بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإن المتأمل في حال المسلمين اليوم يجد أن الكثير منهم هجر عبادة عظيمة هي من أجل العبادات ألا وهي: (المكوث في المسجد) واقتصر على أداء الصلاة فقط، فما أن تقام الصلاة حتى ترى الناس زرافات ووحدانا يسارعون لإدراك الصلاة، وقد يفوت على بعضهم شيء منها، ثم ما أن تقضى الصلاة حتى يخلو المسجد كأن لم يكن به أحد.
لقد شغلت الدنيا والملهيات والجري وراء الشهوات والملذات كثيرًا من المسلمين عن المكوث في المساجد، فكثرت الهموم والغموم، وبعد المسلمون عن أسباب السعادة التي يسعون إليها بسبب بعدهم عن المساجد وهجرهم للمكوث فيها.
وتذكير لنفسي وإخواني المسلمين أكتب هذه الكلمات اليسيرة في فضائل المكوث في المساجد، ومن ذلك:
1 – أن المكوث في المسجد وعمارته بالصلاة والجلوس فيه، من علامات الإيمان بالله وهذا هو أعظم مقصود وأعلاه، قال تعالى: { إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ } [التوبة: 18].
2 – أن الجلوس في المساجد والمكوث فيها وتعلق القلب بها سبب لنيل العبد رضا ربه، واستظلاله بظله يوم لا ظل إلا ظله، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «سبعة يظلهم الله يوم القيامة في ظله يوم لا ظل إلا ظله» وذكر منهم: «ورجل قلبه معلق في المسجد» [رواه البخاري ومسلم].
قال ابن حجر رحمه الله: «ظاهره أنه من التعليق كأنه شبهه بالشيء المعلق في المسجد كالقنديل مثلاً، إشارة إلى طول الملازمة بقلبه وإن كان جسده خارجًا عنه [فتح الباري 2/184].(1/1)
فهذا الرجل قد تعلق قلبه ببيت الله ومن شدة حبه وتعلقه، لا يهنأ ولا يرتاح له بال حتى يعود لبيت ربه ومولاه؛ ففي رواية مالك: «إذا خرج منه حتى يعود إليه».
قال الإمام الزرقاني رحمه الله: وذلك أنه لما آثر طاعة الله وغلب عليه حبه صار قلبه ملتفتًا إلى المسجد لا يحب البراح عنه لأنه وجد فيه روح القربة وحلاوة الطاعة [شرح الزرقاني 4/437].
3 – الماكث في المسجد ماكث في أحب بقاع الله إليه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أحب البلاد إلى الله مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها» [رواه مسلم].
4 – والجالس في المسجد في طاعة لله تعالى تحفه الملائكة وتستغفر له، وإذا كان جلوسه لانتظار صلاة، كان حكمه حكم المصلي، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: «فإن أحدكم إذا توضأ فأحسن وأتى المسجد لا يريد إلا الصلاة لم يخط خطوة إلا رفعه الله بها درجة وحط عنه خطيئة حتى يدخل المسجد، وإذا دخل المسجد كان في صلاة ما كانت تحبسه، وتصلي – يعني عليه الملائكة، ما دام في مجلسه الذي يصلي فيه: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، ما لم يؤذ أو يحدث فيه» [رواه البخاري].
وفي رواية: «لا يزال أحدكم في صلاة ما دامت الصلاة تحبسه لا يمنعه أن ينقلب إلى أهله إلا الصلاة» [رواه البخاري].
5 – أيها الأخ الحبيب: إن مكوثك في المسجد ومجاهدة نفسك على طاعة الله، نوع من المرابطة في سبيل الله، ففي الحديث: «وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط فذلكم الرباط» [أخرجه مسلم].
