بدائل مقترحة عن الربا
في المديونية ذات القيمة الكبيرة
أ. د. محمد محروس المدرس الأعظمي
كلية التراث الجامعة / بغداد
1425… هـ …2005 م
بسم الله الرحمن الرحيم
تمهيد
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، وعلى التابعين لهم ومن تبعهم إلى يوم الدين.
أما بعد ~~
فمن المعلوم أن الإسلام قد حرَّم [ الربا ] في الاقتصاد أشد الحرمة، كما حَّرم [ الزنا ] في العلائق الاجتماعية، حتى أصبحت القضيتان من أهم ما يميز النظام الإسلامي المتكامل، وقد فرَّقت هاتان القضيتان النظام الإسلامي أشد التفريق عن النظم الاقتصادية والاجتماعية الأخرى.
وإذا وجدنا النظام المنتسب إلى الاشتراكية العلمية يحارب الربا – ثم تراجع عن ذلك -(1)، فهو لم يحارب شيوعية الجنس ولا شيوعية المال، بل كان ذلك من أبرز مميزاته، وكذلك تدخل الدولة في كلِّ النشاطات مع توفير الاحتياجات، فلم بعد هناك حاجة للاقتراض بفائدة لعدم وجود المقترض(2)، فكان الافتراق واسعاً وظاهراً.
ولسنا الآن بصدد مسألة الزنا من العقدتين – إذا صح التعبير - فلها موضعها في بحوثنا إن شاء الله تعالى.
ومن جهة أخرى.. فلسنا ممن ينكر الحقائق أو يكابر فيها، فإن الله جلَّ وعلا أنزل الأمور منازلها بإنصافٍ ربَّاني.. في قوله تعالى : { يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثمٌ كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما..}(3)، بهذا نستطيع أن نقول أن الربا لم يكن عديم الفائدة من كل الوجوه، فقد قدَّم النظام الربوي الفوائد الجمة للتقدم الاقتصادي الغربي، من جهة :
تنشيط الاستثمارات.
__________
(1) بنوك بلا فوائد / د. عيسى عبده - 143 [ ط2 دار الاعتصام – القاهرة بلا تأريخ ].
(2) - راجع مثلاً : بنوك بلا فوائد / د. أحمد عبد العزيز النجار – 34 [ ط2 الدار السعودية للنشر والتوزيع – مكة المكرمة 1404 هـ الموافق 1984 م ].
(3) - البقرة / 219.(1/1)
وإعانة أصحاب الدخول المحدودة على شراء كثير من السلع الاستهلاكية.
واستخراج الأموال من الاكتناز البحت إلى الادِّخار.
وتجميع تلك المدَّخرات لتكون رأسمالاً قومياً، يساهم في المنافع التي ذكرناها(1).. وهذا باختصارٍ شديد.
×××××××××××××××××
ولقد شدّدت النكير في الحرمة نصوص الشارع الحكيم، فجعله المسلمون.. رأس الشر كله، من جهة (2) :
استغلال حاجة الفقير والمحتاج.
وكون المتعامل به لا يقوم بعملٍ إنتاجي.
وكون ما يأخذه المرابي ليس له بديل معقول...
وهذا أمرٌ لا نقاش فيه، إذ لابد لطيب الكسب من أمور :
العمل بأنواعه : الزراعي، والصناعي، والتجاري، والمهني(3)، والبدني الصرف كحمل الأثقال، والفكري كالتدريس، وما اجتمع فيها البدن والفكر.. كأعمال الإدارة، والحكم والقضاء.. الخ.
ويجب أن نعلم أن ما يعطى لكل من : رئيس الدولة، والقضاة، والمفتين، والمدرسين للعلوم الشرعية، وكذلك العمل في الطاعات الصرفة.. كالإمامة، والخطابة، والأذان، وتعليم القرآن.. الخ، لا يعطى على سبيل الأجر، بل يعطى في مقابل الاحتباس لأجل هذا العمل، وإعاقته للقائم به عن كسب رزقه ورزق عياله(4).
__________
(1) - الاقتصاد السياسي / د. جابر جاد عبد الرحمن و د. عبد الرحمن الجليلي – 161 إلى 173. [ ط5 مطبعة الزهراء – بغداد 1956 م ].
(2) - وهذا باختصارٍ شديد ، وراجع في ذلك مثلاً : بنوك بلا فوائد / د. عيسى عبده - [ مرجع سابق ] ، الربا وخراب الدنيا / د. حسين مؤنس [ ط2 دار الزهراء للإعلام العربي – القاهرة 1406 هـ = 1986 م ].
(3) - الاكتساب في الرزق المسنطاب / محمد بن الحسن الشيباني [ ت سنة 189 هـ ] صاحب الإمام أبي حتيفة – 40. ط1 – مطبعة دار الكتب العلمية [ بيروت 1406 = 1986 م / بتحقيق الشيخ محمود عرنوس ].
(4) - مشايخ بلخ من الحنفية وما انفردوا به من المسائل الفقهية / لكاتب البحث – 2 / 603 إلى 608. [ المطبعة العربية – بغداد 1979 م طبع وزارة الأوقاف العراقية ].(1/2)
الزيادة المتصلة والمنفصلة : فالأولى مثل : سمن الدابة وثمار الأشجار، والثاني مثل : الربح المتحصل من الزيادة في أقيام السلع والخدمات، فإن [ التابع تابعٌ ](1)، و [ التابع لا يُفرد بالحكم ](2).
الضمان : فما كان داخلاً في عهدة شخص بحيث يتحمل مغرَمَه، فيطيب له ربحه، فالمال الذي يمكن أن يخسر فمن يتحمل خسارته يأخذ ربحه، والمال الذي يمكن هلاكه بأيِّ سببٍ يأخذ ربحه من يتحمل الهلاك، ولأجل هذا قالوا – من القواعد الكلية - : [ الغُرم بالغُنم ](3) و [ الغُنم بالغرم ]، و [ النعمة بقدر النقمة والنقمة بقدر النعمة ](4)، ويقول العلاَّمة علي حيدر أفندي(5) شارح المجلة في شرحه لهذه المادة : [ أي : أن من ينال نفع شيء يجب أن يتحمل ضرره، مثلاً : أحد الشركاء في المال، يلزمه من الخسارة بنسبة ما له من المال المشترك، كما يأخذ من الربح … ](6).
__________
(1) . المادة [ 47 ] من مجلة الأحكام العدلية المشرَّعة لتنظيم المعاملات في الممالك الإسلامية ، وشرح المجلة المعروف بـ درر الحكام شرح مجلة الأحكام لعلي حيدر أفندي – 47 [ طبعة مصورة بالأوفست لمكتبة النهضة - بغداد ، عن طبعة المطبعة العباسية - حيفا 1925 م ].
(2) 9 - المادة [ 48 ] من مجلة الأحكام العدلية ، وشرحها / درر الحكام - 1 / 47[ مرجع سابق ].
(3) - المادة [ 87 ] من مجلة الأحكام العدلية وشرحها / درر الحكام – 1 / 79 [ مرجع سابق ].
(4) - المادة [ 88 ] من مجلة الأحكام وشرحها [ مرجع سابق ] – 79.
(5) - علي حيدر أفندي : فقيه حنفي من علماء الدولة العثمانية ، تولى من المناصب العلمية : رئاسة محكمة التمييز في استانبول ، وأمين الفتيا فيها ، وناظر العدلية ، ومدرس المجلة في مدرسة الحقوق.. [ انظر مقدمة النسخة العربية من : درر الحكام شرح مجلة الأحكام – للمترجم ].
(6) - درر الحكام شرح مجلة الأحكام – 1/ 79 [ مرجع سابق ].(1/3)
الميراث : هو المال المنتقل من ذمة المتوفى إلى ذمة الورثة، بسبب الموت ووجود القرابة، على أن ينتقل إلى الورثة بالنسب والمعايير الشرعية.. فيكون سبباً للكسب وزيادة الذمة المالية.
التبرعات : كالصدقة(1)، والهدية(2)، والإباحة(3)، والهبة(4)، والوقف(5)، والوصية(6)، والجُعالة(7)
__________
(1) - الصدقة : المال الذي وهب لأجل الثواب. راجع : كتابنا مشايخ بلخ من الحنفية وما انفردوا به من المسائل الفقهية – 2 /493 [ ط1 / وزارة الأوقاف العراقية / بغداد – 1977 م ].
(2) - الهدية : ما يعطى للغير من دون بدل ، لا بقصد الثواب بل بقصد : الصلة لذوي القربى ، أو التحابب ، أو التعاون على البر والتقوى مع مسلم عرفت حاجته لشيء ما يقول رسول الله عليه الصلاة والسلام : { تهادوا تحابُّوا } ، راجع : المختار للفتوى / عبد الله بن محمود بن مودود الموصلي– 3 / 48 وما بعدها ، [ مطبعة البابي الحلبي / القاهرة – بتحقيق الشيخ محمود أبو دقيقة ].
(3) - الإباحة : إعطاء الرخصة والإذن لأحدٍ أن : يأكل ، أو يتناول شيئاً بلا عوض. راجع : درر الحكام : 2 / 346 إلى 347 ، ورد المحتار على الدر المختار للعلاَّمة ابن عابدين الشامي [ ت 1252 هـ ] – 4 / 282 [ مطبعة مصطفى البابي الحلبي / القاهرة – 1966 م ].
