خصائص وميزات المعلم المسلم
إعداد
عبدالله محمد هنانو
مقدمة:
... يشهد العالم ثورة علميّة وتكنولوجيّة، كان لها بالغ الأثر في سلوك الناس، وفي تعاملهم مع المحيط الاجتماعي والثقافي.
... لقد أدركت المجتمعات أهميّة التّربية وضروريّتها في تنمية العناصر البشريّة، التي لا غنى عنها في تحقيق التنمية الشّاملة، وتغلب المدرسة على اختلاف مستوياتها وأنواعها الدور الأول في تحقيق أهداف التّربية وفي مقدمتها إعداد المواطن الصالح، وتزويد المجتمع بالعناصر البشريّة المؤهلة التي تعمل على بناء المجتمع (1) .
... يكاد يجمع المختصون بعلوم التربية والاجتماع الإنساني على أنّ عجز الأمم عن استثمار مواردها البشريّة، ومقدّراتها الماليّة إنّما يكمن في القصور الكائن في أجهزة التّفكير والإرادة التي تتجسد في ثقافة الأفراد وعلاقة الجماعات المكونة للأمّة نفسها. وهو مؤشر لوجود العطل في نظم التربية التي تمدّ إنسان الأمّة بالقيم والاتجاهات، وتزوّده بالمعلومات والخبرات وتنمي فيه القدرات والمهارات.
... والسبب أن حلقات السلوك الإنساني- ومنه الحضاري- تبدأ بالنّفوس: أي بحلقة الفكرة، ثم حلقة الإرادة، ثم تبرز منها الحلقة الثالثة حلقة الممارسة والإنجاز المحسوس. فإذا أصاب العطب الحلقة الأولى امتدت آثار الخلل إلى الحلقتين التاليتين، وأفرزت مضاعفاتها في البطالة والعطالة والعجز والتخلّف؛ لذلك كان دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: ( اللهم إنّي أعوذ بك من علم لا ينفع ) (2)
__________
(1) 1- عبدالسلام الجقندي، دليل المعلم العصري في التربية وطرق التدريس ، ص15 بتصرف.
(2) 2- محمد بن زيد القزويني، سنن ابن ماجه، ج1، ص92.(1/1)
... والأمم الواعية حين تحسّ بأزمة معينة أو نقص في الفاعليّة والإنجاز، فإن أوّل شيء تفعله هو قيام الخبراء فيها بتشخيص القيم الثقافيّة السائدة والنّظام التّربوي القائم. وهذا ما فعلته بريطانيا حين رأت التفوق الألماني خلال الحرب العالميّة الثانية. ففي الوقت الذي كانت أنظمتها الدفاعيّة تتصدى للغارات الألمانيّة في أجوائها وبحارها، كان المربون البريطانيّون يجتمعون ويشخّصون النّظام التّربوي والثقافة الاجتماعيّة في مخابئها وملاجئها.
... ومثله ما فعلته الولايات المتحدة الأمريكيّة حين رأت الاتحاد السوفيتي يسبقها في النزول على سطح القمر، وهو ما تفعله في الوقت الحاضر وهي ترى التفوق الياباني في الميادين الصناعيّة والتجارة العالميّة.
... ويذكر – ياسوماسا تومودا- الأستاذ في جامعة أوساكا اليابانيّة أنّ أوّل ما فعلته اليابان إثر هزيمتها في الحرب العالمية الثانية هو مراجعة القيم التقليديّة التي كانت تؤكد على الطاعة العموديّة في المجتمع: أي طاعة الصغار للكبار، وطاعة الأتباع للقادة؛ الأمر الذي أدّى إلى مراجعة نظام التربية اليابانيّة، خاصة التربية الأخلاقيّة السياسيّة – شوشين Shushin- وإعطاء العناية اللازمة لقيم الديمقراطيّة والحريّة وعلاقة الحاكم بالمحكوم، والوقوف على موروثات التّقاليد والقيم السائدة موقف الناقد العالم، لا التابع المنفعل، والتأكيد على القيادة الجماعية والعمل الجماعي، وتوسيع مفهوم الأخلاق ليشمل ميادين السياسة والإدارة والثقافة والعلم.(1/2)
... والخلاصة أن كلّ بلد نجح في الخروج من أزماته ومجابهة تحدياته بدأ بفحص النظم التربويّة السائدة. وما نجح حزب أو جماعة أو منظمة في برامجها إلا بعد اعتماد مبدأ المراجعة والتقييم الدوري لمبادئها وأفكارها. وما جمد مذهب أو جماعة أو حزب إلا بعد إسباغ العصمة على أفكاره وبرامجه (1) .
...
... أهميّة دور المعلّم:
__________
(1) 1- ماجد عرسان الكيلاني، التربية والتجديد وتنمية الفاعلية عند المسلم المعاصر،ص3-5 بتصرف.(1/3)
... لقد شهد التّاريخ للمعلّم بالرِّفعة والقَداسة، فكان تاج الرؤوس ذا هيبة ووقار، لا يُجارى ولا يُبارى في المجتمع فهو الأمين المستشار وهو الأب الحنون البار لدى الكبار والصغار، وهو السّراج الّذي ينير الدرب للسالك، يروي العقول والأفكار ويحميها من الانحراف والانجراف نحو التيارات الفاسدة المضرّة (1) ، فالمعلم مرب في المقام الأول والتعليم جزء من عملية التربية. وقد أشار القرآن الكريم إلى دور المعلمين من الأنبياء وأتباعهم في كثير من الآيات القرآنية مبيناً أن من أهم وظائف الرسول صلى الله عليه وسلم تعليم الناس الكتاب والحكمة وتزكية الناس – أي تزكية نفوسهم وتطهيرها – فقال الله تعالى {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ} (129) سورة البقرة . وقد بلغ من شرف مهنة التعليم أن جعلها الله من جملة المهام التي كلف بها رسوله صلى الله عليه وسلم فقال الله تعالى {لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ} (164) سورة آل عمران. وقوله تعالى {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ} (9) سورة الزمر.
