جهود الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم
في
بناء المرأة وتفعيل مساهمتها في المجتمع
ورقة عمل مقدمة ضمن المحور الثالث من محاور
الملتقى السنوي الثالث للجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم
المقام في مدينة الرياض لعام 1427هـ
إعداد
م / فوزي بن عليوي الجعيد
مدير عام الجمعية الخيرية
لتحفيظ القرآن الكريم بمحافظة الطائف
مقدمة
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .. وبعد :
القرآن الكريم هو المعجزة الخالدة لهذا الدين ، وهو الكتاب الحكم الذي أنزل على النبي الكريم ، وإذا كان الأنبياء السابقون عليهم السلام قد أوتوا من المعجزات ما آمن عليه البشر في وقتهم ثم انتهت هذه المعجزات بموتهم وفناء أقوامهم ، فإن الذي أوتيه محمد - صلى الله عليه وسلم - ظل وسيظل معجزة يدركها اللاحقون بعد السابقين ، ويراها المتأخرون كما رآها المتقدمون ..
وتلك هي معجزة تتناسب وطبيعة هذا الدين الذي أراد الله له أن يكون آخر الأديان ، وتتناسب مع القرآن الذي أراد الله أن يكون آخر كتاب ينزل من السماء ، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك كله (( ما في الأنبياء نبي إلا أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحياً أوحاه الله إلي ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة )) .
والجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم هي جمعيات قائمة برسالة عظيمة وغاية نبيلة، وهي تعليم كتاب الله تعالى ونشره لجميع فئات المجتمع ، وذلك حرصاً منها على القيام بشيء من الواجب المتحتم على هذه الأمة المحمدية التي أنزل الله عليها أشرف الكتب وأعلاها ، وإيماناً منها بضرورة العناية به وخدمته تعلماً وتعليماً ونشراً وتطبيقاً وتربية وهدياً .(1/1)
فهذه الجمعيات المباركة ما هي إلا مظهر من مظاهر عناية الأمة بكتاب اللّه تعالى ، وفي ذلك اقتداء وتأس بالرسول - صلى الله عليه وسلم - حيث كان يُسمع لمسجده عليه الصلاة والسلام دوي كدوي النحل بتلاوة القرآن .
وفي ضوء هذا الهدي النبوي جاءت الحلقات القرآنية المعاصرة إحياء لمنهج الرسول - صلى الله عليه وسلم - في تربية أبناء الأمة على مبادئ القرآن ، فقد اعتنى - صلى الله عليه وسلم - بإقراء الصحابة - رضي الله عنهم - القرآن الكريم على نفس الهيئة التي تلقاها في قراءته على جبريل عليه السلام .
وحلقات تحفيظ القرآن الكريم في المملكة العربية السعودية تعد واحدة من المظاهر البينة والأدلة الواضحة على اهتمام أولي الأمر - حفظهم اللّه - بغرس قيم الإسلام في نفوس أبناء المملكة ، ويمكن أن القول بأن المملكة -وبكل فخر - هي دولة القرآن الكريم ، وكل ما تقدمه في سبيل ذلك يعد من أبرز دلائل العناية بكتاب الله عز وجل ورعايته .
لقد قامت الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم في المملكة العربية السعودية بدور بناء في إكمال المسيرة التعليمية بل في تأسيسها حيث ربطت الناشئة بكتاب ربها الذي هو سر بقائها ، حيث أعادت هذه الحلقات إلى الأذهان حياة الرعيل الأول في حب القرآن وتعلمه ونفذت قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - : ( خيركم من تعلم القرآن وعلمه ) رواه البخاري .
فحققت الخيرية في هذه الأمة وجددت رسالة المسجد في الإسلام بفتح أبوابه للذاكرين بشتى صنوفهم لكي تنجوا الأمة من الوعيد : ( ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم ) .(1/2)
فكانت الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم في المملكة مؤهلاً مهماً لإكمال الرسالة التعليمية تأهيلا علمياً للمعاهد والمدارس والجامعة ، ومدخلاً واسعاً لتحقيق الخيرية التي وعد بها الرسول صلى الله عليه وسلم ووسيلة عظمى لشرح رسالة الإسلام لتحقيق الوسطية عملياً بالسلوك العملي والخلق الإسلامي والالتزام الشرعي والبعد عن الغلو والتنطع وبالمقابل – البعد عن الذوبان في الحياة الغربية بحيث يمثل الوسطية لا إفراط ولا تفريط .
