تعرضت لموقف من المواقف، فلتكوني واضحة صريحة (أنا لا أُخالط الرجال الأجانب ولا أصافحهم) فإن قيل لك هذا غلط وتعقيد ودين الله يسر، فجوابك هو: هكذا أمرنا الله ورسوله ونحن علينا طاعته . قولي ذلك بكل شجاعة وبكل ثقة بالله تعالى.
وأيضاً، فإن عليك أن تكون صحبتك من الفتيات الملتزمات أمثالك، لا أن ترافقي فتيات غير ملتزمات بدينهن، أو متبرجات مخالفات لأمر الله العظيم، بل إن الخطوة الأهم التي تكون بعد التزامك بحجابك هي أن تكون صحبتك منتقاة، وقد ورد في الحديث: (لا تُصاحب إلا مؤمناً ولا يأكل طعامك إلا تقي)، وقال أيضاً –صلوات الله وسلامه عليه-: ( المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل).(5/921)
وخططي الطريق أمامك، طريق طاعة الله، وطريق البعد عن سخط الله وغضبه، فعليك بلزومها، ولتحذري من مجانبة هذه الطريقة، قال تعالى: {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يُصيبهم عذابٌ أليم }.
وفقك الله لكل هدى، وشرح صدرك وألبسك لباس التقوى، آمين.
المجيب : ... أ/ أحمد مجيد الهنداوي
ـــــــــــــــــــ
: ... المدرسة تمنعني من لبس الحجاب
تاريخ الإستشارة : ...
الموضوع : ... استشارات ومشاكل الشباب
السائل : ... روان
السؤال
أنا طالبة مسلمة أذهب إلى مدرسة مسيحية وعلى الرغم من أنها ليست إسلامية إلا أنها تعتبر من أفضل المدارس وهي خاصة إلا أنها لا تسمح للطالبات المسلمات اللواتي يفوق عددهن على المسيحيات بلبس الحجاب وأنا قد بدأت مؤخرا في التفكير بلبس الحجاب إلا أنني لا أستطيع حاليا لأنني ما زلت فيها وقد فكرت في الخروج منها والانتقال إلى مدرسة أخرى ولكنني تراجعت لأنني في هذه المدرسة منذ 11 سنة ولم يبقى لدي سوى سنتين للالتحاق بالجامعة وقد تعودت على صديقاتي كيف سوف أخرج إلى مدرسة أخرى؟ وكيف ستكون حالتي النفسية؟ وهل سأتأقلم مع الجو الجديد من مكا ن جديد وطالبات جدد؟ فلو سمحتم أشيروا علي بما هو خير لي، البقاء فيها ولبس الحجاب بعد التخرج ، أم الانتقال إلى مدرسة أخرى حيث تسمح بلبس الحجاب مع العلم أن الحالة النفسية تلعب دورا في التفوق؟ وأريد أن أقول شيئا عن هذه المدرسة التي أنا فيها .. بالإضافة على أنها لا تسمح بلبس الحجاب إلا أنها أيضا لا تسمح بلبس البناطيل تحت الزي المدرسي فالزي المدرسي في الصيف هو الزي الرسمي التي تلتزم به معظم المدارس في فلسطين ولكن من غير بنطال بل جوارب فقط أي أن الساقين تظهران في الصيف أما في الشتاء فإنه يسمح لنا لبس الجوريب الطويلة وليس البنطال وإن كان النطر غزيرا أي أن الإدارة لا تتصف بالرحمة... وشكرا لكم
أما ما أريد سؤاله لشيء يخص الشرع : هل يجوز التسليم على غير المحرّم؟ وهل يجوز الاستماع إلى الأغاني الحديث؟ وما هي العادة السرية وما أعراضها ؟و ما حكم من لا يستيقظ دائما لصلاة الفجر؟ أشيروا علي وجزاكم الله خيرا ...والسلام عليكم و رحمة الله وبركاته
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ روان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع،(5/922)
فاتصلي بنا ولا تترددي فنحن جميعاً هنا في انتظارك، ونسأله جل وعلا أن يبارك فيك وأن يكثر من أمثالك، وأن يحفظك من كل مكروه وسوء، وأن يثبتك على الحق، وأن يهديك صراطه المستقيم، وأن يجعلك من الداعيات إليه على بصيرة، وأن يحبب إليك الإيمان.
وبخصوص ما ورد برسالتك فأنا بدايةً معجبٌ بك لحرصك على معرفة الحق، وأنا يا ابنتي أدعو لك من أعماق قلبي بالثبات وحسن الاستقامة على الدين، وكما لا يخفى عليك يا عزيزتي أن الدين أغلى من النفس، وأن الله ما خلقنا إلا من أجل الدين كما قال سبحانه: ((وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)) وقال صلى الله عليه وسلم : (ألا إن سلعة الله غالية ألا إن سلعة الله الجنة) وكما تعرفين أن الحياة التي نعيش فيها الآن ليس فيها شيء مجاني وبلا مقابل، وإنما كل شيء له ثمن، فالطعام يحتاج إلى مال ، وكذلك الشراب والملابس والسكن والعلاج والتعليم، فالجنة وقصورها وأنهارها وثمارها التي بها لا بد لك أن تدفعي ثمنها، وثمن ذلك كله هو طاعة الله واتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ولذلك قال جل وعلا : ((إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلاً))، وهكذا يا ابنتي ، ولذلك نحن لن نكون في الجنة في درجة أو منزلة واحدة، والسبب أننا لسنا في الطاعة والعبادة على درجة واحدة كما تعرفين من حالك وحال المسلمين، وبعد هذه المقدمة نأتي إلى جواب ما ورد برسالتك.
1- مسألة الحجاب يا ابنتي مسألة لا تقبل المساومة، ولا يجوز للمسلمة إن بلغت أن تخرج من بيتها بغير حجاب مطلقاً وإلا كانت عاصية لله ورسوله، ولذلك أقول لك ما دامت هذه المدرسة لا تسمح لك بارتداء الحجاب أو بتغطية قدميك فلا يجوز لك أن تظلي فيها حتى ولو كانت أفضل مدرسة في العالم، فدينك يا ابنتي أغلى من أعلى الشهادات، واعلمي أن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، وإن شاء الله سوف تتغلبين على المشاكل النفسية التي تخافين منها، وسيجعل الله لك من كل ضيق فرجاً ومن كل هم مخرجاً، فاستعيني بالله واتخذي هذا القرار تعظيماً لدين الله، وإن شاء الله سوف تجدين حلاوة وثمرة ذلك في الدنيا قبل الآخرة، ولا تتأخري في هذا الأمر، ولا يضحك عليك الشيطان فتؤجلين هذا القرار تحت أي ظرف من الظروف وتوكلي على الله.
2- وأما السلام باليد على غير المحارم فلا يجوز شرعاً؛ لأن مما اتفق عليه العلماء عدم جواز مصافحة المسلمة لأي رجل غير محارمها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمس بيده يد امرأة لا تحل له، وهذا هو قدوتك صلى الله عليه وسلم.
3- وأما سماع الأغاني فأنا أسألك هذا السؤال : ما الذي تستفيدين من سماع هذه الأغاني ؟ هل يزيد بها إيمانك؟ هل تعينك على طاعة الله ورسوله؟ هل تأخذين عليها حسنات من الله مثل قراءة القرآن الكريم؟ بالطبع ستقولين لا، إذاً فلماذا تضيعين وقتك في غير طاعة الله ورسوله؟!
4- العادة السرية عادةٌ قبيحة مدمرة محرمة في جميع الديانات السماوية؛ لأن لها أضراراً عظيمة على الدين والنفس والبدن، ويترتب عليها عشرات الأمراض(5/923)
المدمرة، وعادةً ما يقع فيها الإنسان ضعيف الإيمان أو ضعيف التربية قليل الأخلاق والأدب، عافاك الله من ذلك كله، وهي محرمة شرعاً .
5- وأما حكم الذي لا يستيقظ لصلاة الفجر فهو بلا شك آثمٌ شرعاً ومقصرٌ في حق الله ورسوله، ويجب عليه أن يتوب إلى الله من ذلك، وأن يحاول الالتزام بصلاة الفجر وغيرها في أول وقتها؛ لأن هذا من أحب الأعمال إلى الله كما قال صلى الله عليه وسلم، وهناك عوامل تساعد وتعين على المحافظة على صلاة الفجر ، منها ما يلي:
1- استشعار عظمة الله وأمره والخوف من عقابه.
