خواطر رمضانية
الفهرس
تقديم فضيلة الشيخ ابن جبرين
المقدمة
الخاطرة الأولى: فرضية الصيام
الخاطرة الثانية: الصوم يدفع إلى فعل الطاعات
الخاطرة الثالثة: الصوم ينهى عن فعل المحرمات
الخاطرة الرابعة: الصوم الصحيح
الخاطرة الخامسة: من فوائد الصيام
الخاطرة السادسة: القرآن في رمضان
الخاطرة السابعة: الذكر و الدعاء و الاستغفار في رمضان
الخاطرة الثامنة: الفرح بالعيد لتخلفهم من رمضان
الخاطرة التاسعة: يوم العيد
الخاطرة العاشرة: وداعاً يا شهر التوبة
تنبيهات على أخطاء أو نقائض تقع من بعض الصائمين
تقديم فضيلة الشيخ العلامة
عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين
الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده محمد و على آله و صحبه.
أما بعد:
فهذه كلمات تتعلق بالصيام و فوائده و آثاره على الصائمين، كنت ألقيتها كمحاضرة ارتجالية في بعض المساجد، و قد سجلها بعض الحاضرين ثم نسخت في هذه الأوراق، و قد صححنا ما فيها من الأخطاء التي أوقع فيها الارتجال، و أدخلنا عليها بعض التعديلات مع تخريج الأحاديث المرفوعة، و ترقيم الآيات القرآنية و رغب بعض الإخوان في طبعها رجاء النفع بها.
نسأل الله تعالى أن يوفق عموم المسلمين لتطبيق الشريعة الإسلامية، و الحرص على تكميلها و تحصيل المصالح و تقليل المفاسد، و الله أعلم، و صلى الله على محمد و آله و صحبه و سلم.
عبدالله بن عبدالرحمن بن عبدالله الجبرين
المقدمة
إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا.
من يهد الله فلا مضل له، و من يضلل فلا هادي له، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، و أشهد أن محمداً عبده و رسوله.
((يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته و لا تموتن إلا و أنتم مسلمون))(آل عمران:102).(1/1)
((يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله الذي خلقكم من نفس واحدة و خلق منها زوجها و بث منهما رجال كثيراً و نساء و اتقوا الله الذي تساءلون به و الأرحام إن الله كان عليكم رقيبا))(النساء:1).
((يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله و قولوا قولاً سديداً * يصلح لكم أعمالكم و يغفر لكم ذنوبكم و من يطع الله و رسوله فقد فاز فوزاً عظيماً))(الأحزاب:70-71).
أما بعد:
(أصل هذه الرسالة محاضرة لفضيلة الشيخ/عبدالله بن جبرين، قمت بنسخها في أوراق، ثم قمت بتهذيبها و تصحيحها، و عزو الآيات، و تخريج الأحاديث قدر الإمكان، ثم عرضتها على فضيلة الشيخ فقام بتصحيحها، و التقديم لها و أذن بطبعها و نشرها، نسأل الله أن ينفع بها و أن يكتبها في موازين أعمال كل من ساهم في إخراجها إنه سميع مجيب "أبو أنس").
لا شك أن الصوم لم يكن من خصائص هذه الأمة بل كان شرعاً قديماً، كلف به العباد و الأمم من قبلنا، يقول تعالى: ((يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم.. الآية))(البقرة:183).
و قد فرض الصوم على هذه الأمة في السنة الثانية من الهجرة، فصام النبي صلى الله عليه و سلم تسع رمضانات بالإجماع. و ما شرع الله هذا الصوم -و غيره من العبادات- عبثاً، و إنما شرعه لِحِكَمٍ عظيمة، و فوائد جليلة تعود على الفرد و المجتمع و الأمة بأسرها.
و هذه خواطر رمضانية حول حقيقة الصوم و أحكامه أردنا أن نبينها حتى يتم النفع للمسلم من صيامه و عبادته و الله الموفق.
الخاطرة الأولى:
فرضية الصيام
يقول تعالى: ((يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم..الآية))(البقرة:183). فأخبر أن الصيام عبادة قديمة كتبت على الأمم قبلنا، و في ذلك بيان أنه شرع قديم.
و قد ذكر أن موسى عليه السلام لما واعده ربه بلقائه، صام ثلاثين يوماً، ثم زاده الله عشراً في قوله تعالى: ((و واعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر))(الأعراف:142).(1/2)
و كذلك فإن لأهل الكتاب صياماً، و لكنهم يزيدون فيه و ينقصون.
و من شهد شهر رمضان و هو عاقل مكلف فإنه مأمور بصيامه، يقول تعالى: ((شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس و بيِّنات من الهدى و الفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصُمْه و من كان مريضاً أو على سفر فعدةٌ من أيام أخّر يريد الله بكم اليسر و لا يريد بكم العسر ... ))(البقرة:185).
فعذر الله أهل المرض، و أهل السفر أن يفطروا لأجل اليسر، و رفع الحرج، و هذا من خصائص شريعتنا و فضائل ديننا.
و لا شك أن الله تعالى حكيم في أمره و في تشريعه، فما شرع الصوم و غيره من العبادات إلا لحكم عظيمة تعجز العقول عن إدراكها.
فالصوم فيه تأديب للنفوس و حرمان لها عن تلبية شهواتها. و لهذا فإن الصائم ينفطم و يترك الطعام و الشراب و شهوة النكاح طوال النهار، مدة قد تصل إلى خمس عشرة ساعة أو أكثر أو أقل.
و لا شك أنه في هذه الحالة غالباً ما يحسّ بفقد هذه الشهوات، و قد يتألم، و لكن لما كان تألمه عبادة لله و طاعة فإنه يهون على النفوس الطيبة، و يكون سهلاً على النفوس التقية النقية، ذلك أنه جوع و ظمأ في مرضاة الله، جوع سببه الامتثال لأمر الله تعالى.
و لأجل ذلك ورد في الحديث المشهور أن الله تعالى خصَّ الصوم لنفسه، ففي الحديث القدسي يقول الله تعالى: "كلُّ عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي و أنا أجزي به"(أخرجه البخاري برقم 1904 في الصوم، باب: "هل يقول: إني صائم إذا شُتم؟"). و في رواية: "كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف قال الله عز و جل: إلا الصيام ... الحديث"(أخرجه مسلم برقم 1151-164 في الصيام، باب: "فضل الصيام").(1/3)
يقول العلماء: إن كل عمل ابن آدم له أي يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة، إلا الصوم فإنه لا ينحصر في هذه المضاعفة، بل يضاعفه الله أضعافاً كثيرة، فلا يدخل تحت الحصر، و ذلك لكونه طاعة خفية بين العبد و بين ربه، و لأن فيه صبراً عن شهوات النفس، و مجاهدة لها و إرغاماً لها على طاعة الله. و لهذا سمي هذا الشهر: "شهر الصبر"(كما في حديث سلمان الطويل الذي أخرجه ابن خزيمة في صحيحه برقم (1887). و انظر الدر المنثور (1/184). و إسناده ضعيف لضعف علي بن زيد، قال أحمد بن حنبل: ليس بالقوي، و قال ابن معين: ضعيف)، و الصبر ثوابه الجنة، قال الله تعالى: ((إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب))(سورة الزمر:10). فيضاعف أجرهم إلى غير عدد، إلى أضعاف لا يعلمها إلا الله.
