الوقت وأهميته في حياة المسلم
(1)
الباب الأول
أهمية الوقت في حياة المسلم
جمع وإعداد
الباحث في القرآن والسنة
علي بن نايف الشحود
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة هامة
الحمد لله الذي بيده مقاليد الأمور، والصلاة والسلام على البشير النذير، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فإن رأس مال المسلم في هذه الدنيا هو الوقت الذي هو مادة الحياة. والوقت أنفس من المال وأغلى، أرأيت لو أن محتضرا وضع أمواله جميعا ليزاد في عمره يوم واحد هل يحصل له ذلك التمديد وتلك الزيادة؟!.
ولعظم أهمية الوقت فقد أقسم الله به - عز وجل - في آيات كثيرة من كتابه الكريم منها قوله - تعالى -: ((وَالْعَصْرِ(1)إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ(2)إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ)) سورة العصر.
فأقسم - جل وعلا - بالعصر، وهو الدهر الذي هو زمن تحصيل الأرباح والأعمال الصالحة للمؤمنين، وزمن الشقاء للمعرضين، ولما فيه من العبر والعجائب للناظرين.
ويقول - عز وجل - في بيان هذه النعم العظيمة التي هي من أصول النعم: {وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالْنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالْنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } (12) سورة النحل
وقال - تعالى -: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا} (62) سورة الفرقان.
و عَنْ أَبِى بَرْزَةَ الأَسْلَمِىِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لاَ تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمْرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَا فَعَلَ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَا أَبْلاَهُ » أخرجه الترمذي برقم(2602 ) وهو صحيح.
و عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ ، الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ » أخرجه البخاري برقم(6412) .
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، لِرَجُلٍ وَهُوَ يَعِظُهُ :" اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ : شَبَابَكَ قَبْلَ هِرَمِكَ ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ ، وَغِنَاءَكَ قَبْلَ فَقْرِكَ ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ "المستدرك برقم(7846) وهو صحيح
إن الله - عز وجل - خلقنا لأمر عظيم حدد الإجابة فيه بآية كريمة فقال - تعالى -: ((أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (115) فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ (116) [المؤمنون/115، 116]))
وقال - تعالى - ((وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58) [الذاريات/56-59])).
قال الإمام النووي رحمه الله في مقدمة رياض الصالحين :
وهذا تصريح بأنهم خلقوا للعبادة والواجب عليهم الاعتناء بما خلقوا له والإعراض عن حظوظ الدنيا بالزهادة، فإنها دار نفاد لا محل إخلاد، ومركب عبور لا منزل حبو، ومشرع انفصام لا موطن دوام، فملكها يفنى، وجديدها يبلى، وكثيرها يقل، وعزيزها يذل، وحيها يموت، وخيرها يفوت، ولهذا كان الأيقاظ من أهلها هم العباد، وأعقل الناس فيها هم الزهاد، وصدق الله إذ يقول: ? وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً ? (الكهف:45) . فينبغي للعاقل أن يعمل للآخرة، ويسعى لها، وأن يأخذ من الدنيا بقدر ما يوصله إلى الآخرة قال تعالى: ? وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ? ... (القصص:77).
ولقد أحسن القائل إذ يقول:
إن لله عباداً فطناً ...... طلقوا لدنيا وخافوا الفتنا
نظروا فيها فلما علموا....... أنها ليست لحي وطناً
جعلوها لجة واتخذوا.......... ... صالح الأعمال فيها سفنا
وعمر الإنسان هو موسم الزرع في هذه الدنيا، والحصاد هناك في الآخرة، فلا يحسن بالمسلم أن يضيع أوقاته وينفق رأس ماله فيما لا فائدة فيه.
ومن جهل قيمة الوقت الآن فسيأتي عليه حين يعرف فيه قدره ونفاسته وقيمة العمل فيه، ولكن بعد فوات الأوان، وفي هذا يذكر القرآن الكريم موقفين الإنسان يندم فيهما على ضياع وقته حيث لا ينفع الندم:
الموقف الأول: ساعة الاحتضار، حيث يستدبر الإنسان الدنيا ويستقبل الآخرة، ويتمنى لو منح مهلة من الزمن، وأُخِّر إلى أجل قريب ليصلح ما أفسده ويتدارك ما فات.قال تعالى : {وَأَنذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُواْ رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُواْ أَقْسَمْتُم مِّن قَبْلُ مَا لَكُم مِّن زَوَالٍ} (44) سورة إبراهيم
وقال تعالى : { حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100) [المؤمنون/99، 100]}
الموقف الثاني: في الآخرة، حيث توفى كل نفس ما عملت وتجزى بما كسبت، ويدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار، هناك يتمنى أهل النار لو يعودون مرة أخرى إلى حياة التكليف، ليبدأوا من جديد عملا صالحا. قال تعالى : وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ (12) وَلَوْ شِئْنَا لَآَتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (13) فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (14) [السجدة/12-14]
==================
الزمن كالمال كلاهما يجبُ الحرص عليه والاقتصادُ في إنفاقه وتدبير أمره، وإنْ كان المالُ يمكن جمعه وادخاره بل وتنميته فإنَّ الزمنَ عكسُ ذلك؟ .
فكلُّ دقيقة ولحظة ذهبت لن تعودَ إليك أبدا ،ولو أنفقت أموال الدنيا أجمع.
وإذا كان الزمنُ مقدرا بأجلٍ معينٍ وعمرٍ محددٍ لا يمكن أن يقدَّمَ أو يؤخرَ، وكانت قيمته في حسنِ إنفاقه- وجبَ على كلِّ إنسانٍ أن يحافظَ عليه ويستعملَه أحسن استعمالٍ ولا يفرِّطُ في شيء منه قلَّ أو كثُرَ.
ولكي يحافظ الإنسانُ على وقته يجب أن يعرفَ أين يصرفه؟! وكيف يصرفه؟! وأعظمُ المصارف وأجلُّها طاعة الله - عز وجل -، فكلُّ زمنٍ أنفقته في تلك الطاعةِ لن تندمَ عليه أبدا.(1/1)
و عَنْ سَيْفٍ الْيَمَانِيِّ قالَ: " إِنَّ مِنْ عَلَامَةِ إِعْرَاضِ اللَّهِ عَنِ الْعَبْدِ أَنْ يَشْغَلَهُ بِمَا لَا يَنْفَعُهُ "
و قَالَ أَبُو حَازِمٍ : " إِنَّ بِضَاعَةَ الْآخِرَةِ كَاسِدَةٌ ، فَاسْتَكْثِرُوا مِنْهَا فِي أَوَانِ كَسَادِهَا ، فَإِنَّهُ لَوْ قَدْ جَاءَ يَوْمُ نَفَاقِهَا لَمْ تَصِلْ مِنْهَا لَا إِلَى قَلِيلٍ وَلَا إِلَى كَثِيرٍ " (الحلية ) .
ومتى حيل بين الإنسان والعمل، لم يبق له إلا الحسرة والأسف عليه ويتمنى الرجوع إلى حال يتمكن فيها من العمل فلا تنفعه. وينبغي للمؤمن أن يتخذ من مرور الليالي والأيام عبرة لنفسه، الليل والنهار يبليان كل جديد، ويقربان كل بعيد، ويطويان الأعمار، ويشيبان الصغار، ويفنيان الكبار.
ولقد أحسن الذي يقول:
إذا ما خَلَوْتَ الدَّهْرَ يوماً فلا تَقُلْ ... خَلَوْتُ، ولكنْ قُلْ عليَّ رَقِيبُ
ولا تَحْسَبَنَّ الله يَغْفُلُ ساعَةً ........ ولا أَنَّ ما يَخْفَى عليه يَغِيبُ
ألم تر أنَّ اليوم أسرع ذاهبٍ ......... وأنَّ غداً للناظرين قريبُ؟
و عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْعَابِدُ ، قَالَ : قَالَ فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ لِرَجُلٍ : كَمْ أَتَتْ عَلَيْكَ , قَالَ : سِتُّونَ سَنَةً , قَالَ : فَأَنْتَ مُنْذُ سِتِّينَ سَنَةً تَسِيرُ إِلَى رَبِّكَ تُوشِكُ أَنْ تَبْلُغَ , فَقَالَ الرَّجُلُ : يَا أَبَا عَلِيٍّ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ , قَالَ لَهُ الْفُضَيْلُ : تَعْلَمُ مَا تَقُولُ , قَالَ الرَّجُلُ : قُلْتُ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ . قَالَ الْفُضَيْلُ تَعْلَمُ مَا تَفْسِيرُهُ ؟ قَالَ الرَّجُلُ : فَسِّرْهُ لَنَا يَا أَبَا عَلِيٍّ , قَالَ : قَوْلُكَ إِنَّا لِلَّهُ ، تَقُولُ : أَنَا لِلَّهِ عَبْدٌ ، وَأَنَا إِلَى اللَّهِ رَاجِعٌ , فَمَنْ عَلِمَ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ رَاجِعٌ , فَلْيَعْلَمْ بِأَنَّهُ مَوْقُوفٌ , وَمَنْ عَلِمَ بِأَنَّهُ مَوْقُوفٌ فَلْيَعْلَمْ بِأَنَّهُ مَسْئُولٌ وَمَنْ عَلِمَ أَنَّهُ مَسْئُولٌ فَلْيُعِدَّ للسُّؤَالَ جَوَابًا , فَقَالَ الرَّجُلُ : فَمَا الْحِيلَةُ قَالَ : يَسِيرَةٌ , قَالَ : مَا هِيَ قَالَ : تُحْسِنُ فِيمَا بَقِيَ يُغْفَرُ لَكَ مَا مَضَى وَمَا بَقِيَ , فَإِنَّكَ إِنْ أَسَأْتَ فِيمَا بَقِيَ أُخِذْتَ بِمَا مَضَى وَمَا بَقِيَ " .(الحلية )
وعَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ لِجُلَسَائِهِ : " يَا مَعْشَرَ الشُّيُوخِ : مَا يُنْتَظَرُ بِالزَّرْعِ إِذَا بَلَغَ ؟ قَالُوا : الْحَصَادُ ، قَالَ : يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ : إِنَّ الزَّرْعَ قَدْ تُدْرِكُهُ الْعَاهَةُ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ " (الزهد للبيهقي)
إن وقت الإنسان هو عمره في الحقيقة، وهو مادة حياته الأبدية في النعيم المقيم، ومادة معيشته الضنك في العذاب الأليم، وهو يمر مر السحاب، فما كان من وقته لله وبالله فهو حياته وعمره، وغير ذلك ليس محسوبا من حياته وإلا عاش فيه عيش البهائم، فإذا قطع وقته في الغفلة والسهو والأماني الباطلة، وكان خير ما قطعه به النوم والبطالة، فموت هذا خير له من حياته.
وعن الضَّحَاكَ قَالَ : سَمِعْتُ بِلَالَ بْنَ سَعْدٍ يَقُولُ : " عِبَادَ الرَّحْمَنِ يُقَالُ لِأَحَدِنَا : تُحِبُّ أَنْ تَمُوتَ ؟ فَيَقُولُ : لَا ، فَيُقَالُ : لِمَ ؟ فَيَقُولُ : حَتَّى أَعْمَلَ ، فَيُقَالُ لَهُ : اعْمَلْ ، فَيَقُولُ : سَوْفَ ، فَلَا يُحِبُّ أَنْ يَمُوتَ وَلَا يُحِبُّ أَنْ يَعْمَلَ , وَأَحَبُّ شَيْءٍ إِلَيْهِ أَنْ يُؤَخِّرَ عَمَلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا يُحِبُّ أَنْ يُؤَخَّرَ عَنْهُ عَرَضُ دُنْيَاهُ " (الزهد للبيهقي)
=============
وهذا البحث الذي بين يدينا قد قسمته لثلاثة أبواب
الباب الأول -أهمية الوقت في حياة المسلم
وفيه مباحث كثيرة نافت على الثلاثمائة وخمس وعشرين بحثا ومقالا كلها تدور حول أهمية الوقت وكيف نستفيد منه ، وبعضها يحذر من تضييع الوقت ، ويبين مغبته على حياة الإنسان في الدنيا والآخرة .
الباب الثاني -أهمية الزمن في حياة المسلم
وفيه أبحاث نافت على ثمانية وثمانين بحثا ومقالا ، كلها تدور حول أهمية الزمن في عمر الفرد والأسرة والمجتمع ، وكيف نستغله أحسن استغلال ، وتحذر من تضييعه ، وتبين مغبة ذلك .
الباب الثالث -الفراغ أسبابه ونتائجه وعلاجه
وفيه أبحاث كثيرة نافت على المائة وثمانية عشر بحثا ، كلها تحذر من الفراغ ، وتبين أضراره على الفرد والأسرة والمجتمع ، وفيها بيان لعلاج الفراغ وملئه بما يعود بالنفع والخير على البشر .
================
هذا وقد جمعت مادة هذا الموضوع من مواقع كثيرة أهمها :
صيد الفوائد
موقع المسلم اليوم
الشبكة الإسلامية
شبكة نور الإسلام
المختار الإسلامي
الإسلام سؤال وجواب
موقع المنبر
مجلة البيان
مجلة البحوث الإسلامية
وغيرها كثير .....
وكل مقال مذيل باسم صاحبه أو اسم الموقع المستقى منه
=================
أسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يحافظ على الوقت ، ويملؤه بطاعة الله تعالى ، ولا يفرط فيه ، وأن يملأ فراغه بما فيه خير البلاد والعباد .
كما أسأله تعالى أن ينفع بهذا الكتاب جامعه وقارئه والدال عليه وناشره في الدارين آمين .
قال تعالى :{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (19) لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ (20) [الحشر/18-20] }
وقال تعالى :{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (33) [لقمان/33] }
جمعه وأعده
الباحث في القرآن والسنة
علي بن نايف الشحود
في 22 شعبان لعام 1428 هـ الموافق ل 4/9/2007 م
===================(1/2)
الباب الأول
أهمية الوقت في حياة المسلم
إدارة الوقت
26/3/1424
27/05/2003
السلسلة : سلسلة التطوير الإداري
الكتاب : إدارة الوقت
المؤلف : ماريون هانز
عدد الصفحات : 126 صفحة
الناشر : دار المعرفة للتنمية البشرية
فكرة الكتاب/
الوقت هو الحياة، وإذا ذهب لا يمكن تعويضه، لذا لا بد من التخطيط الناجح للاستفادة المثلى من الوقت، وهذا الكتاب يمدك بالمهارات اللازمة في تخطيط الوقت وإدارته بشكل فعال.
الباب الأول
مبادئ إدارة الوقت
تعتبر إدارة الوقت من العمليات الإدارية التي لا يمكن الاستغناء عنها، خصوصاً في مجال التحليل والتخطيط، وتعتمد إدارة الوقت على عدة عوامل، وعندما تسيطر على هذه العوامل؛ سوف تزيد من فاعليتك وكفاءتك في الإدارة السليمة للوقت.
* من الذي يتحكم في وقتك/
في ظل الظروف والمتغيرات لن يستطيع أحد أن يتحكم في وقته تحكماً كاملاً؛ لذا عليك بداية أن تحدد الوقت المتوفر لديك والذي تتحكم أنت فيه ، كما نتفق أن كل إنسان لديه درجة من السيطرة على وقته تختلف عن الآخر، المهم: احرص على الوقت المتاح لك، وضع برامجك وخططك؛ لتحقق أهدافك وطموحاتك .
* ثلاثة اختبارات للوقت/
لا بد أن تخضع المهام التي تقوم بها - لكي تسيطر على وقتك بطريقة سليمة- على ثلاث اختبارات لتحدد المهام التي تقوم بها والتي تفوضها والتي لا تقوم بها أصلاً وهي:
01اختبار الضرورة: تأكد من مدى أهمية وضرورة هذه المهمة، ولا يكفي فقط أنها ممتعة.
02 اختبار الملاءمة: بعد اختيار المهام الضرورية؛ عليك أن تحدد الرجل المناسب لها، وقد يكون ليس أنت.
03 اختيار الكفاءة: بعد اختيار المهام الضرورية والرجل المناسب لها، يلي ذلك اختيار الأسلوب الأمثل لأدائها.
*فوائد الاستغلال الأمثل للوقت/
عندما تتمكن من إدارة وقتك بطريقة سليمة، سوف تستطيع ممارسة بعض هذه الأنشطة :
01 التخطيط الوظيفي: ضع تصوراً مستقبلياً لما تريد تحقيقه في عملك، وضع خطة مستقبلية لمواجهة الظروف؛ لتبقى مسيطراً على أمورك.
02 القراءة: الاطلاع والإلمام بما يجري هما سلاحان يجب التسلح بهما في عصر مليء بالمعرفة والمتغيرات، وكلما أصبح لديك متسع من الوقت استطعت متابعة الجديد من المعارف والمهارات.
03 التواصل: يسمح لك وقتك الفائض بإقامة علاقات إنسانية مع الآخرين.
04 الراحة: لا بد من تحديد وقت لإراحة الجسم من إرهاق العمل.
05 التفكير : الوقت المتسع يطيعك فرصة للتفكر والتطلع والتأمل.
* الوقت الأفضل للإنجاز/
لا بد أن تدرك أفضل الأوقات التي يكون فيها عطاؤك وإنجازك كبير؛ لتجعل فيها المهام ذات التركيز العالي.
*تحديد الأوليات/
ليس من الحكمة أن تهدر وقتاً طويلاً وتمنياً في مهمة ذات أهمية متوسطة، وتترك ذات الأهمية القصوى، والأَوْلى أن تضع أمورك حسب الأهمية، وكلما زادت الأمور أهمية احتاجت وقتاً أطول، لذا حدد أمورك، أيها المهم وأيها الأهم.
* معايير وضع الأولويات/
01 القرار: أفضل من يقرر ما تفعل وما لا تفعل هو أنت، لذا أقدم ولا تندم.
02 المقارنة: قارن بين المهم والأهم من خلال سؤالك نفسك: ما أفضل شيء يمكن عمله في هذا الوقت؟
03 التوقيت: تحديد زمن بدء المهمة وانتهائها ضروري للغاية للالتزامك.
البيان الثاني
مهارات إدارة الوقت
التخطيط/
تعتبر عملية معقدة، ولكنها الحل الأمثل لمشكلة قلة الوقت وازدحامه، وقليل من يدرك ذلك. يعطيك التخطيط فرصة لكي تعرف إلى أين تتجه، إضافة إلى أنه يحدد الموارد المطلوبة لتحقيق مخططاتك، وقد يكون التخطيط طويل الأجل ذات الجدول الزمني الطويل، والتخطيط قصير الأجل ذات ا لجدول الزمني القصير، وسوف نعنى بالتخطيط طويل الأجل في هذا الكتاب.
أدوات التخطيط طويل الأجل/
نتفق أن التخطيط هو من أجل توفير الوقت وليس لضياع الوقت. هناك العديد من أدوات التخطيط، وما عليك إلا أن تختار منها ما يناسب عملك الذي تنوي القيام به، وهذه الأدوات هي:
01 نموذج التخطيط التنفيذي
أياً كان شكل هذا النموذج لا بد أن يوضح الخطوات اللازمة لإكمال مشروع ما في جدول، على أن توضح فيه تواريخ البداية والنهاية من كل بند، والتكلفة المقدرة، والشخص المسؤول عن تنفيذ كل بند من خطوات المشروع.
02 مخطط المعالم الرئيسية:
يوضح هذا المخطط العلاقة بين الوقت وخطوات المشروع، بحيث توضع الخطوات يقابلها بيان بتواريخ إنجازها، ومن فوائد هذا النموذج أنه يوضح التطور الفعلي لإنجاز العمل بوضع خط للبداية والنهاية الزمنية لكل خطوة.
03 مخطط برت/
يعد هذا المخطط درجة متقدمة من التخطيط، حيث يتم وضع الخطوات اللازمة لتنفيذ المشروع، والوقت المقدر لتنفيذ كل خطوة، وتوضيح الخطوات التي يتم إنجازها بالترتيب في خط واحد، والخطوات التي تنفذ في نفس الوقت في خطوط مختلفة، ثم رسم شبكة من العلاقات بين هذه الخطوات يضمن هذه المخطط إنهاء المشروع في الوقت المطلوب.
مساعدات التخطيط قصير الأجل/
هي الخطط التي تكون قصيرة الأجل على هيئة خطوات عمل يومية أو أسبوعية.
مضيعات الوقت الشائعة/
نحن في صراع دائم مع ذواتنا ومن حولنا في الاستفادة من وقتنا وعدم إضاعته في أمور تافهة، وكل أمر تزاوله لا يحقق أهدافك ورؤيتك فهو مضيعة لوقتك، إذاً كيف نتعامل مع مضيعات الوقت؟
01 مضيعات الوقت الذاتية:
يعد عدم التنظيم هو العدو الأول للوقت، وإن تنظيم مكان عملك ومعاملاتك واتصالاتك أساساً للسيطرة على وقتك؛ بل إنها توفر لك الوقت الذي أنت بحاجة إليه وكل هذه الأمور سوف تساعدك على الإنجاز.
التسويف/
مرض يقتل الإنجاز والطموحات، ويجعلك ضعيفاً في اتخاذ القرارات، ولعلاج ذلك:
01 حدد موعدا ً نهائياً لإنهاء المهمة.
02 أنجز العمل أولاً.
03 ضع الحوافر المشجعة للعمل.
04 قسم المهمة إلى أجزاء.
05 رتب أمر المتابعة لتقييم عملك.
06 نفذها الآن.
عدم القدرة على قول كلمة ( لا)/
لا بد أن تتقن فن قول (لا)، خصوصاً عندما يوكل إليك بمهام فوق طاقتك؛ لأن ذلك سيكون على حساب صحتك أو رداءة أدائك وكلاهما مر، إذاً قل: (لا)، ولكن بلباقة وانشراح صدر وطيب نفس، وهذا سينعكس على الشخص الذي أمامك.
مضيعات الوقت المرتبطة بالبيئة/
لا يعني أن تكون منظماً و منضبطاً أن يكون من حولك كذلك، فغالباً عندما تكون منظماً هناك أسباب عدة خارجية تؤثر على تنظيمك، مثل الزوار الذين ربما يأتونك دون موعد، أو المحادثات الهاتفية التي تأخذ الكثير من الوقت، أو رسائل البريد وقراءتها والإجابة عليها، أو الاجتماعات التي يذهب أغلب وقتها فيما لا يخص محاور الاجتماع، أو الأزمات التي تضطرك للتعامل معها دونما شريك؛ لتترك ما في يديك وتتجه لها وحدها قلباً وقالباً ، لذا عليك أن تضع خطة مستقبلية للأزمات والطوارئ حتى تقلل من الخسائر التي من أهمها الوقت.
خمس نقاط تساعدك على إدارة الوقت بفاعلية/
01 ضع أهدافك الأسبوعية في جدول حسب الأولوية.
02 ضع قائمة بالأعمال اليومية التي يجب إنجازها حسب الأولوية.
03 ركز جلّ اهتمامك على الأولية (أ) أي التي يجب القيام بها.
04تعامل مع كل ورقة مرة واحدة فقط.
05 اسأل نفسك دائماً ( ما أحسن طريقة للاستفادة من وقتي في هذه اللحظة؟) ثم نفذ.
الباب الثالث
الأجهزة الإلكترونية الموفرة للوقت
هناك مجموعة من الأجهزة الإلكترونية تساعد على المحافظة على الوقت منها:
01 الهواتف : ويعتبر جزءً أساسياً للمحافظة على الوقت في المكتب وخارجه.
02 أجهزة الرد (الآنسر ماشين): تتيح هذه الأجهزة استقبال الرسائل والرد عليها متى شئت، كما تظهر رقم المتصل، وهذا يتيح لك الخيار في الرد أو عدمه.
03 البريد المسموع: يربط البريد المسموع نظام الهواتف بالحاسب الآلي معاً.
مميزات الاتصال/
لقد وفرت أجهزة الاتصال الحديثة الوقت وخفضت ما كان يهدر منه، فتجد بعض الهواتف تخزن عدداً كبيراً من أرقام المتصلين، والبعض منها يتصل عن طريق زر واحد وأخرى عن طريق الصوت، كذلك يمكن استخدام بعضها كمكبرات للصوت والنداء، وبعضها يقوم بالاتصال بشكل آلي.
الاتصال الوقائي/
وفر هذا النوع وقتاً لا بأس به، إضافة للمحافظة على السمة العامة، فبعض الهواتف تمكنك من الحديث دون الحاجة لمسك سماعة الهاتف (سبيكر) وهكذا وفرت أداء عمل آخر إضافة لمكالمتك، وساعدت أيضاً على التقليل من آلام الرقبة والأذن الناتج عن سماعة الهاتف.
البقاء على اتصال/
هناك العديد من الأجهزة التي تبقيك على اتصال مع محيطك الخارجي وهي:
01 برمجة الهاتف لتحويل مكالمة من مكان إلى آخر.
02 النداء الآلي (البيجر).
03 الهواتف السيارة والمحمولة.
04 الفاكس.
البدائل المتوفرة لعقد الاجتماعات/(1/3)
تستهلك بعض الاجتماعات الكثير من الوقت والجهد والمال، وقد لا يكون لذلك جدوى؛ خصوصاً إذا كان الاجتماع غير فعال، ولتجنب بعض هذه الاجتماعات عليك أن تعرض هذه البدائل وهي :
01 الاجتماعات باستعمال المكالمات الهاتفية وذلك عن طريق أمر التنزيل الذي في مكان شركة الاتصالات، فيتم الاتصال بأكثر من واحدة في وقت واحد وجعلهم يتصلون مع بعضهم مهما بعدت أماكنهم؛ فيحصل الاتصال بالصوت وقد يكون بالصورة بمساعدة الحاسب الآلي مما يوفر الوقت والجهد والمال.
02 المؤتمرات الهاتفية/
وتستطيع من خلالها ربط مؤتمرين أو أكثر في دول متعددة، مما يتيح فرصة أكثر للنقاش حول مسألة ما أو موضوعٍ ما؛ مما يوفر الوقت والجهد والمال.
03 تقنية الحاسوب/
أصبحت الحاسبات الآلية شائعة اليوم، ولا يمكن الاستغناء عنها، فقد وفرت وقتاً كبيراً كان يبذل سابقاً ومنها:
01 أجهزة الحاسوب المحمولة.
02 المودم.
03 الماسحات الضوئية.
04 أجهزة تمييز الصوت.
05 شرائط الذاكرة الإلكترونية.
06 المفكرات الآلية.
الباب الرابع
أفكار لكسب أوقات المسافرين
يستغرق السفر الوقت الكثير مما يتيح الفرص العديدة لكسب الوقت المتاح خلال السفر لإنجاز أعمالك الخاصة والعامة؛ لذا عليك:
01 أن تتأكد من أهمية هذه الرحلة.
02 خطة لسفرك، وما تنوي تحقيقه كتابة.
03 هل يمكن أن يذهب شخص آخر عنك؟
04 ضع مخططاً للتحركات المتنوعة داخل البلد المسافر إليه.
05 اختر أفضل طريقة للسفر.
06 من سوف يرافقك خلال سفرك؟
07 احصل على المعلومات اللازمة عن الرحلات المبكرة والمتأخرة.
08 اسأل كم يستغرق زمن الرحلة؟
09 غادر في ساعة مغايرة لمغادرة الناس سواء قبل أو بعد.
الاستفادة القصوى من زمن السفر/
كن حريصاً على قانونيتك من حمل الإثباتات والأوراق الرسمية؛ حتى لا يتم تعطيلك وهدر وقتك، وتأكد من أمتعتك وأدواتك؛ حتى لا تفقدها، وبالتالي سوف تفقد وقتاً في البحث عنها ، استغل وقتك أثناء انتظار موعد إقلاع الرحلة احرص على إقامتك في مكان مريح تتوفر فيه سبل الراحة والاستجمام عند مغادرتك مكان إقامتك، نظم خروجك بطلب فواتير المصروفات وإعاشتك وراجعها قبل المغادرة بليلة حتى تغادر وكل شيء على ما يرام.
الباب الخامس
التخطيط الفعَّال
01 اجمع المعلومات/ دوَّن الوقت خلال جدول زمني تضعه لنفسك وكن أميناً بوضع التفاصيل.
02 قم بتحليل طريقة استعمالك للوقت / عند قيامك بتحليل وجمع المعلومات استعمل الأسلوب الأمثل في الاستفادة من وقتك مثل مخطط برت.
03 ضع خططاً للعمل/ قم بعد ذلك بوضع الخطط العملية لتحسين استخدام وقتك.
04 المتابعة/ بعد مرور فترة من سير العمل، قم بتقويم مدى تطورك وتحسنك ومعرفة النقاط التي لا زالت بحاجة للتحسين.
الاحتفاظ بمدوَّنة يومية/
01 اختر أسبوعاً كنموذج، وتجنب الأسابيع التي تكون فيها متعباً.
02 سجل أنشطتك كل نصف ساعة، وكن دقيقاً وأميناً؛ لأنه وقتك أنت.
03 علق على كل نشاط، وكيف تم إنجازه؟ وملاحظتك على إنجازه.
04 قوَّم هذا اليوم عند انتهائه، وهل هو يوم عادي، أم مزدحم، أم غير ذلك؟
التخطيط الأمثل لاستغلال الوقت/
الخطوة الأولى/
ضع هدفك لتحسين استغلالك لوقتك، مع أخذ الدقة والأمانة.
الخطوة الثانية:
حدد المجالات التي تتوافر لك فيها فرصة مناسبة، مع تفادي مضيعات الوقت أو تقليلها.
الخطوة الثالثة/
اختر الفرص التي تخطط لاستغلالها مع استخدام الأجهزة التي توفر لك وقتاً إضافياً.
الخطوة الرابعة/
سجل أسماء فريق العمل (من حولك من الأفراد) الذين سوف يجرون التغيير معك، واعمل معهم وفق فريق واحد، له أهدافه ورؤيته المشتركة.
الخطوة الخامسة/
قم بمتابعة وتقويم دوري لمعرفة درجة أدائك وتطورك الذي أحرزته، وإذا وجدت نتيجة أقل من المستوى المطلوب فأعد الكرة، وصر على النجاح، فلا فشل مع عزيمة وإصرار
==============
واجب الوقت (1/2)
سلمان بن فهد العودة 12/1/1424
15/03/2003
غلب على مدارسنا الفكرية والدعوية نمط من التفكير يميل إلى اليأس والإحباط ويعالج النوازل والملمات بجرعات غير نقية من المواعدات المستقبلية التي لايد للإنسان فيها عوضاً عن المطالبة بالعمل والجهاد ، واستنفار القوى والطاقات واستثمار الأحداث لإعادة صياغة الفرد والأمة .
كتب إلي أحد الشباب يقول : نحن نعيش في إحباط وخوف وهواجس رهيبة بعد هذه الأحداث حتى يجزم بعضهم بأنها بداية النهاية ليوم القيامة كما في (الهرمجدونية) فترك الكثير منا العمل ونية الزواج والتفكير في المستقبل العملي ... الخ . وهذا الجزم ـ أخي الحبيب ـ هو من الرجم بالغيب ولماذا نستنكر عمل العرافين والمنجمين وقارئي الكف والفنجان ثم نأتي ما هو مثله وأشد منه .
إن قارئة الكف قد تؤثر بالإيحاء على سلوك فرد واحد أو تضر بمستقبله بينما الخراصون المتهوكون في قضايا الأمة قد يضرون بمستقبل مئات من الناس ممن اتبعوهم بغير علم.
وليس أضر على الأمة في هذه الأزمة من أن تقرأ المستقبل قراءة مغلوطة فتركن إلى دعة أو سكون أو استرخاء بحجة القدر الماضي أو تتجرأ على قرار غير حصيف اتكاءً على صورة مستقبلية تداعت إليها من نظرة يائس أو خيال نائم حالم أو تصورات دعي متعالم ...
ويصادف هذا شعوراً لدينا بالعجز والإغلاق وألا دور نؤديه ولا مهمة نضطلع بها ... إذاً يكفينا أن نرسم المستقبل نظرياً كما نحب ولنجعل لنا فيه الحلو ... ونسقي أعدائنا المر ... لينتهي الأمر .
إن أمامي وأمامك ـ أيها الغالي ـ قائمة طويلة من المسؤوليات الخاصة التي أقرتها الشريعة فلا ينسخها تأويل ولا تبطلها رؤيا وما لم نسع في تحقيقها فسنظل ندور في حلقة أزمات متصلة متلاحقة لا مخلص منها فالأزمة الحقيقية هي في دواخلنا وأعماقنا وذواتنا ومن هناك يأتي الفرج والخلاص .
إن العمل النافع سواء كان دنيوياً أو أخروياً هو من الأسباب المطلوبة من المسلم، وغالباً لا يقع في مثل هذه المزالق إلا من يعاني من الفراغ وضياع الوقت وعدم الانتظام في برنامج أو مشروع علمي أو عملي . فهو يمنّي نفسه بالترقّب والانتظار ، وقد يرى الناس وهم يعملون فيرثي لحالهم ويشفق عليهم وربما حاول أن يثنيهم عن عملهم ؛ لأنه يظن أنهم لم يدركوا ما أدرك ، وأنهم يعملون في غير طائل !.
وفي مثل هذه الأوقات العصيبة والحاسمة يحتاج الفرد المسلم المتطلع لأداء دور إيجابي إلى أمور :(1/4)
أولاً: السكينة والطمأنينة: " هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ " (الفتح: من الآية4) " ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاساً يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ "(آل عمران: من الآية154).فليطمئن المسلم إلى مستقبله وإلى حفظ دينه وملته وأمته ، ولا يسمح للقلق والخوف المفْرِط أن يسيطر عليه حينما يسمع أو يقرأ بعض التحليلات الإخبارية التي قد يكون بعضها نوعاً من الحرب النفسية أو التلاعب بأعصاب الناس .ولينظر في الماضي ؛ كم واجه الإسلام من حروب ومحن وإحن وكوارث ثم خرج منها قوياً عزيزاً منيعاً ، ومن ذا يكون في وحشية التتر ؟! أو دموية الصليبين ؟! أو همجية الاستعمار؟! أو قسوة اليهود ؟! ولينظر في حاضر الإسلام وكيف يكسب الإسلام في كل لحظة مواقع جديدة، وناساً يدخلون فيه ، وناساً من أهله يعودون إلى صفائه ونقائه ، وإنجازات لرجاله ودعاته في مشاريع ومؤسسات وكتب ومواد إعلامية وجماهير تحتشد لهم ، وجموعاً تؤم المساجد والمناسك ، وصلاحاً هنا وهناك ، وتقدماً في المواقع يجب أن تفرح به ولا يحجبنا عن الفرح الطمع فيما هو أعظم ، من حصول النصر النهائي وقيام دولة الخلافة الراشدة ، أو الطمع في سقوط القوى العظمى .. فثمت سنن ونواميس ، ونَفَسُ التاريخ طويل ، وعلينا ألا نعجل "قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ "(يونس:58) .
إن اضطراب النفس وارتباكها لا يصنع شيئاً، ولكنه يحول دون التفكير السوي ودون العمل المنتج، وقد يجر إلى القعود أو التراخي أو الاستسلام ، أو يفضي إلى الاندفاع الجامح دون بصرٍ بالعواقب.
ولا تغل في شيء من الأمر واقتصد ... ...
كِلا طرفي قصد الأمور ذميم
ولم يكن أحد أشد حماساً لهذا الدين وحدباً عليه من محمد صلى الله عليه وسلم ، وفي ذروة الشدائد كان يدعو ويتضرع ، ولكن لاتفارقه سكينة الرضا ، كيف وقد خاطبه ربه فقال :" ألم نشرح لك صدرك ؟"
ثانياً : ومما يعين على السكينة ويزرع الاطمئنان الركون إلى الله تعالى توكلاً وتألهاً وتعبداً ورضا ، وفي الصحيح : (من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً وجبت له الجنة ) وفيه أيضا : ( العبادة في الهرج كهجرة إليّ) . والهرج : الفتن ، وفي توجيه الله لحبيبه محمد صلى الله عليه وسلم " فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب " وذلك أن العبادة تورث سكوناً وهدوءاً وثباتاً واستقراراً نفسياً وعقلياً يحرم منه المضطربون المتهوكون الذين يظنون أن مقاليد الأمور بيد غير الله .
إن عبادة القلب والجوارح هي من التوبة والإنابة التي بها تُستدفع الكوارث والنّكبات وتُستجلب المنح والعطايا والهبات ، ولا عزّ للأمة أفراداً وجماعات وشعوباً وحكومات إلا بالتوبة الصادقة والرجوع إلى الله تعالى واللياذ به. وبذلك يكون إصلاح النفس والقلب والجوارح والسلوك ، وصلاح الفرد صلاح للأمة، والبداية تكون من النفس ، وإذا كنا غير قادرين على تدارك خلل في ذوات نفوسنا - القرار فيه يبدأ وينتهي من عندنا - فكيف نحلم بالتدارك على المستوى العام أو على المستوى العالمي في ظروف ذات تعقيد وتداخل ، وقد تريد أنت شيئاً ويريد غيرك سواه؟! نحن نرى كثيرين منا لم يحققوا نجاحاً مع ذواتهم في إدارتها إدارةً شرعية تقوم على حفظ الحقوق وأداء الأمانات وبذل الخير وفق السنن والآيات الشرعية والكونية .
ثالثاً : الإلحاح في الدعاء والتضرع فإنه مما يستدفع به البلاء ، وتستنزل به الرحمة ، ولن يعدم مليار مسلم أن يكون بينهم من لو أقسم على الله لأبره ، فليكن لإخوانك المسلمين من دعائك وتضرعك نصيبٌ ، أشركهم معك ، واصدق في دعائك ، وليتواطأ مع هذا الدعاء صفاء السريرة وحب الخير للناس في العاجل والآجل .
وسارية لم تسر في الأرض تبتغي ... ...
محلاً ولم يقطع بها البيد قاطعُ
سرت حيث لم تسر الركاب ولم تنخ ... ...
لورد ولم يقصر لها القيد مانع
تحل وراء الليل والليل ساقط ... ...
بأرواقه فيه سمير وها جع
تفتّح أبواب السماوات دونها ... ...
إذا قرع الأبواب منهن قارع
إذا أوفدت لم يردد الله وفدها ... ...
على أهلها والله راءٍ وسامع
وإني لأدعو الله حتى كأنما ... ...
أرى بجميل الظن ما الله صانع
رابعاً : الهدوء في التعامل مع الأخبار والتحليلات والتصريحات والمواد الإعلامية ، فإن مزيد الانهماك فيها ربما صنع لدى المتلقي قدراً من البلبلة والحيرة والتردد، ثم الخوف المفرط. وكثير من هذا الضخّ الإعلامي هو مواد مشققة مفرعة، يعاد إنتاجها بطرق مختلفة ، أو وجهات نظر وتحليلات وظنون وتوقعات قد ينتفع اللبيب بها إذا أحسن قراءتها والتعامل معها , وعرف ما يأتي وما يذر، وما يأخذ وما يدع ، أما غير الفطن فربما كانت شقوة له ، تحرمه هناءة حياته وطيب عيشه ، وتعوقه عن سيره ، دون أن يظفر من ورائها بطائل ، أو يكون من معالجتها بسبيل.
خامساً: الحذر من ترويج الشائعات والأقاويل والأخبار المرتبكة والتحليلات المغرقة في التشاؤم ، فإننا في عصر صارت قوة الدول تبنى على مقدار ما لديها من سعة المعلومات ودقتها، إننا في عصر (( المعلوماتية ))، وكم من خبر يروج ويتم تداوله وتبنى عليه نتائج قريبة وبعيدة ، وقرارات واجتهادات ، وهو غير مؤكد ولا ثابت .. فكيف تظن بمثل هذه الرؤية المبنية على شائعة أو ظن , أو خبر مكذوب , أو رواية مضطربة , أو معلومة ناقصة , أو مضللة، والحصول على المعلومة لم يعد صعباً ولا عسيراً ولا مكلفاً متى توفرت الإرادة ، وأدركت الأمة الأهمية القصوى لهذه المعلومات.(1/5)
أليس من المحزن أن تكون عدوتنا الأولى ، أو ما يسمى بـ ( إسرائيل ) من أكثر دول العالم تقدماً معلوماتياً ، بينما نحن في العالم الإسلامي ربما لا نملك حتى القدر الضروري من ذلك! فضلاً عن فقدان الكثيرين لمنهج التعامل مع المعلومات والأخبار ، مع وضوح هداية القرآن في ذلك ونصاعتها "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ.... " الآية فيأمر سبحانه بالتثبت والتبين في الأخبار , وعدم الاندفاع في تناولها أو بناء النتائج والقرارات عليها. ويقول الله سبحانه : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً"(النساء: من الآية94) فيؤكد المعنى الأول خصوصاً في مقام الجهاد في سبيل الله ، ويحذر من الجراءة على دماء المسلمين ، أو التسرع في تكفيرهم مما يترتب عليه استحلال دمائهم وأموالهم وأعراضهم . وإذا كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم المخاطبون أول مرة بهذا النداء يوعظون بقوله سبحانه وتعالى : " تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا "(النساء: من الآية94) فكيف نقول نحن عن أنفسنا إذاً ؟!ويقول تعالى : "وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ.." الآية. فيشدد النكير على أولئك الذي يشيعون أمر الأمن أو الخوف في غير مناسبته وأوانه، ويرشدهم إلى رده إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وإلى أولى الأمر، لا ليعلموه كلهم ولكن ليعلمه "الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ "(النساء: من الآية83) ، فحتى أولو الأمر من أهل الحكم أو العلم ليسوا كلهم أهلاً لفهمه وإدراكه ، وهذا ظاهر جداً في المضايق والمسائل العويصة والمصيرية ، أما تعاطي القضايا العادية فهذا مختلف عما نحن بصدده .
إنه قد يستمع المرء إلى برنامج في إذاعة أو قناة فضائية أو يقرأ مقالاً في جريدة غير رصينة فيخيل إليه أنه أحاط بالأمر من جوانبه وأنه النذير العريان ، ويصنف هذا على أنه وعي ويقظة " وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً "(الإسراء: من الآية85)
واقتداء بسنة النبي صلى الله عليه وسلم في وصيته لمعاذ بن جبل حين قال له أمسك عليك هذا فإن الوصية السادسة هي حفظ اللسان فإنه في أزمنة الفتن أشد من وقع السيف ومن أعظم المخاطر المحدقة أنها تستفز بعض العواطف التي لم تتربّ في محضن ولم تتلق تعليماً ولم عايش تجربة فتنجر إلى تكفير أو تفسيق أو تبديع أو تخوين لهذا الطرف أو ذاك لمجرد عدم استيعابها لمواقف الآخرين أو حتى قل لحصول خلل أو خطأ ما.. لكنه لا يعالج بمثل هذه الطريقة .
وما أشد وطأة القيل والقال والتلاعن والتطاعن في وقت وصلت فيه الأمة في قعر هاوية بتخلفها وجهالتها وعجزها عن تحصيل الأسباب الحقيقية للعزة والسمو .
إن أقل ما يجب هو أن نلجم ألسنتنا بلجام التقوى والخوف والإيمان عن أعراض المسلمين بتأويل أو بغير تأويل ... لنصلح أنفسنا أولاً ... ثم لن نجد بعد ذلك ما يبيح لنا الاشتغال بأصحابنا حين سلم منا أعداؤنا ... والله المستعان .
إنه ليس مما يفرح به أن نرى إقبالاً على تعاطي ألفاظ الكفر وكأنها تحية المسلم لأخيه ...
تحيةُ بينِهم ضربٌ وجيع
سابعاً :استفراغ الوسع والطاقة في تحريك الجهود الإسلامية واستخراجها وحث الكافة على العمل والمشاركة والإبداع ، لنرفع شعار :[ لا مكان للبطالين بيننا] ، وعلى كل امرئ مسلم أن يبذل وسعه وطاقته وقدرته كلها ولا يدّخر منها شيئاً ، في عبادة أو علم أو عمل أو دعاء أو دعوة أو أمر بمعروف أو نهي عن منكر أو إصلاح ذات بين أو إغاثة ملهوف أو تفريج كربة أو وصول منقطع أو إيواء مشرد أو هداية ضال أو تهدئة مندفع ..وكل معروف صدقة .
إن هذا توظيف موفق للطاقات المتوفرة لدى المسلمين ، فالكثرة العددية هي إحدى ميزات هذه الأمة ، وإن كان قائلنا يقول :
كثر ولكن عديد لا اعتداد به ... ...
جمع،ولكن بديد غير متسق
حارت قواعدنا زاغت عقائدنا ... ...
أما الرؤوس فرأي غير متفق
البعض يحسب أن الحرب جعجة ... ...
والبعض في غفلة والبعض في نفق
إلا إننا نعتقد أنه لو تم تفعيل ( 10% ) من هذا الرقم الهائل لكان لدينا أكثر من مائة مليون فرد .. كلهم يعملون .. بينما ربما لا يتجاوز عدد اليهود في العالم كله ثلاثة عشر مليونا !.
ليس من المستحيل ولا الصعب أن ينهمك الناس ، والشباب خاصة، في مشاريع جماعية مثمرة لخدمة دينهم، أو خدمة دنياهم ، ولا عز للدين بلا دنيا، ولا صلاح للدنيا بلا دين :
إذا الإيمان ضاع فلا أمان ... ...
ولا دنيا لمن لم يحي دينا
ومن رضي الحياة بغير دين ... ...
فقد جعل الفناء لها قرينا
وهذا يتطلب جدية في صناعة البرامج العملية ، وتضافراً للجهود ، وتعاوناً بين القطاعات ، ونصاعة الأهداف.
يجب أن يتسع الميدان للعاملين ، وألا يعتذر لأي منهم بضيق المساحة ، كما لا يقبل عذر من أي أحد كان بأنه ليس لديه ما يقدمه، فلا أحد أقل من أن يفيد، ولا أحد أكبر من أن يستفيد.
ثامناً : إعداد الأمة , وخصوصاً شبابها , نفسياً وعقلياً وعسكرياً وشغلهم بما يبنيهم ويخدم مصالحهم ومصالح أمتهم , ولم لا تفتح الأبواب للتجنيد الإجباري , ليس فقط التجنيد العسكري , بل لكافة الخدمات الاجتماعية , والتي يجني الشاب من ورائها الخبرة والثقة ويتعلم كيف يواجه الصعاب ... وكيف يتربى في جو من الجدية والعمل ويتخلص من الترف والرفاهية الزائدة .
إن أكثر من 70% من سكان السعودية هم من الشباب , ربما دون سن العشرين , ومن الخطأ الكبير أن تضيق أمامهم الفرص أو تغلق الأبواب , فلا وظيفة ولا عمل ولا دراسة ولا ترفيه ولا مجال لممارسة بعض التجارب أو التعود على الأعمال أو محاولة الإبداع .
فهذه قنبلة موقوته يمكن أن تنفجر وتتشظى في هذه الاتجاه أو ذاك ما لم يتوفر المخلصون على التفكير الجاد فيها .
تاسعاً : الانهماك في حركة تصحيح واسعة النطاق , تستثمر الزلزال الذي تحدثه الأزمات , ليس لتصفية الحسابات مع هذا الطرف أو ذاك ، ولكن لتصفية الحساب مع سلبياتنا وأمراضنا ومعايبنا التي بها هزمنا .
يتمسك الفرد والجماعة , والمجتمع , والدولة بمألوفات معينة غير قادرين على اكتشاف خللها , وهي بحكم الإلف تمر عبر قنوات التفتيش دون اهتمام ويتقبلها الجميع رغم أنها لا تنسجم مع أصولنا ومصالحنا الشرعية .
وفي فترات الأزمات يبدو قدر من الاستعداد للاستدراك والتصحيح , فجدير بنا استثماره وتطويره , لا ليكون أسلوباً مؤقتاً في تجاوز المشكلة , بل ليكون أداة لتحويل الأزمة إلى فرصة , وتحقيق مفهوم قوله تعالى : " فإن مع العسر يسرا " فربما انجلت العسرة عن ألوان من الخير والفضل لحاضر الأمة ومستقبلها لم تكن في واردنا قبلُ ... ولكن الله يتفضل على عباده .
إنه لا أحد يقول إن واقعنا على أي مستوى , يمثل حقيقة الإسلام , ولهذا يجب أن نستمسك به , بل الكل يعترف بالخلل , فلنحّول هذه القناعة النظرية الذهنية إلى برنامج تفصيلي نتعرف بواسطته على مفردات عيوبنا الشعبية والرسمية , والعلمية والعملية , الدعوية والاجتماعية ... ونتعاون في الخلاص منها , والتأسيس لمستقبل أفضل .
وقوام ذلك أن نتحدث بالصراحة والصدق فيما بيننا بعيداً عن أجواء التصنع والتملق والرياء والتغرير .(1/6)
إن الأمة تمر بمنعطف خطير , ولم يعد الأمر يتسع للمزيد من الاسترخاء والتهاون والمجاملة .
وفي ظني أن ثمت قدراً من الحرية يتاح الآن في قنوات الإنترنت أو الفضائيات أو غيرها ... ومن المهم أن نتعلم كيف نستخدم هذه الحرية لا لنظهر مساوئنا وقلة أدبنا وضيق صدورنا بالحوار , بل لنتدرب على الهدوء في معالجة الاختلاف وسعة الصدر والأفق .
عاشراً : ومع أهمية عصر الجهود كلها وتثميرها علينا أن ندرك أن جهودنا تظل محدودة، لاعتبارات تربوية وإدارية وفكرية ، ومع محدوديتها فكثيراً ما يضعف أثرها بسبب التشتت والتوزيع على مساحة عريضة جداً .
نحن مجموعة من الخيريين نتشاكى هوان الأمة وضعفها ونَحِنُّ إلى عزتها وقوتها، وبعد قليل نتحدث بعفوية فنبدأ بالولايات المتحدة وإسرائيل ، ثم نُثَنّي بأوربا، ثم نتناول العالم الغربي، ثم العالم كله، ثم نبدأ بالرقعة الإسلامية ومن فيها، ثم من يخالفوننا في الأحوال ، ثم من يخالفوننا في الفروع، ثم من لا نتفق معهم في الاجتهاد الخاص والمعالجة الآنية، وربما تفاقم الأمر إلى من لا نتطابق معهم في الذوق والمزاج والتركيبة النفسية.
من الخير أن نعتاد العمل في دوائر الاتفاق التي يقبلها عامة الناس .
وفي جميع كتب الفقه يعقدون باباً للصلح، ويذكرون أحكامه وأدلته ، وأخبار العهود والمواثيق النبوية والراشدية مع أصناف الناس.
وفي جميع الحالات المشابهة تبدو الحاجة ملحة إلى ترتيب الأولويات ومراعاة قواعد المصلحة والمفسدة , والاعتبار بالقدرة الشرعية المتحصلة لأهل الإسلام ، وليس المسلمون استثناء من غيرهم في اتخاذ الأسباب وتوفير القدرات.
ولا شك مطلقاً أن السابقين الأولين بمكة قبل الهجرة كانوا أصدق الناس ديناً وأشدهم تضحية , ومع ذلك أمروا بالكف ، وقال عنهم ربهم العليم :"فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً"(النساء: من الآية77).
ولذا قال بعض الحكماء : أسرع الناس إلى الفتنة أعجلهم فراراً عنها.
إن هذه الطاقة الإسلامية المحدودة لا تتحمل أن تكون وقوداً لمعارك لا أول لها ولا آخر مع شتى المخالفين.
إن جهدك المحدود لو وُظِّف في مجال محدد لأثمر ، وأنت في مقام مواجهة تفرض عليك تحديات لا مخلص منها , وليس لك أمامها خيار، فمن اللازم أن تتوفر في مثل هذا القدرة على الحركة، وعدم الجمود على مواقف ثابتة ، بل يتقدم المرء أو يتأخر ، وقد يأخذ ذات اليمين وذات الشمال بحسب المصلحة.
نحن هنا لا نتحدث عن القناعات العقدية ولا عن المواقف المبدئية ، بل عن المواقف العملية التي يبذل الإنسان فيها مجهوده ، ويستجمع قدرته.
إذا كان المقصود هو مجرد الحديث فلنقل عن أعدائنا ما شئنا ، لكن حين ننتقل إلى الميدان العملي ؛ فعلينا أن نختار الأهداف بعناية .
وفي داخل المجتمعات الإسلامية فإن ثمت تناقضات كثيرة وواقعية لا يمكن تجاهلها، منها: الفكرية , ومنها المناطقية , ومنها القبلية ومنها .. وقد يبدو جيداً أن العدو يراهن على إطلاق العنان لهذه التناقضات ؛ لنتصادم ويفني بعضها بعضاً ، وليس سراً أن بعض الأجنحة المتصارعة في أكثر من بلد إسلامي زودت بأسلحة إسرائيلية ، والتجربة الأمريكية في أفغانستان هي آخر شاهد على أن الإدراة الأمريكية تحافظ على أفرادها ؛ فالفرد الأمريكي إنسان متحضر راقٍ يسحق الحياة، وليمت بدلاً عنه ألف من العرب المسلمين الذين يرفضون الحداثة , واللحاق بركب التقدم !
ويخشى العقلاء كثيراً أنه في جو السذاجة وقلة التجربة والأنانية وعدم وضوح الأهداف ، فإنه من الممكن أن تتكرر القصة , وأن تنطلي اللعبة على كثيرين قد يظنونها في بداية الأمر تحقيقاً لأهدافهم وتطلعاتهم ومصالحهم الذاتية .
الحادي عشر : وعلى وجه الخصوص فإن من الضرورة بمكان أن نتجنب المصادمة مع إخواننا في الملة والدين ، وترك المصادمة لا يعني ترك الدعوة ، بل يعني التأسيس الصادق للدعوة وانطلاقها بلا عوائق ، ولا يعني ترك التناصح بيننا، بل تفعيل التناصح، لكن يعني تجنب أسلوب المصادرة والإلغاء والاستخفاف بالآخرين.
وبغض النظر عن مدى تطابق الرؤية في الحكم على هذه المجموعة أو تلك إلا أن القدر المقترح الآن هو الموادعة والمتاركة والانشغال بالهم الأكبر ، وإقبال كلٍ على مشروعه ونموذجه وعمله البنائي الإصلاحي.
وإذا تعذر أن يصل أهل الإسلام إلى موقف موحد في القضايا الكبار- ولعله متعذر فعلاً -فليسيروا في خطوط متوازية غير متقاطعة ولا متعاندة ، وليدَعوا جزءاً من مهمة تصفية الخصوم للمستقبل ، لئلا يلفيهم الزمان القادم وهم بلا أعداء!
إنها نفثة مصدور ، تؤلمه الرغبة الانشقاقية الكامنة في أعماقنا، المتربصة لفرصة تسمح لها بالظهور والتبرج كأسوأ ما تكون الأنانية في سيطرتها الفردية والجماعية على حياتنا وأعمالنا ، ويزكى ذلك غياب روح الفريق في برامجنا , حتى لا نفرح بإنجازات يحققها الآخرون ونحرم أنفسنا من لذة الانتصار , بينما يفرح فريق الكرة كله لهدفٍ يسجله حارس المرمى !
والله تعالى ينهى عن التفرق والتنازع عامة ، ويخص من ذلك حال لقاء العدو ، كما قال سبحانه : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا "(الأنفال: من الآية45) .
فالنتيجة الحتمية للتنازع هي الفشل وذهاب الريح.
إننا بحاجة إلى فقه أوسع لمقاصد التشريع وأصوله الأولى والتي من مقاماتها الأولى أن التشريع مبنى على الوسع والاستطاعة , وأن التشريع من مقصوده تحصيل المصالح ودرأ المفاسد , ومن مقصوده تحصيل اجتماع المؤمنين الذي يتعذر تحققه إلا بقدر من الإسقاط والعفو والتسامح وفتح محل الاجتهاد الذي يتجاوز دائرةَ خاصةِ أهل العلم إلى سائر أهل الدعوة والعمل للدين ليضع كلٌ مما أوتي ما يحصل به تحصيل مصلحة أو درأ مفسدة .
لقد تربينا في طفولتنا وربما في مجالسنا العلمية على روح الانتقام والثأر والإصرار على حقوقنا حتى مع أقرب الناس إلينا ... وربما لا تكون الحقوق ظاهرة جلية , والآن يقتضي الوقت أن نتربى على قيم التسامح والإيثار والرحمة والتنازل لإخواننا والصبر عليهم ؛ لأن المكان يضيق فإذا كبرت ذواتنا تقاتلنا من أجلها وشاعت الأثرة وزاد الشر تسلطاً علينا , واتسعت الهوة بيننا فلنجعل الخلاص من أنانيتنا ومصالحنا الذاتية وذكرياتنا الأليمة شعاراً لنا , ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه , والله واسع عليم .
لنجرب أن ننام الليلة وقد أخلينا قلوبنا (للطوارئ) من كل حسد أو حقد أو بغضاء أو كراهية لأحد من المسلمين , ممن نعتقد أنهم ظلمونا في نفس أو أهل أو مال أو عرض , وأن نسامحهم جميعاً , ونتوجه إلى خالق السماوات والأرض بقلوب صافية أن يسامحهم ويغفر لهم ويعينهم على تجاوز عثراتهم وإدراك عيوبهم...
نحن نغسل وجوهنا وأيدينا يومياً عشرات المرات , فلنجرب هذه المرة أن نغسل قلوبنا من كل مالا يرضي الله , والقلب موضع نظر الرب تبارك وتعالى (إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم) .
إنها عملية سهلة جداً , ولكنها مفيدة , حتى على صعيد الأنس والراحة والسعادة الذاتية فجربها والله معك .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
===============
جدولة الوقت
مبارك عامر بقنه 25/9/1423
30/11/2002(1/7)
في هذه المقالة لن أتطرق إلى أهمية الوقت من الناحية النظرية ؛ ولكن سوف يكون حديثي عن جزئية عملية لكيفية التعامل مع الوقت وهي جدولة الوقت ، وأظن الأمر من هذه الناحية مهم؛ لأننا كثير ما نسأل أنفسنا عند انقضاء اليوم، أين ذهب وقتي؟كيف قضيت نهاري؟ لقد كان بودي أنني فعلت كذا ، وتركت كذا ! وفي نهاية اليوم النتيجة : أنا لم أنجز شيئاً يذكر!
وكثيراً ما نتسأل: لماذا فلان ينجز في يومه ما لا أستطيع القيام به؟ أليس اليوم بالنسبة لنا متساوياً فالكل يملك 24 ساعة في يومه؟ إن الفرق بين الأشخاص الذين ينجزون هدفاً تلو الآخر وبين الأشخاص الذين لا يحققون أهدافهم يكمن بدرجة عالية في عملية تحكمهم في هذه الأربع والعشرين ساعة. ولكي تتحكم في هذه الساعات ، قم بعمل التالي.
عمل قائمة زمنية :
لن تقوم بعمل رحلة حتى تعرف إلى أين ستذهب ، وما الطريق الذي سوف تسلكه ، وإلا تهت وضعت ، ولن تصل إلى هدفك ؛ وكذلك تحتاج إلى إيجاد خريطة زمنية مشابهة لتساعدك في إنجاز أهدافك .
فإذا أنت لم تخطط ليومك ، فسوف تصرف وقتك في أشياء غير مجدية ، وتضيع أوقاتك في أمور غير مهمة ، ولن تستطيع تحقيق أهدافك . ولتجنب هذه المشكلة قم بعمل سجل زمني مستمر، استقطع 10 ـ 15 دقيقة من آخر اليوم لتخطيط عمل اليوم التالي ، وهنا يجب مراعاة عدة أمور:
أولاً: احرص أن يكون كتابة سجل العمل شامل لكل يوم . سجل في هذا السجل بداية ونهاية أي نشاط تريد أن تعمله على أن تكون الفترة الزمنية المخصصة واقعية ومنطقية مع طبيعة المشروع. سجل بهدوء واحرص أن تدون كل شيء ؛ لأن نسيان شيء ما لن يعطيك إنجازاً جيداً ؛ إذ يسبب خللاً في برنامجك اليومي. اعمل أولوية لقائمتك ، واجعل الأكثر أهمية في برنامجك في أفضل الأوقات الإنتاجية لديك ، وعند تزاحم الأوقات قدم عمل الأوليات . اجعل هناك تصنيف لكل مهمة: طويلة الأمد (ط)، قصيرة الأمد (ق) وقدر الوقت الذي تستهلكه في قضاء هذه المهمة فلا تحاول إنجاز كل شيء في لحظة.
ثانياً : في نهاية الأسبوع قم بتحليل ورقتك الزمنية. اكتشف ما الأعمال التي أدت إلى ضياع وقتك وأعاقتك من إنجاز أهدافك خلال الأسبوع. اسأل نفسك هذه الأسئلة:
ما أطول مدة قضيتها في عمل ما؟
ما أغلب الأشياء التي تعمل على إعاقة عملك؟
ما الأشياء التي تساعدك على إنجاز أهدافك؟
هل كل ما دونته كان ضرورياً؟
وهل ينبغي عملها الآن أو أن أجدولها في وقت لاحق؟
هل يجب عليك القيام بهذه الأعمال أو أنه يوجد شخص آخر يمكن أن يقوم بهذه الأعمال أفضل مني؟
إن وجود قائمة عمل أمامك محسوسة تستطيع أن تقيم من خلالها نفسك ، هل أنجزت ما أردت أم لا؟ وكم أنجزت من العمل؟ وما الأسباب التي منعتك من تحقيق ما دونته؟ دون إجاباتك، ثم اعمل خطة لإزالة الأنشطة التي تضيع وقتك. فحدد الأشخاص أو الأحداث التي تسرق وقتك حتى تستطيع التحكم والسيطرة على وقتك. ضع الحلول المناسبة للقضاء على هذه المثبطات القاتلة . وعند إنجازك شيئاً ما احرص على مكافأة نفسك ، وأفضل مكافأة تقدمها لنفسك هو بناء الثقة لديك بأنك قادر على استثمار وقتك وتحقيق كثير من الأشياء.
وقد تواجه في بداية عمل قائمة يومية لأعمالك بعض التحديات مع النفس، وتعويدها على تنفيذ قائمتك اليومية؛ بل الغالب أنك ستفشل في البداية أو أنك سوف تحقق قليلاً من أعمالك المدونة، وهذا في الحقيقة ليس فشلاً؛ بل هو بداية النجاح ، فالصعود للقمة يكون خطوة خطوة، ولا يشترط أن تكون كاملاً، فالكمال متعذر ، ولكن يجب أن يكون لديك الكفائية ـ إن صحت التسمية ـ ، فهناك فرق بين الكفائية والكمال ، فالكفاح والإصرار من أجل الوصول إلى الكمال هو الكفائية وهو المطلوب. واحتمال كبير ألا تكون خطتك الزمنية جيدة أو كاملة في البداية، ولكنها لا شك أنها سوف تتحسن مع اكتساب الخبرة. ومن أشد العوائق التي سوف تواجهها في البداية هو التأجيل ، وهنا سأتكلم عن هذه الآفة المهلكة للأوقات .
اقض على التأجيل:
كم نرغب بإنجاز أعمال كثيرة ولكننا نؤجلها دائماً إلى غد فنؤجل العمل ونسوف ، وسوف -كما قال أحد الصالحين - جند من جنود إبليس. ولذا تمر الأيام والشهور ولم نحقق ما أردنا بسبب سوف ، وللقضاء على سوف وخصوصاً إذا كان لديك عمل مشروع كبير ؛ فهنا عليك:
أولاً: أن تقسم هذا المشروع إلى أجزاء صغيرة.
ثانياً: اعمل برنامجا زمنيا لتنفيذ أول جزء من هذا المشروع.
ثالثاً: ابدأ مباشرة في العمل.
ستلاحظ بعد قترة من الزمن كم هو أمر سهل عمل هذا المشروع. فلن تعرف الملل ولا الإرهاق إذا قسمت المشروع إلى أجزاء صغيرة مع مدى أطول. ولكن هنا شرطاً ضرورياً ومهماً وهو التقييد بالوقت أو الحصة الزمنية المقررة لهذا البرنامج، احرص على الالتزام بالوقت بقدر المستطاع حتى وإن وجدت رغبة ونشاط في الاستمرار فيفضل عدم الاستمرار لأن استمرارك في العمل يعني أخذ الحصة الزمنية من المشروع اللاحق، وهذا يسبب تداخلاً في الواجبات، وإخفاقاً في بعض الواجبات الأخرى، فينبغي أن يكون النجاح ليس في مشروع واحد؛ بل يمتد هذا النجاح إلى جميع أعمالك اليومية، ولن يتم هذا إلا بالتقييد ببرنامجك اليومي بقدر المستطاع. إن تأجيلك للعمل بدون مبرر يعني قتل الوقت، وتثبيط الهمة، فالتأجيل عقبة كأداء في طريق بناء الذات.
هناك عدة أسباب للتأجيل:
أولاً: الخوف من الإخفاق:
فالشعور بالإخفاق وعدم النجاح يسبب تأجيل العمل والتهرب منه ومحاولة إيجاد المعوقات التي تمنع من الاستمرار في العمل، ويزداد هذا الخوف إذا كان هناك تقييم للعمل من الآخرين. فيبدأ في تأجيل العمل حتى يضيق الوقت، وهنا يقول إن الوقت غير كاف، وذلك بدلاً من أن يعلن إخفاقه وعجزه عن أداء العمل إذ يجعل الوقت غير كاف لإنجاز ما كلف به.
والخوف من الفشل والسقوط قد يكون موجودا ، ولكنه يكون مشكلة إذا منع من العمل والمضي قدماً لتحقيق الهدف. ومن الطرق التي نتعامل فيها مع الخوف هو النظر إلى منبع هذا الخوف هل هو مبني على أساس صحيح، وتفكير منطقي مقبول أم أنه مجرد أوهام وافتراضات ليس لها أساس من الصحة. فإنك لو رجعت إلى مشاعرك وتأملت جيداً هذه المخاوف تجدها في الغالب عبارة عن أوهام اختلقتها نفسك. فاقض على هذه الأوهام ولا تلتفت إليها. أما إذا تبينت لك صحة هذه المخاوف وأنك لن تكون قادراً على إنجازك مشروعك فيمكنك أن تأجل هذا المشروع لوقت آخر تكون الأسباب التي منعتك قد زالت، ولكن احرص على التأكيد على الإيجابيات التي لديك وأنك قادر على عمل هذا المشروع. توكل على الله عز وجل وخذ بالأسباب المنطقية ولا تجعل الخوف يسيطر عليك ويقود سير حياتك، واسأل نفسك دائماً : ماذا يحدث لو أخفقت؟ عند إجابتك عن هذا السؤال، سوف تجد أن الأمر بسيط لا يحتاج كل هذا الخوف.
ثانياً: الملل والسآمة:
كثير من الأحيان لا يستطيع الشخص أن يمكث فترة طويلة من الزمن مع مشروع ما، إذ سرعان ما يعتريه الملل والضجر، فهو قد يكون تربى على التنقل من عمل إلى عمل آخر، أو من بحث إلى بحث آخر ، وفق الرغبات النفسية المتقلبة لديه. وهذا ناتج من سوء تربية، وعدم وجود الجلد والصبر والذي يعتبر مطلباً أساساً في نجاح أي عمل أو مشروع ذي قيمة .(1/8)
وللتغلب على هذه المشكلة عليك أن تمرن نفسك على الصبر والتصبر وفي الحديث "ومن يصبر يصبره الله([1][1])" فالأمر اكتسابي ، ومن الأمور المساعدة لذلك جعل الحصة الزمنية في البداية قليلة للأمور التي تضجر منها ثم ابدأ بزيادة الوقت تدريجياً وبهذا لن تصاب بالملل ، اجعل ما تراه عملاً مملاً في الأوقات التي تشعر فيها بالارتياح النفسي، قسّم المشروع إلى أجزاء صغيرة فمثلاً لو كان مشروعك قراءة كتاب مهم ولكنه يصاحبك الملل فجزئه إلى أيام متعددة .
ثالثاً:عدم وجود الرغبة في هذا المشروع:
إقحام النفس في عمل لا تريده نتيجة حتمية ألا يكون هناك إبداع في أداء هذا العمل ؛ بل الغالب أن يصاحب هذا العمل التسويف والتأجيل . ولهذا احرص أن تحب العمل الذي تقوم به فهي نقطة أساسية لإتمام المشروع، وركيزة أساسية للاستمرار والإبداع ، ابحث في هذا العمل عن الإيجابيات لكي تكسبك التشجيع المعنوي حتى تنجز عملك، مارس أعمالاً أخرى تحبها لكي يخف الضغط الذهني لديك.
ابحث عن الحافز، فالحافز والدافع للعمل أمر مهم لطرد الملل والسآمة . وهناك عدة طرق للتشجيع والتحفيز منها على سبيل المثال معرفة الأشخاص الناجحين والالتصاق بهم ، ادرس شخصياتهم وتعرف على صفاتهم وكيفية مواقفهم تجاه الأحداث والأشخاص ، فصحبة القدوات لها أثر كبير في تغيير السلبيات إلى إيجابيات، وكذلك انظر إلى الأشخاص الذين تكره أن تكون مثلهم وادرس عاداتهم السلبية وتجنبها، تعلم من الطرفين لتبني ذاتك ؛ ولكن ركز على الأشخاص الإيجابيين .اتخذ صديقاً معيناً لك في إنجاز أهدافك ، اظهر له أهدافك وطموحاتك ، دعه يشاركك في التخطيط لتحقيق ما تصبو إليه ، كن قريباً منه حتى إذا ضعفت عزيمتك وتسلل إليك الكسل أخذ بيدك إلى النشاط والقوة ، اجعله رفيق دربك فالسير وحيداً في صحراء الغربة يشعر بالوحشة والخوف من المسير قدماً.
رابعاً: صعوبة العمل أو المشروع :
وهذه نتيجة الاختيار السيئ منذ البدء، فالإنسان لا بد أن يعرف قدراته وإمكانيته المتاحة وواقعه، ويتعامل وفق هذه المعطيات التي لديه ، فالمبالغة في أخذ مشاريع أو أبحاث أكبر من طاقة الشخص في الغالب أنها تبوء بالفشل، فالتدرج في الأبحاث والمشاريع أمر أساس وضروري، إذ إن المشاريع الضخمة والكبيرة تعتمد على تراكم من الخبرات والتي يكتسبها من مشاريع صغيرة وهي مقدمات لمشاريع ضخمة .
أساطير حول جدولة الوقت:
كثير من الناس يظنون أن تنظيم الوقت يجعل الوقت مملاً، ويصعب التعامل مع الأشياء بمرونة مما يعقد الحياة، ويفقد المتعة. وهذا وهم كبير وخطير، وهو خوف مبني على غير أساس تجريبي أو علمي وإنما تبرير نفسي للتفلت وعدم ضبط النفس، وللقضاء على هذه الإشكالية اجعل التعامل مع الوقت أقل حزماً وشدة فاستخدم عبارات الإمكان والاستحسان، فيجدول البرنامج مثلاً بعبارة: يفضل عمل كذا، ويستحسن القيام بكذا... وهكذا حتى لا تشعر بالضغط النفسي في التقيد بالجدولة الوقتية ، ثم إذا رأى الشخص نفسه قد قويت قليلاً يستخدم العبارات الإلزامية في بعض الأحايين مثل: يجب القيام بكذا...
ومقولة :أن الأشخاص المنظمين لأوقاتهم لا يجدون متعة في أوقاتهم ، وهم في حالة شد عصبي ، وهم وقلق وخوف ، الحقيقة أن العكس هو الصحيح ، فأكثر من يتمتع بالأوقات بدرجة عالية هم المنظمون لأوقاتهم ، فهم أولاً ينجزون أهدافهم ، ويحققون طموحاتهم ، وهم في الغالب لا يبحثون عن شيء يؤدونه ليقضون فيه أوقاتهم ، فلا تشكل لهم كيفية قضاء الوقت إشكالية ، فماذا أعمل في العصر ؟ وأين أقضي هذه الليلة ؟ وهكذا .. لا توجد هذه الأسئلة الدالة على الضياع والتيه في قاموسهم، وهذه قمة المتعة.
فقدان الثقة بالذات ، يعتقد بعض الناس أن تنظيم الوقت أمر متعذر بالنسبة إليه ، فهو ليس لديه القدرات والإمكانيات التي تجعله ينظم وقته ، فتنظيم وجدولة الوقت مخصوص بفئة معينة من الناس ، وخصوصاً في هذا العصر فالواجبات كثيرة ، ومتطلبات الحياة في ازدياد .والحقيقة أن العكس قد يكون هو الصحيح ، وأن فئة من الناس لا تستطيع أن تجدول وقتها كالجاهل والمريض ، أما أكثر الناس فهم قادرون على تنظيم أوقاتهم ، فتنظيم الوقت هو مسألة قرار ثم تتخذ الوسائل والطرق المعينة إلى تنظيم الوقت ، وقد يكون هناك ضغوط خارجية تمنع من استغلال الوقت ولكن ببعض التأمل والتفكر في هذه العوامل الخارجية وإيجاد نوع من الترتيب والتحكم تستطيع أن تتجاوز هذه المقاطعات والصوارف، وقصة ابن الجوزي وكيفية استثماره للوقت مع وجود القواطع يدل على تعلمه كيفية العمل برغم هذه القواطع ، إن محاولة القضاء على الشواغل أمر متعذر ولكن تقليلها وكيفية التعامل معها أمر ممكن ، وهنا يحسن الاطلاع على بعض المؤلفات التي تبرز أهمية الوقت وكيفية التعامل معه.
• الإفراط في التعقيد ، فتنظيم الوقت لدى البعض يعني جدولة كل دقيقة يومياً والتقيد بها، وهذا مفهوم خاطئ ؛ بل يعسر تطبيق ذلك ، فكثير من الأحيان لا تسير الأمور وفق ما نريد ، فتأتي بعض الأحداث اليومية ليست على بالنا كما قال الله تعالى(يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) (الرحمن:29) ؛ وإنما المقصود من الجدولة هو أن يكون يومك مليء بالعمل المثمر ، بدون ضغط أو إجهاد ، مع إنه لا بد أن يكون في الجدولة أوقات قليلة تترك عفوياً حتى لا تصاب بالملل والسآمة.
لمح حول جدولة الوقت:
عند عملك مشروعاً ما لا تنظر إلى الوقت ولكن التفت إلى الفعالية، فالفعالية والإنتاجية هي الهدف الأساس، فليس صرف وقت أكثر هو الهدف وإنما الهدف هو صرف وقت أقل مع أكثر إنتاجية وفعالية. وهنا ينبغي معرفة الطرق الصحيحة لإنجاز العمل كالقراءة مثلاً يجب معرفة الطرق المثلى في القراءة وهكذا.
لا تقض وقتاً طويلاً لعمل أشياء صغيرة، وازن بين الوقت والعمل المطلوب.
ليكن لديك زمن يومي محدد لا تسمح لأحد فيه بأن يزعجك، تجنب الرد على الهاتف، أو تصفح الإنترنت، أو الجلسة مع الأسرة ، وإنما اجعل هذا الوقت لمعالجة أهم الأشياء لديك والمدونة في جدولك.
مع زحمة الحياة يكون من السهولة السقوط في فخ النسيان ، وقد تتذكر ما تريد عمله ، ولكن الجدولة تذكرك في الوقت المناسب ، الجدولة طريقة لإراحة الذهن من عناء التفكير والتذكر
==============
إضاءات في الوقت والعبادة
سلمان بن فهد العودة 27/8/1423
12/11/2001
16ـ إضاءات في الوقت
99ـ أضعنا الكثير من الأوقات في الحديث عن ضياع الأوقات!
100ـ ربما تمنى المحتضر سويعات ليعبد أو يصلي ! لكن تأمل كم من الساعات ضيعها قبل في النوم ؟ أو في الغفلة ؟ أو في المعصية ؟ أو في حديث مسترسل لا يجدي ، أو مجلس أنس لا ثمرة تحته ، أو عمل طيب ولكن غفل عما هو أنفع منه وأطيب ؟ والله المستعان .
17ـ إضاءات في العبادة
101ـ شتان بين عابد يدرك أن عمله فضل من الله واهب الروح والجسد ، مانح الإرادة والتوفيق فيشعر بحاجته إلى شكر المنعم كلما تجدد له عمل ، أو حببت إلى نفسه عبادة ، وبين عامل يرى ذاته فيما يعمل ، فيدرك الصورة ، وهي أن الله هو مسدي كل نعمة ، والمانّ بكل موهبة ، فهذا خليق أن يعجب امتناناً وشكراً وشعوراً بالتقصير في أداء حق الخالق المتفضل تعالى .
ويكفي أن تدرك أن أفضل الأعمال والعبادات ـ على الإطلاق ـ هي أعمال القلوب من محبة وخوف ورجاءٍ ، حيث لا تقع تلك الأعمال إلا خالصةً نقيةً ، أو لا يتصور فيها عجب ولا رياء متى وقعت على حقيقتها والله أعلم .(1/9)
102ـ ربما رفع الله العبد ، وقتاً ما ، إلى أفق نوراني مشرق ، يتخفف فيه من وطأة الجسد والمادة ، ويستشعر نعيم الأنس بالله ، خاصةً حال الصلاة والتلاوة ، وهذه الأويقات النزرة الشفيفة حجة على العبد من جهة أنها أرته الغاية التي يجب أن تنبعث نفسه إليها ، وحددت له معالم الطريق ، وأعطته بالتجربة الحية ثمرة تَوجّه القلب إلى الله ،ومن جهةٍ أنه يعلم أن انصراف النفس عن هذا المقام الرفيع حرمان ما بعده حرمان ، فكيف إذا حجب قلبه عن هذا النور وهذا الإشراق بكثافة المعصية والشهوة الحرام ؟!
وربما فرح العبد بتلك اللحظات ـ وحق له أن يفرح ـ لكنْ الشأن في رسوخ القلب واستقراره ، وإلا فقد يكون ما لمحه وميض برقٍ خلّب ] ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور [ واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آيتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين ... [اللهم إنا نعوذ بك من الحور بعد الكور ، وأن نستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير .
============
فن تنظيم وبرمجة الوقت
مشرف الملتقى الاداري 24/4/1424
24/06/2003
السلسلة: سلسلة الدليل الإداري
الكتاب: فن تنظيم وبرمجة الوقت
المؤلف: Keet Kenan
الصفحات: 43 صفحة
الناشر :الدار العربية للعلوم
فكرة الكتاب/
يتساوى الناس في الوقت، ويختلفون في قضائه، وهذا الكتاب يعالج ضياع الوقت، وكيفية الاستفادة منه لأقصى درجة ممكنة.
الفصل الأول
تضييع الوقت
ينكر العديد من الناس ضياع أوقاتهم وأنهم يقومون بذلك بدون قصد، مثل عدم اكتمال المهام، أو تراكم الأعمال، أو فقدان الأشياء عند الحاجة إليها والعديد من العوارض التي تحدث، وإن لم يتم تداركها بشكل سريع سوف تكون نتائجها وخيمة.
ما الذي يقف حائلاً في طريقك؟
عليك أن تسأل نفسك: ما هي الأمور التي تقف عائقاً في طريق تنظيم وقتك وإدارته وعدم ضياعه؟ ولإيجاد الأسباب أو المضيعات أو عوائق التنظيم عليك أن تكون صادقاً مع نفسك في تحديدها.
01 طريقة شائعة مهدرة الوقت، هي القيام بأمور لا يجب القيام بها أبداً:
وهي تلك الأمور التي لا تعود عليك ولا على غيرك بالفائدة من أدائك لها، مثل استعمالك للنظام اليدوي بدلاً من برمجته لعدم ثقتك بالنظام الجديد .
02القيام بأمور ينبغي على غيرك الاهتمام بها:
من المريح أن نقوم بالأعمال التي نتقنها، ولكن قد تُفوَّض هذه الأعمال إلى الآخرين حتى نوفر لنا الوقت الكافي للإدارة ولا نتحجج بالمساعدة أو عدم قدرة الآخرين.
03 قد تتطلب الأمور أكثر مما يلزمها، وذلك للأسباب التالية:
لكونك غير منظم، وتقوم بالأمور بسرعة قبل معرفتها، وتؤدي كل هذه الأمور بنفسك.
04 يرفض الكثيرون الاعتراف بإضاعة وقت الآخرين، متذرعين بعدم توفر الوقت لتأدية حتى أمورهم الشخصية من خلال:
- عدم اطلاع الآخرين على المعلومات الجديدة.
- تطلب مقابلة شخص لأمر ما، وتنسى تهيئة الأوراق اللازمة لمقابلته فيضيع الوقت في التفتيش عنها.
- عقد اجتماعات مرتجلة فيجهل الحاضرون عما تتكلم.
الأعذار:
يعجز العديد من الأشخاص عن إنجاز أعمالهم في الوقت المحدد لأسباب هي:
- قد يبدو أن الأمر لا يستحق العناء الكثير.
- ليس هناك مردود مباشر.
- توفير أمور أكثر أهمية.
- نسيان إنجاز الأمور في الوقت المحدد.
إن الاختباء خلف الأعذار الوهمية لن تحل مشكلتك أمام نفسك وأمام الآخرين، لذا كن صريحاً مع نفسك لمعرفة السبب الحقيقي لعدم إنجازك الأعمال التي التزمت بها. إن تصرفاتك تدل على مدى تنظيم الوقت.
الفصل الثاني
التخطيط لمهامك
الشخص الدائم الانشغال لديه قدرة على التحكم بوقته أكثر من غيره، حيث إنه يتمكن من القيام بعدة أمور في يوم واحد. إن تخطيط المهام التي يجب أن تقوم بها يبدأ من:
01 معرفة مسؤولياتك:
عندما تتفهم وتدرك مسؤولياتك وما ينبغي عليك القيام به تكون بمثابة أنك تخط لنفسك لائحة تحدد من خلالها الواجبات والالتزامات التي عليك.
02 تحديد الأهداف:
يلعب تحديد الأهداف دوراً مهماً في إدارة الوقت، فتجعلك تتحكم بالأحداث بدلاً من أن تتحكم هي بك.
03 تحديد الأولويات:
إن تحديد الأولويات يساهم بشكل مباشر في تحقيق الأهداف لذلك عليك أن تتفحص أعمالك وتؤديها حسب أولويتها وأهميتها.
04 طارئ مهم:
عليك أن تميز بين الطارئ والمهم؛ حتى تتمكن من الاستفادة القصوى من وقتك.
الفصل الثالث
برمجة وقتك
لكي تدير وتنظم وقتك بنجاح عليك أن تضع الأساليب والآليات التي تضمن عدم ضياع وهدر وقتك.
التعامل مع مواعيد العمل الأخيرة:
عليك أن تحدد وقتاً محدداً لانتهاء أعمالك، وهذا يجعل الأعمال الصغيرة أو الكبيرة تأخذ حجمها الطبيعي من الوقت، مما يزيد من قدرة التركيز لديك على الإنجاز، وهذا بدوره سيحفظ وقتك.
التطرق إلى مهام ضخمة:
قد تثقل كاهلك المهام الضخمة وتثبط عزيمتك، والمطلوب منك ألا تنزعج وابدأ بمعالجة المهام الصعبة الواحدة تلو الأخرى.
تحديد الوقت الذي لا تقاطع خلاله:
عليك أن تضع آلية محددة تشعر الآخرين من حولك بعدم مقاطعتك أثناء أدائك مهامك، وآخر تكون خلاله متفرغاً؛ حتى تمكن الآخرين من الاتصال بك.
إنجاز معظم اللقاءات/
لا شك أن اللقاءات سواء كانت اجتماعات أو غيرها تكون عديمة الفائدة عندما لا يكون هناك نتيجة بناءة للاجتماع، بل ويصبح هدراً للوقت، لذا عليك أن تحدد في لقاءاتك عدة أمور؛ منها: هدف اللقاء، ودورك فيه، وما يتوجب عليك بعد اللقاء.
الفصل الرابع
طرق كسب الوقت
كسب الوقت عملية سهلة، تعتمد فقط على التنظيم ولإعانتك على التنظيم عليك بما يلي:
وضع القائمة:
من الحقائق التي يجب أن تدركها أنك لن تتمكن من القيام بعدة أمور في نفس الوقت، فإما أن تهمل بعضها أو تؤديها كلها بطريقة سيئة، والحل الأمثل لذلك هو وضع قائمة ترتب فيها إنجاز واجباتك بانضباط ودقة.
معالجة الأعمال المدونة على أوراق (الوثائق):
معظم الأشخاص يشكون تكدس الأوراق لديه، سواء في المكتب أو البيت أو السيارة؛ لذا عليك للتعامل مع الأوراق بما يلي:
01 ضعها في ملف.
02 ادرسها.
03 أرسلها لغيرك.
04 احفظها في صندوق (النفايات).
الاحتفاظ بالسجلات الشخصية:
السجلات الشخصية تختصر وقت البحث لديك، وتعينك على عدم هدر وقتك؛ كالمفكرة ودفتر الملاحظات والسجلات.
إيجاد الأشياء:
تعتبر هذه المهمة سهلة على أصحاب الذاكرة القوية، بينما يختلف الأمر عند ضعاف الذاكرة، لذا عليهم أن يضعوا آلية مناسبة لسرعة لوصول إلى الأشياء عند البحث عنها؛ لأن ذلك معين على الحفاظ على الوقت وعدم هدره فيما لا يجدي.
اتباع الطرق المختصرة:
هناك مساعدات تختصر الوقت المبذول، مما يوفر لنا وقتاً إضافياً في حياتنا، وربما تسبب هذه الطرق الضيقَ من الآخرين، بيد أن الأمر الأهم يتعلق بأغلى ما نملك، والذي لا يمكن أن يُعوَّض وهو الوقت.
الفصل الخامس
العمل مع الآخرين
قد تساعد مشاركة الآخرين في تنظيم الوقت ، وقد تسبب ضياع الوقت إذا لم تدرب من حولك على القيام بالأعمال؛ سوف تضطر دائماً أن تؤدي أعمالك بنفسك، مما يساهم على المدى البعيد في ضياع الكثير من وقتك الثمين.
تفويض العمل:
لا يعني تفويض العمل الاتكالية والراحة، وإنما يعني تدريب من حولك لتوفير الوقت لديك، ولمنح الآخرين فرصة التعلم والتطور، ولإيجاد صف احتياطي للأزمات.
العمل المشترك المثمر:
عندما تحترم وقت الآخرين سوف تضمن احترامهم لوقتك، لذا أطلعهم على المعلومات الجديدة، وأشركهم بأفكارك، وضع حداً لإنجاز العمل وحفزهم للانتهاء في موعده.
المشاركة بفعالية:(1/10)
عندما تطلب مشاركة الآخرين يجب أن تكون التعليمات المعطاة واضحة للأفهام موضحة لطبيعة المهام، وهذا بدوره سيؤدي إلى التفاهم.
الفصل السادس
إيجاد وقت لنفسك
إن بإنجاز أعمالك في أوقاتها، واحترامك لمواعيد الآخرين، ومراعاتهم؛ تكسب الآخرين، إضافة للمحافظة على وقتك وتنظيمه.
مراجعة عاداتك الشخصية:
إن قضاء أمورك بشكل منظم مهما كانت حقيرة؛ سيجعل منك شخصاً محل تقدير الآخرين وأولهم نفسك، حاول تغيير بعض عاداتك اليومية الروتينية والتي تسبب في هدر وقتك، سوف تجد وقتاً إضافياً لقضاء حياتك بشكل مثمر وفعال.
استغلال وقت الفراغ:
إذا كنت تجد صعوبة في إيجاد وقت فراغ، عليك أن تقف مع نفسك وتخصص وقتاً لنفسك، وإلا لن تحظى به أبداً؛ بل سوف تقع فريسة للعمل حتى وقت راحتك ووقت عائلتك إذاً أعط نفسك وقتاً من الفراغ؛ لتنعم به وتستمع بالراحة في مكان بعيد عن جو العمل، في مكان أنت تحبه وبرفقة أعز الناس إليك.
منافع كسب الوقت:
01 التخطيط السليم المتكامل.
02 استنباط الأفكار الجديدة أو المشاريع الجديدة.
03 تنمية مواهبك .
04 الاهتمام بنفسك
05 تعزيز اهتماماتك الشخصية.
==============
الوقت والإنتاج.. في العملية الإدارية
مصري يوسف 2/11/1426
04/12/2005
الوقت والإنتاج عنصران ذوا أهمية كبيرة في العملية الإدارية؛ ففي حين يعتقد البعض بوجود علاقة طردية فيما بينهما ـ فإذا زاد وقت العمل زاد الإنتاج، وإذا قل الوقت قل الإنتاج ـ فإن البعض الآخر يلفت النظر إلى عوامل وسيطة هامة في تلك العملية، كفعالية العامل، ورغبته في الإنتاج وغير ذلك من العوامل، ولعل الكثير لا يحسن استغلال الوقت بفعالية، وللأسف هناك من الناس من يظن أن تنظيم الوقت معناه الجد التام، ولا وقت للراحة أو التسلية، والبعض يظن بأن تنظيم الوقت شيء تافه لا وزن له؛ ذلك لأنهم لا يقيمون لأهمية الوقت وزناً، وهذه المفاهيم تنتشر في وطننا العربي بشكل عام.
وفي ظل ضغوط العمل التي يتعرض لها الجميع، والتي تنبعث من الاندفاع نحو إنجاز شيء ذي قيمة حقيقية، يضطر الجميع للعمل بجد ونشاط أكثر، وعلى الرغم من تحمّل كل هذا إلا أنه لا يثمر ما يبتغيه الفرد من نتائج.. تلك هي الحالة دون أن نأخذ في الاعتبار الروتين اليومي، والأشياء الأخرى التي تتكدس فوق المكاتب، وفي الأدراج وعلى الأرض.
وهنا يثور تساؤل وهو: ماذا سنفعل خلال ساعات العمل الكثيرة ؟!
الوقت ثمين وتنظيمه واجب
لا بد من التركيز في إطار الحديث عن عنصري الوقت والإنتاج على أهمية الوقت كعامل أساسي لنجاح الفرد، والعمل على إزالة كل ما يعيق تنظيمه واستغلاله، ووضع الحلول اللازمة للقضاء على كل المعيقات، وتبني تنفيذها بشكل سريع وفي إطار جماعي.
وقد يعتقد البعض أو يغفل عن تنظيم وقته لجهله بأهمية الوقت في رفع كفاءة الإنتاج، وتحقيق نجاح باهر في زمن وجيز؛ مما يدفع بنا إلى رصد فوائد تنظيم الوقت السليم وهي:
* تحقيق نتائج أفضل في العمل.
* تحسين نوعية العمل.
* زيادة سرعة إنجاز العمل.
* التخفيف من ضغط العمل.
* تقليل عدد الأخطاء الممكن ارتكابها.
* زيادة المرتب.
* تعزيز الراحة في العمل.
* تحسين نوعية الحياة غير العملية.
لذلك عليك أن تبادر بتنظيم وقتك واستغلاله بأفضل السبل، و البديل عن ذلك هو إنتاج أقل وصراعات داخل المؤسسة.
كيف تنظم وقتك؟
مَن منا لا يبحث عن طرق لأداء أعماله بشكل أسرع وأفضل؟ فلإدارة وقتك بطريقة أفضل يجب أن توزع أوقاتك على أعمالك اليومية.
أولاً: عليك تنظيم مكتبك، وعدم تركه بشكل فوضوي يصعب فيه البحث عن هدفك، وليس الأمر مقتصراً فقط على المكتب بل الاهتمام بوقتك وعدم تضييعه في ما لا يفيد في حين أن عملك الأساس ينهار، بالإضافة إلى ذلك ضرورة عمل مذكرة للمواعيد، وملف لحفظ الأسماء والعناوين وأرقام التليفونات بطريقة يسهل الرجوع إليها.
ثانياً: هناك العديد من الطرق والإستراتيجيات التي تدور حول توفير الوقت، والتي باتباعها ستجد نفسك قادراً على أداء الأعمال بصورة أفضل، وتسليمها في موعد محدد دون ضغط أو إرهاق؛ فالوقت الذي أهدرته خلال قيامك بالأعمال العادية يمكن الانتفاع منه مرة أخرى بإنتاجية وفعالية.
ولهذا يمكنك قضاء وقت أقل في العمل، ووقت أطول لعائلتك وأصدقائك، مما يصل بك إلى الإنتاجية التي يسعى إليها الجميع
=============
مهارات تفعيل وتنظيم الوقت
مشرف الملتقى الاداري 22/6/1424
20/08/2003
السلسلة: تعلم خلال أسبوع
الكتاب: مهارات تفعيل وتنظيم الوقت
المؤلف: Claire Austin
عدد الصفحات: 104 صفحة
الناشر: الدار العربية للعلوم
فكرة الكتاب:
يعد التنظيم السليم للوقت عاملاً مهماً في قيادتك لوقتك، والذي من خلاله سوف تحقق نتائج فورية وكبيرة في حياتك العملية. يحتوي اليوم على 86400 ثانية، وهذا الكتاب يقدم لك العون في كيفية الاستفادة من هذا الوقت في التقدم والنجاح.
الفصل الأول
تقييم الذات
بداية سنقوم بتقييم قدراتنا الحالية على تنظيم الوقت، ولا شك أن هذا التقييم سيعطينا مؤشرات إيجابية أو سلبية في تعاملنا مع الوقت.
تحديد العوامل المضيعة للوقت:
قد نصاب بخيبة أمل إذا علمنا أن أغلب أعمالنا تندرج تحت طائلة مضيعات الوقت، والتي عادة ما تكون نتائجها سيئة، وفي أحسن الأحوال يكون مردودها ضعيف، ومن هذه المضيعات للوقت:
01 إضاعة الأشياء : كم من الوقت نستغرقه في البحث عن الأشياء التي ربما وضعناها أو حفظناها بشكل خاطئ، أو ربما نضطر للقيام بالعمل مرتين لأن الأول بكل بساطة ضاع؟.
02 الاجتماعات: يمضي الكثير من الوقت المهدر في الاجتماعات التي لا أهداف لها أو التي تبدأ أو تنتهي في غير وقتها، أو التي تدار بشكل سييء .
03 الهاتف: يسرق الهاتف منا وقتاً ثميناً، ويستغرق في الحديث بمكالمات هاتفية طويلة عن الحد المقدر لها.
04 المقاطعات: تشكل المقاطعات جزءاً مهماً من هدر الوقت حيث تساهم هذه المقاطعات في هدر الوقت ورداءة الأداء.
05 التأجيل: تقنية سلبية لتأخير العمل والسبب هو هدر الوقت.
06 الأوراق التي لا قيمة لها: لا شك أن تراكم الأوراق سببه هدر الوقت بالاهتمام بأمور ثانوية والتغافل عن الأمور الأساسية .
07 الأزمات: تواجهنا الأزمات تلو الأزمات مما يؤدي إلى هدر في جوانب عديدة ومن أهمها الوقت، وذلك لسوء إدارة الأزمات.
08 التكليف المعكوس: قد يسمح البعض بالتكليف المعكوس من الآخرين ممن هم أقل منا رتبة أو منزلة مما يساهم في هدر أوقاتنا.
09 الكمالية: قد نحتاج وقتاً إضافياً للحصول على الكمالية بينما تكفي أن تحقق 95% بدلاً من هدر الوقت والكمالية المزعومة.
10. اللهو: لكل أمر ضوابط إذا خرج عنها أصبح سلبياً، وهذا مثله اللهو الذي إذا خرج عن إطاره أصبح هدراً للوقت مؤثراً على الإنتاجية.
تغيير عاداتنا:
إن الكثير من عوامل مضيعات الوقت أصبحت جزءاً من حياتنا العملية والسبب أنها أصبحت عادة لنا من حيث لا نشعر، ولكن..
ألم يحن الوقت للتغير وقلب العملية؟
لا شك أن رغبتنا بذلك نصف المشوار أو التغيير، بعد ذلك يتطلب التغيير وقتاً وجهداً كبيرين، بعد ذلك تأتي المثابرة والاستمرار على عملية التغيير، وأفضل وقت لبدء التغيير هو الآن!,
عملية التغيير المؤلفة من أربع خطوات:
01 اكتب الأسباب التي تؤدي إلى ضياع وقتك.
02 عدد المشاكل التي يسببها عادة هدر الوقت.
03 تصور عادة تنظيم الوقت.
04 تنمية عادة توفير الوقت.
الفصل الثاني
الحد من تراكم الأوراق
حملة تخفيف الأوراق:(1/11)
لكي نركز على الأشياء المهمة علينا أن نتخلص من الأشياء قليلة المردود، ولكن قد نكون نحن السبب في تجمع الأوراق لدينا بكثافة، فأسلوبنا في العمل هو السبب في تراكم هذه الأوراق بقولنا أرسل لنا نسخة من الخطة أو التقرير...، لذلك ضع لائحة تحدد فيها ضوابط إرسال الورق منك وإليك.
إن تخفيف الورق يعني تخفيف التكلفة وتحسين الإنتاجية والمعنويات.
التعامل الفعال مع الأوراق:
يجب أن نتعامل مع أية ورقة تصل إلينا مرة واحدة فقط حتى لا يضيع وقتنا بأمور متكررة.
اختبار الحصبة:
هذه التقنية تتمثل في التعامل السريع مع أية ورقة تصلنا، وذلك بوضع نقطة حمراء كلما اطلعنا أو تناولنا ورقة، وإذا وجدنا نهاية الأسبوع تفشي الحصبة (النقاط الحمراء) في الأوراق فهذا مؤشر على ضرورة تغيير عاداتنا التي تسلبنا وقتنا الثمين. إن التردد في التعامل مع الأوراق بصورة فعالة يؤدي إلى تراكم أكوام من الأوراق غير المنجزة، ويصبح المكتب غير المنظم، والذي يؤدي إلى:
إنتاج أقل
ضياع الفرص
بحث جنوني عن المعلومات المفقودة
ساعات عمل طويلة
معنويات منخفضة
أزمات غير متوقعة.
تقنية الرافت ( RAFA)
وهذه التقنية تنقذك من الغرق في بحر الأوراق وتعني :
01 تحويلها أو إحالتها أو توجيههاRefer it :
أو
02 نعمل عليها والبت فيها : Act on it
أو
03وضعها في الملف المناسب: File it
أو
04 التخلص منها في سلة المهملات: Throw it a way
نستفيد مما سبق أن يكون لدينا تنظيم أكثر لأوراقنا، وأن يكون لدينا مكان لكل شيء، وأن يوضع كل غرض في مكانه المناسب له.
التوثيق الفعَّال:
من الأهمية بمكان ألا يكون هدف ترتيب الملفات هو إبعاد الأوراق عن النظر فحسب بل إلى كيفية إيجادها عند الحاجة إليها.
تنظيف الملفات:
وذلك بالتخلص من كومة الأوراق المتكدسة في الملفات التي غالباً ما نحتفظ بها لتوهمنا بالرجوع إليها مستقبلاً مع أنها محفوظة في مكان آخر !!، لذا علينا ألا نتردد في تنظيف ملفاتنا من الأوراق التي :
01 لن نعود إليها أبداً.
02 ما يمكن إيجاده في مكان آخر.
03 ما يقل مردودها.
وبهذه الطريقة سوف يقل حجم ملفاتنا بنسبة خمسين بالمئة.
إعادة تنظيم الملفات:
تنظيم الملفات يساعدنا في الوصول إلى المعلومات بشكل سريع. إذا نسي المرء أن يحتفظ بشيء ما أو إذا نسي المكان الذي وضع فيه هذا الشيء فهذا يعني حتماً أنه لا يحتاج إليه أبداً.
يمكنك إعادة تنظيم ملفاتك حسب الموضوع أو الأبجدية أو التاريخ أو اللون أو الموقع الجغرافي أو وفق الأرقام، لا شك أن هذه الطرق ستجعلنا نقلل من الوقت الضائع في البحث عن المعلومات أو يتلاشى نهائياً. كل ذلك بقرارك أنت!!
الفصل الثالث
التخطيط
يعتبر التخطيط من أهم تقنيات الوقت، وعندما لا تحدد أهدافك فإنك ستحقق أهداف الآخرين.
سنتطرق إلى التخطيط من ثلاثة جوانب رئيسة وهي:
01 تحديد الأهداف:
لا شك أن لكل شركة ناجحة أو شخص ناجح هدف واضح يسعى لتحقيقه، بل ويتصور نفسه أنه حققه بجدارة، لذلك تنصب جهوده نحو هذا الهدف .
التصور الخلاّق:
إن التصور المستقبلي لأنفسنا عامل مهم نحو تحقيق الهدف، ولكي نصل إلى ذلك علينا أن نقسم الأهداف البعيدة أو المستحيلة إلى أهداف بسيطة أو صغيرة ممكنة التحقيق حتى نصل إلى الهدف البعيد لنا وفق مخطط مجدول ، فتخيل نفسك بعد خمس أو عشر سنوات أو أكثر ماذا تطمع أن تكون؟
02 وضع مخططات العمل:
قبل إنجاز أي عمل أو تحقيق أي هدف يجب أن نضع المخطط أو المسار أو الطريق التي سنتبعها نحو تحقيق وإنجاز هذا العمل خطوة خطوة إضافة إلى حساب التكلفة لتحقيق هذا الهدف، سواء كان مادياً أو معنوياً، والموازنة بين إيجابياته أو سلبياته .
03 التخطيط اليومي:
يعتبر التخطيط اليومي هو المرحلة الثانية بعد مخططات العمل، ومن فوائد التخطيط اليومي:
تنظيم العمل بواقعية .
يعمل كمفكرة عمل.
ينظم العقل.
يساعد على إنهاء العمل.
يحفزنا على العمل .
التركيز على الأولويات.
ثمان خطوات ضرورية لتنظيم يوم فعّال:
01 خمس دقائق للتخطيط اليومي: خصص خمس دقائق نهاية كل يوم للتخطيط.
02 إكمال ما لم تنجزه اليوم: انقل ما لم تنجزه إلى يوم آخر، وانتبه لعدم تكثير مهمات اليوم الواحد.
03 تخطيط أعمال اليوم التالي: كتابة أعمال اليوم التالي من مقابلات واجتماعات وغيرها.
04 إدخال الأعمال المتعلقة بتحقيقنا أهدافنا المستقبلية: علينا ربط أعمالنا العاجلة بالأعمال المستقبلية.
05 تحديد درجة أولوية كل بند من البنود: جدولة الأعمال حسب الأولوية تعطيك حرية لتقديم الأهم على المهم.
06 تفويض الآخرين : التفويض لا يعني استغلال الآخرين؛ بل لحفظ وقتك وجهدك وتطوير مهارات الآخرين.
07 تقدير المدة التي قد يحتاجها كل عمل: تحديد فترة زمنية لكل عمل هي مهمة صعبة ولكنها ستزول بعد فترة.
08 العمل على البريد وإضافة بعض الأمور على اللائحة: قد تستجد بعض الأمور الطارئة أو المهمة التي عليك إدخالها ووضعها في قائمة الأعمال حسب الأهمية والأولوية كما اتفقنا.
تذكر أن الطريقة الوحيدة الفعالة هي العمل وفق الأولويات، فلا نبدأ بالأمور غير المهمة إلا بعد الانتهاء من الأمور المهمة، وهكذا تبرمج وقتك بنفسك.
الفصل الرابع
تنظيم الاجتماعات
يقضي أغلب الإداريين حوالي 35% من حياتهم المهنية في اجتماعات ولكن من المؤسف أن هنالك اجتماعات غير مثمرة تسبب هدر الوقت، وذلك لأسباب إما تتعلق بالمترئسين أو المشاركين أو الاجتماع نفسه.
لماذا تفشل الاجتماعات:
قد يعود فشل الاجتماعات إلى عدة أسباب منها:
01 انعدام هدف واضح للاجتماعات.
02 ارتفاع كلفة الاجتماع.
03 سوء التنظيم
04 تأخر بين المشاركين.
05 سوء إدارة الاجتماع.
06 الخروج عن جدول أعمال الاجتماع.
07 عدم توفر المعدات والتسهيلات المناسبة.
ماذا تفعل قبل الاجتماع إذا كنت ترأسه:
أياً كان نوع الاجتماع الذي سوف ترأسه؛ فاحرص على ما يلي:
01 ضرورة الاجتماع.
02 البدائل للاجتماع.
03 أهداف الاجتماع.
04 الأشخاص المشاركين.
05 مردود تحقيق الأهداف.
06 كلفة الاجتماع.
07 جدول أعمال الاجتماع.
08 إبلاغ المشاركين بمكان وزمان الاجتماع.
09 وصول معلومات الاجتماع للمشاركين مسبقاً.
010 أهمية حضور كل المشاركين للاجتماع أم لا؟
ما يجب أن يقوم به الرئيس خلال الاجتماع:
على الرئيس أن يكون متنبهاً للعوامل الهدامة التي تؤثر سلباً على إنتاجية الاجتماع، ومن هذه العوامل:
01 التأخير:
إن ربط بداية الاجتماع باكتمال عدد المشاركين يعني هذا مكافأة المتأخرين على حساب الآخرين، لذا ضرورة بداية الاجتماع في وقته المحدد، وإغلاق الباب، وعدم إعادة ما تم مناقشته للمتأخرين.
02 المسائل المخفية:
يطلب من المشاركين الإفصاح عن أهدافهم واهتماماتهم الخفية من وراء الاجتماع، مما يسبب هدر الوقت من قبل رئيس الاجتماع.
03 النقاشات المشتتة:
النقاشات المشتتة من قبل المشاركين قد تنقل الاجتماع إلى مسار آخر، لذا المقاطعة بلباقة هي الطريقة الوحيدة فنتدخل بسرعة ونختصر وجهة نظر المتحدث ونعود بالاجتماع إلى مساره الصحيح.
04 قلة المشاركة:
تؤدي كثرة الانتقادات إلى قلة المشاركة، لذا لا بد من سؤال من لا يشارك عن رأيه أو يكون ضمن مجموعات صغيرة.
05 المقاطعات:
تسبب المقاطعات تشتيت الذهن وهدر الوقت للمشاركين أثناء الاجتماع، لذا أجّلْ جميع اتصالاتك أثناء الاجتماع، وضعْ على باب الاجتماع " يُمنع الإزعاج والمقاطعات" .
06 المناقشات:(1/12)
النقاشات غير المجدية تكون جوفاء خالية من الهدف تسبب تأخر الاجتماع، لذا علينا حصر هذه النقاشات لتناقش فيما يتبقى من الوقت أو تؤجل لوقت آخر، أو يعمل لها دراسة ثم إثبات فاعليتها من عدمها.
07 التردد :
إن التردد في اتخاذ القرار أثناء الاجتماع يعتبر عامل هدم للاجتماع، لذا علينا أن نتخذ القرار الملائم، ونضع الإجراءات والمهل المحددة لذلك.
وعندما نتخلص من هذه العوامل الهدامة سوف نحصل على اجتماعات فعالة وناجحة وهادفة.
الفصل الخامس
تنظيم المشاريع
تتضمن القدرة على تنظيم المشاريع ثلاث مراحل هي:
التخطيط:
المشروع عبارة عن مهمات مترابطة تؤدي في نهاية المطاف إلى هدف محدد، ترتبط سهولة تنفيذ المشروع ونجاحها بفعالية التخطيط ودقته، وتتضمن ذلك خمس خطوات مهمة وهي:
01تحديد الهدف: تحديد الهدف بدقة ووضوح يسهل عملية الوصول إليه بثقة وعزيمة .
02 تحليل الكلفة والأرباح: إن معرفة التكلفة والأرباح تعطيك انطباعاً: إلى أين ستكون، وكيف تصل إلى هدفك؟
03 تقسيم المشروع إلى مجموعة مهمات بسيطة: قد نقف عاجزين أمام المشاريع الضخمة فنراها مستحيلة بينما لو قسمت إلى مهمات صغيرة لانْقَلَبَ المستحيل إلى ممكن.
04 تحديد المهل اللازمة لإنجاز المهمات: الواقعية هي مفتاح النجاح، ومن ذلك تحديد المهل أو المدة الزمنية التي يستغرقها أداء المهمة بداية ونهاية.
05 تكليف الآخرين بالمهمات إذا دعت الحاجة: يتكون المشروع من عدة مهمات ومن الصعوبة بمكان أن تسيطر على كل هذه المهمات، لذا لكي تؤدى المهمات بنجاح؛ عليك بتفويض المهام للأشخاص المناسبين، والاستفادة من خبرات وإمكانات الآخرين.
المراقبة:
هدف المراقبة هو التأكد أن المشروع يسير بالاتجاه السليم وأن العمل ينفذ وفق الخطط المرسومة له مسبقاً، ومعالجة الأخطاء أولاً بأول حسب مبدأ الأولويات مع حفظ وثائق ولوائح المشروع بشكل منظم حتى يسهل الرجوع إليه بسرعة.
التقييم والمراجعة:
وهي المرحلة النهائية لكل مشروع، حيث يتم وضع معايير ومقاييس لمعرفة مؤشرات النجاح وأسباب الإخفاق أو الفشل عند حدوثه، وحتى نتعلم منها دروساً للمستقبل، كذلك معرفة العوامل التي ساعدت على النجاح، وفي كل الأحوال تعطينا هذه المرحلة دفعة قوية وثبات وخبرة ودراية عند البداية بمشروع آخر.
الفصل السادس
ترويض الهاتف
يلعب الهاتف دوراً بارزاً في ضياع الوقت، لذا كيف تحد من هذه الاتصالات الهاتفية وتروض هذا الجهاز " المتمرد"؟!.
فخ الهاتف:
لا شك أن الهاتف حلقة تواصل مستمر مع العالم إضافة لقلة كلفته وسرعته، إلا أن سلبيته الوحيدة هي سماحه لأي متصل بالاتصال في أي وقت ولو كان غير مناسب، والأمر يعظم سوءًا إذا كان في أمور ثانوية، والمشكلة طالما رفعنا سماعة الهاتف لا يمكن إنزالها بسهولة، لذلك نظم الاتصالات الهاتفية واختصر المكالمات الثانوية واستفد من المكالمات المهمة إلى أقصى حد ممكن .
الاتصالات غير الضرورية:
هذا النوع من الاتصالات ضرره يلحق بجميع العاملين معك، إضافة إلى إضاعة الوقت الكثير، وعدم القدرة على الرد على الاتصالات المهمة، لذلك اجعل اتصالاتك الهاتفية هادفة وبناءة ومختصرة.
الاتصالات التي نتلقاها:
نحن لا نستطيع تقييم أهمية الاتصال إلا بعد رفع السماعة، لذا كل ما يمكن فعله هو اختصار الحديث في الاتصالات غير المفيدة وإعطاء الوقت الكافي للاتصالات المهمة.
هناك عشرة طرق لتنظيم الاتصالات التي نتلقاها وهي:
01 تحويل الهاتف عندما نكون منشغلين.
02 تخصيص وقت محدد لتلقي الاتصالات يومياً.
03 تأجيل الاتصالات أثناء اللقاءات أو الاجتماعات.
04 مخاطبة المتصل غير المرغوب فيه بحزم واختصار شديد.
05 الطلب من المتصل الاتصال في وقت آخر.
06 تفادي العمل أثناء الاتصال.
07 تفادي تسجيل وتدوين الملاحظات على أوراق مبعثرة.
08 الرد على الاتصال المهم وعند الحاجة.
09 تحضير لائحة من الأعذار لاختصار الاتصالات.
010 الطلب من المستقبل عادة ألا يعطي الأسماء أو التحويل للأشخاص غير الودَّيين.
الاتصالات التي نجريها:
يسهل التحكم في هذا النوع من الاتصالات لأننا نحن الذين نقوم بالاتصال، وبالتالي نحدد الأشخاص الذين نرغب في التحدث إليهم، إضافة إلى أننا نملك التحكم في مدة المكالمة.
01 تخطيط الاتصال:
علينا أن نسأل أنفسنا قبل إجراء أي اتصال، ما هي المعلومات التي احتاج إليها؟ وما أفضل الطرق؟ وما هي الأوراق التي احتاج إليها؟ بمعنى أنني أخطط للاتصال قبل الاتصال.
02 إجراء الاتصال:
علينا أن نعتبر أن كل اتصال هو اجتماع مصغر أياً كان موضوع هذا الاتصال من حيث عرض ووضوح الأفكار والمناقشة والتلخيص.
03 بعد الاتصال:
يجب متابعة النقاط والأفكار التي تم التحدث عنها والاتفاق عليها مباشرة أو كتابتها في جدول لمتابعة توجيهها وتنفيذها.
الفصل السابع
نصائح إضافية
الوقت والسفر:
العديد من المدراء قد يفقد من وقته الكثير أثناء تنقله، سواء في بلده أو خارجه لذلك من الضروري قبل السفر كتابة لائحة بأهداف الرحلة والأوراق والمستندات اللازمة للرحلة أو الاجتماعات التي سوف يحضرها وذلك بوضعها في ملف خاص ومرتب يسهل الرجوع إليها عند الحاجة.
كذلك يمكن استغلال وقت الرحلة بالاطلاع على المجلات والتقارير والبريد، أو يمكن الاستماع إلى الأشرطة السمعية أو مشاهدة الأشرطة البصرية أو الحاسوب المتنقل للحصول على المعلومات وكتابة القرارات.
القراءة السريعة:
هي طريقة فعالة للقضاء على أكوام الأوراق المتكدسة أو قراءة التقارير أو الملفات الكبيرة باتباع القراءة المنطقية، وهي البحث عن الملخصات أو الخاتمات أو مراجعة الوثائق بسرعة، بحثاً عن العناوين الأساسية، والنظر إلى الرسوم البيانية، ولتطبيق القراءة السريعة:
01 استخدام دليل على الأسطر كالأصبع أو مؤشر.
02 التركيز على منتصف السطر بدلاً من التركيز على إحدى طرفيه أو كله.
03 قراءة مجموعة كلمات وليست كلمة كلمة.
04 القراءة بصوت منخفض.
خطر الكمالية:
قد يكون الاهتمام مفيد في بعض الأحيان، إلا أنه في معظم الأحيان يكون مضراً بحد ذاته، فقد تكون درجة أعمالنا لبعض المشاريع 90%، ولا داعي لأن نمضي المزيد من الوقت لإتمامها 100% إذ إن ذلك سيكون على حساب أعمال أخرى أكثر أهمية، إضافة لعدم قدرتنا على تعويض هذا الوقت الزائد، إذاً المبالغة في الكمالية تستهلك جهداً ووقتاً كبيراً نحن بحاجة إليه.
مبدأ (Kiss) أو الاختصار والبساطة:
ويعني Keep It Short and Simple فلماذا نعقد اجتماعاً إذا كان الأمر يحل بالهاتف؟ ولم نعمل دراسة إذا كانت المشكلة أو المعلومات متوفرة وواضحة؟ ولماذا ترسل إلى شخص رسالة إذا كنت تراه كل يوم؟ إذاً كن Kiss .
عدم التردد:
من علامات التردد عدم اتخاذ القرارات وتراكم الأوراق هنا وهناك، فنلجأ إلى التأجيل مرات عديدة بحجة عدم توفر المعلومات أو إلى عدم مناسبة الوقت، لذا اتخذ قرارك ولا تتردد، فاتخاذ القرار المزعج يبقى أفضل من التردد والمماطلة.
التأقلم مع الظروف:
من الضروري أن نتأقلم ونتكيف مع الظروف المحيطة بنا، ونساير عملية التغيير لكي نكون أكثر فاعلية، فعند ازدحام الأعمال تجنب الاتصالات الهاتفية وخلافه.
التفويض:(1/13)
إنه فن تكليف الشخص المناسب في الوقت المناسب للمهمة المناسبة، وتكمن أهمية التفويض كلما ازداد منصبنا، قد يتحاشى التفويض بعض المدراء ذوي النقص المركب اعتقاداً منهم أن ذلك يسلبهم السيطرة والتحكم، إلا أن ذلك سوف يساعدهم على تفريغ جهودهم وأوقاتهم في أعمال ومهام رئيسة.
النظر إلى الحياة بتفاؤل:
إن التفاؤل يزيد من فرص النجاح والإنجاز، فبدلاً من إضاعة الوقت بلوم الآخرين عند حدوث المشاكل والأزمات فكّر في كيفية حلها.
=============
أسئلة الوقت الحاضر!
محمد عبد الله السمان 14/5/1427
10/06/2006
في لقاء مع عالم إسلامي، قرر أخيراً أن يعتزل الأضواء، ويقضي بقية عمره مع الله، وله من معاشه ما يكفيه، ودعا لي أن أحذو حذوه، ولم يبق من العمر إلا القليل، قلت له: ومن أين أعيش، وقد جعل الله رزقي في صرير قلمي، وليس لي معاش أعتمد عليه، والسماء لا تمطر ذهباً ولا فضة ـ كما قال عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه؟
كان الله في عونك!
ـ قال صديقي ..وما تصورك لعالم اليوم؟
= عالم اليوم بلا ضمير، فعندما يتحول العالم إلى غابة شاسعة، تتحكم فيها دولة فاجرة متغطرسة، على رأسها سفاح ومجرم حرب؛ فمحال أن يكون للغابة ضمير أو قانون سوى قانونها التي تتحكم فيه، وهذا القانون الذي يبيح للقوي أن يفترس الضعيف - قال: إذا كان العالم اليوم بلا ضمير، فإلى متى؟
= ما قلته: حقيقة لا جدال فيها، وهناك حقيقة أخرى أخت لها، ولكن مما يؤسف له أننا نحن العرب والمسلمين، نعي الأولى، ولكنا عاجزون عن أن نفعل شيئاً، ولا نعي الحقيقة الثانية ـ أعني "الكفر كله ملة واحدة" أو نعيها ولكننا نتجاهلها عن عمد، وأمامنا اليوم مثالان: في إيران وفلسطين، وهما مسلمتان، وقبل أن نعرض لهما، يجب أن ندرك أن هيئة الأمم المتحدة اليوم لا مصداقية لها، وقد أنابت عنها قانون ـ أمريكا، أمريكا التي دمرت أفغانستان المسلمة، والعراق العربي المسلم، وعلى الرغم من أن المسوّغات التي قدمها مجرم الحرب الرئيس بوش، اتضح كذبها؛ إلا أن المجرم مصر على مواصلة ارتكاب جرائمه البشعة!
أولا ـ بالنسبة لإيران ومسألة الأسلحة النووية، إن أمريكا تقيم الدنيا ولا تقعدها، على الرغم من أن لدى إسرائيل ترسانة أسلحة نووية، وأمريكا تتعامل مع كوريا الشمالية ـ وشأنها شأن إيران ـ بشفافية إلى درجة استعدائها لتقديم رشوة، ووكالات الأنباء ووسائل الإعلام العالمية الأخرى، تتحدث عن أمريكا في المسألة الإيرانية، وعما إذا كانت تنوي التدخل المسلح في إيران أم لا، وكأن أمريكا هي الحاكم الأوحد لهذا العالم! والمسألة الفلسطينية ـ وبمعنى أدق: المأساة الفلسطينية: العالم المجرد من الضمير، ويعد العدوان الإسرائيلي دفاعاً شرعياً عن النفس، كما تعد المقاومة المشروعة الفلسطينية إرهاباً، وحين تقتل إسرائيل العشرات من أهل فلسطين، وتعتقل المئات، وتهدم المباني، وتجرف الزروع وتزيل أشجار الزيتون، يلتزم العالم الصمت المطبق، ويعدّ الجريمة دفاعاً مشروعاً، وحين تقتل أو تجرح المقاومة يهودياً واحداً، تقوم الدنيا ويبرز الحديث عن الإرهاب .. حماس جاءت إلى الحكم بأسلوب ديمقراطي، لكن العالم بقيادة أمريكا داعية الديمقراطية ينكر ذلك.
ـ ولكن ما الهدف؟
= الهدف هو: إذلال الأمة العربية والإسلامية من خلال إذلال الشعب الفلسطيني ـ حتى يرفع الراية البيضاء، ويقبل أن يعيش رقيقاً لأخس دولة، وحسبها من الخسة أنها من سلالة القردة والخنازير، وأحفاد قتلة الأنبياء والمرسلين، أمريكا ومن خلفها أذنابها تصر على أن تلقي حماس السلاح، وتعلن اعترافها بإسرائيل، وحماس تعي الدرس، ولو أنها استجابت لتمادت إسرائيل في ارتكاب جرائمها. لم تنس حماس أنه في الرابع والعشرين من أبريل عام 1996 أعلنت منظمة التحرير الفلسطينية عن أنها ألغت من ميثاقها البنود التي تنكر على إسرائيل حقها في الوجود " فماذا حدث؟ لقد ازدادت إسرائيل شراسة وضراوة، وأسرت رئيس السلطة ياسر عرفات، وحددت إقامته، ولولا المرض لظل في أسره حتى اليوم دون أن يفعل العرب شيئاً. ولك أن تتصور هذه الجريمة (ولن تكون الأخيرة) التي ارتكبتها واشنطن وذيولها. أعني مقاطعة حماس وتجويع الشعب الفلسطيني، وسرعان ما استجاب الاتحاد الأوروبي، وكندا واستراليا وغيرها، ألم أقل لك: إن الكفر ملة واحدة؟
سبق في الحرب بين الهند وباكستان في أوائل سبعينيات القرن الماضي، أن أعانت روسيا الهند، وجبنت الصين ـ الصديق للباكستان أن تفعل شيئاً.
- سيدي: لماذا نلوم الغرب، ولا نلوم أنفسنا وهي أحق باللوم؟
= الحق معك. لا جدال في أن العرب والمسلمين قادرون على التحدي، ولكن هذا مرهون بتوافر قادة صالحين، وشعوب حية، وإعلام حر، ومفكرين وعلماء دين أحرار، فالقادة مجرد نواطير جر ماء، وكل همهم أن يظلوا فراعنة وأباطرة وأكاسرة .. آلهة ـ وليسوا أنصاف آلهة ـ رضوا لأنفسهم أن يكونوا: ولاؤهم ليس لله ولرسوله وللمؤمنين، بل لواشنطن، لقد قال الأستاذ محمد حسنين هيكل:"إن بعض القادة العرب يتزلفون إلى إسرائيل لتعينهم على كسب رضا واشنطن"!! أرأيت مهانة أبشع من هذه؟ حسبي أن أقول لك هامساً (معذرة): إن دخل العرب وحدهم من النفط ـ ودعك من الدول الإسلامية: إندونيسيا ونيجيريا وإيران ـ لو أُخرج من هذا الدخل الزكاة 2,5% لقُضي على استبداد الغرب الصليبي المتعصب، ولا ننسى أن المال مال الله وهم حراس عليه، ويُحمد للجامعة العربية أن قررت فتح حساب للتبرع الحكومي والشعبي لشعب فلسطين.
يا سيدي: لكن من يقرأ ومن يسمع. وعلى الرغم من أن الموت قادم لا محالة.
- السادة الذين يملكون المليارات تعمدوا ألاّ يعتبروا: شاه إيران ترك أكثر من ثلاثين ملياراً من الدولارات، ماذا حمل معه؟ لقد مات غريباً ميتة في صمت، لم يهنأ به، ومحال أن يكون مال من سحت مصدراً للهناء!
- لكن أليس من حل؟
- الحل موجود لكل مشكلة، ولكن كما يقول الإمام أبو حامد الغزالي:"ليست المشكلة في الحل .. ولكن المشكلة في قبول الحل...!
============
كيف تستثمر المرأة وقتها في الحج ؟
الإسلام اليوم - وفاء السعداوي 26/11/1423
29/01/2003
- د. مريم الداغستاني: على الداعية أن تكون قدوة للنساء في الحج
- د. عبلة الكحلاوي : تصحيح المفاهيم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خلال الحج
- د. كوثر المسلمي : البعد عن التنافر والاختلاف والإكثار من الطاعات
الحج هو دعوة من الله لعباده، كي يكونوا في ضيافته وينهلوا من فضله، ويفوزوا بجائزته من الرحمة والغفران، إلا أن للحج شروطاً وآداباً -فضلاً عن الأركان- على كل إنسان أن يلتزم بها حتى تسقط عنه الفريضة، ويرفع له في أجره، وللمرأة تحديداً آداب يجب أن تتحلى بها فترة الحج، فكيف تتم المرأة فريضة تحسبها عند الله مقبولة ؟
فلكل من تشرفت قدماها أن تطأ أرض الله المقدسة، وتستظل بسمائها حتى تتم أركان دينها بأداء فريضة الحج عليها كيف تستثمر وقتها في طاعة ربها، بعيدا عن اللغو والخلاف ؟
وما هي نصائح الداعيات المسلمات لها وهي في ضيافة الرحمن؟
دور الداعية في الحج(1/14)
الدكتورة "مريم الداغستاني" أستاذ الفقه بالأزهر الشريف تقول : المرأة نصف المجتمع الإنساني، والنساء شقائق الرجال، ولأن الوقت من ذهب فيجب على المرأة وخاصة عند أداء فريضة الحج، وهي واجبة مرة واحدة في العمر كله، عليها أن تستثمر هذا الوقت الثمين في الالتزام بالصمت عن اللغو والقيل والقال، والصبر على مشاق السفر وحركة الحج والحرص على قراءة القرآن، والتناصح فيما يفيد المجموعة التي معها، والتحلي بالخلق الكريم، فأيام الحج معدودة ويجب أن نعود منها كيوم ولدتنا أمهاتنا صفحات بيضاء، ومن هنا كان الالتزام بالذكر والشكر والاستغفار عما بدر من الذنوب في حق الله والمجتمع وأخذ العهد بألا نعود مرة أخرى لارتكاب مثلها، وللداعية دور في فترة الحج، فعليها أن تكون قدوة لباقي النساء فتجمع النساء حولها على تلاوة القرآن، وتفسير بعض معانيه والصلاة جماعة وإرشاد المسلمات في أمور الحج التي تغيب عن كثير من النساء، وتقديم العون لمن تحتاج .
التناصح في الحج
الدكتورة عبلة الكحلاوي - الأستاذة بجامعة الأزهر الشريف تحث الداعيات في أثناء الحج على تصحيح المفاهيم الخاطئة، وإشعار المسلمات بأهمية الفريضة؛ لأن هناك من تؤديها كرحلة سفر ولا تفقه المقصود الأسمى، و تشرح للنساء أن الحج هو الركن الوحيد الذي يوضح مدى التزام المسلمة وفهمها للشعيرة الوحيدة التي تؤديها بانتقال وأسفار ومشقة .
وتقول الدكتورة عبلة الكحلاوي كل نسك نؤديه اعترافا وإذعانا واستسلاما ويقينا بالإيمان الذي وقر في قلوبنا، فلا بد من تعليم الناس وتصحيح المفاهيم وإبراز هذه الحقيقة لكي تحظى بالقبول إلى جانب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فالممارسات الخاطئة للحجاج تدعو لأداء هذا الواجب، فهناك من تخرج من دارها لا تملك إلا نفقة السفر وتتسول الناس, وهذا مظهر سيء جدا ، فيجب أن يتم نهيهن عنه وتوضيح أن من لا تملك القدرة المادية والأمنية والصحية لا يجب عليها الحج، كذلك هناك من تطوف بالكعبة منقبة أو تسرف في الشراء، وهذه لابد أن تفهم أنها تخلط عملا صالحا بغير صالح، ولابد أن تحرص على طهارة المقصد فلا يتم القبول الذي ترجوه إلا إذا خرجت متجردة عن كل ما هو لغير الله وتأخذ نفسها بالمجاهدة وتتوب إلى ربها توبة نصوحا .
باب الرحمة والمغفرة
وتقول الدكتورة "كوثر المسلمي" مدرس الحديث بالأزهر الشريف إن الحج باب رحمة فتحه الله لعباده؛ لكي يتطهروا من كل الذنوب السابقة فيعودوا كيوم ولدتهم أمهاتهم، فيجب على من تحج أن تتخذ الحج شعيرة عبادية وتبتعد عن التفكير في أمور الدنيا وتخلص نيتها لله تعالى، وتخلص الدعاء له وتستشعر كل ما كان يفعله النبي -صلى الله عليه وسلم- والصحابة -رضوان الله عليهم- وتبتعد عن المجادلات التي تؤدي إلى الشجار والتنافر والاختلاف وتكثر من العبادات والطاعات والنوافل في الأماكن المقدسة، وتستثمر وقتها في كل ما يرضي الله تعالى وتصحيح ما تراه من أخطاء بأسلوب واعٍ سليم تشرح للنساء ما هو غامض من المناسك، وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر بالحسنى، لقوله تعالى " ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك"
فمناخ الحج يفرض على المرأة التعارف على من حولها من مختلف الجنسيات، ويأتي دورها كداعية طبيعيا نتيجة اختلاطها بالنساء .
يوم العرض على الله
أما الداعية سمية رمضان فالحج يذكرها بيوم العرض على الله -سبحانه وتعالى- وخاصة يوم عرفة، حيث ترى طوفانا من البشر كأن العالم كله محشور إلى الله تعالى، لذلك فهي تطالب كل مسلمة أن تحاول بقدر المستطاع التزام الطاعات واستغلال كل لحظة في الاستغفار وقراءة القرآن، ففي فترة الحج يكون المرء مع الله تعالى يشعر بنفسه بزاد التقوى والإيمان ليواصل حياته على هذا المستوى، وترى أيضا أن الحج موقف خشوع ومواجهة بين العبد وربه يحاسب نفسه حسابا عسيراً؛ لأنه في تجرد مع الله تعالى في بيته وأرضه المقدسة، يندم ويبكي على كل أخطائه قبل الحج، ويحاول أن ينجي نفسه فلا يرى إلا الله فيقدم ما يستطيع من طاعات ليعود كيوم ولدته أمه .
وتقول الداعية نادية شاهين - مديرة معهد إعداد الدعاة بحلوان- عندما أتذكر الحج أستحضر قوله تعالى " يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثي وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم" فالله سبحانه وتعالى خصص موسم الحج لتجميع المسلمين ، والحج مؤتمر المسلمين لا يقتصر على أداء الفريضة ولكن للتعارف على الجنسيات الأخرى، فالحج مجال طيب للدعوة فالاختلاط بالنساء من البلاد الأخرى والاجتماع على الطاعات، وعقد مجالس التعارف والذكر والتلاوة والتفسير، ولاشك أن هذه العلاقات والتعارف والاجتماع على طاعته، ولا بد أن تدوم بعد الحج للاجتماع على فعل الخيرات وممارسة الدعوة إلى الله .
=============
الجود بالوقت
د. ناصر العمر
17/5/1428هـ
كان إبراهيم - عليه السلام - كريماً، كريماً بماله، وبنفسه يوم ألقي في النار، وبولده يوم أمر بذبحه، ولقد كان - عليه السلام - أيضاً كريماً بوقته، وهذا النوع من الكرم قل عند كثير من طلبة العلم، فقبل أن يكمل جواب سائله الذي لم تزل الاستفسارات عالقة بذهنه، والمسائل لم تتضح في مخيلته؛ ينصرف أخونا طالب العلم من أمامه، أو يضع السماعة في وجهه.
إن هذا النوع من البخل "البخل بالوقت" موجود ونعيشه، مع إشادة لا بد منها بأكثر طلبة العلم الذين يبذلون للناس أوقاتهم، ويكرمونهم بالاستماع إليهم، والإجابة على أسئلتهم، وذلك مما يبارك الله به في الأعمار، فكما أن المال يزيد بالإنفاق منه بما يبارك الله للمنفق، ويخلفه له، فكذا الوقت يكرم الله - تعالى- من جاد به في سبيله فيبارك له فيه.
وقد كانت الجارية تأخذ بيد النبي - صلى الله عليه وسلم - فتنطلق به حيث شاءت، إنه كرم الأنبياء الذي شمل كل الجوانب، وعم كل نواحي الحياة، إنه كرم مع الصغير والكبير، مع الغني والفقير، مع الرجال والنساء، كرم مع الجميع، فأي وقت أغلى من وقت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأي إنسان في حاجة وحرص على وقته كرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومع ذلك يجود به ويبذله في الخير وفي سبيل الله.
إن الجود بالنفس أعلى غاية الجود كما يقولون، ومن الجود بالنفس الجود بالوقت، أليس الوقت هو الحياة؟
دقات قلب المرء قائلة له إن الحياة دقائق وثواني(1/15)
فمن جاد بوقته فإنما يجود بنفسه وحياته، وهو علامة سمو في الأخلاق، ورقي في السلوك، وحسن في الشمائل، ولكن لا يفهم من هذا أن يبذل الوقت رخيصاً أو من غير فائدة وطائل، فالحرص على الوقت من صفات العقلاء وقد قال الله - تعالى- للمؤمنين: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ))(المجادلة:12)، جاء هذا الحكم لما أقبل الناس على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بكرمه الفياض يبذل وقته لهم، ويقضي حوائجهم، فجاء هذا الحكم ليبين للناس أن وقت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أغلى ما يكون، فلما أمروا بالصدقة قبل مناجاة النبي - صلى الله عليه وسلم - كف الناس عن مناجاته، فهل المال أغلى من وقت النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ تلك هي الرسالة التي وجهها ذلك التشريع للناس، فنبههم أن لا يثقلوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم رفع هذا الحكم بعد أن أدى الغرض منه وهو تنبيه الناس حتى يحافظوا على وقت النبي - صلى الله عليه وسلم -، رفع هذا الحكم بمجرد وصول تلك الرسالة.
إن الوقت ثمين، وكما أن من الكرم صرف الوقت وبذله للآخرين في ما ينفعهم ويصلحهم؛ فكذلك من الخسران بذله في غير محله، ولقد حجب الناس عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض الأوقات، وفي بعض الأوقات لم يؤذن بالدخول على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غير عدد قليل من الصحابة.
لقد عالج الإسلام أمر الحرص على الوقت، وأمر الناس أن يعذروا من ضن به في بعض الأحيان فقال - تعالى-: ((وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ))(النور: من الآية28).
إن الحسنة بين سيئتين، فعلى الطلاب العلم وغيرهم أن يكونوا كرماء بأوقاتهم، ويبذلوها في ما ينفع العباد، ويقربهم إلى ربهم - تعالى-، وهم موعودون إذا فعلوا ذلك بالبركة والخير، وكذا عليهم أن يحرصوا على أوقاتهم فلا يضيعوها في ما لا نفع فيه، ولا كبير طائل من ورائه.
http://www.almoslim.net:المصدر
=============
سبب زوال أثر الموعظة بعد انتهاء وقتها ؟
د ـ صالح المقبل
addddj@hotmail.com
سبب زوال أثر الموعظة بعد انتهاء وقتها؟؟ يقول ابن الجوزي جواباً على هذا السؤال " قد تعرض عند سماع المواعظ للسامع يقظة فإذا انفصل عن مجالس الذكر عادة القسوة والغفلة، فتدبرتُ السبب في ذلك فعرفته ثم رأيتُ الناس يتفاوتون في ذلك، فالحالة العامة أن القلب لا يكون على صفة من اليقظة عند سماع الموعظة بعدها لسببين:
أولاً: أن المواعظ كالسياط والسياط لا تؤلم بعد انقضائها إيلامها وقت وقوعها.
ثانياً: أن حالة سماع المواعظ يكون الإنسان فيها مزاح العِلَّة، قد تخلى بجسمه وفكره عن أسباب الدنيا وأنصت بحضور قلبه، فإذا عاد إلى الشواغل اجتذبته بآفاتها وكيف يصح أن يكون كما كان؟ وهذه حالة تعم الخلق إلا أرباب اليقظة يتفاوتون في بقاء الأثر، فمنهم من يعزم بلا تردد ويمضي من غير التفات فلو توقف بهم ركب الطبع لضجوا كما قال حنظلة عن نفسه: نافق حنظلة، ومنهم أقوام يميل بهم الطبع إلى الغفلة أحياناً، ويدعوهم ما يُقدم من المواعظ إلى العمل أحياناً فهم كالسنبلة تميلها الرياح، وأقوام لا يؤثر فيهم إلا بمقدار سماعه كماء دحرجته على صفوان "
01-02-2007
http://www.islamselect.com المصدر:
==============(1/16)
خمسون طريقة فعالة لإدارة الوقت
عبد الملك الجنيدي
كثير منا يشتكي طوال العام من ضيق الوقت ومن أنه لا يجد وقتا حتى لقراءة ربع حزب من القرآن الكريم يوميا، بينما إدارة الوقت جزء من ديننا وتراثنا وثقافتنا. كثيرة هي الآيات والأحاديث والآثار التي تحثنا على الاهتمام بالوقت وحسن إدارته ومن ذلك قوله - تعالى -: "والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر" سورة العصر، وفي الحديث : "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ" رواه الشيخان. وفي الأثر أن ما كتبه ابن جرير من مؤلفات طوال حياته يعادل 14 صفحة يوميا (كتابة وليس قراءة) بمعنى أنه لو قسمنا عدد صفحات ما ألفه ابن جرير على عدد أيام حياته لكانت بمعدل 14 صفحة يوميا.(1/17)
نعود للموضوع لنسرد هذه الطرق الكفيلة بأن تحفظ الوقت وتزيده بركة وإنتاجيه: 1ـ الإدارة الجيدة للوقت لا تعني العمل المتواصل المرهق فلقد ولى زمن التعب والإرهاق في العمل، 2ـ لابد من توزيع الوقت بين العمل والمنزل والصحة والنفس والعائلة "فأعط كل ذي حق حقه"، 3ـ الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك، 4ـ يجب أن يكون لديك قائمة للمهام المكتوبة يوميا على الأقل ويحبذ أسبوعيا وشهريا وسنويا، 5ـ تذكر أن 70% من الوقت يهدر فيما لا فائدة فيه، 6ـ وأن 15% من الوقت يهدر في المجاملات، 7ـ لابد من تفويض مهامك لغيرك، 8ـ ابدأ بالمهم والمستعجل من أعمالك، 9ـ انتبه لما يطلبه منك مديرك، 10ـ ساعد موظفيك مباشرة ولا تقل لهم أعطوني مهامكم لإنجازها نيابة عنكم، 11ـ حاول أن تبدأ بالأعمال الهامة وغير المستعجلة أولا بأول، 12ـ إذا أخرت أعمالك لآخر لحظة فسوف تعيش سياسة إطفاء الحرائق أو ما يسمى بإدارة الأزمات من أزمة إلى أخرى، 13ـ إذا بقيت دون خطة اجتثك الآخرون وبقيت تخدم أهدافهم وأولوياتهم وتعيش في فلكهم، 14ـ وزع وقتك بالنسب المناسبة لكل أهدافك في الحياة ابتداء من الدار الآخرة ومرورا بالعائلة والوظيفة وانتهاء بالتسلية والاسترخاء، 15ـ أهدافك يجب أن تكون مقاسة ومحددة ويمكن تحقيقها ومناسبة ولها وقت محدد لتنفيذها، 16ـ إذا لم تخطط لوقتك ستندم يوما ما، 17ـ يجب أن تكتب أهم عشرة أهداف لك في الحياة وتضعها قبل أن تأوي على فراشك اليوم، 18ـ قائمة الأعمال اليومية يجب ألا تقل عن 7 مهام عملية لتنفيذها غير فطرية إذاً لا تكتب الأكل وخلافه، 19ـ جدول إجازاتك الفصلية والسنوية وتحدث عنها كثيرا فالجسم يتوق للراحة والاستجمام ويبدع إذا ما عرف أن هناك إجازة في انتظاره، 20ـ تحسس مواهبك واستثمرها بشكل أفضل ونقاط ضعفك وقوها وعالجها، 21ـ عش في المربع الثاني في مصفوفة الزمن أي ابدأ بالأهم فالأهم قبل أن يصبح مستعجلا، 22ـ تعرف على ساعات الأصيل في يومك وعلى ساعات الاسترخاء كذلك، ساعات الأصيل هي الساعات التي تبدع فيها وتكون ذا حيوية ونشاط وساعات الاسترخاء هي تلك التي تقل حركتك ونشاطك فيها، وعادة ما تكون ساعات الأصيل في الصباح الباكر باستثناء بعض الفنانين والأدباء والشعراء الذين تكون ساعات الأصيل لديهم بعد الظهر أو في المساء، 23ـ افعل أهم وأفضل شيء من أعمالك اليومية في ساعات الأصيل في يومك ولا تضيعها في النت أو قراءة الجريدة، 24ـ جمع مواعيدك لا تدعها مبعثرة بحيث لا تضيع وقتك في التنقل بينها، اجعل موعد طبيب الأسنان بعد موعد الحلاق حتى لا تتكبد مشوارين، 25ـ حاول أن تحسب كيف تقضي وقتك ولو يوما واحدا في السنة بحيث تسجل الوقت المستغرق في كل عمل تعمله لمدة يوم وستنتهي بنتائج مذهلة قد تغير مجرى حياتك للأفضل، 26ـ ركز على الهام في حياتك ولا تنشغل ببنيات الطريق، 27ـ استفد من الوقت الضائع كوقت انتظار الطائرة أو طبيب الأسنان ولا تتعامل مع الطبيب الذي لا يعطيك موعدا مسبقا محددا، 28ـ استخدم جداول التخطيط اليومي والأسبوعي والشهري الدفترية منها أو الرقمية وفي الجوال والحاسب الكفي كم هائل منها، 29ـ يقولون في الغرب Time is Money ونحن نقول الوقت أغلى من الذهب، 30ـ حل المشاكل المحتملة أولا بأول ولا تكون فضوليا فيما لا فائدة منه، 31ـ الحياة قصيرة لا تنغصها بكثرة الأعداء والمشاكل والمنغصات، 32ـ صفح تتبعه راحة بال أفضل لك من عداوة تنتصر فيها على خصمك ولكن على حساب صحتك ووقتك، 33ـ قلل بالتجربة ساعات نومك وبالتدريج، 34ـ اجعل الاجتماعات أقصر ما يمكن، 35ـ لا تزعج نفسك بكثرة الورق والملفات والملزمات من حولك رتب ما تحتاج وألق بالباقي في سلة المهملات، 36ـ فرق بين التميز في العمل والمثابرة لحد الوسواس، 37ـ فوض فوض فوض، 38ـ تعلم كيف تعمل شيئين معا كالرد على الهاتف وقراءة بريدك الإلكتروني، 39ـ تعلم أن تقول لا لمن يضيع وقتك، 40ـ رتب مكتبك حتى يمكن أن تصل للأشياء دون أن تقوم من مقامك، 41ـ احتفظ في مكتبك بمخزون جيد من المستهلكات التي لا تتلف مثل الورق والحبر والقرطاسيات فما أسوأ أن تخرج ليلا تبحث عن سوبر ماركت لتشتري ثوب ورق تطبع عليه تقريرا مستعجلا، 42ـ كون لك شبكة من العلاقات والمعارف والأصدقاء تسهل أمورك بطرق مشروعة وصحيحة خاصة في مجتمعنا، حيث تعود بعض الموظفين أن يعطيك المعلومة بالقطارة، 43ـ ليكن مكتبك في العمل معاكسا لحركة المرور في الشركة ولا تواجه الباب لأنك لست شرطي مرور وسيأتيك الكثيرون يسألون أين هذا الموظف أو ذلك المكتب وحتى دورة المياه، 44ـ دع من يزورك ويضيع وقتك أن يرى الساعة بوضعها خلفك لا أنت تراها خلفه وتتلظى لضياع وقتك معه، 45ـ لا توفر مقاعد مخملية وفخمة في مكتبك تغري الزائر بالبقاء أطول مدة ممكنة عليها، تذكر أن مطاعم الوجبات السريعة توفر مقاعد صلبة بعض الشيء يملها الزبون بعد 15 دقيقة وهي وقت تناول الوجبة، 46ـ كن حازما مع من يضيع وقتك، 47ـ زر من يضيع وقتك ولا تدعه يزورك لأنك تكون صاحب مبادرة المغادرة بينما لا تستطيع أن تطلبه بمغادرة مكتبك، 48ـ استخدم الإشارات ليعرف الجميع أنك مشغول ولا وقت لك لتضييعه كأن تعمل بدون غترة أو تقفل باب مكتبك، 70% من الناس يحترمون إشارات من هذا النوع، 49ـ اسكن قريبا من عملك توفيرا للوقت، 50ـ لا تتحدث في الهاتف أكثر من 5 دقائق متصلة.
أخيرا، يذكر لي طبيب أسنان مشهور أن معظم أعذار مرضاه قلة الوقت حتى إنهم لا ينظفون أسنانهم بشكل جيد رغم أن الواحد منا يقضي ما يصل إلى 12 ساعة أسبوعيا في المناسبات الاجتماعية، ويضيف لو نظم الناس أوقاتهم لأقفل الكثير منا عيادات طب الأسنان!
*أستاذ هندسة الإنتاج بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة.
01/06/1427
http://www.almokhtsar.com المصدر:
-=============
إرشادات في إدارة الوقت
إنه في حين يشعر كل واحد منا بأن بإمكانه الاستفادة من قدر أكبر من وقته، إلا أن أكثرنا يفشل في تحقيق ذلك. لكن إليك بعض النقاط التي يمكنك استخدامها لتحقيق أكبر قدر من الاستفادة مما لديك من وقت.
ضع جدولاً، اليوم أو غداً قبل بدء العمل (احرص على عمل ذلك في غير ساعات العمل حين تكون مسترخياً وقادراً على التركيز)، وضمّنها كل شيء تنوي عمله خلال اليوم القادم ومتى ستفعله.
رتِّب مهامك بحسب أولوية كل واحدة منها. ضع قائمة بالمشاريع التي تقوم بتنفيذها مبتدئا بالمشاريع الأهم ثم الأقل أهمية وهكذا. ثم حدِّد بعد ذلك أيُّها بحاجة إلى أن تنفذه اليوم وأيُّها ستنفذه بنهاية الأسبوع أو بنهاية الشهر.
حاول أن تفرغ مما في يدك من عمل قبل أن تنتقل لمهمة أخرى. فإذا كانت لديك ثلاثة أمور يتوجب عليك عملها اليوم، وثلاثة أخرى يتعين عليك عملها خلال شهر من الآن. خذ المهام الثلاثة الأولى ثم حدِّد أيها أكثر أهمية، ثم اشرع في تنفيذه ولا تنصرف عنه إلا بعد أن تفرغ منه. ثم انتقل إلى المشروع الذي يليه وهكذا.
لا تضيع أوقات الفراغ. أحيانا يجد الإنسان نفسه محبوساً عند نقطة معينة بسبب ظروف خارجة عن سيطرته، وذلك كأن يعجز عن مواصلة العمل في المهمة الأولى إلا بعد أن يتلقى مكالمة هاتفية من شخص ما. وفي هذه الحالة فقط يمكنك الانتقال إلى المشروع الثاني من حيث الأهمية. لكن عليك أن تعود إلى المشروع الأول حالما تتلقى المكالمة التي تنظرها من ذلك الشخص.(1/18)
لا تخف من المشاريع الكبيرة. لأن المهام الكبيرة تنجز بسرعة إذا جزّأتها إلى عدد من المهام الصغيرة. إن كثيراً من الناس يفضلون البدء بالمهام الأصعب. فإذا كانت لديك مهمة يمكنك إنجازها في مقدار مستمر من الوقت (مثل عمل مكالمات هاتفية وانتظار الرد عليها)، فمن الأفضل أن تبدأ بها ثم تنتقل إلى أداء مهمة أخرى في فترة انتظارك للخطوة التالية (إذا توجب عليك ترك رسائل صوتية لمن تهاتف من الأشخاص، فاحرص على تزويدهم بأكبر قدر من المعلومات عن الأمور التي تحتاج إليها ومتى تحتاج إليها، لأن ذلك سيوفر عليك كثراً من الوقت).
رتِّب المهام الصغيرة بحسب أولويتها. بعد أن تفرغ من إنجاز جميع المهام الواجب إنجازها في هذا اليوم، اختر عدداً من المشاريع الأقل أولية لتنفق فيها ما تبقى لك من وقت في ذلك اليوم. لكن ركّز على المهام التي يُحتمل أن تكتسب أهمية في القريب العاجل، أو على المشاريع الكبيرة التي تحتاج إلى تقسيمها إلى أجزاء صغيرة.وتجافى عن عمل أي شيء قد يُحوِجك تبدُّل الظروف إلى إعادة عمله من جديد.
http://www.sst5.com المصدر:
==============
إدارة الوقت . . كيف تنجز أكثر في وقت أقل
أ.ولاء الشملول
الوقت هو العمر الذي يمر من بين أيدينا، وينسحب بسرعة منا ونحن لا ندري أن مروره يعني مرور أعمارنا وحياتنا، وما حياتنا إلا لحظات وثوانٍ تكونت معاً، وضياعها يعني ضياع حياتنا نفسها.
والوقت من منظور آخر هو المادة الخام التي نطوعها كما نشاء من أجل أن نفعل ما نريد من أعمال ونحقق ما نريد من أهداف، ونصل لما نريد من غايات، الوقت هو السبيل لكل هذا، ومن هنا فلابد أن نعرف كيف نستغله أفضل استغلال ممكن وكيف نجعل منه المادة الخام الفعالة والمؤثرة من أجل حياة ناجحة نحقق فيها ما نريد.
وأكبر معين لنا على معرفة القيمة العظيمة التي لا تساويها قيمة للوقت أن نتذكر حديث الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم -: لن تزولا قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه وعن ماله فيما اكتسبه وكيف أنفقه، وعن علمه ماذا عمل به.
وبالاستعانة بكتاب كيف تنجز أكثر في وقت أقل لـ(روبرت بودش) الذي ترجمته الأستاذة منال مصطفى محمد نقدم لكم - أعزاءنا القراء- موضوعاً مهماً حول الاستفادة القصوى من الوقت، وكيفية التخطيط له، والقضاء على عادة التأجيل، ورفع معدل إنتاجيتك في العمل..
في البداية نقدم لكم مجموعة من الخطوات العامة التي تساعدك على التعامل مع الوقت بشكل عام، ثم نتطرق لخطوات تفصيلية من أجل الإنجاز الأكبر في أقل وقت ممكن..
الخطوة الأولى: حدِّد رسالتك وارتبط بها:
أكثر ما يعينك على تذكر قيمة الوقت وأهميته هو أن تحدد رسالتك في الحياة وتضعها أمام عينيك باستمرار، وتتحرك من أجل أن تحققها، والوقت هو المدى الذي تتحرك فيه من أجل تحقيق الأهداف التي تضعها لحياتك أو الرسالة التي تعيش من أجلها... وأنت في الواقع لا تبتكر الرسالة التي تتبنَّاها؛ فقط تحس بوجودها، وتكرِّس حياتك من أجلها، فهي موجودة بداخلك، وترتبط بإمكانياتك ومواهبك ودراستك وكل ما تعلمته في الحياة وذكرياتك الماضية.
وكتابة رسالتك هي التي تساعدك على تذكرها كل يوم، والدأب من أجلها، وقد أجريت دراسة في أمريكا من قبل على الناجحين وجدوا أن ما يقرب من 80% من الناجحين كانوا قد كتبوا أهدافهم ورسالتهم في الحياة بوضوح على ورق. ولكن من المهم أن نسأل هنا:
كيف تقوم بتحديد رسالتك؟
رسالتك أو هدفك في الحياة يمكن أن تستشف معالمها من خلال النقاط التالية:
- ما هي أهم الأشياء في حياتك؟
- ما هي أهدافك بعيدة المدى التي يجب أن تكافح من أجلها؟
- ما هي أكبر قيمة في حياتك؟
الخطوة الثانية: وازن بين أدوارك:
فكل منا يلعب أكثر من دور في الحياة، وهي تتشابك معاً، إذ أن هذه الأدوار تكون في المنزل والعمل والمجتمع، ولكل دور مسئولياته، وعليك أن توازن بحيث لا يطغي أي منها على الآخر فلكل وقته وطريقة أدائه التي قد تختلف عن غيره ولكنها تتكامل وتتداخل مع غيرها من الأدوار الأخرى.
الخطوة الثالثة: حدد أهدافك:
ويحدد علماء الإدارة والتخطيط صفات معينة للهدف الذي تضعه لحياتك منها:
- أن يكون الهدف واضحًا غير مبهم أو زائفاً.
- أن يُقاس أو يسهل قياسه ويمكن أن تحدده بشكل واقعي.
- أن يكون تحديًّا يمكن تحقيقه وليس مستحيلاً.
- أن يرتبط ببرنامج زمني محدَّد في وقت محدد.
- أن يرتبط الهدف بموضوع واحد.
- أن يرتبط الهدف بنتيجة وليس بنشاط وقتي.
- أن يكون الهدف مشروعًا.
الخطوة الرابعة: ضع خطة أسبوعية أو شهرية:
من خلال ترتيب أولوياتك وفق أهميتها، وما يساعدك على هذا الهدف الذي وضعته لنفسك في الحياة. ويفضل الكثيرون من علماء التخطيط والتنمية البشرية الخطة الأسبوعية لأنها تعطي مدى مناسب للتحرك من أجل الإنجاز، فالخطة اليومية لا تكون محكمة بحيث توفر الوقت، أما الخطة الأسبوعية فتتيح لك التعديل والتغيير والتحكم الكامل على مدار الأيام السبعة التي يضمها الأسبوع، ويمكن ترحيل أعمال يوم ما إلى يوم آخر بمرونة وبساطة، وهي كخطة عمل أفضل من الشهرية لأن الأخيرة مداها كبير قد يسبب تراكمات الأعمال المراد إتمامها، مما يعني في النهاية العجز عن إتمام المهام المطلوبة.
الخطوة الخامسة: واجه التحديات:
- استعرض أعمال اليوم في نهاية اليوم، واسأل نفسك عن الوقت الذي ضاع في أشياء غير مهمة أو يمكن تأجيلها ليوم آخر، وكيف أثر هذا على تنفيذ أهدافك.
ثم تأكَّد من أنك كتبت أعمال الغد، بحيث تتلافى فيها الأخطاء التي وقعت فيها في اليوم السابق.
والآن نقدم لك خطة ونصائح تفصيلية تساعدك على إنجاز مهامك في وقت أقل وأكثر إنجازاً في يومك:
بداية عليك أن تعرف أنه لا يوجد وقت كافي لعمل كل شيء، تقبل هذه الحقيقة ببساطه. لذا من الضروري التركيز على الأشياء الأكثر أهمية. وإذا فعلت ذلك في كل من عملك وحياتك الشخصية، فإنك ستنجز أكثر بحسن إدارة الوقت.
التخطيط:
ـ جهز قائمة بالمهام التي يجب إنجازها. أدرج بها كل الأفكار التي ترد لذهنك. تكمن الفكرة في أن تدون كل شيء على الورق.
- لا تتوقف لصياغة أسلوبك أو للتفكير في أحد النقاط، كل ما عليك هو الاستمرار في كتابة القائمة حتى تكتمل.
ـ رتب قائمتك تبعاً للأهمية. وأسهل طريقة للقيام بذلك هي تصنيف كل مادة إلى ثلاثة أقسام رئيسية:
أ ـ عاجل ومهم.
ب ـ مهم وليس عاجلاً.
ج ـ ليس مهماً ولا عاجلاً.
النقاط (أ) هي الأكثر أهمية لذلك تأخذ الأولوية القصوى دائماً.
والنقاط (ب) تليها في الأهمية.
أما (ج) فلا تستحق تضييع الوقت بها.
واتخاذ الوقت اللازم لتحديد الأولويات سيساعدك على إنجاز المهام واحدة تلو الأخرى، بدون التوقف لتحديد أهمية الخطوات لإنجاز المهمة.
ـ توقف وفكر فيما تخطط له. كيف يمكن إنجازه بشكل أكثر فاعلية؟ استغرق دقائق معدودة لتلخيص وبلورة وتبرير خططك، فالخلاصة البسيطة تغنيك عن ساعات من التردد.
ـ ضع خطه مرنه لكل مشروع، وسجل الهدف المراد إنجازه في قمة القائمة، ويمكن تقييم كل مهمة إلى خطوات لكل منها ميعاد نهائي لإنجازها، والفكرة من الخطة المرنة هي أن تقسم الخطوات باستمرار لخطوات أصغر، وفى كل سلسلة قم بتدريج الأعمال حسب الأهمية، تزودك الخطة المرنة بحلول للمواقف الحرجة مما يؤدى مباشرة لإنجاز مهمتك.(1/19)
ـ خطط لكل ساعة من عملك اليومي، وحدد أوقات لمهام جدولك اليومي، أعطى لكل مهمة الوقت اللازم لإنجازها، واستغل وقتك لمعالجة الأمور ذات الأولوية، وإذا انتهيت من المهمة مبكراً، ابدأ مباشرة في إنجاز التالية.
- استغل الأوقات التي تكون فيها في ذروة طاقتك لإنجاز المهام الأكثر إلحاحاً، وكلما أكثرت من استعمال تقنية الوقت المحدد لكل مهمة، كلما أصبحت أكثر مهارة في تحديد الوقت المطلوب.
ـ ركز حتى وإن كنت مطالب بإنجاز (101) مشروع، يجب أن تعمل على زيادة مجهودك. هناك الكثير من الإغراءات التي تصرف انتباهك، الكثير من الأشياء الشيقة لتعملها والأماكن لتذهب إليها والناس لتختلط بهم، فبإمكانك قضاء وقتك بعدة طرق أخرى، لكن إذا أردت أن تنجز فما عليك إلا أن تركز على ما هو أكثر أهمية، هكذا ببساطه.
ـ في نهاية اليوم اقضِ 10 دقائق للتحضير لعمل الغد، اكتب قائمة بأولويات اليوم التالي مسبقاً. سيوفر لك هذا وقتاً ثميناً في الصباح، يمكنك أن تدخل مباشرة في عملك بدون الحاجة لعمل قوائم واختيارات.
اتباع هذه الإستراتيجية يضمن لك استغلال اليوم من أوله والعمل على إنجاز أكثر المهام أولوية.
ـ حدد باستمرار الوقت اللازم لإنجاز كل مهمة. عندما تبدأ في إنجاز المهام، فإنك تحتاج للعمل بدون أي عوائق وعندها ستشعر بحدوث النتائج المطلوبة بشكل أسرع.
التنظيم:
ـ هيئ مكتبك لتقوم بأداء عالي وكفء، الكثير من الضوء الطبيعي بقدر المستطاع، مساحة فارغة كافية على المكتب، كرسِ مريح، وأي شيء تحتاجه لأداء المهمة المطلوبة على أكمل وجه.
ـ ضع كل شيء في مكانه في نهاية اليوم، أفرغ مكتبك وارجع كل ملف أو مستند لمكانه المعهود، فبهذه الطريقة ستجد كل شيء في مكانه عندما تحتاجه في المرة القادمة.
ـ تفادى تكديس الورق فوق مكتبك، أحفظه لتعرف مكانه بالضبط، وقلل عدد مرات استخدامك لكل ورقة.
ـ استفد من كل المصادر القيمة التي أمامك، ويمكنك الاعتماد على حدسك الخاص للوصول إلى ما تحتاج، بدون تضييع الوقت في البحث ومن الأفضل أحياناً الاستعانة بالآخرين للبحث عن المعلومات مع ملاحظة أن مصادر مثل الأرشيف الحكومي والإنترنت والدليل التجاري قد تكون ذا قيمة كبيرة كمصادر للمعلومات بدون تضييع الوقت، استخرج هذه المصادر.
ابدأ فوراً:
ابدأ كل صباح على مكتب نظيف، وفى المساء قبل أن تنصرف تخلص من أي تراكم للعمل، فإن داومت على تنظيف مكتبك كعادة يومية ضمن عملك اليومي، ستقهر أي عقبه تؤدى إلى الفوضى وتمنعك من التفكير الواضح المبدع، ببساطه، لا يمكنك القيام بأداء مميز إذا واجهت كل من العمل الكتابي، ومجموعة من المهام التي يجب أن تنجز في وقت واحد.
ـ قم بعمل أبغض المهام أولاً، وذلك عند ما تواجه بقائمة من المهام الثقيلة، قم بالأكثر بغضاً واحدة تلو الأخرى، ستشعر بعد ذلك أن كل ما يأتي لاحقاً سهل، وستشعر أنك لا تقهر باقي اليوم.
ـ ابدأ فوراً، واتخذ شعار "قم بعملك الآن"، وإن لم تبدأ فلن تنتهي، إذا انتظرت انتظام بعض الأمور، فقد تفقدها كلها. إنجاز بعض الخطوات كل يوم يصل بك إلى تحقيق هدفك. لا تؤجل عملك. قم به الآن.
ـ كن دقيقاً، طور دقة المواعيد إلى عادة، وفي وقت قصير جداً ستنجز أكثر من غيرك بـ97%. الدقة في المواعيد ستجعلك تبدو ملتزماً ويوفر لك الوقت والمال، ويجعلك كذلك تحترم وقت الآخرين.
ـ استفد من البداية المبكرة في الصباح، استيقظ ساعة مبكراً عن المعتاد وأستغل هذه الساعة للقيام بأفضل أداء، جرب هذا لمدة شهر وستدهش لما يمكن أن تفعله هذه الساعة لك، إنها وسيلة سهلة لكسب فوائد مميزة.
أبدع أفكارا منتجة:
ـ إذا توفر لديك وقت إضافي أعمل فيه على الخطوة الأكثر أهمية. لأنها هي التي تعطيك القيمة الأعلى أو المردود الأكبر، اسأل نفسك باستمرار"ما هو الاستثمار الأمثل لوقتي، الآن؟ " وعندها قم بأكثر الأعمال إنتاجية.
ـ واصل التركيز على أي خطوة مهملة ذات أولوية، اعمل عليها باستمرار.
ـ أنجز المهام التي تعود عليك بقيمة مميزة.
- أعط المهام السهلة الباقية لمن يؤديها إن أمكن، وهذه وسيلة فعالة جداً لرفع معدل الإنتاج فلن تستطيع وحدك أن تقوم بكل العمل، فالتعاون والاشتراك في العمل مثمر للغاية، فقم بالمهام الرئيسية التي ستنجزها أنت فقط بأفضل ما يمكن. مهما كانت مهارتك وتجربتك وخبرتك عليك استغلالها عملياً، بما تحتاجه المهمة، استثمر وقتك وخبرتك بحكمة، دقق في كل مهمة وقرر أي من الإمكانات المتاحة أكثر فاعلية لإنجازها.
ـ حول وقتك لأفعال منتجة، حدد الوقت الذي تكون فيه أكثر إنتاجية، استجمع كل قوتك، ثم قم بالعمل.
- استخدم الأوقات الأقل في معدلات الإنتاج للرد على المكالمات الهاتفية أو إرسال الفاكسات أو للاجتماعات وإدارة المناقشات.
لا يمكن لأحد أن يحافظ على معدل إنتاج مرتفع طوال اليوم، يكمن السر في أن تعرف أكثر أوقاتك نشاطاً، وتقوم فيها بما هو أكثر أهمية من متطلبات العمل.
- قم بالأعمال بين الأوقات بمعنى أن تستغل وقت الانتظار في المواصلات بأن تقرأ في كتاب، أو مصحف، أو تذكر الله، أو تعيد ترتيب حسابات يومك، فهناك من يمكنه استغلال الوقت الذي يمضي في المواصلات لمدة سنوات للحصول علي دبلومة دراسات عليا.
ـ طور أداءك في العمل. لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد. أبدأ في العمل فوراً وستنجز خلال عشر سنوات ما ينجزه الآخرون طوال حياتهم.
- قم بعملك الآن وستشعر بإحساس الإنجاز الرائع، كيفية استثمارك لوقتك تحدد نوعية حياتك التي تصنعها.
ـ قم بزيادة إنجازك بالانتقال فوراً للمهمة التالية، كلما أنجزت مهمة تلو الأخرى، كلما تضاعفت احتمالية زيادة إنتاجك، فالنجاح يولد نجاح، كل مهمة تنتهي بنجاح تزيد من حماسك وتعزز من ثقتك لإنجاز المزيد، كل إنجاز ناجح يعزز من قدرتك على مواجهة التحدي التالي، قم بعمل كل خطوة على حده ثم انتقل للتالية فوراً.
ـ حول أنشطتك اليومية الأساسية إلى عادة قوية، فالعادة هي شيء تقوم به تلقائياً، بدون تحكم العقل الواعي، كل واحد منا لديه مهام بغيضة أو مقيتة، ومع ذلك مهمة، بمجرد أن تصبح عادة، سيسهل تحملها. وليس عليك حينها أن تتوقف وتفكر بها.
وسائل وتقنيات وخطوات فاعلة:
ـ ابتعد عن المقاطعات الشخصية، عندما تؤدى عملك، فإن آخر ما تحتاجه هي التدخلات غير الضرورية. يحدث أكبر إنجاز عند ازدياد حماسك واندماجك بالعمل كلما اقتربت نحو النتيجة الناجحة. يمكن أن تعيق المقاطعات نجاحك، لذا لا تدعها تحدث، استخدم وسائل عدم الإزعاج مثل علامات على الباب أو البريد الصوتي، وإن كنت مضطراً ابحث عن مكان بعيد للعمل حيث لا يجدك الآخرون، أو غير أوقاتك لتكون في قمة نشاطك حيث لا يكون وقت الذروة عند الآخرين.
ـ تعلم أن تتجاهل المهام التي لا تؤدى لنتائج. فما أسهل أن تشغل نفسك بعمل أقل أهمية، إن كانت الخطوة غير هامة اليوم، فلا تضيع وقتك بها، كلما ابتعدت عن المهام الأقل إنتاجاً، كلما كنت منتجاً.
ـ سجل أفكارك على مسجل، أو استعمل برامج الصوت في الكمبيوتر، ثم حرر الكلمات إلى صيغة ملائمة، فهذه طريقة سهلة للتعبير عن أفكارك، بدون عناء محاولة الكتابة المنمقة. الكتابة لكثير من الناس عمل مضجر، ولكن التحدث أسهل طالما أنه ليس أمام جمهور، وغالباً تكون الكتابة أكثر فاعلية إذا كانت بغرض الاتصال بين شخصين.(1/20)
ـ ضع مواعيد نهائية يومية. سواء قبلتها أم لا، فالمواعيد النهائية تزيد من معدل الإنتاج، كلما اقتربنا من الموعد النهائي لإتمام العمل، كلما بذلنا ما في وسعنا لإنهائه، ضع سلسلة من المواعيد النهائية شهرياً وأسبوعياً ويومياً، فكلما اقترب الموعد النهائي كلما بدأ العمل الحقيقي. تعمل المواعيد النهائية كقوة دفع هامة لزيادة إنتاجك كلما التزمت بها.
جمع عدد من المهام المتشابهة الصغيرة وقم بها في نفس الوقت، رد على كل المكالمات الهاتفية التي تتعلق بموضوع واحد في اليوم ويفضل القيام بذلك بعد الانتهاء من جدول الأعمال اليومي. إتمام عدد من المهام الصغيرة يكون أسهل في وسط زحام العمل. حيث يساعدك دعم جهودك على الاستفادة القصوى من وقتك. جمع المهام الصغيرة معاً مثل الأعمال المصرفية والبريد والتسليم والتسلم أو تجديد قاعدة البيانات والرد على البريد الإلكتروني، عندما تجبر على الانتقال من نشاط لآخر والعودة مرة أخرى، فإنك تستهلك الوقت في محاولة إعادة التركيز والاندماج.
ـ تحدى نفسك، حاول دائماً أن تتفوق على نفسك، ركز تفكيرك لإيجاد وسيلة أكثر كفاءة لأداء نفس المهمة المكلف بها، وبتحويلها للعبة، فإنك تحول حتى أكثر المهام بساطه لإثارة ومرح، فلتكن منجزاً وكافئ نفسك بالمدح الجميل، واعلم أن الحياة في كثير من الأمور، لعبة ذكاء، أحياناً نقوم مع أنفسنا ببعض الخدع والألعاب الصغيرة التي يمكن أن تحفز مستويات جديدة من الإنتاج والإنجاز، تشجيع نفسك بكلمات إيجابية قليلة كتحية لإنجازك يساعدك على إنجاز المزيد ويحمسك لمزيد من العمل والنشاط.
ـ كن رقيباً على نفسك، وأسهل وسيلة لتطوير الحافز الذاتي هي أن تحتفظ برؤية واضحة لهدفك طوال الوقت، الهدف هو سبب فعل ما تفعله الآن، تذكر الهدف دائماً، شيء تسعى لإنجازه، لكي يعطيك الوقود اللازم لتخطى الصعوبات.
ـ احتفظ بخطتك اليومية أو دفتر ملاحظاتك بالقرب منك دائماً، سجل كل أفكارك وملاحظاتك وأي معلومات أخرى تقفز إلى ذهنك في أي وقت، وغالباً ما يحدث ذلك في أوقات انشغالك بأعمال أخرى، بدون ملاحظاتك غير المهمة التي تود مشاركة الآخرين بها في نهاية اليوم.
- حافظ على صحتك العقلية والبدنية، لأنها ضرورية للقيام بأفضل إنجاز، نظم وقتك من أجل حياة أفضل، فهو يؤدى لصحة جيدة وحياة منظمة، فأنت تحتاج لصحة جيدة لكي تستمتع بإنجازاتك كما ينبغي. لا شيء أهم من صحتك، فبقاؤك في حالة صحية جيدة يعطيك طاقة وقدرة على التحمل، ويجعلك كذلك أكثر تفتحاً وأقل توتراً، وممارسة الرياضة تجعلك تفكر بشكل أفضل.
ـ ركز على الهدف في جميع الأوقات، اعرف هدفك، كن مدركاً لهدفك وعندها ستشعر بالإنجاز عند إكمال كل مهمة، تذكر ما تسعى إليه بشكل واضح في عقلك، ستدرك عندها أنه من الضروري العمل بجد لإنجاز الأعمال.
28-ربيع ثاني-1427 هـ
27-مايو-2006
http://www.lahaonline.com المصدر:
=============
الوقت وأهميته
الحمد لله و الصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فإن الوقت هو حياة الإنسان، فإذا أضاعه فإنما أضاع عمره، والوقت سريع الانقضاء محال الرجوع، وسيعلم الإنسان مدى نفاسته عند ساعة الاحتضار، ولهذا كان الكلام عن الوقت كلاماً له طعمه الخاص.
ومع أنه سبق الكلام عن الوقت وأهميته في حياة المسلم، سواء كتابة أو إلقاء.
أولاً: أهمية الوقت: تتبين أهمية الوقت في النقاط التالية:
1- جعل الله الوقت نعمة امتن بها على عبادة، فقال - تعالى -: ((وَسَخَّر لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَآئِبَينَ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ)) (إبراهيم: 34، 33).
2- أن الله أقسم به وبأجزاء معينة منه: فقال: ((وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ)) (العصر: 2، 1). ((وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى)) (الليل: 2، 1). ((وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى)) (الضحى: 2، 1). ((وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ)) (الفجر: 4، 1).
3- الأسئلة الأربعة التي يسأل عنها العبد يوم القيامة، اثنان منها تخص الوقت: ((لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال: عن عمره فيما أفناه و عن شبابه فيما أبلاه وعن علمه ماذا عمل به وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه)) قال المنذري في الترغيب والترهيب: رواه البزار الطبراني بإسناد صحيح.
4- شعائر الإسلام تثبت قيمة الوقت: فالصلوات الخمس لها أوقات معينة لا تصح قبله، وتحرم بعده إلا لعذر، وكذا صوم رمضان وحج البيت والزكاة وغيرها.
ثانياً: مظاهر إضاعة الوقت ممن يظن بهم المحافظة على أوقاتهم:
هناك من لا يأبه بضياع الوقت بل يبحث عما يضيع وقته، وليس الكلام عند هؤلاء لأن هؤلاء لم يدركوا أهمية الوقت حتى نطالبهم باغتنامه والاستفادة منه، لكن من الناس من يعرف أهمية الوقت، واقتنع بذلك لكنك تراه يضيع شيئاً من أوقاته، من هذه المظاهر التي تبين لنا إضاعة هؤلاء الأشخاص لشيء من أوقاتهم.
1- الإكثار من قراءة الصحف: يقرأ أكثر من صحيفة بلا غرض،
والصحيفة الواحدة يقرأ كل ما فيها ولو كان غير مفيد، لاشك أن الصحيفة قد يكون فيها شيئا مفيداً لكن فيها أيضاً شيء غير مفيد، فهذا يقرأ كل ما هذه الصحيفة ولو كان غير مفيد، بل يقرأ أكثر من صحيفة حتى وإن تقاربت الأخبار.
2- تتبع الأخبار والتحليلات في كل إذاعة: فهو مع الإذاعة يتتبع الأخبار والتحليلات، ما ذا قالت إذاعة كذا، وما ذا قالت إذاعة كذا، بل ربما سمع الخبر الواحد أكثر من مرة يسمعه في أخبار الساعة كذا وأخبار الساعة الأخرى.
3- إكثار الكلام مع بعضنا بلا فائدة: قد نكثر الكلام مع بعضنا وقد لا يكون لهذا الكلام فائدة، أو ربما تكون له فائدة لكن لا يحتاج إلى كل هذا الوقت، وهذا ربما يكون في:
أ- في الهاتف.
ب- وربما يكون بعد الخروج من المسجد، نصلي ثم نتقابل فنقف نتكلم لوقت غير يسير، مع أنه لم يمض وقت كثير على لقائنا السابق.
ج- وربما يكون اللقاء في أي مكان آخر غير المسجد.
4- كثرة استعمال الهاتف بلا فائدة: يجلس عند الهاتف ويكلم هذا ثم يكلم الآخر مع إنه قد لا يطيل مع الشخص الواحد، لكنه يكثر من الأشخاص، وربما أطال مع الشخص الواحد إطالة لا فائدة منها.
5- إطالة الزيارات لبعضنا البعض.
6- الإكثار من الدوريات: له أكثر من دورية، دورية المسجد، ودورية زملاء العمل، ودورية زملاء التخرج وهكذا، وربما كان الأسبوع مليئاً بها لو أنه كان يفيد فيها أو يستفيد، لما قلنا فيه إضاعة للوقت، لكن الواقع أنها تكون بلا فائدة وإنما لمجرد الأنس.
7- الاشتغال بالصيد: وأهل الصيد يعرفون كم من الوقت يمضونه في الصيد.
8- الإكثار من الرحلات.
9- الإكثار من سماع الأناشيد: فتجد هذا الشخص لا يكاد يخرج شريط أناشيد إلا وقد استمعه وربما ردد الشريط أكثر من مرة.
10- كثرة المناقشات غير المفيدة: كأن يناقش موضوعاً طرح على الساحة، وتنحصر المناقشة في لماذا طرح ويا ليته لم يطرح، والآخر يدافع عن ذلك، مناقشات عقيمة ياليتها تُخرج لنا فائدة واقتراحات تقدم لصاحب الشأن، وكان الذي يحصل أنه مجرد انتقادات ولوم عقيم.
11- قراءة الكتب غير المفيدة: أو الكتب التي قراءة غيرها أولى منها: كالإكثار من قراءة كتب الشعر والقصص الخيالية و نحوها.(1/21)
12- النوم بعد صلاة الفجر: دون أن يكون هناك تخطيط مسبق لهذا النوم، قد ينام بعض الأشخاص لأنه ملأ جدوله بالأعمال التي تحتاج منه أن ينام في هذا الوقت، لكن هناك من ينام هذا الوقت كسلاً.
13- مشاهدة أفلام الفيديو المباحة: كحفلات الجامعة والمراكز الصيفية مثلاً، ولا نتكلم مع من يشاهد الأفلام المحرمة لأن هذا لا يهتم بالوقت أصلاً.
14- ممارسة بعض الألعاب الجديدة: التي تستغرق وقتاً كألعاب الكمبيوتر و نحوها.
15- الاجتماع لمناقشة موضوع ما فيأخذ أكثر من حقه: بسبب كثرة المقاطعات والخروج عن الموضوع، وعدم التخطيط المسبق للموضوع، وتحديد ما الذي سيناقش، ولهذا تجد أن الاجتماع يمتد من العشاء إلى وقت متأخر من الليل وكان بالإمكان إنهاؤه بوقت قصير.
16- التمني في السيارة: بعد أن يركب السيارة لقطع مسافة ما يبدأ يتمنى لو أني كذا وكذا، ولو وجدت كذا أو لو اشتريت كذا، ولو أهدى إلى كذا، ولو حصلت على كذا، وربما يكون التمني في غير السيارة، والتمني يختلف عن التفكير المفيد الذي يثمر نتيجة.
17- الخروج بعد اجتماع مفيد: كحضور محاضرة مثلاً بعد المغرب إلى تناول العشاء معاً في مكان ما، يحضرون المحاضرة ثم إذا انتهت خرجوا للعشاء ويمضون وقتاً غير يسير.
ثالثاً: أسباب إضاعة الوقت:
1- ضعف الإيمان: وهذا بدوره يجر إلى:
أ- إتباع الهوى: فيكثر مما تهواه نفسه إذا كان مباحاً، فإذا كان يهوى الصيد مثلاً أكثر منه وتتبعه وحافظ على مواعيده لئلا تضيع منه، وإذا كانت نفسه تهوى الرحلات والخروج إلى البر أكثر منه، مما يضيع عليه وقتاً غير يسير.
ب- طول الأمل: يقول الحسن البصري: (ما أطال عبد الأمل إلا أساء العمل) تفسير القرطبي.
ويقول ابن القيم: (إضاعة القلب من إيثار الدنيا على الآخرة، وإضاعة الوقت من طول الأمل) الفوائد.
2-عدم إدراك أهمية الوقت: يقول ابن مسعود: (ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه نقص فيه أجلي و لم يزد فيه عملي).
وقال الحسن البصري: (أدركت أقواماً كان أحدهم أشح على عمره منه على درهمه) شرح السنة للبغوي.
وكانوا يقولون: من علامة المقت إضاعة الوقت، وإذا لم ينظم وقته فستضيع عيه الأوقات.