2- مجاهدة النفس وتدربيها على هذه الصلاة والقيام إليها بنشاط وهمة.
3- النوم مبكراً؛ لأن السهر ولو كان للمذاكرة يؤخر عن صلاة الفجر.
4- قراءة الأذكار الواردة في السنة قبل النوم.
5- استعمال ساعة أو منبه أو وصية بعض الأقارب أو الأصدقاء بالمساعدة .
6- عقد النية قبل النوم على الاستيقاظ لصلاة الفجر.
7- الدعاء أن يمن الله عليك بالمحافظة على صلاة الفجر.
وختاماً:
هذه إجابات أسئلتك وبقي عليك التنفيذ وأن تقولي بعملك وفعلك وقولك لربك ومولاك: (سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير) وستكونين من خاصة عباده وصفوة أوليائه الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
مع تمنياتنا لك بالتوفيق والثبات، والله الموفق.
المجيب : ... الشيخ / موافي عزب
ـــــــــــــــــــ
أريد لزوجتي لبس الخمار! فكيف لي أن أقنعها به؟
تاريخ الإستشارة : ...
الموضوع : ... استشارات الأسرة والمجتمع
السائل : ... م
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته!
أنا متزوج، وأعيش في مجتمع ترتدي نسائه الخمار والنقاب، وزوجتي ترتدي حجابا، وتكشف وجهها وكفيها (وملتزمة بالصلاة والصيام وكل شيء).
وأنا أريد لها الخمار! فكيف لي أن أقنعها به؟ وهل هناك كتب، أو مقالات في هذا الموضوع ينصح الاطلاع عليه؟
مع الشكر الجزيل!
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ م حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
نسأل الله أن يصلح لنا ولكم النية والذرية، وأن يلهمنا رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا.(5/924)
فزادك الله حرصاً وتوفيقاً، وشكر الله لزوجتك محافظتها على صلاتها وصيامها، وأرجو أن تمدح فيها هذا الحرص على الخير، وتذكرها بأن الذي أمر بالصلاة والصيام هو الذي أمر بالتستر، وأن الوجه هو مجمع الزينة، وبين لها حرصك على إكمال هذا الجانب، وهذا في إرضاء الله أولاً وإرضاءك، ورضى الزوج من طاعة الله.
وأرجو أن تحمدوا الله كثيراً على وجودكم في هذه البيئة التي تحرص نساؤها على الخمار والنقاب، وهذا بلا شك مما يعين على الطاعات، فإن التكاليف الشرعية إذا عمّت سهلت، ولا بد أن تعلم أن الإنسان لا ينبغي له أن يكون شاذاً في المجتمع يُخالف الناس، وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية، والمخالفة لما عليه الناس تجلب النفرة والكراهية، فكيف إذا كانوا على صواب وطاعة، وعليها أن تعلم أن جمال المرأة مُلكٌ لزوجها وليس للناس، ومن صفات الكمال في النساء أن تقصر جمالها ونظرها وقلبها على زوجها، وهذه من صفات نساء الجنة، وهي صفة كمال في كل امرأة، وهذا يجلب لها ولزوجها السعادة في الدنيا والآخرة.
ولا بد من معرفة أسباب رفضها للنقاب، وأرجو أن تجد في الصالحات من تساعدها على الالتزام، فإن المرأة تتأثر بأختها وجارتها من الصالحات، وإذا كانت هناك شبهات معينة، فالصواب أن نسعى في إزالتها.
وأرجو أن تشعر بغيرتك عليها، وحبك لها، وأن الرجل الذي يحب زوجته يحافظ عليها، ولا يحتمل نظر الناس الأجانب إليها.
وهناك رسائل كثيرة عن السفور للمشايخ الفضلاء رحمهم الله، كالشيخ ابن باز وابن عثيمين، وغيرهم من العلماء، ومن الكتب المهمة جداً في هذا الجانب كتاب (عودة الحجاب) لأنه يتناول مخططات الأعداء، وحرصهم على سفور المرأة، ويبين ملامح المؤامرة على حجاب المرأة المسلمة، ويكشف تاريخ وحقيقة من يقف وراء هذا المخطط الخطير.
والله الموفق.
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــ
كيف أقنع زوجتي بالنقاب
تاريخ الإستشارة : ...
الموضوع : ... استشارات الأسرة والمجتمع
السائل : ... راشد سعيد
السؤال
أنا على باب زواج ، فكيف لي أن أقنع زوجتي بالنقاب مع أنها محجبة؟؟؟
الجواب
الأخ الفاضل/ راشد حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك وكم يسعدنا اتصالك بنا دائما في أي وقت وفي أي موضوع(5/925)
ونسأله جل وعلا أن يربح تجارتك وأن يبارك فيك وأن يكثر من أمثالك وأن يثبتك على الحق وأن يصلح لك زوجك وأن يشرح صدرها للحق والعمل به، وأن يجعلها عوناً لك على طاعته ورضاه .
وبخصوص ما ورد بسؤالك حول كيفية إقناع زوجتك بالنقاب فإن الله سهل ميسور بإذن الله رب العالمين فإليك ما يلي :
1-الدعاء والإلحاح على الله أن يشرح صدرها لذلك وأن يعينها عليه.
2-تزويدها بالكتب الإسلامية التي تتكلم عن حكم النقاب وأهميته.
3- تزويدها بالأشرطة الإسلامية التي تتحدث عن ذلك.
4- أخذها معك إلى حلق العلم ومجالس الذكر التي يكثر فيها المنقبات.
5-اصطحابها معك إلى زيارة الأخوة المستقيمين للتعرف على زوجاتهم والتأثر بهم لأن أثر المرأة في المرأة أعظم من أثر زوجها غالباً.
6-معاملتها المعاملة الحسنة التي تحببها فيك، وتجعلها تطيعك في أي أمر من الأمور الشرعية أو غيرها لأن المرأة تضحي بحياتها من أجل إسعاد الشخص الذي يحترمها ويقدرها ويعاملها بالمعروف، واعلم أن التدرج في عرض الأحكام الشرعية والالتزام بها قد يكون أعمق أثراً وأعظم نفعاً وثباتاً من الإجبار والحسم والإلزام خاصة مع حديثي الالتزام فالحجاب خطوة على الطريق الصحيح واعظم منه من أن يمن الله عليها بالنقاب لأنه أكمل وأفضل وأستر، وهو عمل الصديقات من زوجات محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته، فعاملها يرفق وخذ بيدها بهدوء وأشعرها بعظمة الإسلام في الأخلاق والسلوك تملك عليها قلبها حتى لو طلبت منها لبن العصفور لجاءتك به كما يقولون.
مع تمنياتنا لك بالتوفيق والسداد والعرس المبارك وبالله التوفيق .
المجيب : ... الشيخ / موافي عزب
ـــــــــــــــــــ
الإستشارة : ... خطيبتي تلبس لباسا متعريا وأريد إقناعها بالحشمة فما الطريقة
تاريخ الإستشارة : ... 2006-04-04 13:00:23
الموضوع : ... استشارات ومشاكل الشباب
السائل : ... امين القريناوي
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرجو من حضرتكم أن تفيدوني فيما يلي:
أنا شاب أبلغ 23 عاما, متعلم وأعمل، قبل مدة تقدمت لطلب يد فتاة من بلدتي وقبلوني أهلها كخطيبا لها وزوجا في المستقبل لإبنتهم.
مشكلتي أننا من عائلة محافظة, والعكس ينطبق عليهم, فهم"منفتحون" أكثر منا، لباسها لا يعجبني أبدا، وأشعر بأن دمي يغلي حينما يراها شاب آخر وهي في لباسها الغير محتشم قليلا على الأقل.(5/926)
حبها لي كبير ولن تستطيع أن تتنازل عني بأي ثمن كان، فمنذ شهرين أحاول أن إقنعها "بقباحة" ملابسها وبأهمية تغييره لما فيه الخير لي ولها ولوجه الله, لكنها ترفض وتقول بأنها محترمة جدا وأن اللباس لا يدل على كبر الشرف أو قلته.