و الصبر ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
1- صبر على طاعة الله.
2- صبر عن معاصي الله.
3- صبر على أقدار الله.
و كلها تجتمع في الصوم.
أما الصبر على طاعة الله: فالصائم يصبر عن تناول الشهوات، و هذا صبر على أوامر الله، صبر على طاعة الله.
أما الصبر عن معاصي الله: فإن المسلم إذا علم أنه إذا اقترف المعصية، فإن هذا سيجلب عليه سخط الله فإنه يتجنبها.
أما الصبر على أقدار الله: فإن المسلم يصبر على ما يصيبه، و ما يؤلمه من جوع و عطش، و كل ذلك دليل على أنه من الصابرين: و ((إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب))[الزمر:10].
و لا شك أن هذا إنما يكون في الصوم الحقيقي، في الصوم المفيد، في الصوم الشرعي المبني على كتاب الله تعالى و سنة رسوله صلى الله عليه و سلم، لأن الصوم إنما يكون صوماً إذا ظهرت آثاره على الصائمين، و ذلك لأن صاحب هذا الصوم هو الذي يتأثر و ينتفع بصيامه.(1/4)
و كذلك فإن صاحب هذا الصوم الشرعي الحقيقي هو الذي ينتفع بشفاعة الصيام له يوم القيامة، فعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: "الصيام و القرآن يشفعان للعبد يوم القيامة؛ يقول الصيام: أيّ ربِّ منعتُه الطعام و الشهوة، فشفعني فيه، و يقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه، قال: فيُشَفَّعَان"(أخرجه أحمد في المسند (2/174) و رواه الحاكم في المستدرك (1/554). و الهيثمي في مجمع الزوائد: (3/181). قال أحمد شاكر (6627) إسناده صحيح).
الخاطرة الثانية:
الصوم يدفع إلى فعل الطاعات
يظل الصائم متلبساً بعبادة من أفضل العبادات، متلبساً بعمل من حين يطلع الفجر إلى أن تغرب الشمس، و لا بد أن تبدو عليه حينئذ آثار هذه العبادة، لهذا قال النبي صلى الله عليه و سلم "ثلاثة لا ترد دعوتهم.. و ذكر منهم: الصائم حين يفطر"(أخرجه الترمذي برقم 2526 و قال: هذا حديث إسناده ليس بالقوي. و ابن ماجة برقم 1752 من حديث أبي هريرة رضي الله عنه).
فالصائم من حين يبدأ صومه إلى أن يفطر و هو مستجاب الدعوة إذا كان صحيح الصوم.
و عبادة الصوم تجر إلى سائر العبادات، لأنك إذا عرفت أنك في عبادة حملك ذلك على أن تأتي بعبادة ثانية، و ثالثة، و رابعة، و هلم جراً، فتستكثر من العبادات، و تقول: لماذا لا أرغب في العبادات؟ كيف أقتصر على عبادة واحدة، و العبادات كلها مرغوبة و محببة؟
* فتجد الصائم -صحيح الصيام- يحافظ على الصلوات في الجماعة، لأنه يعرف أن الذي كلفه بالصوم كلّفه بالصلوات، و أمره بها، فأكد على هذه كما أكد على تلك، فتجده محافظاً عليها، و تجده في حال صلاته خاشعاً فيها غاية الخشوع، قائماً بجميع أركانها و شرائطها و مكملاتها و متمماتها و سُننها، لأنه يحاسب نفسه و يقول: كيف أكمل عبادة و أنقص عبادة؟هذا لا يليق بي. لا بد أن أحسن في كل عبادة أقوم بها، فتجده محافظاً على صلاته غاية المحافظة.(1/5)
* و هكذا يدفعه الصوم إلى نوافل العبادات، لأنه عرف أن ربه يحب منه أن يدخل في العبادات كلها، فرضها و نفلها، فإذا حافظ على الفرائض حمله ذلك على الإتيان بالنوافل؛ فتجده يتسابق إلى المساجد، و تجده يصلي الرواتب قبل الصلوات و بعدها، و تجده يذكر الله، فيأتي بالأوراد التي قبل الصلاة و بعدها، و يسبح، و يستغفر، و يهلل، و تجده يتلو كتاب ربه و يتدبره؛ لا سيما في هذا الشهر -شهر رمضان- فإنه يعرف أنه موسم من مواسم قراءة القرآن و تدبره، و تجده مع تدبره يحرص على تطبيقه و العمل به، لأنه يعرف أن هذا القرآن ما أنزل إلا ليطبق و يكون منهاجاً للحياة و دستوراً للبشرية كلها. و هكذا فإن الصيام يحمل صاحبه على أن يستكثر من العبادات، للفوز بجزيل الثواب و النجاة من أليم العقاب.
* و هكذا أيضاً يحرص الصائم على عبادات مؤقتة في مثل هذا الشهر؛ فمثلاً من سنن هذا الشهر صلاة الليل التي هي التهجد و التراويح، و هي مأمور بها و يستحب للمسلمين فعلها في المساجد جماعة. و كما جعل الله سبحانه و تعالى النهار محلاً للصيام، فإنه جعل الليل محلاً للقيام و الاستكثار من الصلوات.
* كما يدفعه صيامه أيضاً إلى النفع العام للمسلمين في هذا الشهر و في غيره، فينفع نفسه و ينفع سائر المسلمين؛ سواء كان في الأمور الدنيوية أو في الأمور الدينية:
فمن المنافع الدنيوية: الصدقات التي أمر الله تعالى بها، و أمر بها رسوله صلى الله عليه و سلم. قال بعض السلف: "إذا دخل رمضان فانبسطوا فيه بالنفقة، فإن النفقة فيه مضاعفة كالنفقة في سبيل الله". فالإنسان مأمور بأن يكثر الصدقات في هذا الشهر و قد كان النبي صلى الله عليه و سلم أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن، فرسول الله صلى الله عليه و سلم أجود بالخير من الريح المرسلة (أخرجه البخاري برقم 6 في بدء الوحي، باب:5).(1/6)
ذلك أنه شهر يتفرغ فيه العباد لطاعة الله و يبتعدون عن طرق الغواية و المعصية، و يستحب فيه مواساة الفقراء، و قد ثبت في الحديث أن من فطر صائماً كان له مثل أجره(أخرجه الترمذي برقم 807 في الصوم. باب "ما جاء فيمن فطر صائماً").