__________
(1) 2- عبدالله علي الحمادي، هيبة المعلم بين الواقع والطموح، ص15 بتصرف.(1/4)
وقوله تعالى {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} (11) سورة المجادلة . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( العلماء ورثة الأنبياء، والأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً، وإنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر) (1) . ولكي ينجح المربي المسلم في عمله التدريسي والدعوي وفي تأدية أدواره الأخرى في المجتمع الإسلامي والمجتمع العالمي لا بد أن تكون له شخصيته الإسلامية المتميزة .فالمعلم ليس مجرد ملقّن للمعلومات أو حارس للفصل الدراسي من الفوضى. لكنّ المعلّم من يساعد طلابه على اكتساب المعارف والمهارات، كما يهتم بصحتهم وبتوافقهم الشخصي والاجتماعي، وبآمالهم وأهدافهم وطموحاتهم، يساعدهم ليكونوا أجيالاً عالمة ناقدة مثقفة لا حملة شهادات وألقاب جامعيّة فارغة. أجيالاً عالمة بعلم نافع وكثير يخدم الحياة والتطوّر على المستويات جميعاً: الفكريّة والصناعيّة والزراعيّة والتجاريّة والصحيّة والقانونيّة والتربويّة، أجيالاً ناقدة أي محصنّة ضد البشاعة والغوغائيّة والسطحيّة والتفاهة والسخف والادّعاء على الصعد كافّة: الفكريّة والفنيّة والسياسيّة والدينيّة حتى المعيشيّة.
... لذلك اشتهر القول ( من علّمني حرفاً كنت له عبداً ) أي خادماً . ولا ننسى في هذا الصدد أن نذكر قول أمير الشعراء أحمد شوقي في المعلم:
... ... قم للمعلّم وفّه التّبجيلا ... ... كاد المعلّم أن يكون رسولاً
... ... أريت أعظم أو أجلَّ من الذي ... ... يبني وينشئ أنفساً وعقولاً
ومما يزيد المعلّم شرفاً وعزّة أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم قال : ( إنّما بُعثت معلّماً ) (2) .
__________
(1) 1- سليمان بن الأشعث أبو داود السجستاني الأزدي، سنن أبي داود، ج2، ص 341 .
(2) 2- محمد بن يزيد القزويني، سنن ابن ماجه، ج1، ص 83.(1/5)
... ولقد أثبتت البحوث التربويّة أنّ التدريس الفعّال Effective Teaching يعتمد بالدرجة الأولى على شخصيّة المعلّم وذكائه ومهاراته التدريسيّة التي يتمتع بها. ويشير عالم من علماء التربية هو شاندلر Chandler إلى أنّ مهنة التدريس هي المهنة الأم The Mother Profession وذلك لأنها تعتبر المصدر الأساس الذي يمهد للمهن الأخرى ويمدها بالعناصر البشريّة المؤهلة علميّاً واجتماعيّاً وفنيّاً وأخلاقيّاً. ويعتقد المعلمون أنّ عملهم في مهنة التدريس هو خير ما يمكن أن يقدموا لمجتمعاتهم، وليس هذا فحسب، بل أنهم بعملهم إنّما يسهمون في تشكيل مستقبل تلك المجتمعات بتكوينهم لشخصيّات الشباب منذ نعومة أظفارهم، هؤلاء الشباب الذين يحملون عبء المسؤوليّة في مستقبل أوطانهم وشعوبهم (1) .
مفهوم إعداد المعلّم:
الإعداد هو صناعة أولية للمعلم ليكون قادراً على مزاولة مهنة التعليم، وتقوم به مؤسسات تربوية متخصصة مثل معاهد إعداد المعلمين وكليات التربية أو غيرها من المؤسسات ذات العلاقة ... وبهذا المعنى يتم إعداد الطالب المعلم ثقافياً وعلمياً وتربوياً في مؤسسته التعليمية قبل الخدمة. (2)
أهمية الإعداد :
يقول الدكتور عمر بشير الطويبي مؤكداً أهميّة الإعداد التربوي للمعلّمين " أنه ليس بإمكان أي فرد تحصل على قدر من المعرفة في ميدان تخصص معيّن مهما بلغ مستواه أن يعمل كمدرّس إلا إذا توفر عنده الإعداد التربوي المهني الذي يمكنه من العمل بالتدريس" (3) .
... فالإعداد الكامل للمعلّم يتضمن أربعة عناصر هي :
__________
(1) 1- عبدالسلام الجقندي، دليل المعلم العصري في التربية وطرق التدريس، ص 349-350.
(2) 2- عبدالسلام الجقندي، دليل المعلم العصري في التربية وطرق التدريس، ص 355 – 356 .
(3) 3- عبدالسلام الجقندي، دليل المعلم العصري في التربية وطرق التدريس، ص 348.(1/6)
1- التربية الحرّة وهي التّربية العامة ويقصد بها غير التخصصيّة، أو الجزء من التربية التي يحتاج إليه كل مواطن لتكمل مواطنته الصالحة.
2- الدراسة المتعمّقة للمادّة المطلوب تدريسها.
3- الدّراسات المهنيّة النظريّة باعتبارها ميداناً مختلفاً عن المهارات العمليّة في ميدان التّدريس.
4- المهارات الخاصة بإدارة الفصل والعمل مع الأطفال والشباب والإشراف على عملية التّعليم.