* لماذا تهتم الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بالمرأة :
المرأة كرّمها الله سبحانه وتعالى ورفع الإسلام من شأنها بعد أن كانت مُهانةً في الجاهلية وفي بعض المجتمعات البشرية ، وهذا التكريم الإسلامي للمرأة لا بد من ظهوره على شخصيتها ومن ثم على سلوكها لتكون قدوةً لغيرها .
تأثير المرأة كبير في المجتمع وتربية وإعداد الأجيال اللاحقة من الأمة ، ودورها المتخصص في ذلك والذي لا ينكره أحد .
المرأة عموماً مستهدفة من قبل دعاة الضلال والانحلال لكي يجعلوا منها مطية لشهواتهم ، والمرأة المسلمة لها نصيبٌ كبير من ذلك ، سعياً وراء إذابتها ومن ثم تفكيك المجتمع المسلم عن طريق تفكيك الروابط الأسرية .
أودع الله في المرأة المسلمة قُوى وإمكانات هائلة تحفظ بها وتكون فعَّالةً في مجتمعها وتتصدى بها لسيول الضلال الجارفة .
فضل المرأة المسلمة المستقيمة على سائر النساء ، وفي ما تجنيه من ثمرات طيبة في الدنيا والآخرة .
* أثر القرآن الكريم على المرأة :
لا شك أن لكتاب الله تعالى أثراً بليغاً على المرأة المسلمة التي تقرؤوه وتتلوه وتتدبره وتعمل به ، ومن جملة هذه الآثار الحسنة عليها :(1/3)
علو الرتبة في الآخرة : عن عَائِشَةَ رضي الله عنها قال قالت النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : " مَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَهُوَ حَافِظٌ لَهُ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ " رواه البخاري .. وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - رضي الله عنه - عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : " يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا فَإِنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَأُ بِهَا " رواه الترمذي 2838.
عمارة القلب بكلام الله تعالى : عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود - رضي الله عنه - قَالَ : إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ مَأْدُبَةُ اللَّهِ فَخُذُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ فَإِنِّي لا أَعْلَمُ شَيْئًا أَصْفَرَ مِنْ خَيْرٍ مِنْ بَيْتٍ لَيْسَ فِيهِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ شَيْءٌ وَإِنَّ الْقَلْبَ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ شَيْءٌ خَرِبٌ كَخَرَابِ الْبَيْتِ الَّذِي لا سَاكِنَ لَهُ . رواه الدارمي .
النجاة من عذاب النيران : عَنْ أَبِي أُمَامَةَ - رضي الله عنه - أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : اقْرَءُوا الْقُرْآنَ وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ هَذِهِ الْمَصَاحِفُ الْمُعَلَّقَةُ فَإِنَّ اللَّهَ لَنْ يُعَذِّبَ قَلْبًا وَعَى الْقُرْآنَ . رواه الدارمي .
شفاعة كتاب الله الكريم لها : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : " يَجِيءُ الْقُرْآنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ يَا رَبِّ حَلِّهِ فَيُلْبَسُ تَاجَ الْكَرَامَةِ ثُمَّ يَقُولُ يَا رَبِّ زِدْهُ فَيُلْبَسُ حُلَّةَ الْكَرَامَةِ ثُمَّ يَقُولُ يَا رَبِّ ارْضَ عَنْهُ فَيَرْضَى عَنْهُ فَيُقَالُ لَهُ اقْرَأْ وَارْقَ وَتُزَادُ بِكُلِّ آيَةٍ حَسَنَةً " رواه الترمذي.
القرآن الكريم تستمد المسلمة منه التوجيه في هذه الحياة .(1/4)
القرآن الكريم هو زاد المسلمة في هذه الحياة ، وهو حياة الإنسان .
