حراسة الأمن
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين .. فارج الهم ، وكاشف الغم .. مجيبِ دعوة المضطرين ، وجابرِ كسر المنكسرين .. لم يُخْلِ محنة من منحة ، ولا نقمة من نعمة ، ولا نكبة ورزية من هبة وعطية .. نحمده على حلو القضاء ومرّه , ونعوذ به من سخطه ومكره .. ونسأله أن يجعل لنا من كل شدة فرجاً ، ومن كل ضيق سعة ومخرجاً .
والصلاة والسلام على معلم البشرية ، وهادي الإنسانية .. نبينا محمد وعلى آله وصحبه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين .. أما بعد .
فهذه رسالة مهمة ، كتبتها بمداد الرحمة ، حراسةً للأمة ، على إثر التفجيرات التخريبية وأعمال الغدر الوحشية التي وقعت في بلادنا وبين أظهرنا ، وراح ضحيتها ثلة من إخواننا من حماة الأمن الأشاوس .
إنها رسالة من القلب أبعثها عبر بريد المحبة ، هدية متواضعة لإخواني وزملائي المرابطين على ثغور الأمن في بلاد الحرمين حرسها الله . فما كان فيها من صواب فمن الله الكريم المنان ، وما كان من خطأ فمني والشيطان .
اللهم أقل العثرة ، واجبر الكسرة .. و اغفر الزَلَّة ، وسد الخَلَّة .. وأرنا الحق حقاً و ارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً و ارزقنا اجتنابه . إنك جواد كريم .
... ... محبكم : النقيب / سامي بن خالد الحمود
إدارة التوعية الدينية بالأمن العام
13/3/1425هـ
Sami99100@hotmail.com
فاكس 4028139
مشاهد مروّعة :(1/1)
يوم الأربعاء .. وما يوم الأربعاء .. كانت الساعة تشير إلى الثانية إلا بضع دقائق .. هاأنا أجلس بمكتبي بإدارة التوعية الدينية بالأمن العام ، وقد انتهيت من كتابة بعض الأوراق .. يرن جرس الهاتف .. من؟ .. مدير الإدارة يطلب حضوري إليه في مكتبه .. أخرج من المكتب وبيدي بعض الأوراق .. أدخل مكتب المدير ، وإذا بأحد الزملاء يجلس معه في المكتب .. كان الجو هادئاً جداً .. عقارب الساعة تزحف بتثاقل إلى الساعة الثانية كما هو الحال في نهاية كل أربعاء .. بدأ النقاش الهاديء بيني وبين مدير الإدارة حول بعض الأمور المتعلقة بالعمل .. وفجأة .. وفي لحظة لا تنسى .. كانت الصاعقة التي ارتج لها المبنى .. صوت شديد أرعن يصك الآذان .. زلزال يرجف بالأرض .. الزجاج يتناثر بالغرفة .. الذهول يعلو الوجوه .. ماذا حدث؟ .. تجمدت في مكاني لحظات ، كأنما أصبت بالشلل .. يا الله .. هل أنا في كابوس ؟!! .. لم يوقظني إلا صوت المدير : اخرُجوا من المبنى بسرعة .
تحركت من مكاني ، وبدأت أركض ، وكل من حولي يركض .. اللهم سلّم سلّم .. بيننا وبين الأرض أربعة أدوار .. ما أطولها من مسافة .. وأنا أدور في السلم ، لا أنسى تلك الدماء الحمراء التي كانت تدور معي على درجات السلم .. يا ترى جروح من هذه ؟ .
وأخيراً .. انتهت درجات السلم الطويلة .. خرجت من المبنى وفي ظني أني سأكون كالمسجون يخرج إلى الجنة .. فإذا بي كالذي يخرج من الجنة إلى السجن .
الأحوال في الخارج مأساوية .. توجهت إلى موقع الحادث .. ويا لهول الفاجعة .. سيارات مشتعلة .. جدران هاوية .. أشلاء متناثرة .. اختلط الغبار الأبيض بالدخان الأسود .. اختلطت أصوات سيارات الدفاع المدني والإسعاف بصيحات النساء والأطفال في العمارات المجاورة .. اختلطت أشلاء المتوفين بجراح المصابين .. اختلطت الدموع بالدماء .
ما الخبر؟ .. حادث تفجير آثم .. يستهدف حماة الأمن في مباني الأمن العام بالوشم .(1/2)
بدأت أتذكر أول القصة .. رجعت إلى مقر الإدارة بصحبة أحد الزملاء لنتأكد من عدم وجود مصابين .. بدأت أدور على الغرف .. فتحت مكتبي .. فإذا بالزجاج الذي تحول إلى سكاكين قد عم الغرفة حتى وصل إلى الباب ، حمدت الله أني لم أكن موجوداً بالمكتب .
خرجت من جديد .. فإذا بسيارة مسرعة تحمل بعض المصابين .. بدأت أنظر إلى وجوههم فإذا معهم أحد المشايخ من زملائي في التوعية .. حاسر الرأس .. تلطخت ثيابه بالدماء .. أصبت بالقلق .. اتصلت على جواله فلم يرد .. وبعد لحظات تعود السيارة نفسها ، وينزل منها الشيخ ، لأكتشف أنه قد تطوع لإنقاذ أحد المصابين .
تم إخماد الحريق ، وانتهت أعمال الإسعاف .. بدأت أتصل على من أعرف من الزملاء لأطمئن على سلامتهم ، كان من بينهم زميل قديم ، و أخ حميم ، من خيرة رجال الأمن (وفي كلٍ خير) .. اتصلت على جواله فلم يجب .. أرسلت له رسالة لا زلت أحتفظ بها : (طمني عليك يا أخي) .. ولكن دون جدوى .. مضت الساعات ، وإذا بالخبر المحزن .. لقد أصيب أخونا في رأسه إصابة بليغة ، فأدخل العناية المركزة وهو بحالة حرجة .. ثم توالت الأنباء بوفاة بعض الزملاء ، وإصابة آخرين .. رحم الله من مات منهم ، وعجل بشفاء من أصيب ، وإنا لله وإنا إليه راجعون .
ومع هذه المصائب المؤلمة ، والأحداث المدلهمة ، رأيت أنه من الواجب أن أسهم بكلمات موجزة ، هي جهد المقل ، أسوقها عبر الوقفات التالية :
الوقفة الأولى ) رفعت الأقلام وجفت الصحف :
أخي الحبيب .. عند نزول المصائب والأزمات ، تضطرب القلوب .. وتهتز النفوس .. وتزيغ الأبصار .. ويتسلل الجزع والتشكي إلى النفوس .
والمؤمن مطالب في خضم هذه الظروف أن يصبر نفسه ، ويلجأ إلى ربه ، وينظر إليه بعين الرضا والتسليم ، فما شاء الله كان ، وما لم يشأ لم يكن .. إنه حكيم عليم .
وكل شيء بقضاء وقدر ... ... والكل في أم الكتاب مستطر(1/3)
والله تعالى يبتلي من شاء من عباده المؤمنين ليمتحن صبرهم ، ويُظْهِر استرجاعَهم ، كما قال تعالى : { المحتويات ( - ( الله أكبر - عليه السلام - قرآن كريم ( - ( - - - جل جلاله - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - (((- رضي الله عنهم -(( - - صدق الله العظيم ( } تم بحمد الله ( - ( قرآن كريم - - ( - - - (( قرآن كريم ( - ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - (( { - رضي الله عنه - الله أكبر - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - صدق الله العظيم ( } تم بحمد الله ( - (- عليه السلام - قرآن كريم ( تم بحمد الله - } - - ( { (( الله أكبر - } - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات (- رضي الله عنه - - - رضي الله عنهم - - } الله - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - ( - (- صلى الله عليه وسلم -( - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - ((( - ( - ( - ( - - - ((((( - رضي الله عنه -((( - { - - - - - - - ( { المحتويات ( - ( - - عليه السلام - - ( - (- صلى الله عليه وسلم - - ( { - رضي الله عنه - - - (( - تم بحمد الله } - ( قرآن كريم ( - - - - - ( الله أكبر ( { ( - - - ( الله أكبر ( { - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( مقدمة ( - - - ( { - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ((( - (- عليه السلام - - ((((( - رضي الله عنهم - - (((( - - - - صلى الله عليه وسلم -( - ( المحتويات ( - ( - فهرس - - رضي الله عنه -( ( المحتويات (- عليه السلام - قرآن كريم فهرس - - ( صدق الله العظيم ( } تم بحمد الله ( المحتويات ( - ( فهرس - { - ( { - رضي الله عنهم - - ( مقدمة - عليه السلام - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } - درهم (((( - - - - صلى الله عليه وسلم -( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات ( - - رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم -( - - رضي الله(1/4)
عنه - - ( - ( - ( - - - ((((( } (1)
أيها الصابرون .. أيها المسترجعون .. بشراكم بثناء الله عليكم ، ورحمته بكم ، وثوابه لكم .
المؤمن لا يعرف الصدمة النفسية .. ولا الانهيارات العصبية .. بل شأنه الإيمان والتسليم لرب البرية ، ولسان حاله مع نفسه : ...
ما قد قُضِيْ يا نفس فاصطبري له ... ولكِ الأمان من الذي لم يُقدَرِ
ثم اعلمي أن المقدَّر كائنٌ ... حتماً عليكِ صبرتِ أم لم تصبري
وإذا تسلح المؤمن بسلاح الصبر والرضا ، انقلبت المحنة في حقه منحة ، واستحالت البلية عنده عطية ، وكانت أولى الثمرات التي يجنيها طمأنينةً تعمر قلبه ، وانشراحاً يغمر صدره ، مع ما يدّخره الله له من الثواب والأجر .
وتأمل قول الله تعالى : { - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - - - - (- صلى الله عليه وسلم - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله - { - رضي الله عنه - تمهيد - (( - تم بحمد الله - صدق الله العظيم ( { ( تمت ( - ( - ( - ( - - - - صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( - ( - ( - - - ( - ( - ( - - عليه السلام - - مقدمة - رضي الله عنه - تمهيد ( - - - } (2).
قال علقمة بن قيس : هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم .(3)
وحقيقة الصبر ، واحتساب الأجر ، وصدق الإيمان بالقضاء والقدر ، إنما تظهر على محكّ الصدمة الأولى . فمن صبر عند الصدمة الأولى .. عند تلقّي الخبر .. عند وقوع الفاجعة ..
من صَبَر في هذه المواطن ، وعوّد نفسه عليه وتصبّر ، لم تضرّه نازلة تنزل به .
