ذلك، فالأمُّ التي لا تريد أن تلزم الابنة بالحجاب الساتر المحتشم منذ الصغر، وتترك لها مطلق الحرية في ارتداء ما تشاء دون حزم أو توجيه، تفاجأ حين تصل الابنة لسنّ البلوغ وتؤمر بالحجاب برفض البنت أو بتحايلها على أوامر الأم.
فالواجب أن تغرس الأم في قلب ابنتها حبّ الحجاب والاقتناع به منذ الصغر بحيث تطلب الابنة ارتداءه من تلقاء نفسها، لا أن تنتظر أوامر والديها بارتدائه.
ابنتي لا تريد الحجاب..ماذا أفعل؟
من المناظر التي أصبحت مألوفة اليوم، وفي الوقت ذاته مزعجة لمرأى العين أن ترى الأم تسير في الشارع وهي بكامل حجابها وحشمتها، وإلى جوارها تسير الابنة الشابة سافرة في زي يتنافى مع لباس الأم المحتشم، وقد نتساءل: ما سبب هذا التناقض؟ ولو وجَّهنا السؤال للأم ففي الغالب سنحصل على إحدى إجابتين، فإما أن تجيبك بأن الابنة ما زالت صغيرة، ودعها تتمتع بشبابها، أو ترد عليك بحسرة بأنها حاولت معها مراراً لإقناعها بارتداء الحجاب لكنَّ الابنة المتمرِّدة ترفض الانصياع لأوامر الأم.
لن نضيع وقتنا مع إجابة الأم الأولى تلك التي ضيَّعت الأمانة، وجهلت مسؤوليتها، ومن ثم نكلها لخالقها كيما يحاسبها على ما فرطت فيه.
ولكن لنقف ونتأمل في إجابة الأم الثانية، والتي تدرك الخلل لكنَّها عاجزة عن إصلاحه، والسبب أن هذه الأم لم تدرك أهمية السنوات الأولى في حياة الابنة فتركتها ترتدي ما تشاء من ثياب دون توجيه، وكانت تظنُّ أنَّ الأمر سيغدو سهلاً حين تقترب الابنة من سن البلوغ، وما كانت تتصوَّر أنها ستواجه برفض منها لارتداء الحجاب، وهذا الخطأ التربوي تقع فيه كثير من الأمهات اللاتي يندمن فيما بعد على ما فرطن فيه، ولكن السؤال الآن: هل غدت المشكلة بلا حل؟
بالطبع لا، صحيح أن الأم ستواجه بمصاعب كثيرة، وعناد مفرط من الابنة، لكن عليها أن تتحلَّى بالصبر تارة، وبالحزم والتهديد تارة أخرى، وثالثة بالدعاء في جوف الليل حتى يقذف الله - تعالى -في قلب ابنتها حب الالتزام بطاعته.
http://hijabsahih.tripod.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ
رسالة إلى فتاة متبرجة
إيمان حمد سعد العباد
أختي الكريمة..السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنت حتما لا تعرفينني وأنا أيضا لا أعرف شخصك ولكن يجمعني بك رباط قوي يحتم علي أن أقتطع جزءا من وقتك لأبدي لك خالص الود وأمحضك ونفسي النصح في خطاب أسكب قلبي في عباراته ليشملنا قوله - تعالى -: (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) وقوله - عز وجل -: (وتعاونوا على البر والتقوى).
عذرا أخيتي الحبيبة إن كنت سأرفع التكلف والتنميق لأحدثك حديثا لا تنقصه الصراحة (فالمؤمن مرآة أخيه) ولن يكتمل إيمان امرىء لا يحب لأخيه ما يحب لنفسه، فالعين تبصر منها ما دنا ونأى....... ولا ترى نفسها إلا بمرآةِ.. ثم إن الأمر(5/60)
متعلق بدينك.. بعبادتك التي تتقربين إلى الله بها فهو إذن أمر مهم يستوجب هذا كله فشنفي أذنيك وأرعيني سمعك وعقلك:
لقد ذهلت... حين رأيتك هناك بهذه الهيئة المحزنة.. وهذا الحجاب الفاتن!!
كنتِ نهبة لكل عين.. ولقمة سائغة لكل متطفل.. لقد هممت أن أفقأ تلك العيون.. وأن أحشو تلك النفوس بالتراب!!
ولكنني توقفت برهة.. فهي ليست سببا مباشرا.. إنما السبب الحقيقي هو.. هذا الحجاب الصارخ: أن هلموا إلي!!
إن أمر الحجاب يا أختي العزيزة أمر تعبدي لا مجال فيه لاجتهادات ولا آراء ذاتية.. فيجب أن نرضى به كما أمرنا (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا) [سورة الأحزاب: 36].
أمرتِ بالحجاب كما أمرتِ بغيره من العبادات.. به تستترين عن أعين الذئاب المسعورة.. وبه تحصنين نفسك.. وتحمين شباب أمتك من الوقوع في مهاوي الردى والرذيلة.. وبه تكبتين الشيطان وأعداء الإسلام.. وتعلين راية التوحيد.. وتتربعين على عرش العزة والكرامة.
إنني يا عزيزتي: قد أجد لك مبررا لأن تختاري ثوبا جميلا يناسبك.. أو تقتني ساعة رائعة تليق بك.. ولكنني لا أستطيع أن أسوغ لك تفننك في اختيار أصناف جديدة لعباءتك وطرحتك وخمارك!!
إنك بهذا أنزلتِ الحجاب من عليائه وخلعتِ عليه أوحال الموضة.. وأطمارها.
هل كنت تظنين أن لبسك للعباءة بهذا الشكل هو الحشمة ذاتها.. أم أنك تعلمين أن هذا صورة من صور الزينة التي ما فرض الله الحجاب إلا لسترها؟!!
كوني صريحة مع نفسك.. وحاسبيها بكل صدق.
هل تدركين ماذا يعني الحجاب.. ؟... وما الحكمة من فرضيته.. ؟
هل أنت موقنة أن دينك الإسلامي العظيم ما جاء بشيء إلا وفيه كل الخير وما نهانا عن شيء إلا وفيه الشرُّ كله؟
إنك مطمع الرجال ومهوى أفئدتهم وإذا خرجتِ زينك الشيطان في أعينهم.. فما بالك بهذا الحجاب المتبرج.. تبدين أكثر مما تسترين.. وتظهرين ربما بصورة أحسن من حقيقتك.. فتفتنين وتفتنين والعياذ بالله.
أخية.. إن هذا الحجاب نوع من السفور.. إنه النهاية.. إنه الفصل الأخير في هذه المسرحية.. المدبرة بليل من أعدائك المتربصين بك.. وحين يسدل الستار.. ستكون نجمات هذه المسرحية.. والمتجمهرات لرؤيتها.. واللاتي يقلدنهن.. قد نزعن الحجاب تماما وسرن سافرات شئن أم أبين!
فجيلك أبدى العينين والمفاتن.. وسيأتي جيل بعده يخلع الحجاب ويخلع معه ربقة الحياء.. وكل جيل يتحمل تبعات الجيل الذي بعده.. ويوم القيامة تلعن كل أمة أختها.
حجابك هذا الذي تلبسين لا يؤدي الغرض الذي قال الله عنه: (ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين) وهو تشبه بالرجال في طريقة لبس العباءة كما أفتى بذلك بعض العلماء.. وأما(5/61)
نقابك فإنه لا يمت بصلة قرابة إلى نقاب الصحابيات.. بل هو دخيل عليه.. وقد أفتى العلماء بمنعه (لأنه ذريعة إلى التوسع فيما لا يجوز) حتى وإن كنت تلبسينه بحسن نية؟
أخيتي.. إنك بالحجاب الشرعي الساتر باب موصد في وجه العدو.. وسور عال أمام مكائده.. فاحذري.. أخية.. أن يؤتى الإسلام من قبلك.. وأنت لا تشعرين.. أعيدي النظر في حجابك.. إن هذه الثغور التي تبرز منها العينان والوجنتان.. هي ثغور في جدار الأمة.. يدخل منها المفسدون.. والمرجفون.. ليزلزلوا كيانا ظل شامخا زمنا طويلا.
اسمعي معي إلى نصوص الوحيين لتري كيف سعى الشارع الحكيم إلى محاربة كل ما شأنه إحداث خلل ولو صغيرا في هذا الجدار المتين (الحجاب) قال - تعالى -: (ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن) وقال: (يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض) وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أيما امرأة استعطرت ثم خرجت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية).
فما بالك عزيزتي.. بالنقاب والبرقع واللثام وعباءة الكتف التي صارت كالحرباء تتشكل بكل لون وتلك الطرح الموشاة بكل زينة.. إنها بالتأكيد أشد وقعا في نفوس الرجال من الخلخال.
إن الحجاب عبادة.. وليس عادة.. تجارين فيها آخر خطوط الموضة وتوجهاتها (إن مثل هذا السفور تجاه الحجاب هو الذي جعله ينحرف عن مساره).
أخية.. يا رائحة الطهر العبقة.. أصديقيني القول بربك.. ما الذي دفعك للخروج من بيتك بهذا الحجاب السافر ؟!!
هل هو تقليد الأخريات؟ أو التأثر بالصديقات؟ أو مسايرة للركب وخجلا من التخلف عنه؟
أيا كان جوابك فهو دليل على ذوبان الشخصية وإلغاء العقل.. ألم تسمعي قول الحق - تعالى -: (وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله) وقول المصطفى - صلى الله عليه وسلم -: (لا يكن أحدكم أمعة يقول: أنا مع الناس إن أحسن الناس أحسنت وإن أساءوا أسأت ولكن وطنوا أنفسكم إذا أحسن الناس أحسنوا وإذا أساءوا أن تجتنبوا إساءتهم) وقوله - تعالى -: (ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا يا ويلتي ليتني لم أتخذ فلانا خليلا لقد أضلني عن الذكر.. ) فما أنت فاعلة بعد؟ !
إنني أربأ بك عن الوقوع في حبائل الشيطان.. أيا كان لونه.. وسيلة إعلامية... صديقة سيئة.. دعوى غربية.. أو هوى متبع ونحوها.. إن هذا السقوط المريع يعني الولوغ في وحل الجريمة والزنى والمخدرات والسفور.. ألم يقل أحد الشياطين (إن المرأة المسلمة هي الأقدر على جر المجتمع كله بعيدا عن الدين!!).. فهل تضعين يدك في أيديهم؟!
هل تنسين أنك ابنة الإسلام التي صانت حدوده.. ؟.. أنت حفيدة أمهات المؤمنين وسليلة نساء الأنصار اللاتي قالت عنهن عائشة - رضي الله عنها -: (ما رأيت أفضل(5/62)
من نساء الأنصار أشد تصديقا لكتاب الله ولا إيمانا بالتنزيل).. لماذا هذه الشهادة النورانية من الصديقة بنت الصديق: (لأنه لما نزل قول الله - تعالى -: (وليضربن بخمرهن على جيوبهن) خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان وعليهن أكسية سود يلبسنها).
أختي الكريمة.. إن الحياء شعبة من شعب الإيمان.. ومن الحياء أن تحتشم المرأة لتبتعد عن مواطن الريب.. وهذا الحجاب الذي يزينك يجعلك ترتعين حول الفتنة توشكين أن تقعي فيها!
إن الحجاب أمر من الله إلينا جميعا بدأ به من هن أشرف وأطهر وأعف وأحصن فهل تطيعين الله (ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم.. ).
أم ترغبين في مخالفة أمره (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) إن فعلت ذلك فقد تعديت حدوده (ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه).
إن المتبرجات السافرات (لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها) ألا يكفي أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال فيهن (العنوهن فإنهن ملعونات.. ) إنني لا أظن ذلك من شيمك فأنت المسلمة المتوضئة التي يسري في قلبها حب الله وتخفق روحها خوفا منه.. ترجو جنته وتخاف عذابه.. فلا تراعي واسمعي مني نصائح تهديك إلى الخلاص بإذن الله.
أولا: عليك بهدي الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - ومنهاج قرآنه المحكم، ثم توبي إلى الله توبة نصوحا مستوفية شروطها ومنتفية موانعها، ثم استبدلي بعباءتك هذه عباءة محتشمة تنطبق عليها شروط الحجاب الشرعي، وحاولي أو اعزمي على مقاطعة محلات العباءات المتبرجة.. وإن وجدت في نفسك ميلا لها فيمكنك أن توصي أختا صالحة بأن تشتري لك العباءة أو الخمار الذي تودين حتى لا تضعف نفسك أمام كثرة العروض وإغرائها، والزمي أخواتك الصالحات واعتزي بأخوتهن واقضي معهن وقتا ممتعا فيه ذكر وتفكر.. ولا تنسي الدعاء فهو سهام الليل التي لا تخطىء..
أسأل الله لك الهداية والثبات على دينه والتمسك بالحجاب الذي يرضي الله ويحفظك ويحفظ لك عفتك وطهارتك ونقاءك عسى الله أن يحجب وجوهنا عن النار وعذرا للإطالة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
http://hijabsahih.tripod.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ
الملتزمة .. وخدعة النقاب ..
فاطمة بنت عبد الله البطاح
مدخل
النقاب: المقصود هو وضع فتحتين في الغطاء الذي ترتديه المرأة على وجهها بحيث تظهر عيناها من خلالهما والفتيات مع لبس النقاب على أحوال عدة، بعضها أخف ضررا من بعض:(5/63)
أ- أن تترك المنتقبة فتحتي نقابها دون سدل غطاء عليهما بحيث تظهر عيناها كما خلقهما الله فيستطيع المرء أن ينظر إليهما من أبعد المسافات.
ب- أن تسدل المنتقبة غطاء خفيفا على تينك الفتحتين بحيث ترى هي، وفي نفس الوقت لا يستطيع أحد أن يرى عينيها إلا إذا اقترب منها وحدق جيدا في وجهها.
ج- أن تكتفي المرأة بإظهار عينيها فقط بحيث تكون فتحتي نقابها من الضيق بمكان، أو أن يحدث العكس فتجد أن تلك الفتحات تزداد اتساعا، لتشمل الأنف، وشيئا من صفحة الوجه!!
إشارة
قبل أن أبدأ معكم الحديث تفصيلاً، فإني أحب أن أشير إلى أن الأصل في حكم لبس النقاب هو (الحل) وقد عرف عن نساء الصحابة لبسهن النقاب وهذا ما يدل عليه قول الرسول - عليه الصلاة والسلام -، في المرأة التي أحرمت (ولا تنتقب)! - بمعنى أنه يجوز لها أن تنتقب فيما عدا وقت الإحرام.
لكن.. ! يحق لي أن أتساءل:
لماذا ظهرت ظاهرة النقاب في أيامنا هذه دون غيرها، بمعنى أننا قبل عدة سنوات لم يكن أحد منا يجرؤ على لبسه بل حتى أننا كنا نجزم بأن من تظهر عينيها من خلال فتحات في غطاء وجهها بأنها من أهل البادية، لأنهم عرفوا بما يسمى بالبرقع.
أما نحن..
فتعرفون أننا لم نكن نرتديه ولا نستسيغ لبسه وقد اعتدنا على لبس الغطاء كاملا دون فتحات فما الذي حدث؟؟
وما الذي جعلنا الآن نرى آلاف العيون الكحيلة تطل علينا بل تنادينا من وراء (نقاب)!؟!
ولماذا يا كرام..
أصبح لزاماً على كل بالغة أن ترتدي النقاب وإلا فإنها لن ترى ولن تبصر ولن... !!
ولا أدري والله ما الذي أصاب عيون فتياتنا حتى أصبحن لا يرين الطريق إلا بالنقاب!! مع العلم أن اعتيادهن على ثقل الغطاء وكماله ليس وليد اليوم أو الأمس!!
الملتزمات وخدعة النقاب
أتألم كثيرا كلما شاهدت فتاة ملتزمة تحمل في قلبها الخير، وتسعى لما فيه عز أمتها وصلاح أخواتها.
أقول أتألم كلما رأيتها وقد انطلت عليها خدعة النقاب، فأصبحت ترتديه كغيرها دون أدنى تفكير منها بعواقبه أو محاذيره المستقبلية!
ولي هناك وقفات أقفها مع الملتزمة لابسة النقاب:
أ - كأني أسمعك تقولين:
لماذا أمنع نفسي من أمر أحله الله لي؟! - ولماذا تأمرونني بترك لبس النقاب وهو مباح؟
أيتها الملتزمة، النبيهة، أيهما أحب إلى نفسك، تحقق مصلحتك الشخصية، أم مستقبل أمة سادت الأمم قرونا؟!
قد ترتاحين أنت فعلا مع النقاب، فترين الطريق. وتبصرين البضاعة لكن!(5/64)
ماذا لو تحول لبس النقاب (بصوره المختلفة) إلى ظاهرة!
أتستطيعين بعدها إيقاف موج فتنته الهادر؟!!
ألم تسمعي وأنت الملتزمة- القارئة بالقاعدة الفقهية التي تنص على أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح!؟!
بل ألم تعلمي أن الله نهى عن سب آلهة المشركين حتى لا يكون موقفهم هو سب ربنا - جل وعلا -! مع العلم أن مجرد سب أي صنم، ليس بذنب ولا بمعصية!!
ب- قد تقولين إنني ما ارتديت النقاب إلا لغرض بريء.. ويعلم الله أنني لبسته بضوابطه الشرعية فلم أسرف ولم أتجاوز!!
وأنا أسألك فقط
هل أنت تعيشين معزولة عن المجتمع؟ بحيث لا تتأثرين بأحد ولا يتأثر بك أحد؟!
أم أنك جزء لم يتجزأ من كيان هذه الأمة؟ ربما ترددت زميلتك في لبس النقاب وحينما رأتك تلبسينه هان عليها أمره. !
بل ربما قلدتك جارتك لكنها لم تراع الضوابط الشرعية مثلك، ولم تكن نيتها حسنة كنواياك! ألا تتحملين ذنبها؟ ألا تعلمين أنه من سن سنة سيئة في الناس فعليه وزرها!
أيرضيك أن تكون ممن سن سنة لبس النقاب في مجتمعنا النقي الطاهر!!؟
ثقي بأنك في مجتمعك قدوة وأن سلوكك حجة تحتج بها الأخريات فاحرصي وانتبهي!!
ج- أنا أحسب أن كل ملتزمة هي أبعد ما تكون عن الغفلة والسذاجة! وأن الملتزمة على يقين من أن (إظهار العينين) ليس هو الخطوة الأولى ولن تكون الأخيرة.. !
فثمة خطوات وصور وفنون سوف تجيئنا تباعاً!!
فلماذا لا نقضي على الشر في مهده؟! - ولماذا نعطي أهل الفساد فرصة لتضييع حجابنا وتمييعه، وتعويدنا على مظاهر الفساد لنستمرئها!
أترانا إذا تعودنا على لبس النقاب، واعتاد رجالنا على رؤية نسائهم يخرجن في الشارع والسوق والسيارة ((مظهرات العيون)) أترى الأمر سيقف عند هذا الحد؟
من أراد الإجابة فليتأمل حال بعض المخدوعات في الأسواق! وينظر إلى نقابهن! وليعلم بعدها.
إن معظم النار من مستصغر الشرر!!
مخرج
أحسب أن على الفتاة الملتزمة دوراً (دعويا) لابد أن تؤديه تجاه انتشار ظاهرة (النقاب)
أ- ترك لبس النقاب ولو كان بضوابطه الشرعية ((ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه)).
ب- نصح مثيلاتها من الفتيات العاقلات بترك لبس النقاب والحديث أمامهن عن مضاره وما يراد منه!!
ج- الجراد في الإنكار على من ترتديه متجاوزة ضوابط الحجاب الشرعية وعدم إهمال ذلك.(5/65)
د- الإحساس المتيقن بأن ثمة حربا تدار بالخفاء تارة و بالعلانية تارة أخرى تجاه حجاب المرأة المسلمة، ومن ملك الإحساس قدم العمل.
هذا وأسأل الله لي ولأخياتي الستر والعفاف والعفو والمغفرة.
7رمضان 1414هـ 17 فبراير 1994م
http://hijabsahih.tripod.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ
المغاتير ( المبرقعات )
فهذه رسالة عاجلة إلى نجمتنا المضيئة، و أملنا المشرق، وفتاة حاضرنا ومستقبلنا الباسم إلى كل فتاة وامرأة مسلمة عاقلة لبيبه مربية، إلى كل من تحمل في جوفها حمية إسلامية لحجابها وسترها، إلى كل مؤمنة. قرأت كثيرا وسمعت أكثر عن الذين يكتبون في بطاقات الأزواج عبارة (ممنوع حضور المغاتير) فكنت لا أعلم من هؤلاء المغاتير فأخذتني الغرابة والشفافية وسألت إحدى الأخوات عن هذه العبارة فقالت: بأنهن المنقبات وهي من تلبس النقاب وتظهر عينيها بدون وضع غطاء عليهما..أعجبني هذا الوصف وجعلته عنوان لرسالتي هذه التي تحملها أشواقي الحارة إليكن أيتها المغاتير..إ! جوهرتنا المصونة، اعلمي رعاك الله أن أهل العلم قد بينوا شروطا ثمانية للحجاب الشرعي فاحرصي كل الحرص على حفظها والعمل بها.. واخترت منها ما يلي
1 - أن يكون الحجاب مستوعبا لجميع البدن بلا استثناء فالوجه والكفان والقدمان والذراعان من العورة التي يجب سترها.
2 - ألا يكون الحجاب زينة في نفسه كان يكون مزخرفا أو منقوشا بخيوط ذهبية أو فضية.
3 - أن يكون صفيقا متينا ولا يكون شفافا.
4 - أن يكون واسعا فضفاضا.
فالحجاب أيتها الحبيبة بالنسبة لنا معشر النساء الواحة الغناء التي نتفيأ بظلالها ونتمتع بجمالها وليس كما يدعيه أولئك الداعون إلى التفلت من الدين ووصفوا الحجاب بأنه سجن من السجون. فالجوهرة الغالية الثمينة لا تكون إلا مكنونة محفوظة،، حدثت أسماء بنت أبي بكر الصديق - رضي الله عنهما - قالت: (كنا نغطي وجوهنا من الرجال) أخيتي الحبيبة والله إنه ليحزنني أن أرى ما تفعله أخواتي المسلمات هداهن الله من التبرج والتخلي عن الحجاب الشرعي، فتشاهد كثيرا في الأسواق والأماكن العامة من السفور والانحطاط الذي تدمي له العين قبل نزول الدمع منها.. نرى مغاتيرنا تتسكع في مشيتها وقد وضعت عباءتها على كتفها ولبست نقابها الواسع فأظهرت بذلك عينيها الكحيلتين وفتنت كل من رأها. نعم والله ما كان نقابا يسترها بل هو فتنة يكشف حسنا وجمالاً مخبا. أناشدك بالله أيتها اللبيبة أما تأملت هذه العباءة قبل شرائها وسألت نفسك هل هذا هو حجابنا الشرعي الذي ابرنا الله به في قوله تعالى: (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما) وأمرنا به رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم -.. وأجزم لك أيتها الحبيبة لو سالت نفسك بصدق وبعقل امرأة متزنة(5/66)
لنفرت من هذا اللباس المذموم الذي حرمه ربك ورسوله وعلماؤنا جزاهم الله خير الجزاء، لكن أسال نفسي أولا أين هذه المرأة العاقلة الرزينة؟! أما إذا عجز لسانك عن النطق بالصراحة فاسألي هذا اللباس وهذه العباءة (الكتافية) هل تناسبك أنت المسلمة؟ هل تتمشى مع دينك واسلامك الذي يأمرك بالستر والعفاف! قد تعجبين وتصفيني بالجنون لأنني أطلب منك المستحيل وهو أن يتكلم الجماد.. ! لا تعجبي غاليتي فلو كان لها (العباءة) لسان لنطقت بالحقيقة المرة التي لا تحب الفتاة في هذا العصر سماعها أو البوح بها.. سوف تقول لك "أعني العباءة" لا، لا أيتها المؤمنة المصونة لست باللباس الذي أمرك به خالقك لست شرعية ولا أستحق منك هذا الاهتمام.. إن كنت تبحثين عن الستر والعفاف فلن اجلبه لك ولن تجدي في لبسي إلا قلة الحياء والدين.. انبذيني يا مسلمة.. اكسحي سوقي وارفضيني يا عاقلة!
أرأيت أخيتي مدى حرقة هذه العباءة من نفسها ومما يغير بها أعداؤنا لضلالتك واعترافها بميزاتها القبيحة السافرة.. ! بعض الأخوات هداهن الله عندما ننصحها تعلل إجابتها بأنه ليس في السوق غيرها، وأخرى تقول إنها غريبة في شكلها.. والبعض الأخر قالت: إن جميع النساء تلبس هذه العباءة بهذه الطريقة التي على الكتف والنقاب الواسع وأخرى قالت: إنني أخجل من زميلاتي عندما يشاهدنني بلباس جدتي ويصفنني بالتخلف والرجعية، أما ما حز في نفسي قول إحداهن أريد أن أكون متميزة عن غيري من فتيات جيلي هذا، وأتغير دائما مع الموضة التي هي جل اهتمامي أهذا كلام يعقل أخيتي المسلمة.. ؟ ألهذه الدرجة وصل بنا الانحطاط في التبرج.. إ! ثم ما هذه الغفلة عن عقاب الله وحسابه. ! الم تقرأي القران وتتدبريه بجميع حواسك؟ ألم تسمعي قوله - تعالى -: (وليضربن بخمرهن على جيوبهن) لا أخيتي لم تقرأيه أؤكد لك بالله لو قرأت هذه الاية الكريمة لما كان هذا حالك من الجهل والضياع.
غاليتي: هل أيقنت بقرارة نفسك أنك ستدخلين الجنة بغير حساب.. ! وقبل هذا أليس هناك قبر ولحد ستوضعين به بعد مماتك.. أما فكرت أيتها المسكينة بظلمته ووحشته، فهو أول منازلنا إلى الآخرة فمن نجا منه فقد نجا كما أخبر بذلك رسولنا الحبيب - صلى الله عليه وسلم - فإما أن يكون روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار أعاذنا الله وإياك منهما ومن كل شر. ثم كيف بك أخيتي المسلمة إذا جاءك منكر ونكير فأجلساك وأقعداك وجدا في سؤالك.. وماذا تفعلين عندما تطاير الصحف.. وينصب الصراط.. ويوضع الميزان.. أخيتي الحبيبة: اتقي الله وراقبيه في السر والعلن.. واحرصي على تحقيق التوحيد لله تعالي، احذري الاستهزاء بأمور الدين، احذري القنوات الفضائية الفاضحة، احذري ترك الصلاة، احذري التبرج والسفور، تقليد الكافرات والغربيات أو محبتهم والإعجاب بهن، كثرة الخروج من البيت لغير ضرورة.
كوني أخيتي المسلمة: زهرة متفتحة لمستقبلك القادم، زهرة نرجسية في بستان الخير والصلاح تعبق فيه بعطرها الفواح الجذاب.. وتبتعد عن كل رائحة خبيثة منتنة، وأخيراً وليس أخيراً أنصحك أخيتي من كل أعماق قلبي بأن تحرصي كل الحرص(5/67)
على حجابك الشرعي.. على سترك وعفافك.. على لباس أمك وجدتك، وأن ترفضي وتبتعدي عن كل من يزين لك الباطل ويحثك على التمدن الذي يسعى إليه أعداؤنا.
http://hijabsahih.tripod.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ
المحجبة متميزة بهدوئها النفسي ووعيها الكامل
جاء في رسالة نالت صاحبتها درجة الماجستير حول الآثار النفسية والسمات الشخصية للحجاب، أن أهم نتيجة ارتبطت بالسمات الشخصية للفتاة هي أن غير المحجبات أكثر قلقاً من الفتيات المحجبات أي أن فئة غير المحجبات أكثر انفعالية وتوتراً وإحساساً بالقلق وأنهن أقل اتزانا وجدانياَ من فئة المحجبات.
وتفسر الباحثة واسمها آمال حسن هذه النتيجة بأن التقرب والتوجه إلى الله يحقق للفرد نوعاً من التوافق والارتياح الداخلي أو النفسي، كما أن الالتزام بالأخلاق الدينية يسهم في تحقيق خير وسعادة الشخص ويضفي على الشخصية نوعاً من الاتزان.
وتوضح الدراسة أن من أهم السمات الاجتماعية للفتيات المحجبات أنهن أكثر تمسكاً واهتماماً بالنواحي والقيم الدينية من غير المحجبات.
وتشير الدراسة إلى أن الفتيات غير المحجبات يسعين وراء الاستثارة التي تحقق لهن الاستمتاع بالحياة مما يدفعهن على الكذب الذي هو نوع من المجاراة أو التشكيل الاجتماعي و في الوقت نفسه يحاولن أن يظهرن متمسكات بالقيم والتعاليم لإقناع أنفسهن قبل الآخرين بذلك مما يزيد حدة الصراع الداخلي الناشئ بين رغباتهن الدنيوية..وبين إحساسهن بالذنب والتقصير.
وتنهي الباحثة دراستها مؤكدة أن الفتاة المحجبة متميزة عن قرينتها غير المحجبة باتساقها مع نفسها وهدوئها النفسي ووعيها الكامل بأهداف الحياة وتحديد أولويات هذه الأهداف لخدمة المجتمع الذي نعيش فيه.
وتجدر الإشارة بأن الباحثة حصلت على درجة الامتياز على رسالتها التي تقدمت بها إلى كلية الآداب بجامعة عين شمس في القاهرة وكانت قد أجرتها على مائتين وخمسين طالبة محجبة وغير محجبة تم اختيارهن من سبع كليات مختلفة.
http://hijabsahih.tripod.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ
الطالبة والحجاب
إن من مكارم الأخلاق التي بعث بها محمد - صلى الله عليه وسلم - ذلك الخلق الكريم- خلق الحياء- الذي جعله النبي - صلى الله عليه وسلم - شعبة من شعب الإيمان، ولا ينكر أحد أن من الحياء المأمور به شرعا وعرفا احتشام المرأة وتخلقها بالأخلاق التي تبعدها عن مواطن الفتن ومواقع الريب.
وإن مما لا شك فيه أن تحجبها بتغطية وجهها ومواضع الفتنة منها لهو من أكبر احتشام تفعله وتتحلى به لما فيه من صونها وإبعادها عن الفتنة.
ما هو الحجاب؟!:
الحجاب الشرعي هو: حجب المرأة ما يحرم عليها إظهاره؛ أي: سترها ما يجب عليها ستره، وأولى ذلك وأوله ستر الوجه؛ لأنه محل الفتنة، ومحل الرغبة، فالواجب(5/68)
على المرأة أن تستر وجهها عمن ليسوا بمحارمها، وأما من زعم أن الحجاب الشرعي هو ستر الرأس والعنق والنحر والقدم والساق والذراع، وأباح للمرأة أن تخرج وجهها وكفيها، فإن هذا من أعجب ما يكون من الأقوال؛ لأنه من المعلوم أن الرغبة ومحل الفتنة هو الوجه، وكيف يمكن أن يقال إن الشريعة تمنع كشف القدم من المرأة، وتبيح لها أن تخرج الوجه؟! هذا لا يمكن أن يكون واقعا في الشريعة العظيمة الحكيمة المطهرة من التناقض..وكل إنسان يعرف أن الفتنة في كشف الوجه أعظم بكثير من الفتنة في كشف القدم، وكل إنسان يعرف أن محل رغبة الرجال في النساء إنما هي الوجوه، ولهذا لو قيل للخاطب: إن مخطوبتك قبيحة الوجه، ولكنها جميلة القدم ما أقدم على خطبتها، ولو قيل له: إنها جميلة الوجه ولكن في يديها أو في كفيها أو في قدميها أو في ساقيها نزول عن الجمال لكان يقدم عليها، فعلم بهذا أن الوجه أولى ما يجب حجابه.
وهناك أدلة من كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وأقوال الصحابة، وأقوال أئمة الإسلام وعلماؤه، تدل على وجوب احتجاب المرأة في جميع بدنها عمن ليسوا بمحارمها، وتدل! على أنه يجب على المرأة أن تستر وجهها عمن ليسوا بمحارمها، وليس هذا موضع ذكر ذلك.وأما عن ستر الكفين والقدمين بساتر كالقفازين والجوارب فيقول الشيخ ابن عثيمين - حفظه الله -: الواجب على المرأة عند الخروج من البيت ستر كفيها وقدميها ووجهها بأي ساتر كان، لكن الأفضل لبس قفازين كما هو عادة نساء الصحابة رضي الله عنهن عند الخروج، ودليل ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - في المرأة: "إذا أحرمت لا تلبس القفازين "، وهذا يدل على أن من عادتهن لبس ذلك.
فتاة حائرة
وبعد أن عرفت أختي المؤمنة الحجاب الشرعي وحكمه فإنه يجب عليك أن تلتزمي به وتتحجبي عن الرجال الأجانب بتغطية الوجه وستر جميع البدن، ولا تتهاوني في ذلك وتضعفي أمام المغريات، واصمدي أمام المستهزئين حتى ولو كانوا من المقربين، فإن أوذيت بسبب الحجاب فهذا من الابتلاء وعليك الصبر والدعاء، واسمعي إلى هذه الفتاة الحائرة التي تروي موقفها مع أهلها بسبب الحجاب، فتقول:
أنا فتاة حائرة أعيش في عائلة سيطرت عليها مفاهيم الشعوذة، وكنت أرتدي الحجاب فتعرضت لهجوم شديد واستهزاء من أسرتي وصل إلى حد الضرب، ومنعوني من الخروج من المنزل، فاضطررت لترك الحجاب، ولبس رداء طويل، ولكن وجهي مكشوف، فماذا أفعل؟ هل أترك المنزل ووحوش البشر كثيرون؟
وما هو الحل الشرعي لهذه المشكلة
يقول فضيلة الشيخ ابن عثيمين - حفظه الله -:
هذه المشكلة تتضمن أمرين:
أولا: معاملة أهل الفتاة لها هذه المعاملة السيئة، معاملة قوم إما جاهلين بالحق، أو مستكبرين عنه، وهي معاملة وحشية، لأنهم ليس لهم الحق فيها، فالحجاب ليس بعيب ولا سوء أدب، والإنسان حر في حدود الشرع، فإن كانوا لا يعلمون أن الحجاب(5/69)
واجب على المرأة فيجب أن يعلموا أن ذلك واجب بالكتاب السنة، أما إن كانوا عالمين ولكنهم مستكبرون فالمصيبة أعظم كما قال القائل:
فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة *** وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم
ثانيا: إن الواجب على هذه الفتاة أن تتقي الله ما استطاعت، فإن أمكن استعمال الحجاب دون أن يشعر أهلها فعلت، أما إن ضربوها وأكرهوها على خلعه فلا ذنب عليها، لقوله - تعالى -: ((مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنْ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ)) النحل: 106،، وقوله - تعالى -: ((وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا)) الأحزاب: ه،. ولكن تتقي الله ما استطاعت.
وإذا كان أهلها لا يدركون حكمة فرض الحجاب على النساء. فنقول لهم: إن الواجب على المؤمن أن ينقاد لأمر الله ورسوله سواء أدرك حكمة هذا الأمر أم لم يدركها؟ لأن الانقياد نفسه حكمة، قال - تعالى -: ((وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا)) الأحزاب: 36، ولهذا لما سئلت عائشة - رضي الله عنها -: ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ فقالت: كان يصيبنا ذلك- يعني على عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة. فجعلت مجرد الأمر هو الحكمة، ومع ذلك فحكمة الحجاب ظاهرة، لأن كشف محاسن المرأة سبب للفتنة، وإذا وقعت الفتنة وقعت المعاصي والفحشاء، وإذا سادت المعاصي والفحشاء فذلك عنوان على الدمار والهلاك.
متدينة ولا تلبس الحجاب
واحذري أختي المسلمة كل الحذر أن تفرطي في الحجاب، وتقولين: أنا أصلي... أنا أصوم.. أنا أخاف الله... أنا... أنا... ومع ذلك تفرطين في الحجاب، فإن الذي أوجب عليك الصلاة والصيام، أوجب عليك الحجاب والتستر.
وتأملي في كلام هذه الشابة المفرطة التي تقول:
إنني شابة مسلمة دخل الإيمان قلبي منذ صغري، لأني نشأت في عائلة محافظة ومتدينة، أأدي الصلوات في أوقاتها، ولا أخطو خطوة واحدة إلا جعلت الله أمام عيني، وأفكر كثيرا مع نفسي في يوم الحساب، وأخاف من عقاب الله، ومع ذلك لم ألبس الحجاب مع أني دائما أفكر بلبس الحجاب مستقبلا.
وبعد هذا التفريط تسأل وتقول: فهل جزائي في الآخرة هو النار؟ فيا سبحان الله!!
فأجابها الشيخ ابن عثيمين - حفظه الله - قائلا:
إن هذا السؤال يتضمن مسألتين:
المسألة الأولى: ما وصفت به نفسها من استقامة على دين الله - عز وجل -، لكونها نشأت في بيئة صالحة، وهذا الوصف الذي وصفت به نفسها إن كان الحامل لها على ذلك التحدث بنعم الله - عز وجل -، وأن تجعل من ذلك الأخبار وسيلة للإقتداء بها، فهذا قصد حسن تؤجر عليه، ولعلها تدخل في ضمن قوله - تعالى -: ((وأما بنعمة ربك فحدث)) الضحى: 11،، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة"،، وإن كان الحامل(5/70)
لها على ذلك تزكية النفس والإطراء والإدلال بعملها على ربها فهذا مقصود سيئ خطير، ولا أظنها تريد ذلك إن شاء الله - تعالى -.
أما المسألة الثانية: فهي تفريطهما بالحجاب كما ذكرت عن نفسها، وتسأل: هل تعذب على ذلك بالنار في الآخرة؟
والجواب على ذلك أن كل من عصى الله - عز وجل - بمعصية لا تكفرها الحسنات فإنه على خطر، فإن كانت شركا وكفرا ومخرجا عن الملة فإن العذاب محقق لمن أشرك وكفر بالله، قال - تعالى -: ((إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ)) المائدة: 72،. وقال - تعالى -: ((إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ)) النساء: 116،.
وإن كان دون ذلك- أي دون الكفر المخرج عن الملة- وهو من المعاصي التي لا تكفرها الحسنات، فإنه تحت مشيئة الله - عز وجل -؟ إن شاء الله عذبه وإن شاء غفر له.
والحجاب الذي يجب على المرأة أن تتخذه هو أن تستر جميع بدنها عن غير زوجها ومحارمها، لقول الله - تعالى -: ((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأزواجك وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ)) الأحزاب: 59، ولهذا لما سئلت عائشة - رضي الله عنها -: ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة فقالت: "كان يصيبنا ذلك- تعني على عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة" فجعلت مجرد الأمر هو الحكمة،،، ومع ذلك فحكمة الحجاب ظاهرة، لأن كشف محاسن المرأة سبب للفتنة، وإذا وقعت الفتنة وقعت المعاصي والفحشاء، وإذا سادت المعاصي والفحشاء فذلك عنوان على الدمار والهلاك.
الاستهزاء بالحجاب:
واعلمي أيتها الفتاة المحبة للخير أن من يستهزئ بالمسلمة أو المسلم من أجل تمسكه بالشريعة الإسلامية فهو كافر، سواء كان ذلك في احتجاب المسلمة احتجابا شرعيا أم في غيره؟ لما رواه عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رجل في غزوة تبوك في مجلس: ما رأيت مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطونا، ولا أكذب ألسنا ولا أجبن عند اللقاء، فقال رجل: كذبت، ولكنك منافق، لأخبرن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونزل القرآن، فقال عبدالله بن عمر: وأنا رأيته متعلقا بحقب ناقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تنكبه الحجارة وهو يقول: يا رسول الله! إنما كنا نخوض! ونلعب، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ(65)لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ)) التوبة: 65، 66،، فجعل استهزاءه بالمؤمنين استهزاء بالله ورسوله.
http://hijabsahih.tripod.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ
التساهل بالحجاب ... مظاهره، أسبابه، آثاره، سبل علاجه(5/71)
أكرم الإسلام المرأة إكرامًا لن تجده له مثيلاً، لا في تشريع وضعي، ولا في اجتهاد بشري، ولا في توصية مؤتمر عالمي، ولا في قرار اتحاد نسائي، ولقد منح الإسلام المرأة من الاحترام ما تتمنى كل امرأة غير مسلمة أن تكون نالته وحصلت عليه.
وإن من مواضع إكرامها ومواطن احترامها فرض الحجاب عليها؛ لأن الحجاب يجعلها جوهرة ثمينة ولؤلؤة غالية فهو: 'نعمة من الله على نساء المسلمين وعلى المسلمين أنفسهم، فلم يشرع الخالق أمرًا إلا له من الفوائد والآثار الحميدة الشيء الكثير، ولعل من أهم ما نلمسه نحن البشر من الحكمة في الحجاب هو حفظ كرامة المرأة وصيانة جمالها وعفتها وحشمتها من التدنيس والسفور الذي قد يثير من الفتن والشبهات بين الرجال والنساء على حد سواء الشيء الكثير، وهذا الحجاب عزة وكرامة وسمو بالمرأة إلى مستوى عالٍ'
لقد فطن أعداء الإسلام لأهمية حجاب المرأة المسلمة في حياة المسلمين وبنائهم الاجتماعي وترابطهم الأسري فسعوا لنزعه، وأول محاولة لذلك كانت منذ أكثر من ألف سنة على أيدي اليهود: 'فقد جاءت امرأة من نساء المسلمين تريد أن تبيع متاعًا لها بسوق لليهود، فجاءت إلى واحد منهم فحاول كشف وجهها فأبت، فعمد إلى طرف ثوبها فعقده إلى ظهرها، فلما قامت انكشفت سوءتها فضحكوا عليها، فصاحت فوثب رجل من المسلمين على اليهودي فقتله، فشد اليهود على المسلم فقتلوه فغضب المسلمون فوقع بينهم'.
وفي عصرنا الحاضر يحرص النصارى على نزع حجاب المسلمة لغاية في النفس يدركها كل من وقف على مقاصدهم بالعالم الإسلامي، يقول 'جلادستون' رئيس وزراء بريطانيا سابقًا: 'لن تستطيع أوربا الانتصار على الإسلام إلا يوم ينزع الحجاب عن وجه المرأة ويغطى به القرآن'، فنزع الحجاب عن المسلمة جزء من منظومة الحرب على الإسلام وهذه الحقيقة قد تغيب عن البعض، فالعدو عندما يحرص أن تنزع المسلمة حجابها عن وجهها ليس لأن هذه القطعة الصغيرة الحجم من القماش تخيفهم في حد ذاتها وإنما لأن هذه القطعة التي تستر بها المرأة وجهها تعني أن هذه المسلمة يصعب تغريبها وإفسادها باسم تحريرها، مما يعني عدم إمكانية جعلها معول هدم في كيان المجتمع المسلم. فمن لم تتنازل عن كشف وجهها لن تتنازل عن كشف شبرٍ من جسدها مهما كانت المبررات والإغراءات، ومن لم تكشف شبرًا من جسدها فلن تفتن الرجال، ومجتمع لا يوجد به مظاهر فتنة وعوامل إغراء مجتمع عفيف طاهر يصعب اختراق حصونه، والأعداء لا يمكن أن يغربوا مجتمعًا من المجتمعات ما دام عفيفًا طاهرًا.
لقد أقض مضاجع اليهود والنصارى تمسك المسلمة بغطاء وجهها فسعوا مع أعوانهم لكي تنزع المسلمة حجاب وجهها، ولذا كان الحجاب من أكثر الأحكام الشرعية التي وجهت لها السهام وجندت لها الأقلام تشكيكًا في وجوبه واستهزاءً بمن تلبسه من قبل الأعداء ومن سار على دربهم وسلك مسلكهم من الجهلة من أبناء المسلمين، وكانت بدايات نزعه في بعض البلاد الإسلامية على يد عدد من نصارى العرب والمستغربين من أبناء المسلمين ثم تتابع نزع المرأة لحجابها في بقية بلدان العالم الإسلامي، ولم تمض سوى سنوات قليلة حتى عم السفور معظم بلاد المسلمين(5/72)
وسلمت دول قليلة منه على رأسها بلاد الحرمين الشريفين إلا أننا بدأنا نلحظ تساهلاً في الحجاب من بعض النساء، فما مظاهر ذلك، وما هي أسبابه، وآثاره، وما هي سبل الوقاية منه وعلاجه؟
مظاهر التساهل بالحجاب:
مازالت النساء في بلاد الحرمين يغطين وجوههن وتمسكن بحجابهن، زادهن الله تمسكًا وثباتًا، إلا أن المسلم بدأ يرى بوادر لنزع غطاء الوجه في هذه البلاد من قبل بعض النساء متمثلاً في ظواهر منها:
1ـ عدم ارتداء المراهقات لغطاء الوجه:
ويظهر ذلك في خروج فتيات مراهقات بالغات إلى الأسواق والمتنزهات والأعراس وغيرها بدون لبس غطاء الوجه مكتفيات بوضع غطاء على الرأس فقط مع أن الحجاب الشرعي هو ستر المرأة لمحاسنها عن الرجال الأجانب عنها، وأولى ذلك وأوله ستر الوجه لأنه محل الفتنة ومحل الرغبة.
2ـ التدرج في نزع غطاء الوجه:
تتدرج بعض النساء في نزع غطاء الوجه، وذلك بلبس غطاء الوجه الخفيف الذي لا يستر وإنما يفتن، يقول فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله -: 'الواجب على المرأة أن تستر وجهها عن الرجال الأجانب غير المحارم لها بأن تستره بستر لا يصف لون البشرة.. أما ما يصف اللون فإنه لا يكفي كما تفعله بعض النساء، وليس المقصود أن تضع المرأة شيئًا على وجهها بل المقصود ستر وجهها فلا يبين لغير محارمها'.
3ـ عدم ارتداء غطاء الوجه بالخارج:
تعمد بعض النساء إلى عدم ارتداء غطاء الوجه عند سفرهن للخارج تقول إحدى التائبات: 'سافرت إلى بلد غربي ولم أكتف بتجميل حجابي ولكني خلعته ورميت به في مقعد الطائرة التي أقلتني مسافرة'، وتقول أخرى: 'وفي تلك البلاد 'كندا' شد بصري منظر امرأة متحجبة لا يظهر منها شيء.. وضعت يدي على رأسي بحثت أنا عن حجابي لم أجده، تذكرت أني رميت به على مقعد الطائرة'. ويقول فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله -: 'بعض النساء المسافرات تنزع حجابها عند سفرها وترتديه عندما تعود لبلادها وهذا لا يجوز، فالإنسان لا يجوز له أن يتعبد الله على هواه'.
4ـ لبس النقاب العصري:
الذي ظهر بأشكال متعددة بعيدة كل البعد عن النقاب المشروع الذي كانت تلبسه أمهات المؤمنين - رضي الله عنه -. قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: 'أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن لحاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب ويبدين عينًا واحدة'. أما نقاب اليوم فهو نقاب غير ساتر وقد عرضت أشكاله على فضيلة الشيخ صالح الفوزان فقال: 'أجبت غير مرة بتحريم لبس المرأة للنقاب المتعارف عليه اليوم بين النساء بجميع أشكاله، لأنه تحول من الحجاب الشرعي إلى حجاب شكلي، فهو تدرج للسفور وربما يكون مغريًا بالنظر للمرأة والافتتان بها، وإذا كان كذلك فلا يجوز إقرار النساء على لبسه ولا يجوز بيعه(5/73)
وتداوله'، ويقول فضيلة الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -: '... لم نفتِ امرأة من النساء لا قريبة ولا بعيدة بجواز النقاب أو البرقع في أوقاتنا هذه، بل نرى أنه يمنع منعًا باتًا'. إن نقاب اليوم الذي تظهر من خلاله العينان نقاب فاتن لأن لغة العيون من أبلغ اللغات، وقد تغني كثيرًا عن اللسان بل إن العيون لها كلام تنطق به هو أقوى من اللسان.. فهي تتكلم لغة صامتة لها مفعول قوي في كثير من الأحيان.. وتتميز لغة العيون بأنها سريعة الوصول من المرسل إلى المستقبل قوية الأثر.. تنفذ إلى القلب'.
5ـ لبس حجاب الموضة والزينة:
ففي استبيان وزع على 312 ممن يلبسن عباءة متبرجة قالت 60% منهن: 'إنهن لبسن تلك العباءات مسايرة للموضة'. لقد ولج أعداء الله علينا من بوابة تساهل بها كثير من نساء المسلمين: إنها بوابة الموضة، فالحجاب الذي شرع لستر المرأة أصبح قماشًا يمكن أن يطلق عليه كل شيء إلا مسمى الحجاب؛ لأنه حجاب لا يستر ويفتن، ولذا يمكن أن يطلق عليه الحجاب الفاتن والحجاب السافر والحجاب المزيف والحجاب الكاذب.
لقد انتشرت الموضة بين النساء حتى أصبح الحجاب هدفًا لتقاليع الموضة تعدل من أحجامه وأشكاله وأنواعه ليبتعد خطوة خطوة عن شروط الحجاب الشرعي ليخرج الحجاب عن مقصده الشرعي وهو الستر والحشمة وليصبح نوعًا من أنواع الزينة والتبرج والسفور وإظهار المفاتن وكشف المحاسن وإثارة الغرائز والشهوة وفتنة الرجال والشباب.
6ـ ارتداء اللثام:
وهو الخطوة التالية للنقاب، فغطاء الوجه تحول من غطاء وجه ساتر كامل إلى نقاب، ثم تطور النقاب وتوسع حتى تحول إلى لثام. تقول إحدى النساء: 'سبق أن تركت الغطاء الكامل للوجه وتوجهت للنقاب، واليوم أترك النقاب للثام، ولكني لا أدري ما هي الخطوة اللاحقة'.
إن هذه المظاهر لا تبشر بخير، فهي إن كانت اليوم عند فتيات صغيرات فقد تكون غدًا عند نساء كبيرات، وإن كان اليوم تدرج في السفور فقد يكون غدًا سفور بالكامل، وإن كانت اليوم تحدث خارج البلاد، وإن كانت اليوم تفعل على استحياء فقد تفعل غدًا مجاهرة ومكابرة، فكان لزامًا أخذ الموضوع بجد وحزم وعدم التساهل فيما يحدث في بعض البلاد الإسلامية من سفور وتبرج وكانت بداياته سهلة في أعين البعض.
أسباب التساهل بالحجاب:
1ـ ضعف الإيمان لدى المرأة:
لضعف الإيمان دور كبير في ارتكاب المعاصي والذنوب يقول - صلى الله عليه وسلم -: 'لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن'، وصاحبة الإيمان الكامل يحجزها إيمانها الكامل عن ارتكاب ما حرم الله من السفور والتبرج، ويجعلها تلبس الحجاب لأنه واجب يقول الله - عز وجل -: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} [الأحزاب: 53]، يقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله -: 'فهذه الآية الكريمة نص واضح في وجوب تحجب النساء'، ويقول(5/74)
- سبحانه وتعالى -: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً} [الأحزاب: 59]، يقول سماحته - رحمه الله -: 'أمر الله - سبحانه - جميع نساء المؤمنين بإدناء جلابيبهن على محاسنهن من الشعور والوجه وغير ذلك'، وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: 'كان الركبان يمرون بنا ونحن مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - محرمات، فإذا حاذوا بنا أسلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزنا كشفناه'، يقول فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين - رحمه الله -: ففي قولها: 'سدلت إحدانا جلبابها على وجهها دليل على وجوب ستر الوجه'.
2ـ وسائل الإعلام المرئية:
إن من أهم أسباب التبرج والسفور بعض وسائل الإعلام.. وأخطر وسائل الإعلام البث المباشر عبر القنوات الفضائية، ففي تحقيق بعنوان 'الموضة سفور بالتقسيط' كان إجابات من أجري معهن التحقيق أن من أسباب لبس النساء لهذه الأزياء تأثير القنوات الفضائية. يقول فضيلة رئيس هيئة الأمر بالمعروف بحي الخليج بمدينة الرياض: 'بدأت هذه الظاهرة الدخيلة عندما بدأت أعاصير الغرب تجتاحنا عبر الهوائيات' ولذا فلا عجب أن يتزامن التساهل بالحجاب في كثير من مظاهره مع دخول القنوات الفضائية.
3ـ كتابات بعض الكتاب:
بعض الكتاب استغربت عقولهم، وتلوثت أفكارهم، وعميت أبصارهم، فأخذوا يكتبون المقالات في الصحف والمجلات يدعون من خلالها إلى سفور المرأة عن وجهها ونزعها لحجاب ربها جاهلين أو متجاهلين لأخطار ذلك وأثره السلبي على المرأة والرجل وخطره المدمر على المجتمع.
4ـ ضعف أو انعدام غيرة الولي:
عندما سألت 312 ممن يلبسن عباءة متبرجة: هل واجهت اعتراضًا من أهلك؟ أجابت 65% منهن: لا، وعندما سألن: ولي أمرك ما موقفه من عباءتك التي تلبسينها؟ أجابت 47% منهن: راض، وأجابت 35% منهن: مشجع، لهذا لما ضعفت غيرة الولي على نسائه من بنات وزوجات وأخوات رأينا تساهل النساء بالحجاب، إذ لو علمنا أن وليهن سوف يغضب عندما يشاهدهن وقد لبسن النقاب الفاتن والخمار المطرز والعباءة على الكتفين وغطاء الوجه الخفيف ما لبسن هذا الحجاب المزيف.
5ـ السفر للخارج:
السفر للخارج يعتبر من الشرور العظيمة التي فتحت على المسلمين حيث يسافرون مع نسائهم لبلاد إسلامية وغير إسلامية ينتشر فيها السفور والتبرج غير مبالين بالأضرار الكبيرة التي تعود عليهم وعلى نسائهم من هذه الأسفار، ومن تلك الأضرار تأثُّر نسائهم بمشاهدة نساء تلك البلاد سافرات عن وجوههن فيقلدن أولئك النسوة في ذلك فيتساهلن بالحجاب ويسفرن عن وجوههن ولو بعد حين.
6ـ فتاوى الفضائيات:
من أسباب تساهل النساء في الحجاب فتاوى الفضائيات التي تصور الحجاب على أنه مجرد غطاء للرأس فقط مع أن لب الحجاب وجوهره هو تغطية الوجه، يقول فضيلة(5/75)
الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله -: 'الحجاب الشرعي هو حجب المرأة ما يحرم عليها إظهاره أي سترها ما يجب عليها ستره وأولى ذلك وأوله ستر الوجه؛ لأنه محل الفتنة ومحل الرغبة، فالواجب على المرأة أن تستر وجهها عمن ليسوا بمحارمها.. وهناك أدلة من كتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - وأقوال الصحابة وأقوال أئمة الإسلام وعلماء الإسلام.. تدل على أنه يجب على المرأة أن تستر وجهها عمن ليسوا بمحارمها'.
7ـ لبسه على أنه عادة لا عبادة:
من لبست الحجاب الشرعي على أنه عادة فما أسهل عليها أن تخلعه متى ما حانت لها الفرصة، ومن لبسته على أنه عبادة تتعبد الله بها كما تعبده بالصلاة والصيام وسائر العبادات، فلن تخلعه بحال من الأحوال داخل البلاد أو خارجها.
8ـ كثرة الذهاب للأسواق:
كثرة ذهاب المرأة للأسواق من أسباب التساهل بالحجاب، تقول إحدى النساء اللاتي تساهلن في الحجاب الشرعي وارتدت اللثام: 'ترددي على الأسواق كان السبب الرئيس في هذه النقلة في حياتي وأعتبرها نقلة لأنها خطوة صعبة إذ أشعر أنني غير متحجبة'.
آثار تساهل النساء بالحجاب:
1ـ فتنة الرجال:
يقول - صلى الله عليه وسلم -: 'ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء'.
ومن أعظم فتن المرأة التي تفتن بها الرجال الأجانب عنها عدم تغطية وجهها عنهم، ولم لا تفتن الرجال ووجه المرأة هو موضع الجمال فيها فإذا كشفته حصل به فتنة للرجال لاسيما إن كانت شابة أو جميلة أو فعلت ما يجمل وجهها ويظهره بالمظهر الفاتن، وهذا من أكبر دواعي الشر والفساد وأعظم مثير للغرائز، يقول فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين: 'إن المرأة متى ما خرجت في المجتمعات.. وظهرت بهذا المظهر الفاتن فإنها لا تأمن أن تفتن بعض الناس'. تقول إحدى النساء: 'اللثام يظهر المرأة أكثر فتنة.. ماذا سننتظر من الشباب المراهق وهو يشاهد النساء يهزأن بالحجاب، إنه إشارة خضراء للمراهقين'
2ـ زوال الحياء من المرأة:
الحياء من الأخلاق الكريمة والخصال الجميلة التي حث الإسلام على التخلق بها، ورغب في التحلي بها؛ لأنه خير ولا يأتي إلا بخير يقول: 'الحياء خير كله' ويقول: 'الحياء لا يأتي إلا بخير'.
الحياء جميل في الرجال وهو في النساء أجمل لأنه يدل على كرم عنصر من تتحلى به، يقول الله - عز وجل -: {فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ} [القصص: 25] 'وهذا يدل على كريم عنصرها وخلقها الحسن فإن الحياء من الأخلاق الحسنة وخصوصًا في النساء' قال عمر - رضي الله عنه -: 'جاءت متسترة قائلة بثوبها على وجهها'.(5/76)
وإذا كان تحجب المرأة دليل على حيائها فإن خلع الحجاب علامة على زوال حياء المرأة الذي هو 'من مقتضيات فطرتها، فقد كانت المرأة مضرب المثل في الحياء فقيل: 'أشد حياءً من العذراء في خدرها' وزوال الحياء من المرأة نقص في إيمانها' إن المرأة التي يعلو وجهها حمرة الحياء حين يقع عليها نظر رجل من غير قصد امرأة نقية المعدن لا يزيد الحجاب باطنها إلا نقاءً ولا يزيد الحجاب ظاهرها إلا حشمة وسترًا.
3ـ إيذاؤها من ضعاف النفوس:
يقول الله - عز وجل -: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً} [الأحزاب: 59]، فقوله - تعالى -{ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ} 'أي إذا فعلن ذلك عرفن أنهن حرائر لسن بإماء ولا عواهر، قال مجاهد: يتجلببن فيعلم أنهن حرائر فلا يتعرض لهن فاسق بأذى ولا ريبة'.
إن لتشريع الحجاب حكمًا كثيرة منها حماية المرأة من أذى الفساق والفجار فقوله - عز وجل -: {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ} دليل 'على وجود أذية إن لم يحتجبن وذلك لأنهن إذا لم يحتجبن ربما ظن أنهن غير عفيفات فيتعرض لهن من في قلبه مرض فيؤذيهن'.
إن الواقع المشاهد يدل على حكمة التشريع الرباني للحجاب، فالنساء السافرات عن وجوههن هن اللاتي يطاردن، ويلاحقن، ويؤذين من قبل ضعاف النفوس سواء كان هذا الإيذاء قولاً أو فعلاً، فقد ذكرت 86% من 312 ممن يلبسن عباءة متبرجة: أنهن تعرضن للمضايقة، وكم تسبب كشف النساء لوجوههن من مصائب لهن ولأهلهن، وقد وقعت فواجع وكوارث فقدت فيها المرأة أعز ما تملك من الشرف والعفاف والبداية هذا التساهل في كشف الوجه.
تقول بعض النساء اللائي تساهلن في ذلك: 'إنني ألبس اللثام من ستة أشهر وقد لاحظت أن معدل المعاكسات التي أتعرض لها تضاعف عشر مرات، حيث لم أتعرض طوال حياتي لمعاكسات إلا نادرًا أما الآن فأصبحت بشكل شبه يومي'. حتى السائق تتغير نظرته عندما تتساهل المرأة في حجابها تقول إحداهن: 'تعامل سائقي معي اختلف بعد اللثام حيث صار يحادثني ويمازحني ويتكلم معي كثيرًا'.
أما النساء اللاتي يلبسن الحجاب الشرعي ويغطين وجوههن فلا يمكن أن يقترب منهن فاسق أو فاجر فضلاً عن أن يؤذين بالقول أو الفعل، تقول إحدى النساء بعد أن من الله عليها بالهداية وأصبحت تغطي وجهها: 'الحمد الله منذ أن بدأت أغطي وجهي أصبحت أشعر براحة تامة هي التي شجعتني على الاستمرار، حتى الرجال الذين كنت أتأذى من تحرشهم ارتحت الآن من كل هذه المشاكل'.
وتقول امرأة عاشت التجربتين معًا كشف الوجه وتغطيته: 'صدقوني من واقع تجربة انتقلت فيها من عالم يسميه الناس 'الحرية' إلى عالم أسميه أنا الحرية.. عالم الطهر والنقاء والسعادة النفسية العميقة.. لا أظهر من المرأة من وراء حجاب والمرأة المعروضة للرجال كقطعة الحلوى المكشوفة للذباب'.(5/77)
وتقول ثالثة: 'اهتديت بحمد الله ولبست الغطاء على وجهي.. فلما لبسته شعرت براحة عميقة لم أذق مثل لذتها من قبل قط.. وأجد من الناس احترامًا ووقارًا.. حتى الرجال الذين كانوا يصافحونني من قبل ويتبسطون معي في الكلام بمجرد أن رأوني قد غطيت وجهي لم يعد يجرؤ أحد منهم على أن يمد يده ويصافح أو يمزح كما يفعل مع من تكشف وجهها'. وعندما سئلت: ما تقولين لمن تكشف وجهها أو تتمنى ذلك؟ أجابت: 'أقول: إن تغطية الوجه تجعلك تعيشين في عالم من الجمال والأنس والراحة واللذة التي لا تقاوم والتي لا يشعر بها إلا من سبق أن حرم منها'.
سبل الوقاية والعلاج:
أولاً: دور البيت:
البيت هو المحضن الأول للفتاة، فبين جنباته تتعلم كثيرًا من السلوكيات كما تتربى على كثير من الأخلاق، ولذا كانت مسؤوليته في تربية البنت على الحجاب أكثر من غيره، وكان على كل من تولى رعاية وحضانة البنت من أب وأم دور أعظم من غيرهم، ويمكن أن نوجز الدور الذي يقوم به البيت في الآتي:
1ـ غيرة الولي:
الغيرة من مكارم الأخلاق ولا يمتدح بالغيرة إلا كرام الرجال، يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واصفًا سعد بن عبادة - رضي الله عنه -: 'إنه لغيور وأنا أغير منه والله أغير مني'، وتقول أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما - عن زوجها الزبير: 'فاستحيت أن أسير مع الرجال وذكرت الزبير وغيرته وكان أغير الناس'، الغيرة لها مظاهر ومن أعظم مظاهرها غيرة المحب على محبوبه أن يكون سلعة مكشوفة لكل أحد يقلب النظر إليه ولذا فهو يحجب محبوبه عن الآخرين لأنه يراه شيئًا كبيرًا أشبه بالجوهرة الثمينة واللؤلؤة الغالية التي يضن بها صاحبها على الناس فلا يراها أحد منهم. فالغيور من الأولياء لا يسمح لموليته من زوجة وابنه وأخت وغيرهن أن يخرجن كاشفات لوجوههن متبرجات بزينتهن ولو غار الأولياء ما سفرت النساء عن وجوههن وأظهرن محاسنهن ومفاتنهن؛ لأن الغيرة هي السياج المعنوي لحماية الحجاب، وقد ذكر الحافظ ابن كثير - رحمه الله - في حوادث سنة 286 'أن امرأة تقدمت إلى قاضي الري فادعت على زوجها بصداقها خمسمائة درهم فأنكر ذلك فجاءت ببينة تشهد لها به فقالوا: نريد أن تسفر لنا عن وجهها حتى نعلم أنها الزوجة أم لا فلما صمموا على ذلك قال الزوج: لا تفعلوا هي صادقة فيما تدعيه، فأقر بما ادعت ليصون زوجته عن النظر إلى وجهها، فقالت المرأة حين عرفت ذلك منه وإنه إنما أقر ليصون وجهها عن النظر: هو في حل من صداقي'. وهنا كلمة للأولياء من سماحة الشيخ عبد العزيز ابن باز - رحمه الله -: 'اتقوا الله أيها المسلمون وخذوا على أيدي نسائكم وامنعوهن مما حرم الله عليهن من السفور.. واعلموا أن السكوت عنهن مشاركة لهن في الإثم وتعرض لغضب الله وعموم عقابه عافانا الله وإياكم من شر ذلك'. ونذكر الأولياء بقوله - صلى الله عليه وسلم -: 'كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته'، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: 'ما من عبد يسترعيه الله رعية فلم يحطها بنصحه إلا لم يجد رائحة الجنة'. يقول فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين: 'أنصح أولياء الأمور أن يغاروا على محارمهم وتحملهم الغيرة على أن يحجبوا(5/78)
مولياتهم ويمنعوهن من هذا اللباس الذي تفنن فيه الكثير من نساء المسلمين.. ونتج عن ذلك مفاسد وارتكاب فواحش.. وإن تساهل مع موليته ورخص لها في هذه الألبسة ومكنها من الخروج إلى الأسواق فإنه آثم قلبه، وقد يدخل فيمن يقر المنكر أو يسبب وجوده في محارمه'.
2ـ تحجب الأم:
فتاة تعيش في بيت كلما خرجت أمها منه أو دخلت إليه رأتها كاشفة لوجهها أو متساهلة في ذلك بإظهار بعضه ماذا يتوقع منها؟ سوف تكون مثل أمها إن لم تكن أسوأ؛ إذًا لابد أن تكون الأم قدوة حسنة لابنتها في الحجاب فتلبس الحجاب الشرعي الساتر الذي يستر وجهها ومحاسنها عن الرجال الأجانب عنها مستشعرة أنها مسؤولة عن هذه البنت وسوف تسأل عنها، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: 'كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته.. والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها'.
3ـ تربية البنت على الحجاب من خلال الآتي:
أـ أن تربى على أن قدوتها في ذلك أمهات المؤمنين وصحابيات أفضل القرون اللاتي امتثلن لشرع ربهن فسارعن بتغطية وجوههن، فعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: 'يرحم الله نساء المهاجرات الأول لما أنزل الله: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النور: 31] شققن مروطهن فاختمرن بها'، قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله -: 'فاختمرن أي غطين وجوههن' وعنها - رضي الله عنها - في قصة الإفك قالت: 'وكان صفوان رآني قبل الحجاب فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني فخمرت وجهي بجلبابي' أي غطت وجهها.
ب ـ أن يغرس في نفس البنت منذ صغرها أن الحجاب عبادة وليس عادة، وأنه أمر رباني يجب الامتثال له، وأنه كغيره من العبادات لا مجال فيها لآراء أو اجتهادات بشرية، ومن لبست الحجاب على عبادة ليس عادة وأنه طاعة للمولى وقربة للرحمن فلن تخلعه بحال من الأحوال لا داخل البلاد ولا خارجها، فعندما سألت مسلمة عن حجابها هي وبناتها الخمس عندما تذهب لبلدها الولايات المتحدة الأمريكية أجابت: 'أحافظ أنا وبناتي على الحجاب الشرعي، الذي أحببناه، عباءة، وغطاء وجه، وجوربين، وقفازين، أليس - سبحانه - يرانا أينما كنا؟ أليس الحجاب عبادة؟ '.
ج ـ أن يغرس في نفس البنت منذ صغرها حب الحجاب، وأن يوضح لها فوائده وحكمة الله في مشروعيته، وأنه شرع لستر الزينة والمفاتن عن الرجال وليس لإظهارها وفتنتهم بها، وأن يوضح لها أضرار التبرج ومخططات الأعداء في ذلك، وأن يبين لها أن المرأة المسلمة حين تتخلى عن حجابها فهي تتخلى عن حيائها.
د ـ أن تربي البنت منذ صغرها على الحياء، وأن يبين لها فوائد وثمار الحياء، وأن من أكبر العوامل المساعدة على الحياء لبس الحجاب الشرعي فتتعود على لبسه وهي صغيرة؛ لأنها إذا تعودت على ذلك من الصعب أن تنزعه أو تتساهل فيه مستقبلاً، أما إن تساهل الأهل في ذلك ولم يلبسوا البنت الحجاب بحجة أنها صغيرة أو ألبسوها حجاب زينة وتبرج فالغالب أنها تعتاد ذلك ويهون عليها الحجاب فلا تلبسه إذا هي كبرت أو تتهاون به.(5/79)
و ـ الحزم مع البنت وعدم التهاون معها في لبس الحجاب؛ من قبل والدها ووالدتها على حد سواء في حالة رفضها لبس الحجاب لأنه عبادة يجب فعلها لا مجال فيها للرفض، فالبنت إذا رفضت فعل أمر دنيوي كرفض الذهاب للمدرسة فهل يتركها والدها أو والدتها؟ أم يكونا حازمين معها؟ فإذا حزما في أمور الدنيا فمن باب أولى أن يكونا حازمين في أمور الدين.
ز ـ أن يمنع دخول البيت كل وسيلة تهون من أمر الحجاب في عين البنت وتجعلها تستهين بها وعلى رأس تلك الوسائل القنوات الفضائية التي ما دخلت بيتًا إلا وسببت له أضرارًا متعددة لعل من أوضحها تساهل النساء بالحجاب واللباس وكذلك يمنع من دخول البيت المجلات الهابطة التي تنشر صور النساء الفاجرات السافرات والتي تجعل البنت من كثرة المشاهدة لها تتساهل بالحجاب.
ثانيًا: دور المدرسة:
المدرسة والبيت مكملان لبعض، فالمدرسة دورها كبير ولا يقل عن دور المنزل، فهي مكملة ومتممة له، والمنزل بدون تعاون المدرسة لا يستطيع أن يقوم بدوره على الوجه الأكمل، ويمكن للمدرسة أن تقوم بالخطوات التالية:
1ـ إلزام جميع الطالبات بالحجاب الشرعي من غطاء الوجه الساتر والعباءة المحتشمة التي تلبس على الرأس وعدم التساهل في هذا من قبل إدارة المدرسة.
2ـ أن تلتزم موظفات المدرسة من إداريات ومعلمات بالحجاب الشرعي حتى يكن قدوة حسنة للطالبات في ذلك.
3ـ تكريم الطالبات اللاتي يلبسن الحجاب الشرعي والإشادة بهن في الطابور الصباحي والإذاعة المدرسية، تقول أم إحدى الطالبات: 'لا أنسى دور مديرة المدرسة ومعلماتها عندما تم تكريم ابنتي في طابور الصباح على احتشامها ولبسها للعباءة على الرأس بين الطالبات مما كان له أبلغ الأثر عليها.. أسأل الله أن يثيب كل معلمة ومديرة حريصة على توجيه الطالبات لما ينفعهن في الدنيا والآخرة'.
4ـ استخدام أسلوب الترغيب لحث الطالبات على الالتزام بالحجاب الشرعي من خلال إقامة المحاضرات والندوات وتوزيع الأشرطة والكتيبات والنشرات التي تحض على لبس الحجاب وتبين فوائده ومحاسنه.
5ـ استخدام أسلوب الترهيب والتخويف من عذاب الله وعقابه لمن لا تلبس الحجاب الشرعي أو تتهاون به.
6ـ توعية الأمهات بأهمية الحجاب الشرعي من خلال مجالس الأمهات وعن طريق بعث النشرات والمطويات لهن في هذا الموضوع.
ثالثًا: واجب المرأة:
يقول فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين: 'نذكر الأخوات المسلمات أن يرجعن إلى ما كانت عليه المرأة المسلمة من عهد الصحابيات إلى العهد القريب بما عليهن أمهاتهن وجداتهن من ستر الوجه كاملاً وعدم إبداء شيء من الزينة'.
أختي المؤمنة: إن لم نلتزم نحن بالحجاب الشرعي في بلد التوحيد ومهبط الوحي ومهد الرسالة ومحط أنظار المسلمين في العالم فمن يلتزم به؟ وكيف يمكننا أن ندعو الآخرين إلى احترام ديننا والدخول فيه ونحن نخالف أوامره؟(5/80)
أختاه: أما تعلمين أنك بتبرجك وسفورك تعرضين نفسك للفتن وتفتنين الآخرين؟! أيرضيك أن تكوني وسيلة من وسائل الشيطان؟ هل ترضين أن تكوني سببًا في وقوع مسلم في الحرام؟ أيسرك أن تكون قدوة في الشر أو ممن سن في الإسلام سنة سيئة فكان عليه وزرها ووزر من تبعه إلى يوم القيامة.
أختي الكريمة: 'أعلم أنك تريدين أن تظهري بالمظهر الحسن الجذاب أمام الناس وقد يكون ذلك عن حسن نية.. فإن كنت تريدين أن تكوني جميلة فاعلمي أن جمال المسلمة الحقيقي يكمن في حجابها وخلقها وحيائها وطهرها'.
أخيتي: إنك بالحجاب الشرعي باب موصد في وجه العدو، وسور عال أمام مكائده، فاحذري أختاه أن يؤتى الإسلام من قبلك وأنت لا تشعرين.
أختاه: ما الذي دفعك للخروج بهذا الحجاب السافر؟ هل هو تقليد الأخريات؟ أو التأثر بالصديقات أو مسايرة للركب وخجلاً من التخلف عنه؟ أيًا كان جوابك فهو دليل على ذوبان الشخصية وإلغاء العقل يقول الله - عز وجل -: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّه} [الأنعام: 116] ويقول - سبحانه -: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ} [الفرقان: 27ـ29].
هذا والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
http://hijabsahih.tripod.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ
الحجاب الشرعي للمرأة
الدكتور / محمد بن سعد الشويعر
يكثر الحديث في وسائل الإعلام بين حين وآخر عن المرأة وحجابها وكأنه لم يكن عند المسلمين من القضايا والأمور الواجب الاهتمام بها غير حجاب المرأة والدعوة إلى مشاركتها الرجل في الأعمال..ونبذ الاحتشام الذي تقتضيه الفطرة.
والمرأة في التاريخ الطويل لم تحظ بمكانة بمثل ما حظيت في الإسلام: حقوقاً وواجبات، واحتراماً وتقديراً، ومعاملة مع ما يتلاءم مع فطرتها..
ويأتي بعض طلاب العلم وفقهم الله لكل خير ليفتحوا باباً من أبواب الفتنة، بدعوتهم إلى أن وجه المرأة ليس بعورة، وأن الوجه والكفين، موطن خلاف، محتجين بحديث أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إن المرأة إذا بلغت المحيض لا يصلح أن يُرى منها غير هذا وهذا»، وأشار إلى الوجه والكفين.. وقد تتبع الشيخ عبد العزيز بن باز - يرحمه الله -، هذا الحديث، وبان له ضعفه، وأنه لا يحتج به.
بل إن حديث عائشة - رضي الله عنها - في قصة الإفك، الذي جاء فيه عن صفوان بن المعطّل قالت: «فرأى سواد إنسان نائم، فأتاني فعرفني حين رآني، وقد كان رآني قبل الحجاب، فاستيقظت باستراجه، حين عرفني فخمّرت وجهي بجلبابي، والله ما كلمني كلمة» الحديث (تفسير ابن كثير 3268 270).(5/81)
وقولها - رضي الله عنها -، وهي حاجّة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فكَنّا.. وهنا للجمع لها ولنساء الصحابة جميعهن «نكشف عن وجوهنا، فإذا حاذينا الرجل سدلنا الحجاب على وجوهنا».
هل يعني هذا أن نساء الصحابة، لم يفهمن النص الشرعي، بأمر الله الصريح في سورة الأحزاب: «يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن» (59).
إن الإدناء كما قال ابن عباس: أمر الله نساء المؤمنين، إذا خرجن من بيوتهن في حاجة، أن يغطّين وجوههن، من فوق رؤوسهن بالجلابيب، ويبدين عيناً واحدة، وقال محمد بن سيرين، سألت عبيدة السلماني، عن قول الله - عز وجل - «يدنين عليهن من جلابيبهن»، فغطى وجهه ورأسه، وأبرز عينه اليسرى، قالت أم سلمة - رضي الله عنها -، لمّا نزلت هذه الآية: «يدنين عليهن من جلابيبهن» خرج نساء الأنصار، كأن على رؤوسهن الغربان من السكينة، وعليهن أكسية سود يلبسنها.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في حجاب المرأة ولباسها في الصلاة: وكانوا قبل أن تنزل آية الحجاب، كان النساء يخرجن بلا جلباب، يرى الرجال وجهها ويديها، وكان إذْ ذاك يجوز لها أن تظهر الوجه والكفين، وكان حينئذ يجوز النظر إليها، لأنه يجوز إظهاره.. ثم لما أنزل الله - عز وجل - آية الحجاب بقوله: «يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن» حجب النساء عن الرجال.
وكان ذلك لما تزوج النبي - صلى الله عليه وسلم -، زينب بنت جحش، فأرخى النبي - صلى الله عليه وسلم - الستر، ومنع أنساً أن ينظر.. ولما اصطفى صفية بنت حيي بعد ذلك، عام خيبر، قالوا، إن حجبها فهي من أمهات المؤمنين، وإلا فهي مما ملكت يمينه، فحجبها فلما أمر الله ألاّ يسألن إلا من وراء حجاب، أمر أزواجه وبناته ونساء المؤمنين أن يدنين عليهن من جلابيبهن.
والجلباب: هو الملاءة، وهو الذي يسميه ابن مسعود وغيره: الرداء وتسمية العامة الإزار، وهو الإزار الكبير الذي يغطي رأسها وسائر بدنها.. وقد حكى أبو عبيدة وغيره: أنها تدنيه من فوق رأسها فلا تظهر إلاّ عينيها، ومن جنسه النقاب. فكن النساء ينتقبن.
فإذا كنّ مأمورات بالجلباب لئلا يعرفن، وهو ستر الوجه، أو ستر الوجه بالنقاب، كان حينئذٍ الوجه واليدان من الزينة التي أمرت ألا تظهرها للأجانب، فمن يحلّ للأجانب النظر إليه، إلاّ الثياب الظاهرة، فابن مسعود ذكر آخر الأمرين، وابن عباس أول الأمرين. (68).
وما ذلك إلا أن المرأة، يجب أن تصان وتحفظ، بما لا يجب مثله في الرجل، ولهذا خصّت بالاحتجاب، وترك إبداء الزينة، وترك التبّرج، فيجب في حقها الاستتار باللباس والبيوت، ما لا يجب في حق الرجل، لأن ظهور النساء سبب الفتنة، والرجال قوامون عليهن.
والنساء أمرن خصوصاً بالاستتار، وألا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن ومن استثناه الله - تعالى - في الآية فما ظهر من الزينة، هو الثياب الظاهرة، فهذه لا جناح عليها في(5/82)
إبدائها، إذا لم يكن في ذلك محذور آخر، فإن هذه لا بدّ من إبدائها، وهذا قول ابن مسعود وغيره، وهو المشهور عن أحمد.
وقال ابن عباس: الوجه واليدان من الزينة الظاهرة، وهي الرواية الثانية عن أحمد، وهو قول طائفة من العلماء، كالشافعي وغيره. وأمر - سبحانه وتعالى -، بإرخاء الجلابيب لئلا يعرفن ولا يؤذين، وهذا دليل على القول الأول، وقد ذكره عبيدة السلماني وغيره: إن نساء المؤمنين كن يدنين عليهن الجلابيب من فوق رؤوسهن حتى لا تظهر إلا عيونهن لأجل رؤية الطريق، ثم قال - رحمه الله -: وإنما ضرب الحجاب على النساء، لئلا تُرى وجوههن وأيديهن، ورخص الشارع للعجوز التي لا تطمع في النكاح، أن تضع ثيابها، فلا تلقي عليها جلبابها ولا تحتجب، وإن كانت مستثناة من الحرائر لزوال المفسدة الموجودة في غيرها.. كما استثنى التابعين غير أولي الإربة من الرجال، في إظهار الزينة لهم، في عدم الشهوة، التي تتولد من الفتنة.. وكذلك الأمة، إذا كان يُخاف بها الفتنة، كان عليها أن ترخي من جلبابها وتحتجب، ووجب غض البصر عنها ومنها (2427).
ومن المعلوم أن الوجه هو مجمع محاسن المرأة، وموضع الفتنة، ومن هنا جاء الأمر بستره، حتى تكتمل حشمة المرأة، فيطهر قلبها، ويطهر قلب الرجل عن التعلق بأسباب الفتنة، أو سلوك دواعيها، وحجاب النساء، الذي هو أمر الله، العالم - سبحانه - بأحوال عباده، وما تنطوي عليه قلوبهم، هو سبب لطهارة القلب، ووسيلة من وسائل السلامة، حيث جاءت آية الحجاب في سورة الأحزاب، التي مرّ ذكرها، بأمر الله - سبحانه - لجميع نساء المؤمنين، بإدناء جلابيبهن على محاسنهن، من الشعور والوجه، واليدين وغير ذلك، حتى يعرفن بالعفّة، فلا يفتتنّ، ولا يفتنّ غيرهن، فتحصل بذلك الأذية.
ولما كان حديث أسماء بنت أبي بكر الصديق - رضي الله عنها - وعن أبيها، الذي رواه أبو داود في سننه، عن عائشة بنت أبي بكر زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - رضي الله عنها - وعن أبيها، أن أسماء أختها دخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعليها ثياب رقاق، فأعرض عنها النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: «يا أسماء، إن المرأة إذا بلغت المحيض، لم يصلح أن يُرى منها إلاّ هذا وهذا» وأشار إلى وجهه وكفّيه.
هذا الحديث الذي يأخذه بعضهم حجة على كشف الوجه واليدين، ووجد عند بعض الناس قبولاً، قد تتبعه سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز، - رحمه الله - وهو حجة في الحديث، ومعرفته بالرجال.. وقال فيه في رسالته: حكم السفور والحجاب، المطبوع ضمن: مجموعة رسائل في الحجاب والسفور، وطبعته الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، عام 1405ه الطبعة الأولى..
في هذه الرسالة يقول الشيخ عبد العزيز - رحمه الله - عن هذا الحديث: هو حديث ضعيف الإسناد، لا يصح عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، لأنه من رواية خالد بن دربك، عن عائشة وهو لم يسمع منها، فهو منقطع.. ولهذا قال أبو داود بعد روايته لهذا الحديث، في إسناده سعيد بن بشير وهو ضعيف، لا يحتجّ بروايته، وفيه علة أخرى ثالثة، وهي: عنعنة قتادة عن خالد بن دريك وهو مدلّس.(5/83)
ثم قال: ومعلوم ما يترتب على ظهور الوجه والكفّين من الفساد والفتنة وقد تقدّم في ص 54 من هذه الرسالة قوله - تعالى -: «وإذا سألتموهن متاعاً، فأسألوهن من وراء حجاب» (الأحزاب 53)، ولم يستثن شيئاً، وهي آية محكمة، فوجب الأخذ بها، والتعويل عليها، وحمل ما سواها عليها، والحكم فيها على نساء النبي - صلى الله عليه وسلم -، وغيرهن من نساء المؤمنين.
وتقدم في ص 55 من هذه الرسالة، في سورة النور الآيتين 30 31، ما يرشد إلى ذلك، وهو ما ذكره الله - سبحانه - في حقّ القواعد، وتحريم وضعهن الثياب إلاّ بشرطين: أحدهما: كونهن لا يرجون النكاح. والثاني: عدم التبرّج بالزينة، وسبق الكلام على ذلك، وأن الآية المذكورة حجة ظاهرة، وبرهان قاطع على تحريم النساء، وتبرجهنّ بالزينة، ولا يخفى ما وقع فيه النساء اليوم، من التوسّع في التبرج، وإبداء المحاسن.
فوجب سدّ الذرائع، وحسم الوسائل المفضية إلى الفساد، وظهور الفواحش. ثم زاد الأمر توضيحاً سماحته - يرحمه الله - بقوله: ومن أعظم أسباب الفساد: خلوة الرجال بالنساء، وسفرهم بهن من دون محرم، وقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لا تسافر امرأة إلا مع محرم، ولا يخلونّ رجل بامرأة، إلا ومعها ذو محرم».. وقال - صلى الله عليه وسلم -: «لا يخلوّن رجل بامرأة، إلا كان الشيطان ثالثهما». وقال - صلى الله عليه وسلم -: «لا يبيتنّ رجل عند امرأة، إلا أن يكون زوجاً أو ذا محرم». رواه مسلم في صحيحه.
فاتقوا الله أيها المسلمون، وخذوا على أيدي نسائكم وامنعوهنّ مما حرّم الله عليهن من السفور والتبرج وإظهار المحاسن، والتشبه بأعداء الله من اليهود والنصارى، وسائر الكفرة، ومن تشبه بهم، واعلموا أن السكوت عنهن مشاركة لهن في الاثم، وتعرض لغضب الله، وعموم عقابه، عافانا الله وإياكم من شر ذلك، ثم أورد أحاديث صحيحة، منهنَّ قوله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها، فناظر كيف تعملون؟. فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء».
وهذا تحذير شديد من التبرج والسفور، ولبس الرقيق والقصير من الثياب، والميل عن الحق والعفة، وإمالة الناس إلى الباطل، وتحذير شديد من ظلم الناس والتعدي عليهم، ووعيد لمن فعل ذلك بحرمان دخوله الجنة، نسأل الله العافية من ذلك (5962).
وبعض الناس، الذين يتلمّسون المداخل لتحقيق ما تصبو إليه بعض النفوس، في البحث عن المداخل إلى الرخص، رغم أن شرائع الدين، ليست تأتي حسب رغبات النفوس، ولا من أجل تحقيق لذة زائلة، ولكنها شرائع عميقة، أنزلها الذي قامت السموات والأرض بعدله، ومن له الحكمة البالغة، ويعلم طبائع النفوس البشرية، وما يطرأ عليها من تغييرات، وما تصلح به المجتمعات وتستقيم، وما يفسدها بحسب ما أودع الله - سبحانه - في طبائع البشر، من شهوات ورغبات، خاصة عندما يضعف الحارس الإيماني، والحاجز اليقيني، بمراقبة الله في السرّ والعلن..(5/84)
نقول رغم كل ذلك، فإن بعض من يلتمس المداخل بالحجج، يستشهد بحادثتين حصلتا في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: الأولى: قصة المرأة الخثعمية، التي كانت تسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحج حجة الوداع ووصفت بأنها سفعاء الخدّين مما يدل على أنها كانت كاشفة وجهها.
الثانية حكاية المرأة التي وهبت نفسها للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وجاء فيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صعّد فيها النظر، ولم يأمرها بالتستر عن الحاضرين، مما يدل على أنها كانت كاشفة وجهها.. والردّ على هؤلاء، كما قال به كثير من العلماء: أن الأولى وهي الخثعمية.. كانت في الحج، وهي لا تزال محرمة، والمرأة المحرمة: إحرامها في وجهها، فلا تنتقب، ولا تلبس ما تغطي به الكفين كالمداسّ والقفازين وغيرها مما يخاط على قدر اليد، ومن ورع أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها -، ومن معها من نساء المؤمنين، أنها كانت في الحج تكشف وجهها، فإذا حاذين الرجال سدلن الخمار على وجوههن، فإذا تجاوزوهم كشفن.
أما الحالة الثانية: في المرأة التي وهبت نفسها للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وصعَّد فيها النظر، فإن هذا أولاً يدل على جواز نظر الخاطب للمرأة، التي يرغب الزواج منها، وأهم ما ينبغي النظر إليه الوجه، وما يظهر عادة كاليدين والقدمين، لأن الوجه هو مجمع المحاسن للمرأة، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اذهب فانظر إليها، لعله يؤدم بينكما».. فصار النظر في حالة الخطبة كالإدام مع الطعام، الذي يشهّي الطعام، وعلّله المصطفى أيضاً، بما عند الأنصار من أثر للنظرة، التي بها ينجذب القلب للإقدام، أو ينصرف فيحصل الإحجام.. هذا من جهة، ومن جهة أخرى: فلعل ذلك الوقت الذي جاءت فيه المرأة لتهب نفسها للنبي - صلى الله عليه وسلم - كان قبل فرض الحجاب، مما جعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، لم يأمرها بالتستر عن الحاضرين.. ويرى كثير من العلماء منهم الشيخ عبد العزيز بن باز - يرحمه الله - في دروسه عن: بلوغ المرام حيث قال: كان هذا والله أعلم قبل الحجاب، ويجب حمله على هذا (شريط 19)
وفي الوقت الذي يرغب، بل يدعو كثير من المسلمين للمرأة المسلمة أن تدع الحجاب، لتتشبه بالمرأة الغربية التي لم تستمد منهجها من تعاليم الإسلام، مثل ما قاد هذه الحملة قاسم أمين وغيره بكتبهم ومقالاتهم.. نرى المرأة الغربية تتوق لهذا الحجاب، وترى فيه حماية ووقاراً للمرأة.. كما سنوضح ذلك ضمن حديث الشيخ النورسي في الجزء الثاني من هذا المقال.
أدب النساء:
ألّف عبد الملك بن حبيب كتاباً سمّاه الغاية والنهاية، وسمي أيضاً أدب النساء، وعبد الملك هذا قد توفي عام 238ه في قرطبة وفيها ولد، وسمي عالم الأندلس وفقيهها في عصره، وهو رأس في الفقه المالكي، وقد جاء في كتابه هذا تحت عنوان: باب ما ينبغي للمرأة أن تضعه فيما بينها وبين زوجها: قال: حدثني إسماعيل بن بشر أن رجلاً أتى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله، إن لي امرأة إذا أتيتها مهموماً، قامت إليّ، فأخذت بطرف ردائي ومسحت على وجهي ثم قالت: إن كان(5/85)
همّك الدنيا، فقد صرفها الله عنك، وإن كان همّك الآخرة فزادك الله همّاً. فقال - صلى الله عليه وسلم -: هذه لها أجر الشهداء ورزقهم.
وقال أيضاً: بلغني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أتي بسبي فقال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: «يا فاطمة اذهبي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فاسأليه خادماً» فأتت رسول الله، فاستحت أن تكلمه فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ألحاجة جاءت فاطمة، أم جاءت زائرة؟ ».
فأخذتها العبرة فقالت: يا رسول الله، أما الماء فإني أغرفه من البئر، في جوف الدار لا يراني أحد، وأما العجين فإني أخبز في بيتي، لا يراني أحد، والغسل أغسل في بيتي لا يراني أحد، وأرته يديها، قد خلقتا من العمل، «ولكن يا نبيّ الله، إنما يشق عليَّ الحطب، احتطب من مكان بعيد، والمرأة يا نبي الله عورة، فذلك الذي يشق عليّ».
فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن ذلك على ما هو، خير لك من خادم وخادم وخادم، إذا انصرفْتِ إلى بيتك، فأصلحي فراش زوجك، فإذا جاء فتلقيه بالباب، وخذي منه رداءه، ثم إذا قعد على فراشه فاخلعي نعليه، فإن كان مفطراً، فقرّبي إليه ما في بيتك، فإذا فرغ وفرّغْت ما بين يديه، فاقعدي قريباً منه، فإذا دعاك إلى فراشه فأجيبيه، وإن لم يدعك فادني إلى فراشك، فإذا استويتِ فيه فكبّري الله ثلاثاً وثلاثين مرة، وسبِّحيه ثلاثاً وثلاثين مرة، واحمديه ثلاثاً وثلاثين مرة، واختمي المائة بلا إله إلا الله وحده لا شريك له، إلى آخرها.. فذلك يا فاطمة، خير لك من خادم وخادم وخادم، قالها ستَّ مرات.. فلما انصرفت سألها علي - رضي الله عنه -: ما قال أبوك؟. فأخبرته بالذي قال لها، فقال علي: والذي خلقني، لهذا خيرٌ لك من خادم وخادم..
وروي عن إبراهيم بن الأدهم:أن أبا الدرداء قال لأم الدرداء: إذا غضبتُ فأرضيني، وإذا غضبتِ أرضيتك، فإنا إلاّ نفعل يوشك أن نفترى (كتاب آداب النساء 161162).
http://hijabsahih.tripod.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ
الدلالة المحكمة لآيات الحجاب
لطف الله خوجه
من مميزات هذا القرن، من جهة المسائل الفقهية: ظهور الجدل والتأليف في مسألة كشف وجه المرأة. وهذا بعكس القرون السابقة؛ حيث انحصر البحث في بطون الكتب الفقهية، والحديثية، والتفاسير. لم تكن هذه المسألة جدلاً في المنتديات، ولا دعوة على المنابر، ولم تؤلف فيها مؤلفات مستقلة، كلاَّ(1)، بل كان العالِم يعرض رأيه
كان العلماء في هذه المسألة على قولين:
- الأول: إيجاب التغطية على جميع النساء، بمن فيهن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - رضوان الله عليهن.(5/86)
- الثاني: استحباب التغطية على جميع النساء، حاشا أزواج النبي رضوان الله عليهن، فعليهن التغطية.
وبهذا يُعلم اتفاقهم في شيء، واختلافهم في شيء:
- فقد اتفقوا على وجوب التغطية في حق أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكان هذا إجماعاً.
- واختلفوا في حق عموم النساء، بين موجب ومستحب، فكان هذا خلافاً.
وأهم ما يجب ملاحظته في مذهب المستحبين: أن قولهم تضمن أمرين مهمين هما:
- الأول: استحبابهم التغطية؛ وذلك يعني أفضليتها على الكشف؛ فحكم الاستحباب فوق حكم المباح. ففي المباح: يستوي الفعل والترك. لكن في الاستحباب: يفضل فعل المستحب.
- الثاني: اشتراطهم لجواز الكشف شرطاً هو: أمن الفتنة. والفتنة هي: حسن المرأة، وصغر سنها (أن تكون شابة)، وكثرة الفساق. فمتى لم تُؤْمَن الفتنة فالواجب التغطية.
وبهذا يُعلم أن تجويزهم الكشف مقيَّدٌ غير مطلق، مقيد بشرط أمن الفتنة، ومقيد بأفضلية التغطية، وهذا ما لم يلحظه الداعون للكشف اليوم، وهم يستندون في دعوتهم إلى هؤلاء العلماء.
وقد التزم المستحبون ذلك الشرط وذلك التفضيل، فانعكس على مواقفهم:
- فأما الشرط: فالتزامهم به أدى بهم لموافقة الموجبين في بعض الأحوال، فأوجبوا التغطية حال الفتنة، فنتج من ذلك: حصول الإجماع على التغطية حال الفتنة. فالموجبون أوجبوها في كل حال، والمستحبون أوجبوها حال الفتنة، فصح إجماعهم على التغطية حال الفتنة؛ لأنهم جميعاً متفقون على هذا الحكم في هذا الحال..هذا بالأصل، وذاك بالشرط.
- وأما التفضيل: فالتزامهم به منعهم من السعي في نشر مذهبهم، والدعوة إليه، وحمل النساء عليه؛ ولأجله لم يكتبوا مؤلفات مستقلة تنصر القول بالكشف ـ حسب علمي ـ.فما كان لهم استبدال الذي هو أدنى بالذي هو خير. ترتب على ذلك أثر مهم هو: إجماع عملي تمثل في منع خروج النساء سافرات؛ فلم يكن لاختلافهم العلمي النظري أثرٌ في واقع الحال.. وهذا ما لم يلحظه الداعون للكشف اليوم، وهم يستندون في دعوتهم إلى هؤلاء العلماء.
فملخص أقوالهم:
- ثلاثة إجماعات: إجماع على التغطية في حق أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإجماع على التغطية حال الفتنة، وإجماع عملي في منع خروج النساء سافرات.
- وإيجاب على الجميع، بمن فيهن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -، في كل حال.
- واستحباب على الجميع دون أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -، مقيد بشرط أمن الفتنة، ومقيد بالأفضلية.
هذه هي المذاهب في هذه المسألة.
وهكذا مرت المسألة بينهم في تلك القرون: خلاف نظري، يمحوه اتفاق عملي. فانعكس على أحوال المسلمات، فلم تكن النساء يخرجن سافرات الوجوه، كاشفات(5/87)
الخدود، طيلة ثلاثة عشر قرناً، عمر الخلافة الإسلامية، حكى ذلك وأثبته جمع من العلماء، منهم:
1 - أبو حامد الغزالي، وقد عاش في القرن الخامس، في الشام والعراق (توفي 505هـ)، الذي قال في كتابه: (إحياء علوم الدين): «ولم يزل الرجال على مر الزمان مكشوفي الوجوه، والنساء يخرجن منتقبات»(1).
2 - الإمام النووي، وقد عاش في القرن السابع؛ حيث نقل في كتابه: (روضة الطالبين)(2) الاتفاق على ذلك، فقال في حكم النظر إلى المرأة: «والثاني: يحرم، قاله الاصطخري وأبو علي الطبري، واختاره الشيخ أبو محمد، والإمام، وبه قطع صاحب المهذب والروياني، ووجهه الإمام باتفاق المسلمين على منع النساء من الخروج سافرات، وبأن النظر مظنة الفتنة، وهو محرك للشهوة؛ فاللائق بمحاسن الشرع، سد الباب والإعراض عن تفاصيل الأحوال، كالخلوة بالأجنبية».
3 - أبو حيان الأندلسي المفسر اللغوي، وقد عاش في القرن الثامن، قال في تفسيره (البحر المحيط)(3): «وكذا عادة بلاد الأندلس، لا يظهر من المرأة إلا عينها الواحدة».
4 - ابن حجر العسقلاني، وقد عاش في القرن التاسع، قال في الفتح(4): «استمرار العمل على جواز خروج النساء إلى: المساجد، والأسواق، والأسفار منتقبات؛ لئلا يراهن الرجال».
5 - ابن رسلان، الذي حكى «اتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه، لا سيما عند كثرة الفساق»(5).
وهكذا كان الحال في بدايات القرن الأخير؛ فقد ظهر التصوير قبل مائة وخمسين عاماً، تقريباً، وصوَّر المصورون أحوال كثير من البلاد الإسلامية، منذ مائة عام، وزيادة، وفيها ما يحكي واقع حال النساء في بلاد الإسلام: تركستان، الهند، وأفغانستان، وإيران، والعراق، وتركيا، والشام، والحجاز، واليمن، ومصر، والمغرب العربي؛ حيث الجميع محجبات الوجوه والأبدان حجاباً كاملاً سابغاً، حتى في المناطق الإسلامية النائية، كجزيرة زنجبار في جنوبي إفريقيا، في المحيط الهندي، وقد زرتها عام 1420هـ، ودخلنا متحفها القديم، ورأينا صور سلاطينها من العمانيين، وصور نسائها، وكن جميعاً محجبات على الصفة الآنفة، وعندنا شاهد في هذا العصر: المرأة الأفغانية؛ فحجابها السابغ الذي يغطي جميع بدنها، حتى وجهها، قريب إلى حد كبير مما كان عليه النساء في سائر البلدان. فهذا الحال أشهر ما يستدل له؛ فالصور أدلة يقينية؛ فقد ظلت المرأة متمسكة بهذا الحجاب الكامل إلى عهد قريب، ولم يظهر السفور إلا بعد موجات الاستعمار والتغريب، حيث كان من أولويات المستعمر:
- نزع حجاب المرأة.
- تعطيل العمل بالشريعة.
وقد اتُّخذ لتحقيق هذين الهدفين طريقان: القوة، والشبهة. والأخطر طريق الشبهة.
لقد ظهر من يدعو وينادي بالسفور، من على المنابر، والصحف، والكتب، باعتبار أن كشف الوجه مسألة خلافية؛ حيث نظروا في تراث الإسلام، فتتبعوا مسائل الخلاف،(5/88)
وأفادوا منها في تأييد وإسناد دعواهم؛ فكانوا شَبَهاً بالمستشرقين، والفرق: أن المستشرقين بحثوا، وفتشوا للطعن في الإسلام نفسه، وهؤلاء بحثوا، وفتشوا للتشكيك في أحكام مستقرة، جرى عليها العمل، ومن ذلك: حجاب المرأة، وبخاصة كشف الوجه.
فوجدوا لطائفة من العلماء أقوالاً تجيزه، ولا تحرمه، لكن بشرط أمن الفتنة.
فأخذوا أقوالهم، وتركوا شروطهم. كما أخذوا قولهم بالجواز، وتركوا قولهم بالاستحباب.
ونسبوا قولهم الجديد، المحدَث، في جواز كشف الوجه مطلقاً، من غير قيد بشرط، ولا قيد بأفضلية إلى هؤلاء العلماء، فلم يحفظوا أمانة الأداء، ولم يحرروا نسبة الأقوال، ثم زعموا أنه قول جماهير العلماء.
وما كان لهم أن ينتسبوا لهؤلاء العلماء فيما أحدثوه من قول؛ فما هم منهم، ولا هم منهم.
ثم إنهم ربطوا بين السفور والتقدم، وزعموا أن سبب انحطاط الأمة، إنما كان باحتجاب المرأة، وبعدها عن ميدان الرجال. وسمع لهم من سمع، وانساق كثير من المسلمين لهذه الأفكار، لانتفاء الحصانة، وضعف القناعة، فتمثلوها، وطبقوها، فحدث في تاريخ الإسلام حدث غير سابق، غريب كل الغربة عن أخلاق المسلمين؛ حيث خرجت المرأة المسلمة سافرة، تتشبه في لباسها بالكافرة.
صارت المرأة في الصورة التي أرادها المتحررون، ومرت عقود، وشارف قرن على الأفول، لكن تلك البلدان المتحررة ما زالت من دول العالم الثالث؛ فأين التقدم الذي يجيء مع كشف الوجه، والتبرج، والاختلاط، وخروج المرأة من بيتها؟
والدعوات نفسها اليوم تعاد في مأرز الإسلام، ومأوى الإيمان، من دون اعتبار.
وأخطر ما في الأمر تبني مذهب الكشف طائفةٌ من المنتسبين للتيار الإسلامي، ممن كانوا يعارضون هذا المذهب؛ ذلك أن رأيهم مسموع، وقولهم له محل من القبول، لغلبة التدين، وإذا تذكرنا أن أول السفور ونزع الحجاب في البلاد الإسلامية، كان بدؤه كشف الوجه، فهمنا لِمَ كان تبني هؤلاء لهذا القول خَطِراً؟
ولا شك أن باعث هذا التغير في موقف هؤلاء الأفاضل اشتباه في المسألة. فالقناعة تامة بأنهم محبون للخير، متبعون للدليل، لكن الخلاف فيها غرّهم، فظنوا صحة مذهب الكشف، وربما رجحوه، ومحل الخلل عدم تحرير المسألة بدقة. وهذا ما لوحظ على أصحاب هذا الاتجاه، والشبهة إن أتت من نص شرعي، فلا تُزال إلا بنص واستدلال شرعي، ومجرد الخلاف لا يسوِّغ الانتقاء؛ إذ ليس كل خلاف سائغ، بل ثمة خلاف مردود. والواضح أن النصوص المستدل بها على جواز الكشف، ليست من القوة بحيث ترجح على النصوص الموجبة للتغطية؛ ففي القرآن ثلاث آيات، هي آيات الحجاب، وهن قوله - تعالى -:- {وَإذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} [الأحزاب: 53].
ـ {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ} [الأحزاب: 59].
ـ {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 31].(5/89)
هذه الآيات كلها تدل دلالة محكمة على وجوب غطاء الوجه، فإذا ثبت إحكامها؛ فكل ما عداها متشابه، يُرَدُّ إليها. ومعلوم أن النصوص منها المحكم، ومنها المتشابه، فالمتشابه يُرَدُّ إلى المحكم، هذا سبيل أهل الإيمان الراسخين في العلم، كما دل عليه قوله - تعالى -:- {هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأَوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ} [آل عمران: 7].
والمتبعون المتشابه:
- منهم القاصد، وهذا الذي في قلبه زيغ، يبتغي الفتنة بالتأويل، وهذا الذي حذر منه القرآن.
- ومنهم الواقع فيه بالخطأ، فهذا له أجر الاجتهاد، دون أجر الإصابة.
ففي مسألتنا هذه يوجد الصنفان، والمتأمل في نصوص الحجاب لا يملك إلا أن يحكم بأنها تدل على وجوب غطاء الوجه بدلالة محكمة، يصعب ويستحيل تعطيلها لأجل نصوص متشابهة، وإن كانت في نظر من قال بالجواز محكمة، لكن بيان الدلالة المحكمة لهذه الآيات، سيظهر صورة المسألة كما هي.
* الدلالة المحكمة لقوله - تعالى -: {وَإذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} [الأحزاب: 53].
هذه الآية تدل دلالة محكمة على التغطية، وهذا لا خلاف فيه عند جميع العلماء؛ حيث اجتمع قولهم على هذه الدلالة، وخلافهم إنما جاء من جهة تعلق حكمها:
- فالموجبون التغطية على سائر النساء، مذهبهم في حكم الآية أنه عام.
- وأما المستحبون التغطية، فإن مذهبهم في الآية أنها خاصة بأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - رضوان الله عليهن.
والمقصود هنا: بيان أن دلالة الآية محكمة في الجهتين: في دلالتها على التغطية، وفي كونها تعم جميع النساء، ليست خاصة بأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - رضوان الله عليهن، وذلك يتبين من الأوجه التالية:
- الوجه الأول: أن الأمر بالحجاب في الآية معلل، والعلة هي: تحصيل طهارة القلب. وهذه العلة موجودة في سائر النساء، ليست قاصرة على أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - رضوان الله عليهن؛ فكل النساء في حاجة إلى طهارة القلب، لا يدعي أحد غير هذا، وهي تحصل بالاحتجاب عن الرجال.
- الوجه الثاني: أن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا كن أمرن بالاحتجاب؛ لأجل تحصيل طهارة القلب، مع اصطفائهن، وانقطاع طمع الرجال منهن؛ فسائر النساء من باب أوْلى؛ لأنهن أحوج إلى الطهارة، وليس لهن منزلة أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - رضوان الله عليهن، ولأن للرجال فيهن مطمعاً.
- الوجه الثالث: أنه تقرر في الأصول: أن خطاب الواحد يعم الجميع، إلا إذا جاء استثناء، ولا استثناء هنا؛ فالخطاب وإن جاء في حق أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - رضوان الله عليهن، إلا أن الأصل في الحكم أنه عام؛ لأن المعنى الموجود(5/90)
فيهن، موجود في سائر النساء، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إني لا أصافح النساء، إنما قولي لمائة امرأة، كقولي لامرأة واحدة»(1).
- الوجه الرابع: أن مبنى التخصيص بأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - عند القائلين به هو: الحرمة. وهذه العلة موجودة في بناته - صلى الله عليه وسلم -، فإما أن يدخلوهن في حكم الآية، وحينئذ ينتفي التخصيص، أو يمتنعوا من إدخالهن فتبطل العلة، وحينئذ لا وجه لحمل الآية على التخصيص؛ فكيفما كان فالتخصيص باطل.
- الوجه الخامس: أن القول بتخصيص حكم الآية بالأزواج، يلزم منه جواز الدخول على النساء ببيوتهن، وهو باطل، ولا قائل به.
فهذه الأوجه صريحة المعنى، محكمة الدلالة، وبها يظهر بطلان من خص حكم الآية أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - رضوان الله عليهن، وقد ذهب إلى القول بعموم حكم الآية جمع من المفسرين، وهم: ابن جرير، وابن العربي، والقرطبي، وابن كثير، والجصاص، والشوكاني، والشنقيطي، وحسنين مخلوف، وغيرهم.
* الدلالة المحكمة لقوله - تعالى -: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ} [الأحزاب: 59].
هذه الآية دلالتها محكمة على التغطية، يتبين ذلك بالأوجه التالية:
- الوجه الأول: أن الجميع: أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -، وبناته، ونساء المؤمنين: أُمرن بأمر واحد هو: إدناء الجلباب. فعُرف من ذلك أن صفة الإدناء للجميع واحدة، ولما كان من المجمع عليه: أن صفة إدناء أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - ـ رضوان الله عليهن ـ هو: الحجاب الكامل مع التغطية، فينتج من ذلك: أن صفة الإدناء عند البقية (بناته - صلى الله عليه وسلم -، ونساء المؤمنين) كصفته عند أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -.
- الوجه الثاني: تفسير الإدناء بكشف الوجه، يلزم منه كشف أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - رضوان الله عليهن وجوههن، وهو باطل، ولا قائل به.
- الوجه الثالث: أنه قال: {يدنين عليهن}، فالفعل عُدِّي بـ «على»، وهو يستعمل لما يكون غطاؤه من أعلى إلى أسفل، فدل بذلك على أن الإدناء يكون من على الرأس منسدلاً حتى ينزل على الوجه، وبهذا المعنى قال جمع من أهل اللغة:
- كالزمخشري؛ حيث قال في تفسير هذه الآية: «يرخينها عليهن، ويغطين وجوههن، وأعطافهن، يقال إذا زل الثوب عن وجه المرأة: أدني ثوبك إلى وجهك».
- وأبو حيان الأندلسي؛ حيث قال في تفسيرها: «{عليهن} شامل لجميع أجسادهن، أو {عليهن}، على وجوههن؛ لأن الذي كان يبدو منهن في الجاهلية هو الوجه».
وإلى القول بدلالة الإدناء على التغطية ذهب كل من: ابن عباس، وعبيدة السلماني، ومحمد بن سيرين، وابن علية، وابن عون. قال ابن عباس - رضي الله عنهما - : «أمر الله نساء المؤمنين، إذا خرجن من بيوتهن في حاجة، أن يغطين وجوههن، من فوق رؤوسهن بالجلابيب، ويبدين عيناً واحدة»، وسند هذه الرواية صحيحة عند الأئمة: أحمد، والبخاري، وابن حجر. ورواها ابن جرير في تفسير الآية.
كما تظاهر المفسرون على تفسير الإدناء بتغطية الوجه، متابعة لابن عباس، منهم: ابن جرير، والجصاص، والكيا الهراس، والزمخشري، والبغوي، والقرطبي،(5/91)
والبيضاوي، والنسفي، وابن جزي الكلبي، وابن تيمية، وأبو حيان، وأبو السعود، والسيوطي، والآلوسي، والشوكاني، والقاسمي، والشنقيطي، وجلال الدين المحلي؛ فكل هؤلاء وغيرهم ذهبوا إلى تفسير الإدناء في الآية بتغطية الوجه؛ وذلك أنهم اعتمدوا في تفسيرها على قول ابن عباس - رضي الله عنهما - الآنف.
* الدلالة المحكمة لقولة - تعالى -: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 31].
هذه الآية دلالتها محكمة على التغطية، يتبين ذلك بالوجهين التاليين:
- الوجه الأول: في الآية جاء الفعل «ظهر» وليس «أظهر» فالاستثناء يعود إلى ما يظهر من المرأة، من زينتها، بدون قصد، فلا يُحمَل على الوجه إذن، لأن الوجه يظهر بقصد.
- الوجه الثاني: أن الزينة في لغة القرآن والعرب، تطلق على ما تزينت به المرأة، مما هو خارج عن أصل خلقتها كالحلي واللباس؛ فتفسير الزينة بالوجه والكف خلاف القرآن وكلام العرب.
وممن قال بدلالة الآية على التغطية جمع من السلف، منهم: ابن مسعود، والنخعي، والحسن، وأبو إسحاق السبيعي، وابن سيرين، وأبو الجوزاء.
ثم إن هذه الآية عمدة القائلين بالكشف، حيث ورد في تفسيرها قول ابن عباس، ومن تبعه: «الوجه والكف» وتلقَّف هذا القول كثير من الناس، وحملوه على معنى جواز كشفهما للأجانب؛ وهذا فيه نظر من جهة ابن عباس نفسه؛ حيث سبق قوله في آية الجلباب، وهو صريح واضح لا يحتمل إلا معنى واحداً هو: وجوب غطاء الوجه، مع جواز إخراج العين، لأجل الرؤية. فإن أُخذ قوله هنا في الآية على معنى: جواز كشفهما للأجانب؛ فهذا تناقض، وحاشاه، ولا يلجأ إلى هذه النتيجة إلا بعد استنفاد أوجه الترجيح.
لكن إذا عرفنا أن ابن عباس نفسه فسر هذه الآية بأن المرأة تكشفهما لمن دخل عليها بيتها. انتفى الإشكال، واجتمع كلامه، وتلاءم؛ حيث المعنى: أنه يجوز لها أن تظهر ذلك للمحارم، غير الزوج. وقوله كما رواه ابن جرير في التفسير: «والزينة الظاهرة: الوجه، وكحل العين، وخضاب الكف، والخاتم؛ فهذه تظهر في بيتها لمن دخل من الناس عليها»، أي من يحل له الدخول عليها وهم المحارم ولا يُظَن بابن عباس أنه يجيز دخول الأجنبي على المرأة.
فهذا بالنسبة لابن عباس. أما غيره ممن فسر الآية بمثله، فإنه:
- إما أن يكون قد نقل قول ابن عباس، وقصد ما قصده ابن عباس، كما وضحنا آنفاً.
- وإما أنه قصد النهي لا الاستثناء، وبيان ذلك: أن قول من فسر الآية بالوجه والكف يحتمل أمرين:
- يحتمل أنه قصد النهي عن إبدائهما، فيكون كلامه تفسيراً للنهي.
- ويحتمل قصده الاستثناء، كما هو المشهور.
والاحتمال الأول له حظ من النظر، وقد ذكره ابن كثير في تفسيره، فيكون معنى الآية:
ولا يبدين الوجه والكف، إلا إن ظهر منها شيء بغير قصد.(5/92)
فيكون هذا مقابل التفسير الآخر:
ولا يبدين بدنهن وما فيه من الزينة سوى الوجه والكف.
فإذا ورد الاحتمالان وصحّا، فليس أحدهما بأوْلى من الآخر، إلا بنص مرجح، والمرجح ينصر الاحتمال الأول (النهي)؛ وذلك بما ورد في الآيتين: الحجاب، والجلباب. من دلائل محكمة واضحة على التغطية. ويؤكد هذا المعنى ما تقرر من توجيه كلام ابن عباس آنفاً، وما ثبت عنه من وجوب غطاء الوجه.
وفي كل حال، فإن هذا التخريج لا يمنع من أن يكون ثمة طائفة قصدت الاستثناء، وقصدت كشف الوجه للأجانب؛ فهؤلاء هم القائلون بجواز كشف الوجه، غير أن المقصود أن ثمة توجيهاً آخر غُفْلاً عن الذكر.
وبهذه الأوجه يثبت القول بوجوب التغطية، وكونها من النصوص المحكمة، والأصول الثابتة؛ فما عارضها، وكان ثابتاً، فهو متشابه، يُحمَل على المحكم، ويُفهم في ضوئه، كأن يكون قبل فرض الحجاب، أو لظرف خاص. والله أعلم.
ـــــــــــــــــ
(1) يشار إلى أن ابن القطان الفاسي المتوفى سنة 628هـ ألف كتاباً بعنوان (أحكام النظر)، تكلم فيه عن الحجاب وجمع الأدلة من القرآن والسنة والمذاهب الفقهية على ما يراه راجحاً في ذلك، وتبعه في ذلك بعض المتأخرين كعطية بن الحسن الهيتي الحموي الشافعي المتوفى سنة 936 هـ تقريباً.
(1) في الباب الثالث: في آداب المعاشرة، وما يجري في دوام النكاح، كتاب آداب النكاح 1/729.
(2) 5/366 - 367، وذكر هذا أيضاً: الشربيني في مغني المحتاج 3/129، (انظر عودة الحجاب 3/407).
(3) البحر المحيط 7/250.
(4) فتح الباري 9/337.
(5) عون المعبود، في اللباس، باب: فيما تبدي المرأة من زينتها 12/162.
(1) أخرجه النسائي كتاب البيعة رقم 4110، وأخرجه أحمد في المسند رقم (25675).
http://www.albayan-magazine.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ
أعذار من لا ترتدي الحجاب
د. هويدا إسماعيل
أحمد الله - تعالى - كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، وأصلي وأسلم على رسوله الكريم الذي رسم الطريق إلى رضوان الله وجنته، فكان ذلك الطريق مستقيماً، تحف جنباته الفضيلة، ويحفَلُ بطيب الأخلاق، ويزدان بزينة الطهر والستر والعفاف. وكان طريقاً يقود شِقّي المجتمع الإنساني ـ الرجل والمرأة ـ إلى مرافئ الاطمئنان والسعادة في الدنيا والآخرة. فكان من ذلك: أن أوجب المولى - تبارك وتعالى - على المرأة الحجاب؛ صوناً لعفافها، وحفاظاً على شرفها، وعنواناً لإيمانها. من أجل ذلك كان المجتمع الذي يبتعد عن منهج الله ويتنكّبُ طريقه المستقيم: مجتمعاً مريضاً(5/93)
يحتاج إلى العلاج الذي يقوده إلى الشفاء والسعادة. ومن الصور التي تدل على ابتعاد المجتمع عن ذلك الطريق، وتوضح ـ بدقة ـ مقدار انحرافه وتحلله: تفشي ظاهرة السّفور والتبرج بين الفتيات. وهذه الظاهرة نجد أنها أصبحت ـ للأسف ـ من سمات المجتمع الإسلامي، رغم انتشار الزى الإسلامي فيه، فما هي الأسباب التي أدت إلى هذا الانحراف؟. للإجابة على هذا السؤال الذي طرحناه على فئات مختلفة من الفتيات كانت الحصيلة: عشرة أعذار رئيسة، وعند الفحص والتمحيص بدا لنا كم هي واهية تلك الأعذار. معاً أختي المسلمة نتصفح هذه السطور؛ لنتعرف ـ من خلالها ـ على أسباب الإعراض عن الحجاب، ونناقشها كلاّ على حدة
العذر الأول: قالت الأولى: (أنا لم أقتنع بعد بالحجاب)
نسأل هذه الأخت سؤالين:
الأول: هل هي مقتنعة أصلاً بصحة دين الإسلام؟
إجابتها بالطبع: نعم مقتنعة؛ فهي تقول: (لا إله إلا الله)، ويعتبر هذا اقتناعها بالعقيدة، وهي تقول (محمد رسول الله)، ويعتبر هذا اقتناعها بالشريعة، فهي مقتنعة بالإسلام عقيدة وشريعة ومنهجاً للحياة.
الثاني: هل الحجاب من شريعة الإسلام وواجباته؟
لو أخلصت هذه الأخت وبحثت في الأمر بحث من يريد الحقيقة لقالت: نعم. فالله (تعالى) الذي تؤمن بألوهيته أمر بالحجاب في كتابه، والرسول الكريم الذي تؤمن برسالته أمر بالحجاب في سنته، وهو لعن المتبرجات السافرات. فماذا نسمي من يقتنع بصحة الإسلام ولا يفعل ما أمره الله (تعالى) به ورسوله الكريم؟، هو على أي حال لا يدخل مع الذين قال الله فيهم: ((إنَّمَا كَانَ قَوْلَ المُؤْمِنِينَ إذَا دُعُوا إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ)) [النور: 51].
خلاصة الأمر: إذا كانت هذه الأخت مقتنعة بالإسلام، فكيف لا تقتنع بأوامره؟.
العذر الثاني: قالت الثانية: (أنا مقتنعة بوجوب الزى الشرعي، ولكن والدتي تمنعني لبسه، وإذا عصيتها دخلت النار).
يجيب على عذر هذه الأخت أكرم خلق الله، رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، بقول وجيز حكيم: (لا طاعة لمخلوق في معصية الله)(1). مكانة الوالدين في الإسلام ـ وبخاصة الأم ـ سامية رفيعة، بل الله (تعالى) قرنها بأعظم الأمور ـ وهي عبادته وتوحيده ـ في كثير من الآيات، كما قال (تعالى): ((وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إحْسَاناً)) [النساء: 36].
فطاعة الوالدين لا يحد منها إلا أمر واحد هو: أمرهما بمعصية الله، قال - تعالى -: ((وَإن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا)) [لقمان: 15].
ولا يمنع عدم طاعتهما في المعصية من الإحسان إليهما وبرهما؛ قال (تعالى): ((وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً)).
خلاصة الأمر: كيف تطيعين أمك وتعصين الله الذي خلقك وخلق أمك؟
العذر الثالث: أما الثالثة فتقول: (إمكانياتي المادية لا تكفي لاستبدال ملابسي بأخرى شرعية).(5/94)
أختنا هذه إحدى اثنتين: إما صادقة مخلصة، وإما كاذبة متملصة تريد حجاباً متبرجاً صارخ الألوان، يجاري موضة العصر، غالي الثمن.
نبدأ بأختنا الصادقة المخلصة: هل تعلمين يا أختاه أن المرأة المسلمة لا يجوز لها الخروج من المنزل بأي حال من الأحوال حتى يستوفي لباسها الشروط المعتبرة في الحجاب الشرعي والواجب على كل مسلمة تعلمها، وإذا كنت تتعلمين أمور الدنيا فكيف لا تتعلمين الأمور التي تنجيك من عذاب الله وغضبه بعد الموت..؟!، ألم يقل الله - تعالى -: ((فَاسْأََلُوا أََهْلَ الذِّكْرِ إن كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ)) [النحل: 43]، فتعلمي يا أختي شروط الحجاب.فإذا كان لا بد من خروجك فلا تخرجي إلا بالحجاب الشرعي؛ إرضاءً للرحمن، وإذلالاً للشيطان؛ وذلك لأن مفسدة خروجك سافرة متبرجة أكبر من مصلحة خروجك للضرورة.يا أختي لو صَدَقَتْ نيّتُك وصحّتْ عزيمتُك لامتدت إليك ألف يدٍ خيِّرة، ولسهل الله - تعالى - لك الأمور!، أليس هو القائل: ((وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ)) [الطلاق: 2، 3]؟.
أما أختنا المتملصة، فلها نقول: الكرامة وسمو القدر عند الله - تعالى - لا تكون بزركشة الثياب وبهرجة الألوان ومجاراة أهل العصر، وإنما تكون بطاعة الله ورسوله والالتزام بالشريعة الطاهرة والحجاب الإسلامي الصحيح، واسمعي قول الله - تعالى -: ((إنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)) [الحجرات: 13].
خلاصة الأمر: في سبيل رضوان الله - تعالى -، ودخول جنته: يهون كل غالٍ ونفيس من نفس أو مال.
العذر الرابع: جاء دور الرابعة، فقالت: (الجو حار في بلادي وأنا لا أتحمله، فكيف إذا لبست الحجاب؟)..
لمثل هذه يقول الله - تعالى -: ((قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ)) [التوبة: 81]. كيف تقارنين حرّ بلادك بحر نار جهنم. اعلمي ـ أختي ـ أن الشيطان قد اصطادك بإحدى حبائله الواهية، ليخرجك من حر الدنيا إلى نار جهنم، فأنقذي نفسك من شباكه، واجعلي من حر الشمس نعمةً لا نقمة، إذ هو يذكرك بشدة عذاب الله - تعالى -الذي يفوق هذا الحر أضعافاً مضاعفة، فترجعي إلى أمر الله وتضحي براحة الدنيا في سبيل النجاة من النار، التي قال - تعالى -عن أهلها: ((لا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْداً وَلا شَرَاباً (24) إلاَّ حَمِيماً وَغَسَّاقاً)) [النبأ: 24، 25]. خلاصة الأمر: حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات.
العذر الخامس: لنستمع الآن إلى عذر الخامسة، حيث قالت: (أخاف إذا التزمت بالحجاب أن أخلعه مرة أخرى؛ فقد رأيت كثيرات يفعلن ذلك!!). وإليها أقول: لو كان كل الناس يفكرون بمنطقك هذا لتركوا الدين جملة وتفصيلاً، ولتركوا الصلاة؛ لأن بعضهم يخاف تركها، ولتركوا الصيام؛ لأن كثيرين يخافون من تركه.. إلخ.. أرأيت كيف نصَبَ الشيطان حبائله مرة أخرى فصدك عن الهدى؟. والله - تعالى -يحب استمرار الطاعة حتى ولو كانت قليلة أو كانت مستحبة، فكيف إذا كانت واجباً مفروضاً مثل الحجاب؟!.. لماذا لم تبحثي عن الأسباب التي أدت بهؤلاء إلى ترك الحجاب حتى تجتنبيها وتعملي على تفاديها؟. لماذا لم تبحثي عن أسباب الثبات على الهداية والحق حتى تلتزميها؟. فمن تلك الأسباب: الإكثار من الدعاء بثبات القلب على(5/95)
الدين كما كان يفعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكذلك: الصلاة والخشوع، قال - تعالى -: ((وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إلاَّ عَلَى الخَاشِعِينَ)) [البقرة: 45]، ومنها: الالتزام بكل شرائع الإسلام ـ ومنها: الحجاب ـ قال - تعالى -: ((وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً)) [النساء: 66].
خلاصة الأمر: لو تمسكت بأسباب الهداية وذُقتِ حلاوة الإيمان لما تركتِ أوامر الله - تعالى -بعد أن تلتزميها.
العذر السادس: الآن ها هي ذي السادسة، فما قولها؟ قالت: قيل لي: (إذا لبست الحجاب فلن يتزوجك أحد، لذلك سأترك هذا الأمر حتى أتزوج). إن زوجاً يريدك سافرة متبرجة عاصية لله هو زوج غير جدير بك، هو زوج لا يغار على محارم الله، ولا يغار عليك، ولا يعينك على دخول الجنة والنجاة من النار. إن بيتاً بني من أساسه على معصية الله وإغضابه حَقّ على الله - تعالى -أن يكتب له الشقاء في الدنيا والآخرة، كما قال - تعالى -: ((وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ أَعْمَى)) [طه: 124]. وبعدُ، فإن الزواج نعمة من الله يعطيها من يشاء، فكم من متحجبة تزوجت، وكم من سافرة لم تتزوج. وإذا قلت: إن تبرجي وسفوري هو وسيلة لغاية طاهرة، ألا وهي الزواج، فإن الغاية الطاهرة لا تبيح الوسيلة الفاجرة في الإسلام، فإذا شرفت الغاية فلا بد من طهارة الوسيلة؛ لأن قاعدة الإسلام تقول: (الوسائل لها أحكام المقاصد).
خلاصة الأمر: لا بارك الله في زواج قام على المعصية والفجور.
العذر السابع: وما قولك أيتها السابعة؟ قالت: (لا أتحجب؛ عملاً بقول الله (تعالى): ((وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ)) [الضحى: 11]، فكيف أخفي ما أنعم الله به عليّ من شعر ناعم وجمال فاتن؟).
أختنا هذه تلتزم بكتاب الله وأوامره ما دامت هذه الأوامر توافق هواها وفهمها!، وتترك هذه الأوامر نفسها حين لا تعجبها، وإلا فلماذا لم تلتزم بقوله - تعالى -: ((ولا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا)) [النور: 31]، وبقوله (- سبحانه -): ((يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ)) [الأحزاب: 59]. بقولك هذا يا أختاه تكونين قد شرعت لنفسك ما نهى الله - تعالى -عنه، وهو التبرج والسفور، والسبب: عدم رغبتك في الالتزام. إن أكبر نعمة أنعم الله بها علينا هي نعمة الإيمان والهداية، ومن ذلك: الحجاب الشرعي، فلماذا لم تظهري وتتحدثي بأكبر النعم عليك؟. خلاصة الأمر: هل هناك نعمة أكبر للمرأة من الهداية والحجاب؟.
العذر الثامن: نأتي إلى أختنا الثامنة، التي تقول: (أعرف أن الحجاب واجب، ولكنني سألتزم به عندما يهديني الله).
نسأل هذه الأخت عن الخطوات التي اتخذتها حتى تنال هذه الهداية الربانية؟. فنحن نعرف أن الله - تعالى -قد جعل بحكمته لكل شيء سبباً، فكان من ذلك أن المريض يتناول الدواء كي يشفى، والمسافر يركب العربة أو الدابة حتى يصل غايته، والأمثلة لا حصر لها. فهل سعت أختنا هذه جادة في طلب الهداية، وبذلت أسبابها من: دعاء الله - تعالى -مخلصة كما قال (تعالى): ((اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ))[الفاتحة: 6]، ومجالسة الصالحات؛ فإنهن خير معين على الهداية والاستمرار فيها، حتى يهديها الله(5/96)
- تعالى -، ويزيدها هدى، ويلهمها رشدها وتقواها، فتلتزم أوامره - تعالى -وتلبس الحجاب الذي أمر به المؤمنات؟.
خلاصة الأمر: لو كانت هذه الأخت جادة في طلب الهداية لبذلت أسبابها فنالتها.
العذر التاسع: وما قول أختنا التاسعة؟، قالت: (الوقت لم يحن بعد، وأنا ما زلت صغيرة على الحجاب، وسألتزم بالحجاب بعد أن أكبر، وبعد أن أحج!).
ملك الموت، أيتها الأخت، زائر يقف على بابك ينتظر أمر الله - تعالى -حتى يفتحه عليك في أي لحظة من لحظات عمرك. قال (تعالى): ((فَإذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَاًخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ)) [الأعراف: 34]، الموت يا أختاه لا يعرف صغيرة ولا كبيرة، وربما جاء لك وأنت مقيمة على هذه المعصية العظيمة تحاربين رب العزة بسفورك وتبرجك. يا أختاه سَابقي إلى الطاعة مع المسابقين، استجابة لدعوة الله- تبارك وتعالى -: ((سَابِقُوا إلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ)) [الحديد: 21]. يا أختاه: لا تنسي الله - تعالى -فينساك، بأن يصرف عنك رحمته في الدنيا والآخرة، وينسيك نفسك، فلا تعطينها حقها من طاعة الله وعبادته.. قال - تعالى -عن المنافقين: ((نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ)) [التوبة: 67]، وقال - تعالى -: ((وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ)) [الحشر: 19]. أختاه: تحجبي في صغر السن عن فعل المعاصي؛ لأن الله شديد العقاب سائلك يوم القيامة عن شبابك وكل لحظات عمرك. خلاصة الأمر: ما أطول الأمل!!، كيف تضمني الحياة إلى الغد؟.
العذر العاشر: وأخيراً قالت العاشرة: (أخشى إن التزمت بالزي الشرعي أن يطلق علي اسم جماعة معينة وأنا أكره التحزب).
أختاه في الإسلام: إن في الإسلام حزبين فقط لا غير، ذكرهما الله العظيم في كتابه الكريم، الحزب الأول: هو حزب الله، الذي ينصره الله - تعالى -بطاعة أوامره واجتناب معاصيه، والحزب الثاني: هو حزب الشيطان الرجيم، الذي يعصي الرحمن، ويكثر في الأرض الفساد، وأنت حين تلتزمين أوامر الله ـ ومن بينها الحجاب ـ تصيرين مع حزب الله المفلحين، وحين تتبرجين وتُبْدين مفاتنك تركبين سفينة الشيطان وأوليائه من المنافقين والكفار، وبئس أولئك رفيقاً. أرأيتِ كيف تفرِّين من الله إلى الشيطان، وتستبدلين الخبيث بالطيب، ففري يا أختي إلى الله، وطبقي شرائعه ((فَفِرُّوا إلَى اللَّهِ إنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ)) [الذاريات: 50]، فالحجاب عبادة سامية لا تخضع لآراء منقوله.
http://hijabsahih.tripod.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ
أختاه ..
اعلمي أنك حين تلبسين الحجاب الشرعي فإنك تلبسينه طاعة لربك، وحري بك وهذا حالك أن ترفعي به رأساً، وتبتهجي به أُنساً.
أليس غريباً أن تفخر المتبرجة بتبرجها، ولا تفخري أنت بحجابك.. ؟
احمدي الله على نعمة الحجاب الشرعي، فكم من إنسان يتمناها ولم يوفق إليها أو أنه حُجب عنها لأسباب فوق إرادته.
فيا أخت الطهر والعفاف.. حجابك رأس مالك، بل هو رأس المفاخر.(5/97)
جمّلي باطنك بالتقوى، كما جمّلت ظاهرك بهذا الحجاب الذي هو علامة العفيفات، واحذري أن تلفك الموجة كما دارت بغيرك، فجعلت مشرقه مغربا وجنوبه شمالا.
احذري (التبرج المعلب) الذي لم يأخذ من الستر إلا اسمه، ولم يبق معه من الحجاب إلا رسمه.
لقد دخل علينا أعداؤنا مدخل السوء؛ وبدءوا يدخلون التبرج والإسفاف على ملابس نساء المسلمين، دون تنبه منا؛ ولو قالوا للمسلمة المحافظة:اخلعي حجابك الشرعي لأبت وصرخت؛ فدخلوا عليها بحيل دنيئة، فخرجت عندنا تلك العباءة التي تسمى بـ " العباءة الإسلامية!! " والتي تجسم المرأة وتظهر مفاتنها بطريقة (مقززة!!)؛ وغزانا ذلك النقاب الذي يجعل القبيحة في منتهى الحسن والجمال، فبدأت بعض النساء تلبسه وتتفنن في استعراض شكلها من خلاله، إما بفتحة العينين الواسعتين أو مع استعمال الكحل الفاتن، أو جعله على منتصف الوجه، أو تلبس تحته ذلك (الملفع!!) الذي يهفهف على نحر المرأة وظهرها وقد تكون قد كتبت عليه اسمها من باب " الموضة!! ".
وصرنا نرى القطعة الدائرة حول الرأس المسماة بالحجاب وقد تزينت بأنواع الزينة والألوان الصارخة.. (هلموا فانظروا إليّ.. )
فيا أختنا.. الحجاب عصمة لك وحشمة.. وبه تنالين مرضاة ربك وخالقك.
فأيقني وأنت تلبسين الحجاب أنه ديانة وطاعة لله ورسوله، وليس عادة موروثة؛ أو موضة عابرة.
أنت بحجابك تكفّين شراً عن نفسك وعن أخيك المسلم الذي قد تفتنيه بنظرة.
كم نظرة فتكت في قلب صاحبها
فتك السهام بلا قوس ولا وتر
واعلمي أنني أعني بالحجاب؛ الحجاب الشرعي الساتر لجميع البدن.. فازدادي تمسكاً به، فهو الثروة المربحة في زمن الإفلاس.
18 - 10 - 2004
http://www.islamway.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ
هل وجه المرأة ليس بعورة هو قول الجمهور ؟
د. وليد بن عثمان الرشودي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه وبعد:
لا يخفى على كل مسلم - درس شيئا من الكتاب والسنة - ما يطرأ على هذه الأمة زمن الفتن، ومن ذلك الخوض في المسائل الشرعية بلا حجة علمية ولا أمانة دينية، مصداقاً للحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا.(5/98)
وإنه في زماننا تعدى الأمر ذلك، فأصبح العلم - أعني الشرعي - كلأً مباحاً لكل مدعٍ للكتابة، محسن لصف العبارة، غير مبال بالمراقبة الإلهية، ولا النصرة للسنة النبوية، من كتبة زادهم التصفح والنقل المبتور والادعاء المثبور، روَّجت لكتاباتهم صحافة الباطل التي تنصر المنكر وتخذل المعروف، فالله طليبهم وهو حسيبهم، ولن نحزن؛ فالله يقول: (بلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ)
أما ما يتعلَّق بعنواني، وهو: هل وجه المرأة ليس بعورة هو قول الجمهور؟ فالذي دعاني أليه هو ما كثر اللغط حوله في تلك الصحافة السيارة، والمنتديات العامة، والقنوات الفضائية من أناس تصدَّروا فيها، فأعلنوا عقيرتهم ورددوا أن وجه المرأة ليس بعورة هو قول الجمهور، فأثَّر ذلك في نفسي، ودعاني للبحث المتجرد والبعيد عن التعصب لأي من الفريقين، لا سيما من يعرفني يعرف قدر العلم الشامخ والإمام الفذ محمد ناصر الدين الألباني في قلبي، ومكانته العلمية والعملية والدعوية عندي - رحمه الله رحمة واسعة - وهو الذي استفدنا منه أن الحق أحب ألينا من الرجال، وذكره هنا لأن كل من خاض في هذه المسألة تعلَّق بكلام الشيخ - رحمه الله - ثم بعد ذلك يزيد من عنده ما شاء أن يزيد وهنا أذكر أن جمعي يدور حول قول الجمهور في المسألة، وأي النسبتين أولى أن تنسب له، فلك - أيها القارئ - الاطلاع الآن على أقوال أهل العلم، لتحكم بعد ذلك أيه قول الجمهور:
أولاً: قول أئمتنا من الأحناف - رحمهم الله - تعالى -:
يرى فقهاء الحنفية - رحمهم الله - أنَّ المرأة لا يجوز لها كشف وجهها أمام الرجال الأجانب، لا لكونه عورة، بل لأنَّ الكشف مظنة الفتنة، وبعضهم يراه عورة مطلقاً، لذلك ذكروا أنَّ المسلمين متفقون على منع النِّساء من الخروج سافرات عن وجوههنَّ، وفيما يلي بعض نصوصهم في ذلك:
قال أبو بكر الجصاص، - رحمه الله -: المرأة الشابَّة مأمورة بستر وجهها من الأجنبي، وإظهار الستر والعفاف عند الخروج، لئلا يطمع أهل الرِّيب فيها (أحكام القرآن 3/458)، وقال شمس الأئمة السرخسي، - رحمه الله -: حرمة النَّظر لخوف الفتنة، وخوف الفتنة في النَّظر إلى وجهها، وعامة محاسنها في وجهها أكثر منه إلى سائر الأعضاء (المبسوط 10/152)، وقال علاء الدين الحنفيُّ، - رحمه الله -: وتُمنع المرأة الشابَّة من كشف الوجه بين الرجال.
قال ابن عابدين، - رحمه الله -: المعنى: تُمنع من الكشف لخوف أن يرى الرجال وجهها فتقع الفتنة، لأنَّه مع الكشف قد يقع النَّظر إليها بشهوة.
وفسَّر الشهوة بقوله: أن يتحرك قلب الإنسان، ويميل بطبعه إلى اللَّذة. ونصَّ على أنَّ الزوج يعزر زوجته على كشف وجهها لغير محرم (حاشية ابن عابدين 3/261) وقال في كتاب الحجّ: وتستر وجهها عن الأجانب بإسدال شيءٍ متجافٍ لا يمسُّ الوجه، وحكى الإجماع عليه. (حاشية ابن عابدين 2/488).
ونقل عن علماء الحنفيّة وجوب ستر المرأة وجهها، وهي محرمة، إذا كانت بحضرة رجال أجانب (حاشية ابن عابدين 2/528)، وقال الطحاويُّ، - رحمه الله -: تمنع المرأة الشابَّة من كشف الوجه بين رجال. (رد المحتار 1/272)، ونصَّ الإسبيجانيُّ(5/99)
والمرغينانيُّ والموصليُّ على أنَّ وجه المرأة داخل الصلاة ليس بعورة، وأنَّه عورة خارجها، ورجَّح في (شرح المنية) أنَّ الوجه عورة مطلقاً.
وقال: أمَّا عند وجود الأجانب فالإرخاء واجب على المحرمة عند الإمكان
(حاشية إعلاء السنن للتهانوي 2/141).
ولمطالعة مزيد من أقول الفقهاء الحنفية يُنظر حاشية ابن عابدين (1/406-408)، والبحر الرائق لابن نجيم (1/284 و2/381)، وفيض الباري للكشميري (4/24و308).
وقال سماحة مفتي باكستان الشيخ محمَّد شفيع الحنفيُّ: وبالجملة فقد اتفقت مذاهب الفقهاء، وجمهور الأمَّة على أنَّه لا يجوز للنِّساء الشوابّ كشف الوجوه والأكفّ بين الأجانب، ويُستثنى منه العجائز؛ لقوله - تعالى -: [وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَآءِ] (المرأة المسلمة ص 202).
وقال السهارنفوريُّ الحنفيُّ، - رحمه الله -: ويدلُّ على تقييد كشف الوجه بالحاجة: اتفاق المسلمين على منع النِّساء أن يخرجن سافرات الوجوه، لاسيما عند كثرة الفساد وظهوره (بذل المجهود شرح سنن أبي داود 16/431).
ثانيا: أقوال أئمتنا من المالكيّة:
يرى فقهاء المالكيّة أنَّ المرأة لا يجوز لها كشف وجهها أمام الرِّجال الأجانب، لا لكونه عورة، بل لأنَّ الكشف مظنَّة الفتنة، وبعضهم يراه عورة مطلقاً، لذلك فإنَّ النِّساء - في مذهبهم - ممنوعات من الخروج سافرات عن وجوههنَّ أمام الرجال الأجانب.
وفيما يلي بعض نصوصهم في ذلك:
قال القاضي أبو بكر بن العربيِّ، والقرطبيُّ - رحمهما الله -: المرأة كلُّها عورة، بدنها وصوتها، فلا يجوز كشف ذلك إلا لضرورة أو لحاجة، كالشهادة عليها، أو داء يكون ببدنها، أو سؤالها عمَّا يعنّ ويعرض عندها. (أحكام القرآن 3/1578)، والجامع لأحكام القرآن (14/277).
وقال الشيخ أبو عليٍّ المشداليُّ، - رحمه الله -: إنَّ من كانت له زوجة تخرج وتتصرف في حوائجها بادية الوجه والأطراف - كما جرت بذلك عادة البوادي - لا تجوز إمامته، ولا تقبل شهادته.
وسئل أحمد بن يحيى الونشريسيُّ - رحمه الله - عمن له زوجة تخرج بادية الوجه، وترعى، وتحضر الأعراس والولائم مع الرِّجال، والنِّساء يرقصن والرِّجال يكفون، هل يجرح من له زوجة تفعل هذا الفعل؟
فأورد الفتوى السابقة، ثم قال: وقال أبو عبد الله الزواوي: إن كان قادراً على منعها ولم يفعل فما ذكر أبو عليٍّ (المشداليّ) صحيح.
وقال سيدي عبد الله بن محمد بن مرزوق: إن قدر على حجبها ممن يرى منها ما لا يحلّ ولم يفعل فهي جرحة في حقه، وإن لم يقدر على ذلك بوجه فلا. ومسألة هؤلاء القوم أخفض رتبة مما سألتم عنه، فإنَّه ليس فيها أزيد من خروجها وتصرفها بادية الوجه والأطراف، فإذا أفتوا فيها بجرحة الزوج، فجرحته في هذه المسؤول عنها أولى وأحرى، لضميمة ما ذُكر في السؤال من الشطح والرقص بين يدي الرجال(5/100)
الأجانب، ولا يخفى ما يُنْتِجُ الاختلاط في هذه المواطن الرذلة من المفاسد (المعيار المعرب للونشريسي 11/193).
وذكر الآبِّيُّ: أنَّ ابن مرزوق نصَّ على: أنَّ مشهور المذهب وجوب ستر الوجه والكفين إن خشيت فتنة من نظر أجنبي إليها (جواهر الإكليل 1/41). ولمطالعة مزيد من أقول الفقهاء المالكية في وجوب تغطية المرأة وجهها، يُنظر: المعيار المعرب للونشريسي (10/165و11/226 و229)، ومواهب الجليل للحطّاب (3/141)، والذّخيرة للقرافي (3/307)، والتسهيل لمبارك (3/932)، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير (2/55)، وكلام محمد الكافي التونسي كما في الصارم المشهور (ص 103)، وجواهر الإكليل للآبي (1/186).
ثالثًا: أقوال أئمتنا من الشافعيَّة:
يرى فقهاء الشافعية أنَّ المرأة لا يجوز لها كشف وجهها أمام الرِّجال الأجانب، سواء خُشيت الفتنة أم لا؛ لأنَّ الكشف مظنَّة الفتنة، وبعضهم يرى أنَّ الوجه عورة مطلقاً.
وفيما يلي بعض نصوصهم في ذلك:
قال إمام الحرمين الجوينيُّ، - رحمه الله -: اتفق المسلمون على منع النِّساء من الخروج سافرات الوجوه؛ لأنَّ النَّظر مظنَّة الفتنة، وهو محرك للشهوة، فاللائق بمحاسن الشرع سدُّ الباب فيه، والإعراض عن تفاصيل الأحوال، كالخلوة بالأجنبية.
(روضة الطالبين 7/24)، و بجيرمي على الخطيب (3/315).
ونقل ابن حجر - رحمه الله - عن الزياديّ، وأقرَّه عليه: أنَّ عورة المرأة أمام الأجنبي جميع بدنها، حتى الوجه والكفين على المعتمد.
وقال: قال صاحب النِّهاية: تَعَيَّنَ سترُ المرأة وجهها، وهي مُحْرِمَة، حيث كان طريقاً لدفع نظرٍ مُحَرَّم (تحفة المحتاج 2/112و4/165).
وقال ابن رسلان، - رحمه الله -: اتفق المسلمون على منع النِّساء أن يخرجن سافرات عن الوجوه، لاسيما عند كثرة الفسَّاق (عون المعبود 11/162).
وقال الشرقاويُّ، - رحمه الله -: وعورة الحرَّة خارج الصلاة بالنِّسبة لنظر الأجنبيِّ إليها فجميع بدنها حتَّى الوجه والكفين، ولو عند أمن الفتنة.
(حاشية الشرقاوي على تحفة الطلاب 1/174).
وقال النَّوويُّ، - رحمه الله -: لا يجوز للمسلمة أن تكشف وجهها ونحوه من بدنها ليهوديَّة أو نصرانيَّة وغيرهما من الكافرات، إلاَّ أن تكون الكافرة مملوكة لها، هذا هو الصحيح في مذهب الشافعيِّ - رضي الله عنه - (الفتاوى ص 192).
وقال ابن حجر، - رحمه الله -: استمر العمل على جواز خروج النِّساء إلى المساجد والأسواق والأسفار منتقبات؛ لئلا يراهنَّ الرِّجال.
وقال الغزَّاليُّ، - رحمه الله -: لم يزل الرجال على مرِّ الزمان مكشوفي الوجوه، والنِّساء يخرجن منتقبات (فتح الباري 9/337).
ولمطالعة مزيد من أقوال الفقهاء الشافعية، يُنظر إحياء علوم الدين (2/49)، وروضة الطالبين (7/24)، وحاشية الجمل على شرح المنهج (1/411)، وحاشية القليوبي على المنهاج (1/177)، وفتح العلام (2/178) للجرداني، وحاشية السقاف (ص 297)، وشرح السنة للبغوي (7/240).(5/101)
وقال الموزعيُّ الشافعيُّ، - رحمه الله -: لم يزل عمل النَّاس على هذا، قديماً وحديثاً، في جميع الأمصار والأقطار، فيتسامحون للعجوز في كشف وجهها، ولا يتسامحون للشابَّة، ويرونه عورة ومنكراً، وقد تبين لك وجه الجمع بين الآيتين، ووجه الغلط لمن أباح النَّظر إلى وجه المرأة لغير حاجة.
والسلف والأئمة كمالك والشافعيِّ وأبي حنيفة وغيرهم لم يتكلموا إلا في عورة الصلاة، فقال الشافعيُّ ومالك: ما عدا الوجه والكفين، وزاد أبو حنيفة:
القدمين، وما أظنُّ أحداً منهم يُبيح للشابَّة أن تكشف وجهها لغير حاجة، ولا يبيح للشابِّ أن ينظر إليها لغير حاجة (تيسير البيان لأحكام القرآن 2/1001).
رابعا: أقوال أئمتنا من الحنابلة:
يرى فقهاء الحنابلة أنَّ المرأة لا يجوز لها كشف وجهها أمام الرِّجال الأجانب، لكونه عورة مطلقاً.
وفيما يلي بعض نصوصهم في ذلك:
قال الإمام أحمد، - رحمه الله -: ظفر المرأة عورة، فإذا خرجت من بيتها فلا تُبِن منها شيئاً ولا خفها، فإنَّ الخفَّ يصف القدم، وأحبُّ إليَّ أن تجعل لكمها زراً عند يدها حتَّى لا يبن منها شيء (انظر الفروع 1/601).
وقال ابن تيميّة، - رحمه الله -: وقبل أن تنزل آية الحجاب كان النِّساء يخرجن بلا جلباب، يرى الرِّجال وجهها ويديها، وكان إذ ذاك يجوز لها أن تُظهر الوجه والكفين...ثم لما أنزل الله - عز وجل - آية الحجاب بقوله: [يَأَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ]حجب النِّساء عن الرِّجال.
وقال: وكشف النِّساء وجوههنَّ بحيث يراهنَّ الأجانب غير جائز، وعلى ولي الأمرِ الأمرُ بالمعروف والنهي عن هذا المنكر وغيره، ومن لم يرتدع فإنَّه يعاقب على ذلك بما يزجره.
وقال ابن القيِّم، - رحمه الله -: الشارع شرع للحرائر أن يسترن وجوههنَّ عن الأجانب، وأمَّا الإماء فلم يوجب عليهنَّ ذلك...
والعورة عورتان: عورة في الصلاة، وعورة في النَّظر، فالحرَّة لها أن تصلي مكشوفة الوجه والكفين، وليس لها أن تخرج في الأسواق ومجامع النَّاس كذلك.
خامسا: أقوال أئمتنا من المحققين:
قال الشوكاني - رحمه الله - في السيل الجرار (2/180): "وأما تغطية وجه المرأة يعني في الإحرام فلما روي أن إحرام المرأة في وجهها ولكنه لم يثبت ذلك من وجه يصلح للاحتجاج به، وأما ما أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجة من حديث عائشة قالت: كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله -صلى الله عليه وآله سلم- محرمات فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزنا كشفناه "، وليس فيه ما يدل على أن الكشف لوجوههنَّ كان لأجل الإحرام، بل كنّ يكشفن وجوههن عند عدم وجوب من يجب سترها منه، ويسترنها عند وجود من يجب سترها منه.
قال العلامة بكر أبو زيد: معلوم أن العمل المتوارث المستمر من عصر الصحابة -رضي الله عنهم- فمن بعدهم حجة شرعية يجب اتباعها، وتلقيها بالقبول، وقد جرى(5/102)
الإجماع العملي بالعمل المستمر المتوارث بين نساء المؤمنين على لزومهن البيوت، فلا يخرجن إلا لضرورة أو حاجة، وعلى عدم خروجهن أمام الرجال إلا متحجبات غير سافرات الوجوه، ولا حاسرات عن شيء من الأبدان، ولا متبرجات بزينة، واتفق المسلمون على هذا العمل المتلاقي مع مقاصدهم في بناء صرح العفة والطهارة والاحتشام والحياء والغيرة، فمنعوا النساء من الخروج سافرات الوجوه، حاسرات عن شيء من أبدانهن أو زينتهن.
فهذان إجماعان متوارثان معلومان من صدر الإسلام، وعصور الصحابة والتابعين لهم بإحسان، حكى ذلك جمع من الأئمة، منهم الحافظ ابن عبد البر، والإمام النووي، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وغيرهم - رحمهم الله - تعالى -، واستمر العمل به إلى نحو منتصف القرن الرابع عشر الهجري، وقت انحلال الدولة الإسلامية إلى دول.
الأدلة من النظر:
• قال الشنقيطيُّ، - رحمه الله -: إنَّ المنصف يعلم أنَّه يبعد كل البعد أن يأذن الشارع للنِّساء في الكشف عن الوجه أمام الرِّجال الأجانب، مع أنَّ الوجه هو أصل الجمال والنَّظر إليه من الشابَّة الجميلة هو أعظم مثير للغرائز البشريَّة، وداع إلى الفتنة، والوقوع فيما لا ينبغي. (أضواء البيان تفسير القرآن بالقرآن 6/602).
ويتَّضح مما سبق جلياً ظاهراً أن قول الجمهور هو القول بعورة وجه المرأة، بل حكى الإجماع على ذلك أئمة يعتمد نقلهم للإجماع وهم:
• ابن عبد البر من المالكية المغاربة.
• والنووي من الشافعية المشارقة.
• وابن تيمية من الحنابلة.
• وحكى الاتفاق السهارنفوري، والشيخ محمد شفيع الحنفي من الحنفية.
فهل يبقى بعد ذلك حجة لمدعٍ أن قول الجمهور خلاف ذلك؟.
• تنبيهان مهمان:
• الأول: أنه لا يجوز إطلاق كلام الشيخ محمد ناصر الدين الألباني بجواز كشف الوجه دون تقييده بأن المستحب هو تغطية الوجه.
• ثانيًا: على كل باحث في هذه المسألة أن يتجرد في البحث، جاعلاً مراقبة الله نصب عينيه، ثم معرفة مفاتح العلم، فالبعض يلتقط أقوالاً من كتاب الصلاة، ولا يراجع كتاب الحج والنظر للمخطوبة، فيقع في الخلط والخطأ في نسبة الأقوال دون تحقيق وتمحيص.
وبعد فهذا ما تيسَّر جمعه نصرة لأئمتنا أن ينسب لهم ما لم يصح عنهم، وحماية لجناب المرجعية العلمية الأصيلة، وعدم الخلط والتشويه للعلم وأهله.
أسأل الله تعالى- أن ينفع بما كتبت، وأن يجعله لوجهه خالصًا، ولسنة نبيه متبعاً، والحمد لله رب العالمين.
ملحوظة: اعتمدت كثيراً على الكتاب الماتع النافع الأدلة المطمئنة على أن الحجاب طهر وعز للمؤمنة، لفضيلة الشيخ أحمد بن عبد العزيز الحمدان - حفظه الله - تعالى -.
11/3/1426(5/103)
20/04/2005
http://www.islamtoday.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ
هويتي
نور الجندلي
في يومٍ غادرتهُ الشمسُ إلى خلف السّحابِ الأسود، هاجرتُ وأسرتي إليهم..
نحملُ أحزان الغربةِ، ونخفي في حقائبنا حفنةً من ترابِ الوطن، كي نقبّلها بصمتٍ ونبللها بدموعٍ كلّما لفّنا الحنين..
أتيتهم طفلةً تحملُ بسمتها النّقيّة، كبرعمِ زهر، أصافحهم بودّ، وأنقشُ الفرح على وجوههم، أعيشُ معهم بوئامٍ كأيّ فتاة غربيّة.. فأنا واحدةٌ منهم، ولدتُ هنا في أرضهم، فكانت لي وطناً آخر غير ذلك الوطنٌ المولود في قلبي، ذلك الوطن الشامخ الواسع الذي أحمله معي أينما رحلتُ، وأرمقُ خارطته بزهوٍ وأنا أهتف:
-إنها من أجمل اللوحات التي علّقتها في غرفتي!
كم جمعتني بهم من ذكرياتٍ على مقاعدِ الدراسة، وكم كانَ يثني عليّ أساتذتي ويلفّني إعجابٌ لا تخفيه عيون التلاميذ، يتحوّلُ إلى سيل أسئلةٍ لا تنتهي بعدَ الدروس، أجيبُ عليها بكلّ حبِّ، فقد أوصتني أمّي وقالت:
- يا حنين لا تبخلي، فأنت الكريمة بنتُ الكرم!
ثمّ أستأذنُ بلطفٍ وأمضي، غريبة أنا في شوارعِ مدينتي، وطني هناك، وفي دفء بيتي، أعودُ مثقلة بصمتٍ، ألقي التحيّة وأختفي في غرفتي، أدفنُ وجهي في وسادتي، وأمطرها دموعاً كلّما زارتني أشواقي العربيّة، لمئذنةٍ في مدينتي، لتسبيحٍ بصوتِ جدّتي، لسربِ حمامٍ يحلّق عالياً ثمّ يعود.. وهل أعود؟ آه.. ما أقسى غربتي!
لم أدرك أن الأيام مضتْ سريعاً، وأني كبرتُ فما عدت طفلة، حتى رأيته بين يدي أمّي تمسكه بحرصٍ ثم تغطّي به شعري، وتبكي أمي وهي تتمتم:
- هويّتكِ هنا يا حبيبتي، وعنوانك، احرصي على جمالكِ لا يضيع!
وأبكي أنا بكاء الفرح! فقد تحققت أمنيتي بأن أرتديه، كان حلماً يراودني، وكم جرّبته خلسةً بعيداً عن ناظري أمّي، وكم دعوتُ الله أن أحظى به.
أنا الآن به ياسمينةً حقيقيّة، أو زهرة نسرين..
قد أختلفُ به عن قريناتي، ولكنهنّ سيتقبّلن..
خطواتي إلى المدرسة تسابقني، ولكنّ شعور الخوفِ يعصفُ بقلبي الصغير..
لقد حدثَ ما لم أتوقعه! ليتني لم آتِ اليوم إلى هنا!
أصواتهم الحاقدة تلاحقني..
- حنين أنت قبيحة
- ستتحوّلين إلى كسولة غبيّة..
- منظركِ مضحكٌ بهذا الشيء، لم لا تنزعيه وننتهي من هذه القضيّة!
دموعي ترجمت لأمّي كلّ ما وددتُ قوله.. فنظرت إليّ بعمقٍ وقالت:
- أتحبين يا حنين أن تنزعيه؟ لكِ ما تريدين!
لم أكن لحظة عودتي من المدرسة أحمل كمّ المشاعر التي داهمتني عند سؤال أمّي..(5/104)
صحيح أني قد وضعت حجابي لساعاتٍ، لكنني حلّقت به بعيداً جداً إلى حيثُ لم أتوقع!
شعرتُ بهِ أنني عابدة حقيقيّة، تحملُ كلّ معانٍ للطهر والصفاء والنقاء، وأنّه كان حارسي الذي يحميني من عيونٍ جائعة، فيحتويني..
كان دفئاً غامراً يأسرني، وهو عنواني، عنوان المرأة المسلمة الذي أضعته منذ ولدتُ وحتى هذه اللحظة في كلّ النساء اللواتي عرفتُ ماعدا أمّي!
لمّا ارتديتُه تعمّق الإسلامُ في داخلي، واستشعرتٌ رضا الله - تعالى -عنّي..
فهل أترك كنزي هذا وأضعفُ أمام كلماتٍ حاقدة..
أمضيتُ ليلةً عصيبة في التفكير..
لكنني استيقظتُ نشيطة، دخلتُ المدرسة بحجابي وابتسامتي، أجبتُ بفرحٍ على أسئلة المتطفّلين والمتطفّلات، وفرضتُ احترامي من جديد في هذا المكان..
وكان الإسلامُ ضيفاً جديداً يزور القلوب،
وسأعملُ حتماً كي يسكنها!
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ
أختاه أين حجابك
منذ سنوات ليست بالبعيدة، صحا شباب المسلمين، جددوا إيمانهم وأخزوا أعداءهم، فأطلت فتاة الإسلام من جديد بلباسها الساتر لما كشفه لا يليق بمن استسلمت لأوامر ربها، واقتفت سنة نبيها، فكانت قدوتها أمهات المؤمنين، رغم تصاعد حملات التغرير، فزاد اعتزاز الإسلام بها وكان في حجابها دعوة صامتة لغيرها.
لكن.. لما كثر الخبث، وزادت الفتن، واستثقلت الطاعات واحتقرت المعاصي استحيت أختي المسلمة ممن استسلمت لمغريات زمانها أن تنزع حجابها جملة واحدة، فعمدت إليه تغيره بلمسات فنية لتجعله يوافق موضة عصرها.
وهكذا استعاضت عن خمارها بلفة غريبة فوق رأسها، غير مبالية بما قد تبديه من حجم وبعض خصلات شعرها.
أما عن جلبابها فقد أصبح يعيق حركاتها، ولونه لا يناسب فصلها، فكان البديل هو "البنطال" أو الجبة الضيقة ذات الفتحة التي تبدي الساق
وإن كان الفصل صيفا فلا جوارب، كأنما ستر القدمين غير واجب
أما الحذاء فلما كان صوته خفي، ولا يُجمل طريقة المشي كان لزاما تغييره بذي الكعب العالي، حتى يُعلم القاصي والداني، ولم تكتف بذاك بعد أن صار همها أن تصبح فتانة، إذ لطخت وجهها بالمساحيق فحجبت نور وجهها الذي كان يضيء بنور الهداية والتسليم.
فوا أسفاه يا أختاها.. أهذا هو حجابك!!؟ أهذا الذي تسترين به مفاتنك!!! ?أهذا الذي تدينين به ربك الذي قال في كتابه (يا أيها النبيء قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يوذين)سورة الأحزاب الآية 59
وا أسفاه يا أختاه على تغير حالك، وتفريطك في حجابك، وما ذاك إلا لسماعك صوت شيطانك وإعراضك عن كتاب ربك، وهدي نبيك صلى الله عليه وعلى آله وصحبه.(5/105)
أفيقي أخيتي، وراعي في حجابك ضوابطه حتى تحققي مقاصده، ولتكوني في زمرة من لا تزال بدينها عزيزة، وعن مغريات دنياها غير مبالية، وأمام فتن محياها صامدة ثابتة، واثقة بكتاب ربها وسنة نبيها، قائلة هذا سبيلي الوحيد فيه عزتي وحريتي، فيه نجاتي وسعادتي في دنيايا وآخرتي.
هذه رسالتي إليك أختي، لك فيها تذكرة أرجو ألا تكوني عنها معرضة.
http://www.28hrf.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ
حرب صليبية جديدة
هل ما يجري في فرنسا هذه الأيام هو محاربة للحجاب الإسلامي فقط؟ أم هو محاكمة للإسلام نفسه وحرب صليبية جديدة؟ إن قضية الطالبة التي رفضوا تسجيلها في المدرسة بسبب الحجاب، والطالبات اللاتي أبعدن من المدرسة بسبب الحجاب، لازالت هذه القضية مثار جدل واسع في أوساط المجتمع الفرنسي والصحافة الفرنسية، وعلى مستوى الدولة كذلك.
قالت صحيفة (لوبوان): » إذا أرادت فرنسا أن تحافظ على علمانية المدرسة وعلمانية الدولة فإنها لا تستطيع أن تؤخر طويلاً حل الإشكالات الدينية التي يثيرها حضور الإسلام في الغرب «.
وعلى مستوى الدولة شهد البرلمان الفرنسي جلسة صاخبة ناقش فيها النواب موضوع الحجاب الإسلامي وانقسموا ما بين معارض وبين من يعتبره تصرفاً تابعاً للحرية الشخصية ولا مانع منه، كما انقسم الوزراء؛ فوزير التربية يرى أن إبعاد الطالبات ليس من أهداف المدرسة، بينما وزير الدفاع يرى منع الطالبات من ارتداء الحجاب، وقال المفكرون رأيهم؛ فالفيلسوف (أندري فروسار) يرى أن وضع الحجاب على الرأس قضية لا تمس إطلاقاً العلمانية، بينما يقول (آلان فانكليل) أن قرار منع ارتداء الحجاب متوافق مع مفهوم العلمانية، وأعلنت زوجة الرئيس ميتران: » إذا ما ألزم دين ما أتباعه بالامتثال لتعاليم معينة فيجب علينا أن نترك لهم حرية الامتثال «.
وإذا كان وزير التربية قد حسم الموقف وأعلن عن استعداد المدرسة الفرنسية لاستقبال الحجاب الإسلامي، وقال: » إن ارتداء الحجاب أو إبراز أي مظهر يوحي إلى انتماء ديني لا يمكنه أن يشكل دافعاً فعلياً لطرد التلاميذ من المدرسة «.
وكذلك كانت كلمة مجلس الدولة الذي هو أعلى هيئة قضائية إدارية، لكن قضية محاربة الإسلام نفسه لم تحسم، فموجة العداء للإسلام بدأت تنتعش في فرنسا (وفي أوروبا بشكل عام) وخاصة من الأحزاب التي يسمونها يمينية متطرفة، وقد اتخذوا من الحجاب بداية للهجوم على الإسلام والمسلمين في فرنسا، ويعللون هذا الهجوم بأن هؤلاء المغتربين لم يندمجوا في المجتمع الفرنسي، وهذه كلمة مهذبة، وقصدهم (لم يذوبوا) في المجتمع الفرنسي أو الغربي.
وخاضت بعض الأحزاب أو الشخصيات الانتخابات على أساس محاربة الحجاب أو الإسلام، وأصيب هؤلاء الفرنسيون بالسعار ضد المغتربين المسلمين، وتحول الأمر(5/106)
إلى عنصرية مكشوفة وهي أن الجنس الآري يجب أن يبقى نقياً ولذلك لابد من طرد هؤلاء المهاجرين.
وليس عجيباً أن لا يتكلم هؤلاء المتعصبون عن تميز الطلاب اليهود، وعن مدارس اليهود المستقلة لأن حقيقة هذا السكوت وهذا الولاء ذكرها القران الكريم: (بعضهم أولياء بعض) [المائدة: 51].
وقد يقول بعض الناس: أنتم تحاكمون دولة غربية نصرانية في موضوع الحجاب، مع أن هناك دولاً تحكم شعوباً إسلامية وتحارب الحجاب، ونقول: هذا صحيح، ونحن هنا نحاكم هؤلاء إلى شعاراتهم المرفوعة عن الحرية والديمقراطية وعدم التدخل في شؤون الآخرين الدينية والشخصية، أما الدول التي تحارب الحجاب في ديار الإسلام فهي تحكم بالشريعة التي سماها بعض العلماء بـ (الملك الطبيعي) وهو حمل الناس على مقتضى الغرض والشهوة فقط، وسمى ما عليه أهل الغرب الآن بـ (الملك السياسي) وهو حمل الناس على مقتضى النظر العقلي، وعلى هذا فهذه الدول لاهي تحكم بالإسلام، ولا تحكم بالعقل والسياسة والنظام كفعل الغربيين.
إن صمود الجالية الإسلامية في فرنسا لهو شيء مشرف، ولا شك أن هذه الجاليات الكبيرة في أوربا تستحق الاهتمام والرعاية سواء من بلادهم الأصلية أو من المسلمين بشكل عام، والتشجيع لإثبات الهوية الإسلامية حتى لا تبتلعهم حضارة أوربا.
ملف التعليم:
عندما فتحنا ملف التعليم في الأعداد السابقة كنا نشعر بخطورة الموضوع وأهميته البالغة، فالطاقات والأجيال يجب أن لا تذهب هدراً بسبب الطرق التقليدية المتبعة مع الصغار والكبار على حد سواء، وقد شارك بعض الأخوة في هذا المجال، وكانت مشاركة الدكتور عبد العزيز القارئ حفظه الله ناقداً لبعض مناهج تعليم وتربية أجيال المتفقهين، كانت محل استحسان ورضى من الجميع، ولا يزال الموضوع بحاجة إلى إثراء، ولا يزال موضوع التعليم بشكل عام بحاجة للأقلام المخلصة من أهل الاختصاص والخبرة والغيرة على أجيالنا ليوضحوا وجهة نظرهم في الطرق المتبعة الآن وخاصة في المراحل الأولى من التعليم، وإنها والله لأمانة في أعناق كل مسؤول عن تربية الأجيال، ماذا تعلم وكيف تربى؟ وما هي الوسائل الناجحة، وحرام أن تذهب سنوات العمر الأولى دون فائدة علمية أو عملية.
وأخيراً نذكّر بقول الدكتور محمد إقبال في أثر التعليم إذا كان موجهاً وجهة غير إسلامية " » إن التعليم هو (الحامض) الذي يذيب شخصية الكائن الحي ثم يكونها كيف يشاء، إن هذا (الحامض) هو أشد قوة وتأثيراً من أي مادة كيمائية، هو الذي يستطيع أن يحول جبلاً شامخاً إلى كومة تراب «.
وحتى لا تتحول الأجيال إلى كومة تراب لابد من إعادة النظر في مناهج التعليم.
http://www.albayanmagazine.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ
تنبيه الغيور على تهافت شبه دعاة السفور
الدكتور رياض بن محمد المسيميري
الحمد لله، وأصلي وأسلم على رسول الله وبعد،(5/107)
فقد أثار دعاةُ السّفور عدداً من الشُبه تأييداً لرأيهم في السّفور وكشف الوجه وهي شُبه ضعيفة الحجة، واهية الأساس، لا يعسر على كلّ منصف دحضها بسهولة، ودمغها بطرفة عين.
الشبهة الأولى:
يقول بعضهم لو أنّ الدين الإسلامي أمر بستر وجه المرأة لما كان هناك حاجة لأمر الرجال بغض البصر، فعن أي شيء يغضون أبصارهم ما دامت النساء يرخين الحجاب على الوجوه؟!.
يقول الشيخ محمد الغزالي [1] – سامحه الله: (إذا كانت الوجوه مُغطاة فممّ يغض المؤمنون أبصارهم؟ كما جاء في الآية الشريفة: ((قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبير ٌ بِمَا يَصْنَعُونَ)).(النور: 30).
أيغضون عن القفا والظهر؟ الغضُّ يكون عند مطالعة الوجوه بداهة، وربّما رأى الرجل ما يستحسنه من المرأة فعليه ألا يعاود النظر عندئذ كما جاء في الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي – رضي الله عنه: ((يا علي لا تتبع النظرة النظرة؛ فإنّ لك الأولى وليست لك الآخرة)).
الجواب من وجوه:
1 - أنّ الدعوى والشبهة المذكورة حجة عقلية لا ينبغي أن تُقدم على الأدلة النقلية الشرعية الثابتة، ولو كان الدين يؤخذ وفق هذه المسالك العقلانية، لاضطرب نظامه وتهدّمت أركانه، واختل توازنه، وحار أتباعه! ولكنّه تنزيلٌ من حكيم حميد، نزل به الروح الأمين.
2 - أنّ الأمر بغض البصر لا يبرر كشف النساء لوجوههن لأنّ العليم الخبير، يعلم أنّ المجتمعات الإنسانية لن تخلو من كافرات سافرات، ومشركات عاهرات وكتابيات متبرجات، ومسلمات فاسقات فلزم غض البصر عمن لم يلتزمن الحجاب من هؤلاء وأشباههن.
3 - لا أحد يدّعي أنّ الأمر بغض البصر يكون عن المسلمات فقط بل هي عامة والنصوصُ المستفيضة في الكتاب والسُنّة لم تفرق بين مسلمة وكافرة. فكان غضّ البصر مقاماً راسخاً من مقامات السلوك الإسلامي الشريف.
4 - إنّ الاحتجاج بآية غض البصر على جواز سفور الوجه منهج غير منضبط، ومسلك غير محكم وإلا لأبحنا كشف الشعر والنحر بل واليدين والساقين والركبتين لأنّ الرجال ملزمون بغض الأبصار؟!.
5 - أنّ المرأة مهما بالغت في التستر فإنّه قد يحدث في بعض الأحيان أن ينكشف شي رغماً عنها، كأن تعصف الريح فتكشف شيئاً من أعضائها أو يفاجأ الأجنبي برؤيتها أو تحتاج للكشف (للخطبة، أو العلاج أو الشهادة) فيكون نظر الرجل إليها بقدر الحاجة وما زاد عن ذلك فيكون منهياً عنه. (الشهب والحراب على من حرّم النقاب )ص (111).
أقوال المفسرين في معنى الآية.
قال ابن كثير (التفسير 6/ 43): (هذا أمر من الله تعالى لعباده المؤمنين أن يغضوا من أبصارهم عمّا حرّم عليهم فلا ينظروا إلا ما أباح الله لهم النظر إليه، وأن يغضوا(5/108)
أبصارهم عن المحارم، فإن اتفق أن وقع البصر على مُحَرم من غير قصد فليصرف بصره عنه سريعاً).
الشبهة الثانية:
قالوا في قوله تعالى: ((لَا مِن بَعْدُ وَلَا أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ)). (الأحزاب: 52).
فلو كانت الوجوه محتجبة لما أمكنه معرفة حُسن وجوههن ومن ثم الإعجاب بتلك الوجوه الحسناوات!!.
يقول الدكتور يوسف القرضاوي[2]: (وهذه الآية تقرر أنّه لا يحل للنبي صلى الله عليه وسلم الزواج من بعد ولو أعجبه حسن بعض النساء، والإعجاب يكون نتيجة الرؤية، والرؤية تقتضي كشف الوجه، والمقصود بالرؤية: الرؤية العابرة عند اللقاء بالرجال أو المرور أمامهم.. فمن أين يعجبه حُسْنهن إذا لم يكن هناك مجال لرؤية الوجه الذي هو مجمع المحاسن للمرأة باتفاق.. ).
الجواب عن هذه الشبهة:
1 - وكما تقدم في الجواب عن الشبهة الأولى فإنّ المجتمعات الإنسانية لن تخلو من نساء سافرات أما بسبب الديانة كالكتابيات أو الجهل كالأعرابيات أو بسبب صغر السن أو غير ذلك.
فالمحتج بالآية على السفور موغل في تصور وافتراض المثالية في المجتمعات البشرية، يظن أنّ كلّ المجتمع في شقه النسائي على قلب امرأة واحدة تقوى وورعاً والتزاماً.
وقد غاب عن ذهنه أنّ مجتمع المدينة كان يغصُّ بالكتابيات من قبائل اليهود المشهورة آنذاك كبني النضير وقريظة وقينقاع.
2 - إنّنا نتساءل ألا يوجد وسيلة لمعرفة حُسن المرأة إلا برؤيتها المباشرة سافرة؟ ألا يمكن أن يعرف حسن المرأة بالوصف، وبواسطة النقل أو الاشتهار والتواتر؟!
ألم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – قوله (ولا تنعت المرأة المرأة لزوجها كأنه يراها..
3 - قال السيوطي في الإكليل (ص 213): قوله تعالى: ((ولو أعجبك حُسنهن)) (الأحزاب: 52).
قال ابن الفرس ( فيه دليل على جواز النظر من الرجل إلى التي يريد نكاحها ).
الشبهة الثالثة:
أنّ السفور كذلك ضروري في معرفة شخصية المرأة عند الإدلاء بالشهادة أو في حالة الكشف عن الجنايات!
الجواب:
إنّ مسألة تعميم حكم شرعي لعامة الناس لا ينبغي أن يخلط مع مسألة خاصة وحالات خاصة.
فكوننا نحتاج احتياجاً لا مفر منه للكشف عن شخصية امرأة ما للإدلاء بالشهادة أو التحقيق في جناية لا يُخوِّل لنا أن نفتي بجواز سفور كل النساء من أجل حادثة عين، وخصوصية شخصية!!(5/109)
والشارع الحكيم لم يُغفل إيجاد الرُّخص عند الحاجة وإباحة المحظورات عند الضرورات فالله يقول: ((وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ)). (الأنعام: 119).
ومن ذا الذي يمنعُ من القائلين بوجوب ستر وجه المرأة من كشفه عند الحاجة من شهادة أو خطبة أو تحقيق جناية؟!.
في صحيح البخاري قال سعيدُ بن أبي الحسن للحسن: إنّ نساء العجم يكشفن صدورهن ورؤوسهن؟ قال: اصرف بصرك عنهن، يقول الله عز وجل: ((قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ)) (النور: 30).
الشُبهة الرابعة:
أن كشف الوجه يزيل [3] المشقة في التغطية لا سيما في المناطق الحارة فيكون النقاب رهقاً وعناءً!!
بل إنّ عبد الحليم أبا شقة ليعتبر الحجاب وإن كان للرأس فقط دون الوجه والكفين مصيبة تتطلب الصبر والرضا بالقضاء والقدر.
ففي كتابه تحرير المرأة (4/ 229) يقول: (إن كان في الستر الشرعي لجميع البدن عدا الوجه والكفين والقدمين بعض مشقة على المرأة في الأجواء الحارة فهذا أمر قد كتبه الله على بنات آدم، وعلى المرأة الصبر والرضا بقضاء الله)!!!
والجواب عن هذه الشبهة
أن نقول: ولنا أن نعكس القضية؛ فما ذا عساه تكون الحال في البلاد الباردة ألا يكون دفئاً وراحة؟!!
ثم هل في أحكام الشريعة مشقة والله يقول: ((طه مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى))
ويقول: ((ماجَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)). (طه: 1).
ويقول عن نبيه عليه الصلاة والسلام: ((يَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)) (الأعراف: 157).
وغير ذلك من الآيات الكثيرة.
ثم لو كانت القضايا الشرعية تُعامل بهذه الصورة الفوضوية لساغ لنا أن نهجر المساجد في شدة الحر ونؤجل الحج في المواسم الحارّة وغير ذلك ممّا يؤدي بنا إلى الانسلاخ من شرائعنا، والتخلص من شعائرنا عياذاً بالله.
الشبهة الخامسة:
ومن الشُبه كذلك بل من الدعاوى الجريئة:
(إنّ تغطية الوجه بالنقاب أو البرقع للطالبات تطرف لا يقره الشرع الإسلامي، ولا ترتاح إليه اللوائح والتعليمات المدرسية أو الجامعية، وما هو إلا شذوذ مظهري مريب) [4].
بل بالغ أحدهم [5] إلى أبعد من ذلك فزعم أنّ تغطية الوجه بدعة، وأن من حجبت وجهها آثمة تستوجب العقوبة من الله عز وجل، ووضع في ذلك كتاباً أسماه: (تذكير الأصحاب بتحريم النقاب)!!.(5/110)
الجواب عن هذه الفرية:
إنّ هذه الدعوى الجريئة، والفرية الخطيرة لو صدرت عن شخص مجهول لقلنا جازمين إنّه لم يشم للعلم رائحة ولم يطلّع من التفسير على كتاب واحد، ولم يتأمل من السُنّة أي حديث ولو كان ضعيفاً أو موضوعاً!! لكن أن يتصدى لهذه الدعوى الغليظة شخص كالغزالي فهو أمر غاية في العجب، ونهاية في الغرابة!!
فكيف يكون تغطية الوجه بالنقاب أو البرقع للطالبات تطرف لا يقره الشرع الإسلامي؟!!
دعونا من إعادة ذكر الأدلة التي تناهز الخمسين دليلاً على وجوب تغطية الوجه لعموم النساء، ونكتفي فقط بما يدّعيه كلُّ مبيحي السفور بأنّ النصوص الواردة في حجاب الوجه خاصة بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم فنقول فهل كان تغطية عائشة رضي الله عنها التي مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي ذات ثمان عشرة سنة فقط – أي أصغر من كثير من طالبات الجامعات التي يشير إليهن الغزالي – أقول هل كان تغطية عائشة لوجهها تطرفاً لا يقره الشرع الإسلامي؟! أليس حجاب أمهات المؤمنين – على الأقل – محلّ إجماع بين علماء الإسلام كافة؟!.
أفيجتمعون على تطرف لا يُقرِّه الشرعُ الإسلامي؟! وهل كانت أمهات المؤمنين – رضي الله عنهن – متطرفات؟! وهل كان نبيُ الرحمة والشفقة والعدل والوسط متطرفاً؟!
ثم قوله: (ولا ترتاح إليه اللوائح، والتعليمات المدرسية أو الجامعية) فأقول متى كانت اللوائح والتعليمات المدرسية أو الجامعية حاكمة على شريعة محمد صلى الله عليه وسلم ؟
وهل ارتاحت تلك التعليمات واللوائح يوما ما إلى شريعة الإسلام؟ وهي التي استوردت بعجرها وبجرها من لوائح وتعليمات وقوانين أوربا؟!
أليس الذي استورد تلك التعليمات واللوائح والقوانين هو طه حسين وشرذمته إبان توليه منصب وزير المعارف في مصر وهو القائل بالحرف الواحد: (السبيل أن نسير سيرة الأوربيين ونسلك طريقهم لنكون لهم أنداداً، ولنكون لهم شركاء في الحضارة خيرها وشرها، حلوها ومرها، وما يحب منها وما يكره وما يُحمد منها وما يُعاب) (الاتجاهات الوطنية 2/ 229)
ثم هل الطالبات في مدارس وجامعات مصر اكتفين بكشف الوجه والكفين أم حسرن عن الشعور والنحور، والأذرع والسيقان؟!
وهل هذا هو ما يقره الشرع الإسلامي؟!
أم تتفق فقط مع التعليمات واللوائح الغربية المستوردة؟!.
ثم قوله: (وما هو إلا شذوذ مظهري مريب)!!
فسبحان الله! أيكون التستر والتصون والعفاف شذوذاً مظهرياً مُريباً؟!
أيكون حجاب الوجه عن النظرات الجائعة، واللحظات الخائنة شذوذاً مظهرياً مريباً؟!
أيكون قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تنتقب المحرمة ولا تلبس القفازين) أي حال إحرامها كما رواه البخاري إقرار لغير المحرمة بالشذوذ المظهري المريب؟!(5/111)
ومن العجيب المحير أن يجترئ الغزالي على التصريح بكلام مثل هذا في وقت أجمع العلماء كلهم – حتى مبيحو السفور على مشروعية النقاب وأنّه مستحب على الأقل!
فهل كلُّّ هؤلاء دعاة شذوذ مظهري مريب؟!
رحم الله الشيخ وغفر له فقد شطح قلمه بما أثلج صدور قوم لم يذرفوا عليه دمعة واحدة بعد موته أو يدعوا له بدعوة صادقة تنفعه في قبره!
أما مناقشة صاحب تحريم النقاب فهي مضيعة وقت مع دخيل على العلم، متطفل على موائده، لا يعرف له أصولاً، ولم يشم له رائحة، وحسبنا أنّه قول شاذ منحرف لم يُسبق إليه ولم يتابعه عليه أشد المتحمسين إلى السفور من علماء أو علمانيين!!
الشبهة السادسة:
ومن الشُبه أنّ الحجاب الشرعي عادة وعرف وليس تشريعاً!!
يقول د/عبد الحليم أو شقة في (تحرير المرأة 4/ 229): (صحيح أنّ الشارع حين وجد بعض النساء يلبسن النقاب ويألفنه، وأصبح عرفاً لهن لم ينكر عليهن، لكنه أيضاً لم يشرع استحسانه ولم يندب إليه ويحض عليه بل تركه تقديراً للعرف والإلف وتوسعة على الناس فيما ألفوه وتعارفوا عليه) بواسطة حجاب المسلمة فؤاد البرازي ص 17.
قلت: وهي امتداد [6] لافتراءات قاسم أمين القائل: (إنّ الشريعة ليس فيها نصٌ يوجب الحجاب على الطريقة المعهودة، وإنّما هي عادة عرضت لهم من مخالطة بعض الأمم فاستحسنوها وأخذوا بها، وبالغوا فيها، وألبسوها لباس الدين كسائر العادات الضارة التي تمكنت في الناس باسم الدين والدين براء منها).
الجواب عن هذه الفرية والإفك المبين من وجوه:
الوجهُ الأول:
الزعم بأنّ الشارع لم يشرع للنساء النقاب لا استحساناً ولا ندباً ولا حضاً زعمٌ غير مسبوق لا نعرف عالماً معتبراً قال به قبل أبي شقة، وهي من أشد أنواع الافتراءات فجاجة وجراءة!!
وقائله إما جاهل بعشرات النصوص من الكتاب والسُنّة الآمرة بحجاب الوجه أو مكابر لا يريد أن يعترف بخطأ مذهبه في السفور فيريد تمريره بطريقة تفتقد منهج البحث العلمي، وأصالة الحوار الفقهي الرصين.
وإلا فأين هو عن قوله تعالى: (((وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ)) (الأحزاب: 53).
أليس في هذه الآية أمرٌ بالحجاب التام، فضلاً أن تكون استحساناً أو ندباً أو حضاً عليه؟! وأين هو من قوله تعالى: ((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ)) (الأحزاب: 59).
الآية أليس لفظة (يدنين) أمراً دالاً على الوجوب والإلزام فضلاً عن أن تكون استحساناً أو ندباً أو حظاً؟
وإذا زعم أنها غير دالة على الحجاب فليجب عمّا ذكره في مواضع من كتابه بأنّ أزواج النبي صلى الله عليه وسلم مأمورات بتغطية الوجه بدلالة هذه الآية؟!.(5/112)
ولا داعي لسوق عشرات الأدلة التي تفرض حجاب الوجه فرضاً لا مجرد استحسان أو ندب أو حض في هذا المكان مرة أخرى.
الوجه الثاني:
أنّه في قوله هذا، خالف حتى القائلين بجواز السفور؛ فإنّ أشهر المعاصرين من العلماء المعتبرين وهو علّامة الشام ناصر الدين الألباني يرى استحباب حجاب الوجه، وإن لم يقل بوجوبه، فمن العجيب أن يستند أبو شقة إلى كثير من آراء الألباني حين توافق مزاعمه لكنه يتجاهلها تماماً حين تصطدم بآرائه الشاذة وفيما يلي نصّ كلام الألباني والذي يرى أن ستر الوجه ليس مجرد سائغ وجائز بل هو أفضل من كشفه فيقول: (لم يفتنا أن نلفت نظر النساء المؤمنات إلى أنّ كشف الوجه وإن كان جائزاً فستره أفضل) جلباب المرأة المسلمة ص 28.
قلت: وقد ساق الألباني ثمانية أدلة شرعية صحيحة ثابتة تدل على أن حجاب الوجه، رغم إنكاره لوجوب الحجاب فلتراجع في جلباب المرأة المسلمة [7].
الشبهة السابعة:
ومن الشُبه والدعاوى المريرة ما ذكره الشيخ محمد الغزالي بقوله: (فهذا الزي المبرقع أو المنقب ليس إلا زيا من صميم الأزياء الجاهلية البائدة، التي عفا عليها الزمان، ولم يعد لها اليوم مكان إلا في بعض البلاد المتخلفة أو النامية ولن يبقي فيها طويلاً أمام التطور الوثاب الذي يؤكد ما قاله داعية تحرير المرأة الأول في مصر والشرق العربي قاسم أمين). [8].
الجواب عن هذه الدعوى والفرية العظيمة من وجوه:
الوجه الأول:
هل المرأة في الجاهلية كانت متصونة أم متبرجة؟
لنستمع إلى القرآن وهو يحذر نساء الأمة من مشابهة نساء الجاهلية بقوله: ((وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى)) (الأحزاب: 33).
فأيهما نُصّدق القرآن الكريم، كلام رب العالمين، أم كلام الغزالي؟!
صحيح أنّ النساء في الجاهلية كان يُوجد منهن من تنتقب بل وتغطي وجهها عادة وتقليداً لكنّ السمة الغالبة هي السفور والتبرج ولذا نزل قوله تعالى: ((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا)) (سورة الأحزاب: 59).
وهي آية الحجاب كما قال ابن كثير وغيره، فإذا بمجتمع المدينة تنقلب نساؤه كالغربان من لبس الأكسية السوداء السابقة فهل كان فعل نساء الصحابة بعد نزول الحجاب يعد من أفعال الجاهلية البائدة؟!
ثم ما بال الشيخ ينتقد المرأة الجاهلية هنا لأنّها متنقبة متصونة ثم تراه ينبري مدافعاً عنها، مادحاً لها في مقالته التي هي بعنوان: (الجاهلية العربية أشرف) حيث يقول: (إنّ الجاهلية العربية الأولى كانت أشرف من جاهليات اليونان والرومان، لا سيما في الوضع الاجتماعي للمرأة.. إلى أن قال: (أما النظرة إلى المرأة والتشرف بصونها والاستقتال في حمايتها فخلق عربي لا يكاد الرومان أو اليونان القدامى يعرفون شيئاً عنه!! وتدبر قول عمرو بن كلثوم في معلقته(5/113)
على آثارنا بيضٌ حسانٌ *** نحاذرُ أن تقسَّم أو تهونَا
إذا لم نحمهنّ فلا بقينا *** لشيءٍ بعدهنّ ولا حيينا.
