في بداية رؤيتنا هذه، لابد من التوضيح بأنّ إسرائيل ليست إلا كياناً صهيونياً دخيلاً في منطقتنا العربية والإسلامية، وهذا الدخيل ينبغي أن يقاوَم بكل السبل الممكنة، حتى تحرير فلسطين العربية المسلمة.. كل فلسطين، من البحر إلى النهر.. وإنّ الكيان الصهيوني هذا، ليس إلا خليةً سرطانيةً زرعها الغرب في قلب العالَم العربي والإسلامي، لتحقيق أهدافه في استمرار التجزئة والفرقة والتشتّت والاحتقان، والحيلولة دون بروز دولةٍ موحَّدةٍ قويةٍ حضاريةٍ مدنيةٍ ذات مرجعيةٍ إسلامية.. وإننا على اقتناعٍ تامٍ بأنّ المشروع الصهيوني يسير إلى زوال، نتيجةً حتميةً لطبائع الأشياء، ولاستمرار سُنَنِ الله عز وجل في أرضه.
كل ما يصيب الكيان الصهيوني من مصائب، وكل ما ينال جنودَه المغتَصِبين من أذىً وسوء.. كل ذلك يُفرِحنا ويُرضينا، ويجعلنا أرسخ اقتناعاً بأنّ هذا الكيان المسخ، ليس إلا أكذوبةً ضخّمها تخاذل الأنظمة العربية والإسلامية، وتواطؤها، والاكتفاء بشعاراتها المزيّفة التي تدعو إلى العمل على تحرير الجولان وفلسطين ويأتي في طليعة هؤلاء المتاجرين، النظامان : السوري، والإيراني الفارسي، وأذنابهما من حَمَلَة المشروع الصفوي الشعوبي، الذين يُتاجرون بقضية المسلمين الأولى والأقدس حسبما تقتضيه مراحل تنفيذ مشروعهم الصفوي الفارسي المذهبي، الذي بدأ يأخذ مساراً تنفيذياً متسارعاً منذ بدء اجتياح العراق، واحتلاله أميركياً صفوياً صهيونياً، وذلك قبل أكثر من ثلاث سنوات ..!(2/203)
قبل أشهرٍ عدة، أُعلِنَ في دمشق عن انطلاق تحالفٍ استراتيجيٍ إيرانيٍ-سوري، ضمّ إليه حزب الله وبعض الفصائل الفلسطينية.. وقبل ذلك كانت اللعبة الصفوية الإيرانية مع النظام السوري.. قد بدأت معالمها تتوضّح على أرض العراق المحتلّ، بالتناغم مع المحتَلّ الأميركي، والتقاطع معه، بل التواطؤ الواضح معه.. مع احتفاظ كل جهةٍ من الجهات المتواطئة على أحلامها التاريخية في بناء نفوذها وسيطرتها على منطقتنا العربية والإسلامية.. ويمكن أن نشير هنا إلى خطورة الأحلام الفارسية الصفوية، التي يتواطأ معها النظام السوري وحزب الله والحركات الشيعية العراقية، من منطلقٍ طائفيٍ مذهبيٍ خالصٍ شديد الوضوح.. فتحوّل هذا التحالف المشبوه الجديد إلى مشروعٍ سرطانيٍ شديد الخبث، يفوق خطرُهُ على أمتنا العربية والإسلامية خطرَ الكيان الصهيوني نفسه.. وكان من أهم مظاهر هذا المشروع الشعوبي الصفوي
* حملات التطهير العرقي والمذهبي ضد أهل السنة العرب في العراق، التي اشتدّت في الأشهر الأخيرة، مترافقةً مع حملات التهجير الواسعة لهم من مناطق جنوبيّ العراق، وإطلاق الدعوات لتقسيم العراق على أساسٍ طائفيّ، مع استمرار تحريض المحتل الأميركي على شن حملات الاعتقال والأسْر والقتل والتدمير والمداهمات والتنكيل والتصفية، ضد أهل السنة العراقيين، وضد مساجدهم ومؤسّساتهم وأحزابهم وحركاتهم ..!
* التغلغل الفارسي الصفوي في العراق، بتعاونٍ كاملٍ مع المرجعيات الشيعية العراقية، خاصةً ذات الأصل الفارسي منها.. وذلك استخباراتياً وعسكرياً واقتصادياً وسياسياً ودينياً، بمباركةٍ أميركيةٍ ودعمٍ عسكريٍ ولوجستيٍ مهمٍ من قِبَل القوات المحتلة، إلى درجةٍ بدا معها العراق خاضعاً لاحتلالٍ فارسيٍ صفويٍ بالدبابة الأميركية ..!(2/204)
* التغلغل الشيعي الفارسي في سورية، واشتداد حملات التشييع في صفوف الشعب السوري المسلم السني، وتجنيس الفرس والعراقيين الشيعة، بمنحهم الجنسية السورية من قِبَل النظام الأسدي الحاكم.. وقد تجاوزت أعدادُهُم المليونَ حتى الآن، ويقيم معظمهم في منطقة (السيدة زينب) وما حولها في دمشق ..!
* بروز عمليات التزوير الفاضحة، للتركيبة الديموغرافية للشعب السوري، ولعل أشدها وضوحاً، تلك الدراسات الوهمية التي نشرتها المخابرات الطائفية السورية، عن أنّ المجتمع السوري هو مجتمع أقليات، وأنّ أهل السنة لا تتجاوز نسبتهم 45% من مجموع الشعب السوري، وأنّ هؤلاء منقسمون على أنفسهم!.. في محاولاتٍ وقحةٍ لتزوير التاريخ والجغرافية والديموغرافية السورية، مع أنّ الشعب السوري يتكوّن بغالبيته الساحقة من أهل السنة، وهذه إحدى الحقائق البدهية في سورية.. لكن أولئك القائمين على تنفيذ المشروع الصفوي الفارسي، يظنون أن تزويرهم للتركيبة الديموغرافية في العراق، على حساب أهل السنة الذين ما يزالون يشكّلون الغالبية هناك.. يظنون أنهم يستطيعون القيام بنفس الدور التزويري في سورية أيضاً.. شاهت وجوههم ..!
* التواطؤ الكامل والتآمر الخالص مع القوات الأميركية المحتلة، ولعل أبرز ذلك ما أصدرته المرجعيات الدينية الفارسية العراقية من فتاوي، تُحَرِّم مقاومة المحتل، وتُطلق الأبواب مُشرعةً لذبح أهل السنة في العراق، ووصفهم بالإرهابيين، من خلال أضخم مؤامرةٍ لتزييف الحقائق، وتشويه المبادئ الإسلامية والوطنية، التي تدعو لمقاومة المحتل وجهاده حتى يتم التحرير الكامل للأوطان والإنسان.. وما يزال هؤلاء يلعبون أدوارهم الخبيثة المستمَدَّة من دور (الطوسي وابن العلقمي) وغيرهما، مع جيوش المغول والتتار ضد الأمة الإسلامية، في أواخر عهود الخلافة العباسية ..!(2/205)
* اشتداد حملات الاعتقال التي ينفّذها النظام السوري الأسدي، ضد عرب (الأحواز) الإيرانيين، الذين لجأوا إلى سورية منذ عشرات السنين تحت شعارات القومية العربية التي يتدثّر بها حكام سورية، وتسليم بعض الشخصيات القيادية الأحوازية المعارِضة إلى مخابرات النظام الإيراني (خليل عبد الرحمن التميمي، وسعيد عودة الساكي، وغيرهما من القيادات الأحوازية العربية) .
* * *
كان لابد لهذا المشروع الصفوي من غطاءٍ مقبولٍ لدى شعوب المنطقة المسلمة، ولابد من تسريع خطاه وتمكينه من اللعب بعواطف الجماهير والشعوب العربية والإسلامية.. وليس هناك أفضل من قضية فلسطين واللعب بها وعليها وفيها.. من غطاءٍ تتوارى تحته النوايا الحقيقية لأصحاب هذا المشروع الشعوبي الخطير.. ولم يتأخّر عُتاة هذا المشروع في لعب لعبتهم بقضية المسلمين الأولى، التي -للأسف- انخدع بها أول مَن انخدع، بعض الحركات الإسلامية، التي انخرطت من حيث تدري أو لا تدري في تنفيذ هذا المشروع الشعوبي الاستيطاني الخطير، تحت شعاراتٍ زائفةٍ لم تنطلِ حتى على كثيرٍ من بسطاء الرأي العام العربي والإسلامي.. فتحوّلت تلك الحركات إلى ورقةٍ بيد أصحاب المشروع الأصليين، يحرّكونها حيثما أرادوا، وكيفما شاؤوا، وفي الوقت الذي يحدّدونه حسبما تقتضيه مصلحة مشروعهم الخبيث ..!
إذن، كانت هناك حاجة إلى اللعب بورقة القضية الفلسطينية الأقدس عند العرب والمسلمين، وفي نفس الوقت، مَدّ اليد البيضاء إلى العدوّ الصهيوني، ما استوجب على أركان المشروع الصفوي الفارسي اتباع الوسائل التالية :
1- إطلاق الرئيس الإيراني أكثر من مرةٍ شعاراً تجارياً فارغاً متهافتاً، بالدعوة إلى إزالة إسرائيل ..!(2/206)
2- الإعلان عن تحالفٍ إيرانيٍ سوريٍ مع بعض المنظمات الفلسطينية ذات السمعة العطرة بين الشعوب العربية والإسلامية، والإعلان عن تقديم مساعداتٍ ماليةٍ إليها في محنتها.. هذه المساعدات التي هي كالعادة غير موجودةٍ إلا في أذهان المتاجرين، وهي مساعدات لم تصل إلى أصحابها حتى الآن، ولن تصل في أي يومٍ من الأيام، لأنها ستبقى في إطار المتاجرة: [.. قال وزير الخارجية الإيراني (منوشهر متقي) في مؤتمر صحافي في طهران أمس: إنّ إجراءات المساهمة بخمسين مليون دولار لا تزال في مرحلة صنع القرار (بعد أربعة أشهر من الوعد).. ولم يتم سداد المبلغ الذي تحدثت عنه]!.. (نشرة المختصر في 11/7/2006م، نقلاً عن البيان)..
فالمساعدات الإيرانية المزعومة، ليست إلا شعاراتٍ ووعوداً زائفة، لأن ما يحرّك الصفويين الفرس هي النزعة الشعوبية الطائفية، التي تقضي بعدم تقديم أي عونٍ للحركات الإسلامية الفلسطينية السنيّة مهما كانت الظروف!..(2/207)
3- عَقْد لقاءاتٍ مشبوهةٍ للنظام السوري مع الصهاينة، التي بدأت بالمصافحة العار بين بشار الأسد ورئيس الكيان الصهيوني (كاتساف) أثناء جنازة بابا الفاتيكان، ثم تلتها التصريحات الصهيونية المتكرِّرة بأن النظام السوري هو خيار صهيوني ينبغي دعمه، والتصريحات الكثيرة لأركان النظام السوري بالرغبة في التفاوض مع الصهاينة.. مع قيام النظام نفسه بأشد حملات التطهير الوطني في تاريخه، ضد المواطنين السوريين من مختلف الاتجاهات الوطنية، والتآمر على التعليم الشرعي الإسلامي السني مع تشجيع أوكار التعليم الديني الشيعي الصفوي ومَدّها بكل الاحتياجات المعنوية والمادية، وبدء نسج علاقاتٍ مشبوهةٍ واضحة المعالم مع الصهاينة، كان آخرها اجتماع السفير السوري في لندن مع (استيل غيلستون) رئيسة الاتحاد الصهيوني في بريطانية (أخبار الشرق بتاريخ 12/7/2006م)، واستقدام حاخامٍ صهيونيٍ أميركيٍ ليلقي خطبةً في أحد أكبر جوامع حلب (الخليج الإماراتية بتاريخ 11/7/2006م ) .
4- تغلغل الموساد الصهيوني في العراق، بدعمٍ من الحكومة العراقية العميلة للاحتلال، وبتنسيقٍ مع ما يُسمى بالحرس الثوري الإيراني والميليشيات الصفوية الشيعية في العراق.. للقيام بعمليات اغتيالٍ للعلماء والضباط العراقيين السابقين والشخصيات الإسلامية السنيّة المؤثرة، وللقيام بأعمالٍ إرهابيةٍ إجراميةٍ شنيعةٍ بحق أهل السنّة في العراق، من اختطافٍ وتصفياتٍ وتعذيبٍ وقتلٍ على الهوية!..(2/208)
لقد اتحد الطائفيون لتنفيذ مخطّطهم الخاص، وأعلنوا عن هذا الاتحاد بتحالفٍ استراتيجيّ، وتقاسموا الساحات والأدوار، لإنجاز مخطَّطٍ واحدٍ متكاملٍ في الساحات الثلاث : العراق، وسورية، ولبنان.. لذلك أصبحت ممارسات أي جهةٍ من جهات هذا التحالف، لا تندرج إلا ضمن المشروع الكلي المتكامل، لتحقيق الأهداف الصفوية الشعوبية الخطيرة، في المنطقة الممتدة بدايةً، من إيران إلى لبنان، بما فيها العراق وسورية!.. لذلك، وبناءً على وحدة الحال والمخطّط والأهداف وتكامل الأدوار بين النظام الإيراني الشعوبي الفارسي، والنظام الأسدي السوري، والحركات الشيعية اللبنانية.. بناءً على ذلك فحسب، يمكن محاكمة الممارسات، ودراسة اتجاهها، وهل هي تصبّ في مصلحة الأمة العربية والإسلامية.. أم في مصلحة تنفيذ المخطط الصفوي الفارسي الشعوبي، للسيطرة على أوطاننا ومنطقتنا وشعوبنا وثرواتنا، وللقيام بحملات التطهير العرقي والطائفي ضد أهل السنّة في هذه المنطقة، ثم الانطلاق منها إلى منطقتي الخليج العربي وشمال إفريقية، للإطباق عليهما تماماً، ضمن أهدافٍ توسّعيةٍ خطيرة، تعيد أمجاد الصفويين والفاطميين، للسيطرة على بلاد العرب والمسلمين .(2/209)
ما معنى أن يزعل بشار الأسد في دمشق من الحكومة اللبنانية، فينسحب من تلك الحكومة خمسة وزراء شيعيون من حزب الله وحركة أمل.. ينسحبون من الحكومة ويجمّدون نشاطهم فيها؟!.. وما معنى أن يهتف الهتّافون في مؤتمر اتحاد المحامين العرب الذي انعقد في دمشق قبل أشهرٍ عدة.. يهتفون لحزب الله، ويرفعون عَلَمَه الحزبيّ الخاص في المؤتمر.. ولا يكون للبنان الدولة ظهور واضح ولا لحكومته ولا لِعَلَمِهِ الوطني؟!.. ولماذا يرفع (حسن نصر الله) صورة الفارسي (الخميني) فوق رأسه في مقرّ مكتبه؟!.. وقبل ذلك ما معنى جواب أحد قيادات حزب الله على سؤالٍ صحفيٍ في عام 1987م : [هل أنتم جزء من إيران] ؟!.. الجواب : [بل نحن إيران في لبنان، ولبنان في إيران]!.. (النهار اللبنانية بتاريخ 5/3/1987م).. على هذا الأساس إذن، وعلى هذه القراءة للواقع الذي يجري على الأرض حقيقةً دامغة.. ينبغي أن تُحَاكَمَ الأمور والأحداث الأخيرة التي فجّرها حزبُ الله ومَن وراءه من أركان الحلف الاستراتيجيّ الصفويّ الشعوبيّ.. ضد الكيان الصهيوني!..
---------------
إنّ هدف المشروع الصفوي الفارسي الشعوبي، هو السيطرة على العالَمَيْن العربي والإسلامي بَدءاً من إخضاع منطقة الهلال الخصيب (بلاد الشام والعراق)، وذلك باجتياحها ديموغرافياً ومذهبياً وتبشيرياً صفوياً وسياسياً وأمنياً وثقافياً واستيطانياً.. ويقوم هذا المشروع المشبوه على أركانٍ خمسة، هي :(2/210)
1- التواطؤ والتآمر مع القوى الغربية بزعامة أميركة إلى أبعد مدىً ممكن، لاجتياح بلادنا واحتلالها، وإفساح المجال لها ومساعدتها في السيطرة على أوطان المسلمين، والقيام بدورٍ خبيثٍ لا يقل خطورةً عن دور (ابن العلقمي) حين تواطأ مع هولاكو لاجتياح بلاد المسلمين.. وكل العالَم يعرف أنّ إيران كان لها الدور الأعظم في التواطؤ مع أميركة لاحتلال أفغانستان.. ثم العراق، والمسؤولون الإيرانيون صرّحوا بذلك بوضوح، بل افتخروا بذلك: (تصريح إيراني رسمي: لولا إيران لما احتلت أميركة العراق.. ولولا إيران لما احتلت أميركة أفغانستان).. وذلك لإضعاف أهل السنّة، ثم الانقضاض عليهم تحت مظلة المحتل الأميركي!..
2- اللعب بالورقة المذهبية الشيعية وإشعال فتيل الحرب الطائفية، والقيام بعمليات التطهير العرقي والطائفي، والعمل على تجزئة بلادنا، وتهجير أهل السنّة العراقيين من المحافظات التي يتداخلون فيها مع أبناء الشيعة، مع قيام المرجعيات الشيعية بدورٍ مُفسِد، بالتحريض على أهل السنّة وعلى مؤسساتهم التعليمية والدينية (الشيرازي يدعو خلال خطبةٍ مفتوحةٍ إلى تدمير مساجد أهل السنة، وقد قاموا فعلاً بتدمير مئات المساجد أو احتلالها وتحويلها إلى حسينياتٍ ومراكز شيعيةٍ صفوية ).
3- اغتيال الكفاءات السنيّة العلمية والعسكرية والدينية، وممارسة كل الجرائم بحقهم، لترويعهم وتهجيرهم والتشفي منهم!..
4- الاجتياح الديموغرافي الشيعي الصفوي، كما يحصل في سورية بشكلٍ خاص، تحت تغطيةٍ كاملةٍ يقدّمها النظام الأسدي الحاكم، وكما يحصل بشكلٍ أو بآخر في لبنان والأردن، فضلاً عن العراق.. إضافةً إلى حملات التبشير الشيعي في صفوف أهل السنة ..!
5- افتعال الصدامات الكاذبة مع العدو الصهيوني، واستفزازه ليقوم بتدمير بلادنا، ثم لتخلو لهم الأجواء للّعب بأوراقهم الصفوية، وتسهيل تحقيق أهدافهم الشرّيرة، تماماً كما فعلوا ويفعلون في أفغانستان والعراق حاليا ..! ً(2/211)
إن المشروع الصفوي الشيعي يشبه المشروع الصهيوني في معظم وجوهه، لكنه أشد خطراً من المشروع الصهيوني، فهو مشروع استيطاني قومي فارسي مذهبي متطرّف.. لا يقبل أصحابه بأقل من إبادة المسلمين من أهل السنة إبادةً تامة.. وهو مشروع يحمل أحقاداً تاريخيةً ضخمة، ويقوم على خزعبلاتٍ دينيةٍ مذهبية، ركنها الأساس: تشويه الدين الحنيف، وإشاعة الأباطيل والخرافات عن الإسلام، ونشر الفساد المذهبي القائم على نشر ما يعرف لديهم بمصحف فاطمة، وزواج المتعة، وتأليه الأئمة، وشتم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتحريف القرآن الكريم والسنّة المطهّرة، وتكفير المسلمين من أهل السنّة.. لذلك كله فهو أخطر من المشروع الصهيوني اليهودي، وأخطر من المشروع الغربي الأميركي الاستعماري.. وإن كان من الواجب على العرب والمسلمين مقاومة المشروعَيْن الصهيوني والأميركي.. فإن دواعي مقاومة المشروع الصفوي الفارسي الشعوبي أشد وأقوى ..!