الوقفة الثانية ) حصاد التفجيرات :
__________
(1) البقرة : 155-157]
(2) التغابن : 11]
(3) رواه الطبري في تفسيره 28/123 ، والبيهقي في السنن الكبرى 4/66(1/5)
لا يشك أدنى متأمل في شناعة هذه الأعمال الإجرامية وفداحتها ، والمفاسد الوخيمة التي ترتبت عليها ، ومن أبرز هذه المفاسد ، ما يلي :
سفك الدماء المعصومة :
من المعلوم أن شريعة الإسلام قد جاءت بحفظ الضروريات الخمس ، وحرّمت الاعتداء عليها ، وهذه الضروريات هي : الدين ، والنفس ، والمال ، والعرض ، والعقل .
ولا يختلف المسلمون في تحريم الاعتداء على الأنفس المعصومة ، فلا يجوز بحال الاعتداء على النفس المسلمة وقتلها بغير حق ، ومن فعل ذلك فقد ارتكب كبيرة من كبائر الذنوب العظام ، يقول الله تعالى : { صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - ( - ( { - رضي الله عنه - - - - جل جلاله -- جل جلاله -( تم بحمد الله ( - ( تم بحمد الله - - جل جلاله - - ( - - - رضي الله عنهم -(- رضي الله عنه - - - تم بحمد الله (( فهرس (- رضي الله عنه - - - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنهم - - - ( ( بسم الله الرحمن الرحيم } - جل جلاله -- رضي الله عنهم - - - رضي الله عنهم - - - - - ( - (- رضي الله عنهم - - - { - - (( - - (( - (- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - - ( مقدمة ( - فهرس - - رضي الله عنه -( (( مقدمة - عليه السلام - - - رضي الله عنهم -( - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - رضي الله عنه -(- صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - (( مقدمة - - - ( - - - - - رضي الله عنه -( - - - - ((- رضي الله عنه -( } (1).
__________
(1) النساء : 93](1/6)
ويقول سبحانه : { ( صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنهم - - ( - ( - - - - - جل جلاله -( - - رضي الله عنه - - - - - - فهرس - - رضي الله عنه -( ((( - - رضي الله عنه - - - - - (((- عليه السلام - - ( - ( { (( مقدمة ( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله - - - رضي الله عنه - - - - - - - ((- رضي الله عنه - الله أكبر ( - ( - - رضي الله عنه -(( - - { ((- رضي الله عنه - الله أكبر (- صلى الله عليه وسلم -- صلى الله عليه وسلم - - - - - - - - ( - (( ((( - - } - - - - رضي الله عنهم - - ( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - - تمهيد - ( - - - رضي الله عنه - - - - { } - } - - - - - - جل جلاله -( - ( - - رضي الله عنهم - - } (1).
قال مجاهد رحمه الله : في الإثم . وهذا يدل على عظم قتل النفس بغير حق .
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :" والذي نفسي بيده لقتل مؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا "(2).
وعن أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :" لو أن أهل السماء وأهل الأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله في النار "(3).
__________
(1) المائدة : 32]
(2) رواه الترمذي في كتاب الديات برقم (1395) ، والنسائي في كتاب تحريم الدم برقم (3986) واللفظ له ، وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي .
وقد رواه ابن ماجه من حديث البراء بن عازب كما في كتاب الديات برقم (2619) وصححه البوصيري في الزوائد 3/122
(3) رواه الترمذي في كتاب الديات برقم (1398) ، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي(1/7)
وفي البخاري أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال :" إن من وَرَطات(1)الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها سفك الدم الحرام بغير حله "(2).
ونظر ابن عمر رضي الله عنهما يوماً إلى الكعبة فقال :" ما أعظمَك وأعظمَ حُرمَتَك والمؤمنُ أعظم حُرمةً عند الله منك"(3).
وتأمل معي هذه القصة العظيمة :
__________
(1) وَرَطات : جمع وَرْطة ، أي : الهلاك الذي لا ينجو منه . فتح الباري 12/188
(2) رواه البخاري في كتاب الديات برقم (6863)
(3) رواه الترمذي في كتاب البر والصلة برقم (2032) موقوفاً (أي من كلام ابن عمر) ، وقال عنه الألباني في صحيح سنن الترمذي : حسن صحيح .
... وقد رواه ابن ماجه مرفوعاً (أي من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - )كما في كتاب الفتن برقم (3932) وفي إسناده ضعف كما في ضعيف الجامع رقم (5006) ، فالصحيح أن هذا الأثر من كلام ابن عمر وليس من كلامه - صلى الله عليه وسلم - .(1/8)
عن جندب بن عبد الله البجلي - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث بعثاً من المسلمين إلى قوم من المشركين ، وأنهم التقوا فكان رجل من المشركين إذا شاء أن يقصد إلى رجل من المسلمين قصد له فقتله ، وإن رجلاً من المسلمين قصد غفلته . قال : وكنا نُحَدَّث أنه أسامة بن زيد ، فلما رفع عليه السيف قال : لا إله إلا الله فقتله فجاء البشير إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فسأله فأخبره حتى أخبره خبر الرجل كيف صنع ، فدعاه فسأله .فقال : لِمَ قتلته؟ قال : يا رسول الله أوجع في المسلمين وقتل فلاناً وفلاناً وسمى له نفراً ، وإني حملت عليه فلما رأى السيف قال : لا إله إلا الله . قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أقتلته قال : نعم . قال : فكيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة؟ قال : يا رسول الله استغفر لي . قال : وكيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة . قال : فجعل لا يزيده على أن يقول : كيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة" ، وفي رواية أن أسامة قال : "يا رسول الله إنما كان متعوذاً ، قال : أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله ، قال : فما زال يكررها علي حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم "(1).
الله أكبر .. إن هذا الرجل مشرك محارب ، وقد أثخن في المسلمين بالقتل ، وأسامة - رضي الله عنه - مجاهد في سبيل الله ، وهو حِبُّ النبي - صلى الله عليه وسلم - وابن حِبِّه ، وهو إنما قَتَل هذا الرجل متأولاً أنه ما نطق بالشهادة صدقاً من قلبه ، بل قالها تعوذاً ليكفوا عن قتله ، ومع هذا لم يقبل النبي - صلى الله عليه وسلم - عذره
وتأويله ، وهذا من أعظم ما يدل على حرمة دماء المسلمين ، وعظيم جرم من يتعرض لها تحت أي تأويل .
__________
(1) رواه مسلم في كتاب الإيمان برقم (96) ، وفي الصحيحين من حديث أسامة بنحوه رواه البخاري في كتاب الديات برقم (6872) ، ومسلم في كتاب الإيمان برقم (96)(1/9)
قصة أخرى :
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال :"بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - خالد بن الوليد - رضي الله عنه - إلى بني جَذِيمة فدعاهم إلى الإسلام فلم يحسنوا أن يقولوا أسلمنا فجعلوا يقولون : صبأنا صبأنا . فجعل خالد يقتل منهم ويأسر ، ودفع إلى كل رجل منا أسيره ، حتى إذا كان يومٌ ، أَمَر خالد أن يقتل كل رجل منا أسيره . فقلت : والله لا أقتل أسيري ، ولا يقتل رجل من أصحابي أسيره ، حتى قدمنا على النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرناه ، فرفع النبي - صلى الله عليه وسلم - يده فقال : اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد ، مرتين"(1).
هكذا أعلن النبي - صلى الله عليه وسلم - براءته من صنيع خالد سيف الله المسلول ، مع أن خالداً إنما قتلهم مجتهداً ، بناءً على ظاهر اللفظ ، ومع هذا شدد النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الأمر ورفع يديه وثنّى كلامه ، استنكاراً لهذا العمل ، واحتياطاً لحرمة الدماء .
قال ابن العربي : ثبت النهي عن قتل البهيمة بغير حق والوعيد في ذلك ، فكيف بقتل الآدمي ، فكيف بالمسلم ، فكيف بالتقي الصالح .(2)
التعدي على الأموال المحترمة :
__________
(1) رواه البخاري في كتاب المغازي برقم (4393)
(2) فتح الباري 12/189(1/10)
وذلك بهدم المباني والمساكن ، وإتلاف المرافق الخاصة والعامة ، نظراً لاتساع دائرة تأثير هذه الأعمال بسبب استخدام المواد المتفجرة التي تحدث تدميراً شاملاً يفوق بعض أنواع الأسلحة المحظورة . وقد قال الله تعالى : { - - - ( { - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - ( - - عليه السلام - قرآن كريم - - - (- رضي الله عنه -(- رضي الله عنهم - - - (( ((( - - } - - - رضي الله عنهم - - ( - ((( - ( - - - رضي الله عنهم - - - (( - رضي الله عنهم - - ( - ( - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنهم - - ( - - رضي الله عنهم - - ( - - - - - ( - } - جل جلاله - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - صدق الله العظيم - - (- رضي الله عنه -( - - رضي الله عنهم - - - - - - (( - - - } (1).
وقد روى أبو بكرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :"فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا " متفق عليه .(2)
ترويع الآمنين وإشاعة الهلع والفزع :
وقد جاءت النصوص الشرعية بالنهي عن ترويع المسلم بأقل درجاته .
فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :"من أشار إلى أخيه بحديدة ، فإن الملائكة تلعنه حتى يدعه ، وإن كان أخاه لأبيه وأمه " رواه مسلم .(3)
وإذا كان هذا الوعيد على هذا الأمر اليسير وهو الإشارة بالسلاح إلى المؤمن ، فكيف بمن يفرغ سلاحه في إخوانه ، ويشيع الهلع والفزع في أوساط جموع المسلمين الغافلين .
الافتيات على ولاة الأمور :
__________
(1) البقرة : 205]
(2) رواه البخاري في كتاب الإيمان برقم (67) ، ومسلم في كتاب القسامة والمحاربين والقصاص والديات برقم (1679)
(3) رواه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب برقم (2616) ...(1/11)
وقد أمر الله المؤمنين بطاعة من ولاه الله أمرهم ، وقرن طاعتهم بطاعته سبحانه ، فقال تعالى : { - { - - - - صلى الله عليه وسلم - - ((- رضي الله عنه - - - رضي الله عنه -((( - { - - - } - ( قرآن كريم (- جل جلاله -- رضي الله عنه - تم بحمد الله - - عليه السلام -( } - قرآن كريم (( - ((- صلى الله عليه وسلم - - { - - - } - قرآن كريم (( - ((- صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه - - قرآن كريم ( - { - - - - - ( - - - صلى الله عليه وسلم -( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - ( - - } - - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - - ( تم بحمد الله } (1).