وهذه العناصر تعمل بشكل متوازن ولا يمكن لي عنصر منها أن يحلّ محلّ غيره من بقيّة العناصر، ويجب أن ترتبط المعارف المهنيّة النظريّة ارتباطاً وثيقاً بخبرات الفصل العمليّة بهدف ربط الأفكار النظريّة بالتطبيق العملي. (1)
لقد أصبح الإيمان بأهمية المعلّم وبدوره القيادي في العمليّة التربويّة داخل الفصل وخارجه أحد المبادئ والمسلّمات الأساسيّة التي تقوم عليها التربية الحديثة من النّاحية النّظريّة والتطبيقيّة. ولكي ينجح المعلّم في عمله وفي تأدية أدواره الأخرى في المجتمع، لا بدّ من الاهتمام بإعداده قبل المهنة، وتدريبه أثناء قيامه بعمله بشكل مستمر، ببرامج يقوم بإعدادها وتنفيذها مدير المدرسة بالتعاون مع جهاز الإشراف الفنّي (2) .
... إنّ الإعداد الصالح للمعلّم يعتبر من الشروط الأساسيّة لإصلاح وتحسين النظام التربوي، وزيادة كفاءته وفاعليته. ويتوقف نجاح المعلّم في عمله بالدرجة الأولى على نوع الإعداد المهني الذي يتم في المعاهد والكلّيات، وعلى حسن الاختيار لهذه المهنة منذ البداية (3)
ولذلك يرى الدكتور عمر التومي الشيباني أنّ تربية المعلمين في مفهومها الواسع تشمل:
__________
(1) 4- بول وودرنج، اتجاهات حديثة في إعداد المعلم، ص14.
(2) 1- عبدالسلام الجقندي، دراسة عن دور مدير المدرسة كمشرف فنّي مقيم بالمرحلة الابتدائية بطرابلس، ص 90 – 96.
(3) 2- محمد منير مرسي، إدارة وتنظيم التعليم العام، ص 183-184.(1/7)
1- تحديد فلسفة وأهداف الإعداد الجيّد للمعلمين في إطار الفلسفة التربويّة العامة التي يتبنّاها المجتمع وفي إطار احتياجات المعلم وتوقعات المجتمع منه.
2- الاختيار الأمثل لطرق ووسائل وأساليب التّدريس ووسائل التّقويم.
3- الاهتمام بتقويم نتائج العمليّة التربوية طبقاً للأهداف المحددة.
4- ضمان حسن اختيار الطلاب للدّخول في معاهد المعلّمين وكليّات إعداد المعلّمين وما في حكمها.
5- التدريب المهني المستمر أثناء الخدمة لمن تمّ انخراطهم بالفعل في مهنة التّدريس.
6- مراعاة ربط الدراسات النّظريّة بتطبيقاتها العمليّة في المنهج، وتعليم المادة الدراسيّة مرتبطة بطريقة تدريسها بقدر الإمكان (1) .
ويعدّ المعلّم من أهم مُدخلات العمليّة التّربوية، فهو القادر على تحقيق أهداف التعليم وترجمتها إلى واقع ملموس، وهو الذي يعمل على تنمية القدرات والمهارات عند التلاميذ عن طريق تنظيم العمليّة التعليميّة وضبطها وإدارتها واستخدام تقنيّات التعليم ووسائله، ومعرفة حاجات التلاميذ وطرائق تفكيرهم وتعلّمهم، وتحديد أهداف التّربية في تطوير المجتمع وتقدمه، عن طريق تربيةِ النشء تربيةً صالحة تتّسم بحب الوطن والدفاع عنه والمحافظة على التراث الوطني الإنساني (2) .
خصائص وصفات المعلم المسلم:
المعلم قبل الخدمة :
... إن أهم عنصر في إعداد المعلم هو حسن اختياره لمهنة التدريس. وقد أثبتت الدراسات أن هناك علاقة بين العوامل والمعايير التي قام عليها اختيار المدرسين لمهنة التدريس ونجاحهم بعد ذلك في المهنة.
... إن الهدف من إعداد المعلم قبل الخدمة هو تنمية الطالب المعلم في نواحي الثقافة الشخصية والتعليم العام، والقدرة على التدريس وتعليم الآخرين. ويجب أن تشمل نظم إعداد المعلمين ثلاثة جوانب رئيسية هي :
__________
(1) 3- عمر محمد التومي الشيباني، من أسس التربية الإسلاميّة،ص311.
(2) 1- جبريل بشارة، تكوين المعلّم العربي والثورة العلميّة التكنولوجيّة،ص2.(1/8)
1- التربية العامة (( الإعداد الثقافي العام ))
2- التربية التخصصية (( الإعداد العلمي المتخصص ))
3- التربية المهنية (( الإعداد المهني الفني )).
أولاً: التربية العامة (( الإعداد الثقافي العام)) :
... إن نجاح المعلم في حياته العامة وفي تدريسه يتوقف إلى حد كبير على مدى سعة ثقافته العامة، ووعيه بمشكلات مجتمعه وأمته، والعالم الكبير الذي يعيش فيه. وينبغي عليه أن يكون مستوعباً لثقافة وفلسفة وأهداف المجتمع الذي ينتمي إليه بأبعاده الدينية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، بالإضافة إلى الإلمام بأساسيات المعرفة وحضارة العصر. وبذلك يكون بإمكانه مساعدة تلاميذه على فهم الحياة ومواجهة المشكلات بما يكفل لهم حسن التكيف والتوافق النفسي والاجتماعي، ويمكنهم من المساهمة في تطوير مجتمعهم وتقدمه، لذلك فإن من الضروري أن يكون التعليم العام والثقافة العامة جزءاً أساسياً من مناهج وبرامج إعداد المعلمين. (1)
ثانياً: التربية التخصصية (( الإعداد العلمي التخصصي)) :
... وتتعلق بنوع التخصص الذي يختاره المعلم طبقاً لقدراته وإمكاناته، إن حسن إعداد المدرس في تخصصه يقتضي أن يدخل إلى ميدان العمل وهو متمكن من المادة أو المواد التي سيقوم بتدريسها بدرجة تؤهله للتدريس بشكل جيد. فالحكم على كفاءة أي مدرس يجب أن ينصب على قوة إلمامه بالمادة العلمية التي يدرسها، وتمكنه بقدر كاف من اللغة العربية مهما كان تخصصه، (2) مصداقاً لحديث النبي صلى الله عليه وسلم ( إن الله يحب من أحدكم إذا عمل عملاً أن يتقنه ) (3) .
