بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمْ
تحديات تغيير المناهج الشرعية في العالم الإسلامي
بحث مقدم إلى مؤتمر
"الإسلام والتحديات المعاصرة"
المنعقد بكلية أصول الدين في الجامعة الإسلامية
في الفترة: 2-3/4/2007م
إعداد:
د. شريف علي حمّاد
أستاذ مشارك في جامعة القدس المفتوحة
أبريل/ 2007
ملخص
هدف البحث إلى التعرف على تحديات تغيير المناهج الشرعية في العالم الإسلامي، والأسباب الكامنة وراء ذلك، من خلال الوثائق، والتقارير، مقارنا بين التغيير، والتطوير، والتحسين، موضحا المنطلقات الفكرية التي تقوم عليها مناهج التربية الإسلامية، والتي تستند إلى حقيقة الوسطية من خلال أبعادها التربوية، ولتحقيق ذلك استخدم الباحث المنهج الوصفي التحليلي لعرض الوثائق، والبيانات، والتصريحات ذات العلاقة بتغيير المناهج.
وقد اظهر البحث أن الأسباب الحقيقية لتغيير المناهج، عدم معاداة الغرب، وعدم التحريض على الجهاد، وان تجنح المناهج للسلم، والتطبيع مع الصهاينة، وان تكون المناهج بمثابة طقوس بعيدة عن الرؤية الشاملة للإنسان، والكون، والحياة،واظهر أن الإسلام هو النظام العالمي الأمثل والوسط للحياة الإنسانية، والذي لا يقبل الله غيره.
Abstract
Challenges facing changing religion curricula in the Islamic world
This research aimed to identify the challenges facing changing religion curricula in the Islamic world and causes underlying these changes by studying the documents and reports. The researcher compared between changing, developing and improving processes besides highlighting the fundamentals upon which Islamic education curricula are based which depends on moderation. The researcher used the descriptive analytical
Approach to expose the documents, data and statements related to changing curricula.(1/1)
The research sh0wed that the real canses behind changing the curricula were: non-hostility against the west, eliminating the concept of Jihad, naturalization with Zionists ,and reducing the curricula to be empty rituals far from providing a comprehensive view of both man and cosmos.
The research concluded that Islam is the best and moderate system for human life and Allah does not accept any other Creed.
مقدمة:
تتزايد التدخلات الأجنبية لتغيير مناهج التربية الإسلامية، وبعض مناهج العلوم الإسلامية، والعمل على صرف محتواها عن مفاهيم وقضايا يدعي الغرب أنها تشجع على التطرف والإرهاب، وإحلال مناهج أخرى بديلة لإيجاد نمط من التدين يرغبه الغرب لأبناء العالم الإسلامي ويتمشى مع الحداثة والمعاصرة تحت مسميات عديدة منها الإسلام الحداثي، الإسلام المعتدل.
وقد ربط الغرب العلاقة بين الدين الإسلامي والإرهاب، ووجهت للمناهج الإسلامية اتهامات غير عادلة بأنها تدعم الإرهاب وتنشر الفكر الإرهابي، وتناسى الغرب الربط بين الدين المسيحي وثقافة العنف حيث أكدت الباحثة (استرن) 2002م أن الإرهاب لا يرتبط بالدين.
إن مسألة تغيير المناهج التعليمية في المنطقة الإسلامية ليست وليدة الساعة أو ناتجة عن أحداث 11 سبتمبر كما يحاول أن يروج الكثيرون، بل إن الصهاينة ما زالوا منذ معاهدة "كامب ديفيد" مع مصر [1979م] مروراً بمؤتمر مدريد واتفاقيات أوسلو يثيرونها باستمرار.
ويستخدم الأمريكان والصهاينة طرقا متعددة لتحقيق أهدافهم في هدم آخر حصوننا "المناهج الإسلامية" التي هي سرّ مناعتنا الذاتية وعدم انقراضنا من الوجود كأمة لها تاريخ وحضارة، فالجهات المانحة الدولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، التي تشترط تغيير المناهج وإصلاح أو استبعاد بعض المقرّرات، مقابل منح المساعدات أو القروض.(1/2)
ومنظمة "اليونسكو" الشروط أو الإملاءات التي تفرض في هذا المجال، فقد كانت توصياتها قبل سقوط الاتحاد السوفيتي [1990م] عملاً غير ملزم للصراع بين القطبين في النظام الدولي، أما بعد حرب الخليج الثانية وانهيار الاتحاد السوفيتي فأصبح عملها وتوصياتها شبه ملزمة.
ومؤتمرات "حوار الأديان" التي تسعى وراءها جهات دولية مشبوهة، وعادة ما توصي بتغيير المناهج في البلدان الإسلامية لإتاحة المجال أمام الحوار والتفاهم بين الأديان.
ومفاوضات ومباحثات الشراكة الأورو المتوسطية التي تلزم فيها أوروبا الدول المتوسطية الجنوبية بتغيير المناهج مقابل المنح والشراكة ونحوها.
وكذلك الندوات والمؤتمرات الدولية التي تنظمها جهات دولية مختلفة، وتستعلن حيناً وتستخفي أحياناً في الحديث عن "الضرورة الحضارية" لإصلاح مناهج المؤسسات التعليمية الإسلامية، ومثالها الندوة التي نظمتها في بيروت مؤسسة "كونراد أدناير" الألمانية، في ديسمبر عام 2002م.
كما لم يعد سراً أن تغيير المناهج وفقاً لمنظور التنميط الثقافي الذي تفرضه عولمة الغرب، مدرج ضمن البنود الثقافية لاتفاقية تحرير التجارة العالمية [الجات] والتي يتم مناقشتها باستمرار في المنتديات الاقتصادية التي أصبحت تعقد بصورة منتظمة مثل منتدى [دافوس].
- وفي عام 1979م جاء في دستور منظمة عالمية يرعاها "اليونسكو" هي "منظمة الإسلام والغرب"، ويرأسها اللورد كارادون: "إن مؤلفي الكتب المدرسية لا ينبغي لهم أن يصدروا أحكاماً على القيم سواء صراحة أو ضمناً، كما لا يصح أن يقدموا الدين على أنه معيار أو هدف".(1/3)
وجاء أيضاً في ذلك الدستور المنشور في أكتوبر عام 1979م: "المرغوب فيه أن الأديان يجب عرضها ليفهم منها التلميذ ليس أهداف الدين الأساسية، ولكن ما تشترك فيه أيضاً مع غيرها من الأديان...، ويلزم فحص الكتب الدراسية التي قامت بتقديم الظاهرة الدينية على أن يقوم بذلك علماء من كافة التخصّصات وكذلك أعضاء من أصحاب العقائد الأخرى وكذلك اللادينيون".
- إذن، فالمطلوب من الدوائر العالمية ليس مجرّد إزالة الغموض عن بعض المصطلحات التي تجلب الحساسيات أو تستفز أتباع الشرائع الأخرى، بل العلمنة الشاملة لبرامج التعليم حتى تختزل المعلومات الدينية فيه إلى مجرّد طقوس أقرب إلى الفلكلور أو [الأساطير الدينية] منه إلى الرؤية الشاملة المنهجية والعملية للإنسان والكون والحياة، كما هو شأن العقيدة الإسلامية نصاً وتنزيلاً.
إن عمليات تشويه الإسلام سواء بقصد علمنة مناهج التعليم الديني أو بقصد تجريدها من محتواها وأسلوبها ومنهجها يعتبر احد العوامل التي تعطل تكوين الفهم الصحيح للمفاهيم الإسلامية، فتشويه المناهج الدينية وتغييرها أمر جد خطير حيث إن التغيير يختلف عن التطوير والتحسين وهندسة المنهاج الذي يتضمن التشييد والتطبيق والتحسين لجعل المنهاج نظاما يؤدي وظيفة معينة لدى المتعلم ويرتكز على إنتاج المنهج وتحسينه وتقدير فاعليته في الحياة.
إن تطوير مناهج التربية الإسلامية يأتي نتيجة لزيادة فعالية هذه المناهج على المستوى الفكري والتكويني والوعي، والتطوير يكون وفق منهجية علمية صحيحة وان يستند إلى أسس فلسفية ومعرفية واجتماعية ونفسية وتربوية لا وفق التيارات الغربية التي تريد أن تنال منها، وينطلق التطوير من مرجعية الإسلام ووسطيته ومن خلال الخبراء في التربية في العالم العربي والإسلامي.