(4) - الهبة : تمليك للغير بلا عوض ، ويشترط فيها الإيجاب والقبول ، في حين لا يشترطان في الهدية – مع تساويهما - ، بل يكتفى بالسكوت ، أو التعاطي.
(5) - الوقف : حبس العين على ملك الواقف والتصدق بالمنفعة على جهة برٍ لا تنقطع ، وما أوقف على جهةٍ تنقطع يلزم الوقف ويكون مصرفه الأخير للفقراء ، لأنه لا يتقطع الزمان منهم. راجع : المختار للفتوى لعبد الله بن محمود بن مودود الموصلي – 2 / 40 وما بعدها [ مرجع سابق ].
(6) - الوصية : تمليك مضاف إلى ما بعد الموت.
(7) 20 - الجُعل : تعهد بالتمليك للغير في الحياة ، لأجل الحث على فعلٍ معين. يقول تعالى : { قالوا نفقد صُواع الملك ومن جاء به حمل بعيرٍ.. } يوسف / 72.(1/4)
، والمهر(1).
الجهاد : بما فيه من الحصول على الغنائم، وهو أفضل الكسب لما فيه من الجمع بين : حصول الكسب، وإعزاز الدين، وقهر أعداء الله تعالى(2).
ومن هذا نلاحظ أن الزيادة من غير مقابل، ليس لها وجود في أسباب الكسب في الإسلام، وأبرز هذا الكسب الذي لا مقابل له هو [ الربا ].
على أن التبرعات جميعها جعلتها الشريعة سبباً لكسب الأجر ولا مقابل لها، وهي لا تستغل الآخذ بشكل من الأشكال.
××××××××××××××××
إنَّ المعضلة الكبرى هي : كيف نحصِّل ما في النظام الربوي من منافع في أعمال البنوك وخدماتها وفي القروض الدولية، وكيف نبتعد عن مساوئه.. وبالتالي عدم الوقوع في التحريم الشرعي ؟، فالفقيه في أزماننا يلزمه للاشتغال بما نسميه [ فقه البدائل ]، لنصل إلى :
فوائد الجديد بعدم التفريط بمنافعه.
وتحريره مما قد يشوبه من حرمة لئلا تفوت منفعته.
أو إعطاء بديل مقترح، يجمع فوائد المتروك، وعدم التفريط بأساسيات وثوابت التعامل الإسلامي(3).
__________
(1) - المهر : هو المال الذي يدفعه الزوج للزوجة هديةً لها [ نِحْلة ].. يقول تعالى : { وآتوا النساء صَدقاتهنَّ نِحلة..} النساء / 4 ، استيفاءً لحق الشرع الذي أوجبه عليه.. قال تعالى : {... قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم...} الأحزاب / 50 ، وحكمة دفعه أسهبنا فيها في بحثنا : [ المسؤوليات الإدارية في الأسرة ] / عمَّان - دار الأعلام 2002 م.
(2) - الاختيار شرح المختار للفتوى – 4 / 171 مطبوع مع المختار للفتوى [ مرجع سابق ].
(3) - بحثنا في موضوع [ التعاقد بالانترنيت ومدى تحقق مجلس العقد ] / مقدَّم إلى المجمع الفقهي الهندي – منضَّد على الكومبيوتر 2000 م.(1/5)
وفي هذه النقطة علينا أن نتأسى بما فعله [ الإمام محمد بن الحسن الشيباني تلميذ الإمام أبي حنيفة ] في كتابه [ المخارج في الحيل الشرعية ]، فأعطى بدائلاً لتصرفاتٍ محرمة يتعامل بها الناس، ولم يقف عن حدِّ تقرير الحرمة(1).
×××××××××××××××××××××
وقد نلاحظ أنَّ المتعاملين في التعامل اليومي، وكذلك الفقهاء... قد لجأوا إلى طرق متعددة للوصول إلى الموازنة المتقدم شرحها من ذلك.. قولهم :
… أولاً – تجويز البعض لبيع الوفاء، وهو : [.. هو البيع بشرط أن البائع متى ما ردَّ الثمن يردُّ المشتري المبيع، وهو في حكم البيع الجائز بالنظر إلى انتفاع المشتري به، وفي حكم البيع الفاسد بالنظر إلى كون كلٌّ من الفريقين مقتدر على الفسخ، وفي حكم الرهن بالنظر إلى أن المشتري لا يقدر بيعه إلى الغير] م 118 مجلة.
فـ[ كما أنَّ للبائع وفاءً أن يردَّ الثمن ويأخذ المبيع، كذلك للمشتري أن يردَّ المبيع ويسترد الثمن ] م 396 مجلة الأحكام العدلية.
وواضحٌ أن المقصود هو : الانتفاع بالعين من قبل المشتري، مقابل دفع البدل، ويسترد عينه متى شاء.. وفي ذلك شبهة الربا.
وقد اختلف الفقهاء في تكييف هذه المعاملة إلى تسعة أقوال(2)، وقد أخذ القانون المدني العراقي بالرأي الذي يقول : [ بيع الوفاء يعتبر رهناً حيازياً ] م / 1333، ولم تشر إلى [ بيع الوفاء ] القوانين العربية الأخرى.
__________
(1) - المخارج في الحيل / محمد بن الحسن الشيباني [ ت سنة 189 هـ ]. [ أعادت طبعه بالأوفست مكتبة المثنى في بغداد عن طبعة يوسف شخت سنة 1930م ].
(2) - كتابنا : مشايخ بلخ – 2 / 810 نقلاً عن الفتاوى البزازية.(1/6)
ثانياً – تجويز البعض لبيع الاستغلال، وهو : [.. بيع وفاء على أن يستأجره البائع ] م 119 مجلة الأحكام. يقول علي حيدر أفندي في شرحه لهذه المادة : [ وبعبارة أوضح أن بيع الاستغلال هو : بيع الوفاء الذي يشترط فيه استئجار البائع المبيع من المشتري، يفهم من هذا – بأن بيع الاستغلال مركب من بيع وفاء وعقد إجارة.. عن فتاوى إبي السعود في البيع -، فلو باع لشخص داره المملوكة له لآخر بعشرة آلاف قرش على أن يردها له عند إعادته الثمن، وعلى أن يؤاجرها له، وبعد إخلاء الدار وتسليمها للمشتري استأجرها البائع من المشتري بألف قرش لمدة سنة.. فهذا البيع هو بيع استغلال، والألف قرش غلة البيع هي الفائدة التي تعود على المشتري من المبيع ](1).
ثالثاً – تجويز البعض لبيع العِينة(2)، ومما قاله البعض في تفسيرها : [ أن يأتي الرجل المحتاج إلى آخر، ويستقرضه عشرة دراهم، ولا يرغب المقرض في الإقراض طمعاً في فضلٍ لا يناله بالقرض، فيقول : لا أقرضك.. ولكن أبيعك هذا الثوب إن شئت باثني عشر درهماً، وقيمته في السوق بعشرة، فيرضى به المستقرض فيبيعه كذلك، فيحصل لرب الثوب درهمان وللمشتري قرض عشرة](3).
…وقال بعض فقهاء الحنفية بالكراهة، وأنكره آخرون منهم، وقد ناقش بعدئذٍ مسألة القول بالكراهة، وردَّها بفروعٍ أخرى معارضة لها(4).
__________
(1) - الدرر – 1 / 98. [ مرجع سابق ].
(2) - وبيع العِينة في تفسيره أقوال ، وغاية ما فيه هو : محاولة إسقاط الربا من البين ، والآن تتعامل ببعض أنواعه المصارف الإسلامية، وما أثاره تعاملها من نقاشات حادَّة.
(3) - رد المحتار – 5 / 273 [ مرجع سابق ].
(4) - ردِّ المحتار - المرجع السابق / الموضع نفسه و ص 325.(1/7)
وغاية ما يقال في الكراهة : صحة العقد مع فوات الأجر الأخروي، فأثرها أخرويٌّ فقط(1)، والأخذ بحكم التقوى يلزم تركها، وفي حكم الفقه ليس ملزماً.
رابعاً – أمورٌ أخرى تعامل بها حتى بعض فقهاء المذاهب، وهي قريبة من بيع الاستغلال، بحيث استند إلى بعضها [ محمد طلعت حرب ](2) عند تأسيسه لـ [ البنك الوطني المصري ](3).
خامساً – بعض السبل الأخرى التي وردت عن بعض الفقهاء لأجل إسقاط الربا من غير ما ذكرنا، منها :
أ. ما أورد كثيراً منه ابن عابدين في حاشيته، وما نقلناه في رسالتنا : مشايخ بلخ من الحنفية وما انفردوا به من المسائل الفقهية(4).
__________
(1) - الوجيز في أصول الفقه / أستاذنا د. عبد الكريم زيدان – 36 إلى 27. [ ط1 دار النذير للطباعة والنشر والتوزيع / بغداد 1382 هـ = 1962 م ].
(2) - محمد طلعت بن حسن بن محمد حرب : زعيم مصر الاقتصادي ، أنشأ يعض الشركات ، ثم أنشأ البنك الوطني المصري وألحق به شركات ضخمة ، وفتح له فروعاً ، وللمترجم بعض المؤلفات.. ت سنة 1941 م. [ الأعلام للزركلي – 9 / 45 ].