و من المنافع الدينية: فإنك كما ينبغي عليك أن تنفع نفسك، فإن عليك أن تنفع المسلمين، فإذا استقمت على طاعة الله، فإنك تحرص على أن تقيم غيرك على هذه الطاعة، و ذلك بأن تأمر إخوانك و أقاربك و جيرانك بأن يعملوا كما تعمل، و ترشدهم إلى ما أنت عليه، و تحثهم على العبادات التي أتيت بها، فتحثهم على قراءة القرآن، و على المحافظة على الصلوات، و تذكّرهم بذلك، و تقول لهم إن الذي يحب منكم الصيام يحب منكم الصلوات، و الذي أمركم بهذا الصوم أمركم بذكره، و فرض عليكم هذه الصلوات، و هذه الزكوات، و ربّ رمضان هو ربّ شوال و محرم و سائر الشهور، فلعلهم ينتفعون بذلك و يكون في ذلك فائدة عظيمة لك و لهم، و تسلم من الإثم إذا لم ترشدهم و إذا استقاموا على يديك كان لك من الأجر مثل أجورهم و ذلك خير لك من الدنيا و ما فيها(لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: "من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً، و من دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً" أخرجه مسلم برقم 2674).
كذلك أيضاً فمن النفع المتعدي التعليم و التفقيه، و ذلك أنك متى علمت حكماً أو مسألة، و عرفت أن فلاناً أو فلاناً يجهلها، فإن من واجبك أن تعلمه و ترشده سواء أكانت حُ:مية أو وعظية أو إرشادية، أو غير ذلك.
الخاطرة الثالثة:
الصوم ينهي عن فعل المحرمات(1/7)
فإن الله تعالى قد نهى الصائم عن الأكل و الشرب و الوقاع في نهار رمضان، و جعل ذلك مفسداً للصوم، فيتأكد على المسلم أيضاً أن يترك المحرمات في نهار صومه و في ليالي شهره، و يجب عليه أن يتأثر بعد الشهر بما أفاده هذا الصوم، و ذلك لأن الله الذي حرّم عليك في نهار رمضان أن تأكل و أن تشرب؛ مع كون الأكل و الشرب من الشهوات النفسية التي تتناولها النفس بطبعها و التي تعيش عليها و تموت بفقدها، فإن الله تعالى حرم عليك محرمات أخرى هي أشد إثماً و أشد ضرراً و ليست بضرورية كضرورة الطعام و الشراب، و قد ورد في ذلك كثير من الآثار نذكر بعضها:
1- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: "إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث، و لا يصخب و لا يفسق، فإن سابه أحد أو شاتمه فليقل إني امرؤٌ صائم"(أخرجه البخاري 1904 في الصوم. باب: "هل يقول إني صائم إذا شتم؟" و مسلم برقم 1151 في الصيام، باب: "فضل الصيام").
و الصخب هو: رفع الصوت بالكلام السيئ. و الرفث: هو الكلام في العورات، و الكلام فيما يتعلق بالنساء و نحو ذلك. أما الفسوق: فهو الكلام السيئ الذي فيه عصيان و فيه استهزاء و سخرية بشيء من الدين أو من الشريعة، و نحو ذلك.
فالصوم ينهي صاحبه عن هذه الأشياء. و كأنه يقول إن صيامي ينهاني عن هذا الصخب -فإن الصوم ينهى عن المأثم، ينهى عن الحرام- فيقولك كيف أترك الطعام و الشراب -الذي هو حلال- و آتي بما هو محرم في كل الأوقات؟
2- و عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: "من لم يدع قول الزور و العمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه و شرابه"(أخرجه البخاري برقم 1903 في الصوم، باب: "من لم يدع قول الزور").(1/8)
فالله تعالى ما كلفك أن تترك الطعام و الشراب إلا لتستفيد من هذا الترك، فتترك الرفث، و تترك الفسوق، و تترك قول الزور، و تترك المعاصي المتعلقة بالنساء و بالجوارح، فإن لم تفعل ذلك و لم تستفد من صيامك فالله تعالى يرده عليك و لا يجزيك على عملك.
3- و عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: "رب صائم حظه من صيامه الجوع و العطش، و رب قائم حظه من قيامه السهر"(أخرجه ابن ماجة برقم 1690، و أحمد في المسند 2/373، 441).
4- و عن عبيد مولى رسول الله صلى الله عليه و سلم: "أن امرأتين صامتا فكادتا أن تموتا من العطش، فذكرتا للنبي صلى الله عليه و سلم، فأعرض عنهما، ثم ذُكرتا له، فأعرض عنهما، ثم دعاهما فأمرهما أن يتقيئا فتقيّئتا ملء قدح من قيح و دم و لحم عبيطفقال النبي صلى الله عليه و سلم: "إن هاتين صامتا عما أحل الله. و أفطرتا على ما حرم الله عز و جل عليهما جلست إحداهما إلى الأخرى فجعلتا يأكلان لحوم الناس"(أخرجه أحمد في المسند 5/431).
فانظر إلى قوله: "صامتا عما أحل الله، و أفطرتا على ما حرم الله". فجعل هذا فطراً، كون الإنسان يأكل أعراض الناس، و كونه يتكلم في فلان و فلان بغير حق، فهذا لم يستفد من صومه، صام عن الحلال، و أفطر على الحرام -و العياذ بالله- فلم ينتفع بصومه.
و لا شك أن الصوم الذي هذه آثاره لا ينتفع به صاحبه و لا يفيده؛ فإن الصوم الصحيح يجادل عن صاحبه و يشهد له يوم القيامة و يشفع له عند الله(حديث: أن الصيام و القرآن يشفعان للعبد يوم القيامة.. سبق تخريجه).، فإن لم يحفظه لم يستفد منه و لم يؤجر عليه.
يقول بعضهم:
إذا لم يكن في السمع مني تصاون و في بصري عضٌّ في منطقي صمتُ
فحظي إذاً من صومي الجوع و الظمأ و إن قلتُ: إني صمتُ يومي فما صمتُ(1/9)
فلا بد أن يكون على الصائم آثار الصيام، كما روي عن جابر رضي الله عنه أنه قال: "إذا صمت فليصم سمعك و بصرك و لسانك عن الغيبة و النميمة، و دع أذى الجار، و ليكن عليك سكينة و وقار، و لا تجعل يوم صومك و يوم فطرك سواء".
و بالجملة فالصوم الصحيح يدعو صاحبه إلى ترك المحرمات، فإن المعصية إذا سولت للإنسان نفسه أن يقترفها رجع إلى نفسه، و فكّر و قدر و نظر و اعتبر، و قال مخاطباً نفسه: كيف أقدم على معصية الله و أنا في قبضته و تحت سلطانه، و خيره عليَّ نازل، و أنا أتقرب إليه بهذه العبادة؟
و من الذين لم يستفيدوا من صيامهم: أولئك الذين يسهرون على تعاطي الدخان المحرم الذي هو ضار بكل حالاته و وجوهه، فلا شك أنهم لم يستفيدوا من صيامهم ذلك أن الصوم تبقى آثاره، و هؤلاء لا أثر للصيام عليهم.