إنّ الساحات الأربعة التي اختارها الطائفيون الصفويون بدايةً لتحقيق أهدافهم، يسير فيها مخطَّطهم حالياً بالشكل التالي :
1- في الساحة الإيرانية : عمليات تطهيرٍ واسعةٍ لأهل السنة في إيران، مع قَمعهم والتنكيل بهم، واستباحتهم مع أموالهم وأعراضهم ومساجدهم (طهران كلها ليس فيها مسجد لأهل السنة) .(2/212)
2- في الساحة العراقية : تكامل بالأدوار مع المحتل الأميركي، وتدمير العراق ومحاولات تجزئته، وتسليط سَفَلَة الميليشيات الشيعية على أهل السنة، والقيام بأضخم عملية تطهيرٍ وتهجيرٍ ضد أهل السنة، مع اتباع عمليات إبادةٍ منظَّمةٍ ضدهم، وتزوير النسب المئوية لسكان العراق، بنشر الأكاذيب والدراسات المزيّفة التي تزعم أن الشيعة هم الأغلبية، مع اجتياحٍ فارسيٍ شيعيٍ استيطانيٍ للعراق لقلب نسبة الأغلبية السنية (52%) لصالح الأقلية الشيعية!.. ولابد أن نذكر في هذا المجال، شدة الحملات الشعوبية المسلّحة ضد إخواننا الفلسطينيين الذين يعيشون في العراق، من مداهماتٍ وقتلٍ واعتقالٍ ونهبٍ وانتهاك أعراضٍ ومصادرة بيوت السكن.. إلى درجة أنّ الفلسطينيين في العراق باتوا يعانون أكثر مما يعانيه إخوانهم تحت سوط الاحتلال الصهيوني، ويتمنّون أن يعودوا إلى فلسطين حتى تحت وطأة الاحتلال الصهيوني ..!
3- في الساحة السورية : يقوم النظام الأسدي الحليف الاستراتيجي لإيران، بحملات اعتقالٍ وتصفيةٍ واسعة النطاق ضد الشعب السوري، ويحاصر المؤسسات التعليمية الإسلامية، مع إفساح المجال لمؤسّساتٍ شيعيةٍ وليدةٍ مشبوهة.. مع أنّ الشيعة في سورية لا وجود لهم.. كما يقوم النظام بتغطية أعمال التبشير الشيعي في صفوف المسلمين السوريين، وبتجنيس الوافدين الشيعة من إيران والعراق وتوطينهم في سورية، والتضييق على عرب (الأحواز) اللاجئين إلى دمشق.. كما يقوم النظام بمدّ اليد للصهاينة والأميركيين، وبحملات القمع والبطش بحق أبناء الشعب السوري، وبجعل سورية قاعدةً للتآمر على لبنان والأردن، وباستخدام الورقة الفلسطينية لصالح الحلف الشعوبيّ الشرّير ..!(2/213)
4- في الساحة اللبنانية : لَعِبُ حزب الله وحركة أمل الشيعية بورقة المقاومة المزيَّفة، للمحافظة على السلاح في أيديهما، ولخلط الأوراق السياسية في لبنان لصالح أركان الحلف الصفوي الفارسي.. وقيامهما بالتبشير الشيعي، واستفزاز إسرائيل لضرب لبنان كلما دعت حاجة أطراف المشروع الصفوي، مع محاولاتٍ مستمرةٍ لضرب وحدة لبنان، وتشكيل دولةٍ شيعيةٍ داخل الدولة اللبنانية!..
حين ننظر إلى المنطقة من إيران إلى لبنان وفلسطين، علينا أن نستجمع ما ذكرناه آنفاً من هذه الصورة المتكاملة لما يجري في الساحات الأربعة، وذلك لرسم المشهد الواضح الحقيقي، عن أهداف أي فعلٍ يقوم به أركان المشروع الصفوي الشعوبي في أي ساحةٍ من تلك الساحات.
وعلى هذا الأساس يجب أن ننظر إلى عملية حزب الله العسكرية الأخيرة، التي تم فيها خطف جنديَّيْنِ صهيونيَّيْن وقتل سبعة جنود.. فصورة الوضع قبل تنفيذ هذه العملية كانت على الشكل التالي :
1- اشتداد عمليات التطهير الإجرامي العرقي والمذهبي، التي تقوم بها الميليشيات الصفوية العراقية في العراق، بما في ذلك عمليات إبادةٍ وحشيةٍ ضد السكان الفلسطينيين، وعمليات تهجيرٍ لأهل السنة من جنوبيّ العراق (البصرة لم يبقَ فيها إلا 7% من أهل السنة بينما كانوا أكثرية منذ عشرات السنين، ونسبتهم كانت 40% قبيل الاحتلال الأميركي)!.. فضلاً عن انكشاف زيف شعارات الرئيس الإيراني (نجاد) الداعية لإزالة إسرائيل من الوجود!..
2- المقاومة الفلسطينية، وهي سنيّة بطبيعة الحال، خطفت كل الأضواء بأنها الوحيدة في ساحة الصدام مع الكيان الصهيوني، وذلك بعد عملية (الوهم المتبدّد) وخلال عدوان (أمطار الصيف).. إذ وصل الكيان الصهيوني إلى طريقٍ مسدودٍ لتحقيق أهدافه ضد الشعب الفلسطيني وفصائله المقاوِمة..!(2/214)
3- انكشاف تواطؤ حزب الله ضمن تواطؤ حليفه الإيراني.. مع الاحتلال الأميركي ضد المقاومة العراقية، ودخول الحزب في لعبة تشجيع الميليشيات الصفوية العراقية وتدريبها، وهي نفس الميليشيات التي تقوم بعمليات إبادة الفلسطينيين وأهل السنّة في العراق ..!
4- بداية انتكاساتٍ لحملات التشييع في سورية ولبنان، انعكاساً لانكشاف مواقف أركان الحلف الصفوي الشعوبي الداعم للصهاينة وللاحتلال الأميركي المرفوض شعبياً.. ثم بروز بوادر الاصطدام على النفوذ بين المشروعَيْن: الأميركي، والفارسي الصفوي.. في العراق..!
5- بداية تصلّب العود اللبناني الوطني، الذي ينعكس سلباً على النظام السوري بعد دحره من لبنان .. واشتداد ارتباك النظام السوري مع اقتراب توجيه الاتهامات الدولية الجازمة ضده، لتورّطه في اغتيال الرئيس (رفيق الحريري) رحمه الله!..
كان لابد من فعلٍ يحرف الأضواء والأنظار عما يجري في العراق بحق أهل السنة والفلسطينيين على أيدي الصفويين الشعوبيين، ولابد من خطف الأضواء من المقاومة الفلسطينية السنيّة التي كشفت عجز الجيش الصهيوني، ولابد من استعادة الثقة بعمليات التبشير الشيعي في المنطقة، ولابد من إعادة الاعتبار لأكذوبة (نجاد) بدعوته لإزالة إسرائيل ومقاومة الكيان الصهيوني، ولابد من التغطية على تواطؤ حزب الله بالعمل ضد المقاومة العراقية، ولابد من خلط الأوراق في لبنان لصالح الفوضى التي هدّد بنشرها رئيسُ النظام السوري بشار الأسد.. لابد من كل ذلك ولو على حساب لبنان.. كل لبنان، الرسمي والشعبي.. ولو أدى العبث واللعب إلى تدميره ..!
فلذلك.. ولتحقيق كل هذه الأهداف.. قام حزب الله -ثالث ثالوث المشروع الصفوي الفارسي- بعمليته أو مغامرته الأخيرة ضد الكيان الصهيوني!..(2/215)
هل نحن ضد عمليةٍ تنالُ من العدوّ الصهيوني؟!.. لا.. مطلقاً، نحن مع كل عملٍ يؤذي الكيان الصهيوني الغاصب ويُضعفه ويضع من هيبته!.. لكننا لا نقبل أن تندرج هذه العملية في مسلسل تحقيق أهداف المشروع الأخطر من المشروع الصهيوني في بلادنا، ولا نقبل أن يتاجر القائمون بهذه العملية بقضية فلسطين، في نفس الوقت الذي يذبحون فيه الفلسطينيين ويستبيحون أرواحَهم ودماءهم وأعراضَهم وأموالَهم في بغداد.. ولا نقبل مطلقاً أن يعبث الصفويون بأمن سورية ولبنان في سبيل تحقيق أهدافهم الدنيئة.. ولا نقبل أبداً أن يتم تدمير لبنان وتقتيل أبنائه وأطفاله ونسائه، بتحريضٍ واستفزازٍ يمارسه أصحاب المشروع الصفوي الفارسي وينفّذه أصحاب المشروع الصهيوني.. ولا نقبل أن يقومَ الصفويون الجدد بالترويج لأنفسهم زوراً وتزييفاً، بأنهم أصحاب مشروعٍ مقاوِم، بينما هم يمالئون المشروعَيْن الأميركي والصهيوني على رؤوس الأشهاد وفي وضح النهار.. ولا نقبل في أي وقتٍ من الأوقات أن تنحرف الأنظار عن جرائم الصفويين بحق أهلنا وشعبنا المسلم في العراق.. ولا نقبل أن تُستَخدَم مثل هذه العمليات المشبوهة، في كسب الوقت لبناء القنبلة النووية الإيرانية الصفوية، التي ستُستَخدَم لخدمة المشروع الشرّير ضد العرب والمسلمين، وضد أوطانهم وثرواتهم وأموالهم وأعراضهم!..(2/216)
فتِّشوا في أوراق التاريخ كله، فلن تجدوا ما يفيد بأن إيران الفارسية قد دخلت معركةً أو حرباً مع الصهاينة.. أو حتى مع (الشيطان الأكبر) أميركة؟!.. لن تجدوا في التاريخ حَرفاً واحداً يفيد بذلك، بل سنجد أن إيران التي افتضح أمرها باستيراد السلاح الصهيوني والأميركي أثناء الحرب مع العراق (فضيحة إيران غيت).. هي نفسها إيران التي تقود الحلف الصفوي التوسّعي الاستيطاني التبشيري الجديد، وهي نفسها إيران التي تمالئ أميركة وتُعينها على استمرار احتلالها للعراق، وهي نفسها التي تتدخّل بالشئون الداخلية والشعبية السورية، وهي نفسها التي تُسخِّر النظام السوري لتصفية خيرة أبناء شعبه وشعب الأحواز، وهي نفسها التي تستخدم حزب الله في استجرار تدمير لبنان وتهديد أمنه واستقراره، وهي نفسها التي ما تزال عَينُها على الخليج العربي، وهي نفسها التي تحتل الجزر الإماراتية العربية الثلاث، وهي نفسها التي تحوّل الحركات الفلسطينية إلى ورقةٍ ولعبةٍ تلعبها متى أرادت على حساب أمن المنطقة العربية والإسلامية كلها ..!
لو كان أقطاب الحلف الصفوي الشعوبي الجديد القديم جادّين بمقاومة المحتل الصهيوني، فلماذا تبقى جبهة الجولان هادئةً وادعةً حتى الآن؟ ..!
لو كان حسن نصر الله وحزبه يهدفون إلى تحرير الأسرى اللبنانيين، فلماذا لا يقوم بمطالبة حليفه النظام السوري، بإطلاق سراح مئات المعتَقَلين والأسرى اللبنانيين الوطنيين الشرفاء من السجون السورية؟..!
لو كان أقطاب هذا الحلف الصفوي صادقين في شعاراتهم المتهافتة التي يروّجونها، فمَن هم الذين استقبلوا القوات الصهيونية بالأوراد والزهور وحبات الأرز.. عندما اجتاح الجيش الصهيوني جنوبيّ لبنان الشيعي في حزيران من عام 1982م؟!.. ومَن هم الذين استقدموا الجيشَ الأميركي الصهيوني حليفَ الصهاينة إلى العراق، واستقبلوه بنفس الطريقة، وما يزالون يتحالفون معه حتى ساعة كتابة هذه السطور؟ ..!(2/217)
لو كان حزبُ الله حريصاً على لبنان والدولة اللبنانية، وعلى اللبنانيين وأرواحهم ووحدتهم.. فلماذا يقوم بعمليته الاستفزازية الأخيرة دون علم الحكومة اللبنانية، التي أصدرت بياناً مساء يوم الأربعاء في 12/7/2006م، قالت فيه : (لا علم للحكومة اللبنانية بهذه العملية التي قام بها حزب الله) ؟!.. فكيف يقوم الحزب بعمليةٍ يعرف تماماً أنّ عواقبها ستمسّ لبنان كله، ما يتطلّب التنسيق الدقيق مع الحكومة اللبنانية الرسمية المسؤولة، لاتخاذ الإجراءات العسكرية والسياسية اللازمة لمواجهة العواقب الوخيمة المتوقَّعة على لبنان؟!.. ثم مَن يتّخذ قرار المواجهة ثم ينفِّذ هذه العملية انطلاقاً من الأراضي اللبنانية.. أحِزب الله وحكومَتا سورية وإيران.. أم الحكومة اللبنانية والدولة اللبنانية المستقلة ذات السيادة الكاملة على أراضيها؟..!
لو كان أصحاب عملية (الوعد الصادق) صادقين حقاً، بأنّ عمليتهم كانت للتخفيف عن أهلنا الفلسطينيين الذين يتعرّضون للعدوان الصهيوني في غزة، فلماذا يستبيحون أهلنا الفلسطينيين في بغداد، بشكلٍ أبشع وأشد إيلاماً ووحشيةً وامتهاناً وتنكيلاً؟ ..!
على العرب والمسلمين، حُكّاماً ومحكومين.. أن يستوعبوا حقائق المشهَد السياسي والأمني والمذهبي الحالي، ويستوعبوا خطورته الشديدة على الأمتَيْن العربية والإسلامية.. ثم أن يتخذوا الإجراءات اللازمة كلها، لمقاومة المشروعَيْن الخبيثَيْن : الصهيوني الأميركي، والصفوي الفارسي الشعوبي الأشد خبثاً وخطورةً، وتهديداً لوجودنا وديننا وحاضرنا ومستقبلنا ومستقبل أوطاننا وأجيالنا..!
*******************
حزب الله والرحمن أم حزب الطاغوت والشيطان ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(2/218)
أما بعد فإن دعاة الأهواء ما زالوا يجلبون على الأمة الإسلامية بخيلهم ورجلهم، ويتداعون عليها، مستغلين في ذلك ما تيسر لهم من سبل متعددة، ومنابر مضلة، من أندية وندوات، وإذاعات وقنوات، وشبكات للمعلومات، والتي يُظهر للناس في صباح كل يوم ومساء تحمل كل منكر ومُساء.
وفي ظل هذه الأجواء الكدرة والحياة المضطربة طمعت بنا الكلاب وافترستنا الذئاب بألسنة حداد وأقلام فاجرة أشد فتكًا من الأضراس والأنياب، وذمم عفنة أشد وساخة من المزابل الخراب.
ومما لاشك فيه أن هذا كله يوجب على العلماء والدعاة والمصلحين النفير خفافًا وثقالاً نصرة لهذا الدين ودفاعًا عن عقائد المسلمين وردًا لباطل هؤلاء وأمثالهم، ونقضًا لشبههم وكشفًا لفتنهم وتعرية لحالهم حتى لاتتداعى الأهواء على المسلمين تعثوا في الأرض فسادًا في فطرهم وتقصهم وحدتهم وتؤول بدينهم إلى دين مبتدع وشرع مصطنع، وهوى متبع.
ومن هذا الباب فقد كتبت هذا المقال ردًا على هؤلاء المفتونين ونصرة للسنة وقمعًا للبدعة، وبراءة للذمة.
وقد قال بعضهم للإمام أحمد بن حنبل إنه يثقل علي أن أقول: فلان كذا وفلان كذا، فقال رحمه الله: إذا سكت أنت وسكت أنا فمتى يعرف الجاهلُ الصحيحَ من السقيم.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: فالراد على أهل البدع مجاهد حتى كان يحيى ابن يحيى يقول: الذب عن السنة أفضل من الجهاد.
وقال ابن القيم رحمه الله: من حق الله على عباده رد الطاعنين على كتابه ورسوله ودينه، ومجاهدتهم بالحجة والبيان والسيف والسنان والقلب والجنان وليس وراء ذلك حبة خردل من الإيمان".
وصدق رحمه الله فقد قال الله تعالى: ((ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)) (النحل: 125).(2/219)
وروى أحمد وأبو داود والنسائي وصححه الحاكم ووافقه الذهبي من حديث أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم)).
ومن أخطر تلك الدعوات المبتدعة والصيحات المنحرفة في هذه الأزمان الغابرة دعوة فجة فاجرة تحمل آراء ساقطة وتنطوي على أفكار ضالة إنها الدعوة إلى التقريب بين السنة والرافضة بحجة اجتماع كلمة الأمة على مدافعة عدو الدين والملة "اليهود".
فأقول وبالله المستعان وعليه التكلان ومنه يطلب التوفيق إلى الحق والصواب:
سبحانك ربي هذا بهتان عظيم، إذ كيف يجمع ويقرب بين السنة والحق والنور والصفاء والخير، وبين البدعة والباطل والظلمات والكدرة والشر!! أين الثريا من الثرى ؟ وأين الذهب الإبريز من البُرا ؟ وأين ضياء الصدق من ظلمات الفجور؟ وأين الفردوس من هاوية الجحور ؟ وأين الرأس من الرجلين؟ وأين التاج من النعلين، وأين جيد الغزال من ذنب الكلب؟ وأين الصراط المستقيم من عمى القلب؟
((وما يستوي الأعمى والبصير * ولا الظلمات ولا النور * ولا الظل ولا الحرور وما يستوي الأحياء ولا الأموات إن الله يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من في القبور)) .
الحق أبلج والباطل لجلج ((وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقًا)).
أولاً : بيان حقيقة دين الرافضة الإمامية الإثنا عشرية:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في منهاج السنة عن الرافضة: هم أكذب طوائف أهل الأهواء، وأعظمهم شركًا، فلا يوجد في أهل الأهواء أكذب منهم ولا أبعد من التوحيد منهم حتى أنهم يخربون مساجد الله التي يذكر فيها اسمه فيعطلونها عن الجماعات والجمعات ويعمرون المشاهد التي على القبور.
وقال رحمه الله: وقد أتفق أهل العلم بالنقل والرواية والإسناد على أن الرافضة أكذب الطوائف، والكذب فيهم قديم.(2/220)
وقال رحمه الله: وأما الرافضة فأصل بدعتهم عن زندقة وإلحاد وتعمد الكذب كثير فيهم، وهم يقرون بذلك حيث يقولون: ديننا تقيه وهو أن يقول أحدهم بلسانه خلاف ما في قلبه وهذا هو الكذب والنفاق".
وهاك أخي المسلم نبذًا مختصرة وغيضًا من فيض من عقائدهم العفنة :
* تحريف القرآن، واعتقادهم أن القرآن الذي تكفل الله بحفظه محرف وناقص، وأن القرآن الكامل لدى الأئمة فقط.