(3) - ردِّ المحتار على الدر المختار – 4 / و 5 / 166 إلى 167[ مرجع سابق ] ، مشايخ بلخ – 2 / 795 ، المسألة 552 [ مرجع سابق ].
(4) - ردِّ المحتار – 5 / 265 [ مرجع سابق ] ، وكتابنا : مشايخ بلخ – 2 / 795 وما بعدها ، المسألة 552 [ مرجع سابق ].(1/8)
ب. واحتيالهم لإسقاط الربا مادام ذلك ممكناً، ففي حاشية ردِّ المحتار نقلاً عن الهداية : [ لو تبايعا فضةً بفضة، أو ذهباً بذهب، ومع أقلهما شيء آخر تبلغ قيمته باقي الفضة جاز من غير كراهة، وإن لم تبلغ فمع الكراهة، وإن لم يكن له قيمة لا يجوز البيع لتحقق الربا إذ الزيادة لا يقابلها عوض... إنما كرَّهه محمد خوفاً من أن يألفه الناس ويستعملوه فيما لا يجوز، وقيل.. لأنهما باشرا الحيلة لإسقاط الربا كبيع العِينة فإنه مكروه ](1).
×××××××××××××××××××
فكل ما تقدم يعطيناً مؤشراً.. هو : أن الناس لم يزالوا يحتاجون إلى المال، وأن الأغنياء لم يزالوا شحيحةً أنفسهم بمداينة الآخرين، فكل هذا دعا الناس والفقهاء إلى الخروج من المأزق بتوفيق : ظنوا أنهم ابتعدوا فيه عن الربا، وأنهم حققوا لصاحب المال [ تعويضاً ] معقولاً.
وفي ظني / أن محاولاتهم تلك لم تحقق المطلوب بالشكل الذي يبتعدون فيه عن الربا تماماً أو عن شبهته.
وها نحن ندلي بدلونا عسى أن نوفق فيما أخفق به الآخرون
×××××××××××××××××
وعلينا أن نعرف أموراً لنصل إلى مبتغانا.
[ الأمر الأول ]
تعريف الربا
ففي اللغة.. الربا : مصدر.. ربا، يربو، و[ ربا ] الشيء : زاد، ونما.. ومنه : قوله تعالى : {.. وترى الأرض هامدةً فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كلِّ زوجٍ بهيج }(2)، وقوله تعالى : {.. أن تكون أمَّةٌ هي أربى من أمة.. }(3)، وقوله تعالى : { وما آتيتم من رباً ليربو في أموال الناس فلا يربو عند الله }(4).
__________
(1) - ردِّ المحتار على الدر المختار – 5 / 265 [ مرجع سابق ] ، وراجع كتابنا : مشايخ بلخ من الحنفية وما انفردوا به من المسائل الفقهية – 2 / 795 المسألة 552. [ مرجع سابق ].
(2) 35- الحج / 5.
36 - النحل / 92.
37- الروم / 39.(1/9)
فالآية الأولى تعني : تحركت، وارتفعت، وازدادت عما كانت من قبل نزول الماء(1).
والآية الثانية تعني : أن تكون أمة أكثر عدداً ومدداً وقوةً من الأخرى، فإن [ أربى ] اسم تفضيل، أي : أكثر زيادة(2).
والآية الثالثة تعني : أن كلَّ ما أعطيتموه لأكلة الربا لتزيد أموالهم وتنمو بها، فإن الله يمحقه، ولا يُبارك فيه(3).
والربوة : المكان الزائد على غيره في الارتفاع(4).
×××××××××××××
وفي الاصطلاح : يعرفون كلاً من نوعيه بما يناسبه، وهما..
الأول / ربا الفضل، وهو : زيادة أحد البدلين المتجانسين في عقد معاوضةٍ، من غير أن يقابل الزيادة عوضٌ ما.
الثاني / ربا النسيئة، وهو : الزيادة المشروطة في العقد(5)، من دون مقابل غير الزمن في القرض، والنفع الزائد من غير عوض في غيره (6).
وعن ابن عابدين – من متأخري فقهاء الحنفية - : [ فضلٌ خالٍ عن عوضٍ بمعيار شرعيٍّ مشروط لأحد العاقدين في المعاوضة ](7).
[ الأمر الثاني ]
أدلة التحريم
وهذه الأدلة كثيرة، حتى أصبح تحريم الربا من الأمور المعروفة من الدين بالضرورة، ولا يُعذر مسلمٌ بالجهل بذلك.
__________
(1) 38 – مختصر تفسير الطبري – 332.[ ط7 دار الفجر الإسلامي / دمشق وبيروت 1995 ].
39- مختصر تفسير الطبري – 277. [ مرجع سابق ].
(3) 40- مختصر الطبري – 408 [ المرجع السابق ].
(4) 41- الاختيار لتعليل المختار / – 2 / 30 [ مرجع سابق ].
(5) - الاختيار – 2 / 30 [ مرجع سابق ].
(6) - الجزء الأخير من إضافتنا ، وتقتضيه طبيعة هذا النوع من الربا .
(7) - تنوير الأبصار وشرحه الدر المختار وحاشية ردِّ المحتار على الدُّر المختار / المتن وشرحه لمحمد علاء الدين بن علي الحصكفي [ ت سنة 1088 هـ ] ، والحاشية للسيِّد محمد أمين بن عمر بن عبد الرحيم بن عابدين مفتي الحنفية بالشام [ ت سنة 1252 هـ ] – 4 / 168. [ ط2 مكتبة ومطبعة البابي الحلبي – القاهرة 1368 هـ = 1966 م ] ، راجع : الاختيار - الموضع السابق.(1/10)
ومن هذه الأدلة التحريمية :
أولاً / قوله تعالى : { الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظةٌ من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون * يمحق الله الربا ويُربي الصدقات والله لا يُحب كل كفَّارٍ أثيم*... * يا أيها الذين آمنوا اتَّقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين* فإن لم تفعلوا فأذنوا بحربٍ من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تُظلمون* وإن كان ذو عُسرةٍ فنَظِرةٌ إلى ميسرة وأن تصدَّقوا خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون * }(1).
ثانياً / قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافاً مضاعفة واتقوا الله لعلكم تفلحون * واتقوا النار التي أعدَّت للكافرين * وأطيعوا الله والرسول لعلكم تُرحمون }(2).
والمروي عن الإمام أبي حنيفة رحمه الله قوله : [ هذه أخوف آيةٍ في القرآن، لأن الله حذرهم من النار التي أعدت للكافرين ](3).
وهذه الآيات وغيرها مما لم نذكره هي في.. ربا النسيئة.
وتحريم ربا الفضل مما ورد في السنة المطهرة، تجدها في مظانِّها، ولما كان أمر هذا النوع لا يعنينا هنا، فنترك هذه الأدلة الآن.
×××××××××××××××××××
[ الأمر الثالث ]
صور ربا النسيئة وبدائلها
فمن صوره :
…أ. وهي الصورة الأشهر : وهي أن يقرض مبلغاً من المال، ويعاد بزيادة تحتسب مقترنةً بالمدة، ولها نسبة محددة، كأن يكون عن كل مائة دينار شرعي ذهبي كذا حبة في العام، أو الشهر، أو الأسبوع، أو اليوم، وقد تكون حتى في الساعة!
__________
(1) 45- البقرة / 275 إلى 280.
46- آل عمران / 130 إلى 132.
47- نقلاً عن : التعامل التجاري في ميزان الشريعة / الدكتور يوسف قاسم – 106 [ دار الفجر الإسلامي / دمشق وبيروت ط7 1995 ].(1/11)
ب. وقد تشترط زيادة في عقدٍ من العقود، وقد تكيَّف على أنها ربا، وذلك : لعدم ورودها بالشرع، ولا هي مقتضى عقدٍ، ولا مؤكدة لمقتضاه، ولا جرى فيها تعارف صحيح(1)، مثال ذلك
__________
(1) - الوجيز في أصول الفقه / أستاذنا د. عبد الكريم زيدان – 51 [ مرجع سابق ] ، وقد أخذ بهذا القانون المدني العراقي في المادة [ 131 / 1 ] ، ولكنه أخذ بالرأي الذي يجيز اقتران العقد بشرط فيه نفعٌ لأحد العاقدين في المادة [ 131 / 2 ] ، وكلتا الفقرتين مأخوذتان عن : مرشد الحيران في أحوال الإنسان / لقدري باشا ، وهو مشروع قانون على غرار المجلة لكن لم يأمر السلطان به ، فبقي مشروعاً. أما مجلة الأحكام العدلية فقد تكلمت عن الشروط المقترنة بالعقد في المواد ، من : 187 إلى 189 ، لكنها أخذت في المادة الأخيرة بالرأي القائل : بجواز العقد وبطلان الشرط.(1/12)
من باع داراً بيعاً منجزاً مع التقابض، لكن يشترط البائع في إيجابه أو قبوله على المشتري السكنى في الدار لمدة معينة، فهذه زيادة مشروطة بالعقد، لا تطيب إلاَّ : بدفع الأجرة.. أو السماح من البائع بعد تمام البيع واستلام الدار، فذلك من حقِّه، وقبله ما هو إلاَّ بيعٌٌ وشرط، وهو منهيٌّ عنه بنصوصٍ كثيرة(1).وفيه ذلك خلاف : فبعضهم قال بجوازهما، وبعضهم قال بإلغائهما، وبعضهم صحح العقد وألغى الشرط(2).
