بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين أما بعد:
فقد جمعت ما تيسر لي من الآثار وكلام أهل العلم في حكم نعي الميت للناس، وتعزية المصاب به، والجلوس للتعزية.
جمعت ذلك لنفسي أولاً، ثم رأيت نشر ذلك وإظهاره للمسلمين تعميماً للفائدة.
والله أسأل بمنه وكرمه أن ينفعني به ووالدي والمسلمين.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
فريح بن صالح البهلال
1/9/1426هـ
تعريف العزاء العزاء: هو التسلية والحث على الصبر بوعد الأجر، والدعاء للميت والمصاب.
قاله العلامة ابن مفلح في الفروع (2/293)
قلت: يريد أن الأصل فيه الصبر، يقال: عزيت فلاناً أي أمرته بالصبر قال الأدلبي في معجم ألفاظ الفقه الحنبلي ص120: قال الأزهري: =التعزية: التأسية لمن يصاب بمن يَعزُّ عليه، وهو أن يقال له: =تَعَزَّ بعزاء الله، وعزاء الله قوله: [الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ] البقرة 156، وكقوله: [مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ] الحديد22.
ويقال: =لك أسوة بفلان، فقد مضى حميمه وأليفه، فَحَسُنَ صبره+ اهـ.
قال أبو عبدالله بن عبدالرحمن الشافعي_رحمه الله تعالى_ في رحمة الأمة في اختلاف الأئمة ص69:
=واتفقوا على استحباب التعزية+ اهـ.
وقال ابن هبيرة_رحمه الله تعالى_في الإفصاح (1/193):
ودليل مشروعيتها: حديث عبدالله بن مسعود ÷، قال: قال رسول الله": =من عَزَّى مصاباً فله مثل أجره+.(1/1)
رواه الإمام الترمذي في الجامع (3/385) رقم1073، وابن ماجه في السنن (1/511) رقم1602، والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد (11/450،451) من طرق، عن علي بن عاصم الواسطي التميمي، قال: حدثنا_والله_محمد ابن سوقة، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عبدالله به.
هذا الحديث ضَعَّفَ رَفْعَهُ أهل العلم، إلا أن وكيع ابن الجراح كان يقويه فقد ذكر أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد (11/451) بسنده عن إبراهيم بن مسلم أنه قال:
=حضرت وكيعاً وعنده أحمد بن حنبل وخلف المخرمي، فذكروا علي بن عاصم.
فقال خلف: إنه غلط في أحاديث ؟ فقال وكيع: وما هي ؟! فقال: حديث محمد بن سوقة، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عبدالله قال: قال النبي": =من عزى مصاباً فله مثل أجره+.
فقال وكيع: حدثنا قيس بن الربيع عن محمد بن سوقة عن إبراهيم عن الأسود عن عبدالله.
قال وكيع: وحدثنا إسرائيل بن يونس، عن محمد ابن سوقة، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عبدالله، عن النبي"قال: =من عزى مصاباً، فله مثل أجره+.
هذا آخر حديث ابن الحباب، واللفظ لعبدالغفار، وزاد: =قال وكيع: =ومن يسلم من الغلط؟ هذا شعبتكم، هات حتى أَعُد مائة حديث مما غلط فيه، وهذا سفيان عد حتى أعد عليك ثلاثين حديثاً مما غلط+ اهـ.
ثم ذكر الخطيب أن بعض أهل العلم رأى النبي"في المنام فسأله عن هذا الحديث، فأجاب بأنه قد قاله.
قلت: قد تقرر في الشرع أن رؤية النبي في المنام حق؛ لأنه لا يتمثل به الشيطان، كما ثبت ذلك عند أحمد (1/375،400) و (2/232،463) و (3/269،350) والبخاري في الصحيح (1/36) ومسلم (4/1775) رقم2266، 2267، 2268.
وعن قيس أبي عمارة الفارسي، مولى الأنصار، قال: سمعت عبدالله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، يحدث، عن أبيه، عن جده، عن النبي"أنه قال: =ما من مؤمن يعزي أخاه بمصيبة إلا كساه الله_سبحانه_من حلل الكرامة، يوم القيامة+.(1/2)
أخرجه ابن ماجه في سننه (1/511) رقم1601، وعبد بُن حميد في مسنده (1/259) رقم287، 288، والبيهقي في الكبرى(4/59).
قال أهل العلم: هذا الحديث مرسل، فعبدالله بن أبي بكر لم يدرك جده قال البوصيري في مصباح الزجاجة (1/529) رقم1601 هذا إسناد فيه مقال. قيس بن عمارة ذكره ابن حبان في الثقات، وقال الذهبي في الكاشف: ثقة، وقال البخاري: فيه نظر.
قلت: وباقي رجال الإسناد على شرط مسلم+ اهـ.
وعن أسامة بن زيد_رضي الله عنهما_قال: =أرسلت إحدى بنات النبي"إليه تدعوه، وتخبره أن صبياً لها أو ابناً لها في الموت، فقال_رسول الله": =ارجع إليها، فأخبرها أن لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى، فمرها فلتصبر، ولتحتسب+.
رواه البخاري في الصحيح (8/165) كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: [قُلْ ادْعُوا اللَّهَ أَوْ ادْعُوا الرَّحْمَنَ. . .] ومسلم في الصحيح (2/635) رقم923.
قال الموفق ابن قدامة في المغني (3/485): =ولا نعلم في التعزية شيئاً محدوداً، إلا أنه يروى أن النبي"عَزَّى رجلاً، فقال: =رحمك الله، وآجرك+، رواه الإمام أحمد، وعَزَّى أحمد أبا طالب، فوقف على باب المسجد فقال أعظم الله أجركم وأحسن عزاءكم+.
واستحب بعض أهل العلم أن يقال ما رواه جعفر ابن محمد، عن أبيه، عن جده، قال: =لما توفي رسول الله"وجاءت التعزية، سمعوا قائلاً يقول: =إن في الله عزاءً من كل مصيبة، وخلفاً من كل هالك، ودركاً من كل ما فات، فبالله فثقوا، وإياه فارجوا؛ فإن المصاب من حرم الثواب+، وفي رواية: =من كل فائت+.
رواه الشافعي في الأم (1/317).
إلا أن في سنده القاسم بن عبدالله بن عمر: قال الحافظ في التقريب: متروك ورماه أحمد بالكذب.
الجلوس للتعزية
ورد فيه سبع روايات عن الإمام أحمد × الكراهة، ماينبغي، ما يعجبني، الرخصة، التسهيل، المنع، الرخصة لأهل الميت.
قال ابن مفلح في الفروع (2/295):(1/3)
=ويكره الجلوس لها نص عليه واختاره الأكثر وفاقاً لمالك والشافعي، وعنه ما ينبغي، وعنه ما يعجبني، وعنه الرخصة لأنه عزى وجلس، قال الخلال: سهل أحمد في الجلوس إليهم في غير موضع، ونقل عنه المنع، وعنه الرخصة لأهل الميت+اهـ.
قلت: أما الجلوس في بيت المتوفى أو في غيره لتلقي العزاء، واستقبال المعزين فليس من هدي النبي".
وذلك لما ثبت في حديث جرير بن عبدالله الذي أخرجه أحمد في المسند (2/204) رقم 6905 من طريق نصر بن باب.
وأخرجه ابن ماجه في السنن (1/514) رقم1612، والطبراني في الكبير (2/307) رقم 2279 من طريق هشيم ابن بشير.
ورواه الطبراني أيضاً في الكبير (2/307) رقم2278، والدارقطني في العلل مخطوط في مسند جرير ص89 من طريق عباد بن العوام.
ثلاثتهم عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن جرير بن عبدالله البجلي، قال: =كنا نَعُدُّ الاجتماع عند أهل الميت، وصنعة الطعام بعد دفنه من النياحة+.
قال الدارقطني في المصدر السابق آنفاً عندما سئل عنه: =يرويه هشيم بن بشير/ واختلف عنه، فرواه سُريج بن يونس والحسن بن عرفة عن هشيم، عن إسماعيل، عن قيس، عن جرير.
ورواه خالد بن القاسم المدائني، قيل: ثقة؟ قال: لا أضمن لك. هذا خرجوه عن هيثم، عن شريك، عن إسماعيل.
ورواه أيضاً عباد بن العوام، عن إسماعيل كذلك+ اهـ.
قلت: لم يفصح الحافظ الدارقطني عمن خرجه مع خالد ابن القاسم المدائني، عن شريك، عن إسماعيل.
وأما رواية خالد، فلا يعتد بها البتة؛ لأنه متروك الحديث.
وعليه فلا اختلاف على هشيم في ذلك.
ثم هب أن هشيماً رواه عن شريك وهو ابن عبدالله القاضي النخعي، عن إسماعيل، فلا يعل بذلك لما سيأتي قريبا_إن شاء الله تعالى_والأصل البقاء على رواية الراوي ما لم يثبت مانع يمنع تحققها، ويؤيد هذا الأصل أنه قد تابع هشيماً على روايته لهذا الحديث نصر بن باب وعباد بن العوام كما سلف.(1/4)
وقال أبو داود في مسائله للإمام أحمد في زيادة نسخة الظاهرية في نقد بعض الأحاديث والرجال ص292:
=ذكرت لأحمد حديث هشيم عن إسماعيل، عن قيس، عن جرير =كنا نَعُدُّ الاجتماع عند أهل الميت، وصنعة الطعام لهم من أمر الجاهلية؟ قال: =زعموا أنه سمعه من شريك+ قال أحمد: =وما أرى لهذا الحديث أصلاً+.