فقد ألف حسين النوري الطبرسي كتاب (فصل الخطاب في تحريف كتاب رب الأرباب) وذكر فيه مجموعة كبيرة من أخبارهم التي تطعن في القرآن ثم قال: واعلم أن تلك الأخبار منقولة عن الكتب المعتبرة التي عليها معول أصحابنا في إثبات الأحكام الشرعية والآثار النبوية".
وروى الكليني في الكافي عن أبي بصير قال: (دخلت على أبي عبد الله فقال: إن عندنا لمصحف فاطمة عليها السلام قلت: وما مصحف فاطمة ؟ قال: فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات، والله ما فيه من قرآنكم حرف واحد).
* كتب السنة والآثار المعتمدة عندهم:
تفرد الرافضة بكتبهم المعتمدة عن جماعة المسلمين وهم لا يقرون بصحيحي البخاري ومسلم فضلاً عن كتب أهل السنة والمسانيد، ومن أهم كتبهم المعتمدة:
* الكافي للكليني.
* من لا يحضره الفقيه لمحمد القمي.
* تهذيب الأحكام للطوسي.
* الاستبصار فيما اختلف من الأخبار للطوسي.
قال محمد حسين آل كاشف الغطا في "أصل الشيعة وأصولها":
(إن الشيعة لا يعتبرون من السنة - أعني الأحاديث النبوية - إلا ما صح لهم من طرق أهل البيت، أما ما يرويه مثل أبي هريرة وسمرة بن جندب وعمرو بن العاص ونظائرهم، فليس له عند الإمامية مقدار بعوضة!!) .
* مكانة الأئمة عندهم :
بوب الكليني في كتابه الكافي عدة أبواب كثيرة بيّن فيه فضل الأئمة عندهم ومنها:
باب أنهم أعلم من الأنبياء عليهم السلام.
باب: تفضيلهم على الأنبياء وعلى جميع الخلق.
باب: أنهم يقدرون على إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص وجميع معجزات الأنبياء.(2/221)
وفي رواية عندهم: قال علي: السماوات والأرض عند الإمام كيده في راحته يعرف ظاهرها من باطنها وبرها من فاجرها" كتاب يوم الخلاص.
وقال عبد الله الممقاني في كتابه "مرآة الرشاد":
(وعليك بُني بالتوسل بالنبي وآله صلى الله عليهم أجمعين، فإني قد استقصيت الأخبار، فوجدت أنه ما تاب الله على نبي من أنبيائه من الزلة، إلا بالتوسل بهم).
وقال المجلسي في كتابه "البحار".
"وقد اتفقوا على عصمة الأئمة عليهم السلام من الذنوب صغيرها وكبيرها فلا يقع منهم ذنب أصلاً لا عمدًا ولا نسيانًا ولا الخطأ في التأويل ولا للإسهاء من الله سبحانه".
* عقيدتهم في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم أجمعين:
روى الكلني في كتابه الكافي عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان الناس أهل ردة بعد النبي إلا ثلاثة فقلت من الثلاثة ؟ فقال: المقداد بن الأسود، وأبو ذر الغفاري، وسلمان الفارسي".
وفي تفسير العياشي عن الفضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه السلام قال: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله لما قبض صار الناس كلهم أهل جاهلية إلا أربعة:
علي، والمقداد، وسلمان، وأبو ذر، فقلت فعمار؟ فقال: إن كنت تريد الذين لم يدخلهم شيء فهؤلاء الثلاثة" سبحان الله، وماذا عن الأئمة المهدين الخلفاء الراشدين أبي بكر، وعمر، وعثمان؟ إليك الجواب عند الرافضة:
روى الكليني في أصول الكافي عن أبي عبد الله في قول الله تعالى: ((إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى)) فلان وفلان وفلان "أي أبو بكر، وعمر، وعثمان" ارتدوا عن الإيمان في ترك ولاية أمير المؤمنين" وليس هذا فقط بل من أحبهم فهو كافر.
فقد روى المجلسي في كتابه "بحار الأنوار":
عن أبي علي الخراساني عن مولى لعلي بن الحسين، قال: "كنت معه في بعض خلواته، فقلت: إن عليك حقًا ألا تخبرني عن هذين الرجلين عن أبي بكر، وعمر؟
فقال: كافران، كافر من أحبهما".
* غلوهم في القبور وأصحابها:(2/222)
روى الكليني في الكافي: أتى رجل أبا عبد الله فقال له: إني قد حججت تسع عشرة حجة فادع الله أن يرزقني تمام العشرين، قال: هل زرت قبر الحسين عليه السلام ؟ قال: لا، قال: لزيارته خير من عشرين حجة!!
وفي كتاب منهاج الصالحين لعلي السيستاني:
"إن الصلاة في المشاهد أفضل من الصلاة بالمساجد بل قيل: إن الصلاة في مسجد علي ابن أبي طالب ضعفي الصلاة في المسجد الحرام".
وقال محمد الشيرازي في كتابه "مقالة الشيعة":
"ونعتقد أن النبي صلى الله عليه وآله والأئمة الطاهرين أحياء عند ربهم يرزقون، ولذا فإننا نزور قبورهم، ونتبرك بآثارهم، ونقبل أضرحتهم كما نقبل الحجر الأسود!! وكما نقبل جلد القرآن الكريم!!!".
* التقية:
قال المفيد في كتابه "شرح عقائد الصدق" التقية: كتمان الحق وستر الاعتقاد فيه، ومكاتمة المخالفين، وترك مظاهرتهم بما يعقب ضررًا في الدين أو الدنيا" والمخالفون هم أهل السنة.
ثانيًا: اعتقادهم في أهل السنة:
يعتقد الرافضة اعتقادًا جازمًا بأنهم هم وحدهم أهل الحق وأصحاب الجنة، وأن غيرهم وخصوصًا أهل السنة أهل الباطل وأصحاب النار.
ففي كتاب المحاسن: روى البرقي عن أبي عبد الله قال: ما أحد على ملة إبراهيم عليه السلام إلا نحن وشعيتنا، وسائر الناس منها براء".
وروى الكليني في الكافي عن علي بن الحسين: ليس على فطرة الإسلام غيرنا وغير شيعتنا، وسائر الناس من ذلك براء".
وفي كتاب ثواب الأعمال وعقابها عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله: مدمن الخمر كعابد الوثن، والناصب لآل محمد - أي السني - شر منه قلت: جُعلت فداك ومن أشر من عابد الوثن؟ قال: إن شارب الخمر تدركه الشفاعة يوم القيامة، وإن الناصب لو شفع فيه أهل السموات والأرض لم يُشّفعوا".
ثالثًا: هل يمكن للرافضة أن يتعايشوا مع أهل السنة ويخالطوهم ويناكحوهم ويصلوا معهم، ويقاتلوا معهم اليهود والنصارى؟ إليك الجواب من كتبهم.(2/223)
جاء في تفسير العياشي عن حمران قال: سمعت أبا عبد الله يقول في ذبيحة الناصبي واليهودي "لا تأكل ذبيحته حتى تسمعه يذكر اسم الله".
وروى الكليني في الكافي عن الفضيل بن يسار، قال: سألت أبا عبد الله عن نكاح الناصب؟ فقال: لا والله ما يحل".
وفي كتاب المحاسن النفسية عن الفضيل بن يسار قال: سألت أبا جعفر عن مناكحة الناصب والصلاة خلفه؟ فقال: لا تناكحه ولا تصل خلفه".
فيادعاة التقريب كيف ستعايشون الرافضة، وهم لا يرون حل ذبائحكم ولا جواز مناكحتكم، ولا صحة الصلاة خلفكم لأنكم في اعتقادهم كفار مخلدون في النار، وأن دولتكم دولة طاغوت في اعتقادهم بل إن القوم يذهبون إلى أبعد من هذا بكثير يا دعاة التقريب إنهم يعتقدون حل دمائكم ودماء غيركم من أهل السنة، وحل أموالكم وأعراضكم، وعدم أحقيتكم في العيش الكريم في الدنيا، ولا في دخول الجنة في الآخرة.
وفي الكافي عن أبي جعفر: "كل راية ترفع قبل راية القائم عليه السلام صاحبها طاغوت، وإن كان رافعها يدعوا إلى الحق".
وروى المجلسي في كتابه: "بحار الأنوار":
عن ابن فرقد، قال: قلت لأبي عبد الله ما تقول في قتل الناصب؟ قال: حلال الدم اتقي عليك فإن قدرت أن تقلب عليه حائطًا أو تغرقه في ماء لكي لا يشهد به عليك فافعل، قلت: فما ترى في ماله؟ قال: توله ما قدرت عليه.
وقال الخميني في كتابه "تحرير الوسيلة":
والأقوى إلحاق الناصب بأهل الحرب في إباحة ماغنمتم منهم، وتعلق الخمس به، بل الظاهر جواز أخذ ماله أين وجد، وعلى أي نحو كان، وإخراج الخمس منه" تأمل في التأكيد على إخراج الخمس!! نعوذ به من أهل الجشع.
ماذا تقولون يا دعاة التقريب بعد ما نقلت لكم من فتاويهم؟ أتأمنونهم؟ أتثقون بهم؟ وإذا كنتم لم تفيقوا بعد فاعلموا أن قتل جميع أهل السنة عقيدة ثابتة عند الرافضة ينتظرون تطبيقها في الواقع على أحر من الجمر".(2/224)
ففي كتاب يوم الخلاص قال الباقر: إذا قام القائم عرض الإيمان على كل ناصب، فإن دخل فيه بحقيقة وإلا ضرب عنقه".
وروى المجلسي في كتابه "بحار الأنوار" عن أبي عبد الله قال: إذا خرج القائم لم يكن بينه وبين العرب وقريش إلا السيف" لاحظ العرب وقريش فقط!!.
القوم عندهم عصبية فارسية ضد العرب، ولذلك أشد ما يكونون على عمر بن الخطاب لأن دولتهم دولة فارس سقطت في خلافته رضي الله عنه وللعلم فإن إيران تحتفل في هذه الأزمان بأعياد الدولة الفارسية "المهرجان - النيروز".
بل إن الرافضة يتولون "كسرى" ملك الفرس الذي مات على الشرك ويحرمونه على النار، ويشهدون له بالجنة، فقد روى المجلسي في كتابه "البحار" عن أمير المؤمنين "إن الله قد خلص كسرى من النار، وإن النار محرمة عليه".
وروى الأحسائي في كتابه "الرجعة" عن أبي عبد الله: لا يكون هذا الأمر حتى يذهب ثلثا الناس، فقيل له فمن يبقى؟ قال: ألا ترضون أن لا يبقى إلا أنتم".
وليس هذا فقط بل حتى الأموات من الصحابة الكرام، سينتقم الرافضة منهم على يدي مهديهم المنتظر!! فقد روى المجلسي في كتابه "بحار الأنوار" عن المفضل عن جعفر الصادق رواية طويلة في شأن المهدي المنتظر، وجاء فيها قال المفضل: يا سيدي ثم يسير المهدي إلى أين؟ قال: إلى مدينة رسول الله، فيقول: يا معشر الخلائق هذا قبر جدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون نعم يا مهدي آل محمد فيقول: ومن معه في القبر؟ فيقولون: صاحباه وضجيعاه أبو بكر وعمر، فيقول: أخرجوهما من قبريهما فيخرجان غضين طريين لم يتغير خلقهما، ولم يشحب لونهما، فيكشف عنهما أكفانهما، وأمر برفعهما على دوحة يابسة نخرة فيصلبهما عليها" سبحانك هذا بهتان عظيم، وحسبي الله ونعم الوكيل.(2/225)
يسلم من الرافضة ومهديهم المزعوم اليهود والنصارى والمجوس وسائر المشركين، إذ لا ذكر لهم في أخبارهم المكذوبة، ولم يسلم منهم خيار الخلق أصحاب رسول صلى الله عليه وسلم وأهل السنة والجماعة.
بل تسلم من الرافضة صوامع اليهود وكنائس النصارى ومعابد المجوسي والبوذية، ولا تسلم منهم بيوت الله "المساجد" بل حتى المسجد الحرام والمسجد النبوي لا يسلما من تخريبهم وإفسادهم فقد روى المفيد في كتابه "الإرشاد" عن أبي جعفر قال: إذا قام القائم سار إلى الكوفة فهدم بها أربعة مساجد، ولم يبق مسجدًا على وجه الأرض له شرف إلا هدمه وجعله جماء".
وفي رواية أخرى عن المفضل بن عمر أنه سأل جعفر الصادق: يا سيدي فماذا يصنع بالبيت؟ قال: ينقضه فلا يدع منه إلا القواعد الذي هو أول البيت".
وروى المجلسي في كتابه "البحار": إن القائم يهدم المسجد الحرام حتى يرده إلى أساسه، والمسجد النبوي إلى أساسه".
وبهذه الآثار يتبين للقاريء أن المهدي المنتظر للرافضة هو "المسيح الدجال" كما توصل إلى هذا الحكم الشيعي التائب حسين الموسوي صاحب كتاب "لله ثم للتاريخ" ويؤيد هذا القول ما جاء مصرحًا به في كتب الرافضة من أن القائم يحكم بحكم داود وسليمان، ويأتي بكتاب جديد، فقد روى الكليني في كتابه "الكافي" عن أبي عبد الله قال: إذا قام قائم آل محمد حكم بحكم داود وسليمان، ولا يسأل بينة".
وروى المجلسي في كتابه "بحار الأنوار": يقوم القائم بأمر جديد وكتاب جديد وقضاء جديد".
ويدعم هذا أن الدجال يخرج من أصبهان في إيران كما روى الإمام مسلم عن أنس ابن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يتبع الدجال من يهود أصبهان سبعون ألفًا عليهم الطيالسة".
وروى الإمام أحمد وأبو يعلى والطبراني عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يخرج الدجال من يهودية أصبهان معه سبعون ألفًا من اليهود عليهم السيجان".(2/226)
ولم يصبر الرافضة حتى يخرج القائم فقاموا بتطبيق هذه النصوص والآثار المعظمة عندهم والتي نسبوها إلى آل البيت ظلمًا وزورًا وكذبًا وبهتانًا، فعاثوا في الأرض فسادًا، ووالو التتار واليهود والنصارى، وعادوا أهل الإسلام، واستحلوا دماءهم وأموالهم وأعراضهم على مدى الأزمان.
ففي عام 317 هجم القرمطي أبو طاهر "القرامطة من الإسماعلية الذين ينسبون إلى الرافضة الإمامية" على الحجاج يوم التروية في منى، ونهب أموالهم وقتل الحجاج في المسجد الحرام ورمى القتلى في بئر زمزم حتى امتلأت بالجثث وخلع الحجر الأسود وأخذه معه إلى بلده هجر!!!
قال ابن كثير في البداية والنهاية في سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة لما قدم معز الدولة "بني بويه" وهي دولة الرافضة بغداد قبض على الخليفة المستكفي وسمل عينيه ثم أحضر أبا القاسم الفضل بن المقتدر بالله وبويع له بالخلافة ولقب بالمطيع لله، وضعف أمر الخلافة جدًا، حتى لم يبق للخليفة أمر ولا نهي ولا وزير أيضًا، وإنما الدولة ومورد المملكة ومصدرها راجع إلى معز الدولة.
قال الذهبي في السير "وضاع أمر الإسلام بدولة بني بويه" وذكر نعمة الله الجزائري الرافضي في كتابه "الأنوار النعمانية" أن علي بن يقطين الرافضي وهو وزير الرشيد قد اجتمع في حبسه جماعة من المخالفين - أي أهل السنة - فأمر غلمانه وهدموا أسقف الحبس على المحبوسين فماتوا كلهم، وكانوا خمسمائة رجل تقريبًا".(2/227)
وقال ابن كثير عن دولة الفاطميين الرافضية وفي ربيع الآخر من سنة ثنتين وأربعين وأربعمائة كتب جماعة من العلماء والقضاة والأشراف والعدول والصالحين والفقهاء والمحدثين، وشهدوا جميعًا بأن الفاطمين لا نسب لهم في ولد علي بن أبي طالب، وأن الحاكم بمصر الملقب بالحاكم بأمر الله هو وسلفه كفار فساق فجار ملحدون، زنادقة معطلون، للإسلام جاحدون، ولمذهب المجوسية والوثنية معتقدون، قد عطلوا الحدود، وأباحوا الفروج وأحلوا الخمور، وسفكوا الدماء، وسبوا الأنبياء، ولعنوا السلف وادعوا الربوبية" والتاريخ لا ينسى أبدًا ما أقدم عليه الوزير الرافضي ابن العلقمي من طعنة قذرة للأمة الإسلامية بخنجر الغش والخيانة حينما تمالأ هولاكو وأضعف جيش الخلافة العباسية، وسرح أكثر جنوده، ثم كاتب التتار، وحكى لهم حقيقة الحال، وكشف لهم ضعف الرجال، فحل بأمة الإسلام شر وبلاء، وقتل وسفك دماء، قال عنه ابن كثير "ما وقع من الأمر الفظيع الذي لم يؤرخ أبشع منه منذ بنيت بغداد وإلى هذه الأوقات، وقتل من الرجال والنساء والأطفال في بغداد ثمانمائة ألف وقيل ألف ألف وثمانمائة ألف وقيل ألفي ألف نفس فإنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم".
وحتى لا نذهب بعيدًا فإن جرائم الرافضة واعتداءاتهم على أهل السنة مازالت ماثلة أمام العيان في إيران والعراق ولبنان ويكفي أن يُعلم أنه يعيش في طهران عاصمة إيران (300 ألف) من أهل السنة، ومع ذلك لا يوجد فيها مسجد واحد.
وما الأحداث الدامية عند المسجد الحرام عن أذهان الناس ببعيد.
رابعًا: أوجه الشبه بين الرافضة واليهود:
إن المتأمل في صفات الرافضة واليهود ليرى وبشكل واضح وجلي أوجه التشابه والتطابق بين الطائفتين ولا غرابة في ذلك، وذلك أن الذي ابتدع مذهب الرافضة هو عبد الله ابن سبأ اليهودي.
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: "ولهذا شبهت الرافضة باليهود في نحو سبعين خصلة".(2/228)
وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في المنهاج عن الشعبي أنه قال: "أحذركم هذه الأهواء المضلة وشرها الرافضة،لم يدخلوا في الإسلام رغبة ولا رهبة، ولكن مقتًا لأهل الإسلام وبغيًا عليهم قد حرقهم علي رضي الله عنه بالنار، ونفاهم إلى البلدان، منهم عبد الله بن سبأ يهودي من يهود صنعاء، نفاه إلى ساباط، وآية ذلك أن محنة الرافضة محنة لليهود، قالت اليهود: لا يصلح الملك إلا في آل داود وقالت الرافضة: لا تصلح الإمامة إلا في ولد علي وقالت اليهود: لا جهاد في سبيل الله حتى يخرج المسيح الدجال وقالت الرافضة: لا جهاد في سبيل الله حتى يخرج المهدي، واليهود يؤخرون الصلاة إلى اشتباك النجوم، وكذلك الرافضة يؤخرون المغرب إلى اشتباك النجوم، واليهود يستحلون أموال الناس كلهم، وكذلك الرافضة، واليهود تبغض جبريل، وكذلك الرافضة.