وقد يبيع أحدهما شيئاً، ويلزم البائع ببيع شيء آخر له، أو يردد الثمن للنسيئة وللحاضر.. فذلك بيعتان في بيعةٍ، وقد نهى عنه رسول الله عليه الصلاة والسلام(3).
__________
(1) - كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال / علاء الدين علي المتقي بن حسام الدين الهندي [ ت 975 هـ ] – 4 / 171 و 173 الحديث : 10022 [ مؤسسة الرسالة – بيروت 1409 الموافق 1989 م باعتناء الشيخين : بكري حيَّاني وصفوة السقا ] ، الجامع الصفير في أحاديث البشير النذير / جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي [ ت سنة 911 هـ ] – 2 / 192. [ مكتبة ومطبعة المشهد الحسيني – القاهرة بلا تأريخ ] .
(2) - فتح القدير – 5 / 214. [ نقلاً عن : محاضرات في أصول الفقه / الشيخ بدر متولي عبد الباسط – 1 / 42 ط1. [ دار المعرفة – بغداد ] ، ونقلنا قبلاً ما أخذ به القانون المدني العراقي من تجويز الشرط الذي فيه نفع لأحد العاقدين.
(3) - كنز العمال – 4 / 78 [ مرجع سابق ] ، راجع الحديثين : رقم 9613 و 9614 ، ونص الأول : { من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما } ، ونص الثاني : { نهى عن بيعتين في بيعة } ، الجامع الصغير في أحاديث البشير النذير – الموضع السابق [ مرجع سابق ] .(1/13)
وكذلك بيع [ الكاليء بالكاليء ]، وهو بيع الدين بالدين، وهو منهيٌّ عنه بنص الحديث، لما في ذلك من شبهة الربا(1).
وقد يتعاقدان على شيءٍ، ويلزم أحدهما الآخر شرطاً من الشروط، وهو ليس مما تتوفر فيه الحالات الأربع، كأن يشتري منه على أن يعمل عنده بأجرٍ.. فذلك بيع وشرط، وهو منهيٌّ عنه بنص الحديث الشريف(2).
وقد تكون للربا صورُ أخرى لا تحصى، لكننا سوف نقتصر على صورتين، هما:
الصورة الأولى / الاستدانة بالقرض الحسن من غير ربا، أو تنسيء بدل من بدلات العقود التبادلية، أو تقسيط البدل على دفعات فيها نوع تباعد، أو قيمة المغصوب أو المسروق.. الخ، مما لم يجرِ تسديده تواً.
فإذا اختلفت [ قيمة ] النقد عند التسديد، صعوداً أو نزولاً، فيصاب أحد الطرفين بالضرر – بحسب الأحوال – على ما سنفصله.
الصورة الثانية / وهي الأشهر في التعامل، وتكون بإقراض نقدٍ مع الشرط بإعادته أزيد مما أخذ، وبأيِّ صورة كانت هذه الزيادة : مقطوعة، أو مرتبطة بالمدة. وفيما يلي التفصيل في ذلك...
[ الصورة الأولى ]
الأموال مما يحتاجه الإنسان احتاجاً ضرورياً متكرراً، فإذا لم تكن لديه السيولة النقدية اللازمة، فتسد الحاجة بـ :
باللجوء إلى من يعينه بالإقراض الحسن من غير فائدة.
وتسد الحاجة في حالة شراء السلع والخدمات من الغير مع عدم توفر الثمن نقداً، فيتم تسديد البدلات بالنسيئة، أو بالأقساط طويلة المدى، فيكون ما بذمته [ ديناً ] في الذمة.
وقد يجب بذمته مالٌ مثليٌّ بسببٍ من أسباب الضمان، فيتعسر عليه دفعه فيكون [ ديناً ] في الذمة أيضاً.
__________
(1) - الجامع الصغير في أحاديث البشير النذير - الموضع السابق [ مرجع سابق ] ، كنز العمال – 4 / 77 و 172[ مرجع سابق ] ، الحديثان : رقم 9606 و رقم 10025.
(2) - الجامع الصغير – الموضع السابق. [ مرجع سابق ] ، شرح مسند أبي حنيفة / الملا علي القاري. [ دار الكتب العلمية – بيروت بلا تأريخ ].(1/14)
ومن المعلوم أن القرض هو : هو إعطاء المال المثلي بشرط إعادة مثله لا عينه، أو الاتِّفاق على دفع قيمة القيمي بمثليٍّ مؤجل(1).
و[ الدَيْن ] أوسع من القرض، فالقرض أحد أسباب نشوء [ الدين ]، وأسبابه كثيرةٌ – كما أسلفنا -، وقد يُعقد عقد القرض من غير قبضٍ.. فلا يكون ديناً (2).
فإذا تغيرت [ قيمة النقد ] هبوطاً، فهل يدفع عن الدين القيمة ؟، أم العدد من النقود نفسها التي ترتبت ديناً في الذمة ؟.
البدائل / في دفع ذلك الضرر وسائل، منها :
__________
(1) - راجع : المختار للفتوى وشرحه الاختيار لتعليل المختار – 2 / 63 [ مرجعان سابقان ].
(2) - أحكام القرآن / لأبي بكر أحمد بن عليِّ الرازي المعروف بالجصاص الحنفي [ ت سنة 370 هـ ] – 1 / 483 [ طبعة مصورة بالأوفست عن ط1 المطبوعة بمطبعة الأوقاف الإسلامية 1325 – والمصورة سنة 1986 م / دار الكتاب العربي ].(1/15)
ما ذهب إليه : الإمامان أبو يوسف القاضي ومحمد بن الحسن الشيباني – تلميذا الإمام أبي حنيفة – إلى : وجوب دفع قيمة الدين من نقد لم يكسد عن نقد كاسد، وكذلك ثمن المبيع المؤجل إذا تغيرت قيمة النقد.. إمَّا مطلقاً على قولٍ أو في الفلوس وهي من غير الذهب والفضة في قولٍ، [ وبه يفتى رفقاً بالناس ].. وفي هذه المسألة تفصيلات أخرى نافعة أوردها ابن عابدين في رسالته [ تنبيه الرقود ] (1)، وما كان من غير المعدنين [ الذهب والفضة ] تلحق بها النقود الورقية الآن، حيث قرر في درر الحكام كونها تشبه عروض التجارة، ولا يجري فيها التفاضل عند المبادلة، ويتم تبادلها كيفما شاءا (2)، لأن ما هو مثلها [ إنما جعلت ثمناً بالاصطلاح ](3).
أقول / أرأيت تبديل النقود الورقية في بلدٍ ما، فإنه تبطل ثمنيتها، وتكون لها أثمان أخرى قيمية.. كشرائها على أنها تحف أو للذكرى وغيرهما، في حين لم تبطل أقيام المسكوكات بعد إبطال العمل بها، بل قد يزداد سعرها كمصوغٍ نادر !، وهذا ما نشاهده في أسواق الذهب المحلية التي تبيع الليرات الذهبية العثمانية.
وأقول / دفع القيمة هذا لا يعدُّ من [ الربا ]، لأن :
__________
(1) - بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للإمام علاء الدين بن أبي بكر بن مسعود الكاساني المعروف بـ [ ملك العلماء ] – 2 / 4982 [ مطبعة العاصمة / القاهرة – بلا تأريخ ] ، مجموعة رسائل ابن عابدين [ تنبيه الرقود على أحكام النقود ] - 2 / 56 إلى 61 [ دار إحياء التراث العربي / بيروت بلا تأريخ ].
(2) - درر الحكام شرح مجلة الأحكام – 1 / 101 [ مرجع سابق ].
(3) - مجموعة رسائل ابن عابدين – رسالة تنبيه الرقود / مرجع سابق – 2 /60.(1/16)
التعامل الآن هو بالنقود الورقية غير المغطاة بالذهب أو الفضة، بل بقوة اقتصاد كلِّ بلدٍ، فهي [ نقود ورقية ائتمانية ]، فهي ليست من [ الأوراق النقدية النائبة ] التي تمثل كميةً من الذهب والفضة مودعة في خزانة الدولة على شكل سبائك أو نقود، والنوع الأخير تتساوى قيمتاه الاسمية مع القيمة المعدنية(1).
إن الآية الكريمة تقول :
{.. فإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تُظلمون }(2).
وفي هذه الآية قاعدة جليلة، وإشارة لطيفة، وهي عودة المال المقترض إلى صاحبه من غير زيادة [ لا تظلمون ]، وفي ذات الوقت تكون الإعادة موازية للمأخوذ فـ [ لا تُظلمون ] بالنقصان من رأس المال (3)، فليس من العدل أن يُعاد مبلغ كان يساوي مجموعة من السلع والخدمات، ليعاد بعددٍ لا يأتي بمثل هذه السلع والخدمات، فإن كان المعاد يجلب منها ما هو أقل، فإننا نزيده – في العدد – إلى الحد الذي يوازي به المال المقترض في القيمة.
__________
(1) - الاقتصاد السياسي / د. أحمد فهمي – 2 / 38 إلى 41 وهذا الجزء مختصٌ بالنقود. [ ط1 مطبعة شفيق / بغداد – 1959 ].
(2) - البقرة / 279.