قلت: وفي هذا الجواب نظر ظاهر وذلك من وجوه:
1_ لعل أحمد _ رحمه الله تعالى _ أراد أن الحديث ليس له أصل من رواية هشيم، عن شريك، بدليل أنه عبر عن ذلك بقوله: =زعموا أنه سمعه من شريك+.
2_ ولأن أحمد خرجه في مسنده، ويمتنع أن يخرج حديثاً ليس له أصل، يؤيد هذا أن حنبل بن إسحاق بن حنبل ابن هلال الشيباني الإمام الحافظ ابن عم الإمام أحمد وتلميذه قال:
=جمعنا أحمد بن حنبل أنا وصالح وعبدالله، وقرأ علينا المسند، وما سمعه غيرنا، وقال لنا: =هذا الكتاب، جمعته، وانتقيته، من أكثر من سبعمائة ألف حديث، وخمسين ألفاً، فما اختلف فيه المسلمون من حديث رسول الله"فارجعوا إليه، فإن وجدتموه، وإلا فليس بحجة+.
3_ ويؤيده _أيضاً_ قول الحافظ بن حجر_رحمه الله تعالى_:
=ليس في المسند حديث لا أصل له، إلا ثلاثة أحاديث أو أربعة، منها: حديث عبدالرحمن بن عوف، أنه يدخل الجنة زحفاً+. قال: والاعتذار عنه، أنه مما أمر أحمد بالضرب عليه، فترك سهواً =نقله عنه العلامة الشوكاني في مقدمة نيل الأوطار(1/20).
4_ ولأن رواية هشيم، عن إسماعيل بن أبي خالد مخرجة في الصحيحين: فالحديث على شرطهما.
5_ وهب أن هشيماً روى هذا الحديث، عن شريك، عن إسماعيل.. الخ فلا يعلل، ولا يضعف بذلك بدليل أن شريكاً وهو ابن عبدالله القاضي مختلف في حاله، فضعفه بعضهم، ووثقه بعضهم، وتوسط فيه آخرون فقد جاء في الكامل لابن عدي (4/1323): قال أبو عبدالله معاوية بن صالح: =قال يحيى _ يعني ابن معين _: شريك بن عبدالله صدوق ثقة إلا أنه إذا خالف فغيره أحب إلينا+. وانظر تاريخ بغداد (9/283)(1/5)
وقال ابن شاهين في الثقات ص114 رقم 52: وشريك ثقةٌ ثقة.
وقال ابن سعد في الطبقات (6/379): وكان شريك ثقة مأمون كثير الحديث، وكان يغلط كثيراً+ اهـ.
وقال العجلي في الثقات (1/453) رقم 727: =كوفي ثقة، وكان حسن الحديث، وكان أروى الناس عنه إسحاق ابن يوسف الأزرق+ اهـ.
وقال يحيى بن معين: لم يكن شريك عند يحيى بشيء، وهو ثقة ثقة نقله عنه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد (9/282).
وكان يحيى القطان لا يحدث عنه، وكان عبدالرحمن ابن مهدي يحدث عنه جاء ذلك في تاريخ بغداد (9/284) وانظر حاشية نهاية الاغتباط ص170.
7_ ويؤيده _ أيضاً _أن الإمام الحافظ ابن حجر_ رحمه الله تعالى _ قد ذَبَّ عن مسند الإمام أحمد في جزء له سماه (القول المسدد في الذب عن مسند الإمام أحمد) تتبع فيه الأحاديث التي حكم عليها بعض أهل العلم بالوضع، فقال:
=أما بعد: فقد رأيت أن أذكر في هذه الأوراق ما حضرني من الكلام على الأحاديث التي زعم بعض أهل الحديث أنها موضوعة، وهي في المسند الشهير للإمام الكبير أبي عبدالله أحمد بن محمد إمام أهل الحديث في القديم والحديث، والمطلع على خفاياه المثير لخباياه، عصبية مني لا تخل بدين ولا مروءة، وحَمِيِّةٌ للسنة لا تعد بحمد الله من حمية الجاهلية بل ذبٌ عن هذا المصنف العظيم الذي تلقته الأمة بالقبول والتكريم، وجعله إمامُهُم حجة يرجع إليه، ويعول عليه عند الاختلاف عليه. . . ثم إنه أجاب على ما حُكِمَ عليه بالوضع جملة وتفصيلا ثم قال ص101:
=والذي أقوله: إنه لا يتأتى الحكم على شيء منها بالوضع؛ لما بينته من الأجوبة عقب كل حديث+ اهـ.
الوجه الثاني: أن هذا الحديث صححه أهل الحديث ونقاده، واحتجوا به وإليك نبذة من أقوالهم في تصحيحه:
1_ قال البوصيري في مصباح الزجاجة (1/535) رقم 1612: صحيح، رجال الطريق الأولى على شرط البخاري، والطريق الثانية على شرط مسلم ورواه أحمد بن منيع في مسنده: =حدثنا هشيم. . . فذكره بإسناده ومتنه+.(1/6)
2_ وقال النووي في المجموع شرح المهذب (5/271): =إسناده صحيح+ اهـ.
3_ وقال ابن مفلح في الفروع: (2/297): =إسناده ثقات+اهـ.
وقال الشوكاني في نيل الأوطار (4/110): =إسناده صحيح+ وقال في الدراري المضية (2/252):
=وأخرج أحمد وابن ماجه بإسناد صحيح من حديث جرير، قال: =كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام من النياحة+.
5_ وقال الساعاتي في بلوغ الأماني (8/95):
=إسناده صحيح، ورواه ابن ماجه من طريقين، أحدهما على شرط البخاري، والثاني على شرط مسلم+.
6_ وقال أحمد شاكر في شرح المسند (11/125) رقم 6905:
=إسناده صحيح+.
7_ وقال الألباني في أحكام الجنائز ص167: =إسناده صحيح على شرط الشيخين، وصححه النووي (5/320) والبوصيري في الزوائد+.
8_ وصححه جماعة محققي الموسوعة الحديثية لمسند أحمد (11/505) رقم 6905، فقالوا: حديث صحيح.
9_ وصححه الإمام ابن باز في مجموع فتاويه (13/385، 384) في أكثر من موضع فقال:
=وقد ثبت عن جرير بن عبدالله البجلي الصحابي الشهير÷قال: =كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام بعد دفنه من النياحة+ أخرجه الإمام أحمد وابن ماجه بسند صحيح+. وانظر الصفحات الآتية من الجزء المذكور ص404، 396، 393، 391، 390.
وممن احتج به علامة المعقول والمنقول الإمام شيخ الإسلام ابن تيمية × على بدعية صنع الطعام من أهل الميت للناس واجتماعهم، فقال في مجموع الفتاوى (24/316):
=وأما صنعة أهل الميت طعاماً يدعون الناس إليه فهذا غير مشروع، وإنما هو بدعة بل قد قال جرير بن عبدلله: كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام للناس من النياحة+اهـ.(1/7)
قلت: وهو كما قالوا إسناده صحيح، رجاله ثقات. قيس بن أبي حازم قال فيه الذهبي في الميزان (3/393) رقم 6908: ثقة حجة، كاد أن يكون صحابياً، وثقه ابن معين والناس، وقال علي بن عبدالله: عن يحيى بن سعيد: منكر الحديث، ثم سمَّى له أحاديث استنكرها، فلم يصنع شيئاً، بل هي ثابتة، لا ينكر له التفرد في سعة ما ورى، من ذلك حديث كلاب الحوأب+ إلى أن قال:
=ومنهم من جعل الحديث عنه من أصح الأسانيد، وقال إسماعيل بن أبي خالد: كان ثبتاً، قال: وقد كبر وجاوز المائة، وخرف+ اهـ.
قال الذهبي: =قلت: أجمعوا على الاحتجاج به، ومن تكلم به فقد آذى نفسه، نسأل الله العافية، وتَرْكَ الهوى، فقد قال معاوية بن صالح: عن ابن معين: =كان قيس أوثق من الزهري+ اهـ.
وأما إسماعيل بن أبي خالد، فقد قال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (2/174) رقم 859: =عن سفيان الثوري أنه قال: =حفاظ الناس ثلاثة: إسماعيل بن أبي خالد، وعبدالملك بن أبي سليمان، ويحيى بن سعيد الأنصاري+.
وقال الحافظ الذهبي في السير (6/176): الحافظ الإمام الكبير. . . إلى أن قال: =قلت: قد أجمعوا على إتقانه، والاحتجاج به، ولم ينبذ بتشيع ولا بدعة ولله الحمد، يقع لنا من عواليه جملة، وحديثه من أعلى ما يكون في صحيح البخاري+ اهـ.
وأما هشيم بن بشير فهو أبو معاوية الحافظ الإمام المتقن الثبت الثقة شيخ الإسلام محدث بغداد وحافظها. قال الذهبي في السير (8/289):
كان رأساً في الحفظ إلا أنه صاحب تدليس كثير قد عرف به+ اهـ.