الوجه الثاني:
قوله: (ولم يعد لها اليوم مكان إلا في بعض البلاد المتخلفة أو النامية) فأقول
وهل الميزان في الحكم على شرعية المظاهر والتصرفات هو مدى تطبيقها أو إهمالها في أرض الواقع؟!
لنأخذ الشريعة برمتها ونسأل أليست قد غُيّبت بكلّ أحكامها وشرائعها عن بلاد المسلمين كلها إلا ما رحم الله فهل هذا مُسوِّغ للقول بعد صحتها والجزم ببطلانها؟!
ثم هل النقاب – فعلاً لا يوجد إلا في بعض البلاد المتخلفة أو النامية؟!
ألم يعلم الشيخ أنّ الجماهير المسلمة قد عادت تطالب بصوت جهير يبلغُ الآفاق بتطبيق كل أحكام الشريعة في كل ديار الإسلام وليس الحجاب فقط؟!
ألم ير الشيخ العودة الجماعية المباركة لفتيات الإسلام إلى الحجاب في كل أنحاء المعمورة حتى أغاظ دعاة الإباحية من أمثال الهالك مصطفى أمين القائل متباكياً على عودة الحجاب في الجامعات المصرية: (حارب الأحرار في هذا البلد سنوات طويلة لتحصل المرأة على بعض حقها ويظهر أنّ بعض الناس يريدون العودة بنا إلى الوراء، وقد يحدث هذا في أي مكان، ولكن لا نفهم أن يحدث في الجامعة مهد التقدم والفكر الحر) [أخبار اليوم / نوفمبر 1997 نقلا عن عودة الحجاب].
ويقول العلماني المحترق زكي نجيب محمود: (أصابت المرأة المصرية في أيامنا هذه نكسة، ارتدت بها إلى ما قبل.. وهناك اليوم عشرات الألوف من النساء (المرتدات!) ينزلقن تطوعاً إلى هوة الماضي، والمأساة أنّ المرأة تتبرع سلفاً بحجاب نفسها قبل أن يأمرها بالحجاب والد أو زوج) نقلاً عن الولاء والبراء لسيد عبد الغني ص 421.
ثم ما بالنا نذهب بعيداً لندلل على مدى التشابه بين كلام الشيخ الغزالي ودعاة الإباحية، والشيخ نفسه يُصرّح باستبشاره وابتهاجه بإمكانية شيوع السفور وفق ما بشر به قاسم أمين داعية تحرير المرأة في مصر والشرق العربي!! (فلا حول ولا قوة إلا بالله).
الشبهة الثامنة:
ومن الشبه أنّ حجاب الوجه خاص بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم:
وهذه الشبهة تشبث بها أكثر القائلين بالسفور من غير بينة ولا هدى ولا كتاب منير والله المستعان.
الجواب عن هذه الشبهة
قال شيخ الإسلام رحمه الله – (والحجاب مختص بالحرائر دون الإماء كما كانت سنة المؤمنين في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه أن الحرة تحتجب والأمة تبرز) . [9]
قلت: وكلام الشيخ رحمه الله – صريح بأن الحجاب مختص بالحرائر وهذا يدل على دخول عموم الحرائر من نساء الأمة وليس مقصوراً على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وهذا واضح بحمد الله.(5/114)
ثم إن دعوى خصوصية أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بحجاب الوجه مردودة من وجوه:
أنه لا دليل البتة على هذه الخصوصية فإنّ غاية ما عند القائلين بهذا القول ظواهر نصوص لا تدل على ما ذهبوا إليه ولا تقوم بها حجة كمثل حديث ابن ساعدة حين تزوج النبي صلى الله عليه وسلم ابنته وأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يقدم بها فذهب إليه فأمرت بالدخول فقال: إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لا يراهن الرجال.. الحديث.
فنقول: وهذا هو قولنا إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لا يراهن الرجال!
لكن هل في قول هذا الصاحب تصريح بأن ما سوى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يجوز رؤيتهن؟!
أفتعطل عشرات النصوص لعبارة كهذه من غير معصوم أو حجة؟!!
إن تخصيص أحد من أفراد الأمة بحكم دون باقي الناس يحتاج إلى أدلة صريحة لا محتملة أو متكلفة لأنّ الأصل هو عموم الأحكام الشرعية لكل أفراد الأمة.
سيما في مسألة كهذه دلت عشرات الأحاديث على عدم اختصاص أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بالحكم بمفردهن.
فليس من التحقيق العلمي ولا من الأمانة العلمية بمكان إلغاء كل تلك النصوص والتشبث بقول محتمل لصاحب أو غيره.
2 - إن حاجة نساء الأمة للاحتجاب دفعاً للفتنة، وقطعاً لبواعث الشر والريبة أولى من حاجة أمهات المؤمنين الطاهرات العفيفات. فلقد نص الله تعالى في آية الحجاب بأن الحجاب أطهر لقلوب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وقلوب أمهات المؤمنين فأيهم أحوج إلى الحجاب؟ نساء النبي صلى الله عليه وسلم الطاهرات المطهرات؟ أم نساء الأمة الأضعف إيماناً والأقل خُلُقاً والأرق ديانة؟
ومن الأولى بأن يُحتجب عنه أهو أبو بكر وعمر، وعثمان وعلي، وطلحة والزبير وغيرهم من سادات الأولياء، وشيوخ العفة والنزاهة أم هم رجال هذه الأزمان ممن أشربت قلوبهم الفتن، واستوطنت المحن ديارهم وأرضهم؟!.
3 - إن جملة من الأحاديث التي سردناها صريحة باحتجاب نساء أخريات لسن زوجات للمصطفى عليه السلام فما جواب المتمحلين عنها بموضوعية وتجرد؟!
بل ما جوابهم عن قوله تعالى: ((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} (سورة الأحزاب: 59).
--------------------------------------------------------------------------------
[1] السُنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث ص 45.
[2] انظر: النقاب للمرأة بين القول ببدعيته والقول بوجوبه ص 36.
جاء في كتاب المرأة في الإسلام ريم الخياط ص 4748.
يقول بعضهم (لو أنّ الدين الإسلامي أمر بستر وجه المرأة لما كان هناك حاجة لأمر الرجال بغض البصر فعن أي شيء يغضون أبصارهم مادامت النساء يرخين(5/115)
الأغطية على الوجوه؟ وهو عين ما قاله القرضاوي في(النقاب للمرأة بين القول ببدعيته والقول بوجوبه) ص36
[3] انظر: النقاب للمرأة ص 36، د يوسف القرضاوي.
[4] جريدة الأهرام المصرية 2/ فبراير 1981م، محمد الغزالي عن عودة الحجاب لمحمد المقدم.
[5] انظر: الكتاب لمؤلفه إسماعيل جودة، أستاذ الطب الشرعي والسموم البيطرية فقد ملأ كتابه سموماً قاتلة!
[6] تحرير المرأة قاسم أمين قبحه الله بواسطة الردود الخمسة ص 7 قلت: وقد تابع أبا شقة غيره من الكّتاب المتعالمين انظر على سبيل المثال: مكانة المرأة ص 92 للدكتور محمد بلثاجي
[7] انظر: ص 104 – 114.
[8] الأهرام المصرية 2/ فبراير 981م بواسطة الردود الخمسة لأحمد محمد الديب ص 7.
[9] مجموع الفتاوى (15/ 372).
http://www.saaid.net المصدر:
-ـــــــــــــــــــ
حجاب فاشون !!!
الحمد لله.. والصلاة والسلام على محمد وأله وصحبه ومن والاه..
ثم أما بعد.. فلعله مما لا يخفى على أحد منكم أيها الأخوة والأخوات ذلك الانتشار السريع لظاهرة "الحجاب المودرن" والتي صارت كالنار في الهشيم وسط فتياتنا ولا حول ولا قوة إلا بالله.. ترى الفتاة منهن وقد جمعت شعرها في خرقة من القماش عجيبة الشكل (باندانة مثلا أو ايشارب مزين مفصل من أكثر من قطعة).. ثم هي تحسب بذلك أنها صارت متحجبة ولا حول ولا قوة إلا بالله! ووالله إن هذا لخطر عظيم.. فالمعصية هي ولا شك أقل ضررا وخطورة من البدعة.. فالعاصي يعلم أنه عاصي.. وفى قلبه هاتف يؤنبه من آن لآخر على دوام معصيته وعلى تأجيله للتوبة.. أو على الأقل في قلبه صراع بين شهوته وهوى نفسه وبين موقف الشرع الذي سمعه.. فهو يعلم أن ثمة مشكلة إما فيه أو في أولئك المشايخ الذين سمع عنهم ذلك الموقف..
أما المبتدع فإنه لا يرى عيبا في ما هو عليه.. بل ويخطئ كل من سواه، ويرى نفسه على الحق ولا شك.. ذلك حاله إن كان وارثا لبدعته تلك من أبيه أو من أهله.. غير أن الخطر يكون أكبر وأكبر كثيرا عندما تكون البدعة تلك قد دخل فيها العاصي بعد دخول قناعة قلبية إليه بأنها الحق بخلاف ما كان فيه قبل ذلك.. فهو كان من قبل يرى نفسه عاصيا.. ثم هو الآن يرى نفسه مهتديا.. فيكون أكثر تمسكا بتلك البدعة التي دخل إليها من المبتدع الوارث لبدعته والذي يدافع عن بدعته لمجرد أنه نشأ فوجد أبويه عليها..
فذلك الحجاب الجديد إنما هو بدعة والله.. ما أنزل الله به من سلطان.. فالحجاب ليس سترا لشعر الرأس خاصة!! ليس قطعة قماش تزيد على دولاب الفتاة فتحرص على(5/116)
إضافتها ويبقى الحال على ما هو عليه!!! وما قال أحد من الأولين ولا الآخرين بأن ستر شعر الرأس هو الغرض منه.. وما من نص واحد في الكتاب أو في السنة يخص شعر المرأة بالستر والحجب بصفة خاصة.. ولأننا مسلمون.. فإننا نسلم وجهنا لله ونسمع منه ونطيع.. فإذا حرم علينا شيئا ما كانت لنا الخيرة من أمرنا فيه.. والحجاب أخوتاه إنما هو عبادة.. عبادة واجبة يأثم المفرط فيها.. وكما أن للصلاة صفة من خالفها فقد خالف صحيح الدين.. فكذلك الحجاب.. له صفة لا يجوز مخالفتها.. ودعوني أسأل الواحدة من صاحبات ذلك الحجاب الفاسد هذا السؤال: لماذا تلبسين الحجاب؟ ستجدها تقول لأن الله أمر به.. كلام جميل.. ولكن لماذا أمر الله به؟.. حينئذ ستجدها تقول كلاما يناقض نفسه ولا يستقيم.. ذلك لأنها في الحقيقة تجهل الحكمة في تشريع الحجاب.. والتي تفسد تمام الفساد كما سنبين إن شاء الله إذا ما اختلفت صفة الحجاب عما جاء به الشرع الحنيف..
المسألة ببساطة مدارها علاقة الملبس بأبصار الناظرين.. شرع الحجاب لهدف واحد بسيط للغاية.. ألا وهو حجب جسد المرأة عن أنظار من لا يحل لهم النظر إليه.. على الخلاف من ذلك تماما وعلى النقيض التام هو الهدف أو الغرض من لباس النساء عند الغربيين.. فهن يلبسن من أجل أن ينظر لهن الرجال.. نعم اخو تاه.. هذا هو مبتغاهن بكل بساطة.. وهو كما ترين على النقيض التام من مراد الله - عز وجل - لنساء المسلمين..
تريد الواحدة منهن أن تفرض مفاتنها على الناظرين من حولها بكل السبل.. فإن لم تلمحها عيناه بالتبرج والسفور فستجذبه من أنفه بالعطور.. وان لم تجذبه أنفه إليها فستدخل إليه من أذنيه.. فتسمع وقع نقر كعبها الدقيق على الأرض أو تسمع صوت خشخشة خلخالها في ساقها وغير ذلك!.. المهم أنها ستجذب النظار ستجذبهم بأي طريقة كانت.. وبطبيعة الحال فالتباري على قدم وساق عندهم في أيهن أكثر فتنة وإثارة. أيهن أضيق خصرا، أيهن أكبر ثديا، أيهن أجمل شعرا.. ومن هنا يكون العبث الشيطاني المعروف بالموضة وبيوت الأزياء.. هي حقبة من شياطين الإنس الملاعين يلعبون بالقماش على جسد المرأة فيسترون جزءا ويكشفون أجزاء.. فإذا ستروا صدرها كشفوا ظهرها.. وإذا ستروا ظهرها وصدرها كشفوا ساقيها إلى منابتهما.. وهو فن ولا شك.. فن التلذذ المحرم بجسد المرأة.. وبطبيعة الحال فهم كمن يغلف منتجا ليعرضه في أحد المتاجر ليسيل به لعاب المشترين.. فيلعب بما معه من أدوات التصميم كالألوان والخامات والأشكال وغير ذلك.. والمرأة بين يديه كالدمية المانيكان الخشبي الذي لا يعبأ في أي "فاترينة" سيضعه هؤلاء ما دام في ذلك إرضاء لرغبتها الغريزية في أن تكون مرغوبة مشتهاة..
المهم إخوتاه أن الله قد صان فروج نساء المسلمين من خبث الخنازير هذا.. وفرض عليهن الحجاب.. وهو الستر التام لكافة أجزاء جسد المرأة.. على خلاف في وجوب ستر الوجه والكفين بين العلماء.. فما يشف لا يستر.. وهو من قبيل ما صممه صانعوه من أجل أن يتلذذ الناظر بجسد من تلبسه.. بل إنه ليتلذذ به أكثر مما يكون لو رآه عاريا.. فهو يفتح الباب لخياله مما يزيد من ثورة شهوته.. وتلك مصيبة كبرى والله.. وكذلك ما يصف (أي اللباس الضيق لدرجة تفضح منحنيات جسد الفتاة) فهو أيضا لا(5/117)
يستر.. لذا فهو مخالف لمعنى الحجاب بالكلية.. وهو على النقيض التام منه.. وعلى الفتاة أن تفهم أن الحجاب هو الحق من السماء.. وأن اللباس الغربي هو الباطل من زبالة عقول السفهاء.. فلا وسط بين الحق والباطل.. فليس بعد الحق إلا الضلال.. مهما بدا قريبا إليه.. فإذا هداك الله أختاه للبس الحجاب الشرعي المنسدل بحيث لا يصف جسدك، كما كانت صفته عند الصحابة وأمهات المؤمنين رضي الله عنهن.. فلماذا تحيدين عن تلك الصفة الصحيحة بعد ذلك وتدخلين عليه ألوانا وزخارف وتشكيلات وغير ذلك؟
اصدقي نفسك أختاه فإن كذبت على نفسك فأنت لا تكذبين على الله.. ماذا تريدين من الحجاب؟ تريدين أن يجذب أنظار الناس كما يريد منه كلاب الأرض أم أن يصدها ويدفعها كما يريد منه شارعه - سبحانه -؟
إن كنت تريدين الأولى فليس بالحجاب والله.. فالحجب هو الدفع والصد لأعين الناظرين بالكلية.. وإن كنت تريدين الثانية.. فما بالك تضعف نفسك أمام فتن أهل العبث الشيطاني بجسدك، فتلبسين الضيق والملون وما كثرت تفاصيله، بل وحتى العباءة المنسدلة تبحثين حين شرائها عن أكثرها لفتا للأنظار بألوانها وتصاميمها؟!! إذا جذبت النظر إليك فكيف تكون لك حجابا؟ ولمن اكتفت بتغطية شعرها ولبست البنطلون و"البودي"..
أقول.. هل شعر رأسك هذا أكثر فتنة مثلا من تفاصيل منحنيات ساقيك وردفيك التي يفصح عنها البنطلون أو تفاصيل صدرك التي يشرحها البودى مثلا؟
إنه والله مما يحزننا أن نرى فتيات تحسب الواحدة منهن أنها قد نالت رضا ربها وهى لا تزال عنه بعيدة.. فهذا الحجاب المبتدع الجديد لا يجوز أن يقال عنه حجاب أصلا.. بل وقد صار مثارا لسخرية الساخرين والله.. فلو خرج كافر من أهل الغرب يقول ساخرا "انظروا إلى المسلمين السفهاء.. جعلوا قضيتهم تغطية شعور النساء.. ما أسفههم!!".. كيف تردين عليه؟؟
فلتسأل كل واحدة منكن نفسها اخوتاه ولتصدق نفسها القول "اعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه" الآية..
لماذا قررت أن أتحجب.. ولماذا أتحجب.. ولأي شئ ولأي هدف وغاية ألبس ما ألبسه أيا كان؟ عسى الله أن يهديها لتعلم الصفة الشرعية الصحيحة للحجاب.. ألا وهى ما يحجبها كلية.. فلا لون ولا زخارف ولا تباينات وأشكال متباينة ولا شف ولا تجسيم ولا وصف ولا غير ذلك من أدوات جذب الأبصار.. وأوجه من هنا رسالة أيضا لمن راحوا يروجون لما أسموه ببيوت أزياء المحجبات حتى صدرت مجلة تسمى "بحجاب فاشون"!! ولا حول ولا قوة إلا بالله..
أقول لهؤلاء أفيقوا أيها المفتونين واتقوا الله في إماء الله..واعلموا أنكم تفترون على الله الكذب إذا نسبتم صنائعكم تلك لحجاب الله.. فلا تتاجروا بدين الله!!
أسأل الله العافية والهداية للمسلمين والمسلمات أجمعين..
http://www.islamselect.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ
عندما يظهر الحق على لسان أهل الباطل(5/118)
مقالة لكاتبة إنجليزية عن الحجاب
أبو الفداء
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وبعد:
أيها الأخوة الكرام يأبى ربكم - سبحانه - إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون؛ فيظهر الحق على أيدي وألسنة أكثر أهل الباطل والكفر استكباراً في الأرض، ولله الحجة الدامغة، فالحمد لله رب العالمين، أنقل إليكم فيما يلي من السطور مقالة لكاتبة إنجليزية كاثوليكية اسمها "ستيلا وايت"، المقالة بعنوان "دعكم من الموضة.. هذه هي الحرية!" المصدر: موقع www.telegraph.co.uk تاريخ النشر: 31 - 12 - 2003، ورابط المقالة عندي لمن أراد منكم الاطلاع عليها، أو اقتباس أجزاء من النص الإنجليزى الأصلي لأغراض دعوة غير العرب للإسلام، والله المستعان، وجاء تقديم الموقع للمقالة كما يلي:
لقد صار الحجاب الإسلامي قضية سياسية ساخنة في فرنسا - ولكن بالنسبة لستيلا وايت فإنها لا ترى سبباً على الإطلاق لكل تلك المشكلة، وها هي ذي تستفيض في شرح مزايا ومتع الستر التام لجسد المرأة!
نص المقالة:
تنظر المرأة الغربية المتحررة للحجاب الاسلامى على أنه "بقعة" أو وصمة سوداء على نسيج النوع النسوي، فهو يرمز لسحق روح الأنثى، وهو علامة للاستعباد ولتحويل المرأة إلى شيء من أشياء البيت والتي لا يسمح لها أن تغادره إلا لشراء طعام لزوجها!، وعندما يلتقي ذلك "الرداء السائر على قدمين" بمجموعة من النساء الإنجليزيات في الطريق فإن صاحبته غالباً لا تجد سوى نظرة الأسى والشفقة في أعينهن، فبالنسبة لهن إنما يعبر هذا الحجاب عن الميت الحي، ولا شك في أن ذلك الانطباع كان هو نفس شعور السلطات الفرنسية والتي قررت منعه في المدارس؛ معتقدين أنه لا يقبل أبداً أن تجبر فتاة صغيرة على تحمل عبئ الكبت والحرمان على رأسها الرقيق، ومع ذلك فبالنسبة للكثيرين - وأنا منهم - الحجاب ليس أداة للضغط أو الكبت إطلاقاً، وإنما هو وسيلة للتحرير وتحقيق الحرية.
بالنسبة لي أنا شخصياً لم أشعر أبداً في حياتي بمثل هذه الدرجة من الحرية التي أشعر بها في حال ارتدائي له، وقبل أن تفترضوا أنني أجتر عبارات دعائية لثقافة قام أصحابها بغسل مخي، يجب أن أوضح لكم أنني كاثوليكية ولست مسلمة، لست من أهل الشرق الغامض وإنما أنا امرأة في الثلاثينات من عمرها من مدينة "كنت" البريطانية، كما أنني لست متدينة، فقد اشتملت حياتي على ممارسة لخليط من عدة صنوف من الرقص الخليع، وثلاثة من أعز صديقاتى هن من راقصات التعري، وقد كانت لي علاقات برجال مسلمين ولكن لم يطالبني أحد منهم قط بارتداء الحجاب، وفى الحقيقة فقد وجدوا سلوكياتى "محرجة" نوعاً ما، وما من أحد في حياتي قد أجبرني على ارتداء الحجاب، وما أرتديه إلا لأنني وببساطة أحب أن أرتديه، وأنا في الحقيقة إنما أستمتع فيه بالخصوصية، ذلك الحاجز الذي يخلقه الحجاب بيني وبين ذلك العالم القاسي المجنون، سيما في مدينة لندن، فأجد وراء الحجاب قدراً كبيراً من السلام والأمان:(5/119)
لا أجد نفسي وقد اخترقني واستعمرني فضول المارة، وأشعر بأن الزحام وضوضاء الطريق قد صارت أقل فظاعة، وأشعر أنني أستطيع أن أنسحب بداخله إلى عالمي الخاص الأمن حتى وأنا أمشى في الطريق، وأشعر وبصورة عملية بأنني أمنة تماماً من أية مبادرات غير مرغوب فيها.
كذلك فإن الحجاب هو نظام أمان اقتصادي، فأنا لا أستطيع - كما هو الحال مع الكثيرين غيري من المشاة في لندن - أن أقدم النقود لكل فقير مشرد أمر به من ساكني الطريق، غير أني أشعر بالضيق والذنب عندما أمر إلى جوارهم، ولكن في حجابي فإني أستطيع أن أخفى ضميري، كما أنني أشعر بأمان تام من اللصوص وقاطعي الطريق، فاللصوص غالباً ما يقولون في أنفسهم إذا ما رأوني "إنها مهاجرة غير قانونية، قطعاً لا تستحق مجهود المحاولة"، وهم يتصورون أن حقيبتي الكبيرة إنما تحتوى غالباً على خضروات لأطفالي الستة عشر!
في حجابي يكون التسوق أيضاً أقل تكلفة، حيث أن بعض التجار المسلمين يستخدمون نظامين لتسعير سلعهم؛ أحدهما هو نظام يكون السعر فيه لمن هو "واحد منهم" أقل بكثير من السعر المطروح للغربيين، فإذا أردت المفاصلة في السعر فانى أحرص على أن أنزل إلى السوق في حجابي.
ولعل أروع أثر لارتداء الحجاب هو أنك وبشكل تلقائي تجدين نفسك وقد صرت عضوة من أعضاء المجتمع المسلم، لها كل ما للمرأة المسلمة من الشرف ومن الامتيازات، فعندما أدخل إلى متجر مسلم مثلاً فثمة رجل سيقول لي بلطف ودماثة خلق: "السلام عليكم؛ كيف لي أن أخدمك سيدتي؟"، وفى الحافلة فإن الرجال المسلمين من أفريقيا أو من الشرق الأوسط أو من الشرق الأقصى سيفسحون لي مجلساً ويقومون، ويقولون لي: "أنت أولاً أختاه".
إن المكاتب والبارات والنوادي في لندن لتعج بالفتيات ذوات التنورات القصيرة، والأحذية الرفيعة، وأكثرهن باحثات عن الحب، أما النساء المتحجبات واللاتي يتقززن ويحتقرن الغربيات بصفة عامة فإنهن في الحقيقة عادة ما يشعرن بالشفقة على نساء الغرب وهن يؤذين أنفسهن اضطراراً بأحذية متعبة ذات كعب عال، وبمستحضرات تجميل مؤذية للبشرة، وبنظم غذائية قاسية من أجل أن يجتذبن الرجال، إن لي صديقة إيرانية اسمها منى؛ وهى سيدة أعمال ناجحة، تخرج يومياً في مظهر مذهل؛ فتضع طلاء الأظافر، وأدوات الزينة، والأزياء الحديثة، والتبرج الكامل، تقول منى "لقد كان الوضع أسهل كثيراً جداً عندما كنت في إيران، إذ تنهضين من الفراش في التاسعة صباحاً، ثم ليس عليك سوى أن تلقى على جسدك الرداء الأسود الضخم، وتقفزين في سيارتك، أما الآن، فعلي أن أقضى ساعتين أو ثلاثة في التبرج كل صباح".
عادة ما يستبعد الحجاب ويحتقر بوصفه من متعلقات المسلمين الأصوليين، ولكن في الحقيقة فإن القديس باول أمر النساء بتغطية رؤوسهن، وحتى الستينيات من القرن الماضي ما كنت لترى امرأة تدخل إلى الكنيسة بدون قفاز وقبعة، وكثيرات من النساء الإنجليزيات كن يلبسن القبعات في الشوارع، أو يلبسن أغطية للرأس تنعقد من تحت الذقن، ولا تزال نساء الهندوس والسيخ يتوقع منهن أن يغطين رؤوسهن من(5/120)
أجل الشرف والعزة، ونساء اليهود الأورثوزوكس اعتدن على لبس باروكة تقليدية على شعورهن الحقيقية لسترها عن أعين الرجال الأجانب عنهن، وعلى الرغم من كل هذا، ومن بين كل تلك الفئات والجماعات الثقافية؛ فإن النساء المسلمات فقط هن اللاتي وصفن على أنهن مستضعفات، أو مغلوبات على أمرهن بسبب غطاء الرأس، وبطبيعة الحال فإن من أشد الناس عداوة للمرأة المتحجبة المرأة النشطة في حقل التحرك (التحرير) النسوى، وفى أوائل السبعبنبات وعندما بدأت النساء في قص شعورهن، وتقصيرها، ولبس الأحذية المفلطحة المريحة؛ كن بذلك يعترضن صراحة على فكرة المعاناة من وطأة الموضة، ويرفضن المشاركة في طقس بائس لا غرض له سوى جذب رجال مدللبن متعالين، من نفس المنطلق فإن المرأة المتحجبة تستطيع أن تحتفظ بهويتها وبدون أن تستعبد نفسها لمفاهيم الجمال الغربية المتسلطة، وعندما قرأت في الأسبوع الماضي مقالة بائسة بعنوان "كيف تقللين من كراهيتك لجسدك" في إحدى المجلات النسوية، وعرضتها على صديقتي العربية "مليكة" هزت رأسها وقالت: "في حضارتنا يفرح الرجال ويكونون في غاية الامتنان عندما يتزوجون، وينظر الواحد منهم لزوجته بوصفها أميرة فاتنة، أياً كان شكلها أو حجم جسدها".
وفى داخل الحجاب تعرف المرأة المسلمة قوتها وقيمتها، فقد قال لي رجل مسلم ذات يوم: "إن زوجتي بالنسبة لي هي كالجوهرة الجميلة، فهل تتركين جوهرة غالية جميلة لتخدش أو تسرق في الشوارع؟ بالطبع لا، بل إنك ستلفينها في الديباج، وهكذا يحمى الحجاب زوجتي، والتي هي أغلى عندي من أية جوهرة"، وبطبيعة الحال فلو أن أحداً حاول أن ينزع عنى الحجاب بالقوة، أو أن يجبرني على ارتدائه فإني سأقاوم بعنف، وأنى لسعيدة لأني في بلد أستطيع فيه أن ألبس أي شئ أريد، ليس كل النساء يتمتعن بهذه المزية، وبالنسبة لي فقد وجدت في الحجاب نوعاً من "الملاك الحارس".
ومن ناحية أخرى فإن أمي تزعم أنى ألبسه لأني لا أحب أن أحمل هم تمشيط شعري! انتهى نص المقالة.
هذا أخوتاه هو قول امرأة غربية نصرانية كاثوليكية في الحجاب، وهكذا صدقت مع نفسها ولم تغلق على قلبها بتأثير الدعاية المغرضة المحاربة للحجاب في كل مكان، ولم تتأثر بالحرب عليه وعلى أهله، وراحت تتكلم بكل فخر وثقة عن أثر الحجاب في حياتها، وبكل حيادية، وبغير تحيز لأي من الجانبين، هذا حالها لمجرد أنها وجدت فيه موافقة لفطرتها وهى غير مكلفة (في ظنها) بشرف الالتزام به، ولا بشرف العبودية لشارعه سبحانه، فما بال فتياتنا نحن من المسلمات يلفظنه ويحتقرنه إلا من رحم الله؟
انشروا هذه المقالة للفائدة أيها الإخوة الكرام (ولا تنسوا ذكر مصدرها معها)، وجزاكم الله خيراً، والحمد لله رب العالمين.
المصدر: http://www.islamselect.com
ـــــــــــــــــــ
أختاه لمن القرار
الحمد لله الذي أمر بقرار المرأة في دارها وجعل حجابها رمز فخارها، فأعزها بالإسلام بعد أن كانت ذليلة..... ورفع قدرها بالدين بعد أن كانت وضيعة، والصلاة(5/121)
والسلام على الداعي إلى رضوان الله والجنة، محمد بن محمد عبدالله وعلى آله وصحبه أتم الصلاة وأكمل السلام – وبعد:
فإن النصوص الصحيحة، والأدلة الصريحة من الوحيين جاءت آمرة للمرأة بالقرار في بيتها، محذرة من مغبة الخروج بلا عذر
أيتها المباركة: يقول الله عز وجل: ((وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم))، فهيا للانقياد لأمر ربنا جل وعز، وأمر نبيه محمد بن عبدالله، وليس بعد إلزام الله وإيجابه علينا خيار لنا...
ويقول جل وعلا: (وقرن في بيوتكن) (الأحزاب /33).
قال الإمام أبو بكر الجصاص – رحمه الله – عند هذه الآية: روى هشام عن محمد بن سيرين قال: قيل لسودة بنت زمعة – رضي الله عنها – ألا تخرجين كما تخرج أخواتك؟
قالت: والله لقد حججت واعتمرت ثم أمرني ربي أن أقر في بيتي. فو الله لا أخرج. فما خرجت حتى أخرجوا جنازتها. (أحكام القرآن للجصاص 3/359360)
أيتها المباركة: هذه أم المؤمنين...... أليس لك فيها أسوة وقدوة؟!!!!
من هنا يظهر أن خروج المرأة لغير حاجة ضرورية لا ينبغي.
أيتها الكريمة...
قد تتساءلين ما هي هذه الضرورة؟!
وهل لها ضوابط معينة. ؟!
فأقول: اعلمي أيتها المباركة أن الخروج للمرأة لا يجوز إلا إذا كان لحاجات ضرورية كخروجها لتعليم بنات جنسها ولصلة الرحم. ولأخذ لوازمها التي لا تؤخذ إلا بوجودها...... وللعلاج....... وللصلاة في المسجد مع المسلمين........
ولكنني أنبه كل أخت خرجت من بيتها لما يلي:
1- أن يكون الخروج بإذن ولي الأمر من زوج.. ووالد، ونحوه.
2 -أن يكون الخروج لأمر ضروري لا يقضى إلا بخروجها.
3 -أن تكون ملتزمة بالحجاب الشرعي السابغ الساتر أثناء ذلك.
4 -أن يكون الخروج بمبرر مشروع إذ أن الأصل هو القرار.
5 -أن تكون ملتزمة بالحياء والحشمة.
6 -أن تكون بعيدة عن الخلوة بالأجانب من سائقين وغيرهم.
7 -أن تخرج مع ذي محرم.
8 -أن تسلك الطريق الآمن الذي لا شبهة فيه.
9 -أن تجتنب أماكن الزحام، والتصاق الأبدان، ولو في بيت الله الحرام.
10 - أن تجتنب أماكن الاختلاط، في بعض الأسواق، والمنتزهات.
11 - أن تجتنب الطيب والبخور في اللباس قبل الخروج.
12 - أن تلتزم السكينة وعدم لفت الأنظار برفع الصوت، أو بضحك، أو بمخاطبة الأجانب.
13 - وهي الأولى والأهم والأساس مراقبة الله عز وجل والخوف منه واستشعار أن الله مطلع عليك أختي المسلمة.(5/122)
14 - أن يكون لباسها غليظاً لايشف عما تحته، ولا يلتصق ببدنها، ولا يكون زينة في نفسه، ولا يشبه لباس الرجال والكافرات، ولا يكون ضيقاً، أو مخصراً يصف البدن.
أيتها المباركة:
فهل بعد هذه الضوابط من خروج بلا حاجة........ ؟!
سؤال صادق يحتاج إجابة جريئة.
وفق الله نساء المسلمين للقرار في بيوتهن، والتشبه بأمهات المؤمنين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
http://www.denana.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ
تحية لصاحبة النقاب
الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى...
وبعد فقد ابتليت بالإقامة في ديار الغرب لأسباب يطول شرحها وليس هذا مكان تفصيلها - حيث تواجه ذلك المجتمع المتحضر كما يسمى وجها لوجه .. وهناك تكتشف تلك الحقيقة التي أشار إليها منذ أكثر من أربعين سنة الأستاذ سيد قطب - رحمه الله - عندما قال في كتابه المعالم "لا بدّ من قيادة للبشرية جديدة، إنّ قيادة الرجل الغربي للبشرية قد أوشكت على الزوال... لأن النظام الغربي قد انتهى دوره لأنه لم يعد يملك رصيدا من القيم يسمح له بالقيادة"... بالتأكيد سوف تكتشف أن هذا الوصف مطابق لحال القوم مئة بالمئة.. لكن قومي لا يعلمون.. وهذا له مقال مستقل إن شاء الله.
المهم التحقت بإحدى الكورسات في واحدة من أشهر الجامعات الأوربية حيث ابتدأ الفصل الدراسي في فصل الشتاء حيث البرد والمطر والرياح والذي يفرض نوعا معينا من الاحتشام لا يستطيع معه القوم إلا فعل ذلك، ولو خيروا لرأيت عراء مذهلا وتبذلا عجيبا يعجز القلم عن وصفه ولا العقل عن تخيله.. ولكنها حضارة الرجل الغربي التي افتتن بها الكثير من أبناء المسلمين... ولا حول ولا قوة إلا بالله.
كان اليوم الأخير في ذلك الكورس هو بداية لأول يوم من أيام الصيف... كان الوضع أشبه بمعرض أزياء على طريقة القوم في إظهار ما خفي.. وأينما يممت عيناك ترى من المناظر ما قد لا تراه حتى في غرفة نومك.. ولا تملك إلا أن تستغفر الله على تواجدك في ذلك المكان النتن، سائلا الله إن يتجاوز عن التقصير والخطأ.. فما لهذا التحقت بهذا الفصل الدراسي... والله المستعان.. والحمد لله أن ذلك هو آخر يوم دراسي.
كنت ورفيقي نقطع تلك الحشود التي كان إبليس يقودها على الحقيقة لا المجاز.. وتفاجأنا بوجود بعض الطالبات المسلمات المحجبات اللاتي كن يتجاذبن الحديث مع طلاب آخرين دونما حياء أو وقار.. وتساءلت في نفسي: أين الدين والخلق؟ وأين الأهل والوالدين؟ وأين وأين؟
لم يقطع حبل أفكاري إلا رؤيتي من بعيد لأخت منقبة اندلفت مسرعة من باب الكلية المجاور واختفت بنفس السرعة التي قدمت بها وكأن الأرض ابتلعتها فجأة.. الحقيقة أنني لم أكن قادرا على وصف الإعجاب والتقدير الذين ملأ قلبي ونفسي تجاه تلك(5/123)
الأخت المسلمة التي لم تبال بحال القوم وعريهم وفحشهم، ولم تعر حال الطقس الحار أي اهتمام، وأصرت على ارتداء حجابها ونقابها طاعة لربها، وسترا لأهلها وزوجها... وليت أخواتنا اللاتي فرطن في حجابهن رمز عفافهن .. أقول: يا ليتهن يقتدين بهذه الأخت التي لم تفرط بحجابها ونقابها رغم كل شيء ؟؟
لقد انطبعت صورة المرأة المسلمة المحافظة على دينها في قلبي، وبقيت عالقة في ذهني، وشهد الله أنني تمنيت لها كل نجاح، ودعوت لها الله بالحفظ والستر و التوفيق والنجاح.. وحق على كل مسلم أن يدعو لذات النقاب فقد رفعت رؤوسنا عالية في أحط بيئة، وأحقر مجتمع.
25 مايو 2005
http://www.gesah.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ
أختاه .. اشكري النعم
بسم الله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وعلى نساءه الطيبات الطاهرات ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
أختي الحبيبة:
سلام من الله عليكِ ورحمة وبركات
سلام من الذي خلق السماوات والأرض والطيور والأزهار
سلام من الذي خلق لنا العينين واللسان والشفتين
سلام من الذي لو جلسنا معا نحصي نعمه علينا لن تكفي مائة سنة لجلستنا
هذا هو رب العباد الذي خلق ودبر وأعطى وقدر
والذي أعلم علم اليقين أن حبه ملأ قلبي وقلبَكِ
هذا الحب الذي لولاه لكنا تائهين حائرين ... ضالين
أليس هو من يتودد إلينا ويدعونا إليه كل حين؟ بل ويقول اغفر زلاتكم وهفواتكم وما أكثرها من زلاتٍ وهفوات؟
أليس هو من يمد يده إلينا كل ليلة ليتوب مسيء النهار؟ ... وبكرمه - تعالى -يعود ويفعل ذلك في النهار أيضا ليتوب مسيء الليل ... ؟
فبالله عليك أيجوز أن يخلقنا ونعبد غيره ويرزقنا ونشكر سواه؟ أيجوز أن يكون خيره إلينا نازل وشرنا إليه صاعد ... ؟
أليس هو الذي يتحبب إلينا بالنعم وهو الغني عنا ونتبغض إليه بالمعاصي ونحن أفقر شيء إليه ... ؟
أليس هو الذي إذا أقبلنا إليه تلقانا من بعيد وإن أعرضنا عنه نادانا من قريب وإذا تركنا لأجله أعطانا فوق المزيد ... ؟
إن تبنا إليه فهو حبيبنا فإنه حبيب التوابين والمتطهرين وإن لم نتب إليه فهو طبيبنا يبتلينا بالمصائب ليطهرنا من المعايب ...
الحسنة عنده بعشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعافا كثيرة، والسيئة عنده بواحدة فإن ندمنا عليها واستغفرنا غفرها لنا ... يشكر اليسير من العمل ويغفر الكثير(5/124)
من الزلل ... رحمته سبقت غضبه وحلمه سبق مؤاخذته وعفوه سبق عقوبته ... وهو أرحم بعباده من الوالدة بولدها.
فبالله عليك أفبعد هذا الحبيب حبيب وبعد هذا الطبيب طبيب وبعد هذا القريب قريب ...
من كان هكذا عطفه ومن كان هكذا حلمه ومن كان هكذا عفوه ومن كان هكذا رحمته ألا يجدر أن تكون عبادته أحق عبادة ... ألا يجدر أن تكون طاعته أحق طاعة ... ألا يجدر أن يكون حبه أكبر حب وعشقه فوق كل عشق ...
أعلم بكل يقين أن ستقولين: " بلى " ... ... ...
إذا حبيبتي في الله، الذي خلقني وإياك وحماني وإياك ورزقني وإياك هيا بنا نتقرب إلى خالقنا ورازقنا الذي أقل ما نتقرب به إليه التزامنا بالحجاب الشرعي ... الذي هو عفة وطهارة وعلو وميزة حبانا الرحمن نحن المسلمات به ...
أختي الحبيبة ما كتبت لك هذه الكلمات إلا لحبي لك في الله ولخشيتي عليك وحرصي على مصلحتَكِ فأرجو أن تكملي قراءتها فإن لم تفدك بشيء فمن المؤكد أنها لن تضرك وإن أفادتك فهو فضل من الله فلا تنسين حمده ولا تبخلين علي بالدعاء فكلنا فقراء إليه..
أختي الحبيبة لماذا لم تلبسي الحجاب؟؟.. سأجيب على هذا السؤال بشائع الاحتمال.. لنقل مثلاً انك تريدين تأجيل الأمر إلى ما بعد الزواج.. فهل منع الحجاب الفتيات من الزواج؟ وهل تضمنين أن يكون زوجك الذي اختارك وأنت غير محجبة يوافق على ارتدائه بعد الزواج؟ وهل تضمنين أن يكون رجلاً متديناً وقد اختارك وأنت متبرجة؟ وهل تضمنين أن تعيشي حتى تتزوجي؟ وإن لم يكتب الله لك الزواج فمتى سترتدينه؟ ربما قلت: " إني لا أبدو جميلة بالحجاب " ومن قال لك ذلك؟ بل أنت بحجابك أجمل أتعرفين لماذا؟ لأن وجهك سيستنير بنور الإيمان برضا الله عليك وستكونين وقورة أكثر وسيلقي الله في قلوب البشر القبول والمحبة لك لطاعتك لأمره... وهناك شيء مهم أختاه أن من سيختارك زوجة له لن يختارك بشكل مزيف وبوجه مليء بالأصباغ فهو حين يعجب بك دون مكياج سيزداد حين تتجملين له والعكس صحيح... لننتقل لأمر آخر يا أختي الغالية.. لنقل انك تستمتعين بعبارات الإعجاب التي يلقيها عليك الشباب فهل هذا الأمر يرفع من قدرك أم العكس؟ هل ترضين أن تتحولي لمجرد شيء ملفت للنظر عرضة لمختلف العبارات البذيئة؟ هل منهم من تعتقدين انه الرجل الذي يصلح لأن يكون زوجاً لك وأباً لأولادك؟ هل أمعنت النظر في هيئاتهم المخجلة وشخصياتهم التافهة؟ أنت أكبر وأغلى وأعز من أن تكونين كذلك فاحفظي نفسك وقدرك وقيمتك بالحجاب..
أرادنا الرحمن أن نكون كنوز مكنونة ... أرادنا أن نكون درر مصونة ...
أرادنا أن نكون لآلئ محفوظة ...
فهل سبق وأن رأيت كنز ملقى على قارعة الطريق ... أو درة ترمى بجانب الشارع ... أو لؤلؤة لا حافظ لها ...
وإنما كانت قارعة الطريق وجانب الشارع والأشياء التي بلا حفظ هي لسفاسف الأشياء وليس أثمنها ... فمع من تريدي أن تكوني؟ لا أظنك تريدين إلا أن تكوني مع(5/125)
الغالي فأنت غالية ... غالية بدينك ... غالية بإيمانك ... غالية بحيائك ... غالية بعفافك ... حتى وإن تعالت أصوات توابع من لا دين لهم، الذين لا يريدون إلا أن تكوني عارية من أغلى الأشياء وأثمنها وأحبها إلى قلبك ... حجابك ... والذي يحمل شعار كتب عليه أنا طاهرة أنا راقية أنا غالية أنا شريفة ...
أختاه إن لطاعة الله حلاوة في القلب ستذوقينها حين تعلنين تحررك من عبودية الشيطان باتباعك لأوامر الرحمن.. إن للحجاب فوائد جمة ستجدينها حين تلتزمين بلبسه بالشكل الشرعي.. سينشرح صدرك ويضيء قلبك وترتاح سرائرك وتنفرج همومك وكيف لا والله يقول: {ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب} [الطلاق: 2] ويقول {ومن يتق الله يجعل له من أمره يسراً} [الطلاق: 3]هذا وعد من الله الذي لا يخلف الميعاد فماذا تنتظرين؟
عاهديني بالله عليك أن تكوني من الصالحات فو الله لن تندمي يوما من الأيام وهلمّ إلى رضى الرحمن واجعلي من حرصك على أن لا يظهر شي ولو يسير من جسدك، قربة لك عند الرحمن مبتغية بذلك حبه لك ورضاه عنك وسوف ترين يوم تقوم الساعة من تكون له عقبى الدار.
وأختم بسؤال بسيط لك حبيبتي، عندما نقوم ليوم الحساب ... أمام رب العباد ... هل هناك من هو مستعد في تلك اللحظة يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه ...
هل هناك ممن نظروا إليك واستمتعوا بأناقتك وشخصيتك وجمالك وجاذبيتك، أقول هل هناك واحد منهم مستعد لأن يعطيك ولو اليسير من حسناته أو أن يأخذ عنك ولو جزء من سيئاتك لينقذك من عذاب التبرج أومن لهيب مبارزة الرحمن بالسفور؟ ... أترك الجواب لك ... متفائلة بجزيل حبي لك وخوفي عليك ورحمة الباري بك ... وأستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك
04 - 11 - 2004
http://www.islamway.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ
عندما ترتدين حجابك ماذا تحتسبين ؟
ماذا تحتسبين في لبس الحجاب الشرعي الكامل؟
1- ثواب السمع والطاعة، والرضا والتسليم لأمر الله - تعالى -ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، أي الفوز بالجنان التي تجري من تحتها الأنهار. قال الله - تعالى -{وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [النساء: 13].
2- عبادة تتقربين بها إلى الله محتسبة قوله - تعالى -في الحديث القدسي: «...وإن تقرب مني شبراً، تقربت إليه ذراعاً، وإذا تقرب إليَّ ذراعاً، تقربت منه باعاً، وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة » جزء من حديث رواه مسلم (2675).
3- الله - سبحانه - يحب الحجاب فاحتسبي أن يحصل لك حب الله ورضاه لأنك تفعلين محابه. قال - تعالى -في الحديث القدسي: « وما تقرب إليِّ عبدي بشيء أحب إليَّ مما افترضت عليه وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته(5/126)
كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه.. » صحيح البخاري (6021).
"إن المحب لمن أحب مطيع"
4- أجر الصبر على:
طاعة الله - تعالى -، والصبر عن معصية الله، السخرية من حثالة القوم، حرارة الطقس، وما أروع قطرات العرق تنحدر من جبينك لتملأ وجهك النقي عندما تحتسبينها عند الله، ولن يزعجك وجودها أبداً فهي لا تعني لك شيئاً!.. لأن المحب يصبر من أجل رضا محبوبه، ولن تكون شدة حرارة الطقس سبباً في تهاونك بالحجاب أبداً، لأنك تدركين جيداً معنى قول الله - تعالى -{قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ} [التوبة: 81].
(ينظر: ماذا تحتسبين في صبرك؟ ص35، من هذا الكتاب)
5- ثواب نصرة الإسلام عن طريق نصرة الحجاب الشرعي بتكثير سواده في المجتمع، فأبشري بالعز والظفر، قال الله - تعالى -{وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج: 40].
6- ثواب الاقتداء بالصالحات والتشبه بهن. عن عبد الله بن مسعود ـ - رضي الله عنه - ـ جاء رجل إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله، كيف تقول في رجل أحب قوماً ولم يلحق بهم؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: « المرء مع من أحب » البخاري - الفتح 10 (6169).
7- ثواب العفاف، فأنت مأمورة بصون عرضك وحفظ نفسك، وهي عبادة تؤجرين عليها، والحجاب يعينك على أداء هذه العبادة.
8- أجر صون المجتمع من الإختلاط المؤدي إلى الرذيلة وتفشي الفاحشة، فإنك بالتزامك بالحجاب الشرعي الكامل تقفين مع أخواتك المحجبات سداً منيعاً دون تقدم الفساد في بلادك. أما إن كان عدد المحجبات قليلاً في بلدك فالسيل يبدأ بقطرة واحدة.. فارتدي الحجاب واحتسبي أن تكوني أنت تلك القطرة.
9- ثواب إحياء الفضيلة ونشرها، فمجتمع نساؤه جميعهن محجبات أحرى بأن تسوده الطهارة والعفة، وحجابك لبنة أساسية في بناء الفضيلة فتمسكي به بقوة لأن العواصف حولك شديدة، وإن لم تكوني قوية بإيمانك فسيطير حجابك مع الأوراق والغبار...
10- احتسبي "الحجاب مظهر من مظاهر تميز الأمة الإسلامية، وفيه مخالفة لليهود والنصارى وغيرهم" نضرة النعيم / 4.
11- أجر التعاون على البر والتقوى، قال الله - تعالى -{وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2].
ذلك أنك بارتدائك الحجاب الإسلامي، تتعاونين مع أخواتك المحجبات على معاونة الشاب المسلم على حفظ نفسه حتى لا يفتتن بك، وتفسدي عليه دينه وصفاء قلبه، وما يتبع ذلك من فساد أخلاقه فتأثمي، لأنك كنت السبب في ضلال شاب مسلم شعرت أم(5/127)
لم تشعري، والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: « لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه » البخاري - الفتح 1 (13).
ولا أظنك تحبين أن يفتنك أحد في دينك لتخسري آخرتك فلا ترضيه لغيرك.
الحجاب صمام أمن للمجتمع، وغيابه يعني إنفجار المجتمع!
07 - 03 - 2004
http://www.islamway.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ
الكون كله يتحجب
نبيلة يعقوب
العالم كله ((يتحجب)).. يا سبحان الله..
محاضرة بعنوان (الدرة المصونة) للطبيبة السعودية نبيلة يعقوب... أحببت أن أنقل قطوفاً من هذه المحاضرة والتي أبكت العيون وأثارت الحمية في النفوس لدى النساء والمربيات والعذارى...
وقد أسلم بعد هذه المحاضرة عدد من الأخوات الأجنبيات...
فقلت لعل الله يهدي بها قارئاً أو قارئةً فيكون لنا نصيب من الأجر..
الحجاب في الجمادات:
فالسيف.. يحفظ داخل غمده..
والقلم.. بدون غطائه يجف حبره، ويصبح عديم الفائدة ويلقى ذليلاً مهاناً تدوسه الأقدام لأنه فقد مصدر حمايته وهو الغطاء (غير الجاف طبعاً)!!
الحجاب في الكائنات الحية:
على مستوى الخلية أغشية مزدوجة خارجية وداخلية تحمي الخلية وتنظم عمل عضياتها.
1- الخلية النباتية:
تحاط بجدار سميك يدعمها حتى بعد الموت
2- الخلية الحيوانية:
- الغضروفية توجد داخل فجوات
- العظمية تقع داخل قنوات
- بويضات الأنثى تُحفظ في حويصلات
- والخلية العصبية محورها طويل يحاط بغمد يحميها فلا يتلف أو ينقطع
إذاً.. لكل خلية حجابها الخاص بها.. وأنتِ ليكن لك الحجاب الخاص بك الذي يميزك؟
الحجاب في النباتات:
1- البذرة:
حجابها التربة.. تمنع عنها أشعة الشمس.. فتعيش في ظلام ليبدأ الإنبات.. والقصرة حجاب ثانٍ وداخل الحجاب حجاب.
2- الجذر:
له قمة نامية عليها قلنسوة بها يدك الجذر الأرض دكاً(5/128)
فالبذرة باطن الأرض خير لها من ظاهرها، كذلك المرأة، إن هي لم تتحجب تجلب السوء لنفسها والعار لأهلها.. ويسود الفساد في الأمة ويصبح باطن الأرض خير لها من ظاهرها.
3- الساق:
تغطيها طبقة شمعية في النباتات الغضة تحميها. وعندما يشتد الساق ويغلظ.. تتمزق البشرة الخارجية وتتكون بشرة داخلية تاركة خلفها الخلايا المتهتكة فيتكون القلف.
4- الأوراق:
تحميها طبقة شمعية تزيد وتنقص سماكتها حسب بيئتها أو تكون مغطاة بطبقة مخملية أو وبرية.
5- الزهرة:
عضو التأنيث داخلها يقع في مركز تحيط به الأوراق الزهرية تحميها فإن كان الله - عز وجل - قد حافظ على عضو التأنيث في مجرد زهرة ما لنبات ما بهذا الشك.. أليست أنثى الإنسان هي الأجدر والأولى بهذه الحماية؟ وما سبل هذه الحماية؟ وهل أنتِ مجرد زهرة جميلة؟
6- الثمرة:
ماذا يحدث إذا قضمت تفاحة ثم تركتها فترة؟ ولماذا يسود لون الموزة بعد تقشيرها؟
الحجاب في الحيوانات:
1- الحيوانات المائية:
في الماء نرى الكثير من ألوان المرجان والأصداف والقواقع.... كأنها في مهرجان.. كلها تشكل حجباً تحمي داخلها الرخويات فتبارك الله رب العالمين..
2- حيوانات اليابسة:
من الحشرات.. فراشة، يرقتها -إحدى أطوارها- أمرت بأمر عظيم من رب عظيم.. إذاً.. تنفذ بالرغم من أنه لا حول لها ولا قوة.. تفرز خيوطاً لزجة كأنها تغزلها ثم تنسجها حجاباً ترتديه لتنتقل للطور الذي يليه وتسمى عذراء في شرنقة!!
والزواحف لها حراشف.. والقنفذ ذو أشواك.. والسلحفاة لها درقة كبيرة ثقيلة تحملها على ظهرها طوال عمرها لذلك.. يطلق عليها علمياً تكريماً لصبرها لقب صاحبة أثقل حجاب..
فمن ياترى صاحبة أغلى حجاب؟؟؟
الحجاب في الإنسان:
1- بويضة أنثى الإنسان:
تحفظها حوصلة، وكذلك هي مغطاة بطبقة صفراء تحميها من الاحتكاك، وبعد الإخصاب، تفرز الزايجوت مادة تغلفها لتمنع دخول الحيوانات المنوية الأخرى إليها. إذا كلها حجب متتالية تحمي الإنسان حتى قبل أن يولد....
2- الجنين في بطن أمه:
قال - تعالى -{يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقاً من بعد خلق في ظلمات ثلاث} [الزمر 6]
تسعة أشهر يقضيها الجنين آمناً في سربه.. رحم أمه يحاط بأغشية وحجب هي:(5/129)
ظلمة المشيمة، وظلمة جدار الرحم، وظلمة جدار البطن فتوفر له الراحة والأمن والغذاء والأوكسجين.. إذا نحن في حجاب قبل أن نخلق!
3- الحجاب الحاجز:
داخل الأحشاء موجود.. يفصل ويحجب القلب والرئتين عن باقي الأعضاء في الأحشاء.. يقوم بدوره خير قيام لأنه سميك لا يصف ولا يشف.... فما بال حجاب أنثى الإنسان رقيقاً يصف ويشف بل قد لا يكون موجوداً عند البعض!!
4- الهيكل العظمي:
من مكوناته الجمجمة يستقر بها الدماغ وهو كنز الإنسان وما يميزه عن الحيوان موجود داخل صندوق عظمي بأمان لا يصل إليه مشرط الجرح الفنان إلا بنشر عظم جمجمة رأس الإنسان، وهي خزنة عظيمة عند الغني والفقير تضاهي الخزنة الحديدية المليئة بالمجوهرات..
5- القلب:
كالهدية يغلف بطبقة فوق طبقة أو كخمسة جنود تقوم بحمايته..
غشاء التامور شغافه، تحيط به رئتان حنونتان، يضمهما قفص صدري بأمان، تكسوه عضلات وأنسجة، يغطيها جلد واق..
هكذا تحيط بنا رحمة ربنا ومحبته وحكمته فشرع لنا الحجاب..
6- العين:
أغلى ما يملك الإنسان، وهي كرة تستقر داخل حجاج العين حتى لا تتقاذفها الأخطار!! بدون تعليق..
7- الجلد:
نسيج كبير سميك يغطي كافة الجسم ويخفي خلفه العظام والعضلات والأوعية الدموية و... و. و....
تخيلي لو كان الجلد شفافاً، يظهر ما تحته، كيف سيكون حال الناس وأشكالهم؟؟
همسة
بحجابك أنت سفيرة لدينك...
بحجابك أنت قدوة للأطفال...
بحجابك تدلين كل أنحاء العالم والكون على وجود دين عظيم... يميز المرأة لتكون شامة... شامة على خد الكون الفسيح...
فتحجبي أختي...فالكون كله يتحجب ولا تشذي عن الكون.. فمن شذ.. فقد شذ في النار
08 - 10 - 2004
http://www.islamway.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ
الحجاب عبادة
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيّ بعده، أما بعد:
أختي المسلمة!
لقد دأبت بعضُ الأقلام بين فينةٍ وأخرى على النيلِ من حجابك والهجوم عليه، واصفةً إياه بالتخلف والرجعية وعدم مواكبة التطور الذي نشهده، والقرن الذي نحن على(5/130)
مشارفه، حيث إننا نعيش عصر الفضائيات والاتصالات والعولمة وتلاقح الأفكار وغير ذلك من مظاهر التقدم العلمي والتكنولوجي.
وقد انقسم هؤلاء المبهورون بمدنية الغرب إلى أقسام عدة:
فمنهم من أنكر فرضية الحجاب بالكلية، وزعم أنه من خصوصيات العصور الإسلامية الأولى!!.
ومنهم من أنكر غطاء الوجه وراح يدعو إلى السفور والاختلاط، زاعماً أن ليس في كتاب الله ولا سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ما يدل على تغطية وجه المرأة، وأن ذلك من قبيل العادات الموروثة التي فرضها المتشددون!.
ومنهم من تخبَّط فقال: إن الحجاب سجن يجب على المرأة أن تتحرر منه حتى تستثمر طاقاتها في مواكبة العصر، ومشاركة الرجل مسيرته التقدمية نحو آفاق المدنية الحديثة!.
ومنهم من طبق المثل القائل: "رمتني بدائها وانسلَّت" فزعم أن الذين يدعون إلى الحجاب ونبذ التبرج والسفور ينظرون إلى المرأة نظرة جسدية، ولو أنهم تركوا المرأة تلبس ما تشاء لتخلَّص المجتمع من هذه النظرة الجسدية المحدودة!!.
وهؤلاء جميعاً قد اشتركوا في الجهل والدعوة إلى الضلال، شاءوا أم أبوْا.
والأمر في ذلك كما قال الشاعر:
فإن كنتَ لا تدري فتلك مصيبةٌ *** وإن كنت تدري فالمصيبةُ أعظمُ
أما حقيقة هؤلاء فلا تخفى على ذي عينين!.
وأما كلامهم فباطل باطل، يبطل أولُه آخرَه، وآخرُه أولَه، قال - تعالى -: {وَلَتَعرِفَنهُم فِي لَحنِ القَولِ وَاللهُ يَعلَمُ أَعمالَكُم} [محمد: 30].
وأما دعوتهم فمؤامرة مكشوفة على المرأة المسلمة، وعلى الأسرة والمجتمع والأمة بأسرها.
ومع ذلك فقد نجح هؤلاء في السيطرة على عقول بعض نسائنا، فأغروهن بكلامهم المعسول وعباراتهم البراقة التي تحمل في طيَّاتها الهلاك والدمار، فظننَّ أن هؤلاء هم المدافعون عن قضايا المرأة وحقوقها، وجهلن أن الإسلام قد صان المرأة أتمَّ صيانة، ورفع مكانتها في جميع مراحل حياتها، طفلةً وبنتاً وزوجة وأُمًّا وجدة.
ولما كان الأمر كما قال الشاعر:
لكلِّ ساقطةٍ في الحيِّ لاقطةٌ *** وكلُّ كاسدةٍ يوماً لها سوقُ
فقد تعيَّن الردُّ على هؤلاء ودحض شبهاتهم، وتفنيد كلامهم، وكشف عوار أحاديثهم وزيف أطروحاتهم، لعلهم يعودوا لرشدهم ويتخلوا عن باطلهم.
الحجاب عبادة
الحجاب عبادة من أعظم العبادات وفريضة من أهم الفرائض؛ لأن الله - تعالى -أمر به في كتابه، ونهى عن ضده وهو التبرج، وأمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - في سنته ونهى عن ضده، وأجمع العلماء قديماً وحديثاً على وجوبه لم يشذّ عن ذلك منهم أحد، فتخصيص هذه العبادة عبادة الحجاب بعصر دون عصر يحتاج إلى دليل، ولا دليل للقائلين بذلك ألبتة. ولذلك فإننا نقول ونكرر القول: "لا جديد في الحجاب".(5/131)
ولو لم يكن الحجاب مأموراً به في الكتاب والسنة، ولو لم يرد في محاسنه أيُّ دليل شرعي، لكان من المكارم والفضائل التي تُمدح المرأة بالتزامها والمحافظة عليها، فكيف وقد ثبتتْ فرضيَّتُه بالكتاب والسنة والإجماع؟!.
أدلة الحجاب من الكتاب والسنة
وفي هذه الأدلة برهان ساطع على وجوب الحجاب، وإفحامٌ واضح لمن زعم أنه عادة موروثة أو أنه خاصٌّ بعصور الإسلام الأولى.
أولاً: أدلة الحجاب من القرآن:
الدليل الأول: قوله - تعالى -: {وَقُل للمُؤمِنَاتِ يَغضُضنَ مِن أَبصَارِهِن وَيَحفَظنَ فُرُوجَهُن وَلاَ يُبدِينَ زِينَتَهُن إِلا مَا ظَهَرَ مِنهَا وَليَضرِبنَ بِخُمُرِهِن عَلَى جُيُوبِهِن وَلاَ يُبدِينَ زِينَتَهُن} إلى قوله: {وَلاَ يَضرِبنَ بِأَرجُلِهِن لِيُعلَمَ مَا يُخفِينَ مِن زِينَتِهِن وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيهَا المُؤمِنُونَ لَعَلكُم تُفلِحُونَ} [النور: 30].
قالت عائشة - رضي الله عنها -: " يرحم الله نساء المهاجرات الأُول؛ لما أنزل الله: {وَليَضرِبنَ بِخُمُرِهِن عَلَى جُيُوبِهِن} شققن مروطهن فاختمرن بها " [رواه البخاري].
الدليل الثاني: قوله - تعالى -: {وَالقَوَاعِدُ مِنَ النسَاء اللاتي لاَ يَرجُونَ نِكَاحاً فَلَيسَ عَلَيهِن جُنَاحٌ أَن يَضَعنَ ثِيَابَهُن غَيرَ مُتَبَرِّجَاتِ بِزِينَةٍ وَأَن يَستَعفِفنَ خَيرٌ لهُن وَاللهُ سَمِيعٌ عِلِيمٌ} [النور: 60].
الدليل الثالث: قوله - تعالى -: {يأَيهَا النبِي قُل لأزواجِكَ وَبَناَتِكَ وَنِسَاء المُؤمِنِينَ يُدنِينَ عَلَيهِن مِن جَلابِيبِهِن ذلِكَ أَدنَى أَن يُعرَفنَ فَلاَ يُؤذَينَ وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رحِيماً} [الأحزاب: 59].
الدليل الرابع: قوله - تعالى -: {وقَرنَ فِي بُيُوتِكُن وَلاَ تَبَرَّجنَ تَبَرجَ الجاَهِلِيةِ الأولَى} [الأحزاب: 33].
الدليل الخامس: قوله - تعالى -: {وَإِذَا سَأَلتُمُوهُن مَتَاعاً فاسأَلُوهُن مِن وَرَاء حِجَابٍ ذلِكُم أَطهَرُ لِقُلُوبِكُم وَقُلُوبِهِن} [الأحزاب: 53].
ثانياً: أدلة الحجاب من السنة:
الدليل الأول: في الصحيحين أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: يا رسول الله، احجب نساءك. قالت عائشة: فأنزل الله آية الحجاب. وفيهما أيضاً: قال عمر: يا رسول الله، لو أمرتَ أمهات المؤمنين بالحجاب. فأنزل الله آية الحجاب.
الدليل الثاني: عن ابن مسعود - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: « المرأة عورة » [الترمذي وصححه الألباني].
الدليل الثالث: عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: « من جرَّ ثوبه خُيَلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة » فقالت أم سلمة - رضي الله عنها -: فكيف يصنع النساء بذيولهن؟ قال: « يرخين شبراً » فقالت: إذن تنكشف أقدامهن. قال: « فيرخينه ذراعاً لا يزدن عليه » [رواه أبو داود والترمذي وقال: حسن صحيح].
أدلة سَتر الوجه من الكتاب والسنة
أولاً: قوله - تعالى -: {وَليَضرِبنَ بِخُمُرِهِن عَلَى جُيُوبِهِن} [النور: 30].(5/132)
قال العلامة ابن عثيمين: "فإن الخمار ما تخمِّر به المرأة رأسها وتغطيه به كالغدقة، فإذا كانت مأمورة بأن تضرب بالخمار على جيبها كانت مأمورة بستر وجهها".
ثانياً: قوله - تعالى -: {يأَيهَا النبِي قُل لأزواجِكَ وَبَناَتِكَ ... } [الأحزاب: 59].
قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: "أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رءوسهن بالجلاليب". قال الشيخ ابن عثيمين: "وتفسير الصحابي حجة، بل قال بعض العلماء إنه في حكم المرفوع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ".
ثالثاً: عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: « لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين » [رواه البخاري].
قال القاضي أبو بكر بن العربي: "قوله في حديث ابن عمر: "لا تنتقب المرأة المحرمة" وذلك لأن سترها وجهها بالبرقع فرض إلا في الحج، فإنها ترخي شيئاً من خمارها على وجهها غير لاصق به، وتعرض عن الرجال ويعرضون عنها".
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وهذا مما يدلّ على أن النقاب والقفازين كانا معروفين في النساء اللاتي لم يحرمن، وذلك يقتضي ستر وجوههن وأيديهن".
رابعاً: في قوله - صلى الله عليه وسلم -: « المرأة عورة » دليل على مشروعية ستر الوجه. قال الشيخ حمود التويجري: "وهذا الحديث دالّ على أن جميع أجزاء المرأة عورة في حق الرجال الأجانب، وسواءٌ في ذلك وجهها وغيره من أعضائها".
جهل أم عناد؟!
إليكم يا من تزعمون أن حجاب المسلمة لا يناسب هذا العصر!!
إليكم يا من تدّعون أن تغطية الوجه من العادات العثمانية!!
إليكم يا من تريدون إخراج المرأة من بيتها واختلاطها بالرجال في كل مكان.
هذه آيات القرآن أمامكم فاقرءوها.. وهذه أحاديث النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - بين أيديكم فادرسوها... وهذا فهم أئمة الإسلام من السلف والخلف يدل على وجوب الحجاب وستر الوجه فاعقلوه. فإن كنتم جهلتم هذه الآيات والأحاديث في الماضي فها هي أمامكم، ونحن ننتظر منكم الرجوع إلى الحق وعدم التمادي في الباطل؛ فإن الرجوع إلى الحق فضيلة، والإصرار على الباطل شر ورذيلة.
أما إذا كنتم من الصنف الذي وصفه الله - تعالى -بقوله: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاستَيقَنَتهَا أَنفُسُهُم ظُلماً وَعُلُواً} [النمل: 14] فإنكم لن تنقادوا للحق، ولن ترجعوا إلى الصواب، وإن سردنا لكم عشراتٍ بل مئاتِ الآيات والأحاديث، لأنكم بكل بساطة لا تؤمنون بكون الإسلام منهج حياة، وبكون القرآن صالحاً لكلّ زمان ومكان. قال - تعالى -: {أَفَحُكمَ الجَاهِلِيةِ يَبغُونَ وَمَن أَحسَنُ مِنَ اللهِ حُكماً لقَومٍ يُوقِنُونَ} [المائدة: 50].
الحجاب والمدنية
يرى دعاة المدنية أن الحجاب مظهر من مظاهر التخلف، وأنه يمنع المرأة من الإبداع والرقي، وهو عندهم من أكبر العقبات التي تحول بين المرأة وبين المشاركة في مسيرة الحضارة والمدنية، وفي عملية البناء التي تخوضها الدول النامية للوصول إلى ما وصلت إليه الدول المتقدمة من رقي وتمدن!!
ونقول لهؤلاء: ما علاقة الحجاب بالتقدم الحضاري والتكنولوجي؟ !(5/133)
هل من شروط الحضارة والمدنية أن تخلع المرأة ملابسها وتتعرَّى أمام الرجال؟ !
هل من شروط الحضارة والمدنية أن تشارك المرأة الرجل متعته البهيمية وشهواته الحيوانية؟ !
هل من شروط الحضارة والمدنية أن تكون المرأة جسداً بلا روح ولا حياء ولا ضمير؟ !
هل الحجاب هو السبب في عجزنا عن صناعة السيارات والطائرات والدبابات والمصانع والأجهزة الكهربائية بشتى أنواعها؟!
لقد تخلت المرأة المسلمة في معظم الدول العربية والإسلامية عن حجابها، وألقته وراء ظهرها، وداست عليه بأقدامها، وخرجت لتعمل مع الرجل، وشاركته معظم ميادين عمله!!.
فهل تقدمت هذه الدول بسبب تخلِّي نسائها عن الحجاب؟!
وهل لحقت بركب الحضارة والمدنية بسبب اختلاط الرجال بالنساء؟!
وهل وصلت إلى ما وصلت إليه الدولُ المتقدمة من قوة ورقيّ؟!
وهل أصبحت من الدول العظمى التي لها حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن؟!
وهل تخلصت من مشاكلها الاقتصادية والتعليمية والاجتماعية والأخلاقية؟!
الجواب واضح لا يحتاج إلى تفصيل. فلماذا إذن تدعون إلى التبرج والسفور والاختلاط يا دعاة المدنية والحضارة؟!!
نعم للتعليم.. لا للتبرج
إن المرأة في هذه البلاد ولله الحمد وصلت إلى أرقى مراتب التعليم، وحصلت على أعلى الشهادات التعليمية، وهي تعمل في كثير من المجالات التي تناسبها، فهناك الطبيبة، والمعلمة، والمديرة، وأستاذة الجامعة، والمشرفة والباحثة الاجتماعية، وكلّ هؤلاء وغيرهن يؤدين دورهن في نهضة الأمة وبناء أجيالها، لم يمنعهن من ذلك حجابهن وسترهن وحياؤهن وعفتهن.
لقد أثبتت المرأة المسلمة في هذه البلاد أنها تستطيع خدمة نفسها ومجتمعها وأمتها دون أن تتعرض لما تعرضت له المرأة في كثير من البلدان من تبذُّلٍ وامتهان، ودون أن تكون سافرة أو متبرجة أو مختلطة بالرجال الأجانب.
إن هذه التجربة التي خاضتها المرأة في بلادنا تثبت خطأ مقولة دعاة التبرج والاختلاط: "إن النساء في بلادنا طاقات معطَّلة لا يمكن أن تُستَثمر إلا إذا خلعت حجابها وزاحمت الرجال في مكاتبهم وأعمالهم". {كَبُرَت كَلِمَةً تَخرُجُ مِن أَفوَاهِهِم إِن يَقُولُونَ إِلا كَذِبًا} [الكهف: 5].
ماذا يريدون؟!
إن هؤلاء لا يريدون حضارة ولا مدنية ولا تقدماً ولا رقياً.. إنهم يريدون أن تكون المرأة قريبة منهم.. يريدونها كلأً مباحاً لشهواتهم.. يريدونها سلعةً مكشوفةً لنزواتهم ... يريدون العبث بها كلما أرادوا.. والمتاجرة بها في أسواق الرذيلة.. إنهم يريدون امرأة بغير حياء ولا عفاف.. يريدون امرأة غربية الفكر والتصور والهدف والغاية.. يريدون امرأة تجيد فنون الرقص.. وتتقن ألوان الغناء والتمثيل.. يريدون امرأة متحررة من عقيدتها وإيمانها وطهرها وأخلاقها وعفافها.(5/134)
الرد على من اتهم الدعاة إلى الحجاب
أما هؤلاء، فحدّث عنهم ولا حرج.. إنهم يكذبون.. ويعلمون أنهم يكذبون.. يقولون: إن الدعاة إلى الفضيلة ينظرون إلى المرأة نظرة جسدية، أما إذا تُركت المرأة تلبس ما تشاء فسوف تختفي تلك النظرة وسوف يكون التعامل بين الرجل والمرأة على أساس من الاحترام المتبادل.
والحقيقة التي لا مراء فيها تكذِّب هذه الدعوى وتفضح تلك المقولة.
والدليل على ما أقول هو ما يحدث الآن في المجتمعات التي تلبس فيها المرأة ما تشاء، وتصاحب من تشاء.. هل خَفَّ في هذه المجتمعات سعار الشهوة؟ وهل كان التعامل فيها بين الرجل والمرأة على أساس من الاحترام المتبادل؟
يجيب على ذلك تلك الإحصائيات:
1- أظهرت إحدى الإحصائيات أن 19 مليوناً من النساء في الولايات المتحدة كُنَّ ضحايا لعمليات الاغتصاب!! [كتاب: يوم أن اعترفت أمريكا بالحقيقة].
2- أجرى الاتحاد الإيطالي للطب النفسي استطلاعاً للرأي اعترف فيه 70% من الإيطاليين الرجال بأنهم خانوا زوجاتهم [تأملات مسلم].
3-في أمريكا مليون طفل كل عام من الزنا ومليون حالة إجهاض [عمل المرأة في الميزان].
4-في استفتاء قامت به جامعة كورنل تبين أن 70% من العاملات في الخدمة المدنية قد اعتُدي عليهن جنسيًّا وأن 56% منهن اعتدي عليهن اعتداءات جسمانية خطيرة [المرأة ماذا بعد السقوط؟ ].
5-في ألمانيا وحدها تُغتصب 35000 امرأة في السنة، وهذا العدد يمثل الحوادث المسجلة لدى الشرطة فقط أما حوادث الاغتصاب غير المسجلة فتصل حسب تقدير البوليس الجنائي إلى خمسة أضعاف هذا الرقم [رسالة إلى حواء].
ألا تدل هذه الأرقام والإحصائيات على خطأ دعوى هؤلاء ومقولتهم؟ أم أن هذه الأرقام والإحصائيات هي جزء من الاحترام المتبادل بين الرجل والمرأة الذي يريده هؤلاء؟ !
فاعتبروا يا أولي الأبصار
يا فتاة الإسلام:
إن الحجاب أعظم معين للمرأة للمحافظة على عفَّتها وحيائها، وهو يصونها عن أعين السوء ونظرات الفحشاء، وقد أقرَّ بذلك الذين ذاقوا مرارة التبرج والانحلال واكتووا بنار الفجور والاختلاط، والحقُّ ما شهدت به الأعداء!! تقول الصحفية الأمريكية (هيلسيان ستاسنبري) بعد أن أمضت في إحدى العواصم العربية عدة أسابيع ثم عادت إلى بلادها: "إن المجتمع العربي كامل وسليم، ومن الخليق بهذا المجتمع أن يتمسك بتقاليده التي تقيّد الفتاة والشاب في حدود المعقول. وهذا المجتمع يختلف عن المجتمع الأوربي والأمريكي، فعندكم أخلاق موروثة تحتِّم تقييدَ المرأة، وتحتم احترام الأب والأم، وتحتم أكثر من ذلك عدم الإباحية الغربية، التي تهدم اليوم المجتمع والأسرة في أوربا وأمريكا.. امنعوا الاختلاط، وقيّدوا حرية الفتاة، بل ارجعوا إلى عصر(5/135)
الحجاب، فهذا خير لكم من إباحية وانطلاق ومجون أوربا وأمريكا" [من: رسالة المرأة وكيد الأعداء].
فيا فتاة الإسلام:
هذه امرأة أمريكية تدعو إلى الحجاب بعد أن رأت التمزق الأسري والانحلال الخلقي يعصف بمجتمعها.
أمريكية توصينا بالتمسك بأخلاقنا الإسلامية الجميلة، وعاداتنا الحسنة.
أمريكية تحذرنا من مغبَّة الاختلاط والإباحية التي أدت إلى فساد المجتمعات في أوربا وأمريكا.
فأبشري يا فتاة الإسلام .. وقَرّي بحجابك عيناً .. واعلمي أن المستقبل لهذا الدين .. وأن العاقبة للمتقين ولو كره الكارهون.
10 - 03 – 2004
http://www.islamway.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ
الحجاب ... عبرة وعبرة
مصطفى لطفي المنفلوطي
ذهب فلان إلى أوروبا وما ننكر من أمره شيئا، فلبث فيها بضع سنين، ثم عاد وما بقي مما كنا نعرفه منه شيء.
ذهب بوجه كوجه العذراء ليلة عرسها، وعاد بوجه كوجه الصخرة الملساء تحت الليلة الماطرة، وذهب بقلب نقي طاهر يأنس بالعفو ويستريح إلى العذر، وعاد بقلب ملفق مدخول لا يفارقه السخط على الأرض وساكنها، والنقمة على السماء وخالقها، وذهب بنفس غضّة خاشعة ترى كل نفس فوقها.. وعاد بنفس ذهابة نزاعة لا ترى شيئاً فوقها، ولا تلقي نظرة واحدة على ما تحتها، وذهب برأس مملوءة حكماً ورأيا، وعاد برأس كرأس التمثال المثقب لا يملأها إلا الهواء المتردد، وذهب وما على وجه الأرض أحب إليه من دينه ووطنه، وعاد وما على وجهها أصغر في عينيه منهما.
وكنت أرى أن هذه الصورة الغريبة التي يتراءى فيها هؤلاء الضعفاء من الفتيان العائدين من تلك الديار إلى أوطانهم إنما هي أصباغ مفرغة على أجسامهم إفراغا لا تلبث أن تطلع عليها شمس المشرق حتى تَنْصَل وتتطاير ذراتها في أجواء السماء، وأن مكان المدينة الغربية من نفوسهم مكان الوجه من المرآة، إذا انحرف عنها زال خياله منها، فلم أشأ أن أفارق ذلك الصديق، ولبسته على علاته وفاء بعهده السابق، ورجاء لغده المنتظر، محتملا في سبيل ذلك من حمقه ووسواسه وفساد تصوراته وغرابة أطواره، ما لا طاقة لمثلي باحتمال مثله، حتى جاءني ذات ليلة بداهية الدواهي.. ومصيبة المصائب، فكانت آخر عهدي به.
دخلت عليه فرأيته واجماً مكتئباً، فحييته فأومأ إلي بالتحية إيماء، فسألته ما باله
فقال: مازلت منذ الليلة من هذه المرأة في عناء لا أعرف السبيل إلى الخلاص منه، ولا أدري مصير أمري فيه.
قلت: وأيَّ امرأة تريد؟(5/136)
قال: تلك التي يسميها الناس زوجتي، وأسميها الصخرة العاتية في طريق مطالبي وآمالي. قلت: إنك كثير الآمال يا سيدي، فعن أي آمالك تتحدث؟ قال: ليس لي في الحياة إلا أمل واحد هو أن أغمض عيني ثم أفتحهما فلا أرى برقعاً على وجه امرأة في هذا البلد.
قلت: ذلك ما لا تملكه ولا رأي لك فيه.
قال: إن كثيراً من الناس يرون في الحجاب رأيي، ويتمنون في أمره ما أتمنى، ولا يحول بينهم وبين نزعه عن وجوه نسائهم وإبرازهن إلى الرجال يجالسنهم كما يجلس بعضهن إلى بعض إلا العجز والضعف والهيبة التي لا تزال تلم بنفس الشرقي كلما حاول الإقدام على أمر جديد، فرأيت أن أكون أول هادم لهذا البناء العاديّ القديم الذي وقف سداً دون سعادة الأمة وارتقائها دهراً طويلاً، وأن يتم على يدي ما لم يتم على يد أحد غيري من دعاة الحرية وأشياعها، فعرضت الأمر على زوجتي فأكبرَته وأعظمته وخيّل إليها أنني جئتها بإحدى النكبات على هؤلاء النساء في هذا البلد أن يعشن في قبور مظلمة من خدورهن وخمرهن حتى يأتيهن الموت فينتقلن من مقبرة الدنيا إلى مقبرة الآخرة، فلا بد لي أن أبلغ أمنيتي، وأن أعالج هذا الرأس القاسي المتحجر علاجاً ينتهي بإحدى الحسنيين إما بكسره أو بشفائه!..
فورد علي من حديثه ما ملأ نفسي هماً وحزناً، ونظرت إليه نظرة الراحم الراثي
وقلت: أعالمٌ أنت أيها الصديق ما تقول؟
قال: نعم أقول الحقيقة التي أعتقدها وأدين نفسي بها واقعة من نفسك ونفوس الناس جميعاً حيث وقعت!..
قلت: هل تأذن لي أن أقول لك إنك عشتَ فترة طويلة في ديار قوم لا حجاب بين رجالهم ونسائهم، فهل تذكر أن نفسك حدثتك يوماً من الأيام وأنت فيهم بالطمع في شيء مما لا تملك يمينك من أعراض نسائهم فنلتَ ما تطمح فيه من حيث لا يشعر مالكه؟
قال: ربما وقع لي شيء من ذلك فماذا تريد؟
قلت: أريد أن أقول لك إني أخاف على عرضك أن يلمّ به من الناس ما ألم بأعراض الناس منك.
قال: إن المرأة الشريفة تستطيع أن تعيش بين الرجال من شرفها وعفتها في حصن حصين لا تمتد إليه المطامع، فتداخلني ما لم أملك معه وقلت له: تلك هي الخدعة التي يخدعكم بها الشيطان أيها الضعفاء، والثلمة التي يعثر بها في زوايا رؤوسكم فينحدر منها إلى عقولكم، ومدارككم فيفسدها عليكم، فالشرف كلمة لا وجود لها إلا في قواميس اللغة ومعاجمها، فإن أردنا أن نفتش عنها في قلوب الناس وأفئدتهم قلما نجدها، والنفس الإنسانية كالغدير الراكد لا يزال صافياً رائقاً حتى يسقط فيه حجر فإذا هو مستنقعٌ كَدِر. والعفة لون من ألوان النفس لا جوهر من جواهرها، وقلّما تثبت الألوان على أشعة الشمس المتساقطة.
قال: أتنكر وجود العفة بين الناس؟(5/137)
قلت: لا أنكرها لأني أعلم أنها موجودة بين البله الضعفاء والمتكلّفين، ولكني أنكر وجودها عند الرجل القادر المختلب والمرأة الحاذقة المترفقة إذا سقط بينهما الحجاب وخلا وجه كل منهما لصاحبه.
في أي جو من أجواء هذا البلد تريدون أن تبرز نساؤكم لرجالكم؟
أفي جو المتعلمين، وفيهم من سئل مرة: لِم لَمْ يتزوج؟ فأجاب: نساء البلد جميعاً نسائي.
أم في جو الطلبة، وفيهم من يتوارى عن أعين خلانه وأترابه خجلا إن خلت محفظته يوماً من الأيام من صور عشيقاته وخليلاته، أو أقفرت من رسائل الحب والغرام؟
وبعد، فما هذا الولع بقصة المرأة، والتمطّق بحديثها، والقيام والقعود بأمرها وأمر حجابها وسفورها، وحريتها وأسرها، كأنما قد قمتم بكل واجب للأمة عليكم في أنفسكم، فلم يبق إلا أن تفيضوا من تلك النعم على غيركم؟!..
هذبوا رجالكم قبل أن تهذبوا نساءكم، فإن عجزتم عن الرجال، فأنتم عن النساء أعجز.
أبواب الفخر أمامكم كثيرة، فاطرقوا أيها شئتم، ودعوا هذا الباب موصداً، فإنكم إن فتحتموه فتحتم على أنفسكم ويلاً عظيماً.. وشقاء طويلا.
أروني رجلا واحدا منكم يستطيع أن يزعم في نفسه أنه يمتلك هواه بين يدي امرأة يرضاها، فأصدق أن امرأة تستطيع أن تملك هواها بين يدي رجل ترضاه.
إنكم تكلفون المرأة ما تعلمون أنكم تعجزون عنه وتطلبون عندها ما لا تعرفونه عند أنفسكم، فأنتم تخاطرون بها في معركة أحسبكم إلا خاسرين.
ما شكت المرأة إليكم ظلما، ولا تقدمت إليكم في أن تحلوا قيدها وتطلقوها من أسرها، فما دخولكم بينها وبين نفسها؟ وما تمضغكم ليلكم ونهاركم بقصصها وأحاديثها؟!..
إنها لا تشكو إلا فضولكم وإسفافكم ومضايقتكم لها ووقوفكم في وجهها حيثما سارت وأينما حلت، حتى ضاق بها وجه الفضاء فلم تجد لها سبيلا إلا أن تسجن نفسها بنفسها في بيتها فوق ما سجنها أهلها، فأوصدت من دونها بابها، وأسبلت أستارها، تبرماً بكم وفرارا من فضولكم، فواعجباً لكم تسجنونها بأيديكم، ثم تقفون على باب سجنها تبكونها وتندبون شقاءها!..
إنكم لا ترثون لها، بل ترثون لأنفسكم، ولا تبكون عليها، بل على أيام قضيتموها في ديار يسيل جوها تبرّجاً وسفورا، ويتدفق خلاعة واستهتارا، وتودون بجدع الأنف لو ظفرتم هنا بذلك العيش الذي خلفتموه هناك.
لقد كنا، وكانت العفة في سقاء من الحجاب موكوء، فما زلتم به تثقبون في جوانبه، كل يوم ثقبا، والعفة تتسلل منه قطرة قطرة حتى تقبض وتكرّش، ثم لم يكفكم ذلك منه حتى جئتم اليوم تريدون أن تحلّوا وكاءه حتى لا تبقى فيه قطرة واحدة.
عاشت المرأة المصرية حقبة من دهرها مطمئنة في بيتها، راضية عن نفسها وعن عيشها، ترى السعادة كل السعادة في واجب تؤديه لنفسها، أو وقفة تقفها بين يدي ربها، أو عطفة تعطفها على ولدها، أو جلسة تجلسها إلى جارتها تبثها ذات نفسها، وتستبثها سريرة قلبها، وترى الشرف كل الشرف في خضوعها لأبيها وائتمارها بأمر زوجها، ونزولها عند رضاهما.(5/138)
وكانت تفهم معنى الحب، وتجهل معنى الغرام، فتحب زوجها لأنه زوجها، كما تحب ولدها لأنه ولدها، فإن رأى غيرها من النساء أن الحب أساس الزواج، رأت هي أن الزواج أساس الحب. فقلتم لها إنَّ هؤلاء الذين يستبدون بأمرك من أهلك، ليسوا بأوفر منك عقلاً ولا أفضل رأياً، ولا أقدر على النظر لك من نظرك لنفسك، فلاحق لهم في هذا السلطان الذي يزعمونه لأنفسهم عليك، فازدرت أباها، وتمرّدت على زوجها، وأصبح البيت الذي كان بالأمس عرساً من الأعراس الضاحكة، مناحة قائمة، لا تهدأ نارها، ولا يخبو أوارها.
وقلتم لها لا بد لك أن تختاري زوجك بنفسك حتى لا يخدعك أهلك عن سعادة مستقبلك، فاختارت لنفسها أسوأ مما اختار لها أهلها، فلم يزد عمر سعادتها على يوم وليلة، ثم الشقاء الطويل بعد ذلك، والعذاب الأليم.
قلتم لها إن الحب أساس الزواج فما زالت تقلب عينيها في وجوه الرجال مصعدة مصوبة، حتى شغلها الحب عن الزواج فعنيت به عنه.
وقلتم لها إن سعادة المرأة في حياتها أن يكون زوجها عشيقها، وما كانت تعرف إلا أن الزواج غير العشيق، فأصبحت تطلب في كل يوم زوجاً جديداً يحيي من لوعة الحب ما أمات الزوج القديم.. فلا قديما استبقت ولا جديداً أفادت.
وقلتم لها لا بد أن تتعلمي لتحسني تربية ولدك، والقيام على شؤون بيتك، فتعلمت كل شيء إلا تربية ولدها، والقيام على شؤون بيتها.
وقلتم لها نحن لا نتزوج من النساء إلا من نحبها ونرضاها، ويلائم ذوقُها ذوقَنا، وشعورُها شعورَنا، فرأت أن لا بد لها أن تعرف مواقع أهوائكم، ومباهج أنظاركم، لتتجمل لكم بما تحبون، فراجعت فهرس حياتكم، صفحة صفحة، فلم تر فيه غير أسماء الخليعات المستهترات، والضاحكات اللاعبات، والإعجاب بهن والثناء على ذكائهن وفطنتهن، فتخلعت، واستهترت لتبلغ رضاكم، وتنزل عند محبتكم، ثم مشت إليكم بهذا الثوب الرقيق الشفاف، تعرض نفسها عليكم عرضاً، كما تُعرض الأَمَةُ في سوق الرقيق، فأعرضتم عنها ونَبَوتُم بها، وقلتم لها:
إنا لا نتزوج النساء العاهرات، كأنكم لا تبالون أن يكون نساء الأمة جميعاً ساقطات، إذا سلمت لكم نساؤكم، فرجعت أدراجها خائبة منكسرة، وقد أباها الخليع، وتَرَفَّع عنها المحتشم، فلم تجد بين يديها غير باب السقوط فسقطت.
وكذلك انتشرت الريبة في نفوس الأمة جميعاً وتمشّت الظنون بين رجالها ونسائها، فتعاجز الفريقان، وأظلم الفضاء بينهما، وأصبحت البيوت كالأديرة لا يرى فيها الرائي إلا رجالاً مترهبين، ونساءً عانسات.
ذلك بكاؤكم على المرأة أيها الراحمون.. وهذا رثاؤكم لها وعطفكم عليها!..
نحن نعلم كما تعلمون أن المرأة في حاجة إلى العلم، فليهذبها أبوها أو أخوها، فالتهذيب أنفع لها من العلم، وإلى اختيار الزوج العادل الرحيم، فليحسن الآباء اختيار الأزواج لبناتهم وليجمل الأزواج عِشرَةَ نسائهم. وإلى النور والهواء تبرز إليهما، وتتمتع فيهما بنعمة الحياة، فليأذن لها أولياؤها بذلك، وليرافقها رفيق منهم في غدواتها وروحاتها، كما يرافق الشاةَ راعيها، خوفاً عليها من الذئاب، فإن عجزنا عن أن نأخذ(5/139)
الآباء والأخوة والأزواج بذلك، فلننفض أيدينا من الأمّة جميعها نسائها ورجالها، فليست المرأة بأقدر على إصلاح نفسها من الرجل على إصلاحها.
أعجب ما أعجب له في شؤونكم أنكم تعلمتم كل شيء، إلا شيئاً واحداً هو أدنى إلى مدارككم أن تعلموه قبل كل شيء، وهو أن لكل تربة نباتاً ينبت فيها، ولكل نبات زمناً ينمو فيه.
رأيتم العلماء في أوروبا يشتغلون بكماليات العلوم بين أمم قد فرغت من ضرورياتها، فاشتغلتم بها مثلهم في أمة لا يزال سوادها الأعظم في حاجة إلى معرفة حروف الهجاء.
ورأيتم الفلاسفة فيها ينشرون فلسفة الكفر بين شعوب ملحدة، لها من عقولها وآدابها ما يغنيها بعض الغناء عن إيمانها، فاشتغلتم بنشرها بين أمة ضعيفة ساذجة لا يغنيها عن إيمانها شيء، إن كان هناك ما يغني عنه.
ورأيتم الرجل الأوروبي حراً مطلقاً يفعل ما يشاء ويعيش كما يريد، لأنه يستطيع أن يملك نفسه وخطواته في الساعة التي يعلم فيها أنه قد وصل إلى حدود الحرية التي رسمها لنفسه فلا يتخطاها، فأردتم أن تمنحوا هذه الحرية نفسها رجلاً ضعيف الإرادة والعزيمة، يعيش من حياته الأدبية في رأس مُنحدرٍ زَلقٍ إن زلّت به قدمُه مرة تدهور من حيث لا يستطيع أن يستمسك، حتى يبلغ الهوّة ويتردى في قرارتها.
ورأيتم الزوج الأوروبي الذي أطفأت البيئة غيرته.. وأزالت خشونة نفسه وحُرْشَتَهَا، يستطيع أن يرى زوجته تخاصر من تشاء، وتصاحب من تشاء، وتخلو بمن تشاء، فيقف أمام ذلك المشهد موقف الجامد المتبلد. فأردتم الرجل الشرقي الغيور الملتهب أن يقف موقفه، ويستمسك استمساكه!..
ورأيتم المرأة الأوروبية الجريئة المتفتية في كثير من مواقفها من الرجال أن تحتفظ بنفسها وكرامتها، فأردتم من المرأة المصرية الضعيفة الساذجة أن تبرز للرجال بروزها، وتحتفظ بنفسها احتفاظها. وكل نبات يزرع في أرض غير أرضه، أو في ساعة غير ساعته، إما أن تأباه الأرض فتلفظه، وإما أن ينشب فيها فيفسدها.
إنا نضرع إليكم باسم الشرف الوطني [لا نوافق الكاتب على هذه العبارة، وإنما باسم الإسلام وأمر الله - تعالى -]، والحرمة الدينية، أن تتركوا تلك البقية الباقية من نساء الأمة مطمئنات في بيوتهن، ولا تزعجوهن بأحلامكم وآمالكم كما أزعجتم من قبلهن، فكل جرح من جروح الأمة له دواء، إلا جرح الشرف، فإن أبيتم إلا أن تفعلوا، فانتظروا بأنفسكم قليلاً ريثما تنتزع الأيام من صدوركم هذه الغيرة التي ورثتموها عن آبائكم وأجدادكم لتستطيعوا أن تعيشوا في حياتكم الجديدة سعداء آمنين.
فما زاد الفتى على أن ابتسم في وجهي ابتسامة الهزء والسخرية،
وقال: تلك حماقات ما جئنا إلا لمعالجتها، فنصطبر عليها حتى يقضي الله بيننا وبينها.
فقلت له: لك أمرك في نفسك وفي أهلك فاصنع بهما ما تشاء.. وائذن لي أن أقول لك إني لا أستطيع أن أختلف إلى بيتك بعد اليوم إبقاءً عليك وعلى نفسي، لأني أعلم أن الساعة التي ينفرج لي فيها جانب ستر من أستار بيتك عن وجه امرأة من أهلك تقتلني حياءً وخجلاً. ثم انصرفت.. وكان هذا فراق ما بيني وبينه.(5/140)
وما هي إلا أيام قلائل حتى سمعت الناس يتحدثون أن فلاناً هتك الستر في منزله بين نسائه ورجاله، وأن بيته أصبح مغشياً، لا تزال النعال خافقة ببابه، فذرفت عيني دمعة، لا أعلم هل هي دمعة الغيرة على العرض المذال، أو الحزن على الصديق المفقود!..
مرت على تلك الحادثة ثلاثة أعوام لا أزوره فيها، ولا يزورني، ولا ألقاه في طريقه إلا قليلا، فأحييه تحية الغريب للغريب من حيث لا يجري لما كان بيننا ذكر ثم أنطلق في سبيلي.
فإني لعائد إلى منزلي ليلة أمس، وقد مضى الشطر الأول من الليل، إذ رأيته خارجا من منزله يمشي مشية الذاهل الحائر وبجانبه جندي من جنود الشرطة كأنما هو يحرسه أو يقتاده فأهمّني أمره، ودنوت منه فسألته عن شأنه.
فقال: - لا علم لي بشيء سوى أن هذا الجندي قد طرق الساعة بابي يدعوني إلى مخفر الشرطة، ولا أعلم لمثل هذه الدعوة في مثل هذه الساعة سببا، وما أنا بالرجل المذنب، ولا المريب. فهل أستطيع أن أرجوك يا صديقي بعد الذي كان بيني وبينك أن تصحبني الليلة في وجهي هذا علّني أحتاج إلى بعض المعونة فيما قد يعرض لي هناك من الشؤون؟
قلت: لا أحَبُّ إليّ من ذلك. ومشيت معه صامتا لا أحدثه ولا يقول لي شيئا، ثم شعرت كأنه يُزَوِّرُ في نفسه كلاما يريد أن يفضي به إلي فيمنعه الخجل والحياء، ففاتحته الحديث وقلت له:
- ألا تستطيع أن تتذكر لهذه الدعوة سببا؟
فنظر إليّ نظرة حائرة،
وقال: إن أخوف ما أخافه أن يكون قد حدث لزوجتي الليلة حادث، فقد رابني من أمرها أنها لم تعد إلى المنزل حتى الساعة، وما كان ذلك شأنها من قبل.
قلت: أما كان يصحبها أحد؟
قال: لا.
قلت: ألا تعلم المكان الذي ذهبت إليه؟
قال: لا.
قلت: وممّ تخاف عليها؟
قال: لا أخاف شيئاً، سوى أني أعلم أنها امرأة غيور حمقاء، فلعل بعض الناس حاول العبث بها في طريقها فشرست عليه.. فوقعت بينهما واقعة انتهى أمرها إلى مخفر الشرطة.
وكنا قد وصلنا إلى المخفر فاقتادنا الجندي إلى قاعة المأمور فوقفنا بين يديه، فأشار إلى جندي أمامه إشارة لم نفهمها، ثم استدنى الفتى إليه وقال له:
يسوؤني أن أقول لك يا سيدي إن رجال الشرطة قد عثروا الليلة في مكان من أمكنة الريبة برجل وامرأة في حال غير صالحة، فاقتادوهما إلى المخفر، فزعمت المرأة أن لها بك صلة، فدعوناك لتكشف لنا الحقيقة في أمرها، فإن كانت صادقة أذنّا لها بالانصراف معك إكراماً لك، وإبقاء على شرفك، وإلا فهي امرأة عاهرة لا نجاة لها(5/141)
من عقاب الفاجرات.. وها هما وراءك فانظرهما. وكان الجندي قد جاء بهما من غرفة أخرى، فالتفت وراءه فإذا المرأة زوجته، وإذا الرجل أحد أصدقائه..
فصرخ صرخة رجفت لها جوانب المخفر، وملأت نوافذه وأبوابه عيوناً وآذاناً، ثم سقط في مكانه مغشياً عليه، فأشرت على المأمور أن يرسل المرأة إلى منزل أبيها ففعل، وأطلق سبيل صاحبها، ثم حملنا الفتى في مركبة إلى منزله، ودعونا له الطبيب فقرر أنه مصاب بحمى دماغية شديدة.. ولبث ساهراً بجانبه بقية الليل يعالجه حتى دنا الصبح، فانصرف على أن يعود متى دعوناه، وعهد إليّ بأمره فلبثت بجانبه أرثي لحاله.. وأنتظر قضاء الله فيه، حتى رأيته يتحرك في مضجعه، ثم فتح عينيه فرآني، فلبث شاخصاً إليَّ هنيهة كأنما يحاول أن يقول لي شيئاً فلا يستطيعه، فدنوتُ منه وقلت له:
- هل من حاجه يا سيدي؟
فأجاب بصوت ضعيف خافت: حاجتي ألا يدخل عليَّ أحد من الناس.
قلت: لن يدخل عليك إلا من تريد.
فأطرق هنيهة، ثم رفع رأسه فإذا عيناه مخضلتان بالدموع..
فقلت: ما بكاؤك يا سيدي؟
قال: أتعلم أين زوجتي الآن؟
قلت: وماذا تريد منها؟
قال: لا شيء، سوى أن أقول لها إني قد عفوت عنها.
قلت: إنها في بيت أبيها.
قال: وارحمتاه لها ولأبيها ولجميع قومها! فقد كانوا قبل أن يتصلوا بي شرفاء أمجاداً فألبستُهم مذ عرفوني ثوبا من العار لا تبلوه الأيام. مَن لي بمن يبلغهم عني جميعاً أنني مريض مشرف، وأنني أخشى لقاء الله إن لقيتُه بدمائهم، وأنني أضرع إليهم أن يصفحوا عني ويغتفروا زلتي، قبل أن يسبق إليّ الأجل؟!.. لقد كنتُ أقسمت لأبيها يوم اهتديتها أن أصون عِرضها صيانتي لحياتي، وأن أمنعها مما أمنع منه نفسي، فحنثت في يميني، فهل يغفر لي ذنبي، فيغفر لي الله بغفرانه؟ نعم إنها قتلتني!.. ولكنني أنا الذي وضعت في يدها الخنجر الذي أغمدَته في صدري، فلا يسألها أحد عن ذنبي. البيت بيتي، والزوجة زوجتي، والصديق صديقي، وأنا الذي فتحت باب بيتي لصديقي إلى زوجتي، فلم يذنب إلي أحد سواي.
ثم أمسك عن الكلام هنيهة، فنظرت إليه فإذا سحابة سوداء تنتشر فوق جبينه شيئاً فشيئاً، حتى لبست وجهه، فزفر زفرة خِلتُ أنها خرقت حجاب قلبه، ثم أنشأ يقول:
- آه ما أشد الظلام أمام عيني!.. وما أضيق الدنيا في وجهي!.. في هذه الغرفة على هذا المقعد تحت هذا السقف كنت أراهما جالسين يتحدثان فتملأ نفسي غبطة وسروراً، وأحمد الله على أن رزقني بصديق وفيّ يؤنس زوجتي في وحدتها، وزوجة سمحة كريمة تكرم صديقي في غيبتي، فقولوا للناس جميعاً: إن ذلك الرجل الذي كان يفخر بالأمس بذكائه وفطنته، ويزعم أنه أكْيَسُ الناس وأحزمهم، قد أصبح يعترف اليوم أنه أبله إلى الغاية من البلاهة، وغبي إلى الغاية التي لا غاية وراءها.(5/142)
وَالهفا على أم لم تلدني وأب عاقر لا نصيب له في البنين. لعل الناس كانوا يعلمون من أمري ما كنت أجهل، ولعلهم كانوا إذا مررت بهم يتناظرون ويتغامزون ويبتسم بعضهم إلى بعض، أو يحدقون إليّ ويطيلون النظر في وجهي ليروا كيف تتمثل البلاهة في وجوه البُله.. والغباوة في وجوه الأغبياء!..
ولعل الذين كانوا يتوددون إليّ ويتمسحون بي من أصدقائي، إنما كانوا يفعلون ذلك من أجلها لا من أجلي!.. ولعلهم كانوا يسمونني فيما بينهم قواداً ويسمون زوجتي مومساً!.. وبيتي ماخوراً.. وأنا عند نفسي أشرف الناس وأنبلهم.
فوارحمتاه لي إن بقيت على ظهر الأرض بعد اليوم ساعة واحدة، ووالهفا على زاوية منفردة في قبر موحش يطويني ويطوي عاري معي. ثم أغمض عينيه وعاد إلى ذهوله واستغراقه.
وهنا دخلت الحجرةَ مرضعُ ولده تحمله على يدها حتى وضعته بجانب فراشه، ثم تركَته وانصرفت، فما زال الطفل يدب على أطرافه حتى علا صدر أبيه فأحس به، ففتح عينيه فرآه فابتسم لمرآه وضمَّه إلى صدره ضمّة الرفق والحنان، وأدنى فمه من وجهه ليقبله، ثم انتفض فجأة واستسرَّ بِشْرُهُ، ودفعه عنه بيده دفعة شديدة وأخذ يَصيح:
- أبعِدوه عني لا أعرفه!.. ليس لي أولاد ولا نساء، سلوا أمه عن أبيه من هو واذهبوا به إليه، لا ألبس العار في حياتي وأتركه أثراً خالداً ورائي بعد مماتي.
وكانت المرضع قد سمعت صياح الطفل فعادت إليه وحملته وذهبت به، فسمع صوته وهو يبتعد عنه شيئاً فشيئاً فأنصت إليه واستعبر باكياً وصاح:
- أرجعوه إليّ، فعادت به المرضع، فتناوله من يدها وأنشأ يقلب نظره في وجهه ويقول:
- في سبيل الله يا بنيّ ما خلّف لك أبوك من اليتم، وما خلفت لك أمك من العار، فاغفر لهما ذنبهما إليك، فلقد كانت أمك امرأة ضعيفة فعجزت عن احتمال صدمة القضاء فسقطت، وكان أبوك حسن في جريمته التي اجترمها، فأساء من حيث أراد الإحسان. سواءً أكنتَ ولدي يا بني، أم ولد الجريمة، فإني قد سعدت بك حقبة من الدهر فلا أنسى يدك عندي حياً أو ميتاً، ثم احتضنه إليه، وقبله، في جبينه قبلة لا أعلم هل هي قبلة الأب الرحيم، أو المحسن الكريم!..
وكان قد بلغ منه الجهد فعاودته الحمّى، وغلت نارها في رأسه، وما زال يثقل شيئاً فشيئاً حتى خِفْتُ عليه التلف، فأرسلت وراء الطبيب، فجاء وألقى عليه نظره طويلة ثم استردها مملوءة يأساً وحزناً.
ثم بدأ ينزع نزعاً شديداً، ويئن أنيناً مؤلماً، فلم تبق عين من العيون المحيطة به إلا ارْفَضَّت عن كل ما تستطيع أن تجود به من مدامعها.
فإنا لَجلوسٌ حوله وقد بدأ الموت يسبل أستاره السوداء على سريره، وإذا امرأة مؤتزرة بإزار أسود قد دخلت الحجرة، وتقدمت نحوه ببطء، حتى ركعت بجانبه، ثم أكبّت على يده الموضوعة فوق صدره فقبلتها وأخذت تقول له:
- لا تخرج من الدنيا وأنت مرتاب في ولدك، فإن أمه تعترف بين يديك وأنت ذاهب إلى ربك، أنها وإن كانت قد دنت من الجريمة، ولكنها لم ترتكبها، فاعف عني يا والد(5/143)
ولدي، واسأل الله عندما تقف بين يديه أن يلحقني بك، فلا خير لي في الحياة من بعدك.
ثم انفجرت باكية، ففتح عينيه، وألقى على وجهها نظرة باسمة، كانت هي آخر عهده بالحياة وقضى.
الآن عدتُ من المقبرة بعدما دفنتُ صديقي بيدي وأودعت حفرة القبر ذلك الشباب الناضر، والروض الزاهر، وجلست لكتابة هذه السطور وأنا لا أكاد أملك مدامعي وزفراتي، فلا يهوّن وجدي عليه إلا أنَّ الأمّة كانت على باب خطر عظيم من أخطارها، فتقدم هو أمامها إلى ذلك الخطر وحده، فاقتحمه.. فمات شهيداً [ليس هذه الكلمة بصحيحة في هذا المقام كما هو معلوم].. فنجت بهلاكه.
07 - 03 - 2002
http://www.islamway.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ
الحجاب .. إيمان . طهارة . تقوى . حياء . عفة
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:-
فقد لقيت المرأة من التشريع الإسلامي عناية فائقة كفيلة بأن تصون عفتها، وتجعلها عزيزة الجانب، سامية المكان، وإن الشروط التي فرضت عليها في ملبسها وزينتها، لم تكن إلا لسد ذريعة الفساد الذي ينتج عن التبرج بالزينة، وهذا ليس تقييدا لحريتها، بل هو وقاية لها أن تسقط في درك المهانة، ووحل الإبتذال، أو تكون مسرحا لأعين الناظرين.
فضائل الحجاب
الحجاب طاعة لله - عز وجل - وطاعة للرسول - صلى الله عليه وسلم -:
أوجب الله طاعته وطاعة رسوله - صلى الله عليه وسلم - فقال: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِينًا} [الأحزاب: 36].
وقد أمر الله - سبحانه - النساء بالحجاب فقال - تعالى -: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 31]وقال - سبحانه -: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى} [الأحزاب: 33] وقال - تعالى -: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} [الأحزاب: 53] وقال - تعالى -: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ} [الأحزاب: 59].
وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (المرأة عورة) يعني أنه يجب سترها.
الحجاب عفة:
فقد جعل الله - تعالى -التزام الحجاب عنوان العفة، فقال - تعالى -: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ} [الأحزاب: 59] لتسترهن بأنهن عفائف مصونات {فَلا يُؤْذَيْنَ} فلا يتعرض لهن الفساق بالأذى، وفي قوله - سبحانه - {فَلا يُؤْذَيْنَ} إشارة إلى أن معرفة محاسن المرأة، إيذاء لها ولذويها بالفتنة والشر.(5/144)
الحجاب طهارة:
قال - سبحانه وتعالى -: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} [الأحزاب: 53].
فوصف الحجاب بأنه طهارة لقلوب المؤمنين والمؤمنات لأن العين إذا لم تر لم يشته القلب، ومن هنا كان القلب عند عدم الرؤية أطهر، وعدم الفتنة حينئذ أظهر لأن الحجاب يقطع أطماع مرضى القلوب: {فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} [الأحزاب: 32].
الحجاب ستر:
قال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -: « إن الله حيي ستير، يحب الحياء والستر »، وقال - صلى الله عليه وسلم -: « أيما امرأة نزعت ثيابها في غير بيتها خرق الله - عز وجل - عنها ستره »؛ والجزاء من جنس العمل.
الحجاب تقوى:
قال - تعالى -: {يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ} [الأعراف: 26].
الحجاب إيمان:
والله - سبحانه وتعالى - لم يخاطب بالحجاب إلا المؤمنات فقد قال - سبحانه وتعالى -: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ}، وقال الله - عز وجل -: {وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ}.
ولما دخل نسوة من بني تميم على أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - عليهن ثياب رقاق، قالت: " إن كنتن مؤمنات فليس هذا بلباس المؤمنات، وإن كنتن غير مؤمنات فتمتعن به ".
الحجاب حياء:
قال - صلى الله عليه وسلم -: « إن لكل دين خُلُقا، وإن خُلُق الإسلام الحياء »
وقال - صلى الله عليه وسلم -: « الحياء من الإيمان، والإيمان في الجنة »، وقال - عليه الصلاة والسلام -: « الحياء والإيمان قٌرِنا جميعا، فإن رُفِعَ أحدهما رُفِعَ الآخر ».
الحجاب غيرة:
يتناسب الحجاب أيضا مع الغيرة التي جبل عليها الرجل السوي الذي يأنف أن تمتد النظرات الخائنة إلى زوجته وبناته، وكم من حرب نشبت في الجاهلية والإسلام غيرة على النساء وحمية لحرمتهن، قال علي - رضي الله عنه -: " بلغني أن نساءكم يزاحمن العلوج أي الرجال الكفار من العجم في الأسواق ألا تغارون؟ إنه لا خير فيمن لا يغار ".
قبائح التبرج:
التبرج معصية لله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -
ومن يعص الله ورسوله فإنه لا يضر إلا نفسه، ولن يضر الله شيئا، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: « كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى)، قالوا: يا رسول الله ومن يأبى؟ قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى ».
التبرج يجلب اللعن والطرد من رحمة الله:(5/145)
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: « صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات... » الحديث.
التبرج سواد وظلمة يوم القيامة:
روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: « مثل الرافلة في الزينة في غير أهلها، كمثل ظلمة يوم القيامة لا نور لها »، يريد أن المتمايلة في مشيتها وهي تجر ثيابها، تأتي يوم القيامة سوداء مظلمة، كأنها متسجدة في ظلمة والحديث وإن كان ضعيفا لكن معناه صحيح؛ وذلك لأن اللذة في المعصية عذاب، والطيب نتن، والنور ظلمة، بعكس الطاعات؛ فإن خلوف فم الصائم ودم الشهيد، أطيب عند الله من ريح المسك.
التبرج نفاق:
قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: « خير نسائكم الودود الولود، المواسية، المواتية، إذا اتقين الله. وشر نسائكم المتبرجات، المتخيلات، وهن المنافقات، لا يدخلن الجنة إلا مثل الغراب الأعصم »، الغراب الأعصم: هو أحمر المنقار والرجلين، وهو كناية عن قلة من يدخل الجنة من النساء؛ لأن هذا الوصف في الغربان قليل.
التبرج تهتك وفضيحة:
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: « أيما امرأة وضعت ثيابها في غير بيت زوجها، فقد هتكت ستر ما بينها وبين الله - عز وجل - ».
التبرج فاحشة:
فإن المرأة عورة، وكشف العورة فاحشة ومقت. قال - تعالى -: {وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ} [الأعراف: 28]، والشيطان هو الذي يأمر بهذه الفاحشة {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمْ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ} [البقرة: 268].
التبرج سنة إبليسية:
إن قصة آدم مع إبليس، تكشف لنا مدى حرص عدو الله إبليس على كشف السوءات، وهتك الأستار، وأن التبرج هدف أساسي له، قال - تعالى -: {يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمْ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنْ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا} [الأعراف: 27].
فإن إبليس هو صاحب دعوة التبرج والتكشف، وهو زعيم زعماء ما يسمى بتحرير المرأة.
التبرج طريقة يهودية:
لليهود باع كبير في مجال تحطيم الأمم عن طريق فتنة المرأة، وهم أصحاب خبرة قديمة في هذا المجال، حيث قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: « فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء ».
التبرج جاهلية منتنة:
قال - تعالى -: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى} [الأحزاب: 33]. وقد وصف النبي - صلى الله عليه وسلم -، دعوى الجاهلية بأنها منتنة -أي خبيثة- فدعوى الجاهلية شقيقة تبرج الجاهلية، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -:(5/146)
« كل شيء من أمر الجاهلية موضوع تحت قدمي »، سواءٌ في ذلك تبرج الجاهلية، ودعوى الجاهلية، وحمية الجاهلية.
التبرج تخلف وانحطاط:
إن التكشف والتعري فطرة حيوانية بهيمية، لا يميل إليه الإنسان إلا وهو ينحدر ويرتكس إلى مرتبة أدنى من مرتبة الإنسان الذي كرمه الله، ومن هنا كان التبرج علامة على فساد الفطرة، وانعدام الغيرة، وتبلد الإحساس، وموت الشعور:
لحد الركبتين تشمرينا *** بربك أي نهر تعبرينا
كأن الثوب ظل في صباح *** يزيد تقلصا حينا فحينا
تظنين الرجال بلا شعور *** لأنك ربما لا تشعرينا
التبرج باب شر مستطير:
وذلك لأن من يتأمل نصوص الشرع وعبر التاريخ، يتيقن مفاسد التبرج وأضراره على الدين والدنيا، لا سيما إذا انضم إليه الاختلاط المستهتر.
فمن هذه العواقب الوخيمة:
تسابق المتبرجات في مجال الزينة المحرمة، لأجل لفت الأنظار إليهن.. مما يتلف الأخلاق والأموال ويجعل المرأة كالسلعة المهينة.
ومنها: فساد أخلاق الرجال خاصة الشباب ودفعهم إلى الفواحش المحرمة. ومنها: المتاجرة بالمرأة كوسيلة للدعاية أو الترفيه في مجالات التجارة وغيرها.
ومنها: الإساءة على المرأة نفسها؛ باعتبار التبرج قرينة تشير إلى سوء نيتها وخبث طويتها، مما يعرضها لأذية الأشرار والسفهاء.
ومنها: انتشار الأمراض لقوله - صلى الله عليه وسلم -: « لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها، إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا ».
ومنها: تسهيل معصية الزنا بالعين: قال - عليه الصلاة والسلام -: (العينان زناهما النظر)، وتعسير طاعة غض البصر التي هي -قطعا- أخطر من القنابل الذرية والهزات الأرضية. قال - تعالى -: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً} [الإسراء: 16]، وجاء في الحديث: « إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه، أوشك أن يعمهم الله بعذاب ».
فيا أختي المسلمة:
هلا تدبرت قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: « نح الأذى عن طريق المسلمين ». فإذا كانت إماطة الأذى عن الطريق من شعب الإيمان، فأيهما أشد شوكة.. حجر في الطريق، أم فتنة تفسد القلوب وتعصف بالعقول، وتشيع الفاحشة في الذين آمنوا؟
إنه ما من شاب مسلم يبتلى منك اليوم بفتنة تصرفه عن ذكر الله، وتصده عن صراطه المستقيم كان بوسعك أن تجعليه في مأمن منها إلا أعقبك منها غدا نكال من الله عظيم.
بادري إلى طاعة الله، ودعي عنك انتقاد الناس، ولومهم فحساب الله غدا أشد وأعظم.
الشروط الواجب توفرها مجتمعة حتى يكون الحجاب شرعيا:
الأول: ستر جميع بدن المرأة على الراجح.(5/147)
ثانيا: أن لا يكون الحجاب في نفسه زينة.
ثالثا: أن يكون صفيقا ثخينا لا يشف.
الرابع: أن يكون فضفاضا واسعا غير ضيق.
الخامس: أن لا يكون مبخرا مطيبا.
السادس: أن لا يشبه ملابس الكافرات.
السابع: أن لا يشبه ملابس الرجال.
الثامن: أن لا يقصد به الشهرة بين الناس.
إحذري التبرج المقنع:
إذا تدبرت الشروط السابقة تبين لك أن كثيرا من الفتيات المسميات بالمحجبات اليوم لسن من الحجاب في شيء وهن اللائي يسمين المعاصي بغير اسمها فيسمين التبرج حجابا، والمعصية طاعة.
لقد جهد أعداء الصحوة الإسلامية لوأدها في مهدها بالبطش والتنكيل، فأحبط الله كيدهم، وثبت المؤمنون والمؤمنات على طاعة ربهم - عز وجل -. فرأوا أن يتعاملوا معها بطريقة خبيثة، ترمي إلى الإنحراف عن مسيرتها الربانية فراحوا يروجون صوراً مبتدعة من الحجاب على أنها "حل وسط" ترضي المحجبة به ربها زعموا وفي ذات الوقت تساير مجتمعها وتحافظ على "أناقتها"!
سمعنا وأطعنا
إن المسلم الصادق يتلقى أمر ربه - عز وجل - ويبادر إلى ترجمته إلى واقع عملي، حبا وكرامة للإسلام، واعتزازا بشريعة الرحمن، وسمعا وطاعة لسنة خير الأنام - صلى الله عليه وسلم -، غير مبال بما عليه تلك الكتل البشرية الضالة التائهة، الذاهلة عن حقيقة واقعها، والغافلة عن المصير الذي ينتظرها.
وقد نفى الله - عز وجل - عمن تولى عن طاعته وطاعة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: {وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ. وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ} [النور: 47، 48] إلى قوله - تعالى -: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ. وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقِيهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَائِزُونَ} [النور: 51، 52].
وعن صفية بنت شيبة قالت: بينما نحن عند عائشة - رضي الله عنها - قالت: فذكرت نساء قريش وفضلهن، فقالت عائشة - رضي الله عنها -: (إن لنساء قريش لفضلاً، وإني والله ما رأيت أفضل من نساء الأنصار أشد تصديقا لكتاب الله، ولا إيمانا بالتنزيل، لقد أنزلت سورة النور {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النور: 31]، فانقلب رجالهن إليهن يتلون ما أنزل الله إليهن فيها، ويتلو الرجل على امرأته وابنته وأخته وعلى كل ذي قرابته، فما منهن امرأة إلا قامت على مرطها المرحل "أي الذي نقش فيه صور الرحال وهي المساكن" فاعتجرت به "أي سترت به رأسها ووجهها" تصديقا وإيمانا بما أنزل الله في كتابه، فأصبحن وراء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، معتجرات كأن على رؤوسهن الغربان) وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه.(5/148)
07 - 03 - 2004
http://www.islamway.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ
الحجاب والاغتصاب
د. نهى قاطرجي
تساؤلات كثيرة تطرح إثر انتشار أي خبر عن مقتل واغتصاب فتاة ملتزمة ومتحجبة، مما يدفع بالبعض إلى إطلاق أبواقهم طارحين علامات استفهام حول الحجاب والاحتشام ودورهما في منع وقوع الجريمة، مجددين مطالبتهم بخلع الحجاب على اعتبار أن "الطاقة الجنسية في الإنسان طاقة كبيرة وخطيرة، وخطورتها تكمن في كبتها، وزيادة الضغط يولّد الانفجار، وحجاب المرأة يغطي جمالها، وبالتالي فإن الشباب يظلون في كبت جنسي يكاد أن ينفجر أحياناً على شكل حوادث الاغتصاب وغيرها، والعلاج لهذه المشكلة إنما يكمن في تحرير المرأة من هذا الحجاب لكي ينفس الشباب الكبت الذي فيهم، وبالتالي يحدث التشبع لهذه الحاجة، فيقل طبقًا لذلك خطورة الانفجار بسبب الكبت والاختناق".
قبل الرد على هذه الادعاءات من المفيد الإشارة إلى أن الاحتشام هو عامل من العوامل المساعدة على عدم وقوع جريمة الاغتصاب، ولكن الجريمة بحد ذاتها لا تتعلق بالمجني عليه وتصرفاته وحدهما، فهما قد يكونان عاملين مساعدين على وقوع الجريمة ولكنهما ليسا الوحيدين الفاعلين في هذا المجال، والدليل على ذلك أن هناك حالات اغتصاب سجّلت بين صفوف الأطفال بل وحتى الرضع، إضافة إلى وجود حالات أخرى سجلت بين العجزة وكبار السن مما يعني أن عنصر الإثارة ليس موجوداً في الضحية، وإنما واقعة الاغتصاب حدثت لأسباب أخرى.
كما أنه لا بد من التأكيد على أن الفتاة مهما بلغت درجة انفتاحها وتحررها لا يمكن أن تقبل بأن تغتصب، صحيح أنها يمكن أن تقبل ببعض الممارسات غير الشرعية ولكنها على الإطلاق لا تقبل الأذى لنفسها، والمعلوم بأن الأذى الذي يتسبب به الاغتصاب لا تغيب آثاره طوال العمر وقد يدمر حياة المرأة متزوجة كانت أم لا.
إلا أن هذا لا يعني نفي دور السفور والعري والتصرفات الخاطئة في حدوث هذه الجريمة بالذات، فالفتاة التي ترتدي الثياب الكاشفة، المثيرة للمفاتن تحت شعار التحرر واتباع الموضة، وتحت حجة أنها ترتدي ثيابها لنفسها، ولكي لا تبدو مختلفة عن زميلاتها، وتحت حجة أنها لا تقصد بفعلها إغراء الشاب ليفعل الفاحشة بها، ولكنها تفعل ذلك ليعجب بلباسها ويقول بأنها امرأة متحررة معاصرة، لم تتساءل عن الآثار التي تتركها مثل هذه الملابس على الرجال الذين يرون هذه العري الرخيص بشكل متكرر أمام أعينهم، فإذا كانت الفتاة ترى في ذلك حقاً في ممارسة حريتها، فإن نظرة الرجل تختلف تماماً عن نظرتها، إذ يجد في هذا اللباس دليلاً لتحررها من كل القيود، كما يجد فيه دعوة للاستفادة من هذا التحرر، ولهذا فكثيرًا ما يحاول المحامون المدافعون عن الجاني التركيز على لباس المرأة أثناء المحاكمة من أجل إلقاء اللوم عليها ورفع المسؤولية عن الجاني.(5/149)
من هنا فإن ارتداء النساء للباس الفاضح يعتبر عاملاً مباشراً وأساسياً لتعرض المرأة للاغتصاب، فإذا أضفنا إلى هذا العامل العوامل غير المباشرة مثل الضائقة الاقتصادية التي تقف وراء عجز كثير من الشباب عن الزواج وتكوين الأسر، ومثل الانفلات الإعلامي الذي يركز على مفاتن المرأة من أجل إثارة المشاهد وجذبه للجلوس أمام الشاشة، يمكن تقدير عندئذ الأسباب التي تمنع الرجال أحيانًا من التفريق بين المرأة المحجبة وغيرها، فالمرأة بالنسبة إليهم مجرد جسد، والرجل هنا إنسان مريض ينظر إلى النساء جميعاً نظرة متساوية، فهو يراهم جميعاً في صورة فلانة من الممثلات أو علانة من المذيعات.
إضافة إلى ما ورد لا ينبغي إغفال الوضع الذي يكون فيه اغتصاب المرأة المحجبة فعلاً مقصودًا كما في حال الحروب التي تخاض ضد المسلمين في كل مكان، فلقد اغتصبت المرأة المحجبة في البوسنة والهرسك سابقاً، وتغتصب المرأة المحجبة في فلسطين والعراق اليوم، فالحجاب في مثل هذه الحالات يشكل حافزاً للمجرم كي يفجر جام غضبه على المرأة، ليس فقط لكونها امرأة ولكن خصيصاً لكونها محجبة وذلك بهدف إذلالها وإذلال الدين الذي تمثله.
هذا في حالات الحروب، أما في الأوضاع العادية وفي غياب الأسباب الفردية المرضية التي قد يعاني منها المغتصِب، فإن الدراسات تشير إلى الدور الفعال الذي يقوم به الحجاب في منع حدوث الاغتصاب، أو على الأقل في التخفيف من نسبة تواجده، ومن هذه الدراسات نذكر رسالة ماجستير أعدت في جامعة الأزهر في القاهرة بيّن فيها الباحث أن انتشار العري في الشارع المصري والإسلامي هو سبب أساس ورئيس في زيادة حالات الاغتصاب، كما أشار الباحث في رسالته إلى عدم وقوع جريمة اغتصاب لأية سيدة محجبة.
ومنها أيضًا بحث نشرته شرطة مانشستر في بريطانيا دعا فيه مؤلفه إلى ضرورة إزالة دواعي الاغتصاب ولا سيما الملابس التي ترتديها المرأة سواء كانت طفلة أو فتاة وطريقة ارتدائها لها، بل وصل المؤلف "إلى حد لوم المرأة على الخلاعة والكشف على المفاتن إلى الحد الذي يثير الشباب الصعاليك والمهووسين جنسيًا ويقول المؤلف إنه إذا اقتربت المرأة أو الفتاة من الحجاب، فلن يلهث وراءها أحد وإلا فالمرأة أو الطفلة هي الملومة أولاً وأخيراً على ما يحدث لها".
وأخيرًا، لا بد من التنبيه إلى الحملات الشرسة التي تشن ضد حجاب المرأة المسلمة، والتي يستغل فيها الأعداء أية حادثة حتى ولو كانت فردية من أجل شن الهجوم ضد الحجاب، فإذا صح أن الحجاب لا يحمي من الاغتصاب فلماذا هذه النسب المتزايدة من حالات الاغتصاب في الدول الغربية؟ فهل نترك الأرقام الكبيرة ونلتفت لحوادث فردية نادرة!!! الإجابة عن هذه الأسئلة نتركها للدراسات التي تصدر عن الدول التي لا ينتشر فيها الحجاب، ومن بينها كتاب " الجريمة في أمريكا " الذي ورد فيه أن جريمة اغتصاب بالقوة تتم كل ستة دقائق في أمريكا.
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ
أفيقوا يا دعاة السفور(5/150)
الشيخ صالح بن فوزان بن عبدالله الفوزان
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد خاتم النبيين، وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فقد كثر الضجيج والعويل من قبل أناس لا ندري ما قصدهم حول حجاب المرأة المسلمة وكأنه مشكلة العصر، وكأنه العائق للمجتمع من الرقي والتقدم في حين أن الحجاب سبب لحماية المرأة وحماية الرجال من الفتنة، فهو دعامة من دعامات بناء المجتمع المسلم، على النزاهة والعفة.
ولذا فإن الذين تركت نساؤهم الحجاب تأثُّراً بالدعايات المضللة أصبحوا الآن يعودون إليه، وليس في الحجاب كما يقولون كبحاً لحرية المرأة، بل هو صيانة لحريتها من عبث العابثين، وإذا كان الذين ينادون بخلع الحجاب يرون أنه عائق لعمل المرأة فإننا نجيبهم من عدة وجوه:
أولاً: أن غالب عمل المرأة في بيتها وهذا لا يحتاج إلى حجاب قال الشاعر:
في دورهن شؤونهن كثيرة *** كشؤون رب السيف والمزراق
ثانياً: لم يكن الحجاب في جميع العصور عائقاً لعمل المرأة فما زالت المرأة منذ فرض عليها الحجاب تؤدي عملها اللائق بها على خير وجه ولم يكن الحجاب عائقاً لها عن العمل.
ثالثاً: عملها يكون في محيط النساء وهذا لا يحتاج إلى حجاب، وأما عملها إلى جانب الرجال فتختلط بهم وهذا لا يجوز شرعاً وليس المجتمع بحاجة إليه لأن الكفاءات الرجالية أكثر من الكفاءات النسائية وهم بحاجة إلى العمل الوظيفي أكثر من حاجة المرأة.
رابعاً: تكليف المرأة بعمل الرجل تكليف لها بما لا تستطيع ولا تنتج فيه كما ينتج الرجل.
خامساً: مجالات عمل المرأة اللائقة بها في المجتمع مجالات كثيرة لا تتعارض مع الحجاب.
سادساً: المرأة لها عمل داخل بيتها لا يقوم به غيرها وكذا عملها خارج بيتها في محيط النساء أو محيط بعيد عن الاختلاط بالرجال فإذا أضفنا إليها عملاً آخر فقد حملناها ما لا تطيق.
وختاماً ليت هؤلاء الذين ينادون بعمل المرأة دون قيود ويدعون إلى خلع الحجاب يتصورون عواقب ما يدعون إليه وآثاره السيئة على المرأة وعلى الأسرة وعلى المجتمع، ولا يكونوا كالببغاوات التي تردد كلام غيرها دون معرفة لمعانيه وما يترتب عليه، فأفيقوا يا دعاة السفور - هداكم الله -.
وفَّق الله الجميع لما فيه صلاح الإسلام والمسلمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
http://www.aldaawah.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ
محجبات بلا حجاب !!
نور الهدى سعد(5/151)
ليس حجاب المرأة المسلمة شيئًا هينًا أو أمرًا عارضًا تعبث به أنامل مصممي الموضة والأزياء حتى تخرجه عن جوهره، وتحوله إلى مجرد زي ليس له من مواصفات الزى الشرعي نصيب، فالحجاب دين وهوية به تعبد المرأة ربها، وتتقرب إليه، وتُعرف به وتتميز.
فهل حجاب اليوم يعكس هذه المقاصد وما يرتبط بها من التزام أخلاقي وسلوكي، وإن لم يكن فما أسباب هذا التناقض؟ وكيف نزيلها؟
خاصة أن بعض الناس يعتبرون المحجبات غير الملتزمات بضوابط السلوك الإسلامي حجة على الإسلام، ويحاسبون الإسلام بهن.
هذه التساؤلات وغيرها يجيب عليها الشيخ جمال قطب - وكيل لجنة الفتوى بالأزهر الشريف - في هذا الحوار:
الحجاب والالتزام:
ـ بادئ ذي بدء ما الضوابط والالتزامات التي يفرضها الحجاب على أخلاق الفتاة وسلوكها ؟
- الحجاب فريضة على المرأة المسلمة، ويمثل في الوقت ذاته نوعين من أنواع الفرائض والالتزامات، فهو يمثل في أصله أولاً التزامًا خلقيًا بجميع تكاليف الدين من عقائد وتشريعات وأخلاق، ويمثل ثانيًا شعيرة ظاهرة تبدو المرأة من ورائها، فيعرف انتماؤها العقدي والتشريعي والخلقي، وهكذا لا يغنى ارتداء الحجاب عن الالتزام وإقامة الفرائض، كذلك لا تغنى الفرائض عن ارتداء الحجاب.
ـ إذًا فما تفسيركم للتناقضات والتجاوزات التي تصدر من بعض المحجبات والتي تتخذ حجة على الإسلام ذاته من اختلاط أو زينة وصداقة؟.
- إذا ارتدت المرأة الحجاب فلابد أن ينعكس لباسها على سلوكها وأخلاقها، باعتباره جزءًا من هويتها كمسلمة، فمن ارتدت الحجاب دون التزام تشريعي وأخلاقي فلا اعتبار لحجابها، ومن التزمت بالفرائض وتركت الحجاب فلا اعتبار لها؛ لأن الحجاب والعمل بتكاليف الإسلام كالوضوء والصلاة، فلا يغنى وضوء عن صلاة، ولا تقبل صلاة بغير وضوء.
من ناحية أخرى فإن ارتداء الحجاب بالنسبة للغير هو جزء من ثياب المرأة يمثلها ويمثل عفافها والتزامها، فإذا تردت المرأة المحجبة إلى خطأ من الأخطاء فما هي إلا واحدة من البشر قد أخطأت، وعلى الناس أن تنسب الخطأ لصاحبه وليس للمجتمع جميعه أو للإسلام نفسه كدين ومنهج شامل.
فكم من وزير سرق أو أخطأ، فهل تم توجيه الاتهام لجميع الوزراء؟ وكم من ملك فسد فهل اعتبرت السقطة في حق جميع الملوك؟
فلماذا يضغط أصحاب الأفكار الهدامة على أعصاب المرأة المسلمة، ويخيرونها بين عدم الخطأ الذي هو من طبيعة البشر، وبين ارتداء الحجاب الذي هو من صميم الدين.
تعتقد بعض الفتيات أن الحجاب يعنى التجهم والعبوس والعزلة.. بما ترد عليهن؟
- لا يعتبر الحجاب اعتزالاً للمجتمع، بل هو احترام للنفس، واحترام للآخرين؛ لأن ستر الأنثى لجسدها فيه تقدير لمشاعر الآخرين، فهي لا تريد أن تستثيرهم بغير حِل(5/152)
أو بغير مبرر شرعي، وليس الحجاب معناه اعتزال المجتمع، وترك حركة الحياة، ورسم الكآبة على الوجوه والغلظة في الكلام ، بل هو فضيلة تعلن عفاف المرأة لا سلبيتها، وتعكس آداب دينها في سلوكها ومعاملاتها بغير تبرج أو سفور أو إسفاف.
في إطار التربية:
ـ بعض الفتيات يرتدين الحجاب ثم يخلعنه ويعلنَّ أن المهم هو الجوهر وليس مجرد المظهر أو الملبس، فما تعليقكم؟
- إجابة هذا السؤال ترتبط بالسؤال الأول، فمتى التزمت المرأة المسلمة بالحجاب أو الزي الإسلامي عن عقيدة واقتناع، فليس من المعقول ولا المتوقع أن تتزعزع عقيدتها أو تتغير قناعتها بأن الحجاب فريضة كالصلاة والصوم وغيرهما من العبادات.
ـ أيهما يأتي أولاً التربية أم الحجاب، وكيف تنمى الأم في ابنتها حب الحجاب وتعدها للالتزام به بحيث يصبح عبادة وليس مجرد عادة؟
- أتصور أنه لا مقارنة في الأولوية بين التربية والحجاب، فالحجاب جزء والتربية كل، تبدأ التربية عند التمييز من خلال التلقين والتقليد والمعايشة والمتابعة والتوجيه قبل أن يكون بالأمر والضغط والتشديد، فإذا ما وصلت الفتاة إلى مرحلة البلوغ أو قرابة الخامسة عشرة يجيء التزامها بالحجاب في نسقه وتطوره الطبيعي بناء على ما سبقه من خطوات تربوية، فتكون الفتاة قد أحست بقيمتها وضرورة تميزها وصيانة نفسها بالحجاب حتى يطلبها الزوج الكفء صاحب الدين والخلق.
ـ تتنافس بيوت الأزياء في عرض ملابس المحجبات وفق أحدث صيحات الموضة بما قد لا يفي بمواصفات الزى الشرعي، فكيف توازن الفتاة بين الأناقة والالتزام ؟
- لا تعارض بين الأناقة والالتزام بالزى الشرعي ، فالأولى إضافة للقادرات ماديًا والراغبات نفسيًا ، ولا حرج شرعيًا عليها ما دامت لم تستعمله في ما حرمه الله ، ولم تغير أوصاف الزى الشرعي للمرأة الذي لابد أن يستوفى شرطين اثنين، ألا يشف عما تحته، ولا يصف حدود وأبعاد وتضاريس الجسم، فضلاً عن أن يستر بدن المرأة الواجب ستره.
وأخيرًا أقول لكل فتاة تؤمن بالله ، وتحرص على إرضائه ما قال الله تعالى في محكم آياته: {عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم}.
الإثنين :04/04/2005
http://www.islamweb.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ
مع قضية الحجاب
عدنان علي رضا النحوي
اتخذ الرئيس الفرنسي شيراك قراراً بمنع الفتيات المسلمات من الحجاب في المدارس الفرنسية. وتناول عدد من الكتاب والصحف ووسائل الإعلام هذا القرار بالتعليق والاعتراض والتنديد. إلا أن شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي فاجأ العالم بفتواه أن من حقّ فرنسا أن تصدر مثل هذا القرار وعلى المسلمة أن تستجيب له ما(5/153)
دامت تعيش في فرنسا تحت حجّة الضرورة التي يبدو أن شيخ الأزهر غاب عنه معنى الضرورة في الإسلام.
كانت المشكلة الردّ على الرئيس الفرنسي فصارت المشكلة الآن الردّ على محمد سيد طنطاوي وشيراك. أمريكا وإنكلترا والطائفة الكاثوليكية في فرنسا والفاتيكان اعتبرت أنه ليس من حقّ فرنسا إصدار مثل هذا القرار حسب المنهج الديمقراطي العلماني وحسب النصرانية. وقامت ردود كثيرة على الطنطاوي من شيوخ الأزهر ومسلمي فرنسا ومسلمي العالم الإسلامي، كما سبق لهم أو لبعضهم أن ردَّ على شيراك.
مشكلة الحجاب في فرنسا قديمة ربما ظهرت في العقد الماضي من القرن الخامس عشر الهجري (العقد العاشر من القرن العشرين الميلادي). وبدأت القضيّة حين فصلت بعضُ المدارس الفرنسية طالبات مسلمات لأنهنَّ أصررن على الحجاب. وبدأ المسلمون ينقلون اعتراضهم من دائرة إلى دائرة، ومن مستوى إلى مستوى، دون الوصول إلى نتيجة. واستمرًّت القضيّة مع ضخامة الجهود التي بذلها مسلمو فرنسا إلى اليوم حين أصدر شيراك قراره الأخير، ونهض شيخ الأزهر يؤيده.
أين هي المشكلة وما أسبابها؟! عزا الكثيرون السبب إلى وجود تحدٍّ للإسلام والمسلمين، وهذا مظهر من مظاهر هذا التحدي، ونحن نؤكد وجوده بصورة أوسع من الحجاب، وأوسع من فرنسا. إن نطاق التحدي للمسلمين واسع ممتدٌّ في الأرض، ممتدّ في الأساليب، تتكاتف فيه قوى كثيرة.
ولكنِّي أودُ أن أشير إلى سبب هو من أهم الأسباب في نظري. ذلك هو مسلسل التنازلات من المسلمين خلال تاريخ غير قصير، سواء أكان المسلسل في العالم الإسلامي، أم في الغرب، أم في فرنسا بالذات.
كنت في مؤتمر إسلامي في ـ باريس ـ فرنسا قبل بضع سنين. فوجئت أنَّ من بين الأفكار التي طُرِحت آنذاك هو أنَّ العلمانية مساوية للإسلام في مقصودها. وتناول هذه الفكرة عدد من الدعاة المسلمين بالتأييد والشرح، حتى قال أحدهم: " لا نملك إلا أن ندخل في النسيج الفرنسي الثقافي والديني ". وتردّد هذا الكلام في مواقع متعددة، كان من بينها الحوار الذي دار بيني وبينهم، بالرسائل، ثم في منزلي في الرياض شهده عدد من الدعاة، ثمَّ الحوار الذي دار على صفحات المجتمع في أكثر من حلقتين. لقد نصحتُ في حدود وسعي، ونبهّتُ إلى الخطر الذي يقع بسبب هذه التنازلات. (1) فإذا أُضيف هذا إلى مسلسل التنازلات في العالم الإسلامي، التنازلات التي انتهى بعضها بحكم علماني واضح يمنع الحجاب ويمنع كثيراً من أحكام الإسلام وشرعه غير الحجاب.
لقد كوَّن هذا المسلسل من التنازلات التي امتدت زمناً طويلاً قوة نفسية للكثيرين في العالم الغربي تغريهم بالجرأة على تحدِّي الإسلام والمسلمين في قضايا الحجاب وغيرها، لما رأوا أن بعض المسلمين أنفسهم يتنازلون شيئاً فشيئاً عن إسلامهم، حتى توافر لديهم، لدى بعض المسلمين، الاستعداد النفسي والفكري للتنازلات.
أضف إلى ذلك صدور بعض الفتاوى عن بعض المسلمين فيها ضعفٌ وتراخٍ، أو مخالفة صريحة للإسلام. وحتى في فرنسا قامت مؤخراً دعوة تطلب استبدال الحروف الفرنسية بحروف اللغة العربية، وقام عدد من أبناء العرب المسلمين(5/154)
يؤيدون ذلك. ومن المنتسبين إلى الإسلام من طالب بتبنّي اللغة العامية بدلاً من لغة القرآن. والأمثلة على ذلك كثيرة يطول عرضها. إنها من مسلسل التنازلات المشهود.
أما بالنسبة لرأي الشيخ الطنطاوي، فأستحي أن أسميها فتوى. إنه رأي أورثنا صدمة كبيرة حين يخرج هذا الرأي المخالف كليّةً للإسلام من شيخ الأزهر، الأزهر الذي ظلًّ قروناً يحمي الإسلام والمسلمين. الخطأ الكبير الذي وقع فيه شيخ الأزهر هو أنه كان من واجبه أن يخاطب الناس جميعاً بالإسلام وشريعته وأحكامه، وأن يُبلّغ دين الله كما أُنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم -، وأن يدعو الناس إليه.
فالإسلام هو دين الله، دين جميع الأنبياء والمرسلين. فالله واحد، وما كان لله الواحد الأحد أن يبعث للبشريّة بأديان مختلفة، ولكنها رسالات تحمل الدين الحقّ الواحد، رحمة من الله بعباده.
فالإسلام دين نوح وإبراهيم وموسى وعيسى وسائر الأنبياء والمرسلين - عليهم السلام -، ودين محمد - صلى الله عليه وسلم -، خاتم الأنبياء والمرسلين، دين واحد. فهو رسالة الله إلى النَّاس جميعاً، وإلى شيراك وشيخ الأزهر وغيرهما، فإن عصى أحدهم ربَّه وخالف رسالة الله إليه، أفنقرّه نحن على ذلك؟!
فليس من شأن شيخ الأزهر أن يُقرَّ الاتجاهات المنحرفة عن الدين الحقِّ، ولا أن يُعطيها المسوِّغات لوجودها، ولا أن يُعطي المسوِّغات لأحد من المسلمين أن ينحرف عن دين الله ويخضع إليها.
ليس من حقِّ فرنسا ولا غيرها أن تصدر قوانين تخالف شرع الله، فإن فعلت ذلك من منطلق قوتها وعلمانيتها، فليس من حقِّ شيخ الأزهر ولا أحد من المؤمنين أن يُقرّوا ذلك ويقبلوه ويدعموه، أو أن يتحاكموا إليه.
العلمانيّة تدِّعي أن الدولة لا تتدخل في دين الناس، فكلُّ فرد حرٌّ بأن يتبع الدين الذي يريده. ومع ذلك فالدول العلمانية تطلق الحركات التنصيرية وتدعمها بالمال والإعلام وغير ذلك. وأما الإسلام، الدين الواحد الحقُّ من عند الله، فيجعل أول مسؤوليات الدولة حماية الدين الإسلامي وإقامة شرعه والدعوة إليه، ونشره في الأرض كما أُنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم -.
(إنَّ الدين عند الله الإسلام وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم ومن يكفر بآيات الله فإنَّ الله سريع الحساب) [آل عمران: 19]
(أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السموات والأرض طوعاً وكرهاً وإليه يُرجعون) [آل عمران: 83]
وكذلك: (ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يُقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين) [آل عمران: 85]
ولقد لا حظنا في كثير مما كتب ردَّاً على شيراك وشيخ الأزهر أنهم تحاكموا إلى العلمانية وقوانينها، وإلى أعراف وقوانين يبرأ الإسلام منها. إنَّ واجب كلّ مسلم، كما هو واجب شيخ الأزهر، أن يردّ كلّ قضاياه صغيرها وكبيرها إلى الكتاب والسنّة وأن يخرج برأي تدعمه الحجّة والبيّنة من الكتاب والسنّة. ولا بأس بعد ذلك الردّ عليهم من خلال علمانيتهم وديمقراطيتهم. ولكن أين الديمقراطية التي يزعمونها، إنها(5/155)
عدوان واحتلال ونهب لخيرات الشعوب. إنَّها شعار كذب في المواقع كلّها، وخُدِع به المسلمون كما خُدِعوا بغيره من الشعارات.
إننا ندرك أننا اليوم ضعفاء. ولكن ضعفنا لا يحلُّ لنا تغيير دين الله، ولا أن نتخلى عنه ولا أن نتنازل عن شيء منه مراءاة لأحد من خلق الله. ولا بدّ أن يعي المؤمن أنه مهما تنازل عن شيء من دينه مراءاة إلى العلمانية ودولها، فإن ذلك لن يكسبه ودَّهم، وإنما يخسر بذلك أمرين: أولاً يخسر رضا الله، وثانياً: يخسر مهابته في قلوب أولئك، فيكون من الخاسرين، كما قال الله - سبحانه وتعالى - في الآية المذكورة أعلاه (الآية 85 من سورة آل عمران).
ومهما بذل المسلم من أجل هذه المراءاة فلن ينال رضاهم أبداً:
(ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهوائهم من بعد ما جاءك من العلم مالك من الله من وليٍّ ولا نصير) [البقرة: 120]
فإصدار قرار بمنع الطالبات المسلمات من الحجاب في المدارس الفرنسية هو هوى من النفوس لا حجّة له من الدين أو العلم أو الأخلاق، فهل نسي شيخ الأزهر هذه الآيات الكريمة فاتبع أهواءهم؟! إننا ندعو شيخ الأزهر إلى التوبة من فتواه هذه، إلى أن يتوب إلى الله، ففتواه خرجت به عن حدود الفتوى إلى المعصية والإثم، فَلْيَتُبْ وليعلنْ توبته قبل أن يلقى الله وهو من الخاسرين، ليس له من الله وليّ ولا نصير.
ونقول للمسلمين في فرنسا وغيرها أن اثبتوا على دين الله إيماناً وعلماً ودعوةً وبلاغاً على نهج جليٍّ، مهما كلّفكم ذلك. واعلموا أن الضرورة الشرعية هي الحالة التي تهدّد المسلم بالموت من الجوع والعطش وأمثاله. وهي ضرورة للفرد، لا يُعقل أن تكون ضرورة للأمة كلّها أو للجماعة، ليتنازلوا عن دين الله.
ونقول للمسلمين بعامة كفاكم تنازلات، فاجْهروا بالحقِّ، بدين الله، بالإسلام، عن إيمان وعلم وخشية من الله لا خشية من الناس، وادعوا إلى دين الله واجهروا به، فهو مصدر قوتنا وسبب نجاتنا، فاجهروا بدين الحق ولا تنحرفوا ولا تتنازلوا مهما تكن المغريات، وإلا فالهلاك الهلاك!
إن القضيّة لدى فرنسا وغيرها ليست قضية الحجاب، إنها قضية الإسلام ورسالته، قضيّة الإيمان بالله وبدينه.
إن الله - سبحانه وتعالى - لم يعط لأحد من خلقه الحقَّ في أن يكفر فيكون في نجاة مع كفره. كلا! إن الله يريد من عباده الإيمان الصادق النابع من القلب واليقين، ومن التأمل والتفكير، ومن رسالة النبوة الخاتمة، فمن آمن فله الجنّة والأجر والثواب، ومن كفر فله جهنّم والعذاب الشديد:
(وقل الحقُّ من ربّكم فمن شاء فليؤمنْ ومن شاء فليكفرْ إنَّا أعتدنا للظالمين ناراً أحاط بهم سُرَادقها وإن يستغيثوا يُغاثوا بماءٍ كالْمُهْل يَشْوي الوجوه بئس الشّراب وساءتْ مُرْتفقا. إنَّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنَّا لا نضيعُ أجرَ من أحسن عملاً) [الكهف: 29 30]
ولا يتكئن أحدٌ على سوء تأويله لقوله - سبحانه وتعالى -: (لا إكراه في الدين)، فعليه أن يكمل الآية ليتضح المعنى: (لا إِكراه في الدين قد تَّبين الرشد من الغي فمن يكفر(5/156)
بالطاغوت ويُؤمن بالله فقد استمسك بالعروةِ الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم. الله وليُّ الذين آمنوا يُخرجهم من الظلمات إلى النّور والذين كفروا أولياؤهم الطَّاغوت يخرجونهم من النَّور إلى الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) [البقرة: 256 257]
والحمد لله ربّ العالمين.
9/11/1424هـ
1/1/2004م
----------------------------------------
(1) مجلة المجتمع الكويتية: العدد (878) 4/9/1409هـ الموافق 16/8/1988م.بعنوان: " العمل الإسلامي والدولة الإسلامية ".والعدد (1289) 27/10/1418هـ الموافق 24/2/1998م.بعنوان:" العلمانية والمسلمون في الغرب".
http://www.alnahwi.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ
قضية الحجاب تطفو على السطح من جديد في تركيا
طه عودة
وسط استمرار حالة التصعيد السياسي والإعلامي في تركيا بحثًا عن الطريق الأمثل لمكافحة "الصحوة الإسلامية " التي تعتبرها المؤسسة العلمانية التركية الخطر الأكبر الذي يشكل تهديدًا على أمنها ومصالحها القومية فقد عادت قضية الحجاب لتطفو مجددًا على السطح.
فقد وجهت محكمة حقوق الإنسان الأوروبية ضربة قاسية للحكومة التركية بعد موافقة الدائرة العليا للمحكمة على طلب النظر في استئناف الحكم القضائي الخاص بالطالبة التركية ليلى شاهين، والذي يقضي بفصلها من الجامعة بسبب ارتدائها الحجاب.
وذكرت صحيفة ملي غازته الإسلامية في عددها الصادر اليوم أن الدائرة العليا بمحكمة حقوق الإنسان الأوربية قبلت الطلب المقدم من المحجبة التركية ليلى شاهين للنظر في استئناف الحكم الصادر ضدها في يونيو الماضي.
والجدير بالذكر أن ليلى شاهين كانت قد رفعت دعوى قانونية ضد حكومة مسعود يلمز رئيس الوزراء السابق أمام محكمة حقوق الإنسان الأوربية في عام 1998 بسبب طردها من كلية الطب لارتدائها الحجاب أثناء تلقيها التعليم.
ومن المعروف أن قضية الحجاب في تركيا من القضايا الحساسة التي فرضت نفسها على الساحة منذ عام 1989، إذ يتحامل عليها كل من يدعي "علمانية أتاتورك"، وينظر إليها دوما على أنها من الأسباب الرئيسية التي تهدد أمن البلاد لأن الحجاب برأيهم- هو من الأسباب الرئيسية التي تخدم هدف هدم النظام العلماني، واستبداله بآخر إسلامي.
هذا الخوف من الحجاب يكشف بطريقة أو بأخرى عن القلق الذي يساور النخبة العلمانية من توسع الدائرة الإسلامية، رغم حقيقة أن تركيا بلد إسلامي فيه 99% من(5/157)
الشعب التركي المسلم، ويفسر بالتالي التخبط التركي وشوقه من أجل اللحاق بالركب الأوروبي.
تعليق:
يريدوا أن يطفئوا نور الله بكل وجودهم ومكرهم وخداعهم وبكل أعمالهم وسيرتهم وسلوكهم وبكل تصرف لهم.
قال - تعالى -(يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون) (التوبة: 32).
فهذا وعد من الله - تعالى -بظهور الحق، وكان وعد الله حقًا، فلن يخلف الله وعده.
أيتها الحبيبة في تركيا.. !!
إنها درب الجنان التي نُذرت الأنفس لها، ولنا يقين أن الله لن يخذل عباده الصادقين.. وأن فوق عُسرالمحن يُسرين منزلين من رب رحيم نستجلبهما باليقين. وهاهو إسلامنا يقف شامخاً عزيزاً ابياً.. أيقن أهل الريب بحقارتهم أمامه.. فأحتاجوا للفعل الرخيص أملا منهم أن يشرخ بنيانه الأشم في الصدور الموحده.. حسدأ من عند أنفسهم.. ولن يأذن الله لهم. وقد سبقت لنا منه البشرى والوعد بالحسنى (وكان حقا علينا نصر المؤمنين). فكوني مع الله يكن معك. ولن يتْركم أعمالكم.
اللهم يا رب كل شيء ومليكه.. أرحم ضعف إخواننا وقلة حيلتهم، فقوي إيمانهم ويقينهم. يا من لا يخيب من سألك، ولا يخاف من استنجد بك، يا أرحم الراحمين. اللهم يا رب الأرباب ومسبب الأسباب، ومجري السحاب، وهازم الأحزاب، يا جبار الأرض والسماوات عليك باليهود والكافرين الأمريكان. والشيوعيون والملحدين والعلمانيين ومن والاهم وشايعهم في كل مكان..فإنهم لا يعجزونك..أرنا فيهم يوما كيوم فرعون وهامان وأصحاب القليب ببدر يا قوي يا عزيز. يا رب العالمين.
http://www.fin3go.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ
متى نزلت آية الحجاب ؟
أبو عبد الله الذهبي
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله، ثم أما بعد: -
فهذه مقالة قديمة لي أحببت إعادة نشرها لتعم الفائدة.. وكانت عبارة عن سؤال تقدم بها أحد الإخوة من أمريكا يستفسر فيها عن آية الحجاب وما يتعلق بها من أحكام.. فكان الجواب كالتالي والله الموفق..
الراجح و الله أعلم أن نزول آيات الحجاب في سورة الأحزاب{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ.. الآية} [الأحزاب/59] كان قبل نزول آيات سورة النور{ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ.. الآية} [النور/31]، حيث ابتدأ تشريعه بسورة الأحزاب، و انتهى بسورة النور، ولا خلاف في أن سورة الأحزاب نزلت عند غزوة الأحزاب، فإن كانت غزوة الأحزاب قبل غزوة بني المصطلق، فمعناه أن أحكام الحجاب في الإسلام بدأت بالتعليمات التي وردت في سورة الأحزاب و تممت بالأحكام التي وردت في سورة النور.
إشكال و الجواب عنه..(5/158)
يقول ابن سعد إن غزوة بني المصطلق وقعت في شعبان في سنة خمس، و وقعت بعدها غزوة الأحزاب أو غزوة الخندق في ذي القعدة من السنة نفسها. الطبقات (2/63- 65).
و أكبر شهادة تؤيد ابن سعد في هذا البيان أن الطرق المروية عن عائشة بشأن قصة الإفك قد جاء في بعضها ذكر المجادلة بين سعد بن عبادة و سعد بن معاذ.
و يقول ابن إسحاق في الجانب الآخر: إن غزوة الأحزاب وقعت في شوال من سنة خمس، و غزوة بني المصطلق في شعبان من سنة ست. سيرة ابن هشام (3/ 165).
و يؤيد ابن إسحاق في هذا البيان ما ورد عن عائشة و غيرها من الروايات المعتمد بها و هي أكثر قوة و كثرة، و تدل هذه الروايات على أن أحكام الحجاب كانت قد نزلت قبل قصة الإفك، أي في سورة الأحزاب، و توضح الروايات أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان قد تزوج بزينب بنت جحش - رضي الله عنها - قبل ذلك في ذي القعدة من سنة خمس، و جاء ذكره في سورة الأحزاب، كما تفيد هذه الروايات أن حمنة أخت زينب بنت جحش قد شاركت في رمي عائشة - رضي الله عنها -، لأنها ضرة أختها، و الظاهر أنه لابد من أن تمضي مدة من الزمن و لو يسيرة على صلة الضرارة بين امرأتين حتى تنشأ في القلوب مثل هذه النزاعات، فهذه الأمور كلها مما يؤيد رواية ابن إسحاق و يقويها.
و ما هناك شيء يمنعنا قبول رواية ابن إسحاق إلا مجيء ذكر سعد بن معاذ في زمن الإفك، و كان سعد بن معاذ كما تفيد جميع الروايات المعتمد بها ممن قتل في غزوة بني قريظة التي تلت غزوة الأحزاب، فمن المستحيل أن يكون سعد بن معاذ حياً سنة ست.
إلا أن هذه المشكلة تزول بأن الروايات المروية عن عائشة جاء في بعضها ذكر سعد بن معاذ، و في بعضها الآخر ذكر أسيد بن حضير مكان سعد، و الرواية الأخيرة تتفق تمام الاتفاق مع الحوادث المروية عن عائشة في شأن قصة الإفك، و إلا فلو سلمنا أن تكون غزوة بني المصطلق و قصة الإفك وقعتا قبل غزوة الأحزاب و غزوة بني قريظة لمجرد أن نجعلهما تتفقان مع حياة سعد بن معاذ في زمن الإفك، لاستحال علينا أن نجد حلاً لمشكلة عظيمة أخرى: و هي أنه من اللازم إذن أن تكون آية الحجاب و نكاح زينب قد وقعتا قبل غزوة بني المصطلق و قصة الإفك، مع أن القرآن والروايات الصحيحة تشهد بأن نكاح زينب والآية التي فيها حكم الحجاب من الحوادث الواقعة بعد غزوة الأحزاب و غزوة بني قريظة، فبناءً على ذلك قطع ابن حزم في جوامع السيرة (ص 147) و ابن القيم في زاد المعاد (3 /269)، و غيرهما من العلماء المحققين بصحة رواية ابن إسحاق، و رجحوها على رواية ابن سعد، و ما ذهب إليه هؤلاء الأعلام من أن نزول آيات الحجاب في سورة الأحزاب كان قبل قصة الإفك و قبل آيات الحجاب في سورة النور، و هو الأظهر، و الله أعلم.
http://saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ
أبنيتي لا تجزعي
( وصية إلى كل فتاة مسلمة )(5/159)
شحاده علي المصري
أبنيتي لا تجزعي *** كل الأنام إلى زوال
أبنيتي فلتصبري *** فالصبر كنز غير بال
أوصيك بالتقوى وأن *** ترضي الإله المتعال
الستر رمز للعفاف *** والطهر من خير الخلال
فلينعتوك بغيظهم *** قد يقذفونك بالمحال
إياك من نزع الحجاب *** إن الحياء به يزال
لا تسمعي شيطانة *** تغويك في قيل وقال
لا تنظري مفتونة *** قد أوغلت بالارتجال
نسيت مكانتها وما *** سلكت سبيلاً للكمال
ظنت بأن العمر قد *** يعني مساحيق الجمال
أو أن هذا السر في *** تكوينها ضرب الخيال
لم تدر أن المعجبين *** بها وأنصاف الرجال
لن يسكتوا عن فضحها *** فيما الشباب خبا وزال
ألعوبة يلهو بها *** أركان طيش وخبال
أو وردة يزهو بها *** من همه نيل المنال
يغتال منها عطرها *** و يدوسها تحت النعال
ما أنت إلا سلعة *** أو صفقة من عرض مال
خدعوك في إطرائهم *** في بيت شعر أو مقال
عودي إلى رب كريم *** يحميك من شر وبال
وبشرعه فتمسكي *** فهو العليم بكل حال
وتذكري يوما به *** كل يجيب على سؤال
فإذا الإجابة أثمرت *** وثمارها طيب الفعال
جنات عدن أبشري *** فهي الثواب هي المآل
لكن إذا عثر الجواب *** وتبينت سبل الضلال
وإذا الحقائق أزلفت *** وتقطعت كل الحبال
فالنار تطلب زادها *** وبجوفها حط الرحال
بئس الجموع جموعها *** بئس الحميم بلا ظلال
تلك الحقيقة فاسألي *** وتبيني أجلى مثال
و بشرعه فتجملي *** فالحق أحرى أن يقال
http://www.odabasham.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ
خطاب خاص إلى تلك الفتاة فقط
أختي الغالية.... نعم أنت من أعني.. أستميحك العذر فلربما أجهل! وتعلمين! وأغلظ! وتصفحين! نعم أنت يا أخية... نعم أنت يا مؤمنة...
أخاطبك وكل منا لا يعرف الآخر ولا ضير ولكني أخاطب أختا فغالية وأما فقدوة. أخاطب فيك إيمانك.. فكلك إيمان إن شاء الله.. وأخاطب حبك لحبيبك محمد - صلى(5/160)
الله عليه وسلم - فكلك حب له.. وأخاطب حياءك فكلك حياء.. ولكنها نزوة يعقبها أوبة.. وخطأ يخلفه تصحيح.. (فكل أمتي معافى إلا المجاهرين) كما قال رسولنا - صلى الله عليه وسلم -.
فمالي أرى بنت الإسلام.. تخالف حبيبها حيث قال له ربه - عز وجل -: (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن). وخاطبك أنت فكرمك وفضلك بقوله: (ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى).
فدينك قد نأى بك عن الجاهلية بكل صورها القاتمة فما بالك إذن تتقهقرين نحوها. بل تتهافتين نحوها.
حجابك يا غالية.. حجابك يا موفقة.. لا أقول حياءك! بل هو إيمانك هو عنوانك هو دينك.. ثم هو حياءك بعد ذلك فأنت يا أختاه.. تفوقين الرجال بحيائك.. لذا يقال عن الرجل الحيي: (هو أشد حياء من العذراء في خدرها).. فالعذراء أنت.. والخدر هو حجابك.. أختي الغالية:
الذي خلقك هو الله.. والذي أمرك بالحجاب هو الله.. والذي ترجعين إليه هو الله.. والذي كرمك بقوله: (ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى) هو الله.. والذي خاطبك أنت.. أنت بخطابه بل وخصك بكلامه: (ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها) هو الله.. فكيف إذن يعصى؟ وهو يعلم السر وأخفى؟
يا قدوة الأجيال.. ويا مربية الأبطال.. ويا زوج الرجال.. لقد جاءك خطاب من أنت عزيزة عليه ومن هو حريص عليك وبعد ذلك كله كان بك رؤوفا رحيما - صلوات ربي وسلامه عليه -: (صنفان من أهل النار لم أرهما... وذكر منهما نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها) رواه مسلم.
أختاه... والله لقد اقشعر جلدي وأنا أكتب هذا الحديث.. بل وطار لبي وأنا أقرأ هذا النص فكيف بك أنت؟.. والأمر يعنيك أنت لا غيرك! فهن كاسيات... لكنهن عاريات في الحقيقة.. بحجاب ولباس متهافت.. إما لخفته.. أو لضيقه.. أو لقصره.. أو لزينته.. فإني يا غالية.. أربأ بك عن تلك الحال.
فحقيقة التبرج يا أخية.. أن تبدي المرأة جمال وجهها.. أو مفاتن جسدها.. أو محاسن ملابسها وحليها.. أو تبدي نفسها بمشيتها.. وتمايلها.. وتبخترها.
ولأن كان من حقك أختاه.. أن تختاري إطارا جيدا لنظارتك.. أو لونا جميلا لساعتك.. أو تصميما رائعا لملابسك.. فما لا تفسير له.. أن تتفنني في اختيار الموديل والتصميم الحديث والشكل الفاتن لعباءتك وحجابك وحجتك في ذلك.. أوهى من بيت العنكبوت.. حيث تزعمين أنه: أزين شكل؟!! فكان حجابك للزينة.. لا غطاء للزينة!
ونظرة عابرة لمحلات العبايات والطرح.. تريك أختي ذلك الزخم من عبايات وطرح الدانتيل والقيطان.. أو العباءة العمانية و الفرنسية.. ومسكينة تلك الأخت التي لم ترض بذلك كله.. فذهبت إلى بيوت الأزياء والمشاغل.. لتفصل عباءة أو طرحة أملاها عليها الشيطان.(5/161)
ولا أنسى تلك الأخت التي وضعت عباءتها على كتفها!.. ولفت على رأسها طرحتها.. ! وأبدت خديها.. ؟.. أقصد عينيها.. ؟!! فبدى قوامها... وامتشق قدها.. ومع هذا كله تظن وتزعم وتوقن أنها ارتدت.. حجابا.. بل وتصفه بالإسلامي..!!
إن هذه الأفعال أختاه... تحركها أيدي أعداء الله.. الذين لا يرون المرأة إلا ملاصقة للذة والمتعة.. فها هي بصماتهم المقيتة بدت على ما تزعمين أنه حجابك.. فماذا ترجين ممن ودوا لو تكفرون فتكونون سواء) (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم)
فاحذري.. أختاه.. احذري... واعلمي أخية اعلمي أن لحجابك الإسلامي علامات يعرف بها:
1- فيجب أن يكون ساترا لجميع بدنك بلا استثناء
2- وألا يكون لباس زينة أو فتنة أو مبهرجا بألوان جذابة تلفت الأنظار.
3- وأن يكون صفيقا كثيفا غير رقيق ولا شفاف ولا ضيق.
4- أن يجنب الطيب والعطور فمن استعطرت ومرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية.
5- ألا يكون مشابها للباس الرجال أو لباس شهرة أو لباسا للكافرات.
وأخيرا أقول لك يا غالية..فأنا عليك خائفة..وعليك مشفقة.. حفظك الله من كيد الأشرار ومن عبث الفجار...
22/11/1425
http://www.denana.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ
الحجاب الشرعي
تثور من آونة لأخرى قضية الحجاب الشرعي للنساء: حكمه، وحدوده، ولا أريد في هذا المقال تقرير شيء من هذا لأنه قد كثر الحديث عنه والتصنيف فيه، وانقسم الناس فيه فريقين: فريقاً يرى الاكتفاء بإظهار الوجه والكفين، وآخر يرى وجوب ستر الجسد كله، وأميل فيما أميل إليه إلى حجج الفريق الآخر، ولا أريد الذهاب إلى أبعدَ من هذا لكني أقول ناصحاً ومتعجباً: كيف نعمد إلى إثارة هذه القضية في مجتمع توارث نساؤه الحجاب الكامل منذ قرون ورضينه ديناً أو عاداتٍ وتقاليد، كيف نثير هذه القضية في هذا المجتمع الطاهر؟ !
والفريق الذي يقرر حجج القائلين بكشف الوجه أليس يدعو عن قصد أو غير قصد إلى أن تكشف نساء المجتمع وجوههن للأجانب، ويخلعن ما لبسنه هن وأمهاتهن وجداتهن قروناً من الزمان؟ !
إن هذا الشيء عجيب، أنا أفهم مغزى إثارة هذه القضية في البلاد الأوروبية أو في البلاد التي ابتليت بالسفور والعري منذ زمان طويل في منطقتنا العربية والإسلامية، إذ تُدعى من اعتادت على كشف أجزاء كبيرة من جسدها نسأل الله العافية إلى الاستتار والحجاب، ويمكن أن يظهر خلاف ها هنا: كيف تتحجب هذه المرأة التي هي أقرب إلى العُري منها إلى اللباس: أفتغطي كامل جسدها أم يُسمح لها بإظهار وجهها وكفيها؟(5/162)
أقول: يمكن أن يثور الخلاف ها هنا، لكن أن يعمد فريق من الناس إلى إثارة هذه القضية في هذه الجزيرة التي لم يعرف أهلها إلا الغطاء الكامل قروناً من الزمان فهذا من الغفلة أو سوء التقدير أو من باب تعمد الإفساد، نسأل الله العافية، وما مثلهم إلا كمثل من جاء إلى قوم يعيشون في أمان واطمئنان في بلاد وادعة آمنة فيدعوهم إلى ما يثير الفتنة والقتال بينهم، وهل أعظم من أن تثار قضية كشف الوجه بين قوم يأخذون بالغطاء الكامل؟ ! فكم يجرئ هذا الأمر من فتيات ونساء آمنات وادعات يعشن برضى وأمان في مجتمعنا الطاهر؟ ! وكم يثير هذا الأمر من قلاقل وعدم رضى بالواقع؟! وكم من النسوة يمكن أن يتجاوبن مع هذه القضية التي يثير الأسى الشديد إثارتها.
وأنا أعد الانجرار إلى الحديث عن الحل والرحمة في هذه القضية نوعاً من القفز فوق الواقع الذي ينبغي مراعاته، حيث إن الأغلبية العظمى مقتنعة بالغطاء الكامل وتأخذ به فلماذا الحديث عنه إذاً، ولمصلحة من إثارة هذه القضية؟! وليس هذا من باب إلزام الناس برأي واحد إذ الناس متفقون في الغالبية العظمى منهم على العمل بهذا الحكم الشرعي والأخذ به.
والذي أود أن أبينه هنا بعض المخاطر والمفاسد التي قد تواجه المرأة عندما تكشف وجهها أو المفاسد التي تلحق بالمجتمع بسبب هذا الصنيع، فمن ذلك:
1- المرأة التي تكشف وجهها عرضة لملاحقة الرجال الذين لم يعتادوا أن يروا امرأة تكشف وجهها إلا نادراً، وفي هذا ما فيه من لحوق الفساد بالمجتمع.
2- المرأة التي تكشف وجهها تكون عرضة لأن يُساء بها الظن، أو ينظر إليها على أنها مفرطة، لا تحافظ على دينها، بينما يمكن أن تكون المرأة على خلاف هذا ديناً وتقى وصلاة.
3- المرأة التي تكشف وجهها تجرئ باقي بنات جنسها على كشف وجوههن، وفي هذا من نشر الفساد ما فيه، إذ في البنات جميلات فاتنات فكيف يصح أن يكشف وجوههن للأجانب، وكلمة الفقهاء هنا واحدة في منع الكشف لمن يُخشى منها الفتنة.
4- المرأة التي تكشف وجهها تديناً يعني أخذاً بالقول بجواز الكشف لا تعرف النساء هذا منها، وقد يقلدنها في الكشف لكن من باب العصيان والطغيان لا من باب التدين والأخذ بأقوال بعض الفقهاء، فتكون المرأة المتدينة هنا قد أضلت غيرها من حيث لا تشعر، وكل هذا قابل للوقوع في هذا المجتمع الذي لم يأخذ يوماً بالقول بجواز كشف الوجه، وكلامي كله منصب على هذا المجتمع خاصة حتى لا يساء تفسير كلامي أو اتهم بالجمود والتعصب لقول واحد.
وقد يقال: ماذا تصنع النسوة اللواتي جئن وافدات ويرين جواز كشف الوجه، أو ماذا تصنع بعض النسوة اللواتي في هذا المجتمع وأقدمن على كشف وجوههن أخذاً بقول بعض الفقهاء؟ وأقول: ليس كل ما يجوز فعله يسوغ الإقدام عليه في كل وقت وفي كل مكان، بل العرف مراعى ها هنا، فينبغي على من عاشت في مجتمع يرى بالأخذ بغطاء الوجه ألا تكشف وجهها؛ وذلك صوناً لها من الأقاويل وحفظاً لها ممن يظن بها سوءاً، وكذلك مراعاة لوضع المجتمع وحفاظاً على مشاعر أفراده، والله أعلم.
http://www.muslema.com المصدر:(5/163)
ـــــــــــــــــــ
تيهي جمالا بالحجاب
هنالك من قدم لكِ العناية
من انتشلك من مستنقع الوأد
من قدم لكِ الود
جعلك ماسة ثمينة في قطعة مخملية
زهرة فواحة بالعفة زكيه
لم تبصرها عين البرية
هو..... هو الإسلام
هنا حبيبتي.. يحضرني سؤال
ماذا قدمتِ لهذا الدين؟!
ألا يستحق أن تضحي بزخرف الحياة الفانية
من أجل أن تتنعمي بنعيم لا يفنى
شباب لا يشيخ
جمال لا يزول... بل يتجدد!
الآن حددي الهدف!!
فأنتِ بين قاب قوسين أو أدنى من حسم الموقف
تَرى ما هو حالك مع الحجاب؟؟
أهو عادة
..... أم عبادة؟!
مزركش بالألوان أم ساتر سادة؟!!!
اعلمي حبيبتي...
أن حجابك تاج على رأسك....
فهل رأيتِ تاجاَ يوضع على الكتف؟؟!
قال - تعالى -:
(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ المُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً) سورة الأحزاب آية 59
تأملي عزيزتي هذه الآية الكريمة..
تذوقي معانيها بقلبك
حبيبتي..
إذا أوصدت في وجهكِ الأبواب
وغشتكِ ضبابية الأسباب
فاعلمي أن هنالك من يبسط يديه لمن تاب وأناب
إنه الغفور.. الكريم.. الوهاب
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ
سياج العفاف(5/164)
فيصل بن عبد الله العمري
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وبعد:
العفاف مركز شرفٍ، ومورد عز وفخار، للمجتمعات الإسلامية، وهو من أخص مميزاتها، وأولى اهتماماتها، ومن أهم ما يسعى إلى المحافظة عليه أهلها، إذ به يرتفع شأنهم ويتميز منهجهم، ويسمو قدرهم، مما أغاض أعدائهم من ذوي النفوس الدنيئة والأفكار المنحرفة، والمناهج الضالة، من علمانيين ومتغربين، فسعوا جاهدين إلى النيل منه ونقض عراه، عبر خطط مدروسة، وأفكار مدسوسة، باثين سمومهم وسط المجتمع المسلم عبر وسائلهم المتعددة من منابر إعلامية أو كتابات صحفية، أو صيحات ومطالبات سياسية، يبغون من وراء ذلك كله هدم قيم الإسلام وتفشي قيم الكفر والانحلال، زاعمين بذلك أن هذا هو التقدم وأن البقاء على العادات والتشريعات هو مركز التخلف وعنوان التأخر، حتى قال احدهم وهو يتحدث عن قضية المرأة ما نصه: " وإن كانت قضيتها أقسى لأنها محكومة لا بتقاليد فقط، بل بتشريعات وعادات تزعم أنها دائمة"، وقال أيضاً وهو يتكلم عن قوامة الرجل على المرأة وأنها تعتبر سيطرة وملكية خاصة ما نصه: "يسيطر على المجتمع التقليدي ـ أي المسلم المحافظ ـ خوف عصابي مزمن من مسألة فقدانه السيطرة على المرأة... وهؤلاء هم غالباً من دعاة تعدد الزوجات والتسري، وأنصار الملكية الخاصة ـ أي قوامة الرجل على امرأته ـ ودعاة القيم الأخلاقية والرجولية التقليدية المرتبطة بمجتمعات قديمة ـ أي مجتمعات المسلمين الأولى ـ لا نستطيع أن نقول إلا أن الزمن قد تجاوزها، أو أن علينا أن نتجاوزها إذا أردنا أن نتقدم أو أن ندخل العصر الحديث" (قضية المرأة ـ المقدمة / محمد الخطيب/ وزارة الثقافة دمشق)..
فهذا أنموذج بسيط لبعض أفكارهم الهدامة، وتصوراتهم الخاطئة حول المرأة، وهم بذلك كله يسعون لهدم سياج العفاف، وتحطيم موازين الحياء، من خلال دعاواهم الهدامة على مرتكزات القيم، ومعالم الكرامة للمرأة المسلمة، والتي ننتقي منها هنا أهمها وهي: الحجاب، والاختلاط، والقرار في البيوت.
- الحجاب:
الحجاب عبادة أمر الله بها، وليست عادة فرضها الزمن، أو ترسخت عبر التاريخ، دل على ذلك أدلة الكتاب والسنة المرجعان الوحيدان في التشريعات والأحكام الإسلامية ومنها:
• قال - تعالى -: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا) (59: الأحزاب) قالت عائشة وأم سلمة رضي الله عنهن: "لما نزلت هذه الآية خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان من الأكسية" أخرجه أبو داود.
والجلابيب: جمع جلباب، والجلباب: هو ما تضعه المرأة على رأسها للتحجب والتستر به، أمر الله - سبحانه - جميع نساء المؤمنين بإدناء جلابيبهن على محاسنهن من الشعور والوجه وغير ذلك؛ حتى يعرفن بالعفة فلا يُفتتن ولا يَفتن غيرهن فيؤذيهن.(5/165)
قال علي بن أبي طلحة: عن ابن عباس – رضي الله عنهما -: أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رءوسهن بالجلابيب ويبدين عينا واحدة.
وقال محمد بن سيرين: سألت عبيدة السلماني عن قول الله - عز وجل -: (يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ) فغطى وجهه ورأسه وأبرز عينه اليسرى.
• وقال - سبحانه -: (وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ... الآية) (31: النور).
قال ابن مسعود - رضي الله عنه -: (مَا ظَهَرَ مِنْهَا) يعني بذلك: ما ظهر من اللباس، فإن ذلك معفو عنه، ومراده بذلك - رضي الله عنه -: الملابس التي ليس فيها تبرج وفتنة.
وأما ما يروى عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه فسر (مَا ظَهَرَ مِنْهَا) بالوجه والكفين، فهو محمول على حالة النساء قبل نزول آية الحجاب، وأما بعد ذلك فقد أوجب الله عليهن ستر الجميع، كما سبق في الآيات الكريمات من سورة الأحزاب وغيرها.
ويدل على أن ابن عباس أراد ذلك: ما رواه علي ابن أبي طلحة عنه أنه قال: (أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رءوسهن بالجلابيب ويبدين عينا واحدة)، وقد نبه على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره من أهل العلم والتحقيق، وهو الحق الذي لا ريب فيه.
وأما ما رواه أبو داود في سننه عن عائشة - رضي الله عنها -: أن أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما - دخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعليها ثياب رقاق فأعرض عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال:: "يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم تصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا " وأشار إلى وجهه وكفيه - فهو حديث ضعيف الإسناد لا يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه من رواية خالد بن دريك، عن عائشة، وهو لم يسمع منها، فهو منقطع؛ ولهذا قال أبو داود بعد روايته لهذا الحديث: هذا مرسل، خالد لم يدرك عائشة.. ولأن في إسناده سعيد بن بشير وهو ضعيف لا يحتج بروايته.. وفيه علة أخرى ثالثة، وهي: عنعنة قتادة عن خالد بن دريك وهو مدلس.
• وقال - تعالى -: (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) (32: الأحزاب).
نهى - سبحانه - في هذه الآيات نساء النبي الكريم أمهات المؤمنين، وهن من خير النساء وأطهرهن عن الخضوع بالقول للرجال، وهو: تليين القول وترقيقه؛ لئلا يطمع فيهن من في قلبه مرض شهوة الزنا، ويظن أنهن يوافقنه على ذلك، وأمر بلزومهن البيوت، ونهاهن عن تبرج الجاهلية، وهو: إظهار الزينة والمحاسن، كالرأس، والوجه، والعنق، والصدر، والذراع، والساق، ونحو ذلك من الزينة؛ لما في ذلك من الفساد العظيم، والفتنة الكبيرة، وتحريك قلوب الرجال إلى تعاطي أسباب الزنا.(5/166)
وإذا كان الله - سبحانه - يحذر أمهات المؤمنين من هذه الأشياء المنكرة مع صلاحهن وإيمانهن وطهارتهن، فغيرهن أولى بالتحذير والإنكار، والخوف عليهن من أسباب الفتنة، عصمنا الله وإياكم من مضلات الفتن.
ويدل على عموم الحكم لهن ولغيرهن قوله - سبحانه - في هذه الآية: (وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ).
فإن هذه الأوامر أحكام عامة لنساء النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيرهن.
• وقال الله - عز وجل -: (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ) (53: الأحزاب) فهذه الآية الكريمة نص واضح في وجوب تحجب النساء عن الرجال وتسترهن منهم، وقد أوضح الله - سبحانه - في هذه الآية أن التحجب أطهر لقلوب الرجال والنساء، وأبعد عن الفاحشة وأسبابها، وأشار - سبحانه - إلى أن السفور وعدم التحجب خبث ونجاسة، وأن التحجب طهارة وسلامة.
فيا معشر المسلمين، تأدبوا بتأديب الله، وامتثلوا أمر الله، وألزموا نساءكم بالتحجب الذي هو سبب الطهارة، ووسيلة النجاة والسلامة. (عن رسالة الحجاب والسفور/ ابن باز بتصرف).
وليس مقصود الحجاب فقط هو تستر المرأة بالجلباب وتغطيت بدنها به، وإن كان هذا من أهم مقاصده، لكن مقصوده أبعد من ذلك: فهو حجب كل وسائل الفتنة عن المرأة ومنها، وحمايتها من كل أسباب الرذيلة وهدم سياج العفاف، فكل ما خالف هذا المقصود فهو ليس بحجاب.
لذلك تجد أن أول ما يدعو إليه دعاة الرذيلة هو نزع الحجاب، وكشف الوجه وتميع معنى العباءة في نفس المرأة، لأن نزع الحجاب سبيل تسهيل كل مأربهم الضالة من اختلاط النساء بالرجال، وعمل المرأة بجوار الرجل في مكتب وأحد، ومحادثة المرأة للرجل في السوق والأماكن العامة، وقيادة المرأة للسيارة، وغيرها، لأنه إذا نزع الحجاب تيسر كل ذلك إذ لم يعد عند المرأة ما يمنعها من فعل شيء مما سبق ذكره إذا كان الوجه مكشوفاً والحجاب منزوعاً، والرجال ينظرون إليها بدون مانع ولا حاجز. لذلك تجد كبيرهم الذي علمهم الرذيلة وسنها لهم ـ قاسم أمين ـ يقول في كتابه (تحرير المرأة): كيف يمكن لامرأة محجوبة أن تتخذ صناعة أو تجارة للتعيش منها... كيف يمكن لتاجرة محجوبة أن تدير تجارتها بين الرجال..." إلى أخر كلامه الذي يدلل على مدى ما يسعى إليه من نزع الحجاب وإحلال السفور بدلا منه.
فإذا هدم سياج الحجاب سهل الدخول إلى الاختلاط والسماح به، لأنه لم يعد عند المرأة ما يمنعها عن مخالطة الرجال وقد نزعت حجابها.
- الاختلاط:
مما لا يختلف فيه اثنان ما غرز الله في الذكر والأنثى من انجذاب كل واحد منها إلى الآخر ـ حتى تتحقق حكمة التناسل البشري ـ لذلك جعل الله بحكمته البالغة ضوابط وحدود تضبط هذا التجاذب، ومنع من ترتب المفاسد عليه من قيامه على غير وجهه الشرعي، لذلك كله حرم الاختلاط بين الجنسين، وأمر بقيام العلاقة بينهما على وجهها الشرعي بالزواج، وضبط ما عداه في العلاقة بضوابط شداد، فقال - تعالى -مخاطباً صحابة رسول الله صلى لله عليه وسلم عن نسائه: (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا(5/167)
فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ) (53: الأحزاب) فإذا كان هذا لأصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - ورضي عنهم مع زكاة نفوسهم، وطهارة قلوبهم، ومع أزواج رسوله - صلى الله عليه وسلم - وهن أمهات المؤمنين، صاحبات الحياء الكامل والدين المتين، مع خلو زمنهم من دواعي الشهوة، ومثيرات الفتن، وأخبر أن قيام الحجاب بينهم عند سؤال الحاجات هو أطهر لقلوب أمهات المؤمنين وصحابة رسولنا - صلى الله عليه وسلم -، فكيف بحال نساء اليوم ورجاله الذين قد فسدت أخلاقهم، وكثرت دواعي الشهوة في مجتمعاتهم والله المستعان، فإن قيام هذا الحجاب بينهم عند قضاء الحاجات، بمنع الاختلاط وضبط التعامل بميزان الشرع القائم على درء المفاسد وجلب المصالح أولى وأحرى.
وقد ثبتت التجارب، وشهد الواقع، بمفاسد عظيمة ترتبت على هذا الاختلاط بين الجنسين، من فشو الرذيلة، وانتشار الزنا وأولاد الزنا ـ حتى أصبحت أمريكا وحدها فقط تنتج كل سنة مليون ولد من الزنا، بل واشتكى من مخاطر الاختلاط من عاشره وراء مفاسده من نساء ورجال ـ غير ما في الاختلاط من قيام العلاقات المشبوهة المنتهية بالأسى وخاصة في حق المرأة وذويها، وإن دخول الاختلاط في المجتمعات المحافظة لأعظم سبيل إلى إفسادها وهدم سياج عفافها، لذلك ترى دعاة الفساد ينادون صباحا مساء بالسماح للمرأة بالعمل في كل المجلات، حتى في المصنع والورشة وغيره التي لا تتفق مع فطرة المرأة، وليس هذا غيرة منهم على المرأة وتلبية لحاجتها التي قد تكون من وراء العمل، بل لتحقيق أغراضهم الهدامة ومأربهم الضالة من حلول الفساد بدل الصلاح، وانتشار الرذيلة بدل الفضيلة حتى تشبع غرائزهم الشهوانية، وتلبى مطالبهم الحيوانية.
لذلك نهى الله عن تبرج الجاهلية في قوله: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) (33: الأحزاب)..
"في هذه الآية حذر - سبحانه - النساء من التبرج تبرج الجاهلية وهو إظهار محاسنهن ومفاتنهن بين الرجال، وقد صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء" (متفق عليه من حديث أسامة بن زيد - رضي الله عنه - وخرجه مسلم في صحيحه عن أسامة وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل - رضي الله عنهما - جميعا)، وفي صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء" (مسلم) ولقد صدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإن الفتنة بهن عظيمة ولا سيما في هذا العصر الذي خلع فيه أكثرهن الحجاب وتبرجن فيه تبرج الجاهلية وكثرت بسببه الفواحش والمنكرات وعزوف الكثير من الشباب والفتيات عما شرع الله من الزواج في كثير من البلاد، وقد بين الله - سبحانه - أن الحجاب أطهر لقلوب الجميع فدل ذلك على أن زواله أقرب إلى نجاسة قلوب الجميع وانحرافهم عن طريق الحق". (عن رسالة لابن باز - رحمه الله - حول الاختلاط في لتعليم).(5/168)
- القرار في البيوت:
من حكمة الله الذي خلق الذكر والأنثى أن جعل تكوين كل واحد منهما مختلف عن الآخر، ليقوم كل واحد منهما بواجبه في الحياة على أكمل وجه وأحسنه، فالمرأة قوي فيها جانب العاطفة، والرجل قوي فيه جانب العقل وقوة البدن ليتحمل المشاق ويفكر في الإنتاج وجمع المال، لذلك كلف الله الرجل بالنفقة على من تحته من نساء، وكلف المرأة بالرعاية لشؤون البيت ورعاية الأطفال، إذ النفقة والسعي لها من واجبات الرجال، فهم الذين يجب عليهم جمع المال والإتيان به قال - تعالى -: (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا) (الطلاق: 17) وقال - صلى الله عليه وسلم -: " كلكم راع وكل مسئول عن رعيته... إلى أن قال والرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها وولده ومسئولة عن رعيتها" (متفق عليه) وبهذا الحديث تتحدد مسؤولية الرجل ومسؤولية المرأة، فالرجل مسئول عن رعاية أهله بالتكسب لهم والنفقة عليهم، والمرأة مسئولة عن رعاية بيتها والعناية بشؤونه.
فهذه هي مهمة المرأة الحقيقية والتي تتناسب مع فطرتها السوية، وتتوافق مع خلقتها البدنية وتتماشى مع تكوينها النفسي.