3- عدم الانضباط وحب التسيب والراحة: وهذا لن ينظم وقته وإذا لم ينظم وقته فستضيع عليه أوقات غير يسيرة.
4-الافتقار إلى التخطيط: لا يخطط لكيفية قضاء الوقت، فمثلاً إذا كان هناك اجتماع لمسؤول مع موظفيه يأتي للاجتماع دون تخطيط، ويأتي الموظفون وهم لا يعلمون ماذا سيدور فيه.
5- ضعف الهمة: ومن كان ذا همة لم يرض أن تضيع أوقاته هدراً.
6- القدوة السيئة: يجالس من يقتلون أوقاتهم.
7- التربية الخاطئة منذ الصغر: عدم تعويد الطفل على اغتنام وقته.
8- العادات: هناك بعض العادات اعتادها بعض الناس يكون فيها نوع إضاعة للوقت لاستغراقها وقتاً ليس باليسير، وهذا مثل شرب الشاي بعد العصر والجلوس لذلك، وكذا القهوة صباحاً.
9-عدم معرفة تنظيم الوقت: قد يرغب في الاستفادة من وقته لكنه لا يعرف كيف ينظم وقته، فتضيع عليه الأوقات بلا فائدة.
10- حب الإنسان أن يعمل كل شيء بنفسه: ولا يمكن أن يفوض للآخرين في عمل أي شيء؛ وذلك لأنه يميل إلى المثالية والكمال في الأداء بحيث يتأكد أن تفاصيل الأعمال قد أديت على حسب ما يتصور، ولو أنه فوض بعض الأعمال إلى من يساعده لاختصر أوقات كثيرة يمكن أن يستفيد منها في شيء آخر.
11- قد يكون السبب من غيرك:
أ- يزورك صديق ويطلب منك الذهاب معه لقضاء حاجاته، مع أنه لا يستفيد منك إلا مجرد الاستئناس بك وقضاء الوقت.
ب- يزورك بدون سابق ميعاد ويطيل الزيارة.
ج- يهاتفك ويطيل المكالمة بلا غرض، ويخرج من موضوع إلى موضوع.
د- يخلف موعدك، مدة انتظارك له ضاع عليك وقت.
هـ- يتأخر عليك في الموعد.
12- قد يكون السبب خارج عن قدرتك: كالازدحام الحاصل في الطريق، وطول المسافات بين الأماكن التي تحتاج إلى الذهاب إليها، كأن تريد شراء شيء فتذهب إلى مكان بعيد، أو تريد حضور محاضرة أو درس فإنك تحتاج إلى قطع مسافة تستغرق وقتاً وهذا يظهر جلياً في المدن الكبيرة كالرياض مثلاً.
رابعاً: مما يساعد على اغتنام الوقت:
1- استحضار مراقبة الله للعبد وإحصاؤه لأعماله دقيقها وجليلها: فإذا استحضرت هذا لم ترض أن تضيع دقيقة في غير طاعة الله فضلاً عن أن تضيع في معصية.
قال بعض الزهاد: (ما علمت أن أحداً سمع بالجنة والنار تأتي عليه ساعة لا يطيع الله فيها بذكر أو صلاة أو قراءة أو إحسان).
2- معرفة أهمية الوقت: قال ابن الجوزي في صيد الخاطر: (ينبغي للإنسان أن يعرف شرف زمانه وقدر وقته فلا يضيع منه لحظة من غير قربة).
3- تنمية الهمة العالية عند الإنسان: وتعويده نفسه على اغتنام الأوقات.
4- تحديد الأهداف التي تريد إنجازها.
5- البعد عن مجالسة قاتلي الأوقات.
6- ترك الفضول في كل شيء: أي ترك التوسع في المباحات.
7- مصاحبة مغتنمي الأوقات.
8- التلذذ بحلاوة كسب الوقت في الإنتاج المفيد: [تشعر بلذة عندما تنتج شيئاً، كما لو جلست بعد صلاة الفجر وحفظت وجهاً من القرآن، وهذه اللذة ستجعلك تعاود الجلوس مثلاً مرة أخرى، وفي هذا استفادة من الوقت].
9- تنويع الأعمال التي تقوم بها: حتى لا تمل من العمل، (كان ابن عباس إذا كَلّ من الكلام قال هاتوا ديوان الشعراء)، (و كان شعبه إذا ضجر من إملاء الحديث يناشد الأشعار) تذكرة والسامع.
10- قراءة أخبار مغتنمي الأوقات: وكيفية اغتنامهم لها، (قيمة الزمن عند العلماء).
11-عدم تعويد النفيس على عادة معينة: بل عليك أن تعتقد أنك تستطيع أن تغير من روتينك اليومي كما تشاء.
12- الاستفادة من التقنية الحديثة: كالحاسب وبعض أنواع الهاتف،
والفاكس ونحوها من الآلات التي تختصر لك شيئاً من الوقت.
13- القناعة التامة بوجوب التغير: أن تقتنع اقتناعاً تاماً أنه لابد من تغيير وضعك.
14- الدعاء بأن يوفقك الله إلى اغتنام الأوقات.
15- معرفة أنك ستواجه صعوبة في التغيير:إذا عرفت أنك ستواجه صعوبة في التغيير كان هذا دافعاً لك إلى الصبر، لأن البداية قد تكون شاقة.
http://www.islamlight.net المصدر:
-==============
همم الدعاة .. لا وقت للاسترخاء
ما كان لأهل الحركة الإسلامية ومن حولهم من ناشئة الابتداء أن يتخلفوا عن السير نحوأفراح الآخرة، ولايرغبوا بأنفسهم عن حاجات الدعوة، ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب، ولا غبار في سبيل الله، ولا يتكلمون كلمة تغيظ الأحزاب الأرضية ولا ينالون من ملحد نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح، إن الله لا يضيع أجر المحسنين؛ ولا ينفقون نفقة من التعب صغيرة أومن الهول كبيرة، ولا يجوبون محلة أومدرسة أوجامعة أومصنعاً إلا كتب لهم، ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون.
وكيف يلتذ داعية براحة وهم قد لقنوه من أول يوم أن ينشد:
في ضميري دائماً صوت النبي * آمراً: جاهد وكابد واتعب
صائحاً: غالب وطالب وادأب * صارخاً: كن أبداً حراً أبي
وكيف يميل إلى استرخاء، وأصحابه يهتفون:
نَبني، ولا نتكل * نفني، ولا ننخذل
لنا يد والعمل * لنا غد والأمل
إن حرية الداعية، والأمل الذي يستيقنه: يدفعان به دفعاً إلى البذل السخي.
علوفي الحياة:
حرية.... وأمل
حرية تكسر قيود الشهوات.. وأمل بالأجر، وثقة بالنصر(1/22)
كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في ميزان التصارع العقائدي، كانتا دوماً في تاريخ التوحيد الطويل، تأخذان التعب من أجيال الدعاة من النبيين والصديقين والراشدين والتابعين ومن لحقهم بإحسان على مر القرون، فكلهم بالتعب كانوا يفرحون يأبون إلا العلوفي الحياة ونحن إن شاء الله بهم لمقتدون.
كان تعبهم يتمثل أحياناً بحركة يومية دائبة في الإنذار والتبشير، والتجميع والتبصير، أوسهراً على رعاية مصالح المسلمين. ويتمثل أحياناً في انكباب على التعلم واجتياز المفاوز لحيازة حديث أوكلمات فقه.
ويتجسد في أخرى قتالاً، وتحفيزاً دائماً لجهاد وعلوموت. وفي أخرى إشغالاً للفكر في التخطيط. فإن أخذوا راحة، واستلقوا على ظهورهم: لبث ذهنهم يصطاد الخاطر. وكل ذلك حكى التاريخ، ليتعلم الدعاة اليوم.
نطق بالليل والنهار:
فأول من يطالعنا: الأنبياء - عليهم السلام -. كان لسانهم ناطقاً بالليل والنهار، والإعلان والإسرار. قال - تعالى -مخبراً عن نوح - عليه السلام -: {قال رب إني دعوت قومي ليلاً ونهاراً}، ثم قال: {ثم إني دعوتهم جهاراً ثم إني أعلنت لهم وأسررت لهم إسراراً}.
ونطق أثناء خطوات الهجرة:
"والواقع أن الداعي إذا كان صادقاً في دعوته منشغلاً بها لا يفكر إلا فيها ولا يتحرك إلا من أجلها ولا يبخل عليها بشيء من جهده ووقته لم يشغله عنها شاغل أبداً حتى في أحرج الساعات وأضيق الحالات وأدق الظروف، وهكذا كان رسولنا محمد - صلى الله عليه وسلم -، فعندما هاجر إلى المدينة ومعه أبوبكر الصديق - رضي الله عنه - لقي في طريقه بريدة بن الحصيب الأسلمي في ركب من قومه فيما بين مكة والمدينة، فدعاهم إلى الإسلام فأسلموا. وهذ يدل أنه - عليه الصلاة والسلام - لم يغفل عن الدعوة إلى الله حتى وهوفي طريقه مهاجراً إلى المدينة والقوم يطلبونه ".
ونطق في السجن:
"ويوسف - عليه السلام - عندما دخل السجن مظلوماً لم يشغله السجن وضيقه عن واجب الدعوة إلى الله ولهذا فقد اغتنم سؤال السجينين عن رؤيا رأياها، فقال لهما قبل أن يجيبهما ما أخبرنا الله به: {يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار} "
الراشد يمنع النوم:
وقاربهم الصديق أبوبكر - رضي الله عنه - حتى قال عند وفاته: "والله ما نمت فحلمت، ولا توهمت فسهوت، وإني لعلى السبيل ما زغت". يعني أنه قد شغلته حروب الردة والفتوح وأرهقه إرساء جهاز الدولة، حتى أنه ما كان ليستغرق في نومه ليتاح له أن يحلم، وظل يزاد بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصديقية ليهبه الله - تعالى -يقظة أثناء هذا التعب تبعد عنه الوهم والسهو.
الترابي... !
ويترجم عبدالله بن عباس - رضي الله عنه - انغماسه في صورة جمع بين التواضع والصبر على مشقة التعلم وجمع الحديث، حتى أن الريح لتسفي عليه التراب، يرجو بذلك أن يستنشق نسمات الجنة، ويجتاز الصراط بلا حساب.
واسمعه يروي ما كان منه ويقول: (أقبلت أسأل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الحديث، فإن كان ليبلغني الحديث عن الرجل فآتي بابه وهو قائل، فأتوسد ردائي على بابه، تسفي الريح علي التراب، فيخرج فيقول لي: يابن عم رسول الله ما جاء بك؟ ألا أرسلت إلي فآتيك؟ فأقول: لا، أنا أحق أن آتيك، فأسأله عن الحديث). ولوشاء أن يوقظوه لأيقظوه له مع الفرح، ولكن الهمم العالية تطرب لصفير الرياح ولفحات التراب.
هواية رفع الأثقال:
والداعية اللبيب يسابق أصحابه لحمل كل ثقيل من الأمور، فيكون يوم الجمع صاحب الميزان الثقيل، كما تسابق النخعيون يوم معركة القادسية. قال أحد الصحابة منهم: "أتينا القادسية، فقتل منا كثير، ومن سائر الناس قليل، فسئل عمر عن ذلك فقال: أن النخَع ولوا عِظَم الأمر وحدهم ".
وما كان أحد ممن حضر القادسية إلا وأبلى، ولكن الدعاة إلى الله لهم هواية التسابق في رفع الأثقال.
حصن التربية الأسدية:
والذروة يعلوها التابعي العابد الفقيه المحدث الجليل أبو وائل شقيق بن سلمة الأسدي، نتاج تربية الأربعة الراشدين وابن مسعود وسعد بن أبي وقاص وغيرهم، فإنه عاف التجارات والبيوت وبنى له في الكوفة حصناً صغيراً يسعه هو وفرسه وسلاحه فقط، وبقي طول عمره متحفزاً للجهاد، حتى لم يعد يعرف موازين السوق التي يتعامل بها الناس. تجرد حق التجرد، فأنتج حق الإنتاج ذرية تجرد تتبعه، يعلم الدعاة بذلك طريق إنتاج الرجال باستخدام وسائل الإيضاح البصرية المجسدة.
أنتج أبو وائل أمثال: سليمان الأعمش، ومنصور بن المعتمر، وحصين بن عبد الرحمن، وعمرو بن مرة، وغيرهم من فحول المحدثين.
إن من لا يفهم التربية يظن أن بناء هذا الحصن من التكلف والرياء، وما هو كذلك.
ذهب الفراغ.... !
ويموت شقيق الأسدي مع نهاية قرن الخير الأول، فيبادر الراشد الخامس عمر بن عبدالعزيز إلى ضرب الأمثال. تصفه زوجه فاطمة بنت عبد الملك فتقول: " كان قد فرّغ للمسلمين نفسَه، ولأمورهم ذهنه، فكان إذا أمسى مساءً لم يفرغ فيه من حوائج يومه: وصل يومه بليلته". يضرب المثل بذلك لداعية الإسلام إن أراد أن يصدق دعوته ويؤدي الأمانة.
صدق الداعية: أن يجدد أطوار عمر فيفرغ نفسه للمسلمين، فلا تجد له حركة دنيوية إلا بمقدار ما توجبه ضروريات إطعام عياله. ويفرغ ذهنه، فليس فيه إلا تفكر بمصالح الدعوة.
ويتعرض أصدقاءٌ قدماء لعمر، من أصدقائه قبل الخلافة يوم كان فارغاً، يودون أن تكون لهم معه جلسة يعيدون فيها الذكريات، فيقولون: "لوتفرغت لنا"، فيقول: "وأين الفراغ؟ ذهب الفراغ فلا فراغ إلا عند الله".. يلقنها لمن يدخل الدعوة بعده إذا دعاهم رفاق الأمس إلى قتل الأوقات.
موفق يجوب بحقيبة العلم راجلاً
ويستمر تلامذة أحمد بن حنبل، وأتباع مذهبه من بعده، يضعون وسائل الإيضاح البصرية في الاستخدام التربوي، فإنهم كما وصفهم الفقيه النحوي ابن عقيل: "غلب عليهم الجد، وقل عندهم الهزل".
فمن تلامذته: الحافظ الإمام الفقيه الزاهد المحدث: إسحاق بن منصور المعروف بالكوسج، شيخ البخاري ومسلم وغيرهما. كان يسكن نيسابور بخرسان، فرحل إلى بغداد ودوّن عن أحمد بن حنبل مسائل في الفقه كثيرة، ورجع إلى نيسابور، ثم إنه: (بلغه أن أحمد بن حنبل رجع عن بعض تلك المسائل، فحملها في جراب على كتفه، وسافر راجلاً إلى أحمد، ثم عرض خطوط أحمد على كل مسألة استفتاه عنها فأقرّ له بها وأعجب به).. وأحدنا الآن يجلس على أريكته وبجنبه مسند أحمد مطبوعاً محققاً مجلداً مذهباً يتكاسل أن ينظر فيه.
الحنابلة يحفظون السمت:
ويرسم ابن عقيل، النحوي الفقيه الحنبلي، صورة الداعية الذي لا تكون خطراته وسبحات فكره - بل أحلامه إذ ينام - إلا في الدعوة، ويجلي ذلك بقوله: "إني لا يحل لي أن أضيع ساعة من عمري، حتى إذا تعطل لساني عن مذاكرة ومناظرة، وبصري عن مطالعة: أعملت فكري في حال راحتي وأنا مستطرح".. فانظر، كم ساعة من نهارك وليلك تضيع سدى؟
وخلفه الشيخ الزاهد الفقيه محمد بن أحمد الدباهي. قالوا: (لازم العبادة، والعمل الدائم والجد، واستغرق أوقاته في الخير.. صَلْبٌ في الدين، وينصح الإخوان، وإذا رآه إنسان: عرف الجد في وجهه).
وهكذا يجب أن تكون دائماً علامة الدعاة سيماهم في الجد ظاهرة في وجوههم، لا يخطؤها النظر. ليس لهم نصيب من الهزل والضحك والبطالة.
أصحاب الإمام البنا يجددون:(1/23)
وجدد الدعاة في مصر تلك الصور الرائعة القديمة، ليبرهنوا أن الإسلام الذي أنتج أولئك لا يزال حياً. يصف الإمام حسن البنا أصحابه فيقول: (قد سهرت عيونهم والناس نيام، وشغلت نفوسهم والخليون هجع، وأكبّ أحدهم على مكتبه من العصر إلى منتصف الليل، عاملاً مجتهداً، ومفكراً مجداً، ولايزال كذلك طول شهره، حتى إذا ما انتهى الشهر جعل مورده مورداً لجماعته، ونفقته: نفقة لدعوته، وماله: خادماً لغايته، ولسان حاله يقول لبني قومه الغافلين عن تضحيته: {لا أسألكم عليه أجراً إن أجري إلا على الله})
وعلو في الممات.. !
وكما في مصر، كان من رعيل العراق الأول: أبو صفوان الدباغ صاحب رسالة (مع الناشئة)، الرسالة الصغيرة البسيطة جداً، الطريفة جداً.
حدثني الثقة من أقرانه، قال: (كان مريضاً بالسرطان، واشتد مرضه سنة اثنتين وخمسين وتسعمائة وألف، فرقد في المستشفى أياماً، وكأنه أحسّ بلحظات حياته الأخيرة، فطلب مواجهة قائد الدعوة آنذاك، فجاءه ومعه بعض الدعاة - فِيهِم راوي القصة - فأعلمهم بقرب موته، وشهد أن لا إله إلا الله، وقرأ شيئاً من القرآن، وصافح يد القائد، وأعلن تجديد بيعته وثباته على هذه الدعوة وحمّلهم السلام إلى من كان من الدعاة آنذاك وإلى من سيلتحق بعد، ثم أعاد الشهادة ومات من فوره، بعد تجديد بيعته بقليل).. - رحمه الله -... فتأمل هذه منقبة لا يرزقها إلا من كان توجهه صادقاً في حياته.
وتأمل علو همته. كأنه في قاعة مطار يودع أو على رصيف محطة قطار. أخ لك سابق غادر الحياة ولعلك لم تولد بعد يحييك ويبلغك السلام، ويطلب منك الثبات على هذه الدعوة التي جربها في آخر لحظات حياته فوجد لذة السير إلى من أنعم بها على عباده.
إن في ذلك لعبرة تغني اللبيب عن كثير من الكلام المنمق والبلاغة المتكلفة.
حقاً إن الهمم مراتب، ولا تعلو همة في نهايتها وعند موتها إلا إذا علت في بدايتها.
وقائع وقصص يمرُّ بها الداعية يأخذ منها الدروس والعبر، والهُمام من يقول: اللهم اجمعنا وإياهم في دار كرامتك.
الاثنين: 20/03/2006
http://www.islamweb.net المصدر:
==============
الارتقاء بوقت العائلة
ذكريات الطفولة والمراهقة
إن أكثر ذكريات الطفولة والمراهقة نشاطاً وقوة هي تلك التي تتعلق بالأوقات التي نقضيها سوية كآباء وأبناء- نقوم بأعمال بسيطة مثل اللعب بالألعاب واللعب بالكرة، صيد السمك، صيد الطيور. لم تكن أفضل أنشطتنا مشروطة بتوفر المال. لذا، فأنت لست بحاجة إلى المال لتستمتع بالأشياء البسيطة في الحياة مع أطفالك. إنهم سيتذكرون معظم الأشياء التي شاركتهم فيها وقمت بها من أجلهم.
وقت مكرّس
كلما طال الوقت الذي تقضيه مع طفلك كلما كانت الفرصة أفضل لأن ينشأ على الطريقة التي تأملها. علينا إذاً أن ننظم أوقاتنا بحيث يكون لأطفالنا نصيب وافر منه نشاركهم فيه.
أمسيات العائلة
فلنخصص أمسية من أمسيات أحد أيام الأسبوع نسمها "أمسية العائلة". في هذه الأمسية يجتمع كل أفراد العائلة في المنزل يتكلمون بشؤون العائلة الفردية والجماعية ويشتركون بأنشطة الفكاهة والمرح. نحاول أن نشترك بالأنشطة التي تشجع على التفاعل مثل الألعاب المنزلية. لا تعتبر مشاهدة البرامج التلفزيونية خياراً جيداً ما لم تكن على جانب كبير من الفائدة وبشكل استثنائي. لا ننسى أن اشتراك كل فرد من أفراد العائلة بوضع البرنامج الذي يخص هذه الأمسية الأسبوعية أمر على جانب من الأهمية.
لا تسمح بوجود تلفاز، هاتف، أو ألعاب الفيديو في غرفة النوم
إحدى القواعد الناجحة والجوهرية التي يجب أن تطبق في التعامل مع الأولاد هي عدم السماح بوجود هاتف أو تلفاز أو ألعاب الفيديو في أي من غرف النوم. من النتائج الإيجابية لهذا الإجراء أننا نعلم مع من يتكلم أطفالنا، كما يصبح لدينا فكرة أفضل عن النشاطات التي يقومون بها في أوقات فراغهم، بالإضافة إلى أنهم يصبحون أكثر مشاركة بالفعاليات الأسرية.
وقت للمناقشة العقلانية
ليحاول كل منا أن يكون متواجداً على العشاء - إذا افترضنا أن أوقات انشغال أفراد العائلة تستغرق جلّ أوقات النهار. نجلس جميعاً نطفئ جهاز التلفاز ونبدأ نتحاور، هذا ما يمكن أن نطلق عليه: "المناقشة العقلانية" نتناول فيها الأحداث الجارية وأمور المدرسة والأصدقاء. هذه الخطوة تعزز العلاقة الأسرية وتعمق أواصر الانتماء كنا أنها تبقى ذكريات لا تمحى بالرغم من مرور الزمن.
لا تجعل مشاركتك لأطفالك في نشاطاتهم تبدو كواجب مزعج
الأب الناجح يحتاج إلى مشاركة أطفاله بجميع نواحي حياتهم: المدرسة، الأصدقاء، الأنشطة، الرياضة الاهتمامات الثقافية وإلى ما هنالك... دعهم يشعرون أنك مستمتع بمشاركتهم حياتهم وأن حياتهم الاجتماعية تخصك. لا تجعل من هذه المشاركة أمراً مفروضاً وواجباً مزعجاً تود لو أنك لم تتحمله، بل شاركهم بحب وسعادة.
نزهات دون أصدقاء
من الجيد أن يصطحب أبناؤنا أصدقاءهم معهم في النزهات العائلية، ولكن هذا لا يعني أن يتركز اهتمامهم عليهم وإهمالهم للعائلة. لا بأس على أن لا يتكرر هذا الأمر كثيراً.
من جهة أخرى تعتبر النزهات الخاصة العائلية التي لا يتواجد فيها الأصدقاء أمر ضروري وعلى جانب من الأهمية لأنها تضمن التركيز على العلاقات الأسرية المتبادلة بين أفراد العائلة.
العادات العائلية
الاستمرار في الاحتفالات التي درجت عليها العائلة أمر هام، لا تستخف بعادات العائلة وتقاليدها حتى ولو أبدى أطفالك بعض التذمر في البداية...
جو مريح... التزام أكبر
كلما تمكنت من توفير جو مريح لأطفالك في المنزل كلما ازداد التزامهم بالأسرة والجو المنزلي.فبالرغم من رغبتهم الجامحة في لقاء الأصدقاء، إلا أنهم سيبقون بشوق للعودة إلى المنزل ومزاولة النشاط الذي كانوا عليه.
http://www.ebdaa.ws المصدر:
==============
السلف والوقت
الدكتور سليمان بن حمد العودة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره..
إخوةَ الإيمانِ
حديثُ اليومِ عن الجوهرةِ الثَّمِيْنَةِ في نظرِ العارفين، والطاقةِ المُهَدَرَةِ عندَ البَّطَالِيْنَ، عن واحدٍ من جوانبِ النِّعْمَةِ المَغْبُونِ فيها كثيرٌ من النَاسِ، عن الوقتِ بل عن الحياةِ، فالوقتُ هو الحَياةُ.
والمسلمُ يستشعرُ قيمةَ الزمنِ، وأهميةَ الوقتِ من آي القرآنِ الحكيمِ، فاللهُ قد أقسمَ في كتابِهِ أكثرَ مِنْ مَرَّةٍ بِالوَقْتِ، وله أنْ يَقسِمَ بَمَا شاءَ لكنَّهُ لا يَقسمُ إلا بعَظيمٍ يَستَحِقُ القَسَمَ.
قال - تعالى -: ((وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ * وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ* وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ* هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِي حِجْرٍ)) (سورة الفجر: 1-5 ).
ومعَ مَا قيل في تأويلِ الفجرِ، والليالي العشر، والشفع والوتر والليل، فالذي يُلفتُ النَّظَرَ، أنَّ هذا القسمَ لِعَظَمتِهِ، وأهميةِ المُقسَمِ بِهِ إنَّما هو لأصحابِ العُقُولِ الذِيْنَ، يَعْقِلونُ مَا يَسْمَعُونَ، ويستفيدون مما يعلمون ((هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِي حِجْرٍ)).
وإنَّما سُمِّيَ العقلُ حجراً لأنَّه يَمْنَعُ صاحبَهُ من تَعاطِيْ مَالا يَليقُ بِهِ من الأفعالِ والأقوالِ، وهذا القسمُ هو بأوقاتِ العبادةِ، وبنفسِ العِبادةِ، من حجٍ، وصلاةٍ، وغيرِها، كما يقولُ المفسرون [1].
وقال - تعالى -: ((وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى* وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى* وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى * إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى)) (سورة الليل: 1، 4).(1/24)
وهل الليلُ والنهارُ إلا مَراكبُ يَختلفُ الناسُ في سبلِ الانتفاعِ بهما، فمغبوطٌ يستثمرُها في طاعةِ اللهِ، ويزرعُ فيهما ما يَبلغُهُ إلى اللهِ، ويسعدُ يوم لقاءِه، ومَغبونٌ مُضيعٌ لساعاتِ الليلِ والنهارِ، مُفرِطٌ على نفسِه، يَحملُ الأوزارَ التي تثقلُ كاهلَه يوم العرضِ على اللهِ، وصَدَقَ اللهُ: ((إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى)) (سورة الليل: 4).
ويُقسمُ اللهُ مرةً ثالثةً بالدهرِ فيقولُ: ((وَالْعَصْرِ* ِإِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ* إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ)) (سورة العصر).
والعصرُ هو الزمانُ الذي يَقعُ فيه حَركاتُ بني آدمَ مِنَ خيرٍ وشرٍ، واللهُ - تعالى -يُقسِمُ أنَّ بَنِيْ الإنسانِ كُلَّهُم في خِسَارَةٍ، وهَلاكٍ إلا مِنْ اسْتَثْمَرَ وقتَهُ، واستنفدَ عمرَه في عملِ الصَّالِحَاتِ [2].
كما أقسم - تعالى - بالضحى والليل.
إخوةَ الإسلامِ
يهدي المصطفى - صلى الله عليه وسلم - بسنتيه القولية، والفعلية إلى استثمارِ الوقتِ بِمَا يَنْفَعُ، ويَحذرُ من إضاعةِ الأوقاتِ سُدى فيقول: ((نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فيهما كَثِيْرٌ مِنَ النَّاسِ: الصحة والفراغ)) [3].
وتأملْ قولَهُ: ((كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ))!
والمعنى أنَّ الذي يُوفِقُ لاستثمارِ هاتين النِّعْمَتَينِ بما يَنفعُ قَلِيلٌ.
قال ابنُ الجوزي: قد يكونُ الإنسانُ صحيحاً، ولا يكونُ مُتفرغاً لشُغلِهِ بالمعاشِ، وقد يكونُ مستغنياً، ولا يكونُ صَحِيحاً، فإذا اجتمعَا فَغَلِبَ عليه الكُسَلُ عَنْ الطَّاعَةِ فهو المغبون، وتمامُ ذلك أنَّ الدُنيا مَزْرَعَةُ الآخرةِ، وفيها التَّجارةُ التي يَظهَرُ ربحُها في الآخرة، فمن استعمل فراغَه وصحتَهُ في طاعةِ اللهِ فهو المغبوطُ، و من استعملها في معصيةِ اللهِ فهو المغبونُ، لأنَّ الفراغَ يَعقبُه الشُغلُ، والصحةَ يعقبُها السقمُ، ولو لم يكن إلا الهرمُ كما قيل.
يسرُّ الفتى طولُ السلامة و البقا *** فكيف ترى طولَ السلامةِ يفعل
يرد الفتى لمجد اعتدال وصحة *** ينوء إذا أمَّ القيامَ و يحمل [4]
ولقد كانَ استثمارُ الوقت أحدَ نصائحٍه، وضمنَ مواعظِه - عليه الصلاة والسلام - لأصحابِه يقول- وهو الناصحُ الأمينُ- لرجلٍ وهو يعظه: ((اغتَنِمْ خمساً قبل خَمْسٍ: شبابَك قبل هرمِك، وصحتَك قبلَ سقمِك، وغناكَ قبل فَقْرِك، وفِراغَك قبلَ شُغلِك، وحياتَك قبلَ موتِك)) [5].
فإذا كانت تلك طائفةً من سنته القولية، فيكفي أن ينظرَ اللبيبُ فيما عَمِلَ وخلف في مدة لا تتجاوزُ ثلاثة وعشرين عاماً، لقد أخرج اللهُ به الناسَ من الظلمات إلى النور، علم العلم وفاق غيره في العمل، وزرع الخيرَ واقتلع جذورَ الشرِ، جاهد في الله في كل ميدانٍ، وخلَّفَ أجيالاً تحمل مشاعلَ النور والهُدى من بعده.
أيها المسلمون
يكفيكم أنْ تَطلعوا على نماذجَ من سيرِ أصحابه لتروا كيف كانوا يعملون، وكيف كانوا لأوقاتِهم مُستثمرين، وفي ذلك إجابةٌ لمنْ لازالوا حائرين في استثمارِ الأوقاتِ، متطلعين إلى نماذجَ راشدةٍ في ملءِ الفراغِ، وبماذا تُقضى الأوقاتُ؟
وإذا كانت العبادةُ الحقةُ لله ربِّ العالمين هدفَ الوجودِ في هذه الحياة امتثالاً لقوله - تعالى -: ((وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)) (سورة الذاريات: 56).
فقد ضربَ الصحابةُ - رضوان ا لله عليهم - أروعَ الأمثلة في استثمارِ الوقتِ فيها فالصلاةُ - مثلا- لا يُشغلُهم عنها شاغلٌ، ولا يصرفُهم عنها صارفٌ، حتى ولو كانوا في ساحاتِ الوَغى، ولا تسألْ عن حُسْنِ صَلاتِهِمْ، وطولِ قراءتِهم، وقيامِهم وركوعِهم وسجودِهم وخشوعِهم، حتى أُطلِقَ على بعضِهِمْ السُّجاَدُ (محمد بن طلحة بن عبيد الله) لعبادتِه وتألِهه [6].
وبلغَ الحرصُ بهم في المحافظةِ عليها مع جماعة المسلمين، إذا أحدُهم إذا فاتته العِشاءُ في الجماعةِ أحيا بقيةَ ليلتِه كما ثبت عن ابن عمروٍ - رضي الله عنهما - [7].
وفي الصيامِ لهم أخبارٌ، وأحوالٌ تراها النفوسُ الضعيفةُ ضرباً من الخيالِ، ففي ترجمة أبي طلحة الأنصاري - رضي الله عنه - ((أنَّه كان يسردُ الصومَ، وأنَّه كان لا يَفطِرُ إلا في سفرٍ أو مرضٍ)) [8].
إخوةَ الإيمانِ
مما يستثمر الصحابةُ رضوان الله عليهم به أوقاتَهم تلاوةُ كتاب الله، تعلماً وتعليماً وعملاً، فهذا ابن مسعود - رضي الله عنه - يسأل عنه عليٌّ - رضي الله عنه - فيقول قراءُ القُرآنِ، ثم وقف عنده وكفى به [9].
وفي رواية أخرى: وعلمُ السُنَّةِ وهو القائل: ((كان الرجلُ منا إذا تَعلَّم عشرَ آيات لم يجاوزهن حتى يَعرفَ معانيهن، والعملَ بهن)) [10].
وكانوا يعقدون لتعليمِ القرآن الحلق، وتمتلئ المساجد بالمتعلمين ولا تكاد تخلو من القائمين به في ساعاتِ الليلِ والنهارِ، وأَنعِمْ بكتابِ الله رفيقاً، وأَكْرِمْ ببيوتِ اللهِ مَوئِلاً.
وكان القومُ جادين في حياتِهم، مستثمرين لأوقاتِهم كذلك في بيوتهم، فهذا نافع - رحمه الله - يُسألُ: ((ما كان يصنعُ ابنُ عمرَ في منزلِه؟ قال: لا تطيقونَه: الوضوءُ لكلِّ صلاةٍ، والمُصحَفُ فيما بينهما)) [11].
عبادَ اللهِ
يا من ترومون نهجَ السلف، وتريدون الاقتداءَ باستثمارِ الأوقاتِ بما ينفعُ، فقد كان للعلم والتعليم بكل عامٍ نصيبٌ وافرٌ من أوقاتِ العارفين، ومع ما كانوا فيه من عبادةٍ خاصةً، فقد كانوا يؤثرون الناس على أنفسِهم، ويَجلسون لتعليمِهم إذا احتاجوا إليهم، ويعتبرون ذلك ضرباً من العبادةِ يتقربون بها إلى خالقِهم كما رُوي عن أبي بن كعب - رضي الله عنه - [12]
وحين يَرِدُ الاختلافُ بينهم فيما يقرؤون من أجلِ التعليمِ يَنتهِي في وقتِه، لأنَّ الحقَّ رائدُهُم، وهذا أبي بن كعب - رضي الله عنه - كان يقرأ قوله - تعالى -: ((إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً)) (سورة الفتح: 14).
ولو حميتُم كما حموا لفسد المسجدُ الحرامُ، فبلغ ذلك عمرَ- رضي الله عنه- فأغلظَ له، فقال يا عمرُ: إنَّك لتعلم أني كنت أدخلُ على رسول الله- صلى الله عليه وسلم - فيعلمني مما علَّمهُ اللهُ، والله لئن أحببتَ لألزمنَّ بيتي فلا أُحدثُ شيئاً ولا أقرىءُ أحداً حتى أموتَ! فقال عمرُ: اللهم غفراً، إنَّا لنعلمُ أنَّ اللهَ قد جعل عندَكَ علماً فَعلِمِ الناسَ ما عُلِّمْتَ.
وفي رواية: بل أنتَ رجلٌ عندك علمٌ، وقرآنٌ فاقرأ وعَلِّمْ مما عَلَمَّك اللهُ ورسولُه [13].
ولم يقف الأمرُ بهم عند حدودِ العلم والتعليم، بل استثمروا جزءاً من أوقاتِهم في الدعوة لله، فانتشروا في مشرقِ الأرض ومغربِها، يُعلِّمُون الناسَ الخيرَ، ويَدعون إلى اللهِ بالحسنى، ويَحملون صفاءَ الإسلامِ، وإشراقَ العقيدةِ حتى هدى اللهُ على أيديهم أُمماً من الناس، واستنقذ اللهُ بهم فئاماً من الخلقِ، وهم في ذلك كله مسترشدون بهديِ نَبِيِّهم - صلى الله عليه وسلم - الذي لم يكفه بياضُ النهار في الدعوةِ للخير، بل استثمرَ سوادَ الليل،.
وهذا عمرُ - رضي الله عنه- يحدثنا أنّه كان هو وأبو بكر - رضي الله عنه - يسمرون مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلاً في بيت أبي بكرٍ في بعضِ ما يكونُ من حاجةِ النبي - صلى الله عليه وسلم -)) [14].(1/25)
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ((وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ)).
الخِْطبةُ الثَّانِيَةُ:
الحمدُ للهِ ربِّ العَالَمِيْنَ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ رب العالمين، وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه، اللهم صلِّ وسلم عليه، وعلى سائرِ المرسلين.
أيَّها الأخوةُ المسلمون
ثَمَةَ مَا يَقْضِيْ به المُسلمونُ أوقاتَهم، ويتقربون به إلى خالقِهِمْ ألا وهو الجِهادُ في سبيلِ اللهِ، والمرابطةُ في ثغورِ المسلمين، وهذا أبو طلحة - رضي الله عنه - شيخٌ كبيرٌ، ومع ذلك يقرأ قوله - تعالى -: ((انْفِرُواْ خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ)) (سورة التوبة: 41).
فيقول: استنفرنا اللهُ وأمرَنَا شيوخَنا وشبَابَا، جهزوني، فقال بنوه: يرحمُك الله، إنَّك قد غزوتَ مع رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكرٍ وعمرٍ، ونحن نغزو عنك الآن، قال: فغزا البحرَ فماتَ، فلم يجدوا له جزيرةً يدفنونَه فيها إلا بعد سبعةَ أيامٍ فلم يَتغيرْ)) [15].
ولئن عجبتَ من همةِ هذا الشيخ الكبيرِ، واستثمارِ عُمرِه حتى الممات، فعجبُكَ سيكونَ أعظمَ حين تَقفُ على همةِ شيخٍ ضريرٍ، عذره اللهُ وأنزلَ بشأنِه وأمثالِه قوله - تعالى -: ((لاَّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاًّ وَعَدَ اللّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا)) (سورة النساء: 95).
ومع ذلك كان يغزو بعد ويقول: ادفعوا إليَّ اللواءَ فإني أعمى لا أستطيعُ أنْ أفِرَّ وأقيموني بين الصفين [16].
ويُقال: إنه قاتلَ - رضي الله عنه - يوم القادسية، وفي رواية أخرى: شهدهَا ومعه الرايةُ، ويقال: إنَّه استُشهِدَ يومَ القادسية [17].
وإذا كانت تلك همةَ هؤلاءِ، فلا تسأل عن همم من سواهم! ويكفيك أنْ تقفَ على مقولة سيفٍ من سيوفِ اللهِ أبلى في الجهاد بلاءً حسناً، وأمضى حياتَه بين صليل السيوف، وطعن الرماح، ومع ذلك كان يستشعرُ لذةَ هذهِ الحياة، ويرجو أجرَها عند اللهِ فيقول: خالد بن الوليد -رضي الله عنه -: (لقد طلبتُ القتلَ مظانّه فلم يُقدَر لي إلا أنْ أموتَ على فراشِيْ، وما من عملي شيء أرجَىْ عندِي بعد أن لا إله إلا الله من ليلةٍ بتُّها وأنا متترسٌ، والسماء تهلني تمطر، إلى صبحٍ حتى نغير على الكفار) [18].
وهو القائل: (ما من ليلةٍ يُهدَى إليَّ فيها عَروسٌ أنا لها مُحِبٌّ أو أبُشرُ فيها بِغَلامٍ أحب إليَّ من ليلةٍ شديدةِ البردِ كثيرةِ الجليدِ في سَرِيَةٍ أصبحَ فيها العَدوُ) [19].
وهذا سلمانُ الفارسي - رضي الله عنه - يزورُ الشامَ، فيسأل عن أبي الدر داء- رضي الله عنه- فيقال: هو مرابطٌ، فيقول سلمان: وأين مرابطُكم؟ قالوا بيروت، فتوجه قبله ثم قال: يا أهل بيروت ألا أحدثكم حديثاً يذهب اللهُ به عنكم عرضَ الرباط، سمعتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((رباطُ يومٍ وليلةٍ كصيام شَهرٍ وقِيامِه، ومنْ ماتَ مُرابطاً أجيرُ من فتنةِ القبرِ، وجرى له صالحُ عملِه إلى يوم القيامة)) [20].
وفي رواية لمسلم: ((وإن ماتَ جرى عليه عملُه الذي كان يعملُه، وأُجرىَ عليه رزقُ وأمن الفتان)) [21].
أمةَ الإسلامِ
إذا عز الجهادُ في سبيل الله، أو تعذر الرباطُ في ثغورِ المسلمين فلا أقلَ من أنْ يبقى حديثُ النفس في الغزوِ والجهادِ، وإنَّهما من خير ما تستثمرُ به الأوقاتُ، وتُستنفدُ فيه الأعمارُ، ((فالجَنَّةُ تَحْتَ ظِلالِ السُيُوفِ)) [22]
ويُحذر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أمتَه من تناسي هذه الشعيرةِ الكبيرةِ ويقول:
((من ماتَ ولم يغزُ ولم يُحَدِّثْ نفسَهُ بالغزوِ، مات على شُعْبَةٍ من النِّفَاقِ)) [23].
أيها المسلمون
ليس الجهادُ مقصوراً على جهادِ الأعداءِ في ساحاتِ الوَغَى، فالجهادُ باللسانِ وبذلُ الأموالِ في سبل الخيرِ، والتيقظُ للثغراتِ في الداخلِ، وكشفُ النفاقِ، وفضحُ المنافقين، كل ذلك ضَربٌ من ضُروبِ الجِهادِ، حثَّ عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم)) [24].
واهتم له السلفُ الصالحُ حتى ظهرت السُنَّةُ، وماتت البدعةُ، وأخمدت نيرانُ الفِتَنِ المُشتَعِلة ِ، وقَضوا به شطراً من أوقاتهم.
وهذا العالمُ الفطن والصحابي النجيبُ عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه - يقول: (جاهدوا المنافقين بأيدِيْكم، فإنْ لم تستطيعوا فبألسنَتِكم، فإن لم تستطيعوا إلا أن تُكَفْهِرُوا في وجوهِهم فافعلوا) [25].
وإذا كانت ساحةُ المعركةِ في الخارجِ مكشوفةً لكل أحدٍ، فإن ميدانَ المعركة في الداخلِ، وإفسادِ المنافقين الذين إذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض، قالوا إنما نحن مصلحون لا يَخفى على الواحدِ الأحدِ.
إخوةَ الإيمانِ
استثمر السلفُ الصالحُ جزءاً من أوقاتِهم في تفقد أحوالِ إخوانِهم المسلين، وقضاءِ حوائجِ المحتاجين، ولله درُّها من نُفوسٍ لم يُلهِهَا الغَنِىُ عن استشعارِ من يبيتون على الطوى، وتَذكرِ من يَفترشُون الأرضَ، ويلتحفونَ السَّماءَ، يفزعون في النائبةِ، ويُطعمون المِسكينَ والأرملةَ، وهاكم نموذجاً لهؤلاء، فأهلُ المدينةِ - كما تقول الروايات.. كانوا عيالاً على عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه- ثلثاً يقرشهم، وثلثاً يقضي دينَهم، ويصل ثلثاً)) [26].
ومع ذلك كان يخشى الهَلكةَ على نفسِه، فيأتي أمَّ المؤمنين، أم سلمة - رضي الله عنها - ويقول: يا أم المؤمنين إني أخشى أن أكون قد هلكتُ، إني من أكثرِ قٌريشٍ مالاً، بعتُ أرضاً لي بأربعين ألف دينارٍ، فتوصيه بالنفقة [27].
ترون - معاشرَ المسلمين- ماذا سيكونُ موقِفُنا إذا سألنا على أرملةٍ من أراملِ المُسلمِين، تُهدهدُ أطفالَها وليس عندها ما تطعمُهم؟ أو عن مغيبةٍ طال ليلُها وحيل بينها وبين زوجِها، أو عن أسرٍ فقيرةٍ مُعدمة لا يسألون الناس إلحافا، وعن مدين أقلقَ الدائنون مضجعه، ولا يجد لديونهم سَداداً.
ألا وإنَّ تَفقدَ أحوالِ المُسلمين، وقضاءَ حاجاتِ المحتاجين من سماتِ هذا الدين، ومن أخلاقِ المؤمنين، ومما تُستثمَرُ به الأوقاتُ، والدالُ على الخيرِ كفاعله، ومنْ فَرَّجَ عن مسلم كربةً من كُرَبِ الدنيا فَرَّجَ اللهُ عَنهُ كُربةً من كُرَبِ الآخرةِ.
هذه - معاشرَ الأحبةِ - إطلالةٌ يسيرةٌ على جوانبِ من استثمار الوقتِ، عند السلف الصالحين وهي كما ترون- صلاةٌ وصيامٌ، وتلاوةٌ واعيةٌ للقرآن، علمٌ وتعليمٌ، وعمارةٌ للمساجدِ بذكر الله، دعوةٌ للخير وجهادٌ في سبيل الله بالمال والنفس واللسان، ومرابطةٌ في ثغورِ المسلمين دفاعاً عن حياض الإسلامِ، وحُرمات المسلمين، وتلمس واعٍ لحاجات المسلمين، والتقفي لأحوالِ المحتاجين فأين الشعورُ بالفراغِ لمن يستثمرُ وقتَهُ في هذه الأعمالِ الجليلة، أو مثلها، وأي مكان في مجتمع المسلمين لمن يهلكون أوقاتَهم! ا أماكنُ الخنا [28].
والزنا، وأين من ينتظرون نصرةَ هذا الدينِ، وهم بعد لأوقاتهم مُضيعون، ولأهوائِهم وشهواتِهم مستسلمون.(1/26)
إنَّ الأمة مُحتاجةٌ لكل طاقةٍ، وإنَّ الدعوة لا تَستغني عن أي وسيلةٍ مُباحةٍ، فَلْيَسُدَّ كُلُّ واحدٍ من المسلمين الثُغرةَ التي يُحسِنُها، لنتق الله في أوقاتنا ولنقدم خيراً لأنفسٍنا،
اللهم إنا نعوذُ بك من العجزِ والكَسلِ، اللهم ألهمنا رُشدَنا، ويسر أمورَنا، واختم بالصالحاتِ أعمالَنا.
----------------------
[1] تفسير ابن كثير 8/ 416.
[2] تفسير ابن كثير 8/500
[3] أخرجه أحمد والبخاري وغيرهما
[4] الفتح 11/230.
[5] أخرجه الحاكم موصولا وصححه ووافقه الذهبي وغيره، شرح السنة للبغوي 14/224.
[6] السير (4/368).
[7] السير 3/215.
[8] السير 2/29، 30، 33.
[9] رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي 3/318
[10] أخرجه الطبري في تفسيره بسند حسن (السير 1/490).
[11] أخرجه أبي سعد 4/70 بسند رجاله ثقات، السير3/ 215.
[12] السير 1/399 مع ضعف إسناده
[13] تفسير ابن كثير7/327
[14] أخرجه أبو نعيم والفسوي بإسناد صحيح، سير أعلام النبلاء1/499، 500
[15] رواه ابن سعد والحاكم، بسند صحيح، السير1/34
[16] أخرجه ابن سعد، السير 1/364
[17] السير 1/364، 365
[18] الإصابة 3/74
[19] ذكره الهيثمي في المجمع 9/350 وقال: رجاله رجال الصحيح. وذكره غيره، السير 1/375، الإصابة 3/7.
[20] إسناده حسن، السير 1/506.
[21] صحيح مسلم 3/3/120 ح1913.
[22] رواه الحاكم بسند صحيح، صحيح الجامع 3/85
[23] رواه أحمد ومسلم وغيرهما، صحيح الجامع 5/358.
[24] حديث صحيح رواه أحمد وأبو داود والنسائي وغيرهم، صحيح الجامع 3/79.
[25] السير 1/497.
[26] سير أعلام النبلاء 1/88.
[27] السير 1/82.
[28] الخنا:الفحش (مختار الصحاح ص 192.
5/7/1426 هـ
10/08/2005م
http://www.islamlight.net المصدر:
===============
كيف تقضي المرأة وقتها في بيتها
محمد بن عبد الله الهبدان
إنَّ من القضايا المهمة التي يلزمنا المرور عليها، والحديث عنها، هي هذه المسألة؛ كيف تقضي المرأة وقتها في بيتها، لأنَّ من أسباب خروج المرأة من بيتها الملل الذي تجدهُ المرأة في البيت، لذا رأيت من الواجب النظر في هذا الموضوع، ووصف الواقع الذي تعيشه المرأة في بيتها، ومن ثم ذكر ما يمكن أن تفعلهُ المرأة في بيتها، فنقول وبالله التوفيق:
قضاء الوقت في البيت على قسمين:
القسم الأول: قضاء الوقت بما لا ينبغي
وهذه القسم يشملُ عدة أمور منها:
1- قضاء الوقت طويلاً مع الهاتف:
الهاتفُ نعمة من نعم الله - تعالى -، لكنها قد تكونُ نقمة في حالات، فالمرأة إذا استخدمت الهاتف للحاجة كالسلام على الأهل ومعرفة أخبارهم، وتفقد أمورهم على جهة الاختصار فهذا لا بأس به، لكن المصيبة أن تستمر المكالمة إلى نصف ساعة، بل تزيد إلى ساعة وأكثر في أمورٍ لا داعي لها، بل أحياناً في أمورٍ محرمةٍ كالمعاكسات ـ عافانا الله وإياكِ من ذلك ـ، فهنا تقعُ الكارثة، وتحصل المصيبة.
2- كثرة النوم:
النوم سلاحٌ ذو حدين، فهو نعمة إن كان بالمقدار المناسب المعتدل، وهو نقمة إن جاوز حد الاعتدال والتوسط، وكثرة النوم سببٌ لقسوة القلب وغفلته، وإذا قسا القلبُ تكاسل العبد عن القيام بالطاعات، ومالت نفسه إلى المعاصي والمحرمات، أو على الأقل توسع في فضول المباحات، وإهدار الأقوات فيها، ويا لله العجب كيف يليق بامرأة مسلمة أن تكثر من النوم في هذه الدنيا وهي تعلم علماً يقيناً أنَّ أمامها نوماً طويلاً في ظلمات القبور؟!!
يا طويلَ الرُقاد والغفلات *** كثرةُ النوم تُورث الحسرات
إن في القبر إنْ نزلتَ إليه *** لرقاداً يطولُ بعد الممات
3- الجلوس أمام شاشة التلفاز أو القنوات الفضائية:
كثيرا ما تقضي بعض المسلمات أوقاتها في متابعة برامج التلفاز، من أفلامٍ ومسلسلاتٍ ونحوها، أحياناً إلى ساعاتٍ مُتأخرةٍ من الليل، ولا يخفى على المسلمة أنَّ هذه الأفلام وتلك المسلسلات قد أفتى العلماء الأجلاء بحرمة النظر إليها، لما فيها من المشاهد المثيرة، والصور الفاتنة، وإثارة الشبهات، وتشويه الحقائق، والتلبيس على الناس في دينهم من حيثُ لا يشعرون، وكم جلبت هذه الأفلام من نقمة؟! وسببت من محنة؟!! وأوقعت في بلية، قد تقولين أنا أُشاهدها منذُ زمنٍ ولم يحدث من ذلك شيء؟ ماذا تنتظرين أن يحدث وأنت مُصرةً على هذا الذنب العظيم، ولو باغتك الموت وأنت على هذه الحالة فكيف تواجهين ربك، ثم إنَّ كثيراً من حالات الطلاق التي تعرضُ في المحاكم، من خلال استعراضها يتبينُ أن أكثرها كان بسبب مشاهدة القنوات الفضائية، لأنَّ الرجل حينما يرى امرأة فائقة الجمال، فإنَّ نفسه تشتاق، وقلبه يهوى، ومن ثم يطالبك أن تكوني مثلها في كلِّ حركةٍ وهمسة، وأنَّى لك ذلك، وقد تحاولين مرةً أو مرتين ولكن مع كثرةِ المطالبة والإلحاح لا تستطيعين ذلك، فتحصلُ عندها الخصومات والمنازعات، وتنتهي القضية بالفراق والطلاق.
وهل يمكن أن يجنى من مشاهدة الحرام إلاَّ مثل ذلك أو أكثر؟! فاتق الله يا أمة الله، وحاولي جاهدةً إقناع الأهل أو الزوج بإخراج هذا الجهاز من المنزل، ولا تسمعي لصيحات الناعقات كيف يمكن للمرأة أن تعيش بدونه؟! فلله الحمدُ والمنةُ، البيوت التي تخلصت منه كثيرة وهي تعيش في سعادة، وهل تشكين يا أمة الله أن من أطاع الله - تعالى -أورثهُ حلاوةً يجدُها المرءُ في قلبه، وانشراحاً يحسُّ بها في صدره، إذن كيف تُصدقين قولَ تلك الشرذمة الذين لا ينفعونكِ في الدنيا والآخرة، وسيأتي اليوم الذي ((يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ. وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ. وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ. لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ)) (عبس: 34، 37)!! [1]
4- قراءة المجلات الفاسدة:
تقضي بعض الأخوات الوقت في قراءة تلك المجلات الفاسدة الهابطة، كمجلة سيدتي أو النهضة، أو طبيبك أو غيرها من المجلات، والتي تعرف من ظاهرها، فتبدأ بوضع صورةٍ لامرأةٍ حسناء، وهذه المجلات فيها ما يخدش الحياء، ويقتل العفة، ويذبح الكرامة، ويزيل الغيرة، وفيها من الطعن في الدين والاستهتار بالشرع أو محاولة الاستدراج في التلبيس في قضايا الحجاب والعفاف، خذي أمثلةً على ذلك:
في مجلة نصف الدنيا عدد (112) تقول سحر الموجي: (نشأتُ في بلدٍ يتعانق فيه الإسلام والمسيحية، ويتفقُ الناس على ألا يختلفوا على وجود الله)، و في مجلة سيدتي عدد (510): (من عيوب الزوج العربي الغيرة).
مع أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: أتعجبونَ من غيرةِ سعد!! فو اللهِ إنِّي أغيرُ من سعد والله أغير مني. وتقولُ انتصار العقيل في مجلةِ كل الناس عدد (58): (ماذا لو قالت امرأة هذا الرجل صديقي!!)، وفي مجلة نصف الدنيا عدد (112) قالوا: (عفواً، صداقةُ الرجال أفضل!!) يعني للنساء، وفي جريدة الهدف عدد (1246) قالوا: (غيرة الرجل تعرقلُ تقدم المرأة..) [2].
وفي مجلةِ حواء قالوا: (أيهما تختارين، الزوج الغيور أم الهادئ - الديوث -)[3]
وفي مجلةِ الصدى تقولُ مريم أبو شقير: (الحب المقرون بـ (الصدق) يسيرُ دوماً إلى الأمام، ويخترع حيلاً ليتم اللقاء، ويعقد الوصال!!) وفي مجلة الحسناء عدد (81): (الفضيلةُ والكرامة تعترضان مسيرة النجاح!! )
وبعد فهل بعد هذه الدعوة للخيانةِ والإباحيةِ من دعوة!؟ فأحذري من هذا السم الزعاف.(1/27)
قال العلامة ابن عثيمين في خطبته الشهيرة: (أقسم بالله في هذا المكان وأنتم تشهدون، واللهُ من فوقنا شهيد على ما أقول وعلى ما تسمعون، وجدت هذه المجلات هدامة للأخلاق، مفسدة للأمة، لا يشك عاقل فاحص ماذا يريده مروجوها بمجتمعٍ إسلامي محافظ، وجدت النظر شراً من المسمع.. ) [4].
5 - كثرة اللقاءات مع نساء الجيران:
فاليوم عند فلانه، وغداً عند أم فلان، وبعد غدٍ سيتمُ اللقاءُ بعد الساعة العاشرة في بيتِ جارتنا أم زيد، وهكذا لقاءاتٍ إثر لقاءات، وتجمعات يتبعها تجمعات، وليت الأمر توقف عند ذلك لهان الأمر، ولكن هذه اللقاءات في غالبها لا يذكر اسم الله - تعالى -فيها، إنَّما هي للقيل والقال وكثرة السؤال عن الحال، وقالت فلانة، وجاءت فلانة، وفلانة طويلة والأخرى سمينة، فهي مجالس لا تخلو من غيبةٍ أو نميمة، فيضيعُ الوقت على المرأة وتنشغل عن بيتها وزوجها وأولادها بمثل هذه اللقاءات، التي قد يحصد أصحابها المر بسببها.
6- سماع الأغاني والرقص على أنغامها:
يحدث أحياناً خاصةً إذا كان في البيت عدة فتيات أن يجتمعن على رقصٍ وطرب، فيقضى الليل ويحيا على هذه الأفعال المشينة، أما سماع الأغاني فقد أجمع العلماء على تحريمهِ لدلالة الكتاب والسنة على ذلك [5]، وأما الرقص فإنَّهُ يسببُ ذهاب الحياء من المرأة، والذي يعتبر هو رونقها وجمالها الحقيقي.
إنَّ المرأة حينما تفقدُ حيائها تتدرج من سيئٍ إلى أسوأ، وتهبطُ من رذيلةٍ إلى أرذل، ولا تزال تهوى حتى تنحدر إلى الدركات السفلى، وصدق عمر حين قال: (من قلَّ حياؤه، قلَّ ورعه، ومن قلَّ ورعهُ مات قلبه) [6].
فالحائلُ بين العبد وبين المحرمات هو الحياء، فبقوة الحياء يضعفُ ارتكابه إياها، وبضعفُ الحياء تقوى مباشرته إياها ولله در القائل:
ورُب قبيحة ما حال بيني *** وبين ركوبها إلاَّ الحياء
فكان هو الدواء لها ولكن *** إذا ذهب الحياء فلا دواء
7 - البقاء كثيرا في المطبخ:
بعض النساء تصابُ بهوسِ بحب الطبخ والطهي، كأنواع السلطات وأشكال الحلا، وأصناف المعجنات، وتبقى في المطبخ الساعات الطوال من أجل ذلك، وتشترى كتباً تتكلم عن فن الطبخ، وتقرأ وتبحث عن الجديد في الساحة، ونحنُ نقولُ لها الاقتصاد الاقتصاد، فإننا لم نخلق من أجل بطوننا، والأكل يا أخية وسيلة وليس غاية!!
8 - الانشغال في ترتيب المنزل وتنسيقه:
وهذا داءٌ آخر تصابُ به بعض النساء، فالمنزل في كل يوم له شكل، فمرةً الكنب في الصالة!! ومرة في غرفة الجلوس، ومرةً ينقلُ الدولاب وما فيه من تحف إلى المجلس، وأخرى إلى الصالة، وهكذا تستمرُ في كلِّ يوم لها فكرة، وفي كل يوم لها شكل!! ونحن نقول لا شك أنَّ التجديد في ترتيب المنزل له أثرهُ على الزوج، لكن أن يكون ذلك على جهةِ الاستمرار والدوام، فيضيع العمر في ذلك فلا وألف لا.
9- البقاء لمدة طويلة أمام المرآة:
من جملة ما ابتليناه به في هذا العصر أدوات التجميل التي سلبت من المرأة وقتاً طويلاً لتحسن شكلها، وتجمل نفسها، مع أنَّهُ ثبت طبياً ضرر تلك المساحيق وخطرها على بشرة المرأة [7]
فهل من الحكمة أن تقضي المرأة أكثر من ساعة أو ساعتين من أجل وضع الزينة؟!!
وهل المرأة التي تجلس أمام المرآة الساعات الطوال عرفت أهمية الوقت، وأنَّها مسؤولةٌ عنه يوم القيامة؟! وهل المرأة التي تقضي وقتها بمثل هذه القضايا يمكنُ أن تستعيد عزاً؟! أو تبني مجداً؟
إننا لا نمنعكِ أختي المسلمة من أن تتجملي وتتزيني، لكن لكل شيءٍ ضوابط وحدود، أمَّا أن يزاد الأمرُ فوق حدهِ فلا.
هذه أختي المسلمة بعضُ الأمور التي تفعلها بعض المسلمات للتخلص من الوقت والقضاء على الفراغ.
---------------------
[1] ولا أريد الإطالة في هذا الموضوع أكثر ولكني أحيلك إلى رسالة صغيرة بعنوان: رسالة إلى مشاهدي التلفاز. ورسالة أخرى بعنوان: البث المباشر آثار وأخطار.. لعل فيها غنية وكفاية والله يحفظك ويرعاك.
[2] إذاً لابد أن تكون ديوثا حتى تتقدم امرأتك.. هكذا يقولون.
[3] الديوث: هو الذي يقر الخبث في أهله.
[4] ـ فتاوى إسلامية (4/380)
[5] لعلك أختي القارئة تقرئين رسالة عن الغناء بعنوان: مزمار الشيطان وأثره على الفرد والمجتمع.
[6] رواه الطبراني في الأوسط (2259) وقال في المجمع (10/302): (فيه دريد بن مجاشع ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات) ورواه القضاعي (374) وفي إسناده صالح المري وهو ضعيف كما في التقريب.
[7] - انظر: زينة المرأة بين الطب والشرع. محمد المسند ص 17.
http://www.saaid.net المصدر:
-============
كيف تقضي المرأة وقتها ( 1 )
سلمان بن يحيى المالكي
إن موضوع المرأة بشكل عام هو موضوع من الأهمية بمكان، ذلكم لكثرةِ السهامِ المسمومة الموجهة إليها والحديثُ عن الوقت بالذات هو حديثٌ يبدأ ولا ينتهي، وحديث تضيق فيه مثل هذه اللقاءات، ولكن حسبي أن أتحدثَ بما يُسعف به الوقت، أما عناصر هذا اللقاء المبارك فهي ستة نقاط أضعها بين أيديكم أحسِبها مهمةً في هذا المجال:
أما أولها فهي: منطلقاتٌ أساسية للحديث عن الوقت بشكل عام.
الثانية: أحاديثُ عن أهمية الوقت.
الثالثة: نماذج لحفظ الوقت من قِبَل العلماء السالفين.
الرابعة: العوائق والصوارف التي تشكل حائلا ومانعا دون استثمار المرأةِ لوقتها.
الخامسة: الأمور التي تعين المرأةَ على الاستفادة من وقتها.
السادسة والأخيرة: بعض الأمور التي يمكن للمرأة المسلمة أن تقضي وقتها فيه.
واللهَ أسأل أن يعيننا وإياكم على حفظ الوقت، وأن يجعلنا مما يستمعون القول فيتبعون أحسنه..إنه ولي ذلك والقادر عليه.
النقطة الأولى: منطلقاتٌ أساسية للحديث عن الوقت.
إن من يريد التحدث عن الوقت، لا بد أن يضع له أساساتٌ ومنطلقات يؤكدُ فيها دوافعَه عن الحديث عن أهمية الوقت، وإن مما حادى بي أن أتكلم عن هذا الأمر عناصر من أهمها:
ـ العنصر الأول: الهدف من وجودنا.(1/28)
فلو ألقينا التساؤل على أنفسنا: ما الهدف من وجودنا؟ لكانت إجابتنا جميعا القيام بعبادة الله - تعالى -وحده امتثالا لقول الحق جلا وعلا " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون " فإذا كانت عبادة الله - تعالى -هي الغايةُ وهي الهدف من وجودنا، فيا تُرى ما هي عَلاقة العبادة بالوقت؟ ولعلي أشير إلى مفهوم العبادة الصحيح حتى يتبين لنا إمكانيةُ الربطِ بين مفهومُ العبادةِ الصحيح وبين استغلال الوقت بما ينفع، فالعبادة كما يعرفها العلماء ومنهم شيخ الإسلام بن تيمية - رحمه الله تعالى -أنها " اسم جامع لكل ما يحبه الله - تعالى -ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة " وإذا عرفنا هذا، تبين لنا أنه ليس هناك وقت للعبادة في حياة الإنسان ووقت آخر لغير العبادة، ولذلك تجد كثيرا من الناس يخطئون في فهم هذه الحقيقة، فيظنون أن وقت العبادة هو أوقات الصلوات الخمس أو هو وقت رمضان أو حينما يؤدون الحج أو يزاولون أركان الإسلام الأساسية المحددةِ بزمان وربما بمكان معين، نعم.. لا شك أن هذه الأشياء هي الأساسية في الدين، ولكن مفهومَ العبادةِ أشملُ من هذا، ومفهوم العبادةُ الصحيح هو أن يتصور الإنسان أنه عبد لله - تعالى -في كل وقت، سواءٌ كان في وقت الصلاة أم في غيرها، في داخلِ المسجد أم خارجه، في حال السراء أم في حال الضراء، فإذا انطلق المسلم من هذا التصور أصبح في عبادة الله - تعالى -، ويَعتبرُ أيَ عمل قام به مادام مراعيا جانب الله - تعالى -مستشعرا مراقبة الله - تعالى -له فهو في عبادة الله - تعالى -، حتى الأمورَ التي يزاولها في كل يوم وليلة من مأكل ومشرب ومنكح ولهو مباح حتى النوم يُصبح الذي ينامه هو في حقيقية الأمر عبادة الله - تعالى -، ولذلك يقول أعلم الناس بالحلال والحرام معاذ بن جبل - رضي الله عنه - " إني لأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي " فحين يفهم المسلمُ العبادة حق الفهم بهذا المعنى يستطيع أن يحافظ على أوقاته وأن يستثمرها بما يعود عليه بالنفع في الدنيا والآخرة، لأنه حينما يضيّع وقتا من أوقاته فإنما يخل حقيقة بمفهوم العبادة الذي ذُكر آنفا، وأنتِ أيتها المرأة المسلمة حينما تزاولينَ حفظ ما استودع الله - تعالى -في بيتك من أمانات من مال الزوج أو من عرضه أو من تربية أبنائه أو أي عمل من الأعمال، حينما ترتبط هذه الأمور منكِ بنية صالحة وهدفٍ نبيل إنما تتحول إلى عبادات تؤجرين عليها، ولك أن تسمعي إلى هذا الحوار من امرأة سلفت، هذه المرأة هي أسماءُ بنتُ يزيدِ بنِ السكن الأنصارية - رضي الله عنها - وهي المرأة التي أتت إلى النبي صلى الله عليه وهو في أصحابه فقالت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، أنا وافدتُ النساءِ إليك، إن الله - تعالى -بعثك إلى الرجال والنساء كافة، فأمنا بك وبإلهك، وإنا معشر النساء محصوراتٌ مقصورات، قواعدُ بيُوتكم، ومقضى شهواتكم، وحاملاتُ أولادكم، وإنكم معشر الرجال فُضلتم علينا في الجُمع والجماعات، وعيادةِ المرضى وشهودِ الجنائز والحجِ بعد الحج، وأفضلُ من ذلك الجهادُ في سبيل الله - تعالى -.. إلى أن قالت: وإن الرجل منكم إذا خرج حاجا أو مجاهدا، حفظنا لكم أموالكم، وغزلنا لكم أثوابكم، وربينا لكم أولادكم، أفلا نشارككم في هذا الأجر؟ فالتفت النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أصحابه بوجهه كلِّه ثم قال: هل سمعتم بمقالةِ امرأةٍ قط أحسنُ من مسائلها في أمر دينها من هذه المرأة؟ فقالوا يا رسول الله: ما ظننا أن امرأة تهتدي إلى مثلِ هذا، فالتفت النبي - صلى الله عليه وسلم - إليها فقال: افهمي أيتها المرأة وأعلمي من خلفكِ من النساء أن حُسْنَ تبعُّلِ المرأةِ لزوجها، وطلبِها مرضاتَه، واتبَاعَه موافقته يعدِل ذلك كله، فانصرفت وهي تهلل " [رواه بن حجر في الإصابة والذهبي في سير أعلام النبلاء] إذا: والمرأة تزاول هذه الأعمال والتي تتصور بعض النساء وهي تزاولها إنما هي تزاول أمورا قد لا تُؤجر عليها أو لا فائدة منها وإنما عليها في ذلك التعب والنصب، هذا فهم خاطئ وإنما الحق أنها تؤجر على كل صغيرة وكبيرة لكن بشرط أن تستشعر مراقبة الله - تعالى -وإخلاصها في أي كل عمل تقوم به.
http://saaid.net المصدر:
==============
كيف تقضي المرأة وقتها ( 2 )
سلمان بن يحيى المالكي
ـ العنصر الثاني من المنطلقات الأساسية لحفظ الوقت: قِصَر أعمار هذه الأمة بالنسبة للأممِ قبلها.
فالأمم التي قبلنا قد أمدّ الله في أعمارها، حتى ليتجاوزُ عمرُ الإنسانِ منهم الألفَ سنة أقل من ذلك أو أكثر، وهذا نوح - عليه السلام - مكث في دعوته تسعمائةٍ وخمسين عاما " فلبث فيهم ألف عام إلا خمسين سنة " وعليه فإذا كانت أعمار الأمم قبلنا طويلة جد طويلة، فأعمار أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - بالنسبة للأمم السابقة قصيرة جد قصيرة، يقول المعصوم - صلى الله عليه وسلم - " أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين وأقلهم من يجوز ذلك " فإذا قارنّا بين هذا العمر القصير وبين هذه الأعمار المديدة التي مدّ الله - تعالى -في عمر من قبلنا، أدركنا أهميةَ الوقت بالنسبة لنا، وأدركنا الحاجة الماسة إلى استغلال كلِ نفسٍ من أنفاسنا، وإلى استثمار كلِ لحظة من لحظاتِ أوقاتنا، هذا فضلا عن مراحلِ عمر الإنسان في حياته، فإنه يبدأ ضعيفا بالصبوة ثم ينتهي ضعيفا بالشيخوخة، فهناك أجزاء في عمر الإنسان في بدايته ونهايته قد لا يكون استثماره لها أو الاستفادة منها على الوجه المطلوب، ولهذا أرشد النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى اغتنام ساعات العمر قبل انصرامها حينما قال: اغتنم خمسا قبل خمس: حياتك قبل موتك، وصحَتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وشبابك قبل هرمك، وغناك قبل فقرك " [رواه أحمد] ولهذا انتبه سلفنا الصالح إلى أهمية الوقت في حياة الإنسان، فهذا ابن القيم - رحمه الله - يشبّه عمر الإنسان بساعاته وأيامه وشهوره وسنواته فيقول " السنة شجرة، والشهور فروعها، الأيام أغصانها، والساعات أوراقها، والأنفاس ثمرها، فمن كانت أنفاسه في طاعة، فثمره شجرته طيبة، والعكس بالعكس "
http://saaid.net المصدر:
===============
كيف تقضي المرأة وقتها ( 3 )
سلمان بن يحيى المالكي
العنصر الثالث: سرعة الزمن
وسرعة الزمن كثيرا ما نتحدث عنها، فنقول كثيرا ما أسرع الزمن وما أقصر الوقت، وهذا القول له أصل في الحقيقة، فالزمن سيفٌ بتّار، وهو لا ينتظر الغافلين المعرضين حتى يستيقظوا، بل إن كلَ نفَس يتنفسه الإنسان هو من عمُره، وهو جوهرةٌ ثمينة، وكلُ يوم تغيب شمسه لا يعود إلى الدنيا مرة أخرى، كسِب فيه من كسب وخسر فيه من خسر، وسيكونُ هذا اليومُ الغائب شاهدا للإنسان أو شاهدا عليه، يُروى عن الحسن البصري - رحمه الله تعالى -أنه قال: " ما من يومٍ ينْشقُّ يومه إلا وينادي، يا ابن آدم: أنا خلق جديد، وعلى عملك شهيد، فتزود مني، فإني إذا مضيت لا أعود إلى يوم القيامة " وكلما كان الإنسانُ أيها الإخوة والأخوات سليما معافا كان الوقتُ في نظره أقصر، وعلى كلِ حال فالزمن ماضٍ، وكما قال الأول:
مرّت سنينٌ بالوِصالِ وبالْهَنا *** فكأنها من قُصْرها أيام
ثم انْثنت أيامُ هجرٍ بعدها *** فكأنها من طولها أعوام
ثم انقضت تلكَ السُنونُ وأهلها *** فكأنها وكأنهم أحلام(1/29)
وما من شك أن الذين يُدركون اغتنام الزمن هم الذين يوفقهم الله - تعالى -لاغتنام ساعات العمر بما يفيد، وإذا غاب شمس ذلك اليوم ولم يستفد منه تندم عله وتحسر، يقول ابن مسعود - رضي الله عنه -: ما ندمت على شيء ندمي على يومٍ غرُبت شمسه نقص فيه أجلي ولم يزِد فيه عملي " ويُروى عن حكيم قولَه " من أمضى من عمره يوما في غيرِ حقٍّ قضاه أو فرض أداه أو حمد حصلّه أو خيرٍ أسسه أو علم اقتبسه فقد عقّ يومه وظلم نفسه ".
العنصر الرابع: أن الوقت إذا لم يُقضَ بالخير قُضي بضده
وهذه مسألة لا يتنازع فيها اثنان، فالنفس إن لم تُشغلها بالخير شغلتك بالشر، ومن الملاَحَظ أن الذين لا يستفيدون من أوقاتهم إنما يُهدرونها فيما يضرهم ولا ينفعهم، والإنسان بطبعه لا يُمكن أن يقْعُد ويستكينَ عن الحركة، لكن إن وجّه تلك الحركة فيما ينفع ويعود عليه بالفائدة عادت عليه وعلى أمته بالخير، وإلا أصبح مرْتعا للشياطين يقلبونه كيف شاءوا، ولذلك قال العلامة المَنَاويِّ - رحمه الله تعالى -" إن الإنسان إذا تعطَّل عن عمل يُشغلُ باطنه في مباح يستعين به على دينه، كان ظاهره فارغا، ولم يبق قلبُه فارغا، بل يعشعش الشيطان ويبيض ويفرخ، فيتوالدُ فيه نفسُه توالُدا أسرع من توالُدِ كلِ حيوان، ومن ثَمّ قيل: الفراغُ للرجل غفلة وللنساء غُلْمة " [إشارة إلى هيجان شهوة النكاح] وهناك قضية لا بد للمسلم أن يعيها وهي:أن تفريط الإنسان في وقته قد لا تعود مغِبتُه على المضيِّعِ وحده، بل ربما شمل غيره بذلك، وهذا حاصل مع الأسف الشديد، فكم هم العاطلون عن أوقاتهم يضيعون الأوقات على أنفسهم وعلى غيرهم.
http://islameiat.com المصدر :
===============
كيف تقضي المرأة وقتها ( 4 )
سلمان بن يحيى المالكي
العنصر الخامس: كيد الأعداء ومحاولتهم إضاعةَ أوقاتنا.
ففي الوقتِ الذي يحرص أعداؤنا على استثمار أوقاتهم، يخططون لإفسادِ أوقاتنا وتضييعها، وإشغالنا بسفاسفِ أمورٍ ننصرفُ بها عن المهِمِّ النافع لنا، كما جاء ذلك في بروتوكولات حكماء صهيون ومن بينها قولهم " لكي نُبعد الناس عن أن تكتشف بأنفسها أيَّ خطِ عملٍ جديد سنلهيها أيضا بأنواع شتّى من الملاهي والألعاب ومُزجيات الفراغ والمجامع العامة وهلمّ من مجرّى، وسُرعان ما نبدأ الإعلانَ في الصحف داعين الناس إلى الدخول في مبارياتٍ شتى في كل أنواعِ المشروعات كالفنِ والرياضة وما يليها، وبهذه وتلك سيفسد الشعب تدريجيا نعمةَ التفكير للمستقبل بنفسه وسيهتفُ بنا " وهذا لعمر الله واقع، فالناس حينما يشتغلون بسفاسف الأمور ينسون أحيانا أن اشتغالهم بهذه الأشياء إنما هو كيدٌ مخطط لهم في الوقتِ الذي يستثمرُ فيه الأعداء أوقاتَهم ويحرصون كلَ الحرص على استغلال كلِ لحظة من لحظاته، مع أن المسلمين هم أولى وأجدر باستغلال واستثمار هذه الأوقات.
http://www.saaid.net المصدر:
==============
كيف تقضي المرأة وقتها ( 5 )
سلمان بن يحيى المالكي
النقطة الثانية:أحاديثُ عن أهمية الوقت.
وقبل الشروع في هذه النقطة فقد نوّه الله - جل وعلا - في كتابه بأهمية الحفاظ على الوقت، فهو - سبحانه - يقسم تارة بالضحى " والضحى والليل إذا سجى " وتارة بالفجر " والفجر وليال عشر " وأخرى بالليل والنهار" والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى " والله - سبحانه وتعالى - له أن يُقسم بما شاء، لكنه في الوقت نفسه لا يقسم إلا لأمر جليل، وأما سنة المعصوم فهي مليئة بتلك الأحاديث التي تحث على الاهتمام واستشعار أهمية الوقت، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال " إن الله - تعالى -يبُغضُ كلَ جعْظَرِيٍّ [أي الفظ الغليظ المتكبر] جوّاظ، صخابٍ بالأسواق، جيفةٍ بالليل حمارٍ بالنهار، عالمٍ بأمر الدنيا، جاهل بأمر الآخرة " [رواه بن حبان بإسناد صحيح] وفي هذا الحديث إشارة ودليل على بُغضِ الله - تعالى -لهذه الفئةِ من الناس التي لا ترعى الوقت ولا تستفيد منه، وإنما تتقلب بالليل والنهار دون أن تُحسّ بأهمية هذا الوقت، وعن معاذ - رضي الله عنه - قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " ليس يتحسّرُ أهلُُ الجنة على شيء إلا على ساعةٍ مرّت بهم لم يذكروا الله - عز وجل - " [رواه الطبراني وصححه الألباني] فإذا كان هذا تحسُرُ أهلِ الجنة وهم من دخلوها وتنعموا في ظلالها فما بالكم بمن دونهم، وروى البخاري في صحيحه عن بن عباس - رضي الله عنهما - قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" نعمتانِ مغبون فيهما كثير من الناس، الصحة والفراغ " يقول بنُ بطّال عليه رحمة الله - تعالى -في معنى الحديث " إن الإنسان لا يكونُ فارغا حتى يكونَ مكْسيا صحيحَ البدن، فمن حصلَ له ذلك فليحرص على ألا يُغبن، بأن يترُك شكرَ الله - تعالى -بما أنعم به عليه، ومن شكره امتثال أوامره، واجتناب نواهيه، فمن فرطَ في ذلك فهو المغبون، وأشار النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله كثير من الناس، أن الذي يوفَّقُ لذلك قليل " ويقول بن الجوزي أيضا " قد يكونُ الإنسان صحيحا ولا يكون متفرغا، لشغله بالمعاش، وقد يكون مسْتغنيا لكن لا يكون صحيحا، فإذا اجتمع الصحة والفراغ فغلب عليه الكسل عن الطاعة فهو المغبون لأن الدنيا مزرعة الآخرة " وإذا نظرنا حقيقة وجدنا أن المغبونون حقا هم الذين لا يستفيدون من هذه النعم التي وفرها الله - تعالى -لهم فلا يستخدمونها في طاعةِ الله - تعالى -وفيما ينفع أنفسهم ويعود بالنفع على مجتمعهم، وقد وصفهم الغزالي - رحمه الله تعالى -" اعلم أن مثَلَ أهلِ الدنيا في غفلتهم كمثلِ قومٍ ركبوا سفينة، فانتهوا إلى جزيرةٍ مُعْشِبة، فخرجوا لقضاء الحاجة فحذرهم الملاّح [قائد السفينة] من التأخر فيها، وأمرهم أن يقيموا بقدر حاجتهم، وحذرهم أن يُقلِع بالسفينة ويترُكَهم، فرجع بعضُهم وبادروا سريعا، وهؤلاء صادفوا أحسنَ الأمكِنةِ وأوسعِها فاستقروا فيها، والباقون انقسموا فِرَقا، الأولى: استغرقت في النظر إلى أزهار الجزيرة المونقة وأنهارها المطَّرِدة وثمارها الطيبة وجواهرها ومعادنها، ثم استيقظ فبادر إلى السفينة فلقي مكانا دون الأول فنجى في الجملة، الثانية: كالأولى لكنها أكبّت على تلك الجواهرِ والثمار والأزهار، ولم تسمَح نفسُه لتركها، فحمَل منها ما قدِرَ عليه، فتشاغل بجمعه وحمله فوصل إلى السفينة فوجد مكانا أضيقَ من الأولى، ولم تسمح نفسه برمي ما استصْحَبَه فصار مُثْقلا به، ثم لم يلبَث أن ذبُلت الأزهار ويبِست الثمار وهاجت الرياح، فلم يجد بُدّا من إلقاء ما استصحبه حتى نجى بحشاشة نفسه، الثالثة: تولّدت في الغِياظ، وغفَلَت عن وصيةِ الملاح، ثم سمعوا نداءه بالرحيل، فمرت، فوجدت السفينة قد سارت، فبقيت فيما استصحبت في البر حتى هلكت، الرابعة: اشتدت بها الغفلة حتى عن سماع النداء، وسارت السفينةُ فانقسموا فرقا منهم من افترسته السِباع ومنهم من تاه على وجهه حتى هلك ومنهم من مات جوعا، ومنهم من نهشته الحيات...إلى أن قال: فهذا مثل أهل الدنيا في اشتغالِهم بحظوظهم العاجلة، وغفلتهم عن عاقبةِ أمرهم.. ثم ختم مثله بقوله: وما أقبحَ من يزعُم أنه بصير عاقل، وهو يغتر بالأحجار من الذهب والفضة والهشيمِ من الأزهار والثمار، وهو لا يصحبه شيء من ذلك بعد الموت والله المستعان " وهذا والله مثل حي يصور واقعَ كثير من المسلمين الذين يخوضون في هذه الحياةِ الدنيا ويجمعون ما يجمعون وربما لفظوا أنفاسهم ولا زالوا يجمعون دون أن يستفيدوا مما جمعوه.(1/30)
http://www.saaid.net المصدر:
=================
كيف تقضي المرأة وقتها ( 6 )
سلمان بن يحيى المالكي
النقطة الثالثة: نماذج من حفظ العلماء لأوقاتهم.
يحدِّث أبو حاتم عن نفسه وجهاده في طلب العلم فيقول: بقيت في البصرة ثمانيةَ أشهر وكان في نفسي أن أقيم بها سنةً كاملة، لكن انقطعت نفقتي فجعلت أبيع ثيابي حتى نفدت وبقيت بلا نفقة، ومضيتُ أطوف مع صديقٍ لي إلى المشْيخة، وأسمع إلى المساء، فانصرف رفيقي فجعلت أطوف معه لسماع الحديث على جوع شديد، وانصرفت جائعا، فلما كان من الغد، غدا عليّ فقال: مُرّ بنا إلى المشايخ، قلت أنا ضعيف لا يمكنني، قال ما ضعفك؟ قلت: لا أكتمك أمري، قد مضى يومان ما طعمت فيهما شيئا، قال: قد بقي معي دينار، فنصفه لك، ونجعل النصفَ الآخر في الكِرى، فخرجنا من البصرة، فأخذت منه نصفَ الدينار " هكذا كان حرص العلماء على أوقاتهم على الرغم من الشدة التي تقابلهم، وهذا الإمام الذهبي يذكر نموذجا آخر في كتابه تذكرة الحفاظ وفي سير أعلام النبلاء لابن أبي حاتم صاحب الجرح والتعديل يقول: كنا في مصر سبعةَ أشهر لم نأكل فيها مرَقة، كلُ نهارنا مقسَّم لمجالسِ الشيوخ، وبالليل النسخ والمقابلة، قال: فأتينا يوما أنا ورفيق لي شيخا، فقالوا: هو عليل [أي مريض] فرأينا في طريقنا سمكة، أعجبتنا فاشتريناها، فلما صرنا إلى البيت حضر وقت مجلس، فلم يُمْكِّنا إصلاح هذه السمكة، ومضينا إلى السمكة، ولم نزل حتى أتى على السمكةِ ثلاثةُ أيام، وكاد أن يتغير، فأكلناه نَيْئا، لم يكن لنا فراغ أن نشويها، ثم قال: إن العلم لا يُستطاع براحة الجسد، وهذا عبد الغني المقدسي المتوفى في القرن السابع، حكى عنه الإمام الذهبي فقال " كان لا يضيع شيئا من أوقاته بلا فائدة، فكان يصلي الفجر ويُلقِّنُ القرآن وربما قرأ شيئا من الحديث تلقينا ثم يقوم فيتوضأ فيصلي ثلاثَمائةِ ركعةٍ بالفاتحةِ والمعوذتين، إلى قبل الظهر، فينام نومة ويصلي الظهر، ويشتغل إما بالتسميع أو بالنسخ إلى المغرب، فإن كان صائما أفطر، وإلا صلى من المغرب إلى العشاء، ثم يصلي العشاء وينام إلى نصفِ الليل أو بعده، ثم قام كأن إنسانا يوقظه، فيصلي لحظة ثم يتوضأ ويصلي إلى قرب الفجر، وربما توضأ سبعَ مراتٍ أو ثماناً مرات في الليل، وقال " ما تطيب ليَ الصلاة إلا مادمت أعضائي رطبة، ثم ينام نومة يسيرة إلى الفجر وهذا دأَبه " وحفظُ الأوقات أيها الأخوة والأخوات ليس قصرا على الرجال وحدهم، بل كانت هناك نماذج من النساء حافظات لأوقاتهن، وفي مقدمةِ هذه النساء أمِ المؤمنين عائشة رضي الله - تعالى -عنها، الذي كانت محّلُ استشهاد الصحابة، وحينما يُشكل عليهم أمرا من أمور الدين في الفقه أو الفرائض أو الشعر أو غيرها تكون هي مرجعُهم، ويقال: لو وُزن علمها بعلم النساء مجتمعة لوزَنَ علم عائشة علمَ النساءِ كلَهن، بل لم تحصل عائشة هذه المزية من هذا العلم والتي أصبحت من رواة الحديث المشهورين إلا بحرصها وحفظها على وقتها، وهذه أيضا عمْرة بنت عبد الرحمن بن سعد بنُ زرارة الأنصارية قال عنها بن سعد في الطبقات: إنها كانت عالمة، وربيبةُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زينب بنتُ أبي سلمة بنت أمِ سلمة أم المؤمنين - رضي الله عنها - يقال: إنها كانت أفقه امرأة بالمدينةِ في وقتها، وأمُ الدرداء - رضي الله عنها - كانت من العالمات ومن الحافظاتِ لأوقاتها، ولذلك كانت تحرص على حِلَق العلم والدروس مع أبي الدرداء زوجها، ومن النساء أيضا جليلة بنتُ علي بنُ الحسن بنُ الحسين يقول عنها العلماء كانت محدثةٌ قارئة للقرآن، وطلبت الحديث بالعراق وخُراسان، وكتب عنها السمعاني: وكانت تعلم الصبيان القرآن الكريم، وخيرة أمُ الحسن البصري وهي مولاة أمِ سلمة نموذج آخر من نماذج النساء الحافظاتُ لأوقاتهن الذي أنتج هذا الحفظ علما غزيرا وفقها كثيرا وعبادة جليلة، وكانت خيِّرة تقُص على النساء وتعلمهن أمورَ دينَهن، بل يصل الأمر أيها الأخوة بحفظِ الوقت لدى النساء في بعضهن، أن أصبح منهن امرأة تُعتبر من شيوخ الإمام الشافعي - رحمه الله تعالى -، ومن هو الشافعي مع علمه وقوة حفظه وغزارة حديثه والذي من شيوخه امرأة تُدعى نفيسة بنتُ الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، بل إن العجب كل العجب حينما تعلمون أنها كانت أمية ومع ذلك كانت تحفظ القرآن الكريم والكثير الكثير من الحديث النبوي الشريف الأمر الذي جعلها واحدةً من مشايخ الإمام الشافعي، قال عنها بن كثير: كانت عابدة زاهدةً كثيرةَ الخير، وكانت ذاتُ مال فأحسنت إلى الناس وأنفقت على الزمنى والمرضى وعمومِ الناس، وكانت من النساء أيضا على وقت النبي - صلى الله عليه وسلم - ما كانت مثالا في حفظ الوقت، وتغزوا معه إذا غزا هي نسيِبة بنتُ كعبٍ الأنصارية - رضي الله عنها - وهي مرأة مجاهدة عالمة، وقد كان جماعة من الصحابة وعلماء من كبار التابعين في البصرة يأخذون عنها غسل الميت كما ساق ذلك بن حجر في تهذيب التهذيب وكانت في المغازي تمرضُ المرضى وتداوي الجرحى، وشهدت غسل بنت النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولو سرتم معي قليلا إلى القرن السادس الهجري نجد عالمة من العالمات هي نعمة بنتُ علي بنت يحي الفرّاح المتوفاة سنة 604 وهي شيخةٌ من أهل دمشق، وكانت من أهل الحديث، روته وأُخذ عنها، سمعت من أبيها وأختٍ له اسمها عزيزة وابنة لأخيها كتابَ الكفاية في معرفة الرواية للخطيب البغدادي، على جدها يحي سنةَ خمسمائةٍ وثلاثين، وكان مولدها سنة خمسمائةَ وثمانيةَ عشر وسمعت عام خمسمائة وثلاثين، فكان عمرها قرابةَ اثنتي عشرةَ عاما، وهذا دليل على شغفها بالعلم وحرصها على الوقت منذ طفولتها، وأردت من هذه الأمثلة أن أبين أن حفظ الوقت ليس قصرا على الصحابيات فحسب، وإنما هي في قرون متأخرة إلى وقتنا هذا والحمد الله، وعودا على بدء في عصر الرسالة والنبوة، فهذه حواء بنتُ يزيد بن سِنان الأنصارية والذي كان خالها الصحابي الجليل سعدُ بن معاذ وزوجها هو قيس بن الحطيم، وأردت من هذا النموذج أن أوضح أن المرأة تستطيع أن تستثمر وقتها مهما كان مجهوداتها وشغلها والضغوط عليها، وقد أُخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - عن إسلام هذه المرأة ليلة العقبة، وكانت تكتم إسلامها عن زوجها لأنه كان يصدها عن دينها، بل كان يعبث بها ويأتيها أحيانا وهي ساجدة فيقلبها على رأسها، وربما كان يأخذ ثيابها ويضعها على رأسها وهي تصلي وهو يقول: إنكِ لتعتقدين دينا لا يُدرى ما هو، ومع ذلك كانت هذه المرأة مصرة ببقائها على دينها حتى كانت العاقبة لها، فحينما وصل الرسول - صلى الله عليه وسلم - خبرها وخبرَ زوجها، عرض عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - حين قدومه مكة مع جمع من قومه من الأنصار كانوا يطلبون حلفا من قريش، فقال هذا الرجل أنظرني حتى أقدُم المدينة، فطلب منه النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يجتنب إيذاء زوجته حواء، وأوصاه بها خيرا وقال إنها قد أسلمت، ففعل قيس، ولما سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه تخلا عن إيذائها قال " وفى لنا قيس " وهذه أسماء بنتِ عمير وهي من الصابرات الصائمات العالمات، صحابية جليلة عظيمةَ القدر، أسلمت قبل دخول النبي - صلى الله عليه وسلم - دار الأرقم، ثم هاجرت مع زوجها جعفر إلى الحبشة وولدت بعض أولادِه هناك، فلما قُتل زوجها جعفر - رضي الله عنه - زوجها النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر الصديق فولدت له محمد ثم تزوجها علي بن أبي(1/31)
طالب، وكان من صبرها لما بلغها مقتل محمد بن أبي بكر في مصر قامت إلى مسجد بيتها وقيل إنها كظمت غيظها، حتى شخَبَ ثدياها دما، وهذا دليل على صبرها وتحملها المصائب - رضي الله عنها -. [هذه بعض النماذج من هذه النساء المحافظات على أوقاتهن الداعيات إلى الله - تعالى -، وحقيقة تركت الكثير والكثير من هذه القصص مخافة الإطالة في هذه النقطة]
http://www.saaid.net المصدر:
==============
كيف تقضي المرأة وقتها ( 7 )
سلمان بن يحيى المالكي
النقطة الرابعة: العوائق والصوارف التي تشكّل حائلا ومانعا دون استثمار المرأةِ لوقتها.
وهناك صوارف كثيرة تشكل حائلا للمرأة دون استثمارها لوقتها، وأول هذه الصوارف:
أولا: طول الأمل والتسويف.
وهذه قاصمة الظهر وأمُ المشاكل، ولذلك توعد الله - عز وجل - المسوفين فقال" ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون " قال القرطبي - رحمه الله تعالى -في تفسير هذه الآية " يلههم الأمل: يَشْغلهم عن الطاعة " ويقول أبو سعيد الحسن البصري " ما أطال عبد الأمل إلا أساء العمل " نعم..إن الأمل بطبيعته يكسِّل عن العمل، ويورثُ التراخي والتواني، ويُعْقِبُ التشاغلَ والتقاعس، ويُخلدُ إلى الأرض، ويَميل صاحبه إلى الهوان " وينتج عن طول الأمل: التسويف، فكلَما همّ المرء بعمل وتذكر طول الأمل قال سوف أعمله غدا أو بعد الغد، وهكذا ينقضي عمره مسوِّفا فلا يحصِّل ما أراد، وزمانا قيل: إن سوف جند من جنود إبليس، وإلا كيف يسوفُ المسلم وهو لا يعلم أيعيش لحظته أم لا؟ ولهذا كانت وصيةُ عبد الله بنُ عمر - رضي الله عنهما - كما في البخاري " إذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك " وصدق من القائل يوم قال:
تزود من التقوى فإنك لا تدري إذا جنّ ليل هل تعيش إلى الفجر
فكم من سليم مات من غير علةٍ وكم من سقيمٍ عاش حينا من الدهر
وكم من فتى يُمسي ويصبح آمنا وقد نُسجت أكفانه وهو لا يدري
http://www.saaid.net المصدر:
============
تسعيرة الوقت في بلادي
د. عثمان علي حسن
لا نزال نذكر من محفوظاتنا الأدبية قول أمير الشعراء:
دقات قلب المرء قائلة له *** إن الحياة دقائق وثواني
وفي تراثنا يقال عن الوقت: إنه كالسيف؛ إن لم تقطعه قطعك..
وأبلغ ما قيل فيه: الوقت هو الحياة.. وهو متفق مع قول أمير الشعراء..
وفي الحديث الشريف: نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ..
ومع ذلك ما أرخص هذا الغالي في بلادي!؛ فمن المضحك المبكي قول الصديق لصديقه: سآتيك عند الساعة الخامسة، لكن عليك أن تنتظر إلى السابعة؛ فإن لم أحضر عند التاسعة فانصرف؛ ولا تنتظر!!.. فهذا مثل سائر؛ يحكي عمق المأساة!!؛؛ فبدون مبالاة تضيع أربع ساعات بحجة الانتظار.. وربما تكررت المأساة مع الصديق نفسه؛ على أمل أن يكون حاله قد تحسن..
قد تضيع ساعات، بل يوم كامل؛ بسبب أن قريبك، أو صديقك قال لك: ربما أزورك اليوم؛ ثم لا يأتي؛ وتبقى أنت محبوسا رهن الاحتمالات..
اشتهر عن خطوطنا الجوية السودانية إصابتها بهذا الداء!!.. ويحكى أن أحد إخواننا المقيمين في الخارج ذهب إلى المطار لاستقبال أحد أقاربه؛ فالتقى موظف الاستعلامات المصري؛ فسأله عن السودانية؛ فأجاب بأنها لم تصل بعد؛ فتعجب أخونا!؛ بأن كل الطائرات وصلت في مواعيدها إلا طائرتنا.. فأجاب المصري بلهجتة: (لأ لأ!!.. دي ستهم كلهم؛ تجي إمتى ما تجي، وتروح إمتى ما تروح!!؛ ما حدش يسألها)!!..
هذا حال طائراتنا، واجتماعاتنا، ومحاضراتنا في الجامعات، ودوائرنا الحكومية بلا استثناء، بل حتى العمليات الجراحية لا تنفذ في موعدها الذي حدد لها؛ فيظل الأقارب خارج غرفة العمليات؛ ينتظرون وقد هجمت عليهم الخواطر السيئة، والأوهام المحزنة!!..
إنه من المعتاد أن تذهب إلى الموظف فلا تجده على مكتبه؛ لأنه لم يحضر بعد!!.. وربما اكتشفت بعد قليل أن الرجل سافر لأداء واجب العزاء في أحد أصدقائه؛ ولا تدري متى يحضر، والمعاملات معلقة به!؛ لا يملك حق الفك، والربط إلا هو..
أما عن ساعة (أو ساعات) الفطور فحدث؛ ولا حرج!؛ فلا زمام لها، ولا خطام!!.. حتى أصبحت ستارا لكل تغيب!، وعذرا لكل تسيب!؛ وحجة لكل متلاعب..
هذه صور اعتادها الناس!؛ حتى إنك لتحس بأنها لا تثير فيهم تعجبا، بل ربما تجد بعضهم يعتذر؛ ويبرر لأمثال هؤلاء المهدرين لقيمة الوقت!!..
وعزاؤنا في شركات النقل البري؛ حيث أحدثت نقلة كبيرة في هذا الجانب؛ مما قد يتسبب ِفي تخلف بعض المسافرين!!..
التقيت في الخارج أحد الأصدقاء الذين زاروا السودان؛ فسألته عن رأيه!؛ فأجاب بأن الشعب السوداني شعب طيب!!؛؛ حتى في مسألة المواعيد!!..
كل هذا يحدث في بلادي، ونحن نصر على دخول الألفية الثالثة، وعلى التمتع بتقنيات العصر!!..
كيف تفلح أمة يقول بعض شبابها: نعاني فراغا قاتلا؟!.. فهيا لنقتل هذا الفراغ..
كيف تفلح أمة يسعى شبابها لقتل الوقت؛ لأنه عدوهم؛ فيقتلون الحاضر والمستقبل!؛ ويقتلون الحياة؟!.. إنه الانتحار المبطن!!..
فهل من سبيل لتعديل هذه الثقافة؟!..
http://www.meshkat.net المصدر:
==============
اعتراف في الوقت الضائع
الدكتور محمد بن عبد العزيز المسند
((يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا)) (الأحزاب: من الآية66).
هذا الاعتراف سجله القرآن الكريم على لسان أصحاب النار، دار الخزي والبوار، وذلك يوم القيامة ((يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ)) (غافر: 52).
إنه ليس اعترافاً واحداً ولكنها اعترافات كثيرة تبدأ من حين خروجهم من القبور إلى أن يؤتى بالموت فيذبح بين الجنة والنار، وينادي مناد: يا أهل الجنة، خلود ولا موت، ويا أهل النار خلود ولا موت.
فإذا نفخ في الصور النفخة الثانية، انتفضوا من القبور، ومضوا سراعاً وهم في خوف شديد وذعر، خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة وهم يقولون: ((قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ)) (يّس: 52).
ثم تزول عنهم الدهشة فيعترفون ويقولون: ((هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ)) (يّس: من الآية52) وحينئذٍ لا يملك الكافر إلا أن يعضّ على يديه أسفاً وندماً وهو يقول: ((يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً)) (الفرقان: من الآية27).
ويندم على مصاحبة الأشرار المضلين فيقول: ((يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً، لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولاً)) (الفرقان: 28 - 29).
عند ذلك يتوجه الكفار إلى ربهم وخالقهم قائلين: ((قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ)) (غافر: 11).
ولكن هيهات!! فقد كانوا في الدنيا يدعون إلى الإيمان فيكفرون، ثم ينزل الله - سبحانه وتعالى - لفصل القضاء، فيقضي بين البهائم العجماوات، حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء، وذلك من كمال عدله - سبحانه -، ثم يقول لها كوني تراباً فتكون تراباً، فإذا نظر الكافر ما قدمت يداه، وعلم مصيره صرخ قائلاً: ((يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَاباً)) (النبأ: من الآية40).(1/32)
ثم يقضي الله بين العباد فيُعطي كل إنسان كتاب أعماله، فيأخذون كتبهم بشمائلهم من وراء ظهورهم، فإذا نظروا فيه قالوا: ((يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً)) (الكهف: من الآية49).
عند ذلك يقول الكافر والألم يعتصر قلبه وفؤاده: ((يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ، وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ، يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ، مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ، هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ)) (الحاقة: 25-29).
فيأمر الله ملائكته أن: ((خُذُوهُ فَغُلُّوهُ، ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ، ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ)) (الحاقة: 30-32).
فتوضع الأغلال في أيديهم وأعناقهم والسلاسل في أرجلهم، ويسحبون في النار على وجوههم، تلك الوجوه التي أبت أن تسجد لله في دار الدنيا، ثم تقلب وجوههم في النار، فيصرخون فيها من شدة الألم ويقولون: ((يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا)) (الأحزاب: من الآية66).
ثم يتذكرون أن دخولهم النار إنما كان بسبب طاعة السادة المضلين، وكبراء القوم، فيقولون معترفين: (( رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا، رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً)) (الأحزاب: 67-68).
ثم بعد ذلك تتوالى أفواج الكفار وهم يلقون في النار، ((كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ)) (الملك: من الآية8) فيجيبون معترفين: ((قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ)) (الملك: 9).
ثم يقولون نادمين: ((وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ)) (الملك: 10).
((فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ)) (الملك: 11).
ثم ينادون ربهم قائلين: ((رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ)) (فاطر: من الآية37).
فيأتيهم الجواب: ((أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ)) (فاطر: من الآية37).
ورغم تلك الهموم والغموم والأهوال، لا تزال لديهم بارقة أمل في النجاة من النار والخروج منها، فينادون ربهم بصوت منكسر محزون: ((رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَالِّينَ، رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ)) (المؤمنون: 106- 107).
فيجيبهم الله بعد زمان: ((اخْسَأُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ)) (المؤمنون: 108).
وحينئذٍ تنقطع منهم الآمال، ويخلدون في نار جهنم جزاء ما قدموه من الأعمال، ((كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ)) (البقرة: من الآية167).
هذه بعض اعترافات أهل النار.
وفي القرآن الكريم أضعاف ما ذكرناه فالله المستعان.
16/6/1426 هـ
23/7/2005
http://www.islamlight.net المصدر:
============
استمتع بوقتك بين جدران بيتك !
خالد عبد اللطيف
لماذا تمر لحظات البقاء في البيت مع الزوجة والأولاد بطيئة ثقيلة على بعض الناس ؟! لماذا لا تتحول إلى متعة يسعى إليها رب الأسرة، ويتشوّق إليها، فإذا وصل إليها قرّت عينه وانشرح صدره، وأشاع مِن حَولِه البهجة والسعادة..
ابنه يرتحله، وابنته ترتمي في أحضانه، وتُقص القصص الجميلة، والطرائف المرحة..؟!
والأم ترقب وتشارك في سرور؛ إذ عليها بدورها أن تهيئ الصغار والأجواء، وتؤجل بعض أشغالها في البيت؛ ليتفرغ الجميع لجلسة أسرية مليئة بالأنس والفرح . أضف إلى ذلك حاجة الرجل نفسه إلى الخروج من ضغوط العمل والأجواء الرتيبة الجادة، إلى لحظات من إجمام النفس والترويح عنها.
أصابع الاتهام - للأسف - تشير إلى موضع دقيق وحساس بين أضلعنا!
تشير إلى القلب .. فلو أن القلوب صلحت؛ لوجدت في إيناس الأهل والصغار مرتعا للاحتساب والتماس الثواب، والتقرب إلى الله - تعالى - بإدخال السرور عليهم وقضاء أهم حوائجهم؛ حاجتهم إلى المشاعر الصادقة، والحنان الفيّاض، والرأفة والشفقة.
ولو أن القلوب صلحت؛ لاتجهت برغائبها إلى سنة أفضل الخلق - صلى الله عليه وسلم -، وتأست بسيرته الكريمة في الزوجات والأولاد؛ فكان - صلى الله عليه وسلم - يسابق عائشة - رضي الله عنها -، ويجعلها تشاهد من خلفه لعب الأحباش في المسجد ، ويذهب إلى بيت ابنته فاطمة - رضي الله عنها - من أجل الحسن والحسين - رضي الله عنهما -، ويحمل الصغار في الصلاة، وينزل من منبره ليحملهم، ويرتحلونه بأبي هو وأمي وهو في صلاته، فلا يمنعهم .. بل يطيل في سجوده من أجلهم، إلى غير ذلك من شمائله الشريفة مع أزواجه وأهل بيته - صغارا وكبارا - التي تمتلئ بها دواوين السيرة وصحاح السنة!
وهكذا كان - صلى الله عليه وسلم - يفسح المجال لذلك في أوقات أوسع بكثير مما يمتنّ به بعض الناس وهم يقضون سويعات متفرقة في بيوتهم في أجواء من الصمت والفتور!
والأهم أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يُفسِح لهذه الأوقات من قلبه الطاهر، ومشاعره الصادقة؛ بخلاف من يبذلونها على مضض وتململ؛ فتراهم حاضرين بالأبدان دون المشاعر والوجدان!
فهل يتنبه المحبون لنبيهم - صلى الله عليه وسلم - إلى جانب عظيم من سنته، يخسر ـ كثيرا ـ من يفرّط في الأخذ به والعض عليه بالنواجذ، وتخسر البيوت جرّاء ذلك كثيرا من أسباب سعادتها؟!
http://www.asyeh.com المصدر:
=============
أمور ينبغي على المرأة فعلها واستغلال الوقت بها
الشيخ محمد بن عبد الله الهبدان
أختي المسلمة: هناك وسائل كثيرة يمكن للمرأة أن تقضي وقتها فيه فمن ذلك:
1- القراءة النافعة: وتشتمل على أمرين:
أ - قراءة القرآن الكريم:
روى عن خباب- رضي الله عنه- أنه قال: (يا هنتاه تقرب إلى الله بما استطعت فلن يُتقرب إلى الله بشيء أحب إليه مما خرج منه)[1]
والأحاديث في بيان فضل تلاوة القرآن وتعلمه كثيرة جدا منها:
- قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((خيركم من تعلم القرآن وعلمه)) [2].
- قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((مَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَهُوَ حَافِظٌ لَهُ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ وَمَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ وَهُوَ يَتَعَاهَدُهُ وَهُوَ عَلَيْهِ شَدِيدٌ فَلَهُ أَجْرَانِ)) [3]
ولا تتعذر المسلمة بكونها أمية لا تقرأ ولا تكتب فيمكن:
- أن تقرئي ما تحفظين كالفاتحة والإخلاص والمعوذتين وآية الكرسي ونحوها.
-أو تستمعي إلى شريط أو إذاعة القرآن الكريم فتستفيدين منه في الحفظ والتلاوة.
- ولتعلمي أنَّ هناك من النساء الأميات من حفظنَ الكثير من القرآن من خلال التلقين.
ب - قراءة الكتب النافعة:
والتي من خلالها تعرف أحكام دينها، ومن المؤسف حقاً أن نسمع أن بعض النساء يجهلن الكثير من أحكام الدين، بل وصل الأمر في بعضهنَ إلى أنَّها لا تجيد قراءة الفاتحة، وتجهل أحكام الصلاة، فلا حول ولا قوة إلا بالله ([4]).(1/33)
ومن العجيب حقاً أنَّ المرأة تشتري كتب فن الطبخ بأسعارٍ غالية وتقرأ فيها، وتتعلم كيف تتفنن في طهي الطعام، ولكن كم هن اللاتي ينفقن بعض أسعار تلك الكتب في شراءِ الكتب التي تعلمها أمر دينها وفي كيفية تربية أولادها؟ والله المستعان.
2- ذكر الله - تعالى -:
والذكر أمره ميسور ولا يحتاج إلى كبير عناء- ولله الحمد والمنة- ومن يسرهِ أنَّهُ يمكن لك أن تذكري الله وأنت تزاولين أعمال البيت ـ ما لم تكوني في مكان لا يذكر الله فيه، وخذي هذه النصوص في بيان فضل الذكر حتى تعلمي أهميته:
- قال - تعالى -: ((وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً)) (الأحزاب: 35).
- وروى مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((سبق المفردون، قالوا: وما المفردون يا رسول الله؟ قال: الذاكرون الله كثيرا والذاكرات)) [5]
- وروى مسلم عن سعد بن أبي وقاص قال كنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((أيعجز أحدكم أن يكسب في كل يوم ألف حسنة؟ فسأله سائل من جلسائه: كيف يكسب ألف حسنة؟ قال يسبح مائة تسبيحه فتكتب له ألف حسنة، أو تحط عنه ألف خطيئة)) -[6]
فاحرصي - وفقك الله - على أذكار الصباح والمساء، وعلى ما يقال أدبار الصلوات ونحوها.
3- تربية الأولاد:
تربية الأولاد مسؤولية عظيمة يقع على كاهلها أكثر ما يقع على المرأة، لأنَّ الرجل أكثر انشغالاً من المرأة، وأقل لزوما للبيت، قال - صلى الله عليه وسلم -: ((وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا)) [7].
وصدق حافظ إبراهيم إذ يقول في حق المرأة الصالحة:
الأم مدرسةً إذا أعددتها *** أعددت شعباً طيب الأعراق
الأم روض إن تعهده الحيا *** بالري أورق أيما إيراق
الأم أستاذ الأساتذة الأولى *** شغلت مآثرهم مدى الآفاق
يدرجن حيث أردن لا من وازع *** يحذرن رقبته ولا من واق
يفعلن أفعال الرجال لواهيا *** عن واجبات نواعس الأحداق
في دورهن شؤونهن كثيرة *** كشؤون رب السيف والزراق
وعليكمُ أن تستبين بناتكم *** نور الهدى وعلى الحياة الباقي
وتذكري أختي المسلمة إنك إذا مت انقطع عملك إلا من ثلاث، ومنها (أو ولد صالح يدعو لك)[8].
وهذا الولد الصالح لا يمكن أن يوجد إلا حينما تحسنين تربيته، فقدري الأمر حق قدره واستعيني بالله.
4- الإكثار من سماع الأشرطة الإسلامية:
الشريط الإسلامي نعمة من أجلَّ النعم، فإنَّ المرء يتمكن بواسطته وهو جالس في بيته، من الاستماع إلى مئات العلماء والدعاة، ولذا ينبغي للمرأة أن تستفيد من وقتها بمثل هذا الأمر، حتى ولو كانت تعمل في أعمال المنزل من طبخ وغسل ونحوه، فلا يلزم أن تعي المرأة كل ما يقال في الشريط، بل لو حصلت على بعض فوائده لكفى.
5- ممارسة مهنة الخياطة ونسج الصوف:
يمكن للمرأة أن تستغل وقتها بممارسة هذه المهنة، فتقوم بخدمة قريباتها وزميلاتها بأجرة رمزية، ولها الخيار أن تأخذها أو تتصدق بها، وأجر الصدقة عظيم، وفي هذا الأمر فائدة أخرى وهو القضاء على المنكرات التي تحدث في محلات الخياطة النسائية، أو على الأقل التخفيف منها.
6- العمل على الحاسب الآلي:
يمكن للمرأة أن تعمل في منزلها من خلال الحاسب الآلي دون الحاجة إلى الخروج من بيتها، فتمارس المرأة عملها التجاري من خلال كتابة البحوث، أو تصميم الأغلفة أو العمل كموظفة في الانترنت أو نحو ذلك، من الأعمال التي تقضي على وقت فراغها وتنفع نفسها.
7 - كتابة المقالات و إرسالها إلى المجلات الإسلامية:
فإذا كان في خاطرك وقفة، أو في نفسك لفتة تحبين أن تبينها للناس فيمكن لك ذلك، من خلال إرسالها عبر الفاكس أو البريد لإحدى المجلات الإسلامية، كمجلة الأسرة، أو الشقائق، أو حياة، أو جودي، وهذه كلها مجلة نسائية متخصصة في عالم المرأة، وهناك مجلة أخرى يمكن الاستفادة منها.
8- الإكثار من نوافل العبادات كالصلاة والصيام ونحو ذلك:
وهذه وصية النبي - صلى الله عليه وسلم - لربيعة بن كعب حين طلب من النبي - صلى الله عليه وسلم - مرافقته في الجنة فقال له - صلى الله عليه وسلم -: ((عليك بكثرة السجود)) رواه مسلم ([9])، وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((اعلم أنك لن تسجد لله سجدة إلاَّ رفع الله لك بها درجة وحط بها عنك خطيئة)) رواه أحمد عن أبي أمامة [10]
9- القيام بتفريغ وكتابة الأشرطة المهمة:
ووضعها في أماكن خدمات الطالب، لينتفع منها طلاب العلم، أو إنزالها في المواقع الإسلامية في ساحات الإنترنت، ولا يخفى على المسلمة كم من الأجر العظيم في هذا العمل الجليل.
10- التدبير المنزلي:
وهي أعمال الطهي وتنظيف المنزل، وغسل الملابس ونحو ذلك، والمرأة إذا احتسبت ذلك فإنَّها في عبادة تُؤجر عليها، أضف إلى ذلك أنَّ لهذا العمل فوائد منها:
ـ فوائد جسمية: حيث إنَّ حركة المرأة في بيتها تقيها بإذن الله شر التخمة التي أصيبت بها كثير من النساء.
ـ أنَّ الزوج يتضايق من المرأة الكسولة وقد يحدث لها ما لا تحمد عقباه.
11- صناعة بعض التحف والأشكال الجمالية:
إن طلب الجمال أمر مركوز في الفطرة، فحب الإنسان للمناظر الجميلة والأشكال الرائعة أمر مباح، وللإنسان أن يطلبها ويعملها إذا لم يكن فيها إسراف ولا محذور شرعي، كوجود الصور، وإن كثيراً من تلك الأشكال قد تعملها المرأة، فماذا لو استغلت المرأة بعض وقتها وعملت شيئاً من تلك التحف، ووفرت على نفسها ووليها هذا المال الذي تشترى به تلك التحف[11].
ويمكن أن تبيع تلك التحف فتنفع نفسها وتسد حاجتها، وقد كشفت دراسة نشرت في أكتوبر 1996م أن 46 مليوناً من أصحاب الأعمال المنزلية في أمريكا - معظمهم من النساء - يعملون من منازلهم لإيجاد موازنةً أفضل بين العمل والأسرة، ويكسبون دخلاً أكثر من دخل موظفي المكاتب بحوالي 28 %. [12]
12- البيع داخل البيوت:
كأن تبيع بعض الملابس على جيرانها وأقاربها، أو تعد بعض الأطعمة ومن ثم تبيعها على من يرغب ذلك، يقول الدكتور حسين شحاته - أستاذ المحاسبة بكلية التجارة جامعة الأزهرـ في الدراسة الميدانية التي قام بها: (إن المرأة العاملة خارج بيتها تنفق من دخلها 40% على المظهر والمواصلات، أما تلك التي تعمل في بيتها فهي توفر من تكلفة الطعام والشراب ما لا يقل عن 30%، وخلصت الدراسة إلى أنَّ المرأة التي تمكث في البيت توفر ما لا يقل عن 70% من الدخل الذي يمكن أن تحصل عليه، بل يمكنها أن تحقق دخلاً أكثر مما تحققه الموظفة، إذ تستطيع أن تحول بيتها إلى ورشة إنتاجية، بأن تصنع في وقت فراغها ما يحتاج إليه بيتها، ومجتمعها) [13]
13- التزيين وتصفيف الشعر للنساء:
فيمكن للمرأة أن تأخذ دورة في فن التجميل، ثم تمارس هذا العمل مع أهلها وأقاربها، وتعلمهم هذه الصنعة حتى يحتجن إلى غيرهن، ممن هن محل خطر على عفاف المرأة ودينها.
14- ترجمة الكتب وتصحيح الأخطاء المطبعية والإملائية.
15- صناعة الأطعمة والحلويات:
وقد علمت أن هناك نساء يقمن بهذا العمل، ودخلهن يغطي على الكثير من حاجاتهن دون أن يحتجن إلى الخروج من المنزل.
16- وأخيراً: الاهتمام بالزوج:
فجميل من المرأة أن تهتم بمنزلها ونظافته، ولكن كل ذلك لا فائدة منه إذا لم تهتم بزوجها، وذلك من خلال الاستقبال الحسن له والترحيب به، والاعتناء بخدمته ونحو ذلك مما لا تجهله المرأة العاقلة.(1/34)
وهناك صور رائعة لبعض الزوجات الصالحات، واللاتي عرفن فن صناعة الحياة الزوجية، هذا أحد الأزواج تعجب أصحابه من نظافتهِ في كل يوم، مع أن عمله يقتضي اتساخ ملابسه، ومع ذلك يأتي كل صباح بملابس نظيفة، فسألوه عن ذلك فقال: زوجتي منذ تزوجتها؛ لم أقم يوماً لعملي وإلاَّ وقد وجدت إفطاري معد، وقد غيرت ملابسي، بل أشد من ذلك وقد وضعت المناديل في جيبي وهي مرتبة، ثم تودعني عند باب المنزل!! هكذا فلتكن النساء أدباً وكمالا.
وأخيراً قالت الشاعرة المسلمة:
وخير نساء العالمين هي التي *** تُدير شئون البيت أو فيه تعمل
إذا بقيت في البيت فهي أميرة *** يوقرها من حولها ويبجل
وإسهامها للشعب أن قدمت له *** رجالاً أعدوا للبناء وأهلوا
رعتهم صغاراً فهي كانت ***أساسهم تقلن كلاً ما يقول ويفعل
----------------------------------------
[1] رواه اللالكائي في شرح اعتقاد أهل السنة والجماعة (558) والآجري في الشريعة (771) والبيهقي في الأسماء والصفات (241) وقال: هذا إسناد صحيح
[2] رواه البخاري (4739) من حديث عثمان بن عفان - رضي الله عنه -.
[3] رواه البخاري (4653) من حديث عائشة - رضي الله عنها -.
[4] وهذه مهمة الأزواج ومسؤوليتهم..يقول الله - تعالى -: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ )(التحريم: 6) فعلى الزوج أن يسعى لتعليم زوجته وإرشاد بناته بما لا يسع للمسلم جهله من أحكام الدين.
[5] رواه مسلم (2676).
[6] رواه مسلم (2698).
[7] رواه البخاري (893) ومسلم (1829) وهو جزء من حديث طويل أوله: (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته...).
[8] رواه مسلم (1631) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
[9] رواه مسلم (489).
[10] رواه أحمد (5/248) وصححه الألباني في السلسلة (1488).
[11] انظر: دور المرأة؛ تربية الأسرة ص 51 ـ 52. بتصرف.
[12] مجلة الأسرة عدد 47، عام 1418هـ.
[13] مجلة الأسرة عدد (47).
4/5/1426 هـ
http://www.islamlight.net المصدر:
============
المرأة والوقت
الدكتور عبد الرحمن بن عايد العايد
مما لاشك فيه أن كثيراً من النساء قد أهملن الاستفادة من الوقت، سأذكر هنا بعض النقاط اليسيرة.
أولاً: العوائق التي تصرف المرأة عن استثمار وقتها:
1- طول الأمل والتسويف: هذه قاصمة الظهر وأم المشاكل، ولذا تهدد الله - تعالى -أصحاب التسويف بقوله: {ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} يقول القرطبي - رحمه الله - في تفسير هذه الآية: "يلههم الأمل أي يشغلهم عن الطاعة، ويقول الحسن - رحمه الله - :" ما أطال عبد الأمل إلا أساء العمل". ولهذا كانت وصية عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - كما في البخاري: (إذا أصبحت فلا تنتظر المساء وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك).
إذاً التسويف أيها الأخت المسلمة عائق من عوائق الاستفادة والاستثمار للوقت، فحذار من التسويف ولنقطع التسويف بالعمل والحزم.
أحيانا تنشغل بها المرأة فيكون ذلك سببا لإضاعة وقتها وعدم استفادتها منه، مثال ذلك:
2- ارتياد الأسواق بكثرة بحثاً عن الجديد من الأزياء، وإسرافاً في ملذات الحياة نعم إن الله - تعالى -أباح الزينة للمرأة ولكن بالحدود الشرعية، أما أن تكون هي الهدف فلا، ولتعلمي أيتها المرأة أن من كيد الأعداء إشغال المرأة في عالم الأزياء حتى تنصرف عما خلقت له ولتكون عاملا من عوامل الإفساد في المجتمع.
3- الاشتغال بأعراض الناس في القيل والقال والغيبة والنميمة المحرمة. كما في الصحيح نهي عن قيل وقال، وأكد حرمة النميمة والغيبة في أكثر من حديث ومنها:
حديث المفلس حين قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه: (أتدرون من المفلس؟ قالوا يا رسول الله المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، قال -صلى الله عليه وسلم-: إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بقيام وصيام وصلاة وزكاة وحج ويأتي وقد شتم هذا وسفك دم هذا وأكل مال هذا ونال من عرض هذا فيؤخذ من حسناته ولهذا من حسناته فإذا فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من سيئاتهم فطرحت عليه ثم طرح في النار)
4- عدم إدراك أهمية الوقت.
5- حب التسيب وعدم الانضباط.
6- التربية الخاطئة منذ الصغر: لم تعود البنت على اغتنام الوقت.
7- عدم معرفة تنظيم الوقت.
8- سماع الأشرطة المحرمة ومشاهدة الأفلام الساقطة: بدعوى أن تلك تسليها وتقضي وقتها وما علمت المسكينة أن في ذلك سلخ لها عن دينها وإبعاد لها عن عقيدتها..
ثم هي أيضا مسئولة عن هذا الوقت الذي قضت في مثل هذه الأمور قال-صلى الله عليه وسلم-: (لن تزولا قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع ومنها: عن عمره فيما أفناه) فهل أعددنا لهذا السؤال جواباً؟.
9- كثرة سماع الأناشيد.
10- التحسر على الماضي: فمن دسائس الشيطان أنه يذكر الإنسان بتقصيره في الماضي ليقعد به عن العمل في الحاضر والمستقبل ولذا فإن خير وسيلة للتكفير عن الماضي هو العمل الجاد في الحاضر والمستقبل قال - تعالى -: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ}.
11- ومن العوائق أيضاً: القدوة السيئة
بعض النساء تنظر إلى من هي أقل منها في الاستفادة لوقتها ولا تنظر إلى من هو أحسن منها فيدعوها ذلك إلى الاستمرار على إضاعة وقتها معللة نفسها بأن فلانة أكثر مني إضاعة للوقت وهكذا.. وتنسى بأن هناك من النساء من هي حافظة لوقتها ومستفيدة منه..
12- كثرة الكلام في الهاتف.
13- القراءة غير المفيدة.
14- ضعف الهمة
بعض النساء تدرك أهمية الوقت وتعرف كيف تستفيد من وقتها، ولكن لضعف همتها تتقاعس عن كثير من الأعمال..
وعلاج ذلك بأن تجاهد نفسها على التعلق بمعالي الأمور وجليلها، والتباعد عن سفاسف الأمور وحقيرها، ومن أعظم المعالي اغتنام الأوقات ومن تأمل النصوص وجدها تحث على علو الهمة.
قال - تعالى -: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا}.
وقال: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ}.
واستمعي إلى قول المصطفى -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله يحب معالي الأمور وأشرفها ويكره سفسافها) رواه الحاكم عن سهل بن سعد وصححه الألباني في الجامع (593) ويقول الشاعر:
إذا غامرت في شرف مروم*** فلا تقنع بما دون النجوم
15- الشعور بالنقص: إن الشعور بالنقص عقدة تلاحق بعض النساء، فقد تكون قوية العزيمة قادرة على الاستفادة لكنها تحطم نفسها بنفسها وذلك بأن تتصور أنها ليست أهلاً لأن تقوم بهذا العمل كتدريس القرآن, أو تعليم العلم, أو نحو ذلك.. ولذا لابد أن تعلم المرأة أن هذا من حيل الشيطان ووساوسه فإنه لا يولد المرء متعلما، والخطأ هو طريق الصواب ولابد أن تستشعر أنها إذا اجتهدت فهي مأجورة عند الله - تعالى -حتى وإن أخطأت.
16- النوم: وهو آفة عظيمة أصيبت بها كثير من النساء وقد سبب ذلك مفاسد منها:
تفويت كثير من الوجبات.
قد يكون سببا للخصومة بين الزوجين.
وقد تعلل بعض النساء المصابات بهذا الداء وتقول: النوم عبادة!!
والجواب عن هذه الشبهة العليلة من وجوه:
النوم يكون عبادة إذا كان على أثر عبادة تثقل كاهل الإنسان فيشعر أن هذا النوم يجدد نشاطه.
ويكون عبادة أيضاً إذا كان الإنسان قائماً بواجبات الله - تعالى -مؤدياً للسنن التي أمره بها.. أما إذا كان النوم عائقاً عن فعل الواجبات كالصلاة ونحوها فكيف يكون عبادة؟(1/35)
وقد تقول بعضهن النوم أحسن للمرأة من أن تجلس إلى أخرى وتتحدثان في أعراض الناس
والجواب عن هذا: من قال إن المرأة ينبغي أن تكون إما نائمة أو تتحدث في أعراض الناس؟ فهذا مفهوم خاطئ لأن الأصل أن المرأة تستثمر كل لحظة من لحظات عمرها، وليس البديل هو النوم وإنما هو عمل الصالحات.
17- أولياء الأمور (الزوج، الأب):
قد يتسبب أحيانا بعض أولياء الأمور في عدم استفادة المرأة من وقتها نظراً لإشغالها في أمور تافهة أو بتوفير مزجيات الوقت لها أو بكونه قدوة سيئة لها في هذا المجال.
ثانياً: أمور تعين المرأة على حفظ وقتها:
1- مراقبة الله والخوف منه: فالمرأة التي تراقب الله لا يمكن أن تضيع وقتها دون فائدة بل هي أحرص على محاسبة نفسها في وقتها من محاسبة الشريك لشريكه …
تقول فاطمة زوجة عمر بن عبد العزيز - رحمها الله - عن زوجها: "ما رأيت أحد أكثر صلاة ولا صياما منه ولا أحد أشد فرقا من ربه منه، كان يصلي العشاء ثم يجلس يبكي حتى تغلبه عيناه ثم ينتبه فلا يزال يبكي حتى تغلبه عيناه، ولقد كان يكون معي في الفراش فيذكر الشيء من أمر الآخرة فينتفض كما ينتفض العصفور من الماء ويجلس يبكي فأطرح عليه اللحاف" فماذا نقول عن أنفسنا في هذا الزمان والله المستعان.
2- معرفة المرأة بالأزمنة والأمكنة الفاضلة: إن معرفة المرأة للأزمنة الفاضلة كرمضان, وعشر ذي الحجة, ويوم الجمعة, والثلث الأخير من الليل, ومعرفتها للأمكنة الفاضلة, كالحرم المكي, والمدني.. تعين المرأة على استثمار وقتها لأن الحسنة مضاعفة في مثل هذه الأزمنة وتلك الأمكنة كما هو معلوم.
3- شعور المرأة بواجبها ودورها في المجتمع
شعور المرأة بواجبها نحو المجتمع وتقويم ما أعوج منه، وإدراك أن عملها لا يتوقف فقط على إعداد الطعام وتنظيف الثياب وإن كان هذا من الأمور المهمة لكن ليس هو كل شيء يجعلها تحرص على اغتنام الفرص فيما يعود نفعه عليها وعلى الأمة.
4- الابتعاد عن المركزية: تريد أن تعمل كل شئ بنفسها
5- الابتعاد عن المثالية: تريد كل شيء على أكمل وجه.
6- عدم كثرة الخروج من المنزل: فإن مكثرات لخروج من اللاتي يتعرض للطفش في البيت.
7- معرفة أهمية الوقت.
8- تحديد الأهداف التي تريد إنجازها
9- التلذذ بحلاوة كسب الوقت في الإنتاج المفيد [تشعرين بلذة عندما تنتجين شيئا]
10- تنويع الأعمال التي تقومين بها حتى لا تتعرضين للملل.
11- قراءة أخبار مغتنمي الأوقات
12- القناعة بوجوب التغيير
13- معرفة أنك ستواجه صعوبة في التغيير.
14- الدعاء
15- اختيار الجليس الصالح
لا يمكن للإنسان أن يعيش لوحده بل لابد له من جليس.. وهذا الجليس كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- إما أن يكون كحامل المسك أو كنافخ الكير، وليس هناك وسط بين هذا وذاك.. وعلى المرأة أن تختار جليستها الصالحة لأنها تعتبر خير معين على الاستفادة من وقتها. وحتى تعلمي أيتها المرأة مواصفات الجليس الصالح استمعي لهذا الحديث عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: (قيل: يا رسول الله! أي جلساؤنا خير؟ قال: من ذكركم الله رؤيته وزاد في عملكم منطقة وذكركم في الآخرة عمله) الحديث صحيح.
http://www.islamlight.net المصدر:
-==============
عمر الإنسان واستغلال الوقت
مهمة الإنسان في هذه الحياة، و سر وجوده ووسام عزه، وتاج شرفه، وإكسير سعادته، هي عبوديته لربه - عز وجل -، وتسخيره كل ما أفاء الله عليه للقيام بها، وعدم الغفلة عنها طرفة عين، كما قال - تعالى -: "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون"[الذاريات: 56].
وإن أمارة المسلم الحق بقاؤه ثابتًا على مبادئه، وفيًا لدينه وعقيدته، معتزًا بأصالته وشخصيته فخورًا بمبادئه وثوابته، لا يحدُّه عن القيام برسالته زمانٌ دون زمان، ولا يحول بينه وبين تحقيق عبوديته لربه مكان دون آخر، فمحياه كله لله، وأعماله جميعها لمولاه، "قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين"[الأنعام: 162، 163].
هذا هو منهج المسلم الصادق في إسلامه، القوي في إيمانه، الإيجابي في انتمائه.
فحيثما كان وحلَّ، وأينما وُجِد وارتحل، فإنه يضع العبودية لله شعاره، وطاعته لربه دثاره. والوقت، هو مادة الحياة؛ والزمن، هو وعاء العمر، فالواجب استثماره في مرضات الله، وشغله بطاعته - سبحانه -، فإن الإنسان مسؤول عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، كما صح بذلك الخبر عن سيد البشر - صلى الله عليه وسلم -، فيما خرجه الترمذي وغيره من حديث أبي برزة - رضي الله عنه -.
يقول الإمام العلامة ابن القيم - رحمه الله -: "السَّنة شجرة، والشهور فروعها، والأيام أغصانها، والساعات أوراقها، والأنفاس ثمارها، فمن كانت أنفاسه في طاعة فثمرة شجرته طيبة، ومن كانت في معصية فثمرته حنظل، وإنما يكون الجَذاذ يوم المعاد، فعند الجَذاذ يَتبين حلو الثمار من مرها".
ألا فليعلم ذلك من أهدروا أوقاتهم، وبدَّدوا أعمارهم، في غير مرضات مولاهم.
http://tourism.albahah.net:9090 المصدر:
=============
( س ج ) عن تنظيم الوقت
عبد الله المهيري
قبل أن نبدأ:
في هذه الدورة نستعرض جملة من الاعتراضات والاستفسارات حول مسألة تنظيم الوقت وإدارة الذات، وهو أسلوب يقرب الفكرة التي نريد إيصالها للقارئ الكريم. وأتمنى أن ترسل لنا باستفسارك إن لم تجد جواباً له في هذه الدورة.
ما هي فوائد تنظيم الوقت؟
الفوائد كثيرة، منها ما هو مباشر وتجد نتائجه في الحال، ومنها ما تجد نتائجه على المدى الطويل، لذلك عليك أن لا تستعجل النتائج من تنظيمك للوقت، ومن فوائد تنظيم الوقت:
• الشعور بالتحسن بشكل عام في حياتك.
• قضاء وقت أكبر مع العائلة أو في الترفيه والراحة.
• قضاء وقت أكبر في التطوير الذاتي.
• إنجاز أهدافك وأحلامك الشخصية.
• تحسين إنتاجيتك بشكل عام.
• التخفيف من الضغوط سواء في العمل أو ضغوط الحياة المختلفة.
كيف أعرف مدى استفادتي من وقتي؟ وكيف أعرف العوامل المبددة لوقتي؟
سؤال جوهري ومهم، تتطلب معرفة مدى استفادتك للوقت والعوامل المضيعة لوقتك أن تقوم بعمل سجل يومي لمدة أسبوع مثلاً وتدون فيه تفاصيل الأعمال التي قضيت فيها وقتك وكذلك كم أخذ كل عمل من الوقت، فتكتب حتى الأمور البسيطة والصغيرة والتي قد تضيع من وقتك دقائق يومياً لكن في نهاية الأسبوع قد تجد هذه الدقائق تحولت لساعات.
قم بتصميم جدول مفصل لكل يوم، وقسمه إلى عدد ساعات يومك وهي تقريباً 16 ساعة على افتراض أن النوم يأخذ 8 ساعات، وقم بتقسيم كل ساعة إلى 4 أقسام أي 15 دقيقة، وقسم الساعات إلى أعمال ومقدار الوقت المهدر لكل عمل. هذا اقتراح للجدول، المهم أن يوضح لك الجدول الأعمال ومقدار الوقت المهدر لكل عمل.
بعد ذلك عليك أن تقوم بتحليل الجدول وتبحث في عوامل تبديد الوقت فتزيلها وتسأل نفسك، هل هناك فرصة لتنظيم الوقت بشكل أفضل؟ إن كانت الإجابة بنعم - وهي كذلك دائماً - فعليك أن تبحث عن هذه الفرصة.
أنا مشغول ولا يوجد لدي وقت للتنظيم!
يحكى أن حطاباً كان يجتهد في قطع شجرة في الغابة ولكن فأسه لم يكن حاداً إذ أنه لم يشحذه من قبل، مر عليه شخص ما فرأها على تلك الحالة، وقال له: لماذا لا تشحذ فأسك؟ قال الحطاب وهو منهمك في عمله: ألا ترى أنني مشغول في عملي؟!(1/36)
من يقول بأنه مشغول ولا وقت لديه لتنظيم وقته فهذا شأنه كشأن الحطاب في القصة! إن شحذ الفأس سيساعده على قطع الشجرة بسرعة وسيساعده أيضاً على بذل مجهود أقل في قطع الشجرة وكذلك سيتيح له الانتقال لشجرة أخرى، وكذلك تنظيم الوقت، يساعدك على إتمام أعملك بشكل أسرع وبمجهود أقل وسيتيح لك اغتنام فرص لم تكن تخطر على بالك لأنك مشغول بعملك.
وهذه معادلة بسيطة، إننا علينا أن نجهز الأرض قبل زراعتها، ونجهز أدواتنا قبل الشروع في عمل ما وكذلك الوقت، علينا أن نخطط لكيفية قضائه في ساعات اليوم.
لا أحتاج تنظيم الوقت لكل شيء، فقط المشاريع الكبيرة تحتاج للتنظيم!
في إحصائيات كثيرة نجد أن أمور صغيرة تهدر الساعات سنوية، فلو قلنا مثلاً أنك تقضي 10 دقائق في طريقك من البيت وإلى العمل وكذلك من العمل إلى البيت، أي أنك تقضي 20 دقيقة يومياً تتنقل بين البيت ومقر العمل، ولنفرض أن عدد أيام العمل في الأسبوع 5 أيام أسبوعياً.
5 أيام × 20 دقيقة = 100 دقيقة أسبوعياً
100 دقيقة أسبوعياً × 53 أسبوعاً = 5300 دقيقة = 88 ساعة تقريباً!!
لو قمت باستغلال هذه العشر دقائق يومياً في شيء مفيد لاستفدت من 88 ساعة تظن أنت أنها وقت ضائع أو مهدر، كيف تستغل هذه الدقائق العشر؟ بإمكانك الاستماع لأشرطة تعليمية، أو حتى تنظم وقتك ذهنياً حسب أولوياتك المخطط لها من قبل، أو تجعل هذا الوقت مورداً للأفكار الإبداعية المتجددة، وهذا الوقت شخصياً أستغله لاقتناص مشاهدات لأقوم فيما بعد بتدوينها في مقالات.
أود أن أنظم وقتي لكن الآخرين لا يسمحون لي بذلك!
من السهل إلقاء اللائمة على الآخرين أو على الظروف، لكنك المسؤول الوحيد عن وقتك، أنت الذي تسمح للآخرين بأن يجعلوك أداة لإنهاء أعمالهم، أعتذر للآخرين بلباقة وحزم، وابدأ في تنظيم وقتك حسب أولوياتك وستجد النتيجة الباهرة. وإن لم تخطط لنفسك وترسم الأهداف لنفسك وتنظم وقتك فسيفعل الآخرون لك هذا من أجل إنهاء أعمالهم بك!! أي تصبح أداة بأيديهم.
ألن أفقد بتنظيمي للوقت تلقائيتي والعفوية وأصبح كالآلة؟
لا أبداً، المسألة لا ينظر لها هكذا، تنظيم الوقت لا يعني أن تصبح آلة تنفذ الأعمال المخطط لها فقط، إن تنظيم الوقت يجب أن يكون مرناً حتى لا تصبح كالآلة، فنحن مهما حاولنا أن نتوقع كيفية تنظيم أوقاتنا فستأتينا أمور وأشياء لم نكن نتوقعها، هنا علينا أن نفكر في الأمر، هل الذي خططت له أهم أم هذا الأمر الذي طرأ مؤخراً؟ تختلف الإجابة على هذا السؤال باختلاف أهمية ما خططت له، لذلك التلقائية تعزز أكثر وتصبح عقلانية أكثر وقد كانت قبل التنظيم تلقائية فوضوية.
أليست كتابة الأهداف والتخطيط مضيعة للوقت؟
افرض أنك ذاهب لرحلة ما تستغرق أياماً، ماذا ستفعل؟ الشيء الطبيعي أن تخطط لرحلتك وتجهز أدواتك وملابسك وربما بعض الكتب وأدوات الترفيه قبل موعد الرحلة بوقت كافي، والحياة رحلة لكنها رحلة طويلة تحتاج منا إلى تخطيط وإعداد مستمرين لمواجهة العقبات وتحقيق الإنجازات.
ولتعلم أن كل ساعة تقضيها في التخطيط توفر عليك ما بين الساعتين إلى أربع ساعات من وقت التنفيذ، فما رأيك؟ تصور أنك تخطط كل يوم لمدة ساعة والتوفير المحصل من هذه الساعة يساوي ساعتين، أي أنك تحصل على 730 ساعة تستطيع استغلالها في أمور أخرى كالترفيه أو الاهتمام بالعائلة أو التطوير الذاتي.
سأفقد أوقات الراحة والترفيه إذا نظمت وقتي!
هذه فكرة خطأ عن تنظيم الوقت وللأسف يؤمن الكثيرون بهذه الفكرة، إن تنظيم الوقت عادة شخصية ترتبط بالشخص نفسه، فهو الذي يحدد أوقات الجد وأوقات الترفيه والراحة، والتنظيم يهدف فقط إلى تحقيق أفضل إنجازات وتخفيض الضغوط عن كاهل الشخص وكذلك إتاحة وقت له كي يطور نفسه ويتعلم ويمارس هواياته، تنظيم الوقت لا يعني الجدية التامة هو فقط يعني التنظيم في كل شيء حتى الترفيه يصبح منظماً وموجهاً أيضاً.
فمثلاً، تود قضاء وقت مع العائلة في رحلة، حدد لها موعداً وقم بالإعداد المسبق لهذه الرحلة وكيف أعمالك وارتباطاتك لكي لا تضيع عليك وقت الرحلة، وبذلك تربح عدة أمور، أولاً: رفهت عن نفسك، ثانياً: رفهت عن عائلتك، ثالثاً: يزداد الترابط بينك وبين عائلتك لأنك وضعت عائلتك ضمن دائرة الاهتمام وخططت لكي تقوم بأنشطة فعلية لصالح عائلتك.
لا أستطيع الاستمرار في التنظيم لظروف تمر بي، فماذا أفعل؟
لا تقلق أبداً فهذا شيء طبيعي، المرأة الحامل مثلاُ أو التي أنجبت طفلاً، عليها أن تهتم بطفلها لمدة سنتين أو أكثر وعلى طوال اليوم، فكيف تنظم وقتها؟ عليها أن تنسى الدفاتر والجداول وتضع جدول وحيد فقط حتى تهتم بالطفل الصغير، تضع فيه مواعيد زيارة المستشفى مثلاً وكذلك تحدد لنفسها كتب تقرأها في وقت فراغها عن تربية الأطفال مثلاً، هذا مثال بسيط وقس عليه أمثلة أكبر.
في الإجازات مثلاً، هل نحتاج لتنظيم الوقت أم لاستغلال الوقت؟ هناك فرق كبير طبعاً، أنا بحاجة لاستغلال وقت الفراغ في الإجازة لصالح تنمية مهاراتي ومعلوماتي أو حتى الترفيه عن نفسي، وبهذا قد لا أحتاج إلى الجدولة والتنظيم، لذلك لا تقلق إن مرت بك ظروف تجبرك على عدم التنظيم.
لا يوجد لدي حاسوب لتنظيم وقتي!
الحاسوب أداة مرنة وسهلة وممتازة لتنظيم الوقت، لكن ليس كل من لا يملك حاسوباً لا يستطيع تنظيم وقته، هذا ليس بعذر أبداً، كل ما تحتاجه مفكرة وقلم وجدول، وهناك دفاتر خاصة لتنظيم الوقت وسعرها رخيص نسبياً وهي أدوات ممتازة لتنظيم الوقت.
لا أحتاج لكتابة أهدافي أو التخطيط على الورق، فأنا أعرف ماذا علي أن أعمل.
لا توجد ذاكرة كاملة أبداً وبهذه القناعة ستنسى بكل تأكيد بعض التفاصيل الضرورية والأعمال المهمة والمواعيد كذلك، عليك أن تدون أفكارك وأهدافك وتنظم وقتك على الورق أو على حاسوب المهم أن تكتب، وبهذا ستكسب عدة أمور، أولاً: لن يكون هناك عذر اسمه نسيت! لا مجال للنسيان إذا كان كل شيء مدون إلا إذا نسيت المفكرة نفسها أو الحاسوب!! ثانياً: ستسهل على نفسك أداء المهمات وبتركيز أكبر لأن عقلك ترك جميع ما عليه أن يتذكره في ورقة أو في الحاسوب والآن هو على استعداد لأني يركز على أداء مهمة واحدة وبكل فعالية.
حياتي سلسلة من الأزمات المتتالية، كيف أنظم وقتي؟!
تنظيم الوقت يساعدك على التخفيف من هذه الأزمات وفوق ذلك يساعدك على الاستعداد لها وتوقعها فتخف بذلك الأزمات وتنحصر في زاوية ضيقة، نحن لا نقول بأن تنظيم الوقت سينهي جميع الأزمات، بل سيساعد على تقليصها بشكل كبير.
هل يساعدني الحاسوب على تنظيم وقتي؟
طبعاً، والحاسوب أداة مرنة لتنظيم الوقت كل ما عليك هو اختيار برنامج مناسب لاحتياجاتك واستخدامه بشكل دائم.
هل هناك أسلوب واحد يصلح لكل الناس في تنظيم الوقت؟
لا ليس هناك أسلوب واحد يصلح لكل الناس، إن كل فرد من البشر له خصائصه وظروفه الخاصة لذلك وجب عليه أن يكون مسؤولاً عن نفسه ويقوم بتنظيم وقته حسب حاجته هو.
ما هي خطوات تنظيم الوقت؟
مجموعة خطوات سهلة ويسيرة شرحنها في دورة سابقة، ارجع لتلك الدورة وستجد ما يسرك
http://www.alnoor-world.com/learn/general/timeorg.htm
ما هي أدوات تنظيم الوقت؟(1/37)
الأدوات كثيرة، تستطيع مثلاً أن تصمم أداتك بنفسك، كتخطيط جدولك الخاص على الحاسوب، أو يمكنك شراء مفكرة صغيرة، أو دفتر مواعيد، أو منظم شخصي متكامل يحوي على شهور السنة وقائمة للأعمال وقائمة أخرى للهواتف وغيرها من الأمور الضرورية، أو يمكنك استخدام حاسوبك لهذا الشيء، أو مفكرة إلكترونية، المهم أن تكون أداة مرنة وتصلح لاحتياجاتك.
----------------------------------------
المراجع:
• أساسيات إدارة الوقت. روي أليكساندر
• الأولويات الأولى. ستيفن كوفي
• إدارة الوقت للمبتدئين. جيفري ماير
http://www.sst5.com المصدر:
-=============
إدارة الوقت قيم مفقودة في حياة المسلمين
إدارة الوقت أصبحت من الموضوعات المهمة التي يتناولها علماء الاجتماع والإدارة في أبحاثهم وكتاباتهم المتنوعة، والدول المتقدمة تهتم بدراسات تخصيص الوقت أو موازنة الوقت، وكيفية توزيعه على الأنشطة المختلفة التي يمارسها الأفراد، فالوقت ثروة قومية، وأسلوب استغلال الأفراد له يؤثر على الجوانب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية للمجتمع.
قيمة الوقت:
والوقت من أندر الموارد في هذه الحياة فإذا انقضى لا يعَّوض ولا يستطيع الإنسان أن يخزنه أو يشتريه، بل هو الحياة نفسها، وعمر الإنسان ما هو إلا ساعات ودقائق وثوان، وقد أقسم الله - سبحانه وتعالى - بالوقت في أكثر من آية في القرآن الكريم، فأقسم بالفجر والضحى والليل والنهار والعصر، قال - تعالى -: {والعصر• إن الإنسان لفي خسر } العصر(1-3)
{والليل إذا يغشى. والنهار إذا تجلى} الليل (1-2)
{والضحى• والليل إذا سجى} الضحى (1-2)
{والفجر وليال عشر} الفجر (1-2)
والقسم بالشيء يدل على تعظيم المقسم به، فوقت الإنسان هو حياته، ووقته هو نهاره وليله، وهو عمره، وكل شمس تغرب هو يوم ينقص من عمر الإنسان، ورصيده الحقيقي هو ما بقي من أيام حياته• كما أن الوقت مال الله، وحرام على الإنسان أن يضيع مال الله في غير منفعة، ولا سيما نحن العرب والمسلمين الذين نوصم دائماً وأبداً بفقدان الهمة والشهية للعمل، ونتهم بالكسل والتراخي، فإنتاجية العربي تقدر بـ (46) دقيقة في اليوم، بينما إنتاجية الياباني تقدر بـ (16) ساعة عمل يومياً•
والمسلم مسؤول عن وقته يوم القيامة، ومن الغبن أن يضيّعه أو يفرط فيه، فقد صَحّ عن الرسول [أنه قال: " لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع: عن عُمُرِه فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن علمه ماذا عمل به" (1)
إن أعظم وأغلى ما وهبه الله للإنسان بعد نعمة الإيمان في هذه الحياة هو الوقت الذي هو في الحقيقة الحياة، والوقت الذي مضى لا يمكن استرجاعه أو استرجاع أي جزء منه، وقد عبر عن ذلك الحسن البصري بقوله: "ما من يوم ينشق فجره إلا وينادى: (يا ابن أدم أنا يوم جديد وعلى عملك شهيد فاغتنمني وتزود مني، فأنا لا أعود إلى يوم القيامة "، والعاقل من يحرص على المسارعة إلى استغلال وقته فيما ينفع ويفيد حتى لا يخسره أو يغبن فيه•
ولقد حفل القرآن الكريم بإشارات واضحة إلى عظم وأهمية الوقت وقيمته، فقد افتتح الله - سبحانه وتعالى - سورا قرآنية كريمة عدة، مقسماً بساعات خاصة وأجزاء معينة من الوقت مثل الفجر، الضحى، الليل، النهار، والعصر كما سبق أن أشرنا.
ومعلوم أن الله - سبحانه - حينما يقسم بشيء يعني ذلك لفت الأنظار إلى قيمة الوقت وكرامته، وأنه يجب علينا أن نملأه بالعمل والسعي الحميد في إعمار الأرض.
والله - سبحانه وتعالى - سائل الإنسان عن هذا العمر الذي يضيعه، سائله عن كل دقيقة تمر من حياته، فكيف بالساعات الطوال؟ وكيف بالأيام الخالية؟، وكيف بالأشهر الماضية في اللهو واللعب؟! •
* الوقت من ذهب
وإذا نظرنا إلى قيمة الوقت في نظر الإسلام نجدها كبيرة، فالوقت هو الظرف الزمني الذي يُؤدي فيه الإنسان نشاطه الذي يفيد منه في حياته الدنيوية والأخروية، وضياع أي جزء منه خَسارة كبيرة، ويندم يوم القيامة على التفريط فيه، كما قال - تعالى -في أهل النار: {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَ لَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمْ النَّذِيرُ}(فاطر37)•(2)•
والعمر هو رأس مال الإنسان الذي ينفق منه، ومهما كثُر فهو قليل، ومهما طال فهو قصير، والآمال تخترمها الآجال، ومن هنا حض الإسلام على المُبادرة بالعمل الصالح وعدم ضياع أي لحظة من لحظات العمر في غير ما يفيد، ومن مظاهر هذا ما جاء في حديث البخاري "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس، الصحة والفراغ" (3)، وما جاء في حديث ابن أبي الدنيا بإسناد حسن" اغتنم خمسًا قبل خمس: شبابك قبل هِرَمِك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شُغْلِك، وحياتك قبل موتك " (4)
وقد قال أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - : "إنكم تغدون وتروحون في أجلٍ قد غيِّب عنكم علمه، فإن استطعتم أن تنقضي الآجال وأنتم في عمل الله - ولا تستطيعون ذلك إلا بالله - فسابقوا في مهل بأعمالكم قبل أن تنقضي آجالكم فتردكم إلى سوء أعمالكم، فالوحا الوحا، النجاء النجاء، فإن وراءكم طالبًا حثيثًا أمره، سريعًا سيْره "
وما قاله عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - هو نموذج صالح لكل العاملين والمسؤولين، حين جاء معاوية بن خديج يبشره بفتح الإسكندرية فوصل إلى المدينة وقت القيلولة فظن أنه نائم يستريح ثم عَلِمَ أنه لا ينام في ذلك الوقت، وقال لـ معاوية: لئن نمت النهار لأضيعنَّ حق الرعية، ولئن نمت الليل لأضيعنَّ حق الله، فكيف بالنوم بين هذين الحقين يا معاوية؟ "
وقال ابن قيم الجوزية: وقت الإنسان هو عمره في الحقيقة وهو مادة حياته الأبدية في النعيم المقيم ومادة معيشته الضنك في العذاب الأليم وهو يمر مر الحساب فما كان من وقته لله وبالله فهو حياته وعمره وغير ذلك ليس محسوباً من حياته وإن عاش فيه عيش البهائم فإذا قطع وقته في الغفلة والسهو والأماني الباطلة وكان خير ما قطعه به النوم والبطالة فموت هذا خير له من حياته " (5)
والحياة كما عبر عنها الشاعر العربي دقائق معدودة:
دقات قلب المرء قائلة له *** إن الحياة دقائق وثواني
فارفع لنفسك بعد موتك ذكرها *** فالذكر للإنسان عمر ثاني
والإنسان العاقل من يغتنم هذه الدقائق والساعات قبل أن تمر، كما قال الشاعر:
إذا هبت رياحك فاغتنمها *** فعقبى كل خافقة سكون
و لا تغفل عن الإحسان فيه *** فلا تدري السكون متى يكون
وقد قال أمير الشعراء أحمد شوقي: إن "أمس" الذي فات ومضى صار قديما قدم عصر "عاد" الضارب في القدم، لأن "الماضي" ماض سواء كان قريبا أو بعيدا، فهو - "الماضي" القريب أو البعيد- سواء من حيث إنه مضى ولن يعود، يقول:
وأمس كعاد، وإن كان منك *** قريب الخيال لطيف الصور
وكان الرسول -صلى الله عليه وسلم - في حياته من أحرص الناس على اغتنام كل لحظة من لحظات وقته لصالح الإسلام والمسلمين، مهما كانت الأوضاع قاسية وحرجة ليعلِّم المسلمين اغتنام أوقات عمرهم المحدودة، ولا ينبغي التقصير في القيام بالواجبات حتى في أحلك الأيام وأخطرها•(1/38)
كما كان السلف الصالح من أحرص الناس على اغتنام أوقاتهم، فمن أقوالهم الشهيرة في هذا الصدد: " الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك "، أي إن لم تقطعه باستخدامه بالعمل المبرور والسعي المشكور قطعك بالذل والخسران والضياع والهوان، وقال الحسن البصري - يرحمه الله - وهو يحض على العمل واغتنام فرصة العمر القليلة: "يا بن آدم أنت أيام، كلما ذهب يوم منها ذهب بعضك، ويوشك إذا ذهب بعضك أن يذهب كلك وأنت لا تعلم، فاعمل، فاليوم عمل ولا حساب، وغدا حساب ولا عمل"•
* التلفاز وقتل الوقت
وحياة المسلمين المعاصرة تتغاير كليا وجزئيا مع هذه التعليمات القرآنية والنبوية الخاصة بتعظيم الوقت وحسن إدارته، فأوقات المسلمين مهدرة، وقد وجدنا أكثرهم يتفنن في تضييع وقته بوسائل عدة أشهرها التلفاز الذي يعمل على مدى 24 ساعة•
فالتلفاز من الآفات الحديثة التي تقتل الوقت من دون أن يشعر به صاحبه، وقد أظهرت دراسة تعتبر الأولى من نوعها عن " موازنة الوقت لدى المصريين " قدمها مركز الأبحاث الجنائية تذكر أن التلفاز أهم ما يشغل الأسرة المصرية في الإجازات الأسبوعية والسنوية، وأنه يلتهم أوقات الفراغ، وتشير بعض الإحصاءات إلى أن الإنسان عندما يبلغ العشرين من العمر يكون قد استهلك من عمره ما لا يقل عن عشرين ألف ساعة بث تلفازي، وقد لا يعني هذا العدد من الساعات شيئاً، إلا إذا علمنا بأن عدد الساعات التي يحتاجها الدارس لنيل درجة البكالوريوس هي في حدود خمسة آلاف ساعة، وأن عشرة آلاف ساعة من الدراسة تكفي لتحقيق أعظم الأحلام في الحصول على أعلى شهادات وتعلم لغات، بل دراسة الكثير مما كتب في العلوم والآداب•
وقصة الكتاب الشهير لأحد الاقتصاديين الألمان الذي سماه "خمس دقائق قبل الطعام" وسر شهرته المتعلقة بكتابه، جاء من كونه استغل الدقائق الخمس التي كان يجلس فيها إلى مائدة الطعام منتظراً فيها زوجته، وهي تعد وتضع معدات ومواد الطعام على المنضدة، ففكر في ألا يضيع هذا الوقت في الانتظار من دون عمل، فكتب الخواطر الفكرية التي تلمس عقله ووجدانه خلال دقائق الانتظار•• وكان من نتائج هذه الدقائق الخمس هذا الكتاب الشهير• (6)
* الوقت الضائع
وإذا نظرنا في واقعنا اليوم نجد أن الوقت الضائع في حياة المسلمين يمثل حجماً كبيراً جداً، فنجد العدد الكبير من الناس جالساً في كثير من الدوائر ينتظر إنهاء معاملته، ونجد الموظفين الذين يقتلون وقتهم بقراءة الصحف والاسترخاء والعبث دون مبالاة بالوقت الضائع منهم ومن أصحاب الحاجات• ثم تجد الارتجال والسلوك غير الواعي في تعطيل أنشطة الأمة ومصالحها تحت شعارات الوطنية•
لقد بلغ عدد أيام الدراسة في بعض الأقطار خمسة وأربعين يوماً فقط خلال السنة كلها• وباقي الأيام ذهبت في المظاهرات واللهو والصخب والعبث، من دون أن يعود ذلك على الأمة بشيء من الخير• ونحن اليوم نحصد ما نلقاه من هزائم وهوان لم يكن إلا حصاد سنين طويلة مرت بنا ضاع فيها الجهد وضاع فيها الوقت•
ولذلك نعيد ونؤكد أهمية على الوقت في الإسلام وأهمية تنظيمه في حياة الأمة، ونؤكد مسئولية الدعوة الإسلامية على تدريب أبنائها على احترام الوقت والاستفادة منه على أحسن وجه ممكن من خلال الإدارة والنظام والنهج والتخطيط •(7)
* استثمار فائض الوقت
إن المسلمين اليوم قد تأخروا عن ركب الحضارة والتقدم وصاروا في مؤخرة الركب، وهم في حاجة ماسة ليعلموا قيمة الوقت، ويستثمروا فائض هذا الوقت في حياتهم، ويدركوا قيمة العمل، فالأمة التي تجعل العمل من مقومات وجودها، وهدفاً أساسياً لها في الحياة لن تحصد ـ بفضل الله بعملها ـ إلا مجداً باهراً، وازدهاراً ساطعاً•
ومن المهارات التي يجب أن ندرسها في حياتنا ونتعلمها جميعا وتصبح مادة أساسية في مناهج التعليم مهارة تنظيم الوقت، وقد يتبادر الى ذهن المرء أن تنظيم الوقت معناه أن نجعل حياتنا كلها جادة لا وقت للراحة فيها، وهذا المفهوم خاطئ، فالوقت منظَّم أصلاً، فالدقيقة مقسمة إلى (60) ثانية، والساعة تساوي (60) دقيقة واليوم يساوي (24) ساعة وهكذا، إذاً الوقت مقسَّم ومنظم تنظيماً جيداً، ومن ينظم وقته يكون فعالاً ويستفيد بشكل كبير من تنظيمه للوقت، أما من لا يستفيد من تنظيمه للوقت فتراه مشغولاً في طاحونة الحياة، يكدّ ويعمل بلا راحة وقد يحس بالملل لأنه لا يعرف ماذا يفعل في فراغه الكبير، أو أنه متخبط في أعمال قليلة الأهمية•
وإذا بدأ أي شخص بتنظيم وقته بطريقة فعالة فسيحصل على نتائج فورية، مثل زيادة الفعالية في العمل والمنزل، وتحقيق الأهداف المنشودة بطريقة أفضل وأسرع•
وتنظيم الوقت لا يعني الجد بلا راحة، وإنما يعني المزيد من السعادة والسيطرة على الظروف المحيطة بنا، بدل من أن تسيطر علينا وتحرمنا السعادة•
فالمسلم اليوم مطالب بأن يأخذ بزمام المبادرة ويبدأ في التفكير الجدي حول حياته وكيف يديرها ويقودها نحو ما يهدف إليه، وحتى ينظم وقته يجب عليه أن يكون صاحب أهداف وتخطيط، وإن لم يكن لديه أهداف فلا فائدة من تنظيم الوقت•
إن جهداً كبيراً في حياة الأمة يُهدر فيما لا طائل منه، في فوضى ولهو وعبث، وسوء إدارة ونظام، ولقد نشرت دراسات حول طاقة الإنتاج في دول متعددة، فكانت دول العالم الثالث والعالم العربي الأضعف إنتاجاً• فلو فرضناً أن ساعات العمل ثماني ساعات كانت الإحصائية تشير إلى أن ساعات الإنتاج هي ساعة واحدة، والساعات الضائعة سبع، وأما لدى الدول الأخرى فكانت ساعات الإنتاج ضعف ساعات العمل أو أقل من ذلك•
ونرى من ذلك الوقت الكبير الذي يهدر في حياة المسلمين، والجهود الكثيرة التي تتبعثر وتضيع، وأثر ذلك في جميع نواحي حياة المسلمين الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وغيرها• (8)
إن المجتمع الغربي وما يعتنق من مذاهب بشرية يقدر الوقت ويزنه بميزان مادي دنيوي هابط، ولكنه يوفر الحافز المادي للإنتاج• أما الإسلام فينظر للوقت نظرة أخرى، نظرة أسمى وأصدق وأعدل، فالمال الذي يضيع من الإنسان قد ييسر الله لك استعادته بفضله وعونه وعملك الدؤوب، وأما الدقيقة التي تمر فلن تعود ولن تستعاد، وهذه سنة الله في الزمن وفي الحياة الدنيا•
ولا يريد الإسلام من أبنائه أن يهدروا الوقت في اللهو والسمر الضائع، كما هو حادث في واقعنا اليوم، حتى درج على الألسنة أن يقول الرجل لصاحبه: (تعال نقتل الوقت أو نضيع الوقت)! ويقتلون الوقت فعلاً (بالنرد) أولعب (الورق) وغيرها مما لا يقدم للأمة خيراً والأمة اليوم في أسوأ مراحل تاريخها، إنهم لا يقتلون الوقت، بل يقتلون الأمة ويقتلون أنفسهم•
والإسلام يريد من أبنائه أن يروِّحوا عن أنفسهم بين الحين والآخر، حتى يستعيد المسلم نشاطه وقوته، من دون أن يبالغ في الترويح عن النفس حتى يضيع الوقت أو يقع في الإثم•
وينهى الإسلام عن كل ما يضيع المسلم من وقت، فقد نهى عن الجدل والقيل والقال، والشقاق والتدابر والشحناء• ودعا إلى كل ما يجمع الجهود ويصون الوقت•
وحين حرص المسلمون على الوقت، ونظَّموا حياتهم كما يأمرهم الإسلام أنجزوا ما لم تنجزه أمة في التاريخ، ففي حدود عشرين عاماً منذ بدء الدعوة الإسلامية دانت الجزيرة العربية كلها للإسلام، وأخذ المسلمون يستعدون للتصدي للظالمين المعتدين من الرومان والفرس، ثم امتدت الدعوة في الأرض شرقاً وغرباً وشمالاً خلال فترة قصيرة توالت الانتصارات فيها•(1/39)
لقد كان من جملة ما تميز به الصف المؤمن آنذاك الإدارة والنظام، وتنظيم الوقت والجهد، فالإدارة والنظام عاملان رئيسان لاحترام الوقت والاستفادة منه، والإدارة والنظام قاعدة رئيسة في الإسلام ومنهجه، فالشعائر كلها مرتبة على أساس ذلك، وعلى أساس تنظيم الوقت في حياة المسلمين•
* إرشادات لإدارة الوقت
ويقدم لنا خبراء الإدارة والاجتماع مجموعة من الإرشادات تساعد في إدارة الوقت، تتمثل فيما يلي: (9)
1- ضع جدولا لليوم أو للغد قبل بدء العمل، واحرص على عمل ذلك في غير ساعات العمل حين تكون مسترخيا وقادراً على التركيز، وضمّنها كل شيء تنوي عمله خلال اليوم المقبل ومتى ستفعله•
2- رتِّب مهامك بحسب أولية كل واحدة منها، فضع قائمة بالمشاريع التي تقوم بتنفيذها مبتدئا بالمشاريع الأهم ثم الأقل أهمية وهكذا• ثم حدِّد بعد ذلك أيُّها بحاجة إلى أن تنفذه اليوم، وأيُّها ستنفذه في نهاية الأسبوع أو في نهاية الشهر•
3- حاول أن تفرغ مما في يدك من عمل قبل أن تنتقل إلى مهمة أخرى• فإذا كانت لديك ثلاثة أمور يتوجب عليك عملها اليوم، وثلاثة أخرى يتعين عليك عملها خلال شهر من الآن• خذ المهام الثلاثة الأولى ثم حدِّد أيها أكثر أهمية، ثم اشرع في تنفيذه ولا تنصرف عنه إلا بعد أن تفرغ منه• ثم انتقل إلى المشروع الذي يليه وهكذا•
4-لا تضع أوقات الفراغ• أحيانا يجد الإنسان نفسه محبوسا عند نقطة معينة بسبب ظروف خارجة عن سيطرته، وذلك كأن يعجز عن مواصلة العمل في المهمة الأولى إلا بعد أن يتلقى مكالمة هاتفية من شخص ما• وفي هذه الحال فقط يمكنك الانتقال إلى المشروع الثاني من حيث الأهمية• لكن عليك أن تعود إلى المشروع الأول حالما تتلقى المكالمة التي تنظرها من ذلك الشخص• 5- لا تخف من المشاريع الكبيرة• لأن المهام الكبيرة تنجز بسرعة إذا جزّأتها إلى عدد من المهام الصغيرة• إن كثيرا من الناس يفضلون البدء بالمهام الأصعب• فإذا كانت لديك مهمة يمكنك إنجازها في مقدار مستمر من الوقت (مثل عمل مكالمات هاتفية وانتظار الرد عليها)، فمن الأفضل أن تبدأ بها ثم تنتقل إلى أداء مهمة أخرى في فترة انتظارك للخطوة التالية (إذا توجب عليك ترك رسائل صوتية لمن تهاتف من الأشخاص، فاحرص على تزويدهم بأكبر قدر من المعلومات عن الأمور التي تحتاج إليها ومتى تحتاج إليها، لأن ذلك سيوفر عليك كثيراً من الوقت)•
6- رتِّب المهام الصغيرة بحسب أوليتها• بعد أن تفرغ من إنجاز جميع المهام الواجب إنجازها في هذا اليوم، اختر عددا من المشاريع الأقل أولية لتنفق فيها ما تبقى لك من وقت في ذلك اليوم• لكن ركّز على المهام التي يُحتمل أن تكتسب أهمية في القريب العاجل، أو على المشاريع الكبيرة التي تحتاج إلى تقسيمها إلى أجزاء صغيرة• وتجافى عن عمل أي شيء قد يُحوِجك تبدُّل الظروف إلى إعادة عمله من جديد•
------------------------------------------
* الهوامش:
1- رواه الترمذي عن أبي برزه الأسلمي- جامع الأصول - الجزء العاشر- ص 436 •
2- الوقت من ذهب - الشيخ عطية صقر- الإسلام على الإنترنت - 18 أغسطس 2000م
3- رواه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما- الجزء السابع - ص 218 •
4- رواه الحاكم في المستدرك عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، الجزء الرابع، ص 306 •
5- الوقت من ذهب - الشيخ عطية صقر - مرجع سابق
6- الوقت والأبناء والتلفاز - د• فايز عبداللطيف أورفلي - مجلة الدفاع - العدد 118- ذي الحجة 1420ه
7- الوقت الضائع في حياة المسلمين بين سوء التقدير وسوء التدبير - الدكتور •عدنان علي رضا النحوي - موقع النحوي على الإنترنت
8- نحو استثمار أفضل لفائض الوقت - د• مصطفى السيد - مجلة البيان - شوال 1420ه
9- موقع مركز المدير للدراسات والبحوث الإدارية على الإنترنت - 15 اكتو بر 2003م
أحمد محمود أبو زيد
صحفي مصري
ومن كتاب الوعي الإسلامي
http://alwaei.com المصدر:
=============
الوقت في حياة المسلمة
تعاني نساء كثيرات مشكلة الفراغ وأخريات يلجأن إلى ما يسمينه 'قتل الوقت' دون اهتمام كبير بوسيلة ذلك، وبين هذين الصنفين صنف ثالث يبحث عن كل ما هو مفيد ونافع لشغل أوقاتهم، فبعد قيامها بحق ربها عز وجل ثم زوجها وبيتها نجدها كالنملة حيوية وحركة وعطاءً حسنًا مؤثرًا في الآخرين.
أختي المسلمة:
لقد أعطانا الله عمرًا وأمدنا بطاقات وقدرات، وأنعم علينا بالإسلام ومتعنا بنعمة الأمان والصحة والعلم وسعة الرزق، فنعم الله تحيط بنا من كل جانب: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا} [النحل: 18].
ولو سألت نفسك ما أكثر نعمة أنعمها الله عليك بعد الإسلام؟
هل هي نعمة المال أم الجمال أم الأولاد أم الصحة؟
الإجابة بعيدة كل البعد عن الأشياء التي ذكرتها، والجواب هو: نعمة الوقت.
الوقت نعمة كبيرة:
ـ هناك من الدلائل الكثيرة على عظم قيمة الوقت منها:
1ـ لقد أقسم الله ـ سبحانه وتعالى ـ بالوقت في القرآن، ولا يقسم الله بشيء إلا إذا كان غاليًا وهامًا قال تعالى: {وَالْعَصْرِ [1] إِنَّ الإنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} [العصر: 1ـ2].
و{وَالْفَجْرِ [1] وَلَيَالٍ عَشْرٍ} [الفجر: 1ـ2].
2ـ إن كل شعائر الإسلام مرتبطة بالوقت كالصلوات الخمس، وصيام رمضان، والحج والوقوف بعرفة.
3ـ وكذلك إقامة الحجة على الإنسان يوم القيامة مرتبطة بالوقت.
يقول تعالى: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ} [فاطر: 37]. نعمركم: أي أعطيناكم عمرًا ووقتًا.
ويقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ [[لا تزول قدما عبدٍ يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه.... ]] الحديث
أي لا يدخل المرء جنة ولا نارًا حتى يُسأل عن عمره أي الوقت الذي أعطي له في الدنيا ماذا عمل فيه.
وهناك نسأل ما علاقة هذا الكلام بنا نحن الفتيات والنساء عمومًا؟
أريد أن أقول: إن رأس مال المرأة في الدنيا هو أنفاسها والوقت هو حياتها، والمصيبة الكبرى التي تقع فيها جميع النساء إلا القليل ـ هي أن الوقت عندها ليس له قيمة، بالرغم من أن الوقت هو الحياة.
وكلنا يعرف القول المشهور 'الوقت من ذهب'.
لا والله الوقت أغلى من الذهب ولا يقدر بثمن.
لذلك يقول الحسن البصري رحمه الله:
'كل يوم تشرق فيه شمس ينادي هذا اليوم أنا يوم جديد وعلى عملك شهيد فاغتنمني فإني لا أعود إلى يوم القيامة'.
ويقول أيضا:
'يا ابن آدم إنما أنت أنفاس وأيام فإذا ذهب نفسك ويومك فقد ذهب بعضك، ويوشك إذا ذهب البعض أن يذهب الكل'.
ـ فاحرص أن تخرج أنفاسك في الدنيا في عمل مفيد في الحياة يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ:
'كل نفس وكل عرق سيخرج في الدنيا في غير طاعة الله أو فائدة في الحياة سيخرج يوم القيامة حسرة وندامة'.
وهذه قضية إيمانية لذلك يقول العلماء أن من علاقة غضب الله ومقته على العبد أن يكون مضيعًا لوقته، ومن علامة محبة الله للعبد أن يجعل شواغله أكثر من وقته.
بداية المعصية تبدأ بالفراغ:
إذا نظرنا بعين فاحصة لكل مشاكل النساء تجدها بسبب الفراغ، وما وقع النساء في الغيبة والنميمة وتصيد أخطاء الآخرين والخلافات وغير ذلك إلا وكان الفراغ وراء هذا الوقوع.
يقول الشاعر:
إن الشباب والفراغ والجدة *** مفسدة للمرء أي مفسدة
إذن بداية المعصية تبدأ بالفراغ، وأكبر مثال حي وصادق على ذلك امرأة العزيز التي راودت يوسف عن نفسه وهذه معصية كبيرة كان وراءها الفراغ.(1/40)
ونساء المدينة كن فارغات لا يفكرن إلا في الحديث عن قصة امرأة العزيز ويوسف ـ عليه السلام ـ.
وهنا يأتي السؤال فيم تضيع المرأة في هذا العصر وقتها؟
من أشكال الفراغ وتضيع الوقت بين النساء في هذا العصر:
ـ النوم لساعات الطويلة، قراءة المجلات التافهة بالساعات إن لم تكن فاضحة، التزين الزائد عن الحد، الذهاب للتسوق وبالساعات، مشاهدة التليفزيون والأفلام والمسلسلات والتقليب في القنوات الفضائية بالساعات، الحديث في التليفون مع الأصدقاء أوقات طويلة، والكلام بين الفتيات والشباب بالساعات في الإنترنت إما في كلام ليس له قيمة أو علاقات آثمة، فضلاً عن الخروج والفسح والأكل بالأربع ساعات في المطاعم... وغير ذلك كثير.
الزينة حلال للمرأة.. ولكن:
وأرد لمن يرد في ذهنه أننا ضد الزينة للمرأة وأقول:
إن الوقت لهو الحياة وهو سريع الانقضاء، وما مضى منه لا يرجع، ولا يعوض بشيء، والمسلمة مطالبة بحفظ وقتها، فعليها أن تحرص على الاستفادة من عمرها، وصرف وقتها فيما ترجو نفعه، والمرأة التي تمضي الساعة تلو الساعة أمام المرآة لتجميل وجه، وتسريح شعر بصورة مبالغ فيها هي ممن أضاع الوقت، وفرط في العمر، لأن الإسلام جعل الزينة وسيلة لا غاية، وسيلة لتلبية نداء الأنوثة في المرأة، وللظهور أمام زوجها بالمظهر الذي يجلب المحبة ويديم المودة، ولكن يجب أن يكون ذلك بحد معين في الوقت والمال.
والإسلام كما يرفض إضاعة الوقت في الزينة فهو كذلك لا يرضى بإضاعته في البحث عن وسائل الزينة ومتابعة المستحدثات وكثرة ارتياد الأسواق.
صور ونماذج لكيفية استغلال الوقت:
تعالي معي لنرى كيف استفاد السابقون بأوقاتهم في عظائم الأمور ومفيدها:
المحاسبي:
انظري إلى المحاسبي وهو يقول: 'والله لو كان الوقت يشترى بالمال لأنفقت كل أموالي غير خاسر أشتري بها أوقاتًا لخدمة الإسلام والمسلمين فقالوا له: فممن تشتري هذه الأوقات؟ فقال: من الفارغين.
ابن عقيل:
وانظري إلى ابن عقيل وهو يقول: 'أنا الآن ابن الثمانين، والله أجد همة وعزمًا واستفادة من الوقت كما كنت وأنا ابن العشرين'. إني لا آكل الطعام كما تأكلون فقالوا له: فكيف تأكل؟
قال: إني لأضع الماء على الكعك حتى يصير عجينًا فآكله سريعًا حتى لا أضيع وقتي'.
لذلك استمرت هذه الأمة 1300 سنة لقيمة الوقت في حياتهم.
أسامة بن زيد:
وهذا أسامة بن زيد يقود جيشًا وعمره السادسة عشر ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم عليه:
وإنه لخليق بالإمارة [أي يقدر عليها].
محمد الفاتح:
وهذا محمد الفاتح يفتح القسطنطينية التي استعصت على المسلمين عدة قرون يفتحها هو وعمره ثلاثة وعشرين سنة.
النووي:
كلنا يعرف النووي مؤلف كتاب رياض الصالحين هل تعرفين كم كتابًا ألف؟
لقد ألف خمسمائة كتاب ومات في الأربعين من عمره قبل أن يتزوج، وكانت أمه تطعمه وهو يكتب دون أن يشعر لكثرة مشاغله.
ابن رجب:
يقول ابن رجب: لقد كتبت بإصبعي هذا أكثر من ألفين مجلد.
يقولون: فبعد موته أخذنا كتب ابن رجب وقسمناها على عمره فكان نصيب اليوم من الكتب تسعة كتب.
هؤلاء كانوا يبنون أمة فنجحوا وأشرقت هذه الأمة.
والتاريخ الإسلامي يزخر بالعالمات من النساء والفقيهات والطبيبات والشاعرات، فهذه السيدة عائشة ـ رضي الله عنها ـ يؤثر عنها أنها روت عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ألفين ومئتين وعشرة أحاديث.
وكثير من النساء في ذلك الوقت كن يشغلن أوقاتهن فيما يفيد ولخدمة الإسلام والمسلمين.
الحل بيدك.. فبادري:
كيف تشغلين وقت فراغك فيما يفيد وينفع في الدنيا والآخرة؟
1. يقول تعالى: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ[7]وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ} [الشرح: 8]. أي إذا فرغت من شغلك مع الناس ومع الأرض ومع دوامة الحياة، فإذا فرغت من كل هذه الأعباء فتوجهي بقلبك كله إلى من يستحق أن تنصبي فيه، وتجتهدي من أجله. والمسلمة طالما احتسبت أعمال الدنيا لله تعالى بما فيها الترويح المباح الذي لا يأخذ من وقتها الكثير فهي في عبادة وهي في جهاد. فحاولي استغلال معظم لحظات حياتك في جلب الخير لك وللآخرين.
2. أشغلي نفسك بتحقيق أهداف ذات قيمة تشعرك بالحماس كحفظ سور من القرآن الكريم وقدرًا من الأحاديث النبوية، وتعلم أحكام فقهية تتعلق بالعبادات وكذلك قراءة الكتب المفيدة.
3. التحقي بدورة مفيدة [كمبيوتر، أو تعلم لغة] أو تعلم مهارة تطورك في جانب تحبينه كالخياطة والتطريز والأعمال الفنية.
4. عليك بالدعاء فهو سهم الله النافذ، فعلى المرأة أن تدعو الله أن يشغلها بما يفيد وينفع في حياتها وفي مماتها، لأن النفس إن لم تشغليها بحق شغلتك هي بباطل.
5. مشاهدة البرامج المفيدة المتعلقة بالمرأة والنواحي الأسرية.
6. المبادرة إلى الخيرات كما أمرنا الله تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [آل عمران: 133] {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ} [الأنبياء: 90] {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} [البقرة: 148] أي سارعوا إليها.
وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: [[بادروا بالأعمال [أي الصالحة] سبعًا: هل تنتظرون إلا فقرًا منسيًا أو غنى مطغيًا أو مرضًا مفسدًا أو هرمًا مفنداً [أي موقعًا في الفند وهو كلام المخرف] أو موتًا مجهزًا [أي سريعًا] أو الدجال فشر غائب ينتظر أو الساعة فالساعة أدهى وأمر]]. [رواه الترمذي].
هذه اقتراحات بسيطة وعليك أختي المسلمة التفكير فما يشغل وقت فراغك بما ينفع بيتك وأسرتك وحياتك ومماتك.
أعدي للسؤال جوابًا...وعن عمرك فيما أفنيتيه؟
27 شعبان 1425هـ 11 أكتوبر 2004 م
http://www.islammemo.cc المصدر:
=============
هكذا عرفوا قيمة الوقت !!
سعد الشريف
* كان داود الطائي يستفّ الفتيت ويقول:
بين سفّ الفتيت
وأكل الخبز قراءة خمسين آية!!
* كان عثمان البقلاوي دائم الذكر لله - تعالى -،
فقال: إني وقت الإفطار أحس بروحي كأنها تخرج؛
لأجل اشتغالي بالأكل عن الذكر!!
* أوصى بعض السلف أصحابه فقال:
إذا خرجتم من عندي فتفرقوا؛
لعل أحدكم يقرأ القرآن في طريقه،
ومتى اجتمعتم تحدثتم.