قلت: قد قال فيه من هو أعلم الناس بالتدليس وهو شعبة ابن الحجاج حين سئل عن التحديث عنه ما لفظه كما في تاريخ بغداد (14/88): =قال وهب بن جرير: قدم علينا هشيم البصرة في أيام شعبة، فسألنا شعبة: =نكتب عن هشيم؟ فقال شعبة: إن حدثكم هشيم عن ابن عمر فصدقوه+.(1/8)
وفي رواية قال: =إن حدثكم عن ابن عباس وابن عمر فصدقوه. . . إلى أن قالوا: فأتينا هشيماً فحدثنا برقاق مغيرة، فأتينا شعبة، فأخبرناه، فأعرض بوجهه، وقال: =أكثر أبو معاوية+ اهـ.
وأما المتابع لهشيم فأحدهما نصر بن باب الخراساني المروزي أبو سهل نزيل بغداد. قال عبدالله بن أحمد في المسند (3/310) من مسند جابر بن عبدالله: =قلت لأبي: سمعت أبا خثيمة يقول: نصر بن باب كذاب؟ فقال: =أستغفر الله! كذاب! إنما عابوا عليه أنه حدث عن إبراهيم الصائغ، وإبراهيم الصائغ من أهل بلده، فلا ينكر أن يكون سمع منه+اهـ.
ونقل ابن عدي في الكامل (7/2501) عن الإمام أحمد أنه قال: =ما كان به بأس+ اهـ.
وأما المتابع الثاني لهشيم فهو عباد بن العوام بن عمر الكلابي أبو سهل الواسطي الإمام المحدث الصدوق قال أبو حاتم الرازي ويحيى بن معين: ثقة، نقله عنهما ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (6/83) رقم 424 وقال الحافظ في التقريب: ثقة.
وألفاظ حديث جرير بن عبدالله÷كما يلي:
1_لفظ أحمد: =كنا نَعُدُّ الاجتماع إلى أهل الميت، وصنعة الطعام بعد دفنه من النياحة+.
2_ولفظ ابن ماجه: =كنا نرى الاجتماع. . . الخ
3_ولفظ الطبراني: =كانوا يرون الاجتماع. . . الخ
الوجه الثالث: أن الحديث احتج به أصحاب الإمام أحمد وغيرهم على منع الاجتماع عند أهل الميت وصنع الطعام من أهل الميت لهم.
قال ابن قدامة في المغني (3/496):
=فأما صنع أهل الميت طعاماً للناس فمكروه؛ لأن فيه زيادة على مصيبتهم وشغلاً، وتشبهاً بصنيع أهل الجاهلية، وروي أن جريراً وفد على عمر، فقال: هل يناح على ميتكم؟ قال: لا، قال: فهل يجتمعون عند أهل الميت، ويجعلون الطعام؟ قال: نعم، قال: ذلك النوح+ اهـ.
هذا الأثر أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (3/291) قال:
حدثنا وكيع، عن مالك بن مِغْوَل، عن طلحة، قال: قدم جرير على عمر بن الخطاب÷فقال:(1/9)
=هل يناح على ميتكم؟ قال: لا، قال: فهل تجتمع النساء عندكم على الميت، ويطعم الطعام؟ قال: نعم، فقال: تلك النياحة+.
وعزاه الساعاتي في بلوغ الأماني (8/95) لسعيد ابن منصور في سننه،ولفظه: =هل يناح على ميتكم؟ قال: لا، قال: فهل تجتمعون عند أهل الميت، وتجعلون الطعام؟ قال: نعم، قال: ذلك النوح+اهـ.
إسناده صحيح، رجاله ثقات، رجال الصحيح.
طلحة هو ابن مصرف ثقة قارئ، من كبار التابعين مات سنة 112هـ، وموت جرير كان في سنة 51 هـ أو بعدها.
وقال العلامة أبو عبدالله محمد بن مفلح في الفروع (2/296):
=ويكره صنيع أهل الميت الطعام وفاقاً للشافعي، زاد الشيخ وغيره إلا لحاجة. وقيل يحرم وفاقاً لأبي حنيفة، وكرهه أحمد، وقال: ما يعجبني، ونقل جعفر: لم يرخص لهم، ونقل المرَوَّذي: هو من أفعال الجاهلية، وأنكره شديداً، ولأحمد وغيره_وإسناده ثقات_عن جرير÷قال:
=كنا نَعُدُّ الاجتماع إلى أهل الميت، وصنع الطعام بعد دفنه من النياحة+.
وقال برهان الدين ابن مفلح في المبدع (2/282):
=ولا يصلحون هم طعاماً للناس؛ فإنه مكروه؛ لما روى أحمد عن جرير قال: =كنا نَعُدُّ الاجتماع إلى أهل الميت، وصنعة الطعام بعد دفنه من النياحة+. وإسناده ثقات، زاد في المغني والشرح إلا لحاجة. وقيل يحرم.
قال أحمد: ما يعجبني، ونقل المرَوَّذي: هو من أفعال الجاهلية، وأنكره شديداً+ اهـ.
وبنحو ذلك قال الزركشي في شرحه لمختصر الخرقي (2/358).
وقال أبو الفرج عبدالرحمن بن محمد المقدسي في الشرح الكبير (6/264):(1/10)
=فأما إصلاح أهل الميت طعاماً للناس فمكروه؛ لأنه زيادة على مصيبتهم، وشغل لهم إلى شغلهم، وتشبيه بصنيع أهل الجاهلية، وقد رُوي أن جريراً وفد على عمر، فقال: هل يناح على ميتكم؟ قال: لا، قال: فهل يجتمعون عند أهل الميت، ويجعلون الطعام؟ قال: نعم، قال: ذلك النوح+. وإن دعت الحاجة إلى ذلك جاز؛ فإنه ربما جاءهم من يحضر ميتهم من أهل القُرى البعيدة، ويبيت عندهم، فلا يمكنهم إلا أن يطعموه+.
إلى أن قال ص272:
=ويكره الجلوس لها، وذكره أبو الخطاب؛ لأنه محدث، وقال ابن عقيل: =يكره الاجتماع بعد خروج الروح؛ لأن فيه تهييجاً للحزن، وقال أحمد: أكره التعزية عند القبر إلا لمن لم يعزِ، فيعزِّي إذا دفن الميت أو قبله وقال: إن شئت أخذت بيد الرجل في التعزية، وإن شئت فلا+ اهـ.
وقال التنوخي في الممتع في شرح المقنع (2/70):
=وأما كون أهل الميت لا يصلحون طعاماً للناس فلأنهم في شغل بمصابهم، ولأنه زيادة عليهم في مصيبتهم، ولما قدم جرير على عمر قال:
=هل يناح على ميتكم؟ قال: لا، قال: فهل يجتمعون الناس عند الميت، ويجعلون الطعام؟ قال: نعم، قال: تلك النياحة+(1).
وقال التنوخي أيضاً في معونة أولي النهى (2/131):
=وسُنَّ أن يصلح لأهل الميت طعام يبعث إليهم. . . لا لمن يجتمع عندهم =أي عند أهل الميت =فيكره+ للمساعدة على المكروه، وهو اجتماع الناس عند أهل الميت، نقل المرَوُّذِي عن أحمد: هو من أفعال الجاهلية، وأنكره شديداً، ولأحمد وغيره، عن جرير، وإسناده ثقات، قال:
=كنا نَعُدُّ الاجتماع إلى أهل الميت، وصنعة الطعام بعد دفنه من النياحة+ وبمثل ذلك قال الشيخ منصور البهوتي في شرح منتهى الإرادات (1/359).
وقال الساعاتي في بلوغ الأماني (8/95):
__________
(1) ولفظ الأثر كما عند ابن أبي شيبة في المصنف (4/479) رقم11457:
=هل يناح قِبَلُكُمْ على الميت؟ قال: لا، قال: فهل تجتمع النساء عندكم على الميت ويطعم الطعام؟ قال: نعم، فقال: تلك النياحة+.(1/11)
=اتفق الأئمة الأربعة على كراهة صنع أهل الميت طعاماً للناس يجتمعون عليه، مستدلين بحديث جرير بن عبدالله المذكور في الباب، وظاهره التحريم؛ لأن النياحة حرام، وقد عده بعض الصحابة_رضي الله عنهم_من النياحة فهو حرام، وبذلك قال بعض أهل العلم منهم شيخ الإسلام زكريا الأنصاري الشافعي، قال: وهو ظاهر في الحرمة فضلاً عن الكراهة والبدعة الصادقة بكل منهما+ اهـ.
وقال ابن الهمام الحنفي في فتح القدير (5/261):
=وأما الجلوس للتعزية، فنص الشافعي والمصنف وسائر الأصحاب على كراهته، ونقله الشيخ أبو حامد في التعليق وآخرون عن نص الشافعي. قالوا: يعني بالجلوس لها: أن يجتمع أهل الميت في بيت فيقصدهم من أراد التعزية. قالوا: بل ينبغي أن ينصرفوا في حوائجهم، فمن صادفهم عزاهم، ولا فرق بين الرجال والنساء في كراهة الجلوس لها صرح به المحاملي، ونقله عن نص الشافعي×وهو موجود في الأم.
قال الشافعي في الأم: =وأكره المآتم، وهي الجماعة، وإن لم يكن لهم بكاء؛ فإن ذلك يجدد الحزن، ويكلف المؤنة، مع ما مضى فيه من الأثر+اهـ.