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :"من أطاعني فقد أطاع الله ومن يعصني فقد عصى الله ومن يطع الأمير فقد أطاعني ومن يعص الأمير فقد عصاني "(2).
__________
(1) النساء : 59]
(2) رواه البخاري في كتاب الجهاد والسير برقم (2957) ، ومسلم في كتاب الإمارة برقم (1835)(1/12)
وعن حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - قال : كان الناس يسألون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني ، فقلت : يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال : نعم . قلت : وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال : نعم وفيه دَخَن . قلت : وما دَخَنه؟ قال : قوم يهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر . قلت : فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال : نعم دعاة إلى أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها . قلت : يا رسول الله صفهم لنا؟ فقال : هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا . قلت : فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال : تلزم جماعة المسلمين وإمامهم . قلت : فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال : فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تَعَضَّ بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك " . متفق عليه ، وفي لفظ الإمام مسلم : تسمع وتطيع للأمير ، وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع" .(1)
وعن تميم الداري - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :"الدين النصيحة . قلنا : لمن؟ قال : لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم"(2).
هذه النصوص وغيرها تدل على تأكيد الشارع على انتظام أحوال الأمة بالسمع والطاعة لولاة الأمور وتحريم الخروج عليهم . وإذا بدر منهم شيء من الخطأ أو التقصير الذي لا يخلو منه بشر فإن الواجب سلوك الطريق الشرعي للإصلاح بالنصح لهم ، مع تحلي الناصح بالحكمة والموعظة الحسنة ، وإنزال الناس منازلهم والتأدب معهم ، فإنه أدعى لقبول النصح .
اختلال الأمن وتعطل المصالح :
__________
(1) رواه البخاري في كتاب المناقب برقم (3606) ، ومسلم في كتاب الإمارة برقم (1847)
(2) رواه مسلم في كتاب الإيمان برقم (55)(1/13)
وإذا اختل الأمن في المجتمع كان هذا بمثابة انفراط عقد يحصل بسببه مفاسد عظيمة ، من إثارة الهرج ، وفتح أبواب الفوضى ، وإزهاق الأرواح ، وانتهاب الأموال ، وانتهاك الأعراض ، وحرمان الناس من مزاولة أمور حياتهم ، بل وتعطل المصالح والمقاصد الشرعية ، كإقامة العبادات ، ونشر الخير والدعوة إلى الله ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
تشويه صورة الدين ، وتنفير الناس عنه :
فإن مثل هذه الأعمال تلبِّس على عامة الناس ، وتنفّرهم عن الدين ، كما أنها تشوّه صورة الإسلام وأهله عند غير المسلمين ، وتصدّهم عن اعتناقه ، وتضل بسببها أفهام ، وتزل أقدام .
كما قال الله تعالى : { - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } - (- صلى الله عليه وسلم -( - ( - ( - - - ( المحتويات ( - - عليه السلام - - (- رضي الله عنهم - - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - - - رضي الله عنهم - - - رضي الله عنهم - - ( المحتويات ( تمهيد - - جل جلاله -( - - رضي الله عنه - - } - ( - - رضي الله عنه -- سبحانه وتعالى - - ( - بسم الله الرحمن الرحيم - رضي الله عنهم - - - - - رضي الله عنهم - - ((- رضي الله عنه - - - { - ( الله قرآن كريم ( تمهيد ( بسم الله الرحمن الرحيم } - قرآن كريم ( - - صلى الله عليه وسلم -( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - عليه السلام -(( قرآن كريم - - - - - - - رضي الله عنهم - - ( - ( بسم الله الرحمن الرحيم - - - - رضي الله عنهم - - - ( صدق الله العظيم - رضي الله عنه -( ( - - ( تمهيد - رضي الله عنهم - - ( - - - } ( - ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - - - - رضي الله عنه -( ( بسم الله الرحمن الرحيم - ((- رضي الله عنه -( } (1).
عوداً على بدء :
__________
(1) النحل : 94](1/14)
إذا تقرر هذا ، فإن المتأمل في أحداث التفجيرات يدرك بجلاء شناعة هذه الأعمال ، وأن مثل هذه الأفكار الانشطارية الضالة التي تستخف بحرمة الدماء المعصومة لا يمكن أن يتنبأ أحد بالحد الذي ستصل إليه ، فهي حلقات متوالية مضطربة ، ما مَثَلُها إلا { - - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنهم - - - رضي الله عنه -( - - - { - - - ( تمهيد - رضي الله عنهم - - ( تمهيد } - ( - ( - - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( - ( قرآن كريم - ( ((( - - } - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - - رضي الله عنهم - - - - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله - - - - رضي الله عنه - - - - } (1).
اضطراب في الفكر .. وتخبط في المنهج .. وأحادية في التلقي والتفكير .
هذا ما أثبتته الأحداث .. فقد بدأت باستهداف الكفار المعاهدين في هذه البلاد ، ورفع راية إخراجهم من جزيرة العرب(2).. ثم انتقلت إلى قتل رجال الأمن في حال المواجهة .. وانتهت باستهداف رجال الأمن في أماكنهم ، وتعدي الأذى إلى المدنيين الغافلين .
ولو قدر لهذا المسلسل أن يستمر - لا سمح الله – فإنه ليس ببعيد أن يكون أهل الإسلام هدفاً مباشراً لهذه الفئة ، كما هو حال الخوارج الذين تنقلوا عبر هذه الحلقات ، حتى بلغوا المرحلة التي وصفها النبي - صلى الله عليه وسلم - :"يقتلون أهل الإسلام ويَدَعون أهل الأوثان"(3).
__________
(1) إبراهيم : 26]
(2) من العجيب أن تهدر النصوص المحكمة التي جاءت بحرمة الدماء المعصومة بمثل هذه المسائل الفرعية التي هي محل خلاف بين الفقهاء ، بل إنهم اختلفوا في حدود جزيرة العرب على عدة أقوال مذكورة في مظانها .
ثم إنه على فرض التسليم بحدود جزيرة العرب ، هل عدم إخراج الكفار يسقط أمانهم ويبرر لنا قتلهم ؟!! سبحانك هذا بهتان عظيم .
(3) رواه البخاري في كتاب التوحيد برقم (7432) ، ومسلم في كتاب الزكاة برقم (1064) من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - .(1/15)
بل إن الخوارج تجاوزوا هذه المرحلة إلى أن كفّر بعضهم بعضاً ، وقتل بعضهم بعضاً ، وهذه نتيجة طبيعية لأي فكر لا يبنى عن علم راسخ ، ولا يؤسس على تقوى من الله ورضوان ، نعوذ بالله من الخذلان .
الوقفة الثالثة ) وكذلك جعلناكم أمة وسطاً :
إخوتي حماة الأمن .. ونحن أمام هذا الفكر الغالي المتزمت ، لابد أن نربي أنفسنا وأسرنا ومجتمعنا على الوسطية .
الوسطية التي هي سمة هذه الأمةِ الوسط ، كما قال تعالى : { - رضي الله عنهم - - ( - ( - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات ( - ( - - جل جلاله -( - - رضي الله عنهم -(- رضي الله عنهم - - - { } تم بحمد الله ( - - - (- رضي الله عنهم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } (1) أي عدولاً خياراً ، فلا إفراط ولا تفريط .
إن الوسطية تعني الوقوف بين طرفين متناقضين ، أما التطرف فإنه وقوف عند طرف واحد .
الوسطية تعني التوازن والاعتدال .. وهي حسنة بين سيئتين : سيئة الإفراط وسيئة التفريط .. وخير بين شرين : شر الغلو وشر الجفاء .. وحق بين باطلين : باطل الزيادة وباطل النقص .
قال الشاعر :
ولا تغل في شيء من الأمر واقتصد ... كلا طرفي قصد الأمور ذميم
الوسطية تحتاج منا إلى ميزان دقيق متجرد .. لا تؤثر فيه أهواء النفس وميولها ، ولا ترجح فيه كفة على كفة .. وإذا كان الغلو والتشدد تطرف ، فإن التفريط والتحرر من الدين تطرف ، والحق هو الوسط الذي جاءت به الشريعة السمحة .
فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :"سددوا وقاربوا واغدوا وروحوا وشيء من الدلجة والقصد القصد تبلغوا"(2).
ومن عجيب مكر الشيطان أنه لا يزال بالمسلم حتى يوقعه في إحدى الهلكتين ، إما بالغلو في الدين ، وإما بالجفاء عنه .
__________
(1) البقرة : 143]
(2) جزء من حديث رواه البخاري في كتاب الرقاق برقم (6463)(1/16)
وتأمل هذه الوقفة الجميلة من الإمام ابن القيم رحمه الله ، حيث يقول :"ومن كيده -أي الشيطان- العجيب أنه يُشَامُّ النفس(1)حتى يعلم أي القوتين تغلب عليها : قوة الإقدام والشجاعة ، أم قوة الانكفاف والإحجام والمهانة؟
فإن رأى الغالب على النفس المهانة والأحجام أخذ في تثبيطه وأضعاف همته وإرادته عن المأمور به وثقَّله عليه فهوَّن عليه تركه حتى يتركه جملة ، أو يقصر فيه ويتهاون به .
وإن رأى الغالب عليه قوة الإقدام وعلو الهمة أخذ يقلل عنده المأمور به ويوهمه أنه لا يكفيه وأنه يحتاج معه إلى مبالغة وزيادة . فيقصر بالأول ويتجاوز بالثاني .
[إلى أن قال :] وقصر بقوم حتى امتنعوا من ذبح عصفورٍ وشاة ليأكلوه ، وتجاوز بآخرين حتى جرأهم على الدماء المعصومة "(2).
وقال الأوزاعي : ما من أَمْرٍ أَمَرَ الله به إلا عارض الشيطان فيه بخصلتين لايبالي إياهما أصاب ، الغلو أو التقصير .
الوقفة الرابعة ) عينان لا تمسهما النار :
هنيئاً لك يا حارس الأمن .. وقد أكرمك الله تعالى بهذه المهمة الشريفة .. الحفاظ على أمن المسلمين .. والسهر على راحتهم ومصالحهم .
هنيئاً لك قول النبي - صلى الله عليه وسلم - :" عينان لا تمسهما النار . عين بكت من خشية الله ، وعين باتت تحرس في سبيل الله "(3).