واليهود حرفوا التوراة، وكذلك الرافضة حرفوا القرآن وكذلك وافقوا النصارى في خصلة، النصارى ليس لنسائهم صداق وإنما يتمتعون بهن تمتعًا وكذلك الرافضة يتزوجون بالمتعة ويستحلون بالمتعة.
وفضلت اليهود والنصارى على الرافضة بخصلتين:
سُئلت اليهود من خير أهل أمتكم؟ قالوا: أصحاب موسى.
وسُئلت النصارى: من خير أهل ملتكم؟ قالوا: حواري عيسى.
وسُئلت الرافضة من شر أهل ملتكم ؟ قالوا: أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، أمروا بالاستغفار لهم فسبوهم، فالسيف مسلول عليهم إلى يوم القيامة ودعوتهم مدحوضة، وكلمتهم مختلفة، وجمعهم متفرق، كلما أوقدوا نارًا للحرب أطفأها الله".
خامسًا: أوجه التعاون سياسيًا عسكريًا بين الرافضة واليهود:(2/229)
يرى الناس ما يحدث من تراشق كلامي بين الرافضة واليهود، وما يدعيه الرافضة في إيران ولبنان والعراق من دفاعهم عن مقدسات المسلمين وأعراضهم، وما يصدر من تصريحات رافضية نارية، وتهديدات وتوعدات لليهود، فيصدق بعضهم ذلك، ويعجبون بالرافضة ويصفقون لهم، ولست أدري ماذا سيقول هؤلاء حينما يعلمون بجزء من حقيقة العلاقة بين الرافضة ولليهود ومدى قوة التعاون العسكري بينهم، فإلى شيء بسيط من هذه الحقائق:
- تقرير أمريكي أعدته مصلحة الأبحاث التابعة للكونجرس الأمريكي، ونشرته الصحف في عام 1981م ومما جاء فيه "إسرائيل تهرب الأسلحة وقطع الغيار إلى إيران".
- تقرير المركز الدولي للأبحاث السلمية في "ستوكهول" وجاء فيه "زيادة الإنتاج الحربي لإسرائيل، ونسبة 80% من الصادرات الإسرائيلية هي صادرات أسلحة وقطع غيار إلى إيران" المصدر جريدة لوبانا الفرنسية.
- ذكر صحيفة الأوبزروف اللندنية في عام 1980م "أن إسرائيل تُرسل قطع غيار طائرات أف 14 وأجزاء مروحيات وصواريخ على متن سفن متوجة إلى إيران".
- أثبت العميل السابق في جهاز الاستخبارات البريطانية ريتشارد تملس في كتابه "الموساد": "وثائق تدين جهاز الموساد الإسرائيل بأنه زود إيران بكميات كيمائية".
- صرح وزير الخارجية الإسرائيلي ديفيد ليفي لجريدة هاآرتس اليهودية عام 1997م "أن إسرائيل لم تقل في يوم من الأيام إن إيران هي العدو".
- ذكرت وكالة رويتز في عام 1982م أن القوات الإسرائيلية لما دخلت بلدة النبطية لم تسمح إلا لحزب أمل الشيعي الاحتفاظ بمواقعه وكامل أسلحته.
- قال حيدر الدايخ وهو أحد القادة في حزب أمل الشيعي لمجلة الأسبوع العربي في عام 1983م: "كنا نحمل السلام في وجه إسرائيل ولكن إسرائيل فتحت ذراعيها لنا وأحبت مساعدتنا، لقد ساعدتنا إسرائيل على اقتلاع الإرهاب الفلسطيني من الجنوب".
- صرح ضابط إسرائيلي من المخابرات الإسرائيلية لجريدة معاريف اليهودية عام 1997م فقال:(2/230)
"إن العلاقة بين إسرائيل والسكان اللبنانين الشيعة غير مشروطة بوجود المنطقة الأمنية، ولذلك قامت إسرائيل برعاية العناصر الشيعية، وخلقت معهم نوعًا من التفاهم للقضاء على التواجد الفلسطيني، والذي هو امتداد للدعم الداخلي لحركتي حماس والجهاد".
أقول: وإذا كان التعاون بين الرافضة واليهود بهذا الحجم، فهل يرجى يا معاشر المسلمين من الرافضة نصر للسنة وأهلها؟ لا والله لا يكون هذا، ولذا فإننا نقول: لا نحب الرافضة، ولا نواليهم ولا نناصرهم ولا نثق بهم ولا نقاتل معهم ولا نستكثر بهم من قلة، ولا نتقوى بهم من ضعف فإنهم الداء العضال والسم الزعاف والخطر العظيم والشر المستطير، على الإسلام والمسلمين.
وليحذر أهل السنة من الاغترار بما يرفعه الرافضة من شعارات، وما يتسمون به من مسميات، فإن المعول على ما عندهم من اعتقادات وما ارتكبوه في حق الأمة الإسلامية من خيانات، وما قدموه لليهود والنصارى والتتار من ولاءات.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في المنهاج:
ثم مع هذا الرافضة يعاونون أولئك وينصرونهم على المسلمين كما قد شاهده الناس، لما دخل هولاكو ملك الكفار الترك الشام سنة ثمان وخمسين وستمائة كانوا من أعظم الناس أنصارًا وأعوانًا على إقامة ملكه وتنفيذ أمره في زوال ملك المسلمين، وهكذا يعرف الناس عامة وخاصة ما كان بالعراق لما قدم هولاكو إلى العراق وقتل الخليفة وسفك الدماء، فكان الوزير ابن العلقمي والرافضة هم بطانته الذين أعانوا على ذلك بأنواع كثيرة، وهكذا ذكر أنهم كانوا مع جنكزخان إلى أن قال رحمه الله: فهذا أمر مشهود من معاونتهم للكفار على المسلمين، ومن اختيارهم لظهور الكفر وأهله على الإسلام وأهله.
فهذا وأمثاله قد عاينه الناس وتواتر عند من لم يعاينه، ولو ذكرت أنا ما سمعته ورأيته من آثار ذلك لطال الكتاب.(2/231)
وأقول: وها هو التاريخ يعيد نفسه بما قدمه الرافضة من ولاء ومناصرة لليهود والنصارى في العراق، للقضاء على أهل السنة، وإقامة دولة رافضية موالية لليهود والنصارى في أرض الفرات، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ورحم الله شيخ الإسلام ابن تيمية حيث يقول: "والرافضة ليس لهم سعي إلا في هدم الإسلام، ونقض عراه، وإفساد قواعده".
ولله در القائل:
لا تركنن إلى الروافض إنهم شتموا الصحابة دونما برهان
لعُنوا كما بغضوا صحابة أحمد ووداهم فرض على الإنسا
حب الصحابة والقرابة سنة ألقى بها ربي إذا أحياني
سادسًا: حكم أئمة الإسلام في الروافض الضلال:
ولما تقدم كله من فساد عقائد الرافضة، وخبث طويتهم وخطير زندقتهم على الإسلام وأهله، فقد بيّن الأئمة قديمًا وحديثًا حكم الرافضة وعظيم خطرهم.
قال طلحة بن مصرف: الرافضة لا تنكح نساؤهم ولا تؤكل ذبيحتهم لأنهم أهل ردة.
وقال الأوزاعي: من شتم أبا بكر الصديق فقد أرتد عن دينه.
وقال الشعبي: ما رأيت قومًا أحمق من هؤلاء الخشبية - الرافضة - لأنهم كانوا يقاتلون بالخشب حتى يخرج القائم - لو كانوا من البهائم لكانوا حُمُرًا، ولو كانوا من الطير لكانوا رَخَما. والرخم: جمع رَخمة، وهي من أقذر الطيور وألئمها.
وقال عبد الرزاق الصنعاني: الرافضي كافر.
وقال أشهب بن عبد العزيز: سُئل مالك عن الرافضة؟ فقال: لا تكلمهم ولا ترو عنهم فإنهم يكذبون.
وقال الشافعي: لم أر أحدًا أشهد بالزور من الرافضة.
وروى الخلال عن عبد الله بن الإمام أحمد، قال سألت أبي عن رجل شتم رجلاً من أصحاب النبي؟ فقال: لا أراه على الإسلام.
وقال الإمام أحمد في الرجل يشتم عثمان: هذا زنديق.
وقال القاضي عياض في كتابه الشفا في الرافضة: "ولقد كفروا من وجوه، لأنهم أبطلوا الشريعة بأسرها".(2/232)
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: من زعم أن الصحابة أرتدوا بعد رسول الله إلا نفرًا قليلاً لا يبلغون بضعة عشر نفسًا أو أنهم فسقوا عامتهم فهذا لا ريب في كفره لأنه مكذب لما نصه القرآن في غير موضع من الرضى عنهم والثناء عليهم، بل ومن يشك في كفره مثل هذا فإن كفره متعين".
وقال ابن القيم رحمه الله:
وكذاك أعداء الرسول وصحبه وهم الروافض أخبث الحيوان
نصبوا العداوة للصحابة ثم سموا بالنواصب شيعة الرحمن
وقال مفتي الديار السعودية سابقًا محمد بن إبراهيم رحمه الله: "ورافضة هذه الأزمان مرتدون عبدة أوثان".
وقال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: "الرافضة كفار وثنيون يعبدون آل البيت". وراجع المجلد الثاني ص370 من فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء لترى فتاوى اللجنة في الرافضة.
ولله در الإمام المحدث أبا زرعة حيث يقول: "إذا رأيت الرجل ينتقص أحدًا من أصحاب رسول الله، فاعلم أنه زنديق، وذلك أن الرسول عندنا حق، القرآن حق، وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنة أصحاب رسول الله، وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم أولى وهم زنادقة".
وختامًا: نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يحيينا على التوحيد والسنة ويتوفانا على ذلك وهو راضي عنا، وأن ينصر دينه ويعلي كلمته ويعز أوليائه ويخذل أعدائه، وأن يكفينا وإخواننا المسلمين شر الأشرار وكيد الفجار وطوارق الليل والنهار.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين،وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
***************
حقائق حرب لبنان الأخيرة
استمع إلى هذا التصريح من مصدر مسئول يقول صاحبه فيه : (المقاومة في لبنان ..أصبحت حرس حدود لإسرائيل) .(2/233)
ويقول أيضا : (إن المقاومة ... تقف الآن حارس حدود للمستوطنات الإسرائيلية، ومن يحاول القيام بأي عمل ضد الإسرائيليين يلقون القبض عليه ويسام أنواع التعذيب في السجون) هل تعلم أن قائل هذا الكلام ليس من أعداء حزب الله الرافضي..ولا من المحاربين له ..وليس من أهل السنة ..بل هو الأمين العام الأسبق لـ"حزب الله" وأحد المؤسسين لهذا الحزب ..وهو صبحي الطفيلي.. ويقول نصر الله في تجمع حضره مائة ألف في الجنوب بعد الانسحاب: إننا لسنا مسئولين عن فلسطين .. ويقول (سلطان أبو العينين) أمين سر حركة فتح في لبنان : لقد أحبط حزب الله أربع عمليات للفلسطينيين خلال أسبوع وقدمهم للمحاكمة، ويتابع: نعيش جحيماً منذ ثلاث سنوات ومللنا الشعارات والجعجعة.. ويضيف: أن هناك اتفاقا أمنيا بين الحزب وإسرائيل بعدم إطلاق النار وذلك بعد عملية الانسحاب ..وقد أكدت ذلك وكالات الأنباء..
فيا ترى ..هل يمكن أن يتغير منهج حزب الله بين عشية وضحها !! يقول الله تعالى: (( قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ )) (آل عمران: 118).
قال شيخ الإسلام : (وأما الرافضي فلا يعاشر أحداً إلا استعمل معه النفاق ؛ فإن دينه الذي في قلبه دين فاسد يحمله على الكذب والخيانة، وغش الناس، وإرادة السوء بهم، فهو لا يألوهم خبالاً ولا يترك شراً يقدر عليه إلا فعله بهم، وهو ممقوت عند من لا يعرفه، وإن لم يعرف أنه رافضي تظهر على وجهه سيما النفاق وفي لحن القول ، ولهذا تجده ينافق ضعفاء الناس ومن لا حاجة به إليه لما في قلبه من النفاق الذي يضعف قلبه..) [1](2/234)
أيها المسلمون : إذا أدركنا ذلك ..عرفنا اللعبة التي تحاك هذه الأيام ..وإن كان حزب الله لم يكن يتوقع أن تكون الضربة عليه بهذه القوة..وعرفنا الأهداف التي من أجلها جرت عملية حزب الله اللبناني الأخيرة..فما هي إلا تغطية على جرائمهم الهمجية بحق أهل السنة في العراق ولكأني أسمع صوت الشيخ حارث الضاري ..وهو يهتف بصوت عال وقد بدا الألم الممزوج بالغضب واضحًا على وجهه بأن ضحايا أهل السنة في العراق قد وصل عددهم إلى مئتي ألف !! مئة ألف منهم قتلوا على أيدي القوات الأمريكية ، والمائة الأخرى على أيدي الميليشيات الرافضية وبأوامر مباشرة من إيران .. و في البصرة أصبح الوجود السني يكاد لا يذكر - أقل من سبعة بالمائة ـ وقد كانوا قبل تهجيرهم يمثلون نسبة خمسة وأربعين بالمائة كما أعلن مكتب المفوضية العليا للانتخابات ، وعلى أبواب مدينة سامراء تجري عملية حشد مليونية لعناصر عبرت الحدود من إيران للهجوم على المدينة وتفريغها تمامًا من أهل السنة تحت ذريعة بناء ضريح ما يعرف بالإمام علي الهادي وأخيه العسكري ، وسُنة سامراء يطلبون المدد من الدول العربية ولا مجيب ..ولا حول ولا قوة إلا بالله .. وعصابات المهدي وبدر تعيث فسادًا في بغداد؛ تقتل الأبرياء، وتحرق المساجد صباح مساء .. وتستولي على منازل الضعفاء ، وتوطن الإيرانيين الغرباء ..في أكبر عملية إبادة جماعية يشهدها القرن الحالي، ولا سيما الفلسطينيون المقيمون في العراق فهم يواجهون مجازر فظيعة في بغداد وهجروا بالقوة من منازلهم في الأحياء القريبة أو ذات الكثافة الرافضية، وذلك عن طريق فيلق بدر وجيش المهدي المدعوم والمسلح من إيران.. فيا ليت شعري ما الفرق بين الفلسطينيين في العراق والفلسطينيين في فلسطين لو كانوا صادقين !! كما أن هؤلاء يريدون خطف الأضواء من المقاومة الفلسطينية السنيّة التي كشفت عجز الجيش اليهودي، والأهم من ذلك هو تحسين صورة الرافضة في العالم الإسلامي ..كي(2/235)
يحققوا آمالهم في قيام دولة رافضية تكون شوكة في حلق الأمة الإسلامية, وقاعدة لنشر مذهبها في أخطر بقاع الأرض وأكثرها ثراءً على الإطلاق .
أيها المسلمون : ولا يظن ظان أننا ضد أي عمليةٍ تنالُ من العدوّ اليهودي .. نحن مع كل عملٍ يؤذي العدو اليهودي الغاصب ويُضعفه ويضع من هيبته!..
لكن يا ترى ..هل نقبل أن تكون هذه العملية وسيلة لتحقيق المشروع الرافضي ؟!
وهل نقبل أن يتاجر الرافضة بهذه العملية بقضية فلسطين، و في ذات الوقت يذبحون إخواننا الفلسطينيين في بغداد ..ويستبيحون أرواحَهم ودماءهم وأعراضَهم وأموالَهم ؟!!
وهل نقبل.. أن يقومَ الرافضة بالترويج لأنفسهم زوراً وبهتانا ، بأنهم أصحاب المقاومة الباسلة ، بينما هم يمالئون الأعداء على رؤوس الأشهاد ؟!!
وهل نرضى أن تنحرف أبصارنا عن جرائم الرافضة بحق إخواننا في بلاد الرافدين ؟!!
أيها المسلمون : فتِّشوا في صفحات التاريخ الحديث كله، فلن تجدوا ما يفيد بأن إيران قد دخلت معركةً أو حرباً مع يهود.. أو حتى مع أميركا ؟! بل سنجد أن إيران التي افتضح أمرها باستيراد السلاح اليهودي والأميركي أثناء الحرب مع العراق ..هي نفسها إيران التي تقود المشروع الرافضي في المنطقة ، وهي نفسها إيران التي تمالئ أميركا وتُعينها على استمرار احتلالها للعراق، وهي نفسها التي تُسخِّر النظام السوري لتصفية خيرة أبناء شعبه ، وهي نفسها التي تستخدم حزب الله في تدمير لبنان وتهديد أمنه واستقراره، وهي نفسها التي ما تزال عَينُها على الخليج العربي، وهي نفسها التي تحوّل الحركات الفلسطينية إلى ورقةٍ ولعبةٍ تلعبها متى أرادت على حساب أمن المنطقة العربية والإسلامية كلها ..!
لو كان هؤلاء الرافضة جادّين في مقاومة المحتل اليهودي ، فلماذا تبقى جبهة الجولان هادئةً وادعةً حتى الآن ؟!(2/236)
أفيلق بعد هذا ..أن يغتر أقوام بهذا الحزب الرافضي ..ويصفق له بحماس ؟!! وتاريخهم الأسود شاهد على إجرامهم المنظم ضد أهل السنة.
حزب يعادي حواضرَنا وماضينا يا خدعة مجَّدت زوُرا وتلوينا
مرّت بنا من خُبثه فتنٌ من قُمِّ إيرانَ أصل السمّ يُسقينا
حزبٌ تسمى باسم الله منتسبا يزيّن الخبَث بالألقاب تزييّنا
يُكفّر الصّحْب والإسلام ينقضُه وينبذُ الوحيَ والإيمانَ والدّينا
ودينُه الرفض والعدوان ديْدنُه يلقّنُ الحقد للأجيال تلقينا
يقتّل النّاس مَنِ اسمٌ له عمرُ! والصدر من عمرَ مازالَ مشحونا
أليسَ من مخازي الدهر خنفسةٌ سوداءُ تطمع أن تؤذي الشواهينا؟
ظنُوا بأنّا نسينا ما جَنوْا عجباً وهل سفكُهمْ دَمَنا يا قومِ ينسينا
حلُّوا ببغداد في أكبادهم ظمأٌ إلى المذابح حتّى في المصلّينا
تركوا عذارى بأعراضٍ ممزقةٍ بصدرُوهنّ لهيبُ العار يُغلينا
وكمْ وكمْ مرّ قاتلُهم بجازعةٍ بموت طفلٍ قألقمها السّكاكينا
كأنهم نَفَسُ الشيطانِ أطلقه فهيّج الشرّ طُرّا والشياطينا
تعزّ يا حُر فالأيام مقبلةٌ فيها من النصر والآمال ما فينا
خذ الحياة مصابرة بلا جزعٍ فربَّ شرِّ غدا بالخير مقرونا
وربَّ منتفشٍ بالظلم منتظر مصارع الظلم أو لبّث به حينا
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم الخطبة الثانية
أيها المسلمون : وبعد أن عرفنا حقيقة المعركة ..وطبيعة الصراع ..فإنّ الموقف الشرعي مما يحدث في لبنان ما يلي :(2/237)
أولاً : أن نعلم أن هذه الحرب ما هي إلا حرب الأبالسة المعتدين، نسأل الله أن يسلطّهما على بعضهما ، ويخرجنا سالمين، فالمشروع الرافضي قد فعل في مسلمي العراق في إطار المؤامرة على تقسيمه، ما لم يفعله الصليبيون ، وقد أظهر من دفين أحقاده ، وسواد طويتّه، على الإسلام، ما أيقظ السادرين في غفلتهم ، ونبّههم إلى أنّ هذا العدوّ المتربّص الذي يظهر الدفاع عن الإسلام، هو أشدّ خطراً من العدوّ اليهودي الأمريكي نفسه ، مع أنّ هذا الأخير جاء يحمل من الأهداف الخبيثة، والكيد العظيم، والعزيمة على إطفاء نور هذا الدين ، أضعاف ما حمله أجداده من كفرة أهل الكتاب الحاقدين، وسيردهم الله تعالى خائبين بحوله وقوته (( يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ )) (التوبة : 32) .