لذلك أمر الله المرأة بالقرار في البيت، وأمر الرجل بالسعي في الدنيا والبحث عن الرزق فقال - تعالى -في شأن المرة: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ) (33: الأحزاب)، وهذا هو لأمر المتوافق مع طبيعة المرأة الضعيفة، التي تغلبها العاطفة وتسيطر على تصرفاتها، وهذا من حكمة الله الذي يعلم ما خلق: (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) (14: الملك) حتى تحنوا على ولدها وتصبر على معاناة تربيته ورضاعة، وما يلحقها من ذلك من مشقة، فتصبر عطفا على ولدها وحبا له، وهذا ما لا تجده عند الرجال الذين تغلب عليهم الشدة وقلة الصبر من معاناة الأطفال، وهذا يوصلنا إلى أن قرار المرأة في بيتها هو أصلح لها ولولدها وزوجها ومجتمعها، وأحفظ لدينها وحيائها، وأرعى لعفافها وكرامتها.
ولكن دعاة التغريب وحملة راية الفساد يأبون إلا أن تخرج المرأة من دارها ويّدعون أن بقائها في منزلها تعطيل لمُقدَراتِها، وشل لقُدراتها، وإهمال لنصف المجتمع، غافلين أو متغافلين أن بقاء المرأة في بيتها لا يعني تعطيلها عن خدمة مجتمعها أو قيامها بواجبها واستفادتها من قُدراتها، بل بقائها في بيتها هو تفريغ لها لواجبها الأسمى وتحقيق للفائدة العظمى منها لها ولمجتمعها، فهي في المنزل تربي للمجتمع، وتصنع الرجال وتحفظ النساء، فهي تبنى الإنسان وتُقوِّم سلوكه وتحقق استفادة المجتمع كله منه، وهذا والله هو أعظم واجب تقوم به وأكمله، فإذا كان الرجل يخرج من منزله ليعمل من أجل أن يبنى المجتمع، أو يُطعم ويَسقي، فإن المرأة تصنع الإنسان الذي يصنع المجتمع، وتربي الأجيال الذين يرتقى بهم، وهذا والله أعظم وأكرم من عمل الرجل الذي يتعامل مع الجماد والإنسان كجسد، أما المرأة فهي تتعامل مع الإنسان كروح تحيى بحياتها مجتمعات وتموت بموتها أخرى.
وقد شكي من خروج النساء من منازلهم وتركهم مهمتهم الأولى ـ وهي تربية الأجيال ـ الغرب أنفسهم الذين جربوا ذلك وفقدوا بسببه كثيراً من معاني الحياة الحقيقة، إذ أنه(5/169)
بعمل المرأة وخروجها من بيتها يتعطل المجتمع كله، فيقول أحد أركان النهضة الإنجليزية: إن النظام الذي يقضي بتشغيل المرأة في المعامل مهما نشاء عنه من الثروة فإن نتيجته هادمة لبناء الحياة المنزلية، لأنه يهاجم هيكل المنزل ويقوض أركان الأسرة ويمزق الروابط الاجتماعية ويسلب الزوجة من زوجها والأولاد من أقاربهم وصار بنوع خاص لا نتيجة له إلا تسفيل أخلاق المرأة إذ وضيفتها الحقيقية هي القيام بالواجبات المنزلية مثل ترتيب مسكنها وتربية أولادها والاقتصاد في وسائل معيشتها مع القيام باحتياجاتهم البيتية.
ولكن المعامل تسلخها من كل هذه الواجبات بحيث أصبحت المنازل غير المنازل، وأضحت الأولاد تشب على عدم التربية وتلقى في زوايا الإهمال، وانطفأت المحبة الزوجية وخرجت المرأة عن كونها الزوجة الظريفة والمحبة اللطيفة وصارت زميلة في العمل والمشاق، وصارت معرضة للتأثيرات التي تمحو غالبا التواضع الفكري والتوادد الزوجي والأخلاق التي عليها مدار حفظ الفضيلة. انتهى كلامه. (عن رسالة عمل المرأة بين الشرع المطهر والواقع الملموس/ فيصل العمري).
وهذه شهادة مجرب عاش واقع خروج المرأة من بيتها وعدم قرارها فيه، والعاقل من أعتبر بغيره، وكفي بالذي خلق الثقلين بصيراً وخبيرا فقد أمر المرأة بقرارها في بيتها ووجهها إلى رعاية شؤونه ونهاها عن ترك هذه المهمة العظيمة، حتى يتكامل المجتمع، ويقوى بنائه ويصلح حاله.
وكل من ترك ما أمر الله به إلى ما نهاه عنه وجد من مغبة ذلك ومفسدته ما يندم عليه حين لا ينفع الندم.
وبهذا نصل إلى نهاية المطاف من تبين سياج العفاف وشد عراه، والذي يسعى أرباب الفساد ودعاة التغريب إلى نقض عراه وهدم بنائه، من خلال الدعوة إلى السفور والاختلاط وترك المرأة لبيتها، وما يلحقها بعد ذلك من مصائب ومفاسد لا يعلمها إلا الله والله المستعان.
فاحذر أخي المسلم واحذري أختي المسلمة من الاغترار بكيدهم أو الانخداع بمكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال، حتى ولو تلبسوا بلباس الدين أو تمسحوا بكلمات الشريعة، وعليكم بالأمر العتيق الذي يُحفظ به الدين وتقوم به الشريعة.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
13/11/1425
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ
السفور والتبرج
محمد العبد الله
لقيت المرأة المسلمة من التشريع الإسلامي عناية فائقة كفيلة بأن تصون عفتها، وتجعلها عزيزة الجانب سامية المكانة، وإن القيود التي فرضت عليها في ملبسها وزينتها لم تكن إلا لسد ذريعة الفساد التي تنتج عن التبرج بالزينة، فما صنعه الإسلام ليس تقييداً لحرية المرأة، بل هو وقاية لها من أن تسقط في درك المهانة، ووحل الابتذال، أو تكون مسرحاً لأعين الناظرين.(5/170)
وفي كل مجتمع لا يهتدي بهدي الإسلام ولا يزن أعرافه وتقاليده بميزان الشرع الحنيف، تُمتهن المرأة وتبتذل أنوثتها، وتُضطرها أعراف المجتمع إلى السفور والتهتك، وتجبرها التقاليد الاجتماعية الجاهلية على إظهار محاسنها ومفاتنها وعَرْضها على الرجال في الأسواق والطرقات، وفي المصانع والمكاتب، وفي النوادي وأماكن اللهو والفجور.
إنَّ الإسلام حين شرع الحجاب تكريماً للنساء وصيانة لهن من أن يتعرض لهن الفسَّاق والأرذال بالسوء من القول أو الفعل، وحماية لأنوثتهن من أن يعتدي عليها أهل البغي، قال - تعالى -: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فلا يُؤْذَيْنَ..} والمراد من إدناء الجلابيب في الآية: تغطية الوجوه وسترها؛ لأنَّ النساء أمرن أولاً في سورة (النور) أن يضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها، ثم جاء الأمر بإدناء الجلابيب في سورة الأحزاب، لتغطي النساء وجوههن.قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: "أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب".
وأمَّا ما رواه أبو داود عن عائشة - رضي الله عنها -، أنّ أسماء دخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعليها ثياب رقيقة، فأعرض عنها الرسول - صلى الله عليه وسلم - وقال: "يا أسماء إنَّ المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يُرى منها إلا هذا وهذا، وأشار إلى وجهه وكفيه" فهذا الحديث ضعيف، إذ هو ساقط الإسناد، عليل المتن، وأسماء رضى الله عنها أجلّ من أن تدخل على المصطفى - صلى الله عليه وسلم - بهذه الهيئة.
ولذا قال بعض العلماء: إنَّ من استدل بحديث عائشة هذا على إباحة كشف المرأة وجهها فهو داعية للسفور.
ولقد أمر الله - تعالى -أمهات المؤمنين أن يسترن وجوههن بقوله: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ..}.
عباد الله: فإذا كان كشف وجوه نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - لا تؤمن معه الفتنة على الرغم من كونهن أطهر النساء، وأكثرهن عفافاً، والصحابة أكمل الناس إيماناً وأبعدهم عن الريبة، إضافة إلى كون نساء النبي أمهات للمؤمنين، فكيف تؤمن الريبة والفتنة، في كشف وجوه غيرهن من النساء، أمام رجال العصور التالية؟
أم أنّ الله - تعالى -يريد الطهر والعفاف لنساء النبي - صلى الله عليه وسلم - وللصحابة الكرام، ويريد غير ذلك أو يرضى بغير ذلك لسائر النساء والرجال من المؤمنين والمؤمنات؟ - تعالى -الله عن ذلك علواً كبيراً.
هذا، والإسلام أمر النساء بالقرار في البيوت ونهاهن عن السفور في الأسواق والتبرج في الشوارع والطرقات، والتبختر في المنتزهات المختلطة، والأماكن المزدحمة، قال الله - تعالى -: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ولا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأولَى.. }.
حتى الخروج إلى المساجد للصلاة لم يرغِّب الإسلامُ النساءَ فيه، وإن كان لم يمنع النساء من الخروج، بشرط الستر وعدم الزينة ونبذ العطر.(5/171)
إنَّ البيت هو سكن المرأة المسلمة وقرارها، وفيه أمنها واطمئنانها، وفيه تمارس ما يلبي نداء فطرتها ويشبع ميولها وينمي مواهبها في رعاية الزوج والأطفال؛ لتكون الأسرة مترابطة متماسكة، وبالتالي تكونُ لبنة قوية في بناء المجتمع.
والإسلام إذ أمر النساء بالقرار في البيوت وأعفاهن من السعي والكد في طلب الرزق، ومن الإنفاق، حتى على أنفسهن، أراد أن تتفرغ النساء لمهمتهن الأولى وهي الإنتاج البشري، وهي مهمة خطيرة يترتب على نجاح المرأة فيها صلاح المجتمع وسلامته وتقدمه ورقيه، ويترتب على فشل المرأة في هذه المهمة انحلال المجتمع وانفراط عقده وتخلفه وانحطاطه؛ لأنَّ ما تنجبه المرأة عماد المجتمع في المستقبل وهم قادته وجنوده، وعماله وموظفوه، وعلماؤه ومفكروه، فبمقدار صلاحهم يصلح المجتمع، كما إنَّه يفسد بفسادهم وانحطاطهم.
إنَّ أعداء الإسلام يدركون قيمة الحجاب وأثر قرار المرأة في بيتها، في حماية المرأة المسلمة وصيانة عفتها وطهارتها، وفي دفع الشرور والآثام، وأسباب الانحلال عن المجتمع المسلم؛ لذلك تراهم يشنون على الحجاب حرباً شعواء يصفون بالظلم والجور تارة، وتارة بأنّه دخيل على حياة المسلمين، وتارة ثالثة بأنَّه يحول دون تقدم المجتمع، بل قد قال زعيم هالك: "الحجاب تقليد من التقاليد البالية العتيقة"، كما تراهم يزينون للمرأة الخروج من بيتها بسبب وبدون سبب، ويشبهون البيت بالسجن وبالقبر مرة أخرى {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلا كَذِبًا}.
وما بأعداء الإسلام عطف على المرأة المسلمة ولا رحمة بها، وما بهم غيرة على الإسلام ولا حبّ للمسلمين، إنَّما هو الكيد المستمر الذي يصدر عن الحقد الدفين والكراهية المكبوتة في نفوسهم، التي حدثنا ربنا- تبارك وتعالى -عنها بقوله: {هَاأَنتُمْ أُوْلاء تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ.. }.
اللهم تولَّ عنا أعداءك وردهم على أعقابهم خاسرين يا سميع الدعاء.
لقد شنَّ اليهود الحرب الشعواء على حجاب المرأة المسلمة من قديم، مذ تآمروا على نزع حجاب المرأة المسلمة وكشف سوأتها في سوق بني قينقاع أيام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وما زالت حربهم مشبوبة مشتعلة، لا يزيدها الزمن إلا اشتعالاً واضطراماً؛ لأنَّهم يعرفون جيداً أن إفساد المرأة المسلمة إفساد للمجتمع المسلم ودمار له من الداخل، كما أنَّ الصليبية العالمية تقوم بالعمل نفسه وعلى المستوى نفسه، ذلك أنَّ شياطين الصليبية يدركون جيداً أنَّ هدم الأسرة هدم للمجتمع، وأنَّ سفور المرأة وترقبها هدم للأسرة، وتفكيك لأواصرها، فشجعوا المرأة على أن تخرج وتشارك في الجمعيات، كما كان لهم كبير الأثر في استحداث المجلات النسائية في بلاد الإسلام، تلك التي تُظهر المرأة السافرة بمظهر المرأة العصرية المتقدمة، فتحضر في الحفلات المختلطة بأبهى زينة وتصنع ما يصنع الرجل نفسه في حياته اليومية.
وكل أولئك حرب على الحجاب ودعوة إلى السفور والتبرج وهجران البيوت، إلى الأسواق والنوادي، والحفلات المتواصلة.(5/172)
وقد بيَّن من لا ينطق عن الهوى، - صلى الله عليه وسلم -، بيَّن الضرر الكبير المترتب على خروج النساء من البيوت وتبرجهن، وأنه يعطي أعظم فرصة للشيطان لكي ينصب شباكه ويوقع الناس في شراكه، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان" (رواه الترمذي وقال: حسن صحيح، من حديث ابن مسعود).
كما بيَّن لنا - صلى الله عليه وسلم - الضرر الكبير المترتب على فساد النساء وسفورهن، قال: "ما تركت بعدي فتنة أضرَّ على الرجال من النساء" (متفق عليه).
لذلك فقد نهى الإسلام عن أسباب الإثارة الجنسية كلها، وهي المقصود بالنهي عن التبرج، فلا يجوز للمرأة أن تمس الطيب قبل خروجها من بيتها إذا كانت تمر على الرجال في طريقها، عن أبي موسى رضى الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "كل عين زانية والمرأة إذا استعطرت فمرَّت بالمجلس كذا وكذا يعني زانية" (رواه أبوداود والترمذي وقال: حسن صحيح).
ولا يجوز لها أن تمشي مشية فيها دلال وتميع، ولا أن تدل الرجال على زينتها المخفية، قال - تعالى -: {وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ.. } كما لا يجوز لها أن تكلم الرجال بصوت ناعم رقيق {فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفًا}.
وثمة رسالتان أنصح كل مسلمة ومسلمة بقراءتهما: "المرأة بين دعاة الإسلام وأدعياء التقدم"، و"المرأة في سوق النخاسة العالمي".
واعلموا ـ أيها الأولياء الكرام ـ إنَّ المرأة متى ما تشوقت إلى الخروج من بيتها في كل مناسبة واجبة أو غير واجبة، فإنَّ ذلك نذير شر وعلامة شؤم، وحينئذٍ فلا يحق للولي السكوت والتغافل، وإلا كان مغفلاً غير كفءٍ للولاية. وما زال السلف يوصون أتباعهم بحض النساء على ملازمة البيوت صوناً للحشمة وصيانةً للعرض، وفي أوقات غلبت فيها التقوى ولا يجاهر فيها بالمنكر، حتى قال إمام أهل السنة والجماعة شيخ الإسلام والمسلمين الإمام "أحمد بن حنبل"ـ - رحمه الله - ـ إذ قال لأصحابه ذات يوم: "ليس للمرأة خروج من بيت أبيها إلا مرتين، إما إلى الزوج وإما إلى القبر". هذا مع ما نقل عنه ـ - رحمه الله - ـ من اللين والتودد لآل بيته.
إنَّ المرأة المسلمة ـ بحمد الله ـ حين تفتخر بدينها وبعفتها، لتفتخر أيضاً بحجابها، ذلك الحجاب الذي تميَّزت به حتى أصبح من مقومات عزّتها، وتمسكها بحجابها، لا تزيده الأيام إلا شدة، وكثيراً ما يكون الحجاب لديها معياراً للعفة وعدمها، وبالتالي فإنَّ الطاعن في الحجاب عندها تائه لا قيمة له، فليربع على أنفسهم الساخرون بحجاب المرأة، الشانئون له؛ لأنّ مآل جهودهم الخيبة والخسار.
لقد أُبتلينا في هذا الزمان بأُناس يتطفلون على الكتابة ويزعمون أنَّهم يعالجون الأوضاع، يلبسون لباس المصلحين والمربين والمفكرين، ولكنهم في الحقيقة يفسدون ولا يصلحون، لهم أغراض ومآرب مكشوفة، ولا يخفى أمرهم على أحد.
وتطاول هؤلاء فيما تطاولوا على الحجاب، وجعلوه عرضة لسهامهم الخاسئة وعباراتهم التي تنبئ عن قلة دين، وحقد على الخير وأهله، وكان من آخر هؤلاء كاتبة سطحية الفكرة كما يبدو من مقالها الذي أطلقت فيه على الحجاب لقب "الكيس(5/173)
الأسود"، أجل إنَّه كيس أسود يُعف من بداخله عن التردي في أوحال الرذيلة، ويحميها من أعين الذئاب البشرية، إنَّ هذا الكيس الأسود هو عنوان شرف المرأة ورمز عفتها، وهو التاج الذي تزهو به المرأة المسلمة وتفاخر به، ألا فليخسأ الشانئون والحاقدون، وليعلموا أنَّ سهامهم طائشة إن لم ترتد عليهم، وأنَّ سعيهم هباء، وإن هم في أعين الناس إلا ساقطون مرذولون، معدودون في زمرة قاسم أمين وهدى شعراوي من دعاة السفور والفجور.
عن صفية بن شيبة قالت: بينما نحن عند عائشة رضى الله عنها فذكرنا نساء قريش وفضلهن، فقالت عائشة رضى الله عنها: "إن لنساء قريش لفضلا، وإني والله ما رأيت أفضل من نساء الأنصار أشد تصديقاً لكتاب الله، ولا إيماناً بالتنزيل، لقد أُنزلت سورة النور: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ..} فانقلب رجالهن إليهم يتلون عليهم ما أنزل الله إليهم فيها، ويتلو الرجل على امرأته، وابنته، وأخته، وعلى كل ذي قرابته، فما منهن امرأة إلا قامت إلى مِرطها المرحَّل، فاعتجرت به، تصديقاً وإيماناً بما أنزل الله من كتابه، فأصبحن وراء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معتجرات كأنَّ على رؤوسهن الغربان.
أسأل الله أن يحفظنا وإياكم من كل مكروه، وأن يعصمنا من كل فتنة في أنفسنا وفي أهلينا، اللهم يا غوث المتقين ويا أكرم من دُعي وأعزَّ من رُجي أجب دعاءنا وحقق رجاءنا يا أرحم الراحمين.
03/06/1424 هجري الموافق 01/08/2003 ميلادي
http://www.lahaonline.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ
أيها المرجفون؛ كفوا أيديكم عن خمار نسائنا
د. وسيم فتح الله
إن أدب وفقه الاختلاف المقرر والمعتمد عند العلماء يقضي بعدم الإنكار على المخالف في مسائل الاجتهاد، وأصل هذا في القرآن الكريم قوله - تعالى -: " وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين. ففهمناها سليمان وكلاً آتينا حُكماً وعلماً "(الأنبياء 87)، فتأمل هذا الأدب القرآني الرفيع وتأمل هذا التوجيه الإلهي البليغ نحو التزام هذا الأدب مع من خالف في اجتهادٍ ما ولو تبين خطأ اجتهاده أو تفويته للأكمل، فالآية صوبت حكم سليمان - عليه السلام - ثم أثنت على داود وسليمان - عليهما السلام - بوصف الحكم والعلم، وهكذا كان هدي النبي - صلى الله عليه وسلم -، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الأحزاب: " لا يُصليَّن أحدٌ العصر إلا في بني قريظة"، فأدرك بعضهم العصر في الطريق، فقال بعضهم لا نصلي حتى نأتيها، وقال بعضهم بل نصلي لم يرد منا ذلك، فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يعنف واحداً منهم. (صحيح البخاري)، وهكذا كان هدي الصحابة رضوان الله - تعالى -عليهم فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: " كنا نسافر مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلم يَعِب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم"(صحيح البخاري). هذا هو أدب القرآن والسنة ومنهج الصحابة المأمور بالتأسي والاقتداء بهم، ولكن من منسوبي(5/174)
العلم اليوم من يأبى إلا أن يشن الغارة على إخوانه المسلمين ليسفه من عقولهم ويضع من قيمة اجتهادهم ويأنف من التزام أدب القرآن والسنة في التعامل مع الاجتهاد المخالف، بل وإن من هؤلاء من يبالغ في الإنكار بصيغٍ لا يستعملها مع أهل الكبائر والفسق مع إخوانهم، وها قد طلع علينا نفر من هؤلاء يشنون الغارة على خمار المرأة المسلمة ونقابها ويشنعون على من تغطي وجهها ويعلقون كل تراكمات جهل وتخلف الأمة على ذلك، بل وينسبون إلى بعض المسلمات التذرع بالنقاب إلى فعل الفاحشة، فقد وجدنا أن الأمر قد انفلت عند هؤلاء إلى الحد الذي لا بد فيه من الإنكار، وخلافاً لمنسوبي العلم هؤلاء فإن هذا الإنكار لن يكون على شاكلتهم، فهم ينكرون علينا أمراً سائغاً ليس بمحل إنكار وهو القول بوجوب تغطية وجه المرأة عن الأجانب، وأما نحن فننكر عليهم هاهنا مخالفتهم أدب القرآن والسنة ونهج الصحابة الذين هم قدوة الأمة، وصدق القائل: ما عاملت من عصى الله فيك بأشد من أن تطيع الله فيه.
بادئ ذي بدء أقول إن أمنا أم المؤمنين الطاهرة العفيفة الشريفة المبرأة من فوق سبع سماوات عائشة - رضي الله عنها - قد ذكرت: " أن نساء المؤمنات كن يصلين الصبح مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم يرجعن متلفعاتٍ بمروطهن لا يعرفهن أحد" وفي رواية " مِن الغَلَس" (صحيح البخاري ومسلم واللفظ له)، قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله -: "قال الأصمعي: التلفُّع أن تشتمل بالثوب حتى تجلل به جسدك، وفي شرح الموطأ لابن حبيب: التلفع لا يكون إلا بتغطية الرأس، والتلفف يكون بتغطية الرأس وكشفه"(فتح الباري)، وعن عائشة - رضي الله عنها - كانت تقول: " لما نزلت "وليضربن بخمرهن على جيوبهن"(النور 31) أخذن أُزرهن فشققنهن من قِبل الحواشي فاختمرن بها"(صحيح البخاري)، وإذا أردت أيها المسلم أن تعلم مقصود أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - بالاختمار فتأمل حديثها في حادثة الإفك وفيه عنها - رضي الله عنها -: "... فوجدت عقدي بعدما استمر الجيش فجئت منازلهم وليس بها داعٍ ولا مجيب، فأممت منزلي الذي كنت به وظننت أنهم سيفقدوني فيرجعون إلي، فبينا أنا جالسة في منزلي غلبتني عيني فنمت، وكان صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني مِن وراء الجيش فأدلج فأصبح عند منزلي، فرأى سواد إنسانٍ نائم، فأتاني فعرفني حين رآني، وكان رآني قبل الحجاب، فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني، فخمَّرت وجهي بجلبابي و والله ما كلمني كلمة ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه" (صحيح البخاري)، قال الحافظ ابن حجر: " قوله - أي الراوي- (فعرفني حين رآني) هذا يُشعر بأن وجهها انكشف لما نامت، لأنه تقدم أنها تلففت بجلبابها ونامت، فلما انتبهت باسترجاع صفوان بادرت إلى تغطية وجهها. قوله: (وكان يراني قبل الحجاب) أي قبل نزول آية الحجاب. " وقال ابن حجر: (فخمَّرت) أي غطيت (وجهي بجلبابي) أي الثوب الذي كان عليها" (فتح الباري شرح صحيح البخاري)، قلت: فهذا صريح واضح في تفسير المقصود بالحجاب والخمار وأنه يعني تغطية الوجه عن الأجنبي، وعائشة - رضي الله عنها - علقت الفعل بنزول آية الحجاب فدل على أن فعلها امتثال لأمر الشرع وليس من قبيل العادة والعرف كما يدعي بعض القوم كذباً وزوراً وبهتاناً، بل إن الحديث صريح في أن النساء كن يُعرَفن قبل الحجاب كما هو واضح، وقال الإمام النووي - رحمه الله -(5/175)
في شرحه لصحيح مسلم: "واعلم أن في حديث الإفك فوائد كثيرة" ثم ذكر منها: " التاسعة عشرة: تغطية المرأة وجهها عن نظر الأجنبي، سواء كان صالحا أو غيره. " (صحيح مسلم بشرح النووي). وسوف أقف عند هذا الحد من النصوص والأدلة الشرعية لنبدأ بإذن الله - تعالى - بصد الغارة المسعورة التي يشنها هؤلاء على خمار نساء المؤمنات، اللهم يسر وأعن:
أولاً: شبهة كون تغطية الوجه أمر عرفي من أعراف المجتمع الجاهلي وأن الإسلام سكت عنه فصار من نوع المباح شبهة باطلة، والجواب عنها من وجوه (منها) لقد تقدم في حديث الإفك أن تغطية الوجه لم يكن معروفاً قبل نزول آية الحجاب، ولا أدري أندع قول عائشة - رضي الله عنها - لقول مذيعة أو عاملة اجتماعية أو دعية تحرير المرأة أو منسوبة علم ونحوه أم ماذا؟، و(منها) أنه لو كان الحال كما يزعم هؤلاء من أن تغطية الوجه كان من أعراف الجاهلية، فما الحاجة إذن لنزول آية الحجاب؟ أم يرى هؤلاء أن نساء الجاهلية كن يغطين وجوههن ثم يكشفن رؤوسهن وأبدانهن؟ هل تستطيع أيها المسلم أن تتمالك نفسك من الضحك من مثل هذا السفه! و(منها) ما رواه مسلم في صحيحه عن هشام عن أبيه قال: " كانت العرب تطوف بالبيت عراة إلا الحمس والحمس قريش وما ولدت كانوا يطوفون عراة إلا أن تعطيهم الحمس ثياباً فيعطي الرجال الرجال والنساء النساء"، قال الإمام النووي: " هذا من الفواحش التي كانوا عليها في الجاهلية"(صحيح مسلم بشرح النووي)، نعم هكذا كان العرب في الجاهلية فهل ترون في مثل هذا مكاناً لتغطية الوجه تحت وطأة العرف؟ سبحانك هذا بهتانٌ عظيم! قلت: بل لعل هذه العري هو ما تطمح إليه خفايا هذه الحملة المسعورة التي يشنها المرجفون على المؤمنات اللواتي اتخذن أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - قدوةً لهنَّ وأسوة، ألا فليكف المرجفون عن أعراض نسائنا، وليرفعوا الخمر عن عقولهم وعقولهن فإن محل الخمر على الوجوه لا على العقول.
ثانياً: يقول بعض المرجفين إن تغطية الوجه أمر عرفي مباح شرعاً ثم يشنون الغارة على المؤمنة التي تغطي وجهها وتمارس في رأيهم هم أمراً مباحاً، ويستندون في إنكارهم إلى ذرائع وحجج أوهى من بيت العنكبوت، وجواب هؤلاء من وجوه (منها) حديث جابر - رضي الله عنه - أن رجلاً سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: أرأيت إذا صليت الصلوات المكتوبات، وصمت رمضان، وأحللت الحلال وحرمت الحرام، ولم أزد على ذلك شيئا أأدخل الجنة؟ قال: نعم. قال: والله لا أزيد على ذلك شيئا"(صحيح مسلم)، فكيف تنكرون على من يفعل ما تقولون أنتم أنه مباح؟ وكيف تنكرون على من فعل المباح بزعمكم فعل المباح وقد قرر الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن اعتقاد حل المباحات وتعاطيها معلم من معالم طريق الجنة؟، و(منها) أن ما تستندون إليه من ذرائع موهومة من أن التي تغطي وجهها تستغل ذلك للغش والخيانة الزوجية والإخلال بأمن الدولة ليس إلا ركضةً من ركضات الشيطان في عقولكم، ولا يصح تقييد المباح كما تزعمون بذرائع فاسدة هي لقذف المؤمنات المحصنات الغافلات أقرب منها إلى النصح للمسلمين، لقد وجد الزنا في الجاهلية وما كن نساءً يغطين وجوههن، وها هو الزنا واللواط في الغرب وما وجدنا الزناة واللوطية والساحاقيات عندهم يغطين وجوههن، وأما أمن الدولة فكفاكم(5/176)
متاجرةً بأمن الدولة لأن الله - تعالى -قرر منظومة أمن الدولة في قوله - تعالى -: " الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون"(الأنعام 82)، ومع ذلك فقد قطع فقهاء الأمة دابر أمثالكم ولكنهم لم يستأصلوا مع الأسف شأفتكم عندما أفتوا بجواز كشف الوجه للتحقق من شخص الشاهدة عند القاضي والحاكم ونحوه، وإن كنا أولى بعدم الحاجة لذلك حيث إن أجهزتنا الأمنية قد اقتنت كل جديد في عالم التقنية لتصوير شبكيات أعين المسلمين وتقديمها إلى أجهزة أمن الكافرين، فها قد وجد البديل للتحقق من شخصية المسلمة بدون الحاجة إلى كشف وجهها. ولكن دعوني أكشف لكم حقيقة منظومتكم الأمنية الخسيسة؛ إن أذناب الطاغوت وأبواقه الناعقين صباح مساء لا ينعمون بالأمن إلا عندما يرون المسلم والمسلمة يطرحون دينهم جانباً، اليوم نطرح خمار الوجه وغداً نرفع غطاء الرأس وبعد غد نفوز بالميدالية الذهبية في سباق السباحة واستعراض لحوم بناتنا على مسارح العهر والفجور، عندها فقط سيشعر هؤلاء المسعورون بالأمن، ولكن هيهات هيهات...
ثالثاً: زعمت إحدى هؤلاء أن القائلين بوجوب تغطية الوجه يكفرون من يرى جواز كشفه وهذا عدا عن كونه باطلاً فإنه أسلوبٌ موغلٌ في الإسفاف بعيدٌ عن منهج أهل الحق غريبٌ كل الغربة عن أمانة المسلم وأتحدى هذه القائلة وكل من يزعم زعمها أن يأتينا بقولٍ صحيح منسوبٍ لمن يعتد بقوله من أهل العلم القائلين بوجوب تغطية وجه المرأة يكفر فيه من لا يرى ذلك من المسلمين، وحسبي في هذه قول المعصوم - صلى الله عليه وسلم -: " إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالاً يرفعه الله بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم"(صحيح البخاري)، فليحذر هؤلاء من إلقاء الكلام ونسبة الأقوال بغير سند ولا دليل، والمؤلم أن أسلوب الاتهام بالتكفير هذا قد أصبح ديدن القوم في تنفير الناس من اجتهادات غيرهم، فحسبي الله - تعالى -في هؤلاء ونعم الوكيل.
رابعاً: لقد وضع الشرع علامات وأمارات يعرف بها الحق من الباطل، وإن من علامات الحق حب أهل الإيمان له وبغض أهل الكفر والنفاق له، وإن من علامات الباطل بغض أهل الإيمان له وحب أهل الكفر له، قال - تعالى -: " ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن يُنزَّل عليكم من خير من ربكم"(البقرة 105)، وقال - تعالى -: " يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانةً من دونكم لا يألونكم خبالاً ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بيَّنا لكم الآيات إن كنتم تعقلون" "(آل عمران 118)، وإن من المشاهد بالحس والواقع أن الكفار يفرحون كلما انكشف شيء من جسد المسلمة الطاهرة، وها هو سلفهم اليهودي الهالك يكشف سوأة امرأة مسلمة غدراً وخسةً وخيانةً في سوق بني قينقاع فتقوم لهم سيوف الحق مشرعةً حتى جلاء آخر كلبٍ من كلابهم، ولئن كانت يهود ولا زالت تستعمل الخسة والحيلة في هتك عورة المسلمة فما بال بعض بني جلدتنا يأبى إلا أن يفعل ذلك جهاراً نهاراً؟ وما بال بعض بني جلدتنا يفرحه ما يفرحه الكفار ويسوؤه ما يسوؤهم؟
خامساً: إن من يتعبد لله - تعالى -باجتهاد سائغٍ كاستنباط وجوب تغطية الوجه من جملة نصوص الكتاب والسنة يعتبر هتك هذا الستر هتكاً لعرضه، وعليه فإني أحذر(5/177)
كل من يستطيل بفكره أو بسوء ظنه أو بلسانه أو بجارحته على أعراض المؤمنات والمؤمنين، فيغمزهن أو يلمزهن أو يسفه من تعبدهن لله - تعالى - بذلك، ولست أحذرهم بمحض رأيي وإنما لي قوله - تعالى -: " والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً"(الأحزاب 58)، وقالت عائشة - رضي الله عنها - حين سألها مسروق عن حسان بن ثابت وقد كان من الذي تكلموا في الإفك وتابوا قال لها: لم تأذنين له يدخل عليك وقد قال الله: " والذي تولى كِبره منهم له عذابٌ عظيم"(النور 11)، فقالت: " فأي عذاب أشد من العمى إنه كان ينافح أو يهاجي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"(صحيح مسلم)، فها هي فقيهة الأمة ترى أن إصابة حسان - رضي الله عنه - بالعمى كان نوع عقوبة لما اقترفه من حديث الإفك، فتنبهوا يا من تنكرون على من يغطين وجوههن، فقد كانت عائشة بنت الصديق ممن تغطي وجهها كما ذكرنا في قصة الإفك، وإن اللواتي يغطين وجوههن عن الأجانب اليوم إنما يأتمرن بأمر الله ويقتدين بزوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولقد قُذفت عائشة - رضي الله عنها - وأرضاها بالفاحشة فلم يتهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خمار وجهها، وتخلفت عن الجيش حين ظنوا أنها في الهودج فلم يتهم تخفيها عن الناس واستتارها عن الأجانب في هودجها، فتأملوا واحذروا أن يصيبكم ما أصاب حسان، وما يدريكم أن توفقوا للتوبة كحسان - رضي الله عنه - وأرضاه..
سادساً: ألم يجد هؤلاء غير منكر تغطية الوجه بزعمهم لينكروا عليه، أم لعلهم لا يريدون الإخلال بأمن الدولة والمجتمع بأمر السافرات الكاسيات العاريات بالحجاب والستر، ويريدون كشف وجه كل مسلمة حتى يستطيع أتباع إبليس طلاءه بعد ذلك بشتى أنواع الحماقات والدهانات والأصبغة فيتفرج عليهن إبليس وأعوانه ويضحكون من أشكال الدمى التي تتحول إليها بنات المسلمين كل يوم، أين أنتم يا أصحاب فقه الأولويات وفقه الواقع وفقه الاختلاف وفقه كل شيء، أين أنتم؟
أيها الحانقون على نساء الإسلام، أيها المرجفون في كل مكان، ألا فلتكفوا عن نسائنا ولتكفوا عن خمار نسائنا، ولتكفوا عن نقاب نسائنا، ولتعلموا أنكم لو أرجفتم بشبهات أهل الباطل أجمع لما تخلينا عن ستر نسائنا وخمار نسائنا أو تنقطع أعناقنا دون ذلك بإذن الله - تعالى -، وأما من يتشدق بالإنكار على من تستر وجهها فلينشغل بنفسه أو بالإنكار على من تكشف نحرها وصدرها وفخذها وجسدها فإنهن كُثُر والخطر منهن على الأمة عظيم، وإن أبيتم إلا هتك ستر العواتق وذوات الخدور، فإن لنا على المبالغة في التحفظ والستر: "وقرن في بيوتكن "(الأحزاب33) ولا شيء لكم على المبالغة في إرضاء إبليس، وعسى الله أن لا يميتكم حتى يريكم وجوه المومسات، تلك كانت دعوة أم جريج في ساعة غضب كما صح الحديث، ونحن ندعوها في ساعة غضب لأعراضنا، ولكنه غضبٌ لن ينطفئ حتى تكفوا أو يرينا الله - تعالى -فيكم ما يريد، وإن من بيننا وبينكم الجنائز، والله غالبٌ على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون...
http://www.saaid.net المصدر:
-ـــــــــــــــــــ(5/178)
حجاب المرأة المسلمة
الدكتور مسلم اليوسف
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستهديه ونستغفره، ونسترشده، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
قال - تعالى -: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (آل عمران: 102).
وقال أيضاً: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) (النساء: 1).
وقال جل جلاله: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً)
(يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) (الأحزاب: 70-71).
أما بعد:
فإن أحسن الكلام كلام الله، - عز وجل -، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم -، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. [1]
وبعد:
إن قضية الحجاب شكلت على مدى عقود كثيرة محورا رئيسا لمحاربة الإسلام، وأهله، وتناميه في ظل الهجمة المستعرة، والمتبناة من قبل العديد من الدول والجمعيات والمؤسسات النسائية الغربية، والمستغربة المنتشرة في أرجاء عالمنا العربي، والإسلامي والهادفة إلى تدمير النسيج القيمي والعقدي، والأخلاقي في مجتمعنا المسلم من خلال إدخال، وترويج، مفاهيم خاطئة أساساً، ومدمرة لقيم وأخلاق، وحياة المرأة المسلمة.
و لعل ملخص الشبهات التي تدور حول حجاب المرأة المسلمة تتلخص بالأفكار التالية:
1- دعوة المرأة المسلمة إلى تغطية شعرها باعتباره عورة لا يجوز كشفه للرجال، فكرة لا تستند إلى نص إسلامي بل تستند إلى نص الإجماع الحادي عشر من رسالة بولس الأول إلى أهل كونثوس التي يقول فيها: كل امرأة تصلي، أو تتنبأ، ورأسها غير مغطى، تشان. إذ المرأة إن كانت لا تتغطى فليقص شعرها، وإن كان قبيحاً بالمرأة أن تقص أو تحلق، فلتتعظ [2]) [3]
2- أن الحجاب تقاليد فقهية ليس لها مصدر قرآني واحد، ولا يمكن تفسيرها إلا في ضوء رسائل بولس [4]، الذي يقول: ليس إذن للمرأة أن تتعلم، ولا تتسلط على الرجل بل تكون في سكوت) [5].
3- أن الأمر الوارد في سورة الأحزاب، الآية 59 ليس أمرا لجميع النساء في جميع العصور بأن يلبسن الجلابيب، ولا يستقيم تفسير النص على هذا النحو، إلا في منهج فقيه بدوي من أهل القرن السابع الميلادي يريد أن يفرض جلباب والدته على مسيرة(5/179)
الحضارة باسم الله، والإسلام. أما فيما عدا ذلك، فإن الآية تتوجه بوضوح بنهي المرأة عن تسخير ثيابها في أغراض التبرج، وهي فكرة لا علاقة لها بالحجاب، ولا تلزم المرأة بزي معين، بل تلزمها بأن تتحرر من عقدة الجارية، وتكف عن اعتبار نفسها مجرد سلعة جنسية [6].
1- أن الحجاب رمز ديني كأي رمز عند باقي الأديان مثل الصليب عند النصارى، والقلنسوة عند اليهود، ولا علاقة له بجوهر الإسلام.
وللرد على هذه الشبهات لا بد من التأكيد على المنهج العلمي الصحيح القائم على الكتاب، والسنة، وفهم السلف الصالح لهذين المصدرين، وغيرهم من المصادر المعتبرة عند أهل العلم المحققين.
فالحجاب واجب على المرأة المسلمة وقد دل على هذا الوجوب كتاب الله - تعالى - وسنة رسوله الكريم محمد - صلى الله عليه وسلم -، والاعتبار الصحيح، والقياس المطرد.
أولا - القرآن الكريم:
1- قال - تعالى -: (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْأِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ). (النور: 31)
1- ولعل أهم الأحكام التي يمكن أن نستنبطها من هذه الآية:
أ - أن الله - تعالى - أمر المؤمنات بحفظ فروجهن، والأمر بحفظ الفرج أمر بما يكون وسيلة إليه، ولا يشك عاقل أن من وسائل الوقاية من الزنا تغطية الوجه، لأن كشفه سبب النظر إليه، وتأمل محاسنه، وبالتالي الوصول إلى الاتصال المحرم.
عن أبي هريرة أن النبي محمد - صلى الله عليه وسلم -، قال: أن الله - تعالى -كتب على ابن آدم حظه من الزنى مدرك ذلك لا محالة فزنى العينين النظر، وزنى اللسان النطق، والنفس تمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه [7].
وفي رواية أخرى عن عبد الله بن مسعود يقول: العينان تزنيان، والرجلان تزنيان، واليدان تزنيان، ويصدق ذلك الفرج، أو يكذبه [8].
وفي رواية الإمام أحمد عن بن مسعود عن النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ثم العينان تزنيان، واليدان تزنيان، والرجلان تزنيان، والفرج يزني[9]..
وعليه فإذا كان تغطية الوجه من وسائل الوقاية لحفظ الفرج كان مأمورا به، لأن الوسائل لها أحكام المقاصد.
ب - أما معنى الجيب قوله - تعالى -(و َلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ) فالجيب هو فتحة الرأس، والخمار ما تخمر به المرأة رأسها، وتغطيه به، فإن كانت مأمورة بالضرب بالخمار على جيبها كانت مأمورة بستر وجهها.(5/180)
أما، لأنه من لازم ذلك، أو بالقياس، فإنه إذا وجب ستر الخمر، والصدر كان وجوب ستر الوجه من باب أولى، لأنه موضع الجمال والفتنة.
ج- أن الله - سبحانه وتعالى - عفا عن إظهار الزينة مطلقا إلا ما ظهر منها دون إرادة لذلك، كظاهر الثياب، وأسافلها، لذلك قال - تعالى -: (إلا ما ظهر منها) ولم يقل إلا ما أظهرن منها، وقد فسر بعض السلف: كابن مسعود والحسن وابن سيرين، وغيرهم قوله - تعالى -(إلا ما ظهر منها) بالرداء والثياب، فقال ابن مسعود - رضي الله عنه -: ظاهر الزينة هو الثياب[10].
ثم نهى مرة أخرى عن إبداء الزينة إلا لمن استثناهم، فدل هذا على أن الزينة الثانية غير الزينة الأولى.
فالزينة الأولى هي الزينة الظاهرة التي تظهر لكل أحد، ولا يمكن إخفاؤها، والزينة الثانية هي الزينة الباطنة (من الوجه)، ولو كانت هذه الزينة جائزة لكل أحد لم يكن التعميم في الأولى، والاستثناء في الثانية فائدة معلومة.
د- أن الله - تعالى -رخص بإبداء الزينة الباطنة للتابعين أمثال الخدم الذين لا شهوة لهم والطفل الصغير الذي لم يبلغ الحلم، ولم يطلع على عورات النساء.
وعليه:
فإن إبداء الزينة الباطنة لا يحل لأحد من الأجانب إلا لهذين الصنفين، وأن علة الحكم ومداره الخوف على المرأة من الفتنة، فيكون ستر الوجه، واجبا لئلا يفتن أولوا الإربة من الرجال، وخاصة أنه مجمع الحسن، وموضع الفتنة.
هـ- وقوله - تعالى -(وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ ) معناه لا تضرب المرأة برجلها ليعلم ما تخفيه من الخلاخيل ونحوها من الزينة، فإذا كانت المرأة منهية عن الضرب بالأرجل خوفا من افتتان الرجال بما يسمع من صوت خلخالها، ونحوه فكيف بكشف الوجه.
فأيهما أعظم فتنة أن يسمع الرجل خلخالا بقدم امرأة قد لا يدري من هي، وما جمالها، أو ينظر إلى وجه جميل ممتلئ شبابا، ونضارة، وحسنا بما يجلب الفتنة، ويدعو إلى النظر إليها؟
إن كل إنسان له حاجة في النساء يعلم أي الفئتين أعظم، وأحق بالستر، والإخفاء.
2- قوله - تعالى -: (وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (النور: 60)
2- إن الله - تعالى - نفى في هذه الآية الأثم عن القواعد، وهن العواجز اللاتي لا يرجون زواجا لعدم رغبة الرجال بهن، بشرط أن لا يكون الغرض من ذلك التبرج والزينة. وتخصيص الحكم بهؤلاء العجائز دليل على أن الشابات اللاتي يرجون النكاح يخالفن في الحكم، ولو كان الحكم شاملا للجميع في جواز وضع الثياب، ولبس درع ونحوه لم يكن لتخصيص القواعد فائدة.
ومن قوله - تعالى -: (غير متبرجات بزينة) دليل أخر على وجوب الحجاب للشابة التي تأمل بالزواج، لأن الغالب عليها إذا كشفت وجهها، أنها تريد التبرج بالزينة،(5/181)
وإظهار جمالها، وتطلع الرجال لها، ومدحها ونحو ذلك، ومن سوى هذه فشاذ، والشاذ لا حكم له.
3- قوله - تعالى -: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) (الأحزاب: 59)
3- قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطي، وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب، ويبدين عينا واحدة [11].
وتفسير الصحابي حجة، بل قال بعض العلماء: إنه في حكم المرفوع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -. وقول ابن عباس - رضي الله عنهما -: ويبدين عينا واحدة إنما رخص في ذلك لأجل الضرورة، والحاجة إلى النظر في الطريق، فأما إذا لم يكن هناك حاجة، فلا موجب لكشف العين.
4- قوله - سبحانه وتعالى -: (لا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلا أَبْنَائِهِنَّ وَلا إِخْوَانِهِنَّ وَلا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلا نِسَائِهِنَّ وَلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً) (الأحزاب: 55)
4- قال ابن كثير عليه رحمة الله: ((لما أمر الله النساء بالحجاب عن الأجانب بين أن هؤلاء الأقارب لا يجب الاحتجاب عنهم، كما استثناهم في سورة النور عند قوله: (و لا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن... [12])
ثانيا - السنة النبوية الشريفة:
1- عن جابر - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إذا خطب أحدكم امرأة فاستطاع أن ينظر إلى بعض ما يدعوه إلى نكاحها، فليفعل، فخطبت امرأة من بني سليم، فكنت أتخبأ لها في أصول النخل حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها فتزوجتها [13]).
وجه دلالة هذا الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نفى الجناح، وهو الإثم عن الخاطب خاصة، بشرط أن يكون نظره بسبب الخطبة فقط. أما غير الخاطب، فيعتبر آثم بالنظر إلى الأجنبية بكل حال، وكذلك الخاطب إذا نظر إلى غير الخطبة كأن يكون غرضه التلذذ، والتمتع ونحو ذلك.
2- عن أم عطية قالت: أمرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - أن نخرجهن في الفطر والأضحى العواتق، والحيض وذوات الخدور، فأما الحيض، فيعتزلن الصلاة ويشهدن الخير، ودعوة المسلمين، قلت: يا رسول الله أحدنا لا يكون لها جلباب، قال: لتلبسها أختها من جلبابها. [14]
و من دلالة هذا الحديث الشريف أن المعتاد عند نساء الصحابة، أن المرأة لا تخرج إلا بجلباب، وعند عدمه لا يمكنها أن تخرج من بيتها. وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بلبس الجلباب كان دليل على الوجوب، وأنه لابد من التستر.
3- عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي الفجر، فيشهد معه نساء من المؤمنات متلفعات بمروطهن، ثم يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحد من الغلس [15].(5/182)
وجه دلالة هذا الحديث أن الحجاب والتستر كان هو الطابع العام لنساء الصحابة الذين هم خير القرون، وأكرمهم عند الله - عز وجل -، وفي هذا الحديث الدلالة، والبيان لصفة الحجاب وشروطه.
4- عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة، فقالت أم سلمة: فكيف يصنعن النساء بذيولهن، قال: يرخين شبرا، فقالت: إذا تنكشف أقدامهن، قال: فيرخينه ذراعا لا يزدن عليه [16]).
و دلالة هذا الحديث على وجوب ستر قدم المرأة، وأنه أمر معلوم عند نساء الصحابة، والقدم أقل فتنة من الوجه، والكفين بلا ريب. فالتنبيه بالأدنى تنبيه على ما فوقه، وعلى ما هو أولى منه بالحكم، وحكمة الشرع تأبى أن يجب ستر ما أقل فتنة، ويرخص في كشف ما هو أعظم منه فتنة، فان هذا من التناقض المستحيل بحق الله، وشرعه [17].
ثالثا - الاعتبار الصحيح والقياس المطرد:
الاعتبار الصحيح، والقياس المطرد الذي جاءت به هذه الشريعة الكاملة، وهو إقرار المصالح، ووسائلها، والحث عليها، وإنكار المفاسد، ووسائلها والزجر عنها.
و إذا تأملنا السفور، وكشف المرأة لوجهها، وجدناه يشتمل على مفاسد كثيرة، وإن قدر أن فيه مصلحة، فهي يسيرة لا تتساوى بأي حال مع مصالح المرأة والمجتمع.
فمن مفاسد كشف المرأة لوجهها للأجانب:
1- الفتنة: فإن المرأة تفتن نفسها بفعل ما يجمل وجهها، ويبهيه ويظهر المظهر الفاتن الجذاب. وهذا من أكبر دواعي نشر الفتنة، والفساد.
2- زوال الحياء عن المرأة الذي هو من الإيمان، وزوال الحياء عن المرأة نقص في إيمانها خروج عن الفطرة التي خلقت عليها.
عن سالم عن أبيه، سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلا يعظ أخاه بالحياء، فقال: الحياء من الإيمان [18].
3- افتتان كثير من الرجال بالمرأة السافرة، ولاسيما إذا كانت جميلة، والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، وعلى المسلم أن يحذر من الشيطان، ومداخله ودروبه.
عن أنس - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان مع إحدى نسائه، فمر به رجل، فدعاه، فجاء فقال: يا فلان هذه زوجتي فلانة، فقال: يا رسول الله من كنت أظن به، فلم أكن أظن بك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم [19]..
وفي رواية البخاري عن علي بن الحسين، كان النبي - صلى الله عليه وسلم - في المسجد وعنده أزواجه فرحن، فقال لصفية بنت حيي لا تعجلي حتى انصرف معك، وكان بيتها في دار أسامة، فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - معها، فلقيه رجلان من الأنصار، فنظرا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم أجازا، وقال لهما النبي - صلى الله عليه وسلم -: تعالا إنها صفية بنت حيي قالا سبحان الله يا رسول الله، قال: إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم، وإني خشيت أن يلقي في أنفسكما شيئا)[20].(5/183)
4- وقد يؤدي اختلاط النساء بالرجال إلى فتنة المرأة بأن تعتبر نفسها مساوية للرجل في كشف الوجه، والتجول سافرة، مما يؤدي إلى فتنة كبيرة، وفساد عريض كما هو حاصل الآن في كثير من الديار العربية والإسلامية.
عن حمزة بن أبي اُسيد الأنصاري عن أبيه أنه سمع النبي صلى الله عليه، وسلم يقول: وهو خارج من المسجد، فاختلط الرجال، مع النساء في الطريق، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: للنساء استأخرن، فإنه ليس لكُن أن تحققن الطريق، عليكن مجافاة الطريق. فكانت المرأة تلتصق بالجدار حتى أنّ ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به)[21]..
وأخيرا بعد أن أوردت كل هذه الأدلة من الكتاب، والسنة والاعتبار والقياس أضيف ملحوظة لمن في قلبه بقايا من إيمان عسى أن ينتبه لما يحاك لهذه الأمة من مؤامرات وفتن:
الملاحظ أن المنظمات الحقوقية بجميع فروعها في العالم الإسلامي، والعربية على وجه الخصوص متحيزة، ومغلقة أمام انتماء أية امرأة مسلمة ملتزمة بدينها.
كما أننا لا نرى أي ملف، أو ذكر للمرأة المسلمة، وخاصة ما يتعلق بالتمييز ضدها كما هو ملاحظ في ارتدائها للباس الشرعي والحجاب والتعذيب والعنصرية التي تواجهها في كثير من البلدان العربية، والإسلامية وحتى الأوربية التي تدعي الحرية والديموقراطية.
إن النظرة الدونية للمتدنية، والملتزمة من قبل الغرب والمستغربين الذين يتعاملون معها بأسلوب إقصائي عن المجتمع والفعالية الإيجابية فيه.
ما هو إلا ضمن اتفاق دولي من قبل الصليبين والصهاينة ومن سار بركبهم من أبناء جلدتنا للقضاء على الإسلام والمسلمين [22].
والله المستعان.
------------
[1] - هذه خطبة الحاجة التي كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يفتتح بها خطبته، ويعلمها أصحابه، وروى هذه الخطبة ستة من الصحابة رضوان الله عليهم وقد أخرجها جمع من الأئمة في مصنفاتهم مثل: شرح صحيح مسلم للنووي، ج 6/153-156-157، وأبو داود في السنن ج 1/287. برقم 1097. والنسائي في المجتبى، ج3/104-105-والحاكم في المستدرك ج2/182-183 والطيالسي في المسند برقم 338. والبيهقي في السنن الكبرى، ج7/146و ج3/214. وابن ماجه في السنن ج1/585.
2- التوراة، ج3، 16 سفر التكوين-انظر المرأة مفاهيم ينبغي أن تصحح، سامر اسلام بولي دار الأوائل، دمشق-ص52-53.
3- إسلام ضد الاسلام لصادق الفيهوم، دار الريس ط2-دمشق 1995م ص 202.
4- رسالة بولس الاولى الى يوفوثاووس، ج2/12.
5- إسلام ضد الاسلام لصادق الفيهوم، ص 203.
6- إسلام ضد الاسلام لصادق الفيهوم، ص204-وانظر ما وراء الحجاب لفاطمة الريسي، دار حوران، للنشر ط1، 1997م.(5/184)
7- صحح مسلم، ج4 /2046 برقم 2657 صحيح البخاري، ج5 /2304، برقم 5889.
8- مجمع الزوائد، ج7/ 125.
9- مسند الامام احمد، ج1/ 412 برقم 3921.
10- تفسير القرطبي ج12/228.
11- تفسير الطبري، دار الفكر، بيروت، 1405هـ. ج22/ 46.
12- المستدرك على الصحيحين، ج2/179 برقم 2696 وقال بانه حديث صحح على شرط مسلم. سنن البيهقي الكبرى، ج7/84 برقم 13265 سنن ابي داود، ج2/228 برقم 2082. مسند الامام احمد ج3/334 برقم 14626-
13- صحيح مسلم، ج2/ 606 برقم 883. صحيح البخاري، ج1/123 برقم 318- صحيح ابن خزيمة ج2/ 360 برقم 1466 صحيح ابن حبان، ج7/ 56 برقم 2816.
14- 3- صحيح مسلم، ج2/ 606 برقم 883. صحيح البخاري، ج1/123 برقم 318- صحيح ابن خزيمة ج2/ 360 برقم 1466 صحيح ابن حبان، ج7/ 56 برقم 2816.
15- صحيح البخاري ج1 / 146، برقم 366 صيح مسلم، ج1/ 446 برقم 645.
16- سنن الترمذي، ج4/ 223 برقم 1731 وقال عنه حديث حسن صحيح. السنن الكبرى للنسائي ج5/ 494 برقم 9735 الجامع لمعمر بن راشد، المكتب الاسلامي، بيروت 1403 هـ تحقيق حبيب الاعظمي، ج11 / 82.
17- رسالة في الحجاب لابن عثيمين، منقول من موقع سؤال وجواب، سوال رقم 11774 بتصرف.
18- صحح مسلم، ج1/ 63 برقم 35.
19- صحيح مسلم ج4/ 1712 برقم 2174.
20- صحيح البخاري ج2/ 717 برقم 1933.
21- سنن أبي داود، ج4/ 369 برقم 527 المعجم الكبير للطبراني، 19/261 برقم 580- شعب الإيمان للبيهقي، دار الكتب العلمية، بيروت 1410هـ تحقيق محمد زغلول ج6/173 برقم 7822.
22- انظر حلقة بعنوان منع الحجاب والتمييز ضد المرأة والإسلام في موقع الجزيرة نت على الشبكة العنكبوتية.
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ
نصف محجبة ..
لقد ظهرت في الآونة الأخيرة فئات غريبة عجيبة من النساء والفتيات، فانتشرت فئة النصف محجبة، وفئة كاسية عارية... إلخ. وما ذاك إلا بسبب ضعف الوازع الديني والبُعد عن الله - عز وجل -..
إن أتت بفعل حسن قرنته بفعل سيء يشيب له الرأس وما يثير الاستغراب هو فئة النصف محجبة، نجد الكثير من طالبات الجامعة تكشف وجهها أمام الأساتذة وعمال الصيانة والنظافة وكأنهم ليسوا رجال، وكأنه انعدمت فيهم الشهوة.. عجباًَ!!(5/185)
فهذه الفتاة تُحلل كشف الوجه في الجامعة وعند الخياط وعند البائع وغيرها من ألاماكن وإذا وصلت إلى المنطقة التي تسكنها أسدلت الغطاء على وجهها.. وإذا رأت أحد أقاربها أو ممن يعرف أهلها تغطت حتى لا يكاد يُرى منها شيء.. !!
أختي الغالية...
أهكذا تطبقين تعاليم الدين إلا سلامي، أهكذا تفعل زوجات الرسول - صلى الله عليه وسلم - والصحابيات رضوان الله عليهن؟! أهكذا تفعل المسلمات التّقيات؟! تحللين أمور كما تشائين وتحرمين كما تشائين!! هل سمعتي أن الحجاب الشرعي مقرون بساعات معينة أمام فئة معينة من الناس، وفئة ممنوعة من ذلك من الناس، والله إنك لا تخادعين إلا نفسكِ!!
قال - تعالى -: "وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء"(البينة: 5).
دينكِ ومنهاجكِ يجب أن يكون على دين الحنيفية السمحة دين الإسلام، الذي أعز المرأة وأكرمها وحرّرها ضِمن نِطاق الشرع، لا كما تتشدق به أفواه الغرب من المناداة بتحرير المرأة وبأن المرأة المسلمة مظلومة ومقيّدة الحرية بحجابها فهم يريدون تشويه دينها وتدنيس شرفها..
يقول أحد القادة الكفرة الصليبين: "أتمنى أن أنزع الحجاب عن رأس المرأة وأغطي به القرآن"..
فحرب هذه الفئة الضالة الفاسقة لا تقتصر على تخريب دين الفتيات المسلمات بل تعدى إلى ما هو أكبر من ذلك، وهو الرغبة في القضاء على كتاب الله، كي ترتاح ضمائرهم المريضة ومن أين لهم ضمائر وقد نُزعت من قلوبهم الخشية والخوف من الله - سبحانه وتعالى -...
فالمسلمة الحقيقية لا اعوجاج في دينها إن إلتزمت بإخلاص وسارت في طريق الإسلام ثابتة الخُطى، واثقة من نفسها لأنها علِمت أن ما تقوم به يوافق الوحي الرباني ولا يتعارض معه وهذا هو المطلوب منك.
دُهشت من حال بعض النساء ممن تمازح السائق ويكشفن وجوههن أمامه ويتركن بناتهن معه ويتعطّرن ويتجملن عند الخروج بصحبته وكأنه أحد محارمها..
وقد يصل الأمر إلى أن تذهب المرأة أو الفتاة إلى الخياط، ويأخذ لها القياسات كما تدعي لكون هذا الأمر أفضل كي يظهر الفستان بمظهر لائق وشكل مرتب وكي تُرضي نفسها ومن حولها كي تحصل على إلإطراء ولكنها لا تجتهد كي تنال على رضا خالقها ومُوجدها - سبحانه وتعالى -..
وأذكر بأني في أحد الأيام رأيت فتاة عند الخياط وقد تركت الخياط يأخذ لها القياسات، إن المرء ليستحي أن ينظر إليها والخياط واضعٌ يديه عند صدرها وعند خصرها لم يترك منطقة في جسدها إلا ولمسها، وهذا الأمر في نظرهن أمرٌ عادي لأنه باختصار هندي!! ولأنها تقوم بأمر ضروري ولأن "الضرورات تبيح المحظورات" فهي قاعدة شرعية وطبقتها في جميع أمور حياتها.
كثير من الناس من يحقّر الذنوب..ولا يخاف في الله لومة لائم، فوا عجبا لمن يأمن، وكم قد أُخذ آمن من مأمن!!(5/186)
http://www.d3wa.org المصدر:
ـــــــــــــــــــ
فضائل الحجاب ومثالب التبرج ..
جعل الله - تعالى - حجاب المسلمة سمة بارزة، وشعاراً ظاهراً، من خلال تبرز شخصيتها المستقلة، وكياناه الشريف، وهي مؤشر صريح يبين حال مجتمعها، ومن خلاله تُعرف كرامته..
وحرصه على شرفه وعفافه، ومدى تقيده بشرع ربّه الحكيم، وبقدر تمسكه به تتجلى مجانبته صراط المغضوب عليهم والضالين.
وقد ظل أمر التمسك بالحجاب على الجادة، مذ فرض إلى منتصف القرن الماضي، لا يشك في وجوبه أحد، ولا يراه أحدٌ من المسلمين سبباً لتأخر، أو إيذاء للنساء، بل يرونه سبباً لصون المرأة عن كلَِ متعرضٍ لها بفساد، وحماية لجماعة المسلمين من الفساد.
ولكن لما وفد من الغرب ما وفد، من عاداتٍ قبيحة، وتقاليد مشينة، وانحلال خلقي، وشذوذ سلوكي، صادف في كثير من المسلمين ضعفاً، وعن الدين بعداً، وللقوي المتجبر خضوعاً، وبالوافد المسيطر انبهاراً؛ فخرجت على المسلمين صيحات ينادي بها أناسٌ من أبناء جلدتنا، ينطقون بألسنتنا، قلوبهم قلوب ذئاب، قلوب ملأها الوافد بحبِّه، وخرجها بفساده، وعاث فيها بانحلاله؛ استلم قيادتها، فأطاعته خاضعة ذليلة؛ وصارت تنادي بكل ما يريد، وتخطب وده وإن كان باتباع كلّ شيطان مريد.
فأصبح المسلمون وصيحات التغريب تناديهم من هنا وهناك، متزلزلة في نفوس جمهورهم كثير من ثوابتها، حتى تبع من تبع منهم تلك الصيحات، وصدق بعضهم أن الدين تقاليد وعادات، وبعضهم لم يبق له إلا محيط يستحي من مخالفته، وجماعة لا يجرؤ على الخروج عن نطاقها، وبعضهم لم تعد لديه أدلة يطمئن إليها، وبعضهم عاجز عن مقارعة الحجَّة بالحجّة!
(فضائل الحجاب ومثالب التبرج)
* يكفي المسلمة أن تعلم أنها بلبسها حجابها الشرعي تطيع الله - عز وجل -، وتطيع رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وفي ذلك سعادة الدارين، والفوز العظيم الذي لا يعدله فوز؛
قال - تعالى -[ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيما].
* والمسلمة بلبسها حجابها الشرعي تقف سداً منيعاً أمام الفتنة حتى لا تجد لها مقاماً وسط جماعة المسلمين، الذين لا تتبرج نساؤهم، وَتَرْكُهَا حجابها، وتبرجها أمام الرجال الأجانب بسبب ظهور الفتنة، لأنها بتبرجها تدعو إلى النظرة المسمومة، وهي أول خطوة من خطوات إبليس في طريق الفساد، الذي يسبب فساد المسلمين وهلاكهم.
* والمسلمة بلبسها حجابها الشرعي وإخفائها الزينة التي أمر الله بإخفائها عن الرجال الأجانب تكون حرةً، كما أراد الله، ولا تكون نهباً لمل ذئبٍ بشري، يغرز أنياب نظراته في جسدها العاري طولاً وعرضاً، وإن سنحت له فرصة صنع أكثر، وهذه خطوات الشيطان، التي يستزل بها من أطاعه، وذلك أن نظرة الرجل تُنشيء في قلبه(5/187)
ميلاً إلى من أعجب بها، ثم يتحول الميل إلى حب والحبُّ يجر إلى إدامة التفكير، وعزماً على الوصال بمن تعلق قلبه بها، وقد قيل شعراً :
نظرة فابتسامة فسلام *** فكلام فموعد فلقاء
ومن المعلوم أن أنوثة المرأة رأسُ مالها، وقيمتها التي تمكن فيها قوتها، وكلما صانت المرأة أنوثتها عن الابتذال كلما زادت أنوثتها قوة، وأنوثة المرأة لها مثل رجولة الرجل له، فهو يعتز بهذه، وهي تفتخر بتلك، وكلما ابتذلت المرأة نفسها كلما نقصت أنوثتها، وقلّ قدرها، وكلما نقصت أنوثة الرجل كلما قلّ قدره فهذه بهذه، وتلك بتلك، الكلُّ بالكلّ، والحصة بالحصة!
* والمسلمة بلبسها حجابها الشرعي وإخفائها زينتها، لسان حالها يقول لكل رجل أجنبي : غض الطرف، فلستُ لك، ولستَ لي. إنِّي حرّة، لا أستجدي عيناً نظرة؛ فأنا أعلى من ذلك قدراً، لكوني قد أعلنت للجميع طهري وعفافي، وحريتي بلبسي لحجابي.
أما المتبرجة، التي تبذلت بإظهار محاسنها للرجال الأجانب، فمسكينة مسكينة، لسان حالها يستجدي كل ذئب بشري، ويترجاه : هل من نظرة؟ هل.... وهل... ؟ تستجدي هذا وذاك، وتتهالك على عتباتِ نظراتهم، علَّ أحدهم يجود عليها بنظرة!
فقولي لي بربك أي المرأتين حرّة مستقلة؟ التي رفعت نفسها، وتعالت بها عن هذا الإسفاف المقيت،
أم تلك التي ارتمت على أعتاب نظرات الرجال؟
ولو أذن مجتمعٌ لنسائه بالخروج سافراتٍ متبرجات، وأصبح كل رجل يسرح طرفه في أجساد النساء، فهل ترضين أن يكون زوجك ذلك الرجل الذي يدخل البيت وقد تعلق قلبه امرأة متبرجة؟ ملكت عليه فكره، وَأَصبَحتْ أمام ناظريه وهو ينظر إليكِ، ويقارن بينكِ وبينها، والشيطان يعمل في تزين تلك المتبرجة في نفسه، ويُجَمِّلها أكثر منك؟
إن كلًّ، سيقول : إنك لو علمت بما في نفسه لتحولتِ بركاناً من الغيرة، ولأحرقتِ نارك مقومات الحياة الزوجية القائمة، ولظللت كوال عمرك تخافين أن يكون زوجك على تلك الحال التي أغضبتك، ولما استطعت التخلص من ذلك الهم مهما طالت الأيام، وتعاقبت السنوات. والرجل كذلك، بل أشدّ.
واعلمي، بارك الله فيك، أن الرجل عرضة للافتتان بالمتبرجات، ولو كانت زوجته جميلة، فكيف إذا لم تكن كذلك؟
http://mag.ma3ali.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ
فوائد فرض الحجاب
1- الحجاب مفروض على جميع نساء المؤمنين وهو واجب شرعي محتم.
2- بنات الرسول - صلى الله عليه وسلم - ونساؤه الطاهرات هن الأسوة والقدوة لسائر النساء.
3- الجلباب الشرعي يجب أن يكون ساتراً للزينة والثياب ولجميع البدن.
4- الحجاب لم يفرض على المسلمة تضييقاً عليها وإنما تشريفاً لها وتكريماً.(5/188)
5- في ارتداء الحجاب الشرعي صيانة للمرأة وحماية للمجتمع من ظهور الفساد وانتشار الفاحشة.
6- لا يجوز للمسلمة أن تبدي زينتها إلاّ أمام الزوج أو المحارم من أقاربها.
7- على المسلمة أن تستر رأسها ونحرها وصدرها بخمارها لئلا يطلع عليها الأجانب.
8- الأطفال والغلمان الذين لا يعرفون أمور الجنس لصغرهم لا مانع من دخولهم على النساء.
9- يحرم على المسلمة أن تفعل ما يلفت أنظار الرجال إليها أو يثير بواعث الفتنة.
10- على جميع المؤمنين والمؤمنات أن يرجعوا إلى الله بالتوبة والإنابة ويتمسكوا بآداب الإسلام.
11- الآداب الاجتماعية التي أرشد إليها الإسلام فيها صيانة لكرامة الأسرة وحفظ للمجتمع المسلم.
http://www.dawah.ws المصدر:
ـــــــــــــــــــ
كيف أسلمت هذه المرأة النرويجية
أحمد بن عبد الرحمن الصويان
ثمرة الفضيلة:
كنت في زيارة لأحد المراكز الإسلامية في ألمانيا فرأيت فتاة متحجبة حجاباً شرعياً ساتراً قلَّ أن يوجد مثله في ديار الغرب؛ فحمدتُ الله على ذلك، فأشار عليَّ أحد الإخوة أن أسمع قصة إسلامها مباشرة من زوجها، فلما جلستُ مع زوجها قال:
زوجتي ألمانية أباً لجدٍّ، وهي طبيبة متخصصة في أمراض النساء والولادة، وكان لها عناية خاصة بالأمراض الجنسية التي تصيب النساء، فأجْرَت عدداً من الأبحاث على كثير من المريضات اللاتي كنَّ يأتين إلى عيادتها، ثم أشار عليها أحد الأطباء المتخصصين أن تذهب إلى دولة أخرى لإتمام أبحاثها في بيئة مختلفة نسبياً، فذهَبَتْ إلى النرويج، ومكثت فيها ثلاثة أشهر، فلم تجد شيئاً يختلف عمَّا رأته في ألمانيا، فقررت السفر للعمل لمدة سنة في السعودية.
تقول الطبيبة: فلما عزمتُ على ذلك أخذت أقرأ عن المنطقة وتاريخها وحضارتها، فشعرت بازدراء شديد للمرأة المسلمة، وعجبتُ منها كيف ترضى بذُلِّ الحجاب وقيوده، وكيف تصبر وهي تُمتهَن كل هذا الامتهان..؟!
ولمَّا وصلت إلى السعودية علمت أنني ملزمة بوضع عباءة سوداء على كتفيَّ، فأحسست بضيق شديد وكأنني أضع إساراً من حديد يقيدني ويشلُّ من حريتي وكرامتي (!!)، ولكني آثرت الاحتمال رغبة في إتمام أبحاثي العلمية.
لبثت أعمل في العيادة أربعة أشهر متواصلة، ورأيت عدداً كبيراً من النسوة، ولكني لم أقف على مرض جنسي واحد على الإطلاق؛ فبدأت أشعر بالملل والقلق.. ثم مضت الأيام حتى أتممت الشهر السابع، وأنا على هذه الحالة، حتى خرجت ذات يوم من العيادة مغضَبة ومتوترة، فسألتني إحدى الممرضات المسلمات عن سبب ذلك، فأخبرتها الخبر، فابتسمت وتمتمت بكلام عربي لم أفهمه، فسألتها: ماذا تقولين؟!(5/189)
فقالت: إن ذلك ثمرة الفضيلة، وثمرة الالتزام بقول الله - تعالى - في القرآن الكريم: "والحافظين فروجهم والحافظات" {الأحزاب: 35}.
هزتني هذه الآية وعرّفتني بحقيقة غائبة عندي، وكانت تلك بداية الطريق للتعرف الصحيح على الإسلام، فأخذت أقرأ القرآن العظيم والسنة النبوية، حتى شرح الله صدري للإسلام، وأيقنت أنَّ كرامة المرأة وشرفها إنما هو في حجابها وعفتها.. وأدركت أن أكثر ما كُتب في الغرب عن الحجاب والمرأة المسلمة إنما كتب بروح غربية مستعلية لم تعرف طعم الشرف والحياء..!
إن الفضيلة لا يعدلها شيء، ولا طريق لها إلا الالتزام الجاد بهدي الكتاب والسنة، وما ضاعت الفضيلة إلا عندما استُخدمت المرأة ألعوبة بأيدي المستغربين وأباطرة الإعلام.
وإن أخشى ما نخشاه أن تؤول ديار المسلمين إلى ما آلت إليه بلاد الغرب، إذا ما اتبعنا أبواق العلمانيين والإباحيين، وتخلينا عن الفضيلة والعفة والأخلاق التي يضعها ديننا في صورة منهج كامل للحياة. ومن النُّذُر الجديرة بالانتباه تقرير نشرته مؤخراً منظمة الصحة العالمية عن انتشار مرض نقص المناعة المكتسب (الإيدز) في المنطقة العربية، وكانت الإحصاءات المنشورة مذهلة جداً تنبئ عن واقع محزن مع الأسف الشديد..! (1).
إنَّ هذا المرض ثمرة خبيثة من ثمار التفلت الأخلاقي والانحراف الجنسي، ثمرة من ثمار الحرب الضروس التي تشنها بعض وسائل الإعلام على الأخلاق والآداب الإسلامية، ثمرة من ثمار ذلك الطوفان الجارف من الأفلام الهابطة والمسلسلات الماجنة التي طغت على كثير من القنوات الإعلامية من المشرق إلى المغرب. ثمرة من ثمار الدعوات المحمومة لدعاة الرذيلة والفساد التي تشد فتيان الأمة وفتياتها إلى مستنقعات الغرب الآسنة باسم التحرر والتحضر، وتزيّن لهم الوقوع في الفواحش بكل ألوان الزينة المخادعة..!! وإن السلامة من ذلك المرض وأشباهه لا تكون إلا بالعودة الصادقة إلى حياض الفضيلة، وتربية الأمة على العفة والحياء، ومراقبة الله - تعالى - سراً وجهراً.
ألا فلتسكت تلك الأقلام الملوثة التي ما فتئت تشيع الفاحشة، وتنادي أبناءنا وبناتنا للوقوع في حمأة الرذيلة باسم الرقي والتقدم..!
ألا فلتسكت تلك الأصوات الكالحة العبوس التي تتشدق بالدعوة إلى نزع الحجاب والاختلاط باسم الحرية والتمدن..!
"إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة" {النور: 19}
وأحسب أخيراً أن من أكبر التحديات التي تواجه الدعاة والمصلحين هي إيجاد البدائل التربوية والمحاضن الاجتماعية التي يتفيأ في ظلالها فتيان الأمة وفتياتها، بعيداً عن شرر دعاة العلمنة وعبثهم.
http://www.alshamil.5u.com المصدر:
-ـــــــــــــــــــ
هل انتقلت الحملة الكمالية إلى مسلمي اليونان؟(5/190)
شادي الأيوبي
8/10/1425
حظر الحجاب الإسلامي في جامعات ومدارس تركيا تسبب بمشاكل كثيرة لآلاف الفتيات والنساء المسلمات هناك، ومن بين هؤلاء كانت أعداد من الفتيات من الأقلية المسلمة في اليونان، واللواتي كن يقصدن تركيا للتعلم للكثير من الأسباب الدينية، والقومية، والاقتصادية.
أما انتقال الحظر إلى مدارس الأقلية نفسها في شمال اليونان فهذه مسألة كانت من الأمور المستبعدة تماماً، خصوصاً أن الدستور اليوناني ينص على احترام الحريات الدينية، وأن بطريرك أثينا وسائر أنحاء اليونان صرح أثناء أزمة الحجاب في فرنسا برفضه للقرار الفرنسي، وتأييده لحرية المسلمات في ارتداء ما شئن من ثياب.
مدرسة جلال بيار التكميلية والتي أنشئت عام 1952م بمساهمة تركية رسمية، تعد نموذج للمدارس الكمالية في مناطق الأقلية المسلمة في الشمال اليوناني، وكما يقول القائمون عليها: فلم يحدث أن ارتدت أي طالبة الحجاب في هذه المدرسة قط، لكن هذه القاعدة بدأت تتعرض للنقد أخيراً.
القصة التي لا تزال دواعيها مستمرة إلى اليوم بدأت في أواخر شهر أيلول الماضي؛ حيث تجمعت 7 طالبات محجبات خارج المدرسة للاحتجاج على قرار الإدارة بحظر الحجاب عليهن داخل المدرسة، وتجمع معهن بعض زملائهن لمشاركتهن في الاحتجاج على القرار.
احتجاج الطالبات السبع لم يجد صدى لدى المسؤولين، فكان قرار مجلس الإدارة المتكون من أهالي الطلاب وجميعهم من المسلمين بتدعيم قرار الحظر، ورفض التراجع عنه.
مدير المدرسة نفى أن تكون المدرسة قد حظرت على الطالبات ارتداء الحجاب، مضيفاً أن الطالبات تلقين مجرد "نصيحة" بخلعه، وأن أربعاً منهن لا زلن يرتدينه.
( النائب عن حزب الديقراطية الجديدة ) الحاكم أحمد إلحان وهو من أبناء الأقلية، اعتبر أن قرار المدرسة يفتقر إلى الشرعية، رافضاً ربط الحجاب بالحسابات السياسية المختلفة، وداعياً إلى إعادة النظر بالقرار.
وكان الطلاب من أبناء الأقلية المسلمة قد تضاعفوا بنسبة 85% خلال السنوات الخمس الماضية في المدارس الحكومية اليونانية، ومع هذه الزيادة ازدادت كذلك وبشكل غير متوقع نسبة ارتداء الحجاب.
رفض الربط بالدوافع السياسية:
مصادر محلية في الدوائر التعليمية في المنطقة رفضت ربط مسألة الحجاب في شمال اليونان المسلم بالأحداث السياسية في الدول الأوروبية المجاورة، معتبرة أن ارتداء الحجاب هو من السمات المعروفة في المنطقة منذ مئات السنين.
ويرى بعض المحللين أن ظهور المسألة يرجع إلى أسباب منها:
- الصراع بين العناصر الكمالية والعناصر الدينية في تركيا المجاورة، وكانت زيارة (رئيس الوزراء التركي) رجب طيب أردوغان للمنطقة في شهر أبريل الماضي(5/191)
نقطة تحول في المعادلة بالنسبة للأقلية، حيث حاولت بعض العناصر في الأقلية نقل الصراع إلى مناطقها في الشمال اليوناني.
- محاولة كل من اليونان وتركيا التأثير في الأقلية المسلمة عبر بعض المسائل ومنها الحجاب، فالحكومات التركية السابقة كانت ترغب في تعميم نموذج حظر الحجاب في مدارس الأقلية المسلمة.
الحكومة التركية الحالية تجد نفسها أمام معارضة قوية من الكماليين في تركيا، لكنها لا ترغب بالطبع في أن يعاني أبناء الأقلية في اليونان معاناة إخوانهم في تركيا.
أما الحكومة اليونانية التي شجعت الرموز الدينية في المدارس، فقد رأت في تقوية المشاعر الإسلامية في المسلمين اليونانيين مصلحة كبيرة لها؛ لأن ذلك كان على حساب المشاعر القومية المائلة لتركيا، ولذلك ضمنت للطالبات المسلمات حرية ارتدائه بغير قيود.
المصدر : http://www.almoslim.net/figh_wagi3/show_report_main.cfm?id514
ـــــــــــــــــــ
أين حجابي ؟
أحمد بن عبد العزيز الحصين
المقدمة:
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وآله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا.
في هذه الأيام ازداد دعاء السفور والتبرج والخنوع، وأخذوا ينادون بنزع الحجاب وكل ما يؤدي إلى العفة والشرف، وكذلك طالبوا بالاختلاط بين الجنسين ومشاركة المرأة في العمل.
وحين جاء الإسلام أعطى المرأة كل حقوقها التي كانت مسلوبة، ولا تملك من أمر نفسها شيئا، بل كانت تباع وتشترى كالمتاع يتحكم فيها جنس الرجال دون وازع من دين أو ضمير وقد استمر هذا الوضع حتى مجيء الإسلام، فأنصفها طفلة، وأختا وأما وجدة، وكلما كبرت سنا زادت مقاما، على حين أن أوربا التي تتباهى بأنها سباقة في إعطاء المرأة لحقوقها، فإننا لم نسمع ذلك إلا من عهد قريب، ففي الماضي كانوا يطلقون عليها بأنها مخلوقة شريرة لا ترتقي إلى جنس البشر، وفي وقتنا الحاضر فهي سلعة تباع وتشترى، وكلما كبرت سنا وبهت جمالها انحطت مقاما وتوضع في بيت للمسنين (1)، فنحن لا نرى للمرأة في الغرب إلا أنها لحم رخيص ورقيق تباع لمن يدفع الثمن، وهذه هي جاهلية القرن العشرين التي يتباهون ويتفاخرون بها ليل نهار، وقد اتبعهم في ذلك بعض الأبواق المنافقة في ديار الإسلام، حيث نادوا بإعطاء المرأة الحرية الكاملة في التصرف في كل ما تملك، دون رقابة من وازع أو ضمير، وهذه هي الفوضوية والإباحية التي تريد ثلة من أهل النفاق ترويجها في ديارنا.(5/192)
وقد حصن الإسلام المرأة بالعفة والعفاف، وحين قرنت في بيتها والتزمت حجابها، وحصنت أطفالها، أخرجت جيوشا دقت أبواب دول الكفر والبهتان، أمثال أسامة بن زيد، وقتيبة بن مسلم الباهلي، وصلاح الدين ا لأيوبي.
وصدق الشاعر إذ يقول:
الأم مدرسة إذا أعددتها *** أعددت شعبا طيب الأعراق
والحق ما شهدت به الأعداء..
قال نابليون بونابرت: " المرأة التي تهز المهد بشمالها، تهز العالم بيمينها.
ولقد فطن الأعداء إلى هذا السر فأخذوا يشخصون الداء الذي ألم بهم، فتوصلوا إلى الدواء الذي يشفي غليلهم، ويدمر أعداءهم ألا وهو ((انسلاخ المرأة المسلمة من تعاليم دينها))، وقد شيدت الجامعات في أوروبا وجذبت أبناءنا وبناتنا إليها، وعندما رجع أبناؤنا إلى ديارهم، عادوا وهم يحملون سلاحا فتاكا يقرضون به بنيان الأمة، ألا وهو ((التمرد على الله وتعاليم نبيه)).
فهذا رفاعة الطهطاوي الأزهري وهو تلميذ من تلاميذ الاستشراق الفرنسي، فهو درس في فرنسا بعد أن تخرج من الأزهر، وجاء وهو يحمل أفكارا مسمومة دونها في كتابه المشؤوم ((تخليص الإبريز في تلخيص باريز))، وفي هذا الكتاب يرفع لواء تحرير المرأة المسلمة.
يقول: ((السفور والاختلاط بين الجنس ليس داعيا إلى الفساد)).
وكذلك فهمي مرقص في كتابه ((المرأة في الشرق))، وقاسم أمين في كتابه ((تحرير المرأة)) الذي ألفه في عام 1899 م ينادي برفع الحجاب والدعوة إلى السفور (2). وغير هؤلاء الكثير الذين يعيثون في الأرض فسادا، ومع ذلك ورغم ذلك التيار الجارف من العلمانية والمفسدين ظلت المرأة في الغالب ملتزمة بأوامر الله - جل وعلا -، ولهن في نساء الصحابة الأسوة الحسنة.
تقول عائشة رضي الله عنها: " يرحم الله نساء المهاجرات الأولى، لما أنزل الله ((وليضربن بخمرهن على جيوبهن)) شققن مروطهن فاختمرن بها ".
هذه رسالة صغيرة الحجم، كبيرة المعاني، من فتاة انخدعت بالبريق الحضاري الزائف، وبالشعارات الكاذبة التي تسمى " تحرير المرأة "، وانساقت خلف السراب، ولولا الله - جل وعلا - ثم المرأة الإنجليزية التي أطلقت على نفسها اسم " خديجة " بعد إسلامها لكانت صاحبتنا في الهالكين، ولكن الله قد من عليها بالهداية والتوبة. فسطرت بقلمي هذه الرسالة على لسانها لكي تكون نبراسا لكل فتاة، ولتعرف قيمة حجابها الذي هو رمز من رموز العفة والشرف، ولتعلم أن أعداءها يحاربون حجابها في كل مكان، فقد نشرت صحيفة " الأنباء الكويتية في عددها رقم 7352 " هذا الخبر تحت عنوان: (منع مدرسة مسلمة من ارتداء الحجاب في سويسرا) تلقت المدرسة السويسرية المسلمة " في لوسيا " والتي تعمل في مدرسة ابتدائية حكومية بحي شتالين في جنيف خطابا بضرورة عدم ارتداء الحجاب وإلا فإن إدارة التعليم الابتدائي في جنيف سوف تبدأ في إجراءات منعها من دخول المدرسة والتدريس. ونظرا لعدم مشروعية هذا القرار المجحف فقد بادرت لوسيا الملتزمة بتعاليم دينها برفع قضية ضد إدارة التعليم الابتدائي عن طريق المحامي السويسري الشهير ميتر(5/193)
جاك باريبون ومعاونه مارك ليروني وفي هذا السياق حاولت جاكلين بيران مديرة التعليم الابتدائي بجنيف التنصل من هذه القضية.
مشيرة إلى أن ارتداء المعلمة للخمار في الفصل يؤدي إلى التشويش على الطالبات. ولأن الجاليات الإسلامية في سويسرا شعرت بأن إدارة التعليم الابتدائي في جنيف تستعدي السلطات على معلمة مسلمة فقد سارع أعضاؤها مد الجهود والطاقات من أجل جمع التبرعات لدعم قضية المعلمة لوسيا، والتي ما زالت قيد البحث.
فأرجو من الله أن تكون هذه الرسالة نافعة، وأن تجد إقبالا قبل أن تطمس من قبل أعداء المرأة المسلمة التي لا. يريدون خيرا أبدأ للمرأة المسلمة الطيبة العاقلة، وأما الذين يجرون وراء أوروبا ويقلدونها في كل شيء مع وضوح الرؤية لحكم الإسلام في الحجاب، فلم أجد لهؤلاء- إلا قول الله - جل وعلا - ((ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن)).
أين حجابي:
البيئة الصالحة:
عشت أيام الصبا في مدينتي الرياض الناظرة، عاصمة المملكة العربية السعودية، والتي اتخذت شرع الله منهاجا تسير عليه في أمورها الدينية والدنيوية، وتعلمت في مدارسها العفة والحشمة والآداب الإسلامية والخلق الرفيع، وكانت المدرسات الفاضلات يلبسن الحجاب ملتزمات بدينهن، وكانت شوارع بلادي لا تري فيها المرأة سافرة كما نرى في أوروبا، بل كان جو بلادي إسلاميا في كل شيء.
عشت في هذه الأرض المباركة، وترعرعت فيها منذ الصغر، وكان صديقي الذي لا يفارقني هو حجابي منذ كنت في سن العاشرة، فكان معي في المراحل الدراسية، من أواخر الابتدائية إلى الجامعة، وأنا فخورة بحجابي الإسلامي، أحبه وأحافظ عليه لأنه أمر رباني وحكم شرعي.
وقد كنت أسمع عن تحرير المرأة وخروجها من بيتها، ونزع خمارها أو حجابها، وعن المنادين بالسفور والاختلاط بين الجنسين ومشاركة المرأة الرجل في مراحل الحياة، وكان من أشهر هؤلاء الدعاة، هدى هانم شعرواي، وقاسم أمين، وسهير القلماوي، وأمينة السعيد، ورائدة الفضاء الروسية " فالنتنا".
وكل هذه الشعارات لا أعيرها أي اهتمام، لأنها شعارات كاذبة خادعة، ولكن كما يقول المثل: " تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن ".
وفي ذات يوم طرق بابنا شاب وسيم متعلم، فقد تعلم في الغرب، وعاد يحمل أفكارا غربية مسمومة، لا تنفع ولا تغني من جوع، ولكنها مع ذلك تضر المرء في دينه ودنياه.
جاء هذا الشاب لكي يخطبني، وقد استخدم في ذلك أسلوب الحيلة والخديعة مع والدي قائلا:
* إنني رجل مستقيم.
* رجل أحافظ على الصلوات الخمس.
* رجل أصوم الخميس والإثنين.
* رجل أكرة الانسياق وراء الحضارات الزائفة.(5/194)
إلى آخره من الكلمات الشيطانية التي ألبسها ثوب البراءة والطهر، ولا يجيد ذلك إلا منافق، فوافق والدي، وقد طرت طربا وفرحا لأسباب عدة وهي:
* إنني فتاة كبيرة، فقد وصل عمري إلى ثلاثين عاما، وخفت أن يفوتني قطار الزواج، كما يقال.
* إنني لست جميلة.
فهذا العاملان كفيلان على أنني أوافق على الزواج من هذا الشاب الوسيم الذي لم يبلغ عمره سوى سبعة وعشرين عاما.
وتم الزواج، وانتقلت إلى بيته الفاخر "الوكر الشيطاني " الذي أثث بأفخر أنواع الأثاث والسجاد والأواني الفضية وغيرها. وقد عشت في هذا البيت، أو الأصح " القصر" عيشة سعيدة معه متمسكة بديني وحجابي، وقد مرت الأيام والشهور وأنا على ذلك الحال.
وكان زوجي بين حين وآخر يغررني بأسلوب غريب لا تفهم معانيه ولا مآربه، وهو إشارات عن نزع الحجاب، فلم أعطه أي اهتمام، وقلت ربما أنه يضحك أو يمزح أو يريد يختبر إيماني، ومرت السنة الأولى وقد حملت وأنجبت طفلا جميلا، ملأ علينا البيت بهجة وسرور وسعادة، وأسعد قلبي وجوارحي، وقد من الله علي بطفل آخر، وعشت عيشة سعيدة بينهما.
وكان في بعض الأحيان ينتابني خوف شديد من زوجي، لا أعرف السبب، فدائما أراه يقرأ مجلات " المصور، وروز اليوسف وأكتوبر والنهضة وهو وهي، وكذلك المجلات الأوروبية والكتب العربية المارقة، وكان حديثه معي يدور حول المرأة وخروجها ومشاركتها مع الرجال، ويكرر كلمة الحجاب، وأنه من مخلفات الأتراك، وأنه يعوق المرأة في مسيرتها الحياتية، وكانت مكتبته ترزخ بصور النساء أمثال:
• فالنتا رائدة الفضاء الروسي.
• ديانا سبنسر.
• مارجريت تاتشر.
• صوفيا لورين الممثلة الإيطالية.
• أنديرا غاندي.
• مارلين مونورو الممثلة الأمريكية المنتحرة.
وكنت أظن في بادي الأمر أنها مجرد هواية، وما كنت أظن أن زوجي من أنصار خروج المرأة ونزع حجابها وتدميرها، وإذا نظر إلى التلفاز وشاهد امرأة متبرجة أخذ يضرب يدا على يد ويقول هذا هو التقدم هذه هي الحياة.
السفر إلى أوربا ((الجحيم)):
وقبل السفر إلى أوروبا أخذ زوجي يستعمل معي أساليب عجيبة في المناقشة فهو يتكلم بصوت خافت وبكلمات غريبة حول نزع الحجاب، ولكن كما يقول المثل " كثرة الطعن يفك الحديد ".
وجاء اليوم المشؤوم الذي لا أنساه أبدأ.
اليوم الذي عصيت فيه رب العباد وأرضيت فيه الشيطان.
اليوم الذي قلت لحجابي مع السلامة أيها الحجاب الرجعي.(5/195)
اليوم الذي إنتصر فيه زوجي علي.
اليوم ا الذي نزعت فيه حجابي وكشفت عن محياي.
اليوم الذي ضحك زوجي طربا وفرحا بنزع حجابي، اليوم الذي دقت أجراس الشياطين فرحا.
اليوم الذي صعدت فيه إلى الطائرة وجلست على الكرسي، إذ تمتد يد زوجي إلى الغطاء الذي على وجهي وينزعه بقوة ثم عباءتي وحجابي ونزعهما أيضا.
وأنا مستسلمة لا أدري كيف أتصرف والركاب أمامي وأخذ يردد علي نغمة أن الأعمال في القلوب قائلا:
• كم فتاة متحجبة لكنها تفعل الأفاعيل.
• كم فتاة متحجبة جلبت على أهلها العار.
• كم فتاة متحجبة أساءت إلى الإسلام.
• كم فتاة متحجبة قلبها أسود.
وأنا أستمع إليه لا أعرف كيف أرد عليه تارة، وأنظر إلى أولادي خوفا من أن يطلقني تارة أخرى، وأنظر إلى الركاب لا أريد الفضيحة، خاصة أن هذه أول مرة أخرج من بلادي " السعودية ".
واستسلمت على نزع الحجاب وأغضبت ربي وأرضيت زوجي، فتناسيت حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق "، ووصلت إلى فرنسا، وأنا أرتجف من الحياء، والخوف، ونزلت من الطائرة ولكني وضعت في داخلها أعز شيء هو حجابي " الغطاء والعباءة " وسمعت داخل مطار " باريس " عبر الميكرفون أن هذه الطائرة سوف ترجع إلى الرياض، فرجع حجابي إلى السعودية كما بدأ.
• رجع إلى موطنه الأصلي الأصيل.
• رجع إلى موطن الإيمان.
• رجع إلى الموطن الذي عاهد الله على المحافظة على المرأة.
• رجع إلى موطن التوحيد.
رجعت الطائرة وهي تحمل حجابي وقلبي، ومرت الأيام والأسابيع، وأنا وزوجي وأطفالي نتنقل إلى بلدان أوروبا الغربية تارة فرنسا، وإيطاليا وتارة هولندا، وتارة بلجيكا، وتارة ألمانيا، وتارة أسبانيا، ونشاهد معالمهم ومتاحفهم، وحدائقهم، ومسارحهم، ومطاعمهم، وأسواقهم.
ونسيت حجابي وبدأت أرتدي من الملابس الفاخرة وأضع على وجهي المكياج الفاخر وألبس الحذاء الذي يمشي على وحدة ونص، ويوم بعد يوم أذهب إلى الكوافيرة لتسريح شعري وزوجي يغدق علي من المال الوفير، وهو في أشد فرحه، وأخذت أؤخر الصلاة، أو بالأصح أجمع الصلوات الخمس، خاصة صلاة الفجر فلا أصليها إلا في الضحى، بل وصل بي الأمر أن تجرأت ولبست القميص الحرير والجينز.
وبهذا الأمر عرفت أوروبا على حقيقتها المزيفة، وعرفت المرأة الأوروبية التي لا تفرق بين زوجها وعشيقها. عرفت العائلة الأوروبية التي يختلط معها عشيق بناتها في مائدة واحدة.(5/196)
عرفت أوروبا الاستعمارية العدوة للعرب والإسلام، عرفت أوروبا التي تعتبر العري والخلاعة هو " تحرير للمرأة "، وأن المرأة المتحررة ينبغي أن تكون:
• راقصة في الملاهي.
• عارضة أزياء.
• فتيات الضيافة (فتيات البغاء).
عشت أيامي في ظل تعاليم الشيطان، وتركت تعاليم الإسلام، وانغمست في الحياة وزخارفها، فنسيت بلادي السعودية وتعاليمها الدينية، التي علمتني منذ الصغر حب الدين والالتزام بالحجاب وأوامر الله.
بلادي السعودية التي حصنتني من الذئاب البشرية وجعلت لي كيانا كإمرأة لها احترامها وتقديرها لدى المسؤولين، فانغمست في بلاد الغرب والحياة الصاخبة، ورأيت الرذيلة في شوارعها متمثلة في:
• ممثلة.
• ملكة جمال.
• ملكة الإغراء.
تستخدم كل مفاتن جمالها لترويج البضائع التجارية، وبيع اللحم الرخيص.
اللقاء العجيب بيني وبين الإنجليزية:
وفي يوم من الأيام كنت أنا وزوجي وأولادي نتجول في المحلات الكبرى، في بريطانيا، خاصة محلات هارديز، وأنا مندمجة في الشراء، من ملابس وحلي وهدايا لأهلنا وأصحابنا في الرياض، وكانت عيوني تطير هنا وهناك على الملابس والإكسسوارات وغيرها، وأنا منغمسة في ملذات الحياة رأيت إمرأة تتسوق ولكنها امرأة تختلف عن النساء الأوروبيات، امرأة متحجبة من رأسها إلى أخمص قدميها، فلا يرى منها إلا عيونها " برقع"، فيدها متحجبة بالقفازات ورجلها متحجبة بالجوارب.
• امرأة يسطع الإيمان في زيها.
• امرأة تسير في هدى وطمأنينة.
• امرأة لا تسمع صوتها.
• امرأة غربية في المجتمع الغربي.
فوقعت كالمجنونة وسقطت الهدايا من يدي، وبدأت يدي ترجف ونفسي تسأل من هذه المرأة:
• أهي عربية مسلمة؟
• أهي أجنبية مسلمة؟!!
• ماذا يا ترى؟!! من هذه يا ترى؟!!
فأسرعت كالعاصفة، وقلبي تزداد خفقات ضرباته، بين الخوف والفرج والتعجب؟!!، وحين قربت إليها، وقفت أنظر إليها نظرت إيمانية.....
وهي تنظر إلي!!
وأخذت أنظر إليها وهي تنظر إلي وكأن بيننا شيئا مشتركا لا أعرفه؟
فقلت لها: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته(5/197)
فردت التحية بأحسن منها..
قلت لها: أنت عربية؟
قالت: لا..
قلت لها: أنت مسلمة بريطانية..
قالت: نعم ولله الحمد وقد أسلمت أنا وزوجي وأولادي قبل سنتين، واسمي خديجة بعد أن كان اسمي كاترينا، ومدينتنا " برايتون "، وقد جئت أنا وزوجي إلى المؤتمر السنوي للمسلمين في لندن..
قلت لها: أنت في بريطانيا وكيف تلبسين هذا الحجاب
قالت: إن الله أمرنا بالالتزام بالحجاب، اسمعي
يا أختي العربية المسلمة، ماذا يقول الله - جل وعلا -: ((يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين)). سورة ا لأحزاب، 1 لآية 59. وقال - تعالى - ((وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلك أطهر لقلوبكم وقلوبهن)). سورة الأحزاب، الآية 53
وقال - تعالى -: ((وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن))
وقال: ((وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن))سورة النور، الآية 31.
ثم قالت تلك المرأة إنني أعتز بهذا الحجاب يا أختاه، إنه يحصنني من الرجال، وأنت يا أختاه الفاضلة أرجو أن تمسحي هذه المساحيق التي على وجهك، وتنزعي هذا البنطلون، ارجعي يا أختاه إلى حجابك الحصين، واتلي آيات الحجاب واقرئي أحاديث الحجاب واسمعي الأشرطة الإسلامية، وعيب يا أختاه أن أنصحك وأنا أعجمية حديثة الإسلام، عشت طوال حياتي في همجية بريطانيا، فنحن أحق أن نسمع نصائحك وأنت من بلاد مكة والمدينة، وعربية الأصل ومسلمة منذ الصغر، ولكن مع الأسف الشديد أنكم تأثرتم بالحضارة الأوروبية التي تريد سقوط المرأة في الهاوية والوحل، وبالفعل قد سقطت المرأة الأوروبية في الحضيض، ومنهن أنا، لولا أن الله من علي بالهداية إلى الدين الإسلامي، فوجدت كرامتي وإنسانيتي.
• عرفت الكرامة مع الإسلام.
• عرفت الستر والعفاف مع الإسلام.
• عرفت قيمة بيتي مع الإسلام.
• عرفت العلم الصحيح مع الإسلام.
• عرفت احترام زوجي مع الإسلام.
• أختاه ارجعي إلى حجابك.
• ارجعي إلى بلادك الإسلام.
• ارجعي إلى كرامتك.
• ارجعي إلي بيئتك الإيمانية.
وختمت نصيحتها قائلة: اسمعي يا أختاه هذه الآية: ((إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها والذين هم عن آياتنا غافلون * أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون)) سورة يونس آية 7-8(5/198)
وقال - صلى الله عليه وسلم -: " أطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء " حديث صحيح.
ثم سلمت علي وقالت كلمة اهتز لها كياني ووجداني، أرجو من الله أن أراك بحجابك الذي نزعتيه ".
وهنا وقفت كنخلة لا تتحرك وأخذت عيوني تذرف من الدموع لهذه النصيحة ومن أين؟!!، من امرأة إنجليزية عاشت حياتها في مستنقعات تحرر المرأة والتقدم المزيف. وسقطت الهدايا من يدي وخرجت من محلات هارديز كالمجنونة إلى بيتي والدنيا مظلمة أمامي وأسأل نفسي:
• أين النور؟
• أين حجابي؟
• أين حياتي الإسلامية؟
• أين هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟
• أين التعليم الذي تعلمته في مدرسة البنات بواسطة الرئاسة العامة لتعليم البنات؟
• أين؟؟ أين؟؟ وأين؟؟....
وأخيرا قررت التوبة والرجوع إلى الله، وأخبرت زوجي، ولكنه أخذ يضحك بصوت عال قائلا:
هذه الإنجليزية رجعية!!!...
طلبت من زوجي الرجوع إلى الرياض....
إلى بلاد الإسلام....
• بلاد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر...
• بلاد الحرمين الشريفين...
• بلاد المرأة المسلمة...
• بلاد تحافظ على المرأة من الذئاب البشرية.
• بلاد النور والسعادة...
وأصررت على الرجوع إلى الرياض أو الطلاق، وجاء موعد إقلاع الطائرة والمتجهة إلى بلاد الرياض... لبست حجابي.
• حجاب الستر.
• حجاب العفاف.
• حجاب يستر جسمي ولحمي من الرجال الأجانب.
• حجاب عائشة وحفصة وزينب... زوجات الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
رجعت إلى كرامتي التي دمرنها بكلمة شيطانية، وقد اتخذت منهجا أسير عليه، ألا وهو الدعوة إلى الله بين النساء.. لعلي أكفر عن ذنبي
وقد أخذت درسا قاسيا بعد أن عرفت أن شعارات تحرير المرأة والمنادين بتحريرها لا يريدون إلا إفسادها وتدميرها، وتحطيمها، وإخراجها من دينها وحجابها.
وقد قيل:
فتحجبي بنت العفاف ترفعا *** عن أعين الفساق في النظرات
إن الحجاب وقاية الأعراض من *** سفه السفور و ذلة اللذات(5/199)
لا تسمعي إفك الكلام بذمة *** من كل أفاك كثير هنات
وقد من الله علي بأن جعل زوجي يتوب إلى رشده تائبا نادما على ما فرط.
وهكذا رجعت الابتسامة الإيمانية والقلوب التي تتلألأ إيمانا ونورا وهداية وانقلب بيتي إلى مدرسة إيمانية لا تعرف إلا الذكر الحكيم.
وكلما لبست حجابي للخروج من منزلي تذكرت أختي المسلمة الإنجليزية التي لها الفضل بعد الله في رجوعي إلى حجابي فسلامي إليها أين ما تكون وأين ما ترحل.
فهذه قصتي يا أختي المسلمة...
فهل أيتها السافرة التي خدعت من قبل الأشرار ترجعي إلى حجابك...؟
فإنه يناديك قائلا:
• أنا حجابك
• أنا عفافك
• أنا حصنك
• أنا سترك
• أنا حجاب زوجات رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
• أنا حجابك الذي يقول - جل وعلا - في حقي ((أطهر لقلوبكم وقلوبهن)).
فارجعي إلى حجابك مهما قال بعض الغوغائيين المتحررين من القيم والأخلاق من تلاميذ زويمر وسارتر وأنجلز وقاسم أمين وهدى هانم شعرواي، وتقدمهم المزيف ونشاطهم المخرب المضلل، فإنهم دعاة فساد وتدمير.
ارجعي إلى حجابك يا فتاة الإسلام...
ارجعي إلى حجابك يا أختي ويا أمي ويا ابنتي.
فإذا قالوا أنت رجعية قولي لهم:
أنا رجعية... في حجابي
وإذا كان حجابي بهذا الوصف، فلا أنزعه أبدأ مادمت حية ولا يراني رجلا أبدا ما دمت حية، حتى ألقي الله يوم الحساب.
هذه رسالتي إليك أيتها الأخت الفاضلة أرجو من الله أن تجد مكانا في قلبك...
وأتمنى لك السعادة في الدنيا والآخرة...
وأتمنى أن أراك أيتها الفتاة السافرة راجعة إلى حجابك إلى طهرك إلى عفافك...
فيومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله - تعالى -، وتنكس أعلام الشعارات المزيفة ويختفي التبرج من العالم الإسلامي، بذلك ترتفع راية الإسلام شاهقة خفاقة يحملها رجال قد رضعوا من أمهاتهم طهرا وحنانا، وبذلك يمكن الله لنا في الأرض وجعلنا ورثة جنة النعيم.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
30/6/1424هـ
http://www.islamic-oyster.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ
شروط حجاب المرأة المسلمة
زيد بن محمد المدخلي(5/200)
الحمد لله الذي أرسل رسله بالهدى، لإخراج الناس من ظلمات الشرك والجهل وأسباب الردى. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ذو الفضل والرحمة والإحسان، هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بمن اهتدى، خاتم الرسل وإمام الأنبياء وجميع الأتقياء، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أولى العلم النافع والعمل الصالح والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة أولئك هم خير من اهتدى وهدى.
أما بعد: أيها القراء الكرام فإن الباعث على تحرير هذه الرسالة المختصرة في هذا الموضوع الذي تمس الحاجة إلى المشاركة في إيضاح القول فيه.. و تبيانه هو ما تم في الإطلاع عليه من كتابة بعض الإخوة المعاصرين فيما يتعلق بالحجاب والسفور حيث صرح الكاتب المذكور هداه الله جازما بأن الشريعة الإسلامية بكافة تعاليمها لا تأمر بتغطية الوجه والكفين من المرأة عند الرجال الأجانب فرأيت أن في هذا التصريح؛ فتنة ظاهرة وخطرا عظيما على مجتمعات الأمة الإسلامية ومن ثم لزم البيان والإيضاح للقول الحق في هذه المسألة مقترنا بأدلته، براءة للذمة وإعلاماً للأمة؛و نصراً للحق ونصحاً للخلق فأقول:
إن كشف المرأة وجهها وكفيها أمام الرجال الأجانب حرام لا يجوز لأدلة صريحة صحيحة نقلية وعقلية وعرفية.
فأما الأدلة النقلية من الكتاب والسنة فهي كثيرة وقد خصصت لها مؤلفات قديمة وحديثة خاصة وغير خاصة نذكر من تلك الأدلة ما يلي:
1. قول الله - عز وجل - ((ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها)) أي مما لا يمكن إخفاؤه من الثياب الظاهرة من جلباب ومقنعة ونحوهما، أو ما ظهر بدون قصد بل بسبب أمر غير اختياري كهبوب الرياح أو حمل متاع ونحوهما مما يعفي عن المرأة إذا انكشف وجهها وكفاها بسببه.
*ولقد ثبت عن ابن مسعود - رضي الله عنه - بإسناد في غاية الصحة أن المراد بقوله - تعالى -: ((إلا ما ظهر منها)) إنه الثياب.
2. قوله - تعالى -: ((يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين)).
*قال: ابن كثير، قال محمد بن سيرين سألت عبيدة السلماني عن قول الله - عز وجل -: ((يدنين عليهن من جلابيبهن)) فغطى وجهه وأبرز عينه اليسرى.
*وقال ابن الجوزي في معنى الآية ((يدنين عليهن من جلابيبهن))أي يغطين رؤوسهن ووجهن ليعلم أنهن حرائر والمراد بالجلابيب الأردية قاله: ابن قتيبة
*وقال: أبو حيان في البحر المحيط قوله - تعالى -((يدنين عليهن من جلابيبهن)) شامل لجميع أجسادهن أو المراد بقوله: ((عليهن)) أي وجوههن لأن الذي كان يبدو منهن في الجاهلية هو الوجه.
*وقال: أبو السعود الجلباب ثوب أوسع من الخمار ودون الرداء تلويه المرأة على رأسها وتبقى منه ما ترسله على صدرها، ومعنى الآية أي يغطين بها وجوههن وأبدانهن إذا برزن لداعية من الدواعي.
*وعن الإمام السدي قال: تغطي إحدى عينيها وجبهتها والشق الآخر إلا العين.(5/201)
وعليه نقول: انظروا يا أخوة الإسلام أقوال علماء التفسير من سلفنا الصالح الذين نور الله بصائرهم لرؤية الحق وملأ قلوبهم إيمانا ومعرفة بكتاب ربهم الذي أنزله الله بصائر وهدى وشفاء بخلاف دعاة السفور الذين صادموا أوامر الله القيمة وتوجهاته الرحيمة التي تحرص على شرف المرأة وكرامتها وصونها بالحجاب عن أعين الذئاب من البشر أصحاب الأعين الخائنة والنوايا السيئة الذين يحبون أن يتمتعوا بالحرام ولو بنظرة واحدة ولا مانع لديهم أن يبذلوا في سبيل الحصول عليها زخرفا من القول وكثيرا من المال ومغامرة في نشر الفساد والضلال مرددين قول شاعر هم:
قلنا: اسمحوا لي أن أفوز بنظرة *** ودعوا القيامة بعد ذاك تقوم
ثم لنتأ مل سويا قول الحق - تبارك وتعالى -: ((وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب، ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهم))الآية فإن الآية ترشد إلى التباعد عن أسباب الفتنة، وتسدل الحجاب المنيع والحصين لئلا يتحقق لمرضى القلوب وهواة الرذيلة شيء من مآربهم السيئة التي تحطم العفاف وتسبب العقوبة العاجلة والآجلة ولا يشك عاقل منصف أن الوجه والكفين محل الفتنة فالواجب سترهما كما ترشد الآية أيضا إلى تطهر القلوب للرجال والنساء، وهي لا تحصل إلا بسد ذرائع الزنا وقفل طرائقه التي من أعظمها لقاء المرأة والتمتع بمشاهدة وجهها المكشوف وعينيها الكحيلتين وحاجبيها المزججين وبنانها ذات الأسورة والخضاب فاتقوا الله يا دعاة السفور، واتقوا يوما أعده الله للعبث والنشور، فيه يبعثر ما في القبور ويحصل ما في الصدور، ويتولى الحكم فيه العالم بخائنة الأعين وما تخفي الصدور.
3. ما ثبت عن عائشة - رضي الله عنها -: ((أنها خمرت وجهها لما سمعت صوت صفوان بن المعطل السلمي، وقالت إنه كان يعرفها قبل الحجاب))فدل ذلك على أن النساء بعد نزول آية الحجاب لا يعرفن بسبب تخمير وجوههن.
4. ما ثبت في السنن وغيرها عنها - رضي الله عنها - قالت: ((كان الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا حاذونا أسدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزونا كشفنا)) وما ذلك إلا لعلمهن بالحكم الشرعي وهو أن الوجه عورة يجب ستره عن الأجانب.
5. وما جاء في سنن الترمذي وغيره من حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((المرأة عورة)) وهو دليل صريح على أن جميع أجزاء المرأة عورة في حق الرجال الأجانب سواء في ذلك وجهها وغيره من أعضائها بل إن وجهها وكفيها أولى بالستر لأنها محل الرغبة من الرجال ومحل الفتنة من النساء وعليه فمن زعم أن للمرأة حقا في كشف وجهها وكفيها أمام الأجانب من الرجال فقد جانب الحق والصواب فإن كان من أهل النظر والاجتهاد والسلامة من الزيغ فله أجر اجتهاده وخطؤه معفو عنه فيه غير أنه لا يجوز أن يتابع على قوله وأما إن كان ممن ليسوا كذلك فإنه لا يلتفت إلى شيء من أقواله وتعليلاته لأن الحق أحق أن يتبع.
*ولقد فقه الإمام الكبير أحمد بن حنبل - رحمه الله - مدلول حديث ابن مسعود السابق فقال: ((ظفر المرأة عورة)) فإذا خرجت من بيتها فلا تبن منها شيئاً ولا خفها فإن الخف يصف القدم وأحب لدي أن تجعل لكمها زراً عند يدها حتى لا يبين منها(5/202)
شيء)). ولقد فهم مثل فقه الإمام أحمد من حديث ابن مسعود ونظائره من النصوص كثير من العلماء والأئمة عبر تاريخ زمانهم أن جميع بدن المرأة الحرة عورة بدون استثناء لوجهها وكفيها.
*وأما الدليل العقلي فإن مما لا شك فيه عند العقلاء المنصفين أن الفتنة في كشف وجه المرأة وكفيها وأسورة بنانها أعظم من كشف القدم الذي أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بإرخاء ذيول النساء فيه ذراعا لئلا تنكشف أقدامهن.
*وأما الدليل العرفي فإن كل إنسان منصف يعرف أن محل رغبة الرجال في النساء إنما تكون في الوجه غالباً وكثيراً ولا ينفي ذلك وقوع الافتتان بغيره منهن حتى بأصواتهن بل بأصوات زينتهن كما في سورة النور حيث قال الله - عز وجل -: ((ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن)). فإذا علم ذلك واتضح فإنه يجب على الذي صرح بجواز كشف المرأة وجهها وكفيها أمام الرجال الأجانب أن يتقي ربه ويرجع عن هذه الفتوى ويتلمس الرشد من أهل التخصص في علوم الشرعة السائرين على طريق أهل السنة والجماعة أهل الفهم الصحيح لمقاصد الشرع الكريم وأهدافه الجليلة في التحليل والتحريم وأسباب الصلاح والفساد وسد الذرائع.
ورحم الله الإمام ابن القيم حيث قال: ((ومن صفات الطيب الحاذق أن يكون على خبرة باعتلال القلوب والأرواح وأدويتها وذلك أصل عظيم في علاج الأبدان فإن انفعال البدن وطبيعته عن النفس والقلب أمر مشهود. والطبيب إذا كان عارفا بأمراض القلب والروح وعلاجهما كان هو الطبيب الكامل والذي لا خبرة له بذلك وإن كان حاذقا في علاج الطبيعة وأحوال البدن نصف طبيب وكل طبيب لا يداوي العليل بتفقد قلبه وروحه وقواه بفعل الخير والإحسان والإقبال على الله والدار الآخرة فليس بطبيب بل متطبب قاصر)). وخلاصة المسألة أنه لا محيص من استعمال المرأة الحرة اللباس الشرعي الذي من أساسياته النقاب على الوجه إلا العين والقفازان للكفين أو ما يقوم مقامها ويؤدي وظيفتها وذلك عند الاختلاط بالأجانب لا سيما هذا الزمان الذي قل فيه الأخيار وكثر فيه الأشرار. ألا وإن كل من دعا إلى كشف وجه المرأة وكفيها أمام الأجانب متذرعا بما لا يسوغ ذلك شرعا فإنه قد سن سنة سيئة يحمل وزرها ووزر من يعمل بها لا ينقص من أوزارهم شيء ومن تاب الله عليه وبل سيئاته حسنات. وإنه ليطيب لي أن أذيل هذا التوجيه بأمرين هامين وقصة صحيحة ذات عظة وعبرة.
أما الأمر الأول فهو بيان ما يستفاد من أدلة الحجاب من أحكام وهي كما يلي:
1. فرضية الحجاب الشرعي أمر محتم على كافة نساء المؤمنين لا هوادة فيه ولا مساومة على إلغائه أو التقليل من شأنه وأهميته.
2. بيان أن نساء النبي الطاهرات وبناته الكريمات هن الأسوة الحسنة والقدوة الرشيدة لكافة النساء المسلمات في تطبيق مسألة الحجاب.
3. بيان أن الجلباب الشرعي هو الذي يكون ساترا للزينة والثياب وجميع البدن بما في ذلك الوجه والكفان.(5/203)
4. إن فرض الحجاب على المرأة المسلمة فيه تكريم لها وتشريف لجنابها وصيانة لعرضها وذويها بل للمجتمع كله من ظهور أسباب الفتنة والفساد فيه وانتشار الرذيلة بين أفراده وذويه.
5. التحذير الشديد للمرأة المسلمة من استعمال ما يلفت أنظار الرجال إليها أو يستميل قلوبهم أو يثير بواعث الافتتان بها وذلك كاستعمال الروائح الطيبة والتجمل المغري اللهم إلا إذا كانت عند زوجها أو محارمها في حدود الشرع الشريف.
6. إنه لا محظور في دخول الأطفال والغلمان ومن في حكمهم على النساء لعدم حصول شيء من فتنة أو خطر من جانبهم كما هو صريح القرآن.
7. وجوب التوبة إلى الله عموما ومن التقصير في شأن الحجاب خصوصا رجاء الرضا والرحمة من الله وحصول الفلاح في الدارين امتثالا لقول الله - تعالى -: ((وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون)).
شروط حجاب المرأة المسلمة:
الأمر الثاني: بيان ما يشترط في الحجاب كي يكون مؤديا للغرض الشرعي وفيما يلي ذكر الضروري من الشروط:
1. أن يكون الحجاب ساترا لجميع بدن المرأة لقول الله - عز وجل -: ((يدنين عليهن من جلابيبهن)) وقد علمت مما سبق تدوينه أن الجلباب هو الثوب السابغ الساتر لجميع البدن وأن معنى الإدناء هو الإرخاء والسدل كما تقدم.
2. أن يكون الثوب كثيفا غير شفاف ولا رقيق لأن الشفاف الرقيق لا يتحقق منه الغرض من الحجاب الذي هو الستر لجميع بدن المرأة وزينتها الظاهرة والخفية وعليه فإن ما يستعمله اليوم معظم النساء اللاتي يرتدين الحجاب مما سمى بالعباءة أو الملاءة الشفافة التي تصف البشرة ويرى الناظر مما وراءها لا يعد حجابا شرعيا وليس الحامل عليه إلا زيادة الإغراء بالمحاسن والمفاتن ولكي يقال: إنهن محجبات ونعوذ بالله من الخداع الذي بعود ضرره على عشاقه ومحبيه.
3. أن لا يكون الحجاب ذا زينة في ذاته بحيث يكون ملونا جذابا يلفت الأنظار ويمرض القلوب وقد سبق معنا معنى ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وإذا كان الأمر كذلك فكل حجاب لا يمنع ظهور الزينة عن الأجانب فليس بحجاب شرعي.
4. أن يكون فضفاضا فإن الضيق يجسم العورة ويظهرها أمام الرجال الأجانب وحينئذ يصطدم بالغرض المنشود من فرضية الحجاب ويمن القول أن من جملة اللباس الضيق ما يسمى بالبنطلون والذي لا يوضع عليه ما يستوعب ستره أضف إلى اعتباره مجسما للعورة ما فيه من تشبيه وقد لعن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((الرجل يلبس لبسة المرأة والمرأة تلبس لبسة الرجل)) رواه أبو داود والنسائي.
5. كما يشترط في الحجاب أيضا أن لا يكون معطرا فإن في تطييبه إثارة لشهوات الرجال وفتنة لهم رغم أنوفهم فتحمل صانعة ذلك وزرها ووزر من استجاب لدعوتها العملية إلى هذا النوع من الزنا وفي الحديث الذي رواه أصحاب السنن وغيرهم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((إن المرأة إذا استعطرت فمرت بالمجلس فهي كذا وكذا)) يعني زانية وفي رواية أخرى((إن المرأة إذا استعطرت فمرت على القوم ليجدوا ريحا فهي زانية))(5/204)
هذه يا أخوتنا من المسلمين والمسلمات شروط ضرورية في الحجاب ليتحقق منه الغرض المقصود فلنتق الله بامتثال أمره واجتناب نهيه ومتابعة رسوله - صلى الله عليه وسلم - فإن في ذلك سعادة الدارين.
وأما القصة ذات العبرة والعظة فهي ما جاء في ترجمة عبيد بن عمير المكي في ثقات العجلي قال: كانت امرأة جميلة بمكة كان لها زوج فنظرت يوما إلى وجهها في المرآة فقالت لزوجها: أترى أحدا يرى هذا الوجه ولا يفتتن به. قال: نعم. قالت: من؟ قال: عبيد بن عمير. قالت: فأذن لي فيه لأفتنه. قال: قد أذنت لك فأتته فاستفتته فخلا معها في ناحية من المسجد الحرام قال: فأسفرت عن مثل فلقة القمر فقال لها: ((يا أمة الله اتقي الله)).
أورد هذه القصة صاحب الحلية في ثقات الإمام العجلي في ترجمة عبيد بن عمير المكي وأوردها الألباني في كتابه الحجاب مستدلا بها على النقاب.
قلت: وإنه ليستفاد من إنكار هذا العالم الجليل على تلك المرأة حين أسفرت وجهها عنده أن التابعين الكرام كانوا يرون سفور المرأة بكشفها لوجهها أمام الرجال الأجانب منكرا عظيما يجب تغييره وبذل الجهد في إزالته وحقا إن الأمر كذلك فإن الناظر إلى وجه المرأة وكفيها يعني التي لا يحل له النظر إليها ليتمتع بأعظم الأعضاء فتنة لها وشرها ضررا عليه. ألا فليع المفتون بجواز كشف وجه المرأة وكفيها أمام الرجال الأجانب لا سيما الكثير من رجال زماننا الذي سيطرت على قلوبهم وعقولهم المغريات المحرمة فأصيبوا بمرض الشبهات والشهوات وليتق الله المقلدون والمقلدات الداعون بأفعالهم وأقوالهم إلى كشف العورات والنظر إلى وجوه المومسات ابتغاء الفتن المنكودات والمضلات هذا ما أحببت إيضاحه والتنبيه عليه تذكيرا وتبصرة لكل مريد للحق محب للفضيلة وكاره للباطل مبغض للرذيلة وما توفيقي إلا بالله وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
بتاريخ: 30/6/1424هـ
http://www.islamic-oyster.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ
مقارنة بين الحجاب والسفور
هاله بنت عبدالله
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد الذي بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح للأمة ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.
((يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون)) [آل عمران: 102]. ((والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم)) التوبة: 71.
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ومن هذا المنطلق إليك أختي المسلمة مقارنة بين الحجاب والسفور بين (الفضيلة والرذيلة)(5/205)
أو بالأحرى بين (الحق والباطل) فالحق أحق أن يتبع لقوله صلى الله عليه وسلم "تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما كتاب الله وسنتي " إذا فكل منكر خالف لقول الله ورسوله وما حدد الشرع يجب أن يترك ويسمى باطلا لقوله - تعالى -: ((ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا)) النساء: 115
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي خلقنا من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء. أحمده حمدا يليق بجلاله وعظيم سلطانه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا لشريك له وأن محمدا عبده ورسوله.
أما بعد.. فموضوع المرأة اهتم به الإسلام وأنزل الله من أجل المرأة آيات. بل سميت سورة في القرآن باسم النساء. وبين الله في كتابه وعلى لسان رسوله الأحكام المتعلقة بالمرأة والتعاليم التي أنقذتها من براثين الجاهلية ومن مجاري أهل الهوى والشهوات والجنس. فهي في الإسلام أم وزوجة وأخت وبنت لها حقوق وعليها واجبات وصى بها الرسول صلى الله عليه وسلم خيرا وذلك في حجة الوداع. أمرها الله بالحجاب والإقرار في البيت. فهي السكن المريح للزوج، والأم الرؤوم للولد، فمكانها الطبيعي المناسب لحنانها وعطفها هو البيت ((وقرن في بيوتكن)). نهاها الإسلام عن التبرج والسفور، وأمرها بأن تلقي جلبابها عليها حتى لا تعرف ((يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن)). فلما رأى أعداء الدين هذه المكرمة للمرأة المسلمة حسدوها على ذلك. فكادوا لها المكائد، وتربصوا بها الدوائر، ونصبوا لها الشباك، فأتو بحركات مسمومة ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب. حركة التحرر- حركة المساواة- حركة الأغراء. وهذه الحركات تعمل جاهدة لتحطيم القيم والأخلاق وعرض العلاقات الجنسية في ضوء الشمس وذلك عن طريق الأزياء والموديلات وغيرها.
فأصبح أكبر هم المرأة المسلمة لباسا عاريا تلبسه، ونزلت إلى الميدان بأقذر أسلحتها، أسلحة الأغراء، وتعلمت المرأة المسلمة فنون الأغراء وذلك عبر الأفلام العارية، والقصة العارية، والصورة العارية. ووجدت المرأة المسلمة محررين ومحررات ممن يتكلم بلسانها ومن بني جلدتها يشرحون لها كيف تكون جذابة "مغرية" إغراء في البيت وفي الشارع، إغراء في اللفظ والحركة، إغراء في الملبس والزينة، إغراء في المشية والجلسة والنظرة.
فنخرت هذه الأفكار حياء المرأة المسلمة، فخرجت عارية في الطريق تعرض فتنتها لكل راغب تثير في الرجل شهوة الحيوان. ولو التزمت المرأة بالحجاب الشرعي لعتبروها رجعية متخلفة وهناك تتلاشى المقاومة ويحل محلها ا لاستسلام.
قال المفكر محمد قطب- حفظه الله- حدث منظر على الشاطئ قبل سنوات، فتاة كان بها بقية ضئيلة من الحياء، حياء الأنثى الطبيعي الفطري- هذه المرأة لبست "المايوه" وجلست على الرمال حول الشاطئ ليلتقط المصور لها صورة، ما الذي حدث؟(5/206)
جلست بهذه البقية الضئيلة من الحياء مضمومة الرجلين، فقام المصور يفسح ما بين رجليها ليلتقط لها صورة تقدمية ولكنها راحت في حياء ضئيل - تتأبى عليه- عندئذ قال لها بلهجة ذات معنى "الله هوه أنت فلاحة ولا إيه؟ ".
وفي الحال دبت هذه الكلمة في صدرها فنخرت ما بقي من الحياء وجلست منفرجة الرجلين في طلاقة همجية، هذه القصة تصور لك مخططات أعداء الإسلام لفتاة الإسلام، ولكن ((يأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره المشركون)) هذه الأفكار الهدامة لم تمش على فتياتنا بل رأينها بعين السخرية، رأينها بعين العزة لهذا الدين وما يأمر به فحفظ الله لهن حجابهن وسترهن ولله الحمد والمنة.
وقام بعض الصالحات بتوجيه من مال عن الطريق "وهن قلة" وفي طريقهن إلى الرجوع على المنهج المستقيم بمشيئة الله.
وعلى رأس هؤلاء الصالحات الناصحات لفتيات الأمة. الأخت هاله بنت عبدالله التي كتبت هذه الرسالة الصغيرة في حجمها الكبير في معناها، هذه الرسالة التي هي كمين مسلح بالأدلة الشرعية والأمثلة الحية والنصائح الغالية. يعثر دعاة الضلالة ومزقهم كل ممزق.
شكر الله لأختنا على ما بذلته وجزاها الله عن أخواتها خير الجزاء.
وصلى الله على نبينا محمد
عبد الله أحمد السويلم
إمام جامع قري الشهيل
الإسلام نعمة :
أختي المسلمة قد من الله عز وجل علينا بنعمة الإسلام والإيمان بما فيهما من القوة والاعزاز للنفس البشرية عامة وللمرأة خاصة، فلقد كرمها كثيرا فشرع لها من الدين ما يصون عفتها، ويكفل لها كرامتها، ويوفيها حقوقها، وذلك بما يميزها بميزات لا مثيل لها، رفعت من شأنها، وقدرها، جاعلها تفتخر وتعتز بأنها امرأة ذات وقار، وهيبة، وذات شرف رفيع، لا يداني أبدا لا تصل إليها أيدي العابثين ولا تنظر إليها أعين الفاسقين وهاهي الفتاة المتحجبة تفتخر بحجابها وتقول:
بيد العفاف أصون عز حجابي وبعصمتي أعلو على أترابي
وبفكرة وقادة وقريحة نقادة قد كملت آدابي
ما ضرني أدبي وحسن تعلمي إلا بكوني زهرة الألباب
ما عاقني خجلي عن العليا إلا سدل الخمار بلمتي ونقابي
ومن هنا نجد أعظم التدابير الوقائية للنساء، هو فرض الحجاب، لأن الحجاب هو الحصن الحصين لكل امرأة لأنه هو الذي يمنع الأذى وتسلط من بقلبة مرض، والحجاب هو في الشرع هو ما ستر عموم جسم المرأة بما في ذلك وجهها وكفيها بثياب واسعة فضفاضة، لا تصف بشرتها ولا تظهر محاسنها، وشرع من أجل منع وقوع الفتنة بين الرجال والنساء، لقوله - تعالى -: ((يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين)) فيا لعظمة هذه الآيات وما أجل وأكرم توجيهاتها فلقد أمر الله عز وجل ورسوله المصطفى الكريم بأن يأمر أزواجه أمهات المؤمنين وبناته رضي الله عنهن ونساء(5/207)
المؤمنين بالتزام الحجاب لما فيه من الستر والحماية لهن من التعرض للأذى. ففي الحديث "يرحم الله نساء الأنصار لما نزل قوله - تعالى -: ((يدنين عليهن من جلابيبهن)) خرجن كأن على رؤوسهن الغربان من السكينة وعليهن أكسية سود يلبسنها" وقوله - تعالى -: ((وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن)) وذلك لأن الحجاب طهارة لقلوب المؤمنين والمؤمنات وأقوى وأطهر أي أسلم للقلوب من الميل إلى المحرم وأسلم من الوقوع في الفتنة وأكثر حماية لعفة الرجل والمرأة، وأكثر إبعادا لهما من الوقوع في المعصية، أو التفكير فيها، وسبحانه جلا وعلا ما أرفع شأنه وما أكرمه، لقد جعل من المرأة في هذه الآيات الكريمات وكأنها جوهرة ثمينة، بل هي أغلى من الجوهر وأنفس منه في شريعة الإسلام ذلك لأنها محل النسل الطاهر ومصدر الشرف والفضيلة، إذا تأدبت بآداب الإسلام والتزمت بتعاليمه السامية، وهذا ما جاء في الآيات الكريمات التي نزلت في أمهات المؤمنين الطاهرات العفيفات القانتات، وفي نساء المؤمنين اللاتي امتثلن لأوامر الله جل جلاله، وعملن بها على أحسن وجه، فرضي الله عن أمهات المؤمنين، وجزاهن عن المسلمين والمسلمات خير الجزاء، فلقد كن الأسوة الحسنة والقدوة المثلى لجميع النساء المسلمات، فلقد سبقن إلى فضيلة اتباع هدى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وتأدبن بما أدبهن الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم وطبقن أحكام الإسلام وتعاليمه على نحو ما أمر الله به وما أراد رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم .
الحجاب المشروع وشروطه:
أختي المسلمة: للحجاب الشرعي صفات وشروط تتميز بها المرأة المسلمة المؤمنة عن غيرها من النساء الأخريات، فالحجاب أفضله الجلباب، وهو الذي يستر المرأة من رأسها إلى أخمص قدميها، لقوله - تعالى -: ((يدنين عليهن من جلابيبهن)) ولقوله - تعالى -: ((وليضربن بخمرهن على جيوبهن)) والله سبحانه و- تعالى - لم يخاطب بالحجاب إلا النساء المؤمنات في قوله - تعالى -: ((قل للمؤمنات)) وقوله ((ونساء المؤمنين)) وفي الحديث دخل نسوة على عائشة رضي الله عنها وعليهن ثياب رقاق فقالت: "إن كنتن مؤمنات فليس هذا بلباس المؤمنات وإن كنتن غير مؤمنات فتمتعن به ".
إذا، فالحجاب المشروع ما ستر جميع أجزاء الجسم والوجه، وليس ذلك ما يسمى بحجاب"التبرج " الذي يغطي الرأس فقط ويظهر كل شيء من الجسد والوجه، فذلك يعد من التبرج، ما غطى الجسم والرأس ولكنه يكشف بشرة المرأة أو يحجم أعضائها ويبرز مفاتنها أمام من ينظر إليها وقد حذر الله عز وجل بني آدم من فتنة الشيطان في موضوع اللباس فقال جلا وعلا: ((يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوءاتهما إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم)) الأعراف: 27،. وقوله - تعالى -: ((يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سؤاتكيم وريشا ولباس التقوى ذلك خير ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون)) الأعراف: 26،.(5/208)
هذا وقد حذر الله سبحانه و- تعالى - بني آدم في آيات عديدة في كتابه الكريم وعلى ألسنة الأنبياء والمرسلين من فتنة الشيطان الرجيم الذي كان سببا في خروج آدم وزوجه من الجنة ونزع عنهما لباسهما وهو الآن يعيد الكرة في بني آدم ويأمرهم بالفحشاء والمنكر لإغوائهم وصدهم عن الحق، فلذلك شرع الله لبني آدم وأنزل عليهم لباسا يستر عوراتهم ويصون أعراضهم ويقيهم شر الفتنة والضلال وكفى بالإنسان خيرا ورحمة له إن الله أكرمه وأنعم عليه وشرع من الدين ما يحفظ له حقه وكرامته وأوضح له ما ينفعه وما يضره ودله على الطريق المستقيم الذي من سار عليه لا يضل أبدا.
و إلى هنا أختي المسلمة نصل إلى شروط الحجاب الشرعي وهي:
أولا: من شروطه أن يكون ساترا لجميع بدن المرأة ووجهها ساترا لمفاتنها.
ثانيا: أن لا يكون مزخرفا ومزركشا بألوان عديدة بل يكون بلون واحد قاتم لا يجذب ولا يلفت الأنظار.
ثالثا: أن لا يكون شفافا كاشفا للبشرة بل يكون سميكا لا يصف، واسعا غير ضيق .
رابعا: أن لا يشبه لباس الكافرات من حيث الموضة والأزياء المبتكرة بل يكون عاديا بشكله طبيعيا بمظهره.
خامسا: أن لا يشبه لباس الرجل في اللون والشكل لقوله صلى الله عليه وسلم : "لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال ".
سادسا: أن لا يكون غالي الثمن باهظ القيمة ينم عن الإسراف والتبذير وإضاعة المال حتى لا يوقع ذلك في الرياء، والرغبة في السمعة للحديث: "من سمع سمع الله به ومن رأى رائا الله به ".
سابعا: أن لا يمسه طيب أو بخور لأنه لا يحل للمرأة المسلمة أن تتطيب وتخرج من بيتها لقوله صلى الله عليه وسلم : "كل عين زانية والمرأة إذا استعطرت فمرت بالمجلس فهي كذا وكذا" يعنى زانية رواه أبو داود والترمذي.
بدعة السفور ومساوئه :
السفور هو بدعة وضلالة وأمر خارج عن دين الإسلام والسنة النبوية المطهرة، وعلامة من علامات ضعف الإيمان عند المرأة حيث إنه يسلب المرأة حياءها وعفتها، تلك الخصلتان اللتان هما من شعب الإيمان، علاوة على ذلك فإنه يجردها من كرامتها، ومن حقوقها المشروعة لها، كاشفا لعورتها، موضحا لعيوبها، مهدرا لأنوثتها، تعرف به المرأة المجردة من الحياء والعفة دونا عن غيرها من اللاتي التزمن بشرائع الله وحكمته لهن، ومن مساوئه:
أولا: تمرد المرأة على مجتمعها المسلم وعصيانها لأوامر خالقها عز وجل.
ثانيا: مخالفتها لشريعة دينها الحنيف والسنة النبوية المطهرة.
ثالثا: إخلال المرأة بآداب الإسلام الكريمة وتهاونها بها.
رابعا: تخلي المرأة عن الحياء والعفة اللتان هما من صفات أمهات المؤمنين رضي الله عنهن وأرضاهن وهما من صفات كل مؤمنة كذلك.
خامسا: تجريد المرأة من كل شيء يستر لها مفاتنها وعورتها.(5/209)
سادسا: مساواة المرأة بالرجل من حيث المعاملة والحقوق، وخاصة في بعض الدول الإسلامية والعربية.
سابعا: نزول المرأة إلى ميدان العمل واختلاطها بالرجال.
ثامنا: اتباع المرأة لما يفرضه عليها الغرب من الأفكار والمعتقدات.
تاسعا: تقليد المرأة للكافرات من حيث العادات والتقاليد.
عاشرا: جعل القوامة للمرأة على زوجها.
الحادي عشر: عدم اكتفاء الرجل بزوجته ولا المرأة بزوجها وتطلع كلا منهما إلى غير الآخر.
الثاني عشر: تحكم الموضة والأزياء الغربية بلباس المرأة وشكلها.
الثالث عشر: جعل المرأة الرمز الوحيد لجذب الأنظار وترويج السلع والكسب الغير المشروع .
الرابع عشر: امتهان المرأة وإذلالها في ميادين العمل الخاص بالرجل.
الخامس عشر: جعل المرأة عرضة للاغتصاب وسلب عرضها وهذا ما نسمعه ونراه في المجتمعات المتحضرة التي تدعي الحضارة والتقدم.
مقارنة بين الحجا ب والسفور :
قال الله - تعالى -: ((وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى)) صدق الله العظيم، وصدق رسوله الكريم، ولله الحمد والشكر والثناء على ما أنعمه علينا من نعم الإيمان والإسلام الذي يرفع شأن المسلم والمسلمة إلى منزلة الشرف، والعفة، والطهارة، وسمو الخلق، وألبسهم لباس التقوى والإيمان وحصنهم به ورد عنهم كيد الكائدين، وعبث الشيطان وحقد الحاقدين، بحيث جعل من البيت المكان الطبيعي للمرأة ومكان عبادته وطاعته وعمل بيتها هو عملها في الدنيا وجعل من الحجاب الستر الواقي لها من كل شرا وأذى وجعل العمل هو المكان الطبيعي للرجل، وصلاته في المساجد، والرجل هو الذي يسعى ويجول لكسب القوت، وليست المرأة، وسبحان الله ما أجل شأنه ما أعظم حكمته وما أكثر عفوه ورحمته، إذ رحم المرأة ووفر لها سبل الراحة والأمان ورسم لها طريق الخلاص من عبث الرجال وشر مقاصدهم وخبث نوايا من في قلبه مرض منهم وصان عفافها وطهارتها من أيدي الفاسقين وعدوان المفسدين.
وحفظ لها حقوقها كلها من حيث الزواج والطلاق والحمل والعدة والنفقة، ومن كل شيء يخصها. ولقد ذكر ذلك كله عز وجل في بعض السور والآيات من القرآن الكريم وأوصى الله بها خيرا لأن المرأة قد خلقت كائنا ضعيفا وخلق الرجل قويا صلبا قادرا على مواجهة مصاعب الحياة في طلب الرزق، ومع هذا أوصى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بالمرأة كثيرا في أحاديث مختلفة وحذرها كذلك في أحاديث، أخرى كلها صحيحة ا لإسناد.
ومن هذا المنطلق إليك أختي المسلمة
الفاضلة هدانا الله وإياك هذه المقارنة بين الحجاب والسفور لكي تكوني على بينة عندما تقرئين وتقتنعي بميزات الحجاب ومنافعه الكثيرة الذي هو أمر قد أوجبه الله(5/210)
عز وجل وبين مساويء السفور الذي هو زيغ من الشيطان وفعلا من أفعاله ومنكر من منكراته أعاذنا الله منه انه سمع مجيب.
الحجاب: هو بأمر من الله عز شأنه ورد في كتابه العزيز وسنة رسوله المطهرة على المرأة المسلمة اتباع وتطبيق تعاليم الكتاب والسنة بالالتزام والاتباع والانقياد كما شرعه الله ورسوله لها بهذا الخصوص مرضاة لخالقها وحفظا لها ولكرامتها.
السفور: هو بأمر الشيطان وأعداء الله وفعلا من أفعالهم وتقليد أعمى لمن هم قد خرجوا عن ما الإسلام والذين لم يعترفوا به ولا بشرائعه و لا بأحكامه على المرأة المسلمة أن تتجنبه وتبتعد عنه لأنه مسلك سيء يحط من شأنها ومن شرفها ويخفض من قدرها ويجعلها سلعة رخيصة لدعاة الشر والفساد وعرضة لأعين السوء.
الحجاب: علامة من علامات كمال الإيمان عند المرأة التي التزمته خوفا من الله ومرضاة له ليس بحكم العادات والتقاليد لأن من التزمته التزمت الحياء والعفة والطهارة التي هي من شعبة الإيمان.
السفور: علامة من علامات ضعف الإيمان عند المرأة لأنه ليس قاصرا على تجريد المرأة من حجابها بل دافعا لها إلى الوقوع في مهاوي الرذيلة لتقع فريسة سائغة لكل منحرف ضال ومجرم محتال يسلب عفتها وشرفها ويدنس طهارتها وينتهي بها إلى أسوأ حال وأشقى مئال.
الحجاب: ستر للمرأة لأن المرأة كلها عورة من منبت شعرها إلى أخمص قدميها مع ذلك يعلى من قدرها ويحفظ شرفها وطهارتها وينأ بها عن المسالك المؤلمة والهوان مانعا لأي شخص أجنبي من غير محارمها أن يرى منها شيئا إذ أنه لا يمكن لأحد أن يرى مفاتنها أو عيوبها لأنها تستر الجميل منها والقبيح وفي ذلك سترا لها وحفظا لكرامتها ومشاعرها وأنوثتها وحقوقها كإنسانة غير مضطهده في نفسها وجسدها.
السفور: يجرد المرأة من كل شيء يحفظ لها حقها وكرامتها فيظهرها شبه عارية مجردة من الهيبة والوقار جاعلها عرضة لأنظار الرجال المغرضة. والشهوات الطامعة بها والكاشفة لعيوب جسدها ومحاسنه فهي في ذلك الوضع إنسانة مضطهدة وضعيفة.
الحجاب: تاج على رأس كل امرأة مسلمة تقية تدرك ما الذي ينفعها وما الذي يؤذيها ويجرح كرامتها ومشاعرها فإنها بذلك تشبه الدر المكنون المحفوظ عن أيدي العابثين وعيون الفضوليين ومن ألسنة المستهترين بالمرأة وحقها.
السفور: لافتة تعلق على رأس كل امرأة خلعت ثوب الحياء وجف وجهها من ماؤه وأصبح لوحة تضم أشكالا وألوانا مختلفة عبثت بها أقلام العابثين وريش الماجنين الماكرين المستبيحين للأعراض وأصبحت بين أيديهم كالسلعة تدور بالأسواق منها الجميل ومنها القبيح علقت عليها الموضة الشيطانية ألوان أزياؤها وأهوائها مجردة لها من كل شيء هو عفيف وتجعلها في النهاية مجرد سلعة أو لوحة يجرب عليها كل منكر وخبيث جاعلة منها أداة للكسب الغير المشروع وهدفا للأعمال الإباحية المختلفة باسم التحرر تاركة ورائها كل ما يسمى بالقيم والأخلاق الحميدة التي تحتفظ بها لنفسها كامرأة محترمة وقورة.(5/211)
وإلى هنا أختي المسلمة أصل إلى نهاية المقارنة بين الحجاب والسفور (الحق والباطل) وهذا ما أعلمه أنا وان كنت أختي المسلمة تعلمي أشياء أخرى فارجوا أن تساعديني وأخواتنا- المسلمات التقيات على فهم وأدراك ذلك الشيء المهم الذي يهم كل فتاة مسلمة
واعية تميز ما ينفعها وما يضرها وما الشيء الذي يزيدها مهابة ورفعة وما الشيء الذي ينقص من هيبتها ويحط من مكانتها.
وفي هذه المناسبة أختي المسلمة أقدم إليك بعض الأمثلة البسيطة التي من خلالها أحاول أن أوضح مميزات الحجاب وأهميته فإليك أختي هذه الأمثلة.
مثال (1):
أختي المسلمة: افرضي أن عندك عقدا من الماس الحقيقي وهو ثمين جدا أو جوهرة ثمينة تخافين عليها جدا وهي عليك غالية جدا فهل تجعليها بين أيدي الآخرين أو تضعيها هكذا معرضة لخطر السرقة أو الضياع أم أنك تحفظيها وتخافين عليها وتحتفظين بها في مكان أمين لا تتوصل إليها يد أحد ولا تنظر إليها عين كائن من كان فالكل من حولك يعلم أن لديك جوهر ثمينة ولكنهم لا يقدرون على رؤيتها أو تفسير شكلها أو معرفة لونها ولكنهم يقدرون ويثمنون تلك الجوهرة القيمة التي هي بحوزتك، ولم يستطيعوا رؤيتها أو لمسها، مع ذلك هم يعرفون ويقدرون كم هي ثمينة وجميلة ولكنها محصنة بشيء كالحجاب يجعلهم يحسبون ألف حساب قبل أن تمتد أيديهم إليها مثلها في حصانتها وروعتها وكمالها كمثل المرأة المسلمة المتحجبة التي هي نفسها جوهرة قيمة ويزيد من قيمتها ذلك الحجاب الحصن الحصين لها الذي يمنع عنها كل ما يسوءها ويؤذيها لقوله - تعالى -: ((ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين)).
مثال (2):
تخيلي أختي المسلمة أنك بين مدينتين جميلتين تجذبان كل من ينظر إليها، ولكن واحدة منهما عليها حصن كبير وهو (السور العظيم) يكاد أن يغطي المدينة كلها بحيث يحجب عنها الرؤية.
والمدينة الثانية ليس عليها حصن أو أي سور يبين حدودها ومعالمها، وهي بادية لكل الناس، كل من يمر ويراها يتمتع برؤيتها وجمالها وربما دخلها وأخذ من خيراتها ومكنوناتها فهي بذلك أصبحت ممرا لكل الناس يمرون وينظرون ويطيلون النظر، ويدخلون ويغتنمون الفرصة، إنه لا يوجد لها سور يمنعهم ويأخذون منها الغالي والثمين، غير آبهين بعقوبة أو برادع يردعهم عن، الذي يفعلونه، وأصبحت تلك المدينة تعطي ولا تأخذ تزرع ولا تحصد تنتج ولا تستفيد حتى تصبح مجردة من كل شيء هو حقها وعند ذلك تهجر تلك المدينة وتحتقر وتهمل وتصبح لا خير فيها أبدا لأنها فتحت أبوابها للغرباء، وأطلعتهم على مكنوناتها وجمالها، وجعلتهم يلعبون ويعبثون بها، إلى أن جردوها من الغالي والنفيس، وهذا هو الشيء الوحيد الذي حصدته منهم الندامة والحسرة.
أما المدينة الجميلة الثانية وما تحتويه من الخيرات والغنائم والجمال المكنون فكله محفوظ وهذا بفضل الله عز وجل ومن ثم الحصن الذي يحيطها من جميع الجهات المانع عنها الفضوليين الذي يرغبون في دخولها أو رؤيتها على الأقل ولكنه منعهم(5/212)
بشدة، فلم يكتفي بذلك ولكنه جعل منها مدينة ذات هيبة ومكانة رفيعة لا يقدر أي أحد أن يتعدى عليها وهو يعلم كل العلم أن بداخل هذا الحصن الضخم مدينة جميلة بهية ذات خيرات كثيرة ولكنه لا يقدر ولا يتجرأ أن يتعدى عليها أبدا فهي بذلك قد حافظت على نفسها وعلى سمعتها وعلى ما حباها الله من النعم والكرامة محتفظة بها لنفسها ولأهلها ولذوي الشأن عندها غير آبهة بما يقوله عنها ذوي الأنفس الضعيفة والقلوب المريضة الحاقدة الذين إن لم يقدروا على أخذ شيء هم يريدونه أشانوا به واتهموه وجعلوه حديث ألسنتهم وموضوع أقلامهم المغرضة العابثة، والآن فلقد قرأت أختي المسلمة تلك الأمثلة ورأيت أن أي شيء محصن ومنيع لا يصبه أذى أبدا ولا يستغل أبدا.
أما الشيء الظاهر أو البادي للعيان فإن مصيره الإتلاف والدمار، وبالرغم أن المرأة المسلمة المؤمنة لا تشبه بأي شيء ولا تمثل بأي شيء لأنها أثمن من الجوهر نفسه ومن أي شيء آخر وسبحانه عز وجل حيث شبه نساء الجنة في سورة الصافات ((كأنهن بيض مكنون)) وفي سورة الواقعة ((كأمثال اللؤلؤ المكنون)) هو وما أجل شأنه وما أقوى قدرته وعظمته فلقد كرم الله سبحانه و- تعالى - المرأة المسلمة كثيرا وحرص عليها بشدة وهو سبحانه جل جلاله هو الخالق المبدع المصور وأن له في ذلك حكمة وعبرة بالغة، لا تدركها العقول، ولا تحتار بها النفوس، وأنه سبحانه و- تعالى - لأشد منا حرصا على خلقه، فبين لهم طريق الخير وطريق الشر ووضحه لهم لقوله - تعالى -: ((وهديناه النجدين)).
وهذه نصائح أقدمها إلى كل فتاة مسلمة مؤمنة غيورة على دينها ونفسها.
1- أختي المسلمة الحجاب سنة لك، وسنة من كان قبلك، وواجب مشروع، فقد التزمته أمهات المؤمنين من قبلك وهم أزواج الرسول صلى الله عليه وسلم وبناته الكرام رضوان الله عليهن ونساء المؤمنين في كل قرن وكل زمان.
2- أختي المسلمة إن من التزمت الحجاب الذي شرعه الله لها وسنه لها رسوله محمد صلى الله عليه وسلم كان لها الدرع الواقي في هذا الزمان لتجابه به أعداء الإسلام.
3- أختي المسلمة الحجاب سلاحك، معك في أي مجال ومكان تدخلينه، فهو يرهب كل من يراك به فاجعليه سلاح لك ضد تلك الحروب التي يشنا أعداء الإسلام على المرأة المسلمة.
4- أختي المسلمة اجعلي الحجاب حجة لك لا عليك، اجعله حجة تحاجين بها كل جاهل وباغي وتخرسين به ألسنتهم وتفقئين به أعينهم.
5- نصيحة إلى كل مسلمة تسافر إلى خارج بلدها المسلم: الحجاب هو الذي يرفعك ويزيد من هيبتك وقيمتك.
6- أختي المسلمة لا تقلدي أعداء الإسلام لا تقلدي الكفار واليهود والنصارى في لبسهم ولا في تبرجهم.
7- أختي المسلمة لا تتبعي خطوات الشيطان أو بالأحرى الموضة والأزياء.
8- أختي المسلمة لا تنزعي عنك ثوب العفاف والشرف عندما تخرجين من بلدك المسلم وتستبدلينه بثوب الخزي والعار.(5/213)
9- أختي المسلمة لا تحاولي أن تقلديهم عندما تذهبين إليهم فهم لم يحاولوا أن يقلدوننا عندما يأتون إلى بلدنا ولكنهم يحاولون أن يجعلونا نقلدهم ونفعل مثلهم.
10- أختي المسلمة لو أنك تعملين بفكرتهم هذه وتذهبين إلى بلدهم وأنت ملتزمة بحجابك لكي تحاولي أنت بأن تجعلينهم يقلدوك ويتبعونك
11- أختي المسلمة ما من فتاة مسلمة خلعت حجابها واستهترت به عندهم إلا واستهتروا هم بها وشككوا في عقيدتها وإسلامها واحتقروها أشد الاحتقار.
12- أختي المسلمة الحجاب هو الذي يحميك من أذاهم وشرورهم ومن أفكارهم المستبيحة للأعراض والأديان
13- أختي المسلمة: إن أعداء الإسلام يتمنون رؤية المرأة المسلمة وقد تخلت عن آدابها وأخلاقها وشريعتها واتبعتهم ليفعلوا بها ما فعلوا بغيرها من النساء الضعيفات (ضعيفات الإيمان).
14- أختي المسلمة: إن أعداء الإسلام يتربصون بك وبغيرك من المسلمات العفيفات ويحاولون جاهدين بث سمومهم و أباطيلهم لكم عبر كل شيء مرئي أو غير مرئي ليثنوا المرأة المسلمة عن حجابها وعفتها وهو الشيء الوحيد الذي يقهرهم ويكيدهم ويقلق راحتهم.
15- أختي المسلمة: لو حاولت ولو لمرة أن تدعينهم إلى دينك أو إلى نبذ عاداتهم وتقاليدهم التي نشأوا عليها واتبعوها مع العلم أنها كلها باطل وكفر، هل سيتبعونك وينبذون كل شيء وراءهم من أجلك، لا.. إنهم أذكى من ذلك بكثير وأحرص وأنت أختي المسلمة من غير أن يدعوك أو يحاولوا معك ذهبت إليهم وفعلت ما يفعلون وللأسف.
16- أختي المسلمة كوني أنت الرمز الجميل للإسلام وحلاوته وكوني أنت الداعية إليه أينما ذهبت وكوني القدوة الحسنة لأخواتك المسلمات وارفعي كلمة ربك ودينك وسنة نبيك صلى الله عليه وسلم فوق كل شيء واخذلي أعداء الإسلام وافشلي مخططاتهم الباغية وتشبهي بنساء أهل الجنة ولو بعفتهن لتصبحي إن شاء الله منهن. وسلام على من اتبع الهدى والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين.
بتاريخ : 30/6/1424هـ
http://www.islamic-oyster.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ
شبهات وأقاويل حول الحجاب
أسماء راشد الرويشد
من المعلوم أن الصراع قائم بين ابن آدم والشيطان، وهو صراع قديم ومستمر إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فالشيطان يأتي الإنسان من مواطن الضعف فيه فيغويه، ويمنيه، ويوسوس له حتى يستجيب، فيقع في المحظور. وقصة آدم وحواء مع إبليس هي أول وأكبر دليل على ذلك، فتمثلت غوايته في كشف السوءات، وهتك الأستار، وبذلك ينكشف لنا أن هذا هدف مقصود له لما يترتب عليه من الأضرار الخطيرة كإشاعة الفاحشة، وحصول الخوف على الأعراض والأنفس، ومن ثم حذرنا الله -(5/214)
عز وجل - من هذه الفتنة خاصة فقال - جل وعلا -: {يا بني ءادم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوءاتهما إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يومنون} [الأعراف: 27].
ومن هنا يتبتن أن إبليس هو رائد الدعوة إلى كشف العورات، وهو المؤسس الأول لدعوة التبرج بدرجاتها المتفاوتة، بل هو الزعيم الأول لشياطين الإنس الداعين إلى "تحرير المرأة" من الستر والصيانة والعفاف، الذين يبثون شبهات التبرج والسفور التي يلقيها الشيطان في قلوبهم فينشرونها في طريق المسلمين أشواكا تؤذي، وكلاليباً تخطف، يقع فريستها الكثير، فلا ينجو منها إلا من رحم الله، وتسلح بسلاح العلم الشرعي وتزود بزاد التقوى.
وقبل أن أبدأ ببيان بعض هذه الشبه والعلائق الشيطانية والرد عليها وكشف عورها، أجد من الجدير أن تذكر مفهوم الحجاب وما يضاده، فالحجاب هو (ستر جسم المرأة وزينتها عن أنظار الرجال غير المححارم لها) وضده التبرج الذي هو (إبداء المرأة زينتها ومحاسن جسمها، ويدخل في ذلك التكسر والتبختر في المشية وإظهار الزينة المكتسبة، وقيل: إنها كل زينة تحلو المرأة
بإظهارها في أعين الرجال)، أما السفور فهو (كشف الوجه) وهو جزء من التبرج، وعلى هذا فالحجاب يقابل التبرج بجميع صوره بما في ذلك السفور، وعموماً أي زينة أخلت بشرط من شروط الحجاب تعتبر من التبرج المحرم. والتبرج متفق على تحريمه في كل المذاهب وأقوال أهل العلم.
هناك شبه عامة وحجج واهية يتحجج بها أصحاب الأهواء والجهالات للتفلت من بعض الأحكام والتنصل من تنفيذها، نبدأ بذكرها والرد عليها، ثم نذكر بعض الشبه التي تتعلق بالحجاب الشرعي خاصة.
الشبهة الأولى:
قول البعض: (الدين يسر، ولبس الحجاب في هذا الزمن بطريقته المشروعة شيء صعب وشاق، خصوصاً في مجتمعات الانفتاح والتبرج).
والرد على هذه الشبهات من وجوه:
1- ينبغي أن يعلم أن كل ما ثبت أنه تكليف من الله للعباد فهو داخل في مقدورهم وطاقتهم.
2- أن تقرير خاصية التيسير للمشقة المرتبطة بالحكم ورفع الحرج لا يكون إلا بأدلة شرعية من القرآن أو السنة، فلابد للتخفيف في الحكم الشرعي ألا يكون مخالفاً لكتاب ولا سنة ولا قياس صحيح ولا مصلحة راجحة.
3- بناء على هذه الشبهة سيقال: إن مشقة التحرز من الربا في هذا العصر تقتضي جواز التعامل به، أو يقال: إن الرجم يسقط عن الحاج لمشقة الزحام، ومعلوم أن هذا كلام باطل لا يمكن أن يقال به.
4- أن العبادات لا تنفك عن المشقة غالباً غير أنها محتملة تتلاءم مع طاقة الإنسان العادية، قال - تعالى -: {لا يكلف الله نفساً إلا وسعها} قال ابن القيم: "إن كانت(5/215)
المشقة مشقة تعب، فمصالح الدنيا والآخرة منوطة بالتعب ولا راحة لمن لا تعب له، بل على قدر التعب تكون الراحة ".
ورب حكم شرعي مصلحته مرتبطة بما فيه من المشقة والجهد كالقصاص والحدود، بل هناك عبادات عظيمة لا تنفك عنها المشقة عادة كمشقة الوضوء في البرد، ومشقة الصوم في شدة الحر وطول النهار، وكمشقة أعمال الحج.
5- أن عموم البلوى بالأمر الذي ثبت تحريمه ليس مبرراً لإباحته كما لا تبيحه عادات المجتمعات، ولا ينقلب مباحاً بتغير الزمان والمكان.
وقد فهم بعض السذج مدعي الثقافة، أنه ما دامت أعراف الناس متطورة بتطور الأزمان فلابد أن تكون الأحكام الشرعية متطورة بتطورها، وهذا ما يسمونه ب (الدين العصري)، ومقتضى ذلك التحلل من الواجبات وإباحة بعض المحرمات، تمشياً مع التقدم الحضاري والتطور العصري، كما يقول قائلهم.
ولا ريب أن هذا كلام يتبين سقوطه وبطلانه لمن كان عنده أدنى فقه في الدين، إذ لو أن هذا الكلام مقبول لاقتضى أن يكون مصير شرعية الأحكام كلها رهيناً لأعراف الناس وعاداتهم التي لا يزال يطغى عليها الفساد والانحراف بمرور الزمان، إذ لا يأتي زمان إلا والذي بعده شر منه كما أخبر بذلك المصطفى - صلى الله عليه وسلم -.
ولكن يقال: ما أبرم حكمه وثبت الأمر به بدليل شرعي فإن حكمه يبقى ما بقيت الدنيا ولا يتبدل ولا يتطور، مثال ذلك الطهارة وأحكام الصلاة والقصاص والحدود، وحجب المرأة زينتها عن الأجانب واشتراط الولي للمرأة وما شابه ذلك.
أما الأحكام التي لم يقض فيها بحكم مبرم شرعي، وإنما جعلت مرتبطة من أصلها بما قد يتبدل من أعراف الناس ومصالحهم فهذا الذي يجوز أن يقال فيه (العادة محكمة) مثال ذلك: ما تفرضه سنة الخلق وطبيعة الإنسان مما لا دخل للإرادة والتكليف فيه كاختلاف عادات الأقطار في سن البلوغ وفترة الحيض والنفاس ونحوها.
الشبهة الثانية:
أن يقال: أهم شيء سلامة النية، فتقول السافرة: أنا واثقة من نفسي وأنا لا أريد فتنة الرجل وقصدي سليم من كل ما يقال في التبرج وأهله.
والتعلل بسلامة النية مبرر يسمع دائمأ ممن تشبع قلبها بالشهوات والأهواء، ووقعت في المآثم، والرد عليها من وجوه:
1- أنها متعبدة لله - عز وجل - بالستر والحجاب الذي جاء الأمر به محكماً في كتاب الله - تعالى -، فعليها أن تسمع وتطيع، بقطع النظر عن أي اعتبار آخر.
2- أن النية السليمة لا تبرر العمل المحرم كما لا تقلبه مباحاً، فالعمل الخطأ يبقى خطأ يأثم فاعله، ولو مع سلامة النية، بدليل أن مشركي العرب كانت نيتهم في عبادتهم الأوثان نية حسنة كما أخبر الله - عز وجل - عن قولهم (ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى} فلم تنفعهم هذه النية في دفع وصف الشرك عنهم.
3- أنها وإن أمنت الفتنة على نفسها- كما تدعى أنها واثقة من نفسها- فهي لا تأمن الفتنة الحاصلة لمن نظر إليها، وهذا يغلب على الظن وقوعه؟ فتحمل وزر فتنته(5/216)
وغوايته من حيث لا تشعر، ومن هنا قال العلماء: (من تحققت من نظر أجنبي عنها يلزم ستر وجهها عنه، كانت معينة له على الحرام فتأثم).
4- ثم إنه يغتر ويتأثر بفعلها السفيهات وصغيرات السن، لاسيما إذا كانت في مقام القدوة كالأم والمعلمة.
5- وإن كانت النية الطيبة أمر مهم جداً في عمل الإنسان، ولكن لو اقتصر عليها لكان كمن يمشي على رجل واحدة أو يطير بجناح واحد، إذ لا بد من موافقة الشرع في ذلك.
الشبهة الثالثة:
أن تقول: أستحي من لبس الحجاب بصورته المطلوبة- من إدناء العباءة من الرأس وستر الوجه والأطراف.
- يقال لهذه المرأة: أهل المعاصي يتبجحون بمعاصيهم وتبرجهم، وأهل الحق يستحيون مما هم عليه، والله إنها لمصيبة عظيمة تدل على غياب العزة بالدين وضعف الولاء لله - تعالى -، فهذه هزيمة من الداخل، تلجأ فيها المرأة إلى لبس ما يرغبه الناس ويحبونه، ولو خالف ما تعلم أنه من واجبات دينها ومن حق ربها عليه.
وهذا نوع رياء- كما وصفه أهل العلم- رياء أهل الدنيا، وهو التجمل للناس والتحسن أمامهم بظاهر لا يرضي الله - تعالى -.
الشبهة الرابعة:
أن تقول السافرة: غطاء الوجه من أجل الحياء فقط وليس مطلوباً في الدين.
وهنا يقال لها: أو تظنين الحياء ليس ديناً؟
والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "والحياء شعبة من شعب الإيمان ".
فالحياء خلق إيماني يمنع المؤمن من ارتكاب المعاصي خوفاً من الله - تعالى -، وهو رأس كل الفضائل، فعن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "الحياء والإيمان قرنا جميعاً، فإذا رفع أحدهما رفع الآخر" وقال: "الحياء من الإيمان، والإيمان في الجنة".
فبين الذنوب وبين قلة الحياء تلازم من الطرفين، وكل منهما يستدعي الآخر ويطلبه حثيثاً، ولقد أبرز القرآن الكريم خلق الحياء في ابنتي الرجل الصالح في قوله - تعالى -: {فجاءته إحداهما تمشي على استحياء}، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (ليست بسلفع من النساء خراجة ولاجة، ولكن جاءت مستترة، قد وضعت كم درعها على وجهها استحياء) والسلفع المرأة السليطة الجريئة. فلذلك وجب على المسلمين أن يعودوا بناتهم على الحياء، والتخلق بهذا الخلق الذي اختاره الله - تعالى - لدينه القويم؛ لأن عدم الحياء علامة على زوال الإيمان.
الشبهة الخامسة:
يطلق بعض أنصار السفور والتبرج على الحجاب والستر الكامل بعض الأوصاف والأراجيف، الهدف منها تنفير المسلمات منه، وترسيخ روح الاشمئزاز والكراهية من التجلبب والعفاف، منها قولهم:(5/217)
1- أنه يسهل عملية إخفاء الشخصية، وقد يتستر وراءه بعض النساء اللواتي يقترفن الفواحش ويتعاطين الآثام، فأصبح عندهم الحجاب بصورته الشرعية مشبوهاً وعرضة للتهمة.
الرد على هذه الشبهة:
قبل أن نجيب على هؤلاء نذكرهم بقول الله - تعالى -: {والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثما ميينا} [الأحزاب: 58] ثم يجاب على هذا الإرجاف بأنه لا يمكن بأي حال أن يسوقنا هذا التخوف المحتمل من سوء استخدام الغطاء والحجاب واستغلاله في الأغراض المحرمة إلى أن نتخفى عن أمر أمرنا الله - عز وجل - به.
وإذا حاولت فاسقة مستهترة أن تواري عن أعين الناس صنيعها بارتداء شعار العفاف ورمز الصيانة، فما ذنب الحجاب؟
مع أن هناك من يستغل اللبس العسكري- مثلا- في التحايل علي الناس واستغلاله فيما لا يسمح له، فهل يصلح أن يكون ذلك مبررا لإلغاء الزي العسكري؟
بل لم نسمع في يوم من الأيام من يقول ذلك مع أن الإساءات قد تكررت فيه.
ومن قبيل هذه المزاعم والافتراءات على الحجاب، قول قائلهم: إن العباءة تحولت إلى فخ أو قيد.. بل "كلبشة" شديدة الاتقان. وقوله: قد تحول الستر إلى قيد محكم "أو حبل مشنقة".
وذلك عندما قضى الله أن تتوفى طالبة بسبب انغلاق باب السيارة على طرف العباءة كما يذكر، مع أن هذا الحادث ممكن أن يقع ويتكرر بسبب طرف الثوب أو الفستان فهل يقال بإلغاء لبس الثياب والفساتين؟ هذا ما نخشى حدوثه!!
2- يقولون: إن عفة المرأة واستقامتها ليس في الغطاء، فكم من فتاة متحجبة ومتسترة من جميع الوجوه ولكنها على خلق ذميم وسلوك سيء، وكم من فتاة حاسرة سافرة لا يعرف السوء سبيلا إلى نفسها وسلوكها.
الجواب:
إن الإسلام أمر المرأة بالحجاب، وأمرها أن تكون ذات خلق ودين وصفاء سريرة، إنه يربي التي تحت الحجاب قبل أن يسدل عليها الحجاب ويقول لها: {ولباس التقوى ذلك خير ذلك}.
ولكن البشر عموما معرضون للخطأ والعصيان كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "كل ابن آدم خطاء". فإذا أخطأت العفيفة المحتشمة فوقع منها سلوك مشين أوخلق ذميم فهل تعاب على ذنبها وتقصيرها أم على حجابها؟
ثم إن الحجاب لا يستلزم أن لا تلبسه إلا من كانت نقية تقية، بل على المرأة أن تطيع ربها في لبس الحجاب وفي سائر ما أمرت به، فلو قصرت في شيء من ذلك استحقت الذم والإثم، ولا تكون أبدأ طاعتها مبررا لإساءتها وتقصيرها كما يقولون في شبهتهم.
ثم يقال لهم: هل المطلوب أن تكون المسلمة إما محجبة سيئة السلوك أو سافرة حسنة السلوك؟ ألا يمكن أن تجمع بين الحسنيين فتكون محجبة، حسنة السلوك؟ بل هذا هو الأصل الذي ينبغي أن تطمح إلى تحقيقه كل مسلمة، وتسعى لإكماله في نفسها وفي(5/218)
أخواتها المسلمات بدلا من أن تقف راضية عن نفسها في نقصها، مزرية للأخريات في قصورهن.
3- ومن ذلك أيضا: من تحتج على تساهلها في حجابها بفعل بعض النساء الخيرات اللاتي يتساهلن في لبس العباءة أو لا يتحرزن في تغطية الوجه، بلبس النقاب الواسع الفتحات مثلا، وقد يكون أولئك النساء زوجات أو بنات لرجال صالحين.
وهذا المبرر الذي نسمعه من بعض النساء يكتنفه الهوى والشهوة، وهي تعلم أنها ليست على صواب، فبعض النساء الخيرات يفرطن بالحجاب الكامل جهلا منهن بحكمه، والبعض الآخر قد يكن نساء متمردات على أزواجهن الصالحين.
فلا يجعل أبدا تقصيرهن حجة، بل المقطوع به عند المسلمين جميعا أن تصرفات الآخرين لابد أن توزن- صحة وبطلانا- بميزان الحكم الإسلامي. وليس الحكم الإسلامي هو الذي يوزن بتصرفاتهم ووقائع أحوالهم، فهو كما يقولون (لا تعرف الحق بالرجال، ولكن اعرف الحق تعرف أهله)، وعلى ضوء هذه القاعدة ينبغي أن يسير المسلم في طاعة ربه غير متأثرا بأفعال الآخرين الباطلة مهما كانوا.
ثم لماذا لا نعتجر بفعل الجمهرة العظيمة من النساء المصونات العفيفات ونجعله حجة لنا بدلا من جعل حجتنا قلة شاذة في الصالحات؟
وهذه الجمهرة ليست فحسب في وقتنا الحاضر بل هي قائمة على مر عصور التاريخ الإسلامي، وإليك أقوال علماء عاصروا أزمنة شتى، يخبرون عن واقع حجاب المرأة المسلمة:
- يقول أبو حامد الغزالي - رحمه الله -: (لم تزل الرجال على مر الأزمان تكشف الوجوه، والنساء يخرجن منتقبات أو يمنعن من الخروج).
- والإمام ابن رسلان - رحمه الله - يقول: (اتفق المسلمون على منع النساء من الخروج سافرات).
- ويقول ابن حجر - رحمه الله -: (إن النساء كن يخرجن إلى المساجد والأسفار متنقبات لئلا يراهن الرجال).
4- قول القائل: إن لبس الحجاب المستوفي للشروط في البلاد التي ليس فيها نساء يتحجبن كذلك أو لا يتحجبن مطلقا من الشهرة المذمومة شرعا.
هذه الشبهة بنيت على الجهل بمفهوم الأحكام، وعلى هذا يكون الرد عليهم بإيضاح مفهوم لباس الشهرة المحرمة شرعا، إذ هو كل ثوب يقصد به الاشتهار بين الناس، سواء كان الثوب نفيسا غاليا طلبا للتفاخر والكبر، أو وضيعا رخيصا إظهارا للزهد والقناعة، يريد أن يرفع الناس إليه أبصارهم.
فيكون مدار اعتبار الثوب ثوب شهرة من عدمه إنما هو على النية والقصد، فيكون الواجب في لبس الحجاب في البيئة التي يشذ فيها الحجاب النية الصحيحة المتوجهة لله خالصة.
ونحن إذا تمسكنا بحجابنا بين أهل التبرج لا نقصد الاشتهار بل نقصد طاعة الله - تعالى - والتمسك بقوله - تعالى -: (يا أيها الذين ءامنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم}.(5/219)
وكذلك لا يكون الثوب ثوب شهرة محرم إلا إذا كان أهل البلدة مستقيمين على طاعة الله ورسوله، أما إذا فسدت فطرتهم وانحرفوا عن الجادة، فلا نجاريهم في ضلالهم بحجة عدم الاشتهار.
واعتبار الحجاب ثوب شهرة مذموماً ينبغي طرحه من أعجب العجب!! إذ كيف يكون التمسك بالآيات والنصوص النبوية شهرة وشذوذاً، وإتباع سبيل الإفرنج والكفار والمستهترين يعد إلفاً واعتدالاً.
إنه الهوى قاتله الله {ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدىمن الله}.
الشبهة السادسة:
يقولون: العباءة تشمل جميع ما يلبسنه نساء اليوم عند خروجهن بما في ذلك الكابات والعباءات الفرنسية وما شابهها، فالكل عباءة وليس بينها فرق في غرض الستر مع عباءة الرأس المحتشمة.
وهذه من الأغاليط المشهورة عند النساء المغرمات بلبس العباءات المجملة والمنمقة والملففة.
ونرد عليهن بقولنا: لا تنخدعي بالأسماء والشعارات وإنما انظري لحقائقها ومسمياتها.
فالجميع يسمي ما تلبسه النساء اليوم عند خروجهن "عباءة"ولكن هل كلها بحق عباءة؟
وفصل الجواب في ذلك يكون بعرض ما يسمى عباءة على الشروط الشرعية الواجب توفرها في حجاب المرأة عند خروجها، فإن استوفت الشروط فهي عباءة، وإذا نقص فيها من الشروط شيء فلا يستحق أن تسمى عباءة بل هي تماماً ما يسميه البعض (موضة).
وعلى هذا يجدر بنا أن نعرض شروط الحجاب الشرعي، ولكن قبل ذلك نعرض سؤالا لكل ذات عباءة: هل أنت مؤمنة بأن العباءة التي تلبسينها عبادة تتقربين لله - عز وجل - بها؟ فإن كان الجواب بنعم فنقول لها إذا فاعتبري بهذه الشروط واعتني بها؛ لأنها شروط عبادة تأدينها لله - تعالى - لا تتم إلا بها.
ومن قالت مجيبة على السؤال: لا إنما هو أمر اعتدته وألفته. فنقول لها إذن لن تهمك الشروط الشرعية؛ لأنك في الأصل غير متعبدة لله بها، وسترضين بكل جديد ومستحدث يكون فيها بما يتناسب مع حب الجمال والزينة لديك، وليس أدل على ذلك مما نراه اليوم من السباق الحاد بين كثير من السفيهات في عرض أزياء لما يسمونه عبايات- زعموا-.
أما الشروط فهي باختصار:
1- أن يستوعب جميع البدن، فلا يبدو منه عضو.
2- ألا يكون زينة في نفسه فلا يكون مزخرفا ولا مطرزا ولا ملونا.
3- أن يكون صفيقا- أي كثيفا- لا يشف فيبدو من تحته الجسم والزينة.
4- أن يكون فضفاضا لا يصف حجم الأعضاء والجسم.
5- ألا يكون مبخرا ولا مطيبا.
6- ألا يشبه لباس الرجال.(5/220)
7- ألا يشبه لباس الكافرات.
8- ألا يكون لباس شهرة.
فإن خلت العباءة من أحد هذه الشروط فهي نوع تبرج يخالف الشرع.
إذا التبرج كما عرفه العلماء: (هو كل زينة أو تجمل تظهره المرأة تحلو به في أعين الأجانب، حتى القناع الذي تستتر به المرأة إن انتخب من الألوان البراقة، والشكل الجذاب لكي تلذ به أعين الناظرين، فهو من مظاهر تبرج الجاهلين).
وما نراه اليوم من مظاهر الفتنة والعصيان فيما يسمى بالعباءة المزعومة التي يلبسها كثير من النساء عند خروجهن، وقد لفتها على بدنها فأبرزت مفاتنها، وأخرجت ذراعيها من خلال تلك الأكمام الواسعة، ثم زينتها بأنواع الزينة الرائقة فهي من قبيل ذلك التبرج المحرم. وما هن إلا كما وصفهن الشاعر بقوله:
إن ينتسبن إلى الحجاب فإنه نسب الدخيل
أهي التي فرض الحجاب لصونها شرع الرسول؟
خل الحجاب معاذها من ذلك الداء الوبيل
ولو أن كل امرأة مسلمة التزمت درجة الحجاب المثلى عند احتياجها للخروج من بيتها لما كان لكثير من الفتن مكان في حياتنا، ولسلمنا على أعراضنا وشبابنا.
ثم نذكر أخواتنا الملتفات بتلك العباءات بحديث النبي - صلى الله عليه وسلم - المذكور في السلسلة الصحيحة في قوله - عليه السلام -: "خير نسائكم الودود الولود، المواتية، المواسية، إذا اتقين الله، وشر نسائكم المتبرجات المتخيلات، وهن المنافقات، لا يدخل الجنة هن إلا مثل الغراب الأعصم " والغراب الأعصم هو الأبيض الجناحين. وقيل: الأبيض الرجلين. وقيل: هو أحمر المنقار والرجلين، وهذا الوصف في الغربان قليل، وهذا الوصف كناية عن قلة من يدخل الجنة من النساء؛ وذلك لكثرة تلبسهن بتلك الأوصاف- عافانا الله منها ومن النار. ثم لتستمع تلك المرأة التي ألصقت العباءة بجسدها غير آبهة بما يبرز منه، إلى موقف المؤمنات الصادقات اللاتي كانت إحداهن تستقبح أن يصف الثوب جسدها بعد موتها عندما تطرح على النعش، فتقدم بين يدي الرجال ليصلى عليها، فتبحث عن طريقة لستر وصف جسدها وهي ميتة فكيف بالله تظنين كان حرصها على ذلك في حياتها؟.
فتروى عن فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنها قالت: (يا أسماء إني قد استقبحت ما يصنع النساء أن يطرح على المرأة الثوب فيصفها) فقالت أسماء: يا ابنة رسول الله، أريك شيئاً رأيته بالحبشة!! فدعت بجرائد رطبة فحنتها، ثم طرحت عليها ثوباً، فقالت فاطمة: (ما أحسن هذا وأجمله).
كثيراً ما نواجه من النساء الجاهلات من تقول: أعطوني دليلاً على أنه لا يجوز لبس عباءة الكتف، وأنه لا بد أن تكون العباءة على الرأس.
فهذه يقال لها: هل أنت طالبة للحق أم طالبة للمستحيل؟
فإن قالت: أنا طالبة للحق، فيقال لها: قد وجدتيه في الضوابط والشروط التي ذكرت في حجاب المرأة المسلمة، والذي جاءت بها الأدلة، وقد وجدتيه أيضاً في فتاوى العلماء الأثبات الثقات، الذين أمرنا الله بطاعتهم فقال - جل وعلا -: {يا أيها الذين ءامنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم}.(5/221)
فإن لم تكن طالبة للحق فهي طالبة للمستحيل، وهو إتيانها بمنطوق آية أو حديث في ذلك الأمر.
فنقول لها: إن الإنسان الذي يعلق استجابته بأمر مستحيل هو صاحب هوى لن يستجيب أبداً ولو تحقق له هذا المستحيل؛ لأن تعليق الاستجابة على الأمر البعيد يدل على عدم صحة الرغبة وصدوا الطلب للحق، بل يدل على التعنت والعناد، كما كانت مواقف بني إسرائيل مع أنبيائهم بطلب أمور محالة خارجة عن المألوف مقابل استجابتهم تعنتاً وعناداً، فلما حصلت لهم لم يؤمنوا بها. وفي مثل ذلك يقول الله - تعالى -: {فإن لم يستتجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم}.
الشبهة السابعة:
الكثير يحتج بحجة تدل على جهله بأدلة الحجاب من جهة ومن جهة أخرى جهله بما اتفق عليه علماء المذاهب في وجوب غطاء الوجه في زمن كثرة الفتن والفساد، وهذا الزمن الذي نعيشه أولى بهذا الوصف.
الحجة تقول: (إن غطاء الوجه مسألة خلافية بين أهل العلم).
الجواب من عدة جوه:
1- على المسلم الصادق أن يتحرى الصواب في المسائل والأحكام بالبحث عن الحجة الأقوى وترك إتباع الهوى والاستعانة بالله - تعالى - للدلالة على الحق والقيام به، ومن قام بذلك كله فإنه لا محالة سيوفق إلى الحق وييسر له سبيله كما قال - تعالى -: {إن يعلم الله في قلوبكم خيراً يؤتكم خيرا مما أخذ منكم ويغفر لكم}.
فحجة (المسألة خلافية) تبناها كثير من الناس اليوم في عبادتهم، فظفروا بمرادهم وأهوائهم في زلة عالم، أو رخصة متكلفة، أو قول شاذ، أو فهم خاطئ، دون أي اعتبار لمخالفة ذلك القول لقول المعصوم - صلى الله عليه وسلم - الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى. وقد وصف لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دواء شافياً عند داء الاختلاف وذلك في قوله: "فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين).
ولقد جعل الله - تعالى - الإجماع حجة معصومة من الضلال، فلا يصح أن نجعل ما يضاده وهو الاختلاف حجة أيضاً!!!.
ومن تتبع في دينه الرخص والاختلافات الشاذة، فإنه سيؤدي إلى نقص عبوديته ورقة دينه، بل ربما إلى ذهابه بالكلية، كما قد قيل: من تتبع الرخص فقد تزندق، أي خرج عن الدين.
2- أن الواقع المؤكد والمنقول أن نساء الإسلام ظللن محجبات خلال مراحل التاريخ الإسلامي، ونقولات أهل العلم التي ذكرناها خلال الموضوع تؤكد أن الالتزام بالحجاب كان أحد معالم سبيل المؤمنين في شتى العصور.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - تعالى -: "كانت سنة المؤمنين في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الحرة تحتجب والأمة تبرز".
وعن عاصم الأحول قال: "كنا ندخل على حفصة بنت سيرين وقد جعلت الجلباب هكذا، تنقبت به، فنقول لها: رحمك الله قال الله - تعالى -: {والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحاً فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة} قال:(5/222)
فتقول لنا: أي شيء بعد ذلك؟ فنقول: {وأن يستعففن خير لهن} فتقول: هو إثبات الحجاب ".
3- نستطيع أن نلخص مجموع أقوال علماء المذاهب الأربعة في مسألة حجاب المرأة بأنهم متفقون على وجوب تغطية المرأة جميع بدنها عن الأجانب سواء منهم من يرى أن الوجه والكفين عورة، أو من يرى أنهما غير عورة، لكنه يوجب تغطيتهما في هذا الزمان لفساد أكثر الناس، ورقة دينهم أو عدم تورعهم عن النظر المحرم إلى المرأة.
يقول الشيخ محمد المقدم - حفظه الله - في كتابه (عودة الحجاب) (1): (اتفق جمهور علماء المذاهب في هذا الزمان على وجوب تغطية الوجه والكفين عند المرأة سداً لذرائع الفساد وعوارض الفتن).
أخيراً:
فبعد إيراد بعضاً من الشبهات التي يثيرها أنصار السفور والتبرج. نقول لصاحبة (حجاب التبرج)!
حذار أن تصدقي أن حجابك هذا هو الذي أمر به القرآن والسنة، أو أن تغتري بأنك أحسن حالاً من صاحبات التبرج الصارخ؛ فإنه لا أسوة في الشر، فالنار دركات بعضها أسفل من بعض.
وإياك أن تنخدعي بمن يبارك عملك هذا من أرباب الأغراض الشيطانية، والمصالح الشهوانية، والمنافع المادية، ممن يخطط للحجاب المتبرج وينفذه ويعرضه ويبيع ويشتري فيه، فهؤلاء أشبه باليهود والنصارى الذين عصوا الله ورسوله وقابلوا أمر الله ونهيه بقولهم {سمعنا وعصينا} وقول الله - تعالى - فيهم {أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض} فهؤلاء كأنهم لم ينزل فيهم قرآناً يتلى، كأنهم لم يسمعوا قوله {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن} وقوله - تعالى -: {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} وقوله - تعالى -: {ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى} وكأن الآيات نزلت على قوم آخرين غير نساء المسلمين.
ثم نوجه كلمة للأخت المباركة التي حافظت على أمر ربها- حفظها الله - وثبتها- نقول لها: طيبي خاطراً وقري عيناً ببشارة النبي - صلى الله عليه وسلم - لك ولأمثالك ممن صبرن وصابرن في سبيل الله "طوبى للغرباء" قيل: ومن الغرباء يا رسول الله؟ قال: "ناس صالحون في ناس سوء كثير، من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم " فأنت تسمعين في مجتمع يسوده التفريط والتبرج من يقول لك: شكلك غريب وشاذ، فاصبري وصابري واثبتي في مواجهة الفتن، فإنما هي أيام قلائل وبعدها ترفلين بنعيم الجنة وحلل الكرامة برحمة الله - تعالى -. روي عن الحسن البصري - رحمه الله - أنه قالى: (إذا نظر الشيطان فرآك مداوماً في طاعة الله فبغاك وبغاك- أي طلبك مرة بعد مرة- فرآك مداوماً، ملك ورفضك، وإذا كنت مرة هكذا ومرة هكذا طمع فيك).
ومسك الختام ما ختم الله - عز وجل - به الآيات الآمرة بالحجاب بقوله - جل وعلا -: {وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون لعلكم تفلحون} (النور: 31).
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
30/6/1424هـ(5/223)
http://www.islamic-oyster.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ
فرنسا وقضية الحجاب
د. فاروق عبد السلام
قضية الحجاب المثارة مؤخراً في فرنسا عن دلت على شيء فإنما تدل على مدى حقد التي هؤلاء الناس على الإسلام والمسلمين ومدى الشحناء والبغضاء والكراهية التي تحملها نفوسهم تجاه الإسلام والمسلمين!
ما الذي يزعجهم وما الذي يغضبهم في أن تلتزم فتاة مسلمة بتعاليم دينها فتغطي شعر رأسها؟!
وما الخطر الذي يهدد البشر من وراء قيام فتاة أي فتاة بوضع غطاء على رأسها بسبب ديني أو غير ديني كبرنيطة أو إيشارب أو غير ذلك؟
أمن أجل هذا تعقد اللجان وتوضع الدراسات تمهيداً لعرضها على البرلمان لإصدار وتشريع القوانين ويتدخل رئيس الدولة بنفسه؟
سبحان الله أي تفاهة وأي هزل وأي إهانة للجان والرجال والدولة والبرلمان؟!
إن في الأمر شيئاً وإن وراء ذلك بالضرورة نفوساً مريضة وعقولاً مختلة؟! حقدها على الإسلام أعماها تماماً عن حقيقة ما تفعل وهول وفداحة وفضيحة ما تفعل؟
إنهم يكرهون الإسلام ويعادونه إلى الحد الذي جعلهم يعادون أنفسهم ويعادون دينهم ويعادون أطهر النساء لديهم وأطهر نساء الدنيا؟
ونسأل هؤلاء الأغبياء عن هذا الحجاب الذي أقاموا الدنيا من أجله: ما تعريفهم له! هؤلاء المتربصون بدين الإسلام والمسلمين ما تعريفهم للحجاب؟ ولن يخدمنا في هذا المقام تعريف الحجاب لهم بنصوص إسلامية من واقع الكتاب والسنة فلن يجدي معهم أن نقول لهم إن الحجاب فريضة تعبدية وليس رمزا و أن نستشهد لهم بآية من كتاب الله مثل قوله تعالي: " وليضربن بخمرهن علي جيوبهن " أو نذكر لهم حديث رسول الله إلي أسماء بنت أبي بكر وما يصلح ومالا يصلح أن يظهر من المرأة عند بلوغها المحيض فهذا لن يجدي معهم لأنهم من الأصل يرفضون الإيمان بالكتاب والسنة وبناء عليه لابد معهم من تعريف للحجاب تقتنع به الفتاة الفرنسية بنت الأربعة عشر من عمرها ويقتنع به المواطن الفرنسي المسيحي قبل المسلم ويقتنع به الوزير والبواب ويفهمه المثقف والجاهل علي حد سواء! و أبسط تعريف للحجاب هنا في كلمات ثلاث إنه " زى الراهبات المسيحيات الوجه مكشوف مضئ وكل ما عداه مستور مغطي والراهبات هن أطهر النساء لديهم!
وهناك تعريف آخر للحجاب نصيب به وجه الحقيقة إذا قلنا أن الحجاب ببساطة شديدة هو زي السيدة مريم البتول أم المسيح - عليهما السلام - وهي أطهر نساء الدنيا! فكيف يعادون أطهر نساء الدنيا لديهم لمجرد العناد والمكابرة مع المسلمين ومعاداة الإسلام وأهله؟!
أن الرئيس شيراك يعلم بالضرورة وكل المسيحيين في العالم وكل الدنيا مسلمين ومسيحيين ويهود يعلمون جيدا أن السيدة مريم البتول أم السيد المسيح عاشت عمرها محجبة ولم تكشف شعر رأسها يوما لمخلوق فكيف لا يتمني الرئيس الفرنسي لأمه(5/224)
ولزوجته ولابنته ولكل بنات فرنسا أن تلدن القدوة لهن في الزي والملبس والحشمة والوقار هي سيدة نساء العالمين السيدة مريم العذراء أم السيد المسيح - عليهما السلام -؟!