هي بالطبع محترمة وشريفة جدا, لكني أريد أن أقنعها بأن لباسها حرام وغير محترم، رجاء ساعدوني كيف؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ امين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإن هذه الغيرة التي تهجم على قلبك بسبب عدم التزام مخطوبتك بالحجاب الشرعي، هي بحمد الله غيرة محمودة غير مذمومة، وهي أيضاً عصبية ليست من عصبية الجاهلية، بل هي عصبية لأمر الله تعالى وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا ريب أن المؤمن، يغار وأن غيرته إنما تكون على حرمات الله، بل إن الله جل وعلا يغار إذا خولف أمره واعتدي على حدوده، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {إن الله يغار وغيرة الله أن تنتهك محارمه}.
والمقصود أنك معذور في غيرتك هذه، بل ومأجور عليها إن شاء الله تعالى، فإن الغيرة على الدين هي صفات المؤمنين الصادقين، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يغضب لأجل نفسه، وإنما يغضب لله وجل وعلا إذا انتهكت حرماته.
غير أننا نود منك أن تتأمل في حقيقة الوضع الذي عليه مخطوبتك، فإنك ذكرت أنها نشأت في أسرة لديها شيء من عدم الانضباط بأحكام الشرع، وهذا يعني ضرورة أن يكون لوضع أسرتها ولطبيعة الحياة التي يسيرون عليها تأثير على دين هذه الفتاة وعلى نوع تفكيرها وتناولها لمثل هذه الأمور، فلا بد من الانتباه إلى هذا المعنى انتباهاً جيداً، وفائدة الانتباه لهذا المعنى هو أن تعالج الأمر بشيء من الرفق، وبشيء من الحلم، لا سيما وأنت تعلم أن مخطوبتك فتاة ذات خلق وشريفة جداً، كما جاء وصفها في كلامك.
إذن فلا بد أن تأخذ بيدها برفق وبحنان إلى طاعة الله تعالى، فمثلاً بدل أن تبدأ بإقناعها بقباحة ملابسها –كما جاء في سؤالك- عليك أن تبدأ في إقناعها أن المسلم لا بد له أن يبذل جهده في امتثال طاعة الله تعالى، فإذا أمره الله بادر إلى امتثال أمره، وإذا نهاه، بادر إلى ترك نهيه، وتكرر هذه المعاني بأساليب متنوعة، وفي مواقف مختلفة برفق وحنان، حتى يستقر هذا المعنى في نفسها، وترى أنها أصحبت مقتنعة بضرورة أن تكون ممتثلة لأمر الله على الوجه المطلوب والحسن.
وأيضاً فلا بد أن تتجنب الإشارة إلى عدم رضاك عن وضع أسرتها وأنهم منفتحون زيادة، وأنهم لديهم أخطاء ولديهم ولديهم، بل حاول أن تجعل جلّ همك وأكثر سعيك، هو أن تقوي من إيمان هذه الفتاة، بأن تبين لها حقيقة دين الله تعالى وحقيقة أحكام الإسلام، فمثلاً بدل أن تحاول أن تبين لها أنها الآن عاصية لله مرتكبة الحرام، افتح معها الكلام حول حكمة الله في مشروعية الحجاب وكيف أنه تبارك وتعالى صان المؤمنة وصان عرضها بهذه الشعيرة المباركة، وكيف أن الله حفظ بالحجاب المسلم(5/927)
والمسلمة من الوقوع في الفواحش، وكيف كانت استجابة الصحابيات رضي الله عنهن أجمعين عندما نزل الأمر بالحجاب، بحيث بادرن مبادرة سريعة إلى امتثال أمر الله تعالى وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم.
وبعد تكرار هذه المعاني من حين إلى آخر، ودون إشعار بالضغط المتزايد الذي يصل إلى حد الإكراه، حاول بعد ذلك أن تبادر إلى هذه الخطوة، وهذه الخطوة هي أن تشتري لمخطوبتك حجاباً شرعياً بالأوصاف الشرعية، ثم تقدمه إليها مع رسالة فيها كلمات رقيقة معبرة عن شعورك تجاهها وتقديرك إياها.
وهذا الأسلوب لو تأملت هو أسلوب يوفر عليك الجهد والعناء، بل ويجعل ارتداء مخطوبتك للحجاب أمراً تقصد به وجه الله، وليس مجرد إرضائك فقط، فحاول أن تحسن التعامل معها وأن تستفيد من مكانتك في قلبها في هدايتها إلى الطريق الحق وإلى الالتزام بدين الله تعالى، وتأمل قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الرفق ما كان في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه) وقال أيضاً صلوات الله وسلامه عليه: (من يحرم الرفق يحرم الخير كله) وكلا الحديثين أخرجهما مسلم في صحيحه.
نسأل الله تعالى أن يشرح صدر مخطوبتك وصدرك لطاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم في جميع الأمور وفي جميع الأوقات والأحوال.
المجيب : ... أ/ أحمد مجيد الهنداوي
ـــــــــــــــــــ
: ... أخشى أن أرتدي الحجاب وكل من حول مشركين حتى زوجي
تاريخ الإستشارة : ...
الموضوع : ... استشارات الأسرة والمجتمع
السائل : ... لورا
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
أنا أنتمي إلى طائفة تعبد رجلاً، ولكن بفضل الله أشرق في قلبي نور الإيمان، وانشرح صدري للإسلام، وأنا الآن أنفذ جميع تعاليم الإسلام بالسر إلا موضوع الحجاب الذي لا يمكن أن أنفذه سراً، إلا أني أرتدي اللباس المستر.
أعلم أن الحجاب فرض ولكن زوجي يرفضه، وبيئتي الغير مسلمة بل المشركة (بمن فيها أهلي) التي تحاصرني من كل جنب ترفض الإسلام وتحاربه، وليس لي من نصير، فهل لي أن أؤجل موضوع الحجاب على أمل أن يهدي الله زوجي فيعينني عليه، عوضاً من أن أخرب بيتي الآن، أم ماذا أفعل.
أفيدوني جزاكم الله عني كل خير.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت المباركة / لورا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فألف أهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك بين إخوانك، الذين يُسعدهم ويشرح صدورهم اتصالك بهم(5/928)
دائماً في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يثبتك على الحق، وأن يزيدك توفيقاً وهدىً وصلاحاً واستقامة، وأن يجعلك من صالحي المؤمنين، ومن أوليائه الصالحين الذين هم لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، وأن يوفقك لدعوة أهلك وزوجك للإسلام، وهدايتهم إليه.
وبخصوص ما ورد برسالتك، فكم نحن سعداء حقاً أن من الله عليك بالهداية، وشرح صدرك للإسلام، وخلصك من هذا الكفر وذلك الضلال، فأوصيك أن تحمدي الله كثيراً على ذلك، وأن تشكريه على أن هداك للحق، وتكثري من دعائه أن يثبتك على الحق، وأن يجعلك سبباً في هداية الخلق.
وبخصوص موضوع الحجاب، فإذا كنتِ متأكدة أنه سيكون سبباً في إهانة أهلك لك، ومحاولتهم صرفك عن الإسلام، ومحاربتك، وأنك قد تفقدين دينك أو حياتك بسببه، أو أن أهلك لن يقبلوا منك الإسلام والدعوة إليه بسببه، فأرى والله أعلم أنه لا مانع من تأجيله؛ حتى تتهيأ الظروف للبسه، بشرط أن يكون زيّك شرعياً، وألا تقدمي تنازلات أكثر عن دينك، وألا تجاريهم في ارتكاب المحرمات من خمور أو زنا أو غيره والعياذ بالله، واعلمي أنه على قدر صدقك وإخلاص نيتك سوف يجعل الله لك فرجاً ومخرجاً، واجتهدي في دعوة زوجك، وحاولي استمالته بأي وسيلةٍ مشروعة، عسى الله أن يمن عليه بالإسلام، ويكون سنداً أو عوناً لك على الالتزام الكامل، ودعوة بقية أهلك للإسلام.
وختاماً أوصيك بالإسراع والاجتهاد في دعوة زوجك، حيث أنه لا يجوز أن تكون المسلمة زوجةً لكافر كما لا يخفى عليك، فاجتهدي في دعوته، وحسن معاملته حتى يحب الإسلام من خلالك، وأكثري له ولأهلك من الدعاء والإلحاح على الله أن يهديهم للإسلام، وأن يجعلك سبباً في ذلك، ونحن في خدمتك، وعلى استعداد لتقديم أي مساعدة ممكنة إن اقتضى الأمر ذلك.