قال ابن رجب: «وهذا أفضل من الجلوس قبل الصلاة لانتظارها، فإن الجالس لانتظار الصلاة ليؤديها ثم يذهب تقصر مدة انتظاره، بخلاف من صلى صلاة ثم جلس ينتظر أخرى فإن مدته تطول، فإن كان كلَّما صلى صلاة جلس ينتظر ما بعدها استغرق عمره بالطاعة، وكان ذلك بمنزلة الرباط في سبيل الله عز وجل» [شرح حديث اختصام الملأ الأعلى ص 24].(1/2)
6 – ومكوثك في المسجد، وتعلقك به واستمرارك عليه، مكفر لذنوبك وخطاياك وسبب لرفع الدرجات ففي الحديث: «ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟»، «وانتظار الصلاة بعد الصلاة» [أخرجه مسلم].
وفي الحديث: «الكفارات:مشي الأقدام إلى الجماعات، والجلوس في المساجد بعد الصلاة، وإسباغ الوضوء في المكروهات» [رواه الترمذي].
قال ابن رجب: يدخل في قوله: «والجلوس في المساجد بعد الصلوات» الجلوس للذكر والقراءة وسماع العلم وتعليمه ونحو ذلك، لا سيما بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس، فإن النصوص قد وردت بفضل ذلك، وهو شبيه بمن جلس ينتظر صلاة أخرى لأنه قد قضى ما جاء المسجد لأجله من الصلاة وجلس ينتظر طاعة أخرى [شرح حديث اختصام الملأ الأعلى 34].
وقال رحمه الله: «وإنما كان ملازمة المسجد مكفرًا للذنوب لأنه فيه مجاهدة النفس، وكفًّا لها عن أهوائها فإنها تميل إلى الانتشار في الأرض لابتغاء الكسب، أو لمجالسة الناس ومحادثتهم، أو للتنزه في الدور الأنيقة والمساكن الحسنة ومواطن النزه ونحو ذلك، فمن حبس نفسه في المساجد على الطاعة فهو مرابط لها في سبيل الله، مخالف لهواها وذلك من أفضل أنواع الصبر والجهاد، وهذا الجنس – أعني ما يؤلم النفس ويخالف هواها – فيه كفارة للذنوب وإن كان لا صنع فيه للعبد كالمرض ونحوه، فكيف بما كان حاصلاً عن فعل العبد واختياره إذا قصد به التقرب إلى الله عز وجل؟! فإن هذا من نوع الجهاد في سبيل الله الذي يقتضي تكفير الذنوب كلها» [شرح حديث اختصام الملأ الأعلى صـ 46 – 47].
7 – في المكوث في المسجد تفريج للهموم وكشف للغموم، فكم من هم زال وكربة كشفت بفضل الله ثم بالمكوث في المسجد، وتلاوة كتاب الله، والتضرع بين يدي الله تعالى، وهذا مجرب ومشاهد، فإن الذي يمكث في المسجد يجد الراحة والاطمئنان، ويصفي ذهنه، ويتركز همه إلى شيء واحد وهو دعاء الله.(1/3)
8 – والجالس في المسجد وعمارته بطاعة الله يعد مجاورًا لله تعالى ففي الحديث: «إن الله لينادي يوم القيامة: أين جيراني، أين جيراني؟ فتقول الملائكة: ربنا! ومن ينبغي أن يجاورك؟ فيقول أين عمار المساجد» [رواه الهيثمي – ضعيف].
فيا أخي في الله:
جاهد نفسك وروضها على الجلوس في بيت الله تعالى، فهذا سعيد بن المسيب رحمه الله يقول: «ما أذن المؤذن منذ ثلاثين سنة إلا وأنا في المسجد».
وقال ربيعة بن يزيد: «ما أذن المؤذن لصلاة الظهر منذ أربعين سنة إلا وأنا في المسجد إلا أن أكون مريضًا أو مسافرًا».
لله در أولئك الرجال الأفذاذ، جاهدوا أنفسهم وأطروها على طاعة مولاهم، فجاهد نفسك ولا تضعف أمام شهواتها وملذاتها.
أخي الحبيب: هناك أوقات يستحب أن يمكث المسلم فيها في المسجد، ومنها:
العشر الأواخر من رمضان: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف في العشر الأواخر من رمضان» [رواه البخاري].