مشكلة البحث:
تتحدد مشكلة البحث في التساؤل الرئيس التالي:
ما تحديات تغيير المناهج الشرعية في العالم الإسلامي؟(1/4)
وينبثق من السؤال الرئيس الأسئلة الفرعية التالية:
ما الفرق بين تحسين وتغيير وتطوير المنهاج؟
من يقوم بتطوير المناهج؟
ما المنطلقات الفكرية لمناهج التربية الإسلامية لمواجهة تحدي المطالبة بتغيير المناهج الشرعية؟
ما الأسباب الكامنة وراء تغيير المناهج الشرعية؟
ما توصيات المؤتمرات والندوات والتي عقدت في العالم الإسلامي حول مناهج التعليم الشرعي بالعالم الإسلامي؟
ما الأبعاد التربوية لحقيقة الوسطية الإسلامية من خلال مناهج التربية الإسلامية؟
ما الحل أمام تحدي تغيير المناهج الشرعية؟
حدود البحث:
يقتصر البحث الحالي على موضوع تغيير المناهج الدينية في العالم العربي والإسلامي وعلى الأسس التي تبنى من خلالها المناهج، كما يقتصر على وسطية الإسلام في تعامله مع الآخرين.
أهمية البحث:
تنبع أهمية البحث فيما يلي:
تقديم صورة واضحة عن بعض التحديات التربوية المعاصرة للمناهج الإسلامية.
تأصيل الفكر التربوي الإسلامي في خاصية الوسطية وإبعادها التربوية.
تقديم رؤية متكاملة يستند إليها في بناء مناهج التربية الإسلامية.
أهداف البحث:
يهدف البحث الحالي إلى التعرف على:
الضوابط المنهجية لتطوير المناهج.
2-المنطلقات الفكرية لمناهج التربية الإسلامية.
التحديات التي تواجه التعليم الإسلامي.
الأسباب الكامنة وراء تغيير المناهج الشرعية.
الأبعاد التربوية لحقيقة الوسطية الإسلامية من خلال مناهج التربية الإسلامية.
توصيات المؤتمرات والندوات حول مناهج التعليم الشرعي بالعالم الإسلامي.
وضع الحلول لمواجهة تحدي تغيير المناهج الشرعية في العالم الإسلامي.
منهج البحث:
يعتمد البحث على المنهج الوصفي التحليلي الذي يستند إلى الكتابات والأدبيات ونتائج الدراسات والوثائق والبيانات والتصريحات ذات الصلة للاعتماد عليها للوصول إلى الأحكام والرؤى التي يتبناها البحث.
مصطلحات البحث:(1/5)
التحديات: مجموعة القيم المتناقضة والتي تسعى إلى تحطيم القيم التي تحدد معالم الشخصية الإسلامية وتمنحها طابعا مختلفا عن القيم الإسلامية.
الوسطية: الأفضل والعدل ومابين شيئين فاضلين وما بين شرين وهو خير وما بين الجيد والردئ.
تغيير المناهج: تغيير جوهري في المفاهيم التي تبنى عليها نواحي المنهج والمناهج الدينية لايمكن تغييرها لان مصدرها من عند الله عزوجل.
الدراسات السابقة:
نظرا لأن موضوع الدراسة يتعلق بتغيير المناهج التربوية الشرعية، وأنها تسهم في العنف والتطرف، وبدعوى أنها لا تتفق مع نظريات التعليم والتربية، وأنها تعليم يساهم في تخريج عقليات متعصبة وإرهابية وأن تحدى تغير المناهج الشرعية أصبح من التحديات المعاصرة في ما يدعونه بناء نظام عاملي جديد ولهذا وجد الباحث عرض الدراسات المعنية بمعالجة مناهج التربية الإسلامية لقضية التطرف وذلك من خلال تقويم مناهج التعليم. ومن هذه الدراسات:
دراسة يس قنديل (1991م): قضايا التطرف الدين والفتنة الطائفية-دراسة في كتب التربية الإسلامية والمسيحية(1).
هدفت إلى تقويم مناهج التربية الدينية الإسلامية والتربية الدينية المسيحية للتعرف على معالجتها لقضايا التطرف الديني والفتنة الطائفية أوضحت الدراسة أن هذه المناهج تناولت بحساسية وحذر مشكلات التطرف الديني وبإشارات مقتضبة لا تتناسب مع خطورتها على المجتمع.
__________
(1) يس عبدالرحمن قنديل (1991) قضايا التطرف الديني والفتنة الطائفية دراسة في كتب التربية الإسلامية والمسيحية، المؤتمر العلمي الثالث لجمعية المناهج وطرق التدريس المصرية رؤى مستقبلية للمناهج في الوطن العربي، الإسكندرية (4-8) أغسطس، المجلد الأول 143-167.(1/6)
دراسة أحمد عوض (1993م): تقويم كتب التربية الإسلامية في المرحلة الثانوية بمصر في ضوء تبصيرها الطلاب بالقضايا المعاصرة وتحصينهم من التيارات الفكرية المتطرفة(1).
هدفت إلى تقويم كتب التربية الإسلامية في المرحلة الثانوية بمصر في ضوء تبصيرها الطلاب بالقضايا المعاصرة وتحصينهم من التيارات الفكرية المتطرفة، قام الباحث بتحليل محتوى كتب التربية الدينية الإسلامية عام 92/93م في ضوء قائمة بالقضايا الجدلية المرتبطة بكافة جوانب الدين الإسلامي مثل العنف والمعاملات البنكية والاغتصاب والسياحة وحكم الغناء والموسيقى وتعدد الأحزاب وموقف الإسلام من الأديان الأخرى.
وأظهرت نتائج التحليل أن كتب التربية الإسلامية تناولت القضايا الخلافية بصورة محددة وغير وافية حيث تناول كتاب الصف الأول خمس قضايا وكتاب الصف الثاني إحدى عشر قضية والصف الثالث ست قضايا.
دراسة محمد فرج (1993م): تطوير محتوى الفقه لطلاب المرحلة الثانوية الأزهرية(2).
هدفت الدراسة إلى وضع تصور بالقضايا الفقهية المعاصرة الناتجة عن التطور السياسي والاجتماعي والاقتصادي لتضمينها محتوى الفقه لطلاب المرحلة الثانوية الأزهرية.
__________
(1) أحمد عبده عوض (1993)، تقويم كتب التربية الإسلامية في المرحلة الثانوية بمصر قي ضوء تبصيرها الطلاب بالقضايا المعاصرة وتحصينهم من التيارات الفكرية المتطرفة، المؤتمر العلمي الخامس لجمعية المناهج وطرق التدريس المصرية، نحو تعليم ثانوي أفضل، القاهرة، الجامعة العمالية 2-5 أغسطس ص 1103 – 1140
(2) محمد عبده أحمد فرج (1993)، تطوير محتوى الفقه لطلاب المرحلة الثانوية الأزهرية، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية التربية، جامعة الأزهر.(1/7)
ومن أهم القضايا التي كشفت عنها الدراسة وقدمتها القضايا المصرفية المتعلقة بالمعاملات البنكية وبعض القضايا الطبية والسياسة وأبرزت قضية التطرف والمغالاة والتحريم والتحليل والتكفير معتمدة على الفتاوى الرسمية الصادرة من الأزهر ودار الإفتاء المصرية.
دراسة ماهر صبري (1993م): القضايا الجدلية الأخلاقية المثيرة للجدل ودور مناهج التربية الإسلامية بمصر في معالجتها(1).
هدفت الدراسة إلى تحديد القضايا الجدلية الأخلاقية المثيرة للجدل ودور مناهج التربية الإسلامية في معالجتها وقد أكدت الدراسة في نتائجها على ضرورة ألا يتوقف بناء محتوى المنهج في المرحلة الثانوية على القضايا الدينية فقط بل يجب أن يراعي القضايا العلمية الأخلاقية المثيرة للجدل باعتبار أن المتعلمين في أمس الحاجة إلى التبصر بالرأي الديني فيها.
دراسة عبدالحميد زهري (1996م): برنامج في التربية الإسلامية لطلاب الصف الأول الثانوي في ضوء متطلبات الحياة المعاصرة(2).
__________
(1) ماهر إسماعيل صبري (1993)، القضايا الجدلية الأخلاقية المثيرة للجدل ودور مناهج التربية الإسلامية بمصر في معالجتها، مؤتمر العاشر لقسم أصول التربية – كلية التربية – جامعة المنصورة" التربية الدينية في بناء الإنسان المصري" ص 363 – 426
(2) عبدالحميد زهري (1996) برنامج في التربية الإسلامية لطلاب الصف الأول الثانوي في ضوء متطلبات الحياة المعاصرة رسالة دكتوراه غير منشورة، كلية التربية، بالإسماعيلية - جامعة قناة السويس(1/8)
هدفت الدراسة إلى وضع برنامج في التربية الإسلامية لطلاب الصف الأول الثانوي في ضوء متطلبات الحياة المعاصرة وقد قدمت الدراسة بعض القضايا التي تعبر عن متطلبات الحياة المعاصرة للاعتماد عليها في بناء محتوى منهج التربية الدينية الإسلامية من أهمها القضايا المتعلقة بالعالم الإسلامي وتحقيق وحدته ونبذ التعصب وتقوية رابطة الوحدة الإسلامية وتنمية الاعتزاز بالانتماء للأمة الإسلامية.