مع تمنياتنا لك بالتوفيق والسداد، والثبات على الحق، والإعانة على هداية الخلق.
والله ولي التوفيق.
المجيب : ... الشيخ / موافي عزب
ـــــــــــــــــــ
: ... هل المرأة المتبرجة لا تدخل الجنة
تاريخ الإستشارة : ... 2006-04-25 12:40:46
الموضوع : ... استشارات الأسرة والمجتمع
السائل : ... بركات مونة
السؤال
هل صحيح أن المرأة المتبرجة لا تدخل الجنة؟ وإذا كان الأمر كذالك، كيف
يمكنكم مساعدتي على ارتداء الحجاب؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ بركات حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،(5/929)
فإن المؤمنة لا خيار لها في أمر الحجاب؛ لأنه شريعة العزيز الوهاب الذي قال في محكم الكتاب: {وما كان لمؤمنٍ ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبينًا}.
والحجاب سترٌ وعفاف، وطهرٌ ونقاء، ودليلٌ على الخيرية والصفاء، ولذلك سارعت إليه الصحابيات عندما سمعن الآيات من أزواجهن والأبناء، حيث انقلبوا إلى البيوت يرددون قول صاحب العظمة والجبروت: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يُدنين عليهن من جلابيبهن} لماذا كل هذا؟ {ذلك أدنى أن يُعرفن} بأنهن العفيفات الطاهرات {فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً}.
والحجاب للمرأة كالغطاء للحلوى، فإذا فقدت الحلوى غطائها كانت مرتعاً للجراثيم، وإذا تركت الفتاة حجابها كانت أُلعوبة في أعين الفاسقين ومرتعاً لنظرات الآثمين.
والفتاة المحجبة تجبر الناس على احترامها، بخلاف المتبرجة التي تسمع من الكلام ما يؤذيها، وتجد من العنت والشقاء ما يكفيها، وهي مع ذلك كالعلكة التي تلوكها الأفواه ليكون مكانها القمامة والأوساخ، وقد بدأت المرأة الغربية تشعر بالخديعة؛ لأنها وجدت نفسها عريانة وحولها شهوات الرجال تضطرب في حيوانية، وانقلبت موجة التحرر المزعومة إلى تحللٍ من كل فضيلة وخير.
ولا شك أن الجمال نعمة من الله، وكل أنثى فيها جمال، ومن شكر النعمة أن تستخدمها في طاعة الكبير المتعال، وأن تجعل جمالها وقفاً على زوجها.
وقد توعد النبي صلى الله عليه وسلم المتبرجات، فقال في حديثه الذي يعتبر من أعلام نبوته: (صنفان من أمتي من أهل النار لم أرهما، قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا) وهذا وعيدٌ تتقطع لمثله القلوب، وإنما تكون الكاسية عارية إذا كانت الثياب ضيقة أو قصيرة أو شفافة، ثم قال مائلات عن المنهج، مميلات لقلوب الآخرين والأخريات، أو مائلات مشيتهن مميلات لقلوب الرجال والنساء، ولا بد هنا من الإشارة إلى كارثة الكعب العالي الذي لا تملك المرأة إذا لبسته إلا أن تتراقص في مشيتها، وهو مع ذلك يحدث أصواتاً توقظ النائمين وتنبه الغافلين، وقد نهى ربنا تبارك وتعالى المؤمنات فقال: {ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن}.
وقد فهم العلماء هذا اللفظ (لا يدخلن الجنة) على أنهن لا يدخلن مع الصالحات الطاهرات، وإذا كان للإنسان شيءٌ من التوحيد والإيمان فإنه قد ينال الشفاعة في يوم القيامة، وذلك محض فضل ورحمة من الملك الديان.
فاتقي الله في نفسك، وتمسكي بحجابك، واسألي نفسك بصدق وقولي لها: لمن أتبرج؟ وهل سوف أتزوج كل من في الطرقات؟ وهل هكذا نشكر نعمة الجمال؟ وكم من متبرجة أصيبت بالعين أو تلبس بها الجن أو نالها المرض وسلبت نضارة الجسم؟ وأحسن من قال:
أرأيت أمتنا بدون حضارة *** حتى أتيت لنا بشرْعَةِ وِلْيمِ
وتبعت ماري في جميع خصالها *** فخرجت سافرة كأن لم تعلمي
ولن تستوي من كانت الزهراء قدوتها *** بمن تقفت خطى حمالة الحطب(5/930)
والله ولي الهداية والتوفيق.
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــ
التزمت بالحجاب والجامعة ترفض ذلك
تاريخ الإستشارة : ... 2006-04-10 13:15:41
الموضوع : ... استشارات الأسرة والمجتمع
السائل : ... hope
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
استشارتي لها علاقة بارتدائي غطاء الوجه، لفترة ستة أشهر تقريبا من غير موافقة من والدي، وعدم تقبل من جامعتي لوضعي، مما أدى بي لعدم الذهاب إلى الجامعة، خلال هذه الفترة إلا أيام معدودة، لتقدم الامتحان.
بالإضافة لوضعي العائلي، الذي ستكون أمي مسؤولة عني، بعد تخرجي وحصولي على العمل، والعمل بالخمار هذا شيء غير مقبول طبعا!.
وأمي منفصلة عن والدي، مع العلم أني من بداية ارتدائي للخمار، ارتديته زيادة وطاعة وتقربا إلى الله، على أنه سنة وليس فرضا.
والآن بدأت أستعد لخلع الخمار، مما يسبب لي من ضغوط نفسية وغيرها، بالإضافة لظروفي التي لم أدركها بشكل كامل قبل لبسه.
أرجو النصيحة وجزاكم الله عني كل خير
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ hope حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فبداية فإننا نحمد الله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه على هذا الالتزام الذي من الله عليك به، والذي جعلك بحمده حريصة على حسن طاعته، وعلى التقرب منه والعمل بمرضاته، ولا ريب أن من أعظم الفرائض وأجل القربات محافظتك على حجابك الإسلامي الذي هو رمز عفتك ورمز طهارتك، بل هو رمز عزتك كفتاة مؤمنة رضيت بالله ربا وبمحمد رسولاً صلوات الله وسلامه عليه.
نعم، إن الحجاب هو رمز عزة كل فتاة مؤمنة تتعالى عن السقوط في الرذيلة، وتصون دينها وكرامتها من أن تكون مهينة مرذولة تعبث بها أيدي ذئاب البشر، وهذه هي العزة الحقيقية التي لو فهمها النساء المؤمنات لما رضيت أي واحدة منهن إلا بطاعة ربها، وبصيانة شرفها بهذا الحجاب الذي أكرمهن الله به.
وأما عن قرارك بارتداء غطاء الوجه، فلا ريب أن الأصل في تغطيه المرأة وجهها أنه مطلوب ومرغب فيه بإجماع العلماء، وبعد ذلك اختلفوا هل هو واجب أم لا! فمنهم من أوجبه، ومنهم من جعله مستحباً غير واجب، فهذا هو الأصل في حكم تغطية الوجه.(5/931)
وأما عن الحالة الخاصة التي أنت فيها، والذي تعيشينها في هذا الحين، فإن من كان عارفاً بطبيعة الأوضاع التي لديكم وبطبيعة الضغوط التي تمرين بها، يظهر له جلياً وبوضوح أنه لا حرج عليك في أن لا ترتدي غطاء الوجه، خاصة وأنك تتعرضين لمثل هذه الضغوط من أقرب الناس إليك، فالجواب إذن أنه يجوز لك أن لا ترتدي غطاء الوجه لهذه الاعتبارات المشار إليها، فإن الله جل وعلا إنما يؤاخذ العباد على ما كانوا قادرين عليه من الواجبات الشرعية، وأما مع حالة الضرورة والحرج الشديد كمثل الذي أنت فيه، فإننا لا نرى بأساً في أن لا تلبسي غطاء الوجه، مع الالتزام بالحجاب الشرعي الذي يقتصر على إظهار الوجه والكفين دون إبداء أي زينة في البدن.