ثالثاً: التربية المهنية (( الإعداد المهني الفني)) :
__________
(1) 2- عمر بشير الطويبي، التدريس والصحة النفسية للتلميذ، ص 313 بتصرف .
(2) 1- عبدالسلام الجقندي، دليل المعلم العصري في التربية وطرق التدريس، ص 363.
(3) - محمد ناصر الدين الألباني، صحيح وضعيف الجامع الصغير وزيادته، ج1، ص 277.(1/9)
... لا يكفي المعلم المسلم أن يكون واسع الاطلاع والثقافة ومتمكناً في ميدان تخصصه، بل يحتاج بالإضافة إلى ذلك دراسات تربوية من نظرة إسلامية ونفسية وخبرات عملية في التدريس، لمساعدته على تكوين المعارف والمفاهيم والمهارات والاتجاهات التربوية والفنية اللازمة للبداية الناجحة في التدريس، وتمكينه من الإلمام بأصول مهنة التدريس، وبالأسس الإسلامية والتاريخية والفلسفية والاجتماعية والنفسية لعملية التدريس، وما يتعلق بها من عمليات التوجيه والإرشاد وإدارة الفصل والقدرة على استعمال الوسائل السمعية والبصرية، وتمكينه في النهاية من تكوين فلسفة تربوية فعّالة.
... من هنا كان لا بد من الاهتمام الشديد بالتكوين المهني للمعلم المسلم في مختلف مستويات التعليم العام، والعمل على تمكينه من النمو المهني المتواصل، ومتابعة تطور العلوم التربوية وبحوثها، والمساهمة فيها؛ لأنه العنصر الفعّال في قيادة العملية التربوية وتوجيهها.
... فالمعلم لا يكتسب خلال فترة إعداده سوى الأسس التي تساعده على البدء في ممارسة المهنة، وعليه يكون بحاجة ماسّة لمواصلة الدراسة والاطلاع على كل جديد في العلوم التربويّة، حتى لا يصيبه الركود في القدرة والأداء، ( إذ ليست هناك مهنة يكون الاستمرار في النمو فيها بالغ الأهمية كمهنة التدريس، لأن كفاءة التدريس تتطلب مجهودات خاصة ومتواصلة) (1) (2)
... ويوجد أسلوبان رئيسيان لإعداد المدرسين حسب النظم المتبعة في الجامعات وهما:
... أولاً : النظام التتابعي المجرد:
__________
(1) - جبرائيل بشارة، تكوين المعلم العربي، ص 73.
(2) - عبدالسلام الجقندي، دليل المعلم العصري في التربية وطرق التدريس، ص 363- 364.(1/10)
... ويقصد به تفرغ الطالب للدراسة بإحدى كليات الجامعة ذات الصلة بإعداد المعلمين لمدة أربع سنوات يحصل بعدها على شهادة التخصص العملي الذي درسه في كليته، ثم يلتحق بكلية التربية لدراسات ما بعد الليسانس أو البكالوريوس لمدة سنه واحدة يؤهل فيها الطالب تربوياً للعمل بمهنة التدريس، يمنح بعدها إجازة التدريس. ويتميز هذا النظام بتمكين الطالب من الدراسة الأكاديمية المتعمقة. إذ يتفرغ لها، ثم يتفرغ لدراسة المواد التربوية مدة عام. ويؤهله ذلك لنجاح في كلا الأمرين، أكاديمياً وتربوياً. وهناك نظام آخر يسمى ( النظام التتابعي الوظيفي) ويقصد به التحاق الطالب منذ تخرجه من الثانوية بإحدى الكليات لدراسة التخصص على أن يدرس في نفس الوقت مواد تربوية معينة تهيئه لمهنة التعليم (1) .
... ثانياً : النظام التكاملي :
... وهو النظام الذي يتزامن فيه الإعداد الأكاديمي والمهني للطالب بأن توزع مواد التخصص والمواد المهنية والثقافة العامة على سنوات الدراسة ويقوم الطالب المعلم بدراسة المواد التخصصية والمهنية والثقافية بصورة متواكبة طيلة سنوات الإعداد يحصل في نهايتها على درجة البكالوريوس في الآداب والتربية أو في العلوم التربويّة .
خصائص وصفات المعلم المسلم :
__________
(1) - رشدي طعمية، المعلم – كفاياته – إعداده – تدريبه، ص 234- 235 .(1/11)
... المُعلّم هو حجر الزاوية في العملية التربويّة التعليميّة، فالإصلاح الذي ننشده هو أن يكون المعلّم مربياً يعمل على تحقيق أهداف التربية في كل مرحلة من مراحل التعليم. وبذلك ينبغي أن تتوفر فيه عدّة خصائص شخصيّة واجتماعيّة ووظيفيّة يتمكن بواسطتها من أداء واجباته على أفضل وجه. وفي هذا المجال يقول ابن سينا : ( ينبغي أن يكون مؤدّب الصبي عاقلاً، ذا دين، بصيراً برياضة الأخلاق، حاذقاً بتخريج الصبيان، وقوراً رزيناً، غير كزّ ولا جامد، حلواً لبيباً ذا مروءة ونظافة ونزاهة) (1) .
... وقد وضع التربويّون جملة من الخصائص والصفات التي يجب أن تتوفر في المعلّم المربي أذكر منها ما يلي: (2)
أولاً: الخصائص الجسديّة:
1- أن يكون موفور الصحة من الناحية الجسديّة، يمتلك من القوة والنّشاط ما يمكّنه من القيام بمهنته بنجاح.