القرآن الكريم هو النور الذي يضيء للمسلمة ، ويبين لها كيف تسير في هذه الحياة الدنيا (( أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ في النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ )) سورة الأنعام : 122 .. (( وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُورٍ )) سورة النور : 40 .
القرآن برهان ونور ونبراس ودستور ومنهج حياة : (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَآءَكُمْ بُرْهَانٌ من رَّبكُمْ وَأَنْزَلْنَآ إِلَيْكُمْ نُوراً مُّبِيناً )) النساء : 174 .
القرآن نزل ليكون بصائر تهدي ، ورحمة تفيض لمن آمن به .. (( هَاذَا بَصَآئِرُ مِن رَّبكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةً لقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ )) سورة الأعراف : 203 ..
القرآن نزل شفاء ورحمة للمؤمنين : (( وَنُنَزلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَآءٌ وَرَحْمَةٌ للْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً )) سورة الإسراء : 82 .
القرآن كتاب هداية وبشارة للمؤمنة : (( إِنَّ هَاذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً )) سورة الإسراء : 9 .
هذا بعض من آثار القرآن الكريم الأخروية ، أما ما يكون في الحياة الدنيا ، فمنها :
الاجتماع على تلاوة كتاب اللّه ومدارسته .
أنها محل تنزُل السكينة، وغشيان الرحمة واجتماع الملائكة ، وسبب ذكر اللّه العبد في الملأ الأعلى .
تعاون على البر والتقوى .
لقاء بين خيرة عباد اللّه في الأرض ، بين معلمة ومتعلمة لأقدس كتاب .
اعتصام بحبل اللّه ، وتمسك بالجماعة ، وأمان من الفرقة .
هي محطات لاكتساب الأجر والثواب ، وتزكية النفوس ، وتهذيب الأخلاق .(1/5)
* من هي المرأة المستفيدة من برامج الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم؟
الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم جمعيات تخدم جميع فئات المجتمع ، وهي لا تقدم برامجها وخدماتها ومناشطها المتنوعة لفئة محددة دون أخرى ، بل هي تعمل من أجل الجميع وتعلم القرآن للجميع ، ذكوراً وإناثاً ، صغاراً وكباراً ..
ومن هذا المنطلق فقد اعتنت الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بالمرأة أيما اهتمام لكونها تمثل نصف المجتمع ولأهمية دورها في الأسرة ، وضرورة تعليمها وتربيتها على هدي من كتاب الله تعالى ..
لذلك صممت الكثير من برامجها ووضع الكثير من أنشطتها التي تناسب جميع شرائح المرأة في المجتمع ، ومن هذه الشرائح هي :
الأطفال الذين هم في سن ما قبل المدرسة .
طالبات الروضة .
طالبات المرحلة الابتدائية .
طالبات المرحلة المتوسطة .
طالبات المرحلة الثانوية .
طالبات المرحلة الجامعية .
الموظفات .
منسوبات التعليم .
الأمهات المتعلمات .
الأمهات غير المتعلمات .
الجاليات غير الناطقة بالعربية .
إلى غير ذلك ..
* جهود ووسائل الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم في بناء المرأة :
أولاً / البناء الذاتي :
قبل معرفة جهود الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم في البناء الذاتي للمرأة المنتسبة إليها يحسن أن نعرف المقصود ببناء الذات ، والتي يقصد بها : صياغة الإنسان بالأنموذج الإسلامي وتغييره وفق قيم الإسلام وتعاليمه الشرعية لتمثل هذا الدين والعمل به والدعوة إليه ، أداءً للأمانة ، وتحقيقاً للشهادة ، وتسخيراً للسنن ، وإعمارًا للكون ، واستخلافاً لله، وتعبداً له سبحانه ، وابتغاءً لجنته ورضاه .(1/6)
وبناء الذات المسلمة نتلمسها في نصوص وتشريعات عدة ، ومن ذلك وصف الحديث الشريف للإسلام ككل في شكل بناء : « بني الإسلام على خمس ... » ولذلك يلخص النبي - صلى الله عليه وسلم - رسالته التغييرية في جهد بنائي فقال : « إنما بعثت معلماً .. » ولا تخفى دلالة التعليم على بناء الإنسان .