وكيف واتته الجرأة هو وبرلمانه علي التفكير في إصدار تشريع يحظر علي البنات في فرنسا لبس الحجاب فيعادي بذلك سيدة نساء العالمين وكل النساء العفيفات الطاهرات من راهبات علي دينه ومن غير الراهبات؟!
وما يضرهم لو امتثلوا لشعارات الحرية التي يرفعونها وسمحوا للفتاة المسلمة بارتداء الحجاب فربما تأثرت بها زميلتها المسيحية وأصبحن جميعا أقرب في الحشمة والوقار والطهر والتدين إلي السيدة مريم البتول أم السيد المسيح - عليهما السلام -؟!
ولأن التفكير في الأمر في الأصل تافه ومضحك يحاولون ادعاء العدل والمساواة ويسترضون المسلمين بحظر لبس الصلبان الكبيرة والمسلمة لا يعنيها ولا يؤذيها في قليل أو كثير أن تلبس زميلتها المسيحية صليبا تنوء بحمله العصبة من الرجال و إنما يعنيها أن تمارس عبادتها بحرية دون حظر في بلد يرفع شعارات الحرية زورا وبهتانا!
إن وراء الأمر شيئا خبيثا وتخطيطاً عفنا وعقولا خربة ومختلة ونفوسا مريضة تعادي الإسلام وتحقد عليه بسبب وبغير سبب وابحثوا عنهم يا قوم إنهم صناع سينما العري والفساد والشذوذ والفسق والفجور إنهم أعداء مريم المصون البتول وأعدائها في الحشمة والعفاف والوقار الذين اتهموها يوما بالزنا وسبوها بيوسف النجار والعياذ بالله المنتقم الجبار!
http://www.almethaqalaraby.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ
الحجاب شقاء أم سعادة
المرأة نصف المجتمع وبما أن الإسلام دين الحياة فقد أولى المرأة اهتماماً كبيراً وأحاطها برعايته وعطفه، ولهذا نجد أن الله - تعالى - قد أفرد لها في القرآن الكريم سورة كاملة تحمل اسم "النساء" وآيات أخرى في سور أخرى تشير إليها وما يختص بها من قوانين وأحكام شرعية وضَّحها الإسلام وبيَّنها منذ خمسة عشر قرنا، والتي تضمن لها السعادة في الدنيا والآخرة.
والإسلام الذي ساوى بين الرجل والمرأة في الحقوق الدينية والإنسانية والمالية قد ميَّز بينهما بنظام دقيق وعادل، ويأتي قانون "الحجاب" في طليعة القوانين الشرعية التي قرَّرها الإسلام وفرضها على المرأة ضماناً لسعادتها وحفاظاً على عزَّتها وكرامتها وصوناً لها وللمجتمع من الفتن والفساد والانحلال.
ويعتبر هذا القانون من أهم القوانين وأحكمها، فالحجاب هو رسالة الله إلى النساء كافة فهو - جل وعلا - يخاطبهنَّ بقوله - سبحانه -: {ولا تبرَّجن تَبَرُّجَ الجاهليةِ الأولى} {ولْيَضْرِبْنَ بخُمُرهن على جيوبهن ولا يُبدين زينتهن}.
"وليست مسألة الحجاب مما اخترعه الإسلام في تاريخ البشرية- كما يبدو للبعض- فقد كان موجوداً في بعض المجتمعات السابقة على الإسلام كالمجتمع الفارسي القديم، والمجتمع اليهودي" ونراه في لباس الراهبات وفي تغطية المرأة الكتابية رأسها عند(5/225)
دخولها الكنيسة، "وإنَّ التنكر الصفيق اليوم لفكرة تستر المرأة واحتشامها إنما هو خروج على الشرائع السماوية قاطبة في ملَّة إبراهيم وموسى وعيسى - عليهم السلام - إلى الحنفية السمحة التي جاء بها الإسلام".
ولقد أعدَّ أعداء الدين عدة خطط لضرب الإسلام والمسلمين لذلك حرصوا على إدخال المرأة في لعبتهم بل أَوْلَوْها عناية خاصة لأنها المدرسة الأولى التي ينهل منها الأجيال، فاخترعوا لها قضايا عديدة منها الدعوة إلى "التحرر" و"المساواة" بينها والرجل والدعوة إلى "السفور" وكل ذلك تحت غطاء كثير من الشعارات البرَّاقة وقد انخدع بهذه الشعارات كثير من المسلمين نساءً ورجالاً فانساقوا خلف هذه الكلمات المسمومة، وامتدَّت الأيادي الخبيثة إلى حجاب المرأة، وتحت ستار الحرِّية والتقدم عملت تلك الأيادي على نزعه فهم يبتغون من وراء ذلك "أن تخرج المرأة من حماها المنيع وأن تنزل عن عرشها الرفيع" لأنهم يريدونها سلعة ومتعة.
لذلك المرأة المسلمة الواعية ليست من النساء الكاسيات العاريات اللواتي تغص بهنَّ المجتمعات الشاردة عن هدي الله وطاعته بل إنَّ المرأة المسلمة لترتعد فَرَقاً من الصورة المخيفة التي رسمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأولئك النسوة المتبرِّجات الضالات: "صنفان من أهل النار لم أرهما نساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهنَّ كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها".
والمرأة المسلمة الراشدة الملتجئة إلى حمى الإسلام التي تتفيأ في ظلاله أسمى المعاني وتستقي من وحي النبوة ما يعينها على المضي قدماً في حياتها المقتدية بسير الصحابيات لا تلتزم بالحجاب تقليداً وعادة بل تلتزمه وقلبها مفعم بالإيمان والقناعة بأنه دين الحق أنزله الله - سبحانه - للحفاظ على المرأة وتمييزاً لشخصيتها.
والله تبارك و- تعالى - كما أمر المرأة بالصلاة والصيام أمرها أيضاً أن تتحجب فليس إذن من الإيمان الكامل أن تطيعه في بعض الفرائض وتعصيه في فرائض أخرى والله - سبحانه وتعالى- لا يقبل من الناس أن يختاروا من شريعته ما يريدون ويتركوا ما لا يريدون. قال - تعالى -: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى اللهُ ورسولُه أمراً أن يكون لهم الخِيَرَةُ مِن أمرهم، ومَن يعص الله ورسوله فقد ضلَّ ضلالاً بعيدا} وقال أيضاً: {أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزآءُ من يفعل ذلك منكم إلا خزيٌ في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردُّون إلى أشد العذاب وما الله بغافلٍ عما تعملون} صدق الله العظيم.
http://itihad.org المصدر:
ـــــــــــــــــــ
وقفة تأمل بين التبرّج والحجاب
أختَنا المسلمة: لا ريب أنكِ تعلمين أن انتماءَكِ للإسلام يستلزم منكِ الاستسلامَ لله ربّ العالمين وتنفيذ أحكام دينه القويم، وإلا فما معنى إيمانِكِ بربّك؟ وما هو أثرهُ في نفسكِ؟ ألم تقرئي قول الله - تعالى -: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنةٍ إذا قضى الله ورسولهُ أمراً أن يكون لهُمُ الخِيَرَةُ من أمرهم}؟
إن هذا البيان الإلهي الكريم: يؤكد على قضية خطيرة في حياة الإنسان، وهي أن الإيمان لا يقبل أن يشاركه الهوى والرأي والمِزاج، فلا مجال للتعلُّل بتيار المجتمع(5/226)
ومواكبة "الموضة" بل لا بد للمسلمة من الاعتزاز بدينها، وتنفيذ أمر ربها، والتحصُّن بالأخلاق والعفاف والحشمة، والتستُّر بالجلباب الشرعي الذي يغطي جسمَها ويصون كرامتها من نظرات ذئاب الشهوات.
أيتها الأخت: إن أزعجَكِ حرُّ الصيف فتذكّري قول الله - تعالى -: {نارُ جهنَّمَ أشدُّ حرّاً لو كانوا يفقهون}. وإن كنت لا تطيقين الصبر على نار الدنيا للحظات، فكيف بكِ إن عصيتِ ربَّك وخرجت بالثياب الكاشفة عن محاسنك ومفاتنك، هل تطيقين نارَ جهنّمَ الملتهبة التي وَقُودُها الناسُ والحجارة؟ تلك النار هي من العذاب الذي وصفه ربُّنا بقوله الجليل: {قل إني أخاف إنْ عصيتُ ربّي عذابَ يومٍ عظيم}. أخبر - جل وعلا - عمّا يلحق بالمعذَّبين به في النار في قوله - سبحانه -: {كُلّما نَضِجَت جلودُهم بدّلناهم جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب}.
إن جمالكِ ـ أيتها المرأة ـ مِنْحة إلهية ونعمة ربانية فلا تستعمليه سلاحاً للفتنة وسهاماً في قلوب الشباب الفائر. واعلمي أنّك مؤتَمَنة على صَوْنه من الأيدي الفاسقة والأعين الفاجرة، وليكن أداةَ نعمةٍ ووسيلةَ سَكَنٍ ووُدّ بينك وبين زوجك فقط، حتى لا تكوني من عِداد من قال فيهم البشير النذير - صلى الله عليه وسلم -: "سيكون في أمتي رجالٌ... نساؤهنّ كاسيات عاريات... الْعَنُوهُنّ فإنهنّ ملعونات" [رواه الإمام أحمد في المسند وصححه الحاكم]، لأنهن بهذا اللباس ـ الكاسي في الصورة المُغْري في الحقيقة والكاشف عن مفاتنِكِ بأنواع الثياب الفاضحة مما أنتجته دُور الأزياء المجرمة من أنواع اللباس الضيّق أو المشقوق أو القصير ـ يكنّ مُبْعِدات للرجال عن جادة الاستقامة والطهارة، فحريٌّ بهنّ أن يُبْعَدْنَ عن رحمة الله وأمنه وأن يُوصَفْنَ بالفجور وارتكاب المعاصي.
أختاه: إن لباسك الذي تستجلبين به رضوان الله هو السابغُ الفضفاض الذي لا يصف شيئاً من جسمك ولا يشفّ عما تحته من لون بَشرتك وفتنة أعضائك، والذي يخلو من الألوان المُغرية والزينة الفاتنة. فلتكوني في خروجكِ من منزلك ساعيةَ خيرٍ وناشرةَ طُهرٍ، ولا تكوني أداةَ غواية ووسيلة ضلالة، يُغْوي بكِ الشيطان ويُوقع في حبالك أعداداً من الشباب صرعى الهَوَس الجنسي وضحايا القلق النفسي.
وبعد: فإن الله - تعالى - يقول: {يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يُحْييكم} ففي تطبيقك ـ أيتها المسلمة ـ لشرع الله وحرصك على مرضاته: حياتُكِ الحقيقية الكريمة وسعادتك النفسية، فأسرعي لما يدعوكِ إليه واستقبلي توبة الله عليكِ ورحمةَ الله بكِ بالعزم على طاعته والتزام أوامره {إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلبٌ أو ألقى السمع وهو شهيد}.
http://itihad.org المصدر:
ـــــــــــــــــــ
نظرة إلى الحجاب في واقع مجتمعنا المعاصر
محمد سيد عمر
إن الناظر في طبيعة التشريع الإسلامي يلحظ فيه أمرًا مهمًّا للغاية.. ألا وهو الحرص في تشريعاته على الصحة النفسية لأتباعه، وهذا الأمر ينبع من أن المشرِّع لهذه التشريعات هو الله - عز وجل -، الذي يعلم ما يفيد الإنسان وما يضرُّه.(5/227)
وانطلاقًا من هذا المعني تأتي تشريعات كثيرة قد ينظر البعض إليها على أنها نوع من أنواع القيود على حرية الإنسان، إلا أن المتفحِّص لهذه التشريعات يعلم علمَ اليقين أنها لم تأتِ إلا لصالح هذا الإنسان وراحته في الدنيا قبل أن ينال رضا ربه في الآخرة.
حضارة العراة:
هذه المعاني تترى على ذهن المرء وهو ينظر بعين المراقب لظاهرة الحجاب المنتشرة في المجتمع المصري خلال الحقب الثلاثة الأخيرة.
ولأن علماء البلاغة علَّمونا في سالف أيام الدراسة أن الأشياء بضدها تظهر، فنحن عندما نعقد مقارنة بين المجتمع الإسلامي ومجتمعات الغرب (أوروبا- أمريكا) تظهر لنا الصورة واضحة جلية.
فأول ما نلحظه على هذه المجتمعات ارتفاع نسب جرائم الاغتصاب ناهيك عن الوحشية في ارتكاب هذه الجرائم، والتي تنتهي في أغلب الأحيان بقتل الضحية.. وهذا يدفعنا لسؤال لماذا هذا الأمر رغم كل الحرية الجنسية الموجودة عندهم؟ والإجابة على هذا السؤال نأخذها من داخل نموذج لهذه المجتمعات، وهو المجتمع البريطاني الذي توجد به أعلى نسبة للأمهات المراهقات (دون سن 18)، وهذا راجع لطبيعة العلاقات الجنسية المفتوحة في هذا المجتمع (وهو ليس إلا نموذج).. أيضًا من الأسباب التي ذكرت في هذا المجال هو سهولة الحصول على هذه المتعة الجنسية بالطريقة التي أورثت في نفوس البعض حالة من الملل جعلته يبحث عن الإثارة والمتعة في هذه العلاقة؛ حتى وإن كان بالممارسة الشاذة أو السادية.
هذا هو حال المجتمعات التي ينظر إليها البعض على أنها النموذج الذي يجب أن نأخذه بكل ما فيه من إيجابيات وسلبيات.. فما هو حال المجتمع الإسلامي؟
الطريق الشرعي:
الله - عز وجل - ركَّب في مخلوقاته الغريزة الجنسية لهدف أساسي هو المحافظة على النوع؛ سواء كان هذا النوع إنسانًا أو حيوانًا، إلا أن الفرق بين الإنسان والحيوان في هذا الجانب أن الحيوان لا يلجأ إلى هذه الغريزة إلا في أوقات التكاثر.. أما الإنسان فالقضية تختلف في أن هذه الغريزة هي موضوعة في الإنسان للمحافظة على النوع لكنها لا ترتبط بوقت معين كالحيوان.
هذه الغريزة التي ركَّبها الله في الإنسان نظمها بصورة واضحة، فبدايةً جعل هذا الأمر من زينة الناس في الدنيا.. " زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنْ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ.. " (آل عمران: 14)، ولأن هذه الغريزة مركبة في الإنسان، وهي طبيعة فيه؛ فلم يُحرِّمها عليه- كما فعل البعض- ولم يتركها على المشاع- كما وجدنا في الحضارة الغربية- لكنه جعل الزواج الطريق الشرعي لهذا الأمر.. "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" (الروم: 21).
المرأة في المجتمع الإسلامي:(5/228)
ثم نظَّم العلاقة بصورة أكثر تفصيلاً من خلال تحديد زي للمرأة المسلمة؛ وهو الحجاب، ولم يكن هذا الزي نوعًا من فرض القيود على المرأة لكنه حفظًا لها أولاً ثم حفظًا للمجتمع ككل ثانيًا.
لأجل ذلك يأتي الأمر الإلهي لرسوله الكريم بقوله: " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا " (الأحزاب: 59).. إن الله في هذه الآية يحوط المرأة "بهالة من الصون والكرامة، وأن تكون في إطار من الإجلال والإكبار؛ فأمر نبيه بأن يلزم نساء المؤمنين أن يدنين عليهن من جلابيبهن، والجلباب الثوب الواسع؛ أي أن يسترن بثيابهن الواسعة، ليُعْرفْنَ بالحصانة والتقوى والعفاف، فلا يُؤذين بأعمال سافلة دنيئة.. فإن المؤمنة التقية يجب أن يدلُّ مظهرها على مخبرها، وأن يبدو إيمانها في مظهرها وتقواها في ملبسها كما يبدو في أقوالها وأعمالها" (التبرج: نعمت صدقي، دار الاعتصام، ص24).
نفس هذا المعني يسوقه لنا ابن كثير في تفسير قوله تعالي: " وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ " بأن هذا الأمر ".. ليخالفن شعار نساء أهل الجاهلية، فإنهن لم يكن يفعلن ذلك، بل كانت المرأة منهن تسير بين الرجال مسفحة بصدرها لا يواريه شيء وربما أظهرت عنقها وذوائب شعرها وأقرطة أذنها" (مختصر تفسير ابن كثير، دار الصابوني القاهرة، ص600 الجزء 2) كل هذا لأجل المحافظة على كيان هذا المخلوق الرقيق، والناظر لحال الناس يجدهم يحافظون على أشيائهم الثمينة بعيدًا عن أعين الناس؛ بل إن صاحب الحلوى يحفظها في الورق المفضض خشية الحشرات، فما بال البعض منا يعرض الغالي الثمين على الناس دون خوف عليه؟
ثم تأتي المحافظة على كيان المجتمع ككل؛ فيأتي الأمر للرجال بأن يغضوا من أبصارهم.. " قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ " (النور: 30)، ويتكرر الأمر نفسه مع المؤمنات لكن يزاد عليه لطبيعة المرأة التي يحرص الله على الحفاظ عليها.. " وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا.. " (النور: 31).
وتظهر قضية الحفاظ على الصحة النفسية في الأمر إلى النساء: "وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ " (النور: 31)، وذلك أن "المرأة في الجاهلية إذا كانت تمشي في الطريق وفي رجلها خلخال صامت لا يعلم صوتها ضربت برجلها الأرض، فيسمع الرجال طنينه فنهى المؤمنات عن مثل ذلك، وكذلك إذا كان شيء من زينتها مستورًا.. ومن ذلك أنها تنهي عن التعطر والتطيب عند خروجها من بيتها فيشم الرجال طيبها" (مختصر تفسير ابن كثير، ص602ج2).
لماذا كل تلك القيود على المرأة؟! أليست مثل الرجل، ويجب أن تتساوى معه؟! هذه الأسئلة قد يطرحها البعض، وهو يعتقد أنه يبحث عن حقوقٍ للمرأة ضائعة. لكن المتفحص لحال المجتمع يُوقن أن اتباع هذه الأوامر فيه الراحة والسعادة للجميع. فكما أننا اتفقنا بدايةً أن الغريزة الجنسية قد ركَّبها الله في الإنسان، وجعل لهذه الغريزة الطريق الصحيح الذي يجب أن يسير فيه؛ إذًا فهو عندما يرى هذه القدود والنهود والأرداف التي أمامه في ذهابه وإيابه مما يُثير في نفسه غريزة كامنة لكنه لا يستطيع(5/229)
أن يجد لها متنفسًا فماذا عساه أن يفعل؟ إن فعله لن يخرج عن كبتٍ لهذه الغريزة التي تثور عليه نتيجة لما يراه أمامه، وفي هذا ما فيه من خطر على نفسيته.. أو أنه سيحاول أن يبحث عن تفريغ لها في غير ما أحلَّ الله له.. أليس هذا ما يحدث ويقع نتيجة لم نشاهده؟
شروط الحجاب:
تبقى نقطة أخيرة في عرضنا لهذه القضية، وهي شروط هذا الزي.. إن الله وضع شروطًا لهذا الزي حتى يحقق المطلوب منه، وهذه الشروط ذكرها العلماء كثيرًا، ونحن إذ نذكرها من باب المقارنة لما نراه في واقع شوارعنا وإعلامنا المرئي.. هذه الشروط إلا يصف أو يشف أو يكون مشابهًا للباس الكافرات.
فهل لبس السراويل الملتصقة بالجسم وعليها (إيشارب) يدخل في باب الحجاب الشرعي؟ وهل مَن تلبس ما يصف جسمها يُعدُّ من هذا الباب؟.
إن هذه الأسئلة يجب أن تسألها المرأة لنفسها، وأذكِّرها بموقف النساء على عهد النبي- صلى الله عليه وسلم - عندما نزلت عليهن آيات الحجاب.. فعن عائشة- رضي الله عنها- قالت: "يرحم الله نساءَ المهاجراتِ الأُول لما أنزل الله: "وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ" شققن مروطهن فاختمرن بها". فمَن يعي ومَن يسمع.
ومن المهم أن نُوجه رسالةً إلى إعلامنا؛ وذلك أن خطورة جهاز التلفزيون أنه مؤثر شديد الخطورة في نفوس الناشئة من الجنسين. فكما أن الفتاة تتخذ من الممثلة قدوةً لها ومَن المذيعة، فمَن هنا يجب أن تكون هذه القدوة تسير على درب من الصحة، وإلا قُل السلامة على أمر هذا المجتمع.. إنها صرخة لهذا الجهازِ الخطيرِ عسى أن تصل إلى أسماعِ المسئولين عنه.
22/07/2004
http://www.ikhwanonline.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ
إلى أختي التي لم تتحجب بعد ...
بسم الله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وعلى نساءه الطيبات الطاهرات ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين:
أختي الحبيبة:
سلام من الله عليك ورحمة وبركات
سلام من الذي خلق السموات والأرض والطيور والأزهار
سلام من الذي خلق لنا العينين واللسان والشفتين
سلام من الذي لو جلسنا معا نحصي نعمه علينا لن تكفي مائة سنة لجلستنا
هذا هو رب العباد الذي خلق ودبر وأعطى وقدر
والذي أعلم علم اليقين أن حبه ملأ قلبي وقلبك
هذا الحب الذي لولاه لكنا تائهين حائرين ... لولاه لكنا في دلاهم ضالين
أليس هو من يتودد إلينا ويدعونا إليه كل حين بل ويقول اغفر زلاتكم وهفواتكم وما أكثرها من زلاتٍ وهفوات(5/230)
أليس هو من يمد يده إلينا كل ليلة ليتوب مسيء النهار ... وبكرمه - تعالى - يعود ويفعل ذلك في النهار أيضا ليتوب مسيء الليل ...
فبالله عليك أيجوز أن يخلقنا ونعبد غيره ويرزقنا ونشكر سواه أيجوز أن يكون خيره إلينا نازل وشرنا إليه صاعد ...
أليس هو الذي يتحبب إلينا بالنعم وهو الغني عنا ونتبغض إليه بالمعاصي ونحن أفقر شي إليه ...
أليس هو الذي إذا أقبلنا إليه تلقانا من بعيد وإن أعرضنا عنه نادنا من قريب وإذا تركنا لأجله أعطانا فوق المزيد ...
إن تبنا إليه فهو حبيبنا فإنه حبيب التوابين والمتطهرين وإن لم نتب إليه فهو طبيبنا يبتلينا بالمصائب ليطهرنا من المعايب ...
الحسنة عنده بعشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعافا كثيرة، والسيئة عنده بواحدة فإن ندمنا عليها واستغفرنا غفرها لنا ... يشكر اليسير من العمل ويغفر الكثير من الزلل ... رحمته سبقت غضبه وحلمه سبق مؤاخذته وعفوه سبق عقوبته ... وهو أرحم بعباده من الوالدة بولدها.
فبالله عليك أفبعد هذا الحبيب حبيب وبعد هذا الطبيب طبيب وبعد هذا القريب قريب ...
من كان هكذا عطفه ومن كان هكذا حلمه ومن كان هكذا عفوه ومن كان هكذا رحمته ألا يجدر أن تكون عبادته أحق عبادة... ألا يجدر أن تكون طاعته أحق طاعة ... ألا يجدر أن يكون حبه أكبر حب وعشقه فوق كل عشق ...
أعلم بكل يقين أن ستقولين: " بلى " ... ... ...
إذا حبيبتي في الله، الذي خلقني وإياك وحماني وإياك ورزقني وإياك هيا بنا نتقرب إلى خالفنا ورازقنا الذي أقل ما نتقرب به إليه التزامنا بالحجاب الشرعي ... الذي هو عفة وطهارة وعلو وميزة حبانا الرحمن نحن المسلمات به ...
أختي الحبيبة ما كتبت لك هذه الكلمات إلا لحبي لك في الله ولخشيتي عليك وحرصي على مصلحتك فأرجو أن تكملي قراءتها فإن لم تفدك بشيء فمن المؤكد أنها لن تضرك وإن أفادتك فهو فضل من الله فلا تنسين حمده ولا تبخلين علي بالدعاء فكلنا فقراء إليه..
أختي الحبيبة لماذا لم تلبسي الحجاب؟؟.. سأجيب على هذا السؤال بشائع الاحتمال.. لنقل مثلاً انك تريدين تأجيل الأمر إلى ما بعد الزواج.. فهل منع الحجاب الفتيات من الزواج؟ وهل تضمنين أن يكون زوجك الذي اختارك وأنت غير محجبة يوافق على ارتدائه بعد الزواج؟ وهل تضمنين أن يكون رجلاً متديناً وقد اختارك وأنت متبرجة؟ وهل تضمنين أن تعيشي حتى تتزوجي؟ وإن لم يكتب الله لك الزواج فمتى ستريدينه؟ ربما قلت: " إني لا أبدو جميلة بالحجاب " ومن قال لك ذلك؟ بل أنت بحجابك أجمل أتعرفين لماذا؟ لأن وجهك سيستنير بنور الإيمان برضا الله عليك وستكونين وقورة أكثر وسيلقي الله في قلوب البشر القبول والمحبة لك لطاعتك لأمره... وهناك شيء مهم أختاه أن من سيختارك زوجة له لن يختارك بشكل مزيف وبوجه مليء بالأصباغ فهو حين يعجب بك دون ماكياج سيزداد حين تتجملين له والعكس صحيح... لننتقل(5/231)
لأمر آخر يا أختي الغالية.. لنقل انك تستمتعين بعبارات الإعجاب التي يلقيها عليك الشباب فهل هذا الأمر يرفع من قدرك أم العكس؟ هل ترضين أن تتحولي لمجرد شيء ملفت للنظر عرضة لمختلف العبارات البذيئة؟ هل منهم من تعتقدين انه الرجل الذي يصلح لأن يكون زوجاً لك وأباً لأولادك؟ هل أمعنت النظر في هيئاتهم المخجلة وشخصياتهم التافهة؟ أنت أكبر وأغلى وأعز من أن تكونين كذلك فاحفظي نفسك وقدرك وقيمتك بالحجاب..
أرادنا الرحمن أن نكون كنوز مكنونة ... أرادنا أن نكون درر مصونة ... أرادنا ان نكون لآلئ محفوظة ...
فهل سبق وأن رأيت كنز ملقى على قارعة الطريق ... أو درة ترمى بجانب الشارع ... أو لؤلؤة لا حافظ لها ...
وإنما كانت قارعة الطريق وجانب الشارع والأشياء التي بلا حفظ هي لسفا سف الأشياء وليس أثمنها ... فمع من تريدي أن تكوني؟ لا أظنك تريدين إلا أن تكوني مع الغالي فأنت غالية ... غالية بدينك ... غالية بإيمانك ... غالية بحيائك ... غالية بعفافك ... حتى وإن تعالت أصوات توابع من لا دين لهم الذين لا يريدون إلا ان تكوني عارية من أغلى الأشياء وأثمنها وأحبها إلى قلبك ... حجابك ... والذي يحمل شعار كتب عليه أنا طاهرة أنا راقية أنا غالية أنا شريفة ...
أختاه إن لطاعة الله حلاوة في القلب ستذوقينها حين تعلنين تحررك من عبودية الشيطان باتباعك لأوامر الرحمن.. إن للحجاب فوائد جمة ستجدينها حين تلتزمين بلبسه بالشكل الشرعي.. سينشرح صدرك ويضيء قلبك وترتاح سرائرك وتنفرج همومك وكيف لا والله يقول: " ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب " ويقول: " ومن يتق الله يجعل له من أمره يسراً " هذا وعد من الله الذي لا يخلف الميعاد فماذا تنتظرين؟
عاهديني بالله عليك أن تكوني من الصالحات فوالله لن تندمي يوما من الأيام وهلمّ إلى رضي الرحمن واجعلي من حرصك على أن لا يظهر شي ولو يسير من جسدك، قربة لك عند الرحمن مبتغية بذلك حبه لك ورضاه عنك وسوف ترين يوم تقوم الساعة من تكون له عقبى الدار.
واختم بسؤال بسيط لك حبيبتي، عندما نقوم ليوم الحساب ... أمام رب العباد ... هل هناك من هو مستعد في تلك اللحظة يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه ... هل هناك ممن نظروا إليك واستمتعوا بأناقتك وشخصيتك وجمالك وجاذبيتك، أقول هل هناك واحد منهم مستعد لأن يعطيك ولو اليسير من حسناته أو أن يأخذ عنك ولو جزء من سيئاتك لينقذك من عذاب التبرج أومن لهيب مبارزة الرحمن بالسفور؟ ... أترك الجواب لك ... متفائلة بجزيل حبي لك وخوفي عليك ورحمة الباري بك ...
واستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك
أختكِ في الله ...
http://saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(5/232)
هَنِيْئاً لَكِ
هنيئاً لكِ يا فتاة الإسلام...
هنيئاً لكِ يوم سمعتِ نداء الله ودَعْوَتَهُ لكِ فلبست تاج الفخار: حجاب العزة والانتماء.
هنيئاً لكِ يوم جمع الله بينك وبين نساء النبي وبناته - صلى الله عليه وسلم - في آية واحدة، واشتركتن في عبادة واحدة؛ "يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ جَلابِيبِهِنَّ".
يا أخت الإسلام: الدعاة والخطباء يؤجرون عندما يتكلمون، أما أنت فهنيئاً لكِ تمارسين الدعوة إلى الله والإسلام بمجرد وضعك لتاج الفخار وكأنك تقولين باستمرار: الله ربي، والإسلام ديني، ومحمد - صلى الله عليه وسلم - قدوتي.
أختاه: ساءتكِ زمجرةُ فرنسا بلا ريب، ومَنْعُها للحجاب أضحكك بلا شك، ولكن كم تأكَّد بذلك فضلُ الحجاب! فأنتِ اليوم حصن يسعون لإسقاطه، وعلى أنوار حجابك تنكسر سهام مطامعهم، ويوقنون بأنك أغلى من أن تُشتَرَيْ وأقوى من أن تَسقطي.
ساءهم أن تكون نساءهم عاجزة عن التأثير بكِ، و أن لا يكون مصمموا الأزياء أساتذتَكِ، وساءهم أن تتمسكي بدينك.
قديماً قالوا بأن الأنظمة تظلمك فتلزمك بالحجاب، فأفسدوا الأنظمة وأسقطوها، وعدلوا القوانين وحرفوها، ولكن حجابك لم يُنزع فعلموا أن الحجاب اختيار وليس بإجبار.
وقالوا بأن الأهل يتسلطون على بناتهم، فأوجدوا أهلاً وأزواجاً مفتونين بهم، فطالبوا نساءهم وبناتهم بترك الحجاب، فقالت المسلمات بصوت ينم عن عقيدة في أعماق القلب مقرها، ومع العلم والفكر والدم مجراها: لا طاعةَ لِمَخلوق في معصية الخالق.
أيها المسلمون: الحجاب شعيرة من شعائر الإسلام، والتمسك به يعني التمسك بالإسلام، ففيه طاعة لأمْر الرب "يُدْنِيْنَ عليهن من جلابيبهن"، وفيه صون الفتاة كما قال الرافعي: "الإسلام أَمَر المرأة بالحجاب لكي يربيها تربية لؤلؤية"، وفيه عبادة لأنه طاعة طوعية ممزوجة بمحبة قلبية: "مَنْ سَنّ سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة"، وفيه تنزيه للمرأة الأم أو البنت والأخت أو الزوجة أن يؤذيها فرنسي أو شهواني "ذلك أدنى أن يُعْرفن فلا يؤذَيْن".
وختاماً أختاه:كان الفرق بين الحرة والأَمَة الحجاب والعفاف فهل نبقى أحراراً نعبد الخالق أم نصبح عبيداً للموضة "والدارج" المألوف؟! ألا نعيش أعزة نرفع الرأس بحجاب يحبه الله ورسوله؟
http://itihad.org المصدر:
ـــــــــــــــــــ
والله متم نوره
د.سميحة محمود غريب
المتأمل في شأن الدعوة الإسلامية يجد عجبًا: نري كل يوم كيف أن الإسلام ينشر نفسه بنفسه أكثر مما ينشره أصحابه وحملته في كل أرجاء العالم.
الأمر الذي أفقد المتعصبين في دول الغرب صوابهم، وبدا هذا واضحًا علي ألسنة ودسائس المروجين لعولمة جسد المرأة حيث السقوط الأخلاقي المريع في تلك الدول،(5/233)
مما حدا بدولة مثل فرنسا لأن تتصدي لسن قانون يحظر علي المسلمات وضع قطعة من القماش علي رؤوسهن متحدية بذلك كل قواعد الإنسانية ومبادئ حقوق الإنسان والحرية التي تدعو لها وتنادي بها وتنزلق إلي دكتاتورية رمزية في مواجهة الدين.
هل قطعة من القماش تحدث هذا التوتر النفسي? هل هي سلاح ذري أو إشعاع نووي?!!. ولكنه الإسلام. هذه الضجة قد أخذت بعدًا دعويًا واسعًا واستقطبت اهتمام وسائل الإعلام، وسيرت المظاهرات في مختلف بلدان العالم للمطالبة بالحجاب والتنديد بأي قانون يحظر الحجاب، وبرزت رموز نسائية غربية تتحدث عن الإسلام وأُفسح لهن المجال للتحدث عبر القنوات الفضائية. وتكالب غير المسلمين للقراءة عن الإسلام ولم يبق رجل دين إلا وشعر بأن عليه أن يدلي بدلوه في هذا الخصوص موضحًا فرضية الحجاب وأنه جزء لا يتجزأ من الدين وأنه ليس رمزًا دينيًا وإنما هو فرض رباني وواجب قرآني، ولم تبق مؤسسة دينية إلا ودعت أتباعها للتظاهر أمام السفارات الفرنسية وتطيير برقيات الاستنكار ومطالبة الرئيس الفرنسي بالعدول عن موقفه.
هذه الدعوة للحجاب وبيان مكانته من الإسلام لو أَعد لها الدعاة ونظموها وجندوا لها كل وسائلهم ما كانت ستلقي هذا الانتشار ولكنها دعوة الله - سبحانه - وتعالي - يقيض لنشرها البر والفاجر.
يقول الرافعي «لا يعذب فاقد الفضيلة شيء مثل رؤيتها في غيره، وأنه لا يستطيع تحقيقها في نفسه».. فعلاً إن أصحاب الرذيلة يتألمون من رؤية أصحاب الفضيلة وهم يتربعون علي عرش فضيلتهم.
لقد كان على فرنسا أن تدعم الحجاب وتدعو إليه فالسوس ينخر في أمتهم من الفساد والانحلال، ولكنه كره الإسلام، فهم يقولون: لن نسمح للمد الإسلامي بأن يخترق أوروبا، وهذه نكتة من نكت الحماقة الفرنسية التي يتفكه بها التاريخ وتضحك عليهم بها القرون الآتيات» فالإسلام قادم إليهم يحمل إليهم الأمن والسكينة.. نحن قادمون إليكم بقوة التيار، وسيعم الخير والنور الحقيقي بلادكم بإذن الله وسيصدح الأذان في كل مكان.. نحن قادمون إليكم نحمل لكم الحضارة التي ما قدرتم علي حملها.. أخبرنا بذلك المعصوم صلي الله عليه وسلم «ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل عزًا يعز الله به الإسلام وذلا يذل الله به الكفر»، وعندما سأله عمرو بن العاص رضي الله عنه أي المدينتين تفتح أولاً: قسطنطينية أم رومية? فقال صلي الله عليه وسلم «مدينة هرقل تفتح أولاً» ورومية هي روما والقسطنطينية هي مدينة هرقل وهي الآن اسطنبول، وقد فتحت علي يد محمد بن مراد المعروف بمحمد الفاتح.. إذن فقد تحقق الشطر الأول من الوعد وبقي الشطر الثاني وهو آت بإذن الله {والله متم نوره ولو كره الكافرون} [الصف: 8].
http://muslema.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ
هل تملكين مثل هذا الحجاب ؟؟
الخنساء بنت عمر(5/234)
* سألتني هل ترتدين هذا الحجاب؟؟؟
* قلت: - أي حجاب؟؟
* قالت: - حجاب الجوارح.....
* قلت: - وهل للجوارح حجاب!!!
* قالت: - وآيُ حجاب....
* قلت: - ظننت أن حجابي ردائي وطرحتي!!
* قالت: - هذا حجاب الظاهر والكل عليه قادر.
* قلت: - إذا فلمن ذاك الحجاب!!!
* قالت: - إنه للأحباب.....
* قلت: - أحباب من ؟؟؟؟
* قالت: - أحباب الرحيم التّواب...
* قلت: - أبسبب حجاب!!
* قالت: - إن لهذا الحجاب حكاية
* ولكل حكاية بداية..
******************
*حجاب الجوارح أُخيَّة
*لتكونين من أصحاب النفس المرضّية..... (يا أيتها النفس المطمئنة. ارجعي إلى ربك راضية مرضّية).
*****************
* حجاب العين أُخيَّة
* فالعين زناها النظر
*فاستحي من خالق البشر
* وغضي البصر
*ولماذا النظر!!!!
* كله تعب وكدر
*فو الله القلب يشكي والروح تبكي
*ولكنك يا مسكينة غافلة لا تدري
*والنفس الجّبارة بين الرغبات محتارة
*يا خسارة ألم تدري أن الدنيا تجارة!!!
* رأس مالها الطاعة....
* والربح فيها امتلاك القناعة..
****************
* حجاب اللسان أن يصان....
*فلا يهين كما يحب أن لا يهان..
*فلا تقولي فيها كذا..... وأنا أقول الحق
*فأنتي فيكِ كذا..... وهي تقول الحق
*والحق يقول: أن لا تقولي أنتي.. ولا هي تقول...(5/235)
.. (..... ولا تجسسّوا ولا يغتب بعضكم بعض أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه. واتقوا الله. إن الله توَّاب رحيم)
*.... فكم جيفة أكلتي!!!!!
* وبالحق تعللت!!!!
* ألهذا الحد وصلتي ؟؟؟
* فمتى ستكتفين!!!! ؟؟؟
***************
* حجاب اليدان.....
* فلا تبطشان....
* أو تمسكي بهما المال الحرام!!!!
* فاقرئي عقوبة الدنيا قبل الآخرة.. إن كنتِ من حديثي ساخرة
*أوَ تصافحين بهما الأحباب والخلاّن وأبناء الجيران!!!
*فإنهما ستنطقان عليك وتشهدان
* في يوم لا ينفع فيه الخلاّن
* يكرم فيه المرء أو يهان.
*******************
* حجاب القلب أُخيَّة.....
* جوهرة النفس التقية
*ذات الروح الأبية.......
* عند ربها راضية مرضية
*أعاصية.. وللاستغفار ناسية!!!!!
*يا ويح القلب من نفس قاسية.
*اجعليه سكنا لحب الرحمان....
*واطردي منه وساوس الشيطان...
*وقولي الآن تبت يا رحمن...
* فاجعل لي بيتا في الجنان...
*ونوريه بالذكر والقرآن....
*وارحمي عينيك بالبكاء...
*وامسحي من القلب ذاك الجفاء..
*وازهدي في دار الفناء...
*وارتقي بالروح إلى عنان السماء...
*******************
*فالحمد الله ربي....
* أنه هداني وأكرمني...
*وأي كرما بعد الإيمان.....
*وأي نعمة بعد الإسلام...
*وأي حبيبا لي دون الرحمن...(5/236)
* إنه خلق لي السماء والأرض والجنان.....
*خلقني وعلمني ورزقني....
* وكساني وكفاني وآواني.....
.... (وإن تعدو نعمة الله لا تحصوها.....)
* فالحمد لله أن كنت لله أَمَة....
* وقلبي له ممتلئا حبا...
******************
*إلهي ومولاي وسيدي....
*إليك المشتكى والمفزع
*من نفسٍ كلما نُصحت صَدَّت...
*وكُلَّما أُصلحت اعوجت...
*ومن شيطان بالوسواس أضناني...
*وبتزيين الشهوات والمعاصي أرداني
*ومن قلب قسى وكلما ذكر نسى...
*ومن عقل احتار أي السبل يختار.
*فلا تجعلني يا ربي عبدا جبارا...
*وقني بلطفك ورحمتك عذاب النار..
*يا عزيز يا غفّار...... يا عزيز يا غفّار..
* وصلَّ الله وسلم وبارك على سيد الأخيار...
*سيدنا محمد وعلى آله وصحبه الأبرار
* كل يومِ ما تعاقب الليل والنهار.....
*****************
* وآخر دعوانا أن الحمد الله رب العالمين...
http://www.khayma. com المصدر:
ـــــــــــــــــــ
إلى الحجاب من جديد
إنني أخاطبك اليوم أختي المسلمة، فأنت التي ارتضيت الله ربا ومحمدا - صلى الله عليه وسلم - نبيا، وكتاب الله دليلا ومنهاجا.
أخاطبك لأنك أنت التي تؤمنين بالبعث بعد الموت وبالحساب يوم الحشر.
أخاطبك اليوم وأنا متفاءل لأن تفتحي قلبك للهدى ولأن تستمعي لنداء الله - عز وجل -: {يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم. واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون}، وإن القلب ليتألم شديد الألم مما وصل إليه تمييع الحجاب عند البعض من أخواتنا وعدم ارتداءه إطلاقا عند البعض الآخر.... وما هذا إلا نتيجة لبعدنا عن كلام ربنا وعن سنة رسولنا - صلى الله عليه وسلم - ولبعدنا عن أحوال سلفنا الأماجد.
ومن المعلوم أن الحجاب عبادة تبتغي به المسلمة العفيفة الأجر عند ربها، وليس مجرد عادة لها الاختيار في فعله أو تركه.(5/237)
وإن الله الذي نهانا عن أكل لحم الخنزير هو الذي أمر المسلمات بالحجاب والتستر عن الرجال.... فلماذا إذن نطبق بعض أحكام الشرع ونترك البعض الآخر، أليس هذا هوى متبعاً؟ ألم تسمعي لقول الله - عز وجل -: {أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب}.
أختي الكريمة.... أنقذي نفسك من النار من قبل أن يأتي يوم تندمين فيه على أيام أضعتيها في التبرج والاختلاط ومعصية الله، وأنت تعلمين قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (اطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء).
فالحياة الطيبة هي تلك التي تعيشها المسلمة في ظل الكتاب والسنة، قال - تعالى -: {من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة}؛ ولا تبالي حينها بما يقوله السفهاء من الناس.... ومنهجها قوله - تعالى -: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعصِ الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا}. وأسوتها في ذلك أمهات المؤمنين ومن اقتفى أثرهن من الصالحات، اللواتي أجاد من وصفهن قائلا
لو كانت النساء مثلهن *** لفضلت النساء على الرجال
وما التأنيث لاسم الشمس عيب *** وما التذكير فخر للهلال
فالله - سبحانه - أمر بالستر والعفاف، أمرك بالجلباب الساتر حتى لا يؤذيك الفجرة بالنظرات المريبة وبالكلام الساقط القبيح، وحتى يطهر المجتمع من الفحشاء والفساد الخلقي.... وما شعورك أختي الكريمة وأنت تقرئين في القرآن هذا الكلام الواضح الصريح الذي أنزل من عند الله العليم الخبير: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن، ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما}.
قال ابن كثير في تفسيره: " أي: إذا فعلن ذلك عرفن أنهن حرائر، لسن بإماء ولا عواهر ". وقال مجاهد: " يتجلببن فيعلم أنهن حرائر فلا يتعرض لهن فاسق بأذى ولا ريبة ". وقال مجاهد في قوله - تعالى -: {ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى}: " كانت المرأة تخرج تمشي بين يدي الرجال فذلك تبرج الجاهلية ". وقال - تعالى -: {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن}. قالت أمُّنا عائشة - رضي الله عنها -: (يرحم الله نساء المهاجرين الأول لما أنزل الله: {و ليضربن بخمرهن على جيوبهن} شققن مروطهن فاختمرن بها)... فقد صدق القائل:
هذا هو الحق ما به خفاء *** فدعني عن بنيات الطريق
فما بالك أختي المسلمة يضيق صدرك من هذه الأوامر السامية التي هي مفتاح السعادة في الدارين.... يقول - تعالى -: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحَكِّموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما}. فلماذا لا تتبعين من سبقك إلى هذا الدرب، من الصالحات اللواتي مَنَّ الله عليهن بالهداية؟ أما قرأت توبة فابيان -أشهر عارضة أزياء فرنسية سابقا- التي قالت: " لولا فضل الله علي ورحمته بي لضاعت حياتي في عالم ينحدر فيه الإنسان ليصبح مجرد حيوان كل همه إشباع رغباته وغرائزه بلا قيم ولا مبادئ ". وهل سمعت بتوبة هالة الصافي(5/238)
التي قالت: " ترافقني دموع على أيام قضيتها من عمري بعيدة عن خالقي الذي أعطاني كل شيء.... إنني الآن مولودة جديدة، أشعر بالراحة والأمان بعد أن كان القلق والحزن صديقي، بالرغم من الثراء والسهر واللهو... "
فلماذا تختارين هذا الظلام الحالك، درب جهنم والعياذ بالله؟ قال - صلى الله عليه وسلم -: (صنفان من أهل النار لم أرهما..) وذكر منهما: (نساء كاسيات عاريات، مائلات مميلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها...) (الحديث). وعلق على هذا العلامة الشيخ عبد العزيز ابن باز - رحمه الله - قائلا: " وهذا تحذير شديد من التبرج والسفور، ولبس الرقيق والقصير من الثياب، والميل عن الحق والعفة، وإمالة الناس إلى الباطل ".
وقالت حرم محمد رضا - رحمهما الله -، في كتابها [التبرج]: " فأخفي جمالك الفتان أيتها المرأة، ولا تؤذي النفوس وتغويها ولا تضيعي به الآداب والأخلاق وتفسديها، والزمي حدود ربك ولا تتعديها، واستري زينتك كما أمرك ربك ولا تبديها.... فما أسعد المرأة التي تشعر بأن جمالها برئ لم يقترف إثما ولم يؤذ أحدا، ولم يسبب حسرة، ولم يثر شهوة، ولم تلتهم لحمها الأنظار، ولم تلُك عرضَها الأفواه ".
فمالي أراك تارة تستحين من طاعة الله - عز وجل -، وتارة تقولين إن الحجاب حجاب القلب وإنما الأعمال بالنيات. فسبحان الله، أما تقرئين قوله - تعالى -: {و إذا سألتموهن متاعا فسألوهن من وراء حجاب، ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن}. أطهر لقلب عائشة وفاطمة وخديجة... - رضي الله عنهن - فهل أنت أطهر قلبا منهن؟؟ وقد صار الالتزام بالحجاب وآدابه تنطعا وتزمتا عند بعض الجاهلات اللواتي جعلن دين الله آخر ما يفكرن فيه، فقد شغلتهن عنه آخر الموضات والمجلات الداعرة والمسلسلات الهدامة والأفلام الماجنة. وكانت هذه أمنية الخبثاء من دعاة تحرير المرأة. ولكن تحريرها من أي شيء؟ من العفة والحياء والطهارة؟
اسمعي أختي الكريمة ماذا قال إمامهم الخبيث جلادستون: " لا يمكن أن تتقدم بلاد الشرق إلا بأمرين: أن نرفع الحجاب عن المسلمة ونغطي به القرآن ".
فهل تكوني أنت جندية الخبثاء المحاربين للإسلام؟ وقد صدقك القائل بنصيحته
أختاه لا تركني لقرار مؤتمر الهوى *** فسجية الداعي سجية ثعلب
لا تخدعنك لفظة معسولة *** مزجت معانيها بسم العقرب
شروط الحجاب الشرعي:
أن يكون صفيقا (سميكا) لا يشف.
وأن لا يكون مبخرا مطيبا
و أن يكون فضفاضا غير ضيق.
أن لا يشبه لباس الرجال (كلبس البنطلونات مثلا) فعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: (لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال). واللعن معناه الطرد من رحمة الله.
ومن شروطه أيضا أن لا يشبه لباس الكافرات.
و أن لا يكون لباس شهرة.(5/239)
و أن لا يكون زينة في نفسه، بأن يكون فيه - مثلا - من الألوان الجذابة ما يلفت نظر الرجال ويثير غرائزهم... قال الشيخ الألباني - رحمه الله -: " والمقصود من الأمر بالجلباب إنما هو ستر زينة المرأة، فلا يعقل حينئذ أن يكون الجلباب نفسه زينة... ". انتهى كلامه..
تنبيه لابد منه: الكثير من الأخوات يبدين أقدامهن أو يغطينهن بجوارب تصف ما ورائها وهذا حرام لا يجوز في دين الله - عز وجل - لأن الأقدام عورة. قال - صلى الله عليه وسلم -: (من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة، فقالت أم سلمة: كيف تصنع النساء بذيولهن؟ [تعني ما نزل من الثياب على القدمين وما تجره المرأة من جلبابها حتى تغطي به قدمها] قال: يرخين شبرا، فقالت: إذن تنكشف أقدامهن؟ قال: فيرخين ذراعا ولا يزدن على ذلك).
فلتحذر أخواتنا المؤمنات من مخالفة الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، ومن اتباع أهوائهن حتى لا يبطل حجابهن وهن لا يشعرن. فإن الحجاب لا يعني تغطية الشعر وحده وإبداء محاسن البدن. فالواجب إذن أن نعبد الله بما شرع بدون أن ننقص شيئا. وهذا حال أخواتنا الصالحات الصادقات مع الله - عز وجل -. نسأل لهن التوفيق والمزيد من العلم والإيمان. والله ولي التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين.
http: //www.almuslm.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ
صفات الحجاب الشرعي
الحمد لله رب العالمين و الصلاة والسلام على محمد بن عبد الله و على آله و صحبه و من والاه، أما بعد:
هذه كلمات طيبة جمعناها لكِ أختي المسلمة في رسالة متواضعة لكي تكون دلالة على الخير و منارة لكل من تريد الإلتزام بالحجاب الذي ارتضاه لها رب العزة لا حجاب الموضة الذي شوّه المعنى الحقيقي لهذه الفريضة الربانية.
ما هكذا يكون الحجاب... يا فتاة الإسلام...
لا تكوني من المتبرجات بالحجاب:
* بلباسك الضيق.
* بلبس البنطال و غطاء الرأس المزركش المُلفت.
* بعباءتك المزركشة وغطاء رأسك الرقيق.
* بساعديك المكشوفين وقدميك العاريتين.
* بمشيتك المتكسرة وخطواتك المقيدة المتكلفة.
* بنظراتك المتلفتة وصوتك المتغنج وضحكاتك الرنانة.
* بعطرك الفواح وبحذائك ذي الكعب العالي والصوت الرنان.
* بالزينة و الألوان الصارخة التي تبدو على وجهك.
الحجاب فرض وليس رمز، فرضه الله - تعالى - على النساء البالغات من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -، ولسنا هنا بصدد شرعيته أم لا، قال الله - تعالى -: {وَمَا كَانَ لِمؤمِنٍ وَلا مُؤمِنةٍ إذَا قَضَى اللهُ ورَسُولُهُ أمرَاً أَن يَكُونَ لَهمُ الخِيَرةُ مِن أَمرِهِمْ}.(5/240)
والآيات الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة في هذا الموضوع لا يمكن أن ينكرها أحد. من حديث عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " يا أسماء! إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح لها أن يرى منها إلا هذا وهذا. وأشار إلى وجهه وكفيه". " نيل الأوطار" (6/98- البابي الحلبي).
وهذا تفسيرا لقول الله - تعالى -: {ولا يُبدينَ زينَتهُن إلا ما ظَهَرَ منها}: فقوله - صلى الله عليه وسلم -: " لم يصلح أن يرى منها" بيان لقوله - تعالى -: {إلاَّ ما ظَهَرَ منها}، أي: وجهها وكفيها، فالمنهي في الآية هو المنهي في الحديث، والمستثنى فيها هو المستثنى في الحديث، وصدق الله العظيم القائل: {وأنزلنا إليك الذكر لتبيّن للناس ما نُزِّل إليهم} (النحل: 44).
ومن هنا يظهر دقة فهم الصحابة الكرام - رضي الله عنهم -، حين فسروا الاستثناء فيها بالوجه والكفين.
صفات الحجاب الشرعي:
مواصفات الحجاب الشرعي والشروط الواجب توفّرها مجتمعةً حتى يكون الحجاب شرعياً.
الأول: ستر جميع بدن المرأة على الراجح.
الثاني: أن لا يكون الحجاب في نفسه زينة.
الثالث: أن يكون صفيقاً ثخيناً لا يشف.
الرابع: أن يكون فضفاضاً واسعاً غير ضيق.
الخامس: أن لا يكون مبخراً مطيباً.
السادس: أن لا يشبه ملابس الكافرات.
السابع: أن لا يشبه ملابس الرجال.
الثامن: أن لا يقصد به الشهرة بين الناس.
هل تعلمين؟
أتعلمين أختي المسلمة خطورة جهلك بالحجاب الشرعي؟.. كيف يكون، وما هي شروطه؟.. هل تريدين من هذه العباءة التي ترتدينها أن تنجيك من مساءلة: لِمَ ارتديتِ الحجاب؟.. وكيف ارتديتِ الحجاب؟.. أم أنها عادة تفعلينها تقليداً ومجاراة لمن حولك أصاب أم أخطأ؟.. ألم تفكري في هذا الحجاب الذي تمثله العباءة مَنْ فرضها، ولِمَ فرضها؟.. وكيف يجب أن تكون؟...
أظنك لست جاهلة فأراك الموظفة (موجهة، مديرة، معلمة، إدارية..) وأراك الطبيبة والممرضة.. وأراك الطالبة.. وأراك الأم والأخت.
ماذا دهاك يا ابنة خديجة و خولة؟..
ألهذا الحد يتلاعب بك أصحاب الأهواء والشهوات وأصحاب المحلات والمتاجر فتنساقين وراء كل موضة مهلكة؟ !!
والله إن العجب ليأخذ إحدانا عندما ترى عباءة السهرة المطرزة اللامعة المنقشة المخرقة المفتوحة من الخلف والجانب.. !! وقولي ما شئتِ من أوصاف فلا أخالك إلا تجدينها ماثلة أمامك ترتديها وللأسف امرأة مسلمة تقول: إنها عباءة، وتقول: إنها حجاب.. !!(5/241)
لا وألف لا:
عباءتك - الفستان - هذه تحتاج إلى عباءة أخرى فوقها لتسترها...
لتواري زينتها... لتخفف من بريقها... لتستر الخروق والثقوب التي بها، والتي تُظهر لون البلوزة أو الفستان الذي تحتها!!
ما هذا والله بالحجاب وما هذه والله بالعباءة الساترة ...
بل هي فستان.. وعباءة يلزمها عباءة.
قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " خير نسائكم الودود الولود، المواسية المواتية، إذا اتقين الله، وشر نسائكم المتبرجات المتخيلات وهن المنافقات لا يدخلن الجنة إلا مثل الغراب الأعصم "، الغراب الأعصم: هو أحمر المنقار والرجلين، وهو كناية عن قلة من يدخل الجنة من النساء. لأن هذا الوصف في ا لغربان قليل.
لحدِّ الرُّكبتينِ تُشمِّرينا *** بربِكِ أيُّ نهرٍ تعبرينَ
كأن الثَّوبَ ظلٌ في صباحٍ *** يَزيدُ تقلصاً حيناً فحينا
تظنينَ الرجالَ بلا شعور ٍ *** لأنكِ ربُما لا تَشعُرينا
س: ما حكم الملابس الضيقة عند النساء وعند المحارم؟
ج: لبس الملابس الضيقة التي تبين مفاتن المرأة وتبرز ما فيه الفتنة... مُحرَّم، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " صنفان من أهل النار لم أرهما بعد، رجالٌ معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس - يعني ظلماً وعدواناً - ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات ". فقد فُسر قوله كاسيات عاريات بأنهن يلبسن ألبسة قصيرة لا تستر ما يجب ستره من العورة وفسر بأنهن يلبسن ألبسة خفيفة لا تمنع من رؤية ما وراءها من بشرة المرأة، وفُسرت بإن يلبسن ملابس ضيقة ساترة عن الرؤية لكنها مبدية لمفاتن المرأة وعلى هذا لا يجوز للمرأة أن تلبس هذه الملابس الضيقة إلا لمن يجوز لها إبداء عورتها عنده وهو الزوج، فإنه ليس بين الزوج وزوجته عورة لقول الله - تعالى -: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} [المؤمنون: 6، 5]. قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في مجموع الفتاوى [22/146]: (وقد فسر قوله {كاسيات عاريات} بأن تكتسي ما لا يسترها، فهي كاسية وهي في الحقيقة عارية: مثل من تكتسي الثوب الرقيق الذي يصف بشرتها، أو الثوب الضيق الذي يبدي تقاطيع خلقها، مثل عجيزتها وساعدها ونحو ذلك، وإنما كسوة المرأة ما يسترها فلا يبدي جسمها ولا حجم أعضائها لكونه كثيفاً وسيعاً) انتهى.
أخيراً وليس آخراً:
لم يكن الحجاب يوماً وسيلةً لإبراز المفاتن ولإغراء الشباب كما هو حاصل اليوم بما يسمى “حجاب الموضة”، إنما كان الحجاب ولم يزل خضوعاً لأمر الله - عز وجل - وصوناً لعفة وكرامة المرأة المسلمة.
فطالما أختي المسلمة أنك ارتضيتِ أن تكوني من المحجبات والحمد لله وممن تبحثُ عن رضى الله ورسوله، فالواجب عليكِ ارتداء الحجاب كما أمر صاحب الأمر - جل وعلا -، لا كما تتطلب الموضة أو تشتهي النفس، وهذه الكلمات التي بين يديك إنما هي تذكرةٌ عما غفلتِ عنه وبيانٌ لصورة الحجاب الشرعي الذي يرضى عنه الله(5/242)
ورسوله. فكان لا بد من كتابة هذه النصيحة حتى نكون من الأمة التي تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، عسى أن ينفع الله بكِ وبنا ويرزقنا سواء السبيل.
http: //saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ
حجابك ليس إرهاباً!
الشيخ فواز جنيد
الحمد لله وحده و الصلاة والسلام على من لا نبي بعده محمد وعلى آله وأزواجه وصحبه أما بعد:
لقد خلق الله - تعالى - الإنسان في أحسن تقويم وأجمل صورة، قال الله - تعالى -:
(لَقَدْ خَلَقْنَا الْإنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيم)ٍ (التين: 4)
وفضله على كثير من خلقه وكرمه بكرامات كثيرة وميزه بخصائص عديدة¸ قال الله - تعالى -:
(وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْر وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً) (الإسراء: 70).
ومن تكريم الله لهذا الإنسان أن أنزل عليه لباسا يستر عورته ويتزين به ويتجمل، قال الله - تعالى -:
(يا بنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) (لأعراف: 26)،
فاللباس لباس مادي لستر العورة والزينة والجمال وآخر معنوي يستر سوءة النفس البشرية وهو لباس الإيمان والتقوى ومتى اجتمعا في إنسان فقد بلغ الغاية في تحقيق الكمال الإنساني، إن الاستحياء من كشف العورات واستقباح التعري وإبداء السوءات ليس عرفاً إنسانياً ولا اصطلاحاً بشرياً، وإنما هو فطرة إلهية مغروسة في عمق النفس البشرية ما لم تلوثها الأوحال الجاهلية، ولذلك ما إن ظهرت لأدم وحواء سوءاتهما لأول مرة بسبب وقوعهما في الخطيئة بالأكل من الشجرة التي نهاهما الله عن الأكل منها حتى سارعا بدافع الفطرة رغم عدم وجود بشر سواهما في ذلك الحين إلى سترها بورق الجنة حياء من الله، قال الله - تعالى -:
(ِفَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ) (الأعراف: 22).
ومما تميز به الإنسان المتحضر تاريخيا عن الإنسان المتوحش الذي كان يعيش في الغابات و البراري اللباس و الزينة، و قد خص الله - تعالى - كلا من الذكر والأنثى بخصائص جسدية و مشاعر وأحاسيس نفسية واقتضت حكمته - تعالى - تمايزهما في اللباس و الزينة وفقا لتمايزهما النفسي والجسدي ولهذا أمر الله المسلمة أن تستر جميع بدنها أمام الرجال الأجانب غير المحارم - وهم من يحرمون عليها تحريما مؤبدا بنسب أو رضاع أو مصاهرة - قال الله - تعالى -: (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ) (النور: 31)(5/243)
فالآية نص في وجوب ستر المسلمة زينتها من أعلى رأسها حتى أخمص قدميها حيث أمر الله - تعالى - بضرب الخمار على الجيوب و الخمار هو ما تغطي المرأة به رأسها وعنقها ونحرها و الجيب هو فتحة الثوب جهة الرأس وضرب الخمار على الجيب هو ليه عليه وذلك حتى لا يبدو شيء من زينة العنق والصدر وختمت الآية بوجوب ستر الساقين والقدمين بل وتحريم لفت انتباه الرجال إلى الزينة المخفية تحت اللباس عبر ضرب الأرجل بالأرض فقال - تعالى -: (وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ) (النور: 31) فإذا كان لا يجوز تعمد إسماع الرجال صوت الخلاخيل فكيف يجوز إظهار الساقين بخلاخيلها أمام الرجال؟
ومن الأدلة على وجوب ستر المسلمة قوله - تعالى -: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ) (الأحزاب: 59)
والجلباب هو الثوب الذي كانت تلتحف به المسلمة من رأسها حتى قدميها ونلاحظ في هذه الآية أن الأمر الإلهي لم يستثن أطهر نساء العالمين ومن لا يتصور في حقهن الانحراف و الوقوع في الفاحشة وهن زوجات النبي - صلى الله عليه وسلم - وبناته الطاهرات بل بدا الأمر بهن ليكن قدوة لمن دونهن من النساء في الفضل والمنزلة وحتى لا يقول قائل أن الحجاب لا يكون إلا لمن يخشى منها الانحراف. بل قال لهن: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى) (الأحزاب: 33)، وهذه الآية الأخيرة وان كان المخاطب بها أمهات المؤمنين نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا أن حكمها عام في نساء المؤمنين لأن إضافة التبرج إلى الجاهلية الأولى خرج مخرج الذم، والتبرج خروج المرأة كاشفة شيء من زينتها ولما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بخروج المرأة لصلاة العيد قالت أم عطية يا رسول الله إحدانا لا يكون لها جلباب، قال: (لتلبسها أختها من جلبابها) رواه مسلم. فأمرها أن تستعير جلبابا من غيرها ولم يأذن لها بالخروج متبرجة بل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توعد المتبرجات بالنار يوم القيامة والعياذ بالله فقال: (صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رءوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ، ولا يجدن ريحها ، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا) رواه مسلم. ومعنى كاسيات عاريات أي يلبسن كسوة تستر بعض أبدانهن وتكشف بعضها أو يلبسن لباسا رقيقا يشف عما تحته من جسدها، وهذا أمر يبغضه الله ورسوله. وبناء على ما تقدم يتضح جليا أن المسلمة البالغة يجب عليها ستر زينتها وعدم إبداءها أمام الرجال الأجانب وأن ذلك لا يتحقق إلا بستر جميع جسدها بجلباب فضفاض لا يحجم أعضاء المرأة ولا يشف عما تحته من زينتها وجسدها وأن لا يكون زينة في نفسه لأن ذلك يتنافى مع الأمر بستر الزينة.
كما ظهر جليا أن حجاب المرأة ليس رمزا دينيا ولا علامة سياسية بل هو أمر إلهي وواجب ديني لا يسع المسلمة إلا الالتزام به في كل أرض وتحت أي سماء وهو التزام شخصي ليس له أي ضرر أو أثر على الآخرين ولا يملك أحد حق نزعه عنها تحت أي ذريعة من الذرائع ولا يجوز للمسلمة طاعته في ذلك بل يجب عليها هجر الأماكن الذي يفرض فيها عليها نزع خمارها، سواء كانت مدارس أو جامعات أو(5/244)
أماكن عمل وغير ذلك، قال الله - تعالى -: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً) (الأحزاب: 36)
واذّكر الجميع أن الله - تعالى - قد أكمل لنا الدين وأتم علينا النعمة ورضي لنا الإسلام دينا فلا حلال إلا ما أحله ولا حرام إلا ما حرمه ولا دين إلا ما شرعه، قال - تعالى -: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِيناً) (المائدة: 3)
فما ثبت في الكتاب والسنة من أحكام هذا الدين العظيم.
لا يملك أحد مهما بلغ من العلم أو تقلد من المناصب السياسية والدينية حق تغيره أو تعديله أو إباحة ما حرم الله أو تحريم ما أحل الله، ولا يجوز لأحد طاعته في ذلك قال الله - تعالى -: (وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ) (الأنعام: 121)
أي إن أطعتموهم في تحليل ما حرم الله أو تحريم ما احل الله. هذا وليعلم المسلمون والمسلمات أن الله - تعالى - يمتحن عباده ويختبر صبرهم ليتميز المؤمن من المنافق والصادق من الكاذب قال الله - تعالى -: (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ. وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ) (العنكبوت: 2-3) وقال - تعالى -: (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) (الأنبياء: 35)
وفي الختام أسأل الله - تعالى - لنا وللمسلمين والمسلمات الصبر والثبات على دينه، إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
http: //akhawat.islamway.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ
بين أبيك وزوجك..
منال الدغيم 21/12/1425
01/02/2005
يرصد لنا التاريخ قصصاً كثيرة عبر القرون، حين يودّ امرؤ أن يوطّد ثقته بقبيلة أخرى فيتزوج منهم، فإذا بهذا الزواج، يعود ببركته على القبيلتين ألفة ووداً، وحفظاً للعهد واحتراماً، ويكون بين الزوج وأب البنت خاصة علاقة سامية من التكريم والحفاوة والتقدير.
وفي هذا الزمن، وبينما وسائل الإعلام مشغولة بتوجيه علاقة الزوجة بأم زوجها، نجد غفلة عن توجيه الزوج لقيم مثلى في التعامل مع أهل زوجته، ومساعدة الزوجة كذلك في بناء وشائج وطيدة من الاحترام والودّ بين زوجها ووالدها على الأخص.
تنتظر كثير من الزوجات، أن تكون الصلة بين زوجها ووالدها كما هي بينها وبين أم زوجها، وهذا فيه مبالغة؛ إذ الظروف والعلاقات الاجتماعية تضطر الرجل إلى شيء من الرسمية في علاقته بأصهاره، وهذا عكس علاقة الزوجة بأهل زوجها، فإن(5/245)
صلتهم الدائمة والتقارب معهم والقيام بحقوقهم من حق الزوج عليها، وحقه أعظم بلا شك، كما أن المتعارف عليه هو أن الزواج دخول المرأة في حياة عائلة جديدة وعدّها عضواً منهم، وليس انتقال الرجل إلى أهل زوجته!
ورغم ذلك، فإن الحساسية الزائدة والجفاف والرسمية بين الزوج والأب يصيب الزوجة بالضيق والتوتر، والزواج في الأصل – كما ذكرنا بدءاً – كان عبر التاريخ سبباً للود والقرب والاحترام، وحفظ العهود والمواثيق.
وحين تجدب أرض هذه العلاقة، فإن المسؤولية تقع على الأطراف الثلاثة – الزوجة والزوج والأب - ؛ لإصلاح الحال، وتوسيع المجرى بينهما لمياه جارية بالقوة والحياة..
فيا أيها الأب..
إن زوج ابنتك ابن لك، وهو حين أمسك بيد صغيرتك ليشقّا معاً درب الحياة صار بيتاً ممتداً لبيتك، وصغارهما صغار لك، ولا تنقطع -كونه غريباً- صلتك بتلك الأسرة الفتية، بل إن ابنتك وصهرك الآن بحاجة إليك أكثر من ذي قبل، بحاجة إلى نصحك ودعواتك ومودّتك.
ولتعلم أن إكرامك لصهرك، هو إعلاء لقدر ابنتك عنده وعند أهله، وهو احترام للعلاقة الزوجية المباركة بينهما، كما أنه عرف اجتماعي محمود ومكرمة طيبة.
فلترحّب بمقدمه، ولتثنِ على خصاله الحميدة، ولتحرصْ على دعوته في مناسباتكم العائلية وإشراكه ببعض الأمور التي لا بأس بها، وسؤاله عن أحواله وأحوال أسرته، وإحساسه بمزيد من التقدير والمكانة السامية.
ويا أيها الزوج..
ليس سهلا على الأب أن يصبح فيرى ابنته غدت في عصمة رجل آخر، تحبه وتهتم به وتحرص على رضاه وطاعته، بل ربما يمكث دهراً لا يعرف ابنته إلا تلك الصغيرة المشاكسة التي لا تعرف حباً غير حب أبيها، ولا طاعة إلا له..
والنفوس أمرها عجيب، فهي تغدو طيّعة منجذبة للكلمة الطيبة والشعور الودود، فأظهر المزيد من الاحترام والتقدير لوالد زوجتك، واذكر خصالها الحميدة عند أبيها مثنياً على حسن تربيته وقوامته.
كما أن الذين هم أكبر سناً وأعمق خبرة، يحبون من يستفيد من تجاربهم ونصائحهم، فاسأله مشورته، وأظهر له الإعجاب برأيه وحنكته، صادقاً بذلك، فكم سيكون لذلك الأثر في إذابة الجليد بينكما.
واحرص على القيام بالحقوق تجاهه، كالسلام عليه والسؤال عن صحته، وزيارته ودعوته إلى منزلك، وإهدائه في المناسبات، فإن لذلك أكبر الأثر في علاقة طيبة عابقة بالاحترام والتقدير.
هل تصدقون أن من أزواج البنات، من لا يرى حماه شهرين وثلاثة، ومن لا يدخل منزله إلا مرة كل سنة، ومن ينزل زوجته في منزل أهلها في الأسبوع مرتين وثلاث، فلا يفكر في السلام على أبيها، بل ربما اكتفى برفع اليد من بعيد من داخل السيارة!! فعلام كل هذا الجفاء!
ويا أيتها الزوجة..(5/246)
دورك مشترك ومهمتك مزدوجة، وآثار هذا العلاقة الطيبة ستجدينها أنت أولاً في حياتك استقراراً وراحة، وبهجة وسروراً، كما أن لكل واحد حقاً عظيماً عليك.
إننا نستطيع فعل الكثير بالكلمة الطيبة وحسن العشرة، ونحن صادقون؛ فيمكن أن تذكري لزوجك في لحظات صفاء، كيف أن والدك يحب زوجك ويعتز بمصاهرته، ويعجب بكفاحه في الحياة وقوة شخصيته وجميل سَمْته، ولهذا اختاره وسلّمه ابنته أمانة لديه، ليكون رفيقاً لها وأباً لأبنائها، وصهراً لعائلته وقريباً منه، وهذا كله ما حصل حقاً.. أليس كذلك؟!
كما يمكن أن تحدّثي والدك كثيراً عن حسن اختياره لزوجك، وسعادتك وتوفيقك معه، لخصاله الطيبة ونفسه السامية، وأنه يعتز بمصاهرته لكم وقربه منكم، وبرهني على ذلك باختيار زوجك لأبيك بالذات، ليختار من بيته رفيقة دربه وحافظة بيته وأم أبنائه، وقد وجده -ولله الحمد- نعم الاختيار..
لا تدخلي والدك في مشاكلك مع زوجك أبداً، فربما كان حبك والدك لك سبباً للتهور والاندفاع، وحدوث مشادّات لا تُحمد عقباها.
ومن ناحية أخرى، احفظي أسرار والدك وشؤون أهلك الخاصة، فلا تذيعي كل شيء على مسامع زوجك، فقد يجد في مشاكلكم وأسراركم جوانب مظلمة تدعوه إلى النفور والجفاء عن أهلك.
وبين فينة وأخرى، وبذكاء الزوجات المعهود، ذكري زوجك بالسلام على صاحب الحق أبيك، ودعوته إلى منزلكما وإكرامه، وتجاذب أطراف الحديث معه، في جلسة ودودة لا تشوبها مجاملات جافة، ولا تميتها رسميات متوترة..
حفظ الله كل بيت قائم على طاعة الله، وكتب له السعادة والتوفيق والهناء..
ـــــــــــــــــــ
معركةُ الحجاب لمن ؟!
د. أسامة الأحمد
" إلى المؤمنات العفيفات الصابرات في فرنسة "
بعزيزِ إيماني أصونُُ حجابي وأصونُ عرضي في حِمى جلبابي
كذب الذين يتاجرون بقصّتي كذبوا وكانوا مثل زيفِ سرابِ
تجريرَهمْ أبصرتُ لا تحريرَهم قد خابَ مَن قد سار خلف غرابِ
لا لن أكونَ كما أرادوا سلعةً ضاعت بسوق نخاسةٍ وبغابِ
لا لن أحيدَ عن الحجاب وطهرهِ رغم الذئاب ورغم نبحِ كلابِ
ثار البغاةُ وكشّروا أنيابهم وغداً نحطّمُ صورةَ الأنيابِ
يعوي العبيدُ على صدى أسيادهمْ وعواؤُهم ما ضرَّ سيْرَ سحابي
أنا لستُ وحدي في قرار تحجّبي خلفي كثيرٌ يقتفينَ مَتابي
فمعي النساءُ السائراتُ على الهدى ومعي الحياءُ وفطرتي وكتابي
سأظلُّ أرقى للسماوات العُلا وأظلُّ أحيا في هدى المحرابِ
المصدر : http://www.islamselect.com
ـــــــــــــــــــ
رسالة نصح وعتاب إلى كل فتاة تتهاون بالحجاب(5/247)
محمد مصطفى عبد الله الخطيب
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه. وبعد:
فإن غيرة المسلم على أخته المسلمة لا تقل شأناً عن غيرته على عرضه ومحارمه إنطلاقاً من تعاليم ديننا الحنيف.. وليست هذه الغيرة من باب الفضول، وإنما هي جانب إيجابي في قلب كل مؤمن عرف برسوخ العقيدة وصدق اليقين.
وهذه الرسالة هي من باب الغيرة على المرأة المسلمة خشية أن تضل سواء السبيل أو ينزغ الشيطان بينها وبين عقيدتها فتحاول أن تجد لنفسها عذراً يبرر سفورها وتهاونها بحجابها وإبداء بعض مفاتنها بدعوى مسايرة العصر أو التحرر مما أسمته قيوداً في الوقت الذي تعتبر هذه القيود دروع حصانة للمرأة المسلمة تحفظها من كل أذى.
وعلى كل فتاة مسلمة أن تعلم أن وجهها الحسن وقوامها الرشيق وشعرها الجميل وغير هذا، كل ذلك نعمٌ عظيمة من لدن رب كريم خلق الإنسان ذكراً وأنثى في أحسن تقويم... وقد نهى الله - عز وجل - عن إبداء الزينة وإظهارها للناس، إلا للأزواج والمحارم حيث قال: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ... الآية [النور: 31].
ويعتبر الإفراط في هذه الزينة والتفريط بها بحيث يراها مَنْ لا يحقُّ له رؤيتها كفراناً بهذه النعم وخروجاً عن جادة الصواب.
وثمة أمر مشين إذا وُزن بميزان الشرع وهو شفافية العباءة وكيفية لبسها وزركشة غطاء الرأس وكيفية وضعه بحيث تبدو العباءة والغطاء في هذه الحالة مصدر فتنة وإغراء بدلاً من ستر الجسم والشعر بما يكف أعين الناظرين من شياطين الإنس.
وصدق من قال:
وعباءةٍ شفافةٍ قد صَوَّرَتْ *** جسمَ الفتاة بقالب الإغراءِ
وغطاءُ شعر الرأس ليس بساتر*** فكلاهما وزرُ بلا استثناءِ
والضابط الشَّرْعي لذلك كلّه *** صدق العقيدة مُفْعَمٌ بحياءِ
ولو أن الفتاة المتبرجة التي لا تقيم للحجاب الشرعي وزناً فكرت في فوائد الحجاب وأهميته تفكيراً سليماً بعيداً عن نوازع النفس ووساوس الشيطان لعلمت بادئ ذي بدء أن الله - سبحانه - الذي خلق الذكر والأنثى هو أعلم بما يصلح حالهما، ولو لم يكن في الحجاب فوائد للمرأة ما فرضه الله - سبحانه -، وليس بوسعي أن أحصي فوائد الحجاب عدداً لأقدمها هدية لكل فتاة تتهاون بالحجاب محتسباً عند الله - عز وجل - الأجر والثواب، ولكن أوضح لها أهمها وهي:
1 الحجاب ستر للمرأة من أعين الحاسدين وخصوصاً إذا وهبها الله جمالاً في وجهها وقوامها وشعرها، وصدق الله العظيم حيث أمرنا أن نستعيذ من الحاسد ذكراً كان أو أنثى فقال: وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ [الفلق: 5].
2 الحجاب عون للمرأة على تنفيذ أمر ربها حيث نهاها عن إبداء زينتها إلا لبعلها أو محارمها فقال: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ... الآية [النور: 31].
3 الحجاب تكريم للمرأة بحيث لا يراها إلا من استحل نكاحها بكلمة الله، فهي ليست بضاعة مبتذلة للناظرين.(5/248)
4 الحجاب سمو بالمرأة إلى مراتب الحور العين من حيث الصفات، حيث قال - تعالى - في وصفهن: فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَم يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ [الرحمن: 56].
وقد جاء في تفسير هذه الآية: أنهن يقصرن طروفهن على أزواجهن فلا يطمحن إلى غيرهم. والعيون تتفاوت من حيث قوة التأثير، وهي مصدر فتنة وإغراء، والحجاب حاجز دون ذلك.
ومن المعلوم أن العين ترسل سهاماً غير مرئية تنفذ إلى القلب فتحرك فيه كوامن الشهوة الخفية حيث يندفع صاحبها وراء صاحبة تلك العين أو ينشغل باله وتفكيره بها، وهنا تظهر الحكمة والله أعلم في أمر الله - عز وجل - بغض البصر للمؤمنين والمؤمنات.
ورجعة أخرى إلى الحور العين قاصرات الطرف لعل نساء اليوم يكنّ مثل أولئك الحور؛ لأن المرأة مظنة الشهوة وهي التي ترمي الرجل بسهام نظرتها، ولو قصرت طرفها وبقيت نظرة الرجل وحده فلا يؤثر ذلك شيئاً لوجود خط واحد حيث لا تحدث الشرارة إلا بالسالب والموجب، والذي يساعد أخواتنا وبنات جلدتنا نساء اليوم في أن يكن قاصرات الطرف هو الحياء الذي هو شعبة من شعب الإيمان، والحجاب عون لها على ذلك.
ونحن بهذا لا نبرئ الرجل من الآثار السلبية لنظراته المتعددة، ونأمره بما أمر الله - عز وجل - به المؤمنين بقوله: قُل لِلْمُؤمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُواْ فُرُوُجَهُمْ [النور: 30].
ولكن أكثر الرجال يلقون باللائمة على المرأة التي تبرجت وأظهرت زينتها وتنازلت عن حيائها.
وإنني أسأل الله أن يهديها سواء السبيل لكي تلتزم بالحجاب الشرعي بعد أن عرفت فوائده، وأن تصون عفافها بهذا الحجاب، وأن تتوب إلى الله عما سلف، وصدق الله العظيم حيث قال: وَإِنِّى لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى [طه: 82].
كما آمل أن تتقبل مني هذه الأبيات الشعرية التي تحوي مزيداً من فوائد الحجاب الشرعي:
إن الحجاب مزيَّةٌ وحصانةٌ *** تزدانُ فيه المؤمناتُ من النساء
وأراه درعَ وقايةٍ لنسائنا *** من أسهْمِ الفُسَّاق أربابِ البغاء
صوني جمالَك بالحجاب فإنه *** نوعٌ من التقوى ورمزٌ للحياء
وعليك بالتقوى فإن لباسَها *** سترٌ وإن دثارَها خير غِطاء
5 الحجاب حصن حصين للمرأة عن ذئاب البشر من الرجال الذين يتصيدون عورات أخواتهم المسلمات، وهو صفعة في وجه الرجل الفاسق الذي يحاول اختلاس النظرات لمعرفة جمال صاحبة الحجاب ليوقع بها في شباكه وينال من عفافها وشرفها، وهو ستر للعين التي تنطلق منها سهام النظرة الموصوفة بالسهم كما ورد في الخبر: (النظر سهم من سهام إبليس مسموم).
6 وهو أيضاً أشبه بسحابة سوداء مظلمة فيها الخير والمطر، فإذا انقشعت فلا خير ولا مطر.(5/249)
7 والحجاب يعطي صاحبته حرية الابتسامة إذا دعتها الحاجة إليها أثناء حديثها مع امرأة أخرى، ويحجب تلك الابتسامة عن أنظار الآخرين.
8 وهو ترجمان للناظرين ينبئهم عن حقيقة صاحبة الحجاب أنها عفيفة طاهرة نزيهة.
9 وهو يدرأ عن صاحبته الفتنة والوقوع في شباك الشياطين والتعثر في مهاوي الزلل.
10 وهو ساتر للزينة المصطنعة التي تضعها بعض النساء من مكياج ومساحيق، كما أنه وسيلة دفاع عن حق الرجل في زوجته، فلا يشاركه رؤية زينتها أحدٌ من غير المحارم.
11 وهو أشبه بباب موصد لا يجرؤ أحدٌ أن يقتحمه لاسيما وقد أسدل طاعة لرب العالمين القائل: يَأَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ المُؤمِنِينَ يُدنِينَ عَلَيهِنَّ مِن جَلابيِبِهنَّ ذّلِكَ أَدنَى أَن يُعرَفنَ فَلا يُؤذَينَ وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَّحِيماً [الأحزاب: 59].
12 والحجاب حاجز للمرأة المصونة التي أخطأت كما أخطأ زوجها وأذن لها أن تركب مع السائق لقضاء بعض الحاجات.
13 والحجاب أمر شرعي لا خيار للمرأة في رفضه، ولا يحقُّ للرجل أن يأمرها بنزعه، ولا يحق لها طاعته في ذلك حيث { لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق } [رواه أحمد والحاكم].
14 وهو ثورة على الواقع المؤسف في حياة بعض الشعوب التي تدعي الإسلام، وتنادي بتحرير المرأة حسب زعمهم لتخرج سافرة أو كاسية عارية..
قال: { صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات، رءوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها... } [رواه مسلم].
15 والحجاب بريء من البرقع والنقاب؛ لأنهما لا يستران العينين، ومعلوم أن العيون تتفاوت من حيث الجمال وقوة التأثير ولكنهما بشكل عام مصدر فتنة وإغراء، لذلك وصف الله الحور العين في الجنة بقوله: فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرفِ والفتاة التي خلعت الحجاب عندما تنظر للرجل فإن نظراتها ترسل سهاماً غير مرئية تنفذ إلى القلب، وتحرك كوامن الشهوة فيندفع وراء صاحبة تلك النظرة. والمرأة مثل الرجل تتأثر بنظرته إليها، والشرارة لا تحدث إلا من سالب وموجب.
16 والحجاب كلمة عذبة تسرّ السامعين من المؤمنين والمؤمنات؛ لأنه حماية للمرأة وحفظ لها، ودليل على حشمتها وعفافها، وهو أيضاً جمال وأمان والتزام بأوامر الشرع الحنيف قال - تعالى -: ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ [الجاثية: 18].
وبعد ما تقدم ذكره أسأل الله - عز وجل - أن يهدي كل فتاة تتهاون بالحجاب إلى سواء الصراط، وأن تحصل لديها القناعة بالحجاب؛ لأنه نوع من ألبسة التقوى، والله يقول: وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيرٌ [الأعراف: 26].
وفي نهاية المطاف أهدي كل فتاة تتظاهر بالحجاب هذه الأبيات الشعرية لعل فيها تذكرة وعبرة:
أوَّاهُ يا بنتَ الكرام تمهَّلي *** ما لي أراك بفتنة وتَجَمُّلِ(5/250)
النظرةُ الأولى بحقٍّ ترجمتْ *** وصفًّا يندّدُ بالسفور المُخجلِ
هذي العباءةُ من حريرٍ ناعمٍ *** أضفتْ على الكتفين بعض ترهّلِ
كذبٌ وزورٌ أن تُسمى عباءة *** والجسمُ للرائينَ يبدو وينجلِ
وغطاءُ رأسك فاتنٌ ومزركشٌ *** ينسابُ فوق الشعرِ دون تسدُّلِ
هذا الجمالُ بضاعةٌ معروضةٌ *** ومآلُها نحو الكسادِ المُذهلِ
إن الشباب وإن تفاوت طيشهُمْ *** يتريَّثون لزوجة المستقبلِ
والأكثرونَ يحددون صفاتِها *** ديناً وأخلاقاً وصدْق تبتُّلِ
صوني عفافَك بالحجابِ حقيقة *** واستغفري عما مضى وتوسّلِ
ولباسُ تقوى الله أغلى ثمناً *** من كلّ أنواع الجواهر والحُلي
وفي الختام أسأل الله - سبحانه - أن ينير بصيرتك لرؤية الحق والالتزام بالحجاب الشرعي طاعةً لله - عز وجل - وامتثالاً لأمره - سبحانه - حيث قال: يَا أَيُّهَا اْلنَّبِيُّ قُل لأّزوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ المُؤمِنِينَ يُدنِينَ عَلَيهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدنَى أَن يُعرَفنَ فَلا يُؤذّينَ وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَّحِيماً [الأحزاب: 59].
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
http://www.kalemat.org المصدر:
ـــــــــــــــــــ
تمسكن به تسلمن
لم يفرض علينا الإسلام أمر إلا كان له حكمة نجهلها ومن أعظم ما أمرنا به ديننا الحنيف هو الحجاب إذ أنه فريضة على كل مسلمة.. والأدلة على ذلك كثيرة لا يمكن حصرها..
قال - تعالى -: (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها)
وقال - تعالى -: (وليضربن بخمرهن على جيوبهن).
وقال - تعالى -: (وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى).
فقد جعل الله - تعالى - التزام الحجاب عنوان العفة فقال - تعالى -: (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المسلمين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن) لتسترهن بأنهن عفائف مصونات.
والحجاب طهارة قال - تعالى - (وإذا سألتموهن متاعاً فسألوهن من ورآء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن) فوصف - سبحانه - الحجاب بأنه طهارة لقلوب المؤمنين والمؤمنات؛ لأن العين إذا لم تر لم يشتهي القلب.
والحجاب ستر قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الله - تعالى - حيى ستير يحب الحياء والستر.
والحجاب تقوى قال - تعالى -: (يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوءاتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير).
والحجاب أيمان والله - سبحانه وتعالى - لم يخاطب بالحجاب إلا المؤمنات فقد قال - سبحانه -: (وقل للمؤمنات).(5/251)
والحجاب حياء قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (إن لكل دين خلقا وخلق الإسلام الحياء).
والحجاب غيرة فيتناسب الحجاب أيضا مع الغيرة التي جبل عليها الرجل السوي الذي يأنف أن تمتد النظرات الخائنة إلى زوجته وبناته.
بعض من قبائح التبرج:-
1- معصية لله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -.
2- التبرج كبيرة مهلكة.
3- التبرج يجلب اللعن والطرد من رحمة الله.
4- التبرج من صفات أهل النار.
الشروط الواجب توافرها مجتمعة حتى يكون الحجاب شرعيا:-
1- ستر جميع بدن المراة على الراجح.
2- أن لا يكون الحجاب في نفسه زينة.
3- أن يكون صفيقا ثخينا لا يشف.
4- أن يكون فضفاضا واسعا غير ضيق.
5- أن لا يكون مبخرا مطيبا.
6- أن لا يشبه ملابس الرجال.
7- أن لا يشبه ملابس الكافرات.
8- أن لا تقصد به الشهرة بين الناس.
وفي الختام أتمنى لجميع المسلمات أن يتقيدن بالحجاب
والله من وراء القصد.
http://www.lakii.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ
النقاب النقاب
عبد الرحمن الوهيبي
الحمد لله وبعد: بالرغم من وضوح أمر النقاب والبرقع وحكم لبسه بأشكاله المختلفة التي تفننت في صناعتها أيد فاجرة ماكرة، أو متاجرة جاهلة ما أرادت بنسائنا الخير ولا لهن الستر، كما تفننت في لبسها نساءٌ لا يخفى عليهن ما في لباسها من فتنة للرجال، وتعرض للإيذاء وفتح باب شر على المجتمع، إلا أن ذلك كله لم يمنع كثير من النساء من متابعة هذه الموضة أو الإصرار عليها لأن من لبسن النقاب والبرقع لم يسألن أصلاً عن حكم لبسه بتلك الأشكال ولم يفكرن جيداً في فساده وأضراره على لابسته وعلى الرجال أيضاً، بل اعتبرن وجوده في الأسواق ولبس الجاهلات له فرصة لا تعوّض للتخلص من الحجاب الكامل (غطاء الوجه).
وكان الواجب على المسلمة أن تسأل عن حكم ما يستجد من أمور لم تكن معروفة في مجتمعها سواءُ ما يتعلق بالعقائد أو المعاملات أو العبادات ومنها (الحجاب والنقاب والبرقع) وأن تستدل (تطلب الدليل) على لباسها هذا قبل أن تقتنع بأنه حق للمرأة، وقبل أن تعتبر تواجده وانتشاره مبرراً كافياً ودليلاً شرعياً على جواز لبسه بتلك الأشكال المختلفة.(5/252)
يقول فضيلة الشيخ/ محمد بن عثيمين عضو هيئة كبار العلماء في كتابة (الحجاب): (قال العلماء، وينبغي أن يستدل قبل أن يعتقد ليكون اعتقاده تابعاً للدليل لا متبوعاً؛ لأنه من اعتقد قبل أن يستدل قد يحمله اعتقاده على رد النصوص المخالفة لاعتقاده أو تحريفها إذا لم يمكنة ردّها) إلخ.
لذا أصبح ذلك النقاب ينتشر بين الصالحات العاقلات فضلاً عن الغافلات السفيهات، وبين نساء العقلاء المحافظين على نسائهم فضلاً عن نساء الجهال المفرّطين في ولايتهم، وبين بعض من يُسمين (بنات الحمايل) فضلاً عَمّن دونهن. وللعلم فلم يعد الناس عموماً ولا النساء خصوصاً يحسبون حساباً لكون أحدهم من آل فلان أو هذه بنت فلان، فالنساء إما مسلمة محتشمة معتزة بحجابها، أو أخرى ساذجة مقلّدة مستجيبة لكل موضة جديدة!!
فهذه أم فلان تقبع خلف السائق بنقابها!! تلتفت يمينة ويسرة عند الإشارات وغيرها وكأنها تقول: انظروا إلى عينيّ! عبر نقابي الجميل، لقد ولّى زمن الانقياد لأوامر الشرع والوقوف عند حدود الله، وسؤال أهل العلم (العلماء) عن شروط الحجاب وحكم النقاب العصري فضلاً عن الالتزام بفتاواهم فنحن في زمن الموضة التي خفّفت عنا كثيراً من الأوامر الربانية والتكاليف الشرعية!؟
وكأني بذلك السائق (الذي يخلو مما في الرجال من غرائز!؟) المؤتمن على هؤلاء النسوة اللاتي انشغل أزواجهن أو إخوانهن في مشاريعهم ومؤسساتها وتجاراتهم عن الذهاب بهن للسوق أو المستوصف أو الجامعة أو المدرسة - كأني بذلك السائق - يقول وهو ينظر لتلك العينين: أما لنا حَقٌ في التمتع بعيون محارم الكفيل!؟ فأقول: بلى.. لقد هيأ لك هو ذلك! بسماحه لها بالركوب معك بتلك الهيئة، وسهّلت هي مهمتك بالنظر إليك!! لحاجة ولغير حاجة ومخاطبتك وعيناها في عينيك، فالشعور متبادل غالباً! فمن ينكر ذلك وهل من شهم يغار.
ذهب الرجال المُقتدى بفعالهم *** والمنكرون لكل أمر منكر
وبقيتُ في خلف يُزكّي بعضُهم *** بعضاً ليدفع معورّ عن معورِ
فطنّ لكل مصيبة في ماله *** وإذا أصيب بعرضه لا يشعر
وهذه بنت فلان (المعروف بغيرته) بجواره أو خلفه وقد أظهرت عينيها من خلال نقابها الفاتن لتنهشها العيون الجائعة التي لم تكن تحلم - قبل زمن النقاب العصري - برؤية عين واحدة من عيون العفيفات فضلاً عن عينين مكحّلتين! ولم تكُن تُصدّق أنها ستظفر بتخفيف ما فوق العينين من خمار فضلاً عن إبعاده تماماً إلى غير رجعه!! (إلا أن يشاء الله).
وهذه زوجة فلان (المعروف بحيائه ومحافظة أهله على الستر) تجلس بجواره في السيارة أو تمشي معه في السوق بنقابها الواسع وعيون المارة (شباباً وشيباً) تحدّق بها وهو ينظر ويرى العيون متّجهةً صوب زوجتة فلا يحرّك ساكناً ولا يمنع ناظراً! وهنا أشك في رضاه بذلك؛ لأن الغيرة مما فُطر عليها الرجل.. ويبقى الاحتمال الثاني وهو مجاملته لها أو عجزه عن منعها، أو جهله بمعنى القوامة وانفلات زمامها من يده ولو أراد عدم إيذائها بنظرات الذئاب البشرية والكلاب الإنسية لألزمها بقول الله -(5/253)
تعالى -: "يَأَيّهَا النّبِىُ قُل لأزواجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ المُؤمِنينَ يُدنِينَ عَلَيهِنَ مِن جَلابِيبِهِنَ ذَلِكَ أدنَى أن يُعرَفنَ فَلايُؤذَينَ وَكَانَ اللّه غَفُوراً رَحِيماً" [الأحزاب:59].
وحق هؤلاء الأزواج علينا أن ندعو لهم فنقول: اللهم زد إيمانهم وحرّك دماء الغيرة في قلوبهم وأعنهم على ستر نسائهم وأصلح نساءنا ونساءهم وحبّب إليهن الستر والحشمة.
فيا أيها الرجال: ها هي الفتاوى بين أيديكم ومن آخرها فتوى فضيلة الشيخ/ صالح بن فوزان الفوزان المرفق معها (8) نماذج للنقاب والبرقع، تلك الفتوى التي تبين لكم ولنسائكم عدم جواز لبس تلك الأشكال من النقاب والبرقع، وتوجب عليكم منع نسائكم من لبسها، وتحرم بيعها والمتاجرة بها.. فماذا أنتم قائلون.. وماذا أنتم فاعلون.. حفظكم الله وزادكم علماً وهدىً وتوفيقاً..
فقد عُرضت بعض الأشكال لأنواع النقاب والبراقع على فضيلة الشيخ/ صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء وسُئل عنها فكانت الإجابة التالية:
فقد سبق أن أجبت غير مرة بتحريم لبس المرأة للنقاب المتعارف عليه اليوم بين النساء بجميع أشكاله، لأنه تحول من الحجاب الشرعي إلى حجاب شكلي، فهو تدرج للسفور، وربما يكون مغرياً بالنظر للمرأة والافتتان بها، وإذا كان كذلك فلا يجوز إقرار النساء على لبسة ولا يجوز بيعة وتداولة.
وقد أُعلن في بعض الصحف أن وزارة التجارة منعت من صناعته وبيعه في الأسواق بناء على فتوى اللجنة الدائمة للإفتاء. وهذا إجراء سليم نسأل الله أن يُحقُقه ويتمُه ليستريح المسلمون من هذه الفتنة وأضرارها.
وفق الله ولاة أمورنا لما فيه خير الأمة وصالحها وفلاحها، والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه... والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أخوكم صالح بن فوزان الفوزان.
ولأهمية الأمر فقد أرفقت هذه النماذج من أنواع النقاب والبراقع التي انتشرت في الأسواق والتي تلبسها النساء وسُئل عنها فضيلة الشيخ/ عبدالله بن عبد الرحمن الجبرين مجموعة من الأسئلة فكانت الإجابات التالية:
هذه من المحدثات في الألبسة:
السؤال: ما حكم لبس هذا الأشكال وسبب ذلك؟
الجواب:هذه النماذج من المحدثات في الأزياء والألبسة التي تجددت وكثر من يتعاطاها من النساء إما تقليداً لبعض الجاهلات بالأحكام، وإما إظهاراً لشعار جديد وموضة طارئة فلذلك مُنع لبسها وذلك لأنها تلفت الأنظار وتثير الانتباه وفيها فتنة حيث تبدو من المرأة العينان والوجنتان والحاجبان والأنف والأجفان والأهداب مع أن إحداهن قد تكتحل وتسوّد حاجبيها حتى تكون محل تكرار النظر وذلك من أسباب الفتنة...
أرى منع المتاجرة بها لهذه الأسباب:
السؤال: حكم بيع تلك النماذج من البراقع والنقاب والمتاجرة بها؟(5/254)
الجواب: أرى منع إصلاحها والمتاجرة فيها؛ لأن ذلك من إشاعة المنكر والتمكين من إظهاره، ومن التعاون على الإثم والعدوان.
إنه آثم قلبه:
السؤال: هل يأثم ولي المرأة إذا أمرها أو سمح لها بلبس أحد هذه الأنواع؟
الجواب: لا شك إن تساهل مع موليته ورخّص لها في هذه الألبسة ومكّنها من الخروج إلى الأسواق فإنه آثم قلبه وقد يدخل فيمن يقر المنكر أو يسبب وجوده في محارمه.
غيرتهم على محارمهم... تدفعهم لذلك:
السؤال: ما نصيحتكم لأولياء أمور النساء اللاتي تفنَنّ في لبس ما يفتن الرجال كهذه الأنواع المرفقة وغيرها مما يجلب انتباه الرجال؟
الجواب: أنصح أولياء الأمور بأن يغاروا على محارمهم وتحملهم الغيرة على أن يحجبوا مولياتهم ويمنعوهن من هذا اللباس الذي تفتن فيه الكثير من نساء المسلمين وأصبحت موضع الخوض في المجالس ونتج عن ذلك مفاسد وارتكاب فواحش، فعلى ولي أمر المرأة أن لا يتمادى معها في طلباتها التي توقع في الفتنة ولو كان ذا ثقة منها ولو عُرفت بالتحفّظ والاحتشام، لكثرة المفسدين والعابثين بالأعراض.
المتسترة تحفظ نفسها:
السؤال: كثير من النساء تلبس تلك الأشكال تقليداً أو تخففاً من غطاء الوجه فما نصيحتكم لهن لا سيما وفيهن خير كثير؟
الجواب: ننصح الأخوات المسلمات عن هذا التقليد الأعمى الذي يوقع في محاكاة المتبرجات السفيهات، فعلى المرأة الصالحة أن تترفع عن هذا التقليد ولو تعللت بأنة تخفيف لغطاء الوجه، فإن المرأة متى خرجت في المجتمعات وهي محتشمة متسترة لم تمتد إليها الأنظار وعُرفت بنزاهتها فحفظت نفسها، أما إن ظهرت بهذا المظهر الفاتن فإنها لا تأمن أن تفتن بعض الناس.
لبس هذا النقاب تحصل به الفتنة:
السؤال: ما نصيحتكم لمن تزعم أن لبس أحد تلك الأنواع أخف ضرراً من كشف الوجه كاملاً أو ترقيق الحجاب!؟
الجواب: قد علم أن كشف المرأة وجهها أمام الرجال مُحرّم وكذا تخفيف الغطاء عليه وأنه إظهار للزينة التي أمر الله بسترها إلا عن المحارم بقوله - تعالى -: "وَلاَ يُبدِينَ زِينَتَهُنَ إلاّ لِبُعُولَتِهِنَ" [النور:341]. ومع ذلك فإن لبس هذا النقاب يحصل به من الفتنة ما الله به عليم، فننصح الأخوات المتعففات أن يبعدن عن أسباب الفتنة ومنها هذه الأنواع من النقاب حيث إن وجه المرأة عورة وكذا عيناها وما اتصل بهما، وعلى المسلمة أن لا تتعلل بهذه التعليلات التي توقعها في التقليد الأعمى، وأن تتمسك بما عليه النساء المؤمنات من الصحابة ومن بعدهم.
خير لها أن لا ترى الرجال ولا يروها:
السؤال: لقد بات من المشاهد أن ذوات النقاب يُتابعن الرجال والشباب بعيونهن في الأسواق وعند الإشارات، لأنهنّ يرينهم بوضوح بعد لبسهن لتلك الأنواع من النقابات والبرقع.. فهل من نصيحة لهن حتى لا يفتتنّ (هُنّ) بالرجال؟(5/255)
الجواب: قد أمر الله النساء بغض البصر في قوله - تعالى -: "وَقُل لِّلمُؤمِنَاتِ يَغَُضضنَ مِن أَبصَرِهِنّ وَيَحفَظنَ فُرُوجَهُنّ" [النور:31].
وذلك لأن المرأة ضعيفة الصبر وقد ركّب الله فيها شهوة كالرجل، فمتى تابعت نظرها للرجال وحدّقت في الوجوه لم تأمن أن يعلق بقلبها شيء من الشهوة التي تميل بها إلى اقتراف الفاحشة، فلذلك نقول ستر المرأة لوجهها وتغطيتها لعينها من تمام تعفّفها وحفظها لنفسها وبُعدها عن النظر إلى الأجانب، فإن خير ما للمرأة أن لا ترى الرجال ولا يراها الرجال.
ارجعن إلى ما كانت عليه المرأة المسلمة:
السؤال: نرجو تذكير النساء اللاتي استبدلن غطاء الوجه بهذه الأنواع من النقاب العصري الفاتن؟
الجواب: نذكّر الأخوات المسلمات أن يرجعن إلى ما كانت عليه المرأة المسلمة من عهد الصحابيات إلى العهد القريب بما عليه أمهاتهن وجداتهن من ستر الوجه كاملاً وعدم إبداء شيء من الزينة، فقد قال - تعالى -: "وَليضَرِبنَ بِخُمُرِهِنّ عَلَى جُيُوبِهِنّ" [النور:31].
فالخمار يوضع على الرأس ثم تدليه على وجهها حتى يستر جيبها، مع أن فتنة الجيب أخف من فتنة الوجه.
على التجار أن يتورعوا عن بيع واستيراد هذه الأنواع من النقاب:
السؤال: ما نصيحتكم لمن ساهم بانتشار تلك الأنواع، والتوسّع في بيعها من التجار وغيرهم بحجة أن النساء يقبلن عليها بكثرة؟
الجواب: نصيحتنا للتجار أن يتورعوا عن بيع هذه الأكسية وعن استيرادها وعن التعامل مع مَن يصلحها ولو كان فيها ربح وفوائد كثيرة ولو أقبل عليها الكثير من النساء؛ فإن ذلك من إشاعة المنكر ومن التعاون على الإثم والعدوان، ليقتصروا على بيع المباح الحلال ولو كان ربحه قليلاً، ففي الحلال القليل خير كثير، ومن ترك شيئاً لله - تعالى - عوضه الله خيراً منه.
الشيخ/ عبدالله بن عبد الرحمن الجبرين.
والله أعلم وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
http://www.kalemat.org المصدر:
ـــــــــــــــــــ
الفتاة المسلمة وصراع الهوية في البلدان الغربية
لعل من المشاكل الصعبة التي تواجه الفتيات في المهجر مسألة الحفاظ على الهوية الإسلامية والحفاظ على الزي الإسلامي المفروض على الفتاة المسلمة حينما تصل الى سن التكليف.
ورغم أن ظروف المهجر متفاوتة من بلد لآخر وقوانينه وأفكار أهله حول الإسلام تتباين ولكن هناك خطأ يكاد يجمع الكثير من البلاد في نظرتها المتخلفة للحجاب الإسلامي والذي برز كأحد أهم مشاكل الفتيات المسلمات في الغرب خاصة بعد إصدار القوانين الجائرة بمنع المحجبات المسلمات من الدراسة والعمل بالإضافة إلى حالات كثيرة من الإهانات المتواصلة للفتيات المحجبات الأمر الذي يؤثر على نفسية(5/256)
الفتاة ويجعلها تفكر في التخلص من هذه الحالة عبر مسايرة المجتمع في الزي الذي يرتديه.
وقد يبدو مذهلا وغريبا ومؤلما أيضا أن الحالة هذه تشمل فقط المحجبات المسلمات وتستثني الراهبات المسيحيات وقد أعلنت فرنسا أن من أسباب رفضها لحجاب المسلمات رغبتها في الحفاظ على هوية ثقافتها الفرنسية ولكن الغريب أن هذا (الحفاظ المنشود) لم يمس شريحة الهنديات المحافظات على الساري الهندي..
إن الله - عز وجل - خلق الإنسان حراً فيما يعتنق ويفكر ويلبس وقد أرسل الرسل والأنبياء كي يحددوا للأمم والأفراد برنامج صلاحهم الذاتي والاجتماعي العام ولما رسم الحجاب للفتاة المسلمة كوسيلة تعينها على التحرك الاجتماعي والثقافي بصورة سهلة ويسيرة ومحافظة بعيداً عن الإثارة والافتتان فإنه أراد بذلك أن يجعل انطلاقة الفتاة إلى حياة أكثر رحابة عبر فهم ووعي لمسؤولياتها الإنسانية المشتركة مع بني البشر، ولهذا فإن محاربة حجاب الفتاة المسلمة هو جزء من مخطط طويل الأمد في استئصال الهوية الإسلامية في الغرب وإزاء هذه الأحوال ماذا نقول لفتاتنا الحائرة إزاء الظروف الصعبة، إن قناعة الفرد بما يعمل تمنحه قوة للدفاع عن أفكاره ومعتقداته وكلما كانت القناعة بالحجاب الإسلامي وبعموم الأفكار الإسلامية كافية ووافية فإن هذا يشكل حصناً منيعا صعب الاختراق.
ودوما نحن نتذكر المسلمات الأوائل في صبرهن وجهادهن وثباتهن على العقيدة وهذه كلها روافد للقوة التي تؤهلنا للاستمرار في هذا الدرب الطويل.
http://www.lakii.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ
عودة حوار ساخن بين سافرة ومحجبة
إخواني في الله:
طلب مني أن أقول تجربتي واشرح شعوري كفتاة محجبة تحت موضوع "حوار ساخن بين سافرة ومحجبة"
وأسعدني هذه الفكرة
فلكم مني هذه التجربة...
تجربتي أنا شخصياً في هذا الموضوع
أنا فتاة الحمد الله ملتزمة حالياً لكني كنت في الماضي الحمد الله ملتزمة خليقاً وأخلاقاً ولكن لباسي كان سيئاً،كان في منظوري أنني مستحيل أن ألبس الحجاب قبل أن أتزوج وأهلي كانوا يقولون مستحيل عبير تتحجب لأنني فعلاً لم أكن أريد ذلك لنظري إلى مفاتن الدنيا ومغرياتها ولكن في سن معين ألبسوني أهلي الشالة يعني غطاء الرأس فقط ولم يكن يهتمون في باقي الحجاب، فاضطرت للموافقة ولكن كان باقي لبسي عادي بنطلونات وتنانير وما شابه ولكني أقسم لك أختي الكريمة أنني لم أكن مرتاحة نفسياً من نظرات الشباب ونظرتي أنا شخصياً لنفسي وكنت غير مقتنعة في غطاء رأسي وباقي جسدي مفصل دائماً أشعر بالخزي من نفسي وعندما أكون مارة من أمام أحد المحجبات أنظر إليها وفعلاً ابتسم وأشعر أنها ملاك أبتسم وأسرح(5/257)
بها وأشعر بأنها في قمة الجمال، وعندما أنظر إلى المتبرجة أو الغير محجبة أشعر بإنقاض في صدري.
حينها قلت في نفسي.
وأين أنت يا عبير من هؤلاء؟
بكيت كثيراً وأردت من الله المسامحة والغفران ولبست الحجاب والحمد الله..
أما بالنسبة لشعوري وأنا محجبة...
صدقيني يا أخيتي لا يوصف فأنا أشعر بجمال دائم..
أقسم لك نظرات الاحترام والتقدير من كلا الجنسين، أقسم لك أنني اشعر بنظراتهم تريد مغازلتي ولكن بصدق دائماً اسمع مقولة ما شاء الله عليك مع أنه لا يظهر مني غير وجهي وكفاي..
وأنا داخلياً أشعر بالصدق في قولهم؛ لأنني أنا نفسي أجد نفسي جداً جميلة أجالس فتيات وصديقات غاية في الجمال وغير محجبات ومع ذلك اشعر معهم بكل ثقة وأريد أن أقول أنا أجملكن..
نعم أنا الأجمل..
كنت أسمع في القديم أن الحجاب يجعل المرأة وكأنها سيدة كبيرة في السن ولا يعطيها سنها الحقيقي
تعقدت وقلت لا لن ألبسه ولكني تأكد أن كل هذا الكلام غير صحيح فتجربتي كانت العكس.
مستحيل أي شخص في الدنيا يعطيني سني الحقيقي، وسوف تضحكي علي أختي، أختي التي تصغرني بسبع سنين تلبس غطاء الرأس فقط ولكن عندما نكون في مكان واحد ونقابل أشخاص لأول مرة ويعلمون بأننا أخوات يسألوننا يبدو أنك أنت الأكبر.
فأقول لهم طبعاً:
فيردون علي ويقولون لا يبدوا من وجوهكم كذلك ولكن قلنا ذلك للبسك الحجاب..
وطبعاً ما أسعدني بما أسمع.
مع العلم أنني واجهت بعض المتاعب من بعض الأقارب التي كانت تحاربني نفسياً فكنت كلما قالو لي ما هذا واخليعيه مرة أخرى كنت أصمم أكثر وأكثر...
لذلك أنصحكم جميعاً..
قوموا بالتجربة..
ولن تخسروا..
ولا تجعلوه في نفوسكم فرضاً..
بل يكن متعة ومحبة..
أختكم في الله.
http://www.twbh.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ
فرنسيون أكثر من فرنسا !
اللافت في قضية حظر "الحجاب" في المدارس والمؤسسات الحكومية الفرنسية أن أناساً من بني جلدتنا يطلون برؤوسهم مروجين لآراء متطرفة ومتطوعين بفتاوى(5/258)
غريبة تحاول انتزاع "الحجاب" كفريضة إسلامية معلومة من الدين بالضرورة، وبالتالي اعتبار ارتدائه مسألة شخصية ليس لها علاقة بالإسلام!!، وهو ما لم تقل به السلطات الفرنسية، ولم تقل به السلطات في أي من دول الغرب التي عملت على منعه، لكن الطابور التغريبي الخامس في بلادنا دائماً ما يكون ملكياً أكثر من الملك، ولا يستحي من المزايدة والمتاجرة والابتزاز دعماً للموقف الفرنسي.
وقد جاءت المواقف من هذا النوع بطريق مباشر وغير مباشر لكنها أصابت ما تريد في كل الأحوال.
على طريقة الانتقاص غير المباشر من الحجاب وأهميته وقيمته لدى المرأة المسلمة وفي ميزان الشرع الإسلامي، قادت نوال السعداوي الكاتبة المصرية المعروفة بآرائها المتطرفة حيال المعالم الإسلامية، قادت حملة دعائية لمناصرة رأي شيخ الأزهر المؤيد لحق فرنسا في حظر الحجاب، ثم هوَّنت من المسألة، معتبرة: "أن تبني حملة لإثبات أن الحجاب فرض وليس رمزاً... يعكس الحالة السيئة سياسياً واقتصادياً في المجتمعات العربية".
وجمَّعت السعداوي كل الكوارث والأمراض والأزمات التي تعاني منها المجتمعات من فقر وبطالة وتخلف... ووضعتها في كفة، ثم وضعت قضية الحجاب في فرنسا في كفة أخرى، وحاولت استغفال الناس لتطالبهم بالمقارنة بين الكفتين.. أيتهما أولى بالاهتمام وأيتهما أولى بالتحرك؟!.
وتلك خصلة العلمانيين الذين يجيدون اللف والدوران وخلط الأوراق، ووضع الناس أمام مقارنات مغلوطة، فهل يكون المسلم مطالباً بالتخلي عن فرائض دينه حتى يتفرغ لحل مشكلاته المزمنة أم أن الالتزام بالأولى يخدم في حل الثانية؟
ربما تكون نوال السعداوي أكثر مواربة في التعامل مع القضية وقد سار على دربها عدد آخر من الكتاب العلمانيين لا يتسع المجال لتناول ما قالوا... لكن أحمد عبد المعطي حجازي الشاعر المصري المعروف، وهو فيما يبدو فرنسي الهوى والثقافة، كان أكثر فجاجة عندما أعلن في ندوة استضافته فيها السفارة المصرية بالكويت مؤخراً أن "الحجاب ليس فريضة.. وأن القول بذلك شطط"، ثم شن هجوماً ضارياً على شيخ الأزهر، لأنه قال ضمن فتواه "إن الحجاب فريضة"، وكان المطلوب من شيخ الأزهر أن يعلن أن الحجاب ليس فريضة، اتباعاً لآراء المفتي العلماني الأكبر عبد المعطي حجازي!.
الغريب أن حجازي الذي قوبلت معظم آرائه باستنكار ومعارضة من معظم الحاضرين قال في ثقة يرثى لها إنه لم يجد نصاً يفيد بفرضية الحجاب، وطالب من لديه نص يثبت ذلك، فليقدمه له!! لكن المستشار الثقافي المصري أمسك بالزمام، مغلقاً الباب أمام جدال كان من الممكن أن يمتد وأن يحتدم وأعلن أن آراء حجازي تعبِّر عن شخصه ولا تعبِّر عن السفارة، وأنه شخصياً يختلف مع حجازي في كثير مما قاله.. هنا استشاط حجازي غضباً.. بعدما استشاط غضباً من عدم استحسان الحاضرين لفتاواه "المشروخة"..(5/259)
الأهم في تلك الندوة.. أنني لمست فتوراً عاماً في الاهتمام بما قال الرجل.. وهي حالة صارت تتعامل مع إسطوانات العلمانيين.. مما يؤشر على أن زمانهم ولَّى... وأنهم ينعقون في الوقت الضائع.
http://www. almujtamaa - mag. com المصدر:
-ـــــــــــــــــــ
ماذا يراد بالمرأة ؟
د. أسامة الأحمد
نشهد في هذه الأيام حملة مهووسة على الحجاب في أكثر من جهة أو جبهة في العالم..
ابتدأت هذه الحملة في شرقنا العربي، ثم انتقلت حُمّاها إلى الغرب الذي – يقول مراد هوفمان -: "يتسامح مع كل المعتقدات والملل حتى مع عبدة الشيطان، و لا يُظهر أدنى تسامح مع المسلمين، فكل شيء مسموح به إلا أن تكون مسلماً ".
وفي أيامنا هذه قرأنا في خطابٍ متبجّحٍ مهووس:"الحجاب اعتداء.. و تباهٍ بالهداية"..
أمّا كون الحجاب تباهياً بالهداية، فنعم، ولكننا ليس بالحجاب وحده نتباهى..
نحن المسلمين، نتباهى بأننا أتباع محمد وموسى وعيسى - عليهم الصلاة والسلام -..
وبأننا أصحاب الرسالة الإلهية الخاتمة الخالدة..
وبأن كتابنا هو العهد الأخير للإنسانية الذي ينسخ كل عهد،والذي يهيمن على ما سبقه من كتب.
وهو الكتاب السماوي الوحيد الذي لم تطاله يد التحريف، والتخريف، والكذب على الله، وعلى البشر..
ونحن المسلمين، نتباهى بأن ديننا هو الدين الوحيد الذي حافظ على عقيدة التوحيد..
ونحن نحمد الله - تعالى - أنه ليس فينا من يعتقد بآلهة ثلاثة!! وليس فينا من يعتقد"بأن الصورة الهزيلة للمصلوب على الخشب هي صورة الله "!!على حد تعبير الشاعر الكبير غوته.
ونحن المسلمين لا نطفئ سراج عقولنا لنتّبع غفّاري الذنوب ممن يبيعون الجنة بالدجل و المزاد..
وإذا كان غيرنا يخلع عقله قبل دخول المعبد، فإنا لا نخلع إلا أحذيتنا على أبواب المسجد..
وليس في كتابنا قول المسيح لأمه:" إليك عني يا امرأة "!
وإنما في كتابنا قول المسيح - عليه السلام -: ((وبرّاً بوالدتي)).
إنّ عيبنا نحن المسلمين، هو أننا لا نتباهى بديننا بالقدر الكافي، فلا ينقصنا إلا التعصب للإسلام وهو الدين الحق، في مقابل من يتعصبون للباطل..
وأمّا كون"الحجاب اعتداءً "!
فهو حقاًّ اعتداء على الشيطان، واعتداء على الفحش والفجور..
واعتداء على عشاق الشذوذ و الإيدز، عذراً " السيدا "!
" الحجاب اعتداء "!! أما العري والسيدا واللقطاء ففيهم كل السكينة والسلام!!..(5/260)
إن هذه الحملات العالمية المنظّمة ما هي إلا مؤشر صحي على تنامي ظاهرة الخير والصحوة والإيمان التي تجلت بعودة مئات الألوف من المسلمات إلى حصن الحجاب..
ونشكر وسائل إعلام المسعورة التي وفّرت بأقلامها المأجورة المناخ الطبيعي لقانون" التحدي والاستجابة ".
فكلما زادت الحملة الشيطانية زادت مواكب العائدات بهداية السماء إلى مظلة الستر والحياء..
وكلنا يعلم أنه قبل أن يشن العالم الصليبي " بصربه وكرواته وأممه المتحدة" حملة الإبادة لاستئصال الإسلام من البوسنة، كان عدد المسلمات المتحجبات زهيدا جدا..
وشاء الله أن يولد في البوسنة من رحم المأساة والتحدي جيل جديد يؤمن بدينه الحق الأصيل، وعادت المسلمات إلى فيء الحجاب، وعاد الشباب إلى ربهم عوداً حميدا..
لن أحاول أن أدلّل على خيرية الحجاب بالفلسفة، فحجاب المرأة وحياؤها فطرة مركوزة في أعماقها، وعسير إقامة البراهين على وجود الشمس..
وكما يقول شاعرنا " الزبيري ":
شرحُ البديهياتِ إهدارٌ لفهم المدركينْ
***
ألا إنَّ الأرض والسماء ملكٌ لله وحده، فيجب على الشيطان أن يذهب وأن يخليَ مكانه لعباد الله الصالحين..
باريسُ لا تتكبري فالله أكبرْ
وتذكّري ليلَ الطغاة وظلمَهم في عهد هتلرْ
إنّا هنا في أرضنا نبقى يُزيّننا الحجابْ
لا لن نغادرَ أرضنا حتى ولو نبحَ الكلابْ
إنا هنا والأرضُ ميراثٌ لنا
فلترحلي من أرضنا أولى لكِ
فالله مولى الصالحين وليس من مولى لكِ
والله أكبرُ يا ظلومُ..
الله أكبرْ
***
نعم الأرض ميراث الصالحين، وسنغزو بالفكر وبالإيمان وبالحق وبالفطرة كل أفق وكل ضمير..
فالإسلام – يقول د. القرضاوي –:"أعمق جذوراً وأقوى سلطاناً وأعز نفراً، وأكثر جنداً مما يظن الظانون.
وستظل هناك ألسنة صدق، وأقلام حق، وأيدي عطاء، ومصابيح هداية، ومفاتيح خير، يحملون أمانة الكلمة، ويؤدّون رسالة الله ((وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلا هُوَ))".
وأختم كلماتي بنصيحة للمفكر النمساوي محمد أسد، في كتابه الفذ " الإسلام على مفترق الطرق":(5/261)
" يجب علينا أن ننفض عن أنفسنا روح الاعتذار الذي هو اسم آخر للانهزام العقلي فينا..
وبدلاً من أن نُخضِع الإسلام باستخذاء للمقاييس العقلية الغربية،يجب أن ننظر إلى الإسلام على أنه المقياس الذي نحكم به على العالم..
و يجب على المسلم أن يعيش عالي الرأس، ويجب عليه أن يتحقّق أنه متميز، وأن يكون عظيم الفخر لأنه كذلك، وأن يعلن هذا التميز بشجاعة بدلاً من أن يعتذر عنه! ".
http://www. aslya. com المصدر:
ـــــــــــــــــــ
أوروبا وظاهرة الحجاب
يحيى أبو زكريا
تحوّل الحجاب الإسلامي في الغرب إلى ظاهرة حقيقية أصبحت تؤرق كثيراً من صناع القرار السياسي والاجتماعي والثقافي في الغرب، وموقف هذه العواصم الغربية من الحجاب يتشعب إلى ثلاث توجهات: التوجه الأول وهو الرافض لظاهرة الحجاب جملة وتفصيلاً، وتقف فرنسا في طليعة الدول الغربية المؤيدة لهذا التوجه. والتوجه الثاني وهو الذي يعتبر الحجاب مسألة شخصية تتعلق بحرية الشخص وقناعاته الذاتية؛ وهذا التوجه سائد في العديد من الدول الأوروبية وتحديداً في أوروبا الشمالية. وتوجه ثالث يعتبر الحجاب مسألة خاصة، لكن يحرم المحجبة الكثير من الحقوق، كحقها في العمل في كثير من القطاعات المتاحة.
وتتوافق هذه التوجهات الغربية الثلاث على أن للحجاب علاقة كبيرة بالإسلام الذي بدأت ملامحه تتجلى بوضوح في الغرب؛ ولذلك وضعه الاستراتيجيون الغربيون تحت دائرة الضوء والتشريح لمعرفة مستقبله وتأثيره على المعادلة الاجتماعية وحتى الثقافية والسياسية في الغرب، خصوصاً بعد أن تبين لهؤلاء الاستراتيجيين أن أبناء المرأة المسلمة غير الملتزمة هم أسرع في الاندماج في المجتمع الغربي بكل تفاصيله مسلكاً ولغة وثقافة ومعتقداً. أما أبناء المرأة المسلمة المحجبة؛ فمن الصعوبة بمكان إدماجهم في المجتمع الغربي وإذابة قيمهم وتوجهاتهم.
ويربط الاستراتيجيون الغربيون الحجاب في الغرب بالإسلام، ويعتبرون تنامي هذه الظاهرة تنامياً للظاهرة الإسلامية في حد ذاتها باعتبار أن الإسلام يتحرك في الواقع الغربي بمظاهر متعددة أبرزها الحجاب والمدارس الإسلامية والمساجد والجمعيات الإسلامية، وغير ذلك من مفعلات العمل الإسلامي في الغرب.
ويعود عدم إقدام الكثير من الدول الغربية على محاصرة الحجاب إلى القوانين المعمول بها في هذه الدولة أو تلك التي تقدس إلى أبعد الحدود الحرية الشخصية للفرد، وهي القوانين التي تم التوافق عليها بين مواطني هذه الدولة الغربية وتلك، ومن الصعوبة بمكان تغيير هذه القوانين التي جاءت استجابة للتطورات الحاصلة في الغرب على عقود طويلة.
وإطلاق فرنسا حملة إعلان الحرب على الحجاب مرده إلى أن فرنسا يوجد على أراضيها أكثر من أربعة ملايين مسلم، وهذا الكم الهائل من المسلمين جعل الحجاب(5/262)
الذي تلتزم به الفتيات المسلمات في فرنسا مسألة لافتة إلى أبعد الحدود؛ حتى إن فرنسا بدأت تخشى من ضياع صورتها الماجنة أمام منظر الحجاب وما يمثله من عفة وطهر، والذي له وجود كبير في كل المحافظات الفرنسية.
ويتوافق أصحاب التوجهات الثلاث المذكورة على أن ظاهرة الحجاب الإسلامي في الغرب ظاهرة مقلقة، وقد تصبح خطيرة على المدى المتوسط والبعيد لأسباب عديدة منها أن وجود الحجاب في الشارع الأوروبي يشير إلى إخفاق سياسة الاندماج التي سعى من خلالها الاستراتيجيون الغربيون إلى تذويب الإنسان المسلم في الواقع الغربي منعاً من قيام إثنية دينية في الخارطة الأوروبية في المستقبل المنظور، إضافة إلى أن التلازم الأكيد بين الإسلام والحجاب تجعل الإسلام وبشكل دائم حاضراً في الشارع الأوروبي من خلال الحجاب، وهذا ما يجعل الإنسان الأوروبي يتساءل عن الإسلام الماثل أمامه، وقد يكون ذلك مدخلاً لإسلامه كما حدث مع كثيرين. وفي كثير من المدارس الغربية عندما توجد فيها فتاة مسلمة محجبة تطلب المعلمة الغربية من هذه الفتاة أن تتقدم إلى مقدمة القسم وتشرح سبب ارتدائها للحجاب، ولماذا الإسلام أوصى البنت بالحجاب؛ وهذا قد يكون مدخلاً أيضاً باتجاه أسلمة عقول بعض الناشئة الغربيين، وما زلت أتذكر عندما توجهت ابنتي بحجابها إلى المدرسة السويدية طلبت منها المعلمة أن تلقي كلمة عن الإسلام في القسم السويدي، بل دعت المعلمة أمها المحجبة أيضاً لتقدم شرحاً مستفيضاً عن ثقافة الإسلام والمرأة، وقد لاقى شرحها استحسان الحضور، إلى درجة أنه وبعد ذلك أصبح هناك تفهم كامل من قبل المعلمات السويديات والتلميذات السويديات لظاهرة الحجاب واعتزاز الفتاة المسلمة به، باعتباره مظهراً مميزاً لها في هذا المجتمع الغربي.
ولم يصبح حجاب المرأة المسلمة في الغرب مجرد قطعة قماش تستر به مفاتنها، بل أصبح محفزاً للمرأة المسلمة لتدافع عن حجابها وإسلامها في الوقت ذاته؛ فلأنها تعيش في خضم مجتمع يرمقها صباح مساء ويعتبرها مظلومة؛ فإنها تضطر أن تدافع عن نفسها وخيارها الإسلامي في المدرسة والشارع والحافلة والمستشفى، وقد أدى كل ذلك إلى تكريس قناعاتها بالإضافة إلى إقناع الأوروبيات بعظمة الإسلام، ومن تم أسلم الكثير من الأوروبيات وارتدين الحجاب تماماً.
وقد صادف أن أسلمت فتاة سويدية تعمل في محل لبيع الثياب النسائية، فطردت من عملها، ورفعت دعوى على رب العمل، فأنصفتها المحكمة السويدية، وردتها إلى عملها مقرة بحقها في ارتداء الحجاب، واعتبار حجابها ذلك لا يتنافى مع العمل.
وأشد ما يخشاه الاستراتيجيون الغربيون هو حجاب المرأة المسلمة المولودة في الغرب والتي تجيد اللغة الغربية في هذه الدولة أو تلك بطلاقة؛ حيث كان المعول أن يكون هؤلاء بحكم المولد الغربي وبحكم الدراسة في المدارس الغربية غربيات، خصوصاً إذا علمنا أن الكثير من الدول الغربية فتحت باب الهجرة للعرب والمسلمين ليس طمعاً في الكهول المشربين بالعادات والتقاليد الإسلامية، ولكن طمعاً فيمن هم في أصلابهم من الجيل الذي سيولد في الغرب فيكثرون به الشعوب الغربية، ويخضعونه لعملية غسيل دماغ حضاري حتى يكون النسيج الاجتماعي والثقافي(5/263)
والحضاري في الغرب بعد خمسين سنة واحداً من وحي التركيبة الفكرية والثقافية والحضارية الغربية.
وقد أصبح هذا الجيل من المحجبات المسلمات المولودات في الغرب يشاركن في التظاهرات والنقاشات السياسية والثقافية التي تدور في وسائل الإعلام الغربية، ومثلما يثرن الدهشة فإنهن يثرن التساؤل لدى المهتمين الغربيين حول تبدد المشاريع الاندماجية في الغرب التي لم تستطع أن تزحف باتجاه معتقد المرأة المسلمة المحجبة الذي يردف هذه المرأة بكثير من معاني القوة والاندفاع.
كما لاحظ هؤلاء الاستراتيجيون أن أبناء المرأة المحجبة الملتزمة يظلون محافظين على قيمهم الدينية ومبادئهم الإسلامية وهو الأمر الذي يعتبره هؤلاء عقبة في وجه إنجاح سياسة الاندماج بشكل كامل.
وفوق هذا وذاك فإن المنظومة الاقتصادية الغربية التي تقدس المادة إلى أبعد الحدود وتعتبر الربح هدفاً في حد ذاته، تعتبر أن الحجاب منافس لكثير من صناعات الملابس في الغرب، وقد يشكل انتشاره بين الفتيات المسلمات والأوروبيات إلى حرمان هذه الشركات المنتجة للملابس والخليعة منها على وجه التحديد من الرواج المطلوب حيث إن الحجاب بات يصدم أصحاب الفكر المادي مادياً وروحياً.
ويبقى القول أن الاستراتيجيين الغربيين يخشون أن تكون فريضة الحجاب المنتشرة في أوروبا والتي يلتزم بها المحجبات المسلمات منطلقاً باتجاه تكريس الفرائض الأخرى، وهو ما تخشاه أوروبا، وبدأت تدق لأجله الدوائر المعادية للإسلام في الغرب نواقيس الخطر.
http://www. albayan - magazine. comالمصدر:
ـــــــــــــــــــ
الحجاب فريضة
الحجاب فريضة إلهية وشريعة ربانية وسنة إيمانية ماضية وباقية إلى يوم الدين؛ على رغم أنف الزيغ والضلال، وأهل الشرك والإلحاد، لا يترك العمل به إلا فاسق فاجر، ولا يمنع منه أو ينهى عنه إلا مارد هالك.
جاء الأمر به في الآي والسنن، وأجمع أهل العلم عليه في قديم وحديث الزمن، وهو شريعة رب الناس للناس خالقهم ورازقهم ومحييهم ومميتهم، وباعثهم بعد الموت فمحاسبهم، فيجزي كل نفس بما كسبت.
والحجاب لغة المنع، وهو ما يحجب النساء ويسترهن، فيمنعهم من أعين الرجال؛ فإذا كانت المرأة في بيتها فحجابها بيتها، وإذا خرجت لحاجتها فحجابها ما تستر به جسدها من اللباس السابغ، وله شروط دلت عليها نصوص الشريعة؛ فمن ذلك أن يكون اللباس سابغاً ساتراً لجميع بدن المرأة، وليس في هذا خلاف بين أهل العلم إلا في تغطية الوجه والكفين، ومنها أن يكون صفيقاً سميكاً أي لا يكون رقيقاً، بحيث يشف عما تحته، ومنها أن يكون واسعاً فضفاضاً، ولا يكون ضيقاً رقيقاً بحيث يصف جسد المرأة، ومنها أن لا يكون معطراً أو مبخراً، وأن لا يكون زينة في نفسه. وفي الحجاب مزيد العفة والطهارة في المجتمع وهو ما تحرص عليه الشريعة في(5/264)
مصادرها ومواردها. قال الله - تعالى - : {وَإذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} [الأحزاب: 53].
وأول من وجه إليه ذلك الكلام من النساء هن أزواج النبي - صلى الله عليه و سلم - أمهات المؤمنين، والنساء من بعدهن تبع لهن، وأول من وجه إليه ذلك الكلام من الرجال أصحاب رسول الله - صلى الله عليه و سلم - الأطهار الأبرار، والرجال من بعدهم تبع لهم في ذلك. وقد تعرض الحجاب لحملات كثيرة من الكارهين لله ورسوله ودينه حتى قال قائل منهم: «لن تستقيم حالة الشرق ما لم يرفع الحجاب عن وجه المرأة ويغطى به القرآن»(1).
وقد تآمر على الحجاب الغرب الكاره لدين الله والمتغربون من أبناء جلدتنا، وما تعيشه أمتنا اليوم ما هو إلا حلقة من حلقات التدافع بين الحق والباطل ولكل منهما دعاته ورجاله.
نسأل الله - سبحانه وتعالى - أن يحعلنا ممن يعمل بالحق ويدعو إليه، ويصبر على ما يلاقي في سبيله حتى يأتي وعد الله: {إنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ} [غافر: 51].
_____________________
(1) غلادستون، رئيس وزراء إنجلترا في ذلك الوقت.
http://www.albayanmagazine.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ
الحرب على الحجاب
جاء الإسلام مكملاً لمكارم الأخلاق منادياً بالبُعد عن كل ما يثير الغرائز ويحرك الشهوات وذلك من أجل إصلاح البشرية والسمو بها عن مرحلة البهيمية والفوضى إلى مراتب مرتفعة من العفة والطهارة. قال - عليه الصلاة والسلام -: "إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق".
ولأن الشهوات والغرائز الطبيعية جزء أساسي من تكوين الإنسان فقد سعى الإسلام لضبطها وتوجيهها التوجيه الصحيح فشرع الزواج قناة وحيدة لإشباع الغرائز والشهوات وإنشاء الأسرة التي هي النواة الرئيسية للمجتمع الإسلامي.
ولأن النفس أمارة بالسوء فقد حرَّم الإسلام كل ما يمكن أن يؤدي إلى إثارة غرائز الإنسان أو تهييج شهواته، لذا جاء الأمر الرباني للمسلمين بأن يغضوا من أبصارهم وأمر المسلمات بارتداء الحجاب يحفظن به أنفسهن وحرَّم عليهن التبرج والسفور ومخالطة الرجال غير المحارم، قال - تعالى - (وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).(5/265)
ولأن أمر الحجاب في الإسلام عظيم فقد جاء الأمر الرباني للنبي الكريم - عليه الصلاة والسلام - بأن يأمر أزواجه وبناته قبل نساء المؤمنين بارتداء الحجاب، قال - تعالى -: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا). فإذا كان الأمر بالحجاب قد بدأ بأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - وهن العفيفات الشريفات الطاهرات فكيف ببقية نساء المؤمنين وخاصة في هذا الزمان الذي انتشرت فيه الفتن وصار فيه الدين غريباً؟
من أجل ذلك توعَّد الله - عز وجل - المتبرجات المظهرات لزينتهن لغير أزواجهن بالعذاب الأليم يوم القيامة قال - صلى الله عليه وسلم - في وصف أهل النار (صنفان من أهل النار لم أرهما، قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا).
التبرج هو إظهار المرأة زينتها لغير محارمها وهو من الأمور المحرمة في الإسلام لأن المقصود منه هو إثارة شهوات الرجال من غير الأزواج وإحداث الفتنة في المجتمع.
أما الحجاب فهو نقيض التبرج ويُقصد به الستر والإخفاء ومنه حاجب العين الذي يمنع عنها الغبار والأتربة وأشعة الشمس وحاجب الملوك أو الرؤساء والذي يمنع عنهم الدخلاء والمتطفلين والمتسكعين.
وتقتضي فطرة الإنسان العفة والطهارة ولذلك نجد أن إبليس اللعين عندما أغوى آدم - عليه السلام - وزوجه بالأكل من الشجرة المحرمة وتم له ما أراد، سقطت عنهما ثيابهما وبدت لهما عورتاهما فأخذا يلتقطان من أوراق الشجر ليخفياهما وذلك التصرف الطبيعي والتلقائي الذي قاما به من دون أن يأمرهما به أحد يدل على أن الأصل في الفطرة البشرية العفة والطهارة وإخفاء العورات.
قال - سبحانه - وتعالى -: (فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ).
كانت النساء قبل الإسلام وفي عهد الجاهلية يتبرجن ويلبسن الملابس الخفيفة ويمشين في الأسواق ويعرضن أنفسهن على الرجال، لذلك جاء الأمر من عند الله لنساء المسلمين بارتداء الحجاب، قال - تعالى -: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا).
أما في العصر الحديث فقد تفننت النساء في ابتداع أساليب جديدة من التبرج والسفور وصارت المصانع الغربية تمد بلاد المسلمين بالملابس الضيقة الشفافة التي تكشف أكثر مما تستر، وتزيد من مفاتن النساء. وغمرت هذه المصانع أسواق المسلمين بأنواع كثيرة من المساحيق والطلاء والعطور المثيرة للشهوات وأنواع شتى ومتباينة من الأحذية التي تجعل النساء يتمايلن في مشيتهن ويبالغن في التغنج والدلال.(5/266)
وعندما بدأت مظاهر الصحوة الإسلامية تدب في العديد من بلدان العالم وانتشر الحجاب في بلاد المسلمين ووسط بناتهم في الدول الغربية هاج الغرب وماج وتجاوب معه بعض أنصار الرذيلة ودعاة الفجور في بلاد المسلمين وبدأوا في محاربة الحجاب الإسلامي حرباً لا هوادة فيها ووصفوا الحجاب بأنه يغطي على عقل المرأة وأنه جزء من اضطهاد الإسلام لها ونعتوا المحجبات بنعوت لا تليق ورموهن بالتخلف والرجعية والاستسلام لسطوة الرجل وغيرها مما ينعق به الناعقون.
اتخذت هذه الحملة أشكالاً عديدة فمرة نسمع من يقول إن الحجاب يعزل المرأة عن بقية شرائح المجتمع ويحرمها من دورها وظهر من يدعو إلى (تحرير) المرأة وغيرها من الدعاوى الساقطة المردودة، ونسى هؤلاء الذين لا هم لهم إلا تحرير المرأة من قيمها واحترامها لنفسها أن الإسلام ما شرع الحجاب إلا صوناً للمرأة المسلمة وتكريما لها وإعلاءً لقدرها وتقديراً لدورها في المجتمع إذ أن المرأة المحجبة تكون بمنأى عن مشاكسات الذئاب البشرية ومصانة ممن لا يريدون لها إلا أن تكون متاعاً ومكاناً لتفريغ الشهوات.
وعندما يشعر هؤلاء أن ما ساقوه من حجج يتساقط من تلقاء نفسه نسبة لضعفه وعدم موضوعيته نجدهم يلجأون إلى الاستشهاد برأي بعض من يتدثرون برداء الدين من المستغربين والماركسيين وذوي المصالح الخاصة على أنهم من العلماء المسلمين فيلوون لهم أعناق الحقائق ويستشهدون بأدلة ليست في مكانها ويفسرون الأحكام الإسلامية حسب هواهم متوهمين أن هذه الافتراءات سوف تنطلي على الأمة الإسلامية، وما دروا أن علماء الأمة الأمناء على دينها واقفون لهم بالمرصاد مفندين حججهم ودعاواهم.
وعندما تأكد لهم أن الحجاب الإسلامي أصبح مطلباً شعبياً وأنه آخذ في الانتشار وسط نساء المسلمين لم يجدوا بداً من إعلان الحرب عليه، وخلال الفترة الماضية قامت العديد من الدول الغربية بشن حملة ضارية على الحجاب في المدارس ودواوين الحكومة.
تشتد هذه الحملة في فرنسا حيث فصلت السلطات التعليمية العديد من الطالبات المسلمات لإصرارهن على ارتداء الحجاب وتجلى اهتمام الحكومة الفرنسية بمحاربة الحجاب عندما أعلن رئيس الوزراء الفرنسي أنه قد آن الأوان (لاستئصال) الحجاب من المجتمع الفرنسي وأنه لا مكان في المدارس الفرنسية لطالبة محجبة، وأكد ذلك الرئيس الفرنسي جاك شيراك الذي زاد عليه أن الحجاب يمثِّل مشكلة ثقافية تهدد المجتمع الفرنسي العلماني ويجب التصدي لها بكل صرامة وحسم.
وتمتد الحملة المسعورة وتشمل الولايات المتحدة حيث قضت محاكمها بتأييد فصل العديد من الطالبات المحجبات، كما تتعرض النساء المحجبات للاعتداء بسبب الحجاب الذي يبدو أنه يثير حساسية بعض المتعصبين في المجتمع الأمريكي.
وفي هولندا تأخذ الحملة على الإرهاب طابعاً أكثر سخونة حيث تشن الصحف التي تتبع لليمين المتطرف حملة متواصلة شعواء على الحجاب وأشادت هذه الصحف بمبدأ مدير إحدى المدارس والذي رفض السماح لطالبة محجبة بدخول المدرسة(5/267)
وبرر موقفه بأنه (يؤمن بالمساواة التامة بين الرجل والمرأة) وأن حجاب المرأة المسلمة يرمز (للظلم الواقع على عاتقها).
وفي المقابل نجد نماذج مشرقة لبعض الدول الأوروبية التي اعترفت بالحجاب كجزء من الخصوصية والحرية الشخصية للمسلمات حيث قضت المحكمة العليا الألمانية بحق المسلمات في ارتداء الحجاب ومنعت الجهات المعنية من التغول على ذلك الحق وضمان تمتع المسلمين به.
كذلك فإن الدنمارك قد أقرت بهذا الحق للمسلمات حيث قضت محكمة دنماركية بفصل معلم ومعلمة قاما بطرد طالبة صومالية من المدرسة لإصرارها على ارتداء الحجاب وقررت المحكمة أن ارتداء الحجاب لا يتنافى مع التعاليم المعمول بها.
ومما يؤسف له أن بعض المسؤولين في دول عربية وإسلامية انساقوا وراء هذه الحملة الجائرة وانضموا للهجمة الشرسة على الحجاب وحملوا لواءها وأعلنوا - صراحة - منعه وسط طالبات المدارس وقاموا بفصل من أصرت عليه بوصفه جزءًا أصيلاً من هويتها الدينية وشخصيتها العامة.
ففي مصر على سبيل المثال تتعرض النساء المحجبات لمضايقات عديدة فقد تم قبل فترة منع مذيعة بإحدى القنوات الفضائية من الظهور على شاشة التليفزيون بسبب ارتدائها للحجاب بدعوى أنه (يثير الحساسيات)، وتم كذلك فصل امرأة محجبة تعمل مساعدة طيار في إحدى شركات الطيران بسبب رفضها التخلي عن الحجاب رغم أن ارتداءه لم يؤثر على كفاءتها ومقدرتها على أداء عملها.
كما أقدمت مدرسة (شامبليون) بالإسكندرية والتابعة للسفارة الفرنسية بفصل طالبة مسلمة بسبب الحجاب مما أثار الرأي العام المصري ضد إدارة المدرسة، وتدخل شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي وهاجم إدارة المدرسة ودعاها للالتزام بالتقاليد الإسلامية السائدة في مصر، وكذلك قامت إدارة إحدى المدارس الخاصة بطرد معلمة محجبة وهددتها بالفصل وعدم إعادتها للعمل إلا بعد أن تخلعه.. والأمثلة على تلك الحملة كثيرة ومتعددة.
وفي تونس أقدمت إدارة معهد القنال الثانوي على منع 38 طالبة من أداء الامتحانات بسبب ارتدائهن الحجاب، كما أقدمت إدارة معهد المنذر بن عكاز على رفض السماح لطالبات مسلمات بأداء الامتحانات بسبب الحجاب، وبالرغم من أن بعضهن اضطررن إلى خلع الحجاب ليتمكن من أداء الامتحانات إلا أن مدير المعهد أصر على رفضه واشترط على الطالبات الذهاب إلى قسم الشرطة وتوقيع تعهد بعدم ارتداء الحجاب مستقبلاً!!
وكانت السلطات التعليمية التونسية قد أصدرت في عام 1981م منشوراً قضى باعتبار الحجاب رمزاً طائفياً يجب محاربته ومنعه في المدارس الثانوية والجامعات، مما أدى لزيادة التمييز ضد المحجبات في الجامعات وحتى بعد تخرجهن حيث يواجهن صعوبات بالغة في الحصول على وظائف حكومية.
ويبقى السؤال الكبير هو: لماذا اتحد كل هؤلاء على محاربة الحجاب؟ ولماذا هذه الحملة الشرسة وفي هذا التوقيت بالذات؟ هل السبب هو فوبيا الحجاب والخوف من كل ما يرمز للإسلام؟ أم أنها حالة مرضية وترسبات نفسية كانت تعتمل في دواخل(5/268)
مرضى النفوس ولم تجد فرصة للخروج إلى العلن بهذه الصورة إلا بعد تداعيات أحداث الحادي عشر من سبتمبر وما تبعها من تطورات عالمية وما يسمى بالحرب على الإرهاب؟؟
ولكن يبقى أصحاب القلوب المطمئنة العامرة بالإيمان على يقين بأن العاصفة سوف تزول وأن سحب التشكيك سوف تنقشع عما قريب وأن الله متم نوره ولو كره الكافرون.
http://www. twbh. com المصدر:
ـــــــــــــــــــ
ضجة جديدة حول الحجاب تفتح ملف حقوق المسلمين في فرنسا
فوزية محمود سليمان
أثيرت مجدداً في عدد من البلاد الأوروبية ظاهرة انتشار الحجاب (غطاء الرأس) بين زوجات وبنات المهاجرين المسلمين المقيمين في تلك البلدان، وفي الوقت الذي أقرت فيه محكمة ألمانية يوم الثلاثاء 27/7/1424ه الموافق 23/9/2003م، حق واحدة من المعلمات من أصل أفغاني في إحدى المدارس الحكومية، بلبس الحجاب بعد أن منعت من ذلك أثناء ممارسة التدريس، عبرت «توقية سيفي» وزيرة التنمية في حكومة يمين الوسط الفرنسية، عن معارضتها الشديدة لارتداء الطالبات المسلمات الحجاب الشرعي في المدارس الفرنسية، وقالت إنها ستبذل كل ما في وسعها لمنع مثل هذا الأمر.
* إعادة موظفة محجبة بأمر المحكمة:
ولعل قصة الحجاب في فرنسا قد أخذت بُعدها المناسب في الصحافة والتلفزيون الفرنسيين، منذ النصف الثاني من ديسيمبر 2002م، عندما أمرت المحكمة الفرنسية شركة كبرى في باريس، بإعادة موظفة مسلمة إلى عملها كانت قد فصلتها من العمل بسبب ارتدائها الحجاب في عملها.
وطالبت المحكمة شركة إس. آر تيلي بيرفورمانس للهواتف؛ بأن تدفع ل «دليلة طاهري» (30 عاماً) الجزائرية المولد، كافة أجورها التي لم تتقاضها منذ فصلها في يوليو السابق 2002م، مع دفع غرامة مالية قدرها ألف يورو بسبب الفصل التعسفي للموظفة المذكورة.
وفصلت دليلة التي ترتدي الحجاب منذ ثماني سنوات من عملها بعد أن رفضت الإذعان لمطالب مديرها بأن ترفع الحجاب عن جبهتها ورقبتها، ودفعت دليلة أمام المحكمة في العاصمة باريس بأن دينها يمنعها من ذلك، ورفضت افتراضاً بأن ارتداء الحجاب يقلل من شأن المرأة، وقالت في مقابلة معها للتلفزيون الفرنسي بعد الجلسة: «بالنسبة لي، فالمرأة والرجل متساويان(1)، ويجب أن تتمكن المرأة من العمل وتشارك في المجتمع الذي تعيش فيه»، بينما علقت المحامية والخبيرة في قضايا الهجرة إيمانويل هاوز فيليزون قائلة: «إن الحكم يرسي سابقة في أكبر تجمع للمسلمين في أوروبا»، وأضافت: «إذا قرر صاحب عمل آخر فصل سكرتيرته؛ لأنها ترتدي الزي الإسلامي، فإن محاميها سيستخدم هذه القضية».(5/269)
ويرى مراقبون أن هذه القضية أتت يومها في سياق محاولة الدولة العلمانية التي تقطنها أغلبية كاثوليكية متعصبة، تحسين العلاقات مع خمسة ملايين مسلم من سكانها. وقال تينو جرومباش محامي دليلة: «إن هذا يثير تساؤلات عما إذا كان ذلك مؤشراً على تحول في المناخ العام للشركة التي سمحت بالحجاب ثم غيرت رأيها بعد 11 سبتمبر».
لكن القضية لم تنته بعد صدور الحكم، إنما بدا وكأنها قد بدأت؛ حيث بدأت حملة إعلامية مكثفة تحت ستار سياسي خفي، يعلن عن حيرته بين شعارات الحرية التي نصت عليها فرنسا العلمانية في صلب دستورها، وبين ضغط الرأي العام الكاثوليكي الذي أصبح يشعر بكثير من عدم الارتياح للتوسع الأفقي الذي يحققه المد الإسلامي بين ثنايا المجتمع الفرنسي.
* المحفل الماسوني يقرر:
وكان على جان بيير رافاران، رئيس الوزراء الفرنسي الذي لم تمض أيام على توليه منصبه أن يدلي بدلوه، ويفصح عن رأيه في أول لقاء له أمام أكبر لوبي ضغط في فرنسا، وهو المحفل الماسوني الفرنسي، يوم الأربعاء 25/4/1424ه الموافق 25/6/2003م؛ حيث قال رداً على سؤال عدد كبير من أعضاء المحفل: «إن فرنسا ربما تصدر قانوناً جديداً يحظر الحجاب الإسلامي وغيره من الرموز الدينية (الإسلامية) في المباني والمدارس العامة، إذا لم يحترم هؤلاء الناس السياسات العلمانية للجمهورية.
وأوضح رافاران أمام المحفل الماسوني الفرنسي أنه يأمل أن تكون التقاليد العلمانية لفرنسا من القوة، بما يكفي لأن يحترمها كل السكان، قائلاً: «إذا لم يكن هناك إجماع وخاصة على الرموز والسلوك المرتبط بالدين في المنشآت العامة، فلن أتردد في فرض احترام العلمانية بالقانون».
ورأى بعض أعضاء المحفل أن يتقدم عدد من النواب المحافظين بطلب إصدار «قانون بحظر الحجاب»، لكن آخرين ترددوا وكشفوا القناع عن حقيقة ممارسة العنصرية ضد المسلمين، وعبروا عن خشيتهم مما يمكن أن يترتب على ذلك من عواقب، مثل حظر غطاء الرأس اليهودي التقليدي، أو تعليق قلادة الصليب التي ترتديها الفتيات النصرانيات، وغير ذلك من مظاهر دينية هي جزء من ممارسات الشعب الفرنسي.
إلا أن التقارير الصحفية الفرنسية التي لم تعلم ما دار في كواليس المحفل الماسوني، ارتفعت حدتها أكثر من ذي قبل ضد فتيات يرتدين الحجاب في المدارس، وضد حمامات سباحة البلدية التي اضطرت لتخصيص فترات للنساء استجابة لطلب جماعات إسلامية؛ وهو الأمر الذي اضطر معه رئيس الوزراء الفرنسي جان بيار رافاران أن يجدد رفضه لارتداء الحجاب في المدارس والمؤسسات التعليمية الفرنسية، وقال في تصريح له يوم الإثنين 26/7/1424ه الموافق 22/9/2003م: «إن المظاهر الدينية مثل ارتداء الحجاب الإسلامي لا مكان لها في المؤسسات التربوية في فرنسا». وأوضح في حديث تلفزيوني أن المدرسة الرسمية لا يمكن أن تكون مكاناً للتعبير عن الالتزام الديني».(5/270)
وأضاف رافاران أنه مع ممارسة كل فرد ديانته بحرية، ولكنه أعرب عن معارضته للتعبير من خلال المظهر عن الانتماء الديني، مشيراً إلى أن المدرسة ليست مكاناً للدعاية السياسية والدينية، وأنه: «إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق، فإن قانوناً بهذا الأمر سيصدر».
وفي مواجهة الاعتبارات التي نبه بعض الماسون إلى الخشية من حدوثها صدر قرار بتشكيل لجنة وطنية تهدف إلى إيجاد مساحة تفاهم أوسع حول مبادئ العلمنة في فرنسا، لكن اللجنة سرعان ما أصابها شرخ كبير، بسبب انقسام حاد بين أعضائها، حول حق المسلمات في ارتداء الحجاب، بين مؤيد للمنع الكلي له في المدارس، وبين مؤيد للحوار حوله، ووضع قواعد عادلة تساوي بين المسلمين وغيرهم في إعلان مظاهر عقيدتهم.
* الوزيرة الفرنسية تعلن الحرب:
وهنا لم تشأ «توقية سيفي» أن تضيع الفرصة لمساندة الرجل الذي اختارها لتكون وزيرة في وزارته، ولتعبر له عن امتنانها بالجميل، فبادرت وهي الوزيرة المسلمة الوحيدة في الحكومة الفرنسية(1) في تصريح مطول لها يوم الأربعاء 5/8/1424ه الموافق 1/10/2003م، أنها ترفض وضع الطالبات لغطاء فوق الرأس، وطالبت بتضمين إرشادات العام الدراسي 2004 توصية بمنع الطالبات من وضع ذلك الغطاء، وإجراء تحقيق فوري وموسع حول المظاهر الدينية في المدارس الحكومية التي تشهد تزايداً واضحاً في عدد الطالبات المسلمات اللاتي يرتدين هذا الغطاء ويطلق عليه اسم الحجاب.
وتقية سيفي (43 عاماً) المولودة في عائلة جزائرية مكونة من عشرة أشخاص، هاجر والدها لفرنسا سنة 1945م واستوطن شمال فرنسا، عاملاً فى مصانع الحديد والصلب، كانت أول عربية فرنسية دخلت البرلمان الأوروبي سنة 1999م، على قائمة حزب الديمقراطيين الليبراليين بزعامة آلان مادلين، ثم اختارها رئيس الوزراء الفرنسي المؤقت جان بيير رافاران في مايو 2002م، على قائمة حكومته التي تضم 15 وزيراً و22 وزير دولة، لتكون أول وزيرة للتنمية الدائمة منذ 1958م.
* طرد شقيقتين محجبتين من مدرستهما:
واستجابة فورية لتصريحات الوزيرة المسلمة، اتخذ المجلس التأديبي في مدرسة هنري والون لاوبرفيلييه الثانوية الفرنسية قراراً نهائياً بطرد شقيقتين من المدرسة؛ لأنهما رفضتا نزع الحجاب.
مما دعا حركة مكافحة العنصرية والدفاع عن الصداقة مع الشعوب إلى إعلان قرار المجلس بطرد «إلما» و «ليلا» ليفي؛ المسلمتين الفرنسيتين، نهائياً من مدرستهما في ختام اجتماع له يوم الجمعة 14/8/1424ه الموافق 10/10/2003م.
وكانت إدارة المدرسة قد وجهت انتقاداتها المتكررة للطالبتين منذ بداية السنة الدراسية أمام زميلاتهما، معتبرة أنهما ترتديان زياً بهدف التفاخر، وهو ما نفته الفتاتان باستمرار.
وبعد عدة اجتماعات كانت هيئة التفتيش الأكاديمية قد قررت يوم 24 سبتمبر الماضي طردهما مؤقتاً بانتظار اجتماع المجلس التأديبي.(5/271)
وقالت «إلما» عند مغادرتها المجلس التأديبي: «أشعر بخيبة أمل وغضب، إنه أمر فظيع، أعتقد أن القرار اتخذ منذ فترة طويلة، وأرادوا أن يجعلوا القضية مثالاً».
وبينما لم تعلق الوزيرة المسلمة تقية سيفي على الواقعة التي جاءت استجابة لتصريحاتها. من ناحية أخرى قال مولود أونيت رئيس حركة مكافحة العنصرية: «إنها هزيمة كبيرة تفضح العلمانية وضجيج ادعاءاتها بالفكر والحوار»، كما أعلن جيرار تشوكاليان محامي الشقيقتين، عزمه على استئناف القضية أمام المحكمة الإدارية.
* نصيحة جزائرية لفرنسا بشأن الحجاب:
وعلى صعيد آخر صرح وزير الداخلية الفرنسي نيقولا ساركوزي، الذي قام بزيارة إلى الجزائر السبت 29/8/1424ه الموافق 25/10/2003م، أنه تلقى نصيحة من العديد من الأشخاص الذين التقاهم بعدم الاستجابة لرغبات زميلته الوزيرة المسلمة العلمانية في إصدار قانون ضد الحجاب الإسلامي في فرنسا.
وقال ساركوزي أمام صحفيين فرنسيين إن بعض محاوريه حذروه من سن قانون يحظر الحجاب، معتبرين أن إصدار قانون إزاء هذا الموضوع سيؤدي إلى تشدد أكثر.
واعترف ساركوزي بصعوبة تشريع مثل هذا القانون، وقال إنه إذا اضطرت فرنسا لإصداره، فإن «صياغته ستكون صعبة»، كما أكد أن «الوقت ليس مناسباً لمثل هذا القانون». وكان ساركوزي قد أبدى على الدوام معارضته لإقرار قانون كهذا «إلا كحل أخير».
وأشار وزير الداخلية الفرنسي إلى أن ظاهرة ارتداء الحجاب تتراجع في المدارس، بينما يشهد ارتفاعاً في قطاع العمل، وقال إنه في المدرسة «يجب الوثوق بمديري هذه المدارس لعلاج هذا الأمر» معتبراً في الوقت نفسه أن «وزير التربية الوطنية الفرنسي يمكنه إصدار التعليمات المناسبة لمديري المدارس».
ومن جهته قال السفير الفرنسي في الجزائر دانيال برنار الذي كان حاضراً أثناء الإدلاء بهذه التصريحات: إن وزير الخارجية الجزائري عبد العزيز بلخادم قدم له النصيحة نفسها.
* ملف التمييز العنصري:
وكان وزير الداخلية الفرنسي نيقولا ساركوزي قد اعترف في تصريح له تناقلته وكالات الأنباء يوم الأربعاء 12/8/1424ه الموافق 8/10/2003م، بأن المسلمين في فرنسا يعانون من التحيز ضدهم في العمل ونقص دور العبادة وغيرها من الخدمات الدينية مقارنة مع أتباع الديانات الأخرى.
كما نقلت الوكالة الفرنسية قول الوزير الفرنسي في اليوم السابق مباشرة، أمام لجنة رسمية معنية بمراجعة قانون الفصل بين الكنيسة والدولة: «من الحقائق الاعتراف بأن مواطنينا من المسلمين لا يتمتعون بالحقوق ذاتها التي يتمتع بها معتنقو الديانات الكبرى الأخرى، وعلى سبيل المثال فإنه لا وجود تقريباً لأي مسلم في المناصب الرفيعة في فرنسا، كما أن المسلمين يفتقرون إلى العدد الكافي من المساجد، وإلى أماكن الدفن في المقابر العامة والأئمة في المدارس، ويرجع ذلك إلى أن كثيراً من(5/272)
المسؤولين الذين ينتمون إلى الأغلبية الكاثوليكية يستغلون القانون في التمييز ضد المسلمين».
ثم وجه ساركوزي اتهامه إلى المجالس البلدية للمدن والبلدات برفض منح تراخيص لبناء مساجد، قائلاً: «بذلنا من الجهد في استغلال قوانين تخصيص الأراضي لعرقلة بناء المساجد، أكثر مما بذلناه في حماية شواطئنا من التلوث والأخطار».
وأضاف: «إن المسلمين في فرنسا يفتقرون إلى معاهد لتدريب الأئمة، مما يضطرهم إلى استقدام أئمة من الخارج، وهؤلاء لا يتحدثون الفرنسية في كثير من الأحيان، ويدعون إلى الأصولية في بعضها».
واعتبر ساركوزي أن المعاملة التفضيلية قد تساعد في دمج المسلمين، ومعظمهم من أصول عربية تنتمي إلى شمال أفريقيا على نحو أكمل في الحياة الفرنسية.
وانتقد وزير الداخلية الفرنسي المثقفين الفرنسيين الذين يخصون الإسلام بالانتقاد في معرض الحديث عن التمييز ضد المرأة، قائلاً: إن هذا يمثل مشكلة في جميع الديانات وليس في الإسلام وحده. وأوضح: «إنني لا أرى كثيراً من النساء في مؤتمرات الأساقفة الكاثوليك في فرنسا».
وأبلغ الوزير اللجنة المكلفة ببحث دمج الأقلية المسلمة في البلاد؛ بأنه ليس من المفيد إصدار قانون جديد متشدد يحظر على النساء والفتيات ارتداء الحجاب في المدارس أو في أماكن العمل الرسمية، واعتبر أن من شأن ذلك أن يعزل المسلمين ويشجعهم على تبني مواقف أكثر راديكالية.
وفي تعليقه على تصريحات الوزير الفرنسي، قال صادق سلام الباحث في الشؤون الإسلامية، في لقاء مع فضائية الجزيرة: إن هذه التصريحات أثارت ارتياحاً كبيراً في أوساط الجالية الإسلامية التي تعاني في أحسن الأحوال من عدم المبالاة من المجتمع ومن التيارات الدينية والعلمانية على حد سواء في فرنسا.
وقال سلام: إن وزير الداخلية الفرنسي يجب أن يكون مثالاً يحتذى، في منهج التوفيق بين احترام عقيدة المسلمين وشعائرهم، واحترام قوانين الجمهورية العلمانية.
وحيث يعيش في فرنسا التي يبلغ عدد سكانها 60 مليون نسمة، نحو خمسة ملايين مسلم نصفهم من المهاجرين والنصف الآخر مولود في فرنسا، يمثلون أكبر تجمع للمسلمين في كل أوروبا، وثاني أكبر ديانة في فرنسا بعد الكاثوليكية، يتمسكون بالعودة لجذورهم الإسلامية رغم كونهم فرنسيين.
تستمر حملة الصليب الكاثوليكي في عاصمة الحرية والماسونية، وتستمر شكوى المسلمين الفرنسيين وغير الفرنسيين على السواء، من التمييز والعنصرية في أشد صورها قبحاً، مؤكدين أن الرموز الدينية للديانات الأخرى حتى البوذية والسيخية مسموح بها في المدارس والمباني العامة، أما الرموز الإسلامية فلا، بل وغطاء الرأس لا.
* المصادر:
- رويترز، الجزيرة، وكالة الأنباء الفرنسية، صحيفتا الشرق الأوسط والحياة اللندنيتان.
ــــــــــــــــ(5/273)
(1) نعم! المرأة والرجل متساويان في الإنسانية وأداء العبادات وفي الجزاء وما إلى ذلك مما تطرق له كثير من الباحثين، انظر: كتاب (المساواة) د. علي عبد الواحد وافي.
(1) هذه الوزيرة ذات الاسم الإسلامي، علمانية متطرفة شديدة التعصب للفكر الديني.
http://albayan-magazine.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ
الحجاب وحرب قديمة لم تنته
ممدوح إسماعيل
الحرب ضد الحجاب قديمة بدأت في مصر منذ أكثر من مائة عام؛ حيث ظهر أول صوت من أعداء الإسلام وأنصار التغريب ضد حجاب المرأة المسلمة، ومنذ ذلك الحين لم تهدأ المعركة التي اشتعلت نيرانها في أماكن كثيرة من العالم الإسلامي بل وغير الإسلامي.
وكانت أول شرارة في تلك المعركة من الجانب التغريبي في مصر من صديق اللورد كرومر (مرقص فهمي) في كتابه المرأة في الشرق عام 1894م، ولكنها لم تُحدث أثراً كالطلقة التي أطلقها قاسم أمين في كتابه المسمى (تحرير المرأة) عام 1899م؛ وذلك بعد عودته من إتمام دراسته في فرنسا. ويلاحظ تلك النقطة الهامة ألا وهي المتعلقة بعودة قاسم أمين من فرنسا وتأليفه كتاباً سماه (تحرير المرأة). ثم بعد أكثر من مائة عام تأتي فرنسا لتمنع الحجاب وهي الحاضنة لكل الأفكار التي تعادي الحجاب، وقد أحدث الكتاب ردود فعل شديدة وخاصة في التيار الإسلامي والمحافظ، خاصة بعد أن أشارت بعض الأخبار إلى دور الشيخ محمد عبده في وضع بعض فصول الكتاب، ولكن طلقة قاسم تم الرد عليها بمائة طلقة أو مائة كتاب ترد على شبهات وأباطيل قاسم أمين كان أبرزها كتاب (قولي في المرأة) للشيخ مصطفى صبري، واشتعلت نيران حرب ضد الحجاب لم تنتهِ، ومن الملفت للنظر أنه انبرى من التيار المحافظ طلعت حرب مؤسس الاقتصاد المصري للرد على قاسم أمين في كتابين هما كتاب (تربية المرأة والحجاب) والآخر (فصل الخطاب في المرأة والحجاب)، شن فيهما هجوماً شديداً على قاسم أمين، وانبرى الزعيم الوطني مصطفى كامل للرد على قاسم أمين عقب صدور الكتاب مباشرة في شهر سبتمبر 1899م في خطبة له بالقاهرة في أول اجتماع للحزب الوطني جاء فيها: (فلا يليق بنا أن نكون قردة مقلدين للأجانب تقليداً أعمى، بل يجب أن نحافظ على الحسن من أخلاقنا، ولا نأخذ من الغرب إلا فضائله؛ فالحجاب في الشرق عصمة أي عصمة؛ فحافظوا عليه في نسائكم وبناتكم، وعلموهن التعليم الصحيح، وإن أساس التربية التي بدونه تكون ضعيفة وركيكة هو تعليم الدين) وفتح مصطفى كامل جريدة اللواء لكل الكتاب للرد على قاسم أمين. وصل صدى الكتاب إلى العراق والشام وانبرى الشعراء والكتاب للرد عليه مثل الشاعر العراقي البناء حيث قال:
وجوه الغانيات بلا نقاب تصيد الصيد بشرك العيون
إذا برزت فتاة الخدر حسرى تقود ذوي العقول إلى الجنون(5/274)
واهتم الإنجليز بترجمة كتاب قاسم أمين وعرضه حتى وصل خبر وموضوع الكتاب مترجماً إلى الهند؛ واهتمام الإنجليز بترجمة الكتاب ونشره يدل بوضوح على أن الحرب ضد بلاد المسلمين لم تقف عند احتلال الأراضي فقط. ولقد رعى الإنجليز هذا التيار التغريبي، وانضم إليهم سعد زغلول، وألقت هدى شعراوي بحجابها، إعلاناً بدخولها المعركة عملياً، وألف قاسم أمين كتابه الثاني (المرأة الجديدة) على خطى ومنوال الكتاب الأول، وتصدى له أيضاً مصطفى كامل. والملفت أن القصر وقف مؤيداً التيار الإسلامي والمحافظ في تلك المعركة التي أسفرت في ذلك الوقت عن ظهور وتفوق التيار الإسلامي والمحافظ (ولكن أعداء الحجاب ظل لهم وجود وإن كان ضعيفاً) وظهر تفوق أنصار الحجاب في موقف الملك فؤاد عندما استضاف ملك أفغانستان أمان الله الذي انهزم أمام أعداء الحجاب، وكانت زوجته ثريا سافرة، وعندما علم الملك فؤاد بذلك ألغى الزيارة، ثم وافق على شرط أن تكون إقامة الملكة غير رسمية ولا تظهر في أي تجمع، بل ولا تظهر سافرة أبداً حتى تغادر مصر، ووافق على ذلك الملك أمان الله. (يلاحظ أنه بعد تحرير أفغانستان من الاحتلال السوفييتي كان الحجاب الأفغاني من أهم معالم أفغانستان التي عمل الاحتلال الأمريكي بعد ذلك على طمسها بكل السبل) ولكن كان لمركز سعد زغلول السياسي أثره في تقوية التيار التغريبي في الحياة المصرية خاصة في قضية الحجاب، حتى إنه بدأ بزوجته صفية كي تكون قدوة للآخريات.
ولقد ساعد التيار التغريبي في حربه ضد الحجاب عدة عوامل أهمها:
1 سقوط الخلافة الإسلامية، وقيام دولة علمانية فرضت خلع الحجاب بالقوة عام 1925م، ولم يكن من قبيل المصادفة أيضاً أنه عندما نصب الإنجليز شاه إيران رضا بهلوي على حكم إيران أن ألغى الحجاب الشرعي، وبدأ بزوجته، فخلع حجابها، وصادف ذلك التوقيت السيطرة العسكرية الاستعمارية للغرب على البلاد العربية والإسلامية مع إظهار تقدمهم الصناعي والتكنولوجي، وإبرازه في الدول المستعمرة لإبهار الشعوب خاصة المثقفين مع ربطهم للحضارة باتباعهم، وإبراز أن التخلف والتأخر في تمسك الشعوب بدينها وعاداتها وتقاليدها، كل ذلك أوجد حالة من الانهزام النفسي عند كثير من المثقفين فتعلقت قلوبهم وعقولهم بكل ما هو غربي، ولم يفرقوا بين النافع والضار لمجتمعاتهم.
2 انتشار السينما والمسرح، وسيطرة التيار التغريبي على تلك الوسائل، ونشر أفكاره عبر دس السم في العسل.
3 السيطرة على التعليم عبر منهج دنلوب الإنجليزي والمدرسين الأجانب والبعثات التعليمية للبلاد الأوروبية والمدارس الأجنبية.
4 السيطرة على الصحافة.
كل هذه العوامل ساعدت في ذلك الوقت في الثلاثينيات على زيادة قوة التيار التغريبي ليس في مصر فقط، ولكن أيضاً في بعض البلاد الإسلامية. وكان أخبث خطط التغريبيين التي تم تنفيذها عبر الوسائل الإعلامية أن جعلوا أعظم أهداف الشعوب هو الجلاء العسكري للمحتلين فقط، أما غير ذلك من فكر وعادات الغرب التي تخالف عقيدة وهوية الشعوب فقد سربوها للناس على أنها وسائل النهضة والتقدم والرقي كي(5/275)
نلحق بركب الأمم القوية. وظل الحال كذلك حتى الخمسينيات، ولم يعرف خلع الحجاب طريقه إلا عند بعض المثقفين المتغربين ومن قلدهم، وانحصر في نطاق ضيق، ولم يتغير الوضع كثيراً مع رحيل الاستعمار وتغير الأنظمة الحاكمة؛ ذلك أن الوطنيين الذين ملكوا زمام الحكم شربت عقولهم كل الأفكار الغربية. ولكن مع ذلك التفوق التغريبي ظهر تواجد قوي تمثل في الإخوان المسلمين وبعض الجمعيات الإسلامية؛ ولكن فترة الخمسينيات في مصر تميزت بصدام الدولة مع الإسلاميين، وأيضاً فترة السيتينات، وتزامن ذلك مع امتداد المد الشيوعي إلى مصر، فظهر تفوق للسفور، وانتشر خلع الحجاب خاصة في المدن، وظهرت تقليعة الميني جيب والميكرو جيب، وكان ذلك لنجاح الفكر الغربي في بناء قاعدة قوية موالية في التعليم والصحافة والفن استطاعت مع ظهور التلفزيون وانتشاره أن تظهر تفوق التيار التغريبي في معركة الحجاب مع خلو الساحة من النشطاء من التيار الإسلامي والمحافظ، وضعف المؤسسة الدينية الأزهرية نتيجة كبت الحريات والاعتقالات، واضطهاد التيار الإسلامي في ذلك الوقت، ولعل في ذلك تأويلاً لحديث النبي - صلى الله عليه و سلم -: «صنفان من أمتي لم أرهما قط: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها ظهور الناس، ونساء كاسيات عاريات..»، وقد فسر الحديث انه مع اشتداد طغيان السلطة الحاكمة في بلاد المسلمين يقترن بذلك ظهور النساء كاسيات عاريات، ويؤكد ذلك التفسير الحكم الأتاتوركي في تركيا، والحكم البهلوي في إيران، وبورقيبة في تونس الذي فرض خلع الحجاب على النساء في تونس. إلا أن هزيمة 1967م كانت صدمة أعادت الناس إلى الإسلام، ووضح ذلك في بداية السبعينيات مع حكم الرئيس السادات؛ فمع أنه كان مولعاً بالغرب إلا أن حسابات الواقع فرضت عليه الانفتاح مع الإسلاميين وإخراجهم من السجون والمعتقلات، فعاد التيار الإسلامي إلى التواجد بقوة، وازدادت معركة الحجاب سخونة في مصر، وظهر لأول مرة النقاب في جامعة القاهرة، وظهرت معارض بيع الحجاب في الجامعات المصرية بأسعار زهيدة، وانبرى الدعاة غير الرسميين يحملون اللواء في معركة الحجاب عن طريق المنابر وأشرطة الكاسيت، ولم يسكت التيار التغريبي الذي ازدادت قوته بانفتاح الدولة على الغرب سياسياً واقتصادياً وفي شتى المجالات، وتبوأت الريادة في الفريق التغريبي الصحفية أمينة سعيد، وما لبثت أن دخلت زوجة الرئيس السادات معركة الحجاب؛ ففي حديث لمجلة فرنسية سئلت عن انتشار عادة الحجاب في مصر ورأيها في ذلك، فأجابت: (إنني ضد الحجاب؛ لأن البنات المحجبات يخفن الأطفال بنظرهن الشاذ، وقد قررت بصفتي مدرِّسة في الجامعة أن أطرد أي فتاة محجبة من محاضرتي..».
وقد بلغ قلق التغريبيين من الحجاب مداه بعدما تعدت الدعوة إلى الحجاب والالتزام به التيار الإسلامي إلى التيار المحافظ وإلى عامة الشعب، وتميزت فترة السبعينيات والثمانينيات بظهور التيار السلفي بقوة بجانب الإخوان المسلمين في معركة الحجاب لمواجهة المخالفين بالأدلة الشرعية الواضحة في حكم فريضة الحجاب مما أعطى التيار الإسلامي قوة في المعركة، واندفع كل فريق في المعركة مستخدماً أسلحته: التيار التغريبي استخدم الصحف والمجلات والإذاعة، وكان لظهور التلفزيون مع(5/276)
بداية السبعينيات في الريف والوجه البحري والقبلي أثره البالغ في التبرج وخلع الحجاب فضلاً عن السينما والمسرح. ومن جانب آخر استخدم التيار الإسلامي منابر المساجد والجامعات ومعارض الكتب لبيع الحجاب وأشرطة الكاسيت، وكانت قوته في الالتفاف الشعبي حوله، بينما كانت قوة التيار التغريبي في طبقة النخبة من بعض المثقفين المتعلقين بالتغريب والفنانين والإعلاميين المتغربين، واستطاع التيار التغريبي أن يؤلب النظام ضد الإسلاميين مستغلاً عدة أحداث؛ فاصطدم النظام بالإسلاميين، وكانت أحداث سبتمبر واعتقال معظم الدعاة أصحاب الدور الرائد في معركة الحجاب.. وكان رد الإسلاميين عنيفاً، فقتل السادات، وقال خالد الإسلامبولي قاتل السادات في أسباب قتله إنه أي السادات استهزأ بالحجاب، وقال عن الحجاب إنه خيمة في إحدى خطبه، واصطدمت الدولة بالتيار الإسلامي، وانحسر المد الإسلامي فترة مؤقتة، ثم عاد الوضع في منتصف الثمانينيات كما كان عليه من صراع ونزال بين الإسلاميين والتغريبيين في معركة الحجاب، ولكن في تلك الفترة وقعت مفاجأة مذهلة حيث انضم لمسيرة الحجاب طائفة جديدة أحدث اهتداؤها للطريق الصحيح نكسة وزلزلة لدى التغريبيين وهن الفنانات المعتزلات التمثيل المعلنات عن ارتدائهن الحجاب، ولم يفق التيار التغريبي من تلك الصدمة حتى الآن، ولكنه اجتمع يوجه سهامه ضد تلك الفنانات بكل الطرق والأساليب، ولكن معركته معهن كانت خاسرة؛ حيث ازدادت أعدادهن، ومن ثم لجأ أعداء الحجاب إلى التشكيك، وأدخلوا سلاحاً جديداً في المعركة ضد الحجاب وهو الأفلام والمسلسلات، واستطاع أعداء الحجاب أن يستغلوا الصراع بين الدولة والتيار الراديكالي في أحداث العنف التي وقعت في بداية التسعينيات في الحصول على قرار بمنع دخول المنقبات الجامعات المصرية، ودارت معارك قانونية استطاع فيها التيار الإسلامي أن يفوز بأحكام قانونية لصالح الحجاب، ولكن أعداء الحجاب نجحوا في التضييق على لبس الحجاب في المدارس.
ولكن: هل وقفت الحرب ضد الحجاب بعد مرور أكثر من مائة عام؟ المؤكد أنها لم تقف وإن كانت انتشرت في أماكن كثيرة في العالم الإسلامي بصور شتى؛ ففي تركيا أرض الخلافة الإسلامية العثمانية سابقاً كانت هناك معركة من الدولة ضد الحجاب في الجامعات، بل وضد نائبة في البرلمان بسبب ارتدائها الحجاب، وفي تونس حرب متنوعة ضد الحجاب والمرأة المسلمة بأشكال متنوعة وسافرة.
الحرب ما زالت مستمرة لم تقف، ولعل ما قدمناه في هذه الدراسة الموجزة عن المعركة والحرب ضد الحجاب في مصر وغيرها من بلاد المسلمين يعطينا الرؤية للقرار الفرنسي بمنع الحجاب، فهو يمثل انعكاساً للمعركة، وحالة الاختلاف حول الحجاب في بلاد المسلمين الذي يعد فرضاً شرعياً على كل مسلمة وليس رمزاً أو مظهراً تستطيع المسلمة التنازل عنه، ولكن نظراً لحالة الضعف والتفلت من الأحكام الشرعية عند المسلمين وتساهل المسلمات في شأن الحجاب كان صدى ذلك القرار الفرنسي الذي لم يجد حول الحجاب قوة تحفظ له مكانته في بلاد المسلمين، وازداد الأمر سوءاً بتساهل بعض المرجعيات الإسلامية في الأمر «شيخ الأزهر» وتقديم التبريرات والمسوغات للحكومة الفرنسية في منع الحجاب؛ مع أن القرار يتعارض(5/277)
مع علمانية فرنسا وحقوق الإنسان، ولكن لما هان الأمر عند المسلمين كان أهون عند غيرهم من غير المسلمين.
ولعلهم يتساءلون في حيرة: لماذا تلك الضجة إذا كان المسلمون لا يتمسكون هم بالحجاب؟
ولكن الحقيقة أن الموقف يدل على زاوية أخري وهي أن الغرب وجد أن علمانيته تحافظ على هوية المسلمين رغم التزامهم بالقوانين؛ فلم يجد مفراً من الدخول في المعركة لإثبات الذات والهوية الغربية التي نجح في ترسيخها عبر وكلاء له في دول المسلمين. ويبقى أن المستجدات بالنسبة لكل تعارض مع أحكام الإسلام سوف تكثر؛ لأن مناخ الضعف والتمزق والانفلات من أحكام الإسلام والتسيب يسود العالم العربي والإسلامي. وأيضاً لا ننسي أن العولمة من مقاصدها تذويب الهوية الإسلامية، والفرصة متاحة الآن في ظل حالة العداء ضد الإسلام المعنونة ب (الحرب ضد الإرهاب) والحرب ضد الحجاب أهم مدخل لتفكيك هوية المرأة المسلمة التي هي نصف المجتمع وأساس الأسرة؛ فإن انعدمت هويتها تزلزل المجتمع وانهارت الأسرة إسلامياً، وبقي الوجه الغربي ظاهراً في الحياة في بلاد المسلمين. ولكن كما سبق هي معركة لها طرف آخر وهم المتمسكون بأحكام الإسلام الذين يجاهدون بكل الطرق للحفاظ على الهوية والحفاظ على المجتمع والأسرة ليظل الصراع مستمراً. وبقي أن الحرب ضد الحجاب مظهر ووجه من أوجه الصراع ضد الإسلام بأشكال وأنماط مختلفة ومتنوعة.
http: //www.albayanmagazine.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ
ثورة أوروبا ضد الحجاب أم ضد الهوية الإسلامية ؟
خليل العناني
لم تكد تمر أسابيع معدودة على صدور قرار الرئيس الفرنسي جاك شيراك بحظر ارتداء الحجاب للطالبات المسلمات في المدارس الفرنسية، حتى اندلعت في أوروبا جدالات ونقاشات واسعة حول قضية الحجاب في المجتمعات الأوروبية بشكل عام، وبدا أن هناك بوادر «ثورة» غير معلنة ضد الحجاب الإسلامي في القارة العلمانية سواء في بلجيكا أو في ألمانيا؛ وبالطبع فقد انطلقت شرارتها الأولى في فرنسا.
ولعل ما يثير الغرابة والاستهجان من هذه القضية هو ذلك التناقض الذي تقع فيه أوروبا؛ فهي من ناحية تعد القارة الأولى التي تحترم الحريات الفردية وتقدسها، ولكنها من ناحية أخرى تفرض قيوداً على الحريات الدينية تحت غطاء سياسي، وتقدم مسوغات وحججاً واهية تقلل إلى حد كبير من نقاء الصورة التي رسمتها أوروبا طيلة القرون الماضية في أذهان وعقول الشعوب الأخرى. وواقع الأمر؛ فإنه لتحري الموضوعية والحيادية في تناول قضية الحجاب في أوروبا تجدر الإشارة إلى أن هذه المسألة ما هي إلا مجرد وجه واحد من الصورة الكلية التي للمسلمين في أوروبا، أي أن مناقشة هذا الأمر يجب ألاَّ ينظر إليها منفردة، بل بتناول حقيقة التعايش الإسلامي في أوروبا.
* أوروبا العلمانية في مواجهة أوروبا الدينية:(5/278)
بادئ ذي بدء تجدر الإشارة إلى أن قضية الحريات الدينية خاصة فيما يتعلق بالمسلمين في أوروبا ترتبط ببعدين أساسين:
أولهما: يتعلق بمدى القدرة على الحفاظ على أكبر قدر من التوازن بين ممارسة الحريات، وبين فصل الانعكاسات السياسية لهذه الحريات عن المجتمعات الأوروبية، أي فصل الدين عن الدولة فيما يعرف مجازاً ب «العلمانية».
والبعد الثاني: هو مدى التأثير الذي يمكن أن تتركه ممارسات المسلمين في أوروبا على غيرهم من ذوي الديانات الأخرى. وباختبار هذين البعدين يتضح لنا حقيقة الإشكالية التي تواجهها أوروبا في كيفية الحفاظ على منهجيتها العلمانية من جهة، والضغوط التي تمارسها لتقليل الصبغة الدينية لبعض الممارسات الحياتية في المجتمع الأوروبي. ويغلف هذين البعدين بالطبع نوع من خصوصية العلاقة بين مسلمي أوروبا وغيرهم من ذوي الديانات الأخرى؛ فأوروبا التي يعيش فيها ما يقرب من ثلاثين مليون مسلم وفق بعض التقديرات تجد نفسها مضطرة للاعتراف بخصوصية هؤلاء المسلمين، وهي ظلت لعقود طويلة تحافظ على هذه الخصوصية.
بيد أن ما يثير اللغط والتضارب هو مدى قدرة أوروبا على استيعاب وامتصاص المشاعر والتقاليد الإسلامية بها، وهي ظلت أيضاً لسنوات طويلة تحاول جاهدة الحفاظ على آلية الامتصاص هذه؛ بيد أن الأمر قد اتخذ منحى آخر حين ترددت الأحاديث حول المدى المسموح به لممارسة الطقوس والعادات الدينية الإسلامية في البلدان الأوروبية، وهو ما قد يقذف في الأذهان فكرة عدم استعداد أوروبا لامتصاص المزيد من السلوكيات والتصرفات الإسلامية في مجتمعاتها، ولربما يدفعها في هذا المنحى وجود هواجس قوية حذرة تجاه هذه السلوكيات يدعمها القلق من أمرين:
أولهما: التخوف من أن تتأثر بقية الشعوب الأوروبية بهذه السلوكيات، وهو ما قد يمثل خطراً داهماً على الطبيعة المسيحية لأوروبا.
والأمر الثاني: هو ارتباط الصورة الذهنية للمسلمين في أوروبا بالعنف والإرهاب. ولا ننسى في هذا الصدد الإشارة إلى الدور المؤثر الذي لعبته أحداث سبتمبر في رسم الصورة السيئة الحالية للمسلمين بشكل عام، وكلا الأمرين ربما يدفعان أوروبا إلى مراجعة استراتيجياتها ونهجها في التعاطي مع إشكالية الأقليات المسلمة الموجودة على أراضيها.
* الحجاب وعلمانية المدارس في أوروبا:
لعل ما أثار الجلبة والبلبلة في قضية الحجاب «الفرنسي» هو أنه جاء متناقضاً مع ما تعود عليه المسلمون في الغرب عموماً وفي أوروبا على وجه الخصوص؛ فالمسلمون في أوروبا يتمتعون بحقوق وحريات تفوق ما كانوا يمارسونه في بلادهم الأصلية بمراحل عديدة، ولذا يصبح من الصعب عليه تقبل فكرة تقليص هذه الحريات أو العبث بها تحت أي مسمى أو ادعاءات لا تخلو من الجهل السياسي. فغالبية الدول الأوروبية لا تمتلك تشريعات حول وضع رموز دينية في المدرسة تاركين للمدارس والسلطات المحلية حرية تدبير هذه الأمور حالة بحالة. لكن هناك حالة خاصة هي تركيا البلد المسلم الذي يتمتع بنظام علماني؛ حيث ارتداء الحجاب محظور في المدارس والجامعات والمباني العامة، وقد بقيت مسألة الرموز الدينية في(5/279)
المدارس موضع نقاش متجدد في فرنسا وألمانيا، وفي الأولى تم البت فيها بمنع أي رموز دينية إسلامية كانت أو غيرها، وفي ألمانيا فإن التشريع حول الرموز الدينية في المدرسة هو من اختصاص المقاطعات المحلية التي تمتلك الصلاحيات في مجال التربية والتعليم. وفي نهاية سبتمبر الماضي اعتبرت المحكمة الدستورية أن سلطات مقاطعة (بادن فورتمبرغ جنوب غرب ألمانيا) لا يمكنها أن تمنع مدرِّسة من أصل أفغاني من ارتداء الحجاب في الصف، لكنها أكدت على أن المناطق يمكنها إصدار قوانين تمنع ارتداء ملابس لها دلالة دينية في المدارس الحكومية مع الحرص على التوصل إلى «تشريع يقبله الجميع». ولنضع خطوطاً طويلة وعديدة حول هذه العبارة الأخيرة، فلا يجوز لأي مقاطعة فرض إجراء معين يتعلق بالحريات الدينية إلا بعد حصد الموافقة والقبول لهذا الإجراء.
ويذكر أن مقاطعتيْ «بادن فورتمبرغ وبافاريا» قد رفعتا الصلبان في الصفوف (اللتان يحكمهما المحافظون وكذلك مقاطعة برلين التي يحكمها الاجتماعيون الديموقراطيون والشيوعيون الجدد) وتستعدان لإصدار تشريعات لمنع وضع الحجاب.
في حين لا تمتلك بلجيكا قانوناً فدرالياً يحكم وضع علامات دينية في المدارس التي لها في المقابل حرية وضع أنظمة خاصة بها في هذا الإطار لمنع ارتداء الحجاب إذا اقتضت الضرورة، وقد عاد الجدل إلى الواجهة في سبتمبر الماضي؛ وذلك حين أعرب المسلمون عن تحفظهم على قرار اتخذته مدرسة رسمية في منطقة بروكسل بمنع وضع الحجاب خلال العام المدرسي الجديد.