2- أن يكون خالياً من العاهات والعيوب الواضحة مثل الصم، والعور وحبسة اللسان والتأتأة؛ لأن ذلك يجعله موضع سخرية من جانب التلاميذ فيؤثر عليه في أداء وظيفته، ويجعل بين الطلاب والمعلم سدّاً لا يستطيعون أن يتعلّموا منه. فالأصل أن يكون المعلّم سليماً صحيح الجسم.
3- أن يعتني المعلم بمظهره، وأن يظهر بالمظهر اللائق أمام تلاميذه في تصرفاته وسلوكه
(وذلك بأن يكون عادياً في مشيه، وطريقه جلوسه، وطريقة حديثه، بحيث لا يكون فيها لفت نظر، أو تشتيت للفكر، أو مدعاة للنفور من قبل المتعلمين) (3) لأنهم يرون فيه القدوة والمثل الأعلى الذي ينبغي أن يُحتدى به.
ثانياً: الخصائص العقليّة والعلميّة:
__________
(1) 2- محمد عطيّة الأبراشي، التربية الإسلاميّة وفلاسفتها، ص225.
(2) 3- اعتمدّت في ذكر الصفات على كتاب الدكتور عبدالسلام عبدالله الجقندي،دليل المعلم العصري في التربية وطرق التدريس ،بتصرف. وكتاب المبروك عثمان أحمد ، وعمارة بيت العافية، وسعد المقرم، طرق التدريس.
(3) 1- المبروك عثمان أحمد، طرق التدريس، ص 14 .(1/12)
... إنّ نجاح المعلّم يتوقف بدرجة كبيرة على مدى ذكائه وسرعة بديهته وعمق تفكيره، ولا بدّ له أن يكون دقيق الملاحظة، متسلسلاً في أفكاره، صادق النظرة، قادراً على المناقشة والإقناع، فهو ناقل للمعرفة، حسية كانت أو مجردة، ومسهل للمتعلمين عملية الحصول عليها واكتسابها، وذلك عن طريق عرضها عرضاً فنياً ومحكماً، ومتكاملاً واضحاً سلساً، مشوقاً ومحفزاً المتعلمين للاقبال عليها، والاغتراف منها، كل متعلم حسب قدرته، ورغبته، وإمكانيته. ومن هنا فإن المعلم نفسه يحتاج إلى قدرات عقلية خاصة لكي يكون قادراً على القيام بهذه المهمة (1) ومن القدرات العقلية والعلمية المطلوب توفرها في المعلم المسلم نذكر منها:
1- الذكاء، فالمعلم في أيّ مرحلة من المراحل التعليميّة يجب أن يكون على درجة مقبولة من الذكاء – على مستوياته المختلفة- ليتمكن من توصيل المعلومة إلى طلابه بأيسر السبل وأفضلها، وهذا يجلب له احترام طلابه، وينقده من كثير من المواقف المحرجة ويساعده في ترتيب المعلومات ترتيباً منطقيّاً ونفسياً يسهل على الطلاب استيعابها ويساعد على الابتكار والتنويع في أساليب التربية والتّعليم.
2- أن يكون المعلّم متمكناً من المادة التي يقوم بتدريسها وعلى معرفة وافية بأصول التدريس وأساليبه الحديثة، فالطريقة توجد لخدمة المادة، ولا فائدة من طريقة جيدة بدون مادة غزيرة تسعى الطريقة إلى توصيلها للتلاميذ، فحسن الطريقة لا يعوّض فقر المادّة، ولذلك كانت الطريقة التدريسيّة الصالحة والمادة الغزيرة عنصرين هامين لنجاح المعلّم في أداء رسالته المقدّسة (2) .
__________
(1) - المبروك عثمان أحمد، طرق التدريس، ص 15.
(2) 1- عبدالسلام عبدالله الجقندي، المرشد في طرق التدريس العامة، ص 130.(1/13)
3- المعلّم الجيّد هو الذي يسعى لمعرفة نفسيات طلابه وعقليّاتهم وميولهم واستعدادهم وقدراتهم عن طريق المطالعة المستمرة للكتب التي تهتم بنفسيّات الطلاب وطرق اكتشاف نوع الذكاء الذي يتمتع به الطالب أو نمط شخصيته؛ ليتمكن من التعامل معهم بالصورة التي تؤدي إلى النجاح في أداء رسالته.
4- ضرورة أن يكون المعلّم ملماً بأصول وقواعد التدريس المناسبة لتلاميذه في كل مرحلة من المراحل التعليميّة، ويتم هذا الأمر بدراسة طرق التدريس العامة والخاصة، والوسائل التعليميّة والتقويم التربوي، كما يجب على المعلّم أن ينمي معلوماته في كل الميادين المعرفيّة وبخاصّة في حقل تخصصه وعمله، قال الله تعالى : (( وقل رب زدْنِي عِلْماً )) (1) .
ثالثاً : الخصائص الخُلقيّة:
... ما من شك في أنّ شخصيّة المعلّم لها أثر عظيم في عقول التلاميذ ونفوسهم، فهم يتأثرون بمظهره وبشكله وحركاته وسكناته، وإشاراته وإيماءاته، وألفاظه وسلوكه، ولعل أبلغ ما ذكر عن تأثير المعلّمين في شخصيّة المتعلمين ما رواه الجاحظ من كلام عقبة بن أبي سفيان لمؤدب ولده قوله: ( ليكن أوّل ما تبدأ به في إصلاح بَني إصلاحُ نفسك، فإن أعينهم معقودة بعينيك، فالحسن عندهم ما استحسنتن والقبيح عندهم ما استقبحت) (2) .
... إن المعلّم بحاجة إلى الصفات الخُلقيّة الطيبة، وذلك لأنه المثل الذي يحتذي به الطلّاب ويتأثرون به، فهو المؤثر الفعّال في نفوسهم، وثانياً لأن مهنة التدريس تحتاج إلى صفات خاصة حتى يصير المعلّم ناجحاً في عمله، ومن أهم هذه الصفات الخُلقيّة ما يلي:
__________
(1) 2- سورة طه، الآية114 .
