وقال التقرير الذي صدر باللغة العربية أن هذا المرض ينتشر بسرعة كبيرة نتيجة النشاط الجنسي قبل الزواج وخارج إطار الزوجية ، وتعاطي المخدرات عن طريق الحقن .
مجلة شباب العدد 73
ذو الحجة 1425 هـ
55 ـ لماذا يا أبي ؟
... استطرد بحديثه قائلاً : لماذا يا أبي ؟ رأيتني بدأت أنحرف فلم تحرك ساكناً وتصلح ما انحرفت بسببه لماذا يا أبت ؟
رأيتني أجالس أصدقاء سوء فلم تصدني عنهم ؟ لماذا يا والدي ؟
شاهدتني أطلقت النظر في الفضائيات التي هي سبب انحرافي ولم تحرمني من ذلك .
ونظرت إلي وقد أطلت ثوبي وحلقت لحيتي وكأن الأمر وكل إلى غيرك ، فلقد بذلت كل ما أطلب من سيارة فارهة أفخر بها عند جلسائي وغيرها من أمور الدنيا .
ليتك يا أبت وجهتني توجيهاً سليماً وأبعدتني عن جلساء السوء الذين يفسدون ولا يصلحون .
لقد كنت صغيراً لا أعرف ما يكون فيه صلاح نفسي ، أما الآن فلقد كبرت وهأنذا عاضاً أصابع الندم لكن ولات حين مندم ، لقد كنت أسخر بالملتزمين ولم أعرف أنهم عاشوا عيشة السعداء .
لقد كبرت وعقلت وعرفت من هم جلسائي لقد فهمت من هم جلساء السوء ، حقاً لقد كنت آنذاك جاهلاً أتأثر بكلام معسول يصبه في مسامعي الذئاب المكارون .
آه .. يا ليت الأيام تعود والسنون ترجع لقد ضيعت عمري عمر القوة والفتوة بما لا ينفع المجنون فضلاً عن العاقل ، لقد كتبت هذه العبارات وأخرجتها من قلب سودته المعاصي والآثام .
كتبتها نصحاً لنفسي وإخواني الذين سلكوا مسلكي أو أرادوا أن يسلكوه وخصوصاً صغار السن الذين ينخدعون بالمظاهر التي يتظاهر بها شباب شبوا على الإفساد والتخريب .. وتوجيهاً للآباء الذين ولاهم الله رعاية أبنائهم ، فقد وفروا المآكل والمشارب وملأوا الجيوب بالأموال والدراهم لكنهم غفلوا عن مراعاة أبنائهم .
فاتقوا الله يا رعاكم الله ، واعلموا أن هؤلاء الأبناء أمانة علقها الله في أعناقكم فأصلحوا ما فسد من الأبناء مبتدئين بإصلاح أنفسكم قبل أن يأتي يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم .
أحمد الغنام / بريدة
مجلة شباب العدد 72
ذو القعدة 1425 هـ
56 -
مهما تكن الإجابة فمن المؤكد أن كل إنسان منا وهبه الله نسبة من الجمال يمكن إبرازها وتحسينها ..
إليكم هذه القصة الواقعية عن زيف الفنانات في زمن الجاهلية ( أي قبل ألتزم )
كنت أنظر إلى نفسي بشيء من الرضا وليس كل الرضا . أي أنه لا يعجبني شكلي كثيراً
والحقيقة كنت أنبهر بملامح الممثلات والمغنيات المضيئة أمام عدسات الكاميرا حيث أجد في وجوههن أجمل ألوان قوس قزح – إن لم تكن جميعها – ومثل كثيرات غيري لم أكن أدري أنهن لا يمثلن على عقولنا بكل ما هو هابط فقط بل يمثلن على أعيننا بأشكالهن المزيفة أيضاً ..
حتى قدر لي أن أعمل في أحد المتاجر النسائية وكالعادة يدق جري الهاتف فترد إحدى زميلاتي واصفة موقع المتجر لمن تحادثها
وذات مرة اتصلت بنا إحدى الفنانات المعروفات مرت علينا لحظات ترقب وانتظار طويلة ونحن لا نكاد نصدق أننا سنرى هذه النجمة الجميلة الرشيقة الطويلة ذات اللون الخلاب .
وبعد دقائق دخلت امرأة سمراء شاحبة غير مرتبة الشعر فإذا بالطول ( كعب عالي )
واللون ( بهية )
والشعر ( فرد وتصفيف )
أما العيون ( عدسات )
والرموش والأظافر ( تركيب )
والرشاقة ( ترهل ومشدات ) ... الخ مما لا أستطيع ذكره هنا .
مع آثار لعمليات التجميل التي لا يكاد يخلو منها موضع في جسمها
عندها بدأت علامات الدهشة والاستغراب والاستنكار علينا ولا أخفيكم كيف كان شعوري فلقد أحسست بالغثيان وكيف كنت ساذجة
والحمد لله بأنني لم أسع لتغيير خلق الله ثم شعرت براحة فقد أحسست بأني أجمل منها في نظر نفسي بما أحمله من جمال طبيعي غير مزيف وهذا وحده يكفي فالزبد يذهب جفاء وتغيير خلق الله كارثة ومصيبة مضارها أكثر من فوائدها
مرت دقائق قبل أن أستوعب حقيقتها المزيفة كل شيء فيها متغير
لون شعرها
مشيتها في الطريق
كلامها
فقلت الحمد لله الذي عافانا
لقد بدأت بعدها أفكر كيف أن عالم الكاميرا والزيف استخف بعقولنا ولعب بمشاعرنا ؟
لحظتها سألت نفسي ما الذي تقدمه لنا مثل هذه الفنانة وأشباهها من قدوة وهي تحمل هذا الكم من الغش والخداع
لقد أدركت أن الفساد تتعدد صوره ولكن المفسدين والمنافقين دائما ما تعجبنا صورهم وأقوالهم دون أن نتمعن سلوكهم وأفعالهم .
بعدها ولله الحمد والمنة أصبحت أرى الأشياء على حقيقتها وأصبحت أكره الأغاني والمسلسلات وخداعها
فكل التمثيل نفاق وكذب وتزييف واستخفاف فلماذا نضيع أوقاتنا الثمينة التي سنسأل عنها يوم الحساب
يجب علينا أن نستفيد منها بالصورة التي ترضي الخالق فما الفائدة من التعلق بالمظاهر الخادعة إذا كانت تجلب سخط الله ولعنته ومقته سبحانه وتعالى .
أم نجود
مجلة شهد الفتيات العدد الثاني عشر
57 ـ الطفل ( جمال ) يسرق أباه لدعم الممثلة ( سلمى الغزالي ) !!
تربية فضائية
الطفل الذي سرق أباه لدعم التصويت لمحبوبته سلمى استضافه ( ستار أكاديمي ) ونصبّه كبطل ، ودعت المذيعة الجمهور لتحيته والتصفيق له ، في نهاية المطاف هذا الطفل هو لص صغير كان من المهم تنبيهه أن ما فعله هو عمل غير أخلاقي ، مهما كانت النوايا الطيبة .
نقول لـ " ستار أكاديمي " إن تربية الأجيال لا تجري بهذه الطريقة .
" مجلة القبس الكويتية "
،،
،،
ماذا يفعل " ستار أكاديمي " بأبنائنا ؟!
الظروف الملتهبة التي يعيشها لبنان تكاد تضعه على شفا حرب أهلية مرة أخرى لم تمنع تجار الغرائز فيه من إعادة طلّتهم الكريهة مرة أخرى
ومن الباب نفسه فأعادوا إطلاق النسخة الثانية من برنامج " ستار أكاديمي " على الفضائية اللبنانية ( إل . بي . سي ) .
النسخة الأولى من البرنامج استغرق بثها أشهراً عدة وأثارت موجة من الاستياء لما حوته من عري واختلاط وما أثارته من نعرات قطرية لمناصرة هذه المتسابقة أو هذا المتسابق إذ يتبارى المتصلون من كل بلد للتصويت للمتسابق من بلدهم ، فصوت الكويتيون لبشار الكويتي والمصريون لمحمد عطية المصري وهكذا .
الأمر نفسه يحدث في النسخة الجديدة من البرنامج وبصورة أسوأ ، ففي الأردن لم يجد الطفل ( جمال ) طريقاً لدعم ( سلمى الغزالي ) التي تشارك في البرنامج سوى سرقة مرتب والده وشراء بطاقات اتصالات وتوزيعها على أصدقائه ليصوّتوا لصالح سلمى حتى لا تخرج من المسابقة ، والسبب أن سلمى وهي جزائرية ترتبط بعلاقة صداقة قوية مع ( بشار الغزاوي " أردني " ) الذي يشارك في البرنامج نفسه ، فأراد جمال ألا يحرم مواطنه بشار من صديقته .
جمال الذي لا يتجاوز عمره 7 سنوات ( سرق 420 ديناراً ) هي كل مرتب والده وذهب إلى أقرب محل بيع بطاقات اتصال واشترى به بطاقات وزّعها على أصدقائه ليصوّتوا لسلمى وبشار .
أسرة جمال فتّشت عن مرتب الوالد وأصابتها الدهشة والحزن عندما لم تجده ، وعندما توجه أبو جمال إلى أحد جيرانه ليقترض منه أخبره جاره أن ابنه جمال يوزع بطاقات اتصال بالمجان على شباب المنطقة فكيف يطلب سلفة وابنه يفعل ذلك ؟!
خرج أبو جمال هائماً على وجهه يبحث عن ابنه الذي اعترف فور الإمساك به بأنه سرق الراتب لإنقاذ سلمى وبشار ، وعند تفتيشه عثر على ما تبقى لديه من بطاقات اتصال فأعادها أبو جمال إلى محل الاتصالات واسترد 285 ديناراً هي كل ما تبقى من راتبه !
مجلة الأسرة العدد 144
ربيع الأول 1426 هـ
58 ـ إنها تبكي صاحبها !(3/171)
في إحدى الصحف رأيت امرأة تبكي بلوعة وحرقة ، وعندما قرأت تحت الصورة ما أبكاها بكيت أسفاً وحرقة .. فما هو السبب يا ترى ؟
أهي صورة لأم ثكلى فقدت رضيعها أمام عينيها وهو يدهس بدبابة ؟
أم لامرأة قطع المحتلون رأس زوجها وهي تنظر إليه ؟
لا .. والله ، إنما هي صورة لامرأة تبكي لخسران أحد السفهاء في برنامج استحوذ على عقول المسلمين وجعلهم ينسون قضاياهم !
وهذا ما يريده أعداء الدين الذين نالوا منا ، فأشغلونا بأمور تافهة ليسهل عليهم أكل القصعة دون منغص !
يا فوا أسفاه على تلك الدموع التي انهمرت من أجل أولئك الفسقة .
أليس الأحرى أن تسقط تلك الدموع لدخول المحتل بلاد المسلمين ؟
أو لطفل يسحب أمام ناظري أمه ليسجن ؟
أو لموت شيخ فقدته الأمة ؟
استطاع أعداؤنا تجميد عقولنا ، ووصلتهم بشرى نصرهم يوم أن نُشرت هذه الصورة ، انظروا الذل بعينه ، نبشرهم – نحن – بنتائج نصرهم علينا ! إنهم ليعيشون فرحة الانتصار بعد أن رأوا نتائج محاولاتهم تُنشر ويُفخر بها من قبل المسلمين أنفسهم .
واأسفاه على أمتنا .. عقول صغيرة جداً ومحدودة للغاية ، والله إنها مخططات صهيونية – صليبية يريدون صرف تفكيرنا عن أراضينا التي دنست بعد أن صرفونا عن أمور ديننا حتى نواقض الإسلام ما سلمت من تعديلهم – أقصد تحريفهم وتلاعبهم – وها قد تحقق كلام المصطفى صلى الله عليه وسلم يوم قال : " ولئن دخلوا جحر ضب لدخلتموه " ، بل استطاعوا ربط أعناقنا بحبل وسحبونا خلفهم كالـ ... ! وتحريكنا كالدمى في أيديهم !
أم عبد الله – الرياض
مجلة الأسرة العدد 140 / ذو القعدة 1425هـ
59 ـ جنس وغناء إسلامي
لقد سئمنا ومللنا من الكلمات التي نسمعها كل يوم مثل حرام .. لا يجوز .. كبائر .. الخ ،
ومن منا لا يعلم أن متابعة ومشاهدة مثل هذه المحطات حرام ولا يجوز ومن الكبائر ولكن ماذا فعلنا للمواجهة ؟
لماذا لم نشاهد على سبيل المثال أي محطة جنسية شرقية إسلامية لتقوم بالرد على تلك المحطات بأسلوب علمي وديني وحضاري ، بحيث يكون محفزاً للشباب للابتعاد عن تلك المحطات ، ولكن للأسف نحن دائماً نصر على الشجب والسب والاستنكار .
أيضاً نشاهد اليوم العديد من المحطات التي تقوم ببث الأغاني على مدار الساعة ، وكما نعلم فإن معظم هذه الأغاني من النوع الهابط والساقط والمثير للغرائز الجنسية ومرة أخرى كان الرد بالشجب والاستنكار واستخدام عبارة حرام ولا يجوز .. الخ ، ولم نشاهد أي محطة غنائية دينية على سبيل المثال بحيث تكون بمثابة رد على تلك المحطات .
فراس جرار / العربية نت
مجلة الأسرة العدد 140 / ذو القعدة 1425هـ
60 ـ وجدي سندي :
تثبيت العلم السعودي في القنوات الإباحية !
تصيبنا نظرة الغربيين إلى مجتمعنا السعودي بالحيرة ، فإعلامهم الرسمي والجاد يصورنا على أننا شعب منغلق ومتطرف دينيا وجافون في التعامل مع كل ما هو أنثوي ، ويرون أننا نلف نساءنا في خيام سوداء ، بل ويذهبون إلى أبعد من ذلك فنحن – كما يعتقدون – لا نسمح لنسائنا بالسير إلى جوارنا ونتركهن يمشين خلفنا بمئة مثر على الأقل .
وللعلم فإن هذه النظرة هي السائدة لدى الشعوب الغربية الذين يتوجسون من كل سعودي لأنه مجرم يرتكب أي حماقة لا تحمد عقباها .
أما الإعلام الآخر وأقصد به القنوات الإباحية التي تغزو الفضاء والباحثة عن المال لا غيره ، فنظرته إلى السعوديين مغايرة تماما ،
فكل القائمين على تلك القنوات متيقن من أننا شعب متعطش جنسيا ، والتركيز على شبابنا على أشده متعمدين في ذلك على نسبة صغار السن التي تتجاوز نصف تكوين المجتمع السعودي .
النظرة الثانية للإعلام والمنكبة على البحث عما في جيوبنا تكونت لدي عندما علمت أن هناك عشرات القنوات الإباحية عبر أثير الفضاء جلها يركز على السعوديين .
ويعمل أصحاب تلك الفضائيات على تنويع أساليب ترويجهم متكئين على لعنة تطور عالم الاتصالات التي حلت بنا ، فهم لا يستطيعون الوصول إلينا عن طريق قنوات الاتصال الرسمية ، لكنهم يلجؤون إلى الأرقام الدولية للاتصال عبر الجوال الموجود في يد كل مراهق سعودي .
وللجوال هذا حكاية أخرى ، فهو يستقبل رسائل مرسلة عشوائيا من دول بعيدة ملخصها أنها مرسلة من فتاة تطلب منك إقامة علاقة وتحديد موعد غرامي ، ولن يكون هناك لقاء ولا غيره والحكاية كلها إغراؤك بطلب الرقم وتسديد فاتورة الاتصال الدولي . هذا الوضع أرفعه إلى شركة الاتصالات السعودية اتوضيح كيف حصل هؤلاء على أرقام الجوالات .
نحن لا ننفي التهمة عن أنفسنا ، فالإقبال والتجاوب الكبير من المراهقين أغرى تلك القنوات بتثبيت الرقم المخصص للسعوديين على الشاشة ، وأرقام الدول الأخرى كلها تتغير إلا رقمنا – سبحان الله – ويزيد الفاسدون أصحاب تلك القنوات في إغراء أبنائنا عن طريق تخصيص فتيات يتحدثن اللغة العربية للرد على الاتصالات وإجراء محادثات جنسية لا تغني ولا تروي العطش ، بل تقرز مشكلات صحية ونفسية .
ما الذنب الذي ارتكبه ديننا ووطنا حتى يعاقبهما العاقون من أبنائنا بتثبيت العلم الذي يحمل الشهادة على شاشات تلك القنوات الإباحية ومن خلفه فتاة عارية ؟!
هل قتلنا غيرتنا بسلاح الشهوة ، فأصبحنا لا نغار على علم بلادنا المثبت على مدار الساعة هناك ؟!
المتربصون بنا من الخارج كثيرون .. الإعلام الجاد والرسمي يبحث عن السلبيات تحركه في ذلك المواقف السياسية لتلك البلاد من المملكة ، والإعلام التجاري الإباحي وجد لدينا قبولا لبضاعته الفاسدة فيحاول بيعها علينا بأغلى الأثمان .
المصدر: مجلة الأسبوعية العدد 18
ذو القعدة 1425 هـ
61 ـ كتاب لجورج بوش الجد يتهم المسلمين بالفحش
قررت ( إدارة البحوث والتأليف والترجمة " التابعة " لمجمع البحوث الإسلامية ) في جامعة الأزهر مصادرة كتاب كتبه بوش الجد باللغة الإنجليزية ، باعتباره ( خليطاً من السادية والفحش ، ومعظمه تشنيع وتشهير وشتائم بذيئة للعرب والمسلمين لدرجة أنه يصفهم بأنهم أعراق منحطة وحشرات وجرذان وأفاعٍ ) .
واكتفت " إدارة البحوث والتأليف والترجمة " في المقابل ، برد عربي على كتاب جورج بوش الجد ( 1796 – 1859 )
" لكشف أحد أهم مصادر الفكر الغربي الأمريكي العنصري المتطرف الذي ظل متداولاً في دوائر البحث العلمي الأكاديمي ولا يزال ".
وكان بوش الجد واعظاً وراعياً لإحدى كنائس إنديانا بوليس وأستاذاً في اللغة العربية والآداب الشرقية في جامعة نيويورك ، وله مؤلفات وأبحاث في شرح أسفار العهد القديم .
وكتابه الذي أثار " إدارة البحوث والتأليف " التابعة للأزهر حمل عنوان ( محمد مؤسس الدين الإسلامي ومؤسس أمبراطورية المسلمين ) ،
وصدر للمرة الأولى داخل الولايات المتحدة العام 1830 ، وحمل الكتاب المصري العنوان نفسه ، وتضمن ترجمة لما ورد فيه وردوداً عليها.
وقال المترجم الدكتور عبد الرحمن عبد الله الشيخ : إن الغرض من طرح الترجمة هو " التصدي لمزاعم المؤلف وافتراءاته وتفنيد تلك المزاعم ، معتبراً أن " الفكر الديني لآل بوش متوراث منذ فترة بعيدة ".
الترجمة صدرت عن " دار المريخ "، وأكد الناشر فيها أنه " لا يدعو إلى تصادم أساس الفكر الديني وإنما إلى مواجهة الأفكار ".
مجلة شباب العدد 73 / ذو الحجة 1425هـ
62 ـ عراقيون: الإعلام العربي ظلمنا
القوات الأمريكية تنكل بالمتطوعين العرب
بغداد- أوس الشرقي- إسلام أون لاين.نت/ 5-5-2003(3/172)
وضعت الحرب أوزارها، وأفاق العراقيون يشهدون يوما جديدا، عاد جزء من الكهرباء إلى مناطقهم؛ فسارعوا إلى شراء الأطباق اللاقطة، ودخلت أسواق ومكتبات بغداد كل الصحف العربية، فاكتشفوا حربا جديدة تُشن عليهم، ولكنها هذه المرة من الإعلام العربي.
كان الأخير يتهم العراقيين يوميا بأنهم "خانوا وباعوا وطنهم"، وكان لقصص المجاهدين العرب الأثر الكبير في تصعيد هذه الصورة في الوقت الذي لم يظهر فيه على الفضائيات والصحف وشبكات الإنترنت العربية شخص عراقي واحد ينفي أو يؤكد ما قيل.
على أمل العثور على إجابة شافية؛ توجهت إلى منطقة الدورة الشيعية -أول منطقة نزل فيها الأمريكان في محيط بغداد- التي أشيع عبر بعض وسائل الإعلام أن سكانها ذبحوا المجاهدين.
لم يكن الأمر سهلا؛ فلم أستطع في بادئ الأمر معرفة موقع المجاهدين بدقة في هذه المنطقة، وهل كانوا موجودين هنا فعلا؟ ولكني سألت جميع من قابلتهم: هل عرفوا أو سمعوا عن قصة ذبح المجاهدين؟ وكان رد الجميع: "لا يمكن لأي عراقي شريف أن يفعل ذلك".
سألت كثيرا حتى وصلت إلى شارع أبو بشير في حي الصحة بمنطقة الدورة، وقابلت هناك 3 شهود عيان، هم: عمر يوسف -27 عاما- وحامد ماجد -32 عاما- وياسر البيتاني -39 عاما- أوصلوني إلى مكان كانت فيه قبور متفرقة لعراقيين يتجاوز عددهم الثلاثين، وبينهم حسبما قال لي عمر "3 قبور لشهداء من المجاهدين العرب، اثنان قتلا أثناء المعركة، والثالث استشهد في بيت حامد بعد أن جاءه مصابا وكان ينزف بشدة، ورغم محاولات إسعافه المتكررة فإنه فارق الحياة".
أكد لي الشهود أن العراقيين قاتلوا إلى جانب المجاهدين العرب، ولم يتعرض لهم أحد بسوء، لا من السكان ولا من الجنود، بل كانت البيوت القريبة تجلب لهم الطعام والشاي والماء.
وأوضح ياسر: "إننا كنا فقط معترضين على وجودهم داخل مناطق آهلة بالسكان، وهذا أمر مرفوض أن تقاتل في الشوارع وداخل الأزقة أو في البيوت. ولكن لم يصدر منا أكثر من مجرد التعبير بالكلام، أما أن تقول لي: إن العراقيين قد خانوا؛ فهذا لم يحدث أبدا ولا يمكن أن يحدث".
وأضاف ياسر: "كان بشارعنا حوالي 21 من المجاهدين، والباقي عراقيين، وكان عددهم بالمئات، ولكن كم من شبابنا قتلوا وهم يحملون السلاح؟ وكم من هذه القبور شاهدة على من كان يقاوم أكثر؟ نعم فرت مجموعات من الجنود، ربما لأنهم اكتشفوا أنه لا فائدة من القتال، بينما يرون إخوانهم يُقتلون بالجملة، ولكن هذا لا ينفي أيضا أن بعض المجاهدين العرب فروا أيضا".
أحد أصدقائي كان ضابطا في جهاز الأمن الخاص، توجهت إليه بسرعة لأعرف منه بعض التفاصيل، أجابني: "إنني لن أفيدك بمعلومات دقيقة، ولكني سآخذك إلى صديق لي كان هو صلة الارتباط بين مجموعة المجاهدين وبيننا".
قابلنا المقدم الذي طلب أن أترك اسمه خاليا وقال: "جاءنا عدد كبير من المجاهدين من إخواننا، أغلبهم من سوريا ولبنان، ولكن للأمانة -وهذه المعلومات لم أصرح بها من قبل- جميع من وصل لم يتجاوز الألفين، وكان تحديدا 1882 متطوعا عربيا، ولم يكن العدد كما قال الصحاف 5 آلاف متطوع. وعدد كبير لم يكن مدربا على السلاح. وجاءت أوامر بمراقبة مجموعات منهم، خصوصا بعد أن اكتشفت أجهزة الأمن وجود مندسين من الأجانب بين المتطوعين".
وأضاف: "كانت خشيتنا أن يكون معهم جواسيس؛ لذا لم نسلمهم السلاح مباشرة، كان عدد كبير منهم مؤمنا بقضية الدفاع عن العراق وقتال الأمريكان، ولكن لن أخفي عليك أن عددا منهم كان يفكر في المكافأة المالية التي كان العراق في تلك الفترة يدفع منها الكثير وبسخاء، ومعلوماتي بهذا الخصوص متواضعة، ولكني أعلم ومتأكد من أننا دفعنا لعدد منهم".
خيانة أم نيران صديقة؟
سألته: ما حقيقة ما تردد عن إطلاق النار عليهم من الخلف؟ قال المقدم: "سمعت من هذا الكلام الكثير، ويجب أن تعلم أن أمريكا كانت تمتلك من التكنولوجيا ما لا يمتلكه العالم، ومع ذلك كانت هناك حوادث كثيرة جدًا بنيران صديقة؛ فهل نستبعد من الجيش العراقي وميليشيات الحزب أو المجاهدين ألا يصاب أحد منهم بنيران صديقة؟ هذا أمر متوقع في حرب قاسية كهذه، حتى إن بعض بيوت العراقيين أصيبت خطأ بنيران المقاتلين العراقيين، لكن قطعًا ليس بهذا الكم الذي تحدث عنه المجاهدون في الداخل والخارج، وكأن كل العراق انقلب عليهم، وهذا ليس صحيحا إطلاقًا.
أنا لا أريد أن أشوه سمعة المجاهدين، ولكن للأمانة يجب أن أقول ذلك، خصوصًا بعد أن سمعت الكثير منهم يتحدث عن معارك خاضها في الحلة والقوت وكربلاء وبغداد، وكأننا بإمكاننا التحرك ونقل المجاهدين من مكان إلى آخر بهذه السهولة هم وأسلحتهم، ولم يكن الأمر صحيحا أبدًا، فكل مجموعة منهم قاتلت مرة واحدة فقط، وفي معركة واحدة فقط".
وتابع يقول: "سأعطيك مثالا: معركة المطار كما يسمونها اليوم؛ ما حدث أنه بعد دخول القوات الأمريكية إلى مطار بغداد أغلقنا المنطقة المحيطة تماما غرب وجنوب بغداد، ولم يعد فيها سوى قوة مؤلفة من الحرس الجمهوري وفدائيي صدام الذين كان لهم دور كبير في هذه المعركة، ولم يكن هناك وجود يذكر للمجاهدين".
ويضيف: "يجب أن يعرف كل العرب أن من قاتل في أم قصر والبصرة وقاوم الأمريكان لم يكن المجاهدين العرب، بل كان الجيش العراقي، والفدائيون هم من لعبوا الدور الأساسي ضد الاحتلال رغم تواضعهم".
ويتدخل أحد الأشخاص كان جالسًا قريبا منا واسمه أبو أحمد الجبوري، والذي علمت فيما بعد أنه من جهاز الاستخبارات العسكرية السابقة قائلا: "أريد أن أسألك: ألم يكن أول استشهادي فجر نفسه في النجف عراقيًا؟ ألم تكن المرأتان اللتان نفذتا العملية الاستشهادية عراقيتين؟ ألم نشيع الآلاف من شبابنا وأولادنا الذين كانوا بعمر الزهور من أجل المقاومة والدفاع عن بلادنا؟ ألم يكن بالعراق مجاهدون عراقيون وطنيون حقًا هدفهم الدفاع عن وطنهم؟ فلماذا كل هذا التجني على العراق وشعبه؟ ألم يكفِ ما عانيناه من صدام حتى يكون العرب علينا أيضًا؟ هذا كله تزييف للحقائق، الشعب قاوم رغم أنه لا يريد صدام وجماعته".
ويواصل حديثه بحماس قائلا: "أقول لك وأنا ضابط عسكري وشاهد عيان: إن بعض الشباب العربي وصلوا للعراق وخرجوا منه ولم يقاتلوا أصلا، ولم يكن ذلك ذنبهم؛ لأن الأمور التنظيمية أثناء الحرب لم تكن مرتبة بشكل كامل. والغريب أننا نسمع ونشاهد كل يوم قصصا منسوبة عن مقاومتهم الأمريكان وخيانة العراقيين لهم، وكأن هذه الحرب قد قامت على أكتاف المجاهدين وحدهم، وليس هناك أي دور يذكر للعراقيين! نعم كان لهم دور، لكن ليس بالصورة التي رسمها لهم الإعلام العربي. ثم لماذا يحاربهم العراقيون وهم الذين جاءوا لنصرتهم؟! أليس هذا تسميمًا لوطنية العراقيين؟ ثم أليس هذا محاولة من بعض الجهات من أجل إحباط الروح الجهادية للعرب والمسلمين؟".
باختصار: "إسلام أون لاين.نت" استطلعت الكثير من آراء العراقيين، ومن مختلف الشرائح عن رأيهم بالمجاهدين العرب، وكان رد الجميع أن دورهم كان مشرفًا وجهاديًا، وأن العراقيين يحتفظون لهم بالعرفان وقصص البطولة التي شاركوا فيها، إلا أن ما حدث من ظروف وملابسات قاسية شملت العراقيين قبل المجاهدين.
63 ـ إهداءات عاطفية على فضائية كادت أن تدمر أربع أسر
الخبر كما جاء في جريدة الراي العام الكويتية (وان كان السالفة من بدايتها خربانه)(3/173)
كادت احدى محطات التلفزة الفضائية العربية ان تتسبب في طلاق أربع نساء في الزرقاء بسبب ظهور أسمائهن على شريط الاهداءات أو المحادثة الكتابية عن طريق رسائل الهاتف النقال.
ويروي تقرير صحفي نشر في عمان أمس ان أبا راكان تفاجأ وهو جالس يشاهد أغاني الفيديو كليب في محطات التلفزة الفضائية الغنائية، ان اسم زوجته يتكرر على شريط الفضائية وبجانب اسمها عبارات حب مهداة من أحد الاشخاص الذي لم يذكر الا الاسم الاول له,
وقام الرجل من مكانه وهو لا يصدق ما يراه وصرخ على زوجته ان تأتي وتشاهد المصيبة التي ظهرت على شاشة التلفزيون، ولا شك ان الفضيحة سيشاهدها الكثيرون من الحي أو أهله أو أقاربه.
ولم تعرف الزوجة كيف تجيب عندما رأت اسمها يتكرر على الشريط وأقسمت له أغلظ الايمان انه لا علاقة لها بهذا الشخص أو تعرفه، ولكن أباراكان أصر على معرفة هذا العاشق الولهان الذي بعث بهذه الرسالة الى الفضائية.
وبالرغم من أغلظ الايمان التي اقسمتها أم راكان لزوجها الا ان هذا لم يشفع لها وطلب منها مغادرة المنزل والذهاب إلى أهلها والتفكير جيدا وإبلاغه باسم هذا الشخص ومكان سكنه.
ولكن بعد مغادرة الزوجة عش الزوجية بأيام اكتشف أبوراكان تكرار حادثته مع ثلاثة من المجاورين له في البناية نفسها التي يسكنها وعلى الفضائية ذاتها.
واجتمع الازواج الاربعة وتباحثوا في الأمر وخرجوا بقرار ان هناك مؤامرة تستهدف خلق الشقاق والنزاع بين الأزواج وتدمير مستقبلهم العائلي.
احدى الزوجات راجعت زوجها واشارت اليه الى اسم احدى الفتيات في الحي تمتلك هاتفا نقالا وهي غريبة الاطوار وتتسبب دوما في إحداث مشاكل في الحي وتعرف معظم أسماء الساكنين.
وأشار أحد الأزواج إلى ضرورة الحصول على رقم الهاتف النقال الموجود مع الفتاة ومعرفة ما اذا كانت تخزن رسائلها في هاتفها وبأية وسيلة كانت,, وتم التخطيط للأمر وانتظار اللحظة المناسبة.
واستطاعت الزوجة في يوم ان تلتقيها في احدى محلات السوبر ماركت متظاهرة بالانفعال والغضب وطلبت منها الاتصال من هاتفها بشقيقها ليذهب الى منزلها لنقل ما تحتاج إليه من أمتعه بحجة أنها ستنفصل عن زوجها.
ولم تمانع الفتاة التي خططت ونفذت الأمر بأن تستخدم الزوجة هاتفها وما ان فتحت حاضنة رسائلها حتى شاهدت العديد من الرسائل المخزنة التي كانت تحتفظ بها بعد ارسالها، فأرسلت بعضا منها لهاتف زوجها لتكون برهانا على ان لا علاقة لها بالامر وان هذه الفتاة السبب في انفصال العديد من الازواج عن زوجاتهم.
وتوجه الأزواج بشكل جماعي في ذلك اليوم إلى منزل أهل الفتاة لإبلاغ عائلتها بما جرى واعترف والد الفتاة واعتذر لهم وقال ان ابنته تعاني من أمراض نفسية، وكررت مثل هذه الأعمال مع أناس غيرهم وسيلجأ إلى أطباء وأخصائيين نفسيين لمعالجة ابنته حتى لو اضطر إلى إدخالها مستشفى للأمراض النفسية لتخليص الناس من أعمالها التدميرية وغير الإنسانية.
http://www.alraialaam.com/16-05-2004/ie5/par.htm
الكاتب ابن جعفر الطيار / شبكة رنيم العربية
17-05-2004
64 ـ هل رأيت مافعلت الطفلة مع مذيعة القناة الأولى على الهواء ؟
انتشر هذا الخبر ونقل إلى العديد من المواقع الالكترونية 15 / 6 / 2004 :
هناك برنامج للأطفال تقدمه أمرأة يقال لها (( ماما وفاء )) يعرض هذا البرنامج بعد صلاة العصر
وهو على سياسة القناة الاولى (( عندك انشوده يا شاطر )) و (( وش بيتصير اذا كبرت ))
ما علينا
المهم
كانت هذه المرأة تقدم البرنامج وقد كشفت عفا الله عنها ووفقها للحجاب عن وجهها
فتصلت طفلة صغيرة السن يتضح ذلك من صوتها الذي يقطر براءة
فقالت : أنا أحبك ماما وفاء
قالت : المذيعة : وأنا كذلك
قالت الطفلة : يا ماما وفاء أنا أحبك عشان كذا غطي وجهك عشان ما يدخلك ربي النار
المذيعة تعاقب على وجهها الفصول الأربع في لحظة واحدة
بهتت وانتفضت يديها وكادت الأوراق تسقط منها
أخذت تنظر إلى المخرج حتى يخيل للناظر أنها ستسقط من طولها
يبدو أن المخرج يغط في نوم أو أنه لم يفهم الكلام أو أنه أراد احراج المذيعة فسلط الكميرا عليها
ثم قطع البرنامج ولم يعد إلى هذه اللحظة
حقيقة أرفع شكري إلى أم هذه الطفلة وإلى من ربّاها على إنكار المنكر من صغرها ..
65 ـ ليت كل أب وكل أم يقرؤونها !!
قرأتُ ما جاء في العدد ( 142 ) في زاوية أوراق خاصة للدكتور محمد الصغير حفظه الله بعنوان ( أخي ضحية الأشرار فكيف أنقذه ؟ )
فتمنيت أن يقرأها كل أب وأم، وكل مربٍ ومربية، بل وكل راع !!.. ورسولنا صلى الله عليه وسلم يقول : " كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته "..
كيف لم يلاحظ الأبوان أو على الأقل أحدهما تغير حال ولدهما وفلذة كبدهما لدرجة انقطاعه عن الدراسة، بعد أن كان متفوقاً وذكياً جداً وجريئاً جداً ؟!!
كيف لم يلاحظا أنه أصبح حزيناً محطماً ضائعاً تائهاً في الدنيا يذبل يوماً بعد يوم ولا أحد ينقذه من الهاوية كما قالت صاحبة الرسالة " أخته " ؟!!
وإن كان الأبوان لاحظا ذلك ماذا قدما له ؟ وماذا فعلا لأجله ؟!
وهل كان الأب والأم حريصين على معرفة مَن أقرانه ، ومع من يذهب ؟ .. وإلى أين يخرج ؟ .. هل كلف أحدهما نفسه يوماً الجلوس معه ليسأله عن أحواله وأوضاعه ؟ .. هل كانا حريصين على تعليمه أهمية الصلاة وأدائها جماعة في المسجد ؟؟؟
وهل حاولا جاهدين منعه من مشاهدة وسماع ما حرّمه الله سبحانه ؟! .. أم أنه الدلال الزائد والحب المزيف ؟ .. أو عدم الشعور بالمسؤولية والأمانة التي حملهما الله إياها ؟!!
ما وصل إليه حال ذلك الشاب المسكين ما هو إلا نتيجة إهمال الآباء والمربين . فنحن في زمن تموج فيه الفتن والمغريات من كل صوب وسبل الرذيلة والفاحشة يجدها الشباب في كل مكان ، في بيوتهم قبل أن يجدوها خارجها .. بل إنّ راعي البيت هو من يقوم بإحضارها وإدخالها لبيته من قنوات ومجلات هابطة ..
تصورا مراهقاً يشتكي لأمه وهو لم يتجاوز بعد الخامسة عشرة، أنه لا يستطيع تحمل ما يراه في منزلهم على شاشة الفضائيات ويكاد أن يقع في الفاحشة ، فتقول له : ما دمت لا تتحمل تلك المشاهد فلا تنظر إليها إذن !!
أي قلب تحمله تلك الأم التي تتعاون مع زوجها على الإثم والعدوان في إدخالهما لذلك الجهاز لإشباع متعهما الرخيصة .. ؟!!
كم يبكي القلب ألماً على شبابنا وبناتنا ونحن نراهم يذهبون ضحيةَ سفهِ وقلةِ دين
الآباء صيداً سهلاً لمن يريدون إشاعة الفاحشة في مجتمعاتنا .
أم عبد الله المنتاخ
مجلة الأسرة العدد 144 / ربيع الأول 1426 هـ
66 ـ هذه الفتاة.. ضحية من؟
كنت عائداً من عملي مساءً منذ عدة أيام ولحرصي على تتبع أخبار أمتنا في شتى شؤونها وشجونها؛ أدرت المذياع فوقع المؤشر على ( إذاعة أجنبية ) شهيرة تبث الأخبار والمنوعات وتستقطب الكثير من المستمعين ببرامجها المباشرة وهي محطة أخبار ومنوعات لكنها قبل منتصف الليل تتحول إلى إذاعة تنصيرية تغري مستمعيها وبخاصة من لا يعلم خبث أساليبها بالوقوع في شراكها.(3/174)
ولفت نظري أن البرنامج المباشر كان يتحدث مع فتاة تبين من لهجتها أنها ( خليجية ) وهي تواصل ذكر قصتها بحرارة وشجن يقطع نياط القلوب والمذيعة تهدئ انفعالها الذي ينم عن وقوعها في ( مشكلة غير أخلاقية ) وبخاصة وهي تقول: ( وهل بنات المسلمين لعبة لهذا الخائن ). حيث تتضح ملامح الواقعة، فالبرنامج يقوم بالتواصل بين المستمعين والمستمعات وإتاحة التعارف بينهم وتبادل الهواتف والعناوين وعقد الصداقات وتبادل الرسائل.. ويبدو أن هذه الفتاة تعرفت بذئب بشري خدعها بمعسول الكلام حتى سقطت في وهم الحب وهي فتاة مراهقة محرومة من والدتها وتعيش فراغاً رهيباً. ومن هنا اتفق الطرفان وأغرى الذئب الفتاة المسكينة برغبته برؤيتها تهميداً للزواج منها- وهذه هي الوسيلة الكاذبة التي تُغرى بها الفتيات من ذلك القبيل – فاستجابت للدعوة وتواعدا والتقيا ونقلها لشقته وحصل ما حصل حينما يكون الشيطان ثالثهما وفقدت أعز ما تملك بخطة شيطانية ووعت الفتاة على مأساتها التي قصتها مبدية ندمها ولكن ( لات ساعة مندم ).
العجيب أن المذيعة التي تحاورها في حوالي نصف ساعة – وعلى غير العادة لأن المشاركات لا تتجاوز الدقائق المعدودة- تهدئ من روعها وتطالبها بالشجاعة والصمود ومواجهة مأساتها بمفاتحة أمها أو إحدى قريباتها لعمل ما يلزم حيال هذه الواقعة. وتقول المذيعة لها إنها أخطأت بمقابلة صديقها في مكان خاص وكان عليها أن تواجهه وتتعرف عليه في مكان عام لا يتسنى فيه استغلالها بالشكل الذي حصل.
ونحن لا نعجب من هذه النصيحة ففاقد الشيء لا يعطيه والأعجب أنها طلبت من الفتاة المغدورة حديثاً خاصاً ليس على الهواء. ولا أدري ماذا قالت لها وإن كنت أجزم أنها لن تقول لها خيراً. فالمكتوب – كما يقال – واضح من عنوانه، فللمذيعة رسالتها الإعلامية التي تؤديها وعرفنا شيئاً من ملامحها في حوارها.
هذه المأساة التي سمعها الكثيرون عبر الأثير جديرة بأن تكون عظة وعبرة لمن يعتبر ولعل فيها بعض الدروس المستفادة والتي أجملها فيما يلي:
* أن هذه الإذاعة لها رسالة خاصة تؤديها وتعمل على إيصالها بتغريب مجتمعاتنا الإسلامية فيجب أن نعرف هذا وألا نتوقع منها خيراً بل نحذر كل الحذر من شرورها.
* الفتاة المسلمة بل وحتى الفتى المسلم جدير بأن يكون كل منهما أكثر وعياً ونباهة وذكاء من الوقوع في أحابيل هذه الإذاعات أو البرامج المعدة لتحقيق أغراض مشبوهة.
* خطر أن تعيش الفتاة وحيدة لا سيما من ابتليت بفقد أمها سواء بطلاق أو يتم وعليها أن تستغل وقتها بالنافع المفيد من القراءة والتعرف على بنات جنسها من وسطها.
* مجتمعنا المسلم مستهدف بالهدم والتخريب عن طريق التغريب ودعاوى التنوير والحداثة والتطوير والمرأة بشكل خاص هي الوسيلة لتمرير أهدافهم الشيطانية.
* لا يمكن أن تتم صداقة بين فتى وفتاة بغير الطريق الشرعي فإذا حقق الفتى مأربه رمى بالفتاة عرض الحائط لأنه لا يثق بمن لا تحترم قيمها وإيمانها.
وأخيراً أختي الكريمة احذري ثم احذري ثم احذري من الوقوع في مثل تلك المأساة، فالفتاة المسلمة بحق أكبر من أن تخدع وأكبر من أن يُتلاعب بعواطفها وأكبر من أن تكون صيداً سهلاً حتى لا تكون ضحية لمجرم أو مستهتر أو حتى ضحية لإعلام مخادع فالسعيد من وعظ بغيره.
أحمد العامر
مجلة الأسرة العدد 114 رمضان 1423هـ
67 ـ مجاهدة إلكترونية
توقف إعلاناً تلفزيونياً مخلاً
هدى صبري – محررة بموقع نسائي – حينما تحدثت عن عملها عبر الإنترنت كانت تقول :
من خلال عملي مع أخريات نسعى إلى رفع الحس الإيماني لدى المرأة المسلمة وتنمية الوعي الدعوي عندها، فكما أن للرجل واجبات وأدواراً خاصة فإننا نحاول توعية المرأة المسلمة بدورها نحو مجتمعها وزوجها وأبنائها وكذلك تفعيل أدوار أخرى تستوعب طاقات المسلمات المستخدمات للإنترنت ليقمن بدورهن الذي يسميه البعض ( الجهاد الإلكتروني ).
وفي ظل بحث الرجال عن ميدان يقاتلون فيه العدو استطاعت كثير من المسلمات أن تتخذ من شبكة الإنترنت ساحة لجهادها خاصة أنها تدير المعركة من بيتها وهي جالسة على حاسبها الشخصي .
وحتى أتجاوز الكلام الإنشائي أقول: هناك " مجاهدة إلكترونية" مصرية استطاعت من خلال حملة على شبكة الإنترنت أن توقف إعلاناً تلفزيونياً مخلاً كان يعرض على شاشة التلفزيون خلال رمضان الماضي فقد حشدت كل طاقاتها وطاقات كل من تعرف من المجاهدات عبر الإنترنت لإيصال رسالة قوية مدوية لصاحب الشركة التي تنتج السلعة صاحبة الإعلان المثير مهددة إياه بمقاطعة منتجات الشركة إن لم يتوقف هذا الإعلان البذيء.
وهكذا أستطيع أن أؤكد أن كل فتاة وكل أم مسلمة من خلال بيتها تستطيع تفعيل هذا الكفاح الإلكتروني بشكل أو بآخر.
مجلة الأسرة العدد 121 ربيع الآخر 1424هـ
68 ـ القنوات
الفضائية العربية هي السبب
في الماضي كان الحديث يتردد عن مؤامرات الإعلام الأجنبي على الأسرة المسلمة، وعلى الشباب على وجه التحديد، لإلهائهم عن دراستهم ومستقبلهم وصرفهم عن قضاياهم الأساسية، وصدهم عن العبادة والقيام بواجباتهم الاجتماعية وغيرها، وليت الأمر توقف عند هذا الحد لكان من السهل التصدي للإعلام الاجنبي بالوسائل المتاحة.. لكننا اليوم نشهد نفس السهام، وذات البرامج المسمومة القاتلة.. تقدم في أطباق ذهبية مغرية لشبابنا وشاباتنا – وبدعوات صريحة – لكن هذه المرة من منابر إعلامية محسوبة على البيت العربي والأسرة الإسلامية.. هذا لا يعني – بالطبع – أن الأعداء توقفوا عن استهدافنا أو تراخوا بل أنهم وجدوا من يعينهم على أداء تلك المهمة من أبناء جلدتنا الذين هم أدرى بنفسيات شبابنا أو ظروفهم الإقتصادية والإجتماعية ويدركون اهتماماتهم.. ويقرأون تفكيرهم لذلك لا غرو إن كانت الضربة في هذه الحالة أكثر إيلاماً وأشد وجعاً.
للأسف الكثير من القنوات الفضائية اليوم.. تشترك في مؤامرة هدم شباب وفتيات الإسلام، بعضها يدرك ذلك ويؤدي دوره بعناية والبعض لا يدرك – عن سذاجة – لكنه يؤدي نفس الدور من باب التقليد " الأعمى" لقضية ليست سهلة، ولا يمكن تجاهلها بحال من الأحوال، لأنها تستهدف مجتمعنا في مفاصله، بل في عموده الفقري.. ونقطة ارتكاز قوته – أي شريحة الشباب – التي مثلت على مر الدهور والأجيال عنصر الأنتاج، والإبداع، والقوة، والتغيير والتطوير وأمل المستقبل الواعد.. فكيف نسكت ونحن نرى بأم، أعيننا قوتنا تتاكل وخيرتنا تتناثر؟
نعم الكثير من برامج الفضائيات يقدم السم لشبابنا – ليس في الدسم هذه المرة – بل في قدح سم بائن واضح وضوح الشمس في رابعة النهار.. لم تعد البرامج الفاسدة تقدم مغلفة في جوف المسلسلات والأفلام – كما كان يحدث في الماضي – بل ظلت تقدم عارية خالية من كل غلاف.. أو دثار.. إنما تقدم على طبيعتها بواحاً طالما أصبح الفضاء مشاعاً دون رقيب أو حسيب.. وطالما دخلت المواد الإعلامية كل البيوت دون استئذان ودون توقيت!!(3/175)
الكثير من القارئات والقراء يعلمون أن هناك برامج توجه للشباب، وتدعوهم إلى الفساد والفجور، والاختلاط وخلع الحياء، تحت مسميات عديدة.. تارة بحجة اختيار نجوم الطرب الواعدين، وتارة تحت مسمى تدريب الشباب والشابات على بناء علاقات عاطفية وكسر الحاجز بين الجنسين، فيجتمع عدد من الفتيات والفتيان عدة أسابيع في مقرات خاصة بهم خاضعة للتلفزة يتبادلون طقوس العشق، وبروتوكلات الرومانسية اليتيمة في حيرة لا نجد لها مثيلاً.. وذلك باسم برنامج تلفزيوني يعتقد القائمون عليه أو يتوهمون أنهم يقدمون عملاً إعلامياً رفعياً.. أو يحاولون أيهام المشاهدين أنهم يقومون بشيء من ذلك القبيل.. ولعمري.. كيف تستقيم كلمة " إعلام" مع مظاهر المفسدة الواضحة التي تفوح رائحتها من تلك البرامج المشبوهة.. وأي فائدة يقدمها برنامج يدعو إلى ترك القيم والأخلاق والعادات والتقاليد.. والتمسك بمظاهر وعادات مجتمعات لا تعرف الحرام والحلال بل ليس لديها ما يعرف بـ " العيب الإجتماعي" الذي هو أقل رادع للضمير إذا تجاوز السلوك المدى الطبيعي، وخرج عن جادة الدرب وسواء السبيل، أي فائدة يجنيها شباب من الجنسين يختلطون في مظهر يتنافى مع كل القيم والعادات والتقاليد العربية؟ وكيف يسمح الآباء لأبنائهم وبناتهم بالتجرؤ والمشاركة في مثل تلك البرامج التي تخدش الحياء.. بل تجرح الشعور وتسيء إلى كل طرف فيها؟
وهناك نوع آخر من البرامج يدعو الشابات والشباب للمشاركة فيه مثل ما يسمى بـ"ستار أكاديمي وسوبر ستار والأخ الأكبر" من أجل الحصول على ترشيح المشاهدين، وتلميع القناة الفضائية ليصبحوا نجوم الطرب الواعدين.. وكأننا نعاني من نقص في هذا الجانب الأنصرافي السطحي الذي أهلك أوقات شبابنا وأضاع تحصيلهم العلمي وجنح بتفكيرهم واهتماماتهم، وأفسد مفاهيمهم وأعاق ترتيب أولوياتهم.. تخيلوا قناة فضائية عربية يفترض أنها حريصة وغيورة على الشباب العربي المسلم.. تقوم هي بدور المفسد لهذا الشباب!! أين نجومنا العرب في مجال الطب والهندسة والعلوم، وفي مجال عالم الحاسوب وتقنية الأسلحة والأختراعات وغيرها.. كم مرة قامت هذه القتاة أو غيرها بتقديم البرامج التي تبحث عن نجوم المستقبل في مجال العلوم المختلفة، أو سعت إلى ذلك من قبل؟ من يقف وراء هذه البرامج الهدامة ويمولها ويدعمها بتلك التكاليف الباهظة، وماذا تجني القنوات صاحبة البرامج المشبوهة من وراء شطر هذه الفئة عن ثقافتها وواقعها وجعلها تعيش في وهم النجومية والشهرة.. والاختلاط والسفور حتى تفيق في أرذل العمر وتجد نفسها بلا هوية.. وبلا بصيرة؟ هل نحن حقاً بحاجة إلى نجوم غناء وطرب.. ورومانسية حتى نسمح لهذا المسخ الشائه أن يعرض مثل تلك المظاهر على الهواء مباشرة بحجة تثقيف وتلميع وتدريب الفتيات والشباب على الغناء والتمثيل وهو الفساد جهاراً نهاراً؟.
مجلة شهد الفتيات العدد السابع/ صفر 1425هـ
69 ـ فنان خليجي شهير :
أنام بالمهدئات وأحلم بالتوبة
كان يلهو بالغناء والطرب والسهرات وجرى وراء الشهرة وحب الظهور فكان له ما أراد
ولكن وسط كل هذا الزخم أصابه نوع غريب من الصحوة، استيقظ ضميره وعاد إلى رشده إلا أن هناك من حال بينه وبين اتخاذه هذه الخطوة الهامة في حياته.
وهذا التردد والقلق جعلا منه إنساناً آخر لا يعرف النوم إلا بالمهدئات عين على النجومية والدنيا وعين على الآخرة
إنه الفنان الخليجي الشهير الذي ملأ الدنيا ضجيجاً التقيناه في هذا الحوار عبر "مجلة شهد الفتيات العدد السابع
صفر1425هـ" وعاهدناه أن لا نذكر أسمه على الأقل في هذا الحوار.
* كيف وصلت إلى مفترق الطرق ما بين الحق والباطل؟
- أنا في قمة مجدي حيث الشهرة والمال والصخب كنت، لكني تساءلت دوماً عن معنى حياتي وأنظر إلى كل الذين كانوا يمتهنون هذه المهنة وأصابهم العجز والكبر، ذهبت عنهم الأضواء والصحافة والمال وخسروا كل شيء فقط لأنهم أصبحوا خارج اللعبة هذا إلى جانب أسئلة كبيرة وكثيرة كنت أسألها إلى نفسي، وأنا في حالة من الخوف الدائم، رغم المال والشهرة والمعجبين والمعجبات إلا أنني أشعر أنني خائف من شيء لا أدري ما هو، وأنا حينما أراجع حياتي أجدها كلها خوف وألم وقلق والحمد لله الآن أعيش حالة غريبة حينما أفكر في أمر نفسي أجد أنني أقرب إلى التوبة ولكني أعود مرة أخرى حتى الآن لم أستطع أن أتخذ القرار الحاسم.
* وما المانع من ذلك؟
- لا شيء يقف أمام توبتي هذا ما أردده دائماً فقط أحتاج إلى قرار شجاع أواجه به نفسي، قرار أكسر به من قيدي، من كل الذين يعيشون من حولي يمدحونني ويصفقون لي، قرار أتجاوز به هذه الدنيا التي أحيا فيها.
* كيف يمكن لك أن تصف لنا حياتك في عالم الطرب واللهو؟
- حياة تعيسة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، لا أشعر بمكانتي كأنسان، ولا بحياتي كفرد له حقوق، وعليه واجبات، الحمد الله الآن صرت أؤدي كل صلواتي بانتظام، لكن في السابق تمر أسابيع وشهور ولا أسجد لله ركعة واحدة ولا أشعر بأنني محتاج إلى أن أصلي، وهذا ضلال كبير.. حياتي كلها لهو وسهر حتى الصبح. وأقول لك حقيقة أنني لا أنام إلا بالمهدئات وهذا من القلق والتعب النفسي الذي أعيش فيه ولا يغرك ابتسامتي أمام الكاميرا والصحفيين فهذه كلها اصطناعية.
* هل يمكن أن تبيع حياتك وتشترى الآخرة؟
- هذا ما أفكر فيه بكل جدية وهذا ما أحلم به، وهذه البيعة في كل النواحي أنا الرابح ويا بخت من يشتري الآخرة بالدنيا، فهو عند الله ذو شأن كبير فأنا في قرار نفسي بعت وإن كنت لا أزال في حيرة من أمري، لكن حتى هذه المرحلة ما كنت أن أصل إليها لولا أن داخلي فيه الكثير من الإيمان المتأصل والحمد لله الذي هداني إلى هذا الطريق.
* ألا تعتقد أن التردد والحيرة هذه ليس في مكانهما طالما أنك عزمت الأمر؟
- هذا حديث صادق وأنا أتفق معك تماماً لكن هناك أشياء كثيرة لا يمكن أن يشعر بها أي إنسان ما لم يمر بها لقد كنت أمتهن الغناء والطرب ولي الكثير من الالتزامات ان كان الأخلاقية أو المالية وأعتقد ليس من الأمانة أن أخلى بهذه الالتزامات. ثم أن هناك الكثير من القضايا التي أتمنى انجازها سريعاً حتى أخلى طرفي من هذا العالم الفقير.
* هل كنت تحلم بأن تترك هذا العالم الصاخب؟
- منذ دخولي هذا العالم قبل أكثر من عشرين عاماً، كان كل حلمي أن أصبح مشهوراً، وأن أنال الكثير من المال والأضواء، وعملت لهذا الهدف لأكثر من عشرين عاماً، أهملت فيها نفسي ومستقبلي، الذي كنت أعتقد بأنه في حياة الوهم التي أعيشها وأثناء ذلك لم أكن أفكر يوماً في أن أترك هذا المجال أو أتنازل عنه بسهولة لكن أمام مساحة الإيمان والضوء التي كبرت بداخلي يمكن أن أتنازل عن كل ما أملك من أجل أن أقابل الله نظيفاً شريفاً خالياً من العيوب.
70 ـ كل تائبة متخلفة!!
الإعلام اللا ديني الذي يملأ فضاء العرب والمسلمين رقصاً ماجناً وتهتكاً فاضحاً، لا يكفيه الحصار الذي يفرضه على كل مظهر إسلامي؛ فهو يشن الحملات الجائرة لتشويه المفاهيم الصحيحة، وللتنفير من كل ما أمر به الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم وأحدث الشواهد، هو الهجوم الوضيع الذي تتعرض له الدكتورة، عالية شعيب، لأنها- ببساطة- تحجبت وسترت جسدها، مع أنها سافرة الوجه..(3/176)
فليت هؤلاء الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا، ليتهم التزموا أكاذيبهم في قضية الحرية الشخصية.. لكن الواقع يؤكد أن الحرية الوحيدة التي يؤيدونها هي حرية التحلل والخروج على قيم الإسلام وأحكامه..
مجلة الأسرة العدد93 ذو الحجة 1421هـ
71 ـ صرخة أم:
ابني يقلد المشاهد فيقبل بنت الجيران!
إحدى الأمهات تقول.. عندي طفل عمره 6 سنوات.. يسألني دائماً عن المشاهد الخلاعية في التلفزيون مثل مشاهد القبلات والأحضان ولا أعرف كيف أرد عليه وغالباً ما أغلق التلفزيون، ولكن في بعض الأوقات يقوم بفتح التلفزيون وبدون علمي وأراه يشاهد تلك اللقطات ولقد وجدته ذات مرة يقبل بنت الجيران وعندما ضربته قال أنه يقلد مشاهد التلفزيون فهل سلوك طفلي هذا يدل على انحرافه في المستقبل وماذا أفعل معه؟
المرجع : مجلة ولدي العدد 31ربيع أول 1422هـ
72 ـ اعترافات بأقوالهم
من مجلة نون
من مجلة نون العدد الرابع
73 ـ وضعتموني في قبري وإلى الآن وأنا أعذب بسببه
رجلان كان بينهما علاقة حميمة في الله، قام أحدهما بإدخال جهاز التلفاز إلى بيته دون علم صاحبه بعد الضغط الكبير من الزوجة والأولاد.
مات صاحب التلفاز، وبعد الفراغ من دفنه توجه صاحبه الحزين الصابر إلى مسجد ونام فيه
رأى في منامه صاحبه مسود الوجه تظهر عليه آثار الإرهاق والتعب وكأنه معذب عذاباً شديداً
فسأله: ما بالك هكذا ؟
قال: يا فلان، أسألك أن تذهب إلى بيتي وتخرج جهاز التلفاز؛ فإني منذ وضعتموني في قبري إلى الآن وأنا أعذب بسببه
استيقظ من منامه واستعاذ بالله من الشيطان وغير مكانه ثم نام فرآه مرة أخرى على أشد من حاله الأولى يبكي ويطلب منه إخراج التلفاز من بيته
فقام وغير مكانه ونام لشدة تعبه فشاهد صاحبه يركله بقدمه ويقول: قم.. أنسيت ما بيننا.. أسألك بالله.. أسألك بالله إلا ذهبت وأخبرت أهلي فإن كل ساعة ودقيقة تأخير فيها زيادة لسيئاتي وزيادة في عذابي.
يقول: فقمت وذهبت إلى داره وأنا بين مصدق ومكذب أن في بيته هذا الجهاز
دخلت عند الأبناء وطلبت اقتراب الزوجة والبنات بحيث يسمعون ما سأقول: فحدثتهم بالخبر ووصفت لهم ما رأيت من آثار العذاب على جسد أبيهم ووجهه، فبكى النساء والأطفال وبكيت معهم. وقام أحد الأبناء العقلاء المحب لوالده، وحمل الجهاز أمام الجميع وحطمه، فحمدت الله وذهبت.
وبعدها رأيته في المنام رابعة؛ رأيته منعماً مبتسماً تظهر عليه علامات الارتياح والسرور ويقول: فرَّج الله عنك كربك كما فرَّجت عني عذاب القبر.
من شريط "التلفزيون تحت المجهر" منوع
74 ـ نادر الحساوي:
الوسط الفني ليس فيه صديق.. وكلهم غدارون وأصحاب مصالح خاصة
*ما الدافع وراء اعتزالك الفن ولحاقك بركب العائدين؟
هذه الخطوة حسمت بها تردداً كان يتملكني منذ مدة، وأردت أن أريح نفسي من تبعات مثقلة تركها الفن على عاتقي وعلى عاتق أسرتي، حيث انتزعني الفن عن أبنائي وعائلتي فحينما أكون في التصوير لا أرى أولادي وأهلي فترة من الزمن بل تحولت بيوتنا إلى شيء أشبه بالفنادق، ولكن الحمد لله تحررت من هذه القيود وصرت أرى أبنائي وأكون معهم بشكل مستمر وأدير شؤون بيتي وأسرتي، حيث كنت أعيش في السابق في ضغط نفسي وتوتر مستمر، لكن الآن أشعر براحة نفسية، ويكفيني أنني عندما أضع رأسي على الوسادة أنام بعمق وارتياح.
*هل توقفك هذا توبة عن ممارسة الفن؟
أرى أن التوبة ضرورية لكل إنسان خصوصاً بعد أن يحج الإنسان ويرجع من بيت الله الحرام يعود مغفوراً له وخالياً من الذنوب كما ولدته أمه، وبصراحة بعد أن أديت فريضة الحج، سألني كثير من الناس هل سوف تعود إلى الساحة الفنية مرة أخرى؟ فكان جوابي ليس شافياً، ولكن بمجرد أن وطأت قدماي مطار الكويت انتزع الله من قلبي الرغبة في العودة إلى عالم الفن والشهرة لدرجة أنني كرهت العودة إليه مرة أخرى، بل كنت على قناعة تامة بأن الأرزاق بيد الله والتوفيق من رب العالمين، فما خاب من استخار رب العالمين.
*كيف تصف لنا حالك بعد العودة مقارنة بما كنت عليه أثناء ممارستك الفن؟
بصراحة شعوري الحالي لا يوصف، وأرى فرقاً كبيراً كالفرق بين السماء والأرض، ولا أرى ميزة في الوسط الفني تجعلني أندم على تركها أو فقدها، فهذا الوسط ليس فيه صديق يمكن الاعتماد عليه، فكلهم غدارون، وأصحاب مصالح خاصة، وكنت أظن أن الزملاء والأصدقاء الذين ابتعدت عنهم سيفقدوني لكنهم لم يكلفوا أنفسهم السؤال عني .
*كيف استطعت أن تترك الشهرة والأضواء بهذه السهولة؟
الله وحده هو الذي يهب الشهرة ويمنحك الأضواء، وهو وحده القادر على انتزاع كل ذلك منك في لحظة، ولكنني تركت شيئاً من أجل شيء أسمى وأعظم ولا شك أن مَنْ يترك شيئاً من أجل الله لن يتركه الله لغيره، بل سيعوضه خيراً منه لأن الله أكرم الأكرمين، لذلك سيعطيني الله ما هو خير من الشهرة والأضواء، ورغم أن شكلي قد تغيّر بعد اللحية واختلاف ملامحي، لكن الناس ما زالوا يعرفونني بل يقدرونني خير تقدير.
*هل يمكنك أن توظف خبرتك لما فيه الخير؟
أنا على استعداد لأن أقدم العديد من الاقتراحات والأعمال في هذا الصدد، لكن المنتجين يركزون دائماً على العائد الدنيوي السريع لذلك تجدهم يبتعدون عن توظيف الإبداع في خدمة الإسلام، أما بالنسبة لي، فقد قدمت الكثير من المقترحات حول هذا الهدف السامي لكنها وضعت في الأدراج.
*الكثير من الفنانين والفنانات اعتزلوا الفن وتحولوا إلى المظهر الإسلامي وانخرطوا في الحياة العادية وفي العبادات.. كيف تنظر لتباطؤ البعض في هذا الجانب؟
في الحقيقة الشهرة لها بريق خاص، والنجومية مغرية لمن ينظر إليها بمقياس الدنيا، أما في الواقع لابد لكل فرد أن يراجع نفسه ويحاسبها بدقة، ولكن من يعد إلى حياته الطبيعية، ويؤدي واجباته تجاه أسرته ومجتمعه، ويقم بأداء فرائضه يذق طعماً آخر للحياة.
ففي الماضي كنت أهمل الصلاة وكنت متقطعاً في أدائها بسبب الفن، حتى كنا نرفع صوت الأغاني بجوار المسجد ولا نبالي، ولكن الآن الحمد لله على نعمة الهداية وعلى ما أنا فيه من فضل الله، وأستطيع أن أقول قد تغيرت حياتي تماماً وأصبحت الدنيا جميلة ولها طعم خاص، وصرت أنظر إلى الحياة نظرة تفاؤل فاختلفت الأشياء تماماً والحمد لله.
*هل نصحت بعض الفنانين بترك الفن؟
نعم نصحت العديد منهم، ولكن للأسف لم أجد القبول من الكثيرين، بل البعض كان يمتعض حينما أقول لهم: هيا نصلي جماعة في المسجد، وأجد الغضب والاستغراب في وجوههم، وهذا من شرور الفن وأضراره أن يجعلك تعيش في وسط أبعد ما يكون عن واقع المسلم الحقيقي، وإذا كنت حريصاً على عباداتك وفرائضك، فإنك تبدو أمام الوسط الفني غريباً وشاذاً، ولكن الحمد لله الذي هداني وأسأله أن يهدي الجميع.
*ماذا تقول لزملائك السابقين في الوسط الفني؟
أقول لهم بكل صراحة أنا في خير ونعمة، وحياة مستقرة لا يدرك معناها إلا مَنْ يعيشها، وأحثهم على مراقبة الله، وأن يتذكروا أن الدنيا فانية ولا يبقى إلا وجه الله ذو الجلال والإكرام، كما أذكَّر بعض الفنانين بألا يخدشوا الحياء باسم الفن، وأن يتقوا الله ربهم فيما يقولون ويفعلون، لأننا محاسبون على كل ذلك يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، وأن ساعة الحظ هذه لابد أن تنتهي، والسعيد من أدرك نفسه، والعاقل من اتعظ بغيره، فقد يُقبض المرء وهو على سوء الخاتمة والعياذ بالله.. فأقول للجميع: اتقوا الله في أنفسكم وفي أهليكم وفي مجتمعكم .
المرجع: مجلة نون العدد الرابع(3/177)
رمضان – شوال1426هـ
75ـ أكبادنا والسهام المسمومة
جلست يوماً أمام التلفاز، لأتابع إحدى حلقات الرسوم المتحركة التي تقدمها إحدى القنوات العربية رغبة في التعرف على مضمون ما يقدم لأطفالنا الأبرياء.
ولقد أصبت بخيبة أمل مصحوبة بألم شديد، نتيجة ما كنت أسمع وأرى. لقد كانت تلك السلسلة من الرسوم مصوغة على طريقة كليلة ودمنة، حيث تصب قضايا الإنسان العربي المسلم في قالب الحيوان وتعالج من خلاله، ولكنها – بسبب أصلها الأوروبي ودلالتها الغربية - جعلت موضوعها هو الإنسان العربي المسلم لتفرغ فيه خلاصة تصورها المشوه عن الإسلام والمسلمين. وهذا يعكس مدى الهجمة الاستشراقية الشرسة الجديدة التي تستغل كل الوسائل، وتمتد عبر القنوات العلمية والتعليمية والإعلامية والثقافية الموجهة نحو الكبار والصغار على حد سواء.
تدور القصة حول أمير عربي يلبس زياً خليجياً، نزل بإحدى الدول الغربية بطائرة خاصة بصحبة أبيه السلطان، ومعهما زوجاتهما الكثيرات. ويفيد سياق القصة أن غرضه من هذه الزيارة هو تصيد فتاة شقراء يضيفها إلى ذلك العدد الضخم. وقد وقع اختياره على فتاة كانت تعيش مع مجموعة من المشردين بين حطام السيارات في مكان مهجور. فاستغل الأمير حاجتها وأغراها بالهدايا وما لذ من الطعام والشراب. وحين حاول أصحابها انتشالها من سكرتها واضطروا إلى مواجهة الأمير سلط عليهم عصابته المتوحشة فأشبعتهم ضرباً!!
ثم لما قفل راجعاً إلى طائرته –فرحاً بغنيمته - أفصح للفتاة عن مصيرها الذي ينتظرها، مما جعلها تنتفض وتبدأ في المقاومة، وفي هذه اللحظة التي أفاقت فيها من نشوة الإغراء، يبرز بطل القصة –وهو صديق الفتاة- على رأس المجموعة التي كانت تعيش معها، فيدبر خطة تنتهي بإنقاذ الفتاة، ويهزم الأمير ورجاله بطريقة ساخرة!!
ثم تنتهي القصة برجوع الفتاة مع صديقها إلى مكانهما، معبرة له عن سعادتها بالحرية ولو مع شظف العيش.
إن خلاصة ما ينطبع في ذهن المتلقي لهذه القصة ما يلي:
- أن الإنسان العربي رجل مشغول بغرائزه، وأن همه الغالب عليه هو تكثير الزوجات، حتى لو وصل العدد إلى العشرين أو زاد عليه قليلاً!!!
- أنه يستغل حاجة الآخرين وبراءتهم لتحقيق مآربه الخاصة دون اعتبار للمشاعر الإنسانية.
- أنه إنسان ماكر يعتمد على الخديعة والحيلة لتحقيق أغراضه، فإن فشل في ذلك، أو حاول أحدهم مراجعته أو صده فإنه يواجهه بالعنف والإرهاب.
- أنه – وإن كان مخادعاً - إلا أنه بليد لا يصمد أمام الأذكياء، ويظهر هذا بوضوح في تلك الهزيمة النكراء التي ألحقها صاحب الفتاة بالأمير ورجالاته.
إن هذه التصورات هي عينها التي تتردد في كتابات المستشرقين الحاقدين على العرب والمسلمين، وقد جرت العادة بذلك عندهم حتى أصبحت مألوفة. ولا عجب في أن يهييء الكاتب أو الفنان الأوروبي مادة شرقية يسلي بها أطفاله، فهم المقصودون أساساً بهذا الخطاب لتشويه صورة الإسلام في أذهانهم منذ البداية. وإنما العجب العجاب والسؤال الذي ليس له جواب، هو كيف تصبح أكبادنا هدفاً لتلك السهام المسمومة، وكيف تتحول الشاشة الصغيرة مرآة تعكس له ذاته بصورة مقلوبة؟ فيتفرج عليها ويضحك منها وهو البريء لا يدري أنه يضحك من نفسه ومن آبائه!!
مصطفى فوضيل
فاس – المغرب
مجلة الأسرة العدد 87 جمادى الآخرة 1421هـ
76ـ أجرى عملية جراحية ليصبح شبيهاً بإحدى المغنيات الماجنات!!
في برنامج متلفز على إحدى الفضائيات العربية، كاد المذيع يطير من الفرح، وهو يزف للمشاهدين أن رجلاً أجرى عملية جراحية في وجهه ليصبح شبيهاً بإحدى المغنيات التي عرف عنها المجون والخلاعة، وقدم هذا الخبر ليكون مفاجأة لتلك المغنية التي كانت ضيفة على البرنامج، ليثبت لها حب الجماهير بعد الشائعة التي انتشرت ضد هذه المغنية.
إننا لا نستطيع أن نعبر عن هذا الموقف إلا بالقول: إنها تفاهات وسخافات كثيرة بين شباب الأمة، ويشجعها الإعلام بكل ما أوتي من وسائل. إن هذا الموقف وغيره يدل على الضياع الذي فيه شباب الأمة الذين عموا عن القدوة الحسنة، وأدمنوا التقليد الأعمى الذي يجر عليهم الخيبة والخسارة ويؤدي بهم إلى الوقوع في هوة المجون والخلاعة.
لقد أثمر الجهد المتواصل الذي لا يعرف الملل والكسل من قبل أعداء الأمة كي يغيبوا الأخلاق والمثل العليا عن شباب أمتنا، حتى يصيروا جثثاً متحركة بلا هوية أو عقيدة أو خلق أو ضمير؛ ويتحولوا إلى مخنثين.
إن لدى أعداء الإسلام رصيداً وافراً من الوسائل والسبل التي يستخدمونها لإيقاع أبناء الأمة في المصيدة التي نصبوها لهم، فإذا لم تفلح – مثلاً- وسيلة الغزو والاحتلال لجؤوا إلى وسيلة إغراق الدول المسلمة بالمسكرات والمخدرات ليصبح الشباب تائهين، معطلة قواهم عن أي فكر أو إنتاج لصالح أمتهم، وإذا خابت تلك الوسيلة عمدوا إلى بث الإباحية والانفلات اللا أخلاقي عن طريق الفضائيات التي يملكون معظمها، ويسخرونها لهذا الغرض، تقلدهم في ذلك الفضائيات العربية، وإذا لم تفلح هذه الوسيلة ولا تلك عمدوا إلى تشكيك المسلمين في عقيدتهم وفي أحكام دينهم، وقد وصل هذا التشكيك إلى تحريفهم للقرآن الكريم وتزويرهم له بإصدار طبعات محرفة منه.
كمال عبد المنعم محمد خليل
مجلة المستقبل العدد 175 ذو القعدة 1426هـ
77 ـ الحصاد المرّ
فاطمة عبد العزيز
منذ أن أَطَلَّت الأطباق الهوائية برؤوسها من فوق الدور، قبل ما يقارب العقد من الزمان وصيحات الناصحين تزداد يوماً بعد يوم، محذرة من العواقب الوخيمة لهذا الوافد الخطير، ورغم تواتر الفتاوى الشرعية بحرمة اقتنائه ومشاهدته (ما دام شره أكثر من خيره). كما هو الحال والواقع إلا أن الكثيرين ما زالوا يصمون آذانهم عن ذلك كله مغمضين أعينهم عن كل ما ظهر ويظهر من الآثار السلبية لهذا الطبق.
وها نحن اليوم نجني ثمار هذا النتاج الإعلامي العفن حصاداً مُرَّاً وثمراً علقماً نتجرعه يوماً بعد يوم. فالتقليعات الغربية في الملبس والسلوك قد ظهرت لدى المراهقين والمراهقات وتقبلها المجتمع على مضض، وبرامج العري والفساد أثمرت في شبابنا وفتياتنا المتأججين بثورة الشباب حوادثَ امتلأت بها سجلات السجون ومراكز الأحداث ومحاضر هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وممارسة العنف على الطريقة الأمريكية أصبحت تستهوي بعض سفهاء الشباب فسمعنا أكثر من حادثة إطلاق نار واعتداءات جسدية في المدارس. هذا فضلاً عن أمور ظهرت لا يسع مسلم أن يسكت عنها لتعلقها بالعقيدة والتوحيد. وأصبحنا نسمع من يهنئ بعيد رأس السنة أو عيد الحب أو عيد الأم.. إلخ وغيرها من المحرمات في ديننا.(3/178)
إنها ليست دعوة إلى التخلف والرجعية بقدر ما هي خوف على ما تبقى من دين الأمة وأخلاقها. كما أنني لا أدعي أننا كنا ملائكة أطهاراً لا نعرف الشر ولا نقترفه قبل هذا الطبق لكنني أجزم أن أنماطاً من وسائل الشر وأساليبه لم تكن معروفة من دونه وإنه (أي الطبق) متهم عندي على كل حال حتى تثبت براءته – وأنَّى له ذلك – ولا أظن أن أحداً يلومني؛ فقد أثبت وبجدارة أنه رائد الفساد والغثاء الفكري والأخلاقي في هذا الزمان. وهذا القول أحمد الله تعالى أنني لم أنفرد به بل هو قول كل عاقل يحترم دينه وأخلاقه. وإذا كان هذا حالنا مع القنوات الفضائية فكيف سيكون مع ما هو أشد فتكاً كالشبكة الإلكترونية، وكيف سيكون حضورنا فيها متلقين ومساهمين، أرجو ألا يكون حضوراً مخزياً كما هو الحال مع القنوات العربية، وأتمنى أن يسمع العالم منا ويقرأ عبر تلك الشبكة ما يدل على أننا نحسن غير الرقص والطرب ونستمتع بغير الضحك والهراء.
ولعله من الإنصاف أن نذكر أن هذا الحصاد المر ليس نتاجاً إعلامياً بحتاً بل هو في نظري ثمرة البذرة الإعلامية أسقتها عوامل أخرى من أهمها ضعف الوازع الديني وغياب التربية الصحيحة لكن تركيزنا على أهمها لا يعني إلغاء ما سواه.. فهل يحتاج المسلمون إلى المزيد من الحصاد المر ليتنبهوا من غفلتهم؟ أرجو ألا يكون ذلك.
مجلة الأسرة العدد 81 /1420هـ
78 ـ من أنا؟ كيف أتيت؟ أين أهلي؟
الشيخ أحمد الخضيري:
القنوات الفضائية الهابطة هي السبب!!
أشار فضيلة الشيخ أحمد بن ناصر الخضيري القاضي بالمحكمة الكبرى بالدمام أن من أعظم الأسباب في تواجد اليتامى ومجهولو النسب هو الغزو الإعلامي على المسلمين،
حيث أشار فضيلته إلى أن من أكبر مسببات شيوع العلاقات المحرمة بين الجنسين القنوات الفضائية الهابطة بما تبثه من برامج تنشر الإباحية والفجور والخزي وتجعله أمراً مألوفاً بين الناس، كما ينبه فضيلته إلى خطورة السفر المحرم للخارج وما يتمخض عنه من إلف حياة الخنا واعتياد مشاهد الفجور والاختلاط المحرم والذي يعد مصيبة من أعظم المصائب التي ابتليت بها الكثير من المجتمعات الإسلامية.. قال تعالى: ( ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا).
ويتساءل فضيلته قائلاً: إذا لم نحصّن الأجيال دينياً وأخلاقياً، فماذا نتوقع من جيل ينشأ على الميوعة والماديات والانحلال الأخلاقي وإدمان مشاهدة القنوات الفضائية؟. انتهى كلامه حفظه الله
آلامهم لا تحتويها الكلمات!
معظم المسوحات الميدانيّة تقول – بتفاوتٍ في التعبير- إنّ هؤلاء (اللقطاء أو مجهولي النّسب) يعيشون معاناة لا تستطيع الكلمات احتواءَها، فليس –بالفعل- من مشكلة يمكن أن يعيشها الشخص أكبر من مشكلة (حقيقتة هو!) فلكل فرد هويته التي يستمد منها تقديره لذاته، ولا يستطيع العيش بدونها بين الآخرين، وإذا كانت مجهولة لديه أو اضطربت في ذهنه؛ فإنه – تبعا لذلك- يدخل في حالة اضطراب وعدم استقرار لا يخرج منها ما دام فاقدا لهويته. ولذا يعيش مجهولو الهوية داخل المؤسسات الإيوائية في حيرة وقلق من حقيقة واقعهم، لأنهم لا يعرفون من أين أتوا وأين أسرهم وكيف فقدوا وما أصل وجودهم في هذه الحياة؟ وماذا عن صحة أسمائهم؟... أسئلة كثيرة يسألونها ويكررونها مثل: أين أهلي؟ ما هو لقب عائلتي؟ من أين أتيت؟ كيف فقدت أبي وأمي؟ كيف وضعت في هذا المكان؟ لا يجدون لهذه الأسئلة جواباً شافيا، إلى أن يكبروا وتكبر معهم هذه الأسئلة المحيّرة، فينجرفون نحو دائرة الشكوك والأوهام تجاه وجودهم، فيلجأون إلى ما يعبرون به عما في نفوسهم من الحسرة والحيرة، بالانطواء والشرود والحزن العميق، واختلاق القصص الكاذبة عن أنفسهم فيظلون على حالة غير مستقرة من الناحية النفسية والاجتماعية والسلوكية التي تنعكس سلبا على مستقبل حياتهم.
بتصرف من مجلة الأسرة العدد 150 رمضان 1426هـ
79 ـ عرض فيلم إباحي في روضة أطفال بصباح السالم
شهدت إحدى رياض الأطفال في ضاحية صباح السالم واقعة مؤسفة ومخجلة يندى لها الجبين، حيث قامت معلمة أحد الفصول بتسجيل حلقات رسوم متحركة من إحدى القنوات الفضائية المتخصصة في "الكارتون" على شريط في الأصل يحوي فيلماً إباحياً، دون دراية منها بمحتواه.
وفي اليوم التالي قامت المعلمة بعرض الكارتون على أطفال الصف الخاص بها، وتركتهم للمشاهدة وخرجت لقضاء حاجة لها في الإدارة، واستمر بقاؤها خارج الصف مدة كانت كافية لانتهاء "الكارتون" وليبدأ بعده الفيلم الإباحي الذي شاهد الأطفال 12دقيقة منه!
أطفال الصف العشرون رووا لآبائهم وأمهاتهم ما شاهدوه في الفصل.
ولم يصدق أولياء الأمور ما سمعوه، لولا أن الصغار رووا تفاصيل ليس لهم علم بها.
وعلى الفور أبلغ أولياء الأمور مديرة الروضة التي أصيبت بالذهول من هول ما سمعت، وقامت باستدعاء المعلمة التي اعترفت بالواقعة. وتم إبلاغ مدير عام منطقة مبارك الكبير التعليمية حماد المترك الذي أمر بفتح تحقيق سريع في الحادثة.
وحاول مسؤول وزارة التربية (لملمة) الأمر حتى لا يصل إلى الصحف أو نواب مجلس الأمة فتكون الطامة الكبرى.
مجلة المجتمع العدد 1684 تاريخ 07/01/2006
80 ـ « زوجي يشاهد فضائيات ساقطة »
نشرنا في العدد (151) مشكلة الأخت (س.ع.ص) من الزلفي، تحت عنوان (زوجي يشاهد فضائيات ساقطة) وملخصها: أن زوجها يقضي الليل كله – كما تقول- في مشاهدة القنوات الفضائية الفاضحة، كان في البداية يشاهدها لوحده، لكنه الآن أصبح يشاهدها بحضور الأبناء وتعظم المشكلة وهي تسمع همس الأبناء عما شاهدوه من لقطات خليعة.. وتريد حلاً لمشكلتها هذه..
علاج من 7 خطوات
مشاهدة القنوات الفضائية الفاضحة سم قاتل للمروءة وخادش للحياء ومذهب للحشمة.. فما بالك بمن يرى قنوات مفتوحة على مصراعيها، لا يقف أمامها حجاب، ولا لأفلامها وبرامجها مراقب، غول ينهش في الجميع صغيراً أو كبيراً. ولذا فقد أعددت لكِ هذه الإرشادات عسى أن تكون بلسماً لمشكلتك:
* وثّقي صلتك بربك: صلاة في وقتها، ونوافل تواظبين عليها، وأذكاراً تلزمينها، ودعوات لا يفتر لسانك منها، وأملاً دون يأس يعينك في حل كل مشكلة تواجهينها.
* اهجري مكان المعصية فلا تجلسي والمناظر تتوالى من التلفاز، فتتشرّب عيناك مشهداً يكون وهناً في قلبك، وتستمرئي المعصية من حيث لا تشعرين، فالقلوب ضعيفة وكثرة الإمساس يقلل الإحساس.
* عليك بأولادك نصحاً وإرشاداً ومكافأة، وأعلميهم أن هذا الأمر منكر يغضب الرب جل جلاله، كافئيهم على اتباعهم لنصائحك وعلى كل عمل نافع يقومون به، أشغليهم بأشياء تلهيهم عن المشاهدة، اجلسي معهم في حل الواجب المدرسي، العبي معهم ألعاباً نافعة ومسلية أو كوني المراقب والحكم وهم يلعبون حين لا تستطيعين اللعب معهم، فالأم – وليس الأب- مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق.
* لا تملي من تكرار نصائحك لزوجك مع التجديد وإتقان الخطاب ولا يساورك ملل من ذلك فلعل الكلمة التي يهتدي بها لم يسمعها منك بعد.
* اقطعي عنه الابتسامات والضحكات، غيّري قسمات وجهك إلى التجهم والتقطيب لعله يرى الأمر قد تغير فربما يزعجه هذا فيزجره عن عادته السيئة.
* لا تنسي أن تتجملي له، اسلكي طريق الإبداع في لبسك وأناقتك لعلك أن تظفري بنظرة تغنيه عن تناول ذلك السم الزعاف.
* إن لم تستطيعي تغييره ابحثي عمن لديه قدرة على نصحه وتوجيهه وتغييره، قريب أو صديق له أو شيخ في الحي له مكانته عنده فيشعره بمدى خطورة مشاهدة تلك المناظر.
طه بن حسين بافضل
* *(3/179)
مثلك كثيرات
* أثمّن إحساسك بخطورة الوضع لذا لن أؤنبك على الموافقة على إدخال هذا الطبق إلى بيتك من البداية فالوقت قد فات ولعلك قد جنيت بعضاً من آفاته ولعل في شكواك عبرة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد فأكثري من الاستغفار واعزمي على التوبة.
* اعلمي أنك محاسبة عن كل نظر فيما لا يحل لك فلا تطلقي بصرك في المحرمات فليس الحرام مقتصراً على نظر زوجك ولكنه يشملك أيضاً فإياك والجلوس أمام المحرمات والمجازفة بقلبك في معاصي لا تأمنين عاقبتها.
* قومي بإصلاح نفسك أولاً وألزميها بما أمر الله وتفقديها لعل خللاً في دينك أدى بك إلى هذه الضائقة فأصلحيه يصلح الله لك زوجك ويرده إلى جادة الصواب إن شاء الله.
* من الواضح أن زوجك يعلم في قرارة نفسه بشاعة هذه المناظر لذا كان ينظر إليها خفية عن أعينك، حاوريه برفق في أوقات هادئة مناسبة لا تخلو من المشاعر الحنونة المشفقة عليه من عقاب الله.
* إياك وأسلوب الجفاف ولهجة التهكم التي تنتهجها الكثيرات منا أثناء دعوتها لزوجها فإن الله أرسل موسى عليه السلام لطاغية العالم ومدعي الألوهية فقال: (فقولا له قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشى) [طه: 44]،
ذكريه بقول النبي صلى الله عليه وسلم (النظرة سهم من سهام إبليس فمن غضّ بصره لله أورثه حلاوة يجدها في قلبه إلى يوم يلقاه)
إن استطعت أحضري كتيب (سهم إبليس وقوسه) لـ (عبد الملك القاسم) ولا تعرضيه عليه مباشرة ولكن ضعيه في الأماكن التي يطول جلوسه فيها لعل الله أن يشرح صدره للاستفادة منه وأخلصي له الدعاء في ظهر الغيب فبالدعاء والدعوة ينتصر الحق إن شاء الله.
* أطفالك ثروة هائلة لا تهدريها وأرض خصبة لا تهمليها فلا تحرمي نفسك ومجتمعك من خيرهم تعاهديهم بيد التربية الإسلامية لا تتركيهم أمام الفتن تعلب بهم يمنة ويسرة لا تحرميهم من توجيهاتك ونصائحك أثناء مشاهدة والدهم للمحرمات، قومي بمرافقتهم إلى مكان آخر من البيت وابدأي معهم حلقات ذكر يحفظون من خلالها آيات القرآن ولتقرأي لهم من سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم من شمائله وغزواته واختاري كتاباً سلساً مثل الرحيق المختوم قربي المعاني لهم وبسطيها لأفهامهم وشجعيهم بالهدايا والمسابقات وابذري فيهم بذور الخير والفضيلة لتؤتي أكلها في المستقبل إن شاء الله،
بيني لهم حرمة النظر للحرام بأسلوب راقٍ وواعٍ لا يهز شخصية والدهم في نفوسهم واطلبي منهم الدعاء له.
* أخيتي كثيرات مثلك فلا تلبسي ثوب اليأس ولا تعيشي في ظلام التعاسة بل ثقي في الله واعقدي العزم على إنقاذ زوجك والعمل على إصلاح البيت دون كلل أو ملل وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضى..
أختكم أم أسماء – رابغ
* *
بداية جيدة
رسالتك رسالة الندامة، وهذا منطلق خيَّر، لأنك أحسست بالذنب وعرفت خداع المخادع، ولم يعد من عمل إلا المبادرة منك إلى حلَّ مشكلتك، فليست هناك مشكلة الآن، اقطعي علاقتك، توبي إلى خالقك، وافتحي صفحة جديدة في حياتك، تكون بداية لبناء حياة أسرية سعيدة.
أم عمر الريس – النزهة
المرجع: مجلة الأسرة العدد 153
81 ـ أنياب المعصية
نشرنا في العدد 122 من (الأسرة) مشكلة الأخ (أبو ابتهال)، التي يذكر فيها أنه متزوج وله خمسة أولاد، ويحضر الكثير من مجالس العلم وحلق الذكر، وينظر له غيره على أنه مثلٌ وقدوة، ولكنه مع ذلك يواقع معصية لا يستطيع الفكاك منها وهي النظر إلى النساء، وانصراف قلبه إلى ذلك، وكلما حرص على الابتعاد وعاهد نفسه على ذلك لم يستطع الوفاء، وانجرف في المآثم مرة أخرى، وهو يبحث عن الدواء الذي ينتزعه من هذا الداء المهلك.
هل تملك الإرادة؟!
تمتلئ الحياة الدنيا بالابتلاءات والفتن والمصائب، جنباً إلى جنب مع الطرائف والأحداث والعجائب، ولم يكن لحال شخص أن يستقر أبداً طول الدهر فلابد له من تغير وتحول.
حالك يا أخي ليس بغريب عليَّ ولم يدهشني أو يهزني لأنني أعرف كثيراً من الشباب الملتزم ظاهراً يعانون مما تعاني على اختلاف وتنوع المعاصي التي هم عليها.
من المحزن حقاً أن يضحك الإنسان على نفسه، ولولا أن الله جل جلاله يمهل العبد لكانت العاقبة وخيمة؛ فضائح تتوالى ويتسامع بها الخبيثون عن الطيبين فتشيع الفاحشة بين المؤمنين وربما كانت العاقبة هلاكاً ودماراً قال الله تعالى: (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ ).
أخي الحبيب: لا يملك لك أحد من قراء (الأسرة) الكرام حلاً ذهبياً يقدم لك على ورق المجلة ولو خط بماء الذهب. ولو فعلوا ذلك وأنت لا تملك إرادة التغيير لما أفلحوا في إنقاذك وتخليصك من حبائل هذه المعصية؛ ولذا كان لزاماً عليك أن تبدأ الإصلاح بنفسك:
أولاً: أوجد في نفسك إرادة محفزة للتغيير، إرادة لا تتراجع عند لحظة الفعل فتخذلك وترجع إلى معصيتك مرة أخرى، وهذه الإرادة لا توجد بمفردها بل لابد أن يرافقها صبر وتحمل (وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ) وتذكر أنه لولا صبر الشجاع المقاتل عند لحظة المبارزة والقتال لما استطاع أن يتغلب على خصمه وعدوه.
ثانياً: عليك بالمداومة على قراءة القرآن بتدبر وخشوع، ولو جزء في اليوم وإن استطعت أن تحفظ القرآن كاملاً فهذا حسن؛ فهو: (هدى وشفاء ورحمة للمؤمنين)، كما وصفه ربنا عز وجل.
ثالثاً: داوم على الصلوات الخمس في جماعة والأفضل أن تبكر إليها وتكون في الصف الأول، وأن تدخل إلى الصلاة وكأن ملك الموت سينزع روحك بعد الصلاة! فأقبل عليها بخشوع وسكينة ودافع وساوس الشيطان قدر ما تستطيع. صلَّ الفجر في جماعة وحاول أن تجلس بعد صلاة الفجر تذكر الله حتى تطلع الشمس وتصلي ما شئت، وتذكر أن الله تعالى قال عن الصلاة: (تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ).
رابعاً: لا يقعدك حالك هذا عن حضور مجالس العلم والمنتديات النافعة والمشاركة في الأعمال الدعوية والخيرية وسماع الأشرطة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقد قال العلماء: (حق على من يتعاطون الكؤوس أن ينهى بعضهم بعضاً) فكلنا خطاءون وكلنا ذاك المقصر ولكن السعيد من اتعظ وانتبه من غفلته وفتوره.
من ذا الذي ما ساء قط = ومن له الحسنى فقط
خامساً: ابتعد عن كل ما يثير شهوتك تجاه المرأة من رؤية النساء الحسناوات سواء كان ذلك في مجلة أو على شاشة التلفاز أو نحو ذلك، وإني أربأ بك أن تكون من المعتكفين على مشاهدة الأفلام عربية كانت أو غربية أو المسلسلات والمسرحيات فإن حصل ذلك فاعلم أنه سم قاتل يجب أن تبتعد عنه.
سادساً: قف مع نفسك قليلاً، وتذكر لو أن لديك ثلاث بنات مثلاً في غاية الحسن والجمال وإذا برجل يترصد لهن وربما مد حبال المعصية إليهن هل كنت ترضى بذلك؟ فإن كنت لا ترضى هذا لبناتك فإن الناس لا يرضونه لبناتهم كما قال صلى الله عليه وسلم.
سابعاً: حاول أن تذهب إلى العمرة في شهر رمضان وتعتكف في العشر الأواخر منه وتشرب وتتضلع من ماء زمزم، هنالك تدعو الله بصدق وتنكسر بين يديه وتسيل دموع الندم على خديك وتناديه وتقول: اللهم يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلبي على طاعتك، وتناجيه وتعترف بزلاتك بين يديه وتدعوه دعاء المضطر؛ دعاء ركاب سفينة ماجت وهاجت بهم أمواج البحر فإذا بنصف السفينة قد غرق في الماء وكادوا أن يغرقوا فرفعوا أكف الضراعة إلى الله لينجيهم فأنجاهم سبحانه (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ) وختاماً أسأل الله أن يحفظك وينجيك من مهالك المعاصي ويثبت قلبك على طاعته.
طه بن حسين بافضل – حضرموت(3/180)
* *
أينك من فضيحة الآخرة؟!
قرأت رسالتك مراراً وتأثرت بها كثيراً وآسفني ما وصل إليه حالك أسأل الله لك التوبة النصوح.
أخي في الله: أنت تعلم قبل كل شيء أن النظر سهم مسموم من سهام إبليس فلا تُتبع النظرة بالنظرة، فلقد ذكرت أن بصرك أوردك المهالك وهذا بدايته تتابع النظرات، وإليك هذه النصائح التي أسأل من الله أن ينفعك بها:
* لا تنس الدعاء وخاصة في الثلث الأخير من الليل، ابكِ واخشع وتضرع وارفع شكواك إلى الله بقلب صادق أن يعينك على حفظ بصرك، فمن حفظ بصره نوّر الله بصيرته..
* عندما تنظر إلى ما حرم الله اصرف نظرك بسرعة ولا تعد النظرة واستعذ بالله من الشيطان الرجيم واذهب من مكانك فوراً..
* تذكر أن:
كل الحوادث مبدؤها من النظر *** ومعظم النار من مستصغر الشرر
* ذكرت في رسالتك أنك تخاف أن يفضحك بصرك في الملأ. لقد خفت من فضيحة الدنيا ولم تخف من فضيحة الآخرة أمام الخلق جميعاً، فإن كان الله قد سترك في الدنيا فلابد من فضيحة الآخرة مالم تتب، أفتخاف أن يراك الناس ولا تخاف من نظر الله إليك فلا تجعل الله أهون الناظرين إليك..
* لا توهم نفسك بالسحر والمس واذكر الله دائماً وأكثر من الاستغفار.
* لقد وهبك الله زوجة حلالاً فلا تدع الحلال وتذهب للحرام.
* اعلم أن من أهم أسباب طلاق النظر ضعف مبدأ مراقبة الله تعالى، فلا تنس أن الله يراك..
* أنجح دواء لغض البصر هو مجاهدة النفس والصبر مع غض البصر...
وأخيراً أنصحك بسماع شريط السهم المسموم للشيخ إبراهيم الدويش.
أم عبد الرحمن المخلافي – اليمن- تعز
* *
انتبه إلى طريقك
الشهوة الميل للجنس الآخر غريزة فطر الله الناس عليها.
فلو كانت هذه الشهوة ضعيفة لقلت رغبة الناس في الزواج ولضعفت العلاقة والألفة والمحبة بين الزوجين ولكثر الطلاق لأتفه الأسباب.. الخ.
فهناك أسرار وحكم لا يعلمها إلا الله عز وجل، وقد جعل سبحانه هذه الغريزة على مقدار من القوة بحيث يستطيع الرجل السيطرة على نفسه وكبح جماح شهوته.
فتخيل يا أبا ابتهال أنك تقود سيارتك في طريق سوي واضح المعالم إلا أنه يوجد في هذا الطريق حفر ومنحدرات خطيرة قد وضعت أمامها لوحات إرشادية تحذر منها، ثم قال لك شخص: اترك مقود السيارة ودعها تسير بنفسها ولمدة دقائق فقط!!
لا شك أنك ستقول عنه إنه مجنون؛ لأنك بعقلك السليم تعرف أن هذه السيارة سوف تنحرف بك عن الطريق السوي وتوقعك في تلك الحفر والمنحدرات التي ربما تنتهي بك إلى الهلاك، فكذلك هذه النفس تريد من يقودها في طريق هذه الحياة بيقظة وحذر وانتباه. وقياساً على ذلك: لو كنت تمشي في الشارع فوقع بصرك على امرأة متبرجة فتذكر أن أمامها لوحة إرشادية تقول: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ..) الآية. وما وضعت هذه اللوحة أمامها إلا لأنها حفرة في طريقك وربما منحدر سحيق يودي بك إلى الهلاك لا سمح الله.
وهكذا في كل ما حرم الله، فعليك أن تقود هذه النفس بحذر شديد حتى تصل بها إلى بر الأمان وهو رضى الله والجنة: إن عرضك لمشكلتك دليل على صدق توجهك ورغبتك في التخلص والخروج مما أنت فيه، فجدد همتك وقوَّ عزيمتك واستعن بالله ولا تعجز، وتذكر وصية الرسول صلى الله عليه وسلم: (احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة...) الحديث.
وأتوجه بندائي للمرأة المسلمة فأقول: اتقي الله في نفسك، اتقي الله في شباب المسلمين، لا تكوني عوناً للشيطان عليهم لا تخرجي من بيتك إلا لحاجة ولو خرجت فالتزمي بحجابك الشرعي وإياك وتلك العباءة الخبيثة السافرة، والله إن إحداكن لتخرج وهي تلبس تلك العباءة التي لا ترضي الله فتعود إلى بيتها وهي تحمل أوزاراً كالجبال على ظهرها – تدري ذلك أو لا تدرِ- لما تحدثه من إفساد لقلوب كثير من الرجال.
وإني والله لأرى المرأة المحتشمة في لبسها فأدعو الله لها من قلبي أن يحفظ لها عفتها ويكثر من أمثالها، وأرى المرأة المتبرجة في لبسها ومشيتها فأدعو الله أن يهديها أو يشل أركانها ويقعدها في بيتها حتى ترتاح عيون الرجال منها.
أبو مجاهد- الرياض
* *
إجراءات
يقول الله عز وجل: (إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) [الرعد: 11]، ويقول عز وجل (وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا) [النساء: 27].
اعلم أيها الأخ المسلم أن لك في الحياة غاية عظيمة ألا وهي رضى الله عنك والجنة وأن الله عز وجل سيبتليك ببعض الأمور التي ستكون مقياساً لمؤشر الإيمان في قلبك ومن تلك الأمور غض البصر. ستقول: إنك حاولت ولم تنجح وتغلب الشيطان عليك، أقول: قبل المحاولات عليك باتخاذ الإجراءات التالية التي إن اتبعتها بدقة فإنك ستنجح حتماً بإذن الله تعالى ألا وهي:
أولاً: استحضر عظمة الله عز وجل في قلبك واستشعر حقيقة عبوديتك لله عز وجل وأنه مالك الملك، حتى يقشعر بدنك وتدمع عينك.
ثانياً: تذكر دائماً أن نظر الله إليك أسبق من نظرك إلى الحرام، فعندما تشعر أنك بمقربة من امرأة أو أنك تقترب من قسم المجلات المليئة بصور النساء، تذكر أن الله عز وجل ينظر إليك وأن أنفاسك بيديه سبحانه، فلو شاء لأوقفه، فكيف وبأي وجه تلقاه وأنت تنظر، وهو يقول: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ).
ثالثاً: تذكر قبل أن تعصي الله أنك تعصي الله بنعم الله، والواجب عليك شكره على نعمة البصر، وشكرها يكون بحفظها عن الحرام، وأن الذي منحك إياها قادر على سلبها منك، أفلا تغض.
رابعاً وأخيراً: اعلم أن لغض البصر مكافأة عظيمة من الله عز وجل، ألا وهي حلاوة تجدها في القلب كلما غضضت بصرك، وإن كثرة التلفت والنظر تورث البلادة وفراغ القلب، وإن من أسباب الفراسة غض البصر، فجاهد نفسك، ومن ترك شيئاً لله عوضه خيراً منه.
أم عبد الله- المدينة
المصدر: مجلة الأسرة العدد 125
82 ـ التفوق الحضاري!!
83 ـ فضائية عربية جديدة لـ ( بي بي سي ) لتحسين الصورة!!
أعلنت هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي، أنها تعتزم إجراء تغييرات هيكلية كبيرة من أجل إطلاق قناة تلفزيونية باللغة العربية تنافس قنوات عربية مثل (الجزيرة)، وتهدف هذه القناة إلى تعزيز حضور السياسة البريطانية في المنطقة، وستضطر الهيئة إلى إعادة هيكلة خدمتها الدولية عبر انتهاء عمل عشر إذاعات بينها ثمان موجهة إلى أوروبا.
وستنافس الخدمة الجديدة قناة (الجزيرة)، التي تتهمها واشنطن وبريطانيا بالتحيز في تغطيتها حول العراق.
واعتبر مدير الـ ( بي بي سي ) نايجل تشابمان التغييرات الهيكلية أكبر عملية تحول تجري في المؤسسة منذ بدأت بثها العالمي قبل نحو سبعين عاماً.
وأوضح أن هيئة الإذاعة والتلفزيون الحكومية، بحاجة إلى تقوية وجودها في الشرق الأوسط، لاسيما عبر إنشاء قنوات تبث عبر الأقمار الاصطناعية شبيهة بقناة ( الجزيرة ) القطرية.
واعترف أن هذا الإجراء يعكس المناخ المتغير لوسائل الإعلام والجغرافيا السياسية في العالم؛ بما يقتضي إعادة النظر في أولويات الحرب الباردة.
وقال: المشهد الإعلامي في الشرق الأوسط تغير بصورة بارزة بعد انتشار الفضائيات. وبدون حضور إخباري للبي بي سي باللغة العربية تلفزيونياً؛ فسوف نخاطر بأن نصبح من الدرجة الثانية تلفزيونياً على الرغم من النوعية الجيدة التي تقدمها إذاعتنا ووسائل إعلامنا الجديدة.(3/181)
وتقرر إطلاق القناة العربية الجديدة بطلب من وزارة الخارجية البريطانية التي تمول الخدمة العالمية من خلال منحة مباشرة تقدر بنحو 239 مليون جنيه إسترليني 422.2 مليون دولار عامي 2005 و 2006 .
وقال مديرون في الخدمة العالمية إن القناة الجديدة التي ستكون متاحة دون اشتراك لأي شخص لديه طبق استقبال للأقمار الصناعية أو تلفزيون كابل ستعمل بديلاً لقناة الجزيرة.
وكانت واشنطن قد أطلقت فضائية (الحرة) بداية عام 2004، سرعان ما تخلى عنها المشاهد العربي، لا لنواح سياسية فحسب، وإنما لنواح تقنية ومهنية أيضاً.
المرجع: مجلة المستقبل الإسلامي العدد 174 شوال 1426هـ
84 ـ أصبحت مريضة
أماني (26سنة) تقول:
إذا كان أحد يعاني من هذه المسألة فهو أنا، والمشكلة أنني أنا التي ابتليت نفسي. فمنذ أن أدخل زوجي طبق (الدش) إلى منزلنا بطلبي وبدأنا نشاهد البرامج وحفلات الجمال وعروض الأزياء وغيرها. حتى بدأت أغار على زوجي منهن وأخاف أن يقل حبه لي، فأصبح لا هم لي سوى الاهتمام بجمالي. فما بين شهر وآخر أغير صبغة شعري، كما حرمت نفسي من أطايب الأطعمة لأحافظ على جسمي، ولم يعد همي سوى شراء الملابس التي على آخر موضة لكي لا أكون أقل أناقة منهن.