دراسة مراد هاشم (1999م): تقويم كتب التربية الإسلامية في التعليم الثانوي والفني في ضوء بعض القضايا المعاصرة وتساؤلات الطلاب الدينية(1).
هدفت الدراسة إلى تقويم كتب التربية الإسلامية في التعليم الثانوي الفني في ضوء بعض القضايا المعاصرة واهتمامات الطلاب وتساؤلاتهم.
أشارت النتائج أن في مقدمة القضايا المعاصرة التي حظيت باهتمام الطلاب التعصب والتطرف ونقل الأعضاء والتبرع بها وزيارة الأضرحة مما يشير إلى ضرورة معالجة محتويات مناهج التربية الإسلامية لهذه القضايا وعدم التأخر عنها.
دراسة يوسف العلوي (2000م): تطوير منهج التربية الإسلامية للمرحلة الإعدادية بدولة البحرين(2).
__________
(1) مراد محمد هاشم (1999)، تقويم كتب التربية الإسلامية في القيم الثانوي الفني قي ضوء بعض القضايا المعاصرة وتساؤلات الطلاب الدينية، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية التربية بكفر الشيخ، جامعة طنطا.
(2) يوسف العلوى (2001)، تطوير منهج التربية الإسلامية للمرحلة الإعدادية بدولة البحرين، رسالة دكتوراه غير منشورة كلية التربية، جامعة الأزهر.(1/9)
هدفت الدراسة إلى تطوير منهج التربية الإسلامية للمرحلة الإعدادية بدولة البحرين وذلك للكشف عن المشكلات والقضايا التي تتعلق بالمجتمع البحريني للاستناد إليها في بناء المحتوى بالمرحلة الإعدادية وكانت أهم تلك المشكلات مشكلة العمالة الوافدة وما ينتج عنها وخاصة تربية النشء من قبل الخادمات وعمل المرأة وحقوقها في التعليم وانتشار زواج المسيار من البعض وانتشار الفكر المتطرف.
دراسة خالد الظاهري (2001م): دور التربية الإسلامية في مواجهة الإرهاب(1).
هدفت لبيان دور التربية الإسلامية في مواجهة الإرهاب والتطرف وقد أوضحت أن بروز ظاهرة الإرهاب في بعض الدول الإسلامية مرتبط بغياب التثقيف الديني والتقصير في تدريس المقررات الدينية وأهمية تفعيل دور المؤسسة التربوية للقيام بدورها وأوصت بضرورة إعادة النظر في واقع تدريس مقررات التربية الدينية وعدم التهاون أو التقصير حتى لا تؤدي إلى شيوع الجهل بحقيقة الدين أو التطرف في فهم كثير من قضايا الدين.
دراسة قيس البور سعيدي (2003م): تقويم كتب التربية الإسلامية بالمرحلة الثانوية بسلطنة عمان في ضوء القضايا المعاصرة(2).
__________
(1) خالد صالح الظاهري (2001) دور التربية الإسلامية في مواجهة الإرهاب ملخص رسالة ماجستير، مجلة جامعة أم القرى للعلوم التربوية والاجتماعية والإنسانية المجلد 13 العدد 2 ربيع الأول 1422 هـ موقع http://www.uqu.edu.sa/majala/humanities/voll13/mo8htm
(2) قيس البور سعيدى (2003) تقويم كتب التربية الإسلامية بالمرحلة الثانوية بسلطنة عمان قي ضوء القضايا المعاصرة، رسالة ماجستير، كلية التربية، جامعة السلطان قابوس.(1/10)
هدفت الدراسة إلى تقويم كتب التربية الإسلامية بالمرحلة الثانوية بسلطنة عمان في ضوء القضايا المعاصرة أظهرت أن أهم القضايا المعاصرة التي تواجه المجتمع العماني ويجب مراعاتها عند بناء محتوى منهج التربية الإسلامية في المرحلة الثانوية القضايا الاجتماعية المتمثلة بالعنوسة وغلاء المهور وتشجيع الجمعيات التعاونية كإحدى صور التكافل الاجتماعي والمخاطرة الناتجة عن استخدام التقنيات الحديثة " الفضائيات وشبكة المعلومات الانترنت " وقضايا العولمة ومواجهة الأفكار المتطرفة.
دارسة محمد قاسم (2005م): معالجة منهج التربية الإسلامية بدولة الإمارات العربية المتحدة لمفاهيم التطرف والتعصب والإرهاب(1).
هدفت إلى تقويم مناهج التربية الإسلامية بدولة الإمارات العربية المتحدة في معالجتها للتطرف والتعصب والإرهاب حيث أظهرت النتائج إلى أن أهداف المنهج تضمنت بعض الأمور التي عالجت التطرف والتعصب والإرهاب منها عبادة المسلم بسلوكه ونمذجة سلوك المسلم في تعاملاته مع الآخرين، وأوضحت أن المنهج حرص على وقاية الطلاب من الوقوع في مشكلة التطرف والتعصب والإرهاب، وأوضحت أن المنهج قدم أفكارا ومفاهيم إسلامية تحرص على حسن التعامل مع المخالفين في الرأي والجنس والعرق والاعتقاد وبيان حقوقهم وواجب المسلم نحوهم.
__________
(1) محمد جابر قاسم (2004)، معالجة منهج التربية الإسلامية بدولة الإمارات العربية المتحدة لمفاهيم التطرف والتعصب والإرهاب الدورة العالمية، مناهج التعليم الديني في العالم الإسلامي التحديات والأفاق، نظمتها الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا 2005-9-9-6 الجزء 2 ص 135 – ص 137.(1/11)
11- وفي دراسة تربوية خليجية حديثة بتكليف من المكتب العربي لدول الخليج أعدها سعيد عبدالله حارب (2006م) رئيس جامعة الإمارات العربية بعنوان تغيير المناهج التعليمية العربية وأثره على الساسة والتربويين وعلماء الاجتماع، اعتبرت الدراسة أن تغيير المناهج التعليمية العربية يشكل قوة ضاغطة على الساسة والتربويين وعلماء الاجتماع وقد تمتد لتشمل كافة النظم السائدة في الدول العربية بما فيها النظم السياسية.
وذكرت الدراسة أن المشروع الذي طرحه وزير الخارجية الأمريكي (كولين باول) بشأن التغيير في العالم العربي امتدادا لمشروعات سابقة لتغيير النظم العربية
كما رأت الدراسة أن إدخال المفاهيم الجديدة كحقوق الإنسان والمجتمع المدني وتمكين المرأة وحقوق الأقليات جاء بناءً على مؤتمر اليونسكو عام 1998 م بشأن التعليم العالي، وهذه المفاهيم يجب أن يتم إدخالها وفق رؤية تجمع بين الخصوصية الثقافية والمعاصرة العالمية.
وفندت الدراسة اتهام التربية العربية بتحمل المسؤولية الأولى في تفريخ الإرهابيين ورأت أن وجود مفاهيم الجهاد والحرب والعدل أمر ضروري في ظل الظروف الحالية وأن يتم تدريسها وفق الشرع الإسلامي(1).
من خلال عرض الدراسات السابقة نجد أنها تناولت تقويم مناهج الدين الإسلامي وظاهرة التطرف في حين أن الدراسة الحالية تتعلق بموضوع تحدى تغيير المناهج بدعوى أنها تسهم في العنف والتطرف ولا تتفق مع نظريات التعلم وتساهم في تخريج عقليات إرهابية.
نتائج الدراسة:
للإجابة عن السؤال الأول والذي ينص على "ما الفرق بين تحسين وتطوير وتغير المناهج؟":
__________
(1) 156 عالم في السعودية يصدرون بيان حول تغيير المناهج في السعودية http://www.edueast.gov.sa/vb/lafivevson/index.(1/12)
نظراً للتركيز المستمر والمتتابع على المناهج التربوية الشرعية وأنها تسهم في صناعة العنف أو التطرف وقتل الأبرياء والمدنيين من غير المسلمين فانه يغدو مفهوم مغزى الدعوة إلى تغيير هذه المقررات أو تحسينها أو تطويرها، فان الأمر يصور لغير ذوي الاختصاص إن تلك المصطلحات أسماء مختلفة لمسمي واحد.
والواقع إن أهل الاختصاص يميزون بين مصطلح تحسين المنهج وتغيير المنهج وتطوير المنهج إذ لكل واحد منها مدلوله الخاص، فتحسين المنهج عبارة عن تغيير في مظاهر معينة منه من غير ضرورة لتغيير المفاهيم الأساسية فيه أو في نظامه.وهو يتطلب إجراء تنقيحات وتعديلات ليست بالكبيرة أو الجوهرية ولذلك تعتبر عملية ليست بذات خطورة أو نتائج ذات أثر قوى، أما تغيير المنهج يعني تحول كامل للمنهج بكافة محتوياته واهتماماته وأنشطته وآلياته التنظيمية ويقتضي تغييراً جوهرياً في المفاهيم التي تبني عليها كل نواحي المنهج، ويعني أيضا في احد جوانبه تغيير المنشأة الذي يقتضي تغيراً في طبيعة القيم والناس والمجتمع والثقافة.