* قال ابن الجوزي لولده:
اعلم يابني أن الأيام تبسط ساعات،
والساعات تبسطُ أنفاساً،
وكل نفس خزانة، فاحذر أن يذهب نفسٌ بغير شيء،
فترى في القيام خزانة فارغة فتندم.
وانظر كل ساعة من ساعاتك بماذا تذهب فلا تودعها إلا إلى
أشرف ما يمكن ولا تهمل نفسك
وعودها أشرف ما يكون من العمل وأحسنه،
وابعث إلى صندوق القبر ما يسرك الوصول إليه.
* قال الفخر الرازي:
والله إني لأ تأسف في الفوات
عن الاشتغال بالعلم في وقت الأكل...
فإن الوقت والزمان عزيز..
* قلت:
والوقت أنفس ما عنيت بحفظه.. وأراه أسهل ماعليك يضيع
قلّت قراطيسكم أم جفّ حبركمو *** أم كاتبٌ مات أم أقلامكم كُسرتْ؟
http://www.ruowaa.com المصدر:
============
الوقت في حياة المسلم
القرآن الكريم اهتم به.. والرسول - صلى الله عليه وسلم - حث المسلمين على اغتنامه في العمل الصالح
الوقت أغلى ما يملكه الإنسان.. أغلى من الذهب والفضة ومن كل غال وكريم، فما خسره الإنسان اليوم قد يعوَّضه غدًا، ولكن الوقت هو الثروة الوحيدة التي لا يمكن تعويضها، فما ضاع منه لن يعود، وإن أهل الجنة لن يتحسروا من الدنيا إلا على الوقت الذي مضى ولم يذكروا فيه اسم الله.(1/41)
وقد حقق سلفنا الصالح الأمجاد التليدة التي خلدها التاريخ عندما أعطوا الوقت قدره ولم يضيعوه، فهذا ابن الجوزي - رحمه الله - يعتبر واحدًا من علماء الإسلام المكثرين في التأليف كان يأتيه أمثالنا من الفضوليين، يتجاذب معه أطراف الأحاديث، وفي الوقت ذاته يعد أقلامه للكتابة حتى لا تضيع هذه الدقائق، وإن علماءنا الذين نعتز بهم كابن حجر الذي لقب بحافظ الدنيا وابن تيمية وابن القيم والخطيب البغدادي وغيرهم، خلفوا وراءهم تراثًا عظيمًا ضخمًا، رغم أنهم في عصرهم كانوا يفتقرون إلى ما به وعليه يكتبون، وبعضهم خلَّف هذا التراث الهائل وهو يتنقل من سجن إلى سجن ''كابن تيمية''.
يعجبني جدًا ما كتبه العلامة الراحل محمد شفيع - رحمه الله - في تفسير قوله - تعالى -: إن الباطل كان زهوقا (81) (الإسراء: 81) حيث قال: "الباطل زاهق لا يمكن أن تستوي سوقه ويصلب عوده أو يمكَّن لأهله في الأرض، وإن رأيت لأهل الباطل صولة وجولة أو قوة وشوكة فاعلم أنهم تمسكوا بجانب من جوانب الحق، فبه اعتزوا وتمكنوا".
وإنني أرى أن أهل الغرب ما تقدموا إلا بأخذهم بعض الجوانب والأحكام من شريعتنا، ومن ضمنها استغلالهم للوقت فيما يعود عليهم بالنفع، فلهم روتين يومي لا يحيدون عنه، للعمل ساعات معينة، وللراحة وقت محدد، وللنوم موعد معلوم، وبالكاد تجد أحدهم عالة على أحد أو طفيليًا، فالكل يعمل ويكد ويكدح، ويندر عندهم فكرة التقاعد المعروفة لدينا، ولذلك مكن الله لهم في الأرض.
فقانون الفطرة يقول: "من جد وجد ومن زرع حصد"، والندم بعد فوات الأوان لا ينفع، وسنة الله لا تتغير ولا تتبدل: " ولن تجد لسنة الله تبديلا 62 " (الأحزاب: 62).
ولم يعرف التاريخ أمة من الأمم اهتمت شريعتها بالزمن، وحثت على اغتنامه قبل ضياعه، مثل الأمة الإسلامية، وذلك لأن الزمن هو الحياة، هو العمل والإنتاج، هو التطور العلمي في تشييد الحضارات وازدهارها.
والأيام هي الأيام لم تزد ولم تنقص، لا من حيث العدد، ولا من حيث المساحة الزمنية اليومية، والشهور والأعوام لم يتبدل فيها شيء إلا الناس شمس تشرق وتغيب، وهلال يهل ثم يقمر، ثم يتناقص ثم يختفي، وهكذا حياة الأقوام، وكذلك حياة الإنسان، حيث يولد صغيرًا ضعيفًا ثم يكبر ثم يشيخ، ثم يختفي، كأن لم يكن.
ومن رغب في أن يخلد ذكره، وينفع نفسه في دنياه وآخرته، ويسعد الآخرين في حياته وبعد مماته فلينتهز فرصة وجوده في الحياة، وليزين هذه المدة المحدودة بالعمل، وها هو رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم - يحث أمته على انتهاز الوقت واستثماره قبل فواته، فيقول: "اغتنم خمسًا قبل خمس: حياتك قبل موتك، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وشبابك قبل هرمك، وغناك قبل فقرك". ويقول أيضًا: "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ".
لأن الوقت هو المادة الخام الطيِّعة للإنسان، والتي يقدر على تشكليها حسبما يرى ويهوى، فهو يستطيع استثمارها فيما يعود عليه شخصيًا، وعلى أسرته ومجتمعه وأمته والإنسانية كافة بالفائدة الجمة، ويمكن أن يهدر وقته، فيذهب هباءً منثورًا لا فائدة حاضرة، ولا خير يُرتجى مستقبلاً، ويصبح هو ومن على شاكلته أشقى من أظلتهم السماء، وأقلتهم الغبراء، وذلك بإهدارهم زمانهم.
ولو جئنا إلى كتاب الله العزيز لوجدنا أن الله ذكر الوقت، وأقسم به في بدايات بعض السور، مثل: والفجر والليل، والضحى، وذكره كثيرًا في بعض السور أيضًا، وقد سميت سورة بسورة العصر: " والعصر (1) إن الإنسان لفي خسر (2) إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر (3) " (العصر).
فليس المقصود هنا إنسانًا معينًا وإنما المراد جنس الإنسان، ف"ال" هنا ليست للتعريف والتحديد، وإنما هي للعموم لتشمل جميع بني آدم، ذكورهم وإناثهم.
إهمال العمر خسران:
فكل من أهمل عمره وقته هو في خسران مبين: في فقر ومذلة، ومرض وجهل، وتخلف، هو في عوز لكل ما تقوم به الحياة الإنسانية، ثم استثنى الله - تبارك وتعالى - الذين أفردوه بالألوهية، وخصوه بالعبادة، ثم يخبرنا الله أن الإيمان القلبي وحده لا يكفي، بل لا بد أن يضاف إليه العمل النافع، والعمل معناه الاستفادة من الوقت، فيقضونه فيما يجنون منه فوائد لهم ولغيرهم، وتواصوا بالصبر في مواجهة متاعب الحياة كي يعيشوا أعزة.
أما الذين استلذوا الكسل واستمرءوا البطالة، والذين لا يصبرون على تحمل المشاق، ومكابدة الصعاب، وتخور قواهم لأدنى نصب، فهؤلاء جميعًا تلفظهم الحياة، وتدوسهم الأقدام وتلعنهم الأرض التي يحيون عليها، يتجاوزهم الركب الحضاري غير مأسوف عليهم، لأنهم رضوا لأنفسهم بالتخلف عن المشاركة في بناء الحضارات.. وعندما يضرب الله لنا الأمثال في القرآن الكريم بالأمم السابقة، التي سادت ثم بادت، ويطلعنا على ما حل بهم من عقاب، كما يخبرنا بما كانوا عليه من القوة والبأس وأن آثارهم في الأرض باقية من بعدهم، وهي خير شاهد على اغتنامهم لأزمانهم وقضائها في أعمال مثمرة، يقول - تعالى -: أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أكثر منهم وأشد قوة وآثارا في الأرض فما أغنى" عنهم ما كانوا يكسبون 82 (غافر).
فإن هؤلاء الأقوام لم يكن هلاكهم بسبب كسلهم وتباطئهم عن أعمالهم، وإنما كان بسبب جحودهم للنعم التي أنعم الله بها عليهم، لنتعظ، ولنحِدْ عن الطريق الذي سلكوه، من حيث الاعتقاد والعبادة.
أما من حيث العمل، واستغلال الوقت، والالتزام بتعمير الأرض، وتشييد الحضارات والمساهمة بنصيب وافر في التقدم العلمي الإنساني، فقد كانوا على قدر عظيم منها، وها هي الآيات من 6 حتى 10 من سورة الفجر تنطق بذلك صراحة، فقد كانت ثمود، قوم صالح - عليه السلام - ينحتون من الجبال بيوتًا فارهين، كما كانوا ذوي مزارع ونخل هضيم، وعاد قوم هود كانوا ذوي مصانع ومزارع، والحضارة الفرعونية ما زالت آثارها أهرامها تشهد لهم بذلك إلى يومنا هذا وإلى ما شاء الله من الزمان القادم، وكذلك الحضارات الإغريقية والرومانية، والهندية، والبابلية، والفينيقية، والفارسية والإسلامية، كل واحدة قد ساهم معاصروها في بناء الحضارة العالمية، التي هي أطوار، كل عصر يشيد دورًا من أدوارها بسواعد أبنائه، فخُلِّدوا في التاريخ، وإذا كان المثل يقول: "اطلب الموت توهب لك الحياة"، فأقول لك أخي القارئ: اغتنم الوقت يوهب لك الخلود، والذكر الحسن..
وإذا كان القرآن تعرض للزمن فأورده بكل جزئياته، فإن الزمن غير مقصود لذاته، وإنما المقصود أهله الذين عاشوا فيه، ماذا قدموا لأنفسهم؟، وماذا أهدوا لغيرهم من المجتمعات الحاضرة واللاحقة، وهل قاموا بواجب الخلافة في الأرض، أم أنهم عاشوا وماتوا، وكأنهم لم يولدوا لأنهم لم يتركوا شيئًا تذكرهم الأجيال القادمة به؟ إن العلماء لم يولدوا علماء، ولا المشهورين ولدوا مشهورين، وإنما ولدوا مثل غيرهم، ولكنهم عرفوا كيف يستغلون وقتهم علمًا وعملاً، فأصبحوا علماء مشهورين..(1/42)
ومن هنا فإن المؤمن الواعي يحس في أعماق نفسه، أنه في سباق مع النهاية المحتومة، وهذا الإحساس يدفعه لأن يسجل لنفسه أكبر قدر من العمل الصالح، الذي يحتاجه في حياته وبعد مماته، ولذا يحضنا الرسول - صلى الله عليه وسلم - على اغتنام الوقت والاستفادة منه، لأن الإنسان محاسب يوم القيامة على وقته، فيمَ قضاه؟ يقول - صلى الله عليه وسلم -: "لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيمَ أفناه، وعن شبابه فيمَ أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه، وفيمَ أنفقه، وعن علمه ماذا عمل به".. وبهذا الحساب الدقيق للزمن واستثماره استثماراً مفيداً، حافظ المسلمون الأوائل على توجيهات ربهم، وطبقوا تعاليم دينهم، وأقاموا أحكام شريعتهم، فأسسوا للدنيا حضارة شامخة، ومجدًا تليدًا، ولا نستغرب اليوم عندما نسمع أو نقرأ أن العالم الفلاني ألف من الكتب ما يربو على "300 كتاب أو 400" أو أكثر، لأنهم استثمروا وقتهم وشغلوا فراغهم، فتركوا لنا مصنفات دقيقة مختلفة الأجناس نعكف الآن على دراستها والتزود منها.
http://www.almujtamaa-mag.com المصدر:
==============
الوقت في حياة المسلم
أحمد بن محمود الديب
الخطبة الأولى
أما بعد:
روى البخاري عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ)) أي نعمتان يخسرهما كثير من الناس، وروى البخاري عن أبي هريرة قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أعذر الله إلى امرئ أخر أجله حتى بلغ ستين سنة)) [وروى الحاكم والبيهقي]. عن ابن عباس قال رسول الله صلى الله وسلم: ((اغتنم خمساً قبل خمس: حياتك قبل موتك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وشبابك قبل هرمك)).
وروى البزار والطبرني عن معاذ بن جبل قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن علمه ماذا عمل به)).
أيها الأخوة الكرام: لقد استحقت أمتنا أن تكون أمة قيادة وأمة ريادة حينما اهتمت بأوقاتها وعلمت أنها مسئولة عن وقتها، لقد اهتم الإسلام بالوقت اهتماماً بالغاً، بل لم يعرف التأريخ أمة من الأمم كأمة محمد اهتمت واعتنت بوقتها عناية بالغة.
وهذا نراه واضحاً في كتاب الله وسنة رسول الله وسلوك السلف. فما هو الوقت؟
هو اسم لقليل الوقت وكثيره وهو عند كثير من العلماء المتخصصين يمثل مفهوماً خاصاً بعلومهم، فعند الجغرافي يرتبط الوقت بالظواهر الجغرافية من زمن ومكان معينين ترتبط وهذه الظواهر، وعند النحوي يربط الوقت بالأزمان مقترناً بزمن الماضي والحاضر والمستقبل، وأما علماء الطبيعة فيرون أن الزمن والوقت يمثلان واحداً من ثلاث كتل الكتلة والمسافة والزمن، وعند علماء السلوك يرون أن إضاعة الوقت ذنب يستوجب التوبة العاجلة.
والمسلم يرى الوقت يجمع بين هذا وذاك، ويرى أن الوقت أغلى من الذهب والفضة وأغلى من جميع الأموال، فإن المال إذا فقد يمكن أن يعوض، وإما الوقت إذا فقد فلا يمكن أن يعوض
دقات قلب المرء قائلة له *** إن الحياة دقائق وثواني
فمن حافظ على وقته ترقى في درجات الكمال، ومن أضاع وقته نزل في دركات الوبال، ومن لم يتقدم فهو في تأخر، ومن لم يتقدم إلى الجنة بالأعمال الصالحة تأخر إلى النار بالأعمال السيئة، فخسر الدنيا وخسر الآخرة.
لقد استحقت أمتنا أن تكون أمة قيادة وريادة، فالوقت ينقسم إلى قسمين: وقت زماني ووقت مكاني، فالوقت الزماني هو الذي يتعلق بعمر الإنسان، بل هو حياته كاليوم والأسبوع والشهر والسنة، والوقت المكاني كما جاء في الحديث المتفق عليه حينما وقّت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لوفود الحجيج مواقيت مكانية فقال: ((هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن)).
ولقد ذكر الوقت في كتاب الله - تعالى -في ثلاث عشرة آية يذكر الله - تعالى -فيها قيمة الوقت، ففي سورة المرسلات: (( وَإِذَا الرُّسُلُ أُقّتَتْ لايّ يَوْمٍ أُجّلَتْ لِيَوْمِ الْفَصْلِ )) [المرسلات: 11-13]. أي أن الله - تعالى -جعل للرسول ميقاتاً يفصل بينهم وبين أممهم وقال - تعالى -في سورة الحجر حينما أعطى إبليس مهلة من الوقت فقال: (( قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ )) [الحجر: 37-38]. وحينما سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سورة الأعراف عن ميقات الساعة فقال - تعالى -: (( قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبّي لاَ يُجَلّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ )) [الأعراف: 187]. وفي سورة الشعراء قال - تعالى - (( فجمع السحرة إلى ميقات يوم معلوم )) [الشعراء: 38]. وفي سورة المعارج: (( قُلْ إِنَّ الأولين والآخرين لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ )) [المعارج: 49-50]. وقال - تعالى -في سورة النبأ (( إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتاً )) [النبأ: 17]. وفي سورة الدخان: (( إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ)) [الدخان: 40]. وفي سورة البقرة: (( يسألونك عَنِ الأهلة قُلْ هي مَوَاقِيتُ )) [البقرة: 189]. وفي سورة النساء: (( إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً )) [النساء: 103].
وحينما أراد الله - تعالى - أن يمتن على العباد بقيمة الوقت ويلفت انتباههم إلى قيمته والى أهميته أقسم به في مواضع كثيرة وأقسم بأجزاء منه، ففي معرض الامتنان على الناس ذكر الله - تعالى -الليل في أربع وسبعين آية وذكر النهار في أربع وخمسين آية قال: (( وَسَخَّر لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَينَ وَسَخَّرَ لَكُمُ الَّيْلَ وَالنَّهَارَ [إبراهيم: 23]. وقال: (( وَهُوَ الذي جَعَلَ الَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً )) [الفرقان: 62].
ولأهمية الوقت أقسم بالفجر والضحى والليل والنهار ليلفت انتباه العباد إلى قيمة الوقت ليسعوا بحرص شديد أن يعتنوا بأوقاتهم وأن يملئوها بطاعة الله - تعالى -.
لقد كان سلف أمتنا أحرص الناس على أوقاتهم، فيقضون أوقاتهم في طاعة الله، بل إنهم كانوا يستغلون كل لحظة في أوقاتهم فيملؤونها بالطاعة والخشية من الله - تعالى -، فكانوا يقلون من علامة المقت ألا وهي إضاعة الوقت.
كان ابن مسعود يقول: (ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه، نقص فيه أجلي ولم يزد فيه عملي). وقال الحسن البصري: لقد أدركت أقواماً كانوا على أوقاتهم أشد حرصاً منكم على أموالكم. ويقول: يا ابن آدم إنك أيام مجموعة، إذا ذهب يوم ذهب بعضك. وقال عمر بن عبد العزيز: يا ابن آدم إن الليل والنهار يعملان فيك فاعمل فيهما. ويقول آخر: من كان يومه كأمسه فهو مغبون.
هؤلاء هم الذين حافظوا على أوقاتهم فكانوا يستغلون أوقاتهم في سيرهم في الطريق للعمل بطاعة الله، ويغتنمون كل لحظة من أعمارهم بطاعة الله، فهذا رجل رآه النبي وهو يتقلب في الجنة لأنه استغل وقته في طريقه روى مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لقد رأيت رجلاً يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر طريق كانت تؤذي المسلمين)).(1/43)
هؤلاء اغتنموا أوقاتهم في طاعة الله فأين أوقاتنا من أوقاتهم وأين سهراتنا من سهراتهم، إننا في سهرتنا نرفع شعار: قتل الوقت. فمنا من يظنون أن أعمارهم تقتل بهذا، نعم إنهم يقتلون ولكنهم يقتلون أنفسهم بقتل وقتهم، ويزعمون أنهم يقتلون أوقاتهم، إنهم يقتلون أعمارهم بالنظر إلى المسلسلات الفاسدة والأفلام الخبيثة الخليعة والمجلات الساقطة، وفي الغيبة والنميمة.
الخطبة الثانية
أما بعد:
ربما يقول قائل: هل تريد منا أن نقضي أوقاتنا في قراءة قرآن وصلاة دون أن نعطي للنفوس حظها من الترويح واللهو المباح؟
لذا نقول: لا حرج في أن يصرف المسلم وقته في اللهو المباح على ألا يتعدى بذلك اللهو على حق الله - تعالى -في العبادة، وعلى حق العين والبدن في الراحة، وعلى حق عملك في الإتقان، فحظ النفس في الترويح أقره رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فرسول الله أعلم الناس بنفوس الناس يعلم أن النفس تمل من كثرة الموعظة وكثرة النصيحة، فكان يتخول أصحابه بالموعظة، فعن ابن مسعود قال: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتخولنا بالموعظة خشية السآمة) أي خشية الملل، فهو الذي يعلمنا حظ النفس من اللهو المباح لأنه يكره الحزن والكسل فيقول في دعائه: ((اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والجبن والبخل وغلبة الدين وقهر الرجال)).
هكذا كان - صلى الله عليه وسلم - الذي كان يقوم ليله حتى تتفطر قدماه، وكان يبكي من خشية الله حتى تتخضب لحيته بدموعه، وكان الصحابة يقولون عنه: إنه كان يصوم حتى يقولون: إنه لا يفطر، وكان يفطر حتى يقولون: إنه لا يصوم.
هكذا كان - صلى الله عليه وسلم - وكان يضحك وجُل ضحكه التبسم، لا يفعل كما يفعل البعض في ضحكهم حتى ينقلبوا على قفاهم من الضحك بأصوات عالية، فرسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو الذي يعلمنا كيف يكون حظ النفس من اللهو المباح، فيقبل على الصبية الصغار، فيروح عنهم فيجمعهم صفاً واحداً ويقول: ((من قدم إلي فله كذا وكذا))، فيهرولون على رسول الله فيقبلهم ويلتزمهم، وهو الذي كان يسابق أم المؤمنين عائشة في بيتها وتسابقه، وهو الذي كان يحملها وهي صغيرة لتنظر إلى لعب الحبشة، فهذا هو اللهو المباح، فكان يضحك ويتبسم ويمزح، ولا يقول إلا حقاً.
روى أحمد أن رجلاً جاء إلى رسول الله فطلب منه أن يحمله فقال: ((إنا حاملوك على ولد ناقة)) فقال الرجل: وماذا أفعل بولد ناقة؟ فقال - صلى الله عليه وسلم - متبسماً: ((وهل تلد الإبل إلا النوق)).
ومع ذلك هو الذي حذرنا من إضاعة الوقت، هكذا كان أسلافنا جمعوا بين المحافظة على الوقت وبين اللهو المباح فكانوا في أوقاتهم يعيشون على قول الله - تعالى -:قُلْ إِنَّ صَلاَتِى وَنُسُكِى وَمَحْيَاىَ وَمَمَاتِى للَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ [الأنعام: 162].
http://www.alminbar.net المصدر:
============
الوقت وسبل استغلاله ـ الإجازة
عبد المجيد بن عبد العزيز الدهيشي
الخطبة الأولى:
أما بعد: فاتقوا الله الذي خلقكم وسواكم، ومن الخير زادكم، ومن الشر وقاكم، وتذكروا نعمه الغزار التي لا حد لها ولا حصر " وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا " [إبراهيم: 34]، فجددوا له - سبحانه - الشكر وأكثروا له من الحمد، فهو وحده المستحق لذلك، جل في علاه.
عباد الله، ها نحن الآن نستقبل إجازة صيفية تمتد بضعة أشهر، فيها يرتاح الطلاب من عناء الدراسة وتركن الأسر إلى الهدوء والسكينة بعد نشاط الدراسة والمذاكرة والمتابعة، وغالباً ما يأخذ أولياء الأمور إجازة من أعمالهم تتوافق مع إجازة الطلاب ليسعد الأب بأولاده ويفرغ لهم من وقته، وربما سافرت الأسرة هنا أو هناك.
والناس في هذه الإجازة بين مستفيد منها رابح وآخر مفرط فيها خاسر، وهكذا حال التجار، فما كل من تعاطى التجارة ربح، عباد الله الرابح في الإجازة من عمرها بالنافع المفيد فاكتسب علماً أو تعلم حرفة أو أتقن مهنة، أو حفظ آية أو علم حديثاً أو قرأ كتباً نافعة أو التحق بمركز صيفي يزيده إيماناً وثقافة ويكسبه مهارة ويملأ وقته بالمفيد، والرابح في إجازته من جعل لأقاربه وذوي رحمه نصيباً منها، أو ساهم في مشروع خير أو أمد إخوانه وساعدهم فيما يخدم المسلمين ويرفع راية الدين، والرابح في إجازته من أخلص النية لله فيها، فالعادة تنقلب إلى عبادة متى صلحت النية، فهل استحضرنا الإخلاص لله فيما نقضي به إجازاتنا؟ والرابح منا من استغل إجازته في تعليم أهله وأولاده ما ينفعهم واستغل وجوده بينهم، فذكرهم بما يجب وحذرهم مما يجتنب، والأب المثالي هو الذي يهمه صلاح أبنائه وبناته ويستغل كل الإمكانات المتاحة من مراكز صيفية للطلاب ودور نسائية لتحفيظ القرآن الكريم للبنات والأمهات.
أما الخاسرون في الإجازة فكثير، كما يشهد به واقع الكثيرين وكما اعتاد الناس في كل إجازة، فمن أقبل على مشاهدة الحرام والتمتع بالحرام خاسر، ومن تفرغ لاصطياد الفرائس والتغرير بالأبرياء خاسر، ومن سهر ليله كله ونام نهاره فضيع الصلاة خاسر، ومن مضى وقته وانقضت أيامه وانصرمت لياليه وكثرت مجالسه دون ذكر لله - تعالى -خاسر، ففي الحديث الصحيح: ((ما جلس قوم مجلساً لم يذكروا الله فيه ولم يصلوا على نبيهم إلا كان عليهم تِرَة فإن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم)) والتِرة هي الحسرة والندامة.
وذكر عند النبي رجل فقيل: ما زال نائماً حتى أصبح ما قام إلى الصلاة فقال: ((بال الشيطان في أذنه)) البخاري، فهل يرضى أحدنا أن يبول ابنه في أذنه، فضلاً عن عدوه، فضلاً عن الشيطان الرجيم.
وللشيطان مع النوم أحوال عجيبة، فبه يتسلط على العبد إذا أفرط فيه وتجاوز قدر الحاجة، في الصحيحين: ((يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد، يضرب كل عقدة: عليك ليل طويل فارقد، فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلى انحلت عقدة فأصبح نشيطاً طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان)) فهل يعي ذلك من يصبح كل يوم وقد ضيع الصلاة ولم يستهل يومه بذكر ولا صلاة ولا وضوء، أما من سافر سفراً محرماً فليخش العقوبة وليتذكر ما بلي به من عصى الله - تعالى -من الأمراض المستعصية، " وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى " [طه: 127].
عباد الله، الوقت الذي نعيش فيه متمتعين بقوانا وحواسنا، ونرفل في النعيم والأمن والأمان من أجل النعم والمنن، ومن غفل عن وقته سيندم كما يندم الكفار إذا عاينوا النار ووقعوا فيها " وَالَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لاَ يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُواْ وَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مّنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِى كُلَّ كَفُورٍ وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ ـ فيجابون ـ أَوَلَمْ نُعَمّرْكُمْ مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُواْ فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ " [فاطر: 26، 37]، فجعل - سبحانه - التعمير وطول العمر موجباً للتذكر والاستبصار، وأقام العمر الذي يحياه الإنسان حجة عليه، فالزمن نعمة جلى ومنحة كبرى لا يستفيد منها كل الفائدة إلا الموفقون، كما أشار إلى ذلك قوله: ((نعمتان مغبون فيها كثير من الناس: الصحة والفراغ)) أخرجه البخاري، نسأل الله - تعالى - بمنه وكرمه أن يرزقنا الحفاظ على أوقاتنا والمبادرة بالأعمال الصالحة قبل تَصرُّم الأعمار وانقضاء الأيام.
أقول قولي هذا...
الخطبة الثانية:(1/44)
أما بعد: فللوقت نفاسته وأهميته، التي أدركها من سبقنا، قال ابن القيم - رحمه الله تعالى -: "فالوقت منصرم بنفسه منقض بذاته ـ أي لا يحتاج إلى من يديره ويحركه ـ ولذا فمن غفل عن نفسه تصرمت أوقاته وعظمت حسراته واشتد فواته، والواردات سريعة الزوال تمر أسرع من السحاب وينقضي الوقت بما فيه، فلا يعود عليك منه إلا أثره وحكمه، فاختر لنفسك ما يعود عليك من وقتك، فإنه عائد عليك لا محالة، لهذا يقال للسعداء في الجنة: كُلُواْ وَاشْرَبُواْ هَنِيئَاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الْخَالِيَةِ " [الحاقة: 24]، ويقال للأشقياء المعذبين في النار: " ذَلِكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الأرْضِ بِغَيْرِ الْحَقّ وَبِمَا كُنتُمْ تَمْرَحُونَ " [غافر: 75]" ا.هـ. ولذا كان حرص سلفنا الصالح على أوقاتهم شديداً، قال ابن مسعود: ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه، نقص فيه أجلي ولم يزد فيه عملي.
وهذا ابن الجوزي يقول: "وقد رأيت عموم الخلائق يدفعون الزمان دفعاً عجيبا ً، إن طال الليل فبحديث لا ينفع أو بقراءة كتاب فيه غزل وسمر، وإن طال النهار فبالنوم، وهم في أطراف النهار على دجلة أو في الأسواق. ا. هـ.
وما ظنكم بما سيقوله ابن الجوزي لو رأى ما يقضي فيه كثيرون من المسلمين أوقاتهم في هذا الزمان الذي كثرت فيه الصوارف واسترخص فيه أقوام أوقاتهم، فبذلوها فيما حرم الله عليهم فإلى الله المشتكى، وهو المستعان والمسؤول - جل وعلا - أن يمن علينا باستغلال أوقاتنا فيما ينفعنا عنده يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
16/3/1422
http://www.alminbar.net المصدر:
============
ضبط الوقت وأثره في إنتاجية المجتمع
صالح بن عبد الله بن حميد
الخطبة الأولى:
الحمد لله أولى من حُمِد، وأحبِّ من ذُكِر، وأحقِّ من شُكِر، وأكرمِ من تَفَضّل، وأرحمِ من قُصِد، أحمده - سبحانه - وأشكره، تَعَرّف إلى خلقه بالدلائل الباهرة والحجج القاهرة، وأنعم عليهم بالنعم الباطنة والظاهرة، والآلاء الوافرة المُتَكاثِرَة. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، مَدَّ الأرضَ فأوسعها بقُدْرِته، وقَدَّر فيها أَقْوَاتها بحكمته، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبد الله ورسوله، رفع ربُّهُ ذِكرَه فأعلاه وأجَلّه، وفي أعلا المنازل أكرمه وأحَلّه، صلّى الله وسلّم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه، أعِزّة على الكفّار وعلى المؤمنين أَذِلّة، والتابعين ومن تبعهم بإحسان، بدعوتهم وطريقتهم تَتّحِد الكلمة، وترتفع أركان المِلّة، وسلّم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: فأوصيكم أيها الناس ونفسي بتقوى الله - عز وجل -، فاتقوا الله رحمكم الله، فالدنيا غير مأمونة، ومَن عَزَمَ على السفر والرحيل تَزَوّد بالمؤونة، ومن صَحّت نيّتُه، وأخذ بالأسباب جاءته من ربه المعونة، من عَلِم شَرَف المطلوب جَدّ وعَزَم، والاجتهادُ على قَدْر الهِمَم، والنفسُ إذا أُطْمِعَت طَمِعَت، وإذا أُقْنِعَت باليسير قَنِعَت، وإذا فُطِمَت انْفَطَمَت، اهتمّ بالخلاص أهل التُّقى والإخلاص، وفرّط المفرّطون فندموا ولاتَ حينَ مَنَاص، " مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ " [فصلت: 46].
أيها المسلمون، قوّة الأمّة وتقدّمها وحُسن تديُّنها مَقِيسٌ بقوة إيمانها، وجودةِ عملها، ودقّةِ تنظيمها، ومِقدَارِ إنتاجها، وحُسنِ تدبيرها، بسم الله الرحمن الرحيم: " وَالْعَصْرِ إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ " [سورة العصر].
عباد الله، ومع هبوب رياح الصيف وحلول مواسم الإجازات في كثير من البقاع والديار، وارتباط الإجازة عند بعض الناس بالتعطيل والبطالة وإضاعة الوقت وقتله؛ يحسن الوقوف وقفة نظر وتأمّل في العمل والإنتاج وساعات العمل وحفظ الوقت وضبط ساعات العُمُر وأوقات الراحة.
إن قُدرة المجتمعات على الإنتاج والعطاء وضبطِ ساعات العمل وكَسْبِ المعاش وأوقات الراحة من أدلّ الدلائل على القوّة، بل حُسنِ الإيمان والعمل الصالح وإدراك معنى الإصلاح.
تأمّلوا ـ رحمكم الله ـ هذه الآيات من كتاب الله فيما امتنّ الله على عباده من تهيئة أسباب المَعَاش من أجل حُسن المَعِيشَة، يقول عزّ شأنه: " وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ " [الأعراف: 10]، ويقول عزّ من قائل: " هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ " [الملك: 15]، وقال - جل وعلا -: " فَإِذَا قُضِيَتْ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون " [الجمعة: 10].
ثم تأمّلوا التنبيهَ على أوقات العمل وساعاته والراحة ومواعيدها، يقول - سبحانه -: " وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا " [النبأ: 9-11]، ويقول جلّ في عُلاه: " وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ " [الإسراء: 12]، ويقول - جل وعلا -: " وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا " [الفرقان: 47]، ويقول في حقّ نبيّه محمد: " إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلاً " [المزمل: 7].
أيها المسلمون، هذه هي آيات الله، وتلك هي سُننه في الليل وفي النهار وفي البشر، ولكنّ المتابع لمسالك بعض الناس ـ وبخاصّة في منطقتنا ومحيطنا في كثير ٍمن أفراد مجتمعنا ـ ليَدْهَشُ ويأسَى مما يلْفِتُ نظرَه من الغفلة عن هذه السُّنّة الإلهية والآية الربّانية، حين ينقلب عندهم الحال، فيجعلون نهارَهم سُبَاتًا، وليلَهم مَعَاشًا، بل لهوًا وعَبَثًا، إنه انتكاسة وانقلاب، بل فوضى واضطراب، وآثاره على الحياة والأحياء خطيرة في الإنتاج والصلاح والإصلاح، صحّية وبيئيّة وأمنيّة واقتصاديّة واجتماعيّة وغيرها. نعم أيها الإخوة الأحبّة، إن مما يأْسَى له الناظرُ أن ترى أُسَرًا بأكملها، أو مُدنًا بكلّ أهلها، صغارِها وكبارِها، رجالِها ونسائِها؛ قد قلبوا حياتهم، وانقلبوا في مَعَاشهم، فيسهرون ليلَهم، ثم يصبحون في نهارهم غير قادرين على العمل والعطاء، سواءً أكانوا طُلابًا أم موظّفين، وسواءً أكانوا في أعمال خاصّة أم عامّة، فهم ضعفاء في الإنتاج، ضعفاء في المشاركة، مُقَصّرين في الأداء، مُفَرّطين في المسؤولية، لا ترى إلا ذُبُولَ الحاجِبَين، واحمرارَ العينين، قد أخذ منهم النُّعَاسُ والكسلُ كلَّ مَأخَذ، ضَعْفٌ في الجسم، ووَهَنٌ في القُوى، وقلّة في التركيز والأداء.(1/45)
إن ظاهرة عكس السُّنن وتحويل وظائف النهار إلى الليل دليلٌ على التَسَيُّب والفوضى وضياع الضابط في الناس، بل قد تكون دلالةً من دلالات التَّرَهُّلِ المُهْلِك، والاتِّكاليّة المُدَمِّرة، وكأنّه لا هَمَّ لهم إلا تلبية أهوائهم ومُشْتَهَيَاتِهم، مُنْصَرِفين أو مُتَعَامِين عن حقيقة وجودهم، وطبيعةِ رسالتهم، وعظيمِ مسؤوليتهم، والجدِّ في مسالكهم. ويكفي المُخْلِصَ الصادقَ الناصحَ لأمته أن يُجِيل نظرَه في مجموعة من هذا الشباب التائه الضائع الذي يعيش على هامش الحياة، بل على هامش الزمن، في الليل مستيقظٌ بلا عمل والأمم الحيّة العاملة نائمة، ويكون نائمًا والأمم الحيّة العاملة مستيقظةٌ ساعَيِةٌ كادَّةٌ جادَّةٌ. ومع الأسف فإن الناظر المتأمّل لا يكاد يجد ناصحًا أو منكرًا لهذه المسالك التي لا تُحْمَد عُقْبَاها، بل إن عاقبتها خُسْرٌ في الأبدان والأموال والثمرات؛ مما يستدعي قرارًا حازمًا يردّ الناس إلى الصواب؛ ليكون الليل سَكَنًا وسُبَاتًا، ويكون النهار عملاً ومعاشًا.
ثم ماذا إذا صار الليلُ حركةً وعملاً لا نومًا ولا سُبَاتًا ولا سَكَنًا؟ سوف يزداد الصَّرْف والاستهلاك في كل المرافق، في مائها وإضاءاتها وطرقها وصيانة ذلك كله ونظافته، بل إن الأجهزة سوف تعمل فوق طاقتها ليلاً ونهارًا، مما يتولّد عنه الضعفُ والتَّسَيُّبُ والعَجْزُ والضَّجَرُ، ومن ثَمّ المشكلات الأمنيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة وغيرها.
معاشر المسلمين، إنّ أول مَدَارِج الإصلاح ـ والأمة تبتغي الإصلاح والانتظام في صفوف الأمم القويّة العاملة الجادّة ـ إنّ أول ذلك القدرة على ضبط أنفسنا وأبنائنا، والتحكّم الدقيق في ساعات عملنا. إن هذه الانتكاسة التي شملت الموظّفَ والمسؤولَ والطالبَ والمعلّمَ والرجلَ والمرأةَ تحتاج إلى وقفة صادقة جادّة، وقرارٍ حاسمٍ يعيد الناس إلى الجادَّة، بل يعيدهم ليكونوا أسوياء يعملون كما يعمل الناس في كل بلاد الدنيا. ولا مُسَوّغ البتَّةَ للاحتجاج بالظروف الاجتماعية أو المناخية؛ لأنّ سُنن الله في الليل والنهار عامّة، تَنْتَظِم البشرَ كلَّهم في مجتمعاتهم ومَنَاخَاتهم وقارّاتهم، فربُّنا جعل الليلَ سَكَنًا، وجعل النهارَ مَعَاشًا، ومحا آيةَ الليل، وجعل آية النهار مُبْصِرَة؛ لابتغاء فضله - سبحانه -، وذلك لأهل الأرض كلهم، بل جاء الخطاب في قوله - سبحانه - بعد أداء صلاة الجمعة: " فَإِذَا قُضِيَتْ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ " [الجمعة: 10]، وهذا لا يكون إلا بعد الظهر وفي شدّة حرارة الشمس في الصيف، وهو خطاب تَنَزّل أول ما تَنَزّل على العرب في جزيرتهم.
إن من أهمّ آليّات الإصلاح الذي ينادي به المصلحون المُخْلِصُون النظرَ الجادّ في هذه القضية، وإعادةَ ترتيب ساعات العمل، وحملَ الناس على ذلك، وأَطْرَهم عليه أَطْرًا، حتى يتحوّل المجتمع إلى مجتمع مُنْضبِط عامل مُنْتِجٍ يحسن توظيف قدراته ومواهبه ومؤهّلاته وكفاءته في كل طبقاته رجالاً ونساءً وشبابًا وكهولاً، يجب أن يكون المجتمع نَهَارِيًّا لا ليلِيًّا، فلا عمل في الليل إلا في حدود ضيّقة في بعض الأعمال الخاصّة من حراسة ومُنَاوَبة وأَشْبَهِها.
أيها المسلمون، إن أول ما يجب التطلّع إليه أن تكون الأمةُ أمةَ بُكُور، في بُكُور الصباح تغدو مخلوقاتُ الله وأممُ الأرض كلُّها تبتغي فضل الله، إن يومكم الإسلامي ـ أيها المسلمون، أيها الشباب ـ يبدأ من طلوع الفجر، وينتهي بعد صلاة العشاء، قال بعض السلف: "عجبت لمن يصلي الصبح بعد طلوع الشمس كيف يُرزق؟ "، وأصدق من ذلك وأبلغ قول نبينا محمد في الحديث الصحيح الذي رواه أبو هريرة وابن عمر وصَخْر بن وَدَاعَة - رضي الله عنهم - في قوله: ((اللهم بارك لأمتي في بُكُورها)) رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه[1]، ولفظ أبي هريرة: ((بُورِك لأمتي في بُكُورها))[2]، وكان صَخْر راوِ الحديث لا يبعث غلمانه إلا من أول النهار، فكَثُر مالُه حتى كان لا يدري أين يضعه.
يومكم الإسلامي ـ يا أهل الإسلام ـ مُرتَبِطٌ ومُفْتَتَحٌ بصلاة الصبح، وفيها قرآن الفجر: " إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا " [الإسراء: 78]. يستقبل بها المسلمُ يومَه، ويستفتح بها نهارَه وعملَه، دعاه داع الفلاح، فالصلاة خير من النوم. استشعر عبودية ربّه والإيمان والعمل الصالح، يرجو البركة ونشاط العمل وطِيب النفس، نعم طِيب النفس ونشاط البدن مِصْداقًا للحديث المتّفق عليه، إذ يقول: ((يَعْقِدُ الشيطانُ على قافِيَة رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عُقَد، ويَضْرِبُ على مكان كل عُقْدَة: عليك ليلٌ طويلٌ فارْقُد، فإن استيقظ وذكر الله انحلّت عُقْدَةٌ، فإن توضّأ انحلّت عُقْدَةٌ، فإن صلّى انحلّت عُقْدَةٌ، فأصبح نشيطًا طَيّب النفس، وإلا أصبح خبيثَ النفسِ كَسْلانَ))[3]. ومن صلّى الصُّبْح فهو في ذمّة الله. ولقد ذُكِر عند النبي رجلٌ فقيل: ما زال نائمًا حتى أصبح، ما قام إلى الصلاة! فقال رسول الله: ((ذاك رجلٌ بال الشيطان في أذنه)) أخرجه البخاري[4].
أهل البُكُور قوم موفّقُون، وجوههم مُسْفِرَة، ونَوَاصِيهم مُشْرِقة، وأوقاتُهم مُباركة، أهل جِدّ وعمل وسعي، يأخذون بالأسباب مُفَوّضين أمرهم إلى ربّهم، متوكّلين عليه، فهم أكثر عملاً، وأعظم رضًا، وأشدّ قناعة، وأرسخ إيمانًا، والبركات فُيُوضٌ من الله وفُتُوحٌ، فتحنا عليهم بركات من السماء والأرض، لا تقع تحت حَصْر لا في عمل ولا في عَدَد ولا في صورة ولا مكان ولا زمان ولا أشخاص، بركات من السماء والأرض، بركات بكل أنواعها وألوانها وصورها، مما يَعْهُدُ الناسُ ومما لا يعهدونه. " فاستقيموا ولن تُحْصُوا، وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ " [المزمل: 20].
عباد الله، وحين يترك الناس البُكُور، ويُهْمِلون الساعات المباركة؛ تصبح أوقاتهم ضيّقة، وصدورهم حَرِجَة، وأعمالهم مُضْطَرِبة.
وبعد، فهذا هو ديننا، وهذا هو نهجنا، وهذه هي إرشادات نبيّنا، فلماذا يسبقنا الآخرون؟!
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: " وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ " [الحجر: 19-21].
نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم وبهدي محمد. وأقول قولي هذا، وأستغفر الله لي لكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله المُتَفَرِّد بالقُدْرة، أحمده - سبحانه - لا تُقَدِّرُ الخلائقُ قَدْرَه، وأشكره على نعمٍ لا تُحصى، ولا يُطيقُ العبادُ شُكْرَه. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، جَلّ صفةً، وعزّ اسمًا، وأشهد أن سيّدنا ونبيّنا محمدًا عبد الله ورسوله علا شرفًا وإلى ذُرَا الأخلاق سَمَا، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه كانوا على الحق أعلامًا، وعلى الهُدَى أنْجُمًا، والتابعين ومن تبعهم بإحسان وسلّم تسليمًا.(1/46)
أما بعد: أيها المسلمون، البُكُور استقامة مع الفطرة في المخلوقات والأشياء، والتبكير دليل قوّة العَزْم وشدّة التّشْمِير، ومن أراد علمًا أو عملاً فليُبَادر بالبُكُور، فذلكم علامة اليقظة والنّباهة والجدّ والحَزْم والبُعْد عن الغفلة والإهمال والفوضى، روى مسلم في صحيحه أن رجلين جاءا إلى عبد الله بن مسعود يزورانه بعد الفجر، فأذنت لهم الجارية بالدخول فترَدّدَا، فقال لهما عبد الله بن مسعود: (ادخلا، أتظنان بابن أمّ عَبْدٍ الغفلةَ؟!)[1].
في البُكُور صفاء الذهن، وجودة القَرِيحَة، وحضور القلب، ونَقَاء النفس، ونور الفكر، فيه استجماع القُوى، واستحضار المَلَكَة، وانبعاث الفُتُوّة. في البكور الهواء أنقى، والعبد أتقى، والنفس أطيب، والروح أزكى. نسائم الصباح لها تأثيرها اللطيف على النفس والقلب والبدن والأعصاب، والجسم يكون في أفضل حالاته وأكمل قواه. من غريب ما قالوا: إن أصحاب الأعمار الطويلة هم من القوم الذين يستيقظون مُبَكّرين. بل قالوا: إن الولادات الطبيعية في النساء تقع في ساعات النهار الأولى الباكرة. بل إن بعض الباحثين يُرْجِع الاكتئاب والأمراض النفسيّة إلى ترك البُكُور ونوم الضُّحَى.
وبعد، فتأمّلوا ـ رحمكم الله ـ حين يجتمع للعبد العاملِ الجادِّ البُكُور والبركة، بركة المال، وبركة العمل، وبركة الوقت، فينتفع بماله، ويُفْسَحُ له في وقته، ويُقْبِل على عمله، فينجز في الدقائق والساعات ما لا ينجزه غيره ممن لم يُبارَك له في أيام وليالي، يُبارَك له فيكون الانشراح والإقدام والإقبال والرضا والإنجاز.
ألا فاتقوا الله رحمكم الله، والزموا سُنَنَ الله، وخذوا بالجدّ من أعمالكم، والحَزْم من أموركم، يُكتَب لكم الفلاح في الدنيا والآخرة، فحيّ على الفلاح، فالصلاة خير من النوم.
----------------------------------------
[1] أخرجه من حديث صَخْرِ بنِ وَدَاعَةَ الغَامِديِّ: الإمام أحمد (15012)، وأبو داود في الجهاد (2602)، والترمذي في البيوع (1212)، وابن ماجه في التجارات (2236)، قال الترمذي: "وفي الباب عن علي وابن مسعود وبُرَيدة وأنس وابن عمر وابن عباس وجابر...وحديث صخر الغامدي حديث حسن، ولا نعرف لصخر الغامدي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - غير هذا الحديث، وقد روى سفيان الثوري عن شعبة عن يعلى بن عطاء هذا الحديث"، وصححه لغيره الألباني في صحيح الترغيب (1693).
[2] أخرجه الطبراني في الأوسط (1/229)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (2841).
[3] أخرجه البخاري في الجمعة (1142)، ومسلم في صلاة المسافرين وقصرها (776) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
[4] أخرجه البخاري في الجمعة (1144)، ومسلم في صلاة المسافرين وقصرها (774) من حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -.
[1] أخرجه مسلم في صلاة المسافرين وقصرها (822).
10/5/1426
http://www.alminbar.net المصدر:
==============
إدارة الوقت.. القيمة الحقيقية للحياة !
الطرق الأكثر فعالية فى الحفاظ على الوقت
"الآن هذه الدقيقة هى كل ما لديك من وقت .. احرص على الدقائق التى تملكها وسوف تعتنى بالساعات والأيام بنفسها وتمنحها القوة والسيطرة"
برايان تراسى
أقدم لك - عزيزي القارئ - في هذا العدد قائمة بأكثر الطرق فعالية وقوة لحفظ الوقت. وهذه القائمة هي حصيلة 22 سنة من الأبحاث، والدراسات والخبرات أقدمه لم لأزودك بكل الإستراتيجيات التي تحتاجها لتتحصن ضد لصوص الوقت.
1. مقاطعات التليفون:
أ ) يمكن أن تخبر من يتصل بك بأنك كنت في طريقك للخروج إذا كنت فعلاً تنوي الخروج.. وإن أمكن أن تقول له إنك الآن في اجتماع هام، وأنه يمكن أن يتصل بك في وقت لاحق؟.. أو أنك تتحدث تليفونياً مع شخص آخر في أمر هام لابد من إنجازه، وأنك سوف تتصل به فور انتهائك من المكالمة؟.. وإلى غير ذلك من الأعذار الحقيقية التي تجعلك تتفرغ إلى إتمام عملك الذي بدأته.
ب ) اطلب من سكرتيرك أن يحجب عنك المكالمات وأن يتلقى الرسائل نيابة عنك.. وعندئذ تستطيع أن تقرر متى تجيب على المكالمات التي تتلقاها. قم باتصالاتك عندما تشعر بأنك غير نشيط - مثلاً بعد تناول وجبة الغذاء أو بعد الظهر - ولا ترد على أي مكالمة إلا في حالات الضرورة القصوى والطوارئ.
2. مقاطعات الآخرين:
أ ) تحدث إلى من يقاطعك وأنت واقف حتى لا تعطيه الفرصة للجلوس وعرض شكواه عليك.
ب ) أخبره بأنك كنت تريد أن تريه شيئاً ما وأصحبه إلى الخارج، واعرض عليه أي شيء ثم عد إلى مكتبك وحدك بدونه.
ت ) اذهب أنت لرؤية الشخص الذي يتسبب في مقاطعتك بدلاً من أن يأتي هو إليك، بهذه الطريقة يمكنك الانصراف وقت ما شئت.
ث ) إذا أردت أن تبتعد عن الإزعاج والمقاطعات فأغلق باب مكتبك واجعل سكرتيرك يأخذ المواعيد لك في نهاية اليوم أو اطلب منه أن يضع لافتة "نرجو عدم الإزعاج" على بابك المغلق بهذه الطريقة سوف يعتاد الآخرون على احترام وقتك والحفاظ على وقتهم أيضاً.
ج ) أخيراً ضع في مكتبك أقل عدد ممكن من المقاعد وبهذه الطريقة لا تشجع الآخرين على القدوم إلى مكتبك لتجاذب أطراف الحديث.
3. مقاطعات تتسبب أنت بها:
أ ) احرص أن تقوم بالعمل مرة واحدة، لا تحفظه في ملف لوقت لاحق بل قم بأدائه والانتهاء منه وركز على ما تقوم به من عمل، وإذا شعرت بالتعب أو بأن ذهنك يتشتت وجه تركيزك إلى النتائج والفوائد التي ستعود عليك من وراء إنجاز هذا العمل.
4. اجتماعات ومقابلات:
ابدأ أولاً بأن تسأل نفسك: ماذا سيحدث إذا لم أحضر هذا الاجتماع؟.. ثم افعل الآتي:
أ ) إذا كانت إجابتك لن يحدث شيء لا تذهب وألغ الموعد.
ب ) إذا كانت إجابتك لن يحدث شيء بل من المهم أن أعرف ماذا يحدث يمكنك أن ترسل شخصاً آخر لينوب عنك.
ت ) إذا كانت إجابتك "نعم" إن الاجتماع مهم ويجب أن أكون هناك فضع الجدول وابدأ اجتماعك في موعدك المحدد.
5. التأجيل/المماطلة:
إذا ما كان هناك شيء في قائمة الأشياء التي سوف تقوم بها وأجلت عمله أكثر من ثلاث مرات. فاعلم أنك تماطل - توقف عن ذلك، أحضر الأوراق أمامك ووجه إلى نفسك هذا السؤال: "ماذا سيحدث إذا لم أفعل هذا الشيء؟.. وما هي درجة أهميته؟.. بعدها اتبع الآتي:
أ ) إذا أجبت: إنه أمر هام، إذن افعله.
ب ) إذا أجبت: إنه هام لكن ممكن أن يفعله شخص آخر، قم بتفويضه.
ت ) إذا أجبت: لن يحدث شيء وهو ليس مهماً على أي حال، فأهمله.
6. البريد والعمل الورقي:
أ ) قم بتدريب سكرتيرك على تلقي البريد والأعمال الورقية وفرزها وعرض المهم فقط عليك.
ب ) ضع البريد في ملف خاص اقرأه عندما ينخفض مستوى نشاطك بعد الغداء أو في نهاية يوم العمل.
ت ) قم بتفويض الرد على البريد أو إنجاز الأعمال الورقية إلى شخص آخر.
ث ) الإفادة المزدوجة من الوقت: عندما يكون لديك موعد لدى الطبيب ضع أمامك احتمالاً أنك سوف تنتظر لفترة من الوقت حتى يأتي دورك، واصطحب معك الأوراق التي تريد الاطلاع عليها، بهذه الطريقة سوف تنجز بعض الأعمال، ولن تضيع وقتك في الانتظار.
7. التقارير:
وجه إلى نفسك هذا السؤال: ماذا سيحدث إذا لم أكتب هذا التقرير؟.. هل يمكن أن أفوض شخصا آخر بالقيام به؟.. إذا أجبت: لن يحدث شيء إذاً لا تكتبه، أما إذا كان مهماً ويمكنك تفويضه، فافعل ذلك.. أما إذا كان لزاماً عليك أن تفعله بنفسك، إذن يمكنك أن تقوم بكتابته في وقت ينخفض فيه نشاطك وتقل فيه طاقتك.
8. اختلاط الأولويات:(1/47)
ضع قائمة بكل الأشياء التي تريد القيام بها اليوم، ثم أعد كتابة القائمة وفقا لترتيب الأولويات ابدأ بالأهم فالمهم، ابدأ بالأشياء التي يجب إنجازها فوراً ثم تلك التي ينبغي أداؤها في وقت عاجل، وأخيراً ما تريد أن تفعل، اذكر في قائمتك وقتاً للمفاوضات، ووقتاً لمقابلة العملاء، ابدأ بإنجاز أول الأولويات، والتزم بها حتى تنتهي منها ثم انتقل إلى ما يليها في القائمة وهكذا.
9. الجهود المضاعفة:
ابدأ اليوم وتعود أن تقوم بالشيء الواحد مرة واحدة، وإذا كان بين يديك بعض الأوراق فأنجزها اليوم أو فوض شخصاً آخر ليعتني بها أو ألقِ بها بعيداً. لا تحفظها في ملف لأنه إذا لم يتوفر لديك الوقت الآن لتقوم بإنجازها فإنك غالباً لن تجد الوقت في المستقبل أيضاً، لذلك انتهِ منها مرة واحدة.
"الآن هذه الدقيقة هي كل ما لديك من وقت..احرص على الدقائق التي تملكها وسوف تعتني بالساعات والأيام بنفسها وتمنحها القوة والسيطرة".. [برايان تراسي].
10 - التخطيط غير المتعقل:
كن واقعيا بشأن خططك، واسأل نفسك هل أستطيع أن أنجز كل خططي في الوقت الذي أحدده لها؟.. إذا كانت إجابتك "لا".. فقم بوضع خطط أكثر واقعية.
11- كن منظماً:
أ ) ابدأ بإخلاء كل أدراج مكتبك.
ب ) ضع قائمة بالأشياء التي تريدها فعلاً وتحتاجها على مكتبك وفى أدراجك ثم تخلص من الأشياء الأخرى.
12- ضع نظاماً لحفظ الملفات:
تأكد من أن لديك نظاماً ملائماً لحفظ الملفات مرتباً أبجدياً. اجعل سكرتيرك يضع قائمة بكل الملفات وبهذه الطريقة تستطيع أن تجد أي ملف بسهولة إذا ما كان عليك أن تبحث عنه بنفسك.
تخلص من الملفات غير الهامة لأنها تزحم المكان بدون داع.
تذكر أن 80% من كل الأشياء التي تضعها في ملفات لا تعود للنظر فيها ثانية.. لذلك قبل أن تحفظ أي شيء اسأل نفسك: ماذا سيحدث إذا لم يكن لدى هذه الورقة؟.. إذا أجبت لا شيء، إذن ألقِ بها بعيداً. أما إذا أجبت أنها مهمة فاحفظها في الملف الخاص بها.
في كل 90 يوماً قم بمراجعة ملفاتك وتخلص من القديم منها، يجب ألا يزيد سمك كل ملف عن بوصة واحدة.
13- العلاقات الاجتماعية:
اسأل نفسك: ما سيحدث إذا لم أحضر هذا العشاء أو ألبي هذه الدعوة؟.. إذا كانت إجابتك "لا شيء" اتصل فوراً وألغ الموعد، أما إذا كان الأمر مهماً فأرسل شخصاً آخر يمثلك، أو اذهب بنفسك على أن تنصرف بأسرع ما تستطيع.
14- تعلم أن تقول "لا":
لا تجعل كلمة "لا" تشعرك بالذنب. فمن الأفضل أن تقولها عن أن تفقد وقتك الثمين وتزحم جدول أعمالك بمهام غير ضرورية من شأنها أن توترك وتزيد من ضغوطك. لذلك قبل أن تقول "نعم" اسأل نفسك السؤال الآتي: ماذا سيحدث إذا قلت "لا"؟.. إذا أجبت بـ "لا شيء" إذن ارسم ابتسامة على وجهك وقل: "لا".
15- استثمر الأجهزة الملائمة:
اجعل الأجهزة الملائمة استثماراً لك. استبدل الأجهزة القديمة الدائمة التوقف الموجودة بمكتبك بأخرى تتناسب مع احتياجاتك وتحافظ على وقتك ولا تثير غضبك، فكر في الأجهزة كنوع من الاستثمار وليس كبند للإنفاق والتكلفة.. فالأجهزة غير المناسبة سوف تكلفك الكثير وتبطئ من تقدمك على المدى الطويل.
16- وقت الغداء:
إذا كان الجميع يذهبون لتناول الغداء في وقت الظهيرة تقريباً فاذهب أنت قبل الجميع بحوالي الساعة 11:30 أو بعد ذلك حوالي الواحدة، فبهذه الطريقة سوف تحصل على خدمة أسرع وبالتالي تنتهي من طعامك في وقت أقل وتحافظ على وقتك، يمكنك أيضاً استغلال وقت الغداء للقيام بأعمال أخرى فيمكن أن تدعو عميلاً أو مديراً آخر للغداء، وبذلك يمكنك أن تستغل تلك الفترة في مناقشة العمل أو الأمور المتعلقة بينكما.
17- أغلق التليفزيون:
يمضي الناس حوالي ساعتان ونصف أو أكثر في المتوسط أمام التليفزيون يومياً وفقاً لتقدير إحدى الدراسات.. فلا تستسلم لتلك العادة السيئة وتستمر في مشاهدة التليفزيون باستمرار، فالأفضل أن تمضي هذا الوقت مع أسرتك وأبنائك، ويمكنك أن تشاهد البرنامج المفضل لديك ثم أغلق الجهاز مباشرة.
18- وقت النوم:
يقول الأطباء إن معظم الناس يذهبون إلى النوم ليس عندما يحتاجون بدنياً لذلك أو عندما يكونون مرهقين أو متعبين. فهم ينامون فقط بحكم العادة والتعود. لذلك فالذهاب للنوم مبكراً والاستيقاظ مبكراً هو النصيحة الغالية التي يقدمها كل الأطباء.
19- وقت الطيران:
إن ساعة واحدة في الطائرة دون أي مقاطعة تقدر بما يوازي 4 ساعات في عملك بالمكتب مع كل أنواع المقاطعات اليومية التي تقابلك، فاطلب مقعداً في الطائرة بجانب النافذة وبعيداً عن أي مصدر للإزعاج (مثل المطبخ أو منطقة الحمام).. وبهذه الطريقة لن يقاطعك أحد، ويمكنك أن تستغل وقت سفرك في إنجاز تقاريرك، وأبحاثك، وأعمالك الورقية وما إلى ذلك، وعليك فقط أن تتجنب إغراء التليفزيون أو قراءة المجلات والصحف.
20- احصل على شهر إضافي كل عام:
إذا استيقظت ساعة مبكراً كل يوم في أسبوع العمل سوف تحصل على خمس ساعات إضافية في نهاية الأسبوع، إذا ضربت في 50 أسبوع فالإجمالي سيكون 250 ساعة، قسمها على 8 ساعات (يوم العمل العادي) تكون النتيجة 31 يوماً أو شهراً إضافياً كل عام. 1 × 5 × 50 = 31 يوماً
عندما تستغل هذا الوقت بحكمة يمكنك أن تزيد من دخلك بشكل مذهل 30% مثل الأشخاص الناجحين جداً يخططون وينظمون وقتهم بشكل مستمر ودائم. اعلم أن ساعة واحدة تقضيها في التخطيط تساوي 4 ساعات من الإنجاز.. أي أن العائد على استثمارك يكون 400%.
==============
ساعدوني ... وقتي ضائع
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أفيدكم أنني متزوج ولي ثلاثة من الأبناء، وعملي على فترتين وأنني أجد صعوبة في حفظ القرآن وطلب العلم، فماذا تنصحوني؟ وفقكم الله
الإجابة:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أيها الأخ الكريم: بدءاً مما يحمد في سؤالك هو استشعار المشكلة، فكثير من الناس يغرق في دوامة الحياة العملية أو الاجتماعية وينسى نصيبه من الأخرى!
ولا شك أن الإحساس بالمشكلة خطوة مهمة في الطريق إلى علاجها خاصة إذا كان العلاج بيدك أنت أولاً وآخراً.
وهنا أنبه إلى أن كثيراً من القضايا التربوية والاجتماعية العملية لا يملك حلها إلا من يعايشها، فليست القضية فيها فتوى شرعية تبين للإنسان ما كان يجهله من حكم في مسألة فيلتزم به، ولكنها قضايا واقعية عملية مرتبطة بظروف الشخص وملابسات حاله وإمكانياته، وهذه كل إنسان أعلم بنفسه فيها.
بيد أن هناك موجهات عامة وإرشادات مجملة قد تساعد من توفرت عنده الهمة على الخروج مما ألَمَّ به، ولعل من جملة هذه المقترحات، والتي أسأل الله أن ينفعكم بها ما يلي:
1- حاول أن تضع لك جدولاً أسبوعياً مكوناً من 112 خانة هي عدد ساعات الأسبوع مطروحاً منها عدد ساعات النوم اللازمة (8 يومياً) فمجموعها 122 هي ساعات النشاط، فإذا كان العمل يستغرق 8 ساعات يومياً عدا الجمعة تبقت لك 64 ساعة أسبوعية، وهذه تزيد عن نصف ساعات النشاط الأسبوعية (112) بمعنى أن عندك نصف الأسبوع فراغ لا عمل فيه، أفلا يتسع نصف الأسبوع إن أحسنا استثماره لطلب العلم؟!(1/48)
2- من المهم استثمار الأوقات ودعني أسميها المهمشة أعني بها تلك الأوقات التي لا نلتفت إليها كثيراً ومنها ربع الساعة المستغرق في الطريق إلى العمل، والخمس دقائق المستغرقة في الطريق إلى المسجد، والعشر دقائق قبل إقامة الصلاة ونحوها، وإذا أخذت تُجمِّع الأمثلة الماضية ومعها بعض ما قد يحضر في ذهنك سوف تجد أنها تمثل قرابة الثلاث ساعات يومياً أي أكثر من 18% من ساعات النشاط في اليوم، ولعل 50 دقيقة قبل الصلوات وقد ترتفع إلى (75) كافية ليحفظ الفرد 10 آيات من القرآن، كما أن في طريق الذهاب أو الإياب من وإلى المسجد فرصة للمراجعة، فقد ذكر عن بعض أهل العلم أنهم كانوا يستثمرون هذه الدقائق في مراجعة المحفوظ، وأعرف أحد الأئمة المتقنين والمشايخ المشغولين يقول: لا أجد وقتاً للمراجعة إلا وقت الذهاب والإياب من العمل مع أنه في قراءته لا يكاد يخطئ أبداً.
3- من المهم كذلك استثمار أوقات الفراغ داخل العمل وربما اختلف هذا من نوع عمل إلى آخر، ولكن كثيراً من الأعمال لا تخلو من أوقات فراغ، فبدلاً من استثمارها في مشاهدة قناة فضائية أو لعبة حاسوبية أو دردشة تشغل الزميل فلتستثمر في شيء نافع يطور من إمكاناتك في مجال عملك أو يعود عليك بالنفع في آخرتك.
وختاماً أنبه إلى أن الـ64 فراغ (50%) من الأسبوع ليس من المفترض أن تملأها بالجد والطلب، ولكن ليكن للجد والطلب منها حظ وافر، ولا تنس نصيبك من الدنيا، وأحسن بوصلك جيرانك وأرحامك، فإن صلة الرحم تفسح في المدة وتنسأ في الأجل، واغتنم أوقات الزيارة فاجعلها أوقات صلة ودعوة وأمر بمعروف ونهي عن المنكر بالأسلوب اللبق الحصيف، واستعن في ذلك بالإعداد الجيد والتخطيط للزيارة قبل الشروع فيها مصطحباً معك ما يمكن أن يفيد.
وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى؛ ورزقنا جميعاً إصلاح الساعات والحذر من الشبهات.
14/ 5/1426هـ
http://www.almoslim.net المصدر:
==============
الوقت .. والاستفادة القصوى
إسلام داود
لا بد أنك سمعت بالسؤال "ما الشيء الأطول والأقصر في آن واحد، والأسرع والأبطأ معاً، والذي نهمله جميعاً ثم نأسف عليه، ولا شيء يمكن أن يتم بدونه، إنه يبتلع كل ما هو صغير وينمي كل ما هو عظيم؟ نعم، إنه الوقت!!!
الوقت هو الأطول؛ لأنه قياس الخلود، وهو الأقصر؛ لأنه ليس بيننا من يملك الوقت اللازم لإنجاز كل أعماله، وهو الأسرع بالنسبة إلى السعداء، والأبطأ بالنسبة إلى التعساء، ولا يمكن عمل أي شيء بدونه؛ لأنه هو المسرح الوحيد الذي نعيش فيه إنه مادة الحياة يبتلع في طي النسيان كل تافه وينمي كل ما هو عظيم.
إن الوقت عند الناجحين غالٍ؛ لذلك فإنهم يقضون أوقاتهم في تأدية الأعمال التي لا يرغب الخائبون في عملها؛ والشخص العادي يجد من الأسهل أن يتكيف مع متاعب الإخفاق بدلاً من تقديم التضحيات التي تؤدي إلى النجاح.إن حقيقة أن يكون لدينا أهداف وتوجهات معينة في الحياة تعني القليل إذا لم يكن لدينا جدول زمني ببرمجتها؛ عندئذ فقط يمكننا أن نبدأ التحرك نحو تحقيق أهدافنا والوصول إلى مبتغانا.
ويصنف البشر ضمن واحدة من فئتين: الأولى سيئة الحظ غير موفقة تحاول القيام بعمل شيء ما يظل دائماً في الغد، أما الفئة الثانية التي تثير الإعجاب فهي المجموعة المستعدة للعمل على الفور؛ لأن الغد بالنسبة إلى هؤلاء غير مضمون.
إن قتل الوقت لا يعد جريمة عادية، إنه اغتيال متعمد؛ فإذا كان لزاماً على المرء أن يقتل الوقت فلماذا لا يقتله استغلالاً حتى الموت؟ حينما تقول: "أنا ليس لدي الوقت" فإنك تعني أن لديك شيئاً آخر أهم منه.
إن الوقت يعني لبعضنا اللحظة التي تكون فيها الفرصة في أوجها إنهم يؤكدون كثيراً على التوقيت الجيد وللوقت حينما تكون الفرصة أكثر من مواتية مغزى خاص عند كثير من الناس، ويعلمنا خبراء الإعلان أنه ليس هناك شيء أثمن من فكرة وردت في الوقت المناسب إذا كان بوسعك أن تتعلم إدراك اللحظة المناسبة حينما تأتي وأن تغتنمها قبل أن تذهب فإن مشكلات الحياة تصبح في منتهى اليسر.
إن الوقت عند بعضنا يمثل مجرد مقياس للثواني والدقائق والساعات والسنوات، وحينما يفكر أولئك في الوقت فإنهم يرون إما ساعة أو تقويماً ويستشعرون بعداً واحداً فقط هو الفترة الزمنية، لكن هذا المفهوم للوقت هو أكثر المفاهيم ضحالة، فأصحابه لم يبدعوا شيئاً مذكوراً؛ إن مأساة هذا المفهوم للوقت هو أنه يدمر روح المبادرة ويحبط البواعث الإبداعية، ولا يحقق إنجازاً في الوقت المخصص فإذا كان لدينا أسبوع لإنجاز مهمة من المهام فإنها سوف تستغرق أسبوعاً وإذا ما منحنا عشرة أيام لإنجازها فإنها سوف تستغرق عشرة أيام، فالمهمات تتمدد وتنكمش لاستيعاب كل الوقت المخصص لها.
وهناك الذين يعطون معنىً حقيقياً للحياة، وذلك من خلال إعطاء الوقت صفة العمق العظيمة، فالوقت لديهم ليس حبيس الساعة ولا أسير التقويم إن إنجازات هؤلاء تحطمها روح الإخلاص والحماسة لا الساعات أو الأسابيع فهم يؤمنون جداً بما يفعلون وينجذبون تجاه الهدف باندفاع روحي قوي لا يعترف بالوقت، لقد ألزموا قلوبهم بمهمة يحبونها، وعملهم ليس إلا تعبيراً عن رسالة تشع بالأهداف والغايات، وهذا الفهم للوقت يعد بكل تأكيد أحد البنود الأولى في أية صيغة من صيغ النجاح، ومن أكثر المهام صعوبة بين المجموعات جعل الناس ينظمون أوقاتهم، لذلك أصبح من الضروري على كل فرد أن يقضي بعض الوقت في بداية الأسبوع ليخطط بالتفصيل الجدول الدقيق لأعمال ذلك الأسبوع.
3/2/1426هـ
http://www.almoslim.net المصدر :
==============
الوقت أنفاس لا تعود
أم عاتكة
أدعو الله أن تكون القلوب فائقة لعبادة الله … والشوق لرضا الله … ابعث بكلمات من نور قلبي إلى قلوب إخوتي في الله داعية بأن يهدينا المولى إلى الصراط المستقيم الذي ينور به قلوبنا وقلوب المسلمين جميعا.
أبعثها إلى الشباب عامة.. والى من ضيعوا أوقاتهم خاصة فيما لا فائدة.. كلمات ابعثوا لعل القلوب ترق.. ولعل العيون تبكى.. فهيا بنا نهز النائمين.. ونقول لهم مالكم هكذا غافلين؟ … قوموا فاسلكوا دأب الصالحين.. وابكوا بالقلوب قبل العيون.. على زمان الغفلة المحزون.
أما بعد: -
فوا الذي أمات وأحيا … والذي أضحك و أبكى … إني احبك في الله.. ولكن كما تعلم.. فأنا لا أحب فيك معصيتك. ولقد رأيت تبد يدك للوقت بلا مبالاة.. وتغافلك عن كل صالح ورشيد.. أحد الأمراض التي ابتلاك الله بها.
نداء: -
إلى كل من سهر أمام التلفاز.. لمشاهدة المسلسلات و الأفلام.. والفاتنات من الفتيات المتبرجات.. إلى كل أخ إلى كل أخت.
أقول لكل منهما.. انتبه من غفلتك هذه فهي عليك دمار لم تدركها اليوم ولكن ستدركها غدا.
سؤال؟ وأساكم أيها الشباب هل ضيعتم دقيقة في رضا الله أم في غضبه؟. فأنا أحبكم في الله… فالحب في الله بدون نصح لا يجدى بفائدة.. فأنا لكم ناصحة أمينة راجية بأن يجمعنا ربنا في مستقر رحمته.
فوددت الحديث معك في ذلك.. والله أسال التوفيق والسداد. اسمع هدانا الله وإياك.
الوقت فيه العبر.. الوقت فيه العظات.. زمن تحصيل الأعمال الصالحة
أيها الغافلون: (اعلموا إنما الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما وفى الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا الامتاع الغرور). (19) الحديد.(1/49)
إن رأس المسلم في هذه الدنيا وقت قصير... وأنفاس محدودة.. وأيام معدودة.. فمن استثمر هذه اللحظات و الساعات في الخير … فطوبى له.. ومن أضاعها وفرط فيها.. فقد خسر زمنا لا يعود إليه أبدا، وفى هذا العصر الذي تفشى فيه العجز… وظهر فيه الميل إلى الدعة والراحة.. جدب في الطاعة.. وقحط في العبادة.. وإضاعة للأوقات فيما لا فائدة
ونلاحظ في زمننا هذا الجهل بقيمة الوقت والتفريط فيه … أصبح الوقت زمن الدعة.. زمن الكسل.. هذا العصر التي ماتت فيه الهمم … وخارت فيه العزائم … تمر الساعات والأيام ولا يحسب لها حساب، بل إن هناك من ينادى صاحبه لكي يقضى وقت فراغ.
أخي هل لدى المؤمن وقت فراغ؟
(والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر) العصر.
اقسم الله - تعالى - بالعصر وهو الدهر الذي هو زمن تحصيل الأعمال والأرباح للمؤمنين.. وزمن الشقاء للمعرضين.. ولما فيه من العبر والعجائب للناظرين.
ولبيان أهمية الوقت نجد أن المولى - تعالى - اقسم في مطالع عديدة منها: -
(والفجر وليال عشر والشفع والوتر والليل إذا يسر) الفجر.
واقسم بالفجر لكي يبين لنا أهمية الوقت في كل زمان ومكان ولا يوجد شئ أنفس من العمر وعمر الإنسان قصير الذي لا يتجاوز عشرات من السنين فسيسال عن كل لحظة فيه وعن كل وقت نام فيه عن عبادة الله وعن كل عمله فيه.
قال - صلى الله عليه وسلم -: -(لا تزول قدمي عبد يوم القيامة حتى يسال عن أربع خصال: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن علمه ماذا عمل فيه)
وأكد على ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك) ومن جهل قيمة الوقت الآن فسيأتي عليه حين وسيدرك قيمتك.. وقدره.. وأنفاسه، ولكن بعد.
(وجاءت سكرة الموت بالحق فذلك ما كنت منه تحيد) وفى هذه يذكر القرآن موقفان يندم عليه الإنسان:
الأول: - ساعة الاحتضار حيث يستدبر الإنسان الدنيا ويستقبل الآخرة ويتمنى لو منح من الزمن أخر إلى اجل قريب ليصلح ما أفسده ويدرك ما فاته.
الثاني: - الآخرة حيث توفى كل نفس ما عملت وتجزى بما كسبت ويدخل أهل الجنة الجنة أهل النار النار حيث يتمنى أهل النار لو يعودون مرة أخرى إلى حياة التكليف ومن جديد عمل صالح.
حيث إذا جاء الموت قال (ربى ارجعون لعلى اعمل صالحا فيما تركت)
هيهات هيهات لما يطلبون. (كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون) فقد انتهى زمن العمل وجاء زمن الجزاء.
(فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فأولئك هم الذين خسروا أنفسهم وفى النار هم فيها خالدون) وللنظر إلى سلفنا الصالح.. كيف استفادوا من وقتهم؟
قال عبد الله بن مسعود: - ما ندمت على شئ ندمى على يوم غربت فيه شمسه نقص فيه أجلى ولم يزد فيه عملي)
إن الساعات ثلاث:
1- ساعة مضت لا تعب فيها على العبد كيفما انقضت في مشقة أو رفاهية.
2- ساعة راهنة ينبغي أن يجاهد فيها نفسه ويراقب فيها ربه ولم تأتى الساعة الثانية استوفى حقه كما استوفى حقه من الأولى.
3- ساعة مستقبلة لم تأتى بعد لا يدرى العبد يعيش إليها أم لا يدرى ما يقضى الله فيها.
قال قتادة بن خليد: - المؤمن لا تلقاه إلا في ثلاث خلال: (مسجد يعمره، أو بيت يستره، أو حاجة من أمر دينه لا بئس بها)
نداء: - ابعث إلى كل أخ إلى كل أخت... إلى من ناموا وتقاعسوا عن طاعة الله … إلى من لم تعرف عيونهم الكرى.. ولا قلوبهم الطمأنينة والسكينة… إلى أحبائي في الله… فيا شباب الأمة.. لماذا التراجع والكسل؟ … لماذا لاتكن عزائمكم قوية … وقلوبكم مطمئنة.. ولماذا لا تنام أعينكم؟
إن الله يفرح بتوبة عبده إذا رجع اليه وأنت لا ترجع إلى الله وتقف بين يديه وتقول الاهى الاهى. الله كل يوم يناديك في كل وقت.. وفى كل دقيقة … وفى كل نفس تتنفسه… وأنت لا تجيب لماذا التقاعس والكسل.
ألا تحب أن يرضى الله عنك؟ (اجب) ويرحمك ويدخلك جنته … اسعي إلى رضا الله … وحبه … وحب من يحبه … وحب أي عمل يقربك إليه.
تذكر فيا لنجاة المتذكرين … واقبل فيا فوز المقبلين … واجعل من حياتك وقفات … تسال فيها نفسك … ماذا أريد؟ والى أين المصير؟!.
هل قدمت ما ينفعك يوم موقفك بين يدي ربك أم كنت من الاهين؟!
هل اغتنمت فرص عمرك أم كنت من الخاسرين؟!
نسال الله صلاحا عاجلا *** إنما الغافل في البلوى هلك
وكفانا ما مضى من بؤسنا *** ربنا اكشف ما بنا فالأمر لك
وأخيرا: - نسال الله السداد والتوفيق ونسال الله بأن يرقق قلوب المسلمين أجمعين … ومن قرأ هذا الرسالة.. وأن يجعلها في ميزان حسناتنا إلى يوم الدين.
http://www.saaid.net المصدر:
=============
اختبر قدرتك على إدارة الوقت
يرغب كل منا في إنجاز أعماله بصورة أسرع وأفضل فاسأل نفسك...
1- كم من الوقت يهدر في البحث العاجل عن التقرير الذي طلب المدير إحضاره فوراً؟
2- ما هي المتاعب التي واجهتك عند استخدام البريد الصوتي؟
3- كم مرة وجدت نفسك تلعب لعبة القط والفأر مع العملاء؟
4- هل تقضي معظم الوقت في إطفاء الحرائق (تصحيح الأخطاء) عن أداء واجباتك اليومية؟
5- كيف تقضي وقتا أقل في الاستجابة للمحادثات السمعية (التلفون)؟
6- هل أنت من النوع الذي لا ينجز الواجبات الأكثر أهمية إلا بعد فوات الأوان أو في اللحظات الأخيرة؟
7- هل ترغب في حفظ مفكرتك اليومية وجدول واجباتك وغيرها في جهاز الكمبيوتر؟.
8- هل ترغب في القيام بواجبات تؤدي إلى تطوير الإدارة ومقدراتك؟
9- هل تقضي معظم الوقت في اجتماعات غير مجدية؟
10- هل ترغب في إدارة وقتك بحيث يكون لديك فائض تنفقه على أسرتك والأصدقاء؟
http://www.awkaf.net المصدر :
=============
نحو استثمار أفضل لفائض الوقت
مصطفى السيد
يسعى المسلم يومياً مع الملايين من إخوانه في مناكب الأرض إعماراً لها، وإعمالاً لمواهبه، إنتاجاً وإبداعاً، وبعضهم يضرب في طلب الرزق أجواء الفضاء، وآخرون يركبون متون البحار والأنهار يعملون وكلهم يشتهون غداً أفضل، ومستقبلاً أجمل لأمتهم وأوطانهم.
والأمة التي تجعل العمل من مقومات وجودها، وهدفاً أساساً لها في الحياة لن تحصد ـ بفضل الله ثم بعملها ـ إلا مجداً باهراً، وازدهاراً ساطعاً، وحُق لأمة تكون كذلك أن تكون لها سويعات ترفيه، وأوقات راحة تخلد فيها إلى الهدوء، أو تركن إلى صحبة تتعاطى معها نشاطاً ذهنياً أو رياضياً يتجدد من خلالها نشاطها، وتتنمى عبرها مواهب قد لا يتمكن العاملون من إشباعها أوقات الدوام.
هكذا تكون الحياة السوية سمواً عبر العطاء، ومثاقفة بناءة في ساعات الترويح والاسترخاء.
تعالوا أيها الأحبة نسائل أنفسنا: أين نحن من ذلك في حياتنا بشطريها: العامل، والمستريح؟
لا أنكر ابتداءاً أنه يوجد بيننا من حولوا ساعات العمل بفضل الله ثم بفضل ما طبعوا عليه من تربية؛ حولوها إلى زيادة في رصيد حسناتهم، وإلى نتاجات فكرية أو مادية استفاد منها البلاد والعباد.(1/50)
كما يوجد من بيننا من حوّل ساعات الترفيه والاسترخاء إلى وجه آخر من وجوه الحضور للمسلم المنتمي إلى عصره ومجتمعه انتماء مشاركة، وتعاون على البر والتقوى، وتفكر وتدبر في كل دقيقة، وكيف تملأ بما يكفل عائداً مجزياً ومردوداً مريحاً؛ وذلك عندما يوفق في قضاء ساعات راحته مع فئة من الناس تتبسط بغير استهتار، وتتحادث بغير إسفاف، لا تخلع العذار في مزاحها، ولا تسقط الحياء في لهوها، تتهادى الكلمة الطيبة، وتتبادل الأفكار التي تفتح للأمل أبواباً، وتوصد من اليأس مثلها، يحضرهم سمر النبي - صلى الله عليه وسلم - عند أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ الذي كان سمراً في مصالح المسلمين، وقول عمر ـ رضي الله عنه ـ: "إنه لم يعد له من أرب في العيش لولا محادثة أهل الفضل والمروءة".
إن مثل هذه النماذج المباركة جعلت من لقاءات الترفيه والسمر مدارس تبث الكلمة النافعة، وتضخ الخبرة الناضجة لجُلاّسها؛ لأنها:
- لم تفهم الترفيه تحرراً من المسؤولية، وتحللاً من الفضيلة مرددة مقولة جاهلية ومأثورة شيطانية: "ساعة لك وساعة لربك"، أو: "دع ما لقيصر لقيصر، وما لله لله".
- لم تفهم الترفيه هروباً إلى رفقة سوءٍ رأت في الحياة عبءاً، والعمر هماً جاثماً على الصدر، فتفننت في التخلص منهما، والتحلل من مستلزماتهما.
- لم تفهم الترفيه هروباً إلى العكوف بين يدي متحدث عليم اللسان، فارغ الجنان، اختزل الحياة بساقط النكات والقهقهة العابثة التي رأت في سخف القول والعمل سقفاً للعيش، ومضماراً للهو والطيش.
- لم تفهم الترفيه هروباً من الأسرة وحقها في أوقات تأخذ من الأب تجربته، كما يلقي الأب السمع إلى أفكار ورؤى أبنائه وبناته، لا يتركهم تحتبس الكلمات في صدورهم، والأسئلة في عقولهم، يغيب عنهم وعن زوجته ليحل محله يأس طاغ، أو رفيق سوء باغ، أو جلوس إلى قنوات فضائية تتسمر أعينهم في صورها، يلتهمون سمها الزعاف وفكرها القاتل.
- لم تفهم الترفيه استقالة من معالي الأمور، وانتحاراً بطيئاً غير مباشر من تبعات الحياة، حتى صار هؤلاء القوم يقدمون الاستراحة على البيت، وروادها على الأسرة، والحياة الهاربة من كل التزام جاد على الحضور الذي تتحقق به ومعه أهداف الحياة، حتى إن بعضهم ليحسب أنما خلق عبثاً للعيش بلا دور سوى حضور باهت على هامش الحياة معطلاً فيه عقله، معلقاً رجولته بخيوط العجز واللامبالاة، مؤكداً حضوره بتثاؤب مكدود، عيناه باتتا موانئ للذباب، وروحه ملاعب لجيوش اليأس والإحباط.
- لم تفهم الترفيه سخرية لاذعة من الإصلاح والمصلحين، والجد والجادين، بل رأت في الترفيه والسمر فرصاً لرفعه إلى مستويات الجد من خلال دعاء لحاكم ومحكوم بالتوفيق والنجاح، أو من خلال جمع بعض المال تفك به أزمة مأزوم، أو بالتداول في طرائق النصح لمنحرف ضل الطريق، وهكذا كانت أوقات الترفيه استمراراً لأوقات الجد واستكمالاً لساعات العمل.
إذا كان الناس يتداعون لشهود صلاة الجنازة على ميت مات فما العمل إزاء شريحة كبيرة من أفراد الأمة باتوا أحياءاً أمواتاً، وأصبحوا حاضرين غائبين، همشوا أنفسهم، أو همشتهم ثقافة الإقصاء التي تجرعوها، توارثوها من أسر لا تمسك علماً، ولا تنبت قيماً.
شريحة تعيش في الحضيض، وإخوانهم من شياطين الجن والإنس يمدونهم بالغي ثم لا يقصرون، يوهمونهم أنهم يحسنون صنعاً، وأنهم في قلب الحياة، والحق أنهم لم يدخلوها إلا بشهواتهم، ولم يحضروا إلا في أطرافها النائية.
هل هؤلاء الذين ارتضوا من الغنيمة بالإياب، ومن الحياة بالفتات؟
هل هؤلاء ضحايا أم خاطئون؟ برءاء أم مسؤولون؟
هل هم نتاج الثقافة الزائفة؟
هل هم دلائل ساطعة على إخفاقنا، وإخفاق المؤسسات العامة والخاصة في استيعابهم؟
وهل حسبُنا أن نطرح السؤال فقط؟ أو أن نشخص الأوجاع فحسب؟
إن ذلك فهم، ولكن الأهم أن ننتفض انتفاضة نفسية وعقلية لمواجهة النزف والهدر في هذه الشرائح، وأطْرها على الحق من خلال كل الوسائل المتاحة والمباحة؛ لأن الأمة لن تقدر على نهضة جادة وفي خواصرها جروح نازفة يأساً، راعفة إحباطاً، هاذرة في الملمات، هائمة في وقت الحاجة الماسة إلى التركيز.
شوال 1420، فبراير 2000
http://albayan-magazine.com المصدر:
=============
كيف يستفيد المسن من وقته ؟
قطار العمر يمر بمحطات ومراحل يقف الفرد في كل منها ليؤدي دوره حسب خصائص هذه المرحلة ومتطلباتها، فمن مرحلة الطفولة إلى البلوغ والشباب إلى الرجولة إلى الشيخوخة والمعاش، تتعدد الأدوار الإنسانية والوظيفية، ولكل منها خصائصه ومشاكله، فعندما يصل قطار العمر إلى مرحلة المعاش يشعر الفرد أنه أدي رسالته في الحياة، وأنه قد آن له أن يستريح بعد رحلة العطاء الطويلة، لكنه ما يلبث أن يشعر ببعض الأعراض المرضية سواء الجسدية أو النفسية، كما يطارده شبح الفراغ وانتفاء القيمة والشعور بأنه أصبح طاقة معطلة أو عالة على ذويه.
فكيف نمحو هذه الصورة القاتمة عن المسن؟ وكيف نعيد له الأمل في الحياة والعطاء ونساعده على الاستفادة بوقته في خدمة المجتمع؟ هذا التحقيق يجيب عن هذه التساؤلات ويبعث في أحبائنا الكبار أملاً جديدًا في الحياة.
المناقشة أولاً:
تقول سماح علي - معهد عالي إدارة وسكرتارية جامعة القاهرة -: الإنسان يستفيد من الأكبر سنًا لأن لديهم قدرة أكبر على المعرفة، وخبراتهم في العمل أكثر، وهذا يهييء الشباب للحياة وللعمل.
هبة محمود - تجارة القاهرة -: نستفيد من كبار السن في نصائحهم، حيث إن زمانهم أفضل من زماننا، فنحن نريد أن نستفيد من خبراتهم في التربية للأبناء ومن خبرات العمل المختلفة.
منى أسامة - تجارة -: نحن نستفيد منهم بما يتلاءم مع ظروفنا، كيفية التعامل مع الآخرين، يمكن أن نناقشهم في آرائهم وخبراتهم، وفي النهاية نستجيب لهم، فوالدي يفرض علي بعض الأشياء ولكن يكون هناك مناقشة بيننا، وفي النهاية أستجيب له.
شيماء عمر - معهد عالي إدارة وسكرتارية القاهرة -: أتقبل منهم ولكن لابد من مناقشتهم، أرى أنه لابد من الاستفادة من خبراتهم حتى يتطور المجتمع وينمو ويزدهر، فهم طاقة لابد من استغلالها وخبرات لابد من الاستفادة منها.
عادل محمد - آداب -: نريد معرفة المشاكل التي قابلتهم وكيفية حلها، وما هي والوسيلة التي ساعدتهم على حل مشاكلهم وجعلتهم يتطوروا، وأيضًا يكون هناك مناقشة بيننا وبينهم.
أحمد حسن - حقوق -: كبار السن هؤلاء إما أجدادنا أو آباؤنا في كلا الحالتين نستفيد منهم، فالأب أو الجد أحيانًا يجلس مع أبنائه أو أحفاده ويحكي لهم عن ذكرياته، وعن أيام زمان، وكيف كانت الحياة؟ وكيف كان يعمل ويكافح حتى يصل إلى منصب معين؟ فهذه خبرات ولكن يستفيد منها من لديه عقل واعٍ، فليس كل الشباب يتقبل هذه الخبرات، لذلك لابد من وضعها في إطار معين كي يستفيد المجتمع كله منها.
الحياة أدوار ومراحل:
في البداية توضح د. إلهام فرج - مدرس اجتماع بآداب القاهرة - أن المجتمع عبارة عن مجموعة علاقات وأدوار، وهذه العلاقات قد تأخذ شكل زوج وزوجة لكل واحد منهما دوره، فالزوج مثلاً يمارس دوره كزوج ثم كأب وجد.
ومع تدرج مراحل العمر تختلف الأدوار أو تتطور طبيعة الدور حسب متطلبات المرحلة.
فدور الأب مع أبنائه قد يختلف عن تعامل الجد مع أحفاده، كذلك يختلف الدور الوظيفي للفرد بتدرجه في المناصب في السلك الوظيفي فيبدأ موظفًا بسيطًا، ثم يرتقي في العمل حتى يصبح مديرًا ثم يحال إلى المعاش.(1/51)
وبعد هذه الرحلة من العطاء والتضحية تجاه الأبناء وتجاه الوظيفة يجد المسن نفسه بلا عمل، فيشعر بالفراغ والوحدة، وهو ما قد ينعكس سلبًا على حالته النفسية والجسمانية، لذلك لابد من ملء هذا الفراغ والاستفادة بخبراتهم القيمة وتجاربهم الطويلة مما يعيد إليهم الأمل في الحياة، ويخلق لديهم الرغبة في الاستمرار في العطاء.
وأكدت د. إلهام أيضًا أن هذه الفكرة تجدد شباب المجتمع وتجدد الأدوار فيه.
لا مستقبل دون ماضي
وتستنكر الدكتورة إلهام فرج إعراض الشباب عن الاستماع إلى نصائح المسنين والاستفادة بخبراتهم فتقول: لاشيء في الحياة يقوم على المصادفة فالخبرات متراكمة، والحياة كلها عبارة عن خبرات، فمثلاً الاختراعات التي ظهرت لم تقم إلا على اختراعات سابقة مثل: الكمبيوتر لم يقم إلا على الترانزستور، فكيف تدور الحياة بلا خبرات سابقة في مجال من المجالات العملية.
ثانيًا: لا مستقبل دون ماضي، فكيف يكون رجل دون شباب، وكيف يكون شاب بلا طفولة، فالله - سبحانه وتعالى - يقول: {سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق}، هذا دليل من الله لنا أن الإنسان لا يعيش بلا خبرات.
أيضًا كيانه كشاب لا يقوم إلا على الخبرات، فلابد من دمج الحديث مع القديم، فالحديث مع الحديث لا يخلق جديدًا، ومن الممكن أن يقول الناس عن هذا الشاب - بعد عشر سنوات أن آراءه وخبراته لا تناسب هذا العصر.
وتتمني الدكتور إلهام فرج أن تُرد الحقوق لآبائنا وأجدادنا حيث إن لهم حقوقًا علينا تعوضهم عن الحرمان، تفتح لهم أبوابًا جديدة لحياة سعيدة متفائلة.
ليست كل خبرة تصلح للاستفادة منها
ويعرِّف الدكتورة فكري عبد العزيز - استشاري الطب النفسي - المسن بأنه: «الشخص الذي تخطى عمره الستين عامًا»، وهذه الفترة يصاحبها ظروف التقاعد من آلام نفسية شديدة وإحباط وملل، ونرى أن المسن تصاحبه كثير من التغيرات الجسمية من ضعف الجسم، وترهل الجلد والمفاصل، وضعف السمع والإبصار، وتصاحبه أمراض القلب والشرايين مما يشعره بالضعف، ويبعده عن المجتمع، ويحس أن هذا هو نهاية الجهد والمطاف، ويؤدي بعد الأسرة عنه إلى آلام نفسية.
من هنا نرى أن زيادة الدافع لدي المسن يعطيه القوة والأمان، فإذا استدعي كمستشار مثلاً أعطاه هذا دفعة، وأشعره أن لديه من القدرات المهنية ما يعطيه، ويمنحه الثقة بنفسه والرغبة في الحياة، ويمكن أن يعطي المشورة للعاملين في مصلحة حكومية معينة، أو من كان يعمل معهم في يوم من الأيام، وذلك من خلال تواجده معهم.
ويمكن أن يشارك في وضع الخطط حيث تحتاج إلى خبرات كثيرة، وتنسيق العمل وإبداء الرأي حتى وإن لم يؤخذ به فهذا يشعره بأن له وجودًا في الحياة.
فهذه الاستعانة به تزيد من الشعور بالأمان والاستقرار لديه.
والمسن إذا فارقه من يشاركه حياته مثل زوجته أو زوجها يصبح ضحية «الحزن الشديد».
ومن هنا تكون مشاركته في المجتمع إعادة له إلى الحياة مرة أخرى، وتجعله يعيش بأمان، والكلمة الطيبة ممن حوله تشعره بالطمأنينة وتشعره بحبهم له.
ويمكن أن يستعيد الحياة مرة أخرى بأن تتزوج أو يتزوج فهذا قد يجدد حياته ويبعد عنه كثيرًا من الأمراض التي تصاحب هذه المرحلة.
وعن كيفية الاستفادة من خبرات كبار السن يقول د. أسامة عُلما - عميد أكاديمية السادات بأسيوط - أنه جرت العادة أن الاستفادة منهم كمستشارين وتقديم الخبرة للشباب كي ينتفع بها.
ويتساءل د. أسامة كيف نستفيد من هذه الخبرات القديمة مع دخولنا على الألفية الثالثة والتطور الهائل الذي سيحدث في القرن الجديد؟ وهذا السؤال يحتاج إلى ملاحظة دقيقة وإجابة واضحة.
ويؤكد د. أسامة أن رأيهم كمستشارين يلعب دورًا مهمًا في نجاح الشباب، ولكن بشرط أن تكون هذه الخبرة معدلة مع الظروف المتغيرة في الوقت الذي نعيشه.
وعن الإطار الذي يمكن أن توضع فيه الخبرة هل تكون فردية أم جماعية رد قائلاً: من الناحيتين يمكن، وهناك دول مختلفة - ومنها مصر مثلاً - مجمع الخالدين بها مكان مؤسس للأشخاص المتميزين من كبار السن والقادرين على العطاء، وهم يعملون في هذه المؤسسة التي تأخذ شكلاً علميًا.
أما الأقل تميزا يعمل كمستشار في صناعة الغزل والنسيج فهذه خبرة فنية يستفاد منها في هذا المجال.
وفي نهاية حديثه أكد د. أسامة على أن هذه الخبرات لابد أن تكون متوافقة مع العصر الذي نعيشه فليست كل خبرة تصلح للاستفادة منها.
02/01/2005
http://www.islamweb.net المصدر:
==============
كيف تقضي وقتك في الصيف
د.طارق بن محمد الطواري
إن وقتك هو عمرك الحقيقي وهو مادة حياتك الأبدية في النعيم أو الجحيم وهو مادة عيشك في الرخاء أو الضنك وهو يمر عليك مر السحاب دون أن تشعر به فليل ثم نهار ثم نهار فليل وسرعان ما ينتهي الشهر فتستلم راتبك وتتعاقب عليك الجمع وتمر عليك الفصول ربيع فخريف صيف فشتاء.
دقات قلب المرء قائلة له إن الحياة دقائق وثوان.
فما كان من وقتك لله وبالله فهو الحياة والعمر وما كان غير ذلك فليس محسوبا من حياتك وله عشت منعما آكلا نائما قطعته بالسهر والأماني الباطلة والبطالة الزائلة فالموت خير لك من الحياة.
وقد قال - تعالى -: ((والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوىً لهم)) محمد12
نعم إن الحياة التي لا غاية فيها ولا هدف لها إنهم الأصفار والأرقام في حياة أنفسهم وحياة مجتمعهم يموتوا فلا يذكروا ويحضروا فلا يعرفوا أنهم من لم يقدم لنفسه ولا لدينه ولا لأمته شيئا فعاش أنانيا ميتا ومات منسيا قد أهدروا أوقاتهم دونما هدف وقد قال - صلى الله عليه وسلم - (اغتنم خمسا قبل خمس: حياتك قبل موتك وصحتك قبل سقمك وفراغك قبل شغلك وشبابك قبل هرمك وغناك قبل فقرك)
وقال الحسن البصري - رحمه الله - (يا ابن آدم إنما أنت أيام فإذا ذهب يومك ذهب بعضك)
وقال (أدركت أقواما كانوا على أوقاتهم أشد منكم حرصا على دراهمكم ودنانيركم)
قال ابن هبيرة:
والوقت أنفس ما عنيت بحفظه *** وأراه أسهل ما عليك يضيع
وهذا الصيف على الأبواب وقد عرف بأنه محرقة الوقت وقاتل الفراغ وربما الحسنات لمن ضيع
فإياك بحرق الوقت ورصيد الحسنات
في السفر إلى بلاد الإباحية والحرام فأنت بذلك تجني على نفسك وأهلك وتهون لهم الفاحشة من حيث لا تدري
إن كثير من المكاتب السياحية تنشط في الصيف لتعينك على حرق الوقت والخلاص من الملل على الشواطئ وفي النوادي والملاهي والأسواق والتنقل بين الموانئ والمطارات
لقد التقيت بكثير من العائدين من هذه الرحلات وهم يعترفون أنه لم يكن للصلاة حظ في سفرهم لا في الخشوع ولا في الوقت والانتظام.
وإنهم لم يكونوا سفراء لدينهم وأمتهم بل اختفوا وراء لباس الأجانب حياء وتنكرا
ولم تحافظ بناتهم على مصدر عزهم وحجابهم بل خلطوا الألوان والأوراق مع غيرهم
لقد تسبب الصيف بخسارة فادحة غير محسوبة في الوقت والمال والقيم والمبادئ وأهمها في ضياع رصيد الحسنات وزيادة رصيد السيئات
وهذا لا يعني منع التنزه والترفه والسياحة ولكن بعد عرض ذلك كله على شريعة الله لمعرفة ما يحبه الله ويرضاه وما يبغضه ويأباه والله الموفق.
http://saaid.net المصدر:
============
سيطر على وقتك
أولاً : أزل من عقلك خرافة(الوقت حر):(1/52)
إن التفكير بالأشياء الملموسة مثل السيارات والبيوت أسهل من التفكير بالوقت وذلك لأن لها قيمة، ولكن لأن الوقت غير مرئي وغير قابل للمس فهو لا يحظى بالاحترام الكافي، فلو سرق شخص مجوهرات منك فإنك ستنزعج وتخبر الشرطة عن الجريمة ولكن سرقة الوقت في العادة لا تعتبر حتى جنحة، ومما يدل على هذا أننا نسمع أحياناً قول القائل : اعمل ذلك في وقتك الحر، أي اعمل ذلك حين لا تكون منهمكاً في أمر مهم، ولكن الحقيقة هي أنه يجب أن لا يكون هناك شيء اسمه الوقت الحر.
ثانياً: قدِّر لمجهودك ثمرة أعلى من الثمرة الحالية:
فإذا بدأت تفكر بأن وقتك فعلاً يساوي ثمرة عظيمة؛ فلا تفاجئ إذا وجدت نفسك تجني فعلياً تلك الثمرة، وما سيحصل هو أنك ستبدأ تدرك قيمة الساعة المهدرة، بعد ذلك ستبدأ بالبحث عن طرق لتقليل الهدر الذي يسببه انعدام الكفاءة، وربما وهو الأهم ستبدأ بالاختيار بدقة أكثر المشاريع والطلبات ثمرة، ويجب أن لا تهب وقتك لأحد إلا باختيارك، ولا تعتبر وقت شخص آخر أكثر قيمة من وقتك.
ثالثاً : حاسب نفسك ودقق في وقتك والمجهود المبذول فيه:
إن كنت من الذين لا يستطيعون أن يستثمروا وقتهم بشكل جيد فحاول أن تضع لك سجلاً تدوِّن فيه جداول لوقتك والوقت الذي قضيته في أداء كل عمل من أعمالك، وربما لا تكون هذه الطريقة ضرورية للناس الذين تعلموا إدارة وقتهم بشكل جيد، ولكن بالنسبة للشخص الذي يجد صعوبة في إدارة وقته فإن الاحتفاظ بسجل يمكن أن يكون مفيداً كأداة تشخيص، فالسجل يمكن أن يكون له أثر الصدمة؛ حتى للناس ذوي الخبرة حينما يدركون كم من الوقت يتم فقدانه ببساطة، إن السجل لا يترك مجالاً كبيراً لخداع النفس.
الفصل الثاني : نظّم نفسك ورتب أولوياتك
إن معرفة التفاوت في أهمية الواجبات على لائحتك أمر حيوي، فهذا هو الموقع الذي يتيه فيه الكثير ممن يمكن أن يصبحوا خبراء في إدارة الوقت، فإنهم يصنعون قائمة بالواجبات، ولكنهم عندما يبدءون بتنفيذ البنود على القائمة؛ فإنهم يعاملون كل الواجبات بالتساوي ؛ وحتى يحصل تنظيم النفس وترتيب الأولويات فلابد من اتباع الأمور التالية :
1- يجب عليك أن تحدد وتدون أهدافك.
2- ركز نشاطك وجهودك على المصادر المفيدة لعملك.
إن الانتباه إلى ما سيعطي أفضل العوائد يحررك من الاهتمام والارتباط بالمصادر التي تساهم بشيء قليل أو بلا شيء في نجاحك، فقد تحتاج إلى إلغاء 80% من مصادرك أو تتخلص من 80% مما كنت تضعه على لائحة أولوياتك.
3- اكتب كل واجبات يومك.
هناك عدة أسباب وجيهة تجعل هذه النصيحة جيدة، منها :
أ-إذا كانت الواجبات مدونة فبإمكانك أن تنام بعمق أكثر، حيث يصبح ذهنك صافياً، ولا يخفى عليك أثر النوم بهذه الصفة على عمل الغد.
ب-إذا كانت الواجبات مدونة فإن عقلك يتحرر؛ حتى يحل المشاكل، وليس فقط ليتذكرها، فأصبح المجهود العقلي متوجهاً إلى عملية واحدة وهي إيجاد النتائج وليس إلى عمليتين؛ عملية الحل والتذكر.
ج-إذا كانت الواجبات مدونة فأنت تكون قد خطوت خطوة نحو الالتزام، فإذا كان الواجب لم يكتب فهو على الأرجح لا يستحق التنفيذ.
4- اجعل لائحتك شاملة لوقتك وأولوياتك.
وحتى تكون لائحتك عملية فلابد أن:
• لا تعتمد على مذكرات مخربشة على قطع من الورق مبعثرة هنا وهناك.
• لا تعتمد على قصاصات على مكتبك أو ملصقة على الثلاجة ونحوها بواسطة مغناطيس.
• تأكد من وجود لائحتك في مكان واحد على الأقل، فربما يكون ذلك في مفكرة تحملها معك أو في حاسوب.
• اجعل قائمتك حديثة.
• تأكد من أن تكون القائمة في متناول اليد في كل الأوقات.
5- افحص قائمتك بشكل منتظم واجعل مرؤوسيك يفعلوا ذلك أيضاً.
راجع قائمتك بشكل دوري، ولابد أن تنظر إليها في الصباح كأول شيء تفعله بدون انقطاع، وأيضا كلما أعطيت واجبات لمرؤوسيك تأكد من أنهم يحتفظون بقوائم للأمور المطلوبة منهم، واطلب منهم في الاجتماعات التالية، أن يحضروا القوائم ويستعملوها كأساس لتقريرهم عن العمل، وتأكد أنك متى استخدمت القائمة بهذه الطريقة فسوف تتأكد من أن الواجب الذي أمليته لم ينته إلى النسيان.
6- حدد الفقرات على قائمتك بدقة وعلى قدر الطاقة.
يجب أن تكون قائمتك شاملة، ولكنها يجب ألا تكون موسوعية؛ وإلا أجبرت نفسك على أكثر من طاقتك، وقبل أن تغادر المكتب اكتب ستة أشياء أو نحوها لم تتمكن من عملها اليوم، وتحتاج إلى عملها بشدة في الغد، وبهذا ستصبح أكثر تركيزاً، وسرعان ما يحصل لك تحسن ملحوظ في إنتاجيتك.
7- حدد تاريخاً وزمناً للواجبات التي على لائحتك.
ضع الواجبات المطلوبة على لائحتك، ويجب أن تلتزم بتنفيذ ما هو على اللائحة، وأفضل طريقة للالتزام هي إعطاء كل واجب على اللائحة شريحة زمنية محددة.
8- إذا كنت مسئولًا ففكر بعمل لوائح لمعاونيك.
فعليك أن تضع لوائح واجبات لمساعديك الرئيسين، أو تطلب منهم أن يفعلوا ذلك.
9- اعمل لائحة للمدى الطويل.
يعمل الكثير من مخططي الوقت لوائح للمدى الطويل، بل إن بعضهم يعرف لائحة واجباته الشهرية، فيعرف مسبقاً وقبل شهر معظم المكالمات الهاتفية الهامة التي سيجريها، وبعض الأشخاص يقدرون حتى كمية الوقت التي سيحتاجها كل من مشاريعهم الموجودة على لائحة المدى الطويل حتى تنتهي، بعد ذلك يستخدمون لوائح أسبوعية وشهرية وحتى سنوية لعمل لوائحهم من خلالها.
http://www.ebdaa.8k.com المصدر:
==============
كيف يستثمر المسلم وقته؟
د. حمدي شلبي
ما أسرع أن يمر الوقت .. وما أسرع ما تمضي الليالي والأيام.
وإنا لنفرح بالأيام نقطعها ****وكل يوم مضى نقص من الأجل
فمهما طال عمر الإنسان ومكثه في الحياة، فهو قصير مادام الموت هو نهايته، وحينما يأتي الموت يطوي العمر وكأن الإنسان ما عاش في هذه الحياة إلا برهة، يقول - تعالى -مشيراً إلى هذه الحقيقة: "ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يؤفكون" (55) (الروم)، ويقول أيضاً - سبحانه -: "كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون" 35 (الأحقاف)، ويقول أيضاً - سبحانه -: "ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار يتعارفون بينهم قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله وما كانوا مهتدين" 45 (يونس).
الوقت رأس مال المسلم:
من هنا يتبين لنا أن رأس مال المسلم في هذه الدنيا هو الوقت الذي هو مادة الحياة، وأنه أنفس من المال وأغلى. أرأيت لو أن محتضراً وضع أمواله جميعاً ليزيد في عمره يوماً واحداً.. هل يحصل له ذلك التمديد وتلك الزيادة؟.
ولعظم شأن الوقت وقيمته، فقد أقسم - سبحانه - به في آيات كثيرة من كتابه المحكم. فأقسم - جل وعلا - بالعصر وهو الدهر الذي هو زمن تحصيل الأرباح والأعمال الصالحة للمؤمنين وزمن الشقاء للمعرضين فقال - تعالى -: "والعصر (1) إن الإنسان لفي خسر (2) إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر (3)" (العصر).(1/53)
وقد عني القرآن وعنيت السنة المطهرة بهذه القيمة الغالية. وقد جعل الله الليل والنهار يتعاقبان في حياة الناس.. فمن فاته عمل في أحدهما تداركه في الآخر. يقول - تعالى -: "وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا 62" (الفرقان)، وقد لا يتنبه الإنسان إلى هذه الحقيقة إلا بعد فوات الأوان، فيتمنى ساعتها أن يعطى فرصة من العمر ولكن هيهات أن يجاب إلى ذلك. يقول - سبحانه -: "والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور 36 وهم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير 37" (فاطر).
الوقت كالسيف:
واجب على كل مسلم أن يغتنم كل دقيقة من العمر وألا يفرط في زمانه. وألا يضيع أوقات فراغه في لهو وعبث، فقد جاء عن ابن عباس - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ"(1).
والنفس البشرية جُبلت على أن الإنسان إن لم يشغلها بالخير شغلته بالشر. يقول أبو العتاهية:
إن الشباب والفراغ الجدة *** مفسدة للمرء أي مفسدة
ومما هو مأثور عن الإمام الشافعي في هذا المعنى قوله: "الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك.. ونفسك إن لم تشغلها بالخير شغلتك بالشر"، فعلى الإنسان أن يستغل نعم الله لديه بالطاعة فإنه لا يدري ماذا يخبئ له الدهر من البلايا والصوارف، فقد أخبر عمر بن ميمون عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه وعظ رجلاً فقال له: "اغتنم خمساً قبل خمس: حياتك قبل موتك. وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وشبابك قبل هرمك وغناك قبل فقرك"(2).
وعنه أيضاً - صلى الله عليه وسلم - : "بادروا بالأعمال سبعاً: هل تنتظرون إلا فقراً منسياً، أو غنى مطغياً، أو مرضاً مفسداً أو هرماً مفنداً أو موتاً مجهزاً أو الدجال.. فشر غائب ينتظر أو الساعة والساعة أدهى وأمر"(3).
كيف يستثمر المسلم وقته؟
لكي يستثمر المسلم وقته في مرضاة الله وفيما يفيده في دنياه وآخرته لابد أن يجعل له عمراً ثانياً "فالذكر للإنسان عمر ثان" وذلك بما يعمل من صالحات باقيات. فإن آثار هذه الأعمال تمتد إلى ما بعد الموت ويبقى عمله موصولاً حتى بعد موته يؤدي رسالته للأحياء وهو مقبور، وقد أشار القرآن إلى هذا المعنى في قوله - تعالى -: إنا نحن نحيي الموتى" ونكتب ما قدموا وآثارهم وكل شيء أحصيناه في إمام مبين 12 (يس)، ويقول أيضاً سيحانه: ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر 13 (القيامة).
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : "إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته، علماً علمه ونشره، وولداً صالحاً تركه، ومصحفاً ورثه، أو مسجداً بناه أو بيتاً لابن السبيل بناه، أو نهراً أجراه، أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته".. (4).
السؤال عنه:
يبيِّن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن على رأس الأسئلة التي توجه إلى العبد يوم القيامة سؤالين: سؤالاً عن عمره عامة وسؤالاً عن أخصب فترة في هذا العمر وهي الشباب، فعن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيم أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن علمه ماذا عمل فيه"؟ (5).
فليحذر المسلمون من إضاعة الوقت، وليحرصوا على العمل بجد، وخاصة في أخصب أيام عمرهم وهي الشباب. يقول - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه أنس: "إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فإن استطاع ألا تقوم حتى يغرسها فليفعل"(6).
فعلى الإنسان أن يحاذر التسويف وتأجيل عمل اليوم إلى الغد، فإن "سوف" جند من جنود إبليس، وإن الإنسان لا يضمن أن يعيش إلى غد، وإذا عاش فلا يضمن أن يخلو غده من الصوارف والشواغل. وقد حكى الله عن مشهد من مشاهد يوم القيامة يحاول فيه أهل العذاب أن يستنجدوا بالمؤمنين ولكن هيهات هيهات فقد غر هؤلاء المعذبين طول أمانيهم في الدنيا، وضحك عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله. يقول - سبحانه وتعالى -: "يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب 13 ينادونهم ألم نكن معكم قالوا بلى" ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الأماني حتى جاء أمر الله وغركم بالله الغرور 14" (الحديد).
أهداف دنيوية:
من رأى حال الناس اليوم مع الوقت يجد جواباً يعجبه أننا خلقنا لنأكل ونشرب ونتمتع ونلعب ونلهو ونبني الدور والقصور.. هذا هو واقع الكثير وحينئذ يشتركون في هذه الأهداف الدنيوية مع البهائم والكفار الذين جعلوا هدفهم في الحياة الأكل والشرب والتمتع بملاذ الدنيا حلالاً كانت أم حراماً. قال - تعالى -: "والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم 12" (محمد)، والله - عز وجل - خلقنا لأمر عظيم حدده - سبحانه - بآية كريمة قال - تعالى -: "أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون 115" (المؤمنون).
ويقول أيضاً - سبحانه - مؤكداً وموضحاً سبب خلقنا: "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون 56" (الذاريات). قال الإمام النووي: وهذا تصريح بأنهم خلقوا للعبادة.. فحق عليهم الاعتناء بما خلقوا له والإعراض عن حظوظ الدنيا فإنها دار فناء لا محل إخلاد، ومركب عبور لا منزل استقرار، ومشروع انفصام لا موطن دوام.
فعمرك أخي المسلم هو موسم الزرع في هذه الدنيا.. والحصاد هناك في الآخرة، فلا يحسن أن يضيع الوقت وينفق رأس المال فيما لا فائدة فيه.
__________________________
الهوامش
(1) البخاري.
(2) أخرجه أحمد في المسند مرسلاً.
(3) أخرجه الترمذي عن أبي هريرة في الزهد وقال حديث حسن غريب.
(4) أخرجه ابن ماجه بإسناد حسن.
(5) رواه البزار والطبراني وقيل حديث صحيح.
(6) البخاري.
http://www.almujtamaa-mag.com المصدر:
============
تنظيم الوقت
من المهارات التي أدرسها وأقرأ عنها كثيراً، وأحاول ممارستها وتعليمها لكل شخص، مهارة تنظيم الوقت، ويتبادر في ذهن المرء أن تنظيم الوقت معناه أن نجعل حياتنا كلها جادة لا وقت للراحة، بالطبع هذا المفهوم خاطئ، لذلك كتبت هذه المقالة لتوضيح مبادئ أساسية حول تنظيم الوقت.
في البدء هل تنظيم الوقت جملة صحيحة؟ كلا! لأن الوقت منظم أصلاً، فالدقيقة مقسمة 60 ثانية، والساعة تساوي 60 دقيقة واليوم يساوي 24 ساعة وهكذا، إذاً الوقت مقسم ومنظم تنظيماً جيداً، إذاً هل نسميه إدارة الوقت؟ أيضاً لا، لأن الوقت لا يدار ولا يمكننا أن نتحكم بالوقت ونجعل من اليوم مثلاً 36 ساعة بدلاً من 24، إنما الوقت يديرنا، لنسميه إدارة الذات لأننا نستطيع أن ندير أنفسنا من خلال الوقت وليس العكس، والوقت هو من أندر الموارد فهو لا يعوض، ولا تستطيع أن تخزن الوقت أو تشتريه!! لذلك الوقت هو الحياة، واسمحوا لي أن أستخدم لفظ تنظيم الوقت لدلالة على المعنى المطلوب وهو إدارة الذات.(1/54)
الناس من حيث تنظيمهم للوقت صنفان، فمنهم من ينظم وقته ومنهم من لا يفعل ذلك، أما من ينظم وقته فمنهم من يكون فعالاً ويستفيد بشكل كبير من تنظيمه للوقت، ومنهم من لا يستفيد من تنظيمه للوقت وتراه مشغولاً في طاحونة الحياة، يكدّ ويعمل بلا راحة، أما من لا ينظم وقته فإما أن يحس بالملل لأنه لا يعرف ماذا يفعل في فراغه الكبير، أو أنه متخبط في أعمال قليلة الأهمية. وهنا دعوني أعرّف من هو الفعال في تنظيم وقته: هو الشخص الذي يحصل على النتائج المطلوبة في الوقت المتاح.
إذا بدأ أي شخص بتنظيم وقته بطريقة فعالة فسيحصل على نتائج فورية، مثل زيادة الفعالية في العمل والمنزل، تحقيق الأهداف المنشودة بطريقة أفضل وأسرع، يقلل من المجهود المبذول، بالتالي يجعلنا أكثر راحة، وستلاحظ أنك بدأت بالتفوق على نفسك وعلى غيرك أيضاً في مجالات عدة.
كما ذكرت في البداية البعض يضن أن تنظيم الوقت يعني الجد بلا راحة، سأوضح الآن كيف أن تنظيم الوقت يعني المزيد من السعادة والسيطرة على الظروف المحيطة بنا بدلاً من أن تسيطر علينا وتحرمنا السعادة. الأعمال تنقسم إلى عدة أقسام، فهناك أعمال ملحة ومهمة في نفس الوقت وهذا ما يسمى بالمربع الأول مربع إطفاء الحرائق!! وهناك أعمال غير عاجلة لكنها مهمة وهذا ما يسمى بالمربع الثاني مربع التركيز على الجودة والقيادة، لأنه يتضمن أنشطة وقائية تعزز القدرة على الإنتاج وإقامة علاقات وتنميتها والتخطيط والترويح عن النفس، وإذا مارسنا هذه الأفعال ستتقلص الأزمات أو الحرائق وتبدأ في اكتشاف أرض رحبة من الفرص الحقيقية التي تحقق لك الإنجازات والأهداف، وتبدأ في اختيار أهم الفرص لتحقيق أهدافك، بهذا تبدأ العمل بتلقائية وبدون تكلف وتحافظ في نفس الوقت على مواعيدك وأعمالك، ولنأخذ أمثلة على أفعال من المربع الثاني، فهناك قضاء وقت أسبوعي خاص للعائلة، سواءً في الرحلات أو اللهو البريء وذلك لتعزيز العلاقة بين أفراد الأسرة، تعلم هوايات ومهارات جديدة تحبها، أخذ استراحة أو قضاء إجازة لتعود بروح أكثر نشاطاً وحيوية، زيادة المعرفة في علوم معينة من خلال القراءة، أداء أعمال تطوعية إذا كان هذا من ضمن أهدافك.
هذه مقدمة لتساعدك في أخذ زمام المبادرة وتبدأ في التفكير الجدي حول حياتك وكيف تديرها وتقودها نحو ما تهدف إليه، وحتى تنظم وقتك يجب عليك أن تكون صاحب أهداف وتخطيط، وإن لم تكن لديك أهداف فلا فائدة من تنظيم الوقت، فتنظيم الوقت يقوم على أساس وجود أهداف ننظم الوقت من أجلها.
http://www.ebdaa.8k.com المصدر:
==============
المذاكرة وتنظيم الوقت
تنظيم الوقت هو إتباع جدول معين لتنظيم المذاكرة في نطاق المشاغل العائلية والحياتية.
توجيهات:
راقب وقتك.
لاحظ كيف تقضي وقتك.
احذر فيما تضيع وقتك فيه.
كُن حريصاً على استثمار وقتك.
معرفة كيفية قضاء وقتك سيساعدك على تخطيط واستكمال واجباتك المدرسية.
- اُكتب أعمالك في جدول، ورتبها حسب الأهمية. قسم أعمالك إلى ما ستؤديه فورا وما ستعمله في وقت لاحق.
- احصل على جدول أعمال أو روزنامة يومية\ أسبوعية. أكتب مواعيدك وحصصك واجتماعاتك حسب جدول زمني. كُن دائماً على معرفة بأعمالك اليومية، ولا تنم يوماً من غير معرفة واجباتك لليوم التالي.
- أحصل على جدول أعمال للمدى البعيد. استخدم جدول شهري لتُخطط للمستقبل. التخطيط على المستوى البعيد يُساعدك على الاستفادة من وقت فراغك.
تخطيط جدول مثمر للمذاكرة.
خُذ قسطاً كافيا من الراحة، و غذاءً صحياً، ولا تنسى وقتاً للمرح أيضا.
رتب الواجبات حسب الأولويات.
استعد للنقاش والأسئلة الفصلية قبل الحصة.
رتب وقتاً لمراجعة محاضراتك بشكل فوري بعد الحصة.
ملاحظة: النسيان يكون أكثر بعد مرور ال24 ساعة الأولى.
رتب فترات للمذاكرة مدتها خمسين دقيقة.
ذاكر في مكان خالي من الإزعاج.
خطط لاستخدام وقت فراغك.
حاول أن تجعل أوقات دراستك خلال ساعات النهار.
راجع جدول أعمالك أسبوعيا.
انتبه أن تكن عبداً لجدولك
http://www.ebdaa.8k.com المصدر:
===============
كيف تضيِّع وقتك سبهللا ؟!
يقول أحدهم: "المطلوب إنجازه كثير جدًا.. وليس هناك الوقت الكافي.. أشعر أنني مضغوط ومتوتر طيلة اليوم.. كل يوم.. سبعة أيام في الأسبوع.. لقد حضرت برامج عديدة في إدارة الوقت.. وجرَّبت العديد من أساليب إدارة الوقت.. لقد ساعدني ذلك إلى حد ما.. ولكنني لا زلت أشعر أنني لا أعيش الحياة السعيدة التي كنت أتوق إليها".
ويقول الآخر: "إنني أخطط لنفسي جيدًا.. كل دقيقة تمرُّ.. كل ساعة.. لها عندي قيمة، عيناي لا تفارق معصمي، من شدة النظر إلى ساعة يدي، يقولون عني: إنني دقيق منضبط، لكني أتساءل في كل لحظة.. هل حقًّا أحقق ما أصبو إليه؟، بمعنى آخر: هل كل نشاطاتي القوية حققت آمالي؟ ".
وماذا تقول أنت؟!
إذا كنت ترى نفسك في هؤلاء فينبغي عليك أن تعيد النظر في طريقتك في إدارة وقتك، بمعنى آخر.. أن تغيِّر أداتك التي تستخدمها في إدارة وقتك.
لقد كان للدور الرائع الذي لعبه "مركز كوفي للقيادة" الأثر البالغ في تحويل أداة إدارة الوقت من الساعة فقط إلى الساعة والبوصلة.
- كلنا يستخدم الساعة في إدارة وقته؟ ولكن هل جرَّبت أن تستخدم البوصلة؟!
إن الساعة تعين في أوقات الطوارئ، وتُستخدم لقياس وقت النشاط؛ أما البوصلة فبها نحدد الاتجاه.. وعندما تحدد اتجاهك في الحياة سوف يعني ذلك أنك وضعت سلَّم نجاحك على الجدار الصحيح منذ البداية.
- هل تستخدم البوصلة أكثر أم الساعة؟
لا تتعجل في الإجابة قبل أن تشاركنا في هذا الاستبيان البسيط.
1- لديَّ رؤية واضحة لمستقبلي واتجاهي في الحياة:
* دائمًا * أحيانًا * نادرًا * أبدًا
2- أبدأ مشروعاتي وأنا أدرك تمامًا النتائج المبتغاة منها:
* دائمًا * أحيانًا * نادرًا * أبدًا
3- أجهِّز لكل أعمالي مبكرًا وأستعدّ للاجتماعات تمامًا.
* دائمًا * أحيانًا * نادرًا * أبدًا
4- أعمل لتحقيق أهداف بعيدة المدى، ولا أكتفي بالحلول السريعة ومعالجة المشكلات الطارئة.
* دائمًا * أحيانًا * نادرًا * أبدًا
5- أتأكّد أن كل من حولي يفهمون الغاية والقيمة الكامنة وراء كل أعمالنا:
* دائمًا * أحيانًا * نادرًا * أبدًا
6- أستشعر وأحسّ بالمسئوليات وأستعد لها قبل وقوعها:
* دائمًا * أحيانًا * نادرًا * أبدًا
7- لا أباشر أعمالاً يمكن أن يتولاها الآخرون أو يمكن تفويضها إليهم:
* دائمًا * أحيانًا * نادرًا * أبدًا
8- أحدّد أولوياتي بحيث أقضي معظم وقتي مُركِّزًا على الأعمال والمشروعات الأكثر أهمية:
* دائمًا * أحيانًا * نادرًا * أبدًا
9- ألزم نفسي بتنفيذ الخطط الموضوعة، وأتجنب التسويف والتأجيل والمقاطعات العشوائية:
* دائمًا * أحيانًا * نادرًا * أبدًا
10- عندما أكلف الآخرين بمهمة أقوم بذلك قبل استحقاقها بوقت كافٍ، وأمنحهم وقتًا كافيًا لإنجازها:
* دائمًا * أحيانًا * نادرًا * أبدًا
•••أعطِ نفسك مائة درجة لكل إجابة دائمًا
•••ستًا وستين درجة لكل إجابة أحيانًا
•••ثلاثًا وثلاثين درجة لكل إجابة نادرًا
••• صفرًا لكل إجابة أبدًا
اجمع درجاتك ثم اقسمها على عشر، سوف تظهر لك نتيجتك منسوبة إلى مائة، وترى من خلالها كم أنت قريب إلى البوصلة
http://www.ebdaa.8k.com المصدر:
=============
مهارات تفعيل وتنظيم الوقت
السلسلة: تعلم خلال أسبوع
الكتاب: مهارات تفعيل وتنظيم الوقت
المؤلف: Claire Austin
عدد الصفحات: 104 صفحة
الناشر: الدار العربية للعلوم
فكرة الكتاب:(1/55)
يعد التنظيم السليم للوقت عاملاً مهماً في قيادتك لوقتك، والذي من خلاله سوف تحقق نتائج فورية وكبيرة في حياتك العملية. يحتوي اليوم على 86400 ثانية، وهذا الكتاب يقدم لك العون في كيفية الاستفادة من هذا الوقت في التقدم والنجاح.
الفصل الأول:
تقييم الذات:
بداية سنقوم بتقييم قدراتنا الحالية على تنظيم الوقت، ولا شك أن هذا التقييم سيعطينا مؤشرات إيجابية أو سلبية في تعاملنا مع الوقت.
تحديد العوامل المضيعة للوقت:
قد نصاب بخيبة أمل إذا علمنا أن أغلب أعمالنا تندرج تحت طائلة مضيعات الوقت، والتي عادة ما تكون نتائجها سيئة، وفي أحسن الأحوال يكون مردودها ضعيف، ومن هذه المضيعات للوقت:
01 إضاعة الأشياء: كم من الوقت نستغرقه في البحث عن الأشياء التي ربما وضعناها أو حفظناها بشكل خاطئ، أو ربما نضطر للقيام بالعمل مرتين لأن الأول بكل بساطة ضاع؟.
02 الاجتماعات: يمضي الكثير من الوقت المهدر في الاجتماعات التي لا أهداف لها أو التي تبدأ أو تنتهي في غير وقتها، أو التي تدار بشكل سييء.
03 الهاتف: يسرق الهاتف منا وقتاً ثميناً، ويستغرق في الحديث بمكالمات هاتفية طويلة عن الحد المقدر لها.
04 المقاطعات: تشكل المقاطعات جزءاً مهماً من هدر الوقت حيث تساهم هذه المقاطعات في هدر الوقت ورداءة الأداء.
05 التأجيل: تقنية سلبية لتأخير العمل والسبب هو هدر الوقت.
06 الأوراق التي لا قيمة لها: لا شك أن تراكم الأوراق سببه هدر الوقت بالاهتمام بأمور ثانوية والتغافل عن الأمور الأساسية.
07 الأزمات: تواجهنا الأزمات تلو الأزمات مما يؤدي إلى هدر في جوانب عديدة ومن أهمها الوقت، وذلك لسوء إدارة الأزمات.
08 التكليف المعكوس: قد يسمح البعض بالتكليف المعكوس من الآخرين ممن هم أقل منا رتبة أو منزلة مما يساهم في هدر أوقاتنا.
09 الكمالية: قد نحتاج وقتاً إضافياً للحصول على الكمالية بينما تكفي أن تحقق 95% بدلاً من هدر الوقت والكمالية المزعومة.
10. اللهو: لكل أمر ضوابط إذا خرج عنها أصبح سلبياً، وهذا مثله اللهو الذي إذا خرج عن إطاره أصبح هدراً للوقت مؤثراً على الإنتاجية.
تغيير عاداتنا:
إن الكثير من عوامل مضيعات الوقت أصبحت جزءاً من حياتنا العملية والسبب أنها أصبحت عادة لنا من حيث لا نشعر، ولكن..
ألم يحن الوقت للتغير وقلب العملية؟
لا شك أن رغبتنا بذلك نصف المشوار أو التغيير، بعد ذلك يتطلب التغيير وقتاً وجهداً كبيرين، بعد ذلك تأتي المثابرة والاستمرار على عملية التغيير، وأفضل وقت لبدء التغيير هو الآن!،
عملية التغيير المؤلفة من أربع خطوات:
01 اكتب الأسباب التي تؤدي إلى ضياع وقتك.
02 عدد المشاكل التي يسببها عادة هدر الوقت.
03 تصور عادة تنظيم الوقت.
04 تنمية عادة توفير الوقت.
الفصل الثاني:
الحد من تراكم الأوراق:
حملة تخفيف الأوراق:
لكي نركز على الأشياء المهمة علينا أن نتخلص من الأشياء قليلة المردود، ولكن قد نكون نحن السبب في تجمع الأوراق لدينا بكثافة، فأسلوبنا في العمل هو السبب في تراكم هذه الأوراق بقولنا أرسل لنا نسخة من الخطة أو التقرير...، لذلك ضع لائحة تحدد فيها ضوابط إرسال الورق منك وإليك.
إن تخفيف الورق يعني تخفيف التكلفة وتحسين الإنتاجية والمعنويات.
التعامل الفعال مع الأوراق:
يجب أن نتعامل مع أية ورقة تصل إلينا مرة واحدة فقط حتى لا يضيع وقتنا بأمور متكررة.
اختبار الحصبة:
هذه التقنية تتمثل في التعامل السريع مع أية ورقة تصلنا، وذلك بوضع نقطة حمراء كلما اطلعنا أو تناولنا ورقة، وإذا وجدنا نهاية الأسبوع تفشي الحصبة (النقاط الحمراء) في الأوراق فهذا مؤشر على ضرورة تغيير عاداتنا التي تسلبنا وقتنا الثمين. إن التردد في التعامل مع الأوراق بصورة فعالة يؤدي إلى تراكم أكوام من الأوراق غير المنجزة، ويصبح المكتب غير المنظم، والذي يؤدي إلى:
إنتاج أقل..
ضياع الفرص..
بحث جنوني عن المعلومات المفقودة..
ساعات عمل طويلة..
معنويات منخفضة..
أزمات غير متوقعة..
تقنية الرافت (RAFA)
وهذه التقنية تنقذك من الغرق في بحر الأوراق وتعني:
01 تحويلها أو إحالتها أو توجيههاRefer it:
أو
02 نعمل عليها والبت فيها: Act on it
أو
03وضعها في الملف المناسب: File it
أو
04 التخلص منها في سلة المهملات: Throw it a way
نستفيد مما سبق أن يكون لدينا تنظيم أكثر لأوراقنا، وأن يكون لدينا مكان لكل شيء، وأن يوضع كل غرض في مكانه المناسب له.
التوثيق الفعَّال:
من الأهمية بمكان ألا يكون هدف ترتيب الملفات هو إبعاد الأوراق عن النظر فحسب بل إلى كيفية إيجادها عند الحاجة إليها.
تنظيف الملفات:
وذلك بالتخلص من كومة الأوراق المتكدسة في الملفات التي غالباً ما نحتفظ بها لتوهمنا بالرجوع إليها مستقبلاً مع أنها محفوظة في مكان آخر!!، لذا علينا ألا نتردد في تنظيف ملفاتنا من الأوراق التي:
01 لن نعود إليها أبداً.
02 ما يمكن إيجاده في مكان آخر.
03 ما يقل مردودها.
وبهذه الطريقة سوف يقل حجم ملفاتنا بنسبة خمسين بالمئة.
إعادة تنظيم الملفات:
تنظيم الملفات يساعدنا في الوصول إلى المعلومات بشكل سريع. إذا نسي المرء أن يحتفظ بشيء ما أو إذا نسي المكان الذي وضع فيه هذا الشيء فهذا يعني حتماً أنه لا يحتاج إليه أبداً.
يمكنك إعادة تنظيم ملفاتك حسب الموضوع أو الأبجدية أو التاريخ أو اللون أو الموقع الجغرافي أو وفق الأرقام، لا شك أن هذه الطرق ستجعلنا نقلل من الوقت الضائع في البحث عن المعلومات أو يتلاشى نهائياً. كل ذلك بقرارك أنت!!
الفصل الثالث:
التخطيط:
يعتبر التخطيط من أهم تقنيات الوقت، وعندما لا تحدد أهدافك فإنك ستحقق أهداف الآخرين.
سنتطرق إلى التخطيط من ثلاثة جوانب رئيسة وهي:
01 تحديد الأهداف:
لا شك أن لكل شركة ناجحة أو شخص ناجح هدف واضح يسعى لتحقيقه، بل ويتصور نفسه أنه حققه بجدارة، لذلك تنصب جهوده نحو هذا الهدف.
التصور الخلاّق:
إن التصور المستقبلي لأنفسنا عامل مهم نحو تحقيق الهدف، ولكي نصل إلى ذلك علينا أن نقسم الأهداف البعيدة أو المستحيلة إلى أهداف بسيطة أو صغيرة ممكنة التحقيق حتى نصل إلى الهدف البعيد لنا وفق مخطط مجدول، فتخيل نفسك بعد خمس أو عشر سنوات أو أكثر ماذا تطمع أن تكون؟
02 وضع مخططات العمل:
قبل إنجاز أي عمل أو تحقيق أي هدف يجب أن نضع المخطط أو المسار أو الطريق التي سنتبعها نحو تحقيق وإنجاز هذا العمل خطوة خطوة إضافة إلى حساب التكلفة لتحقيق هذا الهدف، سواء كان مادياً أو معنوياً، والموازنة بين إيجابياته أو سلبياته.
03 التخطيط اليومي:
يعتبر التخطيط اليومي هو المرحلة الثانية بعد مخططات العمل، ومن فوائد التخطيط اليومي:
تنظيم العمل بواقعية.
يعمل كمفكرة عمل.
ينظم العقل.
يساعد على إنهاء العمل.
يحفزنا على العمل.
التركيز على الأولويات.
ثمان خطوات ضرورية لتنظيم يوم فعّال:
01 خمس دقائق للتخطيط اليومي: خصص خمس دقائق نهاية كل يوم للتخطيط.
02 إكمال ما لم تنجزه اليوم: انقل ما لم تنجزه إلى يوم آخر، وانتبه لعدم تكثير مهمات اليوم الواحد.
03 تخطيط أعمال اليوم التالي: كتابة أعمال اليوم التالي من مقابلات واجتماعات وغيرها.
04 إدخال الأعمال المتعلقة بتحقيقنا أهدافنا المستقبلية: علينا ربط أعمالنا العاجلة بالأعمال المستقبلية.
05 تحديد درجة أولوية كل بند من البنود: جدولة الأعمال حسب الأولوية تعطيك حرية لتقديم الأهم على المهم.(1/56)
06 تفويض الآخرين: التفويض لا يعني استغلال الآخرين؛ بل لحفظ وقتك وجهدك وتطوير مهارات الآخرين.
07 تقدير المدة التي قد يحتاجها كل عمل: تحديد فترة زمنية لكل عمل هي مهمة صعبة ولكنها ستزول بعد فترة.
08 العمل على البريد وإضافة بعض الأمور على اللائحة: قد تستجد بعض الأمور الطارئة أو المهمة التي عليك إدخالها ووضعها في قائمة الأعمال حسب الأهمية والأولوية كما اتفقنا.
تذكر أن الطريقة الوحيدة الفعالة هي العمل وفق الأولويات، فلا نبدأ بالأمور غير المهمة إلا بعد الانتهاء من الأمور المهمة، وهكذا تبرمج وقتك بنفسك.
الفصل الرابع:
تنظيم الاجتماعات:
يقضي أغلب الإداريين حوالي 35% من حياتهم المهنية في اجتماعات ولكن من المؤسف أن هنالك اجتماعات غير مثمرة تسبب هدر الوقت، وذلك لأسباب إما تتعلق بالمترئسين أو المشاركين أو الاجتماع نفسه.
لماذا تفشل الاجتماعات:
قد يعود فشل الاجتماعات إلى عدة أسباب منها:
01 انعدام هدف واضح للاجتماعات.
02 ارتفاع كلفة الاجتماع.
03 سوء التنظيم
04 تأخر بين المشاركين.
05 سوء إدارة الاجتماع.
06 الخروج عن جدول أعمال الاجتماع.
07 عدم توفر المعدات والتسهيلات المناسبة.
ماذا تفعل قبل الاجتماع إذا كنت ترأسه:
أياً كان نوع الاجتماع الذي سوف ترأسه؛ فاحرص على ما يلي:
01 ضرورة الاجتماع.
02 البدائل للاجتماع.
03 أهداف الاجتماع.
04 الأشخاص المشاركين.
05 مردود تحقيق الأهداف.
06 كلفة الاجتماع.
07 جدول أعمال الاجتماع.
08 إبلاغ المشاركين بمكان وزمان الاجتماع.
09 وصول معلومات الاجتماع للمشاركين مسبقاً.
010 أهمية حضور كل المشاركين للاجتماع أم لا؟
ما يجب أن يقوم به الرئيس خلال الاجتماع:
على الرئيس أن يكون متنبهاً للعوامل الهدامة التي تؤثر سلباً على إنتاجية الاجتماع، ومن هذه العوامل:
01 التأخير:
إن ربط بداية الاجتماع باكتمال عدد المشاركين يعني هذا مكافأة المتأخرين على حساب الآخرين، لذا ضرورة بداية الاجتماع في وقته المحدد، وإغلاق الباب، وعدم إعادة ما تم مناقشته للمتأخرين.
02 المسائل المخفية:
يطلب من المشاركين الإفصاح عن أهدافهم واهتماماتهم الخفية من وراء الاجتماع، مما يسبب هدر الوقت من قبل رئيس الاجتماع.
03 النقاشات المشتتة:
النقاشات المشتتة من قبل المشاركين قد تنقل الاجتماع إلى مسار آخر، لذا المقاطعة بلباقة هي الطريقة الوحيدة فنتدخل بسرعة ونختصر وجهة نظر المتحدث ونعود بالاجتماع إلى مساره الصحيح.
04 قلة المشاركة:
تؤدي كثرة الانتقادات إلى قلة المشاركة، لذا لا بد من سؤال من لا يشارك عن رأيه أو يكون ضمن مجموعات صغيرة.
05 المقاطعات:
تسبب المقاطعات تشتيت الذهن وهدر الوقت للمشاركين أثناء الاجتماع، لذا أجّلْ جميع اتصالاتك أثناء الاجتماع، وضعْ على باب الاجتماع " يُمنع الإزعاج والمقاطعات".
06 المناقشات:
النقاشات غير المجدية تكون جوفاء خالية من الهدف تسبب تأخر الاجتماع، لذا علينا حصر هذه النقاشات لتناقش فيما يتبقى من الوقت أو تؤجل لوقت آخر، أو يعمل لها دراسة ثم إثبات فاعليتها من عدمها.
07 التردد:
إن التردد في اتخاذ القرار أثناء الاجتماع يعتبر عامل هدم للاجتماع، لذا علينا أن نتخذ القرار الملائم، ونضع الإجراءات والمهل المحددة لذلك.
وعندما نتخلص من هذه العوامل الهدامة سوف نحصل على اجتماعات فعالة وناجحة وهادفة.
الفصل الخامس:
تنظيم المشاريع:
تتضمن القدرة على تنظيم المشاريع ثلاث مراحل هي:
التخطيط:
المشروع عبارة عن مهمات مترابطة تؤدي في نهاية المطاف إلى هدف محدد، ترتبط سهولة تنفيذ المشروع ونجاحها بفعالية التخطيط ودقته، وتتضمن ذلك خمس خطوات مهمة وهي:
01تحديد الهدف: تحديد الهدف بدقة ووضوح يسهل عملية الوصول إليه بثقة وعزيمة.
02 تحليل الكلفة والأرباح: إن معرفة التكلفة والأرباح تعطيك انطباعاً: إلى أين ستكون، وكيف تصل إلى هدفك؟
03 تقسيم المشروع إلى مجموعة مهمات بسيطة: قد نقف عاجزين أمام المشاريع الضخمة فنراها مستحيلة بينما لو قسمت إلى مهمات صغيرة لانْقَلَبَ المستحيل إلى ممكن.
04 تحديد المهل اللازمة لإنجاز المهمات: الواقعية هي مفتاح النجاح، ومن ذلك تحديد المهل أو المدة الزمنية التي يستغرقها أداء المهمة بداية ونهاية.
05 تكليف الآخرين بالمهمات إذا دعت الحاجة: يتكون المشروع من عدة مهمات ومن الصعوبة بمكان أن تسيطر على كل هذه المهمات، لذا لكي تؤدى المهمات بنجاح؛ عليك بتفويض المهام للأشخاص المناسبين، والاستفادة من خبرات وإمكانات الآخرين.
المراقبة:
هدف المراقبة هو التأكد أن المشروع يسير بالاتجاه السليم وأن العمل ينفذ وفق الخطط المرسومة له مسبقاً، ومعالجة الأخطاء أولاً بأول حسب مبدأ الأولويات مع حفظ وثائق ولوائح المشروع بشكل منظم حتى يسهل الرجوع إليه بسرعة.
التقييم والمراجعة:
وهي المرحلة النهائية لكل مشروع، حيث يتم وضع معايير ومقاييس لمعرفة مؤشرات النجاح وأسباب الإخفاق أو الفشل عند حدوثه، وحتى نتعلم منها دروساً للمستقبل، كذلك معرفة العوامل التي ساعدت على النجاح، وفي كل الأحوال تعطينا هذه المرحلة دفعة قوية وثبات وخبرة ودراية عند البداية بمشروع آخر.
الفصل السادس:
ترويض الهاتف:
يلعب الهاتف دوراً بارزاً في ضياع الوقت، لذا كيف تحد من هذه الاتصالات الهاتفية وتروض هذا الجهاز " المتمرد"؟!.
فخ الهاتف:
لا شك أن الهاتف حلقة تواصل مستمر مع العالم إضافة لقلة كلفته وسرعته، إلا أن سلبيته الوحيدة هي سماحه لأي متصل بالاتصال في أي وقت ولو كان غير مناسب، والأمر يعظم سوءًا إذا كان في أمور ثانوية، والمشكلة طالما رفعنا سماعة الهاتف لا يمكن إنزالها بسهولة، لذلك نظم الاتصالات الهاتفية واختصر المكالمات الثانوية واستفد من المكالمات المهمة إلى أقصى حد ممكن.
الاتصالات غير الضرورية:
هذا النوع من الاتصالات ضرره يلحق بجميع العاملين معك، إضافة إلى إضاعة الوقت الكثير، وعدم القدرة على الرد على الاتصالات المهمة، لذلك اجعل اتصالاتك الهاتفية هادفة وبناءة ومختصرة.
الاتصالات التي نتلقاها:
نحن لا نستطيع تقييم أهمية الاتصال إلا بعد رفع السماعة، لذا كل ما يمكن فعله هو اختصار الحديث في الاتصالات غير المفيدة وإعطاء الوقت الكافي للاتصالات المهمة.
هناك عشرة طرق لتنظيم الاتصالات التي نتلقاها وهي:
01 تحويل الهاتف عندما نكون منشغلين.
02 تخصيص وقت محدد لتلقي الاتصالات يومياً.
03 تأجيل الاتصالات أثناء اللقاءات أو الاجتماعات.
04 مخاطبة المتصل غير المرغوب فيه بحزم واختصار شديد.
05 الطلب من المتصل الاتصال في وقت آخر.
06 تفادي العمل أثناء الاتصال.
07 تفادي تسجيل وتدوين الملاحظات على أوراق مبعثرة.
08 الرد على الاتصال المهم وعند الحاجة.
09 تحضير لائحة من الأعذار لاختصار الاتصالات.
010 الطلب من المستقبل عادة ألا يعطي الأسماء أو التحويل للأشخاص غير الودَّيين.
الاتصالات التي نجريها:
يسهل التحكم في هذا النوع من الاتصالات لأننا نحن الذين نقوم بالاتصال، وبالتالي نحدد الأشخاص الذين نرغب في التحدث إليهم، إضافة إلى أننا نملك التحكم في مدة المكالمة.
01 تخطيط الاتصال:
علينا أن نسأل أنفسنا قبل إجراء أي اتصال، ما هي المعلومات التي احتاج إليها؟ وما أفضل الطرق؟ وما هي الأوراق التي احتاج إليها؟ بمعنى أنني أخطط للاتصال قبل الاتصال.
02 إجراء الاتصال:(1/57)
علينا أن نعتبر أن كل اتصال هو اجتماع مصغر أياً كان موضوع هذا الاتصال من حيث عرض ووضوح الأفكار والمناقشة والتلخيص.
03 بعد الاتصال:
يجب متابعة النقاط والأفكار التي تم التحدث عنها والاتفاق عليها مباشرة أو كتابتها في جدول لمتابعة توجيهها وتنفيذها.
الفصل السابع:
نصائح إضافية:
الوقت والسفر:
العديد من المدراء قد يفقد من وقته الكثير أثناء تنقله، سواء في بلده أو خارجه لذلك من الضروري قبل السفر كتابة لائحة بأهداف الرحلة والأوراق والمستندات اللازمة للرحلة أو الاجتماعات التي سوف يحضرها وذلك بوضعها في ملف خاص ومرتب يسهل الرجوع إليها عند الحاجة.
كذلك يمكن استغلال وقت الرحلة بالاطلاع على المجلات والتقارير والبريد، أو يمكن الاستماع إلى الأشرطة السمعية أو مشاهدة الأشرطة البصرية أو الحاسوب المتنقل للحصول على المعلومات وكتابة القرارات.
القراءة السريعة:
هي طريقة فعالة للقضاء على أكوام الأوراق المتكدسة أو قراءة التقارير أو الملفات الكبيرة باتباع القراءة المنطقية، وهي البحث عن الملخصات أو الخاتمات أو مراجعة الوثائق بسرعة، بحثاً عن العناوين الأساسية، والنظر إلى الرسوم البيانية، ولتطبيق القراءة السريعة:
01 استخدام دليل على الأسطر كالأصبع أو مؤشر.
02 التركيز على منتصف السطر بدلاً من التركيز على إحدى طرفيه أو كله.
03 قراءة مجموعة كلمات وليست كلمة كلمة.
04 القراءة بصوت منخفض.
خطر الكمالية:
قد يكون الاهتمام مفيد في بعض الأحيان، إلا أنه في معظم الأحيان يكون مضراً بحد ذاته، فقد تكون درجة أعمالنا لبعض المشاريع 90%، ولا داعي لأن نمضي المزيد من الوقت لإتمامها 100% إذ إن ذلك سيكون على حساب أعمال أخرى أكثر أهمية، إضافة لعدم قدرتنا على تعويض هذا الوقت الزائد، إذاً المبالغة في الكمالية تستهلك جهداً ووقتاً كبيراً نحن بحاجة إليه.
مبدأ (Kiss) أو الاختصار والبساطة:
ويعني Keep It Short and Simple فلماذا نعقد اجتماعاً إذا كان الأمر يحل بالهاتف؟ ولم نعمل دراسة إذا كانت المشكلة أو المعلومات متوفرة وواضحة؟ ولماذا ترسل إلى شخص رسالة إذا كنت تراه كل يوم؟ إذاً كن Kiss.
عدم التردد:
من علامات التردد عدم اتخاذ القرارات وتراكم الأوراق هنا وهناك، فنلجأ إلى التأجيل مرات عديدة بحجة عدم توفر المعلومات أو إلى عدم مناسبة الوقت، لذا اتخذ قرارك ولا تتردد، فاتخاذ القرار المزعج يبقى أفضل من التردد والمماطلة.
التأقلم مع الظروف:
من الضروري أن نتأقلم ونتكيف مع الظروف المحيطة بنا، ونساير عملية التغيير لكي نكون أكثر فاعلية، فعند ازدحام الأعمال تجنب الاتصالات الهاتفية وخلافه.
التفويض:
إنه فن تكليف الشخص المناسب في الوقت المناسب للمهمة المناسبة، وتكمن أهمية التفويض كلما ازداد منصبنا، قد يتحاشى التفويض بعض المدراء ذوي النقص المركب اعتقاداً منهم أن ذلك يسلبهم السيطرة والتحكم، إلا أن ذلك سوف يساعدهم على تفريغ جهودهم وأوقاتهم في أعمال ومهام رئيسة.
النظر إلى الحياة بتفاؤل:
إن التفاؤل يزيد من فرص النجاح والإنجاز، فبدلاً من إضاعة الوقت بلوم الآخرين عند حدوث المشاكل والأزمات فكّر في كيفية حلها.
22/6/1424
20/08/2003
http://www.islamtoday.net المصدر:
=============
نظرة الإسلام إلى وقت الفراغ
لقد عرف الوقت بأنه: مقدارٌ من الزمن، أما كلمة (الفراغ) فتكاد تجمع المعاجم اللغوية على أن معناها: الخلو من الشغل، فلقد ورد في لسان العرب لابن منظور أنه: الخلاء، وذكره الجوهري في الصحاح بما يقرب من هذا المعنى، فيقال: فرغت من الشغل، وتفرغت لكذا.. وذكر الراغب الأصفهاني: أن الفراغ خلاف الشغل، وقد فرغ فراغًا وفروغًا وهو فارغ(1).
ومن هنا فوقت الفراغ لغويًا يعني: الزمن الذي يخلو فيه الإنسان من الشغل أو العمل.
وقد ذكرت كلمة الفراغ وبعض مشتقاتها في القرآن الكريم، من ذلك قوله - تعالى -: {فإذا فرغت فانصب، وإلى ربك فارغب} (الانشراح: 7)، وذكر عامة المفسرين عند تفسيرهم لهذه الآية: {فإذا فرغت فانصب} أن المقصود إذا فرغت من أمر دنياك فانصب في عمل آخرتك.
ومن المعلوم أن الأصل في حياة المسلم أنه لا يوجد فيها وقت فراغ -بمعنى عدم العمل، لا للدنيا ولا للآخرة- ذلك أن الوقت أو العمر في حياة المسلم ملك لله، والإنسان مسئول عنه، فحياة المسلم كلها عبادة(2)، فهو مطالب بملء الوقت كله في عبادة الله، بمعناها الشمولي العام لجميع جوانب الحياة -ولعل أبلغ من عرّف العبادة بمعناها الشامل شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - حيث قال: العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة- لا بمعناها الضيق، أو كما يفهمه بعض الناس بقصرها على أداء بعض العبادات، كالصلوات والصيام والزكاة والحج والعمرة، ونحو ذلك من الأفعال التعبدية الظاهرة فقط.
ومن هنا تصبح جميع جوانب حياة المسلم تعبدية إذا اقترنت بالنية الصالحة، في العمل، أو الفكر، أو السكون، أو الحركة، أو الجد، أو المرح، أو القتال، أو اللهو، أو الأكل، أو الشرب، أو النوم، أو العلم، أو غيرها من الأعمال، حتى في الجماع مع الزوجة، فلقد ورد في الحديث أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: (وفي بضع أحدكم صدقة، قالوا: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ? فقال: أرأيتم لو وضعها في الحرام كان يكون عليه وزر ? قالوا: بلى'، قال: فكذلك إذا وضعها في الحلال له الأجر)(3).
وهذا ما عبر عنه ابن القيم - رحمه الله - في معرض حديثه عن كيفية عمارة المسلم لوقته، فقال: (إن عمارة الوقت تكون بالاشتغال في جميع آناء الوقت بما يقرب إلى الله، أو يعين على ذلك من مأكل، أو مشرب، أو منكح، أو منام، أو راحة، فإنه متى أخذها بنية القوة على ما يحبه الله وتجنب ما يسخطه، كانت من عمارة الوقت، وإن كان له فيها أتم لذة، فلا تحسب عمارة الوقت بهجر اللذات والطيبات)(4).
فكل أفعال الإنسان المسلم ونشاطاته عبارة عن أشكال تدور حول حقيقة واحدة، هي: العبادة، والاختلاف بينها إنما هو في الهيئة ليس إلا، وفي المظهر وليس الجوهر. إذ لا يوجد في التصور الإسلامي نشاط إنساني لا ينطبق عليه معنى العبادة، أو لا يطلب فيه تحقيق هذا الوصف، فالمنهج الإسلامي غايته تحقيق العبودية لله أولاً وآخرًا(5).
لذا نجد أن مفهوم وقت الفراغ المتداول الآن مرادف لمفهوم البطالة، أي (لا عمل)، وهذا ما يراه الاتجاه الغربي المادي، ومن هنا يمكننا طرح سؤال مهم، وهو: هل يمكن وجود وقت فراغ في حياة المسلم ?
لا شك أن ذلك غير ممكن بأي حال من الأحوال، فإن العمر -كما أسلفنا- ملك لله، وما الإنسان إلا مسئول عنه ومستأمن عليه في هذه الدنيا التي حدد الله - عز وجل - فيها دوره بوضوح ودقة متناهية وذلك في قوله - تعالى -: {وما خلقت الجن إلا ليعبدون} (الذاريات: 65).(1/58)
وبناءً على ذلك لا يصح تصور وجود وقت مستقطع من حياة الإنسان المسلم يكون فارغًا فيه، ويسمى وقت فراغ.. فراغ من أي شيء، طالما أن حياته كلها عبادة لله، حتى في ترويحه وسروره وأنسه وجميع مناشط حياته ? فهو في كل أوقاته إما مأمور بأمر، أو منهي عن أمر، وبالتالي لا يمكن تصور وجود وقت في حياة المسلم يحق له أن يتصرف فيه كيفما يشاء حسب ما تنص عليه بعض تعريفات علماء الغرب لوقت الفراغ.. ومن هنا يقرر بعض الباحثين أن كلمة الفراغ الواردة في الأحاديث النبوية إنما يراد بها: سلامة القلب، والنفس، والفكر من كل ما يلهي عن الخير والعبادة(6).
وهذا ما جعل الصحابي الجليل معاذ بن جبل - رضي الله عنه -، يقول: إني أحتسب نومتي كما أحتسب قومتي.. وهذا أبو الدرداء - رضي الله عنه -، يقول: إني لأستجم لقلبي بالشيء من اللهو، ليكون أقوى لي على الحق.
ولا شك أن ما ذكر آنفًا يمثل حقيقة مهمة في التصور الإسلامي الصحيح لوقت الفراغ في حياة الفرد المسلم من الناحية النظرية التي ينبغي وجودها وشعور المسلم بها، إلا أن واقع المسلمين بشكل عام يشهد بضد ذلك، فما زال التصور الإسلامي الصحيح لوقت الفراغ بعيدًا عن أذهان بعض عامة المسلمين وأفرادهم، فكل متأمل لواقع الأمة المسلمة يرى الفراغ في كثير من أفراد المجتمع الإسلامي الحديث أصبح عمرًا مهدرًا، بل وعبئًا على حركة المجتمع نحو التقدم... فهو يمثل طاقة استهلاكية، أو يغذيها، أو يمهد لها سبلها دون أن يقابلها دفعة إنتاجية، أو تنمية ماهرة، أو إبداع فكري جديد.
ومن يرغب التأكد مما ذكر من أن أوقات الفراغ في حياة الكثير من المسلمين أصبحت زمنًا ضائعًا لديهم، ومعوقة لسير المجتمع نحو النهضة الإسلامية الشاملة، عليه أن ينظر إلى البرامج والأنشطة الترفيهية التي يمارسها كثير من أفراد المجتمع المسلم، حيث تحولت هذه البرامج والأنشطة إلى هدر للطاقات وتسطيح للمفاهيم والأفكار، بل وأحيانًا للهدم، سواء على المستوى الفردي أو المجتمعي.
وهذا الواقع يؤكد ضرورة العمل على تصحيح مفهوم وقت الفراغ في تصورات أفراد المسلمين، وإبراز حقيقة مهمة في حياة الفرد المسلم وهي أنه لا يمكن وجود وقت خال في حياة المسلم ليس فيه وظيفة للدنيا أو للآخرة، وحتى إن كانت للدنيا فهي للتزود والتقوي بها على أمور الآخرة.. كما ينبغي ضرورة تبصير المسلمين أنه لا يمكن تصور وجود وقت زائد عن حاجة المسلم، يكون فيه متحررًا من القيود أو التكاليف الشرعية.
http://www.islamweb.net المصدر :
==============
أهمية الوقت
لقد صدق من قال: إن الوقت هو الحياة، وإنهما وجهان لعملة واحدة، فما الأيام إلا صفحات تقلب في كتاب حياتنا، وما الساعات في تلك الأيام إلا كالأسطر في صفحاتها، التي سرعان ما تختم الصفحة لننتقل إلى صفحة أخرى... وهكذا تباعًا حتى تنتهي صفحات كتاب العمر.. وبقدر ما نحسن تقليب صفحات أيامنا تلك نحسن الاستفادة من كتاب حياتنا.. وبقدر استغلالنا لأوقاتنا نحقق ذواتنا ونعيش حياتنا كاملة غير منقوصة.
ولا شك أن إدراك الإنسان لقيمة وقته ليس إلا إدراكًا لوجوده وإنسانيته ووظيفته في هذه الحياة الدنيا، وهذا لا يتحقق إلا باستشعاره للغاية التي من أجلها خلقه الله - عز وجل - وإدراكه لها. ومن المعلوم أن الله قد خلق الإنسان لعبادته، قال - تعالى -: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون(56)، ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون(57)، إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين} (الذاريات: 56-58).
والمقصود بالعبادة هنا هو معناها الشامل الذي ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - حين عرّف العبادة بأنها: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة(1). لذلك كان الوقت أغلى ما يملكه الإنسان، فهو كنزه، ورأس ماله الحقيقي في هذه الدنيا، ذلك أنه وعاء كل شيء يمارسه الإنسان في حياته.
ويكفي الوقت شرفًا وأهمية أن الله - عز وجل - قد أقسم به في كتابه العزيز، وأقسم ببعض أجزائه في مواطن عديدة، قال - تعالى -:
- {والليل إذا عسعس(17)، والصبح إذا تنفس} (التكوير: 17-18).
- {والفجر(1)، وليال عشر} (الفجر: 1-2).
- {والشمس وضحاها(1)، والقمر إذا تلاها} (الشمس: 1-2).
- {والضحى(1)، والليل إذا سجى} (الضحى: 1-2).
- {والعصر(1)، إن الإنسان لفي خسر} (العصر: 1-2).
كما ذكر عدد من المفسرين عند تفسيرهم لهذه الآيات أن إقسام الله ببعض المخلوقات دليل على أنها من عظيم آياته(2). ومن هنا فالله - عز وجل - يقسم بتلك المخلوقات ليبين لعباده أهميتها، وليلفت أنظارهم إليها، ويؤكد على عظيم نفعها، وضرورة الانتفاع بها، وعدم تركها تضيع سدى دونما فائدة ترجى في الدنيا أو الآخرة.
ولقد برزت أهمية الوقت والحث على الاستفادة منه وعدم تركه يضيع سدى في السنة النبوية، يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (اغتنم خمسًا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك)(3). وهذا الحديث وإن تنوعت ألفاظه وتعبيراته، إلا أنها أصل في الحث على اغتنام الفراغ في الحياة قبل ورود المشغلات، كالمرض، والهرم، والفقر، إذ أن الغالب في هذه الأمور أنها تلهي الإنسان وتمنعه من الاستفادة من أوقاته، فالمريض يهتم بأسباب عودة صحته واسترداد عافيته، وكذلك الهرم وهو الذي بلغ أقصى مراحل الكبر من العمر، حيث يكون الضعف العام للجسم وبطء الحركة، بعكس من كان في مرحلة الفتوة والقوة والشباب.
وقد روى البخارى في صحيحه أن ابن عباس -رضي الله عنه- قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس، الصحة والفراغ)(4). وهذا الحديث من جوامع كلمه - صلى الله عليه وسلم - وهو في غاية الوضوح، حيث يرشد الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى أن الفراغ مغنم ومكسب، ولكن لا يعرف قدر هذه الغنيمة إلا من عرف غايته في الوجود، وأحسن التعامل مع الوقت والاستفادة منه.
ولعل مما يحفز على ضرورة الاستفادة من الوقت حرص الفرد أن يكون من القلة التي عناها الرسول - صلى الله عليه وسلم - في حديثه السابق، فظاهر الحديث أن الذين يستفيدون من الوقت هم القلة من الناس، وإلا فالكثير منهم مغبون وخاسر لهذه النعمة بسبب تفريطه في وقته وإضاعته له في غير فائدة، وعدم استغلاله الاستغلال الأمثل.
وقد يكون الإنسان صحيحًا في بدنه ولا يكون متفرغًا، لانشغاله بمعاشه.. وقد يكون مستغنيًا ولا يكون صحيحًا.. فإذا اجتمعا -الصحة والفراغ- وغلب عليه الكسل عن طاعة الله فهو المغبون، أما إن وفق إلى طاعة الله فهو المغبوط(5).
ومسؤولية الإنسان عن وقته شاملة لجميع عمره، وهذا الوقت مما يُسأل عنه يوم القيامة، ففي الحديث الصحيح أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه، وعن علمه ما فعل به، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن جسمه فيما أبلاه)(6).
ومما ينبغي الإشارة إليه هو أن تأكيد الإسلام على إعطاء النفس حقها من الراحة والسعة دليل على قيمة الوقت وأهميته في الإسلام، قال - تعالى -: {وجعلنا نومكم سباتًا، وجعلنا الليل لباسًا، وجعلنا النهار معاشا} (النبأ: 9-11). قال ابن كثير في تفسير قوله - تعالى -: {وجعلنا نومكم سباتا}: أي قطعًا للحركة لتحصل الراحة من كثرة الترداد والسعي في المعايش في عرض النهار(7). وكأن النوم راحة إجبارية يتقوى بها الإنسان.(1/59)
كما ورد أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال لعبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما-: (يا عبد الله: ألم أخبر أنك تصوم النهار وتقوم الليل ? قال: بلى يا رسول الله، قال: فلا تفعل، صم وأفطر وقم ونم، فإن لجسدك عليك حقًا، وإن لعينك عليك حقًا، وإن لزوجك عليك حقًا)(8).
ولكن هذا الحق من النوم والراحة للجسد والبدن مشروط، أي ينبغي أن يتقوى به الإنسان لما بعده، ويحتسبه للعمل، فهو يرتاح ليتقوى على العمل، وليست الراحة لمجرد البطالة.
http://www.islamweb.net المصدر:
=============
في انتظار الوقت
حازم الحريري
الكل ينظر في ساعته حاثاً إياها على الإسراع، فالموظف على مكتبه في صراع دائم مع الثواني والدقائق، ينتظر الفرج حتى يعتق من قيد الدوام، كذا المدرس الفاشل يقتطع جزءاً من أول الحصة وجزءاً من آخرها وبين هذا وذاك ينظر في ساعته بين الحين والآخر، وعلى الطرف الآخر يجد الطالب نفسه في قاعة الدرس محاطاً بأسئلة لا تنتهي من: كم الوقت؟ وكم باقي؟
الحقيقة أننا سمعنا ونسمع، ودرسنا وندرس مواضيع أهمية الوقت، وضرورة استثماره واستغلاله الاستغلال الأمثل، وكلنا يحفظ حكمة الصباح " الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطك"، وحينما كنا صغاراً كان موضوع " الوقت " وأهميته من المواضيع المحببة لأساتذتنا الأجلاء، فلم تكن تخلو سنة دراسية من موضوع تعبير يتحدث عن الوقت، وكيفية إدارته والمحافظة عليه.
كلنا يدرك أهمية الوقت، لكن قلة منا هم الذين يحسنون التعامل معه وتطويعه لما فيه من الفائدة والنفع، فانظر - بالله عليك- إلى كمية الساعات المهدرة من وقتك ووقتي ما بين مشغلٍ هنا، وملهٍ هناك.
كم من الأوقات تُقضى في حديث دنيوي لا طائل من وراءه، وكم من الساعات تفقد أمام شاشات الإعلام، أو أجهزة الإنترنت، أو برامج الكمبيوتر فيما لا فائدة منه، ومع ثورة الهاتف المحمول "السيار" وما أحدث من تحولات سلوكية وثقافية على مستوى الشباب والفتيات يقتل الوقت بسكين الرسائل القصيرة، والنكت السخيفة، والصورة الممجوجة، والنغمات المسفة، وتضيع أوقات الشباب في التنقل بين محلات المحمول لإضافة نغمات جديدة، أو صرعات ما أنزل الله بها من سلطان.
ولك أن تتخيل بعد ذلك كمية الساعات المهدرة في توافه الأمور وسفاسفها، ناهيك عن العشوائية التي تسم حياة الغالبية من الشباب فيما يخص تنظيم الوقت وإدارته.
إن شعور المرء بأهمية الوقت هو أول الطريق الصحيح في سبيل الحفاظ عليه وتنظيمه، لذلك قيل: إن النفس تعطيك من الهمة بقدر ما تحدد من الغرض.
ولعل من الفوارق المضحكة المبكية أننا نحرص على اقتناء أثمن الساعات، وأكثرها شهرة وسمعة، ونتفاخر في مجالسنا وبين أصدقائنا بما نحمله من ساعات سويسرية مرصعة بالجواهر الثمينة، والتقنيات العالية، لكننا في الوقت عينه أبعد ما نكون حرصاً على أوقاتنا واستثمارها بصورة فضلى ومرضية.
ولله في خلقه شئون!!!
المصدر : http://www.islamselect.com
-===========
كيف تحافظ الأخت المسلمة على وقتها
أختي الحبيبة ما هي واجبات الأخت المسلمة نحو وقتها حتى لا تكون ممن يندمون يوم القيامة:
1- أن تحافظ عليه كما تحافظ على مالها بل أكثر منه و أن تحرص على الاستفادة من وقتها كله فيما ينفعها في دينها و دنياها و قد كان السلف - رضي الله عنهم - أحرص ما يكونون على أوقاتهم لأنهم كانوا أعرف الناس بقيمتها و كانوا يحرصون كل الحرص على ألا يمر يوم أو بعض يوم أو حتى لحظات و إن قصرت دون أن يتزودوا منها بعلم نافع أو عمل صالح أو مجاهدة للنفس أو إسداء نفع للغير حتى لا تتسرب الأعمار سدى و تضيع هباء و هم لا يشعرون
اليوم نفعل ما نشاء و نشتهي.............. و غدا نموت و ترفع الأقلام
2-و على الأخت أن تنتفع بوقتها بالأهم ثم المهم و لا تشتغل بالأدنى عن الأعلى
3-و أن تنظم وقتها بين الواجبات و الأعمال المختلفة دينية كانت أو دنيوية حتى لا يطغى بعضها على بعض و لا يطغى غير المهم على المهم و لا المهم على الأهم و لا غير الموقوت على الموقوت فما كان مطلوب بصفة عاجلة كالصلاة على وقتها- يجب أن تبادر به و تؤخر ما ليس له صفة العجلة كأي عمل في البيت مثلاً
4- أن تنزه نفسها عن الإكثار من المباحات فالإكثار منها مضيع للأوقات إن لم تستحضر لها نية تقلبها إلى طاعة
5- أن تتخذ من مرور الليالي و الأيام عبرة لنفسها فإن الليل و النهار يبليان كل جديد و يطويان الأعمار
6- أن تعرف ما يتطلبه الوقت من عمل القلب و اللسان و الجوارح فتتحراه و تجتهد في القيام به حتى يقع موقعه من القبول عند الله - عز وجل - فليس المهم أختي المسلمة أن تعملي أي شيء في أي زمن بل المهم أن تعملي العمل المناسب في الوقت المناسب فأذكار الصباح والمساء مثلا ينبغي أن تقع في أوقاتها ولا تنشغل المسلمة بأي شيء عنها ما أمكنها حتى تأخذ الأجر المترتب على القيام بها في وقتها وهكذا في سائر الطاعات والقربات التي تتقرب بها إلى الله - تعالى -.
7-أن تتحرى الأوقات التي ميزها الله بخصائص روحية معينة فضلها بها على غيرها كتفضيل بعض الأمكنة على بعض وتفضيل بعض الساعات على بعض وتفضيل بعض الأيام على بعض وتفضيل بعض الشهور على بعض كشهر رمضان على غيره من الشهور فتغتنم الأخت المسلمة هذا الشهر في الاجتهاد والعبادة والتقرب إلى الله - عز وجل - بما يحب ويرض ولا تجعل هذا الشهر المبارك يمر عليه كغيره من الشهور.
8-أن تحذر من الآفات القاتلة للوقت وأهمها طول الأمل في الدنيا والاغترار بالعمل وحسن الظن بالنفس وقرناء قتل الوقت والغفلة والتسويف.
- فمن حق يومك عليك أختي الحبيبة أن تعمريه بالنافع من العلم و الصالح من العمل و لا تسوفي إلى الغد حتى يفلت منك حاضرك فيصبح ماضيا لا يعود أبداً فعليكِ أن تزرعي في يومك لتحصدي في غدك و إلا ندمت حيث لا ينفع الندم
قال الشاعر:
تزود من التقوى فإنك لا تدري........... إذا جنَّ ليل هل تعيش إلى الفجر
فكم من سليم مات من غير علة........... و كم من سقيم عاش حيناً من الدهر
و كم من فتى يمسي و يصبح آمناً........... و قد نسجت أكفانه و هو لا يدري
و بعد أختي المسلمة فإنه يجدر بك والمهمات ورائك كثيرة والمسئوليات أمامك ثقيلة أن تقدري قيمة الوقت وأهميته فتعمريه بفعل الخيرات ما استطعت إلى ذلك سبيلا ولا يكفيك أن تنهضي إلى الخير في تثاقل وتكاسل أو تؤدي بعضه وتؤجلي بعضه أو تؤخريه كله من يوم إلى آخر عجزاً أو كسلاً، قال - تعالى - " يؤمنون بالله و اليوم الآخر و يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر و يسارعون في الخيرات و أولئك من الصالحين "
....... قال ابن القيم - رحمه الله -: أعظم الربح في الدنيا أن تشغل نفسك كل وقت بما هو أولى بها و أنفع لها في معادها، كيف يكون عاقلاً من باع الجنة بما فيها بشهوة ساعة
.....و قال أيضا: إضاعة الوقت أشد من الموت لأن إضاعة الوقت تقطعك عن الله و الدار الآخرة و الموت يقطعك عن الدنيا و أهلها.
http://www.hwarat.com المصدر:
-===========
نتسلى ونضيع الوقت
خولة عبد القادر درويش(1/60)
لقد جرت العادة في أكثر بلادنا الشرقية أن تخصص المرأة فترة بعد العصر لاستقبال صديقاتها أو زيارتهن على اختلاف في طريقة الزيارة أهي دورية منظمة أم عفوية وأيا كانت الحال لا يخلو البيت يومها من إعلان حالة الطوارئ فيه، فاستعدادات فوق العادة تستنزف الجهد وتضيع الوقت وتبعثر المال وتحول يوم الاستقبال إلى مباراة بين الأسر فيما يقدم للضيوف وفي إبراز مظهر البيت ولباس أهله ولو سئلت غالبية النساء عن الهدف من الزيارة، لكان أحسن ما يفصحن به: أنه التلاقي لقتل الوقت والتسلية ودفع السأم والملل عنهن.
ولا أدري هل الوقت إلا عمر الإنسان الذي يسأل عنه؟ ومتى السؤال؟ إنه يوم الفزع الأكبر (يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله. )
قال - صلى الله عليه وسلم - (لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عمره فيما أفناه وعن علمه ما عمل به وعن ماله من أين أكتسبه وفيم أنفقه وعن جسمه فيما أبلاه)
ومن السائل؟ إنه رب العالمين الذي خلق الجن والإنس لعبادته لا للهو والتسلية (لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا إن كنا فاعلين).
فماذا نقول لرب العالمين إذا سئلنا عن الوقت المهدور الذي إن لم يخلو من المحرمات فلا يخلو من لغو الكلام والثرثرة التي ذمها الرسول الكريم بذم صاحبها بقوله (إن أبغضكم إلي وأبعدكم مني يوم القيامة الثرثارون المتشدقون).
وهل الوقت للمرأة وحدها؟ أين حق الزوج والأولاد؟ ومتى تؤدي حقوق مجتمعها وأمتها الإسلامية؟.
لمن تترك مهمتها إذا كان همها الخروج من المنزل واللهو الفارغ؟.
وقد تقول إحداهن: أنها أدت واجباتها ظنا منها أن مهمتها محصورة في التنظيف وإرضاء الزوج والإنجاب وإن التفتت إلى تربية من أنجبتهم فقد لا يتعدى اهتمامها إطعامهم وكسوتهم المناسبة ودراستهم المتفوقة
لا يا أختاه، فأنت مربية الأجيال وممولة للمجتمع المسلم ببناته من نساء ورجال.
إن واجبي وواجبك: التربية الرشيدة لأبنائنا وإعدادهم إعدادا إسلاميا يجعلهم قادرين على حمل الأمانة والنهوض بالأمة وبناء المجتمع الفاضل المنشود.
فإن تركت وإياك أبناءنا والتفتنا للتسلية فقد خلفنا أبناء هم الأيتام حقا رغم وجود أبويهم، والسعي للآخرة لا يحرم المرء من لذات الدنيا الطيبة إنما يمد البصر إلى أفاق أعلى فلا يكون المتاع في الأرض هو الهدف والغاية.
أنواع الزيارات:
أولا: زيارات واجبة (زيارة الوالدين إجابة الدعوة الزيارة للتعلم والتعليم صلة الرحم عيادة المريض. )
ثانيا: زيارات مستحبة (التعزية زيارة الأخوات في الله زيارة الجارة ).
ثالثا: زيارات جائزة (في العيد زيارة أهل الكتاب ).
رابعا: زيارات محرمة (زيارة داعيات البدع زيارة داعيات الانحلال والأفكار المعادية للإسلام زيارة من عندهن منكرات لا نستطيع تغييرها ).
http://muslema.com المصدر:
==============
خواطر في السياحة .. وفرض الوقت
راشد الحكيم
ليس كالسياحة في أرض الله الواسعة مجالاً لزيادة المعرفة بأحوال الأمة، و الاطلاع على أخلاقها و عاداتها، و رؤية موقعها من ميزان الحضارة و الرقي بمقاييسه الأصيلة، و ليس كمثلها مدخلا ً لممارسة عملية البلاغ المبين بين الناس، و لنقل أمانة العلم و التجربة إلى الآخرين، كل ذلك بشرط أن يتوافر أمر واحد: ذلك هو الفهم.
يسافر الكثيرون من أبناء الأمة و يعودون إلى أوطانهم دونما حصاد من خير أو فكر أو علم أو تجربة، كأنما العقل و البصر و البصيرة و سائر الحواس، وكأنما العلم والخبرة والوعي، وكأنما الأفكار والمبادئ والقيم، وكأنما هموم الأمة وقضاياها الكبرى، كأنما كل ذلك من لوازم أماكن الإقامة فقط، يجمعها البعض في صندوق، و يتركها قبل مغادرته أمانة في بيته، لا يحملها معه لأنها ليست من لوازم السفر و لا من أدوات الترحال..
في حين يحملها البعض ممن امتلك الفهم، فلا تجده في سفره إلا داعياً إلى خير، آمراً بمعروف، ناهياً عن منكر، ناقلاً لخبرة، حاصلاً على تجربة، مراقباً لظاهرة، و قائماً على الدوام بفرض الوقت.
و فرض الوقت في تعريفنا يتمثل في انطلاق الإنسان من عُمقِ أفكاره و مبادئه و قيمه في كل ظرف لممارسة عمل يمثل أقصى طاقته في خدمة أمته و قضيته، مستصحباً في حركته للحكمة و البصيرة و لخصوصية ذلك الظرف من حيث حدوده و احتياجاته، و بحيث ينتج عن ذلك العمل خيرٌ يصب في المجرى الكبير للتغيير، على أن يكون ذلك الخير - مهما كان صغيرا - في تلك اللحظة و في ذلك الظرف غاية الوسع و أقصى المستطاع.
و من هؤلاء أخ كريم كان في زيارةِ عملٍ قصيرة لبلدٍ مشرقيٍ من بلاد الإسلام، نٌحلل من خلال بعض المشاهد والملاحظات التي نَقلَها حالةً نموذجيةً لِمُمارسةٍ متقدمةٍ لفرض الوقت، لا يُمكن إلا أن تنتج عن فهمٍ متقدمٍ أصبح من الواجب أن يُشاع ويشيع بين الناس.
قال صاحبنا: لم يكن صعباً أن يكتشف المرء حالة الكبت و القهر التي يعيشها الناس.. فحتى في المساجد التي كانت تفتح في أوقات الصلاة، كانت الحفنة من المصلين الكهول تتحاشى الابتسام فضلا عن السلام أو الحديث مع غريبٍ يتفحص البناء و يتأمل الوجوه، و كان ملاحَظاً غيابُ المودة و الطيبة و سلامة الفطرة أو حتى مجرد الشعور بوحدة الانتماء، لقد كان الاستبداد السياسي باختصار ظاهراً للعيان على خطٍ طويل من ساحة الواقع، يمتد من بوابة المطار إلى مآقي العيون المخطوفة في كل مكان..
و في مثل هذا الظرف فإن فرض الوقت يقتضي أن ينظر الإنسان على الأقل مِنْ حولِهِ متفكرا و متأملا حتى يرى كل أبعاد المشهد الاجتماعي بِغَرض فهمه أولا، وصولاً بعد ذلك إلى التعامل معه بحكمةٍ و اقتدار.
ركب صاحبنا سيارة أجرة، فإذا التزاحمُ و التسابق والتدافع الذي لا تُحترم معه حقوق الآخرين، ولا يُعبأ معه بضوابط السلامة، ولا يُعار الانتباه لنظام المرور، إذا بذلك كله يشكل العرف السائد الذي يجعل الرحلة القصيرة مناسَبةً للتوتر والقلق وشد الأعصاب..