فيسن للمسلم أن يعتكف العشر الأواخر من رمضان، ويلزم المسجد للتفرغ لطاعة الله والتعرض لنفحاته ورحمته، وترقب ليلة القدر، الليلة العظيمة التي تعدل عبادة أكثر من ثلاث وثمانين سنة.
الجلوس بعد صلاة الفجر:
«لقد كان صلى الله عليه وسلم إذا صلى الصبح مكث في مصلاه حتى تطلع الشمس» [رواه مسلم].
وكان صلى الله عليه وسلم يحث أصحابه على ذلك ويقول لهم: «من صلى الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة» قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تامَّة ، تامَّة ، تامَّة» [رواه الترمذي وحسنه].
وجلوسك بعد الفجر يعينك على قول أذكار الصباح، ويبارك الله لك في وقتك ففي الحديث: «بورك لأمتي في بكورها». وقال صلى الله عليه وسلم: «اللهم بارك لأمتي في بكورها» [رواه ابن حبان والنسائي أبو داود].(1/4)
وكذلك الجالس بعد صلاة الفجر تستغفر له الملائكة، فعن علي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله يقول: «من صلى الفجر ثم جلس في مصلاه صلت عليه الملائكة وصلاتهم عليه: اللهم اغفر له اللهم ارحمه» [رواه أحمد].
وهذه السنة قد هجرها الكثير من المسلمين، فلا ترى في المسجد بعد صلاة الصبح أحد، وإن رأيت رأيت نزرًا قليلا، فلا حول ولا قوة إلا بالله.
الجلوس بعد صلاة العصر من يوم الجمعة:
بين لنا صلى الله عليه وسلم فضيلة يوم الجمعة وأخبر أن: «فيها ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله شيئًا إلا أعطاه إياه» [رواه البخاري ومسلم].
وقد رجح ابن القيم رحمه الله أنها بعد العصر، وعلى ذلك فمن جلس بعد العصر في المسجد يوم الجمعة، فإنه يرجى أن يدرك هذه الساعة الفضيلة.
الجلوس لطلب العلم ومدارسته وتلاوته كتاب الله تعالى:
عن أبي هريرة رضي الله عنه النبي قال: «وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده» [رواه مسلم].
الجلوس بين الصلاتين وبعد الصلاة:
ولا يخفى عليك أخي الفضل المترتب على ذلك فهو من الرباط كما في الحديث: «ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟» فذكر منها: «وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط فذلكم الرباط» [أخرجه مسلم].
وفي الحديث: «الكفارات: مشي الأقدام إلى الجماعات والجلوس في المساجد بعد الصلوات، وإسباغ الوضوء في المكروهات» [رواه الترمذي].
الجلوس قبل الصلوات:
من الظواهر غير المحمودة التباطؤ في الذهاب للمسجد بعد الأذان، وعدم التبكير إلى الصلاة والجلوس في المسجد حتى تقام الصلاة، فترى الكثير لا يحضر إلا مع الإقامة أو بعدها، ولا شك أن من يفعل هذا قد حرم نفسه الشيء الكثير، ونذكر كل من كان هذا حاله بفضيلة التبكير إلى المساجد وانتظار الصلاة.
فمن ذلك:(1/5)
* أن المنتظر للصلاة، يعد في صلاة قال عليه الصلاة والسلام: «لا يزال أحدكم في صلاة ما دامت الصلاة تحبسه لا يمنعه أن ينقلب إلى أهله إلا الصلاة» [متفق عليه].
* وفي رواية للبخاري : «لا يزال العبد في صلاة ما كان في المسجد ينتظر الصلاة».
* دعاء الملائكة واستغفارهم للجالس في المسجد لانتظار الصلاة، قال عليه الصلاة والسلام: «الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه ما لم يحدث اللهم اغفر له اللهم ارحمه» [متفق عليه].
وفي رواية للبخاري: «ما لم يحدث فيه مالم يؤذ فيه».
* أن في التبكير إلى المسجد ضمانًا لإدراك صلاة الجماعة وإدراك الصف الأول وميمنته، وإدراك تكبيرة الإحرام قال صلى الله عليه وسلم: «لو يعلم الناس ما في النداء والصف والأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا» [متفق عليه].