فالصائم الذي امتنع عن شرب الدخان طوال نهاره، و كذلك عن شرب الخمر المحرمة -و العياذ بالله- و لكنه تناول ذلك في ليله، فهذا الفعل دليل على أنه لم يستفد من صومه، و إنما صومه عليه وبال.
الخاطرة الرابعة:
الصوم الصحيح
كثير من عامة الناس يحافظون على العبادات في أيام رمضان، و كأنهم يستنكرون أن يتركوا العبادتين: الصوم و الصلاة، أو يفعلوا عبادة دون عبادة.
فتراهم يستنكرون أن يتركوا الصوم و الصلاة، و يستنكرون أن يؤدوا الصوم دون الصلاة، أو يفعلوا شيئاً من المحرمات.
تجدهم في رمضان يتوبون و لكن توبة مؤقتة، فهم في أنفسهم عازمون على العودة إلى المعاصي. ففي رمضان يحافظون على الصلاة، و يتوبون عن الخمر أو عن الدخان مثلاً، أو عن الاستماع إلى الأغاني و الملهيات و نحو ذلك، أو عن بعض الشعارات الباطلة أو عن الصور الخليعة، أو ما أشبه ذلك، و لكن يحدثون أنفسهم أنهم بعد شهر رمضان سيعودون إلى ما كانوا عليه و لهذا يتمنون انقضاء هذه الأيام و إذا أقبل رمضان حثوا أنفسهم، و تناولوا ما قدروا عليه من الخمر و من غيرها حتى قال بعضهم:(1/10)
دعاني شهر الصوم لا كان من شهر و لا صمت شهراً بعده آخر الدهر
و العياذ بالله ... فهؤلاء ربما يفرقون بين رمضان و ما بعد رمضان؛ فيستكثرون من تناول الحرام و فعله قبل أن يأتي شهر رمضان؛ لأنهم سيتركونه مدة هذا الشهر فقط، ثم يعودون إليه، حتى قال بعضهم:
إذا العشرون من شعبان ولّت فبادر بالشراب إلى النهارِ
و لا تشرب بأقداحٍ صغارٍ فإن الوقتَ ضاق على الصغارِ
فمثل هؤلاء لم يتأثروا بصومهم، فالإنسان يستعيذ بالله أن يكون من هؤلاء الذين ما نفعهم صومهم و لا زجرهم عن المحرمات، و إذا فعلوا شيئاً من العبادات فعلوها بنية الترك و إذا تركوا شيئاً من المعاصي تركوها بنية الفعل بعد أن ينفصل الشهر، كما قال شاعرهم و أميرهم:
رمضان ولّى هاتها يا ساقي مشتاقة تسعى إلى مشتاقِ
فهو ينادي ساقي الخمر بأن يأتي إليه بالشراب مسرعاً؛ لأن رمضان قد انقضى و ولَّى و كأن الخمر حرام في رمضان حلال في غيره.
فالصوم الصحيح هو الذي يحفظ فيه الصائم صيامه؛ فيحفظ البطن و ما حوى، و الرأس و ما وعى، و يذكر الموت و البلى، و يستعد للآخرة بترك زينة الحياة الدنيا، و يترك الشهوات التي أساسها شهوة البطن و الفرج، و يذكر بعد ذلك ما نهاه الله عنه من الشهوات المحرمة في كل وقت. و يذكر أيضاً أن الصوم هو في ترك هذه الشهوات، فما شرع الله الصوم إلا لتقويم النفوس و تأديبها.
الخاطرة الخامسة:
من فوائد الصيام
ذكر الأطباء و العلماء قديماً و حديثاً أن الصوم يهذب النفوس، و أنه يزكيها و يقويها و أنه يكسب الأجسام ملاحة و صحة و قوة، حتى قال بعضهم: (سافروا تغنموا، و صوموا تصحوا)("صوموا تصحوا". يروى هذا اللفظ ضمن حديث رواه ابن عدي في الكامل: 7/2521 من طريق نهشل بن سعد عن الضحاك عن ابن عباس. و نهشل متروك كان يكذب، و الضحاك لم يسمع من ابن عباس).
فمعنى ذلك أن الصوم حماية للنفس، من الأخلاق المؤذية الضارة التي قد تفسد النفس و توقعها فيما يضرها.(1/11)
كما أن فيه أيضاً تمرين النفس على الصبر و التحمل و المجاهدة، و أنت تحس بذلك إذا ما فاجأك أمر يحتاج منك إلى شيء من ذلك.
* فالإنسان الذي تعوَّد على الجوع، و صبر عليه مدة طويلة و صبر على الظمأ، إذا جاءه أمر مفاجئ، بأن وقع مثلاً في جوع شديد أو إذا ظمئ و لا يوجد ماء و هو في سفر، أو انقطع عنه الشراب كما يكون في الأسفار أحياناً، فإذا كان قد مرّن نفسه على هذا العمل، لم يحس بذلك و لم يتأثر به، بخلاف من عوّد نفسه على تناول الشهوات في كل الأوقات، فإنه إذا افتقدها في وقت من الأوقات حصل عليه تأثر كبير، و أصيب بالأمراض و ربما أتى إليه الهلاك بسرعة؛ و ذلك لأنه لم يتعود هذا الأمر و لم يمرن نفسه عليه.
* كما أن للصيام أيضاً فائدة أخرى و هي: أن الصائم إذا أحس بالجوع تذكر أهل الجوع الدائم؛ تذكر الفقراء، و المساكين، و المستضعفين، الذين يمسهم الجوع في أغلب الأوقات في أكثر البلاد الإسلامية تذكر أن له إخوة يجمعهم و إياه دين واحد، دين الإسلام، يدينون بما يدين به و يعتقدون ما يعتقده، و أنهم في جهد و في جوع، و في ضنك من المعيشة، فيحملك هذا الذي أحسست به من هذا النوع على أن ترحمهم و تعطف عليهم و تواسيهم و تعطيهم مما آتاك الله، و تمدهم بما يخفف عنهم آلامهم التي يقاسونها. فإذا قاسيت هذه الآلام في وقت من الأوقات تذكرت من يقاسيها في جميع الأوقات.
فهذه من الحكم العظيمة في الصيام أن يتذكر الغني الفقراء، و أن يرحمهم و يعطف عليهم بما أعطاه الله تعالى.
الخاطرة السادسة:
القرآن في رمضان
معلوم أن رمضان شهر له خصوصية بالقرآن. قال الله تعالى: ((شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس و بينات من الهدى و الفرقان))(البقرة:185).