وفي الدول الأخرى لا يثير ارتداء علامات دينية ظاهرة أي جدل بشكل عام؛ ففي بريطانيا يترك لكل مدرسة حرية اعتماد نظامها الداخلي الخاص في ما يختص بالزي المدرسي، وبشكل عام يسمح بارتداء الحجاب والقلنسوة اليهودية والعمائم، وفي هولندا يحظر القانون أي تمييز ديني، ويسمح بشكل عام بوضع الحجاب والرموز الدينية الأخرى في المدارس الرسمية. وفي الدانمارك يسمح بوضع الرموز الدينية لكنه غير منتشر كثيرا في المدارس. ولا تعتمد أسبانيا أي تشريع وطني بهذا الخصوص، ولا تخضع العلامات الدينية في المدرسة ومنها الحجاب لأي جدل علني. وفي حال وقوع نزاعات يعود القرار النهائي إلى المناطق التي تتمتع باستقلال ذاتي، وفي إيطاليا يسمح قانونان أقر العام 1924 و 1927م بوجود علامات خاصة بالديانة الكاثوليكية في المدارس.
وعليه فإن التفرقة بين سلوكيات المسلمين وعاداتهم بشكل عام وبين سلوكيات وتصرفات الأديان الأخرى كالمسيحية واليهودية تثير تساؤلات عديدة حول حقيقة التعاطي الأوروبي مع الأقليات المسلمة في أوروبا بشكل عام.
* الحجاب وصراع الهوية:
في نفس الوقت فقد لفتت قضية الحجاب في أوروبا إشكالية الصراع بين العنصرية من جهة والمحافظة على الهوية الوطنية داخل البلدان الأوروبية في الجهة الأخرى، فالمسلمون في أوروبا رغم عددهم القليل إلا أنهم ذوو تأثير كبير في نفوس الآخرين مما ولد مخاوف من إمكانية انتقال هذا التأثير إلى مستويات وقطاعات عريضة من(5/280)
السكان المحليين. فضلاً عن هذا ترى بعض الدول الأوروبية ومن بينها فرنسا بالطبع، أن مسألة الحجاب تثير حساسيات داخل جدران المدارس بما قد يؤثر على العملية التعليمية، ويحدو بها بعيداً عن هدفها الأساسي. بيد أن هذا القول مردود عليه؛ لأن هناك العديد من المدارس الفرنسية والألمانية والأمريكية في العديد من البلدان الإسلامية تمارس فيها سلوكيات وتقاليد بلدان كل مدرسة دون أن يكون هناك تخوف من امتداد تأثير هذه السلوكيات خارج الصرح التعليمي.
الأكثر من ذلك أن بعضاً خاصة في فرنسا ينظر للحجاب باعتباره غطاء لمفاهيم إسلامية أخرى، وينتج في نفس الوقت ثقافة عنيفة؛ فعلى سبيل المثال بات يُنظر إليه في فرنسا باعتباره عنواناً للأقلية المسلمة التي تعيش هناك، وتحولت المعاداة والريبة من قطعة القماش إلى النسيج الاجتماعي نفسه، ومن الحجاب إلى الديانة الإسلامية. وأصبحت مناطق الحظر تتوسع، وأخذ إطار الحرية لهذه الأقلية يتقلص شيئاً فشيئاً. فمن المدرسة أصبح الحديث عن المستشفيات، وطالب بعضٌ بأن تحترم العلمانية من طرف الطبيب والمريض؛ حيث تبين أن بعضاً من الطاقم الطبي النسائي يلبسن الحجاب؛ فقبل أن تكون طبيباً أو مريضاً عليك أن تكون علمانياً، ثم تم غلق مسبح كان يسمح فيه لسويعات معدودة في الأسبوع للنساء المسلمات بالترفيه عن أنفسهن بعيداً عن أعين الغرباء، حتى لا يتناقض مع مياه العلمانية التي ترفض الفصل بين المواطنين! ثم قام رئيس بلدية إحدى الضواحي الباريسية (Nogent sur marne) برفض الإشراف وقبول الزواج المدني لعروس؛ لأنها رفضت نزع الخمار، بدعوى عدم احترام القيم العلمانية للدول؛ لأن مقر البلدية رمز ومكان مبجل للجمهورية، ثم تلاه رفض أحد مديري المدارس دخول أولياء متحجبات إلى المدرسة لحضور حوار داخلي دعت إليه الدولة لمناقشة دور المدرسة، بدعوى علمانية المكان.
وكل هذه المظاهر الجديدة في المجتمع الفرنسي ليست شواذاً، ولكنها تعبير خطير عن عقلية جديدة بدأت تُنسج خيوطها في البيت السياسي أولاً، ثم تفشت في النسيج الاجتماعي، وهي الخوف والتوجس من هذا الدين ومن أصحابه، واعتبار أن جزءاً من هذا الوطن غير مرغوب فيه. وبالرغم من أن الرئيس الفرنسي قد حذر من هذا المنعطف، إلا أن القانون الذي أصدره بحظر الحجاب، قد يؤدي إلى نتائج خطيرة ترتبط بطبيعة العلاقة بين مختلف الطوائف بعضها ببعض، وإلى التدرجات الاجتماعية داخل الوطن الواحد، وسيشعر جزء منه أنه مضطهد، وأنه مواطن من الدرجة الثانية لاختلافه في المعتقد والدين. فهل هو عجز المجتمع الفرنسي عن استيعاب هذا الدين وتفهم ثقافة حامليه والقبول بالظاهرة الإسلامية؟ أم أن الخوف من الاحتواء الإسلامي للثقافة الأوروبية ولتاريخها يسوِّغ مثل هذه القوانين ويبشر بالمزيد منها؟
في نفس الوقت فقد كشفت قضية الحجاب في فرنسا أن العلمانية لم تعد تمارس حضورها كوعاء حاضن للاختلاف والتعدد أي لا تمارس علمانيتها إلا من خلال الأطر الثقافية والاجتماعية المهمشة، أو تلك المفرغة من أية مضمون أو بنية «عقائدية نضالية»، والتي لا تمثل تهديداً ل «هويتها الثقافية» وليس ل «علمانيتها السياسية»، مثل الجماعات الداعية إلى «عبادة الشيطان» أو «البوذية» أو «الزواج(5/281)
المثلي» أو الحرية الجنسية، وذلك على سبيل المثال لا الحصر. ومن هنا فإن فرنسا لم تخفق في محاولتها دمج المسلمين في المجتمع الفرنسي، وإنما تعمدت تهميشهم، وحصارهم داخل المناطق والجماعات المهمشة، وحشرهم داخل الأطر المشابهة، غير المؤهلة بطبيعتها للتمدد والتأثير الثقافي. هنا وهنا فقط تظل العلمانية الفرنسية محتفظة بوظيفتها كمظلة يستظل بها التعدد والاختلاف؛ وهذا شرط أساسي من الشروط التي تستقي منه العلمانية الفرنسية حيويتها. ولذا فإن فكرة دمج المسلمين في المجتمع الفرنسي، ربما تكون «واقعاً»، ولكن عندما يستسلم المسلمون لثقافة فرنسا وهويتها المسيحية، وليس الانصياع كما يُدعَى لمبادئ العلمانية، فليس ثمة مشكلة في الأخيرة؛ فهي في روحها وقوانينها تقبل هذا الاندماج، متى تحررت من القيود الحضارية (أو الثقافية)، وكذلك من أعباء الحفاظ على الجذور المسيحية للهوية الفرنسية.
من جانب آخر قد يتساءل أحد: ولماذا تثار حفيظة المسلمين نتيجة إلغاء هذه القطعة من القماش «الحجاب» باعتبارها ليست دليلاً قائماً على إيمان العبد وقربه من ربه خاصة في البلدان المسلمة؟ وهنا يأتي الجواب من مسلمي أوروبا؛ فالحجاب بالنسبة لهؤلاء ليس مجرد سترة تستتر بها الفتاة أو المرأة المسلمة التزاماً بتعاليم دينها، بقدر ما هو تعبير عن الهوية الإسلامية والتخوف من انصهارها في الهوية الغربية المسيحية كما يأمل الأوروبيون. وعليه يصبح التفريط في حق ارتداء الحجاب بمثابة التفريط في ركن أصيل من أركان الهوية الإسلامية التي يجاهد المسلمون في أوروبا في التمسك بها والمحافظة عليها.
http://www. albayan - magazine. comالمصدر:
ـــــــــــــــــــ
الدعوة للسفور وفضائل الحجاب
قال الله - تعالى -: [وَاللهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِلُواْ مَيْلاً عَظِيماً،
يُرِيدُ اللهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً] [سورة النساء، الآيتان 27 و 28].
قال غلادستون:
((لن يستقيم لنا حال الشرق ما لم يُرفع الحجاب عن وجه المرأة ويُغطى به القرآن))
قال الشاعر محمَّد حسن فقي:
يَا ابْنَةَ الإِسْلاَمِ والعَرَبِ *** وابْنَةَ الأَمْجَادِ والحَسَبِ
إِنْ أَرَدْتِ المَجْدَ فَانْطَلِقِي *** لِطِلاَبِ العِلْمِ ... وانْتَقِبِي
لاَ تَكُونِي مِثْلَ غَانِيَةٍ *** هَمُّهَا فِي اللَّهْوِ وَاللَّعِبِ
وَلْتَكُونِي مِثْلَ عَائِشَةٍ *** فَهِي فَخْرُ الطُّهْرِ وَالكُتُبِ
المقدمة:
الحمد لله، والصلاة والسلام الأتمان والأكملان على خير خلق الله،نبينا محمَّد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه. أما بعد:
فقد جعل الله - تعالى - حجاب المسلمة سمةً بارزة، وشعاراً ظاهراً، من خلاله تبرز شخصيتُها المستقلة، وكيانُها الشريف، ومقامُها العفيف، وهي مؤشر صريح يبيّن حال(5/282)
مجتمعها، ومن خلاله تُعرف كرامته، وحرصُه على شرفه وعفافه، ومدى تقيدِه بشرع ربِّه الحكيم، ودينِه القويم، وكتابِه الكريم، وبقدر تمسكه به تتجلى مجانبتُه صراط المغضوب عليهم والضالين.
وقد ظلَّ أمر التمسك بالحجاب على الجادة، مذ فُرض إلى منتصف القرن الماضي، لا يشك في وجوبه أحد، ولا يراه أحدٌ من المسلمين سبباً لتأخر، أو إيذاءً للنساء، بل يرونه سبباً لصون المرأة عن كلِّ متعرضٍ لها بفساد، وحمايةً لجماعة المسلمين من الفساد.
ولكن لما وفد من الغرب ما وفد، من عاداتٍ قبيحة، وتقاليد مشينة، وانحلالٍ خُلقي، وشذوذٍ سلوكي، صادف في كثير من المسلمين ضعفاً، وعن الدين بعداً، وللقوي المتجبر خضوعاً، وبالوافد المسيطر انبهاراً؛ فخرجت على المسلمين صيحاتٌ ينادي بها أناسٌ من أبناءِ جلدتنا، ينطقون بألسنتنا، قلوبهم قلوب ذئاب، قلوبٌ ملأها الوافد بحبِّه، وخربها بفساده، وعاث فيها بانحلاله؛ استلم قيادها، فأطاعته خاضعة ذليلة؛ وصارت تنادي بكلِّ ما يريد، وتخطب ودَّه وإن كان باتباع كلّ شيطان مريد.
فأصبح المسلمون وصيحاتُ التغريب تناديهم من هنا وهناك، متزلزلة في نفوس جمهورهم كثير من ثوابتها، حتى تبع من تبع منهم تلك الصيحات، وَصَدَّق بعضهم أنَّ الدين تقاليد وعادات، وبعضهم لم يبق له إلا محيط يستحي من مخالفته، وجماعةٌ لا يجرؤ على الخروج عن نطاقها، وبعضهم لم تعد لديه أدلة يطمئن إليها، وبعضهم عاجز عن مقارعة الحجَّة بالحجّة!
الدّعوة إلى التبرج والسفور:
إنَّ من أكثر الصيحات رواجاً، وأشدّها على أعراض النساء المسلمات خطورة: الدعوة إلى التبرج والسفور، هذه الدعوة التي تلبس للنساء في كلِّ بلد ما يكون تأثيره أشدّ، وزعزعته للثوابت أقوى، فمرة يروجون لها باسم الحرية، ومرة باسم مواكبة المدنية الغربية، ومرة باسم ما شذَّ من آراء فقهية، ومرة بلي أعناق نصوص شرعية، أو بوضعها في غير موضعها، أو بإطلاقها دون قيود، أو إنَّ القيود والضوابط من وضع فقهاء عفا الزمن آثارهم.
وإنَّ هذه الصيحات لا تقف أمام البحث العلمي، بل تولي هاربة بأصحابها، تجر ثياب الخيبة، ولا يملك أهلوها إلا وصم الطرف الآخر بالرجعية، وضيق العطن، وفقه الصحراء البدوي.
ومالنا ولذاك، فإنَّ الحقَّ أبلج، والباطل لجلج، والصبحَ لا يظهر إلا لذي عينين؛ وقد قيل في ذلك شعراً:
وليس يصح في الأذهان شيءٌ *** إذا احتاج النَّهارُ إلى دليلِ
ودعاة السفور أمرُهم بيّن، وحالُهم ظاهر، وتلبيسُهم، عند أهل الحقّ، جلي، لا يخفى على صاحب بصيرة؛ كيف، وقد بيّن الله لنا أمرهم، وأظهر لنا حالهم، وجلى لنا فعالهم؟ وهو القائل - سبحانه -: [وَاللهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِلُواْ مَيْلاً عَظِيماً] (سورة النساء، الآية 27).
*قال ابن جرير الطبري، - رحمه الله -: ويريد الذين يتبعون شهوات أنفسهم ... ((أن تميلوا)) عن الحق، وعمَّا أَذن الله لكم فيه، فتجوروا عن طاعته إلى معصيته،(5/283)
وتكونوا أمثالهم في اتِّباع شهوات أنفسكم فيما حرَّم الله، وترك طاعته (جامع البيان عن تأويل آي القرآن 8/214).
فضائل الحجاب ومثالب التبرج:
ويكفي المسلمة أن تعلم أنَّها بلبسها حجابها الشرعي تطيع الله جل جلاله، وتطيع رسولَه - صلى الله عليه وسلم - ، وفي ذلك سعادة الدارين، والفوزُ العظيم الذي لا يعدله فوز؛ قال الله - تعالى - [وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَد فَازَ فَوزاً عَظِيماً] (سورة الأحزاب، الآية 71).
والمسلمة بلبسها حجابها الشرعي تبتعد عن معصية التبرج، وهي معصية تسخط الله - تعالى - ورسوله - صلى الله عليه وسلم - ، وفي معصية الله ورسوله خسارة الدارين، والضلال المبين الذي يفقد بسببه الإنسان الهدى، ويُسلك به طريق الردى؛ قال - تعالى -:[وَمَن يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَد ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً](سورة الأحزاب، الآية 36).
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى)) قالوا: يا رسول الله، ومن يأبى؟ قال: ((من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى)) (متفق عليه: رواه البخاري/كتاب الاعتصام/باب الاقتداء بسنن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ومسلم/كتاب الإمارة/باب طاعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -).
وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((كل أمتي معافى إلا المجاهرين)) (متفق عليه: رواه البخاري/كتاب الأدب/باب ستر المؤمن نفسه، ومسلم/كتاب الزهد والرقائق/باب النهي عن هتك الإنسان ستر نفسه).
ومن تبرجت وأظهرت مفاتنها، وعصت الله - تعالى - بهذه المعصية الظاهرة فهي من المجاهرين، بل ما أعظم مجاهرة من تخرج متبرجة أمام الرجال الأجانب، ينظر إليها الغادي والرائح، ويكون جسدها نهباً لنظراتهم! قال - تعالى - [ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى] (سورة الأحزاب الآية 33).
والمسلمة بلبسها حجابها الشرعي تقف سدّاً منيعاً أمام الفتنة حتى لا تجد لها مقاماً وسط جماعة المسلمين، الذين لا تتبرج نساؤهم، وَتَرْكُهَا حجابها، وتبرجها أمام الرجال الأجانب سبب ظهور الفتنة، لأنَّها بتبرجها تدعو إلى النظرة المسمومة، وهي أول خطوة من خطوات إبليس في طريق الفساد، الذي يسبب فساد المسلمين وهلاكهم.
قال الله - تعالى -: [قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُواْ مِن أَبْصَارِهِم وَيَحْفَظُواْ فُرُوجَهُم] (سورة النور، الآية 30).
وقال - تعالى -: [وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغضُضْن مِن أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظنَ فُرُوجَهُنَّ] (سورة النور، الآية 31).
بدأ - تعالى - الأمر بالغضِّ من البصر قبل الأمر بحفظ الفرج لأنَّ البصر رائد القلب؛ كما أنَّ الحمى رائد الموت.
قال الشاعر:
ألم تر أنَّ العينَ للقلبِ رائدٌ *** فما تألف العينانِ فالقلبُ آلفُ(5/284)
والمسلمة بلبسها حجابها الشرعي وإخفائها الزينة التي أمر الله بإخفائها عن الرجال الأجانب تكون حرةً، كما أرادها الله، ولا تكون نهباً لكلِّ ذئبٍ بشري، يغرز أنيابَ نظراتِه في جسدها العاري طولاً وعرضاً، وإن سنحت له فرصةٌ صنع أكثرَ من ذلك، وهذه خطوات الشيطان، التي يستزلّ بها من أطاعه، وذلك أنَّ نظرة الرجل تُنشيء في قلبه الميل إلى من أُعجب بها، ثم يتحول ذلك الميلُ إلى حبّ، والحبُّ يجر إلى إدامة التفكير، وانشغال القلب بمن أحبّ حتّى يورثه ذلك عزماً على الوصال بمن تعلق قلبُه بها، وقد قيل شعراً:
نظرةٌ فابتسامةٌ فسلامٌ *** فكلامٌ فموعدٌ فلقاء
وهذا تسلسلٌ لخطوات الشيطان، من أطاعه في أولها، هوّن عليه التي تليها، وهكذا حتى يصل منتهى تلك الخطوات الشيطانية، وفي كتاب الله - تعالى - ذكر لأولها، وتخويفٌ من الوقوع في آخرها، وهو، والله أعلم، بيانٌ لحتمية الوقوع في آخرها متى تساهل العبد وأطاع إبليس في أولها.
قال الشاعر:
وَمُسْتَفْتِحٍ بَابَ البَلاءِ بِنَظْرَةٍ *** تَزَوَّدَ مِنْهَا قَلْبُهُ حَسْرَةَ الدَّهْرِ
وقرأ طاووس، - رحمه الله - ، قول الله - تعالى - [وَخُلِقَ الإِنْسَانُ ضَعِيفاً] فقال: في أمور النِّساء. ليس يكون الإنسان في شيء أضعفَ منه في النِّساء (تفسير عبد الرزاق 1/154، وجامع البيان عن تأويل آي القرآن 8/216. والآية في سورة النساء برقم 28).
وسئل سفيان الثوري، - رحمه الله - ، عن قوله [وَخُلِقَ الإِنْسَانُ ضَعِيفاً]: ما ضعفه؟ قال: المرأة تمر بالرجل فلا يملك نفسه عن النظر إليها، وهو لا ينتفع بها، فأيّ شيء أضعفُ من هذا؟
وكنتَ متى أرسلتَ طرفَكَ رائداً *** لقلبِكَ يوما ً أتعبتكَ المناظرُ
رأيتَ الذي لا أنتَ قادرٌ *** عليه ولا عن بعضِه أنتَ صابرُ
وقال آخر:
كم نظرةٍ فَتَكَتْ في قلبِ صاحبِها *** فَتْكَ السِّهامِ بلا قوسٍ ولا وترِ
يسرُّ مقلتَه ما ضرَّ مهجَتَه *** لا مرحباً بسرورٍ عاد بالضررِ
ومن المعلوم أنَّ أنوثة المرأة رأسُ مالها، وهي قيمتها التي تكمن فيها قوتها، وكلما صانت المرأةُ أُنوثَتَها عن الابتذال كلما زادت أنوثتُها قوة، وأنوثة المرأة لها مثلُ رجولة الرجل له، فهو يعتزّ بهذه، وهي تفخر بتلك، وكلما ابتذلت المرأةُ نفسها كلما نقصت أنوثتها، وقلَّ قدرها، وكلما نقصت رجولة الرجل كلما قلَّ قدره، فهذه بهذه، وتلك بتلك، الكلُّ بالكلّ، والحصةُ بالحصة!
والمسلمة بلبسها حجابها الشرعي وإخفائها زينتها، لسان حالها يقول لكل رجل أجنبي: غضَّ الطرف، فلستُ لك، ولستَ لي. إنِّي حرّة مستقلة، لا أستجدي عيناً نظرة؛ فأنا أعلى من ذلك قدراً، وأرفع مقاماً، لكوني قد سلكت سواءَ السبيل، وأعلنت للجميع طهري وعفافي، وحريتي واستقلالي بلبسي لحجابي.
أما المتبرجة، التي تبذلت بإظهار محاسنها للرجال الأجانب، فمسكينة مسكينة، لسان حالها يستجدي كلَّ ذئبٍ بشري، ويترجاه قائلاً: هل من نظرة؟ هل ... وهل ... ؟(5/285)
تستجدي هذا وذاك، وتتهالك على عتباتِ نظراتهم، علَّ أحدهم يجود عليها بنظرة!
فقولي لي بربِّك أي المرأتين حرّة مستقلة؟ التي رفعت نفسها، وتعالت بها عن هذا الإسفاف المقيت، أم تلك التي ارتمت على أعتاب نظرات الرجال؟
لا يشك عاقلٌ أنَّها المسلمةُ المتحجبة، التي فرضت احترامها على كلِّ من يراها، حيث علم من حالها أنَّها طاهرة عفيفة، بعيدةٌ عن الخنا والفجور، فبادَرَ إلى غض الطرف عنها؛ وصدق - تعالى - إذ يقول: [ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ](سورة الأحزاب، الآية 59).
أما المتبرجة فهي شحاذ يتكفف نظرات الرجال، تردها النظرة والنظرتان؛ أهانت نفسها، فضاعت كرامتها، وفقدت عزتها، وظنها من يراها سلعةً رخيصة، عَرَّضَتْ نفسها للمهانة والازدراء.
وإنَّ الإنسان ليعجب، من امرأة جَبَلَهَا الله - تعالى - على الاهتمام بكلِّ ما يرفع قدرها أمام الآخرين، ويشتد ضيقُ نفسها إذا علمت أنَّها في مرتبة دون ذلك، ترضى لنفسها أن تكون سلعة رخيصة، مبتذلة خسيسة، يُشْبِعُ كلُّ ذئب نهمته منها ثم يقذف بها، بعد أن تعافها نفسه، وهو في كلِّ ذلك، من قبل ومن بعد، يراها دمية يُلعب بها، ثم تُقذف في سبيل من قُذف بهن في قمامة الذُّل والمهانة!
ولو رأى مجتمعٌ أن يأذن لنسائه بالخروج سافراتٍ متبرجات، وأصبح كلُّ رجل يسرح طرفه في أجساد النساء الغاديات والرائحات، فقولي لي بربِّك: هل ترضين أن يكون زوجك ذلك الرجل الذي يدخل البيت وقد تعلق قلبه امرأة متبرجة؟ ملكت عليه فكره، وَأَصْبَحَتْ أمام ناظريه وهو ينظر إليكِ، ويقارن بينكِ وبينها، وأنت تتعاملين معه بعفوية، وتجاذبينه الحديث، والشيطانُ يعمل في تزيين تلك المتبرجة في نفسه، ويُجَمِّلها أكثر منك؟
إنَّ كل عاقل، من ذكر وأنثى، سيقول: إنَّكِ لو علمت بما في نفسه لتحولت بركاناً من الغيرة، وَلأَحْرَقَتْ نارُك مقوماتِ الحياة الزوجية القائمة، ولظلت تلك الحالةُ مصيبةً لا تنسينها، ولظللتِ طول عمرك تخافين أن يكون زوجك على تلك الحال التي أغضبتك، ولما استطعت التخلص من ذلك الهمّ مهما طالت الأيام، وتعاقبت السنوات. والرجل كذلك، بل أشدَّ.
واعلمي، بارك الله فيك، أنَّ الرجل عُرضة للافتتان بالمتبرجات، ولو كانت زوجته جميلة،فكيف إذا لم تكن كذلك؟
والحديث في هذا يطول،وفي هذا الذي ذكرناه كفاية لمن كان له قلب،أو ألقى السمع وهو شهيد.
وفي هذه الرسالة المختصرة بيان لصفات الحجاب الذي أمر الله - تعالى - به، وأمر به رسوله - صلى الله عليه وسلم - وكلُّ صفة من صفاته قرنتها بأدلتها من الكتاب والسنة، وأقوال وأفعال الصحابة رضوان الله عليهم، وأقوال العلماء من بعدهم، وذلك لتعلم المسلمة حقيقة الحجاب الذي أراد الله - عز وجل - منها أن ترتديه، وليكون ارتداؤها له عن قناعة، وتمسكها به تمسك مطمئنة إلى صحة ما تمسكت به، وحتّى لا تكون عرضة للشك من فعلها كلما عرضت لها شبهة، وبذا يكون حجابها طاعة لربِّها، ومصدر فخر واعتزاز لها بين بنات جنسها، وليكون حقّاً رمز طهر وعفاف،(5/286)
وتكون المتمسكة به قدوة لغيرها، بعيدة عن مراوغات من جعلت الحجاب عادة لا عبادة.
سائلاً الله للجميع التوفيق والسداد، وأن يكون هذا الجهد خالصاً لوجهه الكريم، مقرباً عنده،
إنَّه وليُّ ذلك والقادر عليه.
وصلى الله وسلَّم على نبينا محمَّد وعلى آله وصحبه.
http://dawahwin. com المصدر:
ـــــــــــــــــــ
صفات الحجاب الإسلامي الذي يجب أن تلتزم به المسلمة
* أولا: أن يغطي جميع البدن، فلا يبدو منه شيء: قال - تعالى -: [يأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما].
قال العلامة القرطبي المالكي - رحمه الله -: كانت عادة العربيات _ في الجاهلية _ التبذل وكشف الوجوه، فأمر الله الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يأمرهن بإدناء الجلابيب عليهن إذا أردن الخروج إلى حوائجهن، وإدناء الجلباب يعني تغطية الوجه، كما صح عن ابن عباس - رضي الله عنهما -أنه قال: أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب.
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ( المرأة عورة ).
وقد أجمع العلماء على حرمة خروج المرأة كاشفة عن وجهها أمام الرجال الأجانب، خاصة عند خوف الفتنة، أو كثرة الفساق، ذكر ذلك العلامة ابن عابدين الحنفي، والدسوقي المالكي، وإمام الحرمين الشافعي، وابن قدامة الحنبلي.
وذكر أئمة الشافعية أن الفتنة لا تؤمن إلا من المعصوم - صلى الله عليه وسلم -.
* ثانيا: أن لا يكون الحجاب مثيراً لنظر الرجال الأجانب، وعدم الإثارة يكون بأمور:
1_ أن يكون صفيقاً (متيناً) لا يشف عما تحته.
2_ أن يكون فضفاضا واسعاً، لا يجسد أعضاء المرأة.
3_ أن لا يكون زينة في نفسه، بل يكون ذا لون غير مزركش.
4_ أن لا يكون ثوب شهرة لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (من لبس ثوب شهرة في الدنيا ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة، ثم ألهب فيه النار).
5_ أن لا يكون مبخراً أو مطيباً، لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا استعطرت المرأة فمرت على القوم ليجدوا ريحها فهي زانية).
ثالثا: أن لا يكون فيه تشبه لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (من تشبه بقوم فهو منهم).
ولعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل.
ملاحظة: غطاء الوجه يكون بوضع ما يسمى بـ( الغدفة ) أو ( المسفع ) وهو ثوب رقيق أسود له ثقوب صغيرة جدا، تسمح للمرأة برؤية طريقها، ولا يرى أحد وجهها.
ويكون بإدناء الجلباب (العباءة) على الوجه، وإبداء العين اليسرى لترى بها المرأة الطريق.(5/287)
ويكون بلبس البرقع،وهو غطاء على قدر الوجه، له ثقبان صغيران على قدر العينين، تبصر المرأة بهما.
ويكون بلبس القناع، وهو ثوب تلفه المرأة على وجهها، فوق أنفها، فتبدو عيناها، كالرجل إذا تلثم.
ومما ينبغي التنبه له، أن المرأة عندما تجهل السبب الذي من أجله احتجبت عن الرجال، ويتحول حجابها إلى عادة مجردة، لا تقصد منها إطاعة أمر الله بإخفاء مفاتنها عن الرجال، تجدها تبدأ في التلاعب في غطاء وجهها، فتقلل عدد طبقات (الغدفة) أو (المسفع) حتى يصبح الغطاء كعدمه، بل قد يزيدها إغراء وفتنة. وقد ترفع العباءة عن وجهها قليلاً قليلاً حتى يبدو وجهها كله، وهذا يجر إلى ما بعده من كشف جزء من الشعر، ثم جزء من الرقبة والنحر وهكذا. وقد توسع فتحتي البرقع حتى تشمل محاجر عينها، وجزء من الخدين والجبهة فتصبح أكثر فتنة وإغراء، وإن لم تكن في الواقع جميلة.
فعلى المرأة المسلمة الحذر من ذلك كله، ومن خطورة التساهل فيه؛ لأنه يجر إلى ما هو أكبر منه.
وفقني الله وإياكم إلى ما يحب ويرضى، وجنبنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وزادنا فقها في دينه.
ونسأله - تعالى - أن يجعل فرحنا وسرورنا وفوزنا الأكبر يوم لقاه، وأن يجعلنا من ورثة جنة النعيم.
بارك الله لكم، وبارك عليكم، وجمع بينكم في خير.
http://www.dawahwin.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ
حجاب تونس
شعبان عبد الرحمن
في عام 1929م وقبل استقلال تونس وقف شاب في السادسة والعشرين من عمره مدافعاً عن الحجاب في إحدى الندوات التي شهدت دعوة صريحة لحظر الحجاب في البلاد.. قال الشاب: «الحجاب يصنع شخصيتنا، وبالنسبة لخلعه فإن جوابي هو الرفض... ». يومها ضجت القاعة على وقع ما قاله ذلك الشاب، وحدث جدل امتد إلى صفحات الصحافة التونسية حيث قام الشاب نفسه بكتابة سلسلة من المقالات يدافع فيها عن حق المرأة في ارتداء الحجاب... ذلك الشاب هو المجاهد الأكبر «الحبيب بورقيبة»!
ولم يكن أحد يعلم بأن تصاريف القدر ستلقي بتونس بين يديه ليحكمها عقب الاستقلال مباشرة، وكان أول قراراته محاولة رفع الغطاء عن رؤوس النساء التونسيات، ثم تشدد في حظر «الحجاب» بإصدار القانون 108 لسنة 1981 الذي يعتبر «حجاب المرأة» المسلمة زياً طائفياً يحظر ارتداؤه، بل ويحدد للمرأة بقية لباسها ليكون فوق «الركبة»!(5/288)
منذ ذلك التاريخ.. أصبح «الحجاب» في تونس يقف أمام السلطات التونسية في «قفص الاتهام» وتجري مطاردته وضبطه في الشوارع مثل جرائم السرقة والمخدرات والقتل وغيرها!
النساء والفتيات والطالبات والموظفات يتعرضن للمطاردة وإلقاء القبض عليهن، والمنع من دخول المؤسسات والجامعات والمدارس بسبب حجابهن، حتى المستشفيات ترفض استقبال المرضى من النساء بحجابهن.!
وبين الحين والآخر تجدد السلطات التونسية حملاتها المكثفة ضد الحجاب خاصة مع قدوم شهر رمضان الكريم ومع دخول أيام الحج وهي الحملات التي تذكّر بها السلطات الشعب بأن سلاحها مستيقظ لأي تهاون في الحجاب، ويصاحب تلك الحملات المكثفة في كل الأحوال حملات إعلامية مكثفة يقوم على رعايتها وتنفيذها حملة المباخر من المنافقين.
ويلخص الكاتب العلماني رضا الملولي توجه الدولة وجوقة الإعلام والطبقة الحاكمة حيال «الحجاب» في مقال له بعنوان: «مع الجمهورية.. ضد الحجاب» بقوله: «تحول الحجاب في السنوات العجاف الماضية إلى عنوان على القهر والعطالة اللذين أصابا المرأة المسلمة.. ما نلحظه في معاهدنا عودة غير بريئة إلى ارتداء الحجاب الطائفي وتحدي التلميذات للإدارات التي يبدو أن بعضها في غيبوبة». وعلى نهج الملولي يسير كثيرون من كتبة «السلطان».
والحرب المستعرة على الحجاب في تونس لا تمثل إلا جبل الجليد من منظومة حرب متكاملة ومتعددة المراحل على الهوية الإسلامية للشعب التونسي الذي يتجه نحو الإسلام بقوة، وهو ما أصاب سماسرة الاستعمار الثقافي بما يشبه الجنون، وقد أسفرت تلك الحرب حتى الآن عن اكتظاظ السجون بالأبرياء بسبب تمسكهم بإسلامهم، حيث لا يدري أحد عنهم شيئاً... قتل منهم من قتل، ويواجه الآخرون الموت البطيء في سرية وكتمان تحت الأرض، كما أسفرت عن (علمنة) التعليم حتى وصل إلى أعماق جامعة الزيتونة الإسلامية، وتأميم الحكم لصالح الحزب الواحد والرجل الأوحد..!
ولن نسمع بالطبع أحداً ولا منظمة تتحدث عن حقوق الإنسان في تونس خاصة في واشنطن أو أوروبا... لأن المستهدف هنا هو «الإسلام»، وهو في عرف أوروبا خطر رابض في الجنوب، وفي عرف واشنطن خطر «يربض» في كل مكان. ألم نسمع الرئيس الفرنسي يتكئ وهو يتجه نحو حظر الحجاب في فرنسا على تونس ويستشهد بأن دولة إسلامية تحظره فلم اللوم إذاً لفرنسا العلمانية!! وأيا كان الأمر فإن المبهر والمعجز في آن... أن الشعب التونسي صار كغيره من شعوب كثيرة، لم يعد يأبه بالحديد والنار وصار يندفع بقوة إلى أحضان دينه.
http://alarabnews. com المصدر:
ـــــــــــــــــــ
تغطية المرأة وجهها في زمن الفتنة واجب بإجماع العلماء
قبل أن أورد الكلام عن حكم تغطية الوجه، أردت أن أشير إلى مسألة الإجماع بما يلي:(5/289)
الأمة منذ القديم مجمعة على أن الفتنة داعية للتغطية، ذهب إلى ذلك الحنفية الحنابلة والمالكية والشافعية (سأورد إن شاء الله أقوالهم)، بل ذهب بعض العلماء إلى إيجاب التغطية حتى على الأمة، إذا صارت فاتنة، وكل ذلك مفهوم في ظل حرص العلماء على عفاف وستر نساء المؤمنين.. وتأمل في قول عائشة - رضي الله عنها -: (لو رأى رسول الله - صلى الله عليه و سلم - ما أحدث النساء، لمنعهن المسجد، كما منعت نساء بني إسرائيل)..
تدرك هذا، حيث رأت منع النساء من الخروج من البيت، إذا تغير الحال، والقرار في البيت أكبر من تغطية الوجه..
والشيء بالشيء يذكر.. فهذا الشيخ الألباني - رحمه الله تعالى - وهو من القائلين بجواز الكشف يقول:
" ولو أنهم قالوا: يجب على المرأة المتسترة بالجلباب الواجب عليه إذا خشيت أن تصاب بأذى من الفساق لإسفارها عن وجهها: أنه يجب عليها في هذه الحالة أن تستره دفعا للأذى والفتنة، لكان له وجه في فقه الكتاب والسنة..
بل قد يقال: إن يجب عليها أن لا تخرج من دارها إذا خشيت أن يخلع من الجلباب من رأسها من قبل بعض المتسلطين الأشرار المدعمين من رئيس لا يحكم بما أنزل الله، كما وقع في بعض البلاد العربية منذ بضع سنين مع الأسف الشديد.. أما أن يجعل هذا الواجب شرعا لازما على النساء في كل زمان ومكان، وإن لم يكن هناك من يؤذي المتجلببات فكلا ثم كلا.. " جلباب المرأة المسلمة ص17
فهو بالرغم من قوله بجواز كشف الوجه على وجه الإباحة مع كونه يرى الأفضل هو التغطية إلا أنه يرى، لا أقول وجوب التغطية فحسب، بل وجوب القرار في البيت، ألا تخرج أصلا، إذا صار الزمان زمان فتنة، يتعرض فيه السفهاء للصبايا واليافعات..
هذا واضح من كلامه..
ونحن نقول:
ألا ترون قدر الفتنة التي تكون اليوم جراء خروج الفتاة من بيتها؟.. الخروج لوحده يستفز السفهاء ليحوموا حول الحمى، من أجل التحرش والأذى، فما بالكم ولا شك رأيتم حينما تكشف عن وجهها، وكلكم سمع ورأى من مثل هذا، ما صار معلوما مشهورا.. بالإضافة إلى الكيد الكبير الذي يخطط له أعداء الحجاب، وهو معلوم لا يخفى..
إذن، نحن نعيش حالة حرب حقيقة مع أعداء الحجاب، وكل متبصر، أو لديه نصف تبصر يدرك هذا، وعلى هذا ألا تتفقون معي أن:
كل العلماء يجمعون أنه في زمان كهذا يجب التغطية، حتى من أجاز، حتى الشيخ الألباني نفسه في كلامه السابق يقرر هذا؟...
وأن الحكمة والعقل يأمران بالحجاب والتغطية، وأن ندعوا إلى هذه الفضيلة درءا لهذه الفتنة العمياء؟.
لو كان هناك من يرى جواز الكشف مطلقا، حتى في حال الفتنة، فإنهم بالنسبة لعموم الأمة شيء لا يذكر، وقولهم لا يقبل في محكم العقول..(5/290)
وقد ذكر أهل العلم، وقد نقلت كلامهم في حوار سابق، أن مخالفة بعض الأفراد لا ينقض الإجماع، وهو مروي عن الإمام أحمد وابن جرير، في مذكرة أصول الفقه للشنقيطي ص153:
" فصل لا ينعقد الإجماع بقول الأكثرين من أهل العصر في قول الجمهور، وقال ابن جرير الطبري و أبو بكر الرازي لا عبرة بمخالفة الواحد و الاثنين فلا تقدح مخالفتهما في الإجماع وقد أومأ إليه أحمد - رحمه الله -.
وحجة الجمهور أن العبرة بقول جميع الأمة، لأن العصمة إنما هي للكل لا البعض، و حجة الآخر اعتبار الأكثر وإلغاء الأقل.
قال في المراقي:
والكل واجب و قيل لا يضر......... لاثنان دون من عليهما كثر" ا.هـ
فالإجماع لا يشترط فيه ألا يكون فيه مخالف، هذا لو كان المخالف مخالفا بدليل صحيح، فكيف إذا كان دليله غير صحيح، ولا يصح الاحتجاج به؟..
حينذاك فلا حجة في خلافه، ومن ثم لا ينقض الإجماع بحال أبدا، فإن قول العالم معتبر إذا سانده الدليل، أما إذا لم يسانده فقوله غير معتبر، ولا ينقض به قول بقية العلماء، ولا ينقض به إجماعهم..
وفي مثل من يقول بجواز كشف الوجه حتى حال الفتنة، فهذا بالإضافة إلى مخالفته للقول الصحيح الراجح في أصل الكشف، كذلك هو قول يخالف الدليل الشرعي والعقلي الآمر بالبعد عن مواطن الفتن والريب.. وعلى ذلك فهو قول غير معتبر، ومن ثم إذا قلنا:
إن العلماء أجمعوا على المنع من كشف الوجه حال الفتنة..
هو قول صحيح، لا غبار عليه، من حيث:
إن الإجماع لا يشترط فيه عدم المخالفة من أحد، بل يصح حصول الإجماع، ولو خالف بعض الأفراد..
ومن حيث إن الإجماع لا ينقض بقول يخالف الدليل الشرعي..
وقد ذهب إلى مثل هذا جمع من العلماء، قال الشيخ بكر أبو زيد:
"هذا مع العلم أنه لم يقل أحد من أهل الإسلام بجواز كشف الوجه واليدين عند وجود الفتنة ورقة الدين، وفساد الزمان، بل هم مجمعون على سترهما، كما نقله غير واحد من العلماء" حراسة الفضيلة 82.
بعد هذه المقدمة عن قضية الإجماع، ألج إلى تفصيل الحكم في تغطية الوجه:
يقولون: "اختلف العلماء في الوجه واليدين بالنسبة للمرأة، فمنهم من أجاز لها كشفها، ومنهم من منع".. لكن الذي نعتقد أن كثيرا من الناس لم يفهم حقيقة هذا الخلاف بين أهل العلم..
والحقيقة تبرز إذا عرفنا أن الكلام عن عورة المرأة إنما يذكر دائما في " باب شروط صحة الصلاة"، فيقول العلماء: " وكل المرأة عورة إلا وجهها وكفيها"..
وهم إنما يقصدون عورتها في الصلاة، لا عورتها في النظر..(5/291)
وعورة الصلاة ليست مرتبطة بعورة النظر لا طردا ولا عكسا، فما يجوز كشفه في الصلاة بالنسبة للمرأة هو الوجه بالإجماع، واليدين عند جمهور العلماء، والقدمين عند أبي حنيفة وهو الأقوى..
أما خارج الصلاة فلا يجوز كشف ذلك أبدا، فإذا قيل: " إن وجه المرأة وكفيها ليستا بعورة"..
فهذا المذهب إنما هو في الصلاة إذا لم تكن بحضرة الرجال..
وأما بالنسبة لنظر الأجنبي إليها فجميع بدنها عورة لابد من ستره عن الأجنبي لقوله - عليه الصلاة والسلام -: (المرأة عورة)..
قال موفق الدين ابن قدامة:
" وقال مالك والأوزاعي والشافعي: جميع المرأة عورة إلا وجهها وكفيها، وما سوى ذلك يجب ستره في الصلاة".
وقال ابن القيم:
" العورة عورتان: عورة في الصلاة، وعورة في النظر، فالحرة لها أن تصلي مكشوفة الوجه والكفين، وليس لها أن تخرج في الأسواق ومجامع الناس كذلك".
وقال البيضاوي في تفسير قوله - تعالى -: {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها}:
"والمستثنى هو الوجه والكفان لأنهما ليستا من العورة، والأظهر أن هذا في الصلاة لا في النظر، فإن كل بدن الحرة عورة، لا يحل لغير الزوج والمحرم النظر إلى شيء منها إلا لضرورة".
وقال الصنعاني:
"ويباح كشف وجهها حيث لم يأت دليل بتغطيته، والمراد كشفه عند صلاتها بحيث لا يراها أجنبي، فهذه عورتها في الصلاة، وأما عورتها بالنظر إلى نظر الأجنبي إليها فكلها عورة كما يأتي تحقيقه".
فهذه النقول عن أهل العلم كافية لإثبات الفرق بين حدود العورة وحدود الحجاب..
وعليه فلا يصح أبدا ما قد يذكره بعض الناس من إجماع العلماء على جواز كشف الوجه واليدين، فبالإضافة إلى كونه جهلا بمواقف العلماء هو كذلك جهل بحقيقة الخلاف بينهم.
فمن ورد عنهم جواز كشف الوجه واليدين على قسمين:
قسم لا يجيز ذلك بإطلاق، بل يخصه في الصلاة فقط، ويحرمه عند وجود الرجال الأجانب، وهذا القسم لم يفهم بعض الناس قوله، فلما سمعه يقول: " والمرأة كلها عورة إلا وجهها وكفيها" أي في الصلاة..
ظن أن ذلك بالعموم حتى في النظر، فحمل قوله على جواز الكشف مطلقا، وهذا خطأ، فإنهم لم يقصدوا ذلك، فهذا سبب من أسباب الاختلاف في المسألة.
القسم الآخر أجاز الكشف بإطلاق..
والذي دعاه إلى ذلك قول منسوب لابن عباس - رضي الله عنهما - في تفسير قوله - تعالى -: {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها}، قال: " الكحل والخاتم"، لكن هذا الأثر إسناده ضعيف للغاية، فيه مسلم الملائي قال فيه النسائي: " متروك الحديث"..(5/292)
وهناك رواية أخرى قال فيها: "ما في الكف والوجه"، وهي كذلك ضعيفة، في إسنادها أحمد العطاردي قال ابن عدي: " رأيتهم مجمعين على ضعفه"..
فالنسبة إذاً إلى ابن عباس غير صحيحة بحسب الإسنادين السابقين، بل جاء عنه عكس ذلك، ففي تفسير آية الحجاب: {يدنين عليهن من جلابيبهن} قال ابن عباس:" أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب، ويبدين عينا واحدة".
لكن لو افترضنا صحة القول المنسوب إلى ابن عباس من طرق أخرى فكيف نفسر هذا التعارض بين قوليه:
مرة يجيز كشف الوجه واليدين، ومرة أخرى يحرم ذلك كله؟..
فالجواب: أنه أجاز أولاً، ثم لما نزلت آية الحجاب منع من ذلك، قال ابن تيمية:
"والسلف تنازعوا في الزينة الظاهرة على قولين، فقال ابن مسعود: هي الثياب، وقال ابن عباس ومن وافقه: هي ما في الوجه واليدين، مثل الكحل والخاتم...
وقبل أن تنزل آية الحجاب كان النساء يخرجن بلا جلباب، يرى الرجال وجهها ويديها، وكان إذ ذاك يجوز لها أن تظهر الوجه والكفين، وكان حينئذ يجوز النظر إليها لأنه يجوز إظهاره، ثم لما أنزل الله - عز وجل - آية الحجاب بقوله: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن}.
حجب النساء عن الرجال، وكان ذلك لما تزوج النبي - صلى الله عليه و سلم - زينب بنت جحش فأرخى النبي الستر ومنع أنسا أن ينظر، ولما اصطفى صفية بنت حيي بعد ذلك عام خيبر قالوا: إن حجبها فهي من أمهات المؤمنين، وإلا فهي مما ملكت يمينه، فحجبها...
فإذا كن مأمورات بالجلباب وهو ستر الوجه أو ستر الوجه بالنقاب، كان حينئذ الوجه واليدان من الزينة التي أمرت ألا تظهرها للأجانب، فما بقي يحل للأجانب النظر إلا إلى الثياب الظاهرة، فابن مسعود ذكر آخر الآمرين، وابن عباس ذكر أول الأمرين".
إذاً لو صح قول ابن عباس في إباحة كشف الوجه واليدين فإنما ذلك كان قبل النسخ، ثم لما نزلت آية الحجاب أوجب الله عليهن ستر جميع ذلك، هذا وابن مسعود يذكر في معنى الزينة الظاهرة أنها الثياب والرداء، فهو يخالف ابن عباس في قوله الأول لو صح عنه.
نخلص مما سبق أن سبب الخلاف في هذه المسألة ثلاثة أمور:
أولا: عدم التفريق بين حدود الحجاب وحدود العورة، فبعض المخالفين في هذه المسألة ظن أن ما يجب ستره في الصلاة هو الذي يجب ستره عن أعين الناس فحسب، وهو سائر البدن إلا الوجه والكفين..
وهذا فهم خاطئ فليست عورة الصلاة هي عورة النظر، بل عورة النظر أعم في حق المرأة من عورة الصلاة، فالمرأة لها أن تبدي وجهها وكفيها وقدميها في الصلاة، لكن ليس لها ذلك في محضر الأجانب أو إذا خرجت من بيتها.
ثانيا: عدم التحقيق في قول ابن عباس، فالأثر الذي ورد عنه في إباحة كشف الوجه ضعيف الإسناد بحسب الأسانيد السابقة، ثم إنه قد صرح في آية الحجاب بأن المرأة لا تظهر إلا عينا واحدة، فكان ينبغي أن يجمع قوله، ويؤخذ بما هو أصح وأصرح..(5/293)
وكل الآثار التي يحتج بها من قال بالجواز كحديث أسماء ضعيفة لا ينهض الاحتجاج بها، وكذا حديث الخثعمية بالرغم من صحته إلا أنه ليست فيه دلالة على جواز كشف الوجه.
ثالثا: عدم التفطن إلى إن الحكم فيه نسخ، أو فيه أول وآخر، فأما آية الزينة: {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها}، فقد كان أولاً، وكان النساء إذ ذاك يخرجن كاشفات الوجه واليدين، ثم لما نزلت آية الحجاب أمرن بالستر.
وعلى هذا الوجه يحمل قول ابن عباس، إن ثبت من طرق أخرى.
على أن ابن مسعود يفسر آية الزينة بتفسير يخالف تفسير ابن عباس الأول فيجعل الزينة الظاهرة هي الثياب أو الرداء، أو ما نسميه بالعباءة، وإسناده صحيح، وعلى ذلك فلا حجة في هذه الآية لمن احتج بها على جواز الكشف.
ومما يؤكد هذا الحكم قوله - تعالى -: {وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب}، وإذا سأل الرجل المرأة وهي كاشفة عن وجهها لم يكن سألها من وراء حجاب، وتلك مخالفة صريحة لأمر الله..
ثم إن هذا الخلاف بين الفقهاء بقي خلافا نظريا إلى حد بعيد، حيث ظل احتجاب النساء هو الأصل في جميع مراحل التاريخ الإسلامي، فقد كان ولا زال أحد معالم الأمة المؤمنة، قال الغزالي: " لم يزل الرجال على ممر الزمان مكشوفي الوجوه، والنساء يخرجن منتقبات"..
وقال ابن حجر: " العمل على جواز خروج النساء إلى المساجد والأسواق والأسفار منتقبات لئلا يراهن الرجال".
وهنا مسألة لابد من التنبه لها، وهي: أنك لو سألت هؤلاء المجيزين: "هل تجوزون كشف الوجه في زمن الفتنة أو إذا كانت المرأة فاتنة"؟.
لقالوا: "لا، بل يحرم الكشف في زمن الفتنة، أو إذا كانت المرأة شابة أو فاتنة"..
بل ذهبوا إلى أكبر من ذلك فقالوا:
"يجب على الأمة إذا كانت فاتنة تغطية وجهها"..
مع أن الأمة غير مأمورة بتغطية الوجه.
إذن، فجميع العلماء متفقون من غير استثناء على:
وجوب تغطية الوجه في زمن الفتنة، أو إذا كانت المرأة فاتنة، أو شابة..
ونحن نسأل:
أليس اليوم زمن فتنة؟..
وإذا كان العلماء جميعهم حرموا الكشف إذا كان ثمة فتنة، فكيف سيكون قولهم إذا علموا أن الكشف بداية سقوط الحجاب؟..
فلم تعد القضية قضية فقهية تبحث في كتب الفقه فحسب، بل القضية أكبر من ذلك إنها قضية مصير لأمة محافظة على أخلاقها، يراد هتك حجابها، وكشف الوجه هو البداية، قد اتخذ من اختلاف العلماء فيه وسيلة لتدنيس طهارة الأمة المتمثلة في الحجاب، ويعظم الخطر في ظل اتساع نطاق عمل المرأة وازدياد خروجها من البيت، مع نظرة بعض الناس للحجاب على أنه إلف وعادة لا دين وعبادة.
فهي مؤامرة على المرأة المسلمة..(5/294)
ومما يبين هذا:
تلك الصور والإعلانات التي تصور المرأة لابسة عباءة سوداء، كاشفة عن وجهها، لإقناع الناس بأن تغطية الوجه ليس من الحجاب، وترسيخ هذا المفهوم فيهم.
ومما يبين أن القضية ليست قضية اختلاف بين العلماء أن كثيرا من هؤلاء النساء اللاتي يكشفن الوجه لا يكشفنه لترجح أدلة الكشف عندهن، بل هن متبعات للهوى، قد وجدن الفرصة اليوم سانحة لكشف الوجه، ولو سنحت في الغد فرصة أخرى أكبر لما ترددن في اغتنامها، والدليل على هذا:
أنهن إذا سافرن إلى الخارج نزعن الحجاب بالكلية وصرن متبرجات لا فرق بينهن وبين الكافرات..
ولو كان كشفهن عن قناعة بالأدلة المجيزة للكشف للزمن ستر جميع الجسد بالعباءة إلا الوجه في كل مكان سواء في المقام أو في السفر إلا البلاد الأخرى..
ولو كان هذا الكشف ناتجا عن اتباع أقوال العلماء المجيزين لغطين وجوههن، لأن العلماء المجيزين يحرمون الكشف في زمن الفتنة، والزمان زمان فتنة ومع ذلك هن يكشفن وجوههن، والعلماء المجيزون حرموا الكشف على الفاتنة والشابة، وهن يكشفن بغير فرق بين الفاتنة وغير الفاتنة..
فالحقيقة أن هذا الفعل من هؤلاء النساء لم يكن عن اتباع لكلام أهل العلم، بل هو اتباع للهوى وتقليد للسافرات من الكافرات والمتبرجات، وتبرم وضجر من الانصياع لأمر الله - تعالى - في قوله:
{يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن}..
{ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن}..
{وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن}.
وإذا سألنا المجيزين سؤالا آخر فقلنا لهم: "أيهما أفضل التغطية أو الكشف"؟..
لقالوا بلا تردد: "التغطية أفضل من كشف الوجه، اقتداء بأمهات المؤمنين"..
ونحن نعلم أن استبدال الأدنى بالذي هو خير فساد في الرأي وحرمان من التوفيق، فإذا كانت التغطية هي الفضلى فلا معنى لترك هذا الأفضل إلى الأدنى إلا الجهل بحقيقة الخير والشر والربح والخسارة، والغفلة عن مكيدة الشيطان..
فإن الشيطان لا يزال بالأمة الصالحة يرغبها في الأدنى ويزهدها في الأعلى حتى تستجيب له، فما يزال بها حتى يوقعها في الشر والوبال، كما فعل بالرهبان والعباد، وكما فعل ببني إسرائيل حتى استحقوا سخط الجبار وانتقامه..
أنزل الله لهم المن والسلوى يأكلون منهما، فأبوا إلا الأدنى وسألوا موسى - عليه السلام - البصل والعدس والقثاء والفوم، فأنكر عليهم هذا الرأي الفاسد، كيف تستبدلون الذي هو أدنى باللذي هو خير؟، قال - تعالى -: {وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها قال أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباؤوا بغضب من الله ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير الحق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون}.(5/295)
فما مثلنا ونحن نفضل كشف الوجه الذي هو أدنى على غطائه الذي هو خير إلا كمثل بني إسرائيل، وقد علمنا ما أصابهم من الخزي والذلة والمسكنة لأمم الأرض جميعها، فكانوا منبوذين مكروهين، ونخشى أن يصيبنا ما أصابهم..
هذا إذا فرضنا جدلا أن كشف الوجه جائز والأفضل تغطيته، أما الذي ندين الله به لا بسواه، أنا نرى حرمة كشف الوجه من حيث الأصل، وكل من كشفت وجهها بغير إذن الشارع فهي آثمة عليها التوبة إلى الله، وإذن الشارع إنما يكون في أحوال معينة كإذنه بالكشف للقواعد من النساء والمراد خطبتها ونحوها..
إذن بالرغم من هذا الخلاف إلا أنه لم يوجد في تاريخ الأمة من العلماء من يدعوا إلى كشف النساء وجوههن، فمن لم يقل منهم بوجوب التغطية جعل ذلك هو الأفضل..
وعلى ذلك فلا يدعوا إلى السفور إلا أحد رجلين، إما أنه غير مطلع على مذاهب العلماء، فاهم لمقاصدهم، وإما أنه مفسد يتخذ من اختلاف العلماء ذريعة لتحقيق مآرب خبيثة في نفسه.
أخيرا نقول لمن أجاز كشف الوجه:
إن كنت قد اقتنعت بهذا الرأي تماما عن دين ويقين دون اتباع لهوى، فيجب عليك إذا أفتيت بهذا القول أن تقيده بما قيده العلماء المجيزون من قبلك، بأن تجعل كشف الوجه مشروطا بما يلي:
1 - ألا يكون في زمن فتنة، يكثر فيه الفساق.
2 - ألا تكون المرأة شابة.
3 - ألا تكون المرأة فاتنة جميلة.
فهذه الشروط واجبة، لا بد من ذكرها، إذا ما أفتيت بجواز الكشف..
أما أن تقول بكشف الوجه، هكذا بإطلاق، وتنسب ذلك لأهل العلم القائلين بكشف الوجه، فهذا تدليس، فإنهم ما قالوا بجواز الكشف، هكذا بإطلاق، كما يفعل من يفتي هذا اليوم، بل قيدوه بالشروط السابقة..
ثم كذلك يجب عليك أن تدل الناس إلى الأفضل، وهو التغطية بإجماع العلماء..
حينذاك تكون معذورا مجتهدا، لك أجر اجتهادك..
أما أن تخفي عن الناس حقيقة قول العلماء المجيزين، بعدم ذكر الشروط والأفضل، فإني أخاف عليك الإثم..
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ
معركة الحجاب والتحرر
أيُّ قِمَّة من التحرُّر بلغته فتيات وشابات مسلمات يوم وقفت المبادئ والقناعات في قلوبِهنّ أمام طغيان التسلط والتحكم في أجمل تعبير رمزي عن التحرر والثبات على المبدأ والانسجام بين الموقف العملي والعقيدة النظرية؛ يوم رفضت إحداهن التنازل عن زِيِّها الإسلامي وحجابها الذي تؤمن به.
مَنْعٌ من دخول قاعات الدراسة، وفَصْلٌ من الوظائف والمعاهد، وتَحَرُّشٌ وأذى في الطرقات والمرافق العامة... وتصوير المحجبات متخففات من ثيابهن بعد اقتحام منازلهن فجأة وعَنْوة - كما حصل لزوجة رئيس منظمة "كير" بعد أن قيدوها وابنتها(5/296)
- وذلك تحوّل من بعض دول الغرب عن "العَلْمانية الحيادية" إلى "العَلْمانية المعادية" للتدين - إن أحسنا الظن بصدق شعاراتها السابقة - أو ربما يكون ذلك فَلْتةً من فلتات اللسان وممارسةً كَشَفَتْ ما في الضمائر من النفاق الحضاري والسياسي نَبَّهَنا الله إليها"قد بَدَتْ البغضاء من أفواههم وما تُخفي صدورُهم أكبر...""ولَتَعْرفنّهم في لَحْن القَول"...
ما الذي أزعج الغربيين "المتفتحين" في الحجاب؟ ولماذا انتفض ممثلو الحريات والديمقراطيات المزعومة؟! ادَّعَوا أن الحجاب:"رمز ديني ترفضه العَلْمانية"، وأنه"يستخدم للاستعلاء الديني"، وأنه"ممارسة قمعية جبرية من الرجال الأصوليين على النساء"...
1. نعم الحجاب رمز ديني، وهؤلاء الغربيون - بهذا- أعمق فَهْماً من بعض الشرقيين الذين يدَّعون أنه عادة اجتماعية أو قومية!
2. ونعم الحجاب تعبير عن الاستعلاء الديني! وهل يملك أحد أن ينفي التفاوت بين القيم والممارسات وَعُلُوَّ بعضها وانحطاطَ بعضها الآخر؟! أظن أن ذلك مُغالطة سُفسطائية ولعبة خارجة عن الموضوعية،"هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون؟!""أفنجعل المسلمين كالمجرمين؟ ما لكم كيف تحكمون؟!".
ولكن غاب عن ذهن هؤلاء أن الحجاب استعلاءُ اعتزازٍ ديني وسرور بالمبدأ، لا استعلاءُ تكبّرٍ وحبِّ الشر للآخرين. وغاب عن ذهنهم أن الحجاب شعار للاستقامة والطهارة يحفظ المسلمة من الشبهات ومن أوهام ومطامع المنحرفين وأذََى مَرْضَى القلوب. وغاب عن ذهنهم أن المسلمة تنفذ فيه أَمْرَ الله سبحانه، طاعةً وعبادةً لِرَبِّها القائل:"يا أيها النبي قل لأزواجِك وبناتِك ونساء المؤمنين يُدْنِيْنَ عليهن مِن جلابيبهن ذلك أَدْنَى أنْ يُعْرَفْنَ فلا يُؤْذَيْنَ"[الأحزاب:59]. وكأنّ الغربيين - والفرنسيين خصوصاً - قرؤوا هذه الآية وفهموا المراد من"الأذى"حيث لا تكاد تخلو حقيبة امرأة فرنسية - حتى المتفلتات - من بخّاخ مخدِّر للدفاع عن نفسها حال تعرُّضها للاغتصاب!!
3. ولئن كان الحجاب"ممارسة قمعية جبرية من الرجال الأصوليين على النساء"فلماذا هذه الموجة من الرجوع إلى ارتداء الحجاب رغم عدم وجود نظامٍ يُلزم به؟! وأمهات بعض تلك التائبات غير محجبات أصلاً، وآباؤهن غير متدينين! بل كثيرات من الفتيات يواجهن ضغط المجتمع وأحياناً الأسرة؟! إن ثبات هؤلاء الشابات أمام القوانين التي تؤذيهن في دراستهن ووظائفهن وفي حياتهن الاجتماعية لَهُو أوضح وأقوى رد عملي على هذه الدعاوى والإشاعات، ودليل على التحرُّر من استعباد الموضات والعلمانية وغيرها! والواقع هو أن مَنْعَ الحجاب"ممارسة قمعية جبرية من الرجال الشهوانيين على النساء"!
أختي المسلمة: هذا نداء الله إليك وإلى بنات النبي - صلى الله عليه وسلم - في آية واحدة، ولهذه الضغوط الهائلة الفردية والدَّولية أكثر من معنى؛ منها: أن حجابك عظيم ومهم جدّاً يستدعي ويستأهل أن يواجَه بهذا الحجم لأنه تعريف عمليّ بالإسلام ودعوة إلى الله بلسان الحال! لذلك فالالتزام بالحجاب عبادة تؤجرين عليها كل لحظة، كما أن المتبرجة تشارك كل ناظر إليها ومفتون بها في إثمه وأوزاره.(5/297)
أختي المسلمة: ويبقى الجميع منتظراً لِرَدِّك أنتِ وموقِفِك، ولا شك أنك ستكونين حيث أَمَرَكِ الله وعند حسن ظننا ورائدة للتحرر!
http://www.itihad.org المصدر:
ـــــــــــــــــــ
نعمة الحجاب
حمدي شفيق
أثار حجاب المراة المسلمة دائما أحقاد أعداء الإسلام في الداخل والخارج. ولم تتوقف حملاتهم المسعورة للنيل منه ومحاولة اثناء المسلمات الطاهرات العفيفات عنه بلا جدوى؛ لأنهم يدركون جيدا أن المسلمة الملتزمة هي نصف المجتمع الإسلامي وصانعة النصف الآخر بإذن الله، وطالما أنها ملتزمة بالأمر الإلهي بالحجاب فهي بخير إن شاء الله وبالتالي فالمجتمع المسلم بخير كذلك. كما أنهم يرون في انتشار الخمار دليلا قاطعا على وجود صحوة إسلامية مباركة يسعون للقضاء عليها. وكلما فشلوا في نيل مآربهم ازداد خبالهم واشتعلت أحقادهم - والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون-.
مرة تقوم فرنسا ولا تقعد لأن طفلة جزائرية مسلمة أبت أن تنخلع من حجابها وحيائها وأصرت على دخول مدرستها بالحجاب.. ولم تهدا الضجة إلا بصدور حكم قضائي لصالح المسلمة الصغيرة الشجاعة.
ومرة أخرى تقوم السلطات في تركيا – نزولا على أوامر الأسياد الأوروبيين- باضطهاد نائبة في البرلمان التركي أصرت على الالتزام بحجابها، ثم يضغطون الآن على رئيس البرلمان الحالي لمنعه من اصطحاب زوجته المحجبة في الرحلات والمناسبات والاستقبالات الرسمية؛ لأن غطاء راس زوجته يهدد السلم والأمن الدوليين!!! ويهدد الجيش بالتدخل لإزاحة الحكومة الجديدة إذا سمحت بالحجاب في المدارس والجامعات والمصالح الحكومية!!
المثال الأخير من مصر التي رقص فيها كاتب نصراني أرثوذكسى متعصب وطبل وزمر- في مجلة حكومية يملكها الشعب المصري المسلم- شماتة وتشفيا؛ لأن ممثلة شابة خلعت الحجاب–الذي وصفه هذا المتعصب الحاقد بأنه غطاء للرأس والعقل!! وانه رمز للظلام و ... ..الخ. وإذا كنا نوقن كمسلمين ومسلمات أن الحجاب فريضة إسلامية بصريح نصوص القران والسنة وإجماع علماء السلف والخلف، وندرك أن الأخوات المسلمات لسن بحاجة إلى المزيد بهذا الصدد، فإننا نذكر الآخرين ببعض الحقائق والبراهين التي لا سبيل أمامهم إلى إنكارها إلا إذا استطاعوا التنكر للشمس الساطعة في كبد السماء..
فأولاً: انتم تتشدقون بحقوق الإنسان و الحريات والمساواة و ... .و ... فهل هذه الحقوق لكم وحدكم أم هي للبشر كافة ومنهم المسلمين والمسلمات؟ فإذا كانت الحرية والعدالة وحقوق الإنسان كل لا يتجزأ، فان من حق نساء المسلمين ارتداء ما شئن من ثياب الحشمة والوقار كما ترتدى نساؤكم ألبسة العرى والعار!!
ثانياً: نسألكم: لماذا تستهدفون في كل مرة زى المراة المسلمة وحدها؟ فلم نجد أحدا منكم قد تجرا مرة على التعرض لزى الراهبات مثلاً رغم أنهن يغطين الرؤوس(5/298)
كذلك؟!! وكذلك هناك زى نساء الهنود- السارى - الطويل الذي لم يتعرض له احد من قبل بكلمة واحدة!! هناك أيضاً أنواع من الملابس المحتشمة للنساء في قبائل و مناطق غير إسلامية في آسيا وأفريقيا لم يمسها منكم احد بكلمة ولا تعرض لها بأذى؟!! أليس في هذا كله دليلا قاطعا على أنكم لا تستهدفون سوى الإسلام وحده لأغراض دنيئة في نفوس مريضة؟!!
ثالثاً: يأبى الله إلا أن يتم نوره وينصر دينه وشريعته ولو رغمت أنوف الكافرين والعلمانيين.. ومن ذلك ما أثبتته الدراسات والأبحاث العلمية الحديثة التي أجراها علماء من أوروبا وأمريكا- من غير المسلمين- من ان كشف المرأة لأجزاء من جسدها يعرض تلك الأجزاء للإصابة بسرطان الجلد بنسب أعلى بكثير من الأجزاء المستورة من جسدها، فسبحان الله الرحمن الرحيم الذى لا يشرع لعباده الا ما يصلحهم و ينفعهم ويحميهم حتى من أنفسهم..
رابعا: حضر كاتب هذه السطور مناظرة مثيرة بين شاب سودانى مسلم وسيدة أوروبية في احد المطارات أثناء فترة انتظار إحدى الرحلات الجوية بأوروبا. وخلال المناظرة سألت السيدة غير الأوروبية: لماذا ترتدى المسلمات الحجاب؟؟ رد عليها الشاب المسلم الواعي بسؤال أيضاً: سيدتى عندما تذهبين إلى شراء الفاكهة، هل تشترين من الثمار المغلفة أم تشترين من الثمار المكشوفة المعرضة للذباب والأتربة وعبث الأيدي غير النظيفة؟؟ أجابت السيدة المسيحية: اشترى من الفاكهة المغطاة طبعاً.. فابتسم الشاب النابه قائلاً لها: هكذا أجبت أنت يا سيدتى بنفسك على سؤالك.. فضحكت المرأة إعجابا بالمنطق الإسلامي السديد في صون جمال المرأة وعفافها وطهارتها بالحجاب..
خامساً: تظن المراة البعيدة عن أدب الإسلام وحجابه أنها تستأثر باهتمام الرجل و تستحوذ على حواسه بسفورها وتبرجها.. وهى بذلك لا تفقه طبيعة الرجل الذي يمل بسرعة من الجمال المبتذل الرخيص المعروض هكذا لكل من هب ودب.. والواقع أن الأغلب الأعم من الرجال يثيره الكنز المخبوء أكثر، فهو يسعى إلى الزواج من المنتقبة أو المختمرة ولو كان هو من غير الملتزمين..
سادساً: أما حكاية غطاء العقل التي تطاول بها احد الكتاب النصارى في وصفه للخمار الإسلامي، فإننا نصفعه بالواقع المشاهد لكل ذي عينين، فان الكل يطالع صور المتفوقين من أوائل الشهادات العامة والكليات الجامعية المختلفة، وإذا كانت الظاهرة الملفتة للانتباه أن أكثر الأوائل هم من الفتيات، فالملاحظ أيضا أن اغلبهن من العفيفات الملتزمات بالخمار الإسلامي!!
سابعاً: لوحظ أن الأغلبية الساحقة من ضحايا جرائم الاغتصاب وهتك العرض في مختلف دول العالم هن من المتنبرجات السافرات، أما المحتشمات فلا يجرؤ احد من المجرمين على التعرض لهن، وتندر هذه الجرائم في المجتمعات الإسلامية بفضل الله أولا ثم ببركة الحجاب العفيف الطاهر— ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين-..
ثامناً: هناك في رأينا جانب إنساني عظيم للحجاب لا يفهمه أولئك الحاقدون على الإسلام العظيم وأهله..ذلك أن الله - تعالى - لم يخلق كل النساء على شاكلة واحدة، لحكمة ربانية، فمنهن الجميلة ومنهن من هي ذات حظ قليل من الملاحة.. لهذا فان من(5/299)
رحمة الله - تعالى - بالنساء أن تخفى كل منهن جمالها عن أعين زوج غيرها، فلا يفتتن الرجل بغير امراته، ولا يسخط على قدر الله في زواجه من امراة اقل جمالا من غيرها.. كذلك يرحم الله الرجل غير القادر على مئونة الزواج- مثل الشباب العاطل عن العمل في أيامنا هذه- فبالحجاب لا يرى هذا المسكين من أجساد النساء ما يفتنه، فأما أن ينحرف إلى الزنا، وأما أن يكبت شهوته ومشاعره فيصاب بأمراض نفسية وعضوية لا حصر لها.. لهذا يرحمه ربه بتحجب النساء فلا تثار شهوته إلى أن يرزقه الله بزوجة تعفه ويعفها بالحلال.. حتى المراة الجميلة يرحمها الله –كما قال الشيخ الشعراوى - رحمه الله- بان تختمر في شبابها فلا تفتن زوج أخرى، فيجزيها ربها في شيخوختها –عندما يزول جمالها – بالا يفتتن زوجها بأخرى اصغر منها وأجمل..
وختاماً: فان استعراض كل جوانب عظمة الإسلام في فرض الحجاب أمر تستحيل الإحاطة به في هذه السطور القليلة،، لهذا اقتصرنا على بيان أهم ما أحطنا به منها، والله سبحانه أعلى واعلم.
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ
الحجاب بيننا وبينهم
د. عبد الرحمن صالح العشماوي
تؤكد لنا الأحداث المتتابعة عظمة ديننا الإسلامي، وصحة عقيدته ومبادئه، وتؤكد لنا عظمة معجزته الكبرى القرآن الكريم، وصدق ما قاله نبينا محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم -، وما أخبر به من حالات العصور والبشر التي كشف الله - سبحانه و تعالى - عنها حجب الغيب أمام أفضل خلقه وخاتم أنبيائه.
{إنَّهٍمً يّكٌيدٍونّ كّيًدْا} تؤكد هذه الآية القرآنية حقيقةً ثابتةً على مر العصور في رحلة مواجهة أهل الكفر، والباطل لما شرع الله - سبحانه و- تعالى - من الشرائع، إنها حقيقة كيد أعداء الدين له ولأهله، ووقوفهم ضدّه وقوفاً مستوراً أحياناً، ومكشوفاً أحياناً أخرى {إنَّهٍمً يّكٌيدٍونّ كّيًدْا} أداة توكيدٍ وفعل مضارع يفيد الاستمرار وعدم الانقطاع، ومصدرٌ مؤكد لذلك الفعل، فالكيد من الأعداء مؤكد مستمر لا ينقطع حتى يرث الله الأرض ومن عليها، وفي هذه الآية الكريمة ما يردُّ على المستغربين من المسلمين في هذا العصر الذين ينفون «بسذاجة، أو بخبث» فكرة مؤامرة الأعداء ضدَّ الإسلام والمسلمين، وضدَّ دين الله الصحيح الذي شرعه للعالمين.
وإنَّ المتأمِّل المسترشد بكتاب الله وسنة رسوله - عليه الصلاة والسلام - ليعجب كلَّ العجب لبعض أبناء المسلمين الذين لا يتورَّعون عن تسويغ أعمال الكفار ومخططاتهم في عالمنا الإسلامي، ولا يستحيون من الله، ولا من الناس فيما يقولون أو يكتبون عن حالة الصراع الذي بدأه الشيطان بعصيانه للرحمن، واستمر في أعوانه وأنصاره من الجن ومن الإنس، وسيظل مستمراً إلى أن تقوم الساعة.
{لأٍغًوٌيّنَّهٍمً أّجًمّعٌينّ، إلاَّ عٌبّادّكّ مٌنًهٍمٍ المٍخًلّصٌينّ} إنَّ نيَّة الإغواء والعداوة والإفساد والمكر والكيد والمؤامرة ضد الخير موجودة أصلاً عند إبليس وعند من يطيعه في معصية الله من الثقلين الجن والإنس.(5/300)
في عصرنا هذا، وأيامنا هذه بالذات برزت لنا وجوه العداء سافرةً لا يسترها ستار، ولا يحجبها حجاب، وظهرت مخطَّطات أهل الكفر والعصيان ضد دين الله الصحيح، وضد أهله وأنصاره وأعوانه، بصورةٍ لا ينكرها إلا مصاب في وعيه، أو مخدوع في نفسه، أو مخذولٌ في عقله وقلبه، ولم تعد مخططات أعداء الخير والإنسانية تهديداتٍ مجرَّدة من الفعل، وإنما هي كما نشاهد تهديدات قولية مصحوبة بالدَّمار والقتل، والاحتلال، عياناً بياناً، جهاراً نهاراً، تهديدات منفَّذة على أرض الواقع في فلسطين، والعراق، وأفغانستان، وكشمير، والشيشان، وغيرها من البلدان، وكأني بتلك التهديدات الواقعة تسخر من أبناء المسلمين الذين ينكرون عداوة الأعداء، ويرفضون فكرة المؤامرة، نعم. تسخر منهم سخرية لاذعة تناسب ما هم فيه من الغفلة، وما يجنحون إليه من الوهم ونقصان الوعي بما يجري في عالم اليوم.
«الحجاب في فرنسا» معركة حامية الوطيس تجري على أرض «الثورة الفرنسية»، ثورة الحرية المطلقة «التي يدَّعونها» بل هي ثورة ثقافة الانحراف والتخلُّص من سيطرة المبادئ والقيم والأخلاق، نعم في فرنسا تقف أجهزة الدولة والإعلام في معركة غاشمة ظالمة لمواجهة فتيات مسلمات أبين إلا أن يطعن أمر الله بالحجاب، ويا لها من معركة مخجلة لدولة متطورة بزعمهم لو كانوا يفقهون.
فتيات سلاحهن لباس محتشِمٌ يحقق معنى الطهر والنقاء، والحفاظ على كرامة الإنسان، وعلى طاعة الرحمن، لباس لا نار فيه ولا لهب، ولا رصاص ولا قذائف، وإنما هي الحشمة، يراها المحاربون للحرية الحقيقية سلاحاً فتاكاً يعلنون في وجهه الحرب. ومهما كانت المسوِّغات، فإن الحقيقة تؤكد لنا أننا في مرحلة كشف الستار عن مذاهب الخداع والزيف، وأفكار المصادرة والعنف التي اختفت زمناً تحت شعارات الحرية الغربية الكاذبة، والديمقراطية الزائفة، ونحن لا نوغل في استغراب ما حدث وما يحدث لأن قرآننا الكريم قد بيَّن لنا أن أعداء الخير والدين يمكرون دائماً ويكيدون دائماً، ويصلون إلى ما يريدون أو بعض ما يريدون حينما يرون من المسلمين ضعفاً، وتخاذلاً، واستكانة وذلَّة، وهذا ما يشهد به واقع حالنا في هذه المرحلة.
وإني لأعجب مما يستحق أن نعجب منه، ألا وهو ما نراه من كتاب مسلمين، وكاتبات مسلماتٍ في بلادنا الإسلامية يحاربون ويحاربن الحجاب والحشمة، ويعدُّون ذلك تخلُّفاً، ورجعية، بل يعدُّه بعضهم صورة من صور الإرهاب والعنف، نعجب منهم عجباً مؤلماً،ينادون بخلع حجاب المرأة المسلمة وحشمتها في وقت تواجه فيه الفتاة المسلمة المتحجبة في فرنسا وغيرها حرباً شعواء ضد حجابها فتأبى أن تستسلم، أليست مفارقة عجيبة مؤلمة؟
إشارة:
لا تسلني عن سموِّ الهدف *** درَّة مكنونة في الصدفِ
http://new.meshkat.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ
ومن يمنعك من الحجاب ؟
د.هويدي إسماعيل(5/301)
أحمد الله - تعالى - كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، وأصلي وأسلم على رسوله الكريم الذي رسم الطريق إلى رضوان الله وجنته، فكان ذلك الطريق مستقيماً، تحف جنباته الفضيلة، ويحفل بطيب الأخلاق، ويزدان بزينة الطهر والستر والعفاف، وكان طريقاً يقود شقي المجتمع الإنساني (الرجل والمرأة) إلى مرافئ الاطمئنان والسعادة في الدنيا والآخرة.
فكان من ذلك: أن أوجب المولى - تبارك و تعالى - على المرأة الحجاب؟ صوناً لعفافها، وحفاظاً على شرفها، وعنواناً لإيمانها، من أجل ذلك كان المجتمع الذي يبتعد عن منهج الله ويتنكب طريقه المستقيم: مجتمعاً مريضاً يحتاج إلى العلاج الذي يقوده إلى الشفاء والسعادة.
ومن الصور التي تدل على ابتعاد المجتمع عن ذلك الطريق، وتوضح بدقة مقدار انحرافه وتحلله: تفشي ظاهرة السفور والتبرج بين الفتيات، وهذه الظاهرة نجد أنها أصبحت للأسف من سمات المجتمع الإسلامي، رغم انتشار الزي الإسلامي فيه، فما هي الأسباب التي أدت إلى هذا الانحراف؟
للإجابة على هذا السؤال الذي طرحناه على فئات مختلفة من الفتيات كانت الحصيلة: عشرة أعذار رئيسة، وعند الفحص والتمحيص بدا لنا كم هي واهية تلك الأعذار!
معاً أختي المسلمة نتصفح هذه السطور؟ لنتعرف - من خلالها - على أسباب الإعراض عن الحجاب، ونناقشها كلاً على حدة:.
العذر الأول: قالت الأولى: أنا لم أقتنع بعد بالحجاب.
نسأل هذه الأخت سؤالين:
الأول: هل هي مقتنعة أصلاً بصحة دين الإسلام؟
إجابتها بالطبع نعم مقتنعة؟ فهي تقول:" لا إله إلا الله "، ويعتبر هذا اقتناعها بالعقيدة، وهي تقول " محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "، ويعتبر هذا اقتناعها بالشريعة، فهي مقتنعة بالإسلام عقيدة وشريعة ومنهجاً للحياة.
الثاني: هل الحجاب من شريعة الإسلام وواجباته؟
لو أخلصت هذه الأخت وبحثت في الأمر بحث من يريد الحقيقة لقالت: نعم فالله - تعالى - الذي تؤمن بألوهيته أمر بالحجاب في كتابه، والرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - الذي تؤمن برسالته أمر بالحجاب في سنته.
فماذا نسمي من يقتنع بصحة الإسلام ولا يفعل ما أمره الله - تعالى - به ورسوله الكريم؟ هو على أي حال لا يدخل مع الذين قال الله فيهم: ((إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون)) النور:51
خلاصة الأمر: إذا كانت هذه الأخت مقتنعة بالإسلام فكيف لا تقتنع بأوامره؟
العذر الثاني: قالت الثانية: أنا مقتنعة بوجوب الزي الشرعي، ولكن والدتي تمنعني لبسه وإذا عصيتها دخلت النار.
يجيب على عذر هذه الأخت أكرم خلق الله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقول وجيز حكيم "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق "، فمكانة الوالدين في الإسلام - وبخاصة الأم - سامية رفيعة، بل الله - تعالى - قرنها بأعظم الأمور - وهي عبادته(5/302)
وتوحيده - في كثير من الآيات، كما قال - تعالى -: ((واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً)) النساء:36.
فطاعة الوالدين لا يحد منها إلا أمر واحد هو: أمرهما بمعصية الله؟ قال - تعالى-: ((وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما)) لقمان:15.
ولا يمنع عدم طاعتهما في المعصية في الإحسان إليهما وبرهما قال - تعالى-: ((وصاحبهما في الدنيا معروفاً)) لقمان:15
خلاصة الأمر: كيف تطيعين أمك وتعصين الله الذي خلقك وخلق أمك؟
العذر الثالث: أما الثالثة فتقول: "إمكانياتي المادية لا تكفي لاستبدال ملابسي بأخرى شرعية".
أختنا هذه إحدى اثنتين:
إما صادقة مخلصة، وإما كاذبة متملصة تريد حجاباً متبرجاً صارخ الألوان، يجاري موضة العصر غالي الثمن.
نبدأ بأختنا الصادقة المخلصة:
هل تعلمين يا أختاه أن المرأة المسلمة لا يجوز لها الخروج من المنزل بأي حال من الأحوال حتى يستوفي لباسها الشروط المعتبرة في الحجاب الشرعي والتي من الواجب على كل مسلمة معرفتها، وإذا كنت تتعلمين أمور الدنيا فكيف لا تتعلمين الأمور الني تنجيك من عذاب الله وغضبه بعد الموت؟! ألم يقل الله: ((فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)) النحل: 43، فتعلمي يا أختي شروط الحجاب.
فإذا كان لا بد من خروجك فلا تخرجي إلا بالحجاب الشرعي، إرضاء للرحمن، وإذلالاً للشيطان، وذلك لأن!! مفسدة خروجك سافرة متبرجة أكبر من مصلحة خروجك للضرورة.
يا أختي لو صدقت نيتك وصحت عزيمتك لامتدت إليك ألف يد خيرة، ولسهل الله - تعالى - لك الأمور، أليس هو القائل: ((ومن يتق الله يجعل له مخرجاً * ويرزقه من حيث لا يحتسب)) الطلاق: 2، 3.
أما أختنا المتملصة، فلها نقول:
الكرامة وسمو القدر عند الله - تعالى - لا تكون بزركشه الثياب وبهرجة الألوان، ومجاراة أهل العصر، وإنما تكون بطاعة الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - والالتزام بالشريعة الطاهرة والحجاب الإسلامي الصحيح، واسمعي قول الله - تعالى-: ((إن أكرمكم عند الله أتقاكم)) الحجرات: 130.
خلاصة الأمر: في سبيل رضوان الله - تعالى - ودخول جنته: يهون كل غال ونفيس من نفس أو مال.
العذر الرابع: جاء دور الرابعة فقالت: "الجو حار في بلادي وأنا لا أتحمله، فكيف إذا لبست الحجاب".
لمثل هذه يقول الله - تعالى -: ((قل نار جهنم أشد حراً لو كانوا يفقهون)) التوبة: 81
كيف تقارنين حر بلادك بحر نار جهنم.
اعلمي - أختي الكريمة - أن الشيطان قد اصطادك بإحدى حبائله الواهية، ليخرجك من حر الدنيا إلى نار جهنم، فأنقذي نفسك من شباكه، واجعلي من حر الشمس نعمة(5/303)
لا نقمة، إذ هو يذكرك بشدة عذاب الله - تعالى - الذي يفوق هذا الحر أضعافاً مضاعفة، عندها ترجعين إلى أمر الله، وتضحين براحة الدنيا في سبيل النجاة من النار، التي قال - تعالى - عن أهلها: ((لا يذوقون فيها برداً ولا شراباً * إلا حميماً وغساقا)) النبأ:24، 25.
خلاصة الأمر: حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات.
العذر الخامس: لنستمع الآن إلى عذر الخامسة حيث قالت: أخاف إذا التزمت بالحجاب أن أخلعه مرة أخرى، فقد رأيت كثيرات يفعلن ذلك!!.
وإليها أقول: لو كان كل الناس يفكرون بمنطقك هذا لتركوا الدين جملة وتفصيلاً ولتركوا الصلاة، لأن بعضهم يخاف تركها، ولتركوا الصيام لأن كثيرين يخافون من تركه إلخ.. أرأيت كيف نصب الشيطان حبائله مرة أخرى فصدك عن الهدى؟.
والله - تعالى - يحب استمرار الطاعة حتى ولو كانت قليلة أو كانت مستحبة، فكيف إذا كان واجباً مفروضاً مثل الحجاب؟!.
قال - صلى الله عليه وسلم -: " أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل ".. لماذا لم تبحثي عن الأسباب التي أدت بهؤلاء إلى ترك الحجاب حتى تجتنبيها وتعملي على تفاديها؟ لماذا لم تبحثي عن أسباب الثبات على الهداية والحق حتى تلتزمي بها؟
فمن تلك الأسباب: الإكثار من الدعاء بثبات القلب على الدين كما كان يفعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكذلك: الصلاة والخشوع، قال - تعالى -: ((واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين)) البقرة:45.
ومنها: الالتزام بكل شرائع الإسلام ومنها: الحجاب قال - تعالى -: ((ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيراً لهم وأشد تثبيتاً)) النساء. 66.
خلاصة الأمر: لو تمسكت بأسباب الهداية وذقت حلاوة الإيمان لما تركت أوامر الله - تعالى - بعد أن تلتزمي بها.
العذر السادس: الآن هاهي ذا السادسة، فما قولها؟ قالت: قيل لي " إذا لبست الحجاب فلن يتزوجك أحد لذلك سأترك هذا الأمر حتى أتزوج "!
إن زوجاً يريدك سافرة متبرجة عاصية لله هو زوج غير جدير بك، زوج لا يغار على محارم الله، ولا يغار عليك، ولا يعينك على دخول الجنة والنجاة من النار.
إن بيتاً بني من أساسه على معصية الله وإغضابه حق على الله - تعالى - أن يكتب له الشقاء في الدنيا والآخرة، كما قال - تعالى -: ((ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى))طه:124.
وبعد، فإن الزواج نعمة من الله يعطيها من يشاء، فكم من متحجبة تزوجت، وكم من سافرة لم تتزوج.
وإذا قلت: إن تبرجي وسفوري هو وسيلة لغاية طاهرة، ألا وهي الزواج، فإن الغاية الطاهرة لا تبيح الوسيلة الفاجرة في الإسلام، فإذا شرفت الغاية فلابد من طهارة الوسيلة، لأن قاعدة الإسلام تقول: "الوسائل لها حكم المقاصد ".
خلاصة الأمر: لا بارك الله في زواج قام على المعصية والفجور.(5/304)
العذر السابع: وما قولك أيتها السابعة؟ قالت "لا أتحجب: عملاً بقول الله - تعالى -: ((وأما بنعمة ربك فحدث)) الضحى:11 فكيف أخفي ما أنعم الله به علي من شعر ناعم وجمال فاتن؟"
أختنا هذه تلتزم بكتاب الله وأوامره مادامت هذه الأوامر توافق هواها وفهمها، وتترك هذه الأوامر نفسها حين لا تعجبها، وإلا فلماذا لم تلتزم بقوله - تعالى -: ((ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها)) النور:31 وبقوله - سبحانه -: ((يدنين عليهن من جلابيبهن)) الأحزاب:59 .
فأنت بقولك هذا يا أختاه؟! تكونين قد شرعت لنفسك ما نهى الله - تعالى - عنه، وهو التبرج والسفور، والسبب عدم رغبتك في الالتزام.
إن أكبر نعمة أنعم الله بها علينا هي نعمة الإيمان والهداية، فلماذا لم تظهري وتتحدثي بأكبر النعم التي أنعم الله بها عليك ومنها الحجاب الشرعي؟
خلاصة الأمر: هل هناك نعمة أكبر للمرأة من الهداية والحجاب؟
العذر الثامن: نأتي إلى أختنا الثامنة التي تقول: " أعرف أن الحجاب واجب، ولكنني سألتزم به عندما يهديني الله " فنسأل هذه الأخت عن الخطوات التي اتخذتها حتى تنال هذه الهداية الربانية؟
ونحن نعرف أن من حكمة الله - تعالى - أن جعل لكل شيء سبباً، فكان من ذلك أن المريض يتناول الدواء كي يشفى، والمسافر يركب العربة أو الدابة حتى يصل غايته والأمثلة لا حصر لها.
فهل سعت اختنا هذه جادة في طلب الهداية وبذلت أسبابها: من دعاء الله - تعالى - مخلصة، كما قال - تعالى -: ((اهدنا الصراط المستقيم))الفاتحة، ومجالسة الصالحات فإنهن خير معين على الهداية والاستمرار فيها، حتى يهديها الله - تعالى - ويزيدها هدى، ويلهمها رشدها وتقواها، فتلتزم بأوامره - تعالى - وتلبس الحجاب الذي أمر به المؤمنات؟
خلاصة الأمر: لو كانت هذه الأخت جادة في طلب الهداية لبذلت أسبابها فنالتها.
العذر التاسع: وما قول أختنا التاسعة؟ قالت: "الوقت لم يحن بعد وأنا مازلت صغيرة على الحجاب، وسألتزم بالحجاب بعد أن أكبر وبعد أن أحج".
ملك الموت، أيتها الأخت، زائر يقف على بابك ينتظر أمر الله - تعالى - حتى يفتحه عليك في أي لحظة من لحظات عمرك قال - تعالى -: ((فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون)) الأعراف:34.
الموت يا أختاه لا يعرف صغيرة ولا كبيرة، وربما جاء لك وأنت مقيمة على هذه المعصية العظيمة تحاربين رب العزة بسفورك وتبرجك.! يا أختاه سابقي إلى الطاعة مع المسابقين، استجابة لدعوة الله تبارك و - تعالى -: ((سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض)) الحديد:21
يا أختاه لا تنسي الله - تعالى - فينساك، بأن يصرف عنك رحمته في الدنيا والآخرة، وينسيك نفسك فلا تعطيها حقها من طاعة الله وعبادته قال - تعالى - عن المنافقين: ((نسوا الله فنسيهم)) التوبة: 67 وقال - تعالى -: ((ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم)) الحشر:19(5/305)
أختاه: ابتعدي ولو كنت في هذا السن عن فعل كل المعاصي ومنها تركك للحجاب، لأن الله شديد العقاب سائلك يوم القيامة عن شبابك وكل لحظات عمرك.
خلاصة الأمر: ما أطول الأمل كيف تضمنين الحياة إلى الغد؟
العذر العاشر: وأخيراً قالت العاشرة " أخشى إن التزمت بالزي الشرعي أن يطلق علي اسم جماعة معينة وأنا أكره التحزب".
أختاه في الإسلام: إن في الإسلام حزبين فقط لا غير، ذكرهما الله العظيم في كتابه الكريم: الحزب الأول: هو حزب الله، الذي ينصره الله - تعالى - بطاعة أوامره واجتناب معاصيه، والحزب الثاني: هو حزب الشيطان الرجيم، الذي يعصي الرحمن، ويكثر في الأرض الفساد، وأنت حين تلتزمين أوامر الله ومن بينها الحجاب تصيرين مع حزب الله المفلحين، وحين تتبرجين وتبدين مفاتنك تركبين سفينة الشيطان وأوليائه من المنافقين والكفار، وبئس أولئك رفيقاً.
أرأيت كيف تفرين من الله إلى الشيطان، وتستبدلين الخبيث بالطيب ففري يا أختي إلى الله، وطبقي شرائعه ((ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين)) الذاريات:50.
فالحجاب عبادة سامية لا تخضع لآراء الناس وتوجيهاتهم واختياراتهم؛ لأن الذي شرعها هو الخالق الحكيم.
خلاصة الأمر: في سبيل إرضاء الله - تعالى - ورجاء رحمته والفوز بجنته: اضربي بأقوال شياطين الأنس و الجن عرض الحائط، وعضي علي الشرع بالنواجذ واقتدي بأمهات المؤمنين والصحابيات العالمات المجاهدات.
خاتمة:
الآن يا أختاه أحدثك حديث الصراحة:
جسدك معروض في سوق الشيطان، يغوي قلوب العباد:
خصلات شعر بادية، ملابس ضيقة تظهر ثنايا جسمك، ملابس قصيرة تبين ساقيك وقدميك، ملابس مبهرجة مزركشة معطرة تغضب الرحمن وترضي الشيطان.. كل يوم يمضي عليك بهذه الحال يزيدك من الله بعد ومن الشيطان قرباً، كل يوم تنصب عليك لعنة من السماء وغضب حتى تتوبي، كل يوم تقتربين من القبر ويستعد ملك الموت لقبض روحك: ((كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور)) آل عمران:185.
اركبي - يا أختاه - قطار التوبة قبل أن يرحل عن محطتك.
تأملي - يا أختاه - في هذا العرض اليوم قبل الغد.
فكري فيه يا أختاه الآن وقبل فوات الأوان.
http://www.mknon.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ
المرأة والحجاب
الشيخ محمد العريفي
الحمد لله.. شرع الشرائع فأحكمها، وسن الأحكام وسلمها، الحمد لله الذي أكرم الإنسان عن طبائع الحيوان، وأعطى كل مخلوق حقه وما يصلح له من غير زيادة(5/306)
ولا نقصان، أكرم النساء بالعفاف، وأوجب على الرجال صيانتهن والإنفاق عليهن بالكفاف، وحماهن من التبرج والسفور، ورفعهن عن عهر الفاحشة و الغرور، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له " أمر أن لا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون "، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المبعوث رحمة للناس بشيراً ونذيراً، لتطيعوه وتتبعوه لعلكم تفلحون، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً.
أما بعد:
أيها الأخوة المسلمون: فإن الله - تعالى - خلقنا وولانا على بناتنا وزوجاتنا وقريباتنا وجاراتنا فهؤلاء لابد أن تدخل كل واحدة منهن تحت حديثه - صلى الله عليه وسلم -: (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته)، وقد أنزل الله - تعالى - في كتابه بياناً لمنتبه على عباده فقال: (يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباساً يواري سوءاتكم وريشاً ولباس التقوى ذلك خير )، ولباس التقوى هو: ما يلبسه المرء المسلم مما يتقي فيه ربه بستر عورته، والله - سبحانه وتعالى - يحب الحياء والستر، وكان من دعائه - صلى الله عليه وسلم - قوله: "اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي" رواه أبو داود.
وقد فرض الله الحجاب على نساء المسلمين، وجاءت إشارات إلى أنه كان معروفاً في الأمم من قبلنا عند النصارى وغيرهم، بل حتى كتبهم المحرفة التي بقيت إلى هذا الزمان فيها إشارات إلى حجاب المرأة في ذلك الوقت، كما في كتب العهدين القديم والحديث، وكما ورد في الإصحاح الرابع والعشرين والثامن والثلاثين من سفر التكوين والأصحاح الثالث من سفر أشعيا:.. إن الله سيعاقب بنات صهيون على تبرجهن والمباهاة برنين خلاخيلهن بأن ينزعهن زينة الخلاخيل والضفائر والحلق والأساور والبراقع والعصائب.
وكانت الكنيسة حتى القرون الوسطى تخصص جانباً منها للنساء حتى لا يختلطن بالرجال، أما العرب في الجاهلية فقد كان من مكارم الأخلاق ستر النساء وصيانتهن كما تذكر أشعارهم ستر المرأة وحجبها، قال الشاعر:
سقط النصيف ولم ترد إسقاطه فتناولته واتقتنا باليد
وحرب الفُجَار قامت بين قريش وهوازن بسبب تعرض شباب من كنانة لامرأة من غمار الناس راودوها على كشف وجهها فصاحت بقومها ونادت: يا آل عامر فجاوبتها سيوف بني عامر، وورد في أشعارهم ذكر القناع والبرقع والحجاب والمرط والكساء ونحوها.. هذا ما كنت تفعله أكثر الحرائر من نساء العرب دلالة على أنه كان من مكارم الأخلاق عندهم، أما البعض الآخر فكن متبرجات وصل الأمر بحالهن أنهن كن يطفن بالكعبة عرايا، فقال الله - تعالى -: ( ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ).
أيها الأخوة الكرام: وأدلة حجاب المرأة وأمرها بتغطيتها لوجهها كثيرة متنوعة في الكتاب والسنة، وهي أعظم من أن يحاط بها قال الله - تعالى -: ( وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج لجاهلية الأولى ) وقال: ( وليضربن بخمرهن على جيوبهن ) وقال: ( ولا يبدين زينتهن )، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: (المرأة عورة)، ومن فهم هذا النص من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: المرأة(5/307)
عورة، لم يحتج بعده إلى دليل آخر لحجب المرأة كلها، وجهَها، وشعرَها، كفَّيها، قدميها، وسائر بدنها. وقد أمر الدين بستر العورات أمر وجوب لا محيد عنه.
وقد جاء ذلك في صحيح البخاري في حديث الإفك، وذلك أن عائشة - رضي الله عنها - كانت في سفر مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذهبت لتقضي حاجة فلما عادت فإذا الجيش كله قد ذهب ولم يعلم بها، قالت: فتلفعت بجلبابي ثم اضطجعت في مكاني لعلهم يعلمون بفقدي فيعودون، قالت: فمر عليَّ صفوان بن معطل السلمي - رضي الله عنه - وكان قد تخلف عن العسكر لبعض حاجاته، فرأى سوادي فأقبل عليَّ فعرفني حين رآني، وكان قد رآني قبل أن يفرض علينا الحجاب، فاستيقظت باسترجاعه حين رآني، قالت: فلما صحوت خمرت وجهي بجلبابي.
خمرت وجهي بجلبابي؟ أين دعاة السفور والتبرج عن هذه العبارة: خمرت وجهي بجلبابي؟ أين الذين يتساهلون بكشف نسائهم وبناتهم لوجوههن؟
أيها الأخوة الكرام: ومن أدلة وجوب تغطية المرأة لوجهها أنه - عليه الصلاة والسلام - قد أمر الخاطب بالنظر إلى المخطوبة، فأسألكم بالله إذا كان كشف الوجه جائزاً فلماذا يأمر الخاطب بالذهاب والاستئذان منها ومن أهلها ثم النظر إلى وجهها لخطبتها إذا أعجبته، إذا كان كشف الوجه جائزاً أفلا ينظر إليها في الشارع، أفلا ينتظرها حتى تخرج من بيتها فيراها، فلماذا يقول - عليه الصلاة والسلام - اذهب إلى بيتها واستأذن أهلها ثم انظر إليها، فإن قلت: يقصد الشعرَ والذراعين! أقول لك: إنه - عليه الصلاة والسلام - قد قال: اذهب فانظر إليها فإن في أعين الأنصار شيئاً، أي من الصِّغَر.. وأين العينين.. في الشعر؟! في الذراعين؟! في القدمين؟! إن العينين في الوجه، فأمره بالنظر إلى وجهها، وقال المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - ذكرت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - امرأة أريد أن أخطبها فقال: (اذهب فانظر إليها فإنه أجدر أن يؤدم بينكما) قال المغيرة: فأتيت امرأة من الأنصار فخطبتها إلى أبويها وأخبرتهما بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - فكأنهما كرِها أن أنظر إليها، قال: فسمعتْ ذلك الفتاةُ وهي في خدرها فقالت: إن كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرَك أن تنظر فانظر، أكشفُ غطاء وجهي وتنظر وإلا فأنشدك بالله إن كان لم يأمرك أن لا تنظر.
فتأملوا - أيها المسلمون - في حرصها على ستر وجهها من الأجانب، فعجباً من نساءٍ اليوم تمشي إحداهن في الشارع تعرض وجهها على الغادي والرائح، والعجب الأشد من الرجل الذي يمشى بجانبها ولا ينهاها عن ذلك، ولا تأخذه الغيرة عليها.
والحديث عن المرأة - أيها الأخوة الكرام - والحجاب يجرنا جراً إلى الكلام عن كيد أعداء الدين لحجاب المرأة لمسلمة، ومراوغات الحجاب، فحالهم كما قال الله: ( قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر )، ولأن أعداء الله - تعالى - يعلمون أنهم لو قالوا للمسلمة العفيفة: اخلعي حجابك، مزقيه ذلك الأسود، لما أطاعت، فبدؤوا يتبعون طريقة شيخهم إبليس خطوة ثم خطوة.
معاشر المؤمنين: أول ما ظهر من مراوغات نزع الحجاب هو الحجاب المتبرج، لا نلوم المرأة إذا تفننت في اختيار نوع ساعتها أو قلادتها أو إطاراً جميلاً لنظاراتها، لكنك لا تستطيع أن تفسر تفنن بعض النساء في اختيار الموديل الجديد والتصميم(5/308)
الملفت للعباءة، فتلك عباءة عليها خيوط قيطان وأخرى عليها تطريز وتخريم ودانتيل وغير ذلك!! فبدل أن يكون العباءة ساترة للزينة صارت زينة في نفسها، بل زد على ذلك ما تفعله بعض النساء من لبس النقاب الواسع الذي يظهر العينين وما فيهما من مساحيق تجميل من كحل وغيرها، وزد على ذلك ما تفعله بعض النساء من لبس العباءة على الكفتين ولف غطاء الرأس فوقه لفاً.
سئل فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين فقيل له: انتشرت بين نساء المسلمين ظاهرة خطيرة وهي لبس العباءة على الكتفين مع تغطية الرأس بالطرحة، مع أن هذه اللبسة لا تستر المرأة ولا تخفي أعضاءها كما تسترها العباءة التي تلبس على الرأس؟
فأجاب الشيخ: قد أمر الله النساء بالتستر الكامل فقال: ( يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن )، والجلباب هو الرداء الذي تلتف به المرأة ويستر رأسها وجميع بدنها مثل العباءة المعروفة، فالعباءة والاحتجاب قصد منهما منع الغير عن التطلع ومد النظر قال - تعالى -:( ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين ) وعلى هذا لا يجوز للمرأة لبس العباءة فوق المنكبين لما فيه من المحذور والله أعلم.. انتهى كلامه - حفظه الله -.
وقارن ستر النساء وحرصهن عليه بهذه المحاورة بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإحدى زوجاته، قال - صلى الله عليه وسلم -: (من جرَّ ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة) فقالت أم سلمة - رضي الله عنها -: "فكيف يصنع النساء بذيولهن؟ "، قال - صلى الله عليه وسلم -: (يرخينه شبراً) فقالت: إذن تنكشف أقدامهن! فقال - صلى الله عليه وسلم -: (فيرخينه ذراعاً ولا يزدن عليه) رواه الترمذي وهو حديث حسن.
أيها الأخوة المؤمنون: ما رأيكم في امرأة تلبس عباءتها وهي قد لبست تحتها بنطلوناً ضيقاً، كلما تحركت العباءة ظهر البنطلون.. في الشارع والسوق والحديقة؟ وأخرى قد لبست عباءتها وروائح الطيب والعطورات تتضوع منها حيثما اتجهت وقد قال - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه النسائي: (وأيما امرأة استعطرت ثم مرت بقوم ليجدوا ريحها فهي زانية)، وثالثة: تتلفت في السوق بنقاب يظهر عينين ساحرتين، ورابعة: قد أخرجت ساعديها وتكسرت في مشيها، ماذا تنتظرون أن تنتج لنا هذه المظاهر؟
أنا أجيبكم على هذا: ستنتج لنا أن يتربى شبابنا على الجهاد فيقاتلون اليهود ويحررون فلسطين؟!! ستنتج لنا أن تحفظ بناتنا القرآن ثم يربين أبنائهن عليه؟!! ستنتج لنا أن يتأثر الكفار بسماحة ديننا وسلامة تعاليمه فيدخلوا في دين الله أفواجاً؟!! كلا والله!! بل تنتج لنا انتشار الفواحش، وظهور الزنا، وحلول عذاب الله - تعالى - وغضبه، وتنتج لنا أن ينسلخ الشباب من الأخلاق، ويقعدوا عن نصرة الدين، وينشغلوا بالشهوات، ولا يتعدى همُّ أحدهم متعة فرجه وبطنه، وتنتج لنا مشابهة المشركين، وغياب الولاء والبراء، والعيش كعيشة البهائم، اسأل الله أن يوفقنا وإياكم لكل خير، وأن يقينا الفتن ما ظهر منها وما بطن، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية: المرأة والحجاب(5/309)
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا ا لله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وإخوانه وخلانه وسلم تسليماً كثيراً، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
أيها الأخوة المؤمنون: وللمرأة حجاب خارج البيت وهو ما يسترها كلها بلا استثناء أمام غير المحارم، ولها حجاب داخل البيت فتتستر به أمام الأخ والأب وهو كشف الوجه والعنق والذراعين والقدمين وأسفل الساقين، أما غير ذلك كالصدر والكتفين والفخذين فلا يجوز أن يراها إلا الزوج.
وذكر علماؤنا شروطا للحجاب، فالمسألة - أيها المسلمون - ليست لعباً، وليس أيّ حجاب يشترى من السوق، بل الحجاب له شروط شرعية:
لابد - أولاً - أن يكون شاملاً البدن كله.
ثانياً: أن يكون سميكاً صفيقاً غير شفاف.
ثالثاً: أن يكون فضفاضاً واسعاً غير ضيق، وأنواع العباءات التي تلبس الآن - أو ما يسمى بالكاب وهي تلتصق بالجسد فيميز الناظر إلى المرأة دبرها ويديها - لا تجوز .
رابعاً: أن لا يكون مطيباً ولا مبخراً.
خامساً: أن لا يشبه لباس الرجال.
سادساً: أن لا يشبه لباس الكافرات.
سابعاً: أن لا يكون ثوب شهرة، كما تفعل بعض النساء من وضع العباءة على الكتف ولف الخمار على الرأس فتجتذب النظر من السائرين في الشوارع إليها.
أيها الإخوة المؤمنون:
يقضي على المرء في أيام محنته حتى يرى حسناً ما ليس بالحسن
أصبح بعض الرجال لا يبالي مطلقاً وزوجته سافرة عن وجهها بجانبه في السيارة أو في الشارع، ولا يبالي بعض الرجال وزوجته بجانبه في السوق وقد رفعت عباءتها وأخرجت يديها وقدميها.
أيها الأخ المسلم عندما تخرج مع زوجتك من البيت إلى الشارع فتكشف زوجتك عن وجهها، وتضع مساحيق التجميل وتتزين، أو عندما تغطى وجهها ولكنها تلبس أحسن حذاء، وتخرج يديها وقدميها دون جوارب وتتزين، اسأل نفسك هي الآن قد تزينت فلمن تتزين؟ تتزين لك أنت؟! لو أن التزين لك لكان هذا في البيت وليس في الشارع، ما معنى أن تكون زوجتك مبتذلة في البيت فإذا أرادت الشارع تزينت؟ سل نفسك: زوجتك تتزين لمن؟ أين الغيرة؟ أين الغيرة؟ ولا حول ولا قوة إلا بالله.
يا غافلاً وله في الدهر موعظة إن كنت في سنة فالدهر يقظان
ألا نفوس أبيات لها همم أما على الخير أنصار وأعوان
لمثل هذا يذوب القلب من كمد إن كان في القلب إسلام وإيمان
اللهم لا تدع لنا في مقامنا هذا ذنباً إلا غفرته، ولا هماً إلا فرجته، ولا كرباً إلا نفسته، ولا عيباً إلا سترته!! اللهم أصلح ولي أمرنا وأصلح له البطانة وجميع ولاة أمور المسلمين، اللهم أصلح أحوال المسلمين واكشف عنهم الكروب، وأنزل الشر والبأس(5/310)
بأعدائهم، ثم صلوا أيها المسلمون على أكرم نبي وأزكاه فقد أمركم الله بذلك فقال: (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلم تسليماً).
عباد الله: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وأيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون.
http://www.bab.com.sa المصدر:
ـــــــــــــــــــ
فرنسا ... تعارض الحرب والحجاب!
إدريس الكنبوري
شن رئيس الوزراء الفرنسي (جان بيير رافاران) يوم الخميس 3/4/2003 - خلال لقاء مباشر على القناة الفرنسية الفرنكوفونية الخامسة - حملة قوية على الحجاب الإسلامي في المدارس الفرنسية، وذلك في أول تصريح رسمي لمسؤول فرنسي حول قضية الحجاب، التي اختفت من النقاش الداخلي منذ نهاية التسعينات؛ حينما شنت السلطات الفرنسية حملة عنيفة على المحجبات المسلمات.
وقال (رافاران) في معرض حديثه عن مشروع وزير الداخلية الفرنسي (نيكولاس سار كوزي) المتعلق بتشكيل مجلس موحد لمسلمي فرنسا وصلاحياته:" في أي جمهورية لدينا الحق في ممارسة شعائرنا الدينية، ولكن لدى ممارسة مواطنتنا لا يمكننا إظهار علامات تديننا أو انتمائنا الديني بشكل تفاخري"، ورداً على سؤال إن كان سيتخذ قراراً بمنع ارتداء الحجاب كرر رئيس الوزراء الفرنسي:"بالتأكيد، بالتأكيد".
تلميحات (رافاران) في هذه الظرفية الداخلية والدولية تؤشر إلى حدوث تحول قريب في الموقف الفرنسي اتجاه مسألة الحجاب والجاليات الإسلامية في فرنسا، التي تقدرها المصادر الفرنسية ما بين أربعة وخمسة ملايين، جلهم متحدرون من منطقة المغرب العربي، وعلى الأخص من المغرب والجزائر.
فهذه التلميحات تتزامن وسياقين هامين في الداخل والخارج: على المستوى الداخلي هناك المشروع الذي طرحه وزير الداخلية وشؤون الأديان الفرنسي (نيكولاس ساركوزي) قبل أشهر، حول تجميع مسلمي فرنسا في مجلس موحد يكون المخاطب الوحيد أمام السلطات الفرنسية، وعلى المستوى الخارجي فإن أحداث 11 سبتمبر 2001 قد ألقت بكثير من ظلالها على طبيعة التعاطي الرسمي للحكومة الفرنسية مع قضايا المسلمين بها، وأحدثت فرزاً بين أنصار التدخل في قضايا الإسلام بفرنسا وأنصار الحرية الدينية.
تعديل قانون 1905!
في هذا السياق المزدوج طرحت في العام الماضي في فرنسا اقتراحات متعددة بتعديل قانون 1905، الذي يقضي بفصل الدين عن الدولة، ورفع هذه الأخيرة يدها عن الشؤون الدينية، سواء منها الرموز أو المراكز الدينية أو رجال الدين، وقد جاء هذا القانون بعد أربع سنوات من قانون آخر صدر عام 1901 يتعلق بحرية تأسيس الجمعيات الثقافية. ويشير الفصل الأول من قانون عام 1905 أو "قانون العلمانية" إلى أن"الجمهورية (الفرنسية) تضمن حرية الاعتقاد، وحرية ممارسة الطقوس(5/311)
الدينية" بناء على الدستور الفرنسي، الذي يشير إلى أن فرنسا "جمهورية علمانية تحترم جميع المعتقدات"، كما يقول الفصل الثاني من القانون المشار إليه إن"الجمهورية لا تعترف ولا تمول ولا تدعم أي معتقد". ويعتبر قانونا 1901 و 1905 مكسباً مهماً للحريات الدينية والثقافية والفكرية في فرنسا بعد الثورة الفرنسية في القرن الثامن عشر الميلادي، من دون أن يعني ذلك أن الحكومات الفرنسية كانت تلتزم بهما، خصوصاً فيما يتعلق بالتعامل مع المسلمين والجمعيات الثقافية الإسلامية بفرنسا.
وقد انقسمت الآراء في فرنسا بين مؤيد ومعارض لتعديل قانون فصل الدين عن الدولة. إذ يرى الفريق المؤيد أن التعديل سيجعل الدولة الفرنسية قادرة على مراقبة شؤون الجاليات المسلمة التي يتزايد عددها، بحيث يعد الإسلام الديانة الثانية في فرنسا، وبالتالي التحكم في توجيه الحساسيات الإسلامية؛ خوفاً من "الإرهاب الإسلامي"، كما يرى أن تنامي الوجود الإسلامي في فرنسا عما كان عليه في الماضي يبرر مثل هذه المراجعة، ويقول عمدة"إيفلينس" وهو من أشد المدافعين عن اتجاه المراجعة" في عام 1905 كانت الحكومة ترى في الكاثوليك ألد أعداء الجمهورية، ويشكلون تهديداً حقيقياً، أما اليوم فإن الإسلام هو الذي أصبح يطرح هذه المشكلة".
أما منتقدو التعديل، وهم يعتبرون أقلية، فيرون أن ذلك يعد تراجعاً خطيراً عن مكسب العلمانية ومبادئ الثورة الفرنسية، وبالتالي بداية تحيز الدولة إلى ديانة معينة لحساب ديانة أخرى، وتوجهاً نحو ضرب الحريات الدينية، والتضييق على بناء المراكز الدينية والمساجد في المدن الفرنسية، ويربط هؤلاء بين سياسة وزير الداخلية الجديد (ساركوزي) المتعلقة بمسائل الأمن وحوادث العنف في المدارس والأحياء الشعبية الفرنسية؛ وبين مشروعي التعديل وتأسيس المجلس الموحد لمسلمي فرنسا، باعتبار أن ذلك كله موجه إلى الجاليات المسلمة؛ وخاصة منها المتمركزة في الأحياء الشعبية، التي ركز عليها الإعلام الفرنسي كثيراً في الأشهر الأخيرة؛ بحسبانها المراتع الأساسية لأعمال العنف والشغب، وترهيب الفرنسيين من الخطر الإسلامي.
من"الإسلام في فرنسا" إلى"إسلام فرنسا"!
ومنذ طرح مشروع (ساركوزي) في السنة الماضية بعد توليه منصب وزير الداخلية تحول الحديث عن الإسلام من"الإسلام في فرنسا" إلى"إسلام فرنسا"، ما يعني أن هناك سياسة جديدة للدولة الفرنسية ناحية الأقليات الإسلامية تهدف إلى وضع الإسلام تحت عين المراقبة والمتابعة، وتسييج الوجود والأنشطة الإسلامية للجاليات المسلمة، ومحاربة ما أسماه (ساركوزي) "إسلام المغارات والمرائب" أو"الإسلام السري".
أما فكرة تجميع المسلمين الفرنسيين في مجلس أو هيئة موحدة فقد انطلق التفكير فيها في العام 1984 في عهد الاشتراكي (فرانسوا ميتران)، حيث كان قد أعلنها وزير الداخلية آنذاك (بيير جوكس)، لكنها لم تفعّل في ذلك الوقت، ربما تجنبا من الاشتراكيين الفرنسيين للمساس بـ"السياسة العربية" لفرنسا وموقعها في منطقة المغرب العربي، اعتباراً لأن أغلب المسلمين في فرنسا هم من المغاربيين، وفي بداية التسعينات عاد الحديث عن ضرورة تنظيم المسلمين في فرنسا على خلفية أحداث(5/312)
الجزائر والحرب الأهلية، بعد انقلاب العسكر على الديمقراطية، ونتائج الانتخابات التي حملت الجبهة الإسلامية للإنقاذ إلى البلديات ثم مجلس الشعب(البرلمان)، وأطلقها وزير الداخلية الأسبق (جان بيير شوفنمان)، لكنها توقفت لتعود من جديد عام 1995 مع وزير الداخلية في تلك الفترة (شارل باسكوا) المعروف بسياسته المعادية للمسلمين وللمهاجرين من العرب، والذي قال أثناء افتتاح مسجد (ليون) متوجهاً إلى المسلمين الفرنسيين:" إن تسرب تأثيرات مناقضة لتقاليدنا وقيمنا ومفهومنا لحقوق الإنسان والمرأة، وتنامي هذه التأثيرات في صفوف جاليتكم ستؤدي إلى مخاطر رئيسية بالنسبة للجالية أولاً، وأيضاً بالنسبة للتلاحم الوطني، وهذا ما لن نقبل أو نسمح به".
وقد عاد هذا الخطاب العدائي السابق إلى الظهور بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة الأمريكية، وما فجرته من أجواء محتقنة في العلاقة بين الجاليات المسلمة في أوروبا وحكومات البلدان الأوروبية التي أصبحت أكثر فأكثر توجساً وخيفة من الوجود الإسلامي بها، ولعب الإعلام الفرنسي؛ خاصة منه اليميني المتطرف دوراً رئيسياً في التحريض على المسلمين بفرنسا، حيث نشرت العديد من المقالات والتعاليق والتحليلات التي نصحت بـ"ضبط" الوجود الإسلامي في فرنسا، ووضعه داخل مربع بشكل يسمح بمراقبته من الانفلات والتطرف، وإدماجه في النسيج الثقافي الفرنسي، كما لم يكن غائباً التلويح بإمكانية تعرض فرنسا لأعمال شبيهة بتلك التي استهدفت الولايات المتحدة الأمريكية.
ضمن هذا السياق طرح وزير الداخلية (ساركوزي) مشروعه، متحدثاً عن "إسلام فرنسا" متوافق مع "القيم الجمهورية" للجمهورية الفرنسية، وخال من "التوجهات المتطرفة" وموجود"تحت دائرة الضوء". وقد قاد (ساركوزي) مفاوضات شاقة طيلة أشهر مع أبرز ممثلي الجاليات المسلمة في مدن فرنسية عدة؛ من أجل إقناعهم بفكرة إنشاء مجلس موحد للمسلمين، على غرار المجلس الموحد لليهود الفرنسيين الذي أنشأه نابليون عام 1806، وفي 20 من شهر ديسمبر 2002 نجح (ساركوزي) في عقد لقاء بين ثلاث أكبر فيدراليات تمثل الجاليات المسلمة في فرنسا، وتعكس الأطياف المتعددة (المغرب العربي، مصر، تركيا، الهند وباكستان)، حيث تم الاتفاق على إنشاء مجلس موحد للمسلمين، سيجري انتخاب أعضائه في النصف الثاني من شهر أبريل الجاري في 1500 مركزٍ ومسجدٍ في جميع أنحاء فرنسا.
ووفق ما صرح به وزير الداخلية الفرنسي؛ فإن صلاحيات المجلس الجديد تتحدد في أن يصبح المخاطب الوحيد للحكومة الفرنسية، والناطق باسم الجاليات المسلمة بكافة انتماءاتها القومية واللغوية، كما يختص المجلس بتكوين أئمة المساجد، وقضية الذبائح الشرعية، والحجاب والتعليم الديني وبناء المساجد والمراكز التعليمية الإسلامية، وجمع وتوزيع الزكاة.
وحسب (ساركوزي) فإن قضية بناء المساجد وتعيين الأئمة - الذين صار يشترط فيهم الإلمام باللغة الفرنسية - ستكون أبرز قضية توكل إلى المجلس الجديد، إذ تسعى الحكومة الفرنسية إلى الحد من تدخل البلدان الإسلامية في شؤون الجاليات المسلمة عبر تمويل بناء المساجد وتعيين الأئمة.(5/313)
تجدد الحملة على الحجاب:
لكن تصريحات رئيس الوزراء الفرنسي (رافاران) الأسبوع الماضي جاءت لترفع النقاب عن النهج الجديد الذي تريد الدولة الفرنسية السير فيه اتجاه الإسلام والمسلمين في فرنسا، وتعيد إلى الأذهان الحملات السابقة التي استهدفت الحجاب في السابق، عندما أصدر وزير التعليم والتربية الفرنسي (فرانسوا بايرو) في بداية التسعينات من القرن الماضي مذكرة بمنع ارتداء الحجاب في صفوف التلميذات المسلمات في المدارس والثانويات الفرنسية، الأمر الذي أثار الكثير من الجدل بين الفرنسيين والمسلمين على حد سواء.
وتقول بعض المصادر الإعلامية الفرنسية إن تصريحات (رافاران) ربما تشير من الآن إلى إلغاء القرار الصادر في 27 نوفمبر 1989، والذي يشير إلى أن ارتداء الحجاب"ليس معاكساً في ذاته للعلمانية"، وهو القرار الذي استند إليه مجلس الدولة الفرنسي في إلغاء القرارات الصادرة عن وزراء التعليم والتربية في الماضي بحظر الحجاب في المدارس والمؤسسات التعليمية، كما يمكن أن تطرح الحكومة الفرنسية خلال الأسابيع أو الأشهر القادمة أمام البرلمان مشروع قانون جديد يحظر جميع العلامات والرموز الدينية، وعلى رأسها الحجاب الإسلامي، ولكن ليس كرمز ديني فقط، بل باعتباره مساً بحرية المرأة وبمبدأ المساواة بين الرجل والمرأة، وهذا ينبئ بتجدد معركة الحجاب مستقبلاً.
http://www.islamtoday.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ
لماذا الخوف من الحجاب؟
د. نهى قاطرجي
يشكل حجاب المرأة بالنسبة لكثير من الناس معضلة من معضلات العصر الكبرى، فقد انقسمت الآراء إزاء هذا الموضوع إلى قسمين: قسم معاد للحجاب يعتبره عائقاً في طريق تقدم المرأة وحريتها وإنسانيتها، وقسم ينظر إليه نظرة شرعية لا مجال لرفضها أو إبداء الرأي فيها.
ويرى أنصار الفريق الأول أن الحجاب إنما هو مقرون بفترة زمنية محددة انتهت مع انتهاء عهد الرسول - عليه الصلاة والسلام - والصحابة والتابعين من بعده، إضافة إلى كونه لا يعتبر فرضاً على نساء المسلمين كافة بل هو يختص بنساء النبي عليه الصلاة السلام، ويقولون أن عدم ارتداء الحجاب ليس من الكبائر التي تُدخل النار، بل هو من الصغائر اللمم التي يعفو عنها الله - سبحانه وتعالى -.
أما أنصار الفريق الثاني، فهم أيضاً ينقسمون إلى فئتين: الفئة الأولى أيقنت بما جاء به الإسلام، والتزمت الحجاب عملاً بقول الله - سبحانه وتعالى -: { وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً }سورة الأحزاب، آية 36.
أما الفئة الثانية، وهم المعنيون بهذا المقال، فهم يترددون في الالتزام بأوامر الله - عز وجل -، ويعجزون عن تطبيق أحكامه الشرعية، والأسباب في ذلك متنوعة، منها:(5/314)
1 - ضعف الإيمان بالله - سبحانه وتعالى -، إذ أن الإيمان لا يكون فقط إيماناً بالقلب بل هو "اعتقاد بالجنان، ونطق باللسان، وعمل بالأركان "، فالمرأة التي تقول عندما تسأل لماذا لا تتحجب؟ " الله بعد ما هداني، الله يهديني " إنما تجهل معنى الإيمان ومعنى الهداية، فالهداية لا تكون إلا بعد الأخذ بالأسباب عن طريق اتباع الحق الذي أرشد إليه الله - عز وجل - عباده في القرآن الكريم والسنة النبوية، وإصلاح النفس، عندئذ يحدث التغيير وهداية التوفيق من الله - عز وجل - القائل: { إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم } سورة الرعد، آية 11.
ومثال على هذا الالتزام ما ذكرته كتب الحديث عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: "يرحم الله نساء المهاجرات الأول لما أنزل الله{ وليضربن بخمرهن على جيوبهن } شققن مروطهن واختمرن بها" (البخاري) فإنهن لم يتباطأن بل التزمن بأوامره - عز وجل -، مؤمنات بفرضيتها وراجيات الأجر والثواب عليها.
2 - الجهل بأحكام الدين الإسلامي، فقد فُرض الحجاب على المؤمنات بقوله - عز وجل -: { وليضربن بخمرهن على جيوبهن } سورة النور، الآية 31.
فالخُمر في اللغة جمع خِمار، وهو غطاء الرأس، والجيوب: جمع جيب، وهو فتحة الصدر من القميص ونحوه، فهذه الآية واضحة في فرضها للحجاب على المرأة المؤمنة، إلا أن للبيئة العامة المحيطة بالمرأة أثرها البالغ في جهلها بأحكام دينها، وتتنوع هذه البيئة بين البيت والمدرسة، كما أن لشهوات النفس الأمارة بالسوء دورها في تنفير المرأة من العلم وترغيبها بالاختلاط والسفور والإباحية في اللباس والتصرفات التي يحرمها الشرع والتي يشكل الالتزام بالحجاب عائقاً في طريقها.
3 - ارتباط مفهوم الحجاب بمغالطات فكرية ناجمة عن عادات وتقاليد ومفاهيم خاطئة كثيراً ما تمس بالعقيدة الصحيحة، وتؤدي إلى الوقوع في المخاوف والهواجس المتعددة، ومن هذه المغالطات:
أ - أن الحجاب يكون في الكِبر، وبعد أن تبلغ المرأة سناً معينة، وتزوج أبناءها، حينئذ تتفرغ لنفسها فتحج، وتتحجب وتلتزم عبادة ربها، وكأنها على علم مسبق بمدة انتهاء الأجل، أو كأنها على يقين أنها في تلك الفترة ستقدر على عبادة لم تَعْتَدها، أو أنها ستقوم بما لم تقم به من قبل، وصدق المثل الذي يقول: " من شبَّ على شيء شاب عليه ".
ب - أنّ الحجاب يقف في طريق سعادة الفتاة التي تنتظر الزواج، فالخاطب يفضل الفتاة السافرة على المحجبة ولو كان ملتزماً في بعض الأحيان، فهو يأمل أن يحجِّبها بعد الزواج ويكسب بها أجراً!! وهذا الأمر، وإن كان يحصل في بعض الحالات، إلا أنه لا يعتبر قاعدة عامة، وعلى المرأة التي ترغب في الزواج أن تعلم بأن " الطيور على أشكالها تقع "، وأن عدم التزامها سيجعلها عرضة لنوعية من الخطاب الذين لا يتمتعون بالمستوى الإيماني المطلوب، تميّز الخاطب به تنفيذاً لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض) رواه الترمذي.
ج - أن الحجابَ يمنع المرأة من إيجاد عمل بعد تخرُّجها، إذ أن كثيراً من المؤسسات ترفض توظيف المرأة المحجبة، وإذا صادف أن شاءت إحدى الموظفات الالتزام فإن(5/315)
مصيرها قد يكون الطرد، وهذا الأمر وإن كان يحصل في بعض المؤسسات، وعند بعض الأشخاص الذين يسعون وراء المغريات التي تقدمها العاملة لديهم إلا أن على المسلمة التي ترغب في الالتزام بالحجاب أن تتأكد أن الحجاب لا يمكن أن يكون عائقاً أمام طلب الرزق، فكم من فتيات غير محجبات لا يجدن عملاً؟
والتأخير في إيجاد العمل إنما هو من قضاء الله، وابتلاء من الله - عز وجل - لمعرفة صدق اليقين عند المرأة، وحينئذ لا بد أن يكون هذا العمل عند الشخص المناسب وفي المكان المناسب، فالشخص الذي يختار المرأة المحجَّبة لتعمل عنده، فهو إنما يبحث عن الكفاءة كما أنه يؤمن بالطريق الذي اختارته تلك الفتاة كمنهج لحياتها.
د - إن فكرة الالتزام بالحجاب تصطدم في بعض الأحيان مع هواجس ومخاوف متنوعة، فبعض النساء يخفن من مواجهة أهلهن بهذه الرغبة، لعلمهن المسبق برفض الأهل لهذه الخطوة، أو لخوفهن من مواجهة محيطهن الخارجي الذي يستهزئ بالحجاب ومن يرتديه ويعتبره ظاهرة غير حضارية، وهو دليل تخلف وتراجع، وإلى هذه المرأة نقول: تذكري أختي المؤمنة قول رسول لله - صلى الله عليه وسلم -: (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق)، رواه الترمذي، وتذكري أن عدم التزامك تحت هذه الحُجة لن يرفع عنك الإثم لقول الله - عز وجل -: { كل نفس بما كسبت رهينة } سورة المدثر، آية 38. فبادري إلى الالتزام بأوامر الله - عز وجل - وأحسني التوكل عليه فهو القائل: { فإذا عزمت فتوكل على الله } سورة آل عمران، آية 159. وهو القائل: { ومن يتوكل على الله فهو حسبه} سورة الطلاق، آية 3، فلا بد أن يمدك بالعون في مهمتك، لأن قلوب البشر بين يديه، فهو القادر على تحويل الرفض إلى قبول، وتحويل المعصية إلى طاعة.
أما المستهزئين ممن حولك فتذكري قول الله - عز وجل - فيهم: { ويسخرون من الذين آمنوا والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة } سورة البقرة، آية 212.
هـ - أن الحجاب يفقد المرأة الأناقة التي تحرص عليها كثير من النساء، فهن يعتبرن أن الحجاب يفقدهن جمالهن، ويجعلهن يظهرن أكبر من سنهن الحقيقي، وإلى هؤلاء نقول كما قال - تعالى -:{ قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم } سورة الجمعة، آية 8.
وصدق الشاعر الذي يقول:
" وزائرة للشيب لاحت بمفرقي *** فبادرتها خوفاً من الحتف بالنتف
فقالت: على ضعفي استطعت ووحدتي *** رويدك حتى يلحق الجيش من خلفي
ونقول أيضاً: إن الإسلام لم يمنع الزينة والتبرج عن المرأة بشكل كلي، بل هو خصهما بالزوج، ومنعهما عن أعين المتطفلين العابثين، الذين يسعون إلى الفتنة والفساد في الأرض، ولا أخال امرأة عاقلة تسعى إلى كسب اهتمام مثل هؤلاء الأشخاص.
وختاماً فإن أسباب عدم الالتزام بالحجاب متنوعة ومتعددة، وهي تختلف من امرأة إلى أخرى تبعاً لنفسية وظروف كل واحدة، وإن كانت في أغلب الأحيان ناتجة عن اتباع الهوى الذي نهى الله - سبحانه وتعالى - عنه بقوله: { وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى * فإن الجنة هي المأوى } سورة النازعات، الآيتان 40،41.(5/316)
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ
نزعوا حجابها فارتدت البطانية
يزخر الوطن الإسلامي اليوم بالعديد من رواد ورائدات العمل الإسلامي، وتقف الأديبة مليكة صالح بك في مقدمة الرساليات اللاتي دافعن عن الإسلام، ودفعت فاتورة ولائها لهويتها سجناً وتعذيباً وغربة وتضحيات جسام.
والأديبة الكاتبة من مواليد سراييفو، وأكملت دراستها التقليدية هناك، التحقت بكليتي العلوم السياسية والفلسفية وأكملت دراستها العليا في فرنسا، وعادت إلى سراييفو سنة 1974م، حيث عملت محاضرة في كلية الفلسفة ومستشارة لوزارة الشؤون الثقافية في جمهورية البوسنة (المنضوية قسراً تحت الاتحاد اليوغسلافي منذ منتصف الأربعينات)، حيث الرضوخ إلى تجربة الشيوعية التيتوية.
في عام 1979م خلعت مليكة ثوب الفكر الشيوعي، وسرت في عروقها دماء إسلامية جديدة، لتعيد لروحها تواصلها مع الجذور وامتداداتها في الزمن، ولتخوض نضالاً ضد رفاق الأمس الذين لم يرحموها، واضطهدوها داخل محاكم التفتيش الشيوعية.
القرار الصعب..
تقول مليكة «في سنة 1979م اطلعت على ترجمة لمعاني القرآن الكريم، وكانت تلك نقطة الحسم، وملك كياني شعور اقتحم عقلي عنوة، وأفرغ ما فيه من ترهات فلسفية، وتصورات معلبة عن الحداثة والتقدم والتطور والحياة كلها، ليس هناك من تطور يفوق السمو الروحي، وليس هناك من لذة تفوق أن ينام الإنسان وهو راض عن ذاته، وليس هناك من علم جدير بالاحترام من التواضع في طرح أعقد المسائل العلمية والإصغاء باهتمام لتجارب التراكمات التاريخية في الحياة الاجتماعية، التطور شيء طبيعي تقتضيه مصالح المجتمع وهو يسير بشكل آلي من خلال الكدح اليومي والاحتكاك السلمي بالمدنيات الأخرى، وليس قهراً من فوق، سواء بالاستعمار، أو السلطة والتي في الغالب ما تؤدي إلى نتائج كارثية لأن المجتمعات كالأجسام إما أن تقاوم وتنتصر أو تخضع فتنهزم وتموت.
في السنة نفسها زرت لندن، ووجدت كتباً إسلامية عدة قمت باقتنائها، وكان ذلك فجراً جديداً في حياتي، كما قمت بزيارة أخي في العراق، ووجدت حركة إسلامية تمثل إسلاماً حياً يتوغل في كل مناحي الحياة أثار إعجابي، وإن كنت استأت لموقف السلطات منها، وهكذا كانت ثورتي الداخلية تلامس إسلاماً يعاش وليس إسلاماً يتحدث عنه من فوق المنابر أو على صفحات الكتب فقط.
وفي تلك السنة قامت الثورة الإسلامية في إيران، والتي فاق دويها كل التوقعات، وأثرت تأثيراً بالغاً في أدبيات ومناهج الحركات الإسلامية في العالم.. من قبلتها ومن اختلفت معها».
ثم ارتدت الحجاب، وكان لهذه الخطوة وقع الصاعقة على السلطات الشيوعية، التي بادرت بعد ستة أشهر إلى إخراجها من العمل، مع إيقاف نشر كتبها، وبعد تسعة شهور وبينما كانت تذكر اللّه بعد صلاة الفجر اقتحم سبعة من منتسبي الشرطة بيتها ليقتادوها إلى السجن، فيما تركت ولدها وحيداً، وكان عمره 12سنة. لترزح في(5/317)
السجون اليوغسلافية سنتين ونصف، تعرضت فيها لجميع صنوف العذاب والاضطهاد، وكان سلاحها - كما تقول - هو ذكر اللّه والإضراب عن الطعام، إذ أضربت عن الطعام 72 يوماً وقد وصلت إلى حافة الهلاك!
وتبقى تجربة الأديبة الكبيرة في بلدها لا تقل بشاعة عن بقية التجارب فقد سجنت وعذبت ونزع من على رأسها الحجاب، وعندما دخلت السجن وضعت جزءاً من بطانية على رأسها، وعندها هددوها بنزعه فقالت لمديرة السجن: بإمكانك نزع حجابي الذي فوق رأسي ولكن لا طاقة لك بحجابي الذي في قلبي وعقلي!
المجاهدة في كل الخنادق:
على أن الأديبة الملتزمة لم تكتف بكل ذلك، فها هي تخوض غمار الجهاد على أكثر من صعيد؛ قولاً وعملاً، سلوكاً وممارسة، وتعيش الهم الإسلامي بكل آفاقه. ويتضح ذلك جلياً من خلال إجابتها على سؤال حول ما الذي يجب أن تفعله المرأة المسلمة في مواجهة التحديات المذكورة والمساهمة في الدفاع عن المرأة كما أرادها الله.. فكان جوابها:
«أريد أن أبعث بسلامي لكل المحجبات وراء القضبان في العالم الإسلامي، وللأخوات المحرومات من التعليم والعمل في بعض البلدان، كتونس وتركيا بسبب أحجبتهن، فأنا مثلهن، مازلت ممنوعة من العمل بسبب حجابي، فبلدي الذي قدم أكثر من مائتي ألف شهيد، واغتصبت فيه المسلمات، الكلمة الأخيرة فيه ليس لقياداته، وإنما للأغراب أدعياء الديمقراطية، الديمقراطية العنصرية، فهي لهم فقط، فلا دور لنا سوى أن نمتدح ديمقراطيتهم ولا نحلم أن نصبح مثلهم، نحن في جهاد ولابد من استمرار الجهاد».
وتمضي هذه الأديبة المجاهدة في تحديد بعض الملامح الأساسية الملحة للمشروع النهضوي النسوي، فتقول: «الأجيال القادمة في حاجة لنماذج معاصرة، لعالمات معاصرات، لمجاهدات معاصرات، لكاتبات وصحفيات، لطبيبات مميزات، لكل عنصر خصائصه، وأنا أحب المبادرات الإسلامية في عالم الفكر والحياة المعاصرة بما لا يخرج من معلوم من الدين بالضرورة.. اصنعوا النماذج لكن لكم المستقبل، بالمداد والدماء، الصبر والتضحية.. الجلد والإصرار والرباط في كل الأماكن، العلاقة يجب أن تكون على أسس إسلامية وليس على أسس فئوية، تصنيف الأعداء وتصنيف الأصدقاء يجب أن يكون بالأرقام. راهنوا على الدراسات العليا فنحن في عالم الألقاب».
وبعد هذه جولة سريعة في حياة وأفكار الأديبة المسلمة الكبيرة مليكة صالح بك التي عشقت الإسلام بلا حدود، وضحت من أجله بكل سخاء، فتحية إكبار لها وللسائرات في دربها.
http://www.lahaa.com المصدر:
-ـــــــــــــــــــ
يا محجبة.. نعلاك أطهر من فرنسا كلها
أحمد مطر
قمر توشحَ بالسَحابْ.(5/318)
غَبَشٌ توغل، حالماً، بفجاجِ غابْ.
فجرٌ تحمم بالندى
وأطل من خلف الهضابْ.
الورد في أكمامه.
ألق اللآلئ في الصدفْ.
سُرُجٌ تُرفرفُ في السَدَفْ.
ضحكات أشرعةٍ يؤرجحها العبابْ.
و مرافئ بيضاء.
تنبض بالنقاء العذبِ من خلل الضبابْ.
من أي سِحرٍ جِئت أيتها الجميلهْ؟
من أي باِرقة نبيلهْ
هطلت رؤاك على الخميلةِ
فانتشى عطرُ الخميلهْ؟
من أي أفقٍ
ذلك البَرَدُ المتوجُ باللهيبِ
و هذه الشمسُ الظليلَهْ؟
من أي نَبْعٍ غافِل الشفتينِ
تندلعُ الورودُ؟
- من الفضيلَهْ.
هي ممكنات مستحيلهْ!
قمر على وجه المياهِ
َيلُمهُ العشب الضئيلُ
وليس تُدركه القبابْ.
قمر على وجه المياه
سكونه في الاضطراب
وبعده في الاقترابْ.
غَيب يمد حُضورَه وسْطَ الغيابْ.
وطن يلم شتاته في الاغترابْ.
روح مجنحة بأعماق الترابْ!
وهي الحضارة كلها
تنسَل من رَحِم الخرابْ
و تقوم سافرة
لتختزل الدنا في كِلْمتين:
(أنا الحِجابْ)!
*************
الحُسْنُ أسفرَ بالحجابِ
فمالها حُجُبُ النفورْ(5/319)
نزلت على وجهِ السفورْ؟
واهًا...
أرائحة الزهور
تضيرُ عاصمة العطورْ؟
أتعف عن رشْفِ الندى شَفَةُ البكورْ؟
أيضيق دوح بالطيورْ؟!
يا للغرابة!
_ لا غرابهْ.
أنا بسمة ضاقت بفرحتها الكآبهْ.
أنا نغمة جرحت خدود الصمت
وازدردت الرتابهْ.
أنا وقدة محت الجليد
وعبأت بالرعب أفئدة الذئابْ.
أنا عِفة و طهارة
بينَ الكلابْ.
الشمس حائرة
يدور شِراعُها وَسْطَ الظلام
بغير مرسى
الليلُ جن بأفقها
والصبحُ أمسى!
والوردة الفيحاء تصفعها الرياح
و يحتويها السيل دَوْساً.
والحانة السكرى تصارع يقظتي
و تصب لي ألماً و يأساً.
*************
سأغادرُ المبغى الكبيرَ و لست آسى
أنا لستُ غانية و كأساً!
نَعلاكِ أوسعُ من فرنسا.
نعلاكِ أطهرُ من فرنسا كلها
جَسَدًا ونفْساً.
نعلاك أجْملُ من مبادئ ثورةٍ
ذُكِرَتْ لتُنسى.
مُدي جُذورَكِ في جذورِكِ
واتركي أن تتركيها
قري بمملكةِ الوقارِ
وسَفهي الملِكَ السفيها.
هي حرة ما دامَ صوتُكِ مِلءَ فيها.(5/320)
وجميلة ما دُمتِ فيها.
هي مالَها من مالِها شيء
سِوى (سِيدا) بَنيها!
هي كلها ميراثُكِ المسروقُ:
أسفلت الدروبِ،
حجارةُ الشرفاتِ،
أوعيةُ المعاصِرْ.
النفطُ،
زيتُ العِطرِ،
مسحوقُ الغسيلِ،
صفائحُ العَرباتِ،
أصباغُ الأظافرْ.
خَشَبُ الأسِرةِ،
زئبقُ المرآةِ،
أقمشةُ الستائِرْ.
غازُ المدافئِ،
مَعدنُ الشَفَراتِ،
أضواءُ المتاجرْ.
************
وسِواهُ من خيرٍ يسيلُ بغيرِ آخِرْ
هي كلها أملاكُ جَدكِ
في مراكشَ
أو دمشقَ
أو الجزائِرْ!
هي كلها ميراثك المغصوبُ
فاغتصبي كنوزَ الاغتصابْ.
زاد الحسابُ على الحسابِ
وآنَ تسديدُ الحسابْ.
فإذا ارتضتْ..أهلاً.
و إنْ لم ترضَ
فلترحَلْ فرنسا عن فرنسا نفسِها
إن كانَ يُزعجُها الحجابْ
http://www.h - alali.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ
يخافون من حجاب!!
عاطف الجولاني(5/321)
فرنسا خطت خطوة واسعة على طريق إعلان الحرب الشاملة لمواجهة خطر الحجاب الذي قالت إنه يهدد أسس الدولة الفرنسية العلمانية، وألمانيا والدانمارك تنويان اللحاق بها، ودول أوروبية أخرى قد تفكر بخطوات مماثلة!!
غريب هذا الذي يجري في أوروبا التي تدخل معركة مسعورة لا هوادة فيها ضد الحجاب، وكأنه سلاح دمار شامل يهدد مستقبل أوروبا ومصالحها، كذلك الذي تذرّع به بوش لشن عدوانه الغاشم على العراق وتسويغ احتلاله!!
أوروبا الحريات والديمقراطية والتعددية وحقوق الإنسان، لا ترى أن من حق فتيات مسلمات أن يمارسن حقهن الطبيعي في اختيار الزي الذي ينسجم مع رغباتهن وقناعاتهن وقبل ذلك مع معتقداتهن، في الوقت الذي لا ترى فيه أوروبا بأساً في إباحة الشذوذ، بل المجاهرة به وتشريعه وتوفير الحماية القانونية لمقترفيه، فأوروبا المتحضرة لا ترى خطراً في طوابير اللوطيين والسحاقيات، لكنها تخشى خطراً داهماً يتهدد أمنها واستقرارها وثقافتها بسبب قطعة قماش!!
كم هو سخيف ذلك المبرر الذي طرحته فرنسا لتسويغ إعلان حربها الشعواء، فالحجاب كما تزعم يشكّل خطراً على قيم العلمانية الفرنسية، وبالتالي فإن حظره حسب المسؤولين الفرنسيين إجراء دفاعي عن النفس يأتي في سياق لحماية قيم العلمانية «المقدسة» المهددة بالحجاب!!
تصوروا هذا السخف!! فحين نتحدث نحن في العالم العربي والإسلامي عن ضرورة حماية معتقداتنا الدينية والأخلاقية والحفاظ على قيمنا وعاداتنا وثقافتنا، تتعالى صيحات الإدانة والاستنكار في الغرب، معتبرة ذلك اعتداء خطيراً على الحريات وحقوق الإنسان، وتشنّ وسائل إعلامهم حملات مركزة للتباكي على الحريات المهدورة والحقوق المقموعة، وأعمال الترهيب التي يمارسها متطرفون، لكنهم لا يرون حرجاً في خوض معارك تنسف أسس التعايش الاجتماعي داخل مجتمعاتهم بحجة واهية اسمها الدفاع عن قيم العلمانية التي جعلوا منها ديناً ورباً يعبد من دون الله.
نصرخ صباح مساء في العالم العربي والإسلامي أننا لا نسعى لحرب حضارات وصراع ثقافات مع الغرب أو غيره، بل إلى تعايش وتفاهم بين الحضارات والثقافات، لكن كل صرخاتنا ذهبت أدراج الرياح، ولن نستطيع بعد اليوم أن نقنع عربياً أو مسلماً، هناك في أوروبا أو هنا في العالم العربي والإسلامي، بأنها ليست حرباً حضارية ثقافية.
الغرب الذي روّج ذات يوم للحرية والديمقراطية والتعددية وحقوق الإنسان، ينقلب اليوم على قيمه، ويرتكس في مستنقع القمع والكبت ومصادرة حريات الإنسان وحقه في الاعتقاد واللباس.
http://alshaab.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ
الحجاب في الجاهلية
د. وفاء فهمي السنديوني(5/322)
الدعوة للحوار حول المرأة؛ ظاهرها ومظهرها، جوهرها ومخبرها واسعة الرحاب مشرعة الأبواب، كثر دورانها على ألسنة الناس كل الناس في الشرق والغرب، النقاد العرب والمستشرقين الحريصين على كيان المرأة وزينتها وغير الحريصين.
واتخذ مظهر المرأة زيها وزينتها عناية الدارسين الاجتماعيين والنفسيين الأخلاقيين والمؤرخين الأدباء والمتأدبين وأرباب العلوم الجمالية والفنون الحضارية، وتم في سياق هذه الجهود من المسميات ما يشحذ العقول ويثير الفضول: تحرير المرأة وحريتها، تكريم المرأة وكرامتها، تقدير المرأة وقدراتها.
ولا يخفى على المسلمين العارفين في كتاب الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما نبه إليه الإسلام من مهمة الزي وأغراضه ودواعيه لبني آدم عامة ممثلة في غايتين هما التستر والتزين، والأولى من الضروريات والثانية من الكماليات قال الله - عز وجل -: {يا بني أدم قد أنزلنا عليكم لباساً يواري سوءاتكم وريشاً ولباس التقوى ذلك خير ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون} سورة الأعراف آية 26.
فهنا يوضح الله - جل شأنه - لعباده ما جعل لهم من اللباس والريش ويبين أن لكل منهما غاية، فاللباس ستر للعورات أو السوءات وهو من الضروريات، والريش أو الرياش ما يتجمل به المرء ويتزين فهو من الكماليات أو الزيادات.
وفي السنة المطهرة تصريح وتوضيح وتلميح إلى الغايتين ستر العورة والتجمل إذ يدور حولهما وبهما محور ارتداء الزي بكل صنوفه وأبعاده، يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من استجد ثوباً فلبسه فقال حين يبلغ ترقوته: الحمد لله الذي كساني ما أواري به عورتي وأتجمل به في حياتي، ثم عمد إلى الثوب الخلق فتصدق به كان في ذمة الله وفي جوار الله وفي كنف الله حياً وميتاً)) ذلك هو مداراة العورة أي التستر والتجمل، وقد بدأ بالتستر فهو الأصل.
والجدير بالذكر أن الإنسان بالفطرة السليمة والسجية القويمة يميل إلى التستر والتجمل ويجعل للأول المقام الأول في نظرته للأمور، وتبصرة لما يدور من حسن تقدير لمقام المرأة وقدراتها، فبالتستر وما يلزمه من الحياء والحجاب تكون المرأة موضع التقدير والإعجاب، إذ يطالعنا أحد شعراء الصعاليك في الجاهلية الشنفرى الأزدي فيصف زوجته بقوله:
لقد أعجبتني لا سقوطاً قناعها إذا ما مشت ولا بذات تلفت
كأن لها في الأرض نسياً تقصه على أمها وإن تكلمك تبلت
أميمة لا يخزى نثاها حليلها إذا ذكر النسوان عفت وجلت
فهي امرأة مقنعة ذات استقامة في مشيتها لا تتلفت، تتجه إلى أمها أي هدفها خافضة الرأس، تغض بصرها حياء وكأنها تبحث عن شيء ضاع منها، وإن اضطرت لمخاطبة الرجال تتلعثم حياء، فنثاها أي سيرتها سيرة حسنة لا تخزي زوجها، فإذا ما ذكرت النساء كانت موضع تقدير ومحل رفعة.
هذه امرأة الصعلوك في مثاليتها من التستر وما يلزمه من الحياء، فما بالنا بامرأة الشاعر الشريف الفارس الذائد عن حمى قبيلته، وهنا يطالعنا الشعر أيضاً - وهو وثيقة الوثائق في قيمنا الاجتماعية - فيخبرنا بأن التستر غاية ومطلب ودليل عز(5/323)
وسبيل فخر في الصورة المثالية للعربية المرأة الحرة الأبية، إذ نجد لعنترة فارس الفرسان وشاعر الشعراء قوله لعبلة:
إن تغدقي دوني القناع فإنني طب بأخذ الفارس المستلئم
إذن كانت المرأة الحرة تتستر دون الرجل الحر الذي ترى فيه مطمعاً وأملاً للاقتران بها، وربما ترخي قناعها دون العبيد أو الموالي ولا تحرص على التستر دونهم لأن المنشأ والمربى معهم فأغلب الظن أن يكون لها منهم أخوة بالرضاعة أو أولاداً لإماء{مما ملكت أيمانكم}.
نافلة القول إن تستر المرأة مطلب وغاية وآية عز وفخر ودليل كرامة وشهامة تستهوي فيه المرأة الرجال، كل الرجال الصعاليك والأحرار، الأشرار والأبرار، فتكون موضع إعجاب وتقدير كل يعجب بالفطرة بامرأة متسترة من وراء حجاب لا تخزيه سيرتها، ويرفع قدره سترتها، وقد جعله الله العالم القدير الخبير بأحوال النفوس سمة المرأة المسلمة، فرفع شأنها وشأن زوجها بها، ورسم لها صورة التستر كاملة شاملة في قول الله - عز وجل -:{وليضربن بخمرهن على جيوبهن} سورة النور آية 31، وقول الله - تبارك وتعالى-:{يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً}. سورة الأحزاب آية 59، فالتستر دليل المرأة المسلمة ودال إليها.
ومن طريف ما ورد في أدبنا العربي ذلك الأعرابي الذي سجى في اليمامة وجلس يبكي شوقاً لامرأته ويذكر بردتها وعباءتها:
فقال اليماميان لما تبينا سوابق دمع ما ملكت لها ردا
أمن أجل أعرابية ذات بردة تبكي على نجد وتبلى كذا وجدا
لعمري لأعرابية في عباءة تحل دماثا من سوبقة أو فردا
أحب إلى القلب الذي لج في الهوى من اللابسات الريط يظهرنه كيدا
يرى الشاعر أهله وبلده وحماه كلما ابتعدت عيناه في امرأة مصونة متسترة - وغالباً ما تكون زوجة الشاعر - أي امرأة حليلة لا خليلة، يرى فيها الصورة المثالية للتستر والتجمل في مظهرها وما فيه من تحرير المرأة وبيان حريتها وتكريم المرأة وكرامتها وتقديرها وصون قدراتها، بل يأنف العرب من تزويج بناتهم من شاعر يذكر مفاتنها، ويخلع عنها ثياب التستر، ويصفها حسياً، وهو موقف يتفق مع الخلق القويم والذوق السليم الذي يرقى بالمرأة إلى الرفعة والطهارة، والرقي والحضارة، وهو ما أمر الله به من لباس المرأة المسلمة، وهو مدعاة للباس التقوى للنساء والرجال على مر الأجيال، حفظاً لكيان الأمة الإسلامية وصوناً لكينونتها.
_________________________
مجلة الدعوة – العدد 1546 – 4صفر 1417هـ – 20يونيو 1996م
http://www.mknon.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ
بيان في لباس المرأة عند محارمها ونسائها
صادر من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية(5/324)
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
فقد كانت نساء المؤمنين في صدر الإسلام قد بلغن الغاية في الطهر والعفة، والحياء والحشمة ببركة الإيمان بالله ورسوله، واتباع القرآن والسنة، وكانت النساء في ذلك العهد يلبسن الثياب الساترة، ولا يعرف عنهن التكشف والتبذل عند اجتماعهن ببعضهن أو بمحارمهن، وعلى هذه السنة القويمة جرى عمل نساء الأمة - ولله الحمد - قرناً بعد قرن إلى عهد قريب، فدخل في كثير من النساء ما دخل من فساد في اللباس والأخلاق لأسباب عديدة ليس هذا موضع بسطها.
ونظراً لكثرة الاستفتاءات الواردة إلى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عن حدود نظر المرأة إلى المرأة وما يلزمها من اللباس، فإن اللجنة تبين لعموم نساء المسلمين:
أنه يجب على المرأة أن تتخلق بخلق الحياء الذي جعله النبي - صلى الله عليه وسلم - من الإيمان وشعبةً من شعبه، ومن الحياء المأمور به شرعاً وعرفاً تستر المرأة واحتشامها، وتخلقها بالأخلاق التي تبعدها عن مواقع الفتنة ومواضع الريبة.
وقد دل ظاهر القرآن على أن المرأة لا تبدي للمرأة إلا ما تبديه لمحارمها مما جرت العادة بكشفه في البيت وحال المهنة كما قال - تعالى -: (ولا يُبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو نسائهن). الآية: النور: 31، وإذا كان هذا هو نص القرآن، وهو ما دلت عليه السنة، فإنه هو الذي جرى عليه عمل نساء الرسول - صلى الله عليه وسلم - ونساء الصحابة ومن اتبعهن بإحسان من نساء الأمة إلى عصرنا هذا، وما جرت العادة بكشفه للمذكورين في الآية الكريمة هو: ما يظهر من المرأة غالباً في البيت، وحال المهنة ويشق عليها التحرز منه؛ كانكشاف الرأس واليدين والعنق والقدمين، وأما التوسع في التكشف فعلاوة على أنه لم يدل على جوازه دليل من كتاب أو سنة؛ هو أيضاً طريق لفتنة المرأة والافتتان بها من بنات جنسها، وهذا موجود بينهن، وفيه أيضاً قدوة سيئة لغيرهن من النساء، كما أن في ذلك تشبهاً بالكافرات والبغايا الماجنات في لباسهن، وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: [ من تشبه بقوم فهو منهم ]. أخرجه الإمام أحمد وأبو داود.
وفي " صحيح مسلم" عن عبد الله بن عمرو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى عليه ثوبين معصفرين فقال: " إن هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها" وفي صحيح مسلم أيضاً أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسمنة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا ]، ومعنى " كاسيات عاريات ": هو أن تكتسي المرأة ما لا يسرتها، فهي كاسية، وهي في الحقيقة عارية، مثل من تلبس الثوب الرقيق الذي يشف بشرتها، أو الثوب الضيق الذي يبدي تقاطيع جسمها، أو الثوب القصير الذي لا يستر بعض أعضائها.(5/325)
فالمتعين على نساء المسلمين التزام الهَدْي الذي كان عليه أمهات المؤمنين ونساء الصحابة - رضي الله عنهن - ومن اتبعهن بإحسان من هذه الأمة، والحرص على التستر والاحتشام فذلك أبعد عن أسباب الفتنة، وصيانة للنفس عما تثيره دواعي الهوى الموقع في الفواحش.
كما يجب على نساء المسلمين الحذر من الوقوع فيما حرمه الله ورسوله من الألبسة التي فيها تشبه بالكافرات والعاهرات طاعة لله ورسوله، ورجاء لثواب الله، وخوفاً من عقابه.
كما يجب على كل مسلم أن يتقي الله فيمن تحت ولايته من النساء، فلا يتركهن يلبسن ما حرمه الله ورسوله من الألبسة الخالعة والكاشفة والفاتنة، وليعلم أنه راعٍ ومسؤول عن رعيته يوم القيامة.
نسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين، وأن يهدينا جميعاً سواء السبيل، إنه سميع قريب مجيب. وصلى الله وسلم عن نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
الرئيس / عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ
عضو/ عبد الله بن عبد الرحمن الغديان
عضو / بكر بن عبد الله أبو زيد
عضو / صالح بن فوزان الفوزان
http://www.khayma.com/ftat/K/LEBAS.HTM المصدر:
ـــــــــــــــــــ
بنت أمي ويا فتاتي المصانة
فاطمة سعد عائض مرعي
بنت أمي ويا فتاتي المصانة أنت في الكون نوره و كيانه
حرة برة رعتك العيون وقلوب تضفي عليك حنانه
ربة البيت، و العشيرة تزهو بك فخراً و أنت رمز الرصانة
بك تسمو الأعراق عزاً و تبقى راية العرض في الزمان مصانه
و إذا ما سلكت للنبل درباً بك يا بنيتي تصان الديانة
يا رعاك الرحمن تيهي عفافاً وسمواً ورفعة وأمانة
و تحلي بفطنة وذكاء وتوقي من كيد أهل الخيانة
لا يغرنك ما أشاعوا و حاكوا من كلام وزينوا بهتانه
ثم ألقوا الأضواء في كل درب و دعوها حرية فتانة
جعلوا المغريات شركاً و زانوا عدة الصيد و استطابوا رهانه
أنت نصف الحياة ما طاب عيش إن تورايت و اقتفيت الرزانة
هكذا أعلنوا و قالوا تعالي شاركينا و نوري مهرجانه
روعة العصر أن تكوني مع الـ ـعصر فزيني أوقاته و زمانه
و ارفعي الرأس عالياً في شموخ و ردي البحر واملئي شطآنه
أي حرية أرادوا لتغدو درة الطهر في الحياة مهانة
بنت أمي لا لا تصيخي لقولٍ عابث أظهر الزمان هوانه(5/326)
كم تولى الدفاع عنك ليوث من قديم و عززوا أركانه
كيف نرضى و قد تقدم دهر باختلاط و نصطلي نيرانه
كيف نرضى الهوى يثير لهيباً و دخاناً فهل نطيق دخانه
بنت أمي عبي من العلم ما شئـ ـت و كوني نضيرة ريانه
و اسكبي ريك الحنون ببيت بات للزوج دوحة فينانه
نضريه و ظلليه بأنس وحياء و غيرة و أمانة
و اجعلي من بنيك فرسان مجد و إباءٍ تعلي الكرامة شانه
بك يعتز كل من عرف النبل ورام الهدى و صان كيانه
بك أوصى الرسول أماً و بنتاً فأفيضي من الفؤاد حنانه
سيرة المصطفى تشير و تروي ما يعز الهدى و يحيى بيانه
و سلي هنداً كيف عزت وقالت حرة القوم لا تروم الخيانة
لن تباح الحصان ما دام فيها نبضة من كرامة و أمانة
أنزل الله سورة لك تكريماً و فيها وسدت خير مكانة
ولك الذكر في كثير من الآيات طوبى فقد حملت الحصانة
وحباك الرحمن أكرم مخلوق عزيز مكلف بالأمانة
و إليه خلافة الله في الأرض و ألقى في عزمه سلطانه
صرت ظلاً له وريفاً ندياً بت منه إنسانه و كيانه
أكرمي عرضه إباء وصوني عيشه في تلطف ولدانه
أنت منه اللباس وهو لباس لك كوني رياضه الفينانه
فاحرصي أن يكون ذكرك طيباً لبنين و عزة و رصانة
جعل الله للكرامة أجراً في جنان ندية ريانه
و احذري كل عابث هش للقيا وأعطى حلو الكلام لسانه
و الزمي الصمت في إباء و عز لا يغرنك وابعدي شيطانه
ربما أظهر التواضع والنبل وأبدى من الصبا ريعانه
لا تصيخي له فكم من خداع يتوارى إذا أفاض بيانه
أنت في صفحة الكرامة وشيٍ أنت للمجد دُرَّهُ و جمانه
اصنعي الجيل مستقيماً خلوقاً يتولى في الناس أعلى مكانه
بيد النشء دين أحمد يسمو فاحفظيه كي لا ينال المهانة
بنت أمي كوني المثال كريماً أنت فردوس ظللت ولدانه
أنت نبع و أنت مرج نضير فاسعدي الجيل وارهفي وجدانه
فاحذري من يقول هذا زمان فيه حرية وأنت مهانة
وينادي هبي لعيش طليق أنت في السجن صدعي حيطانه
فاحذريه فأنت شمس أزاحت حلكة الليل و استوت مزدانه
لك في سربك الأمين مقام فاللآلئ في العقد تبقى مصانه
فارفعي الرأس عالياً بسلوك جعل النبل والهدى تيجانه
وتحدي من طبعه يتجلى بخداع يخفى به بهتانه
أي حرية تفيد إذا ما خسر المرء نبله و اتزانه(5/327)
فأجيبيه في تحد جرئ واكشفي في صراحة بهرجانه
لم يعد ينطلي كلام عميل أظهر الخبث مفعماً بالمهانة
بنت أمي فأنت أسمى و أرقى أنت ركن للبيت أنت كيانه
أنت قطب يدور حولك من شب كريماً مطهراً دورانه
سكن أنت للذي يتقي الله منيباً معززاً إيمانه
فدعي درب من يود لك السوء وسيري في عفةٍ ورصانة
والفظيه فما أرادك إلا إنه الشر مطلقاً ذئبانه
http://www.lahaa.comبتصرف من:
ـــــــــــــــــــ
المرأة المعاصرة!
سفر الحوالي *
في الوقت الذي يرسم التاريخ فيه معلماً من معالمه الفاصلة في تاريخ هذه الأمة المبتلاة، وتشتد المعركة بين الحق والباطل ضراوة على أرض الإسلام وفي حصونه، بل في كل بيت من بيوته، تتطلع الأنظار إلى موقع المرأة المسلمة من هذا الصراع الدائر في جانب عظيم من جوانبه عليها هي!!
فدعاة التقى والعفاف والطهارة والفضيلة قائمون على الثغور يذودون عن دين المرأة وكرامتها وعرضها وشرفها، وذئاب الشهوات يتهارشون على القطعان الهائمة في أودية الشهوات ومستنقعات الرذيلة، ويتحفزون للانقضاض على المرأة المسلمة، هذا يمزق الخمار، وذاك يعري الصدر، والآخر يروم نزع الإزار؛ لتصبح فريسة ممزقة بمخالب الفاحشة، وطعماً لإيقاع الأمة كلها في شباك المفسدين.
ويتلفت الإنسان في عالمنا المعاصر شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً؛ فلا يرى إلا سعار الشهوات وحمى المغريات، ويرى المرأة المسكينة تترنح تحت سياطها وتتلظى بلظاها، ويرى تحت طلاء "العصرية والحرية والحضارة" لهيب الشقاء والنكد والعبودية {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} (سورة طه:124).
إن جولة واحدة في إحدى كبريات مدن الغرب أو الشرق تكفي لإدراك هذه الحقيقة، ولكن من الذي يرى ذلك حقاً؟ إنهم الذين ينظرون بنور الإيمان وعين البصيرة، الذين عرفوا الله وذكروه فعرفهم قيمة أنفسهم وذكرهم فيمن عنده، إنهم الذين فقهوا عن الله أمره، وأخذوا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هديه؛ فأدركوا أنه لا سعادة ولا طمأنينة لهذه القلوب في العاجلة والعقبى إلا بالعبودية لله وحده، واتباع سبيله وحده.
أما الآخرون الذين اجتالهم قرناؤهم من شياطين الجن، واستعبدهم أسيادهم من شياطين الإنسان؛ فمهما رأوا وسمعوا فإنهم تراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون!
في مطار "نيويورك" حيث مشعل الحرية يرى كل واحد من ملايين المسافرين المرأة الأمريكية ـ التي يغبطها سائر نساء الدنيا المغرورات على ما نالت من حرية ومساواة ـ وهي تحمل الحقائب من الطائرة إلى المطار أو العكس على متنها بلا عربة، هكذا رأيتها بأم عيني، وقلت لمرافقي: انظر حال هؤلاء المنكوبات؟! فقال: لكن أكثرهم من السود؟ قلت: وهذه طامة أكبر وسوأة أعظم!!(5/328)
وفي داخل المطار كانت الموظفة ـ وهى بيضاء! ـ تتضجر من إرهاق العمل، فأراد أن يعزيها ويواسيها، فقالت: رغم كل هذا العناء فأنا سعيدة مادمت في المطار، ولم أفهم أنا شيئاً فقالت: إنهم اللصوص خارج المطار؛ إن "نيويورك" مدينة إجرام فظيع، وأحياناً أقول: الشقة أنكد من المطار، وأحياناً أقول: بل المطار أنكد من الشقة!
وفي الفندق كانت الموظفة عجوزاً متغضنة الإهاب محدودبة الظهر شاحبة الوجه، تنوء يدها بمفاتيح الغرف، وتحدثنا معها قليلاً فكانت مأساة من نوع آخر، الزوج طلقها من عقود، والأبناء أحدهما ضائع لا تعلم عنه شيئاً، والآخر في ولاية نائية ولا يهمه من أمرها شيئاً، ومصيرها إلى دار العجزة التي تقول: إنها أنكد سجون أمريكا، ولهذا اضطرت إلى عمل إضافي تضيع فيه وقتها وتجمع قدراً أكبر من المال، وبالطبع لم نسألها: لأي عمر تجمعه؟! ولم تكنزه؟! فالحياة كلها هناك سفينة هائمة لا يدري راكبها ولا ربانها إلى أين ستمضى {بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِّنْهَا بَلْ هُم مِّنْهَا عَمِونَ} (سورة النمل:66).
كان مرافقي الكريم طوال الوقت يواسيني ويصبرني على المضايقات التي لم آلفها من قبل: الأجساد العارية، والنظرات الزائغة، والإباحية الساقطة، ولكني كنت في واد وهو في واد آخر.
وأخيراً صارحته: صحيح أن الإنسان يصعب عليه أن يغض نظره هنا، وإن الفتنة تضطرم في كل مكان، ولكنني لم أجد نفسي في مكان ما أشد أمناً على نظري وقلبي من هذه البلاد! إنها تنور هائل وأهلها مسجورون فيه، وأكاد أرى اللهيب يشوي هذه الأجساد العارية، فأي فتنة حينئذ؟ إن هذه المناظر مدعاة للإشفاق والرثاء، وإن الإنسان مهما انحط في الشهوة لا إخاله يتلذذ بمناظر المعذبين!
أقول لك: إنني لم أكن أظن أن الشفقة على الكافرين تبلغ بي إلى هذا الحد؟!
نعم، نحن نتألم ونبكي لمصاب المرأة المسلمة في الفلبين وأفغانستان وتايلاند وبورما وإريتريا وغرب أفريقيا، وفي كل مكان، ومع ذلك فإن ديننا دين رحمة يدفعنا أيضاً إلى الرثاء لحال هؤلاء النسوة المنكوبات في بلاد الظلمات.
والآن ـ يا أخي ـ عرفت أكثر بكثير أن مروجي الحياة الغربية في وسائل الإعلام المختلفة ودعاة التبرج والسفور.. وكل دعاة العلمانية في البلاد الإسلامية لا يقلون خطراً علينا، من الدمار النووي الذي يهددنا به أعداؤنا!؟ ولكن الفرق أننا ندرك خطر هذا ولا ندرك خطر هؤلاء!
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
*من مقدمة كتاب: كلمات عابرات للمرأة المسلمة المعاصرة، للشيخ محمد أمين مرزا عالم.
http://www.lahaonline.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ
الحجاب ومشاكل الأمّة
أحمد بن محمد الصقر
يتحدث بعض مثقفينا المستغربين عن العلماء والدعاة والجيل الملتزم بكثير من التهم منها: الاهتمام بالقشور والشكليات.(5/329)
وهذه الفصيلة من المثقفين ينطبق عليها المثل المشهور:رمتني بدائها وانسلّت!، لأنهم ـ من حيث يشعرون أو لا يشعرون ـ هم من يهتم بالقشور والشكليات، هذا على فرض صحة هذا التقسيم من الناحية الشرعية، فهي تكثر الحديث عن الحجاب وهو لا يعدو مظهراً يتعلق بشكل المرأة المسلمة.
وبحسب علمي المتواضع فإن الحجاب ليس مثل أصباغ الشعر التي تحتوي على مواد كيميائية سامة قد تنفذ من خلال مسام قشرة الرأس إلى خلايا المخ فتفتك بها بل قد تصل إلى الجنين وتؤثر فيه.
وعلى حسب علمي أيضاً فإن الحجاب ليس خوذة حربية أو رياضية يُخشى أن تدق عنق المرأة فتحدث في جسمها تشوهات خَلقية.
ألا يمكن أن يعتبر أدعياء التحرير أن الحجاب قضية شكلية شخصية، إلا إذا كانوا يعتقدون أن الحجاب هو السبب في تخلفنا عن صعود القمر، وهو السبب في ضياع فلسطين، أو في مشكلة البطالة والتلوث البيئي، وتفاقم مشكلة المياه، وتدني مستوى المخرجات التعليمية، أو في ظاهرة التفكك الأسري، وارتفاع معدلات الطلاق، أو في الفساد الإداري والتخلف التقني، وتأخر اكتشافنا لخريطة الجينات الوراثية، أو ربما يعتقدون أن الحجاب هو السبب في انتشار الإيدز!!
إن المشكلة الحقيقية التي تعاني منها المرأة ليس في ستر وجهها وتغطية شعرها وإخفاء زينتها ولكن في استسخاف عقلها، وسلب مشاعرها، وطمس كرامتها، وذلك من خلال النظر إلى المرأة على أنها أنثى فقط، وليست إنساناً له عقله الذي يجب أن يحترم، ومشاعره التي يجب أن تقدّر، والشواهد على ذلك كثيرة:
فمنها تلك التصرفات التي يمارسها قراصنة الإعلام حين اتخذوا جسد المرأة وصفاتها الأنثوية سلعة يتجرون بها لجذب أكبر قاعدة ممكنة من الزبائن، وكأن المرأة ـ في نظرهم ـ إنما خُلقت لتكون فتاة إعلان وغلاف، أو مقدمة برامج، أو عارضة أزياء، أو لتؤدي دوراً قذراً في الأفلام والمسارح.
ومن تلك الشواهد أيضاً ما يقوم به بعض العلمانيين في رواياتهم حين اخترعوا للمرأة أدوار الإغراء ومقامات الفساد، فأنتِ حين تقرئين رواياتهم سوف تجدين كيف استخدموا المرأة استخداماً مشيناً (لتبهير) رواياتهم وإضفاء صفة الإثارة عليها، فالمرأة في رواياتهم زوجة خائنة أو راقصة ماجنة أو خادمة فاجرة أو سكرتيرة فاتنة أو نادلة متبذلة... ألخ فهل هذه هي المرأة؟!
إن شخصيات تلك الروايات هي شخصيات خيالية أي أنها لم تفرض عليهم من قبل هيئة كبار العلماء!! ومع ذلك لم يجدوا لها إلا تلك الأدوار المنحطة التي تستغل أنوثة المرأة ولا تستثمر إنسانيتها!!
فأين أنتم أيها المستغربون عن هذه الممارسات التي يشاهدها الملايين ويتربى عليها الملايين؟! أو تلك قضية تجارية والأخرى قضية أدبية!!
على أية حال إذا كنتم ترون أن الحجاب هو السبب في تخلفنا فأرجو منكم أن تسارعوا بتحرير الرجل من الشماغ أيضاً .. فيبدو أن هوايتكم نزع الملابس!!
http://www.islamtoday.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ(5/330)
حجاب السفور
الحجاب هو أهم المظاهر الإسلامية التي تعطي المرأة المسلمة هويتها، ففي أي مكان في العالم، وفي أي ظرف نستطيع أن نميز المرأة المسلمة عن غيرها، فحجابها هو شعار انتمائها، وتمسكها به هو مصدر تميزها.
وقد كثرت الدعوات في هذا العصر والمحاولات في سلب المرأة هويتها وشعارها وانتمائها بكل قوة، وظهر من يروج بأن الحجاب عادة ورثتها المسلمة من عصور التخلف، وأنه ليس من الإسلام في شيء، وفي الجانب الآخر ظهرت فئة ممن ينسبون أنفسهم للعلم والعلماء، يلوون أعناق النصوص، وينبشون عن الروايات الضعيفة، والأقوال المجروحة والشاذة، ليبرروا مظاهر الإغراء والفتنة والسفور من خلال وسائل الإعلام ومنابره في روح لا تخلو من أحد أمرين:
- إما انهزامية أمام جحافل الضغط العالمي والمؤسسات الأممية ودول التجبر، التي سعت إلى فرض مفاهيمها وقيمها المعارضة للفطرة والمحاربة لشرائع الأنبياء، باسم الحرية والتقدم والحضارة.
- وإما روح فاجرة أشربت الباطل، وثملت من الشهوات، حتى أصبحت نموذجاً حياً لشياطين الإنس شكلاً وهيئةً وفكراً، لا يقر لها قرار، ولا يهدأ لها بال حتى ترى المجتمع وقد سار في ركاب الشهوات، وانخرط في طريق اللذة، والتقليد الأعمى للغرب وفضلاته الحضارية.
وقد استجاب لهم كثير، ودخل الشك والتردد في نفوس آخرين، ومن وراء هؤلاء وأولئك قامت دور الأزياء والموضة بالتفنن في رسم مسار الحجاب بما يدعو للفتنة، ويدمر الحشمة والعفاف، ويحارب الهدي الإسلامي في هذه القضية الخطيرة.
وفي هذا الملف معالجة مركزة، واستعراض شامل للرؤية الشرعية للحجاب، وبيان لوجه الحق في ضوابطه وحدوده، ورد على تلك الدعوات بالمنهج العلمي الشرعي المستمد من كتاب الله - عز وجل - وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -.
الحجاب ليس عادة تركية:
عن هذا الموضوع تحدث د. محمد بن عبد الله الخرعان قائلاً:
في ظل غياب الأخلاقيات العلمية، والهوى الجامح، لم يوفر أصحاب التيارات العلمانية والشهوانية سبيلاً في تحقيق غاياتهم في إغراق المجتمعات الإسلامية في أوحال الفساد الخلقي إلا وسلكوه، سواء كان مما يعقل أو مما لا يعقل، ولأنهم يمثلون حقيقة الامتداد للاستعمار الغربي لبلاد المسلمين، فلم يجدوا شيئاً يفرغون بهم حقدهم، ويظهرون به ولاءهم من أن ينسبوا للأتراك تهمة فكرة الحجاب - زعموا -، والحق أن الحجاب شرعة ربانية، وفطرة إنسانية فطر الله الناس عليها، وأن السفور فتنة الشيطان الكبرى التي أراد لآدم وحواء - عليهما السلام - الوقوع فيها، ولنتأمل في هذه الآيات الكريمة التي تحدثت عن هذه القصة، وننظر كيف كان الستر والحشمة هما الأصل، وأن السفور والتعري هو غاية الشيطان من إغوائه بأكل الشجرة يقول الله - عز وجل -: {فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى * إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلا تَعْرَى * وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيهَا وَلا تَضْحَى} [طه: 117 - 119].(5/331)
وقد اختصرت الآية التي بعدها والآيات التي في سورة الأعراف أيضاً هدف إبليس من هذا الإغواء في هدف واحد، وهو هدف عجيب يستوقف المتأمل كثيراً جداً لا سيما في هذا العصر، حيث لم يخرج ذلك الهدف عن إرادة إبليس ورغبته في: كشف عورة آدم وحواء!! يقول الله - عز وجل - بعد ذلك: {فَأَكَلا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا} [طه:121] وفي سورة الأعراف: {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا} [الآية:20]، ثم يبين الله - عز وجل - نتيجة الوسوسة تلك: {فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا} [الآية:22].
الحجاب تاريخياً:
الحجاب كان موجوداً عند الأمم المختلفة - كاليونان والرومان وغيرهم - وكان موجوداً عند أهل الكتاب وعرب الجاهلية وهذا ما سنوضحه فيما يلي:
الحجاب عند أهل الكتاب:
1 - من يقرأ كتب العهدين القديم والجديد يعلم - بغير عناء كبير في البحث - أن حجاب المرأة كان معروفاً بين العبرانيين منذ عهد إبراهيم - عليه السلام -، وظل معروفاً بينهم في أيام أنبيائهم جميعاً إلى ما بعد ظهور المسيحية، وتكررت الإشارة إلى البرقع في غير كتاب من كتب العهد القديم وكتب العهد الجديد.
ففي الإصحاح الرابع والعشرين في سفر التكوين عن (رفقة) أنها رفعت عينيها فرأت إسحاق فنزلت عن الجمل وقالت للعبد: من هذا الماشي في الحقل للقائي؟ فقال العبد: هو سيدي! فأخذت البرقع وتغطت.
وفي الإصحاح الثامن والثلاثين من سفر التكوين أيضاً أن تامار: " مضت وقعدت في بيت أبيها ولما طال الزمان خلعت عنها ثياب ترملها وتغطت ببرقع وتلففت ".
وفي الإصحاح الثالث من سفر أشعيا أن الله سيعاقب بنات صهيون على تبرجهن والمباهات بخلاخيلهن بأن: "ينزع عنهن زينة الخلاخيل والضفائر والأهلة والحلق والأساور والبراقع والعصائب".
وكانت المرأة عندهم تضع البرقع على وجهها حين تلقى الغرباء وتخلعه حين تنزوي في الدار بلباس الحداد.
الحجاب عند عرب الجاهلية:
معروف أن عرب الجاهلية كان فيهم بقايا من دين إبراهيم - عليه السلام - يتمسكون بها كتعظيم البيت والطواف والوقوف بعرفة والمزدلفة كما كان يوجد فيهم الحجاب بأنواعه، أعني: حجاب الجدر وحجاب الرأس ونقاب الوجه.
ولأن الشعر ديوان العرب فقد رأينا أن نوضح ما أجملناه حول المرأة في الجاهلية حسب ما ورد في أشعارهم.
أولا: حجاب الجدر:
كانت العرب تمدح المرأة القارة في بيتها وتكره الخراجة الولاجة. من ذلك قول أبي قيس بن الأسلت:
وتكسل عن جاراتها فيزرنها وتغفل عن إتيانهن فتعذر
وقول كثير:
وأن التي حببت كل قصيرة إلي وما تدري بذاك القصائر(5/332)
عنيت قصيرات الحجال ولم أرد قصار الخطا شر النساء البحاتر
ثانياً: حجاب البدن والوجه:
وهذا النوع من الحجاب كان موجوداً عندهم أيضاً، والدليل على ذلك هذه الأبيات التي قالها النابغة يصف المتجردة زوج النعمان بن المنذر حين سقط برقعها من على وجهها فانحنت على الأرض ترفعه بيدها بينما سترت وجهها بذارعيها حيث قال:
سقط النصيف ولم ترد إسقاطه فتناولته واتقتنا باليد
وقول الشنفري يمدح زوجته أميمة:
لقد أعجبتني لا سقوطاً قناعها إذا ما مشت ولا بذات تلفت
الحجاب الشرعي:
بين سماحة الشيخ عبد العزيز ابن باز - رحمه الله - الحجاب الشرعي للمرأة المسلمة قائلاً:
أمر الله - سبحانه - في كتابه الكريم بتحجب النساء ولزومهن البيوت، وحذر من التبرج والخضوع بالقول للرجال؛ صيانة لهن عن الفساد، وتحذيراً لهن من أسباب الفتنة، فقال - تعالى -: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً * وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً} [الأحزاب: 32، 33].
نهى - سبحانه - في هذه الآيات نساء النبي الكريم أمهات المؤمنين، وهن من خير النساء وأطهرهن عن الخضوع بالقول للرجل، وهو: تليين القول وترقيقه؛ لئلا يطمع فيهن من في قلبه مرض شهوة الزنا، ويظن أنهن يوافقنه على ذلك، وأمر بلزومهن البيوت، ونهاهن عن تبرج الجاهلية، وهو: إظهار الزينة والمحاسن، كالرأس، والوجه، والعنق، والصدر، والذراع، والساق، ونحو ذلك من الزينة؛ لما في ذلك من الفساد العظيم، والفتنة الكبيرة، وتحريك قلوب الرجال إلى تعاطي أسباب الزنا.
وإذا كان الله - سبحانه - يحذر أمهات المؤمنين من هذه الأشياء المنكرة مع صلاحهن وإيمانهن وطهارتهن، فغيرهن أولى بالتحذير والإنكار، والخوف عليهن من أسباب الفتنة، عصمنا الله وإياكم من مضلات الفتن.
ويدل على عموم الحكم لهن ولغيرهن قوله - سبحانه - في هذه الآية: {وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [الأحزاب:33]. فإن هذه الأوامر أحكام عامة لنساء النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيرهن وقال الله - عز وجل -: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} [الأحزاب:53].
فهذه الآية الكريمة نص واضح في وجوب تحجب النساء عن الرجال وتسترهن منهم، وقد أوضح الله - سبحانه - في هذه الآية أن التحجب أطهر لقلوب الرجال والنساء، وأبعد عن الفاحشة وأسبابها، وأشار - سبحانه - إلى أن السفور وعدم التحجب خبث ونجاسة، وأن التحجب طهارة وسلامة.(5/333)
وقال - عز وجل -: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً} [الأحزاب:59].
والجلابيب: جمع جلباب، والجلباب: هو ما تضعه المرأة على رأسها للتحجب والتستر به، أمر الله - سبحانه - جميع نساء المؤمنين بإدناء جلابيبهن على محاسنهن من الشعور والوجه وغير ذلك؛ حتى يعرفن بالعفة فلا يفتتن ولا يفتن غيرهن فيؤذيهن قال علي بن أبي طلحة: عن ابن عباس: (أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب ويبدين عيناً واحدة) وقال محمد بن سيرين: (سألت عبيدة السلماني عن قول الله - عز وجل - { يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ} [الأحزاب:59]، فغطى وجهه ورأسه وأبرز عينه اليسرى).
ثم أخبر الله - سبحانه - أنه غفور رحيم عما سلف من التقصير في ذلك قبل النهي والتحذير منه - سبحانه -.
ومعلوم ما يترتب على ظهور الوجه والكفين من الفساد والفتنة، وقد تقدم قوله - تعالى -: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الأحزاب:53]، ولم يستثن شيئاً، وهي آية محكمة، فوجب الأخذ بها، والتعويل عليها، وحمل ما سواها عليها، والحكم فيها عام في نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيرهن من نساء المؤمنين.
كشف الوجه:
من المعلوم أن للعلماء في كشف الوجه قولين مشهورين أحدهما القول بكشفه حال أمن الفتنة، والآخر القول بأنه من العورة التي يجب سترها على كل حال، وقد بين العلماء ترجيحهم هذه المسألة كما هو أدبهم في مسائل الخلاف، ومن ذلك ما قاله فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان حيث يقول: دلت السنة النبوية على وجوب تغطية المرأة وجهها عن غير محارمها لحديث عائشة - رضي الله عنها - قالت: (كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - محرمات فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزونا كشفناه).
وأدلة وجوب ستر وجه المرأة عن غير محارمها من الكتاب والسنة كثيرة، وإني أحيلك أيتها الأخت المسلمة في ذلك على رسالة "الحجاب واللباس في الصلاة" لابن تيمية، ورسالة "الحجاب" للشيخ عبد العزيز بن باز، ورسالة "الصارم المشهور على المفتونين بالسفور "للشيخ حمود التويجري، ورسالة (الحجاب) للشيخ محمد صالح بن العثيمين، وقد تضمنت هذه الرسائل ما يكفي.
مكانة الحجاب في الإسلام:
عن مكانة الحجاب في الإسلام تحدث الدكتور عبد الله بن وكيل الشيخ أستاذ السنة وعلومها في جامعة الإمام قائلاً: لا أستطيع في هذا المقام الضيق أن أستعرض مسألة الحجاب بشيء من البسط والبيان، ولكنني أنبه إلى جملة أمور:(5/334)
أولها: أن الحجاب الشرعي له أدلته المتكاثرة في الكتاب والسنة، من مثل قوله - تعالى -:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً} [الأحزاب:59]، وقوله: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} [الأحزاب:53]، وقوله - تعالى -: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النور:31].
ثانيها:أنه قد وردت النصوص المتكاثرة الدالة على منع اختلاط الرجال بالنساء، منها:
أ - حديث أبي هريرة مرفوعاً: (خير صفوف الرجال أولها، وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها، وشرها أولها).
ب - حديث أم سلمة قالت: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يمكث في مكانه يسيراً، فنرى – والله أعلم - أن مكثه لكي ينصرف النساء قبل أن يدركهن الرجال).
ج - وعن أبي أسيد مالك بن ربيعة - رضي الله عنه - أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول وهو خارج من المسجد، وقد اختلط الرجال مع النساء في الطريق: استأخرن فليس لكن أن تحققن الطريق (أي تتوسطن فيه)، عليكن بحافات الطريق، فكانت المرأة تلصق بالجدار حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به.
د - وعن نافع عن ابن عمر – رضي الله عنهما – أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: (لو تركنا هذا الباب للنساء؟) قال نافع: فلم يدخل منه ابن عمر حتى مات. رواه أبو داود وقال الألباني على شرط الشيخين.
وكان النساء يخرجن لصلاة العيد فيعتزلن مصلى الرجال، كما جاء ذلك في صحيح البخاري من حديث جابر بن عبد الله.
ثالثها: أن للاختلاط والتبرج من المضار الدينية والدنيوية الشيء الكثير.
فهو أولاً: معصية لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم -.
وثانياً: مجلبة للعن والطرد من رحمة الله.
وثالثا: مساعدة في نشر الفاحشة في المجتمع.
رابعا: تشبه باليهود ومن في حكمهم الساعين في الأرض فساداً.
ثم هو قرين ضعف الأمة وهوانها وتأخرها، وإنما انتشر في الأمة حينما استولى عليها العلمانيون، وتسلط عليها العملاء المتآمرون أمثال أتاتورك ومن على شاكلته.
والتبرج والاختلاط سبب لكثير من المضار الدنيوية، فهو سبب لكثرة الجرائم وتحطيم الروابط الأسرية، والإساءة للمرأة بالمتاجرة بها، وسبب لانتشار الأمراض المستعصية، وشيوع الشذوذ الجنسي، وغيره من العلل.