لقد تعبت، نعم.. والله تعبت من هذا الهم الذي يلاحقني طوال الليل والنهار.. حتى أصابتني كآبة حادة وحالة نفسية من البكاء والعزلة. وقد أخذني زوجي للعمرة وارتاحت نفسيتي قليلاً ولله الحمد. ولكن عندما طلبت منه الآن أن يزيل هذا الطبق رفض تماماً ومعنى هذا أن مأساتي ستستمر.. وليكن الله في عوني.
جواهر ب.ع. (27 سنة):
بصراحة لا أحد ينكر أن الجمال مطلوب. وكل امرأة تبحث عن الجمال بأي وسيلة، لكن في النهاية يجب أن لا يتجاوز ذلك حدود المعقول.
ذات مرة تبادلت الحديث مع إحدى المراجعات في المستشفى أثناء انتظارنا للموعد، فذكرت لي أنها أجرت أربع عمليات تجميل من أجل أن تنافس جميلات الفضائيات التي يتابعها زوجها. فوجئت أنا تماماً بكلامها لكنها أقسمت لي أنها فعلاً أجرت عملية لتوسيع عينيها في الخارج، وعملية أخرى لتكبير الصدر وثالثة لشد بطنها وسحب الشحوم منه، ورابعة لشد وجنتيها وجعلهما أكثر امتلاءً بإضافة أنسجة من الفخذ لها!!!
فتحت فمي من شدة عجبي منها، إذ لم أتوقع أن أرى امرأة بمثل هذا الهوس بجمالها، فقد ذكرت أيضاً أنها تداوم على حضور التمارين في النادي يومياً مع تغيير صبغة شعرها شهرياً هذا سوى جلسات العناية بالبشرة والشعر الأسبوعية في الصالون!
وبصراحة لم أعرف ماذا أقول لها، لكن بعد كل ما ذكرت لي قالت بحسرة وندم: (ويا ليت هذا أفادني في شيء.. فالـ (...) لم يملأ عينه كل هذا، وذهب ليتزوج عليّ؟!) لا أعرف لماذا ضحكت في سري وقلت لنفسي (الحقيقة.. يحق له ذلك طالما هذا مستوى تفكير زوجته!!).
المرجع/ مجلة حياة العدد (20) ذو الحجة 1422هـ
85 ـ الدش دمّر حياتي
مشكلة العدد
يقول عدنان:
الدش دمّر حياتي.. أقرر دوماً أن أقطع عادة التلذذ بالقنوات والسهر أمامها
ولكني بعد أيام أعود.. ثم أندم.. ثم أعود.. أشعر بأن الدش بما فيه سحر لا يمكن
مقاومته.. لا يمكن مقاومته.
مشكلتك مع الدش
* أهدي هذه الكلمات إلى الأخ الفاضل.. عدنان.. حفظه الله ورعاه أقول فيها..
أخي الحبيب..
إن راحة القلب وسروره وزوال همومه وغمومه هو المطلب لكل الناس.
وإن من أراد السعادة فعليه بأسبابها.. ومن صدق مع الله صدقه. قال تعالى (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا)
وقال تعالى (والذين اهتدوا زادهم هدى).
أخي العزيز.. لعلي أتطفل عليك وأقرع بابك بلا إذن.. فاسمح لي أن أخاطبك مخاطبة الأخ لأخيه بكل رفق وحنان ماداً يدي إليك بكل لطف وحب فامدد يدك إلي واصغ إلى كلامي وأحضر قلبك بين يديك واقرأ مستعيناً بالله تعالى..
كثر الحديث عن جهاز الدش وتدميره لركن الأمة وعمودها الشباب، ولكن هل حقيقة أن الدش هو المشكلة؟ سأجيب بدلاً عنك.. لا ليس الدش هو المشكلة!!
إذا فما هي المشكلة وما أصلها وأساسها؟
الجواب: هي الشهوة الحرام التي تختم على القلب وتغشى البصر وتعمي البصيرة وتسد الآذان..
إيه أيها الشباب.. إنها الشهوة.. ولكن متى وأين؟!
أظنك أخي لا تخالفني على أسباب إثارة الشهوة ومنها:
أولاً: الفراغ.. وهو ذلك الوقت الذي تراه طويلاً أسود واسعاً لا تجد ما تصنع فيه.. فيهب الشيطان مسرعاً ليملأ قلبك بالوساوس والأفكار.
ثانياً: أصحاب السوء.. وهم أولئك الرفقة الذين أعطيتهم قلبك وعقلك فزينوا لك الباطل وكرهوا لك الحق وكانوا سداً منيعاً بينك وبين طريق الفلاح..
لعلي أقتصر على هذين السببين..
وأقول لك.. أما الفراغ فأمره بيدك، يقول تعالى: (فإذا فرغت فانصب والى ربك فارغب) لا تجعل الفراغ يسيطر عليك فاشغل وقتك بما يعود عليك بالنفع في الدنيا والآخرة والمجال واسع جداً: فهناك حفظ كتاب الله وتعلمه، وكذلك الالتحاق بدروس أهل العلم فهي الحصن الحصين والسد المنيع وفيها من الفوائد ما الله به عليم، وهناك أيضاً الاشتغال بأمر الدعوة ولكن على علم لا على جهل.. ومما سبق تستطيع أن تحل السبب الآخر من المشكلة أصحاب السوء، فنعم الرفقة والأخوة والصداقة طلبة العلم ومريدوه فعندهم تنكسر شوكة الشيطان وتنكس راية الشهوة ويمتلئ القلب بالاشتغال بما يرضي الله تعالى وبذكره جل وعلا.. (ألا بذكر الله تطمئن القلوب).
فجرب أخي نصيحتي واستعن بالله ولا تعجز وجاهد نفسك (ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه إن الله لغني عن العالمين).
وتذكر ذلك اليوم الذي كانت فيه السعادة تملأ القلب وذلك الصفاء وتلك الراحة التي كنت تجدها قبل أن يتقلب القلب على نيران الشهوة، فانقلبت الراحة هماً والسعادة حزناً والصفاء كدراً وزادت الهموم والغموم وارتفعت صرخات الألم حتى تمنى العدم..
أخي فالبدار البدار.. وعليك بالحرص على كف النظر عن الحرام والابتعاد عن الأماكن التي تذكرك بالماضي وتشعل لهيب الشهوة وأكثر من ذكر الله.. وعليك بالدعاء والإكثار من السجود فهو من أعظم الأسباب وخاصة إذا صاحبه خضوع ودموع وذل وانكسار بين يدي الله تعالى..
ولا يفوتني في آخر نصيحتي هذه أن أذكرك بالسبب الأكبر والعلاج الناجح. ألا وهو الزواج فإن كان لديك القدرة عليه فلا تتأخر أبداً.. هذا ولك مني كل المحبة و الإخاء..
خالد العربي
-----------------------------
أخي العزيز عدنان:
أشكر لك حرصك على الإقلاع عن مشاهدة الدش. الأمر يسير لمن يسره الله له، وإذا أردت أن تبتعد عن الدش فلدينا طريقان مهمان، لابد منهما:
* الطريق الأول:
وعليك يا أخي بما يلي:
1 ـ الإقلاع عن مشاهدة الدش وذلك بأن تنوي في قلبك أن تبتعد عنه.
2 ـ الندم على ما شاهدته في الدش وما عرض فيه من أفكار لا تليق بالإنسان المسلم.
3 ـ أن تعزم كل العزم على عدم العودة إليه.
4 ـ أن تعتذر صراحة أو ضمناً من جيرانك، إذا آذيتهم بهذا الدش، هذه الأمور كلها تعينك على الاستعداد على ترك الدش. وإليك قول ابن عباس رضي الله عنهما: التوبة النصوح: الندم بالقلب، والاستغفار باللسان، والإضمار ألا يعود إليه أبداً...
* الطريق الثاني: بعض الحلول العملية لمشكلة الدش:
1 ـ لا تفكر إطلاقاً بالدش.. اجعله موضوعاً عادياً (لكن اجعل قلبك منكراً له أشد الإنكار).
2 ـ لا تجعل الشيطان يأتيك من باب الخير، فيقول لك إن هناك برامج دينية مفيدة، اجعل في قلبك قاعدة: درء المفاسد أولى من جلب المصالح...
3 ـ إياك ثم إياك أن يستدرجك الشيطان....(3/182)
4 ـ حاول أن تنام مبكراً وتصحو مبكراً..
5 ـ اهتم بالمطالعة والمذاكرة، وحاول أن تُبدع في مجال الكتابة والمراسلة الهادفة..
6 ـ لا تتناول وجباتك الغذائية أمام التلفاز أو الدش.. اجلس في الحديقة مثلاً..
7 ـ اشترك في بعض النشاطات الخارجية... كالسباحة مثلاً، أو القيام برحلة عمرة.. أو السمر الناجح مع الأصدقاء..
8 ـ ابتعد عن الأصدقاء الذين يذكرونك بالدش..
9 ـ أكثر دائماً من الاستغفار.. لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا أيها الناس توبوا إلى الله واستغفروه فإني أتوب في اليوم مائة مرة) رواه مسلم.
10 ـ عندما تصحو مبكراً وترضي ربك بقضاء فرضك، حاول أن تركض وتلين جسمك.
11 ـ اجعل لك ورداً معيناً من الأذكار ثم ورداً خاصاً في قراءة القرآن.
12 ـ تعاهد كتاب الله بالحفظ وحاول أن تبدأ بالحفظ.
13 ـ اعلم أن قلب الإنسان، ما هو إلا وعاء إما خير وإما شر، فحاول أن تملأه بالخير.
14 ـ حافظ على صلواتك في المسجد: (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين).
15 ـ كن دائماً باراً بوالديك.. واجعلهم دائماً يدعون لك.
16 ـ حاول أن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر.
17 ـ حاول أن تغير نمط حياتك وتغير بعض ملامح غرفتك الخاصة.. مثل موقع مكتبك الخاص أو السرير...
شادي وحيد - عمان
-----------------------------
أخي الحبيب عدنان..
أشكر لك جرأتك على طرح مشكلتك، كما أشكر لك ثقتك بـ (مساء) والتي تدل على أنك تبحث عن الحل عند إخوانك الذين يحبون لك ما يحبون لأنفسهم.
ودعني أقدم لك بعض النصائح والاقتراحات التي أرجو أن ينفعك الله بها:
1 ـ اعلم العلم اليقين أن هذه الدنيا دار بذر وزرع والآخرة هي دار الحصاد.
2 ـ لا تنظر إلى صغر المعصية ولكن انظر إلى عظمة من عصيت..
3 ـ اجعل قدوتك من هو خير منك ولا تقتد بمن هو أسوأ..
4 ـ عليك بالإكثار من قراءة القرآن. والتأمل في القبر، وأكثر من استحضار ثلاثة مواقف لا يذكر عندها أحدٌ أحداً (اجتياز الصراط - نشر الصحف - وزن الأعمال) كما ذكر صلى الله عليه وسلم.
5 ـ استحضر دائماً رقابة الله..
إذا ما خلوت الدهر يوماً فلا تقل: خلوتُ، ولكن قل: عليَّ رقيبُ.
6 ـ تذكر أن (من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه) على أن يكون لله وحده فعليك بالإخلاص لله.
7 ـ أنصحك بمتابعة برامج (إذاعات القرآن الكريم) ففيها الخير الوفير.
8 ـ أكثر من الاستماع إلى أشرطة المحاضرات النافعة وخاصة التي تتعلق بـ (غض البصر) و(طرق استغلال الوقت).
9 ـ أنصحك بمتابعة المجلات الإسلامية المتميزة وهي - ولله الحمد- كثيرة ومتوفرة، ويسهل الحصول عليها.
10 ـ أخي الحبيب عدنان: .. اصرخ في داخلك: (أنا وقتي ثمين) عندها ستستغل وقتك فيما ينفعك في معاشك ومعادك.
أوصيك أن تجاهد نفسك على فعل الخيرات، وسيوفقك الله عز وجل بمشيئته (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا).
مروان المريسي - إب
-----
المرجع/ مجلة مساء العدد (16) شعبان 1422هـ
86 ـ رسائل متبادلة
ما زال جيلنا يذكر الدور الذي كانت ((الجدّة)) تقوم به وهي تبث إلى الأطفال قيمنا وعاداتنا من خلال القصص و((السوالف)). التلفزيون أو الطبق الفضائي اغتصب هذا الدور الآن. ترى لو التقى الإثنان فماذا سيقولان لبعضهما عن دور كل منهما في الحياة المعاصرة والحضارة الإنسانية؟
الدكتور أحمد بن سعيّد استمع إليهما وهما يتناقشان ويتهاوشان وسجّل هذا الحوار:
ما زلت تقولين: ((الدش لا يجوز))؟
لم لا تفصحين عن مصابك، وتعلنين نهاية سرابك، لم لا تقرين بالحقيقة، وأن عصرك فقد بريقه؟ هلا سألت نفسك لماذا هجرك الأولاد، وتركوك نهباً للسهاد؟ لاشك أن معينك نضب، وعقلك أصابه العطب، زاغت عنك العيون، وحامت حولك الظنون، ورميت بالجنون، انتهى زمن كنت فيه (التلفاز)، ومصدر الحكايات والألغاز، ولم تعد مجالستك ماتعة، وأصبحت في الأركان قابعة، فسبحان من داول الأيام، وأظهر النور بعد الظلام، ها أنا يا عجوز معقد الآمال، وقبلة الأجيال، امتلكت الحلوم، وسخرت العلوم، وحويت (النجوم)، لا ينام ماردي، ولا يشبع مشاهدي، ولا يتعب إلا حاسدي، شخصت إلى قنواتي الأبصار، وحار أمامها الاختيار، ألم تري كيف يتوق الناس امتلاكي، ويتسامقون زُمَراً إلى أفلاكي، وكيف يهرع إليَّ الأطفال، ويتسمر حوليَ الأبطال، وتشتاق لمرآيَ ربات الحجال، فأين أنت من كل هذا يا عجوز، ما زلت ترددين ((الدش لا يجوز))، تعساً لك، لم تكرهين لقائي، وتحاربين إغرائي، وتسعين دوماً لإطفائي، أليس الأولى بك شكر آلائي، حين أنقذت العقول من ترّهاتك، وحميت الأجيال من خرافاتك، ونقلتهم من الملل إلى الإثارة، ومن القدم إلى الحضارة، ومن الرتابة إلى الإبداع، ومن التفرق إلى الإجماع، ومن الجمود إلى الحركة، ومن المحاق إلى البركة، ومن الخيار الأوحد، إلى ديموقراطية التعدد، لقد أصبحتُ كالدم في العروق، لا يستغني عني مخلوق، اذهبي إن شئت شرقاً وغربا، واضربي في مناكب الأرض ضربا، فستجدين قوماً في بيوت الصفيح، تتحلق أمام عالمي الفسيح، فماذا بقي لك بعد هذا يا عجوز، وقد أصبحت مجخّية مثل الكوز.
ارحلي إلى مزابل التاريخ، أو عيشي إن شئت فوق المريخ. موتي بالغيظ والشقاء، واقتلي نفسك يا شمطاء. عما قليل سترحلين، وأنا في حلقك كالسكين، وقد هجرك الجميع، وأصبحت كناقة فاتها الربيع.
الطبق
(الدش)
ـــــــــــــــــــــــــــ
يا ناشر الفضيحة. . !
كنت أحسبك ستتوارى من الخجل، فإذا بك تتحدث كالبطل، وإذا بك تتبجح، وبأردية الحق تتمسح.
تعيرني بقصر باعي، وانفضاض أتباعي، فمتى كان دليل الحق كثرة المؤيدين، واجتماع الناعقين، ألا ترى أنك وإبليس سواء في كثرة الأتباع، وافتتان الرعاع؟ ماذا فعلت بالأمة يا طبق، لقد تركتها في آخر رمق. يا ناشر الفضيحة، وعدو اللغة الفصيحة، يا مهمش الأفكار، يا فاضح الأسرار، يا هاتك الكرامة، يا ظاهر الدمامة، يا قاتل الإبداعات، يا مضيّع الأوقات، يا هادم اللذات، يا مفرق الجماعات، لقد اجتمعت مع الموت في هدم العلائق، وإشاعة الفوضى بين الخلائق، يساقون إليك مخدرين، ويقتنونك غير مختارين.
أتسمي ما تقذفه شاشتك حضارة، وأنت فيما أنت من حقارة؟ أحشفاً وسوء كيل، فأبشر بالثبور والويل.اختزلت الدنيا في وجبة، أو نظرة واصطكاك ركبة، قبحك الله، كم أفسدت من عقول، وخربت من حقول، ومرت من طاقة، وأحييت للشيطان من ناقة، وزيفت وعي الأجيال، وزينت سوء الأعمال، وجعلت الحثالة أسوة، وصيرت السفهاء قدوة، وأظهرت العزة رِقّا، وجعلت الكذب صدقا، وتاجرت بالمرأة، وجعلت شرفها هزأة، وحولت الناس إلى قطعان استهلاك، وأذكيت رغبتهم في الامتلاك، ورفعت شعار ((العولمة))، وجافيت كل مكرمة، وأفسدت الزوج على زوجته، وجعلته يزهد في قسمته، لما تبديه شاشتك من صور الحسان، وملكات الجمال الفتان، الرافلات في العيش الريان. فما أنت يا طبق غير رسول العبث، وبريد الرفث. ثم تأتي بعد هذا تتطاول علي، وكان الأحرى بك تقبيل يدي، ما شأنك والعماليق يا طبق؟
ما يضر البحر أمسى زاخراً = أن رمى فيه غلام بحجر
إن حالك معي كما قال الشاعر:
كناطح صخرة يوماً ليوهنها = فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل
اعرف يا طبق قدرك، أراني الله -عن قريب- قبرك.
الجدّة
----------
المصدر: مجلة الأسرة العدد (45) ذو الحجة 1417هـ
=============
شبابنا والفراغ.. دعوة لصناعة الحياة
العمل والبطالة
ليست لدي مشكلة بالتحديد، وإنما أشعر بضيق شديد يكاد يقتلني، والسبب أني أشعر بملل فظيع من كل شيء.(3/183)
أنا فتاة في الـ18 من عمري، أدرس الآن في الجامعة، ورغم أن كل شيء يبدو جيدا فإني أشعر بفراغ، ولا أعرف ما السبب؟!
أحاول أن أشغل وقت فراغي، لكن لا أستطيع؛ لأني لا أعرف ماذا أريد، وأيضا بسبب عدم توفر المال؛ إذ لا أستطيع الذهاب لأي مكان، أنا فتاة جميلة جدا، يقول لي بعض الناس: إن علي إقامة علاقات مع شباب لكي أتسلى، ولكن أنا أرفض هذا لأني أخاف ربي أولا، وأحترم نفسي ثانيا؛ فلا أرضى أن أكون دمية في يد أحد، أرجو مساعدتي لأني في حيرة شديدة، وجزاكم ربي ألف خير.
... المشكلة
د.عمرو أبو خليل ... اسم الخبير
... ... الحل ...
...
...
هل فعلا لا يجد الشباب والشابات في وطننا العربي شيئا يفعلونه، وأن الشيء الوحيد المتاح أمامهم هو إقامة علاقات مع بعضهم البعض من أجل التسلية وشغل وقت الفراغ؟ وأنه إذا امتنع أحدهم عن شغل فراغه بهذه الطريقة لخوفه من الله أو لاحترامه لنفسه فمسكين يصبح فريسة الملل الفظيع..
وهل مشكلة الشباب أنه لا توجد لديه وسائل لفعل أي شيء آخر.. وأن المتاح الوحيد هو إقامة هذه العلاقات؟..
إنك كما تذكرين في رسالتك فتاة جامعية؛ أي على قدر من الوعي والإدراك لأحوال وطننا بصورة عامة ولأحوال أهلنا في مجتمعنا بصورة خاصة تجعلك تشعرين أن واجب العلم والوعي الذي نحمله كشباب جامعيين يفتح أمامنا آفاقا كثيرة للعمل الدءوب الذي لا يشغل أوقات فراغنا فقط بل يشغل جميع أقوات حياتنا..
إن لغة خطابك التي نرى فيها الخوف من الله واضحا، ونرى فيها احترامك لشخصيتك وكرامتك جليا تؤكد لنا أنك ستفهمين هذه الرسالة..
إننا جميعا نكتفي بأن ننفي أحوالنا ونرفضها وننقم عليها -على كل المستويات-، ونعلق تخاذلنا عن تغيير أحوالنا بنقص الإمكانيات أو ضعف الوسائل.. ولا نعلم أن إرادة الشباب القوية وطاقته الهائلة قادرة على تذليل كل الصعاب..
انظري حولك فستجدين آلاف الأشياء التي يمكن عملها.. حتى يزيد احترامنا لأنفسنا وحتى يرضى الله عنا.. فرضاء الله عنا لا يتحقق بمجرد صلواتنا أو اقتناعنا بإقامة العلاقات مع الشباب من أجل التسلية.. فالله عندما خاطب الملائكة وهو يخلق آدم أبا البشر قال: "إني جاعل في الأرض خليفة"، ولما تساءلت الملائكة وضح الله لهم سبيل التفضيل، وهو أنه علمه الأسماء كلها؛ أي أن دور الإنسان هو أن يعبد الله من خلال إعماره للأرض من خلال العلم الذي علمه الله له.. هذا هو دورنا الذي يرضي الله عنا..
الدور الحقيقي للدين هو صناعة الحياة، وإذا كنا نحن شباب هذه الأمة فسيكون الطبيعي هو أن نتقدم نحن لأداء هذا الدور.. إنك تحملين السلاح الذي شرف الله به آدم وأبناءه وهو العلم.. فهل حقا حملت هذا السلاح بحق أم أنك تذهبين للجامعة لأداء الواجب وحضور الامتحانات والنجاح وفقط؟ هل ارتفعت لمستواك العلمي وأكملت جوانب النقص في جوانب تخصصك العلمي؟ وهل كان لك دور في رفع كفاءة مَن حولك وفي شعورهم بدورهم الحقيقي في حمل العلم الصحيح، وهو الذي كرمنا الله به على كل المخلوقات؟ وهل أشعت ما تعلمته على من حولك من أهل وأصدقاء؟ وهل كان للعلم الذي تعلمته أثر في حياتك وفي تغير من حولك في إعمار الأرض وفي خلافة الله في هذه الأرض؟
إننا ندعوك إلى نفس الدعوة التي حملها الأستاذ عمرو خالد في برنامجه "صناع الحياة".. ستجدين آلاف الشباب مثلك قد عرفوا طريقهم من خلال هذا البرنامج.. تابعيه وانضمي إلى كتيبة صناعة الحياة.. اسمعي النماذج الإيجابية التي يقدمها هذا البرنامج.. وتواصلي معه وتواصلي معنا، وعندها ستعرفين هدفك الحقيقي في الحياة، وستكون شكواك أنك لا تجدين الوقت الكافي لتحقيق كل ما تتمنينه من أجل صناعة الحياة.. ونحن معك .
=================
رسالتي لكل فتاة عامة ..
وللمخدوعة بـ(العلاقات العاطفية) خاصة ..
هند بنت عبد الرحمن
فإنه من المؤسف والله ما يحصل لفتيات مسلمات..
وخصصت الفتيات بالذات لمأساتهن العظيمة تجاه ما يسمى بالعلاقات العاطفية مع شاب أوشباب..
والحقيقة ( ذئب أوذئاب) لا ترحم، ولا تقدر، ولا تضع أهمية لنصيحة أعظم البشرية وأمينها..
رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال: " رفقاً بالقوارير.." وصدق الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى..
يا شباب ويا رجال: رفقاً بالقوارير.. رفقاً بالقوارير..
فإنه والله من أعظم المصائب التي تفت الأفئدة، أن يذهب ويُدمر عرض مسلمة ضعيفة..
فلا هي مع الأحياء ولا مع الأموات... تذوق ألوان الحسرات والآهات والأنات والآلام التي لا يعلم بها إلا الله سبحانه..
فلا أمل لها في حياة سعيدة تستقر بها وتطمئن لها إلا ما شاء الله ..
وحسبها ربها يكفيها ما أهمها..
إن هي تابت؛ فالتوبة تجب ما قبلها..
والله يعلم ما في الصدور ، وقد يغفر لها وما ذلك على الله بعزيز..
فالله معها ولا غيره يحفظها إن حفظت حدوده..
.
.
رسالة أخرى:
عجباً لفتاة تسمع بقصص ولا تعتبر! والمشكلة أنها بنفس الأحداث والبدايات وغالباً نفس النهايات!
فعذراً إن وصفتها بـ(غبية)! بكل ما تعنيه الكلمة..
فالذكية الفطنة التي تبتعد عن مواطن الشك وتحفظ نفسها ليحفظها ربها عز وجل..
ولتعلم أن الدعاء والصحبة الصالحة.. من أعظم أسباب حفظ الله لها، فـ{إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ}.
ابدأي بنفسك.. غيري صحبتك السيئة التي تجرك إلى المهالك.. واحذري من خطوات الشيطان ولا تصدقي كل مدعِ..
فالأسلوب من ذلك الذئب الغبي! أيضاً يتكرر..
فالعبرة .. العبرة ..
واتقي الله واحفظي الله يحفظك..
والكلمة الأخيرة:
لذلك الشاب الخادع اللئيم..
ألا فليتق الله ولا يعبث ببنات المسلمين.. وليعلم أنه دينٌ يرجع على أهل بيته وأقاربه!!
فهل ترضى ذلك.. لأمك .. لأختك ........ .
إذاً فليحذر الغفلة، وأن يأخذه الله على حين غفلة منه..
إما بخاتمة سيئة أو بحياة مؤلمة.. لا تطيقها نفسه..
فكيف بفتاة أخذ منها أعز ما تملك..
فأين الرحمة من قلبه!! أين !!
ولا يغره أصحاب السوء فيأخذ هذه الأمور التي تتعلق بالأعراض على سبيل اللهو والمزاح!
فكثير منها تختم بخاتمة لا يرضاها..
.
.
&.. فليشغلوا الفراغ بما ينفع دنيا وآخره، وفي ديننا ما يملأ الفراغ..
كحفظ القرآن، وحلق الذكر، وغيره من الترفيه المباح..
فلا راحة حقيقية إلا بها..
نسأل الله أن يهدي شبابنا وفتياتنا لكل خير وصلاح ونفع للأمة الإسلامية..
هذا وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
حرر ذلك:
السبت 6-1428هـ
===============
لقاء شبكة أنا المسلم وصيد الفوائد
مع فضيلة الشيخ فهد بن يحيى العماري (حفظه الله )
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد(3/184)
فأحمد الله وأشكره على ما يسر من هذا اللقاء والشكر موصول بعد شكر الله للأخوة الفضلاء في شبكة أنا المسلم وموقع صيد الفوائد لاستضافتهم وأثلث بالشكر للأخوة القراء في هذا اللقاء على حسن ظنهم ودعائهم ومحبتهم وهي فرصة رائعة لأن يتبادل فيها وجهات الأنظار تجاه هذه القضية العظيمة ( التربية والدعوة ) وخاصة في هذه الأوقات الحرجة التي تمر بها الأمة المسلمة اليوم وتكالب الاعداء عليها والانفتاح العالمي الذي تواجهه ولذا كان لزاما على العلماء والمربين والدعاة النظر والتأمل في واقعنا وما نحتاجه في هذه الأزمات والسير دون تخبط وعشوائية تجر المصائب والويلات على جميع الأصعدة والمستويات والبعد عن اليأس ومع الفال لابد من بذل الأعمال دون الركض وراء الرؤى والأحلام ونسج الخيال لا إفراط ولا تفريط ولابد من الواقعية في دراساتنا وعلاج مشكلاتنا ولنضبط تلك المحاور التي ينادي بها البعض بضابط الشرع كقولهم ( حرية الرأي والتفكير ، التغيير في الخطاب والتوجيه والتعامل والتربية ، فقه التساهل لا التيسير، البديل الإسلامي ، لغة الحوار ) وغيرها من العناوين التي تأخذ بالعقول ومجامع القلوب وهناك أمور ينبغي الوقوف عندها والتفريق بينها :
1- المحرم بالاتفاق .
2- الراجح فيه الحرمة والخلاف شاذ وضعيف .
3- ما كان الخلاف فيه سائغا ولكل قول نصيبه من الأدلة والتعليلات .
4- المباح .
5- المباح إذا اقترن به أمر محرم .
6- المباح إذا نهي عنه سداً للذريعة للذريعة فقط .
7- الفتوى الخاصة والعامة .
8- الضرورات تقدر بقدرها .
9- المصالح والمفاسد ومن الذي يقدر المصالح والمفاسد .
أيها الاخوة الفضلاء النبلاء أعتذر عن التأخير وهذا الاستطراد اليسير فأقول :
بين يدي أكثر من خمسين سؤال على وجه التفصيل ولذا كان لزاما أن يكون الجواب على وجه الإجمال لان التفصيل من الصعوبة بمكان والأسئلة تدور على محاور ثلاثة :
الأول : الأمور القضائية أرسلت على البريد الإلكتروني ولا يمكن الجواب عليها لأن القاضي لا يفتي في ما كان من باب القضاء لأسباب وتعليلات تضمنتها كتب الفقه .
الثاني : الفتاوى وهي قليلة .
الثالث : التربوية والدعوية وهي تنقسم إلى قسمين :
القسم الأول : أسئلة خاصة وقضايا عينية و الجواب عليها يحتاج إلى استفسار من السائل عن بعض الأمور فهناك كثير من الدعاة والمربين يراسلون عن طريق هواتفهم ومواقعهم وعناوينهم البريدية .
القسم الثاني : أسئلة عامة وكثير منها تكلم عنها المربون وألفت فيها الكتب وهي مبثوثة خلال الكتاب والشريط والإنترنت وسأقف ببعض الإشارات وسأستطرد في البعض يسيراً.
تنبيه : قبل البدء بالجواب عن الأسئلة ينبغي أن نعرف أمور ا في باب التربية والتوجيه :
أ - أنها أمور اجتهادية في كثير منها .
ب - أن مبناها على تقدير ومراعاة المصالح والمفاسد .
ج- أن تقدير المصالح والمفاسد يختلف الدعاة والمربون في تقديرها .
د- أنها تختلف من حال إلى حال ومن زمان إلى زمان ومن مكان إلى مكان ومن مجتمع إلى آخر فرب طريقة تربوية وعلاج تربوي يصلح لحال وزمان ومكان ومجتمع لا يصلح لغيره .
هـ- أنها تختلف باختلاف الأشخاص والنفسيات والمراحل العمرية .
و – أن الحلول التربوية قد تكون قاعدة مطردة ومن الصعوبة بمكان أن تضع قواعد ومنطلقات في كل قضية لأجل ما ذكرته في الفقرة (د) وقد تكون حلا مؤقتا لقضية عينية لا يقاس عليها .
ز- أن كثيرا من الأجوبة تحتاج إلى بسط وتفصيل أكثر ولكن المقام لا يسمح مع ضيق الوقت وتحتاج إلى طول تفكير و أسأل الله وأن يبارك بهذا اللقاء وبجهود الأخوة الفضلاء النبلاء والناقد بصير والخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية وكل يدلي بدلوه لتتلاقح الأفكار وتقوى الجهود والآراء ولعل الله ييسر جمعا لأهم القضايا والمشكلات داخل المحاضن التربوية ويحرر فيها العلاج بين العلم والتجربة .
الجواب على الأسئلة
تنبيهات :
الأول : كثير من الأسئلة متقاربة وتصب في مواضيع معينة فرأيت أن يكون الجواب الواحد لعدة أسئلة وجعلتها في صورة قضايا .
الثاني : أن الأخوة في موقع صيد الفوائد وضعوا بعض الروابط التي يمكن الاستفادة من خلالها .
الثالث : أن هناك أموراً ينبغي أن يحملها الداعية والمربي في كثير من أموره وهي :
1- مبدأ الشورى ومشاورة أصحاب التخصص وإن بلغ ما بلغ فقد كان صلى الله عليه وسلم يهتم بأمر الشورى وهو أكمل الأمة عقلا ورأيا .
2- التأني وعدم الاستعجال في اتخاذ الحلول والقرارات .
3- الدعاء أولا وآخرا .
القضية الأولى : وردت أسئلة عدة عن الوسائل الدعوية في المنزل والمحضن التربوي والعمل وغيرها .
الجواب : كثير من المربين والمتربين يسألون عن الوسائل والأعمال والأفكار سواء في البيت أو العمل أو المدرسة أو الحي وغيرها ولو سألت البعض ما هو الهدف الذي تريد أن تصل إليه من خلال تلك الوسائل لقال تربية الجيل تربية جادة وانتشال الأمة من الرذيلة إلى الفضيلة والأخذ بها إلى ساحل النجاة وهذا الجواب فيه إجمال وشئ من القصور لأنه هدف عام وواسع جدا ولذا عندما تسأل المربي لماذا تقيم برنامج الصيف أو البرنامج الأسبوعي أو بالمعنى الدقيق ما هي الأهداف التي تريد أن تحققها من خلال هذه البرامج والوسائل لما وجدت جواباً دقيقاً .
وهذه القضية يغفل عنها كثير من المربين ولذا لا يدري هل تحققت أهدافه وما نسبة نجاحها والمتأمل لدعوة الرسول صلى الله عليه وسلم يجد ذلك واضحا جليا في دعوته في مكة ثم دعوته في المدينة والهجرة إليها ثم دعوته في آخر حياته والتركيز على جوانب وأهداف تختلف من زمن وآخر فحري بالمربي والداعية أن يرسم أهدافه أولا ومن ثم الوسيلة التي من خلالها يتم تحقيق الهدف والزمن الذي يستغرقه للوصول إلى تحقيق ذلك الهدف .
أنواع الأهداف : أهداف عامة وأهداف فرعية .
مثال الهدف العام: تقوية الجوانب الإيمانية .( العلمية ؛ الدعوية ، الاجتماعية ، الأخلاقية )
فروعه : الصلاة . الصيام . قراءة القران وحفظه . قيام الليل . ذكر الله . الخشوع . الخوف من الله . أعمال القلوب .
الهدف : قيام الليل .
الوسيلة : تلخيص كتاب . سماع شريط . مسابقة وغير ذلك من الوسائل .
الزمن : شهر.
تنبيهات :
1- يكون خلال فترة زمنية مثلا التركيز على هدفين أو ثلاثة لكي يتنوع الطرح .
2- قد يكون تحقيق هدف أو هدفين من خلال رحلة للعمرة أو الحج أو ترويحية وغيرها .
3- تقييم نسبة نجاح الأهداف والوسائل .
4- الأهداف كثيرة جدا وقد ألفت فيها رسائل منها :
أ - أهداف التربية الإسلامية للكيلاني .
ب - أهداف التربية الإسلامية لأبي العينين .
ج- تربية الشباب الأهداف والوسائل للدويش .
5- الوسائل : كثيرة جدا وقد ألفت فيها رسائل وقد كان لموقع صيد الفوائد وغيره في هذا
الباب الحظ الأوفر في جميع المجالات .
6- الأصل في الوسائل الإباحة كما قرره بعض أهل العلم كالشيخين ابن باز وابن العثيمين رحمهم الله وغيرهم وقيل بالتوقيف والصحيح الذي يفتي به كثير من أهل العلم أنها اجتهادية قال الشاطبي رحمه الله : ( والتبليغ كما لا يتقيد بكيفية معلومة لأنه من قبيل المعقول المعنى فيصح بأي شيء أمكن ...) الاعتصام 1/238 وهناك أمور ينبغي التنبه لها في الوسائل حفاظا على الاعتدال وسدا لباب التوسع غير المحمود ومنها :
أ - عدم المخالفة للشرع .
ب - أن نفرق بين الوسيلة الباحة والوسيلة المباحة إذا تعلق بها وصف محرم شرعا وعليه فلا تجوز إذا تعلق بها وصف محرم .(3/185)
ت - الغاية لا تبرر الوسيلة وقد انجر كثير من الناس في هذا الباب ظانا أن الغاية تبرر الوسيلة .
ث - أن من الوسائل ما لا ينبغي استخدامه في بعض الأزمان والأماكن والمحاضن كناحية تربوية لاشرعية وإن كانت مباحة شرعا .
ج - الاهتمام بالوسيلة وتجديدها حتى يضعف المضمون وتفقد الغاية لأنه يلحظ الاهتمام بجانب الوسيلة وتغليبه على القضية الأساسية وهي الدعوة إلى الله وهداية الخلق والاستفادة .
ح - ألا يترتب على الأخذ بالوسيلة مفسدة أكبر من المصلحة المقصودة منها لأن درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة (انظر كتاب قواعد الوسائل في الشريعة الإسلامية لمصطفى مخدوم )
روابط :
http://www.saaid.net/afkar/Fekrh37.htm
http://www.saaid.net/afkar/2.htm
القضية الثانية : وردت عدة أسئلة عن معاناة كثير من المربين من عدم تقدير المتربين لهم وعدم الانصياع لأوامرهم .
الجواب : هذه القضية يعاني منها كثير من المربين سواء داخل المحاضن التطوعية أو النظامية ولاشك أن لها آثارا سلبية على المربي والمتربي والمحضن والبرامج ولها أسباب أختصرها منها :
1- كثرة الخلطة بين المربي والمتربين مما يفقده الهيبة في نفوس المتربين بل ربما تصدر منه بعض الأخطاء أمام المتربين ومنشأ ذلك الخلط بين مسألة التواضع والقرب منهم ودعوتهم دعوة فردية أو جماعية وكسب القلوب وبين التنزل معهم في أمور لا تليق ولا تنبغي والإكثار من الخلطة بهم بل تعليمهم الحفاظ على الأوقات والجدية فينبغي التوازن بين تلك الأمور .
2- عدم اعتبار الفوارق من حيث السن والمراحل التعليمية وغيرها .
3- ضعف القدوة في المتربي من عدة جوانب كالتعبدية والعلمية والثقافية وأسلوب الحوار والإقناع وغيرها فهم لا يرون أن هناك فوارق تستلزم الأخذ برأيه وسرعة الاستجابة له وإن كان الأصل في الإنسان المسلم التحلي بأسمى الأخلاق وأروعها والانضباط والدقة في حياته وطرد الفوضوية من جميع أموره خاصة في حياة الشباب الأخيار .
4- إهمال المربي لنفسه وعدم التزود من الجانب التعبدي والعلمي وفقه الواقع .
العلاج : وبضدها تتبين الأشياء وزيادة على ذلك :
1- الصبر مطلب في حياة الداعية والمربي بل من مقومات نجاحه والاستمرار على طريق الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام .
2- أن يعلم المتربي أنها فترة وجيزة ويكبر طلاب المحضن ويدركون مثل التقدير والانضباط ومعالي الأخلاق خاصة أنهم في مرحلة المراهقة وحب الحرية وعدم التقيد .
3- يمكن إيجاد بعض الأشخاص الجيدين والمشاركة بهم في بعض البرامج الطويلة كالسفر للعمرة حتى يتم نجاح البرنامج لأنهم سيقدرون الشخص الجديد وحتى يمكن الاستفادة منه .
4- محاولة القراءة في كتب الإدارة والتربية .
5- الاهتمام بمبدأ الشورى بينهم في الأمر الاجتهادي والذي يقبل الاختلاف في وجهات الأنظار والمصلحة فيه متقاربة وليس مبدأ الشورى على إطلاقه كما يفهم البعض وتقديم الأمور في قالب الحوار والقناعة والاقتراح لا الأوامر الصريحة .
6- إذا استفحل الأمر ولم يمكن السيطرة على المحضن وبدأت المشكلات والانحراف داخل المحضن فينبغي نقل المربي إلى محضن آخر لكي يستفيد من تجارب الآخرين ولكي يبتعد عن المحضن الأول قليلا ومن ثم يتم النظر هل يرجع إلى المحضن الأول ويكون بشخصية قوية وقدرات أكبر أو ينتقل إلى محضن آخر بشرط التغير الأخير حتى لانقع في الخطأ مرة أخرى فهذا يرجع حسب تقدير المصالح .
القضية الثالثة : وردت أسئلة عن منهج المربين في تلقي المتربين من غيرهم .
الجواب : هذه القضية التربوية ، المربون فيها بين إفراط وتفريط فتجد بعضهم لا يسأل عن طلابه مطلقا وارتباطه بهم فقط داخل المحضن ولا يبالي بمن يصاحبون وبعضهم تجده شمسا شارقة على طلابه فيريد أن يعرف كل صغيرة وكبيرة عنهم وربما وضع من يراقبهم في كل مكان في الحي والمدرسة وغيرها ويرفض كل الرفض أن يجتمعوا من دون إذنه وعلمه أو أن يذهبوا إلى أي مكان ويريدهم أن يكونوا على نفس منهجه وربما يفرحه تقمصهم شخصيته وربما تدخل حتى في لباسهم مع أنه لم يكن فيه مخالفة وينهاهم عن الاهتمام بمظهرهم ويقيم الدنيا ويقعدها وتكون عنده علامة على الانحراف ويمنع باب النقاش والحوار ويمنع التلقي من غيره أو يصاحبون بعض الأخيار من غير محظنه ونسي أنه يوما من الأيام سينتقل الطلاب من المحضن ويشاهدون الانفتاح بجميع جوانبه على الأفكار والذوات فإذا لم يكن عندهم قواعد ومنطلقات يواجهون بها ذلك الانفتاح وإلا هلكوا في أمواج ذلك الانفتاح وهذا واضح ومشاهد وقس على ذلك الكثير .
ولا شك أن كلا طرفي قصد الأمور ذميم .. ولاشك أن هذين المنهجين لهما أسباب ونتائج ، تكون سلبية وتكون إيجابية والمقام لايتسع لذكرها والتوسط مطلب ومنهج لا إفراط ولا تفريط وأضع نقاطا اجتهادية لهذا :
1- الثقة في المتربين دون إفراط ولا تفريط ومسك العصا من المنتصف .
2- غرس قواعد ومنطلقات في جوانب حياتهم وربطهم بالعلم الشرعي لا الأشخاص وتقديس الذوات ومثال ذلك ( من تصاحب ، السؤال عند الإشكال ، ما يقبل الخلاف وما لا يقبل الخلاف ، موقف السلف من الخلاف والخلاف لا يفسد للود قضية، التثبت في الأخبار ، الأصل في الإنسان المسلم السلامة ، كل يؤخذ من قوله ويرد ، لا أحد معصوم من الخطأ ، كل إنسان هو مجموعة من الحسنات والسيئات ، إحسان الظن في الآخرين ، المرجع عند الخلاف ، مبدأ الشورى ومن يشاور ؟ الازدواجية في العمل من أسباب الفشل وغيرها من الأمور ..)
3- ربطهم بالعلماء والدعاة أصحاب المنهج السليم حتى يستفيدوا منهم .
4- فتح باب الحوار والنقاش والبعد عن الكبت وعدم إبداء الرأي .
5- إن عليك إلا البلاغ والهداية بيد الله عز وجل .
6- ينبغي أن نفرق بين موضوع المباح والمباح إذا ارتبط به أمر محرم .
7- تقوية شخصية المربي من حيث الجانب العلمي والإداري والحواري حتى يتستفيد من حوله منه وتكون توجيهاته مليئة بالقوة والقدرة على السير دون أي عقبات .
8- ربطهم بالله عز وجل وعدم ربطهم بالمربي لأن ربطهم بالمربي منهج خاطئ وهانحن نجني علقم هذا المنهج الذي تبناه كثير من الأشخاص وللأسف على جميع المستويات والكثير منا لا يشعر بذلك وينساق وراء ذلك وهو لا يدري ومن المسئؤل عن ذلك ؟
9- حاول وضع برامج خاصة لهم يعدونها في منازلهم وإشغالهم بها فلا تجعلهم يتلقون فقط أو دائما في المحضن والعمل الجماعي بل اجعلهم يبحثون ويلخصون ويفهرسون وكيف يهتمون بأوقاتهم ومساعدتهم ابتداء في ذلك حتى يعتادوا فيضعوا برامج لأنفسهم ويكملوا البناء الذي أرسيت قواعده لهم وفق منهج السلف رحمهم الله فينطلقون في هذه الحياة علماء ومربين ودعاة .
10- ربط المتربين بواقعهم الذين يعيشونه وتوجيههم التوجيه السليم وفق منهج السلف حتى لايتخبطوا ويتيهوا في معرفة الواقع وما يدور فيه على جميع الأصعدة أو يتلقوا أفكارا وآراء ليست بسوية لأن مصادر التلقي اختلفت وتنوعت من خلال الإنترنت والقنوات وجمعت بين الغث والسمين فلا يستطيعوا أن يميزوا الخبيث من الطيب ولا يمكن أن يوقف أمامهم أي حائل عن تلك المصادر فلابد من طرح قضايا الأمة وكيف مواجهتها وفق المنهج الصحيح ويكون المربي على مستوى من الإطلاع والإدراك لقضايا الأمة بل إن ذلك مما يرفع مستوى التفكير لدى شباب الأمة وعظم المسئولية التي يحملونها وطرح تلك القضايا يختلف الحال فيه من حيث القضية ذاتها ومستوى المتربين وإدراكهم لتلك الأمور كل بحسبه.(3/186)
القضية الرابعة : كيف يتعامل الإنسان مع المشكلات التي تواجهه في حياته على جميع الأصعدة والمستويات ؟
الجواب : لاشك أنه لا يوجد على هذه البسيطة من تصفو له الحياة فلابد من وقوع المشكلات في حياة أي إنسان سواء في محيطه الوظيفي أو الاجتماعي أو العائلي أو التربوي على أي مستوى كان والملاحظ أن كثيرا من الناس منذ أن يقع في المشكلة لا يدري ماذا يصنع أو ليس عنده القدرة على التفكير أو أنه يخضع و يسلم للواقع أو يذهب مباشرة لأقرب صديق أو من يثق به لأجل طرح المشكلة عليه وإيجاد الحل دون التفكير في هذا الشخص هل هو مناسب لهذا النوع من المشكلات أولا؟ أو يذهب إليه لأجل تفريغ الشحنة الداخلية التي يشعر بها بسبب المشكلة أو مشكلة يسيرة ولابد أن يذهب فيها إلى أكبر الدعاة والمتخصصين مع أنه لو فكر قليلا لوجد حلا أو ذهب لأقل أصحاب الخبرات لأفاده وأضع نقاطا سريعة وبرنامجا مختصرا لمواجهة المشكلات أيا كانت وهي :
أولا : معرفة أطراف المشكلة والحد قدر المستطاع من توسعها من حيث الأطراف .
ثانيا : معرفة نوع المشكلة وتكييفها ( علمية . نفسية . اجتماعية . تربوية . إدارية .طبية وغيرها)
ثالثا : الحد قدر المستطاع من تحجيم المشكلة .
رابعا: عدم إعطاء المشكلة أكبر من حجمها والبعض يجعل من الأمر مشكلة وهو في الحقيقة ليس مشكلة بل بتفاقم حتى يصبح مشكلة أو في المقابل الاستهانة بالأمر حتى يكبر فالتوازن مطلب في ذلك .
خامسا: البعد عن محيط المشكلة وذلك له فوائد منها :
أ - عدم توسيع المشكلة والتخفيف من حدتها.
ب - الارتياح النفسي .
ت - تقييم المشكلة والتفكير السليم نحوها من جميع الجوانب وأضرب مثلا لذلك ( لو أن إنسانا فوق قمة وتحته صراع بين عدة أشخاص فتجده يستطيع يقيّم الصراع بخلاف مالو كان داخل الصراع فيصعب عليه ذلك ) ناهيك عن الانفعال والغضب والانتصار للنفس وعدم الخضوع للحق أثناء المشكلة ولذا تجد الإنسان بعد فترة من الزمن عندما يفكر في أمر مضى يتحسر ويتأسف كيف تصدر منه تلك التصرفات وكان الأولى أن يفعل كذا وكذا .
سادسا- معرفة أسباب المشكلة لأن معرفة السبب طريق للعلاج بل هو العلاج .
سابعا- البحث عن العلاج.
ثامنا- البحث عن المتخصص في حل المشكلة بعد معرفة نوع المشكلة فمثلا إذا كانت المشكلة علمية تذهب لأهل العلم و إذا كانت طبية تذهب للأطباء وهكذا النفسية والتربوية والاجتماعية والمتعلقة بالوظيفة والعمل وغيرها .
تنبيهات في هذه النقطة .
1- لاشك أن الذهاب إلى غير أهل التخصص قد يؤدي إلى تفاقم المشكلة وفشل العلاج أو يكون ضعيفا وقد يكون ناجحا في بعض الأحيان .
2- أن كثيرا من الذين يطرحون مشكلاتهم يخفون كثيرا من الحقائق ولذا لايكون العلاج ناجحا فلا إفراط ولا تفريط توضيح أكثر
3- أن معرفة تلك الأمور السابقة تسهل على المعالج الوصول للعلاج وفي أقرب وقت وتعطيه تصورا كاملا عن المشكلة .
تاسعا- التأني وعدم الاستعجال في اتخاذ الحلول والقرارات .
عاشرا- الإيقان التام بأن لكل مشكلة حل ولكن قد يكون الحل قاطعا ومنهيا للمشكلة وقد يكون مخففا للمشكلة إلى حد كبير .
الحادي عشر- أولاً و آ خراً ودوماً الدعاء فهو سلاح المؤمن وقد يغفل كثير من الناس عن هذا السلاح ويتعلق بكثير من الأمور الدنيوية فيخفق والله المستعان .
القضية الخامسة : الأمة تعيش وتمر بأحداث عظام فكيف التعامل معها مع ما نراه من تخبط دائم ؟
الجواب : أضعه في نقاط وهي :
أ - الفأل وعدم اليأس فالفأل طريق للنجاح واليأس طريق للإخفاق .
ب - عدم الاستعجال في الأحكام قبل وضوح الرؤية كاملة .
ج- الاستفادة من الأحداث السابقة التي مرت بها الأمة .
د- جمع كلمة العلماء خاصة فيما يتعلق بالأمة والالتفاف حول العلماء وألا يكون الشباب سببا في تفريقهم ولوحظ أن بعض الطلبة يقلبون الحقائق على العلماء ويستعجلونهم في كثير من الأمور .
هـ- أن يفتح العلماء الربانيون أبوابهم للشباب وسماع مالديهم كما هو حال كثير من العلماء السابقين عليهم رحمة الله ويوجهونهم التوجيه السليم بدلا من أن يذهبوا إلى أصحاب البدع والجهل والمندفعين على غير منهج سليم .
و- التركيز على جانب المصالح والمفاسد ومراعاتها فالشرع جاء بها و العلماء هم الذين يقدرون المصالح والمفاسد .
ز- التفاف العلماء حول أصحاب الشأن .
ح- دراسة السيرة النبوية وكيف كان عليه الصلاة والسلام يتعامل مع الأحداث .
ط- نفرق بين الخطاب الخاص والخطاب العام ولكل مقام مقال وحدثوا الناس بما يعرفون .
ي- الواقعية في تحليل الأحداث ووضع الحلول والنتائج .
ك- بعد الأمة عن الفرقة والخلاف والتصنيف إذ هو شر وبلاء أوهن الأمة وأضعفها وشتت شملها وأشغلها عن قضيتها التي خلقها الله من أجلها و عرف العدو كيف ينخر فيها ويبث سمومه من خلالها فهل وعي دعاتنا وشبابنا ذلك و كنا في طرحنا وخلافنا وقضايانا معتدلين بدون إفراط ولا تفريط وهذا الذي نفتقده في كثير من الأحايين .
ل- الموازنة في علاج الحدث وفقه الأولويات فلا يعقل أن تتجه الأمة كلها إلى الحدث ونطالب كل القدرات والطاقات أن تتجه للحدث وتترك كثيرا من الأمور فيستغل البعض اتجاه الأمة نحو حدث من الأحداث وانشغالها به لبث سمومه .
م- الحذر كل الحذر من الشائعات في كل ما يتعلق بالحدث والتثبت في الأخبار والتلقي من المصادر الأصلية والمعتمدة في كل باب .
ن- استغلال الأحداث في نصح الأمة وتعليقها بربها وخالقها وأنه إليه المفزع و لا كاشف لما أصابها إلا هو وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم .
ص- الدعاء أولا وآخرا .
إلهي وخالقي هيئ لهذه الأمة من يجمع شملها ويوحد صفها أنت المؤمّل وأنت المرجئ .
إلهي وخالقي اكشف عن هذه الأمة الغمة عليك الاعتماد وبك الاعتصام .
القضية السادسة : كيفية التعامل مع أصحاب القضايا غير الأخلاقية ؟
الجواب :
أولا : لا يجوز الشك واتهام الآخرين لمجرد ظنون كاذبة وقرائن واهية وضعيفة والنظر إلى الآخرين والمجتمع بنظرة سوداوية وتحميل حركاتهم وأقوالهم دائما على المحمل السيئ وأننا نحن الفضلاء الأتقياء الأنقياء وغيرنا هم العصاة المفسدون البطالون الهالكون .
ثانيا : ذكر أهل العلم رحمهم الله أنه يجوز الظن السيئ فيمن ظاهره الشر واما حديث ( إياكم والظن ...) فإنه يحمل على الظن المجرد عن القرينة والآية ذكرت إن بعض الظن إثم وليس كله إثم .
ثالثا : ألا نفتح باب الوشاية ونقل معايب الناس والأولى إن تأكد الخبر لدى الإنسان أن يستر عليه ويناصحه مرة وثلاثا ولا ييأس وألا يستهوينا الشيطان في ذكر المعايب بحجة الإصلاح أو التغيير ولا عمل فنقع في الغيبة وغيرها ونحن لا نشعر .
رابعا : النظر إليهم نظرة إشفاق ورحمة ومعاملتهم معاملة الطبيب مع المريض وأن الزمن زمن فتن والشهوة والشيطان من الإنس والجان ينازعان المرء في كل مكان ووقت وآن والله المستعان .
خامسا : تنويع طرق النصح ومحاولة كسب قلبه وليشعروا منا بصدق التوجيه والنصح من القلب .
سادسا : حاول أن تقوي فيه الجوانب الإيمانية والتعبدية فإن القلب إذا صلح صلح سائر الجسد ووصيتي للمربين أن يهتموا بصلاح القلوب وأعمال القلوب فقد كان عليه الصلاة والسلام يتخول أصحابه بالموعظة .
إن صح أن الوعظ أصبح فضلة *** فالموت أرحم للنفوس وأنفع .
سابعا : حاول أن تتعرف على حالته الشخصية والنفسية وتصارحه وتسمع منه .(3/187)
ثامنا : حاول أن يناصحه غيرك إذا كان غيرك يعرف مشكلاته هذه وإن لم تُعرف فاختر إنسانا مناسبا لمناصحته ولا تصرح له بكل شي وأعطه بقدر ما يحتاجه في النصح لاكما يفعل البعض بذكر المعايب مفصلة والأخطاء كلها ماله صلة وما ليس له صلة ويدخل النية مايدخلها بحجة الإصلاح والله المستعان!.
تاسعا : إذا استفحل الأمر فاسلك الطرق النظامية التي تراها مناسبة له وقد ذكرت في فتح آفاق في أكثر من موضع الطرق المقترحة في ذلك . http://www.saaid.net/aldawah/98-1.htm
عاشرا : التفريق بين الأخطاء والأشخاص والأماكن والأزمان والضرر المتعدي وغير المتعدي والمعصية الذاتية والمتعدية فكل هذه الأمور تكون مؤثرة في نوعية التعامل لعلاجها ولتكن نظرتنا دائما متوازنة ليس فيها إجحاف أو تساهل مفرط .
الحادي عشر : ألا نستعجل في إبعادهم عن المحاضن ولنقدر المصالح والمفاسد سواء في البقاء أو الإبعاد والمفسدة الصغرى تدرأ بالمفسدة الكبرى وغيرها .
الثاني عشر : التكتم على القضايا فالتكتم طريق لعلاجها في كثير من الأحايين وصلاح الفرد.
الثالث عشر : الدعاء أولا وآخرا بأن يكتب الله على يديك هداية الشخص وصلاح الحال وأن يدلك إلى أنفع الأمور وأحسنها ولنصدق مع الله في جميع أمورنا .
فائدة : يوجد مقال في شبكة الفجر في التعامل مع الأخلاقيات ولم أطلع عليه .
رابط المقال : http://www.saaid.net/aldawah/114.htm
القضية السابعة : كيف يكون المتربي والطالب داعية في مدرسته ومحضنه ؟
أنا طالب في أحد المدارس الثانويه، تكاد هذه المدرسة تخلوا من الطلاب المستقيمين على طريق الهداية، وعددنا يتجاوز 200 طالب .
الجواب : يبدو أنه حذف جزء من السؤال والدعوة داخل المدرسة من أهم مواطن الدعوة والتوجيه
وبما أنك أنت الوحيد من الطلاب في هذه المدرسة من المستقيمين أو الذين يحملون هم الدعوة فهذا يجعل المسئولية عليك أعظم وإليك أمورا منها :
1- الدعاء بالتوفيق والصدق والإخلاص في القول والعمل وأن يجعلك الله مباركا أينما كنت .
2- فعّل دور المدرسين الذين تلحظ منهم الاستقامة بإبداء الاقتراحات المناسبة وشاورهم في الأمور الدعوية واطلب منهم المساعدة في ذلك .
3- كن داعية بأخلاقك وحسن تعاملك وكن محبوبا لدى الجميع .
4- حاول أن تهدي كتيبات وأشرطة ومطويات لبعض زملائك الذين تشعر منهم الهدوء والأدب والسمت والخلق الحسن لأن هؤلاء في الغالب أقرب إلى الخير وركز ولو على الأقل على واحد منهم في الدعوة الفردية والبقية يكون عن طريق الدعوة الجماعية وهو أمر مجرب وملموس .
5- كن قريباً من أحد الدعاة والمربين وشاوره في أمورك .
6- إذا رأيت من أحد الطلاب أمرا محرما أو أنه عضو فاسد أو تخاف من شره إذا ناصحته فاكتب إليه رسالة تذكره فيها بالله مرة ومرتين وثلاثا مع هدية وغير ذلك فإذا لم ينته وشره متعدي فاخبر أحد المدرسين الذين تثق بهم أو اكتب رسالة إليه أو لإدارة المدرسة .
7- الوسائل الدعوية في المدارس تجدها في موقع صيد الفوائد وغيره .
http://www.saaid.net/afkar/school/
8- ركز على الجوانب الإيجابية في شخصية زملائك وحاول تشجيعهم ومدحهم مع معالجة الجانب السيئ بدون تصادم والتلميح في البداية مطلب وربما يغني عن التصريح في كثير من الأحيان .
القضية الثامنة : كيفية التعامل مع الشكوك داخل المحضن ؟
كيف يتم التعامل مع شاب كثير الشك والاتهام لإخوانه الطلاب في المحض التربوي ؟
الجواب : من خلال النقاط التالية :
1- قدم له الشكر على حرصه ذلك ولاشك أن دافعه الخير إن شاء الله حتى لا ينصدم .
2- اجعله يقوم بمناصحتهم هو بنفسه واسأله ما دوره عندما رأى ذلك .
3- تأكد بنفسك من حدوث تلك الأفعال من غير أن يشعر أحد بذلك .
4- لا تدخل الطلاب في موضوع التتبع والتأكد والحديث عن ذلك .
5- بين له موقف الشرع من ذلك من حيث التأكد والنصح والستر .
6- إذا كان الموضوع غير صحيح فشدد عليه في العتاب واللوم .
7- يوجد في بعض الأحايين أن يكون القصد سيئاً سواء كان الأمر الذي نقله صحيحا أو غير صحيح فحاول أن تلمح له عن الإخلاص وأن تشغله ببعض الأمور العملية وتارة يكون هذا النوع لأجل أن المربي اهتم بآخرين ولم يهتم به فيكون حسداً أو غيرة وعالج على ضوء ذلك .
8- لعلك تراجع فتح آفاق موضوع من فنون التعامل .
http://www.saaid.net/afkar/44.htm
القضية التاسعة : كيفية التعامل مع المراهقين داخل المدارس النظامية ؟
مع الأنظمة الجديدة للتعليم ومنها منع الضرب وعدم عقاب الطالب , ما هي الطريقة الأمثل والأنجع لنا نحن المعلمين في معاملة طالب الثانوي , وما هو عقابه عند وجود الخطأ؟
الجواب : ينبغي أن نفرق بين إهمال الطالب في الدراسة وبين الخطأ الخلقي فالإهمال لايهمنا كثيرا في موضوعنا وله أساليب معينة وأما الخطأ الخلقي والتربوي فهذا هو المهم : لأنه ماذا نستفيد من إنسان ذكي مجتهد وهو سيئ الأخلاق والفعال والضرب ليس حلا خاصة في زماننا هذا ومع طلاب الثانوي وأضع نقاطا منها :
1- معاملتهم معاملة الرجال .
2- التوازن بين المدح والعتاب ولا نركز دائما على المساوئ والذم فهذا يؤثر على نفسية المستمع ويبدأ في العناد والحقد وينظر إلى أن كل من حوله ينظر إليه بأنه فاسد ومنحرف ولنركز على الجوانب الحسنة في حياتهم وتطويرها ومدحهم والثناء عليها .
3- الرفع من معنوياتهم .
4- محاولة حل مشاكلهم لأنه وجد من خلال التجربة أن الطلاب الذين تصدر منهم مشاغبات وانحرافات يعانون من مشكلات نفسية واجتماعية وأسرية .
5- ليشعروا بصدق التوجيه منك النابع من المحبة والعاطفة الصادقة .
6- استخدام أسلوب الحوار والمناقشة والمصارحة وهو من أنفع العلاجات مع المراهقين في الغالب وتأمل الحوار الذي جرى بين الرسول صلى الله عليه وسلم والشاب الذي طلب الإذن في الزنا .
7- تبادل الآراء بين المربين في علاج المشكلات فالحلول الفردية ضعيفة في الغالب .
8- لا نجعل العقاب دائما جسدي ومن خلال الدرجات بل لنجعل من العقاب وعليه درجات تلخيص كتاب أو شريط ، الذهاب إلى التسجيلات والبحث عن الجديد من الأشرطة والكتب ، معالجة قضية من القضايا في حياة الشباب ويبحثها وغير ذلك من الأمور .
9- لنجعل في الحسبان أنها مرحلة مراهقة مؤقتة .
10- اللقاء بهم خارج جو المدرسة فذلك له أثر إيجابي كبير جدا وهو مشاهد وملموس .
11- بث روح المناصحة بين الشباب وخاصة الشباب المستقيمين حيث يستفاد منهم في أسلوب المناصحة لأولئك الشباب وإحياء موضوع المناصحة عن طريق الرسائل الخطية .
12- كتابة بعض الرسائل وإعطائها إياهم من غير أن يشعروا أنها من المدرسين بطريقة وأخرى ( راجع كتاب فتح آفاق بعنوان آخر الآفاق عن المراسلة http://www.saaid.net/afkar/44.htm11 ) .
رابط : http://www.saaid.net/Doat/thomaaly/26.htm
القضية العاشرة : ضعف التعاون في العمل الدعوي وقلة العاملين .
أنا طالبة في كلية افتتحت حديثاً ،، والنشاط في المصلى ضعيف جدا،، ونحن الآن نبذل جهودنا لنؤسس عمل دعوي خيري مستمر بإذن الله ،،، نسأل الله التيسير والإعانة وأن يرزقنا الإخلاص والثبات .(3/188)
المشكلة التي واجهتنا ،، أن عدد الطالبات النشيطات في العمل الدعوي قليل جدا ،، فبالتالي كنا نشرك معنا أي واحدة نتوسم فيها الخير ،، ولكن بعد فترة من الزمن نفاجأ ببعض الطالبات أنهن يردن الإنسحاب من النشاط ،، والأسباب أنهن لم يعتدن العمل المنظم ،، حيث أننا طلبنا من بعضهن تقييد أعمالهن في ملف لمتابعة الأعمال ، وهناك أخريات يقلن أنهن لا يستطعن العمل وفق خطة معينة فهذا تقييد لهن حيث أنهن يردن العمل وفق أمزجتهن ولا يردن التقيد بلجنة معينة أو خطة عمل معينة .
فما الحل مع أمثالهن وكيف نتلافى مثل هذه المشاكل؟؟؟
الجواب : هذه مشكلة عامة وهي قلة العاملين في الأعمال الدعوية وإليك حلولا منها :
1- الصبر والاحتساب وكلما كلت النفس فتذكري الأجر المعد لك عند الله .
2- الدعاء وطلب الإعانة والتوفيق من الله .
3- تذكري حال الرسول صلى الله عليه وسلم في بداية الدعوة .
4- حاولي أن تنظمين وقتك فالتنظيم طريق لإنجاز كثير من الأعمال .
5- لا تجعلي كثير من الأعمال في وقت واحد .
6- كلما قل العمل وكان منظما أفضل من لو كان كثيرا وغير منظم .
7- حاولي أن تعرفي ما أسباب ذلك هل يرجع ذلك إليك أم إليهم أم إلى ذات العمل ؟ .
8- ذكريهن بالأجر والاحتساب وغير ذلك .
9- الجوائز والمحفزات والتشجيع والثناء مطلب لا يغفل عنه .
10- ألمحت في فتح أفاق إلى شي من ذلك .
http://www.saaid.net/afkar/44.htm
القضية الحادية عشر : همّ الكثير السؤال لكن متى البدء ؟
1- فضيلة الشيخ أنا شاب بدأت في طلب العلم ولله الحمد والمنة و لدي أصحاب من الشباب الملتزم -بإذن الله- لكن لا يفكرون في الطلب فأنا أريد أن أستحث هممهم لطلب العلم وأن أبدأ معهم من الصفر . فما الوسيلة إلى ذلك وبم أبدأ معهم _من حيث حفظ المتون وقراءة الكتب_ علما أننا في المرحلة الثانوية .
2- نحن مجموعة من الشباب نشرف على جمعية دعوية ، المشكل الذي يواجهنا هو أننا لا يوجد من بيننا طالب علم متمكن يقوم بواجب الدعوة كما ينبغي ، لذلك نعاني من التخبط في أمر الدعوة .
بماذا تنصحوننا مع العلم أنه لا يوجد في بلدتنا مشايخ نتتلمذ عليهم ؟ و جزاكم الله خيرا .
تمنياتي لكم بقضاء أوقات سعيدة عامرة بطاعة الله
الجواب : قد تكلمت عن إشارات في طلب العلم في كتاب فتح افاق وهذا السؤال دائما يتكرر كيف طلب العلم وأصبح شغل كثير من الشباب السؤال لا طلب العلم ولو سألت أولئك بعد فترة هل بدأت لقال لم أبدأ أو بدأ وتعثر وأنبه على أمور منها :
1- أنه يجب على كل واحد أن يتعلم أمور دينه الواجبة عليه لان مالا يتم الواجب إلا به فهو واجب كأحكام الطهارة والصلاة والصيام والحج وغيرها .
2- أن مازاد على ذلك لا يجب فرض عين على كل شخص وإنما فرض كفاية .
3- أن الصحابة رضوان الله عليهم لم يكونوا كلهم علماء ولذا ليس واجبا أن يتجه كل الشباب وغيرهم بعد تلقي الواجب من العلم التزود وحفظ المتون والشروح وجرد المطولات وغيرها .
4- إذا لم يتيسر طالب علم في بلدكم فيمكن الاستماع إلى الأشرطة الميسرة في ذلك أو قراءة الشروح الميسرة قراءة جماعية أو فردية والاتصال هاتفيا على طلبة العلم فيما أشكل وكذلك السفر إلى طلب العلم وخاصة في الإجازات الصيفية لحضور الدورات العلمية ( فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم ..) .
5- التنسيق مع الدعاة وطلبة العلم لزيارتكم في بلدتكم والقاء الدروس والمحاضرات ولو عن طريق الهاتف كما هو معمول به .
6- راجع فتح آفاق عنوان ( برنامج مقترح لطالب العلم المبتدئ
http://www.saaid.net/aldawah/98-2.htm )
القضية الثانية عشر : الفراغ وما أدراك ما لفراغ ؟
س/ تعلمون يا فضيلة الشيخ أن من أهم أسباب انحراف الشباب هو الفراغ فنطلب منكم يا فضيلة الشيخ أن تضعون برنامجاً لمن يريد اغتنام وفت الفراغ بحيث يبدأ بالتدريج وجزاكم الله خيرا
س2/ أنا شاب في الصف الثالث المتوسط وأرجو أن أكون من المستقيمين على منهج الله لكن دائما ما تواجهني مشكلة الفراغ فكيف وبم أقضيها؟ وأعاني من الملل عند قراء أي كتاب فما هو الحل في رأيكم؟؟
الجواب : إن قضية الفراغ من القضايا التي تجر مصائب وويلات على جميع الأصعدة والمستويات وتأمل المشكلات الزوجية والعائلية والتربوية والاجتماعية والأخلاقية والنفسية وجلسات الناس وما يعتريها من مشكلات وأخطاء وغيرها تجد نسبة كبيرة سببها الفراغ وهو محور أساسي فيها لكن من المسئول عن الفراغ الذي يعيشه شباب الأمة وهاهي السجون تئن والهيئات تصرخ والله المستعان .
فوصيتي لك أخي وللناس عموما صغارا وكبارا ، ذكورا إناثا، آباء وأمهات ، مربين ومربيات أن يأخذوا هذه القضية ويعتنوا بها حق الاعتناء مع شي من الواقعية وقد ذكرت في فتح آفاق أكثر من مائة طريقة لاستغلال الوقت في كثير من الجوانب ولكثير من الفئات من الناس وقد كتب في هذا الموضوع كثيرا.
وأما موضوع القراءة فإن من فتح الله عليه بحب القراءة فلا أظنه يعيش فراغا في حياته وينقل عن بعض طلبة العلم أنه يقرأ يوميا مالا يقل عن عشر ساعات وأضع نقاطا لذلك :
1- ليعود الإنسان نفسه على القراءة شيئا فشيئا حتى يعتادها وتصبح جزءا لا يتجزأ من حياته.
2- اختيار الكتاب المناسب لوقت القراءة ونفسية القارئ وصفاء الذهن .
3- التنويع في القراءة إذهابا للملل والسامة وقراءة المجلات الإسلامية المفيدة .
4- يختار الإنسان الرفيق المناسب ليقرأ معه كتابا مناسبا وكل منهما يعين الآخر .
5- الدعاء مفتاح بإذن الله لكل شي .
6- وضع برنامج لاغتنام الأوقات هذا من الصعوبة بمكان لاختلاف الناس في قدراتها وارتباطاتها وحياتها ولكن وضعت في الكتاب المذكور نقاطا من خلالها كل واحد يستطيع أن يضع لنفسه برنامجا يسير عليه في حياته وربما أنه لايجد وقتا لايدري ماذا يصنع فيه بل لو أن أوقات الآخرين تشترى لاشتراها لكثرة الأعمال المناطة به في حياته ونسأل الله أن يرزقنا البركة في حياتنا وفي أوقاتنا .
القضية الثالثة عشر : هل من نصيحة للذين يستعجلون النتائج وربما يتركون العمل يئسا ؟
الجواب : إليك أمورا منها :
أ- إن عليك إلا البلاغ وأن عدم النجاح لا يلزم منه نقصان الأجر .
أ- حقيقة الانتصار أن تعمل كما أمرك الله وليس عليك النتائج .
ج- تقييم عملك الدعوي بعد كل فترة من الزمن .
د- معرفة أسباب ضعف نتائج عملك الدعوي سواء من المربي أو المتربي وقد أشرت في فتح آفاق إلى ذلك بعنوان ( دعوة للمصارحة ) فيمكن الرجوع إليه .
http://www.saaid.net/aldawah/98.htm
هـ- أننا لا نربط عدم النجاح بعدم الإخلاص واتهام الآخرين فهذا أمره إلى الله وقد يكون السبب غير الإخلاص وقد يكون الإخلاص وقد يكون بلا سبب والتوفيق بيد الله فهل أحد يقول أن نوح عليه السلام كان مخطئا في دعوته ولم يكن مخلصا لأنه لم يؤمن معه إلا القليل !؟.
القضية الرابعة عشر : تضييق مفهوم الدعوة إلى الله .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد(3/189)
سؤالي بختصار كيف لمن عرف طريق الحق والتزم وفعل الطيبات واجتنب المنهيات وكان في قرارة نفسه الدعوة إلى الله وإرشاد الضال إلى طريق الحق والصواب ولكن عنده خوف من الوقوف أمام الناس ولم تكن لدية قوة التعبير والتوضيح وقوة الحفظ وقوة الحجة في الرد على من يناقشة في أمور دينة .وإنما اكتفى ببذل المال الذي يصرف في النشاطات الدعوية وأعمال الخير قدر استطاعته هل أدى أمانه التبليغ عن هذا الدين وأقام الحجة وأخلا نفسه من تحمل ذنوب المذنبين افيدونا مأجورين . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
الجواب : إن الدعوة إلى الله وخدمة دين الله ليست في وسيلة أو وسيلتين أو ثلاث فليس كل الناس عندهم القدرة على الكلام وليس كلهم عنده القدرة على الكتابة وليس كلهم عنده المال لينفق في أوجه الخير فكل إنسان يبلغ دين الله حسب قدرته واستطاعته ومتى ماحمل الإنسان هم الدعوة وتبليغ دين الله فلن تسد أمامه الطرق في الوصول إلى هذا الهدف العظيم والإنسان بطبيعته إذا حمل هم أمر من الأمور تجده يبحث ويكدح للوصول إليه بأقرب الطرق فإن عجز حاول وبحث وفكر وسهر وأجهد نفسه للوصول إليه فأين الذين يحرقون أنفسهم ليضيئوا الطريق للآخرين ؟ أين الذين يسهرون ويواصلون الاجتماعات تلو الاجتماعات لتربية النشء على منهج السلف الصالح وإنقاذ هلكى الأمة والوصول بهم إلى طريق النجاة أين الذين تقظ مضاجعهم لأي أمر من أمور الإسلام !؟
إنهم موجودون ولكننا نطلب المزيد ...
لا أظن أننا بحاجة إلى هذا السؤال أكثر من حاجتنا إلى البحث عن المشمرين العاملين ، فالكتب والشبكة والمواقع مليئة جدا بتلك الوسائل وتحتاج إلى من يفعّلها على أرض الواقع ومازلنا نطلب المزيد من العاملين والحاملين لهم هذا الدين .
القضية الخامسة عشر : كيف الجمع بين الدعوة العامة والدعوة الفردية ؟
جزاكم الله كل خير وجزى الله شيخنا الفاضل فهد كل خير على هذه المبادرة المباركة التي نسأل الله العلي القدير أن ينفع بها الجميع سؤالي هو : من المعلوم أن من الفقه في التربية والدعوة إلى الله الحرص على الانتقائية في ظل مثل هذه المرحلة التي تمر بها الأمة من بعد الناس عن الدين وقلة الطاقات العاملة في المجال الدعوي والتربوي والوصول إلى الأفراد المؤثرين ، النجباء . والاهتمام بهم لما يُرجى من عظيم أثهرهم في إصلاح المجتمع ما أريد السؤال عنه هو كيف يمكن الموازنة بين هذا الأمر -أقصد الدعوة الخاصة- والدعوة العامة لعموم المجتمع في ظل هذا الاقبال على دين الله من العامة من جهة والانفتاح الذي يعيشه المجتمع في جميع جوانبه من ناحية أخرى ؟ وجزاكم الله خيراً والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. من أخوكم المحب أبي عبدالله - مكة
الجواب :
أولا : يختلف الأمر من إنسان إلى آخر فبعض الدعاة لا يستطيع أن يربي الشباب وأن يكون داخل المحاضن التربوية وإنما دعوته من خلال الأمور العامة كالمحاضرات وتأليف الكتب وغيرها ومن الناس العكس ومن الناس من يستطيع الجمع بين الأمرين ويعمل بهما .
ثانيا : إذا وجدت القدرة في الأمرين فإن ذلك يخضع لحاجة المكان الذي أنت فيه وإن جمع بينهما فذلك أفضل ولا يظهر تعارض بينهما وكل ذلك مشاهد وملموس .
ثالثا : لابد من المربين والدعاة أن يهيئوا الشباب الذين عندهم قدرات للدعوة العامة والدعوة الفردية كل بحسب قدراته وما هو مناسب له والحاجة من حيث الزمان والمكان لكل مهما .
رابعا : التنظيم طريق للعمل والإنجاز بل بتفوق ونجاح كبير جدا .
خامساً : إن المربي داخل المحضن ينبغي له أن يجمع بين الدعوية الجماعية من خلال البرامج العامة والدعوة الفردية من خلال البرامج الخاصة دون أن تؤثر على سير العمل داخل المحضن أو تحدث إشكاليات بين المتربين أنفسهم أو تحزبات داخلية أو الميل النفسي للبعض دون الآخر .
القضية السادسة عشر : دعوة غير المستقيمين للاستقامة .
بعد السلام والتحية والدعاء لكم بالتوفيق والسداد
س / كيف يدعو الإنسان الشباب غير المستقيمين للاستقامة او ممن يلمس منهم حب او الرغبة في الالتزام وجزاك ربي خيرا
الجواب : إن دعوة الشباب أمر مهم وبدأ ولله الحمد الانتباه لهذا الأمر والتركيز عليه سواء في المدارس أو الأحياء وقد قام بهذا العمل مجموعة من الدعاة في أحيائهم بتجميع الشباب غير المستقيمين ووضع برامج لهم تحت مضلات رسمية فآتت ثمارها وفي إحدى الأحياء بلغ عدد الشباب الذين استقاموا أكثر من خمسين شخص والحضور يفوق المائة وفعّلت هذه الفكرة في كثير من المدن والأحياء وأضع نقاطا منها :
1- اختيار الشاب المناسب الذي كان له دور قبل استقامته مع الشباب غير المستقيمين لأن هذا النوع يعرفهم ويعرف طرق الوصول إليهم وكيفية التأثير عليهم وفي الغالب يكنون له التقدير .
2- إعداد مكان يتعارفون عليه .
3- لا يحضر من المستقيمين إلا المتعاونين في هذا العمل أو يحضر غير المتعاون ومعه أشخاص غير مستقيمين لأنه وللأسف مازالت الحواجز موجودة بين الطرفين .
4- لا يكون في البداية نوع إثقال من البرامج والكلمات .
5- ليكن التركيز في البداية على المواعظ والرقائق .
6- توزيع استبانات تتضمن آراؤهم في الجلسة ومدى نجاحها وأساليب تطويرها .
7- تحديد لقاء مع الدعاة والمربين لاستقبال مشكلاتهم .
8- التركيز على الأشخاص الذين يلمس منهم التغير السريع ومحاولة ربطهم بالمحاضن والمجموعات القريبة منهم .
9- وضع محفزات للمحافظين على اللقاء ولمن يأتي بشباب غير مستقيمين ينتظمون لمدة شهر مثلا .
10- نشر الفكرة بين الأحياء المجاورة .
11- غظ الطرف عن بعض الأمور في البداية لأنهم لا يدركون مثل هذه اللقاءات ومحاولة التلميح لا التصريح .
12- تصحيح نظرة الشباب تجاه التدين والاستقامة .
13- إعداد لجان وهي :
أ - اللجنة الثقافية .(تنسيق اللقاءات ، إعداد المسابقات ، التعريف باللقاء وأهدافه ...)
ب - الاجتماعية .( تجهيز الموقع ، الاهتمام بالضيافة ، تحضير الوجبات ...)
ت - الإعلامية .(دعوة الشباب غير المستقيمين ، الإعلان لهذا اللقاء ، توزيع كل مفيد ...)
ث - النظام .( استقبال الشباب والترحيب بهم وتوديعهم ، حفظ النظام ...)
14- تقييم البرنامج بعد كل فترة .
15- العمل تحت مظلة رسمية .
16- استغلال موسم الحج والعمرة في ذلك ليكون منطلق توبة للشباب وتعاهدهم بعد الحج وطبق البعض فكرة الحملات الشبابية وكانت ناجحة وموفقة بإذن الله .
القضية السابعة عشر : الدعوة من خلال الإنترنت .
ــ ما هو اثر الوسائل التكنولوجيه الحديثة عامه وشبكه الانترنت خاصة في تفعيل ونشر الدعوة الإسلامية وما هي الشروط المطلوب توفرها في الداعية الذي يقوم باستخدام هذه الوسائل في نشر الدعوة . وجزاكم الله خيرا . والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته
الجواب : موضوع الإنترنت والدعوة ونشر كل خير من خلاله فتح عظيم وقد كتب في هذا كتابات كثيرة وألقيت محاضرات منها شريط الشيخ المنجد وكذلك موقع صيد الفوائد وشبكة الفجر .
رابط :
1- الأفكار الدعوية من صيد الفوائد
2- استخدام الإنترنت في الدعوة إلى الله .. إبراهيم الفارس
3- الإنترنت والدعوة إلى الله .. محمد صالح المنجد
القضية الثامنة عشر : دخول المواقع الإباحية وما موقفنا ؟
الجواب : لاشك أن هذا الأمر لا يجوز شرعا لان أهل العلم حرموا القراءة في كتب أهل البدع خشيت الوقوع في البدع وكذلك يحرم الدخول إلى المواقع الإباحية لأمور منها :(3/190)
1- خشيت الوقوع في الفتن وإثارة الغرائز وقد وقع الكثير في المهالك وانحرفوا من جراء ذلك.
2- لأن الداخل إليها سينظر بعينيه وسيسمع بأذنيه المحرم والنظر إلى المحرم وسماعه محرم والأدلة معروفة في ذلك .
الحلول :
ا- التحذير منها بجميع الوسائل والأساليب .
ب- محاولة تدميرها بجميع الوسائل وهذا من إنكار المنكر .
ج- محاولة جمع المخالفات التي ترتكبها والكتابة إلى جامعة الملك عبدالعزيز في ذلك وهم متعاونون في هذا الباب .
د- التوعية العامة من خلال المحاضرات العامة والتركيز علىالمدارس خاصة .
هـ- التفكير الجاد في التقليل من شرها وإلا قطعها بتاتا من الصعوبة بمكان .
و- أن يكون للمسلمين والدعاة دور بارز وفعال عبر شبكة الإنترنت في إصلاح الأمة وجمعها وتبليغ دين الله للأمم الكافرة ومحاولة نقل علومهم المقروءة والمسموعة من خلالها .
رابط : http://www.saaid.net/mktarat/abahiah/
القضية التاسعة عشر : ترك العمل من أجل الخوف وخشية النقد .
الجواب : هذه قضية تحتاج إلى شئ من الواقعية والصراحة وأشير بإشارات منها :
أسباب ذاتية :
1- عدم الثقة في النفس .
2- عدم التعود .
3- الخوف من الخطأ والفشل .
4- الخوف من النقد لأننا لم نتعود النقد البناء .
5- الخوف من التصنيف .
6- يظن أنه إن عمل فأخطأ ستتغير نظرة الناس إليه ولن يثقوا فيه .
أسباب غير ذاتية :
1- عدم التفريق في النقد والخلاف بين ما هو قابل للاجتهاد وما ليس قابلا للاجتهاد .
2- الخطأ في التعامل مع المخطئ وأننا في مجتمع لا نرحم من يخطئ ولابد من الرجوع إلى الكتاب والسنة ومنهج السلف في التعامل مع المخطئ .
3- النقد غير البناء والتهجم والتجريح والتشهير من الآخرين ونسوا أن العصمة لله ورسول الله صلى الله عليه وسلم
ولم نفرق بين نقد الخطأ ونقد الذات فكم من رسائل ألفت وكتب كتبت وأراء حررت لكنها في أدراج المكتبات خوفا من النقد كلا ليس خوفا من النقد بل التهجم وتفسير النيات والاتهامات والتصنيف هنا وهناك وما بليت الأمة بمثل التصنيف المذموم قطعها وأهلكها وأهدر قدراتها وطاقاتها والرمي بالابتداع و الخروج من منهج السلف ولنفرق بين الخطأ في باب الاعتقاد والخطأ في طريقة الدعوة إن اتفقنا أنه خطأ مع أن الأمر فيها قابل للاختلاف والاجتهاد كما أنه منذ الصحابة خير القرون إلى يومنا هذا والاختلاف موجود في مسائل الفروع والفقه وغيره مع أن الخلاف فيها أقوى من مسائل الدعوة وطرقها والله المستعان وأضع تساؤلات للقارئ ولولا ما يرى لما رضيت أن ألمحها بمؤخر عيني ولا أفكر فيها بفضول قلبي ، الأمة يتكالب عليها الأعداء من كل حدب وصوب ونحن نعيش في تعصبات وتحزبات ... يا ملح البلد ما يصلح الملح إذا الملح فسد ..!؟
أ- هل الانتماء إلى تلك المذاهب والمناهج محمود على الإطلاق أو مذموم على الإطلاق ؟
ب- هل هي أسماء شرعية أو اصطلاحية ؟
ج - هل قضاياها اجتهادية منهجية سائغ الخلاف فيها كما في الفروع الفقهية ؟
د- هل كل من انتسب إليها تنسب أقواله إليها كما أن الأقوال في مذهب الإمام أحمد لا تنسب كلها إليه
هـ- هل هناك فرق بين أصل المنهج وما طرأ عليه من أتباعه كما في المذاهب الفقهية واللغوية وغيرها ؟
و- هل يُسلّم لكل من انتسب إليها أو نسب إليها أقوالا وأفعالا ؟
ز- هل من وافق عمله عملا منها أو قوله حتى ولو قصدا ينسب إليها ؟
ح - هل هناك فرق بين مذاهب الأئمة الأربعة الفقهية ومذاهب المفسرين ومدارس أهل اللغة ومناهج المحدثين والمناهج الدعوية من حيث أصل التمذهب ؟
ط- هل الحكم على فعل أو قول خطأ ولو بالاتفاق في المذهب أو المنهج أو الشخص يلزم منه رد كل ما جاء به أم يؤخذ الحق ويترك الباطل المخالف للكتاب والسنة صراحة كما في المذاهب الفقهية وغيرها ، وما كان الخلاف سائغا فيها والأدلة متقاربة أو لا أدلة فيها إنما اجتهادات تربوية دعوية محضة فلماذا الإنكار فيها ومقولة شيخ الإسلام المشهورة لا إنكار في مسائل الاجتهاد وقد قررها كثير من الأئمة المتقدمين والمتأخرين ؟
ي- هل تسري أخطاء الإنسان على غيره ؟
ك- هل هناك أحد معصوم من الخطأ غير الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ؟
ل- هل هذه المناهج الدعوية تتفق أم تختلف من مكان وزمان إلى آخر وكذا الأشخاص من حيث الأخطاء قلة وكثرة ؟
م- هل يدخل المخالف أو الموافق في مسائلها ضمن عقيدة الولاء والبرآء على وجه الإطلاق أم في ما يستوجب ذلك كما هو مقر ر في منهج أهل السنة والجماعة ؟
4- الجهل بالخطوات المتخذة في تصويب الأخطاء .
أسباب من قبل المربي :
1- عدم تعويد المتربين .
2- ضعف الأسلوب الإقناعي والحواري من قبل المربين مع الطلاب في مثل هذه الأمور فمنذ أن يعتذر من أول وهلة يتركه ويحكم عليه بالضعف وعدم القدرة ولا يحاول معه بالأساليب الأخرى والتدرج و ما هو مناسب وغير ذلك .
العلاج : وبضدها تتبين الأشياء والجميع يشترك في ذلك .
القضية العشرون : الدعوة العائلية والأسرية .
الجواب : وهذه القضية كثير من الأسئلة يدور حولها وهي في غاية الأهمية كيف التعامل مع الوالدين والإخوان والأبناء والبنات مع هذا الانفتاح ولاشك أن هناك تفريط وإهمال في هذا الجانب أو ضعف وقصور وله أسباب وعقبات وهناك حلول وعلاج وأساليب للدعوة العائلية وطرق لكيفية التعامل مع منكرات البيت .
وهناك رسالة مازلت في إعدادها عسى الله أن ييسر إخراجها وأطلب من الأخوة المشاركة والمقترحات في هذا الموضوع وإرسالها على البريد الالكتروني وهناك رسالة بعنوان الدعوة إلى الله في البيوت لمحمد الجيفان تقديم الشيخ صالح الفوزان والدعوة العائلية للعريني .
روابط :
نحو برنامج عملي للدعوة بين الأقارب
http://www.saaid.net/afkar/Fekrh49.htm
برنامج عملي لدعوة الأقارب
http://www.saaid.net/afkar/16.htm
برنامج عملي لدعوة أهل الحي
http://www.saaid.net/afkar/Fekrh11.htm
برنامج دعوي لأهل الحي
http://www.saaid.net/afkar/30.htm
برنامج عملي لصلة الرحم
http://www.saaid.net/afkar/28.htm
الجواب على الأسئلة شبه المحدودة
السؤال :
بعض المعلمات تود نصح الطالبات ولكن تخشى من سماع مشكلاتهن ومعاناتهن بحجة إنها قد لا تستطيع حل بعضها مثل : فتاة واقعة تحت تهديد شريط او صورة فتاة تعاكس بالهاتف , فتاة تتعاطى المخدرات . فتاة حامل سفاح .....وغير ذلك
الجواب :
1- السرية في هذه المواضيع .
2- احتساب الأجر .
3- أن المسئولية عليها عظيمة .
4- تهيئ نفسها لذلك بالقراءة في كتب التربية والمشكلات وهي متوفرة .
5- استشارة أصحاب التخصص في هذا الباب من المدرسات في المدارس الاخرى والدعاة ورجال الهيئات وإرشادها للحلول السليمة .
6- توزيع الكتب والأشرطة التي تعالج هذه المشكلات .
7- تبلغ دين الله بقدر ما تستطيع ولا يلزم من كونها تنصحهن أن تجيب على أسئلتهن ومشكلاتهن بما لا تعرف .
8- إرشادهن لأرقام الدعاة والمربين والهيئات وأنهن سيجدن لهن الحلول بإذن الله دون أي تخوف .
السؤال :
كيف التعامل مع المتحمسين في بداية استقامتهم ودخول العجب عليهم؟
الجواب :(3/191)
أن الإنسان يجب عليه ألا يتهم الناس ويفسر النوايا كيفما أراد والاتهام في إخلاص أقوال الناس وأعمالهم والحكم عليها بالرياء وحب المدح والظهور وورد أن أحد الأشخاص قال أن فلانا عمل ذلك رياء يقول فحرمت قيام الليل مدة كذا بسبب قولي ذلك وكما أننا بحاجة إلى الهدوء والحكمة في مواضع فكذلك نحن بحاجة إلى الحماس المنضبط الذي لا يجر إلى مفاسد عظمى ولا يكون ذلك إلا بربطهم بالعلم الشرعي والسلف الصالح والعلماء الربانيين ولاشك أن إحسان الظن واجب ولا يجوز للإنسان أن يسئ الظن بإخوانه فاربطهم بالعلم الشرعي والعلماء واربطهم بسيرة الرسول ? والسلف رحمهم الله وكتب ابن القيم رحمه الله فقد أفاد في تربية النفس وتزكيتها فهو حقا عالم مربي وأنصح أخواني المربين والمتربين بأن يقرأوا كتب هذا العالم ويستقوا منها التربية الذاتية والتربية الجماعية .
السؤال :
كيف نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر لأخواتنا ، وخاصة بالاسواق إذا كان عليها شئ من التبرج ، هل يكون النصح أمام الناس أم ماذا وإذا كانت المرأة بدون محرم . وجزاكم الله خيرا .
• المستفتى رجل .
الجواب :
سئل سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله كيف الإنكار على المرأة فقال : ( تنصح فيقال لها غط وجهك الله يهديك ) وهذا إذا كان في مجمع ومرأى من الناس وبالحكمة لأنه إذا كان في غير مرأى يخشى من حدوث إشكال فربما تلين له المرأة القول فيستهويه الشيطان ويحدث مالا يحمد عقباه وربما تتهمه باتهامات باطلة كما فعلت بعض النساء ذلك والله المستعان ولاشك أن جانب النساء مهم وان الشرع اهتم بقضية الأعراض والحرمات ووضع أنواعا من السياج والحدود حتى لا تنتهك تلك الحرمات والتقصير وارد في جانب المرأة ودعوتها وعلاج القضايا التي تخص المرأة بطرح قوي مؤثر وليس قضية المرأة هي قضية الحجاب فقط ولاشك أنها من أهم القضايا لكن لا يعني أننا نهمل كثيرا من قضاياها كما أننا نحتاج إلى متخصصين في جانب قضايا المرأة مع قوة في الطرح والحجة والبيان والواقعية لارفع الصوت وذكر تلك القصص التي لا يستطيع أن يسمعها الإنسان من شدة فضاعتها ونشوزها وغرابتها وليكن لنا القرآن والسنة منهجا في طريقة عرض القصص وأخذ العبر منها وقد أشرت بإشارات يسيرة في جانب القصص في فتح آفاق .
السؤال :
أنا شاب صومالي موجود حاليا في بونت لاند شمال شرق الصومال وخاصة العاصمة جرووة وسؤالي هل يجو ز العمل الجماعي؟
الجواب :
السؤال غير واضح والظاهر المقصود به العمل الدعوي الجماعي ولاشك أنه جائز بل الغالب أن ثماره أعظم وأقوى وأكبر من العمل الفردي بل إن الرسول عليه الصلاة والسلام أرسل السبعين رجلا القراء لتعليم الناس القرآن وأرسل مصعب بن عمير رضي الله عنه إلى المدينة للدعوة إلى الله وساعده أسعد بن زرارة والقصة مشهورة في كتب السير بل يقول الله عزوجل ( فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم ....الآية ) والاية صريحة في ذلك ووصيتي للأخوة الفضلاء التعاون على الخير وبث روح العمل الجماعي وتوحيد الجهود والصف وإن اختلف الرأي فلا يكون الاختلاف عائقا عن العمل وطريقا للتوقف والصراع والاتهامات كما هو وللأسف مشاهد وملموس والتنازل عن بعض الأمور الاجتهادية لأجل سير العمل مطلب في حياة العمل الجماعي .
السؤال :
ما كيفية التعامل مع شخص كثير المجادلة ، ومعظم الأحيان تشعر انه يجادل لغاية الاستفزاز فقط ؟ وجزاكم الله خيرا
الجواب :
حقيقة موضوع الجدال والنقاش ظهر في أوساط الشباب بشكل كبير جدا وهذا يدل على أن هناك أذكياء ومثقفين واتساع العلم والثقافة والجدال ينقسم لأمور :
1- إن كان في أمر علمي وتربوي ويعود بالفائدة فلا شك أنه مطلب لأنه سبب في الوصول إلى الحق وتحقيق المسائل والرأي الصواب .
2- إن كان في أمور لا فائدة من ورائها فهذا فيه مضيعة للوقت والإنسان محاسب على وقته .
وأما مسألة المناقش فإن كنت تعلم أنك لا تستطيع مناقشته وأنه سيلبس الحق على الناس ويفتنهم فلا يجوز لك الجدال معه وإن كنت تعلم أنه لا فائدة من النقاش معه فلاشك أن تركه أولى حفاظا على الأوقات وسلامة للصدور وطهارة للنفوس .
السؤال :
نحن في جمعية خيرية ونريد ان نصدر مجلة لنظهر نشاطها فهل هذا من الرياء وطلب السمعة .
الجواب :
ليس في إظهار عمل الجمعية من خلال المقالات أو الصحف إحباطا للعمل إذا صلحت النية وكان القصد منها دعوة الناس للمشاركة فيها بأي صورة كانت أو كانت بذاتها تحمل رسالة دعوية تبلغ وتعلم الناس العقيدة الصحيحة والمنهج السليم وفق كتاب الله عز وجل وسنة نبيه ? ومنهج السلف الصالح رضوان الله عليهم ولاشك أن الشيطان إذا عجز عن تثبيط الإنسان عن عمل الخير دخل عليه من باب الرياء والعجب والوسوسة والبدعة وغيرها من المداخل العشرة التي ذكرها أهل العلم رحمهم الله وليسأل الإنسان الله الصدق والإخلاص والتوفيق والقبول في القول والنية والعمل دائما وأبدا حتى يبارك الله في جميع شئونه .
السؤال :
لدي قريبات هداهن الله لا يبالين بلبس البنطال الضيق أمام النساء وقد تلبسه إحداهن أمام محارمها وقد نصحتهن ولم يستجبن وتوقفت عن مناصحتهن لأني وجدت نفور منهن عند الزيارات . أرجو من فضيلتكم مساعدتي ، في كيفية دعوتهن .
الجواب :
مسألة لبس البنطال الظاهر والعلم عند الله أن لبس البنطال للمرأة عند زوجها جائز أما عند النساء والمحارم إن كان ضيقا ومحجما للعورة فذلك لا يجوز ومدعاة للفتنة والإثارة .
وأما دعوت قريباتك فمسألة لبس البنطلون لاتكون عائقا عن دعوتهن وليس مبررا لتركهن لأمور منها :
أ - أنهن قريباتك وصلتهن واجبة كما أن دعوتهن وجبة كذلك قال الله ( وأنذر عشيرتك الأقربين) .
ب - أن عدم اسجابتهن لجانب لا يعني عدم استجابتهن مطلقا لأي جانب من الجوانب وهذه قضية ينبغي التنبه لها لأن النفس قد تكون متعلقة بمعصية من المعاصي وكلما أراد الإنسان تركها رجع إليها وتغلبه نفسه وتعلمون قصة شارب الخمر الذي كان على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وكلما أقيم عليه الحد شربها فلعنه رجل فقال صلى الله عليه وسلم لا تعينوا الشيطان على أخيكم وكذلك قصة أبي محجن معروفة والإنسان ليس معصوما من الخطأ فمن الناس من يغلب خيره على شره والمشكلة أننا أننا نعظم المعاصي الظاهرة أكثر من الباطنة مع أنه قد تكون الباطنة أعظم في الشرع من الظاهرة وقد أشرت إلى ذلك في فتح آفاق في كيفية التعامل مع الأخطاء .
ج- ركزي على الأمور الأساسية كالجوانب الإيمانية وتذكيرهن بالجنة والنار وعلاقتهن مع الله والتوجيه غير المباشر كإهدائهن الأشرطة والكتيبات وغيرها وتلقائيا سيتركن كثيرا من الأمور التي ينبغي للمرأة المسلمة تركها بإذن الله عز وجل والهداية بيد الله ، إن عليك إلا البلاغ .
د- نوعي الأساليب الدعوية .
هـ- الصبر والاحتساب والدعاء مطلب في حياة الداعية إلى الله .
و- لا نركز في دعوتنا دائما على الأخطاء الشكلية بل الإسلام جاء بصلاح الظاهر والباطن بل إن الباطن إذا صلح صلح الظاهر .
السؤال :
كيف توفق المرأة بين عمل البيت والمدرسة وبين طاعة ربها؟
الجواب :(3/192)
1- التنظيم في الوقت والدقة فيه والحرص عليه فكثير من أوقاتنا تذهب هدرا وفي ما لا فائدة فيه بل إن بعضنا يجامل بعضا والنتيجة ضياع الأوقات هنا وهناك ولو تحدثت عن الوقت أو اعتذرت عن بعض اللقاءات لكالوا إليك بمكيال الاتهام والسخرية والاستهزاء وأعجبتني كلمة لأحد الأشخاص عندما اعتذر عن الحضور من باب الحفاظ على الوقت فقيل له : ولا الشيخ ابن باز رحمه الله فقال : بحفاظي على الوقت سأكون مثل الشيخ إن شاء الله .
2- إعطاء كل ذي حق حقه بدون زيادة أو نقصان أو تؤدي الزيادة في عمل نقص في الآخر.
3- مراعاة فقه الأولويات .
4- القراءة في كتب فن إدارة الوقت .
5- طلب التوفيق من الله والإعانة والسداد .
السؤال :
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد
فأريد من فضيلتكم اعطائي الخطوط العريضة لتكوين ملف لطلاب السكن الداخلي لمعهد قران حتى يتم االتعرف عن كثب على أحوالهم .
الجواب :
يمكن وضع دراسة في ورقة مثلا:
1- عمر الطالب .
2- مدى استقامته .
3- الصفات الإيجابية فيه وكيف تطويرها .
4- الصفات السلبية وكيفية علاجها ومنها الخطوات التالية :
أ - أسباب تلك الصفات السلبية
ب - الخطوات العلاجية .
ج - نسبة النجاح .
د- أسباب الإخفاق في العلاج .
5- قدراته وكفاءاته وكيف يستفاد منه وما هي الأعمال التي يمكن أن يقوم بها .
السؤال :
يحتاج المربون إلى خصائص المراحل العمرية حتى يكون العطاء التربوي في محلة .
فنرجوا من الله الكريم أن يوفق من يشاء للكتابة في هذا الموضوع ، حيث لا يوجد كتاب متخصص في هذا المجال إلا مقالات متفرقة هنا وهناك ....
الجواب :
موضوع الخصائص العمرية كمرحلة الطفولة ومرحلة البلوغ أو المراهقة المتقدمة أو المتأخرة وما بعد المراهقة الفت وكتب فيها كتب ورسائل كثيرة جدا :
1- ككتب علم النفس مثل كتاب ( علم نفس المراحل العمرية للمفدى )
2- المراهقون للنغيمشي .
3- تربية المراهق للناصر وخولة درويش .
4- أطفال المسلمين كيف رباهم النبي الأمين صلى الله عليه وسلم لجمال عبدالرحمن .
5- تربية الأبناء لعدنان باحارث وغيرها .
6- الأساليب العملية للتعامل مع المراهقين لهاني عبدالقادر ( شريط)
السؤال :
كيف تكون داعيا إلى الله وأنا لا أستطيع أن أتوقف عن ذنوبي كيف تكون الدعوة لشخص عاصي و أنا مثله أرجو التكرم بالاجابه جزاكم الله خيرا
الجواب :
ذكر أهل العلم رحمهم الله في باب الحسبة وغيره : الصحيح أن الإقلاع عن الذنب ليس شرطا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بل إنه سبب بإذن الله في الإقلاع عن الذنب وهي وسوسة شيطان من الإنس أو الجان وعليك بالدعاء ولايخلو إنسان من خطأ ولو قيل بقولك هذا لما أمر أحد بالمعروف ولما نهى عن المنكر ولتوقفت الدعوة ولم يعظ أحد بعد محمد عليه الصلاة والسلام وهذا يدخل عليك من خلاله أمران :
الأول : عدم الدعوة إلى الله وفوات الأجر الكثير قال صلى الله عليه وسلم ( ومن دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه ) وقال ( الدال على الخير كفاعله ) .
الثاني : الاستمرار في الذنب لان الدعوة إلى الله من أسباب تقوية الإيمان والثبات على دين الله بل إن الإنسان ستؤنبه نفسه وتعاتبه وحالها ( أفلا تستحي من الله وتستحي من نفسك في أن تأمر ولا تفعل وتنهى وتفعل ....) وهكذا حتى يعينك الله وتعزم على الترك .
السؤال :
أنا معلمة بإحدى المدارس و سأخرج مع الطالبات رحلة إلى صير بني ياس لمدة ثلاثة أيام و ليس لدي محرم فهل يجوز ذلك؟
الجواب :
أولا : جزيتي خيرا على حرصك على إدخال الفرح والسرور على الطالبات والتجديد في الوسيلة الدعوية وتوجيهن لكل خير .
ثانيا:
1- إذا كان مسافة سفر فلا يجوز للمرأة أن تسافر بغير محرم ولو للنزهة لنهي الرسول ? عن ذلك .
2- إذا لم يكن مسافة قصر فإن هذا فيه فتح باب للتساهل ويخشى وقوع مالاتحمد عقباه وربما تتعرضن للأذى سواء في الطريق أو مكان نزولكن كما أن المرأة لا تستطيع السيطرة التامة على الفتيات خلال هذه المدة ولم تجر العادة على ذلك في مدارس الفتيات وربما تتجرأ بعض المدارس على ذلك وينفتح الباب وتحدث الفوضى وربما يأتي بعد فترة ويقال أن مدرسة بنات يردن أن يذهبن إلى مكة للعمرة وربما يتخذ من في نفسه سوء ذلك طريقا لبث سمومه فلايكن الإنسان مفتاحا لباب شر ولو كان عن حسن قصد والبديل ولله الحمد موجود فيكون هناك لقاءات مسائية في نفس المدرسة ينشر من خلالها الخير والمحاضرات والمسابقات المفيدة .