هذا لفظه في الأم، وتابعه الأصحاب عليه، واستدل له المصنف وغيره بدليل آخر، وهو أنه محدث. . . إلى أن قال ص271:
=وأما إصلاح أهل الميت طعاماً وجمع الناس عليه، فلم ينقل فيه شيء، وهو بدعة غير مستحبة. هذا كلام صاحب الشامل، ويستدل لهذا بحديث جرير بن عبدالله÷قال: =كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنيعة الطعام بعد دفنه من النياحة+. رواه أحمد بن حنبل وابن ماجة بإسناد صحيح، وليس في رواية ابن ماجة =بعد دفنه+ اهـ.(1/12)
وجاء في الأماني/ شرح الفتح الرباني للعلامة الساعاتي (8/95) في شرح حديث جرير هذا: =يعني أنهم كانوا يعدون الاجتماع عند أهل الميت بعد دفنه وأكل الطعام عندهم نوعاً من النياحة؛ لما في ذلك من التثقيل عليهم وشغلهم مع ما هم فيه من اشتغال الخاطر بموت الميت وما فيه من مخالفة السنة؛ لأنهم مأمورون بأن يصنعوا لأهل الميت طعاماً فخالفوا ذلك وكلفوهم صنعة الطعام لغيرهم...
وقول الصحابي: =كنا نعد كذا من كذا هو بمنزلة رواية إجماع الصحابة _ رضي الله عنهم _ أو تقرير النبي " وعلى الثاني فحكمه الرفع، وعلى التقديرين فهو حجة+اهـ.
وجاء في حاشية سنن ابن ماجه (1/514) رقم1612 تعليق على هذا الحديث هذا نصه:
=كنا نرى+ هذا بمنزلة رواية إجماع الصحابة_رضي الله عنهم_أو تقرير النبي"وعلى الثاني فحكمه الرفع، وعلى التقديرين فهو حجة+.
إذا تقرر هذا فتتميماً للفائدة يحسن أن نذكر مزيداً من كلام أهل العلم والفقهاء، يوضح لك قوة القول في هذه المسألة، فأقول:
1_ قال أبو داود في مسائله للإمام أحمد ص138:
=قلت لأحمد: أولياء الميت يقعدون في المسجد يُعَزَّوْن؟ قال: أما أنا فلا يعجبني، أخشى أن يكون تعظيماً للميت أو قال للموت+اهـ.
وقال ابن قدامة: قال أبو الخطاب: يكره الجلوس للتعزية.
وقال ابن عقيل: يكره الاجتماع بعد خروج الروح؛ لأن فيه تهييجاً للحزن. قال أحمد: أكره التعزية عند القبر إلا لمن لم يعز، فيعزي إذا دفن الميت أو قبل الدفن، وقال: إن شئت أخذت بيد الرجل في التعزية، وإن شئت لم تأخذ+اهـ(1).
وقال الإمام الشافعي في الأم (1/318):
=وأكره المآتم، وهي الجماعة، وإن لم يكن لهم بكاء؛ فإن ذلك يجدد الحزن، ويكلف المؤنة، مع ما مضى فيه من الأثر+ اهـ.
ونقله عن الشافعي بحروفه البيهقي في معرفة السنن والآثار (5/340) وقال أبو البركات المجد ابن تيمية في المحرر (1/207):
__________
(1) انظر المغني لابن قدامة (3/487).(1/13)
=وتسن التعزية قبل الدفن وبعده، ولا يجلس لها+اهـ.
وقال الطرطوشي في الحوادث والبدع ص175:
=فأما المآتم فممنوعة بإجماع العلماء، قال الشافعي: =وأكره المآتم وهو الاجتماع في الصبحة، وهو بدعة منكرة. . . وكذلك ما بعده من الاجتماع في الثاني والثالث والسابع والشهر، و السنة، فهو الطامة+اهـ.
وقال الحكيم الترمذي في المنهيات ص81:
=ونهى عن النياحة، والاستماع إلى النائحة ونهى عن الجمع عند صاحب الميت وعن إطعام الناسَ آلُ الميت، وعن الإجابة إلى طعام الكيت(1) ونهى أن يقعد الرجل في بيته للمصيبة، ثم يؤتى فيعزى =فهذا كله معدود في صفة النوح+اهـ.
وقال ابن هبيرة في الإفصاح (1/ 194):
=فأما الجلوس للتعزية، فقال مالك والشافعي وأحمد: هو مكروه، ولم نجد عن أبي حنيفة نصاً في هذا+اهـ.
وقال أبو عبدالرحمن الشافعي في رحمة الأمة ص70:
=والجلوس للتعزية مكروه عند مالك والشافعي وأحمد+ اهـ.
وقال شمس الدين ابن القيم _رحمه الله تعالى_ في الهدي النبوي (1/527):
=وكان من هديه"تعزية أهل الميت، ولم يكن من هديه أن يجتمع للعزاء، ويقرأ له القرآن، لا عند قبره ولا غيره، وكل هذا بدعة حادثة مكروهة، وكان من هديه: السكون والرضى بقضاء الله، والحمد لله والاسترجاع+ إلى أن قال في ص528:
=وكان من هديه": أن أهل الميت لا يتكلفون الطعام للناس، بل أمر أن يصنع الناس لهم طعاماً يرسلونه إليهم، وهذا من أعظم مكارم الأخلاق والشيم، والحمل عن أهل الميت؛ فإنهم في شغل بمصابهم عن إطعام الناس+ اهـ.
قال ابن أبي شيبة في المصنف (3/290):
حدثنا معن بن عيسى، عن ثابت بن قيس، قال:
أدركت عمر بن عبدالعزيز يمنع أهل الميت الجماعات ويقول: =يُرْزَؤُون وتغرمون+!!.
إسناده صحيح، رجاله ثقات.
__________
(1) لم يظهر لي معناها، ويحتمل أن يكون معناها: طعام الميت.(1/14)
وروى ابن أبي شيبة (3/290) وعبدالرزاق في المصنف (3/559) رقم 6689 من طريق سفيان، عن هلال ابن خباب، عن أبي البخْتَري، قال: =الطعام على الميت من أمر الجاهلية، والنوح من أمر الجاهلية+.
إسناده صحيح، رجاله ثقات. أبو البختري هو سعيد ابن فيروز الطائي.
وقال ابن أبي شيبة في المصنف (3/291):
حدثنا وكيع عن مالك بن مَغْوَل، عن طلحة، قال: قدم جرير على عمر فقال:
هل يناح (على ميتكم(1))؟ قال: لا.
قال: فهل تجتمع النساء عندكم على الميت، ويطعم الطعام؟+ قال: نعم، فقال: =تلك النياحة+.
إسناده صحيح، رجاله ثقات، لا مطعن فيهم.
قال الساعاتي في بلوغ الأماني (8/95):
=يعني أنهم كانوا يَعُدُّون الاجتماع عند أهل الميت بعد دفنه وأكل الطعام عندهم نوعاً من النياحة؛ لما في ذلك من التثقيل عليهم، وشغلهم مع ما هم فيه من اشتغال الخاطر بموت الميت، وما فيه من مخالفة السنة؛ لأنهم مأمورون بأن يصنعوا لأهل الميت طعاماً، فخالفوا ذلك وكلفوهم صنعة الطعام لغيرهم. . . إلى أن قال ص96:
=ويستفاد من حديث جرير أيضاً عدم جواز الاجتماع إلى أهل الميت كما يفعل الآن لأجل التعزية. . . ثم ساق قول النووي المتقدم في كراهة الجلوس عند أهل الميت. ثم قال:
=فما يفعله الناس الآن من الاجتماع للتعزية وذبح الذبائح، وتهيئة الطعام ونصب الخيام والقماش المزخرف بالألوان وفرش البسط وغيرها، وصرف الأموال الطائلة في هذه الأمور المبتدعة التي لا يقصدون بها إلا التفاخر والرياء؛ ليقول الناس: فلان فعل كذا وكذا، وأنفق كذا وكذا في مأتم أبيه مثلاً كله حرام مخالف لهدي النبي"وهدي السلف الصالح من الصحابة والتابعين، ولم يقل به أحد من أئمة الدين، نسأل الله السلامة+.
وقال قبل هذا بقليل ص95:
__________
(1) في الأصل: =هل يناح قبلكم على الميت؟+ ولعل الصواب ما أثبته.(1/15)
=وقول الصحابي: =كنا نَعُدُّ كذا من كذا هو بمنزلة إجماع الصحابة_رضي الله عنهم_أو تقرير النبي"وعلى الثاني فحكمه الرفع، وعلى التقديرين فهو حجة+ اهـ
قلت: قول جرير هذا يدل على أن مذهب السلف الصالح إنكار هذا العمل؛ لأنهم كانوا يعدونه من النياحة.
قال سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز_رحمه الله تعالى_في مجموع فتاويه (13/384): =الاجتماع في بيت الميت للأكل والشرب، وقراءة القرآن بدعة. . . أما أن يجتمعوا لإقامة مأتم بقراءة خاصة أو أدعية خاصة أو غير ذلك، فذلك بدعة، ولو كان هذا خيراً لسبقنا إليه سلفنا الصالح، فالرسول"ما فعله، فقد قتل جعفر بن أبي طالب وعبدالله بن رواحة وزيد ابن حارثة _ رضي الله عنهم _ في معركة مؤتة، فجاءه الخبر عليه الصلاة والسلام من الوحي بذلك، فنعاهم للصحابة، وأخبرهم بموتهم، وترضى عنهم، ودعا لهم، ولم يتخذ لهم مأتماً، وكذلك الصحابة من بعده لم يفعلوا شيئاً من ذلك، فقد مات الصديق_رضي الله عنه_وما جعلوا له مأتماً، ولا جمعوا الناس ليقرأوا القرآن، وقتل عثمان بعد ذلك، وعلي_رضي الله عنهما_فما فعل الصحابة _ رضي الله عنهم _ لهما شيئاً من ذلك.