(2) 3- نقلاً عن أحمد فؤاد الأهواني، التربية الإسلامية، ص196.(1/14)
1- أن يدرس بمقدار كافٍ مبادئ علم الأخلاق والسياسة وعلم الاجتماع وعلم الاقتصاد، وذلك لأن المدرس يخدم المجتمع، ويعدّ الأطفال ليكونوا أعضاء نافعين فيه، ولا يُتصور أن يؤدي دوره بكفاءة إلا إذا عرف نظام المجتمع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، ومعاييره الخُلقيّة، حتى يراعيَها وينميها عن طريق العمليّة التربويّة.
2- يجب على المعلّم أن يكون عطوفاً وليّناً مع طلابه؛ ليتمكن من شدّ الطلاب إليه، وجلب حبّهم وتقديرهم له، فلا يكون قاسياً شديداً مع تلاميذه، كي لا ينفروا منه ، ويفقد بذلك احترامهم وثقتهم ومحافظتهم على النظام، على أساس الطاعة والاحترام لا الخوف وسوء المعاملة، قال الله تعالى لمعلّم الإنسانيّة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِن اللهِ لِنْتَ لهم، ولو كُنْتَ فظَّاً غَلِيْظَ القَلْبِ لانفَضُّوا مِن حَوْلِك) (1) ،ولا ينبغي أن يصل بالمعلّم عطفه ولينه ورحمته إلى درجة يشعر معها الطلاب بضعفه؛ فيؤدي ذلك إلى نتائج عكسيّة غير متوقعة من وراء رحمته وعطفه ولينه، فالمطلوب التوسّط الذي يؤدّي إلى لين في غير تهاون، وأن يستخدم أساليب الثواب والعقاب بطريقة تربويّة مناسبة تؤدّي إلى تقويم سلوك التلميذ ووقايته وعلاجه، وفي هذا المجال يقول سعيد البوطي علاقة المدرس بطلابه( إنّها علاقة أخ كبير بإخوانه وأصدقائه الصغار، قبل أن تكون علاقة مدرِّس بتلاميذه، وإنَّ ساعة الدَّرس لاكتشاف مشكلاتهم، ومحاولة إيجاد الحلول لها ..) (2)
__________
(1) 1- سورة آل عمران، الآية 159.
(2) 2- نقلاً عن أحمد محمد جمال، "نظرية التّربية الإسلاميّة"، مجلة قراءات في التّربية الإسلاميّة، ص 68.(1/15)
3- الحزم والكياسة والحكمة، وذلك بحسن التصرف مع تلاميذه والقدرة على الحل المشكلات، وهذا يجعل التلاميذ يحسون بالحاجة إلى المدرس ويبادلونه الثقة والاهتمام، واتصاف المربي بالحزم يغرس في نفوس طلابه احترامهم لجميع تصرفاته وتقديرهم لقراراته، وينعكس ذلك على ممارستهم في حياتهم اليوميّة، ويجب أن يدرك المربي تمام الإدراك أن اتصافه بالشدّة والقسوة ليس دليلاً على قوّة الشخصيّة.
4- الإخلاص في أداء رسالته: هذا أساس التدريس فالمعلّم مطالب بأن يدرك أهميّة رسالته وأثرها الفعّال على الحياة حتى يحبّها ويخلص لها، فالإخلاص هو الدافع الوحيد الذي يدفع المعلّم للعمل لا ليأخذ راتبه في نهاية الشهر، وإنّما يدرِّس ليحقق الأهداف التربوية التي يسعى المجتمع لتحقيقها عن طريق المعلّم فبجهده المبذول وتعبه المشكور يستطيع المجتمع النهوض، مما يجعل المعلّم يعلّم ليربّي وينتج ويخرّج جيلاً محبّاً للعلم والعمل وللمجتمع.
رابعاً: الخصائص المهنيّة:
... الخصائص المهنية هي تلك الصفات المتعلقة بآداب المهنة وأخلاقيّاتها، ومدى التزام المعلّم بها وهذا ما يميّز المعلّم النّاجح من المعلم الفاشل. وهذه الخصائص هي:
1- احترام آداب وقوانين مهنة التعليم.
2- دراسة مادة أخلاقيّات مهنة التعليم.
3- الرغبة في النمو المهني وذلك بالاستمرار في الإطلاع الواسع والعمل على تحسين وتطوير العمليّة التعليميّة.
4- العلاقة بالمجتمع المحلي من خلال:
أ إلقاء المحاضرات لتوعية المواطنين في المناسبات المختلفة سواء أكانت الوطنيّة أم الدينيّة.
ب تسهيل الاتصال بأولياء الأمور بالمدرسة وتوثيق العلاقة بين المدرسة والمجتمع المحلي.
... ج- مساعدة أولياء الأمور في التوجيه المهني والتعليمي لأبنائهم .
... د- المشاركة مع تلاميذه في الأعمال التعاونيّة التي تحتاجها البيئة المحليّة.
... هـ- أن يكون نموذجاً صالحاً للأخلاق الكريمة وأن يتجنّب مواطن الشبهات.(1/16)
... و- التعاون مع إدارة المدرسة والإشراف التربوي من أجل مصلحة العمل المدرسي.
5- السعي دائماً لزيادة الذخيرة المعرفية باختصاصه من خلال الاطلاع الدائم والمستمر في كتب تخصصه المتطورة عبر الوسائل المتعددة ( كالكتب، والشبكة العالمية Internet ، والأشرطة السمعية والبصرية ... الخ ).
6- تطوير وسائل الاتصال بينه وبين طلابه بخضوعه لدورات متنوعة فنون الاتصال. والاطلاع على الجديد في طرق التدريس، ووسائل التعليم المتنوعة المتطورة.