والمراد من الحديث أن الحارس لا تمسه النار ، وإنما خص العين لأن الحراسة تحرمها النوم والراحة فنالت شرف الذكر .
وفي قوله - صلى الله عليه وسلم - :(في سبيل الله) إشارة إلى النية واحتساب الأجر عند الله ، فلا تنس أخي أن تقصد بعملك وجه الله ، وإن كنت تتقاضى عليه أجراً آخر الشهر ، فإن فضل الله واسع .
__________
(1) أي يتحسس النفس ويختبرها
(2) إغاثة اللهفان 1/192
(3) رواه الترمذي في كتاب فضائل الجهاد برقم (1639) وقال : حديث حسن غريب ، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (4113)(1/17)
وعن سهل بن سعد - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :"رباط يوم في سبيل الله خيرٌ من الدنيا وما عليها"(1).
وعن سلمان - رضي الله عنه - قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :" رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه ، وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله ، وأُجري عليه رزقه ، وأُمن الفتَّان"(2).
تأمل أخي .. المرابط يسبق الصائمين والقائمين .. المرابط يجري عليه عمله ورزقه بعد موته ولا ينقطع .. المرابط أمنه دائم في القبر وفي الدار الآخرة .. لماذا؟
السر في هذا -والله أعلم- أن الجزاء من جنس العمل ، ذلك أن المرابط يقتحم المكاره ، ويلقى بنفسه في المخاوف ، ويكون عرضة للجوع والعطش فأكرمه الله بهذه الخصال جزاءً وفاقاً .
وهذه الأحاديث وإن كان محل ورودها في المرابط على ثغور البلاد الإسلامية وحدودها ، فإن المرابط على الثغور الداخلية يرجى له أن يدخل في عموم هذه الأحاديث ، إذ هما مشتركان في الذود عن المسلمين وحمايتهم مما يخيفهم ، وكل باب يخاف المسلمون من خلاله العدو الداخلي أو الخارجي فهو ثغر من ثغور الإسلام يجب على المسلمين أن يقوموا عليه .(3)
رجل الأمن مرابط على ثغر من ثغور الجهاد .. ومناضل يحمي بلاد الإسلام من الفساد .. ولاشك أن هذه المهمة لها منزلة عظيمة عند الله تعالى .
ولهذا كان رجل الأمن بين حسنتين . إن عاش عاش سعيداً محتسباً أجر الرباط والحراسة ، وإن مات مات شهيداً في سبيل الله .
الوقفة الخامسة ) ثبات وصمود .. لا هلع وقعود :
__________
(1) رواه البخاري في كتاب الجهاد والسير برقم (2892)
(2) رواه مسلم في كتاب الإمارة برقم (1913)
(3) قال ابن قدامة :"معنى الرباط : الإقامة بالثغر مقوِّياً للمسلمين على الكفار ، والثَّغر كل مكان يخيف أهله العدو ويخيفهم ... وأفضل الرباط المقام بأشد الثغور خوفاً ، لأنهم إليه أحوج ، ومقامه به أنفع" المغني 9/167(1/18)
إخوتي حماة الأمن .. إن هذه الأحداث على جسامتها ينبغي أن لا تفتّ في عضدنا ، بل يجب علينا أن نستمد منها الثبات والصمود ، وأن لا تزيدنا إلا إصراراً وعزيمة في القيام بهذه المهمة الشريفة التي أنيطت بنا .. متوكلين على الله .. معتصمين بحبل الله .. كما قال الله تعالى : { - - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -(- عليه السلام - - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ( - ( تم بحمد الله ( - ( - ( - - - - - - - رضي الله عنه - - ( مقدمة - } - - } - قرآن كريم ( - - - - - - - (- رضي الله عنهم - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - - رضي الله عنه - الله أكبر - رضي الله عنهم - - - رضي الله عنه -(- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - - (( - ( - قرآن كريم ( - - عليه السلام - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - رضي الله عنهم - - - (- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - - (( - ( - قرآن كريم ( - - عليه السلام - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات ( - - رضي الله عنهم - - - - رضي الله عنهم - - - صدق الله العظيم ( { - - جل جلاله - - (- رضي الله عنهم - - - ( { - - - - ( - ( - فهرس - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } (1).
عجباً للمؤمن ، يستمد اليقين من أسباب الشك .. ويستلهم الثبات من مواطن الخوف .
__________
(1) الأحزاب : 22](1/19)
المؤمن المتوكل على ربه لا يعرف الخوف والهلع .. يعلم أن السلامة من الله ، والأمن في جوار الله ، وأنه لن يصيبه إلا ما كتب الله .. { - - - - ( { - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنهم - - - - عليه السلام - - - صلى الله عليه وسلم - - ( - - - - الله ( قرآن كريم - { ( - - } (( قرآن كريم ( - - - - ( } - - رضي الله عنه - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله (( مقدمة - - - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - بسم الله الرحمن الرحيم ( - - - صدق الله العظيم ( } تم بحمد الله (( مقدمة ( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم -( - صدق الله العظيم ( تم بحمد الله - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } (1).
المؤمن يستشعر وصية النبي - صلى الله عليه وسلم - لابن عباس :" واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف"(2).
أخي الحبيب .. الآجال معدودة ، والأعمار محدودة .. فلا تظن أن قيامك بالمهام الخطيرة يقدم أو يؤخر لحظة من أجلك .
وفي هذا المعنى يقول علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - :
أي يَوْمَيَّ من الموت أفرّ ... ... يوم لا قُدِّر أو يوم قُدِرْ
يوم لا قُدِّر لا أرهبه ... ... ومن المقدور لا ينجو الحَذِرْ
ومعنى كلامه أن يومه هذا هو أحد يومين . إما يوم لم يقدر الله فيه مماته فكيف يخاف منه ، وإما يوم قدر الله فيه مماته فكيف يفر منه .
__________
(1) الرعد : 11]
(2) رواه أحمد 1/293 ، والترمذي في كتاب صفة القيامة والرقائق والورع برقم (2516) من حديث ابن عباس وقال : "حديث حسن صحيح " ، وصححه الألباني كما في صحيح الجامع برقم (7957)(1/20)
وإن من العبر العجيبة في حادث التفجير أن أكثر الإخوة الذين فقدناهم في حادث التفجير الآثم قد ساقهم القدر من مكاتبهم إلى مكاتب أخرى مجاورة ليلاقوا حتفهم .
فالعقيد عبد الرحمن الصالح رحمه الله كان قد انتقل ساعة وقوع الحادث إلى أحد المكاتب المواجهة للانفجار ليقوم بتصوير بعض الأوراق ، بينما كان مكتبه في الجهة الأخرى البعيدة عن الانفجار سليماً لم يصب بأذى .
والأخ إبراهيم المفيريج رحمه الله خرج من مكتبه إلى مكتب مدير عام المرور العميد فهد البشر لتوقيع بعض الأوراق ، وبينما كانت الأوراق التي على الطاولة تفصل بين العميد البشر والأخ إبراهيم وقع الانفجار ليصاب العميد فهد ويسلم ، ويطير إبراهيم إلى جانب الغرفة ويلقى حتفه شهيداً بإذن الله .
وأخونا النقيب إبراهيم الدوسري رحمه الله نزل به القضاء وهو في مكتب آخر .
وفي المقابل فإن كثيراً من الإخوة الذين كتب الله لهم السلامة لم يكونوا موجودين ساعة وقوع الحادث إما بسبب إجازة ، أو أنهم خرجوا قبيل نهاية الدوام ، حتى إن بعضهم لم يفصل بينه وبين الحادث سوى لحظات معدودة .
وكان من الناجين أحد الإخوة الضباط ، كان معنا في مبنى التوعية الدينية .. ومع اقتراب وقت الحادث ، وقبيل الساعة الثانية كان الأخ يصر على الذهاب إلى مكتبه بالإدارة العامة للمرور ، إلا أن أحد الإخوة ألحّ عليه بالبقاء ، فاستجاب له ولم يذهب ، فنجا بحمد الله ولطفه .
والدرس المستفاد من هذه المشاهد ، أن أجلك محدود ، ونَفَسك معدود ، ولن تموت نفس حتى تستكمل رزقها ، ووالله لو أنك قعدت في بيتك ولم تخض المخاطر ، لم يغن ذلك عنك شيئاً ، وأتتك المنية ولو كنت على فراشك .
فكن شجاعاً في اتخاذ القرار .. شجاعاً في الإقدام ومباشرة العمل .. وإياك والخور والجبن .
الوقفة السادسة ) مشروعية التضحية والفداء :(1/21)
يتعرض رجل الأمن لمخاطر عديدة ، وقد يكون في موقف يستدعي منه التضحية والفدائية بسبب اقتحامه مواقع المجرمين ، أو مفاداته بنفسه بتعريضها للأذى في سبيل نجاة بقية زملائه .
وفي مثل هذه الأحوال .. هل يجوز لرجل الأمن أن يعرض نفسه للخطر ، ويضحّي بنفسه في سبيل نجاة غيره أو سلامة بلاده . أم أنه يكون بهذا ملقياً بنفسه إلى التهلكة ؟
لقد تظافرت النصوص الشرعية على مشروعية تعريض المسلم نفسه للخطر النازل حماية لغيره من المسلمين ، بحيث يحول دونهم ودون هذا الخطر ، ولو ترتب على فعله هذا ذهاب روحه .
لأن هذا الأمر من الإيثار بالنفس ، وهو غاية الإيثار ، وقد قال تعالى : { - - - صلى الله عليه وسلم -( - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - فهرس - - رضي الله عنه -( ( المحتويات ( - ( } (( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - ( قرآن كريم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه - تمت - - - ( المحتويات ( - ( - ( { - ( - - (- رضي الله عنهم - - } (1).
قال النووي :"والإيثار في حظوظ النفوس من عادة الصالحين"(2).
وقد ضرب النبي - صلى الله عليه وسلم - أمثلة رائعة في التضحية والفدائية دون المسلمين .
فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال :"كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحسن الناس وكان أجود الناس وكان أشجع الناس ، ولقد فزع أهل المدينة ذات ليلة فانطلق ناس قِبَل الصوت ، فتلقاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - راجعاً وقد سبقهم إلى الصوت وهو على فرس لأبي طلحة عُرْيٍ – أي ليس عليه سرج - في عنقه السيف ، وهو يقول : لم تراعوا ، لم تراعوا " متفق عليه .(3)
__________
(1) الحشر : 9 ]
(2) المجموع 2/281-282 ... ... ...