وإضافة إلى البعد الشرعي فإن بناء الذات ضرورة يقتضيها الترقي البشري روحيا ومعرفيا وسلوكيا في ظل الأنموذج الإسلامي السوي .
والجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم تهدف من خلال جميع برامجها ومناشطها المتنوعة التي تعلم كتاب الله تعالى لجميع فئات المجتمع ، والتي منها ولا شك المرأة ، تهدف إلى تحقيق هذا البناء الراسخ في الشخصية المسلمة من جميع جوانبها لكي تبني أجيالاً كاملةً تقوم على المفاهيم الإسلامية والتربية القرآنية من خلال عنصر هام وفعال في المجتمع هو عنصر المرأة التي تشكل نصف المجتمع بل أكثره ..
ولذلك تحرص الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم على أن تحقق التكامل والشمولية في تأسيس بناء راسخ رشيد في نفوس المنتسبات إليها من خلال تعليم كتاب الله تعالى لهن من خلال تحقيق :
البناء الذاتي العقدي .
البناء الذاتي الإيماني .
البناء الذاتي العلمي .
البناء الذاتي الشرعي .
البناء الذاتي الاجتماعي .
البناء الذاتي الأخلاقي والسلوكي .
البناء الذاتي التربوي .
البناء الذاتي النفسي .
البناء الذاتي الدعوي .
وقد سلكت وأسهمت الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم في سبيل ذلك الكثير من البرامج والفعاليات والمناشط القرآنية الهادفة ، مثل :
الدروس اليومية في حفظ القرآن الكريم فهي أعظم الوسائل لبناء الإيمان في نفوس الدارسات والمنتسبات ورفعه وتمكينه في القلوب ، والحث والترغيب في حفظ القرآن الكريم وإتمامه فهو أصل العلوم وأسها وأساسها .(1/7)
مجالس الذكر التي تسمو بالروح والنفس وترفعها عن سفاسف الحياة الدنيا وما فيها ، فهذه المجالس المباركة هي الأماكن التي يذكر فيها اسم الله تعالى ، وكتاب الله الكريم أعظم الذكر وأشرفه وأعلاه ..
تعريف الدارسات بأهمية وضرورة تعظيم القرآن الكريم .
المحاضرات العلمية .
إقامة المسابقات العلمية في العلوم الشرعية .
إقامة الكثير من الدورات العلمية المتخصصة في شتى العلوم الشرعية .
تصحيح الكثير من الألفاظ الشركية والسيئة التي قد تكون بين الدارسات .
غرس محبة الله تعالى وكتابه الكريم والنبي المصطفى - صلى الله عليه وسلم - وسنته الشريفة .
إقامة بعض الفعاليات والأنشطة الثقافية التي تتضمن الإشارة إلى جوانب عقدية .
البرامج الثقافية والمناشط المتنوعة التي تسهم بفضل الله تعالى في ترسيخ الإيمان وسمو النفس .
الترغيب في طلب العلم والتفقه في الدين .
توزيع الكثير من الكتب والأشرطة النافعة التي يكون فيها الكثير من الخير والعلم والنصح والفائدة .
الربط بين ما تحفظه الدارسة من آيات وسور واستنباط ما فيها من فوائد علمية .
إلقاء الدروس الشرعية وتعليم المنتسبات الصفة الصحيحة للطهارة والوضوء وأداء الصلاة وفق هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - .
الحث على نشر العلم الشرعي وتعلمه .
الحث على التكافل والتعاون والتراحم والتواصل والمحبة في الله تعالى .
إقامة اللقاءات المتنوعة بين المنسوبات التي تجمع بينهن .
تدريس مناهج متخصصة في الآداب والسلوك للدارسات .
الحث من خلال الدروس والمحاضرات والكلمات التي تحث على حسن الخلق مع جميع الناس كالأبوين والأقارب والأبناء والجيران والأصحاب ، والتأدب بهدي القرآن الكريم والاقتداء بسلفنا الصالح في ذلك ..