نظر من نافذة السيارة فإذا المشاة يعبرون الشوارع المخصصة للسرعة العالية، ولا يعيرون التفاتا للمنشآت والترتيبات المخصصة لعبورهم المنظم من جسور ومعابر المشاة، لا يبالون بحق السيارات في استخدام الطريق، ولا بأرواحهم تتعرض للخطر المحقق..
تجول في بعض الشوارع و إذا به يضطر المرة تلو الأخرى إلى مغادرة الرصيف والمشي على طرف الشارع مع السيارات، إما ليتجنبَ سيارةً وقفت على الرصيف!! أو أكواماً من مواد البناء والرمال وُضِعت أمام بيتٍ هو قيد الإنشاء، أو صناديق بضاعة لبائع يعرضها على الرصيف ومحله خالٍ من البضائع، أو فروع وأغصان أشجارٍ من حديقة منزلية ملأت الرصيف ولم يأبه صاحب المنزل برفعها عن طريق الناس..
نظر إلى أزقة المدينة و شوارعها فإذا هي ملأى بالقمامة و النفايات التي يلقيها الناس اتفاقا دون التزام بزمانٍ أو مكان رغم الترتيبات المعقولة التي وضعتها بلدية المدينة..
تأمل البشر صغاراً و كباراً، رجالاً و نساءً، فإذا بالتدخين شائعا إلى درجةٍ سرطانية في مجتمعٍ لا يكفي دخله الشهري أياماً معدودات أو يكاد..
أصغى إلى الحوار الدائر في بعض الأماكن العامة فإذا بالجميع يرطنون بِلُغةٍ أجنبيةٍ تركها المستعمر يوم مضى..(1/61)
وبدء صاحبنا يتساءل: إلى أي درجة يستطيع المرء أن يلقي بكل اللوم على الاستبداد السياسي لتفسير كل هذا التخلف وكل هذه الفوضى والقذارة؟ وإلى أي درجة يمكن الادعاء بعدم وجود مجال (لعملٍ) اجتماعي وثقافي يستصحبُ خصوصية الظرف وحساسيات المرحلة.. ولكنه يحيي الوعي في القلوب و العقول ويُنبِّهُ إلى خطورة مثل هذه الآفات؟
ولو أن هؤلاء المتورطين بممارسات التخلف والفوضى والاعتداء على حقوق القريب والبعيد من الناس بهذا الشكل المصغر، لو أنهم ملكوا أمر البلاد والعباد وتسنَّموا مسؤوليات الحكم والإدارة، أليس طبيعياً أن ينقلوا عقلية التجاهل لحقوق الآخرين إلى المستوى الجديد الذي يتحركون فيه، فيكون الحال نفس الحال والمآل نفس المآل؟ وهل يتصور المرء أن ينقلب الإنسان من مثل تلك الحالة إلى حالة الوعي بحقوق الأمة أفراداً وجماعات بقفزة واحدة، فيعمل على إحقاق الحق وإبطال الباطل ونشر العدل بين الناس؟... وأخيرا تساءل قائلا: تُرى ألا تبدو ممارسات الحكم والإدارة - على تعسفها وظلمها - أكثرَ منطقيةً وقابلية للفهم، بل وربما أكثر تحضراً وضبطاً للأمور في كثير من الحالات؟..
إن أزمة العقل العربي والمسلم التي تُخَيِّلُ له أن العمل لتغيير واقع الأمة لا يمكن أن يتم إلا عبر (العمل السياسي)، أو أنه - على الأقل - يجب أن يبدأ بالعمل السياسي، إنما هي أزمةٌ عامة تُعبِّر عن واقعِ حالِ كثير من الأفراد والجماعات، وإن عَبَّر مقالُهُم عن غير ذلك.. و إن إحداث تغييرٍ حقيقي في موقعٍ يتفنَّنُ أهله في مثل تلك الممارسات، أينما كان ذلك الموقع، وهو حال معظم المواقع الأخرى في بلادنا الممتدة للأسف، نقول إن إحداث تغيير حقيقي في مثل هذا الواقع إنما هو أقرب للأماني والأحلام..
إن للاستبداد السياسي حدوداً لا يملك تجاوزها بحال، ومواقعَ لا يُمكن أن يصل إليها على الإطلاق. وإن ذلك إنما هو من حكمة الله وسنته في الخلق، تحقيقاً لِعدْلِهِ المُطلق على الدوام، وهو عدلٌ يتركُ باستمرار منافذَ لحركة الإنسان على هذه الأرض، مهما أوحت الظواهر بغير ذلك، ومهما ظن البعض من بني البشر في أنفسهم جبروتاً زائفا أو قوةً موهومةً على كتم أنفاس عباد الله. لكن من كمال الحكمة الإلهية وروعتها أن جَعَلَ امتلاك مثل تلك القدرة الفذة على اكتشاف هذه المنافذ وتغيير الواقع من خلالها - بإرادة الله - منوطاً بحركةِ العقل البشري وتحرره وانطلاقه وسعة آفاقه وقدرته العجيبة على الإبداع والابتكار، ولم يجعله منوطا بالخوارق والمعجزات.
إن الاستفزاز والتحفُّز والحضور الفكري والعقلي والثقافي الذي تتطلبه مثل هذه الأحوال للتعامل مع الواقع، وصولاً إلى تغييره، إنما تُمثل قمة الرقي في قصة التجربة البشرية ومسيرتها لإعمار هذه الأرض وفق شروط الحق والعدل والخير والجمال. وإن العقل الوحيد المؤهل لهذه المرتبة إنما هو العقل الراشد المؤمن المتوكل، الذي ينطلق في حركته من مقاصد الدين وثوابته، ومن قراءةٍ واعية لتجارب التاريخ وعطاء التراث من جهة، ولخصوصية الحاضر من جهة ثانية، مستصحباً فقه الأولويات، حاملا راية الاجتهاد و التجديد، و باذلا الوسع في نهاية المقام لاستخدام لغة العصر وأدواته وآلياته...
إن الاستبداد السياسي لا يُجبر الناس أبداً على الحديث بلغة أجنبية (حتى في البيوت)، أو على التدخين بشراهة وابتذال، أو على التفنن في مخالفة القوانين، أو على رمي القمامة في الشوارع.. وإذا كنا نُقِرُّ بالآثار السلبية للخيار الحضاري العام الذي تختاره السلطة السياسية، وبقوة آلتها الإعلامية والدعائية في نشر القيم الغريبة والتعتيم على القيم الأصيلة.. وإذا كنا نُقِرُّ بالأثر النفسي السلبي العام الذي يتركه الكبت والقهر في الشعوب، داعيا إياها للانسحاب تدريجيا من الحياة في روحها الأصيلة، والغرق في متاهات الضياع والفوضى واللامبالاة الكاملة.. إذا كنا نقر بكل ذلك، فإننا نرى في هذا الأمر بذاته مدعاةً للتحدي والاستفزاز الحضاري لدى الشرائح الأكثر وعيا ومعاصرةً وإيماناً من أبناء الأمة، وهو تَحَدٍّ يتمُ التعامل معه عبر مُتواليةٍ من الإبداع والابتكار للأقنية والوسائل التي تُمكِّنُ من العمل في أوساط الأمة لمعالجة مثل تلك الظواهر الشاذة في هذه المرحلة. دون أن تتصف تلك الوسائل بالضرورة بالتعقيد المألوف، فربما تكون بعض الترتيبات العفوية الفردية أحيانا وسيلة العمل المثلى، والمهم في جميع الأحوال أن تُستصحبَ خصوصيةُ الظرف ويتحقق فرض الوقت، تمهيدا لمراحلَ تالية أكثر فُسحةً وحرية وانفتاحا.. وإن نجاح الشرائح صاحبة الاهتمام في مثل ذلك التحدي إنما يُعبِّر عن مشروعية الوجود والدور أولا، قبل أن يكون دليل الوعي والمعاصرة والفهم لديها..
* * *
وانسجاماً مع نظرية فرض الوقت، بدأ صاحبنا يتحرك في الدائرة الصغيرة من حوله في مجال العمل، فعمل أولا على كسب ثقة من فيها و اطمئنانهم إلى إخلاصه وصدق نياته، بل و تجاوز ذلك إلى كسب محبتهم واحترامهم، ثم إنه راح يعمل: فمن منطلق المحبة والاحترام، وبدعوى الحاجة الواقعية، اشترط عليهم مخاطبته بالعربية، لأنه لا يتقن اللغة الأجنبية التي يتحدثون بها. ثم أضاف إلى ذلك تحبيب العربية إليهم من خلال شواهد من القرآن والحديث وشعر العرب وطرائفهم وحِكَمِهم المشهورة، في كل مناسبة وعند كل حوار.. فوجد العديد منهم في أنفسهم قدرةً لم يكونوا يتوقعونها على الحديث بالعربية، وأحس آخرون بِجَمَالٍ في لغة القرآن لم يألفوه أو يفكروا به في يومٍ من الأيام..
ثم إنه اقترح على واحدٍ من أكثرهم استغراقاً في تدخين السجائر مشاركته في عمليةٍ حسابية بسيطة لمقدار ما أنفق في حياته من مالٍ على تلك العادة، وكان هذا الرجل من أكثرهم فقرا. فلما رأى المسكين الرقم انطلقت الفطرة من أعماقه وكان أول ما تبادَرَ إلى نفسه التساؤل عن إجابته الممكنة إذا سأله الله يوم القيامة - كما قال- لماذا لم يذهب إلى الحج، وتساءل إذا ما كان بإمكانه الادعاء يومها بأنه لم يكن يملك مؤونة ذلك!..
ونظر صاحبنا بعد ذلك في مكان العمل من حوله فرأى خروقاً لانهاية لكل شروط الأمن والسلامة العامة في مواقع مثل هذا العمل، فبدأ يشرح للعمال والمسؤولين خطورة هذه الأوضاع ويقترح عليهم طرقا بسيطة لتغييرها..
إن كل العبرة في القضية هنا إنما تتمثل في القدرة على اكتشاف المعاني والقيم الكبرى الكامنة وراء هذه التصرفات والأفعال، وامتلاك القدرة على رؤية امتداداتها الحساسة وارتباطاتها المباشرة وغير المباشرة بتكوين الشخصية الحضارية المعافاة في صحتها العقلية والجسدية، وهي الشخصية التي يمكن أن نقول أنها مؤهلة، مع الأيام، للمساهمة في عملية التغيير. إن التمكن من إبصار ملامح الفطرة والخير في أعماق الناس، وامتلاك القدرة على إحياء تلك الفطرة وإطلاق ذلك الخير، وإن التأكيد على حفظ مقدرات الأمة وطاقاتها من كل نوع، مما يُعد استثماراً للمستتقبل الآتي، إن كل تلك الأمور تُعد مقدماتٍ أساسية يجب أن تَشغلَ حيزاً تستحقه من تفكير ودراسة أصحاب الاهتمام في هذه الأمة..(1/62)
وهكذا، ظل يلقي نصيحة هنا وحكمة هناك.. حتى عاد أخيراً من زيارته القصيرة تلك حاملا صورةً تحليليةً دقيقةً لما رآه، تزيدُ مَنْ حَولَهُ معرفةً بأحوالِ شريحة من شرائح الأمة، وبلدٍ من بلادها. وهي صورةٌ تساعدُ مَنْ هو في مثل ذلك الواقع على التأسي والاعتبار، وتساعد من يريد دراسة الواقع على الفهم والإدراك، وتساعد من يريد علاجه على العمل والتخطيط.
* * *
وربما يتساءل متسائل بعد ذلك: وما جدوى مثل هذه القضايا الصغيرة الجزئية التي لم ينل حظ الانتباه إليها أصلا غير حفنة لا تمثل شيئا في الأمة، وعلى فترة قصيرة من الزمان؟ وأين هذا من الأعمال والمشاريع السياسية الضخمة ذات التأثير الهائل؟..
إن هذا التساؤل بحد ذاته يحدد طبيعة الإشكالية وحجمها إلى أبعد الدرجات، فهذه الثغرات العديدة في تكويننا الحضاري والثقافي، وإن كانت صغيرةً وجزئية ومتفرقة عند النظر إليها بشكل منفرد، إلا أنها مجتمعة تمثل شرخا أساسيا خطيرا، لم يسمح في الماضي، ولن يسمح في المستقبل، لكل المخلصين والعاملين مهما خلُصت نياتهم وتطاولت جهودهم، من التجاوز الحقيقي إلى مراحل متقدمة في مسيرة تغيير الإنسان العربي و المسلم المؤملة تمهيداً لتغيير واقعه.. ذلك أن تلك الثغور تمثلُ نَخراً داخلياً عميقا، يُضعف إلى حدٍ بعيد قوةَ تحمُّل الجسم الاجتماعي وقُدرته على حمل أعباء ومتطلبات عملية التغيير البالغة الوطأة والشديدة التأثير.
ولو أن دوائرَ أوسع من أبناء الأمة تُدرك خطورة مثل هذا التصور. ولو أن شرائحَ أعرض تمتلكُ القدرة على ضبطِ موجات الحماس والاستعجال المنتشرة، والقدرة على التخطيط القائم على فقه الواقع وفقه الأولويات، وتنطلق إلى حمل مسؤولياتها عبر ممارسةٍ - فردية وجماعية - واعيةٍ وشاملةٍ لفرض الوقت، لرأينا جسماً اجتماعيا يستردُّ عافيته ومناعته الداخلية شيئاً فشيئا، ويبدأ في استجماع قواه وطاقاته المادية والمعنوية الكامنة، ليكتسبَ عبر الزمان أرضيةً من الصلابة والمتانة والحضور، يُمكنُ البناءُ عليها بثقةٍ وفعاليةٍ في مراحلَ تالية من الأيام التي ما يفتأ الله - برحمته وحكمته - يداولها بين الناس...
وفي مثل هذا السياق تأتي ملاحظةُ صاحبنا الأخيرة مُعبِّرةً لتقول: إن أمةً تعرف قيمة العقل والصحة والمال، وتعرف قيمة النظام والتعاون بدل الفوضى والتنافس. وإن أمة يحترم فيها الفرد أخاه، وتمتلك القدرة على ضبط النفس ومغالبة الهوى. وأخيرا، إن أمة تتكلم العربية وتتمكن من الاستمرار في قراءة القرآن..إن أمة كهذه لابد أن تحتفظ - على الأقل - في أعماقها ببذور الخير، و هي بذورٌ لابد لها أن تنمو مع الزمان، وتحتفظ كذلك بخميرة التغيير، وهو تغييرٌ لابد أن يأتي في يوم من الأيام.
http://www.alrashad.org المصدر:
=============
ما عنده وقت
الشيخ سعيد آل زعير
الوقت الذي نملكه هو الأربع وعشرون ساعة التي نعيشها يوميا ونؤدي خلالها واجباتنا ومسؤولياتنا المختلفة. ولا يفضل أحدنا الآخر من حيث الزمن الذي يملكه فالجميع يملك أربع وعشرون ساعة نتساوى في ذلك تماما. لكن التفاوت والتفاضل في مقدرتنا على تنظيم تلك الساعات وقضائها فيما يعود علينا بالفائدة.
إننا نحتاج الوقت لنؤدي فرائض الصلاة ولنؤدي العمل ولنقرأ ولنأكل ولنروح عن أنفسنا ولنساعد المحتاج إلى مساعدتنا لأهلنا أو غيرهم، وبدون التنظيم لا نستطيع أداء كل تلك المسؤوليات الكثيرة.
إن لله علينا حقا في هذا الوقت ولأنفسنا فيه حق وللأهل وللأصدقاء والزوار فكيف نستطيع ذلك التنسيق؟
إن مشكلة التنظيم تأتي عندما تتزاحم الأعمال وتكون أكثر من الوقت ويضيق عن الاتساع لها كلها.
وهنا يبرز الفرق جليا وواضحا بين الشخص القادر على تنظيم وقته وبين الشخص الذي يلهث وراء مصالحه دون تنظيم يصيب حينا ويخطئ أحيانا.
وعندما تتزاحم الأعمال ويعجز الوقت عن الاتساع لها جميعا تبرز أهمية الأوقات المهدورة والتي غالبا تضيع منا دون كبير فائدة.
نسمع البعض يشتكي من قلة الوقت، بل إن القليل النادر من لا يدعى ذلك الضيق، وأن - ما عنده وقت - بينما نجده ينام إلى الثامنة صباحا مثلا، وكم بين طلوع الفجر والساعة الثامنة؟ أنها أربع ساعات كاملة يستطيع أن يقضي فيها كثيرا من أعماله. يستطيع الطالب أو الأستاذ أو الكاتب أن ينتج في هذه الفترة الضائعة أكثر مما ينتجه في عدد أكبر من الساعات في وقت آخر، لما تتميز به هذه الفترة من الصفاء الذهني والنشاط الجسمي، والهدوء والسكينة، ومع ذلك نجد الغالبية من الناس تنام هذه الفترة. والسبب في ذلك هو السهر الطويل الذي يحرم الجسم من أخذ حقه من الراحة ليلا فيعتدي على النهار ليأخذ منه بعضه. ولا أدري هل السهر هو سبب الاستيقاظ المتأخر صباحا والاستيقاظ المتأخر صباحا هو سبب السهر! لكن الذي أعرفه أن الذي يستيقظ من الفجر وينشط من أول يومه لا يستطيع السهر. فالحل يبدأ من تنظيم الاستيقاظ وبقية أوقات النهار تترتب بعد ذلك.
إنه حلم أن نجد قرانا ومدننا تعج بالنشاط مع خيوط الصباح الأولى ليقضي الجميع معظم أعمالهم ويستطيعون تناول طعامهم في الساعة الواحدة ليعاودوا النشاط من جديد حتى إذا حل عليهم الليل أخذت الأجسام حقها الطبيعي في الراحة والنوم.
إن هذا الحلم لن يتحقق بتمنيات كاتب والدنيا كلها تسير نحو السهر والنوم بعض النهار. لكن لا حجر علينا أن نحلم ونحاول تحقيق أحلامنا.
إن رجال العمل الجادين في الشرق والغرب ينامون مبكرين ويستيقظون الصباح مبكرين، لأنه لا يتحقق النجاح في العمل إلا بذلك، ولذلك أتت الأوامر الشرعية بالأمر بموافقة طبيعة الإنسان التي فطره الله عليها. إن مخالفة الفطرة بالسهر ليلا والنوم نهارا ضرر في الدنيا والآخرة.. مضر بالنفس والبدن مضر بالإنتاج والمصالح الخاصة والعامة.
وعلاجه يبدأ من الفرد لكنه يتأثر بالمجتمع المحيط به فما أجمل أن تتضافر جهود الأفراد والجماعات والمجتمع كله لتنظيم الأوقات وفق مقتضيات الفطرة والحاجات الحقيقية للإنسان الفرد والأمة كلها.
http://www.sahwah.net المصدر:
=============
أهمية الوقت في حياة المسلم
محمد محمود عبد الخالق
أهتم الإسلام بالوقت وقد أقسم الله به في آيات كثيرة فقال الله - تعالى - (والعصر إن الإنسان لفي خسر)، وقال - تعالى - (والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى)، كما قال الله - تعالى - (والفجر وليال عشر) وغيرها من الآيات التي تبين أهمية الوقت وضرورة اغتنامه في طاعة الله، وهناك أحاديث كثيرة توضح ذلك: فعن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه وعن علمه ماذا عمل به؟ "، وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ "، وعن أنس - رضي الله عنه - قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن لا يقوم حتى يغرسها فليفعل "
فالآيات والأحاديث تشير إلى أهمية الوقت في حياة المسلم لذلك فلابد من الحفاظ عليه وعدم تضيعه في أعمال قد تجلبي علينا الشر وتبعدنا عن طريق الخير، فالوقت يمضي ولا يعود مرة أخرى.
ولقد طبق مفهوم أهمية الوقت في صدر الإسلام، ومن ذلك:(1/63)
1- ذكر الطبراني في الجامع الكبير: فعن عمارة بن خزيمة بن ثابت قال سمعت عمر بن الخطاب يقول لأبي: ما يمنعك أن تغرس أرضك؟ فقال له أبي: أنا شيخ كبير أموت غدا فقال له عمر: أعزم عليك لتغرسنها، فقال عمارة: فلقد رأيت عمر بن الخطاب يغرسها بيده مع أبي "
2- قال ابن عبد البر في جامع بيان العلم: - عن نعيم بن حماد قال: قيل لابن مبارك: إلى متى تتطلب العلم؟ قال: حتى الممات إن شاء الله "
3 قال سيدنا عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - : إني لأمقت الرجل أن أراه فارغا ليس في شي من عمل الدنيا ولا عمل الآخرة "
4- روي أن أبا الدرداء - رضي الله عنه -، وقف ذات يوم أمام الكعبة ثم قال لأصحابه " أليس إذا أراد أحدكم سفرا يستعد له بزاد؟ قالوا: نعم، قال: فسفر الآخرة أبعد مما تسافرون!
فقالوا: دلنا على زاده؟
فقال: (حجوا حجة لعظائم الأمور، وصلوا ركعتين في ظلمة الليل لوحشة القبور، وصوموا يوما شديدا حره لطول يوم نشوره).
5- يقول عبد الرحمن ابن الأمام أبي حاتم الرازي " ربما كان يأكل وأقرأ عليه ويمشي وأقرأ عليه ويدخل الخلاء وأقرأ عليه ويدخل البيت في طلب شيء وأقرأ عليه " فكانت ثمرة هذا المجهود وهذا الحرص على استغلال الوقت كتاب الجرح والتعديل في تسعة مجلدات وكتاب التفسير في مجلدات عدة وكتاب السند في ألف جزء.
وتدبر أخي المسلم معي ما قاله هذا الحكيم " من أمضى يوما من عمره في غير حق قضاه، أو فرض أداه أو مجد أثله أو حمد حصله أو خير أسسه أو علم أقتبسه فقد عق يومه وظلم نفيه "
لذلك علينا أن نستغل ألأوقات وأن نجعل حياتنا كلها لله فلا نضيع من أوقاتنا ما نتحسر عليه يوم القيامة فالوقت سريع الانقضاء فهو يمر مر السحاب وفي ذلك قيل:
مرت سنين بالوصال وبإلهنا *** فكأنها من قصرها أيام
ثم انثنت أيام هجر بعدها *** فكأنها من طولها أعوام
ثم أنقضت تلك السنون وأهلها *** فكأنها وكأنهم أحلام
فلتحسن أخي المسلم استغلال وقتك فيما يعود عليك وعل أمتك بالنفع في الدنيا ولآخرة فما أحوج الأمة إلى رجال ونساء يعرفون قيمة الوقت ويطبقون ذلك في الحياة.
http://saaid.net المصدر:
==============
استغلال الوقت
محمد عبد الكريم
ملخص الخطبة
1- الإقسام بالزمان لشرفه وأهميته. 2-يوم القيامة يوم عدل يسأل الله كلاً عما صنع في عمره. 3- فضل الله بعض الأوقات وندب فيها إلى فريد عبادة. 4- أعمال صالحة نستطيع فعلها في الإجازة (الذكر - صلة الرحم - المطالعة - حلق العلم). 5-كيفية شغل الناس إجازاتهم السنوية. 6- فتوى الشيخ ابن عثيمين عن صحون القنوات الفضائية. 7-كيف نحمي أبنائنا من خطر التلفاز.
الخطبة الأولى
أما بعد:
أيها المسلمون: يقول الله عز وجل في كتاب العزيز: وهو الذي جعل الليل والنهار خِلفَةً لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورًا، وأقسم الله عز وجل بالزمن فقال: والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعلموا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر.
هذا الوقت إما أن يكون الإنسان خاسرًا فيه, إما أن يُكتب عند الله من الخاسرين, وإمّا أن يكتب عند الله تعالى من الفائزين وذلك بحسب استغلاله لهذا العصر, بحسب استغلاله لعمره, ولذلك أقسم الله سبحانه وتعالى بأول النهار وبآخر النهار, قال الله عز وجل: والضحى والليل إذا سجى، وقال عز وجل: والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى، أقسم الله تعالى بالفجر فقال: والفجر وليال عشر، لماذا يقسم الله تعالى؟.
يقسم ربنا بهذه الأوقات حتى نعلم قيمتها وحتى نصونها ونحفظها ولا نعمل فيها إلا خيرًا, فهذا العمر الذي تعيشه أيها العبد هو المزرعة التي تجنى ثمارها في الدار الآخرة, فإن زرعته بخير وعملٍ صالح جنيت السعادة والفلاح وكنت من الذين يُنادى عليهم في الدار الآخرة كلوا واشربوا هنيئًا بما أسلفتم في الأيام الخالية، وإن ضيعّته بالغفلات وزرعته بالمعاصي والمخالفات, ندمت يوم لا تنفعك الندامة وتمنيت الرجوع إلى الدنيا يوم القيامة فيقال لك: أو لم نعمركم، ـ أي ألم نجعل لكم عمرًا ـ ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير .
أيها المسلمون: صَحّ عن الرسول أنه قال: ((لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع: عن عُمُرِه فيما أفناه, وعن شبابه فيما أبلاه, وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه, وعن علمه ماذا عمل به))، فهذا العمر وهو أعَزُّ شيء لديكم فلا تضيّعوه ولا تفرطوا فيه, فإن الله عز وجل جعل في كل يوم وظائف لعباده من وظائف طاعته منها ما هو فرض كالصلوات الخمس, ومنها ما هو نافلة كنوافل الصلوات والذكر وغير ذلك, وجعل الله سبحانه وتعالى للشهور وظائف كالصيام والزكاة والحج, ومن هذه العبادات ما هو فرض وما هو نافلة, وجعل الله سبحانه وتعالى لبعض الأوقات فضلاً على بعض في مضاعفة الحسنات وإجابة الدعوات كالأشهر الحُرم وشهر رمضان قال الله عز وجل عن الأشهر الحرم: منها أربعة حُرم فلا تظلموا فيهن أنفسكم، وكان الرسول يُعظم تلك الأشهر الحرم, ومن هذه الأشهر هذا الشهر المحرم الذي نحن فيه والذي كان الرسول يصومه وكذلك شهر رمضان وليلة القدر وعشر ذي الحجة ويوم عرفة ويوم الجمعة.
وما من موسم من تلك المواسم إلا ولله نفحات يصيب به من يشاء برحمته, إن الله عز وجل قد أمرنا بشغل الأوقات بذكره وطاعته فقال: واذكر ربك كثيرًا وسبح بالعشي والإبكار، كما تكون في أول النهار كذلك تكون ذاكرًا في آخر النهار. قال عز وجل: واذكر ربك في نفسك تضرّعًا وخيفة، إذا مللت من ذكر ربك جهارًا فلا تَمَلّن من ذكره في نفسك تضرعًا وخيفةً ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولا تكن من الغافلين.
وما حجر الله عز وجل علينا شيئًا في الذكر, ما خَصّ الشارع لنا شيئًا معينًا من الذكر أو طريقة معينة من الذكر بل فتح الباب فقال عز وجل: الذين يذكرون الله قيامًا وقعودًا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلاً، فعلى الفراش تستطيع أن تذكر الله وأنت سائر إلى عملك تستطيع أن تذكر الله, وأنت منتظر أحدًا تستطيع أن تذكر الله, فلذلك قال الله سبحانه: فسبحان الله حين تُمسون وحين تُصبحون وله الحمد في السموات والأرض وعشيًا وحين تظهرون .
فحياتك بين التسبيح لله عز وجل وبين حمده, فإذا عرفنا هذا ونحن على أبواب الإجازة الصيفية فماذا نحن عاملون وعلى أي شيء نحن مقدمون من الأعمال, أمّا فكرنا في ذلك, أما فكر الشباب كيف سيقضون أوقاتهم أم أنهم يقضون أوقاتهم كيفما اتفق وحسبما حَلا لهم, وحسبما وجدوا من الفرصة في ارتكاب ما نهى الله عز وجل عنه, إن الناس في استغلال هذه الأوقات الآتية على أصناف, وكل الناس يغدو كما قال : ((فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها )).
فمن الناس من يستغل هذه الأوقات في الاستزادة من الخير والاطلاع والعلم فيقتنون الكتب المفيدة ويذهبون إلى المحاضرات القيّمة يستمعون الذكر وأحاديث الرسول , وربما رحلوا إلى العلماء ليلتقوا بهم ويجلسوا في حلقهم فيستفيدوا فائدة عظيمة.
ومن الناس من يسافر لصلة أرحامه, فأرحامه في أشتات البلاد فمن رحم في الشمال ومن رحم في الجنوب ومن رحم في الغرب, ومن ثم فهو يرحل إلى أرحامه فيصلهم ويجلس معهم ويذكرهم بالله سبحانه وتعالى فيكون إن شاء الله من الذين ينسأ الله لهم في أعمارهم فيزيد في أعمارهم ويبارك الله عز وجل لهم في أوقاتهم.(1/64)
ومن الناس من يسافر بعائلته فيما أباح الله من ملكوت السموات والأرض في هذه البلاد التي إذا قورنت بغيرها من البلاد لوجدت فيها خيرًا كثيرًا, فلا تجد الإباحية المعلنة التي توجد في البلاد الخارجية حتى البلاد الإسلامية, فيخرج بعائلته إلى ما أباح الله من المناظر الطيبة فيذكرهم بخلق الله عز وجل في أرضه وسمائه, فهذا على خير إن شاء الله تعالى, ومن أراد أن يفعل هذا فعليه بالصحبة الطيبة, من أراد أن يأخذ عائلة أخرى معه فعليه أن يبحث عن العائلة المحافظة, عن العائلة التي تقيم الصلاة, عن العائلة التي إذا سمعت الله أكبر تركت اللهو واللعب واتجهت إلى ذكر الله سبحانه وتعالى.
ومن الناس من يشغل وقته بتوجيه النصح للمسلمين, فمن منّ الله عليهم بالعلم فيخرج إلى قريته أو إلى القرى المجاورة لمدينته فيعلم الناس التوحيد ويعلم الناس الصلاة والحلال والحرام, فهذا من أحسن منه قولاً ومن أحسن منه فعلاً كما قال الله سبحانه وتعالى: ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحًا وقال إنني من المسلمين .
وصنف آخر من الناس أسأل الله تعالى أن لا نكون منهم, هذا الصنف شغل وقته بالحرام, فهو في ليله على أشرطة الفيديو أو على قنوات التلفاز الذي لا يبث إلا الحرام, والذي لا يبُث إلا ما يدمر الفضيلة والأخلاق فهو ينتقل من شريط إلى شريط, إذا انتهى من فيلم ما انتقل إلى فيلم آخر, وهكذا حتى يقضي وقته, ربما فات الفجر عليه, ربما نام عن صلاة الفجر فإذا أصبح هام مع أصحابه ربما إلى ما حرم الله عز وجل, ربما إلى النظر إلى المحرمات واللعب بالورق والشيشة والدخان وغير ذلك والغيبة والنميمة, فيصبح كما قال رسول الله ـ ونعوذ بالله أن نكون من هذا الصنف ـ: ((إن الله يبغض كل جُغظري جواظ صَخّاب في الأسواق, جيفة بالليل حمار بالنهار)) لا شغل له كما قال رسول الله إلا ملذاته ولا ينتقي الحلال وإنما الحلال عنده ما حَلّ في يده والحرام عنده ما عجز عنه, ولو استطاع أن يسافر إلى بلاد الغرب لسافر لو كان يملك مالاً, فليس عنده حرام وإنما الحرام عنده ما حُرم منه وما عجز عنه.
وصنف آخر يسافرون بعائلاتهم, يحزمون في مثل هذه الأوقات أمتعتهم ويقطعون التذاكر بالأموال التي أنعمها الله تعالى عليهم إلى بلاد الكفر, إلى البلاد التي تستباح فيها المحرمات, إلى البلاد التي فيها ما فيها من معاقرة الخمور والزنا, فيأخذ نفسه أو يأخذ حتى عائلته ليصيبهم شيء من ذلك الشقاء والبلاء ويسيح بهم وينتقل بهم من مسرح إلى مرقص, ومن مكان إلى مكان فيه ما حرم الله عز وجل, ويستحي الإنسان أن يقول ما في تلك الأمكنة فيرجع وقد انقضت الإجازة, انقضت العطلة وليس في حياة المسلم عطلة إنما المسلم حياته كلها مشغولة, مشغولة بما ذكرنا من طاعة الله سبحانه وتعالى, فيرجع بعائلته وقد ندم إن كان في قلبه ضمير يُحسّ بتضييع تلك الأوقات وقد ندم على ما شاهد من الحرام, وقد ندم على ما ضيّع من الأوقات, وقد يعود وقد حظي غيره بأجزاء من كتاب الله سبحانه وتعالى حفظها, وقد يحظى غيره بصلة الرحم, وقد يحظى غيره بتوجيه الناس والاهتداء إلى أمر الله سبحانه وتعالى, فيكون هو قد خسر وفاز غيره وفلح.
إخوة الإيمان: هذه الأوقات التي بين أيدينا يجب أن نتقي الله سبحانه وتعالى فيها, إن الله عز وجل سائلنا عن هذا العمر الذي نضيعه, سائلنا الله عز وجل عن كل دقيقة تمر بحياتنا, فكيف بالساعات الطوال؟ فكيف بالأيام الخالية, فكيف بالأشهر الماضية في اللهو واللعب, إن الله عز وجل سائلنا عن هذا العمر كما ذكر : ((لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسئل عن أربع)) ـ ومن هذه الأربع ـ ((عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه)).
أسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه إنه على كل شيء قدير.
الخطبة الثانية
الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه كما يحب ربنا ويرضى الحمد لله فاطر السموات والأرض جاعل الملائكة رسلاً أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء إن الله على كل شيء قدير ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم، والصلاة والسلام على إمام المتقين وقائد الغر المحجلين محمد صلوات ربي وسلامه عليه.
هذه فتوى لسماحة الشيخ /محمد بن صالح العثيمين ـ حفظه الله ـ عن هذه الهوائيات التي ترونها في بعض بيوت المسلمين, عن هذه الهوائيات التي ربما يتسابق بعض المسلمين لشراؤها واقتنائها أة استئجارها.
والسؤال هنا هو: انتشرت في الآونة الأخيرة ما يسمى "بالدش" أو الصحن الهوائي حيث ينقل القنوات الخارجية الكافرة وغيرها, حيث تعرض أفلام خليعة يظهر فيها التقبيل واضحًا والرقص الشبه العاري والكلام الساقط والبرامج التي تدعو إلى التنصير, فهل يجوز اقتناء هذه الأجهزة والدعاية لها والتجارة فيها وتأجير المحلات لهم؟ علمًا بأن البعض يدعي بأنه يشتريها لغرض مشاهدة الأخبار العالمية.
الجواب:
"بسم الله الرحمن الرحيم, قد كثر السؤال عن هذه الآلة التي تلتقط موجات محطات التليفزيون الخارجي وتسمى "الدش", ولاشك أن الدول الكافرة لا تألوا جهدًا في إلحاق الضرر بالمسلمين عقيدة وعبادة وخُلقًا وآدابًا وأمنًا, وإذا كان كذلك فلا يبعد أن تبث من هذه المحطات ما يحقق لها مرادها, وإذا كانت قد تدس في ضمن ذلك ما يكون مفيدًا من أجل التدليس والترويج لأن النفوس لا تقبله بمقتضى الفطرة ما كان ضررًا محضًا, ولكن المؤمن حازمٌ فطنٌ عَلّمه الله تعالى كيف يقارن بين المصالح والمفاسد بين المنافع والمضار, وعنده من القوة والشجاعة ما يستطيع من خلاله التخلص من أوضار هذه المفاسد والمضار وإذا كان أمر هذه الدشوش ما ذكر في السؤال فإنه لا يجوز إقتناؤها ولا الدعاية لها ولا بيعها وشراؤها؛ لأن هذا من التعاون على الإثم والعدوان المنهي عنه بقوله تعالى: ولا تعاونوا على الإثم والعدوان .
نسأل الله تعالى أن يهدينا وإخواننا صراطه المستقيم, وأن يجنبينا صراط أصحاب الجحيم من المغضوب عليهم والضالين"
كتبه: محمد صالح العثيمين.
ولقائل أن يقول: ما هو السبيل لإخراج هذا الجهاز والتخلص منه, ذكرت لنا وجوب إخراج هذا الجهاز من البيوت المسلمة وأنه لا علاج ولا حل حقيقي إلا بإخراج هذه الجهاز من البيوت, لأن هذا الجهاز لا خير فيه, وكل عاقل يشعر بهذا فما هو السبيل العملي لكي يخرج الإنسان هذا الجهاز, ما هو البديل لأبنائنا وما هو البديل لزوجاتنا؟ هل البديل هو أن أخرج هذا الجهاز وأكون غائبًا عنهم ـ غافلاً عنهم أم البديل شيء آخر مما يفرح النفوس, ومما يجعل القلوب تقبل, إن الأطفال أمانةً في أعناقنا والطفل ينشأ على ما عوده أبوه:
وينشأ ناشئ الفتيان فينا على ما كان عَوَدّهُ أبوه
وما دان الفتى بحجىً ولكن يعوده التدين أقربوه(1/65)
إن الطفل أمانة في عنق الوالدين ينشأ على ما يُنشأ عليه, ويرى فيهم المُثُل والقدوة, ولما كان الطفل هو رجُل الغد وحامل طبائع نشأت معه كان لزامًا على المربين من الآباء والأمهات أن يصونوا الأمانة ويحفظونها من الضيام ويوجهوا أطفال المسلمين الوجهة السليمة, وثقوا تمامًا أنه لن يضيع الأبناء إلا بإهمال آبائهم ((وكل مولود يولد على الفطرة, فأبواه يهوّدانه أو ينصرانه أو يمجسانه))، ومن الرعاية للأبناء والأجيال القادمة الاهتمام الجِدّي بإخراج الوسائل المدمرة للأطفال من التلفاز والفيديو والمجلات الخليعة والتعامل معها بحزم لا هوادة فيه وبالأسلوب التربوي الحكيم الذي لا ينقلب إلى ضده, وهذه بعض الوسائل التي بدت ليّ لعل الله عز وجل أن ينفع بها:
في البداية: لابد من تعويد الأطفال قيمة الوقت فلا يتاح لهم قتل الساعات الطوال في اللهو واللعب بلا تقدير لقيمة الساعات التي تمضي والوقت يُهدر بلا عمل مثمر, وفي المقابل لابد أن تكون قدوة لهم, لابد أن تحفظ أوقاتك فلا تبدد عمرك في متابعة كل خواءٍ, فإن كنت تنصح ابنك باستغلال وقته فلابد أن تكون قبل ذلك مستغلاً لوقتك.
ثانيًا: تعويد الأطفال منذ الصغر على النوم مبكرًا ليلاً فإن الله عز وجل جعل الليل سُباتًا والنهار معاشًا, فلا يصلح أن يتعود الأطفال على السهر الطويل في الليل, والنوم في النهار.
ثالثًا: تعريف الأبناء بأن الواجبات الدينية هي أقدس ما يحرص عليه ويزرع في قلوبهم حب التعبد لله عز وجل, فلا يشغلهم أمرٌ عن الصلاة في وقتها المحدود, ولتثبيت هذا الأمر فخذ أبناءك إلى المسجد, ايتِ بهم إلى المسجد وعرفهم على كيفية الصلاة وكن جالسًا معهم في حِلق الذكر والنصيحة والتوجيه حتى يتعود الأولاد الاستماع إلى نصيحة الوعاظ وحتى يتعودوا الإتيان إلى مساجد الله سبحانه وتعالى.
رابعًا: تعليم الأبناء منذ صغرهم بالحلال والحرام, كثير من الآباء هداهم الله يهمل أبنائه فلا يعلمهم الحلال والحرام, وإنما يعلمهم الطعام والشراب وكيفية اللهو واللعب, لا يعلمهم الحلال والحرام, وأن من اقترف الحرام فإنه يُعذب, ومن أدى الواجب وترك الحرام فإن الله عز وجل أعَدّ له جنة عظيمة عرضها السموات والأرض, فينبغي للآباء أن يعلموا أبناءهم الحلال والحرام والخير والشر, حتى يستطيعوا أن يميزوا ما يعرض عليهم ويزنوه بميزان شرع الله عز وجل.
خامسًا: يعود الآباء أبنائهم على نبذ الأغاني الرخيصة للرجال والنساء, نبذ أصوات المعازف واللهو المتدني, وذلك منذ الصغر, إذا كان في حوزة أبنائك من هذه الأغاني ومن هذه الموسيقى فاستبدل هذه الأشرطة بأشرطة القرآن وأشرطة القصص للأطفال التي قد توفرت ولله الحمد في الأسواق.. والحريص يُربي فيهم الحِسّ المرهف بحيث تكره آذانهم سماع الموسيقى, فإذا سمع أغاني أو سمع موسيقى سارع بإغلاق الجهاز الذي ينبعث منه أو يذم ذلك المغني.
سادسًا: يعرف الأبناء أن أكثر برامج التلفاز وأن المسلسلات والأفلام التي تعرض مصدرها الدول الأجنبية الكافرة المعادية للإسلام والمسلمين والتي لا شيء أحب إليها من إفساد المسلمين وصرفهم عن دينهم وخلقهم وتراثهم الخيّر. حتى ينعموا دائمًا بالسيطرة على المسلمين مع إعلام الأبناء أن اليهودية العالمية هي التي تسيطر على جميع وسائل الإعلام والوكالات في العالم, فلا تقدم لنا إلا الشر في ثوب برّاق خدّاع, ولك أن تأخذ شريط من الأشرطة التي تتكلم عن أعداء الإسلام, وتلخص هذا الشريط وتقرأه على أبنائك أو أن تسمع أبناءك ذلك الشريط أو أن تقتني كذلك تلك الكتيبات التي فيها التحذير من أعداء الإسلام, فتقرأ على أبنائك ما يرد في هذه الكتيبات من التحذير منهم.
سابعًا: لابد من تقديم البدائل وتوفيرها وذلك بتنمية الهوايات المثمرة بحيث يقضي معها الأبناء أوقات فراغهم, ومن ذلك المطالعة المفيدة فتقتني الكتب المفيدة التي تتناسب مع أعمار أولادك من القصص المفيدة والتي يبعد فيها الصور ويبعد فيها الكلمات النابية .
وكذلك الدخول معهم إلى عصر الكمبيوتر على أن يكون باتزان وروية وتوجيه واعتدال, فتُنمي فيهم كيفية استغلال هذا الشريط في الخير كذلك الأشغال اليدوية للأبناء والبنات مثل النجارة والخياطة والزخرفة وأن تُنمي فيهم الهوايات الخيّرة مثل الخط وغير ذلك وأن تلحقهم بالمراكز الصيفية التي فيها التربية وفيها التعلم وفيها التوجيه, وهي ولله الحمد متوفرة وعلى اختلاف المراحل بين ابتدائية ومتوسطة وثانوية, وكذلك هناك مراكز لتحفيظ القرآن الكريم, فألحق أبناءك بهذه المراكز التي هي لتحفيظ القرآن الكريم والتي هي خير ما تدخل أبناءك وتسجلهم فيها, وكذلك لا بأس أن تخرج بأهلك وعائلتك إلى الأماكن الخالية من التبرج ومن معصية الله تبارك وتعالى والخالية من الموسيقى والأغاني, فتروح عنهم وتعقد جلسة في تلك الأماكن لهم فتوجههم وتذكرهم بالله تعالى وتستغل المناظر لتذكر بعظمة الله عز وجل كما قال تعالى عن المؤمنين: سبحانك ربنا ما خلقت هذا باطلاً .
والرسول صلى الله عليه وسلم كان يستغل المواقف ليذكّر برحمة الله عز وجل وعظمته, ففي سبي هوازن وثقيف جاءت امرأة من السبي تبحث عن ولدها فوجدت ولدًا فألزقته وأرضعته, فيستغل النبي هذا الموقف ويقول: ((أترون هذه طارحة ولدها في النار؟ فيقولون: لا, فيقول النبي : الله أرحم بعباده من هذه بولدها)).
فتنظر إلى الجبل العظيم وتنظر إلى الأشجار المورقة الجميلة فتقول لهم من خلق هذا؟ الجنة فيها أعظم من هذا, وهكذا تذكرهم وتنبههم على عظمة الله عز وجل, ولا بأس أن تخرج بهم من حين وآخر لكي تتعرف على أحوال إخوانك المسلمين المحتاجين, لا بأس أن تأخذ أبناءك إلى العائلات الفقيرة التي تحتاج إلى العون, إلى اليتامى الذين يحتاجون إلى المساعدة, فتعودّ أبناءك العطف على المساكين وعلى الفقراء وتعودهم الإنفاق في سبيل الله ومساعدة والديهم في قضاء حوائجهم من ملابس وأشياء أخرى مادية أو عينية أو غير ذلك.
هذه بعض الخطوات العملية التي لك أن تسلكها حتى تخرج هذا الجهاز المدمر من البيت فليس الحل كما أسلفت هو أن تخرج الجهاز ثم تنشغل عن أبنائك بالدنيا وتنشغل عن زوجتك بالدنيا ولكن مع إخراج هذا الجهاز لابد من البديل ولابد من التربية الحكيمة, فهؤلاء الأبناء هم رجال الغد وهم الذين نأمل أن يخرجوا الأمة من نكستها ومما هي فيه من الأزمات, ولا يكون ذلك بترك الحبل على الغارب ولا يكون ذلك بالتلفاز والفيديو ولا يكون ذلك بالمجلات الخليعة.., إنما يكون ذلك بالتربية الإسلامية.
موقع المنبر
==============
طرق لقضاء وقت أقل في الاجتماعات
1 - أَنهِ على الفور أو ألغ الاجتماعات الغير ضرورية.
2 - قم دائماً بتحضير جدول الأعمال.
وزع هذا الجدول مقدماً وأحضر معك نسخاً إضافية.
3 - حدد وقت الاجتماع ومدته.
إبدأ الاجتماع في الوقت المحدد وأنهه في الوقت المحدد.
4 - لا تدعُ إلى الاجتماع إلا من كان حضورهم ضرورياً.
5 - ضع كراسي غير مريحة في غرف الاجتماع.
6 - قم في بداية الاجتماع بحصر النتائج المتوقعة من هذا الاجتماع بتعابير محددة واضحة.
لا تسمح بالانحراف عن هذه النتائج.
7 - كن مستعداً للاجتماع وحفز الآخرين على فعل نفس الشيء.
8 - إبدأ بالعمل فوراً.
قلل قدر الإمكان المحادثات التمهيدية التي تبدأ عادة لكسر الجليد.
9 - دع المناقشات تستمر على نفس الخط المرسوم.(1/66)
دع المجتمعين يجدون حلولاً للأسئلة المطروحة قبل الانتقال إلى مواضيع أخرى، وشجعهم على أن يستفيدوا من أفكار بعضهم البعض.
10 - في الجلسات الطويلة أعط استراحة لمدة عشر دقائق كل تسعين دقيقة.
إن الوقت الذي قد توفره بعدم إعطائك استراحة سيضيع أكثر منه نتيجة لانخفاض التركيز والإنتاجية.
http://www.resalah.net المصدر:
=============
وقت الرحيل
ابتسام عبد الله الميموني
أشعر بشيء في نفسي...
شعور لم أعهده من قبل...
فأقرر الجري.. بعيدًا...
وأنظر إلى الأمام.. وأسرح بعيدًا عن كل شيء..
فأصطدم بجدار الواقع.. آسفة..
وأرحل نحو الماضي.. بعيدًا...
عن كل شيء.. لا صوت.. ولا خطوات تحميني..
عندها نكتشف أن الزمن ليس لنا....
وأن المكان ليس مكاننا.. والإحساس قد لا يشعرنا بالأمل...
وتصبح مدن أحلامنا بعيدة عنا وقريبة من الماضي...
كل شيء بات بعيدًا من خريطة أعماقنا.. يأذن لنا بالرحيل.. فنرحل..
بلا تردد... بلا صوت...
نرحل.. ونبحث في أحشاء ماضينا.. عن شعاع ينور مستقبلنا...
نتلمس فيه عبق حاضرنا.. نملك أجمل إحساس.. يجمل لحظة فراق..
قررناها.. لنبرر تفسيرًا للهروب والضعف... فنجد آمالنا..
في لحظة تتجمد.. ويبتعد الجميع عنا.. ونغلق أبوابنا...
لا شيء يمنعنا.. من الاعتراف بأن حبنا واشتياقنا للبعد عن مكاننا...
أفضل من البقاء... حتى نكتشف أنه بعد الرحيل يبقى كل شيء كما هو...
ويكتشف بعضنا أن البعد يبقى كالصدى في القلوب..
يحرق كل ما مضى ويبقينا.. حين نقرر الرحيل... ندفن كلماتنا في قلوبنا خوفًا على من اعتقدوا ببقائنا.... وخذلناهم....
وستبقى مساحات شاسعة من القلب صفحة بيضاء ليمارس بعضنا ترجمة حنينهم...
في لحظة فراق.. ويقيننا أنه مهما ابتعدنا.. أن للصمت....
قلوبًا تسمعه.. وترسم له طريقًا عابرًا.. رغم كل شيء.. فالبدء من جديد..
في عالم قد يفسر ضعف دموعنا.. يحمل أرق إحساس..
ويبعث أعذب الكلمات لمن اعتقدوا ببقائنا..
ومنحونا مساحات من الثقة...
لنترجم محبتنا لهم بمساحات لا تحمل أي حدود..
http://www.bab.com المصدر:
===============
ثروات تهدر لعدم تقدير أبنائنا لعامل الوقت
مدران إبراهيم
هل نقدر للوقت قيمته
لعل أظهر عيوبنا، والتي تتمحور حولها معظم سلبيات الأداء، أننا لا نقدّر قيمة الوقت، مقارنة مع من سبقونا على مضمار التطور العصري، وهذا أمر شديد الخطورة يستحق أقصى الاهتمام في العملية التربوية، ومنذ الصغر.
أن تحيا يعني أن تشعر بنبضات الزمن، تلك النبضات التي يظهر وقعها في كل التغيرات التي تجري في عالمنا الداخلي (النفسي) وعالمنا الخارجي (عالم الأشياء والوقائع) على السواء.
والزمن نسبي كما هو معلوم، فكل عالم له زمن محلي خاص به، بل إننا في عالمنا هذا نجد أزمنة عدة: زمن طبيعي تجري في رحابه الظواهر الطبيعية وزمن بيولوجي يتعلق بذات الإنسان ككائن عضوي يتكون من خلايا حية، وزمن نفسي داخلي يتعلق بحياتنا النفسية ومشاعرنا الداخلية، وزمن تاريخي يتعلق بكل ما يصنعه الإنسان في شتى الحالات الاجتماعية، عبر مسيرته التاريخية سواء كان فردا أو جماعة، وهذا الصنف الأخير هو الذي يمس الإنسان مسا أعمق من غيره، ذلك لأن له علاقة مباشرة بحياته أي بمنجزاته وبطموحاته وبقيمه التي يختارها ويؤسس عليها سلوكه، وهو غالبا ما يبدأ الوعي به فور أن يشعر الكائن بالتغيرات التي تطرأ على محيطه الذي يعيش فيه خاصة حين يبدأ في التمييز بين ذاته كوجود مستقل وبين موضوعات العالم الخارجي التي تؤثر فيها هذه الذات وتتعامل معها. ويتفق علماء النفس على أن هذا الوعي نبدأ في اكتسابه منذ مراحل الطفولة المبكرة وينمو حسب تعامل ذواتنا مع المحيط ثم ينتهي بموت الفرد. فما دور هذا الوعي بالزمن، وما مدى تأثيره في تفاعلنا مع العالم الذي نعيشه?
مرحلتان
إننا إذا أخذنا معيارا نفعيا لقياس هذا الوعي تجلت - في نظرنا - مرحلتان أساسيتان يمر من خلالهما الإنسان:
- المرحلة الأولى، وهي التي تبدأ منذ الولادة وتنتهي عند البلوغ، يكون الوعي فيها شبه منعدم ونعني بذلك عدم شعور الطفل بقيمة الزمن وأهميته، وهذا - بالطبع - راجع لعدم نضج جهازه العضوي من جهة، ولعدم اكتسابه خبرات اجتماعية من جهة أخرى، ولذلك فإدراك الزمن في أبعاده الثلاثة (حاضر، ماض، مستقبل) والعلاقات التي تربط بينها يكون غير مكتمل، بل يكون فقط عبارة عن إحساس لا يؤدي بعد إلى ما يمكن أن نسميه بالقلق أو التوتر النفسي الذي يدفع الكائن الإنساني إلى القيام بأفعال وردود أفعال تجاه مثيرات تمس شخصيته ومقامه.
ـ المرحلة الثانية، وهي التي تبدأ مع سن النضج وتستمر حتى الشيخوخة مع ملاحظة أن تفاعلاتها تقل حدتها شيئا فشيئا مع الزمن.
ففي هذه المرحلة يبدأ الكائن في الوعي بالزمن، وهذا - بالطبع - يرجع لأسباب عدة، منها النمو الاجتماعي والنمو الفكري وخاصة التغيرات العضوية والفيزيولوجية التي تلحق بنية الإنسان: فاستيقاظ الغريزة الجنسية مثلا يعتبر عاملا مهما في إدراك الزمن والوعي به، ولذلك اعتبرت هذه المرحلة من أدق وأحرج المراحل التي يمر بها الإنسان في عمره، لأن ردود الفعل فيها غالباً ما تكون غير ناضجة وتتسم بالاندفاعية وعدم الروية، ذلك لأن الفرد يرغب في الاستفادة من الزمن بأقصر الطرق وأيسرها، بل وبأسرعها، كما سبق القول، الشيء الذي يؤدي به غالبا إلى السقوط في متاهات بل في متاعب ومشاكل (عقد نفسية، إحباطات، أمراض نفسية، فشل مدرسي، انحراف، جرائم... إلخ). خصوصاً إذا لم يكن المراهق مهيأ تربويا لهذه المرحلة، وذلك حتى يتمكن من إدراك عنصر الزمن وإقامة حساب له وتصريفه أحسن تصريف. وهنا - بالطبع - يكمن دور التربية التي يتلقاها الطفل في المدرسة والبيت والتي تحاول أن تنظم أوقاته، وذلك بتعويده منذ بداية تربيته على إدراك قيمة الزمن وبضرورة إعطاء الأسبقية لما هو أهم وأفيد بالنسبة له ولمجتمعه، هذا دون إنكار دور التربية العامة التي من المفروض أن تلقن للطفل منذ نعومة أظفاره: تربية اجتماعية وأخلاقية ودينية ووجدانية... إلخ، والتي تحاول أن توجه هذه الاندفاعية نحو ما ينفع الفرد ومجتمعه في الوقت نفسه.
إذن أفلا يمكن أن نتحدث، والحال هذه، عن نمط آخر من التربية يمكن أن نصطلح عليه بـ(التربية الزمنية) أو التربية الوقتية?
إنه من الخطأ الجسيم أن نعتقد أن هذه المهمة الصعبة تقوم بها المدرسة بكاملها، وأن الفرد يكتسب خطة لعمله ولوقته انطلاقاً مما يتلقنه من مناهج في الفصل.
حرب الوقت
إن مسألة إكساب الطفل هذا الوعي بالزمن لا يمكن أن تؤتي أكلها إلا إذا شاركت الأسرة المدرسة وسهرت على بناء هذا الجانب العام الذي يعتبر أساساً مهماً في بناء المجتمع، خصوصاً في مجتمعاتنا النامية التي ما أحوجها إلى (تربية وقتية) تجعل الفرد يدرك أن الوقت رأسمال وجب استغلاله وترشيده ترشيداً حسناً.
وإذا كان عصرنا يشهد الآن ثورة في ميدان الزمن، إن صح هذا التعبير، وإذا كان الوقت قد أصبح بهذه القيمة، فما العمل بالنسبة لنا، نحن شعوب العالم الثالث? هل يلزمنا الخضوع لهذه الوتيرة السريعة التي تلف العالم الآن. أم يتوجب علينا السير وفقاً لخطط وقتية تقليدية وحاجياتنا وإمكاناتنا تنبع من ظروفنا، أم نبحث بدلا من هذا وذاك عن خطة ثالثة توفيقية?(1/67)
لن أجيب عن هذا التساؤل لأني بدوري أطرحه على المهتمين والباحثين في شئون المجتمعات وتطوراتها وحركياتها، ولكن كيفما كان الحال، فإنه لابد لنا أولا وقبل كل شيء من أن نهتم بعنصر الوقت وأن ننشئ أبناءنا على الوعي به وبقيمته.
هنا إذن يبرز دور التربية الوقتية التي نقصد بها تلك العملية التي تقوم على إكساب الفرد وعيا بالزمن وبأهميته، وذلك بتلقينه الوسائل النظرية والعملية الكافية لتنظيم أوقاته وتصريفها تصريفا إيجابيا وفق أهداف وغايات تحددها فلسفة المجتمع وتخطيطه التنموي، وذلك حتى يكون مهيأ لاستقبال ظروف مجتمعه والمساهمة في حل مشاكله أو على الأقل المساهمة في بحثها ودراستها. وحتى يقدر هذا الفرد وقته علينا أن نضبط أوقاته منذ نعومة أظفاره ونسهر على هذه العملية بكامل المسئولية: احترام أوقات الأكل والنوم والوقت الحر (لعب، مطالعة، فسح) وقت الدراسة... المواعيد... إلخ. بالإضافة إلى هذا محاولة الاستفادة من الوسائل التي تستجد في عالم التكنولوجيا والتي تعينه على التعلم الذاتي والبحث عن المعلومات من خلال الاستعانة - مثلا - بالوسائط المتعددة الاتصال: كمبيوتر... إنترنت... إلخ، وذلك حتى يتمكن من مسايرة تضخم المعلومات وتراكم المعارف بسرعة أكثر.
وإذا كنا نعيش بالفعل في عصر تسيطر فيه التكنولوجيا وآلياتها التي تجتاح بيوتنا لتتعايش مع عاداتنا وتقاليدنا جنباً إلى جنب، إن لم نقل إنها أصبحت تقضي على بعضها لتحل محلها، فما أحوجنا في هذا الظرف إلى خطة ومنهج يتعلقان بترشيد هذه العملة التي هي الوقت. ويتناسبان مع هذه التحديات التي تواجهنا. في الحقيقة قد يقول قائل متسائلاً: ولم هذه التربية الوقتية إذن إذا كنا قادرين على الحصول على وسائل التكنولوجيا (في ميدان الإعلام والمواصلات والإنتاج الصناعي) أليست هذه كافية تماما لبسط سيطرتها والتغلب في آن على المشاكل ومن بينها مشكلة الوقت في حد ذاتها?
بالطبع، لا أحد يستطيع أن ينكر الدور الذي تلعبه التكنولوجيا في حياتنا اليوم، خصوصا كعامل من عوامل النمو والتطور، ولكن من جهة أخرى، يجب ألا يغيب عن أذهاننا أنه لا يمكن لهذه الوسائل أن تؤدي دورها إلا بوساطة عقلية - ذهنية تحسب للزمن حسابا وتقدّره تقديراً، إذ دون هذه العقلية لا يمكن أن ننتظر النتائج المرجوّة ولو كنا نملك ما نملك من القدرات العلمية والتكنولوجية المتطورة.
فمَن منا يستطيع أن ينكر أن هناك ثروات مهمة وطاقات لا يُستهان بها تهدر وتذهب سدى في مجتمعاتنا لا لسبب إلا لعدم تقدير أبنائها لعامل الوقت، وحتى نتلافى هذا يتوجب أن ننشئ أجيالنا المستقبلية على إدراك قيمة الزمن والوعي بخطورته، ذلك لأن الحرب الطويلة التي ننتظرها غدا هي حرب ضد الوقت.
3-2-1425 هـ
http://www.alnadwa.net المصدر:
==============
التماس البركة في الوقت
صالح عبد الهذلول
كثير من أهل الخير والصلاح وخاصة من تكون الدعوة إلى الله هي شغلهم ومعظم اهتمامهم يشكون من قلة الوقت وسرعة مروره دونما نتائج تستحق كل ذلك، بل إن بعضهم يتحسر أحياناً بسبب فوات كثير من الفرص وترك كثير من الأعمال بسبب ضيق الوقت.
ولكن مما ينبغي معرفته في هذا الشأن وملاحظته أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- حينما رغب في قيام الليل مثلاً وصلاة الوتر أو قراءة القرآن، لم يكن جاهلاً بمشاغل الداعية أو أنه قال ذلك الكلام من فراغ، بل إنه - صلى الله عليه وسلم - كبير الدعاة إلى الله ومع ذلك رغب فيما رغب فيه، هذه ناحية، وأخرى أن جهد البشر قاصر وطاقتهم محدودة، فلهذا لابد من التزود من مثل هذه المحاطِّ التي ذكرها الرسول - صلى الله عليه وسلم - وعملها، وإلا فالمخالفة والضعف، وربما غيرها كذلك.
ثم إنه لا يستبعد أن قلة البركة في الوقت والتي يشكو منها الدعاة ناتجة عن الارتجالية في توزيعه، لا تلمس هدى النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك، نعم قد يمر على الداعية وقت ينشغل فيه عن قراءة القرآن أو صلاة الوتر أو يعجز عن قيام الليل أو... بسبب انهماك في أعمال الدعوة لكن هذا لا يكون دائماً، وإنما هي حالات تطرأ، كما ورد عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أنها كانت تؤخر قضاء أيام من رمضان حتى يأتي عليها شعبان لانشغالها بأعمال الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ولكن ذلك أحياناً وليس غالباً.
ومرة ثانية أقول: إن توزيع الوقت لنا - نحن المسلمين - يجب أن يكون أصيلاً مستلهماً من شريعتنا ومتبعاً فيه هدى الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
وسأذكر مثالاً على التخبط عندنا في توزيع الوقت: وهو ترك صلاة الوتر وعدم قيام الليل وإن من أسباب ذلك وأقواها النوم متأخراً، وهذا لا شك خلاف هدي الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلا ما استثني من ذلك - فتجد كثيراً من أهل الصلاح لا ينام إلا متأخراً، وربما منعه شغل يسير أو تشاغل حتى منتصف الليل أو بعده حتى لا يقال نام مبكراً أو يعرف عنه التبكير بالنوم! !
صحيح أن الداعية يجب أن يبذل نفسه ووقته في سبيل الله ولكن يراعي في ذلك تلمس السنة ويراعي في ذلك أيضاً تفاضل الأعمال، ثم إذا جاءه عارض وشغله عن التبكير أحياناً، فلا ينبغي أن يعتاد ذلك.
ثم لنعلم أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - عوتب في موقفه من عبد الله أم مكتوم -رضي الله عنه- حينما جاءه ليعلمه الرسول مما علمه الله، وكان الرسول - صلى الله عليه وسلم - مشغولاً مع صناديد قريش يطمع في إسلامهم، فعاتبه الله في ذلك عندما ردَّ وعبس في وجه ابن أم مكتوم، فلنتذكر مثل هذا الموقف عندما يجيء أحد ليسمع منك أيها الداعية كلام الله أو يشكو إليك أمراً في دينه فتمنعه أو تغلق الباب دونه بحجة النوم مبكراً.
هذا والله أسأل أن يمن علي وعلى إخواني المسلمين بالهدى والسداد وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله أجمعين.
http://www.deen.ws المصدر:
=================
في الوقت الضايع
الشيخ علي العمري
في الوقت الضايع... نريد أن ننهي كتابة المقال.
في الوقت الضايع... نريد أن نأتي بهدفين ليتم الفوز.
في الوقت الضايع... نريد أن نسلم البحث المطلوب تسليمه قبل شهر.
في الوقت الضايع... نريد أن نختم سورة الكهف كاملة قبل المغرب بخمس دقائق.
في الوقت الضايع... نريد أن نختم الأجزاء الثلاثة الأخيرة من القرآن قبل ضرب مدفع العيد بربع ساعة.
في الوقت الضايع... نريد أن نلحق الطائرة وقد أغلق الباب.
في الوقت الضايع... نريد أن نتحرك من بيوتنا للحاق بالموعد في وقته وبيننا وبينه 20 كم.
في الوقت الضايع... نريد أن نذاكر آخر عشرين صفحة من المقرر.
في الوقت الضايع... نريد أن نقطع التفكير الخاطئ وقد قررنا وحكمنا.
في الوقت الضايع... نريد أن نعتذر وقد سببنا كوارث.
في الوقت الضايع... نريد أن نتراجع ووراءنا ألف حق وحق.
في الوقت الضايع... نريد أن نندم ولا ينفع وقتها الندم.
في الوقت الضايع... نريد أن نتأكد من صلاح الأجهزة في قاعة الاحتفالات.
في الوقت الضايع... نريد أن ننادي الخبير ليصلح الخلل، والخلل موجود منذ أسابيع.
في الوقت الضايع... نريد أن ندعو الناس، والعشاء بعد ساعة.
في الوقت الضايع... نريد أن نعقد اجتماعاً، وقد وقع الفأس على الرأس.
في الوقت الضايع... نريد أن نفوز، وأن ننتج، وأن يصفق لنا الناس، وأن يشكرونا على الإبداع، وأن يحتفوا بنا.
في الوقت الضايع... نريد أن ننجز كل شيء وبكل إتقان، وفي الوقت الضائع نريد أن نتوب ونكون من الصالحين، وفي الوقت الضائع نريد السعادة.(1/68)
وليتنا نسأل أنفسنا هذا السؤال البرئ:ألا يمكن أن ننجز كل ما سبق وأن نسعد وأن نفرح في الوقت الحقيقي الطويل وندرب أنفسنا على ذلك، بدل الوقت الضايع القصير؟!.
http: //islameiat.com المصدر:
=============
كيف تستثمر وقت فراغك ؟
أهداف وقت الفراغ:
الإنسان في تنظيمه لأوقات فراغه يسعى عادة إلى ثلاثة أهداف أساسية:
01 التخفيف من وطأة الضيق والتوتر النفسي الذي يعتري الإنسان إذا ابتعد عن العمل.
02 تحرير الفرد من نزعاته الأنانية وتهيئته للنزعات الاجتماعية كاحترام قوانين المجتمع وأعرافها، وإنماء روح التعاون والخلق الكريم).
03 التخفيف من الضغوط الجنسية الملحة على الشباب، وتعديل الفواتير بتوجيهها وجهة نافعة لتتفق ومصلحة الأسرة، وتنفع المجتمع.
استثمار وقت الفراغ:
لقد أنعم الخالق - جل شأنه- على الإنسان بالوقت؛ ففاز من استغله في بناء حياته وسار على الطريق المستقيم، وخاب من هدمه بسلك طريق لا يقبله الله ورسوله ثم المجتمع. ومن ثم اهتم المربون باستثمار وقت الفراغ منذ الطفولة حتى الشيخوخة لبناء فردٍ صالح في أسرته ومجتمعه ووطنه، غير جانح، يلفظه الجميع.
كيف يمكن استثمار وقت الفراغ؟
يمكن أن تُستثمر أوقات الفراغ في مزاولة جوانب عديدة من الأنشطة، ومنها: الجانب الثقافي، والجانب الحركي ( الرياضي)، والجانب الفني ( التشكيلي).
الجانب الأول: الجانب الثقافي: كيف تستثمر وقتك في رفع ثقافتك؟
- أن تتقن فنون اللغة ( القراءة، والكتابة، والتحدث، والاستماع)؛ بحيث تتمكن من كتابة حديث أو قصة. وترويهما بلغة عربية صحيحة بسيطة.
- أن تستخدم هذه القدرات في فهم النفس، وفهم ما حولك.
- أن تفسر ما يجري حولك من ظواهر اجتماعية وطبيعية، وسياسية، واقتصادية وعلى أسس واقعية.
- أن تجيد التعامل مع الآخرين، كحسن الحديث والأخذ والعطاء على أساس الحق والعدل.
- أن تبني لنفسك كياناً مستقلاً.
- أن تتعاون مع غيرك على البر والخير.
- أن تعمل بنجاح داخل فريق.
- أن تسلك سلوكاً يعكس انتماءك لدينك ووطنك.
- أن تسلك سلوكاً يعكس ثقتك بنفسك، وشعورك بالطمأنينة.
- أن تتقن المهارات الأولية في استخدام الأدوات والآلات الشائعة الاستعمال.
- أن تستخدم ما اكتسبته من معارف، وحقائق، وعلوم، في حل المشكلات اليومية التي تواجهها.
- أن توضح أساسيات دينك، مع ربطها بمواقف الحياة، على أن تُظهر ذلك في سلوكك.
- أن تميز بين ما يمكن تفسيره على أساس من العلم. ومالا يمكن قبوله إلا على أساس الإيمان، مما لا يجترئ العلم على تفسيره.
أهم مصادر الثقافة:
أولاً: المسجد، هنالك كثير من الخبرات التي لا نستطيع تعلمها في المدرسة أو الأسرة، مثل: تلاوة القرآن الكريم، وكيفية الصلاة، والإجابة عن بعض الأسئلة التي تثيرها العقول، وقد يرجع ذلك إلى ضعف مستوى المعلمين والآباء، أو لضعف الإمكانات بالمدرسة وبالأسرة، أو لضيق الوقت.. إلى غير ذلك.
ثانياً: الأسرة: الأسرة هي أول مؤسسة تربوية فيها امتصاص طرق التفكير والتعبير، وفيها يكتسب الدين، واللغة، والتقاليد، والعادات، وطريقة الكلام، وللوالدين دور فعال في تكوين الميل إلى القراءة وتنمية الأبناء وبطرق واعية.
ثالثاً: الصحافة: هناك الصحف الإخبارية التي تهتم بأخبار الرياضة، والسياسة والعلوم والفنون وشؤون البيت.
رابعاً: البرامج الإذاعية: مما لا شك فيه أن للبرامج الإذاعية أثراً كبيراً في بناء الشخصية، فهي تنمي لديه القيم الإيجابية اللازمة، والعادات الصحيحة، وتزوده بالمعارف والمهارات.
خامساً: البرامج التلفازية: للتلفاز قدرات كبيرة تجعله في مقدمة مصادر الاتصال، ولكل برنامج إيجابياته وسلبياته؛ فعلينا أن نحرص على مشاهدة البرامج المفيدة.
سادساً: القراءة: ولابد من السؤال الهام: ماذا نقرأ؟
النشاط الترويحي:
ما مفهوم الترويح؟
هو نشاط يختاره الفرد، غالباً يكون بعد تعب وجهد "معاناة جسدية"، أو بعد حزن "معاناة نفسية"؛ فيزيل التعب ويبدله إلى نشاط، ويزيل الهم والغم ويبدله إلى فرح وسرور. وهو مفيد للفرد إما عقلياً بالمعرفة، وإما جسمانياً بالرياضة بأنواعها، وإما نفسياً بقيم الإيمان، كما أنه تحقيق لعبودية الفرد لله وليس انقطاعاً عنها.
أنواع النشاط الترويحي التي يمكن للشباب شغل أوقات فراغهم فيها.
أولاً: الترويح النفسي:
وينطوي تحت هذا النوع كل نشاط ترويحي تبرز فيه العوامل النفسية بشكل واضح، وتعمل فيه تلك العوامل كأنها الأساس الذي يقوم عليه النشاط، ويجوز أن يضم هذا النوع كل أنواع النشاط الترويحي على الإطلاق.
ثانياً: الترويح الجسماني:
من الواضح أن جميع أنواع النشاط الرياضي يمكن أن توضع تحت قائمة هذا النوع.
ثالثاً: الترويح الاجتماعي:
ويهدف هذا النوع إلى تدعيم العلاقات بين الأفراد والجماعات على أساس من الصداقة والتعاون والديمقراطية السليمة. كما يهدف أيضاً إلى تشجيع التطوع للخدمات الاجتماعية بمختلف أنواعها.
الترويح وقضاء وقت الفراغ داخل الأسرة بين الأبناء:
في مرحلة الطفولة:
يقسم اللعب أو الترويح إلى القسمين الرئيسيين الآتيين بحسب الأماكن التي يحدث بها:
01 لعب أو ترويح داخلي؛ كاللعب بالدمى المصنوعة من المطاط أو القطن وغيرها.
02لعب أو ترويح خارجي.
وذلك حين يخرج الطفل إلى فناء منزله أو حديقة بيته أو يخرج هو والأسرة للمتنزهات والملاعب والأندية، وقد يحتاج فيها إلى لعب خاصة؛ كدراجة أو دلو أو رشاشة أو جاروف أو كرة.
في مرحلة الشباب:
يمكن شغل الوقت بين الأبناء بعمل سباقات الدراجات والمارثون وألعاب القوة في النادي وبعمل الأبحاث وحفظ القرآن والمسابقات الدينية في المسجد وبعمل حفلات السمر المفيدة والتعليم والتمثيل والفناء داخل المنزل، والرحلات الليلية ورحلات التفكر وقت الغروب، أو التمشية مثل رحلات الملاهي والسفر.
وقت فراغ الأولاد مع الآباء:
لا بد أن يشعر الأبناء بالدفء والحنان من آبائهم. ويساعد على ذلك أن يقضوا معاً أوقات فراغهم بشكل منظم وسليم، وأن يشمل ذلك نواحي الأنشطة التي يحبها الأبناء ويفضلونها، من أنشطة رياضية وفنية وألعاب ومسابقات ثقافية.
ثلاث عشرة وسيلة مفتوحة للآباء المشغولين حتى يتم استغلال وقت الفراغ مع أبنائهم.
01 استغلال فترة الغذاء وتجمع الأسرة بالأحاديث والمواقف التي تواجه الأم والأب وشرح طريقة تصرفهم تجاه كل موقف.
02 الاستفادة من المسافات الطويلة التي يقطعها أفراد الأسرة معاً في السيارة بسماع قصة من الأب أو عمل مسابقات أو حديث في مواضيع متنوعة.
03 استغلال عطلة نهاية الأسبوع للخروج العائلي والأحاديث العائلية.
04 السفر فرصة لبث القيم والحديث عن التقاليد والأخلاق الإسلامية الأصيلة.
05 عندما يكون الآباء قدوة لأبنائهم يختصر ذلك الوقت الكبير الذي يقضى في زرع القيم.
06 تعويد الأبناء على القراءة يسهل وصول المعاني التربوية للأبناء.
07 الأنس بقراءة القرآن عندما يكون خلقاً متأصلاً في الأبناء، يجعل القرآن النبع الأساس لاستقاء الأخلاق واستغلال الوقت في أفضل العبادات.
08 إعطاء هدية لصاحب المواقف الأخلاقية العالية ومكافأته أمام الآخرين يدعو إلى تأصيل هذه الأخلاق وتحويلها إلى سبب راق للتنافس بين الأبناء.
09 قصص ما قبل النوم تغرس القيم والأخلاق وتشيع جو الحنان والحب في الأسرة، بسبب هذا الاحتضان بين الآباء وأبنائهم أثناء سرد القضية.
10 تخصيص مكان من المنزل لعمل مكتبة تضم العديد من الكتب والمراجع.(1/69)
11 تشجيع كل ابن على اقتناء مجموعة من الكتب وتكوين مكتبة خاصة به.
12 شراء أشرطة الكمبيوتر التي تزرع القيم وتعويد الأبناء على استخدامها.
13 ترديد الأناشيد والأشعار التي تحث على العمل ومجاهدة النفس والصبر وغيرها من المعاني الراقية.
http://www.naseh.net المصدر:
=============
حروف من خبر الوقت والحياة
الأستاذ عبد الحميد محمد
بسم الله الذي عِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ. والصلاة والسلام على رسول الله القائل من فيه الطاهر الشريف: (نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ).
ورضي الله عن الصحابة كلهم أجمعين، قال منهم فاروق مبارك: (إني لأكره أن أرى أحدكم سبهللا"أي فارغا"لا في عمل دنيا ولا في عمل آخرة).
وأرض اللهم عن التابعين جميعا، يبرز منهم حسن بصري يخبرنا بتجربته فيقول: (أدركت أقواماً كان أحدهم أشح على عمره منه على درهمه).
ثم الرضا على علماء أتوا من بعدهم بأقباس من الهدى والنور، منهم ابن حجر، ذلك الموسوعة النبيل بين العلماء إلى يوم الدين، يقول لنا في تفسير حديث (نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ الصِّحَّة ُ وَالْفَرَاغ).
يقول - رحمه الله - : (وأشار بقوله:"كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ"إلى أن الذي يوفق لذلك قليل.
وقال ابن الجوزي: قد يكون الإنسان صحيحا ولا يكون متفرغا لشغله بالمعاش، وقد يكون مستغنيا ولا يكون صحيحا، فإذا اجتمعا فغلب عليه الكسل عن الطاعة فهو المغبون، وتمام ذلك أن الدنيا مزرعة الآخرة، وفيها التجارة التي يظهر ربحها في الآخرة، فمن استعمل فراغه وصحته في طاعة الله فهو المغبوط، ومن استعملهما في معصية الله فهو المغبون، لأن الفراغ يعقبه الشغل والصحة يعقبها السقم، ولو لم يكن إلا الهرم.
وكما قيل:
يسر الفتى طول السلامة والبقا **** فكيف ترى طول السلامة يفعل
يرد الفتى بعد اعتدال وصحة **** ينوء إذا رام القيام ويحمل
وهو القرضاوي - حفظه الله - ينقل لنا عن حكيم حِكمة فيقول: من أمضى يوماً من عمره. في غير حق ٍ قضاه. أو فرض أداه. أو مجلد أثله"أي ورثه". أو حمد حصله. أو خير أسسه. أو علم اقتبسه. فقد عق يومه. وظلم نفسه!.
ثم أما بعدُ:
لي شعارات عدة في حياتي وكتاباتي من بينها:
ما نكون في شأن من شؤون الدعوة ولا نكتب في أمر من أمورها إلا كان القرآن رائدنا.. ذلك بأن القرآن هو دستور الدعوة ومصدر هدايتها ومائدة الله لعباده المؤمنين.. ونوره المنزل من عنده على رسوله الأمين.. وما تكلم متكلم ولا دعا داعي إلى الربانية؛ بأحسن من الدعوة إلى مصدر هذه الربانية التي ننشد وأساسها الذي تُبنى عليه؛ كلام ربنا - عز وجل - القرآن العظيم الذي منه أخذنا نسب الربانيين، وعلينا أن نعيش حول مائدة الرحمن إن أردنا تناوش الربانية من مكان قريب وما أمر قضية الوقت في حياة المسلمة والمسلم إلا شأن من هذه الشئون، وفي جولة في آيات الله المسطورة، التي تتحدث عن آيات الله المنظور، أجد من المهم أن أبدأ بسرد كلام الرب الحكيم المنان.
قال تعالى: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (البقرة:164).
2. (تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ) (آل عمران:27).
3. (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ) (آل عمران:190). 4.
(فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَاناً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) (الأنعام:96). 5.
(إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) (لأعراف:54). 6.
(إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ) (يونس:6). 7.
(هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) (يونس:67). 8.
(وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ) (هود:114). 9. (وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَاراً وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الرعد:3). 10. (وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ) (ابراهيم:33). 11. (وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (النحل:12). 12. (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً) (الاسراء:12). 13. (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً) (الاسراء:78). 14. (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً) (الاسراء:79). 15. (فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى) (طه:130). 16. (يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ) (الانبياء:20). 17. (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) (الانبياء:33). 18.
(وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَفَلا تَعْقِلُونَ) (المؤمنون:80). 19.
(يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ) (النور:44). 20.(1/70)
(وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاساً وَالنَّوْمَ سُبَاتاً وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُوراً) (الفرقان:47). 21.
(وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً) (الفرقان:62). 22.
(أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (النمل:86). 23.
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ) (القصص:71). 24.
(وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (القصص:73). 25.
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) (لقمان:29). 26.
(لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) (يّس:40). 27.
(خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمّىً أَلا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ) (الزمر:5). 28.
(أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ) (الزمر:9). 29.
(اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِراً إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ) (غافر:61). 30.
(يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) (الحديد:6). 31.
(وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاساً) (النبأ:10).
هذا بعض ٌ من خبر الوقت في القرآن الكريم، إذ الليل والنهار آيتين من آيات الله، يشكلان ظاهرة الوقت في الحياة، ولو تأملنا ما ختمت به كل آية من هذه الآيات البينات، لوقفنا على حقيقة، على كل من يهمه أمر وقته، أو أمر عمره، وهو أمر حياته، حريٌ أن يتأمل فيها ساعات عددا.
و الآيات مرتبة هنا على حسب ورودها في ترتيب المصحف الشريف:
لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ •
وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ •
لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ •
ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ •
تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ •
لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ •
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ •
ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ •
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ •
وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ •
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ •
وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً •
إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً •
عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً •
وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى •
لا يَفْتُرُونَ •
كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ •
أَفَلا تَعْقِلُونَ •
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ •
جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاساً وَالنَّوْمَ سُبَاتاً وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُوراً •
خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً •
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ •
أَفَلا تَسْمَعُونَ •
وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ •
وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ •
وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ •
كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمّىً أَلا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ •
إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ •
وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ •
وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ •
وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاساً
نستخرج منها المعان التالية كأسس لعلاج (قضية الوقت) أو بالأحرى (قضية العمر):
1/ إن مسألة إدراك قيمة الوقت في الحياة، وفي بناء النفس، وتحقيق الأهداف، لا يستوعبها ويفهمها ويعمل بها إلا قليل من الناس، ذكرت الآيات أوصافهم: (لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ، لِأُولِي الْأَلْبَابِ، لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ، لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ، ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ، لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ، لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ، أَفَلا تَعْقِلُونَ، لِأُولِي الْأَبْصَارِ، لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ، أَفَلا تَسْمَعُونَ، أُولُو الْأَلْبَابِ)...
فأصحاب العقول الناضجة التي تدرك أمرها، وتستوعب الزمان بأدواره الثلاث"الماضي والحاضر والمستقبل"وتعمل فيها، كلٌ حسب وقته، وكلٌ حسب مستلزمات العقل فيه، هم أولي الألباب، فتكون الاستفادة من ماض بعمق وتحليل ووقوف وتأمل، والتقاط العبِر، حتى يمسي ذلك الماضي بعبره ودروسه ووقفاته وما فيه من إيجابيات، وسلبيات إيجابية!، جزءاً من كيان المرء ووعيه. وفي حجم القصص القرآني الذي يصل إلى ثلث الكتاب المبين، معنى فصيح في خبر الاتعاض بماض ووقوف عليه: (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَة ٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَة ً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (يوسف:111)
فالوقوف والاعتبار يكون هدى في كل شي، ويكون رحمة متسعة لكل شي، إذ قلب المؤمن وعاء لهما، فيكون منه التحرك الناضج بالاستفادة من تلك الخبرات المتراكمة، وتفعيلها في حاضره، بنور من الله؛ نور السماوات والأرض، فتتشابك الخبرة التاريخية مع الهمة والنضج الواقعي الحاضر، لينتجا وعيا بمستقبل، ومآلات الأمور، أولئك: على الحقيقة هم المتقون، إذ الرب يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) (الحشر:18).
ونظر النفس للغد يعني في العلم الحديث أن يكون له خطة، وأن يسير أموره بإدارة ووعي، و"مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ"تعني الغد البعيد القريب؛ اليوم الآخر، وتعني الغد القريب القريب الذي بعد هذه الليلة، مثلا بمثل، فإن توفر العقل والتقوى (لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ، لِأُولِي الْأَلْبَابِ، لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ)، فالسماع الواعي من القلب (لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) فتكون التذكرة، (ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ)، فالتحرك الواعي ثمَ، (لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) لتدارك العمر، ويكون العمل على بصيرة، (لِأُولِي الْأَبْصَارِ) وما البصيرة إلا عمل ببينة ووضوح.
وما ذاك إلا تخطيط وإدارة ووعي بالحياة وإدراك لأهمية الوقت فيها، وهو الإيمان الذي يحرك المؤمن والمؤمنة في القلب، ويحثه على أن يكون كريما في كل شي، إلا في وقته، فيمسكه بيده، وينفق منه على بينة من أمره، وهو فقه سماع آيات الله المنظورة والمسطورة هي التي تدفع لذلك، بذا نكون من أولي الألباب الذين:(1/71)
يسمعون....
فيعقلون....
فيؤمنون....
فيتقون....
ويتفكرون....
فيذكرون....
(كونهم يعقلون)!
وكم يحرم المرء من خير كبير، وفقه عالي الجناب، إذ يغفل عن ذلك، وما نراه من تخبط في عرصات الحياة، إلا نتاج طبيعي لقلة وعي، وضمور نضج، كان سهل التناوش من كتاب كريم.
2/ إن انسجام المؤمن مع الكون الذي هو جزء منه، والكون مسخر له، وهو والكون مخلوقان من مخلوقات الله - تعالى - فلا تصدام بين نواميس الكون، إن أراد الإنسان الإستفادة من وقته: (وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً، كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ، جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاساً وَالنَّوْمَ سُبَاتاً وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُوراً، وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ)..
فالوقت مسخر لنا، بدقة وحساب رباني، وبشكل مفصل و موزون، وكل الكون يسبح في خطة وفلك ُرسم له، في أدوار واضحة محددة، تتوافق و ُسنة الخلق في الكون، وفي الإنسان، فالليل للراحة، فيه النوم والهدوء، والنهار للحركة والنشور، وكلٌ يجب أن يكون له فلك، ورسم يجري فيه، ومحور يتحرك عليه، مثله كمثل أي كوكب مضيء سيار، إذ هو مضاء بنور الله، ويسير على هدي مبارك، حدائه صراط مستقيم.
إن تبلد العديد من الدعاة في مسألة صناعة الأفلاك، ورسم المدارات، سواء على الصعيد الشخصي أو الدعوي، لهو ضرب من ضروب تضييع الوقت، في كبت لفطرة الله في النفس، وسنة الله في الكون، وتصادم مع خلق الله البديع، وما أمر الأمم المسيطرة اليوم على الدنيا إلا أمرٌ بيّن ظاهر للعيان، إذ هم تعبوا في اكتشافها من خلال الكتاب المنظور، وما أودع الله فيه من سنن، هي لمن اكتشفها، وهي بين يدي المؤمن في كتاب الله المسطور، لكنه غفل وابتعد، فحقت عليه سنة الله الماضية أنْ: (لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ).
3/ إن الله يمن على هذا العبد إن هو أدرك هذه النعمة الكبيرة، يمن عليه بأن، يستشعرها، ويتذوقها، ويحس بها تسري في جسده قبل وقته: (وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ، ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ، تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ، إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً، عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً، وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى، وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ، أَلا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ، وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ، وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ)...
فهو الرزق الوفير من عند من يملك خزائن السماوات والأرض، وليس هو المال الرزق فحسب، بل الرزق معنى كبير؛ منه رزق راحة البال، والشعور بالسعادة، وتحقيق الأهداف، والإنجازات، وهو رزق بغير حساب، مفتوح العدد والنوع والكم.
وهي العزة تسري في روح المؤمن بهذا الفقه لحركة الكون، وحركته فيه، وهو العلم يستمده من العليم سبحانه، فما شرف الوقت إلا بالعلم، وما أدركنا قيمة الوقت إلا بالعلم، وهو فتح من العليم سبحانه.
ثم هي البركة تزرع في العمر، فيكون الوقت الضيق مباركا، تقضى فيه أعمالا ً كثيرة، وتطوى فيه الأوقات حتى يقضي المؤمن وطره منها، فيكون الخير، ويكون تنوع العمل، والإكثار، و إن نحن إلا في مزرعة، نريد الحصاد عند مليك مقتدر، ويكون مع الولادة اليومية نوع من زغاريد أهل الإيمان، فيكون شهود للمؤمن مع كلام الله، يترنم مع أصوات الكائنات الفرحة، كأنه فرح بمولود جديد، هو يوم مبارك يعلو فيه صوته مع تنفس الصباح، فيكون نفَسه القرآني مع نفَس الصباح الرباني، ويشرق الخير، وينشرح الصدر، فيكون ثم َ الشكر لله - تعالى - في كل عمل، ويكون تذكر العزة لله، فالعمل الدائم بما يرضيه، ويقرب العبد منه، وهو الله الغفار عن تقصير، وزلل، وهفوات، تبدر من مؤمن حريص، أدرك فقه الوقت، وعمل، وجاهد، فأستغفر، واستشعر أن الله يخبر أمره، ويدرك ما يفعل، فلا يتحجج بكسل وفتور، إذ الرب عليم بذات الصدور.
هذه أسس ٌ ومنطلقات ربانية في مسألة الوقت والحياة والعمر، وأنا أزعم أن الأوقات التي تنفق في إعداد الدعاة، لسنوات، وتعلمهم الكثير من المعلومات الثقافية، أزعم أنها لو أنفقت على ترسيخ هذا المبدأ الكبير، الذي يغفل عنه الكثير من الناس، لكان أولى وأجدى، إذ به يكون الفلاح بعده ويكون الإنتاج أوفر وأعمق وأطول وأنضج وأجمل وأرقى، وما نحن إلا خلفاء لله في أرضه، وورثة الأنبياء في علمهم.
إن الكثير من الدعاة، وعامة أهل الإسلام، لا يدركون قيمة الوقت في حياة أمتهم، وإن حدث منهم بعض وعي فتراه مشوشاً غير متضح المعالم، في ترتيب أولوياته، أو إبراز أولياته، فتجد وعيا بقيمة الوقت، ولا تجد فهما لاستغلاله كما يجب.
فإن أدرت معي بعض معان سطرتها، ورأيت فيها مزيد وعي ونضج ـ من خلال تدبر لكلام الله، واستخراج ما فيه من كنوز ـ فسبّح معي ربنا هادياً، واضرب لي معك سهما من سهام دعائك المبارك، ثم صل معي على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
http://www.ikhwan-info.net المصدر:
============
ربات البيوت وثروة الوقت
إنما الدنيا ساعة:
يمثل الوقت بالنسبة لنا ثروةً كبيرةً وهي ثروة وُزَّعت بين الناس بالتساوي.. كل الناس.. الكبير والصغير، الغني والفقير، الصحيح والمريض، الكل متساوٍ، والسابق من استثمر وقته، ونظَّمَ شئون حياته؛ لذا تَوَقَّفي أختاه عن تضييع الوقت وابدأي بإدارته واستثماره؛ وسيكون ذلك- بلا شك- أفضل استثمار قُمْتِ به لنفسِكِ، وصدقيني ستكون النتائج مدهشة.
وأسألكِ أختاه.. هل تعرفين أحدًا كان نصيبُه في اليوم 23 ساعة؟! أو كان نصيبه 25 ساعة؟! الكل متساوٍ، والسابق من استثمر وقته، ونظم شئون حياته.
قيمة الوقت في حياة الأخت المسلمة:
إذا كنتِ في حياتِكِ العملية تعملين في مؤسسة تعطيكِ راتبًا شهريًّا قدره 500 دولار عن أجر عمل يوازي 8 ساعات يوميًّا، وكنتِ تضيعين ساعتين من وقتك يوميًّا بلا فائدة.. فإن ذلك يعني أنك تخسرين 125 دولارًا شهريًّا أي 1500 دولار سنويًّا، أي أنه كل عشر سنوات من عمركِ تخسرين 15 ألف دولار.. هذه ليست ورقة (يانصيب) تخسرينها في مغامرة، بل هي حياتكِ ووقتكِ تخسرينهما بلا مقابل أو مكسب.
وفِّري ساعة أسبوعيًّا ونظِّمي بيتَكِ:
على عكس الطاقة والمال والمهارة، لا يعود الوقت ولا يمكن إيجاده مرةً ثانية؛ فعندما يذهب الوقت يذهب إلى غير رجعة؛ ولهذا السبب فإنه أكثر السلع المستخدمة في الأعمال شيوعًا وربما أكثرها قيمة، ومع هذا- ولسبب ما- كثيرًا ما يعامَل الوقت وكأنه لا قيمة له أبدًا؛ ولهذا فإنني أدعوكِ إلى الاستماع إلى نصيحة (الساعة الأسبوعية) التي توفِّرين بها وقتك وتنظمين بيتك، وهيا معي نستعرض ماذا تستطيعين أن تقدميه لبيتكِ في ساعة.
تجولي معي داخل البيت هل لاحظتِ وجودَ بعض الأشياء العديمة الفائدة أو الزائدة عن الحاجة، وغالبًا ما تكون قد بدأت تتعرض للتلف؟! فكِّري في أسلوب جديد للانتفاع بها، كما يلي:
1- أواني بلاستيكية مستعملة وعلب فارغة.. فكِّري معي.. لِمَ لا تَقُومين بتجميلها وتجعلينها أحواضًا للزهور أو مستودَعًا للأشياء الصغيرة، مثل المسامير وغيرها.
2- لديكِ مفكِّرات وكراسات قديمة وبها ورق أبيض فارغ.. ما رأيكِ في أن تقطِّعيه قطعًا متساويةً وتستخدميه كورق مكتب.. فكم من مرة تبحثين عن ورقة تكتبين عليها ملاحظةً ولا تجدين!!(1/72)
3- ملابسكِ القديمة.. قُومي بفَرْزِها، وسوف تجدين بعضها قد ضاق عليك، اغسليها وقومي بِكَيِّها وتصدَّقي بها؛ إن الكثيرين سوف يَسْعَدون بها- رغم أنها قديمة- لأنهم بحاجة إليها، فلا تحرمي نفسكِ من الأجر أبدًا.
4- الملابس التي لا تصلح للاستعمال، قومي بقَصِّها بطريقة منتظمة، واستعملي النوع الجيِّد من القُماش فيها كقواعد للأطباق والأكواب، والنوع العادي كقطع قماش للمطبخ.
5- الأحذية.. احتفظي دائمًا بأسفنجة التلميع ووسائله.. انظري إلى القديم منها وأصلحيه إذا كان يحتاج إصلاحًا.. إن لم تستعمليه أعطيه لمن تستحقه.. قومي بعمل"رفٍّ"للأحذية بالقُرب من باب البيت يرتفع عن الأرض20 سم؛ ليسهل عليكِ تناول الحذاء ويُبْعِد أَتْرِبَتَه عن الأرض
6- الجوارب.. انظري إلى الجوارب التي لديكِ.. ما الذي يحتاج حياكة، وما الذي انتهى عمره، هل تريدين شراء عدد جديد منهم، اكتبي ذلك في خطتك الأسبوعية.
7- الملابس الصيفية والشتوية.. قومي بتخزين ما لا يناسب الموسم بطريقة جيدة تحفظها من (الأَرَضَة) وتكون سهلة التنظيم، وأَعِدّي قائمةً بالملابس التي قُمتِ بتخزينها؛ حتى تستطيعي في الموسم الجديد أن تحددي ما الذي يحتاج إلى شراء..
8- الفحص الدوري للسباكة والكهرباء.. يجب أن يكون لكِ فحصٌ دوريٌّ للسباكة والكهرباء في بيتكِ، لا تهملي في إحضار المختص، فإن العمل الذي يكلفُكِ دولارًا اليوم من الممكن أن يكفَك مائةً إذا أُهْمِل.
9- احتفظي بملفات في بيتكِ في مكان واحد سهل الوصول إليه، لا تهملي في أوراقك، وإذا كنتِ تملكين ماسحةً ضوئيةً موصولةً بجهاز حاسوب فقومي بعمل نسخةٍ من كل الملفات على الحاسوب بطريقةٍ منتظمة تمكنك من الحصول على نسخة مما تحتاجين إليه منها في أي وقت، دون أن تَمَسَّ الأصل، وإليكِ أمثلة على الملفات التي من الممكن أن تحتفظي بها:
- ملف لكل فرد بالأسرة: به شهاداته وصوره، وصور شهادات الميلاد، والبطاقة الشخصية، وجواز السفر، ورقم التأمين، ونسخة من السيرة الذاتية، والشهادات الصحية وكل الأوراق التي تخص كل فرد.
- ملف للسيارة: به على سبيل المثال عقد الشراء، صورة من الرخصة، تاريخ الصيانة، ومواعيد الفحص الدوري، وموعد تجديد الرخصة.. إلخ.
- ملف مالي.. به الموقف الضريبي، وفواتير الكهرباء والمياه والهاتف والجوال وبطاقة الائتمان.
- ملف للأجهزة الكهربائية بالبيت، به الفاتورة، وعقد الصيانة والضمان، ويمكنك استخدام برنامج (مايكروسوفت إكسل) لعمل قاعدة بيانات عن كل الأجهزة المستخدمة في بيتك بسهولة جدًّا.
- هاتف المنزل.. اجمعي أرقام الهاتف التي تستخدمينها في مفكرة واحدة، وضعيها بجوار الهاتف دائمًا، ولا تنقليها من مكانها بجوار الهاتف لأي سبب، وإذا كان هاتفك يشتمل على ذاكرة تليفون فلماذا لا تستخدمينها، فإن ذلك يوفر عليك وقت البحث والطلب.
والآن.. هل تعلمين أهمية هذه الساعة.. أعتقد أنك ستعيدي التفكير مثلما فعلتُ أنا في أول مرة قمت فيها بتنظيم بيتي، مستخدمةً أوقاتَ فراغي.. لقد أعدتُ التفكير مرةً ثانيةً في كل دقيقة أُنْفِقُها في غير فائدة، وقرَّرْت أن يكون تنظيمُ بيتي هو البداية الصحيحة لاستثمار وقتي، وبعد ذلك مشاريع كثيرة في حياتي سوف أنجزها من خلال استثمار ساعة أسبوعيًّا لتنظيم شئون حياتي.
قال علي - رضي الله عنه -:"من أمضى يومًا من عمره في غير حَقٍّ قضاه أو فَرْض أدَّاه أو مجد أَثَّله- ورَّثَه - أو حَمْدٍ حَصَّله أو خير أسَّسَه أو علم اقتبَسَه فقد عَقَّ يومَه وظَلَم نَفْسَه".
http://www.ala7rar.netالمصدر:
==============
الوقت... رؤية إيمانية
د. شيخة المفرح
إن نعم الله على الإنسان كثيرة متتابعة لا يستطيع عدّها { وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا}، ومن هذه النعم نعمة الوقت، قال - تعالى -: {وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالْنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالْنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } { وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا ً}.
ولبيان قيمة هذه النعمة أقسم الله بها في مطلع بعض السور مثل: {وَالْفَجْرِ}{وَالضُّحَى }{وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى}، والمغبون من فرط في هذه النعمة، قال - عليه الصلاة والسلام -: "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ".
وما فراغك يا أختاه إلا جزء من وقتك الذي ستسألين عنه يوم العرض الأكبر، قال - عليه السلام -: "لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع خصال، عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن علمه ماذا عمل به".
وما عمرك يا أختاه إلا وقتك، وما شبابك إلا زهرة هذا الوقت الذي ينبغي عليك حسن استثمار دقائقه قبل ساعاته، وساعاته قبل أيامه.
ولتعلمي أن الوقت يتصف بوصفين:
الأول: سرعة انقضائه وهذا ملحوظ مشاهد، وأما الثاني: فإن ما فات منه لا يعوض وما يذهب منه لا يعود، ومن قال: "الوقت من ذهب" فقد أخطأ؛ لأن الوقت أغلى من الذهب، فالذهب يمكن تعويضه، ولكن الوقت لا يعوض ولو قدمت جميع ما تملكين لتعويضه أو استعادة ما فات منه.
والمفرط في وقته يحس بالندم في موقفين:
الأول: عند ساعة الاحتضار، قال - تعالى -: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ * وَأَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ } فيأتيه الرد: { وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاء أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }.
الموقف الثاني: في الآخرة حين توفي كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون، ويدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار قال - تعالى -: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ {36} وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ}... ثم يأتيهم الرد:...{أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ}.
ويرد هذا التساؤل عند بعض الأخوات المسلمات: ما الآفات التي تقتل الوقت؟
فأقول باختصار:
1 - الغفلة: وهي طول الأمل ونسيان الآخرة، والغاية من الخلق.
2 - التسويف: فهي لم تغفل ولكنها تسوف، قال أحد السلف: "سوف جند من جنود إبليس". والتسويف يؤدي للتفريط، قال - عليه السلام -: "اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك".
وقبل الختام أود أن أخبرك ـ أخيتي ـ بالطرق المناسبة للاستفادة من الوقت:
1 - المسارعة في الخيرات. قال - تعالى -: {وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} وقال - تعالى -: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ }.(1/73)
2 - المنافسة في الطاعات. قال - تعالى -: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ }.
3 - تنظيم الوقت وأحوج الناس إلى تقسيم الوقت وتنظيمه هم المشغولون من الناس وأصحاب المسؤوليات.
4 - الاستفادة من العمر الثاني. قال - عليه السلام -: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم نافع، أو ولد صالح يدعو له".
قال الشاعر:
دقات قلب المرء قائلة له
إن الحياة دقائق وثوانِ
فارفع لنفسك بعد موتك ذكرها
فالذكر للإنسان عمر ثانِ
وإذا كان للوقت كل هذه الأهمية فإن على المسلم واجبات نحو وقته ينبغي أن يدركها وأن ينقلها من دائرة المعرفة إلى الواقع والتنفيذ، فأول ما يجب على المسلم تجاه وقته: المحافظة عليه والاستفادة منه كما يحافظ على ماله بل أكثر من ذلك، يقول الحسن البصري - رحمه الله -: "أدركت أقواماً كانوا على أوقاتهم أشد منكم حرصاً على دراهمكم ودنانيركم"، ويقول عمر بن عبد العزيز - رحمه الله -: "إن الليل والنهار يعملان فيك فاعمل فيهما".
وما أجمل ما قاله ابن القيم - رحمه الله -: "إن العبد حين استقرت قدمه في هذه الدار فهو مسافر منها إلى ربه، ومدة سفره هي عمره، والأيام والليالي مراحل، فلا يزال يطويها حتى ينتهي السفر ـ ثم قال ـ والناس ينقسمون إلى قسمين: فمنهم من يطوي سفره بما يقربه إلى دار الشقاوة، ومنهم من يقربه إلى دار السلام".
وقال ابن مسعود - رضي الله عنه -: "ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه، نقص فيه أجلي ولم يزيد فيه عملي".
وصدق الشاعر:
إذا مرّ يوم ولم أقتبس هدى
ولم أستفد علماً فما ذاك من عمري
وقال الحسن - رحمه الله -: "المبادرة.. المبادرة فإنما هي الأنفاس؛ لو حبست انقطعت عنكم أعمالكم التي تتقربون بها إلى الله، رحم الله امرأً نظر إلى نفسه، وبكى على ذنوبه، ثم تلا: {إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا..}.
وأخيراً أذكرك ـ أخيتي ـ بقول القائل: "الدنيا ساعة فاجعلها طاعة، والنفس طماعة فألزمها القناعة".
وأسأل الله أن يرزقني ويرزق كل من قرأ هذه السطور حسن استغلال الأوقات في الطاعات، وتدارك ما فات، والاجتماع في الجنات.
http://www.lahaonline.com المصدر:
=============
مفهوم أهمية الوقت
أقسم الله - عز وجل - بالوقت ((الزمن)) في أكثر من موضع في القرآن الكريم مما يؤكد ما للوقت من أهمية عظمى في الإسلام يحاسب عليها الإنسان يوم الحساب، هل ضيعه في أعمال غير مجدية ــ غير نافعة ــ أم استخدمه في الأعمال الصالحة ــ.
وتعتمد فاعلية الرئيس ــ المدير ــ على مدى قدرته على توزيع أعماله على الوقت المتاح له وعدم تضييع ذلك في أعمال غير مجدية ولا تحقق الهدف المطلوب.
المقصود بالوقت:
يعرف الفيروز آبادي (ت 817 هـ) مصطلح الوقت باعتباره: ((المقدار من الدهر)) ص 208.
وهو بهذا يشير إلى أن الوقت هو الكم المقتطع من الزمن سواء كان هذا الكم قصيراً أو طويلاً.
وتقسيم الوقت وتوزيعه بما يسمح الاستفادة منه يمثل أحد اهتمامات الإدارة الحديثة المعاصرة وبما يعرف الآن بمفهوم إدارة الوقت، وفي هذا يشير الحميدي (1414 هـ) إلى أن إدارة الوقت تعني:
((ضبطه وتنظيمه واستثماره فيما يعود بالفائدة على الفرد والمجتمع سواء من ذلك وقت العمل والدراسة الذي يمثل التزاماً بين الفرد وبين الجهة التي يعمل فيها أو المدرسة والجامعة التي يدرس فيها، أو الوقت المتبقي بعد ذلك الوقت الخاص بالفرد ذاته، وكلا النوعين مترابطان: وقت العمل والوقت الحاضر ويؤثر كل منهما على الآخر.
فالاستخدام الأمثل للوقت الخاص يكون ذا تأثير إيجابي معين يعود على وقت العمل بالنسبة للموظف أو صاحب العمل أو الدراسة بالنسبة للطالب، والاستخدام السيئ للوقت الخاص أيضاً سوف يعود سلبياً على وقت العمل ووقت الدراسة، والفارق بين إدارة الوقت في العمل وإدارة الأوقات الأخرى، أن المدير لوقت العمل تتعدى إدارته لوقته إلى إدارة الآخرين الذين يعملون تحت إشرافه، في حين إدارة الأوقات الأخرى تكون إدارة ذاتية تخص الشخص نفسه وهو المسئول عنه والمتحمل لنتائجها))ص4.
أدلة من القرآن الكريم على أهمية الوقت:
من هذه الأدلة ما أقسم بها الله - سبحانه وتعالى - بالزمن:
1 ــ فقال - تعالى -: (والعصر إن الإنسان لفي خُسر إلا الذين ءامنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر) سورة العصر 1 ــ 3 وفي هذه السورة العظيمة أقسم الله - سبحانه وتعالى - بالعصر وهو الدهر والزمن والوقت، وقد ذكر القرطبي (ت 671 هـ) في تفسيره لهذه السورة: ((أي عصر أقسم الله به - عز وجل -، لما فيه من التنبيه بتصرف الأحوال وتبدلها، وما فيها من الأدلة على المصانع وجواب القسم إن الإنسان لفي خسر أي غبن)))جـ 20 ص 122).
ومن ذلك تتضح أهمية الوقت حيث بيّن الله - سبحانه وتعالى - أن من لم يعمل الصالحات من الأعمال المفروضة عليه فهو في خسران عظيم.
2 ــ قال - تعالى -: (أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير) سورة فاطر 37. وقد علق على هذه الآية خلدون الأحدب (1407 هـ): ((لقد كانت أعماركم التي وهبناكم بين أيديكم تكفي لمن أراد أن يتذكر ويتفكر ويعمل صالحاً))ص 25.
ومن هذا المنهج القرآني الكريم يمكن أن نستخلص أهمية الوقت للإنسان المسلم حيث ألقى عليه هذا المنهج مسئولية استغلال الوقت الاستغلال الأمثل الذي يحقق مرضاة الله - تعالى - وفائدة الإنسان، فالوقت عنصر هام يجب على الفرد أن يتنبه إلى الاستفادة منه سواء على مستوى الفرد أو على مستوى الجماعة المسلمة.
أدلة من السنة النبوية الشريفة في أهمية الوقت:
1 ــ عن أبي برزة الأسلمي - رضي الله عنه - قال: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن علمه ما عمل به؟ وعن ماله من أين أكتسبه وفيم أنفقه؟ وعن جسمه فيما أبلاه؟)) رواه الترمذي (جامع الأصول جـ 10، ص 436).
2 ــ عن ابن عباس - رضي الله عنه - ما قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة، والفراغ)) رواه البخاري، (جـ 7، ص 218).
3 ــ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك)) رواه الحاكم في المستدرك، (جـ 4، ص 306).
4 ــ عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن لا يقوم حتى يغرسها فليفعل)) مسند الإمام أحمد (جـ 3، ص 191).
وتؤكد السنة النبوية الشريفة على أهمية أن يتنبه الإنسان على استغلال الوقت في مراحل حياته المختلفة بداية من الصغر وحتى يتقدم به السن، كما تتسع هذه الأهمية لتشمل أهمية استفادة الفرد ليس فقط من وقت العمل بل أيضاً من وقت الفراغ بعد الانتهاء من العمل.
تطبيق مفهوم أهمية الوقت في صدر الإسلام:
ذكر الطبري في ــ الجامع الكبير ــ (ت 310 هـ): ((عن عمارة بن خزيمة بن ثابت قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول لأبي: ما يمنعك أن تغرس أرضك؟ فقال له أبي: أنا شيخ كبير أموت غداً، فقال له عمر: أعزم عليك لتغرسنها، فقال عمارة: فلقد رأيت عمر بن الخطاب يغرسها بيده مع أبي))، (جـ 1، ص 1274).(1/74)
وذكر ابن عبد البر في ــ جامع بيان العلم ــ (ت 463 هـ): ((عن نعيم بن حماد قال: قيل لابن المبارك: إلى متى تطلب العلم؟ قال: حتى الممات إن شاء الله))، (جـ 1، ص 96).
وذكر ابن قيم الجوزية (ت 597 هـ): (وقت الإنسان هو عمره في الحقيقة، وهو مادة حياته الأبدية في النعيم المقيم، ومادة معيشته الضنك في العذاب الأليم، وهو يمر مر السحاب فما كان من وقته لله وبالله فهو حياته وعمره، وغير ذلك ليس محسوباً من حياته وإن عاش فيه عيش البهائم، فإذا قطع وقته في الغفلة والسهو والأماني الباطلة وكان خير ما قطعه به النوم والبطالة فموت هذا خير له من حياته))، ص 184.
وعلى ذلك فإن المعنى الذي يذهب إليه ابن القيم أن الوقت بالنسبة للإنسان عنصر هام إذا لم يكن محسوباً له بخير فهو محسوب عليه بشر.
يورد هناد بن السري في ــ الزهد ــ (د. ت) عن الإمام الحسن البصري: ((إياك والتسويف، فإنك بيومك، ولست بغدك، قال: فإن يكن غد لك، فكس (الفطانه والعقل) فيه كما كست في اليوم، وإلا يكن الغد لك، لن تندم على ما فرطت في اليوم)) الجزء الأول، ص 289.
إدارة الوقت:
يشير الحميدي (1414 هـ):
((إلى زيادة الاهتمام بموضوع إدارة الوقت في علم الإدارة المعاصرة، وأن إدارة الوقت أصبحت من الموضوعات التي يتناولها علماء الإدارة في أبحاثهم وكتاباتهم المتنوعة، كما يشير وتر (wetter) إلى وظائف الإدارة التقليدية من تخطيط وتنظيم وتدريب وتنسيق وتوجيه وإشراف ورقابة ومتابعة باعتبارها سلسلة يجب أن تنفذ من خلال دورة زمنية محسوبة بدقة تتضمن سرعة الإدارة وفاعليته. كما تناول آخرون ــ درويش، والحمامي ــ مفهوم الترويح وأوقات الفراغ ودور المؤسسات التربوية في استغلالهم والاستفادة منتهم)). ص 5.
أهمية الوقت للإدارة التربوية:
تتضح أهمية الوقت للإدارة التربوية المدرسية من قدرة العاملين على تحقيق الاستفادة المثلى من الوقت المتاح للعمل المدرسي، والاستفادة من هذا الوقت في تنفيذ المنهج المدرسي بكل أنشطته المختلفة في الوقت المحدد له.
كذلك تتضح هذه الأهمية في استغلال جميع العاملين بالمدرسة والطلاب الدارسين بها للوقت المتاح فيما يفيد الجميع ويحقق الأهداف المدرسية التي وجدت من أجلها المدرسة، ولا تقتصر أهمية الوقت على الاستفادة من المدرسة خلال وقت الدوام الرسمي بل تمتد لتشمل قدرة الإدارة المدرسية فيما يتعلق بوقت الفراغ الذي يمكن أن يستغل لصالح الأنشطة الترفيهية والأنشطة المجتمعية المفيدة لكل من الطالب والبيئة التي يعيش بها.
وتتمثل أيضاً أهمية استغلال الوقت أمام الإدارة المدرسية باعتباره نموذجاً تعليمياً تقدمه للنشء الصغير كمثال يحتذى من قبل الطالب في الاستفادة من الوقت في حياته الشخصية.
تطبيق مفهوم أهمية الوقت:
أساليب تطبيق مفهوم أهمية الوقت كما يراها الباحث ما يلي:
1 ــ احترام الوقت والقدرة على تثمينه.
2 ــ التبكير في الحضور للمدرسة والخروج بعد مغادرة جميع العاملين بالمدرسة.
3 ــ الاستفادة من وقت الدوام المدرسي وذلك بوضع جدول زمني لأعمال المدرسة اليومية والأسبوعية والشهرية ونهاية الفصل الدراسي.
4 ـ إنجاز الأعمال الأكثر أهمية أولاً حسب قاعدة: الأهم فالمهم.
5 ــ وضع جدول زمني لخطة العمل يساعد في تنفيذها بالشكل المطلوب.
6 ــ تقسيم المعلم للمنهج المدرسي وأنشطته المصاحبة زمنياً على مدى شهور السنة الدراسية.
7 ــ حث المعلمين على توزيع أنشطة الدرس على زمن الحصة.
8 ــ تحديد أوقات زمنية للاجتماعات المدرسية المختلفة.
9 ــ وضع جدول أعمال يعرض على الأعضاء قبل الاجتماع بفترة زمنية مناسبة.
10 ــ تقسيم العمل اليومي للإدارة المدرسية بما يكفل التوزيع الصحيح للوقت المتاح أما واجبات الإدارة المدرسية بحيث لا يطغى جانب على الآخر.
11 ــ جدولة المواعيد التي تتعلق بالمقابلات الخاصة واستقبال الضيوف في أثناء اليوم المدرسي.
http://www.moudir.com المصدر:
==============
وقت الإدارة العلمية
الإدارة العلمية كما قد يفهمها البعض وكما يشير الاسم، لا تعني استخدام العلم بمعناه الحرفي في الإدارة ولكنها تعني استخدام أسس علمية مدروسة لتطوير ممارسة إدارية ضد العشوائية والتسيب والصدفة وترك الحبل على الغارب. والآخذ بالأساليب العلمية المتطورة عند اتخاذ القرارات ومعالجة المشاكل الإدارية المستعصية هي الركيزة التي أوصلت الغرب واليابان إلى ما هم عليه اليوم من ازدهار ورفاهية وتقدم صناعي لا يبارى. فالغرب تمكن من توظيف الأساليب العلمية للتحكم في نتائج الثورة الصناعية وتوجيهها التوجه الصحيح حتى أتت آكلها، فعملت المصانع وازدهرت فأصبحت الأمة تأكل ما تنتج وتلبس ما تصنع فاكتملت دورة الإنتاج- الاستهلاك وأصبح الدخل القومي ينمو نمواً فائقاً أوصل هذه المجتمعات إلي قمة الحضارة الحديثة. أما اليابان فقد نجحت نجاحاً منقطع النظير لأنها وظفت الأساليب العلمية المدروسة في غالبية مجالات العمل من القيادة والتدريب والتسويق إلى الإنتاج المخزون والنقل فأصبحت هناك مفاهيم إنتاجية وتسويقية وتنظيمية خاصة باليابان ساعد تطبيقها على تحقيق الثورة اليابانية الهائلة التي نشاهدها عياناً بياناً.
قد تكون العلاقة ما بين الإدارة العلمية والثورة الصناعية كالعلاقة بين الدجاجة والبيضة لا أحد يدري من أتى أولا ولكن من المسلمات في التاريخ الإداري أن النهضة الصناعية الكبرى التي عاشها الغرب كانت مدفوعة ومدعومة بأساسيات عرفت أول مرة مع بروز ما يسمى بالإدارة العلمية. فالثورة الصناعية حدثت بسبب الاستفادة من اختراعات وتقنيات وتطورات فنية حصلت في تخصصات مختلفة كالفيزياء والاتصالات والهندسة الميكانيكية وغيرها أما استمرار المسيرة الصناعية ونضوجها وتوسعها حتى وصلت إلي قمة المجد والحضارة الصناعية في منتصف هذا القرن فقد تمت على أكتاف الإدارة وخاصة الإدارة العلمية.
إغفال الأسس العلمية للإدارة في السابق قد يجد له مبررات معقولة حيث الطلب المتزايد والسوق الناشئ والمستهلك المندفع. ولكن في أيامنا هذه الوضع مختلف تماماً. فالطلب يتجه نحو التقلص والسوق نحو (الزحمة) والمستهلك تحول إلى مشتري متردد ومتسائل، ولن تكون نظرة متطرفة إذا توقعنا أن يكون مستهلك رشيد يوازن التكاليف الحدية مع المنفعة الحدية ويشتري بأسلوب علمي واقتصادي ويهتم بمعادلة السعر/ الجودة وهذه صفات لم تكن موجودة في عصر الطفرة والبتر ودولار.(1/75)
اليوم ومع تهديدات العولمة وتطورات التقنية الإلكترونية سيصبح الأسلوب العلمي"حتمية"في التسويق والإنتاج والتنظيم وأداره العناصر البشرية. لذا، يجب على الشركات الوطنية أن تنمي قدراتها في هذا المجال وأن تعمل بشكل جدي على الاستفادة من أسس القرار العلمي في الإدارة. وهذا المطلب ليس دعوة إلى اكتشاف نظريات جديدة في الإدارة فالأسلوب العلمي حقيقة موجودة ويسهل الوصول أليها، نحن فقط بحاجة إلى الركض. الجامعات السعودية مثلاً تملك القدرة على تخريج طاقات وطنية من الممكن أن تساعد الشركات على تصميم نظم علمية لإدارة عملياتها ووظائفها المختلفة. وخريجو أقسام بحوث العمليات والأساليب الكمية وأداره الأعمال والاقتصاد لديهم القدرة العلمية إن وجدوا التشجيع والفرصة. ولكن لدينا أضحى"وضع الشخص الغير مناسب في المكان الغير مناسب"ظاهرة مستفحلة بفعل الواسطات والمحسوبيات. وإلا ما الذي يجعل خريج المكتبات، مثلاً، يعمل في إدارة الإنتاج في مصنع منظفات،"وعند العرب كله صابون"!!
التأسيس العلمي للإدارة سيفيد في ترشيد الاستهلاك وتقليص التكاليف لدى الشركات الوطنية؛ لأنه يطور معادلات بسيطة تصور الوضع المعقد للشركة ومن هنا يسهل استنتاج الطرق المؤدية إلى زيادة الأرباح أو خفض التكاليف. فمثلاً في الإدارة بالأسلوب العلمي ستختفي وإلي الأبد ظاهرة"إعلانات الموضة" التي تظهر بين الفينة والأخرى بناء علي رغبة شخصية أو مزاجية مسيطرة أو تقليد أعمى. الإعلان في الأسلوب العلمي يسعى إلي تعظيم الفائدة (optimization) بتحقيق توازن مدروس للنواحي الاستراتيجية والاقتصادية لينتج (صيغة) إعلانية توازن بين التكلفة واحتمالات الإقبال الاستهلاكي (الشراء) وتكون مدروسة وقتاً وأسلوباً بحيث تحقق الهدف المرجو بأسلوب علمي وليس بطريقة عشوائية قد تصيب وقد تخطئ.
http://www.dr-alotaibi.com المصدر:
===============
( التحضير للمذاكرة ) الوقت يكشف الحقيقة
تنظيم الوقت هو اتباع جدول معين لتنظيم المذاكرة في نطاق المشاغل العائلية والحياتية.
** توجيهات :
• راقب وقتك.
• لاحظ كيف تقضي وقتك.
• كُن حريصاً على استثمار وقتك: معرفة كيفية قضاء وقتك سيساعدك على تخطيط واستكمال واجباتك المدرسية.
• اكتب أعمالك في جدول , ورتبها حسب الأهمية، قسم أعمالك إلى ما ستؤديه فوراً وما ستعمله في وقت لاحق.
• احصل على جدول أعمال أو مذكرة يومية ( أسبوعية )، اكتب مواعيدك وحصصك واجتماعاتك حسب جدول زمني. كُن دائماً على معرفة بأعمالك
اليومية , ولا تنم يوماً دون أن تعرف واجباتك لليوم التالي .
• احصل على جدول أعمال للمدى البعيد. استخدم جدولاً شهرياً لتُخطط للمستقبل. التخطيط على المستوى البعيد يُساعدك في الاستفادة من وقت فراغك.
** تخطيط جدول مثمر للمذاكرة :
• خُذ قسطاً كافياً من الراحة, و الغذاء الصحي , ولا تنسَ وقتاً للمرح أيضاً .
• رتب الواجبات حسب الأولويات.
• استعد للنقاش والأسئلة الفصلية قبل الحصة.
• رتب وقتاً لمراجعة محاضراتك بشكل فوري بعد الحصة.
ملاحظة: النسيان يكون أكثر بعد مرور ال24 ساعة الأولى.
• رتب فترات للمذاكرة مدتها خمسون دقيقة.
• ذاكر في مكان خالٍ من الإزعاج.
• خطط لاستخدام وقت فراغك.
• حاول أن تجعل أوقات دراستك خلال ساعات النهار ما أمكن .
• راجع جدول أعمالك أسبوعياً واحرص على أن تكون ملتزماً به .
• إن الرضا الذي ستحظى به نتيجة إتمام عملك, سيشعرك بنتيجة إنجازك.
المصدر : http://www.iss.stthomas.edu
==============
فن إدارة الوقت
أعمارنا.. كم نستغل منها؟ وكم نضيع؟
عبد الله آل سيف
هذا الموضوع يهم طائفة من الناس، وهم الذين يشعرون أن الوقت المتاح لا يكفي لقضاء كل الأعمال والطموحات التي يريدونها، وبالتالي: فهم بحاجة ماسة إلى قواعد في فن إدارة الوقت، إذن... فهذا الموضوع يهم أصحاب الطموحات والمشاريع والهمم العالية، أصحاب الإبداع والابتكار.
وفي الحقيقة فإن أصحاب الهمم العالية يشكون من ضيق الوقت، وهذه الشكوى، وإن كانت صحيحة من جانب لقصر أعمار بني البشر، إلا أنها ليست صحيحة من جانب آخر.
ووجه ذلك: أن المشكلة ليست في الوقت فحسب، ولكن المشكلة تكمن أيضاً في طريقة إدارة الوقت بفعالية ونجاح، ولذا: تجد من الناس من يستطيع ـ بحسن إدارته لوقته ـ أن يعمل الشيء الكثير.
ولسنا بصدد الحديث عن أهمية الوقت؛ لأن هذا موضوع آخر وفيه من النصوص الشرعية وكلام السلف والعلماء والحكماء ما يضيق عنه المقام(1).
لكن سنعرض إحصائية دقيقة تبين أهمية العمر والحرص عليه بما يثير الغيرة لدى الإنسان المسلم.
لنفرض أن الإنسان يعيش عمراً افتراضياً مدته سبعون سنة، فإذا ضيع الإنسان خمس دقائق يومياً فإن هذا يعني أنه أضاع من مجموع العمر كله ثلاثة أشهر تقريباً (88 يوماً)، وهذا الجدول يوضح المسألة أكثر فأكثر.
-------------------------------------------------------
الوقت من اليوم مجموع الوقت من العمر الافتراضي النسبة المئوية
-------------------------------------------------------
- خمس دقائق ثلاثة أشهر 0.35%
- عشر دقائق ستة أشهر 0.71%
- عشرون دقائق سنة كاملة 1.42%
- ساعة كاملة ثلاث سنوات 4.28%
- عشر ساعات ثلاثون سنة 42.85%
-------------------------------------------------------
ثم إذا نظرت إلى مجموع الأنشطة التي تستهلك الوقت تجد أنها كثيرة جداً، وهي ـ وإن كان بعضها ضرورياً ـ لكن بعضها الآخر غير مفيد وغير فعال.
وهذا يتضح في الجدول التالي:
------------------------------------------------------------
نوع النشاط ما يستغرقه بالسنوات النسبة المئوية من العمر كله
-------------------------------------------------------------
النوم، بمعدل ثمان ساعات يومياً 23 32%
العمل، (من 7-2.5) يومياً 21.5 30.7%
الأكل والشرب، بمعدل ساعة ونصف يومياً 4.5 6.4%
------------------------------------------------
نوع النشاط ما يستغرقه بالسنوات النسبة المئوية من العمر كله
-------------------------------------------------------------
- الأعمال المعتادة والمراجعات الحكومية
(بمعدل نصف ساعة) 1.5 2.14%
- الأعمال المنزلية والرحلات والتنزه
(بمعدل ساعة واحدة يومياً). 3 4.28%
- اللقاءات الاجتماعية والودية بين الأصدقاء
(بمعدل نصف ساعة يومياً). 1.5 2.14%
- التنقل من مكان لآخر
(بمعدل نصف ساعة يومياً). 1.5 2.14%
- الاتصالات الهاتفية
(بمعدل نصف ساعة يومياً). 1.5 2.14%
-----------------------------------------------------------------
المجموع 61 سنة 87%
الباقي 9 سنوات 12.85%
فإذا حذفت من ذلك فترة المراهقة وزمن الطفولة فكم يا ترى يبقى من الوقت للمشاريع الطموحة والأعمال الكبيرة، والأهداف النبيلة.
ولا ننسَ أن هذه التقديرات هي متوسط الوقت الذي يقضيه عامة الناس مع إمكانية أن يكون هناك إنسان يزيد على هذا المتوسط من الوقت المبذول لكل نشاط، كما أن هناك مَن ينقص من هذا ويكون شحيحاً بوقته إلى درجة الاقتصار على أقل قدر ممكن مما يستحقه كل نشاط.
أقسام الوقت:
1- الوقت المادي الميكانيكي: وهو مقياس لحركة جسم مادي بالنسبة لجسم مادي آخر، كالفترة التي تستغرقها الأرض في الدوران حول الشمس، ووحدات هذا القسم: الثانية، والدقيقة، والساعة، واليوم.(1/76)
2- الوقت البيولوجي: وهو الوقت الذي يقاس فيه تطور الظواهر البيولوجية ونموها ونضجها وكمالها، ووحدته هي الجسم نفسه، فقد يكون لطفلين عمر زمني واحد كتسع سنوات مثلاً، لكن أحدهما أكثر نضجاً من الآخر من حيث الطول وكمال الجسم وتناسقه.
3- الوقت النفسي: وهو نوع آخر من أنواع الشعور الداخلي بقيمة الوقت، حيث يؤثر الحدث النفسي في ذلك إذا كان سعيداً أو سيئاً أو خطراً أو مهماً، فتبدو الدقائق في الحدث السيء كأنها ساعات، وتبدو الساعات في الحدث السعيد كأنها دقائق.
4- الوقت الاجتماعي: وهو الوقت الذي يربط فيه تقدير الوقت بأحداث اجتماعية مهمة إما عالمية أو محلية، ولذا: نسمع كبارالسن يؤرخون بحياة فلان وفلان (2).
قواعد إدراة الوقت:
* القاعدة الأولى:
تحديد الأهداف والأولويات: هناك مثل قديم ساخر يقول: عندما لا تعرف أين تتجه فإن كل الطرق توصلك، وتحديد الهدف أمر على قدر كبير من الأهمية.
وللأسف فإن من التخلف الحضاري الذي تعيشه الأمة ما يمكن أن نسميه بأزمة الهدف أو غياب الأهداف وخاصة الأهداف الوسطى التي تخدم الهدف الأعظم(3).
- أقسام الأهداف:
يمكن أن تقسم الأهداف إلى ثلاثة أقسام:
1- الهدف الأكبر: وهو أهم هدف يسعى له الإنسان ونجد ما عداه من الأهداف تخدم هذا الهدف، وهو بالنسبة للإنسان المسلم: تحقيق العبودية لله (عز وجل)، وبالنسبة للماديين: تحقيق أكبر قدر ممكن من اللذة والمصلحة والمتعة.
2- الأهداف الوسطى: وهي مجموعة من الأهداف تخدم الهدف الأكبر؛ مثالها بالنسبة للإنسان المسلم: الدعوة إلى الله، الصلاة، طلب العلم، بر الوالدين....الخ.
3- الأهداف الصغيرة: وهي ما يمكن أن يعبر عنها بأنها مجموعة من الوسائل التي تخدم الأهداف الوسطى؛ مثالها: طلب العلم هدف أوسط وهناك مجموعة من الوسائل والطرق والوسائل لتحقيقه.
علماً بأن كل هدف هو بالنسبة لما فوقه وسيلة وبالنسبة لما تحته هدف.
وبناء على هذا التقسيم: تكون هذه الأهداف على شكل هرم، حيث يتبوأ الهدف الأعظم القمة وتليه الأهداف الوسطى الخادمة له، ثم تمثل الأهداف الصغيرة قاعدة الهرم.
- تدوين الأهداف:
1- دون أهدافك بنفسك أو بالتعاون مع المجموعة التي تعمل معك في نفس القطاع أو المؤسسة.
2- احرص على كتابتها؛ فهذا أدعى لعدم نسيانها.
3- لاحظ أن تكون الأهداف ذات معنى سامٍ قابل للنمو والتطور، وينم عن همة عالية.
4- الاهتمام في سبيل تحقيق الهدف بالكيف لا بالكم.
5- الوضوح في صياغة الأهداف.
6- أن تكون الأهداف واقعية وممكنة التحقيق(4).
- معايير خاطئة لتحديد أولويات العمل:
1- إذا كنت تقدم العمل الذي تحبه على العمل الذي تكرهه.
2- إذا كنت تقدم العمل الذي تتقنه على الذي لا تتقنه.
3- إذا كنت تقدم العمل السهل على العمل الصعب.
4- إذا كنت تقدم الأعمال ذات الوقت القصير على ذات الوقت الطويل.
5- إذا كنت تقدم الأعمال العاجلة على غير العاجلة وإن كانت مهمة(5).
* القاعدة الثانية:
تسجيل الوقت وتحليله: الكثير من الناس يجهلون كيف يقضون أوقاتهم، ولذا: نجد البون شاسعاً بين ما يفعلونه في الواقع وبين ما يريدون أن يفعلوه، فإذا كان ما يريد أن يفعله الواحد منهم من الأنشطة يستغرق 90 (نقطة) يجد أن ما يفعله في الواقع لم يتجاوز 10 (نقاط) مما يريد أن يفعله، وهذا يعني التقصير في أداء بعض الأنشطة أو عدم فعلها نهائياً.
المعلومة الدقيقة في تحليل الوقت وتسجيله تقود إلى تعريف دقيق للمشكلات ومضيعات الأوقات، ومن ثم: تساعد على التخطيط السليم لقضاء الوقت(6).
- أنواع تسجيل الوقت:
1- السجل اليومي للوقت: يركز فيه على الوقت تحديداً، والمكان، ونوع النشاط، وترتيب الأنشطة في الأهمية.
2- السجل الشهري: يركز فيه على الوقت ابتداءً وانتهاءً، والتاريخ، وكيفية قضاء النشاط، منفرداً أو في اجتماع، ومكان النشاط وأهميته.
3- سجل ملخص الوقت: يركز فيه نوع الأنشطة، مجموع الوقت المخصص لكل نشاط في السنة كلها بالنسبة المئوية، ومن ثم المقارنة بين الأهمية والنسبة المئوية المخصصة له(7).
* القاعدة الثالثة:
التخطيط لقضاء الوقت: كثير من الناس يحب أن يعمل أكثر من محبته أن يفكر، لكن هذا لا يعني بالضرورة أنه صواب.
والسر في ذلك أن الإنسان فيه غريزة حب الإنجاز والعجلة ومحبة رؤية ثمرة العمل مبكراً، والعمل يشبع هذه الغريزة، بخلاف التخطيط والتفكير فنتائجه ليست مباشرة ولا تظهر إلا بعد فترة من الزمن.
والعمل بدون تخطيط يأخذ وقتاً أطول مما يستحق، بخلاف العمل المخطط له فهو يأخذ أقل قدر ممكن من الوقت لهذا العمل.
ولذا: فإن مضيعات الوقت تعترض بكثرة من لا يخطط لوقته، ومن ثم: فهو لم يخطط لإيجاد حلول لها، ولذا يضيع وقته.
ومن يعمل العمل بدون تخطيط تقنعه أقل النتائج الحاصلة، بخلاف من يخطط فإنه لا يرضى إلا بأكبر قدر ممكن من النجاح(8).
-كيف نخطط؟:
1- حدد الأهداف ورتبها حسب الأهمية والأولوية.
2- فكر في الخيارات المطروحة لتحقيق الأهداف واختر أحسنها ثم حدد الوقت بالدقة لتنفيذ الطريقة.
3- حدد المكان المناسب للجميع لتنفيذ العمل.
4- فكر فيمن يقوم بالعمل أنت أو غيرك ومن هو الأصلح في ذلك.
5- افترض حدوث مضيعات للوقت، ومن ثم ابحث لها عن حلول.
6- تجنب الارتجالية في وضع الخطة.
7- لا تعط أي نشاط أكثر من الوقت الذي يستحقه، إذ إن إعطاءه ذلك يعني أن العمل الصغير سوف يتمدد ليملأ الوقت المتاح مع إمكانية الاختصار في الوقت.
8- ضع احتياطات عند فشل النشاط لاستثمار الوقت، فمثلاً عندما يتخلف الطرف الآخر عن الموعد، يفترض أن تستفيد من الوقت وتستثمره في شيء آخر.
9- حاول أن تجمع الأعمال المتشابهة لتقوم بها دفعة واحدة، مثل: إجراء عدة اتصالات هاتفية.
10- تذكر أن بضع دقائق من التفكير توفر بضع ساعات من العمل الشاق، وكما تقول بعض النظريات: إن 80% من الإنتاج تنبع من 20% من العناصر(9).
* القاعدة الرابعة:
التفويض والتوكيل: يعتبر التوكيل الجيد من الأساليب الناجحة لحفظ الوقت، وذلك لأنك تضيف بأوقات الآخرين وقتاً جديداً إليك، وتكسب عمراً إلى عمرك المعنوي.
- أسباب الإعراض عن التفويض:
1- المركزية التي يتشبع بها بعض الأشخاص، حيث لا يثق الشخص بأحد البتة، وأضرار هذه المركزية تظهر عندما يصيب الشخص مرض قاهر أوظرف طارئ حيث يتعطل العمل بدونه.
2- الرغبة في تحقيق أكبر قدر ممكن من النجاح.
وهذه نظرة قاصرة، لأن النظرة البعيدة تقضي بأن التفويض وسيلة ناجحة لاحتمال أن يكون المتدرب فيما بعد مثلك في الأداء أو أحسن منك أحياناً، وبالتالي تحافظ على وقتك وتنجز أكثر(10).
* القاعدة الخامسة:
مضيعات الوقت: مضيعات الوقت داء عضال يشكو منه كل حريص على وقته، وهي قسمان:
1- داخلي من الإنسان نفسه، وينبع هذا غالباً من عدم التخطيط السليم.
2- خارجي من الآخرين: الأسرة والمجتمع.
ومضيعات الوقت قد تكون أموراً نسبية، فمثلاً: قد يأتيك زائر ثقيل الظل بدون ميعاد، ويقتطع جزءاً ثميناً من وقتك، فبينما تشعر أنك على جمر تتلظى، يشعر هو في المقابل بسعادة غامرة وانطباع جيد عن هذا اللقاء.
-مضيعات الأوقات:
1- اللقاءات والاجتماعات غير المفيدة سواءً أكانت عائلية أو غيرها.
2- الزيارات المفاجئة من الفارغين.
3- التردد في اتخاذ القرار.
4- توكيل غير الكفء في القيام بالأعمال، وهو ما يسمى بالتفويض غير الفعال.
5- الاتصالات الهاتفية غير المفيدة.
6- المراسلات الزائدة عن الحد.(1/77)
7- القراءة غير المفيدة، ويدخل فيها فضول العلم عند تقديمها على الفاضل.
8- بدء العمل بصورة ارتجالية بدون تخطيط ولا تفكير.
9- الاهتمام بالمسائل الروتينية قليلة الأهمية.
10- تراكم الأوراق وكثرتها وعدم ترتيبها.
11- عدم القدرة على قول لا، أو ما يمكن أن نسميه بالمجاملة في إهداء الوقت لكل من هب ودب.
12- التسويف والتأجيل(11).
- كيفية السيطرة على مضيعات الوقت:
1- اجمع البيانات اللازمة عن مضيعات الوقت.
2- حدد سبب تضييع الوقت بدقة.
3- ضع عدداً من الحلول لكل مضيع للوقت ثم اختر أنسبها.
علماً بأن السيطرة على مضيعات الوقت لا يعني بالضرورة إزالتها بالكلية لأن بعض هذه المضيعات ضروري ومهم، ولكن لابد من السيطرة عليه بدلاً من السيطرة علينا.
وقد ذكر المصنفون في هذا الباب حلولاً مستقلة لكل مضيع من المضيعات لم نر متسعاً لذكرها هنا لكثرتها.
إلماحات مهمة:
1- إدارة الوقت الناجحة لا تعني بالضرورة تخفيض الوقت اللازم لتنفيذ كل نشاط معين، بل تعني قضاء الكمية المناسبة منه لكل نشاط.
2- يستحيل أن تكون جميع الأعمال في درجة واحدة من الأهمية، وهذا يعني أنه لابد من ترتيب الأولويات.
3- عالج مضيعات الوقت بحلول جذرية لا وقتية.
4- تحكم في الوقت المتاح ولا تترك الوقت هو الذي يتحكم فيك، فبادر بالأعمال وانتهز الفرص.
5- إنما تكمل العقول بترك الفضول؛ الفضول في القول أو الفعل(12).
6- ساعة وساعة: ينبغي للإنسان أن يجعل جزءاً من وقته للترويح عن نفسه لأن القلب إذا كلّ عمي، وينبغي أن يكون الترويح بشيء مفيد كقراءة الأدب والشعر والتاريخ، أو الرياضة المفيدة للجسم كالسباحة؛ قال أبو الدرداء: إني لأستجم قلبي بالشيء من اللهو ليكون أقوى لي على الحق(13).
7- وإذا كانت النفوس كباراً تعبت في مرادها الأجسام (14)
أصحاب الهمم العالية والمشاريع الطموحة يتعبون أجسامهم ولا تكفيهم الأوقات المتاحة لتحقيق كل طموحاتهم.
8- لكل وقت ما يملؤه من العمل؛ بمعنى أن لكل وقت واجباته، فإذا فُعلت في غير وقتها ضاعت(12).
9- الوقت قطار عابر لا ينتظر أحداً، فإن لم تركبه فاتك.
10- تذكر أن أهم قاعدة في إدارة الوقت هي الانضباط الذاتي النابع من إرادة جبارة عازمة على الحفاظ على وقتها متخطية كل العقبات التي تعترض طريقها.
11- اعمل بطريقة أذكى لا بمشقة أكثر كانت هذه العبارة هي شعار الجمعية الأمريكية لتقويم المهندسين كمحاولة منها للتمييز بين الشغل والانشغال، وهي تشير إلى التخطيط السليم لكل عمل تعمله(15).
وختاماً أقول: إن من نعمة الله (تعالى) علينا أيضاً أن نوّع لنا العبادات كي نختار منها ما تقوى عليه نفوسنا، فإذا مللنا نوعاً انتقلنا إلى آخر، فلله الحمد والشكر على ذلك حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه.
الهوامش :
(1)انظر مثلاً: كتاب قيمة الزمن عند العلماء، عبد الفتاح أبو غدة، وكتاب: سوانح وتأملات في قيمة الزمن، خلدون الأحدب، وغيرهما.
(2)انظر: كتاب أفكار رئيسية في إدارة الوقت، محمد المدني البخاري، ص (12-17).
(3)إدارة الوقت د. نادر أبو شيخة، 95.
(4)إدارة الوقت: د. نادر أحمد أبو شيخة، 98، إدارة الوقت، لمجموعة من الباحثين: ترجمة د. وليد عبد اللطيف هوانة، 347. (5) إدارة الوقت: د. نادر أحمد أبو شيخة، 101.
(6)إدارة الوقت: ترجمة د. وليد عبد اللطيف هوانة، 237 - 244.
(7)أفكار رئيسية في إدارة الوقت، 25، إدارة الوقت - أبو شيخة، 81، إدارة الوقت، د. وليد هوانة، 225.
(8)انظر: إدارة الوقت، ترجمة وليد هوانة، 45، إدارة الوقت، د. أبو شيخة، ص109.
(9)إدارة الوقت، د. أبو شيخة 114، أفكار رئيسية في إدارة الوقت، 53.
(10)إدارة الوقت، هوانة، 377 - 440، إدارة الوقت، أبو شيخة، 239.
(11)أفكار رئيسية في إدارة الوقت، 40، إدارة الوقت، د. أبو شيخة، 125.
(12)سوانح وتأملات في قيمة الزمن، لخلدون الأحدب، 53 - 66.
(13)بهجة المجالس لابن عبد البر، 1/115. (14)ديوان المتنبي، 201.
(15)أنجز أكثر واعمل أقل، بحث قدمه جون. هـ. شريدان، ضمن مجموع البحوث المترجمة، ترجمة وليد هوانة، ص 327، وإدارة الوقت، أبو شيخة، 26.
Cd مجلة البيان
===============
فن إدارة الوقت
اختصره الفريق العلمي بموقع مفكرة الإسلام
الفصل الأول سيطر على وقتك:
:أولاً : أزل من عقلك خرافة[ الوقت حر]
إن التفكير بالأشياء الملموسة مثل السيارات والبيوت أسهل من التفكير بالوقت وذلك لأن لها قيمة ، ولكن لأن الوقت غير مرئي وغير قابل للمس فهو لا يحظى بالاحترام الكافي ، فلو سرق شخص مجوهرات منك فإنك ستنزعج وتخبر الشرطة عن الجريمة ولكن سرقة الوقت في العادة لا تعتبر حتى جنحة ، ومما يدل على هذا أننا نسمع أحياناً قول القائل : اعمل ذلك في وقتك الحر ، أي اعمل ذلك حين لا تكون منهمكاً في أمر مهم ، ولكن الحقيقة هي أنه يجب أن لا يكون هناك شيء اسمه الوقت الحر .
ثانياً : قدِّر لمجهودك ثمرة أعلى من الثمرة الحالية
فإذا بدأت تفكر بأن وقتك فعلاً يساوي ثمرة عظيمة ؛ فلا تفاجئ إذا وجدت نفسك تجني فعلياً تلك الثمرة ، وما سيحصل هو أنك ستبدأ تدرك قيمة الساعة المهدرة ، بعد ذلك ستبدأ بالبحث عن طرق لتقليل الهدر الذي يسببه انعدام الكفاءة ، وربما وهو الأهم ستبدأ بالاختيار بدقة أكثر المشاريع والطلبات ثمرة ، ويجب أن لا تهب وقتك لأحد إلا باختيارك ، ولا تعتبر وقت شخص آخر أكثر قيمة من وقتك .
ثالثاً : حاسب نفسك ودقق في وقتك والمجهود المبذول فيه
إن كنت من الذين لا يستطيعون أن يستثمروا وقتهم بشكل جيد فحاول أن تضع لك سجلاً تدوِّن فيه جداول لوقتك والوقت الذي قضيته في أداء كل عمل من أعمالك ، وربما لا تكون هذه الطريقة ضرورية للناس الذين تعلموا إدارة وقتهم بشكل جيد ، ولكن بالنسبة للشخص الذي يجد صعوبة في إدارة وقته فإن الاحتفاظ بسجل يمكن أن يكون مفيداً كأداة تشخيص ، فالسجل يمكن أن يكون له أثر الصدمة ؛ حتى للناس ذوي الخبرة حينما يدركون كم من الوقت يتم فقدانه ببساطة ، إن السجل لا يترك مجالاً كبيراً لخداع النفس .
الفصل الثاني : نظّم نفسك ورتب أولوياتك
إن معرفة التفاوت في أهمية الواجبات على لائحتك أمر حيوي ، فهذا هو الموقع الذي يتيه فيه الكثير ممن يمكن أن يصبحوا خبراء في إدارة الوقت ، فإنهم يصنعون قائمة بالواجبات ، ولكنهم عندما يبدءون بتنفيذ البنود على القائمة ؛ فإنهم يعاملون كل الواجبات بالتساوي ؛ وحتى يحصل تنظيم النفس وترتيب الأولويات فلابد من اتباع الأمور التالية :
1- يجب عليك أن تحدد وتدون أهدافك .
2- ركز نشاطك وجهودك على المصادر المفيدة لعملك .
إن الانتباه إلى ما سيعطي أفضل العوائد يحررك من الاهتمام والارتباط بالمصادر التي تساهم بشيء قليل أو بلا شيء في نجاحك ، فقد تحتاج إلى إلغاء 80% من مصادرك أو تتخلص من 80% مما كنت تضعه على لائحة أولوياتك .
3- اكتب كل واجبات يومك .
هناك عدة أسباب وجيهة تجعل هذه النصيحة جيدة ، منها :
أ-إذا كانت الواجبات مدونة فبإمكانك أن تنام بعمق أكثر ، حيث يصبح ذهنك صافياً ، ولا يخفى عليك أثر النوم بهذه الصفة على عمل الغد .
ب-إذا كانت الواجبات مدونة فإن عقلك يتحرر ؛ حتى يحل المشاكل ، وليس فقط ليتذكرها ، فأصبح المجهود العقلي متوجهاً إلى عملية واحدة وهي إيجاد النتائج وليس إلى عمليتين ؛ عملية الحل والتذكر.
ج-إذا كانت الواجبات مدونة فأنت تكون قد خطوت خطوة نحو الالتزام ، فإذا كان الواجب لم يكتب فهو على الأرجح لا يستحق التنفيذ.(1/78)
4- اجعل لائحتك شاملة لوقتك وأولوياتك .
وحتى تكون لائحتك عملية فلابد أن :
• لا تعتمد على مذكرات مخربشة على قطع من الورق مبعثرة هنا وهناك .
• لا تعتمد على قصاصات على مكتبك أو ملصقة على الثلاجة ونحوها بواسطة مغناطيس .
• تأكد من وجود لائحتك في مكان واحد على الأقل ، فربما يكون ذلك في مفكرة تحملها معك أو في حاسوب .
• اجعل قائمتك حديثة .
• تأكد من أن تكون القائمة في متناول اليد في كل الأوقات .
5- افحص قائمتك بشكل منتظم واجعل مرؤوسيك يفعلوا ذلك أيضاً .
راجع قائمتك بشكل دوري ، ولابد أن تنظر إليها في الصباح كأول شيء تفعله بدون انقطاع ، وأيضا كلما أعطيت واجبات لمرؤوسيك تأكد من أنهم يحتفظون بقوائم للأمور المطلوبة منهم ، واطلب منهم في الاجتماعات التالية ، أن يحضروا القوائم ويستعملوها كأساس لتقريرهم عن العمل ، وتأكد أنك متى استخدمت القائمة بهذه الطريقة فسوف تتأكد من أن الواجب الذي أمليته لم ينته إلى النسيان .
6- حدد الفقرات على قائمتك بدقة وعلى قدر الطاقة .
يجب أن تكون قائمتك شاملة ، ولكنها يجب ألا تكون موسوعية ؛ وإلا أجبرت نفسك على أكثر من طاقتك ، وقبل أن تغادر المكتب اكتب ستة أشياء أو نحوها لم تتمكن من عملها اليوم ، وتحتاج إلى عملها بشدة في الغد ، وبهذا ستصبح أكثر تركيزاً ، وسرعان ما يحصل لك تحسن ملحوظ في إنتاجيتك .
7- حدد تاريخاً وزمناً للواجبات التي على لائحتك .
ضع الواجبات المطلوبة على لائحتك ،ويجب أن تلتزم بتنفيذ ما هو على اللائحة ، وأفضل طريقة للالتزام هي إعطاء كل واجب على اللائحة شريحة زمنية محددة .
8- إذا كنت مسئولًا ففكر بعمل لوائح لمعاونيك .
فعليك أن تضع لوائح واجبات لمساعديك الرئيسين ، أو تطلب منهم أن يفعلوا ذلك .
9- اعمل لائحة للمدى الطويل .
يعمل الكثير من مخططي الوقت لوائح للمدى الطويل ، بل إن بعضهم يعرف لائحة واجباته الشهرية، فيعرف مسبقاً وقبل شهر معظم المكالمات الهاتفية الهامة التي سيجريها ، وبعض الأشخاص يقدرون حتى كمية الوقت التي سيحتاجها كل من مشاريعهم الموجودة على لائحة المدى الطويل حتى تنتهي ، بعد ذلك يستخدمون لوائح أسبوعية وشهرية وحتى سنوية لعمل لوائحهم من خلالها .
http://198.169.127.218/filzالمصدر:
==============
قيمة الوقت في حياة المسلم
الحمد لله الذي بيده مقاليد الأمور، والصلاة والسلام على البشير النذير، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فإن رأس مال المسلم في هذه الدنيا هو الوقت الذي هو مادة الحياة. والوقت أنفس من المال وأغلى، أرأيت لو أن محتضرا وضع أمواله جميعا ليزاد في عمره يوم واحد هل يحصل له ذلك التمديد وتلك الزيادة؟!.
ولعظم أهمية الوقت فقد أقسم الله به - عز وجل - في آيات كثيرة من كتابه الكريم منها قوله - تعالى -: ((وَالْعَصْرِ(1)إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ(2)إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ)).
فأقسم - جل وعلا - بالعصر، وهو الدهر الذي هو زمن تحصيل الأرباح والأعمال الصالحة للمؤمنين، وزمن الشقاء للمعرضين، ولما فيه من العبر والعجائب للناظرين.
ويقول - عز وجل - في بيان هذه النعم العظيمة التي هي من أصول النعم: ((وَسَخَّرَ لَكُمْ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)).
وقال - تعالى -: ((وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا)).
وقال - عليه الصلاة والسلام -:"لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن علمه ماذا عمل فيه".
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس، الصحة والفراغ".
أخي المسلم:
من رأى حال الناس اليوم مع الوقت يكون جواب تعحبه أننا خلقنا لنأكل ونشرب ونتمتع ونلعب ونلهو ونبني الدور والقصور.. وهذا هو واقع الكثير.. وحينئذ يشتركون في هذه الأهداف الدنيوية مع البهائم والكفار الذين همهم في الحياة الأكل والشرب والتمتع بملاذ الدنيا حلالا كانت أم حراما، والله - عز وجل - خلقنا لأمر عظيم حدد الإجابة فيه بآية كريمة فقال - تعالى -: ((أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ)) وقال - تعالى - ((وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِي)).
قال الإمام النووي: وهذا تصريح بأنهم خلقوا للعبادة، فحق عليهم الاعتناء بما خلقوا له، والإعراض عن حظوظ الدنيا بالزهادة، فإنها دار نفاد لا محل إخلاد، ومركب عبور لا منزل حبور، ومشرع انفصام لا موطن دوام. والرسول صلى الله عليه وسلم يقول:"اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك".
وعمر الإنسان هو موسم الزرع في هذه الدنيا، والحصاد هناك و الآخرة، فلا يحسن بالمسلم أن يضيع أوقاته وينفق رأس ماله فيما لا فائدة فيه.
ومن جهل قيمة الوقت الآن فسيأتي عليه حين يعرف فيه قدره ونفاسته وقيمة العمل فيه، ولكن بعد فوات الأوان، وفي هذا يذكر القرآن موقفين الإنسان يندم فيهما على ضياع وقته حيث لا ينفع الندم:
الموقف الأول: ساعة الاحتضار، حيث يستدبر الإنسان الدنيا ويستقبل الآخرة، ويتمنى لو منح مهلة من الزمن، وأُخر إلى أجل قريب ليصلح ما أفسده ويتدارك ما فات.
الموقف الثاني: في الآخرة، حيث توفى كل نفس ما عملت وتجزى بما كسبت، ويدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار، هناك يتمنى أهل النار لو يعودون مرة أخرى إلى حياة التكليف، ليبدأوا من جديد عملا صالحا.
هيهات هيهات لما يطلبون فقد انتهى زمن العمل وجاء زمن الجزاء.
أخي المسلم:
الزمن كالمال كلاهما يجب الحرص عليه والاقتصاد في إنفاقه وتدبير أمره، وإن كان المال يمكن جمعه وادخاره بل وتنميته فإن الزمن عكس ذلك؟ فكل دقيقة ولحظة ذهبت لن تعود إليك أبدا ولو أنفقت أموال الدنيا أجمع. وإذا كان الزمن مقدرا بأجل معين وعمر محدد لا يمكن أن يقدم أو يؤخر، وكانت قيمته في حسن إنفاقه- وجب على كل إنسان أن يحافظ عليه ويستعمله أحسن استعمال ولا يفرط في شيء منه قل أو كثر.
ولكي يحافظ الإنسان على وقته يجب أن يعرف أين يصرفه؟! وكيف يصرفه؟! وأعظم المصارف وأجلها طاعة الله - عز وجل -، فكل زمن أنفقته في تلك الطاعة لن تندم عليه أبدا.
قال! الحسن: من علامة إعراض الله عن العبد أن يجعل شغله فيما لا يعنيه خذلانا من الله - عز وجل -.
وقال أبو حازم: إن بضاعة الآخرة كاسدة يوشك أن تنفق فلا يوصل منها إلى قليل ولا كثير، ومتى حيل بين الإنسان والعمل، لم يبق له إلا الحسرة والأسف عليه ويتمنى الرجوع إلى حال يتمكن فيها من العمل فلا تنفعه. وينبغي للمؤمن أن يتخذ من مرور الليالي والأيام عبرة لنفسه،
الليل والنهار يبليان كل جديد، ويقربان كل بعيد، ويطويان الأعمار، ويشيبان الصغار، ويفنيان الكبار.
ألم تر أن اليوم أسرع ذاهب وأن غدا لناظرين قريب
سأل الفضيل بن عياض رجلا فقال له: كم أتت عليك؟ قال: ستون قال فأنت منذ ستين سنة تسير إلى ربك، توشك أن تبلغ. فقال الرجل: إنا لله وإنا إليه راجعون!(1/79)
فقال الفضيل: أتعرف تفسيره تقول- إنا لله وإنا إليه راجعون-!! فمن عرف أنه لله عبد، إليه راجع، فليعلم أنه موقوف، ومن علم أنه موقوف فليعلم أنه مسئول!، ومن علم أنه مسئول! فليعد للسؤال جوابا. فقال الرجل فما الحيلة؟ قال: يسيرة! قال: ما هي؟ قال: تحسن فيما بقي يغفر لك ما مضى، فإنك إن أسأت فيما بقي أخذت بما مضى وما بقي.
وإذا كان هذا القول لمن قاربت سنه الستين فللشباب قول الحسن - رحمه الله -لأصحابه: يا معشر الشيوخ، ماذا ينتظر بالزرع إذا بلغ؟ قالوا: الحصاد قال: يا معشر الشباب، إن الزرع قد تدركه العاهة قبل أن يبلغ.
أخي المسلم:
إن وقت الإنسان هو عمره في الحقيقة، وهو مادة حياته الأبدية في النعيم المقيم، ومادة معيشته الضنك في العذاب الأليم، وهو يمر مر السحاب، فما كان من وقته لله وبالله فهو حياته وعمره، وغير ذلك ليس محسوبا من حياته وإلا عاش فيه عيش البهائم، فإذا قطع وقته في الغفلة والسهو والأماني الباطلة، وكان خير ما قطعه به النوم والبطالة، فموت هذا خير له من حياته.
قال بلال بن سعد: يقال لأحدنا: تريد أن تموت؟ فيقول: لا، فيقال له:لم؟ فيقول: حتى أتوب وأعمل صالحا، فيقال له: اعمل، فيقول: سوف أعمل، فلا يحب أن يموت ولا يحب أن يعمل، فيؤخر عمل الله - تعالى - ولا يؤخر عمل الدنيا.
أخي المسلم:
استثمر وقتك ولا تضيع دقيقة منه، ولا تكن كمن إذا جاءه هادم اللذات ومفرق الجماعات قال: ((رَبِّ ارْجِعُون)) ِولماذا يعود ويرجع هل ليبني داره ويؤثث مسكنه؟! ((لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ)) ولكن الرجعة مستحيلة والعود بعيد! فاعمل- أخي المسلم- لهذا اليوم واستعد له، واعلم أنه لن يصوم عنك أحد، ولن يصلي عنك أحد، فاعمل لنفسك.
جعلني الله وإياك ووالدينا في روضات الجنات، وبارك في أعمالنا وأعمارنا وأوقاتنا، اللهم اجعل خير أعمالنا آخرها وخير أعمارنا خواتمها وخير أيامنا يوم لقائك. ربنا اغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين. وصلى الله على نبينا محمد وعلى أزواجه وصحبه أجمعين.
http://alnadwa.net المصدر:
==============
مهارة تنظيم الوقت
ما هي فوائد تنظيم الوقت؟
الفوائد كثيرة، منها ما هو مباشر وتجد نتائجه في الحال، ومنها ما تجد نتائجه على المدى الطويل، لذلك عليك أن لا تستعجل النتائج من تنظيمك للوقت، ومن فوائد تنظيم الوقت:
الشعور بالتحسن بشكل عام في حياتك.
قضاء وقت أكبر مع العائلة أو في الترفيه والراحة.
قضاء وقت أكبر في التطوير الذاتي.
إنجاز أهدافك وأحلامك الشخصية.
تحسين إنتاجيتك بشكل عام.
التخفيف من الضغوط سواء في العمل أو ضغوط الحياة المختلفة.
كيف أعرف مدى استفادتي من وقتي؟ وكيف أعرف العوامل المبددة لوقتي؟
سؤال جوهري ومهم، تتطلب معرفة مدى استفادتك للوقت والعوامل المضيعة لوقتك أن تقوم بعمل سجل يومي لمدة أسبوع مثلاً وتدون فيه تفاصيل الأعمال التي قضيت فيها وقتك وكذلك كم أخذ كل عمل من الوقت، فتكتب حتى الأمور البسيطة والصغيرة والتي قد تضيع من وقتك دقائق يومياً لكن في نهاية الأسبوع قد تجد هذه الدقائق تحولت لساعات.
قم بتصميم جدول مفصل لكل يوم، وقسمه إلى عدد ساعات يومك وهي تقريباً 16 ساعة على افتراض أن النوم يأخذ 8 ساعات، وقم بتقسيم كل ساعة إلى 4 أقسام أي 15 دقيقة، وقسم الساعات إلى أعمال ومقدار الوقت المهدر لكل عمل. هذا اقتراح للجدول، المهم أن يوضح لك الجدول الأعمال ومقدار الوقت المهدر لكل عمل.
بعد ذلك عليك أن تقوم بتحليل الجدول وتبحث في عوامل تبديد الوقت فتزيلها وتسأل نفسك، هل هناك فرصة لتنظيم الوقت بشكل أفضل؟ إن كانت الإجابة بنعم - وهي كذلك دائماً - فعليك أن تبحث عن هذه الفرصة.
أنا مشغول ولا يوجد لدي وقت للتنظيم!
يحكى أن حطاباً كان يجتهد في قطع شجرة في الغابة ولكن فأسه لم يكن حاداً إذ أنه لم يشحذه من قبل، مر عليه شخص ما فرآه على تلك الحالة، وقال له: لماذا لا تشحذ فأسك؟ قال الحطاب وهو منهمك في عمله: ألا ترى أنني مشغول في عملي؟!
من يقول بأنه مشغول ولا وقت لديه لتنظيم وقته فهذا شأنه كشأن الحطاب في القصة! إن شحذ الفأس سيساعده على قطع الشجرة بسرعة وسيساعده أيضاً على بذل مجهود أقل في قطع الشجرة وكذلك سيتيح له الانتقال لشجرة أخرى، وكذلك تنظيم الوقت، يساعدك على إتمام أعملك بشكل أسرع وبمجهود أقل وسيتيح لك اغتنام فرص لم تكن تخطر على بالك لأنك مشغول بعملك.
وهذه معادلة بسيطة، إننا علينا أن نجهز الأرض قبل زراعتها، ونجهز أدواتنا قبل الشروع في عمل ما وكذلك الوقت، علينا أن نخطط لكيفية قضائه في ساعات اليوم.
لا أحتاج تنظيم الوقت لكل شيء، فقط المشاريع الكبيرة تحتاج للتنظيم!
في إحصائيات كثيرة نجد أن أمور صغيرة تهدر الساعات سنوية، فلو قلنا مثلاً أنك تقضي 10 دقائق في طريقك من البيت وإلى العمل وكذلك من العمل إلى البيت، أي أنك تقضي 20 دقيقة يومياً تتنقل بين البيت ومقر العمل، ولنفرض أن عدد أيام العمل في الأسبوع 5 أيام أسبوعياً.
5 أيام × 20 دقيقة = 100 دقيقة أسبوعياً
100 دقيقة أسبوعياً × 53 أسبوعاً = 5300 دقيقة = 88 ساعة تقريباً!!
لو قمت باستغلال هذه العشر دقائق يومياً في شيء مفيد لاستفدت من 88 ساعة تظن أنت أنها وقت ضائع أو مهدر، كيف تستغل هذه الدقائق العشر؟ بإمكانك الاستماع لأشرطة تعليمية، أو حتى تنظم وقتك ذهنياً حسب أولوياتك المخطط لها من قبل، أو تجعل هذا الوقت مورداً للأفكار الإبداعية المتجددة، وهذا الوقت شخصياً أستغله لاقتناص مشاهدات لأقوم فيما بعد بتدوينها في مقالات.
أود أن أنظم وقتي لكن الآخرين لا يسمحون لي بذلك!
من السهل إلقاء اللائمة على الآخرين أو على الظروف، لكنك المسؤول الوحيد عن وقتك، أنت الذي تسمح للآخرين بأن يجعلوك أداة لإنهاء أعمالهم، أعتذر للآخرين بلباقة وحزم، وابدأ في تنظيم وقتك حسب أولوياتك وستجد النتيجة الباهرة. وإن لم تخطط لنفسك وترسم الأهداف لنفسك وتنظم وقتك فسيفعل الآخرون لك هذا من أجل إنهاء أعمالهم بك!! أي تصبح أداة بأيديهم.>
ألن أفقد بتنظيمي للوقت تلقائيتي والعفوية وأصبح كالآلة؟
لا أبداً، المسألة لا ينظر لها هكذا، تنظيم الوقت لا يعني أن تصبح آلة تنفذ الأعمال المخطط لها فقط، إن تنظيم الوقت يجب أن يكون مرناً حتى لا تبح كالآلة، فنحن مهما حاولنا أن نتوقع كيفية تنظيم أوقاتنا فستأتينا أمور وأشياء لم نكن نتوقعها، هنا علينا أن نفكر في الأمر، هل الذي خططت له أهم أم هذا الأمر الذي طرأ مؤخراً؟ تختلف الإجابة على هذا السؤال باختلاف أهمية ما خططت له، لذلك التلقائية تعزز أكثر وتصبح عقلانية أكثر وقد كانت قبل التنظيم تلقائية فوضوية.
أليست كتابة الأهداف والتخطيط مضيعة للوقت؟
افرض أنك ذاهب لرحلة ما تستغرق أياماً، ماذا ستفعل؟ الشيء الطبيعي أن تخطط لرحلتك وتجهز أدواتك وملابسك وربما بعض الكتب وأدوات الترفيه قبل موعد الرحلة بوقت كافي، والحياة رحلة لكنها رحلة طويلة تحتاج منا إلى تخطيط وإعداد مستمرين لمواجهة العقبات وتحقيق الإنجازات.
ولتعلم أن كل ساعة تقضيها في التخطيط توفر عليك ما بين الساعتين إلى أربع ساعات من وقت التنفيذ، فما رأيك؟ تصور أنك تخطط كل يوم لمدة ساعة والتوفير المحصل من هذه الساعة يساوي ساعتين، أي أنك تحل على 730 ساعة تستطيع استغلالها في أمور أخرى كالترفيه أو الاهتمام بالعائلة أو التطوير الذاتي.
سأفقد أوقات الراحة والترفيه إذا نظمت وقتي!(1/80)
هذه فكرة خطأ عن تنظيم الوقت وللأسف يؤمن الكثيرون بهذه الفكرة، إن تنظيم الوقت عادة شخصية ترتبط بالشخص نفسه، فهو الذي يحدد أوقات الجد وأوقات الترفيه والراحة، والتنظيم يهدف فقط إلى تحقيق أفضل إنجازات وتخفيض الضغوط عن كاهل الشخص وكذلك إتاحة وقت له كي يطور نفسه ويتعلم ويمارس هواياته، تنظيم الوقت لا يعني الجدية التامة هو فقط يعني التنظيم في كل شيء حتى الترفيه يصبح منظماً وموجهاً أيضاً.
فمثلاً، تود قضاء وقت مع العائلة في رحلة، حدد لها موعداً وقم بالإعداد المسبق لهذه الرحلة وكيف أعمالك وارتباطاتك لكي لا تضيع عليك وقت الرحلة، وبذلك تربح عدة أمور، أولاً: رفهت عن نفسك، ثانياً: رفهت عن عائلتك، ثالثاً: يزداد الترابط بينك وبين عائلتك لأنك وضعت عائلتك ضمن دائرة الاهتمام وخططت لكي تقوم بأنشطة فعلية لصالح عائلتك.
لا أستطيع الاستمرار في التنظيم لظروف تمر بي، فماذا أفعل؟
لا تقلق أبداً فهذا شيء طبيعي، المرأة الحامل مثلاُ أو التي أنجبت طفلاً، عليها أن تهتم بطفلها لمدة سنتين أو أكثر وعلى طوال اليوم، فكيف تنظم وقتها؟ عليها أن تنسى الدفاتر والجداول وتضع جدول وحيد فقط حتى تهتم بالطفل الصغير، تضع فيه مواعيد زيارة المستشفى مثلاً وكذلك تحدد لنفسها كتب تقرأها في وقت فراغها عن تربية الأطفال مثلاً، هذا مثال بسيط وقس عليه أمثلة أكبر.
في الإجازات مثلاً، هل نحتاج لتنظيم الوقت أم لاستغلال الوقت؟ هناك فرق كبير طبعاً، أنا بحاجة لاستغلال وقت الفراغ في الإجازة لصالح تنمية مهاراتي ومعلوماتي أو حتى الترفيه عن نفسي، وبهذا قد لا أحتاج إلى الجدولة والتنظيم، لذلك لا تقلق إن مرت بك ظروف تجبرك على عدم التنظيم.
لا يوجد لدي حاسوب لتنظيم وقتي!
الحاسوب أداة مرنة وسهلة وممتازة لتنظيم الوقت، لكن ليس كل من لا يملك حاسوباً لا يستطيع تنظيم وقته، هذا ليس بعذر أبداً، كل ما تحتاجه مفكرة وقلم وجدول، وهناك دفاتر خاصة لتنظيم الوقت وسعرها رخيص نسبياً وهي أدوات ممتازة لتنظيم الوقت.
لا أحتاج لكتابة أهدافي أو التخطيط على الورق، فأنا أعرف ماذا علي أن أعمل.
لا توجد ذاكرة كاملة أبداً وبهذه القناعة ستنسى بكل تأكيد بعض التفاصيل الضرورية والأعمال المهمة والمواعيد كذلك، عليك أن تدون أفكارك وأهدافك وتنظم وقتك على الورق أو على حاسوب المهم أن تكتب، وبهذا ستكسب عدة أمور، أولاً: لن يكون هناك عذر اسمه نسيت! لا مجال للنسيان إذا كان كل شيء مدون إلا إذا نسيت المفكرة نفسها أو الحاسوب!! ثانياً: ستسهل على نفسك أداء المهمات وبتركيز أكبر لأن عقلك ترك جميع ما عليه أن يتذكره في ورقة أو في الحاسوب والآن هو على استعداد لأني يركز على أداء مهمة واحدة وبكل فعالية.
حياتي سلسلة من الأزمات المتتالية، كيف أنظم وقتي؟!
تنظيم الوقت يساعدك على التخفيف من هذه الأزمات وفوق ذلك يساعدك على الاستعداد لها وتوقعها فتخف بذلك الأزمات وتنحصر في زاوية ضيقة، نحن لا نقول بأن تنظيم الوقت سينهي جميع الأزمات، بل سيساعد على تقليصها بشكل كبير.
هل يساعدني الحاسوب على تنظيم وقتي؟
طبعاً، والحاسوب أداة مرنة لتنظيم الوقت كل ما عليك هو اختيار برنامج مناسب لاحتياجاتك واستخدامه بشكل دائم.
هل هناك أسلوب واحد يصلح لكل الناس في تنظيم الوقت؟
لا ليس هناك أسلوب واحد يصلح لكل الناس، إن كل فرد من البشر له خصائصه وظروفه الخاصة لذلك وجب عليه أن يكون مسؤولاً عن نفسه ويقوم بتنظيم وقته حسب حاجته هو.
ما هي خطوات تنظيم الوقت؟
مجموعة خطوات سهلة ويسيرة شرحنها في دورة سابقة، ارجع لتلك الدورة وستجد ما يسرك: تنظيم الوقت
ما هي أدوات تنظيم الوقت؟
الأدوات كثيرة، تستطيع مثلاً أن تصمم أداتك بنفسك، كتخطيط جدولك الخاص على الحاسوب، أو يمكنك شراء مفكرة صغيرة، أو دفتر مواعيد، أو منظم شخصي متكامل يحوي على شهور السنة وقائمة للأعمال وقائمة أخرى للهواتف وغيرها من الأمور الضرورية، أو يمكنك استخدام حاسوبك لهذا الشيء، أو مفكرة إلكترونية، المهم أن تكون أداة مرنة وتصلح لاحتياجاتك.
http://www.saudimaster.netالمصدر:
==============
مهارات إدارة الوقت
مصطفى محمد
الوصايا العشر في إدارة الوقت:
الوقت نعمة غالية من نعم الله - سبحانه و تعالى -، هي عمر الإنسان بل هي حياته، وكل إنسان أخذ نصيبه الوافر من الوقت، غير أن هناك من استغل وقته بشكل أكسبه نجاحاً في حياته، وهناك من عاش نفس اللحظات لكنه لم يجد النجاح الذي وجده غيره. ومن الناس من يجد في وقته سعة رغم الواجبات المناطة على عاتقه، وينجزها على أكمل وجه، وهناك من يجد الوقت أضيق ما يكون عليه رغم أنه قد لا تكون عليه تكاليف كبيرة مثل بعض التكاليف التي تكون على غيره، ودائماً ما يردد (وقتي ضيق) أو (ما عندي وقت). وحتى نستغل أوقاتاً استغلالاً طيباً، أو بالأصح ندير أوقاتنا إدارة ناجحة أتمنى أن نعيش مع هذه الوصايا العشر حول إدارة الوقت والتي تم اقتباسها من خبرات وتجارب كثير من الناجحين في إدارة الوقت.
وهذه الوصايا هي كالتالي:
1- ضع خطة لحياتك:
حيث أن للخطة دورها الفاعل في الاستفادة من الوقت وجعل الأهداف قريبة المنال، وذلك بدراسة الوسائل والإمكانات التي تعين على تحقيق تلك الأهداف، مما يوفر كثيراً من الوقت والجهد في تحقيقها، واعلم بأنك إذا فشلت في أن تخطط فإنك تخطط لفشلك.
2- لا تنس الكتابة:
معظم الناس إن لم نقل كلهم يحتفظون في مخيلتهم على أهداف وغايات ووسائل يطمحون بالوصول إليها، غير أن النزر اليسير هم الذين يصلون إلى أهدافهم وغاياتهم التي رسموا لها خططاً في مخيلتهم، وحلموا بها صباحاً ومساءاً، ومن أهم أسباب فشل الكثير من تحقيق أهدافهم هو عدم كتابتهم لها، حيث أن الخطط والأهداف إذا ضلت في الأذهان فإنها ستصبح مجرد أفكار عابرة سينساها بسرعة، كما أن الكتابة تنقل هذه الخطة من مرحلة الحلم والخيال إلى مرحلة الواقعية والعمل.
3- راجع خطتك:
المراجعة الدائمة للخطة المكتوبة تساعدك على إدخال تعديلات وإضافات وحذف بعض الأمور من خطتك بحسب ما يستجد في حياتك من معطيات ومستجدات أخرى، وهذه من علامات صحة الخطة على عكس ما يعتقده الكثير أنه حينما تكثر التعديلات فإن ذلك دليل على فشل هذه الخطة، وهذا غير صحيح، وذلك لأن الواقع مليء بالمفاجآت والمستجدات التي نضيف تلك التعديلات في الخطط التي نعدها لأعمالنا.
4- لا تيأس:
الفشل أو الإخفاق شيء طبيعي في حياتنا، فلا تيأس، وكما قيل: أتعلم من أخطائي أكثر مما أتعلم من نجاحي. وتذكر أن اختراعاً ناجحاً جاءاً تتويجاً لمحاولات كثيرة فاشلة.
5- تدرب على المقارنة:
عود نفسك على حسن المقارنة والاختيار، فإنك ستواجه في حياتك خيارات تجعلك في حيرة من اتخاذ القرار المناسب، لما في ذلك من موازنة صعبة بين الأولويات والأهداف من جهة، والفرص والواجبات من جهة أخرى، فأيهما ستختار؟ باختصار اختر ما تراه مفيد لك في مستقبلك وفي نفس الوقت غير مضر لغيرك، ولا تنس الاستخارة والاستشارة في مثل هذه المواطن.
6- اقرأ خطتك:
اقرأ خطتك وأهدافك بشكل دائم، فإن قراءتك لها يساعدك على التحفيز والهمة في تحقيق أهدافك، ولا بأس من تعديلها.
7- استخدم التقنيات الحديثة:
من النعم التي من الله بها علينا هي التقنيات الحديثة مثل: الحاسوب والإنترنت، والمفكرات الإلكترونية وغيرها، فلا تنس استخدامها فإن في استخدامها اغتنام الفرص، وتحقيق النجاح، وتنظيم للوقت.
8- رتب أغراضك:(1/81)
تنظيمك لمكتبك، غرفتك، سيارتك، وكل ما يتعلق بك سيساعدك أكثر على عدم إضاعة الوقت، ويظهرك بمظهر جميل، فاحرص على تنظيم كل شيء من حولك.
9- كن مرناً:
كن مرناً أثناء التنفيذ واعلم بأن الخطط والجداول ليست هي التي تجعلنا منظمين أو ناجحين.
10- لا تشتت ذهنك:
مشاغل الحياة لا تنتهي والواجبات أكثر من الأوقات، والتكاليف قد تأتي كلها أو بعضها في وقت واحد، ولكي تنجز عملك ركز جهدك وذهنك في عمل معين حتى تنجزه، ثم انتقل إلى عمل آخر، ولا تشتت ذهنك في أكثر من اتجاه، وهذه النصيحة أن طبقت ستجد الكثير من الوقت لعمل الأمور الأخرى الأكثر أهمية وإلحاحاً.
http://www.tarbawi.com المصدر:
===============
تنظيم الوقت
أولاً: طبيعة الوقت:
لا بد إنكم سمعتم بالسؤال: «ما الشيء الأطول والأقصر في آن واحد، والأسرع والابطأ معاً، والذي نهمله جميعاً ثم نأسف عليه، ولا شيء يمكن أن يتم بدونه، إنه يبتلع كل ما هو صغير وينمّي كل ما هو عظيم؟"نعم، إنه الوقت!
الوقت هو الأطول لأنه قياس الخلود، وهو الأقصر؛ لأنه ليس بيننا من يملك الوقت اللازم لإنجاز كل أعماله، وهو الأسرع بالنسبة إلى السعداء، والابطأ بالنسبة إلى التعساء. ولا يمكن عمل أي شيء بدونه؛ لأنه هو المسرح الوحيد الذي نعيش فيه. إنه مادة الحياة. يبتلع في طي النسيان كل تافه وينمّي كل ما هو عظيم.
ثانياً: الاستفادة من الوقت:
يقضي الناجحون وقتهم في تأدية الأعمال التي لا يرغب الخائبون في عملها. والشخص العادي يجد من الأسهل أن يتكيّف مع متاعب الإخفاق بدلاً من تقديم التضحيات التي تؤدي إلى النجاح. إن حقيقة أن يكون لدينا أهداف وتوجهات معينة في الحياة تعني القليل إذا لم يكن لدينا جدول زمني ببرمجتها. عندئذ فقط يمكننا أن نبدأ التحرك نحو تحقيق أهدافنا والوصول إلى مبتغانا.
ويصنّف البشر ضمن واحدة من فئتين: الأولى سيئة الحظ غير موفقة تحاول القيم بعمل شيء ما يظل دائماً في الغد. أما الفئة الثانية التي تثير الإعجاب فهي المجموعة المستعدة للعمل على الفور؛ لأن الغد بالنسبة إلى هؤلاء غير مضمون.
إن قتل الوقت لا يُعدّ جريمة عادية، إنه اغتيال متعمَّد. فإذا كان لزاماً على المرء أن يقتل الوقت فلماذا لا يقتله استغلالاً حتى الموت؟ حينما تقول: «أنا ليس لديّ الوقت» فاّنك تعني أن لديك شيئاً آخر أهم منه.
أ - يوماً بعد يوم:
حينما نستيقظ صباح كل يوم نجد مفكرة الجيب مليئة بـ 24 ساعة، وفي هذا الصدد جاء في الأثر:
«ليس من يوم الا وهو ينادي: يا ابن آدم أنا خلقٌ جديد، وأنا حينما تعمل فيَّ عليك شهيد، فاعمل فيَّ خيراً أشهد لك له، فاني لو مضيت لم ترني. ويقول الليل مثل ذلك»(1).
فعلى كل يوم أن يكون مليئاً بالأعمال التي نفخر بها، وإذا لم نكن على استعداد للبدء الآن، بغضِّ النظر عن حسن نوايانا، أو في مثل هذا الوقت غداً، أو مثل هذا الوقت في الأسبوع القادم، أو مثل هذا الوقت بعد عشر سنوات من الآن، فإننا سوف نظل مكبلين في مكاننا بدون تحقيق أي تقدم.