أخيرا : أعتذر مرة أخرى عن تأخر الإجابات أو كونها لم تكن شافية أو يعتريها النقص والخطأ وأستغفر الله من ذلك كما أعتذر لأصحاب الأسئلة الخاصة وهناك كثير من العلماء و الدعاة يمكن مراسلتهم والاتصال بهم كما آمل من القراء الفضلاء المشاركة في الإجابات فتلاحم العقول طريق للوصول إلى أسمى الحلول وأشكر الجميع مرة أخرى موفقين مسددين مباركين بإذن رب العالمين .
==============
أسباب انحراف الولد
تهاني البلوي
ما أكثر العوامل والأسباب التي تؤدي إلى انحراف الأولاد وزيفهم وفساد أخلاقهم :ــ
فإليك بعضاً من هذه الأسباب مختصرة كما ذكرها الدكتور عبد الله علوان رحمة الله تعالى :ـ
1ـ الفقر الذي يخيم على بعض البيوت : مما يجعل الولد يلجأ إلى مغادرة البيت بحثاً عن الأسباب وسعياً وراء الرزق فتتلقفه أيدي السوء والجريمة .
2ـ النزاع والشقاق بين الآباء والأمهات : فالولد حين يفتح في البيت عينيه ويرى ظاهر الخصومة سيترك حتماً جو البيت القاتم ويهرب ليفتش عن رفاق يقضي معهم جل وقته
3ـ حالات الطلاق وما يصحبها من الفقر: فالولد عندما يفتح على الدنيا عينيه ولا يجد الأم التي تحنو عليه ولا الأب الذي يقوم على أمره ويرعاه فإنه لاشك سيندفع نحو الجريمة ويتربى على الفساد والانحراف لاسيما عند زواج الأم
4ـ الفراغ الذي يتحكم في الأطفال والمراهقين : من المعلوم أن الولد منذو نشأته مولع باللعب فإنه لم ييسر لهم أماكن اللعب واللهو البرئ ومسابح للتدريب والتعليم فإنهم سيختلطون غالباً بقرناء سوء يؤدي حتماً إلى شقاقهم وانحرافهم
5ـ الخلطاء الفاسدين ورفاق السوء : لاسيما إن كان الولد بليد الذكاء ضعيف العقيدة متمتع الأخلاق فسرعان ما يتأثر بمصاحبة الأشرار ويكتسب منهم أحط العادات والأخلاق
6ـ سوء معاملة الأبوين : من الأمور التي يكاد يجمع علماء التربية عليها أن الولد إذا عومل من قبل ابويه ومربية المعاملة القاسية وأدب من قبلهم بالضرب الشديد والتوبيخ القارع فان ردود الفعل ستظهر في سلوكه وخلقة مما قد يؤول به الأمر إلى ترك البيت نهائياً للتخلص مما يعانيه من القسوة والمعاملة الأليمة
7ـ مشاهدتهم أفلام الجريمة والجنس : في القنوات الفضائية الفاضحة والتي تبث السم الزعاف وأيضاً من خلال ساحات الانترنت التي جعلت من عالمنا كقرية صغيرة وغيرها من الرويات الهابطة والمجلات الماجنة والقصص المثيرة ومن المعلوم بداهة أن الولد رغم اكتمال عقلة لاتزال هذه الصورة تنطبع في ذهنه وتتأصل في مخيلته هذه المشاهد فيعمد حتماً إلى محاكاتها وتقليدها بحيث لا ينفع معه نصح الآباء أو توجيه المربين والمعلمين(3/193)
8ـ انتشار البطالة في المجتمع : من العوامل الأساسية التي تؤدي إلى انحراف الولد انتشار البطالة بين أفراد الأمة فالأب الذي لم تتيسر له سبل العمل ولم يجد من المال ما يسد به جوعته وجوعة أهله وأولاده فإن الأسرة بأفرادها ستتعرض للتشرد والضياع وإن الأولاد سيدرجون نحو الانحراف والإجرام
9ـ تخلي الأبوين عن تربية الولد : إذا قصرت الأم في الواجب التربوي نحو أولادها لانشغاله مع معارفها وصديقتها واستقبال ضيوفها وخروجها من بيتها وإذا أهمل الأب مسؤولية التوجيه والتربية نحو أولاده لانصرافه وقت الفراغ إلى اللهو مع الأصحاب والخلان فلاشك أن الأبناء سينشؤون نشأة اليتامى ويعيشون عيشة المتشردين
ليس اليتيم من انتهى أبواه من ***** هم الحياة وخلفاه ذليلاً
إن اليتيم الذي تلقى له ***** أما تخلت أو أباً مشغولاً
10 ــ مصيبة اليتم : من العوامل الأساسية في انحراف الولد مصيبة اليتم التي تعتري الصغار وهم في زهرة العمر هذا اليتيم الذي مات أبوه وهو صغير إذا لم يجد اليد الحانية التي تحنو إليه والقلب الرحيم الذي يعطف عليه وإذا لم يجد من الأوصياء المعاملة الحسنة والرعاية الكاملة فلاشك أن هذا اليتيم سيدرج نحو الانحراف ويخطو شيئاً فشيئاً نحو الإجرام قال صلى الله عليه وسلم ( أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين وأشار بإصبعيه السبابة والوسطى) رواه الترمذي
وأخيراً
** أيها الأب الكريم هذه أهم أسباب الانحراف فهي كما ترى عوامل ضارة فإن تداركت الولد في مقتبل العمر وسعيت لتربيته تربية إسلامية حقة وإلا فقد ينشأ على الفساد ويتربى على الانحلال والضلال مما يصعب عليك اقتياده إلى الطريق الصحيح بعد انفلات الزمام
قال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة .... )
وقال صلى الله عليه وسلم ( مامن عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة ) رواه مسلم
اللهم وفق أبناء الإسلام لما تحب وترضى واهدهم إلى الصراط المستقيم وأحميهم مما يريده أعداء الإسلام لهم
=================
سجناء لوجه الله تعالى
د. طارق الطواري
صحيح أن في السجن لوعة وحرمانا ويبقى السجن قيداً وإغلالاً وقد عبرعن ذلك يوسف عليه السلام إذ قال " وقد أحسن به إذ أخرجني من السجن " ، ولا شك أنه لا يعيش همً المسجون إلا من يحبه وخاصة أمه وزوجته وربما أخص أصحابه ، كما أن السجين يشعر بالظلم والقهر والإضطهاد من قبل من هو كفؤ ومن ليس بشيء . والسجين قيد أوامر سجانه في لباسه ومنامه وأكله وحركته ، والسجين يعاني من الفراغ القاتل والوساوس والضيقة والهموم التي تهجم عند الغروب وتعشش في الزنزانة فلا تفارقه إلا صباحاً ، ويطرب السجين لسماع المبشرات والرؤيا التي يراها أو ترى له ويجتهد في الدعاء على من ظلمه ويقضي السجين يومه في قتل وقته والخلاص من الفراغ القاتل إما بالقراءة أو التفكير أو التسلية ، ويشعر السجين بالحرمان من أهله وأمواله وخصوصيته كما أنه يشعر أن روح الانتقام تتنامى عنده خاصة إن كان يشعر بالظلم والاضطهاد ، كما أن السجين يعاني من تغير نظرة مجتمعه وأهله وزملائه إليه فقد تطلب المرأة الطلاق للضرر وقد ينحرف الأولاد وقد تهدم سمعته وسيرته الحسنة بمجرد دخوله للسجن ، فيخرج وهو يشعر بأنه قد خسر كل شيء ولا طعم ولا معنى للحياة إلا بتصفية الحساب أو العيش على حطام الذكريات ، لكن ثمة وجه أخر للسجن إنه سجن الدعاة المجاهدين في سبيل الله ومن سجن لأجل فكر يحمله أو تعاطف مع قضية ما أو قرابه لأحد الدعاة ومثل هؤلاء قد غصت بهم السجون شرقاً وغرباً حتى أنشأت الشباك والبركسات والسجون المؤقتة من كثرتهم ، فغالبهم لا يعلم عن تهمته سوى التعاطف أو الإقتناع في فكرة كانت مباحة في يوم من الأيام ثم أصبحت اليوم محرمة ، إن هؤلاء المسجونين لوجه الله لا يعرفون في سجونهم إلا الصبر والسلوان والتعاطف والتكاتف والتراحم والدعاء على الظالم والاقتراب من الله أكثر وأكثر ، فلطالما تكلم الناس عن الصبر وعرفنا معاني الإخاء والمودة وفضل الإحسان إلى الآخر لكن السجون هي الميدان وساحة التطبيق وأنت لا تتصور السعادة الغامرة التي تعم نفوس الدعاة إلى الله المسجونين حينما يلتقون في وقت الصلاة أو عند دورات المياه ، كما أن مشاغل الدنيا التي فرقتهم تلاشت فأصبحت اللحمة الواحدة والهدف الواحد والعزيمة الواحدة ، إنها مدرسة أول سنة سجن وهي مدرسة يوسف عليه السلام و تربية الدعاة ، قال الله تعالى ( ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب وما كان الله ليطلعكم على الغيب ) إنها المدرسة التي تبني العقيدة الصحيحة عمليا لا نظريا تبني في نفوسهم الرضا بالقضاء والقدر واليقين بالله والصبر على مقادير الله والالتجاء إليه والتضرع له بأسمائه وصفاته ، وتصفي النفس من أدران الدنيا وتزهد فيها وترخص في سبيل الله كل غالي ، فيخرج الداعي من السجن وهو أقوى شوكة وأكثر عزيمة وأكبر همة وأقرب إلى الله بل في القمة ، وثمة سجن ثالث لكن المؤمنين إنه الدنيا ، كما قال صلى الله عليه وسلم ( الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر ) رواه مسلم .(3/194)
فكلما أن السجين لا يشتغل في الطعام والشراب ولا يجعله قصده وهدفه بل ذلك على سجانه فكذلك المؤمن الصادق في الدنيا رزقه على الله وهو مشغول في عبادته و كما أن السجين يمشي على طريق وترتيب السجان فكذلك المؤمن في الدنيا يمشي على طريق وترتيب الله عز وجل ، والسجين يتطلع دوماً لمغادرة السجن ليلقى من يحب وكذلك المؤمن يتطلع لمغادرة الدنيا للقاء الله والنبي صلى الله عليه وسلم، والمؤمنين كما قال بلال ( واطرباه غداً نلقى الأحبة محمد وصحبه ) والمساجين يتواصون بالصبر والتحمل وكذلك أهل الإيمان يتواصون بالصبر على الطاعة وعن المعصية وعلى مقادير الله المؤلمة ، وكما أن السجين لا يشعر بالتملك في السجن وإنما هي له ولغيره من بعده وكذلك المؤمن يشعر أن الدنيا له ولغيره من بعده ، وكما أن المساجين يخدم بعضهم بعضا فكذلك أهل الإيمان يخدم بعضهم بعضا في الدنيا ، وكما أن المساجين يبكون إذا فارقوا أحداً من أصحابهم فكذلك أهل الإيمان يبكون أن فارقوا أحد أحبابهم من الدنيا راحلاً إلى الآخرة ، وكما أن المساجين يوصون الخارج من السجن بالسلام على أهلهم فكذلك أهل الإيمان يوصون من حضرت روحه السلام على أرواح المؤمنين ، والسجين الذين سيعدم بعد السجن يخير فيما يريد ويطلب ما يشاء لأنه ميت أم السجين الباقي الذي وراءه إفراج لو طلب لضرب ولا يخير وكذلك الكافر فإن وراءه إعدام وعذاب فهو يتمتع في الدنيا وأما المؤمن فليست له هذه المتعة الكبيرة مقارنة ما أعد الله له من متعة أخرويه ، والسجين غير مرفه في عيشه وكذلك المؤمن في الدنيا ، ويفرح السجين إن رضي عنه سجانه بل يشتري وده ويطلب رضاءه وكذلك المؤمن يفرح إن رضي الله عنه ويطلب ذلك ويشتريه ، والسجين يتوقع في كل لحظه إن يخرج إلى الحرية أو ينقل وكذلك المؤمن يتوقع الموت ولقاء الله في كل لحظه فهو مستعد لذلك والسجين يشعر بالغربة في سجنه وكذلك المؤمن يشعر بالغربة في دينه مع انتشار الفساد ، وكثير من المساجين يحاولون الهروب والانتحار لكن يثبتهم أهل العقل وكذلك الناس في الدنيا يحاولون الهروب والانتحار ويثبتهم أهل الإيمان والسجان لا يحب السجن ولله المثل الأعلى والله لا يحب الدنيا فهي ملعونة إلا ذكر الله أو عالم أو متعلم ، فالكل في هذه الدنيا مسجون فمنا من هو مسجون في سجن ذنوبه ومنا من هو مسجون في سجن بلائه ومنا من هو مسجون في صدره ومنا من هم مسجون وراء القضبان لكنه طليق في الجنان ، ولكن رابطة الإيمان تجمعنا فمن في غونتناموا أحرار وطلقاء بإيمانهم وبصبرهم ومن في سجون الظلمة شرقا وغربا أحرار كما قال عنهم شيخ الاسلام ابن تيمية ( ما يفعل أعدائي بي أنا جنتي وبستاني في صدري أينما رحت فهي معي لا تفارقني أنا سجني خلوة وقتلي شهادة وإخراجي من بلدي شهادة ) ، ومن يمشي في الشوارع مسجون لحبس نفسه على الطاعة لكنه سعيد طليق بالعمل الصالح إلى أن نلقى الأحبة محمد وصحبه وليدع كل منا للآخر لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا ...
============
على الهواء مباشرة مباراة بين الفتيان والفتيات
هم قالوا: أريدها متفهمة تهتم بمظهرها وبنفسها، أخلاقها عالية، تهتم بالزوج والأولاد، تميل للجلوس في البيت، لا تكون فضولية، متزنة من ناحية المرح والجد، لا تكون خجولة أكثر من اللازم، تستطيع إدارة المنزل في حالة عدم وجود الزوج!
أما هن فقلن: نريده وسيماً، مثقفاً، طموحاً، حسن الخلق، عاقلاً، قادراً على تحمل المسؤولية، مرتباً ومنظماً، خفيف الظل والدم والطينة والوزن!!
تلصصنا ذات يوم على عالم الشباب والفتيات، وطرحنا عليهم مجموعة من الأسئلة لنعرف وجهة نظر كل منهم عن الآخر!
فاكتشفنا العجب العجاب!!
قبل أن نذكر تفاصيل الاكتشاف العجيب لابد أن نخبركم بالشريحة التي تلصصنا عليها جيدة فكانت..
الفتيات من عمر 16 إلى 24 سنة
والشباب من عمر 19 إلى 24 سنة
والآن سنطرح نفس الأسئلة على الطرفين ونريكم الإجابات:
نظرة شبابية
ما هي نظرتك تجاه فتاة ( شاب ) اليوم؟
تعليقات البنات:
86% قلن أنه فاشل وعلقت غادة ومنى وسديم وسهى ومملوحة: قائلات
انه شباب فاشل، لا يتحمل المسؤولية، يهتم بالتافه من الأمور، وبالمظاهر،
اتكاليون وبلا أهداف!!
بينما 14% كان لهن رأي آخر:
نورا: مثقفون (يهبلون) لديهم بعد نظر يسبق أعمارهم وطموح عالي .
تعليقات الشباب:
62% ينظرون لها نظرة سلبية:
زياد، سعيد، عمر، فيصل، علي، محمد، راكان، مبارك قالوا: فتاة مدللة
اتكالية لا تهتم إلا بمظهرها، تتابع الموضة، كسولة، غير متحملة للمسؤولية،
الله يكفينا شرهن خصوصاً إذا "طقت اللطمة" !!
أما 38% فيرون غير ذلك:
طارق وسعود وعبد الله قالوا ننظر إليها نظرة احترام وهي نصف المجتمع
ومكملاً للشباب كما أنها طموحة، لها نظرة مستقبلية، حريصة على التطور
بسرعة وتنظر إلى الأمور بواقعية.
مظاهر ومخابر
لماذا يلجأ الشاب (الفتاة) إلى الاهتمام بمظهره أكثر من أي شيء آخر؟
الجنس اللطيف:
43% يرين أنه لجذب الانتباه وعلقت نوره و وزاحفة والمملوحة: حتى يجذب
النظر ويلفت الانتباه، وبالذات الجنس الناعم، ولأنه يشعر بالنقص.
أما 22% فيرين: أنه بسبب الفراغ، وضعف الأهداف، هذا ما قالته كل من
غادة ومنى وسديم.
في حين يرى 7% أنه بسبب التأثير الإعلامي وحياة الترف.
وترى 28% أن الناس أصبحوا يحكمون على الشخص بالمظهر بسبب التفكير
السطحي.
الجنس الخشن:
23% يرون أنها فطرة فطر الله بها الفتاة أن تتجمل، وإذا كانت متزوجة
فإرضاء للزوج حيث يحب الرجل أن يرى زوجته في أجمل صورة..
أما 47.5 فيقولون أن ذلك بسبب الفراغ والملل وحب جذب الأنظار
والمباهاة وبسبب غرورها وحبها لنفسها وأنها تعتقد أن المظهر هو كل شيء وأن
الرجال يجذبهم أول شيء المظهر. قال هذا كل من سعيد وعمر ومبارك ونايف.
أما 14% فيرون أن لوسائل الإعلام المرئية والمقروءة وغياب القدوة
الحسنة دور كبير، كما أنها ترى أنها تستطيع أن تجاري فتيات الغرب وتحب
التميز بين النساء لطبيعتها لجذب الأنظار من الجنسين.
والباقي: لأسباب أخرى..
سيدة بيت
هل تعتقد أنها (أنه) قادرة على تحمل المسؤولية وإدارة شؤون المنزل بعد الزواج؟
الفتيات:
أجابت 22% فقط بنعم، فترى نوره ومها العمران أنه قادر على تحمل المسؤولية
وأن كثير من الشباب كانوا في السابق قمة في الاستهتار والتهور وبمجرد
الارتباط يركد ويشعر أن زمن اللعب ولّى وخاصةً بعد إنجاب أول طفل.
أما 72% فيرون غير ذلك حيث ترى سديم وغادة وسهى أنهم غير قادرين
على تحمل مسؤولية أنفسهم حتى يتحملوا مسؤولية الآخرين والسبب
الفوضى والدلع الغير عقلاني.
في حين أحجمت 6% عن الإجابة!
الشباب:
38% أجابوا بنعم وعلق سعيد وعبد الله وعزوبي منفوحة أن الفتيات قادرات
على تحمل المسؤولية لأنها ستكون أمام الأمر الواقع وخصوصاً مع وجود
الشغالات.
في حين توسط 28.5 وذكروا أن البعض منهن قادرات ويرى مبارك
وطارق أن ذلك على حسب التربية، فإن كانت والدتها علمتها على تحمل
المسؤولية استطاعت ذلك.
أما الباقي فأجابوا بلا وذكر راكان ومحمد وعلي وفيصل أن فتيات هذا الزمن
متعودات على الكسل والراحة وإذا تزوجت تنصدم بالواقع (الكرف)! كما أنها تميل
إلى الاهتمام بمظهرها وموضتها وكوافيرة شعرها أكثر من الاهتمام ببيتها؟
نسخ مقلدة 100%
من جهة نظرك: هل أثر الانفتاح الإعلامي على سلوكيات ومظهر شاب (فتاة) اليوم؟
الفتيات:
ترى غادة وسهى ومنى وأثير وغيرهن أن الانفتاح الإعلامي أثر وبشكل بالغ(3/195)
حيث أصبحوا نسخة من أشهر الممثلين،
هذا ما أجابت به 93% من الفتيات، في حين تخالف فقط 7% فترى أن
الانفتاح الإعلامي لا يشكل مشكلة كبيرة على سلوكيات الشاب وأن هناك
عوامل أخرى مثل البيئة والأسرة..
الشباب:
مع الأسف الشديد بالنسبة للشباب كانت الإجابات بالإجماع 100% أن الانفتاح
الإعلامي أثر وبشكل واضح على سلوكيات الفتاة وجعلها تبتعد أكثر وأكثر عن
عاداتها وتقاليدها ونوعاً ما عن دينها، وذلك لكثرة القنوات التي تهتم بمظهر
المرأة بسبب حب التقليد سلبياً كان أو إيجابياً.
الغبية أفضل
وفيما يتعلق بالسؤال السابق: سألنا هل تفضلين "نفضل" شاب على درجة
عالية من الثقافة أم لا ؟
الفتيات:
أجابت 78.5 بنعم وعلقت غادة: أجل آخذ جاهل!!
وقالت سهى: أجل، لنرتقي بمستوى حياتنا وتتقارب الأفكار وحتى القرارات.
في حين صرحت 7% أنها لا تريده مثقفاً وبررت ذلك بقولها: علشان ما
أصير دجاجة عنده!! هذا ما ردت به "وسيعة الصدر" تعليقاً على سؤالنا.
أما الباقيات 14.5 فاخترن التوسط وقالت بعضهن: نريده نص ونص
على درجة متوسطة من الثقافة (علشان ما يتفلسف علي)!
الشباب:
أجاب 76% بنعم واشترط بعضهم أن تكون في نفس الوقت بسيطة المعيشة
وسهلة الطباع وغير متكبرة لأنها مثقفة! ويرى مبارك أنه من الأفضل أن تكون
مثقفة لأنه لابد في يوم من الأيام راح تستفيد من وراها!!
أما 14% ففضلوا أن تكون غير مثقفة! وعلق محمد فقال: غبية أفضل
ليتم تربيتها من أول وجديد!!
أما الباقي 10% فتوسطوا واشترطوا أن تكون ثقافتها أقل من ثقافتهم!
المرجع: مجلة حياة العدد 63
رجب 1426هـ
تحرير: حورية الدعوة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا دعا الرجل لأخيه بظهر الغيب قالت الملائكة : ولك بمثل »
===============
انهدام الصروح
عبد الله بن سُليمان العُتَيِّق
جرت سننٌ من الله _ تعالى _ في الكون على قَدَرٍ منه و قضاء .
و كانت تلك السنن محلَّ أنظارٍ من كثير من أهل النُّهى و العقل ، فكان أن منحوها شيئاً من التفكُّر و الاعتبار .
و أصبحت _ كذلك _ أماراتٍ و علامات يُسْتَدَلُّ بها على نتائجَ أحداثٍ و وقائعٍ تدور في رحاب التأريخ .
( و حين توجد الأسباب تتبعها النتائج فتنفذ إرادة الله و تحقُّ كلمته ) [ في ظلال القرآن 4/2218 ]
و من تلك السنن ما كان منصوصاً عليه في شرع الله _ جل جلاله _ كتاباً أو سنةً _ ، و لم يكن هذا _ أيضاً _ قد خلا الزمان من وقوع ما يستدل به تمثيلاً له .
فلو قرأنا كتاب الله بتمعنٍ لرأينا فيه سننا لها دلالات بعيدة المعاني _ كما لها قريبة المعاني أيضاً _ ، و لكن السوء الذي يلحقنا في حِقَبِ التأريخ هو الجهل بالتأريخ .
و جهلنا بالتأريخ استجهال منا لتلك السنن المذكورة في الكتاب و السنة .
كثيرة قصصُ الله _ عزَّ جاهه _ عن الأمم السابقة ، و التي كانت في زمان تتشبب بجمالها الأخاذ ، و تتغنج بمشيتها المتمايلة ، و بين إغماضة عين و ضدها هَوَتْ تاركة أثراً لها بعد عين .
عجبٌ هي هذه الأمم أكانت على علم بمخبوء القدر ؟
أم كانت مسلوبة العقل و التبصر في الحقائق المفضية إليها تلك الأحوال التي تعيشها ؟
لا بد أن يكون وراء الأكمة ما وراءها ، و لا للسر في الكون أن يكون ظاهراً .
تلك إحساسةٌ يعيشها ذو الحس التأريخي المرهف ، بل و يعبق بنسيم عليل من كان على قدر من الدراية بكتاب الله .
أمم كانت فبانت .
لكن ؛ لكينونتها أسباب و كذلك لبينونتها فما أسباب البينونة حيث تثير طلاسماً و علامات استفهام طويلة عريضة .
إن كينونة الشيء ليست بمستغربة كاستغراب الناس ببينونته .
لنكن أوفياءَ قليلاً و لنأخذ من القرآن شيئاً مما حوته آياته من أسباب بينونة الأمم ، و انهدام الصروح .
و حين نأخذ بها نكون قد أضفنا إلى علمنا ، عفواً إلى ثقافتنا فائدةً جديدة ، من خلالها نحوز فوائد كثاراً ، و نستقي عِبَرَاً كباراً .
لقد كان لـ ( انهدام الصروح ) عِللاً دبَّتْ في كيانها ، و كان لانهدامها إحداثاً للغزٍ حيَّر الناس أزمنة متوالية .
و ما زالت رواسب الحيرة كامنة في أحضان عقول أقوامٍ كثير ، فجاءت آيات الله تعالى في القرآن كاشفةً خبايا الزوايا ، و مظهرةً مكنون التأريخ .
فذكر الله _ تعالى _ أن من العِلل الدابَّةِ في كيان هاتيك الصروح المنهدمة ، علةٌ حسنٌ ظاهرها ، جميل تناسقها ، رائع نتاجها .
و أسفٌ أن أكثر العلل لها تلك الصفات الحسان .
علةُ ( الترف ) التي ما دبَّتْ في أمة إلا أردتها خاوية على عروشها ، و صيرتها أثراً بعد عين .
قال ربنا _ تقدَّس اسمه _ : { و إذا أردنا أن نهلك قريةً أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحقَّ عليها القول فدمرناها تدميراً } .
لنعش زمناً مباركاً في أفياءِ هذه الآية الكريمة ، و لنظهر منها أموراً من خفايا العلل ، و دسائس لأمراض .
لنتصور الأمةَ _ أيَّ أمةٍ _ جسداًً كاملاً في قوتيه العقلية و البدنية ، و لنكن ممن يأخذ بقانون الافتراض أن ذاك الجسد قد أغدق عليه صاحبه بالنعم ، و متعه بالراحة ، و وفَّر له جميع داعيات الخمول .
لنفترض أن شيئاً من ذلك حدث ، ما سيكون حال ذاك الجسد المُدلَّل ؟
الكل يُشاطرني أن مفسدات ستلمُّ به _ سريعاً _ و أعظم ما يكون قاتلاً بطيئاً هو الفراغ الذي يعمُرُ حياة ذاك الجسد المدلل .
نعم إن الفراغ أساس متين في إحداث شرخٍ كبير في ذاك الجسد المدلل ، فلا شاغلٍ يشغل الجسد في تلك اللحظات المارَّة في حياته ، و من ثمَّ يكون على أُهبةٍ تامةٍ لإلهاء نفسه بما يقدر عليه .
فيبدأ بطلب أنواعٍِ من المطاعم و المآكل ، و يتخير من أنواع المشروب ما شاء ، علماً بأن من كلٍّ ما هو محرم .
فيمل ذلك الوضع ، و يسأم تلك الحالة ، فهنا يكون بداية إنجاز المشاريع الشيطانية التي يعقد لها آلافاً من العقود على رؤوس أولئك المترفين .
فتفتح صفحة جديدة من صفحات اللهو العابث ، و ورقة سوداء في جسد متناهٍ في التنعم .
هي تلك الحالة التي تعيشها الأمم المترفة ، يعبث أطرافها بأنواعٍ من الفساد ، و يلتهمون في أوقاتهم اللذائذ المحرمة _ حسيةً و معنويةً _ .
و في غمار تلك المؤنسات ؟؟؟!!! يصبحهم من الله الموعود _ السابق في الآية _ .
و ترف ( المُهْلَكين ) على أنواع :
الأول : ترف في المظاهر الكمالية المباحة .
ظاهرة معتادة أن ترى مُتْرَفَاً يحرص على الكماليات الباهرة ، بل غير المُتْرَف ممن هم دونه .
لكن كون الترف ( الكمالي ) يصل إلى حدٍّ من الفحش في الإسراف هذا الذي هو نذير الخطر .
كم ترى من المُتْرَفين ممن يبني داراً كبيرة واسعة لا يشمله و أهله إلا زاوية خبيئة في أقصى الدار ؟
و كم ترى من المُتْرَفين من له في كل بلدة بيتاً على نفس النسق الآنف ؟
و كم ترى التزيُّن بالمظاهر من غير حاجة سوى الشره الترفي الكامن في تلك النفس الموبؤة ؟
صورٌ كثيرة هي هذه ، في حين يعيش مئات من الألوف من المسلمين تحت وطأة الفقر و العوز .
الثاني : الترف في المعاصي .
غريب هذا النوع ، لكنه كان و حصل ، و التأريخ يشهد بذلك .
و المُنكرُ لحقائق التأريخ ممن استحمق نفسه .
إن كثيراً من الخلق يعصون الله _ تعالى _ و لكن المُتْرَف يكون عصيانه مختلفاً عن عصيان سائر الخلق من جهتين :
أما الأولى : فمن جهة كِبَر المعصية .
و أما الثانية : فمن جهة كثرة المعاصي .
فلا يزال ذا ترف في المعاصي و الذنوب حتى يأذن الله بتحقيق وعده
و لأمنه من العقوبة أساء الأدب مع ربه _ تعالى _ .(3/196)
و لو سبرنا صفحات من التأريخ القريب و القريب فقط لرأينا كيف يكون الترف في المعاصي ، و أترك هذا مُبيَّضاً لإضافات القاريء النبيل .
و للعلامة ابن خلدون كلامٌ غاية في النفاسة حول هذه العلة سطَّرها في المقدمة في الفصل الثالث عشر ص 157.
فقد بيَّن في ذلك الموطن نفائس و دقائق من أبعاد هذه السنة الكونية .
( و المترفون في كل أمة هم طبقة الكبراء الناعمين الذين يجدون المال و يجدون الخدم و يجدون الراحة ، فينعمون بالدعة و الراحة و بالسيادة ، حتى تترهل نفوسهم و تأسن ، و ترتع في الفسق و المجانة ، و تستهتر بالقيم و المقدسات و الكرامات ، و تلَغُ في الأعراض و الحرمات ، و هم إذا لم يجدوا من يضرب على أيديهم عاثوا في الأرض فساداً ، و نشروا الفاحشة في الأمة و أشاعوها ، و أرخصوا القيم العليا التي لا تعيش الشعوب إلا بها و لها .
و من ثمَّ تتحلل الأمة و تسترخي ، و تفقد حيويتها و عناصر قوتها و أسباب بقائها ، فتهلك و تطوى صفحتها .
و الآية تقرر سنة الله هذه )
وصف دقيق لمعنى الآية ، و تبصير بالغ لأبعاد السنة الإلهية الكونية .
هذه كلمات قالها الكاتب الأديب سيِّد قطب _ رحمه الله و غفر له _ في ( في ظلال القرآن 4/2217 ) .
و لو تدبرنا هذين النقلين ( كلام ابن خلدون ، وكلام سيد ) لرأينا وجوده في هذا العصر المتلاطم فتناً و مآسيَ .
و حين إمعان النظر ، و إعمال الفكر يكاد يرجف القلب خوفاً و هلعاً من تتابع الفتن التي تؤذن بـ ( انهدام الصروح ) .
حقيقة غائبة آثرت تبيانها من خلال أسطر مستضيئاً بوحي آية ، مستأنساً بأحوال سنة كونية ..
و الله أعلم
=============
المراكز الصيفية سلبيات ومقترحات
سامي الطريقي
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ثم أما بعد:
فيقضي طلاب وطالبات المدارس ربع عامهم الدراسي في إجازة طويلة هي إجازة الصيف، الأمر الذي يحتم على من ولاهم الله أمر هؤلاء الشباب السعي الجاد لشغل هذه الإجازة بما ينفعهم في أمور دينهم ودنياهم. وهذه الإجازة الطويلة تسبب للبعض الملل بسبب الفراغ، بل حتى أولياء الأمور يتضايقون من عدم قدرتهم على التحكم بأبنائهم، ويتمنون أن تعاود المدارس فتح أبوابها بأسرع وقت. وكما قال أحدهم: بأن بيته خلال الصيف أشبه ما يكون بالفندق، فهذا لا ينام إلا بعد الفجر وذاك يريد أن يتناول فطوره وثالث وجبة العشاء بالنسبة له هي وجبة الغداء لآخر ورابع قد عاد للبيت عند السابعة صباحاً من أجل أن ينام بعد مواصلة السهر في الوقت الذي سيذهب غيره لعمله!!وهكذا...
إن أبناءنا وفلذات أكبادنا- من الجنسين - ينتظرون بكل شغف هذه الإجازة، وذلك بعد عام حافل بالجد والاجتهاد والانضباط، وينتظرون من آبائهم المساعدة في التخطيط لهذه الإجازة لكي تعود عليهم بالفائدة وتحفظهم من كل شر - بإذن الله -، لذلك ماذا فعلنا من أجلهم؟ وماذا خططنا لهم؟ وهل الفوضوية وعدم الانضباط والسهر هو كل ما يحتاجه الأبناء في الإجازة؟ وهل طبقنا قول المصطفى _صلى الله علية وسلم_: "كلكم راع ٍ وكلكم مسؤول عن رعيته"؟
إن من أبواب الخير التي حافظت على أوقات الفراغ من الضياع لدى فئة الشباب وساعدتهم على تنمية مواهبهم وقدراتهم واستثمرت طاقاتهم وحققت التعارف واكتساب الصداقات وتبادل الخبرات فيما بين الآخرين هي (المراكز الصيفية) والتي تعد ثمرة من ثمار أهل الخير والصلاح الذين دخلوها بقوة وساهموا في نجاحاتها منذ ما يقارب (24 عاماً) وقاموا بجهود عظيمة لا نملك من خلال ذلك إلا الدعاء لهم، فجزاهم الله خير الجزاء.
لا شك أن النفس البشرية تميل إلى التجديد والتطوير لتكون أكثر فاعلية وأكثر تشويقاً لمختلف فئات الشباب، واستمرار قيام المراكز الصيفية على تحقيق الأهداف السامية والنبيلة يستدعي من القائمين عليها إعادة النظر مرة أخرى في الطريقة التي تسير عليها مثل هذه المراكز لتكون أكثر فاعلية وأقوى تأثيراً.
وهنا سؤالان يتبادران إلى الذهن:
الأول:لماذا يبدأ التسجيل في المراكز الصيفية قوياً وبعد أيام يبدأ تسرب الشباب وغيابهم؟! الثاني: لماذا طلاب حلقات تحفيظ القرآن الكريم - في الغالب- هم أكثر حرصاً على التسجيل في المراكز الصيفية دون غيرهم؟!
وللإجابة عن هذين السؤالين فإن الأمر يحتاج إلى مصارحة وشفافية؛ الهدف منها تدارك السلبيات والقضاء عليها وتفعيل الإيجابيات - والتي بلا شك هي الأكثر- وتطويرها.
وبعض السلبيات - من وجهة نظري - هي:
1- تكرار الأنشطة كل عام وعدم مواكبة تطلعات الشباب وطموحاتهم.
2- الحرص والتركيز على تسجيل طلاب حلقات تحفيظ القرآن الكريم دون غيرهم، وهذا واضح وجلي، وقد يقول قائل: إن الإعلانات موجودة في المساجد والشوارع وغيرها، مما يعني أن الأكثرية على علم بمثل هذه المراكز، ولكن ما المانع من أن يقوم أهل الخير والصلاح بالتخطيط - من الآن - مع جيرانهم وأقاربهم وكذلك في المدارس بِحًث الشباب الآخرين على التسجيل.
3- الحرص على التسجيل في مراكز صيفية محددة دون غيرها وهذا يُضعف مراكز ويقوي مراكز أخرى.
4- أغلب طلاب حلقات التحفيظ في المساجد يسجلون في مراكز بعيدة عن مقر سكنهم لاتفاقهم مسبقاً أو لوجود مشرفين معروفين، وبالتالي فإن جيرانهم من الشباب الآخرين وولاة أمورهم لا يحرصون ولا يرغبون المراكز البعيدة.
5- عدم التفريق بين الشاب المستقيم وغيره داخل المركز، وكذلك من سبق له التسجيل ومن يسجل لأول مرة، فالشاب المستقيم - في أغلب الأحيان - قد تعود (ووطًن) نفسه، أما الآخرون فيحتاجون إلى التدرج والتشويق.
ومن المقترحات لتطوير المراكز الصيفية:
1- مشاركة الإعلام بأنواعه(تلفاز- إذاعة- جريدة..) في تغطية برامج المراكز الصيفية أسوة بغيرها من المهرجانات والمسابقات، كأن يخصص رسالة تلفزيونية يومية وصفحة يومية عن نشاط مركز من المراكز، والهدف من ذلك أن يكون أولياء الأمور وغيرهم على دراية بما يحدث داخل المراكز وكذلك دحر بعض الكتاب الذين ينالون من المراكز ويشوهون صورتها من خلال كتاباتهم المسمومة!!
2- أن يقوم كل محب للخير في مسجد الحي الذي يقيم فيه والمعلم في مدرسته بانتقاء عدد لا يتجاوز الخمسة من الطلاب الذين يقدرونه ويحترمونه ممن لم يسبق لهم التسجيل في المراكز أو حلقات التحفيظ والتخطيط لإقناعهم وتشويقهم ببرامج المراكز الصيفية والتواصل مع أولياء أمورهم.
3- إقامة المراكز الصيفية على شكل دورات تدريبية، فعلى سبيل المثال إقامة دورة لمدة ثلاثة أيام أو أسبوع عن حفظ القرآن والسنة النبوية ودورة ثانية عن الحاسب الآلي وبرامجه، وثالثة عن الإسعافات الأولية، ورابعة عن الخطابة والمهارات الأخرى وخامسة وسادسة....، ويتخلل ذلك محاضرات وندوات ومسابقات وألعاب رياضية، وبعدها يعطى المتدرب شهادة معتمدة بالبرامج التي تدرب عليها لتحفيزه ووضع الشهادة ضمن سيرته الذاتية لتقديمها عند الحاجة لوظيفة أو غيرها.
4- دعوة أولياء الأمور من المسؤولين المعروفين الذين لهم أبناء في المراكز الصيفية للزيارة والاطلاع على نشاطاتها ليكونوا وسيلة إقناع للآخرين والرد على شبهات المنحرفين الذين يكيدون للمراكز الصيفية وكل عمل يدخل فيه أهل الخير والصلاح.(3/197)
5- توجيه خطابات رسمية للكتاب الذين ينالون من المراكز ويشوهونها ودعوتهم للزيارة والاطلاع عن قرب بأنشطة المراكز، ولعل ذلك يكون سبباً لتغيير أفكارهم أو على الأقل كف شرهم!!
وعند تماديهم يُطالب بالتحقيق معهم ومحاكمتهم رسمياً من قبل الوزارة المشرفة على أنشطة المراكز الصيفية ويقال لهم: (هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين).
6- معرفة ميول كل شاب من خلال استبانة يعبئها عند تسجيله، والهدف منها تحقيق رغبته الفعلية وتحقيق المهارات التي يعاني من نقصها وتشويقه للمراكز الصيفية.
7- إقامة المسابقات الرياضية والثقافية بين المراكز المجاورة، وتخصيص جائزة للمركز المتفوق في كل منطقة.
8- يجب على الموظفين من أولياء الأمور الذين لهم أبناء في المراكز الصيفية الترتيب لاختيار الوقت المناسب للتمتع بالإجازة الصيفية بحيث لا تتعارض مع مدة المراكز الصيفية، وعدم ترك أبنائهم لوحدهم في البيوت عند السفر بحجة مشاركتهم في المركز الصيفي.
9- الاهتمام بجانب الفتيات أيضاً من خلال دور تحفيظ القرآن الكريم الصيفية وتنويع المشاركات والبرامج المفتوحة، وتوجيه الدعوة للداعيات الصالحات الموثوق بعلمهن لإلقاء النصائح والتوجيهات، وكذلك دعوة طلبة العلم المعروفين لإلقاء كلمات إرشادية عبر الهاتف ووسائل الاتصال الأخرى، وكذلك الاهتمام في المناسبات والاجتماعات الصيفية واستغلال مثل تلك الجموع.
أسأل الله أن يوفق كل محب للخير وأن يهدي الجميع لما يحبه ويرضاه، والله اعلم، وصلى الله على نبينا محمد.
المصدر : موقع المسلم
==============
نحو جو أسري هادئ
د. يحيى بن إبراهيم اليحيى
لاحظ أن الإنسان كلما كان أفقه واسعاً ونظرته بعيدة، وتفكيره ناضجاً، لم ينظر إلى المرأة من جهة واحدة أو كما يقال من بعد واحد. وإنما ينظر إليها نظرة تكاملية من جميع الزوايا.
وفي ذلك سبب للتآلف والتقارب والود والرحمة والصفح والعفو. روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " لا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ أَوْ قَالَ غَيْرَهُ "
فهنا يرشدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تلك النظرة البعيدة المدى النظرة العادلة التي لا تتنكر للحسنات، ولا تطوي ملفات الإيجابيات، نظرة القسط والتوسط والتعقل، نظرة واعية متكاملة واسعة تدرك جميع الجوانب، فمتى نظر الرجل إلى زوجته من هذا البعد تقلصت عنده السلبيات، وتوسعت عنده نقاط القوة وغلبت على نقاط الضعف والنقص، وانغمرت السيئات في بحار الحسنات، فتمتع بحياة أسرية هادئة.
وبعكسه صاحب النظرة الآحادية الحادة التي لا تنظر إلا الجوانب السلبية، ونقاط الضعف، وأوجه التقصير، فيتحول إلى العدسة المكبرة التي تعظم الخطأ وتقلل من الصواب، فيعيش حياة القلق والنكد.
والمرأة العاقلة الواعية الراغبة في حياة أسرية هادئة تحاول وتجاهد نفسها على أن تتمثل بهذه الصفات التي أشار إليها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم:
روى الإمام أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَيُّ النِّسَاءِ خَيْرٌ قَالَ الَّتِي تَسُرُّهُ إِذَا نَظَرَ إِلَيْهَا وَتُطِيعُهُ إِذَا أَمَرَ وَلا تُخَالِفُهُ فِيمَا يَكْرَهُ فِي نَفْسِهَا وَلا فِي مَالِهِ "
وروى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ خَيْرُ نِسَاءٍ رَكِبْنَ الإِبِلَ صَالِحُ نِسَاءِ قُرَيْشٍ أَحْنَاهُ عَلَى وَلَدٍ فِي صِغَرِهِ وَأَرْعَاهُ عَلَى زَوْجٍ فِي ذَاتِ يَدِهِ "
ففي هذين الحديثين يبرز لنا كمال المرأة وتوازن شخصيتها:
1 ـ فهي تسره إذا نظر وهذا بمعنى العناية في الجمال وحسن المظهر، وهذه أشياء مستلزمة لكل إنسان وهي فطرة فطر عليها الرجل والمرأة على حد سواء.
2 ـ وتطيعه إذا أمر: فهي موافقة للرجل وتوافقها معه في جميع أحواله، فملائمة المرأة للرجل وانسجامها معه ومعرفتها بطبع زوجها وتكيفها له من أقوى أسباب السعادة الزوجية وهو من أبرز جوانب المرأة.
3 ـ بعدها عن مواطن الريب ومواضع التهم، وفي هذا أمان لقلب زوجها وبعدا للشك فيها، وحماية لها من القلوب المريضة وهذا أصل أركان المرأة المثالية. فلا تخلو برجل غير محرم لها، ولا تخضع له بالقول، ولا تتكلم معه في غير ضرورة، ولا تطيل معه الحديث.
4 ـ ليست مسرفة في طعامها وشرابها ولباسها، وليست متكلفة لزوجها ما لا يطيق، وليست تقليدية تابعة في مؤخرة الركب همها ماذا لبست فلانة واشترت علانة. بل تعتبر نفسها راعية ومحافظة على مال زوجها.
5 ـ تضفي حنانها على أولادها فتكسب البيت كلها حنانا، فليست شتامة لأولادها ولا غليظة همها الدعاء عليهم، ولا مضيعة لتربيتهم، ولا تترك أولادها للخدم أو الشارع مقابل أن ترتاح من شغبهم وأذاهم، فهي راعية في البيت وحق على الراعي العناية برعيته: " والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها " وقد جعل الإسلام لها مقابل أتعابها ورعايتها ثلاثة حقوق على الأبناء، بينما فاز الأب بنصيب واحد.
ومن صفات المرأة الفاعلة الواعية الراغبة في جو أسري هادئ:
6 ـ ليست أنانة ومتمارضة فلا تكثر الشكوى ولا تتمارض من كل عارض أو وعكة خفيفة، فالزوج لا يرغب أن يعيش في مستشفى، ولا يتطلع عند رجوعه من البيت إلى امرأة تزيد من همه وغمه، وإنما يتطلع إلى زوجة يسكن إليها ويفضي عندها همه وأتعابه.
7 ـ ليست منانة تذكر كل حسناته وما فعلته وتجير بعض مصالحها وأعمالها الشخصية بأنها من أجل زوجها. فإن صنعت طعاما تريده قالت: من أجلك فعلته، وإن لبست ثوبا ترغبه، قالت: لأجلك لبست ….
8 ـ بعيدة عن الروتين والجمود على حال واحدة.
إن تغيير الروتين في المنزل من أسباب تنقية الأجواء وتحسينها سواء كان ذلك في أثاث المنزل، أو في اللباس، أوالعادات في الأكل والشرب، فمرة موقع الدولاب هنا ومرة هناك، ومرة غرفة النوم في زاوية ومرة في أخرى وهكذا، فهي امرأة متجددة دائما.
9 ـ ليس للفراغ إليها سبيل، فلا تعيش في كوكبة من الخدم، بل تقوم بأعمال بيتها بنفسها، وأين الفراغ لمثل هذه وكيف سبيله إليها؟ إذ أن الفراغ والكسل من أكبر أسباب الركود في العلاقات الزوجية، ومن دواعي الشيطان في التذكير بالحقوق المضاعة وتضخيمها، ومن المعلوم أن من طبيعة الإنسان العمل " وليس في الطبيعة ولا في الشريعة وقوف البتة، فإما إلى تقدم وإلا إلى تأخر، وإما إلى الأمام وإما إلى الخلف، وإما إلى العلو وإما إلى النزول " فمن لم يشغل نفسه بالخير شغلته نفسه بالشر، فإذا قضت المرأة وقتها في تدبير بيتها، وتربية أولادها، دون مساعد أو بديل عنها، صفا جو الأسر، وارتفعت عنه المشاكل والخلافات، فليس هناك وقت للمحادثة مع الصديقة، وليس هناك فرصة للمجالسة مع زميلة، وليس هناك ساعات للتفكير والتخيلات ووساوس الشيطان.
10 ـ تتمثل عمليا قول ابن عمر: " البر شيء هين وجه طليق وكلام لين " فهي بشوشة طليقة الوجه حلوة الخطاب والحديث، لا يعرف التعبيس له طريقا إليها، ولا الخشونة سبيل عليها.
11 ـ يقال في الحكمة: إن وراء كل عظيم امرأة، وأيضا يقال وراء كل رجل متعثر امرأة، إن المرأة الواعية هي التي تجدد من حياة زوجها وتبعث الهمة والثقة والطمأنينة في قلبه، وتحثه على الإقدام على الخير وترغبه فيه وتقف بجانبه، كما قالت خديجة رضي الله عنها لرسول الله صلى الله عليه وسلم: " كلا لا يخزيك الله أبدا "(3/198)
12 ـ كلما حقق زوجها هدفا تفتح له أفاقا أخرى وهدفا آخر ليرتقي في تحقيقه، وتقف بجانبه حتى يتحقق هدفه، وتبث فيه روح الحماسة والأمل، كما وقفت خديجة رضي الله عنها، ووقفت زوجات المهاجرين إلى أرض الحبشة مع أزواجهن مؤيدات ومشجعات وباعثات للأمل.
ومن البلاء تباين الأهداف والهمم فيما بين الرجل والمرأة فبينما أحدهما همته رفيعة عالية إذا بالآخر همته دنيئة ساقطة، همة في الثريا وهمة في الثرى.
13 ـ تتفهم الرجل وتحاول التكيف معه، وتحسن الاستماع إليه، فهي تدرك بأنه لا يمكن التوافق والتماثل في جميع الصفات بين أي رجل وامرأة، فلابد من التنازل وتخطي العقبات وتجاوز الهنات وعدم المحاسبة على الصغير والقطمير.
فهي مرنة مع زوجها داخل في حسابها جميع الطوارئ مستعدة للتكيف معها، فإن نقل إلى مكان انتقلت معه، وإن لم يستطع البقاء في منزل ارتحلت معه، غير متشبثة ببلد، ولا متمسكة بمكان.
تقول إحدى النساء الغربيات التي دأبت على الترحال مع زوجها: " تعلمت أن أحتمل وأقدر ما يفعله أناس يختلفون عني مشارب وتفكيرا.. وتعلمت أن أتغاضى عن المنغصات اليومية التي بدت تافهة بالقياس إلى الحاجات الأساسية التي ظننت أنني افتقدتها، بتشتيت بيتي.. وتعلمت أن البيت السعيد لا يقوم على أثاث منسق، وأدوات مرصوصة وإنما البيت السعيد هو وليد الحب، والفهم، والدفء , والقدرة على استخلاص أقصى المتعة من كل موقف طارئ.. وأكثر من هذا أنني خرجت بعقيدة ثابتة هي أن السعادة والنجاح لا دخل لهما بارتفاع مستوى المعيشة وتوفر الرفاهية "
14 ـ كتومة لا تفشي له سراً، حديثها مع زوجها لا يتعدى حيطان حجرتها، تصتصغر أولئك النسوة اللاتي حديث زوجها عند كل الناس في العطاء والمنع، والفرح والحزن، وهذا من أقبح الصفات.
تنحي فاجلسي مني بعيدا أراح الله منك العالمينا
أغربالا إذا استودعت سراً وكانوناً على المتحدثينا
حياتك ـ ما علمت ـ حياة سوء وموتك قد يسر الصالحينا
أسلوب حل الخلافات الزوجية:
ومع تلك الصفات الجميلة في الرجل والمرأة، تبقى الطبيعة البشرية، في الغضب وتكدر الخواطر، والأخطاء غير المقصودة، ووساوس الشيطان، وشياطين الإنس والجن المتربصين بكل بيت سعيد هادئ، وفوق ذلك الحياة الدنيا الدنية التي من طبيعتها التعب والنكد، قال تعالى: {لقد خلقنا الإنسان في كبد}.
فينبغي على الزوجين أن يأخذا هذه المسائل بالحسبان، وأن يتعاملا معها بتعقل ووعي وهدوء وحسن ظن وأن ينظر نظرة واقعية إلى الخلافات الزوجية إذ أنها من الممكن أن تكون عاملا من عوامل الحوار والتفاهم إذا أحسن التعامل معها.
والأسلوب الذي يتبعه الزوجان في مواجهة الخلاف إما أن يقضي عليه أو يضخمه ويوسع نطاقه، وقبل الدخول في حل الخلافات يحسن التنبه إلى هذه الضوابط:
أولاً: لاشك أن للكلمات الحادة، والعبارات العنيفة، والكلمات غير الموزونة والمحسوبة، لها صدى يتردد باستمرار حتى بعد انتهاء الخلاف، علاوة على الصدمات والجروح العاطفية التي تتراكم في النفوس، لهذا ينبغي البعد عن الكلام الفاحش، والحط من النسب أو الجاه أو المكانة، أو سب الأسرة والأهل والأقارب.
ثانياً: لزوم الصمت والسكوت على الخلاف حل سلبي مؤقت للخلاف، إذا سرعان ما يثور البركان عند دواعيه. وعند أدنى اصطدام.
فكبت المشكلة في الصدور بداية العقد النفسية وضيق الصدر المتأزم بالمشكلة ، فإما أن تتناسى وتترك ويعفى عنها ويرضى الطرفان بذلك، وإما تطرح للحل.
ولابد أن تكون التسوية شاملة لجميع ما يتخالج في النفس، وأن تكون عن رضا وطيب خاطر.
ثالثاً: البعد عن أساليب التي قد تكسب الجولة فيها وينتصر أحد الطرفين على الآخر، لكنها تعمق الخلاف وتجذره: مثل أساليب التهكم والسخرية، أو التعالي والغرور.
روى أبو داود والترمذي وأحمد عَنْ أَبِي جُرَيٍّ جَابِرِ بْنِ سُلَيْمٍ قَالَ رَأَيْتُ رَجُلاً يَصْدُرُ النَّاسُ عَنْ رَأْيِهِ لا يَقُولُ شَيْئًا إِلا صَدَرُوا عَنْهُ قُلْتُ مَنْ هَذَا قَالُوا هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قُلْتُ … اعْهَدْ إِلَيَّ قَالَ لا تَسُبَّنَّ أَحَدًا قَالَ فَمَا سَبَبْتُ بَعْدَهُ حُرًّا وَلا عَبْدًا وَلا بَعِيرًا وَلا شَاةً قَالَ وَلا تَحْقِرَنَّ شَيْئًا مِنَ الْمَعْرُوفِ وَأَنْ تُكَلِّمَ أَخَاكَ وَأَنْتَ مُنْبَسِطٌ إِلَيْهِ وَجْهُكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنَ الْمَعْرُوفِ وَارْفَعْ إِزَارَكَ إِلَى نِصْفِ السَّاقِ فَإِنْ أَبَيْتَ فَإِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِيَّاكَ وَإِسْبَالَ الإِزَارِ فَإِنَّهَا مِنَ الْمَخِيلَةِ وَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمَخِيلَةَ وَإِنِ امْرُؤٌ شَتَمَكَ وَعَيَّرَكَ بِمَا يَعْلَمُ فِيكَ فَلا تُعَيِّرْهُ بِمَا تَعْلَمُ فِيهِ فَإِنَّمَا وَبَالُ ذَلِكَ عَلَيْهِ "
وروى البخاري عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ عَمْرٍو رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: " لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَاحِشًا وَلا مُتَفَحِّشًا وَكَانَ يَقُولُ إِنَّ مِنْ خِيَارِكُمْ أَحْسَنَكُمْ أَخْلاقًا "
وروى البخاري عَنْ عَائِشَةَ رَضِي اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ يَهُودَ أَتَوُا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا السَّامُ عَلَيْكُمْ فَقَالَتْ عَائِشَةُ عَلَيْكُمْ وَلَعَنَكُمُ اللَّهُ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ قَالَ مَهْلاً يَا عَائِشَةُ عَلَيْكِ بِالرِّفْقِ وَإِيَّاكِ وَالْعُنْفَ وَالْفُحْشَ قَالَتْ أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا قَالَ أَوَلَمْ تَسْمَعِي مَا قُلْتُ رَدَدْتُ عَلَيْهِمْ فَيُسْتَجَابُ لِي فِيهِمْ وَلا يُسْتَجَابُ لَهُمْ فِيَّ.
وروى البخاري عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَبَّابًا وَلا فَحَّاشًا وَلا لَعَّانًا كَانَ يَقُولُ لأَحَدِنَا عِنْدَ الْمَعْتِبَةِ مَا لَهُ تَرِبَ جَبِينُهُ.
وروى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:إِنَّ شَرَّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ تَرَكَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ شَرِّهِ.
روى الترمذي عَنْ أَبِي إِسْحَقَ قَال سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْجَدَلِيَّ يَقُولُ سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا وَلا مُتَفَحِّشًا وَلا صَخَّابًا فِي الأَسْوَاقِ وَلا يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَصْفَحُ قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْجَدَلِيُّ اسْمُهُ عَبْدُ بْنُ عَبْدٍ وَيُقَالُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدٍ.
وقول أنس خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين فما قال لي يوما لشيء فعلته لم فعلته؟ ولا لشيء تركته لما تركته "
رابعاً: معرفة أثر الخلاف وشدة وطئته على الطرفين: فلا شك أن اختلاف المرأة مع شخص تحبه وتقدره وتدلي عليه، يسبب لها كثيرا من الإرباك والقلق والانزعاج، وبخاصة إذا كانت ذات طبيعة حساسة.
خامساً: البعد عن التعالي بالنسب أو المال أو الجمال أو الثقافة، فإن هذا من أكبر أسباب فصم العلاقات بين الزوجين. قال صلى الله عليه وسلم " الكبر بطر الحق وغمط الناس " أي رد الحق واحتقار الناس.(3/199)
وروى مسلم عن عياض بن حمار المجاشعي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ وَلا يَبْغِ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ"
سادساً: عدم اتخاذ القرار إلا بعد دراسته، فلا يصلح أن يقول الزوج في أمر من الأمور لا. أو نعم. وهو لم يدرس الموضوع ولم يعلم خلفياته، ولم يقدر المصالح والمفاسد فيه، وهذا المتعجل سبيله دائما التردد وتغيير القرار بعد الإلحاح، فتصبح كل الطلبات لا تأتي إلى بعد مشادة، وتعالي الأصوات في النقاش.
أو أنه يعرف خطأ قراره، وسوء تصرفه، وضعف تقديره للأمور فيلجأ إلى اللجاجة والمخاصمة.
الخطوات العملية في حل الخلافات الزوجية
فإذا ما وقع خلاف ـ وهذا أمر حتمي إلا ما شاء الله ـ فينبغي اتباع الخطوات التالية:
1 ـ تفهم الأمر هل هو خلاف أم أنه سوء فهم فقط، فالتعبير عن حقيقة مقصد كل واحد منهما وعما يضايقه بشكل واضح ومباشر يساعد على إزالة سوء الفهم، فربما أنه لمن يكن هناك خلاف حقيقي وإنما سوء في الفهم، كأن يخاطب أحدهما الآخر بكنية أو يناديه باسم يقصد بذلك احترامه وتقديره، فيفهم المقابل أن هذا من باب الازدراء والاحتقار.
2 ـ تحديد موضع النزاع والتركيز عليه، وعدم الخروج عنه بذكر أخطاء أو تجاوزات سابقة، أو فتح ملفات قديمة، ففي هذا توسيع لنطاق الخلاف.
3 ـ أن يتحدث كل واحد منهما عن المشكلة حسب فهمه لها، ولا يجعل فهمه صوابا غير قابل للخطأ أو أنه حقيقة مسلمة لا تقبل الحوار ولا النقاش. فإن هذا قتل للحل في مهده، حيث أنه قد يكون فهمه هذا مبنيا على أوهام وسوء ظن، ومن أساسيات الحوار أن تجعل فهمك صوابا قابل للخطأ، وفهم غيرك خطأ قابل للصواب.
4ـ يحسن تقديم بين يدي الحوار ذكر نقاط الاتفاق فطرح الحسنات والإيجابيات والفضائل عند النقاش مما يرقق القلب ويبعد الشيطان ويقرب وجهات النظر وييسر التنازل عن كثير مما في النفوس. قال تعالى: { ولا تنسوا الفضل بينكم } فإذا قال أحدهما للآخر أنا لا أنسى فضلك في كذا وكذا، ولم يغب عن بالي تلك الإيجابيات عندك، ولن أتنكر لنقاط الاتفاق فيما بيننا. فإن هذا حري بالتنازل عن كثير مما يدور في نفس المحاور.
5 ـ لا تجعل الحقوق ماثلة دائما أمام العين، وأخطر من ذلك تضخيم تلك الحقوق، أو جعل حقوقا ليست واجبة في قنوات الواجب فتتأصل في النفس ويتم المطالب بها.
6ـ إدراك كل الجانبين حق الآخر ووظيفته وحدود مسؤولياته.
7 ـ الاعتراف بالخطأ عند استبانته وعدم اللجاجة فيه، وأن يكون عند الجانبين من الشجاعة والثقة بالنفس ما يحمله على ذلك. وينبغي للطرف الآخر شكره على ذلك وأن يثني عليه لاعترافه بالخطأ (فالاعتراف بالخطأ خير من التمادي في الباطل ) والاعتراف بالخطأ طريق الصواب.
فلا يستعمل هذا الاعتراف أداة ضغط بل يعتبره من الجوانب المشرقة المضيئة في العلاقات الزوجية يوضع في سجل الحسنات والفضائل التي يجب ذكرها والتنويه بها.
بعض الناس يجعل الاعتراف بالخطأ في سجل السيئات فكلما حدثت مشادة، أو سوء فهم، قال الزوج أو الزوجة للآخر: تذكر المشادة الفلانية لما اعترفت أنك مخطئ فيها وتبين صواب قولي وسلامة تصرفي! وهذا مما يحمل الآخر على عدم الاعتراف مرة ثانية واللجوء إلى اللجاجة والمراء والمخاصمة ومحاولة الانتصار بحق أو باطل.
8 ـ الصبر على الطبائع المتأصلة في المرأة مثل الغيرة. كما قال صلى الله عليه وسلم " غارت أمكم " وليكن لنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة في تقدير الظروف والأحوال ومعرفة طبائع النفوس وما لا يمكن التغلب عليه.
روى البخاري عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ فَأَرْسَلَتْ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ بِصَحْفَةٍ فِيهَا طَعَامٌ فَضَرَبَتِ الَّتِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِهَا يَدَ الْخَادِمِ فَسَقَطَتِ الصَّحْفَةُ فَانْفَلَقَتْ فَجَمَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِلَقَ الصَّحْفَةِ ثُمَّ جَعَلَ يَجْمَعُ فِيهَا الطَّعَامَ الَّذِي كَانَ فِي الصَّحْفَةِ وَيَقُولُ غَارَتْ أُمُّكُمْ ثُمَّ حَبَسَ الْخَادِمَ حَتَّى أُتِيَ بِصَحْفَةٍ مِنْ عِنْدِ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا فَدَفَعَ الصَّحْفَةَ الصَّحِيحَةَ إِلَى الَّتِي كُسِرَتْ صَحْفَتُهَا وَأَمْسَكَ الْمَكْسُورَةَ فِي بَيْتِ الَّتِي كَسَرَتْ * وفي رواية للنسائي قال: " كلوا غارت أمكم"
روى النسائي وأبو داود والترمذي عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ مَا رَأَيْتُ صَانِعَةَ طَعَامٍ مِثْلَ صَفِيَّةَ أَهْدَتْ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِنَاءً فِيهِ طَعَامٌ فَمَا مَلَكْتُ نَفْسِي أَنْ كَسَرْتُهُ فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ كَفَّارَتِهِ فَقَالَ إِنَاءٌ كَإِنَاءٍ وَطَعَامٌ كَطَعَامٍ *
9 ـ الرضا بما قسم الله تعالى فإن رأت خيراً حمدت، وإن رأت غير ذلك قالت كل الرجال هكذا. وأن يعلم الرجل أنه ليس هو الوحيد في مثل هذه المشاكل واختلاف وجهات النظر.
10 ـ لا يبادر في حل الخلاف وقت الغضب وإنما يتريث فيه حتى تهدأ النفوس وتبرد الأعصاب. فإن الحل في مثل هذه الحال كثيرا ما يكون متشنجا بعيدا عن الصواب.
ويحسن أن يسجل العلاج الذي يراه وهو غضبان، فإذا هدأت الأعصاب يسجل الحل الذي يراه لتلك المشكلة، ثم يقارن بين الأمرين فسيجد بينهما بونا شاسعا، وأن تقديره أثناء الغضب بعيد كل البعد عن معالجة القضية بل يزيدها تعقيدا.
11 ـ ضرورة التنازل عن بعض الحقوق فإنه من الصعب جدا حل الخلاف إذا تشبث كل الطرفين بحقوقه.
12 ـ دائما نتحدث عن بعض المهارات ومنها مهارة كسب الآخرين، والزوجان أحوج الناس إلى هذه المهارات.
13 ـ ضرورة التكيف مع جميع الظروف والأحوال، وأن يكون هادئا، غير متهور ولا متعجل، ولا متأفف ولا متضجر. فالهدوء وعدم التعجل والتهور من أفضل مناخات الرؤية الصحيحة والنظرة الصائبة للمشكلة.
14 ـ يجب أن يعلم ويستيقن الزوجان بأن المال ليس سبب للسعادة، وليس النجاح في الدور والقصور والسير أمام الخدم والحشم، إنما النجاح في الحياة الهادئة السليمة من القلق البعيدة من الطمع.
ولست أرى السعادة جمع مال ولكن التقي هو السعيد
15ـ غض الطرف عن الهفوة والزلة والخطأ غير المقصود.
من ذا الذي ترضى سجاياه كلها كفى المرء نبلا أن تعد معايبه
من الذي ما ساء قط ومن له الحسنى فقط
16 ـ تقدير حجم الخطأ وعدم تضخيمه، ويعالج بقدره ولا يزاد عليه ويتمادى فيه فلا يتعدى الحدود المعقولة في معالجة الخطأ. انظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يجد من بعض زوجاته خطأ ومخالفة فيعالجها في لحظات ولا يبقى لها أثرا بعد ذلك، لا كمن يطيل أمد الغضب والهجر أياما في أمر لا يستحق كل هذا.(3/200)
روى مسلم في صحيحه عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ بْنِ الْمُطَّلِبِ أَنَّهُ قَالَ يَوْمًا أَلا أُحَدِّثُكُمْ عَنِّي وَعَنْ أُمِّي قَالَ فَظَنَنَّا أَنَّهُ يُرِيدُ أُمَّهُ الَّتِي وَلَدَتْهُ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ أَلا أُحَدِّثُكُمْ عَنِّي وَعَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قُلْنَا بَلَى قَالَ قَالَتْ لَمَّا كَانَتْ لَيْلَتِي الَّتِي كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِيهَا عِنْدِي انْقَلَبَ فَوَضَعَ رِدَاءهُ وَخَلَعَ نَعْلَيْهِ فَوَضَعَهُمَا عِنْدَ رِجْلَيْهِ وَبَسَطَ طَرَفَ إِزَارِهِ عَلَى فِرَاشِهِ فَاضْطَجَعَ فَلَمْ يَلْبَثْ إِلا رَيْثَمَا ظَنَّ أَنْ قَدْ رَقَدْتُ فَأَخَذَ رِدَاءهُ رُوَيْدًا وَانْتَعَلَ رُوَيْدًا وَفَتَحَ الْبَابَ فَخَرَجَ ثُمَّ أَجَافَهُ رُوَيْدًا فَجَعَلْتُ دِرْعِي فِي رَأْسِي وَاخْتَمَرْتُ وَتَقَنَّعْتُ إِزَارِي ثُمَّ انْطَلَقْتُ عَلَى إِثْرِهِ حَتَّى جَاءَ الْبَقِيعَ فَقَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ انْحَرَفَ فَانْحَرَفْتُ فَأَسْرَعَ فَأَسْرَعْتُ فَهَرْوَلَ فَهَرْوَلْتُ فَأَحْضَرَ فَأَحْضَرْتُ فَسَبَقْتُهُ فَدَخَلْتُ فَلَيْسَ إِلا أَنِ اضْطَجَعْتُ فَدَخَلَ فَقَالَ مَا لَكِ يَا عَائِشُ حَشْيَا رَابِيَةً قَالَتْ قُلْتُ لا شَيْءَ قَالَ لَتُخْبِرِينِي أَوْ لَيُخْبِرَنِّي اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي فَأَخْبَرْتُهُ قَالَ فَأَنْتِ السَّوَادُ الَّذِي رَأَيْتُ أَمَامِي قُلْتُ نَعَمْ فَلَهَدَنِي فِي صَدْرِي لَهْدَةً أَوْجَعَتْنِي ثُمَّ قَالَ أَظَنَنْتِ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْكِ وَرَسُولُهُ قَالَتْ مَهْمَا يَكْتُمِ النَّاسُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ نَعَمْ، قَالَ: فَإِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي حِينَ رَأَيْتِ فَنَادَانِي فَأَخْفَاهُ مِنْكِ فَأَجَبْتُهُ فَأَخْفَيْتُهُ مِنْكِ وَلَمْ يَكُنْ يَدْخُلُ عَلَيْكِ وَقَدْ وَضَعْتِ ثِيَابَكِ وَظَنَنْتُ أَنْ قَدْ رَقَدْتِ فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَكِ وَخَشِيتُ أَنْ تَسْتَوْحِشِي فَقَالَ إِنَّ رَبَّكَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَأْتِيَ أَهْلَ الْبَقِيعِ فَتَسْتَغْفِرَ لَهُمْ قَالَتْ قُلْتُ كَيْفَ أَقُولُ لَهُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ قُولِي السَّلامُ عَلَى أَهْلِ الدِّيَارِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ وَيَرْحَمُ اللَّهُ الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنَّا وَالْمُسْتَأْخِرِينَ وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَلاحِقُونَ .
المصدر : طيبة الطيبة
==============
المجرمون الصغار
سامي بن خالد الحمود
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد .. حياكم الله أيها الأحبة .. موضوعنا في هذا اللقاء: المجرمون الصغار .
أحداث هذا الموضوع تدور حول حياة مائة وخمسة وأربعين شاب وطفل.. التقيت بهم في دراسةٌ ميدانية ، أجريتها بمساعدة اثنين من الإخوة، على عدد من أبنائنا الصغار والشباب، في دار الملاحظة والسجون ومستشفيات الأمل .
شباب وأطفال، أعمارهم ما بين العاشرة إلى الثامنة عشرة .. تلاطمت بهم الأمواج .. واشتبهت عليهم الفجاج .. ففقدوا هُويتهم .. وأضاعوا غايتهم .. وأصبحوا يعيشون على هامش الحياة .
قد تتعجبون اذا قلت لكم إنهم مجرمون .. وأبرياء .
أما إجرامهم ، فتعاطٍ للمخدرات والمسكرات .. وسرقاتٌ للمنازل والسيارات .. وتفحيطٌ في الطرقات .. وإزهاقٌ للأرواح في مضاربات ومشاجرات .. ناهيكم عن الجرائم الخلقية كالزنا وعمل قوم لوط .
أما براءتهم ، فلست والله أبرئُهم من أفعالهم .. لكنني أدعو إلى نظرةٌ شاملة ، لأسباب ودوافع هذا الانحراف الذي يقع فيه شبابنا .
إننا وإن لمنا الشاب على فعله .. وآخذناه بذنبه .. فإننا من جهة أخرى لا نستطيع أن نحمّله مسؤولياتِنا الأسريةِ والاجتماعية .. التي قد تدفعه إلى الانحراف ، كما قال الشاعر:
ألقاه في اليم مكتوفاً وقال له *** إياك إياك أن تبتل بالماء
أيها الأحبة .. هذه المحاضرة تقوم على ثلاثة عناصر :ـ
سأتحدث بإذن الله أولاًً عن مظاهر الانحراف ، ثم أتحدث عن أسباب الانحراف ، ثم أختم بالعلاج ؟ .. وفي كل عنصر من هذه العناصر، سيتكرر معنا العديد من اللقاءات والمواقف مع الشباب .
ولنبدأ الآن بالعنصر الأول:
مظاهر الانحراف :
في عالم الشباب ، مشاهد ومظاهر، يندى لها الجبين .. وتدمعُ لها العين .. ويحزَنُ لها القلب .. هذه المظاهرَ التي تقع من بعض شبابنا هداهم الله .. ولعلي أستعرض أبرز هذه المظاهر من خلال بعض الحالات .
هذا شاب يقضي عقوبة السجن في إصلاحية الحاير .. يخبرني بقصته من وراء القضبان .. بكلماتٍ مِلؤها الدموع والأحزان .. يقول :
في السنة الأولى من المرحلة المتوسطة تعرفت على بعض الشباب المنحرفين .. كنت ألتقي بهم دون علم والدي .. حتى وقعت في الانحراف .. مضت الأيام ، وكنت أسافر مع رفاقي المنحرفين إلى بلاد العهر والرذيلة .. ومع تكاليف السفر ، وإنفاقي على الشهوات ، كان لا بد لي من المزيد من المال ، فأصبحت أمارس السرقة مع بعض رفاقي .
وبعد أيام من تعلّم السرقة ، أصبحت أمهر العصابة في جمع المال .. فصرت زعيماً لهم ، أتحكم فيهم كيف أشاء .
ومع توفر المال .. كنت ألهث .. وألهث .. بحثاً عن السعادة .. أتنقل بين أفخر الشقق المفروشة .. وأتناول أفخر الأطعمة .. ولكن دون جدوى .
ثم توجهت إلى عالم آخر أبحث فيه عن السعادة ، حيث المخدرات ، ومعاقرةُ النساء العاهرات .
بلغ إنفاقيَ اليومي قرابةَ الخمسةِ آلافِ ريال بسبب المخدرات والعَلاقاتِ المحرمة .. ومع هذا كلِّه ، لم أكن أشعر بالسعادة إلا لحظاتٍ قليلة ، ثم يتحول يومي بعدها إلى هموم وأحزان .. نكدٌ في العيش .. وظلمةٌ في القلب .. وضيقٌ في الصدر .. كل ذلك بسبب غفلتي ، وإعراضي عن ذكر ربي .
{ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى }
ولم أزل أمارس السرقة حتى شاء الله تعالى أن يقبض علي متلبساً مع بعض رفاقي .
وفي ظلمة السجن .. استيقظت من غفلتي ، وكأن صورة والديَ الحبيبِ أمامي ، وإذا بنصائحه المشفقة .. وكأني أسمعُها لأول مرة .
وبعد أيام .. كانت المصيبة المفجعة .. اتصلت بأهلي من السجن لأطمئن عليهم ، فإذا بالخبر المؤلم : أحسن الله عزاءك .
من الفقيد ؟ إنه والدي الحبيب .
كانت هذه الأحداثُ المؤلمة بدايةً حقيقيةً للاستقامة والإنابةِ إلى الله تعالى .
أقلعتُ عن الذنوب والعصيان .. وأقبلت على الصلاة والقرآن .
اعتكفت بمسجد السجن ثلاثةَ أشهر، حفظت خلالها خمسةَ أجزاء من القرآن الكريم .. ثم اختاروني إماماً للمصلين بمسجد السجن .
وهذا شاب آخر ، التقيت به في دار الملاحظة.. عمره سبعة عشر عاماً .. موقوف في قضية سرقة منازل .... يحدثني عن نفسه فيقول : تأثرت بسلوك زملائي السيئ حتى بدأت أمارس السرقة معهم .. تركت الصلاة فلم أكن أصلي إلا أحياناً في البيت مجاملة لأهلي .. لم يكن أهلي يدرون عن مزاولتيَ السرقة .. وإذا وجدوا معيَ نقوداً وسألوني .. قلت لهم إنني أعمل في إحدى الكبائن الهاتفية، فيصدقوني ويسكتون .(3/201)
في إحدى الليالي قمت بسرقة أحد محلات الأجهزة .. ثم عدت بعد الفجر إلى البيت . وعندما لم أتمكن من دخول البيت ذهبت إلى المسجد .. دخلت المسجد وأقفلت الأبواب من الداخل .. ثم وضعت المسروقات في إحدى ثلاجات الماء بجواري، ونمت نوماً عميقاً من التعب .
مع أذان الظهر حضر الناس إلى الصلاة ..حاولوا فتح المسجد فوجدوا أن الأبوابَ مغلقةٌ من الداخل .. قفز أحدهم إلى المسجد من إحدى النوافذ وفتح الأبواب .
لم أستيقظ إلا وإمام المسجد وأربعة من جماعة المسجد فوق رأسي .. سألوني فتلعثمت .. وبينما هم يسألون دخل حارس المسجد وهو يحمل كأساً بيده .. بدأ الحارس يمشي ويمشي، حتى توقف عند ثلاجة الماء .. حاول إخراج الماء فلم يجد فيها شيئاً .. ثم بدأ بتحريك الثلاجة ، وفَتَح الغطاء، وإذا بالمسروقات .. اكتشفوا أمري وسلموني للشرطة وحُكم علي بالسجن ثلاثَ سنوات .
انتهت العقوبة، وخرجت من السجن، وعدت إلى رفاقي الأولين .. وجدتهم قد انتقلوا إلى سرقة المنازل .. فبدأت أمارس هذه السرقة معهم.
في إحدى الليالي قمت أنا وثلاثة منهم بسرقة أحد المنازل .. وبينما نحن داخل المنزل نحاول فتح الخزانة ؛ دخل علينا عدد من الأشخاص .. هربنا إلى السطح .. ثم قفزنا من الدور الثاني إلى الشارع .. وعندما قفزت ارتطمتُ بشجرة كانت بجوار المنزل فانكسرت رجلي .. تحاملت عليها وهربت من المكان .. ولكن .. تعرفت الشرطة عليّ من رفاقي الذين قبض عليهم .. وها أنا الآن انتظر عقوبة هذه الجريمة الثانية .
شاب آخر .. عمره ثمانية عشر عاماً .. موقوف في قضية اغتصاب يقول: قبل سنوات .. بدأ انحرافي بتعلم التدخين من بعض زملائي .. وجدت أمي علبةَ الدخان والولاعةَ في جيبي .. سألتني فاعترفت بفعلي ووعدتها بترك التدخين .. لكني بعد أيام .. خرجت مع زملائي إلى أحد المقاهي فأوقعوني في تدخين الشيشة .
مضت السنوات .. وسافرت إلى الهند للدراسة .. وفي الهند .. تعرفت على رجل فاسد ..كنت أسهر معه في المقاهي والبارات ، ونعاقر النساء الفاجرات .. دعاني يوماً إلى تعاطي الحشيش .. فكان يحضره مجاناً وأقوم بتدخينه معه يومياً .
أذكر أنه في أحد الأيام ، خرجت أنا ورفيقي من أحد مقاهي الإنترنت بعد أن تعاطينا الحشيش ، فرآنا شابٌ عربيٌ مستقيم .. قام بنصحنا وتخويفنا، قال لي (ألا تخشى أن ملك الموت يأخذ روحك؟) لكني مع كل أسف استهزأت به وقلت له : (ملك الموت جنبي ، يأخذ روحي ويمشي، وأيش اللي يصير يعني؟) .
يقول: وأعظم من هذا أنني كنت أنا ورفيقي إذا تعاطينا الحشيش نستهزأ بالله والملائكة والرسل، أسأل الله أن يغفر لي .
عدت إلى الرياض ، وكنت أجلس مع بعض الشباب ، وأتعاطى معهم المخدرات .
وفي إحدى المرات زين لنا الشيطان فعلَ الفاحشة بأحدِ الغلمان (عياذاً بالله) .. لكن الغلام قام بإبلاغ والده .. فتم القبض علي .
يقول: هذه قصتي قبل أن يقبض علي .. أما الآن .. فقد تغير حالي .. لقد تبت إلى الله ، وأحمد الله أنه قبض علي حتى لا أقع في شيءٍ أعظمَ مما وقعت فيه .
أيها الأحبة .. هذه إطلالة سريعة على بعض أحوال شبابنا .. وهي نماذجُ لمظاهرَ شتى من الانحراف.. ولعلكم نتساءل بعد هذه المظاهرة ما هي أسباب الانحراف؟ ، دعون ننتقل إلى العنصر الثاني:
أسباب الانحراف :
لا شك أن هناك أسباباً ودوافعَ كثيرة ، تقف وراء انحراف الشباب ، ومن أهمها:
1) ضعف الإيمان 2) ضعف التربية الأسرية 3) رفقة السوء 4) وسائل الإعلام 5) الفراغ 6) السفر للخارج
ولنشرع في السبب الأول وهو ضعف الإيمان :
إن الشاب ولا سيما المراهق ؛ بحاجةٍ ماسة إلى قوة إيمانية تنير له السبيل .. وترشده إلى الطريق المستقيم .. وتعينه على اتخاذ القرار الصحيح عندما تعرض له الشهوات والشبهات .
موقف خطير .. وامتحان عظيم .. يوم أن تَعرِضَ للشاب الشهوةُ أو الشبهة ، فهل يُقدم أو يُحجم ؟
ولهذا كان ضعفَ الإيمان أصلُ كلِ معصية .
إن شبابنا الذين ضَعُف إيمانُهم .. ونَسُوا ربَّهم .. وهجروا مساجدَهم ، لهم أقربُ الناس إلى الانحراف ، والله المستعان .
في دراستنا على مائةٍ وخمسةٍ وأربعينَ شاباً بدار الملاحظة ، بلغت نسبةُ الذين يؤدون الصلاة أيامَ مزاولتِهم الجريمة ستاً وثلاثين بالمائة فقط ممن أجري عليهم البحث.. بينما بلغت النسبة الكبرى للشباب الذين لا يحافظون على الصلاة أيام مزاولتهم الجريمة أربعاً وستين بالمائة ما بين تاركٍ للصلاة ومن لا يصلي إلا أحياناً .
السبب الثاني : ضعف التربية الأسرية .
إن من أهم أسباب هذه الظاهرة ما يقع في بعض الأسر من ضعفٍ وقصورٍ في تربية النشء .. هذا القصور له مظاهرُ شتى في أسرنا .
منها : إهمال الوالدين تربيةَ أولادهم . وغفلتُهم أو تغافلهم عن هذا الواجب العظيم الذي جعله الله أمانة في أعناقهم .. سيُسألون عنها يوم القيامة ، والله تعالى يقول: ( يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون )
كيف نقيهم النار ؟ .. بتعليمِهم وتأديبِهم ، وتربيتِهم التربيةَ الصالحة ..فإذا لم نقم بهذا الواجب فلا نلم إلا أنفسَنا .
التقينا بشاب ، عمره تسعة عشر عاماً ، سُجن خمسَ مراتٍ في عدةِ قضايا .. آخرُها قضيةُ سلب يقول : كان والدي يتعاطى المخدرات ثم طلق أمي، وبعد زواج أمي برجلٍ آخر بقيتُ لوحدي مع جدي .. ثم يقول : كان لعدم وجود الرقيب على تصرفاتي أثرٌ كبيرٌ في انحرافي .
نعم .. في بعض البيوت ، تلفت الأبناء حولهم فرأوا أنفسهم كاليتامى ، بل أشد ، فاليتيم قد يجد من يعطف عليه ، أما هؤلاء فإنه كثيراً ما يُغفل عنهم ، كما قال الشاعر :
ليس اليتيم من انتهى أبواه من *** هم الحياة وخلّفاه ذليلاً
إن اليتيم هو الذي تلْقى له *** أُمًّا تخلّت أو أبًا مشغولاً
ومن مظاهر ضعف التربية : القسوة والكبت ، والحرمان الذي ينتهجه بعض الآباءِ والأمهاتِ في تربية أولادهم ، وقل مثلَ ذلك في التفرقةِ وعدمِ العدل بين الأولاد .
هذه الأمور لها أثرٌ خطيرٌ على سلوك الولد .. إما بالتمرد والعصيان .. وإما بالعنف والعدوان على الآخرين .
استمع إلى مشاعر هذا الشاب الذي يبلغ من العمر ثمانية عشر عاماً .. وقد سجن أربعَ مراتٍ في دار الملاحظة بسبب قضايا سرقة يقول : والدي يكرهني ويطردني من البيتِ لأي سببٍ تافه .. وإذا ذهب إلى المناسبات تركني لوحدي في البيت .. إنه لا يعدل بيني وبين إخواني .. وإذا أخذتُ منهم شيئاً ضربني .. وهذه الدار أرحمُ لي من أبٍ يطردني إلى الشارع .
والتقينا بشاب آخر.. عمره ستة عشر عاماً ..يقول : علم والدي أني أدخن .. فقام بسبي وضربي في الشارع أمام الناس ، فهربت إلى زملائي وجلست عندهم أسبوعين.
ومن مظاهر ضعف التربية أيضاً: الدلالُ المفرط .. وضعفُ جانب المنع والوقاية في الأسرة .
في بعض الأسر .. ما إن يصيحُ الصغير .. أو يلحُّ الكبير .. حتى تُحقّقَ رغباتُه .. وتُلبى طلباتُه .
يقول أحد الشباب المقبوض عليهم في جريمة سرقة: كان أهلي يوفرون لي كلَّ ما أريد . ولا يمنعوني من شيء .. بل كان أب يعطيني ويقول : (خلوه ، اللي عقله في راسه يعرف خلاصه) .
ومن مظاهر ضعف التربية : القدوة السيئة .. وذلك بأن يقع أحدُ الوالدين في الرذيلة ، فيقتدي به الأولاد .(3/202)
أذكر أني قبل سنوات .. التقيت بأحد المدمنين في مستشفى الأمل ..سألته عن سبب إدمانه ، فقال : دخلت يوماً على والدي وهو يتعاطى الهيروين .. طلبت منه ببراءة أن يعطيَني مما معه فنهاني وطردني . وفي يوم آخر رأيت والدي على تلك الحالة فألححت عليه أن يعطيني .. فأعطاني شيئاً من الهيروين ، وقال : اذهب إلى الغرفة الأخرى ولا تتعاطاه أمامي .
وهذا آخر عمره ستة عشر عاماً موقوف في قضية سرقة سيارات يقول: كان والدي مدمناً للحشيش وكان يتعاطاه أمامي .. ثم سجن ومات في السجن بسبب المخدرات .. ولم أعلم بوفاته إلا بعد خمسة أشهر . وبعد أن انحرفتْ ، كانت أمي تنصحني وتبكي عندي ، ولكن لا حياة لمن تنادي .
من مظاهر ضعف التربية: التفكك الأسري وكثرة الخلافات بين الزوجين .. وحالات الطلاق التي تحدث في بعض الأسر .. وهذا له أثر كبير على الأولاد .
يقول هذا الشاب وعمره سبعة عشر عاماً موقوف في قضية سرقة : سبب قيامي بالسرقة هو وجود مشاكلَ عائليةٍ في المنزل .. فأضطرُ إلى الخروج من المنزل ولا أعود أحياناً إلا بعد ثلاثة أيام .
ومن مظاهر ضعف التربية أيضاً: طول غياب الوالدين عن المنزل .
وهذا أمر يقع فيه كثير من الآباء والأمهات . فالوالد مشغول بعمله أوتجارته أو جلساته وسهراته مع الزملاء والأصدقاء .. والوالدة مشغولة بعملها أو زياراتها لصديقاتها ، ومجالس القيل والقال .
التقينا بشاب عمره سبعة عشر عاماً موقوف في قضية سرقة يقول : بعد طلاق أمي من أبي عشت أنا وإخواني مع أبي .. أبي سائق أجرة فكان يغيب عنا طويلاً .. بدأت في الانحراف .. وتركت المدرسة .. ثم تعلمت السرقة والمخدرات .
وهذا آخر يبلغ من العمر ستة عشر عاماً موقوف في قضية اختطاف يقول: كان والدي يوفر لي كل ما أطلب .. حتى جهاز الحاسب اشتراه لي لكي أجلسَ في المنزل .. لكنه كان مشغولاً بالمقاولات والأعمال الخاصة .. فكنت بمجرد أن يخرج من المنزل أخرج وراءه .
السبب الثالث : رفقة السوء :
إنهم مفاتيح الشرور .. وأعوان الشياطين .. دعاةُ كل رذيلة .. وأعداءُ كل فضيلة .. والمصيبة أنك أيها الشاب تلتقي بهذه الفئة في كل مكان .. فقد تشاركك مقاعد الدراسة .. وقد تجاورك في السكن .. وفي الشارع .. وفي البوفيهات ومحلات التسالي .. وفي الحدائق و الملاعب والأماكن العامة .
إنهم يحسنون المعصية .. ويكسرون حاجز الفضيلة والمروءة الذي يمنع الشاب من الإقدام على المنكر .
في عملي السابق في مكافحة المخدرات، قبضنا على أحد الشباب في قضية استعمال مخدرات .. وكان هذا الشاب من أسرة طيبة .. ثم زارني أحد مدرسيه في الثانوية وذكر لي أن هذا الشاب من الأوائل على المدرسة وأن معدله ثلاثةٌ وتسعون بالمائة .. استدعيت الشاب .. سألته عن سبب تعاطيه المخدرات . فقال لي : إن السبب هو أحد رفاقي المنحرفين في الحارة . قلت له : ألم تقرأ أو تسمع أن المخدرات سموم وهلاك . قال : بلى لكني عندما ركبت مع رفيقيَ السيارة وناولنيَ الحبة قلت له : إن المخدرات ضارة . فرد علي وقال : لا تخف .. أنا أتعاطى الحبوب منذ سنوات ولم أصب بأي مرض . يقول : فأكلت الحبة وأتبعتها بأخرى حتى وقعت في الإدمان .
التقينا بشاب عمره ثمانية عشر عاماً موقوف في قضية سرقة يقول عن سبب قيامه بالسرقة : كنت أجلس عند البقالة المجاورة للمنزل . حيث يجتمع عندها الكثير من الشباب المنحرفين فتأثرت بسلوكهم .
وآخر عمره سبعة عشر عاماً موقوف في قضية مخدرات يقول : خرجت من الابتدائية إلى المتوسطة ثم تعرفت على أصدقاءَ جُدُد .. تعلمت منهم الدخان ثم الحبوب ثم الحشيش حتى فشلت في دراستي وهجرت أهلي .
وآخر عمره ثمانية عشر عاماً موقوف في قضية سرقة سيارات يقول : كنت أدخن مع بعض الأصدقاء .. وفي أحد الأيام أحضر أحد الشباب الحشيش وقال : إنه نوع جديد أفضل من الدخان العادي فقمنا بتدخين الحشيش ، وكان هذا الصديق يحضره لنا مجاناً .. وبعد يومين أو ثلاثة قال لنا : لابد أن تدفعوا المال لكي أحضر الحشيش من المروج ، فجمعنا له بعض النقود .. وبعد أيام .. نفِدت نقودنا .. وتعلقت بالحشيش قلوبنا.. عرض علينا أحد الشباب فكرةَ تكسيرِ زجاج السيارات وسرقةِ ما بداخلها .. فاستحسنا الفكرة وقمنا بهذه الجريمة .. ثم قبض علينا .
أحبابي .. إن طبقة الأقران .. أهم مصادر التلقي والاقتداء عند الإنسان . فقل لي من تصاحب .. أقل لك من أنت .. وأصدق من هذا قوله عليه الصلاة والسلام " المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل " أخرجه الترمذي و حسنه الألباني .
ولقد ضرب لنا النبي صلى الله عليه وسلم مثلاً بليغاً لأثر الجليس على الإنسان فقال (( مثل الجليس الصالح والسوء كحامل المسك ونافخ الكير فحامل المسك إما أن يحذيك ، وإما أن تبتاع منه ، وإما أن تجد منه ريحا طيبة ، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك ، وإما أن تجد ريحا خبيثة )) والحديث متفق عليه .
تأملوا يا إخوان في هذا المثال البليغ ، الجليس أثره بالغ عليك، ولو كان في نظرك أثراً حقيراً كالرائحة .
السبب الرابع : وسائل الإعلام .
وسائل الأعلام والاتصال كالصحف والمجلات .. والتلفاز والقنوات .. وشبكة المعلومات (الانترنت) ؛ لها أثر كبير على سلوكِ الناشئة ، واكتسابِهم القيمَ والتصوراتِ التي تحكم سلوكهم .
والواقعَ المؤسف .. أن كثيراً من هذه الوسائل تبث موادَ إعلاميةً سيئة .. أفسدت كثيراً من أبناء وبنات المسلمين .. فحدث عن الكفر والتنصير .. وحدث عن تمييع عقيدة الولاء والبراء .. ونشر السحر والشعوذة .. وتعليم العنف والإجرام .. ناهيك عن الجنس وتأجيج الشهوات وتحريك الغرائز .
إن كثيراً مما يعرض في هذه الوسائل مخالف لأحكام شريعتنا الإسلامية .. بل ومخالف للرؤية الإسلامية للتربية والسلوك .
فكم علمت من جريمة .. وكم قلبت من قيم .. فالجريمة بطولة .. وعقوق الآباء تحرر .. والغدر ذكاء .. والاستقامة تعقيد .. والعفة كبت وحرمان .. وطاعة الزوج رق واستعباد .. والدياثة رقي وتمدن .
وعلى الرغم من هذا الخطر .. فإن بعض الأسر لا تأخذ هذا الأمر مأخذ الجد .. فترى الطفل أو المراهق أو الشاب ، وهم من هم في شدة التقليد والمحاكاة ، يجلس أحدهم الساعات الطوال أمام الأفلام الهابطة ، حيث تأخذ بلبه الصورُ والأصوات .. ويُشربُ قلبه الشهواتِ والشبهات .... حتى إذا كبر وشب عن الطوق ظهرت عليه مظاهر الانحراف في وقت يصعب فيه علاجه وتقويمه .
في دار الملاحظة التقيت بشاب عمره سبعة عشر عاماً قبض عليه في قضية سرقة مرتين كان هذا الشاب يحدثني عن طرق دقيقة لسرقة السيارات.. وأساليب محكمة لسرقة المنازل والمحلات . وكنت أظن أن هذا الشاب الصغير إنما تعلم هذه الأساليب من رفاقه .. لكني لما سألته قال لي : إنه استفادها خَطوة خَطوة من بعض الأفلام الأجنبية التي تعرضها بعض القنوات .
وشاب آخر عمره تسعة عشر عاماً يقول : تمكنت من إقناع والدي بإدخال الدش إلى البيت .. كنت أجلس أمام القنوات ساعات طويلة .. كانت المشاهد تهيج الشهوة في نفسي .. فأخرج من المنزل أبحث عن وسيلة لإطفاء هذه الشهوة فلا أجد سوى أبناء الحي الصغار .. حيث أفعل بهم الفاحشة .. أحياناً بمفردي .. وأحياناً مع بعض رفاقي .(3/203)
وفي أحد المساجد يحدثني أحد الدعاة الفضلاء يقول لي: والله يا أخ سامي ، وسيسألنيَ الله عن هذا اليمين، أنه حضر لي شاب أحد الشباب الذين ابتلوا بهذه القنوات وقال لي : يا شيخ أريد حلاً لمشكلتي.. ما مشكلتك؟ قال: يا شيخ لقد وقعت على أختي أربع عشرة مرة .
لا تقولوا .. إننا مبالغون .. لا تقولوا إننا متشددون .. فقد أطلق بعض المفكرين الغرب قبل المسلمين صيحاتِ النذير من الأثر الخطير لوسائل الأعلام على الناشئة والأسرة .. بل ألف بعضهم كتباً ورسائل في الحرب على التلفاز ككتاب ( أربع مناقشات لإلغاء التليفزيون ) للأمريكي جيري ماندر ، وكتاب (اليوم الذي مات فيه التليفزيون) لدون ماجواير .
وفي دراستنا بدار الملاحظة تبين أن ستاً وخمسين بالمائة من الأحداث الموقوفين يشاهدون القنوات الفضائية .
إذن لا بد من ضبط وسائل الإعلام في المنزل واختيار المفيد منها .
السبب الخامس : الفراغ .
الوقت هو الحياة .. وهو الغنيمة التي فرط فيها كثير من الناس . ففي البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ "
وإذا كان هذا هو حال كثير من الناس .. فما هو السبيل .. إلى أن نكون من القليل ؟ الذين استثمروا أوقاتهم .. وربحوا في تجارتهم .
لقد بين معلم البشرية هذا السبيل بقوله عليه الصلاة والسلام " اغتنم خمساً قبل خمس " وذكر منها " وفراغك قبل شغلك " والحديث رواه الحاكم والبيهقي في شعب الإيمان وصححه الألباني .
ومصداق هذا الكلام ، السورة العظيمة التي يحفظها الصغير والكبير .. ( والعصر .......... بالصبر ) في هذه السورة .. أقسم الله تعالى بالوقت أن الناس خاسرون مغبونون إلا من اغتنموا الأوقات بالإيمان والعمل الصالح .
دعونا يا إخواني نتساءل .. أين شبابنا الذين يتسكعون في الأحياء .. و يجوبون الشوارع بالسيارات .. وتكتظ بهم الأرصفة والاستراحات .. في جلسات أقل مفاسدها إضاعة الأوقات .. في السفاسف والترهات.
يحدثني أحد الشباب المقبوض عليهم في جريمة سرقة يقول : لا يوجد سبب لارتكابي السرقة لكني إنسان فارغ .. حياتي كلها نوم أو دوران في الشوارع .. وإذا كنت طفشان ذهبت إلى الشباب .. نشاهد الأفلام السيئة أو نسرق أو نشرب الخمر .
فنقول لكل شاب .. احذر الفراغ، وأشغل نفسك بالحق، وإلا شغلتك بالباطل .
السبب السادس : السفر إلى الخارج .
يسافر بعض شبابنا إلى بعض البلدان المعروفة بالفساد .. حيث يغامرون بعقيدتهم وأخلاقهم .. فكم من شاب ألقيت عليه الشبهات حتى ضعف التوحيد في قلبه .. وكم من شاب سلطت عليه الشهوات حتى غدا أسيراً لشهوته .. وكم من شاب ابتلي بتعاطي المسكرات والمخدرات . يسافرون عبر بوابات المطر .. ويعودون عبر بوابات الكفر والإيدز والإدمان .
وفي دراسة على متعاطي المخدرات في السعودية والبحرين والكويت تبين أن52% من متعاطي المخدرات في هذه البلاد سبق لهم السفر إلى الخارج .
وإن من المؤسف حقاً ما تقوم به بعض الأسر من إرسال أبنائها إلى الخارج لتعلم اللغة في أحضان العوائل الكافرة .. فيعود الأبناء وقد أضاعوا دينهم .. وتمردوا على بلادهم وأسرهم .
العنصر الثالث : ما هو العلاج ؟
أيها الأحبة .. انحراف الشباب من أهم قضايا الأمة .. ولهذا فإن علاجها لا بد أن يكون على مستوى الأمة .. بدءاً بولاة الأمر والآباء والمربين .. ومروراً بالمؤسسات التربوية وأجهزة الإعلام .. وانتهاءً بالشباب أنفسهم .. ولعلي في هذا المقام أذكّر ببعض الأمور التي يمكن القيام بها لعلاج هذه الظاهرة :
1) العلاج الإيماني : إنه السلاح المعطل عند كثير ممن يقوم على إصلاح الشباب .. ولا سيما من غير المسلمين .
الإيمان وقاية وعلاج .
أما الوقاية فالإيمان حصن حصين .. وعصمة للشباب من الانحراف .. كلما ازداد الإيمان ازدادت مناعة الشاب من الانحراف .. وكلما ضعف الإيمان ضعفت تلك المناعة .
و والله .. ما أتي كثير من شبابنا إلا بسبب ضعف الإيمان في قلوبهم .
فتعاهد أيها الشاب شجرة الإيمان في قلبك بالبر والأعمال الصالحة .
وأما العلاج .. فإن الإيمان هو الحل لكثير من مشاكل الشباب والأمة.
إنه الإيمان الذي حول سحرة فرعون خلال لحظات .. من سحرةٍ مجرمين إلى أولياء مخلصين .
إنه الإيمان الذي جعل الصحابة مدمني الخمر في الجاهلية يريقونها حتى جرت بها شوارع المدينة .. وهم يقولون انتهينا انتهينا .
في فرنسا، كان التلفاز الفرنسي يعرض برنامجاً يناقش أثر الخمور على حوادث السيارات ، فصاحت سيدة فرنسية كانت قد فقدت ابنتيها في حادثين مروريين بسبب شرب الخمور ، فقالت:"الإسلام فيه الحل".
أيها المربون .. يا دعاة الإسلام .. لا تيأسوا من شبابنا .. وإن عظم انحرافهم واشتد إجرامهم .. فإنهم ما إن يذكروا بربهم .. وينتبهوا من غفلتهم .. حتى يعودوا عباداً صالحين .. وقادة مصلحين .
في دار الملاحظة شباب ابتلوا بأنواع شتى من الجرائم .. وبعد أن من الله عليهم بالتوبة صاروا من أهل الصيام والقيام .
كان أحدهم يحدثني عن توبته وتقربه إلى الله بالنوافل والقيام .. نعم القيام . فقلت له : هل يلزمونكم بقيام الليل ؟ . قال : لا لكني أتعلق بالمراقب وأرجوه أن يوقظني قبل الفجر لأصلي لله ما تيسر .
2) رسالة إلى الآباء والمربين بضرورة الاهتمام بالتربية وإصلاح النشء . وإنها لمسؤولية كبرى .. سيسأل عنها كل والد ووالدة .. وكل مربٍ ومربية .. وكلكم راع .. وكلكم مسؤول عن رعيته .
إذا علمنا هذا .. فما هي التربية التي يريدها منك أبناؤنا ؟
لعلك تسمع أحد الآباء وهو يقول : أنا أربي أبنائي أحسن تربية .. فهم يأكلون أفضل الطعام والشراب .. ويلبسون أفخر الثياب .. ويتمتعون بأرقى أسباب المعيشة .
سبحان الله !! أهذه هي التربية ؟
أحد الأغنياء قبض على ولده في قضية سرقة سيارة .. وما إن خرج الولد حتى عاد في قضية سرقة أخرى .. ولما استدعي الأب ، سأله محدثي وهو أحد المشرفين الأفاضل بدار الملاحظة عن سبب وقوع ولده في السرقة عدة مرات مع أنه من الأغنياء .. أهو البخل أم ماذا ؟
فقال الأب للمشرف : قل للولد يطلب أي سيارة يريدها وأنا على استعداد لشرائها له الآن .. لكن يكف عن سرقة السيارات .
فرد عليه المشرف وقال : دعك من هذا ، لكن أجبني بصراحة ما هو برنامجك ؟ فقال : أعود من العمل فأستريح ، ثم أخرج لأعمالي الخاصة وقد أتأخر إلى الليل .. أما أبنائي فأنا مقصر في جانبهم .
فقال المشرف : هذا هو سبب انحراف ولدك .
إن هذا الولد لم يكن يسرق لحاجة أو قلة مال .. بل كان يسرق لفساد خلقه .. وافتقاده الرعاية الأبوية التي تمنعه من الشر وأهله .
أيها الإخوة .. إن أبناءنا لا يريدون أموالنا بقدر ما يريدون منا حبنا وعطفنا ورعايتنا وهذا لا يكون إلا بتربية الروح بالعلم والأدب وغرس الفضيلة .
فيا أيها الآباء .. ويا أيها المربون .. ويا أيها المسؤولون عن التعليم .. الله الله في التربية الإيمانية .. التربية التي أخرجت للأمة علماء وقادة لم يتجاوزوا العشرين سنة .. كأسامة الذي قاد جيشاً فيه أبو بكر وعمر .. وكان عمره قرابة الثامنة عشر .
التربية الإيمانية التي جعلت الصحابي الصغير يقف على أطراف أصابعه حتى يكون طويلاً فيسمح له بدخول المعركة .(3/204)
فهذا عمير بن أبي وقاص .. بطل من أبطال الصحابة .. كان عمره ستة عشر عاماً .. يروي قصته أخوه سعد بن أبي وقاص كما يذكر ابن سعد في الطبقات .. حضر عمير غزوة بدر .. وكان قبل المعركة يتخفى عن النبي صلى الله عليه وسلم .. وما هي جريمته حتى يتخفى ؟ لقد كان يتخفى حتى لا يراه النبي صلى الله عليه وسلم فيردَّه بسبب صغره .. ولكن .. سرعان ما اكتشف هذا البطل الصغير .. فيؤتى به إلى النبي صلى الله عليه وسلم .. فلما رآه صغيراً رده عن المشاركة في المعركة .. فتولى وهو يبكى .. لم يبك خوفاً من الموت ، بل يبكى لأنه حرم الموت في سبيل الله .. ثم لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم بكاءه وإصراره أجازه ، فدخل المعركة ، فقاتل حتى قتل .. رضي الله عنهم أجمعين .
عباد ليل إذا جن الظلام بهم *** كم عابد دمعَه بالخد أجراه
وأسد غاب إذا لاح الجهاد بهم *** هبوا إلى الموت يستجدون لقياه
يا رب فابعث لنا من مثلهم نفراً *** يشيدون لنا مجداً أضعناه
هذا ما نرجوه من الآباء والمربين .. وأما الشباب .. فإنه وإن فسد المربي فإن هذا لا يكون مبرراً لفساد المتربي .
كم أحزن وأتألم، عندما يشكو لي بعض الشباب انحراف آباءهم، بل يصلي بعضهم معي في المسجد وقد اسود وجهه، ونكّس رأسه، ثم يقول: عندنا مدمن في البيت، فأقول له: من هو؟ فيقول: والدي!! .