ونحن نؤكد عليك في هذا المقام أن تحرصي كل الحرص على عدم التنازل عن حجابك الذي هو رمز كرامتك كأنثى، ورمز إيمانك كفتاة مؤمنة مسلمة عفيفة طاهرة، ولا يضرك إن شاء الله تعالى كشف وجهك ويديك مع ما لديك من الظروف التي يعلمها من كان له دراية بحال الناس والمجتمع عندكم، وأيضاً فإننا نؤكد عليك توكيداً شديداً، الحرص على الفوز بالرجل الصالح الذي يضمك إلى بيت الزوجية المؤمن الذي تجدين فيه كل ما تريدينه إن شاء الله تعالى من طاعة الرحمن والبعد عن الفتن التي تحيط بنا ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
ونوصيك أيضاًَ بدوام اللجوء إلى الملك العظيم جل جلاله الذي لن يردك إذا لجأت إليه، والذي سوف يغيثك إذا اضطررت إليه، {أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله قليلاً ما تذكرون}.
وقد قال تعالى: {ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدراً }.
نسأل الله أن يثبتك على دينه وأن يوفقك لكل ما يجب ويرضى.
المجيب : ... أ/ أحمد مجيد الهنداوي
ـــــــــــــــــــ
: ... زوجتي لا تلتزم بالنقاب كما وعدتني فماذا أصنع معها
تاريخ الإستشارة : ... 2006-04-06 13:30:23
الموضوع : ... استشارات ومشاكل الشباب
السائل : ... عبد الله
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لقد قمت بإرسال استشارة على موقع الشبكة الإسلامية مسبقا ورقم الاستشارة هو 242529 .
وأما موضوع هذه الاستشاره فهو مرتبط بالسابقة، حيث أنني قمت بتحديد موعد حفل الزفاف ليكون بعد شهرين إن شاء الله، كوني أدرس في أمريكا وسأعود خلال العطله الصيفية، ولكن للأسف اكتشفت شيئا أغضبني كثيرا من زوجتي، حيث أنني ملتزم جدا والحمد لله، وأرغب أن تكون حياتي كلها على سنة الله ورسوله، إلا أنني اكتشفت أن زوجتي عندما تسافر مع أهلها إلى مدينة أخرى غير المدينة الموجود فيها أهلي،(5/932)
تقوم بنزع النقاب وترتدي الحجاب فقط -بدون تغطية الوجه- ولا أعلم لماذ، هل هو حياء من أقاربها الغير ملتزمين بالشكل المطلوب، حيث أنهم في العاصمة، أم أنها متثاقلة منه، وبمجرد أنها في مكان بعيد عن أهلي تنزعه حتى لا يرونها ويعلمونني بالموضوع، حيث أنها تعلم أنني شديد الغضب من هذا.
والآن أنا علمت من إحدى صديقات أختي التي أعلمتها، بأنها رأتها بدون النقاب في تلك المدينة، ويمكنني التأكد من ذلك بسؤالها مباشرة.
ولكن بعد هذا الموقف اهتزت صورتها من جديد، ولا أعرف كيف سأثق بها بعد الآن، إذ أنها وعدتني بأنها لن تخلعه أبدا وأنها مقتنعة به، بصراحة يا شيخ أصبحت أحس بأنني لم أظفر بذات الدين على الرغم من أنها تصلي كما ذكرت لك مسبقا، وحتى صلاة الفجر تأكدت من أنها تصليها في وقتها، ولا تسمع الأغاني كوني طلبت منها ذلك، ومحافظة على قراءة القرآن، ولكني لا أستطيع أن أفهم لماذا يحدث معي هذا.
هل أتراجع عن موضوع الزواج؟ حيث أنني كتبت الكتاب ولكن لم أجرِ حفل الزفاف بعد، وأنا أبحث عن زوجة تريحني، بحيث تكون ملتزمة أكثر، أم بماذا تنصحني يا أخي.
أنا في حيرة من أمري، أرجو منك الرد بالسرعة الممكنة، وجزاك الله عني خير الجزاء.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فنسأل الله أن يقدر لك الخير ويسدد خطاك، ويلهمنا جميعاً رشدنا، ويعيذنا من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا!
فقد أسعدني حرصك على الخير، وأفرحتني رغبتك وإصرارك على صاحبة الدين، ولن يفشل من يطلب الدين، فأبشر بتوفيق الله وأمّل ما يسرك.
واعلم أن الزوجة على دين وأخلاق زوجها، فهو قائد السفينة وبيده القوامة، وطاعته من طاعة الله.
وقد ظهر لنا من كلامك عن تلك الفتاة أن فيها خير كثير، ولن تجد امرأة بلا عيوب، لأننا معشر الرجال كذلك لا نخلو من العيوب، وكفى بالمرء نبلاً أن تعد معايبه، وأرجو أن تقتنع بما ذكره لك شيخنا الفاضل موافي عزب في استشارتك السابقة، وهو ما نؤكده لك أيضاً.
وأرجو أن تعلم أن المرأة لا تنال حريتها ولا تطبق قناعتها إلا عندما تكون في بيت زوجها، فسارع بإكمال المشوار حتى تعين هذه الفتاة على تطبيق شرع الله، وذكرها بلطف بضرورة المراقبة لله، ولا تحرص على تتبع عثراتها، فإنك إذا تتبعت عورتها أفسدتها، وعلى مثل الشمس فاشهد.
ولا تعتمد على نقولات النساء، فإن الأمر لا يخلو من الكيد، خاصة وقد ذكرت أن في النفوس شيء، وحتى لو فرضنا أن ذلك حصل، فماذا تستفيد من تدمير فتاة انتظرتك(5/933)
سنوات، وحرصت على أن ترضيك بحفظ القرآن والطاعات، وكل ذلك دليل على أن قيادها سهل، ولا عجب فهي من بيت يحافظ على صلاة الفجر.
فأرجو أن تنظر في الإيجابيات مع اهتمامك بمعالجة الخلل والسلبيات بحكمة ولطف ورفق.
وأخبرها بغيرتك عليها، وبأن وجهها وزينتها ملك لك وحدك، واطرد عن نفسك كثرة الشكوك، وتجنب التردد فإنه يتعبك ويتعب زوجتك وأهلك، وأكثر من اللجوء إلى من يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء.
وأعلم أننا ننال التوفيق بطاعتنا لله، ونصون أعراضنا –بعد توفيق الله– بصيانتنا لأعراض الآخرين، فإذا كنت –ولله الحمد ملتزما– فثق بأن الله يدافع عن الذين آمنوا، وأنه سبحانه يحفظ من حفظه واتقاهـ ويجلب له الخير والنفع.
فسارع بإكمال مراسيم الزواجـ حتى تخرج هذه الفتاة من سيطرة وتأثير عائلتها، وسوف تكون لك بحول الله وقوته أطوع لك من نياتك، وأرجو أن تعلم أن تأخير الدخول يترك آثار سالبة في الفتاة، وأهلها ويجعل سلطان الأسرة عليها قوياً، وخير البر عاجله.
واحرص على ترميم علاقتك بخالتك، وانقل إليها أحسن ما عند زوجتك من المشاعر اتجاهها، ولا تحاول أن تخبر زوجتك بما حصل من أهلك، حتى لا يتسلل البغض إلى النفوس، فتجد نفسك أمام معادلة صعبة، لأنك مطالب بالإحسان إلى أهلك بعدم ظلم زوجتك.
ونحن نوصيك وأنفسنا بوصية الله للأولين والآخرين، قال تعالى: {ولقد وصينا الذين أتوا الكتاب من قلبكم وإياكم أن اتقوا الله}.
ونسأل الله أن يقدر لك الخير وأن يوفقك للخير، وأن يجمع بينكما في خير.
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــ
أرتديت الحجاب ولكن أبي حاربني فبماذا تنصحونني
تاريخ الإستشارة : ... 2006-04-12 13:04:05
الموضوع : ... استشارات ومشاكل الشباب
السائل : ... anisa
السؤال
أرجوكم ساعدوني أنا في بلاد الكفر بغرض الدراسة، وعائلتي تعيش في بلد عربي, لبست الحجاب السنة الماضية والحمد لله, وكان ذلك حين توجدي بأوربا, لما عدت إلي بلدي في العطلة الصيفية, عارضت عائلتي ذلك خاصة أبي (هداه الله, كما أنه لا يصلي) أبي أمرني بنزعة بحجة أنه يخاف علي من مشاكل يمكن أن أتعرض إليها بأوروبا.ويري أنه سيكون لي عائقا في الدراسة والحصول علي شغل, كما اتهمني بأني سأحطم مستقبل إخوتي, لأن أختهم ترتدي الحجاب, ستعيق عليهم الحصول على عمل.