ب - معنى الوقت:
الوقت يعني لبعضنا اللحظة التي تكون فيها الفرصة في أوجها. إنهم يؤكدون كثيراً على التوقيت الجيد. وللوقت حينما تكون الفرصة أكثر من مؤاتية مغزى خاص عند كثير من الناس. ويعلمنا خبراء الإعلان أنه ليس هناك شيء أثمن من فكرة وردت في الوقت المناسب. إذا كان بوسعك أن تتعلم إدراك اللحظة المناسبة حينما تأتي وأن تغتنمها قبل أن تذهب، فإن مشكلات الحياة تصبح في منتهى اليسر.
إن الوقت عند بعضنا يمثل مجرد قياس للثواني والدقائق والساعات والسنوات. وحينما يفكر أولئك في الوقت فإنهم يرون إما ساعة أو تقويماً، ويستشعرون بعداً واحداً فقط هو الفترة الزمنية، لكن هذا المفهوم للوقت هو أكثر المفاهيم ضحالة، فأصحابه لم يبدعوا شيئاً مذكوراً. إن مأساة هذا المفهوم للوقت هو أنه يدمر رو المبادرة ويحبط البواعث الإبداعية، ولا يحقق إنجازاً في الوقت المخصص. فإذا كان لدينا أسبوع لإنجاز مهمة من المهام فإنها سوف تستغرق أسبوعاً. وإذا ما منحنا عشرة أيام لإنجازها فإنها سوف تستغرق عشرة أيام، فالمهمات تتمدد وتنكمش لاستيعاب كل الوقت المخصص لها.
وأخيراً: هناك الذين يعطون معنىً حقيقياً للحياة وذلك من خلال إعطاء الوقت صفة العمق العظيمة. فالوقت لديهم ليس حبيس الساعة ولا أسير التقويم. إن إنجازات هؤلاء تحكمها روح الإخلاص والحماسة لا الساعات أو الأسابيع، فهم يؤمنون جداً بما يفعلون وينجذبون تجاه الهدف باندفاع روحي قوي لا يعترف بالوقت. لقد ألزموا قلوبهم بمهمة يحبونها، وعملهم ليس إلا تعبيراً عن رسالة تشع بالأهداف والغايات، وهذا الفهم للوقت يعدّ تحدياً لنا جميعاً. إن الاستخدام السليم للوقت يقرر الإخفاق أو النجاح للموظف العادي، وعليه فإن تدبير وقته أهم من معرفته الفنية لإنتاجه وخدماته. إن التنظيم السليم للوقت يعدّ بكل تأكيد أحد البنود الأولى في أية صيغة من صيغ النجاح. ومن أكثر المهام صعوبة بين المجموعات جعل الناس ينظمون أوقاتهم، لذلك أصبح من الضروري على كل فرد أن يقضي بعض الوقت في بداية الأسبوع ليخطط بالتفصيل الجدول الدقيق لأعمال ذلك الأسبوع.
ثالثاً: الوقت الضائع:
ماذا تفعل بالدقائق التي لا تستخدمها أو ما يطلق عليه اسم الوقت الضائع؟ هل تدرك أن الكتب يمكن أن تؤلف وأن القرآن والحديث يمكن حفظهما جميعاً عن ظهر قلب، وأن هناك درجات وشهادات علمية يمكن الحصول عليها بالاستخدام الصحيح لهذا الوقت الضائع؟ إن مثل هذا الوقت المهدور يمكن أن يكون بضع دقائق تضيع في انتظار السفر بالقطار أو بالطائرة أو بالحافلة، فهل تسمي ذلك الوقت وقتاً ضائعاً أم وقتاً للإبداع؟ إن إضاعة 15 دقيقة كل يوم تعني إضاعة 11 يوماً كاملاً كل عام، كما أن إضاعة نصف ساعة كل يوم تعني إضاعة 22 يوماً كاملاً، وهي مدة تزيد عن شهر عمل إذا ما حسبنا أيام العطلات. لذا يؤمن رجال الأعمال بقاعدة «الوقت يساوي المال». ونحن نمنع الآخرين من سرقة أموالنا لكننا نسمح لهم بسرقة أوقاتنا، بيد أن الوقت يفوق المال في قيمته لأنه حياتنا، فالوقت هو الحياة!
كان هناك بائع جوال اعتاد أن يكسب 20 دولاراً في الساعة. أراد أن يطلي بيته بنفسه فسأله صديقه «إذا قمت باختيار دهّان، هل ستختار شخصاً هاوياً تدفع له 20 دولاراً في الساعة أم رجلاً خبيراً تدفع له 5 دولارات في الساعة؟ "إن الإجابة واضحة، ومع ذلك فكثير منا يقضي وقته القيّم المخصص لعمله المعقد لإنجاز عمل يمكن أن ينجز آخرون بشكل أفضل وبتكاليف أقل.
رابعاً: كيفية مرور الوقت:
يوضع هذا الجدول ماذا تفعل بوقتك خلال فترة حياة متوسطة:
النشاط.
ربط الأحذية.
انتظار إشارة المرور الخضراء.
زمن تقضيه في محل الحلاقة.
تدوير أرقام الهاتف.
ركوب المصاعد في المدن الكبرى.
تنظف الأسنان بالفرشاة.
انتظار الحافلات (في المدن).
زمن تقضيه في الحمّام.
قراءة الكتب.
تناول الطعام.
كسب الرزق.
مشاهدة التليفزيون.
النوم.
الوقت.
8 أيام .
شهر واحد.
3 شهور.
5 شهور .
6 شهور .
سنتان.
4 سنوات.
9 سنوات.
10 سنوات.
20 سنة.
وهذا يعني أن كل فعالية نستغرق وقتاً، فإذا كنت تريد الوقت الذي تنجز فيه عملاً فعليك أن تخطط لذلك وأن تبرمجه ضمن جدولك، أما إذا انتظرت إلى أن يحين الوقت المناسب ويعرض نفسه عليك، فإنك قد تنتظر إلى الأبد.(1/82)
وأنت حين تحدد موعداً مع الطبيب أو اجتماعاً أو مناسبة خاصة ضمن جدول مواعيدك، فإنك تحافظ عليه. افعل الأمر نفسه مع الوقت الذي تريد أن تخصصه للأشياء التي تود إنجازها. خصص وقتاً معيناً كل يوم، ثم التزم به جهدك.
وعلى سبيل المثال، فإنك بتخصيصك ساعة من كل يوم عمل لأداء جهد ما فإنك تكسب 260 ساعة سنوياً أو ما يعادل 32 يوم عمل بالكامل. بوسعك أن تنجز الكثير في تلك الفترة الزمنية. مثلاً:
حفظ أجزاء عديدة من القرآن.
تعلّم أساليب القراءة السريعة.
اكتساب مهارات محددة.
إعداد أجمل حديقة في منطقة سكنك.
تعلّم لغة أجنبية.
تأليف كتاب.
الحصول على دبلوم.
إضافة دخل جديد لميزانيتك.
ولان الوقت يمر بسرعة في مئات الأحداث التافهة الضائعة، فعليك أن تجدول الوقت ثم تلتزم بتنفيذ الجدول الزمني. وليس ذلك بأمر سهل. بيد أن الحسرة على الوقت الضائع يمكن أن تتحول إلى قوة دافعة للخير للاستفادة من الوقت المتبقي. والوقت المتبقي، أيا كان، هو وقت كاف إذا ما أوقفنا الكسل والبكاء على الوقت المهدور.
خامساً: بعض الإرشادات لتوفير الوقت:
اتبع المقترحات التالية لبضعة أيام وسوف تعجب للنتائج:
1 - خطط يومك كل صباح بكتابة الأشياء التي يجب عملها واشطب كل عمل تم إنجازه أثناء اليوم.
2 - تجنبّ زيارة صديق دون أن تبلغه بذلك أو تحادثه هاتفياً.
3 - احتفظ دائماً بقلم وورق أو مفكرة صغيرة في جيبك لتسجيل الخطط والأفكار أثناء الفراغ.
4 - خطِّط أوقات الراحة وحاول أن تجعلها تتفق مع أوقات الصلاة.
5 - استفد من وقت الفراغ في القراءة والحفظ أو في عمل شيء بنّاء.
6 - حينما ترتب موعداً تأكد أن الطرفين يعيان الوقت والمكان والعنوان بالضبط.
7 - احسب وقت انتقالك إلى مكان الموعد وأضف فترة زمنية مناسبة احتياطاً لمواجهة الطوارىء حتى تصل في الوقت المحدد.
8 - وفّر كل المواد والمراجع اللازمة بين يديك قبل أن تبدأ العمل، سواء كان ذلك العمل طهواً أو كتابة مقالة أو إعداد خطبة.
9 - تجنب الأشخاص الذين يسرقون وقتك بأنانية وحماقة.
10 - لا ترتب رحلة لإنجاز عمل ما إذا كان بالوسع إنجاز ذلك العمل بخطاب أو بمحادثة هاتفية.
11 - املأ خزان سيارتك بالوقود حينما تمر بمحطة البنزين التي تفضلها. تجنب القيام برحلة خاصة لذلك وتجنب بكل الوسائل أن ينفذ الوقود، فإن ذلك يظهرك كالمقصر الغبي.
12 - احتفظ بالعملات المعدنية المناسبة طوال الوقت، لاستخدامها في عدادات وقوف السيارات أو في إجراء المكالمات الهاتفية.
13 - إذا كانت لديك مهام قصيرة أو مشتريات قم بإعداد قائمة بها تشمل كل البنود، وخطط نشاطاتك المختلفة، وخط السير بحيث تحتاج إلى قطع أقصر مسافة ممكنة.
إن هناك أفكار أخرى لتوفير وقتك يمكنك أن تدونّها. قم بإنجاز هذه القائمة محاولاً معظم هذه المقترحات، وعلينا ألا نجافى الراحة والمتعة الحلال، بل نتجنب إهدار الوقت. إن الترفيه في ذاته يعني الترويح، وهو ضروري لنا جميعا. وإحدى أهم مآسي الحياة العصرية أننا كثيراً ما ندع أجسادنا تسبق أرواحنا لدرجة يُشكُّ معها في لقاء الجسد بالروح مرة أخرى. إن السعادة تتحقق إذا ما وافقنا ولاءمنا بين أرواحنا وأجسامنا. خصِّص من وقتك فترات للصلاة والتفكر والتأمل وقم بشحن بطاريات الإيمان لديك من جديد باستغلال وقتك الثمين.
سادساً: أمور يجب أن نتذكرها عن الوقت:
أ - خصص وقتاً.
خصِّص وقتاً للتفكير، إنه مصدر القوة.
خصِّص وقتاً للَّعب، إنه وعاء الشباب المتجدد.
خصِّص وقتاً للقراءة، إنها أساس الحكمة.
خصِّص وقتاً للصلاة، إنها مصدر أعظم قوة على الأرض.
خصِّص وقتاً لكي تحب وتكون محبوباً، فالإيمان ليس إلا الحب والبغض.
خصِّص وقتاً لتكون صديقاً ودوداً، فذلك طريق السعادة.
خصِّص وقتاً للضحك، إنه أفضل وسيلة لإضفاء البهجة على حياتك.
خصِّص وقتاً للعطاء وتخلَّ عن الأنانية، فالحياة قصيرة.
خصِّص وقتاً للعمل، إنه ثمن النجاح، لكن لا تخصص وقتاً للضياع والإهدار والتبذير.
تذكر دائماً «مَن استوى يوماه فهو مغبون».
ب - كيف تتعامل مع الوقت.
نقضي جزءاً كبيراً من حياتنا مع أصدقائنا، ما نوعية المحادثة بيننا؟ تذكر الحكمة التالية:
العقول الكبيرة تناقش الأفكار.
العقول المتوسطة تناقش الأحداث.
العقول الصغيرة تناقش الأشخاص والماديّات
العقول الصغيرة جداً تناقش شخصياتها.
سابعاً: دراسة حالة: كم تكلف الدقيقة الواحدة؟
القضية الرئيسية: قيمة الوقت:
كثيراً ما نتحدث عن قيمة الوقت وعن أهميته وكلفته. لكننا قلّما نحسب كلفة الوقت في اجتماع أو مؤتمر. إذا ما حسبنا ذلك على أساس كلفة الدقيقة بالدولار فإننا سوف نتحقق من أن كل دقيقة تهدر تعني فقدان الكثير من المال. إن ذلك يمثل عبئاً ثقيلاً من المسؤولية على المنظمين كي يخططوا كل دقيقة من النشاط بالطريقة الملى. دعونا هنا نأخذ حالة عملية وهى « ندوة إسلامية الميول والممارسات في العلوم والتكنولوجيا »، والتي عقدت في مقر المعهد العالمي للفكر الإسلامي في واشنطن العاصمة عام 1987 م:
لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد:
إذا أجّلت وسوّفت، فإن العمل سوف يتراكم. وأنت لا تعرف ما سيأتي به الغد. ستنعم براحة البال إذا بدأت يومك دون عمل متراكم من اليوم السابق. وهناك عادة حميدة وهي أن تنجز العمل حال تسلّمه في موقعه إذا كان يستغرق 5 دقائق أو أقل. أما إذا كان يستغرق أكثر من 5 دقائق فأدخله في الجدول حسب أولوياته . هذه القاعدة الذهبية يمكن أن تجعلك من أعظم المنجزين في الحية. تخيل فقط أنه بإمكانك أن تؤدي 20 عملاً في ساعة واحدة. أنت وحدك بوسعك أن يكو ن لك تأثير يعادل منظمة بأكملها، وإذا كان هناك فقط 10 أفراد مثلك في المنظمة فإن حجم تأثيركم سوف يكون بالغاً للغاية. وفوق هذا كله، فإن الله - سبحانه و تعالى - سوف يبارك الجهود التي تبذل في سبيله.
طريقتان لتطويع الوقت:
مبدأ باريو (ويعرف أيضاً بقاعدة 80 / 20)
النظرية: البنود الهامة الأساسية في مجموعة ما تشكل جزءاً صغيراً نسبياً من إجمالي البنود في المجموعة.
التطبيق: قم بإعداد قائمة بجميع البنود المطلوب إتمامها. تعرّف على الـ 20% من البنود التي لو نفذت لحققت 80% من النتائج المنشودة. اعمل على إنجاز هذه البنود أولاً، فهي تتصدر الأولويات.
قانون ب اركنسن
النظرية: يمدد العمل كي يملا الوقت المتاح لاستكماله.
التطبيق، حدد موعداً أخيراً ونهائياً لكل عمل من الأعمال والتزم بهذا الموعد.
المصدر: دليل التدريب القيادي / هشام الطالب.
http://www.qudsway.comالمصدر:
=============
الوقت.. أغلى من الذهب
الشيخ محمد العيدي
اهتم الإسلام بالوقت وقد أقسم الله به في آيات كثيرة فقال - تعالى -: ((والعصر إن الإنسان لفي خسر)) وقال - تعالى -: ((والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى)) كما قال - سبحانه -: ((والفجر وليال عشر)) وغيرها من الآيات التي تبين أهمية الوقت وضرورة اغتنامه في الطاعة.. وهناك أحاديث كثيرة توضح ذلك، فعن معاذ. بن جبل - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيم أفناه وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه وعن علمه ماذا عمل به"وقال - صلى الله عليه وسلم -:"اغتنم خمسا قبل خمس حياتك قبل موتك، وصحتك قبل مرضك، وفراغك قبل شغلك، وشبابك قبل هرمك، وغناك قبل فقرك".(1/83)
فالآيات والأحاديث تشير إلى أهمية الوقت في حياة المسلم فلا بد من الحفاظ عليه ويجب ألا نضيعه في أعمال قد تجلب علينا الشر وتبعدنا عن طريق الهداية، فالوقت يمضى ولا يعود مرة أخرى.. من هنا يجب على المسلم أن يحدد هدفه في الحياة ويجعل وقته كله في طاعة الله وفي الذكر أناء الليل وأطراف النهار..
وعلى المسلم العاقل أن يبحث عن الجليس الصالح الذي يعينه على ذلك ويعينه على حفظ وقته بما ينفعه في دينه ودنياه فعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي".
كذلك من العوامل المساعدة على حفظ وقت المسلم أن يتذكر الموت ويعلم أنه سيغادر هذه الحياة ولا يدري حتى ينزل بساحته ملك الموت كما قال - تعالى -: ((كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور))..
فلا شك أن المسلم عندما يتذكر الموت سيحرص على طاعة الله واغتنام الأوقات بما يفيده، فقد قال أحد السلف اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدأ واعمل لأخرتك كأنك لقوت غدا".
فالوقت ثمين جدا ولا يعدله ثمن وليس كما يقال أن الوقت كالذهب إنما هو أغلى من الذهب لأنه إذا ذهب لا يعود فكن أخي المسلم حذرا ومتيقظا فطنا مدركا أهمية الوقت حتى لا تكون ممن قال الله فيهم ((حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت)) فيا خسارة لمن ذهب وقته وكان حجة عليه يوم الوقوف بين يدي ربه.
ولا شك أن هناك أسباباً عدة وراء تضييع الوقت لعلي أذكر بعضا منها في هذه العجالة.
1- اتباع الهوى.. وقد حذر الله تعلى نبيه داود - عليه السلام - من اتباع الهوى في قوله - تعالى -: ((يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض، فاحكم بين الناس بالحق، ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله)) [سورة ص 56].
وقال أحد السلف محذراً من أصحاب الهوى ((احذروا من الناس صنفين: صاحب هوى قد فتنه هواه، وصاحب دينا قد عمته دنياه.. فالخطر كل الخطر حين يتبع الإنسان هواه بمخالفة أوامر الله ونواهيه فيترتب عليه ضياع الوقت وإهدار الجهد.. إن الهوى دائما يأمر صاحبه بالميل إلى الشهوات والملذات وكل ما لا يعود على الإنسان بفائدة أخروية، أيضا من عوائق استغلال الوقت طول الأمل وهذا وحده يسبب آفات عديدة منها.. الكسل عن الطاعة- التسويف بالتوبة - الرغبة في الدنيا- القسوة في القلب وفي هذا قال الإمام البصري ما أطال عبد الأمل إلا أساء العمل.
ومن أسباب إضاعة الوقت الغفلة عن ذكر الله فتجد بعض الناس الساعات الطوال لا يذكر الله إلا قليلاً، فقد روى البيهقي عن عائشة - رضي الله عنها - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ما من ساعة تمر بابن آدم لا يذكر الله - تعالى - فيها إلا تحسر عليها يوم القيامة)) وان ذكر الله هو الفرق بين الحي والميت كما قال - عليه الصلاة والسلام - ((مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت)).
http://www.mknon.net المصدر:
================
كيف يقضي المدير وقته ؟
إن مسئولية المدير الأولى تتلخص في إنجاز العمل من خلال الآخرين:
وهذا قد يعني تصنيع المنتجات ولفها وشحنها وبيعها، أو تقديم أفضل الخدمات للعملاء وجعلهم راضين، وقد يعني تحرير الرسائل أو طباعتها أو توصيل المواد الخام إلى مصنع الشركة في الوقت المناسب وبأقل التكاليف.
إن مديرك لن يكترث لك كثيراً إذا كنت تعيش في ظروف في ظروف نفسية صعبة، أو إذا كنت مديناً للبنك أو أن بعض أولادك مرضى بالحصبة أو بأي داء آخر. إن اهتمامك ينصب على إنجاز العمل بدقة وفي الوقت المناسب.
وهنا نطرح السؤال التالي: كيف تقوم كمدير بوظيفتك على أكمل وجه؟
1. باعد بين الموظفين والمخاطر
قد تكون كلمة الكفاءة مزعجة لبعض الناس، ولكن مدلولها بسيط. إنها تعني تحقيق أفضل النتائج بأسرع وقت وأيسر جهد وأقل تكلفة.
إن أقصر الطرق للإنجاز هي الطرق المأمونه. فعندما ترتفع إصابات العمل فإن تكلفة الإنتاج ترتفع تلقائيا. فمما لا شك فيه أن المقامر يخسر في النهاية. لأنه لا يربح في نهاية اللعبة إلا بيت القمار. ولأنه لا يصح إلا الصحيح، فإن المغامرة بسلامة الموظفين ستؤدي ـ إن عاجلاً أو آجلاً ـ إلى خسائر مباشرة في الإنتاج وإلى خسائر غير مباشرة بسبب انعدام ولاء الموظفين.
2. شجع العمل الجماعي
والعمل الجماعي يتحقق من خلال التعاون وليس من خلال الإكراه لذا عليك أن تتعاون مع مجموعتك ومع مديرك ومع زملائك المديرين الآخرين في الشركة.
في بعض الأحيان ينجح المديرون في بث روح الأسرة الواحدة في الموظفين الذين يعملون معهم، ولكنهم يفشلون في التعامل مع الإدارات الأخرى في الشركة. وهكذا تتحول الجماعة الصغيرة إلى ما يشبه العصابة ويتحول المدير إلى زعيم عصابة ذي نظرة ضيقة وفرص ضعيفة للترقية داخل الشركة.
من ناحية أخرى قد يركز المدير جل اهتمامه على العلاقات الخارجية ويهمل جماعته، مما يؤدي إلى هبوط حاد في إنتاجية إدارته سواء من حيث الكيف أو من حيث الكم أو من حيث الكيف والكم معاً.
المدير الناجح يضع مصلحة الشركة في المقام الأول، كما أنه يحاول الموازنة بين حاجات إدارته وحاجات مديره وحاجات الإدارات الأخرى داخل الشركة.
3. حافظ على روح الفريق
الروح المعنوية وروح الفريق عنصران هامان لأية جماعة. فالناس يعانون كثيراً من العمل في سبيل تحقيق أهداف نظرية غير ملموسة، مثل الربح وجودة العمل، خاصة إذا لم يلمسوا نتائج أعمالهم بشكل مباشر. ولذلك فإن الناس يبذلون جهدا أكبر لتحقيق مكاسب عاجلة مثل المكافآت وخطابات الشكر، أو حتى مجرد العمل مع الفريق لتحقيق إنجازات يصعب على المرء تحقيقها منفردا.
وهنا تكمن حقاً أهمية روح الفريق، إن العمل مع الجماعة ممتع، ويبعث على السعادة، كما أنه يحول بين المرء والملل. وهو يحتاج إلى خيال خصب واهتمام بالغ لينمو. وهذا الاهتمام قد لا يعني أكثر من ملاحظة إيجابية على مكتب أحد الموظفين، أو كلمة شكر تعلق على لوحة الإعلانات، أو حفلة شاي صغيرة احتفاء بأحد الإنجازات أو بأحد الأشخاص، فإذا ما بادرت بمثل هذه اللمسات الإنسانية البسيطة، فإنك ستجني مزيدا من التعاون والنجاح.
4. علِّم موظفيك كل ما تعرف
المدير الناجح يقضي ردحاً طويلاً من وقته يعلّم موظفيه. إلا أن هذا الأمر يبدوا عسيراً في البداية لأن نتائجه لا تظهر للعيان بسرعة.
إن قيام المدير بأعماله بنفسه تبدو أسهل للوهلة الأولى من تعليم الموظف القيام بها. ولكن سيكون عليه لاحقاً أن يؤدي نفس العمل ألف مرة، بدلاً من تعليمه لأحد الموظفين مرة واحدة فقط.
المدير الناجح يكرس كثيرا من الوقت في تنمية الموظفين، بحيث ينقل إليهم الكثير من خبراته لكي يساعدهم على تطوير قدراتهم والترقية أيضاً. إن الموظفين يحبون أن يتطوروا وأن يشاهدوا أنفسهم يتعلمون شيئا جديدا كل يوم. كما أنهم يتطلعون إلى الترقيات أيضا. ومن واجبك كمدير أن تعلمهم. أما إذا أهملتهم، خوفاً على أن يتجاوزك أحدهم ويهدد مستقبلك الوظيفي، أو خشية أن يتعلموا وينتقلوا إلى شركة أخرى، فإنك بهذا السلوك ستفقدهم لا محالة.
وهنا عليك أن تتذكر أن المدير الذي يدرب خلفاً كفؤا له، يكون من أقوى المرشحين للترقي، لأنه ببساطة سيجد من يحل محله.
5. احتفظ بسجلات دقيقة(1/84)
هناك نوعان من الناس: الذين يكرهون العمل الورقي الروتيني والذين يحبونه. والمدير الجيد يدرك تماما أي واحد من النوعين هو، ومن ثم يحاول إقامة توازن بين شخصيته وحاجات العمل الفعلية.
إذا كنت ممن يكرهون كثرة الورق يمكن تفويض مراجعتها لشخص تثق به. وهنا عليك أن تجد شخصا شغوفا بكتابة ومراجعة التقارير وحفظ السجلات ليقوم بالمهمة بدلا منك. وعليك أن تشرف على العمل وأن تبقى مطلعا على كل ما يجري من حولك، وبهذا يمكنك توفير الكثير من الوقت الذي يحتاجه هذا النوع من العمل، وتبقى قادرا على توفير المعلومات الضرورية لمديرك أو لمن سيخلفك في وظيفتك.
أما إذا كنت تحب العمل الورقي، فينبغي أن تعود نفسك على تقليص الوقت الذي تقضيه في قراءة و كتابة التقارير. وعليك أن تقتطع جزءا من وقتك اليومي تقضيه بعيدا عن المكتب أو مكان العمل. أي بين الموظفين في مواقعهم الأمامية.
الموازنة بين المسئوليات
من الواضح أنه عليك أن تبقى عددا كبيرا من الكرات في الهواء في نفس الوقت، كما يفعل لاعب الأكروبات. وبمعنى آخر عليك أن تحقق التعادل بين كثير من الأمور.
عليك أن توازن:
• بين حاجات الشركة وحاجات العاملين.
• بين الحاجة لسرعة الإنجاز وضرورة صرف بعض الوقت في تدريب الموظفين.
• بين ضرورة أن تبقي مسافة بينك وبين الموظفين، وضرورة أن تكون قريبا منهم ومتعاطفاً معهم.
• بين متطلبات العمل وبعض حاجات الناس الذين تديرهم.
وليس هناك من يمكنه الادعاء بأن تحقيق كل هذه التوازنات أمر سهل.
http://www.aljalees.net المصدر:
=============
الوقت الضائع في حياة المسلمين
الدكتور/ عدنان علي النحوي
الوقت الضائع في حياة المسلمين بين سوء التقدير وسوء التدبير:
كثير من الناس يشكون من ضيق الوقت وكثرة الأعمال، ويقدم بعضهم أعذاراً يسوغون بها تقصيرهم في الوفاء بالأمانة المنوطة بهم في مختلف ميادين الحياة، بالأمانة التي وضعها الله في أعناقهم والتي سيحاسبون عليهما يوم القيامة بين يدي العزيز الجبار.
كثيرون يسوغون عدم تلاوتهم لكتاب الله، أو عدم تدبره ودراسته، أو عدم دعوتهم الناس إلى دين الله, إلى الإيمان والتوحيد أو عدم النصح لهم, أو عدم تعهدهم بالتربية والبناء، أو عدم البذل لدين الله ولدعوته في الأرض، كثيرون يسوغون ذلك بأعذار يوهمون بها أنفسهم، ويخدعون بها آخرين.
ويتناقض كثير من المسلمين في أعذارهم. فقد تلقى من يجد الوقت لنشاطه لدنياه، للهوه ومتعته، أو لنشاطه الحزبي وانشغاله بتكاليف لم تورث إلا الشحناء والبغضاء على غير طاعة الله، أو لنشاطه في تجارته وجريه اللاهث وراء المال، أو غير ذلك، ثم يزعم أنه لا يجد وقتاً لتدبر كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم- أو لإتقان لغته ولغة دينه، أو لدعوة الله في الأرض، وأعجب من ذلك أنك قد تسأل أحدهم لم لا يقرأ القرآن ويتدبره، فيقول إن شؤون الدعوة الإسلامية وكثرة أعبائها لم تدع لي وقتاً لذلك. فالعذر دائماً هو ضيق الوقت على مزاعم متناقضة وأعذار واهية.
لقد غاب عن بال هؤلاء أن الله - سبحانه وتعالى - هو الذي قدر الوقت وحدد تكاليف الأمانة، ليكون الوقت كافياً للإنسان ليؤدي أمانته التي خلق لها. والله - سبحانه وتعالى - هو الذي خلق كل شيء وقدر كل شيء، على حكمة بالغة. واستمع لآيات الله البينات:
{إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك والله يقدر الليل والنهار علم أن لن تحصوه فتاب عليكم فاقرؤوا ما تيسر من القرآن علم أن سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله فاقرؤوا ما تيسر منه وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأقرضوا الله قرضاً حسناً وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيراً وأعظم أجراً واستغفروا الله إن الله غفور رحيم}. [المزمل: 20].
نعم! {والله يقدر الليل والنهار} ثم حدد الله التكاليف هنا بصياغة ربانية عامة جاءت تفصيلاتها وأحكامها في سور أخرى وفي الأحاديث النبوية. وقد جاءت التكاليف العامة على النحو التالي:
1 ـ {فاقرؤوا ما تيسر من القرآن} بمعدل يحدده وسع الإنسان وما يتعرض له من مرض أو سعي في طلب الرزق أو قتال في سبيل الله. فهذا كله لا يعطل تلاوة كتاب الله وتدبره والعمل به، كل على قدر وسعه وطاقته، ومسئوليته وأمانته. ثم جاءت السنة وأحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم- تفصل ذلك. والتلاوة هنا في هذه الآية تعني التدبر والممارسة والتطبيق.
2 ـ {أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة} إقامة الشعائر كلها التي أمر الله بها وأشارت إليها الآية الكريمة بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة. ثم جاءت التفصيلات لإقامة الشعائر في مناهج الله ـ قرآنا وسنه ـ كما جاءا باللغة العربية. والإقامة هنا تعني استكمال شروط الشعائر من أحكام وخشوع وصدق إيمان.
3 ـ {وأقرضوا الله قرضاً حسناً …} وذلك بإنفاق المال على وجهه الذي أمر الله به، وحمل رسالة الله إلى الناس وتعهدهم عليها وجمعهم على كلمة سواء دون تفرق وتمزق، والجهاد في سبيل الله، وغير ذلك من التكاليف المفصلة في كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم-. وجاء مع هذا التكليف العام حث عليه وتشجيع:{وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيراً وأعظم أجرأ}.
4 ـ {… واستغفروا الله …} وهذه تتطلب محاسبة النفس ومراجعتها، والوقفة وقفة إيمانية لمراجعة النهج والخطة والدرب والتأكد من سلامة ذلك برده إلى مناهج الله الذي يحافظ المسلم على تلاوته وتدبره. وكذلك تأتي تفصيلات التوبة والاستغفار ومحاسبة النفس ومراجعة المسيرة في مناهج الله، حتى لا يبقى عذر لأحد في التقصير أو الإهمال أو النكوص، ما دام البذل قائماً، كل في حدود وسعة وطاقته الصادقة التي سيحاسبه الله عليها:
{ولا نكلف نفساً إلا وسعها ولدينا كتاب ينطق بالحق وهم لا يظلمون} [المؤمنون: 62].
واستمع إلى الآيات الكريمة التي توضح أن الله قدر كل شيء خلقه تقديراً ربانياً عادلاً متوازناً، وقدر التكاليف كذلك على أساس من ذلك:
{إنا كل شيء خلقناه بقدر …} [القمر: 49].
{وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم} [الحجر: 21].
{الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد وكل شيء عنده بمقدار …} [الرعد: 8 ].
إذن لابد أن نعي هذه الحقيقة الهامة وهي أن الله - سبحانه وتعالى - قدر الليل والنهار، وقدر التكاليف، وجعل التكاليف في حدود وسع الإنسان وأمانته ومسئوليته. فإذا وجد الإنسان ضيقاً في الوقت فهو من خلل في موازنته وبذله، لا في هذا النظام الرباني الذي قدره الله تقديراً، ولا في التكاليف التي أمر بها.
كيف لا يضطرب الميزان، وكيف لا يضيق الوقت، حين يعكف الإنسان على أهوائه فيعطيها الوقت الأوسع، أو يمضي في سعيه للرزق يلهث ليل نهار، أو يؤثر الدنيا وزخرفها على الآخرة ونعيمها؟!
كيف لا يضيق الوقت ويختل الميزان؟!
أما الذين تصدق موازنتهم فقد قال - سبحانه وتعالى - فيهم:
{رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار* ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب} [النور: 37،38].(1/85)
وميزان الدعاة الذين يحملون مسئولية الدعوة يختلف عن ميزان المسلم العادي أو الضعيف. فالداعية ينهض لمسئوليات أوسع تناسب طاقته ووسعه الذي جعل منه داعية لله ولرسوله. هؤلاء الدعاة يعطون الدعوة بخصائصها الربانية، لا بخصائصها الحزبية، جهداً أكبر وبذلاً أعظم. فانظر كيف يصبح الليل والنهار عندهم:
{كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون * وبالأسحار هم يستغفرون} [الذاريات:17،18].
وكذلك نتذكر النبوة الخاتمة وصحابتها الأبرار وهم يقومون الليل ليعدوا أنفسهم لعبء الدعوة إلى الله ورسوله، إلى الإيمان والتوحيد:
{إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك ….} [المزمل: 20].
هكذا يصبح الميزان لدى الدعاة إلى الله ورسوله، لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله، إنهم قليلاً من الليل ما يهجعون، وبالأسحار هم يستغفرون. وصورة أخرى.
{تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ومما رزقناهم ينفقون} [السجدة: 16].
هذه قبسات من كتاب الله تصور لنا جانباً من حياة المؤمن الداعية وجانباً من تنظيمه لوقته حتى يوفي بالأمانة الملقاة على عاتقه.
كيف لا يضيق الوقت حين يريد المسلم أن ينام حتى يطول نومه، ويأكل حتى يشبع من الأكل ويتخم ويتكور بطنه، ويلهو ويتمتع بمباهج الحياة الدنيا حتى يشبع ولن يشبع، ويجمع من المال لاهثاً يأمل أن يقنع ولا يقنع؟!
كيف لا يضيق الوقت وهو يرى أن شؤون بيته وزوجته وأولاده هي همه الأكبر، أو أن حصوله على الشهادات العليا يزين بها بيته ويرفع بها سمعته، أو أن تجارته وتنمية أرباحه هي واجبه الأكبر، أو أن الوفاء بحقوق الوظيفة وحدها أو السعي لها هي شغله الشاغل، ثم يضع مسئوليات الدعوة إلى الله ورسوله آخر ما يفكر فيه أو يبالي به؟! كيف لا يضيق عليه الوقت؟!
إن الموازنة الأمينة تبتدئ في تحديد مسئولياته وأمانته في هذه الحياة الدنيا كما حددها له مناهج الله، ثم يعطي كل مسئولية حقها على أساس من القواعد الربانية التي فصلها منهاج الله.
ولكل مسلم دور وواجب ومسئولية. وهنالك حد أدنى من المسئوليات يشترك فيه المسلمون جميعاً. ثم تنمو المسئوليات مع نمو الوسع والطاقة، حتى إذا أصبح المسلم داعية لله ورسوله، منطلقاً من إيمانه وعمله ويقينه، فلا حق له إلا أن يعتبر قضية الإيمان والتوحيد والدعوة لها هي القضية الأكبر والأخطر في حياته، ثم تليها سائر القضايا حسب وزنها ومنزلتها في منهاج الله.
تحديد المسئوليات والواجبات تحديداً واضحاً هي نقطة الانطلاق في الموازنة الأمينة لتنظيم الوقت، ثم تحديد منزلة كل مسئولية وأهميتها على أساس من ميزان رباني دقيق يفصله منهاج الله.
لا يوجد في الإسلام إنسان دون مسئولية. فكل فرد مسئول، وكل فرد محاسب بين يدي الله، وكل فرد عليه تكاليف ربانية أمر الله بها في مختلف ميادين الحياة: نحو نفسه، وبيته وأسرته، ووظيفته وتجارته، ودينه ودعوته، وأمته:
فعن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (ألا كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته. فالأمير الذي على الناس راع وهو مسئول عن رعيته. والرجل راع على أهل بيته وهو مسئول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسئولة عنهم، والعبد راع على مال سيده وهو مسئول عنه. ألا فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته)(1).
ثم تأتي تفصيلات التكاليف في الكتاب والسنة. ثم نظَم الإسلام حياة المسلم اليومية والأسبوعية والسنوية. حدد موعد نومه واستيقاظه وراحته، ووقت سعيه وبذله، ومواعيد الشعائر كلها، ورسم له سياسة إنفاقه وميادين جهاده. رسم له الإسلام منهج حياة متكاملة.
فعلى المسلم أن يعي هذا النهج ويتدبره ويمارسه بأمانة ووفاء عليه أن يضع على ضوء منهاج الله وعلى ضوء واقعة خُطته الخاصة ليومه وأسبوعه، أو لشهره وسنته.
على المسلم أن يعرف تكاليفه ومسئولياته، وعليه أن يعي واقعة من خلال منهاج الله، لا من خلال أهوائه وشهواته.
وإنها مسئولية البيت والمعهد ومؤسسات الأمة، وكذلك الدعوة الإسلامية ودعاتها وجنودها، هؤلاء كلهم مسئولون عن إعداد المسلم وتدريبه على احترام الوقت وتنظيمه، ووضع نهجه وخطته لذلك.
إن التدريب جزء أساسي رئيس في الإعداد والبناء. إنه جزء رئيس في تربية الناشئة والأطفال، والفتيان، والشباب، على النهج والتخطيط لأمور حياتهم ومسئولياتهم، ومن أهم هذه الأمور احترام الوقت وتنظيمه.
إنها قضية تقدير أولاً، ثم هي قضية تدبير بعد ذلك. والتقدير علم وإيمان، والتدبير نهج وتخطيط. فإذا وعى المسلم منهاج الله وواقعه وضع خطته على أساس من ذلك، على أساس الركنين الأساسيين في النظرية العامة للدعوة الإسلامية: المنهاج الرباني والواقع.
وانظر إلى هذا التوجيه الرباني في حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فعن أبي هريرة عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: (بورك لأمتي في بكورها) [أخرجه الطبراني في الأوسط] (1).
وعن صخر بن وداعة الغامدي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (اللهم بارك لأمتي في بكورها) [رواه أبو داود والترمذي والدارمي وابن ماجه] (2).
ونظم الإسلام أوقات الصلاة، وأوقات الصيام والإفطار والحج، ونظم وقت العمل والراحة، وربط ذلك كله بالإيمان والتوحيد وبمنهاج الله.
ولكن إذا غلب الهوى وهاجت الأماني فأنى يكون تنظيم الوقت عندئذ، وكيف يعتدل الميزان؟!
لذلك على الدعوة الإسلامية أن تجعل التدريب على الاستفادة من الوقت وتنظيمه عملاً هاماً من أعمالها ومسئولياتها.
ولقد راعينا خطورة هذه القضية بإثارتها وطرحها في حياة المسلمين، وكذلك بوضع أسس التدريب عليها. فهي مراعاة في خطة (المنهاج الفردي) وخطة (منهج لقاء المؤمنين) وفي النظام الإداري وقواعده، وفي المتابعة والتوجيه والإشراف. ويجب أن تظل هذه القضية هامة وخطيرة في حياة المسلم وحياة الأمة كلها.
إن جهداً كبيراً في حياة الأمة يُهدر فيما لا طائل تحته، في فوضى ولهو وعبث، وسوء إدارة ونظام. ولقد نشرت دراسات حول طاقة الإنتاج في دول متعددة حول أساس ساعات عمل واحدة، فكانت دول العالم الثالث والعالم العربي الأضعف إنتاجاً. فلو فرضناً أن ساعات العمل ثماني ساعات كانت الإحصائية تشير إلى ساعات الإنتاج واحدة، والساعات الضائعة سبع وأما لدى الدول الأخرى فكانت ساعات الإنتاج قرابة ضعف ساعات العمل أو أقل من ذلك قليلاً.
نرى من ذلك الوقت الكبير الذي يهدر في حياة المسلمين، والجهود الكثيرة التي تتبعثر وتضيع، وأثر ذلك في جميع نواحي حياة المسلمين الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وغيرها.
إن المذاهب البشرية تقدر الوقت بميزان مادي دنيوي هابط، ولكنه يوفر الحافز المادي للإنتاج. ولعل المثل الشائع يوضح وجهة نظرهم وتقديرهم للوقت، فهم يقولون: (الوقت مال، الوقت من ذهب).
أما الإسلام فينظر للوقت نظرة أخرى، نظرة أسمى وأصدق وأعدل. إن المال الذي يضيع منك قد ييسر الله لك استعادته بفضله وعونه. وأما الدقيقة التي تمر فلن تعود ولن تستعاد، فهذه سنة الله في الزمن في الحياة الدنيا. وأما قضاؤه فيه في الآخرة فهو أول ما يحاسب عليه العبد بين يدي ربه:
فعن عبد الله بن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا تزولا قدما ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يسأل عن خمس: عن عمره فيم أفناه، وعن شبابه فيم أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وما ذا عمل فيما علم) (1).(1/86)
ولا يريد الإسلام من أبنائه أن يهدر الوقت في اللهو والسمر الضائع، كما يحدث في واقعنا اليوم، حتى درج على الألسنة أن يقول الرجل لصاحبه: (تعال نقتل الوقت أو نضيع الوقت)! ويقتل الوقت فعلاً بالنرد ولعب الورق وغيرها مما لا يقدم للأمة خيراً وهي في أسوأ مراحل تاريخها. إنهم لا يقتلون الوقت، ولكنهم يقتلون الأمة ويقتلون أنفسهم.
إن الإسلام يريد من أبنائه أن يروحوا عن أنفسهم بين الحين والآخر، حتى يستعيد المسلم نشاطه وقوته، دون أن يبالغ في الترويح عن النفس حتى يضيع الوقت أو يقع في الإثم.
فعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (لا تكثر الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب) (2).
ونهى الإسلام عن كل ما يضيع وقت المسلم: نهى عن الجدل والقيل والقال، والشقاق والتدابر والشحناء. ودعا الإسلام إلى كل ما يجمع الجهود ويصون الوقت: دعا إلى التعاون والحب الصادق في الله والنصيحة والموازنة وغير ذلك من قواعد الإسلام. بل إن قواعد الإسلام كلها تدعو إلى الاستفادة من الوقت في طاعة الله:
فعن عبد الله بن بسر - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (لا يزال لسانك رطباً بذكر الله) (3).
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (من قعد مقعداً لم يذكر الله فيه، كانت عليه من الله تِرَة، ومن اضطجع مضجعاً لا يذكر الله فيه، كانت عليه من الله ترة) (4).
وذكر الله هو العمل الصالح الذي يخلص الإنسان فيه لله رب العالمين، وهو الكلمة الطيبة والتوبة والاستغفار والدعاء كله وأداء الشعائر والسعي الصالح في الأرض والدعوة إلى الله ورسوله والتعهد والتربية. كل ذلك هو من ذكر الله.
وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكره النوم بعد صلاة الفجر وبعد صلاة العصر وقبل صلاة العشاء، وكان يكره الحديث بعد صلاة العشاء إلا لحاجة وخير، وكان يقوم الليل حتى تتورم قدماه.
حين حرص المسلمون على الوقت، ونظموا حياتهم كما يأمرهم الإسلام أنجزوا ما لم تنجزه أمة في التاريخ. ففي حدود عشرين عاماً منذ بدء الدعوة الإسلامية دانت الجزيرة العربية كلها للإسلام، وأخذ المسلمون يستعدون للتصدي للظالمين المعتدين من الرومان والفرس، ثم امتدت الدعوة في الأرض شرقاً وغرباً وشمالاً خلال فترة قصيرة توالت الانتصارات فيها.
لقد كان من جملة ما تميز به الصف المؤمن آنذاك الإدارة والنظام، وتنظيم الوقت والجهد. فالإدارة والنظام عامل رئيس لاحترام الوقت والاستفادة منه. والإدارة والنظام قاعدة رئيسية في الإسلام ومنهجه فالشعائر كلها مرتبة عل أساس ذلك، وعلى أساس تنظيم الوقت في حياة المسلمين.
إذا نظرنا في واقعنا اليوم نجد الجهد الضائع والوقت الضائع في حياة المسلمين يمثل حجماً كبيراً. تجد العدد الكبير من الناس جالساً في كثير من الدوائر ينتظر إنهاء معاملته، وتجد الموظفين الذين يقتلون وقتهم بقراءة الصحف والاسترخاء والعبث دون المبالاة بالوقت الضائع منهم ومن أصحاب الحاجات. ثم تجد الارتجال والسلوك غير الواعي في تعطيل أنشطة الأمة ومصالحها تحت شعارات الوطنية. لقد بلغ عدد أيام الدراسة في بعض الأقطار خمسة وأربعين يوماً فقط خلال السنة كلها. وباقي الأيام ذهبت في المظاهرات واللهو والصخب والعبث، دون أن يعود ذلك على الأمة بشيء من الخير. ونحن اليوم نحصد ما نلقاه من هزائم وهوان، لم يكن إلا حصاد سنين طويلة مرت بنا ضاع فيها الجهد وضاع فيها الوقت.
لقد أصبحت بعض الكلمات لا تحمل في ذهن المسلم اليوم معناها الحق. فالخير والعمل الصالح والإحسان وغير ذلك أصبح يعني العمل الارتجالي المقطوع عن سائر أعمال المسلم، المنعزل عما قبله وعما بعده، فقد الهدف والنهج، وانحصر في حياة الفرد معزولاً عن الأمة.
إن العمل الصالح هو عمل منهجي مرتبط بحياة الفرد كلها، مرتبط بالأمة، يتكامل من خلال النهج لتعظم بركته بفضل الله، يعرف الهدف الممتد من الدنيا للآخرة. إن العمل الصالح يحرص على الوقت والإدارة والنظام على أساس من صدق الإيمان وصدق العلم بمنهاج الله والعلم بالواقع.
إن الأمة التي تنظم نفسها من خلال إدارة واعية ذكية يرتبط عمل الفرد فيها بالأمة ومنهجها وأهدافها، ولا يبقى عملاً فردياً معزولاً، فتترابط الجهود كلها وتنمو البركة ويعم الخير.
لذلك نعيد وتؤكد أهمية الوقت في الإسلام وأهمية تنظيمه في حياة الأمة. ونؤكد مسئولية الدعوة الإسلامية على تدريب أبنائها على احترام الوقت والاستفادة منه على أحسن وجه ممكن من خلال الإدارة والنظام والنهج والتخطيط.
http://www.aljalsa.com المصدر:
===============
الوقت لا يمكن أن يتوقف
قال الحسن البصري: ما من يوم ينشق فجره، إلا وينادى: يا بن آدم، أنا خلق جديد، وعلى عملك شهيد، فتزود مني، فإني إذا مضيت لا أعود إلى يوم القيامة...
سوف نتطرق إلى نقاط تساعدنا على تنمية عادة توفير الوقت:-
• اكتب السبب الذي يؤدي إلى ضياع وقتك.
• عدد المشاكل التي تسببها عادة هدر الوقت.
• تخيل نفسك وأنت منظم.
• توقف عن استخدام أعذار وهمية مثل الحاجة إلى المزيد من المعلومات.
• قم بإزالة الأشياء الملهية من على سطح المكتب.
ولكن قد نقوم نحن بكل ذلك ونشعر بأن الوقت لا يسعفنا، هنا يجب علينا أن نحدد العوامل المضيعة للوقت.. فلنسأل أنفسنا هذه الأسئلة ونجيب عليها بكل صدق:-
• كم يستغرق منا البحث عن ورقة ما؟
• كم من الاجتماعات يتجاوز وقتها النهاية المحدد مسبقاً؟
• ما هي نسبة الاتصالات الغير ضرورية؟
• هل نشجع مقاطعة الزملاء لنا بتوقفنا عن ما نقوم به وبالتحدث مع الآخرين؟
• هل كل ما نواجهه هو أزمة فعلاً؟ وهل هي تتعلق بنا فعلاً؟
• هل ينتج عن اهتمامنا بتفاصيل موضوع ما إهمالنا لأشياء أخرى أكثر أهمية؟
وخطواتنا الآن تساعدنا على حسن استغلالنا للوقت:-
• ضع صباح كل يوم قائمة بالأعمال التي يجب القيام بها خلال اليوم وذلك من خلال واقع خطة أسبوعية ومن المواعيد المتفق عليها مسبقاً.
• حدد أولويات إنجاز الأعمال مبتدءاً بالأهم فالمهم بها للمرؤوسين واحرص على تحديد مواعيد إنجاز وكذلك متابعة إنجازها في الوقت المناسب.
• خصص وقتاً لإنجاز الأمور التي تتطلب التركيز الشديد واحرص على مقاطعتك خلالها.
• احصر الأمور الروتينية أو الغير هامة التي يمكن إنجازها حسب توفر الوقت.
• لا تؤجل اتخاذ القرارات الروتينية التي تحتاج لوقت طويل لدراستها؛ لأن العودة للتفكير فيها لاحقاً سيستغرق وقتاً أطول.
• ضع قائمة بالمكالمات الهاتفية التي تود إجراءها وخصص وقتاً محدداً لإجراء المكالمات تباعاً.
• جامل الآخرين ولكن لا تسمح لهم بالاسترسال في الأحاديث الشخصية خلال المكالمات الهاتفية.. أوضح للشخص الآخر بلباقة أنك ترحب بمناقشة الموضوع معه في وقت آخر.
• ابتسم حتى عندما تزدحم المسئوليات.
وتذكر أن الوقت لا يتوالد، لا يتمدد، لا يتوقف، لا يرجع للوراء، بل للأمام دائماً. وإن الزمن يتحرك بقدرة الله... ولكن الذي يمكن أن يدار هو استغلالنا للوقت أثناء جريانه.
http://www.geocities.com بتصرف من:
=============
برنامج مقترح لقضاء الوقت في يوم الجمعة
ايمن الحاكة
فهذا برنامج مقترح لقضاء الوقت في يوم الجمعة:(1/87)
أولاً: ألا يسهر ليلة الجمعة إلى ساعات متأخرة من الليل؛ لأن السهر سيفوت عليه التبكير إلى صلاة الجمعة، قال ابن مسعود - رضي الله عنه -: جدب - أي عابه وذمه - إلينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السمر بعد العشاء [رواه أحمد وصححه الألباني].
ثانياً: أن يمكث بعد صلاة الفجر للذكر والتلاوة.
ثالثاً: يستريح قليلاً ثم يتناول طعامه ويغتسل ويتطيب ويستاك ويقص شاربه، ويلبس أنقى ثيابه. عن سلمان الفارسي - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يغتسل رجل يوم الجمعة ويتطهر ما استطاع من طهر ويدهن من دهنه أو يمس من طيب بيته ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين، ثم يصلي ما كتب الله، ثم ينصت إذا تكلم الإمام إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى)) رواه البخاري. يقول محمد بن إبراهيم التيمي: من قلم أظفاره يوم الجمعة وقص شاربه، واستن، فقد استكمل الجمعة [عبد الرزاق في مصنفه] وكان ابن عمر - رضي الله عنهما - لا يروح إلى الجمعة إلا أدهن وتطيب إلا أن يكون حراماً. ويقول أبو سعيد الخدري: ثلاث هن على كل مسلم في يوم الجمعة: الغسل والسواك، ويمس طيباً إن وجد.
رابعاً: أن يبكر للحضور الجمعة ماشياً لا راكباً، لينال الأجر العظيم في تبكيره، لما جاء في الصحيحين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح فكأنما قرب بدنة ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشاً أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر)). الثقفي قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((من غسل واغتسل يوم الجمعة وبكر وابتكر ومشى ولم يركب فدنا من الإمام واستمع ولم يلغ كان له بكل خطوة أجر سنة صيامها وقيامها)) [رواه أحمد]. وهذا هدي الصحابة - رضي الله عنهم - يقول أنس بن مالك - رضي الله عنه -كنا نبكر بالجمعة ونقيل بعد الجمعة[رواه البخاري].
خامساً: يستغل الشاب فترة جلوسه في المسجد بما يناسب قلبه وحاله، إما بكثرة الصلاة وقد جاء في صحيح مسلم من حديث ربيعة بن كعب الأسلمي - رضي الله عنه - قال: كنت أبيت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأتيته بوضوئه وحاجته فقال لي: ((سل)) فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة، قال: ((أو غير ذلك)) قلت: هو ذاك قال: ((فأعني على نفسك بكثرة السجود)) وكلنا مطلبه أن يكون مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الجنة، وهذه الأمنية لا تحقق بعد رحمة الله - تعالى - إلا بفعل
الأسباب، ومن الأسباب كثرة الصلاة، يقول نافع: كان ابن عمر يصلي يوم الجمعة، فإذا تحين خروج الإمام قعد قبل خروجه (عبد الرزاق 3/210). ومن ذلك أيضاً: قراءة سورة الكهف فقد وردت نصوص في فضل قراءتها، منها ما رواه الدارمي في سننه عن أبي سعيد الخدري قال: ((من قرأ سورة الكهف ليلة الجمعة أضاء له من النور فيما بينه وبين البيت العتيق)) (إسناده له حكم الرفع كما قال الألباني). ثم يحاول أن يحفظ شيئاً من القرآن الكريم ليملأ قلبه، وصدره منه، فخير ما ملئت به القلوب كتاب الله - تعالى - روى الترمذي من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب)) (قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح).
سادساً: إذا دخل الإمام لصلاة الجمعة ينصت للإمام ويستمع إليه، وكي يستفيد من الخطبة ويستوعبها، يفترض أنه سيسأل عن الموضوع بعد الخطبة أو يطلب منه أن يتحدث عن موضوع الخطيب، فإنه بهذه الطريقة سيركز ذهنه وتفكيره مع المتكلم أكثر، وجرب تجد صدق ما أقول.
سابعاً: بعد الجمعة تؤدي سنتها أن كان في المسجد أربعاً، لما روى الترمذي من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من كان منكم مصلياً بعد الجمعة فليصل أربعاً)) وإن كنت في البيت فصل ركعتين، لما ثبت في الصحيحين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي ركعتين في بيته، ثم بعد ذلك تتناول طعامك وتستريح، لما روى البخاري من حديث سهل بن سعد قال: ((ما كنا نقيل ولا نتغدى إلا بعد الجمعة)).
ثامناً: بعد العصر يمكن أن تستغله بزيارة قريب، أو عيادة مريض، أو مذاكرة علم ونحو ذلك.
تاسعاً: قبيل المغرب يبغي الذهاب إلى المسجد للدعاء واستغلال ساعة الاستجابة، لما جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكر يوم الجمعة فقال: ((فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله - تعالى - شيئاً إلا أعطاه إياه وأشار بيده يقللها)). واختلف أهل العلم في تعيين هذه الساعة على أقوال كثيرة، ولكن لعل أرجحها أنها آخر ساعة من العصر، فحري بالشاب المسلم الذي يعلم فقره وحاجته إلى ربه، أن ينتهز هذه الفرصة بالدعاء لنفسه بالهداية والثبات على هذا الدين والدعاء لإخوانه المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.
عاشراً: بعد صلاة المغرب يذكر ورد المساء ثم يؤدي نافلة المغرب.
الحادي عشر: بعد المغرب إما أن يبقى مع الأهل للتحدث معهم، وإفادتهم فيما ينفع، أو يراجع دروسه اليومية.
ويتذكر الشاب أن ما يفعله من مراجعة الدروس أنه طلب للعلم، وطلب العلم عبادة عظيمة، يؤجر عليها العبد، روى أبو داود عن كثير بن قيس قال كنت جالساً مع أبي الدر داء في مسجد دمشق فجاءه رجل فقال: يا أبا الدر داء إني جئتك من مدينة الرسول - صلى الله عليه وسلم - لحديث بلغني أنك تحدثه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما جئت لحاجة قال فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((من سلك طريقاً يطلب فيه علماً سلك الله به طريقاً من طرق الجنة وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضاً لطالب العلم، وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض، والحيتان في جوف الماء وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً، ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر)).
الثاني عشر: بعد صلاة العشاء وتناول الطعام إن أحببت إن تقرأ من كتب العلم المناسبة لك فهذا حسن كما قال الشاعر:
وخير جليس المرء كتب تفيده *** علوماً وآداباً كعقل مؤيد
ولا تسأمن العلم واسهر لنيله *** بلا ضجر تحمد سٌرى السير في غد
وإن أبيت ذلك فأوتر قبل أن تنام لتختم يومك بما يرضى العلام، ولا تنس أذكار النوم وآدابه، والله يحفظك ويرعاك وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
http://www.alislam4all.comالمصدر:
=============
فن تضييع الوقت
منصور عبد الظاهر
والوقت أنفس ما عنيت بحفظه *** وأراه أسهل ما عليك يضيع(1/88)
إن الذي يتمعن في قوله - تعالى -: {وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابًا يلقاه منشورًا. اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبًا} (الإسراء: 13، 14) ليلمس للوهلة الأولى مغزى سن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التأذين في أذن المولود أول خروجه للحياة ليكون أول شيء يطرق سمعه شهادة: أن لا إله إلا الله، وكذلك تلقين الميت حين الاحتضار شهادة لا إله إلا الله لتكون آخر شيء يقع على سمعه فكأن الله - عز وجل - يريد أن يستفتح المسلم كتاب عمره - وهو الذي سوف يلقاه يوم القيامة منشورًا - بشهادة الحق وأن تكون نهاية وخاتمة كتاب عمره أيضًا هي شهادة الحق وبين البداية والنهاية تكون آثار المرء المسجلة في هذا الكتاب، وعليه فهناك احتمالات ثلاث لهذا الكتاب:
إما أن تملأ صفحات هذا الكتاب - أي أيام عمر المرء - بالأعمال الصالحة التي يسجلها الحفظة، الحسنة بعشر أمثالها أو مضاعفاتها إلى سبعمائة ضعف، وبالتالي يثقل الميزان تصديقًا لقوله - تعالى -: {فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون. فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون} (المؤمنون: 101، 102)، ويزيد الأمر وضوحًا بقوله - تعالى -: {فأما من ثقلت موازينه. فهو في عيشة راضية} (القارعة: 6، 7).
أو أن تملأ صفحات هذا الكتاب - أي أيام عمر المرء - بالأعمال السيئة على خلاف ما أمر الله - عز وجل - أو رسوله - صلى الله عليه وسلم - وهنا تخف الموازين وتطيش الكتب تصديقًا لقوله - تعالى -: {وأما من خفت موازينه. فأمه هاوية. وما أدراك ماهيه. نار حامية} (القارعة: 8 - 11).
ويزيد الأمر وضوحًا بقوله - تعالى -: {ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون. تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون. ألم تكن آياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون. قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قومًا ضالين. ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون. قال اخسئوا فيها ولا تكلمون. إنه كان فريق من عبادي يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين. فاتخذتموهم سخريًا حتى أنسوكم ذكرى وكنتم منهم تضحكون. إني جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون. قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين. قالوا لبثنا يومًا أو بعض يوم فاسأل العادين. قال إن لبثتم إلا قليلاً لو أنكم كنتم تعلمون. أفحسبتم أنما خلقناكم عبثًا وأنكم إلينا لا ترجعون. فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم} (المؤمنون: 103 - 116).
بل يزيد الأمر وضوحًا أكثر وأكثر بجعل جزاء أعمال الكفار في هذا اليوم هباءً منثورًا. وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءً منثورًا. أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرًا وأحسن مقيلاً} (الفرقان: 23، 24).
أو أن يؤثر المرء السكون فلا هو يكون حريصًا على عمل الحسنات، ولا هو يكون حريصًا على عمل السيئات كأن ينام مثلاً أغلب يومه وليله، أو أن يقضى عمره أمام أجهزة التليفزيون ليستمتع بمشاهدة مباريات الكرة، ويقول في نفسه لا عليّ طالما لم أرتكب محرمًا من غيبة لأحد أو نميمة كما يصنع أغلب الناس إذا جلسوا يتسامرون.
ولكن هيهات هيهات هنا أن تسجل في الصفحات حسنة تثقل الميزان، فالنتيجة واحدة هي أن الصفحات ظلت بيضاء بدون تسجيل ولو حسنة واحدة ما لم يكن صاحبنا قد هم بعمل حسنة، ولو لم يعملها أو نوى في نفسه بعمل حسنة مرجوة عند الله.
ومن هنا يبين لنا أهمية أن يكون اللسان على الأقل دائمًا رطبًا بذكر الله - عز وجل - في كل حالة وهيئة من حالات المسلم منذ لحظة تفتح عينيه من النوم إلى أن يضع رأسه على وسادته للنوم، ولعل في أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المأثورة في الذكر لكل مناسبة غناء لكل مسلم يريد أن يثقل ميزانه بشيء خفيف على اللسان ثقيل في الميزان، حبيب إلى الرحمن بمثل قوله - صلى الله عليه وسلم -: «سبحانه الله وبحمده، سبحان الله العظيم».
أما أن يغيب عن المسلم ذلك ولا يكلف نفسه بتحريك لسانه على الأقل بما يفيده، فذلك هو الضياع لا محالة، وتكون كل وسائل قضاء الوقت أو قتل الوقت، كما يسميه بعض الناس فيما لا يفيد إنما هي وسائل شيطانية لتخفيف الموازين يوم القيامة {قال رب فأنظرنى إلى يوم يبعثون. قال فإنك من المنظرين. إلى يوم الوقت المعلوم. قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين. إلا عبادك منهم المخلصين. قال فالحق والحق أقول. لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين} (ص: 79 - 85).
وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كل شيء يلهو به ابن آدم فهو باطل إلا ثلاثًا: رميه عن قوسه، وتأديبه فرسه، وملاعبته أهله، فإنهن من الحق"رواه الخمسة ولم يعله الإمام الشوكانى - رحمه الله - بشيء(1)، ثم قال عنه: «فيه أن ما صدق عليه مسمى اللهو داخل في حيز البطلان إلا تلك الثلاثة أمور، فإنها وإن كانت في صورة اللهو فهي طاعات مقربة إلى الله - عز وجل - مع الالتفات إلى ما يترتب على ذلك الفعل من النفع الدينى"ا.ه.
ويعقب صاحب الظلال - عليه رحمة الله - (2) على قوله - تعالى -: {يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرًا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدًا بعيدًا} (آل عمران: 30) فيقول: «ثم يتابع السياق التحذير ولمس القلوب خطوة أخرى، كذلك باستحضار اليوم المرهوب الذي لا يفد فيه عمل ولا نية، والذي تواجه فيه كل نفس برصيدها كله.. وهى مواجهة تأخذ المسالك على القلب البشرى وتحاصره برصيده من الخير والسوء، وتصور له نفسه، وهو يواجه هذا الرصيد ويود - ولكن لات حين مودة!! - لو أن بينه وبين السوء الذي عمله أمدًا بعيدًا، أو أن بينه وبين هذا اليوم كله أمدًا بعيدًا، بينما هو في مواجهته آخذ بخناقه ولات حين خلاص ولات حين فرار"ا.ه.
وفى يقيني أن الذي يضيع عمره فيما لا يفيد إنما يكمن مرضه في أنه لا يحسن التفكير أو لا يفكر أصلاً فهو معطل لهذه النعمة - ألا وهى العقل - ولقد كتب كاتب أسباني قصة رمزية عن هذا المعنى، فذكر أن فارسًا أحب فتاة حبًا شديدًا، ولكن لم تكن هي تبادله هذا الحب، فأرادت أن تصرفه عنها بطريقة مهذبة، فسألته عن برنامجه في اليوم والليلة، فأجابها بأنه يصحو من نومه فيغسل وجهه، ثم يذهب يتريض بفرسه، ثم يعود فيفطر، ثم يذهب إلى ناديه ليتسامر مع أصحابه، وفى الليل يتوجه إلى السينما، ثم يعود فينام، وهكذا كل يوم فقالت له: إنك لم تزد على أن عرفتني برنامج فرسك في اليوم والليلة، فهو أيضًا يأكل ويشرب ويتريض وينام فمتى إذن أنت تفكر؟!!
فياله من سؤال عجيب يركز عليه الكاتب الأسباني وأغلب شباب الإسلام اليوم، بل أغلب المنتسبين للإسلام اليوم عنه غافلون!!
إنك إن ذهبت تبحث عنهم فقد لا يخطئك الظن أن تجد بعضهم متسكعًا في الشوارع أو على نواصي المسارح والسينمات أو على المقاهي بقتل وقته في لعب أشياء لا تزكى عقلاً ولا تبنى جسمًا، أو هو يدخن الشيشة التي هي الموت البطيء أو متحلقًا حول جهاز تليفزيون يشاهد مسرحية أو تمثيلية في قناة فضائية تولع الجسم أو كل ديكوراتها في حجرات النوم.. وقد وصل بعضهم إلى جلسات عبادة الشيطان وما خفي كان أعظم.
ومرجع ذلك كله باختصار شديد يمكن تشبيهه بمصرف عظيم يحمل القاذورات والأوساخ، ولهذا المصرف منبع وروافد رئيسة، ولهذه الروافد الرئيسة روافد فرعية تغذيه:(1/89)
فمنبعه هو عدم تعظيم واحترام وحى الله - عز وجل - وأن تستبدل به نظريات العقول البشرية في قيادة وهداية البشر {ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة} (النحل: 36).
وأحد روافده الرئيسة سوء التربية الإسلامية أو قل انعدام هذه التربية الإسلامية، والتي تبدأ بالغبن في التوحيد ويغذيه روافد فرعية منها:
- الاهتمام بالخرافات والضلالات والأوهام، وكأن الحياة لا تقوم إلا بها.
- عدم الاستفادة والانتفاع بسنن الله - عز وجل - التي تجرى على الأفراد والأمم.
- عدم وضوح أهمية الحياة في ألفة وتجمع وعدم التنازع أو الاختلاف والشقاق.
- عدم تعظيم شعائر الله وحرماته والاستهتار بها.
- عدم وضع الولاء والبراء في محلهما الصحيح.
- عدم الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكرات.
- ضعف الإرادة عند هؤلاء الأفراد.
- اختلاط العدو بالصديق وعدم التمييز بينهما، سواء من الإنس أو الجن.
- عدم الحساب للموت مع طول الأمل.
- كراهية لقاء الله - عز وجل - .
- عدم الصبر على المحن والوقوع في الفتن بدون زاد... إلخ.
رافد آخر رئيس يغذى هذا الاتجاه هو انعدام الوازع الأخلاقي الذي يضبط سلوك الفرد مع نفسه ومع عشيرته ومع مجتمعه.
- رافد ثالث رئيس يعين أيضًا على الانزلاق هو ضعف الإحساس بالانضباط الاجتماعي.
رافد رابع رئيس هو الخلل في النظر إلى المال لا على أنه وسيلة، بل على أنه غاية.
رافد خامس رئيس هو الانفلات السياسي عند الحاكم أو المحكوم على السواء، فلا الأول حريص على رعاية الثاني ولا الثاني حريص على محاسبة الأول في تقصيره تجاهه.
فالنجاة النجاة بالانتفاع بوصية الله - عز وجل -: {لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجرًا عظيمًا} (النساء: 114).
وأيضًا الانتفاع بتوجيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين لفت الأنظار إلى الاهتمام الشديد بعزائم الأمور كالحرص على صلاة الليل والفجر التي وصفها بأنها أثقل الصلاتين على المنافقين لقوله - تعالى -: {وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودًا. ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقامًا محمودًا} (الإسراء: 78، 79)، والتي جعل - صلى الله عليه وسلم - الزاد لتحقيق ذلك بالنهى عن السمر بعد العشاء(3) والنوم قبلها، ولم يأذن - عليه الصلاة والسلام - بسمر بعد العشاء إلا في ثلاث: تحصيل علم أو قرى ضيف، أو في عرس(4)، ولعل في الانتفاع بتعلم ومزاولة الهوايات المربحة انتفاعًا بالوقت الذي هو العمر وإثراء للحبيب الذي هو خير من مد اليد للناس أعطوك أو منعوك، والله الهادي إلى الصراط المستقيم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش:
(1) راجع نيل الأوطار: ج8، صـ 85، ط. دار التراث مصر.
(2) الظلال: صـ 386.
(3) رواه ابن ماجه بإسناد صحيح، كما ذكر الإمام الشوكانى فى نيل الأوطار، ج2، ص14.
(4) يراجع للتفصيل نيل الأوطار: ج2، ص14.
http://alresalah.masrawy.com المصدر:
============
جدولة الوقت
مبارك عامر بقنه
في هذه المقالة لن أتطرق إلى أهمية الوقت من الناحية النظرية؛ ولكن سوف يكون حديثي عن جزئية عملية لكيفية التعامل مع الوقت وهي جدولة الوقت، وأظن الأمر من هذه الناحية مهم؛ لأننا كثير ما نسأل أنفسنا عند انقضاء اليوم، أين ذهب وقتي؟كيف قضيت نهاري؟ لقد كان بودي أنني فعلت كذا، وتركت كذا! وفي نهاية اليوم النتيجة: أنا لم أنجز شيئاً يذكر!
وكثيراً ما نتسأل: لماذا فلان ينجز في يومه ما لا أستطيع القيام به؟ أليس اليوم بالنسبة لنا متساوياً فالكل يملك 24 ساعة في يومه؟ إن الفرق بين الأشخاص الذين ينجزون هدفاً تلو الآخر وبين الأشخاص الذين لا يحققون أهدافهم يكمن بدرجة عالية في عملية تحكمهم في هذه الأربع والعشرين ساعة. ولكي تتحكم في هذه الساعات، قم بعمل التالي.
عمل قائمة زمنية:
لن تقوم بعمل رحلة حتى تعرف إلى أين ستذهب، وما الطريق الذي سوف تسلكه، وإلا تهت وضعت، ولن تصل إلى هدفك؛ وكذلك تحتاج إلى إيجاد خريطة زمنية مشابهة لتساعدك في إنجاز أهدافك
فإذا أنت لم تخطط ليومك، فسوف تصرف وقتك في أشياء غير مجدية، وتضيع أوقاتك في أمور غير مهمة، ولن تستطيع تحقيق أهدافك. ولتجنب هذه المشكلة قم بعمل سجل زمني مستمر، استقطع 10 ـ 15 دقيقة من آخر اليوم لتخطيط عمل اليوم التالي، وهنا يجب مراعاة عدة أمور:
أولاً: احرص أن يكون كتابة سجل العمل شامل لكل يوم. سجل في هذا السجل بداية ونهاية أي نشاط تريد أن تعمله على أن تكون الفترة الزمنية المخصصة واقعية ومنطقية مع طبيعة المشروع. سجل بهدوء واحرص أن تدون كل شيء؛ لأن نسيان شيء ما لن يعطيك إنجازاً جيداً؛ إذ يسبب خللاً في برنامجك اليومي. اعمل أولوية لقائمتك، واجعل الأكثر أهمية في برنامجك في أفضل الأوقات الإنتاجية لديك، وعند تزاحم الأوقات قدم عمل الأوليات. اجعل هناك تصنيف لكل مهمة: طويلة الأمد (ط)، قصيرة الأمد (ق) وقدر الوقت الذي تستهلكه في قضاء هذه المهمة فلا تحاول إنجاز كل شيء في لحظة.
ثانياً: في نهاية الأسبوع قم بتحليل ورقتك الزمنية. اكتشف ما الأعمال التي أدت إلى ضياع وقتك وأعاقتك من إنجاز أهدافك خلال الأسبوع. اسأل نفسك هذه الأسئلة:
ما أطول مدة قضيتها في عمل ما؟
ما أغلب الأشياء التي تعمل على إعاقة عملك؟
ما الأشياء التي تساعدك على إنجاز أهدافك؟
هل كل ما دونته كان ضرورياً؟
وهل ينبغي عملها الآن أو أن أجدولها في وقت لاحق؟
هل يجب عليك القيام بهذه الأعمال أو أنه يوجد شخص آخر يمكن أن يقوم بهذه الأعمال أفضل مني؟
إن وجود قائمة عمل أمامك محسوسة تستطيع أن تقيم من خلالها نفسك، هل أنجزت ما أردت أم لا؟ وكم أنجزت من العمل؟ وما الأسباب التي منعتك من تحقيق ما دونته؟ دون إجاباتك، ثم اعمل خطة لإزالة الأنشطة التي تضيع وقتك. فحدد الأشخاص أو الأحداث التي تسرق وقتك حتى تستطيع التحكم والسيطرة على وقتك. ضع الحلول المناسبة للقضاء على هذه المثبطات القاتلة.
وعند إنجازك شيئاً ما احرص على مكافأة نفسك، وأفضل مكافأة تقدمها لنفسك هو بناء الثقة لديك بأنك قادر على استثمار وقتك وتحقيق كثير من الأشياء.
وقد تواجه في بداية عمل قائمة يومية لأعمالك بعض التحديات مع النفس، وتعويدها على تنفيذ قائمتك اليومية؛ بل الغالب أنك ستفشل في البداية أو أنك سوف تحقق قليلاً من أعمالك المدونة، وهذا في الحقيقة ليس فشلاً؛ بل هو بداية النجاح، فالصعود للقمة يكون خطوة خطوة، ولا يشترط أن تكون كاملاً، فالكمال متعذر، ولكن يجب أن يكون لديك الكفائية ـ إن صحت التسمية ـ، فهناك فرق بين الكفائية والكمال، فالكفاح والإصرار من أجل الوصول إلى الكمال هو الكفائية وهو المطلوب. واحتمال كبير ألا تكون خطتك الزمنية جيدة أو كاملة في البداية، ولكنها لا شك أنها سوف تتحسن مع اكتساب الخبرة. ومن أشد العوائق التي سوف تواجهها في البداية هو التأجيل، وهنا سأتكلم عن هذه الآفة المهلكة للأوقات.
اقض على التأجيل:
كم نرغب بإنجاز أعمال كثيرة ولكننا نؤجلها دائماً إلى غد فنؤجل العمل ونسوف، وسوف -كما قال أحد الصالحين - جند من جنود إبليس. ولذا تمر الأيام والشهور ولم نحقق ما أردنا بسبب سوف، وللقضاء على سوف وخصوصاً إذا كان لديك عمل مشروع كبير؛ فهنا عليك:
أولاً: أن تقسم هذا المشروع إلى أجزاء صغيرة.(1/90)
ثانياً: اعمل برنامجا زمنيا لتنفيذ أول جزء من هذا المشروع.
ثالثاً: ابدأ مباشرة في العمل.
ستلاحظ بعد فترة من الزمن كم هو أمر سهل عمل هذا المشروع. فلن تعرف الملل ولا الإرهاق إذا قسمت المشروع إلى أجزاء صغيرة مع مدى أطول. ولكن هنا شرطاً ضرورياً ومهماً وهو التقييد بالوقت أو الحصة الزمنية المقررة لهذا البرنامج، احرص على الالتزام بالوقت بقدر المستطاع حتى وإن وجدت رغبة ونشاط في الاستمرار فيفضل عدم الاستمرار لأن استمرارك في العمل يعني أخذ الحصة الزمنية من المشروع اللاحق، وهذا يسبب تداخلاً في الواجبات، وإخفاقاً في بعض الواجبات الأخرى، فينبغي أن يكون النجاح ليس في مشروع واحد؛ بل يمتد هذا النجاح إلى جميع أعمالك اليومية، ولن يتم هذا إلا بالتقييد ببرنامجك اليومي بقدر المستطاع. إن تأجيلك للعمل بدون مبرر يعني قتل الوقت، وتثبيط الهمة، فالتأجيل عقبة كأداء في طريق بناء الذات.
هناك عدة أسباب للتأجيل:
أولاً: الخوف من الإخفاق:
فالشعور بالإخفاق وعدم النجاح يسبب تأجيل العمل والتهرب منه ومحاولة إيجاد المعوقات التي تمنع من الاستمرار في العمل، ويزداد هذا الخوف إذا كان هناك تقييم للعمل من الآخرين. فيبدأ في تأجيل العمل حتى يضيق الوقت، وهنا يقول إن الوقت غير كاف، وذلك بدلاً من أن يعلن إخفاقه وعجزه عن أداء العمل إذ يجعل الوقت غير كاف لإنجاز ما كلف به.
والخوف من الفشل والسقوط قد يكون موجودا، ولكنه يكون مشكلة إذا منع من العمل والمضي قدماً لتحقيق الهدف. ومن الطرق التي نتعامل فيها مع الخوف هو النظر إلى منبع هذا الخوف هل هو مبني على أساس صحيح، وتفكير منطقي مقبول أم أنه مجرد أوهام وافتراضات ليس لها أساس من الصحة. فإنك لو رجعت إلى مشاعرك وتأملت جيداً هذه المخاوف تجدها في الغالب عبارة عن أوهام اختلقتها نفسك. فاقض على هذه الأوهام ولا تلتفت إليها. أما إذا تبينت لك صحة هذه المخاوف وأنك لن تكون قادراً على إنجازك مشروعك فيمكنك أن تأجل هذا المشروع لوقت آخر تكون الأسباب التي منعتك قد زالت، ولكن احرص على التأكيد على الإيجابيات التي لديك وأنك قادر على عمل هذا المشروع. توكل على الله - عز وجل - وخذ بالأسباب المنطقية ولا تجعل الخوف يسيطر عليك ويقود سير حياتك، واسأل نفسك دائماً: ماذا يحدث لو أخفقت؟ عند إجابتك عن هذا السؤال، سوف تجد أن الأمر بسيط لا يحتاج كل هذا الخوف.
ثانياً: الملل والسآمة:
كثير من الأحيان لا يستطيع الشخص أن يمكث فترة طويلة من الزمن مع مشروع ما، إذ سرعان ما يعتريه الملل والضجر، فهو قد يكون تربى على التنقل من عمل إلى عمل آخر، أو من بحث إلى بحث آخر، وفق الرغبات النفسية المتقلبة لديه. وهذا ناتج من سوء تربية، وعدم وجود الجلد والصبر والذي يعتبر مطلباً أساساً في نجاح أي عمل أو مشروع ذي قيمة.
وللتغلب على هذه المشكلة عليك أن تمرن نفسك على الصبر والتصبر وفي الحديث"ومن يصبر يصبره الله([1][1])"فالأمر اكتسابي، ومن الأمور المساعدة لذلك جعل الحصة الزمنية في البداية قليلة للأمور التي تضجر منها ثم ابدأ بزيادة الوقت تدريجياً وبهذا لن تصاب بالملل، اجعل ما تراه عملاً مملاً في الأوقات التي تشعر فيها بالارتياح النفسي، قسّم المشروع إلى أجزاء صغيرة فمثلاً لو كان مشروعك قراءة كتاب مهم ولكنه يصاحبك الملل فجزئه إلى أيام متعددة.
ثالثاً:عدم وجود الرغبة في هذا المشروع:
إقحام النفس في عمل لا تريده نتيجة حتمية ألا يكون هناك إبداع في أداء هذا العمل؛ بل الغالب أن يصاحب هذا العمل التسويف والتأجيل. ولهذا احرص أن تحب العمل الذي تقوم به فهي نقطة أساسية لإتمام المشروع، وركيزة أساسية للاستمرار والإبداع، ابحث في هذا العمل عن الإيجابيات لكي تكسبك التشجيع المعنوي حتى تنجز عملك، مارس أعمالاً أخرى تحبها لكي يخف الضغط الذهني لديك.
ابحث عن الحافز، فالحافز والدافع للعمل أمر مهم لطرد الملل والسآمة. وهناك عدة طرق للتشجيع والتحفيز منها على سبيل المثال معرفة الأشخاص الناجحين والالتصاق بهم، ادرس شخصياتهم وتعرف على صفاتهم وكيفية مواقفهم تجاه الأحداث والأشخاص، فصحبة القدوات لها أثر كبير في تغيير السلبيات إلى إيجابيات، وكذلك انظر إلى الأشخاص الذين تكره أن تكون مثلهم وادرس عاداتهم السلبية وتجنبها، تعلم من الطرفين لتبني ذاتك؛ ولكن ركز على الأشخاص الإيجابيين.اتخذ صديقاً معيناً لك في إنجاز أهدافك، اظهر له أهدافك وطموحاتك، دعه يشاركك في التخطيط لتحقيق ما تصبو إليه، كن قريباً منه حتى إذا ضعفت عزيمتك وتسلل إليك الكسل أخذ بيدك إلى النشاط والقوة، اجعله رفيق دربك فالسير وحيداً في صحراء الغربة يشعر بالوحشة والخوف من المسير قدماً.
رابعاً: صعوبة العمل أو المشروع:
وهذه نتيجة الاختيار السيئ منذ البدء، فالإنسان لا بد أن يعرف قدراته وإمكانيته المتاحة وواقعه، ويتعامل وفق هذه المعطيات التي لديه، فالمبالغة في أخذ مشاريع أو أبحاث أكبر من طاقة الشخص في الغالب أنها تبوء بالفشل، فالتدرج في الأبحاث والمشاريع أمر أساس وضروري، إذ إن المشاريع الضخمة والكبيرة تعتمد على تراكم من الخبرات والتي يكتسبها من مشاريع صغيرة وهي مقدمات لمشاريع ضخمة.
أساطير حول جدولة الوقت:
كثير من الناس يظنون أن تنظيم الوقت يجعل الوقت مملاً، ويصعب التعامل مع الأشياء بمرونة مما يعقد الحياة، ويفقد المتعة. وهذا وهم كبير وخطير، وهو خوف مبني على غير أساس تجريبي أو علمي وإنما تبرير نفسي للتفلت وعدم ضبط النفس، وللقضاء على هذه الإشكالية اجعل التعامل مع الوقت أقل حزماً وشدة فاستخدم عبارات الإمكان والاستحسان، فيجدول البرنامج مثلاً بعبارة:
يفضل عمل كذا، ويستحسن القيام بكذا... وهكذا حتى لا تشعر بالضغط النفسي في التقيد بالجدولة الوقتية، ثم إذا رأى الشخص نفسه قد قويت قليلاً يستخدم العبارات الإلزامية في بعض الأحايين مثل: يجب القيام بكذا...،
و مقولة:أن الأشخاص المنظمين لأوقاتهم لا يجدون متعة في أوقاتهم، وهم في حالة شد عصبي، وهم وقلق وخوف، الحقيقة أن العكس هو الصحيح، فأكثر من يتمتع بالأوقات بدرجة عالية هم المنظمون لأوقاتهم، فهم أولاً ينجزون أهدافهم، ويحققون طموحاتهم، وهم في الغالب لا يبحثون عن شيء يؤدونه ليقضون فيه أوقاتهم، فلا تشكل لهم كيفية قضاء الوقت إشكالية، فماذا أعمل في العصر؟ وأين أقضي هذه الليلة؟ وهكذا.. لا توجد هذه الأسئلة الدالة على الضياع والتيه في قاموسهم، وهذه قمة المتعة.(1/91)
فقدان الثقة بالذات، يعتقد بعض الناس أن تنظيم الوقت أمر متعذر بالنسبة إليه، فهو ليس لديه القدرات والإمكانيات التي تجعله ينظم وقته، فتنظيم وجدولة الوقت مخصوص بفئة معينة من الناس، وخصوصاً في هذا العصر فالواجبات كثيرة، ومتطلبات الحياة في ازدياد.والحقيقة أن العكس قد يكون هو الصحيح، وأن فئة من الناس لا تستطيع أن تجدول وقتها كالجاهل والمريض، أما أكثر الناس فهم قادرون على تنظيم أوقاتهم، فتنظيم الوقت هو مسألة قرار ثم تتخذ الوسائل والطرق المعينة إلى تنظيم الوقت، وقد يكون هناك ضغوط خارجية تمنع من استغلال الوقت ولكن ببعض التأمل والتفكر في هذه العوامل الخارجية وإيجاد نوع من الترتيب والتحكم تستطيع أن تتجاوز هذه المقاطعات والصوارف، وقصة ابن الجوزي وكيفية استثماره للوقت مع وجود القواطع يدل على تعلمه كيفية العمل برغم هذه القواطع، إن محاولة القضاء على الشواغل أمر متعذر ولكن تقليلها وكيفية التعامل معها أمر ممكن، وهنا يحسن الاطلاع على بعض المؤلفات التي تبرز أهمية الوقت وكيفية التعامل معه.
الإفراط في التعقيد، فتنظيم الوقت لدى البعض يعني جدولة كل دقيقة يومياً والتقيد بها، وهذا مفهوم خاطئ؛ بل يعسر تطبيق ذلك، فكثير من الأحيان لا تسير الأمور وفق ما نريد، فتأتي بعض الأحداث اليومية ليست على بالنا كما قال الله - تعالى -(يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) (الرحمن:29)؛ وإنما المقصود من الجدولة هو أن يكون يومك مليء بالعمل المثمر، بدون ضغط أو إجهاد، مع إنه لا بد أن يكون في الجدولة أوقات قليلة تترك عفوياً حتى لا تصاب بالملل والسآمة.
لمح حول جدولة الوقت:
عند عملك مشروعاً ما لا تنظر إلى الوقت ولكن التفت إلى الفعالية، فالفعالية والإنتاجية هي الهدف الأساس، فليس صرف وقت أكثر هو الهدف وإنما الهدف هو صرف وقت أقل مع أكثر إنتاجية وفعالية. وهنا ينبغي معرفة الطرق الصحيحة لإنجاز العمل كالقراءة مثلاً يجب معرفة الطرق المثلى في القراءة وهكذا.
لا تقض وقتاً طويلاً لعمل أشياء صغيرة، وازن بين الوقت والعمل المطلوب.
ليكن لديك زمن يومي محدد لا تسمح لأحد فيه بأن يزعجك، تجنب الرد على الهاتف، أو تصفح الإنترنت، أو الجلسة مع الأسرة، وإنما اجعل هذا الوقت لمعالجة أهم الأشياء لديك والمدونة في جدولك.
مع زحمة الحياة يكون من السهولة السقوط في فخ النسيان، وقد تتذكر ما تريد عمله، ولكن الجدولة تذكرك في الوقت المناسب، الجدولة طريقة لإراحة الذهن من عناء التفكير والتذكر.
http://www.rasael.net المصدر:
==============
الوقت هو الحياة
"وَاللهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ"
الوقت من ذهب، وهذا صحيح من ناحية القيم المادية للذين لا يقيسون الوجود إلا بها، ولكن الوقت هو الحياة للذين ينظرون إلى أبعد من ذلك.
وهل حياتك أيها الإنسان ي هذا الوقود شيء غير الوقت الذي يمضي بين الوفاة والميلاد؟ وقد يذهب الذهب وينفد ولكنك تستطيع أن يكون منه أضعاف ما فقدت، ولكن الوقت الذاهب والزمن الفائت لا تستطيع له إعادة أو إرجاعا، فالوقت إذاً أغلى من الذهب وأغلى من الماس، وأغلى من كل جوهر وعرض لأنه هو الحياة.
وليس النجاح متوقفا على الخطة الدقيقة، والظروف المواتية فحسب، ولكنه متوقف على اللحظة المناسبة كذلك، وقد كانوا يحذرون من الرأي الفطير، ومن الرأي المتأخر أيضا، والتوفيق أن يقع العمل في لحظته المناسبة:
(وَاللهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ) (المزمل:20)
ولهذا كان أعظم الناس تعرضا للخسارة والإخفاق أولئك الغافلون.
(وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ) (لأعراف:179).
ولقد كان من دعاء الصديق - رضي الله عنه -: (اللهم لا تدعنا في غمرة، ولا تأخذنا على غرة و ولا تجعلنا من الغافلين)، وقد كان عمر - رضي الله عنه - يدعو بان يرزقه الله البركة في الأوقات وإصلاح الساعات، ولا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأله الله عن عمره فيما أفناه؟ وعن ماله مم اكتسبه؟ وفيما أنفقه؟
ومن أروع الصور التي عرض فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قيمة الوقت الكريم: (ما من يوم ينشق فجره إلا وينادي: يا ابن آدم، أنا خلق جديد، وعلى عملك شهيد، فتزود مني، فغني لا أعود إلى يوم القيامة أبدا).
ليس أغلى في الوجود إذاً من الوقت، وغنم الأوقات لتتفاوت في يمنها وبركتها وحسن حظها وسعادة جدها، فساعة أعظم بركة من ساعة، ويوم أفضل عند الله من يوم، وشهر أكرم من شهر.
هو الجد حتى تفضل العين أختها وحتى يكون اليوم لليوم سيداتي وسادتي
وتلك فرصة أتاحها الله لنا نحن المؤمنين ولنطرد فيها شبح الغفلة، ولنعود فيها إلى التذكرة واليقظة، ولنغنم منها نفحات الفضل حين تهب نسمات القبول، فإن الحسنة تتضاعف في هذه الأوقات المباركة، فيرفع الله فيها من درجات عباده الصالحين، كما يفتح باب المتاب على مصراعيه ليدخل من أراد الله به الخير من التائبين المنيبين.
ولقد جاءت الآيات الكريمة تشير إلى هذه الأوقات اليومية والأسبوعية والسنوية، كما أكدت ذلك التوجيهات النبوية.
فالله تبارك و تعالى - يقول: (فَسُبْحَانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ) (الروم:17).
ويقول: (وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ) (لأعراف:205).
ويقول: (وَالْفَجْرِ، وَلَيَالٍ عَشْرٍ) (الفجر:1-2).
ويقول: (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ) (الحج:28).
ولقد وجهنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى قيمة الوقت وطريق الانتفاع به،فيما ورد عنه في كثير من الأحاديث، مشيرا إلى أن المؤمن بين مخافتين، بين عاجل قد مضى لا يدري ما الله صانع فيه، وبين آجل قد بقي لا يدري ما الله قاض فيه، فليأخذ العبد من نفسه لنفسه، ومن دنياه لآخرته، ومن الشبيبة قبل الهرم، ومن الحياة قبل الموت.
فيا أيها الأخ العزيز:
أمامك كل يوم لحظة بالغداة ولحظة بالعشي، ولحظة في السحَر، تستطيع أن تسمو فيها كلها بروحك الطهور إلى الملأ، فنظفر بخير الدنيا والآخرة، وأمامك يوم الجمعة وليلتها، تستطيع أن تملأ فيها يديك وقلبك وروحك بالفيض الهاطل من رحمة الله على عباده، وأمامك مواسم الطاعات وأيام العبادات وليالي القربات، التي وجهك إليها كتابك الكرم ورسولك العظيم، فاحرص على أن تكون فيها من الذاكرين لا من الغافلين، ومن العاملين لا من الخاملين، واغتنم الوقت فالوقت كالسيف، ودع فلا أضر منه:
وكن صارما كالوقت فالمقت في عسى وخل لعل فهي أكبر علة
وسل الله لنا ولك التوفيق للعمل المقبول والوقت الفاضل
http://www.lewaeddin.4t.com المصدر:
============
كيف تقلل إهدار الوقت؟
1 - دوِّن في دفتر ملحوظات صغير ما يضيع من وقتك خلال يوم وهكذا لمدة أسبوع، ثم لمدة شهر ثم قم بإحصاء ما ضاع منك خلال عام، ثم انظر كم نسبة الضائع من حياتك.
ويُمكن أن تكون الورقة التي يسجل فيها الوقت الضائع هكذا:
وقت ضائع في الساعة ... يوم ... شهر ... مقدار الوقت الضائع ... سببه ... مكانه ... مع من
... ... ... ... ... ...(1/92)
2 - قم بعملية تقسيم لأوقاتك على أعمالك كما هي في الواقع ثم انظر أي الأعمال يستأثر من الأوقات بأكثر من حاجته وأي الأعمال لا يأخذ كفايته ثم أعد التوازن إلى برنامجك على ضوء ما توصلت إليه من نتائج.
3 - قم في أوقات الهدوء والاسترخاء بالتعرف على ميولك النفسية ورصد أثرها في تسريب وضياع وقتك في توافه الأمور لتقوم بعد ذلك بمحاولة الإصلاح ومجاهدة النفس.
( حتى لا تكون كلاًّ للشيخ/ د. محمد عوض القرني)
http://www.resalah.net المصدر:
=============
الوقت كالسيف
فواز الحربي
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
كل يوم وكل ساعة تمر علينا هي من أعمارنا تذهب بلا رجعه، حتى الدقائق لا تعود، تلك الدقائق البسيطة التي مرت دون أن نستغلها سوف نعلم ثمنها وقدرها.. ولكن متى ذلك؟
يا لضعفنا أمام الوقت، فهو يأتي رغماً عنا، ولذلك حتى في النوم تذهب ساعات ودقائق من أعمارنا، ونحن لا نعلم، والعجيب أننا لا نستطيع إيقاف الوقت حتى في نومنا..!
ولذلك قال القدماء: (الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك)، فاعلم من الآن أنك تعيش في حرب مع الوقت، فان استسلمت ذهب بدون فائدة، وإن حاربته فإنه أيضاً سيذهب رغماً عنك ولكن بفائدة، فلنجلس مع أنفسنا ونحاسبها كم من سنة ذهبت بنوم وأكل وعصيان لله؟ وكم من يوم وكم من ساعة وكم من دقيقة وكم من ثانية ذهبت دون أن نذكر الله فيها؟ حياة ذهبت والمحصلة ؟ لاشيء، ونسينا قول الله تعالى:(فاذكروني اذكركم).
تخيلوا أن حياتنا السابقة كانت مليئة بذكر الله فما هي النتيجة؟
النتيجة أن الله قد ذكرنا في كل وقت ذكرناه فيه..
فشتان بين الذين استغلوا أوقاتهم والذين لم يستغلوه.
ولكن فلنعلم أن للحياة بقية، وأن هناك وقت لم يأت بعد، فكيف سنتعامل مع الوقت القادم؟.
المصدر: http://www.emanway.com
==============
هل لديك وقت لتربية أبنائك
مهمة التربية مهمة شاقة, وصعبة على النساء اللواتي لا يعملن، فما بالك بالأم المناط بها وظيفة يومية
عليها الذهاب إليها, وترك حضن التربية وراءها؟!
إن اجتياز هذا الاختبار بنجاح يتطلب منك - عزيزتي الأم العاملة - كثيراً من المهارة, والحكمة في استغلال كل دقيقة من وقتك.
في حياة كل أم عاملة نقطتان مهمتان:
الأولى: متعلقة بواجبها تجاه المنزل, وترتيبه, والإشراف عليه، وإيقاظ الأبناء, وتوصيلهم للمدرسة، وهذه النقطة يمكن للأم بسهولة تنظيمها بقليل من التخطيط, والاستعانة بالورقة, والقلم.
أما النقطة الثانية: فهي المتعلقة بتربية الأطفال الصغار أكثر نضجاً, وبأخلاق رفيعة، وأكثر تحملاً للمسئولية.
تعد تربية الأبناء موضوعاً مهماً جداً, وخاصة بعد أن بدأت أصابع الاتهام تتجه نحو الأم العاملة في أنها السبب في فشل كثير من الأبناء في حياتهم، وتتهمها أيضاً؛ بأنها السبب في انحراف الأبناء.
? الوقت من ذهب
ولكن لماذا تتهم الأم العاملة بانحراف الأبناء وضياعهم؟
يجيب البعض بأن عمل الأم يأخذها من منزلها وأبنائها إلى جانب المضايقات, والضغوطات التي تتعرض لها الأم في عملها مما ينعكس عليها في تعاملها مع أسرتها, وأبنائها.
ونقول بدورنا لك عزيزتي الأم: إنه قد لا يكون لديك الوقت الكافي، ولكن لابد أن تستغلي كل دقيقة في تعليم أبنائك شيئاً جديداً, أو غرس قيمة, أو مبدأ، وأيضاً عليك أن تقدمي دروساً سريعة لهم تكون ذخراً في حياتهم المستقبلية.
والخطوات التالية ستساعدك على ذلك:
1- انتبهي لكل ما تقولينه, وكيف تقولينه:
يقلد الأبناء وخاصة الصغار منهم، ولهذا عليك عزيزتي الأم بالحرص الشديد في الطريقة التي تكلمين بها والدهم أمامهم، أو تتعاملين بها مع أي شخص آخر، فطريقتك في التخاطب, والتحادث هي الطريقة المثلى التي يتعلم منها أبناؤك وسائل الاتصال مع من حولهم، وعليك ألا تبخلي بالحوار المستمر, والمثمر مع أبنائك, وبالطرق الصحيحة.
2- اغرسي في أبنائك هذه المفاهيم :
- إن أفعالنا يمكن أن يكون لها تأثير إيجابي على الآخرين وفي إسعادهم.
- عندما يشعر الآخرون بالحزن يجب أن نمد لهم يد المساعدة.
- أفعل الأشياء الجيدة التي تدخل السعادة على قلوب الآخرين.
- أن الناس جميعاً متساوون.
3- ولا تنسى:
- استمعي لابنك جيداً, وشجعيه على وجود حوار بينكما.
- راقبيه عندما يلعب بألعابه, ويتحدث مع نفسه فسوف تكتشفين الكثير عن شخصيته.
4- استغلي كل الدقائق والثواني:
استفيدي من كل الدقائق التي تجمعكما معاً، لا تجعليه يجلس أمام التلفاز لمدة طويلة, وأنتِ موجودة.. حيث يمكنكما عمل أشياء كثيرة وممتعة.
- استغلي لحظات الصباح في أحاديث هادئة, وجميلة بدلاً من مشاحنات الاستيقاظ, و ترتيبات الذهاب للمدرسة.
- أعطيه فرصة؛ ليكون دائماً معك في المطبخ, وأنتِ تعدين له الطعام، أو بجانبك وأنتِ ترتاحين على الأريكة، ولا تنسي لحظات ما قبل النوم؛ لرواية قصة أو الحديث معاً.
5- تعرفي إلى أصدقائه:
تحدثي مع أصدقاء أبنائك, وتناولي الطعام معهم, وأوجدي حواراً لتتعرفي إليهم، وضعي حدوداً يلتزم بها أبناؤك عند استقبال أصدقائهم في المنزل.
6- استفيدي من عطلات نهاية الأسبوع
بنشاط أسري بعد أسبوع طويل مملوء بالعمل, والدراسة بشيء من التغيير، فقومي بأي عمل سهل, وممتع للآخرين، كإعداد وجبة غريبة مثلاً.
7- امنحي الأبناء فرصة للحديث مع الآخرين
..واتركي لهم الفرصة للاقتراب من شخص تثقين به, وفي آرائه حيث يخبرك بما يشعر به أبناؤك.
8- بماذا يفكر الأبناء؟
ناقشيهم دائماً لتعرفي بماذا يفكر أبناؤك، فمثلاً: عندما تقرئين في إحدى الجرائد عن موضوع معين, أو عندما تشاهدين برنامجاً خاصاً ناقشيهم في رأيهم, واعرفي وجهة نظرهم.
وإذا أخبرك ابنك عن موضوع خاص بأصدقائه ناقشيه في رأيه, وعن شعوره حياله، وإذا سألك ابنك عن حلول لأي مشكلة، أعيدي عليه السؤال, واستنبطي منه الإجابة.
http://www.naseh.net المصدر :
=============
الوقت الضائع
طفلي الصغير منذ مساء أمس وصحته ليست على ما يرام ... وعندما عدت مساء هذا اليوم من عملي قررت الذهاب به إلى المستشفى ... رغم التعب والإرهاق إلا أن التعب لأجله راحة .
حملته وذهبت .. لقد كان المنتظرون كثيرين .. ربما نتأخر أكثر من ساعة .. أخذت رقماً للدخول على الطبيب وتوجهت للجلوس في غرفة الانتظار .
وجوه كثيرة مختلفة .. فيهم الصغير وفيهم الكبير .. الصمت يخيم على الجميع .. يوجد عدد من الكتيبات الصغيرة استأثر بها بعض الأخوة .
أجلت طرفي في الحاضرين .. البعض مغمض العينين لا تعرف فيم يفكر .. وآخر يتابع نظرات الجميع .. والكثير تحس على وجوههم القلق والملل من الانتظار .
يقطع السكون الطويل .. صوت المُنادي .. برقم كذا .. الفرحة على وجه المُنادى عليه .. يسير بخطوات سريعة .. ثم يعود الصمت للجميع .
لفت نظري شاب في مقتبل العمر .. لا يعنيه أي شيء حوله .. لقد كان معه مصحف جيب صغير .. يقرأ فيه .. لا يرفع طرفه .. نظرت إليه ولم أفكر في حالة كثيراً .. لكنني عندما طال انتظاري عن ساعة كاملة تحول مجرد نظري إليه إلى تفكير عميق في أسلوب حياته ومحافظته على الوقت . ساعة كاملة من عمري ماذا استفدت منها وأنا فارغ بلا عمل ولا شغل . بل انتظار ممل .
أذن المؤذن لصلاة المغرب .. ذهبنا للصلاة .
في مصلى المستشفى .. حاولت أن أكون بجوار صاحب المصحف .. وبعد أن أتممنا الصلاة سرت معه وأخبرته مباشرة بإعجابي به من محافظته على وقته .(1/93)
وكان حديثه يتركز على كثرة الأوقات التي لا نستفيد منها إطلاقاً وهي أيام وليالٍ تنقضي من أعمارنا دون أن نحس أو نندم .
قال إنه أخذ مصحف الجيب هذا منذ سنة واحدة فقط عندما حثه صديق له بالمحافظة على الوقت .
وأخبرني أنه يقرأ في الأوقات التي لا يستفاد منها كثيراً أضعاف ما يقرأ في المسجد أو في المنزل .. بل إن قراءته في المصحف زيادة على الأجر والمثوبة - إن شاء الله- تقطع عليه الملل والتوتر .. وأضاف محدثي قائلاً .. إنه الآن في مكان الانتظار منذ ما يزيد على الساعة والنصف .
وسألني ...
متى ستجد ساعة ونصف لتقرأ فيها القرآن ؟
تأملت .. كم من الأوقات تذهب سدى ؟! وكم لحظة في حياتك تمر ولا تحسب لها حساب ؟!
بل كم من شهر يمر عليك ولا تقرأ القرآن ؟!
أجلت ناظري .. وجدت أني محاسب والزمن ليس بيدي ..
فماذا أنتظر ؟ قطع تفكيري صوت المنُادي .. ذهبت إلى الطبيب .
أريد أن أحقق شيئاً الآن .
بعد أن خرجت من المستشفى .. أسرعتُ إلى المكتبة .. اشتريتُ مصحفاً صغيراً ..
قررتُ أن أحافظ على وقتي .. فكرت وأنا أضع المصحف في جيبي .
كم من شخص سيفعل ذلك ..
وكم من الأجر العظيم يكون للدال على ذلك ؟
http://gesah.net المصدر :
=================
أهمية الوقت والإجازة
الحمد لله الذي بيده المحيا والممات ، عالم غيب الأرض والسموات ، وفق عباده المتقين لاغتنام الأوقات ، فيما فيه السعادة في الدنيا وبعد الممات ، أحمده سبحانه فهو المرتجى وحده في الصغائر والمهمات ، وأشكره جل جلاله شكر من يرجو الخروج إلى النور بعد الظلمات . أشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له شهد بوحدانيته الحجر والنبات ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله قدوة القدوات وخير البريات فصلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا .
أما بعد : فهذا ربكم معاشر من أمنتم بالله الواحد الأحد يناديكم فيقول } : يآأيها الذين ءآمنوا اتقوا الله ولتنظر نفساً ما قدمت لغدٍ واتقوا الله إن الله خبيرٌ بما تعملون } ، وصية من الرحمن الرحيم إلى كل عبد مؤمن لينظر كيف قضى أوقاته بما عمَّر زمانه ، وهو تنبيه من الباري جلت قدرته لأهمية عنصر الزمن في حياة المسلم وأنه رأس ماله فإن أحسن استغلاله فاز بالرضوان وبنعيم الجنان وبجوار الملك الديان ، وإن أهمل وفرط لاسمح الله وركن إلى استغلاله في الشهوات المحرمات باء بالخسران ، وتلظى بالنيران ، وفاته من ربه الرضوان .
أيها الأحبة في الله لقد تعددت وتنوعت الأيات الدالة على أهمية عنصر الزمن في حياة المسلم ، فنجد الحنان المنان يقسم في أية بالعصر ، وفي أخرى بالليل إذا سجى ، و في ثالثة بالنهار إذا تجلى ، وفي رابعة بالضحى ... وهكذا ، فهل فهمنا معنى تلك العبارات ومغزى تلك الدلالات . هذا ابن عباس رضي الله عنهما يروي لنا عن الحبيب صلوات ربي وسلامه عليه أنه قال : (( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ )) ؛ والغبن أيها الأحبة في الله أن تشتري بأضعاف الثمن أو أن تبيع بدون ثمن المثل ، فمن أصح الله له بدنه ، وفرغه خالقه من الأشغال العائقة ، ولم يسع لصلاح آخرته فهو كالمغبون في البيع أو الشراء ، والمقصود أن غالب الناس لاينتفعون بالصحة والفراغ بل يصرفونها في غير محلها ، والتوجيه الرباني للرسول صلى الله عليه وسلم ولأمته من بعده كيف يقضي الفراغ هي قوله تعالى : { فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب } .
والوقت أنفس ما عُنيت بحفظه *** وأراه أسهلُ ما عليك يضيع .
وللوقت أيها الحبة خصائص إذا ما تنبه إليها العبد كان حريصاً على وقته ، وأول تلك الخصائص أنه سريع الانقضاء فهو يمر مر السحاب ،
مرت سنينٌ بالوصال وبالهنا *** فكأنها من قصرها أيامُ
ثم أنثنت أيامُ هجر بعدها *** فكأنها من طولها أعوام
ثم انقضت تلك السنونُ وأهلها *** فكأنها وكأنهم أحلامُ
ومهما طال عمر الإنسان فهو قصير مادام الموت نهايته ، فعند الموت تنكمش الأعوام والعقود حتى لكأنها لحظات برق مرت ، يحكى عن نبي الله نوح عليه السلام : أنه جاءه ملك الموت ليتوفاه بعد أكثر من ألف سنة عاشها قبل الطوفان وبعده ، فسأله كيف وجدت الدنيا ؟ فقال : كدار لها بابان ، دخلت من أحدهما وخرجت من الآخر ، ويقول العليم الخبير : { كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها } ، ويقول سبحانه : { ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار يتعارفون بينهم } .
وثانيها : أن ما مضى منه لايعود ولا يعوض ، يقول في ذلك الإمام الجهبذ الحسن البصري : (( ما من يوم ينشق فجره ، إلا ينادي يابن آدم أنا خلق جديد وعلى عملك شهيد فتزود مني فإني لا أعود إلى يوم القيامة )) ، وما من ميت يموت إلا ويندم على ما مضى من عمره فالصالح حينما يرى النعيم يندم الا يكون قد إزداد منه ، والفاسق عياذاً بالله يتمنى لوكان عمل صالحاً حتى أنه ينادي ربه فيقول : { ربي ارجعون لعلي أعمل صالحاً فيما تركت } ولكن هيها هيهات ، فقد طويت صحيفته وحضرت منيته ، وحكمت قضيته .
الثالثة : أنه أنفس ما يملك الإنسان ، إنه أنفس من الذهب والجوهر ، يقول أحد المصلحين : الوقت هو الحياة ؛ فما حياة الإنسان إلا الوقت الذي يقضيه من ساعة الميلاد إلى ساعة الوفاة .
دقات قلب المرء قائلة له *** إن الحياة دقائق وثواني
وفي هذا يقول الإمام الحسن البصري رحمه الله : (( يابن آدم ، إنما أنت أيام مجموعة كلما ذهب يوم ذهب بعضك )) ، فما أشد جهالة من يردد تعال نقتل الوقت ، وما أشد تفريط وحسرة من ضيع عمره في السهرات ، وما تبثه الدشات ، ومتابعة المسلسلات ، وتلقط أخبار اللاعبين واللاعبات والفنانين والفنانات .
يا أبناء أمة الإسلام العظيمة أمتكم تعاني من الذل والهوان ، وتشكوا إلى الله من الضعف والعناء ، فكيف تقوم أمة شُغل جُلُّ أفرادها بالترهات ، وأخذوا يتفننون في قتل الأوقات ؟ ! .
يا أبناء أمة الإسلام العظيمة لقد خلقتم لمهمة شريفة وغاية نبيلة ، لقد حملتم أمانة هداية الناس واخراجهم من دياجر الظلمات إلى فسحة النور ، وللنظر إلى سلف هذه الأمة الذين أدركوا الأمانة الملقاة على عاتقهم كيف كان تعاملهم مع الوقت .
أما عن نظرتهم إليه فنكتفي بشعارين لهما الأول يقول : (( من علامة المقت إضاعة الوقت )) ، والثاني يقول : (( الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك )) . فكم لهذا السيف من ضحايا في شبابنا المعاصر ضحايا متسكعون في الأسواق ، وأخرين يبيتون ساهرين على أرصفة الطرقات ، أو أمام شاشات الدشات . ولم تكن هذه شعارات جوفاء بل كانت حياة يعيشونها .(1/94)
يقول الإمام الحسن البصري : (( أدركت أقواماً كانوا على أوقاتهم أشد منكم حرصاً على دراهمكم ودنانيركم )). وقال ابن مسعود رضي الله عنه: (( ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه نقص فيه أجلي ولم يزد فيه عملي )) . ، وقال حكيم : (( من أمضى يوماً من عمره في غير حق قضاه ، أو فرض أداه ، أو مجد أثله ، أو حمد حصله ، أو خير أسسه ، أو علم اقتبسه فقد عق يومه وظلم نفسه )) ، حدث الفقيه أبو الحسن علي بن عيسى قال : دخلت على أبي الريحان البيروني وهو يجود بنفسه ، وقد حشرج نفسه وضاق به صدره وقد بلغ من العمر ثمانٍ وسبعين سنة . فسأل البيروني وهو في حالة النزع تلك علي بن عيسى في مسألة فقهية ، فأشفق عليه وقال : أفي هذه الحالة وأجابه البيروني : ياهذا أودع الدنيا وأنا عالم بهذه المسألة ، الا يكون خيراً من أن أُخليها وأنا جاهل بها ، وأخذ المسألة ووعاها ، ثم يقول ابن عيسى : خرجت من عنده وانا في الطريق سمعت الصراخ . اما الإمام أبو الوفاء بن عقيل الحنبلي فكان يقول : إني لايحل لي أن أضيع ساعة من عمري حتى لإذا تعطل لساني عن مذاكرة أو مناظرة ، وبصري عن مطالعة ، أعملت فكري في حال راحتي وأنا منطرح ، فلا أنهض إلا وقد خطر لي ما أسطره ، وإني لأجد من حرصي على العلم وأنا في عشر الثمانين أشد ما كنت أجده وأنا ابن عشرين . وأنا اقصر بغاية جهدي وقت أكلي حتى أختار سف الكعك وتحسيه بالماء على الخبز لأجل ما بينهما من تفاوت المضغ توفراً علي مطالعة أو تسطير فائدة لم أدركها فيه ، وإن أجَّل تحصيل عند العقلاء باجماع العلماء هو الوقت . وكان ابن الجوزي رحمه الله يستغل الوقت الذي يزوره فيه الناس في بري الأقلام وتقطيع الورق .
أيها الأحبة في الله لايفهم مما مضى أن الإنسان يجب أن يكون في عمل مستمر كالآلة الصماء ، وإنما المقصود هو أن يكون هناك تنظيم للوقت ، ويمكن أن يكون الأساس في ذلك ماورد في صحف إبراهيم عليه السلام : (( ينبغي للعاقل مالم يكن مغلوباً على عقله أن يكون له أربع ساعات ساعة يناجي فيها ربه ، وساعة يحاسب فيها نفسه ، وساعة يتفكر في صنع الله ، وساعة يخلو فيها لحاجته من المطعم والمشرب )) رواه ابن حبان في صحيحه والحاكم وقال صحيح الإسناد . وكما وجه النبي صلى الله عليه وسلم حنظلة فقال : (( ساعة وساعة )) وليست كما يفهما اليوم بعض الناس بأنها ساعة للمعصية وساعة للطاعة ، بل هي وقت للجد والعمل والطاعة والعبادة وساعة لملاعبة الأهل والأولاد والاهتمام بأمور المعاش المباحة .
الشكوى تكثر في الإجازة الصيفية من الفراغ ، ويحتار الشباب في كيف يقضون أوقاتهم ، في هذه الفترة ينبغي على الأباء والمربين أن يضعوا الخطط المناسبة لشغل فراغ الشباب بما يناسبهم حتى لاينجرفوا عياذاً بالله نحو الإنحراف ، ولابد لهذه الخطة أن تشمل الجوانب الإيمانية ، والفكرية ، وتنمية المهارات الفردية ... الخ .
فمن أمثلة الجوانب الإيمانية إلحاق البنت أو الابن بحلقات تحفيظ القرآن ، أو أخذهم لزيارة مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعرض السيرة عليهم هناك ، أو أخذهم في رحلة خلوية يتم فيها التفكر في مخلوقات الله وبالذات في الليل وتناثر النجوم في السماء .
ومن أمثلة الجوانب الفكرية : عمل مسابقة داخل البيت لحفظ شيء من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم مع شرحها وتوضع عليها جوائز مشجعة ، أو حفظ متن من متون العلم ، أو الأذكار الصباحية والمسائية حسب مستوى الأولاد .
ومن أمثلة تنمية المهارات الفردية : أن يصحب الأب إن كان ذا حرفة ابنه معه ليتعلم حرفة أبيه فإن كان تاجراً أخذ الولد معه ليتعلم فنون التجارة والكسب ، وإن كان صانعاً أخذه ليتعلم صنعة يجيدها وهكذا ، أو تسجيل الولد في دورة من دورات المركز المهني أو البنت في دورة من دورات اللجنة النسائية للندوة العالمية للشباب الإسلامي لتتعلم الخياطة أو التطريز أو نحوها .
كما أننا أيها الأحبة في الله في هذا البلد قد هيأت ضمن اهتمامها بالشباب مراكز صيفية مجانية تشرف عليها نخبة من أهل الفضل والعلم ، مهمتها استغلال أوقات الشباب فيما يعود عليهم بالنفع والفائدة ، وتساعد الأب على تربية أبنه تربية سوية بإذن الله ، وكان من فضل الله على أهل هذا الحي أن يكون أحد تلك المركز به ، فلنسعى أيها الأحبة في الله لاستغلال هذه الفرصة ونسجل أبنائنا ليعمروا أوقاتهم بالنفع والخير العميم .
مخاطر السياحة الخارجية
الحمد لله الذي شرع لنا أكمل الشرائع وتعبدنا بأكمل دين ؛ من تمسك به نجا من كل شر وبلاء مبين ، وترقى في سلم الفائزين ومن تفلت منه هلك مع الهالكين ، وانكب على وجهه في دركات الخاسرين ، أحمده سبحانه وأشكره على عظيم رحمته بعباده المتقين .
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له كتب الفلاح والنجاح لعباده المتقين ، وجعل الخزي والذلة من نصيب المعرضين المعاندين ، وأشهد أن محمداُ عبده ورسوله المبعوث رحمة للعالمين، فصلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً سرمدياً إلى يوم الدين.
أما بعد : فعليكم عباد الله بتقوى الله فإنها الركن الركين والحصن الحصين قال الخلاق العليم : { ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا } .
عباد الله إن الإجازة الصيفية على الأبواب ، وما أدراك ما الإجازة الصيفية هي فرصة يهرب فيها الإنسان بنفسه أو مع أهله من حر الصيف اللاهب ، وشمسه المحرقة إلى أماكن يطلب فيها الجو اللطيف ، والمناظر المريحة ، ولا بأس في ذلك . لكن .. لكن العجب كل العجب أن يفر المرء من حر الدنيا المؤقت إلى حر المعاصي المغضبة للملك الجبار ، يفر من بلد يعبد فيه الله إلى بلد يعصى فيه الله ، يفر من جو العفة والطهارة ، إلى جو الفساد والليالي الحمراء ، إلى حيث المرض والإيدز والهربز والسيلان والزهري والعياذ بالله ، يرى في الإجازة تحرر من عبودية الله ليصبح عبداً لشهوته وللشيطان ، يعجب الإنسان من هذا السعي المحموم نحو الهاوية والفساد ، فهذه وكالات السياحة تعلن عن تخفيضات وبرامج شيقة بزعمهم لقضاء الإجازة ، وهذا موظف قد رزقه الله وظيفة ورزقاً يأكله فدخل في جمعية أو أخذ يدخر من مرتبه استعداداً لقضاء الإجازة في بلد فيه فسق وفجور ، وهذا طالب نجح في الامتحانات فكافأه والده بإرساله في سفرة مع زملائه إلى بلد من بلاد الفسق والفجور وما يعلم أنه قد أورده مورد الهلاك ، وتلك زوجة أدخلت زوجها في دوامة من المشكلات لماذا يسافر بيت فلان ونحن لا نسافر ؟ أنت معقد ، أنت بخيل لا تود الإنفاق على ما يسر أهلك ، إن لم تجد فاقترض من أصدقائك وإذا عدنا سددهم ما اقترضنا ، وهكذا ... نماذج تمور في المجتمع بكافة الدرجات والمستويات ، وكل همها أن تقضي الإجازة ولو فيما يغضب رب الأرض والسموات . وأحب أن أقف مع هذه النماذج وقفات :(1/95)
الأولى : مع من أعد للسفر إلى الخارج وهدفه الفساد ومعصية الله ، نقول له أما علمت أن الذي رزقك هذا المال الذي تُعِدُه لمعصية الله هو الله ، فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان ، أما تخشى أن يسحب الله منك رزقه فتعود عالة تتكفف الناس فلا تجد من يعطيك كسرة خبز تسد بها جوعك ، ولا تجد قطعة قماش تستر بها عورتك ، أما سمعت الملك الديان وهو ينادي في الحديث القدسي فيقول : (( يا عبادي كلكم جائع فاستطعموني أطعمكم ، يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم )) ، أما علمت أنك بتصرفك هذا تسعى إلى زوال النعمة عنك أما سمعت قول المنعم المتفضل سبحانه : { وإذ تأذَّنَ ربُّكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد } ، أما تخشى وأنت قد حزمت حقائبك وأعددت نفسك لذاك السفر أن يفاجئك ملك الموت يطلبك في رحلة أخرى ، رحلة إلى الموت وسكرته ، إلى القبر وضمته وظلمته ووحشته ، فكيف تقابل ربك ..؟ ما هو عذرك .. ؟
أما خشيت أن يبتليك الله بمرض عضال تبدأ معه رحلة بطيئة إلى الموت ، ويكون فضيحة لك يُنبأ الناس عن ذنبك ، أما تفكرت في زوجتك الطاهرة العفيفة ما ذنبها ، أن تنقل إليها قذارة إثمك وخطيئتك ، ثم أما تخشى أن يسدد دين أعراض الناس التي عبثت فيها من عرضك ، من زوجتك ، أو ابنتك ، أو أختك ..؟
الثانية : مع الأب الذي يظن أنه يكافئ ابنه نقول له لقد أهلكته ، وجنيت عليه وعلى نفسك ، تخيل نفسك كيف يكون حالك لو أن ابنك عاد محمل بمرض من تلك البلاد ، ثم ألم تعلم أن أكثر من بدأ طريق إدمان المخدرات إنما بدأه من رحلة لبلاد موبوءة فتعاطاها هناك ثم عاد أسير لها لا يستطيع الفكاك منها وانحدر للهاوية ، فهل يعجبك أن تكون أباً لمدمن مخدرات ؟ .
الثالثة : مع الأب الذي يأخذ زوجته وأولاده وبناته في رحلات عائلية لتلك البلاد ، فمن هذه العوائل من تكون نسائهم في أكمل حجاب فإذا تحركت الطائرة باتجاه الدولة الأخرى تبدل الحال فنزع الحجاب تماماً وأخذت المساحيق تلون الوجوه ، وفاحت رائحة العطر النفاذة ، كل هذا يتم وهم معلقون بين السماء والأرض ، وقد قص علينا الخبير العليم حال المشركين إذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين لأنهم يعلمون مع شركهم أنه لا حافظ لهم من الغرق إلا الله ، مع أن من تحطم مركبه قد يجد قطعة خشب يعلق بها فيكتب الله له النجاة ، أو يقطع البحر سباحة أو غير ذلك من سبل النجاة ، لكن ما ظنكم بمن تحطمت به طائرته على ارتفاع الآف الأقدام ، فمن ذا الذي ينجيه ، ثم أليس المؤمن أولى من المشرك أن يكون قريباً من الله في تلك الحال ؟ ، وكأن أولئك النسوة تحجبن هنا في ديار الحرمين خوفاً من الناس وليس اتباعاً لمنهج الله . وإليكم هذه القصة العجيبة لهذه العينة من الناس رجل سافر بزوجته إلى بلاد يختلط فيها الرجال بالنساء ، والتقى فيها بصديق له فكان الصديق يحضر إلى مقر إقامته ويجالس زوجته بوجوده دون أن يعترض الرجل ، ثم بعد أن عادوا إلى الوطن أراد ذلك الصديق زيارة صديقه فلما قرع الباب قال : من ، فقال : أنا فلان صديقك فأمر أهله أن يحتجبوا ويفسحوا الطريق للضيف فتعجب الرجل وسأل صديقه ما الذي حدث ألم نكن نجلس سوياً في الإجازة ! .
وممن يذهب بعائلته يذهب بهم من أجل إسكاتهم فيضعهم في سكنهم ويذهب هو لإشباع نزواته ، وفي المقابل تجد أن من معه يشبعوا نزواتهم ، ومنهم من يأخذهم بغرض الترويح لا غير ، ومن هذا الصنف من يقع قي مخالفات دون أن يشعر فيأخذهم إلى المطاعم أو إلى المسارح أو نحوها من أما كن اللهو التي لابد وأن يتلوث أهله منها بشيء ، ثم الأمر الأخطر من ذلك هو ما نشرته إحدى الصحف من أنه قد تم ضبت نوع من اللبان انتشر في بلد إذا تناولته المرأة أصيبت بهياج جنسي والعياذ بالله ، فكيف به إذا تناولت ذلك اللبان أمه أو امرأته أو بنته أو أخته بدون قصد ، كما ضبط في بلد آخر رجل مصاب بمرض الإيدز ينكش أسنانه ليجرحها ثم يضع ذاك النكاش في العلبة السليمة لينشر ذلك المرض الخبيث بين السياح ، وثالث كان مصاب بنفس المرض فيقوم بجرح نفسه ووضع قطرات بسيطة من الدم على الآنية التي يقدم عليها الطعام إلى زبائن المطعم الذي يعمل به .
أيها الأحبة في الله ولا أعرف على حد علمي أن سلف هذه الأمة كانوا يسافرون إلا لواحد من خمسة أمور : الحج أو العمرة أو التجارة أو طلب العلم أو الجهاد في سبيل الله ، أما السفر لمجرد الترفيه فلا أعلم أنه أُثر عنهم ، ولنا فيهم أسوة حسنة .
العاقل البصير لا يدع بلداً أساسها الأمن والأمان ليذهب إلى بلدٍ أساسها الخوف والجريمة ، لا يترك بلداً يأمن فيها بإذن الله وفضله على عرضه وماله إن تركه إلى بلد لا يأمن فيها ذلك ، إن الشريف العفيف لا يرضى أن يترك بلداً ظاهرها العفة والطهارة إلى بلدٍ نشرت فيها رايات الرذيلة ، لأنه يعلم أن الجو الموبوء مظنة العدوى .
أيها الأحبة في الله إن حكومة هذه البلاد قد وفقها الله فيسرت لمن أراد الراحة والمتعة الأماكن المناسبة لذلك ، كما أن الله قد حبا هذه البلاد أماكن عديدة تناسب قضاء الإجازات ، حتى غدا الناس يقصدونها من الخارج ، فمن مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومسجدها ومآثرها التاريخية التي ينبغي أن نطلع أبناءنا عليها ليعيشوا السيرة النبوية المطهرة وكأنها حية أمام أعينهم ، إلى جبال الجنوب ومناظرها الخلابة ، وطبيعتها الساحرة ، ونسمة هواءها العليل .
أخي الحبيب اعلم أن كل قرشاً تنفقه في بلادك سوف يعود بالخير عليك بإذن الله ولو بشكل غير مباشر ، وفيه قوة لاقتصاد بلادك ، وكل قرش تنفقه في بلاد أجنبية سيكون قوة لها فما بالك إن كانت تلك البلاد تعادي الإسلام وأهله ؟ ويكون في إخراجك للمال من بلادك أضعافا لها .
هي دعوة أيها الأحبة في الله إلى أن نقضي الإجازة في ربوع بلادنا ، وعلى أن نؤدب أنفسنا وأولادنا بآداب الإسلام أثناء ذلك فلا يترك الأب أبناءه المراهقين يزعجون نساء الغير ، كما لا يترك الأب بناته يتبرجن وكأنه جاء بهنَّ لعرضهنَّ للنظر .
هي دعوة أيها الأحبة في الله إلى أن نقضي الإجازة في ربوع بلادنا ، وعلى أن نؤدب أنفسنا وأولادنا بآداب الإسلام أثناء ذلك فلا يترك الأب أبناءه المراهقين يزعجون نساء الغير ، كما لا يترك الأب بناته يتبرجن وكأنه جاء بهنَّ لعرضهنَّ للنظر .
http://www.islamic-ef.org : المصدر
================
خطوات عملية للاستفادة من الوقت
إعداد الفريق العلمي بموقع مفكرة الإسلام
إن الوقت هو الحياة , ومن ضيع وقته فقد ضيع حياته , وإنه لمن العجب كل العجب أن نجد أناساً يستهينون بأوقاتهم ويضيعونها .. سدى وهملاً , فتمر أعمارهم ويتركون دنياهم ولا أثر لهم يذكر , ولا تذكرهم صفحات التاريخ بل ولا يذكرهم الأحياء ..
يقول الحسن البصري - رحمه الله - 'ابن آدم إنما أنت أيام , كلما ذهب يوم ذهب بعضك' .
وقال ابن مسعود - رضي الله عنه - 'إني لأكره أن أرى الرجل فارغاً ليس في عمل آخرة ولا عمل دنيا' .
وقال الحسن : 'بادر أجلك ولا تقل غدًا غداً فإنك لا تدري متى تصير إلى الله' .
وقال أبو الوفاء بن عقيل : 'إني لا يحل لي أن أضيع ساعة من عمري , حتى إذا تعطل لساني عن مذاكرة ومناظرة وبصري عن مطالعة , أعملت فكري في حال راحتي وأنا متطرح , فلا أنهض إلا وقد خطر لي ما أسطره وإني لأجد من حرصي على العلم وأنا في الثمانين أشد ما كنت أجده وأنا ابن عشرين ' .(1/96)
وكان يقول :'وأنا أقصر بغاية جهدي أوقات أكلي حتى أختار سف الكعك وتحسيه بالماء على الخبز , لأجل ما بينهما من تفاوت المضغ , توفراً على مطالعة أو تسطير فائدة لم أدركها '
والوقت أسهل ما عنيت بحفظه ... وأراه أسهل ما عليك يضيع ...
فهكذا كان ميراثهم - ميراث العلماء - وسلف هذه الأمة في الاستفادة بالوقت والاعتناء به .
ونحن سنحاول - إن شاء الله - معاً أن نضع معك - أيها القارئ الكريم - خطوات عملية للاستفادة بالأوقات .. لعلها تكون نفعاً لك في اقتداء آثارهم الصالحة :-
الخطوة الأولى : أدرك أهمية وقتك ..
إن الذين لا يدركون أهمية أوقاتهم هم أكثر الناس تضييعاً لها , وإلا فلم يحافظ على وقته من لم يعلم قيمته ؟!! ولذلك فإننا ننصح بعدة نصائح في هذه المجال لإدراك أهمية ما لديك من وقت .. فتعالى معي:-
-وقت الفراغ هو خرافة وضعها الفارغون فلا تردد هذه اللفظة ولا تستعملها فإنه لا فراغ إلا عند التافهين .
- قال الحسن - رحمه الله -: أدركت أقواماً كان أحدهم أشح على عمره ووقته منه على درهمه وديناره .
-إن كل دقيقة تمر بك تستطيع من خلالها أن تعبد الله أو تذكره أو تسبحه أو تشكره أو تؤدي خدمة للمسلمين أو تأمر بمعروف أو تنهى عن منكر أو تعلم خيراً .. فكم تساوي هذه الدقيقة إذن ؟؟؟
- هناك معادلة بديهية ينبغي إدراكها وهي أنه لا قيمة للوقت عند الفارغين ولا قيمة للفارغين في الحياة وبين الناس ..
-الغربيون يثمنون أوقاتهم ودقائقهم وساعاتهم بمقياس الدولار واليورو .. ونحن نقيس ساعاتنا .. برضا الله سبحانه عنا في عبادة أو جهاد أو كسب حلال ..
إن ساعة من وقتك تستطيع فيها أن تمسح عبرة يتيم أو تعين عاجزاً أو تغيث ملهوفا ..كم تساوي بمقياس البشر .. وكما تساوي بمقياس الآخرة ؟؟
- عاشر وخالط الذين يهتمون بأوقاتهم كي تصيبك العدوى .. وإياك والفارغين .. وابحث عن دواء يمنع عدواهم ..
-اذكر دائماً أن أهل الجنة لا يندمون على شئ ندمهم على ساعة لم يطيعوا الله فيها .. وأن ركعتين مما نستقل عن صلاتنا أحب إلى أهل القبور من دنيانا وما فيها .. فهل نغنم الفرصة قبل ضياعها ؟!!
- ما من العلماء والصالحين أحد إلا وهو حريص على كل دقيقة من وقته وما من الجهال والمذنبين أحد إلا وهو مضيع لأوقاته .. فتدبر !!! .
الخطوة الثانية : قف وقفة حزم :
كثير ممن تضيع أوقاتهم بغير فائدة هم أناس غير حازمين , وفي كثير من الأحيان مترددون , لا يستطيعون أخذ القرارات ولا إصلاح الخطأ من حياتهم وذلك من أكبر الأسباب التي تؤثر في ذهاب الأوقات وضياعها .. ولذلك فعليك بإمعان النظر في النصائح الآتية :
-قف مع نفسك وقفة تدبر فيها قول الله تعالى: 'وأن ليس للإنسان إلى ما سعى' ...
- رتب أهدافك ... أهداف حياتك عموماً ثم أهدافك المرحلية ثم أهدافك القريبة جداً واجعلها لا تغيب عنك أبداً .. ستشعر بالفارق الكبير .. إن الذي لا يدرى إلى أين يسير سينتهي حتماً إلى نقطة ..
- بعد تدوينك لأهدافك بوضوح ينبغي لك أن تسأل نفسك في كل عمل تقوم به .. هل هذا العمل يقربني من أهدافي أو يباعدني عنها أم يقف بي فلا يقربني ولا يباعدني أم أنه ربما يقربني وربما لا .. وعليك ألا تقدم على ذلك العمل إلا إذا وجدته يقربك من هدفك ..
- سئل أحد الإداريين الناجحين : ما الذي يمنع الناس عن النجاح ؟ فأجاب : الأهداف غير الواضحة .
- ليس عيباً مطلقاً أن تكتب أهدافك بخط واضح وتعلقها على جدار الغرفة أو أن تحملها في كارت واضحة في حقيبة يدك .. وأن تتدبرها كل وقت ..
- ركز على أهم الأعمال التي تنتج النتائج المرغوبة واترك الأعمال التي ربما تنتج وربما لا تنتج .. وبعبارة أوضح أهمل من الأعمال قليل الفائدة ..
- حاول أن تستعمل الكتابة في إنجاز الأشياء وتذكرها فإن ذلك يباعد عنك القلق والهم وسوف تستطيع أن تنام بعمق إذا كانت واجباتك مدونة .
- المفكرة اليومية وسيلة ناجحة ولكنها تحتاج إلى أناس يقظين !!
- إياك أن تكتب برنامجاً يومياً تستغرق في كتابته ساعة ثم تنساه في مكان ما !!! .
- إذا وضعت لنفسك جدولاً للعمل والاستفادة بالأوقات فأعط فرصة للتعديل فيه عند الحاجة .
- لا تثقل على نفسك أثناء وضعك لجداولك ولا تكن مثالياً أكثر من اللازم وحاول أن تقترب من الواقع لتقترب من النجاح .
-ابتكر لنفسك خطة للاستفادة بأوقاتك بأقصى قدر ممكن ولتكن خطتك شاملة لجميع أولوياتك واهتماماتك .
- حدد موعداً لإنهاء الواجبات المطلوبة منك , وكذلك حدد موعداً لما تطلبه من الآخرين .
- لابد أن تحتوي خطتك وقتاً للراحة والرياضة والترفيه فإنها أوقات دافعة للنجاح والإنجاز .. وليست أوقاتاً للفراغ !!!
يتبع
المصدر: http://198.169.127.218/filz/
===============
القيادة وقت الأزمات
إعداد الفريق العلمي بموقع مفكرة الإسلام
القائد عند الأزمات / لا يظهر القائد قائداً إلا عند الأزمات , وفي الأزمات يتبين معدن القائد ومستوى إنجازه وذلك للأسباب التالية :
1- أنه في الأزمة يبحث الناس عمن يقودهم ويحتاجون ذلك بشدة .
2- القيادة الرشيدة في الأزمات يكتبها التاريخ وتنقش على صفحاته .
3- في الأزمات يكون أكثر الناس قوة هم أكثرهم إيماناً .
موقف النبي صلى الله عليه وسلم [القائد الأول] في الأزمات :
لقد كان موقف النبي صلى الله عليه وسلم كقائد لهذه الأمة نموذجاً لمواقف القادة عند الأزمات وهاك أمثلة :
1- تعلقه صلى الله عليه وسلم بربه سبحانه وتعالى ..
- وفي غزوة بدر عندما ظل النبي صلى الله عليه وسلم رافعاً يديه إلى السماء يدعو ربه ويقول اللهم إن تهلك هذه العصابة لن تعبد في الأرض بعد اليوم حتى جاءه أبو بكر رضي الله عنه قائلاً : إن الله منجز وعدك يا رسول الله .
ويوم أن قال له الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فقال صلى الله عليه وسلم [حسبنا الله ونعم الوكيل] .
2- ثقته صلى الله عليه وسلم بالنصر :
- ومثال ذلك مثل غزوة بدر وقف النبي صلى الله عليه وسلم يشير إلى مواطن في الأرض .. ويقول: هذا مصرع فلان وهذا مصرع فلان؛ يقول الصحابة: فما أخطأ موقع أحدهم ..
وبعد موتهم ودفنهم في القليب وقف أمام القليب صلى الله عليه وسلم وقال : 'إنا وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا' .
3- شجاعته صلى الله عليه وسلم في الأزمات :
- ومثال ذلك لما ارتجفت المدينة وسمع الناس دوياً عظيماً فيها خرج الناس لينظروا .. فإذا بالنبي صلى الله عليه وسلم قد عاد راكباً على حصانه من غير سرج يقول لهم .. 'لم تراعو .. لم تراعو' .
- وكان أصحابه رضوان الله عليهم يقولون : كنا إذا اشتد بنا الوطيس احتمينا بالنبي صلى الله عليه وسلم .
صفات القائد :
أولاً : ثقة بالله وإيمان به سبحانه :
فلا نجاح لقائد لعمل ما إن لم يكن مؤمناً بالله سبحانه واثقاً به عز وجل .
ثانياً : مستوى أخلاقي عالي :
وذلك لاحتواء جميع طبقات العاملين واحتواء سلوكياتهم .. ومن أهم ذلك - كظم الغيظ وحسن الحديث والحكمة في السلوك .
ثالثاً : قدر كبير من الطاقة والنشاط :
فلكي تكون قدوة لابد لك أن تقدم ما يدل على ذلك ولكي توجه أو تنصح بتعديل عمل ينبغي أن يكون عند الآخرين ثقة أنك تستطيع القيام به أصلاً .
رابعاً البراعة في ترتيب الأعمال حسب الأولويات .
خامساً : القدرة على تحديد الهدف .
سادساً : القدرة على الابتكار .
سابعاً : الاحتفاظ بطريقة تفكير متزنة ومعتدلة وواقعية .
ثامناً : الاستضاءة بآراء الآخرين وأخذ أفضل ما عندها .(1/97)
هل هناك قائد بالفطرة ؟ :
لاشك أن العوامل الذاتية تؤثر في تكوين القائد .. مثل بنيانه الجسدي , ذكائه الشخصي , وغيرها ..
ولكن كل هذا لا يصنع قائداً وحده ..
هذه العوامل وغيرها قد تيسر للقائد أن ينجح في قيادته ولكنها لا تصنعه , فلابد من التعلم والرغبة في أن تكون قائداً وإماماً .. قال الله سبحانه وتعالى على لسان إبراهيم عليه السلام: [واجعلنا للمتقين إماماً ..] .
هل هناك نهي شرعي عن الرغبة في القيادة :
- فرق بين أمرين أن ترغب في إمارة الناس وقيادتهم لرغبة دنيوية بحتة ، وبين طلب العلا والإمامة في الدين؛ فأما الأولى فمذمومة إذا طلبت لذاتها وأما الإمامة في الدين فمرغوب فيها وحسنة وهو قوله تعالى [وجعلنا منهم أئمة يهدون أمرنا لما صبروا..] الآيات .
زيف القيادة :
ليست القيادة مناورة ؟ لا يمكن تزييف اهتمامك بالناس , قد تستطيع خداعهم لفترة , فقط فترة , إن معنى المناورة أن تجعل الآخرين يتصرفون ضد رغباتهم أو مصالحهم مع تقديم بعض المميزات المؤقتة , وهذه المهارات القيادية التكتيكية هي في الحقيقة إضعاف وليس تقدماً .
التعامل مع المشكلة :
من القادة من يتعامل مع المشكلة فيتأثر بها وتوقفه وتعوقه ويستسلم لها ومن القادة من يتعامل معها : يقول د. نورماث فينست بيل : 'إن الإنسان يكون على قدر من المشكلات التي تستوقفه , وإننى أهدي بالغ شكري وتقديري لأولئك الذين ارتفعوا فوق مشكلاتهم التي تدهمت غيرهم - فأعجزتهم وأوقفتهم - فبهم فقط يتقدم العالم' .. وكما قال القائل :'إن الضربات التي لا تقسم الظهر تقويه' .
دور القائد في الأزمة :
1- تحديد الأهداف : وينبغي في ذلك الاهتمام بأهداف من تقود ذلك لأنك لن تستطيع قيادة الناس بغير تحقيق آمالهم ..
2- تكوين فريق عمل ناجح : وهناك مجموعة أسس ينبغي على أساسها تكوين فريق العمل الناجح فمنها :
1- وحدة الهدف .
2- الحب والثقة والاحترام بين العاملين .
3- إحسان اختيار الأفراد .
4- معرفة كيف اختيار نقاط القوة ومعرفة نقاط الضعف في كل أحد .
5- لا تستخدم العنف .
3- التخطيط أثناء الأزمة : ومن أهم الأشياء في التخطيط هو تخطيط الوقت وكيفية ترتيب المطلوبات ومن أجل استغلال الأوقات احذر مما يلي :
1- احذر أن تقوم بأعمال الآخرين .
2- احذر أن تقضي وقتاً طويلاً فيما تحب من الأعمال .
3- أن تكرر ما تفعل أو تقول .
4- أن تتحمل مسئوليات مرءوسيك بدلاً منهم .
* وها هي بعض النصائح لاستغلالك لوقتك :
1- سجل الوقت كتابة ولا تعتمد على الذاكرة .
2- حاول أن تقتصد ولا تسرف في الوقت .
3- رتب أعمالك من السهل إلى الصعب .
4- كن مرناً في تخطيط وقتك .
5- تعلم أن تقول لا .
6- توقف عن الأعمال غير المفيدة ولابد أن يكون لسلة المهملات نصيب .
7- تخلص من الذين يضيعون وقتك .
8- احترم أوقات الآخرين .
4- الارتفاع بالمعنويات وقت الأزمة :
من الصعب جداً أن تجمع بين الأداء الجيد والمعنويات المنخفضة لهذا كان من أهم مسئوليات القائد الحقيقي مراقبة علامات تدهور أو حتى انخفاض الروح المعنوية بين العاملين .
ومن أكبر هذه العلامات :
1- الاستهتار بالطاعات والإقبال على المعاصي .
2- ذهاب الحماس في العمل .
3- بحث كل فرد عن أخطاء الآخر .
4- تكرار التأخير عن المواعيد والارتباطات .
5- الإبداع والابتكار في وقت الأزمة :
عندما تشتد المواقف , فالطرق القديمة تؤدي إلى المشكلات الحالية , ولذلك فلزم ابتكار طرق جديدة لا تؤدي لمشكلات .
والسؤال الآن كيف أستطيع أن أبتكر وسائل جديدة ؟؟
1- خصص وقتاً للتفكير وحدك .
2- لا تتخل عن أفكارك الجديدة لمجرد رفضها من الآخرين .
3- تأن في إخراج فكرتك الجديدة حتى يكتمل نموها .
4- قيم فكرتك بموضوعية .
5- أعداء الإبداع أربعة: الاعتياد،والخوف، والتسرع، والجمود .
6- حل المشكلات :
هذه مجموعة من التوجيهات لحل المشكلات تستضيء بها أيها القائد في مشاكلك :
1- استخدم أسلوب الإشراف وليس المراقبة ودع الأمور تسير كما خطط لها .
2- الدعابة والعبارات المناسبة قد تنقذك من مآزق كثيرة .
3- استعد وتهيأ عقلياً لحل المشكلة وذلك بتصفية الذهن ثم النظام والترتيب ثم الالتزام بما تصل إليه .
4- حدد المشكلة تحديداً جيداً وفرق بين الأسباب والظواهر .
5- اجمع كل المعلومات عن المشكلة .
6- اختر أنت والفريق الحل المناسب .
7- تذكر القول القائل 'أن أغير رأيي وأنجح خير من أن أتشبث به وأفشل' .
خاتمة :
إن القائد الذي لا يتألم فإنه يعيش في عالم الواهمين .. وكل معاناة تولد خبرة وكل خبرة تولد نجاحاً ... فالشخص الذي يستحق أن يكون قائداً لن يشكو يوماً من ثقل المهمة ولا من سوء حالة العالمين ولا من عدم تقدير وعرفان الناس له فكل هذه الأشياء جزء من معترك الحياة الكبيرة ومواجهتها وعدم الاستسلام لها يعد أكبر دليل على الفوز .
المصدر: http://198.169.127.218/
=============
الاستعداد للامتحان 1 ) نظم وقتك
• الدراسة تشريف لا تكليف .
• ابدأ المراجعة مبكراًً فهذا سيعطيك فرصة أكبر لاستيعاب المعلومات.
• راجع المواد بشكل يومي ولو لمدة قصيرة، هذا سيساعدك على التدرج وصولاً إلى الدراسة المركزة والطويلة قبل الامتحانات الرئيسية.
• اقرأ الدرس قبل الحصة، هذا سيساعدك على فهم النقاط ، المصطلحات والمفاهيم التي يراها المدرس مهمة، ويساعدك على استيعابها بشكل أسهل .
• راجع مذكرات الدرس بعد الحصة مباشرة، هذا سيساعدك على تحديد المعلومات التي لم تستوعبها خلال الحصة وقبل أن تنسى أنت وباقي الطلبة مجريات الدرس. عندما تراجع الدرس مباشرة، سيكون لديك الوقت لتصحيح معلوماتك مع باقي الطلبة.
• راجع مع مجموعة من زملائك، هذا سيساعدك على تغطية نقاط مهمة ربما لم تكن قد أوليتها اهتماماً عند دراستك لوحدك .
• قم بمراجعة رئيسية للمادة مبكراً، حتى يتسنى لك الوقت أثناء ساعات دوامه والاستفسار عن النقاط التي لم تستوعبها خلال المذاكرة.
• قسم واجباتك الدراسية إلى أجزاء عديدة يمكن السيطرة عليها، خصوصاً عند المراجعة الرئيسة قبيل الامتحان. المذاكرة لمدة ثلاث ساعات صباحاً وثلاث ساعات أخرى مساءً أفضل من المذاكرة ست ساعات متواصلة.
• المذاكرة وعقلك متعب، يكون عادة مضيعة للوقت.
ذاكر المواد الصعبة عندما يكون عقلك في أنشط حالاته.
http://www.iss.stthomas.eduالمصدر:
================
قيمة الوقت
ينبغي للإنسان أن يعرف شرف زمانه , وقَدر وقته , فلا يُضيّع منه لحظة في غير قُرْبةٍ
ويُقدّم الأفضل فالأفضل من القول والعمل . ولتكن نيّته في الخير قائمة , من غير فُتور بما يعجز عنه البدن من العمل , كما جاء في الحديث : نيّة المؤمن خيرُ من عمله
وقد كان جماعة من السلف يُبادرون اللحظات . فنُقل عن عامر بن عبد قيس أن رجلاً قال له : كلّمنيفقال له : أمسك الشمس
وقال ابن ثابت البُناني : ذهبت أُلقّن أبي , فقال : يا بني دعني , فإني في وِردي السادس
ودخلوا على بعض السلف عند موته , وهو يُصلي , فقيل له , فقال : الآن تُطوى صحيفتي
فإذا علِم الإنسان - وإن بالغ في الجد - بأن الموت يقطعه عن العمل , عمِل في حياته ما يدوم ل أجره بعد موته
فإن كان له شيء من الدنيا , وقف وقفاً , وغرس غرساً , وأجرى نهراً ويسعى في تحصيل ذرّية تذكر الله بعده , فيكون الأجر له
أو أن يصنّف كتاباً من العلم , فإنّ تصنيف العالِم ولده المُخلّد
وأن يكون عاملاً بالخير , عالماً فيه , فيُنقل من فعله ما يقتدي الغير به(1/98)
فذلك الذي لم يمت * قد مات قوم وهم في الناس أحياء *
موقع الدعوة والدعاة
http://www.dawaweb.net/naseha3.php
=============
وقت المرأة .. أين يصرف ؟
جرت العادة في أكثر بلادنا الشرقية:أن تخصص المرأة فترةَ بعد العصر لاستقبال صديقاتها ،أو زيارتهن على اختلافٍ في طريقة الزيارة أهي دورية منظمة أم عفوية؟ ، وأياً كانت الحال لا يخلو البيت يومها من إعلان حالة طوارئ فيها. فاستعدادات فوق العادة ، تستنزف الجهد ، وتضيع الوقت ، وتبعثر المال. وتحول يوم الاستقبال إلى مباراة بين الأسر فيما يقدم للضيوف ، وفي إبراز مظهر البيت ولباس أهله.
ولو سئلت غالبية النساء عن الهدف من هذه الزيارة؟ لكان أحسن ما يفصحن به: إنه التلاقي لقتل الوقت والتسلية ودفع السأم والملل عنهن.
ولا أدري هل الوقت إلا عمر الإنسان الذي يسأل عنه ؟ ومتى السؤال؟ إنه يوم الفزع الأكبر.. ومن السائل؟ إنه رب العالمين .
ومن أضاع وقته فقد أضاع جزءاً لا يعوض من حياته، وجديرٌ أن تطول عليه حسرته..
أختاه ، أنت مربية الأجيال ، وممولة للمجتمع المسلم ببناته من نساء ورجال ، إن واجبي وواجبك التربية الرشيدة لأبنائنا ، وإعدادهم إعداداً إسلامياً يجعلهم قادرين على حمل الأمانة والنهوض بالأمة وبناء المجتمع الفاضل المنشود.
وإن كان ابن الجوزي قد عجب من أهل زمانه وإضاعتهم للوقت فقال: "رأيت عموم الخلائق يدفعون الزمان دفعاً عجيباً ، وإن طال الليل فبحديثٍ لا ينفع أو بقراءة كتاب فيه غزاة وسمر ، وإن طال النهار فبالنوم وهم في أطراف النهار على دجلة أو في الأسواق نشبههم بالمتحدثين في سفينة وهي تجري بهم وما عندهم خبر ، ورأيت النادرين قد فهموا معنى الوجود ، فهم في تعبئة الزاد للرحيل ، إلا أنهم يتفاوتون ، وسبب تفاوتهم قلة العلم وكثرته بما ينفق في بلد الإقامة" .
فماذا نقول نحن عن الناس في زماننا؟!
وقد أصبح العبث الفارغ أساس حياة أكثرهم ، والتبرم بالحياة سبباً في أمراض نفسية غريبة ، وصار الضيق والهلع من المجهول شبحاً يطارد ضعاف النفوس والإيمان؟!
إن أساليبهم في اللهو وإضاعة الأوقات تفوق الخيال: فبعد السهر والسحر على شتى البرامج في وسائل اللهو الحديثة المحرمة والمباحة ، النوم حتى الضحى ، واللهاث بقية النهار للدنيا فقط ، وفي أعمال الدنيا.. وكثرة النوم والتناوم هو شأن الخاملين اللاهين. أما الجادون: فيحرصون على أوقاتهم حرص الشحيح على ماله أو أشد حرصاً. حقاً: "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ" (رواه البخاري).
مختصراً من كتاب
(الزيارة بين النساءعلى ضوء الكتاب والسنة)
لخولة درويش
موقع لها
http://www.lahaa.net/down.asp?order=2&text_num=604&num=6
=============
بين إدارة الوقت وإدارة الذات
خالد أبو الفتوح
روي عن الحسن البصري (رحمه الله) أنه قال: (يا ابن آدم، إنما أنت أيام، كلما ذهب يومٌ ذهب بعضك).. وهذا (البعض) يتبعض أيضاً إلى ساعات ودقائق وثوانٍ.. كلما ذهبت دقيقة أو ثانية ذهب بعضك؛ فالوقت هو الحياة، وهذا معنى مشترك يعرفه الناس جميعاً، ولكن الإسلام زاد على ذلك المعنى حين جعل الوقت بمثابة رأس مال يحاسب عليه الإنسان؛ حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال: عن عمره فيما أفناه...)(1) وتزداد المحاسبة حين يزداد رأس المال؛ قال (تعالى): ((أَوَ لَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ)) (فاطر:37)، وقال المصطفى صلى الله عليه وسلم : (أعذر الله إلى امرئ أخّرَ أجله حتى بَلّغَه ستين سنة)(2).
ولكن الوقت يزيد عن المال؛ فالمال يُدخر ويُقايض وقد يُعوّض إذا أُهدر، ولكن الوقت لا سبيل لادخاره أو مقايضته أو استرجاعه، إضافة إلى ذلك: فإن الوقت هو المورد الوحيد الذي نُرغم على صرفه سواءً أردنا أم لم نرد!
لذا: فالإسلام يحثّ المسلم على الاستفادة القصوى من الوقت حتى في أشد الظروف صعوبة؛ فعن أنس بن مالك (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله لله: (إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة، فإن استطاع أن لا يقوم حتى يغرسها فليفعل)(3).
كانت هذه نبذة عن قيمة الوقت، فماذا عن قيمته في حياة مسلمي زماننا؟.. يبدو أنه المورد الأكثر تبديداً في ثرواتهم، وإذا وقع هذا التبديد في أرصدة الدعاة والمصلحين تعدى الضرر إلى فئات كثيرة، ولكننا إذا نظرنا إلى الممسكين بطرف الحضارة اليوم رأينا أنهم يستثمرون أوقاتهم ـ في الشر والخير ـ بدقة محسوبة، فما هو السبب في هذا التباين؟ إنه ليس راجعاً إلى فروق عنصرية أو صفات جسمانية أو ذهنية موروثة، بل لأن الغرب استطاع أن يضع وينفذ نظاماً تربوياً يبث في أبنائه من خلاله ـ ضمن ما يبث ـ مبادئ إدارية فعالة، قام عليها نظام حياتي تُمَارس فيه أسس إدارية سليمة، بل أصبحت هذه الأسس والمبادئ علوماً قائمة بذاتها لها فروع وفنون تسمى (علوم الإدارة)، ويبرز من هذه العلوم فرع يسمى (إدارة الوقت)(4).
وقفة مع الذات:
عزيزي القارئ..! حتى لا نبدد وقتك ونحن نتحدث عن الوقت وأهميته: تمهل قليلاً وتأمل هذه الأسئلة، ثم أجب عليها بصدق واصفاً حالك:
هل تردد كثيراً: (ليس لديّ وقت لإنجاز ما أود القيام به)؟
هل تتأخر دائماً عن مواعيدك؟ وهل تأخذ المهمات التي تقوم بها وقتاً أكبر مما تحدده لها؟
هل تتضارب مواعيدك مع بعضها؟
هل تقدم تنفيذ العمل الذي تحبه أو الأكثر إلحاحاً على العمل الأهم؟
هل تفاجئك الأزمات، وبعدها تتصرف وتتخذ الإجراءات حسبما يتفق لك وتسمح به الظروف، وليس بما تخطط له؟
إذا كانت إجاباتك على كل ما سبق بـ (لا) فأنت لست بحاجة إلى إكمال قراءة هذا المقال، أنت بالتأكيد أحد شخصين: إما إنك منظم جداً تعرف كيف تستثمر وقتك جيداً، وإما إنك صاحب أهداف متدنية ولا تجد ما تشغل فراغك به، فإذا كنت كذلك فابحث لنفسك عن هدف يملأ عليك حياتك.
أما إذا كانت إجاباتك بـ (نعم) حتى ولو على تساؤل واحد منها، فأهلاً بك ضيفاً في مصحة (إدارة الوقت).. ولكن قبل أن ندخل سوياً هذه المصحة، هل تعترف فعلاً أنك مريض وبحاجة إلى علاج؟.. إن اعتراف المرء بأن العيب في ذاته هو أول خطوة على الطريق الصحيح.. لعلك ما زلت غير مقتنع، ولعلك كنت تنتظر من هذا المقال أن يرشدك إلى أدوات خارج ذاتك لإدارة وقتك.. إذا كان الأمر كذلك فانتبه إلى أن أهم الممتلكات (الذي يسمى بالوقت) يوزع بالتساوي على كل البشر بغض النظر عن المرحلة السنية أو الموقع الوظيفي أو المكان الجغرافي أو الاعتقاد الديني، فكل شخص لديه (7) أيام في الأسبوع، و(24) ساعة في اليوم... حتى من يحركون (النظام العالمي الجديد ـ أو القديم).. لا يملكون إلا ما تملكه أنت من الوقت.. قد تقول: إن تحت أيديهم إمكانات هائلة.. نعم، ولكنك أيضاً لا تدير النظام العالمي، وليس لديك أهدافهم ولا طموحاتهم.. نحن نتحدث عن إدارتك لبيتك أو لعملك أنت، نتحدث عن هدفك أنت وطموحاتك أنت.. إذن: هل الوقت هو المشكلة أم إننا نحن المشكلة؟....إن أكثر الأشياء فائدة والتي يمكن أن تقوم بها عندما تسيء التصرف في وقتك هي أن تعترف بذلك، فما دمت مستمراً في الإنكار أو التسويغ فلن تحل المشكلة.. فإذا أدركت ذلك ورغبت أن تنتزع وقتاً لك: فإنه ينبغي أن تكون راغباً في ذلك فعلاً.. فهل أنت راغب؟(1/99)
نحن الآن نتحدث إلى صنف من الجادين في حياتهم المخلصين في أعمالهم، كثير منهم يسهر على إنجاز عمله ويتفانى في ذلك، ولكنه لا يحسن استثمار وقته، ولا يدرك أنه ـ بقدر من المعرفة والممارسة ـ يمكنه أن يحقق نتائج أفضل مثل غيره أو أكثر منهم، ليس بالضرورة أن يكون مديراً أو موظفاً في منشأة، فقد يكون قائماً على رأس عمل دعوي، أو طالب علم لا يستطيع السيطرة على وقته، أو حتى ربة بيت في منزلها.. مرضهم واحد، وأيضاً قواعد علاجهم واحدة.. فالمهام الكثيرة المتنوعة غير المتجانسة يصلح لها جميعاً أسس إدارة الوقت ومبادئه؛ لأن العملية الإدارية كلها عملية نمطية وإن كان أسلوب ممارستها يختلف باختلاف الهدف والموقف..
ولأنك لا تستطيع السيطرة على مقدار الوقت ذاته فأنت في حاجة إلى إدارة ذاتك من خلال السيطرة على استخدام الوقت. فما هي الخطوات التي تقود إلى هذه السيطرة؟ سنحاول في هذا المقال استخدام العملية الإدارية في إدارة الوقت واستثماره؛ لذا: فقبل أن تشرع في اتخاذ الخطوة الأولى لا بد أن يكون حاضراً في ذهنك أن العملية الإدارية تتكون من مهام: التخطيط، والتنظيم، والتنفيذ، والرقابة، وهي مهام يخدم بعضها بعضاً...
التخطيط مدخل إدارة الوقت:
فإذا تم ذلك فاعلم أن الخطوة الأولى في العملية الإدارية هي أن تسترخي!.. نعم تسترخي، وتنظر إلى الخلف لتخطط للسير إلى الأمام، أي أن تمارس (التخطيط)، خذ وقتاً كافياً للتخطيط ولا تترك الأزمات تضطرك للتصرف غير المحسوب أو العشوائي، فبرغم أن التخطيط يأخذ وقتاً طويلاً أول الأمر، إلا إن ذلك الوقت يعوض حين يثمر نتائج أفضل، فالمشكلة واضحة المعالم تصبح نصف محلولة.. وعلى ذلك: يجب أن تخصص بعض الوقت للتفكير والتأمل والتخطيط بأسلوب مبدع، وهو ما يسمى بـ (الساعة الهادئة)، وهو وقت هادئ خالٍ من المقاطعات والشواغل والمنغصات، يقع في أوج نشاطك وقمة منحنى صفائك الذهني، فإذا لم تتوفر لك هذه العوامل حيث توجد فلا تتردد في البحث عن ركن هادئ آخر تمارس فيه هذا التفكير الهادئ، فإذا لم تجد فابحث في مكان آخر.
ولكن احذر أن يكون التخطيط في (الساعة الهادئة) أحد وسائل الهروب من مهمة غير سارة أو معقدة..
فماذا ستفعل في هذا الوقت ـ طال أم قصرـ؟.. ستشخّص مرضك..
ولأجل أن يكون التشخيص دقيقاً فقد تحتاج إلى بعض التحاليل! وبما أنك تنظر إلى الخلف لتخطط للسير إلى الأمام فالتحاليل ستشمل هذا الخلف (الماضي) وأيضاً ذلك الأمام (المستقبل)، والمختبر الذي ستضع فيه الماضي (المستمر معك) يسمى: (جداول تحليل الوقت)، بينما تسمى جداول تركيب المستقبل (الذي تأمله): (جداول تنظيم الوقت).
جداول تحليل الوقت:
فعادة استخدام (جداول تحليل الوقت) تهدف إلى أن تعلم كيف تتحكم في وقتك، بما يعني أن تغير بعضاً من عاداتك في تمضيته، ولكنك لن تستطيع تغيير عادات وقتك حتى تعرف أولاً ما هي هذه العادات؟.. كيف يمضي الوقت؟.. وفي ذلك يُقترح:
* الاحتفاظ بسجل تبين فيه كيف تمضي أسبوعاً أو أسبوعين أو أكثر..
* سَجّل كل ما تقوم به عند القيام به حتى لا تنسى أي شيء.
* وسجل أيضاً السبب الدقيق للنشاط وعلاقته بتحقيق هدفك.
* احذر أن تنشغل بحساب مقدار الدقائق التي قضيتها وتفقد الهدف الأساس لتحليل الوقت؛ فقد تقوم من خلال محاولة حسابك للوقت الضائع بإضاعة وقت آخر بدون مسوّغ.
* وفي نهاية كل أسبوع لخّص ما قمت به وتأكد من النسبة المئوية لكل نشاط.
* ثم قيّم أهمية هذه النشاطات أو تكرارها..
هذا التحليل يمكّنك من رؤية عاداتك السيئة في استخدام الوقت، ومن ثم: القضاء على تلك العادات في المستقبل.. وسيعطيك تلخيص هذه الجداول فكرة جيدة عما إذا كنت فعلاً متحكماً في وقتك أو أن وقتك تتحكم فيه مؤثرات خارجية، كما يجب أن تخرج من هذه الجداول بفكرة واضحة عن: مضيعات الوقت لديك، سلبيات أسلوبك في التعامل مع الأمور، نقاط الضعف والقوة الشخصية عندك.. وغير ذلك من النتائج المحددة.. هل انتهيت من التخطيط؟..
لم تنته بعد؛ فالتخطيط عملية مستمرة ومتصلة.. تستطيع القول: إنك انتهيت من تحليل (الماضي).. عليك الآن أن تخطط للمستقبل.. لتصحيح (ماضيك المستمر) ولتنفيذ أعمالك.
أهداف × أولويات:
لماذا نهتم بتحديد الأهداف والأولويات؟..
لأنه عندما تكون أهدافنا واضحة أمامنا على الورق فإن ذلك يساعدنا على تذكرها دائماً، إضافة إلى أننا نستطيع الحكم عليها دائماً من حيث كونها ما زالت أهدافاً أو أنها بحاجة إلى تحديث، فإذا طرأت أولوية أخرى أكثر منها أهمية، فإنه يمكن إحلالها في ترتيب متقدم مما نود إنجازه، ثم نعود إلى الأولوية السابقة، وبدون تحديد الأولويات والأهداف نقع في (مصيدة النشاط)، وهو التورط في النشاط ذاته دون رؤية السبب الذي من ورائه نقوم بالنشاط، فيصبح النشاط هدفاً مزيفاً، ويصبح غاية في حد ذاته، أي يصبح النشاط مجرد انشغال (بذل عرق)، وهو بخلاف (الشغل)، وحتى الشغل ينبغي أن نفرق فيه بين (الكفاءة) و(الفاعلية)، فالكفاءة تعني: مجرد القيام بالعمل وتحقيق النتائج المطلوبة، بينما تعني الفاعلية: تحقيق النتائج المطلوبة من أول مرة، ومن خلال القيام بالعمل الصحيح، حسب التسلسل الصحيح في أهميتها، في الوقت المناسب، وبأدنى تكلفة، فعندما تكون نشيطاً وكفئاً في مهمة خاطئة، أو في مهمة صحيحة في الوقت الخطأ، فإنك تعتبر غير فعال حتماً..
إذن: حدد أهدافك أولاً.. الأهداف طويلة الأمد والأهداف قصيرة الأمد، ضَعْ قائمة لكل نوع، فعندما تكون أفكارك وأعمالك منظمة ستكون منتبهاً إلى أن أهدافك اليومية (قصيرة الأمد) تساهم بشكل مباشر في تحقيق الأهداف الطويلة الأمد، لذلك: عليك أن تدرّب نفسك على العمل وفي ذهنك ـ في الوقت نفسه ـ صورة من أعمال الأسبوع القادم أو الشهر أو السنة، ولا يتم ذلك إلا بأن تكتب أهدافك: للعمل، وللمهنة، وللحياة الشخصية، وحتى للأمور المالية.. ولا بد أن تكون هذه الأهداف:
* محددة وواضحة. * واقعية وممكنة التنفيذ. * ذات قيمة حقيقية. * يمكن قياسها وتقييمها.
رتّب هذه الأهداف في صورة أولويّات، ثم قسّم أولوياتك في برنامج عملك اليومي إلى قوائم: أعمال (يجب القيام بها (ضرورية وملحة))، وأعمال (ينبغي القيام بها (ضرورية وغير ملحة))، وأخرى (يمكن القيام بها).. مرة أخرى تطرق (جداول الوقت) الباب علينا، وذلك لإعداد جدول الأهداف، وذلك قبل يوم العمل.. وهذا الجدول سوف يمكنك من وضع جدول تنظيم الوقت، حيث سيتم فيه تصنيف أولويات الأعمال حسب (أهميتها) و(إلحاحها) (ليس كل مُلحّ يكون بالضرورة مهماً)، وإمكانية (تفويضها إلى غيرك)..
ومن الواضح أن أكثر الأعمال أولوية هي تلك التي لا يمكن تكليف غيرك بها، والملحة، وفي الوقت نفسه: على درجة عالية من الأهمية..(1/100)
بعد أن حددت الأولويات خصص الوقت حسب هذه الأولويات، وعليه: حدد مواعيد للإنجاز؛ فعندما تحدد لنفسك مواعيد للإنجاز فإنك تمارس على نفسك نوعاً من الضغط، وبعض الضغط يحدث دافعاً لديك، بينما زيادة الضغط عند عدم تنظيم الوقت تضعفك.. وعند تخصيصك للأوقات حسب الأولويات ينبغي أن تكون مرناً، فالذي يخطط لملء كل دقيقة من يوم العمل سيجد أنه غير قادر على اتباع الجدول بسبب عدم المرونة فيه، وعلى هذا: يمكن أن نتوقع أن نصف الوقت سيمضي في معالجة الأزمات والطوارئ وضغوط العمل، لذا: ينبغي أن ندرك أن 50% من يوم العمل يمكن جدولته بأعمال مختارة للإنجاز خلال نصف اليوم، وفي الوقت نفسه تستحق هذه الأعمال إنجازها، كما عليك أن تحتفظ ببعض المهام البسيطة في متناول يدك لإنجازها في الوقت المعطل أو غير المستثمر، فيمكنك قراءة جريدة أو كتاب وأنت في انتظار دورك عند طبيب أو وأنت راكب في وسيلة المواصلات، أو التعرف على بعض الزملاء أو الاستماع إلى المذياع وأنت تتناول الطعام، وإذا كنت مديراً أو مشرفاً فيمكنك قراءة البريد أو إجراء مكالمة هاتفية بينما تكون منتظراً لتقرير من مرؤوسيك مثلاً.. فمثل هذه الأشياء لا تتطلب فترات محددة من الوقت.. وذلك للاستفادة من كامل الوقت من ناحية، ومن ناحية أخرى حتى لا تكتسب عادات سيئة في تمديد العمل والإبطاء فيه لملء الوقت المتاح.. تذكر دائماً: (يتمدد العمل ليشغل حيز الوقت المتاح له) وهذا ما يسمى بقانون (باركينسون).
يكفي ما سبق على التخطيط؛ إذ إننا لن نقضي عمرنا تخطيطاً؛ فالتخطيط ليس هدفاً في ذاته، بل هو الخطوة الأولى في الإدارة، ولكن نذكرك بأن عليك أن تسأل نفسك وأنت تخطط: هل سلوكك مثمر أم غير مثمر؟ متى ستقوم بالعمل؟ كم من الوقت ستصرف حتى تقوم بالعمل؟ مع من تقوم بالعمل؟ أين وصلت حتى الآن؟..
من التخطيط إلى التنظيم:
ليس الأمر الذي نعنيه هنا متعلقاً بالترتيب؛ فهذا الترتيب نظري افتراضي، وإنما تتم الأمور معاً، ولا متعلقاً بالكمال، ولكننا نريد إبراز مجموعة من الأدوات والأساليب والطرق التي تساعدنا على الوصول إلى ما نريد.. وحتى تكون الأمور واضحة فإن للتنظيم ثلاثة مجالات رئيسة: إدارة الناس، وإدارة الأوراق، وإدارة الوقت ـ بمعنى التحكم فيه واستثماره وتجنب مضيعاته ـ.
أولاً: إدارة الناس: التفويض.. التفويض:
في إدارة الناس سنتحدث عن التفويض، باعتباره أحد العوامل المهمة لاستثمار الوقت.
كم مرة رددت: (في الوقت الذي أشرح له فيه ما هو مطلوب منه أكون قد أنهيت العمل وحدي بأعلى جودة وفي نصف الوقت)؟.. إن هذا المنطق البراق يعتبر من أكثر الخدع التي يقع فيها كثير منا، فتفويض بعض الصلاحيات والسلطات لآخرين يمكنهم إنجاز أعمال مطلوبة منك يعتبر على المدى البعيد استثماراً لأوقات الآخرين لصالحك، لتتولى أنت القيام بالأعمال التي لا يمكن تفويضها لغيرك.
ولكن ينبغي أن تلاحظ أن التفويض لكي لا يكون مهدراً للوقت (عندما يعاد العمل مرة أخرى) لا بد أن يراعى فيه:
* أن يكون قائماً على أسلوب إداري قائم على تنظيم علاقة تتسم بروح الثقة القائمة على التساؤل والتعاون والصراحة، حتى تتكون أرضية مشتركة بين المتعاونين يمكن تنسيق العمل على أساسها.
* أن تكون الصلاحيات والسلطات واضحة، وكذا: الزمن المتاح لاستخدام هذه الصلاحيات.
* أن يتم تحديد الأعمال التي سوف تستخدم فيها هذه الصلاحيات بدقة، والنتائج المستهدفة منها.
* اختيار الشخص المناسب الذي سيتم تفويضه، والتأكد من أنه أفضل من يصلح لذلك.
* أن تكون المسؤولية ودرجة المساءلة عند التفويض واضحة للجميع.
ننتقل الآن إلى الجانب الثاني من عملية التنظيم وهو:
ثانياً: إدارة الأوراق:
في نبذة يسيرة ـ حيث لا يتسع المقام للتفصيل ـ نستطيع القول: إن المقصود بإدارة الأوراق هنا ليس تقسيمها حسب موضوعاتها، بل المقصود إدارتها حسب حركتها بما يوفر الوقت؛ فالمشكلة الحقيقية في التعامل مع الأوراق ليس في ترتيبها ولكن في اتخاذ القرار بشأنها، فمكتبك يجب أن يكون محطة مؤقتة مختصرة تقف فيها الأوراق قليلاً حتى تحدد اتجاه كل منها سواء إلى آخرين أو إلى الملفات أو سلة المهملات...
ثالثاً: من التنظيم: إدارة الوقت..
ونقصد هنا إبراز الوسائل الفعالة لاستثمار الوقت، وأيضاً: معرفة (مضيّعات الوقت) ومعرفة أساليب التنظيم التي تحد من هذه المضيّعات.
من مبادئ توفير الوقت:
وقبل أن ندخل في (مضيعات الوقت) بتفصيل أكثر هاك بعض العوامل التي قد تساعد على استثمار أكبر للوقت:
* من العوامل المساعدة على تنظيم الشخص لنفسه: كتابة المعلومات المراد تذكرها على ورق عند ورودها مباشرة، ثم وضع هذه الورقة في مكان تكون متأكداً من وقوع البصر عليه..
* ومن موفرات الوقت: اعتماد مبدأ التجاهل المتعمد والإهمال المقصود؛ فبعض المشكلات عندما تترك وحدها فإنها تختفي كليّاً لعدم أهميتها.
* ومنها: تقسيم النشاطات المتشابهة إلى مجموعات؛ لأنها تتطلب لإنجازها بيئة وموارد مماثلة، إضافة إلى الحضور الذهني والتهيؤ النفسي.
* ومنها: دمج بعض المهام المسجلة في جدول الأولويات، أو دمج بعض خطوات إحدى المهام، وكذلك إسقاط المهام التي لا علاقة لها بك أو بالمحيط الذي تعمل فيه ولا مكان لها في جدول أعمالك.
* ومنها: عدم ترك المهام غير منتهية؛ فالتنقل من مشكلة لأخرى سوف يدمر فيما بعد قدرتك على التركيز على أي شيء لأكثر من بضع دقائق في المرة الأولى.
* ومنها: الإقلال من الأعمال (الروتينية)، وهي الأعمال اليومية ذات الطبيعة النمطية والتي تشكل قيمة يسيرة لتحقيق الأهداف العامة.
* ومنها: استغلال الأجهزة والمعدات الحديثة لتفويض الأعمال المناسبة إليها، كأجهزة التصوير والهاتف المصور (الفاكس) والحاسب الآلي (الكمبيوتر)...
* ومنها: أن تتعلم في الاتصالات الشفاهية (هاتف أو مقابلات) كيف تقطع المحادثات أو النقاش بأسلوب لبق وواضح عندما تعتقد أن الموضوع قد تم تغطيته تماماً.
* ومنها: إتقان قول (لا) عندما ترى أن الاستجابة معناها ضياع الوقت وإفساد سلم أولوياتك، فالخجل والمجاملات قد يضران بك وبالآخرين كثيراً.
من التوفير: عدم التبديد:
قبل أن ندخل في بعض تفاصيل مضيعات الوقت (المعوقات) نذكرك بأن العامل المهم في وقوع كثير من مضيعات الوقت ـ حتى الخارجية منها ـ يكون نمط إدارتك لذاتك؛ ولذلك فإن عليك أن تتذكر (جدول تحليل الوقت) الذي كنت رصدت فيه سلوكك (الماضي) وحللته.. لا بد أنك وجدت بعض المضيعات التي تشغل حيزاً كبيراً من وقتك (البريد ـ الجرائد ـ الهاتف ـ عدم التفويض ـ الاجتماعات ـ الزائرين ـ التأجيل... (.. عليك أن تختار بعضاً منها (خمسة مضيعات أو ستة) وترتبها حسب أولوياتها، ثم تتعامل معها واحداً واحداً؛ لأن محاولة تغيير العادات السيئة مرة واحدة يمكن أن يؤدي إلى الإحباط والفشل، كما ينبغي أن تكون غاياتك عند معالجة هذه المضيعات واضحة ومحددة ويمكن قياسها، حتى تستطيع أن ترى مدى تقدمك في تحقيقها.
وبدورنا نختار هنا مضيعاً شائعاً ونتحدث عنه بشيء من التفصيل، وهو: الهاتف.
الهاتف:
يعتبر الهاتف في الأساس إحدى وسائل توفير الوقت، لكن إساءة استخدامه قد تجعله من مضيعات الوقت، ولتفادي ذلك:
* عليك أن تنظر إلى الهاتف بوصفه آلة لتوصيل الرسائل فقط.
* ولهذا: أوقف المكالمة مباشرة عند انتهاء هذا الهدف.(1/101)
* الاختصار في المكالمة يمكن تسهيله بأن تخطط للمكالمة والحوار من قبل، وذلك بكتابة الموضوعات التي تود التحدث فيها وتضعها أمامك، كما عليك إجراء المكالمات المتشابهة والتي تحتاج إلى إعداد متقارب وجو نفسي واحد... عليك إجراء هذه المكالمات متتابعة، وذلك في حالة طلبك لآخرين.
* ويمكنك تحديد وقت معين تستقبل فيه مكالمات الآخرين، إلا إذا كانت المكالمة ذات أهمية فلا بد من استقبالها حال ورودها.
* والوقت المناسب للرد على مكالمات الآخرين هو في فترات انخفاض إنتاجيتك، فلا تستخدم الهاتف في فترات صفائك وارتفاع إنتاجيتك. أما فترات الصباح الباكر عندما يبدأ الناس أعمالهم فتتميز بأنها أفضل وقت لالتقاط الخط من أول محاولة.
* كما ينبغي أن تلاحظ فترات وجود الشخص المطلوب.
* وعندما تكون المناقشة مثيرة للأعصاب، وعندما يوجد خطر تحطيم العلاقات الجيدة مع الآخرين.. فلا بد أن تفكر أكثر من مرة قبل استخدام الهاتف؛ فالحوار الهاتفي السيئ يمكن أن يكلفك ساعات من الوقت الضائع فيما بعد لمعالجة سوء الفهم الذي حصل.
التنفيذ لب العمل:
هناك بعض المبادئ والإجراءات التي تتصف بالصفة التنفيذية المحضة والتي تساعد أيضاً على استثمار الوقت بشكل جيد، وهي تقوم على أن نأخذ بعنان المبادرة بأنفسنا، فكلما قلّت إدارتنا للوقت وسمحنا للآخرين بتحديد ما نقوم به من عمل: عملنا أكثر وأنتجنا أقل..
وللسيطرة على إدارتك للعمل لا بد من استحضار برنامج العمل اليومي، وذلك:
* بصنع قائمة بالأشياء التي يجب القيام بها.
* ولا تنس أن يكون عملك مجزأً بين إنجاز عمل اليوم والتفكير في أعمال الغد ونشاطاته.
* حدد ساعات اليوم التي تكون فيها في أوج طاقتك، وهي تختلف من شخص إلى آخر..
* ضع أكثر النشاطات أهمية وأكثرها صعوبة والأعمال التي تتطلب تركيزاً كبيراً في ساعات صفائك الذهني، والتي تكون فيها في أوج نشاطك.
* حاول أن تجمع الأعمال المتشابهة بعضها مع بعض في هذه القائمة.
* وعند إنجاز عملٍ ما من القائمة عليك شطبه منها، وهذا في حد ذاته يعتبر حافزاً لك على مواصلة العمل، ولكن احذر أن يتسرب إليك إحساس خادع بالرضا من شطب الأشياء من قائمة المهام، خاصة إن كان معظمها ذا أولية منخفضة..
* وفي نهاية اليوم احصر المهام المتبقية ولا تحتفظ بها في القائمة نفسها، بل حوّلها إلى قائمة اليوم التالي، إلا إذا كنت فوّضت بعضاً منها إلى آخرين أو أسقطتها لعدم أهميتها..
* وأثناء العمل: كن متأكداً بأنك تركز على تنفيذ العمل الصحيح بشكل صحيح في الوقت الصحيح.
وأثناء التنفيذ:
* ابدأ يومك بطلبات تطلبها من الآخرين؛ فبينما تقوم أنت بعمل أشياء أخرى سيعمل الآخرون في الوقت نفسه على إنجاز الأعمال التي طلبتها منهم، وإذا تعذر وجود وقت للقيام بكل المهام فاعمل على إنجاز المهام الكبرى والمهمة أولاً، ذلك من معاني: (اعمل بذكاء لا بجهد أكثر).
* وعندما يكون الموضوع لا يزال جديداً أمامك فلا تتردد في أخذ موقف حياله؛ لأن هذا يوفر عليك مشقة إعادة تذكر الموقف مرة أخرى.
* لا تضيّع وقتك في القيام بالمهام المستحيلة.
* وفي الوقت نفسه: حاول أن تكون لك قدرة على التنفيذ الفوري، وإذا لم يكن للمهمة حل مباشر فعليك أن تستمر في القيام بعمل شيء آخر.