ثانياً: يجب أن نتعاون جميعاً..في تعليم الناس خطورة هذا الحزب.. الذي يُحسن الجعجعة والمفرقعات الكلامية..كسبا لعواطف الأمة..ومن ثم ترويجهاً للمشروع الرافضي الذي كان سببا في سقوط الخلافة العباسية ودمار بغداد .
ثالثاً : الدعاء لأهل السنة والجماعة في العراق ولبنان وسوريا..أن يحقن الله دماءهم ..ويشفي جريحهم ..ويرحم موتاهم ..ويفك أسراهم ..ويفرج كربتهم .. وينصرهم على القوم الظالمين ..فهم في محنة وبلاء ..وكرب وعناء . ولنعلم جميعاً أن من أعظم أسباب النصر وكشف الشدائد الدعاء .. قال تعالى : ((أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ)) (النمل: 62)
.وقال تعالى في أهل بدر : ((إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ)) (الأنفال : 9).
رابعاً: مناصرة أهل السنة والجماعة بكل ما نستطيع كما قال النبي صلى الله عليه وسلم :((المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يسلمه ولا يحقره))[2].(2/238)
وقد أمر الله رسوله بتحقيق هذه الأخوة بين المسلمين ورعايتها فقال تعالى: (( وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً)) (آل عمران: 103) .
وقال صلى الله عليه وسلم: ((مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسم بالحمى والسهر))[3].
فدلت هذه الآيات والأحاديث بأنه يجب على المسلمين تحقيقاً لأخوة الإيمان التراحم والتناصر والتعاون على البر والتقوى، فيدخل في ذلك نصرة المظلومين، والتنفيس عن المكروبين، وإغاثة الملهوفين، ومواساة المضطرين، فمن هذا المنطلق نتوجه إلى عموم المسلمين أن ينصروا إخوانهم في فلسطين والعراق ولبنان من خلال بذل كل ما يستطاع مما يرفع المحنة، أو يخففها، وأول ذلك مواساتهم بالمال لسد حاجاتهم وتنفيس كرباتهم، وكفالة اليتامى والأرامل ، وعلاج مرضاهم.
ومن النصرة بذل النصح لهم، وحث المسلمين في الخطب والمحاضرات والمناسبات على الاهتمام بشأن إخوانهم..وتفقد أحوالهم ..
اللهم احقن دماء المؤمنين في العراق وفلسطين ولبنان وسائر بلاد المسلمين ..
__________
[1] (منهاج السنة : 3/260) .
[2] أخرجه مسلم .
[3] أخرجه البخاري ومسلم .
*******************
وقفات حول الأزمة المعاصرة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صلي وسلم عليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين وعلى آله أجمعين ، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً .(2/239)
أيها المسلمون: والأزمةُ القائمةُ الآن على المسلمين أزمةٌ كبيرة وخطيرة، ولو قال قائلٌ إنه لا مثيل لها في عصرنا الحاضر، وربما في الماضي لم يكن بعيداً عن الصواب ..
إنها أزمة في التحالف العالمي ضد الإسلام والمسلمين - مهما كانت المُسميات وأياً كانت المسببات، وهي أزمة في التخاذلِ لنصرة المسلمين، بل وأزمة في تحالفات المسلمين مع الكافرين.
إنها حربٌ عسكرية، وحربٌ أمنية، وحرب إعلامية ونفسية، وحرب على العقائد والقيم، وعلى الحريات والمبادئ، حربُ حضارات ،هي باختصار كما عبّر عنها رئيسُ وزراء ماليزيا (محاضير محمد) قائلاً: "إن أُولى حرب القرن هي ضد المسلمين وليست ضد الإرهاب" (المجتمع الكويتية 7-13/10/1422هـ).
الأزمةُ الراهنة - كما قيل - حربٌ هدفُها الحدُّ من انتشار الإسلام في أمريكا وأوروبا وغيرها من الدول غير الإسلامية فضلاً عن الحدِّ من نفوذ الإسلام وتأثيره في الدول الإسلامية.
ومع كل أسفٍ فالعدوُّ في هذه الحرب -جادٌ في حربه- لا يكتفي بالتهريج ولا يرضى برسم المخططاتِ وعقد المؤتمرات، بل انتقل إلى خطواتِ عملية، فالحربُ تُشعل في كل مكان وما لا يستطيع الغربُ أن يقوم به بنفسه يُقيم عنه بالوكالة من يُشعل فتيل الحرب، ولو كان بين أبناء البلد الواحد - وما يجري في اليمن السعيد - نموذج لهذا التأجيج الغربي للحرب بين العرب والمسلمين أنفسهم- وكم هو مؤلمٌ أن تطالعنا عناوين الصحف تحمل أرقاماً للضحايا بين أبناء البلد الواحد.. فعنوان يقول: اليمن تُشيع ثمانية عشر عسكرياً قتلوا في الاشتباكات في اليمن، وعنوان آخرُ يقول: الشرطة الفلسطينية وحماس تتبادلان الاتهامات بعد اشتباكات دامية استمرت خمس ساعات (الشرق الأوسط 6/10/1422هـ).(2/240)
وتلك بدايات نأمل أن لا تنجح سياسةُ الغرب في إشعالها في بلاد المسلمين، وفضلاً عن الحروب القائمة بالأصالة أو الوكالة فالغربُ وفي مقدمته أمريكا، يعتبر نفسه وصياً على أموال المسلمين وجمعياته الخيرية والداعية للإسلام، فما لم يتم صرفُه منها حسب الرغبة الأمريكية يتم تجميدهُ، ويُقال إن في (كندا) وحدها والتي لا يتجاوز عددُ المسلمين فيها 400 ألف جُمدت أموالُ ثلاثةٍ وثمانين منظمة إسلامية (المجتمع الكويتية/السابق ).
ولا يقف الحُدّ عند تجميد الأرصدة الإسلامية، بل والتصنيف الانتقائي للمنظمات الإسلامية، فما كان منها جاداً ونشطاً ومؤثراً، ولا يخضع للتوجيه الغربي يُحضر نشاطه ويُصنف ضمن قائمة الإرهاب ذلك المصطلح السحري الذي بات يختم على كل نشاطٍ وعلى كل منظمة وعلى الأرصدة، بل وعلى الأشخاص بالختم الذي يريد، ويُعطى إشارات القبول أو الرفض، بل الوجود أو السحق، والمؤشر الكاذب الإرهاب ؟!
فإن قُلت: وكيف تمضي هذه التصرفاتُ ؟ وهل تُجاز من العالم الإسلامي، أُجبت بأن الذل والهوان صيَّر العالم الإسلامي، كما قال الشاعر:
ويُقضي الأمرُ حين تغيب تيمٌ ولا يُستأذنون وهم شهودُ؟
أيها المسلمون : ولابد لنا في هذه الأزمة من وقفاتٍ وتنبيهات ودروسٍ وتوصيات :(2/241)
الوقفة الأولى: إن من استثمار هذا الحدث المعُلن فيه العداوة للإسلام والمسلمين أن تتوحد كلمةُ المسلمين وتجتمع قواهم، وإلا أُكلوا يوم أكل الثورُ الأبيض، وإذا كان هذا على مستوى الدول والأفراد والرؤساء والمرؤسين، فهو في جانب العلماء والدعاة أولى وأحرى، إذ أن مواقف العلماء والدعاة الموحدة تساهم بشكل كبير في توحيد صفوف المسلمين، وإذا لم يكن توحيدُ وجهة النظر فما أقل من تقاربها وتضيق هوّة الخلاف بينها ما أمكن فما أصيبت الأمة بداءٍ أضرُّ عليها من التنازع والاختلاف، ذلك الداءُ الذي أهلك الأمم الماضية قبلنا وحذرنا القرآنُ منه ومن الفشل الملازم له : (( وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ)) (الأنفال:46).
إن من المؤسف أن حدثاً كهذا الحدث تجتمع له الدوائر الغربيةُ، ويخطط الساسةُ له ويسهم في رسم فصوله أهلُ الرأي والفكر الغربيون في حين يبقى المسلمون فرادى في آرائهم متباينين في طروحاتهم، أفلا يستدعي حدثٌ كهذا اجتماعاً ودراسة وتشاوراً، لأمة قال الله بشأنها : (( وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ )) (الشورى:38).
وقال عنهم: ((وَلوْ رَدُّوهُ إِلى الرَّسُولِ وَإِلى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لعَلِمَهُ الذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ)) ( النساء:83).(2/242)
الوقفة الثانية: ولابد أن نستشعر جميعاً الخطر المحدق ونقف في خندقٍ واحد الحاكم والمحكوم، متفهمين ظروف المرحلة، مقدرين هدف العدو وحين تتفرق كلمةُ الأمة وأهدافها فذلك نجاحٌ للعدو، فكيف إذا اختلفت وجهاتُ النظر في الدولة الواحدة، لاشك أن ذلك مبدد للطاقة ميسر للعدو تحقيق أهدافه، وفي الأزمة الراهنة نجح الغرب في استخدام الأفغان بعضهم على بعض وجعل من رجالاتهم دروعاً واقية لرجالاته، ثم ذهب بمن شاء منهم إلى (بون) - وقبل أن تضعَ الحربُ أوزارها - حتى يحكمَ بما يريد وقبل أن يتسق الحكمُ لمن لا يريد، وجاءت الحكومةُ الأفغانية الجديدة بإشرافٍ أمريكي، بل قيل إنها حكومةٌ أمريكية وعضَّ أصابع الندم من همشوا وكانوا يتطلعون إلى مكافأتهم في الحكومة المشكلة، ومهما قامت هذه الحكومة المصطنعة بقوة الحماية والضمانة الأمريكية فلن يُقدر لها الاستمرار، ويتوقع أن تشهد الأيام القادمةُ منازعاتٍ وتصفياتٍ للحسابات ومصيبة أن يخسر المسلم دينه، فكيف إذا خسر الدنيا والآخرة ؟
الوقفة الثالثة: لابد أن يعي المسلمون أن الغرب - وفي مقدمته أمريكا وإنجلترا، لا صديق دائم لهم- بل صداقتُهم أو عداوتهم حسب المصلحة وهي متأرجحة حسب التسليم والإذعان للمقررات وحسب الانبطاح للتوصيات، ويشهد التاريخ الماضي والحاضر بتغير العلاقات مع الدول من صداقة إلى عداوة ومن تحالف إلى تخاصم وهكذا، وإذا كانت تلك شهادة الواقع التاريخي فشهادةُ العليم الخبير أوفى، (( وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً)) (النساء:122).
وقد حكم أن رضا اليهود والنصارى لا ينتهي دون إتباع ملتهم،(( وَلن تَرْضَى عَنكَ اليَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلتَهُمْ )) ( البقرة:120).
فهل يعي أهل القرآن وأهلُ الإسلام هذه الحقيقة، فتُبنى العلاقات على أساس من الوعي التاريخي والوعي الشرعي؟(2/243)
الوقفة الرابعة: ما سببُ الكره للغرب ؟ في إحدى العناوين البارزة لإحدى الصحف جاء هذا العنوان (صُناع الرأي العالمي يقولون) سياسات أمريكا الخارجية وراء كراهيتها، وتحت العنوان: أظهر استطلاعٌ للرأي أجرته مؤسسةً أمريكية بين صُناع القرار من السياسيين والإعلاميين ورجال الأعمال في خمس قارات أن سياسات أمريكا في العالم مسئولة عن هجمات 11 سبتمبر الماضي، وأعرب معظمُ صُناع القرار في أمريكا وبأكثرية ساحقة عن اعتقادهم بأن أمريكا مكروهةٌ بسبب دعمها لإسرائيل (الشرق الأوسط 6/10/1422هـ).
ويرى غيرُ الأمريكان أن سياسات أمريكا الظالمة وحيفها على المسلمين بالذات في عدد من البلدان وفي عدد من القضايا الإسلامية أوجد مناخاً واسعاً من الكره لها ولسياستها فهل يستثمر المسلمون هذه الاعترافات ويوسعون دائرة الكره وينفذون إلى الشعب الأمريكي لإبراز هذه الحقيقة وللمطالبة بكفِ عدوانها والحدِّ من سياساتها القمعية الظالمة، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ((يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ البَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ)) (آل عمران:118).
الخطبة الثانية
الحمد لله القوي العزيز، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إذا أراد شيئاً فإنما يقول له كن فيكون، وأشهد أن محمداً عبدهُ ورسوله، اللهم صل وسلم عليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين.(2/244)
إخوة الإسلام: بين إعلامنا وإعلامهم... تلك وقفة خامسة تستدعي مراجعةً لإعلامنا وأثره في خدمة قضايا الأمة الإسلامية، وتصوير حقيقة الصراع وأهداف ومخططات الأعداء، أو في كونه تبعاً للإعلام الآخر، يعتمد خبَره، ولا تكاد تميز تحليله، عن تحليل غيره، حتى غدا عديم الثقة، يفر المشاهدون والمستمعون والقراءُ إلى غيره بحثاً عن الحقيقة، الأمر الذي أوقع نفراً من المسلمين في إشكالية أخرى حين يثقون بمصادر ومعلومات عدوِّهم، ولا يميزون بين الصحيح والكذب والحق والباطل، فخسرنا إعلامنا وروَّجنا لإعلامهم .
وفي مقابل هذا الضعف والتبعية في الإعلام الإسلامي- إلا ما رحم ربك - فثمة إعلامٌ متفوق ومُضلل يختار الخبر، ويجيد التحليل، ويزور الحقائق، ويستخدم الإعلام وسيلةً من وسائل الحرب النفسية على الإسلام والمسلمين، وهل يُلام الذئبُ في عداونه ؟!
ولمزيد التفوق وفي سبيل تأجيج وتأكيد حرب الحضارات طالعتنا عناوينُ بعض الصحف تقول: الولايات المتحدة تطلق شبكة تلفزيونية لمخاطبة المسلمين، بست وعشرين لغة، ولتخاطب مواطني أربعين دولةً إسلاميةً حول العالم، وخصصوا لهذه الشبكة ميزانيةً تصلُ إلى نصف بليون دولار كبدايةٍ لتشغيلها (المحايد11/10/1422هـ).
وهكذا يثبت الإعلامُ الغربي - وخاصة الأمريكي- أهمية التوجه إلى الرأي العام الإسلامي، ويؤكد أن الصراع بين الحضارات أمرٌ واقع فهل نستوعب الدرس من هذه الاستعدادات الإعلامية، ووسائل الحرب النفسية، لا بمجرد الأماني والأحلام ولكن بالتخطيط الجاد وإتباع الأقوال بالأفعال ؟(2/245)
الوقفة السادسة: تجزئة النصر ومفهومنا للنصر ، في سبيل صراعنا مع أعدائنا لابد أن نفهم النصر بمفهومه الشامل، فليس النصرُ قصراً على الانتصار العسكري، وليست الهزيمةُ بسقوط دولةٍ أو قيامِ أخرى، بل مفهومُ النصر أشملُ من هذا وأوسع، ولابد من تجزئة النصر، فنصرُ المبادئ الحقة نصر، وانتصارُ الإرادة نصر، والقدرة على ضبط النفس حين الأزمات نصر، والاستفادة من دروس الهزيمة نصر، والتخطيط للمستقبل على ضوء مرئيات الواقع وتوقع المستقبل نصر، وقد لا تبدو آثارُ النصر عاجلاً ولكنها تظهر بعد حين - يُقال ذلك لأن نفراً من المسلمين قد يُصابون بنوع من الإحباط وهم يرون تفوق الأعداء وتحقيق بعض أهدافهم العسكرية، والسياسية، والاقتصادية، ولكن العقلاء يشهدون أن دولة ما قد تنتصر ظاهراً ولكنها مهزومة واقعاً وخُلُقاً، أجل لقد كشفت الأزمةُ المعاصرة - بشكل أكبر- عن هزيمة الغرب في قيمة ومبادئه، فحقوق الإنسان - عندهم - تحتضر والحريةُ والديمقراطية والمساواة عادت هياكل مجردةً عن معانيها، ومحكمة العدل، ومجلس الأمن، ومنظمات العفو الدولية، وما شابهها من هيئات ومنظمات غربية براقة تحطمت على صخور جبال الأفغان، وفي أرض البوسنة والهرسك وكوسوفا، وغرفت في مياه أندونيسيا، ولا تزال أرضُ فلسطين تشهد على غيابها بل تواطئها؟ ألا يعد ذلك هزيمةً للغرب ومبادئه وهيأته ومنظماته ؟
الوقفة السابعة: وفي ظل الضربات الموجعة والحصار والتهديدات للأمة لابد للمسلم من ركن شديد يأوي إليه، ويقيه ويحميه من السقوط والذوبان إنه الله القويُ الشديد، لابد من الاعتقاد الجازم بنصر الله إن عاجلاً أو آجلاً وكلما امتلأ الجو بالغبار والدخان وخيّم اليأس والإحباط فلابد للمسلم أن يتذكر قوله تعالى: ((أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ)) (البقرة:214).(2/246)
ولابد من الثقة بأن الأعداء مهما بلغ كيدُهم فكيدُ الله ومكرهُ أعظمُ من كيدهم ومكرهم، لكن لابد من الاتكاء على قاعدة الصبر والتقوى : (( وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ)) (آل عمران:120).
ولابد كذلك من إعداد العُدة الممكنة والمبينة في قوله تعالى: ((وَأَعِدُّواْ لهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ)) (الأنفال:60).
لابد من استثمار طاقات الأمة كلها برجالها ونسائها وبشبابها ورجالاتها وأصحاب التجربة فيها، لابد من بعث اليقين في النفوس، وتجديد الإيمان في القلوب، وتجريد العبودية لله وحده، والوقوف على مصادر القوة ومكامن الضعف.
لابد من استحضار النصوص الشرعية الواعدة والمبشرة ((هُوَ الذِي أَرْسَل رَسُولهُ بِالهُدَى وَدِينِ الحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلى الدِّينِ كُلِّهِ وَلوْ كَرِهَ المُشْرِكُونَ)) (الصف:9).
ومن مثل قوله تعالى: ((وَإِنَّ جُندَنَا لهُمُ الغَالِبُونَ)) (الصافات:173).
وقوله صلى الله عليه وسلم : ((لا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلى الحَقِّ لا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلهُمْ وَلا مَنْ خَالفَهُمْ )) .
وقوله: ((ليَبْلُغَنَّ هَذَا الدين مَا بَلغَ الليْلُ وَالنَّهَارُ، وَلا يَتْرُكُ اللهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلا وَبَرٍ إِلا أَدْخَلهُ اللهُ هَذَا الدِّينَ بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ، عِزّاً يُعِزُّ اللهُ بِهِ الإِسْلامَ وَذُلاً يُذِلُّ اللهُ بِهِ الكُفْرَ وَأَهْله)).