كان طوال العطلة يلاحقني مرة بنظراته الغريبة, ومرة بنعتي والتهكم من حجابي, ووصفي بصفات سيئة، إلا أن تمكن الشيطان من الوسوسة ونزعته بعد 4 أشهر من(5/934)
ارتدائه، وعدت ثانية إلي أوروبا, صديقاتي هناك ينصحنني بارتدائه من جديد, وأنا أخاف أن ألبسه وأنزعه من جديد، بل ماذا أفعل لو لبسته وعدت من جديد لبلدي وموقف أبي السابق؟
أعلم أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق, وحاولت أن أبين ذلك لأبي (أي فضل الحجاب والالتزام) منذ حوالي شهرين فغضب علي ولم يتصل ني منذ ذلك الوقت (أي منذ شهرين)، وأمرني بأن لا أذهب للمسجد لأن جماعة متطرفة تأثر علي حسب رائيه؛ لكني أذهب وخفية (فهو لا يراني, لأني كما قلت أعيش بأوروبا لوحدي).
حين عودتي لبلدي بالحجاب اعتقدت أنهم سيفرحوا، ولكن صدمت برأيهم, وكأني أتيت بشيء منكرا، وأنا أعلم تمام العلم أن علي كل فتاة مسلمة أن تحفظ وتصون نفسها بالحجاب, والامتثال لأمر ربها: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما} (الأحزاب : 59).
في بعض الأحيان أحس برغبة كبيرة في ارتدائه حالا، وأحيانا وهو الأمر الذي يعذبني أتذكر كيف كان أبي يتهكم بي ويبشعه في نضري, فلا أحب لبسه و يوسوس لي الشيطان أني هكذا دون حجاب أفضل حالا، إنها وسوسة تعذبني، كما أني هنا أذهب مرة في الأسبوع إلي المسجد للالتقاء مع الأخوات, ونقوم بتلقي دروس في الدين. لكنني أصبحت أتكاسل للذهاب في الفترة الأخيرة لأن كل صديقاتي هناك إما محجبات أو منقبات (ما شاء الله), وأنا الوحيدة التي تذهب للمسجد بالحجاب ثم تنزعه حين الخروج، أنا الوحيدة بينهن دون حجاب؛ لذلك أحس أنه لا يجب علي الذهاب, لأني أقل منهم, أحس أني منافقة.
صدقوني عقلي يقول لي البسيه, ولكن قلبي لم يعد يحب ذلك كما فرحتي به في الأول.والسبب خوفي من ردة فعل أبي، كذلك خوفي أن ألبسه وأنزعه مرة أخرى كما سبق وفعلت, وأحيانا يوسوس لي الشيطان أني هكذا دون حجاب أفضل، ولا أحد في عائلتي يستطيع مساعدتي، والتكلم مع أبي.
ماذا أفعل؟ أخاف أن أموت فجأة وألقي ربي هكذا عاصية لأمره، فأنا حائرة, ومشوشة وأحس بأني لا أستطيع أن أصل لمستوى صديقاتي الملتزمات، وأنا غير متزوجة, لذلك لا أجد من يقف بجانبي أمام عائلتي فأمي مثلا غير محجبة، وشخصيتي ضعيفة أمام أهلي, وأخاف جدا من أبي ولا أستطيع نقاشه بشيء لقد كنت مند الصغر أخاف منه, ولا يعطني فرصة لنقاشي, وتواصل خوفي منه إلي الآن, بصراحة أقول لكم أني لم أعد أحب أبي, ولا أرغب بأن أكلمه, رغم معرفتي بأن ذلك عند الله ذنب.
أنا محطمة ويائسة. أرجو أن يتسع صدركم لي، وجزاكم الله خيرا.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ anisa حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فنسأل الله العظيم أن يرزقك السداد والثبات وأن يلهمك الرشد والصواب.(5/935)
فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ولا خيار للمؤمنة في أمر الحجاب فإنه شريعة العظيم الوهاب، قال تعالى : {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا}.
واعلمي أنك لن تدخلي القبر مع والدك ولن يحمل عنك الوزر، وأنت مع ذلك مطالبة بالإحسان إليه ومصاحبته بالمعروف لأن الله سبحانه يقول : { وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعمهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً } ثم أمر بمتابعة أهل الإيمان فقال سبحانه : { واتبع سبيل من أناب إلي }
ونحن بدورنا نسأل أن يهدى هذا الوالد إلى الصواب، وأن يعينك على بره والصبر عليه والاجتهاد في الدعاء له لعل الله أن يرده إليه رداً جميلاً ولن تضرك نظرات الوالد، واعلمي أن مهر الجنة غال فاتق الله واصبري ، ولا تفكري في الانقطاع عن الدروس ولا تبتعدي عن الصالحات وعودي إلى حجابك وصوابك، ولا تستمعي لوساوس الشيطان واعلمي أن خلع الحجاب خطيئة والتوبة كفارتها، ولا مانع من أن تخطئ المسلمة ثم تعود وإن تكرر ذلك حتى يكون الشيطان هو المخذول المدحور.
ولا يخفى عليك أن الفلاح في مخالفة الشيطان وطاعة الرحمن ولن يكون في ترك الحجاب خير أبداً .
وأرجو أن تسارعي بلبس الحجاب بمجرد قراءة هذه الأسطر واسألي أن يصرف عنك الكيد والشرور، واعلمي أن روحك بيد الله وكذلك روح والديك فاجعلي خوفك من الله الذي خلقك ورزقك وسواك في أحسن صورة، واحرصي على التشبه بزميلاتك ولست أقل منهن إذا صدقت توبتك .
ولا يخفى على أمثالك أن الإنسان لا يترك دينه من أجل الناس، وهمّ المؤمنة أن يكون رب العزة عنها راضٍ، فإن من طلب رضى الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس، ومن طلب رضى الله رضي الله عنه وأرضى عنه الناس، وذلك لأن الله سبحانه يأمر جبريل عليه السلام أن ينادي في الملا الأعلى أن الله يحب فلانا فيحبه أهل السموات ثم يلقى له القبول في الأرض وهذا قول الله تعالى : { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن وداً }
فاتركي التردد واختاري رضى الله ، ونحن سعداء باهتمامك وبالسؤال الذي يدل على ما في نفسك من الخير ونسأل الله أن يثبتنا على دينه حتى الممات.
فنسأل الله أن يسهل أمرك وأن يغفر ذنبك .
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــ
: ... ما أهمية الحجاب؟ ولماذا فرض على المرأة؟
تاريخ الإستشارة : ... 2006-05-04 12:32:54
الموضوع : ... استشارات الأسرة والمجتمع
السائل : ... دانيا
السؤال
السلام عليكم.(5/936)
أنا فتاة مؤمنة والحمد لله، لكني كثيرة التساؤل حول موضوع الحجاب، فأنا وأستغفر الله أعتقد أنه ظلم للمرأة أن يفرض عليها الحجاب، و على الرغم من أنني متحجبة إلا أنني أندم جدا على هذا القرار، وخصوصا أني أنا من اتخذ هذا القرار، فهو بنظري يقيد حريتها، وصعب عليها القيام بكثير من الأشياء البسيطة أو حتى العادية كشراء الملابس، الذي أصبح عبئا عليها، فيجب عليها أن تختار ملابسها الواسعة المحتشمة الأنيقة، ومن الصعب جدا أن تجد طلبها، وهي في الغالب لا تجد، والأمر لا يتوقف على ملابسها وحسب، بل هناك الكثير من الأمور التي أصبحت مزعجة بعد وضع الحجاب.
فأرجوكم هلا ساعدتموني للتخلص من هذه الأفكار، و إظهار فائدة الحجاب لي. وشكرا.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ دانيا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
فإن الجوهرة الغالية هي التي يحرص أهلها على المبالغة في صيانتها وحفظها، والحجاب من أمر الله الذي لا يملك أهل الإيمان معه إلا أن يقولوا ( سمعنا وأطعنا ) فليس في الأمر خيار، لأن الله يقول:{ وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعصى الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً }.