معالجة ما يظهر من ظواهر سلوكية وأخلاقية سيئة بالأساليب المناسبة .
التعريف بأهمية إنشاء أجيال صالحة تخدم دين الله تعالى .
التعريف بوسائل التربية الصالحة للأسرة .
إصدار المطبوعات التربوية .(1/8)
توعية المرأة بدورها كمربية للأجيال .
إيجاد القدوات الصالحة والتعريف بها .
الارتباط النفسي بالمراكز والمدارس القرآنية .
تحقيق الاطمئنان النفسي بتلاوة القرآن الكريم وتدبره .
إقامة المحاضرات الدعوية والإرشادية التي تفيد المرأة .
إقامة دورات دعوية للمنتسبات .
إصدار عدد من المطبوعات الدعوية .
ثانياً / البناء التأهيلي :
تحرص الكثير من الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم على تقديم كل مساعدة ممكنة لبعض منسوباتها ، خاصةً ممن لديهن بعض الظروف المادية الصعبة ويقمن برعاية أسرهن والإنفاق عليها ، وذلك من خلال إكسابهن بعض المهارات التي تؤهلهن للقيام ببعض الأعمال اليدوية والأشغال الفنية التي قد تساعدهن في التغلب على بعض هذه الظروف .
ومن ذلك :
دورات الخياطة بإقامة دورات متخصصة فيها في معامل مجهزة وخاصة بذلك .
دورات الطبخ لتدريب وتعليم الدارسات ، بالإضافة إلى توزيع بعض الكتب المتخصصة في ذلك وإقامة الأطباق الخيرية والمسابقات في أحسن طبق وغير ذلك.
دورات الأشغال اليدوية والفنية : من خلال برامج اليوم المفتوح ، وإقامة دورات متخصصة في ذلك .
ثالثاً / البناء المهاري :
تقدم الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم للمنتسبات إليها عدداً من المهارات المفيدة سواء في المجال الإداري أو المجال التعليمي ، أو المجال الفني والتقني ، وهذا يعود إلى طبيعة أعمال الجمعيات التي تستلزم وجود هذه المهارات والتدريب عليها ، ومن هذه المهارات التي اكتسبتها الكثير من المنتسبات :
المهارات الإدارية :(1/9)
خاصةً للمديرات والمشرفات والموظفات والقائمات بالأعمال الإدارية في الأقسام واللجان النسائية في الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم ، حيث تحرص الجمعيات على أن تكون المنتسبات على قدر عالٍ المهارة في العمل والأداء ، فكثير من الجمعيات تقيم الدورات الإدارية ، مثل دورات : الإشراف الفعال – إدارة المكاتب – فن الإلقاء – فن التعامل – دورات مديرات المراكز والمدارس والدور النسائية – دورات المساعدات الإداريات – دورات السكرتارية .. إلى غير ذلك
ولا شك أن هذه الدورات لها آثار إيجابية طيبة على سير العمل وتطويره وارتقائه نحو الأفضل .
المهارات التعليمية :
الجمعيات تحرص على أن تكون معلماتها ومشرفاتها على مستوى متميز في المهارات التعليمية وطرق التدريس فهي تقيم عدداً من الدورات وتكسب الكثير من المهارات في : طرق التدريس – إدارة الصفوف الدراسية – طرق تدريس التجويد – إقامة الدروس النموذجية – الوسائل التعليمية – ودورات التقوية للمعلمات الضعيفات – إلى غير ذلك .
المهارات الاجتماعية :
كما تكتسب المنتسبة للجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم الكثير من المهارات في فن التعامل مع الأبناء – فن التعامل مع الأزواج – فن التعامل مع الغير .. وذلك من خلال تعاملها مع كثير من الفئات ، بالإضافة إلى ما تقيمه الجمعيات من دورات ومحاضرات في هذه المجالات ..
المهارات الفنية :
ولعل هذا يتضح من خلال وجود الكثير من الأجهزة الحديثة كالحاسب الآلي وغيره ، مما جعل المنتسبة للجمعية تكتسب الكثير من المهارات في هذا الأمر ، كما أن الجمعيات تقيم دورات لتعلم الحاسب الآلي ، بالإضافة إلى بعض البرامج الضرورية في التحرير وإدخال البيانات والمعلومات وبرامج التصميم وتحرير الصور، وبرامج العروض المرئية وغيرها ..