وإنما السنة: أن يصنع الطعام لأهل الميت من أقاربهم أو جيرانهم، فيبعث إليهم، مثلما فعل النبي"حينما جاءه نعي جعفر، فقال: =اصنعوا لآل جعفر طعاماً فقد أتاهم ما يشغلهم+ أخرجه الخمسة إلا النسائي.
هذا هو المشروع، أما أن يحملوا بلاءً مع بلائهم، ويكلفوا ليصنعوا طعاماً للناس، فهو خلاف السنّة، وهو بدعة؛ لما ذكرنا آنفاً، ولقول جرير بن عبدالله البجلي÷: =كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت، وصنيعة الطعام بعد دفنه من النياحة+ أخرجه الإمام أحمد وابن ماجه بإسناد صحيح، والنياحة هي رفع الصلاة بالبكاء، وهي محرمة، والميت يعذب في قبره بما نيح عليه كما صحت به السنة عن النبي"فيجب الحذر من ذلك+.
وبنحو هذا أجابت اللجنة الدائمة كما في فتاويها (9/145).(1/16)
وقال فضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين× في فتاويه (17/279): وأما الاجتماع فلا شك أنه بدعة، وأنه ينهى عنه، ولا حاجة إلى الاجتماع في البيت؛ فإن الاجتماع في البيت خلاف ما كان عليه السلف الصالح، حتى قالوا أي السلف: =كنا نعد الاجتماع عند أهل الميت، وصنيعة الطعام من النياحة+ والنياحة من كبائر الذنوب+اهـ.
فإن قيل: روت عائشة أم المؤمنين_رضي الله عنها_أن النبي"لما جاءه نبأ قتل عبدالله بن رواحة، وجعفر بن أبي طالب وزيد بن حارثة جلس يعرف في وجهه الحزن... الحديث.
أخرجه الإمام أحمد (6/58،276) والبخاري في الصحيح (2/83) كتاب الجنائز، باب من جلس عند المصيبة يعرف فيه الحزن، وباب ما ينهى من النوح، والبكاء والزجر عن ذلك (2/85)، وفي كتاب المغازي (5/87) باب غزوة مؤتة من أرض الشام.
ومسلم في الصحيح (2/644) رقم 953، كتاب الجنائز، باب التشديد في النياحة وأبو داود في السنن، كتاب الجنائز، باب النهي عن البكاء على الميت.
وابن حبان في صحيحه (7/417) رقم 3147، مترجماً له بلفظ: =ذكر الزجر عن نياحة النساء+ وترجمه في موضع آخر (7/426) رقم 3155 بقوله: =ذكر الزجر عن البكاء للنساء عند المصائب إذا امتحن بها+.
ورواه ابن أبي شيبة في المصنف (3/392) في كتاب الجنائز، باب الجلوس عند المصيبة، وابن الجوزي في التحقيق (2/21) رقم 622، مسألة: لا يكره البكاء بعد الموت.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (7/515): =في حديث عائشة من الفوائد: بيان ما هو الأولى بالمصاب من الهيئات، ومشروعية الانتصاب للعزاء على هيئته، وملازمة الوقار والتثبت+.
قلت: وفي أخذ هذه الفائدة من الحديث نظر؛ وذلك أن عائشة_رضي الله عنها_أخبرت أنه لما جاء خبر قتل هؤلاء الصحابة_رضي الله عنهم_جلس النبي"يعرف في وجهه الحُزُن.
فهل هذا الجلوس المذكور للتعزية أم للمصيبة ؟(1/17)
فإذا تأملنا الحديث بجميع رواياته وتراجم أهل العلم له، لم نجد فيه ذكر للتعزية لا نصاً ولا ظاهراً. والعلم عند الله.
فإن قيل: روى الليث بن سعد، قال: ثنا عُقَيل، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة أم المؤمنين_رضي الله عنها_ قالت:
=كانت إذا أصيب أحد من أهلها، فتفرق نساء الجماعة عنها، وبقي نساء أهل خاصتها أمرت ببرمة من تلبينة، فطبخت، ثم أمرت بثريد فيثرد، وصبت التلبينة على الثريد، ثم قالت: =كلوا منها؛ فإني سمعت رسول الله"يقول: =إن التلبية مَجَمَّةٌ لفؤاد المريض، تذهب بعض الحُزْنِ+.
رواه أحمد في المسند (6/80).
وفي لفظ لأحمد (6/155) والبخاري في الصحيح (6/205) كتاب الأطعمة، باب التلبينة، ومسلم في الصحيح، كتاب السلام، باب التلبينة، (4/1736) رقم 2216 مجمة لفوائد المريض، والنسائي في الكبرى (4/372) رقم 7572، والبيهقي في الكبرى (4/61) كتاب الجنائز، باب ما يهيأ لأهل الميت من الطعام: =أنها كانت إذا مات الميت من أهلها، فاجتمع النساء لذلك، ثم تفرقن إلا أهلها وخاصتها أمرت ببرمة من تلبينة. . . الخ
ورواه يونس بن يزيد، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة_رضي الله عنها_أنها كانت تأمر بالتلبين للمريض وللمحزون على الهالك، وكانت تقول: =إني سمعت رسول الله"يقول: =إن التلبينة تجم فؤاد المريض، وتذهب ببعض الحزن+.
رواه البخاري في الصحيح (7/14) كتاب الطب، باب التلبينة للمريض، والطبراني في الأوسط (9/460) رقم 8996، والبيهقي في الكبرى (9/345) كتاب الضحايا، باب أدوية النبي"سوى ما مضى في الباب الذي قبله+.
والجواب: أن يقال: الاستدلال باجتماع النساء المذكور في الحديث على جواز الاجتماع للتعزية مخدوش، وذلك لما يرد عليه من الأدلة الدالة على ضعف الاستدلال به، ومنها:
أولاً: أن أهل العلم صرحوا بأن الاجتماع للتعزية محدث كما سلف.
ثانياً: أنهم نصوا على أنه ليس من هدي السلف كما مَرَّ.(1/18)
ثالثاً: أني لم أر_فيما وقفت عليه_أحداً استدل به على جواز الاجتماع للتعزية.
رابعاً: أن مخرجي هذا الحديث يوردونه في كتب الطب والجنائز والأطعمة مترجمين له: بـ =باب التلبينة+.
وذلك لعلاج المحزون، والمريض.
خامساً: أن إمام أهل السنة والجماعة الإمام أحمد × سأله الإمام أبو داود كما في مسائله للإمام أحمد ص138 بقوله: =أولياء الميت يقعدون في المسجد يعزون؟ قال: أما أنا فلا يعجبني أخشى أن يكون تعظيماً للميت أو قال: للموت+.
إذا تقرر هذا فإني أنصح إخواني المسلمين بالتمسك بهدي نبيهم_عليه الصلاة والسلام_والعض عليه بالنواجذ، والحذر الحذر من محدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة، وعليهم بما كان عليه سلفهم الصالح من الإتباع، وترك الابتداع في الدين، فيسعهم ما وسعهم، وذلك أنه لا يقبل من الأعمال والأقوال والعقائد إلا ما كان لله خالصاً، صواباً. والله أعلم.
...
ثبت عن كثير من السلف الصالح أنهم أوصوا بعدم إعلان موتهم للناس، وثبت عنهم النهي عن ذلك:
منهم: الإمام القدوة رفيع الشأن العابد الربيع بن خُثَيْم أحد الأعلام من كبار التابعين× أنه أوصى: أن لا تشعروا بي أحداً وسلوني إلى ربي سلاً.
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (4/450) رقم11310، 11323.
من طريق عبدالله بن نمير ومحمد بن فضيل بن غزوان.
وأخرجه ابن سعد في الطبقات (6/192، 193).
من طريق سفيان الثوري.
ثلاثتهم عن أبي حيان التيمي، عن أبيه، عن الربيع ابن خُثَيْم به.
هذا لفظ ابن أبي شيبة ولفظ ابن سعد:
=قال: لا تشعروا بي أحداً وسلوني إلى ربي سلاً+.
وفي لفظ له أيضاً:
=أنه أوصى: سلوني إلى ربي سلاً، يعني لا تؤذنوا بي أحداً+.
وفي لفظ لابن أبي شيبة قال لأم ولدٍ له:
=إذا أنا مت فلا تشعري بي أحداً، وسلوني إلى ربي سلاً+.
إسناده حسن، رجاله ثقات ما خلا سعيد بن يحيى أبا يحيى قال فيه الحافظ الذهبي في الميزان (2/132): لا يكاد يعرف.(1/19)
ولكنه قال في الكاشف (1/283):ثقة.
وذكره ابن حبان في الثقات (4/280)، وقال العجلي في معرفة الثقات (1/397): ثقة.
قلت: ولم يجرحه أحد.
ومنهم: الإمام الكبير الخيار شيخ الكوفة أبو وائل الأسدي شقيق بن سلمة × قال الزبرقان: سمعت أبا وائل يقول عند موته:
=إذا أنا مت فلا تؤذنوا بي أحداً+.