(3) - أحكام القرآن للجصاص [ مرجع سابق ] – 1 / 474.(1/17)
فإذا علمنا أن النقد هو : الصورة والمعنى، فلا يعني أن نسدد الدين بأحد العناصر دون الآخر، فالتسديد بذات العدد هو مماثلة في [ الصورة ]، وإذا راعينا الصورة فسنراعي [ القيمة ] أيضاً، وهي المراعاة في المعنى(1).
الإتِّفاق - عند نشوء الدين – على وسيلة لمعالجة اختلاف القيمة، وفي ذلك احتمالات :
أ. أن يتصالحا فيما بينهما على تعويض ما حصل، فذلك صلحٌ، و {.. الصلح خير.. }(2)، ولا يعد هذا ربا، وذلك : لعدم اشتراطه محدداً بالمقدار، أو بالنسبة المرتبطة بالمدة.. فيجوز، أي : قد تكون هناك زيادة تتم بعد الدين، وتكون بسبب عقد الصلح، ولا تتوافر فيها شروط الربا المنصوص عليها في عقد الربا، بل هو من الأداء الحسن – على ما سيأتيك-.
ب. أن يشترطا التعويض بالعقد في حالة تغيُّر القيم، وقد يرسما طريقاً لذلك(3).. فذلك جائز أيضاً، ولا يعد ربا لعدم اشتراط المبلغ المحدد على كل حال، أو ربطه بالمدة بحيث يتكرر بتكررها، وهو من الأداء بإحسان – على ما سيأتيك -.
ج. أن يتبَّع في ذلك ما ستبينه في الصورة التالية :
[ الصورة الثانية ]
__________
(1) - كشف الأسرار شرح المنار في أصول الفقه // لأبي البركات عبد الله بن أحمد المعروف بحافظ الدين النسفي [ ت سنة 710 هـ ] ، مع نور الأنوار / للشيخ أحمد المعروف بملا جيون بن أبي سعيد بن عبد الله الصدِّيقي الميهوي [ ت سنة 1130 هـ ] - 1 / 354 [ طبعة مصورة بالأوفست عن ط1 في المطبعة الأميرية الكبرى – بولاق 1316 هـ ] ، نثار العقول في علم الأصول / لكاتب البحث – 233.[ مجموعة محاضرات لطلبة الصف الرابع في كليَّة القانون في جامعة بغداد / مطبوعة على الآلة ومصورة سنة 1992 م ].
(2) - النساء / 128.
(3) - كالتحكيم بالرجوع إلى أهل الخبرة ، أو إلى مؤسسةٍ مختصةٍ.. كغرفة التجارة وشبهها ، أو إلى العرف – إن كان هناك عرفُ متبَّع : متوارث ، وعام.(1/18)
وهي الصورة العادية والأكثر حدوثاً، والسبب الأظهر لنشوء المديونية، وهو [ القرض ]، بأخذ مثلي على أن يعاد مثله، في موعد محدد، وإن لم يحدد الموعد فيكون وقت المطالبة وقتاً للأجل، والأشهر والأكثر تعاملاً في استقراظ المثلي هو اقتراض النقود.
فإن أقرض مسلمٌ أخاه المسلم مبلغاً على سبيل الإعانة، وهو المسمى بـ [ القرض الحسن ]، فإن عدم مظلوميته التي أشار إليها القرآن الكريم تقتضي: ألاَّ يعاد له مبلغ القرض بالعدد بل بالقيمة – كما سبق بيانه – حتى تتماثل الصورة والمعنى ، وينبغي أن يكون التحديد للقيمة في وقت التسديد، حتى لا يصاب الدائن بالضرر، والضرر مدفوع – ما هو معلوم –.
ونقترح / طريقة لتقييم القيمة وكالآتي :
أن تؤخذ وحدة قياسية من النقد، وينظر ما الذي تأتي به من : سلع رئيسية في بلد الدائن وقت نشوء الدين، وينظر بكم تشترى تلك السلع في وقت التسديد.. فتلك هي قيمة الوحدة القياسية، ثم تضرب بعدد الوحدات المترتبة في الذمة، فيكون هو الدين.
×××××××××××××××××
لكن قد لا يكون هناك تغيُّر في القيمة، بل الأسعار ثابتة لم تتغير، وكذلك الأقيام، فنحن أمام خيارين - ونحن سنقترح الثالث - وهي :
امتناع الأغنياء عن الإقراض، لما يسببه لهم من حرمان من نتاجها بأي نوعٍ من الأنواع المشروعة للكسب بالمال … وفي هذا سدٌّ لباب الإحسان، ورواج عدم التعاون على البر والتقوى، وفي ذلك ما فيه.
اللجوء إلى الربا، بأخذ مالٍ لأجل بزيادة محددة، [ فيكون مشترياً لأجلٍ بمال ](1)، وهو وقوع في الحرام، وفيه ما فيه.
إذن / ينبغي الخروج من ذلك بحلٍ لا يقطع سبيل الإحسان، وعدم الوقوع في الربا المحرَّم، وهذا ما نسلكه في مقترحنا في السبيل الثالث :
__________
(1) - شرح معاني الآثار / مرجع سابق – 4 / 65.(1/19)
البديل عن الربا في هذا النوع / وهو أن يُعوَّضَ صاحب الدين – قرضاً أم غيره – تعويضاً مناسباً، وذلك إما : بالنص عليه في العقد، أو اللجوء إليه حتى في حالة عدم النص عليه…وهو :
[ تعويضه عمَّأ فاته من نفعٍ، وما أصابه من ضرر ]
وهذا مأخوذٌ من الفقه القانوني، من ذلك ما ورد في القانون المدني العراقي في المادة [ 207 ]، ونصها :
[ 1. تقدر المحكمة التعويض في جميع الأحوال بقدر ما لحق المتضرر من ضرر وما فاته من كسبٍ.... ]، وهذه الفقرة تقابل المادة [221 / ف1] من القانون المصري، والمادة [ 222 / ف1 ] من المدني السوري(1)، والمادة [ 266 من المدني الأردني ](2).
×××××××××××××
على أنَّ ما أصاب القرض من ضرر.. هو : أمرٌ مفترض، فإن مجرد توفر المال بين يدي صاحبه هو نفعٌ لا شك فيه، وعكسه ضرر ثابت، ففقدانه للسيولة النقدية، وشعوره بافتقار الذمة.. فهو ضرر لا شك فيه، فنفترض حصول الضرر بكل حال عند التخلي عن المال لصالح الغير.
وأما : ما فاته من نفع.. كفوات صفقةٍ كان من الممكن تمامها لو كان المال الذي أقرضه بحوزته، أو ترتب دين عليه ما كان ليحصل لو كان قادراً على التسديد عند نشوئه، بسبب عدم توفر المال الحاضر [ السائل ] عنده.. فهذا أمرٌ يحتاج إلى إثبات – وفق قواعده المعروفة -، لعدم تحققه في كلِّ الأحوال.
[ الأمر الرابع ]
استدلالنا لمشروعية المقترح
الاستدلال الأول / وهو ما سبقت الإشارة إليه مما ورد في آية الربا في قوله تعالى : {.. فإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تُظلمون}.
فإذا أبعدنا الربا من البين بكسر شروطه أو واحدٍ منها، لم يكن المستوفى ربا.
__________
(1) - تخريج القانون المدني العراقي / علاء الدين الوسواسي وعبد الرحمن العِلاَّم – 28 [ مطبعة العاني / بغداد 1953 م ].
(2) - المذكرات الإيضاحية للقانون المدني الأردني / المكتب الفني في نقابة المحامين الأردنية [ مطبعة التوفيق – عمان بلا تأريخ ].(1/20)
أرأيت.. قوله تعالى : {.. فمن عُفي له من أخيه شيءٌ فاتِّباعٌ بالمعروف وأداءٌ إليه بإحسان ذلك تخفيفٌ من ربكم ورحمة فمن اعتدى بعد ذلك فله عذابٌ أليمْ }(1)، فمن سدد في المثلي أحسن مما اقترضه.. جاز، إذا لم يكن مشروطاً في عقد القرض.. نقداً أم عيناً.
الاستدلال الثاني / ويؤيده ما في السنة الشريفة :
فعن أبي رافع رضي الله عنه : { أنَّ رسول الله استسلف من رجلٍ بَكْراً، فقدمت عليه إبلٌ من إبل الصدقة، فأمر أبا رافع أن يقضي الرجل بَكْرَهُ، فرجع إليه أبو رافع فقال : لم أجد فيها إلاَّ جَمَلاً خَياراً رباعياً، فقال عليه الصلاة والسلام : أعطه إيَّاه، إنَّ خَيَار الناس أحسنهم قضاءً }(2).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : { كان لرجلٍ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم دينٌ فتقاضاه فأغلظ عليه، فأقبل عليه أصحاب النبيِّ عليه الصلاة والسلام وهمُّوا به.فقال النبيُّ عليه الصلاة والسلام : ذروه فإن لصاحب الحقِّ مقالاً، اشتروا له سناً فأعطوه إياه فإن خيركم، أو من خيركم.. أحسنكم قضاءً }(3).
×××××××××××××
…الاستدلال الثالث / إنَّ الشروط التي تجعل الربا متحققاً – كما مرَّ بنا في تعريفه اصطلاحاً -، هي :
أن يكون المُقْتَرَض مثلياً.
أن يزيد المستوفى عن المُقْتَرَضْ.
أن تكون الزيادة مشروطة بالعقد.
__________
(1) - البقرة / 178.