يا مسلمون: مصيبةٌ أن يتنادى اليهودُ والنصارى لعقائدهم ودياناتهم الباطلة ويظل المسلمون في غفلةٍ معرضون، معرضون عن الاعتزاز بدينهم والعمل لإسلامهم وغافلون عما يُراد بهم وما يُخطط لهم ولأجيالهم اللاحقة.(2/247)
إن الله قد حكم بأن لا يجعل للكافرين على المؤمنين سبيلاً لكن هل تحقق الإيمانُ فينا ؟ ولماذا نستغرب تسلّط الأعداء علينا ما دمنا لم نبلغ الدرجة التي يراد لنا.
إن المرحلة الراهنة والمستقبلة - فيما يظهر والعلمُ عند الله- ستشهد صراعاً بين العقائد والحضارات، وإذا كنا على ثقة بأن إسلامنا وحضارتنا فوق كل دين وحضارة، فهل نكون نحن المسلمون على مستوى هذا الدين، ونمثل حضارة الإسلام، ذلك هو التحدي المستقبلي وذلك هو الذي سيحدد نتيجة المعركة، وحجم المكاسب والخسائر، اللهم ردنا إليك رداً جميلاً، اللهم انصر دينك واعلِ كلمتك، واجعل الدائرة على الكافرين والمنافقين ، واجعل تدبيرهم تدميراً عليهم ، واكف المسلمين شرورهم ، وصلى الله على محمد .
*******************
( حزب الله ) بين الحقائق والدعايات
بينما تدور رحى المواجهات بين الحكومة الصهيونية وبين ( حزب الله ) اللبناني ، يحار كثير من الناس بين ما يعرفونه عن حقيقة الرافضة ومواقفهم المشينة ضد المسلمين وقد رأوا ذلك عيانا بيانا في العراق حيث قتل ما يزيد على مائتي ألف سني على يد الشيعة العرب والفرس على حد سواء ، وبين ما يجرى من ( مقاومة ) للقوات الصهيوينة وضرب لبعض الأهداف وقتل وأسر مما يفرح له المسلم !
الحقيقة التي يؤكدها التاريخ ويؤكدها النظر الصحيح للواقع الذي يأخذ بأطراف المشهد كله ويضعه في سياقه الصحيح ، هي أن ( حزب الله ) في الحقيقة حزب شيعي وإن كان هو بالفعل في هذه اللحظة يناوش "إسرائيل" ، لكن وفق أجندة تخالف أو تناقض أجندة المقاومة السنية لقوى البغي والعدوان, وللدقة أكثر نقول, أن ليس كل من يحمل بندقية ضد القوى الصهيوأمريكية هو قمين بأن نرفع له الأيدي بالتحية احتراماً وإجلالاً. ولو أراد الشيعة الرافضة بالمسلمين وقضاياهم خيرا لما حصل في العراق ما حصل من مجازر لأهل السنة !
كيف ترى التلبيس الحاصل للكثيرين تجاه هذه القضية ؟(2/248)
وكيف ترى أن إيران تحقق مكاسب سياسية ودينية من مثل هذه المواجهات ؟
وما دورنا في التوعية بهده القضية و إيضاح الحقيقة للناس ؟
*****************
من يقفون مع ( حزب الله ) لا يدرون شيئا عن لبنان !
بداية نرحب بالدكتور محمد السيد, ونقول له الحمد لله على السلامة, فقد قدم من لبنان قبل ثلاثة أيام تقريباً, ونسعد بلقائه,
ونبدأ حوارنا معه بطلب توصيف مختصر عن الوضع الحالي في لبنان في ظل الاعتداءات الصهيونية
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
أنا قدمت إلى لبنان قبل العملية التي قام بها حزب الله بيوم واحد, ثم بدأت العملية يوم الأربعاء، الحادي عشر من هذا الشهر، وكما هو معلوم بدأت بأسر جنديين من الجيش الإسرائيلي وقتل ثمانية وجرح ما يزيد عن عشرين جندياً إسرائيلياً.
قامت (إسرائيل) بعد ذلك بعملية همجية ومنهجية في آن واحد بقصف جميع البنى التحتية الموجودة في لبنان سواءً ما يتعلق بالمطار أولاً، مروراً بالطرق والجسور على مختلف المناطق اللبنانية، بحيث لم تسلم أي منطقة. واستطاعوا تقطيع أوصال البلاد والمناطق بحيث أن أهل كل منطقة لا يتحركون إلا في جزء صغير داخل منطقتهم، إضافة إلى قصف المصانع وقصف كثير من السيارات, وكثير من الشاحنات.
كما قصفوا المدنيين، وكان القصف طيلة الوقت وبمختلف الأوقات وبمنهجية غير طبيعية, ولكنه كان يركز بدايةً على البنى التحتية للدولة, ولم يكن يركز على حزب الله أو قيادته، ثم بعد ذلك بدأ يطال المناطق الشيعية التي فيها حزب الله، مثل ضاحية بيروت الجنوبية, وفي مناطق جنوب لبنان ومناطق صور وغيرها, بالإضافة إلى بعلبك في شمال البقاع, وحزب الله له تواجد كبير في هذه المناطق, وقد قصفت (إسرائيل) كثيرا من البيوت وكثيرا من المدنيين وكثير من المباني هناك، وحولتها إلى ركام, فضلاً عن استهداف الكثير من محطات الوقود على طول الساحل اللبناني وعرضه.(2/249)
وقد أدى القصف الى قتل وجرح المئات كما هو معلوم والى ترهيب الناس وإرعابهم إلى حد كبير جداً, وأصبح سبباً في تهجيرهم ونزوحهم, حتى خرج كثير من المصطافين الذين كانوا يتواجدون في مثل هذا الوقت من العام في لبنان, وكذلك خرج كثير من اللبنانيين ممن كانوا يستطيعون الخروج، وأدى هذا الأمر إلى موجة هجرة, ونزوح داخلي, من كثير من المناطق وخاصة في الجنوب اللبناني إلى مناطق أكثر أمناً بعيدة عن هذا القصف وهذا التدمير.
ما رأيته وسمعته واطلعت عليه في الواقع ومن وسائل الإعلام هو أن (إسرائيل) ضربت لبنان, ولم تضرب حزب الله, وبالتالي فإن حزب الله إلى الآن لم يتأثر .
نفهم من كلامك أن القصف الإسرائيلي طال أرجاء البلاد كلها، وتركّز على المناطق الشيعية, من أجل استهداف حزب الله, فهل تتوقع أن مقدرات حزب الله وممتلكاته وتواجده الإداري والتنظيمي في لبنان قد تأثر بمثل هذا الهجوم؟
ما رأيته وسمعته واطلعت عليه في الواقع ومن وسائل الإعلام هو أن (إسرائيل) ضربت لبنان, ولم تضرب حزب الله, وبالتالي فإن حزب الله إلى الآن _وأنا أتكلم الآن في اليوم الرابع عشر من الضربة_، لم يتأثر, ضربوا مقر مبنى الأمانة العامة لحزب الله, وضربوا مقر قناة المنار الفضائية, وحاولوا ضرب بعض المعاقل لبعض القياديين في حزب الله, لكن كل هؤلاء لم يكونوا في أماكنهم, وتم التصريح بأنه لم يصب أي أحد من الكوادر الحزب السياسية أو الإدارية أو العسكرية أو نحو ذلك, كل ما في الأمر أن حزب الله منظمة لا تملك مواقع دائمة على الأرض، وإنما هي مواقع يتحرك فيها جنود حزب الله من موقع إلى أخر ثم إلى أخر, وبالتالي يصعب على (إسرائيل) في اللحظة الحالية أن يصيبوا حزب الله في مقتل.(2/250)
وحزب الله يتوعد الجيش الإسرائيلي في المعركة التي بدأت منذ يومين تقريباً بأنهم سوف يقومون بمواجهة الجيش الإسرائيلي، بل هذا ما حدث حقيقةً حيث وقع التحام بري بين الجانبين. وحتى هذه اللحظة, لا يزال حزب الله يحتفظ فيما يبدو لي بقدر كبير من عدته وعتاده, ولا يزالون يعدون بكثير من المفاجئات غير المتوقعة للإسرائيليين.
لكن أين يتركز جنود حزب الله, الذي يهيئهم للمواجهة البرية, هل لهم أماكن معينة يمكن استهدافها؟
يتمركزون في جنوب لبنان، وفي تصريح كثير من الناس والمراسلين الذين يقولون لا نرى جنود حزب الله, لا نعرف أين هم, ولا ندري أين هم, ولا من أين يخرجون, وهذا يؤكد بأنهم ليسوا في مواقع ثابتة, ومحددة يمكن استهدافها بشكل دقيق.
لكن نعرف أن قناة المنار (قناة حزب الله) لا تزال تبث؟ هذا يبدو غريباً في ظل الأجواء العسكرية, وسهولة استهدافها من قبل اليهود, فهل هناك تفسير لهذا الكلام؟
يفسره شيء مهم جداً, أن حزب الله قد استعد لهذه العملية, منذ وقت مبكر, فقد صرح قادة حزب الله, بأنه قد استعدوا لها من قبل ستة أشهر, وهذا الاستعداد بدا واضحاً, من خلال مجموعة من الأشياء: منها ظهور مسئولي الحزب، وتناوب الخروج الإعلامي فيما بينهم, ابتعادهم عن المناطق الخطرة, وترتيب ذلك, قصف قناة المنار لم يجد شيئاً حيث أنها أعادت البث بعد وقت قليل جداً من استهدافها. ومن ذلك محاولة حزب الله البقاء في الصورة على جميع القنوات الفضائية, وخروج أمين الحزب, بأكثر من موقع برسائل صوتية ووسائل صور مباشرة, أكثر من مرة، بل أنه خرج في المرة الثانية ليعد الناس بقصف البارجة الإسرائيلية في الوقت الذي تقصف فيها, وهذا يدل على أن حزب الله استعد بشكل كبير لهذه العملية.(2/251)
ومن الناحية العسكرية والقتالية أيضاً قصف الحزب (إسرائيل) وشمال (إسرائيل) ووصل إلى أبعد من الشمال، حيث وصلت صواريخ حزب الله إلى مدينة حيفا الهامة إسرائيليا، والآن يعد حزب الله بقصف ما بعد حيفا. وهذا يدل على الاستعداد, وهناك أقوال كثيرة جداً وجدل سياسي كبير في لبنان, يشير إلى أن حزب الله استعد من خلال دعم سوري وإيراني، وأن إيران داخلة بقوة في هذا الأمر، وهذا ليس أمراً سرياً بل تحدث كثير من الجهات السياسية والإعلامية في لبنان عنه.
لكن في الماضي كانت تجري مناوشات عادية من جانب الجيش الإسرائيلي وحزب الله, من إطلاق القذائف والمواجهات البرية, لكن لم تكن تتعدى عمليات الرد الإسرائيلية أكثر من غارات, ربما تكون وهمية مع إطلاق قذائف ثم ينتهي الأمر, لكن هذه المرة, نرى أن الهجمة اليهودية هجمة كاسحة, وشاملة, وأنت قبل قليل, تقول بأن حزب الله قد استعد للمعركة بشكل جيد وأداؤه العسكري فيها معقول و ناجح الى حد ما. كيف نفسر هذا الأمر؟ هل هنا نوع من الاتفاق غير المعلن؟
نعم هناك من يقول, ونحن اللبنانيون في أكثر من موقع وأكثر من جهة, نشعر بأننا ضحية, بمعنى أن هناك من يرى أن هذا الصراع صراع إيراني أمريكي وبنفس الوقت, بأدوات حزب الله و (إسرائيل) على أرض لبنانية, ونحن اللبنانيين ضحية, فقد تم الزج باللبنانيين في هذه المعركة ولا ناقة لهم فيها ولا جمل, ولذلك فإن الحكومة اللبنانية أيضاً في أول إعلان لها بعد العملية, لم تتبنى العملية, وأيضاً أعلنت عدم علمها بهذا الموضوع, فبالتالي اللبنانيون يشعرون بأن هذا البلد ضرب كما أسلفت قبل قليل, ويعود اليوم إلى ما يقارب خمسين سنة إلى الخلف, من خلال ضرب بنيته التحتية, ويسأل اللبنانيون "لماذا؟", ما الفائدة التي سنجنيها حين نقاوم الآن (إسرائيل), وهل يستحق موضوع الأسيرين الذين اختطفها حزب الله كل هذا؟.(2/252)
وقبل ذلك فهل موضوع الأسرى اللبنانيين الموجودين في (إسرائيل) ونحو ذلك أيضاً, هل يستحق أن نفعل هذا الأمر دون ترتيب ودون دراسة ودون أن يكون هناك تأن في قرار السلم, وقرار الحرب؟ وبالتالي هناك من يرى بأن الملف النووي الإيراني حاضر وبشكل قوي, وتريد إيران أن تثبت أنها لاعب قوي في المنطقة, وأن المنطقة الإقليمية اللبنانية بيدها بشكل كبير جداً, وهناك من يرى أن المحكمة الدولية التي سوف تتشكل لمحاكمة قتلة الحريري قريبة جداً, وأن هذه المحكمة, أقرت بأنها ستقوم بإدانة بعض الأنظمة في المنطقة أيضاً, إذا هذا الأمر مهم جداً, أيضاً على الصعيد الآخر من ناحية الوضع العراقي، وهو ليس بعيداً عن الوضع اللبناني, فبالتالي هناك حاجة لإعادة بناء المنطقة من جديد, وهو ما قد يعبر عنه بولادة الشرق الأوسط الجديد. إذا فنحن أمام وضع جديد ومختلف, قد يكون هذا العمل أحد أسبابه الرئيسة.
لو رجعنا إلى الوضع الميداني, الآن تقولون هناك هجرة داخلية وهجرة خارجية, ما هي المناطق التي تعتبر آمنة نسبياً في لبنان؟
المناطق الأكثر أمناً هي شمالي لبنان, مثل منطقة طرابلس وما جاورها، والتي لا يزال الاستهداف فيها ولكن أقول بشكل عام قصف لبنان كله, لم يستثنى أي منطقة, ولكن لا تزال بعض المناطق أقل من غيرها, وطرابلس وعكار وهي من المناطق السنية. جبل لبنان لا يزال آمناً نوعاً ما, ثم بيروت, ثم جزء من منطقة البقاع.
والكل يعلم أن لبنان بلد صغير جداً, فالمسافات فيه متقاربة فيه بشكل كبير جداً, ولكن نتحدث عن المناطق الأكثر أمناً, وهي كما ذكرت لكم, مناطق أهل السنة.
ما يحصل الآن في الشارع العربي يبدو أنه احتفاء كبير بالمقاومة اللبنانية و اعتبار وتقدير لما تقوم به باسم الأمة، كما يقولون.(2/253)
كونك لبناني وجئت قريباً من هناك, بعد أن مكثت أياما تحت القصف: ما موقف المواطن اللبناني الذي يعاني جراء هذه الحرب مما يجري، حقيقة وليس كما يظهر في الإعلام؟ وما هو تقديره لحزب الله وقياداته؟ و هل ترى أن هناك ثمة أجزاء مهمة من الصورة غائبة عن المواطن العربي خارج لبنان؟
الإشكالية الآن أن الصورة هي كالتالي: (إما أن تؤيد (إسرائيل), وإما أن تؤيد حزب الله). حتى في لبنان هذه الصورة ليست موجودة, ولكن هناك من يقول بهذه العبارة, وقد عبر عنها كثير من الشخصيات السياسية في لبنان: (أننا نحن لسنا مع العملية, ولكننا الآن ضد (إسرائيل), ونحن نتوحد في مثل هذا العدوان, وبعد ذلك لكل حادث حديث, وسوف نقوم بمناقشة هذا الموضوع والبحث ومحاسبة المسئول) هذا ذكره كثير من الزعماء السياسيين في لبنان.
ولكن ماذا عن عامة الناس؟
الناس أيضاً كما قلت لكم يشعرون أنهم دخلوا في معركة ليس لهم فيها ناقة ولا جمل, هذا أمر واضح بالنسبة لفئة كبيرة من اللبنانيين الذين يشاهدون الواقع, وإن كان عمومهم لا يتكلمون بهذا أو يعلنونه, هذا ما يتعلق في لبنان. أما في ما يتعلق بالخارج, أنت تعرف أن كل من يقاوم (إسرائيل), سوف يحظى بصورة إيجابية عند الناس, ولكن للأسف البحث في أسباب المعركة, وكيف كانت هذه المعركة هو أمر هام.
وأنا يتصل بي كثير من الناس يقولون: لماذا بدأت هذه المعركة؟ يعني هم لم يتصوروا بعد كيف بدأت الحرب وما هي ظروفها! هم رأوا (إسرائيل) تقصف لبنان فقط، ثم أعلنوا تأييدهم لما يجرى دون معرفة بحقائق الأمور.
تقصد اللبنانيين أم غيرهم؟(2/254)
لا. أقصد غير اللبنانيين, هم يرون أن لبنان مستهدف, وأن (إسرائيل) معتدية ولكن لم يعلموا سبب هذه المعركة. قد يكون البعض يقف مع حزب الله بوصفه مقاوما لإسرائيل, ولكن لا يتصور الأسباب التي دعت لذلك، و لايستطيع أن يحلل الأوضاع بطريقة صحيحة, بعيداً عن السلبية وبعيداً العاطفة, هذه الوقفة تجعل العالم العربي, إما مع حزب الله أو مع (إسرائيل), ومن لا يقف مع أحد الصفين قد يتهم بالخيانة أو غيرها.
يتسائل كثير من الناس عن السر في عدم اشتراك الجيش اللبناني من أي من العمليات العسكرية القائمة الآن, هل هو بسبب طبيعة الجيش اللبناني وافتقاده للقدرات أو أن هذا يعبر عن موقف سياسي أكثر منه عسكريا؟
الحكومة من البداية لم تتبن العملية, وبالتالي فإن الحكومة ترى أن المعركة فرضت عليها فرضاً وبالتالي - في رأيي واجتهادي الخاص - أن عدم تبني الحكومة للمواجهة لأجل أنهم لا يريدون أن يزيدوا أو يفاقموا المسألة ويجعلوها أكثر تعقيداً.
هل ترى أن هذا الموقف يقبل به المواطن اللبناني؟
نعم, المواطن اللبناني لم يكن يريد الدخول في هذه الحرب، لأنه لا يود أن يرى العملية تتوسع بشكل أكبر, وحتى الآن المطروح أو القائم هناك, أن أطرافا كثيرة لا تريد للعملية أن تتسع, لأن التوسع فيها قد يدخل لبنان في حرب حقيقة، حرب قد تدخل فيها أطراف أخرى، مما قد يفاقم الأمر ويؤزّم الوضع.
ما هي توقعاتك لمآل هذه الحرب من خلال مشاهدتك على الأرض وما يجري سياسياً وعسكرياً؟
في تقديري أن (إسرائيل) إلى الآن لم تستفد من هذه الحرب, وأنا أتكلم في اليوم الرابع عشر لم تستطع أن تستفد من هذه الحرب, لم تحقق ما تريد, لأن حزب الله لا يزال يحتفظ بقوته, وحزب الله إذا خرج متعادلاً في هذه المعركة فهذا يعتبر نصراً عسكرياً, أعتقد أنه يمدد للحرب بشكل أكبر وهذا ما يشير إليه الآن كثير من السياسيين، من أنه يود تمديد الحرب لأسبوع أو أسبوعين.(2/255)
لكن في المقابل بدأت تصريحات من الدولة اليهودية, بعدم معارضة وجود قوات فصل بين الحدود؟
نعم، هذا بسبب أن (إسرائيل) لم تكن تحسب حساب حزب الله, لم تكن تتوقع هذه المقاومة, المقاومة كانت كبيرة.