فقد يعني تغيراً نحو الأفضل كما قد يكون تغيراً نحو الأسوأ، وقد يتم في بعض الأحيان بإرادة الإنسان وبناء على مقتضيات موضوعية، غير انه قد يتم في أحيان أخرى دون إرادة الإنسان أو رغبته وذلك حين يكون السبب فيزيقيا طبيعياً أو مادياً مثل عوامل المناخ وتقلبات الأجواء الطبيعية وقد يفرض من قبل جهات أجنبية أو خارجية فتتغير القيم الاجتماعية والعادات السائدة. (5/9-10)
إن العلوم الدينية لا يمكن تغيرها بما فيها من توحيد وتفسير وحديث وفقه لأن مصدرها القران الكريم والأمة بحاجة إلى معرفتها، لأنه بها تحصل معرفتهم بعقيدتهم ودينهم الذي هو ضمانة بقائهم وعزهم.
ولقد صنف بنيس Bennis أنواع التغير إلى: (4/491)
التغير المخطط الذي يعتمد على التفكير العقلاني والتخطيط.
التغير المذهبي الذي ينطلق من مذهب ديني أو سياسي أو اقتصادي.(1/13)
التغيير الإجباري بفعل قوة قهرية.
التغيير الفني الذي يعتمد على أساليب فنية من ذوي الاختصاص.
التغيير التفاعلي الذي يقوم على تفاعل العناصر مع بعضها.
التغيير المتراكم الذي يعكس صفته الاستمرارية ويعتمد على ما قبله من تغييرات.
التغيير الطبيعي يحدث بشكل طبيعي بفعل الظروف والعوامل.
ولذلك فالتغيير اشمل وأوسع من التحسين إذ قد يعني بطريقة ما تغيير مؤسسة، تغيير في كل من الأهداف والوسائل، بيد أن تغير المناهج بناءً على هذا لابد أن يجر إلى عملية تغيير في الأفراد المعنيين كالتلاميذ والآباء والمدرسين ولجان التخطيط والتطور والقائمين على النظام التعليمي بصفة عامة.
أما التطوير فيمثل عملية شاملة تستغرق جميع جوانب الموضوع المراد تطويره كما يرتبط بجميع العوامل المؤثرة في هذا الموضوع. (5/10)
والأصل أن التطوير القائم على أساس علمي لا يؤدي إلا إلى الازدهار والتقدم الايجابيين بخلاف التغيير، وإذا كان التغيير قد يحصل دون إرادة الإنسان فان التطوير لا يتم إلا بإرادة الإنسان وبناءً على رغبته الصادقة.
مبررات التطوير: (4/494-498)
هناك مجموعة من العوامل التي تؤدي إلى التطوير وهي:
عدم وجود فلسفة تربوية واضحة ومحددة للمنهج.
الخلط بين أهداف المنهج وأهداف المجتمع وعدم الفصل بين الأهداف في المجال المعرفي والعقلي والانفعالي والنفس حركي.
أن يأتي المحتوى منفصلا عن الأهداف.
قصور في الوسائل التعليمية المستعان بها في المنهج.
عدم كفاية الأنشطة التعليمية وخاصة اللاصفية.
القصور في برنامج التقويم.
عدم كفاية أداء المعلم.
وجود معوقات إدارية أمام تحقيق فعالية المنهاج.
عدم معالجة المشكلات الاجتماعية.
عدم ملاءمة المنهاج للتوقعات المستقبلية ومواجهتها.(1/14)
وإذا أردنا أن نطور فيجب أن يكون في إطار ثوابت الدين وقيم المجتمع بعيدا عن الرضوخ لضغوط الخارج وليسمَ بعد ذلك تحسينا أو تغييرا أو تطويرا أو تجديدا أو تحديثا أو إصلاحا أو ما شئت، فالعبرة ستبقى بالمعدلات والمعاني لا بالألفاظ والمباني.
ركائز التطوير:
إن عملية تطوير المنهج تخضع لجملة من الأسس والركائز أبرزها:
التخطيط
مراجعة الأهداف التربوية وإعادة صياغتها بالاستناد إلى العقيدة الإسلامية.
استناد التطوير على دراسة علمية للتنمية والبيئة والمجتمع.
تجريب المنهج المطور.
الشمول والتكامل(1).
الاستمرارية. (5/103-149)
مسايرة التطوير للاتجاهات العالمية والتوقعات المستقبلية من الانفجار المعرفي والمعلوماتي.
إن الفرق بين التغيير والتحسين والتطوير يظهر جليا من العرض السبق إلا أن العلوم الشرعية لا يمكن تغييرها لان مصدرها القرآن الكريم والتطوير والتحسين يأتيان بناء على رغبة الإنسان الخاضعة إلى العقيدة الإسلامية مع مراعاة الأسس السابقة.
وللإجابة عن السؤال (الثاني) والذي ينص على "من يقوم بتطوير المنهج؟":
عملية التطوير عملية تعاونية يشترك فيها العديد من الجماعات والمؤسسات والأفراد من المدرسة والمجتمع المحلي معا، ويعتبر المعلم المنفذ للمنهج عاملا مهما في نجاح أي تطوير للمنهج، والطالب باعتباره مستفيداً من عملية التطوير له دور. (4/506)
__________
(1) تغيير المناهج بين جدل الداخل والخارج- الإسلام وقضايا العصر www.islamonline.net//:http(1/15)
وإذا تحدثنا عن تطوير منهاج التربية الإسلامية فان خبراء المناهج وعلماء الشريعة الإسلامية وأساتذة التربية في الجامعات والمفكرين من مختلف المجالات والتخصصات وذلك من منطلق ذوي الكفاءة والإخلاص والشجاعة والوعي هم القادرون على تطوير المنهاج بشرط توافر الضوابط المنهجية والموضوعية لضمان تحقيق الهدف المشروع من التطوير بعيدا عن التشويه والاستلاب بل في إطار ثوابت العقيدة الإسلامية وقيم المجتمع بعيداً عن الرضوخ للضغوط الخارجية.
وترتبط عملية تطوير المنهج المدرسي بصناع القرارات الخاصة بالسياسة التعليمية وبصناع القرارات التطبيقية من المديرين والمعلمين وهي القرارات التي تتعلق بتطبيق السياسة في البيئة المدرسية والمواقف التعليمية، بمعني أن التخطيط والتطوير عملية متكاملة بالنسبة للمنهاج حيث يحتاج التطوير إلى تخطيط ويحتاج التخطيط إلى تطوير مستمر في ضوء التجريب الميداني للمنهج، وعملية التخطيط والتطوير تتم وفق بيانات واضحة ومحددة وهي عملية علمية مبنية على قرارات وبيانات كافية بالنسبة للمصادر التي يجب أن ينطلق منها المنهج. (4/536)
وللإجابة عن السؤال (الثالث) والذي ينص على: "ما المنطلقات الفكرية لمناهج التربية الإسلامية لمواجهة تحدي المطالبة بتغيير المناهج الشرعية؟":
يتعرض العالم العربي والإسلامي من وقت لأخر إلى تيارات معادية تهدد قيمنا الروحية والأخلاقية، ويقصد بالتيار المعادي مجموعة القيم المتناقضة والتي تسعي إلى تحطيم القيم التي تحدد معالم الشخصية الإسلامية وتمنحها طابعاً متميزاً له سماته الخاصة.إن مثل هذه التيارات تفرض تحدياً قيميا يجب أن تستجيب له مناهج التربية الإسلامية وذلك من خلال التركيز والتأكيد على قيمنا الخلقية والروحية وجعلها إطاراً عاماً يتم تقديم المواقف التعليمية ومعالجتها من خلال منطلقات فكرية.
وتتمثل المنطلقات الفكرية لبناء مناهج التربية الإسلامية فيما يلي:(1/16)
الإسلام هو المنهج الأمثل للحياة الإنسانية في كل زمان ومكان لأنه منهج شامل لنظام الحياة وهو القادر على البقاء والعطاء والاستمرار على اختلاف العصور والبيئات.
التصور الإسلامي للحقيقة الإلوهية والكون والإنسان والحياة أساسه إن الإسلام هو النظام العالمي العام الذي لا يقبل الله تعالي بنظام غيره لأنه لا يقبل ديناً غيره.
الإنسان مخلوق مكرم ومستخلف وهو حر ويتمتع بقدرات عقلية وطاقات إيمانية ومناهج الدين الإسلامية تعمل على تنمية هذه القدرات.
العلاقة بين العبد وربه علاقة متوازنة موافقة للفطرة والعقيدة والشريعة والأخلاق السامية.
منهج الإسلام منهج وسطي معتدل.
الإسلام دعوة للخير.
غرس القيم التي تسعد الإنسان في الدنيا والآخرة.
الاحترام المتبادل بين الأفراد دون استعلاء.