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (4/450) رقم11311 قال:
حدثنا وكيع، عن عبدة بن سليمان، عن الزبرقان به.
إسناده صحيح، رجاله ثقات.
الزبرقان هو السراج بن عبدالله الأسدي أبو بكر ثقة وثقه يحيى بن سعيد القطان والإمام أحمد وابن معين وأبو حاتم قال ذلك ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (3/610) رقم2764، وذكره ابن حبان في الثقات (6/341).
ومنهم: الإمام أبو ميسرة عمرو بن شُرَحبيل الهمداني الكوفي من كبار التابعين ×:
فعن أبي إسحاق السبيعي، قال:
أوصى أبو ميسرة أخاه: أن لا تؤذنوا بي أحداً+.
قال أبو إسحاق: وبذلك وصى علقمة والأسود+.
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (4/451) رقم11312، وابن سعد في الطبقات (6/108، 109).
من طرق عن شعبة بن الحجاج، عن أبي إسحاق به.
هذا لفظ ابن أبي شيبة.
ولفظ ابن سعد: =أنه أوصى لما مات أن لا يؤذن بجنازته أحد، وبذلك وصى علقمة+.
وفي لفظ له: =أوصى أخاه ان لا يؤذن بجنازته أحداً، وبذلك أوصى علقمة.
ورواه يونس بن أبي إسحاق عن أبي إسحاق، قال:
=أوصى أبو ميسرة أخاه الأرقم: لا تؤذن بي أحداً من الناس، وليصل علي شريح قاضي المسلمين وإمامهم، وأسرع بجنازتي المشي، ولا تجعل على لحدي إلا طُنَّ قصب+.
رواه ابن سعد في الطبقات (6/108).
ورواه عن أبي إسحاق زهير بن معاوية، قال:
أوصى أبو ميسرة أخاه الأرقم، قال: ما أراني إلا مقبوضاً من ليلتي هذه، فإذا أصبحت، فأخرجوني، ولا تؤذنوا بي أحداً؛ فإنها الجاهلية، أو دعوى الجاهلية+.
أخرجه ابن سعد في الطبقات أيضاً (6/108).
ورواه ابن سعد في الطبقات (6/107، 108):(1/20)
من طريق حماد بن زيد وشريك، عن عاصم بن بهدلة، عن أبي وائل، قال:
=أوصى أبو ميسرة: =لا تؤذنوا بجنازتي أحداً كدعاء الجاهلية، ولا تطيلوا جدثي، واجعلوا على لحدي طُنَّ قصب، فإني رأيت المهاجرين يستحبون ذلك+ هذا لفظ حماد.
ولفظ شريك: =قال عمرو بن شُرَحبيل حين حضرته الوفاة:
=إني ليسير للموت الآن... إلى أن قال: فإذا أنا مت فلا تنعوني إلى أحد وأسرعوا المشي، وألقوا على لحدي من القصب؛ فإني رأيت المهاجرين يستحبون ذلك، ولا ترفعوا جدثي؛ فإني رأيت المهاجرين يكرهون ذلك.
ومنهم: الإمام الحافظ المجود المجتهد الكبير أبو شبل فقيه الكوفة، وعالمها ومقرئها علقمة بن قيس النخعي عم الأسود بن يزيد، وخال فقيه العراق إبراهيم النخعي _ رحمهم الله تعالى _.
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (4/451) رقم11313، وابن سعد في الطبقات (6/92).
من طريق وكيع بن الجراح عن محمد بن قيس، عن علي بن مدرك النخعي عن إبراهيم، من علقمة أنه أوصى: إن استطعت أن تُلَقنِّي آخر ما أقول:
لا إله إلا الله وحده لا شريك له، فافعل، ولا تؤذنوا بي أحداً، فإني أخاف أن يكون كنعي الجاهلية، فإذا أخرجتموني، فعليَّ الباب _ يعني أغلقوا الباب، ولا تتبعني امرأة+ هذا لفظ ابن سعد.
ولفظ ابن أبي شيبة: =عن إبراهيم، عن علقمة، أنه أوصى: أن لا تؤذنوا أحداً؛ فإني أخاف أن يكون النعي من أمر الجاهلية+.
وأخرجه أبو نعيم في الحلية (2/101):
من طريق قتيبة بن سعيد، قال: ثنا جرير، عن منصور، عن علي بن مدرك قال:
قال علقمة بن الأسود: =إن أنا مت فَلَقنِّي لا إله إلا الله، فإذا أنا مت فلا تنعني لأحد، فإني أخاف أن يكون نعياً كنعي الجاهلية، فإذا خرجتم بجنازتي من الدار، فأغلقوا الباب حين يخرج آخر الرجال، وعلى أول النساء، فإنه لا أرب لي فيهن+.
إسناده صحيح، رجاله ثقات.
جرير هو ابن عبدالحميد الضبي، ومنصور هو ابن المعتمر، وعلي بن مدرك هو النخعي، وسقط من السند إبراهيم النخعي.(1/21)
وأخرجه أبو نعيم في الحلية (2/101):
من طريق أشعث بن سوار عن الحكم، عن إبراهيم، عن علقمة، قال:
=لا تنعوني كنعي أهل الجاهلية، ولا تؤذنوا بي أحداً، وأغلقوا الباب، ولا تتبعني امرأة.. الحديث.
إسناده ضعيف من أجل أشعث بن سوار، وبقية رجاله رجال الصحيح.
وروى عبدالرزاق في المصنف (3/390) رقم6053 عن معمر، عن أبي إسحاق، عن علقمة بن قيس حين حضرته الوفاة، قال:
=لا تؤذنوا بي أحداً كفعل الجاهلية+ إسناده صحيح، رجاله ثقات.
وروى عبدالرزاق أيضاً (3/390) رقم6054، عن الثوري، عن أبي حمزة، عن إبراهيم، عن علقمة قال:
=إذا كان من يحمل الجنازة، فلا تؤذن أحداً؛ مخافة أن يقال: ما أكثر من اتبعه+.
أبو حمزة هو ميمون الأعور القصاب ضعيف.
ومنهم: الإمام الحافظ فقيه العراق أبو عمران إبراهيم بن يزيد بن قيس بن الأسود النخعي أحد الأعلام اليماني ثم الكوفي ×.
فقد أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (4/451) رقم11314، وابن سعد في الطبقات (6/284).
من طريق وكيع، عن أُمَّي الصيرفي، عن أبي الهيثم، عن إبراهيم أنه أوصى قال: =إذا كنتم أربعة فلا تؤذنوا بي أحداً+.
إسناده صحيح، رجاله ثقات.
ومنهم: الإمام القدوة التابعي الكبير سويد بن غَفَلة بن عوسجة بن عامر أبو أمية الجعفي الكوفي، والبالغ من العمر مائة وثلاثين سنة ×.
روى ابن أبي شيبة في المصنف (4/452) رقم11317، وابن سعد في الطبقات الكبرى (6/69):
من طريق عبدالرحمن بن محمد المحاربي، عن ليث، عن خيثمة، قال:
أوصى سويد بن غَفَلة، قال:
=إذا أنا مت، فلا تؤذنوا بي أحداً، ولا تقربوا قبري جصاً، ولا آجُراً، ولا عوداً، ولا تصحبني امرأة، ولا تكفنوني إلا في ثوبي+ هذا لفظ ابن سعد.
ولفظ ابن أبي شيبة أخصر منه، فقد جاء بلفظ:
=إذا أنا مت، فلا تؤذنوا بي أحداً+.
إسناده صحيح، رجاله ثقات.
ليث هو ابن سعد، لأنه مما يروي عنه المحاربي.(1/22)
ومنهم: الإمام القدوة الحجة التابعي الكبير مُطَرِّف بن عبدالله بن الشِّخير أبو عبدالله الحَرَشي العامري البصري أخو يزيد بن عبدالله _ رحمهما الله تعالى _.
فروى ابن أبي شيبة في المصنف (4/452) رقم11318:
من طريق هاشم بن القاسم، قال: ثنا شعبة، عن أبي التياح، عن يزيد بن عبدالله الشخير، عن مطرف أخيه، أنه قال:
=لا تؤذنوا لجنازتي أحداً+.
وقال ابن سعد في الطبقات (7/145):
أخبرنا سليمان أبو داود الطيالسي، قال: حدثنا شعبة، عن أبي التياح عن يزيد بن عبدالله الشخير، أن أخاه أوصاه: أن لا يؤذن بجنازته أحداً+.
إسناده صحيح، رجاله ثقات.
أبو التياح: يزيد بن حميد الضبعي.
ومنهم: التابعي، والد أبي حمزة عبدالرحمن بن عبدالله المازني البصري جار شعبة×.
فقد أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (4/452) رقم11319 عن هاشم بن القاسم، قال: ثنا شعبة، عن أبي حمزة، عن أبيه، قال:
=لا تُؤذنوا بجنازتي أهل مسجدي+.
إسناده حسن، رجاله ثقات ما خلا أبا حمزة فقد ذكره ابن حبان في الثقات (7/89) وروى له مسلم في الصحيح.
ومنهم: الإمام الثقة أبو عبيدة بن عبدالله بن مسعود التابعي _ رضي الله عنهما _ قال:
= لا تؤذنوا بي أحداً، حسبي من يحملني إلى حفرتي+.