(2) - شرح معاني الآثار / الإمام أبو جعفر محمد بن سلامة بن عبد الملك بن سلمة الأزدي الطحاوي الحنفي [ ت سنة 321 ] – ج4 / 59 [ دار الكتب العلمية ط2 - بيروت 1987 م - بتحقيق محمد زهري النجار من علماء الأزهر ].
(3) - المرجع السابق / الموضع السابق. وتقاضاه : أي طلب قضاء دينه ، وهموا به : أي أنهم أرادوا تأديبه ، والسَن : البعير المسن ، وأدناه ما كانت له سنتان.. ويبدو أن دينه كان جملاً أقل من ذلك قيمةً.(1/21)
وأن تكون مرتبطة بالمدة بالنسبة لإقتراض النقد، بحيث تتكرر الزيادة في كلِّ وحدةٍ زمنيةٍ متفق عليه بينهما، إذا لم يتم التسديد بانتهاء بلك الوحدة.. كالساعة، واليوم، والشهر، والسنة.أما دفع مبلغ مرتبطٍ بالمدة مع إعادة العين ذاتها، فلا يكون ربا.. بل هو أجرة.
أن يقع في المثلي استهلاكٌ للعين، ليكون التسديد بمثله، لا عينه.. وإلاَّ كانت إعارة.
وعليه /
فإذا لم تتوفر عناصر الربا، كان المدفوع إمَّا :
أداءٌ بإحسان.
أو.. تعويضٌ عما : أصاب المُقرض من ضرر، وما فاته من نفعٍ.
وعلينا أن نعلم أنَّ /
تعويض الضرر وفوات النفع، ومنه : الضرر الحاصل عند اختلاف سعر الصرف، أو انخفاض قيمة النقد.. لا يُعدُّ زيادة جرَّها قرض.. بل إنصاف المقرض المُحسن و { هل جزاء الإحسان إلاَّ الإحسان }(1)، وعدم قيام المقترض بظلم المُقرض.. أؤكد المقترض للمقرض، وبانتفاع المقترض على حساب المُقرض، وهو ما يسميه القانونيون بـ [ الإثراء أو الكسب بدون سبب ]، ويتمثل ذلك الإثراء بجانبين :
الأول / إثراء المدين.
الثاني / افتقار الدائن.
ثم يشترطون : وجود العلاقة السببية بين الإثراء والافتقار، وعدم وجود سببٍ شرعي – أو قانوني - لهذا وذاك.
وهم يتوسعون في الإثراء والافتقار ليشمل كلٌّ منهما : المعنويَّ منهما، كانتحال كتابٍ، أو طبعه بدون إذن صاحبه.. وأمورٌ أخرى.
__________
(1) - الرحمن / 60.(1/22)
وحكم ما تقدم – عندهم – هو [ التعويض = الضمان ]، وبحثوا وقت تقدير الافتقار والإثراء، وطرق تقديرهما.. ألخ(1).
وقد نقل في المرجع السابق أمثلة للكسب بدون سبب في الفقه الإسلامي، منها :
إذا حفر قبراً في مكانٍ يباح له الحفر فيه من غير ملكه، فالقبر لا ينبش، ويضمن الدافن قيمة حفر القبر.
السفينة الموقرة : وهي التي زاد حملها على تحملها، فتعرضت للغرق، واتفق الركاب على أنه لا ينجيها إلاَّ إلقاء بعض الأمتعة، فتقسم [ قيمة ] الأمتعة الملقاة عليهم وأدخل بعضهم صاحب المركب في تحمل حصَّة من الضمان، لأنه نجا من الغرق !(2).
الاستدلال الرابع / بعض الفروع الفقهية :
فنقلت المذكرات الإيضاحية عن فتاوى قاضيخان من الحنفية : [ لو غصب عجلاً فاستهلكه، وتسبب عن ذلك يبس لبن أمه، قال أبو بكر البلخي : يضمن قيمة العجل، ونقصان الأم، وإن لم يفعل في الأم شيئاً ](3).
قلت/ وهذا تطبيق واضح لفكرة : الضرر المباشر، وفوات النفع.
×××××××××××××××
__________
(1) الموجز في شرح القانون المدني العراقي – 1 / 522 وما بعدها. [ مرجع سابق ] ، وراجع المواد : 74 و 1506 و732 – الجزء الأخير – و902 من مجلة الأحكام العدلية ، والمواد من : 233 إلى 243 من القانون المدني العراقي ، والمواد من : 179 إلى 182 من القانون المدني المصري ، والمواد من : 180 إلى 187 من القانون المدني السوري ، والمواد من : 293 إلى 310 من القانون المدني الأردني.. وفي المادة 266 من القانون المدني الأردني : [ يقدَّر الضمان في جميع الأحوال بقدر ما لحق المضرور من ضررٍ وما فاته من كسب.. ].
(2) - الموجز في شرح القانون المدني العراقي – 1 / 520 [ مرجع سابق ].
(3) - المذكرات الإيضاحية للقانون المدني الأردني [ مرجع سابق ] – 1 / 278.(1/23)
بل قد نتوسع في فكرة التعويض لتشمل [ الضرر الأدبي ] الذي قد يُصاب به المُقرض نتيجة تخليه عن ماله للغير، ومنه : الشعور بالحرج، أو الخجل.. إذا أراد القيام بعملٍ يرفع من قيمته الاجتماعية، أو لا يحطُّ منها. كمن عجز عن التبرع بمبلغ كبير يتناسب وسمعته المالية لمنكوبين في كوارث طبيعية، أو عدم قدرته على استضافة أشخاص يلزمه استضافتهم.. ويكون عاجزاً عن كلِّ ذلك.
والتعويض الأدبي أو المعنوي مما قرره فقهاؤنا الأقدمون، ففي مبسوط السرخسي في الفقه الحنفي.. ما نقله عن محمد بن الحسن الشيباني - من أبرز تلاميذ الإمام أبي حنيفة – في الجراحات التي تندمل على وجهٍ لا يبقى لها أثر، أنه : [ تجب حكومة العدل بقدر ما لحقه من ألم ](1).
×××××××××××××××××××
وفي منهجية البحث لدى المسلمين، أن المستدل عليه أن : يهدم دليل الخصم – بعد إيراد دليله مقابل دليل خصمه - ليسلم له دليله(2)..
وإذن.. فعلينا الآن : الرد على استدلال المخالف /
وما استدل به البعض من القول الشائع : { كلُّ قرضٍ جرَّ نفعاً فهو ربا } ونسبوه إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام، فالكلام فيه من وجوه :
__________
(1) - المبسوط / للإمام شمس الأئمة السرخسي - 26 / 81. [ ط2 دار المعرفة للطباعة والنشر – بيروت بلا تأريخ ] ، ونقلت المذكرات الإيضاحية عن فقه المذاهب الأخرى نصوصاً تدل على ذلك - المذكرات – 1 / 298. [ مرجع سابق ].
(2) - كشف الأسرار شرح المنار / للنسفي – 1/ 42.. ونلاحظ اتِّباعه لهذا في مواضع كثيرة أخرى . [ مرجع سابق ].(1/24)
الوجه الأول / لم يرد هذا القول في : الصحاح، ولا في المسانيد المعتبرة، وجِماع ما ورد في نسبته إلى الرسول عليه الصلاة والسلام هي.. رواية الحارث بن أبي أسامة في مسنده عن عليٍّ ورفعه. ونقل العجلوني عمن سبقه من العلماء قولهم : [ وإسناده ساقط ](1).
الوجه الثاني / هذا القول معارضٌ بالآية الكريمة التي شبق الاستدلال بها، وهي : {.. فاتِّباعٌ بالمعروف وأداء إليه بإحسان.. }.
الوجه الثالث / هذا القول معارضٌ بما ورد من أحاديث شريفة استدللنا بها آنفاً، وهي تفسر الآية الكريمة المذكورة في الوجه السابق.
الوجه الرابع / وعلى فرض الثبوت، فيكون هناك دليلان متعارضان، والخروج من التعارض يكون بطريقين :
الأول – هذا القول الذي أسميناه حديثاً تنزلاً، فيجب البحث في : تقييده للإطلاق في الآية – وهي مطلقة -، أو تخصيصه للعموم – ولا عموم في الآية -، ولما كان هو حديث آحاد فهو ظني الثبوت، ولا يمكن للظنيِّ : تقييد المطلق، ولا تخصيص العام، لكونهما قطعيان. فضلاً عن شروطٍ أخرى ينبغي توافرها للقول بالتقييد.. كاتِّحاد الحكم، واتِّحاد السبب – وهما غير متوفرين -، والمقارنة ليكون كذلك وإلاَّ كان ناسخاً.. كما هو معلومٌ في الأصول. كما لا يصلح مخصصاً للآية لكونه ظنيٌّ وهي قطعيةٌ، وعدم وجود المقارنة في الزمن.. وبالتالي يكون ناسخاً لو توفرت شروط النسخ، وهي ليست كذلك.
__________
(1) - كشف الخفا ومزيل الإلباس عمَّا اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس / للشيخ إسماعيل بن محمد العجلوني الجرَّاحي [ ت سنة 1162 هـ ] – ج2 / 125 [ ط3 دار إحياء التراث – بيروت ].(1/25)
الثاني - اللجوء إلى [ دلالة المقتضى ]، والتي تلزم بتقدير لفظ لكي يستقيم المعنى، [ فإن ذلك المقْتَضَى : أمر اقتضاه النص لصحة ما تناوله، فصار.. مضافاً إلى النص بواسطة المقتضى ](1)، كما في آية {.. فاقرؤا ما تيسر منه }، وحديث : { لا صلاة إلاَّ بفاتحة الكتاب }.. فيكون المعنى لا صلاة فاضلة أو تامَّة.