فقد أنزل الله القرآن في هذا الشهر، و في ليلة منه هي ليلة القدر، لذا كان لهذا الشهر مزية بهذا القرآن.(1/12)
و كان النبي صلى الله عليه و سلم يعرض القرآن في رمضان على جبريل عليه السلام، فكان يدارسه القرآن.
فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "كان رسول الله صلى الله عليه و سلم أجود الناس و كان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن"(سبق تخريجه).
فكونه يخص ليالي رمضان بمدارسته، دليل على أهمية قراءة القرآن في رمضان.
و معلوم أن الكثير من الناس يغفلون عن قراءة القرآن في غير رمضان، فنجدهم طوال السنة لا يكاد أحدهم يختم القرآن إلا ختمة واحدة، أو ختمتين، أو ربما نصف ختمة في أحد عشر شهراً. فإذا جاء رمضان أقبل عليه و أتم تلاوته.
و نحن نقول: إنه على أجر، و له خير كبير، و لكن ينبغي ألا يهجر القرآن طوال وقته؛ لأن الله تعالى ذمّ الذين يهجرونه، قال تعالى: ((و قال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً))(الفرقان).
* و من هجران القرآن ألا يكون الإنسان مهتماً به طوال العام إلا قليلاً.
* و من هجرانه كذلك أنه إذا قرأه لم يتدبره، و لم يتعقله.
* و من هجرانه أن القارئ يقرأه لكنه لا يطبقه، و لا يعمل بتعاليمه.
و أما الذين يقرؤون القرآن طوال عامهم، فهم أهل القرآن، الذين هم أهل الله و خاصته.
و يجب على المسلم أن يكون مهتماً بالقرآن، و يكون من الذين يتلونه حق تلاوته، و من الذين يحللون حلاله و يحرمون حرامه، و يعملون بمحكمه، و يؤمنون بمتشابهه و يقفون عند عجائبه، و يعتبرون بأمثاله، و يعتبرون بقصصه و ما فيه، و يطبقون تعاليمه؛ لأن القرآن أنزل لأجل أن يعمل به و يطبق، و إن كانت تلاوته تعتبر عملاً و فيها أجر.
و فضائل التلاوة كثيرة و مشهورة، و لو لم يكن منها إلا قول النبي صلى الله عليه و سلم: "من قرأ حرفاً من القرآن فله حسنة، و الحسنة بعشر أمثالها، لا أقول آلم حرف، و لكن ألف حرف، و لام حرف، و ميم حرف"(أخرجه الترمذي برقم 2910من حديث عبدالله بن مسعود مرفوعاً). فجعل في قراءة آلم ثلاثين حسنة.(1/13)
و فضائل التلاوة كثيرة لا تخفى على مسلم، و في ليالي رمضان و أيامه تشتد الهمة له. كان بعض القراء الذين أدركناهم يقرؤون في كل ليلة ثلاثة أجزاء من القرآن على وجه الاجتماع؛ يجتمعون في بيت، أو مسجد، أو أي مكان، فيقرؤون في كل عشرة أيام مرة. و بعضهم يقرأ القرآن و يختمه وحده.
و قد أدركت من يختم القرآن كل يوم مرة أو يختم كل يومين مرة فقد يسره الله و سهله عليهم، و أشربت به قلوبهم، و صدق الله القائل: ((و لقد يسَّرنا القرآن للذكر فهل من مُدَّكر))(سورة القمر:17). و قال: ((فإنما يسَّرناه بلسانك لعلهم يتذكرون))(الدخان:58).
فمن أحب أن يكون من أهل الذكر فعليه أن يكون من الذين يتلون كتاب الله حق تلاوته، و يقرأه في المسجد، و يقرأه في بيته، و يقرأه في مقر عمله، لا يغفل عن القرآن، و لا يخص شهر رمضان بذلك فقط.
فإذا قرأت القرآن فاجتهد فيه؛ كأن تختمه مثلاً كل خمسة أيام، أو في كل ثلاثة أيام، و الأفضل للإنسان أن يجعل له حزباً يومياً يقرأه بعد العشاء أو بعد الفجر أو بعد العصر، و هكذا. لابد أن تبقى معك آثار هذا القرآن بقية السنة و يحبب إليك كلام الله، فتجد له لذة، و حلاوة، و طلاوة، و هنا لن تمل من استماعه، كما لن تمل من تلاوته.
هذه سمات و صفات المؤمن الذي يجب أن يكون من أهل القرآن الذين هم أهل الله تعالى و خاصته.
أما قراءة القرآن في الصلاة، فقد ذكرنا أن السلف كانوا يقرؤون في الليل فرادى و مجتمعين قراءة كثيرة. فقد ذكروا أن الإمام الشافعي -رحمه الله- كان يختم في الليل ختمة، و في النهار ختمة، في غير الصلاة؛ لأنه يقرأ في الصلاة زيادة على ذلك.(1/14)
و قد يستكثر بعض الناس ذلك و يستبعدونه، و أقول: إن هذا ليس ببعيد، فقد أدركت أناساً يقرؤون من أول النهار إلى أذان صلاة الجمعة أربعين جزءاً في مجلس واحد. يقرأ، ثم يعود فيقرأ، يختم القرآن ثم يعود فيختم ثلث القرآن، فليس من المستبعد أن يختم الشافعي في النهار ختمة، و في الليل ختمة.
و لا يستغرب ذلك أيضاً على الذين سهل القرآن في قلوبهم، و على ألسنتهم، فلا يستبعده إلا من لم يعرف قدر القرآن، أو لم يذق حلاوته في قلبه.
و على الإنسان إذا قرأ القرآن أن يتدبَّره، و الكفار كذلك مأمورون بذلك حتى يعترفوا أنه من عند الله، و أنه لو كان من عند غير الله لاختلفت أحكامه، و لاضطربت أوامره و نواهيه، فلما كان محكماً متقناً، لم يقع فيه أي مخالفة، و لا أي اضطرابات كان ذلك آية عظيمة، و معجزة باهرة.
فهذا هو القصد من هذه الآية، و لكن لا ينافي ذلك بأننا مأمورون أن نتدبر كل ما قرأنا كما أمرنا.
الخاطرة السابعة
الذكر و الدعاء و الاستغفار في رمضان
يجب على المسلم أن يتعلم، و أن يعمل بما تيسر له من الأذكار و الأدعية، فالأذكار يضاعف أجرها في هذا الشهر، و يكون الأمل في قبولها أقرب، و يجب على المسلم أن يستصحبها في بقية السنة، ليكون من الذاكرين الله تعالى، و ممن يدعون الله تعالى و يرجون ثوابه و رضوانه و رحمته.(1/15)
و ذكر الله بعد الصلوات مشروع، و كذلك عند النوم، و عند الصباح و المساء، و كذلك في سائر الأوقات. و أفضل الذكر التهليل و التسبيح، و التحميد، و الاستغفار، و الحوقلة، و ما أشبه ذلك، و يندب مع ذلك أن يُؤتي بها و قد فَهِمَ معناها حتى يكون لها تأثير، فيتعلم المسلم معاني هذه الكلمات التي هي من الباقيات الصالحات، و قد ورد في الحديث تفسير قول الله تعالى: ((و الباقيات الصالحات))(الكهف:46). أنها: سبحان الله، و الحمد لله، و لا إله إلا الله، و الله أكبر، و لا حول و لا قوة إلا بالله(أخرجه مالك في الموطأ ص:210. في كتاب القرآن، باب"7": "ما جاء في ذكر الله تبارك و تعالى".).