رابعها: نحن لا نقول: إن كل متحجبة معصومة من الرذيلة، ولا كل كاشفة عن وجهها ساقطة في الرذيلة حاشا وكلا، ولكننا نسأل: هل الذي أوقع المتحجبة في الرذيلة هو حجابها أو ضعف إيمانها؟ وهل الذي عصم الكاشفة عن الرذيلة هو إيمانها وخلقها، أم كشفها وتهتكها؟!
إن الحجاب أعظم معين للمرأة للمحافظة على سترها وحيائها وهو يصونها عن أعين السوء ونظرات الفحشاء، واسألوا - إن شئتم - الذين جربوا هذا الاختلاط بماذا عادوا؟!(5/335)
أخيراً أختم كلامي في هذه الفقرة بكلام الصحفية الأمريكية "هليسيان ستاتسيري" بعد أن أمضت في القاهرة عدة أسابيع ثم عادت إلى بلادها تقول: (إن المجتمع العربي كامل وسليم، ومن الخليق بهذا المجتمع أن يتمسك بتقاليده التي تقيد الفتاة والشاب في حدود المعقول، وهذا المجتمع يختلف عن المجتمع الأوروبي والأمريكي، فعندكم أخلاق موروثة تحتم تقييد المرأة، وتحتم احترام الأب والأم، وتحتم أكثر من ذلك عدم الإباحية الغربية، التي تهدم اليوم المجتمع والأسرة في أوربا وأمريكا.. امنعوا الاختلاط وقيدوا حرية الفتاة، بل ارجعوا إلى عصر الحجاب، فهذا خير لكم من إباحية وانطلاق ومجون أوربا وأمريكا.
لقد أصبح المجتمع الأمريكي مجتمعاً معقداً مليئاً بكل صور الإباحية والخلاعة، وأن ضحايا الاختلاط والحرية يملؤون السجون والأرصفة والبارات والبيوت السرية، إن الحرية التي أعطيناها لفتياتنا وأبنائنا الصغار قد جعلت منهم عصابات أحداث وعصابات للمخدرات والرقيق.
الحكمة من مشروعية الحجاب:
ومن إدارة التوعية والتوجيه بالرئاسة العامة لهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يتحدث الشيخ علي المري عن ذلك فيقول:
إن الحجاب الشرعي إنما شرعه الله - عز وجل - حماية للمرأة وللمجتمع كله قال - تعالى -: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ...} الآية ومن المعلوم أن الجلباب هو كل ساتر من أعلى الرأس إلى أسفل القدم وقد بين الله - عز وجل - في الآية حكمة عظيمة من حكمته في مشروعية الحجاب من أنه ستر للمرأة، ولتعرف بالحصانة والعفاف والاستقامة، ولكي لا تمتد إليها أيدي العابثين أو نظرات المسعورين، وبهذا يتحقق بإذن الله - عز وجل - طهارة المجتمع بسد كل ما يقضي إلى إثارة الشهوات.
إن أصحاب الشهوات يريدون من المجتمع أن يميل ميلاً عظيماً كما قال - تعالى -: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً} ويريدون أن تشيع الفاحشة فيه كما قال - تعالى -: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ...} الآية فقاموا بصناعة العباءة التي هي في الواقع تحتاج إلى عباءة تسترها وكل ذلك تمهيداً لكشف الوجه وإظهار المحاسن ثم بعد ذلك نبذ الحجاب.
فتعددت المسميات وظهر منها (الدانتيل) وما سمي بالفرنسية، والكلوش، والاسترتش اللاصقة الواصفة لتقاطيع الجسم والفرنسية اللماع، القيطان، شهر زاد، الشلحاء، اللؤلؤية، العباءة المغربية، وغيرها كثير من محدثات هذا العصر مما أدى بالحجاب الشرعي رمز العفة والكرامة، دارئ الفتن، للتحول إلى عنوان الفساد وخدش الكرامة والحياء.
دور الأزياء العالمية تتسابق في تصميم الحجاب:
تقول الأستاذة ذكاء قلعه جي:
إن هذا الحجاب الذي فرضه الله على المرأة المسلمة ليحميها من هذا اللهاث المتواصل وراء المظهر والشكل، ويحمي عفة المجتمع فلا يتطلع الرجل إلا لزوجه، والذي بذل الاستعمار الكثير من الجهد للقضاء عليه، ومنع المسلمات من لبس(5/336)
الحجاب، ولكن الاستعمار لم يستطع أن ينال منه، وغدا حجاب المرأة المسلمة هو بحق قلعتها الحصينة التي تحميها، ولكن ما فشل في تحقيقه الاستعمار وكل القوى الكبرى في العالم، نجحت في تحقيقه دور الأزياء، ودخل الشيطان هنا ليس من باب التحدي، ولا عن طريق إلغاء الحجاب، ولكن عن طريق تفريغه من مضمونه وبعده عن الهدف الذي وجد أصلاً من أجله.
ووجد الشيطان له باباً آخر يلج إلينا منه فلم يعد أتباع الشيطان ينفرون من شكل الحجاب أو ينتقدونه، بل صاروا يعجبون بالحجاب، ويشجعون المرأة المسلمة على لباسه، ويندبون أنفسهم لتصميم عباءة جميلة لها، لتجعلها أكثر جمالاً، وصارت فتياتنا اليوم تلبسن العباءة التي يفصلها لها الكفار.
وصرنا نقرأ في الصحف والمجلات أن مصمم الأزياء فلان الفلاني قد أعجب بطراز العباءة، وسيستخدمها في تصميماته، ووعد أنه سيبدع مجموعة من العباءات تناسب الذوق العربي، ونفرح نحن بهذا الخبر، ونكاد نطير سروراً لأننا وصلنا للعالمية.
وغدا الحجاب الذي هو أصلاً لتغطية الملابس التي تحتوي على الزينة، غدا مجال تنافس المصممين أيهم يبدع حجاباً أكثر فتنه وجاذبية، وصرنا نرى عروض أزياء للجلباب، وموجات الموضة قد غمرته بفيض من التصاميم التي تتغير وتتبدل مثل أي من الملابس الأخرى قصات وتطريز وألوان.
حتى دور الأزياء العالمية قد أدلت بدلوها في هذا، وأخرجت تصاميم من العباءات لا تصلح بحال من الأحوال للحجاب، ولا تنطبق عليها المقاييس الشرعية للحجاب. ولا غرابة في ذلك لأن مصممي هذه الأزياء من النصارى، هذا إذا لم يكونوا من اليهود، وصار أمرنا بيدهم، وفوق ذلك ندفع لهم الثمن، فثمن هذه العباءة باهظة جداً تدفعه المرأة من مال هذه الأمة والذي يفترض أن ينفق على تقدمها وتعليم أولادها.
وصارت مشكلة العباءة مشكلتان، الأولى يجب أن تكون جميلة مزينة تلفت النظر إليها، والثانية يجب أن تكون وفق خطوط الموضة، وحسب آخر صيحات دور الأزياء، فاليوم عباءة مع الجلد، وغدا عباءة مع الجينز، وبعد غد قد تصير العباءة بدون عباءة، فما دام الأمر صادر من دور الأزياء العالمية، من يستطيع أن يقول لها: لا، فهم أدرى بما هو أجمل وأفضل، ونحن نشتري وندفع المال دون حتى أن ننظر لما نحن ندفع ثمنه، إنه غسيل دماغ من الطراز الأول، وعبودية بشكل جديد وجميل، ووفق أحدث التصاميم الشيطانية.
لا وألف لا:
الأستاذة: أمل محمد السعدي – من عجمان – تتعجب من وضع الفتاة المسلمة وحجابها السافر فتقول:
لست من هواة التسوق، أو التجول في الأسواق، ولكن تدفعني الحاجة إلى الذهاب إليها في أوقات ومناسبات معينة يتحتم علينا فيها شراء شيء جديد أو غرض مُلح، وأكثر ما يلفتني في الأسواق هذه النماذج العجيبة بين مختلف فئات المجتمع، حتى أن بعض المثقفين ذوي التوجهات الغربية يقولون: "إذا أردت أن تعرف ثقافات الناس، وتوجهاتهم، ومدنيتهم، وتطوراتهم فعليك بالأسواق".. منطق غريب!! لك أن تقبله أو(5/337)
أن تخالفه وقد نقبله في أمر قابل للتطور والتجديد وفق ما يناسب توجهاتنا وقيمنا الإسلامية، أما أن يتعدى ذلك، "فلا" وألف "لا".
وهذا ما انتشر في مجتمعا وبين ظهرانينا "حجاب" تلبسه فتياتنا ونساؤنا وهو أبعد ما يكون عن معنى الحجاب، ذلك الأمر التعبدي الذي أمرنا به الله - عز وجل - حماية وصيانة للمرأة المسلمة، تلاعبت به أيد خبيثة زخرفته ولونته وجعلته زينة في نفسه فهو حجاب يحتاج إلى حجاب آخر يستره.
أمر عجيب حقاً أن ترى الفتاة المسلمة في الغرب ملتزمة بالحجاب الإسلامي وكأنه تاج تلبسه كلما خرجت مستشعرة قيمة الطاعة والخضوع وفوق ذلك كله تراها محاربة من كل الاتجاهات، وفتياتنا وبناتنا يتفننون في اقتناء هذه الأغطية المزخرفة السافرة ثم يطلقون عليها اسم "حجاب"؟!!
سؤال يدور في خلدي، وحري بنا أن نوجهه للأم والمعلمة والأخت: لماذا خرجنا عن المقصد الأساس من فرض الحجاب؟ لماذا نسينا أنه عبادة وطاعة لرب السماوات والأرض، لماذا غفلنا عن تفسير معنى الحجاب لفتياتنا قبل أن نأمرهن بارتدائه؟ ولماذا سمحنا لكل هذه الانتهاكات لفرض ديني أن تدخل بيوتنا حتى استمرأه من حولنا؟
تساؤلات واستفسارات تقرع ناقوس الخطر من استهتار قادم، وتلاعبات لا تليق بمكانة المرأة المسلمة التي لا تريد لها الشريعة أن تكون عرضة لكل ناظر بل حماها وصانها كالدرة المكنونة التي لا تطالها الأيدي بالمساس، لذلك فلنحرص كل الحرص أن نلقن الدين الصحيح بكل مفاهيمه لأبنائنا، وأن نضرب بيد من حديد على كل من يحاول التعدي والاجتراء بالمهانة والتحقير على الأوامر الربانية السامية.
أدوات ترويج الحجاب السافر:
يضيف الشيخ علي المري قائلاً: لاشك أن أدعياء السفور يسعون بحيلهم ورجلهم وبما أوتوا من شتى الوسائل المتاحة لهم للوصول إلى أغراضهم الدنيئة وأهدافهم المنتنة فمن أدوات ترويج الحجاب السافر:
أولاً: أن لبس هذه العباءة تندرج تحت ما يسمى ب (حرية المرأة)، وأن المرأة لها أن تلبس ما تشاء من غير شرط ولا قيد، فنادى أولئك الأعداء بهذه المطالب المنحرفة عن نهج المؤمنين وسبيل المتقين ليصلوا بذلك إلى نزع الحجاب وعدم التقيد به.
ثانياً: بأن لبس هذه العباءة الفاضحة عنوان على التقدم والرقي ومسايرة الحضارة بل إن من لا تلبس هذه العباءة تعد متخلفة رجعية، لا تعرف الحضارات ولا الواقع ولا الموضات التي ينبغي للمرأة أن تكون على معرفة بها بزعمهم.
ثالثاً: عدم قناعة المرأة بما قضاه الله لها من القرار بالمنزل وعدم مخالطة الرجال ووجوب الحجاب لضعف إيمانها.
رابعاً: ذهاب الحياء الذي بقاؤه خير للفرد والمجتمع كما صح ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإذا ذهب الحياء لم تبال المرأة بارتكاب ما يشينها وترك ما يزينها. قال - عليه الصلاة والسلام - (إذا لم تستح فاصنع ما شئت).
خامساً: اختلال الميزان والضابط الشرعي لدى الفتاة المتبرجة بشعورها بالنقص الشخصي أثناء ارتداء الحجاب الشرعي.(5/338)
مكافحة الحجاب السافر:
ويضيف الشيخ المري أما الجهود المبذولة لمكافحة الحجاب السافر:
1 - النصح والتوجيه لكل امرأة ترتدي هذا الحجاب السافر من خلال التأكيد على أن العباءة عبادة وليست عادة وذلك من خلال رجال الحسبة العاملين في الأسواق.
2 - طبع النشرات المتعلقة بالحجاب المبنية على نصوص الكتاب والسنة، مع ذكر فتاوى العلماء المعتبرين.
3 - مناصحة أصحاب المحلات وإعلامهم بالحكم الشرعي وتزويدهم بالفتاوى الصادرة في ذلك وبيان حرمة بيعها لأنها تفضي إلى التبرج والسفور.
4 - منع هذه العباءة السافرة وإتلافها عبر اللجان المشكلة.
_______________________
الشقائق – العدد62 – شعبان 1423هـ/ أكتوبر 2002م
http://www.mknon.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ
حجاب المرأة المسلمة يصون الكرامة ويرعى العفة
ضمن سلسة الموضوعات التوعوية فإن قضية الحجاب بالنسبة للمرأة المسلمة تأتي في إطار هذه الموضوعات الهامة التي تسلط الضوء عليها لبيان أحكامها الشرعية ومواصفاتها، وما يعتريها اليوم من ملابسات ومخاطر تحيط بهذه الشعيرة التي اختص الله - تعالى - بها المرأة المسلمة صيانة لها وحافظاً على كرامتها وطهرها وعفافها، ومن أجل هذا كان اللقاء مع عدد من العملاء، والدعاة، والمختصين، والمهتمين بحجاب المرأة، للتعرف على آرائهم، ونصائحهم للفتاة والمرأة المسلمة في هذا الجانب.
في البداية يؤكد عضو هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية الشيخ (عبد الله بن منيع)، أن الإسلام صان للمرأة حياءها، كما صان لها حقوقها، وحررها من عبودية الشهوات والنزوات الزائلة، كما حررها من المهانة أو الاضطهاد، وقدر للمرأة تكوينها الفطري، وتركيبتها البشرية، ووظيفتها في الحياة.
ويؤكد الشيخ (عبد الله بن منيع)، أن الإسلام صان المرأة، وحرص على تحريرها من عبودية الشهوات وأصحاب الشبهات، في الوقت الذي راعى فيه تكوينها الفطري، وعلى هذا الأساس وضعت التشريعات التي ترعى العفة وتصون الكرامة للمرأة المسلمة وللمجتمع المسلم ككل.
ويقول لك وقد فرض الشرع الحنيف على المرأة الحجاب، ليس تقييداً لحركتها، أو هضماً لحقها، إنما فرض عليها الحجاب رعاية لعفتها، وصوناً لكرامتها وشرفها، وستراً لجسدها عن الأجانب عنها في حياتها، وحتى بعد مماتها، فجعل أثواب كفناها أكثر من أثواب كفن الرجل، وإحرامها بنسك الحج والعمرة بثوب يختلف عن الرجل، فأباح لها لبس المخيط، الذي يحافظ على ستر بدنها، بخلاف الرجل الذي حرم عليه هذا.
وأضاف الشيخ (بن منيع) قائلاً: أما عن الشبهات التي أثارها المغرضون والذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا حول لحجاب المرأة فهي مردودة عليها،(5/339)
فالمرأة حينما تحتجب في بيتها عن أعين الرجال فلا تخرج إلا للضرورة، فليس هذا تعطيلاً لنصف طاقات المجتمع كما يحلو للبعض أن يروج لذلك، إنما يكون ذلك من أجل تفريغها لمهمة أثقل ومسؤولية أعم، وهو إعداد الجيل ورعايته، وتنظيم شؤون الأسرة، لتنطلق سواعد الرجال تعمل، وهي على ثقة أن أبناؤه في أيد أمينة، وأن بيته مصوناً محفوظاً من عبث العابثين، وأن كرامته لا يجرحها جارح، ولا يخدشها خادش، فترتاح نفسه، ويطمئن قلبه، لأن حرماته لا تطالها عبارات المعاكس، ولا نظرات الخبثاء الآثمين، وبالتالي فهي جوهرة مكنونة ودرة مصونة، وحتى إذا خرجت للضرورة، فهي ملتزمة بحجابها، محافظة على عفتها وكرامتها، وبالتالي يأمن المجتمع أبواباً من الشرور لو فتحت لأهلكت المجتمع كله.
أما الداعية الإسلامي الشيخ (يوسف السند) فيقول: إن الحجاب يربي الفتاة المؤمنة، ويحفظها كما تحفظ الصدفة اللؤلؤة من الحياة والجمال، إنما تربي اللؤلؤة تربية لؤلؤية وهكذا الحجاب.
وركز الشيخ (يوسف السند) على ضرورة اهتمام الآباء بموضوع الحجاب منذ الصغر، باللين ودون تشدد، مشيراً إلى أن التربية الإيمانية للأطفال، ووجود القدوة الحسنة في الأسرة يربي الأجيال على التدين، وعلى الفطرة السليمة.
وقال: إن الحجاب للمسلمة نور وضياء وسترة وعافية ونظافة وبهاء، تسعى إليه كل امرأة وكل فتاة سوية عفيفة ذي فطرة سليمة.
وقال: فالحجاب صيانة وحفظ، وجمال، وحياة، ويجب على الآباء والأمهات حين يخافون على بناتهن بهذه الظروف الصعبة، وفي أجواء قلة الأمن وانتشار الشباب العابث، هنا يتأكد الأمر في ضرورة أمر البنات في لبس الحجاب.
وبين الشيخ (السند)، أن الحجاب اليوم ينتشر في العالم كله انتشار النور في الظلام، فينتشر في أوروبا، وتنتشر محلاته في مطارات العالم كما في مطار لندن وغيره، كما أنه ينتشر في فرنسا.
وقال: ومن العجيب أنني عندما زرت بلدة في المجر، فوجدت أن بعض البنات ممن حرموا لبس الحجاب في بلدة إسلامية كبيرة لجأوا إلى (بودابست) وسجلوا في مدارسها الحكومية، التي لا تمنع لبس الحجاب، في الوقت الذي تمنع بعض بلاد المسلمين لبسه، والحجاب نور وضياء، وستر وعافية، ولو تفكرنا لوجدنا أن الكون كله مع الحجاب، فالشجرة جميلة بأوراقها، والثمرة جميلة بغطائها الشمعي، والكرة الأرضية عظيمة القدرة بغلافها الجوي، ونحن نعتز بالمرأة المسلمة التي يناغم حجابها مع حركة الكون كله ومع الحياة.
ووصف الشيخ (السند) الحجاب بأنه نظافة وبهاء فقال: فعلى ضفاف إحدى بحيرات سويسرا وقفت امرأة نصرانية عجوز تنظر إلى الحجاب ولبس بعض البنات المسلمات، وتقول لزميلتها: إنه لباس جميل، وأنه حضارة نظيفة، فليت العابثون يسمعون.
وأوضح الشيخ (يوسف السند) أن يكون الحجاب غير ذي زينة، وأن لا يكون معطراً أو ضيقاً أو لافتاً للنظر وأن يكون فضفاضاً، ودعا (السند) الفتيات أن لا ينقدن إلى لبس البنطال مع الحجاب أو انتشار الموديلات التي تسيء للحجاب ولا تضيف إليه(5/340)
شيئاً، في الوقت الذي أشاد فيه بانتشار العباءة الساترة لكل بدن المرأة التي يسمونها العباءة الإسلامية.
وقال: ونحن عندما نتكلم عن الحجاب لابد أن نتكلم عن التربية الدينية الإيمانية للبنت، وأن يكون هناك اعتدال بلا تشدد في اللبس أكثر مما ورد في الشرع، والبعد عن التنطع حتى لا يأتي ذلك بنتائج عكسية لدى الفتيات، وطالب بالتشديد على التربية الإيمانية، مشيراً أن الحجاب نزل بعد السنة السادسة للهجرة، بعد أن رسخت أقدام التربية والدعوة في المجتمع المسلم، وبين أن الاعتدال في كل شيء زينة للمرأة وللمجتمع الإسلامي كله.
ومن جهتها قالت د. (عالية شعيب) أستاذة الفلسفة بجامعة الكويت: إن من أهم معاني الحجاب تلك القدسية الخاصة التي خص الله - تعالى - بها الجسد الإنساني لا سيما جسد المرأة الذي يعتبر كنزاً غالياً أراد الله - تعالى - ستره وصيانته واحتجابه بغرض الحماية حتى لا يكون وسيلة أو هدفاً للاستغلال البشري.
وأوضحت د.(عائشة شعيب) عدداً من المعاني السامية في حجاب المرأة والفتاة المسلمة، وأهمها القدسية الخاصة التي أولاها الشرع الإسلامي للجسد الإنساني عموماً ولجسد المرأة بشكل خاص.
وقالت: إن حجاب المرأة سلوك سام يهتم بالمضمون قبل أن يكون شكلاً ومظهراً، وحذرت من الإساءة لهذه الشعيرة الربانية بارتكاب مخالفات تشين الحجاب وحاملته، خاصة لبس الشيق من الثياب أو التعطر في الطرقات ونحوها.
وقالت د. (شعيب) ولهذا فإن حجاب المرأة المسلمة، هو أسلوب حياة أكثر من كونه شكليات ومظاهر، أما عن جوهر الحجاب كما تبين د. عالية، فإنه عمل مرتبط بالقلب، ويعتمد على نية المرأة التي ينبغي أن تكون متوجهة بها وبصدق لله - تعالى -، لأنها حتى يحسن سلوكها لابد أن تكون نيتها صادقة، فإذا حسنت النوايا خلصت الأعمال.
وكشفت د. عالية شعيب بعض السلوكيات والرموز التي وصفتها بأنها مفاتيح يمكن من خلالها التعرف على مدى صدق النوايا التي لا يعلم مداها إلا الله - تعالى -، لكن هذه المفاتيح تكون بمثابة مؤشرات تدل على ما تخفيه القلوب.
وحذرت د. شعيب من الوقوع في المخالفات الشرعية تحت ستار الحجاب، كإبراز الزينة بشكل سافر، أو التعطر، أو القيام بأخطاء تنأى المسلمة بنفسها عنها في كل الأحوال، تساءلت قائلة: إذ كيف تكون فتاة أو امرأة منَّ الله عليها بارتداء الحجاب فتغطي رأسها، في الوقت الذي تلبس فيها بنطالاً خفيفاً، أو تكون ثيابها شفافة تكشف أكثر مما تستر؟ وقالت: فهذا ليس من الحجاب في شيء، أو أنها ارتدته رغماً عنها، وهي تلبسه عن غير قناعة بأن هذا أمر الله ورسوله، ويجب أن تكون منصاعة لهذا الأمر، واعتبرت هؤلاء لبسوا ظاهر الحجاب ولم يعرفوا حقيقته ومضمونه، ونبهت على دور الأسرة ومسؤولية الوالدين في تدريب بناتهما على الحجاب الشرعي.
وقالت: إن التوعية الدينية في محيط الأسرة مطلب ضروري، كما أن الأسرة الحسنة والقدوة العملية أبلغ بكثير من الكلام النظري دون التطبيق، وقالت: فلو نشأ كل ابن أو(5/341)
ابنة في بيت يطبق فيه الوالدان ما يقولون من مبادئ إسلامية لنشأ الأولاد على الالتزام الديني الصحيح.
وحثت د. (عالية شعيب) الفتيات على الالتزام الصحيح بالحجاب والحشمة، التي قررها الشرع الحنيف، حتى تصون الفتاة نفسها بعيداً عن الممارسات الخاطئة، التي ترتكب باسم الحجاب أو الدين.
وأخيراً قال د. (بدر الماص) الموجه العام السابق للتربية الإسلامية: إن المرأة المسلمة حرص التشريع الإلهي على توفير كافة السبل من أجل حمايتها، لكنها كانت مرمى لسهام الأعداء الذين يريدون النيل من الإسلام عن طريقها هي، وحاولوا ولا يزالوا يحاولون استخدامها كمعول لهدم أركان لمجتمع المسلم بهدمهم لركن الأسرة وهي المرأة، فدفعوها إلى السفور والتحرر من التشريعات القرآنية بكل سبيل.
وأكد أن الاعتصام بحبل الله، وتنفيذ أوامر الله سفينة النجاة للفتاة المسلمة في خضم بحر الفتن الهائج، محذراً من الشبهات التي يثيرها أصحاب الأهواء حول المرأة وحقوقها.
وأضاف د. (الماص): فتارة أثاروا الشبهات حول التشريعات التي تخص المرأة من حيث الشهادة والميراث، وتارة بالدعايات المغرضة التي تشوه الحجاب العفة والتستر الذي تحرص عليه المسلمة بزيها وحجابها.
وحذر د. (الماص) من انقياد الفتاة المسلمة خلف الذين يرغبون في جعل هذه المرأة سلعة تباع وتشترى في سوق النخاسة وبأزهد الأسعار، كما زينوا لها العلاقات المشينة تحت زعم أنها صداقات، ودفعوها إلى الاختلاط المشين بزعم أنها طاقة ولا يجب تعطيلها، وقال: إن كان في هذا بعض الحق الذين يريدون به الباطل.
وحث د. (الماص) الفتيات على ملازمة ما شرع الله لهن في الحجاب، والمحافظة على التستر والعفة التي أراها الله - تعالى - للمرأة المسلمة، وأن لا تلتفت لصيحات المغرضين، أو يهز ثقتها بربها ودينها قول قائل لا يتق في مؤمن ولا مؤمنة إلاً ولا ذمة، وقال: وإن كانوا نَمَقُوا أساليبهم للدعوة إلى الباطل، فإنه يبقى الحق أبلج وباطلهم لجلج، وستظل المسلمة عفيفة باعتصامها بحبل ربها وتنفيذ أوامره، وسيكون المستقبل لهذا الدين.
http://links.islammemo.cc بتصرف من:
ـــــــــــــــــــ
حجاب المرأة المسلمة يصون الكرامة ويرعى العفة
ضمن سلسة الموضوعات التوعوية فإن قضية الحجاب بالنسبة للمرأة المسلمة تأتي في إطار هذه الموضوعات الهامة التي تسلط الضوء عليها لبيان أحكامها الشرعية ومواصفاتها، وما يعتريها اليوم من ملابسات ومخاطر تحيط بهذه الشعيرة التي اختص الله - تعالى - بها المرأة المسلمة صيانة لها وحافظاً على كرامتها وطهرها وعفافها، ومن أجل هذا كان اللقاء مع عدد من العملاء، والدعاة، والمختصين، والمهتمين بحجاب المرأة، للتعرف على آرائهم، ونصائحهم للفتاة والمرأة المسلمة في هذا الجانب.(5/342)
في البداية يؤكد عضو هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية الشيخ (عبد الله بن منيع)، أن الإسلام صان للمرأة حياءها، كما صان لها حقوقها، وحررها من عبودية الشهوات والنزوات الزائلة، كما حررها من المهانة أو الاضطهاد، وقدر للمرأة تكوينها الفطري، وتركيبتها البشرية، ووظيفتها في الحياة.
ويؤكد الشيخ (عبد الله بن منيع)، أن الإسلام صان المرأة، وحرص على تحريرها من عبودية الشهوات وأصحاب الشبهات، في الوقت الذي راعى فيه تكوينها الفطري، وعلى هذا الأساس وضعت التشريعات التي ترعى العفة وتصون الكرامة للمرأة المسلمة وللمجتمع المسلم ككل.
ويقول لك وقد فرض الشرع الحنيف على المرأة الحجاب، ليس تقييداً لحركتها، أو هضماً لحقها، إنما فرض عليها الحجاب رعاية لعفتها، وصوناً لكرامتها وشرفها، وستراً لجسدها عن الأجانب عنها في حياتها، وحتى بعد مماتها، فجعل أثواب كفناها أكثر من أثواب كفن الرجل، وإحرامها بنسك الحج والعمرة بثوب يختلف عن الرجل، فأباح لها لبس المخيط، الذي يحافظ على ستر بدنها، بخلاف الرجل الذي حرم عليه هذا.
وأضاف الشيخ (بن منيع) قائلاً: أما عن الشبهات التي أثارها المغرضون والذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا حول لحجاب المرأة فهي مردودة عليها، فالمرأة حينما تحتجب في بيتها عن أعين الرجال فلا تخرج إلا للضرورة، فليس هذا تعطيلاً لنصف طاقات المجتمع كما يحلو للبعض أن يروج لذلك، إنما يكون ذلك من أجل تفريغها لمهمة أثقل ومسؤولية أعم، وهو إعداد الجيل ورعايته، وتنظيم شؤون الأسرة، لتنطلق سواعد الرجال تعمل، وهي على ثقة أن أبناؤه في أيد أمينة، وأن بيته مصوناً محفوظاً من عبث العابثين، وأن كرامته لا يجرحها جارح، ولا يخدشها خادش، فترتاح نفسه، ويطمئن قلبه، لأن حرماته لا تطالها عبارات المعاكس، ولا نظرات الخبثاء الآثمين، وبالتالي فهي جوهرة مكنونة ودرة مصونة، وحتى إذا خرجت للضرورة، فهي ملتزمة بحجابها، محافظة على عفتها وكرامتها، وبالتالي يأمن المجتمع أبواباً من الشرور لو فتحت لأهلكت المجتمع كله.
أما الداعية الإسلامي الشيخ (يوسف السند) فيقول: إن الحجاب يربي الفتاة المؤمنة، ويحفظها كما تحفظ الصدفة اللؤلؤة من الحياة والجمال، إنما تربي اللؤلؤة تربية لؤلؤية وهكذا الحجاب.
وركز الشيخ (يوسف السند) على ضرورة اهتمام الآباء بموضوع الحجاب منذ الصغر، باللين ودون تشدد، مشيراً إلى أن التربية الإيمانية للأطفال، ووجود القدوة الحسنة في الأسرة يربي الأجيال على التدين، وعلى الفطرة السليمة.
وقال: إن الحجاب للمسلمة نور وضياء وسترة وعافية ونظافة وبهاء، تسعى إليه كل امرأة وكل فتاة سوية عفيفة ذي فطرة سليمة.
وقال: فالحجاب صيانة وحفظ، وجمال، وحياة، ويجب على الآباء والأمهات حين يخافون على بناتهن بهذه الظروف الصعبة، وفي أجواء قلة الأمن وانتشار الشباب العابث، هنا يتأكد الأمر في ضرورة أمر البنات في لبس الحجاب.(5/343)
وبين الشيخ (السند)، أن الحجاب اليوم ينتشر في العالم كله انتشار النور في الظلام، فينتشر في أوروبا، وتنتشر محلاته في مطارات العالم كما في مطار لندن وغيره، كما أنه ينتشر في فرنسا.
وقال: ومن العجيب أنني عندما زرت بلدة في المجر، فوجدت أن بعض البنات ممن حرموا لبس الحجاب في بلدة إسلامية كبيرة لجأوا إلى (بودابست) وسجلوا في مدارسها الحكومية، التي لا تمنع لبس الحجاب، في الوقت الذي تمنع بعض بلاد المسلمين لبسه، والحجاب نور وضياء، وستر وعافية، ولو تفكرنا لوجدنا أن الكون كله مع الحجاب، فالشجرة جميلة بأوراقها، والثمرة جميلة بغطائها الشمعي، والكرة الأرضية عظيمة القدرة بغلافها الجوي، ونحن نعتز بالمرأة المسلمة التي يناغم حجابها مع حركة الكون كله ومع الحياة.
ووصف الشيخ (السند) الحجاب بأنه نظافة وبهاء فقال: فعلى ضفاف إحدى بحيرات سويسرا وقفت امرأة نصرانية عجوز تنظر إلى الحجاب ولبس بعض البنات المسلمات، وتقول لزميلتها: إنه لباس جميل، وأنه حضارة نظيفة، فليت العابثون يسمعون.
وأوضح الشيخ (يوسف السند) أن يكون الحجاب غير ذي زينة، وأن لا يكون معطراً أو ضيقاً أو لافتاً للنظر وأن يكون فضفاضاً، ودعا (السند) الفتيات أن لا ينقدن إلى لبس البنطال مع الحجاب أو انتشار الموديلات التي تسيء للحجاب ولا تضيف إليه شيئاً، في الوقت الذي أشاد فيه بانتشار العباءة الساترة لكل بدن المرأة التي يسمونها العباءة الإسلامية.
وقال: ونحن عندما نتكلم عن الحجاب لابد أن نتكلم عن التربية الدينية الإيمانية للبنت، وأن يكون هناك اعتدال بلا تشدد في اللبس أكثر مما ورد في الشرع، والبعد عن التنطع حتى لا يأتي ذلك بنتائج عكسية لدى الفتيات، وطالب بالتشديد على التربية الإيمانية، مشيراً أن الحجاب نزل بعد السنة السادسة للهجرة، بعد أن رسخت أقدام التربية والدعوة في المجتمع المسلم، وبين أن الاعتدال في كل شيء زينة للمرأة وللمجتمع الإسلامي كله.
ومن جهتها قالت د. (عالية شعيب) أستاذة الفلسفة بجامعة الكويت: إن من أهم معاني الحجاب تلك القدسية الخاصة التي خص الله - تعالى - بها الجسد الإنساني لا سيما جسد المرأة الذي يعتبر كنزاً غالياً أراد الله - تعالى - ستره وصيانته واحتجابه بغرض الحماية حتى لا يكون وسيلة أو هدفاً للاستغلال البشري.
وأوضحت د.(عائشة شعيب) عدداً من المعاني السامية في حجاب المرأة والفتاة المسلمة، وأهمها القدسية الخاصة التي أولاها الشرع الإسلامي للجسد الإنساني عموماً ولجسد المرأة بشكل خاص.
وقالت: إن حجاب المرأة سلوك سام يهتم بالمضمون قبل أن يكون شكلاً ومظهراً، وحذرت من الإساءة لهذه الشعيرة الربانية بارتكاب مخالفات تشين الحجاب وحاملته، خاصة لبس الشيق من الثياب أو التعطر في الطرقات ونحوها.
وقالت د. (شعيب) ولهذا فإن حجاب المرأة المسلمة، هو أسلوب حياة أكثر من كونه شكليات ومظاهر، أما عن جوهر الحجاب كما تبين د. عالية، فإنه عمل مرتبط(5/344)
بالقلب، ويعتمد على نية المرأة التي ينبغي أن تكون متوجهة بها وبصدق لله - تعالى -، لأنها حتى يحسن سلوكها لابد أن تكون نيتها صادقة، فإذا حسنت النوايا خلصت الأعمال.
وكشفت د. عالية شعيب بعض السلوكيات والرموز التي وصفتها بأنها مفاتيح يمكن من خلالها التعرف على مدى صدق النوايا التي لا يعلم مداها إلا الله - تعالى -، لكن هذه المفاتيح تكون بمثابة مؤشرات تدل على ما تخفيه القلوب.
وحذرت د. شعيب من الوقوع في المخالفات الشرعية تحت ستار الحجاب، كإبراز الزينة بشكل سافر، أو التعطر، أو القيام بأخطاء تنأى المسلمة بنفسها عنها في كل الأحوال، تساءلت قائلة: إذ كيف تكون فتاة أو امرأة منَّ الله عليها بارتداء الحجاب فتغطي رأسها، في الوقت الذي تلبس فيها بنطالاً خفيفاً، أو تكون ثيابها شفافة تكشف أكثر مما تستر؟ وقالت: فهذا ليس من الحجاب في شيء، أو أنها ارتدته رغماً عنها، وهي تلبسه عن غير قناعة بأن هذا أمر الله ورسوله، ويجب أن تكون منصاعة لهذا الأمر، واعتبرت هؤلاء لبسوا ظاهر الحجاب ولم يعرفوا حقيقته ومضمونه، ونبهت على دور الأسرة ومسؤولية الوالدين في تدريب بناتهما على الحجاب الشرعي.
وقالت: إن التوعية الدينية في محيط الأسرة مطلب ضروري، كما أن الأسرة الحسنة والقدوة العملية أبلغ بكثير من الكلام النظري دون التطبيق، وقالت: فلو نشأ كل ابن أو ابنة في بيت يطبق فيه الوالدان ما يقولون من مبادئ إسلامية لنشأ الأولاد على الالتزام الديني الصحيح.
وحثت د. (عالية شعيب) الفتيات على الالتزام الصحيح بالحجاب والحشمة، التي قررها الشرع الحنيف، حتى تصون الفتاة نفسها بعيداً عن الممارسات الخاطئة، التي ترتكب باسم الحجاب أو الدين.
وأخيراً قال د. (بدر الماص) الموجه العام السابق للتربية الإسلامية: إن المرأة المسلمة حرص التشريع الإلهي على توفير كافة السبل من أجل حمايتها، لكنها كانت مرمى لسهام الأعداء الذين يريدون النيل من الإسلام عن طريقها هي، وحاولوا ولا يزالوا يحاولون استخدامها كمعول لهدم أركان لمجتمع المسلم بهدمهم لركن الأسرة وهي المرأة، فدفعوها إلى السفور والتحرر من التشريعات القرآنية بكل سبيل.
وأكد أن الاعتصام بحبل الله، وتنفيذ أوامر الله سفينة النجاة للفتاة المسلمة في خضم بحر الفتن الهائج، محذراً من الشبهات التي يثيرها أصحاب الأهواء حول المرأة وحقوقها.
وأضاف د. (الماص): فتارة أثاروا الشبهات حول التشريعات التي تخص المرأة من حيث الشهادة والميراث، وتارة بالدعايات المغرضة التي تشوه الحجاب العفة والتستر الذي تحرص عليه المسلمة بزيها وحجابها.
وحذر د. (الماص) من انقياد الفتاة المسلمة خلف الذين يرغبون في جعل هذه المرأة سلعة تباع وتشترى في سوق النخاسة وبأزهد الأسعار، كما زينوا لها العلاقات المشينة تحت زعم أنها صداقات، ودفعوها إلى الاختلاط المشين بزعم أنها طاقة ولا يجب تعطيلها، وقال: إن كان في هذا بعض الحق الذين يريدون به الباطل.(5/345)
وحث د. (الماص) الفتيات على ملازمة ما شرع الله لهن في الحجاب، والمحافظة على التستر والعفة التي أراها الله - تعالى - للمرأة المسلمة، وأن لا تلتفت لصيحات المغرضين، أو يهز ثقتها بربها ودينها قول قائل لا يتق في مؤمن ولا مؤمنة إلاً ولا ذمة، وقال: وإن كانوا نَمَقُوا أساليبهم للدعوة إلى الباطل، فإنه يبقى الحق أبلج وباطلهم لجلج، وستظل المسلمة عفيفة باعتصامها بحبل ربها وتنفيذ أوامره، وسيكون المستقبل لهذا الدين.
http://links.islammemo.cc بتصرف من:
ـــــــــــــــــــ
الحجاب... الحجاب يا فتاة الإسلام
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد:
فهذه رسالة قصيرة موجهة إلى الأخت المسلمة تتعلق بمسألة الحجاب والسفور، ولا يخفى على عاقل ما عمت به البلوى في كثير من بلاد المسلمين من تبرج كثير من النساء وعدم التزامهن بالحجاب، ولا شك أن هذا منكر عظيم، وسبب لنزول العقوبات والنقمات. وفي هذا الرسالة بيان لفرضية الحجاب وفضائله وشروطه، وتحذير من التبرج وعواقبه، نسأل الله أن ينفع بها أخواتنا المؤمنات، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
الحجاب عبادة وليس عادة
أختي المسلمة: إن دعاة الضلالة وأهل الفساد يحاولون دائما تشويه الحجاب، ويزعمون أنه هو سبب تخلف المرأة، وأنه كبت لها وتقييد لحريتها، ويشجعونها على التبرج والسفور وعدم التقيد بالحجاب، بدعوى أن ذلك دليل على التحرر والتحضر، وهم لا يريدون بذلك مصلحة المرأة كما قد تعتقده بعض الساذجات، وإنما يريدون بذلك تدمير المرأة والقضاء على حياتها وعفافها، فاحذري أختي المسلمة أن تنخدعي بمثل هذا الكلام، وكوني معتزة بدينك متمسكة بحجابك، وتأكدي أن الحجاب أسمى من ذلك بكثير، وأنه أولا وقبل كل شيء عبادة لله وطاعة لرسوله ، وليس مجرد عادة يحق للمرأة تركها متى شاءت، وأنه عفة وطهارة وحياء.
أختي المسلمة، إن الله تعالى عندما أمرك بالحجاب إنما أراد لك أن تكونٍ طاهرة نقية بحفظ بدنك وجميع جوارحك من أن يؤذيك أحد بأعمال دنيئة أو أقوال مهينة، وأراد لك به أيضا العلو والرفعة. فالحجاب تشريف وتكريم لك وليس تضييقا عليك، وهو حلة جمال وصفة كمال لك، وهو أعظم دليل على إيمانك وأدبك وسمو أخلاقك، وهوتمييزلكعن الساقطات المتهتكات.
فإياك إياك أن تتساهلي به أو تتنكري له، فإنه - والله - ما تساهلت امرأة بحجابها أو تنكرت له إلا تعرضت لسخط الله وعقابه، وما حافظت امرأة على حجابها إلا ازدادت رضا وقربا من الله، واحتراما وتقديرا من الله.
شروط الحجاب الشرعي
إن الحجاب الشرعي للمرأة المسلمة يجب أن يكون سميكا غير شفاف، وألا يكون زينة في نفسه كأن يكون ذا ألوان جذابة يلفت الأنظار، ولا ضيقا، ولا لباس شهرة، ولا معطرا؛ لأن النبي حرّم على المرأة أن تتعطر وتخرج إلى مكان فيه رجال(5/346)
أجانب، فقال: { أيما امرأة استعطرت فمرت بالقوم ليجدوا ريحها فهي زانية }، وألا يشبه لباس الرجل، ويجب أن يكون الحجاب أيضا ساترا لجميع البدن بما في ذلك الوجه الذي تساهلت بكشفه بعض النساء بحجة أنه ليس بعورة. وياللعجب كيف لا يكون الوجه عورة وهو أعظم فتنة في المرأة، وهو مكان جمالها ومجمع محاسنها، وإذا لم يفتتن الرجل بوجه المرأة فبماذا سيفتتن إذا؟!!
ولقد وردت نصوص كثيرة في الكتاب والسنة تدل على وجوب تغطية المرأة لجميع بدنها؛ لأن المرأة كلها عورة لا يصح أن يرى الرجال الذين ليسوا من محارمها شيئا منها، ومن هذه الأدلة قوله تعالى: وليضربن بخمرهن على جيوبهن [النور: 31]، قالت عائشة رضي الله عنها: { لما نزلت هذه الآية أخذن نساء الأنصار أزرهن فشققنها من قبل الحواشي فاختمرن بها } أي: غطين وجوههن. وأيضا ما جاء في الحديث المتفق على صحته في قصة عائشة رضي الله عنها في حادثة الإفك لما نامت في مكانها ثم أتى صفوان ابن المعطل إليها قالت: فخمرت، وفي رواية: (فسترت وجهي عنه بجلبابي) الحديث كل ذلك مما يدل على وجوب تغطية الوجه.
لذا يجب على كل امرأة مسلمة أن تتقي الله في نفسها، وأن تلتزم بحجابها التزاما كاملا، ولا تتساهل بأي شيء منه، كأن تكشف مثلا كفيها أو ذراعيها، أو تلبس نقابا أو لثاما مثيرا للفتنة، تظهر من خلاله جزءا كبيرا من وجهها، أو تغطي وجهها بغطاء شفاف يشف ما تحته، ثم تعتقد بعد ذلك أنها قد تحجبت حجابا كاملا، وأن ما كشفته من جسمها يعتبر أمرا بسيطا لا يثير الفتنة، أو لا يعتبر من التبرج، المذموم، وأنه يجب عليها أن تحرص على أن تتجنب كل ما قد يؤثر على حجابها أو يخدش حيائها، لئلا يطمع فيها الفسقة كما هي عادتهم مع المرأة التي لا تظهر بمظهر الاحتشام الكامل، ولكي لا تعرض نفسها لسخط الله وعقابه، كما ورد ذلك عن رسول الله في قوله: { صنفان من أهل النار لم أرهما ... } وذكر { ... ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات، رءوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا } [رواه مسلم].
قال أهل العلم: معنى كاسيات عاريات أنهن يلبسن ملابس لكنها قد تكون ضيقة أو شفافة أو غير ساترة لجميع الجسم.
وسئل فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين –حفظه الله تعالى- عن صفة الحجاب الشرعي، فأجاب حفظه الله بقوله: القول الراجح أن الحجاب الشرعي أن تحجب المرأة كل ما يفتن الرجال بنظرهم إليه، وأعظم شيء في ذلك هو الوجه، فيجب عليها أن تستر وجهها عن كل إنسان أجنبي منها، أما من كان من محارمها فلها أن تكشف وجهها له.
وأما من قال إن الحجاب الشرعي هو أن تحجب شعرها وتبدي وجهها ... فهذا من عجائب الأقوال !! فأيما أشد فتنة: شعر المرأة أو وجهها؟! وأيما أشد رغبة لطالب المرأة أن يسأل عن وجهها أو أن يسأل عن شعرها؟
كلا السؤالين لا يمكن الجواب عنهما إلا بأن يقال: إن ذلك في الوجه. وهذا أمر لا ريب فيه، والإنسان يرغب في المرأة إذا كان وجهها جميلا ولو كان شعرها دون ذلك، ولا يرغب فيها إذا كان وجهها ذميماً ولو كان شعرها أحسن الشعر، ففي(5/347)
الحقيقة أن الحجاب الشرعي هو ما تحتجب به المرأة حتى لا يحصل منها فتنة أو بها، ولا ريب أن متعلق ذلك هو الوجه.
التبرج والسفور دعوة إلى الفاحشة والفساد
إن المرأة إذا تبرجت وتكشفت للرجال - غاض ماء وجهها، وقل حياؤها، وسقطت من أعين الناس، وعملها هذا دليل على جهلها وضعف إيمانها ونقص في شخصيتها، وهو بداية الضياع والسقوط لها، وهي بتبرجها وتكشفها تنحدر بنفسها إلى مرتبة أدنى من مرتبة الإنسان الذي كرمه الله وأنعم عليه بفطرة حب الستر والصيانة، ثم إن التبرج والسفور أيضا ليس دليلا على التحضر والتحرر كما يزعم أعداء الإسلام ودعاة الضلالة، وإنما هو في الحقيقة انحطاط وفساد اجتماعي ونفسي، ودعوة إلى الفاحشة والفساد، وهو عمل يتنافى مع الأخلاق والآداب الإسلامية، وتأباه الفطر السليمة. ولا يمكن أن تعمل هذا العمل إلا امرأة جاهلة قد فقدت حياءها وأخلاقها؛ لأنه لا يتصور أبدا أن امرأة عاقلة عفيفة يمكن أن تعرض نفسها ومفاتنها هذا العرض المخجل والمخزي للرجال في الأسواق وغيرها دون حياء أو خجل.
وريما تعتقد بعض النساء أنها إذا خرجت متبرجة كاشفة وجهها ومفاتنها للناس أنها بذلك ستكسب إعجاب الناس واحترامهم لها، وهذا اعتقاد خاطئ؛ لأن الناس لا يمكن أبدا أن يحترموا من تعمل مثل هذه الأمور، بل إنهم يمقتونها وينظرون إليها نظرة ازدراء واحتقار، وهي في نظرهم امرأة ساقطة معدومة الكرامة والأخلاق، فكيف ترضى امرأة عاقلة لنفسها بكل ذلك؟! وما الذي يدعوها إلى أن تهين نفسها وتنزل بها إلى هذا المستوى؟! أين ذهب عقلها وحياؤها؟!
فيا من أغراها الشيطان بالتبرج والسفور: اتقي الله وتوبي إليه من هذا العمل القبيح، واعرفي مالك وتذكري مصيرك، وتذكري سكناك وحيدة فريدة في القبر الموحش المظلم، وتذكري وقوفك بين يدي الله عز وجل، وتذكري أهوال يوم القيامة، وتذكري الحساب والميزان، وتذكري جهنم وما أعد الله فيها من العذاب الأليم لمن عصاه وخالف أموره.. تذكري كل ذلك قبل أن تقدمي على مثل هذا العمل، واعلمي أنك والله أضعف من أن تتحملي شيئا من عذاب الله، أو أن تطيقي شيئا من هذه الأهوال العظيمة التي أمامك، فارحمي نفسك ولا تعرضيها لمثل ذلك، وبادري بالتوبة النصوح قبل أن يغلق في وجهك الباب، ويعلوك التراب، فتندمي ولات ساعة مندم.
كلمة إلى بعض الرجال
إنها لم تفسد أكثر النساء ولم تصل إلى هذا الحد من التبرج والسفور والتهاون بدينها وحجابها إلا بسبب تهاون بعض الرجال مع نسائهم واستهتارهم بدينهم وفقدهم لنخوة الرجال وغيرتهم وعدم نهيهن عن مثل هذه الأعمال.
فيا حسرتاه ... ترى كم فقد بعض الرجال من رجولتهم حتى أصبحوا أشباه رجال لا رجالاً، فويل ثم ويل لأولئك الذين لا يعرفون كرامتهم، ولا يحفظون رعيتهم، ولا يحسنون القيام على ما استرعاهم الله من النساء، ولقد توعد رسول الله من فرّط في حق رعيته فقال: { ما من راع يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة }.(5/348)
فيا أيها الرجال إن أعراضكم كأرواحكم وقد فرطتم بها كثيرا، فأهملتم الرعاية، وضيعتم الأمانة، وركبتم الخطر، وإن تهلكون إلا أنفسكم وما تشعرون أفلا تعقلون وتتوبون إلى ربكم وتحفظون نسائكم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وسلم.
دار الوطن
موقع كلمات
http://www.kalemat.org/sections.php?sova&aid11
ـــــــــــــــــــ
الحجاب
الشيخ محمد بن إسماعيل المقدم
من كتاب عودة الحجاب
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وآله
ليس الحجاب مجرد غطاء لبدن المرأة ، إن الحجاب هو عنوان تلك المجموعة الدقيقة من الأحكام الاجتماعية المتعلقة بوضع المرأة في النظام الإسلامي ، والتي شرعها الله سبحانه وتعالى لتكون (الحصن الحصين) الذي يحمى المرأة ، و(السياج الواقي) الذي يعصم المجتمع من الافتتان بها ، و(الإطار المنضبط) الذي تؤدى المرأة من خلاله دورها العظيم الذي وكلها الله به ، واصطفاها له من أجل تحصيل سعادتي الدنيا والآخرة لها ولأمتها كافة ، وذلك كله في انسجام دقيق من خلال معنى أعم وأشمل هو تحقيق العبودية الخالصة لله رب العالمين} وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون { [الذاريات : 56]
ويغالط هؤلاء المضلون المفسدون الذين يتشدقون بأن حجاب المرأة هو (حجاب على العقل ، أو سُلم إليه .. إلى آخر عباراتهم الجوفاء التي قد يُسيغها الشعراء الذين يتبعهم الغاوون ، والأدباء الذين هم في كل وادٍ يهيمون ، ولكنها لا تجد مساغاً عند أحد من العقلاء فضلاً عن العلماء.
إن عقولهم هي (المحجوبة) عن إدراك حكمة العليم الحكيم من تشريع (الحجاب) .. وإن تصوراتهم وأذواقهم وأخلاقهم هي (الممسوخة) حيث تجعل العرى (الحيواني) تقدماً ورقياً ، والستر (الإنساني) تخلفاً ورجعية .
ولقد رأينا كيف تأثرت المرأة المسلمة بهذه التشريعات الربانية الحكيمة ، ومارست دورها العظيم على أكمل وجه – من خلال (الحجاب) بمفهومه الشامل ، فكان أن أَثَّرت في الأمة أجمل التأثير وأحسنه.
لقد اعتزت بالإسلام واعتز الإسلام بها ، حتى صار بين أيدينا تاريخ مجيد حافل بسيرتها العطرة بوصفها أماً وزوجة وابنة ، وعالمة مُحدِّثة ، وعابدة خاشعة قانتة ، فبان للجميع ما الذي كان يخفيه الحجاب ، وماذا كان يدور خلف الخدور.
إنها الثمرات المباركة التي جنتها الأمة من وراء الحجاب ..
إنه الشرف العزيز الذى صانه الحجاب ..
وإن هؤلاء هن (خريجات مدرسة الحجاب) قبل أن تعرف الدنيا مدرسة ، وقبل أن يطرق سمعها (حقوق المرأة وتكريمها) ، وإنما كان ذلك الوثوب إلى المجد ، وكانت(5/349)
تلك النهضة إلى علياء السمو ، يوم أدرك المسلمون الأوائل عِظم مكانة المرأة ، وخطورة دورها :
فأدوا إليها حق التربية والتهذيب (من وراء حجاب).
وحفظوا لها حق التعليم النافع (في إطار الحجاب).
فكان ما رأينا من نماذج مشرفة لا يأتي عليها الحصر.
واليوم : يريد نساؤنا أن ينهضن ، فهن يبتغين الوسائل ، ويتلمسن الخطى ، وما لهن لا ينهضن ؟ ومن ذا يذودهن عما شرع الله لهن من الحقوق ؟ وهل هن إلا منابت حُماتِنا ، وأساة جراحنا ، وبناة نهضتنا ، ومنار دعوتنا ، ومثار قوتنا ؟ وهل نحن وإيَّاهن إلا كجناحي النسر الصاعد ، إذا هِيض أحدهما خُفض الآخر ، فيصبح لا يجد في الأرض مقعداً ، ولا في السماء مصعداً ؟
لينهض النساء ما شئن أن ينهضن – ففي نهوضهن نهوضنا وبلوغ غايتنا – ، ولكن ليحذر الآخذون بيدها ، والداعون إلى نهضتها التواءَ القصد ، والتباس الطريق ، والتنكب عن صراط الله المستقيم ، وشرعه القويم ، فينالها الزلل ، وتلجَّ بها العثرات ، حتى يقول قوم : (لقد كان ما كانت فيه خيراً وأبقى).
ألا وإن من التواء القصد ، وضلال الطريق ، أن يتخذ نساؤنا المرأة الغربية مثالاً يحتذينه ، ويُمْعٍنَّ في التشبه به.
ونحن لا نَكْذِبُ المرأة الغربية ، فليست جديرة بأن تكون مثلاً أعلى يحتذى ، فهي أولاً كافرة أو لا دين لها ، وهى ثانياً هائمة لا خلق لها ، إلا أن تهتدي بنور الإسلام ، وتستضيء بأخلاقه وأحكامه ، ولا يشفع لها أن يقال : (هي كاتبة حاسبة ، وصانعة بارعة ، وباحثة قديرة) ، فإنها لم تزد أن دعمت حياة (المادة) ، وزادتها نوطاً جديداً.
ولا يخدعنا ما يدعيه مقلدة الأجنبي وعساكره الفكريون من أن المرأة الأوربية حظيت بتكريم حقيقي، فإنها إنما أُعطيت مظاهر كاذبة تُستغل من ورائها كلعبة للهو بها هنا وهناك، وغطى القوم ذلك بما أسموه تحريراً ورقياً.
إن وضع المرأة عند الأجانب ليس إلا مظهراً خالياً من القيم الرفيعة الصادقة ، مثلها في ذلك مثل التقليد الذى جرى عليه الحاكم البريطاني حين يأمر باعتقال شخص، فيرسل إليه كتاباً يختمه بهذا التوقيع : (خادمكم المطيع فلان) هكذا يُذَيِّل الحاكم خطابه الذى يعتقل به سيده المطاع !!.
ولا شك أنه لو لم يكن لهذه الوضعية المعكوسة للمرأة ما يؤيدها من قوة السلاح وبهارج المادة والدعاية المتعصبة التي ألبستها عند مقلدتهم في ديارنا لبوس الحق ، لو لم يكن لها ذلك لكانت سواد وجه لأي قوم اختاروها وسلكوا طريقها ، ولكن هكذا يَضِلُّ من اغتر ، وغاب عن طريق الله وهداه.
لكل ذلك نناشد نساءنا أن يسدلن الحجب بينهن وبين نساء أوروبة ، ففي أمهاتنا الأوليات فضل وغناء ، أولئك اللواتي نَسْتَنُّ عن طيب أعراقهن ، وكرم أخلاقهن ، وتلك دماؤهن تترقرق بين جوانحنا ، وأعطاف قلوبنا ، ولا نزال نَحِنُّ إلى أمجادهن ، لأن لنا في المجد نسباً عريقاً ، وطريقاً عميقاً ، فأما ما نحن فيه من مظاهر النوء بالواجب ، والنكول عن الجِدِّ ، فإنما هو صدأ عارض وغشاء مستحدث ألقاه علينا تطاول الأمد ، وتتابع الحادثات ، وما أصابنا في سبيل ذلك من فداحة الظلم ، وذلك(5/350)
الإِسار الذى فرضته علينا الأيدي الأوربية (الرحيمة) التي تمسح شعث الكلب ، وتدمى قلوب الشعوب !
فيا أيتها الأخت المسلمة :
لقد حق لك أن تتيهي ، وتفاخري نساء العالمين بما أسداه الإسلام إليك من تكريم ، وما رفع عنك من ظلم ومهانة.
فاحذري أن تبدلي نعمة الله كفراً ، أو أن تستبدلي الذى هو أدنى بالذي هو خير.
وأنت أيتها الأم الرؤوم :
ليس ذاك الذى بين يديك بالطفل الذى يبقى أمد الحياة طفلاً بل هو سر الوجود يذاع عنك ، وصفحة الحياة تنشر عن أثرك ، وهو أدل عليك من أسارير وجهك ، وبيان لسانك.
ليست هذه البَضعة المتحركة باللعبة الملهية بل هي العالم الأكبر ، يضطرب كاضطرابه ، ويتخايل في مخايله ، فانظري على أي حالة تريدين أن يكون الكون.
ليس ذلك الدارج بين عينيك بالصبي الخلي بل هو خبيئة الدهر وعُدَّته.
وربما ضُم معاطف ثوبك على رجل الدنيا وواحدها ، وما ينبئك لعل هناك مُلكاً يترقب سيفه ، أو عرشاً يطمئن لقدميه ، أو أمة مُتعثرة تنتظر النصفة من وضح رأيه ، وفيض بيانه.
إن تلك المنزلة التي أعدك الله لها هى تلك التي وصفها بعضهم بحق فقال : (إن المرأة التي تهز المهد بيمينها ، تهز العالم بيسراها).
ليست المرأة بالخلق الضعيف النفس ، فإن من احتمل ما احتملته في ظلمات التاريخ ، وعَسف الأب ، وصلف الزوج ، إلى وَقْر الحمل ، وألم المخاض ، وسُهد الأمومة – راضياً مطمئناً – لا يكون ضعيف النفس.
وليست بالخلق الحقير ، فإن من وكله الله بابتناء الشعوب ، وإنشاء الأمم لا يكون حقيراً.
ألا إنما المرأة دعامة المجتمع ، لا يزال ناهضاً مكيناً ما نهضت به ، فإن هى وهنت دونه ، وتخاذلت عنه ، واستهانت بالفضيلة، وأغرقت في الترف، تهاوت عَمَدهُ، وتصدعت جوانبه، وانبت نظامه، وانفصمت عراه، وكان حقاً على الله أن يُديل من الأمة، ويبدلها } وما ربك بظلام للعبيد { [فصلت : 46].
المصدر : http://www.yaakoub.com
ـــــــــــــــــــ
الحجاب دعوة صامتة
محمد الكندرى
إن أفراد هذه الأمة مطالبون ـ ذكوراً وإناثاَ ـ بتبليغ دعوة الإسلام لغير المسلمين كل حسب استطاعته. ولعل منطلق ذلك استشعار المسلم والمسلمة ضخامة المسؤولية الملقاة على عاتقهما في دعوة الآخرين، والحرص الشديد على إنقاذ الناس من نار الضلالة وجحيمها، إلى جنة الإسلام ونعيمها.
كما ينطلق المسلم والمسلمة كل في دعوتهما لإقامة الحجة وتبليغ الرسالة، فمن أسلم فلنفسه ومن ضل فعليها. والداعية في الغرب يدفعه حرصه على إزالة الشبهات(5/351)
وتصحيح المغالطات، إلى بذل قصارى جهده لتقديم نموذج صحيح للإسلام المفترى عليه.
وللدعوة مهارات وأساليب متنوعة، لسنا في صددها في مقالنا هذا، إنما نقف هنا لتسليط الضوء على الحجاب في أمريكا تحديداً، ومن خلال واقع عاصرته وشاهدته رأي عين وسمعته ممن أثق بهم. لقد أصبحتُ متيقناَ أن الحجاب دعوة صامتة أبلغ من ألف موعظة، فلسان الحال أبلغ من المقال.
شاب اعتنق الإسلام بسبب الحجاب!!
التأثر بالحجاب وما يحمله من قيم نبيلة، ليس مقتصراً على الجنس النسائي، بل يشمل الرجال أيضاَ. قامت باستضافتي إحدى المؤسسات الإسلامية لدورة تدريبية في شيكاغو، وما إن وصلت المطار إلا واستقبلني أمريكي مسلم اسمه (كريم)، ودار بيننا الحوار التالي:
• سألني: من أين أنت؟
- قلت: أنا من الخليج العربي وتحديداً من الكويت.
• بادرني قائلا: أنتم محظوظون؛ لأنكم مسلمون بالفطرة، ولا داعي ليعرفكم أحد بالإسلام؟.
- أجبته قائلا: الحمد لله على نعمة الإسلام، وماذا عنك؟!
• قال: لقد أسلمت منذ زمن قريب.. والحمد لله.
- وماذا كان سبب إسلامك؟ لاسيما وأن الإعلام الأمريكي لا يألو جهداً في تشويه صورة الإسلام؟
• أجابني قائلا: لن تصدق إن قلت لك الحجاب!!
- وكيف ذلك؟
• أجاب: لقد كانت حياتي مثل سائر شباب أمريكا، لا هم لنا إلا الترفيه والشرب والجنس، وكنت مراهقا أعيش صراعاَ أو خلافاَ دائماَ مع والدي كما هو حال غيري. وأضاف قائلاً: وفي أحد الأيام رأيت في الجامعة طالبة تغطي رأسها وجسمها، وكانت مختلفة عن غيرها من الطالبات، فقلت في نفسي: لماذا يلبس نساء المسلمين ذلك؟؟ وظلت صورة الحجاب وتلك الفتاة في ذهني وتولَّد لدي شعور للتعرف على الإسلام. وبعد أيام وفي إحدى المحاضرات كان لطالب مسلم (ماليزي) وطالبة مسلمة محجبة عرض موجز عن الإسلام. بعدها قمت أبحث وأقرأ عن الإسلام وأعلنت إسلامي وأنا الآن أعمل في مجال الدعوة.
الحجاب.. دعوة لقيمة مفقودة..
إن ارتداء الحجاب في أمريكا وسيلة دعوية بالغة التأثير، حيث يرمز إلى الحشمة والعفة في بلد تموج فيه الفتن، والانفلات وانحطاط القيم والحياة الصاخبة. فالنفوس السليمة تميل إلى الستر والاحتشام وتنبذ التعري، وما يحمله الحجاب من قيم هو محل تقدير المنصفين من غير المسلمين، فهذا مثلا د. هنري ماكو وهو يهودي صهيوني ـ على حد وصفه لنفسه ـ يشيد بما يتضمنه الحجاب من قيم فضيلة، إذ يقول: "لست خبيراَ في شؤون النساء المسلمات، وأحب الجمال النسائي كثيراَ مما لا يدعوني(5/352)
للدفاع عن البرقع أو الحجاب، لكني أدافع عن بعض من القيم التي يمثلها الحجاب لي".
وهذه فتاة نصرانية في مدينة "سياتل" أمامها المغريات كثيرة، وزخارف الحياة متنوعة لاسيما في مجتمعها، حيث لا ضوابط أخلاقية، إلا أنها اختارت الإسلام واعتنقته، وعندما سئلت عن سبب ذلك قالت: "قراري باعتناق الإسلام جاء بسبب ما رأيته من مظاهر الحشمة والحجاب والحياء بين المسلمات"[2].
فتاة يهودية تتحجب.. حتى تنجو من التحرشات..
طالبة يهودية في إحدى جامعات "لوس انجلوس" كانت تتعرض للمعاكسة السمجة والتحرش الفج عند ناصية يتجمع لديها شباب من الأغرار الذين لا أخلاق لهم. تحركت فيها دواعي الحركات النسائية التي تنكر على الرجال ظنهم أنهم خير من النساء وأقوى، واتخذت إجراءً توسمت فيه أنه يمحو الفوارق بينها وبين هؤلاء الرجال، فحلقت شعرها لكن النتيجة لم تتغير، فالتحرشات بها لا تزال مستمرة، وأخيراَ خطر لها أن تضع غطاء رأس كالذي ترتديه الطالبات المسلمات، ومرت في نفس المكان الذي يتواجد فيه الشباب الذين اعتادوا على التحرش بها، ولكن هذه المرة ـ ولكونها متحجبة ـ لم يحاول أحد أن يتعرض لها، ومرت بكل احترام[3]. يعلم المتسكعون والعابثون باصطياد الفتيات أن المحجبة ليس ضالتهم المنشودة، وأنهم لن يظفروا منها بشيء، فهي تجسد الحشمة التي يستحيل النيل منها، والوقار الذي لا يليق معه العبث، فالحجاب وقاية من تحرشات الماجنين، وأمان من تطاول اللاهثين وراء المتعة الحرام.
الحجاب هوية شخصية..
إن حجاب المسلمة ـ بالإضافة لكونه فريضة ربانية ـ فهو أبلغ رسالة دعوية وخير وسيلة للتعريف وبيان الهوية الإسلامية، تماماً كما يحمل أحدنا بطاقة شخصية للتعريف به، أو جواز سفر لتحديد تبعيته لبلده فكذلك الحجاب. التقى أحد الأساتذة الأمريكان بطالبتين مسلمتين، إحداهن سافرة والثانية محجبة، فصافح الأولى وقال للثانية أعلم أنك مسلمة من ارتدائك الحجاب، وأنا أحترم دينك ولن أصافحك!! فأصيبت الأولى بالصدمة. إن حجاب المسلمة في أمريكا والغرب تعبير عن الهوية الإسلامية في زمن تلوثت وتشوهت فيه الهوية لدى بعض المسلمين والمسلمات.
إعلان ناجح للحجاب في جريدة نيويورك تايمز..
ضمن استراتيجية مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية ـ أنشط المؤسسات الإسلامية في الولايات المتحدة ـ لتقوية الوجود الإسلامي في أمريكا من خلال التواصل مع الرأي العام الأمريكي، ولتصحيح صورة المسلمين، فقد قامت بنشر إعلان يسلط الضوء على الدور النشط للمرأة المسلمة المحجبة. يقول الإعلان الذي نشر في جريدة نيويورك تايمز ـ إحدى أكبر الصحف الأمريكية ـ على لسان فتاة مسلمة: إنها اختارت أن ترتدي الحجاب؛ لأنه أمر مهم لعقيدتها، ولكونها فخورة بكونها مسلمة، وأن الإسلام يشجع الرجل والمرأة على الاحتشام. وهكذا نجح الأفاضل في مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (كير) في استخدام مهارات العلاقات العامة في التخاطب مع الجمهور، وبيان مضمون ومفهوم الحجاب. وقد لقي إعلان المتحجبة(5/353)
وهي تقول: "الحجاب هو رمز ثقتي بنفسي واحترامي لها". ردود أفعال واسعة في الساحة الأمريكية، وأشاد العديد من غير المسلمين بحشمة الفتاة المسلمة، وأن الإعلان قد ترك أثره في النفوس.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] إعلامي خليجي ومستشار في الشئون الإغاثية والدعوية، ومعد برامج خاصة بالمرأة والأسرة.
[2]) كتاب "حتى لا يتناثر العقد".
[3]) كتاب "بهذا ألقى الله".
المصدر:http://www.lahaonline.com
ـــــــــــــــــــ
الحجاب الحريري والعلمانية
د. عائض الردادي
الصورة التي نشاهدها كثيراً من مكاء وتصدية في ملاعب الكرة إذا دخل الفريق المنافس أو إذا خسر هجمة من هجماته هذه الصورة بدت بشكل أوضح في مقاعد البرلمان التركي عندما دخلت النائبة المنتخبة من الشعب مروة قاوقجي لأداء اليمين الدستورية والسبب أنها غطت رأسها بالحجاب الحريري لا الحديدي، ولو دخلت كما تدخل السابحات على الشواطئ لعد ذلك نهضة حضارية.
وهذا المشهد الذي تحول فيه الرجال ذوو الشنبات الطويلة من هدوء إلى صريخ وضرب على الطاولات وزعيق بسبب امرأة متسترة لو لم يكن مؤكداً لاعتبر ضرباً من ضروب الخيال, لأن المخالفة في البرلمانات المتقدمة تقابل بالحوار بموجب النظام حتى في إسرائيل الدولة العنصرية عندما تجرأت نائبة بكلام تجاوز الحدود قبل سنوات على رئيس الوزراء طلب من رئيس البرلمان أن يحميه من النائبة بموجب القانون ولم يصرخ أو يتحول البرلمان إلى ما يشبه فحيح الجماهير في الملاعب ضد الفريق المنافس.
ظاهرة اخذ القشور من حضارة الغرب والبعد عن العمق للأسف هي ما أخذه العالم الثالث كما يسميه الغربيون تأدباً والعالم المتخلف كما هي الحقيقة، فهذه الصورة التي حدثت في تركيا لا توجد في الغرب إلا في حالة وجدت في فرنسا وحكمت قانونياً ولكنها كما حصلت في تركيا حدثت في إحدى الدول العربية حين منعت الطالبات المنقبات من دخول الامتحانات في إحدى الجامعات وحرمت أخريات من تسلم الشهادات في إحدى الدول الإسلامية الآسيوية بسبب الحجاب الحريري الناعم.
فهل أصبحت مروة قاوقجي بطلة دخلت التاريخ من حيث أرادت أو لم ترد أو هل ستكون أول مسمار يدق في نعش العلمانية التركية التي ليس لها من العلمانية الأوروبية إلا الاسم؟ فمروة درست في الولايات المتحدة الحاسب الآلي ولم تمنع يوماً من دخول الجامعة بسبب الحجاب لأن العلمانية هناك تعني الحرية الشخصية، ولا تتدخل في أمور سطحية كأن يطلب من المرأة السفور ومن الرجل عدم وضع الطربوش على الرأس كما هو في تركيا.(5/354)
وللأسف أن يصل الأمر بمروة أن تقول: إنها ستكافح مثلما كافح زنوج أمريكا حتى نالوا حقوقهم وتحرروا وإلا ماذا سيضر إن جاءت المسلمة محتشمة بل إن هذا الوقار هو الأولى من التفسخ وكشف العورات ولكن الكماليين (الذين يسترهم رجل مات منذ سبعين عاماً وما زال يحكم من قبره) بالغوا في عداوة الإسلام وحسبك في هذا أنهم لم يدققوا كما تفعل الدول قبل الانتخابات في أوراق المرشحين حتى إذا ما فازت مروة ودخلت البرلمان بحجابها الحريري بدأ الطعن في أهليتها ومن ذلك حملها جنسية أخرى، ولو لم تغط رأسها لهان موضوع الجنسية الأخرى ولم يعامل نواب حزب اليسار مثل ذلك.
الكماليون يجدّفون ضد التيار وكل ما لحقتهم مذلة من أوروبا زادوا في الإصرار على التمسح بأعتابها من أجل استلحاقهم بالاتحاد الأوروبي ولو عادوا لانتمائهم الإسلامي لعلت رؤوسهم فوق النجوم ولكن لعل وعسى أن يستفيدوا من عبر التاريخ الحي لا الميت وعسى أن يدرك عقلاء الأتراك الأمور قبل فوات الأوان.
http://www.suhuf.net.sa المصدر :
ـــــــــــــــــــ
قصتي مع الحجاب ؟؟!
الدعوة إلى الله ـ تعالى ـ ليست محجورة على أناس معينين و لا تقتصر على توزيع شريط أو كتيب، فالصغير والكبير يستطيع أن يدعو إلى الله - عز وجل -.. من هذا المنطلق أردت أن أسطر حروف قصتي لكي أثبت أن الدعوة بالأفعال قد تكون أعلى صوتاً من الأقوال ....
عندما كنت في السادسة من عمري قررت أن أتحجب وكان هذا القرار أثناء لعبي أنا و أختي في بيت جدتي، لبست عباءة أمي وحذاءها كما يفعل الأطفال في مثل سني أعجبني شكل الحجاب علي، أخبرت أختي بما عزمت عليه ضحكت مني وقالت: تحجبي فما هي إلا فترة قصيرة ثم تخلعيه قلت: لا. سأتحجب ولن أخلع حجابي وسترين و كان هذا التحدي.. في بادئ الأمر ظن الجميع أني سأخلعه بعد فترة من الزمن و لشدة حبي للحجاب لم أكن أخلعه حتى عن أعمامي و أخوالي وكان الكل يضحك مني وشيئاً فشياً تعلمت كل ما يتعلق بحجاب المرأة المسلمة، لقد شجعتني أمي وكذلك أبي على ارتداء الحجاب فلم تنكر علي كما أنكر علي أكثر أفراد عائلتي علماً بأنهم ليسوا ضد الحجاب و لكنهم ضد حجابي في هذا السن، تمسكت بحجابي أشد التمسك حتى كان ذلك اليوم الذي زادني تعلقاً به .
في يوم من أيام شهر رمضان الكريم ذهبت لأصلي صلاة التراويح في مسجدنا المجاور وكعادتي مرتدية للحجاب والعباءة وفي زاوية من زوايا المسجد لفت نظري منظر إحدى الفتيات وهي جالسة تقرأ القرآن وتسترق النظرات إلي نظرت إليها لكني لم أعرها اهتماماً بالغاً ثم صليت تحية المسجد، وتابعت الصلاة مع الإمام ثم رجعت إلى البيت مع أمي، لم أكن أعلم أن شكلي بالحجاب قد ترك أثره العميق في نفس تلك الفتاة، بعد أسبوع أو أكثر من تلك الحادثة وفي يوم الخميس وحينما كنا في بيت جدتي رن جرس باب المنزل فتحت الخادمة الباب و بعد قليل أتت حاملة بيدها هدية فتحتها فإذا بها حلويات و بطاقة لا أتذكر بالضبط ما كتب فيها ولكن تشكرني فيها لأنني(5/355)
كنت السبب في هدايتها و ارتدائها للحجاب الذي أمر به ربها وفي آخر البطاقة أختك: عذاري... إلى الآن لم أعرف كيف عرفت اسمي وعنوان بيت جدتي، ولكني التقيت بها بعد ذلك في مركز حفظ القرآن وشرحت لي كيف أنها تأثرت عندما رأت طفلة صغيرة لا يتجاوز عمرها السادسة أو السابعة و قد حرصت على لبس الحجاب الكامل بينما هي في الثامنة عشر من عمرها و إلى الآن لم تفكر في هذا الأمر وهو أمر الله ـ تعالى ـ وقد فرضه على المرأة المسلمة، بعد ذلك ازدادت علاقتي معها قوة على الرغم من فارق السن بيننا.. و بعد فترة ارتدت الحجاب الشرعي الكامل.. ومن ثم تزوجت.. وانشغلت في حياتها الزوجية الجديدة.. وافترقنا.. و إلى الآن و بعد مضي ما يقرب على التسع سنوات لا أعرف لها خبراً، ولا أتذكر اسم عائلتها لكنني أرجو أن تكون ثابتة على تعاليم الدين القويم متشبثة بحجابها درة مكنونة وجوهرة مصونة
http://www.heartdes.com المصدر :
ـــــــــــــــــــ
أختي المسلمة
لقد دأبت بعضُ الأقلام بين فينةٍ وأخرى على النيلِ من حجابك والهجوم عليه، واصفةً إياه بالتخلف والرجعية وعدم مواكبة التطور الذي نشهده، والقرن الذي نحن على مشارفه، حيث إننا نعيش عصر الفضائيات والاتصالات والعولمة وتلاقح الأفكار وغير ذلك من مظاهر التقدم العلمي والتكنولوجي .
وقد انقسم هؤلاء المبهورون بمدنية الغرب إلى أقسام عدة :
فمنهم من أنكر فرضية الحجاب بالكلية، وزعم أنه من خصوصيات العصور الإسلامية الأولى !! .
ومنهم من أنكر غطاء الوجه وراح يدعو إلى السفور والاختلاط، زاعماً أن ليس في كتاب الله ولا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ما يدل على تغطية وجه المرأة، وأن ذلك من قبيل العادات الموروثة التي فرضها المتشددون ! .
ومنهم من تخبَّط فقال : إن الحجاب سجن يجب على المرأة أن تتحرر منه حتى تستثمر طاقاتها في مواكبة العصر، ومشاركة الرجل مسيرته التقدمية نحو آفاق المدنية الحديثة ! .
ومنهم من طبق المثل القائل: "رمتني بدائها وانسلَّت" فزعم أن الذين يدعون إلى الحجاب ونبذ التبرج والسفور ينظرون إلى المرأة نظرة جسدية،ولو أنهم تركوا المرأة تلبس ما تشاء لتخلَّص المجتمع من هذه النظرة الجسدية المحدودة!! .
وهؤلاء جميعاً قد اشتركوا في الجهل والدعوة إلى الضلال، شاءوا أم أبوْا .
والأمر في ذلك كما قال الشاعر :
فإن كنتَ لا تدري فتلك مصيبةٌ وإن كنت تدري فالمصيبةُ أعظمُ
أما حقيقة هؤلاء فلا تخفى على ذي عينين ! .
وأما كلامهم فباطل باطل، يبطل أولُه آخرَه، وآخرُه أولَه، قال تعالى : } وَلَتَعرِفَنهُم فِي لَحنِ القَولِ وَاللهُ يَعلَمُ أَعمالَكُم{ ] محمد : 30 [(5/356)
وأما دعوتهم فمؤامرة مكشوفة على المرأة المسلمة، وعلى الأسرة والمجتمع والأمة بأسرها .
ومع ذلك فقد نجح هؤلاء في السيطرة على عقول بعض نسائنا، فأغروهن بكلامهم المعسول وعباراتهم البراقة التي تحمل في طيَّاتها الهلاك والدمار، فظننَّ أن هؤلاء هم المدافعون عن قضايا المرأة وحقوقها، وجهلن أن الإسلام قد صان المرأة أتمَّ صيانة، ورفع مكانتها في جميع مراحل حياتها، طفلةً وبنتاً وزوجة وأُمًّا وجدة .
ولما كان الأمر كما قال الشاعر :
لكلِّ ساقطةٍ في الحيِّ لاقطةٌ........... وكلُّ كاسدةٍ يوماً لها سوقُ
فقد تعيَّن الردُّ على هؤلاء ودحض شبهاتهم، وتفنيد كلامهم، وكشف عوار أحاديثهم وزيف أطروحاتهم، لعلهم يعودوا لرشدهم ويتخلوا عن باطلهم .
الحجاب عبادة
الحجاب عبادة من أعظم العبادات وفريضة من أهم الفرائض؛ لأن الله تعالى أمر به في كتابه، ونهى عن ضده وهو التبرج، وأمر به النبي صلى الله عليه و سلم في سنته ونهى عن ضده، وأجمع العلماء قديماً وحديثاً على وجوبه لم يشذّ عن ذلك منهم أحد، فتخصيص هذه العبادة – عبادة الحجاب – بعصر دون عصر يحتاج إلى دليل، ولا دليل للقائلين بذلك ألبتة . ولذلك فإننا نقول ونكرر القول " : لا جديد في الحجاب "
ولو لم يكن الحجاب مأموراً به في الكتاب والسنة، ولو لم يرد في محاسنه أيُّ دليل شرعي، لكان من المكارم والفضائل التي تُمدح المرأة بالتزامها والمحافظة عليها، فكيف وقد ثبتتْ فرضيَّتُه بالكتاب والسنة والإجماع؟!.
أدلة الحجاب من الكتاب والسنة
وفي هذه الأدلة برهان ساطع على وجوب الحجاب، وإفحامٌ واضح لمن زعم أنه عادة موروثة أو أنه خاصٌّ بعصور الإسلام الأولى.
أولاً : أدلة الحجاب من القرآن :
الدليل الأول : قوله تعالى } وَقُل للمُؤمِنَاتِ يَغضُضنَ مِن أَبصَارِهِن وَيَحفَظنَ فُرُوجَهُن وَلاَ يُبدِينَ زِينَتَهُن إِلا مَا ظَهَرَ مِنهَا وَليَضرِبنَ بِخُمُرِهِن عَلَى جُيُوبِهِن وَلاَ يُبدِينَ زِينَتَهُن { إلى قوله } : وَلاَ يَضرِبنَ بِأَرجُلِهِن لِيُعلَمَ مَا يُخفِينَ مِن زِينَتِهِن وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيهَا المُؤمِنُونَ لَعَلكُم تُفلِحُونَ] { النور:30 [
قالت عائشة رضي الله عنها ": يرحم الله نساء المهاجرات الأُول؛ لما أنزل الله } : وَليَضرِبنَ بِخُمُرِهِن عَلَى جُيُوبِهِن { شققن مروطهن فاختمرن بها ] " رواه البخاري[ .
الدليل الثاني : قوله تعالى : } وَالقَوَاعِدُ مِنَ النسَاء اللاتي لاَ يَرجُونَ نِكَاحاً فَلَيسَ عَلَيهِن جُنَاحٌ أَن يَضَعنَ ثِيَابَهُن غَيرَ مُتَبَرِّجَاتِ بِزِينَةٍ وَأَن يَستَعفِفنَ خَيرٌ لهُن وَاللهُ سَمِيعٌ عِلِيمٌ ] { النور : 60 [
الدليل الثالث : قوله تعالى } : يأَيهَا النبِي قُل لأزواجِكَ وَبَناَتِكَ وَنِسَاء المُؤمِنِينَ يُدنِينَ عَلَيهِن مِن جَلابِيبِهِن ذلِكَ أَدنَى أَن يُعرَفنَ فَلاَ يُؤذَينَ وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رحِيماً {
]الأحزاب : 59[(5/357)
الدليل الرابع : قوله تعالى } : وقَرنَ فِي بُيُوتِكُن وَلاَ تَبَرَّجنَ تَبَرجَ الجاَهِلِيةِ الأولَى] { الأحزاب : 33 [ .
الدليل الخامس : قوله تعالى } وَإِذَا سَأَلتُمُوهُن مَتَاعاً فاسأَلُوهُن مِن وَرَاء حِجَابٍ ذلِكُم أَطهَرُ لِقُلُوبِكُم وَقُلُوبِهِن{ [ الأحزاب : 53 ] .
ثانياً : أدلة الحجاب من السنة :
الدليل الأول : في الصحيحين أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: يا رسول الله، احجب نساءك . قالت عائشة : فأنزل الله آية الحجاب . وفيهما أيضاً : قال عمر : يا رسول الله، لو أمرتَ أمهات المؤمنين بالحجاب . فأنزل الله آية الحجاب .
الدليل الثاني : عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : "المرأة عورة " ] الترمذي وصححه الألباني [
الدليل الثالث : عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "من جرَّ ثوبه خُيَلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة" فقالت أم سلمة رضي الله عنها : فكيف يصنع النساء بذيولهن؟ قال "يرخين شبراً" فقالت : إذن تنكشف أقدامهن . قال "فيرخينه ذراعاً لا يزدن عليه" ] رواه أبو داود والترمذي وقال : حسن صحيح [
أدلة سَتر الوجه من الكتاب والسنة
أولاً : قوله تعالى : } وَليَضرِبنَ بِخُمُرِهِن عَلَى جُيُوبِهِن{ ] النور : 30 [
قال العلامة ابن عثيمين "فإن الخمار ما تخمِّر به المرأة رأسها وتغطيه به كالغدقة، فإذا كانت مأمورة بأن تضرب بالخمار على جيبها كانت مأمورة بستر وجهها" .
ثانياً : قوله تعالى } يأَيهَا النبِي قُل لأزواجِكَ وَبَناَتِكَ ... { ] الأحزاب : 59 [ .
قال ابن عباس رضي الله عنهما "أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رءوسهن بالجلاليب" . قال الشيخ ابن عثيمين "وتفسير الصحابي حجة، بل قال بعض العلماء إنه في حكم المرفوع إلى النبي صلى الله عليه و سلم " .
ثالثاً : عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه و سلم قال "لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين" ] رواه البخاري [ .
قال القاضي أبو بكر بن العربي "قوله في حديث ابن عمر "لا تنتقب المرأة المحرمة" وذلك لأن سترها وجهها بالبرقع فرض إلا في الحج، فإنها ترخي شيئاً من خمارها على وجهها غير لاصق به، وتعرض عن الرجال ويعرضون عنها" .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية "وهذا مما يدلّ على أن النقاب والقفازين كانا معروفين في النساء اللاتي لم يحرمن، وذلك يقتضي ستر وجوههن وأيديهن" .
رابعاً : في قوله صلى الله عليه و سلم "المرأة عورة " دليل على مشروعية ستر الوجه . قال الشيخ حمود التويجري "وهذا الحديث دالّ على أن جميع أجزاء المرأة عورة في حق الرجال الأجانب، وسواءٌ في ذلك وجهها وغيره من أعضائها" .
جهل أم عناد؟! :
إليكم يا من تزعمون أن حجاب المسلمة لا يناسب هذا العصر!!
إليكم يا من تدّعون أن تغطية الوجه من العادات العثمانية!!(5/358)
إليكم يا من تريدون إخراج المرأة من بيتها واختلاطها بالرجال في كل مكان .
هذه آيات القرآن أمامكم فاقرءوها.. وهذه أحاديث النبي محمد صلى الله عليه و سلم بين أيديكم فادرسوها ... وهذا فهم أئمة الإسلام من السلف والخلف يدل على وجوب الحجاب وستر الوجه فاعقلوه . فإن كنتم جهلتم هذه الآيات والأحاديث في الماضي فها هي أمامكم، ونحن ننتظر منكم الرجوع إلى الحق وعدم التمادي في الباطل؛ فإن الرجوع إلى الحق فضيلة، والإصرار على الباطل شر ورذيلة .
أما إذا كنتم من الصنف الذي وصفه الله تعالى بقوله } وَجَحَدُوا بِهَا وَاستَيقَنَتهَا أَنفُسُهُم ظُلماً وَعُلُواً { ] النمل : 14 [ فإنكم لن تنقادوا للحق، ولن ترجعوا إلى الصواب، وإن سردنا لكم عشراتٍ بل مئاتِ الآيات والأحاديث، لأنكم – بكل بساطة – لا تؤمنون بكون الإسلام منهج حياة، وبكون القرآن صالحاً لكلّ زمان ومكان . قال تعالى } أَفَحُكمَ الجَاهِلِيةِ يَبغُونَ وَمَن أَحسَنُ مِنَ اللهِ حُكماً لقَومٍ يُوقِنُونَ { ] المائدة : 50[
الحجاب والمدنية
يرى دعاة المدنية أن الحجاب مظهر من مظاهر التخلف، وأنه يمنع المرأة من الإبداع والرقي، وهو عندهم من أكبر العقبات التي تحول بين المرأة وبين المشاركة في مسيرة الحضارة والمدنية، وفي عملية البناء التي تخوضها الدول النامية للوصول إلى ما وصلت إليه الدول المتقدمة من رقي وتمدن !!
ونقول لهؤلاء : ما علاقة الحجاب بالتقدم الحضاري والتكنولوجي؟ !
هل من شروط الحضارة والمدنية أن تخلع المرأة ملابسها وتتعرَّى أمام الرجال؟ !
هل من شروط الحضارة والمدنية أن تشارك المرأة الرجل متعته البهيمية وشهواته الحيوانية؟ !
هل من شروط الحضارة والمدنية أن تكون المرأة جسداً بلا روح ولا حياء ولا ضمير ؟ !
هل الحجاب هو السبب في عجزنا عن صناعة السيارات والطائرات والدبابات والمصانع والأجهزة الكهربائية بشتى أنواعها؟!
لقد تخلت المرأة المسلمة في معظم الدول العربية والإسلامية عن حجابها، وألقته وراء ظهرها، وداست عليه بأقدامها، وخرجت لتعمل مع الرجل، وشاركته معظم ميادين عمله !!.
فهل تقدمت هذه الدول بسبب تخلِّي نسائها عن الحجاب؟!
وهل لحقت بركب الحضارة والمدنية بسبب اختلاط الرجال بالنساء؟!
وهل وصلت إلى ما وصلت إليه الدولُ المتقدمة من قوة ورقيّ؟!
وهل أصبحت من الدول العظمى التي لها حق النقض )الفيتو ( في مجلس الأمن ؟!
وهل تخلصت من مشاكلها الاقتصادية والتعليمية والاجتماعية والأخلاقية؟!
الجواب واضح لا يحتاج إلى تفصيل وهو : لا وألف لا .
. فلماذا إذن تدعون إلى التبرج والسفور والاختلاط يا دعاة المدنية والحضارة؟!!
نعم للتعليم .. لا للتبرج
إن المرأة في هذه البلاد – ولله الحمد – وصلت إلى أرقى مراتب التعليم، وحصلت على أعلى الشهادات التعليمية، وهي تعمل في كثير من المجالات التي تناسبها، فهناك(5/359)
الطبيبة، والمعلمة، والمديرة، وأستاذة الجامعة، والمشرفة والباحثة الاجتماعية، وكلّ هؤلاء وغيرهن يؤدين دورهن في نهضة الأمة وبناء أجيالها، لم يمنعهن من ذلك حجابهن وسترهن وحياؤهن وعفتهن .
لقد أثبتت المرأة المسلمة – في هذه البلاد – أنها تستطيع خدمة نفسها ومجتمعها وأمتها دون أن تتعرض لما تعرضت له المرأة في كثير من البلدان من تبذُّلٍ وامتهان، ودون أن تكون سافرة أو متبرجة أو مختلطة بالرجال الأجانب .
إن هذه التجربة التي خاضتها المرأة في بلادنا تثبت خطأ مقولة دعاة التبرج والاختلاط "إن النساء في بلادنا طاقات معطَّلة لا يمكن أن تُستَثمر إلا إذا خلعت حجابها وزاحمت الرجال في مكاتبهم وأعمالهم" { كَبُرَت كَلِمَةً تَخرُجُ مِن أَفوَاهِهِم إِن يَقُولُونَ إِلا كَذِبًا{ ] الكهف : 5 [ .
ماذا يريدون؟!
إن هؤلاء لا يريدون حضارة ولا مدنية ولا تقدماً ولا رقياً .. إنهم يريدون أن تكون المرأة قريبة منهم .. يريدونها كلأً مباحاً لشهواتهم .. يريدونها سلعةً مكشوفةً لنزواتهم ... يريدون العبث بها كلما أرادوا .. والمتاجرة بها في أسواق الرذيلة .. إنهم يريدون امرأة بغير حياء ولا عفاف .. يريدون امرأة غربية الفكر والتصور والهدف والغاية .. يريدون امرأة تجيد فنون الرقص .. وتتقن ألوان الغناء والتمثيل .. يريدون امرأة متحررة من عقيدتها وإيمانها وطهرها وأخلاقها وعفافها.
الرد على من اتهم الدعاة إلى الحجاب
أما هؤلاء، فحدّث عنهم ولا حرج .. إنهم يكذبون .. ويعلمون أنهم يكذبون .. يقولون : إن الدعاة إلى الفضيلة ينظرون إلى المرأة نظرة جسدية، أما إذا تُركت المرأة تلبس ما تشاء فسوف تختفي تلك النظرة وسوف يكون التعامل بين الرجل والمرأة على أساس من الاحترام المتبادل .
والحقيقة التي لا مراء فيها تكذِّب هذه الدعوى وتفضح تلك المقولة .
والدليل على ما أقول هو ما يحدث الآن في المجتمعات التي تلبس فيها المرأة ما تشاء، وتصاحب من تشاء .. هل خَفَّ في هذه المجتمعات سعار الشهوة؟ وهل كان التعامل فيها بين الرجل والمرأة على أساس من الاحترام المتبادل؟
يجيب على ذلك تلك الإحصائيات :
1- أظهرت إحدى الإحصائيات أن 19 مليوناً من النساء في الولايات المتحدة كُنَّ ضحايا لعمليات الاغتصاب !! كتاب ] يوم أن اعترفت أمريكا بالحقيقة [.
2- أجرى الاتحاد الإيطالي للطب النفسي استطلاعاً للرأي اعترف فيه 70% من الإيطاليين الرجال بأنهم خانوا زوجاتهم ] تأملات مسلم [.
3- في أمريكا مليون طفل كل عام من الزنا ومليون حالة إجهاض ] عمل المرأة في الميزان [.
4- في استفتاء قامت به جامعة كورنل تبين أن 70% من العاملات في الخدمة المدنية قد اعتُدي عليهن جنسيًّا وأن 56% منهن اعتدي عليهن اعتداءات جسمانية خطيرة ] المرأة ماذا بعد السقوط ؟ [.(5/360)
5- في ألمانيا وحدها تُغتصب 35000 امرأة في السنة، وهذا العدد يمثل الحوادث المسجلة لدى الشرطة فقط أما حوادث الاغتصاب غير المسجلة فتصل حسب تقدير البوليس الجنائي إلى خمسة أضعاف هذا الرقم ] رسالة إلى حواء [ .
ألا تدل هذه الأرقام والإحصائيات على خطأ دعوى هؤلاء ومقولتهم ؟ أم أن هذه الأرقام والإحصائيات هي جزء من الاحترام المتبادل بين الرجل والمرأة الذي يريده هؤلاء ؟ !
فاعتبروا يا أولي الأبصار
يا فتاة الإسلام :
إن الحجاب أعظم معين للمرأة للمحافظة على عفَّتها وحيائها، وهو يصونها عن أعين السوء ونظرات الفحشاء، وقد أقرَّ بذلك الذين ذاقوا مرارة التبرج والانحلال واكتووا بنار الفجور والاختلاط، والحقُّ ما شهدت به الأعداء!! تقول الصحفية الأمريكية )هيلسيان ستاسنبري ( بعد أن أمضت في إحدى العواصم العربية عدة أسابيع ثم عادت إلى بلادها "إن المجتمع العربي كامل وسليم، ومن الخليق بهذا المجتمع أن يتمسك بتقاليده التي تقيّد الفتاة والشاب في حدود المعقول . وهذا المجتمع يختلف عن المجتمع الأوربي والأمريكي، فعندكم أخلاق موروثة تحتِّم تقييدَ المرأة، وتحتم احترام الأب والأم، وتحتم أكثر من ذلك عدم الإباحية الغربية، التي تهدم اليوم المجتمع والأسرة في أوربا وأمريكا .. امنعوا الاختلاط، وقيّدوا حرية الفتاة، بل ارجعوا إلى عصر الحجاب، فهذا خير لكم من إباحية وانطلاق ومجون أوربا وأمريكا" من ] رسالة المرأة وكيد الأعداء [.
فيا فتاة الإسلام :
هذه امرأة أمريكية تدعو إلى الحجاب بعد أن رأت التمزق الأسري والانحلال الخلقي يعصف بمجتمعها .
أمريكية توصينا بالتمسك بأخلاقنا الإسلامية الجميلة، وعاداتنا الحسنة .
أمريكية تحذرنا من مغبَّة الاختلاط والإباحية التي أدت إلى فساد المجتمعات في أوربا وأمريكا .
فابشري يا فتاة الإسلام .. وقَرّي بحجابك عيناً .. واعلمي أن المستقبل لهذا الدين .. وأن العاقبة للمتقين ولو كره الكارهون.
شبكة أنا المسلم
-ـــــــــــــــــــ
الحجاب الورقي يكسب!
أصدر وزير التعليم في دولة إسلامية كبرى أوامر شفهية بمنع دخول المنتقبات إلى مبني الوزارة، وقد تم تطبيق هذه التوجيهات مع النظام الأمني الجديد الذي بدأت هذه الوزارة تطبيقه مؤخراً، وترتب على ذلك منع كل المنتقبات من دخول الوزارة!
واضطرت الموظفات المنتقبات تحت ضغوط رجال الأمن إلي خلع النقاب على أبواب الوزارة، واضطر بعضهن إلي وضع أوراق لتغطية وجوههن، الأمر الذي أدى إلى موجة من السخط العام في صفوف العاملين بالوزارة! لا سيما أن هذه(5/361)
التوجيهات وصلت إلى جميع المديريات بالمحافظات المختلفة في هذا البلد، لتفعيل قرار منع ارتداء النقاب في المدارس.
ظاهر الحادثة مؤسف ومزعج، لكن حقيقتها تؤكد بروز الحجاب كاختيار لا مفاصلة فيه لدى المرأة في هذا البلد؛ خصوصاً هؤلاء الورقيات اللواتي دخلن الوزارة وقد غطين وجوههن بالأوراق؛ تمسكاً بالحجاب وتشبثاً بموقفهن منه حتى لو كان بالورق!
هذه الحادثة تدعوك لاستدعاء صورة نساء الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي ـ وهن من نفس طبقة النساء المنتقبات الاجتماعية والعلمية ـ وقد استمتن في التمرد على الحجاب والخروج منه وتمزيقه، بل والتفاخر بذلك إلى الحد الذي دفع إحداهن أن تباهي بأنها كانت أول من دخلت الحرم الجامعي وهي ترتدي "الشورت" (لباس ما فوق الركبة)!
الجدير بالاهتمام في الصورتين: أن صاحبة القرار في الصورة الأولى كانت المرأة، وقد رأينا ما آل إليه حالها بعد انقضاء أكثر من نصف قرن على خروجها من الحجاب، جنى خلالها المجتمع ثمار التفسخ والتعري المرّة، حتى وصل الأمر بالفتيات إلى أن يذهبن إلى الجامعات و يسرن في الشوارع حاسرت عن بطونهن!
أما الصورة الجديدة فصاحبة القرار فيها هي المرأة أيضاً، وفي البلد نفسه، لكنها تتشبث به اليوم، بعدما خاضت التجربة بالأمس كما أرادت وكما اشتهت، واكتشفت بنفسها زيف اللعبة.
حاول المصلحون مع المرأة الأولى، لكنها لم تستجب وركبت رأسها..
وعندما عادت المرأة الثانية، يحاول المبطلون إثناءها، لكنها لن تستجيب وستركب رأسها أيضاً، لكن هذه المرة ستكون بالحق!
http://www.lahaonline.com بتصرف من :
ـــــــــــــــــــ
الحجاب والجلباب
صالح بن عبد الله بن حميد
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونؤمن به، ونتوكل عليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا. من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه، والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
لقد بعث الله نبيه محمدا - صلى الله عليه وسلم - بالهدى ودين الحق، ما ترك خيرا إلا دل الأمة عليه، ولا شرا إلا حذرها منه، فشمل دينه أحكاما ووصايا، وأوامر وتوجيهات في نظام متكامل مربوط برباط الفضيلة، يجمع أنواعها وشتى كمالاتها ووسائلها.
وإن من أعظم مقاصد هذا الدين إقامة مجتمع طاهر، الخلق سياجه، والعفة طابعه، والحشمة شعاره، والوقار دثاره، مجتمع لا تهاج فيه الشهوات، ولا تثار فيه عوامل الفتنة، تضيق فيه فرص الغواية، وتقطع فيه أسباب التهييج والإثارة.(5/362)
ولقد خصت المؤمنات بتوجيهات في هذا ظاهرة، ووصايا جليلة.
فعفة المؤمنة نابعة من دينها، ظاهرة في سلوكها، ومن هنا كانت التربية تفرض الانضباط في اللباس سترة واحتشاما، ورفضا للسيرة المتهتكة والعبث الماجن.
فشرع الحجاب، ليحفظ هذه العفة ويحافظ عليها. شرع، ليصونها من أن تخدشها أبصار الذين في قلوبهم مرض.
وأحكام الحجاب في كتاب الله، وفي سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - صريحة في دعوتها، واضحة في دلالتها، ليست مقصورة على عصر دون عصر، ولا مخصوصة بفئة دون فئة.
{ يأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما } [الأحزاب:59]
تقول أم سلمة وعائشة - رضي الله عنهما -: « لما نزلت هذه الآية خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان من الأكسية » [أخرجه أبو داود].
والجلباب: كل ساتر من أعلى الرأس إلى أسفل القدم، من ملاءة وعباءة، وكل ما تلتحف به المرأة فوق درعها وخمارها.
وإدناء الجلباب يعني: سدله وإرخاءه على جميع بدنها، بما في ذلك وجهها. وفي تفسير ابن عباس - رضي الله عنهما -: هو تغطية الوجه من فوق رأسها، فلا يبدو إلا عين واحدة.
وما خوطب به أمهات المؤمنين أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - مطالب به جميع نساء المؤمنين.
{ يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا، وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى } [الأحزاب:33-32].
فنهى عن الخضوع بالقول، والتبرج تبرج الجاهلية الأولى، وأمر بالمعروف من القول، ولزوم القرار في البيوت.
نساء المؤمنين في ذلك كنساء النبي - صلى الله عليه وسلم -، بل هو في حق نساء المؤمنين آكد وأولى كما لا يخفى.
وما قوله – سبحانه -: { لستن كأحد من النساء } إلا تأكيدا لهذا، إذ المقصود بيان: أنهن محل الأسوة والامتثال الأول، ومن بعدهن متأسيات بهن.
وفي هذا يقول أبو بكر الجصاص: "وهذا الحكم وإن نزل خاصا في النبي - صلى الله عليه وسلم - وأزواجه، فالمعنى فيه عام وفي غيره".
وفي مقام آخر - أيها المؤمنون والمؤمنات - يقول الله - عز وجل -: { وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن } [النور: 31].
ولقد ذكر في الآية زينتان:
إحداهما: لا يمكن إخفاؤها { ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها } ولم يقل إلا ما أظهرن منها، فعلم بهذا: أن المراد بالزينة الأولى زينة الثياب.(5/363)
أما الزينة الثانية: فزينة باطنة يباح إظهارها لمن ذكرتهم الآية: { إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن } إلخ الآية.
وأنت خبير أيها المؤمن، وخبيرة أيتها المؤمنة بأن ممن رخص في إبداء الزينة أمامهم: الأطفال، وغير أولي الإربة من الرجال.
والوجه مجمع الحسن ومحط الفتنة، فهل يرخص كشفه للبالغين وأولي الإربة من الرجال. الأمر في هذا جلي ظاهر.
وفي نفس الآية الكريمة: { ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن } [النور: 31]
وهو ما يتحلى به في الأرجل من خلخال وغيره، فإذا كان صوت الخلخال بريدا إلى فتنة، فكيف بالوجه الذي يحكي الجمال، والشباب، والنضارة. وصوت الخلخال يصدر من فتاة وعجوز، ومن الجميلة ومن الدميمة.
أما الوجه فلا يحتمل إلا صورة واحدة.
يقول صاحب الدار المختار في فقه أبي حنيفة - رحمه الله -: "وتمنع المرأة الشابة من كشف الوجه بين الرجال، لخوف الفتنة كمسه، وإن أمن الفتنة".
ويقول عليه الشارح ابن عابدين - رحمه الله -: "المعنى أنها تمنع من الكشف، لخوف أن يرى الرجال وجهها فتقع في الفتنة، لأنه مع الكشف قد يقع النظر إليها بشهوة، وأما قوله: (كمسه) أي: كما يمنع من مس وجهها وكفيها، وإن أمن الشهوة، لأنه سبيل إلى الشهوة والفتنة فكذلك يغطى الوجه، لأنه طريق إلى الفتنة.
وقبله قال أبو بكر بن الجصاص: "والمرأة الشابة مأمورة بستر وجهها، وإظهار الستر والعفاف عند الخروج، لئلا يطمع فيها أهل الريب".
وفي السنة أيها المؤمنون والمؤمنات أبيح للخاطب النظر من أجل الخطبة، فغير الخاطب ممنوع من النظر. والمقصود الأعظم من النظر هو الوجه، ففيه يتمثل جمال الصورة.
وحينما قال - صلى الله عليه وسلم -: « من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة.
قالت أم سلمة - رضي الله عنها -: فكيف يصنع الناس بذيولهن؟أي: الأطراف السفلى من الجلباب والرداء.
قال: يرخين شبرا.
قالت: إذا تنكشف أقدامهن!
قال: فيرخينه ذراعا ولا يزدن عليه » [رواه البخاري ومسلم]
فإذا كان هذا في القدم فالوجه أكثر فتنة، فلا يعدو أن يكون تنبيها بالأدنى عن الأعلى. والحكمة والنظر تأبيان ستر ما هو أقل فتنة، والترخيص في كشف ما هو أعظم فتنة.
ومهما قيل في الحجاب، في كيفيته وصفته، فما كان يوما ما عثرة تمنع من واجب، أو تحول دون الوصول إلى حق، بل لقد كان ولا يزال سبيلا قويا يمكن المرأة من أداء وظيفتها بعفة، وحشمة، وطهر، ونزاهة على خير وجه وأتم حال.
وتاريخ الأمة شاهد صدق لنساء فضليات جمعن في الإسلام أدبا، وحشمة، وسترا، ووقارا، وعملا مبرورا، دون أن يتعثرن بفضول حجابهن، أو سابغ ثيابهن.(5/364)
وإن في شواهد عصرنا من فتياتنا المؤمنات، متحجبات بحجاب الإسلام، متمسكات بهدي السنة والكتاب قائمات بمسؤولياتهن، خير ثم خير من قرينات لهن، شاردات كاسيات عاريات، مائلات مميلات، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، متبرجات بزينتهن تبرج الجاهلية الأولى.
وليعلم دعاة السفور، ومن وراءهم أن التقدم والتخلف له عوامله وأسبابه، وإقحام الستر والاحتشام، والخلق والالتزام عاملا من عوامل التخلف، خدعة مكشوفة، لا تنطلي إلا على غافل ساذج، في فكره دخل، أو في قلبه مرض.
ودعاة السفور ليسوا قدوة كريمة في الدين والأخلاق، وليسوا أسوة في الترفع عن دروب الفتن، ومواقع الريب { إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون، ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون } [المائدة:56-55].
أيها الأخوة
إن وظيفة المرأة الكبرى، ومهمتها العظمى في بيتها، وأسرتها وأولادها، وكل ما تتحلى به من علم ووعي يجب أن يكون موجها لهذه المهمة، وتأهيلا لهذه الوظيفة.
الرجل هو الكادح في الأسواق، والمسؤول عن الإنفاق، والمرأة هي المربي الحاني، والظل الوارف للحياة كلما اشتد لفحها، وقسا هجيرها.
وإن انسلاخ أحد الجنسين عن فطرته من أجل أن يلحق بجنس ليس منه تمرد على سنة الله، واعوجاج عن الطريق المستقيم. ولن يفيد العالم من ذلك إلا الخلل والاضطراب، ثم الفساد والدمار. وما لعن المتشبهون من الرجال بالنساء ولا المتشبهات من النساء بالرجال، إلا من اجل هذا.
وسوف تحيق اللعنة، ويتحقق الإبعاد عن مواقع الرحمة، في كل من خالف أمر الله، وتمرد على فطرة الله.
أيها المؤمنون
كما أمرت المؤمنة بلزوم الحجاب عند خروجها ومقابلة غير المحارم فقد أمرت أن تقر في بيتها، فبيتها خير لها، ووظيتها من أشرف الوظائف في الوجود، وما يحسنها ولا يتأهل لها إلا من استكمل أزكى الأخلاق، وأنقى الأفكار.
إن من الخطأ في الرأي والفساد في التصور، الزعم بأن المرأة في بيتها قعيدة لا عمل لها، فما هذا إلا جهل مركب، وسوء فهم غليظ، سوء فهم بمعنى الأسرة، وجهل بطبيعة المجتمع الإنساني، والتركيب البشري.
والأشد والأنكى الظن بأن هذه الوظيفة قاصرة على الطهي والخدمة، إنها تربية الأجيال والقيام عليها، حتى تنبت نباتا حسنا، ذكورا وإناثا، إنها في الإسلام تعدل شهود الجمع والجماعات في حق الرجال، وتعدل حج التطوع والجهاد.
« جاءت أسماء بنت السكن الأنصارية الأشهلية - رضي الله عنها - الملقبة بخطيبة النساء. جاءت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: "يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، إن الله بعثك للرجال والنساء كافة فآمنا بك وبإلهك، وإنا معشر النساء محصورات، ومقصورات مخدورات، قواعد بيوتكم، وحاملات أولادكم، وإنكم(5/365)
معشر الرجال فضلتم علينا بالجمع والجماعات، وفضلتم علينا بشهود الجنائز، وعيادة المرضى، فضلتم علينا بالحج بعد الحج، وأعظم من ذلك الجهاد في سبيل الله.
وإن الرجل منكم إذا خرج لحج أو عمرة أو جهاد، جلسنا في بيوتكم نحفظ أموالكم، ونربي أولادكم، ونغزل ثيابكم، فهل نشارككم فيما أعطاكم الله من الخير والأجر؟
فالتفت النبي - صلى الله عليه وسلم – بجملته - يعني بجسده - وقال: ( هل تعلمون امرأة أحسن سؤالا عن أمور دينها من هذه المرأة )
قالوا: يا رسول الله، ما ظننا أن امرأة تسأل سؤالها.
فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: يا أسماء، افهمي عني، أخبري من وراءك من النساء أن حسن تبعل المرأة لزوجها، وطلبها لمرضاته، واتباعها لرغباته يعدل ذلك كله.
فأدبرت المرأة وهي تهلل وتكبر وتردد: ( يعدل ذلك كله، يعدل ذلك كله ) » [أخرجه البيهقي في شعب الإيمان].
فهل يفقه هذا نساء المؤمنين؟؟
http://www.islamway.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ
الحجاب الشرعي وحجاب النفاق
الدكتور: صالح الفوزان
الحمد لله رب العالمين وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
يجب أن يكون لباس المرأة المسلمة ضافيا: يستر جميع جسمها عن الرجال الذين ليسوا محارمها. ولا تكشف لمحارمها إلا ما جرت العادة بكشفه من وجهها وخفيها وقدميها.
وأن يكون ساترا لما وراءه فلا يكون شفافا يرى من ورائه لون بشرتها.
وألا يكون ضيقا يبين حجم أعضائها..في صحيح مسلم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «صنفان من أهل النار لم أرهما: نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات، ورؤوسهن مثل أسنمة البخت، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، ورجال معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها عباد الله».
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في مجموع الفتاوى: (وقد فسر قوله - صلى الله عليه وسلم -: «كاسيات عاريات» بأن تكتسي ما لا يسترها. فهي كاسية وهي في الحقيقة عارية.
مثل من تكتسي الثوب الرقيق يصف بشرتها أو الثوب الضيق الذي يبدي تقاطيع خلقها، وإنما كسوة المرأة ما يسترها فلا يبدي جسمها ولا حجم أعضائها لكونه كثيفا واسعا)، انتهى.
وألا تتشبه بالرجال في لباسها، فقد لعن النبي - صلى الله عليه وسلم - المتشبهان من النساء بالرجال، ولعن المترجلات من النساء.
وتشبهها بالرجل في لباسه أن تلبس ما يختص به نوعا وصفة في عرف كل مجتمع بحسبه.(5/366)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في مجموع الفتاوى: (فالفارق بين لباس الرجال والنساء يعود إلى ما يصلح للرجال وما يصلح للنساء. وهو ما يناسب ما يؤمر به الرجال وما تؤمر به النساء.
فالنساء مأمورات بالاستتار والاحتجاب دون التبرج والظهور، ولهذا لم يشرع للمرأة رفع الصوت في الأذان، ولا التلبية، ولا الصعود إلى الصفا والمروة، ولا التجرد في الإحرام كما يتجرد الرجل. فإن الرجل مأمور بكشف رأسه وألا يلبس الثياب المعتادة، وهي التي تصنع على قدر أعضائه فلا يلبس القميص، ولا السراويل، ولا الخف. إلى أن قال: وأما المرأة فإنها لم تنه عن شيء من اللباس لأنها مأمورة بالاستتار والاحتجاب، فلا يشرع لها ضد ذلك. لكن منعت أن تنتقب وأن تلبس القفازين، لأن ذلك لباس مصنوع على قدر العضو ولا حاجة بها إليه. ثم ذكر أن تغطي وجهها بغيرهما عن الرجال.
إلى أن قال في النهاية: وإذا تبين أنه لا بد من أن يكون بين لباس الرجال عن النساء، وأن يكون لباس النساء فيه الاستتار والاحتجاب ما يحصل مقصود ذلك ظهر أصل هذا الباب وتبين أن اللباس إذا كان غالبه لبس الرجال نهيت عنه المرأة إلى أن قال: فإذا اجتمع في اللباس قلة الستر والمشابهة نهي من الوجهين. والله أعلم). انتهى.
وألا يكون فيه زينة تلفت الأنظار عند خروجها من المنزل: لئلا تكون من المتبرجات بالزينة.
والحجاب معناه أن تستر المرأة جميع بدنها عن الرجال الذين ليسوا من محارمها كما قال – تعالى-: { ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن..} [النور:31]
وقال – تعالى-: {وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب} [الأحزاب:53]
والمراد بالحجاب ما يستر المرأة من جدار أو باب أو لباس، لفظ الآية وإن كان واردا في أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - فإن حكمه عام لجميع المؤمنات، لأنه علل ذلك بقوله – تعالى -: {ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن} [الأحزاب: 53]، وهذه علة، فعموم علته دليل على عموم حكمه، وقال – تعالى -: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن} [الأحزاب:59]
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في مجموع الفتاوى: (والجلباب هو الملاءة، وهو الذي يسميه ابن مسعود وغيره الرداء وتسميه العامة الإزار. وهو الإزار الكبير الذي يغطي رأسها فلا تظهر إلا عينها ومن جنسه النقاب). انتهى.
ومن أدلة السنة النبوية على وجوب تغطية المرأة وجهها عن غير محارمها حديث عائشة- رضي الله عنها- قالت: «كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - محرمات فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزنا كشفناه» [رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه].
وأدلة وجوب ستر وجه المرأة عن غير محارمها من الكتاب والسنة كثيرة، وإني أحيلك أيتها الأخت المسلمة في ذلك على:
- رسالة الحجاب واللباس في الصلاة لشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -.
- ورسالة الحجاب للشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز - رحمه الله -.(5/367)
- ورسالة الصارم المشهور على المفتونين بالسفور للشيخ حمد بن عبد الله التويجري.
- ورسالة الحجاب للشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله -.
فقد تضمنت هذه الرسائل ما يكفي.
واعلمي أيتها الأخت المسلمة أن الذين أباحوا لك كشف الوجه من العلماء- مع كون قولهم مرجوحا- قيدوه بالأمن من الفتنة.
والفتنة غير مأمونة خصوصا في هذا الزمان الذي قل فيه الوازع الديني في الرجال والنساء، وقل الحياء، وكثر فيه دعاة الفتنة، وتفننت النساء بوضع أنواع الزينة على وجوههن مما يدعو إلى الفتنة، فاحذري من ذلك أيتها المسلمة، والزمي الحجاب الواقي من الفتنة - بإذن الله -.
ولا أحد من علماء المسلمين المعتبرين قديما وحديثا يبيح لهؤلاء المفتونات ما وقعن فيه.
ومن النساء المسلمات من يستعملن النفاق في الحجاب فإذا كن في مجتمع يلتزم الحجاب احتجبن، وإذا كن في مجتمع لا يلتزم بالحجاب لم يحتجبن.
ومنهن من تحتجب إذا كانت في مكان عام وإذا دخلت محلا تجاريا، أو مستشفى، أو كانت تكلم أحد صاغة الحلي، أو أحد خياطي الملابس النسائية كشفت وجهها وذراعيها كأنها عند زوجها أو أحد من محارمها. فاتقين الله يا من تفعلن ذلك.
ولقد شاهدنا بعض النساء القادمات في الطائرات من الخارج لا يحتجبن إلا عند هبوط الطائرة في أحد مطارات هذه البلاد، وكأن الحجاب صار من العادات لا من المشروعات الدينية.
أيتها المسلمة: إن الحجاب يصونك ويحفظك من النظرات المسمومة الصادرة من مرضى القلوب وكلاب البشر، ويقطع عنك الأطماع المسعورة، فالزميه، وتمسكي به، ولا تلتفتي للدعايات المغرضة التي تحارب الحجاب أو تقلل من شأنه، فإنها تريد لك الشر كما قال الله – تعالى-: {ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما} [النساء:27].
وإذا خرجت المرأة إلى المسجد للصلاة فلا بد من مراعاة الآداب:
تكون متسترة بالثياب والحجاب الكامل: قالت عائشة- رضي الله عنها-: «كان النساء يصلين مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم ينصرفن متلفعات بمروطهن ما يعرفن من الغلس» [متفق عليه].
وأن تخرج غير متطيبة: لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تمنعوا إماء الله، مساجد الله وليخرجن تفلات» [رواه احمد، وأبو داود]. معنى «تفلات»: أي غير متطيبات.
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أيما امرأة أصابت بخورا فلا تشهدن معنا العشاء الآخرة» [رواه مسلم، وأبو داود، والنسائي].
وألا تخرج متزينة بالثياب والحلي: قالت أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها -: «لو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى النساء ما رأينا لمنعهن من المسجد كما منعت بنو إسرائيل نساءها» [متفق عليه].(5/368)
وإن كانت المرأة واحدة صفت وحدها خلف الرجال لحديث أنس - رضي الله عنه - حين صلى بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «قمت أنا واليتيم وراءه وقامت العجوز من ورائنا» [رواه الجماعة إلا ابن ماجة].
وعنه: «صليت أنا واليتيم في بيتنا خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمي خلفنا -أم سليم- » [رواه البخاري].
وإن كان الحضور من النساء أكثر من واحدة فإنهن يقمن صفا أو صفوفا خلف الرجال، لأنه - صلى الله عليه وسلم - « كان يجعل الرجال قدام الغلمان، والغلمان خلفهم، والنساء خلف الغلمان » [رواه احمد].
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها» [رواه الجماعة إلا البخاري].
ففي الحديثين دليل على أن النساء يكن صفوفا خلف الرجال، ولا يصلين متفرقات إذا صلين خلف الرحال، سواء كانت صلاة فريضة أو صلاة تراويح أو كسوف أو صلاة عيد أو صلاة جنازة.
وإذا سها الإمام في الصلاة فإن المرأة تنبه بالتصفيق ببطن كفها على الأخرى ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا نابكم شيء في صلاتكم فليسبح الرجال ولتصفق النساء» وهذا إذن إباحة لهن في التصفيق في الصلاة عند نائبة تنوب ومنها سهو الإمام. وذلك، لأن صوت المرأة فيه فتنة للرجال فأمرت بالتصفيق ولا تتكلم.
وإذا سلم الإمام بادرت النساء بالخروج من المسجد، وبقي الرجال جالسين: لئلا يدركوا من انصرف منهن لما روت أم سلمة قالت: «إن النساء كن إذا سلمن من المكتوبة قمن وثبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن صلى من الرجال ما شاء الله. فإذا قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام الرجال».
قال الإمام النووي - رحمه الله - في المجموع: "ويخالف النساء الرجال في صلاة الجماعة في أشياء:
أحدها: لا تتأكد في حقهن كتأكدها في الرجال.
الثاني: تقف إمامتهن وسطتهن.
الثالث: تقف واحدتهن خلف الرجل لا بجنبه بخلاف الرجل.
الرابع: إذا صلين صفوفا مع الرجال، فآخر صفوفهن أفضل من أولها". انتهى.
ومما سبق يعلم تحريم الاختلاط بين الرجال والنساء.
وإذا كان الاختلاط ممنوعا في موضع العبادة فغيره من باب أولى.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
http://www.islamway.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ
90 % عن الحجاب!
أمجاد الدغيم(5/369)
سقطت في يدي ذات مرة مجلة صغيرة للطالبات، تخرجها مدرسة معروفة بصلاح التوجه وقوة النشاط، فأخذت أتصفحها وقد جذبتني بحسن إخراجها الفني، وألوانها الزاهية.
لكني ما أن أنهيت الاطلاع على صفحاتها الثمان، حتى تملكني إحباط شديد وأسف بالغ، وتداعت في نفسي عشرات الأسئلة المتعجبة، فتصوروا، أنه بلا أدنى مبالغة كانت 90% من مادة المجلة عن الحجاب.. والحجاب.. والحجاب فحسب!
وهكذا، يتركز التوجيه بأسره ويتحد الصوت جميعه حول هذه القضية، حتى تخيلت الفتاة وقد سترت جسدها بالسواد من أعلاه حتى أخمص القدمين، وسترت معه على عيوب في الشخصية جمة، وشح في الأخلاق، واهتزاز في المبادئ، وهشاشة في ركائز العلم! و إلا فأين نصيب هذه من الجهد؟
إن هذه مشكلة من أبرز مشاكل العمل الدعوي الموجه للمرأة، ألا وهو دوران الأفكار حول محاور معينة، كالحجاب، وقضية التحرير، والعمل خارج المنزل، ثم تقدم للجمهور بأسلوب مباشر يتسم بالرتابة والتكرار، مما يسبب ضعفا في الفكرة، ومللا لدى المتلقي، ومن ثم عزوف أكثر الملقين كذلك عن هذه الأمور، فتتراكم الأخطاء والسلبيات، ونظل ندور في حلقة مفرغة!
والحل، ليس في الإعراض عن تناولها بحجة أننا أشبعناها بحثا وكتابة وإلقاء، كلا، فالمتأمل في حال المجتمع، خاصة مع الفكاك من ضيق الإقليم إلى سعة الأمة، يجد أن المرأة المسلمة ما زالت بحاجة إلى توعيتها في ذلك، فالحجاب في تدهور باد للأعيان، وقضية التحرير ما زالت أصوات الغربان تنعق بها، والبرود الجليدي يكتسح دفء بيوتنا نتيجة خروج المرأة للعمل، إذن فالناس يبقون في حاجة، وما دامت المشاكل تطل بأعناقها المخيفة في مجتمعنا، فستظل أكفنا تجتث الشر وتزرع الخير..
لكن السر، يكمن في أمر "التجديد" في الطرح..
إننا في أمس الحاجة إلى تناول هذه الأمور من زوايا أخرى، حتى لو بعدت نوعا ما فلا ضير ما دامت النتيجة تؤدي إلى الصلاح وحل المشكلة، فمثلا بالنسبة للحجاب، يمكن تأسيس قواعد نصيحة به قوية ترتكز على إثارة العبودية لله، واستشعار جلاله وعظيم سلطانه، وعزة جبروته، ثم بعد أن تخشع النفس في محراب الذل، نبين لها أن الحجاب عبادة وأمر، ينبغي عليها أن تبذل قصارى الجهد في إحسان القيام به، والاجتهاد في بلوغ الكمال فيه، قياما بالحق لهذا الخالق جل جلاله.
وللقيام بمهمة التجديد يحتاج الداعية في نفسه إلى ركيزتين، يستطيع بعدها أن يعيد طرح مواضيع متكررة فيحالفه بإذن الله النجاح فيها، ويحصل التأثر والإصلاح:
1) ما كان لله بقي، فالله الله في تجريد النية لله، الماء النقي يجري عذبا رقراقا، فيخرج به أزواجا من نبات شتى، والماء العكر يدوم مرتعا للأوبئة في نفسه، أذى بروائحه وأمراضه على الناس، وليست النائحة الثكلى كالنائحة المستأجرة.
2) الهمة العالية، هي التي تمد الحماس بالوقود ليستمر ويبقى، أما من كانت همته تتمرغ في أوحال أهداف شخصية، فسرعان ما ستخمل عزيمته وتفتر إرادته، وهذا هو أضعف الناس في التجديد، وأقواهم في التخذيل والتشبيط!(5/370)
وفي الختام، لا تجرين هذه الفكرة تطبيقا على كل الناس، فمنهم من تحدثه بحديث من تلك التي تراها قد قتلت تناولا، فإذا به يذعن وينيب ويتأثر، كما حدث لإحدى الأخوات، حيث رأت مطوية تتناقلها أخواتها المراهقات عن "ذئاب الهاتف"، تقول: استهنت بها كثيرا، واستبعدت أن يتأثر أحد بها، فهو من أشد العناوين إملالا في الساحة بالنسبة لي! لكني فوجئت بأخواتي يحكين بحماس عن سرعة تناقل هذه المطوية في مدرستهن المتوسطة، وشديد تأثر الطالبات بها!
http://www.islamtoday.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ
عشر فوائد في حجاب المرأة
أولا: حفظ العرض:
الحجاب حراسة شرعية لحفظ الأعراض، ودفع أسباب الريبة والفتنة والفساد.
ثانيا: طهارة القلوب: الحجاب داعية إلى طهارة قلوب المؤمنين والمؤمنات، وعمارتها بالتقوى، وتعظيم الحرمات. وصدق الله - سبحانه -: "ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن"
ثالثا: مكارم الأخلاق: الحجاب داعية إلى توفير مكارم الأخلاق من العفة والاحتشام والحياء والغيرة، والحجب لمساويها من التلوث بالشائنات كالتبذل والتهتك والسفالة والفساد.
رابعا: علامة على العفيفات: الحجاب علامة شرعية على الحرائر العفيفات في عفتهن وشرفهن، وبعدهن عن دنس الريبة والشك: "ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين"، وصلاح الظاهر دليل على صلاح الباطن، وإن العفاف تاج المرأة، وما رفرفت العفة على دار إلا أكسبتها الهناء. ومما يستطرف ذكره هنا، أن النميري لما أنشد عند الحجاج قوله:
يخمرن أطراف البنان من التقى **** ويخرجن جنح الليل معتجرات
قال الحجاج: وهكذا المرأة الحرة المسلمة
خامسا: قطع الأطماع والخواطر الشيطانية: الحجاب وقاية اجتماعية من الأذى، وأمراض قلوب الرجال والنساء، فيقطع الأطماع الفاجرة، ويكف الأعين الخائنة، ويدفع أذى الرجل في عرضه، وأذى المرأة في عرضها ومحارمها، ووقاية من رمي المحصنات بالفواحش، وإبعاد قالة السوء، ودنس الريبة والشك، وغيرها من الخطرات الشيطانية.
ولبعضهم:
حور حرائر ما هممن بريبة **** كظباء مكة صيدهن حرام.
سادسا: حفظ الحياء: وهو مأخوذ من الحياة، فلا حياة بدونه، وهو خلق يودعه الله في النفوس التي أراد - سبحانه - تكريمها، فيبعث على الفضائل، ويدفع في وجوه الرذائل، وهو من خصائص الإنسان، وخصال الفطرة، وخلق الإسلام، والحياء شعبة من شعب الإيمان، وهو من محمود خصال العرب التي أقرها الإٍسلام ودعا إليها، قال عنترة العبسي:
وأغض طرفي إن بدت لي جارتي **** حتى يواري جارتي مأواها(5/371)
فآل مفعول الحياء إلى التحلي بالفضائل، وإلى سياج رادع، يصد النفس ويزجرها عن تطورها في الرذائل، وما الحجاب إلا وسيلة فعالة لحفظ الحياء، وخلع الحجاب خلع للحياء
سابعا: الحجاب يمنع نفوذ التبرج والسفور والاختلاط إلى مجتمعات أهل إسلام
ثامنا: الحجاب حصانة ضد الزنا والإباحية، فلا تكون المرأة إناءً لكل والغ.
تاسعا: المرأة عورة، والحجاب ساتر لها، وهذا من التقوى، قال الله - تعالى -: "يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباساً يواري سوآتكم وريشاً ولباس التقوى ذلك خير" (الأعراف / 26). قال عبد الرحمن بن أسلم (رحمه الله تعالى) في تفسير هذه الآية: يتقي الله فيواري عورته فذاك لباس التقوى.وفي الدعاء المرفوع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -: (اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي) رواه أبو داود وغيره. فاللهم استر عوارتنا وعورات نساء المؤمنين،آمين.
عاشرا: حفظ الغيرة: فالحجاب باعث عظيم على تنمية الغيرة على المحارم أن تنتهك، أو ينال منها، وباعث على توارث هذا الخلق الرفيع في الأسر والذراري، غيرة النساء على أعراضهن وشرفهن، وغيرة أوليائهن عليهن، وغيرة المؤمنين على محارم المؤمنين من أن تنال الحرمات، أو تخدش بما يجرح كرامتها وعفتها وطهارتها ولو بنظرة أجنبي إليها.
(من كتاب حراسة الفضيلة للدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد)
http://www.alasad.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ
ترنيمة الحجاب
أحمد مطر
قمر توشحَ بالسَحابْ.
غَبَش توغل, حالما , بفجاجِ غابْ.
فجر تحمم بالندى
و أطل من خلف الهضابْ.
الورد في أكمامه.
ألق اللآلئ في الصدفْ.
سُرُج تُرفرفُ في السَدَفْ.
ضحكات أشرعة يؤرجحها العبابْ.
و مرافئ بيضاء
تنبض بالنقاء العذبِ من خلل الضبابْ.
من أي سِحرٍ جِئت أيتها الجميلهْ؟
من أي باِرقة نبيلهْ
هطلت رؤاك على الخميلةِ
فانتشى عطرُ الخميلهْ؟
من أي أفقٍ
ذلك البَرَدُ المتوجُ باللهيبِ(5/372)
و هذه الشمسُ الظليلَهْ؟
من أي نَبْعٍ غافِل الشفتينِ
تندلعُ الورودُ؟
- من الفضيلَهْ.
هي ممكنات مستحيلهْ!
قمر على وجه المياهِ
َيلُمهُ العشب الضئيلُ
وليس تُدركه القبابْ.
قمر على وجه المياه
سكونه في الاضطراب
وبعده في الاقترابْ.
غَيب يمد حُضورَه وسْطَ الغيابْ.
وطن يلم شتاته في الاغترابْ.
روح مجنحة بأعماق الترابْ!
وهي الحضارة كلها
تنسَل من رَحِم الخرابْ
و تقوم سافرة
لتختزل الدنا في كِلْمتين:
(أنا الحِجابْ)!
الحُسْنُ أسفرَ بالحجابِ
فمالها حُجُبُ النفورْ
نزلت على وجهِ السفورْ؟
واهًا...
أرائحة الزهور
تضيرُ عاصمة العطورْ؟
أتعف عن رشْفِ الندى شَفَةُ البكورْ؟
أيضيق دوح بالطيورْ؟!
يا للغرابة!
_ لا غرابهْ.
أنا بسمة ضاقت بفرحتها الكآبهْ.
أنا نغمة جرحت خدود الصمت
وازدردت الرتابهْ.
أنا وقدة محت الجليد
وعبأت بالرعب أفئدة الذئابْ.
أنا عِفة و طهارة
بينَ الكلابْ.
الشمس حائرة(5/373)
يدور شِراعُها وَسْطَ الظلام
بغير مرسى
الليلُ جن بأفقها
والصبحُ أمسى!
والوردة الفيحاء تصفعها الرياح
و يحتويها السيل دَوْسا.
والحانة السكرى تصارع يقظتي
و تصب لي ألما و يأسا.
سأغادرُ المبغى الكبيرَ و لست آسى
أنا لستُ غانية و كأسا!
نَعلاكِ أوسعُ من فرنسا.
نعلاكِ أطهرُ من فرنسا كلها
جَسَدًا ونفْسا.
نعلاك أجْملُ من مبادئ ثورةٍ
ذُكِرَتْ لتُنسى.
مُدي جُذورَكِ في جذورِكِ
واتركي أن تتركيها
قري بمملكةِ الوقارِ
وسَفهي الملِكَ السفيها.
هي حرة ما دامَ صوتُكِ مِلءَ فيها.
وجميلة ما دُمتِ فيها.
هي مالَها من مالِها شيء
سِوى (سِيدا) بَنيها!
هي كلها ميراثُكِ المسروقُ:
أسفلت الدروبِ ,
حجارةُ الشرفاتِ ,
أوعيةُ المعاصِرْ.
النفطُ ,
زيتُ العِطرِ ,
مسحوقُ الغسيلِ ,
صفائحُ العَرباتِ ,
أصباغُ الأظافرْ.
خَشَبُ الأسِرةِ ,
زئبقُ المرآةِ ,
أقمشةُ الستائِرْ.
غازُ المدافئِ ,
مَعدنُ الشَفَراتِ ,(5/374)
أضواءُ المتاجرْ.
وسِواهُ من خيرٍ يسيلُ بغيرِ آخِرْ
هي كلها أملاكُ جَدكِ
في مراكشَ
أو دمشقَ
أو الجزائِرْ!
هي كلها ميراثك المغصوبُ
فاغتصبي كنوزَ الاغتصابْ.
زاد الحسابُ على الحسابِ
وآنَ تسديدُ الحسابْ.
فإذا ارتضتْ..أهلاً.
و إنْ لم ترضَ
فلترحَلْ فرنسا عن فرنسا نفسِها
إن كانَ يُزعجُها الحجابْ!
http://www.islamway.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ
وقفة تأمل بين التبرّج والحجاب
أختَنا المسلمة: لا ريب أنكِ تعلمين أن انتماءَكِ للإسلام يستلزم منكِ الاستسلامَ لله ربّ العالمين وتنفيذ أحكام دينه القويم، وإلا فما معنى إيمانِكِ بربّك؟ وما هو أثرهُ في نفسكِ؟ ألم تقرئي قول الله - تعالى -: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنةٍ إذا قضى الله ورسولهُ أمراً أن يكون لهُمُ الخِيَرَةُ من أمرهم}؟
إن هذا البيان الإلهي الكريم: يؤكد على قضية خطيرة في حياة الإنسان، وهي أن الإيمان لا يقبل أن يشاركه الهوى والرأي والمِزاج، فلا مجال للتعلُّل بتيار المجتمع ومواكبة"الموضة"بل لا بد للمسلمة من الاعتزاز بدينها، وتنفيذ أمر ربها، والتحصُّن بالأخلاق والعفاف والحشمة، والتستُّر بالجلباب الشرعي الذي يغطي جسمَها ويصون كرامتها من نظرات ذئاب الشهوات.
أيتها الأخت: إن أزعجَكِ حرُّ الصيف فتذكّري قول الله - تعالى -: {نارُ جهنَّمَ أشدُّ حرّاً لو كانوا يفقهون}. وإن كنت لا تطيقين الصبر على نار الدنيا للحظات، فكيف بكِ إن عصيتِ ربَّك وخرجت بالثياب الكاشفة عن محاسنك ومفاتنك، هل تطيقين نارَ جهنّمَ الملتهبة التي وَقُودُها الناسُ والحجارة؟ تلك النار هي من العذاب الذي وصفه ربُّنا بقوله الجليل: {قل إني أخاف إنْ عصيتُ ربّي عذابَ يومٍ عظيم}. أخبر - جل وعلا - عمّا يلحق بالمعذَّبين به في النار في قوله سبحانه: {كُلّما نَضِجَت جلودُهم بدّلناهم جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب}.
إن جمالكِ ـ أيتها المرأة ـ مِنْحة إلهية ونعمة ربانية فلا تستعمليه سلاحاً للفتنة وسهاماً في قلوب الشباب الفائر. واعلمي أنّك مؤتَمَنة على صَوْنه من الأيدي الفاسقة والأعين الفاجرة، وليكن أداةَ نعمةٍ ووسيلةَ سَكَنٍ ووُدّ بينك وبين زوجك فقط، حتى لا تكوني(5/375)
من عِداد من قال فيهم البشير النذير صلى الله عليه وسلم:"سيكون في أمتي رجالٌ... نساؤهنّ كاسيات عاريات... الْعَنُوهُنّ فإنهنّ ملعونات"[رواه الإمام أحمد في المسند وصححه الحاكم]، لأنهن بهذا اللباس ـ الكاسي في الصورة المُغْري في الحقيقة والكاشف عن مفاتنِكِ بأنواع الثياب الفاضحة مما أنتجته دُور الأزياء المجرمة من أنواع اللباس الضيّق أو المشقوق أو القصير ـ يكنّ مُبْعِدات للرجال عن جادة الاستقامة والطهارة، فحريٌّ بهنّ أن يُبْعَدْنَ عن رحمة الله وأمنه وأن يُوصَفْنَ بالفجور وارتكاب المعاصي.
أختاه: إن لباسك الذي تستجلبين به رضوان الله هو السابغُ الفضفاض الذي لا يصف شيئاً من جسمك ولا يشفّ عما تحته من لون بَشرتك وفتنة أعضائك، والذي يخلو من الألوان المُغرية والزينة الفاتنة. فلتكوني في خروجكِ من منزلك ساعيةَ خيرٍ وناشرةَ طُهرٍ، ولا تكوني أداةَ غواية ووسيلة ضلالة، يُغْوي بكِ الشيطان ويُوقع في حبالك أعداداً من الشباب صرعى الهَوَس الجنسي وضحايا القلق النفسي.
وبعد: فإن الله - تعالى - يقول: {يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يُحْييكم} ففي تطبيقك ـ أيتها المسلمة ـ لشرع الله وحرصك على مرضاته: حياتُكِ الحقيقية الكريمة وسعادتك النفسية، فأسرعي لما يدعوكِ إليه واستقبلي توبة الله عليكِ ورحمةَ الله بكِ بالعزم على طاعته والتزام أوامره {إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلبٌ أو ألقى السمع وهو شهيد}.
http://www.itihad.org المصدر:
ـــــــــــــــــــ
الحجاب عادة
عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
الداخل إلى هنا أحد شخصين:
إما مغضب
وإما فَرِح
أما الغيور فقد دلَفَ مغضبا من هذا العنوان!
ويُريد أن يرى تخبّط كاتبه أو يردّ عليه!
وأما الفَرِح فإنه يبحث عما يتشبّث به في هذه المسألة
ويُريد من يُعينه بشبهة تبعث على شهوة.
فيا هذا لا تفرح إن الله لا يُحب الفرحين.
ويا هذا لا تغضب وعليّ لا تعجل.
والآن لنكمل العنوان:
الحجاب عادة أم عبادة؟
لنتأمل تعريف العبادة – كما عرّفها شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - بقوله: هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة.
وقال: العبادة لله هي الغاية المحبوبة له والمرضية له التي خلق الخلق لها.
فهل حجاب المرأة المسلمة مما يُحبّه الله ويرضاه؟
وأعني بالحجاب ستر جميع البدن لقوله - صلى الله عليه وسلم -:(5/376)
المرأة عورة. حديث حسن رواه الترمذي وغيره.
لا شك أن الحجاب عبادة.
ولذا قال الله جل جلاله مُخاطبا نبيّه:
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً }
قالت عائشة - رضي الله عنها -: يرحم الله نساء المهاجرات الأول لما أنزل الله (وليضربن بخمرهن على جيوبهن) شققن مروطهن فاختمرن بها. رواه البخاري.
والخمار هو غطاء الوجه.
فهل تستشعر المرأة المسلمة أن الحجاب عبادة وقربة وطاعة لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم -؟
وهل ترى أنها في عبادة؟ كما لو كانت تُصلّي وتتصدّق وتصوم وتقرأ القرآن؟
وهل تلبس المسلمة حجابها وتحتسب في ذلك الأجر من الله؟
وهل علمت المسلمة أن العبادات – غالبا – بخلاف هوى النفس؟
فكما أن الصوم يُجهدها ويحتاج إلى مُجاهدة، وكذلك الحج وغيرها من العبادات البدنية، فكذلك الحجاب، وإن شق عليها لبسه والتّمسك به، وإن لمزها المنافقون، فهو يحتاج إلى مجاهدة النفس عليه.
وهل تَمَسّك المسلمة بحجابها عبادة أو هو عادة نساء بلدها؟
وهل تفرح بلبسه؟ أو هي تتضايق منه؟
وهل هي تُحبّ حجابها أو هي كارهة له متسخّطة لوجوده تتمنّى التخلّص منه في أقرب فرصة؟
فإن كانت الأولى فهي مؤمنة.
وإن كانت الثانية
فلتحذر أن تكون ممن قال الله فيهم:
{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ}
أخيّتي:
تأملي حجابك... هل هو ما يُريده الله منك؟
وهل هو وفق سُنة النبي - صلى الله عليه وسلم -؟
وهل هو حجاب أو لباس شهرة؟
هل هو لباس ستر وعفاف أو هو لباسٌ يُنادي العيون لتقتحم نظراتها جسدك الطاهر.
فإن كانت الأولى فأبشري.
وإن كانت الثانية:
فاقرأي قول من لا ينطق عن الهوى - صلى الله عليه وسلم -:
من لبس ثوب شهرة في الدنيا ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة. رواه الإمام أحمد وغيره وهو حديث صحيح.
فهل لبست النقاب الواسع، نقاب الفتنة فتبعتك عيون هي رسلٌ لقلوب مريضة؟!
وكوني صريحة مع نفسك:
هل لبست النقاب لأجل رؤية الطريق أو لأجل إظهار جمال العين؟(5/377)
إن كان لأجل رؤية الطريق فما دخل الرموش والحواجب والوجنتين بالرؤية؟؟!!
وإن كان لأجل الفتنة
فأيما شاب كنت سببا في فتنته فلتحملي وزره إلى وزرك.
ألا تعلمين أن للعيون حديث جميل، وقول رقيق، وكلام لطيف؟
والنفس تعرف من عينيّ محدّثها **** إن كان من حزبها أو من أعاديها!!
أما سمعت قول جرير:
إن العيون التي في طرفها حور***** قتلننا ثم لم يُحيين قتلانا
بل هن أمضى من السهام وأفتك من السحر
جَعَلت علامات المودةِ بيننا **** مصائد لحظ هنّ أخفى من السّحر
فأعرف منها الوصل في لين طرفها **** وأعرف منها الهجر في النظر الشزر
فاتقي الله أمة الله وتمسكي بحجاب يُقرّبك إلى الله
لا بحجاب يُباعدك من الله ويُقرّبك من النار.
أجارك الله من النار أخيّتي.
وحماك من دعاة السوء والرذيلة.
كلٌّ يُريدك له... ودعاة الإسلام يُريدونك لله وحده.
----------
وإتماماً للفائدة لعلي أُذيّل هذا المقال ببسط مفيد عن أدلة وجوب ستر وجه المرأة الحُرّة
كنت قد ناقشت فيه بعض الأخوة الأعزة.
أدلة وجوب تغطية وجه المرأة بحضرة الرجال الأجانب:
من الكتاب العزيز:
قال - سبحانه و تعالى -: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً }
قال ابن عباس - في تفسير الآية -: أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب ويبدين عيناً واحدة.
وقال ابن سيرين سألت عَبيدة السَّلماني فقال بثوبه فغطى رأسه ووجهه وأبرز ثوبه عن إحدى عينيه.
ولا يرد على هذا قول من قال إن الحجاب خاص بأمهات المؤمنين؛ فإن الآية واضحة في النص على نساء المؤمنين عامة (وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ)
وإنما اختصت أمهات المؤمنين بحجب أشخاصهن.
قال سبحانه: (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ)
ولا أريد الإطالة في هذه النقطة.
ومن الأدلة قوله - سبحانه و تعالى -: (وَلْيَضْرِبْن بِخُمُرِهِنَّ َ عَلَى جُيُوبِهِنَّ)
قالت عائشة - رضي الله عنها -: يرحم الله نساء المهاجرات الأول لما أنزل الله: (وَلْيَضْرِبْنَ ِبِخُمُرِهِنَّ
عَلَى جُيُوبِهِنَّ) قالت: شققن مروطهن فاختمرن بها. رواه البخاري.
والخمار هو غطاء الوجه.(5/378)
وكل هذا يدلُّ على أن غطاء الوجه كان معروفاً عندهم وليس بدعاً من القول أو ضرباً من العادات.
ومن السنة النبوية:
قالت عائشة - رضي الله عنها -: كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - محرمات فإذا حاذونا سدلتْ إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزونا كشفناه.
وهذا عام في أمهات المؤمنين وغيرهن.
ومن ادّعى خصوصية أمهات المؤمنين بهذا الأمر فقد غلِط.
وذلك لأن عائشة - رضي الله عنها - أفتت نساء المؤمنين بذلك.
فقد روى إسماعيل بن أبي خالد عن أمه قالت: كنا ندخل على أم المؤمنين يوم التروية فقلت لها: يا أم المؤمنين هنا امرأة تأبى أن تغطي وجهها. فرفعت عائشة خمارها من صدرها فغطت به وجهها. رواه ابن أبي خيثمة.
وكان عليه العمل عند غير أمهات المؤمنين.
كما روت ذلك فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر وهي جدتها.
روى الإمام مالك عن فاطمة بنت المنذر أنها قالت: كنا نخمر وجوهنا ونحن محرمات ونحن مع أسماء بنت أبي بكر الصديق.
وهذا من أظهر الأدلة على وجوب الحجاب
إذ لو كانت تغطية وجه المرأة أمام المحارم من المستحبات لما جاز للنساء ارتكاب محظور من محظورات الإحرام لأجل أمر مسنون.
فإحرام المرأة في وجهها.
فإذا لم تكن بحضرة رجال أجانب فإنه يحرم عليها تغطية وجهها، فإذا كانت بحضرة رجال أجانب وجب عليها تغطية وجهها.
وهنا تعارَض واجب وأوجب
والواجب كشف الوجه أثناء الإحرام
والأوجب تغطية الوجه عن الرجال الأجانب.
فدلّ فعل أمهات المؤمنين ونساء المؤمنين من بعد على أن تغطية الوجه ليست مختصة بأمهات المؤمنين.
وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: المرأة عورة. رواه الترمذي وغيره.
فلا يُستثنى من هذا الدليل الصحيح شيء إلا بدليل صحيح، ومن استثنى بغير دليل فقد تحكّم برأيه، وخالف السُّنّة.
وأما الاستدلال على عدم وجوب تغطية وجه المرأة بنظر الخاطب فهذا من العجائب.
فإن العلماء يستدلون به على ستر الوجه وتغطيته. إذ لو كانت المرأة سافرة الوجه لما احتاج الخاطب أن ينظر إليها لأنه سيكون قد رآها وعرفها.
وفعل الصحابة - رضي الله عنهم - يدل على ذلك بناء على ما فهموه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -(5/379)
روى جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لا جناح على أحدكم إذا أراد أن يخطب المرأة أن يغترها، فينظر إليها، فإن رضي نكح وإن سخط ترك. رواه عبد الرزاق.
وروى جابر - رضي الله عنه - أيضا قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إذا خطب أحدكم امرأة فإن استطاع أن ينظر إلى بعض ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل. قال جابر: فخطبت امرأة من بني سليم فكنت أتخبأ لها في أصول النخل، حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها فتزوجتها. رواه أبو داو والحاكم وقال: هذا حديث صحيح.
وروى ابن ماجه عن محمد بن سلمة قال: خطبت امرأة فجعلت أتخبأ لها حتى نظرت إليها في نخل لها، فقيل له: أتفعل هذا وأنت صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: إذا ألقى الله في قلب امرئ خطبة امرأة فلا بأس أن ينظر إليها.
وقد نقل الشوكاني عن ابن رسلان اتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه لا سيما عند كثرة الفساق.
وأما الاستدلال بآية النور في الأمر بغض الأبصار فليس فيه مستند لمن قال بعدم وجوب تغطية الوجه.
إذ المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان. كما قال من لا ينطق عن الهوى - صلى الله عليه وسلم -.
فإذا كانت كذلك وجب غض البصر عن المرأة ولو كانت متحجبة، إذ قد يظهر منها شيء أو قد ينظر الرجل إلى جسم المرأة فيُفتن بها.
وإذا كانت الأذن تعشق صوت المرأة كما قال بشار بن برد:
يا قوم أذني لبعض الحي عاشقة *** والأذن تعشق قبل العين أحيانا!
فإذا كان هذا في الأذن فالنظر إلى جسم المرأة أشد في الفتنة، وعندها يجب غض البصر.
بل ألم تسمع إلى تغزل بعض الشعراء بجسم المرأة، وبخصرها وغير ذلك.
من أجل ذلك وجب غض البصر.
----------
ولم أرَ لمن قال بجواز كشف المرأة لوجهها أمام الرجال الأجانب سوى حديث أسماء في جواز كشف الوجه واليدين: إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يُرى منها إلا هذا وهذا.
فهذا حديث ضعيف له أكثر من سبع علل. كما بينه العدوي في رسالة الحجاب.
وحديث الخثعمية في الحج. وليس صريحا في الدلالة على ذلك، إذ رواه أبو يعلى عن ابن عباس عن الفضل بن عباس قال: كنت ردف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأعرابي معه ابنة له حسناء فجعل يعرضها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجاء أن يتزوجها. قال: فجعلت ألتفت إليها وجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأخذ برأسي فيلويه.
قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح.
----------(5/380)
فهذه أختي الفاضلة أدلة الكتاب والسنة متظافرة في وجوب ستر وتغطية وجه المرأة.
بل وأقوال سلف هذه الأمة.
وأي فتنة أعظم من مجمع المحاسن، وجه المرأة.
سائلا الله جل جلاله أن يجعل الحق هدفنا والجنة غايتنا.
أعلم أني قد أطلت فأكرر اعتذاري كعادتي.
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ
الحجاب يا فتاة الإسلام
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وبعد: فهذه رسالة قصيرة موجهة إلى الأخت المسلمة تتعلق بمسألة الحجاب والسفور، ولا يخفى على عاقل ما عمت به البلوى في كثير من بلاد المسلمين من تبرج كثير من النساء وعدم التزامهن بالحجاب، ولا شك أن هذا منكر عظيم، وسبب لنزول العقوبات والنقمات. وفي هذا الرسالة بيان لفرضية الحجاب وفضائله وشروطه، وتحذير من التبرج وعواقبه، نسأل الله أن ينفع بها أخواتنا المؤمنات، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
الحجاب عبادة وليس عادة:
أختي المسلمة: إن دعاة الضلالة وأهل الفساد يحاولون دائما تشويه الحجاب، ويزعمون أنه هو سبب تخلف المرأة، وأنه كبت لها وتقييد لحريتها، ويشجعونها على التبرج والسفور وعدم التقيد بالحجاب، بدعوى أن ذلك دليل على التحرر والتحضر، وهم لا يريدون بذلك مصلحة المرأة كما قد تعتقده بعض الساذجات، وإنما يريدون بذلك تدمير المرأة والقضاء على حياتها وعفافها، فاحذري أختي المسلمة أن تنخدعي بمثل هذا الكلام، وكوني معتزة بدينك متمسكة بحجابك، وتأكدي أن الحجاب أسمى من ذلك بكثير، وأنه أولا وقبل كل شيء عبادة لله وطاعة لرسوله - صلى الله عليه وسلم -، وليس مجرد عادة يحق للمرأة تركها متى شاءت، وأنه عفة وطهارة وحياء.
أختي المسلمة، إن الله - تعالى - عندما أمرك بالحجاب إنما أراد لك أن تكونٍ طاهرة نقية بحفظ بدنك وجميع جوارحك من أن يؤذيك أحد بأعمال دنيئة أو أقوال مهينة، وأراد لك به أيضا العلو والرفعة. فالحجاب تشريف وتكريم لك وليس تضييقا عليك، وهو حلة جمال وصفة كمال لك، وهو أعظم دليل على إيمانك وأدبك وسمو أخلاقك، وهو تمييز لك عن الساقطات المتهتكات. فإياك إياك أن تتساهلي به أو تتنكري له، فإنه - والله - ما تساهلت امرأة بحجابها أو تنكرت له إلا تعرضت لسخط الله وعقابه، وما حافظت امرأة على حجابها إلا ازدادت رضا وقربا من الله، واحتراما وتقديرا من الله.
شروط الحجاب الشرعي:
إن الحجاب الشرعي للمرأة المسلمة يجب أن يكون سميكا غير شفاف، وألا يكون زينة في نفسه كأن يكون ذا ألوان جذابة يلفت الأنظار، ولا ضيقا، ولا لباس شهرة، ولا معطرا؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - حرّم على المرأة أن تتعطر وتخرج إلى مكان فيه رجال أجانب، فقال: (أيما امرأة استعطرت فمرت بالقوم ليجدوا ريحها فهي زانية)، وألا يشبه لباس الرجل، ويجب أن يكون الحجاب أيضا ساترا لجميع(5/381)
البدن بما في ذلك الوجه الذي تساهلت بكشفه بعض النساء بحجة أنه ليس بعورة. ويا للعجب كيف لا يكون الوجه عورة وهو أعظم فتنة في المرأة، وهو مكان جمالها ومجمع محاسنها، وإذا لم يفتتن الرجل بوجه المرأة فبماذا سيفتتن إذا؟!!
ولقد وردت نصوص كثيرة في الكتاب والسنة تدل على وجوب تغطية المرأة لجميع بدنها؛ لأن المرأة كلها عورة لا يصح أن يرى الرجال الذين ليسوا من محارمها شيئا منها، ومن هذه الأدلة قوله - تعالى -: (وليضربن بخمرهن على جيوبهن) النور (31) قالت عائشة - رضي الله عنها -: (لما نزلت هذه الآية أخذن نساء الأنصار أزرهن فشققنها من قبل الحواشي فاختمرن بها) أي: غطين وجوههن. وأيضا ما جاء في الحديث المتفق على صحته في قصة عائشة - رضي الله عنها - في حادثة الإفك لما نامت في مكانها ثم أتى صفوان ابن المعطل إليها قالت: فخمرت، وفي رواية: (فسترت وجهي عنه بجلبابي) الحديث كل ذلك مما يدل على وجوب تغطية الوجه.
لذا يجب على كل امرأة مسلمة أن تتقي الله في نفسها، وأن تلتزم بحجابها التزاما كاملا، ولا تتساهل بأي شيء منه، كأن تكشف مثلا كفيها أو ذراعيها، أو تلبس نقابا أو لثاما مثيرا للفتنة، تظهر من خلاله جزءا كبيرا من وجهها، أو تغطي وجهها بغطاء شفاف يشف ما تحته، ثم تعتقد بعد ذلك أنها قد تحجبت حجابا كاملا، وأن ما كشفته من جسمها يعتبر أمرا بسيطا لا يثير الفتنة، أو لا يعتبر من التبرج، المذموم، وأنه يجب عليها أن تحرص على أن تتجنب كل ما قد يؤثر على حجابها أو يخدش حيائها، لئلا يطمع فيها الفسقة كما هي عادتهم مع المرأة التي لا تظهر بمظهر الاحتشام الكامل، ولكي لا تعرض نفسها لسخط الله وعقابه، كما ورد ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قوله: (صنفان من أهل النار لم أرهما ... ) وذكر ( ... ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات، رءوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا) رواه مسلم.
قال أهل العلم: معنى كاسيات عاريات أنهن يلبسن ملابس لكنها قد تكون ضيقة أو شفافة أو غير ساترة لجميع الجسم.
وسئل فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين – رحمه الله تعالى - عن صفة الحجاب الشرعي، فأجاب - رحمه الله - بقوله: القول الراجح أن الحجاب الشرعي أن تحجب المرأة كل ما يفتن الرجال بنظرهم إليه، وأعظم شيء في ذلك هو الوجه، فيجب عليها أن تستر وجهها عن كل إنسان أجنبي منها، أما من كان من محارمها فلها أن تكشف وجهها له.
وأما من قال إن الحجاب الشرعي هو أن تحجب شعرها وتبدي وجهها ... فهذا من عجائب الأقوال!! فأيما أشد فتنة: شعر المرأة أو وجهها؟! وأيما أشد رغبة لطالب المرأة أن يسأل عن وجهها أو أن يسأل عن شعرها؟
كلا السؤالين لا يمكن الجواب عنهما إلا بأن يقال: إن ذلك في الوجه. وهذا أمر لا ريب فيه، والإنسان يرغب في المرأة إذا كان وجهها جميلا ولو كان شعرها دون ذلك، ولا يرغب فيها إذا كان وجهها ذميماً ولو كان شعرها أحسن الشعر، ففي الحقيقة أن الحجاب الشرعي هو ما تحتجب به المرأة حتى لا يحصل منها فتنة أو بها، ولا ريب أن متعلق ذلك هو الوجه.(5/382)
التبرج والسفور دعوة إلى الفاحشة والفساد:
إن المرأة إذا تبرجت وتكشفت للرجال - غاض ماء وجهها، وقل حياؤها، وسقطت من أعين الناس، وعملها هذا دليل على جهلها وضعف إيمانها ونقص في شخصيتها، وهو بداية الضياع والسقوط لها، وهي بتبرجها وتكشفها تنحدر بنفسها إلى مرتبة أدنى من مرتبة الإنسان الذي كرمه الله وأنعم عليه بفطرة حب الستر والصيانة، ثم إن التبرج والسفور أيضا ليس دليلا على التحضر والتحرر كما يزعم أعداء الإسلام ودعاة الضلالة، وإنما هو في الحقيقة انحطاط وفساد اجتماعي ونفسي، ودعوة إلى الفاحشة والفساد، وهو عمل يتنافى مع الأخلاق والآداب الإسلامية، وتأباه الفطر السليمة. ولا يمكن أن تعمل هذا العمل إلا امرأة جاهلة قد فقدت حياءها وأخلاقها؛ لأنه لا يتصور أبدا أن امرأة عاقلة عفيفة يمكن أن تعرض نفسها ومفاتنها هذا العرض المخجل والمخزي للرجال في الأسواق وغيرها دون حياء أو خجل.
وريما تعتقد بعض النساء أنها إذا خرجت متبرجة كاشفة وجهها ومفاتنها للناس أنها بذلك ستكسب إعجاب الناس واحترامهم لها، وهذا اعتقاد خاطئ؛ لأن الناس لا يمكن أبدا أن يحترموا من تعمل مثل هذه الأمور، بل إنهم يمقتونها وينظرون إليها نظرة ازدراء واحتقار، وهي في نظرهم امرأة ساقطة معدومة الكرامة والأخلاق، فكيف ترضى امرأة عاقلة لنفسها بكل ذلك؟! وما الذي يدعوها إلى أن تهين نفسها وتنزل بها إلى هذا المستوى؟! أين ذهب عقلها وحياؤها؟!
فيا من أغراها الشيطان بالتبرج والسفور: اتقِ الله وتوبي إليه من هذا العمل القبيح، واعرفي مالك وتذكري مصيرك، وتذكري سكناك وحيدة فريدة في القبر الموحش المظلم، وتذكري وقوفك بين يدي الله - عز وجل -، وتذكري أهوال يوم القيامة، وتذكري الحساب والميزان، وتذكري جهنم وما أعد الله فيها من العذاب الأليم لمن عصاه وخالف أموره.. تذكري كل ذلك قبل أن تُقدمي على مثل هذا العمل، واعلمي أنك والله أضعف من أن تتحملي شيئا من عذاب الله، أو أن تطيقي شيئا من هذه الأهوال العظيمة التي أمامك، فارحمي نفسك ولا تعرضيها لمثل ذلك، وبادري بالتوبة النصوح قبل أن يغلق في وجهك الباب، ويعلوك التراب، فتندمي ولات ساعة ندم.
كلمة إلى بعض الرجال:
إنها لم تفسد أكثر النساء ولم تصل إلى هذا الحد من التبرج والسفور والتهاون بدينها وحجابها إلا بسبب تهاون بعض الرجال مع نسائهم واستهتارهم بدينهم وفقدهم لنخوة الرجال وغيرتهم وعدم نهيهن عن مثل هذه الأعمال.
فيا حسرتاه ... ترى كم فقد بعض الرجال من رجولتهم حتى أصبحوا أشباه رجال لا رجالاً، فويل ثم ويل لأولئك الذين لا يعرفون كرامتهم، ولا يحفظون رعيتهم، ولا يحسنون القيام على ما استرعاهم الله من النساء، ولقد توعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من فرّط في حق رعيته فقال: (ما من راع يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة)(5/383)
فيا أيها الرجال إن أعراضكم كأرواحكم وقد فرطتم بها كثيرا، فأهملتم الرعاية، وضيعتم الأمانة، وركبتم الخطر، وإن تهلكون إلا أنفسكم وما تشعرون أفلا تعقلون وتتوبون إلى ربكم وتحفظون نسائكم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وسلم
أسأل الله العلي القدير أن يُحجِبنا علي الوجه الذي يرضيه عنا..آمين آمين آمين
http://mknon.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ
أختاه عزك في حجابك فاعلمي
علي بن حسن الحارثي
أختاه عزكِ في حجابكِ فاعلمي *** وامضي بعزمٍ في الطريق الأقوم
لا تسمعي لدعايةٍ مسمومةٍ *** لا تُنصتي لربيبِ قلبٍ مظلمِ
كالنخلةِ الشمَّاء أنتِ رفيعةٌ *** بل كالثريَّا أنتِ بين الأنجم
تتسامقين إلى العلا بعقيدةٍ *** وضاءةٍ بسنى البيان المحكم
أنتِ الشموخُ بحاضرٍ متطامنٍ *** تدعوكِ أمتكِ الرؤومِ فأقدمي
أختاه: أبواقُ الضلالِ كثيرةٌ *** في الغرب أو في شرقنا المستسلم
يدعون للتحرير! دعوىً فجةً *** وشعارهم: لابد أن تتقدمي!!
وشعارهم: حتّامَ أنتِ حبيسةٌ *** في قبضةِ " السربال " لا تتظلمي؟!
دعوىً ورب البيت يجثمُ حولَها*** حقدٌ دفينٌ في فؤاد المجرم
دعوىً يباركها الصليبُ وتنتشي *** طرباً لها نفسُ الرعين الأشأم
ويصوغ إخوانُ القرود بيانَها *** ويبارك البُلهاءُ قولَ الأجذم
يشدو بها الإعلام في ساحاته *** ويلوكها بلسان وغدٍ معجم
عَبرَ الصحافة ينفثون سمومهم *** ويصفّقون لقولةِ المتهجّم
(وظِلالهم)أضحت ضلالاً بيّناً *** صيغت بحقدٍ ظاهرٍ لم يُكتم
يا بنت عائشةٍ وبنت خديجةٍ *** يا من لأمتنا العظيمة تنتمي
قولي لهم: كفّوا العواء فإنني *** بعقيدتي أسمو برغم اللّوَّم
عزّي حجابي! ما ارتضيتُ بغيره *** عجباً لمن هزؤوا بعزّ المسلم
أختاه: قولي للتي خُدعت بهم *** وتشرّبت سَفَهاً زُعافَ الأرقم
ما كلّ ذي نصحٍ يريد بنصحه *** خيراً ولو ألوى بكفّ المُقسم
قولي لها:خدعوكِ حين تظاهروا *** بعبارةٍ معسولةٍ وتبسُّم
وببهرجٍ في الزيف يضرب جذرُه *** وبدعوة (التحرير) ليتكِ تعلمي!
في واحة الإسلام لستِ حبيسةً *** ما حالَ دينُ دون أن تتعلمي
بل أنت للأجيال مدرسةٌ فلا *** تهني لما قالوا ولا تستسلمي
قولي لها: عودي فأنتِ مصونةٌ *** بحجاب دينكِ يا أخية فافهمي
كل المنابع قد تكدَّرَ ماؤها *** وتظلُّ صافيةً منابعُ زمزم
http://www.alsaer.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ
لمن تهاونت بالحجاب(5/384)
ايمن سامي
الحمد لله رب العالمين وجامع الناس ليوم لا ريب فيه، وصلى الله وسلم وبارك على النبي المصطفى والعبد المجتبى نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم،
وبعد:
أختي في الله:
استعيني بالله فنعم المعين، ونحن نردد في كل صلاة:"إياك نعبد وإياك نستعين".
فنعم المعين، ومن استعان به أعانه. إنني أنصح هذه الأخت وكل أخت مقصرة في الحجاب بما يلي:
قال - تعالى -:"قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا"
فهي دعوة من الله لكل مخالف للنبي محمد صلى الله عليه وسلم أن يقف بنفسه مع نفسه أو مع شخص آخر ليتفكر. فهل أعملتي عقلك أختي؟
من الذي خلق و رزق؟
إن لله على العباد نعما ً عظيمة، فمن هو ذا الذي يستطيع أن يحصي نعم الله عليه؟
كيف؟، وحياتنا من ابتدائها نعمة من نعم الله.
النَفَس نعمه، وتعاقب الأنفاس نعمه، ودقات القلب نعمة، واستمررها وقت النوم نعمة.
، فكم لله من نعمة ٍ نحن عنها غافلون.
“وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الله لغفور رحيم".
من تأمل في هذا الكون من أوله إلى آخره وجده كله ينطق بنعم الله.
لله في الآفاق آيات ٌ * * * لعل أقلها هو ما إليه هداك َ
ولعل ما في الكون من آياته * * * عجبٌ عجاب لو ترى عيناك َ
والكون مشحون ٌٌبأسرار ٍ* * * إذا حاولت تفسيرا ً لها أعياك َ
فكيف تقابل هذه النعم؟
هل بالعصيان؟
فيا عجبا كيف يعصى الإله * * * أم كيف يجحده الجاحد ُ؟
وفي كل شيء له آية ٌ * * * تدل على أنه واحد ُ
فالواجب شكر نعم المنعم - جل وعلا -، ولا يكون ذلك إلا بتحقيق العبودية لله.
قال - تعالى -:"وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون".
والعبودية هي: السمع والطاعة لله في كل صغيرة وكبيرة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - : العبادة هي طاعة الله بامتثال ما أمر الله به على ألسنة الرسل.
وقال العماد ابن كثير - رحمه الله - وعبادته هي طاعته بفعل المأمور وترك المحظور.
إنني أوجه ندائي من أعماق قلبي:
قال - تعالى -:"يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحيكم"
وقال - جل وعلا - عن حال المؤمنين:"وقالوا سمعنا وأطعنا"
وقال عنهم:(5/385)
"إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم
المفلحون"
فهل تستجيبي أختي لتكوني من المفلحين؟
بل ولتفوزي أيضا ً"ومن يطع الله ورسوله ويخشى الله ويتقه فأولئك هم الفائزون".إنه الفوز
العظيم.
ثم ماذا نساوي كل لذات الدنيا؟
لو أن إنسان استمتع بكل ما لذ له في الدنيا ماذا يساوي أمام غمسه واحده في النار؟
آهٍ أختي لو حدث هذا..
هل تعلمي أن غمسة واحدة في النار تنسي نعيم الدنيا، والحديث في سنن ابن ماجة.
ماذا يضرك لو تحجبتي في الدنيا؟
هل سيصفونك بأنك متسترة؟ أو محجبة؟ أم تراهم يسخرون منك؟ هل ستتعبي نوعا ما؟
وبالمقابل لا أستطيع أن أصف لك الراحة النفسية التي تعيشها كل مؤمنة لبت نداء الله واستجابت لله.
وتلك عاجل بشرى المؤمن، وهذا مؤشر بسيط عما ينتظر
في الآخرة.
، فغمسة واحدة في الجنة تنسي تعب الدنيا، والحديث في سنن ابن ماجة كما تقدم.
فهل تصغي الآن لكلام الله؟
قال - تعالى -:"يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن"
ثم لتنظري إلى صنيع المؤمنات لما نزلت آية الحجاب:
في سنن أبي داود عن أم سلمة قالت لما نزلت يدنين عليهن من جلابيبهن خرج نساء الأنصار كأن على
رءوسهن الغربان من الأكسية.
وفي صحيح البخاري وسنن أبي داود، واللفظ له عن عائشة - رضي الله عنها - أنها ذكرت نساء الأنصار فأثنت عليهن وقالت لهن معروفا وقالت لما نزلت سورة النور
عمدن إلى حجور أو حجوز شك أبو كامل فشققنهن فاتخذنه خمرا.
هكذا صنعت الصحابيات بعد نزول آية الحجاب، فماذا عساك تصنعين؟
هل تخافين لأنك مقصرة في فروض أخرى؟
وما يدريكي لعل التزامك بالحجاب ـ بل هذا هو الغالب ـ يكون سبب لالتزامك بكثير مما تفرطين فيه قبل الحجاب.
ثم أخيرا ماذا عساه يكون الحال لو ـ لا قدر الله ـ أن حانت لحظة لقاء الله قبل اتخاذك القرار؟
لا إله إلا الله كيف تلقين الله مقصرة في هذا الأمر؟!
ومن يدري، فالأعمار مقدرة والأجال تمضي سريعا ً.(5/386)
، فهلا بادرتي الآن.. الآن قبل الدقيقة التالية وأطعتني ربك وخالفتي شيطانك وانتصرتي على نفسك؟
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم"قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم * وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون * واتبعوا أحسن ما أنزل لكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون * أن تقول نفس يا
حسرتى على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين * أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين * أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين
http://www.alislam4all.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ
الهلع الفرنسي من الحجاب ... لماذا ؟
د. ليلى بيومي
إن ضعف الوازع الديني، وانتشار التحلل الأخلاقي، وتآكل دور الكنيسة في الغرب عموماً غير خاف على أحد، فلم يعد الوازع الديني يحرك أوروبا، بقدر ما أصبحت تحركها خريطة الجغرافيا السياسية والاستراتيجيات المتوسطة والبعيدة المدى، في ظل احتكار الولايات المتحدة لقيادة الحلف الأطلسي.
والرأي العام الغربي حيل بينه وبين المعرفة الكاملة بالعالم الإسلامي، وتولي الإعلام المغرض صناعة صور مشوهة مقلوبة لتحولات الإحياء الإسلامي، بالتمييز المصطنع بين مسلمين علمانيين ومسلمين متشددين.
هذه نقاط هامة نحتاجها ونحن نتحدث عن أزمة الحجاب في فرنسا هذه الأيام.
والحضور الإسلامي في ديار العلمانية لم يتجاوز قرابة خمسين عامًا من الزمان، فقد توجه إلى البلدان الغربية أفواج من المهاجرين منذ الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين، بحثًا عن عمل يرفع مستواهم المادي والاجتماعي، أو سلوكًا لطريق علم تجريبي أو إنساني ينفع النفوس والمجتمعات، أو هروبًا من استبداد سياسي واحتماءً بالديمقراطية والحرية.
لكن الإسلام تحول من الجيل الثاني والثالث، من مهاجر غريب، إلى مواطن أوروبي يسعى إلى التخلص من جذوره الثقافية والسياسية الأولى، ليندمج في الثقافة الغربية والحياة السياسية العامة، وبذلك أصبح هذا الإسلام الأوروبي رقمًا صعبًا داخل المعادلات الداخلية والدولية، بالنظر إلى الصحوة الدينية المتزايدة للعالم الإسلامي، والنزعات التوسعية للولايات المتحدة، والصراع العربي الصهيوني حول فلسطين المحتلة والشرق العربي الإسلامي.
صورة الإسلام في الضمير الفرنسي:
استقبل الغرب بعامة، وفرنسا بخاصة، هجرة الإسلام إلى أوروبا بذاكرة مشحونة بالمعارك الحربية والمواجهات السياسية بين العالم الإسلامي والعالم النصراني في حوض البحر الأبيض المتوسط.(5/387)
وبالإضافة إلى الذاكرة المشحونة تزاحمت في المنطقة الدماغية البصرية صور ذهنية سيئة للإسلام والمسلمين، ومرة أخرى كان الإعلام المهيمن والاستشراق المتحيز وراء صناعة التحريف والتخويف.
الحالة الفرنسية لها علة أخرى في مواجهة الإسلام تتعلق بماضيها الاستعماري وما عانته مع المقاومة وجيوش التحرير، وبخاصة في الجزائر، وذلك ما سماه بعض المتخصصين بعقدة"ما بعد الاستعمار"، وتفسيرها أن فرنسا تحتضن مسلمين ذوي أصول جزائرية يذكرونها وهم على ترابها بهزيمتها وانهيار إمبراطوريتها الاستعمارية.
فالهزيمة الفرنسية في الجزائر كانت سياسية أكثر من كونها عسكرية، وتركت جرحًا غائرًا في الشخصية الفرنسية الوطنية (سيزاري: التمثلات الفرنسية للإسلام، في كتابها:"هل يجب الخوف من الإسلام؟").
ويكفي استقراء البرامج التلفزيونية الفرنسية خلال السنوات العشر السابقة لإدراك صعوبة تجاوز الذاكرة الفرنسية للهاجس الجزائري، ومن الطبيعي أن تتحفز النفس الفرنسية، وهي تستقبل الجزائريين والمغاربة القادمين إليها من المستعمرات السابقة، وتلجأ إلى الرفض بطرق ملتوية، منها الحذر الشديد من الإسلام، ولو كان فرنسيا!، وتخشى فقدان الهوية الأصلية والانتماء، وترى في القادمين الجدد والدين الجديد تهديدًا للجوهر والأصل.
محطات فرنسية بارزة في قضية الحجاب:
قضية الحجاب التي تختزل قضية الحضور والمستقبل الإسلامي في فرنسا والغرب، شهدت شوطين كبيرين وساخنين، الأول عام 1989 والثاني عام2003.
وقد اعتبر بعض الكتاب الفرنسيين سنة 1989م سنة إسلامية لكثرة قضايا الحجاب في فرنسا وأوروبا وتركيا، ففي تلك السنة التهبت فرنسا وأوروبا بصدى الثورة الإيرانية، وظهور الجبهة الإسلامية للإنقاذ بالجزائر وانفجار"الآيات الشيطانية"لسلمان رشدي، وتحول كثير من شباب ضواحي المدن الفرنسية نحو الإسلام.
وفي خريف تلك السنة تفجرت قضية الحجاب بفرنسا واحتلت كل شاشات التلفزيون الفرنسي رغم انشغال أكثر من 53% من الفرنسيين بانهيار حائط برلين وسقوط المعسكر الشيوعي وإسقاط الطاغية الشيوعي الروماني"تشاوشسكو".
وبدأ الانفجار في جريدة"لوكورييه بيكاريو"في الثالث من أكتوبر، بعد أن أقدمت إدارة ثانوية"دوكرييه"على طرد ثلاث تلميذات محجبات, لتتوالى الأحداث من بعد ذلك؛ ابتداء من احتجاج أسر التلميذات، وانتهاء بالموقف الذي اتخذته يومذاك"دانييل ميتيران"زوجة الرئيس الفرنسي المتوفى"فرانسوا ميتران"، مرورًا بمواقف جمعيات مناهضة للتمييز العنصري وجمعيات مسلمي فرنسا مثل"الدعوة والتبليغ"و"اتحاد المنظمات الإسلامية"و"الفيدرالية الوطنية لمسلمي فرنسا".
ومنذ ذلك التاريخ وقضية الحجاب تسخن وتبرد حسب درجة حرارة الأحداث, إلى أن جاءت قضية تمثيلية المسلمين وتنظيم أنفسهم لتعيين مخاطب للحكومة.(5/388)
أما سنة 2003 فهي سنة الاعتراف الرسمي بالإسلام في فرنسا، إذ تأسس فيها المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، المجلس الذي يعد المخاطب الرئيس في قضايا المسلمين بفرنسا؛ اجتهد وزراء سابقون في تأسيسه، إلى أن كللت جهود وزير الداخلية الحالي"نيكولا ساركوزي"بالنجاح بعد أن استطاع جمع جميع المسلمين في هيئة واحدة تنطق باسمهم وتنظم أمورهم وتدافع عنهم وتحظى بالاعتراف الرسمي من لدن الحكومة الفرنسية.
وبالموازاة مع مداولات التأسيس هبت حملة إعلامية جديدة حول هذا الأمر، وحول الحجاب الإسلامي من جديد. في هذا السياق الساخن شكّل الرئيس الفرنسي لجنة ستازي، وإلى جانبها تشكلت اللجنة البرلمانية برئاسة رئيس البرلمان دوبري. اللجنة الأولى تشكلت من 20 من"الحكماء"وعملت لمدة 6 أشهر عقدت فيه 120 جلسة اجتماع. ويوم 11 ديسمبر الأخير قدمت تقريرها للرئيس مقترحة فيه مجموعة من المقترحات حول الحجاب وحماية العلمانية وإدماج المسلمين، وكان الرئيس الفرنسي قد صرح في تونس يوم الجمعة 6 ديسمبر بأن الحجاب يشكل عدوانًا على العلمانية.
تناقضات الحرية الفرنسية:
العجيب أن فرنسا بلد الحرية تخاف وترتعد من غطاء رأس نساء المسلمين، الحرية الفرنسية يتمكن منها العراة والشواذ وتستميت الهيئات السياسية والحقوقية الأممية والقطرية في الدفاع عنهم بجميع المحافل والمنتديات، والضغط بكل وسيلة ممكنة لضمان حرية التعري والشذوذ، في حين أن المتدينين لا حرية ولا حقوق لهم، وليس لهم من يحميهم ويدافع عنهم إلا الله وأهل الإنصاف والتعقل والضمير الحي، وقليل ما هم.
ففي الغرب عمومًا، الشاذ جنسيًّا لا حرج عليه، ويجد من يدافعون عنه، بل هناك رجال دين يلقون الخطب والمواعظ"البليغة"ويرشدون الناس إلى الأعمال الصالحة والمعاملات الحسنة، ومع ذلك هم شواذ وفضائحهم تملأ الآفاق.
وما دامت الحرية مصونة مضمونة للشذوذ الجنسي، فلماذا لا يصبح رجال التربية والتعليم من الشاذين جنسيا؟ وما المانع؟ ليس هناك أي مانع! فليعلنوا إذًا عن شذوذهم وتجمعاتهم، وليناشدوا رجال الحق والقانون أن يدافعوا عنهم، ورجال الصحافة والإعلام أن يسلطوا الأضواء على"محنتهم واضطهادهم".
وهكذا فمن عجائب الدهر أن للشذوذ الجنسي مشروعية الوجود، وقانونية الحماية والدفاع، وإمكانية الانخراط في كل مجال وقطاع، أما الحجاب الإسلامي فلا شيء له من ذلك، ويخشى أن يصبح جريمة ومخالفة يعاقب عليها القانون! ولم العجب وقد قال رئيس الجمهورية الفرنسية في قلب العاصمة التونسية وفي يوم جمعة"إن الحجاب الإسلامي بمثابة عدوان على العلمانية"؟!.
تحالف بين الغرب والعلمانيين المسلمين:
عندما بدأت مظاهر الصحوة الإسلامية تدب في العديد من بلدان العالم وانتشر الحجاب في بلاد المسلمين ووسط بناتهم في الدول الغربية ارتعد الغرب ومعه العلمانيون العرب والمسلمون، وبدؤوا في محاربة الحجاب الإسلامي حرباً لا هوادة فيها، ووصفوا الحجاب بأنه يغطي على عقل المرأة وأنه جزء من اضطهاد الإسلام(5/389)
لها ونعتوا المحجبات بنعوت لا تليق، ورموهن بالتخلف والرجعية والاستسلام لسطوة الرجل وغيرها مما ينعق به الناعقون.
اتخذت هذه الحملة أشكالاً عديدة فمرة نسمع من يقول إن الحجاب يعزل المرأة عن بقية شرائح المجتمع ويحرمها من دورها وظهر من يدعو إلى (تحرير) المرأة وغيرها من الدعاوى المتهافتة، ونسي هؤلاء الذين لا هم لهم إلا تحرير المرأة من قيمها واحترامها لنفسها أن الإسلام ما شرع الحجاب إلا صوناً للمرأة المسلمة وتكريما لها وإعلاءً لقدرها وتقديراً لدورها في المجتمع إذ أن المرأة المحجبة تكون بمنأى عن مشاكسات الذئاب البشرية ومصانة ممن لا يريدون لها إلا أن تكون متاعاً ومكاناً لتفريغ الشهوات.
وعندما يشعر هؤلاء أن ما ساقوه من حجج يتساقط من تلقاء نفسه نسبة لضعفه وعدم موضوعيته نجدهم يلجؤون إلى الاستشهاد برأي بعض علماء الدين، الذين باعوا دينهم بدنياهم، فيلوون لهم أعناق الحقائق ويستشهدون بأدلة ليست في مكانها ويفسرون الأحكام الإسلامية حسب هواهم متوهمين أن هذه الافتراءات سوف تنطلي على الأمة الإسلامية، وما دروا أن علماء الأمة الأمناء على دينها واقفون لهم بالمرصاد مفندين حججهم ودعاواهم.
عجز العلمانية الفرنسية:
لا ينبغي النظر إلى دلالات التوجه الفرنسي إلى منع الحجاب وباقي المظاهر الدينية خارج سياق عجز العلمانية الفرنسية عن التكيف مع المتغيرات الاجتماعية والثقافية والفكرية التي تطرحها العولمة كتحد على المجتمع الفرنسي في وقت لا تزال تشهد البلاد فيه دعوات إلى الانفصال على أسس إقليمية أو قومية كما هو الحال في كورسيكا، الأمر الذي يعني أن المركزية في الدولة الفرنسية باتت تتحول تدريجيا إلى الحد من الفيدرالية وفي الوقت نفسه فإن العلمانية كمصلحة عليا للدولة - تتحول إلى ضد الدين وليس الفصل عنه، وبالتالي تعجز الدولة عن استيعاب تعبيرات الهوية الاجتماعية للجماعات الدينية على اختلافها، وهو الأمر الذي أشارت إليه وزيرة التنمية الفرنسية تقيه صيفي «مسلمة من أصل جزائري"عندما قالت عقب خطاب شيراك الذي دعا فيه إلى منع المظاهر الدينية:
«إن خطاب الرئيس شيراك يساعد على النهوض بسياسة إدماج المهاجرين العرب والمسلمين في النسيج الوطني الفرنسي» الأمر الذي يعني أن المسألة لا تشير إلى خلل في العلمانية الفرنسية فقط؛ بل إلى وجود إشكالية اجتماعية سياسية تتعلق أساسًا بالجالية الإسلامية في البلاد دون التقليل من تأثير الجماعات الدينية ونفوذها وتهديدها للعلمانية في الوقت نفسه.
لعل ما يهم العالم العربي والإسلامي هنا هو ما يتعلق بالجالية العربية والإسلامية في فرنسا أولاً، وثانيا: علاقة التشريع المنتظر صدوره في فرنسا بالتجارب العلمانية الجارية في بعض الدول العربية والإسلامية مثل تركيا وتونس وغيرهما من الدول التي تعاني من أوضاع اجتماعية ودينية مشابهة لجهة علاقة النظام بالمجتمع وهويته الإسلامية.
http://www.islamtoday.net المصدر:(5/390)
ـــــــــــــــــــ
أحكام تختص بلباس وحجاب المرأة المسلمة
صالح بن فوزان الفوزان
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه، ومن اتبع هداه إلى يوم الدين، أما بعد:
(أ) صفة اللباس الشرعي للمسلمة:
1 - يجب أن يكون لباس المرأة المسلمة ضافياً يستر جميع جسمها عن الرجال الذين ليسوا من محارمها، ولا تكشف لمحارمها إلا ما جرت العادة بكشفه من وجهها وكفيها وقدميها.
2 - أن يكون ساتراً لما وراءه، فلا يكون شفافاً يرى من ورائه لون بشرتها.
3 ـ أن لا يكون ضيقاً يبين حجم أعضائها، ففي صحيح مسلم عن النبي أنه قال: { صنفان من أهل النار لم أرهما: نساءٌ كاسيات عاريات مائلات مميلات، رؤوسهن مثل أسنمة البخت، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، ورجال معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها عباد الله }.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في مجموع الفتاوى [22/146]: (وقد فسر قوله { كاسيات عاريات } بأن تكتسي ما لا يسترها، فهي كاسية وهي في الحقيقة عارية: مثل من تكتسي الثوب الرقيق الذي يصف بشرتها، أو الثوب الضيق الذي يبدي تقاطيع خلقها، مثل عجيزتها وساعدها ونحو ذلك، وإنما كسوة المرأة ما يسترها فلا يبدي جسمها ولا حجم أعضائها لكونه كثيفاً وسيعاً) انتهى.
4 ـ أن لا تتشبه بالرجال في لباسها، فلقد لعن النبي المتشبهات بالرجال، ولعن المترجلات من النساء، وتشبهها بالرجل في لباسه ما يختص به نوعاً وصفة في عرف كل مجتمع بحسبه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في مجموع الفتاوى [22/149،148ـ155]: (فالفارق بين لباس الرجال والنساء يعود إلى ما يصلح للرجال وما يصلح للنساء، وهو ما يناسب ما يؤمر به الرجال وما تؤمر به النساء، فالنساء مأمورات بالاستتار والاحتجاب دون التبرج والظهور، ولهذا لم يشرع للمرأة رفع الصوت في الأذان، ولا التلبية، ولا الصعود إلى الصفا والمروة، ولا التجرد في الإحرام، كما يتجرد الرجل فإن الرجل مأمور بكشف رأسه، وأن لا يلبس الثياب المعتادة، وهي التي تصنع على قدر أعضائه، فلا يلبس القميص، ولا السراويل، ولا البرنس، ولا الخف) إلى أن قال: (وأما المرأة فإنها لم تنه عن شيء من اللباس، لأنها مأمورة بالاستتار والاحتجاب، فلا يشرع لها ضد ذلك، لكن منعت أن تتنقب، وأن تلبس القفازين، لأن ذلك لباس مصنوع على قدر العضو ولا حاجة بها إليه) ثم ذكر أنها تغطي وجهها بغيرهما عن الرجال. إلى إن قال في النهاية: (وإذا تبين أنه لابد من أن يكون بين لباس الرجال والنساء فرق يتميز به الرجال عن النساء، وأن يكون لباس النساء فيه من الاستتار والاحتجاب ما يحصل مقصود من ذلك، ظهر أصل هذا الباب وتبين أن اللباس إذا كان غالبه لبس الرجال نهيت عنه المرأة) إلى إن قال: (فإذا اجتمع في اللباس قلة الستر والمشابهة نهي عنه من الوجهين، والله أعلم) انتهى.(5/391)
5 ـ أن لا يكون فيه زينة تلفت الأنظار عند خروجها من المنزل، لئلا تكون من المتبرجاب بالزينة.
(ب) الحجاب:
الحجاب: معناه أن تستر المرأة جميع بدنها عن الرجال الذي ليسوا من محارمها، كما قال - تعالى -: وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ [النور:31]، وقال - تعالى -: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ [الأحزاب:53].
المراد بالحجاب: ما يستر المرأة من جدار، أو باب، أو لباس، ولفظ الآية وإن كان وارداً في أزواج النبي فإن حكمه عام لجميع المؤمنات، لأنه علل ذلك بقوله - تعالى -: ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ [الأحزاب:53]. وهذه علة عامة، فعموم علته دليل على عموم حكمه وقال - تعالى -: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ [الأحزاب:59].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في مجموع الفتاوى [22/111،110]: (والجلباب هو الملاءة وهو الذي يسميه ابن مسعود وغيره الرداء، وتسميه العامة الإزار، وهو الإزار الكبير الذي يغطي رأسها وسائر بدنها، وقد حكى أبو عبيدة وغيره أنها تدنيه من فوق رأسها فلا تظهر إلا عينها، ومن جنسه النقاب) انتهى.