فإلى هؤلاء الشباب، إلى كل من فقد الوالد .. أو ابتلي بأب فاسد .. أقول: صبراً يا حبيبي .. اصبر لربك .. واثبت على دينك .. فقد أكرمك الله بالعقل .. ونهاك عن طاعة غير الله في المعصية ، وإن كان أقرب الناس إليك .. قال تعالى : ( وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً ).
ليكن لك يا أخي في إبراهيم عليه السلام أسوة حسنة عندما ضل أبوه آزر .. ثم هدده بالرجم والهجر فقال : ( أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني ملياً ) .. لكن إبراهيم أمام هذا التهديد ؛ كان أمة في صبره وثباته على دينه .
يقول سعد بن أبى وقاص رضي الله عنه كنت براً بأمي ، فلما أسلمتُ قالت :يا سعد، ما هذا الدين الذي قد أحدثت؟ لتدعنَّ دينك هذا أو لا آكلُ ولا أشربُ حتى أموت ، فتُعَيَّر بي ،فيقال: يا قاتل أمه ، قلت:لا تفعلي يا أمّه، إني لا أدع ديني هذا لشيء ، فمكثت يوماً وليلة لا تأكل و لا تشرب ، و أصبحت و قد جهدت ، فلما رأيت ذلك ، قلت :يا أمه تعلمين و الله لو كان لك مائة نفس ، فخرجت نفساً نفساً ، ما تركت ديني، إن شئت فكلى أو لا تأكلي . فلما رأت ذلك أكلت .
فنقول لكل شاب ، الله الله بالثبات ، ودعوة الوالد بالتي هي أحسن .
3) رسالة إلى القائمين على الإعلام في بلاد الإسلام .. بأن يتقوا الله في شبابنا وأسرنا .. وأن ينتقوا من المواد الإعلامية ما يرسخ القيم التربوية الصحيحة في نفوس الناشئة .. ولا يعارض شريعة الله تعالى .
وهمسة في أذن كل أب .. وكل شاب بأن نقي أنفسنا وأهلينا هذه السهام .. سهامَ الشبهات والشهوات .. التي صوبت إلينا عبر المجلات والشاشات والشبكات . فلا نفتح بيوتنا للصوص الفضيلة .. وقطاع الطريق إلى الله .
إنه لابد من التحذير .. ولابد من التغيير .. (وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله) .
4) الفراغ قاتل .. فلا بد من احتواء أوقات الشباب .. وملئها بالنشاطات المفيدة والنافعة . وبلادنا المباركة تنعم بحمد الله بالعديد من الجهات التي تقدم البرامج والأنشطة للشباب كحلقات تحفيظ القرآن .. والمراكز الصيفية .. والمخيمات الشبابية . ولكن .. تبقى الحاجة ماسة إلى دعم وزيادة هذه الأنشطة المباركة ، بل وحتى في أوقات الدراسة .. أدعو إلى دراسة إيجاد مراكزَ جادة للنشاط واستثمار أوقات الشباب .
5) الرفقة الرفقة ..
أيها الشاب .. قل لي بربك : أي الفرقين تصاحب؟
هل تصاحب إخواناً صالحين .. يحبك الله بحبهم .. ويغفر لك بمجالستهم .. هم والله نعم العُدة .. في الرخاء والشدة .. تقتبس في الدنيا من علمهم وأدبهم .. وتظفر يوم القيامة بشفاعتهم .. قال تعالى : (الإخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ) .
هل تصاحب هؤلاء المتقين؟ أم تصاحب قوماً يحرقون ثياب استقامتك .. ويفسدون ريح كرامتك .. إذا كان الرخاء .. أطلقوا في وجهك الابتسامات الصفراء .. وإذا كانت الشدائد .. لم يصف لك منهم واحد .. وإذا كانت القيامة .. كانت الحسرة والندامة .
ثم أقول لكل أب ومربي .. ما دورك في هذا الجانب ؟
وبعض الآباء يقول: (وانا وش اسوي؟ أحبس الولد في البيت ؟)
فنقول : يا أخي نحن لا نطالبك أن تغلقَ على ولدك الأبواب .. ولا أن تفرضَ عليه العزلة عن الناس .. لكن بيدك أمورٌ كثيرةٌ نافعة بإذن الله ، أذكر بعضها بإيجاز :
أولاً ) أن يكون عندك معرفة صحيحة بشروط وصفات الرفقة الصالحة التي تريدها لولدك ، كصفة الاستقامة والخيرية والاتزان .
ثانياً ) ذكّر الولد دائماً منذ الصغر بأهمية الرفيق الصالح وخطر جليس السوء .
ثالثاً ) هيء الجو لوجود الرفقة الصالحة ، اختر السكن المناسب .. وانتق المدرسة الجيدة .. وأعد النظر في هاتين البيئتين - الحي والمدرسة - من وقت لآخر .
رابعاً ) أشرك الولد في الأنشطة المفيدة كحلق تحفيظ القرآن والمكتبات الخيرية والمراكز الصيفية، بحيث يكتسب الولد منها الرفاق الصالحين .. ويسلم بإذن الله من الانحراف .
خامساً ) المتابعة غير المباشرة ، وتفقد رفقاء الولد .. مع تجنب التلقين المباشر أو الإلزام برفقاء من اختيار الأب .
سادساً ) تشجيع الشاب المستقيم، وإكرام رفقته الصالحة وتقديرهم ، كما كان عليه الصلاة والسلام وصحابته يختلطون بالشباب ويسلمون عليهم ويكرمونهم ويشركونهم في الأنشطة .
إن هذا الأمر له دور كبير في قوة واستمرار علاقة الولد بالصالحين .. وله دور آخر في زيادة تقبله واستجابته لوالده .
لكني أقول: إن من المؤسف حقاً أن بعض الآباء قد يحول بين ولده وبين الاستقامة ومرافقة الصالحين .. ربما يكون الأب فاسداً لا يحب الدين وأهله، وربما يكون هند الأب بعض الأوهام حول المتدينين، (لا تروح مع المطاوعة أخاف إنهم إرهابيين) .. سبحان الله .. يعني لما خرج بعض الشباب الشذاذ بهذه الأفكار الإرهابية والأعمال التخريبية، ورفعوا بعض الشعارات الدينية المغلوطة، نأتي ونعمم الحكم على الكثرة الكاثرة من شبابنا، الذين نشهد الله أنهم بحمد الله على استقامة وصلاح وبعد عن هذه الأفكار .. سبحان الله ، ما لكم كيف تحكمون .
وقد وقفت على قصة مؤلمة لشاب عمره خمسة عشر عاماً ، اسمه خالد .. كان هذا الشاب (كما أورد قصته صاحب كتاب الميلاد الجديد) يأتي إلى المسجد ويختلس النظرات إلى حلقة تحفيظ القرآن .. ثم يمضي .
مدرس الحلقة الأستاذ سلمان يقول: تعجبت من حال هذا الشاب .. ثم عزمت على التحدث معه .. التقيت به وعرضت عليه أن يشارك إخوانه في الحلقة بالمسجد.. وافق على الفور.. لكنه كان متلعثماً.. مضت الأيام وخالد نشيط في الحفظ.. لم أنكر عليه إلا شروده وتفكيره الطويل.
وفي إحدى الليالي .. خرجنا في رحلة بحرية .. فرأيت خالداً جالساً على الشاطيء .. اقتربت منه فإذا هو يبكي .. سألته عن سبب بكائه .. فقال: إني أحبكم وأحب القرآن وأهله ، لكن أبي دائماً يحذرني من مصاحبتكم .. إنه يكرهكم .. إنه يخوفني منكم .(3/205)
لقد اكتشف أبي أني التحقت بالحلقة .. وفي تلك الليلة جلسنا على مائدة العشاء ففاجأني وقال : يا خالد ، سمعت أنك تمشي المطاوعة .. انعقد لساني من الخوف .. ولم ينتظر مني جواباً ، بل تناول إبريق الشاي ورماه بقوة على وجهي .. وقعت على الأرض .. حملتني أمي ، فقال لها : اتركيه وإلا أصابك ما أصابه .
وبعد ذلك الموقف ، كان أبي يضربني ويشتمني ويرميني بأي شيء يجده أمامه .. حتى امتلأ قلبي بالحقد عليه .
يقول الأستاذ سلمان : سرت إلى منزل والد خالد للتحدث معه وإقناعه .. طرقت الباب .. فخرج أبو خالد .. وقبل أن أتكلم أمسك بثيابي وشدني إليه وقال : أنت المطوع الذي يدرس خالداً في المسجد . قلت : نعم . قال : والله لو رأيتك تمشي معه مرة أخرى كسرت رجلك .. ثم بصق في وجهي .. وأغلق الباب بقوة .
مرت الأيام وكان أبو خالد يمنعه من رؤيتنا وزيارتنا .. ثم انتقلت عائلته إلى الحي المجاور . وبعد عدة سنوات .. صليت العشاء في المسجد فإذا بيد غليظة تمسك بكتفي من الخلف .. التفت فإذا بأبي خالد . سألته عن خالد .. فأخذ يبكي ويقول : أرجوك يا أستاذ سلمان لقد أصبح خالد شخصاً أخر غير الذي تعرفونه .. لقد كبر خالد وتعرف على شلة فاسدة .. وبدأ بالتدخين معهم فشتمته وضربته دون جدوى .. كان يسهر معهم إلى الفجر حتى أوقعوه في الخمور والمخدرات .. لقد أصبح يشتمني بلسانه .. ويضربني بيده .. ويركلني برجله وأنا أبوه .. أرجوك يا أستاذ سلمان .. زوروه .. خذوه معكم .. لا تتركوه لرفقاء السوء .
قلت له والعبرة تكاد تخنقني : يا عم .. ذاك زرعك .. وهذا حصادك .. ولكن دعني أحاول .
كان خالد يتهرب من مقابلتي .. حتى لقيته في أحد الشوارع .. ولما رآني عرفني على الفور .. وعرفته رغم تغير بعض ملامح وجهه .. أمسكت بيده بقوة .. لم يتمالك كل واحد منا مشاعره .. فتعانقنا .. ثم انفجرنا بالبكاء .
أخذته إلى المنزل ..وفتحت له أبواب الأمل .. ودعوته إلى التوبة النصوح .. أرجوك يا خالد .. تب إلى الله .. عد كما كنت .. لكنه قال : لا أستطيع يا أستاذ .. لا أستطيع .. لقد فات الأوان .. إنني الآن لا أصبر عن المخدرات .. لا أصبر عن النساء والشهوات .. فدعوني أسير في هذا الطريق .. حتى يقضيَ الله علي ما يشاء .
يقول الأستاذ : مضت الأيام .. وفي إحدى الليالي خرجت لشراء دواء لأحد أطفالي من إحدى الصيدليات المجاورة .. مررت على منزل خالد .. فرأيت سيارات الشرطة عند المنزل .. توقفت ونزلت من سيارتي فإذا بأحد أخوة خالد يبكي على الباب . سألته عن الخبر .. فقال إن خالداً عاد إلى المنزل قرب الفجر وكان مخموراً سكران .. فخرج إليه أبي وطرده عن الباب .. لكنه شتم أبي وحاول أن يمد يده عليه .. فقام أبي بضربه بعصا غليظةٍ على رأسه .. فاندفع خالد وأخرج سكيناً من جيبه وطعن بها أبي عدة طعنات .
يقول الأستاذ : حُمِل الوالد إلى المستشفى ، ومات هناك متأثراً بطعنات ولده .. وبعد موته خرجنا في جنازته .. ودفناه في قبره .. وبقي خالد في السجن .. يعض أصابع الندم .. ولات حين مندم .
( ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلاً ، يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلاناً خليلاً ، لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولاً )
إنها مأساة .. وأي مأساة .. يوم أن يجني الوالد جزاء تفريطِه .. ومنعِه الخيرَ عن ولده .. إخواني ، لست والله بشاعر ، لكني كنت أتأمل هذه القصة المؤثرة فأخذتني المشاعر، وكتبت هذه الأبيات الخفيفة على لسان هذا الشاب .
أبي قتلت شبابي وفيكَ كان مصابي
ياحسرتي وعذابي وبؤسَ قلبي الحَزونِ
كنت الرجا في حياتي والنورَ في الظلماتِ
فكان منك شتاتي خيبت كل ظنوني
حرمتني من رفاقي أهلِ الضحى والعِتاق
ولم أزل في اشتياقي ترنو إليهم عيوني
صحبتُ أهل الحرام بخمرة ومَدامِ
وحبةٍ وسقامِ رأيت فيها جنوني
يزداد في القلب همي إذا ذكرتك أمي
وبين لحمي وعظمي نار تذيب شجوني
أماه عفوك أرجو علّي من النار أنجو
أشكو إليك وأشجو أماه فلتعذريني
أنا الذي كنت أحيا بالأمس في شر دنيا
وزادني الذنب غياً فيا ضياع سنيني
ختاماً ، إني داعٍ فأمنوا بقلوب موقنة .
يا ربي ، إني أسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى وباسمك الأعظم الذي إذا سئلت به أعطيت وإذا دعيت به أجبت، أن تصلح نياتنا وذرياتنا .. وأن تحفظ شبابنا ونساءنا وأن تنبتهم نباتاً حسناً ، ربنا وتقبل دعاء .. ربنا اجعلهم قرة عين في الحال والمآل .. واعصمنا وإياهم من الغي والضلال .. وجنبنا وإياهم الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن .. ربنا ثبت مهتديهم ، ورد ضالهم إليك رداً جميلاً ، يا رب العالمين .
وصلِّ الله وسلِّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
===============
العبثية
إعداد الندوة العالمية للشباب الإسلامي
التعريف :
العبثية مدرسة أدبية فكرية، تدعي أن الإنسان ضائع لم يعد لسلوكه معنى في الحياة المعاصرة، ولم يعد لأفكاره مضمون وإنما هو يجتر أفكاره لأنه فقد القدرة على رؤية الأشياء بحجمها الطبيعي ، نتيجة للرغبة في سيطرة الآلة على الحياة لتكون في خدمة الإنسان حيث انقلب الأمر فأصبح الإنسان في خدمة الآلة، وتحول الناس إلى تروس في هذه الآلة الاجتماعية الكبيرة. وجاءت مدرسة العبث كمرآة تعكس وتكبِّر ما يعاني منه إنسان النصف الثاني من القرن العشرين عن طريق تجسيده في أعمال مسرحية ورواية شعرية، لعله ينجح في التخلص من هذا الانفلات في حياته ويفتح الطريق أمام ثورة هائلة في الإمكانيات ومن التجديد في وسائل التعبير فيتولد لديه الانسجام والفهم لما يحدث.
التأسيس وأبرز الشخصيات:
= نشأ مذهب(*) العبث في الأدب الأوروبي وانتقل إلى الآداب العالمية المعاصرة بصفة عامة، والدول التي عانت من الحرب العالمية الأولى والثانية بصفة خاصة، وهي الدول التي فقدت ثقتها في مجرد المسلك العقلي المنطقي الذي يمكن أن يدمر في لحظات كل ما يبنيه الإنسان من مدنية عندما تحكمه شهوة السيطرة والتدمير، كما فعل هتلر في الحرب العالمية الثانية.
= ومن العبث التفتيش عن معنى للسلوك الإنساني، في رأي أصحاب مذهب العبث؛ فإن الآلة التي اخترعها الإنسان قد سيطرت عليه، وأصبح هو نفسه ترساً فيها، مما أدى إلى إحساسه بالعبث والضياع في المضحك المؤلم.
= ومن أبرز شخصيات مذهب العبث الفرنسيين:
- صامويل بيكيت 1906م 000 الرائد الأول لمذهب العبث، وقد ألف في جميع الأشكال الأدبية، ومنح جائزة نوبل عام 1969م.
- أوجين يونسكو 1912-0000 وهو كاتب فرنسي ويعد من أركان مسرح اللامعقول.
الأفكار والمعتقدات:
= يمكن إجمال أفكار ومعتقدات مذهب(*) العبثية الأدبي والفكري فيما يلي:
- انعدام المعنى والمضمون وراء السلوك الإنساني في العالم المعاصر وذلك نتيجة ما قيل إنه الفراغ الروحي والابتعاد عن الإيمان الذي لا يكون للحياة معنى وغاية بدونه.
- إن الآلة التي سيطرت على الإنسان في المدنية الغربية، أدت إلى تحلل المجتمع وتفككه ولم يعد هناك روابط أسرية أو اجتماعية.
- إن تصوير الحياة المعاصرة وما فيها من تشتت وفقدان للرؤية الواضحة ورتابة مملة، وقلق وعدم أمان، يحول الحياة إلى وجود لا طعم فيه ولا معنى.
- التأثر بآراء فرويد في علم النفس التحليلي وما فيه من إيحاءات وأحلام وخيالات وأوهام.
- الخوف والرهبة من الكون، وهذا الخوف يقضي على كل تفكير عقلاني متماسك.
إتباع أسلوب الألغاز والغموض في التعبير، حيث لا يفهم النقاد ما ينتجون من أدب وشعر.(3/206)
الجذور الفكرية والعقائدية:
= تعد مدرسة السريالية الفرنسية الأساس لمذهب العبث، وذلك لما تحويه من شطحات العقل الباطن، وهلوسة عالم الأحلام الزاخر بالهواجس والآلام والآمال.
= كما تعد المدرسة الرمزية من جذور مذهب العبث وما تحويه من صور مشوشة مضطربة تجمع بين الجمال والقبح والأسطورة والواقع، كذلك فإن آراء فرويد النفسية وما تحويه من إيحاءات وأحلام نتيجة تحليله النفسي للمرضى والمعتوهين تعتبر من الجذور الفكرية لمذهب العبث.
أماكن الانتشار:
بدأ مذهب العبثية في فرنسا ثم انتشر في كافة أوروبا والعالم الغربي خاصة.
ويتضح مما سبق :
أن العبثية مدرسة أدبية فكرية لا تقيد نفسها بكثير من القيم الإنسانية، ولا ترى أن هناك أي مضمون حقيقي وراء السلوك الإنساني، الذي تحلل في المجتمع الغربي بسبب سيطرة الآلة على مسارات الحياة حتى أنها جعلت الإنسان ترساً في هذه الآلة الضخمة. وقد تأثرت هذه المدرسة بآراء فرويد في علم النفس التحليلي وما فيه من أحلام وأوهام وخيالات، وترى وجوب إتباع أسلوب الغموض والألغاز في التعبير بحيث لا يفهم النقاد نتاج هذه المدرسة التي يقوم فكرها على أساس الخوف من الكون والرهبة منه وهو خوف يقضي على كل تفكير عقلاني. ومع كل ما تقدم فإنها ترجع ضياع الإنسان في الغرب إلى الفراغ الروحي، ولكنها لا تلزم نفسها بأية قيم دينية سلفاً، ولذا وجب النظر إلى نتاجها الفكري بحذر واهتمام.
-----------------------------------------------------------
مراجع للتوسع :
- المذاهب الأدبية من الكلاسيكية إلى العبثية، للدكتور. نبيل راغب مكتبة مصر - القاهرة.
- الأدب المقارن، د. محمد عفيفي هلال، دار العروة، بيروت.
- في الأدب، د. محمد مندور.
- الأدب ومذاهبه، د. محمد مندور.
- المذاهب الأدبية الكبرى في فرنسا، ترجمة فريد أنطونيوس (سلسلة زدني علماً).
- الفوضوية، هنري أرفون (سلسلة زدني علماً).
- الجمالية الفوضوية، أندريه رستسلر (سلسل زدني علماً).
مراجع أجنبية:
- De Segur. Histoire de la letterature Europeenne. Paris. 1959.
- Lanson: Histoire de la letterature Francaise, Paris, 1960.
- Caramian (L) Symbolisme et poesie, l'Exemple anglais. Paris. 1947.
- Clouard (H). Histoire de la letterture Francaise du Symbolisme a nos jurs 1944 - 1949.
==============
مقترحات علمية لاستغلال الإجازة الصيفية
عبدالسلام بن صالح العييري
الحمد لله و الصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
هذه جملة مختصرة من المقترحات العلمية أقدمها لوزارة الشؤون الإسلامية و لجميع المؤسسات الخيرية و لدور التحفيظ النسائية و للمراكز الصيفية ولكل مجموعة يريدون المواصلة في العلم الشرعي .
راعيت فيها الشمول و الاختصار حتى تشمل شريحة كبيرة من المقبلين على العلم الذين لا يجدون أحدا يشرح لهم الكتب و سأذكر منها نماذج على سبيل المثال لا الحصر:
أ . وضع مسابقات مختلفة على كثير من الكتب فعلى سبيل المثال :
1. للخطباء : مسابقة في كتاب الشامل في فقه الخطيب و الخطبة للشيخ سعود الشريم أو شرح كتاب الجمعة من الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين رحمه الله مع شرح كتاب الجمعة من بلوغ المرام من توضيح الأحكام .
2. للأئمة مسابقة في أحكام الإمامة من كتب الصلاة في الفقه مثل كتاب الصلاة الملخص الفقهي أو الشرح الممتع.
3. للمؤذنين مسابقة في كتاب الأذان من أحد الكتب الفقهية مع فتاوى اللجنة الدائمة في كتاب الأذان .
4. لجماعة المسجد أي كتاب مختصر في فتاوى الصلاة مثل كتاب سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله.
5. للمرأة كتب كثيرة منها فتاوى المرأة المسلمة .
6. لمجموعات الشباب المقبلين على العلم عدة كتب:
1. توجيهات في طلب العلم وكيفية طلب العلم و آدابه .
2. الدروس المهمة لعامة الأمة كتيب مختصر شامل للشيخ ابن باز .
3. كتب تربوية هادفة للشباب .
ب. حفظ القرآن أو أجزاء منه و حفظ بعض المتون العلمية المختصرة.
و لإجراء المسابقات فيها طرق كثيرة.
ج. تلخيص كتب أو أشرطه مع وضع جوائز لها.
د. كتابة بعض الشروح العلمية المسجلة.
هـ. المسابقات الموسمية :
في رمضان مسابقات خفيفة لجماعة المسجد.
قبل رمضان مسابقة على كتاب الصيام من الشرح الممتع أو غيره من الكتب.
و قبل الحج اختبار على نفس الطريقة من كتاب الحج أو أي كتاب مقترح في المناسك.
وقد تتبنى بعض حملات الحج هذه المسابقة أو وضع جوائز لها أو رحلة للعمرة أو الحج مجانية لبعض الفائزين.
و. البحوث العلمية موضوعات كثيرة تطرح و يكتب فيها صفحات محددة لا تنقص عليها.
و يعطى الباحث أهم طرق البحث المختصرة فمثلاً:
1. السلام أحكام و آداب
2. أحكام المريض في الشريعة
3. أحكام المسافر
4. تحضير خطبة نموذجيه عن الشباب و الفراغ ثم تعمم على مواقع الانترنت لمن أراد الاستفادة منها.
ز. دورة في الإلقاء و الخطابة دراسة نظريه و تطبيقيه.
ح. يستطيع كل شخصين فأكثر التواصي على العلم بـ :
1. حفظ بعض الأجزاء من القرآن .
2. مراجعة القرآن.
3. حفظ بعض الأحاديث و القراءة في شروحها.
4. تحديد كتاب يدرسه كل شخص لوحده ثم يحددون كل يوم 10 صفحات يختبر بعضهم بعضا فمثلا شرح لمعة الاعتقاد للشيخ ابن عثيمين كل واحد يقرأه ثم يجتمعون و يغلقون الكتب و يتساءلون و بهذا ينتهون من كتب كثيرة.
5. القراءة الجماعية من عدة كتب
1. انجاز كثير من كتب العلم.
2. تحبيب الناس للعلم و القراءة.
3. إشغال النفس وقت الفراغ بما ينفع.
كيفية تطبيق المقترحات
لا يلزم تطبيق كل الاقتراحات فيكفي بعضها مع التركيز و الجدية يتم من خلالها الوصول لكل شرائح المجتمع .
تنبيه :
1. من انتهى من أي مسابقة يعطى شهادة أنه اختبر في عدة كتب تذكر بأسمائها مع درجة الامتحان مع الختم يستطيع بعدها أن يشارك في إلقاء دروس و دورات علميه في المراكز الصيفية أو القرى و الهجر.
2. لا بد من استشارة أهل العلم في كل عمل علمي أو دعوي حتى يثمر .
3. قد ينفع المقترح لفئة و لا ينفع لأخرى.
4. الأسئلة و الاستشكالات تجمع كلها في دفتر واحد لكل شخ و يسأل أهل العلم عما أشكل عليه أو يستضاف أحد طلبة العلم ليجيب عن الإشكالات في كتاب الصيام مثلا أو الحج أو أي كتاب .
5. تحديد الوقت و التقيد بالمواعيد.
=============
أفكار للمعلمات
إشراقة أمل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حياك الله أخيتي الفاضلة ام سلمة واسعدك برؤيته يوم اسعدتنا بطلبك الرائع لطالما افتخرنا بك أخيه وبأمثالك من الأخوات الداعيات المصلحات حفظكن المولى ورعاكن وجعل ذلك في موازين حسناتكن ...
وما يحضرني الآن اخية كتاب قراته بمسمى .. أفكار للمتميزات
للفتاة وللام وللمعلمة وللداعية ولكل امراة متميزة
تقديم / فضيلة الشيخ الدكتور عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين
وتأليف / هناء بنت عبدالعزيز الصنيع
وسأضع بين يديك بإذن الله
جزء مما احتواه ذلك الكتاب تحت مسمى
افكار للمعلمات
أفكار للمعلمات
أ - أفكار للنشاط المدرسي
ومما ذكر تحت هذه النقطة التالي وسا شرح بعضه بإذن الله
1- الصندوق الدوار ..
2- لوحة المعلمات
3- لوحة الجيوب
4- فكرة سؤال الأسبوع
5- فكرة سؤال اليوم
6- فكرة للإذاعة المدرسية
7- صندوق الأسئلة العامة
8- فكرة المعلمة الصديقة
وشرحا لبعض تلك النقاط نختار ....
فكرة صندوق الأسئلة العامة(3/207)
يثبت على حائط المدرسة في مكان بارز صندوق صغير تضع فيه الطالبات الأسئلة التي تحيرهن ويرغبن في الاستفسار عنها في جميع مجالات الحياة بما فيها المشكلات التي قد تعاني منها الطالبة ويتم الإطلاع على ما في الصندوق أسبوعيا من قبل بعض المعلمات او الاخصائية الاجتماعية وتتم الإجابة من خلال لقاء أسبوعي مع الطالبات يخصص لذلك كما يتم من خلاله اختيار أحدى المشكلات التي وردت في الأسئلة ومناقشتها وإيجاد انسب الحلول لها .
من فوائد هذه الفكرة ...
أولا ...
الإطلاع على ما يشغل الطالبات من ما يجعلنا أكثر قربا منهن وأكثر قدرة على توجيههن بطريقة صحيحة ..
ثانيا ...
ان نكون نحن لا غيرنا اليد الحانية التي تمتد الى تلك الفتاة المسلمة الحائرة فتنتشلها من الضياع بعد ان قدمنا لها المشورة الصائبة من خلال جوابنا على سؤالها لان هناك كثيرون سيجيبون على أسئلة تلك الفتاة دون علم او تفكير او ربما بخبث متعمد يكون فيه ضياع تلك الفتاة البريئة ...
3- تقوية العلاقة بين المعلمة والطالبة وغيرهن ...
4- استفادة الطالبات المستمعات اللاتي حضرن هذا اللقاء الأسبوعي من أجوبة الأسئلة وحلول المشكلات المطروحة مما يساعدهن على حسن التصرف بما لو مررن بحالات مشابهة ..
فكرة المعلمة الصديقة
وذلك بتخصيص حصة في الأسبوع للتوعية والإرشاد وتوظف لها إحدى المعلمات المميزات بالصلاح والحكمة والقدرة على التأثير ويكون لهذه المعلمة جدول معين تسير عليه ينظم أوقات دخولها إلى الفصول للمراحل المختلفة
ماذا تفعلين أيتها المعلمة الصديقة أثناء الحصة ...
أقول لك :
أنت أنسانة رائعة بلا شك لأنك رشحت لهذا العمل الجليل لذلك تستطيعين ان تفعلي الكثير واليك بعض الأفكار ...
1- تبسطي في الحديث مع الطالبات دون ان تفقدي احترامك وهيبتك في قلوبهن
2- إسألي الطالبات عن همومهن وناقشيهن في بعض الحلول ونتائجها مع التوجيه غير المباشر .
3- تحدثي معهن عن شي من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وخاصة ما يتعلق بالنساء فان ذلك سيسعدهن كثيرا ...
4- كذلك لا تنسي قصص السلف الصالح مع ربطها بالواقع واستمعي الى تعليقاتهن بعد نهاية الحصة ...
5- ابدئي في الحديث عن قضية مهمة ولتكن قضية حيوية من قضايا الساعة واستمعي إلى الآراء المتضاربة ثم ساهمي بالتوجيه بطريقة ذكية تقنع الطالبات بالصواب دون ان يشعرن بالملل ...
6- احضري قصاصة صغيرة من إحدى الصحف تحتوي على خبر ما واقرئي على الطالبات ثم اطلبي منهن التعليق على ما سمعن ولا تنسي ان تكوني مستمعة جيدة وأديري دفة الحوار وشاركي فيه ، ثم اختميه بتلخيص صحيح يوصل إلى الرأي الصحيح الذي أحببت ان تتعرف عليه الطالبات ...
7- اروي شيئا من القصص المعاصرة الهادفة واربطيها بالدين واستخرجي فوائدها من أفواه الطالبات ...
8- هل فكرت ان تروي لطالباتك قصة كفاحك في الحياة وبعض المشكلات التي واجهتيها وكيف تغلبتي عليها بحكمة نعم افعلي ذلك فالطالبات يسعدهن ان يتعرفن عليك أكثر وبودهن ان يستفدن من خبراتك في الحياة فلا تحرميهن ...
9- المعلمة الصديقة أيضا لا تنسى ان الطالبات تعجبهن المعلمة المرحة فما المانع من القيام ببعض الاستراحة الخفيفة بالفصل كالألغاز والمساجلة الشعرية وغيرها ...
فلكي تكسبي اهتمام الطالبات وحبهن لابد ان تروحي عنهن قليلا أثناء حصتك وستجدينهن ينتظرون قدومك ويفرحن بحصة المعلمة الصديقة
أفكار اللوحة الحائطية
أولا ... العقيدة
1- لوحة الأديان والفرق الضالة
2- لوحة أسماء الله الحسنى
3- لوحة ألفاظ العقيدة
4- لوحة فتاوى في العقيدة
ثانيا ... تراجم وسير
1- لوحة هل تعرفينهم
لوحة فتاوى في العقيدة كمثال :
في هذه اللوحة تقومين بتعليق فتاوى خاصة بالعقيدة وستجدينها في المكتبات مطبوعة على أوراق ملونة كما يمكن نقلها من المجلدات الخاصة بالفتاوى عند اطلاعك على القسم الخاص بفتاوى العقيدة كذلك تستطيعن عمل لوحة حائطية خاصة بالفقه تعلقين عليها الفتاوى الفقهية كالطهارة ونحوها .
أفكار لحصص الانتظار
الفكرة الأولى ...
ان تقضي الطالبات وقت حصة الفراغ في المصلى لسماع شريط نافع برفقة المعلمة
الفكرة الثانية
يوزع على الطالبات قصص او مجلات إسلامية هادفة لقراءتها ...
ثمرة الفكرتين السابقتين
1- تتعلم الطالبة أمور دينها فسماعها للشريط عبارة عن طلب علم شرعي ..
2- تتعود الطالبة على طلب العلم الشرعي من خلال سماعها للشريط
3- تتعرف الطالبة على العلماء والدعاة من خلال سماع اشرطتهم وقد تقوم هي فيما بعد باقتناء اشرطة بعضهم للاستفادة منها ..
4- تتعرف الطالبة على المجلات الجيدة وربما تشترك فيها وتداوم على قراءتها
5- مساعدة الطالبة على استغلال فراغها بشي مفيد ...
الفكرة الثالثة ...
أيتها المعلمة ... يا نفحة الورد ...
عند دخولك حصص الانتظار لغياب معلمة المادة اقترحي على الطالبات ان يقضين هذا الوقت الطويل بشي ممتع ومفيد للجميع ...
سيوافقك بعضهن عندها اطلبي من الجميع ان يخرجن ورقة وقلم وان يجبن بصراحة وصدق ثم اطرحي عليهن سؤالا واحدا فقط ...
أمثلة للأسئلة المقترحة ...
ما رايك في ..... ؟
بامكانك عزيزتي المعلمة اختيار احدى الأمور التالية ووضع سؤال حوله
(( الحجاب .. الصديقة .. الوالدين ... المدرسة ... الفراغ ... مصلى المدرسة شهر رمضان ... ))
أو لماذا أنت طفشانة ؟؟ وهكذا دواليك
مع مراعاة ان تطرحي على كل فصل تدخلين إليه حصة انتظار سؤالا جديدا غير الذي طرحتيه على الفصول الأخرى ...
عزيزتي ... امنحي الطالبات فرصة للإجابة ولتكن عشر دقائق تقريبا
ثم قومي بجمع الأوراق وابدئي بقراءتها ورقة تلو الأخرى على مسامع الطالبات
مع التعليق والمناقشة حول كل ورقة تقراينها وذلك بسماع تعليقات الطالبات اولا ثم تعلقين عليها بطريقة تتسم باحترام صاحبة الورقة .. مع مناقشة الراي وتفنيده والثناء على الصواب فيه وتقويم ما اعوج منه ...
الثمرة من ذلك ...
1- ان تتعرف المعلمة على ما تفكر به الطالبات وما يجول في خواطرهن حتى تستطيع تحديد نوع المساعدة التي تقدمها لهن
2- توجيه الطالبات اذا احتجن والثناء عليهن اذا أحسن ... فهذا له اثر عظيم في الثبات على الخير ...
3- هدم الحواجز النفسية بين المعلمة والطالبة كي تستفيد الطالبة من خبرات معلمتها ...
4- تصحيح الأخطاء الإملائية عند الطالبات ...
5- المساهمة في معالجة المنكرات والمعتقدات الخاطئة الموجودة في المجتمع عامة وبين الطالبات خاصة لان هؤلاء الطالبات يشكلن شريحة لا يستهان بها من المجتمع الذي نعيش فيه
6- استفادة الطالبة الشي الكثير خلال حصة الانتظار التي كانت ستذهب في العبث واللهو دون فائدة ...
أفكار لمصلى المدرسة
كيف تجذبين الطالبات إلى مصلى المدرسة ... ؟
1- مكبر الصوت : بعض الطالبات لا تفكر بدخول المصلى والاستفادة من النشاطات الجيدة المطروحة ولعل من أهم أسباب ذلك جهل الطالبة بما يدور داخل المصلى من فائدة ومتعة حقيقية فيجعلها ذلك تزهد في قضاء بعض الوقت في المصلى المدرسي ولعل من المناسب عمله لترغيب الطالبات بالحضور الى المصلى والاستفادة منه ان يوضع سلك كهربائي يمتد من مكبر الصوت الموجود داخل المصلى وينتهي بمكبر اخر للصوت يوضع في جانب من ساحة المدرسة فقد تلتقط اذن الطالبة بعض الكلمات التي تثير فضولها فتذهب مسرعة الى المصلى لتشبع ذلك الفضول فتكون البداية بإذن الله هذه الفكرة مجربة وقد نجحت جدا بحمد الله ...(3/208)
ملاحظة : ينبغي مراعاة خفض الصوت المكبر حتى لا يكون مصدر أذى وإزعاج وتكون نتائج سلبية ...
2- الإعلانات المبكرة ..
3- التنويع في طرق الإعلام ...
4- الابتكار في طريقة الاعلام ...
هناك طرق كثيرة منها ...
السؤال المثير ...
وفيه يكون الإعلان عبارة عن سؤال مثير مكتوب تحته ستعرفين الإجابة في المصلى مع تحديد اليوم والزمن للأهمية ...
السحب على الجوائز ...
من الأساليب الجذابة أيضا ...
الإعلان عن سحب جائزة للطالبات العشرين الأوليات اللواتي يأتين إلى المصلى لحضور النشاط الذي سيقام فيه غدا...
وذلك بان تقف الطالبة عند باب المصلى وتقدم أوراق مرقمة من نوع خاص لأول عشرين طالبة عند دخولهن للمصلى المدرسي وفي نهاية نشاط المصلى لذلك اليوم يتم السحب على رقمين او ثلاثة وتسلم لهن الجوائز وسط جو من البهجة والمرح
* فكرة توزيع الأدوار
عزيزتي المعلمة الداعية ..
يا بسمة القلب .. يا مشعلا للدرب ..
حاولي دائماً توزيع الأوار في نشاط المصلى المدرسي بينك وبين زميلاتك المعلمات ومن تثقين بهن من الطالبات الجيدات حتى يخف عنك العبء قليلاً فتتمكني من مواصلة طريقك والانتاج بشكل أفضل ومستمر .
* فكرة كل أسبوع معلمة ومشرفة
يوضع جدول بين المعلمات الفاضلات بحيث يكون هناك إشراف أسبوعي على المصلى يتنقل بين المعلمات حتى تتوزع الأدوار ويتنوع الانتاج والأفكار مما يعود بالخير الكثير على الطالبات والمعلمات .
* فكرة كل يوم درس مختلف
مثال : السبت درس عقيدة ، الأحد : درس تفسير ، الاثنين : درس حديث ، الثلاثاء : درس فقه ، الأربعاء : درس سيرة .
إذا كانت هذه الدروس ستُلقى في فترة الفسحة فلا بد من الاستفادة من الفترة الصباحية قبل دخول الفصول بالتلاوة والتجويد ، بالحفظ والمتابعة وكل ما يتعلق بكتاب الله الكريم .
* في حلقة القران الكريم الصباحية في مصلى المدرسة ...
تستطيع المعلمة ان تعد برامج متنوعة
كمثال :
السبت : درس تجويد + تطبيق
الأحد : تلاوة تطبيقية من الطالبات للدرس الجديد
الاثنين : مسابقة ولكن بشرط ان تتعلق بكتاب الله
مثلا ... مسابقة في إكمال الآيات وتحديد السور التي فيها الآية وتفسير الآية وسبب النزول وأحكام التجويد ومعاني الكلمات ... الخ
الثلاثاء : متابعة حفظ
فكل طالبة تقوم بتسميع ما ترغب في حفظه
الأربعاء : الحفظ الأسبوعي
في هذا اليوم تقوم المعلمة بتسميع آيات معينة او سور معينة كانت قد حددتها للطالبات في الأسبوع الماضي ضمن نشاط الحفظ الأسبوعي
مثال .. اخر سورة البقرة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه "
* فكرة يوم الطالبة الداعية
يحدد في الأسبوع يوم تقوم الطالبات فيه بإعداد وتقديم النشاط بالمصلى بإشراف إحدى المعلمات ..
ومن ضمن النشاط المطروح ان تلقي إحدى الطالبات كلمة مفيدة على زميلاتها بعد ان تعرضها على المعلمة للإطلاع عليها وتنقيحها ...
وبعد فراغ الطالبة من كلمتها تنفرد فيها المعلمة فيما بعد وتنقدها وتقوم بتوجيهها لإعداد داعية المستقبل المشرق ...
الثمرة ...
1- تتعود الطالبة على النشاط والحركة الايجابية والبعد عن الجمود والسلبية
2- تنمية الشعور بمسؤولية توجيه المسلمات في المدرسة خاصة وفي العالم عامة ..
3- تكتسب الطالبة خبرة لا يستهان بها في مجال الدعوة الى الخير من خلال احتكاكها المستمر في المصلى بمعلماتها الداعيات والطالبات المستقيمات حيث تستفيد منهن بالمشاهدة والمعايشة ...
4- إعداد داعيات الغد الباسم وشمعات الزمن القادم ...
5- اكتشاف المواهب الجيدة وصقلها ...
6 - فرصة للطالبات لكي يبدعن ويعبرن عن حاجاتهن ... كما ان هنالك بالكتاب أفكار لمسابقات مختلفة ...
ختاما أيتها المعلمة الفاضلة ...
نوصيك ببنات المسلمين خيرا فأرفقي بهن وحاولي جذبهن إليك وكسب ودهن وذلك من خلال مراعاتك لهن فهن طالبات قد تكدست عليهن الواجبات والاختبارات فانقشي في دربك قوله صلى الله عليه وسلم : " ان الرفق لا يكون في شي إلا زانه ولا ينزع من شي إلا شانه " حفظك المولى ورعاك
أخيتي الغالية ... أم سلمة
هذا ما أسعفني الوقت لكتابته
سائلة المولى ان يحوز على رضاك وان ينفع به ...
أختكم في الله ...
إشراقة أمل
==============
أفكار مقترحة لاستغلال الإجازة الصيفية
رائد بن صالح النعيم - الأحساء
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين وعلى آله وصحبه الغر الميامين وبعد :
أيها الإخوة الأحباب الأفاضل/
جاءت إجازة الصيف، كل بيت يستعد لها بطريقته الخاصة، تمر الأيام بسرعة دون أن نلحظ، ويكبر صغارنا أسرع مما نتخيل، حتى أن الأم تقول: لا أعرف متى أصبح عمرك ثلاثين أو أربعين سنة.
أيها الأحباب الأفاضل نحن على أبواب الإجازة الصيفية الطويلة، تلك الإجازة التي ينتظرها ملايين الطلاب والطالبات من أبنائنا ؛ ليستريحوا بها من عناء السهر والمذاكرة والذهاب يومياً إلى المدارس والجامعات والمعاهد .
.. أخيراً هلّت علينا شهور الإجازة؛ وقد ودعنا المدارس والكراسات والكتب المدرسية وأغلقنا الباب وراء الاستيقاظ باكراً والنوم مع العصافير.. وفتحنا الأبواب على مصراعيها للرحلات والزيارات، للأعراس والسهر؛ وإلى غير ذلك .
أيها الإخوة/
هذه الإجازة لا ينبغي أن تكون عطلة من العمل ، فليس في حياة المسلم " عطلة " وإنما سعيه دائم وعمله مستمر حتى الموت يقول الحق تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاقِيهِ} .
كما أن هذه الإجازة ليست فرصة للمعاصي والمنكرات ، فما دمنا نأكل من رزق الله ، ونمشي على أرضه ، ونستظل بسمائه ، ونستنشق هواءه ، فلا ينبغي لنا أن نعصيه في طرفة عين ، لا في سفرنا ولا في إقامتنا .
أيها الإخوة .. أقبلت العطلة والله أعلم بما غيَّبت من الأقدار والأخبار ..
الله أعلم !!كم فيها من رحمة تنتظر السعداء !!
وكم فيها من بلية ومصيبة تنتظر المبتلين والأشقياء !!
- نسأل الله العظيم رب العرش العظيم بمنه وكرمه وهو أرحم الراحمين أن يجعل ما وهب لنا من زيادة العمر زيادة لنا في كل خير وأن يعصمنا فيها من كل بلاء وشر.
وحول موضوعنا أُجري استبيان حول استغلال الإجازة الصيفية فكان كالتالي:
- هل وضعت برنامجاً لاستغلال الإجازة الصيفية ؟
نعم
32.46% (832)
لا
43.70% (1120)
لم أفكر بالأمر
23.84% (611)
مجموع الأصوات: 2563
من خلال هذا الاستبيان تأتي أسئلة كثيرة.. تدور في أذهان كثير من الناس، كيف أقضي الإجازة؟ كيف أستفيد من الفراغ الطويل؟ أين أقضي الإجازة؟ ما البرامج المناسبة التي عليّ أن أطبقها في هذه الإجازة الطويلة!!
تَجِد أنه لا أب ولا شاب راض ولا مجتمع مرتاح ، بالكيفية التي نستفيد منها من الإجازة الصيفية .
فها هو العام الدراسي قد انتهى لتبدأ الإجازة الصيفية لطلاب المدارس والجامعات وأساتذتهم .
سيتّجِه الأطفال لمنازلهم واللعب بالشوارع والنزول للأسواق والشوارع العامة التي تخلق مشاكل يومية نتيجة الاحتكاك واتجاه الشباب لقضاء أوقات الفراغ في ممارسة أي عمل أو نشاط قد يقود للانحراف والجريمة وإيذاء المسلمين .. ويكفي أن يلاحظ أولياء الأمور المشاكل اليومية التي تحدث نتيجة بقاء أولادهم في المنازل طوال ساعات النهار وما يسببونه من ضغط و أعصاب ووجع رأس تجعله يسأل متى تبدأ الدراسة ، ومتى تفتح المدارس أبوابها .
وهذه بعض الأفكار المقترحة لاستغلال الإجازة الصيفية(3/209)
وقبل ذلك لابد لنا من الأمور التالية:
أولاً / لابد لنا من معرفة قيمة الوقت؛ ومن ذلك قَوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ:[ لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عن أربع وذكر منها.. عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ] رواه الترمذي
سؤال الله الإخلاص والإعانة والتوفيق والسداد.
يقول ابن مسعود : "إني لأمقت الرجل أن يكون فارغا ليس هو في عمل الدنيا أوالآخرة".
ثانياً / لابد من وضع أهداف لهذه الإجازة.
ثالثاً / التخطيط المسبق.
أفكار للصغار (10سنوات فأقل) :
(كلامي هذا ليس لمن لا يجد فراغا للجلوس مع أبناءه.. بل لمن يجلس معهم ويأخذ بأيديهم ويحرص عليهم).
o استغلال طاقاتهم الكامنة؛ وعدم التفريط فيها.
o وضع هدف لهم في حفظ جزء معين من القران أو شئ من السنة (وبالأخص الأذكار الشرعية الهامة مثل: الصباح والمساء - الصلاة- النوم-الخلاء...) وممكن الاستفادة من كتيب حصن المسلم لما فيه من الفائدة العظيمة أو من خلال الأشرطة التعليمية أو كراسات التلوين فهي نافعة له؛ فالطفل لا ينسَ في الغالب - لنتذكر قصة ذلك الطفل الذي حفظ القران وعمره 7 سنوات - وكذلك أطفال في الصف الثاني الابتدائي يحفظون الأربعين النووية ويتنافسون فيها ..وغيرها من القصص والشواهد على ذلك...
أفكار للطلاب(10سنوات فأكثر) :
o توجيه الطلاب للمراكز الصيفية؛ لما فيها من النفع العظيم.
o الذهاب بهم للعمرة..(وعدم تسريحهم هناك).
o شراء بعض المجلات النافعة لهم وإشراكهم فيها.
o التركيز على معالجة قلوب أبنائنا مثل ما نعالج أجسادهم.
o تحبيب أبنائنا للعلم(العلماء وتقديرهم- المحاضرات العامة- للمكتبات).
o الانتباه لهم في استخدام "الدش" ومشاكله (خاصة إذا وضع في الملحق أو الديوانيات أو المزارع).
o الانتباه لهم في استخدام الكومبيوتر والإنترنت والبلاي ستيشن.
o رفع مستوى الضعف في جانب معين " مثل الإملاء أو تنمية الاستيعاب أو التدرب على مهارة التركيزأو القراءة السريعة.. وغيرها".
o تعويدهم على المكث في المساجد والتبكير إليها والحرص على نظافتها.
o الخروج معهم إلى الحدائق والأماكن العامة مع التحفظ بالآداب الشرعية والحشمة والحرص على الأمكنة وتركها خيرا مما كان.
أفكار عامة للكبار/
o الحرص على الدورات الصيفية التي في المراكز الصيفية والمساجد؛ فهي دائما هامة.
o الحرص على دورات الحاسب الآلي وغيرها من الدورات التي تعود بالنفع .
o مزاولة الرياضة مع الالتزام بالآداب الشرعية.
o وضع هدف لحفظ أو قراءة شئ من القران أو الأحاديث.
o المشاركة في الرحلات الدعوية للهجر والقرى.
o المشاركة في المؤسسات الخيرية.
o زيارة المعارض الدعوية والخيرية في داخل البلد وخارجه.
o الذهاب للتسجيلات الإسلامية وشراء بعض الأشرطة ووضع جدولة لسماعها.
o الحرص على القراءة واختيار الكتاب النافع وجعله خير جليس في كل مكان وزمان."ولنتذكّر أن هناك من يقرأ الجرائد الرياضية لساعات طويلة!! ولو جعلها فيما ينفعه لكان خيراً وأولى..".
o الحذر من التقاعس عن العبادات والميل إلى المحرمات الصغيرة والتهاون فيها..وخاصة عند السفر.
o الدعوة إلى الله بأقل ما تستطيع "مثل ذلك الرجل العامي الذي يدعو إلى الله عن طريق وضع لافتة خلف سيارته تخبر أنه:"من يريد أن يعرف عن الإسلام شيئاً فليوقفني" فإذا أوقفه أحد جعله يختار من حقيبة خاصة بالمطويات الدعوية ذات اللغات المتعددة من مكتب توعية الجاليات لعله أن ينتفع بها.
o عند الذهاب للسفر / لابد من حمل الهم الدعوي في كل زمان ومكان.
o دعوة سائق الليموزين وتعليمه شيئا من الأذكار أو إفادته بأي شئ نافع له وإهدائه شريط إسلامي.
o مع سائق الحافلة (وضع بعض الأشرطة المرئية والمسموعة في الحافلة).
o مع الفنادق "شراء كروت الأذكار" وهي رخيصة"...ووضعها عند الاستقبال أو في الغرف.
o عدم إضاعة الصلاة عن وقتها والتهاون فيها.
o الانتباه للأولاد حال السفر؛ ومراقبتهم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
o شراء بعضاً من المصاحف والكتيبات والكروت والأشرطة (و كذلك كل ما يحث على الإسلام والتحلّي به ) وتوزيعها حال السفر وجعلها من مصاريف السفر.
وأخيراً هذا جَهدي فيما أملك .. واللهَ أسأل لي ولكم الإخلاص في الأقوال والأعمال.. وأن ينفعنا بما قلنا وما هذه إلا نزرٌ يسير وجهدٌ مُقل مما هو موجود عندك أخي القارئ الكريم ولكن أحببت المشاركة معكم ..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته... ولاتنسونا من خالص دعائكم..
أخوكم /
رائد بن صالح النعيم - الأحساء
================
اللؤلؤة المكنونة
عادل بن عبد الله العبد الجبار
بداية العقد
...
اللؤلؤة الأولى : لماذا اللؤلؤة المكنونة ؟
...
اللؤلؤة الثانية : جمانة لا كالجمان
اللؤلؤة الثالثة : سحر المراهقة
...
اللؤلؤة الرابعة : رقة أمي ورحمة أبي
...
اللؤلؤة الخامسة : عفواً
اللؤلؤة السادسة : قليل من الشورى
...
اللؤلؤة السابعة : حتى لا أكره أخي !!!
...
اللؤلؤة الثامنة : من أي الأقسام أنت ؟
اللؤلؤة التاسعة :( صديقتك )
...
اللؤلؤة العاشرة : يريدك المجتمع طبيبة ولكن ؟!
...
انتصاف العقد : حركة تحرير المرأة
اللؤلؤة الحادية عشر : الإعجاب !!!
...
اللؤلؤة الثانية عشرة : تقول عيناك !!!
...
اللؤلؤة الثالثة عشرة : هكذا يصنع الفراغ !!!
اللؤلؤة الرابعة عشر : حجابك !
...
اللؤلؤة الخامسة عشر : زينتك !!
...
اللؤلؤة السادسة عشر : سماعة الهاتف
اللؤلؤة السابعة عشر : ارتياد المطاعم
...
اللؤلؤة الثامنة عشرة : همسة في أذنك
...
اللؤلؤة التاسعة عشر : أسطر متناثرة
اللؤلؤة العشرون : النهاية
...
اكتمال العقد
...
بداية العقد
أختي الكريمة …. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
( اللؤلؤة ى المكنونة )
كلمة أهمسها في أذنك ، كلمة أبعثها إلى فؤادك ، كلمة أزفها إلى روحك الغالية .
إليك …… يا جوهرة مضيئة .
إليك …… يا درة مصونة .
إليك …… يا لؤلؤة مكنونة .
إليك أهدي كلماتي المفعمة بنور الإخوة ورحيق المحبة تحاكي صندوقاً رُصَّ باللاليء المكنونة ألقي عبر شواطيء الحياة يطوف قلمي أعماقه بمجدافه المتواضع .
هذه خواطر صادقة ، ونصائح غالية ، يسَّر الله لي كتابتها والتعليق عليها قمت بجمعها عبر اللقاءات الدعوية في المدارس ودور تحفيظ القرآن الكريم كان ثمرتها هذا الكتاب المتوج باسم :
( اللؤلؤة المكنونة )
عادل العبدالجبار
الرياض : ص . ب : 56 - الرمز البريدي : 11392
اللؤلؤة الأولى
لماذا اللؤلؤة المكنونة ؟
إن الفتاة في هذه السن تسعى في غصلالها أيادي ماكرة ، وعيون حاسدة ، وأنفس شريرة تريد إنزالها من علياء كرامتها وإخراجها من لب سعادتها . فكم ساء وأقض مضاجع الأعداء ما تتمتع به في ظل الإسلام من حصانة وكرامة ، فسلطوا الأضواء عليها ونصبوا الشباك ، ورموها بنبلهم وسهامهم عبر العناوين المشوقة والفضائيات الساحرة ، وآخر صيحات الموضة لتحمل العشرات من الفتيات أهدافاً لا تعود عليهن إلا بخيبة الأمل إن تحققت .
قال تعالى : ( وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ) (البقرة:120) .
أختاه …(3/210)
هذا ما دفعني للكتابة لهذه المرحلة الحرجة من حياة الفتاة بأسلوب خالِ من العنف والتجريح أساسه الصراحة والعفوية دعوة للفتاة بأن تحافظ على أعز ما تملك من الكرامة والعفاف فاقرأي يا رعاك الله … أوراقي المتواضعة تجيبي نفسك بنفسك .
لماذا اللؤلؤة المكنونة .
اللؤلؤة الثانية
جمانة لا كالجمان
تأملي أختي الكريمة … نظرة العالم للفتاة !!
إنها نظرات تختلف من بلد لآخر ، نراها ونسمعها ونقرأوها عبر وسائل الإعلام عبر الصورة واللقاء المباشر والتقرير ، فما بين انتهاك للحرية ودعوة للمساواة بالرجل . فنحن بين دولتين :-
أولاهما : بريطانيا العظمى :
التي لا تغيب عنها الشمس لكثرة مستعمراتها تعتلي عرشها ( امرأة ) انظري حال فتياتها كم يعشن الجرائم في ظل الأمراض النفسية والاجتماعية الدليل على وجود آثار وخيمة على نشأة الفتاة في تلك البلاد .
ثانيها : أمريكا :
التي يعلو إحدى بناياتها الشاهقة ( نصب الحرية ورمز التحرر ) انظري حال الفتاة كم بلغ من انحطاط وامتهان وذلك عبر الأغاني الساقطة ، والأفلام الآثمة ، والسهرات الفاضحة ، والقصص الداعرة ، والملابس الخالعة ، والعبارات المثيرة ، والحركات الفاجرة ، المسموعة والمقروءة والمشاهدة على الشواطئ والمنتزهات وفي الأسواق والطرقات .
اللؤلؤة المكنونة …
( جمانة فريدة ) في عصر أصبحت فيه الرذيلة عالمية رائحة لها نجومها ومؤسساتها وإعلامها ( فتاة الغرب ) بجمالها .. وأزيائها .. وحريتها .. وتعاملها .. وانفتاحها تدعو ( الجمانة ) إلى اللحاق بها . ما نهاية الاستجابة لها ؟ إلا الفضيحة والعار فلا يليق بالجمانة إلا العلو والرفعة في أعناق الجميلات من الفتيات .
أختي المصونة …
هل أجمل من تلك اللأليء المضيئة التي لا مثيل لها تزين عنق الفتاة بجواهر متماثلة قد انفردت الفتاة المسلمة بإيمانها وجمالها بطهرها ونقائها فاستحقت اسم ( الجمانة ) فكل حضارة من الحضارات هي عقد للجمان قد تميزت الفتاة المسلمة عن غيرها مع تماثلها مع بنات جنسها غي أنوثتها ..
قال تعالى : ( وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) (آل عمران:139) .
اللؤلؤة الثالثة
سحر المراهقة
الصفحات البيضاء الجميلة هي قلوب فتياتنا والحق كله أنا نخاف عليهن من كل شيء كيف لا ! وهن أصحاب القلوب الغضة التي أينما وجهت سارت ولو كان إلى حتفها فما أكثر ما تبكي الفتاة وتشتكي ويزداد الأمر شدة إذا ما قوبل هذا البكاء وهذه الدموع الغالية بالاستنكار واللامبالاة .
( سحر المراهقة ) … دوامة الأسئلة الملحة التي تؤرق الفتاة وتقلق حياتها ، فهموم متراكمة ، ومشاعر شفافة ، ونظرات مثالية ، وكمال زائف … وهي من تحمل الابتسامة الجميلة ، والكلمة الطيبة ، والعاطفة الدافئة ، والتفهم القاصر ، والتقدير الوافر ، والحب الحقيقي الصادق الذي فرض عليها الاتسام بالرقة وحدة الانفعال ولو كان غير مقصود ربما كانت المشاعر الهمشة وقلة الخبرة وضعف التحمل الدافع الأقوى لتقع في القابلية الشديدة للإيحاء إرضاء لمزاجها يظهر جلياً بجذب الأنظار لها بارتداء الملابس والإكسسورات على طريقة مميزة تحمل لغة فريدة في نقدها وتصديها للأخطاء .
( سحر المراهقة ) … للفتاة … لا يعني الراحة والعبث والنوم المتواصل وإعطاء ( أحلام اليقظة ) النصب الوافر من التفكير فالحرية المطلقة في هذه الفترة وسحرها هو الشر والدمار لحياتها حين تقضي على العمر وهي تعيش قمة المراهقة وسحرها تخرج للسوق وحدها لتبهر بجمالها العيون الشاردة ، وتفتن بدلالها القلوب الحائرة لتسقط فريسة سهلة لشاب معاكس يخطط لوأد عفتها وقتل شرفها أو تعيش مع سماعة الهاتف الساعات الطويلة تفشي سرها لغيرها ، أو تسقط ضحية الإعجاب والحب الزائف فتتأثر لأي حركة ولو كانت غير مقصودة … أو تقضي جل وقتها تتنقل ( بالريموت ) من قناة لقناة عبر الفضائيات أو تتابع المجلة الماجنة من عدد لآخر لتلامس حياتها الجو المظلم بهمومها وأفكارها فلا ترى لها موجهاً ولا مرشداً قد تباينت حياتها عن حياة أقرب الناس لها فعاشت السحر في أسوأ تأثيره بينما كان علاجه بيدها ! كيف ؟؟ متى ما خالطت الصحبة الصالحة وكسرت الحواجز الوهمية بينهما وبين والديها وأخواتها قد ملكتهم بسرعة الاستجابة لتبديل الخطأ ، والتقدير الوافر للنصح والإرشاد وحينها ينفك سحر المراهقة وإلى الأبد بتقوية الوازع الديني .. وفي الحديث من السبعة !
.. شاب نشأ في طاعة الله .. تدخل الفتاة تبعاً .
اللؤلؤة الرابعة
رقة أمي ورحمة أبي
أختي العزيزة … بين طيات الأسطر لمسة حانية أودعها سمعك وأهديها نفسك - إنها ( الوالدان ) مضت أيامهما ، وانقضى شبابهما لأجلك ينتظران منك قلباً رقيقاً وبراً رفيقاً .
تذكري … ( والدتك ) حين تعودين من مدرستك تبعد جاهدة صراخ الصغار وأصوات معاركهم لتسعدي بالراحة في عالم حبها لك ودلالها .
تذكري … ( والدك ) كم يلبي طلباتك الشخصية والمدرسية ويؤثرها على نفسه دون تبرم ولا ملل .
قال تعالى : ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً) (الاسراء:23).
تأملي الآية الكريمة .. وصية الله للفتاة بأن تبر ولا تعق وتحسن ولا تنسى وتكرم ولا تهن رحمة بدموع الآباء ورقة الأمهات .
اللؤلؤة المكنونة …
البدر في كبد السماء ، والدرة في قلب المحارة السوداء هي لوالديها السرور إذا ساءت الأيام والفرح يبدد الأشجان والأحزان فهي بارة بوالديها ، مطيعة لهما ، محسنة إليهما ، كلمات منها لوالديها هي من الشهد وأطيب من الحلوى وربما كلمة غير مقصودة أورثت ألماً أرق مضجعهما وأقلق راحتها ، وحينها لن نستورد بر أمهاتنا من عادات غربية عنا بل في ديننا القدوة الحسنة في ظل الحياة السعيدة .
وإليك نماذج فريدة ومواقف جميلة :
كهمس العابد رأى عقرباً فلحقها ليقتلها فلدغته فسئل : لمه ؟ فقال : خفت منها على أمي .
سعيد بن عامر قال : بات أخي يصلي وبت أغمز رجل أمي وما أحب أن ليلتي بليلته .
رأى عبدالله بن عمر رضي الله عنهما رجلاً ينظف أمه من بولها وبرازها فقال : له الرجل أتراني أديتها حقها فقال : لا …
أنت تزيله وترجو موتها … وهي تزيله وترجو حياتك
أنت تزيله كرهاً … وهي تزيله فرحاً
ولكنك محسن والله يثيب الكثير على القليل
اللؤلؤة الخامسة
عفواً
ربما تصاب الفتاة عند بلوغها بصدمة تؤثر في نفسها وذلك حين تتوالى عليها الأسئلة الملحة ولا مجيب الذي يبعث المرارة والأسى في نفسها … من المسؤول عن تساؤلاتها ؟ ومن يجيب عما في خاطرها ؟
سؤال صعب … أصعب منه الغموض في إجابته وحينها نفقد الإبداع والمصارحة في حلولنا فنحن نملك ما لا يملكه غيرنا في إيضاح أحكام المرأة برؤية أبعد وأعمق وأشمل .
أختي العزيزة … لا تفزعي وتخافي إذا رأيتي ( الدم ) في ملابسك الداخلية لأول مرة فهو أمر طبيعي يصيب الفتاة في هذا السن ويسمى الحيض وفي الحديث : ( إن هذا الأمر كتبه الله على بنات آدم ) رواه الإمام مسلم .
وصايا شرعية :
إن الحيض يكون شهرياً لمدة 4 إلى 7 أيام في غالب النساء لا تطالب الفتاة أثناء الدورة بصلاة ولا صيام وتقضي الصوم فقط .
قالت عائشة رضي الله عنها : ( كنا نؤمر بقضاء الصيام ولا نؤمر بقضاء الصلاة ) كذلك لا تمس المصحف الشريف مع جواز قراءته عن ظهر قلب أو بقفازين حين التلاوة ، كما يجب الاغتسال من الحيض والإنزال .
( البلوغ ) للؤلؤة المكنونة :(3/211)
يعني الالتزام بالحجاب الشرعي فتبتعد عن مخالطة الرجال دون المحارم فلا تصافحهم ولا تجلس معهم .
قال تعالى : ( وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ …) (النور:31)
وحينئذ تستوعب الفتاة صدمات مرحلة البلوغ وتتجاوز آلامها بأية كريمة أو حديث شريف أو أثر مبارك .
اللؤلؤة السادسة
قليل من الشورى
أختك الكبرى … شقيقتك ، مستودع ذكرياتك ، شريكة صباك ، هي الكبرى الجميلة والناصحة الذكية حين ترينها اجلسي إليها واستشعري بأن الدنيا بين يديك وأنك أغنى الناس بها وأوفر حظاً إذا ما نصحتك وأعطتك جملة من التوجيهات الذهنية فربما جلست إلى عشرات وعشرات من أمثالها لكن كفى بالروابط الأخوية الطريق إلى الراحة والتفهم العميق .
أختك الكبرى … بين يديها همومك فهي أغنى الناس فيما تريين من الحياة ، إنها مدرسة تستحق الشكر والثناء فهي وقود الأمل لك ما كانت مستقيمة ناصحة فهي أفضل من الصديقة لأن الصداقة سلعة غالية قل وفاؤها فلا مجال لصداقة زائفة تظهر سرك وتكشف أوراقك وحينها تنتهي حياتك .
أختك الكبرى … لئن تزوجت وغدت ملكة في بيتها تدير مملكتها فليس معناه عدم الشورى معها بل إلى المزيد في ظل واحة تأخذين منه معين مائة وصفائه فيفيض عليك عبير السعادة والهناء …
أختك الكبرى … السد المنيع لحمايتك والسراج المنير لأسئلتك قد استجابت لك وكأنها أنت ولا شيء يفرق بينكما .
اللؤلؤة السابعة
حتى لا أكره أخي !!!
قالت وبكل حرقة وألم .. ( أحب أخي ولكن تفضيل والدي له يجعلني أكرهه ).
( واقع محزن ) محبة العائلة للابن دون البنت في تفضيله والسماع لحديثه وتلبية طلبه أكثر منها في ظل مشاعر قاتلة طفت على سطح العائلة وحقها الاختفاء ، ما لها الفتاة وهي مكسورة الجناح لأن تحمل مشاعر حاقدة تعبر عنها بالكره والقلق . يشارك ذلك تسلط الأخ على أخواته بهذا التفضيل فيسأل عن الخصوصيات بطريقة خاطئة وحينئذ لا يطاق يفرض نفسه وسيطرته بالأوامر والصراخ والمنع من أقل الحقوق .
أختي الكريمة …
سامحي وانسي هذه العادات ، فكثير هن الفتيات اللاتي مررنا بتجارب قاسية من هذا التفضيل انتهت بلا شيء ولم تنقطع العلاقات الأخوية .
اللؤلؤة المكنونة …
تعرف كيف تتعامل مع هذا التفضيل فتوقفه متى رأت أنه زاد عن حده في نفسها الزاكية فتتجاهل ذلك وتعطي أخاها الحب والتقدير وتتلمس دورها القادم في مملكتها الغالية مع أولادها فلا تكرر الخطأ بعد أن ذاقت مرارته .
اللؤلؤة المكنونة …
هي الحكيمة تتعامل مع أخيها بمهارة فائقة ، وابتسامة جميلة ووجه مشرق طبق ، وقلب كبير ، وعاطفة دافئة ، وتفهم عميق ، وتقدير وافر ، وحب صادق ، وإيثار حقيقي لأخيها رمز حياتها ومنبر عزها مع إيمانها ( بأن الفتاة ) محبوبة ومقدرة شرعاً فهؤلاء الأنبياء آباء لبنات وخير مثال يسطر ويكتب معاملة الرسول صلى الله عليه وسلم لبناته اللاتي كن نجوماً ساطعة في حياة الفتاة …
اللؤلؤة الثامنة
من أي الأقسام أنت ؟
الفتاة والصلاة أقسام …
* مهملة وتاركة لها بالكلية … فهذه أخلت بركن من أركان الإسلام قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ) .
* تصلي أحياناً … الواجب المواظبة عليها في أوقاتها قال تعالى : ( إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً) (النساء:103) .
* تؤخر حتى خروج الوقت … لنوم أو تهاون وهذا حرام لقوله تعالى : ( فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ) (مريم:59)
قال ابن مسعود : ( لم يتركوها بالكلية بل يؤخروها عن وقتها ) .
* تجمعها لغير حاجة … وهذا ملاحظ عند بعض الفتيات وهذا أمر لا يجوز إلا لعذر .
* محافظة عليها … مع أول دخول الوقت فهذه الملتزمة المستقيمة .
… ففي أي قسم تضعين نفسك ؟؟؟
اللؤلؤة المكنونة …
بالصلاة ينبض قلبها فلا يفتر لسانها عن ذكرها إلا حال عذرها سرى حب الصلاة في دمها إذا سمعت المؤذن طارت إليها أشواقها وإذا انشغلت عنها فلا تملك إلا دموعها ترسلها ساخنة من عقوبة تأخيرها .
فهي في هذه الحياة لله وبالله وإلى الله وعلى الله ولا حول لها ولا قوة إلا بالله كانت الصلاة الصلة بينها وبين ربها .
الصلاة إذا تم فعلها على الوجه الشرعي بأركانها وواجباتها وسننها ، وأتم ذلك بخشوع وتدبر فهي إذن منورة للقلب ، مبيضة للوجه ، منشطة للجوارح ، جالبة للرزق ، رافعة للظلم ، قامعة للشهوة ، حافظة للنعمة ، منزلة للرحمة ، كاشفة للغمة ، تكفر السيئة ، تزيد الحسنة ، ترفع الدرجة ، تدفع الفتنة ، تعين على البر والتقوى ، تعالج النفس من الحسد والهلع … وأعظم من ذلك استجابة لأمر الله ووصية رسوله صلى الله عليه وسلم في مرض موته حين قال : ( الصلاة … الصلاة … ) .
اللؤلؤة التاسعة
( صديقتك )
من تجالسين ؟ أخبرك من أنت ؟ حقيقة جميلة أجمل منها تطبيقها فالفتاة في هذا السن تحدد الصديقة والصاحبة سواء كانت صالحة أم سيئة ونحن بين مثالين :
صديقتك السيئة :
التي تستفيد منك ولا تستفيدين منها ، ولا تحب إلا نفسها فهي أنانية في تصرفها ، فاقدة الاتزان في سلوكها ، ضعيفة في تفكيرها ، معجبة برأيها ، سيء خلقها ، ردئية معاملتها ، بذىء لسانها ، شؤم على نفسها ، نكبة على مجتمعها ، بلية على أمتها ، تخدش الكرامة أفعالها ، إلى هاوية تجر من حولها … أما …
صديقتك الصالحة :
فهي فخورة بدينها ، مغتبطة بإيمانها ، تؤدي فرائضها وتصوم شهرها ، مهذبة أخلاقها ، لين جانبها ، رحيب صدرها ، كريمة نفسها ، طيب قلبها ، لا تقلد الكافرة بل تبغضها ، فريدة في تواضعها ، تحب الخير لأخواتها ومن حولها .
( رزان ) .
فتاة في الثانوية – قمة التحصيل والاجتهاد – أحبها المعلمات والزميلات تعرفت على صديقة سيئة فرضت بينها لقاءات متعددة كان الهاتف أقواها كانت النتيجة هدية مغلفة مسمومة إنه ( فيلم ) دمر حياتها وشوش عقلها وأنهك جسدها قد بدت يديها المتعرقة المرتعشة من أسئلتها الحزينة . قد علا الشحوب على وجهها والهالات الصوداء تفتك بأجفانها فلا تكاد ترى إلا …
( ريحانة ذابلة )
( رزان ) ..
بدأت هناك بالصديقة والطعم الهدية وانتهت الصداقة بالندم والحزن الطويلة .
قال تعالى : ( يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً . لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنْسَانِ خَذُولاً) (الفرقان: 28- 29) .
اللؤلؤة العاشرة
يريدك المجتمع طبيبة ولكن ؟!
يسعدنا وبكل سرور اليوم الذي تزاول فيه الفتاة ( معنة الطب ) بكل حب ووفاء تخفف الآهات والأنات عن كل مريض يعاني ويتألم تحمل هم إزالة الحزن والكآبة وهي واسعة الصدر ، ماجدة الخلق ، سالمة النية وفي الأثر … ( أن عائشة كانت عالمة بالطب ) 2/8 سير أعلام النبلاء .
أختي الطبيبة …
دعينا نتشارك سوياً في مهنتك الشريفة من أنت ؟ وماذا يريد منك المجتمع ؟ وما لا يريد ؟(3/212)
بداية .. لا نريدك طبيبة تحمل نفساً مريضة تهدر كرامتها في طرقات المستشفى وممراته ، قد ألفت مخاطبة الرجال والاحتكاك بهم ، بحجاب مهذب ، وضحكات تدوي ، وزينة واضحة ، ونقاب فاضح ، ويدين مكشوفتين ، ربما أمضت وقتاً ليس بالقصير مع ( مريض ) أو ( طبيب ) بخلوة محرمة تحت مهنة - طبيبة أسنان - أو ممرضة وكأنه لم يوجد إلا هي لهذا العمل …
تأملي … هذه الطبيبة المبتذلة التي تمارس هذه التصرفات الخاطئة التي لم تفعلها لكونها ( طبيبة ) كلا بل هو أمر ترتب عليه فلا مجال لربط التحلل الأخلاقي والديني بعمل الطب …
نريدك ( الطبيبة ) الملتزمة بأخلاقها وحجابها حين تشعر بأن عملها وجمالها برئ لم يؤذ أحداً ، ولم يسبب حسرة ولا شهوة ، فلم تلتهم لحمها الأنظار ، ولم تلك عرضها الأفواه تعالج المواقف الجارجة في المستشفى بحكمة بالغة قد لبت حاجة مجتمعها لمهنة الطب بطاقم نسائي متكامل يغني عن دخول الرجل في تمريض النساء .
أختي الطبيبة :
لو دعيت للحضور إلى المستشفى على وجه السرعة أو كلفت بمناوبة مسائية فما أنت فاعلة ؟ أتذهبين ؟ أم تفضلين العيش بلا زواج ؟ وإلى متى ؟ نحن لا نريدك طبيبة على حساب نفسك وأسرتك كما لا نريد حرمان مجتمعنا من هذه المهنة الشريفة .
هل تفهم الزوج أو الوالد أو الأخ مشكلة حرمان الأبناء من الأم الطبيبة ؟!
انتصاف العقد
حركة تحرير المرأة
حركة تحرير المرأة حركة علمانية نشأت في أوربا ثم تم تصديرها للعالم الإسلامي عن طريق تركيا ومصر ، ثم انتشرت في أرجاء البلاد العربية والإسلامية تهدف لقطع صلة المرأة بالآداب الإسلامية ، والحكام الشرعية الخاصة بها كالحجاب والطلاق والتعدد والميراث لتواكب المرأة الغربية في كل شيء ، فألف كتاب ( المرأة في الشرق ) و ( تحرير المرأة ) و ( والمرأة الجديدة ) دعوة للسفور والتبرج ونبذ الدين … ومع هذا التخطيط المنظم عاد الكثير من النساء في العالم العربي والإسلامي إلى التمسك بشرع الله بعد أن اعتررن مدة من الزمن بسراب هذه الحركة وزيفها . فهل تقد … ( اللؤلؤة المكنونة ) .. ما يراد بها من الأعداء الذين يريدون ابتذالها .. ونزع حيائها .. وتهييجها .. على شرع الله بواسطة وسائلهم المرئية والمسموعة والمقروءة من خلال الجمعيات والاتحادات النسائية الداعية لإخراج ( اللؤلؤة ) من محارتها صمام أمانها .
اللؤلؤة الحادية عشر
الإعجاب !!!
المحبة …
اسم مميز في عالم الفتيات سببها رقة المعاملة وغزارة العاطفة .
فالفتاة …
في الابتدائي المتفوقة وفي المتوسطة المثالية وفي الثانوية المجدة أو المشاغبة وفي الجامعة المعجبة المحبة . ما لنا نراها حزينة داهمتها الحياة بهمومها ؟ قد بخلت بالبسمة عن نفسها فضلاً عن غيرها . لحب زائف مؤقت ( الحب ) ما أقدسها كلمة ، وما أعذبها نغماً ، وما أروعها عالماً ترتع في أرجائه قلوب المحبين . إنه شعور فياض من فتاة لأخرى تعلقت بها فأنست لسماع صوتها والجلوس إليها وإن طال الوقت ، تفرح لحضورها ، وتحزن لغيابها فتغار عليها من كل شيء حتى من نفسها فلها تقدم الهدية وتكتب الرسالة وتنظم القصيدة . وترسلها عبر الوسيطة التي ربما سببت الندم فيما بعد فالإعجاب بزميلة أو معلمة لا يعني المطاردة لها والتصفات الخاطئة ولو كانت غير مقصودة لأجلها .
الإعجاب …
هو تعبير عن حقيقة شخصية الفتاة واهتمامها فهي تبحث عمن يجانسها ويشاركها ربما كانت ملاحة الظاهر وخفة الدم وحسن المعاملة وغزارة العاطفة والفراغ سبب مباشر لذلك …
( فالأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف ) قال ابن القيم : ( وكل حركة في العالم العلوي والسفلي فأصلها المحبة ) فالحب نبع لا يجف مدى الحياة يزيد صفاء وعذوبة ما كان لله وفي الله أما الحزن بفراق الحبيب من البشر فهو الفتنة والعشق الذي قال عنه ابن القيم ( هذا داء أعيى الأطباء دواؤه وعز عليهم شفاؤه وهو الداء العضال والسم القتال ) .
قال تعالى : ( وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ) (الحديد:14) .
إذن بمعاهدة النفس والانشغال بطاعة الله ستتلاشى المحبة فهي عرضية ومؤقتة فرابطة الحب تبقى فترة وستنتهي عاجلاً أم آجلاً .
ويبقى الحب الحقيقي في قوله تعالى : ( وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ ) (البقرة:165) .
اللؤلؤة الثانية عشرة
تقول عيناك !!!
بكلمتين ضاعت الفتاة … بخطوتين أسودت الحياة
فتاة في ريعان شبابها … تعيش مع أهلها في بيت أبيها … تخرج للسوق وحدها .. وتدخل على الباعة بمفردها .. بإهمال من أسرتها فمع التردد عل السوق نشأت بينها وبين أحد الباعة علاقة وصداقة فأخذت رقم هاتفه ولم تلبث حتى قويت الصداقة وصارا ينتظران الفرصة المناسبة ، لتتغيب الأسرة في زيارة الأقارب وتتخلف الفتاة لوحدها لتتصل على وجه السرعة بصديقها ليأتي فتقع الجريمة .
وفجأة : تحمل الفتاة سفاحاً فتخفيه عن أهلها بطرق وأساليب شيطانية ليتفقا على إجهاضه وقتله فتخرجا تحت جناح الظلام لتضعه في العراء ويقوم المجرم بقتله لتختلط دماؤه بدماء أمه من جراء إجهاضه ويكشف الله الجريمة على يد رجال الأمن ليخرج الصباح وتبزغ الشمس وتستيقظ الأسرة على مصيبة تحتار لها العقول ، وتشيب لهولها الرؤوس ، وتنوء بحملها الجبال الراسيات .
أختي الكريمة : تأملي عينيك في هذه القصة من نظرات خمس …
النظرة الأولى : النظرة الحانية : إلى الأم الحنون وهي تبحث عن بنتها في كل ناحية من بيتها فلا تجدها لتبحث الأسرة كلها في كل مكان لتجدها لدى رجال الأمن غارقة في ذل عارها .
النظرة الثانية : النظرة الشاردة : لهول الحادثة ونهايتها فبأي وجه تقابل الفتاة أسرتها وبأي عذر تتوجه به إلى أبيها وهو مطأطئ الرأس ، مسود الوجه ، يتمنى الموت فلا يجده وقد ذبحته بغير سكين .
النظرة الثالثة : النظرة الحادة : في بشاعة الجريمة ليقدما إلى المحاكمة فيقتل المجرم وتسجن الفتاة إلى حين فما حصل منهما يستحقان عليه العقاب كيف لا !! والمجتمع كله يمقت جرمهما .
النظرة الرابعة : النظرة الصادقة : لكونها بكراً لم تتزوج فيا لهول الصدمة ويا لعظم المصيبة ماذا فعلت بها الطرق المحرمة والسبل الممنوعة ؟! .
النظرة الخامسة : النظرة التائبة : في غلق أبواب الشر عنك لتحفظي شرفك وشرف أهلك فكم من فتاة تورطت فسلبت منها عفتها وأهدرت كرامتها ! .
فالذنوب جراحات ورب جرح أصاب مقتل والسعيدة من وعظت بغيرها والشقية من وعظت بنفسها . قال تعالى : ( وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (النور:31) .
وقال تعالى : ( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (النور:63) .
اللؤلؤة الثالثة عشرة
هكذا يصنع الفراغ !!!
أخي المباركة … ما أمانيك ؟ ما أهدافك ؟ ما مشاعرك ؟ ما غاياتك ؟ ما طموحاتك ؟ ما آمانيك ؟ هل لك هدف في حياتك ؟ لترفعي بنفسك وتسمي بأخلاقك وتزهي بإيمانك وتشرفي بعفافك أم أنت من اللاتي لا هدف لهن إلا قتل الوقت ؟!
( الفراغ ) … هو الداء القتال للفكر والعقل . فكم من الطاقات يهدرها ومن الأفكار يبلدها .
وفي الحديث قال صلى الله عليه وسلم : ( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ … ) كم من فتاة طيبة انقلبت سيئة كان السبب في ذلك الفراغ الذي حرك الشهوات من مكانها ودفع الخطرات إلى خطوات وعمل فظلت الفتاة أسيرة في يد عدوها يسوقها إلى الهزيمة والخسارة كيفما شاء .(3/213)
أختي قارئة أوراقي : إلى متى الفتاة ، الشهوة تسوقها ، والشيطان يقودها ، والأغنية تنسيها والصورة تؤجج شهوتها ، وتشغل غرائزها ، قد قبلت لنفسها الأبية أن تفكر في تفاصيل …
فيلم خليع رقيع لا يليق … أخذ من وقتها وتفكيرها الأمر الكثير سهل ذلك عنفوان الشباب وقوة الحيوية .
اللؤلؤة المكنونة :
مثال واضح لملء الفراغ ( بالخير ) من دعوة وعمل صالح يقربها من الله ، فشتان بين فتاتين :
فتاة قدوتها الصحابيات
و فتاة قدوتها الأوربيات
فتاة حجابها ستر وحشمة
و فتاة حجابها زينة وقنة
فتاة تبكي لأحوال المسلمات
و فتاة تبكي لأن بطل الفيلم مات
فتاة توزع المطويات النافعة في تسوقها
و فتاة توزع على الشباب رقم هاتفها
فتاة تقتني الكتاب والأشرطة النافعة
و فتاة تقتني الفيلم والمجلات الخالعة
فتاة تحيي الليل بالصلوات
و فتاة تحيي الليل بالمعاكسات
قال تعالى : ( فَأَمَّا مَنْ طَغَى. وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا . فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى . وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى . فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى) (النازعات:37-41) .
اللؤلؤة الرابعة عشر
حجابك !
عفواً .. ( جروح في جبين الحجاب الإسلامي ) متى ؟ وكيف كان ذلك ؟ حصل ذلك يوم أن …
• تهاونت الفتاة وحملت عباءتها على ساعديها أو كتفها لأنها تعيق الحركة .
• يوم أن لبست الفتاة غطاء شفافاً أو نقاباً لعدم رؤية الطريق .
• يوم أن ارتدت الفتاة آخر موديلات العباءة لجمال المنظر وأصول الشياكة.
• يوم أن وضعت الفتاة التنور الضيقة بفتحة على أحد الجانبين يتصيد عورتها شباب فارغون .
• يوم أن طرزت عباءتها القصيرة بخيوط سوداء في أطرافها تحمل أول حرف من اسمها ( M ) وباللغة الإنجليزية بلون ذهبي حباً في كل جديد .
• يوم أن تفننت الفتاة في نقابها على أشكال مختلفة .
• يوم أن شاركت الفتاة في لبس ( التريكو ) تقليداً للفضائيات .
• يوم أن قلدت الفتاة بلبس ( البنطلون ) و ( الجينز ) و ( الاسترتش )و ( الميني جيب والميكروجيب ) قد حدد جسمها جهلاً بالحلال والحرام .
• يوم أن خرجت الفتاة بثوب قصير أظهر قدميها على كعب له صوت مسموع تساير رفقتها السيئة .
• يوم أن ألحت الفتاة في لبس ( الكاب ) بحجة رقة العباءة وشفافيتها .
• يوم أن أظهرت الفتاة يديها دون لبس القفازين فتنة للباعة وهي الخاسرة .
أختي المباركة … جروح في جبين الحجاب تحاكي رجلاً نزع أسفل حذائه واكتفى بأعلاه كيف يتقي الأشواك والأوساخ ؟
جروح ربما حققت الهدف الغربي في مخططاته ومؤمراته لتخرج الفتاة المسلمة .. سافرة الوجه .. ناشرة الشعر .. كاشفة الساق .. متمايلة المشية .. متزنة متعطرة .. تلفت الأنظار وتثير الفتنة قد استجابت وبكل سهولة لتقسيط الحجاب لتعيش التبذل الممقوت وتصيد الأعين الخائنة ..
قارئتي الكريمة .. كم هو جميل .. هذه المستقيمة وقد أحسنت لبس حجابها أن يكون فضفاضاً قد زينته بلبس الجوارب والقفازين فأكن لها الجميع الاحترام والتقدير والإكبار والإجلال . قد صمدت أمام الهجمات الشرسة لنزع الحجاب كالطود الشامخ تحفظ كيان المجتمع من الإنهيار والإنحراف لا تقبل النقاش أو المساومة على ( الحجاب ) فخر الفتاة وعنوان الطهر والنقاء .
تأملي يا رعاك الله … مثالين ثم احكمي:
( فتاة ) تخرج للسوق واضعة عباءتها على كتفها قد لفت طرحتها المطرزة على رأسها ، قد شكتها بالدبابيس فبدا شكل جسمها بنقاب تعلوه نظارة ذات لون زاهي وغطار فريد تفاخر من حولها في أجمل موديل تقع فريسة سهلة ( لشاب ماكر ) ألح عليها أن يراها بعد مقدمات وهدايا ، فكان ذلك ليذبحها في عفتها بسكين الغدر والخيانة لتعيش ذات الثمانية عشر ربيعاً ذل الحياة بسبب حجاب الموديل .
( فتاة ) تدعوها صديقتها إلى حجاب الموضة ، فتمانع وتعارض بشدة فتصفها بالرجعية فلا تبالي فيكون الحوار بينها وصديقتها لماذا ؟ ولأي شيء ؟ وما السبب ؟ وما الدافع . تساؤلات تدور في ذهن صديقتها . فأجابتها اللؤلؤة المكنونة : في البخاري أن ابن عباس قال لعطاء بن أبي رباح : ( ألا أريك امرأة من أهل الجنة ؟ فقلت بلى ، قال : هذه المرأة السوداء . أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : إني أصرع ، وإني أتكشف ، فادع الله تعالى لي . قال : ( إن شئت صبرت ولك الجنة وإن شئت دعوت الله أن يعافيك ) . فقالت : بل أصبر فادع الله لي أن لا أتكشف فدعا لها .
قالت الملتزمة لصديقتها … هذه امرأة سوداء لكن بيضاء المبدأ ، بيضاء القلب تثبر على المرض وإن كان صرعاً يتخبطها لكنها لا تستطيع الصبر على خدش الحياء وجرح العفاف وإن كان ذلك خارج عن إرادتها وهو التكشف .
سوداء … تستحق وبكل جدارة أن تكون من أهل الجنة - مثالان - كان الحجاب الإسلامي على نفوس الصالحات أبرد من الثلج وألذ من العسل فالحجاب كالصدفة لا يحجب اللؤلؤة المكنونة فوراء الحجاب السمو والاستقرار .
اللؤلؤة المكنونة : بحجابها صفعت دعاة التحرر ، بتمسكها والتزامها قد عضت على حيائها وعفافها بالنواجذ فهي القلعة الشامخة أمام طوفان التبرج وبهرجته .
بيد العفاف أصون عز حجابي
وبعصمتي أعلو على أترابي ..
اللؤلؤة الخامسة عشر
زينتك !!
أختي الفاضلة … تأملي … الفتاة حين تجلس مجلساً أو تحضر مناسبة كم تحمل نفساً لها حساسية شفافة ترى النظرات ترمقها عن قرب وبعد فترصد أعين بنات جنسها ما يقولون في ملابسها وزينتها استجابة لدعوة : ( كن جميلاً ترى الوجود جميلاً ) والمقولة الشائعة ( كل ما يعجبك والبس ما يعجب الناس ) ولهذا نؤمن بحاجة الفتاة للزينة منذ صغرها فهو إرضاء لأنوثتها الذي تراه أفخر الزياء وأحدثها .
( نحن قوم لا نخطئ أبداً ) شعار نرفعه بل نغلفه بتمويهات وتصرفات وادعاءات لا حقيقة لها … لماذا السكوت على مشاهد خاطئة في زينة الفتاة سهل حبها للتجمل التمادي في انتشارها .
( أصول الإتيكيت ) جمال زائف يفرض حياة قسرية وأثماناً باهظة دعت الفتاة لأن تخرج بعيون كحلية وخدود وردية وشفاه ياقوتية وثغور لؤلؤية ولباس قشيب قد ذبحت حياءها وأنوثتها .
قارئة أوراقي … ( أصول الإتيكيت ) فقاعات كاذبة وشرارات نارية تحرق مشاعر الفتاة وفطرتها وتعاليمها المضيئة . قد خسرت أكبر بند في فاتورة جمالها الحقيقي . ولن ننتظر ذلك اليوم الذي تصفعنا به الفتاة بأسئلة حزينة من جراء السكوت على الأخطاء .
نعم .. ( لم تخلق الفتاة على هامش الحياة ولكن كذلك لم تخلق لمخاطبة الرجال والعمل معهم بأجمل زينة .
( فابيان ) .. عارضة الأزياء الفرنسية الشابة البالغة من العمر ثمانية وعشرين سنة بعد إسلامها وفرارها من جحيم عالم الأزياء والفراء ودنيا الموضات قالت : إن بيوت الأزياء جعلت مني مجرد ( صنم متحرك ) مهمته العبث بالقلوب والعقول ، عشت أتجول في العالم عارضة لأحدث خطوط الموضة لم أشعر بجنال الأزياء لامتهان النظرات لي واحترامها لما أرتديه كم كنت سافلة محرومة .
تأملي أختي الكريمة .. حديثها واعترافها وهي من هي في عالم الأزياء والموضات ما همومها ؟ وفيم أحزانها ؟ ودموعها الغالية من أجل ماذا ذرفتها ؟ أسلمت فكانت ذات أجنحة حلقت بها إلى أجواء السعادة والحياة الهنيئة . بعد أن عاشت حبيسة الهموم والغموم .(3/214)
بعد هذا .. حال الفتاة في زينتها عند الأجانب عبر الأسواق والمنتزهات يجعل أثر الدمع على ورقي ظاهراً أبكانا وكسر قلوبنا مشاهد مخيفة لم تبق جارحة إلا وعبرت عن حزنها كان اعتراف ( فابيان ) أحدها . كيف لا .. والمثل الأعلى للفتاة عبر المجلات والفضائيات هن ما بين الأعمدة المخصصة والمقابلات المطولة اللاتي بعن أعراضهن بثمن بخس ويصفونهن ( بالنجوم ) قد حملن دعايات مجانية لبيوت الأزياء العالمية وكتالوجاتها تحت اسم الأناقة والشياكة .
إليك يا رعاك الله … نماذج عجلى لتمادي الفتاة في زينتها حتى خرج عن المطلب الشرعي :
* العطورات : الخطوة على طريق الأناقة وجمال الأنوثة والخيال نتيجة تأجيج الشهوة وبث الفتنة عند الأجانب .
* الكوافيرات : حماقة أعيت من يداويها .
* المكياجات : دعوة لقتل أشد المناطق رقة وحساسية في عالم جمال الفتاة .
* المسكرة : للعين ورموشها تلهث خلف الموضة . للشعر ربما سببت المسخرة !!
* أحمر الشفاه : الروج .. زينة لكن في نظاق التجمل المشروع .
* تخفيف الوزن : ظاهرة أوجدتها الحياة الزائفة .
* الكريمات : لحفظ البشرة وترطيبها وتغذيتها وتبيضها يكون ظاهراً لكن ما حال البشرة باطناً .
* حجاب الموضة والنقاب الواسع : أصبح أحد أنواع الزينة فهو حجاب يحتاج إلى حجاب .
* الباروكة : وصل للشعر نُهي عنه وتقليد للكفار .
* العدسات الملونة : عين خائنة تدعو عيناً مسعورة لخطفها .
* ارتياد مشاغل الخياطة : ضرورة لها ضوابط شرعية .
* إظهار الحلي : أمام الباعة ما الغاية منه بلغة العقل والحوار الهادئ ؟! .
* تكحيل العينين وإظهارهما مع جزء من الخدين : تعني نفساً ناقصة تعوضه بجمال رائع فاتن لكن في الحقيقة زائف .
* المناكير : طوفان جارف إلى الموضة والتقليد الزائف ، الأولى تركه ويجب إزالته عند الوضوء .
* إطالة الأظافر : ظاهرة مؤسفة شغلت الكثيرات كم يدعو شكلها إلى التقزز والاستهجان .
* قص الشعر : علامة استفهام ؟؟؟ إذا كان للتخفيف والتجمل على طريقة حسنة ( فالجواز ) وإذا كان قص السعر تقليد للكافرات فحكمه ( التحريم ) .
* لبس الكعب : موضة مميزة في عالم الفتاة أقل أحواله الكراهة .
* لبس الثوب الأبيض : إن كان في بلد من سيما الرجال وشعارهم فهو محرم.
* استخدام الجوال : ضرورة تقدر بقدرها .
لعن الله جلّ وعلا .. ( سبعاً ) في الزينة :
1) الواشمة : وهي من تغرز الإبر في الجلد وتنثر ما يشبه النيل أو الكحل ليميل لونه إلى الزرقة .
2) المستوشمة : وهي الطالبة لما سبق من الوشم للعينين والشفاة واليد الواحدة .
3) النامصة : وهي وهي التي تفعل النمص وهو إزالة شعر الوجه والحاجبين لغيرها ترقيقاً أو كلياً .
4) المتنمصة : وهي من تنتف الشعر في وجهها بنفسها أو تطلب من غيرها أن تفعل لها ذلك . ( لعن الله الواشمات والمستوشمات والمتنمصات ، والمتفلجات للحسن ، المغيرات خلق الله ) متفق عليه .
5) المتفلجة : وهي التي تباعد بين أسنانها ليجملها .
6) الواصلة : وهي التي تصل شعر رأسها بشعر آخر مستعار .
7) المستوصلة : وهي من تطلب ما سبق من الوصل . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لعن الله الواصلة والمستوصلة ) متفق عليه .
فعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( صنفان من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا .. ) رواه مسلم .
وبعد هذه المشاهد .. أختي الكريمة .. بما تتفاخرين عن بقية بنات جنسك ؟ بجمالك ؟!! فهناك أجمل … بمالك ؟!! فهناك أغنى .. بحسبك ؟!! فهناك أشرف .
إذن بماذا .. باستقامتك وطهرك وكرامتك وعفافك في زمان فقده نساء الغرب والشرق ، وكم يسعى دعاة التبرج إلى ما يثير مشاعرك ويشغل فكرك بشراك خبيثة ومصائد مسومة تفتك بعفتك وتخدش حياءك وتدنس عرضك .
يا رعاك الله .. حاولي تقريب الخطوط الطبيعية لوجهك ليتلاءم مع مظهر جمالك وأنوثتك في ظل إيمانك وسمو أدبك وأخلاقك ..
فلا يعجبنا منظر الفتاة بعد إزالة المساحيق قد بدا وجهها كوجه مريض شاحب مشوب بالحمرة والإرهاق .
اللؤلؤة المكنونة :
قوية بإسلامها ، أميرة على زينتها ، تختار ما أجازه الشرع لم يقف الالتزام مانعاً أمام الأناقة والشياكة والتناسق في ظل مملكة تتقلب في أرجائها تحت المحارم ، تعيش جمالها وأدبها ووقارها في ظلها فلا تقبل أن تكون عارضة الفتن للأعين الخائنة كالطعام المكشوف يتهاوى عليه ذباب البشر في الأسواق والمنتزهات . فهي تملك قلباً يخفق رقابة الله والخوف منه فأصبحت لمجتمعها قرة العين وبلسم الروح تراها .. في أي مناسبة أو مجلس نسائي أو عائلي في أجمل زينة قد التزمت بالأوامر وتركت النواهي فما أن تخرج من مجلسها أو مناسبتها إلا والحجاب قد غطى زينتها وجمالها كالصدفة لا يحجب اللؤلؤة بل يحميها .
اللؤلؤة المكنونة :
تحب أن تكون حياتها جميلة قد مزجت بين المعرفة والثقة والموضوعية في زينتها وتجملها ؛ فما أجمل لغاتها الراقية وتفاهمها الأكيد حين تتحدث وتتعامل مع الزينة والتجمل حديث وتعامل يجعل نفسها نفساً عالية رائعة قد افتقرت إلى الشرف أشد افتقار منها إلى الحياة …
اللؤلؤة السادسة عشر
سماعة الهاتف
رن الهاتف للمرة الأولى .. رفعت الفتاة السماعة بيد مرتعشة وجبين متعرق وقلب خافق خائف إنه صوت رجل غريب يحاورها بكلام جميل تحت أماني وردية ووعود نرجسية أضفت علاقة حميمة بينهما قد استولى كذبه على عقلها وقلبها . أغلق وأغلقت السماعة بعد أن تم التعارف لتعيش غارقة في أحلام اليقظة .
رن الهاتف مرات عديدة تجرأت من خلالها أن تحادثه وحين سمع صوتها وأنها المتصلة أيقن أنها وقعت في الفخ فطالبها بالرؤية فردت وبكت براءة .. كيف ؟ وأخاف ؟ ويمكن ؟ وأهلي إجابات ساذجة وكأنه الأمل الوحيد في حياتها ، أغلقت السماعة وهي في غاية الارتباك لهذا الطلب هل تحققه أم تمانع وما زال صوته يدوي في آذانها بوعده إنه لقاء رؤية وفقط . فكرت كثيراً .. واستشارات صديقتها السيئة كان نتاجها التنازل له بصورة مع رسالة جميلة وصلت إليه فبادر بالاتصال شاكراً هديتها ..
رن الهاتف فدق قلبها لرنينه .. من ؟ فتى أحلامها قد تغير صوته ونبرة حديثه معها .. يهددها بأن تخرج معه إلا فالفضيحة بهذه الصورة … آهات من صدرها كيف أعطته الطعم الذي اصطادها به طالبها بالخروج تحت ضغط فوافقت المسكينة فقتل عفتها ودنس عرضها ولطخ سمعتها ووقارها وبعد ذلك أعادها إلى منزلها لا تصدق ما حصل !!!! .
رفعت سماعة الهاتف لتكلمه فيما حصل فأخذ يتململ من حديثها نظر باعتبارها وردة شم عبيرها وتركها ذابلة حين أشهر خنجر الذل والعار وغرسه في قلبها ومشاعرها ، طال الحديث معه بعبارات حزينة تذكره بوعوده الهاتفية وأنه فتى أحلامها وهي شريكة حياته وأم أولاده القادمة فأجابها ضاحكاً .. من تكلمني تكلم غيري وتخرج معه ومن العار الاقتران بك عبر هذا الوسيلة وبعد ان حصل ما حصل .. أغلق السماعة وللأبد – تركها .. بعد أن أخذ أعز ما تملك باكية حسيرة يضحك منها بعد أن ضحك عليها قد ندمت أشد الندم يوم أن كلمته وسمعت منه وتمنت أنها لم ترفع يدها سماعة الهاتف ليبقى العار تحمله وحدها بعد أن اشتركا في لذة الثواني لينسى هو وتظل هي تتجرع ألم اللذة المحرمة فخطوة الألف ميل تبدا بخطوة واحدة وبعدها خطوات وخطوات يصعب التراجع عنها .
اللؤلؤة المكنونة :(3/215)
تعرف ما وراء سماعة الهاتف وراءها دعوة للخيانة والسقوط في المستنقعات الوبيئة ، تعرف أنه يمدح جمالها فإذا نال منها قال : ( عاهرة ) يصفها بملكة الجمال فغذا حال الحول قال : ( قبيحة ) كم من فتاة عبر سماعة الهاتف بقيت حبيسة الدار حاملة العار لا تقبل خاطباً .
سماعة الهاتف : تحمل قائمة من الخسائر في ظل الندم والدموع والضياع لأجل شاب تتسلى معه كان الثمن شرفها فسماعة الهاتف بداية عابثة ونهاية مؤلمة .
قال تعالى :
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ) (النور:21)
اللؤلؤة السابعة عشر
ارتياد المطاعم
أختي الكريمة .. لماذا ارتياد المطاعم ؟ علامة استفهام نقتطع بها الإجابة نعبئ مساحات الورق بما هو جميل وعميق .. تأملي حال الفتيات في هذه المطاعم من ارتفاع أصواتهن بالضحك والحديث الذي ربما سبب التكشف للعمال والخدم وحينها تعود ( دوامة الأسئلة التحذيرية ) عن حجابهن وزينتهن .. كيف ؟ ومن المستفيد من خروج الفتاة مع صديقاتها ؟ وإلى أين ؟ ومتى العودة ؟ وهل ستتأخر ؟ والمصيبة إن خرجت مع من يقتل عفتها باسم ( الحب والتعرف عن قرب ) ..
ارتياد المطاعم عادة أخذت من الكفار لها ضوابط شرعية متى توفرت كان جائزاً وقد كرهت عائشة رضي الله عنها للفتاة الخروج للمساجد وفي الحديث ( وبيوتهن خير لهن ) بل حتى الصلاة في بيتها أفضل من المسجد ... لمه ؟ حماية لها من التبذل والفتنة والمتأمل لعذر من ترتاد المطاعم ... هو الملل والسآمة والفراغ القتل ... فإلى من احتجت بذلك هذا المثال :
حفصة بين سيرين الفقيهة الأنصارية – العالمة العابدة . حفظت القرآن الكريم وهي بنت 12 سنة وعاشت 70 سنة . قال مهدي بن ميمون : ( مكثت في بيتها 30 سنة لا تخرج إلا لحاجة . قد وجدت سعادة قلبها وقرة عينها .. وطمأنينة فؤادها في بيتها المتواضع فلا يتسرب إليها الملل أو تطرقها السآمة وغيرها كثير من فتياتنا المسلمات . اللألئ المكنونة .
أختاه .. كم مرة تخرجين من بيتك شهرياً أو سنوياً ؟ عفواً ( يومياً ) وإلى أين ؟ إلى التسوق مرة وللزيارة والتنزه ثانية وثالثة ومرات بعد مرات بدون مناسبة فهل هذا يليق ؟
من فضلك ...
ارتياد المطاعم هوس في السعر والتكاليف فكم الأثمان الباهظة تدفع لأجل وجبة ربما أشبعت أكثر من جائع .
قال تعالى :
( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى)(الأحزاب: 33)
اللؤلؤة الثامنة عشرة
همسة في أذنك
( أروى ) فتاة تخرج للسوق مشمرة عباءتها عن ساعديها من فوق بنطلون يظهر واضحاً عند مشيتها قد لبست على وجهها غطاء شفافاً يفوح العطر ويتحرك معها تدخل أكثر المحلات وتتحدث مع الباعة بصوت متكسر لمناسبة وبدون مناسبة .
أختي الكريمة ...
ما شعوررك تجاه هذا المثال الذي يتكرر في أسواقنا ؟! ما رأيك في همسة أهمس بها في أذنك بحوار هادئ منطقي بعيد عن المجاملة قريب من المصارحة نستعرض من خلاله الدرماتيكية في الصة حين يقع الوالد ( أروى ) ذي الخمسين سنة حادث أليم يسبب شللاً رباعياً يقعد لمدة طويلة في المستشفى . ذهبت لزيارة والدها للمرة الأولى والدموع لا تجف عن حذبها ، دخلت عليه فابصرت أباها في حالة سيئة آلمت نفسها ، وحزنت لشكواه ، ودمعت عينها لآهاته وأناته وهو من ( والدها الكريم الحنون وكفى ) قبلت رأسه ودعت له بالصحة والعافية ... وقفت ( أروى ) مع نفسها تفكر في حال إخوانها الصبية الصغار ينتظرون عودة أبيهم ليقضي حوائجهم ، ويخفف لوعتهم ، ويشبع جوعتهم ، قد تعلقت قلوبهم وقلبها به ، فهموم وأحزان ، وذل وخضوع للناس تتذكر زيارة والدها .. فتلمح في الأفق ( المستشفيات ) كم تعج بالمرضى من كل نوع وحالة ..
فكم من شاب وشابة في أعمار الزهور ومقتبل الحياة أصبحوا معاقين مهمومين .
يا من عافاك الله .. وقفت ( أروى ) تقارن بين حياتين ( قبل وبعد ) كم كانت غارقة في الماديات وآخر الموضات .