ولكن (إسرائيل) لديها خيارات أخرى كثيرة: كانت لها تجربة ناجحة في عام 82 من خلال الاجتياح الشامل, وتحقيق الأهداف في واقع الأرض, ثم الخروج؟
اجتياح عام 82 كان أمره مختلفاً عن الآن, كما أن حزب الله وضعه الآن مختلف أيضاً, وهو يتعامل مع المعركة بشكل أكثر احترافا.
هل تقول في مسألة الاجتياح البري, أن حزب الله لديه القدرة على مواجهة الجيش الإسرائيلي؟
إلى حد ما, نعم.
في هذه الحالة تتوقع أن تبقى الحرب أسبوعا أو أسبوعين من خلال القصف الجوي أو الاجتياحات البرية المحدودة, ثم بعد ذلك تنتهي الحرب و يخرج حزب الله منتصراً من هذه المعادلة؟
حتى الآن لا يزال ترجيح ذلك ممكناً ومعقولاً. حيث لا يزال حزب الله لاعبا أساسيا في المعركة, وإذا استمرت المعركة بوضعها الحالي ودخلوا في مجال التفاوض, وكان هذا التفاوض سيؤدي إلى نتيجة, يعاد ما يسمونه الآن بنزع سلاح حزب الله, أو نحو ذلك, هذا لن يكون إلا بحوار داخلي لبناني.
لن يفرض فرضاً على حزب الله من الخارج, ففي ظل الوضع الحالي لن يفرض فرضاً على حزب الله, إلا من خلال حوار, يستطيعون من خلاله أن ينزعون سلاح حزب الله, وأن يكون هناك حوار داخلي, بين اللبنانيين أنفسهم, يستطيعون من خلاله أن يصلوا إلى نتيجة مقبولة, تكون فيه السيطرة للدولة, أما من خلال ما أرى, ومن خلال ما يحدث، فإن حزب الله لا يزال لاعباً قوياً في المسألة.
ماذا عن التيارات الأخرى في لبنان, الطائفة السنية؟ دورها في هذه الأحداث, وما يمكن أن تساهم به في وقف هذه الحرب؟(2/256)
ليست الطائفة السينة فقط, بل جميع الطوائف في لبنان, (لبنان فيه تسعة عشرة طائفة) ليس لها أي دور في هذه الحرب, وقد وقفت موقف المتفرج, ظهر أنها تتابع فقط, لذلك لا تستطيع الطائفة السنية الآن إلا أن تقوم بدور إغاثي للنازحين وللمحتاجين والضعفاء والفقراء ونحو ذلك, ممن هم بحاجة إلى المساعدة من غذاء أو سكن أو مأوى. هي نفسها بحاجة أن يمد لها يد العون فكرياً وماديا لتنهض وتمسك زمام المبادرة, ويكون لها دور إيجابي في لبنان والمنطقة، لتعود كما كانت ويكون لها موقع إيجابي في هذه المنطقة.
ما يتعلق بالأعمال الإغاثية التي يمكن أن تتم في مثل هذه الأجواء, الصعبة داخل لبنان, هل هناك أي مشاريع قائمة لإنقاذ الشعب اللبناني؟
بدأت هناك محاولة جمع المعونات من عدد من الدول العربية, واليوم سمعت أن المملكة تبرعت بنصف مليار دولار للبنان, وهناك عدد من الدول, سوف يعقد بعد ثلاثة أيام مؤتمر لهذه الدول المانحة, وأيضاً فيه إمكانية كبيرة جداً للإغاثة, ولا أعتقد أن هناك مشكلة في هذا الموضوع.
أخيراً من خلال ـ موقع المسلم ـ ما هي الرسالة التي ترغب في توصيلها إلى المسلمين عامة وما هو الدور الذي تطلبه تجاه هذه الأزمات؟
أنا في البداية أدعو الله سبحانه وتعالى أن يرد المسلمين إليه رداً جميلاً, ولنعلم أن الله سبحانه وتعالى إنما يبتلي الناس, وما نزل بلاء إلا بذنب, وما رفع إلا بتوبة, فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يتوب على المسلمين وأن يعيدهم إليه, هذا من جانب.(2/257)
أما من جانب أخر, فأنا أدعو إخواننا العلماء والمشايخ والدعاة, أن يكون لهم مرة أخرى دور إيجابي وفاعل في توضيح معالم كثير من الأمور الغائبة عن الناس, وأن يمسكوا زمام المبادرة, وإننا بحاجة أن ننهض من جديد, ليكون لنا موقع يجب أن نتبناه, وأن نبتعد في هذا الوقت, وفي مثل هذا الوقت عن كثير من المسائل التي تؤدي إلى التفرق، وأن نسعى إلى أهداف بعيدة تؤدي إلى التوحد والائتلاف, وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا ويوفق الجميع إلى ما يحب ويرضى.
المصدر : موقع المسلم ,,,
*******************
الموقف الشرعي مما يجري
إن معظم التصرفات الحالية لحكومة إيران حافزها الأمل الضعيف بهبوب بعض الرياح في اتجاههم ، إنهم يتطلعون إلى عائدات نفط متزايدة من الجرف القاري ، وغيره ، وإلى موقف بحري وتجاري مسيطر ، وبصورة عامة إلى كسب الاعتبار أو المكانة بتأييد صفة فارسية الخليج ، ومن هنا تأتي مطالباتهم السخفية بالبحرين ،وإستحواذهم المزعج والإعتدائي للجزر التي تعود للكويت ..ومالم تتطور لنا فلسفة جديدة في الخليج فإن الإيرانيين مع جميع إدعاءاتهم وطموحاتهم وأفكارهم الحمقاء ، سيأخذون المبادرة ، وأننا سنجد أنفسنا في دوامة من المناوشات اللاذعة الكلامية في البداية وربما المادية فيما بعد ) العرب في ضوء الوثائق البريطانية ص275 )(2/258)
أدركت إيران أنها على موعد مع فرصتها التاريخية التي كانت تتحيّنها ، منذ سنوات طويلة ، لبسط سيطرتها ونفوذها على الخليج ،ولم يكن يحول دون تحقيق هذا الطموح غير الوجود البريطاني في الإقليم ، فالإيرانيون وعلى رأسهم الشاه ، يدركون أنّه في حالة غياب القوى الخارجيّة عن الإقليم ، تكون إيران هي البلد الأقدر على فرض نفوذها وسيطرتها ، أما الشاه بكلّ ما كان يسيطر عليه من هواجس الشعور بالعظمة ، و القوة ، فقد كان يرى نفسه الشخص الذي عليه أن يستعيد قوة إيران في الخليج ،الأهم من ذلك أن مساعي الهيمنة الإيرانية لم يكن الشاه يراها كذلك ، بل كان يرى أن ما يفعله تقليد إيراني قديم ، بإستعادة النفوذ الإيراني بعد فترة طويلة من الإنحسار فرضها الوجود الأجنبي على إيران وفي الخليج )Shirint T.hunter "GULF SECURITY .AN IRAINIAN PRESPECTIVE " in:M.E.Ahrari,ed.,The gulf and international secutity: the 1980.s and beyond , new york : st.martin,s press 1989 p 39
من الخطأ بمكان أن تُقرأ السياسة الإيرانية ، بمعزل عن روحها الساسانية الصفوية التوسعيّة، فهذه الروح التي كانت في جسد إيران البهلوية ، كما أنها كانت امتدادا تاريخيا ، هي لم تزل في إيران الخمينية ، وستبقى ـ مالم تصبح بلاد فارس جزءاً من حضارة إسلامية واحدة كما كانت في عصور سالفة ـ إذْ هي تكوين أساس في الشخصية الفارسية ، كما كانت تقليدا إيرانيا قديما.
غير أنها اليوم قد غدت قادرة أن توظّف التشيّع ، وهي روح دينيّة في طيّاتها طاقة عنف ثورية بالغة التأثير سياسيا ، ولن تستطيع العقلية الساسانية أن تقاوم الرغبة الجامعة في ركوب هذه الموجة ، لتحقيق أطماعها التوسعيّة .(2/259)
والنصّان السابقان ، من تقارير قديمة ، غير أنّهما يعطيان جزءا عن خلفية الصراع بين المشروعين الصفوي والصهيوصليبي ، اللذين يتحالفان ويتناقضان ، يتفقان ويختلفان ، ويتآمران على غيرهما ، وعلى بعضهما ، فيريد المشروع الصفوي الساساني أن يغتنم الفرصة التاريخية بتحقيق الحلم الإمبراطوري التاريخي بالهيمنة على العراق والخليج ثم العالم الإسلامي ، حتى لو كانت هذه الفرصة جزء من توظيف المشروع الصهيوصليبي له في مشروعه الإمبراطوري العالمي أيضا !
ويريد المشروع الصيهوصليبي أنّ يجعل المشروع الصفوي وقود إحتراق في أحد مراحل توسّعه الكوني ، ثم يلقي الوقود المحترق وراءه ، كما يفعل دائما ،
وأما الأبالسة فقد باضت ، وفرّخت ، وأقامت أعشاشها ، في رؤوس هؤلاء الصهيوصليبين، وأولئك الصفويين ، وموضع اتفاقهما المفضّل دائما ، هو القضاء على دين الإسلام
غير أنهما ، وفي النهاية ـ وبإذن الله ـ سيحترقان بالنار نفسها التي أشعلوها لحرق المسلمين
يمنّي المشروع الصفوي نفسه ، وهو يسير نحو حلمه ، أنّه يملك عدة أوراق تحقّق له حلمه ، ساعدت على تجمعها فرصة تارخيّة قلّما تتكرر ، والمشاريع الإمبراطورية ـ كما يقال ـ كذلك فرصها قلّما تتكرر في التاريخ ، فإمّا أن يهتبلها العظماء ، وإما تفوت إلى الأبد
أولا : التحالف مع النظام السوري ، ومع الذراع الصفوية المتمثّلة في حزب حسن نصر في لبنان ، والذي قد تمّ تعبئته جيّدا ، ليكون ورقة ضغط قويّة التأثير ، ومستعدة لتقديم تضحيات باهضة التكاليف لخدمة الحلم التوسعي الصفوي، دعائيا ، أو لخلط الأوراق على الجبهة الصهيونية
ثانيا : الأحزاب الموالية لإيران من الجماعات الشيعية المُعدّة عسكريا ،وسياسيا ، وتجنيديّا ، داخل العراق ، ودول الجزيرة العربية ، للقيام بدورها عند الحاجة لتلبية نداء القيادة في طهران ، إذا شعر المشروع الصفوي بما يهدد وجوده .(2/260)
أما داخل العراق ، فقد غدت هي التي تحكمه ، وتعمل فيه على إبادة أهل السنة ، وتهجيرهم ، وأتمت استعدادتها ، لخوض حرب صفوية ـ صيهوصليية لإبقاء المعركة خارج حدود إيران ، إذا لزم الأمر .
ثالثا : التعاطف الإسلامي الذي يكسبه من تقديم تضحيات على مستوى القضية الفلسطينية ، إذ هي القضية الإسلامية المركزية ، المؤهلة لتكون انجح "دعاية" لأيّ مشروع سياسي ،خطابه على مستوى الأمّة .
رابعا : التعثّر الأمريكي في العراق ، وفشل مشروعه القِيَمي فيه ، حيث أغرق البلاد في فوضى عارمة ، وضرب أسوء مثلٍ تاريخي في بربريّة الغزوْ الهمجي ، وقد غدا هذا التعثّر ، والفشل ، ثقلا شديد الوطأة على كاهل الإدارة الأمريكية ، وكذا تعدد الجبهات المعادية ـ كوريا الشمالية ، فنزويلا..إلخ ـ وتتابع المشكلات ، والفضائح الداخلية ، والخارجية ، فكلّ ذلك أصاب عزيمة المشروع الصهيوصلبي بالوهن والتشتت .
خامسا : ارتفاع أسعار النفط ، وخوف العالم من هجوم على إيران ، يتسبب في كارثة طاقة عالمية
سادسا : قدرته على الوصول إلى التهديد النووي الرادع في أسرع وقت.
وما مماطلة المشروع الصفوي للملف النووي إلاّ من أجل ضمان اكتمال قوّة هذه الأوراق ، والزمن لاريب في صالح هذا المشروع في الظاهر ، والله تعالى هو علاّم الغيوب ، مدبّر الأمور ، وما أوتينا من العلم إلاّ قليلا .(2/261)
أما المشروع الصهيوصلبي فهو في موقع الاستعلاء بالقوة الغالبة بلا ريب على المشروع الصفوي ، فهو ذو القوة العسكرية الغالبة ، وهو المهيمن على الأجواء ، والمالك للأرض المحيطة بالمشروع الصفوي ، والقادر على تحريك الدول الغربيّة ، ودول المنطقة ضدّه ، كما أنّه يخوض معركة في غاية البعد عن مؤسساته الحيويّة ، والدمار الذي يحدث في المنطقة ـ لاسيما إذا أحرق جيوشها في مشروع صدام فارسي عربي ـ لن يذرف عليه الصليبيون دمعة ، بل سيستفيد من إعادة الإعمار تجاريا ، مع الاستفادة الهائلة بتجارة السلاح أثناء الحرب إن دخلت دول المنطقة في المواجهة !
والخلاصة أنّ المواجهة قادمة، إن كان بدايتها قد انطلقت اليوم في لبنان ، وإلاّ فهي في طريقها إلى الصدام ، وقد ذكرت هذا فيما مضى غيرَ مرّة ، وأن المنطقة بين يديْ حرب عظيمة ، وفوضى هائلة ، وأنّ ذلك كلّه سيكون في صالح الإسلام في النهاية ـ وإن مرّت به وبأهله أهوالٌ عظيمة ـ حيث تُستهلك هاتان القوّتان الغاشمتان الطاغيتان في حرب ، تأتي بالفرج لهذا الدين من حيث لا يحتسبون .
والموقف الشرعي مما يجري، وما سيجري ، أنها ليست سوى حربِ الأبالسة المعتدين ، نسأل الله أن يسلطّهما على بعضهما ، ويخرجنا سالمين ، وهم عدوّان مستهدفان جهاديّا شرعاً ، فالمشروع الصفوي قد فعل في مسلمي العراق في إطار المؤامرة على تقسيمه ، ما لم يفعله الصليبيون ، وقد أظهر من دفين أحقاده ، وسواد طويتّه ، على الإسلام ، ما أيقظ السادرين في غفلتهم ، ونبّههم إلى أنّ هذا العدوّ المتربّص الذي يظهر الدفاع عن الإسلام ، هو أشدّ خطراً من العدوّ الصهيوصليبي نفسه ، مع أنّ هذا الأخير جاء يحمل من الأهداف الخبيثة ، والكيد العظيم ، والعزيمة على إطفاء نور هذا الدين ، أضعاف ما حمله أجداده من كفرة أهل الكتاب الحاقدين ، وسيردهم الله تعالى خائبين بحوله وقوته .(2/262)
أمّا فلسطين ، فهي قضية الإسلام به اكتسبت قيمتها ، ومن أجله روت الدماء رايتها ، وليست مجرد قضيّة أرض تعود لشعب ، ولا يجوز لمسلم أن يتخلّى عنها ، ما بقيت فيه عين تطرف ، حتى لو تخلّى عنها شعبها ، ولن يفعلوا , وهم الأماجد ، الأخيار ، الأبطال ، الذين رسمت أرواحُهم ، بمداد دمائهم ،طريق النصر
ولن يخدعنا تحويلها إلى دعاية لمشروع صفوي يعادي هذا الدين وأهله ، ويريد أن يبدّل بدين ابن سبأ اليهودي ، دين الإسلام الذي نزل على محمد صلى الله عليه وسلّم.
وهي قضية تفقد كلّ قيمة إسلاميّة لها ، إن صارت أرض جاهلية جديدة ، وانتقلت من دار كفر ، إلى دار كفر ، سواء تحت شعار وطني علماني وغيره !
فإما إن يُقاتل من أجل إنقاذ أرض الإسلام فلسطين ، من حكم الكفار اليهود ، لإعلاء كلمة الله تعالى عليها ، وإلاّ فإن كلّ راية غير هذه ، فهي راية الجاهلية بعينها ، فلا وفّقها الله ، ولا وفّق حامليها ، ولا بلّغهم ما يريدون ، وسيخرج الله تعالى من شعبها الماجد ، من يرفع راية الجهاد الإسلامي الحقّ في فلسطين ، كلما مضي جيل ، بعث الله جيلا بإذن الله تعالى.
ونسأل الله تعالى أن يلقي في روع المجاهدين في فلسطين ، العزيمة على الرُّشد في مقاصد الجهاد الشرعيّة ، والثبات على أمر الإيمان الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، والذي هو ـ لا غيره ـ موعودٌ بالنصر ،
وأن يلهمهم ما فيه صلاح جهادهم ، ويريهم الحق حقا ، ويرزقهم إتباعه ، ويريهم الباطل باطلا ، ويرزقهم اجتنابه ، وأن يرزقهم الإنابة بعد الخطأ ، والتوبة بعد الخطيئة ، والرجوع إلى جادّة الصواب بعد الزلّة.
وندعو إلى إغاثتهم بكلّ سبيل ، ومدّ العون إليهم بكلّ ما أمكن ، وبذل كلّ السبل لفك الحصار عنهم ، فهذا واجب شرعي لا يسع أحدٌ تركه بحال .(2/263)
كما ندعو حملة الفكر ، والدعاة ، والعلماء ، إلى تفهّم ـ مع واجب النصح برفق ـ ما قد يبدر منهم من زلل ، وليس من الحكمة أن يقصر من ينظر في حالهم ، نظره على نقدهم فحسب ، متناسيا معاناتهم ، بسب ضيق الحال ، وصعوبة الأحوال ، وتكالب الأعداء ، وقلّة المعين ، وتخاذل الأمّة ، وخيانة الزعماء ، وقد لبس لإخواننا في فلسطين الأعداء جلد النمر ، وأذاقوهم سوء العذاب ، يقتلون أبناءهم ، ولا يستحيون نساءهم بل يقتلونهم أيضا مع أطفالهم ، وقد أحاط بهم الموت ، والدمار ، وأصبحوا في مثل حال الحريق في النار ،
غير أن الأمل بالله تعالى عظيم ، وإن النصر مع الصبر ، والفرج مع الكرب ، والعسر مع اليسر والله المستعان ،وحسبنا الله ونعم الوكيل ، نعم المولى ونعم النصير
***************
هل يجوز التعامل مع الرافضة لضرب الأعداء ؟
المفتي
الشيخ / عبد العزيز بن عبد الله بن باز
رقم الفتوى
16009
تاريخ الفتوى
29/6/1427 هـ -- 2006-07-25
تصنيف الفتوى
الفقه-> قسم الجهاد-> كتاب الجهاد-> باب مسائل متنوعة
السؤال
وهل يمكن التعامل معهم لضرب العدو الخارجي كالشيوعية وغيرها؟
الإجابة
لا أرى ذلك ممكنا، بل يجب على أهل السنة أن يتحدوا وأن يكونوا أمة واحدة وجسدا واحدا وأن يدعوا الرافضة أن يلتزموا بما دل عليه كتاب الله وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم من الحق، فإذا التزموا بذلك صاروا إخواننا وعلينا أن نتعاون معهم، أما ما داموا مصرين على ما هم عليه من بغض الصحابة وسب الصحابة إلا نفرا قليلا، وسب الصديق وعمر، وعبادة أهل البيت كعلي - رضي الله عنه - وفاطمة والحسن والحسين، واعتقادهم في الأئمة الإثني عشرة أنهم معصومون وأنهم يعلمون الغيب؛ كل هذا من أبطل الباطل وكل هذا يخالف ما عليه أهل السنة والجماعة.