كما إن الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم تقيم الكثير من البرامج المتخصصة في ذلك ، مثل :
ورش العمل .(1/10)
توزيع الإصدارات والرسائل والكتب الإدارية المتخصصة .
حلقات النقاش .
الدورات التدريبية المتنوعة .
إلى غير ذلك ..
* جهود ووسائل الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم في الجانب الوقائي والعلاجي للمرأة :
لا يخفى أن المجتمع به العديد من الظواهر السلوكية السلبية التي تستلزم الوقوف ضدها لعلاجها والتخفيف منها والقضاء عليها وتحقيق المناعة والحماية من الوقوع فيها ، وقد كان للجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم أثر طيب – بحمد الله تعالى – في ذلك ، ومن هذه الظواهر التي تم علاجها أو الحد منها على سبيل المثال :
ظاهرة الالتزام بالحجاب الشرعي وترك الحجاب السيئ .
ترك الملابس الغير محتشمة والالتزام بالمحتشم منها .
الإعجاب .
القضاء على بعض البدع .
الحد من عقوق الوالدين وإساءة معاملة الأبناء .
إصلاح علاقة المرأة بزوجها .
إصلاح علاقة المرأة بجيرانها .
الاهتمام الجاد بالتربية الصحيحة .
القضاء على كثير من الأخلاق والصفات السيئة .
ضياع الوقت فيما لا فائدة منه .
ترك الأغاني .
البعد عن مجالس الغيبة والنميمة .
ترك رفيقات السوء .
ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
حسن التعامل مع الخدم .
البعد عن الكبر والمفاخرة .
التشبه .
قطعية الأرحام .
الانطوائية والخجل الاجتماعي .
إلى غير ذلك ..
* أثر جهود ووسائل الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم في تفعيل دور المرأة في المجتمع :
لاشك أن ما قدمته الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم المنتشرة في بلادنا الكريمة وما زالت تقدمه له فضل كبير – بعد الله تعالى – في خدمة المجتمع بكافة فئاته وشرائحه ، خاصة المرأة التي قدمت الجمعيات لها – من خلال ما سبق – خدمات جليلة ، وقد تحقق آثاراً حميدة كثيرة لها ، ومن ذلك :
الآثار الإيمانية :
شعور المسلمة بقدسية ما تتعلمه وتؤمن به وتعتقده وتعمل به من أحكام .
اليقين بسلامة المنهج الذي تسير عليه ، وعدم تطرق القصور أو النقص إليه .(1/11)
الجزم بوجوب الثبات علي المبادئ والقيم ، لأنّها ربّانية ثابتة .
الاطمئنان إلى أحكام الله الكونية والشرعية لأنّها تجد في نفسها الاحترام والقبول والطاعة والانقياد التام لتلك الأحكام لأنّها ربّانية معصومة .
الاعتقاد بأنّ أحكام الله هي الأعدل والأكمل والأوفى بتحقيق كُلِّ خيرِ ، ودرء كُلِّ شر ، وإقامة الحق وإبطال الباطل وقطع دابر الفساد .
العمل بالأحكام الشرعية باقتناعٍ تام لا يتطرق إليه تشكيك المغرضين .
الشعور برقابة الله عليها واطّلاعه عليها في العمل بما أوجبه عليها واجتناب ما نهاه عنها ، فيكون لديها الوازع النفسي الذاتي فتخلص لله في عملها وعباداتها.
المسارعة في الخيرات ، وتتراجع عن المحرمات ، وتحاسب نفسها وتسعى للتخلص من تبعات التقصير أو المعصية .
الآثار التعليمية :
أسهمت الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم في معرفة النساء بأمور دينهن وحثهن على ذلك من خلال ما تقدمه من دروس قرآنية ووقفات إيمانية وعلمية حولها .
الإسهام في القضاء على الأمية المنتشرة بين فئات من النساء من خلال دروس القراءة والكتابة التي تقام في الدور والمدارس والمراكز النسائية التابعة للجمعيات .