* تذكر أن المهام البسيطة التي لا ترتبط بوقت محدد والتي كنت وضعتها في جدول أعمالك هي لمثل هذه الأوقات.
* لا تستهن بإنجاز أعمال الأهداف القصيرة الأمد المصاحبة للأهداف الطويلة الأمد، فإننا إذا لم نقم بتحقيق الأهداف القصيرة الأمد فلن ترى الأهداف الطويلة الأمد الحياة أبداً.
* لا بأس بأن تقدم عقارب ساعتك بضع دقائق إلى الأمام؛ فالأشخاص الذين يهتمون بالإنجاز يفعلون ذلك غالباً؛ لأن ذلك يوجد إحساساً بالعجلة الزائدة..
* لكن لا تكن مهتمّاً بشكل زائد بمسألة إنهاء العمل بسرعة؛ فالنتائج غير المتقنة تعني أنك ستضطر إلى إعادة القيام بالعمل، مما يعني ضياع وقت آخر.
* وجّه نظرك دائماً نحو النتائج بدلاً من القلق حول الإجراءات.. كثيراً ما ننشغل بالوسائل وتغيب عن أعيننا الغاية.. وأثناء اهتمامك بالنتائج تجنب الوقوع في (شلل الكمال)؛ فبعض الأعمال ينبغي أن تنجز بأسرع ما يمكن، وحينها: عليك أن تدرك أن هناك تضحية متبادلة بين الفاعلية والكمال.
عينك على المراقبة:
وننتقل الآن إلى الجزء الأخير في دائرة إدارة الوقت، وهو المراقبة، والمقصود بالمراقبة: مراقبة العمل وليس التجسس على القائمين بالعمل أو (الوقوف على رؤوسهم) أثناء عملهم وإحصاء الدقائق عليهم بحجة المحافظة على الوقت؛ فالهدف من المراقبة هو: (المراجعة والنقد المؤدي إلى التصحيح)، مراجعة للعمل ذاته من حيث خطته أو إجراءات تنظيمه أو خطوات تنفيذه، ومراجعة للقائمين بالعمل لبيان جوانب القصور فيهم وما يحتاجونه من تعديل لسلوك أو اكتساب لعلم أو تنمية لخبرة بما يوفر أوقاتهم؛ فتكرار الخطأ مرة بعد مرة يعد من أكثر العوامل التي تضيع الوقت.
وعليك مراقبة مدى التقدم في إنجاز العمل، وذلك حتى لا تعود إلى ممارسة عاداتك السيئة السابقة، وحتى تجري إصلاحات وتعديلات على خطتك، وذلك من خلال مقارنة الأداء الفعلي بالخطة وبالجدول، بما يفيد معرفة العائد الحقيقي، وبما يسمح بتعديل التخطيط أو التنظيم أو التنفيذ ـ كلها أو بعضها ـ لتتلاءم مع الهدف ومع الظروف التي تواجهها.
وذلك يقودنا إلى (مبدأ إعادة التحليل)؛ إذ ينبغي إعادة تحليل استخدام الوقت على الأقل مرة كل ستة أشهر لتفادي العودة للعادات السيئة في إدارة الوقت عند الإحساس بصعوبة تنفيذ الخطة اليومية السابقة.
وفي الختام:
فإن الأشخاص الفعالين لم يولدوا هكذا بالفطرة، بل هم مصنوعون، فإذا كانت الخطوات والإجراءات المذكورة سابقاً قد كثرت عليك وطالت فلا تستصعبها، ولا تتردد في تعديل الاقتراحات السابقة لتناسب حقيقة وضعك في العمل وفي الحياة؛ فالهدف ليس استخدام اقتراح معين لإدارة الوقت، بل إحراز تقدم وإنجاز، أيّاً كان اختيارك للأفكار التي تناسب أسلوبك وتفيدك كثيراً، والنقطة المهمة والمحورية التي يجب أن تتذكرها هي استمرار الوعي بالكفاءة من خلال الوعي بأهمية الوقت؛ فذلك أكثر أهمية من مجرد الانصياع وتطبيق كل المبادئ التي يمكن وصفها.
وتذكر أيضاً أنك لا تستطيع إرضاء كل شخص، وأن الطريقة التي ستستثمر بها وقتك قد تزعج آخرين، وقد لا يعاونونك عليها.
وانتبه إلى أنك من السهل أن تجعل نفسك متحمساً أكثر من اللازم بالنسبة لإدارة الوقت؛ فقد تكون تلك الظروف ناجحة معك تماماً، إلا إنها تتصف أيضاً بأنها فردية الطابع والكفاءة لا جماعية الكفاءة، وهي لا تشجع على العمل الجماعي... وعلى ذلك: فكل موقف يجب أن يكون مختلفاً بناءً على عوامل عديدة، مثل: نوع المحيط الذي تعمل فيه، وطبيعة العمل، وكمية الأعمال، والمهام المنوطة بالفرد، وحاجات الشخص المتعاون معك، وشخصية القائم على العمل.
الهوامش :
(1) أخرجه الترمذي، 2/67، والطبراني في المعجم الكبير، وصححه الألباني في (صحيح الجامع)، ح/7300.
(2) أخرجه البخاري، كتاب الرقاق، باب من بلغ ستين سنة فقد أعذر الله إليه في العمر.
(3) أخرجه الإمام أحمد، 3/191، وصححه الألباني في (السلسلة الصحيحة)، ح/9، و(صحيح الجامع)، ح/1424.(1/102)
(4) يعتبر هذا المقال استعراضاً لموضوع إدارة الوقت، اعتماداً على كتاب (إدارة الوقت)، ضمن سلسلة (فن وعلم إدارة الأعمال) لمحررها أ. ديل تيمب ب، ترجمة: د. وليد عبد اللطيف هوانة، وهو يضم 95 مقالة لمختلف المتخصصين في هذا المجال. وهناك ملحوظتان على الكتاب لا بد من ذكرهما:
(أ)يعتبر الكتاب تعبيراً عن النظرية الإدارية الغربية من خلال رؤيتها الأمريكية،وبالطبع: هناك نظريات أخرى لم يتطرق الكتاب إليها، كالنظرية اليابانية، والنظرية الإدارية الإسلامية التي لم تخرج بعد إلى حيز التنظير المتكامل رغم وجود مبادئها المتميزة القائمة على أصول شرعية وأسس أخلاقية وشبكة علاقات اجتماعية مغايرة لما قامت عليه النظريات الأخرى.
(ب) الكتاب عبارة عن ضم شذرات مقالات مختلفة للعديد من الكتاب، مما أثر في عدم تماسك مادته المعلوماتية، إضافة إلى تشتت المعلومة الواحدة بين ثنايا الكتاب.
Cd مجلة البيان
==============
العبرة بحال الوارث وقت وفاة المورث
المفتي
محمد عبده .
صفر 1318 هجرية
المبادئ
يشترط فى الإرث اتحاد الدين والمعتبر فى ذلك حال الوارث عند وفاة المورث
السؤال
رجل مسيحى توفى على كفره، عن ورثته المسيحيين وترك لهم تركة وبعد وفاته بنحو خمس عشرة سنة حصل نزاع بين ورثته وأخيرا اقتسموا تلك التركة بينهم، ووضع كل من الورثة يده على نصيبه، ثم أسلمت إحدى الورثة، وتركت باقى إخوتها على الكفر، فاغصب باقى إخوتها حصتها الآيلة لها عن والدها زاعمين أنها بإسلامها وخروجها على ديانتهم المسيحية لا تستحق شيئا فى والدها .
فهل لهذه البنت التى أسلمت بعد وفاة والدها على الكفر أن تحتفظ بملكها، أو يسلبه باقى الورثة لإسلامها
الجواب
المعتبر فى الإرث حالها عند وفاة والدها المورث .
وحيث كانت مسيحية وقت الوفاة فتكون وارثة كباقى الورثة، ولا يمنع من هذا إسلامها بعد ذلك بمدة طويلة أو قصيرة .
وعلى ذلك فلا يسلب نصيبها فى التركة بإسلامها، بل هو حقها لا يمنعها منه ذلك الإسلام، واللّه أعلم
=============
ميراث من ماتا فى وقت واحد
المفتي
حسنين محمد مخلوف .
ربيع أول سنة 1373 هجرية - 11 نوفمبر سنة 1953 م
المبادئ
1 - إذا كانت وفاة الزوج والزوجة فى وقت واحد فلا استحقاق لأحدهما فى تركة الآخر .
2 - تستحق كل بنت من بنات البنتين وصية واجبة فى تركة كل من الزوج والزوجة بمثل ما كان يأخذه أصلها لو كانت موجودة عند وفاة أى من والديها بشرط إلا يتجاوز المجموع الثلث .
3 - يقسم الباقى بعد نصيب أصحاب الوصية الواجبة على الورثة للذكر ضعف الأنثى تعصيبا
السؤال
فى سبتمبر سنة 1953 توفى المرحوم الحاج ابراهيم على وزوجته روضة عفيفى فى يوم واحد وساعة واحدة بالأقطار الحجازية تركا سبع بنات وولدا واحدا وكان للمتوفيين المذكورين ابنتان توفيتا منذ عشرين سنة فى حياتهما هما أم العز وعزيزة وتركت كل منهما ابنة على قيد الحياة الآن - فما بيان نصيب كل من المذكورين
الجواب
اطلعنا على السؤال والجواب - أنه إذا كانت وفاة الرجل المذكور وزوجته وقعت فى وقت واحد كما جاء فى السؤال فلا استحقاق لاحدهما فى تركة الآخر - وبوفاة كل منهما بعد صدور قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946 المعمول به ابتداء من أول أغسطس سنة 1946 عن ابن وسبع بنات وعن بنت بنت وبنت بنت أخرى توفيتا قبله فقط - يكون لكل من بنتى البنتين وصية واجبة فى تركته بمثل ما كانت تأخذه أمها لو كانت موجودة عند وفاة كل واحد من والديها بشرط ألا يتجاوز المجموع الثلث طبقا للمادة 76 من القانون المذكور - فتقسم تركة كل من الرجل وزوجته إلى أحد عشر سهما لكل من بنتى البنتين سهم واحد وصية واجبة والباقى وهو تسعة اسهم للأولاد تعصيبا للذكر ضعف الأنثى فيخص الابن سهمان ويخص كل بنت سهم واحد - وهذا إذا لم يكن لكل من المتوفيين وارث آخر ولم يوص لواحدة من بنتى البنتين بشئ ولم يعطها شيئا بغير عوض عن طريق تصرف آخر والله أعلم
============
التعويض عن زيادة السعر وقت العقد
المفتي
حسن مأمون .
ربيع الآخر 1378 هجرية - 20 أكتوبر 1958 م
المبادئ
1 - التعاقد على بناء عقار على أساس الأسعار السائدة وقت العقد فزادت الأسعار بلا فعل من أحد، ولكن بموجب عمل سياسى خارج عن إرادة الطرفين، يكون من قبيل الاستصناع، وهو بيع ما يصنعه العامل عينا، ويطلب فيه من الصانع العمل والعين جميعا ، وهو عقد صحيح استحسانا .
2 - يرفع الغبن عن العامل بما يعوضه عن ارتفاع أسعار المواد المستعملة فى البناء، لأن التعاقد تم فى ظروف عادية بالأسعار العادية المعروفة وقت العقد .
3 - لا يكون التعاقد لازما بالأسعار العادية، ويكون للعامل الحق فى طلب الزيادة، ويرجع فى تقديرها إلى الخبراء فى ذلك
السؤال
بالطلب المتضمن أن أحد السعوديين قد تعاقد مع الحكومة السعودية على إقامة بناء بمنطقة الظهران لقاء مبلغ معين فى أوائل أبريل سنة 1956 - على أساس الأسعار السائدة لمواد البناء وقت التعاقد وحينما وقع الاعتداء الثلاثى على قناة السويس تعطل نقل هذه المواد غلى المملكة العربية السعودية، وارتفعت أسعار مواد البناء فكانت تباع محليا بثلاثة أضعاف قيمتها وقت التعاقد، فأوقف المقاول أعمال البناء كى ترفع الحكومة السعودية من قيمة المقاولة بما يعوض هذه الخسارة وتقدم بعدة طلبات إلى الحاكم الإدارى مؤيدة بالمستندات الدالة على التكاليف الفعلية، وكان الحاكم الممثل للطرف الثانى يجيبه فى كل مرة بطلب الاستمرار فى العمل حتى إتمامه، ولا يخشى شيئا وسينظر فى الأمر وطلب بيان حكم الشريعة الغراء فى هذا الأمر ومدى حق المقاول فى المطالبة بتعويض يرفع عنه هذه الخسارة الكبيرة
الجواب
إن التعاقد المسئول عنه من قبيل الاستصناع وهو لغة طلب العمل ، وشرعا بيع ما يصنعه عينا، فيطلب فيه من الصانع العمل والعين جميعا وهو صحيح استحسانا، وقد جرى التعامل به من عهد الرسول عليه السلام إلى يومنا هذا فقد استصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتما ومنبرا، فصار كدخول الحمام بأجر، فإنه جائز استحسانا للتعامل، وإن أبى العباس جوازه لجهالة مقدار المكث وما يصب من الماء .
ولمبيع هو العين بعد إتمام العمل، وقد توالى العمل به فى سائر الأعصار من غير نكير متى بين وصف العمل على وجه يحصل به التعريف، وينعقد إجارة ابتداء، ويصير بيعا انتهاء قبل التسليم بساعة وهذا هو الصحيح، كما ذكره صاحب الهندية بالجزء الثالث من فتاويه ولاشتمال هذا التعامل على عقدى إجارة وبيع وجب أن تتوافر فيه الشروط اللازمة شرعا لصحة كل منهما فيجب أن يكون عوض العمل والأوصاف المحددة للعمل النافية لجهالة معروفة لدى الطرفين حتى ينقضى العذر بينهما ولا يفضى هذا التعاقد إلى المنازعة مستقبلا، كما يجب أن تكون الزيادة التى تظهر فى الثمن المقابل لهذا العمل عما تعورف ثمنا له فيما بين الناس زيادة قليلة يتغابن الناس فى مثلها، فإن فحشت بأن كانت كبيرة لا يتغابن الناس فى مثلها فى العادة كان ذلك سببا فى فساد التعاقد الأول ووجوب الزيادة فى القيمة غلى الحد الذى يرفع الضرر عمن وقع عليه متى قبل صاحب العمل وتمسك بالتعاقد .(1/103)
ويتحقق ذلك بتحكيم أهل الخبرة فى مثل هذا العمل باتفاق الطرفين لتقدير قيمته حسب أمثاله وقت تسليمه إلى الطرف الآخر، أو الرجوع باتفاقهما إلى قيمة المثل بدون تحكيم ، وما يظهر من الفرق بين القيمتين يأخذه الطرف الواقع عليه الضرر وهو الصانع من الطرف الثانى وهو المستصنع الحكومة السعودية - وبذا يرتفع الضرر وتحل الزيادة لمن أخذها ومن الأسباب الموجبة لهذا المصير تغير السعر بعد التعاقد عنه وقت التعاقد - فقد جاء فى الشرح الكبير لابن قدامة أن السلعة المباعة إن تغير سعرها وهى بحالها فإن غلت قيل لا يلزم البائع الإخبار بذلك، لأنه زيادة فيها وهو صادق بدون الإخبار بذلك، وقيل يلزمه الإخبار بالحال لأنه أبلغ فى الصدق وأقرب إلى البيان وبذلك ينتفى التدليس، كما يلزمه بيان العيب، ولأن المشترى ربما بعد البيان لا يرضاها بهذا السعر فكتمان البيان تقرير وبالنسبة للرجوع إلى القيمة فى هذه الحالة جاء فى الفتاوى البزازية ج- 2 - تقبل من رجل بناء حائط بلبن وطين من عند البانى فسد، فإن بنى ينظر إلى قيمة اللبن والطين يوم الخصومة ، مثلا قيمته ثلاثون يقوم الحائط مبنيا، مثلا قوم بأربعين علم أن قيمتها ثلاثون وقيمة أجر البناء عشرة فيلزم قيمتها وأجر مثل البناء لا يتجاوز عن عشرة .
وفى الهندية ج- 4 لو شرط على البناء أن يكون الآجر والجص من عنده وكل شئ من هذا الجنس يشترط فيه على العامل شيئا من قبله بغير عينه فهو فاسد فإذا عمله فالعمل لصاحبه المتاع، وللعامل أجر مثله مع قيمة ما زاد كذا فى المبسوط وفى الهندية ج- 3 الزيادة فى الثمن والمثمن جائزة حال قيامها سواء كانت الزيادة من جنس الثمن أو من غير جنسه، وتلحق بأصل العقد ويعتبر كأنه باعه مع هذه الزيادة وكما تصح الزيادة من المشترى فى الثمن يصح الحط منه من البائع كما تصح الزيادة فى المبيع ويلحق كل ذلك بأصل العقد، والزيادة فى الثمن والحط منه سواء مادام البيع لم يمض لثبوت الخيار فيه لأحد المتعاقدين أولهما معا، مما سبق من النصوص يظهر الحكم فى هذه الحادثة وهو أنه يجب شرعا رفع الغبن عن هذا المقاول بما يعوضه عن ارتفاع أسعار المواد التى استعملها فى إقامة هذا المبنى، لأنه حين تعاقد فى ظروف عادية بالأسعار المعروفة حينئذ كان لكل من المتعاقدين الخيار شرعا إلى أن يفرغ العمل، ويسلم المبنى إلى الحكومة السعودية، فلم يكن التعاقد لازما إلى هذا الوقت، وبتغيير الحال على الوجه المشار إليه فى السؤال بارتفاع الأسعار إلى أضعاف ما كانت عليه يصبح المقاول فى حل من طلب الزيادة ولصاحب العمل أن يقبل أو يرفض، والفصل فى ذلك لأهل الخبرة والقضاء وقد تقدم المقاول إلى الطرف الثانى متظلما طالبا الزيادة فى قيمة العمل حتى يمكنه إتمامه، فأمره ممثل الحكومة السعودية بمتابعة العمل وأعلمه بأنه سيراعى هذه الظروف وهذا منه عدول عما اتفق عليه من الثمن سابقا وقبول الزيادة فيه، وذلك جائز شرعا كما لو ابتدأ صاحب العمل ورفع الثمن بدون طلب من العامل فإنه جائز شرعا، وتحل الزيادة للبائع - المقاول - بلا نكير وإن لم تكن محددة المقدار كما هنا ، فإذا اتفق الطرفان على زيادة معينة ترفع الضرر والغبن عن المقاول لزمت وارتفع النزاع وإلا حكمنا خبراء الصنعة لتقدير قيمة العمل عند الخصومة، والله أعلم
=============
الإنسان وقت الاحتضار
المفتي
عطية صقر .
مايو 1997
المبادئ
القرآن والسنة
السؤال
هل يمكن معرفة ما يعانيه الميت عند الاحتضار؟
الجواب
إن أمر الروح والآحوال الآخرة من الأمور المغيبة التى لا تُعْلمُ إلا بالأخبار الصادقة من القرآن الكريم وقد كثرت الأقوال عنها وتعددت الاجتهادات ، والتمس البعض لآرائهم واجتهاداتهم سندا من تأويل القرآن فى نصوصه التى تحتمل أكثر من معنى ولا تفيد القطع فى الدلالة ، ومن روايات ضعيفة أو مكذوبة على النبى صلى الله عليه و سلم .
وخروج الروح من الإنسان انتقال من عالم الشهادة إلى عالم الغيب ، ومن الدنيا إلى الآخرة ، وقد يكون خروج ، أو فجأة لا تسبقها معاناة ، وقد يكون خروجها مصحوبًا بالكرب والشدة ، ولكن لا يصح أن يكون هناك ربط بين سهولة خروجها وكرامة صاحبها فقد يكون العكس ، ولا بين المعاناة عند خروجها وهوان صاحبها عند الله فقد يكون العكس ، فكثيرا ما نرى أشرارا انسلت أرواحهم فى لحظات وكثيرا ما نرى صالحين ظلوا أياما أو ساعات طوالا وهم يجودون بأنفاسهم الأخيرة حا ففى الترمذى عن عائشة رضى الله عنها قالت : رأيت رسول الله في صلى الله عليه و سلم وهو بالموت وعنده قد يدخل يده فى القدح ثم يمسح وجهه بالماء ثم يقول " اللهم أعنىِّ على سكرات الموت " وحكمة هذه الشدة على ا الابتلاء والاختبار ورفع الدرجات .
أما ملك الموت فتقول الروايات إنه كان يأتى للمحتضر عِيانًا ويعرفه ، فرحم الله الأمة المحمدية ومنع ظهو تدخل الرعب فى قلوب المؤمنين ، ومن الثابت أن الملائكة الموكلة بقبض الروح تنزل إلى المحتضر، ويراها وتب مؤمنا على ما فسر به قوله تعالى { {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخاف بالجنة التى كنتم توعدون } [فصلت :30 ] .
وأخوج الطبرانى فى الأوسط عن أبى بكر رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه و سلم دخل على أبى سلمة رضى فى الموت فلما شق بصره ، أى شخص مدَّ رسول الله صلى الله عليه و سلم يده فأغمضه ، فلما أغمضه صاح أهل ا فسكَّتهم وقال " إن النَّفْس إذا خرجت يتبعها البصر، وإن الملائكة تحضر الموت ، فيؤمنون على ما يقول أهل اللهم ارفع درجة أى سلمة فى المهديين واخلفه فى عقبه فى الآخرين ، واغفر لنا وله يوم الدين " .
ذلك شئ مما جاء فى الكتب المعنية بأمور الصوت ، ومع ذلك نكرر ما قلناه من أن كل الأحوال الأخروية ومقدما إلا بخبر صادق ، فينبغى عدم الإكثار من الجدال فيها ، ولنهتم بالعمل الصالح الذى يختم الله به حياتنا ب بالله كلما اقترب الأجل ، فهو سبحانه عند حسن ظن عبده به ، وبخاصة عند القدوم عليه ، ومن أحب لقاء الله لقاءه
==============
الصلاة فى وقت العمل
المفتي
عطية صقر .
مايو 1997
المبادئ
القرآن والسنة
السؤال
ما حكم الدين فى منع صاحب العمل للعامل من الذهاب إلى المسجد للصلاة حتى لا يتعطل العمل ، وإذا كان العامل وحده هل يجوز له ترك مكان العمل للصلاة وقد يتسبب فى قطع أجره ؟
الجواب
لا يجوز لصاحب العمل منع أحد من العمال من أداء فرض الله تعالى ، سواء أكان صلاة أم غيرها ، ما دام أداء الفريضة ممكنا فى وقت العمل وغير ضارّ به .
فإذا جاء وقت الظهر مثلا، ووقته معروف يمتد حوالى ثلاث ساعات إلى العصر فى فصل الصيف ، فصلاة الظهر تقع أداء فى أى وقت من هذه الساعات كما بينه النبى صلى الله عليه وسلم للأمة من واقع بيان جبريل له ، وإن كانت المبادرة بأدائها فى أول الوقت أفضل للحديث الوارد فى ذلك . فإذا أمكن للعامل أن يصلى الظهر فى وقتها حاضرا قبل العصر، سواء أكان فى أثناء العمل أو بعد الانصراف منه وليس فى ذلك ضرر للعمل لم يجز لصاحب العمل أن يمنعه من الصلاة . أما إذا كان أداء العامل للصلاة يضر بالعمل فلابد من إذن صاحب العمل ، فإن أذن فبها ونعمت ، وإن لم يأذن جاز للعامل تأخير صلاة الظهر حتى يصليها مع العصر عند الانصراف من العمل . وذلك على مذهب الإمام أحمد بن حنبل .
ومثل ذلك إذا كان صاحب العمل متشددا وهدد العامل بالفصل أو بخصم جز من أجره يتضرر منه إذا ذهب إلى الصلاة جاز جمع الصلاتين جمع تأخير .(1/104)
ولى رجاء حتى تكون العلاقة طيبة بين صاحب العمل والعاملين أن يقتصر العاملون على أداء الصلاة فى أقل وقت ، وألا ينتهزوا فرصة ترك العمل للصلاة بقضاء بعض مصالحهم أو تضييع بعض الوقت فى راحة أو تناول طعام أو شراب مثلا، فإن الوقت ثمين ، وصاحب العمل يعطيهم الأجر على كل الوقت المخصص للعمل -ومن حقه أن يستوفى منهم العمل كاملا فى كل الوقت لكنه -إن كان طيبا-يسمح ببعض الوقت للصلاة فلا يجوز أن يكون هناك ضرر لأحد الطرفين والتفاهم ورقابة الضمير والإحساس بحاجة الوطن والأمة للعمل وزيادة الإنتاج - كل ذلك يساعد على تعاون الطرفين على الخير المشترك . وصاحب العمل إذا علم أن أداء الصلاة ، ومثلها طاعة الله تساعد على إخلاص العامل فى عمله وعلى إتقانه وإجادته سيسمح بسخاء نفس ببعض الوقت لأداء الصلاة وبالتالى ينبغى أن يشكر العامل صاحب العمل على ذلك ويرد له المعروف زيادة فى الإخلاص فى العمل ، واستغلال كل الوقت للإنتاج المثمر الذى ينتفع به الجميع
=============
الصلاة فى وقت الدرس
المفتي
عطية صقر .
مايو 1997
المبادئ
القرآن والسنة
السؤال
أثناء المحاضرات فى الجامعة هل يخرج الدارسون للصلاة عند سماع الأذان ، وقد تكون المحاضرة لمدة ساعتين وبالتالى قد تفوت صلاة المغرب ؟
الجواب
وقت الصلاة موسَّع بين أوله وآخره وإن كان التعجيل بالصلاة فى أول وقتها أفضل .
لكن محل ذلك إذا لم يكن الإنسان مشغولا بشىء هام يفوت منه لو تركه وذهب إلى الصلاة فى أول الوقت ، وهنا يمكن أن يؤخر الصلاة إلى قبيل دخول وقت الصلاة الثانية .
أما إذا كان زمن المحاضرة يشغل الوقت كله بحيث لو استوعبها الطالب فاتت منه الصلاة فيجب عليه أن يتركها ويؤدى الصلاة ، ويمكن تدارك ما فات منه بوسيلة أو بأخرى وبخاصة إذا كانت المحاضرة فى موضوع ليس واجبا حتما تعرف به الواجبات الأساسية على الإنسان نحو ربه ونحو مجتمعه ، بل هو موضوع من الدرجة الثانية التى يكون تعلمها نافلة وليس فرضا .
ثم أقول لصاحب السؤال الذى يجب عليه أن يترك المحاضرة ليؤدى الصلاة حتى ، لا تفوت منه يجب عليه أيضا أن ينبه الأستاذ إن كان مسلما كما ينبه الطلاب إلى حرمة تضييع الصلاة وإلى وجوب ترك المحاضرة حتى يؤدوا الصلاة ، لأن هذا من باب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، ولكن يجب أن يكون ذلك بالحكمة والموعظة الحسنة .
أرجو أن يمكِّن الأساتذة الطلاب من أداء الصلاة فى وقتها كما يجب عليهم هم أن يصلوا وأن يؤجلوا ما بقى من المحاضرات إلى وقت آخر، حتى يبارك الله لهم جميعا فيما يتعلمون فتقوى الله أكبر عامل على السعادة فى الدنيا والآخرة .
وأؤكد أن وقت الصلاة متسع ولا يتحتم على الطالب أن يترك المحاضرة ليؤدى الصلاة فى أول وقتها ، فأداؤها فى أول وقتها سنة وطلب العلم سنة ، وبهذه المناسبة ذكر ابن القيم فى كتابه "مفتاح دار السعادة ص 25 " أن كثيرا من الأئمة صرَّحوا بأن أفضل الأعمال بعد الفرائض طلب العلم ، فقال الشافعى : ليس شىء بعد الفرائض أفضل من طلب العلم ، وهذا الذى ذكر أصحابه عنه أنه مذهبه وكذلك قال سفيان الثورى وحكاه الحنفية عن أبى حنيفة ، وأما أحمد فحكى عنه ثلاث روايات ، إحداهن أنه العلم ، فإنه قيل له : أى شىء أجب إليك ، أجلس بالليل أنسخ أو أصلى تطوعا؟ قال تعلم به أمور دينك فهو أحب إلىَّ ، وذكر الخلاَّل عنه فى كتاب العلم نصوصا كثيرة فى تفضيل العلم وأما مالك فقال ابن القاسم : سمعت مالكا يقول : إن أقواما ابتغوا العبادة وأضاعوا العلم فخرجوا على أمة محمد صلى الله عليه وسلم بأسيافهم ، ولو ابتغوا العلم لحجزهم عن ذلك ! وذكر ابن القيم أيضا أن أبا نُعيم وغيره نقلوا عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال "فضل العلم خير من نفل العمل وخير دينكم الورع "وقد روى هذا مرفوعا من حديث عائشة رضى الله عنها، وفى رفعه نظر. . . [الرفع أى الإسناد إلى النبى صلى الله عليه وسلم ] هذا الكلام هو فصل الخطاب فى هذه المسألة فالعلم يعم نفعه صاحبه والناس معه ، والعبادة يختص نفعها بصاحبها ، ولأن العلم تبقى فائدته بعد موته والعبادة تنقطع ، والحديث فى ذلك معروف "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث ، صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له " رواه مسلم
==============
وقت رمى الجمرات
المفتي
عطية صقر .
مايو 1997
المبادئ
القرآن والسنة
السؤال
ما هو الوقت المحدد لجواز رمى الجمرات فى الحج ؟
الجواب
الجمرات ثلاثة، جمرة العقبة وهى الكبرى التى تلى مكة، والجمرة الوسطى، والجمرة الصغرى التى تلى مسجد الخيف . والواجب فى يوم النحَر هو رمى جمرة العقبة فقط بسبع حصيات ، حتى يمكن بعد رميها وحلق الشعر أو تقصيره التحلل من الإِحرام ومباشرة ما كان محرما إلا قربان النساء .
ويدخل وقت الرمى عند الشافعية بمنتصف ليلة العيد ، أي قبل الفجر، بدليل ما رواه البيهقى بإسناد صحيح أن النبى صلى الله عليه وسلم أرسل أم سلمة ليلة النحر، فرمت قبل الفجر ثم أفاضت .
وبما رواه أبو داود أيضا عن عطاء قال : أخبرني مخبر عن أسماء أنها رمت الجمرة، قلت آنا رميت الجمرة بليل ، قالت : إنا كَنا نصنع هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وقال جمهور الفقهاء: يدخل وقت رميها بطلوع الفجر، فلا يصح الرمى قبله ، إلا لذوى الأعذار، وعليهم يحمل حديث أم سلمة وأسماء، والأفضل أن يكون بعد طلوع الشمس .
أما الجمرات الثلاث فترمى فى أيام التشويق ، كل منها بسبع حصيات ، ويدخل وقت رميها عند زوال الشمس ( أى ظهرا) للحديث الذى رواه أحمد وابن ماجه والترمذى وقال : حديث حسن ، عن ابن عباس رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم رمى الجمار عند زوال الشمس ، أو بعد زوال الشمس ، وذلك باتفاق العلماء . وأجاز أبو حنيفة الرمى يوم الثالث من أيام التشريق قبل الزوال ، لحديث ضعيف فيه عن ابن عباس أيضا : إذا انتفخ النهار من يوم النفر الآخر حل الرمى والصدر، والانتفاخ هو الارتفاع ، والصدر أى الانصراف من منى .
وهناك رى لعطاء بن أبى رباح وطاووس بن كيسان بجواز الرمى قبل الزوال فى الأيام كلها ، ويمكن الأخذ بهذا الرأى عند الحاجة ، كشدة الزحام
===============
وقت جمع الصلاتين في السفر
الفتوى رقم (2547)
س: مسافر صلى الظهر والعصر جمعًا وقصرًا في وقت الظهر جمع تقديم، ثم وصل أهله ومقر إقامته قبل وقت العصر التي صلاها مقدما وقصر مع الظهر، فهل تجزئ عنه الصلاة التي قدمها في حال السفر، ثم وصل محل إقامته قبل وقتها أو في وقتها، وكذلك المغرب والعشاء، إذا قدمت صلاة العشاء مع المغرب ثم وصل المسافر في وقت صلاة العشاء المقدمة أو قبل وقتها إلى محل إقامته؟ نرجو الإجابة مع توضيح الأدلة إذا أمكن ذلك؛ لأن هذا يحدث كثيرًا ويكثر فيه الجدل.
ج: إذا جمع المسافر بين الظهر والعصر أو بين المغرب والعشاء جمع تقديم، ثم وصل إلى مقر إقامته قبل دخول وقت العصر أو بعده، أو قبل دخول وقت العشاء أو بعده، فإن صلاته صحيحة؛ لكونه جمعها مع الأولى بمسوغ شرعي، وهو السفر.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو نائب رئيس اللجنة الرئيس
عبد الله بن قعود عبد الرزاق عفيفي عبد العزيز بن عبد الله بن باز
=============
الموظف الذي يقتضي عمله الاستمرار وقت صلاة الجمعة
الفتوى رقم (1593)(1/105)
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله محمد وآله وصحبه.. وبعد: فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على الاستفتاء المقدم لسماحة الرئيس العام من فضيلة رئيس محاكم منطقة عسير والمحال من الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء برقم 443 / 2 في 24 / 3 / 1397هـ الذي جاء فيه:
إليكم من طيه ما قدمه لنا مدير عام منطقة الجنوب للبرق والهاتف، والذي جاء فيه أن مرافق البرق والهاتف تستمر أعمالها طيلة أيام الأسبوع، بما في ذلك أيام الجمعة، ويوجد موظفون مناوبون على الأجهزة الهاتفية، واللاسلكية، ولا تسمح لهم أعمالهم بتركها ولو دقيقة واحدة؛ لأن ذلك يحدث توقفا للمخابرات اللاسلكية والهاتفية. وطلب إفتاء هل يترك هؤلاء الموظفون أعمالهم ويذهبون إلى الصلاة؟ لاطلاعكم وما ترونه نحو ما استفتى عنه المذكور.
وأجابت بما يلي نصه:
الأصل وجوب الجمعة على الأعيان؛ لقول الله سبحانه وتعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ }{ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ } (1) ، ولما روى أحمد ومسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لقوم يتخلفون عن الجمعة: « لقد هممت أن آمر رجلًا يصلي بالناس، ثم أحرق على رجال يتخلفون عن الجمعة بيوتهم » (2) ولما روى مسلم عن أبي هريرة وابن عمر رضي الله عنهما، أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على أعواد منبره: « لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين » ، ولإجماع أهل العلم على ذلك، ولكن إذا وجد عذر شرعي لدى من تجب عليه الجمعة كأن يكون مسؤولًا مسؤولية مباشرة عن عمل يتصل بأمن الأمة وحفظ مصالحها، يتطلب قيامه عليه وقت صلاة جمعة كحال رجال الأمن والمرور والمخابرات اللاسلكية والهاتفية ونحوهم، الذين عليهم النوبة وقت النداء الأخير لصلاة جمعة أو إقامة الصلاة جماعة- فإنه وأمثاله يعذر بذلك في ترك الجمعة والجماعة لعموم قول الله
_________
(1) سورة الجمعة، الآية 9.
(2) أخرجه أحمد 1 / 402، 422، 449، 450، 461، ومسلم 1 / 452 برقم (652)، والحاكم 1 / 292، وابن أبي شيبة 2 / 155، والبيهقي 3 / 56، 172، والطبراني في الصغير 1 / 172، وابن خزيمة 3 / 175 برقم (1853) والطحاوي في شرح معاني الآثار 1 / 168.
سبحانه: { فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ } (1) ، وقول رسول الله عليه الصلاة والسلام: « ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم » ، ولأنه ليس بأقل عذرًا ممن يعذر بخوف على نفسه أو ماله، ونحو ذلك، ممن ذكر العلماء أنه يعذر بترك الجمعة والجماعة ما دام العذر قائما، غير أن ذلك لا يسقط عنه فرض الظهر، بل عليه أن يصليها في وقتها، ومتى أمكن فعلها جماعة وجب ذلك كسائر الفروض الخمسة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو عضو نائب رئيس اللجنة الرئيس
عبد الله بن قعود عبد الله بن غديان عبد الرزاق عفيفي عبد العزيز بن عبد الله بن باز
_________
(1) سورة التغابن، الآية 16.
==============
وقت الدفن
السؤال الثاني من الفتوى رقم (349)
س2: إذا مات ميت قبل منتصف الليل أو بعد منتصف الليل، فهل يجوز دفنه ليلًا، أو لا يجوز دفنه إلا بعد طلوع الفجر؟
ج2: يجوز دفن الميت ليلًا لما روى ابن عباس رضي الله عنهما قال: « مات إنسان كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوده، فمات بالليل فدفنوه ليلًا، فلما أصبح أخبروه، فقال: "ما منعكم أن تعلموني؟" قالوا: كان الليل، وكانت ظلمة، فكرهنا أن نشق عليك، فأتى قبره فصلى عليه » (1) ، رواه البخاري ومسلم، فلم ينكر دفنه ليلًا، وإنما أنكر على أصحابه أنهم لم يعلموه به إلا صباحًا، فلما اعتذروا إليه قبل عذرهم. وروى أبو داود عن جابر قال: « رأى ناس نارًا في المقبرة فأتوها، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المقبرة يقول: ناولوني صاحبكم، وإذا هو الذي كان يرفع صوته بالذكر » (2) ، وكان ذلك ليلًا كما يدل عليه قول جابر : (رأى ناس نارًا في المقبرة..) إلخ. ودفن النبي صلى الله عليه وسلم ليلًا، روى الإمام أحمد عن عائشة رضي الله عنها قالت: « ما علمنا بدفن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سمعنا صوت المساحي من آخر الليل، ليلة الأربعاء » (3) ، والمساحي هي الآلات التي يجرف بها التراب، ودفن أبو بكر وعثمان وعائشة وابن مسعود ليلًا، وما روي مما يدل على كراهية الدفن ليلا فمحمول على ما إذا كان التعجيل بدفنه ليلًا يخل بالصلاة عليه كما جاء ذلك في
_________
(1) أخرجه أحمد 1 / 224، 283، والبخاري 2 / 72، 88، ومسلم 2 / 658 برقم (954) مختصرا، وأبو داود 3 / 536-537 برقم (3196)، والترمذي 3 / 355 برقم (1037)، والنسائي 4 / 85 5 برقم (2023، 2024)، وابن ماجه 1 / 490 برقم (1530)، واللفظ له، والدارقطني 2 / 78، وابن الجارود (غوث المكدود..) 2 / 138 برقم (542)، والطيالسي (ص / 344) برقم (2647)، والبيهقي 4 / 31، 45، والبغوي في شرح السنة 5 / 361 برقم (1498).
(2) أخرجه أبو داود 3 / 513-514 برقم (3164)، والطبراني 2 / 182 برقم (1743)، والحاكم 1 / 368، 2 / 345، والطحاوي في شرح معاني الآثار 1 / 513، وأبو نعيم في الحلية 3 / 351، والبيهقي 4 / 31، 53.
(3) أخرجه أحمد 6 / 62، 274، وابن سعد في الطبقات 2 / 305، وعنده: (ليلة الثلاثاء).
الحديث الصحيح، أو من أجل أن لا يساء كفنه، ولأنه أسهل على من يشيع جنازته وأمكن لإحسان دفنه، واتباع السنة في كيفية لحده، وهذا إذا لم توجد ضرورة إلى تعجيل دفنه، وإلا وجب التعجيل بدفنه ولو ليلًا.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو // عضو // نائب رئيس اللجنة //
عبد الله بن منيع // عبد الله بن غديان // عبد الرزاق عفيفي //
من الفتوى رقم (3791)
س: هل يجوز للإمام الجامع أن يصلي على كل ميت يدعى إليه.
ج: الصلاة على الجنازة فرض كفاية، إذا أداها البعض سقطت عن الباقين، وعلى هذا لا يتعين على إمام الجامع الصلاة على كل ميت يدعى إلى الصلاة عليه، إلا إذا لم يوجد غيره، ولكن الخير له أن يصلي على ما يدعى إليه من الجنائز إن تيسر له ذلك، ليكسب الأجر.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو // عضو // نائب رئيس اللجنة // الرئيس //
عبد الله بن قعود // عبد الله بن غديان // عبد الرزاق عفيفي // عبد العزيز بن عبد الله بن باز //
============
الصيام أو العمل
السؤال الأول من الفتوى رقم (3418)
س1: ما حكم من زرع الأرض وصادف حصاد زراعتها شهر رمضان، أيعفى من صيام رمضان أو لا عن العمل؟ علمًا أنه لا يمكن أن يصوم ويباشر العمل.(1/106)
ج1: صوم شهر رمضان ركن من أركان الإسلام وفرض على المكلفين من المسلمين بالإجماع، ولقوله تعالى: { فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } (1) ، فتجب العناية بصوم رمضان وعدم التساهل في إفطار شيء منه بغير عذر مشروع، أما المزارع فهي ملك لأصحابها، وبإمكان أصحابها أن يتصرفوا في وقت عملهم في مزارعهم فيحصدونها في وقت البراد في الليل أو يستأجروا لحصدها من لا يضره الصوم في حدود أجرة المثل، أو يؤخروا حصدها إذا كان ذلك لا يضر، ومن يتق الله يجعل له مخرجًا.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو // عضو // الرئيس //
عبد الله بن قعود // عبد الله بن غديان // عبد العزيز بن عبد الله بن باز //
_________
(1) سورة البقرة ، الآية 185 .
=============
وقت الإمساك، والأكل بعد طلوع الفجر
السؤال الأول من الفتوى رقم (6468)
س1: قرأت في تفسير المنار للشيخ رشيد رضا الجزء الأول وذكر فيه أن الصائم يمسك قبل أذان الفجر بثلث ساعة، أي بمقدار عشرين دقيقة ويسمي ذلك إمساكًا احتياطيًا، فما هو المقدار بين الإمساك وأذان الفجر في رمضان، وما حكم من يسمع المؤذن يقول الصلاة خير من النوم ويشرب ما دام لم ينته من الأذان فهل يصح.
ما حكم من يسمع المؤذن يؤذن لصلاة الصبح ويشرب هل يصح صومه أم لا، والبعض من الناس يجلس على الكيرم والورق وشرب الدخان إلى وقت الأذان، وقام يشرب بدليل أنه يجوز، وقد أخبرني بعض الشباب أنه يسمعني وأنا أأذن للصبح ويقوم إلى الماء يشرب فما حكم من يفعل ذلك عمدًا؟
ج1: الأصل في الإمساك للصائم وإفطاره قوله تعالى: { وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ } (1) فالأكل والشرب مباح إلى طلوع الفجر وهو الخيط الأبيض الذي جعله الله غاية لإباحة الأكل والشرب فإذا تبين الفجر الثاني حرم الأكل والشرب وغيرها من المفطرات، ومن شرب وهو يسمع أذان الفجر فإن كان الأذان بعد طلوع الفجر الثاني فعليه القضاء وإن كان قبل الطلوع فلا قضاء عليه.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو // عضو // نائب رئيس اللجنة // الرئيس //
عبد الله بن قعود // عبد الله بن غديان // عبد الرزاق عفيفي // عبد العزيز بن عبد الله بن باز //
السؤال الأول والثاني من الفتوى رقم (4181)
_________
(1) سورة البقرة ، الآية 187 .
==============
الاعتكاف
السؤال الرابع من الفتوى رقم (3810)
س4: هل يجوز الاعتكاف في أي وقت دون العشر الأواخر من رمضان؟
ج4: نعم يجوز الاعتكاف في أي وقت، وأفضله ما كان في العشر الأواخر من رمضان؛ اقتداءً برسول الله عليه الصلاة والسلام وأصحابه رضي الله عنهم، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه اعتكف في شوال في بعض السنوات.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو // عضو // نائب رئيس اللجنة // الرئيس //
عبد الله بن قعود // عبد الله بن غديان // عبد الرزاق عفيفي // عبد العزيز بن عبد الله بن باز //
=============
حكم البيع والشراء وقت النداء لصلاة الجمعة
يقول السائل : إنه يملك محلاً تجارياً وفي يوم الجمعة يذهب إلى الصلاة ويترك زوجته في المحل تبيع الناس فما الحكم في ذلك ؟
الجواب : يقول الله سبحانه وتعالى :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) سورة الجمعة الآية 9 .
وصلاة الجمعة فرض على كل مسلم بإجماع الأمة والأئمة إلا من استثني وقد أمر الله بالسعي إلى ذكر الله وأمر بترك البيع لما فيه من إشغال عن الصلاة .
قال الإمام القرطبي :[ قوله تعالى :( وَذَرُوا الْبَيْعَ ) منع الله عز وجل منه عند صلاة الجمعة وحرَّمه في وقتها على من كان مخاطباً بفرضها .
والبيع لا يخلو من شراء فاكتفى بذكر أحدهما . وخص البيع لأنه أكثر ما يشتغل به أصحاب الأسواق ] تفسير القرطبي 18/107 .
والأمر بالسعي في الآية يفيد الوجوب والأمر بترك البيع بمعنى النهي يفيد التحريم وقد قال جمهور أهل العلم إن المقصود بقوله تعالى :( إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ)
الأذان الذي يكون بين يدي الإمام والذي يبدأ الإمام عقبه بالخطبة لأنه الأذان الذي كان موجوداً على عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - كما ثبت في الحديث عن السائب بن يزيد قال : [ كان النداء يوم الجمعة أوله إذا جلس الإمام على المنبر على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما فلمّا كان عثمان وكثر الناس زاد النداء الثالث على الزوراء.
قال الإمام البخاري : والزوراء موضع بالسوق من المدينة ] رواه البخاري .
وفي هذا الحديث أنه كان على عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - وعلى عهد أبي بكر وعمر
رضي الله عنهما أذان واحد للجمعة وهو الذي يكون بين يدي الإمام وبعده تكون الخطبة ، ثم لمّا كان عثمان أحدث الأذان الثاني لإعلام الناس بدخول وقت الصلاة قياساً على بقية الصلوات فألحق الجمعة بها وأبقى خصوصيتها بالأذان بين يدي الخطيب . فتح الباري 3/44 .
وسماه الحديث ثانياً باعتباره وجد بعد الأذان الأول الذي كان في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر وسماه في الحديث ثالثاً : باعتباره مزيداً على الأذان الأول والإقامة ولأن الإقامة تسمى أذاناً كما في الحديث :( بين كل أذانين صلاة ) رواه البخاري ومسلم .
وقد اتفق جمهور أهل العلم على تحريم البيع والشراء وقت النداء وأن هذا التحريم خاص بالمخاطبين بفرض الجمعة وأما من لا جمعة عليهم فلا حرج عليهم إذا باعوا وشروا مع أمثالهم ممن لا يخاطب بالجمعة وهؤلاء غير المخاطبين بالجمعة هم :
1. الصبي وهو من كان دون البلوغ .
2. المرأة فليس على النساء جمعة .
3. المسافر فلا جمعة على المسافر .
4. المريض فلا جمعة على المريض العاجز عن إجابة النداء .
وهناك أعذار خاصة تسقط الجمعة ليس هذا محل بحثها .
فهؤلاء المذكورون ومن في حكمهم ممن لا جمعة عليهم يجوز لهم البيع والشراء وقت النداء لأن الله سبحانه وتعالى إنما نهى عن البيع من أمره بالسعي للجمعة وهؤلاء غير مخاطبين بالسعي إلى الجمعة .
قال الشيخ ابن قدامة المقدسي :[ وتحريم البيع ووجوب السعي يختص بالمخاطبين بالجمعة فأما غيرهم من النساء والصبيان والمسافرين فلا يثبت في حقه ذلك . فإن الله تعالى إنما نهى عن البيع من أمره بالسعي فغير المخاطب بالسعي لا يتناوله النهي ولأن تحريم البيع معلل بما يحصل به من الاشتغال عن الجمعة وهذا معدوم في حقهم ] المغني 2/220 .
فزوجتك أيها السائل إن باعت لصبي أو لامرأة مثلها أو لمسافر أو لمريض ومن في حكمهم فلا حرج في ذلك إن شاء الله .(1/107)
وأما إن باعت لمن وجبت عليه الجمعة وهو تارك لها فإن زوجتك قد أعانت على المعصية والإثم فذاك تارك الجمعة لا شك أنه آثم لتركه الجمعة وزوجتك قد باعته فأعانته على المعصية والله سبحانه وتعالى يقول :( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) ومن المعلوم أن ترك الجمعة لغير عذر ذنب عظيم فقد ثبت في الحديث الشريف أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال :( لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين ) رواه مسلم .
وقال - صلى الله عليه وسلم - في حديث آخر :( من ترك ثلاث جمع تهاوناً بها طبع الله على قلبه ) رواه أحمد وأصحاب السنن وهو حديث صحيح كما قال الشيخ الألباني .
وعن أسامة بن زيد - رضي الله عنه - أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال :( من ترك ثلاث جمعات من غير عذر كتب من المنافقين ) رواه الطبراني وقال الشيخ الألباني حديث حسن.
وقال عليه الصلاة والسلام في حديث آخر :( من ترك الجمعة ثلاث مرات من غير ضرورة طبع الله على قلبه ) رواه أحمد بإسناد حسن كما قال الشيخ الألباني ورواه الحاكم وقال : صحيح الإسناد .صحيح الترغيب ص 306-307 .
ويجب أن يعلم أن الأمر بترك البيع وقت النداء لصلاة الجمعة ليس خاصاً بالبيع وإنما النهي يشمل البيع والشراء والإجارة والنكاح وباقي العقود لأن الحكمة في ذلك أن البيع يشغل عن تلبية النداء فكذا بقية العقود ويلحق بذلك الألعاب المختلفة فتحرم إقامة المباريات الرياضية أو الثقافية وقت النداء لصلاة الجمعة .
روى الإمام البخاري عن عطاء أحد أئمة التابعين أنه قال :[ تحرم الصناعات كلها
- أي وقت النداء للجمعة - ] .
وذكر الحافظ ابن حجر رواية أخرى عن عطاء بلفظ آخر :[ إذا نودي بالأذان حرم اللهو والبيع والصناعات كلها والرقاد وأن يأتي الرجل أهله وأن يكتب كتاباً ] .
وقال الحافظ :[ وبهذا قال الجمهور أيضاً ] فتح الباري 3/41 .
ويستمر تحريم هذه العقود حتى انقضاء صلاة الجمعة ، قال ابن عباس رضي الله عنهما :[ لا يصلح البيع يوم الجمعة حين ينادي للصلاة فإذا قضيت الصلاة فبع واشتر ] ذكره الحافظ في فتح الباري 3/41 .
===============
التيمم لضيق الوقت
المفتي
عطية صقر .
مايو 1997
المبادئ
القرآن والسنة
السؤال
قمت من النوم قبل شروق الشمس بدقائق ولو توضأت أو اغتسلت فاتنى وقت الصبح ، فهل يجوز لى أن أتيمم لإدراك الصلاة أو لا يجوز؟
الجواب
إذا وجد الماء وكان الإِنسان قادرا على استعماله ولكنه خشى باستعماله خروج الوقت بحيث لو تطهر لا يدركه ، ولو تيمم لأدركه ، فللعلماء فى ذلك خلاف .
1 - فأبو حنيفة يقول : لا يجوز التيمم إذا خاف فوات الوقت ، ويجوز إذا خاف فوت صلاة الجنازة أو العيد ، وقال : الصلاة فى هذه الحالة ثلاثة أنواع ، نوع لا يخشى فوته أصلا، وذلك لعدم توقيته ، كالنوافل المطلقة غير المؤقتة، ونوع يخشى فواته بدون بدل عنه ، كالجنازة والعيدين ، ونوع يخشى فواته مع وجود بدل عنه كالجمعة والصلوات المكتوبة المفروضة ، فان للجمعة بدلا هو الظهر، وللمكتوبات المفروضة بدلا هو قضاؤها فى غير وقتها . فأما النوافل فإنه لا يتيمم لها مع وجود الماء ، إلا إذا كانت مؤقتة كالسنن الراتبة بعد الظهر والمغرب والعشاء ، فإن أخرها بحيث لو توضأ فات وقتها فإن له أن يتيمم ويدركها وأما الجنازة والعيد فإنه يتيمم لهما مع وجود الماء إن خاف فواتهما لحديث " إذا فاجأتك جنازة وأنت على غير وضوء فتيمم ". وأما الجمعة والمكتوبة فإنه لا يتيمم لهما مع وجود الماء، بل يجب الوضؤ ولو خاف فوت الوقت ، ويصلى بدلها ظهرا، ويقضى المكتوبة ، فإن تيمم وصلاها فى الوقت وجبت عليه إعادتها .
2 -والشافعى يقول : لا يتيمم مطلقا خوف خروج الوقت ، أو خوف فوات الجنازة أو العيد، لأنه يكون قد تيمم مع فقد شرط التيمم ، وهو عدم وجود الماء ، فالجمعة لو فاتت تقضى ظهرا، والصلوات المفروضة لو فاتت تقضى فى غير وقتها ، والصلوات الأخرى غير واجبة أو غير مؤقتة فلا داعى لصلاتها بالتيمم .
3-وقال مالك : إذا خشى باستعمال الماء فى الأعضاء الأربعة فى الحدث الأصغر، وتعميم الجسد بالماء فى الحدث الأكبر-خروج الوقت ، فإنه يتيمم ويصلى ، ولا يعيد الصلاة على المعتمد ، أما صلاة الجنازة فإنه لا يتيمم لها إلا إذا كان فاقدا للماء وتعينت عليه بأن لم يوجد شخص متوضىء يصلى عليها بدله ، وإذا كان تيمم للفرض فإنه يصح له أن يصلى بتيممه على الجنازة تبعا ، وأما الجمعة ففى صحة التيمم لها قولان والمشهور لا يتيمم لها .
4 -وقال الحنابلة : لا يجوز التيمم لخوف خروج الوقت إلا إذا كان المتيمم مسافرا وعلم وجود الماء فى مكان قريب ، وأنه إذا قصده وتوضأ منه يخاف خروج الوقت ، فإنه يتيمم فى هذه الحالة، ويصلى ولا إعادة عليه ، وكذلك لو وصل إلى الماء وقد ضاق الوقت عن الطهارة به ، أو لم يضق لكنه علم أنه يوزع بالنوبة و أن النوبة لا تصل إليه إلا بعد خروج الوقت ، فإنه فى هذه الحالة يتيمم ويصلى ولا إعادة عليه . " الفقة على المذاهب الأربعة نشر وزارة الأوقاف "
==============
الوقت من ذهب
المفتي
عطية صقر .
مايو 1997
المبادئ
القرآن والسنة
السؤال
ظهرت ابتكارات حديثة لقتل الوقت وإلهاء الشباب عن العمل الجاد، فما موقف الدين من ذلك ؟
الجواب
لا بد للإِجابة على ذلك من بيان قيمة الوقت فى نظر الإِسلام ، ملخصا من كتابى "توجيهات دينية اجتماعية" : إن الوقت هو الظرف الزمنى الذى يؤدى فيه الإِنسان نشاطه الذى يفيد منه فى حياته الدنيوية والأخروية ، فضياع أى جزء منه خسارة كبيرة، ويندم يوم القيامة على التفريط فيه ، كما قال تعالى فى أهل النار {ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذى كنا نعمل أوَلم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير} فاطر: 37 .
والزمن وهو أثر من أثار دورات الفلك لا يقع تحت إرادة الإِنسان ، وهو إذا مضى لا يعود . كما يقول الحسن البصرى : ما من يوم ينبثق فجره إلا نادى مناد من قِبل الحق : يا ابن آدم أنا خلق جديد ، وعلى عملك شهيد : فتزود منى بعمل صالح فإنى لا أعود إلى يوم القيامة .(1/108)
والعمر وهو رأس مال العبد الذى ينفق منه مهما كثر فهو قليل ، ومهما طال فهو قصير، والآمال تخترمها الآجال ، ومن هنا حث الإِسلام على المبادرة بالعمل الصالح وعدم ضياع أية لحظة من لحظات العمر فى غير ما يفيد، ومن مظاهر هذا ما جاء فى حديث البخارى "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس ، الصحة والفراغ" وما جاء فى حديث حسن صحيح رواه الترمذى والبيهقى "لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع : عن عمره فيم أفناه ، وعن شبابه فيم أبلاه ، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه ، وعن علمه ماذا عمل فيه" وما جاء فى حديث ابن أبي الدنيا بإسناد حسن "اغتنم خمسا قبل خمس : شبابك قبل هرمك ، وصحتك قبل سقمك ، وغناك قبل فقرك ، وفراغك قبل شغلك ، وحياتك قبل موتك " وما جاء فى خطبة أبى بكر الصديق رضي الله عنه : إنكم تغدون وتروحون فى أجل قد غيب عنكم علمه ، فإن استطعتم أن تنقضى الآجال وأنتم فى عمل الله -ولا تستطيعون ذلك إلا بالله- فسابقوا فى مهل بأعمالكم قبل أن تنقضى آجالكم فتردكم إلى سوء أعمالكم ، فالوحا الوحا، النجاء النجاء، فإن وراءكم طالبا حثيثا أمره ، سريعا سيره . وما قاله بعض البلغاء : من أمضى يومه فى غير حق قضاه ، أو فرض أداه ، أو مجد أثَّله ، أو حمد حصله ، أو خير أسسه ، أو علم اقتبسه ، فقد عق يومه وظلم نفسه .
وما قاله الإمام الشافعى، وهو النموذج الصالح لطلب العلم :
سهرى لتنقيح العلوم ألَذُّ لى * من وصل غانية وطيب عناق وتمايلى طربا لحل عويصة * أشهى وأعظم من مدامة ساق وألذ من نقر الفتاة لدفها * نقرى لألقى الرمل عن أوراقى وصرير أقلامى على صفحاتها * أبهى من الدوكاء والعشاق أأبيت سهران الدجى وتبيته * نوما وتبغى بعد ذاك لحاقى؟ وما قاله عمر بن الخطاب وهو نموذج صالح لكل العاملين والمسئولين ، حين جاء معاوية بن خديج يبشره بفتح الإِسكندرية فوصل المدينة وقت القيلولة فظن أنه نائم يستريح ثم علم أنه لا ينام فى ذلك الوقت : ... لئن نمت النهار لأضيعن حق الرعية، ولئن نمت الليل لأضيعن حق الله ، فكيف بالنوم بين هذين الحقَّين يا معاوية؟ بعد هذه السطور القليلة في بيان قيمة الوقت وخطورة التفريط فى استغلاله فى الخير نعلم أن الإِفراط فى اللهو بكل الوسائل الحديثة غير مشروع ، وهو حرام إن ضيَّع واجبا لله أو للأسرة أو للنفس أو للمجتمع ، وحرام إن كان على قمار ومراهنة، وحرام إن ترتب عليه ضرر دينى أو صحى أو اقتصادى ، والنصوص فى ذلك كثيرة ، ويمكن الرجوع إليها عند الإجابة على أحكام أدوات اللعب "ص 209 من المجلد الثالث من هذه الفتاوى" والرياضة البدنية "ص 196 من المجلد الثالث" والتليفزيون "ص 212 من المجلد الثالث" والموسيقى والغناء "ص 238 من المجلد الأول" وأجهزة الفيديو "ص 412 من المجلد الثانى"
=============
القول بأن الوقت ليس كله للدين
المجيب د. حمد بن إبراهيم الحيدري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/حقوق المسلم وواجباته
التاريخ 17/5/1424هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله، بعض المسلمين يقولون : ليس الوقت كاملا للدين، ولكن يجب أن نعطي للدنيا حقها..، والأمر هنا يتعلق بمشاهدة المسلسلات وغير ذلك من اللهو وتضييع الوقت...الخ، فلإقناع هؤلاء الإخوة: ما هو موقف الإسلام أمام هذه الدعايات؟ أفيدوني جزاكم الله عني خيراً.
الجواب
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإن دين الإسلام دين الاعتدال دين الوسطية، والمسلم يعلم أنه إنما خلق لعبادة الله تعالى، وليعمر الأرض بطاعة الله، والعبادات منها ما هو واجبات ومنها ما هو تطوع لتكميل ما نقص في أداء الواجبات، وللتقرب لله تعالى وطلب رفعة الدرجة، والواجبات معروفة، وبالنظر إلى ما تستغرقه من الوقت فإنها لا تستغرق وقتاً كثيراً، فانظر مثلاً الصلوات الخمس كم تستغرق من الوقت، والحج كذلك، والصيام، مع أن الإنسان قد يكون في عبادة ويمارس أعمالاً دنيوية، كأن يكون صائماً أو حاجاً ونحو ذلك، وأما التطوع فهو اختياري حث عليه الشرع ولم يلزم به، وأمر بالاقتصاد فيه، بحيث لا يشق العبد على نفسه كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "خذوا من الأعمال ما تطيقون فإن الله لن يَمَلَّ حتى تملُّوا"، وكان يقول: أحب العمل إلى الله ما داوم عليه صاحبه وإن قل" رواه البخاري (1970)، ومسلم (782) من حديث عائشة -رضي الله عنها- وقال: -صلى الله عليه وسلم- "ليصل أحدكم نشاطه" رواه البخاري (1150) ومسلم (784) من حديث أنس -رضي الله عنه- وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "دخلت عليَّ خويلة بنت حكيم بن أمية بن حارثة بن الأوقص السلمية وكانت عند عثمان بن مظعون - رضي الله عنه - قالت فرأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذاذة هيئتها، فقال لي: يا عائشة ما أبذَّ هيئة خويلة، قالت فقلت: يا رسول الله امرأةٌُ لا زوج لها، يصوم النهار، ويقوم الليل فهي كمن لا زوج لها، فتركت نفسها وأضاعتها، قالت: فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى عثمان بن مظعون فجاءه، فقال: يا عثمان أرغبةً عن سنتي؟ فقال: لا والله يا رسول الله، ولكن سنتك أطلب قال: فإني أنام وأصلِّي وأصوم وأفطر وأنكح النساء فاتق الله يا عثمان فإن لأهلك عليك حقاً وإن لضيفك عليك حقاً وإن لنفسك عليك حقاً فصم وأفطر وصَلِّ ونم" أخرجه أبو داود (1369) والإمام أحمد في المسند (6/8) ونحو ذلك قاله - صلى الله عليه وسلم - لعبد الله بن عمرو بن العاص- رضي الله عنهما- فيما رواه مسلم (1159).
فإذاً الفرائض لا تستغرق وقتاً كثيراً، والنوافل لا بد من الموازنة فيها، فلا تطغى على بقية الحقوق، ولا تكون بإشقاق على النفس.
لكن وقت المسلم كله لله؛ بمعنى أنه يصرفه في مرضاة الله، فلا يستعين بهذه النعمة نعمة الوقت ونعمة العافية ونعمة السمع والبصر وغيرها على معصية الله، بل إن الأعمال التي هي عادات أو طلب رزق تتحول إلى عبادة وقربة بالنية الصالحة، فطلب الرزق الحلال ابتغاء الاستغناء عن الحرام وعمّا ما في أيدي الناس قربة وطاعة، والتزوج اقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ورغبة في العفاف قربة وطاعة وهكذا، وبهذا يتحقق قوله تعالى: "قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ " [الأنعام:162-163].
أما إضاعة الوقت في المسلسلات وفي اللهو الذي يكسل عن الطاعة ويثقلها فليس من الدين ولا من الدنيا، بل الغالب عليه أنه اشتغال بالمعاصي البصرية والسمعية، وهو ليس من إعطاء الدنيا حقها، وسيسأل الإنسان عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه، انظر ما رواه الترمذي (2417) من حديث أبي برزة الأسلمي -رضي الله عنه- فواجب على المسلم أن يربي نفسه وأن يطلب معالي الأمور، وإذا أراد الراحة والاستجمام فليكن ذلك بالمباحات، وليستعن بالله ويسأله التوفيق.
============
أسباب حصول البركة في الوقت للسلف
تاريخ الفتوى : 18 جمادي الأولى 1423
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولا نستدل من حقيقة ختم عثمان رضي الله عنه للمصحف في ركعة واحدة على أن البركة قد نزعت من وقتنا وعلى أن الدقيقة الواحدة في زمن الصحابة والتابعين كانت أطول منها الآن؟ أفيدونا أثابكم الله, والسلام عليكم......
الفتوى(1/109)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم، وتكثر الزلازل، ويتقارب الزمان، وتظهر الفتن، ويكثر الهرج -وهو القتل- حتى يكثر فيكم المال فيفيض.
وروى الترمذي في سننه عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان فتكون السنة كالشهر، والشهر كالجمعة، وتكون الجمعة كاليوم، ويكون اليوم كالساعة، وتكون الساعة كالضرمة بالنار. وصححه الألباني.
وقال في تحفة الأحوذي : قال التوربشتي -رحمه الله-: يحمل ذلك على قلة بركة الزمان، وذهاب فائدته في كل مكان، أو على أن الناس لكثرة اهتمامهم بما دهمهم من النوازل والشدائد وشغل قلبهم بالفتن العظام، لا يدرون كيف تنقضي أيامهم ولياليهم. انتهى
وقال ابن حجر في فتح الباري: فالذي تضمنه الحديث قد وجد في زماننا هذا، فإنا نجد من سرعة مر الأيام ما لم نكن نجده في العصر الذي قبل عصرنا هذا، وإن لم يكن هناك عيش مستلذ، والحق أن المراد نزع البركة من كل شيء حتى من الزمان، وذلك من علامات قرب الساعة. انتهى
وقال أيضاَ: قال ابن أبي جمرة : يحتمل أن يكون المراد بتقارب الزمان: قصره، على ما وقع في حديث: لا تقوم الساعة حتى تكون السنة كالشهر. وعلى هذا فالقصر يحتمل أن يكون حسياً، ويحتمل أن يكون معنوياً، أما الحسي: فلم يظهر بعد، ولعله من الأمور التي تكون قرب قيام الساعة. وأما المعنوي: فله مدة منذ ظهر، يعرف ذلك أهل العلم الديني، ومن له فطنة من أهل السبب الدنيوي، فإنهم يجدون أنفسهم، لا يقدر أحدهم أن يبلغ من العمل قدر ما كانوا يعملونه قبل ذلك، ويشكون ذلك ولا يدرون العلة فيه، ولعل ذلك بسبب ما وقع من ضعف الإيمان، لظهور الأمور المخالفة للشرع من عدة أوجه. انتهى
فهذا ومثله مما قاله العلماء في شرح هذين الحديثين وأمثالهما، يبين ذهاب بركة الوقت بمرور الزمان، وأنه كان يحصل للسلف من البركة في الوقت، ما لا يحصل لمن بعدهم، وما ذلك إلا لكثرة الذنوب والمعاصي والآثام، ومع هذا فإن فضل الله تعالى واسع، ولا يخلو زمان من الأزمنة من طائفة تسير على جادة السابقين، وتحمل لواء السلف الصالحين، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياك لما يحب ويرضى.
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
============
شغل الفكر باللذة الحرام إهدار لنعمة العقل والوقت
تاريخ الفتوى : 21 جمادي الأولى 1423
السؤال
ما حكم من يتفكر في أنه يمارس الجنس مع امرأة
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن على المسلم ألا يستسلم لوساوس الشيطان، وينقاد للأفكار التي تقوده إلى ما لا يرضي الله عز وجل.
وقد حذرنا الله عز وجل من اتباع خطوات الشيطان، فقال جلا وعلا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ) [النور:21].
وفي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا، مدرك ذلك لا محالة، فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطا، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه".
وعلى هذا، فلا يجوز لك أخي الكريم أن تشغل فكرك بالحرام، فإن ذلك -غالباً- يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه.
وعليك أن تتذكر نعمة الله عليك بالعقل والتفكير، فكم من أناس لا يملكون عقلاً ولا يفكرون، والله تعالى يقول: (وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [النحل:78].
وشكر هذه النعمة أن تستخدمها فيما ينفعك في دينك، وفي دنياك، فإن النفس إذا لم تشغلها بالخير النافع شغلتك بالشر الضار.
قال تعالى: (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) [الإسراء:36].
وإذا لم تكن متزوجاً فعليك أن تستجيب لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحص للفرج.." متفق عليه.
والخلاصة: أنه لا يجوز للمسلم أن يشغل نفسه بالتفكير في الحرام، فقد يؤدي به ذلك إلى ما لا تحمد عقباه، والعاقل لا يشغل عقله إلا بما ينفعه.
وراجع الفتوى رقم: 8685 ، والفتوى رقم: 8993 .
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
============
خطة مقترحة للحفاظ على الوقت بالنافع
تاريخ الفتوى : 05 رجب 1423
السؤال
في معظم أوقات الدراسة اجد عندي حماساً شديداً ورغبة في قضاء الإجازة في طاعة الله ولكن عندالإجازة لا أجد هذا الحماس ويعتريني حزن شديد داخلي فكيف أقاوم إغراءت الإجازة ؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذكرنا في الفتوى رقم:
1208 والفتوى رقم:
6496 وسائل الاستقامة والثبات.
ومما يعينك على حفظ وقتك وشغله بالطاعة أن تجعل لنفسك مشروعاً علمياً ودعوياً وتربوياً تقضيه أثناء هذه الإجازة كإتمام كتاب في الفقه على يد عالم، أو الاطلاع على كتاب من كتب التراجم والسير التي تشد الإنسان إلى سير الأعلام والاقتداء بهم، ومن أحسن هذه الكتب كتاب سير أعلام النبلاء للإمام الذهبي رحمه الله.
وجالس العلماء وأكثر من زيارتهم، واتخذ صحبة صالحة تدلك على الخير وتعينك عليه.
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
=============
الحذر من ضياع الوقت فيما لا ينفع
تاريخ الفتوى : 13 ذو الحجة 1423
السؤال
أنا مدمن على الإنترنت ومع كثرة فتحي للمواقع يصادفني بعض المرات مواقع خليعة فأمر عليها وأشعر بتقزز منها ولا يثير فيّ أي شيء ولكن عندي حب الاستطلاع لأي شيء وخاصة ما يصادفني في الإنترنت، فأرجو إفادتي بالجواب الشافي والمحدد ، وماهوحجم الذنب الذي أرتكبه أنا وما هو كفارته؟ وشكرا لكم...
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز لمن دخل على شبكة المعلومات "الإنترنت" الدخول على المواقع التي تنشر الفحش والعري والتهتك وكل ما لا يرضاه الله تعالى من الأقوال والأفعال، فلا يجوز القصد إلى ذلك ابتداء، ومن عرض عليه شيء من ذلك دون قصد منه فعليه أن يتقي الله تعالى ويصرف بصره كما أنه يجب عليه إغلاق هذا الموقع، ثم إن تطلع النفس إلى رؤية مثل هذه الأشياء مدخل من مداخل الشيطان لفتنة القلب، والأخذ بصاحبه، إلى الوقوع في الزنا والفواحش، وقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ [النور:21].
وروى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة، فزنا العين النظر، وزنا اللسان المنطق، النفس تتمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه.(1/110)
فالواجب على الأخ السائل إن وقع في شيء مما ذكر في السؤال أن يتوب إلى الله تعالى، فيقلع عن ذلك، ويندم على ما فات، ويعزم على عدم العودة إليه في المستقبل، وليس هنالك كفارة محددة في الشرع لذلك؛ إلا أن الواجب التوبة النصوح.
ثم إننا ننبه إلى وجوب البعد عن الدخول إلى شبكة المعلومات إذا كان لا يستطيع التحكم في نفسه لأن ما لا يتم ترك الحرام إلا بتركه فتركه واجب، وإن كان يستطيع ضبط نفسه في ذلك فليحذر تضييع كثير من الأوقات في الاطلاع على الإنترنت وليستغل وقته فيما هو أنفع له في دينه ودنياه، كما أننا نرشده إلى أن يقتصر على المواقع النافعة التي تفيده في ذلك وما أكثرها، ومن ذلك هذا الموقع الطيب المبارك، بإذن الله تعالى، سائلين الله تعالى لنا وللأخ السائل التوفيق والسداد في القول والعمل.
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
=============
لا بأس بتقسيم الوقت بين تعلم عدة علوم
تاريخ الفتوى : 21 ذو الحجة 1423
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
هل يجوز أن نخصص في التعلم وقتا لقراءة شيء من القرآن ووقتا للاستماع إلى شريط ووقتا آخر لقراءة كتاب أو مطوية؟
والسلام عليكم
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا مانع من تقسيم الوقت بين قراءة القرآن واستماع الأشرطة النافعة والقراءة في الكتب المفيدة، بل إن هذا مما يعين الشخص على الاستفادة من وقته أكثر، ويتخير من الأوقات ما يناسب العلوم التي يريد تعلُّمها.
وراجع الفتوى رقم:
5549 .
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
==============
المقاهي أقل ما فيها إضاعة الوقت
تاريخ الفتوى : 16 شعبان 1424
السؤال
هل الجلوس في الكوفي شوب حرام؟ مع العلم بأني والحمد لله لا أدخن، ولكن أجلس مع أصدقائي...؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فالغالب على المكان المذكور أن يشتمل على بعض المحرمات، كشرب الدخان (الشيشة)، وأحياناً يصحبها ما هو أشد حرمة كالحشيش المسكر، وفي بعض البلاد يختلط فيها الرجال بالنساء، وبناء على هذا فلا يجوز الجلوس فيها، لأن داخلها ساكت عن المنكر، مقر له راضٍ به، كما أنه يوشك أن يقع في ما وقع فيه من قبله من المحرمات، علماً بأن غالب من يرتاد هذه الأماكن أهل الفراغ والأخلاق غير الحميدة، والواجب على المرء أن يستثمر وقته في العلم النافع والعمل الصالح، فإن العمر يمر واليوم الذاهب لا يعود، وكل عبد عن عمله وعمره يوم القيامة مسؤول، فليستثمر فيما ينفع قبل أن تأتي ساعة لا ينفعه فيها الندم، وراجع الفتوى رقم: 33947 . والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
=============
مباركة الوقت في حق الأنبياء والأولياء أمر لا يُنكر
تاريخ الفتوى : 03 صفر 1425
السؤال
يا شيخ كما هو معلوم أن الحبيب قرأ مرة البقرة وأيضا آل عمران والنساء وفي روايات أن ركوعه كان مثل قيامه وسجوده كذلك .. إذا كانت قراءته كلها لثلاث سور مع ترتيل الرسول 3 ساعات تقريبا طيب ولو زدنا 3 لركوعه و3 لسجود هكذا طلع الفجر بل وقربنا للظهر فكيف أفهم هذا الحديث وشكرا
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالحديث المشار إليه رواه مسلم وأحمد وغيرهما عن حذيفة : قال صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فافتتح البقرة فقلت: يركع عند المائة، ثم مضى فقلت: يصلي بها في ركعة، فمضى فقلت: يركع بها، ثم افتتح النساء فقرأها ثم افتتح آل عمران فقرأها يقرأ مترسلا، إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ، ثم ركع فجعل يقول: سبحان ربي العظيم فكان ركوعه نحوا من قيامه، ثم قال: سمع الله لمن حمده ثم قام طويلا قريبا مما ركع، ثم سجد فقال: سبحان ربي الأعلى، فكان سجوده قريبا من قيامه.
وهنا ننبه إلى أمر مهم وهو أن الوقت أي الزمان مخلوق من مخلوقات الله تعالى، فقد يبارك الله تعالى فيه في حق أنبيائه وأوليائه فيقومون بالعمل الكثير في وقت قليل من حيث الحساب ولكنه كثير من حيث البركة، قال النفراوي المالكي في الفواكه الدواني : ولا يشكل على هذا ما قيل إن بعض الأكابر كان يختم القرآن في ليلة لأن الأولياء يفسح لهم في الزمن كما تطوى لهم الأرض، وكراماتهم لا ينازع فيها إلا محروم .اهـ
وإليك بعض الأمثلة:
ذكر محمد بن حبان البستي عن زوجة عثمان رضي الله عنه أنها قالت للبغاة الذين أرادوا قتله: إن شئتم قتلتموه وإن شئتم تركتموه، فإنه كان يختم القرآن كل ليلة في ركعة.
وكذا كان الصحابي تميم الداري فقد ذكر محمد بن حبان البستي في الثقات قال : حدثنا الحسن بن سفيان حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو معاوية عن عاصم عن ابن سيرين أن تميما الداري قرأ القرآن كله في ركعة.
وذكر محمد بن حبان البستي عن المحدث منصور بن زاذان أنه كان خفيف القراءة وكان يختم القرآن بين الأولى - أي الظهر- والعصر وبين المغرب والعشاء.
وأخرج الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد بسنده أن البخاري إذا كان أول ليلة من شهر رمضان يجتمع إليه أصحابه فيصلي بهم ويقرأ في كل ركعة عشرين آية وكذلك إلى أن يختم القرآن، وكان يقرأ في السحر ما بين النصف إلى الثلث من القران فيختم عند السحر في كل ثلاث ليال، وكان يختم بالنهار كل يوم ختمة ويكون ختمة عند الإفطار كل ليلة ويقول: عند كل ختم دعوة مستجابة.
وأخرج الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد بسنده إلى علي بن المديني أن الإمام المحدث يحيى بن سعيد القطان كان يختم القرآن في كل يوم وليلة بين المغرب والعشاء.
وقال ابن كثير في البداية والنهاية في ترجمة أبي بكر بن عياش: أحد الأئمة سمع أبا إسحاق السبيعي والأعمش وهشام وهمام بن عروة وجماعة وحدث عنه خلق منهم أحمد بن حنبل، وقال يزيد بن هارون: كان حبرا فاضلا لم يضع جنبه إلى الأرض أربعين سنة، قالوا: ومكث ستين سنة يختم القرآن في كل يوم ختمة كاملة .
وروى الربيع عن الشافعي أنه كان يختم في كل ليلة ختمة، وإذا كان رمضان ختم ستين ختمة.
وأخرج ابن سعد في الطبقات الكبرى عن الإمام سعيد بن جبير أنه قال : قرأت القرآن في ركعة في الكعبة.
وهذا كثير جدا يصعب تتبعه.
والله أعلم
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
================
أهمية الوقت في حياة المسلم
تاريخ الفتوى : 20 صفر 1425
السؤال
ما أهمية تربية احترام الوقت في الإسلام؟ وما هي الأسئلة التي يتم من خلالها معرفة مدى احترام الشخص لوقته ؟
وشكرا لكم
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن للوقت أهمية عظيمة في الإسلام ومكانة خاصة في حياة المسلم، فالوقت هو الحياة، وتضييعه في ما لا يعود على المسلم بمنفعة دينية أو دنيوية خسارة للحياة، ولهذا نبه الله عز وجل في القرآن الكريم على أهمية الوقت، فأقسم سبحانه وتعالى بأجزاء الوقت في محكم كتابه في غير ما آية، فأقسم بالليل والنهار والفجر والعصر، وذلك تنبيها على أهميته.
كما نبه النبي صلى الله عليه وسلم على أهميته فقال: نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس، الصحة والفراغ . رواه البخاري . وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه.... الحديث. رواه البخاري .(1/111)
ويعرف احترام الشخص لوقته من خلال معاشرته ومخالطته والنظر في كيفية قضائه لأوقاته واستغلالها وحرصه على عدم إضاعتها وتجنبه لمجالس اللغو والغفلة، وتنظيم أوقاته بين العبادة وأداء حقوق الآخرين والسعي لطلب الرزق وطلب العلم وحضور مجالس العلماء وعدم الإكثار من النوم، إلى غير ذلك من السلوكيات والأخلاق.
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
==============
عمارة الوقت والتوبة من الذنب
تاريخ الفتوى : 06 رجب 1425
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه والتابعين
شيخنا الكريم هل للمؤمن من برنامج يومي يتبعه لينجو من الذنوب صغيرها وكبيرها...وهل للمسلم من سيطرة على اللمم؟
أسال الله ان يعينكم و يثبت خطاكم.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أفضل ما يعمر به المؤمن وقته ويومه هو الانشغال بالقيام بالفرائض كالصلوات الخمس والصيام الواجب، وبر الوالدين، وصلة الأرحام وغير ذلك من الواجبات، وكذلك القيام بالسنن والمستحبات كالصلوات الراتبة وقيام الليل والصدقة المستحبة، وقراءة القرآن والتسبيح والذكر ونحو ذلك.
وإن أعظم حاجز ومانع يمنع العبد من الوقوع في الذنوب صغيرها وكبيرها هو مراقبة الله سبحانه وتعالى وتقواه وأن يعلم العبد أن الله مطلع عليه عالم بسريرته وعلانيته، فإن هذا يورث العبد خوفا من الله سبحانه وتعالى واستحياء منه، وكذلك تذكر الموت وشدته، والقبر وظلمته، والقيامة وأهوالها، كما قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ {الحج: 1-2}.
ثم إذا ما وقع العبد في الذنوب فمن رحمة الله عز وجل أن جعل له سبلا للتخلص من آثارها وأعظم طريق للنجاة من الذنوب بعد الوقوع فيها هو طريق التوبة، وهي واجبة من كل ذنب. قال تعالى: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {النور: 31}. وقال تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ {الشورى: 25}. وقال صلى الله عليه وسلم: من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه . رواه مسلم .
وكذلك من طرق التخلص من الذنب بعد الوقوع فيه أن يتبعه بعمل صالح. قال تعالى: إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ {هود: 114}. وقال صلى الله عليه وسلم: وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن .0
وإذا فعل العبد الذنب ولم يتب منه أو لم يتبعه بعمل صالح فإنه مستحق ومعرَّض للعذاب، ولكن رحمة الله عز وجل أوسع وأعظم، وقد قال تعالى: الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ {النجم: 32}. وقال تعالى في الحديث القدسي: يا ابن آدم: إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة . رواه الترمذي .
وراجع الفتوى رقم: 20739 .
أسأل الله أن يغفر لنا ولك ويعفو عنا وعنك.
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
===============
حكم سب الزمن أو الوقت
تاريخ الفتوى : 26 رمضان 1425
السؤال
ما حكم من يسب الزمن أو الوقت؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نهى الشرع عن سب الزمن والوقت الذي هو الدهر في أحاديث منها ما رواه البخاري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الله عز وجل: يؤذيني ابن آدم يسب الدهر، وأنا الدهر أقلب الليل والنهار . رواه مسلم بلفظ: لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر .
وساب الزمان أو الدهر إن اعتقد أن الدهر فاعل مع الله فهو مشرك، وإن عتقد أن الله وحده هو الذي فعل ذلك وهو يسب من فعله فهو يسب الله، وإن سب الدهر لكونه ظرفا فقد سب مخلوقا لا يستحق السب، وقد سبق تفصيل هذه المسألة في الفتوى رقم: 50029 ، والفتوى رقم: 38043 .
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
===============
آيات تتحدث عن الوقت
تاريخ الفتوى : 07 ذو القعدة 1425
السؤال
أريد الآيات القرآنية التي تتحدث عن الوقت، واستغلاله؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم ترد في كتاب الله آيات تتحدث عن استغلال الوقت على النحو الذي ورد في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومع ذلك فقد جاءت آيات تحث على استغلال بعض الأوقات نحو قول الله عز وجل: وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً {الاسراء:79}. ومثل وصف ما كان عليه حال المتقين نحو قول الله تعالى: كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ* وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ {الذريات:18}. وتبدو أهمية الوقت في كثرة ما أقسم الله به في كتابه العزيز. نحو قوله تعالى: وَالضُّحَى* وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى {الضحى:2}. ( والعصر ) ( والفجر وليال عشر ) ( وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى*وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى ) ( وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ*وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ ). وجاء الحث على المسابقة في تحصيل الخير استغلالا للوقت. في نحو قوله تعالى: فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ {البقرة: 148}. وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ {آل عمران:133}.
وأمثلة هذا كثيرة. والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
=============
ملء الوقت بالأعمال النافعة دواء الملل والسآمة
تاريخ الفتوى : 08 ذو القعدة 1425
السؤال
أنا فتاة في الثالثة والثلاثين، ولكن أشكو من وحدتي في هذه الدنيا جاء من يخطبني ولكن كان الرفض فالمشكلة الآن أني لست موظفة بل جالسة في البيت وإخواني وزوجاتهم يخرجون دائماً ولكن لم أسمع منهم في يوم أن أخرج معهم للسياحة أو الشراء حيث الآن سيمر علينا العيد ولم أذهب إلى التسوق والآن أحس بضيق في صدري بسبب ما أعانيه، لا أحد يفكر بي لا يفكرون إلا بأنفسهم فقط، ودائماً لا أنام إلا وأنا أصيح كالأطفال من شدة ما بي من أحزان؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الدنيا دار بلاء، وهي سجن المؤمن، وهي أيام قليلة وبعدها نلقى الله، وفي الحديث: يؤتى بأشد الناس بؤساً في الدنيا -من أهل الجنة- فيصبغ صبغة في الجنة، فيقال له: يا ابن آدم هل رأيت بؤساً قط؟ هل مر بك شدة قط؟ فيقول: لا؛ والله يا رب ما مر بي بؤس قط، ولا رأيت شدة قط . رواه مسلم ، وانظري الفتوى رقم: 51946 .
وقد يكون تأخر الزواج أو عدمه أفضل للمرأة من أن تبتلى بزوج لا يتقي الله فيها ويسومها سوء العذاب، وانظري الفتوى رقم: 12767 .(1/112)
ومع ذلك، فلا تيأسي واسألي الله تعالى أن يرزقك الزوج الصالح، وتحيَّني أوقات الإجابة، فإنه لا يرد مضطراً دعاه، وانظري الفتاوى: 23599 ، 17449 ، 32655 ، 8581 . فإن فيها بيان أوقات الإجابة وآداب الدعاء وشروطه، وننصحك أن تكون لك رفقة من الأخوات الصالحات، وأن تتعاوني معهن على طلب العلم النافع والعمل الصالح، والتحقي بدار لتحفيظ القرآن، ولا تجعلي الفراغ يملأ حياتك، فاملئي وقتك بالأعمال النافعة، فإن بدأت بذلك علمت بأن الأوقات لا تكفي.
وننصحك أن لا تسعي للخروج مع إخوانك وزوجاتهم إلى الأسواق، فإن فيها من البلاء والمحرمات ما الله به عليم، واحمدي الله أن جنبك هذا البلاء.
واعلمي أن الأصل أن تقر المرأة في بيتها، قال تعالى مخاطباً المؤمنات: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى {الأحزاب:33}.
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
=============
الوقت الشرعي لأذكار الصباح والمساء
تاريخ الفتوى : 15 ذو القعدة 1425
السؤال
من المعروف أن أفضل أوقات أذكارالصباح هو من الفجر حتى شروق الشمس فهل يجوز أن تقال بين أذان الفجر والإقامة أم المقصود بعد صلاة الفجر؟؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأذكار الصباح يبدأ وقتها الشرعي حسب ما يظهر من تحقق طلوع الفجر الذي هو انتشار الضوء في الأفق يمينا وشمالا إلى أن تطلع الشمس. قال السفاريني الحنبلي في غذاء الالباب: اعلم أيها الناصح لنفسه المتزود لرمسه المنكب على الذكر والمستغرق لأنسه المتهيىء لمجاورة ربه في حضرة قدسه أن أذكار طرفي النهار كثيرة جداً، والحكمة فيه افتتاح النهار واختتامه بالأذكار التي عليها المدار، وهي مخ العبادة، وبها تحصل العافية والسعادة. ونعني بطرفي النهار ما بين الصبح وطلوع الشمس وما بين العصر والغروب. قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً*وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً .انتهى.
وعليه؛ فلا ما نع من أن تقال الأذكار المذكورة بين الأذان والإقامة مع تحقق دخول وقت الصبح. والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
=============
شغل الوقت بالنافع يزيل الشعور بالوحشة
تاريخ الفتوى : 01 محرم 1426
السؤال
أنا شخص أعمل في السعودية وأشعر بشعور الوحشة والغربة فأرجو إرسال ما يشد من أزري في الغربة وخاصة أني أشتاق إلى أمي خاصة وإخوتي.
جزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا ننصحك بالاشتغال بالقرآن والسنة والمطالعة لكتب السيرة وأخبار السلف، وحاول أن تبرمج حفظ القرآن فإن أكملته أو كنت حافظا له فبرمج برنامجا لحفظ بعض كتب السنة، وحافظ على الصلاة في الجماعة، وابحث عن صحبة صالحة تعينك على الخير وتجرك إليه، واحرص على مناجاة الله في قيام الليل وعلى صوم النفل والمواظبة على الأذكار المقيدة والمطلقة.
وإذا تيسرت لك فرصة القيام بعمرة أو حجة فبادر إليها ، وأكثر دعاء الله تعالى فهو مفرج الكروب.
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
=============
لا يشغل الوقت في تتبع الناس والحكم عليهم
تاريخ الفتوى : 09 ربيع الثاني 1426
السؤال
إذا كنت أريد أن أحكم على رجل أنه مسلم وملتزم؟ المعطيات: سألت عن خلقه وصيته......ذا خلق وطيب. حاله: وجدته يضع سلسلة في رقبته. لبناني الجنسية. أهله في بلد وهو في بلد ( لأنه يعمل ) للأمانة إنه مكافح............... وقالو لي إنه يصلي.....
جزاكم الله خيرا.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأولى بالمسلم أن يبذل وسعه في هداية الناس وتقوية إيمانهم وتوظيف طاقتهم في العمل لدين الله. وأن لا يشغل وقته في الحكم عليهم ، فقد كلف الله تعالى برقابتهم ملائكة يحصون أعمالهم، وهو سبحانه محيط علمه بهم. وقد كلفنا نحن بدعوتهم ونصحهم والتواصي معهم بالحق والصبر، والتعاون معهم على البر والتقوى. وليكن لنا في الصحابة أسوة حسنة. فإنهم كانوا يعاملون الناس بحسب ما يظهر من حالهم من الإيمان مع علمهم بأن النبي صلى الله عليه وسلم توفي عن بعض الناس وهو منافق. ولم يتكلفوا في الحكم عليهم. فالأصل معاملة من يصلي وكان طيب الأخلاق معاملة المسلمين، لما في الحديث: من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فذلك المسلم الذي له ذمة الله وذمة رسوله فلا تخفروا الله في ذمته . رواه البخاري . وفي البخاري أيضاً أن عمر رضي الله عنه قال: إن أناسا كانوا يؤخذون بالوحي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن الوحي قد انقطع وإنما نأخذكم الآن بما ظهر من أعمالكم ... ثم إنه إذا كانت حاجة داعية لمعرفة حال شخص ما لتفويض أمر ما إليه أو كونه جاء خاطبا أو ما أشبه ذلك فإنه لا حرج في التعرف على حاله وإبداء الرأي في شأنه مع ستر حاله عمن لا يحتاج إليه. وراجع في حكم تعليق السلسلة في الرقبة وللمزيد فيما تقدم الفتاوى التالية أرقامها: 21166 ، 9180 ، 35837 ، ، 39751 . ثم ليعلم أن وقوع خطأ ما كتعليق سلسلة في الرقبة لا يلغي ما للشخص من حسنات كالصلاة وحسن الأخلاق، فالواجب نصح المخطئ وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر مع الاعتراف بماله من الفضل. والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
===========
ليكن بعض الوقت لزيارة الأهل وبعضه لحق الزوجة
تاريخ الفتوى : 15 ذو الحجة 1426
السؤال
أنا أعيش في بلاد الغربة وعلى مقربة مني يسكن أهل زوجي - والداه و إخوانه - وعلاقتي معهم جيدة، غير أن زوجي يصر علي لزيارة أهله كل يوم ولساعات طويلة، بحجة رغبتهم في قضاء الوقت مع طفلتي التي تمل في معظم الأحيان من طول الزيارة، وعندما لا أرغب في الذهاب لأي سبب يستاء وينشب شجار بيننا. في معظم الأيام أقابل زوجي بعد عودته من العمل عند أهله ويوم إجازته نقضيه عندهم، وإذا رغبت في الخروج معه أو في أن نقضي يوما دون أهله يستاء ويعتبر أني لا أحبهم. هل يحق لي أن أطالبه بالاعتدال وإبقاء العلاقة مع أهله حميمة دون الإصرار على زيارتهم اليومية التي تشعرني بعدم الارتياح رغم حبي لزوجي واحترامي الشديد لأهله.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الاعتدال مطلوب في كل شيء، والغلو مذموم في كل شيء حتى في الأمور المباحة، ولذا قال تعالى: وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ { الأعراف :31}. وقال تعالى: وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا {الفرقان:67}. فعلى الزوج أن ينظم وقته، فلا يمتنع عن زيارة الوالدين والإخوان، ولا يجعل لهم كل وقته، بل يجعل بعض الوقت لزيارة الأهل وبعض الوقت للزوجة. وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا .
وقد أقر النبي صلى الله عليه وسلم سلمان حين قال لأبي ذر رضي الله عنهما: إن لربك عليك حقًّا, ولنفسك عليك حقًّا، ولأهلك عليك حقًّا، فأعط كل ذي حق حقه . رواه البخاري .
مع التنبيه إلى التزام الزوجة بالحجاب عن إخوة الزوج عند زيارتهم فإنهم أجانب عنها.
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
=============
اغتنام الوقت
إسماعيل الخطيب
تطوان
6/1/1420
الحسن الثاني
محامد و أدعيةطباعة الخطبة بدون محامد وأدعية
-------------------------(1/113)
ملخص الخطبة
1- انتقال الإنسان من طور إلى طور. 2- لكل مرحلة مسؤوليتها وواجباتها. 3- مسؤوليات مرحلة الشباب. 4- مسؤوليات مرحلة الكهولة والهرم. 5- التحذير من إضاعة الأعمار والأوقات.
-------------------------
الخطبة الأولى
أما بعد:
فيقول ربنا عز وجل: الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفاً وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير .
عباد الله: الإنسان ينتقل من حال إلى حال ومن طور إلى طور، فمرة يكون في غاية الضعف عندما يكون جنيناً وطفلاً مولوداً ورضيعاً ومفطوماً، ثم ينتقل إلى طور القوة، في مرحلة الشباب والكهولة، ثم ينحدر بعد القوة إلى الضعف والشيبة. وهذه الأطوارلا يُفلت منها أحد ممن مدّ الله له في العمر، فما من إنسان يمتد عمره إلى ما بعد الستين إلا ويمر بها، ليعلم الإنسان أنه خاضع لإرادة مدبر حكيم يخلق ما يشاء، ويقدر ما يشاء، هو سبحانه الذي يُقدر لكل مخلوق أجله وأحواله وأطواره يخلق ما يشاء وهو العليم القدير .
وهذا الانتقال من حال إلى حال ينبهنا إلى أن عمل الإنسان يختلف من مرحلة لأخرى.
فمرحلة الطفولة تنقسم إلى مبكرة (3-5سنوات) ومتوسطة (6-8- سنوات) ومتأخرة (9-11سنة). ومرحلة المراهقة. وهي مرحلة الانتقال من الطفولة إلى الرشد وتستمر من 12سنة إلى 21سنة وتقسم إلى ثلاثة مراحل، ثم مرحلة الرشد من 22 إلى 60 سنة ثم تأتي الشيخوخة.
وكل مرحلة من هذه المراحل لها مطالبها وأعمالها المختلفة المتناسبة مع النمو الجسمي والعقلي، فإذا كان من حق الطفل الصغير أن يلهو ويلعب جل أوقاته، فليس ذاك من حق الشباب وهو في مرحلة بناء مستقبله، إذ أن فترة الشباب هي فترة المسؤولية، لذلك جاء في الحديث النبوي ((رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن المعتوه - أو قال: المجنون - حتى يعقل، وعن الصغير حتى يشب))(1)[1] فالإستقامة والقيام بالواجبات وترك المنهيات أمر مطلوب من الشباب قال : ((سبعة يظلهم الله في ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله.. .)) الحديث(2)[2].
فالمطلوب من الشباب أن يعطى للوقت قيمته، فهو الخاسر والمحاسب إن ضيعه فيما لا يُفيد وهو الرابح السعيد إن عمره بما يُفيد، وكل إنسان عند الموت يسأل عن شبابه فيم أبلاده.
فإذا مدّ الله في العمر حتى الستين فقد بلغ العمر الذي أعذر الله فيه لابن آدم، قال تعالى: أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير ، وقال نبينا عليه الصلاة والسلام: ((أعذر الله إلى أمرئ أخر أجله حتى بلّغه ستين سنة))(3)[3]. فإذا كانت أعمار هذه الأمة بين الستين والسبعين - كما جاء في الحديث أ فإن استكمال الستين مظنة لانقضاء الأجل، فهي سن الإنابة والخشوع وترقب الموت. وفي الآية والحديث تنبيه إلى أن من بلغ الستين لم يبق له عذر يعتذر به كأن يقول: لو مدّ لي في أجلي لفعلت ما أمرت به، فصاحب الستين مر بسن الطفولة، وهي سن اللهو واللعب، ثم بسن الشباب وهي سن الفتوة والقوة، ثم بسن الكهولة، وهي اكتمال القوة، ثم تأتي الشيخوخة ابتداء من الستين فيظهر الضعف والنقص والإنحطاط، لذلك ينبغي لمن بلغ الستين أن يحمد الله على أن مدّ له في عمره، وأن يُقبل على الطاعة، وعلى الاستعداد للموت والدار الآخرة، فلا ينبغي له أن يلهو مع اللآهين، ولا أن يضيع وقته فيما لا نفع فيه، وهو يرى أن الأعوام الباقية من عمره تمر بسرعة مذهلة.
والإنسان إذا كان في سن الشباب قد يعذر إن حصل منه طيش، لكنه لا يعذر وهو في سن الشيخوخة، فالنبي ذكر الشيخ الزاني من الثلاثة الذين لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم(4)[4] ولا ينظر إليهم ولهم عذاب أليم. فالشخص الذي بلغ سن الشيخوخة ولم يتب إلى الله ولم يقلع عن الانحراف والفسوق شخص لا شك أنه سيموت على سوء الخاتمة، نعوذ بالله من سوء الخاتمة.
وها هو كتاب الله يبين حال هؤلاء عندما يكونون في النار وينادون من كانوا يعرفونهم في الدنيا قائلين: ألم نكن معكم فيجيبهم المؤمنون المتقون: بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الأماني حتى جاء أمر الله وغركم بالله الغرور [ الحديد:14].
يقول أهل التقوى: نعم كنتم معنا في الدنيا ولكنكم أهلكتم أنفسكم بالإسراف في الشهوات واللذات والمعاصي، وأخرتم التوبة حتى فات وقتها و غرتكم الأماني أي ظننتم أن الله سيغفر لكم، بينما أنتم مصرون على المعاصي حتى جاء أمر الله وهو الموت وقد خدعكم الشيطان وزين لكم أعمالكم فأضلكم وأهلككم.
إن كثيراً من الناس - خاصة من بلغ سن الشيخوخة - يضيعون أعمارهم في اللهو واللعب حتى إذا ذكروا بالموت ودعوا إلى التوبة قالوا: دعنا من هذه المنفرات، وحدثنا بالمفرحات، ولا يزال هذا المغرور منكباً على شهواته، غافلاً عن يوم مماته حتى يأتيه الموت، وهو على ضلالة.
اللهم اختم بالأعمال الصالحات أعمارنا، وسهل لبلوغ رضاك سبلنا، وحسن في جميع الأحوال أعمالنا، اللهم ايقظنا من نوم الغفلة، ونبهنا لاغتنام أوقاتنا ووفقنا لمصالحنا برحمتك يا أرحم الراحمين.
-------------------------
الخطبة الثانية
لم ترد.
__________
(1) مسند أحمد - حديث رقم 956.
(2) متفق على صحته .
(3) البخاري - كتاب الرقاق - باب 5.
(4) قال : (( ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ييزكيهم ، قال معاوية: ولا ينظر إليهم ولهم عذاب أليم : شيخ زان وملك كذّاب وعائل مستكبر )) صحيح مسلم ج1 ص72.
==============
أهمية الوقت
عبد الرحمن بن عبد العزيز السديس
مكة المكرمة
جامع الفرقان
محامد و أدعيةطباعة الخطبة بدون محامد وأدعية
-------------------------
ملخص الخطبة
قيمة الوقت وأهميته وإقسام الله به في عدة آيات - صفة المغبونين وتضييعهم العمر - صفات أهل الآخرة وأولياء الله واغتنامهم العمر - كيفية استغلال الشباب والأولاد للإجازة فيما ينفع
-------------------------
الخطبة الأولى
أما بعد:(1/114)
عباد الله: الوقت هو الحياة أقسم به الله في غير ما آية من كتابه فقال جل وعلا: والعصر وقال سبحانه: والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى وقال جل شأنه: والضحى والليل إذا سجى وقال: والفجر وليال عشر وأهل العلم يقولون إن القسم بالشيء يدل على تعظيم المقسم به فوقتك هو حياتك ووقتك هو نهارك وليلك وإمساؤك وإصباحك وإظهارك: فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وله الحمد في السماوات والأرض وعشيا وحين تظهرون ووقتك هو عمرك وكل شمس تغرب عليك فهو يوم ينقص من عمرك فرصيدك من العمر ما بقي من أيام حياتك فما مضى فات والمؤمل غيب ولك الساعة التي أنت فيها العاقل من تدارك عمره فيما يقربه إلى الله زلفى والمغبون من ضيع ساعات عمره فيما لا يعود عليه بالنفع في الآخرة والأولى سهر على المحرمات ونوم عن الصلوات المفروضات وغفلة عن رب الأرض والسماوات وتضييع للحقوق والواجبات وتفريط في تحصيل الأجور والحسنات هم أحدهم قتل الوقت وما درى المسكين أنه يقتل نفسه: فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون، أفرأيت إن متعناهم سنين ثم جاءهم ما كانوا يوعدون ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون ، أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شيء وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم فبأي حديث بعده يؤمنون ، من يضلل الله فلا هادي له ويذرهم في طغيانهم يعمهون وفي الأثر: ((الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني))(1)[1]، لقد شمر أقوام إلى الآخرة فتلمسوا قربات فغشوها ولابسوها وعرفوا المحارم والمنهيات فحذروا ولم يقارفوها واستمتعوا بما أحل الله من الطيبات فلم يجاوزوها قولهم طيب وعملهم طيب وطعامهم طيب وشرابهم طيب: يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم ، يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون ، وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد ، قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة ، نقاء في قلوبهم وصفاء في سرائرهم وبساطة في مظاهرهم أبعد ما يكونون عن التكلف: قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين هاديهم القرآن وقدوتهم سيد ولد عدنان وأولياؤهم أهل الصلاح والإيمان وأعداؤهم هم حزب الشيطان أحبوا في الله وأبغضوا في الله ووالوا في الله وعادوا في الله وأعطوا لله ومنعوا لله فنالوا بذلك ولاية الله فكان الله سمعهم فعصمهم عن سماع ما يسخطه وكان بصرهم فعصمهم عن رؤية ما يسخطه وأيديهم فعصمهم عن البطش بها فيما حرم وأرجلهم فعصمهم عن السعي بها إلى ما حرم قال الله سبحانه في الحديث القدسي: ((ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ولئن استعاذني لأعيذنه ولئن سألني لأعطينه))(2)[2]، فهنيئا لمن كان هذا شأنه يغدو في رضا الله ويروح في رضا الله يفرح لعز الإسلام ونصرة المسلمين ويأسى لأسى يصيب إخوانه المسلمين إن شبع حمد الله على نعمه وتذكر إخوانه الجوعى من المسلمين وإن أعجبه طعام أو شراب أو مسكن أو لباس ذكر نعيم الجنة وقوله سبحانه في الحديث القدسي عنها: ((أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر)) قال صلى الله عليه وسلم: ((واقرءوا إن شئتم: فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون ))(3)[3] فاجتهد أن يكون منهم وإن أصابه نفح سموم ذكر حر جهنم وقوله صلى الله عليه وسلم في وصفها: ((ناركم هذه ما يوقد بنو آدم جزء من سبعين جزء من نار جهنم)) قالوا: يا رسول الله إن كانت لكافيه قال: ((فإنها قد فضلت عليها بتسعة وستين جزء كلهن مثل حرها))(4)[4]، فاجتهد ألا يصيبه حرها بالعمل الصالح والفرار من الوقوع في المحرمات فكل موقف وكل حدث يذكره بوعد الله وموعوده وجزائه ووعيده فهو من الدنيا في خير ومن العمر في كسب ومن الوقت في تحصيل للأجور والحسنات فصدق فيه قوله صلى الله عليه وسلم: ((خيركم من طال عمره وحسن عمله))(5)[5].
اللهم اجعلنا ممن طال عمره وحسن عمله اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
-------------------------
الخطبة الثانية
الحمد لله حق حمده والصلاة والسلام على من لا نبي من بعده وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه وخليله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد: فيا عباد الله تلكم هي صفة الفريقين صفة من سعى في قتل الوقت فقتل نفسه حيث قتل وقته لأن وقته هو حياته وصفة من سعى في استغلال أيام عمره وأوقاته فيما يقربه إلى الله زلفى والعاقل الحصيف من اختار خير الطريقين فإن الله جل وعلا خلقنا ولم يتركنا هملا بل أرسل إلينا رسلا يدلوننا على طريق الجنة فالعاقل من سلك سبيل المرسلين وتلمس سننهم وتتبع آثارهم وعمل بأوامرهم وحذر ما عنه نهوا صلى الله عليهم جميعا وسلم لذلك يا عباد الله ينبغي أن نحرص الحرص كله على استغلال هذه الإجازة خير استغلال فيما يقربنا إلى الله زلفى في تلاوة كتاب الله وتدبر معانيه والعمل بما أمر الله به في كتابه سبحانه في تربية أبنائنا التربية الصالحة في تنشئة نسائنا وأولادنا وكل من له حق علينا تنشئة صالحة ترضي عنا ربنا جل وعلا نستغل هذا الوقت ونستغل هذا الفراغ ونستغل هذه الإجازة في كل ما يقربنا إلى الله زلفى إن الشباب والفراغ والجدة مفسدة للمرء أي مفسدة فليحرص المرء على تحويل هذا الشباب وتحويل هذا الفراغ الذي وجد عند كثير من الشباب اليوم يحرص على تحويله ليكون مصلحة لهم في دنياهم وأخراهم يعلمهم ما يرضي ربهم عنهم ويرفههم الترفيه الذي لا يصل بهم إلى سخط الله عز وجل عنهم يعلمهم أن الله عز وجل ما حرم شيئا إلا وجعل في الحلال ما يغني عنه فكل شيء حرمه الله جل وعلا فالخير كل الخير في المنع منه وفي تحريمه وكل شيء أمر الله عز وجل به فالخير كل الخير في العمل به والتمسك به أقول هذا القول وأسأل الله العلي العظيم رب العرش الكريم أن يجعلنا وإياكم هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين.
اللهم أعنا على تربية أنفسنا اللهم أعنا على تربية أنفسنا وذوينا وكل من له حق علينا.
اللهم أعنا على تربية كل من وليتنا رعايته يا رب العالمين.
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.
اللهم إنا نسألك علما نافعا وقلبا خاشعا ولسانا ذاكرا.
اللهم إنا نعوذ بك من علم لا ينفع ومن قلب لا يخشع ومن عين لا تدمع ومن دعوة لا تسمع اللهم إنا نعوذ بك من هؤلاء الأربع.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين وانصر عبادك المجاهدين في سبيلك يا رب العالمين.
اللهم أقم علم الجهاد واقمع أهل الشر والشرك والفساد وانشر رحمتك على العباد يا رب العالمين.
اللهم أصلح ولاة أمور المسلمين كافة ووفقهم للعمل بكتابك واتباع سنة نبيك صلى الله عليه وسلم.
اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل الطاعة ويذل فيه أهل المعصية ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر يا سميع الدعاء.
اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ونبيك سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
__________(1/115)
(1) مسند أحمد (4/124)، سنن الترمذي (2459)، سنن ابن ماجة (4260).
(2) صحيح البخاري (6502).
(3) صحيح البخاري (3244)، صحيح مسلم (2824).
(4) صحيح البخاري (3265)، صحيح مسلم (2843).
(5) مسند أحمد (4/188)، سنن الترمذي (2329).
=============
استغلال الوقت
محمد عبد الكريم
الخرطوم
غير محدد
محامد و أدعيةطباعة الخطبة بدون محامد وأدعية
-------------------------
ملخص الخطبة
1- الإقسام بالزمان لشرفه وأهميته. 2-يوم القيامة يوم عدل يسأل الله كلاً عما صنع في عمره. 3- فضل الله بعض الأوقات وندب فيها إلى فريد عبادة. 4- أعمال صالحة نستطيع فعلها في الإجازة (الذكر - صلة الرحم - المطالعة - حلق العلم). 5-كيفية شغل الناس إجازاتهم السنوية. 6- فتوى الشيخ ابن عثيمين عن صحون القنوات الفضائية. 7-كيف نحمي أبنائنا من خطر التلفاز.
-------------------------
الخطبة الأولى
أما بعد:
أيها المسلمون: يقول الله عز وجل في كتاب العزيز: وهو الذي جعل الليل والنهار خِلفَةً لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورًا، وأقسم الله عز وجل بالزمن فقال: والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعلموا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر.
هذا الوقت إما أن يكون الإنسان خاسرًا فيه, إما أن يُكتب عند الله من الخاسرين, وإمّا أن يكتب عند الله تعالى من الفائزين وذلك بحسب استغلاله لهذا العصر, بحسب استغلاله لعمره, ولذلك أقسم الله سبحانه وتعالى بأول النهار وبآخر النهار, قال الله عز وجل: والضحى والليل إذا سجى، وقال عز وجل: والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى، أقسم الله تعالى بالفجر فقال: والفجر وليال عشر، لماذا يقسم الله تعالى؟.
يقسم ربنا بهذه الأوقات حتى نعلم قيمتها وحتى نصونها ونحفظها ولا نعمل فيها إلا خيرًا, فهذا العمر الذي تعيشه أيها العبد هو المزرعة التي تجنى ثمارها في الدار الآخرة, فإن زرعته بخير وعملٍ صالح جنيت السعادة والفلاح وكنت من الذين يُنادى عليهم في الدار الآخرة كلوا واشربوا هنيئًا بما أسلفتم في الأيام الخالية، وإن ضيعّته بالغفلات وزرعته بالمعاصي والمخالفات, ندمت يوم لا تنفعك الندامة وتمنيت الرجوع إلى الدنيا يوم القيامة فيقال لك: أو لم نعمركم، ـ أي ألم نجعل لكم عمرًا ـ ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير .
أيها المسلمون: صَحّ عن الرسول أنه قال: ((لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع: عن عُمُرِه فيما أفناه, وعن شبابه فيما أبلاه, وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه, وعن علمه ماذا عمل به))، فهذا العمر وهو أعَزُّ شيء لديكم فلا تضيّعوه ولا تفرطوا فيه, فإن الله عز وجل جعل في كل يوم وظائف لعباده من وظائف طاعته منها ما هو فرض كالصلوات الخمس, ومنها ما هو نافلة كنوافل الصلوات والذكر وغير ذلك, وجعل الله سبحانه وتعالى للشهور وظائف كالصيام والزكاة والحج, ومن هذه العبادات ما هو فرض وما هو نافلة, وجعل الله سبحانه وتعالى لبعض الأوقات فضلاً على بعض في مضاعفة الحسنات وإجابة الدعوات كالأشهر الحُرم وشهر رمضان قال الله عز وجل عن الأشهر الحرم: منها أربعة حُرم فلا تظلموا فيهن أنفسكم، وكان الرسول يُعظم تلك الأشهر الحرم, ومن هذه الأشهر هذا الشهر المحرم الذي نحن فيه والذي كان الرسول يصومه وكذلك شهر رمضان وليلة القدر وعشر ذي الحجة ويوم عرفة ويوم الجمعة.
وما من موسم من تلك المواسم إلا ولله نفحات يصيب به من يشاء برحمته, إن الله عز وجل قد أمرنا بشغل الأوقات بذكره وطاعته فقال: واذكر ربك كثيرًا وسبح بالعشي والإبكار، كما تكون في أول النهار كذلك تكون ذاكرًا في آخر النهار. قال عز وجل: واذكر ربك في نفسك تضرّعًا وخيفة، إذا مللت من ذكر ربك جهارًا فلا تَمَلّن من ذكره في نفسك تضرعًا وخيفةً ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولا تكن من الغافلين.
وما حجر الله عز وجل علينا شيئًا في الذكر, ما خَصّ الشارع لنا شيئًا معينًا من الذكر أو طريقة معينة من الذكر بل فتح الباب فقال عز وجل: الذين يذكرون الله قيامًا وقعودًا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلاً، فعلى الفراش تستطيع أن تذكر الله وأنت سائر إلى عملك تستطيع أن تذكر الله, وأنت منتظر أحدًا تستطيع أن تذكر الله, فلذلك قال الله سبحانه: فسبحان الله حين تُمسون وحين تُصبحون وله الحمد في السموات والأرض وعشيًا وحين تظهرون .
فحياتك بين التسبيح لله عز وجل وبين حمده, فإذا عرفنا هذا ونحن على أبواب الإجازة الصيفية فماذا نحن عاملون وعلى أي شيء نحن مقدمون من الأعمال, أمّا فكرنا في ذلك, أما فكر الشباب كيف سيقضون أوقاتهم أم أنهم يقضون أوقاتهم كيفما اتفق وحسبما حَلا لهم, وحسبما وجدوا من الفرصة في ارتكاب ما نهى الله عز وجل عنه, إن الناس في استغلال هذه الأوقات الآتية على أصناف, وكل الناس يغدو كما قال : ((فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها )).
فمن الناس من يستغل هذه الأوقات في الاستزادة من الخير والاطلاع والعلم فيقتنون الكتب المفيدة ويذهبون إلى المحاضرات القيّمة يستمعون الذكر وأحاديث الرسول , وربما رحلوا إلى العلماء ليلتقوا بهم ويجلسوا في حلقهم فيستفيدوا فائدة عظيمة.
ومن الناس من يسافر لصلة أرحامه, فأرحامه في أشتات البلاد فمن رحم في الشمال ومن رحم في الجنوب ومن رحم في الغرب, ومن ثم فهو يرحل إلى أرحامه فيصلهم ويجلس معهم ويذكرهم بالله سبحانه وتعالى فيكون إن شاء الله من الذين ينسأ الله لهم في أعمارهم فيزيد في أعمارهم ويبارك الله عز وجل لهم في أوقاتهم.
ومن الناس من يسافر بعائلته فيما أباح الله من ملكوت السموات والأرض في هذه البلاد التي إذا قورنت بغيرها من البلاد لوجدت فيها خيرًا كثيرًا, فلا تجد الإباحية المعلنة التي توجد في البلاد الخارجية حتى البلاد الإسلامية, فيخرج بعائلته إلى ما أباح الله من المناظر الطيبة فيذكرهم بخلق الله عز وجل في أرضه وسمائه, فهذا على خير إن شاء الله تعالى, ومن أراد أن يفعل هذا فعليه بالصحبة الطيبة, من أراد أن يأخذ عائلة أخرى معه فعليه أن يبحث عن العائلة المحافظة, عن العائلة التي تقيم الصلاة, عن العائلة التي إذا سمعت الله أكبر تركت اللهو واللعب واتجهت إلى ذكر الله سبحانه وتعالى.
ومن الناس من يشغل وقته بتوجيه النصح للمسلمين, فمن منّ الله عليهم بالعلم فيخرج إلى قريته أو إلى القرى المجاورة لمدينته فيعلم الناس التوحيد ويعلم الناس الصلاة والحلال والحرام, فهذا من أحسن منه قولاً ومن أحسن منه فعلاً كما قال الله سبحانه وتعالى: ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحًا وقال إنني من المسلمين .(1/116)
وصنف آخر من الناس أسأل الله تعالى أن لا نكون منهم, هذا الصنف شغل وقته بالحرام, فهو في ليله على أشرطة الفيديو أو على قنوات التلفاز الذي لا يبث إلا الحرام, والذي لا يبُث إلا ما يدمر الفضيلة والأخلاق فهو ينتقل من شريط إلى شريط, إذا انتهى من فيلم ما انتقل إلى فيلم آخر, وهكذا حتى يقضي وقته, ربما فات الفجر عليه, ربما نام عن صلاة الفجر فإذا أصبح هام مع أصحابه ربما إلى ما حرم الله عز وجل, ربما إلى النظر إلى المحرمات واللعب بالورق والشيشة والدخان وغير ذلك والغيبة والنميمة, فيصبح كما قال رسول الله ـ ونعوذ بالله أن نكون من هذا الصنف ـ: ((إن الله يبغض كل جُغظري جواظ صَخّاب في الأسواق, جيفة بالليل حمار بالنهار)) لا شغل له كما قال رسول الله إلا ملذاته ولا ينتقي الحلال وإنما الحلال عنده ما حَلّ في يده والحرام عنده ما عجز عنه, ولو استطاع أن يسافر إلى بلاد الغرب لسافر لو كان يملك مالاً, فليس عنده حرام وإنما الحرام عنده ما حُرم منه وما عجز عنه.
وصنف آخر يسافرون بعائلاتهم, يحزمون في مثل هذه الأوقات أمتعتهم ويقطعون التذاكر بالأموال التي أنعمها الله تعالى عليهم إلى بلاد الكفر, إلى البلاد التي تستباح فيها المحرمات, إلى البلاد التي فيها ما فيها من معاقرة الخمور والزنا, فيأخذ نفسه أو يأخذ حتى عائلته ليصيبهم شيء من ذلك الشقاء والبلاء ويسيح بهم وينتقل بهم من مسرح إلى مرقص, ومن مكان إلى مكان فيه ما حرم الله عز وجل, ويستحي الإنسان أن يقول ما في تلك الأمكنة فيرجع وقد انقضت الإجازة, انقضت العطلة وليس في حياة المسلم عطلة إنما المسلم حياته كلها مشغولة, مشغولة بما ذكرنا من طاعة الله سبحانه وتعالى, فيرجع بعائلته وقد ندم إن كان في قلبه ضمير يُحسّ بتضييع تلك الأوقات وقد ندم على ما شاهد من الحرام, وقد ندم على ما ضيّع من الأوقات, وقد يعود وقد حظي غيره بأجزاء من كتاب الله سبحانه وتعالى حفظها, وقد يحظى غيره بصلة الرحم, وقد يحظى غيره بتوجيه الناس والاهتداء إلى أمر الله سبحانه وتعالى, فيكون هو قد خسر وفاز غيره وفلح.
إخوة الإيمان: هذه الأوقات التي بين أيدينا يجب أن نتقي الله سبحانه وتعالى فيها, إن الله عز وجل سائلنا عن هذا العمر الذي نضيعه, سائلنا الله عز وجل عن كل دقيقة تمر بحياتنا, فكيف بالساعات الطوال؟ فكيف بالأيام الخالية, فكيف بالأشهر الماضية في اللهو واللعب, إن الله عز وجل سائلنا عن هذا العمر كما ذكر : ((لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسئل عن أربع)) ـ ومن هذه الأربع ـ ((عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه)).
أسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه إنه على كل شيء قدير.
-------------------------
الخطبة الثانية
الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه كما يحب ربنا ويرضى الحمد لله فاطر السموات والأرض جاعل الملائكة رسلاً أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء إن الله على كل شيء قدير ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم، والصلاة والسلام على إمام المتقين وقائد الغر المحجلين محمد صلوات ربي وسلامه عليه.
هذه فتوى لسماحة الشيخ /محمد بن صالح العثيمين ـ حفظه الله ـ عن هذه الهوائيات التي ترونها في بعض بيوت المسلمين, عن هذه الهوائيات التي ربما يتسابق بعض المسلمين لشراؤها واقتنائها أة استئجارها.
والسؤال هنا هو: انتشرت في الآونة الأخيرة ما يسمى "بالدش" أو الصحن الهوائي حيث ينقل القنوات الخارجية الكافرة وغيرها, حيث تعرض أفلام خليعة يظهر فيها التقبيل واضحًا والرقص الشبه العاري والكلام الساقط والبرامج التي تدعو إلى التنصير, فهل يجوز اقتناء هذه الأجهزة والدعاية لها والتجارة فيها وتأجير المحلات لهم؟ علمًا بأن البعض يدعي بأنه يشتريها لغرض مشاهدة الأخبار العالمية.
الجواب:
"بسم الله الرحمن الرحيم, قد كثر السؤال عن هذه الآلة التي تلتقط موجات محطات التليفزيون الخارجي وتسمى "الدش", ولاشك أن الدول الكافرة لا تألوا جهدًا في إلحاق الضرر بالمسلمين عقيدة وعبادة وخُلقًا وآدابًا وأمنًا, وإذا كان كذلك فلا يبعد أن تبث من هذه المحطات ما يحقق لها مرادها, وإذا كانت قد تدس في ضمن ذلك ما يكون مفيدًا من أجل التدليس والترويج لأن النفوس لا تقبله بمقتضى الفطرة ما كان ضررًا محضًا, ولكن المؤمن حازمٌ فطنٌ عَلّمه الله تعالى كيف يقارن بين المصالح والمفاسد بين المنافع والمضار, وعنده من القوة والشجاعة ما يستطيع من خلاله التخلص من أوضار هذه المفاسد والمضار وإذا كان أمر هذه الدشوش ما ذكر في السؤال فإنه لا يجوز إقتناؤها ولا الدعاية لها ولا بيعها وشراؤها؛ لأن هذا من التعاون على الإثم والعدوان المنهي عنه بقوله تعالى: ولا تعاونوا على الإثم والعدوان .
نسأل الله تعالى أن يهدينا وإخواننا صراطه المستقيم, وأن يجنبينا صراط أصحاب الجحيم من المغضوب عليهم والضالين"
كتبه: محمد صالح العثيمين.
وقد تكلمت في الخطبة الماضية عن خطر الدش ذلك الصحن الهوائي, وليس عن خطر الدش فحسب ولكن عن خطر التلفاز أيضًا, فإن هذا الجهاز مُدمّر كما ذكرت في الخطبة الماضية وذلك من خلال ما يعرض فيه من المسلسلات والأفلام الخليعة حتى برامج الأطفال التي فيها ما فيها من الدعوة إلى التنصير ومن الطعن في العقيدة ومن الاستهانة بالأخلاق.
ولقائل أن يقول: ما هو السبيل لإخراج هذا الجهاز والتخلص منه, ذكرت لنا وجوب إخراج هذا الجهاز من البيوت المسلمة وأنه لا علاج ولا حل حقيقي إلا بإخراج هذه الجهاز من البيوت, لأن هذا الجهاز لا خير فيه, وكل عاقل يشعر بهذا فما هو السبيل العملي لكي يخرج الإنسان هذا الجهاز, ما هو البديل لأبنائنا وما هو البديل لزوجاتنا؟ هل البديل هو أن أخرج هذا الجهاز وأكون غائبًا عنهم ـ غافلاً عنهم أم البديل شيء آخر مما يفرح النفوس, ومما يجعل القلوب تقبل, إن الأطفال أمانةً في أعناقنا والطفل ينشأ على ما عوده أبوه:
وينشأ ناشئ الفتيان فينا…على ما كان عَوَدّهُ أبوه
وما دان الفتى بحجىً ولكن …يعوده التدين أقربوه
إن الطفل أمانة في عنق الوالدين ينشأ على ما يُنشأ عليه, ويرى فيهم المُثُل والقدوة, ولما كان الطفل هو رجُل الغد وحامل طبائع نشأت معه كان لزامًا على المربين من الآباء والأمهات أن يصونوا الأمانة ويحفظونها من الضيام ويوجهوا أطفال المسلمين الوجهة السليمة, وثقوا تمامًا أنه لن يضيع الأبناء إلا بإهمال آبائهم ((وكل مولود يولد على الفطرة, فأبواه يهوّدانه أو ينصرانه أو يمجسانه))، ومن الرعاية للأبناء والأجيال القادمة الاهتمام الجِدّي بإخراج الوسائل المدمرة للأطفال من التفاز والفيديو والمجلات الخليعة والتعامل معها بحزم لا هوادة فيه وبالأسلوب التربوي الحكيم الذي لا ينقلب إلى ضده, وهذه بعض الوسائل التي بدت ليّ لعل الله عز وجل أن ينفع بها:
في البداية: لابد من تعويد الأطفال قيمة الوقت فلا يتاح لهم قتل الساعات الطوال في اللهو واللعب بلا تقدير لقيمة الساعات التي تمضي والوقت يُهدر بلا عمل مثمر, وفي المقابل لابد أن تكون قدوة لهم, لابد أن تحفظ أوقاتك فلا تبدد عمرك في متابعة كل خواءٍ, فإن كنت تنصح ابنك باستغلال وقته فلابد أن تكون قبل ذلك مستغلاً لوقتك.(1/117)
ثانيًا: تعويد الأطفال منذ الصغر على النوم مبكرًا ليلاً فإن الله عز وجل جعل الليل سُباتًا والنهار معاشًا, فلا يجوز السهر الطويل في الليل, والنوم في النهار.
ثالثًا: تعريف الأبناء بأن الواجبات الدينية هي أقدس ما يحرص عليه ويزرع في قلوبهم حب التعبد لله عز وجل, فلا يشغلهم أمرٌ عن الصلاة في وقتها المحدود, ولتثبيت هذا الأمر فخذ أبناءك إلى المسجد, ايتِ بهم إلى المسجد وعرفهم على كيفية الصلاة وكن جالسًا معهم في حِلق الذكر والنصيحة والتوجيه حتى يتعود الأولاد الاستماع إلى نصيحة الوعاظ وحتى يتعودوا الإتيان إلى مساجد الله سبحانه وتعالى.
رابعًا: تعليم الأبناء منذ صغرهم بالحلال والحرام, كثير من الآباء هداهم الله يهمل أبنائه فلا يعلمهم الحلال والحرام, وإنما يعلمهم الطعام والشراب وكيفية اللهو واللعب, لا يعلمهم الحلال والحرام, وأن من اقترف الحرام فإنه يُعذب, ومن أدى الواجب وترك الحرام فإن الله عز وجل أعَدّ له جنة عظيمة عرضها السموات والأرض, فينبغي للآباء أن يعلموا أبناءهم الحلال والحرام والخير والشر, حتى يستطيعوا أن يميزوا ما يعرض عليهم ويزنوه بميزان شرع الله عز وجل.
خامسًا: يعود الآباء أبنائهم على نبذ الأغاني الرخيصة للرجال والنساء, نبذ أصوات المعازف واللهو المتدني, وذلك منذ الصغر, إذا كان في حوزة أبنائك من هذه الأغاني ومن هذه الموسيقى فاستبدل هذه الأشرطة بأشرطة القرآن وأشرطة القصص للأطفال التي قد توفرت ولله الحمد في الأسواق.. والحريص يُربي فيهم الحِسّ المرهف بحيث تكره آذانهم سماع الموسيقى, فإذا سمع أغاني أو سمع موسيقى سارع بإغلاق الجهاز الذي ينبعث منه أو يذم ذلك المغني.
سادسًا: يعرف الأبناء أن أكثر برامج التلفاز وأن المسلسلات والأفلام التي تعرض مصدرها الدول الأجنبية الكافرة المعادية للإسلام والمسلمين والتي لا شيء أحب إليها من إفساد المسلمين وصرفهم عن دينهم وخلقهم وتراثهم الخيّر. حتى ينعموا دائمًا بالسيطرة على المسلمين مع إعلام الأبناء أن اليهودية العالمية هي التي تسيطر على جميع وسائل الإعلام والوكالات في العالم, فلا تقدم لنا إلا الشر في ثوب برّاق خدّاع, ولك أن تأخذ شريط من الأشرطة التي تتكلم عن أعداء الإسلام, وتلخص هذا الشريط وتقرأه على أبنائك أو أن تسمع أبناءك ذلك الشريط أو أن تقتني كذلك تلك الكتيبات التي فيها التحذير من أعداء الإسلام, فتقرأ على أبنائك ما يرد في هذه الكتيبات من التحذير منهم.
سابعًا: لابد من تقديم البدائل وتوفيرها وذلك بتنمية الهوايات المثمرة بحيث يقضي معها الأبناء أوقات فراغهم, ومن ذلك المطالعة المفيدة فتقتني الكتب المفيدة التي تتناسب مع أعمار أولادك من القصص المفيدة والتي يبعد فيها الصور ويبعد فيها الكلمات النابية, كذلك الاستعاضة عن التلفاز بأجهزة أخرى ذات آثار تربويه ومن أمثلة ذلك أن توفر لهم جهاز تسجيل مع أشرطة ليستمعو بحرية إلى جهاز التسجيل, ولا بأس أن تسمع لهم بأن يمسحو شريطًا وأن يُفرغوا شريطًا وأن يملؤه مع تهذيب التصرفات الشاذة التي قد تصدر منهم.
وكذلك الدخول معهم إلى عصر الكمبيوتر على أن يكون باتزان وروية وتوجيه واعتدال, فتُنمي فيهم كيفية استغلال هذا الشريط في الخير كذلك الأشغال اليدوية للأبناء والبنات مثل النجارة والخياطة والزخرفة وأن تُنمي فيهم الهوايات الخيّرة مثل الخط وغير ذلك وأن تلحقهم بالمراكز الصيفية التي فيها التربية وفيها التعلم وفيها التوجيه, وهي ولله الحمد متوفرة وعلى اختلاف المراحل بين ابتدائية ومتوسطة وثانوية, وكذلك هناك مراكز لتحفيظ القرآن الكريم, فألحق أبناءك بهذه المراكز التي هي لتحفيظ القرآن الكريم والتي هي خير ما تدخل أبناءك وتسجلهم فيها, وكذلك لا بأس أن تخرج بأهلك وعائلتك إلى الأماكن الخالية من التبرج ومن معصية الله تبارك وتعالى والخالية من الموسيقى والأغاني, فتروح عنهم وتعقد جلسة في تلك الأماكن لهم فتوجههم وتذكرهم بالله تعالى وتستغل المناظر لتذكر بعظمة الله عز وجل كما قال تعالى عن المؤمنين: سبحانك ربنا ما خلقت هذا باطلاً .
والرسول كان يستغل المواقف ليذكّر برحمة الله عز وجل وعظمته, ففي سبي هوازن وثقيف جاءت امرأة من السبي تبحث عن ولدها فوجدت ولدًا فألزقته وأرضعته, فيستغل النبي هذا الموقف ويقول: ((أترون هذه طارحة ولدها في النار؟ فيقولون: لا, فيقول النبي : الله أرحم بعباده من هذه بولدها)).
فتنظر إلى الجبل العظيم وتنظر إلى الأشجار المورقة الجميلة فتقول لهم من خلق هذا؟ الجنة فيها أعظم من هذا, وهكذا تذكرهم وتنبههم على عظمة الله عز وجل, ولا بأس أن تخرج بهم من حين وآخر لكي تتعرف على أحوال إخوانك المسلمين المحتاجين, لا بأس أن تأخذ أبناءك إلى العائلات الفقيرة التي تحتاج إلى العون, إلى اليتامى الذين يحتاجون إلى المساعدة, فتعودّ أبناءك العطف على المساكين وعلى الفقراء وتعودهم الإنفاق في سبيل الله ومساعدة والديهم في قضاء حوائجهم من ملابس وأشياء أخرى مادية أو عينية أو غير ذلك.
هذه بعض الخطوات العملية التي لك أن تسلكها حتى تخرج هذا الجهاز المدمر من البيت فليس الحل كما أسلفت هو أن تخرج الجهاز ثم تنشغل عن أبنائك بالدنيا وتنشغل عن زوجتك بالدنيا ولكن مع إخراج هذا الجهاز لابد من البديل ولابد من التربية الحكيمة, فهؤلاء الأبناء هم رجال الغد وهم الذين نأمل أن يخرجوا الأمة من نكستها ومما هي فيه من الأزمات, ولا يكون ذلك بترك الحبل على الغارب ولا يكون ذلك بالتلفاز والفيديو ولا يكون ذلك بالمجلات الخليعة.., إنما يكون ذلك بالتربية الإسلامية.
==============
الوقت في حياة المسلم
أحمد بن محمود الديب
العين
غير محدد
محامد و أدعيةطباعة الخطبة بدون محامد وأدعية
-------------------------
ملخص الخطبة
1- دعوة لاغتنام الأعمار قبل انصرامها. 2- تعريف الوقت عند أهل الفنون. 3- أهمية المحافظة على الوقت. 4- الآيات التي ورد فيها كلمة الوقت ومشتقاتها. 5- إقسام الله بالزمان وأجزائه تنبيهاً لشرف الزمان. 6- اهتمام السلف بعمار الأوقات واغتنامها. 7- إقرار الإسلام للهو المباح. 8- مراح النبي صلى الله عليه وسلم.
-------------------------
الخطبة الأولى
أما بعد:
روى البخاري عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ)) أي نعمتان يخسرهما كثير من الناس، وروى البخاري عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أعذر الله إلى امرئ أخر أجله حتى بلغ ستين سنة)) [وروى الحاكم والبيهقي]. عن ابن عباس قال رسول الله صلى الله وسلم: ((اغتنم خمساً قبل خمس: حياتك قبل موتك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وشبابك قبل هرمك)).
وروى البزار والطبرني عن معاذ بن جبل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن علمه ماذا عمل به)).
أيها الاخوة الكرام: لقد استحقت أمتنا أن تكون أمة قيادة وأمة ريادة حينما اهتمت بأوقاتها وعلمت أنها مسئولة عن وقتها، لقد اهتم الإسلام بالوقت اهتماماً بالغاً، بل لم يعرف التأريخ أمة من الأمم كأمة محمد اهتمت واعتنت بوقتها عناية بالغة.
وهذا نراه واضحاً في كتاب الله وسنة رسول الله وسلوك السلف. فما هو الوقت؟(1/118)
هو اسم لقليل الوقت وكثيره وهو عند كثير من العلماء المتخصصين يمثل مفهوماً خاصاً بعلومهم، فعند الجغرافي يرتبط الوقت بالظواهر الجغرافية من زمن ومكان معينين ترتبط وهذه الظواهر، وعند النحوي يربط الوقت بالأزمان مقترناً بزمن الماضي والحاضر والمستقبل، وأما علماء الطبيعة فيرون أن الزمن والوقت يمثلان واحداً من ثلاث كتل الكتلة والمسافة والزمن، وعند علماء السلوك يرون أن إضاعة الوقت ذنب يستوجب التوبة العاجلة.
والمسلم يرى الوقت يجمع بين هذا وذاك، ويرى أن الوقت أغلى من الذهب والفضة وأغلى من جميع الأموال، فإن المال إذا فقد يمكن أن يعوض، وإما الوقت إذا فقد فلا يمكن أن يعوض
دقات قلب المرء قائلة له …إن الحياة دقائق وثواني
فمن حافظ على وقته ترقى في درجات الكمال، ومن أضاع وقته نزل في دركات الوبال، ومن لم يتقدم فهو في تأخر، ومن لم يتقدم إلى الجنة بالأعمال الصالحة تأخر إلى النار بالأعمال السيئة، فخسر الدنيا وخسر الآخرة.
لقد استحقت أمتنا أن تكون أمة قيادة وريادة، فالوقت ينقسم إلى قسمين: وقت زماني ووقت مكاني، فالوقت الزماني هو الذي يتعلق بعمر الإنسان، بل هو حياته كاليوم والأسبوع والشهر والسنة، والوقت المكاني كما جاء في الحديث المتفق عليه حينما وقّت رسول الله صلى الله عليه وسلم لوفود الحجيج مواقيت مكانية فقال: ((هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن)).
ولقد ذكر الوقت في كتاب الله تعالى في ثلاث عشرة آية يذكر الله تعالى فيها قيمة الوقت، ففي سورة المرسلات: وَإِذَا الرُّسُلُ أُقّتَتْ لايّ يَوْمٍ أُجّلَتْ لِيَوْمِ الْفَصْلِ [المرسلات:11-13]. أي أن الله تعالى جعل للرسول ميقاتاً يفصل بينهم وبين أممهم وقال تعالى في سورة الحجر حينما أعطى إبليس مهلة من الوقت فقال: قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ [الحجر:37-38]. وحينما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم في سورة الأعراف عن ميقات الساعة فقال تعالى: قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبّي لاَ يُجَلّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ [الأعراف:187]. وفي سورة الشعراء قال تعالى فجمع السحرة إلى ميقات يوم معلوم [الشعراء:38]. وفي سورة المعارج: قُلْ إِنَّ الاْوَّلِينَ وَالاْخِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ [المعارج:49-50]. وقال تعالى في سورة النبأ إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتاً [النبأ:17]. وفي سورة الدخان: إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ [الدخان:40]. وفي سورة البقرة: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الاهِلَّةِ قُلْ هِىَ مَوَاقِيتُ [البقرة:189]. وفي سورة النساء: إِنَّ الصلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً [النساء:103].
وحينما أراد الله تعالى أن يمتن على العباد بقيمة الوقت ويلفت انتباههم إلى قيمته والى أهميته أقسم به في مواضع كثيرة وأقسم بأجزاء منه، ففي معرض الامتنان على الناس ذكر الله تعالى الليل في أربع وسبعين آية وذكر النهار في أربع وخمسين آية قال: وَسَخَّر لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَينَ وَسَخَّرَ لَكُمُ الَّيْلَ وَالنَّهَارَ [إبراهيم:23]. وقال: وَهُوَ الَّذِى جَعَلَ الَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً [الفرقان:62].
ولأهمية الوقت أقسم بالفجر والضحى والليل والنهار ليلفت انتباه العباد إلى قيمة الوقت ليسعوا بحرص شديد أن يعتنوا بأوقاتهم وأن يملؤوها بطاعة الله تعالى.
لقد كان سلف أمتنا أحرص الناس على أوقاتهم، فيقضون أوقاتهم في طاعة الله، بل إنهم كانوا يستغلون كل لحظة في أوقاتهم فيملؤوها بالطاعة والخشية من الله تعالى، فكانوا يقلون من علامة المقت ألا وهي إضاعة الوقت.
كان ابن مسعود يقول: (ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه، نقص فيه أجلي ولم يزد فيه عملي). وقال الحسن البصري: لقد أدركت أقواماً كانوا على أوقاتهم أشد حرصاً منكم على أموالكم. ويقول: يا ابن آدم إنك أيام مجموعة، إذا ذهب يوم ذهب بعضك. وقال عمر بن عبد العزيز: يا ابن آدم إن الليل والنهار يعملان فيك فاعمل فيهما. ويقول آخر: من كان يومه كأمسه فهو مغبون.
هؤلاء هم الذين حافظوا على أوقاتهم فكانوا يستغلون أوقاتهم في سيرهم في الطريق للعمل بطاعة الله، ويغتنمون كل لحظة من أعمارهم بطاعة الله، فهذا رجل رآه النبي وهو يتقلب في الجنة لأنه استغل وقته في طريقه روى مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لقد رأيت رجلاً يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر طريق كانت تؤذي المسلمين)).
هؤلاء اغتنموا أوقاتهم في طاعة الله فأين أوقاتنا من أوقاتهم وأين سهراتنا من سهراتهم، إننا في سهرتنا نرفع شعار: قتل الوقت. فمنا من يظنون أن أعمارهم تقتل بهذا، نعم إنهم يقتلون ولكنهم يقتلون أنفسهم بقتل وقتهم، ويزعمون أنهم يقتلون أوقاتهم، إنهم يقتلون أعمارهم بالنظر إلى المسلسلات الفاسدة والأفلام الخبيثة الخليعة والمجلات الساقطة، وفي الغيبة والنميمة -.
-------------------------
الخطبة الثانية
أما بعد:
ربما يقول قائل: هل تريد منا أن نقضي أوقاتنا في قراءة قرآن وصلاة دون أن نعطي للنفوس حظها من الترويح واللهو المباح؟
لذا نقول: لا حرج في أن يصرف المسلم وقته في اللهو المباح على ألا يتعدى بذلك اللهو على حق الله تعالى في العبادة، وعلى حق العين والبدن في الراحة، وعلى حق عملك في الإتقان، فحظ النفس في الترويح أقره رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرسول الله أعلم الناس بنفوس الناس يعلم أن النفس تمل من كثرة الموعظة وكثرة النصيحة، فكان يتخول أصحابه بالموعظة، فعن ابن مسعود قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخولنا بالموعظة خشية السآمة) أي خشية الملل، فهو الذي يعلمنا حظ النفس من اللهو المباح لأنه يكره الحزن والكسل فيقول في دعائه: ((اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والجبن والبخل وغلبة الدين وقهر الرجال)).
هكذا كان صلى الله عليه وسلم الذي كان يقوم ليله حتى تتفطر قدماه، وكان يبكي من خشية الله حتى تتخضب لحيته بدموعه، وكان الصحابة يقولون عنه: إنه كان يصوم حتى يقولون: إنه لا يفطر، وكان يفطر حتى يقولون: إنه لا يصوم.
هكذا كان صلى الله عليه وسلم وكان يضحك وجُل ضحكه التبسم، لا يفعل كما يفعل البعض في ضحكهم حتى ينقلبوا على قفاهم من الضحك بأصوات عالية، فرسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يعلمنا كيف يكون حظ النفس من اللهو المباح، فيقبل على الصبية الصغار، فيروح عنهم فيجمعهم صفاً واحداً ويقول: ((من قدم إلي فله كذا وكذا))، فيهرولون على رسول الله فيقبلهم ويلتزمهم، وهو الذي كان يسابق أم المؤمنين عائشة في بيتها وتسابقه، وهو الذي كان يحملها وهي صغيرة لتنظر إلى لعب الحبشة، فهذا هو اللهو المباح، فكان يضحك ويتبسم ويمزح، ولا يقول إلا حقاً.
روى أحمد أن رجلاً جاء إلى رسول الله فطلب منه أن يحمله فقال: ((إنا حاملوك على ولد ناقة)) فقال الرجل: وماذا أفعل بولد ناقة؟ فقال صلى الله عليه وسلم متبسماً: ((وهل تلد الإبل إلا النوق)).
ومع ذلك هو الذي حذرنا من إضاعة الوقت، هكذا كان أسلافنا جمعوا بين المحافظة على الوقت وبين اللهو المباح فكانوا في أوقاتهم يعيشون على قول الله تعالى: قُلْ إِنَّ صَلاَتِى وَنُسُكِى وَمَحْيَاىَ وَمَمَاتِى للَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ [الأنعام:162].
==============(1/119)
الوقت وسبل استغلاله ـ الإجازة
عبد المجيد بن عبد العزيز الدهيشي
المجمعة
16/3/1422
الجامع القديم
محامد و أدعيةطباعة الخطبة بدون محامد وأدعية
-------------------------
ملخص الخطبة
1- أحوال الناس في الإجازة السنوية. 2- المفرطون المضيعون لأوقاتهم. 3- نعمة الوقت والفراغ وأهمية اغتنام الأوقات. 4- حرص السلف على أوقاتهم.
-------------------------
الخطبة الأولى
أما بعد:
فاتقوا الله الذي خلقكم وسواكم، ومن الخير زادكم، ومن الشر وقاكم، وتذكروا نعمه الغزار التي لا حد لها ولاحصر وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا [إبراهيم:34]، فجددوا له سبحانه الشكر وأكثروا له من الحمد، فهو وحده المستحق لذلك، جل في علاه.
عباد الله، ها نحن الآن نستقبل إجازة صيفية تمتد بضعة أشهر، فيها يرتاح الطلاب من عناء الدراسة وتركن الأسر إلى الهدوء والسكينة بعد نشاط الدراسة والمذاكرة والمتابعة، وغالباً ما يأخذ أولياء الأمور إجازة من أعمالهم تتوافق مع إجازة الطلاب ليسعد الأب بأولاده ويفرغ لهم من وقته، وربما سافرت الأسرة هنا أو هناك.
والناس في هذه الإجازة بين مستفيد منها رابح وآخر مفرط فيها خاسر، وهكذا حال التجار، فما كل من تعاطى التجارة ربح، عباد الله الرابح في الإجازة من عمرها بالنافع المفيد فاكتسب علماً أو تعلم حرفة أو أتقن مهنة، أو حفظ آية أو علم حديثاً أو قرأ كتباً نافعة أو التحق بمركز صيفي يزيده إيماناً وثقافة ويكسبه مهارة ويملأ وقته بالمفيد، والرابح في إجازته من جعل لأقاربه وذوي رحمه نصيباً منها، أو ساهم في مشروع خير أو أمد إخوانه وساعدهم فيما يخدم المسلمين ويرفع راية الدين، والرابح في إجازته من أخلص النية لله فيها، فالعادة تنقلب إلى عبادة متى صلحت النية، فهل استحضرنا الإخلاص لله فيما نقضي به إجازاتنا ؟ والرابح منا من استغل إجازته في تعليم أهله وأولاده ما ينفعهم واستغل وجوده بينهم، فذكرهم بما يجب وحذرهم مما يجتنب، والأب المثالي هو الذي يهمه صلاح أبنائه وبناته ويستغل كل الإمكانات المتاحة من مراكز صيفية للطلاب ودور نسائية لتحفيظ القرآن الكريم للبنات والأمهات.
أما الخاسرون في الإجازة فكثير، كما يشهد به واقع الكثيرين وكما اعتاد الناس في كل إجازة، فمن أقبل على مشاهدة الحرام والتمتع بالحرام خاسر، ومن تفرغ لاصطياد الفرائس والتغرير بالأبرياء خاسر، ومن سهر ليله كله ونام نهاره فضيع الصلاة خاسر، ومن مضى وقته وانقضت أيامه وانصرمت لياليه وكثرت مجالسه دون ذكر لله تعالى خاسر، ففي الحديث الصحيح: ((ما جلس قوم مجلساً لم يذكروا الله فيه ولم يصلوا على نبيهم إلا كان عليهم تِرَة فإن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم)) والتِرة هي الحسرة والندامة.
وذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقيل: ما زال نائماً حتى أصبح ما قام إلى الصلاة فقال: ((بال الشيطان في أذنه)) البخاري، فهل يرضى أحدنا أن يبول ابنه في أذنه، فضلاً عن عدوه، فضلاً عن الشيطان الرجيم.
وللشيطان مع النوم أحوال عجيبة، فبه يتسلط على العبد إذا أفرط فيه وتجاوز قدر الحاجة، في الصحيحين: ((يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد، يضرب كل عقدة: عليك ليل طويل فارقد، فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلى انحلت عقدة فأصبح نشيطاً طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان)) فهل يعي ذلك من يصبح كل يوم وقد ضيع الصلاة ولم يستهل يومه بذكر ولا صلاة ولا وضوء، أما من سافر سفراً محرماً فليخش العقوبة وليتذكر ما بلي به من عصى الله تعالى من الأمراض المستعصية، وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى [طه:127].
عباد الله، الوقت الذي نعيش فيه متمتعين بقوانا وحواسنا، ونرفل في النعيم والأمن والأمان من أجل النعم والمنن، ومن غفل عن وقته سيندم كما يندم الكفار إذا عاينوا النار ووقعوا فيها وَالَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لاَ يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُواْ وَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مّنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِى كُلَّ كَفُورٍ وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الَّذِى كُنَّا نَعْمَلُ ـ فيجابون ـ أَوَلَمْ نُعَمّرْكُمْ مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُواْ فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ [فاطر:26، 37]، فجعل سبحانه التعمير وطول العمر موجباً للتذكر والاستبصار، وأقام العمر الذي يحياه الإنسان حجة عليه ،. فالزمن نعمة جلى ومنحة كبرى لا يستفيد منها كل الفائدة إلا الموفقون، كما أشار إلى ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: ((نعمتان مغبون فيها كثير من الناس: الصحة والفراغ)) أخرجه البخاري ، نسأل الله تعالى بمنه وكرمه أن يرزقنا الحفاظ على أوقاتنا والمبادرة بالأعمال الصالحة قبل تَصرُّم الأعمار وانقضاء الأيام.
أقول قولي هذا...
-------------------------
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين.
أما بعد:
فللوقت نفاسته وأهميته، التي أدركها من سبقنا، قال ابن القيم رحمه الله تعالى: "فالوقت منصرم بنفسه منقض بذاته ـ أي لا يحتاج إلى من يديره ويحركه ـ ولذا فمن غفل عن نفسه تصرمت أوقاته وعظمت حسراته واشتد فواته، والواردات سريعة الزوال تمر أسرع من السحاب وينقضي الوقت بما فيه، فلا يعود عليك منه إلا أثره وحكمه، فاختر لنفسك ما يعود عليك من وقتك، فإنه عائد عليك لا محالة، لهذا يقال للسعداء في الجنة: كُلُواْ وَاشْرَبُواْ هَنِيئَاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِى الأَيَّامِ الْخَالِيَةِ [الحاقة:24]، ويقال للأشقياء المعذبين في النار: ذَلِكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَفْرَحُونَ فِى الأرْضِ بِغَيْرِ الْحَقّ وَبِمَا كُنتُمْ تَمْرَحُونَ [غافر:75]" ا.هـ ولذا كان حرص سلفنا الصالح على أوقاتهم شديداً، قال ابن مسعود: ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه، نقص فيه أجلي ولم يزد فيه عملي.
وهذا ابن الجوزي يقول: "وقد رأيت عموم الخلائق يدفعون الزمان دفعاً عجيبا ً، إن طال الليل فبحديث لا ينفع أو بقراءة كتاب فيه غزل وسمر، وإن طال النهار فبالنوم، وهم في أطراف النهار على دجلة أو في الأسواق.ا.هـ.
وما ظنكم بما سيقوله ابن الجوزي لو رأى ما يقضي فيه كثيرون من المسلمين أوقاتهم في هذا الزمان الذي كثرت فيه الصوارف واسترخص فيه أقوام أوقاتهم، فبذلوها فيما حرم الله عليهم فإلى الله المشتكى، وهو المستعان والمسؤول جل وعلا أن يمن علينا باستغلال أوقاتنا فيما ينفعنا عنده يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
=============
الوقت وسبل استغلاله
عبد المجيد بن عبد العزيز الدهيشي
المجمعة
11/3/1420
الجامع القديم
محامد و أدعيةطباعة الخطبة بدون محامد وأدعية
-------------------------
ملخص الخطبة
1- نعمة الوقت من أعظم نعم الله. 2- مغبون مضيع الأوقات والأعمار. 3- حرص السلف على أوقاتهم. 4- الدعوة لاغتنام الأوقات.
-------------------------
الخطبة الأولى
أما بعد:
فاتقوا الله الذي خلقكم وسواكم، ومن الخير زادكم، ومن الشر وقاكم، وتذكروا نعمه الغزار التي لا حد لها ولا حصر وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا [إبراهيم:34]، فجددوا له سبحانه الشكر وأكثروا له من الحمد، فهو وحده المستحق لذلك جل في علاه .(1/120)
ومن تلك النعم التي نتقلب فيها صباح مساء، وقد غفل الكثيرون عنها، وقل المتنبهون لها المستغلون لها بما ينفعهم في الدنيا والآخرة، نعمة الوقت. يقول سبحانه مذكراً بهذه النعمة: وَسَخَّر لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَينَ وَسَخَّرَ لَكُمُ الَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَاتَاكُم مّن كُلّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا [إبراهيم:33، 34]، وفي آية أخرى وَسَخَّرَ لَكُمُ الَّيْلَ وَالْنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالْنُّجُومُ مُسَخَّراتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِى ذَلِكَ لآيَاتٍ لّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ [النحل:12]، وقال سبحانه: وَجَعَلْنَا الَّيْلَ وَالنَّهَارَ ءايَتَيْنِ فَمَحَوْنَا ءايَةَ الَّيْلِ وَجَعَلْنَا ءايَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُواْ فَضْلاً مّن رَّبّكُمْ وَلِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَىْء فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً [الإسراء:12]، فهذا الوقت الذي نعيش فيه من أجل النعم والمنن، ومن غفل عنه سيندم كما يندم الكفار إذا عاينوا النار ووقعوا فيها وَالَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لاَ يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُواْ وَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مّنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِى كُلَّ كَفُورٍ وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الَّذِى كُنَّا نَعْمَلُ ـ فيجابون ـ أَوَلَمْ نُعَمّرْكُمْ مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُواْ فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ [فاطر:36، 37]، فجعل سبحانه التعمير وطول العمر موجباً للتذكر والاستبصار، وأقام العمر الذي يحياه الإنسان حجة عليه، قال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية: أي أوَ ما عشتم في الدنيا أعماراً؟ لو كنتم ممن ينتفع بالحق لانتفعتم به في مدة عمركم.
ولذا كان طول العمر حجة على ابن آدم ففي الحديث: ((أعذر الله عز وجل إلى امرئ أخر عمره حتى بلغه ستين سنة)) البخاري.
أي أزال عذره ولم يبق له موضعاً للاعتذار، إذ أمهله طول هذه المدة المديدة من العمر. فالزمن نعمة جلى ومنحة كبرى لا يستفيد منها كل الفائدة إلا الموفقون، كما أشار إلى ذلك قوله: ((نعمتان مغبون فيها كثير من الناس الصحة والفراغ )) البخاري.
قال ابن القيم: "فالوقت منصرم بنفسه منقض بذاته ـ أي لا يحتاج إلى من يديره ويحركه ـ ولذا فمن غفل عن نفسه تصرمت أوقاته وعظمت حسراته واشتد فواته، والواردات سريعة الزوال تمر أسرع من السحاب وينقضي الوقت بما فيه فلا يعود عليك منه إلا أثره وحكمه، فاختر لنفسك ما يعود عليك من وقتك، فإنه عائد عليك لا محالة، لهذا يقال للسعداء في الجنة كُلُواْ وَاشْرَبُواْ هَنِيئَاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِى الأَيَّامِ الْخَالِيَةِ [الحاقة:24]، ويقال للأشقياء المعذبين في النار ذَلِكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَفْرَحُونَ فِى الأرْضِ بِغَيْرِ الْحَقّ وَبِمَا كُنتُمْ تَمْرَحُونَ [غافر:75]"ا.هـ
ولذا كان حرص سلفنا الصالح على أوقاتهم شديداً، يقول ابن مسعود: (ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه، نقص فيه أجلي ولم يزد فيه عملي).
وهذا ابن الجوزي يقول: "وقد رأيت عموم الخلائق يدفعون الزمان دفعاً عجيباً، إن طال الليل فبحديث لا ينفع أو بقراءة كتاب فيه غزل وسمر، وإن طال النهار فبالنوم، وهم في أطراف النهار على دجلة أو في الأسواق" .ا.هـ.
وما ظنكم بما سيقوله ابن الجوزي لو رأى ما يقضي فيه كثيرون من المسلمين أوقاتهم في هذا الزمان الذي كثرت فيه الصوارف واسترخص فيه أقوام أوقاتهم، فبذلوها فيما حرم الله عليهم فإلى الله المشتكى وهو المستعان والمسؤول جل وعلا أن يمن علينا باستغلال أوقاتنا فيما ينفعنا عنده يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
-------------------------
الخطبة الثانية
أما بعد:
فيا عباد الله اعلموا أن الدنيا سريعة الانقضاء فقد سماها الله تعالى متاعاً إِنَّمَا هَاذِهِ الْحياةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الاْخِرَةَ هِىَ دَارُ الْقَرَارِ [غافر:39]، فخذوا من العاجل للآجل، وتزودا من الخير ما دمتم قادرين على اكتسابه، وتذكروا واحذروا أن تكونوا ممن يقول في يوم القيامة رَبّ ارْجِعُونِ لَعَلّى أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ [المؤمنون:99، 100]، واستحضروا هذا المشهد العصيب والموقف العظيم كَلاَّ إِذَا دُكَّتِ الأَرْضُ دَكّاً دَكّاً وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً وَجِىء يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذّكْرَى يَقُولُ يالَيْتَنِى قَدَّمْتُ لِحَيَاتِى [الفجر:21-24]، فالسعيد حقاً من اغتنم أيامه، وحرص على تقديم ما ينفعه عند ربه، والبائس المغبون هو ذاك الذي لا تزيده الأيام من الله إلا بعداً، يرى الأيام تمضي تباعاً فيفرح لقرب ترقية أو حصول علاوة أو تحقق أمنية وهو غافل عن طاعة الله مرتكب لما نهى الله، وما علم المسكين أن كل يوم يمر به يدنيه من قبره ويباعده عن دنياه. وما أجمل أن يعتني المسلم بوقته، فيعمره بالخير وعمل البر، ويعطي كل ذي حق حقه، ويعتني برأس ماله وهو أداء الواجبات والانتهاء عن المحرمات، ثم يسابق إلى الأرباح بفعل المستحبات والتزود بالأعمال الصالحات، فما ربح إلا المتقون، ولا خسر إلا المفرطون المتقاعسون. والحمد لله رب العالمين.
===============
ضبط الوقت وأثره في إنتاجية المجتمع
صالح بن عبد الله بن حميد
مكة المكرمة
10/5/1426
المسجد الحرام
محامد و أدعيةطباعة الخطبة بدون محامد وأدعية
-------------------------
ملخص الخطبة
1- ظاهرة إهدار الأوقات في الإجازة. 2- من سنن الله تعالى أن جعل الليل لباسًا والنهار معاشًا. 3- خطورة مخالفة سنن الله الكونية على الفرد والمجتمع. 4- أهمية ضبط الوقت وتنظيمه في رقي الأمم. 5- فضائل البكور وبركاته.
-------------------------
الخطبة الأولى
الحمد لله أولى من حُمِد، وأحبِّ من ذُكِر، وأحقِّ من شُكِر، وأكرمِ من تَفَضّل، وأرحمِ من قُصِد، أحمده سبحانه وأشكره، تَعَرّف إلى خلقه بالدلائل الباهرة والحجج القاهرة، وأنعم عليهم بالنعم الباطنة والظاهرة، والآلاء الوافرة المُتَكاثِرَة. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، مَدَّ الأرضَ فأوسعها بقُدْرِته، وقَدَّر فيها أَقْوَاتها بحكمته، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبد الله ورسوله، رفع ربُّهُ ذِكرَه فأعلاه وأجَلّه، وفي أعلا المنازل أكرمه وأحَلّه، صلّى الله وسلّم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه، أعِزّة على الكفّار وعلى المؤمنين أَذِلّة، والتابعين ومن تبعهم بإحسان، بدعوتهم وطريقتهم تَتّحِد الكلمة، وترتفع أركان المِلّة، وسلّم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: فأوصيكم أيها الناس ونفسي بتقوى الله عز وجل، فاتقوا الله رحمكم الله، فالدنيا غير مأمونة، ومَن عَزَمَ على السفر والرحيل تَزَوّد بالمؤونة، ومن صَحّت نيّتُه، وأخذ بالأسباب جاءته من ربه المعونة، من عَلِم شَرَف المطلوب جَدّ وعَزَم، والاجتهادُ على قَدْر الهِمَم، والنفسُ إذا أُطْمِعَت طَمِعَت، وإذا أُقْنِعَت باليسير قَنِعَت، وإذا فُطِمَت انْفَطَمَت، اهتمّ بالخلاص أهل التُّقى والإخلاص، وفرّط المفرّطون فندموا ولاتَ حينَ مَنَاص، مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ [فصلت:46].(1/121)
أيها المسلمون، قوّة الأمّة وتقدّمها وحُسن تديُّنها مَقِيسٌ بقوة إيمانها، وجودةِ عملها، ودقّةِ تنظيمها، ومِقدَارِ إنتاجها، وحُسنِ تدبيرها، بسم الله الرحمن الرحيم: وَالْعَصْرِ إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ [سورة العصر].
عباد الله، ومع هبوب رياح الصيف وحلول مواسم الإجازات في كثير من البقاع والديار، وارتباط الإجازة عند بعض الناس بالتعطيل والبطالة وإضاعة الوقت وقتله؛ يحسن الوقوف وقفة نظر وتأمّل في العمل والإنتاج وساعات العمل وحفظ الوقت وضبط ساعات العُمُر وأوقات الراحة.
إن قُدرة المجتمعات على الإنتاج والعطاء وضبطِ ساعات العمل وكَسْبِ المعاش وأوقات الراحة من أدلّ الدلائل على القوّة، بل حُسنِ الإيمان والعمل الصالح وإدراك معنى الإصلاح.
تأمّلوا ـ رحمكم الله ـ هذه الآيات من كتاب الله فيما امتنّ الله على عباده من تهيئة أسباب المَعَاش من أجل حُسن المَعِيشَة، يقول عزّ شأنه: وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ [الأعراف:10]، ويقول عزّ من قائل: هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ [الملك:15]، وقال جلّ وعلا: فَإِذَا قُضِيَتْ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون [الجمعة:10].
ثم تأمّلوا التنبيهَ على أوقات العمل وساعاته والراحة ومواعيدها، يقول سبحانه: وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا [النبأ:9-11]، ويقول جلّ في عُلاه: وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ [الإسراء:12]، ويقول جلّ وعلا: وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا [الفرقان:47]، ويقول في حقّ نبيّه محمد : إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلاً [المزمل:7].
أيها المسلمون، هذه هي آيات الله، وتلك هي سُننه في الليل وفي النهار وفي البشر، ولكنّ المتابع لمسالك بعض الناس ـ وبخاصّة في منطقتنا ومحيطنا في كثير ٍمن أفراد مجتمعنا ـ ليَدْهَشُ ويأسَى مما يلْفِتُ نظرَه من الغفلة عن هذه السُّنّة الإلهية والآية الربّانية، حين ينقلب عندهم الحال، فيجعلون نهارَهم سُبَاتًا، وليلَهم مَعَاشًا، بل لهوًا وعَبَثًا، إنه انتكاسة وانقلاب، بل فوضى واضطراب، وآثاره على الحياة والأحياء خطيرة في الإنتاج والصلاح والإصلاح، صحّية وبيئيّة وأمنيّة واقتصاديّة واجتماعيّة وغيرها. نعم أيها الإخوة الأحبّة، إن مما يأْسَى له الناظرُ أن ترى أُسَرًا بأكملها، أو مُدنًا بكلّ أهلها، صغارِها وكبارِها، رجالِها ونسائِها؛ قد قلبوا حياتهم، وانقلبوا في مَعَاشهم، فيسهرون ليلَهم، ثم يصبحون في نهارهم غير قادرين على العمل والعطاء، سواءً أكانوا طُلابًا أم موظّفين، وسواءً أكانوا في أعمال خاصّة أم عامّة، فهم ضعفاء في الإنتاج، ضعفاء في المشاركة، مُقَصّرين في الأداء، مُفَرّطين في المسؤولية، لا ترى إلا ذُبُولَ الحاجِبَين، واحمرارَ العينين، قد أخذ منهم النُّعَاسُ والكسلُ كلَّ مَأخَذ، ضَعْفٌ في الجسم، ووَهَنٌ في القُوى، وقلّة في التركيز والأداء.
إن ظاهرة عكس السُّنن وتحويل وظائف النهار إلى الليل دليلٌ على التَسَيُّب والفوضى وضياع الضابط في الناس، بل قد تكون دلالةً من دلالات التَّرَهُّلِ المُهْلِك، والاتِّكاليّة المُدَمِّرة، وكأنّه لا هَمَّ لهم إلا تلبية أهوائهم ومُشْتَهَيَاتِهم، مُنْصَرِفين أو مُتَعَامِين عن حقيقة وجودهم، وطبيعةِ رسالتهم، وعظيمِ مسؤوليتهم، والجدِّ في مسالكهم. ويكفي المُخْلِصَ الصادقَ الناصحَ لأمته أن يُجِيل نظرَه في مجموعة من هذا الشباب التائه الضائع الذي يعيش على هامش الحياة، بل على هامش الزمن، في الليل مستيقظٌ بلا عمل والأمم الحيّة العاملة نائمة، ويكون نائمًا والأمم الحيّة العاملة مستيقظةٌ ساعَيِةٌ كادَّةٌ جادَّةٌ. ومع الأسف فإن الناظر المتأمّل لا يكاد يجد ناصحًا أو منكرًا لهذه المسالك التي لا تُحْمَد عُقْبَاها، بل إن عاقبتها خُسْرٌ في الأبدان والأموال والثمرات؛ مما يستدعي قرارًا حازمًا يردّ الناس إلى الصواب؛ ليكون الليل سَكَنًا وسُبَاتًا، ويكون النهار عملاً ومعاشًا.
ثم ماذا إذا صار الليلُ حركةً وعملاً لا نومًا ولا سُبَاتًا ولا سَكَنًا؟ سوف يزداد الصَّرْف والاستهلاك في كل المرافق، في مائها وإضاءاتها وطرقها وصيانة ذلك كله ونظافته، بل إن الأجهزة سوف تعمل فوق طاقتها ليلاً ونهارًا، مما يتولّد عنه الضعفُ والتَّسَيُّبُ والعَجْزُ والضَّجَرُ، ومن ثَمّ المشكلات الأمنيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة وغيرها.
معاشر المسلمين، إنّ أول مَدَارِج الإصلاح ـ والأمة تبتغي الإصلاح والانتظام في صفوف الأمم القويّة العاملة الجادّة ـ إنّ أول ذلك القدرة على ضبط أنفسنا وأبنائنا، والتحكّم الدقيق في ساعات عملنا. إن هذه الانتكاسة التي شملت الموظّفَ والمسؤولَ والطالبَ والمعلّمَ والرجلَ والمرأةَ تحتاج إلى وقفة صادقة جادّة، وقرارٍ حاسمٍ يعيد الناس إلى الجادَّة، بل يعيدهم ليكونوا أسوياء يعملون كما يعمل الناس في كل بلاد الدنيا. ولا مُسَوّغ البتَّةَ للاحتجاج بالظروف الاجتماعية أو المناخية؛ لأنّ سُنن الله في الليل والنهار عامّة، تَنْتَظِم البشرَ كلَّهم في مجتمعاتهم ومَنَاخَاتهم وقارّاتهم، فربُّنا جعل الليلَ سَكَنًا، وجعل النهارَ مَعَاشًا، ومحا آيةَ الليل، وجعل آية النهار مُبْصِرَة؛ لابتغاء فضله سبحانه، وذلك لأهل الأرض كلهم، بل جاء الخطاب في قوله سبحانه بعد أداء صلاة الجمعة: فَإِذَا قُضِيَتْ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ [الجمعة:10]، وهذا لا يكون إلا بعد الظهر وفي شدّة حرارة الشمس في الصيف، وهو خطاب تَنَزّل أول ما تَنَزّل على العرب في جزيرتهم.
إن من أهمّ آليّات الإصلاح الذي ينادي به المصلحون المُخْلِصُون النظرَ الجادّ في هذه القضية، وإعادةَ ترتيب ساعات العمل، وحملَ الناس على ذلك، وأَطْرَهم عليه أَطْرًا، حتى يتحوّل المجتمع إلى مجتمع مُنْضبِط عامل مُنْتِجٍ يحسن توظيف قدراته ومواهبه ومؤهّلاته وكفاءته في كل طبقاته رجالاً ونساءً وشبابًا وكهولاً، يجب أن يكون المجتمع نَهَارِيًّا لا ليلِيًّا، فلا عمل في الليل إلا في حدود ضيّقة في بعض الأعمال الخاصّة من حراسة ومُنَاوَبة وأَشْبَهِها.(1/122)
أيها المسلمون، إن أول ما يجب التطلّع إليه أن تكون الأمةُ أمةَ بُكُور، في بُكُور الصباح تغدو مخلوقاتُ الله وأممُ الأرض كلُّها تبتغي فضل الله، إن يومكم الإسلامي ـ أيها المسلمون، أيها الشباب ـ يبدأ من طلوع الفجر، وينتهي بعد صلاة العشاء، قال بعض السلف: "عجبت لمن يصلي الصبح بعد طلوع الشمس كيف يُرزق؟"، وأصدق من ذلك وأبلغ قول نبينا محمد في الحديث الصحيح الذي رواه أبو هريرة وابن عمر وصَخْر بن وَدَاعَة رضي الله عنهم في قوله : ((اللهم بارك لأمتي في بُكُورها)) رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه(1)[1]، ولفظ أبي هريرة: ((بُورِك لأمتي في بُكُورها))(2)[2]، وكان صَخْر راوِ الحديث لا يبعث غلمانه إلا من أول النهار، فكَثُر مالُه حتى كان لا يدري أين يضعه.
يومكم الإسلامي ـ يا أهل الإسلام ـ مُرتَبِطٌ ومُفْتَتَحٌ بصلاة الصبح، وفيها قرآن الفجر: إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا [الإسراء:78]. يستقبل بها المسلمُ يومَه، ويستفتح بها نهارَه وعملَه، دعاه داع الفلاح، فالصلاة خير من النوم. استشعر عبودية ربّه والإيمان والعمل الصالح، يرجو البركة ونشاط العمل وطِيب النفس، نعم طِيب النفس ونشاط البدن مِصْداقًا للحديث المتّفق عليه، إذ يقول : ((يَعْقِدُ الشيطانُ على قافِيَة رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عُقَد، ويَضْرِبُ على مكان كل عُقْدَة: عليك ليلٌ طويلٌ فارْقُد، فإن استيقظ وذكر الله انحلّت عُقْدَةٌ، فإن توضّأ انحلّت عُقْدَةٌ، فإن صلّى انحلّت عُقْدَةٌ، فأصبح نشيطًا طَيّب النفس، وإلا أصبح خبيثَ النفسِ كَسْلانَ))(3)[3]. ومن صلّى الصُّبْح فهو في ذمّة الله. ولقد ذُكِر عند النبي رجلٌ فقيل: ما زال نائمًا حتى أصبح، ما قام إلى الصلاة! فقال رسول الله : ((ذاك رجلٌ بال الشيطان في أذنه)) أخرجه البخاري(4)[4].
أهل البُكُور قوم موفّقُون، وجوههم مُسْفِرَة، ونَوَاصِيهم مُشْرِقة، وأوقاتُهم مُباركة، أهل جِدّ وعمل وسعي، يأخذون بالأسباب مُفَوّضين أمرهم إلى ربّهم، متوكّلين عليه، فهم أكثر عملاً، وأعظم رضًا، وأشدّ قناعة، وأرسخ إيمانًا، والبركات فُيُوضٌ من الله وفُتُوحٌ، فتحنا عليهم بركات من السماء والأرض، لا تقع تحت حَصْر لا في عمل ولا في عَدَد ولا في صورة ولا مكان ولا زمان ولا أشخاص، بركات من السماء والأرض، بركات بكل أنواعها وألوانها وصورها، مما يَعْهُدُ الناسُ ومما لا يعهدونه. فاستقيموا ولن تُحْصُوا، وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ [المزمل:20].
عباد الله، وحين يترك الناس البُكُور، ويُهْمِلون الساعات المباركة؛ تصبح أوقاتهم ضيّقة، وصدورهم حَرِجَة، وأعمالهم مُضْطَرِبة.
وبعد، فهذا هو ديننا، وهذا هو نهجنا، وهذه هي إرشادات نبيّنا، فلماذا يسبقنا الآخرون؟!
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ [الحجر:19-21].
نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم وبهدي محمد . وأقول قولي هذا، وأستغفر الله لي لكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
-------------------------
الخطبة الثانية
الحمد لله المُتَفَرِّد بالقُدْرة، أحمده سبحانه لا تُقَدِّرُ الخلائقُ قَدْرَه، وأشكره على نعمٍ لا تُحصى، ولا يُطيقُ العبادُ شُكْرَه. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، جَلّ صفةً، وعزّ اسمًا، وأشهد أن سيّدنا ونبيّنا محمدًا عبد الله ورسوله علا شرفًا وإلى ذُرَا الأخلاق سَمَا، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه كانوا على الحق أعلامًا، وعلى الهُدَى أنْجُمًا، والتابعين ومن تبعهم بإحسان وسلّم تسليمًا.
أما بعد: أيها المسلمون، البُكُور استقامة مع الفطرة في المخلوقات والأشياء، والتبكير دليل قوّة العَزْم وشدّة التّشْمِير، ومن أراد علمًا أو عملاً فليُبَادر بالبُكُور، فذلكم علامة اليقظة والنّباهة والجدّ والحَزْم والبُعْد عن الغفلة والإهمال والفوضى، روى مسلم في صحيحه أن رجلين جاءا إلى عبد الله بن مسعود يزورانه بعد الفجر، فأذنت لهم الجارية بالدخول فترَدّدَا، فقال لهما عبد الله بن مسعود: (ادخلا، أتظنان بابن أمّ عَبْدٍ الغفلةَ؟!)(5)[1].
في البُكُور صفاء الذهن، وجودة القَرِيحَة، وحضور القلب، ونَقَاء النفس، ونور الفكر، فيه استجماع القُوى، واستحضار المَلَكَة، وانبعاث الفُتُوّة. في البكور الهواء أنقى، والعبد أتقى، والنفس أطيب، والروح أزكى. نسائم الصباح لها تأثيرها اللطيف على النفس والقلب والبدن والأعصاب، والجسم يكون في أفضل حالاته وأكمل قواه. من غريب ما قالوا: إن أصحاب الأعمار الطويلة هم من القوم الذين يستيقظون مُبَكّرين. بل قالوا: إن الولادات الطبيعية في النساء تقع في ساعات النهار الأولى الباكرة. بل إن بعض الباحثين يُرْجِع الاكتئاب والأمراض النفسيّة إلى ترك البُكُور ونوم الضُّحَى.
وبعد، فتأمّلوا ـ رحمكم الله ـ حين يجتمع للعبد العاملِ الجادِّ البُكُور والبركة، بركة المال، وبركة العمل، وبركة الوقت، فينتفع بماله، ويُفْسَحُ له في وقته، ويُقْبِل على عمله، فينجز في الدقائق والساعات ما لا ينجزه غيره ممن لم يُبارَك له في أيام وليالي، يُبارَك له فيكون الانشراح والإقدام والإقبال والرضا والإنجاز.
ألا فاتقوا الله رحمكم الله، والزموا سُنَنَ الله، وخذوا بالجدّ من أعمالكم، والحَزْم من أموركم، يُكتَب لكم الفلاح في الدنيا والآخرة، فحيّ على الفلاح، فالصلاة خير من النوم.
__________
(1) أخرجه من حديث صَخْرِ بنِ وَدَاعَةَ الغَامِديِّ: الإمام أحمد (15012)، وأبو داود في الجهاد (2602)، والترمذي في البيوع (1212)، وابن ماجه في التجارات (2236)، قال الترمذي: "وفي الباب عن علي وابن مسعود وبُرَيدة وأنس وابن عمر وابن عباس وجابر... وحديث صخر الغامدي حديث حسن، ولا نعرف لصخر الغامدي عن النبي صلى الله عليه وسلم غير هذا الحديث، وقد روى سفيان الثوري عن شعبة عن يعلى بن عطاء هذا الحديث"، وصححه لغيره الألباني في صحيح الترغيب (1693).
(2) أخرجه الطبراني في الأوسط (1/229)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (2841).
(3) أخرجه البخاري في الجمعة (1142)، ومسلم في صلاة المسافرين وقصرها (776) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(4) أخرجه البخاري في الجمعة (1144)، ومسلم في صلاة المسافرين وقصرها (774) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
(5) أخرجه مسلم في صلاة المسافرين وقصرها (822).
=============
قيمة الوقت في حياة المسلم
صالح بن محمد آل طالب
مكة المكرمة
24/5/1426
المسجد الحرام
محامد و أدعيةطباعة الخطبة بدون محامد وأدعية
-------------------------
ملخص الخطبة
1- اقتران الإجازات بالصيف في كل العالم. 2- هدي الإسلام في الترويح عن النفس. 3- الإجازة وإهدار الأوقات. 4- التذكير بقيمة الوقت. 5- السلف والبركة في الأوقات. 6- همسات للخارجين عن جماعة المسلمين.
-------------------------
الخطبة الأولى(1/123)
أما بعد: فاتقوا الله تعالى أيها الناس، اتقوا ربكم الذي يعلم السرّ والنجوى، وكفى به بذنوب عباده خبيرًا بصيرًا، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].
إن العبد في الدنيا بين مَخَافَتَيْن: بين أَجَلٍ قد مضى لا يدري ما الله صانعٌ فيه، وأجلٍ قد بقي لا يدري ما الله قاضٍ فيه، فليأخذ العاقل من نفسه لنفسه، ومن دنياه لآخرته، ومن الفراغ قبل الشُّغل، فو الذي نفسي بيده ما بعد الموت من حِيلة، وما بعد الدنيا إلا الجنة أو النار.
وبعد: أيها المسلمون، تتقَلّب أحوال الإنسان في هذه الدنيا بين صحّة ومرض وشُغل وفراغ وتعب واسْتِرْوَاح وجِدّ وفُتُور، وقد أحدث الفراغَ هذه الأيام انتهاءُ العام الدراسي، وتوافُقُ كثير من الناس على أخذ إجازاتهم السنوية في فصل الصيف، ولم يكن هذا مُشتِهرًا في الماضي، بل هو ممّا أفْرَزَته المدَنِيّة الحديثة، والتي تستهلك الإنسان كالآلة طوال العام في كَدّ وكدح ولَهَاث وراء الدنيا، في بُعْدٍ عن غذاء الروح من الإيمان، والذي هو اسْتِرْوَاحٌ للأبدان وراحة للقلوب والنفوس، وسرت عدوى الإجازات حتى أصبحت سِمَة للصيف في كل العالم.