(3) رواه البخاري في كتاب الجهاد والسير برقم (2980) ، ومسلم في كتاب الفضائل برقم (2307)(1/22)
لقد بلغ من شجاعته وفدائيته - صلى الله عليه وسلم - أنه خرج وحده بلا عُدَّة كاملة ، وخاطر بنفسه دون الناس إيثاراً لهم بالسلامة .
وهكذا كان الصحابة - رضي الله عنهم - في فدائيتهم وإيثارهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أو غيره من الصحابة بالحياة .
ففي يوم أحد كان أبو طلحة - رضي الله عنه - يقاتل بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وكان رجلاً رامياً ، فإذا رمى رفع النبي - صلى الله عليه وسلم - رأسه لينظر أين يقع السهم ، فيقول أبو طلحة : يا نبي الله ، بأبي أنت وأمي ، لا يصيبك سهم من سهام القوم ، نحري دون نحرك .(1)
قال ابن العربي :"من وقى مسلماًً بنفسه فليس له جزاء إلا الجنة "(2).
وقال ابن القيم :"وعلى هذا فإذا اشتد العطش بجماعة وعاينوا التلف ، ومع بعضهم ماء فآثر على نفسه واستسلم للموت كان ذلك جائزاً ، ولم يُقَلْ أنه قاتلٌ لنفسه ، ولا أنه فعل محرماً ، بل هذا غاية الجود والسخاء ، كما قال تعالى : { - - - صلى الله عليه وسلم -( - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - فهرس - - رضي الله عنه -( ( المحتويات ( - ( } (( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - ( قرآن كريم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه - تمت - - - ( المحتويات ( - ( - ( { - ( - - (- رضي الله عنهم - - } (3)، وقد جرى هذا بعينه لجماعة من الصحابة في فتوح الشام وعُدَّ ذلك من مناقبهم وفضائلهم"(4).
قال الشاعر :
يجود بالنفس إن ظن الجبان بها ... والجود بالنفس أقصى غاية الجودِ
الوقفة السابعة ) ولشهدائنا وجرحانا حق :
__________
(1) رواه البخاري في كتاب المناقب برقم (3600) ، ومسلم في كتاب الجهاد والسير برقم (1811) ، وأحمد 3/105 عن أنس بن مالك
(2) أحكام القرآن لابن العربي 2/396
(3) الحشر : 9 ] ...
(4) زاد المعاد 3/505(1/23)
نعم .. لقد فُجِعنا بموت مات من زملائنا ، وكُلِمنا بإصابة من أصيب من أحبابنا .. وإن العين لتدمع ، وإن القلب ليحزن .. ومع هذا فلا نقول إلا ما يرضي ربنا .
وإن مما يعزي النفس ، ويخفف المصاب في إخواننا ، ما ادخره الله لهم من الثواب العظيم في الدار الآخرة .. { ( - - رضي الله عنه - - ( - - - رضي الله عنهم - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - ( - - رضي الله عنهم - - - - - - ( - - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } (1).
وقد جاءت البشائر النبوية في الأحاديث الصحيحة أن الله تعالى يكتب أجر الشهيد لمن مات في مثل هذه الحوادث .
فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :"الشهداء خمسة : المطعون ، والمبطون ،والغَرِق ، وصاحب الهدم ، والشهيد في سبيل الله" متفق عليه .(2)
والمراد بصاحب الهدم من يموت بسبب الهدم كسقوط حائط أو بناء ونحو ذلك .
وإذا كان هذا في حق من أصيب بالهدم على وجه العموم ، فكيف بمن مات بسبب الهدم ، وهو يمارس عمله الشريف في خدمة المسلمين وحفظ أمنهم أو تيسير مرورهم في الطرق .
ومما يعزي النفس أيضاً ما يجزي به الله أهل البلاء يوم القيامة ، حتى إن أهل العافية يتمنون أنهم أصيبوا بأعظم البلاء .
فعن جابر - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :" يود أهل العافية يوم القيامة حين يُعطَى أهل البلاء الثواب لو أن جلودهم كانت قرضت في الدنيا بالمقاريض " رواه الترمذي .(3)
فسبحان من يرحم عباده بالبلاء .. وينعم عليهم بالضراء .
قد يُنعِم الله بالبلوى وإن عَظُمَتْ ويبتلي اللهُ بعضَ القوم بالنعمِ
__________
(1) الأعلى : 17]
(2) رواه البخاري في كتاب الجهاد والسير برقم (2829) ، ومسلم في كتاب الإمارة برقم (1914)
(3) أخرجه الترمذي في كتاب الزهد برقم (2402) ، وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي(1/24)
هذا .. و إن من حقوق الأخوة لإخواننا المتوفين والمصابين عدة أمور ، منها :
الدعاء للمتوفين بالرحمة والمغفرة وأن يتقبلهم الله في الشهداء في سبيله ، والدعاء للمصابين بأن يعجل بشفائهم ، ويجمع لهم الأجر والعافية .
القيام بأعمال البر التي يصل ثوابها إلى المتوفين ، كالصدقة ، والحج والعمرة ، وبناء المساجد ، وغيرها .
زيارة المصابين في المستشفيات ، والتخفيف من معاناتهم ، وقضاء حوائجهم .
تعاهد أسر الموتى والمصابين ، وسد حاجة الفقراء منهم ، بالتعاون بين الزملاء .
الوقفة الثامنة ) احفظ الله يحفظك :
الوقاية خير من العلاج .. وإن أعظم سبب يقي الإنسان من الكوارث ، ويحفظه من المكاره ، تقوى الله ، وقوة العلاقة بالله تعالى ، { ( - - - - ( ( - ( - - رضي الله عنهم - - - - ((((- رضي الله عنهم - مقدمة } - عليه السلام - قرآن كريم ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات - رضي الله عنهم - مقدمة ( - - صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنه -((( - ( قرآن كريم ( { - - - - } (1).
ومن أهم أسباب هذا الحفظ الرباني ما يلي :
__________
(1) يوسف : 64](1/25)
قوة الإيمان ، والتوكل على الله تعالى ، كما قال تعالى : { - رضي الله عنه -((( - { - - - - رضي الله عنه - - - - - ( المحتويات ( - - - ( } - } - - - - } تمت ( { { } - } - - - - ( - - - } - قرآن كريم ((- عليه السلام - - - رضي الله عنهم - - ( المحتويات ( - - - ( المحتويات ( - ( قرآن كريم - رضي الله عنه -(( - - - - ( ( المحتويات ( - - رضي الله عنهم - - - - رضي الله عنه - - - ( - - جل جلاله - - (- رضي الله عنهم - - - ( { } - قرآن كريم ( - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام - - ( تمهيد ( - - رضي الله عنهم - مقدمة ( - - - - المحتويات ((( الله أكبر - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - ( - - عليه السلام - قرآن كريم ( - - - ((((( } - قرآن كريم ( - فهرس - - { الله أكبر - - - ( - { - رضي الله عنهم - - ((( - ( - - صدق الله العظيم ( } تم بحمد الله ( - - - - - (( - (- عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات { - ( المحتويات ( - ( - - - ( - - رضي الله عنه - - ((( قرآن كريم ( - } - قرآن كريم ((- رضي الله عنه - - } - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه - تمت (- عليه السلام - قرآن كريم ((( - ( - - - - ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - صلى الله عليه وسلم -( - - - (( - ( - بسم الله الرحمن الرحيم - ((- رضي الله عنه -( } (1).
المحافظة على أداء الصلوات الخمس مع الجماعة ، وبالأخص صلاة الفجر .
فعن جندب بن عبد الله - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :" من صلى الصبح فهو في ذمة الله ، فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء فيدركه فيكبه في نار جهنم "(2).
__________
(1) آل عمران : 173-174]
(2) رواه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة برقم ( 657)(1/26)
الإكثار من العبادات والطاعات في وقت الرخاء ، فقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :"تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة" (1) .
الذكر والدعاء ، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :" من سره أن يستجيب الله له عند الشدائد والكرب فليكثر الدعاء في الرخاء "(2).
الاستغفار والتوبة ، فمن لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق فرجاً ، ومن كل فتنة مخرجاً ، قال تعالى : { - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم -- صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنه - تمت (- صلى الله عليه وسلم -- رضي الله عنه - - - رضي الله عنه - - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - ( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - - - قرآن كريم ( - - رضي الله عنه - - ((( - - (( (- صلى الله عليه وسلم - - ( - - الله - - رضي الله عنه -( ( - { - } تم بحمد الله (- صلى الله عليه وسلم -- صلى الله عليه وسلم - - (((( - - { - - رضي الله عنه - تم بحمد الله { المحتويات ( بسم الله الرحمن الرحيم - صدق الله العظيم - - قرآن كريم ( - قرآن كريم ( - - رضي الله عنه - - - صدق الله العظيم - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات ( - - - - صلى الله عليه وسلم -( - - - } - - رضي الله عنه - - } (3).
قصة عجيبة :
__________
(1) جزء من حديث ابن عباس عند أحمد 1/293 ، وروى أصل الحديث أيضاً الترمذي في كتاب صفة القيامة والرقائق والورع برقم (2516) وقال : "حديث حسن صحيح "ولم يذكر هذه اللفظة . والحديث صححه الألباني كما في صحيح الجامع (7957)
(2) رواه الترمذي في كتاب الدعوات برقم (3382) ، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة 2/140
(3) التوبة : 126](1/27)
من أعجب ما وقع في حادث التفجير ما أشرت إليه في المقدمة من إصابة أحد الزملاء الصالحين من ضباط المرور ، ودخوله العناية المركزة بسبب إصابة شديدة في رأسه ، فما قصة هذا الأخ؟
بدأت القصة ظهر الأربعاء الذي وقع فيه التفجير .. يقول لي مدير التوعية الدينية بالمرور : دخل أخونا (.....) مسجد الإدارة العامة للمرور بعد أذان الظهر .. رأيته يصلي أربع ركعات سنة الظهر .. نظرت إليه وإذا به يرفع يديه ويدعو دعاءً طويلاً حاراً ، حتى إنه كان يغمض عينيه وتتغير ملامح وجهه وهو يدعو .. صلينا الظهر سوياً .. ثم قام وصلى أربع ركعات .. وبعد أن خرجنا من المسجد كان يحدثني أن لديه دعماً لبعض نشاطات التوعية الدينية وتزويدها ببعض الأجهزة .
ووقع الحادث .. وكان أخونا في المكاتب المواجهة للانفجار .. اخترقت شظايا المبنى والزجاج رأسه ، حتى خرج دماغه .