ورفع مستوى التعليم لدى المتعلمات في العلوم الشرعية عموماً ، وفي القرآن الكريم وما يتعلق به خصوصاً .
رفع مستوى معلمة القرآن الكريم في مدارس تعليم البنات وتمكينها في مادتها العلمية من خلال مشاركتها وتعلمها في هذه الدور والمراكز والمدارس والإطلاع على أفضل الوسائل والسبل في تعليم القرآن الكريم للطالبات مما انعكس إيجاباً على مستوى طالباتها وحسّن من قراءاتهن وتلاواتهن .
تخريج عدد من المعلمات اللاتي سبق أن كن طالبات في هذه الجمعيات ثم أصبحن معلمات مؤهلات لتعليم القرآن الكريم يقمن بهذه الرسالة في بيوتهن وفي مدارسهن وفي مجتماعاتهن .(1/12)
تخريج وإعداد وتأهيل معلمات متميزات في تحفيظ الصغار الذين هم في سن ما قبل المدرسة لتعلميهم قصار السور وبعض الآداب الإسلامية والأدعية والأذكار النبوية .
الآثار الدعوية :
غرست الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم في نفوس الدارسات هم خدمة هذا الدين الحنيف بكل ما يمكن من وسائل طيبة حسنة ، وتشجيعهن على الدعوة إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة ، حيث أصبح لدى الكثيرات الإحساس بمسؤولية الدعوة إلى الله تعالى ولو بالقليل .
الآثار التربوية :
وذلك من خلال محورين أساسين هما :
أ / تربية المرأة لنفسها :
أصبحت المرأة تعي وتوقن بأهمية التربية الذاتية لنفسها ، وضرورة عنايتها بهذا الأمر من نفسها ، لأنها من خلال ما تتعلمه من آيات الكتاب العزيز ومعرفة ما فيها من أوامر ونواه ستعلم خطورة مبدأ المسؤولية الفردية وأنها مسؤولة بالدرجة الأولى عن نفسها وأعمالها ، وأن الله جل وعلا سيوقفها للحساب في يوم لا ريب فيه بين يديه وحيدةً فريدةً ليس بينها وبين الله تعالى ترجمان ..
من الآثار التربوية أن المرأة تعرض نفسها على آيات القرآن الكريم لتجد ما فيها من عيوب ونقص ، مما يجعلها أعلم بنفسها من سائر البشر ، وحينئذ تكون أقدر من غيرها على علاج جوانب القصور في نفسها .
ب / تربية المرأة لأبنائها :
مساعدة الأم على التربية العقائدية الصحيحة للأبناء ، من خلال معرفتها بأصول المعتقد وما تشمله من أصول الإيمان ، وأقسام التوحيد وشروط لا إله إلا الله ونواقض الإسلام ، وأقسام الشرك والكفر وأنواع النفاق ... الخ .
أنها تقوم بتربية الأبناء على حب الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم - ، وربطهم بالسيرة النبوية وسير الصحابة رضوان الله عليهم ..
ربط قلوب أبنائها بالله تعالى ومراقبته في كل تصرفاتهم ..
غرس السلوكيات الحسنة في الطفل وحمايته من السلوكيات الخاطئة .
حماية الأبناء من قرناء السوء وآثارهم السلبية السيئة .(1/13)
الآثار الاجتماعية :
بناء شخصية اجتماعية للمرأة تتسم بأنها شخصيّة فعّالة مؤثرة تؤثّر في غيرها بما فيها من خير وبما لديها من قدرات إيمانيّة وحكم قرآنيّة .
من الآثار أن المرأة تصبح كحامل المسك الذي لا بد وأنْ يستفيد منه من اقترب منه أو جالسه ، فهو إمّا أن يعطيك شيئاً من طيبٍ وإما أن تجد منه ريحاً طيبة ، وكذلك المسلمة في شخصيتها مؤثرة فعَّالة ، تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتتعاون على البر والتقوى ، وهي في ذات الوقت لا تتأثر لغيرها إلّا بما فيه خير لأنَّ الحكمة ضالّة المؤمن أنّى وجدها فهو أولى الناس بها .