وانطلاقًا من واقعية الإسلام وشموليّته وتوازن أحكامه واعتدال تشريعاته فقد أقَرّ بحق النفس والبدن في أخذ نصيبهما من الراحة والاستجمام، وقد قال النبي : ((إن لبدنك عليك حقًّا، وإن لأهلك عليك حقًّا، وإن لِزَوْرِك عليك حقًّا، فأعط كل ذي حقٍّ حقَّه)) رواه البخاري ومسلم(1)[1]. والنفس قد تَسْأم من طول الجدّ، والقلوب تتعب كالبدن، وقد قال علي : (رَوّحوا القلوب ساعة وساعة؛ فإن القلب إذا أُكرِه عمي)(2)[2].
إلا أن هذا الترويح لا يخرج عن دائرة المباح، وقد ثبت أن النبي كان يُمازِحُ ويُداعِبُ ولا يقول إلا حقًّا(3)[3]، وقد سابق عائشة رضي الله عنها(4)[4]، وداعَبَ الصبيان، وحثّ على مُلاعَبة الزوجة، وأقَرَّ الحَبَشَةَ في لعبهم بالحِرَاب(5)[5]، وقال: ((ارموا بني إسماعيل؛ فإن أباكم كان راميًا))(6)[6]. وهذه بعض الجوانب المباحة من اللهو المباح والترفيه الذي لا يستهلك كلَّ الوقت، ولا يكون دَيْدَنَ الإنسان، ولا يخرج عن طَوْقِ المباح. إنّ إدخال السرور على النفس والتنفيس عنها وتجديد نشاطها من الأمور المعتبرة في الشرع. واللهو المباح في الإسلام هو ما لا يخالف قواعده ولا شريعته، فلا يكون محرّمًا أو ذريعة لمحرّم، ولا يصدّ عن واجب.
عباد الله، وإذا كانت الإجازات أمرًا واقعًا فإن المسلم الواعي لا ينبغي أن يغفل عن أمرين مهمّين:
الأول منهما: أن وقت الإجازة جزء من عمره، وأن الوقت هو الحياة، والإجازة لا تعني الفراغ والبَطَالة، ومُؤدّى ذلك هو الأمر الثاني:
أن التكاليف الشرعية لم تسقط عنه، فالإنسان مطالب باستفراغ وقته كله في عبادة الله تعالى، وهي الغاية التي خُلِقَ لها: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ [الذرايات:56]. ولا يعني هذا ملء جميع الأوقات بالصلاة والصيام والجهاد بلا فُتُور ولا توقّف، بل المقصود أنه لا يخرج عن طاعة ربه في أي حال من الأحوال، ولا يخرج عن تكليف، فهو مأمور ومَنْهِيّ، ولا يوجد وقت يكون فيه خارجًا عن التكليف يتصرف كيف يشاء، فهو دائر بين الواجبات والسُّنن والمباحات، وهو في أقلّ الأحوال مُكَلَّف بالابتعاد عن منطقة الحرام مهما كان نائيًا أو مُسترِخيًا.
إن الإجازة ليست وقتًا مُقْتَطَعًا على هامش الحياة، بل هي جزء من العمر الذي لا يملكه الإنسان، بل يملكه الله الذي خلقه ليوظّفه الإنسان في طاعة مولاه؛ لذلك حَرُم عليه أن يُهلِك عمره ووقته بأي صورة ولأي سبب، وقد قال الحق سبحانه: وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا [النساء:29، 30]، مع أن المُنتحِر لم يقتل سوى عمره ووقته، وهذا يفسّر مسؤولية الإنسان عن عمره أمام خالقه، كما في الحديث الذي رواه الترمذي بسند صحيح أن النبي قال: ((لن تزول قدما عبدٍ يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع: عن عمره فيم أفناه، وعن شبابه فيم أبلاه، وعن علمه ماذا عمل به، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه))(7)[7]. والأسفار جزء من الأعمار، وكلٌّ مسؤول ومحاسَب عن ساعات عمره فيما أمضاها، وبناء عليه ندرك أن المفهوم الشرعي للوقت لا يجعل للإنسان الحق في إضاعة وقته، وندرك أيضًا عظمة الوقت بإقسام الله تعالى به وبأجزائه: وَالْعَصْرِ إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ [سورة العصر].
وحين أقسم الله تعالى بالليل إذا يَغْشَى، والنهار إذا تَجَلّى، ونَوْعَي الخلق من الذكر والأنثى قال: إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى [الليل:4]، وحين أقسم بالشمس وضُحَاها، والقمر والنهار والليل والنّفْس قال: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:9، 10]، في إشارة من هذه الآيات إلى أن الوقت مادة الحياة، وأن سعي الناس فيها مختلف، فمنهم من يُزكّي نفسه ويُنَمّيها بالخير، ومنهم من يُهْبِطُها في أسفل الدّرَكات بتفريطه وعصيانه.
أيها المسلمون، إن العاقل من تفكّر في أمره، ورأى أن تصرّم أيامه مؤذن بقرب رحيله طال عمره أم قصر، فاحتاط لأمره، واجتهد في يومه، واستعد لغده. ما الوقت إلا حياة الإنسان وعمره الذي هو أنفاس تتردّد، وآماله التي تضيع إن لم تتحدّد، الوقت ثمين ونفيس، وما مضى منه فلن يعود، ولا الزمان بما مضى منه يجود. فهلاّ تنبّهنا لأعمارنا، فكم من غافل يبيع أغلى ما يملك وهو الوقت بأبخس الأثمان! فالوقت مُنْصرِمٌ بنفسه، مُنقضٍ بذاته، ومن غفل عن تداركه تَصَرّمت أيامه وأوقاته، وعظُمَت حسراته، ينقضي العمر بما فيه فلا يعود إلا أثره، فاختر لنفسك ما يعود عليك، ولهذا يقال للسعداء: كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الْخَالِيَةِ [الحاقة:24]، ويقال للأشقياء المعذّبين: ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا [غافر:75، 76].
وللإنسان يومان يندم فيهما على ما ضَيّع من أوقاته، ويطلب الإمهال: فالأول في ساعة الاحتضار، وذلك حين يقول: رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنْ الصَّالِحِينَ [المنافقون:10]، فيكون الجواب: وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا [المنافقون:11]. والوقت الثاني والموقف الثاني في الآخرة حين يدخل أهلُ النارِ النارَ: وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ، فيكون الجواب: أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمْ النَّذِيرُ [فاطر:37].(1/124)
أيها المسلمون، إن الحفاظ على الأوقات واستثمار الأعمار يحتاج إلى حزم وعزم وهمّة وقوّة إرادة، أما البَطَالة والكسل فهي داء وَبِيل ومرض خطير تنعكس آثاره السيئة على الأفراد والمجتمعات، ويسبّب الخمول والفقر والتخلّف المادّي والمعنوي، ويؤدّي إلى الرذائل والمنكرات، وإن يكن الشُّغل مَشْهَدةٌ فإن الفراغ مَفْسَدَةٌ، ومَن أكثر الرُّقَاد عُدِم المُرَاد، ومن دام كسله خاب أمله، وقل لمن يلتمس الملاهي لصرف وقته: أراك تحسب الحياة لهوًا، فهل تحسب الموت لهوًا؟! وقل لمن يصْرف الأيام بين الأوهام والأحلام: إن كنت تجهل مقدار ما تضيّع من الزمن فقف بالقبور مُلتَمِسًا من سُكّانها بُرْهةً من الوقت؛ لتعلم أنه العزيز الذي لا يُمْلَك، والفائت الذي لا يُستدرَك؟! وكم من قائل: رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ [المؤمنون:99، 100]، فيُقال: كلا؛ إن العمر لا يعود! إن الفراغ لا يبقى فراغًا أبدًا، فلابد أن يُملأ بخير أو شرّ، ومن لم يشغل نفسه بالخير شغلته بالباطل. وقد كان السلف يكرهون من الرجل أن يكون فارغًا لا هو في أمر دينه ولا هو في أمر دنياه. وإذا اجتمع مع الفراغ صحة ومال صار خطرًا إن لم يُشغَل بالخير، وفي صحيح البخاري أن النبي قال: ((نعمتان مْغُبُون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ))(8)[8].
عباد الله، إذا لم يكن للمرء غرض صحيح يسعى إليه، وهدف سليم يطلب تحقيقه والوصول إليه؛ ضاع زمانُه، وما أتعب من يمشي بلا مقصد! والإنسان بلا غَرَضٍ كسفينة ليس لها قائد تتقاذفها الأمواج حتى تهلك، والأيام صحائف الأعمال، فخَلّدوها بأحسن الأعمال، والفرص تمرّ مَرّ السحاب، والتَّواني من أخلاق الخَوالِف، ومن استَوَطَأ مَرْكب العَجْز عَثَر به، وإذا اجتمع التَّسْوِيفُ والكسل تولّد بينهما الخُسران. بكى أحد الصالحين عند موته فقيل: ما يبكيك وأنت العبد الصالح؟! قال: أبكي على يومٍ لم أصمه، وليلة لم أقمها. والواقع أن كل من دنا أجله ندم على كل لحظة مرّت بلا عمل صالح محسنًا كان أم مقصّرًا. فهلاّ تداركنا أعمارنا.
إنك لترى في القرون الأولى خير قرون حرصًا شديدًا على أوقاتهم فاق حرص البخيل على ديناره ودرهمه، مما كان حصاده علمًا نافعًا وعملاً صالحًا وجهادًا وفتحًا وعِزًّا وحضارة راسخة الجذور باسِقَة الفروع، ثم إذا نظرت إلى واقع كثير من المسلمين اليوم انقلب إليك البصرُ حَسِيرًا، حين ترى إضاعة الأوقات وتَبذِير الأعمار جاوز حَدّ السَّفَه إلى العَتَه، حتى غدوا في ذيل القافِلة بعد أن كانوا آخذي زمامها.
وبعد: أيها المسلمون، من بُورِك له في عمره أدرك في يسير الزمن مِن مِنَن الله تعالى ما لا يُحصَى، وكم من موفّق لأعمال كثيرة في أزمنة يسيره، حتى إنك لتحسب إنجازاتهم ضربًا من الخوارق، وما هو إلا التوفيق والبركة واستثمار الوقت فيما ينفع، وخير مثال لذلك رسول الله الذي أخرج الناس من الظلمات إلى النور، وغَيّر وجه التاريخ في ثلاث وعشرين سنة. وهذا عمر بن الخطاب يواصل ليله بنهاره يقول: (إن نمت الليل ضيّعت نفسي، وإن نمت النهار ضيّعت رَعِيّتي)(9)[9]، فكيف النوم بين هذين! وقال ابن عَقِيل رحمه الله: "إني لا يحلّ لي أن أضيّع ساعة من عمري، حتى إذا توقّف لساني عن مذاكرة أو مناظرة، وبصري عن مطالعة؛ أعملت فكري في حال راحتي وأنا مُسْتطرِح، فلا أنهض إلا وقد خطر لي ما أسطّره"، لذا فقد ألّف كتابه الفُنُون الذي قال عنه الذهبي رحمه الله: "لم يُؤلَّف في الدنيا أكبر من هذا الكتاب". وقال ابن القيّم عن شيخه: "وقد شاهدت من قوة شيخ الإسلام ابن تيمية في سننه وكلامه وإقدامه وكتابته أمرً عجيبًا، فكان يكتب في اليوم من التصنيف ما يكتبه الناسخ في جمعة"، وقال الذهبي: "إن تصانيفه تبلغ خمس مائة مجلّدة"، هذا مع ما يقوم به من تعليم ودعوة وجهاد، وعند الترمذي بسند حسن أن النبي قال: ((من خاف أَدْلَجَ، ومن أَدْلَجَ بلغ المَنْزِل، ألا إنّ سِلْعَة الله غالية، ألا إنّ سِلْعَة الله الجنة))(10)[10].
بارك الله لي ولكم في الكتاب والسنّة، ونفعنا بما فيهما من الآيات والحكمة، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم.
-------------------------
الخطبة الثانية
الحمد لله الكريم المِفْضَال، جَزِيل العطاء والنَّوَال. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلّى الله وسلّم عليه وعلى جميع الصّحْب والآل.
أما بعد: أيها المسلمون، وحيث الحديث عن الوقت واستثمار العمر فيما ينفع فهذه هَمْسَة في أذن من صرف عمره، وخاطر بحياته في شبهات مظلمات أدّت للوُلوغ في دماء المسلمين.
شباب الإسلام، إن مصائب أمّتكم تَتْرا، وجراحها لم تزل حَرَّى، إلا أن جرحها النازِف وداءها الدَّوِيّ أن يكون مُصَابُها في شبابها، في قناعاتهم وتفكيرهم، وفي معتقداتهم وسلوكهم وحربهم وسلمهم، مصيبتها أن يَنُدَّ بعض شباب الأمة عن سِرْبٍ فيه العلماء والشيوخ والحكّام وأصحاب الرأي ممن يوازنون المصالح، ويدافعون أعظم المفسدتين بأخفّهما، شُرُودٌ تكون نتيجته جَزٌّ لأعناق، ودماء تُسْفَح وتُرَاق، في مواجهات ترى طَرَفَيها مُسلِمَيْن، وساحاتها بلاد الحرمين. لقد عَذَل العاذِلون، ونَصَح الناصِحون، وبيَّن العلماء الراسخون، فهل أنتم منتهون؟! كم أُريقت دماء كان أحرى أن تُصرف للبناء، متمسّكين في ذلك بغَرْز العلماء، سائرين على سَنن خاتم الأنبياء!
فنداء من مُشفِق ناصح لمن فارق الجماعة أن يعود، ولمن أخطأ أن يَسْتَعْتِب ويتوب، ولمن ظُنَّ به ظَنٌّ يخالف واقعه أن يُسلّم ليسلَم، ويزيل ما التبس ليأمن، والشجاعة ضروب، في ذُرَاها الاعتراف بالخطأ، وتحمّل تَبِعَاته. وأملنا وظنّنا أن تجدوا تَفَهّمًا وحكمة وعذرًا ورحمة، وإلا فكفّاراتٌ للذنوب وماحِيات للخطايا، وكلا الأمرين خير للمسلم من التمادي في الخطأ والإمعان في العناد، وما قدّره الله كائن، وله ـ سبحانه ـ الأمرُ من قبل ومن بعد، نعوذ بالله من مُضِلاّت الفتن.
ثم اعلموا ـ رحمكم الله ـ أن الله أمركم بالصلاة والسلام على خير البريّة، وأزكى البشرية محمد بن عبد الله الهاشمي القرشي، ومن صلّى عليه صلاة واحدة صلّى الله عليه بها عشرًا، اللهم صلِّ وسلّم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين...
__________
(1) أخرجه البخاري في الصوم (1975)، ومسلم في الصيام (1159) من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما.
(2) أخرجه بنحوه الخطيب في الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (2/129)، والسمعاني في أدب الإملاء (68).
(3) أخرج أحمد (2/340)، والبخاري في الأدب المفرد (265)، والترمذي في البِرّ (1990) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قيل: يا رسول الله، إنك تُداعِبُنا! قال: ((إني لا أقول إلا حقًّا))، قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح"، وأورده الألباني في صحيح الترمذي (1621).
(4) أخرجه أحمد (6/264)، وأبو داود في الجهاد (2578)، وابن ماجه في النكاح (1979)، من حديث عائشة رضي الله عنها، وأورده الألباني في صحيح أبي داود (2248).
(5) أخرجه البخاري في الجهاد (2901)، ومسلم في صلاة العيدين (893) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(6) أخرجه البخاري في الجهاد والسير (2899) من حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه.(1/125)
(7) سنن الترمذي، كتاب صفة القيامة (2417) ، وأخرجه أيضًا الدارمي في المقدمة (537)، وأبو يعلى (7434)، والطبراني في الأوسط (2191) من حديث أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه، قال الترمذي: "حديث حسن صحيح"، وله شواهد انظرها في السلسلة الصحيحة للألباني (946).
(8) أخرجه البخاري في الرقاق (6412) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
(9) أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (44/273).
(10) 10] أخرجه الترمذي في الزهد (2450)، وعبد بن حميد (1460) من طريق يزيد بن سنان التميمي عن بكير بن فيروز عن أبي هريرة رضي الله عنه. قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث أبي النضر"، وصححه الحاكم (4/343)، لكن تُعقِّب، فإن يزيد بن سنان ضعيف، وبكير بن فيروز مقبول، قال ابن طاهر ـ كما في فيض القدير (6/123) ـ: "الحديث لا يصح مسندًا، وإنما هو من كلام أبي ذر".غير أن للحديث شاهدًا يتقوّى به، ولذا أورده الألباني في الصحيحة (2335).
============
أهمية الوقت بالنسبة للمسلم
عثمان بن جمعة ضميرية
الطائف
غير محدد
محامد و أدعيةطباعة الخطبة بدون محامد وأدعية
-------------------------
ملخص الخطبة
1- أهمية الوقت في القرآن الكريم. 2- الحث على اغتنام الأوقات. 3- الندم على فوات الأوقات حين الاحتضار. 4- الندم على فوات الأوقات في الآخرة. 5- من صور إضاعة الوقت.
-------------------------
الخطبة الأولى
أما بعد: أيها المسلمون، أوصيكم وإياي بتقوى الله عز وجل، وأدعوكم في هذه الأيام التي تتمتّعون فيها بإجازة الصيف والتي يستعدّ فيها أبناؤكم في مراحل الدراسة المختلفة أو تستعدّون أنتم لدخول الاختبارات المدرسية بعد أشهر من العمل والجهاد، أدعوكم إلى معرفة نعمة من نعم الله تعالى علينا، وهي نعمة الوقت في حياتنا ووجوب استغلالها في الخير والطاعة.
فقد اعتنى الإسلام ببيان أهمية الوقت في حياتنا، فقد قال الله تعالى ممتنا علينا: وَسَخَّرَ لَكُمْ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمْ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا [إبراهيم:33، 34].
وأقسم الله تعالى في مطالع سوَرٍ عديدة من القرآن بأجزاء من الوقت كالليل والنهار والفجر والضحى والعصر، فقال تعالى: وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى [الليل:1، 2]، وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ [الفجر:1، 2]، وَالْعَصْرِ إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ [العصر:1، 2]. وإذا أقسم الله تعالى بشيء من خلقه فإنه بذلك يلفت أنظارنا إليه وينبهنا على جليل منفعته وآثاره.
وجاءت السنة النبوية تؤكّد قيمة الوقت وتقرّر مسؤولية الإنسان عنه أمام الله يوم القيامة، فعن معاذ بن جبل أن النبي قال: ((لن تزول قدم عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال: عن عمره فيم أفناه؟ وعن شبابه فيم أبلاه؟)) الحديث. وهكذا يسأل الإنسان عن عمره عامّة، وعن شبابه خاصّة، والشباب جزء من العمر، ولكن له قيمة متميّزة باعتباره سنّ الحيوية الدافقة والعزيمة الماضية، ومرحلة القوة بين صنفين: صنف الطفولة وصنف الشيخوخة، اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً [الروم:54].
وجاءت شعائر الإسلام وفرائضه وآدابه تثبت هذا المعنى الكبير، وهو قيمة الوقت والاهتمام بكل مرحلة منه وكل جزء، وتوقظ في الإنسان الوعي والانتباه، فحين ينصدع الليل ويسفر نقابه عن وجه الفجر يقوم داعي الله يملأ الآفاق ويصدع بالأذان والدعوة إلى الفلاح: (حيّ على الصلاة، حيّ على الفلاح، الصلاة خير من النوم)، فتجيبه الألسنة الذاكرة والقلوب الشاكرة والأيدي المتوضّئة الطاهرة قائلة: صدقت وبررت، وعندئذ تحلّ كل عقدة كان عقدها الشيطان على قافية رأس كل إنسان عندما ينام، كما جاء في الحديث الصحيح.
ويتكرّر النداء عندما يقوم قائم الظهيرة، وعندما يصير ظل كل شيء مثله في العصر، وعندما يغيب الشفق، وقبله حين يختفِي قرص الشمس عند الغروب، وفي كل أسبوع يوم جمعة، وفي كل شهر هلال ينبزغ ويستقبله المسلم بالتكبير والدعاء والمناجاة.
ذاك كله يذكّر الإنسان بقيمة الوقت، ويوقظ فيه الإحساس بأهمية الزمن، فإن هذا الزمن إذا مضى لا يعود، وسرعان ما يمضي وينقضي، وما أحسن ما قاله الحسن البصري يرحمه الله في قوله البليغ: "ما من يوم ينشق فجره إلا وينادي: يا ابن آدم أنا خلق جديد، وعلى عملك شهيد، فتزوّد مني فإني لا أعود إلى يوم القيامة".
وكم يتمنى الناس وكم يتلهف الشيوخ على الشباب وأيامه:
ألا ليت الشباب يعود يوما…فأخبره بما فعل المشيب
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
وما الْمرء إلا راكب ظهر عمره…على سفر يفنيه باليوم والشهر
يبيت ويضحي كل يوم وليلة…بعيدا عن الدنيا قريبا إلى القبر
ومن جهل قيمة الوقت الآن فسيأتي عليه حين من الدهر يعرف فيه قدره ونفاسته وقيمة العمل فيه، ولكن بعد فوات الأوان. وفي هذا يذكر الله تعالى موقِفين للإنسان يندم فيهما على ضياع وقته حيث لا ينفع الندم:
أولهما: ساعة الاحتضار، حين يستدبر الإنسان الدنيا ويستقبل الآخرة ويتمنى لو منح مهلة من الزمن ليصلح ما أفسد ويتدارك ما فات: يا أيها الذين آمنوا يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنْ الصَّالِحِينَ [المنافقون:9، 10]، ويكون الجواب على هذه الأمنية: وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [المنافقون:11].
ثانيهما: في الآخرة حيث توفى كل نفس ما عملت وتجزى بما كسبت، ويدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار، هنالك يتمنى أهل النار لو يعودون مرة أخرى إلى الحياة ليبدؤوا من جديد عملا صالحا: وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمْ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ [فاطر:36، 37].
وإذا عرفنا ذلك ـ يا معشر المسلمين ـ فلنحرص على الاستفادة الكاملة من الوقت، فإن إضاعة الوقت علامة من علامات المقت، وما أحسن ما قاله الحسن البصري: "أدركت أقواما كانوا على أوقاتهم أشدّ منكم حرصا على دراهمكم ودنانيركم".
فلنحرص على الوقت، ولنحافظ عليه، ولنستفد منه كله فيما ينفعنا في الدين والدنيا، وفيما يعود على الأمة بالخير والسعادة والنماء الروحي والمادي.
ولنحذر من إضاعة الوقت أو قتله كما يقول بعض، الذين يجلسون على اللهو واللعب ساعات طويلة من ليل أو نهار حول مائدة من موائد النرد أو رفقة الشطرنج أو لعبة الورق، أو غير ذلك من حرام، عابثين لاهين عن ذكر الله وعن الصلاة وعن واجبات الدين والدنيا، فإذا سألتهم عن ذلك قالوا بصريح العبارة: إنما نريد أن نقتل الوقت، وهم في الحقيقة يقتلون أنفسهم.(1/126)
واغتنموا فرصة الفراغ فإنها نعمة يغفل عنها كثير من الناس ويجهلون قدرها ولا يقومون بحق شكرها، فعن ابن عباس عن النبي : ((نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ)).
وسارعوا إلى الخيرات ولا تنهضوا إليها في تثاقل وتكاسل، فقد أمر الله تعالى باستباق الخيرات قبل أن تشغل عنها الشواغل أو تعوق العوائق، فقال: وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمْ اللَّهُ جَمِيعًا [البقرة:148]، ولا تؤجّلوا الخير والطاعة إلى سنّ الكبر، فقد كان يأمر بالمبادرة إلى العمل قبل حلول العوائق والفتن فيقول فيما روِي عنه: ((هل تنتظرون إلا غنى مطغِيا، أو فقرًا منسيا، أو مرضا مفسِدا، أو هرما مفنّدا، أو موتا مجهزا، أو الدجال فشر غائب ينتظر، أو الساعة فالساعة أدهى وأمر)).
نفعني الله وإياكم بهدي كتابه، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين، فيا فوز المستغفرين، استغفروا الله، إن الله غفور رحيم.
=============
أهمية الوقت
صالح الجبري
الطائف
جامع الحمودي
محامد و أدعيةطباعة الخطبة بدون محامد وأدعية
-------------------------
ملخص الخطبة
1- أهمية الوقت. 2- وصية للذين يقتلون أوقاتهم. 3- مسؤولية الآباء في رعاية الأبناء. 4- حكم السفر إلى بلاد الكفار. 5- مضار السفر لبلاد الكفار. 6- اقتراحات تفيد في اغتنام الوقت في العطلة الصيفية.
-------------------------
الخطبة الأولى
عباد الله، إن الوقت هو الحياة، وبما أنه هو الحياة فمعرفة أهميته يعنى معرفة قيمة الحياة، ومن لم يعرف أهمية الوقت عاش ميتًا وأن كان يتنفس على وجه الأرض، وهذا سر قول المجرمين عند سؤالهم: قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلْ الْعَادِّينَ [المؤمنون:112، 113]. والملاحظ أن إجابتهم هنا توحي بأنهم لم يعيشوا إلا يوما أو بعض يوم، ولكن لأنهم لم يعرفوا أهمية وقتهم ولم يغتنموه فيما ينفع ويفيد فلذلك لم يبارك الله في حياتهم رغم أنهم عاشوا في حقيقة الأمر أربعين أو ستين أو ثمانين أو أكثر أو أقل.
وقد بين الله سبحانه وتعالى أهمية الوقت في القرآن في أكثر من موضع، منها قوله تعالى: وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا [الفرقان:62]، أي: جعل الليل يخلف النهار والنهار يخلف الليل، فمن فاته عمل في أحدهما حاول أن يتداركه في الوقت الأخر.
ولأهمية الوقت أقسم الله تعالى بأجزاء عديدة منه مثل الليل والنهار، فقال تعالى: وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى [الليل:1، 2]، وقال: وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ [الفجر:1، 2]، وقال: وَالْعَصْرِ إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ [العصر:1، 2]. ومن المعروف أن الله إذا أقسم بشيء من خلقه فذلك ليلفت أنظار الناس إليه وإلى أهميته.
أما في السنة فقد بين أهمية الوقت عندما قال لرجل وهو يعظه: ((اغتنم خمسًا قبل خمس: حياتك قبل موتك، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وشبابك قبل هرمك، وغناك قبل فقرك)) رواه أحمد والنسائي عن عمرو بن ميمون، وهو في صحيح الجامع.
أيها المسلمون، الوقت سريع الانقضاء، فهو يمر مر السحاب، وما مضى فإنه لا يعود أبدًا، وهذا ما عبر عنه الحسن البصري بقوله: "ما من يوم ينشق فجره إلا وينادي: يا بن آدم، أنا خلق جديد، وعلى عملك شهيد، فتزود مني فإني إذا مضيت لا أعود إلى يوم القيامة"؛ لهذا كان واجبًا على كل مسلم أن يحافظ على وقته، وأن يحرص على الاستفادة منه فيما ينفعه في دنياه وأخراه.
وقد كان سلفنا الصالح أحرص ما يكونون على أوقاتهم لمعرفتهم بأهميتها، قال ابن مسعود : (ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه نقص فيه أجلى ولم يزد فيه عملي)، وقال أحد السلف: "من أمضى يومًا من عمره في غير حق قضاه أو فرض أداه أو مجد ورثه أو حمد حصله أو خير أسسه أو علم اقتبسه فقد عق يومه وظلم نفسه".
هكذا كان حرصهم على الوقت، وليس كما نحن الآن من إضاعة للأوقات إلى حد التبذير والإسراف، وحتى صرنا نرى الكثير من الناس رجالا أو نساء يقضون الساعات الطويلة في الليل والنهار في اللهو واللعب حرامًا كان أو حلالاً، غير مبالين، لاهين عن ذكر الله وعن الصلاة وعن واجبات الدين والدنيا، ولو سألتهم عن حالهم قالوا لك سريعًا: نريد أن نقتل الوقت. وما درى هؤلاء أن من قتل وقته فقد قتل في الحقيقة نفسه، ولكن الكثير في غفلة وشرود.
عباد الله، ونستطيع أن نتبين هذا من أوضاع الناس خاصة في هذه الأيام التي بدأت فيها العطلة الصيفية، فالكثير يقضى العطلة في اللهو واللعب وترك الواجبات وفعل المحرمات المنكرات، وخاصة الشباب والأولاد؛ فما أن تبدأ العطلة حتى تراهم في كل وادي يهيمون، وبدون أي مراقبة أو محاسبة. والذي يستغرب له هو هذه البلادة واللامبالاة من جانب الآباء والأمهات، فلا ندرى ما يفعل تجاه أبنائهم لما يرونهم طوال اليوم في الشوارع والأزقة، يسمعونهم وهم يسبون الدين ويلعنون الآباء والأمهات والعورات فلا يتحركون! يعرفون أو لا يعرفون بأنهم لا يدخلون منازلهم إلا في أنصاف الليالي فلا يهتمون، يرونهم نائمين غافلين عن الصلاة والعبادة فلا يكترثون، بل لا يعلمون إلى أين يذهبون ومن يصاحبون ومن يصادقون، وإذا تنبهوا لهم فإنهم يتسلطون عليهم في منعهم من اللعب والانطلاق، فيأمرون بأن يلزموا المنازل ويتركونهم للأم المسكينة، فهم حولها طوال النهار يخربون ويكسرون، فتضطر الأم مع غضبها عليهم إلى دفعهم إلى الشارع، فيجتمعون فيه مع أولاد الجيران، فيصيحون ويتضاربون ويزعجون المرضى ويوقظون النائم، ثم لا يعودون إلى المنزل إلا بثياب قذرة ومقطعة، وربما عاد أحدهم إلى منزله مجروحا من حجر طائر أو مكسورا من سيارة مسرعة أو ضحية لتفحيط شرير من الأشرار، ثم إذا حدثت الكارثة ووقع الشاب وانحرف من كثرة وجوده بالشارع واحتكاكه مع الأشرار ترى الوالد والوالدة يصيحون: نحن لم نقصر في حقه، نحن وفرنا له الغذاء والكساء وكل متطلبات الحياة، لقد أفسده أولاد فلان. أولاد فلان ـ والله ـ ما أفسده إلا أنتم، هل تظنون أنكم إذا وفرتم لهم بعض الملابس والمأكولات والمشروبات، هل تظنون أنكم قمتم بحقهم؟! ماذا قدمتم لعقولهم ولأرواحهم؟! هل أمرتموهم بمعروف؟! هل نهيتموهم عن منكر؟! هل علمتوهم صلاة الجماعة وفضائل الأخلاق؟! أين أنتم من حديث الرسول : ((كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها)) أخرجه البخاري؟!
لكن كثيرا من الآباء والأمهات في هذا الزمن لا يعرفون معنى التربية الحقيقية للأولاد ويجهلونها، لذا كثرت الانحرافات بين الأولاد، وصار أكثرهم بين ضائع وجاهل، ولن يصلح حالهم إلا إذا عرف الآباء المسؤولية وقاموا بدورهم كما أمرهم الله.
وهناك من يستغل فرصة العطلة للسفر للخارج، وهذه من أخطر الأمور التي تواجه الناس اليوم، وكم حذر المصلحون وكم صرخوا، ولكن لم يستجب إلا القليل.(1/127)
إن السفر ـ يا إخوة الإسلام ـ إذا لم يكن لضرورة كطلب علم أو تجارة أو علاج أو دعوة فهو لا يجوز أبدًا، وخاصة إذا كان السفر لبلاد الكفر؛ وذلك لأن الرسول قال: ((أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين)) أخرجه أبو داود والترمذي. ثم إن الملاحظ أن غالبية الذين يسافرون إلى الخارج لا يذهبون إلا من أجل الشهوة فقط، وادعاء البعض أنهم إنما يسافرون لرؤية الطبيعة الخلابة وزيارة المتاحف والآثار إنما مبرر ألقاه الشيطان في نفوسهم لتبرير تصرفاتهم المخجلة، والتي لا يقصدون منها إلا قضاء الشهوة فقط، ومن أجل هذه الشهوة يتنازلون عن دينهم وشرفهم ومالهم، ويرتكبون الذنوب بحق أنفسهم، ويدعمون بمالهم أهل الدعارة والفجور، حتى إن مجلة الدعوة السعودية ذكرت أن عدد المسافرين إلى الخارج يصل في العام إلى مليون مسافر. إذا كان معدل الصرف لكل منهم هو 10 آلاف ريال مثلاً مع أن البعض منهم قد يصرف مائة ألف ريال في ليلة واحدة ولا يبالي، فإن معنى ذلك أن السفر يتسبب في ضياع 10 آلاف مليون ريال سنويًا. فهل هذه تصرفات أناس عقلاء؟! لو كان أمثال هؤلاء يفقهون قول النبي : ((لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع)) وذكر منها: ((وعن ماله: من أين أكتسبه؟ وفيم أنفقه؟)). لو كانوا يفقهون هذا الكلام هل كانوا يتصرفون بهذا الشكل؟! ثم أتراهم يعلمون بأن تصرفاتهم أثناء سفرهم قد شوهت الإسلام في نظر العالم، وأنه بسببهم فقد أخذ العالم صورة سيئة عن الإسلام، وأنهم قد أسكتوا الجميع عن تقديم أي اعتذار أو تبرير لتصرفاتهم المخجلة؟!
ذكر أحد الدعاة أنه في إحدى سفرياته للدعوة رأى نفرًا يقيمون في أحد الفنادق، يقول: وخيل إلي من ملامحهم أنهم أجانب، لكني عرفت بعد زمان أن هذا مسلم وهذا نصراني وهذا شيوعي. ويقول: ما يوجد شيء يميز أحدهم عن الآخر، ولو بقوا سنين ما عرفت إلى أين ينتمون. إن الملحد يتعصب لمبدئه ويتحدث عن الألوهية بسوء، ومن هنا عرفت أنه ملحد. وأما النصراني فهو يحترم الأحد ويشرب الخمر ويرقص في عيد الميلاد، وبذلك عرفت أنه نصراني. أما المسلم المزعوم فهو كالدابة المستأجرة؛ تارة مع هذا وتارة مع هذا، ولا يدري عن أوامر دينه شيئًا، وحاله كقوله : ((مثل المنافقين كمثل الشاة العائرة بين الغنمين، تعير إلى هذه مرة وإلى هذه مرة، لا تدري أيهما تتبع)) أخرجه مسلم. فهل يحسب هذا المخلوق من المسلمين؟!
إخوة الإسلام، إن هذا وأمثاله هم الذين شوّهوا الإسلام في نظر العالم، لماذا؟ لأن علاقتهم بالإسلام علاقة مذبذبة؛ فهم قد يصلون هنا ولكنهم في الخارج يتركون الصلاة، وقد يحجّبون نساءهم هنا ولكنهم في الخارج بلا حجاب وبلا أدب وبلا حياء، وكما قال تعالى: مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لا إِلَى هَؤُلاءِ وَلا إِلَى هَؤُلاءِ [النساء:143].
إن على هؤلاء أن يعلموا أنهم لن يفلتوا من عقاب الله إلا إذا تابوا وأصلحوا؛ لهذا نقول لهم: يا من تضيع دينك ووقتك ومالك في السفر وارتكاب المحرمات، ستسأل عن كل ريال صرفته. أولادك الذين تركتهم سيتعلّقون برقبتك يوم القيامة، ويطلبون من الله أن ينتقم لهم منك. زوجتك الشريفة الطاهرة التي تركتها هنا وذهبت هناك لتجري وراء البغايا والمومسات، زوجتك هذه ستأخذ حقها منك يوم القيامة، وسترى ماذا ستقول لها. وتذكَّر أن لذة المعصية قد ذهبت ولكن بقي عقابها، وإن كنت نسيت هذا فالله يحصى كل شيء كما قال تعالى: أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ [المجادلة:6].
عبد الله، تذكّر أنك مسؤول عمّن لاقيته وتعاملتَ معه من غير المسلمين، العاملون في الفندق الذي تسكن فيه، المومس التي يحضرها إليك، حتى سائق التاكسي الذي ينتقل بك بين البارات والملاهي، كل هؤلاء سيتعلقون بك يوم القيامة ويقولون: يا رب، هذا كان يدّعي الإسلام ولكن ما عرفناه إلاّ سكيرا وعربيدا وزانيا وكاذبا، فظننا أن هذا الإسلام. وسيقولون: هذا وأمثاله هم الذين دخلنا بسببهم النار، ولن نرضى حتى يدخلوا معنا. ووقتها كيف سيكون جوابك؟! وكيف سترد عليهم؟! وماذا ستقول لرب العزة والجلال بعد أن قضيت حياتك في ارتكاب المحرمات والمعاصي؟! ماذا ستقول؟! لا حول ولا قوة إلا بالله، وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمْ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ [الأحقاف:20].
اللهم إنّا نعوذ بك من حال أهل النار أو نكون منهم.
-------------------------
الخطبة الثانية
أيها المسلمون، قد يقول قائل: أنت ذكرتَ لنا المشاكل، ولكن ماذا عن الحلول؟ ماذا عن الحلّ؟
فنقول: إن الإسلام دين واقعي، وهو لا يعامل الناس على أنهم ملائكة، لكنه يعاملهم كبشر يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق، ولكنه في نفس الوقت وضح لهم أهمية الانتفاع بالوقت، وأتاح لهم مجالات عديدة ليستفيدوا من هذا الوقت في دنياهم وأخراهم، وإذا أردنا الدخول في التفاصيل فنقول:
أولاً: بالنسبة للأولاد المفروض أن يشتغلوا بالأعمال المفيدة، وأن يتعودوا على اكتساب المال. في الخارج مثلاً يدرّبون الطلبة في الصيف على أعمال كثيرة تصِل إلى بيع الصحف. وللعلم فإن نسبة كبيرة من ألعاب الأطفال القادمة من جنوب شرق آسيا هي مصنوعة بأيدي أطفال يستغلون في أوقات فراغهم، ولا يرون في ذلك عيبًا كما نراه نحن الآن.
ثانيًا: على الأب أن يفكر، فإذا كان ولده قد أخفق في الامتحان وعليه إعادة فأول ما يجب عليه أن يجعله يراجع دروسه ويستعدّ لامتحانه، وإذا حرم العطلة فهذا ذنبه وعليه أن يتحمل مسؤولية خطئه.
ثالثًا: فإذا كان ناحجًا فإن عليه أن يعلمه البيع والشراء إن كان لديه دكان، أو يعمل له بسطة صغيرة، أو يحضر له بعض الألعاب داخل المنزل إذا كان فيه فناء، وإذا عدم الفناء فعلى الأب أن يخصص غرفة لذلك فهذا مهم جدا. وإذا استطاع أن يحضر له الجهاز المسمى بالكمبيوتر؛ لأنه جهاز المستقبل وسيستخدم في كل شيء، وفيه فوائد للأولاد والبنات.
رابعًا: فإذا لم يتمكن فعلى الأب أن يسجل أولاده بأحد المراكز الصيفية المنتشرة في أنحاء المملكة، وهي موضوعة ـ والحمد لله ـ تحت إشراف مجموعة من خيرة الرجال، فيتعلم فيها الأولاد كل شيء مفيد، فإذا كان لديهم هواية في النجارة أو الكهرباء أو الرسم أو غير ذلك فسيتمكنون من تنمية هواياتهم في هذه المراكز. أيضا فيها الأنشطة الثقافية من دروس ومحاضرات ومواعظ، وفيها الأنشطة الرياضية، وفيها الرحلات والمعسكرات.
خامسًا: ويتبقى للوالد أن يسجّل الولد في جمعيات تحفيظ القرآن طوال أيام السنة، فهذه من أفضل الأمور التي تعين على إصلاح الأولاد واستقامتهم، مصداقًا لقوله : ((خيركم من تعلم القرآن وعلمه)) أخرجه البخاري.
عباد الله، هذه بعض حلول يمكننا الاستفادة منها في قضاء الوقت، وأرجو أن تكون واضحة لديكم جميعا. ولا يفوتني أن أكرر عليكم أن تحفظوا أوقاتكم عامة وعطلتكم هذه خاصة، وإذا أردتم السفر فيمكن لكم أن تسافروا داخل المملكة، خاصة وأن الكثير من الناس لم يسبق لهم زيارة الكثير من المدن والقرى في المملكة، بينما يجولون بلاد الكفر طولا وعرضا.(1/128)
وعليكم بملاحظة أولادكم، الله الله في أولادكم، وتذكروا أنهم أمانة في أعناقكم، ويجب عليكم الوفاء بحق هذه الأمانة حتى تكونوا من الذين حكى الله عنهم فقال تعالى: وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ [المعارج:32]، وتذكروا قوله : ((والرجل راع في أهله، وهو مسؤول عن رعيته))، واحذروا أن تكونوا من المفرطين، وإذا فرط الرجل في هذه الرعية فهو داخل في قوله : ((ما من وال يلي رعية من المسلمين فيموت وهو غاش لهم إلا حرم الله عليه الجنة)). فهل ننتبه ونستيقظ؟! نرجو ذلك ونتمناه، وفقنا الله لما يحبه ويرضاه.
=============
أهمية الوقت ووجوب المحافظة عليه
صالح بن عبد الله الهذلول
غير محدد
15/4/1414
غير محدد
محامد و أدعيةطباعة الخطبة بدون محامد وأدعية
-------------------------
ملخص الخطبة
1- أهمية الوقت في الكتاب والسنة. 2- نماذج رائعة في الاهتمام بالوقت وحفظه. 3- الوصية والحث على اغتنام الأوقات. 4- وفقات مع سورة العصر.
-------------------------
الخطبة الأولى
أما بعد: أيها المسلمون، فإنّ الوقت أغلى ما يملكه الإنسان، وهو أسهل شيء يضيع عليه، يقول الإمام الحسن البصري رحمه الله تعالى: "يا ابن آدم، إنما أنت أيام، كلما ذهب يومٌ ذهب بعضك".
أيها الإخوة، عرَض القرآن الكريم والسنة المطهّرة قيمة الزمن وأهميته وأوجه الانتفاع به وأثر ذلك، وأنه من عظيم نعم الله التي أنعم بها سبحانه؛ ولهذا أقسم الله بأجزاء منه في مطالع سورٍ عديدة؛ فيقسم بالفجر في قوله: وَالْفَجْرِ وَلَيَالْ عَشْرٍ [الفجر:1، 2]، ويقسِم باللّيل والنهار في قوله: وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى [الليل:1، 2]، ويقسم بالضحى في قوله: وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى [الضحى:1، 2]. وقَسَمُهُ سبحانه بأجزاء الزمن تلكم كان لفتًا للأنظار نحوَها لعظيم دلالتها عليه، ولجليل ما اشتملت عليه من منافع وآثار. ولفت الأنظار نحو أجزاء الزمن يثمر ويفرز معرفة ويقينًا بأن الله سبحانه الذي شاء خَلقَ الزمان وخَلقَ الفاعلين وأفعالهم وجعلها قسمين خيرًا وشرًا يأبي بحكمته أن يسوَّى بينهم، وأن لا يجازي المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته، وأن يجعل النوعين رابحين أو خاسرين، بل الإنسان من حيث هو إنسان إِنَّ الإنسَانَ لَفِي خُسْرٍ [العصر:2]، إلا من رحمه الله فهداه ووفقه للإيمان والعمل الصالح في نفسه وأمر غيره به.
عباد الله، مما جاء في السنة عن أهمية الزمن والوقت حديث معاذ بن جبل الذي رواه الطبراني في المعجم الكبير والبزار في مسنده، وهو صحيح بشواهده، أن النبي قال: ((لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال: عن عمره فيم أفناه؟ وعن شبابه فيم أبلاه؟ وعن ماله من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟ وعن علمه ماذا عمل فيه؟)). لن تزول قدما العبد في ذلك الموقف حتى يحاسب عن مدّة أجله فيم صرفه بعامَّة؟ وعمَّا فعل بزمانه وقت شبابه بخاصة؟ وهنا تخصيصٌ بعد تعميم للأهمية والتأكيد، وإلا فإنّ مرحلة الشباب وعُمر الشباب هي مرحلة داخلة ضِمنًا في العمر الذي يسأل عنه العبد، لكن خُصَّ بالذكر لأن الإنسان في مرحلة شبابه يكون لديه أكثر العطاء وأمضاه وآكده وأثمره من طرفَي العمر، حيث ضعف الطفولة وضعف الشيخوخة.
كما أنّ الإنسان يسأل عن علمه ماذا عمل به؟ هل وظَّفه في مرضاة الله تعالى، في الدعوة إليه وإرشاد الناس وتعليمهم دين الله وتوحيدَه، أو وظّفه فقط للحصول على لقمة العيش والتكسب به وصرف الأنظار إليه؟
هاتان الخصلتان ـ أيها الإخوة ـ من تلكم الخصال الأربع التي لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عنها، هاتان الخصلتان موجودة عند كل أحد، بالإضافة إلى بقية الخصال التي يشارككم فيها غيركم، فهل أنتم واعون لذلك ومدركون له وعاملون لأجله؟!
إن الفرصة أمامك اليوم مفتوحة أيها المسلم ويا أيها الشاب ويا طالب العلم، ولكنها غدًا مقفلة، فالشباب يذهب وينتهي بالكهولة ثم الشيخوخة ثم الهرم، هذا إذا لم تُتخطَّف قبل ذلك، أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمْ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ [فاطر:37]. فاغتنموا أوقاتكم فيما ينفع، فالعمر أيام وساعات، وما مضى منها لا يعود.
ذكر الحافظ الذهبي رحمه الله تعالى في ترجمة أبي حاتم الرازي المتوفى سنة 277هـ، أن أبا حاتم قال: قال لي أبو زرعة: ما رأيت أحرص على طلب الحديث منك، فقلت له: إن عبد الرحمن ابني لحريص، فقال: ومن أشبه أباه فما ظلم. قال الزَّمَّام وهو أحمد بن علي أحد رجال إسناد الخبر: فسألت عبد الرحمن عن اتفاق كثرة السماع له وسؤالاته لأبيه، فقال: ربما كان يأكل وأقرأ عليه، ويمشي وأقرأ عليه، ويدخل الخلاء ـ أي: في طريقه إلى الخلاء ـ وأقرأ عليه، ويدخل البيت في طلب شيء وأقرأ عليه. فكانت ثمرة تلك المحافظة النادرة على الزمن والحرص على طلب العلم نِتاجًا علميًا كبيرًا، منه كتاب الجرح والتعديل في تسعة مجلدات، وكتاب التفسير في عدة مجلدات، وكتاب المسند في خمس وعشرين ألف صفحة.
ويقول ابن عقيل المتوفى سنة 513هـ صاحب كتاب الفنون ذي الثمانمائة مجلد متحدثًا عن نفسه: "إني لا يحلّ لي أن أُضيّع ساعة من عمري، حتى إذا تعطل لساني عن مذاكرة ومناظرة وبصري عن مطالعه أعملت فكري في حال راحتي وأنا مستطرح، فلا أنهض إلا وقد خطر لي ما أسطره، وإني لأجد من حرصي على العلم وأنا ابن الثمانين أشد مما كنت أجده وأنا ابن عشرين"، ويقول: "وأنا أقصر بغاية جهدي أوقات أكلي، حتى أختار سَفَّ الكعك وتحسِّيه بالماء على الخبر؛ لأجل ما بينهما من تفاوت المضغ، توفرًا على مطالعة أو تسطير فائدة لم أدركها". فليت الناس وطلبة العلم خاصة يفقهون مثل هذا الكلام، فكم نمضي ونضيع من الأوقات ونحن جالسون على مائدة الأكل.
وقال القاضي إبراهيم بن الجراح الكوفي تلميذ القاضي الإمام أبي يوسف رحمهم الله تعالى، يقول: "مرض أبو يوسف فأتيته أعوده، فوجدته مغمى عليه، فلما أفاق قال لي: يا إبراهيم، ما تقول في مسألة؟ قلت: في مثل هذه الحالة؟! قال: ولا بأس بذلك، ندرس لعله ينجو به ناجٍ". ثم مضى في سؤاله وعرض مسألته العلمية الفقهية.
أيها المسلمون، يقول الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: "الوقت منقضٍ بذاته منصرمٌ بنفسه، فمن غفل عن نفسه تصرّمت أوقاته وعظم فواته واشتدّت حسراته، فكيف حاله إذا علم عند تحقق الفوت مقدار ما أضاع، وطلب الرجعى فحيل بينه وبين الاسترجاع، وطلب تناول الفائت؟! وكيف يُردُّ الأمس في اليوم الجديد؟! وأنىَّ لهم التناوش من مكان بعيد؟!".
فيا حسراتٍ ما إلى ردِّ مثلها…سبيلٌ ولو ردّت لهان التحسّر
هي الشهوات اللاء كانت تَحوّلت…إلَى حسرات حين عزّ التصبُّر
فلو أنها رُدَّت بصبر وقوة…تحوّلن لذّاتٍ وذو اللب يبصر
ثم اعملوا ـ عباد الله ـ أن التسويف عجز وكسل، وما أكثر الذين يأخذون من التسويف شعارًا لهم، يمكنونه من قلوبهم حتى تقطعت آمال وانقطعت آجال.(1/129)
إن من يريد أن ينهض في غَدِهِ لا بدّ أن يعمل ليومه كأحسن ما يكون العمل نقاءً وانتقاءً ومضاءً. ثم من الذي يضمن غده؟! وإن كان له غد أيأمن معوقات نوازله؟! يقول أبو حامد الغزالي رحمه الله تعالى: اعلم أن من له أخوان غائبان وينتظر قدوم أحدهما في غدٍ والآخر بعد سنة فلا يستعدّ للذي يقدم بعد سنة، وإنما يستعدّ للذي ينتظر قدومه غدًا، فالاستعداد نتيجة قرب الانتظار، فمن انتظر مجيء الموت بعد سنة اشتغل بالمدَّة ونسي ما وراء المدَّة، ثم يصبح كل يوم وهو منتظر للسنة بكمالها، ولا يحسب اليوم الذي مضى منها، وذلك يمنعه من المبادرة إلى العمل؛ لأنه يرى لنفسه متَّسعًا دائمًا فيؤخر العمل، ولهذا قال : ((بادروا بالأعمال سبعًا: هل تنتظرون إلا فقرًا منسيًا، أو غنىً مطغيًا، أو مرضًا مفسدًا، أو هرمًا مفندًا، أو موتًا مجهزًا، أو الدجال؛ فشر غائب ينتظر، أو الساعة؛ فالساعة أدهى وأمرّ)) رواه الترمذي في سننه، وقال فيما رواه الحاكم في مستدركه عن ابن عباس وصححه ووافقه الذهبي: ((اغتنم خمسًا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك)). وكل هذه المعاني في الأحاديث السابقة.
أيها الإخوة، احذروا من التسويف، قال ابن الجوزي في صيد الخاطر: "إيّاك والتسويف، فإنه أكبرُ جنود إبليس".
أيها المسلمون، يخيَّل لبعض الناس أن الأيام ستفرغ له في المستقبل من الشواغل، وتصفو له من المكدرات والعوائق، وأنه سيكون فيها أفرغ منه في الماضي أيام الشباب، ولكن الواقع المشاهد على العكس من هذا، كلما كبرت سِنُّك كبرت مسؤولياتك وزادت علاقاتك وضاقت أوقاتك ونقصت طاقتك، فالوقت في الكبر أضيق، والجسم فيه أضعف، والصحة فيه أقلّ، والنشاط أدنى، والواجبات والشواغل أكثر وأشدّ.
أترجو أن تكون وأنت شيخ…كما قد كنتَ أيام الشباب
لقد كذَبَتك نفسك ليس ثوبٌ…دَريسٌ كالجديد من الثياب
وما شأن هذا الذي يرى التفرّغ من الشواغل في مستقبل الأيام آتٍ إلا كشأن ذلك الرجل الذي قال للإمام ابن سيرين: إني رأيت في منامي أني أسبح في غير ماء وأطير بغير جناح، فما تفسير هذه الرؤيا؟! فقال له: أنت رجل كثير الأماني والأحلام.
واعلموا ـ عباد الله ـ أنَّ المرء مفطور على التأثّر والتأثير، فهو ابن بيئته، وهذا ما ألمحت إليه السنة المطهرة فيما أخرجه الشيخان عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله : ((إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير؛ فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحًا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحًا خبيثة)) أي: أن طبعك يسرق من جلسائك وأنت لا تدري. ومن المعلوم المشاهد أن الماء والهواء يفسدان بمجاورة الجيفة، فما الظنّ بالنفوس البشرية، وقد قيل: سمِّيَ الإنسان إنسانًا لأنه يأنس بما يراه خيرًا أو شرًا. قال ابن مسعود : (اعتبروا الرجل بمن يصاحب، فإنما يصاحب الرجل من هو مثله).
أيها المسلمون، إن العقول إذا اكتملت اكتمل اغتنام الزمان، وتمّ إدراك شرفه، وإن من عرف قيمة الزمان لا يكون إلا صاحب قصدٍ واعتدال في أموره كلها، فهو يدري أن التوسع في المطاعم سبب النوم، وأن الشّبَع يعمي القلبَ ويُهزل البدن ويضعفه، فتراه لا يتناول منها إلا حاجته التي تقيم صلبه دون إفراط أو تفريط، ودون تنوع واشتراط يؤدّي إلى أن يكونَ ذلك أكبر مسعاه وغاية مناه ومنتهى أمله. والحريص على الزمن أيضًا لا يعرف فضولاً في زيارة الآخرين، ولا تافهًا من القول ممتدًا، فهو حريص على زمن غيره كحرصه على زمن نفسه، فتراه في زيارته لا يتعدّى مقصدها، وتسمعه في قوله فلا يتجاوَز النافع الخيِّر المحتاج له. فانظر حالك دائمًا أيها المؤمن، وراقب نفسك، وإياك أن تستقلّ خيرًا أو شرًا.
لا تحقرن صغيرة…إن الجبال من الحصى
وكما أن العبد يجب عليه الحذر من تراكم الصغائر فإنه كذلك ينبغي له عدم التهاون بالأعمال الصالحة ولو كانت يسيرة وقليلة، فلا بدّ من العزيمة الماضية والهمة العالية ومتابعة العمل ودوام العطاء ورصفُ المسألة بجوار المسألة وتقييد الخاطرة تلو الخاطرة ووضع النظير مع النظير وهكذا، مع محاسبة للنفس على دقائق العمر وثوانيه، متوَّجًا ذلك كله بصدق النية وصدق التوكل على الله سبحانهاليومَ شيءٌ وغدًا مثلهُ…مِنْ نُخب العلم التي تُلتَقَط
يُحصِّل الْمرءُ بها حِكْمةً…وإنما السيل اجتماعُ النقط
وفي الحديث الذي روته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن رسول الله خيرُ بيان وأصدق كلام، يقول : ((عليكم من الأعمال ما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا، وإن أحب الأعمال إلى الله ما دُووِم عليه وإن قلّ)) رواه البخاري. وتحرّي وتلمُّس الأوقات الفاضِلة هو من الحكمة، ومن يؤتَى الحكمة فقد أوتي خيرًا كثيرًا.
والمولى سبحانه وتعالى اختصَّ بعض الأزمنة بخواصّ لم يختص بها غيرها، ففضلها على سائرها، عن كعب الأحبار قال: "إن الله تبارك وتعالى اختار ساعات الليل والنهار فجعل منهنّ الصلوات المكتوبة، واختار الأيام فجعل منها الجمعة، واختار منها الشهور فجعل منها رمضان، واختار الليالي فجعل منها ليلة القدر، واختار البقاع فجعل منها المساجد". فتعرضوا ـ عباد الله ـ لنفحات ربّكم جل وعلا، فإنّ له في دهرنا نفحات، والموفّق من تعرّض لها.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم...
-------------------------
الخطبة الثانية
الحمد لله الذي جعل الليل والنهار خِلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورًا، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وحجة على الخلق أجمعين، وعلى آله وصحبه والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد: أيها المسلمون، فيقول الله تعالى في محكم التنزيل: وَالْعَصْرِ إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ [سورة العصر].
أقسم الله سبحانه بالعصر الذي هو الليل والنهار ومحلُّ أفعال العباد وأعمالهم أنّ كل إنسان خاسر وفاقد لأرباح كثيرة. وكلمة (العصر) مصدر عَصَرتُ، وإذا عُصِرَ الشيء خرج منه عَصير، وكأنّ الإنسان ليس فقط مطالبًا باغتنام الليل والنهار على التساهل والتراخي، بل مطالب بعَصرها والانتفاع بكلّ ما ينتج من العصر، وهو استثمار كلّ دقيقة فيها، وإلا فإنه سيخسره، ومع أنّ الخسارة تتفاوت فأعظمها خسارة الكافر، حيث يخسر خسارةً مطلقة بفَقده الجنة واستحقاقه الخلود في النار، إلا أنّ الجميع أيضًا يخسَرون أشياءً؛ المؤمن والكافر، وكلّما كان العصر أقوى استخرجت عصيرًا أكثر، وكلما قصرت وسوّفت وأجّلت وفرّطت فاتك من العصير بقدره؛ لأنّ الخسارة قد تكون في بعض الوجوه دون بعض، لكن الجميع خاسرون، باستثناء من استثنى الله تعالى في هذه السورة العظيمة، وهم من اتّصفوا بأربع صفات:
أولها: الإيمان بما أمر الله بالإيمان به، ولا يكون الإيمان بدون عِلم، فهو فرع عنه لا يتمّ إلا به.
ثانيها: العمل الصالح، وهذا شامل لأعمال الخير كلها، الظاهرة والباطنة، المتعلّقة بحق الله وحق عباده، الواجبة والمستحبة. وقول الله تعالى: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه [الزلزلة:7، 8] هو داخل في هذا المعنى؛ فكل خير تعمله ربح، وكل شر تأتيه أو خير تقصر فيه فهو مسجل عليك خسارة، فأكثِر إن شئت أو أقلل، واعمل ما شئت فإنك مجزىٌ به.(1/130)
وثالث صفات الذين ينجون من الخسار: التواصي بالحق الذي هو الإيمان والعمل الصالح، أي: يوصي بعضهم بعضًا بذلك ويحثه عليه ويرغبه فيه، والله عز وجل يريد من الأمة المسلمة أن تكون واعية، قائمة على حراسة الحق والخير، يشعر كل فرد من أفرادها أن عليه عملا، وله دور تجاه المجتمع، فلا يكتفي أن يعمل هو فقط، بل مطالب أيضًا أن يوصِي غيره بذلك، وهذا يستدعي صبرًا في مودة وغيرةً وإشفاقًا على المسلمين أن ينالهم شرٌ أو يفوتهم خير.
والصفة الرابعة من صفات من استثني من الوقوع في الخسارة: هم المتواصون بالصبر بكلّ أنواعه؛ لأن النهوض بالحق عسير، والمعوقات عنه كثيرة، منها هوى النفس ومنطق المصلحة وأعراف الناس وتقاليدهم وطغيانُ الظالم وجورُ الجائرين، فالتواصي تذكير وتشجيعٌ وإشعارٌ بالقربى ووحدة الهدف والقيام بحق الأخوة. وطبيعة هذا الدين كذلك لا يقوم إلا في حراسة يشترك فيها الجميع، كل بما يستطيع؛ بيده أو لسانه أو قلمه أو جاهه أو ماله، فإن عدِم تلك الأشياء كلها فبدعائه، حيث لا يستطيع أحدٌ أن يقف بينه وبين الدعاء، والدعاء انعكاسٌ لما يكمن في القلب إذا عجزت الحواس الخارجيّة والوسائل المذكورة.
أيها المسلمون، إن هذه السورةَ جليلةُ القدر عظيمة المعنى، ولهذا قال الإمام الشافعي رحمه الله: "لو تدبر الناس هذه السورة لوسعتهم". وروى الطبراني عن عبد الله بن حصن قال: كان الرجلان من أصحاب رسول الله إذا التقيا لم يفترّقا إلا على أن يقرأ أحدهما على الآخر سورة العصر إلى آخرها، ثم يسلّم أحدهما على الآخر، يعني: إيذانًا بالافتراق.
اللهم صلّ وسلم على عبدك ورسولك بنبينا محمد، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين وبقية الصحابة أجمعين، وخصَّ منهم أزواجه أمهات المؤمنين, وآله الطيبين الطاهرين، والعشرة المبشرين...
=============
إضاعة الوقت في رمضان
صالح بن عبد الله الهذلول
غير محدد
8/9/1422
غير محدد
محامد و أدعيةطباعة الخطبة بدون محامد وأدعية
-------------------------
ملخص الخطبة
1- ظاهرة تضييع رمضان في مشاهدة المسلسلات وغيرها. 2- مفاسد التلفزيون على روحانيات رمضان. 3- التحذير من المسابقات الرمضانية المتعاملة بالميسر.
-------------------------
الخطبة الأولى
أما بعد: مظاهر غير محمودة تقع خاصة في رمضان، وفيها من التفريط وتفويتِ نيل الأجر الشيء الكثير، بل إنها تعرّض صاحبها لاقتراف الذنوب وتحمّل الأوزار، ذلكم ما يشاهد في شاشات التلفزيون من المسلسلات؛ وخاصة الشعبية منها، والتي يؤجّل عرضها ـ للأسف ـ حتى تثبت رؤية هلال رمضان، وكأنّ رمضان عندهم شهر الهزل وتضييع الأوقات والضحك والسهر.
إن المسلسلات من هذا النوع لتفعل في نفوس مشاهديها ما تعجز عنه أمضى خطط المكر والتمييع؛ إذ إن هدف الأعداء تفريغ رمضان من معانيه الإيمانية والنفسية والصحية، فإذا تم لهم ذلك بأي وسيلة فهو المطلوب. ناهيك عما يعرض من المباريات الرياضية والأغاني التي يسمونها الأغاني الرمضانية.
ولعل هذا من أقوى الأسباب وأبلغها في جفاف الروحانيات التي يشكو منه الكثير، ويتبرم ويتضايق من أن نفسه لا تقبل على العبادة، ولا تتأثر بالمواعظ وخاصة القرآن، ربما دخل الشهر الكريم وخرج وعينه لم تدمع خشية لله أو خوفًا منه، بل ترقب وبكل شوق متى ينتهي شهر رمضان.
أيها المسلم، إذا كنت جادًا في إصلاح نفسك واغتنام فرصةِ عمرك والتزود للآخرة فأقلع عما يصرفك على الطاعات، وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا، واحرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وستجد انشراح صدرك وإقبال نفسك على فعل الخير والتوجه إليه والفرح بالظفر به والانتفاع.
ومسألة أخرى ـ معاشر الصائمين ـ تتعلق بإهدار الوقت في رمضان، ألا وهي الرّكض وراء المسابقات الرمضانية التي يُتعمَّد هي الأخرى نشرها في رمضان، سواء ما كان منها في الجرائد أو الإذاعات المحلية والخارجية، ومنها ما يشاهد في محطات التلفزة، وهي مع ما تضيّعه من الأوقات المتمثّل فيما يجري من المكالمات التلفزيونية بين الشباب بعضهم مع بعض بحثًا عن حلّ السؤال الفلاني أو التأكد من الجواب، وما يتم بين الفتيات ربما يفوق مثيله عند الشبان. إن ذلكم مع ما يضيعه من الوقت فإن بعضًا من المسابقات يدخل في تعاملاتها الميسر, والميسر ـ كما هو معلوم ـ محرم شرعًا، لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ [المائدة:90، 91]، وهو كلّ معاملة يدخل فيها المتعامل مع الجهالة لا يدري هل يغنم أو يغرم، ومعاملةٌ هذا شأنها تُعوِّد متعاطيها على البطالة والكسل وهجر الأعمال المشروعة.
يطرح في المسابقات الرمضانية وغيرها بطاقاتٌ تباع بأثمان مختلفة، لا يحق لأحد الدخول في المسابقة حتى يشتري هذه البطاقة، فحاله الآن إذًا غارم، فإذا أدخل بطاقته كرخصة دخول فيحتمل أن يكون جوابه صحيحًا فيغنم، كما يحتمل أيضًا خطؤه فيغرم. هذا من جانب، ومن جانب آخر فالبطاقات التي يبيعها منظمو المسابقة كثيرة، بينما الفائزون عددهم محدود. فمن هذا الباب دخلت في حكم الميسر.
فاتقوا الله ـ أيها المسلمون ـ في دينكم، واتقوه في صيامكم، فإنه ما شرع إلا من أجل بناء التقوى وعمارتها في القلوب، قال الله جل شأنه يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة:183]. فهل يجد المنشغلون والمتابعون للمسلسلات والمباريات والمسابقات، هل يجدون بعدها تقوى أو ضدها؟!
اللهم حبب إلينا الإيمان...
=============
قيمة الوقت وإطلالة رمضان
حمزة بن فايع الفتحي
محايل
28/8/1421
جامع الملك فهد
محامد و أدعيةطباعة الخطبة بدون محامد وأدعية
-------------------------
ملخص الخطبة
1- حالنا مع الأوقات. 2- الوقت هو الحياة. 3- نماذج رائعة لسلفنا الصالح في قيمة الوقت والزمان. 4- فضل شهر رمضان.
-------------------------
الخطبة الأولى
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى محمد ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلاله. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ [آل عمران:102].
أيها السادة الأعزاء، بات الوقت في حياة كثير من المسلمين أرخص السلع وأوهن الأثمان وميدان اللهو والضياع، يعمد كثيرون إلى أوقاتهم فيقتلونها بالحارقات والمغريات والسفاهات. جفَّت عقولهم فهانت أوقاتهم، وسقطت أهدافهم فضاعت ساعاتهم، وضعفت نفوسهم فغُبنت أزمنتهم. لم يَعُد للجد في حياتهم مكان، ولا للفائدة في أوقاتهم عنوان، ولا للطموح عندهم قدر وميزان. جِدّهم لذائد وشهوات، وفائدتهم أخبار هشة، وطموحهم مرح زائد وأفراح. صارت الأوقات مستنقعًا للملهيات، يطول الحديث الفارغ، ويشمخ السمر المهين، وتعظم السهرة التافهة.(1/131)
أصبحت حياة الشباب في ميادين السفه، وأضحى ذوو الشيب والوقار بُعداء عن الخير والأذكار، وصارت النساء أسيرات الزينة الغرّاء. يحفظ الإنسان في حياتنا المعاصرة مالَه ومتاعَه وسيارته ويضيّع وقته وحياته! يجادل على بقاء المال ونمائه ويستهين بالزمان وساعاته ولحظاته! يَعُدُّ الدنانير عدًا ويزيد الأوقات حسرةً وكدا!
من الذي يجعل الوقت والزمان أغلى الأثمان ويصونه عن التفاهة والخسران؟! هل سمعتم بمن ينام في اليوم بضع عشرة ساعة ومن يحيي الليل على السمر والإضاعة؟! وهل رأيتم قرين الفضائيات من الصبح إلى المساء غير مبالٍ بالساعات والصلوات؟!
أضحى المثقفون يَهرِفون بما لا يعرفون، ويقرؤون ما لا ينتفعون، ويتحدثون بالسمج الطويل والحديث الهزيل والقول الكليل. أين فينا حراس الزمان وحماة الساعات وصناع الأوقات الذين جعلوا أوقاتهم أعلى قيم حياتهم ورفعوها إلى أعاليها وصانوها من اللهو والهزل والتعاسة؟!
إن الوقت ـ يا مسلمون ـ هو الحياة، أقسم الله تعالى به لعظمه وشرفه ومكانته، قال تعالى: وَالْعَصْرِ إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ [العصر:1، 2]. قال ابن عباس رضي الله عنهما: (العصر هو الزمن).
إن هذا الزمن هو موضع الخير والشر، ومستودع السعادة والشقاوة، وهو عز الإنسان أو ذله، فيه أحياء وأموات، وسعداء وأشقياء، ويا خيبة من حرقه بالمعاصي والموبقات.
والوقت أنفسُ ما عُنيتَ بِحفظهِ …وأراه أسهلَ ما عليك يضيعُ
أيها الناس، لقد غُبنَ كثير من المسلمين في أوقاتهم، تجاوزتها الغايات النبيلة، وفاتتها المقاصد الحميدة، همّهم لذتهم، ووقتهم معالم راحتهم ورفاهيتهم وسفاهتهم. وإن هذا تصديقه الحديث الشريف الذي رواه البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي قال: ((نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ)).
قال الإمام ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين: فالوقت منقضٍ بذاته منصرم بنفسه، فمن غفلَ عن نفسه تصرمت أوقاته وعظم فواته واشتدت حسراته، فكيف حاله إذا علم عند تحقق الفَوت مقدار ما أضاع، وطلب الرجعى فحيل بينه وبين الاسترجاع، وطلب تناول الفائت؟! وكيف يُرد الأمس في اليوم الجديد؟! لا، وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ [سبأ:52]، ومنع مما يحبه ويرتضيه، وعلم أن ما اقتناه ليس مما ينبغي للعاقل أن يقتنيه، وحيل بينه وبين ما يشتهيه.
فيا حسراتٌ ما لي إلى ردِّ مثلها …سبيلٌ ولو رُدّت لهانَ التحسُّرُ
والواردات سريعة الزوال، تمر أسرع من السحاب، وينقضي الوقت بما فيه، فلا يعود عليك منه إلا أثره وحكمه، فاختر لنفسك ما يعود عليك من وقتك، فإنه عائد عليك لا محالة، لهذا يقال للسعداء في الجنة: كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الخَالِيَةِ [الحاقة:24]، ويقال للأشقياء المعذبين في النار: ذَلِكُم بِمَا كُنتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَمْرَحُونَ [غافر:75].
أيها الإخوة الفضلاء، لقد مرَّ على هذا العالم أقوام عرفوا أهمية الوقت، وأدركوا قيمته، فعظموه غاية التعظيم، وأرخصوا دونه كل المحاب والملاذ. عرفوا أن الوقت هو أنفس اللذائذ وأحسن الطيبات، عرفوا أن الوقت نعمة جليلة تأبى التلطخ بالملاهي والقاذورات، فجعلوا منه نديًا للخيرات والقربات.
وسوف أنقل لكم أقوالهم وأخبارهم وآثارهم في تعظيم الوقت وحراسته من العابثين واستغراقه في النافع المفيد. وإن من تمام العقل عندهم ورشاده عمارة الوقت بطاعة الله، وكل من أضاع وقته زهدوا فيه وترحّموا على عقله وصوابه.
ليس عندهم في حياتهم مجال للسفاهات أو التعرف على دقائق الأمور، عرفوا الحق فأخذوه بقوة، وتقلدوه على حزمٍ واجتهاد، لم يشمت بهم الكسل، ولم يعرفهم العجز والخور، فلله درهم.
قال الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود : (ما ندمت على شيء ندمي على يومٍ غربت شمسه نقص فيه أجلي ولم يزد فيه عملي). وقال الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى: "إن الليل والنهار يعملان فيك فاعملْ فيهما". وقال الحسن البصري رحمه الله: "يا ابنَ آدم، إنما أنت أيام، فإذا ذهب يوم ذهب بعضُك". وقال أيضًا: "أدركت أقوامًا كانوا على أوقاتهم أشد حرصًا منكم على دراهمكم ودنانيركم". وقال رجل لعامر بن عبد قيس أحد التابعين الصلحاء: كلِّمني، فقال له عامر: أمسكِ الشمس. نعم، أمسك الشمس فإن الزمن دائر متحرك، أمسك الشمس فالوقت سريع الانقضاء، أمسك الشمس حتى لا تكتب علينا حسرات.
يا مسلمون، إننا لنستمتع بالمطاعم والمشارب ولو طالت، وباللذائذ ولو أثَّرت وغيرت، فاسمعوا ما يقول بعض هؤلاء الصلحاء، قال الخليل بن أحمد الفراهيدي رحمه الله: "أثقلُ ساعةٍ عليّ ساعة آكل فيها". وفي ترجمة حماد بن مسلمة البصري رحمه الله تعالى قال موسى التبوذكي: "لو قلت لكم: إني ما رأيت حماد بن مسلمة ضاحكًا لصدقت، كان مشغولاً؛ إما أن يحِّدث أو يقرأ أو يسبح أو يصلي، وقد قسم النهار على ذلك". وقال يونس المؤدِّب: "مات حماد بن مسلمة وهو في الصلاة رحمة الله عليه".
وهذا الإمام أبو الوفاء ابن عقيل، وقد كان من أفاضل العالم وأذكياء بني آدم، كان يقول: "إني لا يَحلّ لي أن أضيع ساعةً من عمري، حتى إذا تعطل لساني عن مذاكرة أو مناظرة وبصري عن مطالعة أعملتُ فكري في حال راحتي وأنا منطرح، فلا أنهض إلا وقد خطر لي ما أسطره، وإني لأجد من حرصي على العلم وأنا في عَشْر الثمانين أشدّ مما كنت أجده وأنا ابن عشرين سنة". وقال الفضيل بن عياض رحمه الله: "أعرف من يعد كلامه من الجمعة إلى الجمعة".
ودخل أناس على رجل من السلف فقالوا: لعلنا شغلناك؟ فقال: أصدقكم، كنت أقرأ فتركت القراءة لأجلكم. وجاء عابد إلى السَري السَقطي فرأى عنده جماعة، فقال: صرت مُناخَ البطاّلين، ثم مضى ولم يجلس. وعن الحسن قال: "ليس يوم يأتي من أيام الدنيا إلا يتكلم يقول: يا أيها الناس، إني يوم جديد، وإني على ما يُعمل فيَّ شهيد، وإني لو قد غربت الشمس لم أرجع إليكم إلى يوم القيامة".
قال ابن الجوزي رحمه الله: "ينبغي للإنسان أن يعرف شرف زمانه وقدر وقته، فلا يضيع منه لحظة في غير قُربة، ويقدم الأفضل فالأفضل من القول والعمل، ولتكن نيته في الخير قائمة، من غير فتور بما يعجز عنه البدن من العمل".
مضى أمسُكَ الماضي شهيدًا معدَّلاً…وأعقبه يومٌ عليك جَديدُ
فَيَومُكَ إن أغنَيْتَه عاد نَفعهُ…عليك وماضِي الأمس ليس يعودُ
فإن كنتَ بالأمس اقترفت إساءةً…فثنّ بإحسانٍ وأنت حَميدُ
فلا تُرجِ فعلَ الْخيْر يومًا إلَى غدٍ…لعل غدًا يأتي وأنت فقيدُ
اللهم آت نفوسنا تقواها، وزكها أنت خير من زكاها...
-------------------------
الخطبة الثانية
الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه كما يحب ربنا ويرضى، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أيها الأخيار، يُهل علينا هذه الأيام شهر رمضان المبارك، هو نوع من الوقت والزمان، لكنه زمان خير وبركة، تضاعف فيه الحسنات، وتقال العثرات، وتستجاب الدعوات، فما أنتم صانعون فيه؟!(1/132)
ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة أن النبي قال: ((إذا جاء رمضان فُتِّحت أبوب الجنة، وغلقت أبواب النيران، وصُفدت الشياطين)). وفي سنن الترمذي والنسائي بسند صحيح عن أبي هريرة أن النبي قال: ((إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفّدت الشياطين ومردة الجن، وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب، وينادي منادٍ: يا باغيَ الخير أقبل، ويا باغيَ الشر أقصِرْ، ولله عتقاء من النار، وذلك كلَّ ليلة)).
إن رمضان ـ يا مسلمون ـ زمانٌ لا يضاهيه زمان، جعل الله صيامه وقيامه سببا لمغفرة الذنوب ومضاعفة الأجور وتحصيل السعادة والحبور. إن رمضان يستدعينا للجد والعمل وترك التواني والكسل. إنه كما قال تعالى: أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ [البقرة:184]. فجدوا في اغتنامها، وسارعوا في عمارتها بالصالحات، واحذروا تضييعها أو الغفلةَ عنها أو التشاغل بغيرها، وخذوا حذركم من نواب إبليس وأعوان الشياطين الذين يجعلون من موسم رمضان موسم لعب ولهو أو موسم ترفيه ومسليات، فيظل الصائم في نهاره ناظرًا للسخافات ويبيت مستأنسًا بالسهرات التعيسة.
يقول مدير البرامج بإحدى القنوات الفضائية في مقابلة صحيفة: "نريد أن تكون برامج رمضان لهذا العام مليئة بالجاذبية والإثارة والتنوع، نريد أن نستغل هذا الشهر الذي يرتفع فيه معدل المشاهدين بمقدار كبير لتقديم رسالتنا الإعلامية برؤية عصرية تناسب مرحلة العولمة الإعلامية والثقافية التي نشهدها".
أتدرون ـ يا صائمون ـ ما الجاذبية والإثارة والتنوع التي يقصدها؟! إنها جاذبية الدعارة والفحش والخنا المبثوث المصحوب بتنوع ثقافي، مرة في مسلسلات هابطة وصور عارية، ورياضة وطرائف وأضحوكات. كل هذه الأمور ستتضخم وتتعاظم في هذا الشهر الكريم شهر الرحمة والمغفرة؛ لكي يتقرب الصائم أثناء صومه بالمنكرات، ويحيي ليله بالموبقات، ويظل مستمتعًا طوال الشهر بالجديد والإثارة والجاذبية، فأين إيمانك؟! وأين عقولكم يا صائمون؟! روى البخاري في صحيحه أن النبي قال: ((مَنْ لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه)).
إن الصيام ليس صيام الأكل والشراب، بل إن الأعين لتصوم، وإن اللسان ليصوم، وإن الأذن لتصوم، وصومها البعد عن الحرام، فلا ترى الأعين المشاهد المحرمة، ولا تسمع الآذان الأصوات المنكرة، ولا ينطق اللسان الزورَ الخبيث.
أيها المسلمون، إذا صمتم فلتصم منكم أعينكم وآذانكم وألسنتكم، فإن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا، واحذروا تلطيخ الصيام وتكديره بهذه القبائح والمفسدات، فإن الله سائلكم ومحاسبكم.
وكم هي حسرة ومصيبة أن يُضيَّع رمضان في الملهيات، ويُستغرَق في المفطرات والمباحات دون تأمل ومحاسبة وإنابة.
روى ابن ماجه في سننه بسند حسن عن أنس أن النبي قال: ((إن هذا الشهر قد حضَركم، وفيه ليلة خير من ألف شهر، من حُرمها فقد حُرم الخير كله، ولا يُحرمُ خيرها إلا محروم)).
اللهم بلغنا رمضان، وجنبنا الغفلة والعصيان. اللهم أحي قلوبنا بطاعتك، واملأها بنورك وهدايتك، اللهم جنبنا الغفلات وموارد الهلكة والحسرات، اللهم زك نفوسنا، وارفع هممنا، واحفظ أوقاتنا. اللهم احفظ أوقاتنا من الضياع، وأيامنا من الغفلة، واجعل مقاصدنا في أوقاتنا عظيمة، وأعمالنا فيها صالحة كريمة.
اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك...
============
[4] إدارة الوقت- فتاتي والدراسة
مفكرة الإسلام : إن الوقت يعتبر من أندر الموارد وأغلاها، ولئن قال قائل: 'الوقت من ذهب' فإن هذا في الحقيقة بخس لقيمة الوقت، فهو أغلى كثيرًا من الذهب الذي إذا فقد فإنه يمكن تعويضه، أما الوقت فلا يمكن تعويضه لحظة منه بكل ذهب الدنيا.
فتاتي الدارسة المسلمة:
يؤكد معظم الباحثين والأخصائيين أن النجاح يعتمد على قدرة الفرد على تنظيم وقته وترتيب أولوياته، ومن المعروف أن الناس على اختلاف ظروفهم [ الغني والفقير ـ الفاشل والمتفوق ـ الكبير والصغير ] يمتلك كل منهم 168 ساعة أسبوعية للعمل النشاط يعني 24 ساعة في اليوم.
والسؤال هنا ماذا تفعلين أنت في هذا الوقت؟
وكيف تصبحين متفوقة بحسن إدارة الوقت؟
وبادئ ذي بدء قبل أن نتطرق للإجابة على هذه الأسئلة، لا بد أن نعترف أن هناك معوقات تعوق حسن استغلال الوقت نذكر منها ما يلي:
1ـ الفوضى:
إن الذي يعيش في الفوضى دائمًا ما يكون حليف الفشل وضياع الوقت ، فمكتبك المنظم مفتاح لنجاحك، وغرفتك المنظمة أيضًا، وقبل كل شيء حاولي ترتيب غرفتك قبل ترتيب أفكارك، والفوضى لا شك أنها ترجع إلى الجهل الشديد بقيمة الوقت.
2ـ التهاون في استغلال الوقت:
وذلك بتضييعه في توافه الأمور فأهل الفوضى ليس في حياتهم أرخص من الأوقات، فلا يفكرون في استغلالها، بل إنهم يتنادون فيما بينهم لقتلها، وما علم هؤلاء المساكين أنهم بهذا يقتلون أنفسهم، كما قال الحسن البصري رحمه الله :
'إنما أنت أيام مجموعة فكلما ذهب يومك، ذهب بعضك'.
أما أهل الجد والنظام فإنهم يدركون أن الوقت هو الحياة ولذلك يحرص كل منهم على استثمار كل لحظة من لحظات حياته في عمارة دينه ودنياه لعلمه أن الله عز وجل سائله عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه، وإذا عود الإنسان نفسه على الانتفاع بوقته فإن ذلك سيدفعه إلى إتقان تنظيم حياته، واضعًا نصب عينييه قول الشاعر:
دقات قلب المرء قائلة له إن الحياة دقائق وثوانِ
فارفع لنفسك بعد موتك ذكرها فالذكر للإنسان عمر ثاني
3ـ عدم ترتيب الأولويات.
4ـ سوء التوقيت في إنجاز العمل.
5ـ تكرار العمل الواحد أكثر من مرة.
6ـ عدم تحدي الهدف ووضوحه، وبالتالي عدم التخطيط الجيد لانجاز الهدف في الوقت المحدد.
7ـ التسويف: ولا ننسى هناك علاج الرسول صلى الله عليه وسلم: 'اغتنم خمسًا قبل خمس: حياتك قبل موتك، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وشبابك قبل هرمك، وغناك قبل فرقك'.
عزيزتي الفتاة الدارسة:
إن حسن إدارة الوقت هو الطريق الذي سلكه كل العلماء والمخترعين وهو الطريق إلى تحقيق الأهداف، والسؤال الآن كيف تصبحين ناجحة بحسن إدارة الوقت؟
مهارات إدارة الوقت:
1ـ دربي نفسك على إدارة وقتك بالأرقام:
ولقد أثبتت هذه الطريقة فعاليتها في إيصال العديد من الناس طلابًا أو باحثين أو علماء إلى طريق التفوق والنجاح، ويمكن الاستعانة بجدول من خلاله يستطيع الإنسان تحديد النشاط الذي يقوم به خلال اليوم وتحددي الزمن المخصص لكل نشاط وهذا يمكنك من ضبط عملية هدر الوقت.
النوم ... العمل ... ترويح ... استراحة الطعام ... قراءة ... أنشطة ... مجموع الساعات
8 ساعات ... 7 ساعات ... 1 ساعة ... 2 ساعة ... 2 ساعة ... 4 ساعة ... 24 ساعة
ويمكنك تغيير عدد الساعات حسب خطتك وأهدافك وأنشطتك المحددة لك ومسميات كل منها.
2ـ تعلمي كيف تستثمرين وقتك:
كوني ذات همة وأنجزي العمل في الوقت المحدد له، وتجنبي إدارة التسويف التي تعود الإنسان الكسل ومن ثم الفشل الدراسي، وعودي نفسك الإصرار والجدية ، فالإصرار الذاتي هو الذي يحقق المعجزات الدراسية للدارس.
ورددي عبارة 'هذه اللحظة أو الآن' والتي تعني عدم التأجيل.
3ـ اكتشفي مهارات تنظيم الوقت وأفضل أوقات الدراسة:
ـ اكتبي قائمة بأعمالك اليومية في مساء اليوم الذي قبله أو في صباح اليوم نفسه، وكلما أنجزت عملاً أشري عليه بالقلم.
ـ قدري لكل عمل وقتًا مناسبًا لأدائه من غير إفراط ولا تفريط، وحددي بدايته ونهايته.
ـ ابدئي بالمواد الصعبة على نفسك وأنت في كامل طاقتك وحيويتك ونشاطك الذهني.(1/133)
ـ خذي فترة راحة إذا شعرت بالتعب ولتكن نصف ساعة بعد كل ساعتين أو ثلاثة من الدراسة.
ـ لا بد من الدراسة اليومية سواء كانت هناك واجبات مدرسية أو امتحان أو لم يكن.
ـ الدراسة في مواعيد يومية ثابتة لتتكون لدى الفتاة الدارسة عادة الجلوس إلى المكتب في مواعيد معينة كل يوم.
ـ النوم سبع ساعات نومًا عميقًا يوميًا على الأقل.
ـ تجنبي الدراسة بعد الأكل مباشرة، وتجنبي الإفراط في تناول الشاي أو القهوة أو المنبهات ويمكن استبدال ذلك بالعصائر الطبيعية والفاكهة.
ـ رتبي أولوياتك. فابدئي بالعمل الأهم ثم الأقل أهمية، وأنجزيه أولاً لأنه لا يوجد دومًا وقت لعمل كل شيء ولكن هناك دائمًا الوقت لعمل المهم.
4ـ انتبهي إلى المبدأ المركزي في إدارة الوقت.
وهو أن تقضي وقتك في القيام بتلك الأشياء التي ترين أنها ذات قيمة لديك، والتي تساعدك على تحقيق أهدافك، مع العلم أن أنشطة حياتك تنقسم إلى أربعة أقسام تبوب بطريقتين: من جهة مدى أهميتها ـ ومن جهة كم هي ملحة أو عاجلة.
والصحيح أن يكون وقتك مقضيًا في الأنشطة الهامة سواء كانت عاجلة أو غير عاجلة، والمستحب أن يكون أغلب وقتك في الأنشطة الهامة غير العاجلة فهذا يتيح لك العمل باتقان أكثر وتركيز أكبر وتحت ضغط عصبي أقل. وما يعنينا في كل ذلك هو التركيز على الدراسة وهو أمر هام وعاجل.
عزيزتي الفتاة المسلمة الدارسة:
ـ تذكري أن باستطاعتك أن تزيدي من فعالية باستخدامك لوقتك والشخص الوحيد الذي يملك ذلك هو أنت.
ـ وتذكري هذه المعادلة: حسن إدارة الوقت + همة = إنجاز أي تفوق دراسي.
ـ وتذكري أن من علامة المقت إضاعة الوقت، والوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك وترنمي معي قول الشاعر:
إذا مر بي يوم ولم اقتبس هدى ولم استفد علمًا فما ذاك من عمري
تابعي معي الأعداد القادمة من سلسلة فتاتي والدراسة وفقك الله إلى كل خير
==============
الوقت سيف
د.محمد إقبال
ترجمة: د.عبد الوهاب عزام
نضر الله تراب iiالشافعي
فكره قد صار نجماً iiلامعاً
فات خوفاً ورجاءً iiصاحبه
تغدق الصخرة من ضربته
كان هذا السيف في كف iiالكليم
شق صدر البحر لمع iiالقبس
وبهذا السيف يوم iiالخطر
* * ii*
ممكن إبصار دور iiالفلك
يا أسير اليوم والأمس انظرا ii(2)
أنت في النفس بذرت iiالباطلا
وذرعت الوقت طولاً ، iiللشقاء
وجعلت الخيط زناراً iiلكا
صرت يا إكسير تُرباً سافلاً
اقطع الزنار حراً لا iiتَهُن
إيه يا غافل عن أصل الزمان
يا أسير الصبح والمسى iiاعقلن
كل ما يظهر، من iiتسياره
ما من الشمس أراه iiيوجد
وبه الشمس أضاءت iiوالقمر
قد بسطت الوقت بسطاً iiكالمكان
يا شذى قد فر من iiبستانه
وقتنا بين الحنايا iiسافرُ
الحياة الدهر يا من عرفا
* * ii*
نكتة كالدر خذها iiرائقة
حيرة العبد مسيرة iiالزمن
ينسج العبد عليه iiكفنا
وترى الحر من الطين iiنجا
قفص العبد صباح ومساء
وبصدر الحر ثار iiالنفس
فطرة العبد حصول الحاصل
في مقام من همودٍ iiراكدُ
ومن الحر جديد iiالخلقة
قيد العبد صباح iiومساء
وأرى الحر مشيراً iiللقدر
عنده الماضي التقى iiوالقابل
* * ii*
ضاق عن معناي حرف iiوصدى
قلت ، واللفظ من المعنى iiخجل
مات معنى الحروف iiيحبس
سرّ غيب وحضور في القلوب
إن للوقت للحنا صامتاً
أين أيام بها سيف iiالدهر
قد غرسنا الدين في أرض iiالقلوب
ومن الدنيا حللنا iiالعقدا
من دنان الحق صرّفنا iiالرحيق
يا مدير الراح في iiأضوائها
من غرور واختيال تسكر
كأسنا كانت سراج iiالمحفل
إن هذا العصر من iiآثارنا
روضة الحق ارتوت من دمنا
كبّر العالم من iiتكبيرنا
" اقرأ " الحق لنا قد iiعلّما
لا تهون قدر حر iiأعدما
إن نكن عندك أصحاب iiالخسار
فلدينا عزة من " لا إلاه ii"
قد تركنا غم أمس iiوغد
نحن وراث هداة iiللبشر
لا تزال الشمس تبدي iiنورنا
ذاتنا المرآة للحق ، iiاعلمِ ...
... سحر الألباب هذا iiالألمعي
حين سمى الوقت سيفاً iiقاطعا
كفه كف كليم ، iiضاربه
ويغيض البحر من iiصولته
فشأى التدبير بالعزم iiالصميم
صيّر القلزم مثل اليبس
زلزلت خيبر كف الحيدر ii(1)
* * ii*
وتوالى نوره iiوالحلك
انظرن في القلب كوناً iiسُتِرا
وحسبت الوقت خطاً iiطائلاً
بذراع من صباح ومساء
صرت للأصنام نداً iiويلكا
يا وليد الحق صرت iiالباطلا
شمعةً في محفل الأحرار كن
كيف تدري ما خلود الحيوان ii(3)
" لي مع الله " بها الوقت اعرفن (4)
والحياة السر من أسراره ii(5)
إنها تفنى وهذا iiيخلد
وبه في العيش ما ساء iiوسر
وفرقت اليوم من أمس iiالزمان
وحبيس السجن من بنيانه ii(6)
ليس فيه أول أو آخر
" لا تسبوا الدهر" قول iiالمصطفى
* * ii*
بين حر ورقيق فارقه ii:
حيرة الأزمان قلب المؤمن
من صباح ومساء iiمذعنا
نفسه حول الليالي iiنسجا
يحرم التحليق في جو iiالسماء
طائر الأيام فيه iiيحبس
ليس في تفكيره من طائل
نوحُه ليلاً وصبحاً iiواحدُ
كل حين ، وحديث iiالنغمة
وثوى في فمه لفظ القضاء ii(7)
صورت كفاه أحداث الدهر (8)
عاجل بين يديه الآجل ii(9)
* * ii*
عجز الإدراك في هذا iiالمدى
وشكا المعنى من اللفظ iiالمحل
ناره يخمد منك iiالنفس
رمز وقت ومرور في القلوب ii(10)
وله في القلب سراً خافتاً ii(11)
صرّفته في أيادينا القدر ! ii(12)
وجلونا من ستر iiالغيوب
واستنار الترب منا iiسجدا
وهدمنا حانة العصر iiالعتيق
ومذيب الكأس من لألأئها (13)
ومن الفقر لدينا تسخر ii!
صدرنا كان لقلبٍ iiمشعل
من عجاج ثار في iiتسيارنا
عزّ أهل الحق في الدنيا iiبنا
كعبات شاد من iiتعميرنا
بيدينا رزقه قد قسّما ii(14)
أن ترى التاج مضى والخاتما
قدماء الفكر أحلاف iiالصّغار
نحن للكونين حرّاس iiأباه
ووفينا لحبيب iiأوحد
نحن عند الحق سر iiمدخر
غيمنا فيه بروقٌ iiوسنا
آية الحق وجود iiالمسلم
الهوامش :
(1) حيدر : علي ابن أبي طالب .
(2) انظرا : فعل الأمر مع نون التوكيد الخفيفة .
(3) الحيوان : الحياة .
(4) إشارة على الأثر : لي مع الله وقت لا يسعني فيه نبي مرسل ولا ملك مقرب ويريد الشاعر أن يقول إن الوقت حال الإنسان لا ساعات الفلك .
(5) الضمير يرجع إلى الوقت .
(6) يقول الشاعر إنك أحياناً كالرائحة لا تثبت في بستانها ، وأحياناً سجين في سجن بنته يد تسير مع ساعات الزمان وتحبس نفسك فيها والوقت هو أنت .
(7) لفظ القضاء والقدر، يعتل به ويحيل الأمور عليه .
(8) عزم الحر من القضاء ، ويقول الشاعر في هذا إن القضاء يستشير الحر فيما يفعل .
(9) لا يعتل بأن شيئاً فات وقته وأن شيئاً لم يحن وقته . بل عزمه يطوع كل وقت لما يريد .
(10)القافية مردوفة الروي في حضور ومرور .
(11)أبيات إقبال هذه في الوقت وفي التفريق بين العبيد والأحرار من أروع ما عرفته الفلسفة والشعر .
(12)في هذا البيت ولأبيات بعده يذكر إقبال ماضي المسلمين .
(13)في هذا البيت وأبيات تليه يخاطب الشاعر أهل الغرب المسيطرين على العالم .
=============
الوقت في حياة المسلمة
تعاني نساء كثيرات مشكلة الفراغ وأخريات يلجأن إلى ما يسمينه 'قتل الوقت' دون اهتمام كبير بوسيلة ذلك، وبين هذين الصنفين صنف ثالث يبحث عن كل ما هو مفيد ونافع لشغل أوقاتهم، فبعد قيامها بحق ربها عز وجل ثم زوجها وبيتها نجدها كالنملة حيوية وحركة وعطاءً حسنًا مؤثرًا في الآخرين.
أختي المسلمة:
لقد أعطانا الله عمرًا وأمدنا بطاقات وقدرات، وأنعم علينا بالإسلام ومتعنا بنعمة الأمان والصحة والعلم وسعة الرزق, فنعم الله تحيط بنا من كل جانب: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا} [النحل: 18].(1/134)
ولو سألت نفسك ما أكثر نعمة أنعمها الله عليك بعد الإسلام؟
هل هي نعمة المال أم الجمال أم الأولاد أم الصحة؟
الإجابة بعيدة كل البعد عن الأشياء التي ذكرتها، والجواب هو : نعمة الوقت.
الوقت نعمة كبيرة:
حقيقة الوقت من أكبر نعم الله على الإنسان حيث أعطانا الله وقتًا وزمنًا هذا الوقت هو عمرنا لماذا؟
للعمل والسعي والمسارعة إلى ما فيه خيرنا في الدنيا والآخرة.
ـ هناك من الدلائل الكثيرة على عظم قيمة الوقت منها:
1ـ لقد أقسم الله ـ سبحانه وتعالى ـ بالوقت في القرآن، ولا يقسم الله بشيء إلا إذا كان غاليًا وهامًا قال تعالى: { وَالْعَصْرِ[1]إِنَّ الإنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} [العصر:1ـ2].
و{ وَالْفَجْرِ[1]وَلَيَالٍ عَشْرٍ} [الفجر:1ـ2].
2ـ إن كل شعائر الإسلام مرتبطة بالوقت كالصلوات الخمس، وصيام رمضان، والحج والوقوف بعرفة.
3ـ وكذلك إقامة الحجة على الإنسان يوم القيامة مرتبطة بالوقت.
يقول تعالى: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ} [فاطر: 37]. نعمركم: أي أعطيناكم عمرًا ووقتًا.
ويقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ [[لا تزول قدما عبدٍ يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه ....]] الحديث
أي لا يدخل المرء جنة ولا نارًا حتى يُسأل عن عمره أي الوقت الذي أعطي له في الدنيا ماذا عمل فيه.
وهناك نسأل ما علاقة هذا الكلام بنا نحن الفتيات والنساء عمومًا؟
أريد أن أقول: إن رأس مال المرأة في الدنيا هو أنفاسها والوقت هو حياتها, والمصيبة الكبرى التي تقع فيها جميع النساء إلا القليل ـ هي أن الوقت عندها ليس له قيمة، بالرغم من أن الوقت هو الحياة.
وكلنا يعرف القول المشهور 'الوقت من ذهب'.
لا والله الوقت أغلى من الذهب ولا يقدر بثمن.
لذلك يقول الحسن البصري رحمه الله:
'كل يوم تشرق فيه شمس ينادي هذا اليوم أنا يوم جديد وعلى عملك شهيد فاغتنمني فإني لا أعود إلى يوم القيامة'.
ويقول أيضا:
'يا ابن آدم إنما أنت أنفاس وأيام فإذا ذهب نفسك ويومك فقد ذهب بعضك، ويوشك إذا ذهب البعض أن يذهب الكل'.
ـ فاحرص أن تخرج أنفاسك في الدنيا في عمل مفيد في الحياة يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ:
'كل نفس وكل عرق سيخرج في الدنيا في غير طاعة الله أو فائدة في الحياة سيخرج يوم القيامة حسرة وندامة'.
وهذه قضية إيمانية لذلك يقول العلماء أن من علاقة غضب الله ومقته على العبد أن يكون مضيعًا لوقته، ومن علامة محبة الله للعبد أن يجعل شواغله أكثر من وقته.
بداية المعصية تبدأ بالفراغ:
إذا نظرنا بعين فاحصة لكل مشاكل النساء تجدها بسبب الفراغ، وما وقع النساء في الغيبة والنميمة وتصيد أخطاء الآخرين والخلافات وغير ذلك إلا وكان الفراغ وراء هذا الوقوع.
يقول الشاعر:
إن الشباب والفراغ والجدة مفسدة للمرء أي مفسدة
إذن بداية المعصية تبدأ بالفراغ, وأكبر مثال حي وصادق على ذلك امرأة العزيز التي راودت يوسف عن نفسه وهذه معصية كبيرة كان وراءها الفراغ.
ونساء المدينة كن فارغات لا يفكرن إلا في الحديث عن قصة امرأة العزيز ويوسف ـ عليه السلام ـ.
وهنا يأتي السؤال فيم تضيع المرأة في هذا العصر وقتها؟
من أشكال الفراغ وتضيع الوقت بين النساء في هذا العصر:
ـ النوم لساعات الطويلة، قراءة المجلات التافهة بالساعات إن لم تكن فاضحة، التزين الزائد عن الحد، الذهاب للتسوق وبالساعات، مشاهدة التليفزيون والأفلام والمسلسلات والتقليب في القنوات الفضائية بالساعات، الحديث في التليفون مع الأصدقاء أوقات طويلة، والكلام بين الفتيات والشباب بالساعات في الإنترنت إما في كلام ليس له قيمة أو علاقات آثمة، فضلاً عن الخروج والفسح والأكل بالأربع ساعات في المطاعم ... وغير ذلك كثير.
الزينة حلال للمرأة .. ولكن:
وأرد لمن يرد في ذهنه أننا ضد الزينة للمرأة وأقول:
إن الوقت لهو الحياة وهو سريع الانقضاء، وما مضى منه لا يرجع، ولا يعوض بشيء، والمسلمة مطالبة بحفظ وقتها، فعليها أن تحرص على الاستفادة من عمرها، وصرف وقتها فيما ترجو نفعه، والمرأة التي تمضي الساعة تلو الساعة أمام المرآة لتجميل وجه، وتسريح شعر بصورة مبالغ فيها هي ممن أضاع الوقت، وفرط في العمر، لأن الإسلام جعل الزينة وسيلة لا غاية، وسيلة لتلبية نداء الأنوثة في المرأة، وللظهور أمام زوجها بالمظهر الذي يجلب المحبة ويديم المودة، ولكن يجب أن يكون ذلك بحد معين في الوقت والمال.
والإسلام كما يرفض إضاعة الوقت في الزينة فهو كذلك لا يرضى بإضاعته في البحث عن وسائل الزينة ومتابعة المستحدثات وكثرة ارتياد الأسواق.
صور ونماذج لكيفية استغلال الوقت:
تعالي معي لنرى كيف استفاد السابقون بأوقاتهم في عظائم الأمور ومفيدها:
المحاسبي:
انظري إلى المحاسبي وهو يقول: 'والله لو كان الوقت يشترى بالمال لأنفقت كل أموالي غير خاسر أشتري بها أوقاتًا لخدمة الإسلام والمسلمين فقالوا له: فممن تشتري هذه الأوقات؟ فقال: من الفارغين.
ابن عقيل:
وانظري إلى ابن عقيل وهو يقول: 'أنا الآن ابن الثمانين, والله أجد همة وعزمًا واستفادة من الوقت كما كنت وأنا ابن العشرين'.إني لا آكل الطعام كما تأكلون فقالوا له: فكيف تأكل؟
قال: إني لأضع الماء على الكعك حتى يصير عجينًا فآكله سريعًا حتى لا أضيع وقتي'.
لذلك استمرت هذه الأمة 1300 سنة لقيمة الوقت في حياتهم.
أسامة بن زيد:
وهذا أسامة بن زيد يقود جيشًا وعمره السادسة عشر ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم عليه:
وإنه لخليق بالإمارة [أي يقدر عليها].
محمد الفاتح:
وهذا محمد الفاتح يفتح القسطنطينية التي استعصت على المسلمين عدة قرون يفتحها هو وعمره ثلاثة وعشرين سنة.
النووي:
كلنا يعرف النووي مؤلف كتاب رياض الصالحين هل تعرفين كم كتابًا ألف؟
لقد ألف خمسمائة كتاب ومات في الأربعين من عمره قبل أن يتزوج, وكانت أمه تطعمه وهو يكتب دون أن يشعر لكثرة مشاغله.
ابن رجب:
يقول ابن رجب: لقد كتبت بإصبعي هذا أكثر من ألفين مجلد.
يقولون: فبعد موته أخذنا كتب ابن رجب وقسمناها على عمره فكان نصيب اليوم من الكتب تسعة كتب.
هؤلاء كانوا يبنون أمة فنجحوا وأشرقت هذه الأمة.
والتاريخ الإسلامي يزخر بالعالمات من النساء والفقيهات والطبيبات والشاعرات, فهذه السيدة عائشة ـ رضي الله عنها ـ يؤثر عنها أنها روت عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ألفين ومئتين وعشرة أحاديث.
وكثير من النساء في ذلك الوقت كن يشغلن أوقاتهن فيما يفيد ولخدمة الإسلام والمسلمين.
الحل بيدك .. فبادري:
كيف تشغلين وقت فراغك فيما يفيد وينفع في الدنيا والآخرة؟
1. يقول تعالى: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ[7]وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ} [الشرح:8].أي إذا فرغت من شغلك مع الناس ومع الأرض ومع دوامة الحياة، فإذا فرغت من كل هذه الأعباء فتوجهي بقلبك كله إلى من يستحق أن تنصبي فيه، وتجتهدي من أجله.والمسلمة طالما احتسبت أعمال الدنيا لله تعالى بما فيها الترويح المباح الذي لا يأخذ من وقتها الكثير فهي في عبادة وهي في جهاد.فحاولي استغلال معظم لحظات حياتك في جلب الخير لك وللآخرين.
2. أشغلي نفسك بتحقيق أهداف ذات قيمة تشعرك بالحماس كحفظ سور من القرآن الكريم وقدرًا من الأحاديث النبوية، وتعلم أحكام فقهية تتعلق بالعبادات وكذلك قراءة الكتب المفيدة.(1/135)
3. التحقي بدورة مفيدة [كمبيوتر ، أو تعلم لغة] أو تعلم مهارة تطورك في جانب تحبينه كالخياطة والتطريز والأعمال الفنية.
4. عليك بالدعاء فهو سهم الله النافذ، فعلى المرأة أن تدعو الله أن يشغلها بما يفيد وينفع في حياتها وفي مماتها، لأن النفس إن لم تشغليها بحق شغلتك هي بباطل.
5. مشاهدة البرامج المفيدة المتعلقة بالمرأة والنواحي الأسرية.
6. المبادرة إلى الخيرات كما أمرنا الله تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [آل عمران:133] {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ} [الأنبياء: 90] {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} [البقرة: 148] أي سارعوا إليها.
وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: [[بادروا بالأعمال [أي الصالحة] سبعًا: هل تنتظرون إلا فقرًا منسيًا أو غنى مطغيًا أو مرضًا مفسدًا أو هرمًا مفنداً [أي موقعًا في الفند وهو كلام المخرف] أو موتًا مجهزًا [أي سريعًا] أو الدجال فشر غائب ينتظر أو الساعة فالساعة أدهى وأمر]]. [رواه الترمذي].
هذه اقتراحات بسيطة وعليك أختي المسلمة التفكير فما يشغل وقت فراغك بما ينفع بيتك وأسرتك وحياتك ومماتك.
أعدي للسؤال جوابًا ... وعن عمرك فيما أفنيتيه؟
=============
تنظيم الوقت من الإزاحة الى الإتاحة
إعداد: ياسر فاروق
2
بين أيدينا العناصر التالية:
- حقائق عن الوقت.
- قيمة الوقت.
الخطوة الأولى
هل أنت من هؤلاء ؟
- إدارة الوقت.
- دعامات البناء، ومعاول الهدم.
- نصائح عامة للتعامل مع الوقت.
الخطوة الثانية
3
1- هل أنت من هؤلاء ؟
تشعر بفقدان الاتجاه والبلبلة في حياتك وتنتقل من نشاطٍ إلى آخر بتلقائية وبطريقة ميكانيكية دون تفكير أو تخطيط.
تحدث نفسك قائلا: "ليس لديَّ ذلك التوازن بين عملي وحياتي الخاصة ودعوتى، ويبدو أنه كلَّما أعطيت أحدهم وقتًا على حساب الآخر زادت الأمور سوءًا، وهناك الكثير من الأعمال المطلوب إنهاؤها، لكنها أعمال ملحة، ولكن أيها أختار؟ وكيف؟
4
تريد المزيد من الوقت
أنت باستمرار تدور حول نفسك ولا تجد الوقت الكافي لراحتك ومتعتك.
أنت دائمًا في مأزق لأنك تؤجل الأعمال.
رغم كل هذا الجهد فإنجازاتك ضعيفة
5
لكي لا تكون من هؤلاء.. تابع معنا هذا البرنامج.
6
الخطوة الأولى:
أدرك قيمة الوقت قبل أن تتعامل معه
7
- الوقت مورد محدود.
- استحالة تخزين الوقت.
- لا يمكن تعويضه.
- الوقت يمر مرَّ السحاب ويجري جري الريح.
- استغلال الوقت يزيد من قيمته.
1- حقائق عن الوقت
8
إذا أردت أن تدرك قيمة العام، فاسأل من رسب في الامتحانات.
2- قيمة الوقت
إذا أردت أن تعرف قيمة الشهر، فاسأل من رزقها الله بمولود ناقص النمو.
9
إذا أردت أن تعرف قيمة الأسبوع، فاسأل المحرر الذي يصدر جريدة أسبوعية.
وإذا أردت أن تعرف قيمة اليوم، فاسأل من ستنتهي عطلته الأسبوعية غدًا.
10
إذا أردت أن تعرف قيمة الدقيقة، فاسأل من فاته القطار.
وإذا أردت أن تعرف قيمة الثانية، فاسأل سائقًا نجا من حادث محقق.
11
إذا أردت أن تعرف قيمة الجزء من الثانية، فاسأل بطلا شارك في سباق المائة متر.
12
ومعنى ذلك أنك تستطيع إنجاز أعمال عديدة فى دقائق وثوانى وأجزاء من الثانية؛ ولهذا يؤكد النبي صلى الله عليه وسلم على قيمة الوقت فيقول: (لا تزول قدما عبدٍ حتى يسأل عن عمره فيما أفناه،..) رواه الترمذي
13
الخطوة الثانية :
ضع أسسًا لتعاملك
مع الوقت
14
3- تعرف على دعامات البناء ومعاول الهدم
دعامات البناء
1- تحديد رسالتك في الحياة.
2- تحقيق مفهوم التوازن في الحياة.
3- تطبيق قاعدة 80/20.
معاول الهدم
4- التسويف.
5- مضيعات الوقت.
15
من الضروري لكي تكون حريصًا على وقتك أن تحدد غايتك ورسالتك فى الحياة بصورة واضحة لا لبس فيها ولا غموض، وتظل هذه الغاية ماثلة أمام ناظريك لا تغيب عنك، ويساعدك على ذلك أن تضع غايتك هذه في عبارة بسيطة:
1- تحديد رسالتك في الحياة
دعامات البناء
غايتي في الحياة هي:
------------------------------------------------------------------------------------------------------------
16
دعامات البناء
عندما أبلغ من العمر ( سنة )
أعمال أود تحقيقها
( تذكر دورك )
80
70
60
50
40
30
20
ويتبع هذا التحديد للغاية تحديد الأهداف المرحلية التي يساعد إنجازها على تحقيق الغاية التي يرجوها
أهدافي المرحلية:
17
2- تحقيق مفهوم التوازن في الحياة
هناك حاجات أساسية هامة في حياة الإنسان، وهذه الحاجات إن لم نشبعها لا نشعر بالراحة والاستقرار مثل:
الحاجات المادية
الحاجات الاجتماعية
الحاجات
العقلية
الحاجات الروحية
دعامات البناء
حاجات الإنسان بين الانفصال والتفاعل:
18
التوازن بين الحاجات بافتراض انفصالها
مادية
اجتماعية
عقلية
روحية
التوازن بين الحاجات
بافتراض تداخلها وتفاعلها
مادية
اجتماعية
عقلية
روحية
دعامات البناء
19
حقيقة التوازن
• ... إن الحاجات والأدوار المختلفة للداعية متداخلة إلى حد بعيد، بل هي بيئة متكاملة بحيث يؤثر كل دور في الآخر تلقائيًا.
• ... إذن التجزئة هي أساس عدم التوازن.
• ... إن التوازن ليس: إما هذا.. أو ذاك.
• ... بل التوازن هو: هذا.. بالإضافة إلى ذاك.
دعامات البناء
20
3- تطبيق قاعدة 80/20
* يطلق على قاعدة 80/20 قانون القلة القوية والكثرة الضعيفة
* 20% من الوسائل التي نتبعها تحقق 80% من النتائج التي
نحصل عليها، بينما لا تحقق الـ 80% الأخرى من الوسائل
إلا 20% فقط من النتائج.
أي أن هناك نوعًا من عدم التوازن بين الوسائل والنتائج أو بين المدخلات والمخرجات.
دعامات البناء
21
وذلك من خلال:
1) أن نعلم أن قاعدة 80/20 تنطبق علينا شئنا أم أبينا.
2) أننا مطالبون بتقليص الهدر في جهودنا ومواردنا وأوقاتنا بالتركيز على النتائج الهامة والوسائل الفعالة.
3) الاختيار الدقيق للأعمال التي تقع في فئة 20% وتلك التي تقع في فئة 80%.
4) الربط بين الوسائل والنتائج بأسلوب مبتكر وغير تقليدي.
5) التخلي عن الأعمال التي يستطيع غيرنا إنجازها بطريقة أفضل وبسرعة أكبر.
دعامات البناء
استفد من قاعدة 80/20 في إدارة الوقت
22
هو: أن تؤجل قيامك بمهامك الواجب عليك القيام بها، أو هو القيام بمهام ذات أولوية منخفضة بدلاً من إنجاز المهام ذات الأولوية العالية.
مخاطر التسويف
* من أكثر مضيعات الوقت خطورة.
* محبوب، قاتل.
* يخرج خطتك عن مسارها.
* يؤدي إلى تراكم الأعمال.
4- التسويف
معاول الهدم
23
1- حدد الأعمال التي تتجنب القيام بها وتؤجلها باستمرار ودوِّنها. 2- حدد الأعمال التي تقوم بها فى وقت الأعمال التي تتجنبها أو تتهرب من تنفيذها (حدد أساليبك التى تؤجل بها الأعمال المهمة).
3- ادرس الأسباب، واربط الأعمال بالمهمة والأهمية.
4- حفز نفسك وشجعها وكافئها على العمل.
5- ضع وقتا للانتهاء من كل مهمة.
6- قسم المهام الصعبة والكبيرة.
7- ابدأ الآن في العمل، لا تنتظر الإيحاء أو المزاج الملائم.
كيف تقضي على التسويف ؟
معاول الهدم
24
مضيعات الوقت البيئية:-
مضيعات الوقت الذاتية:-
الزوار- التليفونات- الاجتماعات واللجان- الانتظار- الطوارئ والمشكلات- التعامل مع الأوراق- الروتين والتعقيدات الإجرائية- الضوضاء، .....(1/136)
الافتقار إلى التخطيط والتفويض- الفوضى- التسويف- عدم القدرة على الرفض- فقدان الرغبة والملل- الدردشة والثرثرة- الرغبة الزائدة في المثالية- حب الجدل،...
5 - مضيعات الوقت ما هى ؟
معاول الهدم
25
نصائح عامة
للتعامل مع الوقت
26
1- افهم دورك جيدًا واعرف ما هو المطلوب منك.
2- حدد أولويات لمهامك، وابدأ بالمهمة ذات الأولوية.
3- جهز قائمة بالأعمال التي تود أداءها في بداية اليوم، ودونها في ورقة واحدة بدلاً من عدة قصاصات.
27
4- أوجد مكانًا لكل شيء، واحفظ كل شيء في مكانه:
حتى لا يضيع جزء كبير من أوقاتنا في البحث عن أشياء موضوعة في مكان غير مكانها الصحيح.
5- ضع مواعيد نهائية للانتهاء من الأعمال.
6- تقسيم الأعمال الكبيرة:
قسمها إلى مراحل حتى تشعر بالإنجاز عند الانتهاء من كل مرحلة.
28
7- أنجز شيئًا كاملاً كل يوم:
حتى ولو كان صغيرا، فسوف يزيد من شعورك بالارتياح ويخفف من الإجهاد.
8- لا تقلق ولا تشتت ذهنك بالمهام القادمة:
فعدم القلق يحرر ذهنك ويجعلك تركز على المهمة الحالية.
9- ابحث دائما عن طرق لتحسين إدارتك الوقت:
لا ترض بالأمر الواقع.
29
10- استقطع وقتًا لتتزود فيه:
• ... خذ وقتا للتأمل أو التعبد أو الاسترخاء أو اللعب مع الأولاد.
11- طبق قاعدة 20% - 80%:
خصص الأوقات التي يكون مستوى طاقتك منخفضًا للأعمال الروتينية
واجعل أوقات ارتفاع طاقتك للمهام الهامة.
12- فوض:
لا تخش التفويض، ولكن اختر الشخص المناسب للمهمة المناسب واختر له مستوى التفويض المناسب.
30
13- افعل شيئًا منتجًا في أوقات الانتظار:
- اقرأ كتابا.
- خطط لمهام الغد.
- أجر اتصالا.
14- تدرج في تنفيذك للنصائح السابقة حتى يمكنك الالتزام بها.
31
أخيراً قم الآن و…..
1) حدد واحدًا من الأنشطة الهامة غير العاجلة التى لها تأثير إيجابي على حياتك واعزم أمرك على أن تفعلها بانتظام من الآن.
2) أعد جدولاً لتنظيم وقتك طبقًا لأدوارك الهامة والأهداف والنتائج التي تريد الحصول عليها من كل دور، ثم حدد الأوقات الملائمة للتنفيذ.
3) اكتب كشفًا بالأعمال والمهام التى يمكنك تفويضها، وحدد الأشخاص الذين يمكن الوثوق بهم، ثم دربهم على عمل هذه الأشياء
============
حروف من خبر الوقت والحياة ... ... ...
بسم الله الذي عِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ. والصلاة والسلام على رسول الله القائل من فيه الطاهر الشريف: (نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ).
ورضي الله عن الصحابة كلهم أجمعين، قال منهم فاروق مبارك: (إني لأكره أن أرى أحدكم سبهللا"أي فارغا"لا في عمل دنيا ولا في عمل آخرة).
وأرض اللهم عن التابعين جميعا، يبرز منهم حسن بصري يخبرنا بتجربته فيقول: (أدركت أقواماً كان أحدهم أشح على عمره منه على درهمه).
ثم الرضا على علماء أتوا من بعدهم بأقباس من الهدى والنور، منهم ابن حجر، ذلك الموسوعة النبيل بين العلماء إلى يوم الدين، يقول لنا في تفسير حديث (نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ الصِّحَّة ُ وَالْفَرَاغ).
يقول - رحمه الله - : (وأشار بقوله:"كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ"إلى أن الذي يوفق لذلك قليل.
وقال ابن الجوزي: قد يكون الإنسان صحيحا ولا يكون متفرغا لشغله بالمعاش، وقد يكون مستغنيا ولا يكون صحيحا، فإذا اجتمعا فغلب عليه الكسل عن الطاعة فهو المغبون، وتمام ذلك أن الدنيا مزرعة الآخرة، وفيها التجارة التي يظهر ربحها في الآخرة، فمن استعمل فراغه وصحته في طاعة الله فهو المغبوط، ومن استعملهما في معصية الله فهو المغبون، لأن الفراغ يعقبه الشغل والصحة يعقبها السقم، ولو لم يكن إلا الهرم.
وكما قيل:
يسر الفتى طول السلامة والبقا **** فكيف ترى طول السلامة يفعل
يرد الفتى بعد اعتدال وصحة **** ينوء إذا رام القيام ويحمل
وهو القرضاوي - حفظه الله - ينقل لنا عن حكيم حِكمة فيقول: من أمضى يوماً من عمره. في غير حق ٍ قضاه. أو فرض أداه. أو مجلد أثله"أي ورثه". أو حمد حصله. أو خير أسسه. أو علم اقتبسه. فقد عق يومه. وظلم نفسه!.
ثم أما بعدُ:
لي شعارات عدة في حياتي وكتاباتي من بينها:
ما نكون في شأن من شؤون الدعوة ولا نكتب في أمر من أمورها إلا كان القرآن رائدنا.. ذلك بأن القرآن هو دستور الدعوة ومصدر هدايتها ومائدة الله لعباده المؤمنين.. ونوره المنزل من عنده على رسوله الأمين.. وما تكلم متكلم ولا دعا داعي إلى الربانية؛ بأحسن من الدعوة إلى مصدر هذه الربانية التي ننشد وأساسها الذي تُبنى عليه؛ كلام ربنا - عز وجل - القرآن العظيم الذي منه أخذنا نسب الربانيين، وعلينا أن نعيش حول مائدة الرحمن إن أردنا تناوش الربانية من مكان قريب وما أمر قضية الوقت في حياة المسلمة والمسلم إلا شأن من هذه الشئون، وفي جولة في آيات الله المسطورة، التي تتحدث عن آيات الله المنظور، أجد من المهم أن أبدأ بسرد كلام الرب الحكيم المنان.
قال تعالى: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (البقرة:164).
2. (تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ) (آل عمران:27).
3. (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ) (آل عمران:190). 4.
(فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَاناً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) (الأنعام:96). 5.
(إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) (لأعراف:54). 6.
(إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ) (يونس:6). 7.
(هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) (يونس:67). 8.(1/137)
(وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ) (هود:114). 9. (وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَاراً وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الرعد:3). 10. (وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ) (ابراهيم:33). 11. (وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (النحل:12). 12. (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً) (الاسراء:12). 13. (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً) (الاسراء:78). 14. (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً) (الاسراء:79). 15. (فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى) (طه:130). 16. (يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ) (الانبياء:20). 17. (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) (الانبياء:33). 18.
(وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَفَلا تَعْقِلُونَ) (المؤمنون:80). 19.
(يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ) (النور:44). 20.
(وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاساً وَالنَّوْمَ سُبَاتاً وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُوراً) (الفرقان:47). 21.
(وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً) (الفرقان:62). 22.
(أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (النمل:86). 23.
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ) (القصص:71). 24.
(وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (القصص:73). 25.
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) (لقمان:29). 26.
(لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) (يّس:40). 27.
(خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمّىً أَلا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ) (الزمر:5). 28.
(أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ) (الزمر:9). 29.
(اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِراً إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ) (غافر:61). 30.
(يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) (الحديد:6). 31.
(وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاساً) (النبأ:10).
هذا بعض ٌ من خبر الوقت في القرآن الكريم، إذ الليل والنهار آيتين من آيات الله، يشكلان ظاهرة الوقت في الحياة، ولو تأملنا ما ختمت به كل آية من هذه الآيات البينات، لوقفنا على حقيقة، على كل من يهمه أمر وقته، أو أمر عمره، وهو أمر حياته، حريٌ أن يتأمل فيها ساعات عددا.
و الآيات مرتبة هنا على حسب ورودها في ترتيب المصحف الشريف:
لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ •
وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ •
لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ •
ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ •
تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ •
لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ •
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ •
ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ •
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ •
وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ •
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ •
وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً •
إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً •
عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً •
وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى •
لا يَفْتُرُونَ •
كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ •
أَفَلا تَعْقِلُونَ •
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ •
جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاساً وَالنَّوْمَ سُبَاتاً وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُوراً •
خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً •
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ •
أَفَلا تَسْمَعُونَ •
وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ •
وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ •
وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ •
كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمّىً أَلا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ •
إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ •
وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ •
وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ •
وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاساً
نستخرج منها المعان التالية كأسس لعلاج (قضية الوقت) أو بالأحرى (قضية العمر):
1/ إن مسألة إدراك قيمة الوقت في الحياة، وفي بناء النفس، وتحقيق الأهداف، لا يستوعبها ويفهمها ويعمل بها إلا قليل من الناس، ذكرت الآيات أوصافهم: (لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ، لِأُولِي الْأَلْبَابِ، لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ، لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ، ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ، لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ، لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ، أَفَلا تَعْقِلُونَ، لِأُولِي الْأَبْصَارِ، لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ، أَفَلا تَسْمَعُونَ، أُولُو الْأَلْبَابِ)...(1/138)
فأصحاب العقول الناضجة التي تدرك أمرها، وتستوعب الزمان بأدواره الثلاث"الماضي والحاضر والمستقبل"وتعمل فيها، كلٌ حسب وقته، وكلٌ حسب مستلزمات العقل فيه، هم أولي الألباب، فتكون الاستفادة من ماض بعمق وتحليل ووقوف وتأمل، والتقاط العبِر، حتى يمسي ذلك الماضي بعبره ودروسه ووقفاته وما فيه من إيجابيات، وسلبيات إيجابية!، جزءاً من كيان المرء ووعيه. وفي حجم القصص القرآني الذي يصل إلى ثلث الكتاب المبين، معنى فصيح في خبر الاتعاض بماض ووقوف عليه: (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَة ٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَة ً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (يوسف:111)
فالوقوف والاعتبار يكون هدى في كل شي، ويكون رحمة متسعة لكل شي، إذ قلب المؤمن وعاء لهما، فيكون منه التحرك الناضج بالاستفادة من تلك الخبرات المتراكمة، وتفعيلها في حاضره، بنور من الله؛ نور السماوات والأرض، فتتشابك الخبرة التاريخية مع الهمة والنضج الواقعي الحاضر، لينتجا وعيا بمستقبل، ومآلات الأمور، أولئك: على الحقيقة هم المتقون، إذ الرب يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) (الحشر:18).
ونظر النفس للغد يعني في العلم الحديث أن يكون له خطة، وأن يسير أموره بإدارة ووعي، و"مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ"تعني الغد البعيد القريب؛ اليوم الآخر، وتعني الغد القريب القريب الذي بعد هذه الليلة، مثلا بمثل، فإن توفر العقل والتقوى (لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ، لِأُولِي الْأَلْبَابِ، لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ)، فالسماع الواعي من القلب (لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) فتكون التذكرة، (ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ)، فالتحرك الواعي ثمَ، (لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) لتدارك العمر، ويكون العمل على بصيرة، (لِأُولِي الْأَبْصَارِ) وما البصيرة إلا عمل ببينة ووضوح.
وما ذاك إلا تخطيط وإدارة ووعي بالحياة وإدراك لأهمية الوقت فيها، وهو الإيمان الذي يحرك المؤمن والمؤمنة في القلب، ويحثه على أن يكون كريما في كل شي، إلا في وقته، فيمسكه بيده، وينفق منه على بينة من أمره، وهو فقه سماع آيات الله المنظورة والمسطورة هي التي تدفع لذلك، بذا نكون من أولي الألباب الذين:
يسمعون....
فيعقلون....
فيؤمنون....
فيتقون....
ويتفكرون....
فيذكرون....
(كونهم يعقلون)!
وكم يحرم المرء من خير كبير، وفقه عالي الجناب، إذ يغفل عن ذلك، وما نراه من تخبط في عرصات الحياة، إلا نتاج طبيعي لقلة وعي، وضمور نضج، كان سهل التناوش من كتاب كريم.
2/ إن انسجام المؤمن مع الكون الذي هو جزء منه، والكون مسخر له، وهو والكون مخلوقان من مخلوقات الله - تعالى - فلا تصدام بين نواميس الكون، إن أراد الإنسان الإستفادة من وقته: (وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً، كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ، جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاساً وَالنَّوْمَ سُبَاتاً وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُوراً، وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ)..
فالوقت مسخر لنا، بدقة وحساب رباني، وبشكل مفصل و موزون، وكل الكون يسبح في خطة وفلك ُرسم له، في أدوار واضحة محددة، تتوافق و ُسنة الخلق في الكون، وفي الإنسان، فالليل للراحة، فيه النوم والهدوء، والنهار للحركة والنشور، وكلٌ يجب أن يكون له فلك، ورسم يجري فيه، ومحور يتحرك عليه، مثله كمثل أي كوكب مضيء سيار، إذ هو مضاء بنور الله، ويسير على هدي مبارك، حدائه صراط مستقيم.
إن تبلد العديد من الدعاة في مسألة صناعة الأفلاك، ورسم المدارات، سواء على الصعيد الشخصي أو الدعوي، لهو ضرب من ضروب تضييع الوقت، في كبت لفطرة الله في النفس، وسنة الله في الكون، وتصادم مع خلق الله البديع، وما أمر الأمم المسيطرة اليوم على الدنيا إلا أمرٌ بيّن ظاهر للعيان، إذ هم تعبوا في اكتشافها من خلال الكتاب المنظور، وما أودع الله فيه من سنن، هي لمن اكتشفها، وهي بين يدي المؤمن في كتاب الله المسطور، لكنه غفل وابتعد، فحقت عليه سنة الله الماضية أنْ: (لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ).
3/ إن الله يمن على هذا العبد إن هو أدرك هذه النعمة الكبيرة، يمن عليه بأن، يستشعرها، ويتذوقها، ويحس بها تسري في جسده قبل وقته: (وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ، ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ، تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ، إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً، عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً، وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى، وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ، أَلا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ، وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ، وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ)...
فهو الرزق الوفير من عند من يملك خزائن السماوات والأرض، وليس هو المال الرزق فحسب، بل الرزق معنى كبير؛ منه رزق راحة البال، والشعور بالسعادة، وتحقيق الأهداف، والإنجازات، وهو رزق بغير حساب، مفتوح العدد والنوع والكم.
وهي العزة تسري في روح المؤمن بهذا الفقه لحركة الكون، وحركته فيه، وهو العلم يستمده من العليم سبحانه، فما شرف الوقت إلا بالعلم، وما أدركنا قيمة الوقت إلا بالعلم، وهو فتح من العليم سبحانه.
ثم هي البركة تزرع في العمر، فيكون الوقت الضيق مباركا، تقضى فيه أعمالا ً كثيرة، وتطوى فيه الأوقات حتى يقضي المؤمن وطره منها، فيكون الخير، ويكون تنوع العمل، والإكثار، و إن نحن إلا في مزرعة، نريد الحصاد عند مليك مقتدر، ويكون مع الولادة اليومية نوع من زغاريد أهل الإيمان، فيكون شهود للمؤمن مع كلام الله، يترنم مع أصوات الكائنات الفرحة، كأنه فرح بمولود جديد، هو يوم مبارك يعلو فيه صوته مع تنفس الصباح، فيكون نفَسه القرآني مع نفَس الصباح الرباني، ويشرق الخير، وينشرح الصدر، فيكون ثم َ الشكر لله - تعالى - في كل عمل، ويكون تذكر العزة لله، فالعمل الدائم بما يرضيه، ويقرب العبد منه، وهو الله الغفار عن تقصير، وزلل، وهفوات، تبدر من مؤمن حريص، أدرك فقه الوقت، وعمل، وجاهد، فأستغفر، واستشعر أن الله يخبر أمره، ويدرك ما يفعل، فلا يتحجج بكسل وفتور، إذ الرب عليم بذات الصدور.
هذه أسس ٌ ومنطلقات ربانية في مسألة الوقت والحياة والعمر، وأنا أزعم أن الأوقات التي تنفق في إعداد الدعاة، لسنوات، وتعلمهم الكثير من المعلومات الثقافية، أزعم أنها لو أنفقت على ترسيخ هذا المبدأ الكبير، الذي يغفل عنه الكثير من الناس، لكان أولى وأجدى، إذ به يكون الفلاح بعده ويكون الإنتاج أوفر وأعمق وأطول وأنضج وأجمل وأرقى، وما نحن إلا خلفاء لله في أرضه، وورثة الأنبياء في علمهم.
إن الكثير من الدعاة، وعامة أهل الإسلام، لا يدركون قيمة الوقت في حياة أمتهم، وإن حدث منهم بعض وعي فتراه مشوشاً غير متضح المعالم، في ترتيب أولوياته، أو إبراز أولياته، فتجد وعيا بقيمة الوقت، ولا تجد فهما لاستغلاله كما يجب.(1/139)
فإن أدرت معي بعض معان سطرتها، ورأيت فيها مزيد وعي ونضج ـ من خلال تدبر لكلام الله، واستخراج ما فيه من كنوز ـ فسبّح معي ربنا هادياً، واضرب لي معك سهما من سهام دعائك المبارك، ثم صل معي على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
الأستاذ عبد الحميد محمد ... ...
================
أهمية الوقت والحرص على استغلاله فيما يفيد :
مجلة البحوث الإسلامية - (ج 53 / ص 143)
لما كان كثير من الآباء يشغل أولاده بما يذهب عليهم الزمان؛ لطول الفراغ ، والاحتياج إلى الانشغال فيه بما يخففه -في زعمه- أحببنا أن نشير هنا إلى أهمية الوقت ، وأفضل ما ينشغل المرء فيه . فإن الوقت الذي هو الليل والنهار هو كرأس مال الإنسان في التجارة ، يحافظ عليه العاقل ، ويتحفظ في تصرفه أن يذهب إن أساء العمل ، أو ينقص فيخسر ويندم . فهكذا عمره في هذه الحياة هو الذي يربح إذا استغله في الخير والعلم والعمل الصالح ، ويخسر في ضد ذلك ، فيجب على العاقل أن يهتم بشغل فراغه فيما يعود عليه بالفائدة العائدة عليه بالخير في دنياه وأخراه ، متذكرا أنه مسئول ومحاسب عن زمانه ، كما روي عنه -صلى الله عليه وسلم- قال: « لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن أربع- أو عن خمس- عن عمره فيما أفناه ، وعن شبابه فيما أبلاه ، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه ، وعن علمه ماذا عمل به » (1) .
فقد ذكر من هذه الخصال العمر كله ، وخص الشباب مع أنه من جملة العمر ، وذلك أن عادة الشباب ميلهم إلى اللهو واللعب والبطالة وإضاعة الوقت ، ومن لم يكن منهم كذلك فهو محل غرابة وعجب ، حيث مال عن ما يقتضيه الصبا والجهل ، ولهذا ورد في الحديث عن عقبة بن عامر رفعه: « عجب ربك من الشاب ليست له صبوة » (2) فمتى ترك الشاب هواه وما يتمناه فإن نفسه تميل عادة إلى اللهو واللعب والمرح والبطالة ، فمتى مكنه وليه من مراده فإنه ينهمك في ذلك ، ويغفل عن مصالحه العاجلة والآجلة ، وينغمس في دحض الباطل والفساد حتى يتمكن ذلك من نفسه ، ولا يشعر بالخسران المبين حتى يعقل ويتفكر ويحتاج إلى نفسه ، فحينئذ يبلغ منه الأسف
__________
(1) صحيح البخاري كتاب الشهادات (2518),كتاب الجهاد والسير (2742,2782),كتاب فرض الخمس (2928,2961),كتاب أحاديث الأنبياء (3286),كتاب المناقب (3659),كتاب المغازي (3910,4156,4185),كتاب تفسير القرآن (4473,4629),كتاب الطب (5432),كتاب الأدب (5822),كتاب الفرائض (6442),كتاب التعبير (6581),كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة (6864),كتاب التوحيد (7079),صحيح مسلم كتاب الإيمان (11,112),كتاب الحج (1218),كتاب الإيمان (17),كتاب الجهاد والسير (1759,1807),كتاب فضائل الصحابة (2473,2474),كتاب التوبة (2769),كتاب الزهد والرقائق (3014),كتاب الإيمان (9),سنن الترمذي كتاب صفة القيامة والرقائق والورع (2417),سنن النسائي كتاب الزكاة (2447),سنن أبو داود كتاب الزكاة (1567,1568),كتاب المناسك (1905),كتاب الخراج والإمارة والفيء (2968),كتاب الحدود (4428),كتاب السنة (4649),سنن ابن ماجه كتاب الزكاة (1799),كتاب الحدود (2543),كتاب المناسك (3074),مسند أحمد بن حنبل (1/12,1/163,1/177),كتاب مسند المكثرين من الصحابة (1/446,1/454),كتاب مسند العشرة المبشرين بالجنة (1/56),كتاب مسند المكثرين من الصحابة (2/15,2/188,2/217),كتاب باقي مسند المكثرين (3/162),كتاب مسند المكيين (3/442,3/460),كتاب مسند الشاميين (4/130),كتاب أول مسند المدنيين رضي الله عنهم أجمعين (4/14),كتاب مسند الشاميين (4/164),كتاب أول مسند الكوفيين (4/383),كتاب أول مسند المدنيين رضي الله عنهم أجمعين (4/49),كتاب مسند الأنصار رضي الله عنهم (5/175),كتاب باقي مسند الأنصار (5/284,5/332,5/444),كتاب من مسند القبائل (6/390),موطأ مالك كتاب النداء للصلاة (243),سنن الدارمي كتاب المقدمة (537,539).
(2) صحيح البخاري كتاب الجمعة (1073),كتاب الحج (1741),كتاب البيوع (2060,2116),كتاب الحوالات (2176),كتاب المزارعة (2210),كتاب العتق (2414,2422,2424),كتاب الشروط (2579,2584),كتاب الجهاد والسير (2758,2848),كتاب بدء الخلق (3035,3046,3102),كتاب أحاديث الأنبياء (3162,3164,3182,3184,3185),كتاب المناقب (3309,3393),كتاب الصلاة (342),كتاب المناقب (3587,3674,3694,3710),كتاب بدء الوحي (4),كتاب المغازي (4043),كتاب تفسير القرآن (4206,4235,4336,4393,4409,4435,4449,4454,4510,4536,4542,4570,4573,4574,4594,4596,4607,4638,4640,4651,4657,4667,4668,4671,4672,4673,4686),كتاب فضائل القرآن (4698,4709),كتاب النكاح (4823),كتاب الصلاة (487),كتاب مواقيت الصلاة (529,547),كتاب الأدب (5742,5755),كتاب الرقاق (6210),كتاب القدر (6229),كتاب التعبير (6581),كتاب الأحكام (6720),كتاب الأذان (673),كتاب التوحيد (6974,7002,7017,7072,7079,7093),كتاب الأذان (740),صحيح مسلم كتاب الإيمان (116,134,160,162,163,177,178,178,193,194),كتاب الطهارة (247,247,248),كتاب الحيض (298,298,299,334),كتاب الصلاة (398,398,460,465,465),سنن الترمذي كتاب الطهارة (92),سنن النسائي كتاب الطهارة (68),سنن أبو داود كتاب الطهارة (75),سنن ابن ماجه كتاب المقدمة (177),مسند أحمد بن حنبل (4/151),موطأ مالك كتاب الطهارة (44),سنن الدارمي كتاب المقدمة (89).
والندم مبلغه ، وقد فات الأوان .
ولا شك أن العاقل يجب عليه أن يستحضر نهايته ، ويفكر في مستقبله ، ويتذكر عاقبة أمره ، فيستغل زمانه في كل شيء يعود عليه بالمصلحة في دينه ودنياه ، ولا يفرط في لحظة من لحظات عمره بإضاعتها فيما لا فائدة فيه ، متذكرا قول الله تعالى مخاطبا لأهل النار: { أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ } (1) . فقد ذكرهم ربهم تعالى بأنه عمرهم أي: مد لهم في الأعمار ، بحيث يتمكنون من التذكر والتفكر في عاقبة أمرهم ونهايتهم ، فيعملون ما فيه نجاتهم من العذاب والنكال ، ويشغلون أوقاتهم بما يعود عليهم بالفائدة والخير في دنياهم وأخراهم .
ولا شك أن كل يوم يمر بالإنسان فإنه يقربه إلى الآخرة ، ويدنيه من أجله ، وأن كل ليل أو نهار يطوى على ما فيه من خير أو شر: { فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ } (2) { وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ } (3) .
ولقد أمر الله تعالى نبيه -صلى الله عليه وسلم- بالعمل في وقت فراغه بقوله تعالى: { فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ } (4) . أي: فاعمل في ساعة تتفرغ فيها ما تستفيد منه لآخرتك ، وبهذا يعرف أن ليس هناك وقت يسمى فراغا ، بل كل ساعة أو جزء منها لا يكون عند الإنسان فيه عمل فسوف يجد ما يعمله فيه ، ولو بالذكر والتلاوة والعلم والعمل .
فالعاقل يبخل بعمره أن يضيع منه شيء سبهللا ، دون أن يستفيد من كل ساعة تمر به ، حتى لا يخسر جزءا من حياته ، مستحضرا قول
__________
(1) سورة فاطر الآية 37
(2) سورة الزلزلة الآية 7
(3) سورة الزلزلة الآية 8
(4) سورة الشرح الآية 7
الشاعر (1) :
أليس من الخسران أن لياليا ... تمر بلا نفع وتحسب من عمري(1/140)
وبهذا يعرف خسران الكثير من أكابر وأصاغر يظهرون الملل من طول الوقت ، ويقبلون على اللعب بما يسمى البلوت ، ونحوه من الملاهي ، أو على ما يعرضونه من أفلام خليعة تحوي صورا ماجنة ، وقصصا خيالية ، تشغل الأفكار ، وتضيع الأعمار ، وكان الأولى أن يضنوا بتلك الساعات الثمينة ، ويشغلوها في تلاوة القرآن ، أو مذاكرة في حديث أو فقه ، أو أدب أو تاريخ فيه عبرة ، أو تعلم وتعليم ، أو أذكار وعبادات ، ونصائح وإرشادات ، أو عرض لمواضيع تهم المجتمع ، وسعي في نفع المسلمين ، فإن الكثير من أولئك الذين يظهرون الملل والسآمة من طول الوقت وكثرة الفراغ ، ويعملون أعمالا وألعابا يستفرغون بها زمانهم ، لو تعلموا فيه أحكام دينهم ، أو تدبروا وقرءوا كتاب ربهم ، أو تفقهوا في دينهم ، لاستفادوا من فراغهم فائدة كبرى ، فإن الغالب عليهم الجهل المركب ، فلو سألتهم عن معنى آية أو حديث فقهي ، أو تفسير غريب ، أو محتوى كتاب مشهور لما أجابوا بقليل ولا بكثير .
فما أخسر صفقة من أضاع وقته الثمين وعمره الطويل في غير فائدة دينية أو دنيوية .
وأخسر منه من شغل عمره المديد في ضد الطاعة ، من عكوف على الملاهي ، وسماع للأغاني ، وإنصات لقصص وأضحوكات ، وتماثيل خيالية ،
__________
(1) ارجع إلى ما ذكره ابن رجب -رحمه الله- في أول كتابه (لطائف المعارف) حيث توسع في هذا المعنى.
نسجتها أيدي الأعداء الألداء ، لهدف إضاعة الأوقات ، واستفراغ الأعمار باسم التسلية والترفية عن النفس ، ترفيها بريئا كما يعبرون: { وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ } (1) .
__________
(1) سورة الشعراء الآية 227
================
فن إدارة الوقت
أعمارنا .. كم نستغل منها ؟ وكم نضيع ؟
عبد الله آل سيف
هذا الموضوع يهم طائفة من الناس ، وهم الذين يشعرون أن الوقت المتاح لا
يكفي لقضاء كل الأعمال والطموحات التي يريدونها ، وبالتالي : فهم بحاجة ماسة
إلى قواعد في فن إدارة الوقت ، إذن ... فهذا الموضوع يهم أصحاب الطموحات
والمشاريع والهمم العالية ، أصحاب الإبداع والابتكار .
وفي الحقيقة فإن أصحاب الهمم العالية يشكون من ضيق الوقت ، وهذه
الشكوى ، وإن كانت صحيحة من جانب لقصر أعمار بني البشر ، إلا أنها ليست
صحيحة من جانب آخر .
ووجه ذلك : أن المشكلة ليست في الوقت فحسب ، ولكن المشكلة تكمن أيضاً
في طريقة إدارة الوقت بفعالية ونجاح ، ولذا : تجد من الناس من يستطيع بحسن
إدارته لوقته أن يعمل الشيء الكثير .
ولسنا بصدد الحديث عن أهمية الوقت ؛ لأن هذا موضوع آخر وفيه من
النصوص الشرعية وكلام السلف والعلماء والحكماء ما يضيق عنه المقام [1] .
لكن سنعرض إحصائية دقيقة تبين أهمية العمر والحرص عليه بما يثير الغيرة
لدى الإنسان المسلم .
لنفرض أن الإنسان يعيش عمراً افتراضياً مدته سبعون سنة ، فإذا ضيع
الإنسان خمس دقائق يومياً فإن هذا يعني أنه أضاع من مجموع العمر كله ثلاثة
أشهر تقريباً (88 يوماً) ، وهذا الجدول يوضح المسألة أكثر فأكثر .
-------------------------------------------------------
الوقت من اليوم مجموع الوقت من العمر الافتراضي النسبة المئوية
-------------------------------------------------------
- خمس دقائق ثلاثة أشهر 0.35%
- عشر دقائق ستة أشهر 0.71%
- عشرون دقائق سنة كاملة 1.42%
- ساعة كاملة ثلاث سنوات 4.28%
- عشر ساعات ثلاثون سنة 42.85%
------------------------------------------------------- ...
ثم إذا نظرت إلى مجموع الأنشطة التي تستهلك الوقت تجد أنها كثيرة جداً ،
وهي وإن كان بعضها ضرورياً لكن بعضها الآخر غير مفيد وغير فعال .
وهذا يتضح في الجدول التالي :
------------------------------------------------------------
نوع النشاط ما يستغرقه بالسنوات النسبة المئوية من العمر كله
-------------------------------------------------------------
النوم، بمعدل ثمان ساعات يومياً 23 32%
العمل، (من 7-2.5) يومياً 21.5 30.7%
الأكل والشرب، بمعدل ساعة ونصف يومياً 4.5 6.4%
------------------------------------------------
نوع النشاط ما يستغرقه بالسنوات النسبة المئوية من العمر كله
-------------------------------------------------------------
- الأعمال المعتادة والمراجعات الحكومية
(بمعدل نصف ساعة) ... ... 1.5 2.14%
- الأعمال المنزلية والرحلات والتنزه
(بمعدل ساعة واحدة يومياً). ... 3 4.28%
- اللقاءات الاجتماعية والودية بين الأصدقاء
(بمعدل نصف ساعة يومياً). 1.5 2.14%
- التنقل من مكان لآخر
(بمعدل نصف ساعة يومياً). 1.5 2.14%
- الاتصالات الهاتفية
(بمعدل نصف ساعة يومياً). 1.5 2.14%
-----------------------------------------------------------------
المجموع 61 سنة 87%
الباقي 9 سنوات 12.85%
فإذا حذفت من ذلك فترة المراهقة وزمن الطفولة فكم يا ترى يبقى من الوقت
للمشاريع الطموحة والأعمال الكبيرة ، والأهداف النبيلة .
ولا ننسَ أن هذه التقديرات هي متوسط الوقت الذي يقضيه عامة الناس مع
إمكانية أن يكون هناك إنسان يزيد على هذا المتوسط من الوقت المبذول لكل نشاط ،
كما أن هناك مَن ينقص من هذا ويكون شحيحاً بوقته إلى درجة الاقتصار على أقل
قدر ممكن مما يستحقه كل نشاط .
أقسام الوقت :
1- الوقت المادي الميكانيكي : وهو مقياس لحركة جسم مادي بالنسبة لجسم
مادي آخر ، كالفترة التي تستغرقها الأرض في الدوران حول الشمس ، ووحدات
هذا القسم : الثانية ، والدقيقة ، والساعة ، واليوم .
2- الوقت البيولوجي : وهو الوقت الذي يقاس فيه تطور الظواهر البيولوجية
ونموها ونضجها وكمالها ، ووحدته هي الجسم نفسه ، فقد يكون لطفلين عمر زمني
واحد كتسع سنوات مثلاً ، لكن أحدهما أكثر نضجاً من الآخر من حيث الطول
وكمال الجسم وتناسقه .
3- الوقت النفسي : وهو نوع آخر من أنواع الشعور الداخلي بقيمة الوقت ،
حيث يؤثر الحدث النفسي في ذلك إذا كان سعيداً أو سيئاً أو خطراً أو مهماً ، فتبدو
الدقائق في الحدث السيء كأنها ساعات ، وتبدو الساعات في الحدث السعيد كأنها
دقائق .
4- الوقت الاجتماعي : وهو الوقت الذي يربط فيه تقدير الوقت بأحداث
اجتماعية مهمة إما عالمية أو محلية ، ولذا : نسمع كبارالسن يؤرخون بحياة فلان
وفلان [2] .
قواعد إدراة الوقت :
* القاعدة الأولى :
تحديد الأهداف والأولويات : هناك مثل قديم ساخر يقول : عندما لا تعرف
أين تتجه فإن كل الطرق توصلك ، وتحديد الهدف أمر على قدر كبير من الأهمية .
وللأسف فإن من التخلف الحضاري الذي تعيشه الأمة ما يمكن أن نسميه
بأزمة الهدف أو غياب الأهداف وخاصة الأهداف الوسطى التي تخدم الهدف
الأعظم [3] .
- أقسام الأهداف :
يمكن أن تقسم الأهداف إلى ثلاثة أقسام :
1- الهدف الأكبر : وهو أهم هدف يسعى له الإنسان ونجد ما عداه من
الأهداف تخدم هذا الهدف ، وهو بالنسبة للإنسان المسلم : تحقيق العبودية لله (عز
وجل) ، وبالنسبة للماديين : تحقيق أكبر قدر ممكن من اللذة والمصلحة والمتعة .
2- الأهداف الوسطى : وهي مجموعة من الأهداف تخدم الهدف الأكبر ؛
مثالها بالنسبة للإنسان المسلم : الدعوة إلى الله ، الصلاة ، طلب العلم ، بر
الوالدين .... الخ .
3- الأهداف الصغيرة : وهي ما يمكن أن يعبر عنها بأنها مجموعة من
الوسائل التي تخدم الأهداف الوسطى ؛ مثالها : طلب العلم هدف أوسط وهناك
مجموعة من الوسائل والطرق والوسائل لتحقيقه .(1/141)
علماً بأن كل هدف هو بالنسبة لما فوقه وسيلة وبالنسبة لما تحته هدف .
وبناء على هذا التقسيم : تكون هذه الأهداف على شكل هرم ، حيث يتبوأ
الهدف الأعظم القمة وتليه الأهداف الوسطى الخادمة له ، ثم تمثل الأهداف الصغيرة
قاعدة الهرم .
- تدوين الأهداف :
1- دون أهدافك بنفسك أو بالتعاون مع المجموعة التي تعمل معك في نفس
القطاع أو المؤسسة .
2- احرص على كتابتها ؛ فهذا أدعى لعدم نسيانها .
3- لاحظ أن تكون الأهداف ذات معنى سامٍ قابل للنمو والتطور ، وينم عن
همة عالية .
4- الاهتمام في سبيل تحقيق الهدف بالكيف لا بالكم .
5- الوضوح في صياغة الأهداف .
6- أن تكون الأهداف واقعية وممكنة التحقيق [4] .
- معايير خاطئة لتحديد أولويات العمل :
1- إذا كنت تقدم العمل الذي تحبه على العمل الذي تكرهه .
2- إذا كنت تقدم العمل الذي تتقنه على الذي لا تتقنه .
3- إذا كنت تقدم العمل السهل على العمل الصعب .
4- إذا كنت تقدم الأعمال ذات الوقت القصير على ذات الوقت الطويل .
5- إذا كنت تقدم الأعمال العاجلة على غير العاجلة وإن كانت مهمة [5] .
* القاعدة الثانية :
تسجيل الوقت وتحليله : الكثير من الناس يجهلون كيف يقضون أوقاتهم ، ولذا: نجد البون شاسعاً بين ما يفعلونه في الواقع وبين ما يريدون أن يفعلوه ، فإذا كان
ما يريد أن يفعله الواحد منهم من الأنشطة يستغرق 90 (نقطة) يجد أن ما يفعله في
الواقع لم يتجاوز 10 (نقاط) مما يريد أن يفعله ، وهذا يعني التقصير في أداء بعض
الأنشطة أو عدم فعلها نهائياً .
المعلومة الدقيقة في تحليل الوقت وتسجيله تقود إلى تعريف دقيق للمشكلات
ومضيعات الأوقات ، ومن ثم : تساعد على التخطيط السليم لقضاء الوقت [6] .
- أنواع تسجيل الوقت :
1- السجل اليومي للوقت : يركز فيه على الوقت تحديداً ، والمكان ، ونوع
النشاط ، وترتيب الأنشطة في الأهمية .
2- السجل الشهري : يركز فيه على الوقت ابتداءً وانتهاءً ، والتاريخ ،
وكيفية قضاء النشاط ، منفرداً أو في اجتماع ، ومكان النشاط وأهميته .
3- سجل ملخص الوقت : يركز فيه نوع الأنشطة ، مجموع الوقت
المخصص لكل نشاط في السنة كلها بالنسبة المئوية ، ومن ثم المقارنة بين الأهمية
والنسبة المئوية المخصصة له [7] .
* القاعدة الثالثة :
التخطيط لقضاء الوقت : كثير من الناس يحب أن يعمل أكثر من محبته أن
يفكر ، لكن هذا لا يعني بالضرورة أنه صواب .
والسر في ذلك أن الإنسان فيه غريزة حب الإنجاز والعجلة ومحبة رؤية ثمرة
العمل مبكراً ، والعمل يشبع هذه الغريزة ، بخلاف التخطيط والتفكير فنتائجه ليست
مباشرة ولا تظهر إلا بعد فترة من الزمن .
والعمل بدون تخطيط يأخذ وقتاً أطول مما يستحق ، بخلاف العمل المخطط له
فهو يأخذ أقل قدر ممكن من الوقت لهذا العمل .
ولذا : فإن مضيعات الوقت تعترض بكثرة من لا يخطط لوقته ، ومن ثم : فهو
لم يخطط لإيجاد حلول لها ، ولذا يضيع وقته .
ومن يعمل العمل بدون تخطيط تقنعه أقل النتائج الحاصلة ، بخلاف من يخطط
فإنه لا يرضى إلا بأكبر قدر ممكن من النجاح [8] .
-كيف نخطط ؟ :
1- حدد الأهداف ورتبها حسب الأهمية والأولوية .
2- فكر في الخيارات المطروحة لتحقيق الأهداف واختر أحسنها ثم حدد
الوقت بالدقة لتنفيذ الطريقة .
3- حدد المكان المناسب للجميع لتنفيذ العمل .
4- فكر فيمن يقوم بالعمل أنت أو غيرك ومن هو الأصلح في ذلك .
5- افترض حدوث مضيعات للوقت ، ومن ثم ابحث لها عن حلول .
6- تجنب الارتجالية في وضع الخطة .
7- لا تعط أي نشاط أكثر من الوقت الذي يستحقه ، إذ إن إعطاءه ذلك يعني
أن العمل الصغير سوف يتمدد ليملأ الوقت المتاح مع إمكانية الاختصار في الوقت .
8- ضع احتياطات عند فشل النشاط لاستثمار الوقت ، فمثلاً عندما يتخلف
الطرف الآخر عن الموعد ، يفترض أن تستفيد من الوقت وتستثمره في شيء آخر.
9- حاول أن تجمع الأعمال المتشابهة لتقوم بها دفعة واحدة ، مثل : إجراء
عدة اتصالات هاتفية .
10- تذكر أن بضع دقائق من التفكير توفر بضع ساعات من العمل الشاق ،
وكما تقول بعض النظريات : إن 80% من الإنتاج تنبع من 20% من
العناصر [9] .
* القاعدة الرابعة :
التفويض والتوكيل : يعتبر التوكيل الجيد من الأساليب الناجحة لحفظ الوقت ،
وذلك لأنك تضيف بأوقات الآخرين وقتاً جديداً إليك ، وتكسب عمراً إلى عمرك
المعنوي .
- أسباب الإعراض عن التفويض :
1- المركزية التي يتشبع بها بعض الأشخاص ، حيث لا يثق الشخص بأحد
البتة ، وأضرار هذه المركزية تظهر عندما يصيب الشخص مرض قاهر أوظرف
طارئ حيث يتعطل العمل بدونه .
2- الرغبة في تحقيق أكبر قدر ممكن من النجاح .
وهذه نظرة قاصرة ، لأن النظرة البعيدة تقضي بأن التفويض وسيلة ناجحة
لاحتمال أن يكون المتدرب فيما بعد مثلك في الأداء أو أحسن منك أحياناً ، وبالتالي
تحافظ على وقتك وتنجز أكثر [10] .
* القاعدة الخامسة :
مضيعات الوقت : مضيعات الوقت داء عضال يشكو منه كل حريص على
وقته ، وهي قسمان :
1- داخلي من الإنسان نفسه ، وينبع هذا غالباً من عدم التخطيط السليم .
2- خارجي من الآخرين : الأسرة والمجتمع .
ومضيعات الوقت قد تكون أموراً نسبية ، فمثلاً : قد يأتيك زائر ثقيل الظل
بدون ميعاد ، ويقتطع جزءاً ثميناً من وقتك ، فبينما تشعر أنك على جمر تتلظى ،
يشعر هو في المقابل بسعادة غامرة وانطباع جيد عن هذا اللقاء .
-مضيعات الأوقات :
1- اللقاءات والاجتماعات غير المفيدة سواءً أكانت عائلية أو غيرها .
2- الزيارات المفاجئة من الفارغين .
3- التردد في اتخاذ القرار .
4- توكيل غير الكفء في القيام بالأعمال ، وهو ما يسمى بالتفويض غير
الفعال .
5- الاتصالات الهاتفية غير المفيدة .
6- المراسلات الزائدة عن الحد .
7- القراءة غير المفيدة ، ويدخل فيها فضول العلم عند تقديمها على الفاضل .
8- بدء العمل بصورة ارتجالية بدون تخطيط ولا تفكير .
9- الاهتمام بالمسائل الروتينية قليلة الأهمية .
10- تراكم الأوراق وكثرتها وعدم ترتيبها .
11- عدم القدرة على قول لا ، أو ما يمكن أن نسميه بالمجاملة في إهداء
الوقت لكل من هب ودب .
12- التسويف والتأجيل [11] .
- كيفية السيطرة على مضيعات الوقت :
1- اجمع البيانات اللازمة عن مضيعات الوقت .
2- حدد سبب تضييع الوقت بدقة .
3- ضع عدداً من الحلول لكل مضيع للوقت ثم اختر أنسبها .
علماً بأن السيطرة على مضيعات الوقت لا يعني بالضرورة إزالتها بالكلية لأن
بعض هذه المضيعات ضروري ومهم ، ولكن لابد من السيطرة عليه بدلاً من
السيطرة علينا .
وقد ذكر المصنفون في هذا الباب حلولاً مستقلة لكل مضيع من المضيعات لم
نر متسعاً لذكرها هنا لكثرتها .
إلماحات مهمة :
1- إدارة الوقت الناجحة لا تعني بالضرورة تخفيض الوقت اللازم لتنفيذ كل
نشاط معين ، بل تعني قضاء الكمية المناسبة منه لكل نشاط .
2- يستحيل أن تكون جميع الأعمال في درجة واحدة من الأهمية ، وهذا يعني
أنه لابد من ترتيب الأولويات .
3- عالج مضيعات الوقت بحلول جذرية لا وقتية .
4- تحكم في الوقت المتاح ولا تترك الوقت هو الذي يتحكم فيك ، فبادر
بالأعمال وانتهز الفرص .
5- إنما تكمل العقول بترك الفضول ؛ الفضول في القول أو الفعل [12] .
6- ساعة وساعة : ينبغي للإنسان أن يجعل جزءاً من وقته للترويح عن نفسه
لأن القلب إذا كلّ عمي ، وينبغي أن يكون الترويح بشيء مفيد كقراءة الأدب
والشعر والتاريخ ، أو الرياضة المفيدة للجسم كالسباحة ؛ قال أبو الدرداء : إني(1/142)
لأستجم قلبي بالشيء من اللهو ليكون أقوى لي على الحق [13] .
7- وإذا كانت النفوس كباراً تعبت في مرادها الأجسام [14]
أصحاب الهمم العالية والمشاريع الطموحة يتعبون أجسامهم ولا تكفيهم الأوقات
المتاحة لتحقيق كل طموحاتهم .
8- لكل وقت ما يملؤه من العمل ؛ بمعنى أن لكل وقت واجباته ، فإذا فُعلت
في غير وقتها ضاعت [12].
9- الوقت قطار عابر لا ينتظر أحداً ، فإن لم تركبه فاتك .
10- تذكر أن أهم قاعدة في إدارة الوقت هي الانضباط الذاتي النابع من
إرادة جبارة عازمة على الحفاظ على وقتها متخطية كل العقبات التي تعترض
طريقها .
11- اعمل بطريقة أذكى لا بمشقة أكثر كانت هذه العبارة هي شعار الجمعية
الأمريكية لتقويم المهندسين كمحاولة منها للتمييز بين الشغل والانشغال ، وهي تشير
إلى التخطيط السليم لكل عمل تعمله [15] .
وختاماً أقول : إن من نعمة الله (تعالى) علينا أيضاً أن نوّع لنا العبادات كي
نختار منها ما تقوى عليه نفوسنا ، فإذا مللنا نوعاً انتقلنا إلى آخر ، فلله الحمد
والشكر على ذلك حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه .
__________
(1) انظر مثلاً : كتاب قيمة الزمن عند العلماء ، عبد الفتاح أبو غدة ، وكتاب : سوانح وتأملات في قيمة الزمن ، خلدون الأحدب ، وغيرهما .
(2) انظر : كتاب أفكار رئيسية في إدارة الوقت ، محمد المدني البخاري ، ص (12-17) .
(3) إدارة الوقت د نادر أبو شيخة ، 95 .
(4) إدارة الوقت : د نادر أحمد أبو شيخة ، 98 ، إدارة الوقت ، لمجموعة من الباحثين : ترجمة د وليد عبد اللطيف هوانة ، 347 .
(5) إدارة الوقت : د نادر أحمد أبو شيخة ، 101 .
(6) إدارة الوقت : ترجمة د وليد عبد اللطيف هوانة ، 237 - 244 .
(7) أفكار رئيسية في إدارة الوقت ، 25 ، إدارة الوقت - أبو شيخة ، 81 ، إدارة الوقت ، د وليد هوانة ، 225 .
(8) انظر : إدارة الوقت ، ترجمة وليد هوانة ، 45 ، إدارة الوقت ، د أبو شيخة ، ص109 .
(9) إدارة الوقت ، د أبو شيخة 114 ، أفكار رئيسية في إدارة الوقت ، 53 .
(10) إدارة الوقت ، هوانة ، 377 - 440 ، إدارة الوقت ، أبو شيخة ، 239 .
(11) أفكار رئيسية في إدارة الوقت ، 40 ، إدارة الوقت ، د أبو شيخة ، 125 .
(12) سوانح وتأملات في قيمة الزمن ، لخلدون الأحدب ، 53 - 66 .
(13) بهجة المجالس لابن عبد البر ، 1/115 .
(14) ديوان المتنبي ، 201 .
(15) أنجز أكثر واعمل أقل ، بحث قدمه جون هـ شريدان ، ضمن مجموع البحوث المترجمة ، ترجمة وليد هوانة ، ص 327 ، وإدارة الوقت ، أبو شيخة ، 26 .
==============
بين إدارة الوقت وإدارة الذات
روي عن الحسن البصري (رحمه الله) أنه قال: (يا ابن آدم، إنما أنت أيام، كلما ذهب يومٌ ذهب بعضك).. وهذا (البعض) يتبعض أيضاً إلى ساعات ودقائق وثوانٍ.. كلما ذهبت دقيقة أو ثانية ذهب بعضك؛ فالوقت هو الحياة، وهذا معنى مشترك يعرفه الناس جميعاً، ولكن الإسلام زاد على ذلك المعنى حين جعل الوقت بمثابة رأس مال يحاسب عليه الإنسان؛ حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال: عن عمره فيما أفناه...)(1) وتزداد المحاسبة حين يزداد رأس المال؛ قال (تعالى): ((أَوَ لَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ)) (فاطر:37)، وقال المصطفى صلى الله عليه وسلم : (أعذر الله إلى امرئ أخّرَ أجله حتى بَلّغَه ستين سنة)(2).
ولكن الوقت يزيد عن المال؛ فالمال يُدخر ويُقايض وقد يُعوّض إذا أُهدر، ولكن الوقت لا سبيل لادخاره أو مقايضته أو استرجاعه، إضافة إلى ذلك: فإن الوقت هو المورد الوحيد الذي نُرغم على صرفه سواءً أردنا أم لم نرد!
لذا: فالإسلام يحثّ المسلم على الاستفادة القصوى من الوقت حتى في أشد الظروف صعوبة؛ فعن أنس بن مالك (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله لله: (إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة، فإن استطاع أن لا يقوم حتى يغرسها فليفعل)(3).
كانت هذه نبذة عن قيمة الوقت، فماذا عن قيمته في حياة مسلمي زماننا؟.. يبدو أنه المورد الأكثر تبديداً في ثرواتهم، وإذا وقع هذا التبديد في أرصدة الدعاة والمصلحين تعدى الضرر إلى فئات كثيرة، ولكننا إذا نظرنا إلى الممسكين بطرف الحضارة اليوم رأينا أنهم يستثمرون أوقاتهم ـ في الشر والخير ـ بدقة محسوبة، فما هو السبب في هذا التباين؟ إنه ليس راجعاً إلى فروق عنصرية أو صفات جسمانية أو ذهنية موروثة، بل لأن الغرب استطاع أن يضع وينفذ نظاماً تربوياً يبث في أبنائه من خلاله ـ ضمن ما يبث ـ مبادئ إدارية فعالة، قام عليها نظام حياتي تُمَارس فيه أسس إدارية سليمة، بل أصبحت هذه الأسس والمبادئ علوماً قائمة بذاتها لها فروع وفنون تسمى (علوم الإدارة)، ويبرز من هذه العلوم فرع يسمى (إدارة الوقت)(4).
وقفة مع الذات:
عزيزي القارئ..! حتى لا نبدد وقتك ونحن نتحدث عن الوقت وأهميته: تمهل قليلاً وتأمل هذه الأسئلة، ثم أجب عليها بصدق واصفاً حالك:
هل تردد كثيراً: (ليس لديّ وقت لإنجاز ما أود القيام به)؟
هل تتأخر دائماً عن مواعيدك؟ وهل تأخذ المهمات التي تقوم بها وقتاً أكبر مما تحدده لها؟
هل تتضارب مواعيدك مع بعضها؟
هل تقدم تنفيذ العمل الذي تحبه أو الأكثر إلحاحاً على العمل الأهم؟
هل تفاجئك الأزمات، وبعدها تتصرف وتتخذ الإجراءات حسبما يتفق لك وتسمح به الظروف، وليس بما تخطط له؟
إذا كانت إجاباتك على كل ما سبق بـ (لا) فأنت لست بحاجة إلى إكمال قراءة هذا المقال، أنت بالتأكيد أحد شخصين: إما إنك منظم جداً تعرف كيف تستثمر وقتك جيداً، وإما إنك صاحب أهداف متدنية ولا تجد ما تشغل فراغك به، فإذا كنت كذلك فابحث لنفسك عن هدف يملأ عليك حياتك.
أما إذا كانت إجاباتك بـ (نعم) حتى ولو على تساؤل واحد منها، فأهلاً بك ضيفاً في مصحة (إدارة الوقت).. ولكن قبل أن ندخل سوياً هذه المصحة، هل تعترف فعلاً أنك مريض وبحاجة إلى علاج؟.. إن اعتراف المرء بأن العيب في ذاته هو أول خطوة على الطريق الصحيح.. لعلك ما زلت غير مقتنع، ولعلك كنت تنتظر من هذا المقال أن يرشدك إلى أدوات خارج ذاتك لإدارة وقتك.. إذا كان الأمر كذلك فانتبه إلى أن أهم الممتلكات (الذي يسمى بالوقت) يوزع بالتساوي على كل البشر بغض النظر عن المرحلة السنية أو الموقع الوظيفي أو المكان الجغرافي أو الاعتقاد الديني، فكل شخص لديه (7) أيام في الأسبوع، و(24) ساعة في اليوم... حتى من يحركون (النظام العالمي الجديد ـ أو القديم).. لا يملكون إلا ما تملكه أنت من الوقت.. قد تقول: إن تحت أيديهم إمكانات هائلة.. نعم، ولكنك أيضاً لا تدير النظام العالمي، وليس لديك أهدافهم ولا طموحاتهم.. نحن نتحدث عن إدارتك لبيتك أو لعملك أنت، نتحدث عن هدفك أنت وطموحاتك أنت.. إذن: هل الوقت هو المشكلة أم إننا نحن المشكلة؟....إن أكثر الأشياء فائدة والتي يمكن أن تقوم بها عندما تسيء التصرف في وقتك هي أن تعترف بذلك، فما دمت مستمراً في الإنكار أو التسويغ فلن تحل المشكلة.. فإذا أدركت ذلك ورغبت أن تنتزع وقتاً لك: فإنه ينبغي أن تكون راغباً في ذلك فعلاً.. فهل أنت راغب؟
نحن الآن نتحدث إلى صنف من الجادين في حياتهم المخلصين في أعمالهم، كثير منهم يسهر على إنجاز عمله ويتفانى في ذلك، ولكنه لا يحسن استثمار وقته، ولا يدرك أنه ـ بقدر من المعرفة والممارسة ـ يمكنه أن يحقق نتائج أفضل مثل غيره أو أكثر منهم، ليس بالضرورة أن يكون مديراً أو موظفاً في منشأة، فقد يكون قائماً على رأس عمل دعوي، أو طالب علم لا يستطيع السيطرة على وقته، أو حتى ربة بيت في منزلها.. مرضهم واحد، وأيضاً قواعد علاجهم واحدة.. فالمهام الكثيرة المتنوعة غير المتجانسة يصلح لها جميعاً أسس إدارة الوقت ومبادئه؛ لأن العملية الإدارية كلها عملية نمطية وإن كان أسلوب ممارستها يختلف باختلاف الهدف والموقف..
ولأنك لا تستطيع السيطرة على مقدار الوقت ذاته فأنت في حاجة إلى إدارة ذاتك من خلال السيطرة على استخدام الوقت. فما هي الخطوات التي تقود إلى هذه السيطرة؟ سنحاول في هذا المقال استخدام العملية الإدارية في إدارة الوقت واستثماره؛ لذا: فقبل أن تشرع في اتخاذ الخطوة الأولى لا بد أن يكون حاضراً في ذهنك أن العملية الإدارية تتكون من مهام: التخطيط، والتنظيم، والتنفيذ، والرقابة، وهي مهام يخدم بعضها بعضاً...
التخطيط مدخل إدارة الوقت:
فإذا تم ذلك فاعلم أن الخطوة الأولى في العملية الإدارية هي أن تسترخي!.. نعم تسترخي، وتنظر إلى الخلف لتخطط للسير إلى الأمام، أي أن تمارس (التخطيط)، خذ وقتاً كافياً للتخطيط ولا تترك الأزمات تضطرك للتصرف غير المحسوب أو العشوائي، فبرغم أن التخطيط يأخذ وقتاً طويلاً أول الأمر، إلا إن ذلك الوقت يعوض حين يثمر نتائج أفضل، فالمشكلة واضحة المعالم تصبح نصف محلولة.. وعلى ذلك: يجب أن تخصص بعض الوقت للتفكير والتأمل والتخطيط بأسلوب مبدع، وهو ما يسمى بـ (الساعة الهادئة)، وهو وقت هادئ خالٍ من المقاطعات والشواغل والمنغصات، يقع في أوج نشاطك وقمة منحنى صفائك الذهني، فإذا لم تتوفر لك هذه العوامل حيث توجد فلا تتردد في البحث عن ركن هادئ آخر تمارس فيه هذا التفكير الهادئ، فإذا لم تجد فابحث في مكان آخر.
ولكن احذر أن يكون التخطيط في (الساعة الهادئة) أحد وسائل الهروب من مهمة غير سارة أو معقدة..
فماذا ستفعل في هذا الوقت ـ طال أم قصرـ؟.. ستشخّص مرضك..
ولأجل أن يكون التشخيص دقيقاً فقد تحتاج إلى بعض التحاليل! وبما أنك تنظر إلى الخلف لتخطط للسير إلى الأمام فالتحاليل ستشمل هذا الخلف (الماضي) وأيضاً ذلك الأمام (المستقبل)، والمختبر الذي ستضع فيه الماضي (المستمر معك) يسمى: (جداول تحليل الوقت)، بينما تسمى جداول تركيب المستقبل (الذي تأمله): (جداول تنظيم الوقت).
جداول تحليل الوقت:
فعادة استخدام (جداول تحليل الوقت) تهدف إلى أن تعلم كيف تتحكم في وقتك، بما يعني أن تغير بعضاً من عاداتك في تمضيته، ولكنك لن تستطيع تغيير عادات وقتك حتى تعرف أولاً ما هي هذه العادات؟.. كيف يمضي الوقت؟.. وفي ذلك يُقترح:
* الاحتفاظ بسجل تبين فيه كيف تمضي أسبوعاً أو أسبوعين أو أكثر..
* سَجّل كل ما تقوم به عند القيام به حتى لا تنسى أي شيء.
* وسجل أيضاً السبب الدقيق للنشاط وعلاقته بتحقيق هدفك.
* احذر أن تنشغل بحساب مقدار الدقائق التي قضيتها وتفقد الهدف الأساس لتحليل الوقت؛ فقد تقوم من خلال محاولة حسابك للوقت الضائع بإضاعة وقت آخر بدون مسوّغ.
* وفي نهاية كل أسبوع لخّص ما قمت به وتأكد من النسبة المئوية لكل نشاط.
* ثم قيّم أهمية هذه النشاطات أو تكرارها..
هذا التحليل يمكّنك من رؤية عاداتك السيئة في استخدام الوقت، ومن ثم: القضاء على تلك العادات في المستقبل.. وسيعطيك تلخيص هذه الجداول فكرة جيدة عما إذا كنت فعلاً متحكماً في وقتك أو أن وقتك تتحكم فيه مؤثرات خارجية، كما يجب أن تخرج من هذه الجداول بفكرة واضحة عن: مضيعات الوقت لديك، سلبيات أسلوبك في التعامل مع الأمور، نقاط الضعف والقوة الشخصية عندك.. وغير ذلك من النتائج المحددة.. هل انتهيت من التخطيط؟..
لم تنته بعد؛ فالتخطيط عملية مستمرة ومتصلة.. تستطيع القول: إنك انتهيت من تحليل (الماضي).. عليك الآن أن تخطط للمستقبل.. لتصحيح (ماضيك المستمر) ولتنفيذ أعمالك.
أهداف × أولويات:
لماذا نهتم بتحديد الأهداف والأولويات؟..
لأنه عندما تكون أهدافنا واضحة أمامنا على الورق فإن ذلك يساعدنا على تذكرها دائماً، إضافة إلى أننا نستطيع الحكم عليها دائماً من حيث كونها ما زالت أهدافاً أو أنها بحاجة إلى تحديث، فإذا طرأت أولوية أخرى أكثر منها أهمية، فإنه يمكن إحلالها في ترتيب متقدم مما نود إنجازه، ثم نعود إلى الأولوية السابقة، وبدون تحديد الأولويات والأهداف نقع في (مصيدة النشاط)، وهو التورط في النشاط ذاته دون رؤية السبب الذي من ورائه نقوم بالنشاط، فيصبح النشاط هدفاً مزيفاً، ويصبح غاية في حد ذاته، أي يصبح النشاط مجرد انشغال (بذل عرق)، وهو بخلاف (الشغل)، وحتى الشغل ينبغي أن نفرق فيه بين (الكفاءة) و(الفاعلية)، فالكفاءة تعني: مجرد القيام بالعمل وتحقيق النتائج المطلوبة، بينما تعني الفاعلية: تحقيق النتائج المطلوبة من أول مرة، ومن خلال القيام بالعمل الصحيح، حسب التسلسل الصحيح في أهميتها، في الوقت المناسب، وبأدنى تكلفة، فعندما تكون نشيطاً وكفئاً في مهمة خاطئة، أو في مهمة صحيحة في الوقت الخطأ، فإنك تعتبر غير فعال حتماً..
إذن: حدد أهدافك أولاً.. الأهداف طويلة الأمد والأهداف قصيرة الأمد، ضَعْ قائمة لكل نوع، فعندما تكون أفكارك وأعمالك منظمة ستكون منتبهاً إلى أن أهدافك اليومية (قصيرة الأمد) تساهم بشكل مباشر في تحقيق الأهداف الطويلة الأمد، لذلك: عليك أن تدرّب نفسك على العمل وفي ذهنك ـ في الوقت نفسه ـ صورة من أعمال الأسبوع القادم أو الشهر أو السنة، ولا يتم ذلك إلا بأن تكتب أهدافك: للعمل، وللمهنة، وللحياة الشخصية، وحتى للأمور المالية.. ولا بد أن تكون هذه الأهداف:
* محددة وواضحة. * واقعية وممكنة التنفيذ. * ذات قيمة حقيقية. * يمكن قياسها وتقييمها.
رتّب هذه الأهداف في صورة أولويّات، ثم قسّم أولوياتك في برنامج عملك اليومي إلى قوائم: أعمال (يجب القيام بها (ضرورية وملحة))، وأعمال (ينبغي القيام بها (ضرورية وغير ملحة))، وأخرى (يمكن القيام بها).. مرة أخرى تطرق (جداول الوقت) الباب علينا، وذلك لإعداد جدول الأهداف، وذلك قبل يوم العمل.. وهذا الجدول سوف يمكنك من وضع جدول تنظيم الوقت، حيث سيتم فيه تصنيف أولويات الأعمال حسب (أهميتها) و(إلحاحها) (ليس كل مُلحّ يكون بالضرورة مهماً)، وإمكانية (تفويضها إلى غيرك)..
ومن الواضح أن أكثر الأعمال أولوية هي تلك التي لا يمكن تكليف غيرك بها، والملحة، وفي الوقت نفسه: على درجة عالية من الأهمية..
بعد أن حددت الأولويات خصص الوقت حسب هذه الأولويات، وعليه: حدد مواعيد للإنجاز؛ فعندما تحدد لنفسك مواعيد للإنجاز فإنك تمارس على نفسك نوعاً من الضغط، وبعض الضغط يحدث دافعاً لديك، بينما زيادة الضغط عند عدم تنظيم الوقت تضعفك.. وعند تخصيصك للأوقات حسب الأولويات ينبغي أن تكون مرناً، فالذي يخطط لملء كل دقيقة من يوم العمل سيجد أنه غير قادر على اتباع الجدول بسبب عدم المرونة فيه، وعلى هذا: يمكن أن نتوقع أن نصف الوقت سيمضي في معالجة الأزمات والطوارئ وضغوط العمل، لذا: ينبغي أن ندرك أن 50% من يوم العمل يمكن جدولته بأعمال مختارة للإنجاز خلال نصف اليوم، وفي الوقت نفسه تستحق هذه الأعمال إنجازها، كما عليك أن تحتفظ ببعض المهام البسيطة في متناول يدك لإنجازها في الوقت المعطل أو غير المستثمر، فيمكنك قراءة جريدة أو كتاب وأنت في انتظار دورك عند طبيب أو وأنت راكب في وسيلة المواصلات، أو التعرف على بعض الزملاء أو الاستماع إلى المذياع وأنت تتناول الطعام، وإذا كنت مديراً أو مشرفاً فيمكنك قراءة البريد أو إجراء مكالمة هاتفية بينما تكون منتظراً لتقرير من مرؤوسيك مثلاً.. فمثل هذه الأشياء لا تتطلب فترات محددة من الوقت.. وذلك للاستفادة من كامل الوقت من ناحية، ومن ناحية أخرى حتى لا تكتسب عادات سيئة في تمديد العمل والإبطاء فيه لملء الوقت المتاح.. تذكر دائماً: (يتمدد العمل ليشغل حيز الوقت المتاح له) وهذا ما يسمى بقانون (باركينسون).
يكفي ما سبق على التخطيط؛ إذ إننا لن نقضي عمرنا تخطيطاً؛ فالتخطيط ليس هدفاً في ذاته، بل هو الخطوة الأولى في الإدارة، ولكن نذكرك بأن عليك أن تسأل نفسك وأنت تخطط: هل سلوكك مثمر أم غير مثمر؟ متى ستقوم بالعمل؟ كم من الوقت ستصرف حتى تقوم بالعمل؟ مع من تقوم بالعمل؟ أين وصلت حتى الآن؟..