وقد أورد الإمام أبو حامد الغزالي الآداب الخاصة بالمعلّم في التربية الإسلاميّة فيما يلي :
1- الشفقة على المتعلّمين ومعاملتهم معاملة الأبناء.
2- أن يبذل قصارى جهده في نصح المتعلّمين وإطلاعهم على مختلف العلوم.
3- أن يستعمل أسلوب التعريض لا التصريح والرحمة لا التوبيخ في تأديب المتعلّمين، فالتصريح يهتك حجاب الهيبة ويقوّي الحرص على الإصرار.
4- ألا يقبّح في نفس المتعلّم العلوم التي لا يعرفها هو، وأن يراعي التدرج في ارتقاء المتعلّم من درجة إلى أخرى.
5- مراعاة مستوى الضعفاء من المتعلّمين في المنهج والطريقة، وأن يبدأ بالجلي الواضح ويخاطبهم على قدر فهمهم، ولا يُشعرهم بأشياء تصعب عليهم حتى لا تفتُر رغبتهم رغبتهم، وتضطرب عقولهم.
خامساً: الخصائص الاجتماعية:
... يعمل المعلم مع مجموعة بشرية هي مجموعة المتعلمين الذين يقوم بتدريسهم وعليه فإن نجاحه يعتمد إلى حد كبير على قدرته في الاتصالات الاجتماعية والحوار الاجتماعي الذي يؤدي دوره بفاعلية في إطار العلاقات الاجتماعية التي تتكون من تفاعل أعضاء الجماعة البشرية.
... إن الشخص الذي يميل بطبعه وشخصيته إلى العزلة والانسحاب وتجنب مواقف التفاعل الاجتماعي والذي يتضايق من الاتصال بالآخرين، والذي يلقى مشقة كبيرة في رسم علاقاته الاجتماعية، لا يستطيع أن يكون معلماً.(1/17)
... ... وعليه تظهر قدرة المعلم الاجتماعية في قدرته على إقامة علاقات اجتماعية طيبة مع الآخرين سواء تلاميذه، أو زملائه، أو أولياء الأمور، والمسيرين للإدارة التعليمية بوجه عام.
سادساً: الخصائص القيادية:
... لا يتوقف دور المعلم على تحضير الدروس وتدريسها، بل إن دور المعلم يتضمن قدرات قيادية يلزمه أن يتحلى بها لكي يحسن تنظيم الصف، وإدارته بكيفية فعالة. وتتمثل الخصائص القيادية في:
1- أن يكون قادراً على ممارسة القيادة الصالحة في صفه بحيث تؤدي خططه وبرامجه، وتوجيهاته دائماً إلى نتائج إيجابية يرضى عنها التلاميذ والمجتمع ، ولا شك أن مثل هذه المهارة القيادية تستدعي من المعلم النباهة، والفطنة والحس التنظيمي والاجتماعي وحسن التوقع لما يطرأ على المواقف من تغير.
2- أن يكون قادراً على مدح الأعمال النافعة والجيدة التي يقوم بها التلاميذ بحيث يزيد من فعاليتهم في التعلم ويرفع من معنوياتهم. لا أن يركز على الأخطاء ويعزز الرسائل السلبية التي تؤدي بالطلاب إلى الشعور بالفشل وعدم القدرة على الانجاز.
3- قادراً على استثارة التلاميذ لما ينفعهم تعلمه، أو يفيدهم عمله سواء أكان داخل الفصل الدراسي أم في مجتمعهم، وذلك عن طريق التنويع في أساليب التدريس من حيث البرامج والطرق والوسائل والتشجيع والتدعيم.
4- أن يُظهر المعلم اهتماماً بمشكلات الطلاب، ويسعى إلى التعرف عليها بدون الدخول في خصوصياتهم، ويعرض معاونته ومساعدته لهم للتغلب على هذه المشكلات، كما يحتاج إلى العوامل المدرسية التي تسهم في خلق المشكلات التي يعاني منها الطلاب في المدرسة .(1/18)
5- أن يظهر المعلم احترامه لشخصيات الطلاب بدون ربط هذا الاحترام بضرورة النجاح الاكاديمي. إن المعلم مطالب بأن يحترم تلاميذه في أشخاصهم وحقوقهم الإنسانية والاجتماعية، والتفريق بين هذا الاحترام الشخصي، وتقييم مستوى التحصيل الأكاديمي الذي حققه الطالب. ... ... ... ... ... ... ... ... إن المعلم الذي يخلط بين احترامه شخص التلميذ ونجاحه الدراسي إنما يخطئ كثيراً ويضع نفسه في خضم مشكلات انضباطية لا حد لها.
6- أن يتحلى المعلم بالروح الديمقراطية في علاقاته بتلاميذه بحيث لا يمارس التسلط في الرأي، أو الإكراه في الاختيارات، بل يشجعهم على المشاركة في القرار بشأن ما يتصل بالأنشطة التعليمية داخل الصف وخارجه.
إن سيادة الجو الديمقراطي في الصف من الأمور المهمة جداًَ في عملية التعليم، ذلك أنها تشعر الجميع بإحساس المسؤولية تجاه العملية التعليمية فكلٌّ من المعلم والتلاميذ يشعر بأهمية الانضباط في الفصل لتصل المعلومة بشكل سليم وسلس وبذلك تسير العملية التدريسية والتعليمة بشكل جيد.
...