والإنسان لا يندم على طاعته لله، فتعوذي بالله من شيطان يريد أن يصدك عن سبيل الله، واعلمي أن مهر الجنة غال وطريقها محفوف بالمكاره.
والحجاب يجبر الناس على احترام الفتاة، لأن الطهر والعفاف محبب حتى عند أهل الفساد الذين إذا أراد أحدهم أن يتزوج لا يرضى إلا بالعفيفة، ويمكن أن يجامل المتبرجة ويستخدمها في تحقيق أغراضه الخبيثة ويرميها كالعلكة البالية في سلة المهملات وفي تجمع الأوساخ والقامات.
ورحم الله نساء الصحابة في مسارعتهن إلى تنفيذ أمر الله، فما كادت آية الحجاب تنزل ويتقلب بها الآباء والأخوات والأزواج إلى البيوت حتى قامت كل واحدة منهن إلى مرطها فاعترجت به وجئن إلى مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وكأن على رؤؤسهن الغربان من الأدب والهدوء والحشمة، ولا عجب! فإن الله سبحانه جعل الحجاب علامة فارقة بين الفضليات والساقطات.
فقال سبحانه: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين } يعرفن بأنهن العفيفات الطاهرات.
وقد اعترف بفائدة الحجاب حتى المنصفين من الكافرين والكافرات، وقال أحد أكبر رؤساء دول العالم نساء بلده عندما اشتكين من انتشار الأمراض الجنسية بينهن قال لهن: لا حل أمامكن إلا في التشبه بالمرأة المسلمة في لباسها وسترها وعفتها، فالحجاب طهارة ونقاء وعصمة من الأمراض والشقاء، وهل قيل لذلك طاعة لرب الأرض والسماء .(5/937)
وهذه بعض الأقوال التي نقدمها لك عن الحجاب.
تقول الداعية الأمريكية آمنة شولتز (( الحجاب أمر من الله تعالى ونعمة منه وطاعة الله واجبة وقد أمر بتغطية جميع أجراء الجسم، ولا يغني ارتداء البنطلون الضيق وأن كان ساتراً عن الحجاب، والله بتارك وتعالى أمرنا أن نغطي الجسد ونخشاه وهو أمر لصالح المرأة وحماية لها من الشيطان ... إلى أن تقول (( ولتتذكر أخواتي أن يوم القيامة قريب، والأيام تمضي والموت قادم لا محالة فلينظر كل إنسان ما قدم لآخرته (( وقد ورد هذا الكلام في كتاب قالوا وقلن عن الحجاب لابن أسامة محي الدين عبد الحميد.
فقدمي طاعة الله ورضاه على رضي الناس، واعلمي أن كلام الناس لا ينتهي، والعاقلة تطلب رضوان الله، وإن سخط الناس وإذا رضى الله عن الإنسان صرف قلوب الناس إليه، فلا تترددي وصلي واستغفري واعلمي أنك سوف تفوزي وتؤجري، فاتق الله واصبري وكوني في صحبة الصالحات وأبشري.
ونسأل الله لك السداد والثبات حتى الممات.
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــ
: ... أريد أن ألتزم بارتداء الحجاب
تاريخ الإستشارة : ...
الموضوع : ... استشارات ومشاكل الشباب
السائل : ... mona
السؤال
من شهر رمضان، كان خطيبي يشجعني على ارتداء الحجاب فكانت نفسي الأمارة بالسوء تمنعني، كنت أقول له أننا لما نتزوج ـ إن شاء الله ـ سأرتديه، وبأني لا زلت مقصرة في صلواتي، لا أحافظ على صلاتي ولا أحفظ القرآن ولا أقوم الليل، فكيف أرتديه؟ سأحسب نفسي منافقة؛ لأن الحجاب ليس فقط لباسا بل هو أسمى من ذلك لأن المرتدية له يجب أن تطبق الدين كما هو.
المهم حاولت جادة أن أرتديه من شهر رمضان لحد الآن، فخطيبي كان دائما يشجعني على الاستمرار في ارتدائه، ويقول لي أن الحجاب سيشجعك على الحفاظ على صلواتك وأنك جميلة وستكونين أجمل بالحجاب، لكن ـ للأسف ـ لم أكن راضية على صلاتي فأنا أهمل الصلاة، لا أصلي في الوقت خصوصا مع ظروف عملي، فأصبحت في هذه الأيام أفكر بنزعه؛ لأني لا أقدر عليه، كما أصبحت أحس بأني مخنوقة.
أصبحت أنتظر وقت دخولي للمنزل حتى أزيله لكي أتنفس. صدقوني أنا أحب جدا الحجاب منذ صغري، وأحب البنات المحتجبات وأعرف أنه عفة خصوصا في هذا الزمن الذي أصبح فيه العجب، صديقاتي يقلن لي أنك أهملت نفسك منذ ارتدائك للحجاب، لكن لا أكترث لهن، وخطيبي يقول لي أني لا أتصور رؤياك بدون حجاب.(5/938)
أنا في حيرة من أمري وفي دوامة، أرجوكم ألا تبخلوا علي بنصائحكم، فأنا محتاجة لها في هذا الوقت، كما أخبركم أني منذ صغري وأنا أعاني بمرض الحساسية بادناي (les oreilles) الشيء الذي يعطيني شيئا من الصداع والألم بهم، خصوصا بعد ارتداء الحجاب.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ منى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
أسأل الله أن يوفقنا وإياك لما يحبه ويرضاه، وأن يشرح صدورنا بنور الإيمان.
أرحب بك على موقع الشبكة الإسلامية، والذي نذر القائمون عليه أن يعيشوا مشاكل الشباب المسلم، ويعينوهم على حلها، فنرجو أن تجدي عندنا الحل.
ابنتي، ورد في الأثر أن القابض على دينه كالقابض على الجمر، لا سيما في هذا العصر؛ لأن العالم كله من حولنا بعيدٌ عن الدين وعن تعاليمه والتمسك به، ولذا فالذي يتمسك بهذا الدين سلوكاً وأخلاقاً يكون من المجاهدين؛ لأنه يجاهد الشهوات والرغبات، ويجاهد شياطين الإنس والجن.
ابنتي، إن الحجاب هو زينة الفتاة وجمالها وعفتها وكرامتها، ومحل طهرها، فإنك بحجابك تأمنين الكلاب البشرية التي تنهش الأعراض بعيونها.
لقد خلقك الله تعالى يا ابنتي لرسالة معينة، وهي عبادته وطاعته، وغداً ستلقيه طال عمرك أم قصر، وسيسألك عن كل شيء، فسيري في طاعته، ولا تلتفتي إلى همزات الشياطين فتضلك عن السبيل القويم.
واعلمي أن هناك بناتٌ من أجل أزواجهن اخترن التعري والسفور بعد أن كن محجبات وعفيفات، وأنت والحمد لله زوجك يعينك على طاعة الله، فنِعم الزوج المؤمن.
أنت تحتاجين لمزيدٍ من الغذاء الروحي، فأكثري من الصلاة والذكر، ولا سيما الصيام إن استطعت وتلاوة القرآن، فهذا غذاء للروح يقوي إيمانك، ويزيد تمسكك بدينك، فاجتهدي ولا تتركي للشيطان سبيلاً فيصدك عن سبيل الله.
نسأل الله أن يوفقك لما يحبه ويرضاه.
المجيب : ... د. أحمد محمد نصر الله
ـــــــــــــــــــ
كيف أقنع زوجتي بارتداء الحجاب
تاريخ الإستشارة : ... 2005-05-03 13:25:06
الموضوع : ... استشارات الأسرة والمجتمع
السائل : ... أمجد أبو عايشه
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
إنني رجل مسلم متزوج وأب لثلاثة أولاد، زوجتي تلبس لباساً غير شرعي(تغطي الرأس وتستر العورة)، أحاول دائماً إقناعها بالحجاب الشرعي ولكنها لا تحب(5/939)
ارتدائه، علماً بأنها مؤدبة وتميل إلى الالتزام، وأنا من النوع الذي لا يحب المشاكل العائلية وليس لي عليها جلد ولا أستطيع أن أستعمل القوة لذلك، أرجو إرشادي إلى طريقة أقنع بها زوجتي بارتداء الزي الشرعي.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أمجد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
أسأل الله أن يهدينا وإياكم سواء السبيل.