( حادث والدها ) أعادها إلى أن تعيش الحياة السعيدة في ظل الصلة بالله عز وجل فلا سفور ولا تبرج بعد اليوم بل حجاب وحشمة وإقبال على الله تعالى ..
أختي المتسوقة :
يا من ابتعدت عن طاعة الله عز وجل .. هذه الدنيا كم فيها من عين باكية وقلب حزين ، كم فيها من الضعفاء والمساكين والمعدين قلوبهم تشتغل ودموعهم تسيل فهذه تشكو علة وسقماً وأخرى هماً وقلقاً ..
عزيزة ذلت ، وصحيحة مرضت ، وجميلة مسحورة ، ومحدة معيونة . تلك هي الدنيا .. تضحك وتبكي ، وتجمع وتشتت ، شدة ورخاء وسراء وضراء .
فاحمدي الله على نعمة الصحة والعافية ..
اللؤلؤة المكنونة :
ما أجملها في تسوقها ترتدي عباءتها قد علا محيا وجهها خمارها الساتر ، كانت مع أخواتها المسلمات يداً واحداً يوصي بعضهن بعضاً بالكلمة الصادقة ، والنصيحة المؤثرة ، والشريط المفيد ، والكتيب الهادف ، والهدية المغلقة ..
قال تعالى :
( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ )(التوبة: 71) .
اللؤلؤة التاسعة عشر
أسطر متناثرة
السائق ضرورة فرضت نفسها لضعف الرجل في تحمل المسئولية فلا مجال لمعاملة خاصة معه من طول الحديث حيناً والضحك معه أحياناً أخرى .
المجلات الماجنة دعوة للسفور تحت ( الحب العصري ) .
أشهر من يملك بيوت الأزياء وينتج كتالوجاتها ( اليهود ) .
الاختلاط يهذب الغريزة ويكبح جماح الشهوة هذه دعوى كاذبة والعالم الغربي شرب من الخطيئة بسببها حتى الثمالة .
حجاب المسلمة : يستورد من ( فرنسا ) فمتى عرفت الحجاب وهي منبع الروائح النتنة والخلاعة .
قبل أن تكسبي قلوب الناس اكسبي قلبك أولاً .
لكل فتاة ( هواية ) كالرسم وجمع الطوابع فهنيئاً لمن كانت هوايتها جمع الحسنات والحذر من السيئات .
تأملي تغريد العصافير يبشؤ بعضها بإطلالة الصباح المشرق .. تطير .. وتحط .. وتغرد .. تبتعد .. وتقترب كوني مثلها وابحثي عن مواطن السعادة الحقيقية في طاعة الله سبحانه وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم .
الخادمة .. قدمت من بلاد بعيدة تاركة زوجها وأبناءها فلذات أكبادها كي تخدمك أنت وأهلك تنظف وتغسل وتطبخ وتتعب فيلوح في ذاكرتها أولادها فتفرح وتحزن وقد تنحدر دموعها شوقاً لهم تمضي قرابة السنتين بعيدة عن أهلها لأجل دارهم معدودة تأخذها نهاية كل شهر فتدفعها لأولادها هناك ليفرحوا مقابل حزنها ويسعدوا مقابل تعبها وينعموا مقابل ألمها ويصحوا مقابل مرضها ويضحكوا مقابل دموعها همسة في أذنك ..
احمدي الله إذا لم تكون مثلها وكوني بها رحيمة وعليها مشفقة وقدمي لها الكتب النافعة لها في دينها .
هل غاية طموحات الفتاة ونهاية اهتماماتها ( الرياضة ) ومتابعة أخبارها بكل حماس وفاعلية !!!
أكبر عيب يوجه للرجل أن يقال له : ( امرأة ) فما بال الفتاة المسترجلة تدعوا الآخرين إلى عيبها .
يمتدح الفتى بالشجاعة والكرم بينما تمتدح الفتاة بالحياء والعفة ..
اللؤلؤة العشرون
النهاية
الدنيا بسماتها الجميلة ، وأرضها الشاسعة ، ضمت الموتى كما حملت الأحياء .
تأملي .. أشجارها كيف تنقص أوراقها خريفاً لتعود ربيعاً تصمد أمام البرد والصيف هذه الشجرة ( أنت ) تمضي عليك الأزمنة والسنوات منذ ولادتك وحتى قراءة هذه الكلمات ..(3/216)
أما تأملت .. هذه المرأة التي احدودب ظهرها ، وابيض شعرها ، وتثاقلت خطاها ، وخارت قواها .. وسقط حاجباها ، وتناثرت أسنانها تقوم وتقعد وتصلي وتصوم وتأكل وتشرب وتقضي حاجتها ( بصعوبة ) ..
هذه المرأة .. ألم تكن شابة مثلك عاشت حياة الشباب وأنها طويلة قاهرة ولما كبرت سنها وضعت بنيتها وتنوعت أسقامها تبكي على أوراق من حياتها سقطت يزداد بكاؤها أكثر إذا ما داهمها المرض وتكاثرت عليها الأوجاع .
كيف بك .. إذا سقطت آخر ورقة وأنت على فراش الموت معلنة نهايتك وانقضاء أيامك من هذه الدنيا . قد أخذت إلى ( المحمة ) مكان تغسيل الموتى تخلع المغسلة ثوبها أو تقصه لتغسلك بعد أن كنت تغسلين نفسك بنفسك تقبلين يمنة ويسرة وأنت جسد بلا روح فتكفنين وتحملين للصلاة قم إلى القبر أول منازل الآخرة فإما روضة من رياض الجنة وإما حفرة من حفر النار .
أختاه ..
أين أهلك ؟ أين صديقك ؟ أين خروجك للأسواق ؟ أين الفاسقين ؟ أين المساحيق ؟ أين السهرات ؟ أين العكوف على الفضائيات ؟ أين المجلات ؟ أين آخر الموضات والموديلات ؟ أين الدنيا بأسرها ؟ أين الدنيا وأهلها ؟
قال تعالى :
( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا مَتَاعُ الْغُرُورِ) (آل عمران:185) .
اكتمال العقد
اللؤلؤة المكنونة :
هنا اكتمل العقد بنا فأشكر لك الدقائق الثمينة من وقتك لقراءة الكتاب وتصفحه - جعل الله ذلك في موازين حسنات الجميع .
أختي العزيزة ..
الفتاة .. قطرة من قطرات دمائنا ، الفتاة .. نبضة من نبضات قلوبنا .. الفتاة صفحة من صفحات حياتنا .. كتب لهن الكتاب وسطرت صفحاتها وأوراقه .. دعينا نتشارك سوياً بفكرة جديدة أو تعقيب أو نقد هادف حول محتويات الكتيب .
حفاظاً على تلك القلوب الجميلة من لألئنا المكنونة ...
المؤلف / عادل العبد الجبار
1422هـ
=============
المراكز الصيفية.. دعوة للمراجعة
فهد بن إبراهيم السيف
منذ سنوات ومع بداية كل إجازة صيفية ينخرط كثير من شبابنا في المراكز الصيفية، ويبدأ العمل في البرامج المتنوعة بكل حيوية وتبذل جهود مضنية في سبيل إنجاح هذه المراكز، لمدة شهر ونصف تقريبا، ثم تنتهي المراكز ولما تنتهي الإجازة بعد، وهكذا يتكرر هذا الموقف في كل عام، وإنما تطرأ التجديدات على أساليب الجذب والترغيب؛ لأن الشباب أصبح يجد وسائل أكثر جذباً هنا وهناك.
لكننا هنا نطرح أسئلة تلح علينا في عصر المتغيرات، يجب علينا أن نقف وقفات جادة لمصارحة أنفسنا بالإجابة عليها:
• كثيرا ما يطرح علينا ملحوظات سلبية على أعمالنا في المراكز، وكثير منها صائب، وبعض هذه الملحوظات يأتينا من الداخل، وبعضها يأتينا من الخارج، ربما من غير الصف، ولكنه في الوقت نفسه صائب وصحيح، إلا أن كثيرا منا ينبري يدافع بحق أو بغير حق عن المراكز، والحق ينبغي أن يقبل ممن صدر منه، حتى لو كان إبليس، والأهم أن يصدٌقَنَا في ملحوظته ولو كان كذوبا أو محرضا، ثم إن عدم تقبلنا لهذه الملحوظات يضعف مصداقيتنا أمام الآخرين، وأيضا يجعلنا لا نستفيد من غيرنا، وإن ما أقدمه هنا في الملحوظات التالية، هو من داخل الصف، يجب أن نتقبله بصدر رحب، فننظر فيها فما كان فيها من صواب قبلناه، وما كان فيها مجانباً للصواب تركناه، فربما انطبق على غيرنا، ونحن نتحمل ملاحظات الآخرين حتى لو أحسسنا فيه بشيء من الجفاء في الأسلوب، وذلك لنتطهر من الأوضار التي تلتصق بنا مع مرور الزمن ولا يمكن التخلص منها إلا بشيء من الشدة.
• ومن تلك الأسئلة الملحة: هل نحن ندخل المراكز الصيفية ونحن نستحضر في أذهاننا وبين أوراقنا أهداف المركز؟ وما هي الخطة التي نسير عليها لتحقيق هذه الأهداف؟ أم أننا ننتظر هذه المراكز وفي جعبتنا أهدافنا القديمة لم يتغير فيها شيء؟ وبرامجنا نستجمعها بسرعة وخفة من هنا وهناك؟ من فلان وعلان، ومن المركز الفلاني، والموقع العلاني، وهذه فكرة جيدة، وتلك جديدة، ثم نلج المركز.. صخب وضوضاء.. منافسات وحماس، ثم ينتهي المركز، وهكذا في كل عام.. ماذا قدمتم؟ وما نتائجكم؟ وما المحصلة النهائية من المركز؟ وهل كان ينبغي ابتداء التسجيل في المركز والانخراط ضمن فعالياته؟! أعرف أنه سؤال يشكل بالنسبة لبعضهم مغامرة!
• ثم بعد نهاية المركز -وبناء على ما رسمناه من أهداف- هل خرجنا بنتيجة إيجابية من المركز؟ أم أنه مجرد حفظ لوقت تلاميذنا وأبنائنا واستنزاف جهودنا؟ وهل هناك شيء جديد قدمناه للمجتمع ولتلاميذنا؟ أم أننا ندور في نفس الحلقة المفرغة ونكرر عملنا بصورة تلقائية -ربما كانت مملة لبعضهم- وربما كانت سببا في تسرب آخرين من بين أيدينا؟ فإن كانت هناك نتائج جيدة فهذا ما نطمح ونصبوا إليه، وإن كانت دون المطلوب فهل نملك تطويرها وتحسينها لتوافق تطلعاتنا وتطلعات المجتمع لجهودنا الكبيرة؟
• وإن كنا لا نملك تطويرا لمراكزنا لسبب أو لآخر، فهل تبقى المراكز هي الخيار الأوحد؟ أوليس هناك اتجاهات وحلول أخرى يمكن أن تحقق أهدافنا؟ بل حتى لو كانت المراكز تحقق أهدافنا، أليس هناك حلول أخرى يمكن أن تحقق أهدافنا وزيادة؟ ألا يمكن ابتداع برامج جديدة؟ أم كما يقولون: (قديمك نديمك)؟! ثم ألا يمكن أن تحقق برامج أخرى موجودة بالفعل في مؤسسات المجتمع أهدافا تفوق هذه الأهداف وتناسب مستويات من تحت أيدينا؟ إنني لا أدعو بهذا الانصراف التام عن المراكز وتركها ونبذها، إنما أدعو إلى مراجعة العمل، ومحاسبة الذوات حول جدواها، نعم قد تناسب المراكز بعض الفئات، لكنها قد تهدم أحيانا بسبب عدم تحديد الأهداف ورسم الخطط ما نبنيه في شهور، وقد يناسب بعض التلاميذ الانخراط في الحلقات العلمية والدورات المتميزة والمكثفة وغيرها وتؤتي ثمارا أكثر فائدة مما تفعله المراكز بكثير.
• وأيضا حتى مع كون نتاجنا متميزا في هذه المراكز، كما هو ظاهر في كثير منها، فيبقى سؤال مهم: هل نضمن بقاء المراكز بصورتها الحالية؟ وهل نظل نضع أيدينا على قلوبنا خوفا على المراكز أن يأتيها يوم نفقدها فيه دون إرادتنا؟ أو على الأقل نفقد شريان حياتها وهو المال الذي تدعم به؟ لا سيما وأننا رأينا في السنوات القليلة الماضية ضعف ميزانياتها، ألا يمكن أن تبدع عقولنا حلولا لهذه المشكلة لو وقعت؟ ألا يمكن أن نضع -ولو في الاحتياط- أفكارا تحفظ علينا أبناءنا خلال الصيف الذي يعاني فيه شبابنا من الفراغ القاتل؟ وإننا اليوم نرى انتشار أفكار أخرى من مثل: الدورات المكثفة لحفظ القرآن أو أجزاء منه، وكذلك: الدورات العلمية، وهذه خيارات جيدة، بل ورائعة، لكنها -في كثير من الأحيان- قد لا تناسب إلا فئات معينة هي الأكثر جدية، ويبقى شباب كثيرون لا يميلون إلى مثل هذه البرامج، فماذا يمكننا أن نقدم لهم فيما لو...؟(3/217)
• حتى إذا ولجنا هذه المراكز المليئة حيوية ونشاطا وأريحية، ينبغي علينا أن نتأمل في كيفية تعاملنا مع أفرادها، فعلى سبيل المثال: تواجهنا مشكلة التعامل مع التلاميذ الأقل موهبة، والذين قد لا يملكون مواهب تضعهم في مصاف التلاميذ المستهدفين بأكثر برامجنا، اللهم إلا إذا استثنينا منها برامج الترفيه التي تناسب الجميع، فهل يحق لنا أن نكتفي لهؤلاء بمجرد حفظ أوقاتهم من الفراغ؟ أو حفظهم من رفقاء السوء؟ أو التخفيف على أهاليهم من إزعاجهم المتكرر؟ أليس لدينا ما يمكن أن نقدمه لهؤلاء؟ نطور مهاراتهم وننميها، نحرث ذواتهم بحثا عن جوانب التميز فيهم، فإن كلاً منهم يوجد لديه ما يميزه عن الآخرين، علمه من علمه وجهله من جهله، وإن بيئات كثير من أبنائنا وتلاميذنا كانت سببا في قتل مواهبهم ووأدها حية، فهل نملك -من خلال هذه المراكز- إحياء مواتها، وإجراء الدم في عروقها؟ ألا يمكننا أن نخصص فئة لهؤلاء يعتنون بهم دون جرح مشاعرهم؟ أم يكفيهم أن يقفوا في جانب الطريق ليوسعوه لغيرهم من الذين وجدوا من يصقل مواهبهم ويهتم بهم؟ ليظلوا دائما متفرجين، ويظل أولئك المتميزون يجدون من يهتم بهم، فيتسع الفرق بين هؤلاء وأولئك.
وفي المقابل أيضا: ماذا قدمنا للموهوبين؟ هل نكتفي باستنزاف مواهبهم فقط؟ إن هذا الاستنزاف قد يكون جيدا لأنه ينمي تلك المواهب، لكننا يجب ألا نكتفي بهذا الاستعراض البطولي الذي قد يكون من نتاجنا أحيانا وربما كان من نتاج آخرين وربما كان من تنمية هذا الشاب لنفسه، بل يجب علينا أن نحرص أن نقدم لهذا الشاب ما يزيد تميزه، وما يجعله وأهله ومجتمعه يحسون أن هذا المركز قدم لهم شيئا.
• نقطة أخرى يجب أن تبقى منا على بال وهي: ماذا بعد المركز؟ وكيف حال من اجتهدنا معهم خلال هذا المركز فور نهاية المركز؟ إن تلك المدة التي تقع بعد نهاية المركز وقبل بداية الدراسة تبقى مدة مثل: مثلث برمودا، خروج الداخل فيها غير مضمون، ولأنه يهدم كل ما بنيناه ليس في المركز فحسب، بل ربما في سائر السنة الدراسية.
• ويتعلق بهذه النقطة: أننا كثيرا ما نحصل في هذه المراكز على نتائج إيجابية ونسعد بها ونفرح، لكننا -وللأسف- بسبب عدم متابعتنا، أو اتكاليتنا على بعضنا، نترك هذه النتائج تتجاذبها الأهواء وتتقاذفها الشهوات، وتلعب بها العواصف والزوابع بلا معين، فهل نملك زمام المبادرة وتعليق الجرس تجاه هؤلاء الشباب الذين استفادوا من جهودنا؟ أم نرضى أن تضيع جهودنا المضنية وأوقاتنا المبذولة خلال هذه الفترة هباء منثورا.
• منذ أمد والمراكز قد شرعت أبوابها للعمل فيها، وكانت لها في البدايات أهداف تتوافق مع متطلبات العصر، إلا أننا لاحظنا في السنوات القليلة الماضية التطور التقني الهائل الذي جذب عقول الشباب، بين القنوات الفضائية والمواقع العنكبوتية والهواتف الجوالة وما فيها من تقنيات متطورة جذابة، فهل نبقى على أهدافنا القديمة وخططنا العتيقة ذاتها، ولا ننظر إلى المستجدات المعاصرة؟
• أخيرا أقول: إن أعمالنا الدعوية -وليست المراكز فحسب- بحاجة إلى مراجعة مستمرة لضمان النتائج، وبحاجة إلى محاسبة متكررة بعد كل دورة أو مدة معينة لنعرف هل نحن نسير في الطريق الصحيح، أم أننا في خضم العمل قد نميل -قليلا- عن سواء الطريق دون شعور منا، ونظن أننا لا زلنا في الطريق نفسه.
المصدر : موقع المسلم
=============
العواطف الإنسانية
عبدالرحمن بن فؤاد الجارالله
الحمد لله ألّف بين قلوب المؤمنين فأصبحوا بنعمته إخواناً، و نزع الغلَّ من صدورهم فكانوا في الدنيا أصحاباً و في الآخرة خلاناً، أحمده سبحانه و أشكره، و أتوب إليه و استغفره، و أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تبلغني لديه زلفى و رضواناً وأشهد أن سيدنا و نبينا محمداً عبده و رسوله تصديقاً به و إيماناً صلى الله عليه وسلم و على آله و أصحابه و أتباعه على دينه قولاً و عملاً و عدلاً و إحساناً أما بعد:
كان أصل هذا الموضوع بحثاً لأخي الفاضل:أبي عبدالله القرعاوي وفقه الله ,لكني وبعد إذنه قمت بمراجعته والإضافة والتعليق عليه في عدة مواضع تعليقات قد تكون نافعة_بإذن الله_ حسب اجتهادي القاصر فأسأل الله أن يحسن لنا القصد والعمل إنه جواد كريم..وبعد:
فإن الحب والوفاء والود والإخاء حقيقة وجدانية، بل أمرٌ فطري جبلت عليه النفوس البشرية لا بل هو من الإيمان إن كان خالصاً للرحمن، فالأخوة الحقَّة والمحبة الصادقة تولّد في النفس أصدق العواطف النبيلة وأخلص المشاعر الصادقة بلا تلفيق اعتذارات ولا تنميق عبارات بل صدقٌ في الحديث والمعاملة والنصح، يمسك الأخ بيد أخيه في رفق وحُنوٍ وشفقة، بِرٌ وصلة ووفاء، إيثار وعون في الشدة والرخاء فلا ينساه من الدعاء وكل ذلك دون تكلف أو شعور بالمشقة والعناء بل في أريحية وحسن أداء وطلب الأجر من رب الأرض والسماء، أَيدٍ تتصافح وقلوبٌ تتآلف، أرواحٌ تتفادى ورؤوسٌ تتعانق وحقيقة الأخوة في الله لا تزيد بالبر ولا تنقص بالجفاء قال صلى الله عليه وسلم : " ثلاثٌ من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان _ وذكر منهن _ أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله"،(رواه البخاري) والإنسان بلا ذلك كله جلمود صخر لا يستطيع الحياة مع الناس ومخالطتهم ومشاركتهم أفراحهم وأتراحهم . والناس فيه - أي الحب - بين إفراط وتفريط واعتدال. فحقيقة الحب في الله أن لا يزيد بالبر ولا ينقص بالجفاء كما قال يحيى بن معاذ رحمه الله، والحب في الله من المفاهيم المركزية التي قام عليها الإسلام منذ مرحلة تأسيسه فصبغ كل تعاليمه وتوّجها بعاطفة الحب التي هي المحرك الفاعل فيها. بل إن الحب في الله لونٌ من ألوان العبادة المأمور بها شرعاً في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
فضل الحب في الله:
[ أن المحبة في الله سبب لمحبة الله للعبد، أن الله يظل المتحابين فيه في ظله يوم لا ظل إلا ظله، أن الحب في الله والبغض في الله دليل على كمال إيمان العبد، أن الحب في الله سببٌ لذوق حلاوة الإيمان وطعمه، أن المرء بمحبته لأهل الخير يلتحق بهم، أن الله يكرم من أحب عبداً لله، أن المتحابين في الله على منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء ].
الوسائل الجالبة للمحبة في الله بين المؤمنين:
[ إخبار من تحب أنك تحبه في الله، إفشاء السلام، الهدية، تخوُّل الزيارة، القصد في الحب والبغض، الحرص على الطاعة وترك المعصية، أن تكون المحبة مقرونة بالإيمان، سلامة الصدر واتساعه عند اختلاف وجهات النظر وعدم الحسد وتمني الخير له والعمل على تأمينه له، أن تكون المحبة خالصة لا يشوبها مصلحة ذاتية ولا منفعة شخصية، حسن الظن والإغضاء عن الهفوات وتقبل النصيحة والتواصي بها، صيانة عرض المسلم، حفظ العهد والدعاء له ولأهله حاضراً أو غائباً حياً أو ميتاً، إظهار الاهتمام به والمشي في حاجته، السؤال عنه، الاجتماع على خير وهدى ].
علامات الحب في الله:
[ الدعاء لمن أحببته بظهر الغيب، مناصحته إذا أخطأ، أن تحب له ما تحب لنفسك، حثُّ من أحببت في الله على فعل الطاعات، احترام من أحببت في الله إن كان كبيراً والعطف عليه إن كان صغيراً، طاعته فيما يدعوه إليه من الخير وترك ما ينهاه عنه من الشر، أن يكون سبب المحبة استقامته وصلاحه ].
أخي الشاب: للحب خمسة أنواع يجب التمييز بينها: ـ
1 ـ محبة الله: وهي لا تكفي للنجاة والفوز بالثواب لوحدها لأن المشركين يحبون الله.(3/218)
2 ـ محبة ما يحب الله : وهذه التي تدخل للإسلام وتخرج من الكفر وأحب الناس إلى الله أشدهم محبة لما يحبه الله.
3 ـ الحب لله وفيه : وهي من لوازم محبة ما يحبه الله ولا تتم إلا بالحب فيه وله وهي من أعلى المراتب وهي الحب المطلوب.
4 ـ المحبة الطبيعية كحب الوالد والولد والأخوة وكل من وافق طباع الإنسان وهكذا: وهي لا تكون شركية إلا إذا أشغلت عن ذكر الله ومحبته.
5 ـ المحبة مع الله: وهي المحبة الشركية.
وظاهرة الإعجاب والتعلق من المحبة الشركية إذا ألهت عن ذكر الله. فانتبه يا رعاك الله.
أخي الشاب:
إن المحبة لها آثار وتوابع ولوازم وأحكام سواء كانت محبة محمودة أو مذمومة, نافعة أو ضارة, من الحلاوة والشوق والأُنس والاتصال والقرب والانفصال والبعد والصّد والهجران والفرح والسرور والبهاء والحزن وغير ذلك من لوازمها، فأما المحبة المحمودة هي المحبة النافعة التي تجلب لصاحبها ما ينفعه في دنياه وأخراه وهذه هي عنوان السعادة وتوابعها ولوازمها كلها نافعة له فإن بكى نفعه وإن حزن نفعه وإن فرح نفعه وإن انبسط نفعه وإن انقبض نفعه فهو يتقلب من مزيد إلى ربحٍ في منازل المحبة، أما المحبة المذمومة التي نحن بصددها هي التي تجلب لصاحبها ما يضره في دنياه وأخراه وهي عنوان الشقاوة وتوابعها كلها ضارة مُبعدةٌ عن الله كيفما تقلب في منازلها فهو في خسارةٍ وبُعدٍ.
وهكذا هو الإعجاب الذي هو من الظواهر الخطيرة والفتن الكبيرة التي كثُرت وعظم شأنها. لماذا ؟!
لأننا إذا أحببنا... أحببنا كلفاً... وهذا ليس من الدين ! .
أرى داء خطيراً قد تفشى *** يحار له المفكر والبصير
ألمّ ببعض أفكار الحيارى*** وأرداهم إلى أمر خطير
فعوداً للرشاد بلا تمادي *** فقد جاء المحذر والنذير
فالإعجاب أو ما يسمى بالعشق والتعلق وهو: الإفراط في المحبة, تتركز فتنته ـ غالباً ـ على الشكل والصورة, أو انجذاب مجهول السبب, لكنه غير متقيد بالحب لله, ويدعى بعضهم أنها صداقة وهي ليست كذلك؛ لأنها صداقة فاسدة لفساد أساس الحب فيها بعدم انضباطها بضوابط الشرع. والعشق رغم سهولة بداياته إلا أن نهايته انتكاس للعاشق, وخروج عن حدود الشرع, ولهذا كان بعض السلف يستعيذ بالله من العشق, فهو إفراط في الحب في أوله, وهو عبودية للمعشوق في نهايته, تضيع معها عبودية العبد لله, ولهذا يجعلون الحب مراتب: أوله:العلاقة, ثم الصبابة, ثم الغرام, ثم العشق, وآخر ذلك التتيم وهو التعبد للمعشوق, فيصير العاشق عبداً لمعشوقه, وإن سقوط الشاب في شباك العشق لهو من أخطر الأمور, إذ أن الهوى من صفاته أنه يهوي بصاحبه, وإذا ما استحكم في القلب سيطر على العقل والفكر, وهنا يقع الإنسان في عبودية هواه:"أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا".
أخي الشاب:
الأصل في العملية التربوية أنَّ الفرد الذي يُدعى يجب أن تتركز الجهود التربوية في تربيته بتوثيق صلته برب العالمين، وأن تكون صلته القوية بالله تعالى وبمنهجه القويم، وألا يتعلق بالبشر؛ لأنَّ البشر من الممكن أن يتغيروا، ولكن الله الحي الذي لا يموت يُغيِّر ولا يتغيَّر كما قال سبحانه:" كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ".
وإنَّ مشكلة التعلق بالأشخاص لها سلبيات منها: أن الفرد يتغير بتغير المتعلق به.
ولذلك جاء القرآن ليقرر هذه الحقيقة الأولية حقيقة التعلق بالمنهج ونبذ التعلق بالأشخاص ولو كانوا رسلاً. ففي سورة آل عمران وهو يتحدث عن غزوة أحد يقول سبحانه:" وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ " يقول أحد الباحثين: « وكأنما أراد الله سبحانه بهذه الحادثة وبهذه الآية أن يفطم المسلمين عن تعلقهم الشديد بشخص النبي صلى الله عليه وسلم وهو حيٌّ بينهم، وأن يصلهم مباشرة بالنبع, النبع الذي لم يفجِّره محمد صلى الله عليه وسلم ، ولكن جاء فقط ليومئ إليه ، ويدعو البشر إلى فيضه المتدفق ، كما أومأ إليه من قبله الرسل ، ودعوا القافلة للارتواء منه ؛ وكأنما أراد الله سبحانه أن يجعل ارتباط المسلمين بالإسلام مباشرة وأن يجعل عهدهم مع الله مباشرة ، وأن يجعل مسؤوليتهم في هذا العهد أمام الله بلا وسيط ، حتى يستشعروا تبعتهم المباشرة التي لا يخليهم عنها أن يموت الرسول أو يقتل فهم ؛ إنما بايعوا الله ، وهم أمام الله مسؤولون ، وكأنما كان سبحانه يعد الجماعة المسلمة لتلقي هذه الصدمة الكبرى حين تقع ، وهو سبحانه يعلم أن وقعها عليهم يكاد يتجاوز طاقتهم ، فشاء أن يدربهم عليها هذا التدريب ، وأن يصلهم به هو وبدعوته الباقية قبل أن يستبد بهم الدهش والذهول » .
ويضيف قائلاً: « والمسلم الذي يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ وقد كان أصحابه يحبونه الحب الذي لم تعرف له النفس البشرية في تاريخها كله نظيراً ، الحب الذي يفدونه معه بحياتهم أن تشوكه شوكة وقد رأينا أبا دجانة يُترِّسُ عليه بظهره والنبل يقع عليه ولا يتحرك ورأينا التسعة الذين أفرد فيهم ينافحون عنه ويستشهدون واحداً إثر واحد ، وما يزال الكثيرون في كل زمان وفي كل مكان يحبونه ذلك الحب العجيب بكل كيانهم وبكل مشاعرهم حتى ليأخذهم الوجد من مجرد ذكره صلى الله عليه وسلم ، هذا المسلم الذي يحب محمداً ذلك الحب مطلوب منه أن يفرق بين شخص محمد صلى الله عليه وسلم والعقيدة التي أبلغها وتركها للناس من بعده باقية ممتدة موصولة بالله الذي لا يموت إنَّ الدعوة أقدم من الداعية » .
وكما كان القرآن يربي الصحابة والأمة من بعدهم على التعلق بالمنهج وذم التعلق بالأشخاص، كذلك كان صلى الله عليه وسلم هذا منهجه، ومنهج كل من دعا إلى الله على بصيرة، وإليك بعض النماذج:
1 ـ عن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: وعَظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة وَجِلَتْ منها القلوب وذرفت منها العيون، فقلنا: يا رسول الله ! كأنها موعظة مودعٍ، فأوصنا ! قال: أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة، وإن تأمَّر عليكم عبدٌ، وإنَّه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً؛ فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضُّوا عليها بالنواجذ، وإيَّاكم ومحدثات الأمور؛ فإنَّ كل بدعة ضلالة». الشاهد قوله : « كأنها موعظة مودع » ، « فعليكم بسنتي » فربما كان قد وقع منه صلى الله عليه وسلم وسلم تعريض في تلك الخطبة بالتوديع،وأنه مغادر الحياة ، فأوصاهم بالتعلق بسنته بعده ، وقول الصحابة : « فأوصنا » فيه أنهم لما فهموا أنه مودع استوصوه وصية ينفعهم التمسك بها بعده .
2 ـ في حديث جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « لتأخذوا عني مناسككم؛ فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد عامي هذا.. ». فأوصاهم بأخذ سنته وأتباع هديه الذي هو الدين الذي بلغه عن ربه؛ ففيه تعليق الصحابة بمنهج الله، وتربيتهم على ذلك وهو حيٌّ بين أيديهم.
3 ـ جمعه الناسَ بماء بين مكة و المدينة يسمَّى خُمّاً، وخطبهم فقال: « يا أيها الناس إنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب », ثم حض على التمسك بكتاب الله ووصى بأهل بيته . الشاهد تعريضه بأنه مغادر الحياة، وحضه بالتمسك بكتاب الله وبمنهج الله.(3/219)
4 ـ خرج الإمام أحمد أيضاً عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً كالمودع فقال: « أنا محمد النبي الأمي قال ذلك ثلاث مرات ولا نبي بعدي؛ أوتيت فواتح الكلم وخواتمه وجوامعه، وعلمت كم خزنة النار وحملة العرش، وتُجُوِّز بي، وعوفيت وعوفيت أمتي؛ فاسمعوا وأطيعوا ما دمت فيكم؛ فإذا ذُهِبَ بي فعليكم بكتاب الله أحلوا حلاله وحرموا حرامه ». الشاهد قوله: « فإذا ذُهِب بي فعليكم بكتاب الله ». فلم يعلقهم بنفسه الشريفة ولا بذاته إنما علقهم بكتاب الله وبمنهج الله؛ وفي هذا تربيتهم على التعلق بالمنهج.
يتضح مما سبق من هذه الأحاديث كيف أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوجه الصحابة ويحضهم ويعلقهم بمنهج الله الذي هو الكتاب والسنة ولم يكن يعلقهم بشخصه وذاته ، وكان يربيهم على هذه الحقيقة الأولية وهو بين ظهرانيهم ، ويركز عليها ويذكرهم بها في أكثر من موقف كما سبق ؛ وما ذاك إلا لأهمية هذه الحقيقة التي ربما يغفل عنها الناس ؛ فكان الواجب تذكيرهم والتركيز عليها ، و أيضاً لقد كان الصحابة رضي الله عنهم يربي بعضهم بعضاً ، ولا غرابة في ذلك ؛ فقد رباهم صلى الله عليه وسلم على ذلك من قبل ، ويذكِّر بعضهم بعضاً بهذه الحقيقة المهمة حقيقة التعلق بالمنهج ونبذ التعلق بالأشخاص؛فمتى جنحت العاطفة نحو الأشخاص ضعفت النفوس وتقهقرت .
ويظهر ذلك فيما يلي:
1 ـ قال الزهري: حدثني أبو سلمة عن ابن عباس رضي الله عنه : « أن أبا بكر رضي الله عنه خرج وعمرُ رضي الله عنه يكلم الناس ، وقال : اجلس يا عمر . قال أبو بكر رضي الله عنه : أما بعد : فمن كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات ، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت . قال الله تعالى:" وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ".قال: فوالله لكأن الناس لم يعلموا أن الله أنزل هذه الآية حتى تلاها عليهم أبو بكر رضي الله عنه ، فتلاها منه الناس كلهم ؛ فما أسمع بشراً من الناس إلا يتلوها» ، وأخبرني سعيد بن المسيب أن عمر رضي الله عنه قال : « والله ! ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها فعرقتُ حتى ما تقلني رجلاي وحتى هويت إلى الأرض ».
2 ـ قال ابن أبي نجيح رضي الله عنه عن أبيه رضي الله عنه : « إن رجلاً من المهاجرين مرَّ على رجلٍ من الأنصار يتشحط في دمه فقال له : يا فلان ، هل شعرت أن محمداً صلى الله عليه وسلم قد قتل ؟ وكان ذلك في أُحدٍ, فقال الأنصاري: إن كان محمد قد قتل فقد بلَّغ. فقاتلوا عن دينكم ».
3 ـ في غزوة أُحدٍ لمّا انهزم الناس لم ينهزم أنس بن النضر رضي الله عنه وقد انتهى إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه و طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه في رجال من المهاجرين والأنصار قد ألقوا بأيديهم ، فقال : ما يجلسكم ؟ فقالوا: قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال: ما تصنعون بالحياة بعده ؟ فقوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم . ثم استقبل المشركين ولقي سعد بن معاذ رضي الله عنه فقال: يا سعد، واهاً لريح الجنة إني أجدها من دون أُحد، فقاتل حتى قتل، ووُجِد به بضع وسبعون ضربة، ولم تعرفه إلا أخته ببنانه.
إنه من واجب المربين ومن هم في موضع القدوة أن يربوا أتباعهم على التعلق بالله وعدم التعلق بالأفراد.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: ومن ادَّعى الحب في الله في مثل هذا فقد كَذَبَ، إنما هذا حبُ هوىً وشهوة.
مظاهر الإسراف في العواطف الإنسانية: ـ
وهذه المظاهر على نوعين: النوع الأول: مظاهر قلبية داخلية. النوع الثاني: مظاهر سلوكية خارجية.
النوع الأول: المظاهر القلبية:
فهي داخلية تختص بالقلب وأعماله فإذا ظهرت هذه المظاهر لواحد منا فليعلم أنه أسرف في عواطفه ووضعها في غير موضعها.
ومن هذه المظاهر: ـ
1 ـ انشغال القلب وكثرة التفكير به وبما يصده عن ذكر الله..وهو تعلق القلب بالمعشوق, فلا يفكر إلا في محبوبه, ولا يتكلم إلا فيه,ولايقوم إلا بخدمته , ولا يحب إلا ما يحب , ويكثر مجالسته والحديث معه الأوقات الطويلة من غير فائدة ولا مصلحة. وتبادل الرسائل ووضع الرسومات والكتابات عنه وعن الحب في الدفاتر وفي كل مكان..., ويقوم بالدفاع عنه بالكلام وغيره, ويغار عليه, ويغضب إذا تكلم مع غيره أو جلس معه, ويشاكله في اللباس وتسريحة الشعر, وهيئة المشي والكلام.
ومن أحب شيئاً استلزم هذا الحب ثلاثة أمور:
(1) المحبة والرجاء الدائم. (2) الخوف من فواته وفراقه.(3) السعي في كسب رضاه بقدر الإمكان .
فهو في ذلك ما بين الخوف المقلق والحب المزعج.. فينشغل به حتى في صلاته وسائر عباداته.. واستمع معي إلى ما يقوله ابن القيم رحمه الله في كتابه إغاثة اللهفان:"فلو خير بين رضاه ورضى الله لاختار رضا معشوقه على رضا ربه, ولقاء معشوقه أحب إليه من لقاء ربه, وتمنيه لقربه أعظم من تمنيه لقرب ربه وهربه من سخطه عليه أشد من هربه من سخط ربه بمرضاة معشوقه, ويقدم مصالح معشوقه وحوائجه على حاجة ربه".وقال: "فلمعشوقه لُبُّهُ وقلبه وخالص ماله وربه على الفضلةِ, قد اتخذه وراءه ظهرياً وصار لذكره نسيّاً ووجه قلبه للمعشوق.. ينفرُ من خدمة ربه حتى كأنه واقفٌ في الصلاة على الجمر من ثقلها عليه وكلفه لفعلها.. فإذا جاءت خدمة المعشوق أقبل عليها بقلبه وبدنه فرحاً بها ناصحاً له فيها خفيفةً على قلبه لا يستثقلها ولا يستطيلها".
2 ـ احتراق القلب بالغيرة: لماذا يتحدث مع غيري ؟ .. لماذا يحب غيري ؟ .. فالغيرة تحرق القلب وهكذا يكون قلب من وقع في مثل هذه الأمور فيحاول أن يبذل له الأكثر حتى يجذبه إليه أكثر من غيره.. هو صامت لكن لسان حاله يقول: أنت لي وحدي ولست لغيري.
3 ـ التنافس الغير محمود بين شخصين على أحد الأشخاص فيحاول كل منهما أن يقدم له الأحسن ويلبي طلباته.. منافسة مع أخيه فيتولد بينه وبين أخوه صراع من أجل هذا المحبوب.
أخي الحبيب: هناك تنافس محمود ومطلوب منا جميعاً ألا وهو التنافس في طاعة الله وخدمة المحتاجين والمبادرة إلى ذلك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.. أما التنافس والصراع من أجل كسب محبة وقلب زميل.. فقد أنسى صاحبه حظه من التجارة الرابحة وانشغل بتجارة خاسرة.. وكفى بهذا العذاب وهذا الهوان " أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير ".
4 ـ المعاداة والموالاة ليس في الله وإنما في هذا المحبوب: فيعادي من يعادي محبوبه ويحب من يحب.. فهو يكره فلان من الناس فقط لأنه يكرهه!.
يقول أحد الإخوة: كنت مع صديق لي وكان يكره واحداً فكان يسبه ويذكر مساوئه حتى كرهته كرهاً شديداً ـ فقط لمجرد ذكر صديقي له ـ وأنا لا أعرفه ولم أره من قبل وبعد رؤيتي له وجلوسي معه تعجبت وبانَ لي عكس ما كنت أظنه به وعرفت أني ظلمته فذهبت إليه واعتذرت منه وأخبرته أني كنت سابقاً أكرهه وأتحدث به في المجالس.
أخي: لابد أن تكون عقيدتك سليمة في الولاء والبراء..فأنت تعادي وتوالي في الله وليس في فلان أو فلان من الناس.
النوع الثاني من المظاهر: المظاهر السلوكية: وهي ما يظهر للعَيانِ وما يظهر على الجوارح والتصرفات ومنها: ـ(3/220)
1 ـ النظرات الغريبة والمائعة ـ من غمز ونظرات مخجلة ـ وبعض الحركات المريبة واللمسات: كوضع اليد على الخاصرة والتقارب بالأجساد عند الجلوس أو الوقوف وكوضع الرأس على الكتف، ولمس الشعر، ومسك الخاصرة، والضغط على اليد، وقد تصل في بعض الحالات إلى التقبيل والاحتضان.. فلماذا كل هذه الحركات ؟ نعم, إنها علاقة محبة زيادة على اللازم.. تدل على الإفراط في العواطف، فالمداومة على تلك النظرات والحركات واللمسات مظهر سلوكي من مظاهر الإصابة بهذا الداء.
2 ـ الرسائل المعطرة بالكلمات المفعمة بالحب والألفاظ الساقطة.
3 ـ التجمل والتزين للمحبوب: والإفراط في ذلك وهذا يدل على الانفلات والإغراق في المسائل العاطفية.
4 ـ الانبساط الزائد عند وجود من يحب: وكثرة الحديث والمزاح والأنس والسرور والفرح.. فنجد بعض الإخوة لا يأنس في مجلسٍ ولا قاعةٍ ولا حلقةِ علمٍ ولا في حديثٍِ إلا إذا كان ذلك المحبوب موجوداً في ذلك المجلس فإذا كان معه في المجلس فلا يضيره ما فقد.
5 ـ الإحساس بالضيق في المكان الواسع عند فقد من يحب: فيتبرم ولا يعجب بشيء ويستثقل الناس ويضيق بهم.. وأحياناً يكون في مجلس فيه خيرٍ ووعظٍ أو حديثٍ مفيدٍ ولكنه لا يلتفت إلى ذلك كله إن غاب عنها من يحب.
6 ـ إلانة الكلام وترقيق الصوت والخضوع بالقول والتلفظ ببعض الألفاظ التي تنم عن الميوعةِ والتكسر.. كل ذلك في وجود من يحب وعند محادثته.. أما مع بقية الناس فهو يتحدث بحريةٍ بعيداً عن ذلك كله.
7 ـ الرغبة الشديدة في العزلة عن الآخرين مع المعشوق ولو طالت الساعات
* والإعجاب المذموم بالمربي والموجه، له مظاهر سلوكية كثيرة منها:
8 ـ الطاعة المفرطة ـ الطاعة العمياء للمربي في خطئه: نعم تقول: أنا خدوم وأخدم المسلمين ولكن لماذا فلان دون الناس جميعاً؟ والأعمال بالنيات وصدق من قال :
إن هواك الذي بقلبي *** صيرني سامعاً مطيعاً
9 ـ ترك الواجبات من أجل هذا المحبوب ـ تقديم مصالح مربيه الدنيوية على مصالح والديه وأهل بيته ـ: كترك الدروس والخروج معه أو ترك الأعمال المنزلية من أجل الحديث الطويل معه على الهاتف وغيرها من الواجبات المضيعة.
أخي: لا شك أن الشعور والاهتمام بإحساس إخوانك مطلوب لكن لا تُفرِّط فلا تترك الواجب لأقل منه.
10 ـ ترك الالتزام بعد موت المربي أو سفره أو سجنه أو غيابه.
11 ـ ترك العمل لهذا الدين بابتعاد المربي عنه.
12 ـ عدم الصبر على مفارقته.
13 ـ مقابلة أقوال المربي غير الصائبة بأقوال من تأخذُ الأمة الفتوى عنهم.
14 ـ التساهل في الكثير من الأخطاء, بحجةِ أن المربي يعملها.
15 ـ تعظيم المربي ومدحه وإطراؤه والثناء عليه إلى درجة الغلو.
16 ـ التسويغُ الكثير لأخطاء المربي، وعدم قبول أن المربي قد يخطئ بل يُجعل دائماً هو المصيب بلسانِ الحال أو المقال.
17 ـ عدم مناقشة المربي في بعض القضايا التربوية التي لم يفهمها المتربي بحجة أن مربيه قد يغضب عليه عندما يناقشه.
18 ـ عدم الوضوح في كثيرٍ من قضاياه وأموره بحجة أن المربي ربما يتغير تجاهه.
19 ـ التخفي في عمل بعض الأمور التي لا تنبغي فضلاً عن المعاصي بحجة أن المربي يغضب عليه وتتغير نظرته له.
20ـ التحرج من أن يعرف المربي أموره الخاصة حتى لا تتغير نظرته له, وكذلك العكس ربما يريد أن يعرف المربي كل أسراره وأعماله.
21 ـ نصرة مربيه عند الآخرين حتى في خطئه.
22 ـ تقليد المربي في بعض الصفات المذمومة ( عشوائية, تهور, عجلة, فوضوية ).
23 ـ الانصدام بواقع المربي إذا حصل منه خطأ مما يسبب له النكوص، فيجعل زلة المربي سبباً في الابتعاد عن الحق، وكان الإمام سفيان بن عيينة يطلق على مثل هؤلاء الذين يجعلون زلات القدوات والمربين سبباً للابتعاد عن الحق صفة: ( الحماقة ) فقد لاحظ أحدهم منه خشونة وشدة على طلبته فتجرأ وسأله: « إن قوماً يأتونك من أقطار الأرض، تغضب عليهم، يوشك أن يذهبوا ويتركوك » فرد عليه:«هم حمقى إذن مثلك أن يتركوا ما ينفعهم لسوء خلقي ». فأراد سفيان أن يفهم السائل القاعدة التي هي: ( التعلق بالحق وترك التعلق بالأفراد)، فالمربي والقدوة لا يعني أنه هو الحق وهو الدعوة، وفرق أن يوجد عيب أو زلل في المربي أو أن يوجد الزلل والخطأ في الحق .
أخي الشاب : إن هناك أسباباً دعت لوجود تلك العواطف والعلاقات في حياتنا ... فمن هذه الأسباب:
1 ـ ضعف الإيمان, وخلو القلب من حب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم , فإن العشق يتمكن من القلب الفارغ فيقوم فيه, ويعمل بموجب الجوارح,قال صلى الله عليه وسلم:"ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما , وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله , وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار".
2 ـ غياب الاهتمامات الصحيحة. أخي: أين الاهتمام بأمور الدعوة ؟ أين الاهتمام بالأوضاع التي نعيشها في كل البلاد ؟ أين الاهتمام بالعلم الشرعي ؟ أين الاهتمام بأحوال الأمة الإسلامية ؟ أين الاهتمام بهذه الأمور ؟ .. إننا لا نجده إلا عند فئة من الإخوة أما من غابت عنه هذه الاهتمامات فإنه يشغل نفسه بمثل هذه العلاقات والعواطف.
3 ـ الغناء: فالكلمة البذيئة.. والآلة السمعية دعاية إلى الزنا ولخلق مثل هذه العواطف المنحرفة.. فكل غناء اليوم هو اشتياق وتلهف إلى لقاء المحبوب.. وكلها كلمات يأنف من سماعها أهل الكرم والمروءة والمودة ونقاء السريرة.
4ـ ما ينقل إلينا عبر وسائل الإعلام المختلفة ـ الإعلام الماجن الساقط المعادي لأمة الإسلام ـ: ولا شك أنهم بذلك يهدفون إلى الإفساد، يقولون أنه لابد أن يكون لك علاقة جميلة..!! فالحب هو الحياة.. ولا حياة بدون الحب.. هكذا زرعوا في عقل الشاب المسلم...
فوسائل الإعلام تمارس دوراً مهماً في تغذية عقل الشاب بهذه الأفكار.. فنحن نرى أنه لا يكاد يخلو مسلسلٌ ولا فيلم من هذه الفكرة.. ومن وجود قصة حبٍ مصطنعة..فهي تبث القصص والحكايات عن العشاق والمعجبين, وتزين ذلك في عيون الناس, وأن الحب والعشق أصبح من ضروريات الحياة, وتمجد الشواذ, وقد تعمل لهم مقابلات وندوات تبين طبيعة الأمر, كذلك القصص والروايات التي تباع في كل مكان وغالبها روايات وقصص تتعلق بالغرام والعشقِ.. حتى في برامج الأطفال.. فوصلوا بها إلى حد الحب وكذلك برامج الحيوانات.. فكثير من أفلام الحيوانات التي تقدم إلى الأطفال لابد من وجود قصص الحب هذه في مشاهدها.. وحتى وصل بهم الحد أن قالوا: ( هل من الممكن أن نكتب رواية بدون أن يكون فيها حب ؟!)... فيتأثر الشباب بما يعرض لهم سواء في مجلات أو قنوات أو غيرها... ولا شك إخوتي إن كثرة الضغط على هذه الأمور تجعل الإنسان يسعى لتطبيقها.
5 ـ انحرافُ المقاصد والنيِّات: فقد يكون القصد بداية نبيلة والغاية عالية.. وبعد فترة تنحرف هذه الغاية وهذا القصد إلى أمورٍ ومقاصدَ أخرى:
أ ـ فقد يكون القصد الأخوة في الله وبعد ذلك تتحول إلى قصد آخر فنلاحظ أنه مثلاً لا يريده أن يتحدث مع غيره، ولا يمزح مع غيره ولا ينظر إلى غيره ولا يهتم بأحد سواه، وقد يصل الأمر أنه عندما يرى منه جفاءًا في يومٍ من الأيام أو عدم اهتمام أو تصرف لا يعجبه يؤدي ذلك إلى نقص في الأخوة وخلل فيها. . ولتعلم أخي أنها ليست أخوة حقة.. أخي:الأخوة من أسمى الدرجات فلا تنزلها لأقلها ولتعلم أيضاً أن العلماء أجمعوا على ضابط الأخوة الحقة وهو: أن الحب في الله [ لا يزيد بالبر ولا ينقص بالجفاء ].(3/221)
ب ـ ومن المقاصد النبيلة الدعوة إلى الله لكن قد يصحبها أخطاء كثيرة فنرى مثلاً أن الداعي ـ المعجب ـ يجلس مع المدعو لأوقات طويلة جداً وكل هذا الوقت للأسف يذهب في الأحاديث الغير مفيدة والسؤال عن الأحوال وقليلاً ما يخرج منها كلمة دعوةٍ أو توجيهٍ أو نصحٍ بل نجد أن غالب الكلام مجاملات.
أخي: الدعوة ليست شمّاعة نلقي عليها أخطاءنا.. الدعوة لا تتطلب طول الجلوس ومجاملات بقدر ما تحتاج إلى الإخلاص لله تعالى لنيل رضاه.. ومن الملاحظ أن الدعوة التي حدث فيها أخطاء من طول الجلوس بغير فائدة ومجاملات لم ينتج عنها إلا القليل القليل.. ومن ناحية أخرى نجد أن الداعي يتنازل عن أشياء كثيرة, مثل: الخروج من المحاضرات لأجله, و بعض الحركات الغير لائقة ولا بأس بها من وجهة نظره .
أخي: نحن لا نُنكرُ أن الدعوة لابد أن يكون بها اللين والرفق والسهولة ولكن لا يعني ذلك التنازل والخَوَر، فهل نتجه إلى المفضول وندع الفاضل ؟
ج ـ احترام الأستاذ وتقدير المربي.. أخي لاشك أن الأستاذ والمربي قدوة لكن لا يعني ذلك التعلق المذموم به بحيث تكثر التفكير فيه والاهتمام به ومراقبته بكل وقت وخلق المناسبات لمقابلته. نعم الاحترام والتقدير مطلوب ولكن المفروض أن لا يتعدى حدوده.
6ـ الفراغ ـ الفراغ العاطفي الذي يعيشه الشاب ـ: الوقت هو عمري وعمرك.. هو الحياة.. والشباب هو زهرة عمر الإنسان وعين حياته.. فالخاسر منا من ضيع هذا العمر فيما لا طائل فيه، فإن الوقت إذا لم يشغل بالطاعة أشغل بالمعصية, والشخص الفارغ يكثر التفكير والخواطر, فيوسوس له الشيطان ويغرس المعصية في قلبه.
قال الشاعر:
دقات قلب المرء قائلة له *** إن الحياة دقائق وثواني
وقال الشاعر :
لقد هاج الفراغ عليَّ شُغلاً *** وأسباب البلاء من الفراغ
فحينما يخلو الشخص من شواغل يقضي به وقته فإنه يحيي أيامه بالأحداث وتذكرها، فيقلب الحوادث ويعيدها في ذهنه ففي ذلك اليوم كتب كذا.. وقلت كذا.. وقال كذا.. وحدث كذا.. والسبب الفراغ فلا سماع للأشرطة ولا قراءة للكتب ولا حمل لهمِّ الدعوة ولا طلب للعلم.. فالنفس إذا لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية.
7 ـ الهموم الأسرية : فمنها فقدان الحنان أو الإحساس بالإهمال وعدم الاهتمام فيبحث الابن عمن يجد عنده ما فقده في البيت, وخاصة أولئك الذين يعانون نقصاً في المحبة, ويعيشون الحرمان, فهم يستسلمون بسرعة إلى ما يظهره الآخرين من عشق ومحبة, هذا الحرمان يكون سبباً في سرعة انخداعهم ووقوعهم في وحل العشق الشيطاني.. وأحياناً تنتج هذه العلاقات نتيجة للاهتمام الزائد من الأسرة... فيلجأ لمثل هذه العلاقات حتى يستمر الاهتمام حتى خارج المنزل لاعتياده عليه... فيلجأ إلى هذه العواطف الحميمة "الإعجاب".
وأود أن أنوه بأن هذه ليست قاعدة أساسية.. وليس شرطاً في أن الهموم الأسرية تسبب هذه العلاقات لأننا نرى كثيراً من الإخوة يحملون هموماً كبيرةً وعظيمةً.. ومع ذلك فهو قمة في التعامل والأخلاق والدين بالرغم من همومهم.
8 ـ الجهل وقلة الوعي في هذه الأمور وعدم الفهم الصحيح لمعنى الحب في الله والخلط بين الحب في الله وبين التعلق بالأشخاص.. فلا يعرف أين موقع العاطفة ولا مكانها ولا أين يصرفها.. وجهله أيضاً بسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم.
9 ـ الشفافية في العواطف وشدة الحساسية : لماذا تقول كذا ؟ .. لماذا فعلت كذا ؟ .. وكلها قد تدخل في الأنانية وحض النفس.. فينبغي علينا أن نوطِّن أنفسنا على حسن التعامل مع الآخرين ونبتعد عن الأنانية التي بسببها وبسبب الشفافية والحساسية الزائدة يستمر العتاب.. وكثرة العتاب داعية إلى الملل..كما قال ابن خارجة وقال الأصفهاني:" من عاتب على كل ذنب أخاه فخليق أن يمله ويقلاه ".
فالنفس تدعو الإنسان لأشياء كثيرة.. فلا تدخل نفسك الأنا وابتعد عن الشفافية في المشاعر ولا تواجه من حولك بالكلمات القاسية لأسباب بسيطة باسم ـ الصراحة ـ لأن في ذلك إشباع لحظ النفس ـ الأنا ـ.(الأنا:الأنانية)
10 ـ حُبُّ المظاهر والتجمل الزائد عن حد المعقول حتى أصبحت هذه الأمور هي هاجس الأخ ومن أهم الأمور التي تشغل تفكيره وجميع جوارحه.. والتجمل الزائد يؤدي إلى الافتتان وانطلاق كلمات المجاملة من هنا وهناك مما يؤدي إلى المبالغة أكثر وأكثر وهكذا..فيلفت القلوب والأنظار إليه مما يؤدي إلى الإعجاب ومن ثَمَّ إلى العشق.
11 ـ كثرة الجلسات غير الهادفة والمبنية على تجانس الطبع.
12 ـ فقدان القدوة منذ النشأة الأولى. فعدم وجود القدوة الصالحة التي توجه عواطف الشاب إلى ما ينبغي حبه, كحب الله عز وجل ورسوله, والصالحين من الصحابة رضي الله عنهم والعلماء.
13 ـ الخلل في عملية تقييم الأفراد.
14 ـ ضعف الهمة وعدم علوها عند بعض الشباب.
15 ـ إهمال جانب التربية الذاتية وتغليب جانب التربية الجماعية على الفردية.
16 ـ افتقار كثير من الشباب إلى التوجيه والتربية السليمة.
17 ـ الغفلة عن الله والدار الآخرة.
18 ـ الإفراط في النظر في جميع الوجوه وشدة التأمل.
19 ـ عدم مصارحة الأفراد والمربين الذين يقعون في هذه المشكلة.
* أما عن الأسباب التي قد تؤدي إلى هذا الداء في الأوساط والمؤسسات التربوية, إضافةً إلى ما سبق، فمنها:
20 ـ ضعف شخصية الشاب وهذا ناتج من خلل في تربيته: فلا يستطيع الشاب صاحب الشخصية الضعيفة التحكم بعواطفه ومشاعره, بل تنجرف مع التيار.
21 ـ عدم ربط المتربي بالقدوة المعصوم صلى الله عليه وسلم .
22 ـ التسويف في التحذير من خطورة التعلق بالأشخاص بحجة اجتذابه وعدم تنفيره، والزعم أنه في أول الطريق.
23 ـ عدم ربط المتربي بالاتصال بالله والتعلق بدين الله.
24 ـ تغليب جانب العاطفة في التعامل مع المتربي وتحكيمها.
25 ـ عدم التركيز على بعض المفاهيم الدعوية التربوية مثل: ( الفرق بين حب الله وحب الأفراد، وبين الحب في الله والحب مع الله ) .
26 ـ عدم تحذير المتربين من خطورة التعلق بالأشخاص.
27 ـ عدم انتباه المربي لهذه المشكلة مما يجعل الأمر مستفحلاً.
28 ـ تزيين الشيطان للمربي بأنه مهم وجذاب مما يغبِّش عليه خطورة هذه المشكلة.
29 ـ بروز الصفات الجاذبة عند المربي ( الخطابة, العلم, الذكاء,... ) .
الآثار والنتائج المترتبة على العواطف ـ التعلق ـ: ـ
آثاره تكون من جهتين:
1 ـ آثار من جهة أنه معصية من المعاصي والمعاصي لا شك أن لها آثار وأضرار ونتائج.
2 ـ آثار من جهة أنه التعلق بالأشخاص نفسه, فمنها:
1 ـ الشرك بالله : فلا يجتمع في القلب حب الله وحب غيره لأن من أحب شيئاً وخضع له فقد تعبد قلبه له.. فأصل الشرك بالله الشرك في المحبة قال تعالى: " ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله.. " لذا فإن العاشق لا يجد حلاوة الإيمان التي من شروطها:" أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما, وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله". ومن تعلق بغير الله عُذِّب به فمن تعلق بزميل له نجد أنه يكثر الحديث عنه والتفكير به ويتعذب من أجله ولذلك نلاحظ أن أكثر ما يكون في الشعر من البكاء والنحيب والصياح والنياح هو شعر الغزل وأهل العشق يتحدثون بقلوب مجروحة وعيون دامعة..نرى كذلك إخوتي أن بعض المراهقين الذين يتعاطون الحب كلاماً
بألسنتهم وأحاديث في مجالسهم ربما كتبوا بالخطوط العريضة [ الحب عذاب ] وهذا صحيح كما قال العلماء: الحب أوله لعب وأخره عطب.فهي في البداية كلمة أو نظرة ولكنها في النهاية تورد الإنسان موارد الهلاك..(3/222)
كل محبوبٍ سوى الله فراغ *** وهموم وغموم وأسف
كل محبوب فمنه خلف *** ما خلا الرحمن ما منه خلف
إن للحب دلالات إذا *** ظهرت من صاحب الحب عُرف
همه في الله لا في غيره *** لهِجاً يتلو بآيات الصحف
باشر المحراب يشكو بثه *** وأمام الله مولاه وقف
فأعظم أنواع المحبة محبة الله وهي المحبة الباقية الدائمة ليوم الدين فلو كان حب الله ورسوله يملأ قلبك لملأت الدنيا بالحديث عنه وذكره والتفكير في مخلوقاته وعَدِّ نعمه التي لا تحصى.
يقول ابن القيم رحمه الله في كتابه إغاثة اللهفان: "فأصحاب العشق الشيطاني لهم من تولي الشيطان والإشراك به بقدر ذلك، لما فيهم من الإشراك بالله ولما فاتهم من الإخلاص له ففيهم نصيب من اتخاذ الأنداد ولهذا ترى كثيراً منهم عبداً لذلك المعشوق متيماً به يصرخ في حضوره ومغيبه: أنه عبده فهو أعظم ذكراً له من ربه، حبه في قلبه أعظم من حب الله فيه وكفى به شاهداً بذلك على نفسه " بل الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره " فلو خُيّر بين رضاه ورضى الله لاختار رضا معشوقه على رضا ربه ولقاء معشوقه أحب إليه من لقاء ربه وتمنيه لقربه أعظم من تمنيه لقرب ربه، وهربه من سخطه عليه أشد من هربه من سخط ربه يُسخط ربه بمرضاة معشوقه ويقدم مصالح معشوقه وحوائجه على طاعة ربه فإن فضل من وقته فضلة وكان عنده قليل من الإيمان صرف تلك الفضلة في طاعة ربه وإن استغرق الزمان حوائج معشوقه ومصالحه صرف زمانه كله فيها وأهمل أمر الله تعالى يجود لمعشوقه بكل غالٍ ونفيس ويجعل لربه من ماله ـ إن جعل له ـ كل رذيلة وخسيسة...إن قام في خدمته في الصلاة فلسانه يناجي معشوقه, ووجه بدنه إلى القبلة ووجه قلبه إلى المعشوق, ينفر من خدمة ربه حتى كأنه واقف في الصلاة على الجمر من ثقلها عليه وتكلُفه لفعلها, فإذا جاءت خِدمة المعشوق أقبل عليها بقلبه وبدنه فرحاً بها ناصحاً له فيها, خفيفةً على قلبه لا يستثقلُها ولايستطيلُها... وأصل ذلك كله من خلو القلب من محبة الله تعالى والإخلاص له والتشريك بينه وبين غيره في المحبة, ومن محبة ما يحب لغير الله, فيقوم ذلك بالقلب ويعمل بموجبه بالجوارح, وهذا هو حقيقة اتباع الهوى".
ولا يأمن العاشق أن يجره ذلك إلى الشرك كما جرَّ ذلك الشاعر الخاسر حين قال:
رضاك أشهى إلى فؤادي *** من رحمةِ الخالقِ الجليل
نعوذ بالله من الخسران المبين, وسبب ذلك خلو القلب مما خلق له من عبادة الله تعالى التي تجمع محبته وتعظيمه والخضوع والذل له والوقوف مع أمره ونهيه ومحابه ومساخطه, فإذا كان في القلب وجدان حلاوة الإيمان وذوق طعمه أغناه ذلك عن محبة الأنداد وتأليهها، وإذا خلا القلب من ذلك احتاج إلى أن يستبدل به ما يهواه ويتخذه إلهه.
2ـ أن ينسلخ القلب من استقباحها: فتصير له عادة فلا يستقبح من نفسه رؤية الناس له ولا كلامهم فيه حتى أنه يفتخر بذلك ويحدث به من لم يكن يعلم أنه عمله ويحدث به إخوانه وزملائه، وهذا الضِربُ من الناس تُسد عليهم طرق التوبة في الغالب، كما قال صلى الله عليه وسلم :" كل أمتي معافى إلا المجاهرون " .
3 ـ أنها تورث الذل ولابد للمحبوب: والتنازل له وتفسد عليه عقله وتطفئ نوره وهيبته حتى يغدو ذليلاً حقيراً أمام ربه أولاً ومن ثم أمام الناس.
4 ـ ذهاب الحياء: الذي هو مادة الحياة للقلب وهو أصل كل خير وذهابه ذهاب كل خيرٍ بأجمعه، قال الرسول صلى الله عليه وسلم : " إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت " ، فإذا لم يكن هناك حياء يبعده عن القبائح فإنه يفعلها .والمقصود أن هذا الأمر يضعف الحياء حتى أنه لا يتأثر بعلم الناس بأفعاله.. بل أحياناً كثيرةً يُخبر إخوانه وزملائه عن حاله ومن لم يستح من الله لم يستح من الناس.
5 ـ تُضعف في القلب تعظيم الرب وتُضعف وقاره في القلب شاء أم أبى : فلا يرى إلا بعين محبوبه ولا يفكر إلا به حتى أفسدت عليه عباداته وعظمة ربه في قلبه فلا يستشعرها في صلاته ولا في سائر العبادات فلا يبقى في قلبه مهابة لربه ولا مكان لمحبته ويترتب على ذلك أن يرفع الله مهابته في قلوب الخلق فيهون في أنظارهم ويستخفون به وبتصرفاته.. فعلى قدر محبة العبد لله يحبه الناس.. ومع ذلك يستمر في أحلامه وعالمه حتى نسي نفسه وباعها بالهوان وبأبخس الأثمان فاستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير واستبدل محبة الله بمحبة خلقه وأصبح قلبه أسيراً لغيره قال تعالى: " ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم " أغفل حقوق ربه واستبدل محبته بمحبة غيره فأهمله ربه وتركه وتخلى عنه وأنساه نفسه وحقوق نفسه عليه فأضاع أسباب سعادته وصلاحه وما يكملها.. فأي عقوبة هذه ؟.
أخي: هل قدر الله حق قدره من شارك بينه وبين أحد مخلوقاته في المحبة أو الإجلال والتعظيم والذل والطاعة والخضوع والخوف والرجاء ؟ .. إن هذا لجرأة وتوثب على محض حقه سبحانه واستهانة به والعياذ بالله.
6 ـ تُضعف سير القلب إلى الله والدار الآخرة وتعوقه وتوقفه وتعطفه عن السير فلا تدعه يخطو إلى الله خطوة هذا إذا لم ترده عن سيره هذا.. فبعد استقامته وانتظامه في حلقات الذكر ومع أهل الخير والصلاح عرف الشيطان طريقه إليه فوجد العاطفة أسهل طرقه إلى قلبه فأشغله بغير الله حتى بدأ يحاكي محبوبه في لباسه وحكاياته وأخلاقه وتصرفاته شيئاً فشيئاً حتى عزف عن حلقات الذكر وابتعد عن الرفقة الصالحة الناصحة.. والمعصية تقول: أختي أختي فهي إما أن تصده عن الطريق السليم والصراط المستقيم إن كان مبتدئ فيه أو بالسكوت عن الحق إذا رأى به شيئاً من المحرمات خوفاً من الهجران والبعد والفراق.. فيعود نفسه على السكوت عن الحق حتى يرضيه فيبتعد عن أهل الخير ويقضي جُلَّ وقته معه ويترك حلقات الذكر وإن ابتعد عنه فلسانه يلهج بذكره لا بذكر ربه.
7 ـ جعل القلب أصم لا يسمع الحق، أبكم لا ينطق بالحق، أعمى لا يرى الحق: يرى الباطل حقاً والحق باطلاً لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً فإن نصحه أحد الأخوة غضب وأنكر وكابر وتحجَّج.. يغالط نفسه ويصم أذنه عن الحقيقة فلا ريب أنه إن سمع سمع بمحبوبه وإن أبصر أبصر به وإن بطش بطش به وإن مشى مشى به.. فهو في قلبه ومعه ولا عجب أن قال أحدهم:
خيالك في عيني وذكراك في فمي *** ومثواك في قلبي فأين تغيب ؟!
فما رأيك أخي به وبما قال الله عمن يصبح وهمه رضا الله تعالى عنه:" كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها " ؟ .
8 ـ هدر شخصية الإنسان وتعطيل طاقاته في أزهى مراحل عمره: فتمضي أيامه وهو في عتاب وعواطف جيَّاشة وعذاب مستمر وتفكير دائم لا فائدة فيه.
أخي: تعامل مع الأوضاع ببساطة ووسطية ولا تتشدد فالاعتدال طيب في المحبة والإفراط فيه هدر لشخصيتك وتعطيل لطاقاتك والاعتدال في المحبة لا يعني إلغاء العواطف.. نعم نحن نعترف بالحب لكن بدون مبالغة أو إفراط.. ولتعلم أنه ليس هناك أشد حباً من
الصحابة رضي الله عنهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومع ذلك عاشوا بدونه :
وما فقد الباقون مثل محمد *** ولا مثله اليوم لحيٍّ يفقد
9 ـ ترك الأفضل والذهاب إلى المفضول: أو ترك الأهم والذهاب إلى المهم وهو كما سبق ذكره كترك الوجبات من أجل المحبوب.(3/223)
10 ـ الكبر والعجب بالنفس الذي يحصل لمن يُعجب به صديقه أو أخوه, قال تعالى: " ولا تصعر خدك للناس ولا تمش بالأرض مرحاً إن الله لا يحب كل مختال فخور "، يمشي مختال يحكي لأصدقائه عن كلمات الإعجاب التي سمعها هذا اليوم ومغامراته مع فلان من الناس وما حصل له متباهياً بذلك, ومرجع ذلك إلى أسباب منها: جماله أو جاذبيته أو شخصيته أو حركاته وغير ذلك وغالب هذه الفئة أنه يتكبر على الحق فلا يقبل نصيحة ولا توجيه.. محتقر للآخرين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" الكبر بطر الحق ـ رده ـ وغمط الناس ـ احتقارهم ـ".
11 ـ تُصرِف القلب عن صحة البدن واستقامته وتحصيله من العلم إلى مرضه وانحرافه : فمعشوقه هو شغله الشاغل لايفكر إلا به, ولا يعمل إلا له, نسي الله فأنساه مصلحة نفسه, قال صلى الله عليه وسلم :"من تعلق شيئا وُكِلَ إليه", فلا يزال يفكر به لا يهنأ بشراب ولا يلذ له طعام .. حتى بدا هزيلاً, وأي عذابٍ أشد من الخوف والهم والحزن وضيق الصدر والأمراض النفسية التي تؤثر على صحته وسلامته وفوق ذلك كله إعراضه عن ذكر الله وتعلقه بغيره. بكل واد منه شُعبة. ومحبوبه يسومه سوء العذاب. فكل من أحب شيئاً غير الله عُذب به ثلاث مرات:
أولاً / في هذه الدار: يُعذب به قبل حصوله فهو في محاولات وتفكير حتى يحقق مطلبه, وهذه من العقوبة الدنيوية قبل الأخروية. فمن أحب شيئا غير الله عذب به.
ثانياً / إذا حقق مطلبه وغايته عُذب به حال قربه منه بالخوف من بُعده وفراقه والتنغيص والتفكير بأنواع الخلافات.. فإذا سُلبت منه اشتد عذابه.
ثالثاً / في البرزخ : فعذابٌ يقارنه ألمُ فراقٍ لا يُرجى عودته وعذاب فوات ما فات من النعيم الذي لم يحصل له لانشغاله بغير الله وعذاب الحجاب من الله وعذاب الحسرة والعداوة: " الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ".وفي الآخرة يتبرأ بعضهم من بعض, قال الله تعالى:"ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين ءامنوا أشد حبا لله ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب.إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب".
12 ـ تباعد عنه أصدقاء الصلاح والخير وأنصح الخلق له وأنفعهم ومن في قربهم سعادةٌ له والسبب: إشباع شهوة عابرة لم تكن لتتفاقم لولا أنه أرخى لها العنان حتى كبرت وأصبحت حجاباً عن ربه وعن الاستقامة وترك صحبة الخير والصلاح الذين يحاربون معه عدوه وعدوهم ويعينونه عليه ويحثونه على الخير ويدلونه.. سعادته في قربهم ومحبتهم وموالاتهم وتركه لهم وإعراضه عنهم فيه هلاكه وشقاؤه وفساده.. انصرف عنهم إلى ذلك المحبوب وفي الآخرة يقول: " يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين "، كنت في الدنيا أضللتني عن الهدى وأبعدتني عن الرفقة الصالحة أبعدتني عن رياض الجنة ـ مجالس الذكر ـ كانت نفسي تتوق إلى الخير مازلت أبتعد عن ربي مذ عرفتك حتى غفلت عنه حتى عند أدائي لصلاتي.. فبئس القرين أنت لي اليوم: " ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون "، فمد له هدية من نار مطرزة بثوب الخزي والعار على طبق من المحبة الكاذبة والمودة المصطنعة..
قرينك في الدنيا وفي الحشر بعدها *** فأنت قرين لي بكل مكان
فإن كنت في دار الشقاء فإنني *** وأنت جميعاً في شقاء وهوان
13 ـ سببٌ لسوء الخاتمة: فمحبة غير الله من أسباب سوء الخاتمة والعياذ بالله فمن تعلق قلبه بشيء ذكره أثناء الاحتضار فمن تعلق قلبه
بالتجارة والأموال ذكرها عند موته ومن تعلق بالأغاني ذكرها عند موته ومن تعلق قلبه بالقرآن لهج لسانه بذكره عند الموت وهكذا فمن تعلق قلبه بأحد خلق الله ذكره عند موته وكان سبباً في سوء خاتمته، وشقائه وفي ذلك قصص كثيرة.
14ـ فسادُ الحواس: ذلك مصداقاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم :"إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح سائر الجسد, وإذا فسدت فسد سائر الجسد,ألا وهي القلب" فإن القلب إذا فسد فسدت العين والأذن واللسان ,فيرى القبيح حسناً.
15 ـ الوقوع في معصية الغلو والتعظيم.
16 ـ الوقوع في كثير من الأخطاء.
17ـ جعل العاطفة هي الحَكَمُ في كثيرٍ من القضايا.
18 ـ عدم كمال الإخلاص.
19 ـ إضاعة الوقت فيما لا طائل منه ولا فائدة.
20 ـ خلوُ القلب من خشية الله ومحبته.
21 ـ الفرح والسرور عند لقيا من أعجب به دون غيره من الناس.
22 ـ ذوبان شخصية المعجب بمن أعجب به:وبالتالي فقدان شخصيته المتميز بها.
23 ـ انسياق من وقع في الإعجاب وراء من أعجب به.
24 ـ تأثير الحالة النفسية للمعجب على الدور الأسري والاجتماعي.
25 ـ يعين الشباب على الكذب ويعودهم عليه.
26 ـ المذلة والمهانة.
27ـ يؤدي إلى انتشار الحقد والحسد والكراهية.
28 ـ إن كثيراً من قضايا التعلق انتهت بالمشاكل والتهم والشكوك، بل الكثير يذكر أنها حياةٌ مملةٌ لما تقدم ولكثرة اللقاءات التي تكون سبباً في نقص أدب الحديث وكثرة النزاع والخلاف بل افتعالها على أتفه الأسباب وقلة الاحترام والتقدير بل تتعجب من أحوال المتعلقين عندما يجلسون الساعات بدون كلامٍ ينظر بعضهم إلى بعض يدورون ويأكلون ومن مطعم إلى مطعم ومن شارع إلى شارع كلٌّ يستعرض بصديقه وغالب الأيام على هذه الحال.
29 ـ لنعلم أنه من خلال التجربة والمعايشة والملاحظة أن قضايا التعلق بأنواعه لا تطول وإن طالت لابد لها من النهاية، أو الرجوع إلى حد المحبة الطبيعية.
? أما عن آثاره في أوساط المنتسبين إلى المؤسسات التربوية إضافةً إلى ما سبق فهي كثيرةٌ ويرجع إليها في مظانها؛ لكن من أبرزها مايلي:
30 ـ ترك الالتزام بالكلية بعد موت المربي أو سجنه أو سفره أو غيابه.
31 ـ ترك العمل لهذا الدين ببُعدِ المربي عنه.
32ـ الوقوع في معصية الوالدين, بتقديم مصالح مربيه الدنيوية على مصالح والديه.
33 ـ عدم قبول العمل لهذا الدين في بيئةٍ بعيدةٍ عن بيئة مربيه.
34 ـ الرياء وعدم العمل إلا بمرأى من مربيه.
35 ـ عدم نصح المربي إذا أخطأ.
36 ـ الوقوع في التهور والعجلة والفوضوية المرتسمة في مربيه (الوقوع في أخطاء مربيه).
37 ـ إخراجُ جيلٍ هشٍ تستملكهُ العواطف.
علاج هذه المشكلة:
1 ـ دواء هذا الداء القَتَّال أن يَعرِفَ أن ما ابتُلي به من هذا الداء المضاد للتوحيد, إنما من جهله وغفلة قلبه عن الله, فعليه أن يعرف توحيد ربه وسننه وآياته أولاً, ثم يأتي من العبادات الظاهرة والباطنة بما يشغل قلبه عن دوام الفكر في المعشوق, ويكثر اللجأ والتضرع إلى الله سبحانه في صرف ذلك عنه, وعليه بالإخلاص في ذلك وهو الدواء الذي ذكره الله في كتابه حيث قال:"كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين", فأخبر سبحانه أنه صرف عنه السوء من العشق والفحشاء بإخلاصه.
2 ـ العلم الشرعي : فالعلم الشرعي يدفعك إلى المحبة الصحيحة ولننظر إلى العلماء ـ رحمهم الله ـ عبدالله بن المبارك قيل له: لماذا نجدك دائماً لوحدك ؟ فقال: أنا لست لوحدي فيومٌ مع أنسٍ ويوم مع ابن عباس ويوم مع ابن مسعود رضي الله عنهم .وأفضل العلوم لمن يعاني من هذه المشكلة: سير الصالحين فمن تأمل فيها وجد فيها عجباً من طاعة الله وإيمان وإباء وغيرها من الأخلاق الحميدة فيا لها من لذة ويا لها من متعة عندما تقرأ في سيرهم.
3 ـ ضبط العواطف والبعد عن المهيجات العاطفية.
4 ـ محبة الله سبحانه ورسوله صلى الله عليه وسلم .
5 ـ شُغُلُ النفس.
6 ـ مجاهدة النفس.
7 ـ الدعاء.(3/224)
8 ـ الصدق مع النفس بالاعتراف بالخطأ.
9 ـ إدراك المفاسد الناشئة من هذا الداء.
10 ـ غض البصر وحفظ اللسان والأذان: ومن هذه السلسلة مذكرة "النظر المحرم" فليرجع إليها ففيها شيءٌ نفيس في غض البصر.
11 ـ التركيز على الأصول الإيمانية ومعاني الشرك وخاصة في المحبة.
12 ـ التركيز على جانب الإخلاص وأن العمل لا يكون إلا لله، وما كان لله فهو الذي يبقى، وما كان لغيره فإنه يفنى.
13 ـ الابتعاد عن مصدر الفتنة: فمن أنفع الأدوية أن يبتعد المبتلي به عن معشوقه, ومن يحرك كوامن الشهوة فيه بحيث لايراه ولايسمع كلامه, فالابتعاد عنه أهون بكثير من الاسترسال معه والوقوع في الآثام والمعاصي.
14 ـ إشباع الشباب عاطفياً في محيط أسرته: فمن أنفع الأدوية أيضاً: توجيه عاطفة الأبناء لما هو مفيد, وإعطاؤهم الحنان الكافي منذ الصغر ومتابعتهم في الكبر وعدم إهمال تربيتهم ومشاعرهم, واتخاذ الإجراءات المناسبة لمعالجة مثل هذه الظاهرة, وعدم التغاضي عنها, لأنها قد تؤدي إلى ظواهر أخرى سيئة.
15 ـ الزواجُ المبَكِّر.
? أما عن دور المؤسسات التربوية والمربين في العلاج إضافةً إلى ما سبق, فيتمثل فيما يلي:
16 ـ التركيز في السنوات الأولى للعملية التربوية على معاني التعلق بالله وحده، والمعنى الحقيقي للحب في الله .
17 ـ الحثُّ على صَبغِ الجلسات الخاصة بين الأفراد بالأهداف القيمة.
18 ـ مصارحة الأفراد الذين يقعون في هذه المشكلة وعدم الانتظار حتى يتفاقم الأمر.
19 ـ انتباه المربي لهذه المشكلة وتحذيره الدائم للفرد من خطورة التعلق بالأشخاص.
20 ـ تكرار التقويم للأفراد حتى تتسنَّى معالجتهم قبل استفحال الأمر.
21 ـ مناقشة مثل هذه القضية في جلسة نقاش مفتوحة يشترك فيه جميع الأفراد.
22 ـ تعليق الأفراد بالله وبمنهجه.
23 ـ ربط المتربين بقدوتهم محمد صلى الله عليه وسلم .
24 ـ التركيز على جانب التربية الذاتية.
25 ـ بثُّ روح العمل لهذا الدين في أي مكانٍ وزمانٍ كان.
26 ـ أن يتأمل الشباب الهدف الأسمى والمطلب الأعلى الذي من أجله خُلِقَ له.
مواقف وقصص:
? يُروى أن رجلاً تعلق بشخص يقال له: أسلم، فاشتد كَلَفُهُ به وتمكن حبه من قلبه حتى أُوقِعَ, ولَزِمَ الفراش بسببه, وتمنَّع أسلم عليه, واشتد نَفْرُهُ منه, فلم يزل الوسائط يمشون بينهما حتى وعده بأن يعوده, فأخبره بذلك الناس, ففرح واشتد فرحه وانجلى غَمُّه, فجعل ينتظر الميعاد الذي ضرب له فيما هو كذلك إذ جاءه الساعي بينهما, فقال: إنه وصل معي إلى بعض الطريق ورجع, ورغبت إليه وكلمته, فقال:إنه ذكرني وفرح بي ولا أدخل مدخل الريبة, ولا أعرض نفسي لمواقع التهم, فعاودته فأبى وانصرف فلما سمع البائس أُسقط في يده, وعاد إلى أشد مما كان به. وبدت عليه علائم الموت فجعل يقول في تلك الحال ويردد قائلاً:
أسلم يا راحة العليل *** ويا شفاء المُدنفِ النحيل
رضاك أشهى إلى فؤادي *** من رضا الخالق الجليل
? فمن المواقف في ذلك: تبادلُ كلماتِ المدح والثناء وأوصاف الكمال التي لا تكون إلا لله وأشعار وأغاني الحب والغرام وربما أُرسلت في صورة هدية شريط أو رسالة خطية أو عن طريق رسائل الهاتف النقال، كلمات تثير الغرائز وتتلذذ بها النفوس، تكاد تصم الأذان وتقشعر منها الأبدان، تتضمن الجنون والفجور والكفر والفسوق، يستحي الرجل أن يستخدمها مع زوجته وإنما تعرف عند غزل الفاسدين للفاسدات فأصبح الغزل بين الذكور لا الرجال يقول أحدهم: [أحلى الكلام همسك، وأحلى ما في حياتي أني أحبك ] فأين حلاوة الإيمان ولذة القرآن، أليس كلام الرحمن ألذ وأجمل كلام ؟، فأين العقول، نعوذ بالله من الحرمان والخذلان ويقول آخر:[ ليس لك في قلبي شريك يا أيها الحبيب ] فأين محبة الله أليس لها في القلب وجود ؟ والله يقول: " ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله والذين ءآمنوا أشد حباً لله ". ألم يمر علينا في مناهج التوحيد وكذلك في دورة كتاب التوحيد أن من أنواع الشرك شرك المحبة؟ .
أخي الشاب:
الناس في التعلق أنواع كُلٌّ له فيه طريقةٌ وأسبابٌ ومظاهرٌ، يشترك الجميع في غالبها، وكل واحدٍ يبحث فيه عن هدفه وغايته والله يعلم المقاصد، أشرتُ لكل واحدٍ منها بإشارات يسيرة والقلب المتعلق هو الدليل إليها وقد يكون التعلق من طرفٍ وقد يكون متبادلاً من طرفين وقد يكون مجموعة أشخاص متعلقين بشخصٍ واحد، وقد يكون المتعلقان متقاربين في السِّن أو متباعدين.
إنه داءٌ عضال بل شرٌ ووبال، إنها فتنةٌ أهلكت الشباب ودمّرتهم نجى منها من عصمه الله، إنها مشكلة أتت على القلب الخاوي من محبة الله أو نقصت فيه محبة الله تعالى، بل بدأت تَدبُّ حتى في أوساط من يُشار إليهم بالبنان، جاوزت الحدود والقيود، ذهب ضحيتها الكثير والكثير والكل يَشهدُ ذلك ويَلحظه، ما بين ضائعٍ ومنتكسٍ وحائرٍ أو مسجونٍ عدة سنوات وآخر منَكِّس الرأس علاهُ الخزي والعار، فأيُّ رجولة وسعادة هذه نهايتها ؟ بل بدأت الشكوى من الجميع من المربين والمربيات والفتيان والفتيات، فلابُدَّ من التظافر وتلاحم الجهود بحثاً عن الدواء حتى لا يستفحل الداء، ودراسة لهذا الموضوع أثاراً وأسباباً وعلاجاً. ولستُ مبالغاً في كل ذلك فهذه اعترافات المتعلقين والمتعلقات وزفراتهم وحسراتهم بل يُسمع البكاء من بعضهم ألماً وتحسراً وضيقاً يرجع إليها في مظانها ولسانُ حالهم ومقالهم: أنقذونا من ويلات التعلق والعاطفة وجحيم الحب والغرام.. أنقذونا من هذه الحياة.. كيف الخلاص ؟ وما العلاج؟ وما المخرج ؟ يقول أحدهم: لا تتركوني أسيراً للهموم، صريعاً للضياع، غريقاً في الهوى وبين الشباب، ولست مبالغاً في كل ذلك فهي نتائج استبانات واتصالات ولقاءات وتجارب وملاحظات للمختصين في هذا المجال، والقصص في هذا الجانب كثيرة والمشاهد أكثر، قصص تُقرِّح العيون وتُدمي القلوب وتُذرف الدموع.
نداءٌ و هتافٌ لأحبتي وإخوتي ذوي العاطفة الجيَّاشة والأحاسيس المرهفة الفياضة و الحب الزائد الخارج عن المعقول والمعتاد: الأمرُ عظيم والخطبُ جسيم، فلابدّ أن نُعيدَ النظر في صداقاتنا بكل صدق وصراحة بلا التواء وتبرير، فهل هي لله ومن أجل الله ؟ هل هي حُبٌّ للأبدان والأجسام والصور والأشكال أم القيم والدين والأخلاق ؟ فما المقياس عندك ؟ فَزِنْ وقايسْ وأنتَ الحكم والإثم ما حاك في النفس وكرهتَ أن يَطلع عليه أحد والباب الذي يأتيك منه ريح لا حيلةَ فيه إلا بسدِّه لتستريح.
أخي الشاب.. اعلم:
1 ـ اعلم أن من الأخطاء في العملية التربوية التعلق بالأشخاص وضعف التعلق بالمنهج.
2 ـ اعلم أن القرآن الكريم قد قَرَّرَ هذه الحقيقة، وهي حقيقة التعلق بالمنهج ونبذ التعلق بالأشخاص، وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم كان هذا هو منهجه ومنهج كل من دعا إلى الله على بصيرة من الصحابة ومن تبعهم.
3 ـ اعلم أن البشر إلى فناءٍ والعقيدة إلى بقاءٍ.
4 ـ اعلم أن الدعوة أقدم وأبقى من الداعية.
5 ـ اعلم أن منهج الله للحياة مستقل في ذاته عن الذين يحملونه ويأدونه إلى الناس.
6 ـ اعلم أن الجهود يجب أن تتركز في توثيق صلة الناس بربهم.
7 ـ اعلم أن البَشَرَ من الممكن أن يتغيروا ولكن الله الحي الذي لا يموتُ يغيِّر ولا يَتَغير.(3/225)
8 ـ اعلم أن كثيراً من قضايا التعلق انتهت بالمشاكل والتُهَمِ والشكوك بل الكثير يذكر أنها حياة مملة، ولكثرة اللقاءات التي تكون سبباً في نقص أدب الحديث وكثرة النزاع والخلاف بل افتعالها على أتفه الأسباب وقلة الاحترام والتقدير بل تتعجب من أحوال المتعلقين عندما يجلسون الساعات بدون كلام ينظر بعضهم إلى بعض يدورون ويأكلون ومن مطعم إلى مطعم ومن شارع إلى شارع كل يستعرض بصديقه وغالب الأيام على هذه الحال، كلُّ أخوةٍ لغيرِ الله هباء ومصيرها إلى الفناء: " الأخلاءُ يومئذٍ بعضُهم لبعضٍ عدوٌ إلا المتقين ".
9 ـ ولتعلم أنه من خلال التجربة والمعايشة والملاحظة أن قضايا التعلق بأنواعه لا تطول وإن طالت لابد لها من النهاية أو الرجوع إلى حد المحبة الطبيعية.
? وقفة أخيرة : إن السعادة والراحة والطمأنينة في محبة الله سبحانه والأنس به والشوق إلى لقاءه والرضا به وعنه؛ فمحبته تعالى بل كونه أحب إلى العبد من كل ما سواه على الإطلاق من أعظم واجبات الدين وأكبر أصوله وأجلِّ قواعده, ومن أحبَّ معه مخلوقاً مثل ما يحبه فهو من الشرك الذي لا يغفر لصاحبه ولا يقبل معه عمل, وإذا كان العبد لا يكون من أهل الإيمان حتى يكون عبد الله ورسوله أحب إليه من نفسه وأهله وولده والناس أجمعين, ومحبته تَبَعٌ لمحبة الله, فما الظن بمحبته سبحانه وهو سبحانه لم يخلق الجن والإنس إلا لعبادته التي تتضمن كمال محبته وكمال تعظيمه والذل له, ولأجل ذلك أرسل رسله وأنزل كتبه وشرع شرائعه, وعلى ذلك وضع الثواب والعقاب, وأُسست الجنة والنار, وانقسم الناس إلى شقيٍ وسعيد. وكما أنه سبحانه ليس كمثله شيء فليس كمحبته وإجلاله وخوفه محبة وإجلال ومخافة, فالمخلوق كلما خفته استوحشت منه وهربت منه, والله سبحانه كلما خفته أنست به وفررت إليه, والمخلوق يخاف ظلمه وعدوانه, والرب سبحانه إنما يخاف عدله وقسطه, وكذلك المحبة فإن محبة المخلوق إذا لم تكن لله فهي عذاب للمحب ووبال عليه, وتلك لَعمرُ الله الفتنة الكبرى والبلية العظمى التي استعبدت النفوس لغير خلاقها, وملكت القلوب لمن يسومها الهوان من عشاقها, وألقت الحرب بين العشق والتوحيد, ودعت إلى موالاة كل شيطانٍ مريدٍ, فصيرت القلب للهوى أسيراً, وجعلته عليه حاكماً وأميراً؛ فأوسعت القلوب محنة وملأتها فتنة, وحالت بينها وبين رشدها, وصرفتها عن طريق قصدها, ونادت عليها في سوق الرقيق فباعتها بأبخس الأثمان, وأعاضتها بأخس الحظوظ وأدنى المطالب عن العالي من غرف الجنان فضلا عما هو فوق ذلك من القرب من الرحمن, فسكنت إلى ذلك المحبوب الخسيس الذي ألمها به أضعاف لذتها, ونيله والوصول إليه أكبر أسباب مضرتها.فما أوشكه حبيباً يستحيل عدواً عن قريب, ويتبرأ منه محبه لو أمكنه حتى كأن لم يكن بحبيب, وإن تمتع به في هذه الدار فسوف يجد به أعظم الألم بعد حين لاسيما إذا صار:"الأخلاءُ يومئذٍ بعضُهم لبعضٍ عدوٌ إلا المتقين".
? فيا حسرةَ المحب الذي باع نفسه لغير الحبيب الأول بثمنٍ بخسٍ وشهوةٍ عاجلةٍ, ذهبت لذَّتُها وبقيت تبعتها, وانقضت منفعتها وبقيت مضرتها, فذهبت الشهوة وبقيت الشقوة, وزالت النشوة وبقيت الحسرة, فوا رحمتاه لصَبٍّ جُمِعَ له بين الحسرتين: حسرة فوت المحبوب الأعلى والنعيم المقيم, وحسرة ما يقاسيه من النَّصَبِ في العذاب الأليم, فهناك يعلم المخدوع أي بضاعة أضاع وأن من كان مالك رقه وقلبه لم يكن يصلح أن يكون له من جملة الخدم والأتباع, فأي مصيبة أعظم من مصيبة مَلِكٌ أُنزِل عن سرير ملكه, وجعل لمن لا يصلح أن يكون مملوكه أسيرا, وجعل تحت أوامره ونواهيه مقهورا, فلو رأيت قلبه وهو في يد محبوبه لرأيته:
كعصفورة في كفِّ طفلٍ يسومها *** حياض الردى والطفل يلهو ويلعب
*ولو شاهدت حاله وعيشه لقلت:
ومافي الأرض أشقى من محب *** وإن وجد الهوى حلو المذاق
تراه باكياً في كل حين *** مخافة فرقة أو لاشتياق
فيبكي إن نأوا شوقاً إِليهم *** ويبكي إِن دنوا حذر الفراق
*ولو شاهدت نومه وراحته لعلمت أن المحبة والمنام تعاهدا وتحالفا أن ليس يلتقيان, ولو شاهدت فيض مدامعه ولهيب النار في أحشائه لقلت:
سبحان رب العرش متقن صنعه *** ومؤلف الأضداد دون تعاند
قطر تولد عن لهيب في الحشا *** ماء ونار في محل واحد
* فهل يليق بالعاقل أن يبيع هذا المَلكَ المُطاع لمن يسومه سوء العذاب ؟, ويُوقع بينه وبين وليه ومولاه الحق الذي لاغنا له عنه ولا بد له منه أعظم الحجاب, فالمحب بمن أحبه قتيل, وهو له عبد خاضع ذليل.إن دعاهُ لباه, وإن قيل له: ما تتمنى ؟ فهو غاية ما يتمناه, لا يأنس ولا يسكُنُ إلى سواه . فحقيق به ألا يملك رِقهُ إلا لأجل حبيب, وألا يبيع نصيبه منه بأخسِ نصيب.
* هذا والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه والتابعين.
? مراجع استُفيد منها في إعداد الموضوع :
فتياتنا والإعجاب نوال بنت عبد الله
الإعجاب أسبابه وعلاجه خالد الصقعبي
الحب الزائف إبراهيم بوبشيت
التعلق بالأشخاص لا بالمنهج مقال في مجلة البيان
زيف الحب فهد العماري
في الصراحة تكون الراحة فهد العماري
إغاثة اللهفان ابن القيّم الجوزية
روضة المحبين ابن القيّم الجوزية
العواطف الإنسانية نادية الكليبي
وهم الحب محمد المسند
ضحايا الحب د.عائض بن عبد الله القرني
العشق الشيطاني " الإعجاب" حمود بن إبراهيم السليم
كذلك مما لايجب أن ينسى في مثل هذه المواضيع كتابات الأخ فهد العماري حفظه الله فهي أسفار نفيسة في بابها, فلتراجع في صفحته حفظه الله.
============
أسباب تعاطي المواد المخدّرة
1- ضعف الوازع الديني ، وسوء التربية الخلقية والاجتماعية .
2- فساد البيئة وعدم توفر البيئة الصالحة التي تحمي الناشئة ، وتحفظ لهم دينهم وخلقهم .
3- التفكك الأسري ، للأسرة دور كبير في انحراف أفرادها نحو هاوية المخدرات ، ويتجلى ذلك في :
أ- الخلافات الزوجية التي تصل إلى حد الطلاق.
ب- اللامبالاة في تنشئة الأبناء ، ويتجلى في عدم متابعتهم ، والاهتمام بشؤونهم وعدم معرفة أصحابهم .
ج- غياب الأب أو الأم عن الأبناء فترة طويلة.
د- سفر عائل الأسرة إلى لخارج بصفة دائمة.
4- الفراغ ، إن الفراغ الذي بعانيه كثير من الناس لد دور في الفساد وبصورة عامة ، وفي تعاطي المخدرات بصورة خاصة .
5- الحالة الاقتصادية ، إن تمتع بعض الشعوب بدخل طيب دون ظوابط في الإنفاق ودون محاسبة داخلية إيمانية وخارجية دور في انتشار هذا السم القاتل
6- حب الاستطلاع والتقليد .
7- الاعتقاد الخاطئ بعلاقة المخدرات بالجنس.
8- رفقاء السوء ، وهو من أهم الأسباب التي يستدرك بها العاقل ، ليوقعوه في الشباك ويسقطوه في الفخ .
9- سفر الشباب إلى الخارج دون ضرورة ، مما يوقعهم في مهاوي الرزية ، وعصابات الإجرام التي مردت على استدراج السذج من الناس .
10- مجاملة الآخرين على سبيل التجربة ، إن مجاملة الآخرين ، ومداهنتهم في بعض تصرفاتهم لهو من أوسع الأبواب للانزلاق في هذا المنزلق الخطير .
11- استخدام بعض الأدوية دون استشارة طبّيّة ، مما يؤدي بالجسم إلى طلب المزيد من هذا العقار الذي قد يكون في تركيبه ما يدعو إلى الإدمان .
===============
((المعاكسات))
سامي بن خالد الحمود
مقدمة (لماذا هذا الموضوع؟ ) :
هذه الظاهرة يهدد العلاقة السوية بين الجنسين ، وهو كالشرارة الصغيرة التي قد تضرم النار في ثياب العفة والشرف .
ونحن أمام هذا الموضوع لابد أن ندرك طبيعة العلاقة بين الجنسين .(3/226)
قضية ميل الرجل للمرأة والمرأة للرجل ، قضية فطرية جبل عليها الإنسان .
فالله تعالى لما خلق الإنسان جعله في دائرة الامتحان والابتلاء ، فركب فيه الشهوة والميل للنساء ، وزينها في نفسه ، كما قال تعالى (زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين ... الخ الآية ) .
إذا تأملنا في خلق الله تعالى نجد أمراً عجيباً .. فالله تعالى كما ذكر الإمام ابن القيم خلق الخلق على ثلاثة أصناف :
1- الصنف الأول : لهم عقول ولكن ليس لهم شهوات ، وهؤلاء الملائكة .
2- الصنف الثاني : لهم شهوات ولكن ليس لهم عقول ، وهؤلاء البهائم .
3- الصنف الثالث : لهم عقول وشهوات . وهؤلاء أهل التكليف الإنس والجن .
الفائدة من هذا الكلام أن يعلم الإنسان أنه في ابتلاء وامتحان ، فإن قدم شهوته على عقله فقد هلك والتحق بالبهائم ، وإن قدم عقله على شهوته ولم يضع شهوته إلى في الحلال فقد نجا والتحق بالملأ الأعلى .
واقع المعاكسات الهاتفية (دخول المعاكسات في استخدام الهاتف ومراحل تطورها عبر وسائل التقنية الحديثة : هاتف ، جوال ، بلوتوث ، انترنت ):
لم يدر في ذهن (جرهام بل) مخترع الهاتف، أن بعض الناس سيشوهون ويفسدون الوظيفة العظيمة لهذا الاختراع .
لا شك أن الهاتف نعمة عظيمة ، فهو رفيق الوحدة ، وأداة الإنقاذ والنجدة ، وهو رسول أمين ينقل الأفكار والمشاعر ، ويطفئ ظمأ الأم الملهوفة لتسمع صوت ابنها المغترب أو ابنتها المتزوجة .
ولكن .. لما انتشرت المعاكسات الهاتفية بشكل مقلق صار الناس يلعنون هذا الجهاز دون ذنب جناه .
• جاء في أحد البحوث أن الهاتف الجوال يستهلك ربع رواتب الشباب... وكانت المعاكسات أحد أسباب هذه المشكلة .
• وفي أحد البحوث : وجد أن المعاكسات الهاتفية هي الوسيلة المفضلة للإناث بدرجة تفوق الذكر، الهاتف هو مكان هذه الأسرار .
• إذا تتبعنا ظاهرة المعاكسات فإننا نلاحظ أنه في السنوات الأخيرة ومع تطور وسائل الاتصال والمعلومات تطورت القضية :
فظهرت العديد من الأجهزة التي تعمل على منع وصول المعاكسات إلى الهاتف الثابت مثل أجهزة الرقم السري و جهاز الكاشف , ولكن انتقلت حمى المعاكسات الهاتفية إلى الهاتف الجوال خاصة بعد صدور بطاقات سوا، خاصة بعد ظهور البطاقات بشكل كبير في السوق السوداء التي لا تشترط تسجيل اسم المتصل وإثبات هويته.
ومع ظهور تقنية البلوتوث وتبادل المعلومات لاسلكياً ، استخدمت هذه التقنيات في المعاكسات وتبادل الأرقام والصور الفاضحة بين الشباب والفتيات .
ثم انتقلت المعاكسات إلى شبكة الانترنت ، بدأت بالحوارات المكتوبة في المنتديات ، ثم تطورت إلى الحوارات الصوتية في الغرف الصوتية أو عن طريق الماسنجر ، حتى وصلت الآن إلى التواصل بالصوت والصورة عن طريق الكامير الرقمية .
عاطفة المرأة وأثرها في المعاكسات:
أنوثة المرأة وعاطفتها المرهفة أمر لا ينكر .. ولهذا مثلها النبي ? بالقارورة .
فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : كان رسول الله في بعض أسفاره ، وغلام أسود يقال له أنجشة يحدو ، فقال له رسول الله : (رويداً يا أنجشة ، لا تكسرِ القوراير ) ، يعني النساء .
ومن المحزن أن نرى بعض شبابنا الذين لا هم لهم سوى ملاحقةِ الفتيات في الشوارع والأسواق .. يرمي إليها رقم الهاتف ، ويلقي عليها كلمات الإعجاب والإغراء ، وربما تستجيب له بسبب ضعفها وقوة عاطفتها .
وقد تأخذ الفتاة الرقم وتتصل به لمجرد العبث .. فيبدأ الشاب بالتلاعب بعواطفها .. يا عيوني .. يا حياتي .. يا .. يا ... الحب من أول نظرة .. الحياة بدونك عذاب .
وتنخدع المسكينة بهذا الكلام المعسول .. فتنحرف عن المسار .. وتنجرف مع التيار .. وتبدأ بالمكالمات الهاتفية .. والقصائد الغزلية .. والرسائل العاطفية .. ولا تدري أن أول من يحتقرها ، ويضحك من سذاجتها عند أصحابه ، هو هذا الحبيب المزعوم .
أضرار المعاكسات :
لا شك أن للمعاكسات أضراراً ومفاسد كثيرة، ومعرفة هذه الأضرار جزء من العلاج :
1) أنها وسيلة لوقوع الفاحشة :
فهي كما ذكرت كالشرارة الصغيرة متى ما أشعلت يصعب إطفاؤها .
بداية المعاكسة تكون بالخضوع بالقول، ثم العشق والحب والغرام، ثم المواعيد... وهكذا. كما قيل: نظرةٌ فابتسامةٌ فسلامٌ *** فكلامٌ فموعدٌ فلقاءٌ
ولهذا نقول : إن المعاكسات الهاتفية خَطوة من الخطوات الشيطانية تقود إلي الفاحشة والهلاك، قال تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ )) النور 21
والحوادث في هذا الباب كثيرة . وأنا سبق أن أجريت عدة بحوث في السجون ودور الملاحظة وسجون النساء ، ووقفت على عشرات القضايا ، ولعلي أذكر شيئاً منها مما يناسب ذكره في هذا المقام :
• تقول إحدى الفتيات : كانت البداية مكالمة هاتفية عفوية.. تطورت إلى قصة حب وهمية.. أوهمني أنه يحبني وسيتقدم لخطبتي.. طلب رؤيتي.. رفضت هددني بالهجر! بقطع العلاقة!!
بدأت أضعف فأرسلت له صورتي مع رسالة معطرة!! توالت الرسائل.. طلب مني أن أخرج معه.. رفضت بشدة..هددني بالصور .. بالرسائل المعطرة .. بصوتي الذي كان يسجله من الهاتف .. خرجت معه على أن أعود في أسرع وقت ممكن.. لقد عدت ولكن عدت وأنا أحمل العار.. قلت له: الزواج.. الفضيحة.. قال لي بكل احتقار وسخرية: لا يمكن أن أتزوج امرأة غير شريفة .
بل في بعض الحالات قد تقع الجرائم الشنيعة بسبب المعاكسات :
• في حادثة موثقة ورد بلاغٌ عاجل من أحد المستشفيات إلى مركز الشرطة .. شاب مصاب بعيار ناري ، حالته خطيرة جداً .. انتقل المحقق إلى المستشفى ، لكنه وللأسف لم يدرك الشاب ، حيث فارق الحياة .
بالتحقيق تبين أن الشاب كان على علاقة بإحدى الفتيات .. ثم اكتشف المحقق وجود بقع من الدم حول منزل الفتاة . وبعد التحقيق معها اعترفت بوجود علاقة سيئة بينها وبين القتيل ، وأن البداية كانت عبر سماعة الهاتف ، ثم خرجت معه على سيارته ، حتى وقعت المصيبة .