ويحدثني الأخ الذي قام بحمله ونقله للمستشفى أنه كان يذكر الله ويتشهد في الطريق إلى الإسعاف .
وفي الإسعاف .. تجرى له عملية جراحية خطيرة على الفور .. ويقوم الأطباء بإعادة الدماغ والرأس ، وإخراج قطع الزجاج المتغلغلة في الرأس .. وبفضل الله يتوقف النزيف الداخلي .
وفي صباح اليوم التالي كانت الاستجابة للعلاج مذهلة !!!.
سبحان الله .. كيف حدث هذا؟ .. من الذي أوقف النزيف؟ .. كيف نجا الدماغ من هذه الضربة القاصمة؟ .. إنه الله .. وكفى بالله وكيلاً .
لم يتمالك الطبيب الذي أجرى العملية مشاعره عندما التقى بالزملاء .. يقول : هذه معجزة ربانية .. كنت أنتظر موته بين الساعة والأخرى .. حالته ميؤوس منها طبياً ولو كانت في أرقى المستشفيات العالمية .. لكنها إرادة الله ، وحفظه لعبده .
وفي الأيام الأولى .. بدأ أخونا (.....) بتحريك أعضائه .. وتوافدت جموع المحبين إلى المستشفى ، ليتفاجؤوا بصبره وثباته حتى في مثل هذه الظروف .(1/28)
كان يمازح بعض الشباب .. ويكثر من حمد الله .. ويقول لبعض الزملاء بإيمان وثبات : إن الله تعالى قد يريد لي منزلة لا أبلغها بعملي ، فابتلاني بهذا الحادث ، فالحمد لله !!! .
هكذا أيها الأحبة .. رأينا في هذه القصة العجيبة كيف يحفظ الله عبده ، ويثبته في الشدة ، ويلهمه الصبر واليقين .. والحمد لله رب العالمين .
الوقفة التاسعة ) ماذا تفعل عند وقوع الأزمة؟ :
إن رجل الأمن مطالب بأن يحسن التعامل مع الأزمات والمواقف بكل حزم وحكمة .
ومن المهم جداً عند وقوع أعمال التفجير أو التخريب أن يكون لدينا إلمام بقواعد الإخلاء والسلامة عند وقوع مثل هذه الحوادث ، ومن أهم هذه القواعد :(1)
من الضروري وجود خطة واضحة وسهلة للإخلاء عند وقوع الحوادث ، وتدريب جميع العاملين عليها قبل وقوع أي حادث .
على كل شخص في المبنى أن يكون سريعاً في استجابته ، وتأمين منطقته - إن أمكن - قبل الخروج ، مثل : إطفاء الأجهزة ، إغلاق اسطوانات الغاز ... الخ .
إذا كان المبنى متعدد الأدوار : استخدم مخارج وسلالم الإخلاء (الطواريء) الخارجية إن وجدت ، مع التأكد من أن سلم الإخلاء سليم وآمن وخالٍ مما يعيق سرعة الحركة ، وإلا استخدم السلم العادي (الدرج) .
تجنب استخدام المصاعد الكهربائية ، لأنها قد تأخذك إلى موقع النار بدلاً من الهروب منها ، ثم إنها قد تتوقف بسبب الحادث فتكون حبيساً فيها .
بعد الخروج من المبنى ، على الجميع التوجه إلى منطقة التجمع المتفق عليها مسبقاً في خطة الإخلاء ، ليتم جمع المعلومات وتفقد العاملين ، ولا يسمح بعدها لأحد بالرجوع إلى موقع الخطر إلا بعد الأذن من الشخص المسؤول ، بعد التأكد من عدم وجود مخاطر .
__________
(1) المصدر : موقع المديرية العامة للدفاع المدني www.998.gov.sa(1/29)
إذا اشتعلت النار في المبنى ، ولم تستطع الخروج : الجأ إلى مكتب له نافذة إلى الخارج ، وأغلق الباب جيداً ، وحاول وضع قطعة قماش حول الباب كي لا ينفذ الدخان إلى الغرفة ، وقف بجانب النافذة واطلب المساعدة .
الوقفة العاشرة ) لعلهم يرجعون :
إن من حكمة الله تعالى في نزول المصائب ، أن يتذكر الناس ذنوبهم ، وينيبوا إلى ربهم ، فإن الذنوب والمعاصي من أسباب نزول النقم ، وزوال النعم .
قال تعالى : { - رضي الله عنه - - - رضي الله عنهم - - - ( ( - - - - - (( - - - - (( ( - - - رضي الله عنهم - - ( - - - ( - ( - - رضي الله عنه - - ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - رضي الله عنهم - - ( - ( تمهيد - رضي الله عنه - تمهيد - - - - - ( - ( - - صلى الله عليه وسلم - - ( } - } - - - - المحتويات ( - - { - ( - ( - ( - - عليه السلام -(((- رضي الله عنه - - - ( - { - - - } - قرآن كريم ( - ( - - ( ( المحتويات ( - ( - - رضي الله عنهم -( - - - رضي الله عنه - تمت قرآن كريم ((( - ( - - رضي الله عنه - - } (1).
وقال سبحانه : { - - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - المحتويات ( تمهيد - رضي الله عنه - - ( - (- صلى الله عليه وسلم - - صدق الله العظيم ( } تم بحمد الله - { - رضي الله عنه - تمهيد - (( - تم بحمد الله - - رضي الله عنهم - - ( تمهيد - ( ( تمهيد - رضي الله عنه - تمهيد - - - - ( - ( - - ( - ( - - صلى الله عليه وسلم - - } - قرآن كريم ((((- رضي الله عنه - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - صدق الله العظيم - رضي الله عنه -( - - - ( الله - - } (2).
فعلينا أيها الأحبة أن نراجع أنفسنا ، وأن نتوب لربنا ، وأن نعلم أنه ما نزل بلاء ، ولا حل خوف ، ولا فُقد أمن إلا بذنب . وما كُشف كرب ، ولا رُفِع عذاب إلا بتوبة .
__________
(1) الروم : 41]
(2) الشورى : 30](1/30)
ولسنا بأفضل من النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه حينما أخبرهم الله تعالى أن ما أصابهم كان بسبب في أنفسهم ، قد اقترفوه ، وعاتبهم بقوله : { - - - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم -- صلى الله عليه وسلم - - المحتويات ( - ( - - عليه السلام - - ( - (- صلى الله عليه وسلم - - ( { - رضي الله عنه - - - (( - تم بحمد الله ( - - - - ((( تمهيد - (- صلى الله عليه وسلم - - - { - ( - فهرس - ( - ( } تم بحمد الله ( - ((( - ( - - - ( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - - - - (- رضي الله عنهم - - } ( - ( - - عليه السلام - قرآن كريم ( - ( صدق الله العظيم ( تم بحمد الله ( - - جل جلاله -(( ( المحتويات ( - ( - (( الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - } (1).
إن التوبة إلى الله تعالى من أعظم العزاء لنا أمام هذه الأحداث المؤلمة.
يقول بعض السلف : إن العبد ليصاب بالمصيبة فيذكر ذنوبه فيخرج من عينه مثل رأس الذباب دمعاً من خشية الله فيغفر الله عز وجل له .
وما دفعت شدائد الدنيا بمثل التوحيد واللجوء إلى الله ، والرجوع إليه . فإن التوحيد سبب الأمن الأول ، كما قال سبحانه وتعالى : { - رضي الله عنه -((( - { - - - } - قرآن كريم ( - - رضي الله عنه - تم بحمد الله - - عليه السلام -( ( بسم الله الرحمن الرحيم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - } - ( قرآن كريم ( - ( تمهيد ( - - رضي الله عنه - - بسم الله الرحمن الرحيم ( - - عليه السلام - - (- رضي الله عنهم - - - ( { - بسم الله الرحمن الرحيم ( - ((( - - رضي الله عنهم - - (((( - - - - صلى الله عليه وسلم -( - ( المحتويات ( - - - ( صدق الله العظيم ( تم بحمد الله - } - - المحتويات ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم -( - - رضي الله عنه - - ( - - تم بحمد الله } (2).
__________
(1) آل عمران : 165]
(2) الأنعام : 82](1/31)
وفي المقابل ، علينا أن نحذر من المعاصي والذنوب ، كالتخلف عن الصلوات ، أو إهمال الواجبات ، أو ارتكاب المحرمات ، فإنه ما نزل بلاء إلا بذنب ، ولا رُفع إلا بتوبة .
نسأل الله تعالى أن لا يؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ، ونعوذ به سبحانه أن يسلط علينا بذنوبنا من لا يخافه فينا ولا يرحمنا .
الوقفة الحادية عشرة ) الفهم الصحيح للأحداث :
من خلال ما طرح ويطرح في ساحة الرأي والإعلام ، فإن المتأمل لهذه الأطروحات يدرك تماماً أنها على الرغم من اتفاقها على تجريم واستنكار هذه الأعمال ، فإنها في المقابل لا تكاد تتفق على تفسير واضح لجذور هذه الأعمال وأسباب وجودها في بلادنا ، وبين أظهرنا ، وعلى يد ثلة من شبابنا !!! .
ولعل من أهم أسباب اضطراب الآراء في ذلك ، أن التيارات التي تقف وراء هذه الأعمال ليست بتيارات إجرامية محضة (كعصابات المخدرات والجنس ونحوها ) ، بل إن هذه التيارات لها جذور فكرية ترفع الشعارات الدينية وتتحدث باسم الجهاد ، الأمر الذي يوقع الناظر البسيط في التخرص والرجم بالغيب .
إن أول سؤال يمكن أن يطرح في هذا الجانب : ما علاقة هذا الفكر الديني الغالي الذي تتبناه هذه التيارات بالدين الذي قامت عليه هذه البلاد ومؤسساتها ، وتربى عليه أهلها وشبابها؟
إن الواقع يشهد بأن بلادنا المباركة إنما قامت على الدين القويم ، والتوحيد الخالص ، والعقيدة الوسطية الصحيحة التي أحيا معالمها الإمامان محمد بن عبد الوهاب ومحمد بن سعود رحمهما الله .. ومنذ ذلك الوقت وهذا النهج هو النهج الديني السائد بحمد الله في مجتمعنا ، يقرره العلماء والدعاة في دروسهم ومحاضراتهم ، ويدرسه ملايين الطلاب والطالبات في المدارس ، حتى أصبحت هذه البلاد وأهلها مثالاً يحتذى في التمسك بالدين ، وسلامة المنهج ، وإغاثة المنكوبين ، والدعوة إلى الله ونشر الإسلام في أرجاء العالم .(1/32)
إن ما نراه من غلو وتطرف فكر دخيل على مجتمعنا ، وصوت نشاز في مناهجنا العلمية والتربوية والدعوية .. والمتتبع للمراحل التاريخية لنشأة هذا الفكر ودخوله البلاد ، يدرك أن بداية ظهوره في هذه البلاد كانت بسبب طائفة شاذة تلقفت هذا الفكر من بعض الجماعات والتيارات الخارجية المخالفة للبيئة العلمية والدينية في بلادنا ، بل جنح بعضها إلى تكفير ولاة أمرنا وعلماءنا . ثم نما هذا الفكر وترعرع في السنوات الأخيرة بفضل ثورة المعلومات والإنترنت وتعدد مصادر التلقي .