الخاتمة:(1/19)
... هذه بعض الصفات التي ينبغي على المعلّم أن يتحلى بها ليستأهل الدخول على غرفة الصف، فالمعلّم كما ذكرنا سابقاً هو الوحيد في مجال التربية والتعليم القادر على تحقيق أهداف التعليم وترجمتها إلى واقع ملموس، وهو الذي يعمل على تنمية القدرات والمهارات عند التلاميذ عن طريق تنظيم العمليّة التعليميّة وضبطها وإدارتها واستخدام تقنيّات التعليم ووسائله. فما الوسائل التعليمية والبرامج التربوية إلا مجموعة من النظريّات بحاجة إلى مدرّس واعٍ ذكي قادر على ترجمتها على أرض الواقع . ويتبين لنا من الخصائص اللازمة في المعلم المسلم بأن مهنة التعليم ليست أمراً سهلاً يقوم به كل من يقرأ ويكتب، أو قل بإمكان أي فرد مهما كان بناؤه النفسي والاجتماعي أن يكون معلماً ناجحاً في عمله، إن عملية التعليم مهنة لها طبيعتها ومقوماتها ومشكلاتها وظروفها مما يستدعي معرفة فنية وتخصصاً مهنياً معيناً.
والحمد لله رب العالمين
فهرس الآيات
رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ ... (129) سورة البقرة ... ص2
لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ} ... (164) سورة آل عمران ... ص 3
فَبِمَا رَحْمَةٍ مِن اللهِ لِنْتَ لهم، ولو كُنْتَ فظَّاً غَلِيْظَ القَلْبِ لانفَضُّوا مِن حَوْلِك ... ( 159) سورة آل عمران ... ص 11
وقل رب زدْنِي عِلْماً ... (114) سورة طه ... ص 10
قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ ... (9) سورة الزمر ... ص3(1/20)
يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ... (11) سورة المجادلة ... ص 3
فهرس الأحاديث
إنّما بُعثت معلّماً ... ص3
العلماء ورثة الأنبياء، والأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً... ... ص 3
اللهم إنّي أعوذ بك من علم لا ينفع ... ص 1
فهرس الأشعار
قم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولاً ... ص3
المصادر والمراجع
القرآن الكريم
1 ... الأبراشي ( محمد عطيّة )، التربية الإسلامية وفلاسفتها، الطبعة الثانية، القاهرة، عيسى البابي الحلبي وشركاؤه، 1969م.
2 ... أحمد ( المبروك عثمان )، طرق التدريس، الطبعة الثانية،كلية الدعوة الإسلامية،1990م.
3 ... الألباني ( محمد ناصر الدين )، صحيح وضعيف الجامع الصغير وزيادته، المكتب الإسلامي.
4 ... الأهواني ( أحمد فؤاد )، التربية في الإسلام أو التعليم في رأي القابسي، القاهرة، عيسى البابي الحلبي وشركاؤه، 1955م.
5 ... بشارة ( جبريل )، تكوين المعلّم العربي والثورة العلميّة التكنولوجيّة، الطبعة الأولى، بيروت، المؤسسة الجامعيّة للدراسات والنشر والتوزيع، 1986م.
6 ... التومي ( عمر محمد )، من أسس التربية الإسلاميّة، الطبعة الأولى، طرابلس الجماهيريّة، المنشأة الشعبيّة للنشر والتوزيع والإعلان، 1979م.
7 ... الجقندي ( عبدالسلام )، المرشد في طرق التدريس العامة، الطبعة الأولى، طرابلس الغرب، منشورات كليّة الدعوة الإسلاميّة، 2001 م.
8 ... الجقندي ( عبدالسلام )، دليل المعلم العصري في التربية وطرق التدريس، الطبعة الأولى، دمشق-سوريا، دار قتيبة، 2008م.
9 ... جمال ( أحمد محمّد )، " نظرية التربية الإسلاميّة"، مجلة قراءات في التربية الإسلاميّة، المنظمة العربيّة للتربية والعلوم والثقافة، إدارة التربية تونس، 1982م.
10 ... الحمادي ( عبدالله علي )، هيبة المعلّم بين الواقع والطموح، الطبعة الأولى، بيروت-لبنان، دار ابن حزم، 2004م.(1/21)
11 ... طعمية ( رشدي )، المعلم كفاياته- إعداده- تدريبه، دار الفكر العربي، 2006م
12 ... القزويني ( محمد بن يزيد )، سنن ابن ماجه، بيروت-لبنان، المكتبة العلميّة، (ب،ت) (ب،ط)
13 ... الكيلاني ( ماجد عرسان)، التربية والتجديد وتنمية الفاعلية عند المسلم المعاصر، الطبعة الأولى، بيروت-لبنان، مؤسسة الريّان للنشر والتوزيع، 1997م.
14 ... مرسي ( محمد منير )، إدارة وتنظيم التعليم العالي العام، القاهرة، عالم الكتب، 1974م
15 ... وودرنج ( بول )، اتجاهات حديثة في إعداد المعلّم، ترجمة دكتور حسين سليمان قورة، الطبعة الثانية، 1978م.
المحتويات
الموضوع ... الصفحة
المقدمة ... .......................................................... ... 1
أهميّة دور المعلم ... .......................................................... ... 2
مفهوم الإعداد ... .......................................................... ... 4
أهمية الإعداد ... .......................................................... ... 4
خصائص وصفات المعلم المسلم ... .......................................................... ... 6
المعلم قبل الخدمة ... .......................................................... ... 6
التربية العامة ... .......................................................... ... 6
التربية التخصصية ... .......................................................... ... 6
التربية الفنية ... .......................................................... ... 7
النظام التتابعي المجرد ... .......................................................... ... 7
النظام التكاملي ... .......................................................... ... 8
الخصائص الجسديّة ... .......................................................... ... 8
الخصائص العقلية والعلميّة ... .......................................................... ... 9(1/22)
الخصائص الخُلقيّة ... .......................................................... ... 10
الخصائص المهنيّة ... .......................................................... ... 11
الخصائص الاجتماعية ... .......................................................... ... 12
الخصائص القيادية ... .......................................................... ... 13
الخاتمة ... .......................................................... ... 15
فهرس الآيات ... .......................................................... ... 16
فهرس الأحاديث ... .......................................................... ... 16
فهرس الأشعار ... .......................................................... ... 16
قائمة المصادر والمراجع ... .......................................................... ... 17
المحتويات ... .......................................................... ... 18(1/23)