الاعتزاز بمقوِّماتها مِن غير تكبُّر، والشعور بقوة الحق الذي تدين به من غير استعلاء على الآخرين وازدراء لهم وتسفيه للقيم ، لا تلين ولا تضعف ولا تذوب في أيِّ بيئةٍ تعيش فيها أو مجتمعٍ يضمّها، بل تجد من إيمانها القويّ ما بحملها على مقاومة التيارات الفكرية والانحلال الخُلُقي والفساد الاجتماعي.
الآثار الأسرية :
من أطيب الآثار التي تتركها مشاركة المرأة في الحلقات القرآنية والتي تعود على أسرتها بكل خير وصلاح وبركة :
قوة وزيادة الترابط الأسري وخاصة الوالدين وبرهما وصلتهما وتوعية أفراد الأسرة بذلك .
تصحيح أخطاء كانت سبباً في تدهور الأسر وتفككها وضياعها .
التعريف بمكائد الأعداء ضد الأسرة المسلمة .
تزويج الفتيات الصالحات وتسهيل ذلك .
نقل ما تعلمته الدارسة إلى أسرتها ومن حولها .
الآثار الأخلاقية :
التحلي بأخلاق القرآن حيث تتميز بمحاسن الأخلاق التي دعا إليها القرآن .
المرأة المسلمة لا يمكن أن تنفصل أخلاقها عن إيمانها ، بل إنّ أخلاقها رشحٌ لذلك الإيمان وعطرٌ يفوح لينبئ عنه ، إنّها تتميُّزٌ على غيرها لهذه الشخصيّة التي تحمل في طياتها وبين جوانحها كل خُلقٍ طيّب وكل فضيلة محمودة .(1/14)
ما دامت هذه المسلمة مرتبطة بالقرآن وبأخلاق القرآن فإنك تستطيع أن تميُّزٌ شخصيتها من بين الكثيرات إذا رأيت فِعالها أو سمعت أقوالها فتعلم أنّها لا يمكن إلا أن تكون مسلمة لأنّ أخلاقها قرآنيّة .
الخاتمة
المرأة في المجتمع المسلم لها مكانة عالية ومنزلة كريمة لا نظير لها في المجتمعات الأخرى ، فدورها لا يمكن إغفاله ولا إهماله ولا تجاهله بحال من الأحوال ..
لذلك كانت الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم في بلادنا الطيبة والتي ترعاها وتشرف وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد كانت ولا زالت تقوم بجهود طيبة مباركة في الاعتناء بجميع شرائح المجتمع عموماً والمرأة خصوصاً من خلال ما تقوم من فعاليات وتقدم من برامج وآليات تسهم في بناء المرأة بناءً شاملاً قوياً راسخاً يقوم على أساس متين من كتاب الله جل وعلا وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - ، وهي من خلال ذلك تهيئ لها مجالات عدة تمكن لهذه المرأة أن تقوم بواجبها نحو دينها وأمتها وأسرتها وبلادها حتى تكون ذات موقع فاعل مؤثر في المجتمع بكافة المجالات .
ولعل هذه الورقة المعدة بهذا الخصوص قد بينت ووضحت شيئاً من هذه الجهود والوسائل والبرامج والآليات التي تتبعها الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم سبيل بناء المرأة المسلمة وتأهليها وتفعيل مساهمتها في بناء مجتمعها التي هي فيه .
ونسأل الله تعالى للجميع التوفيق والعون والسداد ، وأن يجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته .
وصلى الله علي نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ،،،
المراجع
معالم شخصية المرأة المسلمة وتميزها – د . إسماعيل محمد حنفي .
دور المرأة التربوي ... المأمول والمعوقات – د. أفراح بنت علي الحميضي .
التربية الذاتية – الشيخ / محمد بن عبدالله الدويش .
مؤسسات تعليم القرآن الكريم وأثرها في نشر الوسطية – د. أحمد بن موسى السهلي .(1/15)
موقع الإسلام (http://www.al-islam.com/arb ) التابع لوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد .
موقع صيد الفوائد (http://www.saaid.net )(1/16)