إن هذا الفكر الغالي في التكفير ، الداعي إلى الخروج على ولاة الأمر ، فكر بالغ الخطورة ، لما فيه من التخوض في دماء المسلمين ، وإثارة الفتن الداخلية ، ولاسيما أن كثيراً مما يقع بسبب هذا الفكر من مفاسد يقع - عند من يتبناه - بنوع من التأويل الذي يظنونه اجتهاداً مشروعاً وطريقاً لدخول الجنة !!! .
وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ما حصل بمثل هذا التأويل من الشر والفتن وأنه سُفِك به دماء قوم من المؤمنين وأهل العهد . وما أشبه الليلة بالبارحة .(1/33)
إن رايات الدين .. الجهاد .. الإصلاح .. التي يرفعها هؤلاء المفسدون لا يمكن أن تضفي المشروعية لأعمالهم الفاسدة ، فقد حكى الله سبحانه وتعالى عن أقوام من المفسدين أنهم يدعون الإصلاح ، قال تعالى : { - - - ( { - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - - - ( - ( المحتويات ( - - - - صدق الله العظيم } - - صلى الله عليه وسلم -( - ( - ((( - - (( ((( - - } - - } - ( قرآن كريم ( - - - - - - رضي الله عنهم - - ( الله أكبر ( { ( صدق الله العظيم (- رضي الله عنه - صدق الله العظيم - عز وجل - - - قرآن كريم ( - ( - ((( تم بحمد الله (((( - سبحانه وتعالى - صدق الله العظيم - صلى الله عليه وسلم - - ( المحتويات ( - ( الله أكبر ( { ( المحتويات ( - - رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم -( - ( - ((( - ( - - - صدق الله العظيم ( - ( - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تمت - صلى الله عليه وسلم -( - (((( - - } (1).
وفي البخاري أن ابن عمر رضي الله عنهما أتاه رجلان في فتنة ابن الزبير فقالا : إن الناس صنعوا وأنت ابن عمر وصاحب النبي - صلى الله عليه وسلم - فما يمنعك أن تخرج؟ فقال : يمنعني أن الله حرم دم أخي . فقالا : ألم يقل الله : {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة} . فقال : قاتلنا حتى لم تكن فتنة وكان الدين لله ، وأنتم تريدون أن تقاتلوا حتى تكون فتنة ويكون الدين لغير الله "(2).
__________
(1) البقرة: 11-12]
(2) رواه البخاري في كتاب تفسير القرآن برقم (4515)(1/34)
وإذا كان هذا الفكر الباطل يتبجح برفع راية الدين ، فإن من الواجب أن نُعَرِّي هذا الفكر ، ونجرِّد الحق من الباطل الذي قد يظن بعض الناس أنه منه ، وهو منه براء .. { - درهم ( - ( - - عليه السلام - - ( - - ( صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله - درهم فهرس - - رضي الله عنهم - - - صدق الله العظيم - رضي الله عنه -( - { - - جل جلاله -( - - - رضي الله عنه - - - ( - - ( - - رضي الله عنه - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( صدق الله العظيم - رضي الله عنه - تم بحمد الله - - - رضي الله عنهم -- صلى الله عليه وسلم - - صدق الله العظيم - رضي الله عنه -( - { - - جل جلاله -( - - - رضي الله عنه - - } (1).
إننا مطالبون ببيان خطر الغلو في الدين حفاظاً على أمن المجتمع ، ومطالبون كذلك ببيان خطر الدعوات التي تتخذ من هذه الأعمال ذريعة إلى الطعن في ولاة الأمر والتأليب عليهم ، أو التشكيك في النهج الديني الذي تسير عليه هذه البلاد ، أو الطعن في الدين واتهام أهله ، أو التشكيك في مؤسسات المجتمع الدينية والدعوية والتربوية ، أو تقديم الأنموذج الغربي المتحرر من أحكام الدين طريقاً لعلاج مشاكل الأمة ، وكأن الدين هو سبب هذه المشاكل ، ومن ثم فلا يصلح منهاجاً للأمة !!! .
وقد رأى كل منصف كيف تعالت الأصوات ، وتوالت الكلمات من علمائنا ودعاتنا ومفكرينا وكل من له علاقة بالدين في هذه البلاد على إنكار هذا العمل والبراءة منه .
ومن ثم فإنه لا يسوغ لنا أن ننجرف وراء من يتهم بلادنا أو ديننا أو مناهجنا الدينية والدعوية التي تربى عليها الملايين ، أو يعمم هذا الحكم على جميع المتدينين .
إن مثل هذا التعميم في الحقيقة إنما يعطي انطباعاً عن السطحية في الفهم ، والتعسف وعدم الموضوعية في الحكم .
__________
(1) الأنفال : 42](1/35)
فلو أن رجلاً جاهلاً تطبب ، فلبس البزة البيضاء ، وتقلّد السماعة ، ثم بدأ يمارس مهنة الطب ، فتسبب في موت بعض الناس . هل يسوغ لإنسان أن يتهم مهنة الطب ، أو يعمم هذا الحكم على سائر الأطباء ؟ . بالطبع لا .
وكذلك .. فإن من الخطأ الفادح وعدم الموضوعية أن تستغل هذه الأحداث بطريقة تصفية الحسابات مع هذا الطرف أو ذاك , بعيداً عن التماس الحق الذي ينشده كل إنسان غيور على هذا الوطن وأمنه .
إن خلط الأوراق ، وتوسيع دوائر الاتهام لا يليق أن يصدر ممن يتمتع بأدنى حس ديني ووطني ، إذ هو لا يخدم المصلحة الوطنية ، بل إنه يثير الاستفزاز ، ويكرّس الشعور بالعدوان ، ويساهم في زيادة وقود الفتنة .
وعلينا أن نستثمر هذا الحدث في توحيد الصف ، وجمع الكلمة على الدين الحق ، وقطع الطريق على كل متربص ينتهز هذه الأحداث لكي يتطاول على ثوابت الأمة ، أو يملي علينا ما يميل إليه هواه المنحرف .
ولنتسلح دائماً بضبط النفس والعدل ، فإن الكلمة - ولاسيما في مثل هذه الأحداث - أمانة كبرى ، ومسؤلية عظمى , ورب كلمة تهوي بصاحبها في النار ، وبئس القرار .
نسأل الله أن يرينا وولاة أمورنا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه ، والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه .
الوقفة الثانية عشرة ) واجبنا تجاه الأحداث :
أيها الأحبة .. هل من علاج لهذا الواقع المرير الذي تجرعنا بعض غصصه ؟
إن بلادنا المباركة تعيش مرحلة خطيرة ومنعطفاً صعباً ، يقتضي من كل واحد منا أن يستشعر دوره ومسؤوليته في العمل للدين ، وحفظ أمن المسلمين ، وألا يقف مكتوف الأيدي ، كأن الأمر لا يعنيه .
إن مواجهة هذه الأعمال مسؤولية عامة مشتركة ، فالحريق في دارنا ، والنار تشتعل في ثيابنا ، وليس هناك جهة رسمية أو شرعية أو شعبية تتحمل وحدها مسؤولية مواجهة هذا الفكر ، بل لابد من مواجهة عامة يشترك فيها المجتمع بجميع أطيافه .(1/36)
إن التباكي وبث الشكوى لا يجدي شيئاً ، ولا يقدم حلاً ، دون البحث عن الحلول وسبل المعالجة الناجحة؟!
ونحن بحمد الله نملك الكثير من الوسائل للعلاج والوقاية من هذه الانحرافات .
اتخاذ موقف واضح وصريح تجاه هذه الأعمال ومرتكبيها .
إن مما يزيد المأساة ، ويعمّق المعاناة أن يكون مصدر هذه الأعمال هم بعض المسلمين من أبناء هذه البلاد المباركة .
ماذا نقول؟ .. أبناؤنا بغوا علينا .. إخواننا خرجوا علينا .. أصبحوا خناجر تطعن في ظهورنا .. وتحولوا إلى قنابل تتفجر في بيوتنا .
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة ... على النفس من وقع الحسام المهند
إن الحليم يقف حيراناً أمام هذه الفتنة : ماذا يريدون بهذه الأفعال؟ كيف استطاع هذا الفكر أن يصل إلى عقول هؤلاء الشباب؟ هل هم مخترقون من جهات تزين لهم هذه الأعمال ، وتمدهم بالأسلحة والأموال؟ هل هم مستغلون من بعض الدول التي لها أطماع في المنطقة؟ هل للصهيونية يد في تحريكهم؟ .
نحن في الحقيقة لا نملك إجابة شافية لهذه التساؤلات ، ولعل الأيام تبدي لنا ما قد خفي .
لكن الأمر الظاهر الذي لا مراء فيه أنه لا بد من تجريم واضح ، وإنكار صريح لهذه الأعمال ، ومن ثم التعامل مع مرتكبيها أو مؤيديها كلٌ بحسبه ، فليس من تورط في ارتكاب هذه الأعمال أو خطط لها ، كمن ألقى السلاح وسلّم نفسه قبل أن يتلطخ بدم .
كما أن هناك طائفة تلوثت أذهانها بأفكار هذه الفئة المنحرفة ولم تصل إلى حمل السلاح ، فهؤلاء لا بد من فتح قنوات الحوار معهم ، ومجادلتهم بالتي هي أحسن ، حتى يعودوا إلى رشدهم ، ويتوبوا إلى ربهم ، كما وقع بحمد الله في بعض الحوارات والتراجعات .