كان الشاب يعدها بالزواج في أول الأمر ، ثم رفض الفكرة ، وكان يقول : أنا لا أرضى أن تكون زوجتي سيئة السلوك ، ولها علاقات غير شريفة !!! .
وعندما يئست الفتاة من الشاب اتصلت عليه في أحد الأيام وطلبت منه الحضور للمنزل .
حضر الشاب إلى المنزل ، وعرضتُ عليه فكرة الزواج فرفض ، فأخرجت المسدس وأطلقت عليه النار .
تمكن الشاب من الهرب ، وسقط في الشارع ، فحمله الناس إلى المستشفى ليفارق الحياة بسبب النزيف الشديد .
ولهذا أقول : ليس غريباً أن تكون البداية مكالمة هاتفية والنهاية جريمة قتل ، فالشيطان يبدأ طريق الفحشاء والمنكر بنظرة أو كلمة ولا يزال يتدرج بالإنسان حتى يوصله إلى المحظور .
كما قيل : نظرة فابتسامة فسلام *** فكلام فموعد فلقاء .
وبعض الشباب أو الفتيات يقولون : ( يا أخي كله غزل وكلام أو حب طاهر )
فأقول : والله لا يتركك الشيطان حتى يصل بك إلى الهلاك وأنت سكران بالشهوة والحب المحرم .
2) انهيار الأسرة ووقوع الطلاق :
كثير من الخلافات الأسرية وحالات الطلاق تقع بسبب بلاء المعاكسات .
يتصل المعاكس ، وقد تكون الزوجة ممن تتساهل في الرد أو تحب العبث فتبادل ذاك المعاكس الكلام ، حتى يبلغ الخبر إلى زوجها فيحدث الطلاق !! .(3/227)
وفي بعض الحالات تقع الفتاة في المعاكسات قبل الزواج ، فإذا انتبهت لخطئها قام الشاب بتهديدها بشريط مكالماته معها .. فإن استجابت وإلا انتقم منها .. حتى إن بعضهم يهدي الشريط لزوجها في أول أيام الزواج انتقاماً منها .
أقول : حتى النزيهات العفيفات لم يسلمن من أذى المعاكسين بسبب سوء فهم الزوج :
• فهذه امرأة كادت ان تفقد حياتها الزوجية بسبب أحد الشباب المعاكسين .
تقول : قام الشاب بالاتصال بزوجي واخبره انه على علاقة بي وانه يأتي الى المنزل في غيابه ، وبدأ يصف منزلنا لزوجي وصفاً دقيقاً وتفاصيل الإثاث .
جن جنون زوجي وقام على الفور بطردي من المنزل وتطليقي .
بعد أن هدأت الأمور قمنا بالإبلاغ عن رقم الهاتف وتم اكتشاف الشاب ، واتضح أنه سبق أن دخل المنزل لتركيب بعض الاثاث فعرف رقم التليفون وتفاصيل البيت والأثاث.
تقول المرأة : اخيرا عدت لمنزلي بعد ان كاد ينهدم ، وأصبحت اكره شيء اسمه تليفون .
ونحن نقول : والله ليس للتليفون ذنب ، بل الظالم هو ذلك الشاب .
3) إيذاء المسلمين في بيوتهم :
لأن بعض الشباب ليس له هم إلا إزعاج الناس في بيوتهم .
والله تعالى حرم الأذى بأي شكل كان ، قال تعالى : (والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات ..).
كم من امرأة مسكينة تقوم من صلاتها على رنين الهاتف ، لتسمع الألفاظ البذيئة من شاب ماجن .
وكم من أسرة تتلقى اتصالاً انتقامياً من معاكس كذاب يدعي حدوث مكروه لأحد أفراد الأسرة .
4) أنها من أسباب التعاسة حتى بعد الزواج :
فهذه الممارسات الأخلاقية الخاطئة قد تسبب انحرافاً نفسياً يستمر مع الشاب وإن ترك المعاكسات .
• أذكر قصة لأحد المعاكسين ، هذا الشاب تزوج وترك المعاكسات :
يقول : أنا الآن أستعيد كل لحظة من عالم المعاكسات مع زوجتي .. أتصور أنها تمارس نفس الدور .. أسيء الظن في حركة يدها ، التفاتتها ، مكالماتها بالهاتف ، أشك في كل كلمة تقولها .. إذا قالت : كيف حالك يا فلانة ، أقول ما أدري يمكن أنها تكلم رجل باللفظ المؤنث مثل صديقاتي إذا كلموني في السابق .
يقول : تعبت نفسياً حتى إني أفكر بتطليق زوجتي ولا أتزوج أبداً .
الحكم الشرعي للمعاكسات ، ولماذا ؟ :
حفظ الأعراض من أجل مقاصد الإسلام . وحول هذا المقصد العظيم تدور جملة من الأحكام الشرعية تهدف كلها إلى الحفاظ على تماسك الأسر، وحفظ النسل، والنسب، وتطهير المجتمع من الرذيلة .
ونلاحظ أن الأحكام الشرعية المتعلقة بالحفاظ على الأعراض على قسمين:
القسم الأول: هو تحريم الفاحشة بمختلف صورها كالزنا والشذوذ وغير ذلك .
القسم الثاني: سد الذرائع وقطع الطرق الموصلة إلى الفاحشة ، ولهذا حرم الله النظر المحرم ، وحرم الاختلاط والخلوة بالنساء ، وحرم على المرأة التبرج والخضوع بالقول .
ولهذا لو تأملنا في حقيقة "المعاكسات " لوجدت فيها العديد من الذرائع التي تؤدي إلى الفتنة والوقوع في المعصية .
الأدلة :
1) فقد حذر ونهى الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم النساء من الخضوع بالقول للرجال صيانة لهن عن أسباب الإنحراف والقتنة، قال تعالى: يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا
2) ولو تأملنا القرآن وجدنا قوله تعالى: ((وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ)) فإذا كان الله جل وعلا قد نهى المؤمنات عن الضرب بالرجل على الأرض حتى لا يسمع صوت الخلخال الذي يلبس في الرجل حتى لا يفتن الرجال ، فكيف بمن تعاكس الرجال بمعسول الكلام، وعبارات الحب والغرام .. أليس هذا أشد تحريماً من ضرب الخلخال في الأرض؟!
3) المعاكسة في حكم الخلوة، ومما خلا رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إياكم والدخول على النساء" فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله! أفرأيت الحمو؟ قال: "الحمو: الموت " !رواه البخاري،.
ولهذا يجب أن نعلم أن المعاكسات الهاتفية محرمة في الشرع، فهي من أعظم وسائل جلب الفساد وانتشار الفاحشة .
المعاكسات : علاقة مشبوهة ، تحدث في جنح الظلام ، وتتجاوز رقابة الأبوين والأهل .
أسباب المعاكسات :
1) ضعف الإيمان وقلة مراقبة الله تعالى :
فقد وصف الله جل وعلا المؤمنين بحفظ الفرج والبعد عن نواقض ذلك. فقال سبحانه: ((وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ )) .
ولا شك أن المعاكسات لا تصدر إلا من ضعف إيمانه، وغلبت عليه نار الشهوة وفتنة المعصية!
2) ضعف التربية والتوجيه:
ففي غياب التوجيه والتربية تنمو الظواهر السيئة والأخلاق المشينة لاسيما في مرحلة الشباب أو ما يصطلح على تسميتها "بالمراهقة .
وإذا غفل أو تغافل الوالدان عن توجيه الأبناء والبنات فإن العواقب ستكون وخيمة .
• هذه فتاة مسكينة ، تبكي بحرقة وتقول : لقد كنت ضحية الثقة العمياء من أهلي .. عندي هاتف ثابت في غرفتي .. وجوال في يدي .. حرة في التنقل بلا رقيب ولا حسيب .. ساعدتني هذه الوسائل على الخروج مع شاب كان يحدثني عن حبه وهيامه طوال الليل ، وأنه يحلم بالزواج مني ، حتى وقعت المأساة .
• وأخرى تقول : كنت استغفل والدتي .. وأسرق الهاتف في أوقات متأخرة من الليل وأقضي الليل والعياذ بالله في محادثة هذا وذاك .
3) جهل بعض الفتيات بحقيقة هذه الظاهرة :
بعض الفتيات تعتقد أن الأمر مجرد تسلية أو علاقة بريئة مؤقتة تنتهي بانتهاء المعاكسة .
في دراسة أمريكية تبين أن حوالي 47% من ضحايا الاغتصاب في أمريكا كن ضحايا لاغتصاب أصدقائهن ونحو 20% كن ضحايا لاغتصاب أقارب وأصدقاء العائلة، وهذا يعني أن 70% من الفتيات كن ضحايا للعلاقة التي يظن البريئة .
بعض الفتيات تتساهل في المعاكسات ظناً منها أنها قد تكون طريقاً للزواج .
إلى متى تصدق بعض البنات هذه الخدعة ، أعني خدعة الوعد بالزواج عن طريق هذه العلاقات المحرمة؟
كيف تغامر العاقلة بشرفها وكرامتها مع من هو مضنة الفسق والفجور، بذريعة الزواج، فهذا تناقض وتهور واضح.
بل أقول : حتى ولو حصل الزواج بالفعل هل يمكن أن يستمر أو يبني أسرة سعيدة ؟.
كم من فتاة اغترت بوعود الزواج الزائفة حتى إذا وقعت في الرذيلة علمت أنه لا أمل في بناء أسرة ، أو حياة سعيدة ، لأن ما بني على باطل فهو باطل .
وأنا أقول : قاصمة الظهر عند المرأة هي : إقصاء العقل وتحكيم العاطفة .
يتلاعب الشاب بعواطفها : ( أنا لا أستطيع العيش بدونك ) ، ( إن حبك يعذبني ) ، ( أنا حزين جداً لأنك ما رديت علي ) .
وقد يحلف لها أيماناً مغلظة أنه لا يمكن أن يريدها إلا بالحلال !!!
والواقع أن هذا الشاب أما أن يكون يكذب عليها ، وإما أن يكون صادقاً لكن الشيطان يجره إلى مرحلة لا يستطيع عندها الصبر فتقع الكارثة .
4) عدم التزام المرأة بالضوابط الشرعية في التحدث بالهاتف:
لأن جرأة المرأة على الكلام مع الأجانب قد يوقعها في شباك المعاكسات ، لأن المعاكس قد يستغفلها بكلامه إذا كان ممن يحسن دغدغة العواطف وإثارة المشاعر .
ولهذا : لا يجوز للفتاة أن تخضع بالقول كأن ترقق صوتها ، أو تستخدم بعض العبارات المنفتحة ، مثل : مرحبا أو يا هلا وما شابههما .
والمشكلة : أن بعض النساء فيه طيبة زائدة ، ( يعني على فطرتها ) .(3/228)
• تحدثني إحدى قريباتي عن امرأة طيبة جداً ، فإذا اتصل عليها أحد المعاكسين بدأت تنكر عليه بالإنكار الناعم : من تبغى بيته يا حبيبي ، الله يهديك ، عيب عليك يا بوي !!!
اللي حولها من النساء يقولون لها : لو فكر الشاب أنه يتوب ما تاب من هالكلام الزين .
وهذه حادثة وقعت لإحدى الفتيات:
تقول كانت والدتي خارج البيت.. ولم يكن في البيت إلا أختي وكانت نائمة.. وفجأة رن جرس الهاتف.. بدأت أتحدث مع المتصل فسرق مني عواطفي.. وسحرني بعذوبة كلامه.. ورقة عباراته .
تكررت الاتصالات ، وكان الشاب يظهر حسن النية ، ويتكلم عن الشرف والعفاف.. والحب الطاهر البعيد عن أحوال المراهقين.. لقد كان يريدني للزواج.. وإنما تجرأ على مكالمتي ليعبر عن محبته لي .. مضت الأيام وتطورت العلاقة وخرجت عن نطاق الهاتف .
ومن رحمة الله بي .. أن أخي- في مرة من المرات – سمعني وأنا أتحدث مع الشاب فانكشف أمري ، وأفقت من غفلتي وتبت إلى الله! .
5) رفقة السوء:
وهذا السبب من أهم الأسباب .
والله يعلم كم أفسدت رفقة السوء من شاب .. وكم زينت من جريمة .. وكم أعانت على منكر .
تجد بعض الشباب يتبادلون الأرقام والصور والوسائل .
بل بعض الشباب هداهم الله يجاهرون بالمعصية ، فهذا يفتخر أنه أوقع فلانة أو صاد علانة .
وقل مثل هذا في البنات : فالصديقة إذا كانت متمرسة في العلاقات المشبوهة فإنها لا يهدأ لها بال حتى توقع صديقتها في فعلها السيء . فتجدها تزين لها معاكسة الشباب، بل وتعطيها رقما هذا الشاب أو ذاك .
• وهذه واقعة لفتاة عمرها 19 عاماً كتبت لي قصتها بعد أن قبض عليها في قضية زنا تقول :
حاول أحد الشباب أن يتعرف علي عن طريق الهاتف فرفضت .. وبعد أيام أرسل إلي إحدى أخواته .. أعطتني الرقم وطلبت مني أن أتصل عليه .. اتصلت عليه وبدأ يلين ويرق معي في الكلام . يقول : عندما رأيتك أعجبت بك وأحببتك من أول نظرة .. ومضت الأيام وأنا أحادثه عبر الهاتف .. لا أدري ماذا أصابني وهو يحادثني .. لقد تعلقت به لدرجة أنني كنت أنتظر فرصة خروج أمي لكي أتحدث معه .. وإذا لم أتحدث معه أصبح كالمجنونة .. ثم أخبرني برغبته في الزواج ، ثم طلب مني أن ألتقي به قبل الزواج حتى وقعت المصيبة .
وفي أحد الأيام .. اكتشف أحد إخواني الموضوع ، عندما رأى الشاب يدخل المنزل في الصباح فانكشف أمري .
6) إطلاق النظر المحرم :
فلقد قرن الله جل وعلا الأمر بغض النظر بحفظ الفرج، قال سبحانه: ((وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ))النور:31،. فحفظ الفرج منوط بالبعد عن مواطن الريبة والفتنة .
فإذا أطلق الشاب نظره في النساء أو أطلقت المرأة نظرها إلى الرجال الأجانب (نظر الشهوة والفتنة) فإن هذا من أعظم ما يؤثر في القلوب ويحركها إلى أسباب العلاقات المحرمة، كالمعاكسات وغيرها .
كل الحوادث مبداها من النظر *** ومعظم النار من مستصغر الشرر
كم نظرة فتكت في قلب صاحبها *** فتك السهام بلا قوس ولا وتر
والعبد ما دام ذا طرف يقلبه *** في أعين الغيد موقوف على الخطر
يسر مقلتُه ما ضر مهجتَه *** لا مرحباُ بسرور عاد بالضرر
ولذلك فقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته عن النظر المحرم صيانة لعرضها وشرفها فقال: "يا علي لا تتبع النظرة النظرة، فإنما لك الأولى وليست لك الأخرى"
7) عدم احتشام بعض النساء وخروجهن لغير حاجة:
فعدم احتشام بعض أخواتنا وبعدهن عن الحياء يفتح الباب للمعاكسين ويجرئهم عليهن .
بعض الأخوات يذهبن إلى الأسواق وكأنهن ذاهبات إلى عرس ، لا ستر ، ولا حشمة ، وملابس فاتنة ، وعباءات مخصرة ، وأنواع العطور التي تصرع من بجوارها .
وهكذا بالنسبة لخروج المرأة لغير حاجة ، وتسكعها في الأسواق ، فإنه مضنة الوقوع في الفتن، لاسيما إذا صاحبه التبرج والبعد عن الحياء .
والمرأة إذا لزمت بيتها كانت آمنة من أذى المعاكسين . ولهذا قال الله تعالى :(( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى)
8) تأثير بعض وسائل الإعلام والاتصال :
فهناك أفلام وبرامج هابطة تعلم الحب الهابط والتعرف على الأصدقاء و أن الزواج الناجح لابد أن تسبقه العلاقات الغرامية - وتشجع اتخاذ الخليلات والعشيقات بدلا من الزوجات - وتشجع الزوجة على التمرد على زوجها والسخرية - وتحيي الأب الذي يعطي لابنته حرية اتخاذ الأصدقاء .
وفي الآونة الأخيرة ، أمام صرعة جديدة من البرامج التي تسمى أكاديمية ، تعلم الاختلاط المحرم وتكسر الحواجز بين الجنسين وتشجع على التمرد على أحكام الدين .
أيضاً من الوسائل : ما ينشر في بعض المجلات والصحف تحت مسمى أصدقاء التعارف وهوات المراسلة ، فترى الواحد من الشباب أوالفتيات يضع صورته وعنوانه للتواصل .
ومن الوسائل التي استجدت في الساحة شبكة الانترنت ، حيث كان للاستخدام السيء لهذه الشبكة تطور المعاكسات .
• فهذه فتاة وقعت في الدردشة عبر شبكة الانترنت مع من رمزت لنفسها «بفتاة الالم» .
تقول : كنت أظن أنها فتاة مثلي ، ومع مرور الأيام اتضح أنه رجل في الأربعين ومتزوج ، وحينما رفضت الاستمرار معه هددني بأنه سوف يبلغ والدي .
9) الفراغ:
بعض الشباب يكون الواحد منهم فارغاً من الأشغال ، وفارغ القلب عن ذكر الله ، فيمضي هذا الوقت ويضيعه في المعاكسات .
وحتى النساء ، فمع استفادة المرأة من التقنية الحديثة ، وانتشار الخدم والعمالة في البيوت ، فإن هذا الفراغ قد يكون مناخاً خصباً لبعض السلوكيات الخاطئة .
• تقول إحدى الفتيات : كنت أعاني من فراغ قاتل ، لا أستطيع أن أتخلص منه إلا عن طريق المعاكسات والعلاقات المحرمة .. حتى وقعت بشاب مجرم تمكن من تسجيل صوتي وتهديدي به بين الحين والآخر .
10) تأخير الزواج:
الزواج فطرة الله ، وهو السبيل الشرعي للعلاقة السوية ، وبالتالي كبح جماح الشهوة .
وكثيراً ما يكون الآباء سبباً في دفع بناتهن إلى طريق المعاكسة من أجل الزواج.
عندنا عقبات غير شرعية في طريق الزواج يجب أن تزال عن طريق الشباب والبنات .
مثل 1) التعذر بالدراسة ب) غلاء المهور ج) التعذر بصغر السن .
العلاج :
1) الخوف من الله ومراقبته في السر والعلن :
إذا ما خلوت بريبةٍ في ظلمة *** والنفسُ داعيةٌ إلى الطغيان
فاستحْي من نظر الإله وقل لها *** إن الذي خلق الظلام يراني
وقال آخر:
إذا ما خلوت الدهر يوماً فلا تقل *** خلوت ولكن قل عليّ رقيبُ
و لا تحسبن الله يغفل ساعةً *** ولا أن ما تخفي عليه يغيبُ
2) إن أعظم علاج هو الرجوع إلى الله ، والعمل بأحكام الشريعة الإسلامية .
فديننا العظيم كفل للمجتمع السلامة والعفاف ، باتباع فطرة الله في العلاقة بين الجنسين .
3) ومن العلاج الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، حفاظاً على سفينة المجتمع من الغرق.
وفي هذه البلاد المباركة أوكل ولي الأمر هذه المهمة العظيمة بجهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
4) لا بد من ضبط الاتصالات الهاتفية بمعرفة مصدر المكالمة ، خاصة بطاقات الجوال المدفوعة .
5) ومن العلاج تيسير أمور الزواج ، وإعانة المتزوجين ، وعدمُ المغالاة في المهور والتكاليف ، أو تأخيرُ زواج البنات بدعوى التعليم (زعموا) ، أو طمعاً في مال البنت الموظفة .
لا تقولوا صغيرة ؟ فزواجها خير من انحرافها لا قدر الله .(3/229)
6) البعد عن أسباب الإثارة: كإطلاق النظر على الرجال المحارم ، ومشاهدة الأفلام والمسلسلات الماجنة، والمجلات الساقطة، فكل هذه الأمور تهيج الشهوة وتثير الغريزة وتشجع على الفساد والانحلال .
7) دور التربية الأسرية (تربية إسلامية) :
الأسرة هي الحصن الحصين للأبناء والبنات ، بتربيتهم على الفضيلة والأخلاق ، والغيرة على الأعراض ، ومعرفة حقيقة الحجاب
توجيهات سريعة لإصلاح البيوت :
-عدم السماح للأبناء بأخذ جهاز الهاتف في إحدى الغرف بحجة الرغبة في سماع المتحدث أو البعد عن الإزعاج .
- الحرص على عدم ذهاب الفتيات لوحدهن إلى الأسواق والأماكن المختلطة لأنها سبب لتعرضهن للمعاكسات .
- منع الفتيات من التبرج وإظهار المحاسن عند الخروج من المنزل .
- ملاحظة أي تصرف مريب من الأبناء أو البنات : مثل : الكلام بالهمس ، أو في المكالمات آخر الليل .
رسالة طوق نجاة لمن وقع أو وقعت في المعاكسات :
الكثير من الشباب والفتيات النادمين ، يقولون ماذا نفعل ؟
- مداومة الدعاء واللجوء إلى الله تعالى أن يُعينك على التخلص من هذه العادة السيئة .. وأن يصرف قلبك عنها .. وأن يحول بينكِ وبين الاستمرار فيها .
- اجتناب كل ما يُثير الشهوة ويهيج الغريزة .. كمشاهدة المسلسلات والأفلام .. ومطالعة المجلات والصور الماجنة .. واستماع الأغاني المحرمة .. وقراءة قصص وروايات العشق والغرام والهيام .
- على الأخت أن تجتنب قدر المستطاع الرد على الهاتف .. واتركي ذلك لأهل البيت .
إذا قامت بالرد على الهاتف ، وكان المتحدث هو الشاب الذي بينها وبينها علاقة فنقول لها: أغلقي السماعة في وجهه فوراً .. ولا تفكري في الاستماع إليه أبداً .. مها حاول أن يوهمكِ بأن لديه أمراً هاماً أو موضوعاً خطيراً .
- ونقول للأخت :احرصي على مخالطة الصالحات و إياكِ من مخالطة الفتيات المتورطات في المعاكسات .
- ونقول للأخت : : تخيلي صورة أبيكِ .. الذي تعبَ عليكِ ورباك ورعاكِ وسهر وجاع من أجلكِ .. تخيلي صورته .. وهو أسود الوجه !! .. مُنكّس الرأس .. كاسف البال .. حزين القلب .. لا يقدر على أن يرفع وجهه في وجوه الرجال .. حين تنكشف فضيحتكِ ويعلم بها الناس .
تخيلي صورة أمك الغالية وهي تبكي الدم بعد انقطاع الدموع بسبب سيرتكِ التي أصبحت على ألسنة نساء الحي .
- إذا أردت أن تتأكدي من كذب المعاكس في وعود الزواج ، اطلبي منه أن يتقدم مباشرة لخطبتك من أبيك !! .. وهنا سيحاول الشاب أن يراوغ ويماطل .. بحجة أن الوقت الآن غير مناسب .. أو الظروف غير ملائمة .. فقولي له :
ليس الزواج مهما الآن .. بل المهم أن تتقدم لخطبتي بسرعة .. وأمر الزواج يمكن تأجيله حتى تتيسر ظروفك .
وفي كثير من الأحوال لا يمكن أن يتقدم الشاب للخطبة ، بل قد يرفض تماماً أن يتزوج خانت أهلها وشرفها .. ومادام أنها كلمته بالهاتف ما الذي يمنع أن تكون كلمت غيره .
- ونقول للشباب والفتيات : الفراغ سبب كبير للوقوع في " المعاكسات " .. فاحرصوا على ملء وقت فراغكِ بالنشاطات النافعة والمفيدة .. كقراءة القرآن .. وسماع الأشرطة النافعة .. وقراءة الكتب المفيدة .. أو مساعدة الأهل .
- إذا تركت (أو تركتِ) العلاقة ربما ستشعر بشيء من الضيق والهم والانقباض .. وهذا شيء طبيعي بسبب ترك النفس لمألوف تعودت عليه .. لكن اعلم أن هذا الضيق والانقباض هو أمر وقتي .. لا يلبث أن يزول إلى الأب
=============
الفراغ والوقت
قال الشاعر:
اغتنم في الفراغ فضل ركوعٍ فعسى أن يكون موتك بغته
كم صحيحٍ رأيت من غير سقمٍ ذهبت نفسه العزيزة فلته
****************
وقال آخر:
والوقت أنفس ما عنيت بحفظه وأراه أسهل ما عليك يضيع
****************
وقال آخر:
دقات قلب المرء قائلة له إن الحياة دقائق وثواني
****************
وقال آخر:
نح على نفسك يا مسكين إن كنت تنوحْ
لست بالباقي وإن عمّرت كنوحْ
****************
وقال آخر:
أتسمع الطير أطال الصياح وقد بدا في الأفق نور الصباح
ما صاح إلا باكياً ليلةً ولّت من العمر السريع الرواح
****************
وقال آخر:
أذان المرء حين الطفل يأتي وتأخيرك الصلاة إلى الممات
دليلٌ على أن محياه يسيرٌ كما بين الأذان إلى الصلاة
****************
وقال آخر:
إنَّ الفراغ والشبابَ والجِده مفسدةٌ للمرءِ أيُّ مَفسده
****************
وقال آخر:
يا أيها الغافل جد في الرحيل وأنت في لهو وزاد قليل
لو كنت تدري ما تلاقي غداً لذبت من فيض البكاء والعويل
فاخلص التوبة تحظى بها فما بقي في العمر إلا القليل
ولا تنم إن كنت ذا غبطة فإن قدامك نوم طويل
=============
كيف يقضي أبناؤنا إجازة سعيدة؟
وأخيرًا جاءت الإجازة الصيفية ليتنفس الأبناء والآباء الصعداء بعد عناء عام دراسي حافل بالواجبات والامتحانات، ثم يأتي السؤال الذي يشغل الجميع: كيف يقضي أبناؤنا الإجازة الصيفية؟!.
بداية أيها المربي الكريم..
ينبغي أن تعلم أن الإجازة لا تعني الفوضى وتضييع الأوقات دون استفادة، وأن المتعة الحقيقية سيشعر بها الابن عندما تنتهي الإجازة ويجد نفسه قد حفظ قدرًا جيدًا من القرآن أو استمتع بقراءات مفيدة أو تعلم مهارة جديدة، وعليك أن تعلمه أيضًا أن وقت الفراغ نعمة يجب الاستفادة منها امتثالاً لأمر النبي- صلى الله عليه وسلم-: (اغتنم حمسًا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك) (رواه الحاكم).
ولكن.. انتبه عزيزي المربي!! فلن يستمتع أولادك بإجازتهم إن لم تشركهم في وضع برنامجهم الصيفي.. فالمشاركة بالرأي تُولد لديهم الحماس الذي يدفعهم لتطبيق عناصر برنامجهم وتذهب عنهم غضاضة الالتزام بمواعيده والسعي لتحقيق أهدافه.. ويا حبَّذا لو وُجدت بعض المحفزات لتطبيق البرنامج كإخبارهم أن هناك حفلاً كبيرًا وجميلاً في نهاية الإجازة لتقييم المستوى خلالها وتكريم من التزم بالبرنامج واستفاد منه الاستفادة المطلوبة.
وهناك عدة أمور ينبغي أن تكون ضمن البرنامج الصيفي للأبناء، وبإمكانك أن تضيف إليها ما يناسب أولادك وما يرغبون هم في إضافته، مع ملاحظة أن البرنامج يجب أن يكون شاملاً؛ بحيث ينمي الجانب الإيماني والأخلاقي والثقافي والبدني والاجتماعي بوسائل محببة وممتعة للأبناء، من هذه الأمور:
1- أداء الصلاة في المسجد: وحبَّذا لو صحبت أبناءك إلى المسجد لتثبيت هذه العبادة الجليلة في نفوسهم.
2- حفظ قدر معيَّن من القرآن الكريم يوميًّا: وذلك حسب طاقة الابن، سواءٌ عن طريق حلقات التحفيظ بالمسجد أو الكتاتيب، أو من خلال محفِّظ بالبيت، مع ضرورة المتابعة الشخصية والمستمرة له.
3- حفظ الحديث الشريف: وليكن بمعدل حديث واحد أسبوعيًّا، مع مراعاة اختيار الأحاديث التي تحضُّ على مكارم الأخلاق، أو التي ترتبط بالصفات التي تريد غرسها في أولادك خلال الإجازة.
4- الصيام والصدقة: فمن الممكن تدريب الابن على صيام ثلاثة أيام من كل شهر وإخراج صدقة أسبوعية.(3/230)
5- زيادة الوعي الثقافي: ويتم ذلك من خلال الاشتراك في المكتبات العامة أو عمل مكتبة في المسجد أو في المنزل، ويمكن التعاون مع المسئولين في ذلك، كأن يكون في المقرات ركنٌ للطفل يستطيع ارتياده والانتفاع بما فيه، ويشمل مكتبةً للكتب والقصص والشرائط الفيديو والكاسيت والسي دي للاستعارة، ويحوى جهاز فيديو وتلفزيون لعرض الشرائط المناسبة، ويكون فيه حاسب آلي للاستخدام، وبعض الألعاب الجذابة للأبناء مثل تنس الطاولة، كما يمكن القيام بالرحلات والمسابقات والندوات للأبناء والمربِّين.
6- الوعي السياسي للطفل: بقصد الإلمام بالقضايا المثارة على الساحة، وتكوين رأي تجاهها، وذلك عن طريق المشاهدة الموجهة لنشرات الأخبار وللبرامج السياسية، وكذلك قراءة الجرائد والمجلات، والدخول على مواقع النت الخاصة بوسائل الإعلام.
7- تنمية المهارات والهوايات: مثل الرسم والتلوين والشعر والكتابة والإنشاد والخط العربي وغيرها، بالإضافة إلى تعلم بعض المهارات المفيدة مثل الكهرباء والنجارة والسباكة والدهان وغيرها.
8- تعلم بعض برامج الكمبيوتر: ليكون جلوسهم أمام الشاشة أكثر إفادة مثل برنامج الورد word وبرنامج الرسام، وبإمكانك تكليفه ببعض المهام مثل كتابة آيات قرآنية أو لوحات إرشادية، ويمكن الاستفادة من الكمبيوتر أيضًا في حفظ القرآن الكريم عن طريق الـ c d الخاصة بذلك، ويمكن إتقان الطفل للكمبيوتر عن طريق إلحاقه ببعض الدورات وجلوسه بجوارك أثناء استخدامه مع شرح هذه البرامج بصورة ميسرة.
9- الالتحاق ببعض الدورات المفيدة: مثل دورات اللغة الإنجليزية ودورات الدفاع المدني والهلال الأحمر وغيرها.
10- الرياضة: يجب أن يمارس الأبناء التمارين الرياضية يوميًّا، وحبذا لو تم الاشتراك في بعض الألعاب الرياضية بالنوادي أو مراكز الشباب أو النوادي الصيفية بالمدارس المنتقاة بعناية حسب المستطاع، مع المتابعة الدقيقة للأبناء وملاحظة الإيجابيات والسلبيات.
11- التعاون والمساعدة في أعمال المنزل: ويفضل عمل جدول لتنظيم هذا الأمر ولضمان المشاركة الفعلية للأبناء في أعمال المنزل.
12- العالم الإسلامي: تعريف الطفل بقضايا العالم الإسلامي وخاصةً القضايا الساخنة (كفلسطين والعراق وأفغانستان والصومال والسودان... الخ)، وحثُّه علي الدعاء والتبرع والمقاطعة.
13- الميادين: تفعيل الميادين القائمة التي يتواجد فيها الأبناء وذلك بتكثيف الأنشطة الجذابة الهادفة فيها، وابتكار ميادين جديدة (كميدان المجتمع العام) وإفادة الأبناء فيه بالأنشطة المناسبة وخاصة الرياضية والفنية وعمل دورات رياضية مثل: كرة قدم، كرة طائرة، اختراق ضاحية... إلخ، وطاولة للتنس يتجمع عليها الأبناء، ويتم تشغيل شرائط الكاسيت بأناشيد هادفة، وتعلق بعض اللوحات الإرشادية حولها، وتُجرى مسابقة خفيفة مع توفير جوائز رمزية هادفة، وإقامة بعض المسابقات الثقافية والأدبية والفنية لكشف المواهب.
14- العلاقات الاجتماعية وصلة الأرحام: وحبذا أن يوضع جدول لزيارة الأقارب والاتصال بهم تليفونيًّا لتعويد الأبناء على التواصل مع أقاربهم وبالإمكان وضع بعض الواجبات الاجتماعية الأخرى، كالتعاون مع الجيران وزيارة أصدقاء المدرسة والمسجد مع انتقاء الأصدقاء الصالحين.
15- الرحلات: احرص على أن تخرج مع أبنائك في رحلات طويلة وقصيرة، وليكن لك أكثر من رحلة قصيرة خلال الشهر، وبإمكانك الاستفادة من طاقات الأبناء في هذه الرحلات كإعداد الطعام أو المشاركة في تنفيذ فقرات البرنامج، ولا تنس الثناء على مجهوداتهم في نهاية الرحلة، ويمكن القيام بمجموعة رحلات تحت عنوان (اعرف بلدك) يتم من خلاله زيارة المتاحف والحدائق والمعالم السياحية المختلفة ودور الأيتام والمعاقين، ويتم تعويد الأبناء من خلاله على النظام والبذل والعطاء ومساعدة الآخرين.
16- تحديد جدول مشاهدة التلفزيون: اتفق مع أبنائك على أوقات مشاهدة التلفزيون وعلى أسماء البرامج التي سيشاهدونها، وأوقات الدخول على النت، والمواقع التي سيزورنها، ويفضل أن يكون ذلك تحت إشرافك.
17- جدول المحاسبة: وهو جدول متابعة يومية لعناصر البرنامج يقيم الأبناء من خلاله أنفسهم، وتطمئن من خلاله على سير البرنامج بصورة جيدة؛ حتى يمكن التعديل أو الإضافة حسب المطلوب، وحبذا تشجيع المتميزين عن طريق الجوائز.
وإليك أيها المربي الفاضل نموذجًا ليوم الابن في الإجازة:
1- الاستيقاظ لصلاة الفجر بالمسجد.
2- قراءة أذكار الصباح.
3- القيام ببعض التمارين السويدية الخفيفة.
4- مساعدة الأم في تجهيز الإفطار وتناول الإفطار.
5- المساعدة في أعمال المنزل (ترتيب الغرف- شراء المطلوبات- ...).
6- حفظ القرآن بالمسجد أو بالبيت.
7- حضور حلقة المسجد في مواعيدها.
8- تعلم بعض المهارات وممارسة بعض الهوايات (خط- رسم على الزجاج...)،
أو ممارسة رياضة (فردية أو جماعية).
9- صلاة الظهر.
10- الجلوس إلى الكمبيوتر نصف ساعة كتابةً ونصف أخرى لعبًا ونصف ثالثة نت.
11- الغداء، ثم صلاة العصر.
12- فقرة حرة.
13- تلاوة أذكار المساء وصلاة المغرب.
14- مشاهدة شريط فيديو هادف أو مشاهدة برامج مفيدة في التلفاز.
15- صلاة العشاء.
16- الجلوس مع العائلة ساعةً للحديث والسمر.
17- النوم المبكر.
مختارات مقترحة لطفلك
أولاً: الكتب والقصص
? قصص الأبناء الأستاذ/ عبد الحميد جودة السحار.
? صور من حياة الصحابة الأستاذ/ رأفت الباشا.
? قصص الحيوانات الأستاذ/ أحمد بهجت.
? سلسلة أخلاقيات من حكايات.
? موسوعة المسابقات الإسلامية الأستاذ/ محمد سعيد مرسي.
? سلسلة كيف نرسم ونلون؟!
? سلسلة الكمبيوتر للأطفال.
? علماء صغار يبتكرون.
? كيف تعمل الأشياء للأطفال؟!
? أسئلة وأجوبة علمية.
? المعارف الطبية للأطفال.
? حكايات من التراث
? سلسلة الرشاد في تربية الأبناء.
? سلسلة أطفال الغد.
? سلسلة انصر دينك.
ثانيًا: المجلات
(مجلة أسامة- مجلة ماجد- مجلة سعد- مجلة الفرسان)
ثالثًا: أشرطة الكاسيت
(أشرطة تعليم وتحفيظ القرآن الكريم- سلسة قصص الأنبياء- أناشيد أطفال).
رابعًا: مكتبة c d
(المصحف المرتل- انصر دينك (1، 2)- كان يا ما كان (وهي أفلام تعليمية عن جسم الإنسان بأسلوب شيق)- جزيرة النور- الجرة- رحلة سلام- الابن البار- السند باد المسلم- محمد الفاتح- الفاتحون- صقور الأرض- أصحاب الأخدود- صلاح الدين بطل حطين- أسد عين جالوت- طارق بن زياد- البطل نور الدين- مسابقات ثقافية (كنز المعلومات الإسلامية- أسد الفرات).
واحذر عزيزي المربي من بعض الأخطاء التربوية التي قد تُفسد عليك أهدافك من البرنامج، ومنها:
• التهديد.
• إصدار الأحكام المسبقة.
• التحذير المستمر.
• الاستجواب عند الخطأ ووضع العقوبات الصارمة.
• استعجال النتائج وطلب الكمال.
• عدم تنوع الأنشطة.
• الحرية الكاملة بلا ضوابط.
• كثرة الوعظ على حساب اللعب والترويح.
• التعامل مع الأعداد الكبيرة دون الاستعانة بآخرين.
• تقديم المعلومات القديمة دون الاهتمام بالتحضير.
• عدم فهم شخصية الابن وكيفية التعامل معه.
وإليك بعض النصائح التي قد تيسِّر لك التعامل مع الأبناء:
• الإخلاص والدعاء بالتيسير.
• خفف من حدة شخصيتك عند بداية الإجازة، واجعلها فترة للتعارف والتآلف.
• حدِّد أهدافك واحرص على الوقت، فهو رأس مالك.
• ادعم روح الفريق والتعاون لدى الأبناء.
• كافئ كل مجتهد وتذكَّر أن الذي يعمل ولا يجيد أفضل من الذي لا يعمل.
• استعن ببعض الأبناء في إدارة برنامجك.(3/231)
نصائح للتعامل مع بعض الأبناء المشاغبين
• امنحهم مزيدًا من الاهتمام والمتابعة بصورة خاصة.
• تحبَّب إليهم وازرع احترامهم لك في أنفسهم.
• أشعرهم بأهميتهم، واشكر لهم ما يقومون به من أعمال.
• الفت انتباههم إلى أخطائهم بصورة غير مباشرة.
• امنحهم فرصة توضيح أخطائهم وقدِّم لهم النصح بحبٍّ.
• ابدأ بمدحهم قبل لومهم.
وفقك الله أيها المربي، وبارك في جهدك وجهادك، وتقبَّل منك، وجعلها لك ولأبنائك إجازةً مفيدةً سعيدةً.
المصدر: مجموعة متخصصين.
=============
ضوابط الترويح في الإسلام ومخالفاته
الحمد لله حمداً لا ينفد، أحمد سبحانه على نعمه الِظاهرة والباطنة ، ((وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)) (النحل : 78).
(( أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ* وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ )) ( البلد: 8-10).
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له بيده الخير ومنه الخير وهو على كل شيءٍ قدير ، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمداً عبد الله ورسوله صَلّى اللهُ وملائكته والمؤمنون عليه وعلى أزواجه وآله وخلفائه وجميع أصحابه وسَلّم تسليماً كثيراً ..
وبعد .
(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً )) (الأحزاب : 70- 71) .
عباد الله
ساعات الليل والنهار هي حياةُ الإنسان ورأسُ ماله فإن ربح فيها عملاً صالحاً صار زاداً له إلى سعادة الدنيا والآخرة، وإن قَضّى هذا الزمنَ وأفناه في معصية الله وكسبِ السيئات فيا شقاوته ويا خسارته .
وما الإنسان - في الحقيقة - إلا أيامٌ وليال إذا مضى جزءٌ منها أنقضى بعضُ عمره حتى تنتهي حياته ويكون أشراً بعد عين ، فمن الناس من إذا مات ماتت ذنوبه معه ومنهم من إذا مات حييت ذنوبه من بعده بما سَنّه من الشر وما جَلَبه من وسائله .
يا مسلمون :
الفراغ هو أن يخلو الإنسانُ من الشغل ، وهو سلاحٌ ذو حدين فإن استعمل فيما ينفع
أو في المباح رجع على صاحبه بالخيرات والنشاط والأرباح ، وإن ضيّع وقتُ الفرغ في المحرم ووسائله صار على صاحبه حسرات ، وعاد عليه بالمضرات ، ولا شك أن الإنسان مسؤول عن وقته وعن عمره ففي الحديث الصحيح : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ((لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه وعن علمه ما فعل به وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه ، وعن جسمه فيما أبلاه ))[1].
وروى الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( لا تزول قدما أبن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يُسأل عن خمس .. عن عمره فيم أفناه ، وعن شبابه فيم أبلاه ، وعن ماله من أين أكتسبه وفيم أنفقه ، وماذا عمل فيما علم ))[2].
أن الفراغ مغنم ومكسب ، وإن الصحة والنشاط فرصة ونعمه لمن عرف قدرهما وأحسنَ التعامل معهما وإلا غُبن صاحبهما غبناً فاحشاً يقول الني صلى الله عليه وسلم :(( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ )) .
ويكفي الوقت شرفاً وأهمية إقسام الله به أو ببعض أجزاءٍ منه قال تعالى : ((وَالْعَصْرِ)) .
(( وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى )) (1-2).
وإقسام الله سبحانه ببعض مخلوقاته دليل على أنه من عظيم آياته وكلُ يوم يعيشه العبد ويقدم فيه عملاً صالحاً فهو له غنيمةٌ فإن الدنيا ليست بدار قرار بل كتب الله عليها الفناء وعلى أهلها الارتحال(( كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ*وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ )) (الرحمن : 26-27) .
ثم يُرَدُّ الإنسانُ إلى ربه للحساب (( يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلَاقِيهِ )) (الانشقاق :6) .
ولحظة الارتحال، وساعة الانتقال مُغَيّبة عن العبد (( وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ )) (لقمان :34) .
قال رجل لداود الطائي : أوصني .
فبكى ثم قال : يا أخي : ((إنما الليل والنهار مراحل ينزلها الناس مرحلةً مرحلةً حتى ينتهى به آخرُ سفرهم فإن استطعت أن تقدّم في كل مرحلةٍ زاداً لما بين يديك فأفعل فأن انقطاع السفر عن قريب ، والأمر أعجل من ذلك فتزوّد لسفرك فكأنك بالموت وقد نزل بك)).
إنما الدنيا وإن سَرّتْ ... قليلٌ من قليل
إنما العيش جوار الله في ... ظلٍ ظليل
حين لا تسمع ما يؤذيك ... من قالٍ وقيل
وأصدق من هذا ما قاله اللطيف الخبير: (( وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ )) (الحديد :20) .
أيها المسلمون : ومع أهمية الزمن وحرصِ الإسلام على أن يغتنم المرءُ وقته وأيامَ حياته إلا أنه أكّد على إعطاء النفس حظها من الراحة والانبساط لتزيل عنها الممل ولتستعد لعملٍ صالح آخر قال تعالى :
(( وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً * وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاساً * وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشاً )) ( النبأ :9-11) .
فالنوم المعتدل يقطع الحركة لتحصل الراحة من كثرة الترداد والسعي في طلب المعايش ليستعدَّ بذلك المسلم لعملٍ صالح لا لمجرد الكسل والبطالة .
والترويح في الإسلام - له ضوابطه التي تمنع أن - ينقلب إلى منكرات وفساد .
لقي حنظلة أبا بكر - رضي الله عنهما - فقال أبو بكر : كيف أنت يا حنظلة ؟ قال فقلت : نافق حنظله قال : سبحان الله أما تقول ؟ قال : قلتُ : نكون عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يذكرنا بالنار والجنة حتى وكأننا نراها رأي العين فإذا خرجنا من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عافنا الأزواج والأولاد والضيعات فنسينا كثيراً ، قال أبو بكر : فو الله أنا لنلقى مثل هذا فانطلقتُ أنا وأبو بكر الصديق حتى دخلنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قلتُ : نافق حنظله يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وما ذاك ؟ قلت : يارسول الله نكون عندك تذكرنا بالنار والجنه حتى وكأننا نراها رأي العين فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات فنسينا كثيراً فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( والذي نفسي بيده إنكم لو تدمون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم ولكن يا حنظله ساعةً وساعةً ( ثلاث مرات))[3].
وجاء في البخاري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : لعبد الله بن عمرو : (( يا عبد الله ألم أخبر أنك تصوم النهار وتقوم الليل ؟)) قال : بلى يا رسول الله (( فلا تفعل صم وأفطر ، وقم ونم، فأن لجسدك عليك حقاً، وإن لعينك عليك حقاً، وإن لزوجك عليك حقاً)) .
فالترويح المعقول الذي لا يضيع فيه صلاة ولا تنتهك فيه حرمه ولا يزيد عن الحد المعقول ولا يرتكب فيه العبد منهي أمرٌ مشروع بل إذا حسنت النية أَجِرَ.
العبد في المباح وإنما الأعمال بالنيات قال معاذ بن جبل- صلى الله عليه وسلم : أني أحتسب نومتي كما أحتسب قومتي.
وقال أبو الدرداء - رضي الله عنه :((أني لأستجم لقلبي الشيء من اللهو (أي المباح) ليكون أقوى لي على الحق))(3/232)
بل حتى قضاء الوطر من الأهل يؤجر العبد فيه ففي صحيح مسلم أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم قال : (( وفي بضع أحدكم صدقة قالوا : يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ؟ قال : أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر ؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر)) .
إن الترويح إذا لم يَسْتَمِدَّ وسائله من البيئة التي يوجد فيه فأنه يصبح عاجزاً عن العطاء وعاجزاً عن تحقيق الأهداف التي يسعى إليها المجتمع .
إنه لا بد أن يضبط كلُ ترويح بضوابط الشرع المطهر وتراعى قيمُ المجتمع والأعرافُ التي لا تخالف الشرع .
إن من الترويح ما يكون محرماً كما إذا صاحبه سخرية بالناس أو لمز أو ترويع لهم قال تعالى : ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ))( الحجرات :11) .
ومما يُحذر منه غايةَ الحذر ما يصاحب هذا الترويح من إسرافٍ وتبذير واستهانةٍ بنعم الله وإهدار لنعمه المال في غير نفع فإن الله يقول : (( وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً )) ( 26- 27) .
(( وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً )) (الفرقان :67) .
وقال سبحانه : ((وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)) (الأعراف :31).
أيها المسلمون :
ومما يحرم ذلك ترويح يصاحبه أذية بقولٍ أو فعل أو ضرر بدني أو معنوي للآخرين قال الله تعالى :(( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً )) ( الأحزاب : 58) .
وفي الصحيحين أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : (( المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده )).
وكذلك مما حرم من الترويح ما فيه كذب وإفتراء لقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ :( ويلٌ للذي يحدث فيكذب ليضحك به القوم ، ويلٌ له ويلٌ له )) [4].
ومما يحرم من الترويح ما يقوم على الغناء والمعازف والموسيقي لورود الأدلة بتحريمها قال تعالى :((وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ )) (لقمان :6) .
وفي الصحيح البخاري أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : ((ليكوننْ من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف )) .
الغناء يُنقص الحياء، ويفسد النساء، ويزيد في الشهوة، ويهدم المروءة، ويفتح أبواب الشر.
ويقول أبن القيم ـ رحمه الله ـ ( والذي شاهدناه نحن وغيرنا وعرفناه بالتجارب أنه ما ظهرت المعازف والآتُ اللهو في قومٍ وفشت فيهم واشتغلوا بها إلا سَلّط الله عليهم العدو و بلوا بالقحط والجدب وولاة السوء) .
ومما يحرم من الترويح المسابقات التي يستخدم فيها أدوات جاء النص بتحريمها مثل النرد والشطرنج ونحوهما ،ومثل ذلك ما يقوم على الجهالة والغرر .
ومما يحرم من الترويح اختلاط الرجال مع النساء فإن ذلك يؤدي إلى نظر بعضهم إلى بعض وطمع الذي في قلوبهم مرض وقد قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ((ما تركت بعدي فتنه هي أضر على الرجال من النساء )) [5].
وقال صلى الله عليه وسلم :(( اتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنه بني إسرائيل كانت في النساء )) .
أيها المسلمون :
إن حضور النساء إلى مجامع الرجال بكامل الزينة فتنهٌ عظيمة تُسَبِّبُ قلةَ الحياء لدى المرأة ، وطمع السفهاء فيها، وتبادلَ الأرقام للمعاكسة ومن ثَمَّ تُفْتحُ أبواب الفاحشة ، وعندها تقع الكارثة يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ((ولم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا نشاء فيهم الطاعون والأمراض التي لم تكن في أسلام فهم الذين مضوا)) .
لقد نهى اللطيف الخبير النساء عن التبرج لخطورته وضرره وأمر المرأة بالقرار في بيتها فقال :(( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى)) ( الأحزاب : 33) .
قال مجاهد (كانت المرأة تخرج تمشي بين الرجال فذلك تبرج الجاهلية الأولى ) وقال قتادة : ( كانت لهنَّ مشية تكسِّر * فنهى الله عن ذلك ) ( أ.ه )
وإن مما يؤلم كلَّ غيور ما حصل على الدائري الشرقي قبل البارحة من اختلاط الرجال بالنساء وما جرى بسبب ذلك من معاكسات ومنكرات وإسراف يؤذن بعقوبة الله عز وجل فلا ندري هل غارت الغيرة من القلوب؟.
يأخذ بعض الناس محارمهم ونسائهم إلى مجامع الرجال لينظروا إلى قدرٍ نصب وطعامٍ صُنع كأنهم لم يروا من العجائب شيئاًَ وكأنهم لم يأكلوا طعاماً قط منذ مدةٍ من الزمن .
أفلا نتقي الله يا أمة الإسلام ؟ أفلا نخاف عقوبة الله ؟ ألا نشكر نعم الله ؟ أين غيرتكم ما معشر الرجال ؟
أين ما أعطاكم الله من القوامة ؟ أين الرجولة والحميّة ؟ يقول على رضي الله عنه ( ألا تستحقون ألا تغارون فإنه بلغني أن نساءكم يخرجن إلى الأسواق يزاحمن العلوج ) .
فالله المستعان، لقد أصبح بعض الرجال ضعيفاً هزيلاً أمام زوجته وأولاده فلا قيمة له ولا حيلة له بل يصرفونه كما يريدون ولو كان في هذا فسادُ أخلاقهم ودينهم إننا ـ يا عباد الله ـ لا نعارض الترويح وإزالة السآمة من الأهل ولا نعارض إدخال السرور عليهم بل نشجع عليه لكن بالضوابط الشرعية ، وبالقدر المعتدل فاتقوا الله يا عباد الله وتذكروا أن الله يغار وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حَرّم عليه ، تذكروا أن الاستعانة بنعم الله على معصيته عن أسباب العقوبة ، وتأمّلوا في أحوال من حولكم ممن سلب نعمة الأمن ورغد العيش كيف يعيشون اليوم؟
والسعيد من اتعظ بغيرة .وما حملني على ذلك إلا إرادة النصح والخوف من نزول العقوبة
((وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ)) (النحل:112).
اللهم أحفظ علينا أمننا وإيماننا وأصرف عنا كل منكر وأذى، اللهم ومن أراد لمجتمعنا تبرجاً واختلاطاً فحل بينه وبين ما يريد، وأشغله بنفسه ، واجعله عبرة للمعتبرين .
الخطبة الثانية
الحمد لله وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسَلّم عليه وعلى آله وأصاحبه ومن تبعهم بإحسان .
أما بعد . عباد الله
اتقوا الله في أنفسكم واتقوا الله في مَنْ تحت أيديكم وتذكروا أنكم جميعاً أمناءُ كلٌ في موقعه وفيما أُسند إليه من مسئوليات ، وأنكم مسئولون أمام الله عز وجل ـ عن هذه الأمانة حَفِظْتُمْ أم ضيعتُمْ ((فكلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته)) كما قاله النبي صلى الله عليه وسلم .( خ -2554 - م 7129 ) .
يا أمة الإسلام :
إن سنة الله في هذه الحياة لا تتغيرّ ولا تتبدل فالأمة التي تسير على شرع الله ، وتنهج نهج رسول الله صلى الله عليه وسلم تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتحافظ على حدود الله وتقيم شرع الله فلها العزة والأمن والتمكين، ولها سعادة الأبد في الآخرة .(3/233)
أماَّ إذا ترك الناس أمر ربهم ، وخالفوا أحكام دينهم، وضيعوا أمر الله فعند ذلك يحل بهم الشقاء والعناء، والأزمات والنكبات حتى يرجعوا إلى دينهم فالجزاء من جنس العمل، وما أهون الخلق على الله إذا أضاعوا أمره وجاهروا بمعصيته وقصّروا في أحكام دينه، وهل عُذبت أمّة من الأمم في القديم والحديث إلا بسبب ذنوبها ((إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ )) (الرعد : 11) .
((وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ )) (الشورى: 30).
((فَكُلّاً أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ)) (العنكبوت : 40) .
إذا كنتَ في نعمةٍ فارعها *** فإن المعاصي تزيل النعم
وداوم عليها بشكر الإله *** فشكر الإله يزيل النقم
وإن المسؤولية لصد بلاء الذنوب وعواقبها السيئةِ على الفرد والمجتمع تقع على كل مسلم كلٌ بحسبه والله سائل كل راعِ عما استرعاه حفظ أم ضيعّ .
وتذكروا -عباد الله - أنه ما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة فأكثروا الاستغفار وتوبوا إلى ربكم واقبلوا عليه بقلوبٍ صادقه : ((وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ )) (الأنفال: 33).
[1] أخرجه الدارمي.
[2] حسنه الألباني .
[3] خرجه مسلم في الصحيح كتاب التوبة .
[4] أخرجه أبو داود .
[5] متفق عليه .
=============
من مخاطر الفراغ
الحمد لله والصلاة على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، أما بعد:
إذا كنا دائماً نتغنَّى بأمجاد السابقين فليست مآثرُهم قصصاً خياليةٌ نُسلي بقراءتها أنفسنا، وليست شخوصُهم دُمَاً مُحنَّطةً نظُنُّ أنه يكفينا أن نُمعن النظر فيها لتجلوا أحزاننا أو تخفف من مآسينا.
كلا فلابد من القراءة بوعي، ولابد من الجد والحزم، وتعالوا بنا لنصارح أنفسنا ونقارن بين واقعنا وواقعهم، ولنعلم الفرق بين استثمار أوقاتِنا وأوقاتِهم.
وحين المصارحة لابد من القولِ أن فينا من يحسُّ بالوقت عبئاً على كاهلِه لا يدري بماذا يصرفه، وكم هو مؤلم أن تسمعَ في مجتمع المسلمين من يقول: تعال بنا لنضيع الوقت، وربما خفف العبارة آخرون فقالوا: هيا بنا لنقضي الوقت ومؤداهما واحدٌ إذا كان الاجتماعُ لتزجية الفراغ بما لا ينفع، وأشدُّ إيلاماً إذا كان الوقتُ يُقضى بما يضرُّ ولا ينفع.
إن حياة المسلم لا مكان فيها للإضاعة والتفريط، وإن جراحات المسلمين لفتت أنظار الكافرين، فكيف تغيب عن المسلمين فيظلون لا هين لاعبين؟
وإذا أباح الإسلامُ للمسلم الترويح عن النفس ساعةً وساعة فذلك محكوم بضوابط الشرع، والهدف منه تجديدُ النشاط والحفاظُ على النفوس من الكلل والملل، لكن أن تتحول الحياة إلى لهوٍ ولعب وإضاعة للوقت في معظم الأوقات وتصبحُ الجِّدِّيةُ واستثمارُ الأوقات حدثاً طارئاً وحالة استثنائية في الحياة، فذلك انتكاسٌ في المفاهيم لا يُسأل عنه الإسلام وسيحاسب عليه المسلمون.
وقولوا لي بربكم: من يمضي سحابةَ النهار بالنوم، ويمضي ساعات الليل في السهر بما لا فائدة فيه، وسواء كان على الأرصفة أو غيرها هل استثمر وقته واستفاد من عمره؟ والمصيبةُ أدهى وأعظم إذا كان هذا الصنفُ من شبابِ الأمة وأملِها في المستقبل؟ وإنه لحق على الخيرين أن ينصحوا لإخوانهم الغافلين، وأن يصدقوا ويتلطفوا لهم في القول، فما خاب من كان سلاحُه في الدعوة: الصدق والإخلاص واللين، وإن في هؤلاء الشبابِ من يسمع ويستجيب، وفيهم طيبُ القلبِ حصيفُ العقل، لكنها الغفلة والشرودُ، ودواؤها الكلمةُ الطيبةُ، والموعظةُ بالحسنى، وعدمُ اليأسِ والإعراضِ والصدود؟
وكيف يستثمرُ وقته من يمضي الساعاتِ الطوال في مشاهدة الأفلامِ الهابطة، أو سماع الكلمات والألحان الغرامية الساقطة، أو قراءة الصحف والمجلات ذات الفكر المنحرف وحاملات الصور الرخيصة، والمتخصصات في أركان التعارفِ المشبوهة، والدعوة للعري والتحلل من القيم والفضيلة.
إن من الخطأ أن نتصور أنّ عالم اليوم عالم غزو للفضاء فحسب، وننسى أنه عالمُ غزوٍ للأفكار رهيب، وعالمُ حربٍ للعقائد والقيمِ مُسَيَّسٌ مدروس، وإن من البساطة والتغفيل أن نتصور أن هذا المشهد المخرج يهدف إلى المتعة والتسلية لا أكثر، وأن هذا البرنامج المعد يرمي إلى الثقافة المجردة ليس إلا، كلا فطمسُ الهوية الإسلامية وتذويبُ شخصيتنا والسيطرةُ على أدمغتنا هدفٌ يراهن عليه الأعداء، ومن آخر وأخطر وسائلهم لذلك: التلفزيون والبثُ المباشر، هذا الغزوُ الذي تحفزنا لمواجهته في البداية - كعادتنا - ثم بدأ البعضُ منا يستسلم له.
أجل لقد خصصت الصحافةُ العالميةُ والمحليةُ حيزاً من زواياها للتحذير من هذا الغول الجديد -ولكننا مع الأسف أمةٌ لا تقرأ، أو تقرأ ولا تستفيد مما تقرأ- ومن العناوين المثيرة في هذه الصحافة - وأكتفي بذكرها- «اختراق يقصم الظهر» «لكي لا نفقد الهوية»، «ماذا فعلنا لمواجهة الغزو التلفزيوني»، «هجمات تلفزيونية على الخليج»، «البث المباشر الاستعمار الجديد».
وكيف لا تثار هذه العناوين، وتتعالى هذه الصيحات، والمخطط مدروس والهدف مرسوم، وهذا رئيسُ المخابرات الأمريكية يعلنها صراحة ويقول: "إن إستراتيجيتنا يجب أن تتجاوز التعامل مع القادة إلى الشعوب، وذلك أن القادة قابلةٌ للتغير، وأما الشعوبُ فثابتة، ومن أهم وسائل تحقيق هذا التوجيه: التلفزيون، فهو الوسيلةُ القادرةُ بطبيعتها على السيطرة على أدمغة الشعوب".
وحتى يستيقظ الغافلون، وعسى أن يستدرك المسلمون، أنقل لكم صيحة مفكرٍ أنذر بخطر البث المباشر فأعذر، يقول الدكتور فهمي هويدي: "إن هذا الاستعمار خرج من شوارع المدن، لكن سيعود عن طريق البث المباشر، وعودته هذه المرة ليست إلى الأسواق فقط ولكن عاد ليشاركنا السكن في بيوتنا، والخلوةَ في غرفنا، والمبيت في أسرَّة نومِنا، رجع ليقضي على الدين واللغةِ والأخلاق، كان يُقيم بيننا بالكُره -يعني الاستعمار- ولكن عادَ لنستقبله بالحبِّ والترحاب، كنا ننظرُ إليه فنمقته، أما الآن فنتلذذ بمشاهدتهِ والجلوسِ معه، إنه الاستعمارُ الجديد، إنه خطرٌ يهدد الجيل الجديد كله".
ومهما كثر الحديثُ عن التلفزيون والبث المباشرِ فليس طويلاً، لأن الإحصاءات العلمية تثبت طول الساعات التي يقضيها المشاهدون أمام هذا الجهاز ولاسيما الأطفال والنساء، وهنا مكمنُ الخطر، افترض أيها الأبُ اللبيبُ أن يتولى تربية أهلك وأبنائك وبناتك غيرك، ولئن قلت إنك قادرٌ على تمييز الغثِّ من السمين أفترى أطفالك ونساءك كذلك؟ إنها أمانةُ التربية ومسؤوليةُ القوامة، وأنت مسؤول عن رعايتها أو إضاعتها.
أيها الولي والمربي: ولا تظن أنك حين تجلب ( الدُّشَّ ) إلى بيتك توفر السعادة وتدخل الأنس إلى أفراد عائلتك، كلا فأنت متسبب في دخول اللصوص إلى بيتك، وأنت تعين الغزاة والمستعمرين وتمكنهم من مخاطبة فلذات كبدك.(3/234)
وليس هذا حديثاً مكتملاً عن البث المباشر بقدر ما هو إشارة إلى نوع خطيرٍ يُزْجي به بعضُ المسلمين أوقاتهم، وأنصح بقراءةِ الكتب المؤلفة عن البث المباشر وسماع المحاضرات النافعة في هذا المجال للتعرف على المخاطر ووسائل العلاج، والله من وراء القصد
==============
الغفلة والفراغ
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين وبعد .
غفلة المؤمن عن الأعمال الصالحة المقربة إلى خالقه مذمومة شرعا وعقلاً وقد وردة آيات كثيرة في ذم الغافلين، والتحذير من أحوالهم قال تعالى : ((وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ)) (الأعراف :179) .
ويقول تعالى : ((وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ *أُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمُ النُّارُ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ)) (يونس : 7-8) .
وأكثر الناس في غفلة عن آيات الله كما قال تعالى: ((وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ)) (يونس : 92) .
ولكنهم في درجات متفاوتة.
الدرجة الأولى :
هناك غفلة عن المسابقة إلي الخيرات في الأمور العظيمة كطلب العلم، والدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله .
والغفلة عن هذه الأمور مهلكة لصاحبها؛ خاصة إذا كان لا يعذر بتركها ومن هو أهل للقيام بفروض الكفاية. ويدخل في ذلك العلماء، وطلبة العلم، وأساتذة المدارس الشرعيين، والجامعات، وكل من هو أهل للقيام بهذا الواجب.
وهذا النوع من الناس يجب عليه من الشرع ما لا يجب على غيره ، وهو داخل في قوله تعالى: ((وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ)) (آل عمران : 187) .
وتلك الواجبات السابقة ميثاق غليظ، وعهد ثقيل بين العبد وربه؛ أوجب عليه أن يبين للناس ما يحتاجون إليه مما علمه الله ولا يكتمه بالغفلة والكسل. ولا يقتصر الواجب على إجابة من سأله بل لابد من الدعوة والتبليغ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر، ومحاربة دعاة الفساد والرذيلة، والرد على المنافقين، والمشككين بالأصول وثوابت الشرع المطهر .
وغفلة عن هذه الأمور العظيمة قد تودي به إلى مز الق خطيرة من حب الدنيا وشهواتها والإغراق في المباحات، ثم التهاون بالصغائر، ثم غشيان الكبائر،عياذا بالله تعالى ..
فلا محيص عن أخذ النفس بالقوة وأطرها على ما أوجب الله تعالى عليها من التاكليف والأخذ بالعزيمة المنجية من عذاب الله
الدرجة الثانية: وهناك غفلة تقع على عامة الناس كالتهاون في صلاة الجماعة، وتأخير الزكاة، وإهمال كفارات الأيمان ، والنذور، وإهمال تربية الأولاد وتعليمهم، وبر الوالدين وطلب العلم الضروري الذي لا يعذر أحد بتركه كواجبات الطهارة ونوا قض الوضوء ومبطلات الصلاة ..
فمن كان هذا حاله فإنه حتما سيقع بشباك المعصية وظلمات الهموم، والمغموم، المنغصة لحياته وسيفقد الاحترام والتقدير من الخلق، عقوبة له، خاصة إذا عرفوا منه أنه أهلا للقيام بهذه الواجبات .
فمن كان هذا حاله فلابد أن يقف مع نفسه وقفة صادقه ، ويصبر ويصابر على طاعة مولاه سبحنه وتعالى قال تعالى:((وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ)) (العنكبوت : 69) .
وقال تعالى : ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)) (آل عمران:200) .
الدرجة الثالث: وهناك غفلة تغشى الفسقه، والمنحرفين وهذا النوع من الناس لا هم له إلا إشباع نفسه من اللذائذ المحرمة وغير المحرمة.قلبه مع الشيطان يذهب به في كل واد ومنحدر فمرة بالسفر إلى الدول الفاجرة التي لا تفرق بين الحلال والحرم ثم يعرج به إلى أماكن البغاء والرذيلة أو ينتقل به شيطانه إلى واد آخر، كالسخرة بالدين وأهله والثناء على الغرب الكافر وتقليدهم في لباسهم وأخلاقهم والدعوة إلى ذلك.
ثم التشكيك بالثوابت الشرعية المرعية وأصولها . ثم يعرج به شيطانه إلى الشك في أصل الاعتقاد والإيمان بالله والدار الآخر والإيمان بالرسل والكتب المنزلة عياذا بالله تعالى وهذا النوع من الناس يعجز في الغالب أن يقف مع نفسه ويحاسبها وهو على تلك الحال المظلمة. فلابد من أن يوفّق إلى أسباب مقربه كأن يصاب بوفاة قريب أو مصيبة مفاجئه وكما يقال ربما صحّت الأجسام بالعلل ومما سبق ذكره يعلم أن الغفلة درجات وظلمات بعضها أهون من بعض فيتحتم على المؤمن اليقظة والحذر من الغفلة كم سمعنا ورأينا ممن من الله عليهم بالهداية والاستقامة وحفظ كتاب الله والإقدام على مجالس العلم والدعوة ثم تنقلب أحوالهم بسبب الغفلة والإهمال والتقصير في الأعمال الصالحة نسأل الله الثبات على دينه .
العلاقة بين الغفلة والفراغ
اعلم أن الفراغ سبب رئيس للغفلة، فمن أغلق باب الفراغ فقد أغلق باب الغفلة ثم تُغلق أبواب عظيمة من الشرور والفتن والمصائب والفراغ نعمة ونقمة على العبد؛ وكل عاقل مدرك لابد أن يختار فراغ النعمة المقرب إلى الله والدار الآخرة والباعث على العمل والجد في دروب الخير ولهذا فرق لله - وهو العليم الحكيم بعبادة - بين الذي يعمل والذي لا يعمل في آيات كثيره منها قال تعالى : ((أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاء مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ)) (الجاثية: 21) .
وقال تعالى:((أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ)) (القلم : 35) .
فمن وجد في نفسه غفلة فليعلم علما جازما أنه قد فرط في وأوقات كثيره ثم تأتي بعد ذلك المحاسبة واللوم والحسرة على ذلك والحسرة في الدنيا لا تقارن بحسرة الآخر كما قال تعالى: ((وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ)) (مريم : 39) .
قال بن سعدي: أحق ما ينذر به ويخوف به العباد يوم الحسرة حين يقضى الأمر فيجمع الأولون والآخرون في موقف واحد ويألون عن أعمالهم فمن آمن بالله ورسله سعد سعادة لا يشق بعدها أبدا ومن لم يؤمن بالله ويتبع رسله شقي شقاوة لا يسعد بعده وخسر نفسه وأهله وحينئذ يتحسر ويندم ندامة تنقطع منها القلوب وتتصدع منها الأفئدة وأي حسرة أعظم من فوات رضى الله وجنته واستحقاق سخطه والنار على وجه لا يمكن الرجوع ليستأنف العمل ولا سبيل إلى تغير حاله بالعودة إلى الدنيا لابد أن يتذكر كل مؤمن أنه عبد مكلف حتى الوفاة ولا ينقطع التكليف في أي وقت من الأوقات لا في الإجازة الصيفية ولا في غيرها قال تعالى: ((وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ)) (الحجر :99) .
وأخيرا: بادر أخي الكريم باستغلال هذه الأيام التي تكثر فيها الغفلة ويطول فيها الفراغ بادر بالأعمال الصالح المنجّه من عذاب الله يوم القيامة .
أسأل الله عز وجل أن جعل خير أعمالنا خواتمها وخير أيامنا يوم نلقاه وصلى الله وسلم على نبنا محمد
==============
الوقت والفراغ
قال الشاعر:(3/235)
اغتنم في الفراغ فضل ركوعٍ فعسى أن يكون موتك بغته
كم صحيحٍ رأيت من غير سقمٍ ذهبت نفسه العزيزة فلته
وقال آخر:
والوقت أنفس ما عنيت بحفظه وأراه أسهل ما عليك يضيع
وقال آخر:
نح على نفسك يا مسكين إن كنت تنوحْ
لست بالباقي وإن عمّرت كنوحْ
وقال آخر:
أتسمع الطير أطال الصياح وقد بدا في الأفق نور الصباح
ما صاح إلا باكياً ليلةً ولّت من العمر السريع الرواح
وقال آخر:
أذان المرء حين الطفل يأتي وتأخيرك الصلاة إلى الممات
دليلٌ على أن محياه يسيرٌ كما بين الأذان إلى الصلاة
وقال آخر:
إنَّ الفراغ والشبابَ والجِده مفسدةٌ للمرءِ أيُّ مَفسده
وقال آخر:
يا أيها الغافل جد في الرحيل وأنت في لهو وزاد قليل
لو كنت تدري ما تلاقي غداً لذبت من فيض البكاء والعويل
فاخلص التوبة تحظى بها فما بقي في العمر إلا القليل
ولا تنم إن كنت ذا غبطة فإن قدامك نوم طويل
يقول أحمد شوقي:
دقات قلب المرء قائلة له إن الحياة دقائق و ثواني
================
من مخاطر الفراغ
الحمد لله رب العالمين وفق من شاء لطاعته فهداه واجتباه، وأضل من شاء عن سلوكِ صراطهِ السوي فأتعسه وأشقاه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، بيده مفاتيح الخير لا مانع لما أعطى، ولا راد لما قضى، وأشهد أن محمداً عبدُه ورسوله أنقى البشرية وأزكاها نفساً وأطيبُها خُلُقاً، اللهم صلي وسلم عليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين، وعلى آله المؤمنين الطاهرين، وارض اللهم عن صحابته الغرِّ الميامين، وعن التابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
أما بعد... فاتقوا الله يا عباد الله واخشوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كلُّ نفس ما كسبت وهم لا يظلمون.
إخوة الإيمان : لا يخفى عليكم أهمية الوقت وقيمة استثمار الزمن عند السلفِ الصالحين، وفي معرفة ذلك شحذٌ للهمم ودفعٌ للعزائم، واسترشادٌ وتأصيل وتأسٍّ بسير خير القرون، فمهما بلغنا في استثمار أوقاتنا في أنواع العبادات والطاعات، ومهما تنوعت دروسُ العلم وأوعب العلماء، ومهما بلغ اهتمامُنا بكتاب الله وانتشرت حلق التحفيظ وكثر الحافظون، وانتشر الدعاةُ ونشط الآمرون بالمعروفِ والناهون عن المنكر، ومهما تنوعت سبلُ الجهاد في سبيل الله، وأنّى كان المرابطون، وحيثما كانت الثغور، وكيفما أنفق الخيِّرون وأحسن المحسنون، مهما بلغنا في ذلك وغيره من مجالات الخير ففي تجارب سلفِ الأمةِ درس وعبرة، وفي جهادهم وأحوالهم هممٌ موقظة، وفي قراءة سيرهم دعوة للخير متجددةٌ مستمرة، وإذا كنا دائماً نتغنَّى بأمجاد السابقين فليست مآثرُهم قصصاً خياليةٌ نُسلي بقراءتها أنفسنا، وليست شخوصُهم دُمَاً مُحنَّطةً نظُنُّ أنه يكفينا أن نُمعن النظر فيها لتجلوا أحزاننا أو تخفف من مآسينا.
كلا فلابد من القراءة بوعي، ولابد من الجد والحزم، وتعالوا بنا لنصارح أنفسنا ونقارن بين واقعنا وواقعهم، ولنعلم الفرق بين استثمار أوقاتِنا وأوقاتِهم.
وحين المصارحة لابد من القولِ أن فينا من يحسُّ بالوقت عبئاً على كاهلِه لا يدري بماذا يصرفه، وكم هو مؤلم أن تسمعَ في مجتمع المسلمين من يقول: تعال بنا لنضيع الوقت، وربما خفف العبارة آخرون فقالوا: هيا بنا لنقضي الوقت ومؤداهما واحدٌ إذا كان الاجتماعُ لتزجية الفراغ بما لا ينفع، وأشدُّ إيلاماً إذا كان الوقتُ يُقضى بما يضرُّ ولا ينفع.
إن حياة المسلم لا مكان فيها للإضاعة والتفريط، وإن جراحات المسلمين لفتت أنظار الكافرين، فكيف تغيب عن المسلمين فيظلون لاهين لاعبين ؟
وإذا أباح الإسلامُ للمسلم الترويح عن النفس ساعةً وساعة فذلك محكوم بضوابط الشرع، والهدف منه تجديدُ النشاط والحفاظُ على النفوس من الكلل والملل، لكن أن تتحول الحياة إلى لهوٍ ولعب وإضاعة للوقت في معظم الأوقات وتصبحُ الجِّدِّيةُ واستثمارُ الأوقات حدثاً طارئاً وحالة استثنائية في الحياة فذلك انتكاسٌ في المفاهيم لا يُسأل عنه الإسلام وسيحاسب عليه المسلمون.
وقولوا لي بربكم : من يمضي سحابةَ النهار بالنوم، ويمضي ساعات الليل في السهر بما لا فائدة فيه وسواء كان على الأرصفة أو غيرها هل استثمر وقته واستفاد من عمره؟ والمصيبةُ أدهى وأعظم إذا كان هذا الصنفُ من شبابِ الأمة وأملِها في المستقبل؟ وإنه لحق على الخيرين أن ينصحوا لإخوانهم الغافلين وأن يصدقوا ويتلطفوا لهم في القول، فما خاب من كان سلاحُه في الدعوة: الصدق والإخلاص واللين، وإن في هؤلاء الشبابِ من يسمع ويستجيب، وفيهم طيبُ القلبِ حصيفُ العقل، لكنها الغفلة والشرودُ، ودواؤها الكلمةُ الطيبةُ، والموعظةُ بالحسنى، وعدمُ اليأسِ والإعراضِ والصدود؟
إخوة الإسلام : وكيف يستثمرُ وقته من يمضي الساعاتِ الطوال في مشاهدة الأفلامِ الهابطة، أو سماع الكلمات والألحان الغرامية الساقطة، أو قراءة الصحف والمجلات ذات الفكر المنحرف وحاملات الصور الرخيصة، والمتخصصات في أركان التعارفِ المشبوهة، والدعوة للعري والتحلل من القيم والفضيلة.
معاشر المسلمين : إن من الخطأ أن نتصور أنّ عالم اليوم عالم غزو للفضاء فحسب، وننسى أنه عالمُ غزوٍ للأفكار رهيب، وعالمُ حربٍ للعقائد والقيمِ مُسَيَّسٌ مدروس، وإن من البساطة والتغفيل أن نتصور أن هذا المشهد المخرج يهدف إلى المتعة والتسلية لا أكثر، وأن هذا البرنامج المعد يرمي إلى الثقافة المجردة ليس إلا، كلا ؛ فطمسُ الهوية الإسلامية وتذويبُ شخصيتنا والسيطرةُ على أدمغتنا هدفٌ يراهن عليه الأعداء، ومن آخر وأخطر وسائلهم لذلك: التلفزيون والبثُ المباشر، هذا الغزوُ الذي تحفزنا لمواجهته في البداية - كعادتنا - ثم بدأ البعضُ منا يستسلم له.
أجل لقد خصصت الصحافةُ العالميةُ والمحليةُ حيزاً من زواياها للتحذير من هذا الغول الجديد -ولكننا مع الأسف أمةٌ لا تقرأ، أو تقرأ ولا تستفيد مما تقرأ- ومن العناوين المثيرة في هذه الصحافة - وأكتفي بذكرها- «اختراق يقصم الظهر» «لكي لا نفقد الهوية»، «ماذا فعلنا لمواجهة الغزو التلفزيوني»، «هجمات تلفزيونية على الخليج»، «البث المباشر الاستعمار الجديد».
وكيف لا تثار هذه العنوانات، وتتعالى هذه الصيحات والمخطط مدروس والهدف مرسوم، وهذا رئيسُ المخابرات الأمريكية يعلنها صراحة ويقول: "إن إستراتيجيتنا يجب أن تتجاوز التعامل مع القادة إلى الشعوب، وذلك أن القادة قابلةٌ للتغير، وأما الشعوبُ فثابتة، ومن أهم وسائل تحقيق هذا التوجيه: التلفزيون، فهو الوسيلةُ القادرةُ بطبيعتها على السيطرة على أدمغة الشعوب".
وحتى يستيقظ الغافلون، وعسى أن يستدرك المسلمون، انقل لكم صيحة مفكرٍ أنذر بخطر البث المباشر فأعذر، يقول الدكتور فهمي هويدي: "إن هذا الاستعمار خرج من شوارع المدن، لكن سيعود عن طريق البث المباشر، وعودته هذه المرة ليست إلى الأسواق فقط ولكن عاد ليشاركنا السكن في بيوتنا، والخلوةَ في غرفنا، والمبيت في أسرَّة نومِنا، رجع ليقضي على الدين واللغةِ والأخلاق، كان يُقيم بيننا بالكُره -يعني الاستعمار- ولكن عادَ لنستقبله بالحبِّ والترحاب، كنا ننظرُ إليه فنمقته، أما الآن فنتلذذ بمشاهدتهِ والجلوسِ معه، إنه الاستعمارُ الجديد، إنه خطرٌ يهدد الجيل الجديد كله".(3/236)
أيها المسلمون : ومهما كثر الحديثُ عن التلفزيون والبث المباشرِ فليس طويلاً، لأن الإحصاءات العلمية تثبت طول الساعات التي يقضيها المشاهدون أمام هذا الجهاز ولاسيما الأطفال والنساء، وهنا مكمنُ الخطر، افترض أيها الأبُ اللبيبُ أن يتولى تربية أهلك وأبنائك وبناتك غيرك، ولئن قلت إنك قادرٌ على تمييز الغثِّ من السمين أفترى أطفالك ونساءك كذلك؟ إنها أمانةُ التربية ومسؤوليةُ القوامة، وأنت مسئول عن رعايتها أو إضاعتها.
أيها الولي والمربي : ولا تظن أنك حين تجلب ( الدُّشَّ ) إلى بيتك توفر السعادة وتدخل الأنس إلى أفراد عائلتك، كلا فأنت متسبب في دخول اللصوص إلى بيتك، وأنت تعين الغزاة والمستعمرين وتمكنهم من مخاطبة فلذات كبدك.
أيها الأحبة : وليس هذا حديثاً مكتملاً عن البث المباشر بقدر ما هو إشارة إلى نوع خطيرٍ يُزْجي به بعضُ المسلمين أوقاتهم، وأنصح بقراءةِ الكتب المؤلفة عن البث المباشر وسماع المحاضرات النافعة في هذا المجال للتعرف على المخاطر ووسائل العلاج، والله من وراء القصد.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الغَرُورُ * إِنَّ الشَّيْطَانَ لكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ)) (فاطر:5 6).
نفعني الله وإياكم بهدي كتابه، أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه كان غفارا .
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، أحمده تعالى وأشكره، وأثني عليه الخير كله، وأسأله المزيد من فضله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبدهُ ورسوله، اللهم صلي وسلم عليه وعلى سائر المرسلين وعلى آله والمؤمنين، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
إخوة الإسلام : وثمةَ نوعٌ آخرَ من تزجية الفراغ وهدر الأوقات يمارسه البعض- ولاسيما في مثل هذه الإجازات- ولهذا النوع مخاطرهُ على الصغارِ والكبار، ألا وهو السفرُ إلى الخارج بهدف المتعةِ الرخيصةِ، وهروباً من الرقابة المرئية، وبالرغم مما فيه من ابتزاز الأموالِ وهدرها، والمخاطر الأمنية وتعاظم خطرِها في هذه الأيام، ومخادعةِ النفسِ قبل خداعِ الآخرين، وضعفِ الوازع الديني وتناسي رقابة ربِّ العالمين، وتشويهِ الصورة عند الآخرين، ومزيد إتاحة الفرصةِ للشامتين بنا معشر المسلمين، والمشاركة في أحياء سوقِ الرذيلة، ووأد الفضيلة، وتحذير وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة، بالرغم من ذلك كله وغيره من مخاطر السفر للخارج.
فقد ابتلينا بمؤسسات السياحةِ وشركات النقل والطيران التي باتت بعضُها ينافس في تقديم البرامج السياحة للخارج وتدعوا أبناءنا وبناتنا لقضاء إجازتهم خارج البلاد، نعم إنها دعواتٌ محمومة لم تقف عند حدود الرجال -مع خطورتها- بل شملت النساء، ولم تكن دعوةً في الخفاء، بل أصبحت أسلوباً من أساليب الدعاية والإعلان يمارس ويصل إلى كل مكان، وإليكم نموذجاً لهذه الدعوات لتقفوا على الحقيقة بجلاء.
فقد وقعت يدي -عن طريق بعض الفضلاء- جزاهم الله خيراً على قصاصة تحمل اسم (الأسواق في عددها السابع يونيو 1995م) وعنوانها الرئيسُ يقول: (إلى أمريكا وبريطانيا وفرنسا، دارُ الإيمانِ تنظم رحلاتٍ سياحية وثقافية للشباب هذا الصيف).
وتحت عنوان كلامُ طويل وبيانٌ للبرامج وأنواعها ومددها، وأجتزئُ من المقالِ المقاطع التالية: (تنظم مؤسسة دار الإيمان السياحية الداخلية والخارجية هذا الصيف عدة برامج سياحيةٍ خارجية تتمثل في رحلاتٍ ترفيهية وتعليمية للشباب السعودي من الجنسين إلى كل من الولايات المتحدة الأمريكية، والمملكة المتحدة، وفرنسا، تستغرق الرحلة الواحدة أربعة أسابيع، وتتضمن فقراتٍ سياحية وترفيهيةً وتعلم اللغات الأجنبية، وتستهدف أربع فئاتٍ من الشباب تصل أعمارُهم إلى ثمانية عشر عاماً… إلى آخر ما ورد في المقال).
وأولُ ما يلفت النظر مسمى هذه الدار «دار الإيمان» ولست أدري أيُّ علاقةٍ بين الإيمان وبين الدعوة للسفر لبلاد الكفار؟ أهي مخادعةٌ للنفس أو محاولةٌ للتلبيس على الآخرين وفي سياق التلبيس والمخادعة يرد في ثنايا العرض أن تنفيذ هذه البرامج يتم في إطار التقاليد العربية الأصيلة ؟
وهذه العبارة وأمثالُها من العبارات التي تُذيَّل أحياناً بالقول وفق تعاليم الشريعة الإسلامية، وفي إطار العقيدة السمحة حتى وإن كان العملُ في أصله وجوهره يتعارض مع الإسلام، هذه وأمثالُها باتت عباراتٍ مكشوفةً لا ينخدع بها إلا السُّذجُ من الناس - وإلا فأي اتفاقٍ بين تقاليدنا العربية- على حد تعبير المقال، وهذه البرامج المطروحة ؟ والعرب قبل الإسلام كانوا يئدون البنات ويدفنوهن حيات خشية العار ((وَإِذَا المَوْؤُودَةُ سُئِلتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلتْ )) (التكوير:9.8).
وجاءت شريعة الإسلام لتنكر هذه العادة الجاهلية وتبقي على المرأة المسلمة مصونة العرض، محفوظة الكرامة، الحجابُ حليتُها، والقرارُ في البيوت شرفٌ لها، والتبرجُ والسفورُ عودٌ لجاهليتها : ((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ المُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَليْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً)) (الأحزاب:59).
وقال تعالى مخاطباً نساءَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وغيرهن من باب أولى: ((وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجَاهِلِيَّةِ الأُولى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولهُ)) (الأحزاب:33).
وفي ثنايا المقال توقع مديرُ المؤسسة أن تقل نسبةُ الفتيات المشاركات في هذه الرحالات، وعلل ذلك "بنظرة الأسرة السعودية إلى سفر الفتيات للخارج بعيداً عن أسرهن" وهنا يحق لنا أن نتساءل فإن كان مديرُ المؤسسة يعتقدُ صحة هذه الشعور عند الأسرة السعودية ويشاركُها الرأي فيه، ثم هو يطرح مثل هذه البرامج التي تخدم ما يعتقده هو وغيره فتلك مصيبة، وإن كان يطرح ما يطرح مستهجناً هذه النظرة، ويحاول هو وأمثالهُ تحطيم هذه القناعات وكسر هذه الحواجز، فالمصيبة أعظم والداءُ عضال، والغزو داخلي، وستبوء هذه المحاولاتُ بإذن الله بالفشل ما دام الوعيُ رائدنا، والأصالةُ شعارنا، والعزةُ بالإسلام منهجنا.
على أنني أتساءل مرة أخرى وما العلاقة بين الإيمان وبين هدي سيد الأنام- عليه الصلاة والسلام- وهو القائل: ((لا تسافر المرأةُ إلا مع ذي محرم، ولا يدخل عليها رجلٌ إلا ومعها محرم)) [1].
ألا وإن العلماء الذين يفتون بعدم جواز سفر المرأة بدون محرم للحجِّ وغيره من باب أولى مدعوون اليوم للفتوى في مثل هذه الدعوات لسفر المرأة للترفيه في الخارج؟
ومع ذلك كلِّه فلا تعني هذه الدعواتُ عدم خطورتها على الذكور ولاسيما للشباب في مثل هذه السن، وأنتم معاشر الأولياء مسؤولون عن أبنائكم وبناتكم ومن تحت أيديكم، تنبهوا لمثل هذه الدعوات وحافظوا على فلذات أكبادكم من الموبقات. ولا يقولن أحدُكم: إنني لا أستطيع السيطرة ولا أحكم الموقف، فقد رأينا منكم حزماً وجداً أيام الامتحانات مع البنين والبنات فهل يكون الاهتمامُ وقتياً؟ وهل نخادع الله أم نخادع أنفسنا حين نستطيع الرقابة في حين ونعتذر بأعذار واهيةٍ في حين آخر؟(3/237)
إن الفراغ للشباب والشابات مهلكةٌ، فوجهوهم إلى ملء فراغهم بما ينفع، من الاهتمام بكتاب الله قراءة وحفظاً، وشجعوهم على حلق القرآن، وحضوهم على حضور دروس العلم وقراءة الكتب النافعة، ورغبوهم في المشاركة بالمراكز الصيفية والدورات المفيدة، راقبوا ما يقرءون ومن يخالطون ؟
واحرصوا على نظافة ما يسمعون وما يشاهدون ؟ فهم جديرون بمراقبتكم واهتمامكم وستجدون ثمار ذلك في حياتكم وبعد مماتكم.
اللهم أصلحنا وأصلح لنا، واحفظنا ومن تحت أيدينا، ولا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، هذا وصلوا وسلموا على المبعوث رحمة للعالمين.
[1] (حديث صحيح، صحيح الجامع (6/148) .
===============
كيف نستثمر الإجازة ؟
الحمد لله القائل : (( َفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ)) (سورة المؤمنون / 115) .
وأشهد أن لا إله إلا الله جعل المال والبنين زينة الحياة لدنيا ، والباقيات الصالحات خيرٌ عند ربِّك ثواباً وخيرٌ أملاً ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله محمد أوصانا بتقوى الله وذكرنا برعاية الأمانات والمسؤوليات فقال : (( كلكم راعٍ ومسؤول عن رعيته )) وقال : (( لن تزولا قدم عبد حتى يسأل عن أربع فذكر منها (( وعن عمره فيما أفناه )) اللهم صل وسلم عليه ..
إخوة الإسلام :
حديث الناس هذه الأيام عن الإجازة ، وتساؤلهم كيف نستثمر الإجازة ؟
والحديث عن الوسائل التي تستثمر بها الإجازة يفترض أن يُسبق بجملة من الأمور لا بد أن نتذكرها ونعيها جيداً قبل الحديث عن الوسائل النافعة ومن ذلك : هدف الوجود ومفهوم العبادة .. فَخَْلقُنا لغاية نبيلة ألا وهي تحقيقُ العبودية لله (( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)) (سورة الذاريات / 56) .
والعبادة مفهوم شامل لكل ما حبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال .. فالنستحضر هذا الهدف دائماً ولنحقق العبودية لله في مناكب الأرض أينما كنا .
وأمرٌ آخر ألا وهو استشعارُ قيمة الوقت ومخاطر الفراغ فالوقتُ هو الحياة - وهو أغلى ما نملك ، وإذا أردت أن تتبينَ أقدارَ الناس وتفاوتهم في الدرجات فانظر إلى قيمةِ الوقت عندهم وكيف يُستثمر
وإذا كان الفراغُ مصيبةً على مستوى الأمة والمجتمع فهو كارثةٌ في حق الفتيان والفتيات إذا ما اسُتغل في تدمير الذات أو تدمير الآخرين ..
إنه طاقةٌ لا بد من صرفها فيما ينفع ، وألا تحول إلى مشكلة تتجذر أبعادُها ، ويتحمل المجتمع مخاطرها ونتائجها
والأمر الثالث سؤال يوجه للأولياء وللشباب ، فهل يشعر الأولياء بمسؤليتهم كاملة تجاه أبنائهم ... هل يقدرون ظروفهم ويتحسبون لمشاكلهم ، هل يفكرون جيداً في استثمار أوقاتهم ، هل يُقدرون المشكلة حق قدرها ، وهل يكونون على مستوى المسؤولية
إن فئة من الأولياء لا تزال غائبةً عن الرعاية والتوجيه ، مشغولةً بذاتها ، تاركةً الحبل على الغارب ، وهذه النوعيةُ - مهما كانت قليلة فلها أثُرها في جنوح الشبابُ وبلوى المجتمع بهم .
أما الشبابُ فيقالُ لهم هل تُكرمون أنفسكم أم تدسونها {وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا} وهل تكونون بُناةُ مجدٍ لبلادكم وأمتكم أم ترضون أن تكونوا مشكلة يُبحث لها عن حلول ، هل ترغبون أن تكونو أرقاماً هامشية لا وزن لها ولا قيمة بل عبئاً على أهليكم ومجتمعكم ؟ أين تطلعكم للمستقبل الواعد صلاحاً وهدى ، وعلماً ، وعملاً ، منطقية في التفكير ، وتقدير للمسؤلية واستثمار للفرص ، واغتنام لزهرة الشباب ، إن الآباء والأمهاتِ يتطلعون إلى بركم ، والمجتمعُ ينتظر فاعليتكم وإيجابيتكم ، وأنتم أهلٌ للثقة .. فقدروا مسؤليتكم وموقعكم .
عبادَ الله وإذا استقرت هذه المعاني في نقوسنا جميعاً .. كانت مهيئةً لقبول البرامج النافعةِ سواء كان ذلك في الإجازة أو غيرها ، وإنما كان التركيزُ على الإجازة لكثرة الفراغ وتنوع البرامج الرسمية والأهلية والعائلية ، وحسبي هنا أن أذكر بشيء من هذه الوسائل ومنها :
الأسرة القدوة وذلك عبر برامج متنوعة تستطيع الأسرة من خلالها أن تضرب النموذج الأمثل للأسرِ من حولها رعايةً للأولاد واستثماراً للأوقات والطاقات .. فإن لم تسطع ذلك فالتختر أُسرة ناجحة لتنظر في مسارها ولتستفيد من تجاربها ، والمهم أن نُذكَّر بالقدوة في أُسرنا .
الزيارات الهادفة كالزيارة للأقارب والأصدقاء ، والزيارات للمرضى لإيناسهِم والدعاءِ لهم ، وللمقابر لترقيق القلوب والدعاءِ للموتى ، والزيارة للأماكن الفاضلة ، وللمنتزهات الجميلة الراقية .
بناء الذات واكتساب المهارات .. يحتاج أبناؤنا وبناتنا إلى مهارات تبني ذواتهم وتعينهم في تحمل مسؤولياتهم كفن الطبخ والتنظيف والترتيب وتربية الصغار ورعايتهم ونحو ذلك من أمور تحتاجها الفتيات ، كما يحتاج الأبناء إلى تدريبهم على فن التعامل مع الآخرين وحسن استقبالهم ، وأصول القيادة ، وطرائق البيع والشراء ونحو ذلك مما يحتاجه الفتيان .
اللقاءات الأسرية : تتطلع الأُسر إلى لقاءات مع أسرٍ مماثلة ، لتأنس بها وتستمع منها وتسمعها ، ومن الجميل أن تكون هذه اللقاءات هادفة وأن تكون مصحوبةٌ ببرامج ولو كانت خفيفة فالأسر ينشط بعضها بعضاً وللمنافشة دورٌ في صقل المواهب ، وكم هو جميل أن تلتقي عددُ من الأسر في استراحات يتوفر فيها مكانٌ للرياضة والترفيه وتتوفر فيها أجواء للاستفادة والبرامج النافعة .
القراءة .. ومن الجميل أن ندرب أبناءنا وبناتنا على القراءة ونحبب إليهم الثقافة ونوجه إلى النافع من العلم والمعرفة ، فعالمُ اليوم معرفي ولا مكان للأمية ، ومشكلةٌ أن يسبقنا الآخرون بالعلوم والمعارف ونحن الذين بداء تاريخنا بـ (( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ)) .
وانفتقت حضارتنا عن علوم ومعارف وإبداعات ، أنارت للآخرين عصورَ الظلام ، لنحبب القراءة النافعة لناشئتنا ، فمرة نصطحبهم للمكتبات المنزلية وأخرى لمكتبات الأصدقاء ، وثالثة للمكتبات العامة للمطالعة ، ورابعة للمكتبات التجارية .. وهكذا ينشأون محبين للكتاب والمكتبة متطلعين للعلم والمعرفة.
والمسموعات والمرئيات أساليبُ للتربية وطرائق للتسلية وقضاء الوقت بما ينفع ،خاصة إذا أحسنا الاختيار لما يسمعون وما يشاهدون ، وبحمد الله تملاء المكتبات الصوتية الإسلامية المدن والقرى ، والرواج الأكبر للشريط الإسلامي - أشرطة الكاسيت والفديو وأقراص الحاسوب ، وفيما حمل الترخيص وفُسح غنيةً عما سواه.
مكاتب الدعوة ودعاةُ المستقبل ، ومكاتب الدعوة في بلادنا مناراتٌ للدعوة ومستودع لكثير من الخبرات والتجارب الدعوية ، وزيارة هذه المكاتب بصحبة الأبناء والبنات لأقسام النساء ، يُكسب ألاودنا خبرة ، ويدفعهم للدعوة يعرفهم بالوسائل الدعوية وكلَّ ذلك يصنع منهم دعاة للمستقبل مستفيدين من تجارب من سبقهم هذا فضلاً عن دعم هذه المكاتب الدعوية وتشجيع القائمين عليها ، وتسجيل الشكر للجهات المشرفة عليها .(3/238)
وللسفر فوائد ومخاطر ، وعلى المسافرين أن يحتاطوا لوسائل السلامة في السفر ، فدعاء السفرِ خيرُ ما بدأت به الرحلة ، وصيانة المركوب ، والالتزام بأنظمة المرور ضرورة عقلية ومطلب شرعي ، وأذكار الصباح والمساء تخفف من كوارث ووعثاء السفر ، والحذرُ من السفر إلى بلاد يُبتزُّ فيها المسافرون أو يتعرضون فيها لسرقة أموالهم وأخلاقهم حصافةُ في الرأي ومتانةٌ في الدين ، وتذكرَّ أيها المسافرُ أنك لا تدري بأي أرض تموت ، ولا يغب عن بالك - عزيزي المسافر - أن السفرَ اختبارٌ للأخلاق ، وامتحانٌ للإرادة والمراقبة .. أنه ميدان للدعوة ومظنة لقبول الدعاء ، فرصة للتفكير ، وباعث على الذكر والشكر ، هو قطعة من العذاب ولكن فيه سلوه ، فيه علم وآداب ولكنه مظنة للعطب حين تكون الرفقة سيئة .. فاختر رفيقك في السفر كما تختار صاحبك في الحضر .
المراكز والدورات والدُور النسائية ثمة فرص متاحة وثمة جهات تُعنى بفتح المراكز والدورات ، وهذه الجهود حريةٌ بالورود لتنهل من علم العلماء ، وتستفيد من تجارب الخبراء ، وتكسب من تربية أهل التربية ، وإذا كانت هذه المراكز الصيفية والدورات العلمية والدور النسائية محطات يتزود منها الفتيان والفتيات ، بل وكبارُ الرجال والنساء ، فالأمل أن يزيد عددها لتستوعب الأعداد الغفيرة وثمة تساؤل مُلح يقول ، وهل يصح منع الجامعيين من المراكز الصيفية ولماذا وأين يذهبون ؟
وتتساءل النساء وأين البرامج الدعوية والثقافية من الجهات الرسمية المعنية بالدعوة ، والمكافئة لكثرتهن وفراغهن ، أليست ثمة مطالبات لخروج المرأة وقيادتها .. أليس ثمة دعوات متتالية للعناية بالمرأة وتحقيق تطلعاتها ؟ فهذه المجالات ونحوها من أنفع ما تخرج له المرأة - إن كنا ناصحين لها -
الحكايات والقصص المنزلية ... ذلك أسلوب لغرس المفاهيم الطيبة ، لا سيما للأطفال الذين يتلذذون بسماع الحكايات وينصتون لرواية القصص ، فهل يعمد الآباء والأمهاتُ إلى هذا الأسلوب التربوي ، بدلاً من كثرة التوجيه المباشر ؟
إن الأب أو الأم - مهما كانت ثقافتهم قادرون على صياغة حكاية أو قصة ، حقيقية كانت أو خيالية تسير في اتجاه غرس القيم الفاضلة وتحذر من الرذيلة ، بأسلوب مبسط يفهمهم الصغار والكبار فإن عجز الأبوان أو شُغل الإخوان والأخواتُ عن ذلك ففي المكتبات تتوفر قصصٌ مفيدةٌ للأطفال مكتوبةً ، أو مسجلةٌ ويمكن شراؤها وتوفيرها لهم . وفيها ما يُعلم القرآن والسنة والآداب ، وفيها ما يكسب الخبرة ويفتق الأذهان ومع ما فيها من الفوائد ففيها تسلية وتخفيف لمشاجرة الأطفال والصبيان .
وثمة أفكار جميلة للأطفال كفكرة (الطفل البار) وفكرة (الطفل المنظم) ونحوها من أفكار تقوم على تعويد الطفل على مساعدة أهلية في أعمل المنزل ولو كان يسيراً مع التشجيع والهدية ، وتدريبهم على النظام والنظافة مع وضع مكافأة تشجيعية في البداية .. وهكذا فكرة (الصغير المتصدق)، (والأمين)... ونحو ذلك من قيم عالية يدرب عليها الصغار .
المسابقات المتنوعة ، فثمة مسابقاتٌ ثقافية وأخرى رياضية ، مسابقاتٌ في الحفظ ورابعة في الألغاز ومسابقات للتعريف بالأماكن ومسابقات ثقافية وأخرى للبحوث الصغيرة ، ومسابقات في تنمية المهارات والقدرات بشكل عام .. كل ذلك محفز على الخير ، داع للاستثمار الوقت بما ينفع .. ويزين هذه المسابقات ويشجع عليها دعمها بجوائز ومحفزات مادية ومعنوية ، ومناسبة المسابقة لعقول وقدرات وميول المتسابقين .
إننا بحاجة لشحذ همم أبنائنا وبناتنا وتنويع البرامج وشدّ الانتباه حتى إذا تمكن الإيمان في قلوبهم ، وأينعت ثمارُ المعرفة في عقولهم هناك نطمئن لمجاوزتهم القنطرة ، ونفرح بكونهم عناصر بناء في مجتمعهم ونتخفف من مسؤليتنا تجاههم ، ويكونون قرة عين وزينة الحياة .
(( رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا)) (سورة الفرقان : 74) .
الخطبة الثانية
الحمد لله خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً وهو العزيز الغفور نحمده ونعمه علينا ظاهرة ، ونشكره وقد وعد بالزيادة لمن شكر ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته ..
عباد الله :
وهنا لفتة لا بد أن نستصحبها في طريق التربية الطويل ، وعنها قال العالِمون : المطلبُ الأعلى موقوفٌ حصوله على همّة عالية ونيةٍ صحيحة ، فمن فقدها تعذر عليه الوصول إليه ، فالنية تُفرد له الطريق ، والهمة تفرد له المطلوب ... (الفوائد لابن القيم / 151 ) .
ومعها لفتة أخرى تحذر من غرور الأماني ، والتردي في مزالق الردى ، فإبليس لُعن واهبط من منزل العز بترك سجدة واحدة أُمر بها ، وأخرج آدام من الجنة بلقمة تناولها ، وحجب القاتل عنها بملء كفٍ من دم .. فلا تغتر بالأماني ، ولا تستهن بالمعاصي ..
إخوة الإسلام :
كونوا قدوة لأسركم في المسارعة للخيرات واجتناب المحرمات واحملوهم على الطاعة وابدأوهم بالواجبات ثم حببوا إليهم السنن ، وكم هو جميلٌ أيها الولي أن تصلي النوافل في بيتك وتتلو القرآن بين أهلك وأولادك ونحو ذلك من سنن وفضائل وآداب لتكون إماماً في الخير ودليلاً للرشد .
أيها الآباء وأيها الدعاة والمربون والمخيمات الدعوية مما تستثمر به الأوقات ويُساهم في الدعوة من خلالها ، وحين تعمد بعضُ الأسرِ لإقامة مخيمات عائلية خاصةٍ بها فذلك فرصة للصلة والمرح والدعوة واستصلاح شباب الأسرة .
والرحلة للقرى والهجر النائية فيه وقوفٌ على المعالم وتعرف على الناس وسياحة في الأرض وتقديم المساعدة للمحتاجين وتعليم من يحتاج للتعليم ، وهي فرصةٌ من فرص الدعوة للدعاة والمحتسبين .
أيها الأولياء عودوا أولادكم على جلسة الأسرة ولو مرة في الإسبوع فيها كلمةٌ طيبة ، وتوجيه نافع ، وقراءة في كتاب ، وتعويدٌ على المشورة وبناءُ الثقة ، وفيها تجسيد لتلاحم الأسرة .
وربوهم على صلة ذوي القربى ، والعطف على المساكين ، وتقدير ذوي المكانة واحترام الأكابر ، وعلموهم كيف يتعاملون مع الأقران وكيف يختارون الأصحاب ، وحذروهم من خفافيش الليل وسُراق القيم والأخلاق . !
صلوهم بالمجتمع والأمة واجعلوهم قريبين من حركة التاريخ .. علموهم أسباب العزة والتمكين في تاريخ المسلمين وعوامل الانحطاط والهزيمة ، وطريق الرقي والكرامة
أيها الحافظون لكتاب الله هنيئاً لكم واشكروا الله على ما حباكم وفي الإجازة فرصة لمراجعة وتثبيت حفظكم ، أيها الراغبون في حفظه أعانكم الله وسدد خطاكم وفي الإجازة فرصة كبرى لتحقيق طموحكم ، والوعد حق (( وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ )) .