ومن أدلة السنة النبوية على وجوب تغطية المرأة وجهها عن غير محارمها حديث عائشة - رضي الله عنها - قالت: { كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله محرمات، فإذا حازوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزنا كشفناه }.
وأدلة وجوب ستر وجه المرأة عن غير محارمها من الكتاب والسنة كثيرة، وإني أحيلك أيتها الأخت المسلمة في ذلك على رسالة الحجاب للشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، ورسالة الصارم المشهور على المفتونين بالسفور للشيخ حمود بن عبد الله التويجري، ورسالة الحجاب للشيخ محمد بن صالح العثيمين فقد تضمنت هذه الرسائل ما يكفي.
واعلمي أيتها الأخت المسلمة أن الذين أباحوا لك كشف الوجه من العلماء مع كون قولهم مرجوحاً قيدوه بالأمن من الفتنة، والفتنة غير مأمونه خصوصاً في هذا الزمان الذي قلّ فيه الوازع الديني في الرجال والنساء، وقل الحياء، وكثر فيه دعاة الفتنة، وتفننت النساء بوضع أنواع الزينة على وجوههن مما يدعو إلى الفتنة. فاحذري من ذلك أيتها الأخت المسلمة، والزمي الحجاب الواقي من الفتنة بإذن الله ولا أحد من علماء المسلمين المعتبرين قديماً وحديثاً يبيح لهؤلاء المفتونات ما وقعن فيه اليوم.
ومن النساء المسلمات من يستعملن النماق في الحجاب، فإذا كن في مجتمع يلتزم الحجاب احتجبن، وإذا كن في مجتمع لا يلتزم بالحجاب لم يحتجبن، ومنهن من تحتجب إذا كانت في مكان عام، وإذا دخلت محلاً تجارياً أو مستشفى أو كانت تكلم أحد صاغة الحلي أو أحد خياطي الملابس النسائية كشفت وجهها وذراعيها، كأنها عند زوجها أو أحد محارمها، فاتقين الله يا من تفعلين ذلك، ولقد شاهدنا بعض النساء(5/392)
القادمات في الطائرات من الخارج، لا يحتجبن إلا عند هبوط الطائرة في أحد مطارات هذه البلاد، وكأن الحجاب صار من العادات لا من المشروعات الدينية.
أيتها المسلمة: إن الحجاب يصونك ويحفظك من النظرات المسمومة الصادرة من مرضى القلوب وكلاب البشر، ويقطع عنك الأطماع المسعورة فالزميه، وتمسكي به ولا تلتفتي للدعايات المغرضة التي تحارب الحجاب أو تقلل من شأنه فإنها تريد لك الشر، كما قال - تعالى -: وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً [النساء:27].
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين.
http://www.kalemat.org المصدر:
ـــــــــــــــــــ
حجاب للشهوة وسفور للعقل
محمد شقير
إن قضية مهمة جداً يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار لدى بحثنا في فلسفة الدين أو في فلسفة جملة من القضايا الدينية وهي أن للدين مبنى ومعنى، للدين ظاهر وحقيقة، للدين جسد وروح، والتركيز على المبنى والظاهر والجسد مع إغفال المعنى والحقيقة والروح سيؤدي إلى فهم الدين وقضاياه فهما ناقصاً بل مشوهاً، كما أن إدراك تلك القضية أن للدين روحاً لكن محاولة فهم حقيقة الدين وقضاياه من خلال فعل الإسقاط المعرفي والفكري على الدين، فهو وإن كان محاولة ترمي إلى جوهر الدين لكنها سوف تضل ذلك الجوهر، لأن كل ما سوف تقوم به أنها سوف تعبر عن نفسها من خلال الدين أي عن رؤيتها الفكرية، ولن تترك الدين يعبر بنفسه عن حقيقته وجوهره وفلسفته.
ومن تلك القضايا قضية الحجاب حيث تضع المرأة لباساً على جسمها بطريقة تسهم في ستر مفاتنها، وتعمل على حجب الجانب البدني والمادي في جسد المرأة لصالح إظهار الجانب الإنساني والمعنوي في شخصيتها.
إن هناك حاجة لإدراك فلسفة الحجاب، حيث إن الحجاب هو حجاب للشهوة، فالحجاب في فلسفته هو منع لغلبة البعد الحيواني على البعد الإنساني والعقلي في شخصية الإنسان، إن الحجاب في جوهره موقف يغوص إلى أعماق النفس الإنسانية لإعلاء شأن العقل على غيره، حيث إن الحجاب سفور للعقل وإظهار له.
إن رمزية الحجاب تتجاوز الجانب الشكلي لتصل في تعبيرها واقع النفس الإنسانية وطبيعة الصراع الدائر فيها بين الشهوة والعقل، أو بين البعد الحيواني والبعد المعنوي، أو بين الجانب المتسافل والجانب المتعالي، حيث يكون الحجاب هنا مناصرة للعقل والبعد المعنوي والجانب المتعالي على الشهوة والبعد الحيواني والجانب المتسافل في شخصية الإنسان.
إن الحجاب في روحه دعوة إلى التقوى، يقول الله - تعالى -: (يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباساً يواري سواءاتكم وريشاً ولباس التقوى ذلك خير ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون) (سورة الأعراف: الآية 26)، إذن يوجد لباس للسوأة ولباس التقوى، فاللباس لباسان، لباس لما يسوؤه أن يكشفه، ولباس لما في باطنه يشقيه أن يفقده،(5/393)
الأول لباس البدن، والثاني لباس التقوى، وإن علاقة ما قائمة بين هذين النوعين من اللباس، حيث إن الأول ينبغي أن يكون تعبيراً عن الثاني وتحفيزاً له ومساعداً عليه، بينما الثاني لا بد أن يقود إلى الأول من باب أن من يمتلك التقوى لا بد أن يمتثل لأحكام الله - تعالى -، سواء في قضية الحجاب أو في جميع القضايا الحياتية والإنسانية.
إن حاجة الإنسان للتقوى تقوى الله - تعالى - لا تقل عن حاجة الإنسان للطعام، حيث إنه بالتقوى يسلم الإنسان من أخيه الإنسان، وبها يكف أذيته عنه ويأمن شره، فالحجاب هنا بما هو لباس للبدن دعوة إلى لباس الباطن الذي هو التقوى، تلك المفردة التي تستر مساوئ الأخلاق وذميم الملكات، وتعمل على إبدالها بمحاسن الأخلاق وجميل الصفات وممدوح الملكات، فهذا هو الحجاب في حقيقته وجوهره وفلسفته.
وعليه لا يضر في الحجاب وحقيقته أن البعض لا يفهمه على حقيقته، ولم يهتد إلى فلسفته، ولم يضع يراعته على معناه الحقيقي، فإذا كانت الحضارة تحتاج إلى ترشيد العقل، وسلامة النفس من الموبقات والرذائل، فإن في الحجاب دعوة إلى تحرير العقل من أسر الشهوة، وتحفيز لطهارة النفس وإعمارها بالتقوى، ولن يكون الحجاب تعبيراً عن (الحرمان والمنع والتحريم).
إن الحجاب يدعو إلى تحويل ميدان المجتمع إلى ساحة تغلب فيها العفة والطهارة على الابتذال والتنافس في إظهار المفاتن، ولا يخفى أن توفير البيئة الاجتماعية المناسبة سوف يسهم في التأكيد أكثر على قيم العمل الصالح والإنتاج المتوازن في جميع الميادين.
إن الحرمان الحقيقي هنا أن الكثيرين حرموا من فهم حقيقة الحجاب، حيث تصوروه جسداً بلا روح، وقالباً بلا معنى، وشكلاً بلا مضمون، إن المنع الحقيقي هنا هو ألا تأخذ بالأسباب التي تسهم في منع سفور الشهوة وحجاب العقل، حيث إن الحجاب هنا في فلسفته يعمل على المنع من سفور الشهوة لصالح حجابها وليس كبتها، ويعمل على المنع من حجاب العقل الصالح ظهوره وسفوره.
أما الأسئلة التي تطرح فالإنصاف منا يقتضي إن نقول إنها أسئلة في غاية الأهمية حيث أن الإسلام لا يدعو النساء إلى الحجاب وفقط، بل يدعو النساء إلى الحجاب الذي يستر الرذائل وينمي الفضائل، الحجاب الذي يستر الخبث والشقاوة لصالح العفة والطهارة، الحجاب الذي يستر في الإنسان بعده الحيواني والشهواني لصالح بعده الإنساني والواعي.
وبالتالي ما ذنب الدين إذا كان البعض يتخذه مطية لأغراض دنيوية خاصة، وما جرمه إذا كان البعض يمارسه بشكل خاطيء، أو إذا تلقاه البعض على أساس انه مجرد تقليد اجتماعي موروث، فهل نتخذ هذه العينات ذريعة من أجل تقديم صورة غير صحيحة عن الدين، فنقول على سبيل المثال: (إن الحرمان والمنع والتحريم برزت كجزء أساسي من ايديولوجيا دينية وسياسية مقنعة وانعكس ذلك بصورة الحجاب).
إن هذا الفهم هو فهم غير صحيح للدين والحجاب، وحقيقة الحجاب كما يجب أن تكون عليه لا تؤخذ من الذين لا يملكون فهماً علمياً ومنهجياً وعميقاً للدين وللحجاب،(5/394)
بل تؤخذ من الذين يلتزمون الدين وقضاياه عن وعي وعلم ومعرفة لا عن وراثة وتقليد، حيث إن الحجاب مسألة دينية، والمسائل الدينية لا تبني رؤيتها ولا يكوّن فهمها من خلال استطلاع جزئي للآراء، بل إنما يحصل ذلك من خلال الرجوع إلى أهل المعرفة والخبرة بالدين وفلسفته وأحكامه وقضاياه.
http://alarabnews.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ
حجابك يا عفيفة
عبد الملك القاسم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد:
فإن المرأة المسلمة تتعبد لله - عز وجل - بما أمرت به، فمن أمر بالصلاة والصيام والزكاة والحج، هو الذي أمر كذلك بالحجاب والستر والعفاف.
وحتى ينشرح قلب المسلمة، ويهنأ بالها، وترى الحجاب إشراقة عفة وطهارة وطاعة واستجابة.. هذه بعض ثمار لباس الحجاب الشرعى قلائد تجمل حياتها، وترفع درجاتها، جعلها الله تقية نقية.
عادة أم عبادة؟
لابد أن يتساءل المرء. هل الحجاب عادة أتت من تقاليد الشعوب وعاداتها أم أنها عبادة أمر الله - عز وجل - بها؟ فإن كانت عادة من عادات الشعوب، فأنت أحق وأولى بالبقاء على العادات والتقاليد الموروثة من آبائك وأجدادك؟ لأنها رمز الشعوب، وكل أمة تفخر بذلك، لكن حجابك ليس من ذاك الموروث الأوروبي أو الأفريقي أو العربي، أتى متوارثاً من أجيال متعاقبة، بل هو تشريع سماوي من رب العالمين، فهل تنقاد المسلمة لتقاليد وعادات؟ أم تسر وتفرح بأمر الله - عز وجل - وطاعته؟.
أختي المسلمة:
هذه خواطر سريعة ذات ثمار يانعة وقطوف دانية، قلائد ناصعة لك في قراءتها زاد ومغنم، وسرور وبشر.
القلادة الأولى:
أجمل القلائد وأولها وأنصعها قلادة العبادة، فالحجاب عبادة من العبادات التي تتقربين بها إلى الله - عز وجل - آية تخالط شغاف القلوب، فالخطاب لأزواج الرسول وبناته ولك أنت: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن} الأحزاب: 59. قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: "أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلاليب ". فكلما جعلت الحجاب الشرعي على رأسك وأسدلت الغطاء على وجهك، ولم يظهر منك شيء فاعلمي أنك في طاعة وعبادة، تزيد كلما التزمت أكثر، وتنقص إن فرطت وضيعت، وقد قال الإمام أحمد - رحمه الله -: "ظفر المرأة عورة، فإذا خرجت من بيتها فلا تُبن منه شيئاً ولا خفها".(5/395)
وقد ذكر الداعية/ أحمد الصويان قصة قريبة العهد حيث قال: "كنت في رحلة دعوية إلى بنجلاديش، مع فريق طبي أقام مخيماً لعلاج أمراض العيون، فتقدم إلى الطبيب شيخ وقور ومعه زوجته بتردد وارتباك، ولما أراد الطبيب المعالج أن يقترب منها، فإذا بها تبكي وترتجف من الخوف، فظن الطبيب أنها تتألم من المرض، فسأل زوجها عن ذلك، فقال - وهو يغالب دموعه - إنها لا تبكي من الألم بل تبكي لأنها ستضطر أن تكشف وجهها لرجل أجنبي لم تنم ليلة البارحة من القلق والارتباك، وكانت تعاتبني كثيراً: أترضى لي أن أكشف وجهي؟! وما قبلت أن تأتي للعلاج إلا بعد أن أقسمت لها أيماناً مغلظة بأن الله - تعالى - أباح لها ذلك للاضطرار، والله - تعالى - يقول: (فمن اضطر غير باغ ولا عادٍ فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم) البقرة: 173.
فلما اقترب منها الطبيب، نفرت منه، ثم قالت: هل أنت مسلم؟
قال: نعم، والحمد الله!!
قالت: إن كنت مسلمأ ..إن كنت مسلماً.. فأسألك بالله ألا تهتك ستري إلا إذا كنت تعلم يقيناً أن الله أباح لك ذلك.
أجريت لها العملية بنجاح، وأزيل الماء الأبيض، وعاد إليها بصرها بفضل الله - تعالى - حدث عنها زوجها أنها قالت: لولا اثنتان لأحببت أن أصبر على حالي، ولا يمسني رجل أجنبي: قراءة القرآن، وخدمتي لك ولأولادك ".
القلادة الثانية:
يا عفيفة: قري بحجابك عيناً، فلك أجر الرضا والتسليم، والامتثال والطاعة لله - عز وجل - فإن ما تقومين به إنما هو طاعة لله - عز وجل - ورسوله، فليهنك القبول والعمل؛ امتثالاً واستجابة لقول الله - عز وجل -: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً} [الأحزاب: 36].
جلس موسى بن إسحاق قاضي الري في الأهواز ينظر في قضايا الناس، وكان بين المتقاضين امرأة ادعت على زوجها أن عليه خمسمائة دينار مهراً، فأنكر الزوج أن لها في ذمته شيئاً، فقال له القاضي: "هات شهودك؟ ليشيروا إليها في الشهادة" فأحضرهم، فاستدعى القاضي أحدهم وقال له: " انظر إلى الزوجة؟ لتشير إليها في شهادتك " فقام الشاهد، وقال للزوجة: "قومي "، فقال الزوج: "وماذا تريدون منها؟ " فقيل له: "لابد أن ينظر الشاهد إلى امرأتك وهي مسفرة؛ لتصح معرفته بها". فكره الرجل (المدعي) أن تضطر زوجته إلى الكشف عن وجهها للشهود أمام الناس فصاح: "إني أشهد القاضي على أن لزوجتي في ذمتي هذا المهر الذي تدعيه، ولا تسفر عن وجهها! "
فلما سمعت الزوجة ذلك أكبرت في رجلها أنه يضن بوجهها على رؤية الشهود، وأنه يصونه عن أعين الناس، فصاحت تقول للقاضي: "إنني أشهدك أنني قد وهبت له هذا المهر، وأبرأته منه في الدنيا والآخرة!.
القلادة الثالثة:
قلادة تقربك من مولاك فالحجاب قربة لله - عز وجل - تمتثل فيه المسلمة لأمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - "والمرأة عورة" [رواه البخاري].(5/396)
قال العلماء: " وفي هذا الحديث دلالة على أن جميع أجزاء المرأة عورة في حق الرجال الأجانب ". لذا فهي تطيع، وترضى، ولا تخالف ولا تعصي.
وقد حدثني قريب لنا: أن امرأة عجوزاً طاعنة في السن أصابها ألم في الأذن - وألم الأذن شديد لا يطاق - ولما أتي بالطبيب على رفض منها وعدم موافقة، وأصبحت أمام الأمر الواقع، أخرجت أذنها وغطت باقي وجهها كاملاً، فلم يظهر إلا الأذن فقط، تعجب الطبيب من فعلها، واستغرب صنيعها وقال: يا أمي أنا طبيب اكشفي عن وجهك! قالت له وهي واثقة من طاعة ربها: أنت لا تريد إلا أذني أخرجتها لك، أما وجهي فلا والله.
القلادة الرابعة:
تهادي بهذه القلادة فرحاً فأنت تنالين أجر الصبر على العبادة وما تلاقينه من تعب ونصب، واستهزاء وسخرية، فلك أجر الصبر والاحتساب. ومن أعظم أنواع الصبر:
الصبر على أداء الواجبات، والبعد عن المحرمات، قال - تعالى -: {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب} [ الزمر:10]. وقال - عز وجل - {والله يحب الصابرين} [ آل عمران: 146].
القلادة الخامسة:
بحجابك الشرعي تقتدين بأمهات المؤمنين ونساء الصحابة، وهن من هن في الصلاح والتقى والسنا والرفعة، قالت عائشة - رضي الله عنها - "إن لنساء قريش لفضلاً، وإني ما رأيت أفضل من نساء الأنصار أشد تصديقاً لكتاب الله، ولا إيماناً بالتنزيل، لقد أنزلت سورة النور {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} فانقلب رجالهن إليهن، يتلون عليهن ما أنزل الله إليهن فيها، ويتلو الرجل على امرأته، وابنته، وأخته، وعلى كل ذي قرابته، فما منهن امرأة إلا وقامت إلى مرطها المرحل (أي الذي نقش فيه صور الرحال وهي المساكن) فاعتجرت به (أي سترت به رأسها ووجهها)؛ تصديقاً وإيماناً بما أنزل الله في كتابه، فأصبحن وراء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متعجرات، كأن على رؤوسهن الغربان ".
وعلى هذا قال الإمام ابن حجر - رحمه الله - في الفتح: "لم تزل عادة النساء قديماً وحديثاً أن يسترن وجوههن عن الأجانب ".
القلادة السادسة:
بالحجاب الشرعي يكثر سواد المسلمات، فالحجاب مظهر واضح للمرأة المسلمة، تميزت به عبر الأزمنة والعصور، وقد رأيت ذلك التميز ظاهراً وواضحاً في أفريقيا، وفي لبنان، واليمن، وغيرها من بلاد المسلمين - ولله الحمد - .
وقد ذكر أحد الدعاة القصة التالية بقوله: "كنت في زيارة لأحد المراكز الإسلامية في ألمانيا، فرأيت فتاة متحجبة حجاباً شرعياً ساتراً قل أن يوجد مثله في ديار الغرب، فحمدت الله على ذلك، فأشار علي أحد الإخوة أن أسمع قصة إسلامها مباشرة من زوجها، فلما جلست مع زوجها قال: زوجتي ألمانية أباً لجد، وهي طبيبة متخصصة في أمراض النساء والولادة، وكان لها عناية خاصة بالأمراض الجنسية التي تصيب النساء، فأجرت عدداً من الأبحاث على كثير من المريضات اللائي كن يأتين إلى عيادتها، ثم أشار عليها أحد الأطباء المتخصصين أن تذهب إلى دولة أخرى لإتمام(5/397)
أبحاثها في بيئة مختلفة نسبياً، فذهبت إلى النرويج، ومكثت فيها ثلاثة أشهر، فلم تجد شيئاً مختلفاً عما رأته في ألمانيا، فقررت السفر للعمل لمدة سنة في السعودية.
تقول الطبيبة: "فلما عزمت على ذلك أخذت أقرأ عن المنطقة وتاريخها وحضارتها، فشعرت بازدراء شديد للمرأة المسلمة، وعجبت منها كيف ترضي بذل الحجاب وقيوده؟! وكيف تصبر وهي تمتهن كل هذا الامتهان؟!
ولما وصلت إلى السعودية علمت أنني ملزمة بوضع عباءة سوداء على كتفي، فأحسست بضيق شديد وكأنني أضع إساراً من حديد يقيدني، ويشل حريتي وكرامتي، ولكنني آثرت الاحتمال رغبة في إتمام أبحاثي العلمية.
لبثت أعمل في العيادة أربعة أشهر متواصلة، ورأيت عدداً كبيراً من النسوة، ولكني لم أقف على مرض جنسي واحد على الإطلاق؛ فبدأت أشعر بالملل والقلق، ثم مضت الأيام حتى أتممت الشهر السابع وأنا على هذه الحالة حتى خرجت ذات يوم من العيادة مغضبة ومتوترة، فسألتني إحدى الممرضات المسلمات عن سبب ذلك فأخبرتها الخبر، فابتسمت وتمتمت بكلام عربي لم أفهمه، فسألتها: ماذا تقولين؟ فقالت: إن ذلك ثمرة الفضيلة، وثمرة الالتزام يقول الله - تعالى - في القرآن الكريم: {والحافظين فروجهم والحافظات} [الأحزاب: 35].
هزتني هذه الآية، وعرفتني بحقيقة غائبة عني، وكانت تلك بداية الطريق للتعرف الصحيح على الإسلام، فأخذت أقرأ القرآن العظيم والسنة النبوية، حتى شرح الله صدري للإسلام، أيقينت أن كرامة المرأة وشرفها إنما هو في حجابها وعفتها، وأدركت أن أكثر ما كتب في الغرب عن الحجاب والمرأة المسلمة إنما كتب بروح غربية مستعلية لم تعرف طعم الشرف والحياء.
إن الفضيلة لا يعدلها شيء، ولا طريق لها إلا الالتزام الجاد بهدي الكتاب والسنة، وما ضاعت الفضيلة إلا عندما استخدمت المرأة ألعوبة بأيدي المستغربين وأباطرة الإعلام.
القلادة السابعة:
أبشري يا محجبة بالرفعة في الدنيا والآخرة قال - صلى الله عليه وسلم -: "إنك لن تخلف فتعمل عملاً تبتغي به وجه الله إلا ازددت به درجة ورفعة... " [ رواه البخاري].
دخل إبراهيم الخواص على أخته ميمونة - وكانت أخته لأمه - فقال لها: إني اليوم ضيق الصدر فقالت له: من ضاق قلبه ضاقت عليه الدنيا بما فيها، ألا ترى الله يقول: {حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم} لقد كان لهم في الأرض متسع، ولكن لما ضاقت عليهم أنفسهم؛ ضاقت عليهم بما فيها الأرض.
القلادة الثامنة:
إذا النساء جعلن قلائد من ذهب وفضة والماس فدونك قلادة الدعوة، فالحجاب دعوة صامتة إلى هذا الدين بالالتزام بالأوامر، فكم من امرأة أسلمت عندما رأت تمسك المسلمة بالحجاب وتساءلت: ما هو هذا الحجاب؟ وتتبعت حتى هداها الله - عز وجل -.(5/398)
وكم من امرأة كافرة سألت وهي ترى التفاوت في أنواع الحجاب: هل هؤلاء مسلمات؟ تلك شعرها يراه الغادي والرائح، والأخرى وجهها مكشوف، والثالثة النحر باد، والرابعة لا يرى منها شيء؛ فلها الحق أن تتساءل أليس كلهن مسلمات؟!.
القلادة التاسعة:
قلادة عز وفخر، وفرح وسرور أن تكون لك عقبى الدار، جزاء صبرك على الحجاب والتمسك به؛ ابتغاء وجه الله، قال - تعالى -: {والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم وأقاموا الصلاة وأنققوا مما رزقناهم سراً وعلانية ويدرءون بالحسنة السيئة أولئك لهم عقبى الدار} [ الرعد: 22].
قال عبد الرحمن بن زيد بن جابر: قلت ليزيد بن مرثد: مالي أرى عينك لا تجف؟ قال: وما مسألتك عنها؟ قلت: عسى الله أن ينفعني به، قال: يا أخي إن الله قد توعدني إن أنا عصيته أن يسجنني في النار، والله لو لم يتوعدني إلا في الحمام لكنت حرياً أن لا تجف لي عين، فقلت له: فهكذا أنت في خلواتك؟ قال: وما مسألتك عنها، قلت: عسى الله أن ينفعني به، فقال: والله إن ذلك ليعرض لي حين أسكن إلى أهلي، فيحول بيني وبين ما أريد، وإنه ليوضع الطعام بين يدي فيعرض لي فيحول بيني وبين أكله، حتى تبكي امرأتي ويبكي صبياننا ما يدرون ما أبكانا.
القلادة العاشرة:
بالحجاب تنالين الأجر والمثوبة على التعب والمشقة في الحر وعند المشي، التزاماً بما أمر به الله - عز وجل -، ولك أجر آخر هو أجر الصبر عن معصية الله {وجزاهم بما صبروا جنة وحريراً} [الإنسان: 12] قال ابن كثير - رحمه الله -: "أي بسبب صبرهم أعطاهم ونولهم وبوأهم جنة وحريراً، أي منزلاً رحباً وعيشاً رغيداً ولباساً حسناً"
وأذكر أن معلمة رأت طالبة خارجة من باب المدرسة ويدها اليمنى تمسك بعباءتها حتى لا يحركها الهواء الشديد وتظهر يدها، فقالت لها: "هذه اليد في عبادة عظيمة" قال داود الطائي: "ما أخرج الله عبداً من ذل المعاصي إلى عز التقوى إلا أغناه بلا مال، وأعزه بلا عشيرة، وآنسه بلا بشر".
القلادة الحادية عشر:
أن في نزع الحجاب مجاهرة عظيمة، وشر المجاهرة خطير قال - صلى الله عليه وسلم - "كل أمتي معافى إلا المجاهرون " [رواه البخاري ومسلم]؛ لأن المجاهر ينشر الفساد، ويظهره في الأمة، ويدعو له ويزينه، ويبارز الله - عز وجل - بالمعصية.
القلادة الثانية عشر:
من ثمرات الحجاب الشرعي الفلاح والفوز قال - تعالى - {يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون} [ آل عمران: 200].
قال الحسن: "أمروا أن يصبروا على دينهم الذي ارتضاه لهم وهو الإسلام، فلا يدعوه لسراء، ولا لضراء، ولا لشدة، ولا لرخاء حتى يموتوا مسلمين ".
وتأملي في حال تلك المرأة العظيمة. عن عطاء: قال لي ابن عباس: ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ هذه المرأة السوداء، أتت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،(5/399)
فقالت: يا رسول الله إني أصرع فادع الله لي!! فقال: (إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك " فقالت: أصبر، ثم قالت: يا رسول الله، إني أتكشف فادع الله لي أن لا أتكشف!! فدعا لها. [رواه البخاري] رضي الله عنها صبرت على الصرع ونالت الجنة، لكنها لم تصبر على أن يرى الرجال جسدها حتى وهي في حالة الغيبوبة، فكيف بمن هي في حالة الصحة والعافية وتعرض مفاتنها للرجال الأجانب وقد حرم الله - عز وجل - ذلك عليها؟
القلادة الثالثة عشر:
قري بحجابك عيناً فأنت في عمل صالح يحبه الله - عز وجل -، فيه المغفرة والرضوان، قال - عز وجل -: {إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة وأجر كبير} [هود: 11]. قال ابن ضبارة: "إنا نظرنا فوجدنا الصبر على طاعة الله - تعالى - أهون من الصبر على عذاب الله - تعالى - فاصبروا - يا عباد الله - على عمل لا غنى لكم عن ثوابه، واصبروا على عمل لا صبر لكم على عقابه ".
القلادة الرابعة عشر:
قلادة إسلامية.. تشع نوراً وحبوراً، تدخل السرور على أهل الإسلام شيباً وشباباً، فهم إذ رأوا تمسك المسلمات بهذا الجانب تسر قلوبهم، وتنشرح صدورهم بهذا القبول والتسليم لأمر الله - عز وجل -، لأن أهل الطاعة يحبون طاعة الله - عز وجل -، وأهل المعصية يحبون المعصية وأهلها، ويسرون برؤيتهم وإعانتهم.
وأذكر أن صديقاً سافر مع أمريكي مسلم وزوجته الأمريكية إلى أمريكا، ولما جاء الحديث بعد عودته سأله أحد الحضور: زوجته سوداء أم بيضاء مثله؟ قال: والله لم أر منها ظفراً ولا يداً ولا أعلم هل هي بيضاء أم سوداء، مع أنى رافقتهم من الرياض إلى نيويورك، ومن ثم إلى ثلاثة مطارات داخلية، فلله درها من مسلمة ملتزمة.
القلادة الخامسة عشر:
لك من جواد كريم، ورب رحيم ثواب نصر الإسلام وإظهار شعائره، خاصة في هذا الزمن الذي تفلت فيه الحجاب في أماكن كثيرة قال - تعالى -: {ولينصرن الله من ينصره} [الحج: 40].
القلادة السادسة عشر:
أن تحشري مع من أحببت من الصالحات والعابدات قال: "المرء مع من أحب " [رواه البخاري]. وهل أغلى وأعظم من أن تحشري مع عائشة، وفاطمة، وصفية، وسمية، فالزمي الحجاب وتمسكي به.
القلادة السابعة عشر:
كثرت عليك القلائد، ومن أحق منك بذلك وأولى؟ من ثمرات الحجاب نشر الفضيلة وقمع الرذيلة، وذلك بإحياء سنة اندثرت أو فجرت أو ضيعت قال - صلى الله عليه وسلم -: " من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً} [رواه البخاري].
وعلى عكس ذلك من تدعو إلى التبرج والسفور فيلحقها إثمها وإثم من تبعها قال الشاطبي - رحمه الله -: "طوبى لمن مات وماتت معه ذنوبه، والويل لمن مات وبقيت ذنوبه مئة سنة ومئتي سنة".(5/400)
القلادة الثامنة عشرة:
يا عفيفة: بالتزامك بالحجاب الشرعي تخرجين من دائرة حجاب النفاق، فإنه الحجاب المخالف للشروط الشرعية نفاق واستهتار بالأوامر، وتكونين - بإذن الله - من خيار المؤمنات اللاتي يقتدى بهن.
قال الشيخ السعدي - رحمه الله - "فالداعون إلى الهدى هم: أئمة المتقين وخيار المؤمنين، والداعون إلى الضلالة هم: الأئمة الذين يدعون إلى النار".
القلادة التاسعة عشر:
من أنصع علامات ارتداء الحجاب التعاون على البر والتقوى، فلك في ذلك نصيب - بإذن الله - قال الله - تعالى -:{وتعانوا البر والتقوى} [ المائدة: 2].
عن الحسن: قال: "يا ابن آدم إذا رأيت الناس في خير فيه، وإذا رأيتهم في هلكة فذرهم وما اختاروا لأنفسهم، أقوام آثروا عاجلتهم على عاقبتهم، فذلوا وهلكوا".
القلادة العشرون:
يا نقية: إعفاف نظر الرجل المسلم من الوقوع على المفاتن، ومحبة الخير لهم قال - صلى الله عليه وسلم -:" لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" [رواه البخاري] ولأن العين تزنى كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "... فزنا العين النظر" [رواه البخاري].
وأذكر أن شاباً تحدث عن سبب انحرافه: بأنه رأى امرأة متبرجة فزين له الشيطان طريق الغواية، ولا زال يدعو على تلك المرأة إلى اليوم؛ بسبب فتنتها له.
القلادة الحادية والعشرون:
قلادة لا تحملها إلا الموفقات، ممن أراد الله - عز وجل - بهن خيراً، ففي الحجاب إرهاب للمنافقين، ومن يريد بالإسلام وأهله شراً، إذا رأى كثرة المتحجبات وانتشار الحجاب يأخذه الغيظ، ويهزمه النكد، قال الله - تعالى -: {قل موتوا بغيظكم} [ آل عمران: 119].
القلادة الثانية والعشرون:
الحجاب ستر، قال - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله حيي ستير، يحب الحياء والستر" فأحبي ما أحبه الله - عز وجل -، وتأملي في حال من تربت في بيت النبوة، قالت فاطمة بنت محمد - صلى الله عليه وسلم - لأسماء بنت عميس: "إني استقبح ما يصنع بالنساء، يطرح على المرأة الثوب فيصفها" تقصد إذا ماتت ووضعت بين الناس - رضي الله عنها -، قالت أسماء: يا بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ألا أريك شيئاً رأيته بالحبشة فدعت بجرائد رطبة فحنتها، ثم طرحت عليها ثوباً، فقالت فاطمة: "ما أحسن هذا وأجمله، إذا مت فغسليني أنت وعلي، ولا يدخل علي أحد"، وقال يحيى بن جعدة: "إذا رأيت الرجل قليل الحياء، فاعلم أنه مدخول في نسبه ".
القلادة الثالثة والعشرون:
أبشري بدعاء المسلمين لك خاصة إذا رأوك بذلك الحجاب تتعبدين لله – عز وجل -، ولقد ظهر الدعاء في صلاة التراويح، وعلى المنابر، وفي هجعة الليل، فلتقر عينك، فإن الحجاب الشرعي علامة على العفيفات.(5/401)
ذكر ابن بطوطة أن أحد الخلفاء العباسيين قد غضب على أهل (بلخ)، فبعث إليهم من يغرمهم الغرم، فأرسلت إلى الخليفة امرأة غنية ثوباً لها مرصعاً بالجواهر، صدقة عن أهل بلخ لضعف حالهم، فذهب به الموفد إلى الخليفة، وألقاه بين يديه، وقص عليه القصة، فخجل الخليفة وقال: ليست المرأة بأكرم منا، وأمر برفع الغرم عن أهل بلخ، وبرد ثوبها عليها، فلما رجع إليها الموفد بثوبها سألت: أوقع بصر الخليفة على هذا الثوب؟ قال: نعم، قالت: لا ألبس ثوباً أبصره غير ذي محرم مني، وأمرت ببيعه، فبني منه المسجد والزاوية ورباط في مقابلته، وفضل من ثمن الثوب مقدار ثلثه، فأمرت المرأة بدفنه تحت بعض سواري المسجد؛ ليكون هناك متيسر إن احتيج إليه أخرج.
القلادة الرابعة والعشرون:
قلادة طهارة وعفة.. تتمناها كل امرأة.. وتسعى لها كل فتاة.. الحجاب: داع إلى طهارة القلب للمرأة والرجل، وعمارتها بالتقوى، وتعظيم الحرمات، قال - تعالى -: {ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن} [الأحزاب: 53].
وفي الحجاب الشرعي صيانة لنفسك عن ضعفها، وتسلط الهوى والشيطان عليها، فقد يكون في تبرجك زلة قدم تندمين عليها، فالفتن متلاطمة ومن استشرف لها أخذته.
القلادة الخامسة والعشرون:
حجابك يا عفيفة: يدفع الشرور والمصائب بطاعة الله - عز امتثال أمره، فإن المعاصي تزيل النعم وتجلب النقم، قال - تعالى -: {فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصباً ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون} [ العنكبوت: 40].
القلادة السادسة والعشرون:
قلادة إيمانية تكسوها المهابة والعزة.. المسلمة تعلم أن الحجاب إيمان، فقد خاطب الله - عز وجل - المؤمنات: {وقل للمؤمنات} و {نساء المؤمنين} فمرحى لك أن يخاطبك الله بهذا الاسم الجميل، وهذه الصفة العظيمة.
القلادة السابعة والعشرون:
يا أخية: بالتزامك بالحجاب تخرجين - بإذن الله - من دائرة من يدعو عليهم المسلمون ممن في قلوبهم مرض، ومن المرجفين الذين يريدون بالمسلمة وحجابها شراً، وبالمجتمع تفسخاً وانحلالاً.
القلادة الثامنة والعشرون:
الحجاب فضيلة، وفي إشاعة اللباس الشرعي في المجتمع إظهار للعزة، ونشر للعفاف، ودحر للرذيلة، دخل نسوة من بني تميم على أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - عليهن ثياب رقاق فقالت: " إن كنتن مؤمنات فليس هذا بلباس المؤمنات، وإن كنتن غير مؤمنات فتمتعن به".
القلادة التاسعة والعشرون:
البعد عن أذى الفسقة والمنحرفين، وقد تكونين صالحة، لكن المظهر يوحي لهم بعكس ذلك، فيسعون إلى النيل منك، وكما أن اللحية مظهر واضح للرجل المستقيم، وتذب(5/402)
عنه من المشاكل، فإن الحجاب مظهر واضح للمرأة العفيفة، وصلاح الظاهر دليل على صلاح الباطن.
القلادة الثلاثون:
في لباس الحجاب إذكاء لغيرة الرجل والمحافظة عليها قال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: "بلغني أن نساءكم يزاحمن العلوج - أي الرجال الكفار من نعجة - في الأسواق، ألا تغارون؟ إنه لا خير فيمن لا يغار".
القلادة الواحدة والثلاثون:
لبس الحجاب الطاعة والامتثال والتواضع والبعد عن الخيلاء والكبر؛ لأن في لبس عباءة غير محتشمة خيلاء وكبراً، فكل يوم تبحث عن موضة لتباهي بها صويحباتها وتسعى وراء إرضاء غرورها قال - صلى الله عليه وسلم -: "... وما تواضع أحد لله إلا رفعه" [رواه مسلم] وقال - صلى الله عليه وسلم -: " لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر" [رواه مسلم].
القلادة الثانية والثلاثون:
أبشري يا عفيفة: بوعد ممن خلقك ورزقك بالحياة الطيبة في الدنيا والآخرة {فلنحيينه حياة طيبة} [ النحل: 97] ومنها إن الله يرزقها - بإذنه - زوجاً صالحاً تعيش معه حياة سعيدة؛ لأنها بفعلها تظهر الطهارة والعفة قال - تعالى - {والطيبون بالطيبات} [النور: 26]. وامتثالاً لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم -: " عليك بذات الدين تربت يداك" وأذكر أن امرأة أرادت أن تزوج أخاها، فذهبت إلى مصلى الكلية، وقالت: الصفوة هنا، واختارت إحداهن له فنعم بها حالاً وقربها نفساً.
القلادة الثالثة والثلاثون:
بالحجاب تنالين الحياة الطيبة الهنية التي تقر بها العين، وينشرح بها الفؤاد، ثم أعظم من ذلك الجزاء الأوفى، قال - تعالى -: (من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون) [النحل: 97] قال الحسن: "الرجل يرى زوجته وولده مطيعين لله - عز وجل - وأي شيء أقر لعينه من أن يرى زوجته وولده يطيعون الله - عز وجل - ؟ ".
القلادة الرابعة والثلاثون:
يا مؤمنة.. بشرك الله بالجنة وجعلك من أهلها!! فالحجاب طاعة لله - عز وجل - ولذا فهو من أسباب دخول الجنة، قال - صلى الله عليه وسلم -: "كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى" قالوا: يا رسول الله: ومن يأبى؟ قال: "من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى". [رواه البخاري].
قال أبو عياش القطان: "كانت امرأة بالبصرة متعبدة يقال لها "منيبة"، وكانت لها ابنة أشد عبادة منها، فكان الحسن ربما رآها، وتعجب من عبادتها على حداثتها، فبينما الحسن ذات يوم جالساً إذ أتاه آت فقال: أما علمت أن الجارية قد نزل بها الموت، فوثب الحسن، فدخل عليها، فلما نظرت الجارية إليه بكت، فقال لها: يا حبيبتي ما يبكيك؟
قالت له: يا أبا سعيد التراب يحثى على شبابي، ولم أشبع من طاعة ربي، يا أبا سعيد أنظر إلى والدتي وهي تقول لوالدي: احفر لابنتي قبراً واسعاً وكفنها بكفن حسن، والله(5/403)
لو كنت أجهز إلى مكة لطال بكائي، كيف وأنا أجهز إلى ظلمة القبور ووحشتها وبيت الظلمة والدود".
القلادة الخامسة والثلاثون:
البعد عن الفخر والغرور والإعجاب بالنفس؛ فإن اللباس يؤثر على النفس، بل هو حتى في الطفل الصغير يظهر تأثيره، فإذا ألبس الصغير لباس الشرطي مثلاً، تغيرت أخلاقه، وبدأ يأمر وينهى، والمرأة يؤثر فيها لبس تحب إظهاره للناس، وكأنها تنادي هلم انظروا إلى غلاء عباءتي وجمالها، قال - صلى الله عليه وسلم -: "من ترك اللباس تواضعاً لله وهو يقدر عليه، دعاه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق حتى يخيره من أي حلل الإيمان شاء يلبسها" [رواه الترمذي]، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "بينما رجل يتبختر يمشي في برديه قد أعجبته نفسه، فخسف الله به الأرض، وهو فيها إلى يوم القيامة" [رواه مسلم].
قال قراد أبو نوح: "رأى علي شعبة قميصاً فقال: بكم هذا؟ فقلت: بثمانية دارهم، فقال لي: ويحك، أما تتقي الله؟ ألا اشتريت قميصأ بأربعة دراهم، وتصدقت بأربعة خيراً لك. قلت: إنا مع قوم نتجمل لهم قال:أيش نتجمل لهم؟!".
القلادة السادسة والثلاثون:
من ثمرات الحجاب دحر الشيطان، وعدم السير في حبائله، فإنه وأعوانه يحبون المعصية، ويزينون لها ويتفننون في عرضها، ويسعون إلى إيقاع المسلمة في المعاصي والآثام، قال - تعالى -: {يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان} [النور:21] قال ابن كثير - رحمه الله -: "هذا تنفير وتحذير من ذلك بأفصح عبارة وأبلغها وأوجزها وأحسنها ".
القلادة السابعة والثلاثون:
بشرائك العباءة الساترة، أعنت أهل الخير على الاستمرار في بيعها والدلالة عليها، وفي نفس الوقت تركت العباءة المتبرجة، وفي ذلك عدم إعانة أهل الفساد على زيادة مبيعاتهم من الألبسة المخالفة والعباءات المطرزة أو المخالفة لشروط الحجاب الشرعي، فيزداد نشر هذا الفساد من كثرة المبيعات.
القلادة الثامنة والثلاثون:
يا تقية: إن من ثمار الحجاب: منع وسائل الزنا ودوافعة من النظر، ثم الكلام، وما يجر وراءه من البلايا والآثام، قال - تعالى -: {ولا تقربوا الزنا} ولم يقل: لا تزنوا؛ لأن الزنا لا يقع فجأة، بل له مقدمات وأسباب، ومن أهمها وأبرزها نزع الحجاب وزخرفته، وكأن المرأة تنادي أعين الرجال: أن اتبعوني.
القلادة التاسعة والثلاثون:
البعد عن أثر الفتنة ومظانها عند المخالفة لأمر الله - عز وجل - {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم} [النور: 63].
قال ابن كثير - رحمه الله - في تفسير قوله {أن تصيبهم فتنة}:"أي قلوبهم من كفر أو نفاق أو بدعة} أو يصيبهم عذاب أليم {أي في الدنيا بقتل أو حد أو حبس أو نحو ذلك ".(5/404)
واعلمي أختي المسلمة أن الذين أباحوا لك كشف الوجه من العلماء - مع كون قولهم مرجوحاً - قيدوه بالأمن من الفتنة، والفتنة غير مأمونة خصوصاً في هذا الزمان الذي قل فيه الوازع الديني، وكثر دعاة الفتنة والضلال.
القلادة الأربعون:
من ثمرات الحجاب:البعد عن اللعن والطرد من رحمة الله، وأنه يكون - بإذن الله - حجاباً عن النار؟ لقوله - صلى الله عليه وسلم -:" صنفان من أهل النار لم أرهما، قال: نساء كاسيات عاريات،مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وأن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا " رواه مسلم،. وفي الحجاب غير الشرعي تظهر المرأة وكأنها كاسية وهي عارية، مميلات غيرهن، مائلات بأنفسهن، والنتيجة من هذه المعصية ما قاله الرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ووصفهن بصنفين من أهل النار.
قال أبو بكر الهندي: "كانت عجوز من بني عبد القيس متعبدة، فكانت تقول: عاملوا الله على قدر نعمه عليكم وإحسانه إليكم، فإن لم تطيقوا فعلى قدر ستره، فإن لم تطيقوا فعلى الحياء منه، فإن لم تطيقوا فعلى الرجاء لثوابه، فإن لم تطيقوا فعلى خوف عقابه ".
القلادة الواحدة والأربعون:
ليهنك يا محجبة رضا الله - عز وجل -، ثم رضا الوالدين.. يسر بك الأب وتدعو لك الأم، فمن أجمل قلائد الحجاب: إرضاء الوالدين بالطاعة لله ولرسوله، فإن من أعظم ما يدخل السرور على قلوبهم أن يروا الحجاب والحشمة والحياء على ابنتهم.
القلادة الثانية والأربعون:
من قلائد الحجاب: عدم تحميل الولي من أب أو زوج إثم التبرج والسفور؛ لأنه راع ومسئول عن رعيته، وسوف يسأل عنك يوم القيامة قال - صلى الله عليه وسلم -: " كلكم راع، وكلكم مسؤول رعيته، فالرجل راع في أهل بيته وهو مسؤول عن رعيته " متفق عليه.
القلادة الثالثة والأربعون:
من ثمار التمسك بالحجاب: منع ما وراء نزعه من مخططات، مثل: الاختلاط، وقيادة المرأة للسيارة، والنوادي الرياضية، والمسارح، وغيرها من أنواع التبرج والسفور، والبلاء والشرور.
قال:حاتم الأصم: "من خلا قلبه من ذكر أربعة أخطار فهو مغتر لا يأمن الشقاء:
الأول: خطر يوم الميثاق حين قال: "هؤلاء في الجنة ولا أبالي، وهؤلاء في النار ولا أبالي ". فلا يعلم في أي الفريقين كان.
الثاني: حين خلق في ظلمات ثلاث، فنادى الملك بالشقاوة والسعادة، ولا يدري أمن الأشقياء هو أم من السعداء.
الثالث: ذكر هول المطلع فلا يدري أيبشر برضا الله أم بسخطه.
الرابع: يوم يصدر الناس أشتاتاً، فلا يدري أي الطريقين يسلك به.
القلادة الرابعة والأربعون:(5/405)
يا أخيه: تستري بالعفاف - سترك الله بالإيمان - فإن الحجاب يصون ويحفظ من النظرات المسمومة الصادرة من مرضى القلوب، وكلاب البشر، وسفلة القوم، ويقطع الأطماع المسعورة، فإنما يريد المرجفون في الأرض بالمرأة المسلمة شرا، كما قال - تعالى -:(ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيماً) النساء: 27،.
القلادة الخامسة والأربعون:
التزامك بالحجاب الشرعي فيه محبة الخير للمسلمين " شاب تاه وضاع بسبب نظرة إلى امرأة متبرجة، أترضين أن يكون أخوك ذلك المسكين؟ الذي ضاعت حياته، ولطخ صحائفه بالمعاصي.
حور حرائر ما هممن بريبة كضباء مكة صيدهن حرام
القلادة السادسة والأربعون:
قلادة لا تعلو إلا صدور الحييات.. فالحجاب حياء وحشمة، والحياء من الإيمان، والإيمان يقود إلى الجنة قال - صلى الله عليه وسلم -:" الحياء من الإيمان والإيمان في الجنة" [رواه الترمذي] وأذكر أني كنت في سفر إلى الدمام قبل سنوات، وإذا بسيارة واقفة على اليسار، ثم فتح الباب الأيسر وسارت المرأة نحو الشارع الرئيسي، عند غروب الشمس، فلطمتها سيارة كانت تسير بسرعة، فلم أر إلا عباءة في السماء، ثم سقطت على الأرض، ووقفت ومن معي، فإذا بالمرأة تمسك بعباءتها، وتلبس شراباً أسود وسروالاً طويلاً كان ظاهراً، فحفظها الله بهذا الستر فلم نر لها ساقاً ولا ظفراً ولا خصلة شعر، وكأني بها كانت ميتة، فأنعم بها من خاتمة حسنة.
القلادة السابعة والأربعون:
من ثمار الحجاب الشرعي: الحفظ والحراسة من كيد الأعداء: قال - تعالى - {وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئاً} [آل عمران: 120].
القلادة الثامنة والأربعون:
يا مؤمنة الحجاب يخلص المرأة من رقدة الغفلة، فإن التبرج يجلب البعد عن الله والدار الآخرة، قال - تعالى - {لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون} [ الحجر: 72].
القلادة التاسعة والأربعون:
قلائد متتالية تبعد عن حديث الظنون والإفك، صون المرأة لعرضها وعفافها عن أعين وألسن الناس، وبعدها عن مواطن الريب والشك والتهم. " رحم الله امرأ ذب الغيبة عن نفسه".
القلادة الخمسون:
الحجاب حسنة، قال أنس - رضي الله عنه -: "وإن للحسنة نوراً في القلب، وزيناً في الوجه، وقوة في البدن، وسعة في الرزق، ومحبة في قلوب الخلق.. وإن للسيئة ظلمة في القلب، وشيناً في الوجه، ووهناً في البدن، ونقصاً فيا لرزق، وبغضة في قلوب الخلق ".
القلادة الواحدة والخمسون:
سلامة المسلمة من النفاق ومشابهة المنافقين، قال - صلى الله عليه وسلم -:".. وشر نسائكم المتبرجات المغيلات، وهن المنافقات، لا يدخلن الجنة إلا مثل الغراب الأعصم " [رواه البيهقي].(5/406)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم:"إن المشابهة في الظاهر تورث نوع مودة ومحبة وموالاة في الباطن، فكما أن المحبة في الباطن تورث المشابهة في الظاهر، وهذا أمر يشهد له الحس والتجربة.. ".
القلادة الثانية والخمسون:
يا حفيدة أمهات المؤمنين، في الحجاب إغاظة الكفار وأذنابهم، فهم يريدون تمزيق الحجاب حتى تقع المسلمة في مستنقع الرذيلة، وتطوي بساط الفضيلة، قال (غلا دستون) رئيس وزراء بريطانيا: "لن يستقيم حالنا في الشرق ما لم يرفع الحجاب عن وجه المرأة، ويغطى به القرآن " ويقول - أخزاه الله -: "ما دام هذا القرآن موجوداً في أيدي المسلمين، فلن تستطيع أوربا السيطرة على الشرق، ولا أن تكون هي نفسها في أمان "، فلا تدعي أحلامهم وأمانيهم تتحقق.
القلادة الثالثة والخمسون:
الحجاب الشرعي تحل بلباس التقوى، قال - تعالى -: {قد نزلنا عليكم لباساً يواري سوأتكم وريشاً ولباس التقوى ذلك خير} [الأعراف: 26].
قالت أم البنين: "ما تحلى المتحفون بشيء أحسن عليهم من عظم مهابة الله في صدورهم ".
القلادة الرابعة والخمسون:
أبشري يا مؤمنة بالمنازل العالية الرفيعة ولتهنك العاقبة والجوار الذي يتمناه كل مسلم {ومن يطع الله الرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً} [ النساء: 69].
أختي المسلمة: هذه بعض ثمرات وقلائد لبس الحجاب الشرعي، فلا تضعفي، ولا تسمعي للناعقين، فإنما خلقت للعبادة، ووعدت بجنات عرضها السموات والأرض، فيها مالا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر بلغك الله أعلى منازلها بمنه ورحمته.
ما يجب أن تفعله أختي المسلمة:
هنيئاً تلك الثمرات، وهنيئاً الوعد بجنة عرضها السموات والأرض.
وحتى تسعين إليها بعلم وبصيرة، وكما أنك تعرفين شروط الصلاة، والوضوء، وغيرها. إليك شروط العباءة التي أسقطها البعض وزخرفتها آخريات، إليك شروطها حتى تتعبدي بلبسها وتنبذي مخالفتها:
أولاً: أن تكون سميكة لا تظهر ما تحتها، ولا يكون لها خاصية الإلصاق.
ثانياً: أن تكون ساترة لجميع الجسم، واسعة لا تبدي تقاطيعه.
ثالثاً: أن تكون مفتوحة من الأمام فقط، وتكون فتحة لأكمام ضيقة.
رابعاً: ألا يكون فيها زينة تلفت إليها الأنظار، وعليه فلابد أن تخلو من الرسوم والزخارف والكتابات والعلامات.
خامساً: ألا تكون مشابهة للباس الكافرات أو الرجال.
سادساً: أن توضع العباءة على هامة الرأس ابتداء.
أختي المسلمة: أسدلي على وجهك الخمار السميك، ولا تنسي الجوارب والقفازين؛ فإنها - والله - نعمة ومنَّه من الله - عز وجل - للمسلمات.(5/407)
قلادة القلائد:
أختي المسلمة:
الأصل بقاء المرأة في بيتها، ترى زوجها وتربي أبناءها، وترتب واحتها، وتغرد فيها بأجمل صور الود والمحبة قال - عز وجل - للمؤمنات:{وقرن في بيوتكن}؛لأنه أعظم ستر وأقوى حصن.
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لنسائه في حجته:" هذه ثم ظهور الحصر" [رواه أحمد]. قال ابن كثير - رحمه الله - في التفسير: "يعنى: ثم الزمن الحصر، ولا تخرجن من البيوت"، وقد قالت فاطمة - رضي الله عنها -: "خير للمرأة أن لا ترى الرجال، ولا يرونها"، ولما سئلت أم المؤمنين سودة - رضي الله عنها -: لم لا تحجين ولا تعتمرين كما يفعل أخواتك؟ قالت: " قد حججت واعتمرت، وأمرني الله أن أقر في بيتي ". قال الرواي: "فوالله، ما خرجت من باب حجرتها حتى أخرجت جنازتها ".
وقال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: "المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان، وأقرب ما تكون من رحمة ربها وهي في قعر بيتها".
أختي المؤمنة: قال أبو بكر بن العربي في كتابه (أحكام القرآن): "ولقد دخلت نيفاً على ألف قرية من بريه، فما رأيت أصون عيالاً ولا أعف نساء من نساء نابلس، التي رمي بها الخليل - عليه الصلاة والسلام - في النار، فإني أقمت فيها شهراً، فما رأيت امرأة في الطريق نهاراً إلا يوم الجمعة، فإنهن يخرجن إليها حتى يمتلئ منهن، فإذا قضيت الصلاة وانقلبن إلى منازلهن لم تقع عيني على واحدة منهن إلى الجمعة الأخرى". وقال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: "ما تقربت امرأة إلى الله - عز وجل - بأعظم من قعودها في بيتها".
أختي المسلمة: نادى منادي الإيمان:{يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم} [ الأحقاف: 31]. اسمع والله لو صادف آذاناً واعية، وتبصر لو صادف قلوباً من الفساد خالية، لكن عصفت على القلوب هذه الأهواء فأطفأت مصابيحها، وتمكنت في آراء الرجال فأغلقت وأضاعت مفاتيحها، ران عليها كسبها فلم تجد حقائق القرآن إليها منفذاً، وتحكمت فيها أسقام الجهل فلم تنتفع معها بصالح العمل.
إشراقة الأمل:
إلى كل امرأة وفتاة تريد الخلود في جنة عرضها السماوات والأرض.
إلى كل من يؤرقها الندم، وتعلوها سحابة التوبة، ويخالط شغاف قلبها إيمان بالله ورسوله.. إليك البشارة من فوق سبع سماوات{والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون} [ آل عمران: 135].
أيتها التائبة... أيتها العائدة.. لتهنأ نفسك، وتقر عينك:{إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً} [ الفرقان: 70].
أيتها المرأة.. أنت داعية، داعية بمظهرك وسلوكك وعملك، فهل أنت داعية على أبواب جهنم تحملين وزرك ووزر من تبعك إلى يوم القيامة؟!(5/408)
أم أنت داعية سباقة تحثين الخطى إلى جنة عرضها السماوات والأرض، لك أجرك وأجر من تبعك إلى يوم القيامة؟!
والأمل في ابنة الإسلام باقٍ إلى قيام الساعة..
اللهم آمن روعاتنا، واستر عوراتنا، واجعلنا من عبادك الصالحين، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين.
http://www.mknon.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ
حجبتِ الجمال
د. عبد المعطي الدالاتي
أتدرينَ أنكِ بشرى لنا؟!
وأنكِ خيرٌ يفيضُ هنا؟!
أتدرينَ أنكِ نبعُ الحياةِ
يجوبُ الزمانَ ويروي الدُّنا؟!
أتدرين أنّك أمُّ الجمالِ
وبنتُ الدلالِ و أختُ السّنا؟!
وأنكِ حين ارتديْتِ الحجابَ
سموتِ، علوْتِ على المنحنى!
حجبتِ الجمالَ فحُزتِ الجلالَ
وحُسنكِ للطّهر قد أَعلنا
صنعتِ الرجولةَ، أمَّ الرجالِ
بنيتِ.. فأعليتِ مَنْ قد بَنى!
حضنتِ الطفولةَ في مهدها
وكنتِ الخميلةَ والمَسكنا
فقلبكِ ينشرُ دفءَ الحنانِ
وكفّكِ تمسحُ عنّا الضنا
إذا ما رضيتِ سترضى الحياةُ
وتضحكُ إذ تضحكينَ لنا
لأجلكِ غنّى وطارَ النشيدُ
يرفرفُ حولكِ حتى دَنا
إليك تهاجر كلُّ الحروفِ
وتهوي عليك كرامُ المُنى
تحومُ عليكِ.. وتأوي إليكِ
وتبغي لديكِ هُنا موْطنا
تعاليْ لِنبنيَ بيتَ القصيدِ
بشطرينِ: منكِ.. ومنّي أنا
تعاليْ نصلّي لربِّ الوجودِ
ليغمُرَ بالدين أعمارَنا(5/409)
لأنكِ أنتِ.. لأني أنا
تسيرُ الحياةُ رُخاءً بِنا
ظلمناكِ دهراً فهل تغفرينَ؟!
ومِثلكِ يصفحُ عمَّنْ جَنا
http://www.lahaa.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ
حسناء الوجود
صالح علي باحص العمري
ما للقلوب ذوت.. وكنّ غيارى؟!!
وغدت عقول المصلحين حيارى؟!
ما للمكارم شُرّد ٌ موءودةٌ
في غربةٍ تتجرّع الصبّارا؟!
والشعر أجهش و اعتلته صبابةٌ
فكأن فوق عروقه منشاراً!!
يا أخت فاطمة البتول تلبّثي..
يا بنت من ملأ الحياة فخاراً
يا أخت زينب.. والمصائبُ جمّةٌ
ومُصاب قومي فيك ليس يُجارى..
أسماء شقّت في الإله نطاقها
فلأي أمرٍ قد شققتِ خماراً؟!
ورباطة الخنساء نبراسٌ، فهل
ربيّتِ في درب الصلاح صغاراً؟!
والأمّ جزّت للجهاد ظفارها
فلمن مسختِ الرأس والأظفارا؟!
و سخت لأمتها بمهجة قلبها
وبنت صروح المكرمات مناراً
ماذا دها الجلباب يا بنت التقى
ما للحجاب عن الحمى يتوارى؟!
أختاه: " قَرْن" شعاركن، فما لها
تستطرق الأسواق ليلَ نهارا؟!
أسواق بيعٍ؟! أم معارض فتنةٍ
أعراضنا بمزادها تتبارى!!
هل أنتِ بنت الطهر أم شيطانةٌ
خرّاجةٌ تستجلب الأوزارا؟!
ماذا التغنج يا فتاة بمشيةٍ
تسبي العقول، وتهتك الأستارا؟!
فلمن بذلتِ اليوم أغلى سلعةٍ(5/410)
ولمن عصيتِ الواحد القهّارا؟!
تستلهثين أسافلاً جُرْب الخُطا
مثل الكلاب إذا استشطن سُعاراً..
عجباً لقلبك حين جاهر بالردى
ورمى الفضيلة طائعاً مختاراً!!
ما هذه العين الخؤون وكحلها
يُغري العيون و يلفت الأنظارا؟!
ما هذه الساق المسجّاة التي
شطّت عن النهج القويم مزارا؟!
و لمن نمصتِ، وللنوامص لعنةٌ
ولمن قلبتِ الهُدْب والأشفارا؟!
ولمن تطيبتي، وطيبُك فتنةٌ
ولمن حملتِ الهاتف السيّارا؟!
ولمن شددت الخصر والكتفين.. ما
راعيتِ لا سوراً و لا آثاراً؟!
كم معقلٍ للطهر خرّ مجندلاً
والزهو يحدو جيشكِ الجرّارا!!
هذي دعايات السلام ترددت!!
وأرى سلاحك قد تأجج ناراً!!
أين السلام؟! وللعداوة جحفلٌ
وقد ارتديت "الجينز" و "البسطارا"؟!
و جعلتِ أنوار الهُدى رجعيّةً
ونبذت أردية السنا استهتارا
أصبحت قنبلةً مفخخة العُرى
نسفت جسوراً واعتلت أسواراً
فاصطدن ما قد صدن من مهج الملا
ووقعن في شرك الفساد أُسارى!!
وحصدن بين الناس عُقبى خسّةٍ
ولدى القيامة خيبةً و خساراً
أوليس يا أختاه في أسلافنا
مثلٌ يشّع نضارة ووقاراً
يخفين أطراف البنان تحشّما
يا من سللتِ الصارم البتّارا!!
وينرن بالآيات أروقة الدُّجى
الساجدات بأدمع ٍ.. أسحاراً
حوريّة الراعي، و قرّة عينه
ترعى العهود، وتحفظ الأسرارا(5/411)
القاصرات الطرف خشية واحدٍ
يغضضن عن درب الخنا الأبصارا
نعم النساء لدينهن مدارسٌ
وعلى رضا الله الكريم غيارى
مُتع الحياة.. وفي الجنان كواعبٌ
حورٌ مع أزواجهنّ عذارى..
****
أختاه.. يا أختاه: إنّي ناصحٌ
يخشى عليك الذئب و الجزّارا
إن العدو و إن تأنق سمتُه ?
يهدي الرذيلة و الأذى و النارا
يبغونها عوجاً.. و أنتِ وسيلةٌ
فاستغفري من ذنبك استغفاراً
يشدون بالحبِّ المزيّف خدعةً
واستدبروا الآياتِ و الأذكارا
مردوا على حبّ النفاق، وزيّفوا
وجه الردى.. واستعمروا الأفكارا
وتلقفوا الحسن المدلل بالمُنى
واستأجروا بضريحه القيثارا
ودعوك حسناء الوجود فألحقوكِ
العارَ.. واقتطفوا جناكِ سكارى
القاتلون المكرمات ضحى، وما
يرجون لله العظيم و قاراً..
****
أُختاه: هل للقبر من منجا إذا
عُقدت لسانُك حيرةً و صغاراً؟!
أُختاه: عودي للإله و أبشري
فالله خيرٌ نصرةً وجواراً
آن الأوان.. فحطّمي طوق الهوى
فكي القيود.. وغسّلي الأوزارا
سيري على نهج النبوة حرّةً
في درب من بلغوا المُنى أحراراً
ورِدِي الجنان بعزْمةٍ وتوكّلٍ
وسهام ليلٍ تدفعُ الأقدارا
أخت العفاف: وأنتِ آية عزّنا
فبأي آيات الهدى نتمارى!!
يا نصف أمتنا ومعقل مجدنا(5/412)
يا أمَّ أمتنا ندىً و دِثاراً
أنتِ الحراثة والرعاية و الحيا
والحسنُ أنتِ سكينةً و وقاراً
لا تُنبت الجدباءُ أعناباً ولا
نجني من الصخر الأصمِّ ثماراً؟!
والحصنُ لا يختال في وجه العدا
والنار تحت سقوفهِ تتوارى
أنتِ الصلاح.. وأنتِ أسُ بنائنا
ووصيّة الشرع الحكيم مراراً
إنّ البناء ? و إن تطاول سمكه
لو شيكَ في أركانهِ لانهارا
http://www.lahaa.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ
دعوا الحجاب لنا
عبد الرحمن العشماوي
من أفواه القوافي إلى مسامع باريس:
شكواك يا مرهف الإحساس شكوانا
فاسمح لقلبك أن يصغي لنجوانا
وافتح لنا من حنايا القلب مغلقها
فقد فتحنا لمن نهوى حنايانا
أعيذ وجهك أن تنساه ذاكرتي
وهل نطيق لمن نهواه نسيانا؟!
أعيذ قلبك أن يشقى بلوعته
وأن يفجر فيه الحزن بركانا
أمدد إلى يد الإخلاص في زمن
قد صار فيه حليم العقل حيرانا
قل للذين بنوا قصراً على جرف:
من ذا يقيهم على الأوحال بنيانا؟!
وارفع بها صوتك العالي يخالطه
صوتي، وصرخة حق من صبايانا
دعوا الحجاب لنا، آياً مرتلة
تضيء روحاً وإحساساً ووجدانا
دعوا الحجاب لنا نوراً يُضيء لنا
درب العفاف ويبدي وجه من خانا
دعوا الحجاب لنا عزا ومكرمة
دعوه نوراً من التقوى وبرهانا
دعوا الحجاب امتثالاً نستلذ به(5/413)
شكراً على نعم المولى وعرفانا
دعوه روضاً من الأخلاق مزدهراً
ومرنة أنعشت بالغيث بستانا
دعوه سدّا أمام العابثين بما
يسمو به ديننا طهراً وإحصانا
دعوا الحجاب لنا حقاً ينزهنا
واستكملوا سيركم لهواً وعصيانا
صوغوا قوانينكم وهماً يضللكم
بها تطيعون في الأهواء شيطانا
وسافروا في دروب اللهو واتخذوا
من النساء إلى إبليس قربانا
سيحوا، وغوصوا، وذوبوا في رذائلكم
فنحن أثبت بالإسلام أركانا
يا من تلوتم أناجيلاً محرفة
إنا تلونا بوحي الله قرآنا
نصوص إنجيلكم، آياتها كشفت
- برغم تحريفكم - عن صدق دعوانا
هلا رجعتم إلى الحق الذي شهدت
به أناجيلكم صدقاً وتبيانا؟
عذراً، فو الله إنا لا نريد لكم
إلا صلاحاً وإصلاحاً وإحسانا
إنا لنلقى بأشذاء ابتسامتنا
وحبنا، كل من بالحب يلقانا
لكنكم قد رسمتم ألف دائرةٍ
ملأتموها لنا ظلماً، وعدوانا
ما بال حرية الدِّين التي هتفت
بها الهواتف، تغدو اليوم بهتانا
ما بال باريس تنسى اليوم ما رفعت
من الشعارات أشكالاً وألوانا؟!
حرية الرأي في ميزانها انقلبت
فأصبحت لكتاب الظلم عنوانا؟
ما بال تنويرها المزعوم صار دُجيِّ
يخفي لصوصاً وأشباحاً وغيلانا؟!
يا بُؤس ثورتها الكبرى قد انتحرت
بوهمها، ومحت بالظلم ما كانا
يا من ركبتم ظهور الوهم في غلس
هذا هو الفجر جلاكم وجلانا(5/414)
حرية الدين، كنتم ترفعون بها
صوتاً، فكيف تلاشى صوتها الآنا؟
إنا نقول لكم، والليل ملتحفّ
بوحشةٍ أشعلت للرعب نيرانا:
من كان مولاه شيطاناً يضلله
عن الطريق، فإنّ الله مولانا
ومن تهاوت به في الوحل غفلته
فإن إسلامنا بالوعي رقانا
ليلى، ولبنى، وسعدى، والرباب، على
منهاج خالقنا يُشرقن إيمانا
فما لنا، ولمن يمشين في لجج
من الضياع، ومن يأخذن أخدانا؟!
نهر العفاف من القرآن منبعه
لولاه لم تورف الأخلاق أغصانا
نهر تدفق لم تترك روافده
جدباً، يقنط في البيداء ظمآنا
في ديننا الخير للدنيا وساكنها
ولم يزل لدعاة العدل ميزانا
سلطانة في قلوب الناس، منشؤه
من صدقه، وكفى بالصدق سلطانا
يا صرخة خرجت من ثغر قافيتي
وسافرت في نواحي الكون ألحانا
مدِّي نداءك فالآفاق مصغية
وشنفي بجميل القول آذانا
شتان بين حجاب تستضيء به
أنثى، وبين ظلام العري، شتانا
______________________________
جريدة المدينة – ملحق الرسالة
http://www.muslema.com بتصرف من:
ـــــــــــــــــــ
فرنسا تعلن قلقها من حظر الحجاب
باريس أ ف ب: يخشى عديد من النواب الفرنسيين من أن يؤدي القانون الذي يحظر حق المسلمات في ارتداء الحجاب تحت مسمى حظر "العلامات الدينية الظاهرة" في المدارس الفرنسية، إلى تعزيز موقف الالتزام من إبراز الهوية الإسلامية، بدلاً من أن يحد منها، في الوقت الذي بدا فيه المسلمون رافضين له.
ويتأجج الشعور بالقلق لدى نواب اليمين واليسار الفرنسيين على حد سواء، بعد المظاهرات الضخمة التي جابت مدن فرنسا والعالم مؤيدة للحجاب، ومع اقتراب(5/415)
موعد بحث مشروع القانون أمام البرلمان الفرنسي في الثالث من فبراير المقبل، يرى عديد من هؤلاء مثل "كلود جواسجن" من حزب الرئيس الفرنسي شيراك، أن المناقشة بدأت تنحرف عن مسارها، وقال نائب باريس ونائب رئيس الأغلبية الرئاسية في الجمعية الوطنية: "إننا وبكل حسن نية نوقظ نزعات التطرف" (بسبب موقف الحكومة المتطرف أيضاً).
من جانبه قال رئيس المجموعة البرلمانية للأغلبية الرئاسية "جاك بارو": "إننا نفتح علينا باب المشاكل". فيما اعتبر رئيس الاتحاد من أجل الديموقراطية الفرنسية "فرنسوا بايرو" أن هذا القانون "يعطى المتطرفين نفحة أوكسجين".
وفي اليسار أيضاً أثار القانون عديداً من التحفظات حيث اعتبر "جاك لانج" أن النص المطروح "يعزز عدم الاستقرار القضائي".
أما زعيم الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة "جان ماري لوبن" فقد التزم الحذر نسبياً واكتفى بالتعليق قائلاً: إن "النجاح الواضح للمظاهرات المؤيدة للحجاب يظهر خطورة حجم ظاهرة الهجرة في فرنسا".
وفي الوقت نفسه، دعا رئيس المجلس الفرنسي للدين الإسلامي "دليل بوبكر" ـ إمام مسجد باريس ـ الأحد، المسلمين إلى الخروج عن صمتهم، موضحاً أن المظاهرات (المؤيدة للحجاب) شكلت "تحذيراً جاداً". وأضاف: "يجب معالجة المشاكل التي يو اجهها شبابنا، ولا سيما صعوبات الاندماج الاقتصادي".
ودعا بوبكر مكتب المجلس إلى وضع "برنامج عمل مشترك" لتفادي التناقض الذي ظهر في الأسابيع الماضية عندما قدم "اتحاد التنظيمات الإسلامية الفرنسية" دعمه للمظاهرات فيما دعا مجلسه هو إلى عدم المشاركة فيها.
من جهة أخرى، أعلنت مجموعة تضم تنظيمات إسلامية وأخرى علمانية وشخصيات من المجتمع المدني ترى أن القانون لا يشكل الرد الجيد عن برنامج عمل. ويتضمن هذا البرنامج اعتصاماً أمام الجمعية الوطنية في الرابع من فبراير وقت بحث القانون، إضافة إلى اجتماع عام في السادس من الشهر، ومظاهرة في الرابع عشر منه، وأوضح "محمود قلقول" ـ عضو الشبيبة المسلمة الفرنسية ـ بأن "التهديد يتجاوز الحجاب؛ لأنه يمس بالحريات الفردية نفسها".
وترى "حميدة بن ساديا" ـ عضو اتحاد "ليو لاجرانج" اليساري ـ أن "التلويح بالخطر الإسلامي في فرنسا (لتبرير سن القانون) عمل غير مسؤول".
http://www.lahaonline.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ
لا جديد في الحجاب
أبو الحسن بن محمد الفقيه
مقدمة:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.. وبعد:
إن ما يميز شريعة الله - جل وعلا - عن القوانين الأرضية والنظم العلمانية؛ أنها صالحة لكل زمان ومكان، فليس هناك زمان إلا وشريعة الله - سبحانه - تصلح له، وليس ثمة مكان إلا ودين الله يصلح له؛ ذلك لأنها ربانية المصدر، ربانية الأحكام،(5/416)
مما يجعلها منزهة عن العيب والخطأ والزلل، فمهما تطورت أنماط حياة الإنسان، ومهما تغيرت أشكالها سلباً أو إيجاباً؛ فإن الإسلام بثوابته الربانية قادر على السير بالإنسان نحو السعادة والهناء بما يتضمنه من الوحي الإلهي الذي يحمل للناس حلول المشاكل كلها على مر الأزمان.
لذلك فدين الله الذي أنزله على رسوله - صلى الله عليه وسلم - ثابت لا يقبل التغيير أو التبديل، قال - تعالى -: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً } (3) سورة المائدة.
فما أحله الإسلام هو الحلال، وما حرمه هو الحرام، ولا يحل لمؤمن يؤمن بالله واليوم الآخر أن يغير أحكام الله - سبحانه - ليجعلها مواكبة لعصر من العصور، مهما كان شأنه وعلا كعبه!
فقضية الحجاب مثلاً، قد فصل القرآن الكريم حكمها تفصيلاً شافياً كافياً منذ زمن بعيد، ورغم الوضوح والبيان الذي تناول به القرآن الكريم والسنة النبوية قضية الحجاب إلا أننا لا نزال نسمع هنا وهناك نقاشات بيزنطية صارخة عن وجوب الحجاب!
ولا نزال نرى كثيراً من المسلمات قد أبين اللحاق بقافلة الستر والعفاف، وأبين إلا مواكبة الانزلاق في متاهات التبرج والانحلال، ومن الغريب العجيب أن نرى بين هؤلاء وأولئك، فرقة لم تنكر وجوب الحجاب في حقها، ولم ترض بالتبرج لبساً لها، لكنها طورت مفهوم الحجاب تطويراً عجيباً يواكب - في رأيها - حضارة العصر، فهو مزيج بين التبرج والحجاب.. وإن شئت فقل: هو حجاب جديد... وما هو في الحقيقة إلا تبرج جديد، لأن الحجاب واحد، والتبرج أشكال! وهنا نتطرق لمفهوم الحجاب كما قرره الإسلام وصفة التبرج وأشكاله؛ ليبقى الحجاب في مأمن من عبث العابثين وتبديل المنهزمين، إذ أحكام الله لا تخضع لانهزام النفوس، فلا جديد في الحجاب!
هذا هو الحجاب:
لقد شهدت الحقبة الأخيرة من هذا العصر عودة محمودة إلى الدين، وأصبحت قضية الحجاب مثارة في كثير من البلدان بما فيها بلاد الكفر.. ولكن تلك العودة تفتقد في كثير من الأحيان إلى التأصيل الشرعي لكثير من القضايا والأحكام الشرعية.
ومن هنا كان التعريف بالحجاب وإدراك حقيقته ومعناه مهماً في الحد من ظاهرة التبرج المقنع، إذ بضدها تتميز الأشياء، فإليك أختي المسلمة مفهوم الحجاب كما قرره الإسلام:
مفهوم الحجاب:
في اللغة: الحجاب في اللغة هو المنع من الوصول، ومنه قيل للستر الذي يحول بين الشيئين: حجاب؛ لأنه يمنع الرؤية بينهما، وسمي حجاب المرأة حجاباً لأنه يمنع المشاهدة.
ولقد وردت مادة (حجب) في القرآن الكريم في ثمانية مواضع تدور كلها بين الستر والمنع.(5/417)
فمن ذلك: قال - تعالى -: {حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} (32) سورة ص أي: احتجبت وغابت عن البصر لما توارت بالجبل أو الأفق.
وقال - تعالى -:{وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ } (46) سورة الأعراف
وقال - تعالى -: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ } (51) سورة الشورى، أي من حيث لا يراه.
وقال - تعالى -: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ} (15) سورة المطففين، أي مستورون فلا يرونه.
وقال - تعالى -: {فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَاباً} (17) سورة مريم، أي ستاراً.
وقال تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ} (53) سورة الأحزاب، أي من وراء ساتر مانع للرؤية.
ومن هنا نعلم أن مفهوم الحجاب في الاصطلاح اللغوي هو الستر، وهو وإن دل على المنع فإن الستر داخل في مفهوم المنع بالتضمن. فالمنع يتضمن الستر.
في الشرع: الحجاب هو حجب المرأة المسلمة من غير القواعد من النساء عن أنظار الرجال غير المحارم لها.
أختي المسلمة: إذا تأملت دلالة الحجاب من حيث اللغة والشرع تبين لك أن غاية الحجاب هو الستر عن أنظار الرجال الأجانب، وأن المقصود من ذلك هو صيانة المرأة المسلمة والحفاظ على عفافها وطهارتها، ومن أجل تحقيق هذه الغاية فقد جعل الإسلام للحجاب شروطاً واضحة تميزه وتحدد مواصفاته الشرعية، فإذا تخلف شرط واحد متفق على وجوبه لم يعد الحجاب شرعياً بل هو تبرج وسفور أياً كان شكله ووصفه، ومن هنا كان واجباً على كل امرأة مسلمة أن تكون عالمة بشروط الحجاب وأوصافه حتى تعبد الله على بصيرة وعلم.
شروط الحجاب الشرعي:
وأما شروط الحجاب الشرعي فهي كالتالي:
1 - أن يكون ساتراً لجميع البدن: وهو الذي عليه عامة أهل العلم في هذا الزمان خصوصاً، "فغاية ما هنالك أن العلماء اختلفوا في وجوب ستر الوجه أو عدم وجوب ستره وحينئذ فيكون كشفه على أعلى تقدير من المباح، والمباح إذا خيفت منه الفتنة والمفسدة فإنه يجب منعه، للقواعد الشرعية التي دل عليها الكتاب والسنة، وهي سد الذرائع ووسائل الشر، وهذه المحاولات التي يحاول بعض الناس اليوم اتباع ما ذكره بعض أهل العلم من جواز كشف الوجه يحصل بها فتح الباب لدعاة السفور والاختلاط، ويدل لذلك أنهم يلحون في هذه المسألة مع أن هناك أشياء أهم منها في دين الله وأنفع منها لعباد الله لا تجدهم يتكلمون فيها أبداً، مع ضرورة الكلام فيها، ثم إننا نقول: انظروا إلى حال النساء في البلاد التي كانوا يتبعون فيها هذا القول الذي هو من مواضع الاجتهاد، هل اقتصر النساء فيها على ما أباحه لهن العلماء من كشف الوجه فقط أو أن النساء كشفن الوجه والرقبة والذراع والعضد والساق وخرجن متهتكات لستر الله - عز وجل -.
والإنسان العاقل البصير يجب عليه أن يقيس الأمور بآثارها ومقتضياتها ويحكم عليها من هذه الناحية، والشرع والحمد لله واسع، فيه قواعد عامة تضبط الشر وتردعه(5/418)
وتمنعه، ومن أدلة استيعاب الحجاب لجميع بدن المرأة: قول الله - جل وعلا -: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً} (59) سورة الأحزاب.
قال القرطبي - رحمه الله -: لما كانت عادة العربيات التبذل، وكن يكشفن وجوههن كما يفعل الإماء، وكان ذلك داعية إلى نظر الرجال إليهن، وتشعب الفكر فيهن، أمر الله رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن يأمرهن بإرخاء الجلابيب عليهن إذا أردن الخروج إلى حوائجهن، وقال - رحمه الله - في تفسير الجلباب في قوله - تعالى -: {مِن جَلَابِيبِهِنَّ }: والصحيح أنه الثوب الذي يستر جميع البدن.
ومن السنة، ما رواه ابن عمر - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:" لا تنتقب المرأة المحرمة، ولا تلبس القفازين " (رواه البخاري في صحيحه).قال أبو بكر بن العربي - رحمه الله -: "قوله في حديث ابن عمر "لا تنتقب المرأة" وذلك لأن سترها وجهها بالبرقع فرض إلا في الحج، فإنها ترخي شيئاً من خمارها على وجهها غير لاصق به، وتعرض عن الرجال، ويعرضون عنها".
فعليك أختي المسلمة: بالحرص على أن يكون حجابك ساتراً لجميع بدنك لما في ذلك من البعد عن الشبهات وقطع الطريق عن الفساق الذين يتربصون ببنات المسلمين في هذه الأزمان لاسيما وأن مقتضى الورع والحشمة هو الستر والاحتجاب الكامل عن أنظار الرجال الأجانب وبالله التوفيق.
2 - أن لا يكون الحجاب في نفسه زينة: لأن الغاية من الحجاب هو تحصيل الستر والعفاف، فإذا كان الحجاب زينة مثيرة، فقد تعطلت بذلك الغاية منه، ولذلك نهى الله - جل وعلا - عن ذلك فقال:{ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا }(النور:31) فإبداء زينة الحجاب من التبرج المنهي عنه شرعاً، قال - تعالى -: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} (الأحزاب: 33)
قال الذهبي - رحمه الله -: ومن الأفعال التي تلعن عليها المرأة إظهار الزينة والذهب واللؤلؤ تحت النقاب، وتطيبها بالمسك والعنبر والطيب إذا خرجت، ولبسها الصباغات والأزر الحريرية والأفنية القصار، مع تطويل الثوب وتوسعة الأكمام وتطويلها، وكل ذلك من التبرج الذي يمقت الله عليه ويمقت الله فاعله في الدنيا والآخر، ولهذه الأفعال التي قد غلبت على أكثر النساء، قال عنهن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((اطلعت على النار، فرأيت أكثر أهلها النساء)).
أختي المسلمة: وتذكري أن كثيراً من المسلمات اليوم قد أخللن بهذا الشرط بقصد أو بغير قصد، فقد كثرت في الآونة الأخيرة أنواع من الحجب المزينة بأنواع من الزينة، وكم تهافتت عليها الغافلات إعجاباً بها.. وسوف نتطرق بإذن الله إلى بيان هذه الألبسة الدخيلة على الحجاب بالتفصيل في هذا الكتاب، ونبين مدى مخالفتها للجلباب الشرعي وأقوال العلماء في ذلك.
3 - أن يكون واسعاً غير ضيق: لأن اللباس الضيق يناقض الستر المقصود من الحجاب، لذلك إذا لم يكن لباس المرأة المسلمة فضفاضاً فهو من التبرج المنهي عنه، إذ إن عورة المرأة تبدو موصوفة بارزة، ويظهر حجم الأفخاذ والعجيزة ظهوراً كاملاً كما تظهر مفاصل المرأة مفصلاً مفصلاً وهذا كله يوجب تعلق النفوس الخبيثة(5/419)
والقلوب المريضة فعن أسامة بن زيد قال: كساني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبطية كثيفة كانت مما أهداها دحية الكلبي، فكسوتها امرأتي، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((مالك لم تلبس القبطية؟ " قلت: يا رسول الله، كسوتها امرأتي، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((مرها فلتجعل تحتها غلالة إني أخاف أن تصف حجم عظامها".
وعن أم جعفر بنت مقعد بن جعفر أن فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالت: ((يا أسماء إني قد استقبحت ما يصنع بالنساء أن يطرح على المرأة الثوب فيصفها)) فقالت أسماء: يا ابنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ألا أريك شيئاً رأيته بالحبشة؟ فدعت بجرائد رطبة، فحنتها ثم طرحت عليها ثوباً، فقالت فاطمة: "ما أحسن هذا وأجمله تعرف به المرأة من الرجل فإن مت أنا فاغسليني أنت وعلي، ولا يدخل علي أحد " فلما توفيت غسلها علي وأسماء - رضي الله عنهما -)).
قال الألباني - رحمه الله - تعليقاً على الحديث: فانظر إلى فاطمة بضعة النبي - صلى الله عليه وسلم - كيف استقبحت أن يصف الثوب المرأة وهي ميتة، فلا شك أن وصفه إياها وهي حية أقبح وأقبح، فليتأمل في هذا مسلمات هذا العصر اللاتي يلبسن من هذه الثياب الضيقة ثم يستغفرن الله - تعالى -، وليتبن إليه وليذكرن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الحياء والإيمان قرنا جميعاً، فإذا رفع أحدهما رفع الآخر ".
فعليك أختي المسلمة باقتفاء أثر أمهات المؤمنين فإن فيه صلاح الدنيا والدين وإياك والاغترار بما عليه جموع المتأخرين.
فكل خير في اتباع من سلف *** وكل شر في ابتداع من خلف
4 - أن يكون صفيقاً لا يشف: فثياب المرأة إذا لم يكن صفيقاً فإنه يجسد جسمها ومواضع الفتنة فيها، وكذلك إذا كان شفافاً فإنه يبرز وجهها ولون بشرتها ويخالف الستر الذي هو غاية الحجاب.
وقد ورد وعيد شديد في النساء اللواتي يلبسن مثل هذه الألبسة التي هي أشبه بالعري إن لم تكن فتنتها أشد فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:((صنفان من أهل النار لم أرهما، قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا" [رواه مسلم]. قال ابن عبد البر - رحمه الله -: "أراد - صلى الله عليه وسلم - من النساء اللواتي يلبسن من الثياب الشيء الخفيف الذي يصف ولا يستر، فهن كاسيات بالاسم، عاريات في الحقيقة".
فعليك أختي المسلمة أن تتقي الله وتحتجبي الحجاب الواجب الذي لا يشف عن شيء من البدن ويقطع عن المسلمين طريق الفتن، وإياك والانجراف من تهاون في أمر الحجاب، فجعلن يتحايلن بلبس الشفاف الخفيف، فصورتهن صورة المحجبات وحقيقتهن عاريات ظاهرات - ولا حول ولا قوة إلا بالله -.
5 - أن لا يكون مبخراً ولا مطيباً: وقد وردت أحاديث كثيرة في تحريم خروج المرأة متعطرة، فمن ذلك ما رواه أبو موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا من(5/420)
ريحها فهي زانية" وعن زينب الثقفية أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا خرجت إحداكن إلى المسجد فلا تقربن طيباً)) [رواه مسلم والنسائي] ومن الواضح أن المرأة إذا خرجت مستعطرة فإنها تحرك داعية الشهوة عند الرجال، لذلك ورد التحريم في ذلك قطعاً لدابر الفتنة وحفاظاً على طهارة المجتمع.
ومن تأمل حديث زينب وجد أن التحريم متعلق بالخروج إلى المسجد، وهو مكان طهارة وعبادة فما بال مريدة السوق والشوارع وغيرها.
6 - أن لا يشبه لباس الرجال: لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ليس منا من تشبه بالرجال من النساء ولا من تشبه بالنساء من الرجال ".
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: "لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرجل يلبس لبسة المرأة والمرأة تلبس لبسة الرجل ".
وهذه الأحاديث نص في تحريم التشبه مطلقاً بالرجال سواء في اللباس أو في غيره، ومن هنا كان على المرأة المسلمة أن تحرص عن الابتعاد عن التشبه بالرجال في لباسها سواء كانت في البيت أو في خارج البيت لا سيما في عصرنا هذا، حيث اختلطت الأمور ولم يعد المسلم يميز في كثير من بلاد المسلمين بين الرجل والمرأة، لشدة التشبه بينهما في اللباس، وقد اكتسحت هذه الموجة جموعاً من المحجبات، فصرن يلبسن من ثياب الرجال تحت عباءاتهن مما يسقطهن في هذا المحظور والله المستعان.
7 - أن لا يشبه لباس الكافرات: وذلك بأن تفصل المرأة المسلمة لباسها تفصيلاً يتنافى مع حكم الشرع وقواعده في موضوع اللباس، ويدل على تفاهة في العقل وفقدان للحياء مما ظهر في هذا العصر وانتشر باسم الموديلات التي تتغير من سيئ إلى أسوأ، وكيف ترضى امرأة شرفها الله بالإسلام ورفع قدرها، أن تكون تابعة لمن يملي عليها صفة لباسها، ممن لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر.
فاحذري أختي المسلمة: أن تتشبهي باليهود والنصارى أو غيرهم من المشركين في ملابسهم؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:((من تشبه بقوم فهو منهم)). وعن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - قال: "رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علي ثوبين معصفرين فقال: إن هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها".
8 - أن لا يكون لباس شهرة: ولباس الشهرة هو الذي تلبسه المرأة لإلفات وجوه الناس إليها، سواء كان هذا الثوب رفيعاً أو وضيعاً، لأن علة التحريم هي تحقق الشهرة في الثياب، فقد روي عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:" من لبس ثوب شهرة في الدنيا ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة، ثم ألهب فيه ناراً".
فاحذري أختي المسلمة، من الوقوع في هذا المحظور، فإن الحجاب الواجب لا يتحقق إلا باستكمال هذا الشرط الذي غفل عنه كثير من المسلمات، إذ يظن كثير منهن أن تفرد الثوب بوصف يجعله مشتهراً بين الناس ليس من المحظور في لبس الحجاب، ولذلك تفشت ظاهرة التنافس في مثل هذا اللباس والله المستعان.(5/421)
أختاه: فهذه الشروط الثمانية هي الشروط المعتبرة عند العلماء في الحجاب، فإذا رمت الستر والعفاف والحشمة والحياء، وطاعة الله ورسوله، فعليك بمراعاتها في حجابك، فإن الحجاب لا يمكن أن يكون حجاباً إلا إذا استوفى تلك الشروط.
ولذلك فإن الحجاب مهما تغير لونه وشكله فهو في النهاية واحد، إذ إنه منتظم على أية حال بتلك الشروط المذكورة. أما التبرج فهو أشكال وأنواع لا تتناهى، لأنه لا ينتظم بشرط، ولا يتقيد بقيد، ولا ينضبط بضابط، فهو خبط عشواء، تتفاوت درجات العرى وقلة الحياء فيه بحسب تفاوت رغبة صاحبه.
فما هو التبرج؟ وما هي حدوده؟ وماذا عن الحجاب الجديد؟
حقيقة التبرج:
بعد أن بينا حقيقة الحجاب ومعناه، وفصلنا شروطه وأوصافه، بقي لنا أن نعرف بالتبرج والسفور، وأن نفصل أوصافه وأشكاله حتى لا تقع في شراكه الغافلات، ممن تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وهن يحسبن أنهن يحسن صنعاً.
1 - مفهوم التبرج: والتبرج في الشرع هو: إظهار الزينة، وإبراز المرأة محاسنها، وقيل هو التبختر والتكسر في المشية.
والتبرج هو نقيض الستر والعفاف، وضد للحجاب إذ كل لباس تلبسه المرأة المسلمة في غير أهلها - وانخرم فيه شرط من شروط الحجاب المتفق عليها فهو تبرج وسفور.
ومن هنا كان التبرج أشكالاً متعددة، وليس بالضرورة أن تكون الكاشفة عن ساقيها هي المتبرجة وحدها، وإنما يصدق التبرج على كل امرأة تخلف في لباسها شرط الحجاب.
2 - التبرج كبيرة من الكبائر: فعن أبي هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات، مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا".رواه مسلم،. وقوله - صلى الله عليه وسلم - " كاسيات عاريات " يصدق على الألبسة الشفافة والضيقة والقصيرة والخفيفة، وإذا كانت علة التحريم هي ضيق الثياب وقصرها فما بالك بالعري الصارخ بكشف الذراع والساق وغير ذلك.
يا أخت سابغة البرا قع في الأباطح والوعور
قري فديتك حيث لا تؤذيك لافحة الهجير
ودعي الجنوح إلى السفور وخففي ألم العشير
النمر لو لزم الشرى من كان يطمع في النمور
والطير تأخذها شباك الصيد في ترك الوكور
أختي المسلمة: لقد أمرك الله بالحجاب، ونهاك عن التبرج فقال:{ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى } (33) سورة الأحزاب قال القرطبي - رحمه الله -: المقصود من الآية مخالفة من قبلهن من المشية على تغنيج وتكسير وإظهار المحاسن للرجال إلى غير ذلك مما لا يجوز شرعاً، وذلك يشمل الأقوال كلها ويعمها، فليلزمن البيوت، فإن مست الحاجة إلى الخروج فليكن على تبذل وتستر تام، والله الموفق. فالتزمي رعاك(5/422)
الله بنور الطاعة، فإن عزتك في الحجاب، ولو تأملت ما وصلت إليه نساء الغرب وكثير من نساء بعض البلدان الإسلامية، لوقفت شاهدة على مثالب التبرج وأخطاره، ولعلمت أن الله - جل وعلا - ما - حرمه إلا لضرره الأكيد على الأفراد والمجتمعات.
يا من هديت إلى الإسلام راضية *** وما ارتضيت سوى منهاج خير نبي
إن الحجاب الذي نبغيه مكرمة *** لكل حواء ما عابت ولم تعب
نريد منها احتشاماً، عفة، أدباً *** وهم يريدون منها قلة الأدب
لا تحسبي أن الاسترجال مفخرة *** فهو الهزيمة أو لون من الهرب
صوني حياءك،صوني العرض،لا تهني *** وصابري واصبري لله واحتسبي
3 - ما ليس من الحجاب: ولباس المرأة المسلمة لا يكون حجاباً في ذاته إذا فقد شرطاً فأكثر من الشروط المتفق عليها في الحجاب، فكل لباس تلبسه المرأة في غير أهلها وكان كاشفاً لعورتها فهو تبرج.
وكذلك إذا كان زينة في نفسه أو شفافاً مظهراً لما يجب ستره من العورة، أو ضيقاً أو معطراً أو يشبه لباس الرجال أو يثير الناس لشهرته أو يشبه لباس الكافرات، فهو بواحد من هذه الأوصاف أو أكثر ليس من الحجاب المأمور به شرعاً بل هو تبرج وسفور.
ومن هنا كان وصف التبرج متعلقاً بالإخلال بشروط الحجاب، وليس بوصف معين ترتديه المرأة المتبرجة، فصاحبة السروال الضيق والعري الصارخ تستوى هي وصاحبة العباءة الفاقعة الضيقة في استحقاق وصف التبرج لاشتراكهما في مطلق الإخلال بشروط الحجاب الشرعي وإن كانتا تفترقان من حيث الوصف في درجة العري والتبرج، فتأملي أختي المسلمة في هذا الأمر، فإن بعض الغافلات انطلى عليهن الأمر حتى ظنن أن التبرج هو العري، وأن لبس العباءة على أي شكل من الأشكال هو حجاب لا تبرج.
وإليك بعض أشكال التبرج حتى تكوني على بينة من الأمر:
1 - التبرج الفاضح: وهذا التبرج تفهمه العامة والخاصة، لأنه يناقض الفطرة والغيرة والشرف تناقضاً لا مرية فيه، ويندرج تحته كل لباس تلبسه المرأة لتواكب به مستجدات الموضة العصرية " مهما تطلب ذلك منها من كشف لعورتها وهتك لسترها " ويشمل ذلك: السراويل الضيقة المبرزة لجميع العورة بلا استثناء، والإزار الذي تلبسه المرأة من السرة إلى الركبة أو فوق الركبة أحياناً وهو ما يسمونه ب " المني جيب " و "الميكرو جيب "، وكذلك الثياب الكاشفة للذراعين والصدر والعنق.
وأما العباءة والخمار فلا محل لها في هذا التبرج الفاضح.
ولأن هذا التبرج لا يعرف للحياء سبيلاً فإن صاحبته لابد أن تضع على وجهها من المساحيق والألوان ما تثير به إعجاب الناظرين، ومن الذهب والحلي ما تستميل به قلوب المتربصين، ومن زينة الشعر ونمص الحاجبين ما تفتن به المارين.
قل للجميلة أرسلت أظفارها *** إني لخوف كدت أمضي هارباً
إن المخالب للوحوش نخالها *** فمتى رأينا للظباء مخالباً
بالأمس أنت قصصت شعرك غيلة *** ونقلت عن وضع الطبيعة حاجباً
وغداً نراك نقلت ثغرك للقفا *** وأزحت أنفك رغم أنافك جانباً(5/423)
من علم الحسناء أن جمالها *** في أن تخالف خلقها وتجانبا
وهذا النوع من التبرج ما ظهر في بعض الدول الإسلامية إلا بعد الاستعمار الغربي الكافر، فكان التبرج من أعظم المصائب التي غرسها ورعاها في بلاد المسلمين، حيث سخر كل طاقاته وإمكاناته في سبيل إخراج المرأة المسلمة إلى التبرج والسفور بعدما كان الحجاب لباسها لقرون طويلة، وكان لظهور الحركات التي تزعم الدعوة إلى تحرير المرأة الأثر الكبير في تسهيل المخططات الغربية المستهدفة لحجاب المرأة، ومن اطلع على الحملة التي شنها قاسم أمين وسعد زغلول وطه حسين وغيرهم من أحفاد اليهود على الحجاب والظروف التاريخية التي زامنت حملتهم، أدرك تمام الإدراك؟ أن تحريك فتنة التبرج والعري في العالم الإسلامي كان من أهم أهداف الاستعمار الغربي.
ومن المؤسف أن تلك الحملة الشيطانية حققت أهدافها في كثير من بلدان المسلمين حتى أصبح التبرج والسفور من دلالات تحرر المرأة ومن أبجديات التقدم والحرية إلى يومنا الحاضر!!
لقد آن الأوان للمرأة المسلمة أن تكون في مستوى المجابهة والتحدي، وأن تفطن لمكائد الأعداء وأساليبهم في الترويج لأساليب التبرج والفساد، وأن تستعين بالله ثم بالعلم حتى لا تكون فريسة للذئاب.
2 - التبرج الجديد: وهذا التبرج وإن صدق عليه مسمى السفور من حيث الوصف إلا أن شكله عموماً أشبه ما يكون بالحجاب، ولذلك تعتقد كثير من المسلمات أنه هو الحجاب المأمور به شرعاً، وأن الأمر واسع لا ينبغي الحجر فيه.
إن التبرج الجديد هو الذي اصطلحوا على تسميته "بالحجاب العصري " وهو وإن كان مخلاً في الجملة بشروط الحجاب الشرعي إلا أنه لا يصل إلى درجة العري الفاضح، لكنه في النهاية يسمى تبرجاً وهو تعبير عن مرحلة انتقال لما هو شر منه، فأعداء الحجاب جعلوه "حلاً وسطاً" تساير به المرأة المسلمة تطورات الموضة والزينة، وفي الوقت نفسه تكون بعيدة عن التبرج الصريح، وما هو في الحقيقة إلا استدراج ماكر، بيته دهاقنة دور الأزياء والموضة، وأباطرة الدعوة إلى السفور والانحلال للقضاء على الحجاب الشرعي، والنيل من بنات الإسلام وجواهر المجتمع ليسهل عليهم النيل من المسلمين جميعاً كما جرت بذلك العادة في كثير من دول المسلمين.
4 - ومن أنواع التبرج:
1 - لبس الضيق من الثياب: ويصدق على كل لباس تلبسه المرأة في غير أهلها - بحيث يلتصق ببدنها ويبرزه للناظرين الأجانب، سواء كان هذا اللباس سروالاً أم عباءة أم غير ذلك، لأن علة التحريم هي الضيق المناقض للستر، وصاحبته تدخل في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ونساء كاسيات عاريات " كما سبق بيانه، ويدخل في هذا النوع من اللباس ما استحدث لكثير من الغافلات من الثياب الضيقة التي هي عبارة عن سروال وعباء. تصل إلى الركبة وقد تضع صاحبته حزاماً على خصرها إمعاناً في إظهار مفاتنها، وهذا كله من الأمور المنهي عنها في الحجاب لأنها تناقض غايته ومقصوده، وصاحبات هذا النوع من الحجاب يصدق عليهن قول الشاعر:(5/424)
إن ينتسبن إلى الحجاب *** فإنه نسب الدخيل
أهي التي فرض الحجاب *** لصونها شرع الرسول
جعل الحجاب معاذها *** من ذلك الداء الوبيل
ويدخل في هذا النوع من الثياب ما يسمى "بالكاب ":
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين: إنه قد كثر السؤال عما يسمى "بالكاب " وهو اللباس الذي تلبسه المرأة بدلاً عن العباءة والحقيقة أن هذا اللباس لا يكون ساتراً كما تستر العباءة إنه يبدي حجم الكتفين، ويبدي حجم الرقبة، ويبدي حجم الرأس، ويبدي حجم اليدين والذراعين والعضدين، وإنه مع ذلك يعتبر مرحلة انتقال لما هو شر منه كما جرت به العادة.
إن الناس يتدرجون في الأشياء شيئاً فشيئاً حتى يصلوا إلى ما وصل إليه من يتبرجون تبرجاً ظاهراً لا إشكال في تحريمه.
2 - العباءة المفتوحة: أي التي تظهر من فتحتها الأمامية ثياب المرأة وزينتها. لاسيما إذا كانت الشابة المسلمة أو المرأة تلبس سروالاً مجسماً لبدنها، وثياباً مبرزاً لصدرها فحينئذ يكون هذا اللباس أشد خطراً وفتنة، قال - تعالى -:{وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ } (31) سورة النور فإذا كان الله نهى عن الضرب بالرجل خوفاً من سماع الخلخال المستور فكيف بمن تلبس جميل الثياب ثم ترفع العباءة عنه ليراه الناس بأعينهم فيفتنهم، فإن الفتنة بما يرى أعظم من الفتنة بما يسمع وليس الخبر كالمعاينة.
3 - العباءة القصيرة: ومعلوم أن العباءة القصيرة لا تستر سائر البدن فهي كاشفة لبعض العورة، لاسيما إذا كانت المرأة تتعمد رفعها أو ترفعها عن أسفل جسمها أو تشدها بيدها من فوق عجيزتها حتى يتبين حجمها، وهذا كله خلاف ما أمر الله به من الحجاب، قال - تعالى -:{ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى } (33) سورة الأحزاب وقال - سبحانه -: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} (31) سورة النور.
4 - العباءة المزوقة والمشبكة: ونعني بها التي تصل إلى درجة الشهرة لأنها تسبب الفتنة بإلفات وجوه الناظرين، لاسيما إذا كانت ألوانها زاهية مثيرة، وتزاويقها مغرية، وقد يكون فيها من التشبيك ما يظهر لحم المرأة في ذراعيها، فكل هذه الأنواع من المنهيات التي نهي الله - جل وعلا - عنها وكلها تدخل في قول الله - جل وعلا -: { وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ } (31) سورة النور، كما يدخل في ذلك أيضاً ما يسمى "نصف الكم " "وربع الكم " واتساع ما حول العنق وهو ما يسمى "الدلعة".
5 - العباءة الشفافة: وهي التي تلتصق على جسد المرأة، فتبرز بدنها فتكون فتنتها أشد وأخطر، وهذا النوع من اللباس يدخل صاحبته في الوعيد الذي أخبر به الرسول - صلى الله عليه وسلم -: صنفان من أهل النار لم أرهما بعد - وذكر منهما - "نساء كاسيات عاريات " الحديث، إذ من شرط الحجاب أن يكون صفيقاً غير شفاف لكيلا تتجسم عورة المرأة ويتحقق الستر المقصود من الحجاب.
6 - التشبه بالكفار أو الرجال: ويحرم على المرأة مطلقاً أن تتشبه بالكافرات أو بالرجال في لباسها سواء في بيتها أو غيره لعموم الأدلة الدالة على التحريم، فإذا(5/425)
تشبهت بالكافرات في لباسها فقد ارتكبت معصيتين: الأولى: التبرج والسفور لأنه لا يوجد في لباس الكافرات حجاب شرعي.
والثانية: التشبه بالكافرات لأن الله - جل وعلا - نهى عن ذلك، ويدخل في هذا الألبسة، ما اعتبر عادة وعرفاً من لباس الكافرات مما تظهره بيوت الأزياء والموضة الغربية "وإننا لنأسف كل الأسف أن يأخذ أقوام من هذه الأمة المسلمة بكل ما ورد عليهم من عادات وتقاليد وشعارات من غير أن يتأنوا فيها وينظروا إليها بنظر الشرع والعقل ".
7 - اللباس المبخر: فهو حجاب من حيث الوصف لكنه لا يحقق الستر وإبعاد أنظار الأجانب من حيث الأثر بل بالعكس يلفت وجوه الناس بطيبه القوي الرائحة فيفتن كل من في قلبه مرض من الرجال، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -:إن المرأة إذا استعطرت فمرت بالمجلس فهي كذا وكذا يعني زانية.
أختي المسلمة: كانت هذه إشارات عابرة تدلك بإذن الله على المعنى الصحيح الشرعي للحجاب، وتزيل ما حوله من شبهات لاسيما في أيامنا هذه، حيث اختلطت الأمور وكثر الهرج، وأصبح العري تحرراً وتقدماً، والتبرج والسفور حجاباً، والحجاب والحشمة تشدداً! فإياك أن تفرطي في الحجاب، فإنه تعبير صامت عن جمال الحشمة والحياء والطهارة والنقاء.
أختاه يا بنت الإسلام تحشمي *** لا ترفعي عنك الخمار فتندمي
صوني جمالك إن أردت كرامة *** كيلا يصول عليك أدنى ضيغم
حلل التبرج إن أردت رخيصة *** أما العفاف فدونه سفك دم
لا تعرضي عن هدي ربك ساعة *** عضي عليه مدى الحياة لتغنمي
وصلى الله على محمد وعلى اله وصحبه أجمعين.
http://www.islam - home.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ
لباسك اتقى الله فيه
لا شك أن اللباس والمظهر الخارجي الأنيق له دور هام في إظهار جمال المرأة، ولا شك أن الحجاب الشرعي من أفضل ما تزينت به المرأة عند خروجها من بيتها.
والله - سبحانه وتعالى - لما ذكر اللباس وذكر تفضله على عباده عرج على الجمال الحقيقي وهو التقوى قال - تعالى -: (يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباساً يواري سوأتكم وريشاً ولباس التقوى ذلك خير).
والحجاب الشرعي سر لجمال المرأة وكما قيل: المرأة كالجوهرة إن أكثر النظر إلى جمالها ذهبت قيمتها ونضارتها، وكذلك المرأة، وهنا يكمن سر جمال الحجاب الشرعي.
أما التزين للزوج بأنواع مختلفة من الثياب فله دور هام في جذب الرجل لزوجته، وبقاء المودة والألفة، ذلك أن الرجل الذي يرى زوجته معتنية بمظهرها الخارجي وبملابسها الأنيقة والنظيفة لا شك أنه يشعر بسعادة، ويزداد وداً ومحبة، وعلى نقيضه من أن يأتي إلى بيته ويرى زوجته بثياب البيت ورائحة الطعام على ثيابها فالأمر مختلف.(5/426)
ولا بأس أن تستخدم المرأة من الأزياء ما تريد بشرط أن لا يكون فيها مشابهة لملابس الرجال (وقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه لعن المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال ).
على المرأة أن تختار ما يناسبها ويناسب شخصيتها وأسلوبها ولا تلجأ إلى محاكاة الصديقات أو الجري وراء الموضة العالمية بطريقة عشوائية.
واعلمي أن لكل جسم ما يناسبه، ولكل شخصية ما يناسبها، وعموماً فإن أكثر ما يلائم حواء الممتلئة هي الألوان الداكنة والبعيدة عن الألوان الصاخبة، وأما الغير ممتلئة أو النحيفة فأكثر ما يلائمها الألوان الفاتحة والغير داكنة.
http://www.lahaa.com المصدر:
ـــــــــــــــــــ
الحجاب أم العلم المشروط بالسفور أو الاختلاط ؟
قد يتعرض المسلم لمثل هذه البلية فيمن ولاه الله أمرهم من النساء: بنات، أخوات، زوجات...
وقد تتعرض المسلمة لمثل هذه البلية في خاصة نفسها... فإما أن تلتزم حجابها و ترفض الاختلاط فتفقد مقعدها في الدراسة أو التدريس، وإما أن تفرط في حجابها و تقبل بالاختلاط بالأجانب مقابل حصولها على مقعد التعليم: تدريساً أو دراسة.. فماذا تصنع؟
إليكم الجواب فيما يلي:
في بعض البلاد الإسلامية [ تركيا] التي ابتليت بحكم العلمانيين منعت الطالبة المحجبة من التعليم إلا بشرط خلع الحجاب..
وهذه القضية ما كانت لتطرح في غير هذه الظروف المعاصرة..
فلم يكن الحجاب يوماً ما ضد العلم ولا العكس، والمعركة بينهما اليوم مفتعلة..
والعجيب أن من الناس من أجاز للفتاة المسلمة أن تخلع حجابها لأجل التعليم!!.
والمسألة تحتاج إلى ميزان شرعي، به نحكم بجواز ذلك من عدمه..
فمن المعلوم أن المحرم ـ وكذا المباح ـ لا يعارض الواجب، فالواجب لابد من فعله، والمحرم الذي يعارضه لابد من تركه، وكذا المباح، أي إذا تعارض واجب ومحرم قدم الواجب بلا تردد، وإذا تردد واجب ومباح قدم الواجب كذلك بلا تردد، وعلى ذلك نقول:
ما هو هذا العلم الذي لأجله أجاز هؤلاء للفتاة المسلمة أن تخلع حجابها؟.
والجواب أن نقول:
العلم علمان:
علم شرعي، وعلم دنيوي..
- فأما العلم الشرعي فمنه ما هو واجب على جميع الناس ذكوراً وإناثاً.
- ومنه ما هو مستحب في حق الفرد، ليس فرض عين.
فأما الواجب فهو معرفة أركان الإسلام والإيمان ونواقض الإسلام وأحكام الطهارة والصلاة والصيام والزكاة لمن ملك نصاباً والحج لمن استطاع إليه سبيلاً ونحوها، أي ما يمكن به القيام بالحد الأدنى من الدين.(5/427)
وأما المستحب فهو ما زاد على ذلك، ولاشك أن المعركة ليست هنا، لأن أولئك المحاربين للحجاب في تلك البلاد الداعين إلى السفور باسم العلم لو كانوا ممن يحبون العلم الشرعي لأحبوا تعاليمه التي من أبرزها وأظهرها الأمر بالتزام الحجاب للمرأة.
لكن لو فرضنا أن الفتاة لن تتعلم العلم الشرعي إلا بنزع الحجاب فما الحل؟.
الحل أن يقال:
إن كان السؤال عن العلم الشرعي المستحب، فالجواب ظاهر وهو أنه لا يترك الواجب لأجل المستحب، فالحجاب واجب، والتوسع في العلم مستحب، وفعل الواجب مقدم على فعل المستحب.
أما إذا كان السؤال عن العلم الشرعي الواجب، فهنا تعارض واجبان، فما المخرج؟.
المخرج أن نقول:
إن كان يمكن تحصيل أحد الواجبين وهو العلم الواجب بغير خلع الحجاب فهو المتعين، وإن فرضنا أنه لا يمكن ذلك إلا بنزع الحجاب، فالحكم أنه لا يجوز خلع الحجاب ولو كان لتعلم العلم الشرعي الواجب، لعدة أسباب:
أولاً: لأن الحفاظ على العرض الذي لأجله شرع الحجاب من أوجب الواجبات، بل هو من الضرورات الخمس.
ثانياً: ولأن تعلم العلم الشرعي ليس مقصوراً على المدارس والجامعات، فإن المرأة بإمكانها أن تتعلم وهي في بيتها من خلال الكتاب والشريط، ومن خلال سؤال أهل العلم.
ثالثاً: لابد أن الله سيجعل لها مخرجاً وسبيلاً، ولن تدوم هذه الأحوال المنافية للفطرة والدين طويلاً، فعلى المسلمة الصبر والتقوى، والله يقول: {ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب}.
فبين لحظة وأخرى يغير الله من حال إلى حال.
رابعاً: ولأن الفتاة ما دامت تقرأ وتكتب فإن بإمكانها أن تتعلم أمور دينها من غير دراسة نظامية.
إذن ليس هناك تعارض ألبتة بين العلم الشرعي الواجب وبين الحفاظ على الحجاب، ومن زعم أن هناك تعارضاً حقيقياً لأجله يجوز للمرأة أن تخلع حجابها فقد أبعد النجعة وقال مالا علم له به.
وأما عن العلم الدنيوي، فإنه على قسمين:
- منه ما لا تحتاج إليه المرأة.
- ومنه ما تحتاج إليه.
فأما الأول فهو على نوعين:
الأول: علم لا يضر الجهل به، ولو كان مفيداً مثل العلوم الطبيعية، وهذا لا يمكن أن يكون مسوغاً لخلع الحجاب لأنه مباح، ولا يترك الواجب لأجل المباح.
والثاني: علم يضر ولا ينفع، مثل دراسة النظريات الإلحادية في العقيدة والأخلاق، وهذا لا يسوغ نزع الحجاب بداهة، فدراسة هذا العلم يضر، فكيف يترك الحجاب لأجل شيء ضار على الخلق والدين؟!.
وأما القسم الثاني الذي تحتاجه المرأة، فهو كذلك على نوعين:(5/428)
الأول: علم يمكن للمرأة تحصيله من غير دراسة نظامية، كالخياطة وتدبير المنزل والتربية، فهذا يمكن تحصيله من خلال الاحتكاك بمن تحسن هذه العلوم، ومن غير الجائز أن تترك المرأة حجابها لأجل علم يمكن لها أن تحصله من غير طريق الدراسة.
فلم يبق معنا إلا العلم الذي تحتاجه المرأة، ولا يمكن تحصيله إلا بالدراسة في الجامعة، وهذا هو النوع الثاني.
الثاني: وليت شعري ما يكون هذا العلم؟!!.
إن المرأة لا تحتاج إلا تعلم أمور دينها، وقد مضى الكلام على هذا آنفاً، وتعلم ما يعينها على أداء وظيفتها كأم ومربية ومدبرة منزل، وهذه الأمور لا تحتاج إلى دراسة نظامية، بل يمكنها اكتسابها بالاحتكاك.
إذن لم يبق سبب شرعي أو عقلي صحيح يدعوها إلى نبذ حجابها باسم العلم، سواء كان العلم دينياً أو دنيوياً، فالحجاب فوق ذلك كله، فالعلم الديني يأمر بالحجاب، ولا يمكن أن يكون وسيلة لنبذ الحجاب، والعلم الدنيوي إن كان سبباً في الإخلال بالدين فلا خير فيه.
فهذه هي أقسام العلوم، فأيها تدور المعركة حولها؟.
نحن نعلم أن تلك الدول العلمانية التي تحارب الحجاب لا تلتزم في مناهجها الحفاظ على الدين والخلق، بل فيها ما يضاد الدين ويحاربه، وإذا كان كذلك فكيف يكون هذا العلم المضاد للدين مسوغاً لترك المرأة حجابها؟..
فإذا كنا نقول: لا يجوز للمرأة أن تخلع حجابها ولو كان ذلك من أجل تعلم علم شرعي واجب أو مستحب فمن باب أولى أن نقول: لا يجوز لها أن تخلع حجابها من أجل تعلم علم دنيوي فيه ما يضر ولا ينفع، وفيه ما لا يضر الجهل به، وفيه علم يمكن تحصيله من غير هذا الطريق الذي يلزم بنزع الحجاب.
إن المسألة تحتاج إلى ضبط نفس وانصياع تام لأوامر الشرع وفهم لمقاصد الدين، فلا ينبغي أن نضغط على أحكام الدين من أجل الإفساح لأحكام الواقع.
وبعض الذي جوزوا للفتاة المسلمة خلع حجابها لأجل التعلم، غفلوا عن النظر في طبيعة العلم الذي لأجله أجازوا ذلك، وصار همهم كله في كيفية دفع الجهل عن الفتاة المسلمة، وكأن الجهل لا يندفع إلا بالدراسة في الجامعة، ونسوا أن يسألوا أنفسهم: ما هو هذا العلم الذي لأجله نبيح للفتاة أن تستهين بحجابها؟ أهو علم شرعي موصل إلى الجنة؟ أم علم علماني يحارب الدين، ويدعو إلى نبذ كل شيء يتصل به؟.
وقد ينسى الإنسان في غمرة الأحداث قضية أخرى لا تقل أهمية وهي:
أن الأمر لا يقف عند حد خلع الحجاب، فهناك ما هو أطم، وهو الاختلاط!!.
لو قال أولئك اللادينييون:
قد رضينا بدخول الفتاة المحجبة الجامعة دون شرط نزع الحجاب، أكنا نرضى ونحن نعلم أن هناك اختلاطاً؟ ما الفائدة من الحجاب إذا كانت الفتاة تجلس بجنب الفتى لتلقي العلم؟ هذا والحجاب الذي يقولون به ليس هو الحجاب الشرعي بالمعنى الصحيح، بل هو ستر الجسد كله إلا الوجه واليدين، وهذا يعني أنه ينظر إليها وتنظر إليه، أليس هذا طريقاً للفتنة؟ وأين أمر الله - تعالى -:{ وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء(5/429)
حجاب}؟ ولا حجاب هنا، بل خطاب مباشر، وأين قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إن المرأة عورة)رواه الترمذي؟ وهذا بلا شك محظور في كلام الشارع.
فهنا قد اجتمع شران:
الأول: الاختلاط، وقد فات من أفتى بجواز أن تخلع الطالبة حجابها لأجل العلم أن يتأمل في حكم هذا الاختلاط.
والثاني: خلع الحجاب..
وهذان الأمران يفضيان إلى الفاحشة وفساد الأعراض، والشارع عمل على منع كل سبيل يفضي إلى اجتماع الرجل بالمرأة، فنهى عن:
- النظر.
- والكلام الرقيق والمباشر من غير حجاب.
- والسفر بغير محرم.
- والخروج بغير حجاب.
- وحث على القرار في البيت.
فمن أدرك مقصد الشرع من ذلك لا يمكن أن يقول بجواز أن تخلع الفتاة حجابها لأجل العلم، لو كان هذا العلم نافعاً، فكيف إذا كان ضاراً، أو أقل أحواله أنه لا يضر الجهل به؟
وإن من الأمور المقلقة أن تصبح البدهيات والثوابت الشرعية موضع جدل ونقاش.
إن الشرع قد سن لنا حدوداً لا يجوز لنا أن نتخطاها في قضايا كثيرة، وهي محل إجماع بين كافة الشرائع:
- في الأخلاق الزنا محرم، واحتجاب المرأة واجب.
- وفي الاقتصاد الربا محرم.
- وفي العقائد الشرك محرم.
وهذه الأحكام لا تختلف في أي زمان أو مكان.
فمن أدرك هذا عرف أن القول بجواز خلع الحجاب لأجل العلم قول مناقض للفطرة والدين والخلق.
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ
معركة الحجاب مع دعاة السفور لا مع مبيحي الكشف
هناك فرق كبير بين العلماء المجيزين لكشف الوجه وبين دعاة السفور، لربما خلط بعض الناس بينهما، فظن ما يطلق من أحكام في حق فريق هو بالضرورة يشمل الآخر، وليس الأمر كذلك.
ولأجل إيضاح هذه الحقيقة المهمة، حتى لا ينخدع عامة الناس، ولكي نقطع الطريق على المتسلقين على ظهور الآخرين نقول:
المعركة القائمة اليوم في مسألة كشف الوجه هي معركة بين دعاة الفضيلة والحجاب ودعاة الرذيلة والسفور، ودعاة الفضيلة يمثلهم العلماء القائلون بوجوب تغطية الوجه، وكذا العلماء القائلون بكشف الوجه، ودعاة الرذيلة والسفور يمثلهم المستغربون.(5/430)
إذن كافة العلماء من يقول بوجوب التغطية ومن يقول بجواز الكشف يقفون في خندق واحد أمام دعاة السفور الذين ينادون بكشف الوجه.
نقول هذا لأن المستغربين دعاة السفور يسعون جاهدين للالتصاق والانتساب إلى العلماء القائلين بكشف الوجه ليوهموا الناس أنهم منهم وما هم منهم، وغرضهم من ذلك حماية أنفسهم من اكتشاف حقيقة دعوتهم في نشر الرذيلة ونزع الحجاب وهتك ستر المرأة، وأيضاً من أجل السلامة من سخط الناس ونبذهم.
إن الذين أجازوا كشف الوجه من العلماء ليسوا هم دعاة سفور، ولا العكس، وهاكم الفروقات بين الفريقين:
- من أجاز الكشف، أجازه مستنداً إلى الدليل الشرعي، بغض النظر عن صواب قوله أو خطئه، أما دعاة السفور فلا يؤمنون بالدليل أصلاً، بل يكرهون ما أنزل الله، ويتبعون أهواءهم وشهواتهم، فمصدر التلقي عند الفريقين مختلف اختلافاً جذرياً وكلياً، هذا يتلقى من الكتاب والسنة، وذاك يتلقى عن الهوى والفكر الغربي.
- من أجاز الكشف يرى التغطية أفضل، ولا يجادل في هذا أحد، بينما دعاة السفور يرون الكشف أفضل بإطلاق، ليس كشف الوجه فحسب بل كشف سائر البدن، حتى تغدو المرأة بلا ستر ولا حياء.
- من أجاز الكشف يرى وجوب التغطية حال الفتنة، بينما دعاة السفور يرومون الفتنة ويبحثون عنها، ويشجعون على الكشف لأجل إثارة الفتنة والفساد.
ومن هنا لا بد أن نفرق بين طريقة الرد على المبيحين للكشف، وبين طريقة الرد على دعاة السفور.
فأما إذا رددنا على من أباح الكشف من العلماء، ناقشناه بالدليل والحجة والبرهان، بعرض ما لدينا من أدلة، ونقض ما لديهم من أدلة، في جو من الأدب والسماحة.
وأما إذا رددنا على دعاة السفور فلغة الرد لا بد أن تختلف، فنحن لا نناقش أناساً يؤمنون بالدليل الشرعي، وإن أظهروا ذلك، فكلامهم وحالهم يدل على القطيعة الكبيرة بينهم وبين الدين المنزل من رب العالمين، فالرد عليهم يكون بالموعظة والتخويف بالله، والمجادلة، وتبيين أهدافهم من وراء السعي إلى كشف الوجه.
وعندما يتصدى أحد العلماء للرد على دعاة السفور ستجد في كلامه الموعظة وتبيين مقاصدهم، والزجر لهم، وتحذير الناس منهم، هذا هو الذي ينبغي، وهذا هو منهج القرآن في الرد على المعاندين، المستكبرين، المصرين على الخطأ، المفسدين، الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا: { إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة، والله يعلم وأنتم لا تعلمون}.
وحينئذٍ لا وجه للاعتراض على العالم الذي اتخذ ذلك السبيل في الرد على دعاة السفور، بعد أن تبين أن هذا هو الرد الشرعي، وهذه هي طريقة القرآن.
وهنا ينبري دعاة السفور للتشنيع على من رد عليهم وحذر منهم، ووعظهم وخوفهم، بأنه أحادي الرأي لا يقبل القول الآخر، وأنه يلغي ويتجاهل أقوال العلماء المجيزين للكشف، وأنه يتهمهم في دينهم وفهمهم، يفعلون ذلك لأجل:
- أن يوهموا الناس أن دعاة السفور ومن أجاز الكشف في صف وخندق واحد.(5/431)
- أن يوقعوا بين العلماء المحرمين للكشف والمجيزين، بحيث يظن المجيزون أن كلام المحرمين ضدهم وفي حقهم.
- أن يشوهوا صورة المحرمين للكشف بإظهارهم في صورة الطاعن في علماء الأمة، الذي لا يعرف قدرهم وكل ذلك باطل، فليس دعاة السفور ومن أجاز الكشف في خندق واحد ألبتة، بل كل العلماء على اختلاف أقوالهم (من أجاز ومن حرم الكشف) في خندق واحد ضد دعاة السفور الذين لا هم لهم إلا نزع حجاب المرأة وهتك سترها.
وردود العلماء الحاسمة والفاضحة إنما هي منصبة على دعاة السفور لا على العلماء المبيحين للكشف.
فلا بد إذن من معرفة طرائق هؤلاء في التلبيس والخداع، وهم وإن خدعوا حيناً إلا أن سحرهم سينقلب عليهم.
http://www.saaid.net المصدر:
ـــــــــــــــــــ
رسالة في الاختلاط
لسماحة الشيخ / محمد بن إبراهيم آل الشيخ
* اختلاط الرجال بالنساء له ثلاث حالات :
الأولى : اختلاط النساء بمحارمهن من الرجال ، وهذا لا إشكال في جوازه .
الثانية : اختلاط النساء بالأجانب لغرض الفساد ، وهذا لا إشكال في تحريمه .
الثالثة : اختلاط النساء بالأجانب في : دور العلم ، والحوانيت والمكاتب ، والمستشفيات ، والحفلات ، ونحو ذلك ، فهذا في الحقيقة قد يظن السائل في بادئ الأمر أنه لا يؤدي إلى إفتتان كل واحد من النوعين بالآخر ، ولكشف حقيقة هذا القسم فإننا نجيب عنه من طريق : مجمل ، ومفصل .
أما المجمل : فهو أن الله تعالى جبل الرجال عن القوة والميل إلى النساء ، وجبل النساء على الميل إلى الرجال مع وجود ضعف بان ، فإذا حصل الاختلاط نشأ عن ذلك آثار تؤدي إلى حصول الغرض السيء ، لأن النفوس أمارة بالسوء ، والهوى يعمي ويصم ، والشيطان يأمر بالفحشاء والمنكر .
أما المفصل : فالشريعة مبنية على المقاصد ووسائلها ، ووسائل المقصود الموصلة إليه لها حكمه ، فالنساء مواضع قضاء وطر الرجال ، وقد سد الشارع الأبواب المفضية إلى تعلق كل فرد من أفراد النوعين بالآخر ، وينجلي ذلك بما نسوقه لك من الأدلة من الكتاب والسنة .
أما الأدلة من الكتاب فستة :
الدليل الأول :
قال تعالى : { وراودته التي هو في بيتها عن نفسه ، وغلقت الأبواب وقالت هيت لك قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون } وجه الدلالة أنه لما حصل اختلاط بين إمرأة عزيز مصر وبين يوسف عليه السلام ظهر منها ما كاان كامناً فطلبت منه أن ويافقها ، ولكن أدركه الله برحمته فعصمه منها ، وذلك في قوله تعالى : { فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن إنه هو السميع العليم } وكذلك إذا حصل(5/432)
اختلاط بالنساء اختار كل من النوعين من يهواه من النوع الآخر ، وبذلك بعد ذلك الوسائل للحصول عليه .
الدليل الثاني :
أمر الله الرجال بغض البصر ، وأمر النساء بذلك فقال تعالى : { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن } . وجه الدلالة من الآيتين : أنه أمر المؤمنين والمؤمنات بغض البصر ، وأمره يقتضي الوجوب ، ثم بين تعالى أن هذا أزكى وأطهر . ولم يعف الشارع إلا عن نظر الفجأة، فقد روى الحاكم في المستدرك عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له " يا علي ، لا تتبع النظرة النظرة فإنما لك الأولى وليست لك الآخرة " قال الحاكم بعد إخراجه : صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ، ووافقه الذهبي في تلخيصه ، وبمعناه عدة أحاديث . وما أمر الله بغض البصر إلا لأن النظر إلى من يحرم النظر إليهن زنا ، فروى أبو هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " العينان زناهما النظر ، والأذنان زناهما الاستماع ، واللسان زناه الكلام ، واليد زناها البطش ، والرجل زناها الخطأ " متفق عليه ، واللفظ لمسلم . وإنما كان زناً لأنه تمتع بالنظر إلى محاسن المرأة ومؤد إلى دخولها في قلب ناظرها ، فتعلق في قلبه ، فيسعى إلى إيقاع الفاحشة بها . فإذا نهى الشارع عن النظر إليهن لما يؤدي إليه من المفسدة وهو حاصل في الاختلاط ، فكذلك الاختلاط ينهى عنه لأنه وسيلة إلى ما لا تحمد عقباه من التمتع بالنظر والسعي إلى ما هو أسوأ منه
الدليل الثالث :
الأدلة التي سبقت في أن المرأة عورة ، ويجب عليها التستر في جميع بدنها ، لأن كشف ذلك أو شيء منه يؤدي إلى النظر إليها ، والنظر إليها يؤدي إلى تعلق القلب بها ، ثم تبذل الأسباب للحصول عليها ، وذلك الاختلاط .
الدليل الرابع :
قال تعالى : { ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن } . وجه الأدلة أنه تعالى منع النساء من الضرب بالأرجل وإن كان جائزاً في نفسه لئلا يكون سبباً إلى سمع الرجال صوت الخلخال فيثير ذلك دواعي الشهوة منهم غليهن، وكذلك الاختلاط يُمنع لما يؤدي إليه من الفساد .
الدليل الخامس :
قوله تعالى : { يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور } فسرها ابن عباس وغيره : هو الرجل يدخل على أهل البيت بيتهم ، ومنهم المرأة الحسناء وتمر به ، فإذا غفلوا لحظها ، فإذا فطنوا غض بصره عنها ، فإذا غفلوا لحظ ، فإذا فطنوا غمض ، وقد اطلع إليه من قلبه أنه لو اطلع على فرجها ، وأنه لو قدر عليها فزنى بها . وجه الدلالة أن الله تعالى وصف العين التي تسارق النظر إلى مالا يحل النظر إليه من النساء بأنها خائنة ، فكيف بالاختلاط .
الدليل السادس :(5/433)
أنه أمرهن بالقرار في بيوتهن ، قال تعالى : { وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى } . وجه الأدلة : أن الله تعالى أمر أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم الطاهرات المطهرات الطيبات بلزوم بيوتهن ، وهذا الخطاب عام لغيرهن من نساء المسلمين ، أما تقرر في علم الأصول أن خطاب المواجهة يعم إلا ما دل الدليل على تخصيصه ، وليس هناك دليل يدل على الخصوص ، فإذا كن مأمورات بلزوم البيوت إلا إذا اقتضت الضرورة خروجهن ، فكيف يقال بجواز الاختلاط على نحو ما سبق ؟ . على أنه كثر في هذا الزمان طغيان النساء ، وخلعهن جلبات الحياء ، واستهتارهن بالتبرج والسفور عند الرجال الأجانب والتعري عندهم ، وقل الوزاع عن من أنيط به الأمر من أزواجهن وغيرهم .
أما الأدلة من السنة فإننا نكتفي بذكر تسعة أدلة :
الأول
روى الإمام أحمد في المسند بسنده عن أم حميد إمرأة أبي حميد الساعدي رضي الله عنهما أنها جاءت النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالت : يا رسول الله : إني أحب الصلاة معك ، قال : قد علمت أنك تحبين الصلاة معي ، وصلاتك في بيتك خير من صلاتك في حجرتك ، وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك ، وصلاتك في دارك خير من صلاتك في مسجد قومك ، وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجدي . قالت : فأمرت فبني لها مسجد في أقصى بيت من بيوتها وأظلمه ، فكانت والله تصلي فيه حتى ماتت . وروى ابن خزيمة في صحيحه ، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن أحب صلاة المرأة إلى الله في أشد مكان من بيتها ظلمة . ويعطي هذين الحديثين عدة أحادث تدل على أن صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد . وجه الدلالة : أنه إذا شرع في حقها أن تصلي بي بيتها وأنه أفضل حتى من الصلاة في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ومعه ، متى يمنع الاخلاط من باب أولى .
الثاني
ما رواه مسلم والترمذي وغيرهما بأسانيدهم ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خير صفوف الرجال أولها ، وشرها آخرها ، وخير صفوف النساء آخرها ، وشرها أولها " قال الترمذي بعد إخراجه : حديث حسن صحيح . وجه الدلالة : المسجد فاتهن ينفصلن عن الجماعة على حدة ، ثم وصف أول صفوفهن بالشر والمؤخر منهن بالخير ، وما ذلك إلا لبعد المتأخرات عن الرجال عن مخالطتهم ورؤيتهم وتعلق القلب بهم عند رؤية حركاتهم وسماع كلامهم ، وذم أول صفوفهن لحصول عكس ذلك ، ووصف آخر صفوف الرجال بالشر إذا كان معهم نساء في المسجد لفوات التقدم والقرب من الإمام وقربة من النساء اللاتي يشغلن البال وربما أفسدت به العبادة وشوشن النية والخشوع ، فإذا كان الشارع توقع حصول ذلك في مواطن العبادة مع أنه لم يحصل اختلاط ، فحصول ذلك إذا وقع اختلاط من باب أولى ، فيمنع الاختلاط من باب أولى .
الثالث(5/434)
روى مسلم في صحيحه ، عن زينب زوجة عبد الله ابن مسعود رضي الله عنها ، قالت : قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمس طيباً " وروى أبو داود في سننه والإمام أحمد والشافعي في مسنديهما بأسانيدهم ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ولكن ليخرجن وهن تفلات " . قال ابن دقيق العبد : فيه حرمة التطيب على مريدة الخروج إلى المسجد لما فيه من تحريك داعية الرجال وشهوتهم ، وربما يكون سبباً لتحريك شهوة المرأة أيضاً ، قال: ويلحق بالطيب مافي معناه كحسن الملبس والحلي الذي يظهر أثره والهيئة الفاخرة ، قال الحافظ ابن حجر : وكذلك الاختلاط بالرجال ، وقال الخطابي في ( معالم السنن ) : التفل سوء الرائحة ، يقال : امرأة تفلة إذا لم تتطيب ، ونساء تفلات .
الرابع
روى أسامة بن زيد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء " . وجه الدلالة : أنه وصفهن بأنهن فتنة ، فكيف يجمع بين الفاتن والمفتون ؟ هذا لا يجوز .
الخامس
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن الدنيا خلوة خضرة ، وإن الله مستخلفكم فيها فناظرة كيف تعملون ، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء ، فإن أول فتنة بني إسرائيل في النساء " رواه مسلم . وجه الدلالة : أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر باتقاء النساء ، وهو يقتضي الوجوب ، فكيف يحصل الامتثال مع الاختلاط ؟ هذا لا يجوز .
السادس
روى ابو داود في السنن والبخاري في الكني بسنديهما ، عن حمزة بن السيد الأنصاري ، عن أبيه رضي الله عنه ، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول وهو خارج من المسجد فاختلط الرجال مع النساء في الطريق فقال النبي صلى الله عليه وسلم للنساء : " استأخرن فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق ، عليكن بحافات الطريق " فكانت المرأت تلصق بالجدار حتى أن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها ، هذا لفظ ابي داود . قال ابن الأثير في النهاية في غريب الحديث : " يحقق الطريق " هو أن يركبن حقها ، وهو وسطها . وجه الدلالة : أن الرسول صلى الله عليه وسلم إذا منعهن من الاختلاط في الطريق لأنه يؤدي إلى الافتنان ، فكيف يقال بجواز الاختلاط في غير ذلك ؟
السابع
روى ابو داود البالسي في سننه وغيره ، عن نافع ، عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بنى المسجد جعل باباً للنساء ، وقال : " لا يلج من هذا الباب من الرجال أحد " وروى البخاري في التاريخ الكبير عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن عمر رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا تدخلوا المسجد من باب النساء " . وجه الدلالة : أن الرسول صلى الله عليه وسلم منع اختلاط الرجال والنساء في أبواب المساجد دخولاً وخروجاً ومنع أصل(5/435)
اشتراكهما في أبواب المسجد سداً للذريعة الاختلاط ، فغذا منع الاختلاط في هذه الحال ، ففيه ذلك من باب أولى .
الثامن
روى البخاري في صحيحه ، عن أم سلمة رضي الله عنها ، قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم من صلاته قام النساء حين يقضي تسليمه ومكث النبي صلى الله عليه وسلم في مكانه يسيراً ، وفي رواية ثانية له ، كان يسلم فتنصرف النساء فيدخلن بيوتهن من قبل أن ينصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم . وفي رواية ثالثة : كن إذا سلمن من المكتوبة قمن وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن صلى من الرجال ما شاء الله . فإذا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم قام الرجال " . وجه الدلالة : أنه منع الاختلاط بالفعل ، وهذا فيه تنبيه على منع الاختلاط في غير هذا الموضوع .
الدليل التاسع
روى الطبراني في المعجم الكبير عن معقل ابن يسار رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير من أن يمس امرأة لا تحل له . قال الهيثمي في مجمع الزائد : رجاله رجال الصحيح ، وقال المنذري في الترغيب والترهيب : رجاله ثقات . وروى الطبراني ايضاً من حديث أبي أمامة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : " لأن يزحم رجل خنزيراً متلطخاً بطين وحمأه خير له من أن يزحم منكبه منكب امرأة لا تحل له . وجه الدلالة من الحديثين : أنه صلى الله عليه وسلم منع مماسة الرجل للمرأة بحائل وبدون حائل إذا لم يكن محرماً لها . لما في ذلك من الأثر السيء ، وكذلك الاختلاط يمنع ذلك . فمن تأمل ما ذكرناه من الأدلة تبين له أن القول بأن الاختلاط لا يؤدي إلى فتنة إنما هو بحسب تصور بعض الأشخاص وإلا فهو في الحقيقة يؤدي إلى فتنة ، ولهذا منعه الشارع حسماً للفساد . ولا يدخل في ذلك ما تدعو إليه الضرورة وتشتد الحاجة إليه ويكون في مواضع العبادة كما يقع في الحرم المكي ، والحرم المدني ، نسأل الله تعالى أن يهدي ضال المسلمين ، وأن يزيد المهتدي منهم هدى ، وأن يوفق ولا تهم لفعل الخيرات وترك المنكرات والأخذ على أيدي السفهاء ، إنه سميع قريب مجيب ، وصلى الله على محمد ، وآله وصحبه .
ـــــــــــــــــــ
فتاوى الاختلاط
حكم الاختلاط في التعليم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فقد اطلعت على ما نشرته جريدة السياسة الصادرة يوم 24/7/1404 هـ بعددها 5644 منسوباً إلى مدير جامعة صنعاء عبد العزيز المقالح الذي زعم فيه أن المطالبة بعزل الطالبات عن الطلاب مخالفة للشريعة ، وقد استدل على جواز الاختلاط بأن المسلمين من عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ، كانوا يؤدون الصلاة في مسجد واحد ، الرجل والمرأة وقال : ( ولذلك فإن التعليم لا بد أن يكون في مكان واحد ) وقد استغربت صدور هذا الكلام من مدير لجامعة إسلامية في بلد إسلامي يطلب منه أن يوجه شعبه من الرجال(5/436)
والنساء إلى مافيه السعادة والنجاة في الدنيا والآخرة ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله .
ولا شك أن هذا الكلام في جناية عظيمة على الشريعة الإسلامية ، لأن الشريعة لم تدع إلى الاختلاط حتى تكون المطالبة بمنعه مخالفة لها ، بل هي تمنعه وتشدد في ذلك كما قال الله تعالى : ( وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية ) الآية ، وقال تعالى : ( يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونسآء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً ) ، وقال سبحانه : ( وقل للمؤمنات يغضضن من أبصرهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو ءابآئهن أو ءابآء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسآئهن أو ما ملكت أيمنهن ) ، وقال تعالى : ( وإذا سألتموهن متاعاً فسئلوهن من ورآء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن ) . الآية وفي هذه الآيات الكريمات الدلالة الظاهرة على شرعية لزوم النساء لبيوتهن حذراً من الفتنة بهن ، إلا من حاجة تدعو إلى الخروج ، ثم حذرهن – سبحانه – من التبرج تبرج الجاهلية ، وهو إظهار محاسنهن ومفاتنهن بين الرجال ، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : ( ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء ) . متفق عليه من حديث أسامة بن زيد – رضي الله عنه – وخرجه مسلم في صحيحه عن أسامة وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل – رضي الله عنهما – جميعاً ، وفي صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون فاتقوا الدنيا واتقوا النساء ، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء ) ولقد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الفتنة بهن عظيمة ، ولا سيما في هذا العصر الذي خلع فيه أكثرهن الحجاب وتبرجن فيه تبرج الجاهلية ، وكثرت بسبب ذلك الفواحش والمنكرات وعزوف الكثير من الشباب والفتيات عما شرع الله من الزواج في كثير من البلاد ، وقد بين الله – سبحانه – أن الحجاب أطهر لقلوب الجميع فدل ذلك على أن زواله أقرب إلى نجاسة قلوب الجميع وانحرافهم عن طريق الحق ، ومعلوم أن جلوس الطالبة مع الطالب في كرسي الدراسة من أعظم أسباب الفتنة ، ومن أسباب ترك الحجاب الذي شرعه الله للمؤمنات ونهاهن عن أن يبدين زينتهن لغير من بينهم الله – سبحانه – في الآية السابقة من سورة النور ، ومن زعم أن الأمر بالحجاب خاص بأمهات المؤمنين فقد أبعد النعجة وخالف الأدلة الكثيرة الدالة على التعميم وخالف قوله تعالى : ( ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن ) . فإنه لا يجوز أن يقال : إن الحجاب أطهر لقلوب أمهات المؤمنين ورجال الصحابة دون من بعدهم ولا شك أن من بعدهم أحوج إلى الحجاب من أمهات المؤمنين ورجال الصحابة – رضي الله عنهم – لما بينهم من الفرق العظيم في قوة الإيمان والبصيرة بالحق فإن الصحابة – رضي الله عنهم – رجالاً ونساء ومنهن أمهات المؤمنين هم خير الناس بعد الأنبياء وأفضل القرون بنص الرسول صلى الله عليه وسلم المخرج في الصحيحين ، فإذا كان الحجاب أطهر لقلوبهم فمن بعدهم أحوج إلى هذه الطهارة ، وأشد افتقاراً إليها ممن(5/437)
قبلهم ، ولأن النصوص الواردة في الكتاب والسنة لا يجوز أن يخص بها أحد من الأمة إلا بدليل صحيح يجل على التخصيص فهي عامة لجميع الأمة في عهده صلى الله عليه وسلم وبعده إلى يوم القيامة ، لأنه – سبحانه – بعث رسوله صلى الله عليه وسلم إلى الثقلين في عصره وبعده إلى يوم القيامة كما قال _ عز وجل _ : ( قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً ) وقال – سبحانه - : ( وما أرسلنك إلا كافةً للناس بشيراً ونذيراً ) . وهكذا القرآن الكريم لم ينزل لأهل عصر النبي صلى الله عليه وسلم وإنما أنزل لهم ولمن بعدهم ممن يبلغة كتاب الله كما قال تعالى : ( هذا بلغ للناس ولينذروا به وليعلموا أنما هو إله واحد وليذكر أولوا الألباب ) وقال عز وجل : ( وأوحى إلى هذا القرءان لأنذركم به ومن بلغ ) الآية وكان النساء فيهد النبي صلى الله عليه وسلم لا يختلطن بالرجال لا في المساجد ولا في الأسواق الاختلاط الذي ينهى عنه المصلحون اليوم ويرشد القرآن والسنة وعلماء الأمة إلى التحذير منه حذراً من فتنته ، بل كان النساء في مسجده ، صلى الله عليه وسلم يصلين خلف الرجال في صفوف متأخرة عن الرجال وكان يقول : (خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها ، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها ) حذراً من افتتان آخر صفوف الرجال بأول صفوف النساء وكان الرجال في عهده صلى الله عليه وسلم يؤمرون بالتريث في الانصراف حتى يمضي النساء ويخرجن من المسجد لئلا يختلط بهن الرجال في أبواب المساجد مع ماهم عليه جميعاً رجالاً ونساء من الإيمان والتقوى فكيف بحال من بعدهم ؟ وكانت النساء ينهين أن يتحققن الطريق ويؤمن بلزوم حافات الطريق حذراً من الاحتكاك بالرجال ، والفتنة بمماسة بعضهم
بعضاً عند السير في الطريق ، وأمر الله – سبحانه – نساء المؤمنين أن يدنين عليهن من جلابيبهن حتى يغطين بها زينتهن حذراً من الفتنة بهن ، ونهاهن – سبحانه – عن إبداء زينتهن لغير من سمى الله – سبحانه – في كتابه العظيم حسماً لأسباب الفتنة وترغيباً في أسباب العفة والبعد عن مظاهر الفساد والاختلاط ، فكيف يسوغ لمدير جامعة صنعاء هداه الله وألهمه رشده بعد هذا كله ، أن يدعو إلى الاختلاط ويزعم أن الإسلام دعا إليه وأن الحرم الجامعي كالمسجد وأن ساعات الدراسة كساعات الصلاة ؟! ومعلوم أن الفرق عظيم ، والبون شاسع ، لمن عقل من الله أمره ونهيه ، وعرف حكمته سبحانه وكيف يجوز لمؤمن أن يقول إن جلوس الطالبة بحذاء الطالب في كرسي الدراسة ، مع التبرج ولا حول ولا قوة إلا بالله ، قال الله عز وجل : ( فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ) .
وأما قوله : ( والواقع أن المسلمين منذ عهد الرسول كانوا يؤدون الصلاة في مسجد واحد الرجل والمرأة ، ولذلك فإن التعليم لابد أن يكون في مكان واحد ) فالجواب عن ذلك : أن يقال هذا صحيح ، لكن كان النساء في مؤخرة المسجد مع الحجاب والعناية والتحفظ مما يسبب الفتنة ، والرجال في مقدم المسجد ، فيسمعن المواعظ والخطب ويشاركن في الصلاة ويتعلمن أحكام دينهن مما يسمعن ويشاهدن ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم في يوم العيد يذهب إليهن بعد ما يعظ الرجال فيعظهن ويذكرهن لبعدهن عن سماع خطبته ، وهذا كله لا إشكال فيه ولا حرج فيه وإنما الإشكال في قول مدير جامعة صنعاء ، هداه الله وأصلح قلبه وفقهه في دينه ( ولذلك فإن التعليم لا(5/438)
بد أن يكون في مكان واحد ) . فكيف يجوز له أن يشبه التعليم في عصرنا بصلاة النساء خلف الرجال في مسجد واحد ، مع أن الفرق شاسع بين واقع التعليم المعروف اليوم وبين واقع صلاة النساء خلف الرجال في عهده صلى الله عليه وسلم لهذا دعا المصلحون إلى إفراد النساء عن الرجال في دور التعليم ، وأن يكن على حدة والشباب على حدة ، حتى يتمكن من تلقي العلم من المدرسات بكل راحة من غير حجاب ولا مشقة ، لأن زمن التعليم يطول بخلاف زمن الصلاة ، ولأن تلقي العلوم من المدرسات في محل خاص أصون للجميع وأبعد لهن عن أسباب الفتنة ، وأسلم للشباب من الفتنة بهن ، ولأن إنفراد الشباب في دور التعليم عن الفتيات مع كونه أسلم لهم من الفتنة فهو أقرب إلى عنايتهم بدروسهم وشغلهم بها وحسن الإستماع إلى الأساتذة وتلقي العلم عنهم بعيدين عن ملاحظة الفتيات والإنشغال بهن ، وتبادل النظرات المسمومة والكلمات الداعية إلى الفجور .
وأما زعمه أصلحه الله أن الدعوة إلى عزل الطالبات عن الطلبة تزمت ومخالفة للشريعة ، فهي دعوى غير مسلمة ، بل ذلك هو عين النصح لله ولعباده والحيطة لدينه والعمل بما سبق من الآيات القرآنية والحديثين الشريفين ، ونصيحتي لمدير جامعة صنعاء ، أن يتقي الله عز وجل ، وأن يتوب إليه سبحانه مما صدر منه ، وأن يرجع إلى الصواب والحق ، فإن الرجوع إلى ذلك هو عين الفضيلة والدليل على تحري طالب العلم للحق والإنصاف ، والله المسؤول سبحانه أن يهدينا جميعاً سبيل الرشاد ، وأن يعيذنا وسائر المسلمين من القول عليه بغير علم ، ومن مضلات الفتن ونزغات الشيطان ، كما أسأله سبحانه أن يوفق علماء المسلمين وقادتهم في كل مكان لما فيه صلاح البلاد والعباد في المعاش والمعاد ، وأن يهدي الجميع صراطه المستقيم إنه جواد كريم ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين .
الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد
--------------------------------------------------------------------------------
خطر الاختلاط بين الجنسين في المدارس والجامعات
س : شاب ، يقول : إنه من أسرة غنية يدرس في مدرسة مختلطة مما ساعده على إقامة علاقات شائنة مع الجنس الآخر ، وقد غرق في المعاصي ، فماذا يفعل حتى يقلع عما هو فيه ؟ وهل له من توبة وما شروط هذه التوبة ؟
ج _ في هذا السؤال مسألتان :
الأولى : ما ينبغي أن نوجهه للمسؤولين في الدول الإسلامية حيث مكنوا شعوبهم من الدراسة في مدارس مختلطة ، لأن هذا الوضع مخالف للشريعة الإسلامية وما ينبغي أن يكون عليه المسلمون .
وقد قال صلى الله عليه وسلم : ( خير صفوف النساء آخرها ، وشرها أولها ) . وذلك لأن الصف الأول قريب من الرجال والصف الآخر بعيد منهم ، فإذا كان التباعد بين الرجال والنساء وعدم الاختلاط بينهم مرغباً فيه حتى في أماكن العبادة كالصلاة التي(5/439)
يشعر المصلي فيها بأنه بين يدي ربه بعيداً عما يتعلق بالدنيا ، فما بالك إذا كان الاختلاط في المدارس أفلا يكون التباعد وترك الاختلاط أولى ؟ إن اختلاط الرجال بالنساء لفتنة كبرى زينها أعداؤنا حتى وقع فيها الكثير منا .
وفي صحيح البخاري عن أم سلمه – رضي الله عنها – قالت : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم قام النساء حين يقضي تسليمه وهو يمكث في مقامه يسيرا قبل أن يقوم ، قالت : نرى – والله أعلم – أن ذلك كان لكي ينصرف النساء قبل أن يدركهن الرجال ) .
إن على المسؤولين في الدول الإسلامية أن يولوا هذا الأمر عنايتهم وأن يحموا شعوبهم من أسباب الشر والفتنة ، فإن الله تعالى سوف يسألهم عمن ولاهم عليه . وليعلموا أنهم متى أطاعوا الله – تعالى – وحكموا شرعه في كل قليل وكثير من أمورهم فإن الله – تعالى – سيجمع القلوب عليهم ويملؤها محبة ونصحاً لهم ، وييسر لهم أمورهم وتدين لهم شعوبهم بالولاء والطاعة .
ولتفكر الأمة الإسلامية حكاماً ومحكومين بما حصل من الشر والفساد في ذلك الاختلاط وأجلى مثال لذلك وأكبر شاهد ما ذكره هذا السائل من العلاقات الشائنة التي يحاول الآن التخلص من أثارها وآثامها .
إن فتنة الاختلاط يمكن القضاء عليها بصدق النية والعزيمة الأكيدة على الإصلاح وذلك بإنشاء مدارس ومعاهد وكليات وجامعات تختص بالنساء ولا يشاركهن فيها الرجال .
وإذا كان النساء شقائق الرجال فلهن الحق في تعلم ما ينفعهن كما للرجال لكن لهن علينا أن يكون حقل تعليمهن في منأى عن حقل تعليم الرجال ، وفي صحيح البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله ، ذهب الرجال بحديثك فاجعل لنا من نفسك يوماً نأتيك فيه تعلمنا مما علمك الله ، فقال : ( اجتمعن في يوم كذا وكذا في مكان كذا وكذا . فاجتمعن فأتاهن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلمهن مما علمه الله ) . الحديث ، وهو ظاهر في إفراد النساء للتعليم في مكان خاص إذ لم يقل لهن ألا تحضرن مع الرجال . أسأل الله تعالى أن يوفق المسلمين عموماً للسير على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لينالوا بذلك العزة والكرامة في الدنيا والآخرة .
أما المسألة الثانية فهي سؤال السائل الذي ذكر عن نفسه أنه غارق في المعاصي بإقامة العلاقات الشائنة بالجنس الآخر ، ماذا يفعل وهل له من توبه وما شروطها ، فإني أبشره أن باب التوبة مفتوح لكل تائب ، وأن الله يحب التوابين ويغفر الذنوب جميعاً لمن تاب منها ، قال الله تعالى : ( والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً (68) يضعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً (69) إلا من تاب وءامن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً (70) ومن تاب وعمل صالحاً فإنه يتوب إلى الله متاباً (71) ) وأما شروط التوبة فهي خمسة :
الشرط الأول : أن تكون التوبة خالصة لله عز وجل لا رياء فيها ولا خشية أحد من المخلوقين ، وإنما تكون ابتغاء مرضاة الله تعالى لأن كل عمل يتقرب به الإنسان إلى(5/440)
ربه غير مخلصين له فيه فإنه حابط باطل قال الله تعالى في الحديث القدسي : ( أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملاً أشرك فيه أحداً غيري تركته وشركه ) .
الشرط الثاني : أن يندم على ما فعله من الذنب ويتأثر ، ويرى نفسه خاطئاً في ذلك حتى يشعر أنه محتاج لمغفرة الله وعفوه .
الشرط الثالث : الإقلاع عن الذنب إن كان متلبساً به ، لأنه لا توبة مع الإصرار على الذنب ، فلو قال المذنب إني تائب من الذنب وهو يمارسه لعد ذلك من الإستهزاء بالله عز وجل ، إنك لو خاطبت أحداً وقلت له إ،ني نادم على ما بدر مني لك من سوء الأدب وأنت تمارس سوء الأدب معه فكأنك تستهزئ به والرب عز وجل أعظم وأجل من أن تدعى أنك تبت من معصيته ، وأنت مصر عليها .
الشرط الرابع : العزم على ألا يعود إلى المعصية في المستقبل .
الشرط الخامس : أن تكون التوبة في وقتها الذي تقبل فيه من التائب بأن تكون قبل أن يعاين الإنسان الموت وقبل أن تطلع الشمس من مغربها فإن كانت بعد طلوع الشمس من مغربها لن تنفع لقوله تعالى : ( هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض أيات ربك يوم يأتي بعض أيات ربك لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن ءامنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً قل انتظروا إنا منتظرون ) . وهذا البعض هو طلوع الشمس في مغربها ، كذلك عند حضور الموت لأن الله تعالى قال : ( وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الئن ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك اعتدنا لهم عذاباً أليماً ) .
هذه الشروط الخمسة إن تحققت فيك فإن توبتك مقبولة إن شاء الله .
الشيخ ابن عثيمين
--------------------------------------------------------------------------------
حكم الدراسة في المدارس المختلطة
س _ أنا طالب أدرس في الخارج والجامعة فيها اختلاط (ذكور وإناث ) وسؤالي : هل يجوز أن أدرس في هذه الجامعة ؟
جـ _ ننصح المسلم الذي يريد نجاة نفسه أن يبتعد عن أسباب الشر والفتنة ، ولا شك أن الاختلاط مع الشابات في المدارس من أسباب وقوع الفساد وانتشار الزنى . ولو حاول الشخص أن يحفظ نفسه فلا بد أن يجد صعوبة لكن إذا ابتلى الشخص بذلك فعليه التحفظ والاعتزال وغض البصر وحفظ الفرج وعدم القرب من النساء مهما استطاع ، والله أعلم .
الشيخ ابن جبرين
--------------------------------------------------------------------------------
موقف الإسلام من التعليم المختلط
س _ ماهو موقف الإسلام من التعليم في جامعات بعض الدول الإسلامية حيث يوجد بها من الفجور والفسق والكفر الكثير ، ففيها الفتيات شبه العاريات والشباب المنحرف الضال ، والاختلاط العلني وبشكل فاضح وفاحش لا يرضاه الإسلام بل(5/441)
يشجع ذلك هيئة التدريس في الجامعات ، وبعض الكليات في هذه الجامعات لا يوجد بها حتى المسجد لكي يسجد فيه لله وحده ، وفرض الزي الرسمي وهو زي المشركين من أوربا ولا يسمح لأي طالب بدخول الامتحان بدون هذا الزي مثل القميص والعمامة ، لأن هذا عندهم تأخر وجهل فما الحكم ؟
جـ _ أولاً : تعلم العلوم النافعة من فروض الكفاية ، فيجب على الأمة وخاصة ولاة أمورها أن يهيئوا جماعة منها رجالاً ونساءً لتعلم ما تحتاج إليه من أنواع العلوم ، وتيسر لهم طريقه حتى تنهض بالأمة في المحافظة على ثقافتها وعلاج مرضاها ، وتجنبها مواطن الخطر ، فإن تم ذلك برئت الذمة ، ورجي الثواب ، وإلا خشي وقوع البلاء ، وحقت كلمة العذاب .
ثانياً : اختلاط الطلاب بالطالبات والمدرسين بالمدرسات في دور التعليم محرم لما يفضي إليه من الفتنة وإثارة الشهوة والوقوع في الفاحشة ، ويتضاعف الإثم وتعظم الجريمة إذا كشفت المدرسات أو التلميذات شيئاً من عوراتهن ، أو لبسن ملابس شفافة تشف عما وراءها ، أو لبسن ملابس ضيقة تحدد أعضاءهن ، أو داعبن الطلاب أو الأساتذة ومزحن معهم أو نحو ذلك مما يفضي إلى انتهاك الحرمات والفوضى في الأعراض .
فعلى ولاة الأمور أن يخصصوا للطلاب معاهد ومدارس وكليات وكذا الطالبات ، محافظة على الدين ومنعاً لانتهاك الحرمات والأعراض والفوضى في الحياة الجنسية ، وبذلك يتمكن ذووا الغيرة والدين من الانتظام في سلك التعليم والتعلم دون حرج أو مضايقات . وإذا لم يقم ولاة الأمور بواجبهم ، ولم يتم فصل الذكور عن الإناث في دور التعليم ، ولا الأخذ على أيدي الكاسيات العاريات لم يجز الانضمام في سلك هؤلاء إلا إذا رأى الشخص من نفسه القدرة على تقليل المنكر ، وتخفيف الشر ببذل النصح والتعاون في ذلك مع أمثاله من الزملاء والأساتذة ، وأمن على نفسه من الفتنة .
اللجنة الدائمة
--------------------------------------------------------------------------------
حكم الدراسة في الجامعات المختلطة للدعوة إلى الله
س _ هل يجوز للرجل أن يدرس في جامعة يختلط فيها الرجال والنساء في قاعة واحدة علماً بأن الطالب له دور في الدعوة إلى الله ؟
جـ _ الذي أراه أنه لا يجوز للإنسان رجلاً كان أو امرأة أن يدرس بمدارس مختلطة وذلك لما فيه من الخطر العظيم على عفته ونزاهته وأخلاقه فإن الإنسان مهما كان من النزاهة والأخلاق والبراءة إذا كان إلى جانبه في الكرسي الذي هو فيه امرأة ولا سيما إذا كانت جميلة ومتبرجة لا يكاد يسلم من الفتنة والشر . وكل ما أدى إلى الفتنة والشر فإنه حرام ولا يجوز ، فنسأل الله – سبحانه وتعالى – لإخواننا المسلمين أن يعصمهم من مثل هذه الأمور التي لا تعود إلى شبابهم إلا بالشر والفتنة والفساد .. حتى وإن لم يجد إلا هذه الجامعة يترك الدراسة إلى بلد آخر ليس فيه هذا الاختلاط ، فأنا لا أرى جواز هذا وربما غيري يرى شيئاً آخر .(5/442)
الشيخ ابن عثيمين
--------------------------------------------------------------------------------
حكم التدريس في المدارس المختلطة
س _ هل الأستاذ الذي يدرس في قسم مختلط بنات وذكور أو بنات فقط ولكنهن في سن المراهقة يأثم إذا نظر إليهن ؟
جـ _ يجب على الرجل أن يغض بصره عن النساء قال تعالى : ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون ) . وأخرج الإمام مسلم وأبو داود وغيرهما عن جرير بن عبد الله قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجأة فقال : ( أصرف نظرك ) واللفظ لأبي داود ولا يجوز الاختلاط بين الذكور والإناث في التعليم لأن ذلك من وسائل وقوع الفاحشة بينهم .
اللجنة الدائمة
--------------------------------------------------------------------------------
خطورة تعليم النساء للأولاد في المرحلة الإبتدائية
لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد : فقد إطلعت على ما نشرته صحيفة المدينة عدد(3898 ) وتاريخ 30/2/1397 هـ بقلم من سمت نفسها " نورة بنت ... ... ... " تحت عنوان ( وجهاً لوجه ) وخلاصة القول أن نورة المذكورة ضمها مجلس مع جماعة من النساء بحضرة عميدة كلية التربية بجدة فائزة الدباغ ونسبت نورة المذكورة إلى فائزة استغرابها عدم قيام المعلمات بتعليم أولادنا الذكور في المرحلة الإبتدائية ولو إلى الصف الخامس ، وأيدتها نورة المذكورة للأسباب المنوه عنها في مقالها وإني مع شكرى لفائزة ونورة وزميلاتها على إهتمامهن بموضوع تعليم أولادنا الصغار وحرصهن على مصلحتهم أرى من واجبي التنبيه على ما في هذا الإقتراح من الأضرار والعواقب الوخيمة .. وذلك أن تولى النساء لتعليم الصبيان في المرحلة الابتدائية يفضي إلى اختلاطهن بالمراهقين والبالغين من الأولاد الذكور ، لأن بعض الأولاد لا يلتحق بالمرحلة الابتدائية إلا وهو مراهق وقد يكون بعضهم بالغاً ، ولأن الصبي إذا بلغ العشر يعتبر مراهقاً ويميل بطبعه إلى النساء ، لأن مثله يمكن أن يتزوج ويفعل ما يفعله الرجال ، وهناك أمر آخر وهو أن تعليم النساء للصبيان في المرحلة الابتدائية يفضي الاختلاط ثم يمتد ذلك إلى المراحل الأخلى فهو فتح لباب الاختلاط في جميع المراحل بلا شك ، ومعلوم ما يترتب على اختلاط التعليم من المفاسد الكثيرة والعواقب الوخيمة التي أدركها من فعل هذا النوع من التعليم في البلاد الأخرى . فكل من له أدنى علم بالأدلة الشرعية وبواقع الأمة في هذا العصر من ذوي البصيرة الإسلامية على بنينا وبناتنا يدرك ذلك بلا شك ، وأعتقد أن هذا الاقتراح مما ألقاه الشيطان أو بعض نوابه على لسان فائزة ونورة المذكورتين وهو بلا شك مما يسر أعداءنا وأعداء الإسلام ومما يدعون إليه سراً وجهراً .(5/443)
ولذا فإني أرى أن من الواجب قفل هذا الباب بغاية الإحكام وأن يبقى أولادنا الذكور تحت تعليم الرجال في جميع المراحل . كما يبقى تعليم بناتنا تحت تعليم المعلمات من النساء في جميع المراحل وبذلك نحتاط لديننا وبنينا وبناتنا ونقطع خط الرجعة على أعدائنا وحسبنا من المعلمات المحترمات أن يبذلن وسعهن بكل إخلاص وصدق وصبر على تعليم بناتنا في جميع المراحل . ومن المعلوم أن الرجال أصبر على تعليم البنين وأقوى عليه وأفرغ له من المعلمات في جميع مراحل التعليم كما أن من المعلوم أن البنين في المرحلة الابتدائية وما فوقها يهابون المعلم الذكر ويحترمونه ويصغون إلى ما يقول أكثر وأكمل مما لو كان القائم بالتعليم من النساء مع ما في ذلك كله من تربية البنين في هذه المرحلة على أخلاق الرجال وشهامتهم وصبرهم وقوتهم ، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع ) . " رواه أحمد وأبو داود والحاكم ورمز السيوطي لصحته " . هذا الحديث الشريف يدل على ما ذكرناه من الخطر العظيم في اختلاط البنين والبنات في جميع المراحل والأدلة على ذلك من الكتاب والسنة وواقع الأمة كثيرة لا نرى ذكرها هنا طلباً للإختصار . وفي علم حكومتنا وفها الله وعلم معالي وزير المعارف وعلم سماحة الرئيس العام لتعليم البنات وحكمتهم جميعاً وفقهم الله ما يغني عن البسط في هذا المقام . وأسأل الله أن يوفقنا لكل ما فيه صلاح الأمة ونجاتها وصلاحنا ، وصلاح شبابنا وفتياتنا وسعادتهم في الدنيا والآخرة إنه سميع قريب . وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
--------------------------------------------------------------------------------
طريق السلامة من فتنة النساء
س _ أنا شاب في التاسعة عشرة من عمري وغير متزوج ومتأثر بجمال المرأة ، ماذا أعمل حتى أبتعد عن المرأة لأنها هي التي تلفت انتباهي لها مما يجعلني أفكر فيها في كل وقت ؟
جـ _ عليك أن تغض بصرك عن التطلع إلى النساء ، وتقطع تفكيرك فيهن وأن ما أعد الله لأهل التعفف والبعد عن الحرام ، وعليك أيضاً أن تبادر إلى الزواج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ، فهناك ينقطع التفكير وتقتصر على المباح الحلال والله أعلم .
الشيخ ابن جبرين
--------------------------------------------------------------------------------
الحمو أشد خطراً
س _ أنا وإخوتي نقطن في مسكن واحد ، ونحن والحمد لله ممتثلون لأوامر الله ورسوله ، ولكن نعاني من عادة بيننا ورثناها عن آبائنا وأجدادنا .. وهي أن الرجال يجلسون سوياً مع النساء أي الإخوان مع زوجاتهم جميعاً ، ولقد قام بنصحنا بعض الغيورين على دين الله ، ولكن لم نستجب له ، لأنه جديد العهد بالدين وقد كلمت والدي يوماً من الأيام وقلت له : يجب أن لا نكون قائمين على هذا المنكر بل يجب أن(5/444)
نتركه فقال والدي والله لو عملتم هذا فإنني سوف أفارقكم ولن أجلس معكم ، وكذلك يوجد من إخوتي من وافق الوالد على هذا الأمر فأرجو من فضيلتكم التوجيه والنصح ، وهل أنا على حق في موقفي ؟
جـ _ نعم أنت على حق في الامتناع عن هذه العادة السيئة المخالفة لما دلت عليه النصوص ، فإن الواجب على الزوجات أن يحتجبن عن إخوان أزواجهن ، ولا يحل لهن أن يكشفن وجوههن أمام إخوان أزواجهن كما لا يحل أن يكشفن وجوههن عند الرجال الأجانب في السوق بل إن كشف وجوههن عند إخوان أزواجهن أشد خطراً ، لأن أخا الزوج يكون في البيت إما ساكناً وإما وافداً ضيفاً أو ما أشبه ذلك ، وإذا دخل البيت لم سيتنكر ولم يستغرب فيكون خطره أعظم .
ولهذا حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الدخول على النساء فقال : ( إياكم والدخول على النساء .. فقالوا : يا رسول الله أرأيت الحمو قال : " الحمو الموت " . أي أنه ينبغي الفرار منه كما يفر الإنسان من الموت ) .
وهذه الكلمة أعني قوله صلى الله عليه وسلم الحمو الموت من أعظم الكلمات التحذيرية لهذا أقول : إن عملك صحيح أي امتناعك عن هذا العمل الذي اعتاده الناس ، أما قول أبيك إن فعلتم ذلك أي قمتم بحجب النساء عن إخوان أزواجهن فإني لا أكون معم . فإني أوجه إليه نصيحة وهي أن يكون مذعناً للحق غير مبال بالعادات التي تخالفه وعليه أن يتقي الله _ عز وجل _ وأن يكون هو أول من يأمر بهذا العمل أعني أن يأمر باحتجاب النساء عن غير المحارم حتى يكون راعياً وقائماً بالرعية خير قيام . فإن الرجل راع في بيته ومسؤول عن رعيته .
الشيخ ابن عثيمين
--------------------------------------------------------------------------------
حكم الاختلاط بالنساء بحجة سلامة النية
س _ يوجد لدينا عادة سيئة وهي اختلاط الرجال بالنساء والسبب إننا نعمل معهن في كثير من الأعمال وننظر إليهن وهن يؤدين أعمالهن كاشفات الوجوه ونقول إن نياتنا سليمة والشخص فينا ينظر إلى زوجة شقيقة فيعتبرها في مكانة شقيقته في المحرم ، ونساء جيرانه يعدهن في مكانة محرمه اللاتي يحرم الزواج منهن فالرجل فينا يسكن مع شقيقه وابن عمه والذي من جماعته ويأكلون ويشربون معاً الرجال والنساء فما هو الحكم ؟
جـ _ هذه الأمور من عادات الجاهلية الأولى والواجب شرعاً عدم كشف المرأة وجهها إلا لذوي محرمها كما أن الواجب على المرأة عدم الاختلاط بالأجانب وهي متكشفة ويجب عليها أيضاً أن لا تخلو في مكان مع رجل أجنبي وهو الذي لا يكون محرماً لها ، لأنه يحث بسبب ذلك من المفاسد ما لا حصر له . والله ولي التوفيق .
الشيخ ابن باز
--------------------------------------------------------------------------------
سائق العائلة والنساء(5/445)
س _ ما حكم اختلاط سائق العائلة بنساء وفتيات العائلة وخروجه معهن إلى الأسواق والمدارس ؟
جـ _ ثبت في الحديث قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يخلون رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما ) . فالخلوة عامة في البيت والسيارة والسوق والمتجر ونحوه ، وذلك أنهما مع الخلوة لا يؤمن أن يكون حديثهما في العورات وما يثير الشهوة ، ومع ما يوجد من بعض النساء أو الرجال من الورع والخوف من الله وكراهية المعصية والخيانة فإن الشيطان يتدخل بينهما ويهون عليهما أمر الذنب ويفتح لهما أبواب الحيل فالبعد عن ذلك أحفظ وأسلم .
الشيخ ابن جبرين
--------------------------------------------------------------------------------
الاختلاط محرم
س _ هنا في بريطانيا يعقد اجتماع في بعض المدارس لأولياء أمور الطلبة فيحضره الرجال والنساء ، فهل يجوز للمرأة المسلمة أن تحضر هذا الاجتماع بدون محرم مع وجود الرجال فيه ، علماً بأن أحد الأخوة أجاز ذلك واستدل بحديث أبي هريرة الوارد في صحيح البخاري ومسلم وفيه أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فطلب من يضيفه فاستضافه رجل من الأنصار وذكر أن الأنصاري وزوجته جلسا مع الرجل وأظهر له أنهما يأكلان ، نرجو توضيح هذه المسألة ؟
جـ _ هذه المسألة يظهر من السؤال أن فيها اختلاطاً بين الرجال والنساء ، والاختلاط بين الرجال والنساء مؤد إلى الفتنة والشر وهو فيما أرى غير جائز ولكن إذا دعت الحاجة إلى حضور النساء مع الرجال فإن الواجب أن يجعل النساء في جانب والرجال في جانب آخر ، وأن يتم الحجاب الشرعي بالنسبة للنساء بحيث تكون المرأة ساترة لجميع بدنها حتى وجهها ، وأما الحديث الذي أشار إليه السائل فليس فيه اختلاط وإنما الرجل مع زوجته في جانب بيته والضيف في مكان الضيافة على أن مسألة الحجاب كما هو معلوم لم تكن من المسائل المتقدمة بالنسبة للتشريع ، فالحجاب إنما شرع بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم بنحو خمس سنين أو ست سنين وما ورد من الأحاديث مما ظاهره عدم الحجاب فإنه يحمل على أن ذلك كان قبل نزول آيات الحجاب .
الشيخ ابن عثيمين
--------------------------------------------------------------------------------
حكم كشف الطبيب على المرأة الأجنبية
س _ أنا رجل متزوج منذ أكثر من خمس سنوات ولم تنجب زوجتي وقررنا الذهاب إلى الطبيب فبدأ بالكشف والتحليل لي وكانت النتيجة أنني سليم وبقيت زوجتي ، فهل آثم إذا قدمتها للطبيب للكشف ؟(5/446)
جـ _ لا يجوز للرجل أن يكشف على المرأة فيما يتصل بالعورة إلا عند الضرورة وحالة الضيق ، وههنا لا ضرورة ففي الإمكان تأخير الكشف حتى تجد امرأة عارفة بأمور النساء وهن كثير في الداخل والخارج .
الشيخ ابن جبرين
--------------------------------------------------------------------------------
حكم الاختلاط في المواصلات
س _ وسائل النقل في بلدنا جماعية ومختلطة وأحياناً يحدث ملامسة لبعض النساء دون قصد أو رغبة في ذلك ولكن نتيجة الزحام فهل نأثم على ذلك ؟ وما العمل ونحن لا نملك إلا هذه الوسيلة ولا غنى لنا عنها ؟
جـ _ الواجب على المرء أن يبتعد عن ملامسة النساء ومزاحمتهن بحيث يتصل بدنه ببدنهن ولو من وراء حائل ، لأن هذا مدعاة للفتنة والإنسان ليس بمعصوم قد يرى من نفسه أنه يتحرز من هذه الأمور ولا يتأثر بها ولكن الشيطان يجري من ابن أدم مجرى الدم فربما يحصل منه حركة تفسد عليه أمره ، فإذا اضطر الإنسان إلى ذلك اضطراراً لا بد منه وحرص على أن لا يتأثر فأرجو ألا يكون عليه بأس . لكن في ظني أنه لا يمكن أن يضطر إلى ذلك اضطراراً لابد منه إذ من الممكن أن يطلب مكاناً لا يتصل بالمرأة حتى ولو بقى واقفاً ، وبهذا يتخلص من هذا الأمر الذي يوجب الفتنة . والواجب أن يتقي الله تعالى ما استطاع وأن لا يتهاون بهذه الأمور .
الشيخ ابن عثيمين
--------------------------------------------------------------------------------
حكم دخول الأسواق المختلطة
س _ هل يجوز للمسلم أن يدخل سوقاً تجارياً وهو يعلم أن في السوق نساء كاسيات عاريات وأن فيه اختلاطاً لا يرضاه الله عز وجل ؟
جـ _ مثل هذا السوق لا ينبغي دخوله إلا لمن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر أو لحاجة شديدة مع غض البصر والحذر من أسباب الفتنة حرصاً على السلامة هذا لعرضه ودينه وابتعاداً عن وسائل الشر لكن يجب على أهل الحسبة وعلى كل قادر أن يدخلوا مثل هذه الأسواق لإنكار ما فيها من المنكر عملاً بقول الله سبحانه وتعالى : ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ) . الآية ، وقوله سبحانه وتعالى : ( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون ) . والآيات في هذا المعنى كثيرة .
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أو شك أن يعمهم الله بعقابه ) . رواه الإمام أحمد وبعض أهل السنن عن أبي بكر الصديق _ رضي الله عنه _ بإسناد صحيح ، ولقوله صلى الله عليه وسلم : ( من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان )(5/447)
. رواه الإمام مسلم في صحيحه ، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة والله ولي التوفيق .
الشيخ ابن باز
--------------------------------------------------------------------------------
حكم الاختلاط بين النساء والرجال في المصانع والمكاتب
س _ ما حكم معاملة النساء كالرجال في المصانع أو في المكاتب غير الإسلامية ؟ وما حكم النفس فيها التي تعرضت بالهلاك لمرض خطير يؤدي علاجه إلى تجريد المسلمة في هذه المذكورة ولو في دول إسلامية حيث الأطباء فيها كلهم رجال ؟
جـ _ أما في حكم اختلاط النساء بالرجال في المصانع والمكاتب وهم كفار في بلاد كافرة فهو غير جائز ، ولكن عندهم ما هو أبلغ منه وهو الكفر بالله ، جل وعلا _ فلا يستغرب أن يقع بينهم مثل هذا المنكر ، وأما اختلاط النساء بالرجال في البلاد الإسلامية وهم مسلمون فحرام وواجب على مسئولي الجهة التي يوجد فيها هذا الاختلاط أن يعملوا على فصل النساء على حدة والرجال على حدة ، لما في الاختلاط من المفاسد الأخلاقية التي لا تخفى على من له أدنى بصيرة . وأما تجريد الرجل للمرأة المسلمة من أجل علاجها فإذا دعت الضرورة إلى العلاج ولم يوجد من يعالجها سوى رجل فيجوز ذلك ولكن يكون بحضرة زوجها إن أمكن ، وإلا فيوجد نساء من محارمها ولا يجرد منها إلا ما تدعو الضرورة لكشفه من جسمها ، والأصل في جواز ذلك أدلة يسر الشريعة ورفع الحرج عن الأمة عند الضرورة كقوله تعالى : ( ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ) وقوله تعالى ( وما جعل عليكم في الدين من حرج ) .
اللجنة الدائمة
--------------------------------------------------------------------------------
حكم عمل المرأة في مكان مختلط
س _ هل يجوز العمل للفتاة في مكان مختلط مع الرجال علماً بأنه يوجد غيرها من الفتيات في نفس المكان ؟
جـ _ الذي أراه أنه لا يجوز الاختلاط بين الرجال والنساء بعمل حكومي أو بعمل في قطاع خاص أو في مدارس حكومية أو أهلية . فإن الاختلاط يحصل فيه مفاسد كثيرة ، ولو لم يكن فيه إلا زوال الحياء للمرأة وزوال الهيبة للرجال ، لأنه إذا اختلط الرجال والنساء أصبح لا هيبة عند الرجل من النساء ، ولا حياء عند النساء من الرجال ، وهذا ( أعني الاختلاط بين الرجال والنساء ) خلاف ما تقضية الشريعة الإسلامية ، وخلاف ماكان عليه السلف الصالح ، ألم تعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل للنساء مكاناً خاصاً إذا خرجن إلى مصلى العيد ، لا يختلطن بالرجال ، كما في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم حين خطب في الرجال نزل وذهب للنساء فوعظهن وذكرهن وهذا يدل على أنهن لا يسمعن خطبة النبي صلى الله عليه وسلم أو إن سمعن لم يستوعبن ما سمعنه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم(5/448)
ألم تعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( خير صفوف النساء آخرها وشرها أولها وخير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها ) . وما ذاك إلا لقرب أول صفوف النساء من الرجال فكان شر الصفوف ، ولبعد آخر صفوف النساء من الرجال فكان خير الصفوف ، وإذا كان هذا في العبادة المشتركة فما بالك بغير العبادة ، ومعلوم أن الإنسان في حال العبادة أبعد ما يكون عما يتعلق بالغريزة الجنسية ، فكيف إذا كان الاختلاط بغير عبادة، فالشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ، فلا يبعد أن تحصل فتنة وشر كبير في هذا الاختلاط ، والذي أدعو إليه إخواننا أن يبتعدوا عن الاختلاط وأن يعلموا أنه من أضر ما يكون على الرجال كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام : ( ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء ) . فنحن والحمد لله _ نحن المسلمين _ لنا ميزة خاصة يجب أن نتميز بها عن غيرنا ويجب أن نحمد الله _ سبحانه وتعالى _ أن من علينا بها ويجب أن نعلم أننا متبعون لشرع الله الحكيم الذي يعلم ما يصلح العباد والبلاد ويجب أن نعلم أن من نفروا عن صراط الله _ عز وجل _ وعن شريعة الله فإنهم على ضلال ، وأمرهم صائر إلى الفساد ولهذا نسمع أن الأمم التي يختلط نساؤها برجالها أنهم الآن يحاولون بقدر الإمكان أن يتخلصوا من هذا ولكن أنى لهم التناوش من مكان بعيد ، نسأل الله تعالى أن يحمي بلادنا وبلاد المسلمين من كل سوء وشر وفتنة .
الشيخ ابن عثيمين
ـــــــــــــــــــ
"لماذا النساء عندكم لا يخالطن الرجال الأجانب؟!.
أبو سارة
جناية الاختلاط .....
في الزمن الذي لم يكن فيه اختلاط في بلاد الإسلام: سأل أحد نصارى الغرب بعض المسلمين:
" لماذا النساء عندكم لا يخالطن الرجال الأجانب؟!.
فرد قائلا : "لأنهن لا يرغبن في الإنجاب من غير أزواجهن"..!!.
بعض الأجوبة تأتي حاسمة مبهتة، إذ تعبر عن الحقيقة كما هي دون زيادة، لا يسع الخصم الذي يحترم نفسه والحقيقة إلا الصمت، أما المتلوي المتلون فيرد كيفما اتفق بسخف وصفاقة، تنبئ عن خلق رديء، أو فكر وضيع، أو بلاهة مفتعلة.
نعم.. منع الإسلام الاختلاط، وامتنع منه المسلمون، فجعلوا للنساء حريما، وسموا المرأة : حرمة. من التحريم، وهو غاية في التكريم، إذ معناه أن لها حرمة بالغة لقيمتها عندهم، فلا تمس من أجنبي، ولا تختلط به، لأنهم لا يرغبون في إفساد فرشهم، وأعراضهم، وضياع أنسابهم.
والمرأة المسلمة قبلت بهذا الأمر الإلهي عن رضا تام، لأنها لمست فيه التكريم والأمن، ولأنها لا ترغب أن تؤذي نفسها وأهلها وعشيرتها، ولأنها تريد أن تنال الولد من طريق الشرف، لامن طريق المهانة، فإجماع العقلاء منعقد على أن الزواج شرف، وأن الزنا مهانة.
نعم.. الاختلاط يعني: الإنجاب من غير الأزواج.(5/449)
وهذه الحقيقة كما هي، فمن ادعى خلافها، وزعم أن ذلك ممتنع في الاختلاط البريء، واستند إلى حادثة من هنا وهناك، فهو إما صفيق يعبث بالحقيقة، أو مغفل لدرجة لا تطاق، يحتاج إلى صدمات كبيرة حتى يفيق، وفي العادة لا يفيق إلا بعدما يذوق مرّ غفلته.
الاختلاط السبب الرئيس من أسباب الوقوع في الزنا، وإذا زنت المرأة تعرضت للحمل والإنجاب، ولذا قال ذلك المسلم كلمته الموفقة:
"لأنهن لا يرغبن أن ينجبن من غير أزواجهن"..
فقد أتى بالنتيجة المتوقعة، لكن تخلفها لا يسقط حجته، فحصول الفاحشة دون حصول إنجاب لا يعني بطلان خطر الاختلاط، فالزنا وحده جريمة، سماها الله تعالى فاحشة، وكل أمم الأرض لا توقره، وتعظم إزاءه الزواج..
فالاختلاط مظنة الزنا، كما أن الزنا مظنة الحمل.. لذا فكلها قبيحة، وكلها يجب الانتهاء عنها، بدءا برأس المصيبة وهو الاختلاط..
فالسلامة من الاختلاط تعني السلامة من الزنا، والسلامة من الزنا تعني السلامة من الإنجاب المحرم، والعكس بالعكس..
فالوقوع في الاختلاط مظنة كل البلايا التي بعدها، ولو حدث أن اختلاطا لم يفض إلى فاحشة، فذلك لا يعني بطلان خطره، فلو سلم إنسان مرة فقد لا يسلم في المرات المقبلة، كذلك تقول الغريزة الجنسية البشرية، وحصاد الاختلاط.
--------------------------------------------------------------------------------
الكل يعلم مدى ميل الرجل إلى المرأة، والعكس، ميل أشد من ميل الموجب إلى السالب، وكم من رجل حازم أذهبت لبّه امرأة يهواها، حتى صار يتصرف كالصبيان والمجانين، والعكس كذلك في حال المرأة.
كل شيء في المرأة يستهوي الرجل: نظرا، وسماعا، وفكرا، ووسوسة.
وكل شيء في الرجل يستهوي المرأة كذلك..
شيء عجيب ذلك التعانق بين روحيهما، والانجذاب بين جسديهما، لا يمكن لقوة مهما كانت حازمة أو جائرة أو فاتكة أن توقف تدفق سيل عواطف كليهما نحو الآخر.. هل شيء أشد من الموت؟!.
فهاهما كلاهما يرضيان بالموت في سبيل الآخر، في سبيل أن يضمه ويمضي معه ما بقيت الحياة.
فإذا لم يكن ثمة حب حقيقي بينهما ينضاف إلى الغريزة الجنسية ليمثل بركانا من المشاعر، فإن الغريزة وحدها كافية في الانجذاب لأجل المتعة الجسدية، في أحلك الظروف والأحوال.
هل يقدر أحد أن يجادل في هذا؟، فكيف يدعي المدعي أن ثمة اختلاطا بريئا، يعني ليس فيه علاقة محرمة؟!!.
--------------------------------------------------------------------------------(5/450)
أنت أيها الأب الذي سمح لبناته بالاختلاط بالرجال في الدراسة أو العمل، وأنت أيها الزوج الذي رضي لزوجته بمثل ذلك، وأنت أيها الأخ الذي رضي لأخته بذلك.. أليست لكم مشاعر تجاه المرأة؟.
ماذا تشعرون؟، أليس الانجذاب إليها قهري قسري؟، ألستم تتمنونها؟، ألستم تشعرون بذلة الميل والحب؟.
هل ستقولون: كلا، لا نشعر؟.
فإن قلتم ذلك، فأنتم مرضى، عليكم أن تعرضوا أنفسكم على طبيب، فهذه حالة غير طبيعة، أو عليكم أن تطلبوا راقيا يرقيكم، فربما الشيطان ربط على خواصركم، فخنق غريزتكم.
وإن كنتم عاقلين، منصفين، سالمين من البرود الجنسي، فأنتم تقرون بتلك المشاعر تجاه المرأة، إذن كيف تأمنون على أعراضكم، وكيف تطمئنون على محارمكم حين يكن مع الطامع فيهن دوما؟.
تقولون: نحن نثق في بناتنا، وزوجاتنا، وأخواتنا، قد نشأن على الفضيلة، وليس الرذيلة من خلقهن؟.
حسنا، فهل أنتم تثقون في أنفسكم إذا اختلطتم بالنساء؟، ألا تشعرون بالجذب والميل تجاههن؟، ألا تخافون على أنفسكم، فمن كان فيه بقية تقوى هرب وتباعد؟.
انظروا: كما تفكرون في المرأة، كذلك زملاء محارمكم في الدراسة والعمل يفكرون، فمهما وثقتم فيهن فلا يمكنكم أن تثقوا فيهم، ومهما كنتم زاجرين لهن فزجركم لن ينفع زملاءهن..
فكيف بالله عليكم ترمونهن في أحضان من يتمناهن ليل نهار، في كل مكان؟.
وكيف تفعلون ذلك، وأنتم تعلمون أن الرجل إذا هوي امرأة فلم تطاوعه فعل كل شيء، حتى لو أدى ذلك إلى التحايل عليها، واستدراجها، واغتصابها، حتى لو أدى إلى تشويه سمعتها، وتحطيم أسرتها؟.
هل تظنون جميع الرجال يخافون الله ويتقون؟..
وحتى لو كانوا يخافون، ألا تعلمون أن الشيطان أحرص وأشد ما يكون وسوسة وعبثا إذا لقي رجل امرأة؟.
حتى بناتكم اللائي تثقون فيهن، هن يسبحن في غريزة مائجة، فيهن من الميل ما في الرجل، فإقحامهن في عالم الذكور تعريض لهن للمهالك. ماذا لو هويت زميلا؟..
ألم تسمعوا ببنات أديبات متأدبات وقعن في المحرم لأجل زميل في المدرسة أو العمل؟، وبنات هربن مع عشقاهن؟، وزوجات أفسدن فراشهن لأجل العشيق؟.