وهنا يكون التقدير بالنفع [ المشترط بالعقد ](2)، تساوقاً مع قاعدة : [ لا عموم للمقتَضى ](3)، وليس كلُّ نفعٍ .
وكذلك كون الهدف من الإقراض استغلال حاجة المحتاج أيَّاً كان ذلك المحتاج، و [ الحاجة تنزَّل منزلة الضرورة عامَّةً كانت أم خاصَّة ](4) القائمة عند الإقراض، وليست الحاجة التي تقوم عند الناس للتبادل التجاري والسلعي والخدمي الذي تتطلبه الحياة بطبيعتها، ولا تعتبر استغلالاً بل تلبيةً لحاجة..
ألم يجيزوا.. [ بيع الوفاء ](5) الذي أجازوه للضرورة، وقد كان ممنوعاً !.
وأجاز الشارع.. [ الاستصناع ] و [ السلم ].. وغير ذلك من أمثلة تجدها في مظِّانها(6).
__________
(1) - كشف الأسرار على المنار في الأصول– 1 / 359 [ مرجع سابق ].
(2) - ردِّ المحتار على الدر المختار / ابن عابدين – 5 / 166 [ مرجع سابق ].
(3) _ كشف الأسرار – 1 / 262 إلى 263[ مرجع سابق ].
(4) - المادة [ 32 ] من مجلة الأحكام العدلية ، ومجموعة قواعد الفقه / للسيِّد محمد عميم الإحسان المجددي البركتي [ معاصر ] - القاعدة رقم [ 108 ] ص 75 [ مير محمد كتبخانة – كراجي بلا تأريخ ].
(5) - سبق بيانه والأقوال فيه.
(6) - درر الحكام – 1 / 38.(1/26)
الوجه الخامس / ما ورد في الحديث الشريف من كون { لا ربا إلاَّ في النسيئة }، أي : التأجيل بعد الإقراض بسبب عدم القدرة على التسديد، وهو ربا القرآن، [ وذلك أن الرجل كان يكون له على صاحبه الدين، فيقول له : أجلني إلى كذا وكذا بكذا وكذا درهماً أزيدكها في دينك، فيكون مشترياً لأجلٍ بمال ](1)، فهو محصورٌ به.
الاستدلال الخامس / ما ورد في الفروع عن بعض الفقهاء، وقد سبق الإشارة إليها.
[ الأمر الخامس ]
خاتمة
إن هذا المقترح - لو أمكن تطويره – فإنه :
يدفع الاقتصاد الإسلامي إلى الأمام قدماً.
ويبعد عن الربا الذي يفر منه كل مسلم كما يفر أحدنا من الأسد.
ويحقق المنافع التي حققها الاقتصاد الغربي، من : تجميع الأموال، واستخراج المكتنزات.. وتحويلها إلى مدَّخرات منتجة.
زيادة الدخل القومي، الذي يخسر مبالغ كثيرة، بسبب : عدم قدرة الأموال الصغيرة على تحقيق مشاريع كبيرةٍ منتجة، وعدم القدرة على العمل عند كثيرٍ من أصحاب المدَّخرات، أو عدم المعرفة بطرق الإنتاج النافع.. فنجمع أموالهم بالإقراض الذي يأتيهم بنفع، ويشغِّل ما كان عاطلاً.
وتقدير الأمرين الأولين، نتبع فيه الأساليب التي بينَّاها في الصورة الأولى.
ملاحظة مهمة / إننا حين نبحث في بدائل جديدة لهذه المعضلة الكبيرة، بسبب كون العالم أجمع الذي لا ننفصل عنه يتعامل بها، ولما وصلنا إليه من أنَّ المداينات الكبيرة سوف تتوقف بإحجام الدائنين عنها، لكونهم سيجرمون أنفسهم من تلك المبلغ الكبيرة بلا مردود، فإننا نلاحظ الآتي :
وقوف مقترحات الخيِّرين عند الجانب الأخلاقي، والذي لا نجد له وجوداً في التعاملات الكبيرة، ونرى مقترحاتهم منحصرة في القرض الحسن وشبهه.
__________
(1) - شرح معاني الآثار – 4 / 65. [ مرجع سابق ].(1/27)
أو يقترحون مقترحات متواضعة جداً، كتأسيس ما أسموه [ بنوك بلا فوائد ] تتسلم المبالغ المتواضعة جداً لتجميعها في تلك البنوك، وهي محاولات محدودة الأثر، وضيِّقة النطاق(1).
أو وقوفهم عند الوسائل الموروثة للخروج من تلك الحرمة، كبيع العِينة.. والأمر بالشراء، ولم يحاولوا اقتراح بدائل جديدة تتناسب مع الواقع الحالي، والأسباب في ذلك كثيرة لا نريد الخوض فيها.
×××××××××××××
إن هذا الإسلام قد شرَّعه العليم الخبير، ولا يعقل أن يتخلف عن تحقيق ما تحققه الأنظمة الوضعية، لكن تفعيل أحكام هذا الشرع المبين، لا يتم إلاَّ بمواكبة ما يستجد، والاستفادة من كلِّ رأي، مع عدم التفريط بثوابت الشرع، من : حلاله، وحرامه... والحمد لله ربِّ العالمين ~~
…
…أ.د. محمد محروس المدرس الأعظميّ
…كلية التراث الجامعة / بغداد
قائمة المراجع والمصادر
1ـ القرآن الكريم.
[ بقية المراجع مرتبة حسب تقدم وفاة المؤلف ]
كتب متعلقة بالقرآن وعلومه /
2ـ أحكام القرآن / لأبي بكر أحمد بن عليِّ الرازي المعروف بالجصاص الحنفي [ ت سنة 370 هـ ] – [ طبعة مصورة بالأوفست عن ط1 المطبوعة بمطبعة الأوقاف الإسلامية 1325 – والمصورة سنة 1986 م / دار الكتاب العربي ].
3ـ المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم / محمد فؤاد عبد الباقي. [ دار الحديث – القاهرة 1422م = 2001 هـ ].
4 ـ مختصر تفسير الطبري.[ ط7 دار الفجر الإسلامي / دمشق وبيروت 1995 ].
كتب الحديث /
5 ـ شرح معاني الآثار / الإمام أبو جعفر محمد بن سلامة بن عبد الملك بن سلمة الأزدي الطحاوي الحنفي [ ت سنة 321 ]. [ دار الكتب العلمية ط2 - بيروت 1987 م - بتحقيق محمد زهري النجار من علماء الأزهر ].
__________
(1) - بنوك بلا فوائد / د. أحمد عبد العزيز النجار – كل الكتاب [ ط2 الدار السعودية - جدة 1404 هـ = 1984 م ].(1/28)
6ـ الجامع الصغير في أحاديث البشير النذير / جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي[ ت سنة 911 هـ ].[ مكتبة ومطبعة المشهد الحسيني – القاهرة بلا تأريخ ].
7 ـ كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال / علاء الدين علي المتقي بن حسام الدين الهندي [ ت 975 هـ ]. [ مؤسسة الرسالة – بيروت 1409 الموافق 1989 م باعتناء الشيخين : بكري حيَّاني وصفوة السقا ].
8 ـ كشف الخفا ومزيل الإلباس عمَّا اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس / للشيخ إسماعيل بن محمد العجلوني الجرَّاحي [ ت سنة 1162 هـ ]. [ ط3 دار إحياء التراث – بيروت ].
9 ـ شرح مسند أبي حنيفة / الملا علي القاري الحنفي. [ دار الكتب العلمية – بيروت بلا تأريخ / باعتناء الشيخ خليل الميس].
كتب أصول الفقه /
10 ـ كشف الأسرار شرح المنار في أصول الفقه // لأبي البركات عبد الله بن أحمد المعروف بحافظ الدين النسفي [ ت سنة 710 هـ ]، مع نور الأنوار / للشيخ أحمد المعروف بملا جيون بن أبي سعيد بن عبد الله الصدِّيقي الميهوي [ ت سنة 1130 هـ ] - 1 / 354 [ طبعة مصورة بالأوفست عن ط1 في المطبعة الأميرية الكبرى – بولاق 1316 هـ ].
11 _ محاضرات في أصول الفقه / الشيخ بدر متولي عبد الباسط – 1 / 42 ط1. [ دار المعرفة – بغداد ].
12ـ الوجيز في أصول الفقه / أستاذنا د. عبد الكريم زيدان [ معاصر ]. [ ط1 دار النذير للطباعة والنشر والتوزيع / بغداد 1382 هـ = 1962 م ].
13ـ نثار العقول في علم الأصول / د. محمد محروس المدرس [ كاتب البحث ]. [ مجموعة محاضرات لطلبة الصف الرابع في كليَّة القانون في جامعة بغداد / مطبوعة على الآلة ومصورة سنة 1992 م ].