«يستهموا» أي: يضربوا قرعة.
* أن المبادرة إلى المسجد يتمكن من الإتيان بالنوافل المشروعة بين الأذان والإقامة.
آداب المكوث في المسجد:
أخي يا من جلست في بيت الله تدعوه وترجوه وتتلو كتابه وتسأله العفو والغفران ، اعلم أن للمسجد حرمته ومكانته، وأن له آدابًا ينبغي أن تراعيها، ومن تلك الآداب:
* لبس الثوب الحسن، وأخذ شيء من الطيب، والزينة المباحة، قال تعالى: { يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ } [الأعراف: 31].
* تقديم الرجل اليمنى عند الدخول وقول: بسم الله، اللهم صل على سيدنا محمد، اللهم افتح لي أبواب رحمتك.
* تقديم اليسرى عند الخروج: اللهم صل على سيدنا محمد، اللهم إني أسألك من فضلك، فعن أبي أسيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم على النبي ثم ليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج فليقل: اللهم إني أسألك من فضلك» [رواه مسلم].(1/6)
* صلاة ركعتين سنة، تحية المسجد قبل الجلوس، إذا لم يكن وقت صلاة راتبة، عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين» [متفق عليه].
* تجنب أكل الثوم أو البصل، وما له رائحة كريهة، كالدخان ونحوه، فعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أكل ثومًا أو بصلاً فليعتزلنا، أو فليعتزل مسجدنا» [متفق عليه].
* وعنه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أكل الثوم والبصل والكراث فلا يقربن مسجدنا فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم» [متفق عليه].
* عدم البصاق، أو النخامة في المسجد، عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «البصاق في المسجد خطيئة، وكفارتها دفنها» [متفق عليه].
* تجنب الثرثرة ورفع الصوت – ولو بقراءة القرآن – إذا كان على وجه يشوش على المصلين، وتجنب الكلام في الدنيا، فعن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عيه وسلم اعتكف في المسجد فسمعهم يجهرون بالقراءة، فكشف الستر وقال: «ألا كلكم مناج ربه فلا يؤذين بعضكم بعضًا ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة» [رواه النسائي وأبو أحمد].
* وعن السائب بن يزيد الصحابي قال: كنت في المسجد فحصبني رجل فنظرت فإذا عمر بن الخطاب فقال: اذهب فأتني بهذين فجئته بهما، فقال: من أين أنتما؟ فقالا: من أهل الطائف فقال: لو كنتما من أهل البلد لأوجعتكما، ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله [رواه البخاري].(1/7)
* تجنب الاحتباء وتشبيك الأصابع وفرقعتها والعبث بها في المسجد وأثناء انتظار الصلاة . وقد ورد النهي عن ذلك، فعن أبي سعيد قال: دخلت المسجد مع رسول الله فإذا رجل جالس وسط المسجد محتبيا مشبكا أصابعه بعضها على بعض فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يفطن لإشارته، فالتفت رسول الله فقال: «إذا كان أحدكم في المسجد فلا يشبكن فإن التشبيك من الشيطان وإن أحدكم لا يزال في صلاة ما كان في المسجد حتى يخرج منه» [رواه أحمد].
* وضع الجوال على وضع – صامت – أو إغلاقه، والحذر من إزعاج المصلين والملائكة بنغماته الموسيقية.
* نسأل الله تعالى للجميع التوفيق والسداد في الدنيا والآخرة، والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
الفهرس
المقدمة ... 2
هذه الكلمات اليسيرة في فضائل المكوث في المساجد ... 2
الجلوس بعد صلاة الفجر: ... 3
الجلوس بعد صلاة العصر من يوم الجمعة: ... 3
الجلوس لطلب العلم ومدارسته وتلاوته كتاب الله تعالى: ... 3
الجلوس بين الصلاتين وبعد الصلاة: ... 3
الجلوس قبل الصلوات: ... 3
آداب المكوث في المسجد: ... 3
الفهرس ... 3(1/8)