جمع الكلمة ، والالتفاف على ولاة أمرنا وعلمائنا بالطاعة والتأييد ، والنصح والتسديد .(1/37)
وعلى الشباب خاصة أن يرجعوا إلى العلماء الموثوقين ، وأن يحذروا ممن يلبس عليهم الأمور ويزج بهم في مثل هذه الأعمال الفاسدة ، ويدّعي زوراً وبهتاناً أنها هي الطريق للإصلاح ، أو يهيّج مشاعرهم بوجود بعض الأخطاء والتجاوزات .
والواجب على المؤمن الواعي والمواطن الصالح إذا رأى خللاً أو تقصيراً أن يبذل النصح الصادق لكل من ولاه أمراً من أمور المسلمين ، متوخياً الحكمة والموعظة الحسنة ، وخاصة أننا بحمد الله نعيش في بلادٍ ترفع راية الدين ، و تحكّم شرع الله ، حتى أصبحت قلوب المسلمين في المعمورة تهفو إليها وتؤمل فيها أن تكون هي وأهلها حصن الإسلام الحصين ، ودرعه المتين أمام أعدائه .
ومهما كان عندنا من الخطأ والقصور البشري فان هذا لا يبرر مثل هذه التصرفات الهوجاء ، بل إنه يدل على عجزنا عن الإصلاح .
إننا باجتماعنا وعدم تفرقنا نقطع الطريق على أعدائنا ، فإنهم هم أول مستفيد من وقوع هذه الأعمال التي تسبب الفرقة والاضطراب في بلاد المسلمين .
استشعار المسؤولية الأمنية في المحافظة على أمن الوطن ، والتضحية بكل غالٍ ونفيس في سبيل تحقيق ذلك ، وعدم التساهل في القيام بأي عمل ، أو تمرير أي معلومة تتعلق بهذه الأعمال أو مرتكبيها .
التربية والإصلاح .. علينا جميعاً أن نعي مسؤوليتنا في عملية الإصلاح ، ونشر الدين الصحيح ، وتوعية المجتمع والشباب خاصة ضد هذه الأفكار المنحرفة .
بدءاً بالأسرة ، ومروراً بالمدارس والمحاضن التربوية والمؤسسات الدعوية ، وانتهاءً بالمجتمع .
والفكر الضال لا بد أن يقابل بالفكر الراشد .. وإن من الأسلحة التي نتصدى بها في وجه التيارات المنحرفة ؛ هذه الأنشطة والبرامج الدعوية المنتشرة في بلادنا ، من دروس ومحاضرات ومراكز وحلقات ، وغيرها ، نسأل الله أن يبارك في جهود القائمين عليها .(1/38)
إن الشباب إذا لم يتم احتواؤهم عبر قنوات التربية والدعوة ، ومحاضن الإصلاح التي يقوم عليها العلماء والدعاة والمربون في هذه البلاد ، فإنهم سيكونون عرضة للتلقي من جهات أخرى ، قد يتلقفون منها مثل هذه الأفكار المنحرفة .
على العلماء والقضاة والدعاة والمربين وكل من يتصدى لرعاية وتوجيه الشباب دور كبير في احتوائهم ، وخفض الجناح لهم ، وتوجيههم ونصحهم ، وتحصينهم ضد التيارات المنحرفة بشتى أنواعها .
الحذر الشديد من وسائل الغزو الفكري المتمثلة في المواقع المشبوهة على شبكة الإنترنت وبعض القنوات الفضائية المغرضة ، فإنها منابع الشر ومغاسل الأدمغة التي يجب تحصين أبناءنا وأسرنا ومجتمعنا ضد أفكارها المسمومة .
إن من الواجب علينا أمام هذه الأحداث أن نلجأ إلى الله تعالى ، وأن نعتصم بحبله ، وأن نتمسك بدينه ، وأن نحذر من انتشار المعاصي أو المنكرات في المجتمع ، فإن هذا المناخ قد يكون سبباً في وجود الغلو ونموه من جهة ، وقد يكون سبباً في زوال نعمة الأمن من جهة أخرى .
وسفينة المجتمع بحاجة إلى حمايتها من مظاهر التطرف والغلو ، وبحاجة كذلك إلى حمايتها من مظاهر التسيب والانحلال ؛ حتى تسير إلى بر الأمان .
الوقفة الثالثة عشرة ) محن في طيّها منح :
أيها الأحبة .. إنه وإن عظم أسفنا ، واشتد حزننا على وقوع مثل هذه الأعمال في بلادنا ، فإن أملنا بالله كبير أن يجعل مع العسر يسراً ، ومع المحن منحاً ، ومن الشدائدِ فوائد { ( - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( المحتويات فهرس - ((- رضي الله عنه - - ( بسم الله الرحمن الرحيم ( - الله أكبر - صلى الله عليه وسلم - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - - صدق الله العظيم - - قرآن كريم ( - فهرس - (( - - } (1).
وقد رأينا من المنح الإلهية في خضم هذه المحنة ما نحمد الله تعالى عليه ونشكره، ومن هذه المنح :
__________
(1) البقرة : 216](1/39)
ما رأيناه من اتحاد الكلمة والتلاحم بين الأمة قيادة وشعباً ، علماء وعامة ، فقد وقف الجميع في موقف واحد ، بصوت واحد ، مستنكرين هذه الأعمال ، ومصممين على الوقوف أمامها مهما كانت التضحيات .
التعاطف والتعاضد الذي لقيه رجال الأمن من المواطنين والمقيمين ، وتقلص الفجوة بين رجال الأمن والمواطنين الذين ظهر لهم بجلاء مدى التضحيات التي يقدمها رجال الأمن في سبيل الحفاظ على الأمن .
استشعار المواطن والمقيم نعمة الأمن ، وأن ضرورة المحافظة عليها تفرض على كل مواطن ومقيم أن يكون عيناً ساهرة ، ويسهم في كل ما من شأنه المحافظة على الأمن .
ومن المظاهر الحسنة التي أفرزتها هذه الأحداث أن كثيراً من الناس تحوّلوا من مواقف السلبية والتأفف من الإجراءات الأمنية ونقاط التفتيش إلى مواقف المسؤولية والمشاركة في حفظ الأمن وتثمين جهود القائمين عليه .
انكشاف زيف هذه الأفكار الفاسدة ، والتيارات المنحرفة ، وأنها مخالفة للدين الحق .
ومن المعلوم أن كشف عوار المفسدين ، وبيان سبيل المجرمين من أجل مقاصد الدين ، كما قال تعالى : { - رضي الله عنهم - - ( - ( - - - - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - ( - ( - (( الله أكبر ( تمهيد (- رضي الله عنه - - - - رضي الله عنهم - - - - رضي الله عنه -((( - - - ( - - - ( - - عليه السلام -- صلى الله عليه وسلم - ( - - ( تمهيد - رضي الله عنهم - - - رضي الله عنه -((( تم بحمد الله ( - ( - ( - ( - - - } (1).
وإذا كنا نعلم بداهةً شناعة القتل وإراقة الدماء ، فإن الفتنة أكبر من القتل .. الفتنة بالتباس الحق بالباطل .. الفتنة بتبني بعض شبابنا هذه الأعمال .. الفتنة بتأييدها أو التوقف في حرمتها .. الفتنة بنسبة هذه الأعمال للدين .
__________
(1) الأنعام : 55](1/40)
أظهرت هذه الأحداث براءة الدين وأهله من هذه الأعمال ، كما أكدت براءة مؤسساتنا الدينية والدعوية التي توجه منابرنا ومساجدنا ، وبراءة مناهجنا الدينية التي تدرّس في جامعاتنا ومدارسنا .. لقد حصحص الحق ، وزهق الباطل ، إن الباطل كان زهوقاً .
ومع هذا فإنه يجب علينا أن نحمي مؤسساتنا ، ومناهجنا العلمية والتربوية ، ونشاطاتنا الدعوية من أن يشوبها شيء من هذه الأفكار الضالة .
أثبتت هذه الأحداث أنه لا مكان ولا قبول لهذه الأفكار في بلادنا ، وأنها بإذن الله سحابة صيف ، سرعان ما تنقشع ، ليعود بعدها الصحو والصفاء .
إن الزرع الخبيث في بلادنا لا ينبت ، وإن نبت فإنه لا يثبت ، وستبقى هذه البلاد بإذن الله قبلة للمسلمين ، ومأرزاً للمؤمنين ، متمسكة بدينها ، صامدة أمام أعدائها .
وختاماً .. فلتطمئن القلوب أنّ هذه الأعمال الآثمة لن تؤثِّر بإذن الله وحولِه وقوّته على أمننا واستقرارنا ، وأنها ستظل عاجزة عن تقويض أسُس مجتمعنا وثوابت ديننا وقيمنا ، وأنها لن تزيدنا نحن رجال الأمن إلا ثباتاً وصموداً وفداءً لديننا وبلادنا .
نسأل الله تعالى أن يسدد الخطى ، ويبارك في الجهود ، وأن يحفظ على بلادنا أمنَها واستقرارها، وأن يوفّق ولاة أمرها لكلّ خير ، وأن يرزقهم البطانة الصالحة التي تعينهم على الحقّ وتدلّهم عليه ، وأن يجنّبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن ، وأن يصلحَ شباب المسلمين ، ويرد ضالهم إليه رداً جميلاً .
اللهم يا حي يا قيوم .. أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا ، وأصلح لنا آخرتَنا التي إليها معادنا ، واجعل الحياة زيادةً لنا في كلّ خير ، والموتَ راحةً لنا من كلّ شر ، إنك سميع مجيب .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
الفهرس
مقدمة ................................................................................................... 1
مشاهد مروّعة : ... 2(1/41)
الوقفة الأولى ) رفعت الأقلام وجفت الصحف : ... 4
الوقفة الثانية ) حصاد التفجيرات : ... 5
الوقفة الثالثة ) وكذلك جعلناكم أمة وسطاً : ... 11
الوقفة الرابعة ) عينان لا تمسهما النار : ... 13
الوقفة الخامسة ) ثبات وصمود .. لا هلع وقعود : ... 14
الوقفة السادسة ) مشروعية التضحية والفداء : ... 16
الوقفة السابعة ) ولشهدائنا وجرحانا حق : ... 18
الوقفة الثامنة ) احفظ الله يحفظك : ... 19
الوقفة التاسعة ) ماذا تفعل عند وقوع الأزمة؟ : ... 22
الوقفة العاشرة ) لعلهم يرجعون : ... 23
الوقفة الحادية عشرة ) الفهم الصحيح للأحداث : ... 24
الوقفة الثانية عشرة ) واجبنا تجاه الأحداث : ... 27
الوقفة الثالثة عشرة ) محن في طيّها منح : ... 31
الفهرس ... 33(1/42)