و ورد في حديث آخر: "أفضل الكلام بعد القرآن أربع، و هن من القرآن: سبحان الله، و الحمد لله، و لا إله إلا الله، و الله أكبر"(أخرجه مسلم برقم2137 في الآداب، باب: "كراهة التسمية بالأسماء القبيحة.."). أي أفضل الكلام الذي يؤتى به ذكراً.
فلتتعلم -أخي المسلم- معنى التهليل، و معنى الاستغفار، و معنى الحوقلة، و معنى التسبيح، و التكبير، و الحمد لله، و ما أشبه ذلك، تعلم معناها حتى إذا أتيت بها، أتيت بها و أنت موقن بمضمونها، طالب لمستفادها.
و شهر رمضان موسم من مواسم الأعمال، و لا شك أن المواسم مظنة إجابة الدعاء، فإذا دعوت الله تعالى بالمغفرة، و بالرحمة، و بسؤال الجنة، و النجاة من النار، و بالعصمة من الخطأ، و بتكفير الذنوب، و برفع الدرجات، و ما أشبه ذلك و دعوت دعاءً عاماً بنصر الإسلام،و تمكين المسلمين، و إذلال الشرك و المشركين، و ما أشبه ذلك، رُجي بذلك أن تستجاب هذه الدعوة من مسلم مخلص، ناصح في قوله و عمله.
و قد أمر النبي صلى الله عليه و سلم بالدعاء و بسؤال الجنة، و بالنجاة من النار؛ و ذلك لأنها هي المآل.
أما الاستغفار فيقول الله تعالى: ((كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون * و بالأسحار هم يستغفرون))(الذاريات:17-18).(1/16)
و قد تتعجب: من أي شيء يستغفرون؟
أيستغفرون من قيام الليل؟ هل قيام الليل ذنب؟
أيستغفرون من صلاة التهجد؟ هل التهجد ذنب؟
نقول: إنهم عمروا لياليهم بالصلاة، و شعروا بأنهم مقصِّرون فختموها بالاستغفار، كأنهم يقضون ليلهم كله في ذنوب. فهذا حال الخائفين؛ إنهم يستغفرون الله لتقصيرهم. و يقول بعضهم:
أستغفر الله من صيامي طول زماني و من صلاتي
صوم يرى كله خروق و صلاة أيما صلاة
فيستغفر أحدهم من الأعمال الصالحة، حيث إنها لابد فيها من خلل، و لذلك يندب ختم الأعمال كلها بالاستغفار، بل بالأخص في مثل هذه الليالي.
و قد جاء قول النبي صلى الله عليه و سلم في حديث سلمان: "فأكثروا فيه من أربع خصال، خصلتين ترضون بهما ربكم، و خصلتين لا غنى لكم عنهما، أما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم: فلا إله إلا الله، و الاستغفار. و أما الخصلتان اللتان لا غنى لكم عنهما: فتسألون الله الجنة، و تستعيذون من النار"(سبق تخريجه). رواه ابن خزيمة كما سبق.
فهذا و نحوه دليل على أنك متى وفقت لعمل فغاية أمنيتك العفو، و تختم عملك بالاستغفار. إذا قمت الليل كاملاً، فاستغفر بالأسحار، كما مدح الله المؤمنين بقوله: ((و بالأسحار هم يستغفرون))(الذاريات:18). فإذا وُفِّقت لقيام مثل هذه الليالي، فاطلب العفو، أي اطلب من ربك أن يعفو عنك، فإنه تعالى عفوّ يحب العفو.
و العفُوُّ من أسماء الله تعالى، و من صفاته و هو الصفح و التجاوز عن الخطايا و عن المخطئين.
الخاطرة الثامنة:
الفرح بالعيد لتخلصهم من رمضان
يعتقد كثير نم الناس أن شرعية العيد بعد رمضان عبارة عن الفرح بخروجه و التخلص منه، لأنه يحول بينهم و بين ملذاتهم و مشتهياتهم، و يفطمهم عن عاداتهم النفسية التي مرنت عليها نفوسهم، و اعتادتها أهواؤهم طوال العام، فهم يعتبرونه شهر جبس و حيلولة بينهم و بين ما يشتهون، و قد يستشهد بعضهم بقوله تعالى: ((و حيل بينهم و بين ما يشتهون))(سبأ:54).(1/17)
قال ابن رجب في لطائف المعارف في الكلام على النهي عن صوم آخر شعبان قال: و لربما ظن بعض الجهال أن الفطر قبل رمضان يراد به اغتنام الأكل لتأخذ النفوس حظها من الشهوات قبل أن تمنع من ذلك بالصيام، و لهذا يقولون هي أيام توديع للأكل، و تسمى تنحيساً و اشتقاقه من الأيام النحسات.. و ذكر أن أصل ذلك من النصارى، فإنهم يفعلونه عند قرب صيامهم، و هذا كله خطأ و جهل ممن ظنه، و لربما لم يقتصر كثير منهم على الشهوات المباحة، بل يتعدى إلى المحرمات، و هذا هو الخسران المبين، و أنشد لبعضهم:
إذ العشرون من شعبان ولت فواصل شرب ليلك بالنهار
و لا تشرب بأقداح صغار فإن الوقت ضاق على الصغار
و قال آخر:
جاء شعبان منذراً بالصيام فاسقياني راحاً بماء الغمام
و من كانت هذه حاله فالبهائم أعقل منه، و له نصيب من قوله تعالى: ((و لقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن و الإنس لهم قلوب لا يفقهون بها))(الأعراف:170) الآية، و ربما تكره كثير منهم بصيام رمضان، حتى إن بعض السفهاء من الشعراء كان يسبه، و كان للرشيد ابن سفيه فقال مرة شعراً:
دعاني شهر الصوم لا كان من شهر و لا صمت شهراً بعده آخر الدهر
فلو كان يعديني الأنام بقدرة عن الشهر لاستعديت جهدي على الشهر
فأخذه داء الصرع فكان يصرع في كل يوم مرات متعددة، و مات قبل أن يدركه رمضان آخر.