القران الكريم المصدر الأول للتشريع والفقه الإسلامي ضروري لمعرفة الأحكام والسنة النبوية مفسرة للقران.
الجهاد في سبيل رفع شأن الإسلام ذروة سنام الإسلام وليس تطرفاً أو إرهابا.
التأمل والتفكير في إدراك الأمور وعدم التقليد الأعمى.
منهج الإسلام هو الربط بين الأخلاق والعبادة والإيمان
التمسك بالهوية الإسلامية من خلال الثقافة الإسلامية لمواجهة التحديات.
تكوين الوازع الديني والخلقي والتقوى أساس مسؤوليات المسلم.
تنمية الميول والاتجاهات الإسلامية وتقويم الانحرافات السلوكية لتحقيق الاتزان النفسي للشخصية المسلمة.
هوية وخصوصية المجتمع المسلم فلا بد من تقوية الهوية الإسلامية والمحافظة عليها من مخاطر عولمة القيم والتحديات المعاصرة.
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يحقق خيرية المجتمع المسلم.
اخص خصوصيات الإسلام العلم والبحث العلمي.
الوحي والعقل والكون والحواس مصادر المعرفة الإنسانية في الإسلام
المتعلم إنسان له خصائص وفروق فردية تراعى من خلال المنهاج.
إعداد الإنسان الصالح والمصلح التقي. (14/791-794، 4/86-92)(1/17)
من خلال هذه المنطلقات نستطيع التصدي للتحديات القائمة والمتمثلة في الدعوات المغرضة للتقليل من شأن الدين تحت دعاوي تحرير العقول من سلطان الدين وفصل الدين عن الدولة والادعاء بان الإسلام صار شيء من الماضي وان مناهج التعليم الديني تشجع على التطرف والإرهاب كما يدعي دعاة التغيير.
وللإجابة عن السؤال (الرابع) والذي ينص على "ما الأسباب الكامنة وراء المطالبة بتغيير المناهج الشرعية؟":
استحدث الحاقدون آليات جديدة في إدارة الصراع مع العالم الإسلامي حيث وضعت مظلة عامة تتحرك تحتها تلك الآليات إلا وهي مظلة الإرهاب وذلك المصطلح غير المعروف والذي بناء عليه أعلن الحقد الحرب على كل ما هو إسلامي فأصبح الإسلام عندهم مرادفاً للإرهاب، ولم يكتف القائمون على الصراع بذلك بل ذهبوا إلى أن ما يفرخ الإرهاب التعاليم الإسلامية التي يدرسها طلاب المدارس بالدول الإسلامية ومن ثم أعلنت الحرب الدولية على المناهج الإسلامية من اجل تغيير كل ما لا يريده الحقد وإحلال مادة تعمل على ترسيخ الاستسلام والخنوع والقبول بالأمر الواقع.
قال تعالي: { مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَاللّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ } (البقرة: 105).
وقال تعالي: { وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } (البقرة: 109).
ولبيان الأسباب الكامنة وراء المطالبة بتغيير المناهج الشرعية سيقوم الباحث بعرض الوثائق والتقارير والدراسات التالية:(1/18)
1- نشرت صحيفة "الواشنطن بوست"مقالاً بعنوان هذه هي المناهج السعودية بعد إزالة التعصب لمديرة مركز الحريات الدينية بمؤسسة "فريدوم هارس" في واشنطن حيث استهلت مقالها بزعم إن مناهج التعليم في المدارس الحكومية السعودية تناوئ الغرب وتكفر أصحاب الديانات الأخرى من مسيحيين ويهود وغيرهم(1).
2- أشار تقرير بعنوان مناهج التعصب السعودية صادر عن "معهد الأمن العالمي بأمريكا" ومكون من 38 صفحة " إن إلقاء نظرة سريعة على نماذج من الكتب الرسمية للدراسات الإسلامية المستخدمة خلال العام الأكاديمي الحالي 2006م يكشف إن أيديولوجية الكراهية ضد المسيحيين واليهود من المسلمين لا زالت واقعاً قائماً في النظام التعليمي على الرغم من كل التصريحات حول إزالتها أو تعديلها.
وينتقد تقرير"مركز الحريات الدينية" الكتب الدراسية بأنها تعلم الطلاب أن العالم ينقسم إلى مؤمنين وكفار، ومعلوم أن القران الكريم والسنة النبوية المطهرة هما اللذان أوضحا ذلك وان ذلك قالت به كل الرسل وكل الرسالات ومن ثم فهو ليس تقسيم بشري اختياري فهل يريد التقرير تعديل الرسالات ليوافق الهوى الأمريكي.
كان بالأجدر على من كتب التقرير أن ينظر ويبحث في مدى سماحة الإسلام في معاملة غيره الذي يختلف عنه ومدى الحرية التي يمنحها لمخالفيه ومدى العدالة التي يقوم على أساسها بناؤه وحكمه.
كما ينتقد التقرير المساحة الزمنية المخصصة لتدريس المواد الإسلامية والتي وصفها أنها تشغل من ربع إلى ثلث الساعات الدراسية في المرحلة الابتدائية والإعدادية السعودية فضلاً عن عدة ساعات في المرحلة الثانوية، وهذا الانتقاد ليس له مبرره نظراً لأنه تدخل خارجي في كرامة الأمة الإسلامية والعربية والتطاول على حقوقنا وعدم احترام استقلالنا، فهذا طلب يمس السيادة الوطنية.
__________
(1) الحرب على المناهج التربوية الإسلامية http: // www.almoslim.net(1/19)
وقد قامت الباحثة المصرية صفاء عبدالعال بدراسة للمنهاج والإعلام الإسرائيلي ونشرت بحثها في كتاب "المنهاج العنصري الإسرائيلي" حيث وجدت إن المنهاج الإسرائيلي يربي الجيل الجديد على الحرب والعنصرية ضد العرب وقد تطرق البحث إلى احد عشر كتاباً في التاريخ وخمسة كتب جغرافية للمرحلة الابتدائية وهي ترسم صورة قاتمة للعرب على أنهم لصوص ومخادعون ومتعطشون للدم اليهودي وأنهم بدو غير متحضرين وقطاع طرق ومثل الزواحف(1).
وفي دراسة أجراها "دينال بارتال" من جامعة تل أبيب استعرض (124) كتاباً عبرياً مقررا من قبل وزارة التعليم عام 1994م خلص إلى أن معظم الكتب المدرسية الإسرائيلية تصور العرب بشكل سلبي وأورد احد الأمثلة " لقد كنا وحيدين ومحاطين ببحر من الأعداء والقتلة"(2).
وكذلك في تقرير أخر بعنوان "الكتب الإسرائيلية وأدب الأطفال" تعميق لكراهية ضد الفلسطينيين والعرب وفي تقرير "لمجلة واشنطن بوست لشؤون الشرق الأوسط (1999م) "أشارت الصحفية (مورين ميجان) أن الكتب الإسرائيلية وقصص الأطفال تصور الفلسطينيين والعرب على أنهم قتلة ومشاغبون(3).
في صحيفة القدس ص 14 بتاريخ 23/12/2004م تحت عنوان الكتب المدرسية الفلسطينية تحتوي على تحريض على كراهية إسرائيل قال ذلك كل من "جورج بوش، كلينتون، وشارون"، خلال اجتماع لحزب الليكود حيث قال إن الكتب الفلسطينية تشكل خطراً اكبر من الإرهاب.
__________
(1) موقع وزارة التربية والتعليم الفلسطيني http://www.pcdc.edu.ps/aradieclar fiation.htm
(2) موقع وزارة التربية والتعليم الفلسطيني http://www.pcdc.edu.ps/aradieclar fiation.htm
(3) موقع وزارة التربية والتعليم الفلسطيني http://www.pcdc.edu.ps/aradieclar fiation.htm(1/20)
فهؤلاء اليهود يعلمون أبناءهم ما شاءوا من تطرف وعداوة للغير وكل دولة لها منهاجها في التعلم دون أن يتدخل احد فيه وهي وحدها التي تتحمل النتائج سلباً أو إيجاباً ولكننا وحدنا من يريد غيرنا أن يتدخل في مناهجنا من بين دول العالم؟.
والملاحظ لتلك التقارير يجد أن التعليم هو صلب معركة الحرية في العالم الإسلامي وان الفشل في إصلاح المنهاج الديني سيقوض فرص نجاح السياسة الخارجية الأمريكية.
إن الأمر لا يقتصر على هذه التقارير لكنها صارت سياسة مشتركة لدى المراكز البحثية الموجهة في الولايات المتحدة ففي الندوة السنوية لمركز الدراسات العربية المعاصرة جامعة (جورج تاون) نصحت (سبرا كردار) الباحثة في جامعة (هارفاد) السلطات في البلدان العربية المتفاوتة بإعادة التفكير في الخطة المخصصة للمواد الدينية التي تستغرق 15% من الوقت داخل المدارس (المصرية)، 33% داخل المدارس (السعودية) وانتقدت المواد واصفة إياها بأنها برامج جامدة تقلل احتمالات الإبداع والتفكير الحر من قبل المدرسين والتلاميذ والمجتمع المحلى على حد سواء وأنها تنشر الكراهية نحو الآخرين(1).