ــــــــــــــــ
المصدر :
مجلة المجاهد ـ السنة الأولى ـ عدد 10 شهر صفر 1410هـ - مجموع فتاوى ومقالات متنوعة الجزء الخام
*********************(2/264)
الرد على الداعين لنصرة حزب حسن نصر بدعوى أنهم شيعة يقاتلون يهود فالواجب درء الخطر الأعظم
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين :
وبعد :
إذا أرادت الثورة الخمينية من المسلمين أن يعينوا جيشها في لبنان حزب حسن نصر فيجب عليها أن تفعل ما يلي :
1- تأمر أولياءها وفيهم فرع لحزب حسن نصر في العراق أن يرفعوا سكاكينهم عن رقاب أهل السنة في العراق ، فإنّه لهم يعد خافيا أنهم يبيدون السنّة بصورة منظمّة إبادة جماعيّة ، بل يبيدون كلّ معارض للتوسّع الإيراني لإحتلال العراق ، وصل إلى درجة إغتيال كلّ من كان له دور في حرب الثمانينات الميلادية ضد التوسع الإيراني !
وأن يُطلقوا من في سجون قوات بدر ، وجيش المهدي ، والمجلس الأعلى للثورة ، وحزب حسن نصر فرع العراق ، وكلّهم تحت قيادة الحكومة العراقية بزعامة المالكي وحزبه ، فالمسلمون تحت وطأتها يُسامون سوء العذاب ، حتى إنّ ذلك بالشهادات المتواترة أشدّ مما في سجون الصليبيّن!
2- تأمرهم أن يجاهدوا مع أهل السنة في العراق وأفغانستان ، عوضا عن العمل جواسيس للمحتل يدلّونهم على ملاذ المجاهدين لقتلهم ، بل يتولّون قتلهم بأنفسهم منذ قدوم المحتل للعراق .
3- تعلن الجهاد لتحرير فلسطين حقّا، وتسمح بفتح جبهات قتاليّة في جنوبه ، لاتشترط الخضوع لهيمنة حزبها هناك ، ويمكن الوصول بسهولة عن طريق سوريا لو أرادت حقا ، والأمة لم تزل متعطشة لذلك ،ولكن هيهات أن يُسمح بِه فليس هدفهم تحرير فلسطين !!
4- تكفّ عن مؤامراتها ودسائسها ضد أهل السنة داخل إيران ، وخارجها .
5- تكفّ عن مؤامراتها ودسائسها ضد عقيدة المسلمين وثوابت دينهم .
نقول هذا مع أننا نعلم أنّهم لن يفعلوا ذلك ، حتى يلج الجمل في سمّ الخياط.(2/265)
ولكن من أجل أن نبيّن حقيقة الواقع الذي يريد من يريد أن يزيّفه هداهم الله هذه الأيام ، بعرضه على أنّه صراع بين الشيعة واليهود ! وأنّه ينبغي أن نؤجّل الكلام عن الشيعة إلى وقت آخر في أقلّ تقدير ، إنْ لم ندْعُو إلى الوقوف معهم ضد الخطر الأعظم !!
كلاّ ليس هذا هو الواقع ، بل هو بعيد عنه بعدَ المشرقين ، ولا هؤلاء مجرد شيعة ينتمون إلى التشيّع المعروف في كتب الفرق المعروفة عند أهل السنّة ، حتى يقال إنهم من الأمّة ، وقائل هذا جاهلٌ لايدري شيئا عن حقيقة الحال .
بل الواقع أنّ هذه الثورة الخمينيّة ، التي استولت على آلة الدولة في إيران ، ثورة سياسية عنصرية الروح ، تنزع إلى التعصّب الساساني البغيض ، وتوظّف التشيع لأطماع توسعيّة ذات أهداف خبيثة ، وفي غاية الخطورة على الأمّة .
ثم إن التشيّع الذي توظفّه وتنشط في نشره ، ليس هو المعروف عند أهل السنة قديما ، بل هو دينٌ باطنيّ ، يشتمل على ما ينقض دين الإسلام من الطامّات العظيمة .(2/266)
أعظمها دعوى تحريف القرآن ! والغلوّ إلى درجة عبادة غير الله تعالى ! وتكفير الصحابة إلا أربعة أو سبعة ! والطعن في أمهات المؤمنين ! تكذيبا للقرآن ، و التنكّر لتاريخ الإسلام كلّه ، فهو عندهم تاريخ بدأ بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم بخيانته ، ثم أصبح تاريخ أمّتنا استمرارا لهذه الخيانة ، وعبر جميع دوله وممالكه ، لم يكن سوى تاريخ الخونة ، إذ هو توارث للخيانة الأولى في ترك عقد الولاية لعلي رضي الله عنه ، ولهذا فلا يؤخذ عندهم الدّين إلاّ من علي وفاطمة والحسن والحسين وذرية الحسين إلى صاحب السرداب ، وكل ما سوى ذلك فهو ضلال ، ثم عامّة ما يروونه عن هؤلاء الأخيار كذبٌ ، فضلا عما يربّون عليه أجيالهم من حمل الأحقاد على أمتنا ، والتربص بها للإنتقام ، ولهم من التأويلات الباطنية ، والعقائد المنحرفة الغريبة ، ما يجزم به المطلع على دينهم أنه لافرق بينهم وبين الفرق الباطنية المعروفة ،وأنّ من ينسبهم إلى التشيّع القديم ، إما هو جاهل بعلم الفرق ، أو جاهل بواقع دينهم .
وقد صنعت هذه الثورة لها جيوشا سريّة ، في عدة بلاد ، منها لبنان ، فحزب حسن نصر جيش إيراني في لبنان ، كما يوجد مثله في الجزيرة العربية يتربّصون بالمسلمين الدوائر ، كما أنّ هذه الثورة استغلت الحملة الصهيوصليبية فتحالفت معها ، على أمّتنا ، لتكوين دويلة تابعة لها في العراق ، كان أعظم من اصطلى بنارها في العراق وهي في طور التكوين بعدْ هم المسلمون ، بينما سلِم منهم المحتلون الصليبيون ، والصهاينة ، كما أنّ أولياءهم التابعين لدولتهم ، في أفغانستان ، لايجاهدون الاحتلال ، ولايعينون المجاهدين ، بل يعينون المحتلين على المجاهدين ، كما في العراق.(2/267)
فمساعدة حزب حسن نصر ، إنما هو إنقاذ لهذه الثورة الخمينية من دائرة السوْء التي دارت عليها ، بعد أن أبادت أكثر من مائة ألف مسلم لوحدها ومائة ألف أخرى بخيانتها وتحالفها مع الصليبين في العراق ولازال الذبح في أهل السنة في العراق تجري به دماؤهم أنهارا ، فهم لايفرّقون بين الأطفال الرضّع ، ولا الشيوخ الركعّ ، بل يدخلون الأحياء السنيّة فيذبحون من فيها ، وما يفعلونه في العراق ، وحزب حسن نصر جزء من هذه الثورة الخبيثة ، أشدّ والله مما يفعله اليهود في إخواننا الفلسطينيين.
فضلا عما فعلوه من جرائم إثر دخولهم أفغانستان بين يدي القوات الصليبية ممهدين لها إسقاط الإمارة الإسلامية في أفغانستان ، فكل معونة تذهب لحزب حسن نصر فإنها إنما تذهب لهذه الثورة الخبيثة ، التي ظهرت خيانتها للأمة ، عندما تحالفت مع الصهاينة والصليبين لاجتياح العراق وأفغانستان ، وماترتب على ذلك من سفك دماء المسلمين ، وانتهاك إعراضهم ، وتحطيم لقوّة الأمّة ، وتمزيقها .
ثم لما أراد جيشها في لبنان أن يستعرض في عمل دعائي شيئا من قوته ليستدر عطف العالم الإسلامي المخدوع بسبب زيف وسائل الإعلام الرافضيّة ، سُلّط عليهم أخوة القردة والخنازير في ردة فعل لم يكن يحسب حسابها ، ولا أرادها .
وهو أي حزب حسن نصر أصلا لم يعلن جهاداً إسلاميا على الصهاينة ، ولا تحرّك لتحرير فلسطين ، ولم يدعُ الأمّة لذلك ، ولو فعل لوجب عليه أن يفتح المجال لمن يريد أن يقاتل الصهاينة في الجنوب من المجاهدين ، ويسهّل لهم الوصول ، فلم تزل هذه أمنية المجاهدين السنة ، الذين تطاردهم جميع الدول حول الكيان الصهيوني لتمنعهم من الوصول إلى ضرب الكيان الصهيوني ، كما كان ولايزال حزب حسن نصر يمنعهم .(2/268)
ومن المعلوم أنّ حزب حسن نصر ، كان يغلق هذا الباب تماما على مجاهدي السنة، ولايسمح بفتح جبهة جهاد للصهاينة أخرى خارجة عن سيطرته وتحت إمرته ، لأنه إنما ينفذ أجندة إيرانية ، ويحقق مكاسب سياسية للثورة الخمينية فحسب ، فيريد أن يضمن أن تكون العمليات تصب في هذا الهدف السياسي لاغير .
ولهذا فهو في الأحداث الجارية الآن في لبنان ، إنما زعم أنه يأسر صهاينة ليحرر أسراه، فليست القضية أنها حرب لفلسطين أصلا حتى يقال يستعان بهم على قتال الصهاينة! مع أن جهاد الصهاينة واجب قبل هذه الأحداث وبعدها ، ولا علاقة له بالثورة الخمينية أصلا ، بل إنّ حزبها هناك من معوّقاته ، وهذا معلوم يعلمه كلّ من له إحاطة بالواقع هناك .
وليعلم الجميع أن هذا الجيش الإيراني في لبنان حزب نصر إنما هو ورقة تلعب فيها إيران في تنافسها مع الغرب الصليبي على الهيمنة على الأمّة ومحاربة عقيدتها ، وكانت تريد أن تستعمله لصفقة مع الصهيوصليبية تحصل بها على أطماعها في العراق ، وغيره ، ولتحقق هيمنتها على الخليج ، وتخدم أطماعها التوسعيّة ، على حساب أهل السنة ، وبعد تقديم دماءهم ثمنا ، ووحدة العراق قربانا.
فهذا هو التوصيف الشرعي لما يجري : جيش إيراني في لبنان ، لم يدعُ إلى جهاد لتحرير فلسطين ، وإنما قد وُضع هناك ليحقق مكاسب سياسية لثورة لها مشروعها العنصري الخاص، الذي يضرب عرض الحائط بأهداف الأمّة ، وغايات دينها ، بل يناقضها تماما .
وهي مع ذلك ثورة ذات تاريخ حافل بالخيانات ، وأيديهم ملطّخة بدماء المسلمين ، و أستعدادها لعقد صفقة مع الصهيوصليبية على حساب أهل الإسلام ليس له حدود ، ولا يردعها عن فعله أيّ رادع ، فهي لا تشعر بأيّ إنتماء لحضارتنا ولا ماضينا ، لا في عقيدتها يظهر ذلك ، ولا في تاريخها ، ولا واقعها .(2/269)
ولايجوز خداع المسلمين بالتكتم على حقيقة هذه الثورة وأهدافها ، ولا تزييّف وعيهم بزعم أن هذا الحزب يخوض حربا لصالح الأمة ، وأنه يجب أن يُعان ، وقائل ذلك غير ناصح لأمّة محمد صلى الله عليه وسلم ، أو يقول بغير علم ماليس بالحق ، ويصف واقعا مغايرا للحقيقة تماما ، فيه من الغش ومناقضة النصيحة الواجبة شرعا ما فيه ، إذ قوله يكذبّه الشرع ، وتناقضه معرفة الواقع ، وكذا الخلفيّة التاريخيّة لهذا الحزب ، وللثورة الذي ينتمي إليها ، ولحقيقة وجوده في لبنان .
والعجب والله من هؤلاء الداعين إلى تأييد حزب حسن نصر ، حزب الثورة الخمينية اليوم ، وكانوا في صمت مطبق عن مجازرها في المسلمين في العراق وغيره ، وقد اعتاد المسلمون أن لايجدوا منهم عونا في محنتهم ، إما إذا احتاج أعداء الإسلام لسانهم ، غدوْا لهم خير سند !! فياللأسى .
بل أمر هؤلاء الخمينية ، كسائر أعداء الإسلام سواء ، وفيهم نزل قول الحق سبحانه وتعالى : {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ}
منقول عن موقع طريق الإسلام
*******************
المواقع التي نقلت منها هذه المقالات والفتاوى هي
1. http://www.islamlight.net/index.php?option=content&task=view&id=2769&Itemid=0
2. http://www.islammemo.cc/main.asp
3. http://www.almokhtsar.com/html/
4. http://www.albainah.net/index.aspx?function=Category&id=53 وهو أهمها
5. وغيرها كثير
***************
الفهرس العام
مآسي أهل السنة بلبنان في ظل سيطرة حزب الله على الجنوب…3
خطاب نصر الله: ما بعد حيفا وما قبل سبتمبر!!…6
فستذكرون ما أقول لكم .. لبنان وحزب الله…10(2/270)
من مفردات الحرب ومخلفات "الحزب"…13
حزب الله..والمساحات الخالية في الذاكرة العربية..والتغيير القادم…19
أسلحة حزب الله .. بالأرقام…33
قراءة في الأهداف الحقيقية، لقيام حزب الله بِخَطف الجنديَّيْن…38
قراءة مغايرة لمجريات ما حدث بين حزب الله وإسرائيل…50
من هو حسن نصر الله وما حزب الله ؟…58
الدمار للبنان والشهرة لحزب الله…67
حزب الله.. وطنية ملتبسة وأجندة اغترابية؟!…69
مساءلة حزب الله بعد عملية "الوعد الصادق"…72
حزب الله .. النشأة والتطور…74
مسرحية حزب الله و مجازر السنة في بغداد !…81
عمليّة حزب الله .. ترسيخ لقواعد إيران…83
حزب الله الأكذوبة التي صدقناها !!…86
من المستفيد من إشعال النيران في جنوب لبنان؟…90
حزب الله.. الحقيقة الكاملة بالأرقام…93
اتفاق نصر الله - عون ... وحسابات الربح والخسارة…101
أمين عام حزب الله اللبناني كلنا مسجونون في مقراتنا ووحده السفير الأميركي يجول في لبنان…105
بعض أصول قواعد اللعبة بين إسرائيل و حزب الله…132
حزب الله في الإستراتيجية الإيرانية الجديدة…135
قراءة في مستقبل حزب الله اللبناني…139
الوجه الجديد لحزب الله…156
حسن نصر الله و الأجندة الإيرانية…167
الشيعة فقط يريدون سوريا !!!…171
طائرة حزب الله .. أسمع جعجعة ولا أرى طحنا !!…175
نكسة نصر الله…177
حزب الله اليوم والأمس…183
هل يحتل حزب الله الجنوب بعد تحريره ؟!…220
رفقاً بشيعة العراق يا قناة المنار ( رؤية شيعية)…225
صفقات حزب الله وإسرائيل: تحليل للدوافع…227
حزب الله يحبط عمليات المقاومة الفلسطينية من الجنوب…230
انتقادات نصر الله للأردن خلفها موقف إيراني…232
القاعدة و حزب الله .. وإيران…237
حزب الله .. والمصلحة القومية…240
هل سيثأر حسن نصر الله للشيخ ياسين !؟…242
حزب الله والانتصار المزيّف…244
نصر الله .. رؤية حزب الله لخارطة الطريق…261
ضرب أمريكا لحزب الله (لبنان)…289(2/271)
ما رأي الشيخ نصر الله برفض (بحر العلوم) اعتبار اميركا محتلة وبهتافه لبوش…299
حزب الله .. ارتباك في الموقف بشأن الوضع في العراق…301
حزب الله... المرحلة…303
مرّة أخرى.. حزب الله والقضية الفلسطينية…305
لقاء مع: صبحي الطفيلي الأمين العام الأسبق لـ حزب الله…307
علماء جبل عامل في بلاد فارس: لماذا هاجروا وماذا قدموا؟…316
قناة المنار : مسلسل الشتات كان خطأ مؤسفا !!…327
لماذا تصفق الغوغاء لقتلة أهل السنة؟!!…329
علاقة العقيدة بالقضايا السياسية...تعقيب على الدكتور محمد الأحمري…333
عقيدة حسن نصر الله في الخميني…337
أحداث لبنان... التاريخ يعيد نفسه!!!…347
احذروا حسن نصر الله وشيعته…396
استغاثة عاجلة من سنة لبنان من جحيم الشيعة في الجنوب…407
الشيعة الروافض.. الخطر القادم…411
الميليشيات الشيعية وإبادة أهل السنة 1-4…420
انتصار حزب الله…444
تحذير الأمّة المرحومة المهديّة ، من خطر الجيوب المندسّة الصفويّة…481
تعانق المشروعين الأميركي والصفوي في العراق والمنطقة.. وأهداف حزب الله…488
حرب الفرس والروم في لبنان…500
فتوى- حامد العلي--لماذا لا يتعاون السنة مع الرافضة في لبنان ؟…539
لماذا تصفق الغوغاء لقتلة أهل السنة؟!!…549
نظرة الشيعة إلى أهل السنة…553
يا إخواننا في لبنان فرُّوا إلى الله وأعدَّوا أنفسكم…561
بيان حول أحداث لبنان لسماحة الشيخ / عبد الله بن جبرين…568
الانتصار للشيخ بن جبرين والرد على السذّج والمخدوعين .…570
بداية النهاية للنظام الصفوي العنصري واحتراق احقاده…575
حزب الله وقشة الغريق !…579
الأحداث الأخيرة وطغيان العاطفة!!…582
اليهود والرافضة وجهان لعملة واحدة !…584
احذروا ( حسن نصر الله ) وشيعته…586
موقفنا مما يحدث في لبنان…597
الدمار للبنان والشهرة لحزب الله…598
حزب الله أم حزب الشيطان…601
واتفق الجميع على مساعدة لبنان…606
جيش المهدي والدفاع عن لبنان…609(2/272)
لماذا خطف حزب الله الجنديين الإسرائيليين؟؟…610
حزب الله والرحمن أم حزب الطاغوت والشيطان ؟…623
حقائق حرب لبنان الأخيرة…638
وقفات حول الأزمة المعاصرة…643
( حزب الله ) بين الحقائق والدعايات…650
من يقفون مع ( حزب الله ) لا يدرون شيئا عن لبنان !…651
الموقف الشرعي مما يجري…660
هل يجوز التعامل مع الرافضة لضرب الأعداء ؟…665
الرد على الداعين لنصرة حزب حسن نصر بدعوى أنهم شيعة يقاتلون يهود فالواجب درء الخطر الأعظم…666
??
??
??
??
17(2/273)