أيها المقصرون في تلاوة كتاب ربكم هل تكون الإجازة معيناً لكم على تدارك التقصير واللحوق بركب أهل القرآن ؟
يا إماء وحين الله تفتح الدور النسائية أبوابها لتعليم وتحفيظ كتاب الله فهل تبادرين بالالتحاق أم تُعاقين بعوائق وهمية حتى يفوت الركب ويفوز بالغنيمة والأجر نساءٌ أخريات ؟
أخوة الإيمان :
هذه خطوات وطرائق وأساليب ومقترحات لاستثمار إجازة الصيف وقد يرى أو يمارس البعض غيرها وأجمل منها والمهم أن نستفيد من الزمن ونستثمر الأوقات فكلنا واردٌ على ربَّه لا ينفعنه مالٌ ولا بنون إلا ما قدم من صالحات ، وكلهم آتيه يوم القيامة فرداً تذكروا يوم يصدر الناس أشتاتاً أي يرجعون عن موقف الحساب أنواعاً وأصنافاً ما بين شقيٍ وسعيد ، ومأمورٍ به إلى الجنة ، ومأمور به إلى النار(3/239)
فاحذروا المعاصي والفواحش ما ظهر منها وما بطن ..
قال عليه الصلاة والسلام لعائشة رضي الله : (( عنها إياكِ ومحقراتِ الذنوب فإن لها من الله طالباً )) رواه النسائي وابن ماجة .
واشكروه على النعم ، واستغفروه من الذنوب ، وسبحوه بكرة وأصيلاً واذكروه كثيراً واعلموا أنكم ستسألون عما أنتم فيه من نعيم ، ولقد قال الصحابة رضوان الله عليهم حين نزلت هذه الآية {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} يا رسول الله وأيُ نعيم نحن فيه وإنما نأكل في أنصافِ بطوننا خبزَ الشعير فأوحى الله إلى نبيه r قلُ لهم أليس تحتذون النعال وتشربون الماء البارد ؟
فهذا من النعيم ( تفسير ابن كثير عند الآية 4 / 913 )
آهٍ كم لله علينا من نعمة وفضل .. وقليلٌ منا الشكور ، نصبح ونمسي في نعم من الله ، والله يعلم ويشهد أننا نمارس المعاصي صباح مساءً ..
أهكذا يكون الشكر ؟ ألا نخشى العقوبة ألا نبصر من حولنا النُذر ؟ هل صُمت آذاننا أو وُضعت الأقفال على قلوبنا ؟ إن السعيد من وعظ بغيره ، والشقي من صار موعظةً لغيره . كم تحيط بنا الفتن .. وكم نسمع كل يوم بل في كل ساعة عند أعدادٍ من القتلى والجرحى ... وآخرين مشردين ، غرق وفقر طوفان وزلازل يذهب ضحيتها الأولوف فتن تموج وظلم وظلمات تملاء الوجود .. ولا مخرج إلا بالإيمان وعمل الصالحات (( وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ)) (سورة الأنبياء : 88) .
(( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)) (سورة الأحقاف : 13) .
ولن يبالي الله بقومٍ عصوا أمره وضيعوا حدوده ونحو شر يعته .. لن يُبالِ الله بأي واد هلكوا وإذا عصى الله من يعرف سلط الله عليه من لا يعرفه .
وصدق الله : (( أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُواْ السَّيِّئَاتِ أَن يَخْسِفَ اللّهُ بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ * أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ * أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرؤُوفٌ رَّحِيمٌ)) (سورة النحل : 45 - 47) .
اللهم احفظ علينا أمننا وإيماننا ، واجعلنا لك شاكرين لك ذاكرين ، وارحمنا برحمتك يا أرحم الراحمين .
=============
علمتني الحياة : الحلقة الأولى
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيّ بعده، أمّا بعد:
فإنّ الحياة مدرسة كبيرة، مليئة بالدروس والعِبَر، وما أكثر ما تلقننا هذه الحياة دروساً لا تُنسى، لكننا سرعان ما ننساها مع زحمة الأحداث، فنقع في الخطأ طرّة، ونعيد الكَرّة مرّة بعد مرّة.. وهذا ما دفعني إلى تسجيل هذه الدروس وكتابتها- سواء ما استفدته من نفسي، أو ممّا حصل لغيري - للنظر فيها بين الفينة والأخرى، والاستفادة منها في حاضر الأيّام ومستقبلها، فإنّ المؤمن لا يلدغ من جحر واحد مرّتين، كما أخبر بذلك الصادق المصدوق صلّى الله عليه وسلّم .
ولعلّ غيري أيضاً أن يطلّع عليها فينتفع بها، والدالّ على الخير كفاعله.
وقد سبقني إلى مثل هذا العمل أئمّة أفاضل، من أشهرهم: الإمام ابن الجوزي رحمه الله في كتابه المشهور ( صيد الخاطر ) ، والدكتور مصطفى السباعي رحمه الله في كتابه الممتع ( هكذا علّمتني الحياة ).
ومنذ أن عزمت على تسجيل هذه الدروس [1]وأنا أبادر بتسجيل كلّ درس فور وقوعه، وقبل اضمحلال أثره. ومع مرور الأيّام وتوالي الأعوام كتبت جزءاً لا بأس به من هذه الدروس..
أسأل الله لي ولجميع المسلمين حسن العمل، والعصمة من الزلل، والسلامة من جميع الآفات والعلل، وصلّى الله على نبيّنا محمّد. المؤلف
احفظ لسانك
1- احفظ لسانك في المجالس، ولا تتعرّض لأحد من الناس ـ كائناً من كان ـ إلا إذا كانت هناك مصلحة راجحة، وبقدر الحاجة. فإنّ اللسان أسهل الأعضاء حركة، وأشدّها خطراً، وهل يكبّ الناس في نار جهنّم على مناخرهم أو على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم.
أجرة العامل
2- لا تدفع أجرة العامل أو الأجير حتّى يفرغ من عمله، ويؤدّيه على وجه التمام، فإنّ العامل إذا قبض أجرته قبل انتهاء عمله كان ذلك من دواعي تراخيه وكسله وعدم إخلاصه في العمل.
ولا يتنافى ذلك مع قول النبيّ - صلّى الله عليه وآله وسلّم - : (( اعطوا الأجير أجره قبل أن يجفّ عرقه )) ، فإنّ المقصود: بعد إتمام العمل والفراغ منه.
كن هادئاً
3- الهدوء والأناة وضبط النفس عند رؤية منكر، ثمّ معالجته بالحكمة والموعظة الحسنة، فإنّ الرفق ما كان في شيء إلا زانه، ولا نُزع من شيء إلا شانه، كما جاء في الحديث الشريف.
احذر التسويف
4- إذا أردت التخطيط والإعداد لمناسبةٍ ما، فليكن ذلك قبل تلك المناسبة بوقت كافٍ، واحذر التسويف.
حفظ الحقوق
5- قبل الدخول في أيّ مشروع، أو إبرام أيّ صفقة من الصفقات، مع أيّ جهة كانت، احرص على كتابة العقد، ولتكن بنوده واضحة ومفصّلة، وإذا قدّموا لك عقداً؛ فاقرأه جيّداً، واستشر أهل العلم والخبرة فيما ستقدم عليه، حسماً لمادّة النزاع والاختلاف، وحفظاً للحقوق.
حتّى لا تكون مكروهاً
6- تجنّب الحديث عن نفسك أو عن إنجازاتك أمام الآخرين، فإنّ الناس لا يطيقون ذلك، وإلا أصبحت مكروهاً ثقيلاً. وربّما حسدوك على نعمة منّ الله بها عليك، فتكون قد جنيت على نفسك من غير أن تشعر.
بادر بالاغتسال
7- بادر بالاغتسال من الجنابة متى ما أمكنك ذلك، ولا تسوّف، فقد يضيق عليك الوقت، فتفوتك صلاة الجماعة، أو تنسى فتصلّي على غير طهارة.
الثقة بالآخرين
8- إيّاك أن تثق بالآخرين ثقة مطلقاً، وتمنحهم من الأسرار والصلاحيات ما يصعب عليك استرجاعه فيما بعد، فإن وثقت بأحد فاستبقِ لنفسك من الحذر والصلاحيات ما يضمن لك الحفاظ على مصالحك وحقوقك.
قِدْر الشراكة..
9- الشراكة في كلّ شيء غالباً ما تؤدّي إلى النزاع والاختلاف والتفرّق، وربّما البغي، فتجنّبها ما استطعت. وإن اضطررت إليها فليكن ذلك بقدر الحاجة، حتّى تتمكّن من الاستقلال بنفسك.
توقّعات
10- إذا كنت في انتظار حدث غير سارّ، فتوقّع أسوأ النتائج، فإنّ ذلك يخفّف عليك وقع المصيبة إذا وقعت..
لا تكن أحمق
11- لا تفاجىء أحداً بخبر سيء في نفسه أو أهله أو ماله، فإنّ ذلك من الحماقة وسوء التدبير. ولكن تدرّج معه في الإخبار من الأخفّ إلى الأسوأ حتّى يتقبّل المصيبة بنفس راضية.
أنفاس لا تعود
12- حفاظاً على وقتك وأوقات الآخرين، لا تزر أحداً قبل أن تتصل به وتضرب
معه موعداً. فإن كان بينك وبينه موعد، وطالت المدّة؛ فاتّصل به أيضاً قبل الذهاب إليه لتذكيره بالموعد.
خمس مصائب
13- مصيبة أمّتنا في خمسة: حاكم جائر، وعالم بائر، ومفكّر حائر، وجاهل ثائر، وامرأة داعر. وكلّهم على غير درب الهدى سائر.
فقهاء من ورق
14- العلم لا يؤخذ عن طريق الكتب، وقد ضلّ من كان شيخه كتابه، وهل بلاء الأمّة اليوم، وقبل اليوم، وبعد اليوم، من قوم تفقّهوا على الكتب، فضلّوا وأضلّوا، وأتوا بالعجائب !!.
ثناءٌ مُريب
15- إذا رأيت عالماً يثني عليه أهل العلمنة والفجور، وشُرّاب الخمور، فاعلم أنّه إمّا عميل مأجور، وإمّا مغفّل ساذج مغرور.
من فقه الدعوة
16- إن كان الله قد فتح لك في باب من أبواب الخير، فنفع الله بك؛ فاحذر أن تقلّل من شأن آخرين من إخوانك فُتح لهم في أبواب أخرى من الخير، فكلٌّ على ثغر من ثغور الخير. ولو أنّ الأخيار كلّهم كانوا على باب واحد من أبواب الخير؛ لتعطّل الكثير منها.
النظرة القاصرة(3/240)
17- قبل القيام بأيّ عمل، فكّر في عواقبه المستقبليّة، وما سيؤول إليه، ولا تكن نظرتك قاصرة. وسأضرب لك مثلاً يدلّ على ما فوقه: فبعض الناس عندما يغرس شتلة صغيرة لشجرة كبيرة؛ يضعها في حوض صغير غير ناظر إلى ما سيؤول إليه حال هذه الشتلة في المستقبل من تضخّم جذورها، وتمدّدها، ممّا يؤدّي إلى تصدّع الأرض من تحتها، وتشقّقها.. وقس على ذلك ما سواه.
حجّة المبطل..
18- المبطل إنسان عاجز، لا يملك سوى السِباب والشتائم، أو التلبيس على الناس وقلب الحقائق أو كتمها، ثمّ يجد من يصفّق له!!.
حتّى لا تخسر الأصدقاء..
19- لا تعامل الناس كما تريد أنت أن يكونوا، ولكن عاملهم كما أرادوا هم أن يكونوا، وإلا فإنّك ستخسر جميع الأصدقاء، وستبقى وحيداً فريداً إلا من بعض النوادر.. وستقابل الثقيل، والبخيل، والجبان، والمغرور والحسّاس.. ولا تنس أنّك أنت أيضاً لا تخلو من مثل هذه العيوب أو غيرها، فتقبّل الناس كما هم، مع التلطّف لإصلاحهم بقدر الاستطاعة، بعد إصلاح نفسك.
راجع نفسك
20- إذا أصابتك مصيبة فلا تلقِ باللائمة على الآخرين، حتّى وإن ظهر أنّهم السبب، ولكن راجع نفسك، وفتّش فيها، فإنّ الله يقول: ((وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ)) (سورة الشورى :30).
المبادرة خير من التسويف
21- إذا كان لديك عمل، وفي الوقت متّسع، فالمبادرة إلى قضائه في أوّل الوقت خير من التسويف والتأخير، فإنّك إن أخّرته فلربّما ضاق عليك الوقت، أو شُغلت بغيره فلم تتمّكن من قضائه إلا بمشقّة وعسر، وربّما فاتك بالكليّة.
لكلّ مشكلة حلّ
22- لكلّ مشكلة حلّ، فلا تيأس، ولكن فكّر واستشر والجأ إلى الله عزّ وجلّ في حلّ مشكلتك، وسوف تُحلّ بإذن الله..
حفاظاً على كرامتك
23- عند الحاجة أو الاضطرار إلى محادثة امرأة ما من غير محارمك، أو سؤالها عن أمر ما، فاقتصر على سؤال واحد أو سؤالين، ولا تزد على ذلك حفاظاً على كرامتك وسلامتك..
حتّى لا تفوتك الجماعة
24- عند الخروج إلى مشوار طويل تتخلّله بعض الصلوات، توضّأ قبل خروجك. فإذا دخل وقت الصلاة فبادر بالوقوف عند أقرب مسجد، فقد لا يتيسّر لك مسجد بعد ذلك، فتفوتك الجماعة.
كن قنّاصاً ماهراً
25- لا تدع الفرصة السانحة تفوتك، وبادر باقتناصها فور حصولها، فإنّها قد لا تتكرّر، ولا تنس قبل ذلك الاستشارة والاستخارة، فإنّهما من أعظم أسباب تصويب الأمور وتيسيرها.
[1] كان ذلك في شهر رجب من عام 1413هـ. .
=============
كيف تنظم وقتك
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على إمام المرسلين وعلى أصحابه ومن تبعهم إلى يوم الدين أما بعد :
فرسالتي هذه .. مهمةٌ للجميعِ ..
مهمٌ لطالبِ العلمِ حتى يصلَ إلى بغيتِه وهدفهِ المنشود ..
ومهمٌ لرجالِ الأعمالِ حتى يستطيعَ أن يُنجزَ أكبرَ قدرٍ ممكنٍ من المشاريعِ والأفكارِ في وقتٍ قليلٍ وجهدٍ يسيرٍ ،
وهو مهمٌ للمرأةِ التي تريدُ أن تَستثمرَ وقتَها، وتشتكي من قلةِ الوقتِ وضيقهِ .
إذن لن يكون الحديثُ مخصوصاً لفئةٍ معينةٍ بل سيكونُ حديثي لجميعِ فئاتِ المجتمعِ ..التجارُ و الأطباءُ ، والمهندسون ورجالُ الأمن الأمناءُ ، وإن كان هذا الموضوعُ يُهمُ بعنايةٍ فائقةٍ طالبَ العلمِ ؛ لأنه من المفترضِ أن يكون من أشدِّ الناسِ حرصاً على إدراكِ هذا الموضوعِ وفهمهِ ومن ثم تطبيقِه والعملِ به .
هذا الموضوعُ هو كيفَ تنظمُ وقتك ؟ بحيثُ لا تكون عشوائياً ..لك في كلِّ يومِ فكرةٌ ، وفي كلِّ ليلةٍ عملٌ وخَطْرةٌ .
و أولُ العقباتِ التي تصادفُنا في هذا الموضوعِ شكايةُ كثيرٍ من الناسِ من الفراغِ ..نعم الفراغُ الذي هو نعمةٌ في أصلهِ ..أصبحَ الآن عند فئامٍ كثيرةٍ من الناسِ نقمةً يقولُ النبي صلى الله عليه وسلم : " نعمتانِ مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناسِ الصحةُ والفراغ " رواه البخاري .
وسببُ هذا الفراغِ :
غيابُ الاهتماماتِ الكبرى في حياةِ المسلمِ وضميرهِ ، فكلما غابتِ تلك الأحاسيسُ ..وهاتيك الاهتماماتُ ..زادت هوةُ الفراغِ في حياةِ المسلمِ وانشغالهِ بقضايا هامشيةٍ يشتركُ هو وغيرهُ من سائرِ الحيواناتِ فيها..فغيابُ الأهدافِ العاليةِ ، والمقاصدِ الساميةِ ، والغاياتِ النبيلة ..تجعلُ الإنسانَ يعيشُ حياةَ الفوضوية، ثم يصبحُ نسيا منسيا ..لا أثرَ له في واقعِ الحياة ..ولا تأثيرَ له في مجرياتِ الأمور .
ولكن حين كان الوعيُ ناميا ، والغاياتُ عالية ..كانت المشاغلُ متراكمةٌ ، والأعمالُ متزايدةٌ ، لدى أسلافنِا الأوائلِ .
قل لي بربك : كمْ من المدائنِ فُتحت ؟ وكم من الكتبِ والمؤلفات صنفت ؟ وكم من المخترعاتِ والمبتكرات ابتدعت ؟!! وكم من الإنجازاتِ تحققت ؟ !!
هذا أبو هريرةُ رضي الله عنه لزمَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم على شبعِ بطنهِ ، وربما صُرِعَ بين الحجرةِ والمنبرِ من الجوعِ ..لكن ماذا حقق للأمةِ من خيرٍ عظيمٍ ..ونفعٍ عميم ؟!!
أحمدُ بنُ حنبلُ رحمه الله طافتْ به همتُه الدنيا من أجلِ الحديثِ ، فحفظَ أكثرَ من ألفِ ألفِ حديثٍ ..أي مليونِ حديثٍ ، فترك لنا المسندَ ، وتركَ العلمَ للعالمِ .
والبخاريُ رحمه الله ألفَ كتابَ الصحيحِ وحفظَ تواريخَ الرواةِ وأكثرَ الشيوخِ ، وكان يطوفُ البلادَ الإسلاميةَ ذاهباً وآيباً ، وليس همُه إلا الحديثَ . فبلغه الله ما أراد .
وألّف ابنُ عقيلٍ الحنبلي في أوقاتِ فراغهِ كتابَ الفنونِ في سبعمائةِ مجلد !! وابنُ حجرٍ يُؤلفُ كتابَ فتحِ الباري فيعجزُ كثيرٌ من العلماءِ عن مجردِ قراءتهِ ، وقسمتُ كتبَ ابنِ جريرٍ الطبري على عددِ أيامِ عمرهِ فصارَ لكلِّ يومٍ كُراسةً من التأليفِ ، وابنُ الجوزي يؤلفُ أكثرَ من ألفِ مصنفٍ !! ومن العلماءِ من وزعَ ليلَهُ أثلاثا : ثلثاً لنومهِ ، وثلثا لتهجده ، وثلثا لمذاكرةِ العلم .
وحتى لا يقولَ قائلٌ : هؤلاء لم يدركوا ما نحنُ عليه الآن من زمنٍ انفتحتْ في الشهواتُ، واتسعتْ فيه دائرةُ الملذاتِ والملهياتِ ، فهذا شيخنا العلامةُ ابنُ عثيمين رحمه الله تعالى ..ومن منا لا يعرفُ هذه الشخصيةَ الفذةَ في تنظيمِ وقتهِا ، وترتيبِ زمانِها ..فهاهو قد وضعَ برنامجا لنفسهِ ..فهو يخصصُ ليلةً في الشهرِ للخطباء ..وليلةً للقضاة ..وليلةً لمشرفي تحفيظِ القرآنِ الكريم ..وليلةً لطلبةِ العلم ..وليلةً لأهلِ الحسبة ..ولقاءً أسبوعياً للعامةِ في منزلهِ ..ولقاءً شهريا في مسجده.. وجانبٌ آخرَ تنظيمهُ لدروسهِ فلكلِّ درسِ وقتُه المحددُ لا يتجاوزُه ، وأصبحَ صوتُ الساعةِ مؤذناً بانتهاءِ الدرسِ لدرسٍ آخرَ وهكذا ..وتخصيصُه للإفتاءِ على الهاتفِ بعد الظهرِ ..ومن منا لم يسمعْ صوتَ الشيخِ وهو يُوضحُ له ذلك ؟! ولا يعني هذا أنه نسي الجانبَ الإيمانيَ لنفسِه فهو رحمه الله لا يسمحُ لأحدٍ أن يستفتيَه أو يحدثَه بعد الصلاةِ حتى ينتهي من وردهِ وذكرهِ ، و قد خصصَ سيرهَ إلى مسجدهِ لمراجعةِ القرآنِ الكريم ، ولا يأذنُ لأحدٍ بالحديثِ معَه ، بل أحياناً يقفُ عند بوابةِ المسجدِ من أجلِّ أن يُتمَ حزبَه الذي خصصَه !! فرحمك الله رحمة واسعة .
هكذا كانتْ أحوالهُم ..يوم ارتقتْ اهتماماتُهم ..وهكذا كانت إنجازاتُهم ..يومَ اتسعت مداركهُم ،ونضجتْ عقولُهم وأفكارُهم .
على قدرِ أهلِ العزمِ تأتي العزائمُ وتأتي على قدرِ الكرامِ المكارم
وتعظمُ في عينِ الصغيرِ صغارُها وتصغرُ في عينِ العظيمِ العظائمُ(3/241)
إننا مطالبون اليومَ بالسيرِ على ما ساروا عليه ، وأن نقتفي أثرَهُم ، ونحذوا حذوَهُم ..لنصل إلى القمةِ الشماءِ ، والمرتبةِ العليا .
ولعلنا بعدَ هذا العرضِ قد عزمنا على أن تكونَ لنا أهدافٌ منشودة ، وغايةٌ مقصودة بإذن الله تعالى :
لكن لابد أن تكون هذه الأهدافُ شرعيةٌ ، والغاياتُ نبيلة ، والمقاصدُ سامية،فالثراءُ مثلا : هدفٌ تطمحُ إليه النفوسُ ولكن هل يتخذُ من الربا والمعاملاتِ المحرمةِ وسيلةً لبلوغِ هذه الغاية ؟!! ومن أراد أن يتفوقَ في دراستهِ هل يتخذُ من الغشِ والاحتيالِ وسيلةً لبلوغِ هدفِه ؟!
وقد تتساءلُ أخي الكريم : كيف يمكنُ الوصولُ إلى غايتي وهدفي بأفضلِ طريقةٍ ، وأخصرِ وسيلة ؟!!
وإجابةٌ لسؤالك ؛ اطرحُ هذه الأسئلةِ عليك :
هل يمكنُ الوصولُ إلى غايتِك من خلالِ حياةِ العشوائية ؟
هل يمكن أن تُحقق أهدافَك من خلالِ الارتجاليةِ والعفوية ؟
هل يمكنُ أن تنجزَ هدفَك بوقتٍ مقبولٍ بدون دراسةٍ ولا تخطيطٍ مسبق ؟ !
إذن : أفضلُ طريقةٍ ،وأخصرُ وسيلةٍ لبلوغِ الأهدافِ والغاياتِ هو أن تعملَ ما يلي :
أولاً : أن تخططَ للمستقبلك .
ثانياً : أن تنظمَ نفسَك .
ثالثاً : أن تنفذَ وتطبيقَ بدقةٍ وعناية .
ونبدأ أولاً : بالحديثِ عن القضيةِ الأولى وهي قضيةُ التخطيط .
إن التخطيطَ لأي عملٍ ؛ عملٌ مشروعٌ ، فعلَه خيرُ البرية وأزكى البشريةِ r فمن ذلك :
عندما عزمَ r الانتقالَ من مكةَ إلى المدينةِ في هجرتهِ العظيمةِ ..لم تقمْ تلك الرحلةُ بعشوائيةِ ، بل خططَ لهذه المسيرةِ الخطيرةِ والتي يعلمُ r حجمَ المؤامرةِ التي تحاكُ له في جنحِ الظلامِ للقضاءِ عليه ..فمن ذلك ذهابُه r متقنعاً لبيتِ أبي بكرٍ الصديقِ في وقتٍ لم يكن يأتيهِ فيه ،حتى استنكرَ أبو بكرٍ هذا المجيءَ ، وعلمَ أن هذا القدومَ إنما هو لغايةٍ عظيمة ..ثم أمرُه r لأبي بكرٍ أن يُخرجَ من كان عندَه ..ليَعرضَ عليه أمرَه الذي جاءَ من أجلهِ ..حتى طمأنَهُ أبو بكر ؛ وقال : هم أهلُكَ يا رسولَ الله .. بعد ذلك أبرمَ r خطةَ الهجرةِ مع صاحبهِ رضي الله عنه ..وأيضاُ : أمرُه r لعلي بنِ أبي طالبٍ أن ينامَ في مكانهِ حتى يؤخرَ الطلبَ عنه ويمكنَهُ الابتعادَ أكثرَ ..ثم خروجُه r مع أبي بكرٍ من البابِ الخلفي ، ليَخرجَ من مكةَ على عجلٍ ، ثم سلوكُه r لطريقٍ غيرِ معتادٍ ومتوقعٍ لأهلِ مكة َ، ثم صعودهُ r لجبلٍ شامخٍ وعرٍ صعبِ المرتقى ذا أحجارٍ كثيرةٍ ..ومكوثهُ r فيه ثلاثةَ أيام .. كلُّ هذا وغيُره تخطيطٌ لصرفِ الأنظارِ عنه r وبلوغهُ للغايةِ التي قصدَها ..وهي وصولُه إلى المدينةِ سالما ، ومن ثم مواصلةُ رحلتهِ الدعويةِ إلى الله تعالى .
وإذا انتقلنا إلى صورةٍ أخرى من صورِ تخطيطهِ r وحرصهِ على هذا المبدأِ في حياتهِ ما كان يفعلُه r في غزواتهِ حيث قلَّ ما كان يريدُ غزوةً إلا ورى بغيرهِا .
أخي المبارك : إن من خلالِ التخطيطِ المدروسِ تستطيعُ أن تكسبَ الفوائدَ التالية :
1- تحديدُ الأهدافِ المقصودةِ ، والغاياتِ المنشودةِ ،والتي تطمحُ أن تصلَ إليها ، وأن تنجزَها
2- إمكانيةُ التنسيقِ بين جهودكِ وأعمالكِ الأخرى .
3- معرفةُ كميةِ الجهدِ الذي تحتاجُه للوصولِ لهدفِك .
4- معرفةُ الوقتِ المناسبِ لقضاءِ هذا الهدفِ والحصولِ عليه .
5- معرفةُ العقباتِ التي يمكنُ أن تعرقلَ مسيرك .
6- معرفةُ الوسائلِ التي يمكنُ من خلالِها الوصولُ إلى الهدفِ بأفضلِ طريقة .
فإذا اتضحتْ هذه الحقائقُ في ذهنِك ، ورسمتَها بقلمِك ، فإن معالمَ الطريقِ قد اتضحتْ لك ، وسبلُ الوصولِ إليه قد تبينتْ ، ولم يبقْ إلا أن تعرفَ الأسبابَ الشرعيةَ الموصلةَ لهدفِك المشروع ، و تستعدَ للسيرِ على هذا الطريقِ ، الذي جعلتَهُ على هيئةِ مراحلَ ؛ لكلِّ مرحلةٍ زمنيةٍ كافيةٍ أهدافٌ معينةٌ ممكنة ، فكلما انتهيتَ من مرحلةٍ زادَ نشاطُك ، وعلت همتُك ، وتاقتْ نفسُك ، لبلوغِ الغايةِ والهدفِ .وأدركتَ أهميةَ الوقتِ الذي هو حياتُك وعمرُك ،
روي عن الحسنِ البصري (رحمه الله) أنه قالَ: ( يا ابنَ آدمَ، إنما أنتَ أيامٌ، كلما ذهبَ يومٌ ذهبَ بعضُك) :
دقاتُ قلبِ المرءِ قائلةٌ له إن الحياةَ دقائقٌ وثوان
فارفعَ لنفسِك قبلَّ موتِك ذكرَها فالذكرُ للإنسانِ عمرٌ ثان
قواعدُ في التخطيط :
1- أن تكون الأهدافُ المقصودةُ ممكنةَ التنفيذ . فمن الخطأِ في التخطيطِ أن تفكرَ أن تتخرجَ من كليةِ الطبِ في سنتين مثلا .
2- أن تكون الأهدافُ واضحةً لا غبشَ فيها . كمن وضعَ نصبَ عينيه أن يكون صاحبَ منصبٍ !! المناصبُ كثيرةٌ فأي المناصبِ تريد ؟ هل مثلاً أن تكون عالما أو ضابطا أو طبيبا أو مهندسا ، فلا بد إذن من أن يكون الهدفُ واضحاً .
3- أن يكون الوقتُ الذي حددتَه لهذه الأهدافِ كافياً ، فمن أراد أن يحفظَ ألفَ حديثٍ مثلا لابد أن يكون الوقتُ المحددِ لها كافياً لأن الزيادةَ أو النقصانَ تسببان للإنسانِ إما الإحباطَ أو ضياعَ الوقت .
4- أن يكون التخطيطُ مكتوباً في ورقة .
5- أن يكون المخطَطُ قابلا للتغييرِ للظروفِ الصعبة ، فمثلا لو طَلبَ منك الوالدُ حاجةً للمنزلِ وأنتَ قد رسمتْ برنامجاً لهذا الوقتِ فماذا تفعل ؟ يمكنُ أن تفعلَ أشياءَ كثيرةً حتى تستغلَ هذا الوقت : بحفظِ متٍن مثلا ، أو سماعِ شريطٍ تريدُ سماعَه ، أو مراجعةٍ لكتابِ الله تعالى .
6- أن يوجدَ في المخطَطِ وقتٌ للراحةِ والاستجمام ؛ لأن النفسَ قد تملُ وتكلُ فإذا روحتَ عليها عادتْ إلى الجدِ والعملِ بقوةٍ ونشاط .
7- جمعُ الوسائلِ التي يتمٌ من خلالِها تحقيقُ الأهدافِ . فمثلا :
من أراد أن يتقن متن البيقونيةِ في الحديثِ حفظا وفهماً فمن الوسائلِ لتحقيقِ هذا الهدف :
ـ تحديدُ وقتِ الحفظ ـ تحديدُ من ستقرأُ عليه هذا المتنَ ـ جمعُ الشروحِ المتعلقةِ بهذا المتن ـ تلخيصُ الشرحِ على نسختِك الخاصةِ أو بطريقةٍ مناسبةٍ لك .
مثالٌ آخر : من أرادَ أن يفتحَ مشروعاً تجارياً فمن الوسائل :
الاستخارة ـ إقامةُ دراسةٍ لهذا المشروع ـ وجودُ رأسِ المال ـ تحديدُ الأيدي العاملةِ التي تقومُ على هذا المشروعِ ـ وغيرهِا من الوسائل .
بهذا التخطيطِ تشعرُ بأهميةِ الوقتِ ، وتقضي على مشكلةِ الفراغِ الذي تعاني منه ، فوضعُك لبرنامجٍ محددٍ هو بدايةُ تحريِك نفسِك ، وبعثِ همتِك لاستدراكِ الفائت ، أو اغتنامِ الحاضر ، والاستعدادِ للمستقبل .
يقولُ الله تعالى : (( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا )) أي لنوفقنهم لإصابةِ الطريقِ المستقيم .
عقبات في طريق التخطيط
قد تقولُ إن التخطيطَ قد تعتريهِ عقباتٌ كؤودةٌ ، وعوارضُ صعبة ، من همومٍ وغموم ، وأمراضٍ موجعة ، وزياراتٍ محرجة ، ومناسبةٍ متعددة ،مما يَقلبُ الأملَ يأسا ، والتفاؤلَ تشاؤما ، والهمةَ العاليةَ فتورا ؟
فأقولُ : لابد أن تدركَ ما يلي :
أولاً : أن التخطيطَ إنما هو رسمٌ لمنهجٍ موصلٍ إلى الغايةِ المطلوبةِ ، و ليس تشريعاً لا يجوزُ لك أن تتجاوزَه في وقتِ المصائبِ ونحوهِا .
ثانياً : بإمكانِك أن تستغلَ هذه العوارضَ بما يُلائمُ وضعَك ، ويناسبُ وقتك ، من قراءةِ قرآن ، أو اتصالٍ هاتفي ، أو كتابةِ رسالة ، أو ذكرٍ لله تعالى ، وهذا ما أوصى به النبيُ r فعن أنسِ بنِ مالكٍ رضي الله عنه قال: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : ((إن قامتْ الساعةُ وبيدِ أحدكِم فسيلةٌ، فإن استطاعَ أن لا يقومَ حتى يغرسَها فليفعلْ)) فالإسلامُ يحثُّ المسلمَ على الاستفادةِ القصوى من الوقتِ حتى في أشدِّ الظروفِ صعوبةً وهو عند قيامِ الساعةِ !!(3/242)
وأنتْ الآن تُشاهدُ خلقاً كثيراً من الناسِ تضيعُ أوقاتُهم سداً دون أدنى فائدةٍ تُذكرُ ولعلي أذكرُ لكم نماذجَ من ذلك فمثلاً :
ـ انظر كمْ هم الذين يستغلونَ الوقتْ في ركوبِهم للسيارةِ أو الطائرةِ أو غيرهِا من وسائلِ المواصلاتِ ، وهذا الاستغلالُ على حسبِ اتجاهاتِ الشخصِ وميولهِ وأهدافهِ ؟
_ انظر مثلاً إلى رجلِ الأمنِ عندما يقفُ للحراسةِ والمرابطةِ لماذا لا يستغلُ هذا الوقتَ مثلاً بذكرِ لله تعالى أو مراجعةِ سورةٍ قد حفظَها أو نحو ذلك من الأعمالِ التي لا تُؤثرُ على عملهِ الذي هو فيه .
- انظر مثلاَ الذين يُراقبون أبناءَنا الطلابِ أثناءَ الاختباراتِ فمَنْ منهُم استغلْ وقتَ المراقبةِ بمراجعةِ سورةٍ أو ذكرٍ لله تعالى أو حفظِ أبياتٍ نافعةٍ يسيرة ..يُحدثني أحدُ المشائخِ بأنه أثناءَ المراقبةِ يُراجعُ ستةَ أجزاءٍ من القرآنِ الكريم ، وآخرُ يقول :بأن قد حفظَ متنينِ من متون العلم في هذا الوقت دون أن يشغلَه عن المتابعةِ والمراقبة
ـ مثالٌ آخر : أصحابُ المحلاتِ التجاريةِ باختلافِ أصنافهِا كم هم الذين يستغلونَ أوقاتَهم وقتَ فراغهمِ ؟! تجد بعضهم إما أن يقلبَ صفحاتِ الجرائدِ والمجلاتِ ، أو ينظر فيمن يروحون ويجيئون .
وقل هذا في أصحاب الوظائف والمكاتب وغيرها . اعرف شخصا يُنهي جميع أعماله الوظيفية بسرعة وينجزُها في أولِ وقتهِا وبعد ذلك يبقى طوالِ الوقتِ مع كتابهِ للقراءةِ والاستفادة .
فهذه وغيرُها عوارضُ قد تفسدُ على الإنسانِ ما خططَ له ..ولكن كما قلتُ سابقاً يمكنُ للإنسانِ أن يستفيدَ من هذه العوارضِ بقدرِ الإمكانِ دون أن يختلَ جدولَهُ اليومي .
ثانياً : التنظيم
بعد أن أدركنا أهميةَ التخطيطِ وطريقتَه ، بقي علينا أن نعرفَ القضيةَ الثانيةَ ، وهي لا تقلُ عن سابقتِها في الأهميةِ ألا وهي التنظيمُ .
لو جازَ لكلِّ أمةٍ في الدنيا أن لا تنظمَ نفسَها ، لما جازَ للمسلمين ؛ لأن دينَهم يقومُ على التنظيمِ والترتيبِ بالدقائقِ والثواني ، فالذي يُصلي قيلَ موعدِ الصلاةِ بخمسِ دقائق ؛ هلْ تصحُ صلاتُه ؟ ، والذي يفطرُ قبلَ أذانِ المغربِ بخمسِ دقائق ، هلْ يصحَ صومُه ، والذي يصلْ عرفةَ بعد طلوعِ فجرِ يومِ النحرِ بخمسِ دقائقَ لا يصحُ حجُه ، كلُّ ذلك لتعليمِنا النظامَ وضبطَ النفسِ ، وإلا فماذا يَضرُ الصائمَ في الصيفِ (عقلاً لا شرعاً) إن صامَ أربعةَ عشرَ ساعةً إلا خمسَ دقائقَ ؟!
إذن من الحِكَمِ المرادةِ أن نتعودَ على النظامِ في أعمالنِا كلِها ، وألا نُصابَ بطاعونِ العشوائيةِ والفوضويةِ في حياتنا .
هناك عواملُ تساعدُك على تنظيمِ جميعِ أمورِك منها :
1- اكتبْ أي معلومةٍ تريدُها مباشرةً ، ثم ضعْ هذه الورقةَ في مكانٍ تكونُ متأكداً من وقوعِ بصركَ عليها.
2- حاولْ أن تتجاهلَ بعضَ المشكلاتِ ، فهذا هو خيرُ علاجٍ للقضاءٍ عليها .
3- قسمْ الأعمالَ المطلوبةَ إلى مجموعاتٍ بحيثُ تجمعُ الأعمالَ المتشابهةَ في مجموعةٍ واحدةٍ .فمثلاً :
- تريدُ شراءَ بعضِ الخضارِ وبعضِ المأكولاتِ والمرطباتِ فتذهبُ إلى الأماكنِ التي تجمعُ هذين الأمرينِ حتى لا يضيعَ عليكَ الوقتُ .
- مثالٌ آخرَ : تريدُ شراءَ كتبٍ و أشرطةٍ و تصويرِ أوراقٍ و زيارةِ قريبٍ و شراءَ بعضِ الخضارِ والفواكه ، فماذا تفعل ؟
قسمْ هذه الأعمالَ إلى مجموعاتٍ ..فنقسمُها إلى ثلاثةِ أقسام : أدواتٌ مدرسية وصلةٌ رحم ، والخضارُ والفواكه ؟ بعد ذلك هلْ يمكنُ أن تقومَ بها في مسيرةٍ واحدةٍ من خلالِ ما يلي :
4- هل يوجدُ حولَ منزلِ قريبِك من يبيعُ أدواتٍ مدرسيةٍ وفواكهَ وخضار ؟ فإن كان كذلك فإنك بذلكَ توفرُ على نفسِك أوقاتٍ كثيرةٍ يُمكنُ من خلالِ عدمِ التنظيمِ أن تضيعَ سدى .
5- عدمُ تركِ المهامِ غيرُ منتهيةٍ؛ فالتنقلُ من موضوعٍ لآخرَ سوفُ يُضيعُ عليك وقتك ، ولن تصلَ إلى هدفِك فتصبحُ كالمنبتْ لا أرضا قطعَ ولا ظهراً أبقى .
- مثالُ ذلك : من أرادَ أن يحفظَ عمدةَ الأحكامِ فيبدأُ بالحفظِ ، فيحفظُ مائةَ حديثٍ مثلا ، فتعلو همتهُ فينتقلْ ليحفظَ في كتابِ بلوغِ المرامِ فيحفظُ تسعيَن حديثا ، فتعلو همتُه فيحفظُ في مختصرِ صحيحِ مسلمٍ خمسين حديثاً ثم بعد ذلك ينقطعُ ويفترُ والنتيجةُ لا شيء !!
- مثالٌ آخرَ : قررَ محمدٌ أن يقرأَ كتابَ فتحِ المجيدِ شرحَ كتابِ التوحيدِ وخصصَ له وقتاً وبدأ بالقراءةِ وبعد أن قطعَ مشاوراً لا بأسَ به غيَر وجهةَ نظرهِ فانتقلَ إلى كتابٍ آخر ، ثم إلى آخرَ وهكذا فينتهي عمرُه وهو يتنقلُ من كتابٍ إلى آخرَ دون أن يُتمَّ قراءةَ واحدٍ منها .
6- حاولْ أن تقللَ من الأعمالِ (الروتينيةِ)، وهي الأعمالُ اليوميةِ ذاتِ الطبيعةِ النمطيةِ والتي تشكلُ قيمةً يسيرةً لتحقيقَ الأهدافَ العامة.
مثالُ ذلك : شراء الخبر يمكن أن تشتري ما يكفيك لمدة سبعة أيام مثلا بدلا من أن تذهب في كلِّ يوم لشرائه .
مثالٌ آخر : دفترُ التحضيرِ للمعلمين ؛ هذا عملٌ يقومُ به المعلمُ يومياً في الغالبِ ولذا يمكنُ أن يتقللَ منه من خلالِ تصميمِ ورقةِ التحضيرِ في الحاسبِ الآلي وكتابةِ التحضيرِ فيها ، وفي كلِّ عامٍ يطبعُ هذه الأوراقَ مع تغييرِ التاريخِ والحصةِ وإن كان هناكَ زيادةٌ يسيرةٌ سجلَها ودونَها ، ثم توضعُ في ملفٍ ، وبذلك يحفظُ المعلمُ وقتَه من إعادةِ الجهدِ مراتٍ عديدة وكراتٍ مديدة دون فائدةٍ تُذكرْ .
7- حاولْ استغلالَ الأجهزةِ والمعداتِ الحديثةِ التي تحفظُ وقتك ،كأجهزةِ التصويرِ و(الفاكس) والحاسبِ الآلي ، وبالنسبةِ للمرأةِ أجهزةُ الطبخِ أو الغسيلِ أو كي الملابسِ ونحو ذلك
8- تعلمْ في الاتصالاتِ الشفاهيةِ (هاتفٌ أو مقابلاتٌ) كيفَ تقطعُ المحادثاتِ أو النقاشَ بأسلوبٍ لبقٍ وواضحٍ عندما تعتقدُ أن الموضوعَ قد تم تغطيتُه تماماً.
9- اتقنْ قولَ (لا) عندما ترى أن الاستجابةَ معناها ضياعُ الوقتِ وإفسادُ سُلَّمِ أولوياتِك، فالخجلُ والمجاملاتُ قد يضرانِ بك وبالآخرينَ كثيراً.
10- ضعْ أكثرِ النشاطاتِ أهميةً وأكثرَها صعوبةً والأعمالَ التي تتطلبُ تركيزاً كبيراً في ساعاتِ صفائِك الذهني، والتي تكون فيها في أوجِ نشاطك.
- فمثلا من الأعمالِ المهمةِ حفظُ القرآنِ أو السنةِ النبوية أو المنظومةِ العلمية فتخصصُ لها مثلاً بعد الفجرِ أو بعد المغربِ ،والقراءةَ في كتبِ الأدبِ والسيرةِ تخصصُ لها وقتَ القليلةِ مثلا أو عند النومِ لأنها لا تحتاجُ إلى إعمالِ فكرٍ كثير .
10- لا تضيّعْ وقتكَ في القيامِ بالمهامِ المستحيلةِ ، كمن يريدُ أن يقرأَ كتاباً باللغةِ الإنجليزيةِ وهو لا يحسنُ حرفاً واحداً منها
من أهمْ القضايا في التنظيمِ كيفْ تُنظمُ أوراقَك ؟ ويمكن ذلك من عدةِ طرقٍ :
- أن تضعَ الأوراقَ في ملفاتٍ لكلِّ ملفٍ موضوعٌ خاصٌ به مثلا : ملفْ لقضايا المرأةِ ، وملفٌ لأنشطةِ المسجدِ ، وملفٌ للمسابقات ،وملفٌ للأوراق الخاصةِ بعائلتك ،وملفٌ للفواتيرِ والضماناتِ ، وهكذا فكلُ ورقةٍ تأتي تضعَها في ملفِها الخاصِ بها .
- أو أن تضعَ أدراجاً لكلِّ درجِ موضوعٌ خاصٌ به ،فدرج لأوراق المدرسة مثلا ، ودرج لأوراقك الخاصة ، ودرج للفتاوى ، ودرج للبحوث ..وهكذا .وتكتبُ على كلِّ درجٍ عنوانا لهذه الأوراقِ الموجودةِ فيه .(3/243)
- أو أن تحفظهَا داخلَ جهازِ الحاسوبِ وذلك من خلالِ جهازٍ يسمى (اسكنر) فتضعُ الورقةَ عليه ثم تنسخُ صورتَها داخلَ جهازك ، وقد وضعتْ قبلَ ذلك ملفاتٍ لكلِّ ملفٍ عنوانٌ خاصٌ به : ملفٌ للفتاوى ، ملفٌ للصور ، فتضعُ الورقةَ في المكانِ المخصصِ لها ، وبهذه الطريقةِ لا تحتاجٌ إلى كثيرِ ملفاتٍ ولا تأخذُ مساحاتٍ كبيرةٍ في مكتبتك الخاصة ، وكلما احتجتْ ورقةً أخرجتَها من جهازِك وتحاولُ أن تنسخَ هذه الملفاتِ على دسكاتٍ بين كلِّ فينةٍ و أخرى حتى لو حصلَ خللٌ في جهازك يبقى عملُك محفوظا .
- ومن طرقِ تنظمِ الوقتِ: الحذرُ من مضيعاتِ الوقت ، وهذه المضيعاتُ للأوقاتِ على قسمين :
القسمُ الأول : أن تكون من الإنسانِ نفسِه ومن ذلك :
- عدمُ التفريقِ بين الأهمِ والأقلِ أهميةً : كمن فرطِ في قواعدِ منزلهِ وأهملَ فيها ولكن أهتمَ غايةَ الاهتمامِ بتزينهِ وتأثيثهِ فهل يبقى البناءُ ؟
- سوءُ التنظيمِ : سواءً كان ذلك في المواعيدِ أو في تنظيمِ الأوراقِ والكتبِ أو البدءِ بأعمالٍ جديدةٍ مع عدمِ الانتهاءِ من أعمالهِ القديمةِ ، أو تكرارِ العملِ الواحدِ عدةَ مرات ، ولله درُ الصديقِ حين قالَ في وصيتهِ للفاروقِ رضي الله عنهما : واعلمْ أن لله عملاً في الليلِ لا يقبلُه في النهار ، وأن لله عملا في النهار لا يقبلُه في الليل .
- عدمُ التخطيطِ للمستقبلِ فتراه يعملُ بعشوائيةٍ تامةٍ ولا يعرفُ ما سيعملُه غدا أو بعد غد .
فالطالبُ في المرحلةِ الثانويةِ مثلا الذي لم يخططْ للمستقبلِ من خلالِ قدراتهِ يضيعُ في اختيارِ التخصصِ : هل القسمُ الشرعي ، أم القسمُ الطبيعي ، أم الإداري ،ولذلك تحصل الأخطاءُ الكثيرةُ في ذلك ، فبعد أن يتخرجَ من القسمِ الطبيعي يدخلُ في كليةٍ شرعيةٍ ..فهذا الطالبُ كم فوتَ على نفسِه من فوائدَ وعلومٍ أثناءَ دراستهِ المرحلةَ الثانويةَ ، تفيدُه كثيراً في المرحلةِ الجامعية ؟ كل ذلك بسببِ غيابِ التخطيطِ للمستقبل .
القسم الثاني : أن تكون المضيعاتُ للوقتِ من غيركِ ومنها :
- الهاتفُ : فهو يعدُ في الأساسِ إحدى وسائلِ توفيرِ الوقتِ، لكن إساءةَ استخدامِه قد تجعلُهُ من مضيعاتِ الوقتِ، ولتفادي ذلك:
- عليك أن تنظرَ إلى الهاتفِ بوصفهِ وسيلةً لتوصيلِ الرسائلِ فقط .
- إن أمكن استخدامُ الفاكسِ فيما تريدُ نقلَه فهو أفضل .
- استخدمْ في منزلكِ الجهازَ الصوتي لنقلِ رسالتِك للمتصل.
- حدد وقتاً للردِ على المكالمات .
- حاول أن تختارَ فتراتِ انخفاضِ إنتاجيِتك، فلا تستخدمْ الهاتفَ في فتراتِ صفائِك وارتفاعِ إنتاجيتِك .
- اعلم أن الحوارَ الهاتفي السيئَ يُمكنُ أن يُكلفَك ساعاتٍ من الوقتِ الضائعِ فيما بعد لمعالجةِ سوءِ الفهم الذي حصل.
- الزيارةُ المفاجئة :
وهذه اشتكى منها المتقدمون أيضاً كالإمامِ ابنِ الجوزي رحمه الله ولعلاجِ هذه المشكلةِ :
- أتقنْ كلمة : ((وَإِن قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ )) (سورة النور 28). إن كانتِ الزيارةُ من غيرِ موعدٍ مُسبق .
- ضعْ بعضَ الأعمالِ التي لا تحتاجُ إلى إعمالِ فكرٍ في مثلِ هذه الزياراتِ للقيامِ بها ؛
فمثلا عندما كان يحضرُ الباطلون لزيارةِ الإمامِ ابنِ الجوزي ،ماذا كان يفعلُ حتى لا يضيعَ وقتُه يقول : (أعددتُ أعمالاً لا تمنعُ من المحادثةِ لأوقاتهِم ؛ لئلا يمضي الزمانُ فارغا، فجعلتُ من المستعدِ للقائهِم قطعُ الكاغدِ وبريُ الأقلامِ ، وحزمُ الدفاترِ ، فإن هذه الأشياءَ لابد منها، ولا تحتاجُ إلى فكرٍ وحضورِ قلبٍ ، فأرصدتُها لأوقاتِ زيارتِهم لئلا يضيعَ شيءٌ من وقتي ).
- إن كان الطارقُ عليك كثيرٌ فيمكنُ أن تخصصَ يوماً أو يومين لمثلِ هذه الزياراتِ فيتعارفُ الناسُ على ذلك ، ولا مانعَ أن تضع لوحةً على البابِ تفيدُ ذلك .
- حاولْ أن تنفعَ هؤلاءِ بما يفيدُ ، وألا يضيعَ الوقتُ بكلامٍ لا فائدةَ منه .
- حاول ألا تكثرَ من الكلامِ أو التشعبَ فيه حتى لا يطولَ الوقتُ ويضيعَ الزمان .
===============
مفهوم السياحة ومخاطرها
الحمدُ للهِ خلقَ الخلقَ لحكمةٍ جليلةٍ محددة، (( وَمَا خَلقْتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ)) (سورة الذاريات :56).
وأشهدُ أن لا إلهَ إلاَّ الله وحدهُ لا شريكَ له، فاوتَ بينَ الناسِ في مسعاهُم إلى ربِّهم في هذهِ الحياة، (( إِنَّ سَعْيَكُمْ لشَتَّى )) (سورة الليل:4).
وفاوتَ بينهم في منازلِ الآخرةِ، (( فَرِيقٌ فِي الجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِير)) (سورة الشورى:7).
وأشهدُ أنَّ محمداً عبُدهُ ورسولهُ، حماهُ ربُّهُ عن الضلالةِ والغوايةِ، (( مَا ضَل صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى)) (سورة النجم:2).
اللهمَّ صلِ وسلم عليهِ وعلى سائرِ الأنبياءِ والمرسلينَ وارضِ اللهمَّ عن الصحابةِ أجمعين، والتابعينَ ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
عبادَ الله :
اتقوا اللهَ حقَّ التقوى، واستمسِكوا من الإسلامِ بالعُروةِ الوثقى، وإيَّاكُم ومُحدثاتِ الأمور، ومُضِلاتِ الفتن، (( وَمَن يَعْتَصِم بِاللّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ})) (سورة آل عمران: 101). (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُم بِاللهِ الغَرُورُ )) (سورة لقمان: 33).
أيُّها المسلمون:
وهبَكُم اللهُ نعماً وأَودَعُكم أماناتٍ، وسوفَ يسألُكُم عن صنيعِكم بها، فالصحةُ نعمةٌ وأمانة، والمالُ نعمةٌ وأمانة، والوقتُ والشبابُ ، والسمعُ والبصرُ والفؤادُ ونحوها من نعمِ الله، كُلَّها أماناتٍ استُودعتم إيَّاها، وستُسألُونَ عن نوعِ استخدامكم لها، وكلُكُم يقرأ قولهُ تعالى: (( إِنَّ السَّمْعَ وَالبَصَرَ وَالفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً)) (سورة الإسراء: 36)، ويعي قولهُ r : ((لنْ تَزُول قَدَمَا عَبدٍ يَومَ القِيامَةِ حَتَى يُسأل عَنْ أَربَع )) الحديث .
عباد الله :
ُذكرُ بهذه المسؤوليةِ على الدوام، وتشتدُ الحاجةُ أكثرَ وقتِ الفراغِ والإجازاتِ والعُطل، التي أعتادَ عددٌ من الناسِ السفرُ فيها، وقضاءَ الإجازةِ بنفسهِ أو بصحبةِ أهلهِ وأولادهِ، هُنا أو هناك، فإلى أينَ يذهَبُونَ ؟ وبماذا يقضُونَ فراغهم ؟ وكم يُنفِقُونَ ؟ وبماذا يُنفِقُون ؟ وكيفَ ذهبوا؟ وبمَ يرجِعُون ؟ إنَّها أسئلةٌ مهمة، وإيرادُها على النفسِ قبلَ السفرِ من العقلِ والحكمة، والاستفادةُ منها والعَملُ بمقتضى الشرعِ فيها أثناءَ السفرِ إلى العودة، مؤشرٌ للصلاحِ ودليلُ الديانة.
إنَّ حياتك أيُّها المسلمُ والمسلمةُ دقائقُ معدودة، وأنفاسٌ محددة، ولستَ تدري ولا غيركَ يدري - إلاَّ الله - ماذا تكسبُ غداً، ولا بأيِّ أرضٍ تموت، وإذا حفظكَ اللهُ - مُعظمُ الوقتِ - وجاهدتَ نفسَكَ عن مُقارفةِ الخنا والفجورِ والفسوقِ، فمنَ الحماقةِ أن تُحطِمَ هذا السياجُ الواقي، وترغبُ عن هذا الأمانُ الإلهي فترةً من حياتك، وقد يُختَمُ لكَ بها، فتكونُ الحسرةُ والندامة، إذ حلت بكَ سُوءُ الخاتمةِ، وتعرضتَ لمقتِ اللهِ وغضبه، إذا استُخدمت نعمُ اللهِ في معصيته، وليسَ يليقُ بكَ أن تأكلَ من رزقهِ وتعيشَ في أرضهِ، ثم أنتَ تُجَاهِرُهُ بالمعاصي، وهُو يَرَاكَ وإن لم تره.(3/244)
إخوةَ الإسلام: ومصطلحُ السياحةِ مصطلحٌ يترددُ كثيراً، ولكنَّ الحديثَ عنهُ يكثرُ مع قُربِ الإجازةِ الصيفية، ورُبَما استهوت دعواتُهُ، بعضُ الناسِ غافلينَ عن حقيقتهِ ومخاطِرِه، فما مفهُومهِ في زمننا، وما هِي مخاطِرُهُ ؟ وما مفهومُ السياحةِ الأصيلُ في شرِيعتنا، وما سياحتُنا أهلُ الإسلام؟ وما هيَ خصائصُنا ومسؤولياتِنا في بلادِ الحرمين؟
ودعونَا نبدأُ الحديثَ عن أصلِ السياحةِ في الإسلام، وما المرادُ بالسائحينَ في كتابِ اللهِ وسنةِ رسولهِ r لقد وردت السياحةُ في كتابِ اللهِ وسنةِ رسوله r تحملُ معاني ساميةً، وارتبطَ وصفُ السائحينَ بنماذجَ عاليةٍ من البشر، يقولُ تعالى في وصفِ الذين اشترى اللهُ منهُم أنفسَهم وأموالهم بأنَّ لهُم الجنة: (( التَّائِبُونَ العَابِدُونَ الحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدونَ الآمِرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ المُنكَرِ وَالحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللّهِ وَبَشِّرِ المُؤْمِنِينَ)) (سورة التوبة:112).
وترددت عباراتُ العلماءِ في معنى السياحة، ومَنْ هُمُ السائحون؟ فقيلَ هُم الصائمون، واستدُلَ لهُ بقولهِ تعالى في وصفِ نساءِ النبيِّ r ((عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ)) (سورة التحريم:5) .
وبما وردَ في الحديثِ عن عائشةَ -رضي الله عنها- مرفوعاً: (( سِيَاحَةُ هَذهِ الأَمةُ الصِيَامُ )) .
وقيل السائحونَ: هُم المُجَاهدون، واستدلَ لهُ بقولهِ r -في الحديثِ الصحيح-: (( إِنَّ سِيَاحَةَ أُمَّتِي الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ )) ( وهو في صحيح سنن أبي داود2/472 ).
وقيل السائحون : المُهاجِرون، وقيل: هُم الذين يُسافرون بطلبِ الحديثِ والعلم، وقيل: هُمُ الجائلُون بأفكارِهم في توحيدِ ربهم وملكوتهِ، وما خلقَ من العبرِ والعلاماتِ الدالةِ على توحيدهِ وتعظيمه.
قال القُرطُبي- رحمه الله- مرجحاً قلتُ: ( س ي ح ) يدلُ على صحةِ هذهِ الأقوال، فإنَّ السياحةَ أصلُها الذهابُ على وجهِ الأرضِ كما يسيحُ الماءُ، (الجامع لأحكام القرآن 8/270).
أيُّها المؤمنون :
وتأملوا ما جاءَ في سنةِ محمدٍ r عن مفهومِ السياحةِ، بل ونهِيهِ عن نوعٍ من السياحة، ففي سُننِ أبي داود، وفي كتابِ الجهادِ فيه (بابٌ في النهي عن السياحة)، ثُمَّ أوردَ المصنفُ فيه حديثُ أبي أمامةَ t أنَّ رجلاً قال: يا رسول الله ائذن لي بالسياحةِ، قال النبيُ r: ((إِنَّ سِيَاحَةَ أُمَّتِي الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ تَعَالى )) .
تُرى ما نوعُ هذه السياحةِ التي طلبها هذا الصحابي، وأرشدهُ النبيُ r إلى خيرٍ منها؟ لقد استأذنَ هذا الصحابي t في العُزلةِ عن الناسِ والتفرغَ للعبادةِ ومفارقةِ الأمصار، وسُكنى البراري والكهوفِ والجبال، فلم يأذن لهُ النبيُّ r لما في ذلكَ من تركِ العلمِ والجهاد، ولِما فيهِ من بُعدٍ عن الجمعةِ والجماعة، ودلَّهُ على الجهادِ لأنَّ فيهِ ذروةُ سنامِ الإسلام، وكُبتاً للكفرِ والظلال، كذا قال العلماء (بذل المجهود 11/383، 384).
وقالوا: ولا تشرعُ العزلةُ إلاَّ في أيامِ الفتنِ والزلازلِ في الدينِ، (ابن كثير/ تفسير آية التوبة 2/635، 636).
إخوةَ الإسلام :
فإذا كانَ هذا توجيههُ r لمن رغبَ العزلةَ للعبادة، فكيفَ بمن يسيحُ في الأرضِ للفساد، وإهلاكِ الأوقاتِ، وتبذيرِ الأموالِ وانتهاكِ الحُرمات، والتفريطِ في الواجبات؟
إننا معاشرَ المسلمين أصحابُ رسالةٍ عظمى، ينبغي أن نعيها دائماً، ونسعى جاهدينَ لنشرِها وتبلِيغِها، وإنَّما أشرقَ الكونُ وغمَّ العدلُ، وانطوى بساطُ الظُلمِ يومَ أن أشرقت حضارتُنا ببعثةِ محمدٍ r بعد أن عاشت البشريةُ ردحاً من الزمن، تتقلبُ في الفوضى وتسُودُها الصراعاتُ النكدة، ويُخَيِمِّ الجهلُ والاستبدادُ في أرجائِها، وذلكَ على أثرِ فترةٍ من الرسلِ غابت فيها تعاليمُ السماء، وسادَ فيها خُزعبلاتِ الجاهليةِ الأولى !
واليومَ وقد ضعُفَ سُلطانُ المسلمين، وتسلّمَ رايةَ القيادةِ غيرُ المسلمين، شاعت مفاهيمُ الجاهليةِ المعاصرة، وسادَ العالمَ قتلٌ هنا، وتشريدٌ هناك، ظلمٌ وعُدوان، وفسادٌ في القيم، وانهيارٌ في الأخلاق، ومسخٌ في التصوراتِ، والأدهى والأمر إنَّ هذا الفسادُ مُقنن، تُستخدمُ لهُ مصطلحُ (العولمة) ويُعمِمُ شرُّه عبرَ (القنوات الفضائية).
ويُرمى الرافضونَ لهُ، والمدرِكُونَ لأبعادهِ ومخاطرهِ (بالتطرف والأصولية)، وتدرجُ السياحةُ والفنُ الرخيصُ والرياضة، والنجوميةُ الوهميةُ ونحوها من الفسادِ الخُلقي والفكري في قوالبه، والهدفُ تخديرُ الناسِ وإبعادُهم عن الهدفِ الأسمى لوجُودِهم في هذه الحياة، وحملُهم في عربةِ القطارِ ذاتَ النهايةِ البائسةِ من حيثُ يشعُرُونَ أو لا يشعُرُون.
معاشر المسلمين :
إنَّ الأخلاقَ والقيمَ العالية- في كلِّ أمةٍ أساسُ بقائِها، وهي بالنسبةِ لنا معاشرَ المسلمين جزءٌُ عظيم من ديننا، ومقوّمٌ أساسي من مقوماتِ حضارتِنا، وإذا أفلسنَا في هذا الجانبِ الخلقي، وقد غُلبنا من قبلُ في الجانبِ المادي التقني، فماذا يبقى لنا؟ أعوذُ باللهِ من الشيطانِ الرجيم: (( يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لعَلكُمْ تُفْلِحُونَ)) (سورة آل عمران:200).
الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ عزَّ من أطاعهُ، وذُلِّ من عصاه، وأشهدُ أن لا إلهَ إلاَّ اللهُ وحدهُ لا شريكَ له، يُمهل ولا يُهمل، ويُؤخِرُ العُقُوبةَ ولا يغفل، وأخذهُ أليمٌ شديد، وأشهدُ أنَّ محمداً عبدهُ ورسوله، أخبرَ وهو الصادقُ الأمين (( ليَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الحِرَ وَالحَرِيرَ وَالخَمْرَ وَالمَعَازِفَ)) (البخاري مع الفتح 10/51).
اللهمَّ صلِّ وسلم عليهِ وعلى سائرِ الأنبياءِ والمرسلين.
إخوةَ الإيمان :
وهكذا يتبينُ لكم في العرضِ السابقِ الفرقُ في مفهومِ السياحةِ في الإسلام، وما آلَ إليه مفهومُها في هذا الزمان.
أجل إنَّ سياحتنا- أهلَ الإسلام- صيامٌ وجهاد، وهجرةٌ ودعوة، ورحلةٌ للعلمِ نافعةٌ، وسيرٌ في مناكبِ الأرضِ، وتأملٌ في ملكوتهِ، وإدراكٌ لعظمتهِ، وإقرارٌ بتوحيدهِ، أمَّا السياحةُ عندَ غيرنا - وبمفهومِها المعاصر- فهي كأسٌ وغانية، ومرقصٌ وبار، حفلاتٌ صاخبة، ولقاءاتٌ مختلطةٌ على الشواطئ، وفي القواربِ صورٌ فاتنة، وتهتكٌ وسفور، تبذيرٌ للأموالِ، وفحشٌ في الأقوالِ، وضياعٌ للأوقاتِ، وإسقاطٌ للأخلاقِ، وقتلٌ للمكرُمَاتِ، وابتزازٌ بشعٌ للأموال، وتصديرٌ لزبالةِ الأفكارِ وردِيءُ الثقافات، وطريقٌ لانتشارِ الأمراضِ الفتَّاكةِ، والوقوعِ في شبكةِ المخدرات . ( انظر: جريدة الدعوة السعودية 10/2/1414هـ ) .
وفوقَ ذلك كلهِ، وأعظمَ التشكيكُ في المعتقد، ونشاطُ ناصبي الخيامِ، فقد ذكرت إحدى الصحفِ ( شباكاً يُنصبُ لتنصيرِ المسلمين السائحين )، ثُمَّ ذكرتُ أنَّ هُناكَ مُنصِرين عرباً لتنصيرِ المُسلمين، رُبَمَّا جاءُوا من بلادِهم لهذهِ المهمة، وتلقُوا دروساً كنسيةً مطولةً لهذا الغرض ؟ ( جريدة المسلمون، عن الدعوةِ السعودية 10/2/1414هـ ) .
عباد الله :(3/245)
ومما يُحزنُ القلبَ ويُعظمُ الخطبَ أن تتسللَ بعضُ هذه المفاهيمِ وتلك السلوكياتِ في السياحةِ المُعاصِرةِ إلى عالمنا الإسلامي، بل وقعَ ذلكَ أو جلُّهُ في أجزاءٍ من عالمنا، وذلكَ في مرحلةِ الضعفِ الروحي، والهزيمةِ الفكريةِ، وباتت السياحةُ تُمارسُ كرافدٍ اقتصادي، ومؤشرٍ للانفتاحِ على العالم، ولو كانَ ذلكَ على حسابِ الخُلقِ والدين، وإشاعةِ الفاحشةِ والرذيلة، واجتثاثِ القيم، وذبحِ الفضيلة.
أيُّها المسلمون: وحمى الله بلاد الحرمين - فيما مضى- من عقاقيرُ هذه السياحةِ المُصدرة، فلم تُستبح حماها، ولم يعبث السُوَّاحُ الأجانبُ بأرضها، بقي مجتمعُها أصيلاً محافظاً لم يخترقهُ الآخرونَ بسلوكياتِهم المشينة، وأفكارِهم المُنحلة وأمراضهم الفتَّاكة، وبقيَ الأمنُ فيها مستتباً، والناسُ يُتخطفُونَ من حِولِنا، والسياحةُ والسُوَّاح سببٌ من أسبابِ هذا الخللِ الأمني .
ولكنَّا - عباد الله - بدأَنا نسمعُ مؤخراً عن دعواتٍ للسياحةِ في بلادِنا تستهدفُ العائلاتِ في المملكةِ والخليج، كما أُعلنَ في الصحفِ، وفيها إعلانٌ لحفلاتٍ غنائِيةِ، وتلميعٌ لنجومٍ وهمية، بل جاءَ في إحدى الصُحف الخبرُ التالي:
بعد النجاحِ الكبيرِ الذي خرجَ بهِ مهرجانُ صيفِ أبها العامَ الماضي الذي عدّهُ البعضُ أكبر تجمعٍ فنيّ غنائي عربي لنجوم الساحة الفنية، فقد أقرت اللجنةُ برامجَ حفلاتِ مهرجان صيفِ هذا العامِ الغنائيةِ الكبيرة، التي سيكُونُ للجمهورِ موعدٌ معها ومع كبار مُبدَّعي الأغنيةِ، في المنطقةِ الذين سَيصنعُونَ صيفاً ساخناً مليئاً بالفنِّ والطربِ والثقافةِ العامة، (عكاظ عدد 11940 في 20/1/1420هـ).
أيُّها المسلمون :
ينبغي أن تتميزَ سياحتُنا عن سياحةِ الآخرين، وإذا نجحنَا في صرفِ الناسِ عن السفرِ للخارج، فذلك أمرٌ مرغوبٌ ومحمود، ولكن شريطةَ ألاَّ نقعَ في المحظورِ بأيِّ لونٍ من الألوان، فالحكُمُ الشرعيُّ في المُحرمِ واحد، وإن اختلفَ المكانُ أو الزمان .
ونحنُ في بلادِ الحرمينِ لنا خصوصيةٌ تُميزُنا عن غيرنا، فسلوكياتُِنا محلُ نظرٍ وتقديرِ العالم الإسلامي، وفينا قبلتُهم، وفي بلادِنا محيا ومبعثُ ومماتُ نبيهم، ومن أرضِنا انطلقت راياتُ الجهادِ وحملَ الفاتحونَ العِلمَ والحضارةَ الحقَّةِ للعالم، فكُنَّا بحقٍّ مصابيحُ الدُجى، ودعاةَ خيرٍ، وسطَّرنَا صحائفَ من ضياء، فما نسيَ الزمانُ ولا نسينا، وبلادُنا اليومَ مُؤهَلةً للقيادةِ من جديد، بإمكانَاتِها، وعُلمائِها، وموقعَ المُقدساتِ فيها، وسلامةَ الفكرِ، وصحةَ المعتقد فيها، وذلك في خضمِ حربِ الأفكارِ وصراعِ المعتقدات، ولئن عَجزنا أو قصَّرنا في حملِ ذلكَ للناسِ في دِيارِهم، فأقلَ الواجبِ أن نحفظَ هذا الكنْز الكبيرِ، ونحافظُ على هذا التاريخِ المجيدِ في بلادنا، حتى يتذكرهُ من وفدَ إلينا، وتبقى أرضُنا جُذوةً لإحياءِ المشاعرِ الإسلامية، لا أن نستبدلَ الذي هُو أدنى بالذي هو خير .
إنَّ بلادنا - والحمد لله - غنيةٌ بموارِدها الاقتصاديةِ الأخرى، وخيرٌ لنا أن نُنَميها ونزيدُ من فاعِليَّتِها، من أن نلجَ من بوابةِ السيَاحةِ الضيقةِ لدعمِ اقتصادنا، بل بإمكانِنَا أن نُجددَ في مفهومِ السياحةِ، ونقترحَ أنماطاً مشروعةً تستجلبُ الآخرينَ دُونَ أن تُأثرَ على دِينهم وأخلاقِهم .
إنَّها دعوةٌ للمسئولينَ ، والعلماءَ والمفكرينَ والأولياءَ، للمحافظةِ على أصالتنا، وحمايةِ بلادِنا ومُجتمعِنا من سُمُومِ الآخرين، عبر بوابةِ السياحةِ، وقد تزدادُ مُستقبلاً فتكونُ بوابةُ انحرافٍ خُلقي، وباعثةٍ لمشكلاتٍ أمنية، وطريقاً لانتشارِ الأدواءِ والأمراضِ الفتَّاكة ؟
إنني أُناشِدُ كلَّ غيورٍ، وصاحبَ مُواطنةٍ صالحةٍ للمساهمةِ في استدامةِ الأمنِ والإيمانِ في هذهِ البلادِ الطاهِرة، والبعدِ عن كلِّ أسبابِ الفسادِ والانحرافِ الخلقي، ومحمد r جاء - يوم بُعث - ليُتممَ مكارمَ الأخلاق، وجاءت شريعتُهُ ناهيةً عن اللهوِ والغفلةِ، وضياعِ الأوقاتِ، وتبذيرِ الأموال، وكانَ فيما أُوحي إليه: ((وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لهْوَ الحَدِيثِ لِيُضِل عَن سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولئِكَ لهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ)) (سورة لقمان:6).
سُئلَ ابنُ مسعودٍ t عن تأويلِ هذهِ الآية، فأقسمَ ثلاثاً هو الغناء، واللهِ الذي لا إلهَ إلاَّ هو، وكذا قالَ ابنُ عباس، وجابرُ، وعكرمةُ، وسعيد بنُ جبير، ومجاهدٌ ومكحول وغيرهم، (تفسير ابن كثير 3/703).
وفي السُنةِ النبويةِ تأكيدٌ على حُرمةِ الغناء، ففي صحيحِ البخاري: ((ليكُوننَّ من أمتي قومٌ يستحلونَ الحِرَ والحريرِ والخمرِ والمعازف)) (الفتح 10/51).
وتأملوا كيفَ جُمعَ تحريمُ الغناءِ والمعازفِ مع تحريمِ الفروج، والحريرِ والخمر؟ وما فتئَ علماءُ الأمةِ الربانيون يُحذِرُونَ من فتنةِ وعبوديةِ الشهوات.
يقولُ الشافعي - رحمه الله -: (من لزمَ الشهواتِ لزمتهُ عبوديةُ أبناءِ الدنيا) (سير أعلام النبلاء 10/97).
ويقولُ ابنُ تيميةَ - رحمهُ الله -: (والعشقُ والشهواتُ إنَّما يُبتلى به أهلُ الإعراضِ عن الإخلاصِ لله، الذين فِيهم نوعٌ من الشركِ، وإلاَّ فأهلُ الإخلاصِ كما قال تعالى في حقِّ يوسفَ- عليه السلام-: (( كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا المُخْلصِينَ )) (سورة يوسف:24) (الفتاوى 15/421).
وأخيراً أحذر أخي المسلم، أختي المسلمة أن نكونَ ممن قالَ اللهُ فيهم: (( فَخَلفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلقَوْنَ غَيًّا)) (سورة مريم:59).
اللهمَّ احفظنا بحفظك، واكلأنَا برعايتك، وحبب إلينا الإيمانَ، وزينهُ في قُلوبِنا، وكره إلينا الكفرَ والفسوقَ والعصيان، واجعلنا من الراشدين .
اللهمَّ احفظ بلادَنا وبلادَ المُسلمِينَ من كلِّ سُوءٍ ومكرُوه
===============
الوقت وأهميته
فإنَّ أساس السعادة الدنيوية والأخروية تقوى اللهِ سبحانه، وتحقيق العبودية له - جل وعلا -, فمن اتقى اللهَ وعملَ بطاعتهِ أفلح ونجا, وجعل له من كلِّ ضيقٍ مخرجاً, ومن كلِّ همٍّ فرجاً, ورزقَهُ الله من حيثُ لا يحتسب, ومصداق ذلك في كتاب الله سبحانهُ في مواضع كثيرة, يقولُ تعالى: (( وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ)) (سورة الطلاق :2 -3),
ويقول: (( وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ )) (سورة النور :52).
وقت الإنسان وساعات ليله ونهاره، هي حياته ورأس ماله, وكلَّ يوم يمضي يهدمُ جُزءاً من العُمر, ويقربُ إلى القبر.
قال الحسن- رحمهُ الله-: (يا ابن آدم إنَّما أنت أيَّام, كلَّما ذهب يومٌ ذهب بعضُك).
فوقت الإنسان إذاً هو عُمرهُ في الحقيقة, وهو كما تُشاهدون يمرُّ مرَّ السحاب، ويمضي بسرعة, فما كانَ من هذا الوقت في طاعة الله وما يُقربُ إليها فهو النافع وهو الحياة الحقيقية, وما عدا هذا فليس محسوباً من الحياة، وإن تمتع فيه الإنسان كما تتمتَّعُ البهائم .
إنَّ الإنسان الجادَّ هو الذي يسعى في الاستفادة من وقته وشغله بما يعودُ عليه بالنفع العاجل والآجل, يسارع إلى استغلال الفراغ قبلَ الشُغل, والصحَّة قبل السّقم.
في صحيح البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( نعمتانِ مغبونٌ فيهمَا كثيرٌ من النَّاسِ, الصِّحَّةُ والفَراغُ )).(3/246)
والمؤمن الجاد ليسَ لطاعته وعملهِ الصَّالح نهايةً إلاَّ بالموتِ، كما قالَ تعالى: ((وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ)) (سورة الحجر :99).
والسَّاعات أغلى من أن تُنفَق في أحاديث فارغة, أو مجالس لا غية، يُشاهَدُ فيها ما حَرَّم الله من صورٍ ونحوها, ويُسمعُ فيها المنكرُ من غناءٍ يُفسد القلب, وأفكارٍ تنحرفُ بصاحِبها عن الصِّراطِ المستقيم, وليس أضر على المرء من قُرناء السوء, فهم يُثبطون عن الخير، ويفتحُونَ على من يُجالسهم أبواباً من الشُّرورِ والفتن, ويهونون عليه المعصية, وهل آفةُ النَّاس إلاَّ من النَّاس, وهل كانَ على (أبي طالب) عندَ الوفاة أضر من قرناءِ السُوءِ، فلم يزالوا به حتى حالوا بينهُ وبين سعادة الأبد , فإيَّاكَ ومجالس المُثبطين من أصحاب اللهو والعبث والبطالة والمعاصي, فإنَّ طبعك يُسرقُ منهم وأنتَ لا تدري, وليس إِعْدَاء الجليسِ جليسَهُ بمقاله وفعاله فقط، بل بالنظرِ إليه، والنظر في الصورِ يُورِثُ في النفوسِ أخلاقاً مُناسبةً لخُلق المنظور إليه, ومن المُشاهد أنَّ الماءَ والهواءَ يفسدان بمجاورة الجيفة, فما الظنُّ بالنفوس البشرية الضعيفة . أهـ [صلاح الأمة 7/226] .
وَلا تَجْلِسْ إِلى أهلِ الدَّنَايَا فَإِنَّ خَلائِقَ السُّفَهَاءِ تُعِْدي
الأيَّامُ ثلاثةِ: الأمسُ قد مضى بما فيه, وغداً لعلكَ تُدركهُ, وإنَّما هو يومكَ هذا فاجتهد فيه، قال يحيى بن معاذ: إضاعةُ الوقت أشدُّ من الموت, لأنَّ إضاعةَ الوقت انقطاعٌ عن الحقّ, والموتُ انقطاعٌ عن الخلق.
من غفَل عن نفسهِ وأضاع دينَه, تصرَّمت أوقاتهُ, وعظُمَ فواتَه, واشتدَّت حسراتهُ, مسكينٌ كلَّ المسكنة, من ضيَّعَ الصلوات, وأكل المال الحرام, وظلمَ الناس, وتكلَّم بالباطل, وشاهدَ المُنكر, فيا تُرى ماذا ستكونُ حالهُ عندما يتحقَّقُ نزول الموت وحضور الأجل, وعندما يوقنُ بما عاشهُ من ضياعٍ يطلبُ الرُجعى فلا يُطاع، قد حِيلَ بينهُ وبين الاسترجاع, نعم، هيهات كيف يطلبُ الفائت, وكيف يردُّ الأمس الذاهب, (( وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِن مَكَانٍ بَعِيد)) (سورة سبأ :52) , (( وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ)) (54) سورة سبأ .
فيَا حسرات مَا إِلى ردِّ مِثلهَا سبيلٌ وَ لو رُدَّت لَهان التَّحسُّرُ
هيَ الشَّهواتُ اللاءِ كانَت تحوَّلَتْ إلى حسراتٍ حينَ عَزَّ التَّبَصُّرُ
فلَو أنَّهَا رُدَّتْ بِصبرٍ و قوَّةٍ تحوَّلنَ لذَّاتٍ وذو اللُّبِّ يُبصِر
ُ[صلاح الأمة 7/155]
فاعمل ما شئت لترى نتيجة العمل , واختر لنفسك ما يعود عليك من وقتك فإنَّه عائد عليك لا محالة, ولهَذا يُقالُ للسعداء: (( كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ)) (سورة الحاقة :24) .
ويُقال للأشقياء: ((ذَلِكُم بِمَا كُنتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَمْرَحُونَ)) (سورة غافر: 75).
سَأل الفُضيل بن عِياض- رحمه الله- رجلاً، فقال له : كم عمرك ؟ فقال الرجل : ستُّون سنة، فقال الفضيل: فأنت منذُ ستين سنة تسير إلى ربكَ تُوشك أن تصل . فقال الرجل: إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون، فقال الفضيل: من عرف أنَّهُ عبد لله وأنَّه راجعٌ إليه، فليعلم أنهُ موقوفٌ ومسؤولٌ، فليعد للسؤالِ جواباً، فقال الرجلُ: ما الحيلةُ؟ فقال الفضيل: يسيرة , تُحسنُ في ما بقيَ , يُغفر لك ما مضى, فإنَّكَ إن أسأت في ما بقيَ أُخذتَ بما مضىَ وما بقي .
فيا غافلاً عن مصيره, ويا واقفاً في تقصيره, سبقك أهل العزائم, وأنت في اليقظة نائم، سَأل سائلٌ بعض الصالحين فقال: أيجوزُ أن أفسح لنفسي في مُباح الملاهي ؟ فقال لهُ: عند نفسك من الغفلة ما يكفيها في الملاهي ملاهي , فاحذر البطالة والبطَّالين فإنَّهم قُطَّاع طريق .
يقول ابن الجوزي : ( أعوذ بالله من صُحبةِ البطَّالين, لقد رأيتُ خلقاً كثيراً يجرون معي فيما اعتادهُ النَّاس من كثرة الزيارة, ويُسمون ذلك التردد خدمة, ويُطيلون الجلوس, ويُجرون فيه أحاديث الناس وما لا يُغني , ويتخللهُ غيبة, وهذا شيءٌ يفعلُه في زماننا كثيرٌ من الناس, وربما طلبه المَزور، وتشوَّقَ إليه، واستوحشَ من الوحدةِ، وخُصوصاً في أيامِ التَّهاني والأعياد, فتراهُم يمشي بعضهم إلى بعض, ولا يقتصِرُون على الهناء والسلام, بل يمزجُون ذلك بما ذكرتُه من تضييع الزمان, فلَّما رأيت أنَّ الزمانَ أشرفُ شيءٍ, والواجبُ انتهابهِ بفعل الخير, كرهت ذلكَ، وبقيت معهم بينَ أمرين: إن أنكرت عليهم وقعت وحشةٌ لموضعِ قطْع المألوف, وإن تقبَّلتهُ منهم ضاعَ الزمان, فصرت أدافعُ اللقاء جهدي, فإذا غُلبتُ قصَّرتُ في الكلامِ لأتعجَّل الفراق, ثم أعددتُ أعمالاً لا تمنع من المحادثة لأوقاتِ لقائهم, لئلاَّ يمضي الزمانُ فارغاً, فجعلتُ من الاستعداد للقائهم قطع الكاغد, وبري الأقلام, وحزمُ الدَّفاتر, فإنَّ هذه أشياء لا بدَّ منها، ولا تحتاجُ إلى فكرٍ وحضورِ قلب, فأرصَدتُها لأوقاتِ زيارتهم لئلاَّ يضيعَ شيءٌ من وقتي).
ويقولُ أيضاً : (رأيتُ عموم الخلائق يدفعونَ الزمانَ دفعاً عجيباً: إن طالَ الليلُ، فبحديثٍ لا ينفع, أو بقراءةِ كتابٍ فيهِ غزاة وسمر, وإن طالَ النَّهارُ فبالنوم, وهم أطرافُ النَّهارِ على دجلة أو في الأسواق, فشبهتُهم بالمتحدثينَ في سفينةٍ وهي تجري بهم, وما عندَهُم خبر, ورأيتُ النَّادِرِينَ قد فهمُوا معنى الوجود, فهُم في تعبئةِ الزَّاد والتأهُبِ للرَّحيلِ, إلاَّ أنَّهم يتفاوتُون, وسببُ تفاوتهم قلَّةُ العلم وكثرته، بما ينفقُ في بلدِ الإقامة, فالغافلون منهم يحملُونَ ما اتفق, ورُبَّما خرجوا لا مع خفيرٍ, فكم ممن قد قُطعت عليه الطريق فبقي مفلساً ! .
فاللهَ الله في مواسمِ العمر, والبدار البدار قبلَ الفوات, واستشهدوا العلم, واستدلوا الحكمة, ونافسُوا الزمان وناقِشُوا النفوس, فكأنَّ قد حَدَا الحادي فلم يُفهم صوتهُ من وقع الندم.
هذا في زمنه، فماذا عسانا أن نقولَ في عصرنا هذا وقد اشتدَّت غُربةُ الدين, وانفتحت أبوابُ الشُبهاتِ والشهوات, وصرف بعضُ الناسِ أفضل الأوقاتِ لمُشاهدةِ الفضائيات, والتنقُّل بينَ القنواتِ ومُتابعةِ المُبارَيات, فضُيِّعَت الأوقاتُ، وأُهملت الصلواتُ, ونطقت الرُّويبضَةُ , وضَعُفَ الأمرُ بالمعروفِ والنَّهيُّ عن المنكر، فلا حولَ ولا قوةَ إلاَّ باللهِ.
استعينوا باللهِ, وأدُّوا فرائضَ الله , وأديمُوا ذكرَ الله, واحذروا العجزَ والتَّسويف, واليأس والقنوط, وابذلِوا من أوقَاتكم للدَّعوةِ إلى الله, وإرشاد عباد الله كلٌّ بحسبه, ومن كانَ لديه القدرةُ لمقاومةِ المنكر وكشفه, والردُّ على المُبطلين والعِلمانيِّين الذين يبُثُّونَ سُمُومَهُم في الصُّحفِ والمجلات وغيرها فليفعل, فإنَّ الردَّ على هؤلاءِ جهادٌ مشكورٌ وعملٌ مبرور .
أنتَ بيومِكَ لا بغَدِكَ وأمسِك , فاجتهد أن لا يمضي عليكَ يوم دُونَ خيرٍ تعمله, أو قريبٍ تصلُه, أو مريضٍ تزوره, أو مسلمٍ تنفعه, أو شرٍّ تدفعه, أو منكرٍ تنهى عنهُ, أو آياتٍ من القرآن تتلُوها, فإن ضعفْت عن جميعِ ما مضى فكفَّ شرَّكَ عن الناس، فإنَّها صدقةٌ منكَ على نفسك .
قال ابن مسعود t: (ما ندمتُ على شيءٍ ندمي على يومٍ غرَبَت فيه شمسُهُ نقص من أجلي ولم يزدَدْ فيه عملي) .(3/247)
وقال الجُنيد لرجل وهو يَعِظهُ: (جِماعُ الخيرِ في ثلاثةِ أشياء: إن لم تُمضي نهاركَ بما هو لكَ فلا تُمضِهِ بما هُو عليك, وإن لم تصحبِ الأخيارَ فلا تصحبِ الأشرار, وإن لم تُنفقَ مالك في ما للهِ فيه رضا فلا تنفقهُ في ما لله فيه سخط) ، وهذا أقلُّ القليل, وإلاَّ فصاحبُ العزمِ لا يرضى بالقليل، وبابُ المُسابقةِ مفتوح .
قال حمَّادُ بن سلمة: ما جِئنا إلى (سليمان التَّيْمِي) في ساعةٍ يُطاعُ اللهُ فيها إلاَّ وجدناهُ مُطيعاً, إن كان في ساعةِ صلاةٍ وجدناهُ مُصلياً, وإن لم تكن ساعة صلاةٍ وجدناهُ إمَّا متوضِّأً أو عائداً مريضاً, أو مشيِّعاً لجنازة, أو قاعداً في المسجد، قال : (فكُنَّا نرى أنَّهُ لا يُحسنُ أن يعصي الله عزَّ وجل) . [الحلية 2/82] .
حافظُوا على حُدودِ الله, وأدُّوا الفرائضَ مع الجماعة في المساجد, واحذروا السهرَ على ما حرَّمَ الله, ومُجالسة الأشرار, فعمَّا قليلٍ يندمُ المفرِّطون, وينتبهَ الغافلون, ((وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ)).
===============
الإجازة الصيفية
يتهيأ كثير من الناس - في هذه الأيام - إلى أنواعٍ من الأسفار التي تنقلهم من مكان إلى مكان، ومن بلدٍ إلى بلد ، ويتأمل الإنسان وهو يشاهد أحوال الناس في ذلك قوله تعالى: ((إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)) (سورة لقمان :34) .
والشاهد قولهُ تعالى: ((وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ)) .
كم رأينا من إنسان ساقتهُ المقادير إلى أماكن - ما جاءها طول عمره، فكانت منيتهُ فيها.
وقد ورد في المسند وسنن الترمذي أنَّ النبيَّ- صلى الله عليه وسلم- قال: (( إذا أراد الله قبض روح عبد بأرضٍ جعل له فيها - أو قال: بها حاجة )) [1] .
وقال أعشى همدان :
لا تأسين على شيء فكل فتى إلى منيته سيّار في عَنَقِ .
وكلُّ من ظنِّ أنَّ الموت يخطئه معللٌ بأعاليلٍ من الحَمَقِ
بأيَّما بلدةٍ تُقْدر منيتهُ إن لا يُسيّرُ إليها طائعاً يُسقِ .
وباب الموت سيلجُه الجميع ، من سافر ولم يسافر: (( أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ )) (سورة النساء : 78) . فهو أمرٌ قد استوى فيه الجميع .
لكنّ هُناك أمرٌ افترق فيه الناسُ وتفارقوا: ألا وهو التأهبُ والاستعداد لذلك الرحيل، ولتلك السفرة النهائية في هذه الدنيا، ليبدأ رحلةً أخرى أبدية يوم البعث النشور، والوقوف بين يدي الله للحساب والجزاء.
فيا من تتهيأ للأسفار ، هل تذكرت ذلك السفر الطويل ؟ وهل تأهبت لهُ أهبة مناسبة؟
إنَّ المؤمن الحق هو الذي استقصر الطويل من الآمال الدنيوية، وتخيَّل في كل وقتٍ أنَّ المنيةَ تعاصفهُ وتفاجئه، فاشتد حذرهُ من هجومها، مخافة أن تحل به عقوبة الله ، ويُحال بينهُ وبين الاستعتاب والتأهبِ للقاء، فيلقى ربه قبل الطهر التام والتوبة النصوح ، فلا يُؤذن له بالدخول بغير طهارة، كما أنَّه لم يؤذن في دار التكليف بالدخول عليه للصلاة والعبادة لله تعالى بغير طهارة .
إنَّ أوقات الصلاة نظير وقت الموافاة، ومثله الدخول إلى بيت الله الحرام - حاجاً أو معتمراً - لا بدّ له من استقبال بيته المحرم، ومن طهارة بدنه وثيابه، وإخلاص نيته لله تعالى، وكذا القدوم على الله.
فإذا تأهب العبد قبل الموت ، جاءه الموت وهو متأهب، وإذا فرّط في التأهب، خيف عليه من خروج الوقت قبل التأهب، إذ هجوم الموافاة مضيّق لا يقبل التوسعة، فلا يُمكُّن العبد من التطهر والتأهب والتوبة عند هجوم الموت، بل يُقالُ له : هيهات، فات ما فات، وقد بعدت بينك وبين التطهر المسافات.
تأمَّلُوا أحوالنا وأحوال الناس، وأهدافهم في هذه الإجازة، والأسباب التي تدفعهم إلى هذه الأسفار:
* من الناس من صار هدفه المتعة الحرام، يبحث عنها في أيِّ مكان، في المشرق أو المغرب، وهناك تتفننُ أوكار الفساد والانحلال في جذب هؤلاء السائحين، ولا تسل عمَّا يجري هناك، فتلك قصة طويلة - نسأل الله العافية -.
* ودون هؤلاء أناس ليس لهم هدف إلاَّ السياحة والتجول في بلاد الكفر والعهر، فيذهب - وأحياناً بأسرته - ليقضي الأوقات، وينتقل من مكانٍ إلى مكان ، وكم يواجهُ من أنواع من المنكرات يمر بها أو يوقعها، ويرجع وترجع الأسرة معه وقد تلقت دروساً عملية في الانحلال وذهاب الغيرة، والتجرؤ على المحارم، والوقوع فيما يغضب الكبير المتعال.
* وهناك أناس- محافظون - ولديهم غيرة على دينهم وأعراضهم، فبحثوا عن أنواع من السياحةِ لا يترتب عليها فساد ، فسافروا وأزجوا أوقاتهم ، وهؤلاء مشكورون على غيرتهم وحفاظهم على أنفسهم وأسرهم، ولكن كُنَّا نتمنى أن يُحددوا هدفاً مع هذه السياحة، يكون في ميزان أعمالهم يوم يلقوا ربهم تبارك وتعالى .
* وهناك - قلة - عرفوا قيمة الوقت، وعظم المسؤولية، وحقارة الدنيا، وعظمةِ ما يؤملُ عند الله تعالى، وقارنُوا بين الدنيا والآخرة، تأمَّلُوا قوله -صلى الله عليه وسلم- : ((ما لي وللدنيا ، إنّما أنا كراكب في ظل شجرة ثم راح وتركها )) [2]
وقوله- صلى الله عليه وسلم- : (( ما الدنيا في الآخرة إلاَّ كما يدخل أحدكم أصبعه في اليمّ فلينظر بم يرجع ؟ )) [3]
وقول الإمام الزاهد والخليفة الراشد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ( لو أنَّ الدنيا من أوَّلها إلى آخرها، أُوتِيها رجل، جاء الموت، لكان بمنزلة من رأى في منامه ما يسُره، ثم استيقظ فإذا ليس في يده شيء ) .
نظر الواحدُ منهم بعين البصيرة، فخاطبَ نفسه خطاب صدقٍ وصراحة، وقال: كيف يليقُ بصحيح العقل والمعرفة أن يقطعهُ أمل حقير من آمال الدنيا عن نعيم لا يزول ولا يضمحل ؟ !! فضلاً عن أن يقطعهُ عن طلبٍ من نسبة هذا النعيم الدائم، إلى نعيم معرفته ومحبته، والأنس به والفرح بقربه، كنسبة نعيم الدنيا إلى نعيم الجنة.
قال الله تعالى: ((وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)) (سورة التوبة: 72) .
فيسيرُ رضوان الله - ولا يقال له يسير - أكبر من الجناب وما فيها، وفي حديث الرؤية، (( فو الله ما أعطاهم الله شيئاً أحب إليهم من النظر إلي وجهه الكريم )) [4]
فلما تأمل هؤلاء هذه الحقائق: اختلفت أهدافهم وموازينهم عن غيرهم ، فشمَّرُوا عن ساعد الجد ، وعزموا على أن تكون أوقاتهم كلها - ومنها هذه الإجازات - في رضوان الله تعالى، وما حُرموا أثناء ذلك من متعةِ سفر، وصلةِ رحم ، ورفقة أنس، وترويحٍ عن الأولاد، .. إلخ، هذه أحوال الناس، فمن أيِّهم نكون ؟
لا بدَّ أن نعتبر، وأن نُقارنَ بين الدنيا والآخرة، فنعملَ لكلٍ بما يستحقه.
منطلقاتٍ عملية حول الإجازة :
- الحفاظ على الأسرة : لأنَّ مجال الفراغ والتَّفلت فيها كبير جداً .
- ترتيب الأولويات :
- فهناك صلة الأرحام . ( وخاصة الوالدين ) .
- والدعوة إلى الله تعالى.
- وطلب العلم .
- والاستفادة من الإجازة استفادت أخرى، من مهارات، أو تجارة، أو غيرهما.(3/248)
1- التخطيط المدروس لوقت الإجازة؛ لأنَّ الإنسان إذا هجمت عليه الإجازة ربما انقضت أوقات كثيرة منها قبل أن يحدد هدفه، فضلاً عن أن يبدأ بالتنفيذ، وأحب أن أُذكّرَ بأنواع من المجالات التي يمكن الاستفادة من الإجازة لتحقيقها، أو لتحقيق بعضها:
أولاً : برنامجٌ لحفظ سور أو أجزاءٍ من القرآن الكريم، ويكون هذا من خلال:
- حلقات المساجد أو المراكز لتحفيظ القرآن الكريم.
- دروس بيتيه أسريّة، يشتركُ فيها جميع أفراد العائلة، ووضع جوائز تشجيعية لذلك.
- جهودٌ فردية - يعزمُ الإنسان - من خلالها على حفظ كذا أو كذا من القرآن الكريم.
ثانياً : طلب العلم: وهذا لا يتعارض مع الإجازة - التي تعتبر فسحةً بعد نهاية العام الدراسي؛ لأنَّ طلب العلم الذي نقصده هنا أمرٌ اختياري، لا يُلزمُ به الإنسان، ومن ثم فسيجدُ فيه متعة، ولقد كانت سياحةُ علماء السلف - رحمهم الله تعالى - طلب العلم .
وأحب لطالب العلم، أن يحدد ما ذا يريد في هذه الإجازة ؟ فيحدد الموضوع، والمنهج، والطريقة.
وأقترح: أن تحدد كتب - ولو مختصرة - ليأخذها طالب العلم من أوَّلِها إلى آخرها، ولا يتشتت ذهنهُ في تنقلهِ من موضوعٍ إلى موضوع، ومن كتابٍ إلى كتاب دُون ترتيبٍ جيد .
ثالثاً : أن يكون للإنسان جهد يبذله في الدعوة إلى الله تعالى، وسواءً قضى الإجازة كلها أو بعضها في ذلك ، فليعلم أنَّ هذا باب واسع :
- فالغني المشغول بتجارته، يقوم بهذا الواجب - واجبُ الدعوة إلى الله بما ينفقهُ من مالٍ في سبيل الدعوة إلى الله تعالى، سواءً للداخل، أو للمسلمين في الخارج.
وكم رأينا من رجالٍ وشبابٍ يُحبُون أن يبذلوا أنفسهم في أيِّ مكانٍ للدعوة إلى الله تعالى، لكن ضاقت عليهم النفقة خاصةً في مجالات الدعوة المختلفة:
- فهناك الكتاب الإسلامي.
- والشريط الإسلامي.
- وبناءُ المساجد والمدارس.
- والحلقات العلمية والتربوية .
وغيرها، يمكن أن يقومَ بدعمه الغني - بل وكل متبرع - ولو بالقليل من المال في سبيل الله تعالى.
ومما يؤسفُ له، أنَّ أهل البدع ينشطون في ذلك أعظم نشاط، فالرافضة والصوفية وغيرهم ترى جهودهم وصلت إلى كلِّ مكان، أمَّا أهل السنة فلا تزال جهودهم دُون المستوى المطلوب بكثير !!
ب- والعالم وطالبُ العلم، يقُومان بدورهما في الدعوة إلى الله تعالى، سواءً في إقامة الدروس وحلق العلم، أو في التجول في البلاد، يدعُون إلى الله تعالى ويُوجهون الناس.
ج- والشاب الطيب أيضاً، يقوم بدوره مع زملائهِ أو نشاطه في مركزه أو حيّهِ. وهو بابٌ للحفاظ على شبابنا من الضياع، فيه جهادٌ ودعوة يحتاجُ فيها إلى مؤازرة.
د- والفتاةُ المسلمة والأسرة المسلمة تقومُ بدورها من خلالِ دروسِ تحفيظ القرآن للنساء، ومن خلال الزيارات الأسرية الجادة.
هـ - وكلُّ فردٍ يمكن أن يقوم بدورٍ ما في الدعوة إلى الله تعالى، والمجالات - والحمد لله - عديدة، والموفقُ من وفقّهُ الله للخير وألوانٍ من الجهادِ في سبيل الله، من عمرة، ودعوة..إلخ.
رابعاً : وهناك مجالات أخرى - لا نهوّن - من شأنها، وكنتُ أتمنى أن يتوجهَ إليها بعض شبابنا، ممن صارت الكرة روحهُ وعقلهُ ولبّه، ورُبما دينه.
وهذه المجالات متنوعة: منها التجارية لتعويدِ الأولاد وتدريبهم على أن يكونوا رجالاً، ومنها تنميةُ المهاراتِ المختلفة في علوم الكمبيوتر وغيرها كثير.
[1] حديث صحيح رواه الترمذي ( 2148) ، وأحمد ( 3/ 429 ) من حديث أبي عزة رضي الله عنه . وهو رجل من الصحابة . وله شاهد من حديث مطر بن عُكامس رواه : الترمذي ( 2174 ) . ، والحاكم ( 1/ 367- 368 ) . وله شواهد أخرى رواه الحاكم ( 1/ 367 ) .
[2] حديث صحيح رواه الترمذي ، ( 2378 ) ، وابن ماجه ( 4109) ، وأحمد ( 1/ 441) . والحاكم ( 1/ 310) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه . وله شاهد من حديث ابن عباس رضي الله عنهما رواه : أحمد ( 1/ 310) . وشاهد آخر من حديث عمر رضي الله عنه رواه : الحاكم ( 1/ 300، 301 ) .
[3] رواه مسلم ( 2858) ، والترمذي ( 2323 ) ، وأحمد ( 4 /229 ، 230) .
[4] رواه مسلم ( 181 ) من حديث صهيب رضي الله عنه .
=============
الرياضة والكرة
إنَّ الحمدَ لِله نحمدهُ ونستعينهُ, ونستغفرهُ, ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسنا, ومن سيِّئاتِ أعمالِنا, منْ يَهدهِ اللهُ فلا مُضلَ لهُ, ومنْ يُضلل فلا هاديَ له. وأشهدُ أنَّ لا إله إلا الله وحدهُ لا شريكَ له, وأشهدُ أنَّ محمداً عبدهُ ورسوله. (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)) (آل عمران:102). (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)) (النساء:1). (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً)) (الأحزاب:70-71).
أما بعدُ : فإنَّ أصدقَ الحديثِ كتابُ الله, وخيرُ الهدي هديُ محمدٍ r وشرُّ الأمورِ مُحدثاتُها, وكل محدثةٍ بدعة, وكلَّ بدعةٍ ضلالة, وكلَّ ضلالةٍ في النار
أيَّها المسلمون :
فلقد أنشأ النبي صلى الله عليه وسلم دولةَ الإسلامِ الأولى في المدينةِ, حيث انطلقتْ منها جحافلُ التوحيدِ, وكتائبُ الجهادِ, يمنةً ويسرةً, لتدكَّ معاقلَ الوثنية,ِ وتستأصلَ شأفةَ الظلمةِ والمتسلطين .(3/249)
وواصلت دولةُ الإسلامِ الفتيةِ جهادَها وفتوحاتِها في عصرِ الخلفاءِ الراشدين, حيث تحققَ خلالَ ذلك العصرِ البديعُ تدميرُ أعظمَ دولتين في ذلك الزمانِ, وسار على المنوالِ نفسه خلفاءُ بني أميةَ, فقد ظلتْ سوقُ الجهادِ في أيامهم على قدمٍ وساق, ثم خلفَهم بنو العباسِ الذين وصلت فتوحاتُهم أقاصي الدنيا, شرقا وغربا, ثم أخذت حركةُ الفتوحاتِ بالتَوقفِ, وانتقلتْ الأمةُ من موقعِ الهجومِ إلى موقعِ الدفاعِ, ومن ثم أخذتْ دولةُ الإسلامِ في الانحسارِ والتراجع, حتى كانت قاصمةُ الظهر بإعلانِ سقوطِ الخلافةِ الإسلاميةِ, وزوال الدولة العثمانيةِ, والتي كانت آخرَ فتيلٍ من شمس الإسلامِ التي عمت أصقاعَ الدنيا ردحاً طويلا من الزمان, حتى آل الأمرُ بعد ذلك إلى تمزقِّ العالمِ الإسلامي شعوباً وأحزابا, كلُ حزبٍ بما لديهم فرحون, وحتى العرب الذين حملوا رايات الجهادِ الأولى تقطعوا وتمزقوا, وتفرقوا إلى اثنتين وعشرين أمةً, كلُ أمةٍ تلعنُ أختها, وفي الوقتِ الذي كانت دولةُ الإسلام تنحدرُ ذلك الانحدارَ المخيفِ, حتى استقرت في قاعِ الهاويةِ. كان الغربُ الصليبي محافظاً على توازنه, آخذاً في السمو والارتفاع, محققا إنجازاً مذهلا في تقدمه التقني والصناعي, والحربي والزراعي, ومن ثم أحكمَ سيطرتَه على العالمِ بأسرهِ, والعالمِ الإسلامي على وجهِ الخصوصِ, ذلك العالُم الذي أذاقهُ الأمرَّين, وسقاهُ كأسَ الذُلِ ردحاً من الزمانِ, وفجأةً استيقظ المسلمونَ وإذا بالأرضِ غيرِ الأرضِ التي يعرفون, فلم تَعُدْ هناك أرضُ خلافةٍ لا تغيبُ عنها الشمس, ولم يعدْ هناكَ خليفةٌ يقول : (أمطري يا سحابةُ أنىَّ شئتِ، فسيأتني خراجُك ولو بعد حين ) , ولم يعدْ هناك خليفةٌ تدفعهُ مروءتُهُ ونخوتُه إلى تسييرِ جيش بأكملهِ, فينتصرُ لامرأةٍ مسلمةِ صفعهَا عِلجٌ نصرانيٌ جبان .