إن الأمر جد خطير فصناع القرار في الغرب يوضحون أن تغيير المناهج الإسلامية هي من استراتيجيات الحرب على الإرهاب والمراكز البحثية الغربية موجهة جميعها إلى تأجيج حرب على المناهج الإسلامية والجهات المانحة الدولية تضع كافة الاعتمادات المادية اللازمة لإنجاح تلك الحرب، فعلى سبيل المثال وافق البنك الدولي على قرض بمبلغ 120 مليون دولار أمريكي لدعم تطوير نظام التعليم في بلد عربي على كافة المستويات بدءا من التعليم قبل المدرسي وانتهاء بالتعليم الثانوي.
__________
(1) الحرب على المناهج التربوية الإسلامية http: // www.almoslim.net(1/21)
وقد شرعت (الأردن) في إدخال تعديلات على مناهج التعليم من 95 صفحة تطاول مفاهيم لها علاقة بنبذ العنف تدخل ضمن خمس مساقات هي اللغة العربية والإنجليزية والتربية الوطنية والتربية الإسلامية والتاريخ، كما شرعت في توزيع وثيقة تحمل اسم وثيقة السلام على جميع المدارس الحكومية تدعو فيها إلى نبذ العنف والتركيز على تدريس الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الداعية للسلام للطلبة بمختلف المراحل التعليمية(1).
ولا ننسى ذلك في مناهج التعليم الفلسطينية حيث شرعت وكالة الغوث الدولية هذا العام 2006م بتوزيع قصص على طلاب المدارس الابتدائية والإعدادية تدعو إلى تعليم التسامح ونبذ العنف وهذه القصص من مشروع تعليم حقوق الإنسان والتسامح وحل النزاعات بتمويل من الأونروا واليونيسيف، كما ورد تقارير ووثائق عن المنهاج الفلسطيني الجديد لا تروق للغرب مع أنها أول تجربة فلسطينية في المناهج ففي تقرير صادر عن "مركز مراقبة تأثير السلام" وهو مركز يهودي على صلة بجماعات إسرائيلية عنصرية تدعم النشاطات الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية وتروج بطرد الفلسطينيين زاعمة أن كل الفلسطينيين إرهابيين.
وفي صحيفة" الفور وورد اليهودية الأمريكية" في عددها بتاريخ 27/مايو/2005م ترى أن قضية التحريض في المناهج الفلسطينية ستكون قضية كبرى بالنسبة للكونجرس خلال السنوات القليلة القادمة(2).
__________
(1) معتز الخطيب، كاتب سوري، محددات التغيير في الخطاب السياسي http://www.almultaka.net
(2) موقع وزارة التربية والتعليم الفلسطيني http://www.pcdc.edu.ps/aradieclar fiation.htm(1/22)
ودأبت (هيلاري كلينتون) عضو مجلس الشيوخ الأمريكي على انتقاد الكتب الدراسية الفلسطينية في حملتها الانتخابية قائلة في تصريح لها لصحيفة" الجيروساليم بوست الإسرائيلية" بتاريخ 26/سبتمبر /2000م يجب أن تناسب المساعدات المستقبلية للسلطة الفلسطينية مع مدى التزام السلطة بتغيير الكتب الدراسية لجميع المراحل كما وافق البنك الدولي على تقديم قرض لبلد عربي أخر بقيمة 100مليون دولار من أجل العملية التعليمية والذي ستشمل الاتفاق على إعداد المناهج التربوية(1).
فالرؤية الأمريكية شخصت مشكلة مناهج الدين بكونها تحض على كراهية الغرب وتنشر ثقافة العنف ولا توجد فسحة من الآن فصاعدا للكراهية وعدم التسامح والتحريض ونحن نحاول أن نعيش معا وأي منهاج دراسي لا يسير في هذا الاتجاه يجب تغييره على حد قول (ألينا رومانسكى) مسئولة ما يسمى "برامج مبادرة الشركة الأمريكية والشرق أوسطية."
إن أمريكا تطالبنا بأن يخلو تعليمنا الديني من معاداتها وعلى تعليمنا الديني أن يجنح للسلم والتسامح وعلينا أن نتعلم أنه إذا انتهكت حقوقنا ومقدساتنا فإن طاولة المفاوضات هي الأسلوب الصحيح لفض النزاعات بعد اغتصاب الأرض والتدمير للشجر والحجر وقتل الأبرياء من النساء والأطفال وانتهاك العرض وتدنيس المقدسات(2).
__________
(1) موقع وزارة التربية والتعليم الفلسطيني http://www.pcdc.edu.ps/aradieclar fiation.htm
(2) تغيير المناهج-شبكة الفرسان الإسلامية http://www.addllinkat.com(1/23)
3- وثيقة بعنوان (إسلام مدني ديمقراطي) صادرة عن دائرة أبحاث الأمن القومي في مؤسسة (راند) الأمريكية ذات العلاقات الوثيقة مع البنتاغون ومنشورة في موقعها (www.rand.org) الوثيقة هي محاولة لباحث معني بالأمن القومي الأمريكي بدراسة تأثير الإسلام والمسلمين على أمنه وأمن الكيان الصهيوني في منطقة الشرق الأوسط الذي يريد له أن يزدهر وينعم بالأمن على طريقتهم، إن أهم ما في الدراسة هو تحميل الإسلام مسؤولية كل ما هو ليس مقبولا في المنطقة وتصنيف مسلمي المنطقة إلى أنواع وشرائح وطوائف بعضهما يصلح لمحاربة بعضها الأخر.
والوثيقة شبه رسمية وتشكل خطة عمل يتبناها الرسميون الأمريكيون وأنها محاولة للبرهنة أن الإسلام هو سبب الحروب والتخلف والرجعية والفشل في تحقيق الإنجازات في المنطقة ومصدر للإرهاب والقتل.
ونستعرض هنا جزءا من الإستراتيجية المقترحة في الوثيقة للتعامل مع فئات المسلمين المختلفة التي تحددها الوثيقة بقول كاتبتها الإسلاميون وخصوم إسرائيل والولايات المتحدة هم الأوفر حظا في أية انتخابات نزيهة ولحل هذه الإشكالية يجب أن يقسم الإسلاميون إلى معتدلين ومتطرفين ويجب العمل على توسيع مساحة المعتدلين بشكل يضعف المتطرفين وذلك خلال الخطوات التالية:
نشر وتوزيع الإنتاج الفكري لكل من لا يعادي أمريكا وإسرائيل ودعمهم ماليا.
إدخال أفكار الليبراليين في مناهج التعليم الديني.
إيجاد أماكن لعرض آراء الليبراليين من خلال الفضائيات.
نشر منظمات المجتمع المدني.
تشجيع الخلافات بين القبائل.
تشجيع المبادئ الفقهية التي تعكس اتجاه المعادين لأمريكا وإسرائيل.
نشر أعمال العنف بهدف التأثير على صورة المسلمين.
تقديم شخصياتهم على أنها شخصيات جبانة ومضطربة.
إلى غير ذلك من الخطوات.(1/24)
ولما كانت هذه الوثيقة موجهة لصانعي القرار الأمريكي فهي ليست إعلاميا دعائيا بل هي مرجع يفترض أن يكون علميا معرفيا وهنا ما يجب أن يكون واضح لنا لمساعدتنا على فهم المواقف الأمريكية المبيتة على مثل هذه الدراسات وفهم ما يخبئونه للمسلمين وهو حتما أسوا مما فعلوا.
إن المشكلة الحقيقة هي الإسلام فقط والناظر للواقع الآن يجد أن إلصاق تهم الإرهاب بكل من يقاوم الاحتلال.
ومن التوصيات التي نصت على فرض تغيير مناهج التعليم في الدول الإسلامية توصيه مجلس الأمن القومي الأمريكي بمنع وصول المتدينين إلى المناصب العليا في وزارات التربية والتعليم وغيرها من الوزارات ذات التأثير في توجيه الأمة وأكبر المطالبين بذلك هم الصهاينة مثل المرشح لنيابة الرئيس سابقا "ليبرمان"والصحفي "فريد مان" والمستشار" مورافيتش" والباحثة "ميراف"(1).
كما أذاعت قناة الجزيرة الفضائية بتاريخ 29/5/2006م في برنامج (من واشنطن) حلقة بعنوان (تجديد الاتهامات الأمريكية لمناهج العلوم الدينية بالسعودية بالتطرف) أشارت فيه إلى أحد المؤتمرات التي عقدت بالعاصمة الأمريكية في منتصف شهر مايو 2006م بمشاركة عدد من المراكز البحثية العربية والأمريكية مثل مركز دراسات الخليج العربي ومركز الحرية الدينية وكانت آراء المؤتمرين توجيه النقد للمناهج السعودية وامتداح لمناهج التعليم الإسرائيلية بدواعي أنها لا تشجع على كراهية الإسرائيليين للعرب كما تفعل المناهج السعودية وهذا ما يتناقض فعلا مع الدراسات التي تم عرضها من قبل باحثين عرب ويهود حول المناهج الإسرائيلية.