كتب الفقه ومراجعه /
14ـ الاكتساب في الرزق المسنطاب / محمد بن الحسن الشيباني [ ت سنة 189 هـ ] صاحب الإمام أبي حتيفة – مطبعة دار الكتب العلمية. [ بيروت 1406 = 1986 م / بتحقيق الشيخ محمود عرنوس ].(1/29)
15 ـ المخارج في الحيل / محمد بن الحسن الشيباني [ ت سنة 189 هـ ]. [ أعادت طبعه بالأوفست مكتبة المثنى في بغداد – بلا تأريخ - عن طبعة يوسف شخت سنة 1930م ]
16 ـ المبسوط / للإمام شمس الأئمة السرخسي . [ ط2 دار المعرفة للطباعة والنشر – بيروت بلا تأريخ ].
17_ المختار للفتوى / عبد الله بن محمود بن مودود الموصلي – [ ط2 مطبعة البابي الحلبي/ القاهرة 1370 هـ = 1951 م بتحقيق الشيخ محمود أبو دقيقة ].
18- الاختيار شرح المختار للفتوى / عبد الله بن محمود بن مودود - مطبوع مع المختار للفتوى.[ ط2 مطبعة البابي الحلبي/ القاهرة1370هـ = 951 م بتحقيق الشيخ محمود أبو دقيقة ].
19ـ ردِّ المحتار على الدر المختار للعلاَّمة ابن عابدين الشامي الحنفي [ ت 1252 هـ ].[ مطبعة مصطفى البابي الحلبي - القاهرة 1966 م ].
20ـ تنوير الأبصار وشرحه الدر المختار / المتن وشرحه لمحمد علاء الدين بن علي الحصكفي [ ت سنة 1088 هـ ]، [ مكتبة البابي الحلبي - القاهرة 1368 هـ = 1966 م ].
21ـ مجلة الأحكام العدلية / مجموعة من علماء الدولة العثمانية – مرتبة على شكل مواد قانونية، وهي بمثابة القانون المدني بالاصطلاح المعاصر، وهي [ مأخوذة من أرجح الأقوال من مذهب السادة الحنفية ].
22ـ درر الحكام شرح مجلة الأحكام لعلي حيدر أفندي – أحد أعضاء لجنة وضع المجلة - [ طبعة مصورة بالأوفست لمكتبة النهضة- بغداد، عن طبعة المطبعة العباسية - حيفا 1925 م ].
23ـ مرشد الحيران في أحوال الإنسان / قدري باشا من علماء مصر، وهي مرتبة على شكل مواد قانونية كمشروع لتكون قانوناً، ولم يحصل التصديق عليها، بل صادقت الدولة على مجلة الأحكام العدلية.
24ـ مجموعة قواعد الفقه / للسيِّد محمد عميم الإحسان المجددي البركتي [ معاصر ].[ مير محمد كتبخانة – كراجي بلا تأريخ ].
بحوث فقهية حديثة /(1/30)
25_ مشايخ بلخ من الحنفية وما انفردوا به من المسائل الفقهية / د. محمد محروس عبد اللطيف المدرس – رسالة دكتوراه - [ المطبعة العربية – بغداد 1979م طبع وزارة الأوقاف العراقية ].
26 ـ التعاقد بالانترنيت ومدى تحقق مجلس العقد / د. محمد محروس المدرس الأعظمي [ كاتب البحث ]- مقدَّم إلى المجمع الفقهي الهندي – منضَّد على الكومبيوتر 2000 م.
27ـ المسؤوليات الإدارية في الأسرة / د. محمد محروس المدرس الأعظمي [ كاتب البحث ].[ عمَّان - دار الأعلام 2002 م ].
كتب اقتصادية /
28ـ الاقتصاد السياسي / د. أحمد فهمي - وهذا الجزء مختصٌ بالنقود. [ ط1 مطبعة شفيق / بغداد – 1959 ].
29ـ الاقتصاد السياسي / د. جابر جاد عبد الرحمن و د. عبد الرحمن الجليلي – 161 إلى 173. [ ط5 مطبعة الزهراء – بغداد 1956 م ].
كتب اقتصادية إسلامية حديثة /
30ـ بنوك بلا فوائد / د. عيسى عبده - 143 [ ط2 دار الاعتصام – القاهرة بلا تأريخ.
31ـ بنوك بلا فوائد / د. أحمد عبد العزيز النجار [ معاصر ] - [ ط2 الدار السعودية للنشر والتوزيع – مكة المكرمة 1404 هـ الموافق 1984 م ].
32ـ التعامل التجاري في ميزان الشريعة / الدكتور يوسف قاسم [ ط7 دار الفجر الإسلامي / دمشق وبيروت 1995 ].
33ـ الربا وخراب الدنيا / د. حسين مؤنس [ ط2 دار الزهراء للإعلام العربي – القاهرة 1406 هـ = 1986 م ].
قوانين وكتب قانونية /
34ـ القانون المدني العراقي.
35ـ القانون المدني المصري.
36ـ القانون المدني السوري.
37ـ القانون المدني الأردني.
38ـ تخريج القانون المدني العراقي / علاء الدين الوسواسي وعبد الرحمن العِلاَّم . [ مطبعة العاني / بغداد 1953 م ].
39ـ المذكرات الإيضاحية للقانون المدني الأردني / المكتب الفني في نقابة المحامين الأردنية [ مطبعة التوفيق – عمان بلا تأريخ ].
كتب التراجم /
40 ـ الأعلام / خير الدين الزركلي [ معاصر ]. [ ط3 خالية من تاريخ الطبع ومن موضعه ].
فهرست البحث(1/31)
تمهيد…3
[ الأمر الأول ]…13
تعريف الربا…13
[ الأمر الثاني ]…15
أدلة التحريم…15
[ الأمر الثالث ]…17
صور ربا النسيئة وبدائلها…17
[ الصورة الأولى ]…19
البدائل / في دفع ذلك الضرر وسائل، منها :…20
[ الصورة الثانية ]…23
البديل عن الربا في هذا النوع /…25
[ الأمر الرابع ]…27
استدلالنا لمشروعية المقترح…27
الاستدلال الأول /…27
الاستدلال الثاني /…27
الاستدلال الثالث /…28
الاستدلال الرابع /…31
الرد على استدلال المخالف /…32
الوجه الأول /…32
الوجه الثاني /…32
الوجه الثالث /…32
الوجه الرابع /…32
الوجه الخامس /…34
الاستدلال الخامس /…35
[ الأمر الخامس ]…36
خاتمة…36
قائمة المراجع والمصادر…38
1ـ القرآن الكريم.…38
كتب متعلقة بالقرآن وعلومه /…38
كتب الحديث /…38
كتب أصول الفقه /…39
كتب الفقه ومراجعه /…40
بحوث فقهية حديثة /…41
كتب اقتصادية /…42
كتب اقتصادية إسلامية حديثة /…42
قوانين وكتب قانونية /…43
كتب التراجم /…43
بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الأخ الشيخ محمد عبد الرحيم سلطان العلماء المحترم
مساعد عميد كلية الشريعة والقانون لشؤون البحث العلمي
رئيس اللجنة المنظمة للمؤتمر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ~~
دعائي لكم بـ : التوفيق ، والصحة ، ودام النفع ... وبعد :
فإني أرسل طيَّ كتابي نسخة مطبوعة من بحثي المتواضع : [ بدائل مقترحة عن الربا في المديونية ذات القيمة الكبيرة ] ، وقد سبقت موافقتكم على أن موضوعه يقع ضمن محاور مؤتمركم المزمع عقده ، وهو : [ المؤسسات المالية الإسلامية / معالم الواقع وآفاق المستقبل ] وأرفقت معه .. قرصاً مرناً وآخر مدمجاً ، وذلك من باب الاحتياط .
فضيلة الأخ الكريم .. أرجو أن أذكركم بما نحن عليه في العراق اليوم ، من : فقدان للأمن ، وللخدمات ، ولكافة الوسائل الأخرى .(1/32)
ولهذا فأرجو المسامحة فيما تجدونه في البحث ، من : سهو ، أو خطأ تعبيري ، أو طباعي ، أو فوات شيء ما .. فالحال من السوء بما لا يمكن وصفه ، فقد يكون أحدنا في أشد حالات الاستعداد النفسي والذهني للعمل .. وإذا : بدوريةً ببابه .. وقد ينجر الأمر إلى المداهمة والتفتيش ! ، أو انقطاع للكهرباء .. وإذا لجأنا إلى جهاز التوليد فنجد فقدان وقود التشغيل !! ، مع انقطاع الماء لأسابيع أحياناً ، وعدم توفر البانزين لكي يذهب أحدنا إلى مكتب كومبيوتر لينجز العمل ، وإن ذهب فستصادفه عوائق الطريق من : قطع للطرق ، أو التفتيش .. وهكذا !! ، كلُّ ما في الأمر إني طامع بالمسامحة عمَّا وقع من الأخطاء ، لا لشيء سوى ألاَّ أقع في دائرة النقد الشديد ممن لا يُعاني من شيء مما ذكرت ، وما عدا ذلك ليس بذي بال .. عسى أن يديم تعالى عليكم نِعم : الأمن ، والراحة ، وتوفر وسائل القدرة على البحث والإنتاج لانتفاع الناس ، ورفع شأن الشريعة الغرَّاء عالية إن شاء الله .. وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ~~
أخوكم
أ . د . محمد محروس المدرس الأعظمي
العراق / بغداد – مدينة الأعظمية
محلة 314 زقاق 88 دار 41
هاتف – 4228669
نقال – 07901359137
بريد ألكتروني – m_aladhami@yahoo.com(1/33)