وانقسم المسلمون المفْجُوعونَ بهولِ المصيبةِ, وفداحةِ الكارثةِ, وضغطَ الواقعِ الكئيبِ, انقسموا إلى فريقين, فريقٌ له عقلُهُ الراجح,ُ ورأيهُ السديد, يُنادي بالعودةِ إلى الأصولِ, والارتشاف من المعينِ العذبِ الذي ارتشفَ منه أبو بكرٍ وعمرٍ, وطلحةَ والزبير, وفريقٌ مغفلٌ مغرورٌ مخدوعٌ ببريقِ عبدةِ الصلبانِ الذين آووه واحتضنوه, وأرضعُوه كأسَ التبعيةِ والولاءِ لهم, وسقوه عُصارةَ الفسقِ والإلحاد, فرأى هذا الفريقُ الأرعنْ, والخصمُ النكد, رأى الحلَّ لمشكلاتِ الأمةِ المتخلفةِ, رآه في إقصاءِ الدين, ونبذِ القيمِ, ورأى الحلَّ كذلك بعد أن فكر وقدر, فقتل كيفَ قَدَر, ثم قُتل كيف قدر, رآه في إنشاءِ الملهى الليلي, والمسرحِ الفجوري, والفيلمِ الداعرِ, والأغنيةِ الماجنةِ, والشواطئِ العاريةِ, وأخيراً تفتقت أذهانهمُ الخاويةُ, وعقولهُم السقيمةُ, عن إلهاء الشبابِ أملُ الأمةِ الواعد, وشريانُها النابض, إلهاء الشبابِ بالرياضةِ والكرة, والتي أصبحتْ لدى الكثيرينَ وثناً يعبدُ ويقدس من دون الله تعالى.
ولم تُعدْ الرياضةُ وسيلةً لتقويةِ الأجسامِ, والاستعدادِ للنزالِ وجهادِ الأعداء, كما كنا نتوهمُ قديماً, ولم تعدْ وسيلةً للترويحِ البريءِ على الأقلِ, بل أصبحتِ اليومَ تُزاحمُ العقيدةَ, وتضطرُها إلى أضيقِ طريقِ, وأصبحَ الولاءُ للأزرقِ والأحمر والأخضرِ والأصفر, حتى وصلَ الجنونُ ببعضهمِ إلى اختيارِ لونِ سيارتِهِ وحيطانِ بيتهِ, وغرفةِ نومهِ وملابسِ أطفالهِ, بحسبِ شعار فريقهِ المفضل, وبلغتِ العصبيةُ الرياضيةُ ببعضهمِ إلى الخصومةِ والقطيعةِ, حتى داخل نطاقِ الأسرةِ الواحدة, حيث تعددتِ الولاءَاتُ, واختلفتِ الانتماءات , فمِن متعصبٍ للأزرقِ ومن متعصبٍ للأحمرِ, ومن متعصبٍ للأَخضرِ, كلٌ يشتمُ صاحبَه ويبغضَهُ ويعاديهِ من أجلِ الكرة, أو يحبهُ ويواليهِ من أجلها كذلك, وقد تحدثُ الخصومةُ بين الزوجينِ, فتُطلقُ الزوجةُ, وتتشتتُ الأسرةُ, وتُخْربُ البيوتُ من أجلِ الكرةِ, وقد تحدثُ قطعيةُ الأرحامِ وعدا واتِ الأقاربِ, بسببِ الانتماءاتِ الرياضيةِ المتنافرة, ولقد تميعت العقيدةُ لدى بعض المشجعينَ, بحيثُ لو سَبَّ أحدُهمُ دينَهُ وعرضَهُ لما حرّك ساكناً, لكنه يقيمُ الدنيا ولا يُقعُدها لو سبَّ إنسانُ فريقَهِ المفضل, وإن شئت قل: معبودَه ووثنه, كلُ ذلك جهلاً وعصبيةً, وهمجيةً ورعونةً, وقد بلغَ الهوسُ الرياضي مبلَغهُ, حيث أصبحتِ الكرةُ تُلعبُ صباحاً ومساءً, وعشياً وحين يظهرون, واكتضتِ الملاعبُ بعشراتِ الألوفِ من الشبابِ الغافلين الذين خُدعوا وضُللوا حين صوروا لهم الانتماءَ الرياضي, والتشجيعَ الكروي نضجاً ورجولة, ومجداً وبطولةً, وجعلوا قُرةَ العين مجاهدةَ النصارى والوثنيين في مسابقةِ الكأسِ الثميِن وكأنها ملحمةُ حِطين .
وفي الملاعبِ تكتظُ الجماهيرُ تحت وهجِ الشمسِ الحارقةِ, والسمومِ اللافحةِ, أو تحتَ الصقيع القارسِ, وهم مع ذلك صابرون فخورون فقد أقنعوهم بأنهم الجماهيرُ الوفيةُ, وأنهم الجماهيرُ الصابرةُ, والجماهيرُ الملازمةُ لمحبوبِها, تَحِلُ حيثُ حلَ وتقيلُ حيثُ قَالَ, وتُوأزرهُ في السراءِ والضراءِ, والمنشطِ والمكره, واستُبدلتْ صيحاتُ التكبير الله أكبر بتصفيقِ الجماهيِر اللاهثةِ خلفَ السراب, المخدوعةِ بمعسولِ الثناءِ, ألم يقال لهم : أنتم الجماهيرُ الوفيةُ, وأنتم الجماهيرُ المخلصةُ, وهكذا يَظلُ المساكينُ , يُتابعون الكرةَ بأعصابٍ متوترةٍ, وأعناقٍ مشرئبةٍ, وأنفاسٍ مُجَهدةٍ, تسعون دقيقةً يلعنُ بعضهم بعضاً, ويسبُ بعضهم بعضا, وأما كبارُ المشجعيَن وقادةُ الجماهيرِ, فقد حملوا مزمارَ الشياطينِ وطِيران الأبالسةِ, وتمايلوا يمنةً ويسرة نشوةً وطرباً, يرددون الأناشيدَ الفارغةِ والأهازيجَ السخيفةِ, ويسخرونَ بمقام النبي صلى الله عليه وسلم حيث يجعلونه مادةَ أناشيدهمِ, بل ويُلحدون في كتابِ الله تعالى حين يرفعون يافطا تٍ عريضة كُتب عليها : ((وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ )) أو قوله تعالى : ((إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُم )) أو قوله تعالى : (( أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ )) إلى غيرِ ذلك من الإلحادِ والظلمِ الكبير .
وأما عقبَ المبارياتِ, فتنطلقُ الجماهيرُ في الشوارعِ أشراً وبطراً, ورئاء الناس حيث يملؤون الدنيا ضجيجاً بصراخهمِ وسفههمِ, وجنونهمِ وحماقتِهم, ويرفعون أعلامَهمَ فوقَ سياراتهمِ, منطلقينَ بسرعةٍ جنونية, وحركاتٍ شيطانية يفسدون البلادَ ويؤذن العبادَ, وأما المصادماتُ والمضارباتُ, وأحداثُ الشغبِ داخلَ الملاعبِ وخارجِها فحدث ولا حرج, فمن يحملُ وزر هؤلاء ؟! ومن يوقفُ هؤلاء عن هذا الطيش والسفه؟!
أيها المسلمون :
لقد أخذت الرياضةُ بُعداً منحرفاً عن البُعد الذي كانوا يتحدثون عنه, وعن العباراتِ التي زينوا بها حيطانَ المدارسِ كقولهم : العقلُ السليمُ في الجسمِ السليمِ، وقولهِم : الرياضةُ بدنٌ سليمٌ وعقلٌ مبتكرٌ, فقد أصبحتِ الرياضةُُ كما ترون وتسمعون سفهً و جنوناً, وعصبيةً وأحقاداً, وقطعيةً وعداوةً, ومن أجلِ الرياضة أُبيدتْ الثروات وأنفقتْ الأموال, ومن أجلِ الرياضةِ أضيعتِ الصلواتُ واتبعتِ الشهواتُ, ومن أجلِ الرياضةِ أغدقتْ على اللاعبين الدراهمِ والدنانير وخلعتْ عليهم الألقابُ, وصوروهم للناشئةِ أبطالاً ونجوماً, فأيُّ بطولةٍ هذه وأي نجوميةٍ تلك ؟! لكنها المقاييسُ المقلوبةُ, والمعاييُر المنكوسةُ !
أيها المسلمون :(3/250)
لقد خطط اليهودُ بمهارةٍ لإلهاءِ العالم كلهِ, والعالمِ الإسلامي بخاصةِ, خططوا لإلهائهِ بالرياضةِ والفنِ والإباحيةِ, فقد كتبوا في بروتوكولا تهم المشهورةِ ما نصه : ( ولكي نُبقيها - أي الجماهير - في ضلالٍ يصرفهُا عما نريدُ عملَه, نُشغلُها بألوانٍ خلاّبةٍ من الملاهي والألعابِ وشاغلات الفراغِ, والمنتدياتِ العامةِ, ونُبادرُ بإعلانٍ في الصحفِ تدعو الناسَ إلى شهودِ المبارياتِ التي تُقامُ في مختلفِ الفنونِ والرياضاتِ, والتي تصرفُهم عن أمورٍ لابُدَّ أن يختلفوا فيها معنا .
وللأسفِ الشديدِ, فقد نفذَ المسلمون مخططاتٍ يهوديةٍ, بدقةٍ متناهيةٍ, وحققوا ما يُريدُهُ حفدةَ القردةِ والخنازيرِ وأكثرَ مما يريدون, ومن العجيب أيها المسلمون, أننا لم نسمع أن لليهودِ أيِّ منتخبٍ كروي, أو إنجازٍ رياضي ولم نسمعْ لهم عن مشاركاتٍ فعَّالةٍ في المسابقاتِ العالميةِ, لأنهم مشغولون بتكديسِ السلاحِ النووي, و إنتاجِ الطائراتِ الحربيةِ التي لا تحتاجُ إلى طيارٍ يقُودُها, ومشغولون بإحياءِ اللغةِ العبريةِ التي ماتت منذُ قرونٍ طويلةٍ, ومشغولون بتلقينِ أبنائهم تعاليمَ التلمود, وغرسِ الصهيونيةِ في نفوسِ الجيلِ الجديدِ, أما الرياضةُ فتركوها لنا وليتنا أفلحنا, ومن العجائبِ كذلكَ التي تدل على سذاجتِنا وغفلتِنا ,أن العالمَ الغربي الحاقدَ علينا يسمحُ لنا بأن نتطورَ ونتقدمَ بالكرةِ, ويمدونا بالمدربين واللاعبين, ويشجعُنا على مواصلةِ الجهادِ الرياضي, وتحقيقِ المجد الكروي, لكنه لا يسمحُ لنا بأن نحققَ أي تطورٍ عسكري أو تقدمٍ صناعي, أو اكتفاءٍ غذائي, فهل يعي ذلك أبناء الإسلام ؟!
بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم, ونفعني وأيَّا كم بالذكرِ الحكيم, واستغفر الله لي ولكم إنَّهُ هو الغفورُ الرحيم..
الخطبة الثانية
الحمد لله يُعطي ويمنع, ويخفضُ ويرفع, ويضرُ وينفع, ألا إلى اللهِ تصيرُ الأمور. وأُصلي وأسلمُ على الرحمةِ المهداة, والنعمةِ المُسداة, وعلى آلهِ وأصحابه والتابعين,
أمَّا بعدُ:
أيُّها المسلمون:
أيها الأخوةُ في الله :
فإن الرياضةَ البدنيةَ, إذا كان القصدُ منها تقويةُ الأجسامِ وإعدادُ النفوسِ للجهادِ, ولم يترتبْ عليها محذور شرعي من إضاعةٍ للصلواتِ, وتبديدٍ للأوقاتِ, وصرفِ الولاءِ والبراءِ من أجلِها فلا بأسَ بها, ما لم تكن هي الغايةُ والأصلُ والأساسُ .
لكن قولوا لي بربكم, هل الرياضةُ التي يمارسُها الشبابُ اليوم وتشجعُها الجماهيرُ, وتحتفلُ بها الصحفُ والمجلاتُ, هل هي رياضةٌ شريفةٌ معقولة ؟! هل هي رياضةٌ يستعانُ بها على الجهادِ في سبيل الله ؟ أو يستعانُ بها في طولِ القنوتِ بين يدي الواحدِ القهار ؟!
أيها المسلمون :
إن الأمةَ اليومَ مثخنةٌ بالجراحِ, والهزيمةَ النفسيةِ تطاردُنا في كلِ مكانٍ, والعارَ يعلو وجُوهنا بثوبهِ الأسودِِ الكئيب, والعدو استباحَ بيضتنَا واستحلَ حُرمتَنا, وتلاعبَ بأعصابنَِا ومشاعرنا ؟!
فإلى متى يا أمةَ الإسلام ؟ إلى متى نظل أضحوكةَ العالم ومهزلةَ الدنيا ؟! إلى متى نظل بُسطاءَ ومغفلين ؟! وبيننا كتابُ ربنِا ، يصرخُ بنا: (( وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ )) [آل عمران: من الآية101] .
إلى متى نظلُ سادرين في غيِّنا, تائِهين عن مبعثِ عزتنا وأساسِ نهضتنا, قُرآنُُنا العظيم وسنةُ خيرِ المرسلين, صلوات الله وسلامُه عليهم أجمعين, إلى متى نظلُ نلهثُ وراء الكرةِ ؟ ونحسبُها مجداً وعزاً, وما هي إلا سرابٌ بقيعةٍ يحسبه الظمآنُ ماءً, إلى متى نظلُ مهملين لأولادِنا وفلذاتِ أكبادنا ؟ يشجعونَ ما يشاءونَ ويحبون ما يريدون, ونتركهم ألعوبةً بأيدي السفهاءِ يربونهَم على أعينِهم, ويقتلونَ المروءةَ والنخوةَ في نفوسهم, وينتزعون الشجاعةَ والرجولةَ من قلوبهمِ .
سلْ ابنَك أيها الأبُ صغيراً كان أو كبيراً, سله عن العشرةِ المبشرين بالجنة؟ أو سله عن بطلِ القادسية ! وأسدِ عين جالوت ؟! وسلْهُ عن بطلِ السند, هل يعرفُ منهم أحدٌ؟ ثم سلهُ عن اللاعبين الأحياءَ منهم والميتين؟ يتضح لك بجلاءٍ أيُّ ابنٍ تقدمُهُ للأمةِ الأمةُ التي تنتظرُ من يستجيب لصرخاتِ اليتامى, وآهاتِ الثكالى
وطفلةٌ ما رأتْهَا الشَمْسُ إذ برزتْ كأنما هيَ ياقوتٌ ومرجانُ
يقُودُها العِلْجُ للمكروهِ كارهةً والعينُ دامعةٌ والقلبُ حرانُ
لمثلِ هذا يذوبُ القلبُ من كمدٍ إن كان في القلبِ إسلامٌ وإيمانُ
الأمة تنتظرُ من يعيشُ لِهَمِّ الأقصى الذي يئِنُ تحتَ نيرانِ الاحتلالِ .
تبكي الحنيفِيَةُ البيضاءُ من أسفٍ كما بكى لفراقِ الإلفِ هيمانُ
حتى المحاريبُ تبكي وهي جامدةً حتى المنابرُ ترثي وهي عيدانُ
الأمةُ تنتظرُ من يُخففُ الجروحَ النازفةِ، والدموعَ الذارفةِ
الأمةُ تنتظرُ من يأخذُ بيدها إلى سفينةِ النجاةِ، وشاطئِ السلامِ, فمن يحملُ هَمَّ الإسلامِ ويأخذُ بيدِ الأمةِ إلى شاطئِ السلامِ ؟!
اللهمَّ إنَّا نسألُك إيماناً يُباشرُ قلوبنا, ويقيناً صادقاً, وتوبةً قبلَ الموتِ, وراحةً بعد الموتِ, ونسألُكَ لذةَ النظرِ إلى وجهكَ الكريمِ, والشوق إلى لقائِكَ في غيِر ضراءَ مُضرة, ولا فتنةً مضلة,
اللهمَّ زينا بزينةِ الإيمانِ, واجعلنا هُداةً مهتدين,لا ضاليَن ولا مُضلين, بالمعروف آمرين, وعن المنكر ناهين, يا ربَّ العالمين, ألا وصلوا وسلموا على من أُمرتم بالصلاة عليه, إمام المتقين, وقائد الغرِّ المحجلين وعلى ألهِ وصحابته أجمعين.
وأرض اللهمَّ عن الخلفاءِ الراشدين أبي بكرٍ وعمر وعثمان وعلي
اللهمَّ آمنا في الأوطانِ والدُور, وأصلحِ الأئمةَ وولاةِ الأمورِ, يا عزيزُ يا غفور, سبحان ربك رب العزة عما يصفون
================
البرنامج العملي لاغتنام إجازة الصيف
الحمد لله ، وأصلي وأسلم على رسول الله وبعد :
فبمناسبة بدء الإجازة الصيفية ، وسعة الوقت لدى الكثيرين ، أحببت أن أكتب برامج ميسرة ، وجادة لمن حرص على استغلال وقته ، وشح بساعات يومه وليلته ، وهم كثر بحمد الله إلا أن غياب التوجيه والنصح العملي ، أدى إلى تبديد الأوقات ، وإضاعة الساعات تلو الساعات .. وهذه البرامج هي اجتهادات شخصية لا أزعم فيها الكمال ولا ما يدانيه ، والمجال مفتوح لمن أحب أن يفيد إخوانه ، وينصح لأئمة المسلمين وعامتهم .
وهذه البرامج روعي فيها التنويع إلى حد ما ليتلاءم مع الرغبات المختلفة .. فهناك برنامج لراغب حفظ كتاب الله عز وجل ، وبرنامج لمن رغب في حفظ الصحيحين ، وبرنامج لراغب حفظ المتون العلمية ، وبرنامج للداعية ، وبرنامج لمحبي الرحلات الدعوية ، وهكذا .
ثم إن هذه البرامج برامج مكثفة ، وتتطلب جدية وعزيمة راسخة ، وهي بالطبع لا تصلح لمحبي الخمول والكسل ، والراحة والاسترخاء ، ومن عجز عن الانخراط في هذه البرامج فلا يثبط غيره أو يفتر عزيمة إخوانه حتى لا يكون مِغلا ق خير لا سمح الله ، ولا ينس الجميع أن الدال على الخير كفاعله ، والله ولي التوفيق
أولاً : برنامج حفظ القرآن الكريم :
هذا البرنامج يمكن طالب العلم من حفظ القرآن كاملاً خلال الإجازة الصيفية(ثلاثة أشهر) ويكون من خلال الخطوات العملية التالية:
1- حفظ ثلاثة أرباع الجزء ( 6 أثمان ) كل يوم ومراجعته في اليوم الثاني، ثم حفظ نفس المقدار في اليوم الثالث ومراجعته في اليوم الرابع وهكذا.(3/251)
2- يبدأ الحفظ عقب صلاة الفجر وقراءة الأذكار، ويجزّأ نصف الجزء المراد حفظه إلى أوجه متساوية ثم يشرع الطالب في حفظ الوجه الأول فإذا أتمه أعاد قراءته عدة مرات حتى يتقنه ثم ينتقل إلى الوجه الثالث حتى يفرغ من نصف الجزء فإذا فرغ منه أعاد قراءته على نفسه أو على شخص غيره أكثر من مرة , مع التزام قراءته في صلوات النافلة والتهجد , ويظل مع هذا الحزب القرآني طيلة يومه وغده طالباً من المولى تعالى أن يخلص له نيته , ويثبت له حفظه ويكثر من الدعاء والتضرع حتى يسهل أمره , ويصل مناه.
3- لا يفضل لراغب الحفظ إشغال نفسه بغير القرآن أو حضور الدورات العلمية أو نحوها مع أهميتها وفائدتها بل يجمع نفسه لحفظ القرآن العظيم وإن أمد الله في العمر أدرك ما كتب له من العلوم والفنون الأخرى .
4- يستحسن أن يكون بجواره كتاباً مختصراً في التفسير ليطالع مادعت إليه
الضرورة من معاني الكلمات أو مفهوم بعض الآيات وليطرد به السآمة والملل عن نفسه بلا إسراف ونوصي هنا بمفردات الراغب الأصفهاني وتفسير ابن سعدي .
5- يمتد وقت البرنامج الصباحي إلى أذان الظهر يتخلله تناول الإفطار في أي ساعات الصباح الأولى شاءها الطالب .
6- بعد صلاة الظهر, وتناول الغداء ينبغي أخذ قسط من الراحة والنوم بحدود الساعة إلى الساعة والنصف ولا يتجاوز الساعتين بحال , وينفرد بنفسه لاستكمال محفوظاته إن لم يكن فرغ منها , إذ بالإمكان حفظ الحزب المقرر والفراغ منه قبل الظهر , وهذا أمر تتفاوت فيه القدرات وتتباين فيه الاستعدادات .
7- بعد العصر تبدأ المراجعة للحزب اليومي دون ملل أو كلل طيلة يومه وليلته وغده كما تقدم .
8- في خلال ثمانين يوماً يكون الطالب قد أتم الحفظ كاملاً وإن شاء أن يحفظ كل يومين نصف جزء أمكنه حفظ القرآن كاملاً في عشرين ومائة يوم بإذن الحي القيوم , والله المسؤول أن يجعلنا من أهل القرآن حملاً وأداءً , وقولاً وعملاً وجهاداً .
ثانياً: برنامج حفظ الصحيحين:
وهذا البرنامج لا يفضل الشروع فيه إلا لمن أتم حفظ القرآن الكريم وأتقنه ، وللتسهيل والاختصار يستحسن البدء بالمختصرين ، أعني مختصر البخاري للزبيدي ، ومختصر مسلم للمنذري ، وليبدأ بأحدهما ، ثم يحفظ زيادات الثاني عليه
ولو شرع الطالب بحفظ مختصر مسلم مثلاً لوجده يتكون من 580 صفحة وفق طبعة المكتب الإسلامي وتحقيق العلامة ناصر الدين الألباني ويمكنه أن يقسمه على 58 يوماً بمعدل 10 صفحات كل يوم ، فيكون قد أتم حفظه في أقل من شهرين ، ثم يأخذ زيادات البخاري ويحفظها بسهولة في الشهر المتبقي .
آلية البرنامج :
1- يبدأ البرنامج اليومي عقب صلاة الفجر وقراءة الأوراد الصباحية بقراءة الحديث مرة أو مرتين ثم حفظه أو تجزئته إلى أسطر وجمل إن كان الحديث طويلاً ، ومسألة الطول والقصر مسألة نسبية ، وفي ظني أن الحديث أن الحديث إذا تجاوز خمسة أسطر فيحتاج إلى تقسيم من أجل ظبطه .
ولا ينبغي الانتقال إلى حديث آخر إلا بعد التأكد من إتقان الحديث ومعرفة راويه ، ثم يشرع الطالب في الحديث الثاني ثم يقرأ الاثنين معاً عن ظهر قلب ، ثم يأخذ الحديث الثالث وهكذا حتى يفرغ من الأوجه المقررة كل يوم وأعتقد أن فترة ما بين الصباح إلى الظهر كافية لحفظ المطلوب وإتقانه شريطة التركيز ، وجمع الذهن واستغلال الوقت كله عدا ما لا بد منه كالإفطار مثلاً .
2- بعد صلاة الظهر يفضل تناول الغداء مبكراً ثم الراحة والنوم ما بين الساعة إلى الساعة والنصف ، ولا يتجاوز الساعتين بحال ، وعند الاستيقاظ يبدأ الطالب بمراجعة محفوظاته اليومية ، ويستذكر محفوظاته بصوت مسموع إذ أن ذلك مما يعين على تثبيت الحفظ وتركيزه .
3- بعد العصر- وهو في الصيف وقت ذهبي ثمين - يقضيه في مكان خالٍ إما في منزله أو مسجد أو غيره يراجع محفوظاته اليومية ومحفوظات الأمس والذي قبله وهكذا ، لأنه في كل يوم ستزيد محفوظاته بإذن الله ، فحتى لا تتعرض للنسيان يخصص فترة ما بعد العصر وإلى الحادية عشرة مساء في المدارسة والمراجعة ، موطناً نفسه على الصبر والاحتساب ، وليتذكر أنه بهذا العمل الجليل ينضم إلى جماعة المعظمين لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويتشبه بعمالقة هذه الأمة وجهابذتها من أمثال أبي هريرة وعبد الله بن عمرو وابن عمر وابن مسعود وابن عباس وعائشة وأنس - رضي الله عنهم - ومالك والشافعي وأحمد والبخاري ومسلم وأبي داوود ويحيى بن معين والدار قطني وسفيان وغيرهم - رحمهم الله - ممن جعلوا حفظ الحديث والتفقه فيه صناعتهم وهممهم .
أولئك آبائي فجئني بمثلهم إذا جمعتنا يا جرير المجامع
ولا ينبغي لطالب العلم والحديث أن يحقر نفسه، أو يستصعب المشوار فعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم، ومسافة الألف ميل تبدأ بخطوة.
4- فترة ما بين المغرب والعشاء تكون فترة الراحة المفيدة، والراحة المفيدة تكون بالجلوس مع الوالدين والإخوان، وقضاء حوائجهم أو زيارة الأقارب وصلى الأرحام أو مطالعة كتاب، أو استماع شيء نافع والله المستعان.
ثالثاً : برنامج الداعية :
هذا البرنامج مخصص للداعية المبتدئ الراغب في المساهمة في الحقل الدعوي ، إلقاءً ، ووعظاً، وخطابة ، وتوزيعاً للمواد الدعوية النافعة أو التنسيق للمشايخ والدعاة في إلقاء الكلمات وإحياء الأمسيات الشبابية في الاستراحات وخلافها ويكون ما تقدم وفق التالي :
أولاً: إلقاء الكلمات:
1- على الراغب في تعلم الإلقاء والوعظ أن يمرن نفسه في بادئ الأمر على الكلمات القصيرة أمام زملائه ، وفي المساجد الصغيرة ، وليُحضِّر كلمة قصيرة لا تتجاوز سبع دقائق أو عشر تكون مادتها حديثاً يحفظه ويلخص فوائده للحضور ثم يكرر هذه الكلمة في مسجد آخر وثالث ورابع حتى ينطلق لسانه ويزول هاجس الرهبة .
2- في المرحلة الثانية يُعِّود نفسه إلقاء كلمات متنوعة فمرة عن فضل قيام الليل، وأخرى عن ثواب صيام التطوع وثالثة عن الصبر ورابعة عن الحلم وخامسة عن بر الوالدين، وهكذا، وهذه الكلمات تكون من إنشائه في الأصل وبأسلوبه الخاص دون محاولة تقليد أحد من الناس مهما كان مؤثراً.
3- في المرحلة الثالثة على الداعية أن يقترب كثيراً من المساجد الكبيرة والمكتظة بالمصلين ، ويعود نفسه على الإقدام والمبادرة بشجاعة ، وليحسن التوكل على الله ، فإنه معينه وكافيه ثم ليحذر النكوص أو التراجع عند رؤيته من يعرفه أو يفوقه علماً أو يسبقه دعوة ، فقد كان ثابت بن قيس بن شماس رضي الله عنه خطيباً لرسول الله صلى الله عليه وسلم يجيب الوفود بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي غيبته .
4- في المرحلة الرابعة ينبغي للداعية أن يعلي المنابر، ويخطب الجمع، ويقرأ ما كتبه أهل العلم ونشروه فيستفيد منه، وإن عود نفسه منذ البداية على التحضير والإعداد الذاتي فذلك أمكن له وأفضل وأدعى لتحقيق النجاح بإذن الله وقوته.
ثانياً : الرحلات الدعوية :
وهذا البرنامج يفضل أن يكون جماعياً ، فلا يقل العدد عن ثلاثة أفراد ، ولا يزيد عن خمسة ، ويحددون لأنفسهم خط سير مدروس باتجاه الشمال أو الجنوب أو الشرق أو الغرب ، ثم العودة بنفس الخط أو القيام برحلة دائرية حول مناطق المملكة شرقاً فشمالاً فغرباً فجنوباً وهكذا كل بحسبه ، وبما يروق له ، وفي هذه الرحلات يتم ما يلي :
1- حمل المطويات والكتيبات والأشرطة النافعة المنسوخة من قبل الجهات ذات العلاقة وإهداء بعضها للمكاتب الدعوية التي يمرون بها أو توزيعها على المساجد والعامة الذين يقابلونهم في الطريق .(3/252)
2- يفضل أن يكون بين المجموعة شخص أو أكثر قادرين على الإلقاء والوعظ في المساجد التي يمرون بها ليعم نفعهم في كل أرض يحلون بها.
3- يحرص الدعاة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالتي هي أحسن ويزورون مكاتب الهيئات التي يمرون بها، ويدعون لهم ويثبتونهم.
4- يحرص الدعاة على زيارة الهجر والقرى والبقاء معهم وقتاً كافياً يشرحون لهم أركان الإسلام والإيمان ويعلمونهم الوضوء والصلاة وما يحتاجونه من ضروريات العلم.
5- يحرص الدعاة على تدوين كل ما يعرض لهم من عقبات، أو تطرح من استفتاءات أو يطلب منهم من احتياجات حتى يضعوا لها الحلول في رحلاتهم القادمة، ويفيدوا غيرهم من خبرتهم وتجربتهم.
وليتذكر الداعية أنه يقتدي بأسلافه الكرام من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيرهم كمعاذ بن جبل وأبي موسى الأشعري وأبي ذر الغفاري الذين بعثوا دعاة إلى الله في كل مكان .
رابعاً : حفظ المتون :
وهذا البرنامج يتيح لطالب العلم حفظ أبرز المتون وأهمها ، ولا أقل من متن واحد في كل فن :
1- الحديث:
أ - عمدة الأحكام للمقدسي.
ب - بلوغ المرام لابن حجر.
2- المصطلح ( علوم الحديث ) :
أ- نخبة الفكر لابن حجر
ب- نظم البيقونية لطه البيقوني
3- التوحيد:
أ- ثلاثة الأصول.
ب- القواعد الأربع.
ج- كتاب التوحيد
ثلاثتها لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب .
د- سلم الوصول لحافظ الحكمي.
هـ- العقيدة السفّارينية للسفاريني.
و- الواسطية .
ز- الطحاوية .
4- الفرائض:
أ- الرحبية
ب- البرهانية .
5- أصول الفقه :
أ- الورقات للجويني
ب- مختصر التحرير للفتوحي، ويفضل أن
يكون بجوار الطالب شرحه الكوكب المنير لشرح الغامض عند الضرورة .
6- أصول التفسير:
أ- مقدمة التفسير لشيخ الإسلام
ب- القواعد الحسان لابن سعدي.
7- النحو:
أ- الآجرومية
ب- أجزاء من ألفية بن مالك
آلية البرنامج :
ينتقي الطالب ثلاثة متون من هذه المجموعات، وتكون من فنون مختلفة، ولا يزيد عليها ويقسمها على ساعات اليوم ويقترح ما يلي:
المجموعة الأولى:
1- عمدة الأحكام للمقدسي.
2- نظم البيقونية .
3- ثلاثة الأصول والقواعد الأربع.
المجموعة الثانية :
1- كتاب التوحيد.
2- الرحبية .
3- الورقات.
المجموعة الثالثة:
1- نخبة الفكر .
2- سلم الوصول .
3- القواعد الحسان.
المجموعة الرابعة:
1- مختصر التحرير.
2- البرهانية .
المجموعة الخامسة:
1- مقدمة التفسير.
2- الآجرومية .
3- السفارينية .
المجموعة السادسة:
1- بلوغ المرام.
2- الواسطية .
3- الطحاوية .
4- أجزاء من الألفية.
(خارج نطاق الاختيار الصيفي )
1- كل مجموعة يخصص لها عشرين يوماً فيكون إجمالي المجموعات الخمس 100 يوماً هي فترة الإجازة، وأما المجموعة السادسة فيحفظها إبان العام الدراسي.
2- قد رُوعي في التقسيم المذكور التناسب إلى حد ما من حيث الطول والقصر، كما أخذ في الحسبان تنوع الفنون .
3- مثال على آلية تنفيذ المجموعة الأولى:
سيجد الطالب أن عمدة الأحكام قرابة 500 حديثاً ، فيحفظ كل يوم قرابة 25 حديثاً ، فيشرع في حفظها بعد صلاة الفجر وقراءة الأذكار الصباحية ويكررها ويراجعها إلى الظهر ، مع ما يتخلل ذلك من فترة قصيرة للإفطار ، وبعد صلاة الظهر والغداء المبكر ينام بما لا يقل عن ساعة ولا يزيد عن ساعتين بحال .
وقبل صلاة العصر وبعدها يراجع ما حفظه من العمدة ، وأما المغرب فكما في البرامج السابقة وبعد العشاء يحفظ بيتين أو ثلاثة من البيقونية ويكرر ما حفظ كل ليلة ، وسيجد نفسه بإذن الله قد أتقنها في نهاية الفترة المحددة ، علماً بأن البيقونية منظومة خفيفة الظل ، قليلة الأبيات ، إذ لا تتجاوز الـ34 بيتاً كما هو معلوم .
وأما ثلاثة الأصول والقواعد الأربع فتحفظ فيما تبقى من المساء وتكرر للتثبيت ، وهما من القصر والسهولة بمكان بحيث يفضل استغلال الوقت في تثبيت العمدة ومراجعتها بشكل أكبر آخر الليل .
4- أما المجموعات الباقية فبنفس الطريقة بحيث يراعى المتن الأطول ، فيعطى وقتاً كافياً ، ويقسم على الفترة المقترحة ، وهكذا حتى يختم الطالب بإذن الله هذه الأمهات من المتون في نهاية الإجازة ، واحذر أيها المسدد من تخذيل المخذلين وكيد الشياطين ، فبحسن التوكل وقوة العزيمة وشجاعة القلب يصبح المستحيل في نظر الناس واقعاً محسوساً وأمراً ممكناً .
تنبيه :
لا يشترط حفظ المجموعات الخمس في الإجازة ، وإنما كل طالب ينتقي بحسب قدرته ، كأن يختار أربع مجموعات أو ثلاث ، ويقسم أيان الإجازة على هذه المجموعات المختارة ، إذ أن طلاب العلم يتفاوتون في قوة الحفظ وصدق العزيمة ،
والله الموفق,,,
===============
هل في حياة المسلم فراغ
إنَّ الحمدَ لِله نحمدهُ ونستعينهُ, ونستغفرهُ, ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسنا, ومن سيِّئاتِ أعمالِنا, منْ يَهدهِ اللهُ فلا مُضلَ لهُ, ومنْ يُضلل فلا هاديَ له. وأشهدُ أنَّ لا إله إلا الله وحدهُ لا شريكَ له, وأشهدُ أنَّ محمداً عبدهُ ورسوله. (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)) [آل عمران:102]. (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)) [النساء:1]. ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً)) [الأحزاب:70-71].
أما بعدُ : فإنَّ أصدقَ الحديثِ كتابُ الله, وخيرُ الهدي هديُ محمدٍ ص وشرُّ الأمورِ مُحدثاتُها, وكل محدثةٍ بدعة, وكلَّ بدعةٍ ضلالة, وكلَّ ضلالةٍ في النار
أما بعد ، أيَّها المسلمون :
فحين تغيبُ الاهتماماتُ الكبرى عن حسِّ المسلمِ و ضميرِه، تتسعُ دائرةُ الفراغِ من حولهِ، وتتمددُ مساحةُ الوقتِ الضائعِ سُدى، و من ثمَّ تنحصرُ المشاغلُ المستنزفةُ لعقاربِ الزمن في قضايا ثلاث :
أولها الطعامُ و الشراب !!
وثانيهما النومُ الاسترخاء !!
وثالثهما المتعةُ و الترفيه !!
هذه الثانويات ظلَّ الكثيرونَ مشغولينَ بها، متطاحنينَ من أجلِها، لِتُشكلَ بفضلِ عنايتِهم الفائقةِ بشأنِها عقباتٍ كوؤد أمامَ تقدمهِم إلى الأمام، أو انتقالِهم إلى مرحلةِ تحقيقِ غايةِ الوجودِ الإنساني، و ترجمةِ مفهومِ إياك نعبدُ إلى أرضِ الواقعِ الملموس،
أيُّها الأحبةُ الأفاضل :
نقولُ هذا الكلام و نحنُ على أبوابِ الإجازةِ الصيفية، و التي تعني لدى البعض كماً هائلاً من الفراغ، لا يُعرف كيف يُستغل، و لا كيف يُدارُ بطريقةٍ حَضاريةٍ مُثمرة، (( تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا )) .(3/253)
وتقدمُ نَتائجَ مفيدة على نطاقِ الفردِ والجماعة، والأُمةِ الوسط التي اختارها اللهُ جلَّ جلاله ، حين كانَ الوعيُ متنامياً، والهمومُ مثالية، كانتْ المشاغلُ متكدسةً، و الآمالُ عريضةً لدى أسلافِنا الأَماجد، فإذا بالنتائجِ أشبهُ بالمعجزات، وإذا بالإنجازاتِ قريبةٌ من الخيال، حسبك منها حركةُ الفتوحاتِ التي كانتْ على قدمٍ وساق !! وخيولُ المسلمين التي أزكمَ أنوفَها غُبارُ المعارك، وأعلى صَهيلَها الكرُّ و الفرُ، فضلاً عن خطواتٍ جرئيه في تربيةِ و إعدادِ النشئِ الجديد، ناهيك عن وثبةٍ بعيدةِ المدى مد البصر في التصنيفِ و التأليفِ و الابتكار، هكذا كانتْ أحوالهُم يومَ ارتقتْ اهتماماتُهم، و هكذا كانتْ إنجازاتُهم يومَ اتسعتْ مداركُهم، و نضجتْ عقولُهم وأفكارُهم، أمَّا نحنُ اليوم و للأسفِ الشديد فننامُ ملءَ جفونِنَا، و نشبعُ ملءَ بطونِنَا، ومع ذلك نتشوقُ إلى الإجازة لمزيدٍ من الراحةِ و الخُمول، و جُرعاتٍ أكبر من الاسترخاءِ و التثاؤب، فهلْ يليقُ ذلك بأمةٍ خُلقتْ لقيادةِ البشريةِ بأسرها، ووُجدتْ لتكونَ شاهدةً على الناس ، (( يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ )) .
هل يليقُ ذلك بأمة شُرِّفتْ بحملِ أعظمِ رسالة، و حُمِّلتْ أثقلُ أمانة، و أنيطَ بها أضخمُ مسؤولية و أكبرُ تكليف ، إنَّ العجبَ لا ينقضي، والدهشةَ لا تقفُ عند حد، حينَ ترى من يشكو سَعةَ وقته و كثرةَ فراغه ! حق أصبحَ الفراغُ هماً ثقيلاً وعبئاً جسيماً و يا حسرةً على العباد !! حينَ يُصبحُ الفراغُ معضلة، و يُصبحُ الفراغُ مشكلة .
أيها المسلمون :
إنَّ المرءَ ليتساءلُ في عجب تُرى هلْ في حياةِ المسلمِ فراغ ؟ هلْ في حياةِ المسلمِ فراغ ؟
و قد علمَ أنَّه صاحبُ عقيدة و صاحبُ رسالة، يجبُ أنْ ينطلقَ بها إلى الآفاق، و يحملُها إلى الناس امتثالاً لأمرِ ربهِ حيثُ يقول: ((الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلا اللَّهَ ((، وأمرهُ حيثُ يقول لنبينَهُ للناس ولا تكتموه، فهل يبقى فراغ بعد ذلك ؟!
هل في حياةِ المسلمِ فراغ ؟ و هو يرى جموعاً ممن ينسون الإسلام، يَتمرغونَ فوقَ تُرابِ الأضرحة و يتباكونَ على ضِفافِ القبور، و يَستغيثونَ بالعظامِ البالية، و اللحومِ الممزقة، يُشركونَ باللهِ العظيم في وضحِ النهار !! دونَ أن تدمعَ عينُه أو يأرقَ جُفنه !! أو تدفعُه نخوتُه إلى استصلاحِ أولئكَ المُعذبين !! هل في حياةِ المُسلمِ فراغ ؟ وهو يرى البدعَ والخُرافات تملأُ الدنيا بسخافاتِها وسماجتِها، فبدعٌ في الاعتقاد، و بدعٌ في العبادات، و بدعٌ في الأخلاقِ والسلوك !! فأنَّى له الفراغ قبلَ أنْ يستأصلَ شأفَتها، ويقتلعَ جذورَها، ويُعلي بإزائِها السُنَّة بجمالِها و بهائِها، و قوتِها و أصالتها،
أيُّها المسلمون :
إنَّنا مطالبون باستثمارِ كلِّ دقيقةٍ وثانيةٍ من عُمرِ الزمن !! نتقربُ فيها إلى الله، ونُسابقُ إلى جنتهِ من خلالِ تربيةِ ذواتِنا، وإعدادِ الآخرين، وصناعةِ الأُمةِ الجديدة القادرةِ على العطاءِ بلا حدود ، ألا إنَّ المجالاتِ المُتاحة، والقنواتِ المفتوحة لاستثمارِ الوقتِ، و شَغلِ الفراغ، فسيحةُ الأرجاء ممتدةُ الجوانب !! وبإمكانِنا أنْ نجعلَ من الفراغِ القادم مصنعاً للإنجازاتِ الباهرة، وورشةَ عمل لا تتوقفُ أربعاً وعشرين ساعة !! وحتى لا يكونَ كَلامُنا إنشائياً وطَرحُنا نظرياً إليك أيُها الحبيب ، هذه الخياراتِ المتنوعة، و البدائلَ المتعددة، لتنتقيَ منها ما يُلائمُك ، وتختارَ من بينها ما يناسبُك !! فأرخِ السمعَ يرحمُك الله، واستحضر القلبَ يا رعاكَ الله، فدونكَ هذه المراكزَ الصيفية إحدى مشروعاتِ الخيرِ الجبارة !! التي هي في ظنِنا مراكزُ مهمة، لاحتواءِ الشبابِ و تصريفِ طاقاته ، في نطاقِها الطبيعيِ المشروع، بعيداً عن الشذوذِ و الانحراف، والرعونةِ و الاندفاع، ففيها يتلقى الشباب دروساً في العقيدةِ و الأخلاق، والآدابِ والسلوك ، ويتعلمُ النشئُ الجديد ، كيفَ يكونُ إيجابياً في خدمةِ دينهِ و أمتهِ و مجتمعهِ و بلادهِ المُسلمة، فضلاً عن برامجَ مفيدةً لصقلِ المواهبِ وإنمائِها، و استغلالِ القُدراتِ و توجيهِها، و تعلمِ الحرفِ و اكتسابِها !! ناهيكَ عن برامجَ الرحلاتِ التربويةِ الجادة !! حيثُ الترويحُ البريء، والمتعةُ المباحة، فاحرصْ بارك الله فيك على المشاركةِ في برامجِها الهادفة، و مناشطِها الجذَّابة !! احرصْ على المشاركةِ مُعلماً أو متعلماً، مُلقياً أو مُتلقياً، (( فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ )) .
أيها المسلمون :
حلقُ القرآن هي من أجلِّ أن نفاخرُ به الدنيا، وأعظمِ ما نُسامي به العالم و الجماعاتُ الخيريةُ لتحفيظِ القرآنِ الكريم !! بفضلٍ من اللهِ تعالى ثم بفضلِ جُهودِ المساندينَ لها و الداعمينَ لأهدافِها، والُمشرفين عليها !! تمكنتْ هذه الجماعاتُ المباركة أنْ توجدَ لنا جيلاً قرآنياً نعتزُ به، فبراعمُنا الصغار من حفظةِ كتاب الله هُم أملُ أمتِنا الواعد، و تباشيرُ صباحِنا الجديد، فما أجمل أن يوجَّه أمثالُهم إلى حلقِ القرآن !! دراسةً وحفظاً، وتدبراً و فهماً، ويا لسعادتِنا وبهجةِ قلوبِنا حين تَعمُ حِلقُ القرآن كلَّ مسجدٍ من مساجِدنا، إنَّ لم يكنْ كلَّ حُجرةٍ من حُجرِ بيوتِنا !! والإجازةُ أيُّها المسلمون فرصةٌ سانحةٌ ليشاركَ الجميع في تحقيقِ هذا المطلبِ الحيوي، وتجسيدِ هذه الغايةِ المهمةِ، حمايةً لأبناءِ المسلمين من الانحرافِ و الضياع، أو الانسياقِ وراءَ الممارساتِ المشبوهة، والوقوعِ في العاداتِ المحرمة !!
أيُّها الفضلاء :
إنَّ محاولةَ احتواءِ الشباب عبر حِلقِ القرآن يقودُنا إلى الحديثِ عن مشكلةِ انحرافِ الأحداث، وممارساتِ المراهقين !! فهؤلاء أمانةٌ في أعناقِنا، و مسؤوليتُنا جميعاً يجبُ استصلاحُهم و دعوتُهم بالرفقِ واللين !! من خلالِ الكلمةِ الطيبة، والابتسامةِ الحنون !! لو قامَ المحتسبونَ في كلِّ حيٍ بما يستطيعون تُجاه أولئكَ البسطاء، لأمكنَ بإذنِ الله تعالى كبحُ جماحِ انحرافهم ، وتهدئةُ عجلةِ تهورهِم واندفاعِهم، إنَّ المنهجَ السوي في تربيةِ أولئك لا يكونُ بالدعاءِ عليهم أو سبهم، أو التبرمِ من تصرفاتِهم، و لكنْ يكونُ من خلالِ الدعاءِ لهم بالهداية، و مناصحتِهم بالرفق والحكمة ، المنهجُ السوي يكونُ من خلالِ تحذيرِهم من المخدراتِ و شرِّها، والسرعةِ وخطرِها، والمعصيةِ وشؤمِها، فأينَ المشمرون لتحقيقِ هذا الأمل والاضطلاعِ بهذهِ المهمة؟! احتساباً لما عندَ اللهِ من الأجرِ والمثوبة، والثناءِ الحسنِ الجميل !!
أيُّها المسلمون :
يَفدُ إلى الجامعات طُلابُ العلمِ من كلِّ مكان !! و يتلقونَ علوماً مؤصلة نادرة، قلَّ أن يجدوهَا في مكانٍ آخر !! فهم يتلقونَ العقيدةَ السلفية، و علومَ القرآنِ و السُنَّة، و فقه فهمِ السلفِ الصالح !! طلبةُ العلمِ هؤلاء سيعودونَ بإذنِ اللهِ إلى أهلهِم وذويهم خلالَ إجازةِ الصيف كلَّ عام، والسؤالُ الذي يَعرضُ نفسَه ماذا سيقدمُ هؤلاء ؟ حينَ عودتِهم !!(3/254)
تُرى هلْ سيكتفونَ بسردِ ذكرياتِهم مع الغُربةِ والسكنِ الداخلي، و الدراسةِ والمحاضرات، أمْ سيجدُونها فرصةً لافتراشِ أسرتِهم، و معانقةِ وسائِدهم، إلى أن يحينَ العامُ الجديد ؟! أم تُراهم يكونونَ رجالاً يُؤدونَ واجبَهم تُجاه أمتِهم، ويطلعونَ بمسؤوليتهم تُجاه مجتمعِهم، فيُعلِّمونَ الناسَ ما تعلموه !! ويفقهونهم بما فقهوه !! يُصلحونَ ما فسد، و يقيمونَ ما اعوَجْ، و يسَددونَ ما اختلْ أملُنا كبير بطلبةِ العلم أن يجعلوا من الإجازة فرصةً للدعوة، وساحةً للبناء، وميداناً للتنافس!! وغرس الآدابِ والقيم !! وبعثِ الحماسِ والهمم، وإنَّا لمنتظرون !!
أيُّها الأحبة :
الأنشطةُ البيتية و البيئيةُ المنزلية مجالٌ مفتوح، و أرضٌ خصبة، ولو التفتنَا إليها واهتممنَا بها لجعلنَا من البيتِ جنةً يتنعمُ بها الأهلُ كُلُّهم !! وأنت على سبيلِ المثال يمكنُك أن تصنعَ مكتبةً منزليةً جذابة !! تحتوي كُتباً مُشوِّقة في كلِّ مجالٍ مفيد، و جمالُ إعدادِها، وجودةُ عرضِها، وحُسنُ الدعايةِ لها، كفيلٌ بجعلِها مكتبةً مزدحمةً بأهلِ البيت، لا أن تبقى مجردُ لوحةٍ فنية، وأثاثٍ منزليٍ فاخر !! ثم تذكرْ يرحمُكَ الله أنَّ النصيحةَ المكتوبة المُغلفةَ بالحبِ والرحمة، المُذيَّلة بالدعاءِ والأمانيِ الصادقة، تُوجهُها إلى الأبوينِ الكريمين، أو إلى الاخوةِ الأفاضل والأخواتِ الطيبات، منشطٌ مهجورٌ من مناشطِ الدعوة، بإمكانك أنْ تسلكَهُ وسترى النتائجَ بإذنِ الله، ثم تذكرْ يرحمك الله أنَّ إسداءَ المعروفِ إليهم، وتقديمَ الإحسانِ لهم، والقيامَ بحوائجِهم ربَّما كانَ أبلغَ أثراً وأكثرَ فاعليةً في قبولِ نصيحتِك، و الاستجابةِ لدعوتِك بقلوبٍ مطمئنةٍ، ونفوسٍ مقبلة !!
أيُّها الأخُ المسدد :
الإجازةُ الصيفية فرصةٌ لترميمِ الجُسورِ المُتداعية !! وفتحِ القنواتِ المسدودةِ، وبعثِ الصلةِ المفقودة بين ذويِ الأرحامِ والأقارب، والتي نجزم بأنَّ انقطاعَها وتَهشُّمها ليسَ دائماً بسببِ عدواتٍ مُستحكمةِ !! أو كراهةٍ متأصلة، ولكنَّها بسببِ مشاغلَ دُنيوية، وتسويفاتٍ سببُها العجزُ و الكسل !!
لذا فلإجازةُ فرصةٌ لتصويبِ الخطأ !! واستدراكِ الفائت !! وإعادةِ المياهِ الى مجاريها.
أيُّها الحبيب :
زيارةُ المرضى والدعاءِ لهم، وشحذِ عزائِمهم وتثبيتِهم وسيلةٌ ناجحةٌ من وسائلِ امتدادِ الصحوة، و إذكاءِ جذوتِها، فالمريضُ غالباً ما يكونُ منكسرَ القلب، خفيفَ النفس، صالحاً للتلقي، متقبلاً للنُصح، سيَّما بعدَ أن عرفَ ضعفَه و قلَّة حيلتِه، وزالَ عنه كبرياؤُه، وذهبتْ عنه أنفتُه، فما أجملَ زيارةِ المستشفياتِ ونحوها، ولقاءِ هؤلاءِ المرضى ودعوتِهم بالرفقِ، وتذكيرِهم بالقضاءِ والقدر، وحملهِم على الصبرِ والاحتساب، وإشعارِهم بأنَّا وإيَّاهم جسدٌ واحد، يؤلمُنا ما يُؤلمُهم، و يَسوؤُنا ما يَسوؤُهم، و هذا لعمركَ سرُّ من أسرارِ التكافلِ الاجتماعي لا يوجدُ في غير الإسلام.
أيُّها الأفاضل :
للعلماءِ المخلصين منزلةٌ نفيسةٌ في قلوبِنا، و مكانةٌ رفيعةٌ في نفوسِنا، نُجلّهم و نُوقرهُم ، ونُكبرهم ونُعظمهم، ونَعرفُ لهم قدرَهم ونَجلسُ إليهم، ويتَلقَّى عنهم العلمَ بدليلهِ، والإجازةُ فرصةٌ للاقترابِ منهم و التعرفِ عليهم، ومدِّ الجسورِ معهم، وحينَ يكونُ الشبابُ لحمةً واحدةً مع علمائِهم المخلصين، يَعمُ الخير و ينتشرُ العدل، و يغيبُ الاختلاف، و يتوارى التباغضُ والحسد !!
أيُّها الأحبة :
إنَّ إهداءَ المصحفِ الشريفِ أسرعُ وسائلِ الدعوةِ نجاحاً، ولكنها وسيلةٌ معطلةٌ أو شبهُ معطلة، فنحنُ نرى الكثيرين يجتهدونَ في إهداءِ الكُتُبِ والأَشرطةِ ونحوها، لكنْ يندرُ أن تجدَ فيهم منْ يجعلُ إهداءَ المصحفِ الشريف ضمنَ برنامجهِ الدعوي، وفي يقينِنا أنَّ لكتابِ الله وقعاً خاصاً في النفوس، و أثر مَرجواً في القلوب، و ما يدريك فلعلَّ هذا الذي أهديتَهُ كتَابَ الله تقَعُ عينُه على قولهِ تعالى: (( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ )) ، فيتوبُ ويستغفر و يُنيبُ، و يتراجع، أو ربما وقعت عينيه على قوله تعالى: (( فَأَنْذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّى * لا يَصْلاهَا إِلا الأَشْقَى )) فاهتزَّ كيَانُه، وارتعدَ قلبَهُ، فتابَ وندم، أو ربَّما وقَعَ بصرُه على قوله تعالى : (( إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ * وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ )) ، فتاقت نفسُه الى الفردوسِ الموعود، والتهبَ حماسُه إلى جنَّةِ الخُلود، فإن لم يكنْ هذا و لا ذاك فبأي حديثٍ بعدَه يؤمنون؟!
أيَّها المُسدد :
ماذا عن الدعوةِ الفردية ؟! هلاَّ وضعتَها ضمنَ برنامجِك الدعوي خلالَ الإجازةِ خاصَّة ؟! هلْ فكرتَ في تبني شخصٍ ما ؟! تتولَّى دعوتَه بإخلاص، وتتابعهُ باستمرار تَمدُه بالنافعِ المفيد، و تزوده بكلِّ قيمٍ جديدة، تتدرجُ معه في الدعوةِ دون يأسٍ أو تراجع، قدْ يكونُ هذا المدعو أباكَ أو أخاكَ أو جارَك القديمَ أو الجديد ، تتوسمُ فيه الاستجابة، وتقرأُ في عينيهِ النجابة، مرةً تزورُهُ وأخرى تستضيفُهُ، وثالثةً تُهديه هدية، ورابعةً تخصُه بدعاء ، حتى تنجَلي غُمتُهُ، وتنقشعَ سحابتُه، وتَصلحَ حالُهُ، ويَطيبَ مآلُه بإذنِ العزيزِ الحكيم .
وأخيراً أيُّها المسلمون :
فإنَّ للنفسِ حقاً في المعاهدةِ والاهتمام، ومراجعةِ صحيفةِ العملِ وكشفِ الحساب ، وهو أمرٌ مطلوبٌ في كلِّ حين ، إلاَّ أن لهُ في الإجازة وقعاً خاصاً، كونها فترةً تقلُ فيها التزاماتُ الدراسة وارتباطاتُ العمل، فهي فرصةٌ للخلوة مع النفس، والنظرِ فيما كسبتْ واكتسبت، ليُصححَ المسارُ إن كانَ معوجاً، ويُقومَ التوجُه إنْ كانَ مختلاً ، ويُصوبَ المنهجُ إن كانَ معتلاً ، هي فرصةٌ للتزودِ من الصالحات بزيارة الحرمينِ الشريفين ، واعتمارِ البيتِ الحرام ، وتلاوةِ القُرآنِ وحفظهِ، واستظهارِ المُتونِ ومراجعتِها، ونحو ذلك من المفيدِ النافع، ثمَّ لا يعني ما سبق أن يحرمَ الإنسانُ نفسَه من المتعَة الحلال، و الترفيهَ البريءَ المباح، ما دامَ في حدودِه المعقولة ، التي لا تَخدشُ حياءً، ولا تُذهبُ وقاراً، ولا تُعطِّل واجباً،
بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم، ونفعني وأيَّا كم بالذكرِ الحكيم، واستغفر الله لي ولكم إنَّهُ هو الغفورُ الرحيم .
الخطبة الثانية
الحمد لله يُعطي ويمنع, ويخفضُ ويرفع, ويضرُ وينفع, ألا إلى اللهِ تصيرُ الأمور. وأُصلي وأسلمُ على الرحمةِ المهداة, والنعمةِ المُسداة, وعلى آلهِ وأصحابه والتابعين,
أمَّا بعدُ:
فقضيةُ الأمنِ أحبتي الكرام قُلنا مراراً و تكراراً أنَّها قضيةٌ حيويةٌ بالنسبةِ لنا جميعاً، وهي قضيةٌ لا تقبلُ الجدالَ أو المناقشة، فلأمنُ شأنُنا جميعاً و مطلبُنا جميعاً وأملُنا جميعاً، لذا فإنَّ القيام بحوادث تفجيريةٍ أمرٌ مرفوضٌ شرعاً بكلِّ المقاييس شرعاً وعقلاً وذوقاً، مهما كانتْ الدوافعُ والمبررات ، ونحنُ مُطالبونَ شرعاً أنْ نكونَ يداً واحدةً في التصدي لكلِّ من يستهدفُ أمننَا بكلِّ جوانبهِ سواءٌ أمنُنا العقدي ، أوأمنُنا الأَخلاقي، أوأمنُنا السُلوكي أوأمنُنا البدني .
ويجب أنْ نسعى جاهدين إلى الحفاظِ على أمننا بكلِّ صورهِ و جوانبهِ، لننعمَ بالأمنِ الشامل، حين تكون العقيدةُ سلفيةً محمديةً، محفوظةً عن البدعٍ والخرافات .(3/255)
والأخلاقُ قرآنيةً نبوية ، مصونةً عن الفُحشِ والخنا، والسلوكُ تربوياً مثالياً بعيداً عن الشذوذِ والانحراف، والدمُ محرماً معصوماً إلاَّ بحقه، أيُّها المسلمون إننا مستهدفون في عقيدتِنا و أخلاقِنا وأرواحِنا، فالذين يحاولون الخروجَ بنا عن عقيدتِنا السلفية من خلالِ إشاعةِ خرافاتِهم وبدعِهم، أو الدعوةِ الى مناهجَ فكريةٍ دخيلة، هؤلاء مستهدفونَ لأمننا العقدي، والذين يحاولُون تهريبَ المخدراتِ الى بلادِنا وترويجِها بين شبابِنا و فتيانِنا، أوتسهيلَ أسبابِ الفسادِ والانحرافِ لهم ، فهؤلاء مستهدفونَ لأمننا الأخلاقي ، يَجبُ التصدي لهم، وقل مثل هذا لمن يسفكُ الدمَ الحرامَ بغير حقه، ونحنُ جميعاً نرفضُ كلَّ هذه الأشكال من الاختراقاتِ الأمنية،وندعوا الله مُخلصين أن يجنبنَا ويلاتِها، وأنْ يحفظَ بلادَنا خاصةً وبلادَ المسلمين عامَّة ، من كلِّ شرٍ وبلاءٍ وفتنه ، فنحنُ ضعفاءُ بأنفسنا أقوياءُ باللهِ سبحانه، ولقد وَعدَنا جلَّ جلاله بالأمنِ التام، والظلِّ الوارف متى تمسكنَا بشرعِه، والتزمنَا بهديه، وتجنبنَا أسبابَ غضبِه، قال تعالى : (( الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ )) .
اللهمَّ إنَّا نسألُك إيماناً يُباشرُ قلوبنا، ويقيناً صادقاً، وتوبةً قبلَ الموتِ، وراحةً بعد الموتِ، ونسألُكَ لذةَ النظرِ إلى وجهكَ الكريمِ, والشوق إلى لقائِكَ في غيِر ضراءَ مُضرة، ولا فتنةً مضلة،
اللهمَّ زينا بزينةِ الإيمانِ، واجعلنا هُداةً مهتدين,لا ضاليَن ولا مُضلين, بالمعروف آمرين, وعن المنكر ناهين، يا ربَّ العالمين, ألا وصلوا وسلموا على من أُمرتم بالصلاة عليه، إمام المتقين، وقائد الغرِّ المحجلين وعلى ألهِ وصحابته أجمعين.
وأرض اللهمَّ عن الخلفاءِ الراشدين أبي بكرٍ وعمر وعثمان وعلي
اللهمَّ آمنا في الأوطانِ والدُور،وأصلحِ الأئمةَ وولاةِ الأمورِ, يا عزيزُ يا غفور, سبحان ربك رب العزة عما يصفون
================
الفراغ المثمر
مشرف الملتقى الإداري 29/4/1424
29/06/2003
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أنا أعمل في وظيفة إدارية كرئيس إدارة، ومع أن المنصب جيد وراتبه مغري؛ إلا أن العمل كثير والمسؤوليات أكثر، مما يعني انشغال وقتي كله، فضلاً عن الانشغال الذهني بهذا المنصب، مما جعلني أتساءل عن الوقت لدي،وهل يوجد لدي وقت فراغ لكي أريح فيه جسدي وذهني من هذه الدوامة التي لا تنتهي حتى في إجازتي الخاصة؟!
آمل إرشادي إلى حل لمشكلتي، ولكم مني الدعاء بالتوفيق والسداد.
==============
الإجازة ووقت الفراغ.. مشكلة الصيف الكبرى!
عاصم السيد 6/6/1428
21/06/2007
انتهى العام الدراسي، وأقبلت الإجازة الصيفية، التي تُعدّ "كابوساً" على الكثير من الأسر، فالأبناء طاقة وحيوية تحتاج إلى قنوات لتصريفها. وهكذا يعاني الكثير من الأسر من كيفية ملء فراغ أبنائها وبناتها الذي يقارب ثلاثة الأشهر.
وهكذا فإن حجم وقت الفراغ كبير جداً، ومن الممكن أن يكون فرصة للاستفادة والتطوير، وقد يكون عكس ذلك.
والواقع يقول: إن اختيارات أبنائنا تظهر جلية في أوقات الفراغ؛ فالبعض يقضي هذا الوقت ممددًا على الأريكة أمام التلفاز يستهلك ما يراه بصريًّا، ومستقبِِِِلاً لكل ما يُلقى على عينه ورأسه، ناهيك عن محتوى ما يراه؛ إذ إنه إرسال يتنافس على المزيد من برامج الإثارة والسطحية. والكارثة أن هناك قطاعاً من أبنائنا - في غياب دور الأسرة التربوي - يضبط طبق الاستقبال على القنوات التي تعرض الأفلام المشبوهة.
والبعض الآخر يقضي وقت الفراغ في الشارع، وهؤلاء هم حزب السائرين بدون هدف، وحزب الجالسين، الذين يُدَخِّنون النرجيلة (الشيشة) التي انتشرت كالوباء في مجتمعاتنا، وجماعة الجالسين في المطاعم كل يوم في مكان سعيًا وراء شهوة البطن.
ومن أبنائنا الطلاب من استغنى عن كل ذلك بجهاز الكومبيوتر، وليته يسعى بحثاً عن معلومة أو سعياً وراء معرفة جديدة، بل ليدور في دوائر المواقع الهدّامة.
لكن وعلى الرغم من ذلك فإن من أبنائنا من تربى على الصلاح وأصبح قلبه معلقاً بالمساجد، ولكن ما إن تنتهي الصلاة حتى تغلق أبوابها في وجهه، فقليلة هي المساجد التي لا تغلق أبوابها، وتقدم البرامج الثقافية، ودروس تحفيظ القرآن الكريم وتنظم المسابقات.
ومن اللافت أن نعلم أنه قد صدر عام 1970م ميثاق الفراغ الدولي في جنيف، حينما اجتمعت ست عشرة دولة أصدرت الميثاق، وكذلك تم تأسيس الاتحاد الدولي لأوقات الفراغ ومقره نيويورك، لكن المؤكد أنه قبل هذه المواثيق بألف وأربعمائة سنة خلت، كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوجّهنا بدعوة تربوية صريحة للاستفادة من وقت الفراغ بقوله صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: "اغتنم خمساً قبل خمس، وفيه: شبابك قبل هرمك... وفراغك قبل شغلك...". رواه الحاكم وصححه. وفي السياق نفسه يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع.. وذكر منها عن عمره فيما أفناه... وعن جسمه فيما أبلاه). رواه الترمذي عن أبى بردة.
الفراغ أساس الانحراف
يقول د. عبد الله فاضل أستاذ الصحة النفسية: إن أضرار الفراغ على النشء والمجتمع، وما قد يسببه من جنوح وانحراف لهؤلاء الفتية واضحة غير خفية، فالفراغ ينعكس على صورة الفرد عن ذاته؛ إذ يرى نفسه وقد أصبح بلا جدوى وبلا منفعة، أصبح إنساناً بلا هدف، وحياة بلا روح، ولا معنى لوجوده، مما يجعله يبحث عن الهروب والميل إلى الحيل النفسية، بعيداً عن المواجهة وتحمّل المسؤولية، فنجده قد يستخدم المسكرات والمخدرات، والبحث عن الرذيلة علَّه يجد متعة أو لذة.
ولقد بيّنت الأبحاث والدراسات التي أُجريت على مرتكبي الجرائم والمخالفات أن الفراغ هو المحرك لكل النوازع المكبوتة، والرغبات الشهوانية.
نحو تخطيط متكامل
د. مسعد عويس ـ رئيس جهاز الرياضة المصري سابقاً ـ يرى أن كيفية قضاء الإجازة الصيفية بشكلٍ مفيدٍ يملأ الفراغ، ويحرك الطاقات، لا يشغل الطلاب وأسرهم فقط ، بل تتنافس المؤسسات المعنية على وضع برامج لهذا الغرض. وتحرص هذه المؤسسات على ألاّ تخلو البرامج من الترفيه بعد عامٍ دراسي طويل، لكنه الترفيه الممزوج بالمتعة والفائدة.
ويطالب د. مسعد عويس بأن يكون تخطيط برامج العطلة الصيفية لأبنائنا من الصغار والكبار مؤهلاً لبناء طفل، ومراهق، وشاب قادر على خدمة مجتمعه، من خلال الدورات التدريبية، والاجتماعية، والثقافية، والصحية، والفنية، والاستشارات الأسرية، واستخدام أفضل أساليب توصيل المعلومات، والتركيز على القيم، والتميز في خدمة الوطن، والسعي إلى استغلال وقت أبنائنا خلالَ العُطلة الصيفية، وإخراجهم من جو المدرسة إلى جو المرح، والرفاهية، والمعرفة، وتنمية روح التعاون بين الجميع.
ما أحوجنا إلى مثل هذه المشاريع التي تساهم إسهاماً فعّالاً في تنمية مهارات وإبداعات أولادنا، واستغلال فترة الإجازة في المعرفة، وتشغيل اليدين، والحواس بالعمل والنشاط، الذي أصبح يفتقده الكثير من أولادنا مع الثورة التكنولوجية التي دخلت في جميع مجالات حياتنا.
ولاسيما لو تم تفعيل دور المدرسة والمعلم، من خلال دورات للتواصل ما بين المدرسة والمدرس، ، واستعراض المهارات المختلفة. وكذلك عن طريق دورات لمعرفة السيرة النبوية، وحفظ القرآن الكريم يكون لها جوائز جيدة.(3/256)
وينبغي تصميم برنامج ترفيهي يحتوي على برنامج رياضي كامل، وزيارات ميدانية لبعض المؤسسات الخاصة، والعامة.
ويطالب د. مسعد عويس بإقامة معسكرات عمل للشباب للتدريب العسكري في فترات إجازتهم، لتُنمِّي فيهم روح البطولة، ولتكونَ بمثانة متنفس نظيف لطاقاتهم المخزونة في كيانهم.
دراسات ضرورية
د. فوزية مصطفى ـ أستاذ علم الاجتماع ـ تقول: نتطلع إلى دراسة أو أكثر في كل دولة عربية على حِدَة؛ للتعرّف على حجم مشكلة الفراغ بين الشباب والفتيات وأسبابها، والتعرّف على الأماكن التي يفضل الشباب والفتيات التردّد عليها لشغل وقت فراغهم، والتعرف على نوعية الأنشطة التي يفضل الشباب والفتيات ممارستها لشغل وقت الفراغ، والتعرف على بعض الاتجاهات التربوية في تنشئة الأبناء والبنات، وتحديد أهم حاجات شباب وفتيات دولنا العربية لقضاء وقت الفراغ، والتعرف على طبيعة الدور الذي تقوم به المؤسسات الشبابية بهذه الدول، والتعرف على البرامج المخصصة للموهوبين وذوي الاحتياجات الخاصة والجانحين، من أجل الإجابة على التساؤلات التالية: هل يعاني شباب وفتيات دولنا العربية من مشكلة قضاء وقت الفراغ؟ إذا كان الأمر كذلك: فما هو حجم تلك الظاهرة؟ وما هي الأماكن والأنشطة التي يفضل الشباب والفتيات قضاء وقت فراغهم فيها؟ وما درجة استفادة الشباب والفتيات من المؤسسات الشبابية القائمة لقضاء أوقات فراغهم؟
اهتمام خاص بالأطفال
أما الطفل الذي حصل على الإجازة، فهناك أنشطة تؤدي إلى تنمية ذكائه، وتساعده على التفكير العلمي المنظم وسرعة الفطنة والقدرة على الابتكار.
من هذه الأنشطة - كما يذكر د. نبيل صبحي- مجموعة من الألعاب الذكية المُنتقاة، التي لها دور تعليمي؛ فهي تنمي القدرات الإبداعية لأطفالنا. فمثلاً ألعاب تنمية الخيال، وتركيز الانتباه، والاستنباط والاستدلال، والحذر، والمباغتة، وإيجاد البدائل لحالات افتراضية متعددة، تساعد الأطفال على تنمية ذكائهم.
ويجب الاهتمام أيضاً بالقَصص، فتنمية التفكير العلمي لدى الطفل يُعَدّ مؤشراً هاماً للذكاء وتنميته، والكتاب العلمي يساعد على تنمية هذا الذكاء، فهو يؤدي إلى تقديم التفكير العلمي المنظم في عقل الطفل، وبالتالي يساعده على تنمية الذكاء والابتكار، ويؤدي إلى تطوير القدرة العقلية للطفل.
والكتاب العلمي لطفل المدرسة يمكن أن يعالج مفاهيم علمية عديدة تتطلبها مرحلة الطفولة، ويمكنه أن يحفز الطفل على التفكير العلمي، كما أن الكتاب العلمي هو وسيلة لأن يتفكر ويتمعن الطفل ببعض المفاهيم العلمية، وأساليب التفكير الصحيحة والسليمة.
كما أن الرسم والزخرفة يساعدان على تنمية ذكاء الطفل، وذلك عن طريق تنمية هواياته في هذا المجال، من خلال تقصّي أدق التفاصيل المطلوبة في الرسم، بالإضافة إلى تنمية العوامل الابتكارية لديه عن طريق اكتشاف العلاقات وإدخال التعديلات.
ضرورة الاهتمام بالرياضة
يقول د.حامد زهران أستاذ التربية: إن الابتكار يرتبط بالعديد من المتغيرات مثل التحصيل، والمستوى الاقتصادي، والاجتماعي، والشخصية، وخصوصاً النشاط البدني، بالإضافة إلى جميع النشاطات الإنسانية، فالابتكار غير مقصور على الفنون أو العلوم، ولكنه موجود في جميع أنواع النشاط الإنساني والبدني، فالمناسبات الرياضية تتطلب استخدام جميع الوظائف العقلية، ومنها عمليات التفكير، فالتفوق في الرياضة (مثل الجمباز والغطس على سبيل المثال) يتطلب قدرات ابتكارية، ويُساهم في تنمية التفكير العلمي، والابتكاري، و تنمية الذكاء لدى الأطفال والشباب.
ومطلوب الاهتمام بالتربية البدنية السليمة، والنشاط الرياضي من أجل صحة أطفالنا، ومراهقينا، وشبابنا، وصحة عقولهم، وتفكيرهم، وذكائهم. ومن أجل ذلك فإن الاشتراك في الأنشطة الرياضية بمختلف أشكالها، يساعد حتماً في تنمية حب ممارسة الرياضة في نفوس الأبناء، فالرياضة لها دورٌ كبيرٌ في زرع الثقة بالنفس وقوة الشخصية وتكوين عَلاقات اجتماعية جيدة، وإشغال أوقات الفراغ بما يفيد.
وللرياضة أثرٌ بالغ في البُعد عن أصدقاء السوء، ولها أثر واضح في زيادة الثقة بالنفس، وأيضاً تقيهم من الانحرافات السلوكية، ومن تعاطي المخدرات؛ فممارسة الرياضة تجعل الإنسان مهتماً بصحته، وتدعو إلى زرع الثقة بالنفس، وقوة الشخصية؛ مما يعزز من قوته في محاربة هذه الآفة.
كما أن الاهتمام بممارسة الرياضة هو من الأمور التي دعانا إليها ديننا الحنيف، فقد قال تعالى : "إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ"(القصص:26)، وقال عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ : (علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل).
استغلّوا أوقات فراغهم فنبغوا
يذكّرنا المهندس محمود صميدة بأن هناك الكثير من العلماء العالميين الذين استغلوا أوقات فراغهم فنبغوا، وابتكروا، وأدهشوا العالم. فقد كان (تشارلس فروست) إسكافياً، ولكنه استطاع أن يصبحَ من البارزين في الرياضيات بتخصيص ساعة واحدة من يومه للدراسة.
وكان (جون هتنر) نجاراً، ثم شرع يدرس التشريح المُقارن في أوقات فراغه، مخصصاً لنومه أربع ساعات فقط من الليل، حتى أصبح حجة في هذا الميدان.
واستطاع (سير جون لايوك) أن يقتطع من يومه المزدحم بالعمل -بوصفه مديراً لأحد المصارف- ساعاتٍ يقضيها في دراسة التاريخ حتى أصبح عَلَماً بين المؤرخين.
وتعلم (جورج ستيفنسون) الحساب في أوقات نوباته الليلية، وتمكن مستعيناً بهذا العلم أن يخترع القاطرة.
ودرس (جيمس واط) الكيمياء والرياضة في أثناء اشتغاله بالتجارة، فأمكنه أن يخترعَ محرك البخار.
الإسلام ووقت الفراغ
يقول الشيخ مصطفى أبو العلا: الفراغ وحش مخيف يفترس الإنسان العاطل، وهو من أقوى أسلحة الشيطان ضد الشباب. والمجتمعات التي لا تستثمر شبابها، إنما هي مجتمعات تنتحر انتحاراً بطيئاً.
ويوجه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ النظر إلى أن الوقت من النعم التي لا يشعر بها الإنسان فيقول كما عند البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ".
والأصل في حياة المسلم أنه لا يوجد فيها وقت فراغ، بمعنى عدم العمل، لا للدنيا ولا للآخرة، فحياة المسلم كلها عبادة، فهو مطالب بملء الوقت كله في عبادة الله، بمعناها الشمولي العام لجميع جوانب الحياة؛ حيث تصبح جميع جوانب حياة المسلم تعبدية إذا اقترنت بالنية الصالحة، في العمل، أو الفكر، أو السكون، أوالحركة، أو الجد، أو المرح، أو القتال، أو اللهو، أو الأكل، أو الشرب، أو النوم، أو العلم، أو غيرها من الأعمال.
إلاّ أن واقع المسلمين بشكل عام يشهد بضد ذلك، وكل متأمل لواقع الأمة يرى أن الفراغ في المجتمع الإسلامي الحديث أصبح عمرًا مُهدرًا، بل وعبئًا على حركة المجتمع نحو التقدم. فهو يمثل طاقة استهلاكية، أو يغذيها، أو يمهّد لها سُبُلها دونَ أن يقابلَها بدفعة إنتاجية، أو تنمية ماهرة، أو إبداع فكري جديد.
================
كيف تستثمر وقت فراغك؟
رضا مدبولي 28/5/1424
28/07/2003
أهداف وقت الفراغ:
الإنسان في تنظيمه لأوقات فراغه يسعى عادة إلى ثلاثة أهداف أساسية:
01 التخفيف من وطأة الضيق والتوتر النفسي الذي يعتري الإنسان إذا ابتعد عن العمل.
02 تحرير الفرد من نزعاته الأنانية وتهيئته للنزعات الاجتماعية كاحترام قوانين المجتمع وأعرافها، وإنماء روح التعاون والخلق الكريم).(3/257)
03 التخفيف من الضغوط الجنسية الملحة على الشباب، وتعديل الفواتير بتوجيهها وجهة نافعة لتتفق ومصلحة الأسرة، وتنفع المجتمع.
استثمار وقت الفراغ:
لقد أنعم الخالق - جل شأنه- على الإنسان بالوقت؛ ففاز من استغله في بناء حياته وسار على الطريق المستقيم، وخاب من هدمه بسلك طريق لا يقبله الله ورسوله ثم المجتمع . ومن ثم اهتم المربون باستثمار وقت الفراغ منذ الطفولة حتى الشيخوخة لبناء فردٍ صالح في أسرته ومجتمعه ووطنه، غير جانح، يلفظه الجميع.
كيف يمكن استثمار وقت الفراغ؟
يمكن أن تُستثمر أوقات الفراغ في مزاولة جوانب عديدة من الأنشطة، ومنها: الجانب الثقافي، والجانب الحركي ( الرياضي)، والجانب الفني ( التشكيلي).
الجانب الأول: الجانب الثقافي : كيف تستثمر وقتك في رفع ثقافتك؟
- أن تتقن فنون اللغة ( القراءة، والكتابة، والتحدث، والاستماع)؛ بحيث تتمكن من كتابة حديث أو قصة. وترويهما بلغة عربية صحيحة بسيطة.
- أن تستخدم هذه القدرات في فهم النفس، وفهم ما حولك.
- أن تفسر ما يجري حولك من ظواهر اجتماعية وطبيعية، وسياسية، واقتصادية وعلى أسس واقعية.
- أن تجيد التعامل مع الآخرين، كحسن الحديث والأخذ والعطاء على أساس الحق والعدل.
- أن تبني لنفسك كياناً مستقلاً.
- أن تتعاون مع غيرك على البر والخير.
- أن تعمل بنجاح داخل فريق.
- أن تسلك سلوكاً يعكس انتماءك لدينك ووطنك.
- أن تسلك سلوكاً يعكس ثقتك بنفسك، وشعورك بالطمأنينة.
- أن تتقن المهارات الأولية في استخدام الأدوات والآلات الشائعة الاستعمال.
- أن تستخدم ما اكتسبته من معارف، وحقائق، وعلوم، في حل المشكلات اليومية التي تواجهها.
- أن توضح أساسيات دينك، مع ربطها بمواقف الحياة، على أن تُظهر ذلك في سلوكك.
- أن تميز بين ما يمكن تفسيره على أساس من العلم. ومالا يمكن قبوله إلا على أساس الإيمان، مما لا يجترئ العلم على تفسيره.
أهم مصادر الثقافة:
أولاً: المسجد، هنالك كثير من الخبرات التي لا نستطيع تعلمها في المدرسة أو الأسرة، مثل: تلاوة القرآن الكريم، وكيفية الصلاة، والإجابة عن بعض الأسئلة التي تثيرها العقول، وقد يرجع ذلك إلى ضعف مستوى المعلمين والآباء، أو لضعف الإمكانات بالمدرسة وبالأسرة، أو لضيق الوقت.. إلى غير ذلك.
ثانياً: الأسرة: الأسرة هي أول مؤسسة تربوية فيها امتصاص طرق التفكير والتعبير، وفيها يكتسب الدين، واللغة، والتقاليد، والعادات، وطريقة الكلام، وللوالدين دور فعال في تكوين الميل إلى القراءة وتنمية الأبناء وبطرق واعية.
ثالثاً: الصحافة: هناك الصحف الإخبارية التي تهتم بأخبار الرياضة، والسياسة والعلوم والفنون وشؤون البيت.
رابعاً: البرامج الإذاعية : مما لا شك فيه أن للبرامج الإذاعية أثراً كبيراً في بناء الشخصية، فهي تنمي لديه القيم الإيجابية اللازمة، والعادات الصحيحة، وتزوده بالمعارف والمهارات.
خامساً: البرامج التلفازية: للتلفاز قدرات كبيرة تجعله في مقدمة مصادر الاتصال، ولكل برنامج إيجابياته وسلبياته؛ فعلينا أن نحرص على مشاهدة البرامج المفيدة.
سادساً: القراءة: ولابد من السؤال الهام: ماذا نقرأ ؟
النشاط الترويحي
ما مفهوم الترويح؟
هو نشاط يختاره الفرد، غالباً يكون بعد تعب وجهد " معاناة جسدية"، أو بعد حزن " معاناة نفسية"؛ فيزيل التعب ويبدله إلى نشاط، ويزيل الهم والغم ويبدله إلى فرح وسرور . وهو مفيد للفرد إما عقلياً بالمعرفة، وإما جسمانياً بالرياضة بأنواعها، وإما نفسياً بقيم الإيمان، كما أنه تحقيق لعبودية الفرد لله وليس انقطاعاً عنها.
أنواع النشاط الترويحي التي يمكن للشباب شغل أوقات فراغهم فيها.
أولاً: الترويح النفسي:
وينطوي تحت هذا النوع كل نشاط ترويحي تبرز فيه العوامل النفسية بشكل واضح، وتعمل فيه تلك العوامل كأنها الأساس الذي يقوم عليه النشاط، ويجوز أن يضم هذا النوع كل أنواع النشاط الترويحي على الإطلاق.
ثانياً: الترويح الجسماني:
من الواضح أن جميع أنواع النشاط الرياضي يمكن أن توضع تحت قائمة هذا النوع.
ثالثاً: الترويح الاجتماعي:
ويهدف هذا النوع إلى تدعيم العلاقات بين الأفراد والجماعات على أساس من الصداقة والتعاون والديمقراطية السليمة. كما يهدف أيضاً إلى تشجيع التطوع للخدمات الاجتماعية بمختلف أنواعها.
الترويح وقضاء وقت الفراغ داخل الأسرة بين الأبناء:
في مرحلة الطفولة:
يقسم اللعب أو الترويح إلى القسمين الرئيسيين الآتيين بحسب الأماكن التي يحدث بها:
01 لعب أو ترويح داخلي؛ كاللعب بالدمى المصنوعة من المطاط أو القطن وغيرها.
02لعب أو ترويح خارجي.
وذلك حين يخرج الطفل إلى فناء منزله أو حديقة بيته أو يخرج هو والأسرة للمتنزهات والملاعب والأندية، وقد يحتاج فيها إلى لعب خاصة؛ كدراجة أو دلو أو رشاشة أو جاروف أو كرة.
في مرحلة الشباب:
يمكن شغل الوقت بين الأبناء بعمل سباقات الدراجات والمارثون وألعاب القوة في النادي وبعمل الأبحاث وحفظ القرآن والمسابقات الدينية في المسجد وبعمل حفلات السمر المفيدة والتعليم والتمثيل والفناء داخل المنزل، والرحلات الليلية ورحلات التفكر وقت الغروب، أو التمشية مثل رحلات الملاهي والسفر.
وقت فراغ الأولاد مع الآباء:
لا بد أن يشعر الأبناء بالدفء والحنان من آبائهم. ويساعد على ذلك أن يقضوا معاً أوقات فراغهم بشكل منظم وسليم، وأن يشمل ذلك نواحي الأنشطة التي يحبها الأبناء ويفضلونها، من أنشطة رياضية وفنية وألعاب ومسابقات ثقافية.
ثلاث عشرة وسيلة مفتوحة للآباء المشغولين حتى يتم استغلال وقت الفراغ مع أبنائهم.
01 استغلال فترة الغذاء وتجمع الأسرة بالأحاديث والمواقف التي تواجه الأم والأب وشرح طريقة تصرفهم تجاه كل موقف.
02 الاستفادة من المسافات الطويلة التي يقطعها أفراد الأسرة معاً في السيارة بسماع قصة من الأب أو عمل مسابقات أو حديث في مواضيع متنوعة.
03 استغلال عطلة نهاية الأسبوع للخروج العائلي والأحاديث العائلية.
04 السفر فرصة لبث القيم والحديث عن التقاليد والأخلاق الإسلامية الأصيلة.
05 عندما يكون الآباء قدوة لأبنائهم يختصر ذلك الوقت الكبير الذي يقضى في زرع القيم.
06 تعويد الأبناء على القراءة يسهل وصول المعاني التربوية للأبناء.
07 الأنس بقراءة القرآن عندما يكون خلقاً متأصلاً في الأبناء، يجعل القرآن النبع الأساس لاستقاء الأخلاق واستغلال الوقت في أفضل العبادات.
08 إعطاء هدية لصاحب المواقف الأخلاقية العالية ومكافأته أمام الآخرين يدعو إلى تأصيل هذه الأخلاق وتحويلها إلى سبب راق للتنافس بين الأبناء.
09 قصص ما قبل النوم تغرس القيم والأخلاق وتشيع جو الحنان والحب في الأسرة، بسبب هذا الاحتضان بين الآباء وأبنائهم أثناء سرد القضية.
10 تخصيص مكان من المنزل لعمل مكتبة تضم العديد من الكتب والمراجع.
11 تشجيع كل ابن على اقتناء مجموعة من الكتب وتكوين مكتبة خاصة به.
12 شراء أشرطة الكمبيوتر التي تزرع القيم وتعويد الأبناء على استخدامها.
13 ترديد الأناشيد والأشعار التي تحث على العمل ومجاهدة النفس والصبر وغيرها من المعاني الراقية.
===============
وما زلنا ننطلق من فراغ
د عبد الله بن إبراهيم الطريقي 23/8/1423
08/11/2001(3/258)
ربما تكون أحداث الحادي عشر من سبتمبر من أهم الأحداث في عصرنا الحاضر وأخطرها ، سواء هي في نفسها أو من خلال تداعياتها وذيولها . حيث اختلطت الأوراق على كثير من العقلاء من مسلمين وغير مسلمين ، وحامت الشكوك والظنون حول اليقينيات حتى تشكك الناس في عقولهم . وقد رأينا من المواقف والآراء المتباينة والمتناقضة من قبل أهل الملة المسلمة مالا يليق بأمة وسط ، هي خير أمة أخرجت للناس ، لها ثوابتها ولها مصادرها المعروفة . أما حين تستقرئ هذه المواقف المتباينة فإن ذاكرتك وتخيلاتك تذكرك بأهل الكتاب واختلافهم على أنبيائهم ، ثم تعدد كتبهم ومصادرهم . لقد رأينا من قومنا من أهل العلم والفكر والرأي من ندد بالحدث واستنكره بغض النظر عن ظروفه المكانية ، وفيهم من مرّره وبرّره ، وفيهم من تغاضى عنه ، كما رأينا من يبارك هذه الحرب ضد ما يسمى (الإرهاب) أياً كانت الجهة المقصودة ، ومهما يترتب عليها، وبأي وسيلة كانت ، ورأينا في المقابل من يستهجنها وينكرها .
كما سمعنا ، ومازلنا نسمع كيل الاتهامات ومباركة الأحكام الصوارم في حق كل شخص أو جهة أو مبدأ ينقم عليه الغرب ، وفي غمضة عين انقلبت مفاهيمنا السابقة ، فأصبح الجهاد والمقاومة إرهاباً ، وأصبح المجاهد إرهابياً ، وكل مجتمع مسلم يعتز بإسلامه فهو محل اتهام، فما مرد ذلك ؟
أهو بسبب هول الحدث وما نتج عنه من ذهول ، أم بسبب وسائل الإعلام التي تقوم بتهويل الحدث وترويج الشائعات وإلقاء الرعب ، وهي - في غالبها- وسائل إعلام غربي ، تعنى بالمصالح الغربية ليس إلا .
أم ترى ذلك بسبب غياب الإعلام الإسلامي الرزين الذي يتعامل مع الحدث بعقلانية وموازين إسلامية ، ويتصدى للأزمات بعزم وحزم .
أم تراه بسبب غياب الرأي العام الإسلامي الذي يحتوي مرئيات جماهير المسلمين ونظراتهم إلى الأحداث ، وتنبع - من ثم - القرارات والمواقف الثابتة . أم مردُّ ذلك إلى غياب المرجعية العلمية العليا التي يرجع إليها الناس عند كل أمر ذي بال يحتاج إلى حكم شرعي ويقفون عند رأيها .
إنها تساؤلات متسلسلة ، بل قل متداخلة تستحق الوقوف الطويل ، عسى أن نصل إلى شيء من الإجابات المفيدة .
أما الحدث ذاته فهو مهول ، ولذلك فقد يكون لصدمته رد فعل غير شعوري لكل من رآه ممن يعنيه أمره أو لا يعنيه ، كما حصل لعمر بن الخطاب - رضي الله عنه - حينما سمع بوفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث استنكر ذلك ونفاه . لكن أبا بكر - رضي الله عنه - كان أكثر صلابة منه مع ما هو مطبوع عليه من الرقة ، فتعامل مع الأمر بواقعية أكثر، وأحل السكينة محل الاضطراب ، فكانت تلك من أعظم مناقبه .
وهذا هو الأسلوب الأمثل تجاه الأحداث العظام ، فالتسرع ليس من شيم المسلم ، وقد مدح النبي - صلى الله عليه وسلم - أشج عبد القيس بخصلتين طبع عليهما الحلم والأناه .
أما التساؤل الآخر : وهو دور وسائل الإعلام الغربي في تهويل الأحداث فهذا أمر مشهود ، وليس فقط مجرد التهويل ، ولكنه الاستغلال للحدث ، بحيث يكون ( قضية الساعة ) .
ثم يأتي أساطينه - وغالبهم من اليهود - فيوظفون القضية لمصالح الغرب بصفة عامة ، ولمصلحة الصهيونية والصليبية بصفة خاصة سواء عن طريق الخبر ، أو التحليل ، أو التصوير ، أو الرسم أو التمثيل ، أو الحوار .. إلى غير ذلك .
أما إعلام العرب أو المسلمين فإنه يأتي لاحقاً ومحاكياً ، وربما متسولاً عن طريق وكالات الإعلام الغربية وفضائياته . حتى لا يكاد يسمع للعرب والمسلمين صوت ، أو يقرأ لهم رأي مميز.
وكم يكون الناس - في شرق الأرض وغربها - محتاجين إلى الإعلام الرشيد ، الذي يتعامل مع الأحداث بعقل وعلم ، بعيداً عن الشطح والتطرف ، أو الانهزامية والتذلل .
وننتقل إلى التساؤل الخاص بالرأي العام فهو ( الرأي العام ) في نظري من أهم الموجهات والمؤثرات في صناعة القرارات في كل المجتمعات الإنسانية بغض النظر عن هذه القرارات ومواءمتها للحق ؛ وذلك لكونه أثراً من آثار ثقافة المجتمع وأسلوب تفكيره .
والنظام الغربي ( الديمقراطي ) يعتمد على الرأي العام بشكل ملحوظ في كثير من شؤونه السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، وغيرها ، سواء في سياسته الداخلية أم الخارجية .
ولذلك فإن جُلَّ القرارات تكتسب صفة التأييد الشعبي ، مهما كانت قناعات الشعب ، حقيقية كانت أو مموهة .
أما في الإسلام الذي يختلف عن النظام الديمقراطي في كثير من الأصول والمنطلقات ، فإن في المسألة تفصيلاً . فكل قضية أو شأن منصوص عليه شرعاً فليس محل نظر أو استطلاع رأي .
" وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم " "وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ". بل على المسلم ، أياً كان موقعه ، الامتثال والاستجابة .
وإذا كان لأهل العلم والرأي مجال - هنا- فهو في أسلوب التطبيق ، كما في أسلوب جباية الزكاة أو الطواف والسعي والرمي ، وكذا مثل الجهاد ، وتنفيذ الحدود .. إلخ .
أما ما كان محل اجتهاد في مسائل الدين فمردّه إلى أهل العلم المجتهدين ، فهم الذين يرجحون ويناقشون أو يحسمون الخلاف . وأما شؤون الحياة التفصيلية فمرجعها أهل الاختصاص والخبرة والتجربة .
ومن التكلف الظاهر إيجاد الحواجز بين الدين وشؤون الحياة ، فيقال : هذا أمر ديني مرجعه الأشياخ من العلماء ، وهذه دنيا ليس لهم إليها من سبيل ،اللهم إلا في تنظيم الأمور الدنيوية البحتة وتنفيذها ، أما تفصيل أحاكمها فهو إلى الأشياخ وليس إلى العامة . على أن مجالات الحياة واسعة سواء في تنظيمها أو تنفيذها ، الأمر الذي يجعل للرأي مجالاً رحباً ، وهو ما يلحظ في أسلوب المؤسسات والجهات الحكومية وغير الحكومية ، التي تقدم مشروعات ومقترحات من خلال مشاورات ومداولات كثيرة تصل في نهاية المطاف إلى تنظيمات أو قرارات .
وربما كان لوسائل الإعلام زمام المبادرة إلى إبداء الملحوظات ، ثم المقترحات في أمور غير محصورة ؛ الأمر الذي يؤكد أهمية الرأي العام في مجتمعاتنا المسلمة .
لكن ( الرأي العام ) ليس مصدر صناعة الإعلام فقط ، بل ثمة مصادر أخرى لا تقل أهمية ،يأتي في مقدمتها :
أ) المنبر المسجدي : حيث يفترض أن من يعتليه من الخطباء هم على مستوى رفيع من العلم والوعي ، بحيث تكون خطبهم مصدر إلهام للمستمعين ، تجمع بين العظة والتعقل وبُعد النظر والتعليم والتفقيه . وهذه مميزات لا تتوافر بالضرورة في الإعلام الذي يعتمد الإثارة في وسائله في أكثر مواده الإعلامية .
ومن هنا ينبغي التوكيد على أهمية هذا المصدر (أعني المنبر ) وحثّ أصحابه على الاستثمار الجيد ، الذي يزرع في القلوب الإيمان والتقوى ، والخشية في السر والعلانية ونشر الوعي العام بين الناس . ويكون من الخطأ البيّن التهوين من شأن هذا المصدر وشأن الخطيب ، وأن وظيفتهما محصورة في دائرة ما يسمى (الوعظ) .
إذ بهذا المنهج يعيش الناس في انفصام شديد بين حياة المعاد وحياة المعاش ، بل في صراع مرير بين قناعاتهم الشرعية أو الإيمانية وبين هموم الحياة اليومية .وغني عن البيان كثرة الشائعات وسرعة انتشارها في الأزمات مما يولد الذعر واختلاف الرأي ، وليس أولى وأجدر في علاج هذه المشكلة من المسجد ولو ظنَّ أكثر الناس غيره .(3/259)
ب) مجلس الشورى ، الذي يضم عادة نخبة من المجتمع ، ويكون العضو فيه قريباً من الناس يسمع آراءهم ويتعرف على آلامهم وآمالهم ، فيعرضها على المجلس ، وتسمع الآراء والانطباعات فتناقش بحرية وعقل . وهناك مصادر أخرى معروفة لدى أهل الاختصاص .
ثم نأتي إلى التساؤل الأخير المتعلق بالمرجعية العلمية، منوهين أولاً بهذه المرجعية ، وأن وجودها ضرورة اجتماعية ؛ لكونها صمام الأمان في كل مجتمع . إن العلماء ورثة الأنبياء ، وهم كالنجوم يقتدى بها في ظلمات البر والبحر ، وما ضل قوم يتبعون أثر الأنبياء ، وورثتِهِم . أما إذا غاب هؤلاء أو غيبوا فقد أذنت بلدان المسلمين ومجتمعاتهم بانهيار.
وأرجو ألا نوغل في دائرة الشؤم ؛ فندعي غياب العلماء بإطلاق ، بل لهم وجود وحضور في أكثر بقاع الأرض ، مع الاعتراف بوجود الفروق بينهم وبين أسلافهم في القرون الإسلامية الماضية ، سواء من حيث الصفات الشخصية أو العلمية . وربما يكون لبلاد الحرمين الشريفين نصيب الأسد منهم .
بيد أن التساؤل الذي لا يزال قائماً هو : أين هؤلاء العلماء مِنْ وفِي خضم الأحداث والنوازل العالمية ؟ أين صوتهم ؟ وأين آراؤهم وفتاويهم ؟ وأزعم أن الأصوات موجودة ، وإن كان فيها خفوت ، ولكنها متباعدة معنى ومبنى ، ومتباينة شكلاًً ومضموناً حتى اجتمعت النقائض ، واضطربت الآراء والأفكار وتزعزت الثقة في هذه المرجعية . ترى ، ما سر ذلك ؟
الذي يبدو لي هو ضعف رابطة الرحم العلمية التي تصل بين العلماء ، عن طريق الشورى والتعاون على البر والتقوى ، بحيث أصبح لكل عالم منهج وأسلوب وقناعة مؤسسة على الفردية أو على ( الأنا ) .
ولذلك لا يكون غريباً أن نسمع التحليل والتحريم ، أو التأييد والاستنكار في قضية واحدة، وفي آن واحد ، وربما مكان واحد .
إن هذه المرجعية مطالبة - الآن - أكثر من أي وقت مضى بأن تدرك مسؤولياتها ، وتدرك جسامة الأحداث الراهنة وما تحمله من نذر ، ثم تفكر ملياً في هذه الصراعات العالمية من حيث أسبابها وأبعادها ومنطلقاتها ، وأساليبها وعلاقة ذلك بأمة الإسلام ، وملة الإسلام ، ودار الإسلام ، ولعل من أهم القضايا الفكرية المصاحبة لهذا الصراع ما يأتي :
- موقف الإسلام من الإرهاب.
- الفروق بين الإرهاب والجهاد.
- الولاء والبراء في العلاقة بالآخر .
- الإخاء الإسلامي والإخاء الإنساني .
- القيم الإنسانية المشتركة .
- عمومية الدعوة الإسلامية .
- مفهوم العزة الإسلامية.
- المصطلحات الوافدة وكيفية التعامل معها .
- أصول مذهب السلف ومعطياته الحضارية .
- الجهاد ، شروطه وغاياته .
- المعاهدات والمواثيق الدولية من منظور إسلامي .
إلى غير ذلك من الموضوعات التي أصبحت محل اهتمام العالم كله في هذه الظروف العصيبة.
وحسم مثل هذه القضايا العلمية والفكرية وفق المنهج الإسلامي الراشد لا يمكن أن يقوم به سوى العلماء ، ولكن ليس بطريقة أُحادية ، بل جماعية شورية تجمع رموز العلماء من كل صقع وعلى صعيد واحد وليكن مكة المكرمة - مثلاً- تحت ظلال منظمة المؤتمر الإسلامي أو رابطة العالم الإسلامي ، أو ما أشبه ذلك ؛ وذلك للخروج بآراء محررة تجمع بين الصلابة والمرونة ، أو جلب المصلحة ودرء المفسدة .
- - - - - - - - - - - - - - -
الفهرس العام
الباب الثالث ... 2
الفراغ أسبابه ونتائجه وعلاجه ... 2
أخي الشاب دع الفراغ وابدأ العمل ... 2
كيف أملأ الفراغ في حياة زوجتي؟ ... 12
أصبحت انطوائية! ... 14
أحس فراغاً عاطفيَّا، لذا..! ... 15
أخي والانترنت .. والفراغ ..!!! ... 16
طفلتي .. والفراغ !! ... 18
الإنترنت وسيلة لقهر الفراغ والاحتلال! ... 19
هل في حياة المسلم فراغ ... 23
همّ الفراغ وفقه الترويح ... 31
مشكلة الفراغ ... 33
الإجازة ونعمة الفراغ ... 39
نعمتا الصحة والفراغ ... 43
لابد من ملء الفراغ ... 47
الفراغ وأثره في النفس والمجتمع ... 51
الفراغ ... 53
لا تتركوا فراغاً بعدكم ... 58
الفراغ عند الشباب وخطورته ... 60
قبل أن يقضي الفراغ على أطفالنا!! ... 66
أخي الشاب دع الفراغ وابدأ العمل ... 75
في مواجهة الفراغ الفكري والنفسي في الشباب ... 85
الإسلام والفراغ : ... 98
كيف تقضى الأوقات وقت الإجازة ... 102
أخي الشاب دع الفراغ وابدأ العمل ... 103
الحرب بالوكالة ومشاريع ملء الفراغ في العالم العربي ... 113
الصيف وملايين الأوقات تحسب في خانات الفراغات ... 119
قبل أن يقضي الفراغ على أطفالنا !! (1-2) ... 128
المرأة والفراغ ... 137
الإجازة ونعمة الفراغ ... 138
الفراغ و الترفيه البريء ... 142
مشكلة الفراغ ... 143
هم الفراغ وفقه الترويح ... 148
الفراغ وأثره في النفس والمجتمع ... 157
لابد من ملء الفراغ ... 159
الفراغ العاطفي ... 163
نظرة الإسلام إلى وقت الفراغ ... 166
من يملأ الفراغ الاستراتيجي العربي ؟ ... 169
الفراغ طريق الانحراف ... 172
اذبح الفراغ بسكين العمل ... 198
الفراغ ومنهج الإسلام في استثماره ... 199
الفراغ ... 203
أطرد الفراغ بالعمل ... 208
الشباب يملأون الفراغ ... 209
إنه الفراغ....طريق الانحطاط ... 210
آفات الفراغ ... 212
الفراغ والغفلة ... 216
الفراغ ... 218
وقت الفراغ في حياة المرأة المسلمة ... 223
جهاد النفس بملأ الفراغ بمنهج الله ... 227
وقفات مع الإجازة الصيفية ... 270
بعض المقترحات لشغل الفراغ بالعلم والعمل النافع ... 275
الفراغ يكاد يقتلني ... 277
حينما يضيع الهدف ... 280
أبشركم تم قتله ،،، الحمد لله ... 283
عبر وخواطر حول الإجازة والترفيه والترويح ... 287
خير جليس ... 292
دور المرأة في التربية ... 305
كيفية قضاء الإجازة ... 319
وصيتكم في كيفية استغلال الإجازة والنفوس بما يُرضي الله ... 323
كيف نتعامل مع المشكلات الأخلاقية ... 327
جهاد النفس الأمارة بالسوء وأعوانها ... 333
صناعة الترفيه ... 352
المعاكسات الآم وحسرات ... 358
فكار متنوعة ... 372
ما لا يعرفه السعوديون ...عن أبناءهم ؟! ... 376
خذي جلد الثعبان .. واتركي باقيه! ... 382
الإعجاب والشهوة المحرمة ... 385
هذه عثراتها !! ... 401
آهات زعموها حبا...!!! ... 408
وقفات مع حفظ الوقت ... 410
توجيهات إلى طالب العلم ... 422
الدورات العلمية جامعات مفتوحة وعلم مشاع ... 439
شباب ... بنات ... 467
الشباب والإجازة ... 472
فتح آفاق للعمل الجاد ... 476
ضوابط عمل المرأة في الإسلام ... 504
الحذر من إطلاق البصر ... 514
شبابنا بعد المباريات تشجيع أم ترويع ؟ ... 537
خطوات لثبات التائبات من عثرات الشبكة العنكبوتية !! ... 549
الفضائيات وتأثيرها على مجتمعنا ... 552
شبابنا والفراغ.. دعوة لصناعة الحياة ... 691
رسالتي لكل فتاة عامة .. ... 693
لقاء شبكة أنا المسلم وصيد الفوائد ... 696
أسباب انحراف الولد ... 732
سجناء لوجه الله تعالى ... 734
على الهواء مباشرة مباراة بين الفتيان والفتيات ... 737
انهدام الصروح ... 741
المراكز الصيفية سلبيات ومقترحات ... 745
نحو جو أسري هادئ ... 749
محاضرة : المجرمون الصغار ... 759
العبثية ... 780
مقترحات علمية لاستغلال الإجازة الصيفية ... 783
الحمد لله و الصلاة والسلام على رسول الله وبعد: ... 783
أفكار للمعلمات ... 786
أفكار مقترحة لاستغلال الإجازة الصيفية ... 794
اللؤلؤة المكنونة ... 799(3/260)
المراكز الصيفية.. دعوة للمراجعة ... 827
العواطف الإنسانية ... 831
أسباب تعاطي المواد المخدّرة ... 862
((المعاكسات)) ... 863
الفراغ والوقت ... 878
كيف يقضي أبناؤنا إجازة سعيدة؟ ... 879
ضوابط الترويح في الإسلام ومخالفاته ... 885
من مخاطر الفراغ ... 893
الغفلة والفراغ ... 896
الوقت والفراغ ... 899
من مخاطر الفراغ ... 900
كيف نستثمر الإجازة ؟ ... 907
علمتني الحياة : الحلقة الأولى ... 915
كيف تنظم وقتك ... 920
مفهوم السياحة ومخاطرها ... 931
الوقت وأهميته ... 939
الإجازة الصيفية ... 943
الرياضة والكرة ... 949
البرنامج العملي لاغتنام إجازة الصيف ... 955
هل في حياة المسلم فراغ ... 964
الفراغ المثمر ... 972
الإجازة ووقت الفراغ.. مشكلة الصيف الكبرى! ... 973
كيف تستثمر وقت فراغك؟ ... 979
وما زلنا ننطلق من فراغ ... 983(3/261)