__________
(1) إبراهيم الدعيلج، بيان حول تغيير المناهج في السعودية، أبحاث مؤتمر الحوار الوطني السعودي، مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني 12 \ 2003 صفحة وثائق وبيانات http://www.islamonlin.net(1/25)
من خلال عرض الوثائق والتقارير والدراسات نصل إلى الأسباب الكامنة وراء المطالبة بتغيير المناهج الشرعية والتي لا تتغير إلا بتحقيق مصالحنا في كافة الجوانب ولو بالتدريج لا أن نغيرها لتحقيق مصالح الغرب، إن حق الدفاع عن مناهجنا الشرعية حق مشروع، وهذه الأسباب هي(1):
أن تخلو المناهج الشرعية من معاداة الغرب والتحريض على الجهاد ضد حلفاء أمريكا.
أن تجنح المناهج للسلم والتسامح.
أن طاولة المفاوضات هي الأسلوب الصحيح لحل النزاعات.
الدوران في فلك ثقافة الغرب.
محو الثقافة الإسلامية والشخصية الإسلامية.
التطبيع مع الصهاينة من خلال المناهج وعدم التحريض على قتالهم.
إن المناهج تعتمد على حفظ المعلومات وترديدها دون إبداع وابتكار.
عدم غرس حب الديمقراطية وحقوق الإنسان.
عدم تعرض المناهج لقبول الرأي الأخر.
أن المناهج تشجع روح التعصب وهي معامل لتفريخ الإرهاب.
أن المناهج تكفر أصحاب الديانات الأخرى وتقسم العالم إلى مؤمنين وكافرين.
والسبب الأهم هو أن التعليم الديني الشرعي العدو الأول للسياسة الأمريكية.
الناظر لهذه الأسباب يجدها أسبابا واهية فالجهاد ماض إلى يوم القيامة بين الحق والباطل والتسامح موجود في الشريعة الإسلامية وطاولة المفاوضات لا تصلح من طرف يمتلك القوة العسكرية مع طرف شبه اعزل، أما الثقافة الإسلامية فباقية ببقاء الله لأن مصدرها القرآن الكريم والسنة النبوية وما فيها من تسامح مع الآخرين وكون الغرب يدعي أن التعليم الديني يركز على الحفظ وترديد المعلومات نجيب على ذلك بأن هناك معلومات تحتاج إلى حفظ وترديد مثل حفظ الآيات والأحاديث النبوية الشريفة والأحداث التاريخية الإسلامية ومواقيتها وقواعد النحو والصرف والقوانين الرياضية والعلمية وحاصل ضرب الإعداد.
__________
(1) تغيير المناهج في البلاد الإسلامية ماله وما عليه http://www.al-shab.org/2004/13-02-2004manaheg.htm(1/26)
وفي سياق الرد على الافتراءات التي يرددها أعداء الدين حول المناهج الشرعية في العالم الإسلامي فقد عقدت مؤتمرات وندوات تبين أن الدين الإسلامي يقوم على الوسطية وأن الوسطية منطلق فكري يوجه بناء مناهج التربية الإسلامية وأن الإسلام بعيد عن الإرهاب كما يصفونه.
الإجابة عن السؤال (الخامس) والذي ينص على"ما توصيات المؤتمرات والندوات والتي عقدت في العالم الإسلامي حول مناهج التعليم الشرعي؟":
ففي 1996م(1) عقد المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية المؤتمر العام الثامن بعنوان (الإسلام ومستقبل الحوار الحضاري) وكان من أبرز توصياته التأكيد على القيم المتعلقة بوسطية الإسلام ومنهجه في التعامل مع الحضارات الأخرى وموقف الإسلام من التطرف والإرهاب وجاءت التوصية بالنص التالي "ضرورة التصدي للإرهاب والتطرف وإزالة أسبابها …".
كما جاء أن الديانات السماوية تنكر العنف والإرهاب فلا يجوز إلصاق هذه التهمة بالإسلام، كما لا يجوز الخلط بين ممارسة حق الدفاع المشروع ضد العدوان وهو حق أقرته المواثيق الدولية للشعوب المقهورة أو المحتلة وبين الأعمال التي ترتكب بدافع التعصب العنصري الذي يتستر برداء الدين.
وقد جاء أيضا الكف عن تشر ثقافة الكراهية ضد الإسلام والمسلمين وعرض المفاهيم الإسلامية عرضا أمينا دقيقا.
__________
(1) وزارة الأوقاف المصرية، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، مؤتمر العام التأمن للمجلس الأعلى لشئون الإسلامية الإسلام ومستقبل الحوار الحضاري، القاهرة، يوليو 1996، البيان الختامي والتوصيات.(1/27)
وفي عام 1999م(1) عقد المؤتمر العام الحادي عشر بعنوان " نحو مشروع حضاري لنهضة العالم الإسلامي والذي أكد على تبني الإسلام الوسطية كمنهج للفكر والعمل في الجانب الثقافي للمشروع الحضاري وقد جاءت التوصيات بهذا الصدد على النحو التالي: "تعرضت الثقافة الإسلامية لعدة تيارات فكرية جانبية أهمها الغلو والتطرف مما كان له الأثر في تمزق وحدة الأمة وضعفها وأن التمسك بالوسطية الإسلامية هو المخرج الآمن الذي تنهض به الأمة من كبوتها ولذا يوصي المؤتمر باعتماد الوسيطة الإسلامية منهجا للفكر والعمل.
كما جاء في المؤتمر العام الثالث عشر سنة 2001م(2) بعنوان التجديد في الفكر الإسلامي عدد من النقاط أبرزها وسيطة الإسلام وتحديد مفهوم التجديد في الفكر الإسلامي وكان من أبرز توصياته "أبراز جوانب الوسطية الإسلامية القائمة على الخير والرحمة والعدل والمساواة وإبراز الجانب الإيماني للوسطية وعدم الانسياق وراء التيارات التي تدير ظهرها للدين.
وقد صدر بيان عن (156) عالم في السعودية من الجامعات والإفتاء والدعوة حول تغيير المناهج السعودية وما حدث من حذف لبعض موضوعات المناهج كموضوع الولاء والبراء ومن بين ما أورده البيان إرجاع ما حدث من تغيير في مناهج العلوم الشرعية إلى الاستجابة للضغوط الأمريكية ومنها توصية مجلس الأمن القومي الأمريكي السابقة الذكر التي نصت علي فرض تغيير مناهج التعليم في الدول الإسلامية وليس استجابة لدواعي التطوير.
__________
(1) وزارة الأوقاف المصرية، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، المؤتمر العام الحادي عشر للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، نحو مشروع حضاري لنهضة العالم الإسلامي، القاهرة يونيو، 1999 – ص 739
(2) وزارة الأوقاف المصرية، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، المؤتمر العام الثالث عشر للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، التجديد في الفكر الإسلامي، القاهرة يونيو 2001 ص 1259(1/28)
وإن تبرير مطالبة الغرب بتغيير المناهج الدينية ليس إلا حلقة من حلقات الحرب على الإسلام والاعتداء على سيادة الأمة وهو اعتداء على الثوابت الإسلامية.
وإن إحداث أي تغيير على المناهج يمثل اعترافا بأن مناهجنا تنتج الإرهاب، كما ينظر العلماء إلى أن التغيير مشروع في سياسة تجفيف منابع الدين.
إن المناهج التعليمية للعقائد الإسلامية مستمدة من القرآن والسنة فلا يجوز اتهامها بأنها مصدر للبغي والعدوان فإن الكتاب والسنة تنهي عن ذلك(1).
وفي الدورة الخامسة عشر لمجمع الفقه الإسلامي بمسقط خصص محورا مستقلا لواقع مناهج التعليم الإسلامي وسبيل النهوض بها وكان من أهم التوصيات.
أن تركز عمليه أسلمة المناهج على صياغة مناهج التعليم والتربية بأهدافها ومحتواها وأساليبها وطرائق التقويم في أطار التصور الإسلامي الكلي الشامل للإنسان والكون والحياة وأن تهدف العملية التعليمية إلى غرس وتعميق القيم الإسلامية في نفوس النشء، كما أوصت الندوة بتنقيح المناهج التعليمية التربوية في العالم الإسلامي وتطويرها بما يجمع بين الأصالة الإسلامية والمعاصرة(2).
وفي مؤتمر الوسطية في الإسلام والذي عقدته وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية الكويتية سنة 2005 تبني الوسطية الإسلامية باعتبارها من قيم الإنسانية وتعميق منطق الحوار بين الحضارات والأديان وتوحيد موقف الأمة علميا وإتباع المنهج الوسطي في التعامل الفكري وحث جميع أفراد المجتمع على إتباع منهج الوسطية لمواجهة الغلو والتطرف(3).