أخرجه عبدالرزاق في المصنف (3/390) رقم6055:
من طريق الثوري، عن عاصم بن أبي كثير، عن أبي عبيدة به.
عاصم بن أبي كثير لم أجده، ولعله تحرف عن =عاصم بن كليب، وهو ابن شهاب بن المجنون الجرمي الكوفي، ثقة، وعليه فالسند صحيح _ إن شاء الله تعالى _.
وعن حذيفة بن اليمان ÷ قال:
= لا تؤذنوا بي أحداً، إني أخاف أن يكون نعياً، إني سمعت رسول الله " بأُذُنَيَّ هاتين ينهى عن النعي+.
رواه ابن ماجة في السنن (1/474) رقم1476، وابن أبي شيبة في المصنف (3/274) والإمام أحمد في المسند (5/385، 406)، والترمذي في الجامع (3/313) رقم986، والبيهقي في السنن الكبرى (4/74)، والمزي في تهذيب الكمال (5/376) رقم1087:(1/23)
من طرق عن حبيب بن سُلَيم، عن بلال بن يحيى، قال: كان حذيفة إذا مات له الميت قال: ... فذكره.
قال الترمذي: هذا حديث حسن، صحيح.
وقال الإمام ابن العربي في العارضة (4/206): حديث حذيفة صحيح.
وقال الحافظ في الفتح (3/117): إسناده حسن.
قلت: بلال بن يحيى هو العبسي قال فيه الحافظ الذهبي في الميزان (1/352): =قال ابن معين: مرسل، وقال أيضاً: ليس به بأس وذكره ابن حبان في الثقات+.
وقال ابن القطان في بيان الوهم والإيهام (5/236) رقم2446: هو حديث محتاج إلى نظر؛ وذلك أن بلال بن يحيى هذا _ وإن كان ثقة _ فإن أبا محمد بن أبي حاتم قد قال: إنه وجده يقول: =بلغني عن حذيفة+.
فكان هذا _ عنده _ ريباً في سماعه منه، وقد روى عن حذيفة أحاديث معنعنة، ليس في شيء منها ذكر سماع، والترمذي قد صحح روايته عنه، فمعتقده _ والله أعلم _ أنه سمع منه+اهـ.
وأما حبيب بن سليم العبسي فقد ذكره ابن حبان في الثقات (6/182).
وقال مغلطاي في الإكمال (3/368) رقم1159: =ولما خرج الترمذي وأبو علي الطوسي حديثه عن بلال، عن حذيفة في النعي صححاه، وكذا أبو علي النيسابوري، وذكره ابن خلفون في جملة الثقات وكذلك ابن حبان+اهـ.
وعن عبدالله بن مسعود ÷ عن النبي " قال: =إياكم والنعي؛ فإن النعي من عمل الجاهلية+ قال عبدالله: والنعي: أذان بالميت.
أخرجه الترمذي في الجامع (3/312) رقم984:
من طريق عنبسة، عن أبي حمزة، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبدالله به.
985_ ورواه من طريق سفيان الثوري، عن أبى حمزة به.
ثم قال: =ولم يرفعه، ولم يذكر فيه: =والنعي أذان بالميت+.
ثم قال: وهذا أصح من حديث عنبسة عن أبي حمزة، وأبو حمزة هو ميمون الأعور، وليس هو بالقوي عند أهل الحديث.
ومن طريق سفيان أخرجه الطبراني في الكبير (10/85) رقم9978، والدارقطني في العلل (5/165) مختصراً موقوفاً على ابن مسعود.
ثم صحح الدارقطني وقفه على ابن مسعود.
وقال ابن أبي شيبة في المصنف (4/451) رقم11315:(1/24)
حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين، عن إسرائيل، عن ثوير، عن أبي جعفر، أن علي بن حسين أوصى أن لا تعلموا بي أحداً+.
وجاء في طبقات ابن سعد (5/221):
أخبرنا وكيع بن الجراح، والفضل بن دكين، عن إسرائيل، عن ثوير بن أبي فاختة، عن أبي جعفر، أن علي بن حسين أوصى:
=أن لا يؤذنوا به أحداً، وأن يسرع به في المشي، وأن يكفن في قطن، وأن لا يجعل في حنوطه مسك+.
علي بن الحسين هو زين العابدين ÷.
والسند ضعيف من أجل ثوير، وبقية السند رجاله رجال الصحيح.
وجاء في مصنف ابن أبي شيبة (4/451) رقم11316:
حدثنا ابن فضيل، عن عاصم بن محمد، عن ابن عمر، أنه كان إذا مات له ميت تحين به غفلة الناس+.
إسناده منقطع، عاصم هو ابن زيد بن عبدالله بن عمر بن الخطاب _ رضي الله عنهم _.
لم يدرك جد أبيه عبدالله.
تنبيه: ورد في هذا الباب حديث في سنده رجل متهم أذكره هنا للعلم به ولأنه مما ورد في هذا الباب لا أن يكون حجة.
وهو ما رواه الإمام الطبراني في الكبير (11/81) رقم11111 قال:
حدثنا عبدان بن أحمد، ثنا زيد، ثنا عبدالله، عن العوام بن حوشب عن مجاهد، عن ابن عباس قال: جاء رجل يؤذن بجنازةٍ الناسَ.
فقال رسول الله": =أيها الناس، سلوا إلى الله موتاكم، ولا تؤذنوا بهم الناس+.
عبدالله هو ابن خراش ذكره ابن حبان في الثقات (8/340) وقال: ربما أخطأ.
وقال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (5/46): =سمعت أبي يقول: عبدالله بن خراش منكر الحديث، ذاهب الحديث، ضعيف الحديث.
وقال أبو زرعة: ليس بشيء ضعيف الحديث+.
وقال البخاري في التاريخ الكبير (5/80): منكر الحديث.
وقال الحافظ في التقريب: ضعيف وأطلق عليه ابن عمار الكذب.
كلام أهل العلم في النعي:
قال الإمام الترمذي في شرح حديث عبدالله بن مسعود ÷ آنف الذكر:
=وقد كره بعض أهل العلم النعي، والنعي عندهم أن ينادى في الناس: أن فلاناً مات، ليشهدوا جنازته.(1/25)
وقال بعض أهل العلم: لا بأس أن يُعْلِم أهلَ قرابته وإخوانَه، وروي عن إبراهيم أنه قال:
لا بأس بأن يُعْلِم الرجلُ قرابته+اهـ.
وقال ابن قيم الجوزية في الهدي النبوي (1/528):
=وكان من هديه " ترك نعي الميت، بل كان ينهى عنه، ويقول:
هو من عمل الجاهلية، وقد كره حذيفة أن يُعَلِمَ به أهلُه الناسَ إذا مات، وقال:
أخاف أن يكون من النعي+اهـ.
وقال أبو بكر بن العربي في العارضة (4/206) في قول الترمذي: =باب ما جاء في كراهة النعي+ قال:
هو الأذان بالميت... ذكر فيه، وأدخل فيه حديثاً أصحه الوقف على عبدالله بأنه من عمل الجاهلية، وهو حديث عن حذيفة صحيح، قال:
=إذا أنا مت، فلا يؤاذن في أحد، فإن رسول الله " نهى عن النعي+ ثم قال:
إن النهي صح عن النعي، وقد قال النبي ":
=ألا آذنتموني به، ونعى للناس النجاشي وجعفر وأصحابه+ ثم قال:
وتبينت من ذلك ثلاث حالات:
الأولى: أن إعلام الأهل والقرابات والصالحين بموته سنة.
الثانية: وأن الجفلى والخزي طلب المفاخرة والمباهاة بموته.
الثالثة: وأن نعي الغائب جائز.
وصلاته على النجاشي سنة في الصلاة على الغائب، وتركه للصلاة على جعفر، وقد نعاه كما نعى النجاشي دليل على أن الشهيد لا يصلى عليه، وهذه سنة رأيتها ببغداد؛ إذ لا ينعى الميت إلا لأهل وده والصالحين من الناس+.
وقال الحافظ في الفتح (3/117):
=وحاصله: أن محض الإعلام بذلك لا يكره، فإن زاد على ذلك فلا، وقد كان بعض السلف يشدد في ذلك حتى =كان حذيفة إذا مات له الميت يقول: =لا تؤذنوا به أحداً، إني أخاف أن يكون نعياً؛ إني سمعت رسول الله " بأذنيَّ هاتين ينهى عن النعي+ أخرجه الترمذي وابن ماجة بإسناد حسن.
قال ابن العربي:
=يؤخذ من مجموع الأحاديث ثلاث حالات:
الأولى: إعلام الأهل والأصحاب وأهل الصلاح فهذه سنة.
الثانية: دعوة الحفل للمفاخرة فهذه تكره.
الثالثة: الإعلام بنوع آخر كالنياحة ونحو ذلك فهذا يحرم+اهـ..(1/26)
قلت: وقال الحافظ أيضاً في الفتح (3/116) رقم1246:
=وقال ابن المرابط: مراده _ يعني البخاري في الترجمة _ أن النعي الذي هو إعلام الناس بموت قريبهم مباح _ وإن كان فيه إدخال الكرب والمصائب على أهله _ لكن في تلك المفسدة مصالح جمة؛ لما يترتب على معرفة ذلك من المبادرة لشهود جنازته وتهيئة أمره والصلاة عليه والدعاء له والاستغفار وتنفيذ وصاياه وما يترتب على ذلك من الأحكام.