و هؤلاء السفهاء يستثقلون رمضان لاستثقالهم العبادات فيه، فكثير منهم لا يصلون إلا في رمضان، و لا يجتنب كبائر الذنوب إلا فيه، فيشق على نفسه مفارقتها لمألوفها، فهو يعد الأيام و الليالي ليعود إلى المعصية، و منهم لا يقوى على الصبر عن المعاصي فهو يواقعها في رمضان أ.هـ. هكذا ذكر ابن رجب رحمه الله عن أهل زمانه و من قبلهم.(1/18)
و لا شك أن الدين يزداد غربة و الأمر في شدة، و الكثير من هؤلاء الذين يتوقفون ظاهراً عن مألوفاتهم يفرحون بانقضاء الشهر و انصرافه، فالعيد عندهم يوم فرحتهم برجوعهم إلى دنياهم و ملاهيهم و مكاسبهم المحرمة أو المكروهة، فأين هؤلاء ممن يحزنون و يستاؤن لانقضاء الشهر؟، بل من الذين يجعلون السنة كلها صياماً و قياماً و عبادات وقربات، و يحمون أنفسهم عن جميع الملذات فضلاً عن المحرمات؟ فالله يرحمهم فما مثلنا و مثلهم إلا كما قال القائل:
نزلوا بمكة في قبائل هاشم و نزلت بالبيداء أبعد منزل
الخاطرة التاسعة:
يوم العيد
هناك من يجعل يوم العيد و الأيام بعده أيام لهو و لعب و غناء و طرب، و يجتمع الخلق الكثير و يعملون ولائم و ينفقون الأموال الطائلة في إصلاح الأطعمة، و يسرفون في ما يصرفونه من الأموال في اللحوم و الفواكه و أنواع المآكل التي يعدونها للمغنين و أهل الزمر و اللهو، و يستعملون الضرب بالطبول و إنشاد الأغاني الملحنة الفاتنة، و ما يصحبها من التمايل و الطرب، و يستمر بهم هذا الفعل بضعة أيام، حتى إنهم يسهرون أكثر الليل و يفوتون صلاة الصبح في وقتها و جماعتها.
و لا شك أن هذه الأفعال تدخل في التحريم، و تجر إلى مفاسد ما أنزل الله بها من سلطان، و تدخل في اللهو الذي عاب الله أهله بقوله تعالى: ((و من الناس من يشتري لهو الحديث))(لقمان:6). و في الوصف الذي ذم الله به أهل النار بقوله: ((الذين اتخذوا دينهم لهواً و لعباً و غرتهم الحياة الدنيا فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا))(الأعراف:51).
فننصح من يريد نجاة نفسه أن يربأ بها عن هذه الملاهي، و أن يحرص على حفظ وقته فيما ينفعه، و أن يبتعد عن المعاصي و المخالفات، و أن لا يقلد أهل اللهو و الباطل و لو كثروا أو كبرت مكانتهم.(1/19)
و قد تقدم إباحة التدرب على السلاح و تعلم الكر و الفر و ما يعين على الجهاد، كما فعل الحبشة في المسجد في يوم عيد لقصد حسن، و ليس معه غناء و لا ضرب طبول و لا قول محرم، و الله أعلم.
الخاطرة العاشرة:
وداعاً يا شهر التوبة
ورد في الحديث أن صيام رمضان سبب لمغفرة الذنوب(سبق تخريجه)، و كذا قيامه(لحديث أبي هريرة رضي الله عنه، أخرجه البخاري برقم 37 في الإيمان: باب: "تطوع قيام رمضان من الإيمان")، و قيام ليلة القدر(لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه و سلم: "من قام رمضان إيماناً و احتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه" أخرجه البخاري برقم35، و مسلم برقم 760)، و الصحيح أن المغفرة تختص بالصغائر، لقوله صلى الله عليه و سلم: "الصلوات الخمس، و الجمعة إلى الجمعة، و رمضان إلى رمضان، مفكرات لما بينهن، إذا اجتنب الكبائر"رواه مسلم (أخرجه مسلم برقم 233 14، 15، 16 في الطهارة، باب: "الصلوات الخمس و الجمعة إلى الجمعة ... " من حديث أبي هريرة رضي الله عنه) و الجمهور على أن الكبائر لابد لها من توبة.(1/20)
ثم إن العبد بعد فراق رمضان و قد كُفِّرت عنه سيئاته، يجب عليه أن يحافظ على الصالحات، و يحفظ نفسه عن المحرمات، و تظهر عليه آثار هذه العبادات في بقية حياته، فذلك من علامات قبول صيامه و قيامه و قرباته، فإذا كان بعد رمضان يحب الصلوات و يحافظ على الجمع و الجماعات، و يكثر من نوافل الصلاة، و يصلي من الليل ما قدر له، و يُعوِّد نفسه على الصيام تطوعاً، و يكثر من ذكر الله تعالى ودعائه و استغفاره، و تلاوة القرآن الكريم و تدبره و تعقله، و يتعاهد الصدقة، و يصل أرحامه و يبر أبويه، و يؤدي ما عليه من الحقوق لربه و للعباد، و يحفظ نفسه و يصونها عن الآثام و أنواع الجرائم، و عن جميع المعاصي و تنفر منها نفسه، و يستحضر دائماً عظمة ربه و مراقبته و هيبته في كل حال، إذا كان كذلك بعد رمضان، فإنه دليل قبول صيامه و قيامه، و تأثره بما عمل في رمضان من الصالحات و الحسنات.
و مع ذلك فإن صفة الصالحين و عباد الله المتقين الحزن و الأسى على تصرم الأيام الشريفة، و الليالي الفاضلة، كليالي رمضان، و هذه صفة السلف الصالح و صدر هذه الأمة رحمهم الله تعالى، فلقد يحزنون لانصراف رمضان، و مع ذلك يدأبون في ذكره، فيدعون الله ستة أشهر أن يتقبله منهم، ثم يدعونه ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، فتكون سنتهم كلها في ذكر هذا الشهر، فهو دليل على عظم موقعه في نفوسهم، و يقول قائلهم:
سلام من الرحمن كل أوان على خير شهر قد مضى و زمان
سلام على شهر الصيام فإنه أمان من الرحمن كل أمان
لئن فنيت أيامك الغر بغتة فما الحزن من قلبي عليك بفان
لقد ذهبت أيامه و ما أطعتم.
و كتبت عليكم فيه آثامه و ما أضعتم.
و كأنكم بالمشمرين و قد وصلوا و انقطعتم.
أترى ما هذا التوبيخ لكم؟
أو ما سمعتم قلوب المتقين إلى هذا الشهر تحن؟ و من ألم فراقه تئن؟
كيف لا تجرى للمؤمن على فراقه دموع؟ و هو لا يدري هل بقي له في عمره إليه رجوع.