__________
(1) 156 عالم في السعودية يصدرون بيان حول تغيير المناهج في السعودية http://www.edueast.gov.sa/vb/lafivevson/index
(2) مجمع الفقه الإسلامي، توصيات الدورة الخامسة عشر، مسقط 1-6 مارس، 2004
(3) وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بالكويت، البيان الختامي لمؤتمر الوسيطة منهج حياة 21-23/52005 صفحة وتألق وبيانات http://www.lslamonline.net(1/29)
كما أقام المعهد العالمي لوحدة الأمة الإسلامية ومعهد التربية والتربية الإنسانية بالجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا ندوة عالمية حول مناهج التعليم الديني بالعالم الإسلامي في الفترة 6-8/9/2005 كان من أبرز توصياته اعتماد دراسات عملية جادة تعنى بتقويم مناهج التعليم الديني في العالم الإسلامي لتطويره تطويرا يتناسب مع الواقع المعاصر.
كما دعا المؤتمر إلى حماية محتويات مناهج التعليم الديني في العالم الإسلامي من جميع أشكال التطرف الغلو الذي يتنافى مع روح الإسلام السمحة(1).
ونظرا لأن المؤتمرات والندوات السابقة أكدت على اعتماد الوسطية الإسلامية في مناهج التعليم لرد الافتراءات من أعداء الدين أصبح معلوما بالضرورة بيان معنى الوسطية وأبعادها التربوية اللازمة لمناهج التربية الإسلامية.
الإجابة عن السؤال (السادس) والذي ينص على "ما الإبعاد التربوية لحقيقة الوسطية الإسلامية من خلال مناهج التربية الإسلامية؟":
الوسيطة في القرآن: جاءت كلمة وسط في القرآن في عدة مواضع حيث وردت بلفظ (وسط) في سورة البقرة آية (143) (والوسطى) البقرة من آية 238 و(أوسط) المائدة من آية 89 (وأوسطهم) القلم من الآية 28.
__________
(1) الجامعة الإسلامية العالمية بماليزار، توصيات الندوة العالمية من مناهج التعليم الديني في العالم الإسلامي، التحديات والآفاق 6-8/9/2005(1/30)
ففي قوله تعالى { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا } البقرة من الآية 143، وقوله تعالى { حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ } (البقرة: 238) أي بمعنى أنها متوسطة بين الصلوات وقوله تعالى { فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ } (المائدة من آية 89) ومعناها أعدله فهي تستعمل بمعنى الأفضل والعدل وما بين شيئين فاضلين وما بين شرين وهو خير وما بين الجيد والردئ.
أما ما شاع بين الناس من استعمال لهذا المصطلح " الوسطية " بمعنى التساهل والتنازل فهو استعمال خاطئ لأن الوسطية لا بد أن تلازمها الخيرية فكل أمر يوصف بالخيرية فهو واسط فكل وسطية تلازمها الخيرية.
فالوسطية هي منهاج الإسلام في الحياة بمختلف ميادينها وهي الموجه للعقل في الأخلاق وحفظ للدين من التيارات الهدامة.
فلو فقد أهل الوسط مع التيارات لحصل تضخم وشطط وتشتت وبدع وتحميل القضايا مالا تحتمل وتضخيم أخرى هي أقل مما تضخم(1).
أما الإبعاد التربوية لحقيقة الوسطية تتمثل فيما يلي:
أن التصور الإسلامي للإلوهية والكون والإنسان والحياة والوجود هو النظام العالمي العام الذي لا يقبل الله تعالى من أحد نظاما غيره لأنه لا يقبل من أحد دينا إلا الإسلام.
ترتكز الوسطية في تربيتها للجانب الروحي للفرد عندما توجهه إلى الاعتقاد الصحيح والمتوازن في قضايا الإيمان فلا يتطرف يمينا أو يسارا.
حفظ العقل من التطرف وصيانته ورعايته والحفاظ عليه من كل ما يفسده.
حددت الوسطية المسؤولية الفردية والاجتماعية لتماسك الكيان الاجتماعي المسلم وذلك من خلال وسطية المسئولية الفردية والاجتماعية.
__________
(1) ناصر العمر الوسطية في ضوء القران الكريم: http://www.almoslim.net(1/31)
تحقيق الوسطية في تلبية حاجات الفرد وإشباعها في حدود الضوابط التي تنظم عملية الإشباع دون إفراط أو تفريط(1).
في ضوء توضيح معنى الوسطية وأبعادها التربوية يمكن القول بأن الدور التربوي للوسطية في مواجهة دعوى تغيير المناهج يكمن في إعداد الشخصية المسلمة وتكوين المجتمع المسلم الذي يتمتع كل منهما بسلامة العقيدة وقوتها والخلق القويم والمحافظة علي الهوية الإسلامية وعدم السقوط في براثن التطرف.
وبعبارة أخرى فإن للوسطية دور في مواجهة تحدى تغيير المناهج من خلال وسطية مناهج الدين الإسلامي في العالم الإسلامي كما أقرت ذلك توصيات المؤتمرات والندوات في العالم الإسلامي.
وللإجابة عن السؤال السابع الذي ينص على: "ما الحل أمام تحدى تغيير المناهج الشرعية؟":
إذا أردنا أن نكون صادقين مع أنفسنا ومخلصين فيما نقول أو نفعل دون أن نخشى في الحق لومة لائم فلا بد أن نقول إن الحل يكمن في الالتزام بالتعاليم الإسلامية في المناهج الشرعية وغيرها.
والالتزام بالقيم الدينية في كل مواقف الحياة ولنتأمل قوله تعالى { وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } (الأنعام: 153)
وقوله تعالى { ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } (الروم: 41).
__________
(1) مصطفى عبدالله طنطاوي، الوسيطة مدخل البناء مناهج التربية الإسلامية على التعليم العام لمواجهة الفكر المتطرف – إطار مقترح المؤتمر العلمي الثاني عشر، مناهج التعليم وبناء الإنسان العربي، الجمعية المصرية للمناهج وطرق التدريس 2006 ص 725 ص 285.(1/32)
فلكي نتغلب على الشر لا مفر من الرجوع إلى الله والتزام أوامره لأن هذا الالتزام سيكون سبيلا إلى مواجهة التحدي لقوله تعالى { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } (الأعراف: 96).
إن تنمية الوازع الديني والضمير الخلقي الذي يدفع صاحبه للعمل والإخلاص فيه عن رضي واقتناع وابتغاء مرضاه الله سيؤدي إلى أن يؤدي المعلم رسالته مراعيا مخافة الله ويقبل المتعلم على دروسه بجد وإخلاص وتختفي صور الشر.
لذا يجب تبني الدعوة إلى أسلمة التربية ووضعها موضع التطبيق الفعلي في المواقف التعليمية التي يتضمنها المنهج المدرسي وهذا لا يتحقق إلا في ضوء صورة مثالية تمثل ما ينبغي أن يكون عليه هذا الإنسان ومن الذي يضع هذه الصورة؟
إن الذي أنشأ شيئا هو الأعلم بما يصح ولا يصح له هذا منطق علمي. فإذا كنا نؤمن بأن الله هو الخالق الأوحد يكون هو الأعلم بما يصلح لتنشئة هذا الإنسان ويكون القرآن هو النموذج الذي لابد من ترجمته إلى سلوك الإنسان.
لقول عائشة "كان خلقه القرآن" وبالتالي لا يضرنا كل محاولات الحقد لأننا أمة وسط في الزمان والمكان والاعتقاد والتصور والتنظيم والعلاقات وسط في التفكير والشعور.
والسؤال الأخير هل إحداث تغيير على المناهج الشرعية في العالم الإسلامي اعتراف بأن مناهجنا تنتج الإرهاب؟
التوصيات:
من خلال الإجابة عن أسئلة البحث يوصي الباحث بما يلي:
اعتبار الإسلام دين الوسطية.
عدم الربط بين الدين الإسلامي والإرهاب فلا يجوز اتهام التعليم الإسلامي بأنه مصدر للإرهاب حيث أنه مستمد من القرآن والسنة.
الدين الإسلامي دين الحوار والتفاهم.
تطوير المناهج الشرعية من خصوصية المسلمين ومرجعية الإسلام ووسطيته وقيم المجتمع بعيداً عن الضغوط الخارجية.(1/33)
المطالبة بتغيير المناهج الدينية أمر خطير من خلاله يتم تشويه المناهج لتعطيل الفهم الصحيح للمفاهيم الإسلامية.
التطوير والتحسين للمناهج الدينية يكون من خلال المنطلقات الفكرية للتربية الإسلامية.
أسلمة المناهج في أهدافها ومحتواها وأساليبها في إطار التصور الإسلامي الكلي للإنسان والكون والحياة.
النظام العالمي الذي لا يقبل الله غيره هو الإسلام.(1/34)