وأما نعي الجاهلية فقال سعيد بن منصور: =أخبرنا ابن علية، عن ابن عون، قال: قلت لإبراهيم: أكانوا يكرهون النعي؟ قال: نعم.
قال ابن عون: كانوا إذا توفي الرجل ركب رجل دابة ثم صاح في الناس: أنعى فلاناً+.
وبه إلى ابن عون قال: قال ابن سيرين: لا أعلم بأساً أن يؤذن الرجل صديقه وحميمه+.
قلت: الأولى: أن يقال: كونه ثبت عن النبي" أنه نعى النجاشي وجعفراً وأصحابه للناس لا ينبغي أن يعارض به ما ورد عنه " من النهي عن النعي؛ لأن هؤلاء المذكورين قد ماتوا في بلاد غير بلادهم فلم يكونوا حاضرين عنده، وإنما أخبره الله _سبحانه_ بموتهم عن طريق الوحي، لذا نعاهم " للناس.
وعلى هذا فمن كان موته مثل موت هؤلاء جاز نعيه، ومن لم يكن كذلك فلا ينعى، وبهذا يحصل العمل بالأدلة جميعاً. والعلم عند الله تعالى.
يؤيد هذا أنه قد ثبت عن كثير من السلف أنهم أوصوا بعدم إعلام أحد من الناس بموتهم معللين ذلك بالخوف من أن يكون الإعلام نعياً تارةً.
وتارة بالخوف من أن يكون جاهلية، وأخرى مخافة أن يقال: ما أكثر من اتبعه.
فقد قرَّ آنفاً قول أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل:
=ولا تؤذنوا بي أحداً؛ فإنها الجاهلية+ أو دعوى الجاهلية+.
وقول علقمة بن قيس النخعي الكوفي الثقة الثبت الإمام الفقيه العابد:
=إذا كان من يحمل الجنازة، فلا تؤذن أحداً مخافة أن يقال/ ما أكثر من اتبعه+.
ووصية إبراهيم بن يزيد بن قيس الأسود النخعي التي قال فيها:
=إذا كنتم أربعة، فلا تؤذنوا بي أحداً+.(1/27)
وقول أبي عبيدة بن عبدالله بن مسعود: =لا تؤذنوا بي أحداً حسبي من يحملني إلى حفرتي+.
وقال الصحابي الجليل صاحب سِرِّ رسول الله " حذيفة ابن اليمان ÷:
=لا تؤذنوا بي أحداً إني أخاف أن يكون نعياً+.
وقد فسر الإمام الترمذي آنفاً النعي بأنه: أن ينادى في الناس أن فلاناً مات؛ ليشهدوا جنازته+.
وفسره ابن مسعود بالأذان بالميت.
لكن قول العلامة ابن العربي ×: لا ينعى الميت إلا لأهل وده الصالحين من الناس وقال:
=وهذه سنة رأيتها ببغداد+اهـ.
وتقدم قول ابن قيم الجوزية ×: =وكان من هديه " ترك نعي الميت، بل كان ينهى عنه، ويقول: هو من عمل الجاهلية+اهـ.
قلت: قد جاء في مصنف ابن أبي شيبة (3/276) ما نصه:
=حدثنا عبدة، عن هشام بن عروة، عن عبدالله بن عروة، أن أبا هريرة كان يؤذن بالجنازة، فيمر بالمسجد، فيقول: عبدالله دُعِيَ فأجاب، أو أمة الله دُعِيَتْ فأجابت، فلا يقوم معها إلا القليل+.
إسناده صحيح إن سلم من الإرسال، وذلك أن مولد عبدالله بن عروة كان في سنة 45هـ ووفاة أبي هريرة كان في سنة 57 أو 58 أو 59هـ، فيكون عبدالله قد أدرك من حياة أبي هريرة 12 أو 13 أو 14 سنة، وقد روى عبدالله هذا الأثر بالأنأنة كما ترى.
وهذا الأثر _ إن صح _ دل على جواز الإعلام بالمتوفى من بعض الناس لبعضهم؛ ليشهدوا الصلاة عليه ودفنه، لكن بدون أن يكلف أحد أو يؤمر به؛ خوفاً من أن يكون من النعي المنهي عنه. والعلم عند الله.
فهرس الموضوعات
المقدمة : ... 3
تعريف العزاء ... 4
حكم التعزية عند أهل العلم ... 5
حديث =من عزى مصاباً... الخ ... 5
رؤية النبي" في المنام حق ... 7
حديث =ما من مؤمن يعزي أخاه...الخ ... 7
حديث =ارجع إليها فأخبرها: أن لله ما أخذ...الخ ... 8
ليس في التعزية لفظ محدود عند أهل العم ... 9
الجلوس للتعزية ... 10
ورود سبع روايات عن الإمام أحمد في الجلوس لها ... 10،32
عَدُّ الاجتماع عند أهل الميت من النياحة ... 11(1/28)
قول الإمام أحمد في مسنده: =هذا الكتاب جمعته وانتقيته من أكثر من سبعمائة ألف حديث وخمسين ألفاً...الخ ... 13
قول الحافظ ابن حجر: ليس في المسند حديث لا أصل له... الخ ... 14
حال شريك بن عبدالله القاضي عند أهل العلم ... 15
ذَبُّ الحافظ ابن حجر عن مسند الإمام أحمد ... 16
تصحيح أهل العلم لحديث جرير بن عبدالله ÷ ... 17
قيس بن أبي حازم قد أجمعوا على الاحتجاج به ومن تكلم به فقد آذى نفسه ... 20
نصر بن باب ما كان به بأس وليس بكذاب ... 22
ألفاظ حديث جرير بن عبدالله ÷ ... 23
احتجاج أهل العم بحديث جرير ÷ ... 23_28
جزم عمر بن الخطاب÷ أن اجتماع الناس عند أهل الميت من النياحة ... 24_26_37
الجلوس للتعزية مكروه لأنه محدث ... 27_30
الاجتماع عند أهل الميت من أفعال الجاهلية وأنكره أحمد بشدة ... 28
اتفاق الأئمة الأربعة على كراهة صنع أهل الميت طعاماً للناس يجتمعون عليه ... 29
قول الساعاتي: ظاهر حديث جرير تحريم الاجتماع ... 29
بيان أنه لا فرق في كراهة الجلوس للتعزية بين الرجال والنساء ... 30
قول الصحابي: =كنا نرى _ أو نعدُّ كذا+ هو بمنزلة رواية إجماع الصحابة ... 31_39
قول الإمام الشافعي ×: =وأكره المآتم وهي الجماعة وإن لم يكن لهم بكاء+ ... 33
قول الإمام الطرطوشي×: =فأما المآتم فممنوعة بإجماع العلماء ... 33
عَدُّ الحكيم الترمذي× القعود للعزاء من النياحة ... 34
النقول عن الأئمة في كراهة الجلوس للعزاء ... 34
فصل في ذكر عبارات السلف في ذلك ... 36
شرح حديث جرير بن عبدالله÷ ... 38
مما يستفاد من الحديث عدم جواز الاجتماع إلى أهل الميت...الخ ... 38
قول الإمام ابن باز× في منع ذلك ... 39
قول اللجنة الدائمة في منع ذلك ... 41
قول الإمام محمد بن صالح العثيمين× لا شك أن الاجتماع للتعزية بدعة؛ لأنه خلاف ما كان عليه السلف ... 41
الجواب عما أخذ من حديث عائشة _رضي الله عنها_ من جواز الانتصاب للعزاء ... 43
الجواب عما أخذ من جواز الاجتماع للعزاء من حكاية عائشة =اجتماع النساء لموت الميت ... 45(1/29)
فصل في نهي السلف الصالح عن إعلام الناس بموتهم...الخ ... 46
وصية التابعي الكبير الربيع بن خثيم بأن لا يشعر أحد بموته ... 47
قول الإمام الكبير أبي وائل شقيق بن سلمة: =إذا أنا مت فلا تؤذنوا بي أحداً ... 49
وصية الإمام أبي ميسرة أخاه: =إذا أنا مت فلا تؤذنوا بي أحداً ... 49
وممن أوصى بمثل ذلك علقمة بن الأسود ... 50_52
قول أبي ميسرة: إن الإعلام بالموت جاهلية ... 51
وممن أوصى بذلك الإمام الكبير إبراهيم بن يزيد النخعي ... 55
ومنهم الإمام الكبير سويد بن غفلة المعمَّر ... 55
ومنهم الإمام الكبير مطرف بن عبدالله ابن الشخير ... 56
ومنهم التابعي والد أبي حمزة عبدالرحمن ابن عبدالله المازني ... 57
ومنهم الإمام الثقة أبو عبيدة بن عبدالله ابن مسعود التابعي ... 58
ومنهم الإمام الصحابي الجليل حذيفة ابن اليمان÷ ... 59_64
حديث عبدالله بن مسعود ÷ =إياكم والنعي... الخ ... 61
وصية علي بن حسين أن لا يعلموا به أحداً ... 62
كان ابن عمر إذا مات له ميت تحيِّن به غفلة الناس ... 63
تنبيه ... 63
كلام أهل العلم في النعي ... 65
تعريف النعي عند أهل العلم وحكمه ... 65
تفصيل الإمام ابن العربي في النعي ... 66_67
الفهرس ... 74(1/30)