شعر:(1/21)
تذكر أياماً مضت و ليالياً خلت فجرت من ذكرهن دموع
أين حرق المجتهدين في نهاره؟
أين قلق المتهجدين في أسحاره؟
فكيف حال من خسر في أيامه و لياليه؟
ماذا ينفع المفرط فيه بكاؤه و قد عظمت فيه مصيبته و جل عزاؤه؟
كم نصح المسكين فما قبل النصح؟
كم دعى إلى المصالحة فما أجاب إلى الصلح؟
كم شاهد الواصلين فيه و هو متباعد؟
كم مرت به زمر السائرين و هو قاعد؟
حتى إذا ضاع الوقت و خاف المقت ندم على التفريط حين لا ينفع الندم.
و طلب الاستدراك في وقت العدم.
دموع المحبين تدفق.
قلوبهم من ألم الفراق تشقق.
عسى وقفة للوداع تطفي من نار الشوق ما أحرق.
عسى توبة ساعة و إقلاع ترفوا من الصيام ما تخرق.
عسى منقطع عن ركب المقبولين يلحق.
عسى أسير الأوزار يطلق.
عسى من استوجب النار يعتق.
لا شك أن شهر رمضان أفضل الشهور، فقد رفع الله قدره و شرفه على غيره، و جعله موسماً للخيرات، و جعل صيامه و قيامه سبباً لمغفرة الذنوب و عتق الرقاب من النار.
فتح فيه أبوابه للطالبين، و رغب في ثوابه المتقين.
فالظافر من اغتنم أوقاته، و استغل ساعاته، و الخاسر من فرط في أيامه حتى فاته.
جعله الله مطهراً من الذنوب و ساتراً للعيوب و عامراً للقلوب.
فيه تعمر المساجد بالقرآن و الذكر و الدعاء و التهجد.
و تشرق فيها الأنوار و تستنير القلوب.
فهو شهر البركات و الخيرات.
شهر إجابة الدعوات.
شهر إغاثة اللهفات.
شهر الإفاضات و النفحات.
شهر إعتاق الرقاب الموبقات.
فيه تكثر الصدقات و تتضاعف النفقات و يجود المسلم بما يمكنه من العطايا و الهبات.
ترفع فيه الدرجات، و تقال فيه العثرات، و تسكب فيه العبرات، فبعده تنقطع هذه الحسنات.
فمن قبله الله فهو من أهل الكرامات و أعالي الدرجات في نعيم الجنات، و من رُدَّ عليه عمله فهو من أهل الحسرات لما فاته من الخيرات.
فلا أوحش الله منك يا شهر الصيام و القيام.
و لا أوحش الله منك يا شهر التجاوز عن الذنوب العظام.(1/22)
و لا أوحش الله منك يا شهر التراويح.
و لا أوحش الله منك يا شهر الذكر و التسبيح.
و لا أوحش الله منك يا شهر المصابيح.
و لا أوحش الله منك يا شهر التجارات المرابيح.
و لا أوحش الله منك يا شهراً يترك فيه كل قبيح.
فيا ليت شعري من المقبول منا فنهنيه، و من المردود منا فنعزيه.
فيا أيها المقبول هنيئاً لك، و يا أيها المردود جبر الله مصيبتك.
عباد الله: حافظوا على عبادة ربكم بعد هذا الشهر، و إياكم أن تعودوا لما كنتم فيه من الذنوب و الخطايا، فإن رب الشهرين واحد، و هو الذي كلفكم و أمركم و نهاكم، فإياكم أن تعودوا لما مضى من التفريظ و الإهمال، حتى يمحوا الله عنكم السيئات و يقبل منكم الحسنات، و أكثروا من دعاء الله تعالى و التضرع بين يديه.
تنبيهات على أخطاء أو نقائص
تقع من بعض الصائمين
الحمد لله وحده و صلى الله و سلم على من لا نبي بعده و على آله و صحبه.
1- عدم تبييت النية للفرض من الليل أو قبل طلوع الفجر و إن كان قد يكتفى لرمضان بنية واحدة.
2- الأكل أو الشرب مع أذان الصبح أو بعده و إن كان بعض المؤذنين قد يتقدمون احتياطاً.
3- تقديم السحور قبل الفجر بساعة أو ساعتين و قد ورد الترغيب في تعجيل الفطر و تأخير السحور.
4- الإسراف من غالب الناس في المآكل و المشارب و هو خلاف ما شُرع له الصوم من الجوع الذي هو سبب الخشوع.
5- التفريط في أداء الصلاة جماعة كالظهر و العصر لعذر الكسل أو النوم أو الاشتغال بما لا يُجدي.
6- عدم حفظ اللسان في نهار الصيام و ليله نم اللغو و الرفث و قول الزور و الكذب و الغيبة و النميمة.
7- إضاعة الأوقات الشريفة في اللهو و اللعب و مشاهدة الألعاب و الأفلام و الألغاز و الأحاجي و التسكع في الطرقات.
8- التفريط في الأعمال المضاعفة في رمضان كالأدعية و الأذكار و القراءة و نوافل الصلوات المؤكدة.
9- ترك صلاة التروايح جماعة مع ورود الترغيب في فعلها مع الإمام حتى ينصرف ليكتب له قيام ليلة.(1/23)
10- يلاحظ أول الشهر كثرة المصلين و القُرّاء ثم يقع العجز و النقص في آخر الشهر مع أن العشر الأواخر لها مزية على أول الشهر.
11- ترك القيام الذي خصت به العشر الأواخر فقد كان النبي صلى الله عليه و سلم إذا دخلت العشر أحيا ليله و أيقظ أهله و جد و شد المئزر.
12- السهر ليلة الصيام ثم النوم عن صلاة الصبح فلا يصليها البعض إلا في الضحى، و ذلك تفريض في هذه الفريضة.
13- البخل بالمال و منع ذوي الحاجة مع كثرتهم في رمضان و رغم مضاعفة أجر الصدقات في تلك الأوقات.
14- عدم الانتباه من الكثير لأداء الزكاة المالية كاملة مع أنها قرينة الصلاة و الصيام و إن كانت لا تختص برمضان.
15- الغفلة عن الدعاء وقت الصيام و خصوصاً عند الإفطار بتناول الأكل و الشرب مع أنه ورد الحديث بذلك و أن للصائم عند فطره دعوة لا ترد.
16- إضاعة سنة الاعتكاف في رمضان و بالأخص في العشر الأواخر مع ورودها في الكتاب و السنة.
17- خروج الكثير من النساء إلى المساجد بلباس الزينة مع التعطر و التطيب مع ما فيه من أسباب الفتنة.
18- التسهيل للنساء ليخرجن إلى الأسواق في ليالي رمضان و مع سائق أجنبي و بلا محرم بدون حاجة غالباً.
19- ترك سنة التكبير في ليلة العيد و يومه قبل الصلاة و في أيام عشر ذي الحجة مع الأمر به في القرآن.
20- تأخير زكاة الفطر مع أن السنة توجب إخراجها يوم العيد قبل الصلاة و تجوز قبله بيوم أو يومين.
و صلى الله على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم.(1/24)