ألم يبلغكم خبر الجمعية الرجالية المنشأة في استراليا؟، هل تدرون لماذا أنشئت؟.
أنشأت لمناهضة ومحاربة وتجريم الذين يخببون الزوجات على أزواجهم.. يأتي الزميل والصديق في العمل في الدراسة أو الشارع، فيغري المرأة بحب جديد، بعد أن ذبل أو ضعف حب الزوج القديم، فتنساق وراءه، فتترك زوجها، وأولادها، وبيتها، وأسرتها، لأجل هذا المسخ الرجس، فتخلف وراءها حسرة وألما، وفي العادة لا تدوم متعتها، فتخرج من تجربتها بخسارة ما كان في يدها، وبخسارة ما لم يكن في يدها؟.
هل تحبون مثل هذه النهاية البائسة؟!!..(5/451)
--------------------------------------------------------------------------------
لا مكان للثقة في الاختلاط، إنما يخادع نفسه من يقول ذلك، والرجل إذا جنب محارمه الاختلاط فلا يعني ذلك أنه لا يثق بهن، أو يتهمهن في خلقهن، كلا، فلا يقول ذلك إلا ساذج لا يفهم ما يقول، أو خبيث يفهم ما يقول، إنما يفعل ذلك لأنه يعلم أن الغريزة قوية، وفي الحرام أقوى لأن الشيطان يؤججها، ويسعرها، فمثله كمثل من يجعل النار في ناحية والزيت في ناحية، ولا يقرب بينهما إلا حين الحاجة، وبشروط وحذر.
إن الاختلاط المحرم هو الحال الذي ترتفع فيه الحواجز بين الذكر والأنثى، فتكون العلاقة بينهما، كعلاقة الذكر بالذكر والأنثى بالأنثى، فيكونا زملاء في التعليم والعمل والشارع..
هذا هو المحرم من الاختلاط، أما ما يشغب به بعضهم من الاستشهاد بأمثلة نبوية على جواز الاختلاط مثل: خروج المرأة للبيع والشراء، وحضور المساجد، والطواف بالبيت، والعلم، والغزو. فهذه ليست محل النزاع، فخروجها على ذلك النحو لا يلزم منه الصداقة والزمالة، وأن تكون مع الرجل في كل حال.. فلا يحتجن أحد بمثل هذه الأمثلة على جواز الاختلاط..!! من أراد أن يثبت الجواز فعليه أن يأتي لنا بدليل:
- أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع الرجال والنساء جميعا في دروسه جنبا إلى جنب؟ !!.
- وعليه أن يأتي بدليل أنه والخلفاء والصحابة من بعده كانوا يستخدمون النساء ويوظفونهن في دكاكينهم وتجاراتهم، ويجمعون الرجال والنساء جميعا للعمل في محل واحد، كل حين وآن..
- وعليه أن يأتي بدليل يدل أن النساء كن مثل الرجال تماما خروجا وولوجا من البيت.
- وعليه أن يثبت أنهن لم يكن مأمورات بالقرار في البيت، ولم يخبرن بأن صلاتهن فيه خير من صلاتهن في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنهن لم يؤمرن بترك وسط الطريق للرجال.
- وعليه أن يثبت أن الله تعالى لم يأمر الرجال بغض أبصارهم عن النساء، وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل لعلي رضي الله عنه: (لا تتبع النظرة النظرة، فإنما لك الأولى وعليك الثانية).
- وعليه أن يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحذر من فتنة النساء، ولم يأمر باتقائهن.
لو كان الاختلاط جائزا كما يزعمون فلم لم يجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم النساء والرجال في صف واحد في الصلاة، الرجل إلى جنب المرأة، تلصق كتفها بكتفه، وقدمها بقدمه.. ربما كان أخشع لهما؟!.
فإذا تعذر ذلك: فلم لم يجعل صفا للرجال، والثاني للنساء، والثالث للرجال، والرابع للنساء؟..(5/452)
أليس هذا هو ما يحدث في العمل والتعليم المختلط؟.. أليس يدعي هؤلاء جوازه شريعة، وأن الإسلام دين يسر، لا تشدد، لم ينه عن ذلك؟، وليس هناك دليل يقول الاختلاط ممنوع؟.
فها هو الإسلام قد شدد، فلم يجمع صفوف النساء إلى صفوف الرجال، بل جعل صفوفهن في مؤخرة المسجد، وقال: (خير صفوف الرجال أولها، وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها، وشرها أولها)..
فما عساهم أن يقولوا؟.. مقتضى قولهم في الجواز كان يقتضي التقريب بين صفوف الرجال والنساء، لا وصف الصف البعيد بالخير، والقريب بالشر، أهذا دليل مع الاختلاط أو ضده؟.
--------------------------------------------------------------------------------
وإن أذكر ما آل إليه حال كثير من عوام المسلمين والمسلمات من الاختلاط بكل حسرة وألم وضيق، فإن ما هو أشد من ذلك ألما: ظهور فئة منتسبة إلى الدين، من علماء، ومفكرين، وجماعات وأحزاب. تدعو إلى خروج المرأة واختلاطها، تحت دعوى مشاركة المرأة في بناء الحياة، فإذا نظرت في دعوتهم وكلامهم، وقارنته بكلام العلمانيين والمفسدين في الأرض لا تكاد تجد فرقا ؟؟!!..
فكلهم يدعون إلى خروج المرأة!!.. وكلهم يدعون إلى العمل المشترك بين الجنسين.. وكلهم يدعون إلى مشاركة المرأة في كافة النشاطات..!!.. وكلهم مع ذلك يدعون إلى التزام الحجاب.
- فبالحجاب يمكن للمرأة أن تشارك في دراسة وعمل مختلط ؟!!..
- وبه يمكنها أن تشارك في النشاطات الرياضية: كرة قدم، سباحة، عدو..بمشاركة الرجال وحضرتهم!!. - وبحجابها يمكنها التمثيل مع الأجانب!!..
- وبحجابها يمكنها أن تغني في حضرة الأجانب؟!!..
بصفة مجملة: يمكنها أن تفعل كل ما يفعله الرجل، في شهود الرجال، إذا كانت بحجابها..هكذا زعموا؟!!.
وإني أسألكم، وأرى أن تحكموا عقولكم:
ما فائدة الحجاب إذا صارت المرأة صديقة الرجل.. يراها أمامه، يحادثها، ينظر إليها، إلى جسدها من وراء العباءة، ما تشف عنه، أو تجسده، عند قيام أو قعود، أو ذهاب أو إياب؟!.
هل ثمة فرق بين لباس صفيق ثقيل تلبسه المرأة في يوم شاتٍ، تجلس به بين الرجال، وبين عباءة رقيقة جميلة تلبسها تسميها حجابا؟..
هل هذا أو ذاك يمنع افتتان الرجل بالمرأة التي أمامه؟.
هؤلاء لم يفهموا معنى الحجاب..
إن الحجاب أعظم من مجرد قطعة ثوب يغطي جسد المرأة، إنما حاجز يحجز ويحدد نوعية العلاقة بين الجنسين، ليعلم كلاهما أن علاقتهما تختلف جذريا عن علاقة كل منهما بجنسه.(5/453)
ولأن الأمر أعظم وأكبر من مجرد الحجاب، كان أصل الحجاب هو القرار في البيت، كما أمر الله تعالى بقوله:
{وقرن في بيوتكن}..
وليس هذا الحكم خاصا بزوجات النبي صلى الله عليه وسلم، كما يدعيه هؤلاء، فقد جاءت السنة بنصوص متوافرة، كلها تغري المرأة المسلمة بالمكوث في بيتها..
فالقرار في البيت يحقق الحجاب الحقيقي، وهو الذي يحجز الذكر عن الأنثى، لكن لما كان ضرورة للمرأة أن تخرج لقضاء حوائجها، عوضها الشارع بحجاب يحقق لها العزلة ويكون حاجزا بينها وبين الرجال، وعلامة لهم أن هذه محرمة عليهم نظرا وكلاما وتمتعا إلا بحقها وطريقها الشرعي..
فإذا صارت تشارك الرجال في كل شيء من النشاطات: هل يدرء عنها الفتنة بهم أو فتنتهم بها، كونها تلبس حجاب الرأس أو غطاء الرأس؟.
في مثل هذه المسائل على المرء أن يستفتي قلبه، ولو أفتاه المفتون، فمن استفتى قلبه، وكان صحيحا غير مريض، فإن الفطرة وحدها كافية في الإعراض عن مثل هذا الرأي الغريب السخيف الذي يرى أن خلطة المرأة بالرجال جائزة ما دامت بحجابها ؟؟!!. وقد قدمت في أول الكلام شرح الآثار الخطيرة للاختلاط.
--------------------------------------------------------------------------------
الاختلاط جناية على المرأة، وعلى الرجل، وعلى الأبناء، وعلى الأسرة، وعلى المجتمع، وعلى الأمة، فساد الدنيا والدين، ولا يجوز لنا أن نقع في هذه التجربة الخاسرة بعدما علمنا الله وفهمنا من أوامره ونواهيه وأخباره ما فيه حصان وضمان، ولا يجوز لنا أن نقع في هذه التجربة الخاسرة ونحن نرى آثارها في المجتمعات التي سبقت إليها، حتى صاروا يرجون الخلاص، ويعملون على اتقائه..
وإذا كان من الرجال من هو مغفل غافل، أو بارد الغريزة لا يشعر بالمصيبة الواقعة على محارمه حين اختلاطهن بالأجانب، فإن ثمة أناسا ضعفاء الدين والخلق والمروءة، قد فسدت فطرهم وانتكست، حتى لم تعد فيهم ذرة من الرجولة، وغلب عليهم النفاق واللؤم والخسة، حتى صاروا يتلذذون ويتمتعون بما عليه محارمهم من تفلت وحرية واختلاط، ولا يتألمون، ولا يستحيون مما يجره عليهم من العار، وهؤلاء هم الذين قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(لا يدخل الجنة ديوث، الذي يقر في أهله الخبث).
ـــــــــــــــــــ
حدث هذا .. في إحدى المستشفيات.. ؟!!
أبو سارة
في إحدى المستشفيات الخاصة المختلطة.. وكلها مختلطة إلا قليلا: (*)
يعلن مسؤول أن الحجاب ممنوع..!!.. فعلى كل العاملات نزع غطاء الوجه..
هذا هو الشرط، والممتنعة من تنفيذ الشرط، مصيرها الطرد والإبعاد من أجواء الاختلاط.
---(5/454)
في إحدى المدارس الأجنبية المختلطة:
يمنع مدير المدرسة فتاة في الرابعة عشرة من عمرها من دخول المدرسة، إلا بشرط نزع حجاب الرأس.. حجاب الرأس، أما الوجه فهو مكشوف.. والاختلاط حاصل..؟؟!!.
--------------------------------------------------------------------------------
يحدث هذا في بلاد المسلمين :
- محاربة غطاء الوجه.. ولو كان الاختلاط حاصلا.
- محاربة غطاء الرأس، ولو كان الوجه مكشوفا، والاختلاط حاصل.
والناس معترضون..!!..
على أي شيء يعترضون؟..
يعترضون على منعها من غطاء الوجه، ومنعها من غطاء الرأس..
لكن أين اعتراضهم على الاختلاط ؟؟!!..
هل هؤلاء يفهمون ما معنى الحجاب، ولم شرع، ولم أمرت به المرأة، ولم أمر الرجل بأمر وليته بذلك؟..
الحجاب هو الحاجز، الذي يفصل بين الشيئين ، وحجاب المرأة هو ما يحجزها عن نظر الرجل إلى بدنها..
والغرض معلوم: هو صون المرأة، وتزكية الرجل، وحفظ المجتمع من انتشار الرذيلة.. ذلك أن انجذاب الرجل إلى المرأة، والعكس، من القوة بحيث إذا لم يوضع هذا الحاجز، خيف عليهما من الوقوع في المحرم.
فالحجاب إذن مقصوده ستر محاسن المرأة عن الرجل، فلا يقع نظره على ما يفتنه منها..وأتم ذلك وأحسنه حجاب البيت، وهو قرارها في بيتها، قال تعالى: {وقرن في بيوتكن}..
لكن لما كان من الضرورة أن تخرج المرأة في حاجاتها، كان لها الإذن في ذلك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذن لكن أن تخرجن لحاجتكن)، لكن بشرط الحجاب الذي يحقق لها الستر والصون، ولن يكون ذلك إلا بأمرين:
- أن يكون الحجاب في نفسه يحقق الستر، وذلك بأن يكون سابغا لكل البدن، وأن يكون واسعا: لا يبدي شيئا من المفاتن، وأن يكون صفيقا: لا يشف عما وراءه.
- وأن تبتعد قدر الإمكان عن طريق الرجال، فلا تتعرض لهم، إلا بقدر الحاجة إن احتاجت، كبيع وشراء، ونحو ذلك، فلا تمكث أمام نظر الرجل من الزمن ما يمكنه فيها من تأمل حسنها..
فإذا كان هذا هو معنى الحجاب، فإن من يعترض على منع المرأة من ستر وجهها أو رأسها، ولا يعترض على اختلاطها بالذكور، إنما يأخذ من معنى الحجاب ظاهره، وهو اللباس، دون أن ينفذ إلى المعنى الحقيقي وهو: منع افتتان الرجل بالمرأة، وصيانة المرأة من عدوان الرجل..
فإن كل من يفهم هذا المعنى من الحجاب، فلا يمكن أن يرضى للفتاة أن تشارك الفتى في مقاعد الدراسة، ولا يمكن أن يرضى للمرأة أن تشارك الرجل في مقاعد العمل..(5/455)
--------------------------------------------------------------------------------
فالحجاب في أخص وأعمق معناه هو: الفصل بين الجنسين فصلا تاما.. فلا يلتقيان إلا لعرض طارئ لا بد منه، لا أن تيسر السبل، وتفتح الطرق لأجل وقع هذا الالتقاء.
وعلى هذا، وبهذا جاءت الشريعة:
- قال تعالى: { وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن}..
فمنع السؤال إلا من وراء حجاب.. أي يكون ثمة حائل بين المرأة والرجل.. وهذا منع للاختلاط..
- قال تعالى: { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون * وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن}.
فأمر بغض البصر.. وغض البصر محال في الاختلاط.. فدل على تحريم الاختلاط..
- قال عليه الصلاة والسلام: ( المرأة عورة).. وكونها عورة.. أي لا يجوز النظر إلى زينتها وشيء من جسدها.. والاختلاط معناه النظر إلى كل ذلك..
- صفوف النساء كانت في مؤخرة المسجد خلف صفوف الرجال، فالنساء كن يصلين مع بعضهن، ولم يكن يشاركن الرجال في الصف.. والرجال مع بعضهم، لا تجد رجلا داخلا في صفوف النساء، ولو كان الاختلاط مباحا، لكانت صفوف الصلاة أولى وأحسن مكان لذلك، حيث إن كل مصل إنما يأتي ليطلب المغفرة والرضوان، لا لأمر دنيوي..
فلم جرى الفصل بين الجنسين بهذه الطريقة، حتى في هذا المكان المقدس، الطاهر؟..
- كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته صبر ولم يلتفت إلى الناس، والناس مثله، فإذا التفت إليهم كان ذلك إيذانا لهم بالإنصراف، كان يفعل ذلك حتى ينصرف النساء أولا، ثم الرجال ثانيا، حتى لا يقع الاختلاط عند باب المسجد، وفي الطريق..
- كان للنساء يوم يأتيهن فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ليعلمهن أمور دينهن، وله مع الرجال أيام يتعلمون فيها..
فلم لم يجمع الرجال والنساء، ليتلقوا جميعا؟..
- لما رأى النساء يمشين في وسط الطريق قال: ( ليس لكن أن تحققن الطريق، عليكن بحافته).. أي ليس للمرأة أن تسير وسط الطريق، بل تدعه للرجال.. وهذا منع للاختلاط حتى في الطرقات..
- قال عليه الصلاة والسلام: ( ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء)..
والاختلاط معناه اجتماع المرأة والرجل في مكان واحد.. وهذا مناف لمعنى الحديث:
فكيف يجمع بين الفاتن والمفتون في مكان واحد؟ ...
--------------------------------------------------------------------------------(5/456)
كل هذه الأدلة وغيرها لا تدل إلا على شيء واحد: هو أن الشريعة جاءت بالفصل التام بين الجنسين، وهو ما نسميه بالاصطلاح الحادث: منع الاختلاط.
بعد ذلك يأتي المتحذلقون ليقولوا:
- إن كلمة الاختلاط ليست شرعية..
- وأن الاختلاط كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
- وأن المحرم إنما هو الخلوة.؟؟!!!..
وكل إنسان يعلم حقيقة نفسه، فالرجل يعلم ويدرك كيف هو عند نظره إلى المرأة؟.. كيف إن غريزته تتحرك تلقائيا، دون إرادة منه؟..
هذا أمر لا يجادل فيه إنسان، لكن العجب كل العجب، أن تجد مع ذلك رجلا كامل الرجولة، يفهم فهم الأصحاء، ويدرك حقيقة المرأة، يرضى، ويأذن، ويدفع بمحارمه: زوجته، ابنته، أخته؛ للعمل في مكان مختلط، بين الرجال، أو للدراسة مع الذكور..
وهؤلاء على صنفين:
- صنف غافل ، بلغ في الغفلة غاية مذمومة، أنساه الشيطان، ولعب به، حتى عمي عن إدراك الآثار الخطيرة من وراء تفريطه في عرضه.. وهذا الصنف للأسف موجود، ولا أدري حقيقة كيف يفكر، وكيف يقدر؟!!..
- وصنف آخر ضعفت الغيرة نفسه، وهان عليه أن يرى محارمه في مواطن الخطر..
والأعجب من ذلك كله: أن تجد المرأة في الموقف السلبي، لا تتقدم بشيء، بل تنظر ما يأذن به وليها فتفعله، فإن أغراها بالاختلاط، وزين لها الدراسة أو العمل مع الذكور، سارعت وبادرت، بدعوى أن وليها أذن لها..
نعم من الجميل أن تطيع المرأة وليها، لكن ذلك ليس بإطلاق: (إنما الطاعة في المعروف)، فإذا أمرها بمعصية، أو أذن لها في معصية، مثل الاختلاط، فعليها الرفض، وإعلان ذلك بوضوح، فإذا كان وليها لا يهتم بشأنها، وإذا كان قد تخلى عن صيانتها، فالواجب عليها عقلا وشرعا أن تصون نفسها، وتبتعد عن كل ما يؤذيها في نفسها، أو بدنها، أو دينها، أو خلقها.
--------------------------------------------------------------------------------
الأمم الغربية بدأت تعمل على الفصل بين الجنسين في كليات كثيرة بلغت المائة في الولايات المتحدة الأمريكية، وبلغت أعدادا كثيرة في أوربا، عدا المدارس العامة..
وذلك الفصل جاء بعد وقوف كامل على المشاكل التي جنيت من وراء الاختلاط، من:
زنا وشذوذ جنسي، لواط وسحاق، وأمراض، وانتهاك لمكانة المرأة، من قبل من لا ينظر إليها إلا نظر شهوة.
ثم يأتي بعد هذا من بني جلدتنا من يدعو إلى الاختلاط ويزين ذلك ويتساءل عن الحكم، ويطلب الدليل ...
ونحن نقول بصراحة ووضوح: من الذي نهى عن الاختلاط؟.. الجواب:
الله جل شأنه.
--------------------------------------------------------------------------------(5/457)
قد يحتج بعضهم بما يحدث في الطواف، وفي الأسواق، وخروج النساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم للتمريض.. ومع أنه لا حجة في ذلك بوجه.. إذ الأصل هو النص، لا أحوال الناس.. فأحوال الناس تعتريها أمور كثيرة، إلا أننا نقول:
- الأصل في الطواف طواف النساء من وراء الرجال..
هكذا طاف نساء المسلمين في عهد النبي صلى الله عليه وسلم .. أي الأقرب إلى البيت هم الرجال، ثم النساء من ورائهم.. قال عطاء:
" لم يكن يخالطن، كانت عائشة رضي الله عنها تطوف حَجْرة (معتزلة) من الرجال لا تخالطهم، فقالت امرأة: انطلقي نستلم يا أم المؤمنين، قالت: انطلقي عنكِ، وأبت.
يخرجن متنكرات بالليل فيطفن مع الرجال، ولكنهن كن إذا دخلن البيت قمن حتى يدخلن وأخرج الرجال" رواه البخاري في الحج.
وقال عليه الصلاة والسلام لأم سلمة: ( طوفي من وراء الناس وأنت راكبة).. المصدر السابق.
فما يحدث اليوم خلاف الأصل.. ومع كونه خلاف الأصل.. إلا أن الطواف على هذا النحو المحدث (بالرغم من خطئه) لا يقارن بما يدعو إليه دعاة الاختلاط.. إذ يدعون إلى الاختلاط في التعليم والعمل..
وأين اختلاط محدود، في وقت محدود، كما في الطواف، من اختلاط دائم، مفتوح.. في التعليم والعمل؟..
- أما الخروج للأسواق.. فالمرأة تخرج لقضاء حوائجها، من بيع وشراء، تمر بين الرجال، ثم تمضي إلى بيتها، وليس هذا اختلاط، إنما الاختلاط المقصود هو:
أن يرتفع الحاجز بين المرأة والرجل، حتى تعود العلاقة بينهما كما تكون العلاقة بين الرجل والرجل، وكما بين المرأة والمرأة، فتكون زميلته، ويكون زميلها، في الدراسة أو العمل..
ويلحق بهذا المعنى دخول النساء بين الرجال، لأجل اللهو، فإذا كان الشارع قد أذن في مرور النساء بين الرجال في الأسواق، ونحو ذلك، لقضاء حوائجهن، لكونها ضرورة، فإنه لم يأذن في مثل ذلك لأجل أن تلهو، فهذه ليست ضرورة، بل هي ضارة.
- أما التمريض في الحروب.. فلا أدري كيف يحتجون به؟..
فالاحتجاج به باطل من وجوه:
1- أنهن كن يخرجن مع محارمهن، بحجابهن.
2- لم يكن يباشرن التمريض، بل كن يهيئن الأدوية.
3- أن خروجهن كان سببه قلة الرجال، وكن في الغالب من كبيرات السن.
فلا حجة في هذا أبدا لمن احتج به على جواز الاختلاط.. فليس فيه اختلاط أصلا، بالمعنى الذي سبق آنفا، بل هو مشاركة، والمشاركة لا تلزم منها الاختلاط..
وأين هذا الذي يحدث في الحرب من خروج النساء للمعونة، مما يحدث في المستشفيات من اختلاط؟..
وهل تصح المقارنة بين حالة الضرورة، وحالة اللاضرورة؟، فإن قيل: فمن يمرض النساء؟.(5/458)
قيل: فما المانع من فصل النساء عن الرجال في المستشفيات؟..
حاصل الأمر ليس لدى هؤلاء حجة إلا اتباع الهوى..!!!..
فحذار أن تخدعوا...... فالاختلاط محرم.. ولو كان بحجاب..
--------------------------------------
(*)
في مخالفة صريحة لأنظمة العمل والعمال وتعليمات وزارة الصحة
مستشفيات بالشرقية تستغل حاجة الفتيات للعمل وتمنع غطاء الوجه
الدمام : خالد الجناحي
أثارت شروط استحدثتها بعض مستشفيات القطاع الخاص بالمنطقة الشرقية لتوظيف المواطنات حفيظة الكثير من أسر الفتيات الباحثات عن وظيفة، والتي تجاوزت شرط المؤهل العلمي والخبرة المبالغ بها إلى شرط جمال المظهر وعدم تغطية الوجه أثناء الدوام الرسمي.
وقد وضع هذا التوجه، الذي أصبح عائقا أمام الراغبات بالعمل في هذه القطاعات، مما وضعهن أمام خيارين أحلاهما مرّ، إما التنازل عن بعض عادات وتقاليد المجتمع السائدة أمام الحاجة للوظيفة، وإما فقدان الوظيفة في ظل قلة فرص العمل، مما يعني استمرار الدوران في حلقة البحث، التي لا تنتهي، عن فرص أخرى.
إنهم يستغلون حاجتنا
تقول "عالية.ح"، موظفة استقبال في أحد مستشفيات الدمام الأهلية إن شرط عدم تغطية الوجه سبب لها إرباكاً على الرغم من فرحتها بالحصول على الوظيفة وأنها عاشت صراعا هي وأسرتها لعدة أيام في سبيل اتخاذ قرار من أصعب القرارات في حياتها أجبرتها على اتخاذه ظروف أسرتها المالية الصعبة.
أما "مريم.د"، موظفة أرشيف في مستشفى أهلي بالخبر، فتقول "إن أغلب العاملات معها، ممن اعتدن تغطية الوجه بشكل كامل، وهذه الفئة تقع في إحراجات حينما تلتقي مصادفةً بأقربائها أو جيرانها. وتصف مريم معاناتها وزميلاتها بأنها معاناة مزدوجة فمن مشكلة حرمانها من تغطية الوجه إلى هروب فرص الزواج، حيث تعتقد أن هناك مفاهيم خاطئة يتداولها البعض عن العاملات بالمستشفيات ساهمت في مشكلة العنوسة.
الأسرة لا تمانع.. ولكن
أما "نوف الناصر"، فتؤكد أنه على الرغم من أنها من أسرة لا تمانع من كشفها للوجه وتعتبر ذلك حجابا شرعيا إلا أنها تركت عملها القديم واتجهت إلى عمل آخر لا يجبرها على كشف الوجه، وتقول "لم أكن مرتاحة في عملي السابق الذي كان من شروطه أن أكشف وجهي، فكشف الوجه أثناء تأدية العمل بعيداً عن الأسرة، يعد مصدراً للإزعاج، كأن تتعرض العاملة لمضايقة من بعض المراجعين, والمضايقات متنوعة وأقلها التركيز في النظر وبشكل مزعج خاصة إذا كانت الموظفة سعودية وفي موقع احتكاك مع جمهور معين بلا غطاء الوجه، ولهذا لم أضيع على نفسي فرصة العمل لدى جهة أخرى تعمل في نفس المجال دون مثل هذه الاشتراطات.(5/459)
وتذكر فاطمة ياسر، مندوبة شركة تأمين تعمل داخل واحدة من هذه المستشفيات، أن مدير أحد المستشفيات حاول أكثر من مرة الضغط عليها للكشف عن وجهها أسوة ببقية زميلاتها، ولكنها رفضت كونها تعمل لدى شركة تأمين، وليس في المستشفى نفسه. وتقول "إن سلوكها هذا دفع زميلاتها العاملات في المستشفى إلى التقدم لإدارتهن بطلب السماح لهن بتغطية وجوههن".
مبررات غير مقنعة
ويؤكد "عبدالمحسن.ع" مسؤول طبي يعمل لدى شركة تأمين "أن شرط خلع غطاء الوجه هو ظاهرة مؤسفة تمارسها بعض مستشفيات الشرقية، وهو لا يجد أي تفسير منطقي في ظل إخفاء المسؤولين للدوافع الحقيقية لفرض هذه الشروط". ويرى عبدالمحسن أن هناك بعض المبررات غير المقنعة التي يدعيها المسؤولين، على سبيل المثال حادثة اختطاف مولود مستشفى الولادة الحكومي في الدمام قبل عدة سنوات. ويضيف "لكن الواقع غير ذلك إذا ما علمنا أن الموظفة السعودية التي نتحدث عنها بعيدةً كل البعد عن الأقسام الداخلية للمستشفى، وأن العاملات في أقسام الولادة هن ممرضات من جنسيات آسيوية، أما السعوديات القابعات وراء "كاونترات" الاستقبال، فلا أجد مبرراً لفرض هذه الشروط عليهن سوى أنه وسيلة لجذب الزبائن، حتى صارت بعض المجالس تصف هذه المستشفيات بـ"شركات السياحة"، ومن ينكر وجود هذه الظاهرة فهو يدافع عن مصلحة ما، وغالباً ما يكون دفاعه عن علم بأن نكران الظاهرة خلاف الواقع أو أن يكون نكرانه عن جهل بما يحصل.
مخالفة صريحة لنظام العمل
من جانبه أكد مدير مكتب العمل والعمال في الدمام سعد اليحيى أن هذه الشروط هي مخالفة للشريعة قبل أن تكون مخالفة لنظام العمل والعمال في المملكة وقال "نحن في السعودية لدينا نظام يفوق جميع الأنظمة الأخرى في حفظ حقوق العمل والعمال يستند على ديننا الحنيف، ومثل هذه الاشتراطات تخالف الشريعة الإسلامية، أما من جهة مكتب العمل والعمال، فلديه تنظيمات لهذه المسائل تنص على عقوبات محددة للجهة التي تثبت عليها مخالفة النظام.
أما مسؤولو مستشفيات القطاع الخاص في الشرقية فقد أجمعوا على نفي وجود مثل هذه الاشتراطات، وقالوا "إن الفتاة التي تعمل دون تغطية وجهها إنما هي تتصرف وفق رغبتها الخاصة".
وزارة الصحة تمنع المكياج
من جانبها شددت المديرية العامة للشؤون الصحية في المنطقة الشرقية في تعميم صدر أخيراً على المستشفيات والمستوصفات والعيادات الخاصة بالمنطقة على ضرورة التقيد والالتزام بالزي الموحد للعاملات في هذه المنشآت أثناء وقت الدوام الرسمي لهن.
وأوضح مدير إدارة الرخص الطبية وشؤون الصيدلة بالمنطقة الشرقية يعقوب الدوسري في الخطاب الصادر من إدارته أن التعميم صدر بعد أن لوحظ تهاون بعض العاملات في القطاع الصحي من عدم الالتزام بالزي الموحد لهن وخروجهن(5/460)
عن التعليمات والحدود المسموح بها، وكذلك ما لوحظ من التهاون في الاستخدام غير الجائز لمواد الزينة والمكياج، حيث لوحظ من خلال قيام الجهات الرقابية في صحة الشرقية بالجولات التفتيشية على المستشفيات والمستوصفات ومجمع العيادات الخاصة في المنطقة، أن بعض المرافق الصحية في المنطقة لم تلتزم ببعض ما ورد في التعاميم السابقة بهذا الخصوص وما زالت هناك بعض التجاوزات الخاطئة من بعض العاملات في بعض القطاعات الصحية والمخالفة لنص تعاميم وزارة الصحة.
ـــــــــــــــــــ
قصة حب
ذات النطاقين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نعم أحببتها...جعلتني كأني ملكة وليس أي ملكة...
تعلقت بها...لا أستطيع أن أتركها...
لكن لو خيروني بين الموت وبينك يا حبيبتي...
فأني اختار الموت...لأن كفني سوف يكون بدلا عنك...
فكيف أتركك وأنتي جزء من جهادي...وأنتي جزء من حياتي...
فتذكرت الحديث القدسي... ( ...... وإن تقرب مني شبراً، تقربت إليه ذراعاً، وإذا تقرب إلي ذراعاً، تقربت منه باعاً، وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة )
نعم تقربت إليك يا حبيبتي ولكن تأخرت في ذلك ...فلعنة الله على إبليس...
حبيبتي ...أنتي فخري ...فأني اقتدي بالصالحات والتشبه بهن..فأنتي يا أحلى ما أحسستيني بأني قريبه لربي...
والله يا حبيبتي لقد تندمت إني لم أحبك يوما خوفا من كلام الناس...
فقلت في نفسي كيف أظهر معك؟ كيف أتجول معك وأعين الناس تتعجب من هذا المنظر؟؟
<< ربما يقولون أني نادرة...أو في أحد في زمننا هذا أن يكون بهذا الشكل ؟؟؟؟ وفي الوجه الآخر يقولون كيف لك أن تحبي وأنتي في هذا السن...؟؟؟( فأنتي مازلت زهرة)...<<< هذا كلام الشيطان لعنة الله عليه...
كنت دائما أهتم في كلام الناس ولا أهتم بك يا ربي...استغفر الله ...
حبيبتي أعتذر لك...لأني تخلفت في حبك لي...أعلم إنك تحبيني...
ولكن يا حبيبتي أن أردتي أن أحبك حبا لا يوصف فأن لي طلب واحد منك...
فقالت لي: ما هو طلبك يا من أحبتني...؟
فقلت: أتمنى أن لا تتركيني...
فأني أحبك حبا...فأن قلبي تعلق بك...
********
لقد تعجبن صديقاتي لحبي لك...
فقلت لهن: كيف لا أحبها وهي سوف تدخلني الجنة بإذن الله...اللهم آمين
فتعجبن من كلامي...فقلن ماهو قصدك...؟
فقلت لهن باركوا لي...فأني قد أحببتها...فأني أفتخر بها...(5/461)
فباركن لي وكانوا يقولون العقبى لنا...فقلت فإن كنتن تحبنها بصدق فإنها لا تحتاج للتأخير...
ولا تأخير في طاعة من طاعات الرحمن..
فمن تأخر في حبها فربما يكون الموت أسبق من حبكن لها...
فبادروا بحبها ...
فعلا أنها تستحق أن أحد يحبها...
فأنها لا تضر لأن لا ضرر لها .. بل نفعها هو الذي يوصلكن لطريق الجنة ونعيمها...
********
أحبتي في الله... والله لو تركتها سوف ينزل عليه ربي عذاب أليم..
فتذكرت كلام حبيبي رسول الله...قال عليه الصلاة والسلام..: ( صنفان من أهل النار لم أرهما، قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها لتوجد من مسيرة كذا وكذا )
وأيضا قوله عليه الصلاة والسلام..: ( إن أكثر أهل النار النساء )
فقلت في نفسي لا والله لن أتركك...لأني لن أحتمل عذاب النار...
كيف أحتمل عذاب النار وأنا في الدنيا لم أحتمل حرق بسيط...
وقبل هذا كيف أحتمل غضب من خلقني...؟؟
فكلما رأيت أخريات مثلك يا حبيبتي ...فقلت لن أحب غيرك...ولن أقبل غيرك...
فيا أخوتي فهلا عرفتوا من هي حبيبتي؟؟؟؟
.
.
.
.
.
.
.
.
فأنها عباءتي التي على الرأس...
أعرف أنكم سوف تضحكون مثلما ما ضحكت علي أمي على هذه الخاطرة بعد أن عرفت من هي حبيبتي ؟؟ لأنها تعودت على خواطر غير ذلك...
ولكن والله أني لم أكتب هذه القصة بعد أن تعبت لما رأيته من بنات حواء ...
وأنا أعلن لكم جميعا ...إني لم ألبس العباءة التي على الرأس إلا بعد أن سمعت شريط وغارت الحور... http://www.islamway.com/bindex.php?sectionlessons&lesson_id21664&scholar_id409
صحيح أني كنت أفكر فيها من قبل ...وأن أخواتي لم يقصرن في النصيحة لي...ولكن كنت ممن ...(5/462)
لا حياة لمن تنادي ومن الخوف والخجل من كلام الناس...
وأحمد ربي إني ملتزمة ولكن كان ينقصني العباءة على الرأس والقفاز...
لكن بفضل الله ثم بفضل الداعية عبد المحسن الأحمد فلقد لبست العباءة والقفاز...فجزى الله كل من أسهم في عمل هذا الشريط...
ولا أنسى فضل أخوتي ...والله إني أحبكم في الله...
وعندما لبستها أحسست براحه لم أشعرها من قبل ...فأحسست إني حقا ملكة ...
وعندما أخرج وأكون لابسة العباءة على الرأس والقفاز...فأني أتذكر دعاء الداعية حفظه الله ورعاه...
ولا أنسى بعد أني تركت المسلسلات وغيرها والتلفاز...إلا إذا كان هناك محاضرات فأني أسمعها..
فقولي السابق ليس غرورا أو تباهينا بما أفعل ولكن لأكشف حقيقة غابت عن الكثير- أسألك العفو والعافية- ألا وهي بداية طاعة تجر بعدها طاعات...
أحبتي في الله أهديكم هذه الكلمات لـ هشام زرور والذي أنشدها أحمد بو خاطر...بارك الله فيهم...رزقهم الجنة ..اللهم آمين
كيف أنزعه؟
أكثروا من عتابي ......بعد لبس الحجاب
بت من قولهم في ......حيرة واضطراب
حدثوني فقالوا ....... مذ لبس الحجاب
خانك السعد عودي ..... حرة كالسحابة
ولكن كيف كيف كيف أنزعه؟
كيف لي أن أزيل ...... ذا الحجاب الأصيل
صار مني كبعضي .... صرت فيه جليلة
لن أميط غطائي ...... رغم مر الجفاء
شرع ربي دليلي ....... لا هوى الأدعياء
ولكن كيف كيف كيف أنزعه؟
جائني بالورود.......ناصح ذو عود
ربة الحسن عودي..... للهنا والسعود
جال فكري وحار ..... تارة بعد تارة
بت أسأل نفسي ...... هل أزيل الخمار
ولكن كيف كيف كيف أنزعه؟
من يعش في الهداية ...... لم يمل للغاوية
ربي ثبت فؤادي ......... وامح عني الخطايا
من أراد السعادة ....... والعلا والريادة
فليقم شرع ربه........ وليدم في العبادة
ولكن كيف كيف كيف أنزعه؟
رسالة إلى الأزواج ... وأيضا الإخوان...
أعين زوجتك على طاعة الرحمن.... فلا تتركها بدون الحجاب الكامل...(5/463)
فإن كنت ممن تحب أن زوجتك تظهر بلباسها الكاشف .... فماذا يعني لك هذا ؟؟؟ انك تحب زوجتك ؟؟؟
فهل تحب أن تساندها في ظهر جمالها ؟؟؟ عيب عليك فأنته ليس برجل فأنت ذكر...ألا تغار عليها من نظرة الناس وكلامهم ... وأول ذلك من غضب الرحمن...
أما ممن يحبون زوجاتهم بأن يكن لكم العون...فساندوهم وساعدوهم وحببوهن ...
إنهن جميلات بهذا الحجاب الكامل وبالعباءة على الرأس وقولوا لهم أن الحور سوف يغرن منكن ومن جمالكن... وكل واحد يقول لزوجته سوف تكونين أحلى الحور...
ـــــــــــــــــــ
الحقوووا موضة السنة!!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نشاهد في هذه الأيام ما يجعل الشخص يمل من الخروج ومشاهدة هذه المنكرات من حوله في الاسواق وفي اجتماعات النساء والأفراح والمناسبات للأسف هذا ونحن مسلمون...
أخواتي:
لماذا تتابعين الموضة وتسيرين خلفهم؟؟
هل لكي تبدي جميلة؟؟
ام تسمينه تطور؟؟
ام تقلدين الناس لمتابعتهم للموضة؟؟
ولكن يخطر في بالي سؤال:
هل استفدت من هذه الموضة بشيء؟؟
هل حققت رغبتك في ذلك؟
نحن في بلد إسلامي وأمة إسلامية ...
لما هذا التقليد...لما هذا الغباء؟؟
جاؤا بالأحمر ....اشترينا كل شيء احمر...جاؤا بالألوان الفاقعة..رحنا جري وراءها...
لماذا؟؟
اشعر ان هناك نوع من الهبل والجنون..!!
هل نحن نتبع هؤلاء اليهود والنصارى الذين يهينون اخواننا المسلمين ويستحقرونهم..
أين ذهبت عقولنا عندما نقلدهم...
بل للأسف الأغلبية يسمى هذا..( تقدم ورقي واتيكيت)...
هل التقدم والرقي يزيد بالتشبه وتقليد شيء ليس له قيمة ولا فائدة ولا غاية...ام التقدم يكون بالعلم وزيادة الإيمان؟؟
اترك الجواب لكم؟؟
إخوتي الم نسمع بقول الرسول صلى الله عليه وسلم:
( لتتبعن سنن من كان قبلكم ، شبرا بشبر، وذراعا بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم) قالوا: يارسول الله: اليهود والنصارى؟؟!! قال: ( فمن؟)...أخرجه البخاري(5/464)
تأملوا هذا الحديث وانظروا ماذا قال الرسول عليه افضل الصلاة وازكى التسليم قال حتى لودخلوا جحر ضب لدخلتموه..
ياناس ياعالم ..جحر ضب خص هنا بالذكر لشدة ضيقه..؟؟!!
احذروا اخوتي انه امر عظيم لقد تفشى مظاهره في المجتمعات الإسلامية....
وكثير من ابناء وبنات العصر انبهروا بالغرب وحضاراتهم الزائفة لانها قائمة على باطل..
الم نسأل انفسنا يوما لماذا الغرب لا يلبسون لباسنا ولا يقلدونا؟؟
والمشكلة الكبرى نقلدهم...
اخوتي نحن ابتعدنا عن الدين لذلك لجأنا لهذه الساخافات...
وللأسف أصبح الان الشباب ليس البنات فقط يتابعون الموضة..
البنطلون والكاب والنظارات الشمسية والحلقان والسلاسل وووووووووو
أحبائي:
هيا بنا لنعود سويا ونرجع الى كتاب الله وسنة رسول الله..
ونعمل على مايفيدنا في الدنيا
ولالاننسى ان الدنيا مزرعة للآخرة
وفق الله الجميع إلى كل خير
وبالله التوفيق
والسلام عليكم
أختكم في الله
العائدة للرحمن
للفائدة :
ارفعي صوتك ضد الخلاعة ... ضد الأزياء الماجنة
ما هو القصد من ترويج مفهوم الموضات والأزياء؟
ـــــــــــــــــــ
بيان في لباس المرأة عند محارمها ونسائها
بيان في لباس المرأة عند محارمها ونسائها
صادر من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الرقم : ( 21302 )
التاريخ : 25/1/1421هـ
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :
فقد كانت نساء المؤمنين في صدر الإسلام قد بلغن الغاية في الطهر والعفة ، والحياء والحشمة ببركة الإيمان بالله ورسوله واتباع القرآن والسنة ، وكانت النساء في ذلك العهد يلبسن الثياب الساترة ولا يعرف عنهن التكشف والتبذل عند اجتماعهن ببعضهن أو بمحارمهن ، وعلى هذه السنة القويمة جرى عمل نساء الأمة - ولله الحمد - قرناً بعد قرن إلى عهد قريب فدخل في كثير من النساء ما دخل من فساد في اللباس والأخلاق لأسباب عديدة ليس هذا موضع بسطها .(5/465)
ونظراً لكثرة الاستفتاءات الواردة إلى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عن حدود نظر المرأة إلى المرأة وما يلزمها من اللباس فإن اللجنة تبين لعموم نساء المسلمين : أنه يجب على المرأة أن تتخلق بخلق الحياء الذي جعله النبي صلى الله عليه وسلم من الإيمان وشعبة من شعبه ، ومن الحياء المأمور به شرعاً وعرفاً تستر المرأة واحتشامها وتخلقها بالأخلاق التي تبعدها عن مواقع الفتنة ومواضع الريبة . وقد دل ظاهر القرآن على أن المرأة لا تبدي للمرأة إلا ما تبديه لمحارمها مما جرت العادة بكشفه في البيت وحال المهنة كما قال تعالى : { ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أو أبنائهن أو أبنا بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن } . الآية .
وإذا كان هذا هو نص القرآن وهو ما دلت عليه السنة فإنه هو الذي جرى عليه عمل نساء الرسول صلى الله عليه وسلم ونساء الصحابة ومن اتبعهن بإحسان من نساء الأمة إلى عصرنا هذا . وما جرت العادة بكشفه للمذكورين في الآية الكريمة هو : ما يظهر من المرأة غالباً في البيت وحال المهنة ويشق عليها التحرز منه كانكشاف الرأس واليدين والعنق والقدمين ، وأما التوسع في التكشف فعلاوة على أنه لم يدل على جوازه دليل من كتاب أو سنة هو أيضاً طريق لفتنة المرأة والافتتان بها من بنات جنسها وهذا موجود بينهن ، وفيه أيضاً قدوة سيئة لغيرهن من النساء ، كما أن في ذلك تشبهاً بالكافرات والبغايا الماجنات في لباسهن ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من تشبه بقوم فهو منهم ) . أخرجه الإمام أحمد وأبوداود . وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى عليه ثوبين معصفرين فقال : ( إن هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها ) . وفي صحيح مسلم أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( صنفان من أهل النار لم أرهما : قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها ، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا ) . ومعنى ( كاسيات عاريات ) : هو أن تكتسي المرأة ما لا يسترها فهي كاسية وهي في الحقيقة عارية ، مثل من تلبس الثوب الرقيق الذي يشف بشرتها ، أو الثوب الضيق الذي يبدي تقاطيع جسمها ، أو الثوب القصير الذي لا يستر بعض أعضائها .
فالمتعين على نساء المسلمين التزام الهَدي الذي كان عليه أمهات المؤمنين ونساء الصحابة رضي الله عنهن ومن اتبعهن بإحسان من نساء هذه الأمة ، والحرص على التستر والاحتشام فذلك أبعد عن أسباب الفتنة ، وصيانة للنفس عما تثيره دواعي الهوى الموقِع في الفواحش .
كما يجب على نساء المسلمين الحذر من الوقوع فيما حرمه الله ورسوله من الألبسة التي فيها تشبّه بالكافرات والعاهرات طاعة لله ورسوله ورجاءً لثواب الله وخوفاً من عقابه .
كما يجب على كل مسلم أن يتقي الله فيمن تحت ولايته من النساء فلا يتركهن يلبسن ما حرمه الله ورسوله من الألبسة الخالعة والكاشفة والفاتنة وليعلم أنه راع ومسئول عن رعيته يوم القيامة .(5/466)
نسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين وأن يهدينا جميعاً سواء السبيل إنه سميع قريب مجيب وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه 0
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
ـــــــــــــــــــ
حدود وضوابط لباس المرأة أمام محارمها وأمام النساء
عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
لباس المرأة بين النساء وأمام المحارم مما تساهلت به بعض النساء ، ولا شكّ أن لهذا التساهل آثاره الخطيرة التي وقفت على بعضها بنفسي ، وسأذكرها لا حقاً بعد بيان الحُكم .
عورة المرأة :
الصحيح أن عورة المرأة مع المرأة كعورة المرأة مع محارمها .
فيجوز أن تُبدي للنساء مواضع الزينة ومواضع الوضوء لمحارمها ولبنات جنسها .
أما التهتك في اللباس بحجة أن ذلك أمام النساء فليس من دين الله في شيء .
وليس بصحيح أن عورة المرأة مع المرأة كعورة الرجل مع الرجل ، أي من السرة إلى الركبة .
فهذا الأمر ليس عليه أثارة من علم ولا رائحة من دليل فلم يدل عليه دليل صحيح ولا ضعيف .
بل دلّت نصوص الكتاب والسنة على ما ذكرته أعلاه .
قال سبحانه وتعالى : ( وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوْ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الإِرْبَةِ مِنْ الرِّجَالِ أَوْ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )
ووجه الدلالة أن الله ذكر النساء بعد ذكر المحارم وقبل ذكر مُلك اليمين .
فحُكم النساء مع النساء حُكم ما ذُكِرَ قبلهن وما ذُكِرَ بعدهنّ في الآية .
ولعلك تلحظ أن الله سبحانه وتعالى لم يذكر الأعمام والأخوال في هذه الآية ، وليس معنى ذلك أنهم ليسوا من المحارم .
قال عكرمة والشعبي : لم يذكر العم ولا الخال ؛ لأنهما ينعتان لأبنائهما ، ولا تضع خمارها عند العم والخال فأما الزوج فإنما ذلك كله من أجله فتتصنع له بما لا يكون بحضرة غيره .
وهذه الآية حدَّدَتْ مَنْ تُظهر لهم الزينة ، فللأجانب ( وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ )
قال ابن مسعود رضي الله عنه : الزينة زينتان : فالظاهرة منها الثياب ، وما خفي الخلخالان والقرطان والسواران . رواه ابن جرير في التفسير والحاكم وصححه على شرط مسلم ، والطبراني في المعجم الكبير ، والطحاوي في مشكل الآثار .
قال ابن جرير : ولا يُظهرن للناس الذين ليسوا لهن بمحرم زينتهن .(5/467)
أما الزينة المقصودة في قوله تعالى : ( وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ ... ) الآية
فهذه يُوضِّحها علماء الإسلام .
قال البيهقي : والزينة التي تبديها لهؤلاء الناس قرطاها وقلادتها وسواراها ، فأما خلخالها ومعضدتها ونحرها وشعرها ، فلا تبديه إلا لزوجها . وروينا عن مجاهد أنه قال : يعني به القرطين والسالفة والساعدين والقدمين ، وهذا هو الأفضل ألاّ تبدي من زينتها الباطنة شيئا لغير زوجها إلا ما يظهر منها في مهنتها . اهـ .
وقوله ( لهؤلاء الناس ) : أي المذكورين في الآية من المحارم ابتداءً بالبعل ( الزوج ) وانتهاءً بالطفل الذي لم يظهر على عورات النساء ، ثم استثنى الزوج . والمعضدة ما يُلبس في العضد .
ويؤيد هذا قوله صلى الله عليه وسلم : المرأة عورة . رواه الترمذي وغيره ، وهو حديث صحيح ، فلا يُستثنى من ذلك إلا ما استثناه الدليل .
وأما قول إن عورة المرأة مع المرأة كعورة الرجل مع الرجل فليس عليه أثارة من علم ، ولا رائحة من دليل ، ولو كان ضعيفاً .
إذاً فالصحيح أن عورة المرأة مع المرأة ليست كعورة الرجل مع الرجل ، من السرة إلى الركبة ، وإن قال به من قال .
بل عورة المرأة مع المرأة أكثر من ذلك .
ويؤيّد ذلك أيضا أن الأمَة على النصف من الحُرّة في الحدِّ ، لقوله تعالى : ( فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ) .
والأمَة على النصف في العورة لما رواه أبو داود من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا زوج أحدكم خادمه عبده أو أجيره فلا ينظر إلى ما دون السرة وفوق الركبة . وحسّنه الألباني وزاد نسبته للإمام أحمد .
وإذا كان ذلك في الأمَة التي هي على النصف من الحرة في الحدِّ والعورة وغيرها ، فالحُرّة لا شك أنها ضِعف الأمَة في الحدِّ والعورة وغيرها مع المحارم والنساء .
قال البيهقي : والصحيح أنها لا تبدي لسيِّدها بعدما زوّجها ، ولا الحرة لذوي محارمها إلا ما يَظهر منها في حال المهنة . وبالله التوفيق .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : والحجاب مختص بالحرائر دون الإماء ، كما كانت سنة المؤمنين في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاءه إن الحرة تحتجب ، والأمَة تبرُز ، وكان عمر رضي الله عنه إذا رأى أمَة مختمرة ضربها ، وقال : أتتشبهين بالحرائر ! أيْ لكاع . فَيَظْهَر من الأمَة رأسها ويداها ووجهها ... وكذلك الأمَة إذا كان يُخاف بها الفتنة كان عليها أن ترخي من جلبابها وتحتجب ، ووجب غض البصر عنها ومنها ، وليس في الكتاب والسنة إباحة النظر إلى عامة الإماء ولا ترك احتجابهن وإبداء زينتهن ، ولكن القرآن لم يأمرهن بما أمر الحرائر ... فإذا كان في ظهور الأمَة والنظر إليها فتنة وجب المنع من ذلك كما لو كانت في غير ذلك ، وهكذا الرجل مع الرجال ، والمرأة مع النساء : لو كان في المرأة فتنة للنساء ، وفى الرجل(5/468)
فتنة للرجال لَكَانَ الأمر بالغض للناظر من بَصَرِهِ متوجِّها كما يتوجَّه إليه الأمر بِحِفْظِ فَرْجِه . انتهى كلامه – رحمه الله – .
وقول عمر هذا . قال عنه الألباني : هذا ثابت من قول عمر رضي الله عنه .
وهذا الفعل من عمر رضي الله عنه من أقوى الأدلة على اختصاص الحرائر بالحجاب – الخمار ، وهو غطاء الوجه – دون الإماء ، وأن من كشفت وجهها فقد تشبّهت بالإماء ! .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – : بل كانت عادة المؤمنين أن تحتجب منهم الحرائر دون الإماء .
وما أعظم ما تفتتن به النساء بعضهن ببعض ، خاصة الفتيات في هذا الزمن ، فيما يُسمّى بالإعجاب نتيجة التزيّن والتساهل في اللباس ولو كان أمام النساء ، والشرع قد جاء بتحصيل المصالح وتكميلها ، وتقليل المفاسد وإعدامها .
ومما يَدلّ على أنه لا يجوز للمرأة أن تُبدي شيئاً مِن جسدها أمام النساء إلا ما تقدّم ذِكره من مواضع الزينة ومواضع الوضوء إنكار نساء الصحابة على من كُنّ يدخلن الحمامات العامة للاغتسال ، وكان ذلك في أوساط النساء .
والحمام هو مكان الاغتسال الجماعي سواء للرجال مع بعضهم ، أو للنساء مع بعضهن .
وهو الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : الحمام حرام على نساء أمتي . رواه الحاكم ، وصححه الألباني .
وقد دخلت نسوة من أهل الشام على عائشة رضي الله عنها فقالت : لعلكن من الكُورَة التي تدخل نساؤها الحمّام ؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أيما امرأة وضعت ثيابها في غير بيت زوجهـ
ـــــــــــــــــــ
أختاه أين الحياء
أبو أنس الطائفي
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا ونبينا محمد وعلى اله وصحبه وسلم أما بعد :
لقد كثر الجدل هذه الأيام حول عورة المرأة ولم يكن المقصود إلا الحصول على رخصه بالسماح لهن بالعري أمام النساء وخاصة في تلك المناسبات والحفلات في قصور الأفراح وهذا من اثر ما تنقله وسائل الإعلام بشتى أنواعها لتغريب المرأة المسلمة وإخراجها في طور الحياة الهمجية البهيمية وأسوق لك يا أخت عائشة وحفصه وزينب من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في الحياء ما كان له من عظيم الأثر في تلك المجتمعات التي تفتقد لها الأمة في زمننا هذا .
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال{ الإيمان بضع وستون شعبة والحياء شعب من الإيمان} رواه البخاري
عن سلمان الفارسي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { إن الله حيي كريم يستحيي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفرا خائبتين } حديث حسن رواه الترمذي(5/469)
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم { أشد حياء من العذراء في خدرها } رواه البخاري
عمران بن حصين قال قال النبي صلى الله عليه وسلم { الحياء لا يأتي إلا بخير} فقال بشير بن كعب مكتوب في الحكمة إن من الحياء وقارا وإن من الحياء سكينة . رواه البخاري
عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { ما كان الفحش في شيء إلا شانه وما كان الحياء في شيء إلا زانه } حديث حسن رواه الترمذي
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { الحياء من الإيمان والإيمان في الجنة والبذاء من الجفاء والجفاء في النار} حديث حسن رواه الترمذي
عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { استحيوا من الله حق الحياء قال قلنا يا رسول الله إنا نستحيي والحمد لله قال ليس ذاك ولكن الاستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس وما وعى والبطن وما حوى ولتذكر الموت والبلى ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء} حديث حسن رواه الترمذي
عن أبي المليح الهذلي أن نساء من أهل حمص أو من أهل الشام دخلن على عائشة فقالت أنتن اللاتي يدخلن نساؤكن الحمامات سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول { ما من امرأة تضع ثيابها في غير بيت زوجها إلا هتكت الستر بينها وبين ربها } حديث حسن رواه الترمذي
وفي سؤال للشيخ محمد العثيمين رحمه الله عن حكم لبس الملابس الضيقة عند النساء وعند المحارم ؟
أجاب بما يلي:
لبس الملابس الضيقة التي تبين مفاتن المرأة وتبرز ما فيه الفتنه محرم لان النبي صلى الله عليه وسلم قال { عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صنفان من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رءوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا }رواه مسلم
فقد فسر قوله كاسيات عاريات بأنهن يلبسن ألبسه قصيرة لا تستر ما يجب ستره من العورة وفسر بأنهن يلبسن ألبسه خفيفة لا تمنع من رؤية ما وراءها من بشرة المرأة وفسرت بأن يلبسن ملابس ضيقه فهي ساتره عن الرؤية لكنها مبدية لمفاتن المرأة وعلى هذا فلا يجوز للمرأة أن تلبس هذه الملابس الضيقة إلا لمن يجوز لها إبداء عورتها عنده وهو الزوج فإنه ليس بين الزوج وزوجته عوره لقول الله تعالي{والذين }
وقالت عائشة رضي الله عنها { كنت اغتسل أنا والنبي صلى الله عليه وسلم يعني من الجنابة من إناء واحد تختلف أيدينا فيه } فالإنسان بينه وبين زوجته لا عورة بينهما وأما بين المرأة والمحارم فإنه يجب عليها أن تستر عورتها والضيق لا يجوز لا عند المحارم ولا عند النساء إذا كان ضيقا شديدا يبين مفاتن المرأة(5/470)
وسئل الشيح صالح الفوزان حفظه الله عن امرأة لديها أربعة أولاد وأنها تلبس أمامهم القصير فما حكم ذلك ؟
فأجاب بما يلي:
لا يجوز للمرأة أن تلبس القصير من الثياب أمام أولادها ومحارمها ولا تكشف عندهم إلا بما جرت العادة بكشفه مما ليس فيه فتنة وإنما تلبس القصير عند زوجها فقط.
وسئل الشيح صالح الفوزان حفظه الله عن كثير من النساء يذكرن أن عورة المرأة من المرأة هي من السرة إلى الركبة فبعضهن لا يترددن في ارتداء الملابس الضيقة جدا أو المفتوحة لتظهر أجزاء كبيرة من الصدر واليدين فما تعليقكم ؟
فأجاب بما يلي:
مطلوب من المرأة المسلمة الاحتشام والحياء وأن تكون قدوة حسنة لأخواتها من النساء وأن لا تكشف عند النساء إلا ما جرت عادة المسلمات الملتزمات بكشفه فيما بينهن هذا هو الأولى والأحوط لأن التساهل في كشف ما لا داعي لكشفه قد يبعث على التساهل ويجر إلى السفور المحرم والله اعلم .
وسئل الشيخ ابن جبرين حفظه الله عن حكم لبس الثياب الضيقة أو القصيرة أو المشقوقة من الجوانب أو القصيرة الأيادي ؟
الجواب :
الثياب الضيقة التي تبين تفاصيل البدن فلا تجوز للمرأة فإن ظهورها بذلك يلفت الأنظار حيث يتبين حجم ثدييها أو عظام صدرها أو إليتها أو بطنها أو نحو ذلك فاعتياد مثل هذه الأكسية يعودها على ذلك ويصير ديدنها ويصعب عليها التخلي عنه مع ما فيه من المحذور وهكذا لبس القصير أو مشقوق الطرف بحيث يبدو الساق أو القدم أو قصير الأكمام ولا يبرر ذلك كونها أمام المحارم أو النساء لان اعتياد ذلك يجر إلى الجرأة على لبسه في الأسواق والحفلات والجمع الكثير كما هو مشاهد وفي لباس النساء المعتاد ما يغني عن مثل هذه الألبسة والله اعلم
وسئل الشيح صالح الفوزان حفظه الله عن حكم لبس المرأة الملابس الضيقة أمام النساء ؟
فأجاب بما يلي :
لا شك أن لبس المرأة للشيء الضيق الذي يبين مفاتن جسمها لا يجوز إلا عند زوجها فقط أما عند غير زوجها فلا يجوز حتى ولو كان بحضرة نساء لأنها تكون قدوة سيئة لغيرها إذا رأتها تلبس هذا يقتدين بها وأيضا هي مأمورة بسر عورتها بالضافي والساتر عن كل أحد إلا عن زوجها تستر عورتها عن النساء كما تسترها عن الرجال إلا ما جرت العادة بكشفه عند النساء كالوجه واليدين والقدمين ومما تدعو الحاجة إلى كشفة .
فا الله الله في حياؤك يا أختاه إياك أن تخدشية فأنه أغلى ما تملكين ولا تكوني امعه كوني استقلالية ولا تكوني مقلدة وخاصة للكافرات العاهرات كوني قدوة حسنة وأنكري على من ترينها بتلك الملابس العاهرة .
وصلى الله وسلم على نبيه محمد وعلى اله وصحبه وسلم .
ـــــــــــــــــــ(5/471)
الحجاب عبادة
إعداد القسم العلمي بدار الوطن
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيّ بعده، أما بعد :
أختي المسلمة!
لقد دأبت بعضُ الأقلام بين فينةٍ وأخرى على النيلِ من حجابك والهجوم عليه، واصفةً إياه بالتخلف والرجعية وعدم مواكبة التطور الذي نشهده، والقرن الذي نحن على مشارفه، حيث إننا نعيش عصر الفضائيات والاتصالات والعولمة وتلاقح الأفكار وغير ذلك من مظاهر التقدم العلمي والتكنولوجي .
وقد انقسم هؤلاء المبهورون بمدنية الغرب إلى أقسام عدة :
فمنهم من أنكر فرضية الحجاب بالكلية، وزعم أنه من خصوصيات العصور الإسلامية الأولى !! .
ومنهم من أنكر غطاء الوجه وراح يدعو إلى السفور والاختلاط، زاعماً أن ليس في كتاب الله ولا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ما يدل على تغطية وجه المرأة، وأن ذلك من قبيل العادات الموروثة التي فرضها المتشددون ! .
ومنهم من تخبَّط فقال : إن الحجاب سجن يجب على المرأة أن تتحرر منه حتى تستثمر طاقاتها في مواكبة العصر، ومشاركة الرجل مسيرته التقدمية نحو آفاق المدنية الحديثة ! .
ومنهم من طبق المثل القائل : "رمتني بدائها وانسلَّت" فزعم أن الذين يدعون إلى الحجاب ونبذ التبرج والسفور ينظرون إلى المرأة نظرة جسدية،ولو أنهم تركوا المرأة تلبس ما تشاء لتخلَّص المجتمع من هذه النظرة الجسدية المحدودة!! .
وهؤلاء جميعاً قد اشتركوا في الجهل والدعوة إلى الضلال، شاءوا أم أبوْا .
والأمر في ذلك كما قال الشاعر :
فإن كنتَ لا تدري فتلك مصيبةٌ *** وإن كنت تدري فالمصيبةُ أعظمُ
أما حقيقة هؤلاء فلا تخفى على ذي عينين ! .
وأما كلامهم فباطل باطل، يبطل أولُه آخرَه، وآخرُه أولَه، قال تعالى : } وَلَتَعرِفَنهُم فِي لَحنِ القَولِ وَاللهُ يَعلَمُ أَعمالَكُم{ [ محمد : 30 ] .
وأما دعوتهم فمؤامرة مكشوفة على المرأة المسلمة، وعلى الأسرة والمجتمع والأمة بأسرها .
ومع ذلك فقد نجح هؤلاء في السيطرة على عقول بعض نسائنا، فأغروهن بكلامهم المعسول وعباراتهم البراقة التي تحمل في طيَّاتها الهلاك والدمار، فظننَّ أن هؤلاء هم المدافعون عن قضايا المرأة وحقوقها، وجهلن أن الإسلام قد صان المرأة أتمَّ صيانة، ورفع مكانتها في جميع مراحل حياتها، طفلةً وبنتاً وزوجة وأُمًّا وجدة .
ولما كان الأمر كما قال الشاعر :
لكلِّ ساقطةٍ في الحيِّ لاقطةٌ........... وكلُّ كاسدةٍ يوماً لها سوقُ
فقد تعيَّن الردُّ على هؤلاء ودحض شبهاتهم، وتفنيد كلامهم، وكشف عوار أحاديثهم وزيف أطروحاتهم، لعلهم يعودوا لرشدهم ويتخلوا عن باطلهم .
الحجاب عبادة(5/472)
الحجاب عبادة من أعظم العبادات وفريضة من أهم الفرائض؛ لأن الله تعالى أمر به في كتابه، ونهى عن ضده وهو التبرج، وأمر به النبي صلى الله عليه و سلم في سنته ونهى عن ضده، وأجمع العلماء قديماً وحديثاً على وجوبه لم يشذّ عن ذلك منهم أحد، فتخصيص هذه العبادة – عبادة الحجاب – بعصر دون عصر يحتاج إلى دليل، ولا دليل للقائلين بذلك ألبتة . ولذلك فإننا نقول ونكرر القول : "لا جديد في الحجاب" .
ولو لم يكن الحجاب مأموراً به في الكتاب والسنة، ولو لم يرد في محاسنه أيُّ دليل شرعي، لكان من المكارم والفضائل التي تُمدح المرأة بالتزامها والمحافظة عليها، فكيف وقد ثبتتْ فرضيَّتُه بالكتاب والسنة والإجماع؟!.
أدلة الحجاب من الكتاب والسنة
وفي هذه الأدلة برهان ساطع على وجوب الحجاب، وإفحامٌ واضح لمن زعم أنه عادة موروثة أو أنه خاصٌّ بعصور الإسلام الأولى.
أولاً : أدلة الحجاب من القرآن :
الدليل الأول : قوله تعالى : { وَقُل للمُؤمِنَاتِ يَغضُضنَ مِن أَبصَارِهِن وَيَحفَظنَ فُرُوجَهُن وَلاَ يُبدِينَ زِينَتَهُن إِلا مَا ظَهَرَ مِنهَا وَليَضرِبنَ بِخُمُرِهِن عَلَى جُيُوبِهِن وَلاَ يُبدِينَ زِينَتَهُن } إلى قوله: { وَلاَ يَضرِبنَ بِأَرجُلِهِن لِيُعلَمَ مَا يُخفِينَ مِن زِينَتِهِن وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيهَا المُؤمِنُونَ لَعَلكُم تُفلِحُونَ} [ النور:30 ] .
قالت عائشة رضي الله عنها : "يرحم الله نساء المهاجرات الأُول؛ لما أنزل الله : } وَليَضرِبنَ بِخُمُرِهِن عَلَى جُيُوبِهِن{ شققن مروطهن فاختمرن بها" [ رواه البخاري ] .
الدليل الثاني : قوله تعالى : { وَالقَوَاعِدُ مِنَ النسَاء اللاتي لاَ يَرجُونَ نِكَاحاً فَلَيسَ عَلَيهِن جُنَاحٌ أَن يَضَعنَ ثِيَابَهُن غَيرَ مُتَبَرِّجَاتِ بِزِينَةٍ وَأَن يَستَعفِفنَ خَيرٌ لهُن وَاللهُ سَمِيعٌ عِلِيمٌ } [ النور : 60 ] .
الدليل الثالث : قوله تعالى :{ يأَيهَا النبِي قُل لأزواجِكَ وَبَناَتِكَ وَنِسَاء المُؤمِنِينَ يُدنِينَ عَلَيهِن مِن جَلابِيبِهِن ذلِكَ أَدنَى أَن يُعرَفنَ فَلاَ يُؤذَينَ وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رحِيماً } [ الأحزاب : 59 ] .
الدليل الرابع : قوله تعالى :{ وقَرنَ فِي بُيُوتِكُن وَلاَ تَبَرَّجنَ تَبَرجَ الجاَهِلِيةِ الأولَى } [ الأحزاب : 33 ] .
الدليل الخامس : قوله تعالى : { وَإِذَا سَأَلتُمُوهُن مَتَاعاً فاسأَلُوهُن مِن وَرَاء حِجَابٍ ذلِكُم أَطهَرُ لِقُلُوبِكُم وَقُلُوبِهِن} [ الأحزاب : 53 ] .
ثانياً : أدلة الحجاب من السنة :
الدليل الأول : في الصحيحين أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: يا رسول الله، احجب نساءك . قالت عائشة : فأنزل الله آية الحجاب . وفيهما أيضاً : قال عمر : يا رسول الله، لو أمرتَ أمهات المؤمنين بالحجاب . فأنزل الله آية الحجاب .
الدليل الثاني : عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : "المرأة عورة" [ الترمذي وصححه الألباني ] .
الدليل الثالث : عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: "من جرَّ ثوبه خُيَلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة" فقالت أم سلمة رضي الله(5/473)
عنها : فكيف يصنع النساء بذيولهن؟ قال : "يرخين شبراً" فقالت : إذن تنكشف أقدامهن . قال : "فيرخينه ذراعاً لا يزدن عليه" [ رواه أبو داود والترمذي وقال : حسن صحيح ] .
أدلة سَتر الوجه من الكتاب والسنة
أولاً : قوله تعالى : { وَليَضرِبنَ بِخُمُرِهِن عَلَى جُيُوبِهِن} [ النور : 30 ] .
قال العلامة ابن عثيمين : "فإن الخمار ما تخمِّر به المرأة رأسها وتغطيه به كالغدقة، فإذا كانت مأمورة بأن تضرب بالخمار على جيبها كانت مأمورة بستر وجهها" .
ثانياً : قوله تعالى : { يأَيهَا النبِي قُل لأزواجِكَ وَبَناَتِكَ ... } [ الأحزاب : 59 ] .
قال ابن عباس رضي الله عنهما : "أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رءوسهن بالجلاليب" . قال الشيخ ابن عثيمين : "وتفسير الصحابي حجة، بل قال بعض العلماء إنه في حكم المرفوع إلى النبي صلى الله عليه و سلم ".
ثالثاً : عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : "لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين" [ رواه البخاري ] .
قال القاضي أبو بكر بن العربي : "قوله في حديث ابن عمر: "لا تنتقب المرأة المحرمة" وذلك لأن سترها وجهها بالبرقع فرض إلا في الحج، فإنها ترخي شيئاً من خمارها على وجهها غير لاصق به، وتعرض عن الرجال ويعرضون عنها" .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : "وهذا مما يدلّ على أن النقاب والقفازين كانا معروفين في النساء اللاتي لم يحرمن، وذلك يقتضي ستر وجوههن وأيديهن" .
رابعاً : في قوله صلى الله عليه و سلم : "المرأة عورة" دليل على مشروعية ستر الوجه . قال الشيخ حمود التويجري : "وهذا الحديث دالّ على أن جميع أجزاء المرأة عورة في حق الرجال الأجانب، وسواءٌ في ذلك وجهها وغيره من أعضائها" .
جهل أم عناد؟!
إليكم يا من تزعمون أن حجاب المسلمة لا يناسب هذا العصر!!
إليكم يا من تدّعون أن تغطية الوجه من العادات العثمانية!!
إليكم يا من تريدون إخراج المرأة من بيتها واختلاطها بالرجال في كل مكان .
هذه آيات القرآن أمامكم فاقرءوها.. وهذه أحاديث النبي محمد صلى الله عليه و سلم بين أيديكم فادرسوها ... وهذا فهم أئمة الإسلام من السلف والخلف يدل على وجوب الحجاب وستر الوجه فاعقلوه . فإن كنتم جهلتم هذه الآيات والأحاديث في الماضي فها هي أمامكم، ونحن ننتظر منكم الرجوع إلى الحق وعدم التمادي في الباطل؛ فإن الرجوع إلى الحق فضيلة، والإصرار على الباطل شر ورذيلة .
أما إذا كنتم من الصنف الذي وصفه الله تعالى بقوله : } وَجَحَدُوا بِهَا وَاستَيقَنَتهَا أَنفُسُهُم ظُلماً وَعُلُواً { [ النمل : 14] فإنكم لن تنقادوا للحق، ولن ترجعوا إلى الصواب، وإن سردنا لكم عشراتٍ بل مئاتِ الآيات والأحاديث، لأنكم – بكل بساطة – لا تؤمنون بكون الإسلام منهج حياة، وبكون القرآن صالحاً لكلّ زمان ومكان . قال تعالى : } أَفَحُكمَ الجَاهِلِيةِ يَبغُونَ وَمَن أَحسَنُ مِنَ اللهِ حُكماً لقَومٍ يُوقِنُونَ { [المائدة : 50] .(5/474)
الحجاب والمدنية
يرى دعاة المدنية أن الحجاب مظهر من مظاهر التخلف، وأنه يمنع المرأة من الإبداع والرقي، وهو عندهم من أكبر العقبات التي تحول بين المرأة وبين المشاركة في مسيرة الحضارة والمدنية، وفي عملية البناء التي تخوضها الدول النامية للوصول إلى ما وصلت إليه الدول المتقدمة من رقي وتمدن !!
ونقول لهؤلاء : ما علاقة الحجاب بالتقدم الحضاري والتكنولوجي؟ !
هل من شروط الحضارة والمدنية أن تخلع المرأة ملابسها وتتعرَّى أمام الرجال؟ !
هل من شروط الحضارة والمدنية أن تشارك المرأة الرجل متعته البهيمية وشهواته الحيوانية؟ !
هل من شروط الحضارة والمدنية أن تكون المرأة جسداً بلا روح ولا حياء ولا ضمير ؟ !
هل الحجاب هو السبب في عجزنا عن صناعة السيارات والطائرات والدبابات والمصانع والأجهزة الكهربائية بشتى أنواعها؟!
لقد تخلت المرأة المسلمة في معظم الدول العربية والإسلامية عن حجابها، وألقته وراء ظهرها، وداست عليه بأقدامها، وخرجت لتعمل مع الرجل، وشاركته معظم ميادين عمله !!.
فهل تقدمت هذه الدول بسبب تخلِّي نسائها عن الحجاب؟!
وهل لحقت بركب الحضارة والمدنية بسبب اختلاط الرجال بالنساء؟!
وهل وصلت إلى ما وصلت إليه الدولُ المتقدمة من قوة ورقيّ؟!
وهل أصبحت من الدول العظمى التي لها حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن ؟!
وهل تخلصت من مشاكلها الاقتصادية والتعليمية والاجتماعية والأخلاقية؟!
الجواب واضح لا يحتاج إلى تفصيل . فلماذا إذن تدعون إلى التبرج والسفور والاختلاط يا دعاة المدنية والحضارة؟!!
نعم للتعليم .. لا للتبرج
إن المرأة في هذه البلاد – ولله الحمد – وصلت إلى أرقى مراتب التعليم، وحصلت على أعلى الشهادات التعليمية، وهي تعمل في كثير من المجالات التي تناسبها، فهناك الطبيبة، والمعلمة، والمديرة، وأستاذة الجامعة، والمشرفة والباحثة الاجتماعية، وكلّ هؤلاء وغيرهن يؤدين دورهن في نهضة الأمة وبناء أجيالها، لم يمنعهن من ذلك حجابهن وسترهن وحياؤهن وعفتهن .
لقد أثبتت المرأة المسلمة – في هذه البلاد – أنها تستطيع خدمة نفسها ومجتمعها وأمتها دون أن تتعرض لما تعرضت له المرأة في كثير من البلدان من تبذُّلٍ وامتهان، ودون أن تكون سافرة أو متبرجة أو مختلطة بالرجال الأجانب .
إن هذه التجربة التي خاضتها المرأة في بلادنا تثبت خطأ مقولة دعاة التبرج والاختلاط : "إن النساء في بلادنا طاقات معطَّلة لا يمكن أن تُستَثمر إلا إذا خلعت حجابها وزاحمت الرجال في مكاتبهم وأعمالهم" .} كَبُرَت كَلِمَةً تَخرُجُ مِن أَفوَاهِهِم إِن يَقُولُونَ إِلا كَذِبًا{ [ الكهف : 5 ] .
ماذا يريدون؟!(5/475)
إن هؤلاء لا يريدون حضارة ولا مدنية ولا تقدماً ولا رقياً .. إنهم يريدون أن تكون المرأة قريبة منهم .. يريدونها كلأً مباحاً لشهواتهم .. يريدونها سلعةً مكشوفةً لنزواتهم ... يريدون العبث بها كلما أرادوا .. والمتاجرة بها في أسواق الرذيلة .. إنهم يريدون امرأة بغير حياء ولا عفاف .. يريدون امرأة غربية الفكر والتصور والهدف والغاية .. يريدون امرأة تجيد فنون الرقص .. وتتقن ألوان الغناء والتمثيل .. يريدون امرأة متحررة من عقيدتها وإيمانها وطهرها وأخلاقها وعفافها.
الرد على من اتهم الدعاة إلى الحجاب
أما هؤلاء، فحدّث عنهم ولا حرج .. إنهم يكذبون .. ويعلمون أنهم يكذبون .. يقولون : إن الدعاة إلى الفضيلة ينظرون إلى المرأة نظرة جسدية، أما إذا تُركت المرأة تلبس ما تشاء فسوف تختفي تلك النظرة وسوف يكون التعامل بين الرجل والمرأة على أساس من الاحترام المتبادل .
والحقيقة التي لا مراء فيها تكذِّب هذه الدعوى وتفضح تلك المقولة .
والدليل على ما أقول هو ما يحدث الآن في المجتمعات التي تلبس فيها المرأة ما تشاء، وتصاحب من تشاء .. هل خَفَّ في هذه المجتمعات سعار الشهوة؟ وهل كان التعامل فيها بين الرجل والمرأة على أساس من الاحترام المتبادل؟
يجيب على ذلك تلك الإحصائيات :
1- أظهرت إحدى الإحصائيات أن 19 مليوناً من النساء في الولايات المتحدة كُنَّ ضحايا لعمليات الاغتصاب !! [ كتاب : يوم أن اعترفت أمريكا بالحقيقة ] .
2- أجرى الاتحاد الإيطالي للطب النفسي استطلاعاً للرأي اعترف فيه 70% من الإيطاليين الرجال بأنهم خانوا زوجاتهم [ تأملات مسلم ] .
3-في أمريكا مليون طفل كل عام من الزنا ومليون حالة إجهاض [ عمل المرأة في الميزان ] .
4-في استفتاء قامت به جامعة كورنل تبين أن 70% من العاملات في الخدمة المدنية قد اعتُدي عليهن جنسيًّا وأن 56% منهن اعتدي عليهن اعتداءات جسمانية خطيرة [ المرأة ماذا بعد السقوط ؟ ] .
5-في ألمانيا وحدها تُغتصب 35000 امرأة في السنة، وهذا العدد يمثل الحوادث المسجلة لدى الشرطة فقط أما حوادث الاغتصاب غير المسجلة فتصل حسب تقدير البوليس الجنائي إلى خمسة أضعاف هذا الرقم [ رسالة إلى حواء ] .
ألا تدل هذه الأرقام والإحصائيات على خطأ دعوى هؤلاء ومقولتهم ؟ أم أن هذه الأرقام والإحصائيات هي جزء من الاحترام المتبادل بين الرجل والمرأة الذي يريده هؤلاء ؟ !
فاعتبروا يا أولي الأبصار
يا فتاة الإسلام :
إن الحجاب أعظم معين للمرأة للمحافظة على عفَّتها وحيائها، وهو يصونها عن أعين السوء ونظرات الفحشاء، وقد أقرَّ بذلك الذين ذاقوا مرارة التبرج والانحلال واكتووا بنار الفجور والاختلاط، والحقُّ ما شهدت به الأعداء!! تقول الصحفية الأمريكية(5/476)
(هيلسيان ستاسنبري) بعد أن أمضت في إحدى العواصم العربية عدة أسابيع ثم عادت إلى بلادها : "إن المجتمع العربي كامل وسليم، ومن الخليق بهذا المجتمع أن يتمسك بتقاليده التي تقيّد الفتاة والشاب في حدود المعقول . وهذا المجتمع يختلف عن المجتمع الأوربي والأمريكي، فعندكم أخلاق موروثة تحتِّم تقييدَ المرأة، وتحتم احترام الأب والأم، وتحتم أكثر من ذلك عدم الإباحية الغربية، التي تهدم اليوم المجتمع والأسرة في أوربا وأمريكا .. امنعوا الاختلاط، وقيّدوا حرية الفتاة، بل ارجعوا إلى عصر الحجاب، فهذا خير لكم من إباحية وانطلاق ومجون أوربا وأمريكا" [ من : رسالة المرأة وكيد الأعداء ] .
فيا فتاة الإسلام :
هذه امرأة أمريكية تدعو إلى الحجاب بعد أن رأت التمزق الأسري والانحلال الخلقي يعصف بمجتمعها .
أمريكية توصينا بالتمسك بأخلاقنا الإسلامية الجميلة، وعاداتنا الحسنة .
أمريكية تحذرنا من مغبَّة الاختلاط والإباحية التي أدت إلى فساد المجتمعات في أوربا وأمريكا .
فأبشري يا فتاة الإسلام .. وقَرّي بحجابك عيناً .. واعلمي أن المستقبل لهذا الدين .. وأن العاقبة للمتقين ولو كره الكارهون.
ـــــــــــــــــــ
ما هو القصد من ترويج مفهوم الموضات والأزياء؟
خالد بن عبد الرحمن الشايع
أيتها المرأة المسلمة ، العفيفة ، لقد استطعت بفضل من الله أن تغيظي أعداء الإسلام وأذنابهم ؛ فحافظت – ولازلت بحمد الله – على شرفك وعرضك ، وعلى أجيال المسلمين من التدنس بوحل المدنية الزائفة ، فصرت غصةً في حلوقهم ، ولا إخالك إلا مرددةً ، تلك الأبيات التي تكتبُ بمداد من نور ، وقد سطرتها ((عائشة التيمورية )) فقالت :
بيد العفاف أصون عز حجابي *** وبعصمتي أعلو على أترابي
وبفكرة وقادة وقريحةٍ *** نقادة قد كملت آدابي
ما ضرني أدبي وحسن تعلمي *** إلا بكوني زهرة الألباب
ما عاقني خجلي عن العليا ولا *** سدل الخمار بلمتي ونقابي
واقرئي ما فعله بنات جنسك من حنينهن لما فطرهن الله عليه ؛ من حب الحشمة والستر ، فقد قامت فرنسا – من أجل القضاء على العفة والحياء الذي أوجده القران في قلوب شباب الجزائر قامت بتجربة عملية ، فتم انتقاء عشر مسلمات جزائريات أدخلتهن الحكومة الفرنسية في المدارس الفرنسية ، ولقنتهن الثقافة الفرنسية ، وعلمتهن اللغة الفرنسية ؛ فأصبحن كالفرنسيات تماماً وبعد أحد عشر عاماً من الجهود هيأت لهن حفلة تخرج ٍ رائعة ، دعي إليها الوزراء والمفكرون والصحافيون ، ولما ابتدأت الحفلة فوجئ الجميع بالفتيات الجزائريات يدخلن بلباسهن الإسلامي الجزائري . فثارت ثائرة الصحف الفرنسية ، وتساءلت (( ماذا فعلت فرنسا في(5/477)
الجزائر إذن بعد مرور مائة وثمانية عشر عاماً ؟!)) أجاب (( لاكوست )) وزير المستعمرات الفرنسي (( وماذا أصنع إذا كان القرآن أقوى من فرنسا ؟!)) [1]
أجل أختاه – أيتها الأمل – أنت بإيمانك أقوى من كل أولئك ، ومن حذا حذوهم ، وذهب يتجرع صديد أفكار الغرب ، ثم رجع ليقيئه بيننا .
أيتها الأخت الكريمة ، لقد أيقن أعداء الإسلام أنك أفضل وسيلة يتوصلون بها لإفساد المجتمع المسلم ، فهذه إحدى عباراتهم التي تبين تخطيطهم لك أيتها المرأة المسلمة ، قالوا : ( اكسبوا النساء أولاً والبقية تتلو ) وتقول إحدى الكافرات : ( ليس هناك طريق أقصر مسافة لهدم الإسلام من إبعاد المرأة المسلمة ، والفتاة المسلمة ، عن آداب الإسلام وشرائعه ).
لقد علم أعداؤنا أن من المستحيل أن يتوصلوا لما يصبون إليه ؛ من إفساد المرأة المسلمة خلال أشهر ، أو سنوات معدودة ، فعمدوا إلى أسلوب ماكر ٍ وخبيث ، يقوم في أساسه على التدرج ، والتخطيط للمدى البعيد من الزمن ، وارتكازه على إزالة حياء المرأة وتنفيرها من دينها ، مع ملاحظة التدرج في كل ذلك ،وعدم التصريح أو العرض المباشر ، وإليك أمثلة لما يصدر عن أعدائك ، وأعداء المرأة على وجه العموم ، فقد قالوا :
إن أردت ِ الرشاقة وخفة الحركة فعليك بالأزياء .. انتقي منها ما يناسبك ، وما يظهر رشاقتك ... ينبغي أن تكوني جذابة فهكذا تكون المرأة المتحضرة ...
تابعي صيحات الموضة .. فالممثلة المشهورة تلبس كذا ، وفلانة تصفف شعرها وتقصه على تلك الطريقة .. . أبرزي نفسك بقدر ما تستطيعن ؛ لتحوزي على إعجاب غيرك ، لينجذب إليك كل أحد .. لينجذب إليك فتى أحلامك ، وشريك حياتك ..
ثم تلبسوا بلبوس الأخلاق ، فقالوا : كيف تحافظين على محبة زوجك ؟ البسي كذا وافعلي كذا .. وهكذا ، ثم صرحوا فقالوا : كيف تجذبين انتباه الرجل ؟ .. هذا فستان يكشف [ مفاتن الصدر ] ، وهذا يكشف [مفاتن الظهر ] ، وهذا يكشف [مفاتن الساقين ] .
وقد كان الخبث أعظم والمكر أكبر ؛ فأغرقوا السوق بالمجلات النسائية ، التي تعرض صور الموديلات الشرقية والغربية ، وهي بجملتها وتفاصيلها مما حرمه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، فتأتي تلك المسلمة المقلدة لتدفع للخياط بالموديل الذي تلبسه تلك الكافرة ، أو الأخرى الفاسقة ، من اللواتي يتاجرن بأعراضهن ، وتريد أن تلبس مثله ، فإن سلمت من الموديل المتبرج ، لم تسلم قطعاً من التقليد والتشبه بتلك الكافرة ، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (( من تشبه بقوم فهو منهم ))[2] . وهذه البلية قل أن يسلم منها أحد من نساء المسلمين ، حتى المتمسكات بالدين منهن ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
وأنت ترين – أختي المسلمة – كيف أن الموديلات والأزياء أخذت في التوسع لدى النساء ، ويدل على ذلك الكم الهائل من مجلات الأزياء الشرقية والغربية ، في الأقمشة ، وطرق لبسها ، وتفصيلها ، وفي العطور وقصات الشعر ... الخ.
ـــــــــــــــــــ(5/478)
(1) جريدة الأيام عدد (7780) تاريخ (6 كانون الأول 1962) : عن معركة السفور والحجاب ص105 ..
(2) رواه أبو داود (4031) . وجود إسناده ابن تيمية .
ـــــــــــــــــــ
ارفعي صوتك ضد الخلاعة ... ضد الأزياء الماجنة
خالد بن عبد الرحمن الشايع
* (( أليس شفاوزر )) امرأة ألمانية تحمل راية الدفاع عن الحقوق الإنسانية للمرأة في مواجهة استغلالها في تجارة الخلاعة ، واقترحت قانوناً لمكافحة الخلاعة قُدم للبرلمان الألماني ، فهذه واحدة من الحركات في الغرب التي يسعى النساء من خلالها لتحرير المرأة من الامتهان والاستغلال الجنسي وجعل المرأة وسيلة للمتعة .(1)
* وكتبت عالمة اجتماعية أمريكية تُدعى ( اندريا دوراكن ) تحت عنوان [ خلاعة ] : " بدافع اللذة يربطوننا وكأننا قطع لحم ، ويعلقوننا على الأشجار ، ويصورون الاغتصاب ويعرضونه في السينما وينشرونه في المجلات ".(2)
* وتقول الكاتبة الأمريكية (هيلين ستانبري ) :" إن المجتمع المسلم مجتمع كامل وسليم ومن الخليق بهذا المجتمع أن يتمسك بتقاليده التي تقيد الشاب والفتاة " ثم تقول :" ولهذا أنصح بأن تتمسكو بتقاليدكم وأخلاقكم وامنعوا الاختلاط وقيدوا حرية الفتاة . بل ارجعوا إلى عصر الحجاب فهذا خير لكم من الإباحة والانطلاق ومجون أوروبا وأمريكا " . (3)
* وهذا اعتراف وهتاف من عارضة أزياء مشهورة .. فتاة في الثامنة والعشرين من عمرها .. فهي من عالم العطور والفراء ودنيا (الموضات ) والأزياء تقول : إن بيوت الأزياء جعلت مني مجرد صنم متحرك ، مهمته العبث بالقلوب والعقول ... فقد تعلمت كيف أكون باردة قاسية مغرورة فارغة من الداخل .. لا أكون سوى إطار يرتدي الملابس ، فكنت جماداً يتحرك ويبتسم ، ولكنه لا يشعر ، ولم أكن وحدي المطالبة بذلك ، فكلما تألقت العارضة في تجردها من بشريتها وآدميتها زاد قدرها في هذا العالم القاسي البارد ، أما إذا خالفت أياً من تعاليم الأزياء فتعرض نفسها لألوان العقوبات ، التي يدخل فيها الأذى النفسي والجسماني أيضاً .)ثم تضيف : (( عشت أتجول في العالم عارضة لأحدث خطوط الموضة ، بكل ما فيها من تبرج وغرور ، ومجاراة لرغبات الشيطان في إبراز مفاتن المرأة دون خجل ولا حياء )) وتقول: (( لم أكن أشعر بجمال الأزياء فوق جسدي المفرغ إلا من الهواء والقسوة ، بينما كنت أشعر بمهانة النظرات واحتقارهم لي شخصياً واحترامهم لما أرتديه .))هذا ما قالته (فابيان ) عارضة الأزياء الفرنسية الشابة البالغة من العمر ثمانية وعشرين عاماً ، وذلك بعد إسلامها وفرارها من ذلك الجحيم الذي لا يطاق، وتوجهها إلى الحدود الأفغانية لتعيش ما تبقى من حياتها وسط الأسر المسلمة وهو كلام واضح لا يحتاج إلى تعليق . (4)
* وتقول الممثلة المشهورة : ( بريجيت باردو ) : ((كنت غارقة في الفساد الذي أصبحت في وقت رمزاً له ، لكن المفارقة أن الناس أحبوني عارية ورجموني عندما تبت ، عندما أشاهد الآن أحد أفلامي السابقة فإنني أبصق على نفسي وأقفل الجهاز(5/479)
فوراً كم كنت سافلة ... قمة السعادة للإنسان الزواج ... إذا رأيت امرأة مع رجل ومعهما أولادهما أتساءل في سري : لماذا أنا محرمة من مثل هذه النعمة ) .(5)
وبعد – أختي القارئة – هذه مقتطفات مختصرة من مئات بل من آلاف الهتافات ضد الخلاعة .. ضد الأزياء المتهتكة .. ضد تعرية الجسد وتسعير الشهوات .. هذه الآهات – في معظمها – من العاقلات أو المجربات من بنات جنسك فهل تعتبرين ؟!
ـــــــــــــــــــ
(1) رسالة إلى حواء لمحمد العويد (5/ 19)
(2) رسالة إلى حواء (5/19)
(3) في محكمة التاريخ ، د. عبد الودود شلبي ، (ص29)
(4) جريدة المسلمون ، العدد (238) عن " اعترافات متأخرة " ص 45.
(5) فتياتنا بين التغريب والعفاف ، د. ناصر العمر ، (ص58) .
ـــــــــــــــــــ
أعذار من لا ترتدي الحجاب وبيان تهافتها
د.هويدا إسماعيل
اركبي ـ يا أختاه ـ قطار التوبة قبل أن يرحل عن محطتك.
تأملي ـ يا أختاه ـ في هذا العرض اليوم قبل الغد.
فكري فيه ـ يا أختاه ـ من الآن.
أحمد الله (تعالى) كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، وأصلي وأسلم على رسوله الكريم الذي رسم الطريق إلى رضوان الله وجنته.
فكان ذلك الطريق مستقيماً، تحف جنباته الفضيلة، ويحفَلُ بطيب الأخلاق، ويزدان بزينة الطهر والستر والعفاف.
وكان طريقاً يقود شِقّي المجتمع الإنساني ـ الرجل والمرأة ـ إلى مرافئ الاطمئنان والسعادة في الدنيا والآخرة.
فكان من ذلك: أن أوجب المولى (تبارك وتعالى) على المرأة الحجاب؛ صوناً لعفافها، وحفاظاً على شرفها، وعنواناً لإيمانها.
من أجل ذلك كان المجتمع الذي يبتعد عن منهج الله ويتنكّبُ طريقه المستقيم : مجتمعاً مريضاً يحتاج إلى العلاج الذي يقوده إلى الشفاء والسعادة.
ومن الصور التي تدل على ابتعاد المجتمع عن ذلك الطريق، وتوضح ـ بدقة ـ مقدار انحرافه وتحلله: تفشي ظاهرة السّفور والتبرج بين الفتيات.
وهذه الظاهرة نجد أنها أصبحت ـ للأسف ـ من سمات المجتمع الإسلامي، رغم انتشار الزي الإسلامي فيه، فما هي الأسباب التي أدت إلى هذا الانحراف؟.
للإجابة على هذا السؤال الذي طرحناه على فئات مختلفة من الفتيات كانت الحصيلة: عشرة أعذار رئيسة، وعند الفحص والتمحيص بدى لنا كم هي واهية تلك الأعذار.
معاً أختي المسلمة نتصفح هذه السطور؛ لنتعرف ـ من خلالها ـ على أسباب الإعراض عن الحجاب، ونناقشها كلاّ على حدة:
العذر الأول:
قالت الأولى: (أنا لم أقتنع بعد بالحجاب).(5/480)
نسأل هذه الأخت سؤالين:
الأول: هل هي مقتنعة أصلاً بصحة دين الإسلام؟.
إجابتها بالطبع: نعم مقتنعة؛ فهي تقول: (لا إله إلا الله)، ويعتبر هذا اقتناعها بالعقيدة، وهي تقول (محمد رسول الله)، ويعتبر هذا اقتناعها بالشريعة، فهي مقتنعة بالإسلام عقيدة وشريعة ومنهجاً للحياة.
الثاني: هل الحجاب من شريعة الإسلام وواجباته؟.
لو أخلصت هذه الأخت وبحثت في الأمر بحث من يريد الحقيقة لقالت : نعم.
فالله (تعالى) الذي تؤمن بألوهيته أمر بالحجاب في كتابه، والرسول الكريم الذي تؤمن برسالته أمر بالحجاب في سنته . وهو لعن المتبرجات السافرات.
فماذا نسمي من يقتنع بصحة الإسلام ولا يفعل ما أمره الله (تعالى) به ورسوله الكريم؟، هو على أي حال لا يدخل مع الذين قال الله فيهم: ((إنَّمَا كَانَ قَوْلَ المُؤْمِنِينَ إذَا دُعُوا إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ)) [النور: 51].
خلاصة الأمر: إذا كانت هذه الأخت مقتنعة بالإسلام، فكيف لا تقتنع بأوامره؟.
العذر الثاني:
قالت الثانية: (أنا مقتنعة بوجوب الزي الشرعي، ولكن والدتي تمنعني لبسه، وإذا عصيتها دخلت النار).
يجيب على عذر هذه الأخت أكرم خلق الله، رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، بقول وجيز حكيم: (لا طاعة لمخلوق في معصية الله)(1).
مكانة الوالدين في الإسلام ـ وبخاصة الأم ـ سامية رفيعة، بل الله (تعالى) قرنها بأعظم الأمور ـ وهي عبادته وتوحيده ـ في كثير من الآيات، كما قال (تعالى): ((وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إحْسَاناً)) [النساء: 36].
فطاعة الوالدين لا يحد منها إلا أمر واحد هو: أمرهما بمعصية الله، قال (تعالى): ((وَإن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا)) [لقمان: 15].
ولا يمنع عدم طاعتهما في المعصية من الإحسان إليهما وبرهما؛ قال (تعالى): ((وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً)).
خلاصة الأمر: كيف تطيعين أمك وتعصين الله الذي خلقك وخلق أمك؟.
العذر الثالث:
أما الثالثة فتقول: (إمكانياتي المادية لا تكفي لاستبدال ملابسي بأخرى شرعية).
أختنا هذه إحدى اثنتين:
إما صادقة مخلصة، وإما كاذبة متملصة تريد حجاباً متبرجاً صارخ الألوان، يجاري موضة العصر، غالي الثمن.
نبدأ بأختنا الصادقة المخلصة:
هل تعلمين يا أختاه أن المرأة المسلمة لا يجوز لها الخروج من المنزل بأي حال من الأحوال حتى يستوفي لباسها الشروط المعتبرة في الحجاب الشرعي والواجب على كل مسلمة تعلمها، وإذا كنت تتعلمين أمور الدنيا فكيف لا تتعلمين الأمور التي تنجيك(5/481)
من عذاب الله وغضبه بعد الموت..؟!، ألم يقل الله (تعالى): ((فَاسْأََلُوا أََهْلَ الذِّكْرِ إن كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ)) [النحل: 43]، فتعلمي يا أختي شروط الحجاب.
فإذا كان لا بد من خروجك فلا تخرجي إلا بالحجاب الشرعي؛ إرضاءً للرحمن، وإذلالاً للشيطان؛ وذلك لأن مفسدة خروجك سافرة متبرجة أكبر من مصلحة خروجك للضرورة.
يا أختي لو صَدَقَتْ نيّتُك وصحّتْ عزيمتُك لامتدت إليك ألف يدٍ خيِّرة، ولسهل الله (تعالى) لك الأمور!، أليس هو القائل: ((وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ)) [الطلاق: 2، 3]؟.
أما أختنا المتملصة، فلها نقول:
ـ الكرامة وسمو القدر عند الله (تعالى) لا تكون بزركشة الثياب وبهرجة الألوان ومجاراة أهل العصر، وإنما تكون بطاعة الله ورسوله والالتزام بالشريعة الطاهرة والحجاب الإسلامي الصحيح، واسمعي قول الله (تعالى): ((إنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)) [الحجرات: 13].
خلاصة الأمر: في سبيل رضوان الله (تعالى)، ودخول جنته: يهون كل غالٍ ونفيس من نفس أو مال.
العذر الرابع:
جاء دور الرابعة، فقالت: (الجو حار في بلادي وأنا لا أتحمله، فكيف إذا لبست الحجاب؟)..
لمثل هذه يقول الله (تعالى): ((قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ)) [التوبة: 81].
كيف تقارنين حرّ بلادك بحر نار جهنم.
اعلمي ـ أختي ـ أن الشيطان قد اصطادك بإحدى حبائله الواهية، ليخرجك من حر الدنيا إلى نار جهنم، فأنقذي نفسك من شباكه، واجعلي من حر الشمس نعمةً لا نقمة، إذ هو يذكرك بشدة عذاب الله (تعالى) الذي يفوق هذا الحر أضعافاً مضاعفة، فترجعي إلى أمر الله وتضحي براحة الدنيا في سبيل النجاة من النار، التي قال (تعالى) عن أهلها: ((لا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْداً وَلا شَرَاباً (24) إلاَّ حَمِيماً وَغَسَّاقاً)) [النبأ: 24، 25].
خلاصة الأمر: حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات.
العذر الخامس:
لنستمع الآن إلى عذر الخامسة، حيث قالت: أخاف إذا التزمت بالحجاب أن أخلعه مرة أخرى؛ فقد رأيت كثيرات يفعلن ذلك!!.
وإليها أقول: لو كان كل الناس يفكرون بمنطقك هذا لتركوا الدين جملة وتفصيلاً، ولتركوا الصلاة؛ لأن بعضهم يخاف تركها، ولتركوا الصيام؛ لأن كثيرين يخافون من تركه.. إلخ.. أرأيت كيف نصَبَ الشيطان حبائله مرة أخرى فصدك عن الهدى؟.
والله (تعالى) يحب استمرار الطاعة حتى ولو كانت قليلة أو كانت مستحبة، فكيف إذا كانت واجباً مفروضاً مثل الحجاب؟!.
قال: (أَحَبّ العمل إلى الله أدومه وإن قل).. لماذا لم تبحثي عن الأسباب التي أدت بهؤلاء إلى ترك الحجاب حتى تجتنبيها وتعملي على تفاديها؟.(5/482)
لماذا لم تبحثي عن أسباب الثبات على الهداية والحق حتى تلتزميها؟.
فمن تلك الأسباب: الإكثار من الدعاء بثبات القلب على الدين كما كان يفعل النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكذلك: الصلاة والخشوع، قال (تعالى): ((وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إلاَّ عَلَى الخَاشِعِينَ)) [ البقرة: 45]، ومنها: الالتزام بكل شرائع الإسلام ـ ومنها: الحجاب ـ قال (تعالى): ((وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً)) [النساء: 66].
خلاصة الأمر: لو تمسكت بأسباب الهداية وذُقتِ حلاوة الإيمان لما تركتِ أوامر الله (تعالى) بعد أن تلتزميها.
العذر السادس:
الآن ها هي ذي السادسة، فما قولها؟ قالت: قيل لي: (إذا لبست الحجاب فلن يتزوجك أحد، لذلك سأترك هذا الأمر حتى أتزوج).
إن زوجاً يريدك سافرة متبرجة عاصية لله هو زوج غير جدير بك، هو زوج لا يغار على محارم الله، ولا يغار عليك، ولا يعينك على دخول الجنة والنجاة من النار.
إن بيتاً بني من أساسه على معصية الله وإغضابه حَقّ على الله (تعالى) أن يكتب له الشقاء في الدنيا والآخرة، كما قال (تعالى): ((وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ أَعْمَى)) [طه: 124].
وبعدُ، فإن الزواج نعمة من الله يعطيها من يشاء، فكم من متحجبة تزوجت، وكم من سافرة لم تتزوج.
وإذا قلت: إن تبرجي وسفوري هو وسيلة لغاية طاهرة، ألا وهي الزواج، فإن الغاية الطاهرة لا تبيح الوسيلة الفاجرة في الإسلام، فإذا شرفت الغاية فلا بد من طهارة الوسيلة؛ لأن قاعدة الإسلام تقول: (الوسائل لها أحكام المقاصد).
خلاصة الأمر: لا بارك الله في زواج قام على المعصية والفجور.
العذر السابع:
وما قولك أيتها السابعة؟ قالت: (لا أتحجب؛ عملاً بقول الله (تعالى): ((وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ)) [الضحى: 11]، فكيف أخفي ما أنعم الله به عليّ من شعر ناعم وجمال فاتن؟).
أختنا هذه تلتزم بكتاب الله وأوامره ما دامت هذه الأوامر توافق هواها وفهمها!، وتترك هذه الأوامر نفسها حين لا تعجبها، وإلا فلماذا لم تلتزم بقوله (تعالى): ((ولا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا)) [النور: 31]، وبقوله (سبحانه): ((يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ)) [الأحزاب: 59].
بقولك هذا يا أختاه تكونين قد شرعت لنفسك ما نهى الله (تعالى) عنه، وهو التبرج والسفور، والسبب: عدم رغبتك في الالتزام.
إن أكبر نعمة أنعم الله بها علينا هي نعمة الإيمان والهداية، ومن ذلك: الحجاب الشرعي، فلماذا لم تظهري وتتحدثي بأكبر النعم عليك؟.
خلاصة الأمر: هل هناك نعمة أكبر للمرأة من الهداية والحجاب؟.
العذر الثامن:(5/483)
نأتي إلى أختنا الثامنة، التي تقول: ( أعرف أن الحجاب واجب، ولكنني سألتزم به عندما يهديني الله).
نسأل هذه الأخت عن الخطوات التي اتخذتها حتى تنال هذه الهداية الربانية؟.
فنحن نعرف أن الله (تعالى) قد جعل بحكمته لكل شيء سبباً، فكان من ذلك أن المريض يتناول الدواء كي يشفى، والمسافر يركب العربة أو الدابة حتى يصل غايته، والأمثلة لا حصر لها.
فهل سعت أختنا هذه جادة في طلب الهداية، وبذلت أسبابها من: دعاء الله (تعالى) مخلصة كما قال (تعالى): ((اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ))[الفاتحة: 6]، ومجالسة الصالحات؛ فإنهن خير معين على الهداية والاستمرار فيها، حتى يهديها الله (تعالى)، ويزيدها هدى، ويلهمها رشدها وتقواها، فتلتزم أوامره (تعالى) وتلبس الحجاب الذي أمر به المؤمنات؟.
خلاصة الأمر: لو كانت هذه الأخت جادة في طلب الهداية لبذلت أسبابها فنالتها.
العذر التاسع:
وما قول أختنا التاسعة؟، قالت: (الوقت لم يحن بعد، وأنا ما زلت صغيرة على الحجاب، وسألتزم بالحجاب بعد أن أكبر، وبعد أن أحج!).
ملك الموت، أيتها الأخت، زائر يقف على بابك ينتظر أمر الله (تعالى) حتى يفتحه عليك في أي لحظة من لحظات عمرك.
قال (تعالى): ((فَإذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَاًخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ)) [الأعراف: 34]، الموت يا أختاه لا يعرف صغيرة ولا كبيرة، وربما جاء لك وأنت مقيمة على هذه المعصية العظيمة تحاربين رب العزة بسفورك وتبرجك.
يا أختاه سَابقي إلى الطاعة مع المسابقين، استجابة لدعوة الله (تبارك وتعالى): ((سَابِقُوا إلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ)) [الحديد: 21].
يا أختاه: لا تنسي الله (تعالى) فينساك، بأن يصرف عنك رحمته في الدنيا والآخرة، وينسيك نفسك، فلا تعطينها حقها من طاعة الله وعبادته.. قال (تعالى) عن المنافقين: ((نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ)) [التوبة: 67]، وقال (تعالى): ((وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ)) [الحشر: 19]، أختاه: تحجبي في صغر السن عن فعل المعاصي؛ لأن الله شديد العقاب سائلك يوم القيامة عن شبابك وكل لحظات عمرك.
خلاصة الأمر: ما أطول الأمل!!، كيف تضمني الحياة إلى الغد؟.
العذر العاشر:
وأخيراً قالت العاشرة: (أخشى إن التزمت بالزي الشرعي أن يطلق علي اسم جماعة معينة وأنا أكره التحزب).
أختاه في الإسلام: إن في الإسلام حزبين فقط لا غير، ذكرهما الله العظيم في كتابه الكريم، الحزب الأول: هو حزب الله، الذي ينصره الله (تعالى) بطاعة أوامره واجتناب معاصيه، والحزب الثاني: هو حزب الشيطان الرجيم، الذي يعصي الرحمن، ويكثر في الأرض الفساد، وأنت حين تلتزمين أوامر الله ـ ومن بينها(5/484)
الحجاب ـ تصيرين مع حزب الله المفلحين، وحين تتبرجين وتُبْدين مفاتنك تركبين سفينة الشيطان وأوليائه من المنافقين والكفار، وبئس أولئك رفيقاً.
أرأيتِ كيف تفرِّين من الله إلى الشيطان، وتستبدلين الخبيث بالطيب، ففري يا أختي إلى الله، وطبقي شرائعه ((فَفِرُّوا إلَى اللَّهِ إنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ)) [الذاريات: 50]، فالحجاب عبادة سامية لا تخضع لآراء الناس وتوجيهاتهم واختياراتهم؛ لأن الذي شرعها هو الخالق الحكيم.
خلاصة الأمر: في سبيل إرضاء الله (تعالى) ورجاء رحمته والفوز بجنته: اضربي بأقوال شياطين الإنس والجن عرض الحائط، وعضي على الشرع بالنواجذ، واقتدي بأمهات المؤمنين والصحابيات العالمات المجاهدات.
خاتمة:
الآن يا أختاه أحدثك حديث الصراحة:
جسدك معروض في سوق الشيطان، يغوي قلوب العباد: خصلات شعر بادية، ملابس ضيقة تظهر ثنايا جسمك، ملابس قصيرة تبين ساقيك وقدميك، ملابس مبهرجة مزركشة معطرة تغضب الرحمن وترضي الشيطان.. كل يوم يمضي عليك بهذه الحال يزيدك من الله بعداً ومن الشيطان قرباً، كل يوم تنصبّ عليك لعنة من السماء وغضب حتى تتوبي، كل يوم تقتربين من القبر ويستعد ملك الموت لقبض روحك: ((كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ المَوْتِ وَإنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا إلاَّ مَتَاعُ الغُرُورِ)) [آل عمران: 185].
اركبي ـ يا أختاه ـ قطار التوبة قبل أن يرحل عن محطتك.
تأملي ـ يا أختاه ـ في هذا العرض اليوم قبل الغد.
فكِّري فيه ـ يا أختاه ـ الآن قبل فوات الأوان.
ـــــــــــــــــــ
الهوامش :
1) أخرجه الإمام أحمد.
ـــــــــــــــــــ
العفيفة
عبدالعزيز السويدان
الحمد لله القائلِ في كتابه الكريم : (( فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض فالذين هاجروا و أخرجوا من ديارهم و أوذوا في سبيلي و قاتلوا و قتلوا لأكفرن عنهم سيئاتهم و لأدخلنهم جنات تجري من تحتها الأنهار ثواباً من عند الله و الله عنده حسن الثواب ))
كانت تمشي في السوق مِشيةً مثيرةً متكسّرة ، مزهوّةً بقوامها و عباءتِها الجميلةِ المُخَصَّرَةِ الجذّابةِ جداً ، والتي أبرزت معالِمَ جِسْمِها ، وأضفتْ على قَوامِها نُعومةً ورِقّة .. ولا فُستان سهرة !! ، فمرّت بأختٍ لها من النساء ، فتحسّرت تلك الأخرى و هي ترى ما تلبّست به أختُها من معالمِ الفتنةِ و الإغراءِ و جذْبِ الأنظار ، فخافت عليها من عقاب الله ، نعم .. خافت عليها من عقابِ الله ، و أشفقت عليها من سَخَطِه ، فلم تستطع إلاّ أن تُبادِرَها قائلةً لها : ( يا أختي .. يا أختي تستّري ستر اللهُ عليَّ و(5/485)
عليك في الدنيا و الآخرة ) ، فسبحان من أوقع كلامَها في سويداءِ قلبِ تلك المرأة ، فطأطأت رأسَها و قالت : ( إلى هذه الدرجة !!؟؟ ) ، قالت : ( إي و الله .. ألا ترين نظراتِ الرجال ؟ ) ، فتلفّتت حولها فما هو إلاّ كما قالت ، ثم التفتت إليها و قالت : ( أتدرين أنكِ أوّلُ واحدة تقول لي مثلَ هذا الكلام ؟.. لا أمِّي ، ولا أبي ، ولا أَحَدَ من أهلي ، ولا حتى صديقاتي قدّموا إليَّ هذه الملاحظة !! ) ، (ربما استحوْا مِنْكِ ؟) ، (لا بالعكس .. هم ينتقدون بعض الفساتين إللّي ألبسْها ، وبعضَ الألوان إللّي اختارها ، لكن العباءة .. ولا مرّة .. ، حتّى اللِّي ما يَلْبَسون نوعيّة هاذي العباءة ولا مرّة قالوا شيْ !! ) ، ( تتوقعين إنّ هاذي العباءة حرام ؟؟) ، ( يا أختي أنا متأكّدة إنها حرام .. لأن هاذي العباءة صُمِّمَت أصلاً لتُعطي إللي تلبسها نعومة وجمال وإثارة ، وهاذي الأمور.. يجب على المرأة أن تسترها .. ولاّ تُظهِرْها وتمشي بها بين الرجال ؟؟) ، ( لكن ..أنا ما أقصد إظهارها للرجال) ، ( أنا عارفة ياأختي ..لكن الأثم أحياناً يكون على القصد السّيّء ، وأحيناً يكون على العمل نفسِه ولو لم يكن القصد سيّء ) ، ( سبحان الله ..صحيح هذا الكلام ؟؟!!) ، ( نعم ، شوفي يا أختي .. ، هاذي العباءة واللهِ ما فيها خير ، وما تجيب إلاّ الشرّ.. ، وأحلفْ لِك إنّ الرِّجال ، يحترمون المرأة اللي تلبس عباية الرأس العاديّة ، أكثرْ من اللي تلبس العباءة المخصّرة أوالمغربية أو مثلَها من أنواع العِبيّ ، حتّى الفسّاق أهلُ المعاكسات ما يَجْرَئون على إزعاجها ، ثم لاتنسين ياأختي .. إنّ هناك رب ، وحساب ، وجنّة ونار.. الله يجعلني وياكِ من أهل الجنة ، ويِبْعِدْني وإياكِ عن أهل النار ) ، ( والله كلامِك صحيح ..الله يجزيكِ خير.. الله يجزيكِ خير ..استغفر الله العظيم وأتوب إليه ، استغفر الله العظيم وأتوب إليه )
( وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين * وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين)[ 83 ، 84 المائدة ]
أختي الكريمة .. مشهدُ النّصيحةِ هذا .. بوِدِّي لو يتكرّر ، بوِدّي لو تنصحُ كلُّ مسلمةٍ أختَها ، بوِدّي لو تنصحين أنتِ كلَّ مسلمةٍ.. سواءً كنتِ امرأةً متزوجة ، أو كنتِ طالبةً في المدرسةِ ، أو في الكلية ، تنصحين من ترين أنها تستدعي النُّصحَ من أَخَواتِكِ المؤمنات ، فالمؤمنون والمؤمنات ، كما قال الله تعالى ، أولياء يتعاونون على البر والتقوى ( و المؤمنون والمؤمناتُ بعضُهم أولياءُ بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاةَ ويُطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيزٌ حكيم )
أختي العفيفة .. حتّى متى نُسْرِفُ على أنفسنا ؟ ، استمعي إلى ما قالته أمُّ سلمة رضي الله عنها .. ، قالت (استيقظَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم من الليل وهو يقول: لا إلهَ إلا اللّه!! ، ماذا أُنْزِلَ الليلةَ منَ الفتن؟ ، ماذا أُنزِلَ من الخزائن ؟ من يوقظُ صواحبَ الحُجُرات؟ [ يقصِد زوجاتِه (صلى الله عليه وسلم)] كم من كاسيةٍ في الدنيا عاريةٌ يومَ القيامة) ، ولاحظي لفظة ( كم من ) في قوله : (كم من كاسيةٍ في الدنيا عاريةٌ يوم القيامة ) فهذه اللَّفْظة تعني الكَثْرة ، يعني : أن النساءَ العارياتِ يوم القيامة كثيراتٌ جدّاً ( نسأل الله السِّتْرَ والسلامة ) ، إذن فالمسألة ليست زِيّاً تلبسينه وانتهى الأمر .. ، لا ، ليس بهذه البساطة !! ، هناك مراقبةٌ لكل فِعْل ، وتسجيلٌ لكل حركة ، ومحاسبة ،(5/486)
وعقاب ، وثواب ، ولذلك .. انظري كيف كان إيمانُ الصحابيات وشدّةُ تأثِّرِهِنَّ بالأحاديث ، يقول الزُّهري : وكانت هند بنتُ الحارث(رضي الله عنها) ، وهي التي روت الحديث عن أم سلمة ، كانت لها أزرارٌ في كُمَّيْها بين أصابعها ، والمعنى ، أنها كانت تخشى أن يبدو من جَسَدِها شيء بِسَببِ سَعةِ كُمَّيْها ، فكانت تُزرِّرُ ذلك لئلا يبدوَ منه شيءٌ ، خوفاً من أن تدخلَ في قولِه (صلى الله عليه وسلم) (كاسيةٍ في الدنيا عاريةٌ يوم القيامة) ، .
قال الحافظ بنُ حجر في شرحه للحديث : أنه (صلى الله عليه وسلم) حذّر النساء من لِباس الرقيقِ من الثيابِ الواصفةِ لأجسامهن ، لئلا يَعْرَيْنَ في الآخرة ، واخْتلَفَ العلماءُ في المُرادِ بقوله: «كاسية وعارية» ، وإن كانت المحصِّلةُ وخيمةً على أيِّ حال ، اختلفوا على أوجه ، أحَدُها : كاسيةٌ في الدنيا بالثياب لوجود الغِنَى ، عاريةٌ في الآخرة من الثَّواب ، لعدم العمل على طاعة الله وتركِ مساخطه في الدنيا ، ثانيها : كاسيةٌ بالثياب نعم .. لكنها ثيابٌ شفافةٌ أو رقيقةٌ أوضيِّقة تُبدي مفاتِنَها ، فتُعاقَبُ في الآخرة بالعُري جزاءً على ذلك ، ثالثها : كاسيةٌ جسدَها ، لكنها تشُدُّ خمارَها من ورائها ، فيبدو صدرُها ، فتصير عاريةً ، فتُعاقب في الآخرة ، الحاصل أنّ اللفظة.. وإن وَرَدَتْ في أزواج النبي (صلى الله عليه وسلم) ، لكن العبرة بعموم اللفظ ، قال العلماء : فأراد (صلى الله عليه وسلم) تحذيرَ أزواجِه من ذلك كلِّه، وكذا تحذيرَ غيرِهن مّمن بَلَغه ذلك ، ولذلك تقول أم سلمة (رضي الله عنها) « لَمَّا نَزَلَتْ { يُدَنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلاَبِيبِهِنَّ} خَرَجَ نِسَاءُ الأنْصَارِ كَأَنَّ عَلَى رُؤوسِهِنَّ الْغِرْبَانَ مِنَ الأكْسِيَةِ». وهو ما حَمَل عائشةَ(رضي الله عنه) لأن تُثنيَ على نساء الأنصارِ بذلك وتقولُ فيما ورد : (( إن نساءَ قريشٍ لَفُضَلاء ، ولكني واللهِ ما رأيتُ أفضلَ من نساء الأنصارِ أشدَّ تصديقاً بكتاب الله ولا إيماناً بالتنزيل ، يعني لمّا نَزَلت آياتُ الأمرِ بالحجاب ، بادرْن إلى الالتزامِ بالحجابِ كلُّهُنّ بلا استثناء مباشرةً دون تردد ، تقول : ما منهن امرأة .. ما منهن امرأة إلا قامت إلى مِرْطها [ وهو الكساءُ من الصوف ] يعني استترْن بتلك الأكسية ، فأصبحن يصلين الصبح معتجِرات [ أي بتلك الأكسية ] كأن على رؤوسهن الغِربان» .
أختي الكريمة .. أنا وأنتِ نتّفق أنّ اللهُ تعالى هو الأعلمُ بعبادِه كما جاء في الآية: ( هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض ) ، فهو سبحانه يعلم ، أنّ المرأةَ هي أضرُّ فتنةٍ على الرجال ، كما قال (صلى الله عليه وسلم) : ( ما تركت بعدي فتنةً أضرَّ على الرجال من النساء ) ، ولذلك صحّ أنه (صلى الله عليه وسلم) قال : ( المرأةُ عورة إذا خرجت [ يعني من بيتها ] استشرفها الشيطان ) [أي زينها في نظر الرجال ليفتنهم بها ] ولذلك قال الأمام بن المبارك : ( المرأة عورة ، وأقربُ ما تكونُ إلى الله في قَعْرِ بيتها ، فإذا خرجت استشرفها الشيطان.) ، واللهُ تعالى يعلم أيضاً ، أنّ من طبيعةِ الفسّاقِ والمنافقين أذيّةَ النساء المفرِّطاتِ بالحجاب ، لأنّ الاستهانةَ بالحجاب ، أو بهيئةِ الحجاب ، يدعو السِّفلةَ والفُسَّاقَ المتسكّعين في الأسواق والطرقات ، إلى التّعرُّضِ و الأذى و النظر بشهوة ، وهذا من الفساد !! و الله لا يحبُّ الفساد ، فقال تعالى مُرْشداً وآمراً : ( يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين [يعني من قِبَلِ الفُسّاق] وكان الله غفوراً(5/487)
رحيما ) ، فكانت تلك الاستجابةُ العظيمةُ من نساءِ الصّحابة كما وصفت أمُّ المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها .
أختي العفيفة .. ونحن نسير نحو حالٍ أرشد ، ومستوىً إيمانيٍّ أفضل ، سنقفُ أنا وأنتِ اليوم إن شاء الله تعالى وقَفَاتٍ مهمّة ، ونحاول أن نتأمّلَ عند كلِّ وَقْفَة ، ونوضِّحَ بعضَ المفاهيمَ والثّوابتَ المهمّة ، ثم نُقرِّرُ سويّاً [إن شاء الله] أهمّيّةَ العنايةِ بها ، وهكذا نصنعُ عند كلِّ وقفة .. حتى نَصِلَ إلى بَرِّ الأمانِ.
الوقفةُ الأولى :
(عِلَّةُ الحياة)
طالما قرأنا قوله تعالى : ( وما خلقت الجن والإنس إلاّ ليعبدون ) لكننا لم نتأمّل بشكلٍ جاد في مدى مطابقة واقعنا لهذه الآية العظيمة ، ربما لو سألتُكِ : ما العِلَّةُ من إيجادكِ في هذه الحياة ؟ لبادرْتِ قائلةً بكل بساطة: لعبادة الله تعالى .. ، أليس كذلك ؟ ، أقول بلى هو كذلك .. ، لكنْ هذه الإجابةُ السطحيّة ليست مقصودةً في هذا المقام ، فلسنا في مدرسةٍ ولا في قاعةِ امتحان.. ، إذن ما المقصود من السؤال ؟ ، المقصود من السؤال هو استشعار أبعادِ الإجابةِ الآنفة .. ، لعبادة الله تعالى ، استشعار مقتضياتِها ، استشعار معناها الحقيقي ، استشعار الجانب العملي الواسع لمفهومِ العبادة .. ، هل يا تُرَى يَقْتَصِرُ مفهومُ العبادةِ في أذهاننا على الصلاةِ و الزكاةِ والصومِ والحج ، أم إنّ للعبادةِ مفهوماً أوسع ؟؟ ، ومَن أفصحُ وأصدقُ من القرآن ليُجِيبَ على هذا التّساؤل .. يقول الله تعالى : ( قل إنّ صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين ) ، لاحظي الجمع بين الصلاة والحياة ، صلاتي..ثم قال .. ومحياي ، فكلاهما للهِ رب العالمين ، فلئِن تَبَادَرَ إلى الذّهن عند ذِكْرِ العبادة.. "الصلاة" .. فلا تحْجِزِي دونها الحياةَ بأكْمَلِها .. فإنها أيضاً للهِ رب العالمين ، الصلاةُ لله ، والحياةُ لله ، بل حتّى المماتُ لله!! ، والحياة ..
أختي الكريمة .. تشمل كلَّ نشاطٍ تقومين به في حياتِكِ ، حتى إماطةُ الأذى عن الطريق ، الذي بعتبِرُهُ مُعظَمُ الناس مُجرَّدَ سلوكٍ حضاريّ.. هو أيضاً لله ، أي أنّه عبادة كما صح في الحديث ، بل حتى المشاعرُ وخوالجُ القلب كلُّها عبادات يجب أن تُصْرف لله لاشريك له ، فالحبُّ والبغض ، والموالاة والمعاداة ، والخوف والرجاء ، والرغبةُ والرهبة ، والخضوعُ والتوكل .. كل هذه المشاعرِ القلبية عباداتٌ عظيمة ، وليس الصلاة والصوم فقط ، ويجب أن تكون كلُّها خالصةً لله ، ولا تتصوَّري أنّ هناك تعقيداً أو صعوبةً في هذا المفهوم أو في ممارسته ، أبداً..أبداً ..الأمر فقط يحتاجْ إلى حضور قلب ونيّة ، فمُمارسةْ هذا المفهومِ الشّامل إذاً ، هي العبادةُ بعينها ، بل إنّ العبدَ [وأقصدْ بالعبد ، الرّجُل والمرأة على حدٍّ سَواء] العبد ، لا يكونُ عبداً حُرّاً من كلِّ قيْد ، ... حُرّاً من كلِّ قيْد ، من كلِّ قيد أقول .. ، حتى يُجَرِّدَ هذه المشاعرَ القلبيةَ للهِ وحدَه لا شريكَ له ، فلا يجمع بين المتضادّات في قلبه ولا في سلوكه ، فيزعُمُ إخلاصَ المحبةِ للهِ مثلاً .. يقول : (أنا أحبُّ الله وحده لاشريك له ، وأنا مُخلِص في حُبِّي لربّي [وإخلاصُ المحبّةِ أعظمُ عبادة] ثم بعدَ كُلِّ هذا التعبير الجازم والتأكيد على محبّةِ الله.. يُجاهِرُ بمعصيته ..!! ، كيف؟ ، ويباهي بها .. ، ويُصِرُّ عليها..كيف؟ ، أين إخلاصُ المحبَّةِ للهِ إذن ، أين ؟؟ ، لأن المتعارفَ عليه .. أنّ مِن مقتضياتِ(5/488)
المحبّةِ الكاملةِ الخالصة .. طاعةَ المحبوب ، إذا أحببتِ بإخلاص .. ما الذي تحرصين عليه ..؟ إرضاءُ من تُحِبِّين أم إسخاطُه ؟؟ ، طاعتُه أم معصيتُه ؟؟ ، ثم بِناءً على محبّتِكِ لله .. من وماذا تحبين ؟ ، فإذا كان الجواب : لأنّي أُحِبُّ الله ، فإنّي أحبُّ ما يحبّه الله !! ، .. نقول هذا الكلام جميل ..!! لكن إذا كان في قلبِكِ مكانٌ للفسقةِ ، والعُصاةِ المجاهرين بالمعاصي ، فتحبّين المطربة الفلانية ، وتُعجَبين بالمطرب أو الممثّل الفلاني ، فينبغي مراجعةُ كلامِكِ السابق ، فالتناقض ، والازدواجيّة بين ضِدّين أمْرٌ مرفوض ، فإنّ المُحِبَّ الصّادق ، لا يَخلِطُ في محبّتِه بين حبيبِهِ ومن يُسخِطُ حبيبَه ، فالعبرة إذن ليست في محبّةِ اللهِ عزّ وجلّ .. ، فكلٌّ يدّعي محبّةَ الله ، ولكنّ العبرةَ في محبَّةِ ما يُحِبُّ اللهُ جلّ وعلا من الأعمال ، والهيئات[ أي الأشكال] ، والأقوال ، ... ولذلك امتحن الله الناسَ رجالاً ونساءً بهذه العبادةِ العُظمى قائلاً : ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله) ، فالاتباع ، والخضوعُ لأمر اللهِ ورسولِه ، هو برهانُ المحبّة ، وقال تعالى : ( قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموالٌ اقترفتموها وتجارةٌ تخشون كسادها ومساكنُ ترضونها أحبَّ إليكم من الله ورسوله وجهادٍ في سبيله فتربّصوا حتى يأتيَ الله بأمره و الله لا يهدي القوم الفاسقين ) ، وواللهِ يا أختي .. إنّ السعادةَ الحقيقة ، لا السعادةَ الوهميةَ الآنيَّةَ الخادعة..لا .. ، هذه يشترك فيها معظمُ الناس ، العصاة ، الفجرة ، بل حتّى الكُفّار ، يضحكون مِلءَ أفواههم اليوم ، ويحسَبون أنّهم سُعداء .. ثم يقطِّعُهُم البكاءُ من الغد !! ، لا ..لا.. ، أنا أتكلّم عن شيءٍ آخر ، أنا أتكلّم عن السعادة الحقيقية ، سعادةِ الإيمان ، السعادة التي تجدينها عندما تنفرِدِين بنفسِك ، ما معكِ أحدٌ إلاّ الله .. ، فَتَشْعُرينَ بسعادةِ مناجاتِه والأُنسِ به تبارك في عُلاه ، ولا تجدين ما يُنَغِّصُ عليكِ هذا الأُنسَ والانشراح من أنواعِ المعاصي ، ويتحقّقُ اتّصالٌ مُباشر بينَ قلبِكِ وبين من تُحبِّين بكُلِّ صدقٍ وإخلاص ، اتّصالٌ مباشرٌ بين قلبِكِ وبين الله ، هذه هي السّعادةُ التي أعنيها ، السعادة الممتدّة عبر هذه الحياةِ القصيرة إلى ما بَعْدَ هذه الحياة ، السعادة الأزليّة التي لا تنتهي ، لا تنتهي ، فهي معكِ حيثُما كُنتِ ، وحيثُما تقلّبَ بِكِ الزّمان ، في السّرّاءِ والضّرّاء ، في الغِنى والفقر ، في الصِحّة والمرَض ، إنّه السّرور الذي تجدينه في الحياة ، وأثناءَ الاحتضارِ عند توديعِ الحياة ، وبعد الموتِ وأنتِ لِوَحدِكِ في القبر ، وعند النشور في يومِ العرْضِ الأكبر ، يومِ الحساب ، كما قال اللهُ تعالى مُبشّراً : ( فأمّا من أوتي كتابه بيمينِه فسوف يُحاسَب حساباً يسيراً وينقلِبُ إلى أهلِهِ مسروراً) هذا السرور وهذه السعادة .. ، لا تتحقق إلاّ بتجريدِ العبوديّةِ كلِّها لله تعالى كما ذكَرْتُ آنِفاً ، فالحياةُ الطّيّبة ، التي هي حياةُ الطُّمأنينة ، وراحةِ البال ، وراحةِ الضمير ، لا يُمكِن أن تتحقق إلاّ بتجريد المشاعرِ والأفعالِ لله تعالى ، كما قال تعالى : ( من عمل صالحاً ممن ذكرٍ أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينّه حياةً طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ) ، نعم .. حياةً طيبةً في
الدنيا ، و حياةً أطيبَ منها في الآخرة ، والآن أعود وأسأل .. هل تصوّرتِ هذا المفهومَ الواسعَ للعبادة لمّا أجبْتِ على السؤالِ المتقدِّم ، لمّا سألتُكِ فقُلْتُ: ما العِلَّةُ من إيجادِك ؟ فقلتِ : عبادةَ الله ، هل تصوّرتِ هذا المفهومَ الواسعَ للعبادة لمّا أجبْتِ على السؤال ؟ ، فإن كانت الإجابة ( لا..لم أتصوّر هذا المفهومَ الواسع ) فيلْزَمُكِ استدراكُ(5/489)
الخلل ، واستكمالُ مفهوم العبادة بشكلٍ شاملٍ وعمليّ ، ومحسوس ، راجعي أختي ..راجعي ، راجعي مدى مطابقةِ سلوكيّاتِك لما يحتويهِ قلبُكِ من مشاعرِ العبادة ، عسى اللهُ أن يُعِينَكِ ويأخُذَ بيدِكِ ، .. وأمّا إن كانت الإجابة ( نعم .. كنت أتصور هذا المفهوم ) ..فالحمد لله إذن ، ولْنَنْطلِقْ في طريقنا نحو التطبيق العملي .. وهو السلوك ..
الوقفة الثانية :
( السلوك )
السلوك أختي الكريمة .. هو مصداق ما في القلب مِن أعمال ، ولأنّ أعمالَ القلب أصلُ مَيْدانِها.. أصلُ مكانِها القلب ، فهي إذن خفيّة مستترة ، القلب .. لا أحَدَ يستطيعُ أن يَشْهَدَ بما فيه من صِدْق ، وإخلاص ، ومحبّةٍ لله ، وخضوع ، ورهبة ، وخشية ، وتعظيم ، وغيرِها من الأعمالِ القلبية ، فالسبيلُ الوحيد إذن لمعرفةِ قيامِ أعمالِ القلب هذه وحقيقتِها ما هي؟ .
هي عَمَلُ الأركان ، عملُ الجوارح ، فالقلبُ إذا أخلص العبادةَ لله ، فاض ذلك الإخلاصُ على أركان الجسدِ كلِّه ، فيتحرك الجسد بما يُمليهِ عليه قلبُ المخلصِ المحبِ الله ، فالسلوك إذن .. ، ماذا تقولين ، ماذا تفعلين ، ماذا تلبسين ، كيف تتعاملين مع نصوصِ القرآن وأوامرِ النّبيّ (صلى الله عليه وسلم) وإرشاداتِه ، .. هذا السلوك ، هو انعكاسٌ حيٌّ ظاهرٌ محسوس لما استتر في القلب من إيمان ، ومشاعر ، وتعظيم وإجلال لله تبارك وتعالى ، والآن .. هل يُمكن أن تتصوَّري وجودَ صدْقٍ وإخلاص وحبٍّ لله ، ورهبةٍ وخشيةٍ منه ، وتعظيمٍ له ، في قلْبِ من إذا غادرت البلادَ ، وهي على مَتْنِ الطائرةِ بعْدُ ، لم تَمَسَّ قدمُها الأرضَ التي هي مُسافِرةٌ إليها ، كان من سلوكِها أنْ خلعت العباءةَ والحجاب ، ثم طوتْهُما ، كأن لم تكن بينها وبينَهما مودّة ، وحشرتْهما في شنطتها ، كَمَنْ يُخْفي عَيْباً !! ، ثم خرجت أمام أعينِ الناس مُسْفرةً عن كلِّ زينة !! ، أسألُكِ بكُلِّ أمانةٍ أُختي الكريمة ، هل يُمكن أن تتصوَّرِي صدْقاً وإخلاصاً للهِ في قلْبِ من تسلُكُ هذا السلوك ؟؟ ، هل يُمكن أن تتصوَّري تعظيماً للهِ وإجلالاً لأمره ونهيه في قلبِها؟؟ ، هل يُمكن أن تتصوَّري حُبّاً لما يُحِبُّه الله في قلبها ؟؟ ، هل يُمكن أن تتصوَّري ذلك ..
أُختاه يا بِنتَ الجزيرةِ ربما *** غَطَّى على عينيكِ فِكْرٌ أحمر
ولَرُبمَّا خدَعَتْكِ عَلمانيّةٌ *** ولَرُبمَّا أغراكِ ذِئبٌ أغبر
أُختاه يا بِنتَ الجزيرةِ هكذا *** وخنادقُ الباغينَ حولَكِ تُحفر
أو هكذا والحربُ تَضْرِبُ دَفَّها *** يُلقَى بيانُكِ بالسفور ويُنشَرُ
أو هكذا والملحدون تجمّعوا مِن *** حولِنا والطّامعون تجمهروا
أنسيتِ فاطمةَ التي لِحِجابها *** خَضَعَتْ فرنسا والعُصاةُ توتّروا
أنسيتِها .. أنسيتِ كيف تحدّثت *** عنها الوسائلُ كيف عَزَّ المَخْبَرُ
قد كنتِ أوْلَى أن تكوني قُدْوةً *** تدعو إلى إسلامِها وتُبشِّرُ
قد كنتِ أوْلَى أن تكوني للتُّقى *** رمْزاً يَجِلُّ به العَفافُ ويفْخرُ
أوّاهُ يا بِنتَ الجزيرةِ هكذا *** تتمرّدين لبِئسَ هذا المنظرُ
إنّ التِزامَكِ بالحجابِ تماسُكٌ *** والسّعيُ في نزْعِ الحجابِ تدهْورُ(5/490)
إنّ التِزامَكِ بالحجابِ تقدُّمٌ *** والسّعيُ في نزْعِ الحجابِ تأخُّرُ
ماذا نقولُ لكعبةِ الله التي *** بالثَّوْبِ طُولَ زمانها تتستّر
فَنَزْعُ الحِجاب ، والتّفريطُ في الالتزامْ بهيئةِ الحجابِ الرّبّانيّةِ الشّرْعيّة ، هذا السلوكُ المَشين ، سلمكِ اللهُ منه ، سلوكٌ عمليّ .. ولا يُمكن أن ينعَزِلَ السلوكُ عمّا يُكِنُّه القلب ، إذِ القلب .. هو الذي يُفرِزُ السلوك ، هذه هي الحقيقةُ الناصعة مهما كابرَ المُكابِر ، وهو مصداقُ قوله (صلى الله عليه وسلم) : ( ألا إنّ في الجسد مُضغةً إذا صَلَحت صلح الجسدُ كلُّه وإذا فسدت فسد الجسدُ كلُّه ألا وهي القلب ) ، وأذكِّرُ هنا.. أننا قد اتّفقنا أنا وأنتِ من قبْلُ على مفهومِ العبادةِ الواسع والشّامل ، وأنّكِ تَعينه وتفهمينه جيّداً ، القضية أختي ليست صلاة وصوم فقط ، لا .. ، القضية أكبر وأبعدُ من ذلك ، إنّ العبادة تسليمٌ واستسلام ، تسليمٌ بربوبيَّةِ الله.. أنّه هو الخالق ، الرّزّاق ، مالكُ كلِّ شيء ، له وحدَه حقُّ الأمرِ و النهي كما جاء في الآية ( ألا له الخلق والأمر) ، هذا أوّلاً ، ومن ثَمّ .. ، استسلامٌ لأمره (سمِعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير ) وهذا ثانياً ، فالإستسلام ، الذي يعني السّمع والطّاعة ، هو نتيجةٌ حتْميّةٌ لإيماننا الكامل بربوبيّته ، ولذلك .. تريْنَ اللهَ عزّ وجلّ يُقسِم بذاتِه العظيمةِ جلّ وعلا .. ، يقسِمُ بذاتِه المقدّسة على هذا الأمر ، ولا يقسِمُ اللهُ بذاته إلاّ على أمرٍ عظيمٍ جدّاً ، وهذا الأمرُ العظيم هو صِدْقُ استسلامي واستسلامِكِ لأحكامِه وأوامرِه عزّ وجلّ ، قال تعالى : ( فلا وربِكَ [ ما الذي يُقسِمُ به اللهُ هُنا ؟ يُقْسِمُ بذاتِه سبحانه ] فلا وربِكَ لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلّموا تسليما) ، وتأمّلي أيّتها الفاضلة(أسْعَدَكِ اللهُ بطاعتِه) تأمّلِي في قوله تعالى : ( ويسلموا تسليما ) فلم يقل : ( ويسلّموا ) فقط ، لا.. ، بل أتى بالمفعولِ المطلق الذي هو المصدرُ هنا ( تسليما ) والذي يفيد التّوكيدَ الجازم على فَرَضِيّةِ التسليم لأحكام الله جلّ وعلا ، باطِناً وظاهِرا ، فقال مؤكِّداً وجازماً : ( ويسلّموا تسليما ) ، وإنّ من التسليم للهِ تعالى ، أن تشعُرَ المسلمة بالحياءِ من اللهِ خالقِها ، تشعُر بالحياء باطِناً وظاهِرا ، فالحياءُ في أصلِهِ شعورٌ قلبيّ ، لكنْ يظهرُ أثرُه على السّلوك بشكلٍ واضح ، الحياء .. يظهرُ أثرُه على السّلوك بشكلٍ واضح ، وهو عبادةٌ عظيمةٌ جدّاً جدّاً ، بيّن ذلك رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بقولِه : ( الحياءُ والإيمانُ قُرِنا جميعاً فإذا رُفِعَ أحدُهُما رُفِعَ الآخر ) ، سبحان الله !! ..إذا رُفِعَ الإيمان رُفِعَ الحياء ، وإذا رُفِعَ الحياء رُفِعَ الإيمان ، .. والآن .. هل من الحياء أن تخرُجَ المرأةُ المسلمةُ الموحِّدة في حفْلاتِ الزّواج ، أو أيَّةِ مناسَبَة ، بأزياء تكشِفُ مفاتِنَها أمام النساء ..؟؟ ، هل من الحياء أن تخرُجَ بفستان قصير فوق الركبة ، وآخر مشقوقِ الجنبين يُظهِرُ فخِذَيْها ، وآخر يكشِفُ صدرَها .. نِصْفَه أو أكثرَ من ذلك ، أو يكشِفُ كلَّ ظهرِها ، أو تخرج بفستانٍ ضيّق يُحجِّمُ مفاتِنَها ، أو غيرِها من الأزياءِ التي لا تليقُ بالمرأةِ العفيفة ، هل من الحياء .. الذي هو دليل الإيمان .. أن تخرُجَ المرأةُ بمِثلِ هذه الأزياء ..؟؟ ، أَوَ هكذا تسوقُنا الأهواءُ والشّهواتُ سَوْقَ النِّعاج..! ، نركُضُ وراء الموُضة بلا شعور !! ، نركضْ وراءَها رَكْضَ العُميان !! ، نركض وراء الموُضة بلا اعتبار لدين ولا أخلاق ولا حياء!! ، أين تميّزُ المسلمة عن غيرِها من نساءِ الكُفْرِ والإباحيّة ؟ ، أمّ سلمة (رضي الله عنها) ، أمّ سلمة التي ينبغي أن تكونَ قُدْوةً لكِ ولكلِّ مسلمة ، لمّا سمِعت رسولَ اللهِ (صلى(5/491)
الله عليه وسلم) يقول : ( من جرّ ثوبه خيلاء لم ينظرِ الله إليه يوم القيامة ) ، جاءت إليه تسألُهُ باهتمامٍ شديد ( فكيف يصنعُ النساءُ بذيولهنّ [ أي بطرفِ الفستان أو الثّوب ] ، قال : (يرخين شِبْراً ) ، فقالت : ( إذن تنكشفُ أقدامهنّ !!) ، قال : ( يُرخين ذراعاً ولا يزدن ) ، الله أكبر .. انظري .. ، انظري .. ، ما الذي أقلق أمَّ سلمة (رضي الله عنها) ؟؟ ، انكشافُ القدمين !! ، ..كيف تنكشفُ القدمان .. هذا هو الذي أقلقها ؟!! ، ..هل لكِ أن تتصوّري حياءً مثْلَ هذا الحياء أختي المسلمة ؟؟ ، ولمّا نعود إلى أصلِ الحكم الفقهي ، أقول : نعم .. ، نعم .. هناك من تحتجّ ببعضِ أقوالِ العلماء مِن أنّ حدودَ عورةِ المرأةِ أمام المرأة من السُّرّةِ إلى الرّكبة ، وهو قولٌ مَبْنِيٌّ على أن الأصل ، اشتراكُ المرأةِ مع الرّجلِ في الأحكام إلاّ ما خُصّت به المرأة ، فلمّا لم يأتِ بيانٌ خاصٌّ بالمرأةِ في حدودِ عورتِها بالنّسبةِ للمرأة ، قاس أصحابُ هذا القولِ على الحكمِ بالنسبة للرجال ، فقالوا : عورةُ المرأةِ أمام المرأة من السّرّةِ إلى الركبة أيضاً ، وقيّد بعضُهم جوازَ النّظرِ بأمْنِ الفتنة ، يعني إذا لم
يكن هناك فتنة ، فيجوزُ لها أن تنظرَ سِوى ما بينَ السّرّةِ والرّكبة ، واستدرك بعضُ العلماء على هذا القول بالتّفريق بين (حكمِ النّظر وحكمِ اللّباس) ، فقالوا : هناك أحكامٌ للنّظرِ وأحكامٌ لِلّباس ، فجوازُ نظرِ المرأةِ إلى صدرِ المرأةِ مثلاً ، لا يستلزِمُ جوازَ تكشُّفِها وارتداءِها ملابسَ الفاسقات ، فإنّ التّشبُّهَ بالفاسقاتِ بِلُبْسِ ملابِسِهِنّ الخليعةِ الفاضحةِ ، حرامٌ قطْعاً ، وإنّما أجزْنا النّظرَ لما تقتضيه حاجةُ المرأةِ من كشْفِ الثّديِ للرَّضاعِ حالَ اجتماعِها بالنساءِ وما شابه ذلك ، وعلى أيِّ حال ..أختي الكريمة ، فهناك قولٌ فقهيٌّ قويّ يذهبُ إلى أنّ حدودَ عورةِ المرأةِ بالنّسبةِ للمرأةِ ، هي كما هي بالنّسبةِ للمحارم ، أي مواضعُ الزّينةِ مِن جسدِ المرأة ، وهي كالتالي : الشعر ، الذي هو موضعُ التّاج ، والنحر ، الذي هو موضعُ القِلادة ، واليدان والذراعان حتى العَضُدَيْن ، موضعُ الخاتَم و الأَسورةِ والدُّملُج ، والقدمان حتّى أسفلَ السّاقين ، موضِعُ الخَلْخال ، أمّا ما وراءَ هذه الحدودِ ، فحرامٌ كشفُهُ على الإطلاقِ ، سِوى للزّوج ، واستدلّوا على ذلك بالآيةِ الكريمة (وقل للمؤمناتِ يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ، ، ولا يبدين زينتهنّ [ أي زينتَهُنّ ذاتَها ويأتي تَبَعاً مواضعُ زينتِهِنّ ] إلاّ لبعولتِهِنّ أو آبائهِنّ أو آباءِ بعولتهِنّ ، ، إلى قولِه : أو نسائهن ) ، فجَمَعَ في حدود ما يجوزُ أن تُبدِيَه المرأةُ من أجزاءِ جسدِها ، جَمَعَ بين المحارمِ والنساءِ ، فحُكْمُهُما واحد ، .. ولذلك نرى نهْياً من الرّسولِ (صلى الله عليه وسلم) للرّجالِ أن يسمحْنَ لزوجاتِهِنّ أن يدخُلْنَ الحمّامَ الخاصّ بالنِّساء [ والمقصود : هو ذلك الحمّامُ الجماعي الخاصّ ، إمّا للرجالِ أو للنساء ، والذي يُخَصَّصُ في بعضِ البلاد من أجل غَسْلِ الجسد ، أشْبَهَ بالحمام التُّرْكي ، ويُخْشَى أن يكونَ فيه كشْفٌ للعورات ] ، قال (صلى الله عليه وسلم) : ( من كان يؤمن بالله واليومِ الآخِر فلا يُدخِلُ حليلتَه الحمّام ) ، رواه النَّسائي والتِّرْمذيّ وحسّنه ، وفي حديثِ أبي أيوبٍ (رضي الله عنه) بلفظ : (من كان يؤمن بالله واليومِ الآخِر من نسائكُم فلا يَدخُلِ الحمّام ) ، وعن أبي المُلَيْحِ الهُذَلِيّ ، أنّ نساءً من أهلِ حِمْص ، أو من أهلِ الشّام ، دخلْنَ على عائشةَ (رضي الله عنها) ، فقالت : ( أنتُنّ اللاتي يَدخُلْنَ نساؤكُنّ الحمّامات ؟! ، سمِعتُ رسولَ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) يقول : ( ما مِنِ امرأةٍ تضعُ ثيابَها في غيرِ بيتِ زوجِها إلاّ هَتَكَتِ السِّتْرَ(5/492)
بينها وبين ربِّها ) رواه التِّرمذيُّ وهو صحيح ، فتلك الآية ، وتلك الآثار تدُلُّ على أنّ الحياءَ لباسٌ للمسلمةِ لا تنزِعُهُ عنها ، سواءً أمام الرجال ، أو أمام النِّساء ، فالأزياءُ الخليعة التي يلبَسُها بعضُ النساء ، أو كثيرٌ من النساء في الحفَلات ، ويتباهيْن بها وبخلاعَتِها وتعريتِها لأجسادهن ، تناقِضُ الحياء ، ولا تليق أبداً بالمرأةِ المؤمنة ، ..
ظاهرةٌ أخرى تتعلقُ بالسلوكِ النّابعِ من مقدار إيمانِ المسلمةِ بحديثِ الرّسولِ(صلى الله عليه وسلم) ، إنّها ظاهرةُ السّفرِ بدونِ محرم ، فما هو مقدارُ إيمانُكِ أختي المسلمة بحديثِ النّبيِ(صلى الله عليه وسلم) الذي يقولُ فيه : ( لا تُسافرُ المرأةُ إلاّ مع ذي محرم ) رواه أحمد والبيهقي بسندٍ صحيح ، ولا تغترِّي أختي العفيفةُ ببعضِ الآراءِ الغريبةِ المُتساهلة ، الآراءِ التي لا تستندُ إلى دليل ، كالرّأيِ الذي يُجيزُ للمرأة السفرَ مع مجموعةٍ مأمونةٍ من النّساء ، فالحكمُ الشّرعي لا يؤخذُ من الآراءِ العقلانيّة التي تَأَثَّرَ أصحابُها بضغطِ الواقع وكثرةِ الأهواء فحرِصَوا على أن يُنشِئوا فِقْهاً يُناسبُ أمزجةَ النّاسِ ولو خالَفَ الدّليل ، فالحكمُ الشرعيّ لا يُؤخَذُ من تلك الآراء ، أُختي في الله ..إنّ الأمرَ دين ، والدِّين .. هو أعظمُ وأغلى شيءٍ يملِكُهُ الإنسان ، فلا يُؤخذُ مِن أصحابِ المناهجِ التي ترى أنّ التّيسيرَ ، في قولِه(صلى الله عليه وسلم) : ( يسِّروا ولا تُعسِّروا ) هو في اتّباعِ الأقوالِ الضّعيفةِ والآراءِ الشّاذّة ، هؤلاءِ لن يرفعوا عنكِ الإثمَ باتّباعِكِ لأقوالِهِم ، وإنّما يَعتصِمُ المسلمُ بالكتابِ والسنّةِ في مثلِ هذه الأمور ولو خالَفَ رغبةَ النّفس ، ومِن ثَمّ يطلُبُ البراءةَ لدينِه ، ولقد أعْفَىَ النبيُّ (صلى الله عليه وسلم) رجلاً من الجهادِ في سبيل الله من أجلِ أن يُسافرَ مع زوجتِه إلى الحج ، ولو كان سفرُ المرأةِ لوحدِها مع النساءِ مُباحاً لرخّص لها النّبيُّ (صلى الله عليه وسلم) في ذلك ، فعن ابن عباس: « أَنَّه سَمِعَ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ يَقُولُ: لاَ يَخْلُونَّ رَجَلٌ بِامْرَأةِ إلاَّ وَمَعَها ذو مَحْرَمٍ وَلاَ تُسَافِرُ الْمَرْأةُ إِلاَّ مع ذِي مَحْرَمِ» ، فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ امْرَأَتِي خَرَجَتْ حَاجَّةً وإِنِّي اكْتُتِبْتُ في غَزْوَةِ كَذَا وكذا ، قَالَ: « فَانْطَلِقْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ». متفقٌ على صحّته ، فإذا كان الرّجلُ يُعفَى من الجهاد من أجْلِ السّفرِ مع زوجته ، فكيف تُبيحُ المُسلِمةُ لِنَفْسِها السّفر بلا محرم بلا سبب أو لأدنى سبب ؟ ، وإذا كان الشّارعُ قد نهى المسلمةَ عن سفرِ الطّاعةِ ، كالحج مثلاً ، بدونِ محرم .. فكيف بغيرِهِ من الأسفار العادية للنُّزهة أو للزيارة ..؟ ، جاءَ عند الداّرَقطني من حديث بنِ عبّاس أنه(صلى الله عليه وسلم) قال: «لاَ تَحُجَّنَّ امْرَأَةٌ إِلاَّ وَمَعَهَا زَوْجٌ» صححه أبو عوانة .
الحاصل أختي الكريمة ، أن السلوك مهما كان.. هو مِصداقُ ما في القلب مِن أعمال ، ولا يُمكن لأحدٍ أن يفرِّقَ بين السلوك وبين ما يُكِنُّه القلب ، ولذلك جمع النبيُّ (صلى الله عليه وسلم) بين الأمرين في ميزانِ الله تعالى فقال (صلى الله عليه وسلم) : ( إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبِكم وأعمالِكم) رواه أحمد ومسلم وبن ماجة ، (ينظرُ إلى قلوبكم وأعمالكم).. إذن لا انفصال بين عمل القلب وعمل الجارحةِ في ميزانِ الله تبارك وتعالى .
ألا تتّفقين معي إذن أختي الكريمة ، في أنّ السّلوكَ .. هو مصداقُ ما في القلب مِن أعمال؟؟ ، وأنّ كُلَّ عمَلٍ صغيرٍ وكبيرٍ تقومين به ، وكُلَّ مَظْهرٍ تَخرُجين به ، بِحَسَبِ قُرْبِه أو بُعْدِهِ مِن دينِ الله .. إنّما هو انعكاسٌ (حيٌّ ، ظاهرٌ ، محسوس) لما استتر في(5/493)
قَلْبِكِ من إيمان ومشاعرَ حُبٍّ وتعظيمٍ وإجلالٍ لله تبارك وتعالى ؟؟ ، إذا قُلْتِ كلاّ لا أتّفِقُ معَك !! ، قُلْتُ استعيني باللهِ ، واسأليهِ الهدايةَ والرّشاد ، وراجعي كتابَ الله ، راجعيه ..فإنّه مليءٌ بالأدِلّةِ ، مليءٌ بالأدِلّةِ على هذه الحقيقة ، أمّا إنْ كانت إجابَتُكِ : بلى أتّفِقُ معكَ ..[ وهو ما أتوقّعُه إن شاءَ الله] قُلْتُ : الحمدُ للهِ .. عسى اللهُ أن يُثَبِّتَ قلبي وقلبَكِ على الحقَّ ، فإنّ الثّباتَ على الحقِّ والاستقامةَ عليهِ نعمةٌ عظيمة ، والثّباتُ على الحقّ ، يقودُنا للوقفةِ الثّالثةِ التي تُعْنَى بِرعايةِ الحقّ وحِفْظِه ، ووِقايَةِ القلب مِن أسبابِ الزّيغِ والانحراف .. ،
الوقفةُ الثالثة:
(قُطّاعُ الطّريق ..!!)
ربما سمِعتِ ، أو قَرَأتِ يوماً ما تحذيرَ البعضِ للمرأةِ المسلمة بأنّها مستهدَفة .. ، فهل أنتِ فِعلاً مُستَهدفة ؟ ، وما معنى مُستهدفة ؟ ، وما الدّليلُ على هذا الاستهداف ؟ ، أم أنّ موضوعَ الاستهداف ، كما يقول بعضُ كُتّابِ الصُّحف وبعضُ المثقّفين ، موضوعاً وهمِيّاً لا حقيقةَ له ؟؟ ، ويُلحِقونَه بما يُسمُّونه نظريّةَ المُؤامَرة !! ، .. فدعينا نتناولُ هذه التّساؤلات :
هل أنتِ فِعْلاً مُسْتهدَفة .. وما الدّليل على ذلك؟
والجواب : بدونِ فلسفةٍ طويلة ، ولا كلامٍ عَقْلانيٍّ فارغ ، هناكَ اسْتِهْدافٌ عام ، وهناكَ اسْتِهْدافٌ خاص ، أمّا الدّليل على الاستِهداف العام ، فهو ما نطَقَ به القُرآنُ الكريم وحذّر منه في أكثرَ مِن آية ، قال تعالى : {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُواْ مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ }. إنما يدعو حزبه ، يعني شيعتَه ، ومن تابعَهُ إلى طاعته والقَبولِ منه ، والكفرِ بالله ، لِيَكُونُوا منْ أصحَابِ السَّعِيرِ ، وقال تعالى : {يَابَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَآ أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ } ، فنحن جميعاً مُستهدفون مِن قِبَلِ الشّيطانِ وأعوانِه ، بل إنّ القرآنَ بَيّنَ هذا الاستهدافَ الشّيطاني على لسانِ عدوِّنا اللّدودِ ذاتِه لمّا قال : {قَالَ فَبِمَآ أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ } ، وهناك آياتٌ أُخرى كثيرةٌ مُشابهة لا يتّسِعُ المَقامُ لذِكرِها ، .. ثم إنّ للشيطان أعواناً ، ولذلك حذّر النّبيُّ(صلى الله عليه وسلم) في أكثرَ مِن حديث ، مِن أن يكونَ المسلمُ عوناً للشيطانِ على أخيه ، فيقول أحياناً(صلى الله عليه وسلم) : ((لاَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونُوا أعوانَ الشيطان)) ، ويقولُ أحياناً أُخرى: ((لا تكونوا عوناً للشيطان على أخيكم)) ، فإن كان المُستَهْدِفُ في هذه الآياتِ هو الشّيطان .. فإنّ له[كما تقدّم] أعواناً مِن الإنسِ هيّأهُم ، ثُمّ استخدمهُم لإعانتِه في تحقيقِ هدفِه ، سواءً علِموا بذلك أم لم يعلموا ، والحقيقةُ أنّهم لا يعلمون .. إذْ أنّ ضلالَهم قد اسْتفْحل فيهِم حتّى أعماهُم عن الحقّ فاجتنَبُوه واتّخذوا الباطل سبيلاً لهم ، بل إنّهم أصبحوا دُعاةً للباطل ، فكانوا بذلك أعواناً للشّيطان بالضّرورة ، وهؤلاء هم أهلُ الأهواءِ والشهوات من الإنس ، قال تعالى : (( إنّ الذين يحِبّون أن تشِيعَ الفاحِشةُ في الّذين آمنوا لهم عذابٌ أليمٌ في الدّنيا والآخرة ، والله يعلم وأنتم لا تعلمون )) ، وقال تعالى : (( وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ(5/494)
مَيْلاً عَظِيماً )) ، تلك المحبّة ، وهذه الإرادةُ هما أصْلُ الاستهداف !! ، إنّهم يُحِبُّون أن تشيعَ الفاحشةُ في أهْلِ الخير ، وإنّهم يُريدونَ أهلَ الخيرِ والطّاعةِ أن يميلوا عن طريقِ الهُدى ميلاً عظيما ، إنّهم واللهِ .. يُرِيدُونَكِ أنتِ أن تَميلي مَيْلاً عظيما!! ، وإنّهم كما ذكر (صلى الله عليه وسلم) مِن جِلدتِنا ، ويتكلّمون بألسِنَتِنا ، وقد يُصَلُّون معنا ، لكنهم كما قال(عليه الصّلاةُ والسلام) : ((دُعاةٌ على أبوابِ جهنّم ، من أجابهُم إليها قذفوه فيها !!)) ، هذا حَوْلَ الاستهدافِ العام ، أمّا الاستهداف الخاصُّ بكِ ، حفِظَكِ اللهُ من الشيطانِ وأعوانِه ، فدليلُهُ قولُهُ(صلى الله عليه وسلم) : ((الْمَرْأَةُ عَوْرَةٌ، فَإِذَا خَرَجَت اسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَان )) رواه التّرمذيّ وبنُ ماجة وبنُ حِبّان ، وهو حديثٌ صحيح ، قال العلماءُ في شرْحِهِم لقولِه ((استشرفها)) ، أي : أي زيّنها في نَظَرِ الرِّجال ، وقيل أي نَظَر إليها ليُغْوِيَها ويُغْوِيَ بها ، فأنتِ أيّتُها الأختُ الكريمةُ مُستَهْدفةٌ مِن قِبَلِ إبليسَ وأعوانِه ، وإبليس يحاولُ أن يُفْسِدَ دينَكِ ، ويُفسِدَ دينَ الرِّجالِ بكِ بِحُكْمِ الميْلِ الذي فُطِرَ عليهِ الرِّجالُ نحوَكِ ، ذلك الميْلُ الذي قال اللهُ تعالى فيه : (( زُيِّنَ للنّاسِ حُبُّ الشَّهواتِ مِنَ النّساء .. الآية )) ، فجاءت النِّساءُ في المُقدِّمة ، وذلك الميْلُ الذي حذّر مِنه النّبيُّ (صلى الله عليه وسلم) في صورتِهِ المُحرّمةِ قائلاً : «ما تركتُ في الناسِ بعدي فتنةً أضرَّ على الرجالِ من النساء» رواه البخاري ومسلم ، ومن هنا نُفسِّرُ استِخدامَ الشّرقِ والغرْبِ للنِّساءِ ، بل وكثيرٍ من المسلمينَ مع الأسف ، استخدامَهُم للنساء [للغرضِ المادّي] ، في الدِّعاياتِ لتسويقِ مختَلَفِ السِّلَع والمُنتجاتِ الصِّناعيّة ، سواءً كان لها علاقةٌ بالمرأةِ أم لم يكُنْ لها عَلاقةٌ البتّة ، واستِخدامَهِم للنّساءِ كذلك في أماكنِ الاستِقبال في المُستشفياتِ والفنادِقِ ، وفي المطاعِم ، وفي المرافقِ السّياحيّة ، ومُظِيفات في الطّائرات ، وما شابه هذه الأماكِن والأعمال ، يَقْصِدُون من وراءِ هذا التّوظيفِ جذْبَ الرِّجال استِغْلالاً
لذلك الميْلِ الفِطْريّ ، وكذلك نُفسِّرُ استِخدامَهُم لِصُوَرِ النّساءِ لتسويقِ المجلاّت ، مع التّأكيد على اختيارِ الفاتِنةِ مِنهُنَّ على صَفْحَةِ الغِلاف ، إلى آخِرِهِ مِن هذه الأغراضِ ، .. فالشيطانُ يستَفِزُّ أعوانَهُ مِن الإنس لاستغلالِ هذا الميْل في تحقيقِ أغراضِهِم المادّية التّجاريّة ، وبالتّالي يَفسُدُ المجتمعُ دينيّاً وأخلاقيّاً ، فأنتِ بلا أدنى شكّ مُستهدفة فخذي الحذَر !! ، نعم .. ، لقد أردتُ أُختي العفيفة .. أن أستدِلَّ بكتابِ اللهِ وسُنّةِ نبيِّه (صلى الله عليه وسلم) على حقيقةِ هذا الاستهداف ، أوّلاً ، لأنّني أعلَمُ أنّهُما في نظري ونظَرِكِ .. أعزُّ وأوثَقُ ما يُستَدَلُّ به ، وثانياً ، حتّى لا أدَعَ مَجالاً لأهْلِ القِيَمِ والمَبادئ المادِّيّةِ ، المعارضين لحقيقةِ هذا الاستهداف ، كي يتفلسفوا ، ويُنَمِّقوا كلاماً عقْلانيّاً لا أصْلَ له مِن شرْعٍ ولا خُلُق ، نعم .. قد يكون أحدُهُم دكتوراً جامِعِيّاً ، أو كاتِباً مشهوراً تتنازَعُ عليه الصُّحُف ، وقد يكون الآخرُ مُحَلِّلاً اجتماعيّاً له في كُلِّ صحيفةٍ بَصْمة ، ولكنّ مبادِئَهُم وقِيَمَهُم ، وإنْ كانت جميلةَ الإخراج ، وقريبةً مِن المَنطقِ المادّيِّ المُجرّد ، إلاّ أنّها غريبةٌ على مبادئِ دين الإسلام ، وبعيدةٌ عن مقاصِدِ الشّريعةِ ، وإن كانوا يتمسّحون بالدِّين في ثنايا كلامهِم ، بل إنّ قيمَهُم في كثيرٍ مِن الأحيان – ولا أُبالِغُ إذا قلت – قيَمٌ مُنحرِفة ، هؤلاء .. هم الذين يُدمنون الدّعوةَ إلى خروجِ المرأةِ للعمل خارجَ بيتِها أجيرةً عند الغير ، وليس لأعمالٍ مُعيّنةٍ خاصّةٍ بها .. لا ، بل حتّى للأعمال الّتي لا تتناسبُ مع تكوينِ المرأةِ الجسَدِيّ ، والنّفسيّ ، والدّينيّ ، بدعوى(5/495)
المساواةِ بالرَّجل وعدَمِ تعطيلِ نِصْفِ المُجتمع ، هؤلاء .. هم الّذين ينتَهِجون أساليب الغرْب في المُطالبةِ بِحقوقِ المرأةِ المَهضومةِ هُناك ، المرأةِ الغربيّةِ المُستَهْلَكة ، الكادِحةِ كدْحَ البهائم ، المرأةِ الغربيّةِ المُستَغلّة .. التي لا وليَّ لها ولا ناصر ، إنّهم ينتهِجون أساليبَهُم ، فيطالبون أن يُتاحَ للمرأةِ المسلمةِ الكريمةِ العزيزة هُنا ، ما أُتيحَ للمرأةِ الغربيّة هناك من حُرّيّةٍ بهيميّةٍ عمياء ، بلا تقديرٍ ولا أدْنى اعتبار لما تترتّبُ عليه تلك المُطالباتُ من مفاسدَ شّرعيّةٍ قرّرها عُلماءُ أُصولِ الشّريعة ، لكنّهم [ لمعرِفتِهِم بِفِطْرةِ الناسِ الدّينيّة هنا في هذا المجتمعِ الكريم ] يتمسّحون بالدّين في ثنايا كلامِهم ، كي يكونَ كلامُهُم أدْعى للقَبُول ، كترديدِهم لعبارةِ " وَفْقاً لتعاليم دينِنا الحنيف وشريعتِنا السّمحةِ " ، ذرّاً للرّمادِ على عيون المغفّلين ، فهم يردّدون هذه العبارة ..ثمّ يُطالبون بما يُناقِضُها..!! ، كمطالبتِهم بالسّماحِ للمسلمةِ بالسّفرِ بِمُفْردِها ، أو المُطالبة بإقْحامِها في الرّياضة ، أو في السّياسة ، أو إلحاحِهِم المستميت في مطالبتهِم بقيادَتِها للسيّارة ، أو ما شابه ذلك مِن المُطالباتِ والآراءِ المُنحرِفة ، هؤلاء .. هم الّذين يحتقرون دورَ المرأةِ العظيمِ في رِعايةِ بيتِها وتَهْيِئتِه ليكونَ سَكَناً سعيداً لها ولزوْجِها ، أو لأهلِ بيتِها أيّاً كانوا ، هم الذين يهزئون برَبّةِ البيتِ الّتي سخّرت وقْتَها كاملاً للقيام بتلكَ المَهَمّةِ الفِطْرِيّةِ النّبيلة ، مَهَمّةِ تَرْبِيةِ الأطفال ، وإنشاءِ الأجيالِ الصّالحة ، مَهَمّةِ رَبَّةِ البيتِ ، التي استيقظ الغربُ وتنبّه إلى أهميّتِها بعد فواتِ الأوان ، وأصبح ينادي العقلاءُ في أمريكا وأوروبا إلى عودةِ المرأةِ إلى هذه المَهَمَّةِ العظيمة إنقاذاً للمُجتمع ، هؤلاء ..هم الذين يُقَلِّلونَ مِن شأنِ هذه المَهَمَّة ، بل ويعتَبِرون منْ قامت بها رقْماً زائداً في قائمةِ بَطالةِ النّساء ، فالمرأةُ العامِلةُ في نظَرِهِم ، هي الّتي دخلت سوقَ العمل فحسْب ، هي فقط المرأةُ الأجيرة .. تلك التي تتقاضى راتِباً في مِهنةٍ ما ، وأقول أجيرة ، ليس تحقيراً لمفهوم المِهنة بالنّسْبةِ للمرأة ، أبداً لا أقصِدُ هذا .. ، وإنّما أُحاوِل أنْ أُعِيدَ المُصطَلَحاتِ الّتي ألِفْنا استِخْدامَها إلى أُصولِها الصّحيحة ، لأنّ أجير ، أو أجيرة ، هو[ غالِباً ] المُصطَلَحُ المُستَخْدَمُ في الشّرْع للأعمال المتبوعةِ بالأجْر ، وليس مُصطلَح [ عامل ] ، قال تعالى : (قالت إحداهُما يا أبتِ استأجِرْه إنّ خير من استأجرْت القوِيُّ الأمين )( قال إنّي أُريد أن أُنكِحَك إحدى ابنتيّ هاتين على أن تأجُرَني ثماني حجج ) ، حتّى كتبُ الفِقه تُطلِقُ على هذا النّشاطِ من نشاطاتِ الحياةِ لفْظَ الإجارة ، تجدين في أبوابِ الفِقه ، بابْ الإجارة ، أو كتاب الإجارات ، أمّا لفظُ العمل فقد جاء في القرآن بمعنى الطّاعاتِ ، أو السّيئات عُموماً ، كما قدّمنا أوّلَ الكلام ، في قولِهِ تعالى: (( فاستجاب
لهم ربهم أنّي لا أُضيعُ عَمَلَ عاملٍ منكم من ذكرٍ أو أُنثى بعضُكم من بعض )) ، (( اعملوا آل داود شكرا )) ، (( فمن يعمل مثقال ذرّةٍ خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرّةٍ شرّاً يره )) ، فلفْظُ العملِ لأعمالِ الإجارةِ ، هو في الحقيقةِ مُعرّبٌ من اللّفظِ الغرْبيّ ، لأنّ مُصطلح القُوى العامِلةِ المُنتِجةِ في مُفهومِ الغرْب ، لا يدخُلُ فيه إلاّ الأفرادُ الّذين يتقاضون عن أعمالِهِم أجوراً مادّيّةً ، وبالتّالي فإنّ المرأةَ الأجيرةَ ، التي تتقاضى أجْراً مادّياُ ، المرأة الأجيرة في مفهومِ هؤلاءِ الّذين تربَّوا على أفكارِ وقِيَمِ الغرْب ، هي المرأةُ المُنتِجةُ عِندَهُم نظيرَ مُقابلٍ مادّي ، هي المرأةُ التي تنفَعُ وطَنَها فحسْب ، أمّا الأمّ العاملةُ في مجالاتٍ عظيمةٍ بدون انتظارِ أجْرٍ مادّي ، كتلك المُنْهَمِكةِ في(5/496)
تربيةِ أولادِها ورِعايةِ بيتِها .. فإنّها لا تُعْتَبَرُ امرأةً عاملةً مُنتِجةً نافِعةً للوطن !! ، بل هي في نظَرِهم .. عُنصُراً مُعطّلاً!! ، .. سبحان الله !! ، أيُّ مَسْخٍ فِكْريٍّ يمارِسُهُ هؤلاء !! ، أيُّ إفسادٍ للعقولِ وللأخلاقِ وللقِيَمِ يقترِفونه ، لقد بات كثيرٌ من النّساء من جرّاءِ هذا الطّرْحِ المتكَرِّر والمُجْحِف ، لا يَريْنَ شيئاً يُحقِّقُ كيانَهُنّ ووُجودَهُنَّ سِوى الوظيفة ، أو بِعبارةٍ أخرى أجيرة ، حتّى لو كان مستواهُنَّ المعيشِيُّ بِدُونِ الوظيفةِ مُسْتَوىً طيّباً ، لقد تكوّنت لدى المجتمِعِ نظْرةٌ مادّيّةٌ مُخيفةٌ ، فإذا تخرّجتِ الفتاةُ ولم تتوظّف أجيرةً لدى الغير ، فيا للمُصيبة.. ، ويا لَخسارةِ التّعَب ، وأصْبَحَتْ وظيفةُ الفتاةِ شُغْلاً شاغِلاً ، ففي سبيلِ وظيفةِ البِنت .. يهونُ كلُّ شيء ، كلُّ شيء.. ، فمِنْ أجْلِ الوظيفةِ رُدَّ كثيرٌ مِن الشَبابِ المُتَقدِّمِ للزَّواج إذا تعارض الزّواج مع وظيفتِها ، ومِن أجْلِ الوظيفةِ زادت نِسْبةُ الطّلاق ، ومِن أجْلِ الوظيفةِ ، ومُباشَرَةِ العملِ فيها ولو كانت بعيدةَ المسافةِ ، مِئاتِ الأميالِ خارجَ المدينة ، أُزْهِقَتْ كثيرٌ مِن أرواحِ النِّساءِ في حوادثِ السّياراتِ ، ومِن أجْلِ الوظيفةِ ضاعَ كثيرٌ من البيوت ، وانحرَفَ كثيرٌ مِن الأولادِ تحت إشرافِ الخادِمات ، هذا هو نتاجُ النّفْخِ في هذا الموضوع الّذي ينفُخُ فيه هؤلاءِ المادِّيون ، ..
أختي الكريمة .. ، لا تفهمي خطَأً بأنّي ضِدَّ عملِ المرأةِ أجيرةً في مجالاتِ العملِ اللاّئقةِ بها كامرأةٍ مسلمة ، لا .. أبداً ، بل إنّ عمَل المرأةِ خارِجَ بيتِها في بعضِ الحالاتِ يُعتَبَرُ مُهِمّاً وضروريّاً إذا لم تجِدْ من يعولُها ، أو كانت هي بِذاتِها تعولُ والدَيْها أو بيْتَها ، لا سِيِّما وأوضاعُ الأمّةِ الإسلاميِّةِ اليوم لا تَمنَحُ المرأةَ ما يجِبُ على الأمَّةِ أن تمنَحهُ لها في ظِلِّ الحكم الإسلاميّ المُتكامل مِن توفيرِ المعيشةِ الكريمة لها ، وسَتْرِها ، والمحافظةِ عليها مِن التّبذُّلِ خارجَ بيتِها إن لم يكن لها وليٌّ مقتدِر ، فالمقصود أن ننظرَ إلى الموضوعِ بتعَقُّل ، وبِنظرةٍ إسلاميّةٍ شرعيّةٍ متجرّدة ، لا بنظْرةٍ مادّيةٍ لا روحَ فيها ولا مِزْعَةً مِن دين ، فأنا لا أقصِدُ بهذا الكلامِ إلْغاءَ توظيفِ النّساء .. أبداً ، ولكنْ أقصِدُ كما قُلْت ، أنّه ينبغي أن ننظُرَ إلى هذا الموضوع بنظرةٍ مُتَّزِنَةٍ ، نُقدِّمُ فيها المصالحَ الشّرْعِيّةَ في المَقامِ الأوّل ، على المصالِحِ المادِّيّةِ ، الغرْبيّةِ القِيَم ، والتي سيطرت على عقولِ هؤلاء القوم ، وهؤلاء أيضاً ..هم الذين يُحاولون التّأثيرَ على المسلمةِ العفيفة ، بإبرازِ نماذِجَ شاذّةٍ لشخصيّاتٍ نِسائيّةٍ مسلمةٍ في العموم ، لكنّ نظْرتَهُنَّ للحياة ، نظْرةٌ عَلْمانيّةٌ لا تُقِيمُ للدّين ولا للشّرعِ وزْناً عند تحديدِ معالمِ المَنْهَجِ السّلوكيّ والأخْلاقيّ للمرأةِ ، كالمُمَثِّلات ، والمُغنِّيات ، والمُذيعات ، أو مَنْ تقلّدْنَ أيّةَ مناصِبَ تستلْزِمُ مُخالطةَ الرِّجال ، و قتْلَ الحَياءِ في المرأةِ المؤمنة ، مناصبْ .. تستلْزِمُ هدْمَ الحجابِ الّذي أمَرَ القُرآنُ بإقامتِه بين الرَّجُلِ والمرأة (( وإذا سألتموهُنّ متاعاً فسألوهُنّ من وراءِ حجاب .. ذلكم أطهرُ لقلوبِكم وقلوبِهِنّ )) ، هؤلاء أختي .. هم الّذين ما يَفْتئَون يزْعُمون أنّ المرأةَ في هذه البلادِ مظلومة ، مُهانة ، فما هو وجهُ الظُّلْمِ في نظَرِهِم يا تُرى ؟؟ ، هل هي العاداتُ الّتي لا تَمُتُّ للإسلامِ بِصِلة ، العاداتُ التي تحتقِرُ المرأة ، وتعتبِرُها أمراً مَعِيباً يخجلُ الإنسانُ حتّى مِن ذِكْرِه ، كما هو الحاصِلُ في عاداتِ بعْضِ النّاس ؟؟ ، لا ..!! ، طيب هل هي العاداتُ التي تحرِمُها مِن الميراث ، ويردِّدُ أصحابُها المقولةَ المشهورة " الحلالْ ما يروحْ لِلنِّسيب " كما هو المعمولُ بهِ إلى الآن في بعضِ المناطق ظُلْماً وعُدوانا؟؟ ، لا ..!! ، ليس(5/497)
هذا وجهَ الظُّلْمِ عندَهُم .. ولا أمثالَ هذا ، فإنّهم يعلمون أنّ الإسلامَ هو أوّلُ المعارضين لهذه العاداتِ الجاهليّة ، إذن .. فما هو وجهُ الظُّلمِ عندَهُم ، وما هي أمثِلَتُه؟؟ ، إنّ وجْهَ الظُّلْمِ عندَهُم ، هو في مَنْعِ المرأةِ مِن السّفرِ لوحْدِها بلا محرَم ، فهل يقصِدون أنّ رسولَ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) ظلَمَ المرأةَ أم ماذا ..؟!! ، لأنّه هو الآمرُ بهذا !! ، فقد صحّ عند الإمامِ أحمدَ وغيرِه قولُهُ (صلى الله عليه وسلم) : ((لا تسافر المرأة إلا مع زوجها أو ذي محرم منها)) ، وفي لفْظٍ آخَر ، ((لا يَحِلُّ لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر يوماً إلا مع ذي رحم)) ، .. وجْهُ الظُّلْمِ عندَهُم أيضاً ، هو في منْعِها مِن دخولِ عالمِ الفنّ ، كالتمثيل ، والغِناء ، والموسيقى ، كما صوّر لنا الإعلامُ تلك المغنّيةَ ، التي حاول أخوها أن يمنعها من الغناء .. ، صوّرَها الإعلام بصورةِ المرأةِ الجريئة التي تتحدّى الجميع ، الجميع .. حتّى أقاربَها!! ، وتكسِرُ جميعَ الحواجزِ في سبيلِ الفنّ ، فهل رضِيَ اللهُ عن الرّجلِ الذي دخَلَ عالَمَ الفنِّ المُعاصِر فضْلاً عن أن يرضى عن المرأةِ المسلمةِ أن تخوضَ في هذا العالمِ العفِن !!؟ ، وجْهُ الظُّلْمِ عندَهُم ، هو في منْعِها مِن قيادةِ السّيارة ، حتّى في ظِلِّ انهيارِ النِّظامِ الأخلاقي الذي يعيشُهُ كثيرٌ مِن شبابِ الشّوارعِ اليوم ، أولئك الذين لا يأمَنُ الإنسانُ من شرِّهِم على أهلِهِ وهو معهم في السّيارة ، فكيف والمرأةُ تقودُها لوحْدِها أو معها بناتُها الشّابّات (نسألُ اللهَ أن يحفظَنا جميعاً) ، إنّ العاقلَ ، الذي ينظُرُ إلى واقعِ الشّبابِ اليوم ، بنَظْرةٍ عقلانيّةٍ مادّية ، دعْكِ مِن الدّينيّة ، ليأنَفُ مِن هذا التّوجُّهِ خوفاً على عِرْضِه ، فكيف إذا جمَعَ إلى ذلك نظْرةً دينيّةً واعية ، وليست قيادةُ السيّارةِ عندَهُم مقصودةً بذاتِها بِقدْرِ ما هي نقطةُ البدايةِ التي لو تحقّقت ، لطالبوا بعدَها بما هو أكبرُ وأعظم ، .. هذه المطالبٌ وأمثالُها ، هي الحقوقُ التي ينادون بها للمرأة .. ، وإنّني أتعجّبُ أيتُها الأُخت ، أتعجّب مِن هؤلاءِ الذين يُطْلَقُ عليهِم مُثقّفين ، أتعجّبُ مِن إصْرارِهِم على هذا النّوعِ المحدودِ ، والمعروف ، والمُتكرِّر من المطالِب ، ومحاولاتِهِم
المُستميتَةِ ، والمُتَكَرِّرةِ بِصورةٍ مُمِلّة ، ولسنواتٍ عديدة ، لِجَعْلِ تلك المطالب واقِعاً مَرْئِيّاً ، .. أتعجّبُ مِن إصرارِهم على تلك المطالبِ المُحَدَّدة ، وإغفالِهِم التّام ، وإهمالِهِم الواضح ، للمطالِبِ الحقيقيّةِ الشّرعيّةِ والمُلِحّةِ للمرأة .. ، إنّهم لم ينادوا بحقِّها ، إنّهم لم ينادوا بحقِّكِ أنتِ أختي العفيفة ، في توفيرِ بيئةٍ أكْثَرَ أمْناً لكِ مِن اعتداءاتِ قُطعانِ الفَسَقةِ ، مِن سِفْلَةِ الشّباب المُتسكّعين في الأسواقِ ، وعند مدارسِ البنات ، وفي الطُّرُقِ العّامّة ، وفي المُنتزهات ، وخاصّةً في المُناسباتِ العاّمة ، واحتفالاتِ الأعياد ، تلك الاعتداءاتُ التي هي آخذةٌ في الازديادِ بشكْلٍ مخيفٍ في الآونةِ الأخيرة ، إنّهم لم ينادوا بحقِّكِ في توفيرِ البيئة الآمنة لصَوْنِكِ وحِمايتِكِ مِن تلك القُطعانِ الهائجة ، لأنّ تلك الاعتداءاتِ ليست مشكلِةً كبيرةً عِندَهُم ، ولكنّ المشكلة هي في منعِ المرأةِ مِن القيادة ، هذه هي المشكلة .. هذا هو الهَمُّ الأكبر !! ، إنّهم لم ينادوا بحقِّكِ في إيجادِ مُنتَزَهاتٍ خاصّةٍ للنِّساء فيها الألعاب والتّسالي للأطفال ، تستطيع المسلمةُ فيها أن تخلعَ حجابَها بلا خوْفٍ مِن نظَرِ الرِّجالِ ، وتُعْطَى بذلك الحُريّةَ الكاملةَ في التّنزُّه وتفريحِ أطفالِها ، إنّهم لم ينادوا بحقِّكِ في ذلك .. بل إنّهم يُعارِضون هذا النّوعَ مِن المُنتَزَهاتِ ، ويُؤكِّدون على أهمِيّةِ الإبقاءِ على المُنتَزَهَاتِ مُختَلَطَة !! ، إنّهم لم ينادوا بحقِّكِ في إيجادِ مكتبات عامّةٍ خاصّة بالنّساء والأطفال ،(5/498)
كي تصحَبَ الأمُّ أطفالَها الصّغارَ معها إلى تلك المكتبات ، فتستفيد ويستفيدون ، مع التّأكيد على المادةِ النّافعةِ في تلك المكتبات ، والحِرْص على تكثيفِ التّرغيب في زيارتِها من خلال الصّحُفِ ووسائلِ الإعلامِ الأخرى ، كي تكتسِبَ المرأةُ العِلْمَ النّافع ، والثقافةَ الإسلاميّةَ الرّفيعة ، وتتربّى على حُبِّ القراءةِ والاهتمامِ بالعلم ، وكذا يتربّى أطفالُها أيضاً ، لم ينادوا بحقِّكِ في ذلك ، لأنّ ذلك غيرُ مهمّ .. الذي يهُمّ عندَهُم هو السّماحُ للمرأةِ بالسّفَرِ لِوَحْدِها ، هذا هو شُغْلُهُم الشّاغل ، لتتمرّدَ على دينِها وأوامرِ نبيِّها ، إنّهم لم ينادوا بإيجاد حلّ جذري لموضوع العنوسة الذي يتزايد عاماً وراء عام ، والذي هو ناتجٌ عن أسبابٍ عديدة ، منها المغالاةُ في المهور ، وجشعُ كثيرٍ من الآباء ، إنّهم لم ينادوا بحقِّ المرأةِ في معامَلَةٍ حسنةٍ مِن زوجِها ، أو من أبيها ، معامَلةٍ خاليةٍ مِن الظُّلْمِ [كالاستيلاءِ على راتبِ الزّوجةِ ، أو الإبنة مثلاً] وغيرِ ذلك مِن أنواعِ الظُّلم ، لم ينادوا بِمَنْعِ ذلك الظُّلْمِ ، ولم ينادوا بِمَنْعِ الإهاناتِ المُتَنَوِّعةِ التي يتلقّاها كثيرٌ من النّساءِ من أزواجِهِنّ ، كما يجري ذلك في كثيرٍ كثيرٍ مِن البيوت ، إنّهم لم ينادوا بحقِّها في رَفْعِ ذلك الظُّلْم ، لأنّ هناك في نظَرِهِم ما هو أهمُّ مِن هذه الأمور ، سخّروا له أقلامَهُم ، واسْتَجْمَعوا له فلسفتَهُم .. ، ما هو يا تُرى ؟؟ ، إنّه إعادةُ النّظر في حُكْمِ غِطاءِ الوَجه للمرأة ، ودندنة طويلة .. ، وأُطروحات مُتَكَلَّفة .. ، ونقاشات متنوِّعة .. ، وجهود .. ، واستحضار لخِلافات فقهية .. ، ومُحصِّلةُ هذا كُلِّه ما هو ؟؟ ، ماذا يريدون في النِّهاية ؟؟ ، يريدون أن ترفَعَ المرأةُ الغطاءَ عن وجهِها ، ..يريدون سفورَ النّساءِ بوجوهِهِنّ في هذا البلدِ الكريم ، آخرِ مَعْقَلٍ للحجابِ الكامل !! ، هذا هو الهدفُ الذي يلهثون في سبيلِ الوصولِ إليه ، ويبذُلون في سبيلِ تحقيقِهِ هذه الجهودَ المُضنِية ، ولن تنشرَِحَ صدورُهُم حتى ترفعَ المرأةُ المسلمةُ الغطاءَ عن وجهِها ، ..حتّى المصالحُ العامّة ، والمهمّة ، التي تنفعُ المرأةَ ، لم يلتفِتوا إليها لشِدَّةِ تركيزِهم على هذا الموضوع ، إنّهم لم ينادوا بِجِدّيةِ بحقِّ المرأةِ العاملة ، وبالذّات المُعلِّمة ، في إيجادِ فُرَصِ عملٍ قريبةٍ مِن مدينتِها ، لا في مُدُنٍ أُخرى بعيدة ، حتّى لا تتغرّب وتتعرّضَ للضّرر ، إنّهم لم ينادوا بحقِّها في هذا المَطْلبِ المُلِحّ ، .. لا .. لأنّهم يصرُخُون هناك ، في وادٍ آخرَ بعيدٍ ، إنّهم مشغولون في طَرْحِ موضوعِ دخولِ المرأةِ عالمَ الرِّياضة ، ..هذا هو المهم!! ، هذا هو حقُّ المرأةِ الضّائعُ في نظَرِهِم !! ، إنّهم لم ينادوا بحقِّ المرأةِ العامِلةِ خارجَ بيتِها بإجازةِ أُمومةٍ مُناسِبةٍ ، براتِبٍ رمْزيّ ، أو بدونِ راتِب ، إجازة .. ليسَ لِمُدّةٍ شهرين أو أربعة ، وإنّما كما نصّ القرآنُ في قولِهِ تعالى : ( وفِصالُهُ في عامين ) على مُدّةِ العامين لِفصالِ الطِّفْلِ الرّضيع ، كي تتفرّغَ المُسلمةُ لأهمِّ عملٍ رفعَ الإسلامُ بهِ شأنَ المرأة ، وجعَلَ الجنّةَ لأجْلهِ عندَ قدَمَيْها ، لتربيةِ
طِفلِها والعنايةِ به حقَّ العناية ، لم يُناقِشوا هذا الموضوع ، لم يناقشوا حقّها في زمنِ تقاعدٍ مُبكِّرٍ يُناسِبُ طبيعتَها الأُنثويّة ، لحاجَتِها للالتفاتِ لأولادِها [بنين وبنات] ومتابعتِهِم على أقلِّ حال في سِنِّ المُراهقة ، لم يُطالِبوا بالتّفريقِ بينَها وبين الرّجلِ في المُدّة ، لم يطالبوا بذلك لأنّه موضوعٌ هامشيّ .. ، إنّهم مشغولون في طرْحِ الموضوعِ الأهم ، موضوع ضرورةِ البِطاقةِ للمرأة ، وكأنّه موضوع حياة أو موت ، إنّهم مشغولون في حثّ المرأة على العمل كمذيعة في التلفزيون ، تخرج بوجهِها على ملايين الرّجال ، ثم يمدحون الحالاتِ النّادرةَ مِن النّساءِ ، الحالاتِ التي بِحمدِ الله ،(5/499)