وأما بخصوص ارتداء زوجتك الحجاب، والأسلوب الواجب اتباعه في ذلك، فأولاً: أشكرك، وأسأل الله لك التوفيق والسداد، فقليلٌ من الشباب من يهتم بأمور دينه.
وأذكرك أخي ثانياً بأن تكون الحكمة والموعظة الحسنة هي شعارك في التعامل مع زوجتك، وابتعد عن الغلظة معها والشدة، وتحت هذا الشعار ابدأ معها مسيرة الإقناع، -كما أمرنا الله تعالى- وذلك بالآتي:
1- بالتحدث الهادئ، والأسلوب الطيب، ويا حبذا أن يكون معك كتاب يتناول هذا الموضوع، وذكرها بأن رضاء الله يجلب السعادة في الدنيا والآخرة، وهو في طاعته، ومن هذه الطاعة ارتداء الحجاب، وأن المرأة إذا خرجت سافَِرة لعنتها الملائكة حتى تعود لبيتها.
2- ذكرها برضائك أنت عنها مع الحجاب، وغضبك مع السفور.
3- لا بأس أن تهديها شيئاً على قدر استطاعتك، سواءً ذهب أو ملابس، توعدها بها إن هي تحجبت.
4- وليكن الحجاب لها على مراحل، فلتلبس الزي الإسلامي العام، ثم تنتقب... وهكذا.
5- إن لم تستجب، فأشعرها بغضبك منها، وليتبع غضبك هجرانها، ويجب أن تشعر أن سبب ذلك هو عدم التزامها بالحجاب، وإن لم تستجب فتحدث معها حول النساء المتحجبات وأنهن أجمل، وأن الفرد يعيش سعيداً معها، فهذا سيجعلها تتراجع كثيراً في إصرارها، وسوف تشعر أنها إن لم تلتزم بالحجاب، فربما أدى ذلك إلى فراقها والزواج بأخرى، وهنا ستلتزم لا محالة؛ لأنها لا يمكنها خراب بيتها بالفراق.
أخي، لا تستعجل النتائج، وعليك بالصبر حتى تتم العلاج؛ لأنك لو استعجلت لفراقها لتركتها للشيطان يلعب بها، وأنت كمسلم، فأنت داعية وطبيب، والداعية لا ييأس من الإصلاح أبداً .
وفقك الله لكل خير.
المجيب : ... د. أحمد محمد نصر الله
ـــــــــــــــــــ
هل الزواج من المتحجبة أفضل أم من غير المتحجبة لكنها ملتزمة؟
تاريخ الإستشارة : ... 2005-09-08 11:19:42
الموضوع : ... استشارات ومشاكل الشباب
السائل : ... khalid ali
السؤال(5/940)
السلام عليكم
اختلفت أنا وبعض الإخوة في موضوع: هل ينعكس القلب على الطبع؟
بمعنى أن إحدى الفتيات تصلي فرضها وتحب الله، وتقوم بفرائضها من صوم وزكاة ...الخ، لكنها هداها الله لا ترتدي الحجاب، وتخرج وتضع كمية من الألوان والمزينات والمكياج ومتعطرة إلى الشارع!! وتردي محتشماً نوعاً ما.
وحين أرد عليهم أن المحجبة قد تكون ملتزمة عن اقتناع ، وقد لا تكون عن اقتناع بل بضغط اهلها عليها فهذا ينظر في أمرها على الاعتقاد الحسن.
فحين أنها إذا كانت غير متحجبة فإني اعتبرها غير ملتزمة.
وهذا قادني لأن أوجه لهم مثال ، ولا أدري مدى انطباقه على الحالة، والذي يقول: إن رجلاً ذهب يشتري أرضاً.
فوجد أرضا بوراً، ووجد أرضا ثانية رملية وبها بئر، وثالثة أرض صالحة بها بئر، ورابعة بها بئر وشجرها مثمر.
فكان الإجماع أنه سيشتري الأرض المثمرة.
لكن كان هناك آراء أخرى متفقة أنه لماذا لا يشتري الأرض الصالحة ويزرعها بنفسه؟!
والمغزى: هل الزواج من الفتاة غير المتحجبة لكنها ملتزمة أفضل، أم المتحجبة طوعاً أو كرهاً أو اقتناعاً؟
أفيدونا.
بارك الله فبكم.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
نسأل الله العظيم أن يحفظكم ويسدد خطاكم، وأن يشغلنا جميعاً بما يرضيه، وأن يلهمنا رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا...وبعد،،،
فإن الإسلام دينٌ يهتم بالظاهر ويكِلُ السرائر إلى الله، وما أُمرنا أن ننقب عما في صدور الناس، ونتدخل في نياتهم ومقاصدهم، ولكن لا بد أن نعرف أن الحجاب شريعة الله وليس للمؤمنين والمؤمنات أمام أحكام الشريعة إلا السمع والطاعة، قال تعالى: {إنما كان قول المؤمنين إذا دُعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون} ويقول سبحانه: {وما كان لمؤمنٍ ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم}.
وإذا وجد الإنسان فتاةً ملتزمة بالحجاب، فهي بلا شك أفضل من غيرها؛ لأن الإسلام انقياد وطاعة واستسلام لأوامر الله، والتزام بتوجيهات الرسول صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى، وما أحوج الفتاة المؤدبة المصلية إلى حجاب تكمل به تلك الخيرات وتزيِّن به تلك الطاعات! وما أحوج الفتاة المحجبة إلى أخلاق فاضلة وسريرة حسنة وسيرة طيبة!.(5/941)
ولا شك أن الأرض المثمرة الصالحة التربة أفضل من غيرها، ويستطيع صاحبها أن يُضاعف من إنتاجها، والمرأة المحجبة على خير، وبإمكان زوجها إكمال ذلك الخير، ولن يرتاح الإنسان مع امرأة تعرض جمالها للناس في الطرقات، ولن يكون التبرج أفضل من الستر والحشمة مهما كانت الدوافع والأسباب، وليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي، ولكن الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل.
وبالله التوفيق.
المجيب : ... د. أحمد الفرجابي
ـــــــــــــــــــ
الإستشارة : ... أعجبت بفتاة في الجامعة لا ترتدي الحجاب فهل تنصحونني بخطبتها
تاريخ الإستشارة : ... 2006-06-18 10:53:25
الموضوع : ... استشارات الأسرة والمجتمع
السائل : ... سعد
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
شاء الله أن أتعرف خلال دراستي في الجامعة على فتاة ملتزمة بالدين، ولديها أفكار عن الدين تجعلني أتعجب حينما أراها تتكلم بذلك، وبنفس الوقت لا ترتدي الحجاب، وترتدي ملابس ضيقة بعض الشيء، ولايعجبني ذلك! ومشكلتي أني معجب بها وأفكر أن أفاتحها بذلك - أي إعجابي بها وحبي لها - وللعلم فوالدها متوفي وتعيش مع والدتها وليس لها أقارب كثر، فأنا حاولت أن أقنعها أن ترتدي الحجاب والعباءة ولكنها تقول لي أنها تريد أن تفعل ذلك بإرادتها.
فما هو الحل برأيكم هل أبتعد عنها أم أبقى بجانبها حتى تغير فكرتها وأخبرها عن إعجابي بها وأسألها الزواج أم ماذا أفعل؟
ارجو منكم أن تساعدوني ولكم مني جزيل الشكر.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ سعد حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإننا نحمد الله تعالى على ما وفقك إليه، من السعي في الالتزام بهذا الدين الكريم، وكذلك حرصك على الزواج بالفتاة الصالحة صاحبة الدين، ولا ريب أن هذا من توفيق الله تعالى إياك وحسن رعايته، خاصة وأن الزوجة الصالحة هي من أعظم ما يعين على طاعة الله تعالى، حتى ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة).
وقد ذكرت عن هذه الفتاة بأنها بحمد الله صاحبة دين وخلق، وأن الذي ينقصها هو الحجاب الشرعي الذي فرضه الله تعالى على المؤمنات، ومع أن هذا يثير العجب كما قد أشرت في كلامك، إلا أن له تفسيراً وإيضاحاً، فإن كثيراً من الفتيات المسلمات يحملن قلباً مؤمناً، ونفساً نقية طاهرة، مع مالهن من الأخلاق والأدب، إلا أنهن نشئن في بيئة فيها هذا النوع من التبرج والسفور، وفيها تهاون في كثير من الأحكام(5/942)