من التخطيط إلى التنظيم:
ليس الأمر الذي نعنيه هنا متعلقاً بالترتيب؛ فهذا الترتيب نظري افتراضي، وإنما تتم الأمور معاً، ولا متعلقاً بالكمال، ولكننا نريد إبراز مجموعة من الأدوات والأساليب والطرق التي تساعدنا على الوصول إلى ما نريد.. وحتى تكون الأمور واضحة فإن للتنظيم ثلاثة مجالات رئيسة: إدارة الناس، وإدارة الأوراق، وإدارة الوقت ـ بمعنى التحكم فيه واستثماره وتجنب مضيعاته ـ.
أولاً: إدارة الناس: التفويض.. التفويض:
في إدارة الناس سنتحدث عن التفويض، باعتباره أحد العوامل المهمة لاستثمار الوقت.
كم مرة رددت: (في الوقت الذي أشرح له فيه ما هو مطلوب منه أكون قد أنهيت العمل وحدي بأعلى جودة وفي نصف الوقت)؟.. إن هذا المنطق البراق يعتبر من أكثر الخدع التي يقع فيها كثير منا، فتفويض بعض الصلاحيات والسلطات لآخرين يمكنهم إنجاز أعمال مطلوبة منك يعتبر على المدى البعيد استثماراً لأوقات الآخرين لصالحك، لتتولى أنت القيام بالأعمال التي لا يمكن تفويضها لغيرك.
ولكن ينبغي أن تلاحظ أن التفويض لكي لا يكون مهدراً للوقت (عندما يعاد العمل مرة أخرى) لا بد أن يراعى فيه:
* أن يكون قائماً على أسلوب إداري قائم على تنظيم علاقة تتسم بروح الثقة القائمة على التساؤل والتعاون والصراحة، حتى تتكون أرضية مشتركة بين المتعاونين يمكن تنسيق العمل على أساسها.
* أن تكون الصلاحيات والسلطات واضحة، وكذا: الزمن المتاح لاستخدام هذه الصلاحيات.
* أن يتم تحديد الأعمال التي سوف تستخدم فيها هذه الصلاحيات بدقة، والنتائج المستهدفة منها.
* اختيار الشخص المناسب الذي سيتم تفويضه، والتأكد من أنه أفضل من يصلح لذلك.
* أن تكون المسؤولية ودرجة المساءلة عند التفويض واضحة للجميع.
ننتقل الآن إلى الجانب الثاني من عملية التنظيم وهو:(1/143)
ثانياً: إدارة الأوراق:
في نبذة يسيرة ـ حيث لا يتسع المقام للتفصيل ـ نستطيع القول: إن المقصود بإدارة الأوراق هنا ليس تقسيمها حسب موضوعاتها، بل المقصود إدارتها حسب حركتها بما يوفر الوقت؛ فالمشكلة الحقيقية في التعامل مع الأوراق ليس في ترتيبها ولكن في اتخاذ القرار بشأنها، فمكتبك يجب أن يكون محطة مؤقتة مختصرة تقف فيها الأوراق قليلاً حتى تحدد اتجاه كل منها سواء إلى آخرين أو إلى الملفات أو سلة المهملات...
ثالثاً: من التنظيم: إدارة الوقت..
ونقصد هنا إبراز الوسائل الفعالة لاستثمار الوقت، وأيضاً: معرفة (مضيّعات الوقت) ومعرفة أساليب التنظيم التي تحد من هذه المضيّعات.
من مبادئ توفير الوقت:
وقبل أن ندخل في (مضيعات الوقت) بتفصيل أكثر هاك بعض العوامل التي قد تساعد على استثمار أكبر للوقت:
* من العوامل المساعدة على تنظيم الشخص لنفسه: كتابة المعلومات المراد تذكرها على ورق عند ورودها مباشرة، ثم وضع هذه الورقة في مكان تكون متأكداً من وقوع البصر عليه..
* ومن موفرات الوقت: اعتماد مبدأ التجاهل المتعمد والإهمال المقصود؛ فبعض المشكلات عندما تترك وحدها فإنها تختفي كليّاً لعدم أهميتها.
* ومنها: تقسيم النشاطات المتشابهة إلى مجموعات؛ لأنها تتطلب لإنجازها بيئة وموارد مماثلة، إضافة إلى الحضور الذهني والتهيؤ النفسي.
* ومنها: دمج بعض المهام المسجلة في جدول الأولويات، أو دمج بعض خطوات إحدى المهام، وكذلك إسقاط المهام التي لا علاقة لها بك أو بالمحيط الذي تعمل فيه ولا مكان لها في جدول أعمالك.
* ومنها: عدم ترك المهام غير منتهية؛ فالتنقل من مشكلة لأخرى سوف يدمر فيما بعد قدرتك على التركيز على أي شيء لأكثر من بضع دقائق في المرة الأولى.
* ومنها: الإقلال من الأعمال (الروتينية)، وهي الأعمال اليومية ذات الطبيعة النمطية والتي تشكل قيمة يسيرة لتحقيق الأهداف العامة.
* ومنها: استغلال الأجهزة والمعدات الحديثة لتفويض الأعمال المناسبة إليها، كأجهزة التصوير والهاتف المصور (الفاكس) والحاسب الآلي (الكمبيوتر)...
* ومنها: أن تتعلم في الاتصالات الشفاهية (هاتف أو مقابلات) كيف تقطع المحادثات أو النقاش بأسلوب لبق وواضح عندما تعتقد أن الموضوع قد تم تغطيته تماماً.
* ومنها: إتقان قول (لا) عندما ترى أن الاستجابة معناها ضياع الوقت وإفساد سلم أولوياتك، فالخجل والمجاملات قد يضران بك وبالآخرين كثيراً.
من التوفير: عدم التبديد:
قبل أن ندخل في بعض تفاصيل مضيعات الوقت (المعوقات) نذكرك بأن العامل المهم في وقوع كثير من مضيعات الوقت ـ حتى الخارجية منها ـ يكون نمط إدارتك لذاتك؛ ولذلك فإن عليك أن تتذكر (جدول تحليل الوقت) الذي كنت رصدت فيه سلوكك (الماضي) وحللته.. لا بد أنك وجدت بعض المضيعات التي تشغل حيزاً كبيراً من وقتك (البريد ـ الجرائد ـ الهاتف ـ عدم التفويض ـ الاجتماعات ـ الزائرين ـ التأجيل... (.. عليك أن تختار بعضاً منها (خمسة مضيعات أو ستة) وترتبها حسب أولوياتها، ثم تتعامل معها واحداً واحداً؛ لأن محاولة تغيير العادات السيئة مرة واحدة يمكن أن يؤدي إلى الإحباط والفشل، كما ينبغي أن تكون غاياتك عند معالجة هذه المضيعات واضحة ومحددة ويمكن قياسها، حتى تستطيع أن ترى مدى تقدمك في تحقيقها.
وبدورنا نختار هنا مضيعاً شائعاً ونتحدث عنه بشيء من التفصيل، وهو: الهاتف.
الهاتف:
يعتبر الهاتف في الأساس إحدى وسائل توفير الوقت، لكن إساءة استخدامه قد تجعله من مضيعات الوقت، ولتفادي ذلك:
* عليك أن تنظر إلى الهاتف بوصفه آلة لتوصيل الرسائل فقط.
* ولهذا: أوقف المكالمة مباشرة عند انتهاء هذا الهدف.
* الاختصار في المكالمة يمكن تسهيله بأن تخطط للمكالمة والحوار من قبل، وذلك بكتابة الموضوعات التي تود التحدث فيها وتضعها أمامك، كما عليك إجراء المكالمات المتشابهة والتي تحتاج إلى إعداد متقارب وجو نفسي واحد... عليك إجراء هذه المكالمات متتابعة، وذلك في حالة طلبك لآخرين.
* ويمكنك تحديد وقت معين تستقبل فيه مكالمات الآخرين، إلا إذا كانت المكالمة ذات أهمية فلا بد من استقبالها حال ورودها.
* والوقت المناسب للرد على مكالمات الآخرين هو في فترات انخفاض إنتاجيتك، فلا تستخدم الهاتف في فترات صفائك وارتفاع إنتاجيتك. أما فترات الصباح الباكر عندما يبدأ الناس أعمالهم فتتميز بأنها أفضل وقت لالتقاط الخط من أول محاولة.
* كما ينبغي أن تلاحظ فترات وجود الشخص المطلوب.
* وعندما تكون المناقشة مثيرة للأعصاب، وعندما يوجد خطر تحطيم العلاقات الجيدة مع الآخرين.. فلا بد أن تفكر أكثر من مرة قبل استخدام الهاتف؛ فالحوار الهاتفي السيئ يمكن أن يكلفك ساعات من الوقت الضائع فيما بعد لمعالجة سوء الفهم الذي حصل.
التنفيذ لب العمل:
هناك بعض المبادئ والإجراءات التي تتصف بالصفة التنفيذية المحضة والتي تساعد أيضاً على استثمار الوقت بشكل جيد، وهي تقوم على أن نأخذ بعنان المبادرة بأنفسنا، فكلما قلّت إدارتنا للوقت وسمحنا للآخرين بتحديد ما نقوم به من عمل: عملنا أكثر وأنتجنا أقل..
وللسيطرة على إدارتك للعمل لا بد من استحضار برنامج العمل اليومي، وذلك:
* بصنع قائمة بالأشياء التي يجب القيام بها.
* ولا تنس أن يكون عملك مجزأً بين إنجاز عمل اليوم والتفكير في أعمال الغد ونشاطاته.
* حدد ساعات اليوم التي تكون فيها في أوج طاقتك، وهي تختلف من شخص إلى آخر..
* ضع أكثر النشاطات أهمية وأكثرها صعوبة والأعمال التي تتطلب تركيزاً كبيراً في ساعات صفائك الذهني، والتي تكون فيها في أوج نشاطك.
* حاول أن تجمع الأعمال المتشابهة بعضها مع بعض في هذه القائمة.
* وعند إنجاز عملٍ ما من القائمة عليك شطبه منها، وهذا في حد ذاته يعتبر حافزاً لك على مواصلة العمل، ولكن احذر أن يتسرب إليك إحساس خادع بالرضا من شطب الأشياء من قائمة المهام، خاصة إن كان معظمها ذا أولية منخفضة..
* وفي نهاية اليوم احصر المهام المتبقية ولا تحتفظ بها في القائمة نفسها، بل حوّلها إلى قائمة اليوم التالي، إلا إذا كنت فوّضت بعضاً منها إلى آخرين أو أسقطتها لعدم أهميتها..
* وأثناء العمل: كن متأكداً بأنك تركز على تنفيذ العمل الصحيح بشكل صحيح في الوقت الصحيح.
وأثناء التنفيذ:
* ابدأ يومك بطلبات تطلبها من الآخرين؛ فبينما تقوم أنت بعمل أشياء أخرى سيعمل الآخرون في الوقت نفسه على إنجاز الأعمال التي طلبتها منهم، وإذا تعذر وجود وقت للقيام بكل المهام فاعمل على إنجاز المهام الكبرى والمهمة أولاً، ذلك من معاني: (اعمل بذكاء لا بجهد أكثر).
* وعندما يكون الموضوع لا يزال جديداً أمامك فلا تتردد في أخذ موقف حياله؛ لأن هذا يوفر عليك مشقة إعادة تذكر الموقف مرة أخرى.
* لا تضيّع وقتك في القيام بالمهام المستحيلة.
* وفي الوقت نفسه: حاول أن تكون لك قدرة على التنفيذ الفوري، وإذا لم يكن للمهمة حل مباشر فعليك أن تستمر في القيام بعمل شيء آخر.
* تذكر أن المهام البسيطة التي لا ترتبط بوقت محدد والتي كنت وضعتها في جدول أعمالك هي لمثل هذه الأوقات.
* لا تستهن بإنجاز أعمال الأهداف القصيرة الأمد المصاحبة للأهداف الطويلة الأمد، فإننا إذا لم نقم بتحقيق الأهداف القصيرة الأمد فلن ترى الأهداف الطويلة الأمد الحياة أبداً.
* لا بأس بأن تقدم عقارب ساعتك بضع دقائق إلى الأمام؛ فالأشخاص الذين يهتمون بالإنجاز يفعلون ذلك غالباً؛ لأن ذلك يوجد إحساساً بالعجلة الزائدة..
* لكن لا تكن مهتمّاً بشكل زائد بمسألة إنهاء العمل بسرعة؛ فالنتائج غير المتقنة تعني أنك ستضطر إلى إعادة القيام بالعمل، مما يعني ضياع وقت آخر.
* وجّه نظرك دائماً نحو النتائج بدلاً من القلق حول الإجراءات.. كثيراً ما ننشغل بالوسائل وتغيب عن أعيننا الغاية.. وأثناء اهتمامك بالنتائج تجنب الوقوع في (شلل الكمال)؛ فبعض الأعمال ينبغي أن تنجز بأسرع ما يمكن، وحينها: عليك أن تدرك أن هناك تضحية متبادلة بين الفاعلية والكمال.
عينك على المراقبة:
وننتقل الآن إلى الجزء الأخير في دائرة إدارة الوقت، وهو المراقبة، والمقصود بالمراقبة: مراقبة العمل وليس التجسس على القائمين بالعمل أو (الوقوف على رؤوسهم) أثناء عملهم وإحصاء الدقائق عليهم بحجة المحافظة على الوقت؛ فالهدف من المراقبة هو: (المراجعة والنقد المؤدي إلى التصحيح)، مراجعة للعمل ذاته من حيث خطته أو إجراءات تنظيمه أو خطوات تنفيذه، ومراجعة للقائمين بالعمل لبيان جوانب القصور فيهم وما يحتاجونه من تعديل لسلوك أو اكتساب لعلم أو تنمية لخبرة بما يوفر أوقاتهم؛ فتكرار الخطأ مرة بعد مرة يعد من أكثر العوامل التي تضيع الوقت.
وعليك مراقبة مدى التقدم في إنجاز العمل، وذلك حتى لا تعود إلى ممارسة عاداتك السيئة السابقة، وحتى تجري إصلاحات وتعديلات على خطتك، وذلك من خلال مقارنة الأداء الفعلي بالخطة وبالجدول، بما يفيد معرفة العائد الحقيقي، وبما يسمح بتعديل التخطيط أو التنظيم أو التنفيذ ـ كلها أو بعضها ـ لتتلاءم مع الهدف ومع الظروف التي تواجهها.
وذلك يقودنا إلى (مبدأ إعادة التحليل)؛ إذ ينبغي إعادة تحليل استخدام الوقت على الأقل مرة كل ستة أشهر لتفادي العودة للعادات السيئة في إدارة الوقت عند الإحساس بصعوبة تنفيذ الخطة اليومية السابقة.
وفي الختام:
فإن الأشخاص الفعالين لم يولدوا هكذا بالفطرة، بل هم مصنوعون، فإذا كانت الخطوات والإجراءات المذكورة سابقاً قد كثرت عليك وطالت فلا تستصعبها، ولا تتردد في تعديل الاقتراحات السابقة لتناسب حقيقة وضعك في العمل وفي الحياة؛ فالهدف ليس استخدام اقتراح معين لإدارة الوقت، بل إحراز تقدم وإنجاز، أيّاً كان اختيارك للأفكار التي تناسب أسلوبك وتفيدك كثيراً، والنقطة المهمة والمحورية التي يجب أن تتذكرها هي استمرار الوعي بالكفاءة من خلال الوعي بأهمية الوقت؛ فذلك أكثر أهمية من مجرد الانصياع وتطبيق كل المبادئ التي يمكن وصفها.
وتذكر أيضاً أنك لا تستطيع إرضاء كل شخص، وأن الطريقة التي ستستثمر بها وقتك قد تزعج آخرين، وقد لا يعاونونك عليها.
وانتبه إلى أنك من السهل أن تجعل نفسك متحمساً أكثر من اللازم بالنسبة لإدارة الوقت؛ فقد تكون تلك الظروف ناجحة معك تماماً، إلا إنها تتصف أيضاً بأنها فردية الطابع والكفاءة لا جماعية الكفاءة، وهي لا تشجع على العمل الجماعي... وعلى ذلك: فكل موقف يجب أن يكون مختلفاً بناءً على عوامل عديدة، مثل: نوع المحيط الذي تعمل فيه، وطبيعة العمل، وكمية الأعمال، والمهام المنوطة بالفرد، وحاجات الشخص المتعاون معك، وشخصية القائم على العمل.
الهوامش :
(1) أخرجه الترمذي، 2/67، والطبراني في المعجم الكبير، وصححه الألباني في (صحيح الجامع)، ح/7300.
(2) أخرجه البخاري، كتاب الرقاق، باب من بلغ ستين سنة فقد أعذر الله إليه في العمر.
(3) أخرجه الإمام أحمد، 3/191، وصححه الألباني في (السلسلة الصحيحة)، ح/9، و(صحيح الجامع)، ح/1424.
(4) يعتبر هذا المقال استعراضاً لموضوع إدارة الوقت، اعتماداً على كتاب (إدارة الوقت)، ضمن سلسلة (فن وعلم إدارة الأعمال) لمحررها أ. ديل تيمب ب، ترجمة: د. وليد عبد اللطيف هوانة، وهو يضم 95 مقالة لمختلف المتخصصين في هذا المجال. وهناك ملحوظتان على الكتاب لا بد من ذكرهما:
(أ)يعتبر الكتاب تعبيراً عن النظرية الإدارية الغربية من خلال رؤيتها الأمريكية،وبالطبع: هناك نظريات أخرى لم يتطرق الكتاب إليها، كالنظرية اليابانية، والنظرية الإدارية الإسلامية التي لم تخرج بعد إلى حيز التنظير المتكامل رغم وجود مبادئها المتميزة القائمة على أصول شرعية وأسس أخلاقية وشبكة علاقات اجتماعية مغايرة لما قامت عليه النظريات الأخرى.
(ب) الكتاب عبارة عن ضم شذرات مقالات مختلفة للعديد من الكتاب، مما أثر في عدم تماسك مادته المعلوماتية، إضافة إلى تشتت المعلومة الواحدة بين ثنايا الكتاب.
خالد أبو الفتوح - مجلة البيان
هاي مشاركة بسيطة مني........
أتمنى تنال رضا واعجاب الجميع(1/143)
نحو استثمار أفضل لفائض الوقت
د. مصطفى السيد
يسعى المسلم يومياً مع الملايين من إخوانه في مناكب الأرض إعماراً لها، وإعمالاً لمواهبه، إنتاجاً وإبداعاً، وبعضهم يضرب في طلب الرزق أجواء الفضاء، وآخرون يركبون متون البحار والأنهار يعملون وكلهم يشتهون غداً أفضل، ومستقبلاً أجمل لأمتهم وأوطانهم.
والأمة التي تجعل العمل من مقومات وجودها، وهدفاً أساساً لها في الحياة لن تحصد ـ بفضل الله ثم بعملها ـ إلا مجداً باهراً، وازدهاراً ساطعاً، وحُق لأمة تكون كذلك أن تكون لها سويعات ترفيه، وأوقات راحة تخلد فيها إلى الهدوء، أو تركن إلى صحبة تتعاطى معها نشاطاً ذهنياً أو رياضياً يتجدد من خلالها نشاطها، وتتنمى عبرها مواهب قد لا يتمكن العاملون من إشباعها أوقات الدوام.
هكذا تكون الحياة السوية سمواً عبر العطاء، ومثاقفة بناءة في ساعات الترويح والاسترخاء.
تعالوا أيها الأحبة نسائل أنفسنا: أين نحن من ذلك في حياتنا بشطريها: العامل، والمستريح؟
لا أنكر ابتداءاً أنه يوجد بيننا من حولوا ساعات العمل بفضل الله ثم بفضل ما طبعوا عليه من تربية؛ حولوها إلى زيادة في رصيد حسناتهم، وإلى نتاجات فكرية أو مادية استفاد منها البلاد والعباد.
كما يوجد من بيننا من حوّل ساعات الترفيه والاسترخاء إلى وجه آخر من وجوه الحضور للمسلم المنتمي إلى عصره ومجتمعه انتماء مشاركة، وتعاون على البر والتقوى، وتفكر وتدبر في كل دقيقة، وكيف تملأ بما يكفل عائداً مجزياً ومردوداً مريحاً؛ وذلك عندما يوفق في قضاء ساعات راحته مع فئة من الناس تتبسط بغير استهتار، وتتحادث بغير إسفاف، لا تخلع العذار في مزاحها، ولا تسقط الحياء في لهوها، تتهادى الكلمة الطيبة، وتتبادل الأفكار التي تفتح للأمل أبواباً، وتوصد من اليأس مثلها، يحضرهم سمر النبي صلى الله عليه وسلم عند أبي بكر ـ رضي الله عنه ـ الذي كان سمراً في مصالح المسلمين، وقول عمر ـ رضي الله عنه ـ: "إنه لم يعد له من أرب في العيش لولا محادثة أهل الفضل والمروءة".
إن مثل هذه النماذج المباركة جعلت من لقاءات الترفيه والسمر مدارس تبث الكلمة النافعة، وتضخ الخبرة الناضجة لجُلاّسها؛ لأنها:
- لم تفهم الترفيه تحرراً من المسؤولية، وتحللاً من الفضيلة مرددة مقولة جاهلية ومأثورة شيطانية: "ساعة لك وساعة لربك"، أو: "دع ما لقيصر لقيصر، وما لله لله".
- لم تفهم الترفيه هروباً إلى رفقة سوءٍ رأت في الحياة عبءاً، والعمر هماً جاثماً على الصدر، فتفننت في التخلص منهما، والتحلل من مستلزماتهما.
- لم تفهم الترفيه هروباً إلى العكوف بين يدي متحدث عليم اللسان، فارغ الجنان، اختزل الحياة بساقط النكات والقهقهة العابثة التي رأت في سخف القول والعمل سقفاً للعيش، ومضماراً للهو والطيش.
- لم تفهم الترفيه هروباً من الأسرة وحقها في أوقات تأخذ من الأب تجربته، كما يلقي الأب السمع إلى أفكار ورؤى أبنائه وبناته، لا يتركهم تحتبس الكلمات في صدورهم، والأسئلة في عقولهم، يغيب عنهم وعن زوجته ليحل محله يأس طاغ، أو رفيق سوء باغ، أو جلوس إلى قنوات فضائية تتسمر أعينهم في صورها، يلتهمون سمها الزعاف وفكرها القاتل.
- لم تفهم الترفيه استقالة من معالي الأمور، وانتحاراً بطيئاً غير مباشر من تبعات الحياة، حتى صار هؤلاء القوم يقدمون الاستراحة على البيت، وروادها على الأسرة، والحياة الهاربة من كل التزام جاد على الحضور الذي تتحقق به ومعه أهداف الحياة، حتى إن بعضهم ليحسب أنما خلق عبثاً للعيش بلا دور سوى حضور باهت على هامش الحياة معطلاً فيه عقله، معلقاً رجولته بخيوط العجز واللامبالاة، مؤكداً حضوره بتثاؤب مكدود، عيناه باتتا موانئ للذباب، وروحه ملاعب لجيوش اليأس والإحباط.
- لم تفهم الترفيه سخرية لاذعة من الإصلاح والمصلحين، والجد والجادين، بل رأت في الترفيه والسمر فرصاً لرفعه إلى مستويات الجد من خلال دعاء لحاكم ومحكوم بالتوفيق والنجاح، أو من خلال جمع بعض المال تفك به أزمة مأزوم، أو بالتداول في طرائق النصح لمنحرف ضل الطريق، وهكذا كانت أوقات الترفيه استمراراً لأوقات الجد واستكمالاً لساعات العمل.
إذا كان الناس يتداعون لشهود صلاة الجنازة على ميت مات فما العمل إزاء شريحة كبيرة من أفراد الأمة باتوا أحياءاً أمواتاً، وأصبحوا حاضرين غائبين، همشوا أنفسهم، أو همشتهم ثقافة الإقصاء التي تجرعوها، توارثوها من أسر لا تمسك علماً، ولا تنبت قيماً.
شريحة تعيش في الحضيض، وإخوانهم من شياطين الجن والإنس يمدونهم بالغي ثم لا يقصرون، يوهمونهم أنهم يحسنون صنعاً، وأنهم في قلب الحياة، والحق أنهم لم يدخلوها إلا بشهواتهم، ولم يحضروا إلا في أطرافها النائية.
هل هؤلاء الذين ارتضوا من الغنيمة بالإياب، ومن الحياة بالفتات؟
هل هؤلاء ضحايا أم خاطئون؟ برءاء أم مسؤولون؟
هل هم نتاج الثقافة الزائفة؟
هل هم دلائل ساطعة على إخفاقنا، وإخفاق المؤسسات العامة والخاصة في استيعابهم؟
وهل حسبُنا أن نطرح السؤال فقط؟ أو أن نشخص الأوجاع فحسب؟
إن ذلك فهم، ولكن الأهم أن ننتفض انتفاضة نفسية وعقلية لمواجهة النزف والهدر في هذه الشرائح، وأطْرها على الحق من خلال كل الوسائل المتاحة والمباحة؛ لأن الأمة لن تقدر على نهضة جادة وفي خواصرها جروح نازفة يأساً، راعفة إحباطاً، هاذرة في الملمات، هائمة في وقت الحاجة الماسة إلى التركيز.
مجلة البيان، العدد (146)، شوال 1420،فبراير 2000 .
=============
هل حان الوقت لرسم رؤية تربوية؟
محمد بن عبد الله الدويش
يعد المجال التربوي من أنجح مجالات العمل الدعوي المعاصر، وقد حقق العمل الإسلامي منجزات مهمة في الميدان التربوي، واستطاع أن يُخرِج جيلاً متميزاً من الشباب والفتيات، تَمثَّلَ التدينَ في نفسه، وانطلق في الميدان العملي الدعوي.
ومهما كان من خلل في هذا الجهد التربوي فلا زال يستحق الإشادة والثناء.
لكن هل نقف من حيث بدأنا؟
إن ظروف النشأة والتكوين التي صاحبت العمل الإسلامي، والمشكلات التي واجهها، والإمكانات التي يملكها ربما تقودنا إلى قبول نتاج العقود الماضية، ولكن!
لا زال العمل التربوي الدعوي يفتقر إلى رؤية واضحة شاملة؛ فمفهوم التربية عائم غير محدد، أو يدور في إعطاء الأفراد قدراً من المحتوى العلمي والسلوكي. والممارسات التربوية إما تنطلق من السجية والعفوية، أو وفق ما نسميه (تخطيطاً) وهو لا يعدو رسم خارطة سنوية أو فصلية لمحتوى البرامج التربوية.
إن انعدام الرؤية في العمل التربوي يقود إلى كثير من المشكلات التربوية، منها:
3 أنه يفتح مجالاً واسعاً للتباين والرؤى المختلفة والمتفاوتة؛ والخلاف واتساع التجارب وتنوعها لا اعتراض عليه حين يكون صادراً عن منهجية واقتناع، أما حين يكون صادراً عن غياب للرؤية وتخبط فلا.(1/147)
3 أنه يؤدي بالمربي الواحد إلى تلوُّن أهدافه ورؤاه من وقت لآخر، حسب ما يجري في الساحة، وحسب ما يسبق إلى ذهنه.
3 غياب التجانس في شخصية الفرد؛ إذ هو نتاج رؤى وأفكار متناثرة لا رؤية متسقة.
3 غياب التجانس على مستوى الساحة الدعوية؛ والتجانس المنتظر ليس أن يكون الناس على نمط واحد ونموذج واحد، لكنْ ثمة حدٌّ أدنى لا يمكن بدونه أن يوجد تيار ينشئ أعمالاً ومشروعات جماعية منتجة.
3 وجود كثير من مظاهر الخلل التربوي التي لا تظهر إلا في الميدان، وحين تظهر يعيش المربون جدلاً طويلاً حول فهمها وتفسيرها، فضلاً عن التعامل معها.
وحين نطالب برؤية تربوية فطبيعة الرؤية تقتضي أن تتسم بقدر من النظرة الكلية التي ترسم الأطر العامة لشخصية المنتج التربوي لا أن تغرق في التفاصيل المحددة التي ينبغي أن تتسع فيها مساحة التنوع والممارسة، وتستوعب اختلاف البيئات والظروف.
كما أنها لا يسوغ أن تكون نتاج خواطر تجول في أذهان معدِّيها، أو فكرة طرأت في محاضرة أو مناسبة، فلا بد أن تكون نتاج دراسة عميقة يتاح لها جهد يتلاءم مع أهميتها.
وهي تتطلب أن تنطلق من مصادر تجمع بين المنهج الشرعي في بناء الفرد المسلم، وظروف الواقع وتحدياته، وطبيعة المهمة التي يُعَدُّ لها هذا الجيل، وأن تنسجم مع الرؤى العامة للعمل الإسلامي وتسهم في تحقيق أهدافه.
وتتطلب اتساعاً لدائرة المعدِّين لها؛ فلا تكون نتاج اجتهادات فردية، ولا نتاج فئة أو أصحاب تخصص معين؛ فالرؤية التربوية تتضمن جانباً يتصل بمحتوى التربية الذي يسهم في بنائه العديد من المختصين في مجالات المعرفة، وجانباً يتصل بعمليات التربية الذي يسهم فيه العديد من المختصين في المجالات التربوية.
كما أنه من الضروري أن تنسجم كافة أهداف وعمليات التربية مع هذه الرؤية وتسهم في تحقيقها.
إن الاقتناع بالحاجة لهذه الرؤية، والاقتناع بتجاوز الممارسات التقليدية في بنائها يمكن أن يوجِد لدى العاملين في الساحة الإسلامية خيارات عدة في التنفيذ.
============
إدارة الوقت
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:-
من المبادئ الهامة في إدارة الوقت المبادئ المتعلقة بالتخطيط وهي أربع:
1. مبدأ تحليل الوقت.
2. التخطيط اليومي.
3. تخصيص الوقت حسب الأولوية.
4. المرونة.
وكذلك المبادئ المتعلقة بالتنظيم وهي موضع حديثنا في هذه الحلقة ومن هذه المبادئ:
1. مبدأ التفويض:
إن تفويض كل الأعمال الممكنة بما يتناسب مع حدود وعمل المدير أمر ضروري لتوفير الوقت المطلوب من أجل القيام بالأعمال الإدارية. والتفويض أن يعطي المدير أو الفرد بعض الأعمال لمن يقوم بها تخفيفاً عليه من ضغط الأعمال وتزاحمها.. مع ضرورة أن يستفيد المدير من هذا الوقت الذي فوض فيه؛ لأنه سيصبح متفرغاً لأعمال أخرى.. والتفويض يريح كثيراً من الناس؛ لأن الكثير من الأعمال والمهام لا يستطيع أن يقوم بها الإنسان بمفرده، خاصة إذا ما كان في موقع كثير الأعمال والارتباطات.
2. مبدأ تقسيم النشاط (العمل):
كل الأعمال المتشابهة بطبيعتها والتي تتطلب بيئة وموارد مماثلة لإنجازها ينبغي أن تجمع معاً في أقسام من خطة العمل اليومية.
3. مبدأ التحكم في المعوقات:
من الضروري جداً لإدارة الوقت أن يكون هناك نوع من التحكم في النشاطات وترتيبها، بحيث تقلل عدد ومدة المقاطعات غير الضرورية. والفوائد من تنفيذ هذين المبدأين (التقسيم والتحكم) واضحة؛ إذ يجب التقليل من المقاطعات وذلك بتقسيم النشاطات وتجميعها حسب التشابه الموجود بينها، فإذا تم تقسيمها بحيث يلتقي المرؤوسون مع مديرهم في وقت معين، والاتصالات الهاتفية يرد عليها في وقت محدد، وتم تحديد موعد للاجتماعات في وقت معين، كما حدد وقت الهدوء للتفكير الخاص بالمدير يومياً، عند ذلك تتحسن فعالية استخدام كلما خفت المقاطعات، وسيقل أيضاً عدد مرات الابتداء والتوقف (المعوقات أو المعترضات) في إنجاز الأعمال.
4. مبدأ التقليل من الأعمال الروتينية:
(أي الأعمال الدائمة المستمرة التي توجد بوجود وقتها): إن تنظيم العمل والعاملين - بحيث نقلل من كمية العمل الروتيني- سيؤدي إلى استخدام أكثر فعالية للوقت، لن يستطيع أي فرد أو أي مدير أن يخلص نفسه من الأعمال الروتينية تماماً، لكن ينبغي الإقلال منها. ويقدر الوقت الذي يقضيه المديرون في الأعمال الروتينية بين 30% و 65% من الوقت المتاح لهم.
ثالثاً: المبادئ المتعلقة بالرقابة:
بعد تخطيط وتنظيم العمل بما يتفق مع المبادئ ذات العلاقة، يبقى فقط تنفيذ الخطة والمتابعة اليومية.
أهداف الرقابة:
إن فكرة الرقابة من خلال الخطط والجداول أساس للإدارة السليمة، وهي تحقق المقاصد الآتية:
1. تزيد فاعلية النشاط.
2. تعين على تحقيق الهدف كما خطط له.
3. يتم من خلالها مقارنة الإنفاق الحقيقي للموارد بالخطة وبالجدول.
4. يسمح له التباين بأن يصنع قرارات تتعلق بالخطة وبالجدول وبالأداء.
5. يسمح له أن يعدل من تلك الأمور السابقة.
ومن مبادئ الرقابة:
1. مبدأ تنفيذ الخطة والمتابعة:
تنفيذ الخطة أمر ضروري لوظيفة الرقابة، إذ لا يمكن إنجاز هذه الوظيفة إلا إذا كان هناك خطة أو معيار تتم مقارنة النتائج المتوقعة به، فمتابعة تعديل الخطة والجدول والأداء بما يتناسب مع الأهداف والظروف المحيطة هي الرقابة بذاتها.
2. مبدأ إعادة التحليل:
ينبغي إعادة تحليل استخدام الوقت على الأقل مرة كل ستة أشهر لتفادي العودة للعادات السيئة في إدارة الوقت؛ لأنه قد وجد أن صعوبات تنفيذ الخطة اليومية تجعل المدراء يعودون لممارستهم القديمة؛ ولتفادي هذا ينبغي تكرار التحليل هذا من وقت لآخر.
الخلاصة:
قد أتينا على هذه المبادئ العشرة كاملة فيما يخص إدارة الوقت: أربعة مبادئ منها تتعلق بالتخطيط، وهي: التحليل - التخطيط اليومي- الأولويات- المرونة. وأربعة مبادئ تتعلق بالتنظيم وهي: التفويض وتقسيم النشاط، والتحكم في المعوقات، والإقلال من الأعمال الروتينية. ومبدآن يتعلقان بالرقابة، وهما: تنفيذ الخطة مع المتابعة، وإعادة التحليل.
وسنتابع في الحلقة الرابعة بقية ما يهمنا في حفظ الوقت واستغلاله - إن شاء الله- والله الموفق للصواب.
=================
إدارة الوقت
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:-
من المبادئ الهامة في إدارة الوقت المبادئ المتعلقة بالتخطيط وهي أربع:
1. مبدأ تحليل الوقت.
2. التخطيط اليومي.
3. تخصيص الوقت حسب الأولوية.
4. المرونة.
وكذلك المبادئ المتعلقة بالتنظيم وهي موضع حديثنا في هذه الحلقة ومن هذه المبادئ:
1. مبدأ التفويض:
إن تفويض كل الأعمال الممكنة بما يتناسب مع حدود وعمل المدير أمر ضروري لتوفير الوقت المطلوب من أجل القيام بالأعمال الإدارية. والتفويض أن يعطي المدير أو الفرد بعض الأعمال لمن يقوم بها تخفيفاً عليه من ضغط الأعمال وتزاحمها.. مع ضرورة أن يستفيد المدير من هذا الوقت الذي فوض فيه؛ لأنه سيصبح متفرغاً لأعمال أخرى.. والتفويض يريح كثيراً من الناس؛ لأن الكثير من الأعمال والمهام لا يستطيع أن يقوم بها الإنسان بمفرده، خاصة إذا ما كان في موقع كثير الأعمال والارتباطات.
2. مبدأ تقسيم النشاط (العمل):
كل الأعمال المتشابهة بطبيعتها والتي تتطلب بيئة وموارد مماثلة لإنجازها ينبغي أن تجمع معاً في أقسام من خطة العمل اليومية.
3. مبدأ التحكم في المعوقات:(1/148)
من الضروري جداً لإدارة الوقت أن يكون هناك نوع من التحكم في النشاطات وترتيبها، بحيث تقلل عدد ومدة المقاطعات غير الضرورية. والفوائد من تنفيذ هذين المبدأين (التقسيم والتحكم) واضحة؛ إذ يجب التقليل من المقاطعات وذلك بتقسيم النشاطات وتجميعها حسب التشابه الموجود بينها، فإذا تم تقسيمها بحيث يلتقي المرؤوسون مع مديرهم في وقت معين، والاتصالات الهاتفية يرد عليها في وقت محدد، وتم تحديد موعد للاجتماعات في وقت معين، كما حدد وقت الهدوء للتفكير الخاص بالمدير يومياً، عند ذلك تتحسن فعالية استخدام كلما خفت المقاطعات، وسيقل أيضاً عدد مرات الابتداء والتوقف (المعوقات أو المعترضات) في إنجاز الأعمال.
4. مبدأ التقليل من الأعمال الروتينية:
(أي الأعمال الدائمة المستمرة التي توجد بوجود وقتها): إن تنظيم العمل والعاملين - بحيث نقلل من كمية العمل الروتيني- سيؤدي إلى استخدام أكثر فعالية للوقت، لن يستطيع أي فرد أو أي مدير أن يخلص نفسه من الأعمال الروتينية تماماً، لكن ينبغي الإقلال منها. ويقدر الوقت الذي يقضيه المديرون في الأعمال الروتينية بين 30% و 65% من الوقت المتاح لهم.
ثالثاً: المبادئ المتعلقة بالرقابة:
بعد تخطيط وتنظيم العمل بما يتفق مع المبادئ ذات العلاقة، يبقى فقط تنفيذ الخطة والمتابعة اليومية.
أهداف الرقابة:
إن فكرة الرقابة من خلال الخطط والجداول أساس للإدارة السليمة، وهي تحقق المقاصد الآتية:
1. تزيد فاعلية النشاط.
2. تعين على تحقيق الهدف كما خطط له.
3. يتم من خلالها مقارنة الإنفاق الحقيقي للموارد بالخطة وبالجدول.
4. يسمح له التباين بأن يصنع قرارات تتعلق بالخطة وبالجدول وبالأداء.
5. يسمح له أن يعدل من تلك الأمور السابقة.
ومن مبادئ الرقابة:
1. مبدأ تنفيذ الخطة والمتابعة:
تنفيذ الخطة أمر ضروري لوظيفة الرقابة، إذ لا يمكن إنجاز هذه الوظيفة إلا إذا كان هناك خطة أو معيار تتم مقارنة النتائج المتوقعة به، فمتابعة تعديل الخطة والجدول والأداء بما يتناسب مع الأهداف والظروف المحيطة هي الرقابة بذاتها.
2. مبدأ إعادة التحليل:
ينبغي إعادة تحليل استخدام الوقت على الأقل مرة كل ستة أشهر لتفادي العودة للعادات السيئة في إدارة الوقت؛ لأنه قد وجد أن صعوبات تنفيذ الخطة اليومية تجعل المدراء يعودون لممارستهم القديمة؛ ولتفادي هذا ينبغي تكرار التحليل هذا من وقت لآخر.
الخلاصة:
قد أتينا على هذه المبادئ العشرة كاملة فيما يخص إدارة الوقت: أربعة مبادئ منها تتعلق بالتخطيط، وهي: التحليل - التخطيط اليومي- الأولويات- المرونة. وأربعة مبادئ تتعلق بالتنظيم وهي: التفويض وتقسيم النشاط، والتحكم في المعوقات، والإقلال من الأعمال الروتينية. ومبدآن يتعلقان بالرقابة، وهما: تنفيذ الخطة مع المتابعة، وإعادة التحليل.
وسنتابع في الحلقة الرابعة بقية ما يهمنا في حفظ الوقت واستغلاله - إن شاء الله- والله الموفق للصواب.
==============
الوقت في السنّة النبويّة المطهرة ...
حظي الوقت بنصيب وافر من العناية فيما نُقِلَ عن النبي صلى الله عليه وسلم من الأقوال والأفعال، ويمكننا تناول ذلك من خلال المحاور التالية:
أولاً: الوقت نعمة عظيمة
تؤكد السنة المطهرة ما جاء في القرآن الكريم من أن الوقت من نعم الله على عباده وأنهم مأمورون بحفظه ومسؤولون عنه، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( نعمتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناس: الصحة والفراغ)).(1) ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم: (( كثيرٌ من الناس )): "أي أن الذي يوفق لذلك قليل... فقد يكون الإنسان صحيحاً ولا يكون متفرغاً لشغله بالمعاش، وقد يكون مستغنياً ولا يكون صحيحاً، فإذا اجتمعا فغلب عليه الكسل عن الطاعة فهو المغبون"،(2) و"النعمة ما يتنعم به الإنسان ويستلذه، والغبن أن يشتري بأضعاف الثمن أو يبيع بدون ثمن المثل".(3)
وفي هذا الحديث "ضرب النبي صلى الله عليه وسلم للمكلف مثلاً بالتاجر الذي له رأس مال، فهو يبتغي الربح مع سلامة رأس المال، فطريقُه في ذلك أن يتحرى فيمن يعامله، ويلزم الصدق والحذق لئلا يُغبن، فالصحة والفراغ رأس مال، وينبغي له أن يعامل الله بالإيمان، ومجاهدة النفس وعدو الدين، ليربح خيري الدنيا والآخرة".(4)
فمن صحَّ بدنه وتفرّغ من الأشغال العائقة ولم يسعَ لاستثمار هذه الصحة وهذا الفراغ لإصلاح آخرته ودنياه، فيستثمرهما الاستثمار الأمثل في تحقيق أهدافه التي تعينه على العيش الرغيد في الدنيا، وترقى به إلى مدارج الصالحين في الآخرة، فمن لم يكن كذلك فهو كالمغبون فيهما.
ثانيا ً: الوقت مسؤولية كبرى
وقت المسلم أمانة عنده، وهو مسؤول عنه يوم القيامة، هذا ما تؤكده السنة المطهرة، فهناك أربعة أسئلة سيُسألها العبد أمام الله عز وجل يوم القيامة، منها سؤالان خاصان بالوقت، ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال: عن عمره فيمَ أفناه، وعن شبابه فيمَ أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيمَ أنفقه، وعن علمه ماذا عمل فيه )).(5) أي أن العبد في ذلك الموقف العصيب، يوم القيامة، لن تزول قدماه، ولن يبرح ذلك المكان، حتى يسأل ويحاسب عن مدة عمره بعامّة كيف قضاها، وعن فترة شبابه بخاصة كيف أمضاها، ذلك أن الشباب هو محور القوة والحيوية والنشاط، وعليه الاعتماد في العمل أكثر من غيره من مراحل العمر الأخرى، لذا فقد خُص بالسؤال عنه مستقلاً مع أنه داخل ضمن السؤال عن العمر وذلك لأهميته.
ثالثاً: الوقت وعاء العبادة
الصلاة والزكاة والصيام والحج ونحوها عبادات محددة بأوقات معينة، لا يصح تأخيرها عنها، وبعضها لا يقبل إذا أدي في غير وقته، فهي مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالوقت، الذي هو عبارة عن الظرف أو الوعاء الذي تؤدى فيه.
ومما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحث على أداء العبادات في وقتها قوله حين سئل: أي الأعمال أفضل؟ قال: (( الصلاة لوقتها )).(6) وكان (ص) يقول إذا رأى الهلال: (( اللهم أهلّه علينا باليُمن والإيمان، والسلامة والإسلام، ربي وربك الله )).(7) وكان يقول عن هلال رمضان: (( صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته )).(8)
وجاء عنه صلى الله عليه وسلم في الحث على قيام الليل وذكر الله فيه قوله: (( أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الآخر، فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن )).(9)
كما ورد عنه صلى الله عليه وسلم الحث على اغتنام عشر ذي الحجة بالعمل الصالح، وذلك في قوله: ((ما العمل في أيام أفضل منها في هذه )) قالوا ولا الجهاد قال: (( ولا الجهاد إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء )).(10)
رابعاً: الوقت في أفعال النبي (ص) :
كان النبي صلى الله عليه وسلم من أشد الناس حرصاً على وقته، وكان لا يمضي له وقت في غير عمل لله تعالى، أو فيما لا بد منه لصلاح نفسه، يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه يصف حال النبي صلى الله عليه وسلم بأنه: (( كان إذا أوى إلى منزله جزّأ نفسه دخوله ثلاثة أجزاء، جزءاً لله، وجزءاً لأهله، وجزءاً لنفسه، ثم جزأ جُزأه بينه وبين الناس )).(11)(1/149)
كما كان النبي صلى الله عليه وسلم حريصاً على إعمار وقته بالعبادة والطاعة، فقد جاء عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن النبي (ص) كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه، فقالت عائشة: (( لم تصنع هذا يارسول الله وقد غفر الله لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر؟ قال: أفلا أحب أن أكون عبداً شكوراً )).(12)
خامساً: تقسيم الوقت وتنظيمه
يحث النبي صلى الله عليه وسلم الأمة على الاهتمام بتنظيم الوقت وتوجيهه لمعالي الأمور في الحياة الخاصة والعامة، فيقول فيما يرويه عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (( ألم أُخْبَر أنّك تقوم الليل وتصوم النهار؟ قلت: بلى. قال: فلا تفعل، قم ونم وصم وأفطر، فإن لجسدك عليك حقاً، وإن لعينك عليك حقاً، وإن لِزَورِكَ (*) عليك حقاً، وإن لزوجك عليك حقاً )).(1) ومن الأولى بالمسلم ألا يخل بهذه الموازنة بل الواجب عليه أن يوزع وقته للوفاء بهذه الحقوق دون إخلال بأحدها لصالح الآخر، وليس المقصود توزيع الوقت بين هذه الحقوق بالتساوي، وإنما المراد التسديد والمقاربة في الوفاء بها جميعاً قدر الاستطاعة.
ومما رواه النبي صلى الله عليه وسلم عن صحف إبراهيم عليه السلام قوله: (( على العاقل - مالم يكن مغلوباً على عقله- أن تكون له ساعات: ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يتفكر فيها في صنع الله، وساعة يخلو فيها لحاجته من المطعم والمشرب )).(2)
ومن تنظيم الوقت أن يكون فيه جزء للراحة والترويح، فإن النفس تسأم بطول الجِدِّ، والقلوب تمل كما تملّ الأبدان، فلا بد من قدر من اللهو والترفيه المباح، فعن حنظلة الأُسيدي رضي الله عنه أنه دخل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: نافق حنظلة يا رسول الله! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وما ذاك ؟ قلت: يارسول الله نكون عندك تذكّرنا بالنار والجنة حتى كأنَّا رأي عين، فإذا خرجنا من عندك عافسنا (*) الأزواج والأولاد والضيعات نسينا كثيراً. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( والذي نفسي بيده إن لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم، ولكن يا حنظلة ساعة وساعة )) كررها ثلاث مرات. (3) هكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلّم أصحابه ويبين لهم أن القلوب تكل وتتعب وتتقلب فيجب العمل على مراعاتها والتنفيس عنها بين الفينة والأخرى بما أحل الله، وقد فهم الصحابة رضوان الله عليهم ذلك ووعوه وطبقوه في حياتهم العمليّة فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: (أريحوا القلوب، فإن القلب إذا أكره عمي)، (4) وروى عنه أنه قال أيضاً: (إن للقلوب شهوة وإقبالاً، وفترة وإدباراً، فخذوها عند شهواتها وإقبالها، وذروها عند فترتها وإدبارها)، (5) وجاء عن أبي الدرداء رضي الله عنه قوله: (إنّي لأستجمّ نفسي بالشيء من الباطل غير المحرّم فيكون أقوى لها على الحق). (6)
سادساً: الحث على اغتنام الوقت والتحذير من إضاعته
من الأقوال المأثورة في الحث على استثمار الوقت واقتناص فرصه، حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل وهو يعظه: (( اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغَنَاءك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك )). (7) فقد لخّص النبي (ص) في هذه الكلمات الموجزة البليغة ما تناوله الباحثون في كتب عدة، فهو من جوامع الكلِم، إذ تحدّث عن أهمية الوقت والمبادرة إلى استثماره واغتنام قوة الشباب وفرص الفراغ في العمل الصالح المثمر، وحذر من خمس معوّقات لاستثمار الأوقات، كل ذلك في عبارات وجيزة لا تبلغ العشرين كلمة.
كما كان صلى الله عليه وسلم يأمر بالمبادرة إلى العمل قبل حلول العوائق فيقول: (( بادروا بالأعمال سبعاً، هل تنتظرون إلا فقراً منسياً، أو غنىً مطغياً، أو مرضاً مفسداً، أو هرماً مفنداً، أو موتاً مجهزاً، أو الدجال فشر غائب ينتظر، أو الساعة، فالساعة أدهى وأمر )).(8)
فهو صلى الله عليه وسلم يحث أمته على المبادرة بأداء الأعمال وعدم تأجيلها، ذلك أن حال الإنسان لا يخلو من وقوع المعوّقات من مرض أو هرم أو موت أو نحو ذلك مما يقف حائلاً دون أداء الأعمال أو إتمامها، فالمعوّقات كثيرة، والحاذق من بادر بأداء العمل قبل أن تحاصره العوائق.
أمّا قوله صلى الله عليه وسلم: (( من خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزل )).(9) فإنّ الطيبي(10) يقول فيه: "هذا مَثَلٌ ضربه النبي (ص) لسالك الآخرة فإن الشيطان على طريقه والنفس وأمانيه الكاذبة أعوانه، فإن تيقظ في مسيره وأخلص النية في عمله أمِن من الشيطان وكيده".(11)
وهذا المثل يصح أيضاً في حق من حدد لنفسه أهدافاً، وخاف أن تدركه المعوّقات قبل بلوغها، فتجده يحث الخطا حتى يحقق أهدافه.
وقد كان صلى الله عليه وسلميأمر بالتبكير في أداء الأعمال، فعن صخر الغامدي رضي الله عنه عن النبي (ص) أنه قال: (( اللهم بارك لأمتي في بكورها، وكان إذا بعث سرية أو جيشاً بعثهم من أول النهار ))، وكان صخر رجلاً تاجراً، وكان يبعث تجارته من أوّل النهار، فأثرى وكثر ماله. (12)
وفي هذا المعنى أيضاً تروي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( باكروا طلب الرزق والحوائج فإن الغدو بركة ونجاح )).(13)
وعن فاطمة رضي الله عنها وأرضاها قالت: مرّ بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مضطجعة متصبّحة فحرّكني برجله ثمّ قال: (( يا بنية قومي اشهدي رزق ربك ولا تكوني من الغافلين، فإن الله يقسم أرزاق الناس ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس )).(14
كتاب إدارة الوقت رؤية إسلامية
موقع إسلاميات أون لاين
=============
الوقت والحياة
عائض بن عبد الله القرني
الحمد لله الذي كان بعبادة خبيرا بصيرا.
وتبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا.
وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يتذكر أو أراد شكورا.
وتبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا.
(الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً) (الفرقان:2)
والصلاةُ والسلام على من بعثَه ربُه هاديا ومبشرا ونذيرا، وداعيا إلى اللهِ بإذنِه وسراجا منيرا، اللهم صلى وسلم على حامل لواء العزِ في بني لؤي، وصاحبِ الطودِ المنيفِ في بني عبدِ مناف ابنِ قصي، صاحبِ الغرةِ والتحجيلِ المذكورِ في التوراةِ والإنجيل، المؤيدِ بجبريل، المعلمِ الجميل، وعلى آله وصحبِه وسلم تسليما كثيرا.
دقاتُ قلبِ المرءِ قائلَةُ له ................. إن الحياةَ دقائقُ وثواني
فأرفع لنفسِك قبلَ موتِك ذكرَها ... فالذكرُ للإنسانِ عمرُ ثاني
أيها الناس!
ودعنا عاما قد انصرم، واستقبلنا عاما قد قدِم، ودعنا عاما ذهبَ بحسناتِه وسيئاتِه، نسينا ما فعلنا فيه، ولكن والله ما فعلنَا علمُها عند ري في كتابٍ لا يضل ربي ولا ينسى، غفلنا عما فعلنا ولكن ما غفلَ اللهُ عنا: (وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً)(الكهف: من الآية49). واللهِ ما فاتَ كتابُ اللهِ حسنةً ولا سيئة.(1/150)
نعم ودعنا عاما منصرما، عامُ ذهبَ كأنَه لمحُ البصر، ولكن هيهاتَ ما ذهبَ من عِلمِ الله، وما ذهبَ من حسابِ الله، وما ذهبَ من إطلاعِ الله.
(قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ) (المؤمنون:112)، كم مكثتم! كم تهنئتم! كم أكلتم! كم شربتم!
(قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ* قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فاسْأَلِ الْعَادِّينَ * قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ).
وذكرَ اللهُ عز وجل منتَه بالوقتِ والعمرِ على الناس، لكن أين من يتذكرُ العمرَ والوقتَ وهذه المنة، فقال عز من قائل: (أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ).
أي أولم نمهلكُم! أولم نترككُم، أولم نمدَ لكم فترةً تتذكرون فيها، وتعملون فيها، وتتدبرون فيها! ولكن هيهات.
وذكرَ اللهُ عز وجل قوما فأنكر عليهم، قوما اتخذوا حياتَهم لهوا ولعبا وعبثا وسدى وتفلتا على شرعِ الله، وتعدٍ على حدودِ الله، فقالوا في ساعةِ الندمِ ولات ساعةَ مندم: (قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ ).
وذكرَ عز وجلَ أن الشمسَ والقمرَ بحسبان، فهي لا تسيرُ إلا بوقتٍ وقدرٍ مقدر، وبلحظاتٍ محسوبةٍ عند الله، وفي آجالٍ مضروبة.
فيا من أنهى عامَه أما بحثتَ عن عامِك ماذا فعلتَ فيه! أما فتشت دفاترَك! أما تذكرتَ حسناتِك وسيئاتِك! واللهِ لتوقفنَ غدا عند من لا تخفى عليه خافية: (وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ).
(يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ)، الحسناتُ ظاهرة، والسيئاتُ شاهرة، لا يخفى على اللهِ شيء، يعلمُ السرَ وأخفى، يقولُ للعبدِ وهو يدنيه ويحاسبُه: فعلتَ يوم كذا وكذا، كذا وكذا، إنه اللهُ الذي يعلمُ السرَ وأخفى.
يا عبادَ الله!
عامُ انصرمَ عبثَ فيه العابثون، وأجادَ فيه المخلصون، أما الصالحونَ فادخروا أجل الحسنات، وأما المبطلونَ فكنزوا أقبحَ السيئات، فسوف يرى كلُ بضاعتَه يوم يبعثرُ ما في الصدور، ويحصلُ ما في الصدور: (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ).
كان احفظَ الناسِ لوقتِه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، كان يحفظُ دقائقَه وثوانيَه مع الله، كلُ لحظةٍ تمرُ به عملا صالحا يرفعُه إلى الواحدِ الأحد.
يقول ابنُ القيمِ في كلامٍ ما معناه: كان كلامُه صلى الله عليه وسلم ذكرا لربِه، وفعلُه ذكرا، وحركاتُه، وسكناتُه، وليلُه ونهارُه، وحلُه وترحالُه، وكلَ لحظةٍ في حياتِه ذكرا للهِ الواحدَ الأحد.
بل كان يقولُ كما عند البخاري: نعمتانِ مغبونُ فيهما كثيرُ من الناسِ؛ الصحةُ والفراغ. أي كثيرُ من الناسِ يخسرونَ الصحةَ، ويخسرونَ الفراغَ، في المعاصي، في الشهوات، في المخالفات، في سماعِ الأغنياتِ الماجنات، في المعاصي التي تغضبُ رب الأرضِ والسماوات، في المجلاتِ الخليعات، في المسرحيات، في المسلسلات، في السفر إلى البلادِ التي غِضبَ عليها الله ليعملوا فيها المعاصي التي تتهتكُ بهم في نارِ جهنمَ وبأس المصير.
كان عليه الصلاة والسلام يقول كما عند الترمذي بسندٍ حسن: اغتنم خمساً قبل خمس: شبابَك قبل هرمِك , وحياتَك قبل موتك , وفراغَك قبل شغلك , وصحتَك قبل مرضك , وغنَاك قبل فقرك..
فيا من أذهبَ لياليَه وأيامَه في الهذرِ والمذر، يا من أذهبَ أيامَه في الهذيان، وفي مخالفةِ الواحد الديان، وفي إغضابِ الرحمن، وفي الطغيانِ والعصيان والعدوان، أمامَكَ عامُ جديد، أتي يقولُ لك: يا ابنَ آدم أغتنمني في الحسنات، فوالذي نفسي بيده لأِن ذهبتُ عنكَ لا أعودُ إليك أبدا.
ولذلكَ تواصى الصالحونَ بحفظِ العمر، وبحفظِ الأوقات، فقد كان الربيعُ ابنُ خُثيم يكتبُ كلامَه من الجمعةِ إلى الجمعة، ويحاسبُ نفسَه مساءَ كلِ سبت.... لا إله إلا الله! ليتَه يدري أن من الناسِ من يركبُ في اليومِ الواحدِ خطايا كالجبال، وهو يضحك، ولا يكتبُها ولا يتذكرُها، ولا يدري بها، ولكن علمُها عند ربي في كتابٍ لا يضل ربي ولا ينسى.
قالَ أحدُ الصالحينَ لنفسِه: يا نفسُ كم تنامين! واللهِ لتنمنَ في القبرِ نومَةً طويلة:
أتيتُ القبورَ فناديتُها ... أين المعظمُ والمحتقر!
تفانوا جميعا فما مخبرُ ... وماتوا جميعا ومات الخبر
فيا سألي عن أناسٍ مضوا ... أمالك في من مضى معتبر
تروحُ وتغدُ بناتُ الثرى ... فتمحُ محاسن تلك الصور
قيل لسفيانَ الثوري: أجلس معنا نتحدث.
قال: كيف نتحدثُ والنهارُ يعملُ عملَه، ما طلعت الشمسُ إلا كانت شاهدةً على العبادِ في ما فعلوا.
ذكرَ ابنُ رجب أنه قيلَ لكرزِ ابنُ وبرَه: ألا تجلسُ معنا. قال: احبسوا الشمسَ لأجلسَ معكم.
ألا ترى الليلَ والنهارَ كيف يمرانِ في صرمِ الأعمار، ألا ترى إلى الدقائقِ والثواني لا تعود، ألا ترى إلى الشمس إذا غربت فلا يمكنُ أن تأتي في اليومِ الذي صرمتَه.
نروحُ ونغدو لحاجتِنا .. وحاجةُ من عاشَ لا تنقضي
تموتُ مع المرِ حاجتُه .... وتبقى له حاجةُ ما بقي
ولذلك شكى وبكى الصالحون والطالحون ضيقَ العمر، وبكى الأخيارُ والفجارُ انصرامَ الأوقات، فأما الأخيارُ فبكوا وندموا على أنهم ما تزودوا أكثر، وأما الفجارُ فتأسفوا على ما فعلوا في الأيامِ الخالية.
قال أهلُ السيرِ: حضرت الوفاةُ نوحا علي السلام، فقيل له يا نوحُ كم عشت؟
قال ألف سنة.
قالوا كيف وجدت الحياة؟
قال والذي نفسي بيدِه ما وجدتُ الحياةَ إلا كبيتٍ له بابان دخلتُ من هذا وخرجتُ من الآخر.
فيا ابنَ الستينَ والسبعين أنت ما عشت ألفَ سنة، فكيفَ تصفُ الستينَ والسبعينَ في معاصِ الله، وفي انتهاكِ حدودِ الله، وفي لتجرئِ على حُرماتِ الله؟
ذكروا عن الجنيدِ ابنُ محمدٍ أن الوفاةَ حضرتُه، فأخذ يقرأُ القرآنَ في سكراتِ الموتِ ويبكي، فقالوا له تقرأُ القرآن وأنت في سكراتِ الموتِ! قال سبحانَ الله، من أحوجُ مني بقراءةِ القرآنَ وقد أصبحت لحظاتِ تعدُ عليَ، أو كما قال.
وندمَ كثيرُ من المفرطينَ يومَ أتتهم سكراتُ الموت.
قال الذهبيُ أتت سكراتُ الموتِ عبدَ الملكَ ابنَ مروان، الخليفةَ الأموي، فأخذَ يتجرعُ كأسَ الموت، ويذوقُ الموت، ويشربُ الموت، ويأكلُ الموتَ وهو في تلكَ الساعة التي يذلُ فيها الجبار، ويذعنُ فيها المتكبر، ويفتقرُ فيها الغني، سمعَ غسالا بجانبَ قصرِه في الوادِ يغسلُ ملابسِه ويُنشدُ نشيدا، ما علمَ هذا الغسالُ بموتِ عبدِ الملك، وما أدراهُ بموتِ عبد الملك، ماذا أهمَه من موتِ عبد الملك!
فأخذَ عبدُ الملكِ يقولُ وهو يبكي: يا ليتني كنتُ غسالا، يا ليتني ما عرفتُ الخلافة، يا ليتني ما توليتُ المُلَك.
قال سعيدُ ابنُ المسيبِ لما بلغتُه هذه الكلمات: الحمدُ لله الذي جعلَهم يفرونَ إلينا وقت الموتِ ولا نفرُ إليهم.(1/151)
وأما ابنُه الوليدُ ابنُ عبد الملكِ وليُ العهدِ الذي تولى الملكَ والخلافة، فلما حضرتُه الوفاة نزل من على كرسيِ المُلك ومرغَ وجههُ في الترابِ، وندمَ وتلبطَ بالحصى وأخذ يبكي ويقول: ما أغنى عني ماليَ هلكَ عني سلطانيَ.
وأما هارونَ الرشيدِ الذي ملكَ الدنيا من أسباني إلى السندِ ومن طاشكند إلى جنوبِ أفريقيا فإنَه قد أكمل بناءَ قصرِه قبل أن يموت بليال، ثم قال للشعراء امدحوا القصرَ وصاحبَ القصر، فدخل عليه أبو العتاهيةَ الواعظُ الزاهدُ فقال لهارونَ الرشيد، يا هارونُ نظمتُ فيك وفي قصرِك أبياتا، قال أسمعني، فقال:
عش ما بدا لك سالما في ظلِ شاهقةِ القصور.
قال هيه، يعني زد. قال:
يجري عليك بما أردتَ مع الغدو مع البكور.
قال هيه، قال:
فإذا النفوسُ تغرغرت بزفيرِ حشرجتِ الصدور .. فهناك تعلمُ موقنا ما كنت إلا في غرور.
فبكى السلطان، ونزل من على كرسيه، وما لبثَ أياما إلا وقد فاجأه الموتُ، فأخذ يتلفتُ في كتائبِ الجيشِ، في الحرس، في الأمراء، في الوزراء، وأخذ يرفعُ طرفَه إلى السماء ويقول: يا من لا يزولُ ملكُه أرحم من قد زال ملكُه.
وقد نبتت نابتةُ في الأمةِ الإسلاميةِ شبابا وشيبا، فقد عاشوا العمرَ المنصرمَ فعاشَوه في الضياع، وصرفُوه في المعصية، ودفعُوه ثمنا باهظا، وتكاليفا ضخمةً لغضبِ من اللهِ عز وجل.
ليلُهم -إلا من رحم ربُك- في سهرٍ لا ينفع، سهر موصولٍ بالعناء، سهرٍ في ليالٍ حمراء، في لعبِ بلوت، أو سهرٍ ضائع، أو في سفرٍ مضني، أو في غيبةٍ ونميمة، أو في شهادةِ زور، أو في مجالسَ في المقاهي.
وإنا ندعوهم في بدايةِ هذا العام أن يجددوا توبتَهم، وأن يعودوا إلى مسيرةِ ربِهم، وأن ينهجوا سنةَ نبيِهم عليه الصلاةُ والسلام.
نقولُ لأنفسِنا ولهم أقبل العام، ودخلَ العامُ الهجري، فاستقبلوه بتوبةٍ نصوح: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ).
(قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).
ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي .... جعلتُ الرجاء ربي لعفوِكَ سلم
تعاظمني ذنبي فلما قرنتُه ....... بعفوكَ ربي كان عفوكَ أعظمُ
أقولُ ما تسمعون، وأستغفرُ الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو التوابُ الرحيم.
....................
الحمدُ لله وليُ الصالحين، ولا عدوانَ إلا على الظالمين، والصلاةُ والسلام على إمامِ المتقين، وقدوةِ الناسِ أجمعين، وحجةِ اللهِ على الهالكين، وخيرَة المرسلين، وصفوةَ النبيين، وعلى آله وصحبِه والتابعين.
أما بعد أيها الناس!
انقسمَ كلُ جنسٍ من الناسِ في العامِ المنصرمِ إلى قسمين:
فالعلماء انقسموا إلى قسمين:
قسمُ خافَ اللهَ في علمِه، وراقبَ اللهَ في بضاعتِه، فأمرَ بالمعروفِ ونهى عن المنكرِ، وأنفقَ مما أتاهُ الله، وبثَ العلمَ الشرعي الذي أعطاهُ الله، فجزاءُه أن يلحَقَهُ اللهُ بالنبيين والمرسلين، وأن يبوئَهُ مقعدَ الصديقينَ في الخالدينَ يوم العرضِ الأكبر.
وعالمُ اشترى بآياتِ اللهِ ثمنا قليلا من الدنيا، فكتمَ ما آتاهُ الله، وجحدَ نعمةَ الله: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ).
هذا العالمُ شراء بآياتِ اللهِ ثمنا قليلاً من حب الدنيا، ومن اصطيادِ مفاتِنِها، ومن التهتكِ في شهواتِها، ومن الارتشاء، وغيرِها من الأمور، فآن له أن يتوب في مطلعِ العام الهجري الذي استهلَ أيامَه قبل أيام.
وانقسم المسئولون على قسمين:
قسمُ خاف اللهَ في يومِ العرضِ الأكبر، وعلمَ أن أحكمَ الحاكمينَ هو الله، الذي لا يعذبُ عذابَه أحد، ولا يوثقُ وثاقَه أحد، الذي لا يغادرُ صغيرَة ولا كبيرةً إلا أحصاها، الذي يوقفُ الناسَ حفاةً عراة، غرلا بهما يومَ يشتدُ الكربُ من النفوس، وتدنو الشمسَ من الرؤؤس، أدرك ذلك فراقبَ اللهَ في وظيفتِه، وفي عملِه، فإن حكَم حكمَ بالعدل، وإن عمِل عملَ بالنصح، فهو صادقُ حظهُ وأجرُه على اللهِ الواحدِ الأحد.
وقسمُ خانَ اللهَ في رسالتِه، وغشَ اللهَ في معاملتِه، فأخذ منصبَه ووظيفتَه حربا لأولياءِ اللهِ، وحربا لدينِ الله، فذلك جزاءُه أن يحشرَ مع فرعونَ وأبي ابنُ خلف وأمثالِهم وأضرابِهم يومَ لا ينفعُ الظالمون معذرتُهم ولهم أللعنةُ ولهم سوءُ الدار.
وانقسمَ الشبابُ إلى قسمين:
شابُ عكفَ على القرآنِ، فاستحلىَ محاليه، ونزلَ في ميادينِه، وهبطَ في أوديتِه، فتدبر معانيه، واسترضعَ ثديَه، واستحكمَ أحكامَه، ورشف رحيقَه، وتلبس بلباسِه، قام به فتهجدَ في الليل، وعمل به في النهار، ونشرَه في الناس، وقف عند حدودِه، وتعلمَ من علومِه، ودرس دروسَه، فهذا شابُ ناصحُ مُفلح، هذا الشاب جعل المسجدَ مصلاه، وحديقتَه وبستانَه، فالتقى بإخوانِه الشباب، هذا الشاب تجمل بالسنةِ على ظاهرِه، فتجملَ وتشرفَ بسنةِ محمدٍ عليه الصلاةُ والسلام، فأسكن سنةَ الحبيبِ قلبَه وعينَه وسمعَه، ورجلَه ولحيتَه ولباسَه فكانَ أحبُ الناسِ إليه محمدا عليه الصلاةُ والسلام، فكان لسانُ حالِه يقول:
نسينا في ودادِك كل غالي ..... فأنت اليومَ أغلى ما لدينا
نلامُ على محبتِكم ويكفي ....... لنا شرفُ نلامُ وما علينا
ولمَ نلقكم لكن شوقا ............ يذكرُنا فكيف إذا التقينا
تسلى الناسُ بالدنيا وإنا ...... لعمرُ الله بعدَك ما سلينا
هذا الشاب جعل من كتبِ السنةِ موصِلا ومنهجا وسيرةً وقدوةً ونبراسا، هذا الشابُ داعيةً في مجتمعِه كثّر اللهُ من أمثالِه.
وشابُ آخر صرف أوقاتَه في اللهو والعبث، مسجدُه المقهى، وسواكُه السيجارة، ومصحفُه المجلةُ الخليعة، وتلاوتُه الأغنيةُ الماجنة، إذا سافر الأخيارُ إلى مكةَ للحجِ والعمرة، سافرَ إلى بلادِ الكفرِ للمعصيةِ والزنى والفاحشة، إذا أتى الشبابُ إلى المساجد خرجَ على مساجدِ الشيطانِ المقاهي، إذا قرأ الشبابُ القرآنَ وبكوا من آياتِه، وتأثروا من عبرَ الواحدِ الديان أخذ المجلةَ الخليعةَ والجنسَ والفيديو والمسلسل والمسرحية، إذا عكف الشبابُ على الدعوةِ، وعلى تدارسِ العلم عكف على ما يمليِ الشيطانُ وأذنابُ الشيطان من سندِ فرعون وستالين ولينين وأذنابُ الحداثةِ أعداءُ اللهِ عليهم لعنةُ اللهِ وغصبُ الله.
وانقسم الشيوخُ إلى قسمان:
شيخُ اقتربَ من القبرِ، أقتربَ من الستين، فلبسَ كفنَه، وأيقنَ انه أصبح من القبرِ قاب قوسينِ أو أدنى، فأكثرَ من الاستغفارِ وحبسَ لسانَه عن الفاحشةِ والغيبةِ والنميمة وشهادةِ الزور، وأقبل يجددُ توبتَه، ويستعدُ للموت، وكأن الموتَ أصبحَ يلازمُه صباحا مساء.(1/152)
وشيخُ آخر نسيَ اللهَ في شيخوختِه، فأصبحَ أشيمطَ يرتكبَ المحرمات، همُه شهادةَ الزور، لا يعرفَ الذكر، وهمُه المشاكل، وإحداثِ الفتنِ بين الأسرِ والقبائل، وجلبِ الأموالِ من غيرِ حلِها والتهتكِ في الربا، وعدم الحياءِ من الله، وقد أتاه النذيرُ: أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ، قال ابنُ عباسٍ النذيرُ هنا الشيبُ، ثلاثةُ لا يكلمُهم اللهُ ولا ينظرُ إليهم ولا يزكيهم ولهم عذابُ أليم، وذكر منهم (أشيمطُ زاني)، شيخُ شابت لحيتُه وشاب رأسُه لكن ما استحيَ من الله، تهتكَ في حدودِ الله، وأعرضَ عن منهجِ الله.
هذه الأجناسُ هي أقسامُ الناسِ في العامِ المنصرمِ والعامِ الذي قبلَه، فنسألُ اللهَ أن يصلحَ الحال، وأن
يتوب على سيء الحال الذي ما عرف ذي الجلالِ والإكرام.
عباد الله، صلوا وسلموا على من أمرَكم اللهُ بالصلاةِ والسلامِ عليه فقال: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً. وقد قال عليه الصلاةُ والسلام: من صلى علي صلاةً واحدةً صلى اللهُ عليه بها عشرا.
اللهم صلي على نبيك وحبيبِك محمد، واعرض عليه صلاتَنا وسلامَنا في هذه الساعةِ المباركة، وأرضى اللهم عن صحابتِه الأطهار من المهاجرينَ والأنصار، ومن تبعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
الهم أصلح أئمتنا وولاةَ أمورِنا، اللهم وفقهم لما تحبُه وما ترضاه، اللهم اكتبِ الإيمانَ في قلوبِهم، اللهم حببهم إلى القرآن، اللهم اجعلهم من حملةِ لا إله إلا الله، ومن أنصارِ لا إله إلا الله، ومن حفظةِ لا إله إلا الله.
اللهم أهلَ علينا هذا العامَ الجديدَ بالأمنِ والإيمان، والسلامةِ والإسلام، والعفوِ والرضوان، والمغفرةِ والرحمةِ يا واحدَ يا ديان.
اللهم أجعلهُ عاما حافلاً بالحسناتِ والصالحات، اللهم تب فيه على المذنبين، واقضي الدينَ فيه عن المدينين، وأشفي مرضى المسلمين يا رب العالمين.
اللهم أعد فيه شبابَنا، وأصلحِ فيه حالَنا، وقوي فيه مجدنَا، وأقم فيه علمَنا، وأعد فيه نصرَنا.
اللهم إنا نسألُك فيه من العيشِ أرغدَه، ومن العمرِ أسعدَه، ومن الوقتِ أتمَه، ومن الزمنِ أعمَه.
اللهم أجعلنا من قومٍ حفظوا الأوقات، فاستثمروها في الحسنات، وادخروها في أكبرِ الصالحات.
اللهم ولا تعلنا من قومٍ جعلوا حياتَهم لهوا ولغوا وعبثا، فخسروا أوقاتَهم، ودمروا أعمارَهم، ونسوا ربَهم، وسودوا صحائفَهم.
اللهم تقبل منا أحسنَ ما عمِلنا، وتجاوز عن سيئاتِنا في أصحابِ الجنةِ وعد الصدقِ الذي كانوا يوعدون.
ربنا إننا ظلمنا أنفسَنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.
ربنا آتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرةِ حسنة وقنا عذاب النار.
سبحان ربك رب العزةِ عما يصفون، وسلامُ على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
واحات الهداية ...
===========
السلف والوقت
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره..
إخوةَ الإيمانِ
حديثُ اليومِ عن الجوهرةِ الثَّمِيْنَةِ في نظرِ العارفين ، والطاقةِ المُهَدَرَةِ عندَ البَّطَالِيْنَ ،عن واحدٍ من جوانبِ النِّعْمَةِ المَغْبُونِ فيها كثيرٌ من النَاسِ ، عن الوقتِ بل عن الحياةِ ، فالوقتُ هو الحَياةُ .
والمسلمُ يستشعرُ قيمةَ الزمنِ ، وأهميةَ الوقتِ من آي القرآنِ الحكيمِ، فاللهُ قد أقسمَ في كتابِهِ أكثرَ مِنْ مَرَّةٍ بِالوَقْتِ ، وله أنْ يَقسِمَ بَمَا شاءَ لكنَّهُ لا يَقسمُ إلا بعَظيمٍ يَستَحِقُ القَسَمَ .
قال تعالى : ((وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ * وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ* وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ* هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِي حِجْرٍ)) (سورة الفجر : 1-5) .
ومعَ مَا قيل في تأويلِ الفجرِ ، والليالي العشر، والشفع والوتر والليل، فالذي يُلفتُ النَّظَرَ، أنَّ هذا القسمَ لِعَظَمتِهِ ، وأهميةِ المُقسَمِ بِهِ إنَّما هو لأصحابِ العُقُولِ الذِيْنَ ، يَعْقِلونُ مَا يَسْمَعُونَ ، ويستفيدون مما يعلمون ((هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِي حِجْرٍ)) .
وإنَّما سُمِّيَ العقلُ حجراً لأنَّه يَمْنَعُ صاحبَهُ من تَعاطِيْ مَالا يَليقُ بِهِ من الأفعالِ والأقوالِ ، وهذا القسمُ هو بأوقاتِ العبادةِ ، وبنفسِ العِبادةِ ، من حجٍ ، وصلاةٍ ، وغيرِها، كما يقولُ المفسرون [1].
وقال تعالى: ((وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى* وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى* وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى * إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى)) (سورة الليل : 1، 4).
وهل الليلُ والنهارُ إلا مَراكبُ يَختلفُ الناسُ في سبلِ الانتفاعِ بهما ، فمغبوطٌ يستثمرُها في طاعةِ اللهِ ، ويزرعُ فيهما ما يَبلغُهُ إلى اللهِ ، ويسعدُ يوم لقاءِه ، ومَغبونٌ مُضيعٌ لساعاتِ الليلِ والنهارِ، مُفرِطٌ على نفسِه، يَحملُ الأوزارَ التي تثقلُ كاهلَه يوم العرضِ على اللهِ ، وصَدَقَ اللهُ : ((إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى)) (سورة الليل :4).
ويُقسمُ اللهُ مرةً ثالثةً بالدهرِ فيقولُ : (( وَالْعَصْرِ* ِإِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ* إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ)) (سورة العصر) .
والعصرُ هو الزمانُ الذي يَقعُ فيه حَركاتُ بني آدمَ مِنَ خيرٍ وشرٍ ، واللهُ تعالى يُقسِمُ أنَّ بَنِيْ الإنسانِ كُلَّهُم في خِسَارَةٍ، وهَلاكٍ إلا مِنْ اسْتَثْمَرَ وقتَهُ، واستنفدَ عمرَه في عملِ الصَّالِحَاتِ [2].
كما أقسم تعالى بالضحى والليل.
إخوةَ الإسلامِ
يهدي المصطفى صلى الله عليه وسلم بسنتيه القولية، والفعلية إلى استثمارِ الوقتِ بِمَا يَنْفَعُ ،ويَحذرُ من إضاعةِ الأوقاتِ سُدى فيقول: (( نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فيهما كَثِيْرٌ مِنَ النَّاسِ : الصحة والفراغ )) [3].
وتأملْ قولَهُ : ((كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ)) !
والمعنى أنَّ الذي يُوفِقُ لاستثمارِ هاتين النِّعْمَتَينِ بما يَنفعُ قَلِيلٌ.
قال ابنُ الجوزي : قد يكونُ الإنسانُ صحيحاً، ولا يكونُ مُتفرغاً لشُغلِهِ بالمعاشِ ، وقد يكونُ مستغنياً ، ولا يكونُ صَحِيحاً، فإذا اجتمعَا فَغَلِبَ عليه الكُسَلُ عَنْ الطَّاعَةِ فهو المغبون، وتمامُ ذلك أنَّ الدُنيا مَزْرَعَةُ الآخرةِ ، وفيها التَّجارةُ التي يَظهَرُ ربحُها في الآخرة، فمن استعمل فراغَه وصحتَهُ في طاعةِ اللهِ فهو المغبوطُ، و من استعملها في معصيةِ اللهِ فهو المغبونُ ، لأنَّ الفراغَ يَعقبُه الشُغلُ ، والصحةَ يعقبُها السقمُ، ولو لم يكن إلا الهرمُ كما قيل.
يسرُّ الفتى طولُ السلامة و البقا فكيف ترى طولَ السلامةِ يفعل
يرد الفتى لمجد اعتدال وصحة ينوء إذا أمَّ القيامَ و يحمل [4]
ولقد كانَ استثمارُ الوقت أحدَ نصائحٍه، وضمنَ مواعظِه عليه الصلاة والسلام لأصحابِه يقول- وهو الناصحُ الأمينُ- لرجلٍ وهو يعظه : (( اغتَنِمْ خمساً قبل خَمْسٍ: شبابَك قبل هرمِك، وصحتَك قبلَ سقمِك، وغناكَ قبل فَقْرِك، وفِراغَك قبلَ شُغلِك، وحياتَك قبلَ موتِك)) [5].
فإذا كانت تلك طائفةً من سنته القولية ، فيكفي أن ينظرَ اللبيبُ فيما عَمِلَ وخلف في مدة لا تتجاوزُ ثلاثة وعشرين عاماً، لقد أخرج اللهُ به الناسَ من الظلمات إلى النور، علم العلم وفاق غيره في العمل، وزرع الخيرَ واقتلع جذورَ الشرِ، جاهد في الله في كل ميدانٍ ، وخلَّفَ أجيالاً تحمل مشاعلَ النور والهُدى من بعده.
أيها المسلمون(1/153)
يكفيكم أنْ تَطلعوا على نماذجَ من سيرِ أصحابه لتروا كيف كانوا يعملون، وكيف كانوا لأوقاتِهم مُستثمرين، وفي ذلك إجابةٌ لمنْ لازالوا حائرين في استثمارِ الأوقاتِ، متطلعين إلى نماذجَ راشدةٍ في ملءِ الفراغِ ، وبماذا تُقضى الأوقاتُ ؟
وإذا كانت العبادةُ الحقةُ لله ربِّ العالمين هدفَ الوجودِ في هذه الحياة امتثالاً لقوله تعالى : ((وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)) (سورة الذاريات :56).
فقد ضربَ الصحابةُ - رضوان ا لله عليهم - أروعَ الأمثلة في استثمارِ الوقتِ فيها فالصلاةُ - مثلا- لا يُشغلُهم عنها شاغلٌ ، ولا يصرفُهم عنها صارفٌ ، حتى ولو كانوا في ساحاتِ الوَغى، ولا تسألْ عن حُسْنِ صَلاتِهِمْ ، وطولِ قراءتِهم ، وقيامِهم وركوعِهم وسجودِهم وخشوعِهم، حتى أُطلِقَ على بعضِهِمْ السُّجاَدُ (محمد بن طلحة بن عبيد الله) لعبادتِه وتألِهه [6].
وبلغَ الحرصُ بهم في المحافظةِ عليها مع جماعة المسلمين ، إذا أحدُهم إذا فاتته العِشاءُ في الجماعةِ أحيا بقيةَ ليلتِه كما ثبت عن ابن عمروٍ - رضي الله عنهما [7].
وفي الصيامِ لهم أخبارٌ، وأحوالٌ تراها النفوسُ الضعيفةُ ضرباً من الخيالِ ، ففي ترجمة أبي طلحة الأ نصاري رضي الله عنه (( أنَّه كان يسردُ الصومَ ، وأنَّه كان لا يَفطِرُ إلا في سفرٍ أو مرضٍ)) [8].
إخوةَ الإيمانِ
مما يستثمر الصحابةُ رضوان الله عليهم به أوقاتَهم تلاوةُ كتاب الله، تعلماً وتعليماً وعملاً ، فهذا ابن مسعود رضي الله عنه يسأل عنه عليٌّ رضي الله عنه فيقول قراءُ القُرآنِ ، ثم وقف عنده وكفى به [9].
وفي رواية أخرى : وعلمُ السُنَّةِ وهو القائل: ((كان الرجلُ منا إذا تَعلَّم عشرَ آيات لم يجاوزهن حتى يَعرفَ معانيهن ، والعملَ بهن )) [10] .
وكانوا يعقدون لتعليمِ القرآن الحلق، وتمتلئ المساجد بالمتعلمين ولا تكاد تخلو من القائمين به في ساعاتِ الليلِ والنهارِ، وأَنعِمْ بكتابِ الله رفيقاً، وأَكْرِمْ ببيوتِ اللهِ مَوئِلاً.
وكان القومُ جادين في حياتِهم ، مستثمرين لأوقاتِهم كذلك في بيوتهم، فهذا نافع - رحمه الله يُسألُ : (( ما كان يصنعُ ابنُ عمرَ في منزلِه ؟ قال: لا تطيقونَه: الوضوءُ لكلِّ صلاةٍ ، والمُصحَفُ فيما بينهما)) [11].
عبادَ اللهِ
يا من ترومون نهجَ السلف، وتريدون الاقتداءَ باستثمارِ الأوقاتِ بما ينفعُ، فقد كان للعلم والتعليم بكل عامٍ نصيبٌ وافرٌ من أوقاتِ العارفين، ومع ما كانوا فيه من عبادةٍ خاصةً ، فقد كانوا يؤثرون الناس على أنفسِهم، ويَجلسون لتعليمِهم إذا احتاجوا إليهم ، ويعتبرون ذلك ضرباً من العبادةِ يتقربون بها إلى خالقِهم كما رُوي عن أبي بن كعب رضي الله عنه [12]
وحين يَرِدُ الاختلافُ بينهم فيما يقرؤون من أجلِ التعليمِ يَنتهِي في وقتِه، لأنَّ الحقَّ رائدُهُم، وهذا أبي بن كعب _ رضي الله عنه - كان يقرأ قوله تعالى : ((إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً )) (سورة الفتح :14) .
ولو حميتُم كما حموا لفسد المسجدُ الحرامُ ، فبلغ ذلك عمرَ- رضي الله عنه- فأغلظَ له، فقال يا عمرُ: إنَّك لتعلم أني كنت أدخلُ على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فيعلمني مما علَّمهُ اللهُ ، والله لئن أحببتَ لألزمنَّ بيتي فلا أُحدثُ شيئاً ولا أقرىءُ أحداً حتى أموتَ ! فقال عمرُ: اللهم غفراً، إنَّا لنعلمُ أنَّ اللهَ قد جعل عندَكَ علماً فَعلِمِ الناسَ ما عُلِّمْتَ.
وفي رواية: بل أنتَ رجلٌ عندك علمٌ ، وقرآنٌ فاقرأ وعَلِّمْ مما عَلَمَّك اللهُ ورسولُه [13] .
ولم يقف الأمرُ بهم عند حدودِ العلم والتعليم، بل استثمروا جزءاً من أوقاتِهم في الدعوة لله ، فانتشروا في مشرقِ الأرض ومغربِها، يُعلِّمُون الناسَ الخيرَ، ويَدعون إلى اللهِ بالحسنى، ويَحملون صفاءَ الإسلامِ ، وإشراقَ العقيدةِ حتى هدى اللهُ على أيديهم أُمماً من الناس، واستنقذ اللهُ بهم فئاماً من الخلقِ ، وهم في ذلك كله مسترشدون بهديِ نَبِيِّهم - صلى الله عليه وسلم- الذي لم يكفه بياضُ النهار في الدعوةِ للخير، بل استثمرَ سوادَ الليل، .
وهذا عمرُ - رضي الله عنه- يحدثنا أنّه كان هو وأبو بكر رضي الله عنه يسمرون مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلاً في بيت أبي بكرٍ في بعضِ ما يكونُ من حاجةِ النبي صلى الله عليه وسلم )) [14].
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : (( وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ)) .
الخِْطبةُ الثَّانِيَةُ
الحمدُ للهِ ربِّ العَالَمِيْنَ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ رب العالمين، وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه ، اللهم صلِّ وسلم عليه، وعلى سائرِ المرسلين.
أيَّها الأخوةُ المسلمون
ثَمَةَ مَا يَقْضِيْ به المُسلمونُ أوقاتَهم، ويتقربون به إلى خالقِهِمْ ألا وهو الجِهادُ في سبيلِ اللهِ ، والمرابطةُ في ثغورِ المسلمين، وهذا أبو طلحة رضي الله عنه شيخٌ كبيرٌ، ومع ذلك يقرأ قوله تعالى : (( انْفِرُواْ خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ)) (سورة التوبة :41).
فيقول : استنفرنا اللهُ وأمرَنَا شيوخَنا وشبَابَا، جهزوني، فقال بنوه: يرحمُك الله، إنَّك قد غزوتَ مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وأبي بكرٍ وعمرٍ ، ونحن نغزو عنك الآن، قال: فغزا البحرَ فماتَ، فلم يجدوا له جزيرةً يدفنونَه فيها إلا بعد سبعةَ أيامٍ فلم يَتغيرْ)) [15].
ولئن عجبتَ من همةِ هذا الشيخ الكبيرِ ، واستثمارِ عُمرِه حتى الممات، فعجبُكَ سيكونَ أعظمَ حين تَقفُ على همةِ شيخٍ ضريرٍ ، عذره اللهُ وأنزلَ بشأنِه وأمثالِه قوله تعالى : (( لاَّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاًّ وَعَدَ اللّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا)) (سورة النساء: 95).
ومع ذلك كان يغزو بعد ويقول: ادفعوا إليَّ اللواءَ فإني أعمى لا أستطيعُ أنْ أفِرَّ وأقيموني بين الصفين [16].
ويُقال: إنه قاتلَ - رضي الله عنه - يوم القادسية، وفي رواية أخرى: شهدهَا ومعه الرايةُ، ويقال: إنَّه استُشهِدَ يومَ القادسية [17] .
وإذا كانت تلك همةَ هؤلاءِ ، فلا تسأل عن همم من سواهم! ويكفيك أنْ تقفَ على مقولة سيفٍ من سيوفِ اللهِ أبلى في الجهاد بلاءً حسناً، وأمضى حياتَه بين صليل السيوف ، وطعن الرماح، ومع ذلك كان يستشعرُ لذةَ هذهِ الحياة، ويرجو أجرَها عند اللهِ فيقول: خالد بن الوليد رضى الله عنه: (لقد طلبتُ القتلَ مظانّه فلم يُقدَر لي إلا أنْ أموتَ على فراشِيْ، وما من عملي شيء أرجَىْ عندِي بعد أن لا إله إلا الله من ليلةٍ بتُّها وأنا متترسٌ ، والسماء تهلني تمطر ، إلى صبحٍ حتى نغير على الكفار) [18].(1/154)
وهو القائل : (ما من ليلةٍ يُهدَى إليَّ فيها عَروسٌ أنا لها مُحِبٌّ أو أبُشرُ فيها بِغَلامٍ أحب إليَّ من ليلةٍ شديدةِ البردِ كثيرةِ الجليدِ في سَرِيَةٍ أصبحَ فيها العَدوُ) [19].
وهذا سلمانُ الفارسي - رضي الله عنه - يزورُ الشامَ ، فيسأل عن أبي الدر داء- رضي الله عنه- فيقال : هو مرابطٌ ، فيقول سلمان: وأين مرابطُكم؟ قالوا بيروت، فتوجه قبله ثم قال : يا أهل بيروت ألا أحدثكم حديثاً يذهب اللهُ به عنكم عرضَ الرباط، سمعتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم- يقول: (( رباطُ يومٍ وليلةٍ كصيام شَهرٍ وقِيامِه، ومنْ ماتَ مُرابطاً أجيرُ من فتنةِ القبرِ، وجرى له صالحُ عملِه إلى يوم القيامة)) [20].
وفي رواية لمسلم: ((وإن ماتَ جرى عليه عملُه الذي كان يعملُه، وأُجرىَ عليه رزقُ وأمن الفتان)) [21].
أمةَ الإسلامِ
إذا عز الجهادُ في سبيل الله، أو تعذر الرباطُ في ثغورِ المسلمين فلا أقلَ من أنْ يبقى حديثُ النفس في الغزوِ والجهادِ، وإنَّهما من خير ما تستثمرُ به الأوقاتُ ، وتُستنفدُ فيه الأعمارُ ، ((فالجَنَّةُ تَحْتَ ظِلالِ السُيُوفِ)) [22]
ويُحذر النبيُّ صلى الله عليه وسلم أمتَه من تناسي هذه الشعيرةِ الكبيرةِ ويقول:
(( من ماتَ ولم يغزُ ولم يُحَدِّثْ نفسَهُ بالغزوِ ، مات على شُعْبَةٍ من النِّفَاقِ )) [23].
أيها المسلمون
ليس الجهادُ مقصوراً على جهادِ الأعداءِ في ساحاتِ الوَغَى ، فالجهادُ باللسانِ وبذلُ الأموالِ في سبل الخيرِ، والتيقظُ للثغراتِ في الداخلِ ، وكشفُ النفاقِ ، وفضحُ المنافقين ، كل ذلك ضَربٌ من ضُروبِ الجِهادِ ، حثَّ عليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم)) [24].
واهتم له السلفُ الصالحُ حتى ظهرت السُنَّةُ، وماتت البدعةُ ، وأخمدت نيرانُ الفِتَنِ المُشتَعِلة ِ ، وقَضوا به شطراً من أوقاتهم.
وهذا العالمُ الفطن والصحابي النجيبُ عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه - يقول : (جاهدوا المنافقين بأيدِيْكم، فإنْ لم تستطيعوا فبألسنَتِكم، فإن لم تستطيعوا إلا أن تُكَفْهِرُوا في وجوهِهم فافعلوا) [25].
وإذا كانت ساحةُ المعركةِ في الخارجِ مكشوفةً لكل أحدٍ ، فإن ميدانَ المعركة في الداخلِ، وإفسادِ المنافقين الذين إذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض ، قالوا إنما نحن مصلحون لا يَخفى على الواحدِ الأحدِ .
إخوةَ الإيمانِ
استثمر السلفُ الصالحُ جزءاً من أوقاتِهم في تفقد أحوالِ إخوانِهم المسلين، وقضاءِ حوائجِ المحتاجين ، ولله درُّها من نُفوسٍ لم يُلهِهَا الغَنِىُ عن استشعارِ من يبيتون على الطوى، وتَذكرِ من يَفترشُون الأرضَ ، ويلتحفونَ السَّماءَ، يفزعون في النائبةِ ، ويُطعمون المِسكينَ والأرملةَ ، وهاكم نموذجاً لهؤلاء، فأهلُ المدينةِ - كما تقول الروايات.. كانوا عيالاً على عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه- ثلثاً يقرشهم ، وثلثاً يقضي دينَهم، ويصل ثلثاً )) [26].
ومع ذلك كان يخشى الهَلكةَ على نفسِه، فيأتي أمَّ المؤمنين ، أم سلمة رضي الله عنها ويقول: يا أم المؤمنين إني أخشى أن أكون قد هلكتُ، إني من أكثرِ قٌريشٍ مالاً ، بعتُ أرضاً لي بأربعين ألف دينارٍ ، فتوصيه بالنفقة [27].
ترون - معاشرَ المسلمين- ماذا سيكونُ موقِفُنا إذا سألنا على أرملةٍ من أراملِ المُسلمِين ، تُهدهدُ أطفالَها وليس عندها ما تطعمُهم؟ أو عن مغيبةٍ طال ليلُها وحيل بينها وبين زوجِها، أو عن أسرٍ فقيرةٍ مُعدمة لا يسألون الناس إلحافا، وعن مدين أقلقَ الدائنون مضجعه ، ولا يجد لديونهم سَداداً.
ألا وإنَّ تَفقدَ أحوالِ المُسلمين ، وقضاءَ حاجاتِ المحتاجين من سماتِ هذا الدين ، ومن أخلاقِ المؤمنين، ومما تُستثمَرُ به الأوقاتُ، والدالُ على الخيرِ كفاعله، ومنْ فَرَّجَ عن مسلم كربةً من كُرَبِ الدنيا فَرَّجَ اللهُ عَنهُ كُربةً من كُرَبِ الآخرةِ.
هذه - معاشرَ الأحبةِ - إطلالةٌ يسيرةٌ على جوانبِ من استثمار الوقتِ ، عند السلف الصالحين وهي كما ترون- صلاةٌ وصيامٌ ، وتلاوةٌ واعيةٌ للقرآن ، علمٌ وتعليمٌ ، وعمارةٌ للمساجدِ بذكر الله، دعوةٌ للخير وجهادٌ في سبيل الله بالمال والنفس واللسان ، ومرابطةٌ في ثغورِ المسلمين دفاعاً عن حياض الإسلامِ ، وحُرمات المسلمين، وتلمس واعٍ لحاجات المسلمين ،والتقفي لأحوالِ المحتاجين فأين الشعورُ بالفراغِ لمن يستثمرُ وقتَهُ في هذه الأعمالِ الجليلة ،أو مثلها ، وأي مكان في مجتمع المسلمين لمن يهلكون أوقاتَهم !ا أماكنُ الخنا [28].
والزنا ، وأين من ينتظرون نصرةَ هذا الدينِ ، وهم بعد لأوقاتهم مُضيعون، ولأهوائِهم وشهواتِهم مستسلمون.
إنَّ الأمة مُحتاجةٌ لكل طاقةٍ ، وإنَّ الدعوة لا تَستغني عن أي وسيلةٍ مُباحةٍ ، فَلْيَسُدَّ كُلُّ واحدٍ من المسلمين الثُغرةَ التي يُحسِنُها، لنتق الله في أوقاتنا ولنقدم خيراً لأنفسٍنا،
اللهم إنا نعوذُ بك من العجزِ والكَسلِ، اللهم ألهمنا رُشدَنا، ويسر أمورَنا، واختم بالصالحاتِ أعمالَنا.
[1] تفسير ابن كثير 8/ 416.
[2] تفسير ابن كثير 8/500
[3] أخرجه أحمد والبخاري وغيرهما
[4] الفتح 11/230.
[5] أخرجه الحاكم موصولا وصححه ووافقه الذهى وغيره،شرح السنة للبغوي 14/224 .
[6] السير (4/368) .
[7] السير 3/215 .
[8] السير 2/29، 30، 33 .
[9] رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي 3/318
[10] أخرجه الطبري في تفسيره بسند حسن (السير 1/490) .
[11] أخرجه أبي سعد 4/70 بسند رجاله ثقات، السير3/ 215 .
[12] السير 1/399 مع ضعف إسناده
[13] تفسير ابن كثير7/327
[14] أخرجه أبو نعيم والفسوي بإسناد صحيح، سير أعلام النبلاء1/499، 500
[15] رواه ابن سعد والحاكم، بسند صحيح، السير1/34
[16] أخرجه ابن سعد، السير 1/364
[17] السير 1/364، 365
[18] الإصابة 3/74
[19] ذكره الهيثمى في المجمع 9/350 وقال: رجاله رجال الصحيح.وذكره غيره، السير 1/375، الإصابة 3/7.
[20] إسناده حسن، السير 1/506.
[21] صحيح مسلم 3/3/120 ح1913.
[22] رواه الحاكم بسند صحيح، صحيح الجامع 3/85
[23] رواه أحمد ومسلم وغيرهما، صحيح الجامع 5/358.
[24] حديث صحيح رواه أحمد وأبو داود والنسائى وغيرهم، صحيح الجامع 3/79 .
[25] السير 1/497.
[26] سير أعلام النبلاء 1/88.
[27] السير 1/82.
[28] الخنا: الفحش (مختار الصحاح ص 192
==============
واجب الوقت
15/03/2003
12/1/1424
غلب على مدارسنا الفكرية والدعوية نمط من التفكير يميل إلى اليأس والإحباط ويعالج النوازل والملمات بجرعات غير نقية من المواعدات المستقبلية التي لايد للإنسان فيها عوضاً عن المطالبة بالعمل والجهاد ، واستنفار القوى والطاقات واستثمار الأحداث لإعادة صياغة الفرد والأمة .
كتب إلي أحد الشباب يقول : نحن نعيش في إحباط وخوف وهواجس رهيبة بعد هذه الأحداث حتى يجزم بعضهم بأنها بداية النهاية ليوم القيامة كما في (الهرمجدونية) فترك الكثير منا العمل ونية الزواج والتفكير في المستقبل العملي ... الخ . وهذا الجزم ـ أخي الحبيب ـ هو من الرجم بالغيب ولماذا نستنكر عمل العرافين والمنجمين وقارئي الكف والفنجان ثم نأتي ما هو مثله وأشد منه .
إن قارئة الكف قد تؤثر بالإيحاء على سلوك فرد واحد أو تضر بمستقبله بينما الخراصون المتهوكون في قضايا الأمة قد يضرون بمستقبل مئات من الناس ممن اتبعوهم بغير علم.(1/155)
وليس أضر على الأمة في هذه الأزمة من أن تقرأ المستقبل قراءة مغلوطة فتركن إلى دعة أو سكون أو استرخاء بحجة القدر الماضي أو تتجرأ على قرار غير حصيف اتكاءً على صورة مستقبلية تداعت إليها من نظرة يائس أو خيال نائم حالم أو تصورات دعي متعالم ...
ويصادف هذا شعوراً لدينا بالعجز والإغلاق وألا دور نؤديه ولا مهمة نضطلع بها ... إذاً يكفينا أن نرسم المستقبل نظرياً كما نحب ولنجعل لنا فيه الحلو ... ونسقي أعدائنا المر ... لينتهي الأمر .
إن أمامي وأمامك ـ أيها الغالي ـ قائمة طويلة من المسؤوليات الخاصة التي أقرتها الشريعة فلا ينسخها تأويل ولا تبطلها رؤيا وما لم نسع في تحقيقها فسنظل ندور في حلقة أزمات متصلة متلاحقة لا مخلص منها فالأزمة الحقيقية هي في دواخلنا وأعماقنا وذواتنا ومن هناك يأتي الفرج والخلاص .
إن العمل النافع سواء كان دنيوياً أو أخروياً هو من الأسباب المطلوبة من المسلم، وغالباً لا يقع في مثل هذه المزالق إلا من يعاني من الفراغ وضياع الوقت وعدم الانتظام في برنامج أو مشروع علمي أو عملي . فهو يمنّي نفسه بالترقّب والانتظار ، وقد يرى الناس وهم يعملون فيرثي لحالهم ويشفق عليهم وربما حاول أن يثنيهم عن عملهم ؛ لأنه يظن أنهم لم يدركوا ما أدرك ، وأنهم يعملون في غير طائل !.
وفي مثل هذه الأوقات العصيبة والحاسمة يحتاج الفرد المسلم المتطلع لأداء دور إيجابي إلى أمور :
أولاً: السكينة والطمأنينة: " هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ " (الفتح: من الآية4) " ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاساً يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ "(آل عمران: من الآية154).
فليطمئن المسلم إلى مستقبله وإلى حفظ دينه وملته وأمته ، ولا يسمح للقلق والخوف المفْرِط أن يسيطر عليه حينما يسمع أو يقرأ بعض التحليلات الإخبارية التي قد يكون بعضها نوعاً من الحرب النفسية أو التلاعب بأعصاب الناس .ولينظر في الماضي ؛ كم واجه الإسلام من حروب ومحن وإحن وكوارث ثم خرج منها قوياً عزيزاً منيعاً ، ومن ذا يكون في وحشية التتر ؟! أو دموية الصليبين ؟! أو همجية الاستعمار؟! أو قسوة اليهود ؟! ولينظر في حاضر الإسلام وكيف يكسب الإسلام في كل لحظة مواقع جديدة، وناساً يدخلون فيه ، وناساً من أهله يعودون إلى صفائه ونقائه ، وإنجازات لرجاله ودعاته في مشاريع ومؤسسات وكتب ومواد إعلامية وجماهير تحتشد لهم ، وجموعاً تؤم المساجد والمناسك ، وصلاحاً هنا وهناك ، وتقدماً في المواقع يجب أن تفرح به ولا يحجبنا عن الفرح الطمع فيما هو أعظم ، من حصول النصر النهائي وقيام دولة الخلافة الراشدة ، أو الطمع في سقوط القوى العظمى .. فثمت سنن ونواميس ، ونَفَسُ التاريخ طويل ، وعلينا ألا نعجل "قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ "(يونس:58) .
إن اضطراب النفس وارتباكها لا يصنع شيئاً، ولكنه يحول دون التفكير السوي ودون العمل المنتج، وقد يجر إلى القعود أو التراخي أو الاستسلام ، أو يفضي إلى الاندفاع الجامح دون بصرٍ بالعواقب.
ولا تغل في شيء من الأمر واقتصد **** كِلا طرفي قصد الأمور ذميم
ولم يكن أحد أشد حماساً لهذا الدين وحدباً عليه من محمد صلى الله عليه وسلم ، وفي ذروة الشدائد كان يدعو ويتضرع ، ولكن لاتفارقه سكينة الرضا ، كيف وقد خاطبه ربه فقال :" ألم نشرح لك صدرك ؟"
ثانياً : ومما يعين على السكينة ويزرع الاطمئنان الركون إلى الله تعالى توكلاً وتألهاً وتعبداً ورضا ، وفي الصحيح : (من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً وجبت له الجنة ) وفيه أيضا : ( العبادة في الهرج كهجرة إليّ) . والهرج : الفتن ، وفي توجيه الله لحبيبه محمد صلى الله عليه وسلم " فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب " وذلك أن العبادة تورث سكوناً وهدوءاً وثباتاً واستقراراً نفسياً وعقلياً يحرم منه المضطربون المتهوكون الذين يظنون أن مقاليد الأمور بيد غير الله .
إن عبادة القلب والجوارح هي من التوبة والإنابة التي بها تُستدفع الكوارث والنّكبات وتُستجلب المنح والعطايا والهبات ، ولا عزّ للأمة أفراداً وجماعات وشعوباً وحكومات إلا بالتوبة الصادقة والرجوع إلى الله تعالى واللياذ به. وبذلك يكون إصلاح النفس والقلب والجوارح والسلوك ، وصلاح الفرد صلاح للأمة، والبداية تكون من النفس ، وإذا كنا غير قادرين على تدارك خلل في ذوات نفوسنا - القرار فيه يبدأ وينتهي من عندنا - فكيف نحلم بالتدارك على المستوى العام أو على المستوى العالمي في ظروف ذات تعقيد وتداخل ، وقد تريد أنت شيئاً ويريد غيرك سواه؟! نحن نرى كثيرين منا لم يحققوا نجاحاً مع ذواتهم في إدارتها إدارةً شرعية تقوم على حفظ الحقوق وأداء الأمانات وبذل الخير وفق السنن والآيات الشرعية والكونية .
ثالثاً : الإلحاح في الدعاء والتضرع فإنه مما يستدفع به البلاء ، وتستنزل به الرحمة ، ولن يعدم مليار مسلم أن يكون بينهم من لو أقسم على الله لأبره ، فليكن لإخوانك المسلمين من دعائك وتضرعك نصيبٌ ، أشركهم معك ، واصدق في دعائك ، وليتواطأ مع هذا الدعاء صفاء السريرة وحب الخير للناس في العاجل والآجل .
وسارية لم تسر في الأرض تبتغي **** محلاً ولم يقطع بها البيد قاطعُ
سرت حيث لم تسر الركاب ولم تنخ **** لورد ولم يقصر لها القيد مانع
تحل وراء الليل والليل ساقط **** بأرواقه فيه سمير وها جع
تفتّح أبواب السماوات دونها **** إذا قرع الأبواب منهن قارع
إذا أوفدت لم يردد الله وفدها **** على أهلها والله راءٍ وسامع
وإني لأدعو الله حتى كأنما **** أرى بجميل الظن ما الله صانع
رابعاً : الهدوء في التعامل مع الأخبار والتحليلات والتصريحات والمواد الإعلامية ، فإن مزيد الانهماك فيها ربما صنع لدى المتلقي قدراً من البلبلة والحيرة والتردد، ثم الخوف المفرط. وكثير من هذا الضخّ الإعلامي هو مواد مشققة مفرعة، يعاد إنتاجها بطرق مختلفة ، أو وجهات نظر وتحليلات وظنون وتوقعات قد ينتفع اللبيب بها إذا أحسن قراءتها والتعامل معها , وعرف ما يأتي وما يذر، وما يأخذ وما يدع ، أما غير الفطن فربما كانت شقوة له ، تحرمه هناءة حياته وطيب عيشه ، وتعوقه عن سيره ، دون أن يظفر من ورائها بطائل ، أو يكون من معالجتها بسبيل.
خامساً: الحذر من ترويج الشائعات والأقاويل والأخبار المرتبكة والتحليلات المغرقة في التشاؤم ، فإننا في عصر صارت قوة الدول تبنى على مقدار ما لديها من سعة المعلومات ودقتها، إننا في عصر (( المعلوماتية ))، وكم من خبر يروج ويتم تداوله وتبنى عليه نتائج قريبة وبعيدة ، وقرارات واجتهادات ، وهو غير مؤكد ولا ثابت .. فكيف تظن بمثل هذه الرؤية المبنية على شائعة أو ظن , أو خبر مكذوب , أو رواية مضطربة , أو معلومة ناقصة , أو مضللة، والحصول على المعلومة لم يعد صعباً ولا عسيراً ولا مكلفاً متى توفرت الإرادة ، وأدركت الأمة الأهمية القصوى لهذه المعلومات.(1/156)
أليس من المحزن أن تكون عدوتنا الأولى ، أو ما يسمى بـ ( إسرائيل ) من أكثر دول العالم تقدماً معلوماتياً ، بينما نحن في العالم الإسلامي ربما لا نملك حتى القدر الضروري من ذلك! فضلاً عن فقدان الكثيرين لمنهج التعامل مع المعلومات والأخبار ، مع وضوح هداية القرآن في ذلك ونصاعتها "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ.... " الآية فيأمر سبحانه بالتثبت والتبين في الأخبار , وعدم الاندفاع في تناولها أو بناء النتائج والقرارات عليها. ويقول الله سبحانه : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً"(النساء: من الآية94) فيؤكد المعنى الأول خصوصاً في مقام الجهاد في سبيل الله ، ويحذر من الجراءة على دماء المسلمين ، أو التسرع في تكفيرهم مما يترتب عليه استحلال دمائهم وأموالهم وأعراضهم . وإذا كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم المخاطبون أول مرة بهذا النداء يوعظون بقوله سبحانه وتعالى : " تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا "(النساء: من الآية94) فكيف نقول نحن عن أنفسنا إذاً ؟!ويقول تعالى : "وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ.." الآية. فيشدد النكير على أولئك الذي يشيعون أمر الأمن أو الخوف في غير مناسبته وأوانه، ويرشدهم إلى رده إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وإلى أولى الأمر، لا ليعلموه كلهم ولكن ليعلمه "الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ "(النساء: من الآية83) ، فحتى أولو الأمر من أهل الحكم أو العلم ليسوا كلهم أهلاً لفهمه وإدراكه ، وهذا ظاهر جداً في المضايق والمسائل العويصة والمصيرية ، أما تعاطي القضايا العادية فهذا مختلف عما نحن بصدده .
إنه قد يستمع المرء إلى برنامج في إذاعة أو قناة فضائية أو يقرأ مقالاً في جريدة غير رصينة فيخيل إليه أنه أحاط بالأمر من جوانبه وأنه النذير العريان ، ويصنف هذا على أنه وعي ويقظة " وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً "(الإسراء: من الآية85) .
=============
واجب الوقت
22/03/2003
19/1/1424
واقتداء بسنة النبي صلى الله عليه وسلم في وصيته لمعاذ بن جبل حين قال له أمسك عليك هذا فإن الوصية السادسة هي حفظ اللسان فإنه في أزمنة الفتن أشد من وقع السيف ومن أعظم المخاطر المحدقة أنها تستفز بعض العواطف التي لم تتربّ في محضن ولم تتلق تعليماً ولم عايش تجربة فتنجر إلى تكفير أو تفسيق أو تبديع أو تخوين لهذا الطرف أو ذاك لمجرد عدم استيعابها لمواقف الآخرين أو حتى قل لحصول خلل أو خطأ ما.. لكنه لا يعالج بمثل هذه الطريقة .
وما أشد وطأة القيل والقال والتلاعن والتطاعن في وقت وصلت فيه الأمة في قعر هاوية بتخلفها وجهالتها وعجزها عن تحصيل الأسباب الحقيقية للعزة والسمو .
إن أقل ما يجب هو أن نلجم ألسنتنا بلجام التقوى والخوف والإيمان عن أعراض المسلمين بتأويل أو بغير تأويل ... لنصلح أنفسنا أولاً ... ثم لن نجد بعد ذلك ما يبيح لنا الاشتغال بأصحابنا حين سلم منا أعداؤنا ... والله المستعان .
إنه ليس مما يفرح به أن نرى إقبالاً على تعاطي ألفاظ الكفر وكأنها تحية المسلم لأخيه ...
تحيةُ بينِهم ضربٌ وجيع
سابعاً :استفراغ الوسع والطاقة في تحريك الجهود الإسلامية واستخراجها وحث الكافة على العمل والمشاركة والإبداع ، لنرفع شعار :[ لا مكان للبطالين بيننا] ، وعلى كل امرئ مسلم أن يبذل وسعه وطاقته وقدرته كلها ولا يدّخر منها شيئاً ، في عبادة أو علم أو عمل أو دعاء أو دعوة أو أمر بمعروف أو نهي عن منكر أو إصلاح ذات بين أو إغاثة ملهوف أو تفريج كربة أو وصول منقطع أو إيواء مشرد أو هداية ضال أو تهدئة مندفع ..وكل معروف صدقة .
إن هذا توظيف موفق للطاقات المتوفرة لدى المسلمين ، فالكثرة العددية هي إحدى ميزات هذه الأمة ، وإن كان قائلنا يقول :
كثر ولكن عديد لا اعتداد به **** جمع،ولكن بديد غير متسق
حارت قواعدنا زاغت عقائدنا **** أما الرؤوس فرأي غير متفق
البعض يحسب أن الحرب جعجة **** والبعض في غفلة والبعض في نفق
إلا إننا نعتقد أنه لو تم تفعيل ( 10% ) من هذا الرقم الهائل لكان لدينا أكثر من مائة مليون فرد .. كلهم يعملون .. بينما ربما لا يتجاوز عدد اليهود في العالم كله ثلاثة عشر مليونا !.
ليس من المستحيل ولا الصعب أن ينهمك الناس ، والشباب خاصة، في مشاريع جماعية مثمرة لخدمة دينهم، أو خدمة دنياهم ، ولا عز للدين بلا دنيا، ولا صلاح للدنيا بلا دين :
إذا الإيمان ضاع فلا أمان **** ولا دنيا لمن لم يحي دينا
ومن رضي الحياة بغير دين **** فقد جعل الفناء لها قرينا
وهذا يتطلب جدية في صناعة البرامج العملية ، وتضافراً للجهود ، وتعاوناً بين القطاعات ، ونصاعة الأهداف.
يجب أن يتسع الميدان للعاملين ، وألا يعتذر لأي منهم بضيق المساحة ، كما لا يقبل عذر من أي أحد كان بأنه ليس لديه ما يقدمه، فلا أحد أقل من أن يفيد، ولا أحد أكبر من أن يستفيد.
ثامناً : إعداد الأمة , وخصوصاً شبابها , نفسياً وعقلياً وعسكرياً وشغلهم بما يبنيهم ويخدم مصالحهم ومصالح أمتهم , ولم لا تفتح الأبواب للتجنيد الإجباري , ليس فقط التجنيد العسكري , بل لكافة الخدمات الاجتماعية , والتي يجني الشاب من ورائها الخبرة والثقة ويتعلم كيف يواجه الصعاب ... وكيف يتربى في جو من الجدية والعمل ويتخلص من الترف والرفاهية الزائدة .
إن أكثر من 70% من سكان السعودية هم من الشباب , ربما دون سن العشرين , ومن الخطأ الكبير أن تضيق أمامهم الفرص أو تغلق الأبواب , فلا وظيفة ولا عمل ولا دراسة ولا ترفيه ولا مجال لممارسة بعض التجارب أو التعود على الأعمال أو محاولة الإبداع .
فهذه قنبلة موقوته يمكن أن تنفجر وتتشظى في هذه الاتجاه أو ذاك ما لم يتوفر المخلصون على التفكير الجاد فيها .
تاسعاً : الانهماك في حركة تصحيح واسعة النطاق , تستثمر الزلزال الذي تحدثه الأزمات , ليس لتصفية الحسابات مع هذا الطرف أو ذاك ، ولكن لتصفية الحساب مع سلبياتنا وأمراضنا ومعايبنا التي بها هزمنا .
يتمسك الفرد والجماعة , والمجتمع , والدولة بمألوفات معينة غير قادرين على اكتشاف خللها , وهي بحكم الإلف تمر عبر قنوات التفتيش دون اهتمام ويتقبلها الجميع رغم أنها لا تنسجم مع أصولنا ومصالحنا الشرعية .
وفي فترات الأزمات يبدو قدر من الاستعداد للاستدراك والتصحيح , فجدير بنا استثماره وتطويره , لا ليكون أسلوباً مؤقتاً في تجاوز المشكلة , بل ليكون أداة لتحويل الأزمة إلى فرصة , وتحقيق مفهوم قوله تعالى : " فإن مع العسر يسرا " فربما انجلت العسرة عن ألوان من الخير والفضل لحاضر الأمة ومستقبلها لم تكن في واردنا قبلُ ... ولكن الله يتفضل على عباده .
إنه لا أحد يقول إن واقعنا على أي مستوى , يمثل حقيقة الإسلام , ولهذا يجب أن نستمسك به , بل الكل يعترف بالخلل , فلنحّول هذه القناعة النظرية الذهنية إلى برنامج تفصيلي نتعرف بواسطته على مفردات عيوبنا الشعبية والرسمية , والعلمية والعملية , الدعوية والاجتماعية ... ونتعاون في الخلاص منها , والتأسيس لمستقبل أفضل .
وقوام ذلك أن نتحدث بالصراحة والصدق فيما بيننا بعيداً عن أجواء التصنع والتملق والرياء والتغرير .(1/157)
إن الأمة تمر بمنعطف خطير , ولم يعد الأمر يتسع للمزيد من الاسترخاء والتهاون والمجاملة .
وفي ظني أن ثمت قدراً من الحرية يتاح الآن في قنوات الإنترنت أو الفضائيات أو غيرها ... ومن المهم أن نتعلم كيف نستخدم هذه الحرية لا لنظهر مساوئنا وقلة أدبنا وضيق صدورنا بالحوار , بل لنتدرب على الهدوء في معالجة الاختلاف وسعة الصدر والأفق .
عاشراً : ومع أهمية عصر الجهود كلها وتثميرها علينا أن ندرك أن جهودنا تظل محدودة، لاعتبارات تربوية وإدارية وفكرية ، ومع محدوديتها فكثيراً ما يضعف أثرها بسبب التشتت والتوزيع على مساحة عريضة جداً .
نحن مجموعة من الخيريين نتشاكى هوان الأمة وضعفها ونَحِنُّ إلى عزتها وقوتها، وبعد قليل نتحدث بعفوية فنبدأ بالولايات المتحدة وإسرائيل ، ثم نُثَنّي بأوربا، ثم نتناول العالم الغربي، ثم العالم كله، ثم نبدأ بالرقعة الإسلامية ومن فيها، ثم من يخالفوننا في الأحوال ، ثم من يخالفوننا في الفروع، ثم من لا نتفق معهم في الاجتهاد الخاص والمعالجة الآنية، وربما تفاقم الأمر إلى من لا نتطابق معهم في الذوق والمزاج والتركيبة النفسية.
من الخير أن نعتاد العمل في دوائر الاتفاق التي يقبلها عامة الناس .
وفي جميع كتب الفقه يعقدون باباً للصلح، ويذكرون أحكامه وأدلته ، وأخبار العهود والمواثيق النبوية والراشدية مع أصناف الناس.
وفي جميع الحالات المشابهة تبدو الحاجة ملحة إلى ترتيب الأولويات ومراعاة قواعد المصلحة والمفسدة , والاعتبار بالقدرة الشرعية المتحصلة لأهل الإسلام ، وليس المسلمون استثناء من غيرهم في اتخاذ الأسباب وتوفير القدرات.
ولا شك مطلقاً أن السابقين الأولين بمكة قبل الهجرة كانوا أصدق الناس ديناً وأشدهم تضحية , ومع ذلك أمروا بالكف ، وقال عنهم ربهم العليم :"فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً"(النساء: من الآية77).
ولذا قال بعض الحكماء : أسرع الناس إلى الفتنة أعجلهم فراراً عنها.
إن هذه الطاقة الإسلامية المحدودة لا تتحمل أن تكون وقوداً لمعارك لا أول لها ولا آخر مع شتى المخالفين.
إن جهدك المحدود لو وُظِّف في مجال محدد لأثمر ، وأنت في مقام مواجهة تفرض عليك تحديات لا مخلص منها , وليس لك أمامها خيار، فمن اللازم أن تتوفر في مثل هذا القدرة على الحركة، وعدم الجمود على مواقف ثابتة ، بل يتقدم المرء أو يتأخر ، وقد يأخذ ذات اليمين وذات الشمال بحسب المصلحة.
نحن هنا لا نتحدث عن القناعات العقدية ولا عن المواقف المبدئية ، بل عن المواقف العملية التي يبذل الإنسان فيها مجهوده ، ويستجمع قدرته.
إذا كان المقصود هو مجرد الحديث فلنقل عن أعدائنا ما شئنا ، لكن حين ننتقل إلى الميدان العملي ؛ فعلينا أن نختار الأهداف بعناية .
وفي داخل المجتمعات الإسلامية فإن ثمت تناقضات كثيرة وواقعية لا يمكن تجاهلها، منها: الفكرية , ومنها المناطقية , ومنها القبلية ومنها .. وقد يبدو جيداً أن العدو يراهن على إطلاق العنان لهذه التناقضات ؛ لنتصادم ويفني بعضها بعضاً ، وليس سراً أن بعض الأجنحة المتصارعة في أكثر من بلد إسلامي زودت بأسلحة إسرائيلية ، والتجربة الأمريكية في أفغانستان هي آخر شاهد على أن الإدراة الأمريكية تحافظ على أفرادها ؛ فالفرد الأمريكي إنسان متحضر راقٍ يسحق الحياة، وليمت بدلاً عنه ألف من العرب المسلمين الذين يرفضون الحداثة , واللحاق بركب التقدم !
ويخشى العقلاء كثيراً أنه في جو السذاجة وقلة التجربة والأنانية وعدم وضوح الأهداف ، فإنه من الممكن أن تتكرر القصة , وأن تنطلي اللعبة على كثيرين قد يظنونها في بداية الأمر تحقيقاً لأهدافهم وتطلعاتهم ومصالحهم الذاتية .
الحادي عشر : وعلى وجه الخصوص فإن من الضرورة بمكان أن نتجنب المصادمة مع إخواننا في الملة والدين ، وترك المصادمة لا يعني ترك الدعوة ، بل يعني التأسيس الصادق للدعوة وانطلاقها بلا عوائق ، ولا يعني ترك التناصح بيننا، بل تفعيل التناصح، لكن يعني تجنب أسلوب المصادرة والإلغاء والاستخفاف بالآخرين.
وبغض النظر عن مدى تطابق الرؤية في الحكم على هذه المجموعة أو تلك إلا أن القدر المقترح الآن هو الموادعة والمتاركة والانشغال بالهم الأكبر ، وإقبال كلٍ على مشروعه ونموذجه وعمله البنائي الإصلاحي.
وإذا تعذر أن يصل أهل الإسلام إلى موقف موحد في القضايا الكبار- ولعله متعذر فعلاً -فليسيروا في خطوط متوازية غير متقاطعة ولا متعاندة ، وليدَعوا جزءاً من مهمة تصفية الخصوم للمستقبل ، لئلا يلفيهم الزمان القادم وهم بلا أعداء!
إنها نفثة مصدور ، تؤلمه الرغبة الانشقاقية الكامنة في أعماقنا، المتربصة لفرصة تسمح لها بالظهور والتبرج كأسوأ ما تكون الأنانية في سيطرتها الفردية والجماعية على حياتنا وأعمالنا ، ويزكى ذلك غياب روح الفريق في برامجنا , حتى لا نفرح بإنجازات يحققها الآخرون ونحرم أنفسنا من لذة الانتصار , بينما يفرح فريق الكرة كله لهدفٍ يسجله حارس المرمى !
والله تعالى ينهى عن التفرق والتنازع عامة ، ويخص من ذلك حال لقاء العدو ، كما قال سبحانه : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا "(الأنفال: من الآية45) .
فالنتيجة الحتمية للتنازع هي الفشل وذهاب الريح.
إننا بحاجة إلى فقه أوسع لمقاصد التشريع وأصوله الأولى والتي من مقاماتها الأولى أن التشريع مبنى على الوسع والاستطاعة , وأن التشريع من مقصوده تحصيل المصالح ودرأ المفاسد , ومن مقصوده تحصيل اجتماع المؤمنين الذي يتعذر تحققه إلا بقدر من الإسقاط والعفو والتسامح وفتح محل الاجتهاد الذي يتجاوز دائرةَ خاصةِ أهل العلم إلى سائر أهل الدعوة والعمل للدين ليضع كلٌ مما أوتي ما يحصل به تحصيل مصلحة أو درأ مفسدة .
لقد تربينا في طفولتنا وربما في مجالسنا العلمية على روح الانتقام والثأر والإصرار على حقوقنا حتى مع أقرب الناس إلينا ... وربما لا تكون الحقوق ظاهرة جلية , والآن يقتضي الوقت أن نتربى على قيم التسامح والإيثار والرحمة والتنازل لإخواننا والصبر عليهم ؛ لأن المكان يضيق فإذا كبرت ذواتنا تقاتلنا من أجلها وشاعت الأثرة وزاد الشر تسلطاً علينا , واتسعت الهوة بيننا فلنجعل الخلاص من أنانيتنا ومصالحنا الذاتية وذكرياتنا الأليمة شعاراً لنا , ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه , والله واسع عليم .
لنجرب أن ننام الليلة وقد أخلينا قلوبنا (للطوارئ) من كل حسد أو حقد أو بغضاء أو كراهية لأحد من المسلمين , ممن نعتقد أنهم ظلمونا في نفس أو أهل أو مال أو عرض , وأن نسامحهم جميعاً , ونتوجه إلى خالق السماوات والأرض بقلوب صافية أن يسامحهم ويغفر لهم ويعينهم على تجاوز عثراتهم وإدراك عيوبهم...
نحن نغسل وجوهنا وأيدينا يومياً عشرات المرات , فلنجرب هذه المرة أن نغسل قلوبنا من كل مالا يرضي الله , والقلب موضع نظر الرب تبارك وتعالى ( إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم) .
إنها عملية سهلة جداً , ولكنها مفيدة , حتى على صعيد الأنس والراحة والسعادة الذاتية فجربها والله معك .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
============
* أهمية الوقت.
* مفهوم إدارة الوقت.
* تمرين (1) ،استراحة
* لصوص الوقت.
* تمرين (2).
* أربع قواعد لإدارة وقتك بفاعلية.
المحتويات
مفهوم إدارة الوقت(1/158)
* إدارة الوقت تعني أولاً إدارة الذات، فهي نوع من إدارة الفرد نفسه بنفسه.
* إدارة الوقت هي إدارة الأعمال التي نقوم بمباشرتها في حدود الوقت المتاح، يومياً 24 ساعة.
* إدارة الوقت هي محاولة ترويض الوقت وفرض سيطرتنا عليه ،بدلاً من أن يفرض سيطرته علينا.
* إدارة الوقت هي إدارة السلوك والشخصية.
خصائص الوقت
* سرعة انقضائه.
* ما مضى منه لا يعود ولا يعوض.
* أنفس ما يملك الإنسان.
أهمية الوقت
* " إضاعة الوقت أشد من الموت ، لأن إضاعة الوقت يقطعك عن الله والدار الآخرة، والموت يقطعك عن الدنيا وأهلها" (ابن القيم رحمه الله)
* " ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه أنقص فيه أجلي ، ولم يزد فيه عملي" (ابن مسعود رضي الله عنه)
* "إن الليل والنهار يعملان فيك ، فاعمل فيهما" (عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه)
* " يا ابن آدم ، إنما انت أيام مجموعة ، كلما ذهب يوم ذهب بعضك" (حسن البصري)
إسألي نفسكِ هذه الأسئلة عن يومكِ وأمسكِ وغدكِ:
أغلقي الأبواب الحديدية على الماضي والمستقبل، وعيشي دقائق يومكِ..
تمرين
هل أجعل حاضري مريراً بالتطلع إلى الأشياء حدثت في الماضي، حدثت وانقضت مع مرور الزمن؟!!
هل أستيقظ في الصباح ، وقد صممت على استغلال النهار والإفادة القصوى من الساعات الأربع والعشرين المقبلة؟؟
هل أستفيد من الحياة إذا عشت دقائق يومي؟؟!!
متى سأبدأ في تنظيم وقتي وحياتي؟؟!! الأسبوع المقبل؟؟؟...في الغد....؟؟ ...أم اليوم؟؟!!
لصوص الوقت
* - المقاطعات والزيارات المفاجئة.
* - الاتصالات الهاتفية غير المنتجة.
* - الاجتماعات غير الفعالة.
* - التسويف أو التأجيل بأعذار واهية.
* - الأهداف غير الواضحة.
* - المعلومات الضعيفة/ (النقص في المعلومات)
* - عدم تحديد الأولويات.
* - عدم القدرة على قول "لا".
* عدم تخطيط الوقت.
* - انخفاض الروح المعنوية.
* - الإصغاء غير الجيد..
أربع قواعد لإدارة وقتك بفاعلية
* حددي أهدافك وأولوياتك.
* كوني قادرة على قول "لا".
* أتقني فن الاتصال الهاتفي.
* التزمي الاستراتيجيات الذكية.
1- حددي أهدافك
مواصفات الأهداف الذكية:
* محددة
* متفق عليها.
* واقعية ممكنة التحقيق.
* مرتبط إنجازها بزمن.
حددي أولوياتك
2
4
1
3
غير هام
هام
غير عاجل
عاجل
2- كوني قادرة على قول "لا"!!
الوسائل التي تمكنك من قول "لا" دون خسارة الآخرين:
* قولي "لا" بتأدب وبصوت غير مرتفع ولا منفر.
* قولي "لا" مع ذكر البدائل.
* قولي "لا" بعد ذكر المبررات وأسباب الرفض.
3- أتقني فن الاتصال الهاتفي
توصيات لتحسين فعالية إدارة الهاتف:
* قومي بإعداد دليل خاص بأرقام الهواتف التي تتعاملين معها باستمرار.
* حددي الهدف من المكالمات الهاتفية، وقدمي أجوبة مختصرة للأسئلة.
* حددي زمن المكالمة قبل أن تبد ئي بها.
* كلفي أمكِ أو أحد أفراد أسرتكِ بالرد على المكالمات خلال انشغالكِ.
* اجمعي كل الأوراق والملفات التي تحتاجينها عند المكالمة.
4- التزمي الإستراتيجيات الذكية
* كوني حازمة.
* لا تبدئي دائماً من الصفر.
* دربي نفسكِ على إنجاز العمل.
* كوني علاقات إيجابية مع زميلاتكِ.
* تعرفي على مضيعات وقتكِ وتجنبيها.
* تعلمي القراءة السريعة.
* ضعي التوتر تحت سيطرتكِ.
o كوني متفائلة وانظري إلى الأخطاء كفرص للتعلم..
o ارفضي أن تسمحي للآخرين بتوتيرك.
o قولي أشياء إيجابية تعزز الثقة والافتخار بنفسك
o هنئي نفسك عندما تقومين بعمل جيد.
أسأل الله أن ينفعكم بما تعلمتم
ومضة...
تذكري: أن المعادلة هي:
تخطيط جيد للوقت + إجراءات إيجابية في مواجهة مضيعات الوقت =
إدارة فعّالة للوقت
=============
أهمية الوقت
علي بن عبدالعزيز الراجحي
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم إن من المعلوم عند كل مسلم أن لله تعالى أن يقسم بما شاء من مخلوقاته ، وأنه لا يقسم إلا بعظيم ، وكلما تكرر القسم بشيء دل على أهميته ، ولو تدبرنا قوله تعالى (والفجر) آية 1 من سورة الفجر . ، وقوله عز وجل ( والليل إذا يغشى 1* والنهار إذا تجلى2 )آية 1 ، 2 ، من سورة الليل وقوله سبحانه ( والضحى 1* والليل إذا سجى ) ، من سورة الضحى .، لوجدنا أنها أجزاء الوقت . ثم تدبر أيضاً قوله تعالى : ( والعصر ) آية 1 من سورة العصر ،تدرك أنه أقسم بالزمان كله ، وما هذا إلا لأهميته ، وهذه الأهمية مصدرها أن الوقت هو الزمن الذي تقع فيه الأعمال ، وهذه الأعمال ( خيرها وشرها ) هي التي يقدمها البشر لينالوا بها جزاء الخالق .
إذا عرفنا تبين لنا أهمية الوقت ، فهو في الحقيقة حياتنا على هذه الأرض لكي نقدم فيها ما يوصلنا إلى الغاية التي لأجلها خلقنا ، فالوقت هو الحياة .
و الوقت نعمة وأمانة يضيعها كثير من الناس ، يضيعونها على أنفسهم ، وعلى أمتهم ، قال صلى الله عليه وسلم ( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة والفراغ) . رواه البخاري، كتاب الرقاق، باب ما جاء في الرقاق 11/229 ، ح (6412) وللوقت خاصية ، وهي إنه إذا ذهب لم يرجع ، وهذا يدفعنا لاستغلال كل لحظة منه ، كان ابن عمر رضي الله عنهما يقول : ( إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح ، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء ، وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك ).رواه البخاري موقوفاً في الرقاق 2 باب قول النبي صلى الله عليه وسلم ( كن في الدنيا كأنك غريب ) رقم (6416) من مظاهر الفراغ :
إن من تراه يجول في الشوارع الساعات الطوال بلا هدف ، مضيع لوقته ، ومن تراه يجلس الساعات الطوال يرغب ما لا يعود عليه في دينه ولا في دنياه ، مضيع لوقته ، وكل من اشتغل بما لا يرضي الله فقد ضيع وقته .
التحسر على فوات الأوقات :
إذا تنبه العاقل ، وتذكر ما مضى من أيام عمره ، فإنه يندم على الساعات التي قضاها في اللهو والبطالة ، وأشد ساعات الندم حين يقبل المرء بصحيفة عمله ، فيرى فيها الخزي والعار ، قال تعالى : ( يومئذ يتذكر الإنسان وإنا له الذكرى 23، يقول يا ليتني قدمت لحياتي 24).الآيتان 23 ، 24 من سورة الفجر . وقال تعالى : ( أن تقول نفس يا حسرتي ما قطرت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين ).آية 56 من سورة الزمر .
فالعاقل من ندم اليوم حيث ينفعه الندم ، واستقبل لحظات عمره ، فعمرها قبل أن يأتي اليوم الذي لا ينفع فيه الندم .
من أسباب تضييع الوقت :
1ـ عدم وضوح الغاية :
إن عدم وضوح الغاية ، أو عدم وجودها ، أو عدم التفكير فيها ، أو عدم الانشغال بها والسعي لأجلها هو أعظم سبب لضياع الأوقات .
فمن حدد هدفاً يسعى إليه ـ أياً كان الهدف ـ فإنه لن يضيع وقته ، فالطالب الذي يريد التفوق لا يكثر اللهو ، ومن يريد الزواج يسعى لتحصيله بأسبابه ، ومن يريد أن يكون تاجراً يسعى لتحصيل ذلك ، وهكذا فحري بمن غايته الوصول إلى الجنة ونعميها أن يسعى جاداً لتحصيلها ، قال تعالى : (سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنةٍ عرضها كعرض السماء والأرض ).آية 21 من سورة الحديد .
وفي الحديث ( من خاف أدلج ، ومن أدلج بلغ المنزل ، ألا إن سلعة الله عالية ، ألا إن سلعة الله الجنة ).رواه الترمذي ، كتاب صفة القيامة ، باب (18) ح (2450) وقال حديث حسن غريب ، ورواه الحاكم 4/307،308 ، وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه .
وكل هدف نبيل يسعى المؤمن لتحصيله فيه إصلاح دينه ، أو دنياه ، أو أمته ، إذا أخلص فيه النية ووافق فيه الطريقة الشرعية فإنه طريق لتحصيل تلك الغاية .(1/159)
2ـ مرافقة الزملاء غير الجادين الذي يضيعون الأوقات سدى ، ولا يستفيدون من عمرهم وشبابهم .
3ـ الفراغ ، وعدم معرفة ما ينبغي أن يشغل به وقت .
4ـ كثرة الملهيات والمغريات فإذا انشغل بها المؤمن ضاع وقته وخسر عمره .
5ـ قلة الأعوان ـ من الأهل والأصحاب ـ على استغلال الوقت .
استغلال الوقت :
ينبغي العناية بالوقت وملئه بالعمل حتى لا يوجد فراغ ، فالفراغ داعٍ إلى الفساد ، والنفس إن لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية .
إن الشباب والفراغ والجده مفسدة للمرء أي مفسدة
إن وضوح الهدف ، ومعرفة أهمية الوقت ، سبب لاستغلاله ، فعليك بترتيب وقتك وتنظيمه واستغلاله بأن تجعل لك جدولاً يومياً وأسبوعياً وخلال الإجازات لكي تستغل وقتك على الوجه المطلوب .
وصور استغلال الوقت أكثر من أن تحضر ، ومنها المحافظة على الصلوات في الجماعة ، والتبكير إلى المسجد وذكر الله ، وقراءة القرآن وخدمة الوالدين ، وصلة الأرحام ، والزيارات النافعة ، وعيادة المرضى ، والتعلّم والتعليم ، والدعوة إلى الخير ، والتفكر في خلق الله ، والتفكير في مصالح نفسك ومصالح وطنك وأمتك ، والعمل النافع المنتج ، وكتابة البحوث ، وحضور حلق العلم والقرآن ، والاستماع لكل نافع ومفيد ، ومساعدة المحتاجين و، وغير ذلك كثير ، بل إن انشغالك بالمباح ، ولو كان نوماً أو اضطجاعاً بنية ترويح النفس لتستعيد نشاطها وتقوى على الطاعة ـ من استغلال الوقت .
قال معاذ رضي الله عنه : أما أنا فأنام وأقوم ، فأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي . رواه البخاري ، كتاب المغازي ، باب بعث أبي موسى ومعاذ إلى اليمن 8/60 (ح4341 ، 4342 ،4344،4345) ومسلم كتاب الإمارة ، باب النهي عن طلب الإمارة والحرص عليها 3/1456 برقم (1733) .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى : معناه أن يطلب الثواب في الراحة ، كما يطلبه في التعب ، لأن الراحة إذا قصد بها الإعانة على العبادة حصل بها الثواب .أهـ.فتح الباري 8/62 بتصرف يسير .
والمراد بقومته هنا : قيامه الليل وصلاته .
من صور الحرص على الاستفادة من الوقت :
1- قال عبد الرحمن بن حاتم الرازي عن حاله مع أبيه ( أبو حاتم محمد بن إدريس الرازي ) : ربما كان يأكل فأقرأ عليه ، ويمشي وأقرأ عليه ، ويدخل الخلاء وأقرأ عليه ، ويدخل البيت لطلب شيء وأقرأ عليه سير أعلام النبلاء 13/251..
2- قال عبد الرحمن بن أبي حاتم : كنا بمصر سبعة أشهر ، لم نأكل فيها مرقة ، كل نهارنا مقسم لمجالس الشيوخ ، وبالليل النسخ والمقابلة ، قال : فأتينا يوماً أنا ورفيق لي شيخاً ، فقالوا : هو عليل ، فرأينا في طريقنا سمكاً أعجبنا ، فاشتريناه ، فلما صرنا إلى البيت حضر وقت مجلس ، فلم يمكنا إصلاحه ومضينا إلى المجلس ، فلم نزل حتى أتى عليه ثلاثة أيام وكان أن يتغير ، فأكلناه نيئاً ، لم يكن لنا فراغ أن نعطيه من يشويه ، ثم قال : لا يستطاع العلم براحة الجسد . سير أعلام النبلاء 13/266.
ومسك الختام الله أسال للجميع العلم النافع والعمل الصالح
نقل بتصرف وتعديل
=============
احرص على استغلال الوقت الاستغلال الصحيح
محمد بن سرّار اليامي
دقاتُ قلب المرء قائلةً له *** إن الحياة دقائق وثوانِ
فالوقت هو الحياة، ذاهبٌ لن يعود، فماض بَادَ، وواقعُ عادَ، ومستقبلٌ جَادّ.. لا ينتظرني، ولا ينتظرك أبداً سواءً كنت فقيراً تنام على الرصيف، أو غنياً تنام على المفارش والمطارف..
وأدهشني من الغرب ما يفعله أحدهم إذا سافر في طائرة؟ فلا تراهُ إلا بكتابه، تارةً يطالع، وأخرى يحفظ، وثالثة يتأمل، وأحدنا يغطُّ غطيطاً في نوم عميق، أضاع الطريق، فترك الكتاب، وهو خير رفيق، يقول المتنبي:
أعز مكان في الدُنا سرج سابح *** وخير جليس في الزمان كتابُ
فالوقت أنفاسٌ لا تعود، ولو جمعت لها الحرس والبنود، ماضيةٌ علينا، وعلى الرومان والهنود، فهل من مستعد...
يقسم الرحمن بأجزاء من الوقت، وقسمهُ جَلَّ وعز بمخلوقٍ من مخلوقاته فيه دلالة على عظم شأن ذلك المخلوق...
فيقسم حيناً بالعصر، وحيناً بالضحى، وحيناً بالفجر، وحيناً بالليل إذا يسري، وحيناً بالنهار إذا جَلالها، وهكذا يقسم جل وعز بأجزاء من هذا الوقت، وفي هذا دلالة على عظم شأنه، وخطر أمره.
فالله الله باستغلاله وترتيبه، حتى يعود عليك بالنفع العميم، ويكون استغلالك له سرَ من أسرار نجاحك..
وأخيراً
والآن.. وقد علمت ما علمت، اسمح لي أن أطرح عليك سؤالاً.. وهو: هل عرفت كيف تكون ناجحاً؟!
فإذا عرفت، فإلزم الطريق ففيه بإذن الله التوفيق.
وإن لم تعرف فأعد قراءة الموضوع مراتٍ، ومرات، ثم اسأل نفسك: كيف أكون ناجحاً؟!
فإنك سوف تجدُ الإجابة بيضاءَ نقية، كشمسٍ في رابعة النهار.
وفقنا الله وإياك للنجاح في الدارين والفلاح والصلاح، إنه وليُّ ذلك والقادرُ عليه.
تَمَّ المقصود على ما فيه من خللٍ واضح ونقصٍ بَيَّن، وسائلاً المولى جلَّ وعز القبول، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
===========
مشروع استغلال الوقت
في كل يوم طاعة
هذه طاعات وسنن قد يغفل بعضنا عنها في زحمة الأعمال ، وقد يتركها بعضنا نسيانا منه لها ، وقد يتركها تكاسلا عن أدائها ، فأحببت أن أذكر نفسي وإخواني بها حتى نتواصى فيما بيننا على فعلها ومن باب ( وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين ) .
وقد جعلتها على أيام تسهيلا لأدائها ، ومن واظب عليها فهو المقصود والمطلوب . أسأل الله أن ينفعنا بها . اللهم آمين .
صلاة الضحى ( ركعتين أو أربع )
صلاة الوتر ( ركعة أو ثلاث قبل النوم )
الذكر بعد الصلاة (33 تسبيحة وتحميدة وتكبير)
أذكار الصباح والمساء
أذكار النوم
قراءة سورة البقرة كاملة في البيت
قيام الليل ( أربع ركعات )
صلة الرحم ( خالة - عمة - جد - ...الخ )
زيارة أخ في الله ( زميل / أستاذ / شيخ ..الخ )
زيارة مريض
زيارة المقابر
الاعتكاف في مسجد
قراءة سورة الكهف وكثرة الصلاة على النبي
السواك عند كل صلاة وعند دخول البيت
طلب العلم
النصح للمسلمين
الدلالة على الخير
التبكير للصلاة والصف الأول
صوم يوم الاثنين أو الخميس
بيان فضل هذه الأعمال
• صلاة الضحى : تصلى ركعتين أو أربع أو ست أو ثمان . وقتها يبدأ من بعد طلوع الشمس بربع ساعة وينتهي قبل الزوال بعشر دقائق ( أي قبل أذان الظهر بعشر دقائق ) . لها فضل عظيم وهي أن من صلاها أدى شكر عظامه كما قال الحبيب صلى الله عليه وسلم : ( يصبح على كل سلامة من أحدكم صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة ونهي عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك كله ركعتان يركعهما من الضحى ) مسلم
• صلاة الوتر : هو سنة مؤكدة كان يحافظ عليه الحبيب صلى الله عليه وسلم حتى في السفر وقال فيه : ( اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا ) متفق عليه . يبدأ وقته بعد صلاة العشاء إلى قرب الفجر . وهو إما ركعة واحدة أو ثلاث ركعات يقرأ فيها في الأولى ( سبح اسم ربك ) والثانية ( الكافرون ) والثالثة ( الإخلاص ) . وننصح في البداية أن يصلي قبل أن ينام أو بعد صلاة العشاء .
• الذكر بعد الصلاة : السنة أن يسبح ( سبحان الله ) ويحمد ( الحمد لله ) ويكبر ( الله أكبر ) ثلاثا وثلاثين مرة ويقول بعد ذلك : ( لاإله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شي قدير ) مرة واحدة . وإذا كان مستعجلا فيسبح ويحمد ويكبر عشر مرات .(1/160)
• أذكار الصباح والمساء : هذه تعتبر بمثابة الحماية للإنسان من يقولها فله أجور عظيمة . وستوزع ورقة صغيرة كتبها الشيخ محمد العريفي فيها الأذكار وبعض الفضائل لكل ذكر . وتقال الأذكار قبل طلوع الشمس ( أذكار الصباح ) وقبل غروب الشمس ( أذكار المساء ) .
• آداب النوم وأذكاره : يحاول المرء أن يأتي بها كلها وإن لم يستطع فلا أقل من بعضها . أولا : النوم على وضوء ( قال النووي : ليكون أصدق لرؤياه وأبعد من تلعب الشيطان به في منامه وترويعه إياه ) . ثانيا : النوم على الشق الأيمن ( نص الأطباء على أنها أصلح للبدن ) . ثالثا : قراءة آية الكرسي ( من قرأها لايقربه شيطان حتى يصبح ) . رابعا : الأذكار فمنها ( اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك ثلاث مرات ) ومنها ( باسمك اللهم أموت وأحيا ) وهناك أذكار أخرى اكتفينا بهذه حتى لا يكون الأمر شاقا . يكره النوم على البطن ( فهي نومة يبغضها الله ) .
• قراءة سورة البقرة كاملة في البيت : حبذا لو يقرأها كاملة في جلسة واحدة أو على فترات في اليوم الواحد يفعل ذلك ولو مرة في الأسبوع فإنها تطرد الشياطين من البيت .
• قيام الليل : يستحسن في البداية أن يصلي ركعتين خفيفتين بنية قيام الليل قبل أن ينام ثم بعد مدة يزيد ركعتين حتى تصبح أربع . ويستحسن أن يصليها في ظلام بحيث لا يراه أحد . ويكفي في فضل قيام الليل أنه أفضل الصلاة بعد المكتوبة ، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( نعم الرجل عبدا لله لو كان يقوم من الليل ) .
• صلة الرحم : تزيد في العمر وفي الرزق . ( الرحم معلقة بالعرش تقول من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله) . حاول أن تستغل اليوم بزيارة أرحامك ( خالة ، عمة ، جد ، ...الخ ) ولو لبعض الوقت . للأسف بعض الشباب الملتزم يؤخذ عليه أنه مقصر في هذا الجانب تقصيرا عظيما . كم هو جميل وكم سيفرح أرحامك بمثل هذه الزيارة وحاول أن تختار وقتا مناسبا كبعد المغرب ، وحاول أن تستغل أي مناسبة لزيارة أرحامك . وإذا لم يمكنك الزيارة فأقل شي اتصال بالهاتف .
• زيارة أخ في الله : تذكر أخا عزيزا عليك ما رأيته من فترة واعزم على زيارته ناويا زيارته في الله والسؤال عنه ، وحبذا لو كانت معك هدية بسيطة تكسب بها قلبه . لا بأس أن يكون من سنك أو أستاذا لك أو شيخا تزوره أنت وبعض أصحابك وزملائك . (ألا أخبركم برجالكم في الجنة؟ قالوا: بلى يا رسول الله، فقال: النبي في الجنة، والصديق في الجنة، والرجل يزور أخاه في ناحية المصر، لا يزوره إلا لله في الجنة) الطبراني حسن.
• زيارة مريض : إما أن يكون في بيته أو تزور المستشفى لكي تسلم على المرضى وتذكر الحديث القدسي : ( يا بن آدم مرضت فلم تعدني ، قال : يا رب كيف أعودك وأنت رب العالمين ؟ قال : أما علمت أن عبدي فلان مريض فلو كنت عدته لوجدتني عنده ) .
• زيارة مقبرة : ولو مرة في الشهر فإنها تذكر الآخرة وتقصر الأمل وتعين على تذكر الموت فلا يغتر بالدنيا
• الاعتكاف في المسجد : تذكر أن أحب البقاع إلى الله المساجد ، , وأن من السبعة الذين يظلهم الله في ظله رجل قلبه معلق بالمساجد . فلا تحرم نفسك من الجلوس في المسجد واجعل نيتك الاعتكاف ولو ربع ساعة أو فترة بعد المغرب أو كان بعد الفجر . و لو كان لوحدك يكون أفضل ولو كان مع أصحابك فلا بأس . أهم شيء أن تقضي وقتك بذكر الله ومحاسبة النفس .
• قراءة سورة الكهف : ويكون ذلك يوم الجمعة وليلة الجمعة . حاول أن تبكر لصلاة الجمعة حتى تقرأ سورة الكهف ومن السنة الإكثار من الصلاة على النبي يوم الجمعة .
• السواك عند كل صلاة : إذا لم يكن معك سواك فاشتر سواكا بقيمة ثلاث دراهم واربح مرضاة الله ( السواك مطهرة للفم مرضاة للرب )
• طلب العلم : إما أن يكون بحضور مجلس علم في المسجد فإذا لم تستطع فاسمع شريطا مفيدا أو تصفح كتابا أو كتيبا في الفقه أو الحديث أو العقيدة أو غيره .
• النصح للمسلمين : يكون بنصيحة توجهها لمن تعرفه على شكل مشافهة ( باللسان ) أو بإهداء شريط أو بكتابة رسالة لمن تريد أن تنصحه . والأمر مفتوح في طريقة النصح .
• الدلالة على الخير : بأن يدل شخصا على درس مثلا أو حضور برنامج مع صحبة طيبة أو يدله على عمل صالح أو ينبهه على سنة من السنن كالسواك وغيرها .
• التبكير للصلاة والصف الأول : أن يترك كل شي ويذهب للصلاة بعد سماع المؤذن أو يكون مستعدا قبل الأذان فإذا أذن سارع إلى المسجد فيلحق على تكبيرة الإحرام .
• صوم يوم الاثنين أو الخميس : ولو مرة في الشهر أو مرة في الأسبوع بحيث يصوم في أسبوع الاثنين وفي الأسبوع الآخر الخميس وهكذا
==============
تأملات في محنة " الإنسان الفارغ "
خباب بن مروان الحمد
يمضي كثير من الناس أوقاتهم في فراغ ، تجدهم في صالات الانتظار يجلسون الساعة والساعتين بله الساعات الطوال = ينتظرون مرسوماً أو معاملة أو مراجعة تخصهم بلا شيء يفعلونه ، ولا فائدة يستفيدوها ...
في تلك الحقبة الزمنية ستجد الحالات التي يمضيها(الإنسان الفارغ) متقلبة ما بين فضول النظر وفضول الكلام وفضول الاستماع ، فضلاً عن شرب الدخان، والتثاؤب والسرحان .
أتألم كثيراً حين أجد (الإنسان الفارغ) يبقى بلا شيء في ساعات الانتظار ، أو صالات الاستقبال، أو سيارات الأجرة ، أو أوقات السفر ، فتجد الملل يتسرب إلى دواخل نفسه، والطفش يلمُّ به وقد يدري بذلك وقد لا يدري.
بينما نجد قبالة الفارغين، أولئك القوم المهتمون بأوقاتهم من العلماء والمصلحين والمفكرين، وحينها سنشعر حتماً أنَّهم ما كانوا يضيعون ثانية تضيع من أوقاتهم هدرا ، فذاك يطلب من ابنه أن يقرأ عليه كتاباً وهو في داخل الخلاء (دورة المياه) وذاك يقرأ وهو يمشي حتى إنَّه قد ارتطم بجدار فمات أو سقط في حفرة وهو لا يشعر، وذاك يؤلِّف كتباً وهو في السفر ويخرج كتابين من أروع ما ازدانت بها رفوف المكتبات (بدائع الفوائد) و( زاد المعاد) ، وذاك يمضي وقته في الاستغفار والتسبيح، وآخر يسجن فيؤلِّف كتاباً حافلاً في الفقه الحنفي، ورجل يسجن فيجلس لتعليم الناس أمور دينهم ...
إنَّها أوقات قد تكون ضائعة إن لم تستغل، إلاَّ أنَّ المفلحين الذين يعرفون أنَّ للوقت قيمة كبيرة، لن يضيعوه يذهب هباءً ، ذلك أنَّهم يعلمون بأنَّ الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك، وأنَّ الإنسان إن لم يستغله بالعمل والبناء والقراءة والدعوة والعبادة والذكر، فسيتندم على وقت يفوته ولات ساعة مندم.
ليت أنَّ الوقت يباع ويشترى
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {اغتنم خمساً قبل خمس، وذكر منها فراغك قبل شغلك } أخرجه الإمام أحمد، والنسائي والحاكم و صححه .
في زمن ماضٍ كنت أقرأ في ذكريات الأديب الأريب علي الطنطاوي ـ صبَّ الله عليه من شآبيب برِّه ـ فذكر عن الشيخ جمال القاسمي ـ عليه رحمة الله ـ أنَّه مرَّ بشباب يلهون ويضيعون أوقاتهم بالحرام فقال : ليت أنَّ الوقت يباع ويشترى لاشتريت منهم أوقاتهم !!
إنَّ الوقت درَّة ثمينة ، وساعة ستفوت ، ونبتة قد تذبل ، وسعة قد تضيق ، فإن لم نحسن استغلاله فسيأتينا اليوم الذي نسأل فيه عن وقتنا وعمرنا فيما أفنيناه ، ونشعر عندها بكمية الوقت الهائل الضائع الفائت الذي لم نستغله أحسن استغلال.(1/161)
وبناء على ذلك فنحن نستطيع أن نستغل وقتنا الضائع بقراءة آية ، ومذاكرة حديث، واستغفار، وتسبيح، وتهليل، وصلاة، ودعوة، وقراءة، وتعليم وتعلم، وأمر بمعروف، ونهي عن منكر، فسنشعر حينها بطعم البركة في أوقاتنا .
باستغلال أوقاتنا الضائعة نستطيع أن نحل مشاكل البطالة، بخدمة الناس، والسعي على الرزق ولو بالبسيط، والمشاركة في حل هموم المساكين والفقراء مع الجمعيات الخيرية .
باستغلال أوقاتنا نستطيع أن نستمع إلى دروس علمية، تشرح الكتب الطويلة عبر مسجِّل السيارة بدلاً من السرحان وسذاجة التفكير.
باستغلال أوقاتنا نحاول أن نكون أشدَّ إصراراً على عدم تضييع ثانية من الإجازة الصيفية، وقد أخطأ من قال عنها عطلة فلا شيء في دين الإسلام اسمه عطلة وإنَّما راحة، والراحة تكون عبادة كذلك حين تكون النية للتقوي على طاعة الله.
باستغلال أوقاتنا نبتعد عن الروح الفوضوية ونشعر بأنَّنا منظمون، وحينها لا نشعر بوقت ضائع، ولا بعمل فائت.
باستغلال الأوقات تحاول المرأة وهي تطبخ وتعدُّ الطبيخ أن تستمع لشريط قرآن أو دروس أو محاضرات، أو تلهج بالذكر والاستغفار.
باستغلال الأوقات نستطيع أن نتفكر في مخلوقات الله ، أو نفكِّر تفكيراً إيجابيَّاً في التخطيط لأعمالنا، فكم من فكرة خطرت في الوقت ، ينتفع بها المرء فيما بعد انتفاعاً عجيباً.
حدَّث الإمام ابن الجوزي في كتابه صيد الخاطر بأنَّ هناك زوَّاراً ثقلاء كانوا يأتونه بكثرة، ولم يستطع أن يخرجهم من بيته، فكان يقطِّع الورق في ذاك الوقت الذي يأتيه فيه أولئك الثقلاء، ويبري الأقلام حتَّى إذا خرج الزوَّار شرع في التصنيف والتأليف والكتابة بأقلامه بتلك الأوراق التي قطَّعها فيكون وقته قد استغلَّه بما ينفعه فيما بعد.
وكان العلاَّمة الفقيه ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ يشرح لتلاميذه وطلاَّبه بعض المتون العلمية، وهو يمشي من بيته لمسجده الذي يؤمُّه، حيث كان بين المسجد وبين بيته مدَّة عشر دقائق، فكان يستغل هذا الوقت في شروح بعض المتون العلمية المختصرة، وأنجز شرح عدد من المتون في ذلك .
وسرُّ الاهتمام بالوقت أنَّ له عدَّة خصائص منها : سرعة انقضائه وأنَّ ما مضى منه لا يفوت وأنَّ الوقت أثمن ما لدى الإنسان، فالمسلم إذاً لا يعرف الفراغ؛ لأنَّ الوقت أغلى من الذهب فهو الحياة بكاملها، والمسلم حين ينتهي من شغل معيَّن يشرع في شغل آخر، ويذبح الفراغ بسكين العمل، ولهذا كان سلفنا الصالح ـ رضوان الله عليهم ـ يولون للوقت عناية خاصَّة، فهاهو الحسن البصري ـ عليه رحمة الله يقول ـ :( لقد أدركت أقواماً كانوا أشدَّ حرصاً على أوقاتهم من حرصكم على دراهمكم ودنانيركم ) وَوُصف رسول الله ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ بأنَّه لا فراغ لديه في وقته كما تقول عائشة :(ولا رئي قط فارغاً في بيته) صفة الصفوة(1/200).
ولكنَّ الوقت الآن وللأسف صار عبئاً على كثير من الناس ، وصار كثير منهم يقول : ( تعال لنقطع الوقت) إلى غير ذلك من الكلمات التي تدل على رخص الوقت عند هؤلاء المساكين، الذين لم يعرفوا قدر أوقاتهم، وصدق من قال: من علامة المقت إضاعة الوقت.
لقد أصيب كثير من أبناء وبنات المسلمين بنوعية عجيبة في الانتحار الجماعي عن طريق هدر الأوقات في الأمور الفارغة ، ما أدَّى بهم الحال إلى أن ينشغلوا بالتوافه أو الأمور المحرمة ، ورحم الله الإمام الشافعي إذ يقول :( إذا لم تشغل نفسك بالحق شغلتك بالباطل)
فالفطن إذاً يستغل وقته ويعلم حقيقة ما خلق له، والخاسر من يتهاون به ويشغل نفسه بالحرام والباطل، وقد نقل عن أحد العلماء أنه قال :(من أمضى يوما من عمره في غير حق قضاه أو فرض أداه أو مجلة أثَّله أو حمد حصله أو خير أسسه أو علم اقتبسه فقد عق يومه وظلم نفسه).
وأخيراً : رحم الله الإمام ابن هبيرة حين قال :
والوقت أنفس ما عنيت بحفظه *** وأراه أسهل ما عليك يضيع
والسلام....
============
كيف نستثمر أوقاتنا
الوقتُ أنفسُ ما عنيتَ بحفظه *** وأراهُ أسهلَ ما عليكَ يضيعُ
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده، وبعد :
فمن تتبع أخبار الناس وتأمل أحوالهم، وعرف كيف يقضون أوقاتهم، وكيف يمضون أعمارهم، عَلِمَ أن أكثر الخلق مضيِّعون لأوقاتهم، محرومون من نعمة استغلال العمر واغتنام الوقت، ولذا نراهم ينفقون أوقاتهم ويهدرون أعمارهم فيما لا يعود عليهم بالنفع .
وإن المرء ليعجب من فرح هؤلاء بمرور الأيام، وسرورهم بانقضائها، ناسين أن كل دقيقة بل كل لحظة تمضي من عمرهم تقربهم من القبر والآخرة، وتباعدهم عن الدنيا .
إنَّا لنفرحُ بالأيام نقطعها *** وكل يوم مضى جزءٌ من العمرِ
ولما كان الوقت هو الحياة وهو العمر الحقيقي للإنسان، وأن حفظه أصل كل خير، وضياعه منشأ كل شر، كان لابد من وقفة تبين قيمة الوقت في حياة المسلم، وما هو واجب المسلم نحو وقته، وما هي الأسباب التي تعين على حفظ الوقت، وبأي شيء يستثمر المسلم وقته .
نسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن طالت أعمارهم وحسنت أعمالهم، وأن يرزقنا حسن الاستفادة من أوقاتنا، إنه خير مسئول .
قيمة الوقت وأهميته
إذا عرف الإنسان قيمة شيء ما وأهميته حرص عليه وعزَّ عليه ضياعه وفواته، وهذا شيء بديهي، فالمسلم إذا أدرك قيمة وقته وأهميته، كان أكثر حرصاً على حفظه واغتنامه فيما يقربه من ربه، وها هو الإمام ابن القيم رحمه الله يبين هذه الحقيقة بقوله : "وقت الإنسان هو عمره في الحقيقة، وهو مادة حياته الأبدية في النعيم المقيم، ومادة معيشته الضنك في العذاب الأليم، وهو يمر مرَّ السحاب، فمن كان وقته لله وبالله فهو حياته وعمره، وغير ذلك ليس محسوباً من حياته... . فإذا قطع وقته في الغفلة والسهو والأماني الباطلة وكان خير ما قطعه به النوم والبطالة، فموت هذا خير من حياته" .
ويقول ابن الجوزي : "ينبغي للإنسان أن يعرف شرف زمانه وقدر وقته، فلا يضيع منه لحظة في غير قربة، ويقدم فيه الأفضل فالأفضل من القول والعمل، ولتكن نيته في الخير قائمة من غير فتور بما لا يعجز عنه البدن من العمل " .
ولقد عني القرآن والسنة بالوقت من نواحٍ شتى وبصور عديدة، فقد أقسم الله به في مطالع سور عديدة بأجزاء منه مثل الليل، والنهار، والفجر، والضحى، والعصر، كما في قوله تعالى : ( واللَّيْلِ إِذَا يَغْشى والنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (، ( وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ ( ،( وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ ..( ، ( وَالْعَصْرِ إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِيْ خُسْر( . ومعروف أن الله إذا أقسم بشيء من خلقه دلَّ ذلك على أهميته وعظمته، وليلفت الأنظار إليه وينبه على جليل منفعته .
وجاءت السنة لتؤكد على أهمية الوقت وقيمة الزمن، وتقرر أن الإنسان مسئول عنه يوم القيامة، فعن معاذ بن جبل أن رسول الله ( قال : "لا تزول قدم عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع خصال : عن عمره فيم أفناه، وعن شبابه فيم أبلاه، و عن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن علمه ماذا عمل فيه" [ رواه الترمذي وحسنه الألباني ] . وأخبر النبي ( أن الوقت نعمة من نعم الله على خلقه ولابد للعبد من شكر النعمة وإلا سُلبت وذهبت . وشكر نعمة الوقت يكون باستعمالها في الطاعات، واستثمارها في الباقيات الصالحات،يقول ( : "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة، والفراغ" [ رواه البخاري ] .
واجب المسلم نحو وقته(1/162)
لما كان للوقت كل هذه الأهمية حتى إنه ليعد هو الحياة حقاً، كان على المسلم واجبات نحو وقته، ينبغي عليه أن يدركها، ويضعها نصب عينيه، ومن هذه الواجبات :
الحرص على الاستفادة من الوقت :
إذا كان الإنسان شديد الحرص على المال، شديد المحافظة عليه والاستفادة منه، وهو يعلم أن المال يأتي ويروح، فلابد أن يكون حرصه على وقته والاستفادة منه كله فيما ينفعه في دينه ودنياه، وما يعود عليه بالخير والسعادة أكبر، خاصة إذا علم أن ما يذهب منه لا يعود. ولقد كان السلف الصالح ( أحرص ما يكونون على أوقاتهم؛ لأنهم كانوا أعرف الناس بقيمتها، وكانوا يحرصون كل الحرص على ألا يمر يوم أو بعض يوم أو برهة من الزمان وإن قصرت دون أن يتزودوا منها بعلم نافع أو عمل صالح أو مجاهدة للنفس أو إسداء نفع إلى الغير، يقول الحسن : أدركت أقواماً كانوا على أوقاتهم أشد منكم حرصاً على دراهمكم ودنانيركم .
تنظيم الوقت :
من الواجبات على المسلم نحو وقته تنظيمه بين الواجبات والأعمال المختلفة دينية كانت أو دنيوية بحيث لا يطغى بعضها على بعض، ولا يطغى غير المهم على المهم .
يقول أحد الصالحين : "أوقات العبد أربعة لا خامس لها: النعمة، والبلية، والطاعة، والمعصية . و لله عليك في كل وقت منها سهم من العبودية يقتضيه الحق منك بحكم الربوبية : فمن كان وقته الطاعة فسبيله شهود المنَّة من الله عليه أن هداه لها ووفقه للقيام بها، ومن كان وقته النعمة فسبيله الشكر، ومن كان وقته المعصية فسبيله التوبة والاستغفار، ومن كان وقته البلية فسبيله الرضا والصبر" .
اغتنام وقت فراغه :
الفراغ نعمة يغفل عنها كثير من الناس فنراهم لا يؤدون شكرها، ولا يقدرونها حق قدرها، فعن ابن عباس أن النبي ( قال : "نعمتان من نعم الله مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة، والفراغ" [ رواه البخاري ] . وقد حث النبي ( على اغتنامها فقال : "اغتنم خمساً قبل خمس ..." وذكر منها : "... وفراغك قبل شغلك" [ رواه الحاكم وصححه الألباني ] .
يقول أحد الصالحين : "فراغ الوقت من الأشغال نعمة عظيمة، فإذا كفر العبد هذه النعمة بأن فتح على نفسه باب الهوى، وانجرَّ في قِياد الشهوات، شوَّش الله عليه نعمة قلبه، وسلبه ما كان يجده من صفاء قلبه" .
فلابد للعاقل أن يشغل وقت فراغه بالخير وإلا انقلبت نعمة الفراغ نقمة على صاحبها، ولهذا قيل : "الفراغ للرجال غفلة، وللنساء غُلْمة" أي محرك للشهوة .
أسباب تعين على حفظ الوقت
محاسبة النفس : وهي من أعظم الوسائل التي تعين المسلم على اغتنام وقته في طاعة الله . وهي دأب الصالحين وطريق المتقين، فحاسب نفسك أخي المسلم واسألها ماذا عملت في يومها الذي انقضى؟ وأين أنفقت وقتك؟ وفي أي شيء أمضيت ساعات يومك؟ هل ازددت فيه من الحسنات أم ازددت فيه من السيئات؟ .
تربية النفس على علو الهمة : فمن ربَّى نفسه على التعلق بمعالي الأمور والتباعد عن سفسافها، كان أحرص على اغتنام وقته، ومن علت همته لم يقنع بالدون، وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم :
إذا ما عَلا المرءُ رام العلا *** ويقنعُ بالدُّونِ من كان دُونَا
صحبة الأشخاص المحافظين على أوقاتهم : فإن صحبة هؤلاء ومخالطتهم، والحرص على القرب منهم والتأسي بهم، تعين على اغتنام الوقت، وتقوي النفس على استغلال ساعات العمر في طاعة الله، ورحم الله من قال :
إذا كنتَ في قومٍ فصاحِب خِيارَهم *** ولا تصحبِ الأردى فتردى مع الرَّدِي
عن المرءِ لا تَسَلْ وسَلْ عن قرينهِ *** فكلُّ قرينٍ بالمقارَن يقتدِي
معرفة حال السلف مع الوقت : فإن معرفة أحوالهم وقراءة سيرهم لَأكبر عون للمسلم على حسن استغلال وقته، فهم خير من أدرك قيمة الوقت وأهمية العمر، وهم أروع الأمثلة في اغتنام دقائق العمر واستغلال أنفاسه في طاعة الله .
تنويع ما يُستغل به الوقت : فإن النفس بطبيعتها سريعة الملل، وتنفر من الشيء المكرر . وتنويع الأعمال يساعد النفس على استغلال أكبر قدر ممكن من الوقت .
إدراك أن ما مضى من الوقت لا يعود ولا يُعوَّض : فكل يوم يمضي، وكل ساعة تنقضي، وكل لحظة تمر، ليس في الإمكان استعادتها، وبالتالي لا يمكن تعويضها . وهذا معنى ما قاله الحسن : "ما من يوم يمرُّ على ابن آدم إلا وهو يقول : يا ابن آدم، أنا يوم جديد، وعلى عملك شهيد، وإذا ذهبت عنك لم أرجع إليك، فقدِّم ما شئت تجده بين يديك، وأخِّر ما شئت فلن يعود إليك أبداً" .
تذكُّر الموت وساعة الاحتضار : حين يستدبر الإنسان الدنيا، ويستقبل الآخرة، ويتمنى لو مُنح مهلة من الزمن، ليصلح ما أفسد، ويتدارك ما فات، ولكن هيهات هيهات، فقد انتهى زمن العمل وحان زمن الحساب والجزاء . فتذكُّر الإنسان لهذا يجعله حريصاً على اغتنام وقته في مرضاة الله تعالى .
الابتعاد عن صحبة مضيعي الأوقات : فإن مصاحبة الكسالى ومخالطة مضيعي الأوقات، مهدرة لطاقات الإنسان، مضيعة لأوقاته، والمرء يقاس بجليسه وقرينه، ولهذا يقول عبد الله بن مسعود : "اعتبروا الرجل بمن يصاحب، فإنما يصاحب الرجل من هو مثله" .
تذكُّر السؤال عن الوقت يوم القيامة : حين يقف الإنسان أمام ربه في ذلك اليوم العصيب فيسأله عن وقته وعمره، كيف قضاه؟ وأين أنفقه؟ وفيم استغله؟ وبأي شيء ملأه؟ يقول ( : "لن تزول قدما عبد حتى يُسأل عن خمس : عن عمره فيم أفناه؟ وعن شبابه فيم أبلاه؟ ....." [ رواه الترمذي وحسنه الألباني ] . تذكرُ هذا يعين المسلم على حفظ وقته، واغتنامه في مرضاة الله .
من أحوال السلف مع الوقت
قال الحسن البصري : "يا ابن آدم، إنما أنت أيام، إذا ذهب يوم ذهب بعضك". وقال : "يا ابن آدم، نهارك ضيفك فأحسِن إليه، فإنك إن أحسنت إليه ارتحل بحمدك، وإن أسأت إليه ارتحل بذمِّك، وكذلك ليلتك" . وقال : "الدنيا ثلاثة أيام : أما الأمس فقد ذهب بما فيه، وأما غداً فلعلّك لا تدركه، وأما اليوم فلك فاعمل فيه" . وقال ابن مسعود : "ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه، نقص فيه أجلي، ولم يزدد فيه عملي" .
وقال ابن القيم : "إضاعة الوقت أشد من الموت؛ لأن إضاعة الوقت تقطعك عن الله والدار الآخرة، والموت يقطعك عن الدنيا وأهلها" .
وقال السري بن المفلس : "إن اغتممت بما ينقص من مالك فابكِ على ما ينقص من عمرك" .
بم نستثمر أوقاتنا ؟
إن مجالات استثمار الوقت كثيرة، وللمسلم أن يختار منها ما هو أنسب له وأصلح، ومن هذه المجالات :
حفظ كتاب الله تعالى وتعلُّمه : وهذا خير ما يستغل به المسلم وقته، وقد حثَّ النبي ( على تعلم كتاب الله فقال : "خيركم من تعلم القرآن وعلمه" [ رواه البخاري ] .
طلب العلم : فقد كان السلف الصالح أكثر حرصاً على استثمار أوقاتهم في طلب العلم وتحصيله؛ وذلك لأنهم أدركوا أنهم في حاجة إليه أكبر من حاجتهم إلى الطعام والشراب . واغتنام الوقت في تحصيل العلم وطلبه له صور، منها : حضور الدروس المهمة، والاستماع إلى الأشرطة النافعة، وقراءة الكتب المفيدة وشراؤها .
ذكر الله تعالى : فليس في الأعمال شيء يسع الأوقات كلها مثل الذكر، وهو مجال خصب وسهل لا يكلف المسلم مالاً ولا جهداً، وقد أوصى النبي ( أحد أصحابه فقال له : "لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله" [ رواه أحمد وصححه الألباني ] . فما أجمل أن يكون قلب المسلم معموراً بذكر مولاه، إن نطق فبذكره، وإن تحرك فبأمره .(1/163)
الإكثار من النوافل : وهو مجال مهم لاغتنام أوقات العمر في طاعة الله، وعامل مهم في تربية النفس وتزكيتها، علاوة على أنه فرصة لتعويض النقص الذي يقع عند أداء الفرائض، وأكبر من ذلك كله أنه سبب لحصول محبة الله للعبد " ولا يزال عبدي يتقرَّب إليَّ بالنوافل حتى أحبه" [ رواه البخاري ] .
الدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والنصيحة للمسلمين : كل هذه مجالات خصبة لاستثمار ساعات العمر . والدعوة إلى الله تعالى مهمة الرسل ورسالة الأنبياء، وقد قال الله تعالى : ( قُلْ هَذِهِ سَبِيْلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيْرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِيْ ( [ يوسف : 108 ] . فاحرص - أخي المسلم - على اغتنام وقتك في الدعوة إما عن طريق إلقاء المحاضرات، أو توزيع الكتيبات والأشرطة، أو دعوة الأهل والأقارب والجيران .
زيارة الأقارب وصلة الأرحام : فهي سبب لدخول الجنة وحصول الرحمة وزيادة العمر وبسط الرزق، قال ( : "من أحب أن يُبسط له في رزقه، ويُنسأ له في أثره، فليصل رحمه" [ رواه البخاري ] .
اغتنام الأوقات اليومية الفاضلة : مثل بعد الصلوات، وبين الأذان والإقامة، وثلث الليل الأخير، وعند سماع النداء للصلاة، وبعد صلاة الفجر حتى تشرق الشمس . وكل هذه الأوقات مقرونة بعبادات فاضلة ندب الشرع إلى إيقاعها فيها فيحصل العبد على الأجر الكبير والثواب العظيم .
تعلُّم الأشياء النافعة : مثل الحاسوب واللغات والسباكة والكهرباء والنجارة وغيرها بهدف أن ينفع المسلم نفسه وإخوانه .
وبعد أخي المسلم فهذه فرص سانحة ووسائل متوفرة ومجالات متنوعة ذكرناها لك على سبيل المثال - فأوجه الخير لا تنحصر - لتستثمر بها وقتك بجانب الواجبات الأساسية المطلوبة منك .
آفات تقتل الوقت
هناك آفات وعوائق كثيرة تضيِّع على المسلم وقته، وتكاد تذهب بعمره كله إذا لم يفطن إليها ويحاول التخلص منها، ومن هذه العوائق الآفات :
الغفلة : وهي مرض خطير ابتلي به معظم المسلمين حتى أفقدهم الحسَّ الواعي بالأوقات، وقد حذَّر القرآن من الغفلة أشد التحذير حتى إنه ليجعل أهلها حطب جنهم، يقول تعالى : ( وَلَقَد ذَرَأنَا لِجَهَنمَ كَثِيرًا منَ الجِن وَالإِنسِ لَهُم قُلُوبٌ لا يَفقَهُونَ بِهَا وَلَهُم أَعيُنٌ لا يُبصِرُونَ بِهَا وَلَهُم ءاذَانٌ لا يَسمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأنعام بَل هُم أَضَل أُولَئِكَ هُمُ الغاَفِلُونَ (179)( [ الأعراف : 179] .
التسويف : وهو آفة تدمر الوقت وتقتل العمر، وللأسف فقد أصبحت كلمة "سوف" شعاراً لكثير من المسلمين وطابعاً لهم، يقول الحسن : "إياك والتسويف، فإنك بيومك ولست بغدك" فإياك - أخي المسلم - من التسويف فإنك لا تضمن أن تعيش إلى الغد، وإن ضمنت حياتك إلى الغد فلا تأمن المعوِّقات من مرض طارئ أو شغل عارض أو بلاء نازل، واعلم أن لكل يوم عملاً، ولكل وقت واجباته، فليس هناك وقت فراغ في حياة المسلم، كما أن التسويف في فعل الطاعات يجعل النفس تعتاد تركها، وكن كما قال الشاعر:
تزوَّد من التقوى فإنك لا تدري *** إن جنَّ ليلٌ هل تعيشُ إلى الفجرِ
فكم من سليمٍ مات من غير عِلَّةٍ *** وكم من سقيمٍ عاش حِيناً من الدهرِ
وكم من فتىً يمسي ويصبح آمناً *** وقد نُسجتْ أكفانُه وهو لا يدري
فبادر - أخي المسلم - باغتنام أوقات عمرك في طاعة الله، واحذر من التسويف والكسل، فكم في المقابر من قتيل سوف . والتسويف سيف يقطع المرء عن استغلال أنفاسه في طاعة ربه، فاحذر أن تكون من قتلاه وضحاياه .
وصلى الله على نبيه محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
==============
وقتك هو عمرك.... فاغتنميه
أم سهيلة
بسم الله و الصلاة و السلام على رسول الله
أخواتي في الله ........السلام عليكم
قال صلى الله عليه وسلم "لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه وعن علمه فيما فعل به و عن ماله من أين اكتسبه وعن جسمه فيما أبلاه"
فمن السائل هنا ؟؟؟؟
انه الله رب العالمين في يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله .....فهل أعددت لهذا السؤال جواب ؟؟
أجل سنسأل يوم القيامة عن هذه الأشياء و أهمها أعمارنا التي هي الدقائق و الثواني هي الأنفاس التي تخرج ولا تعود
• يروى عن الحسن البصري أنه قال :ما من يوم ينشق فجره إلا وينادى يا ابن آدم أنا خلق جديد وعلى عملك شهيد فتزود منى فإني إذا مضيت لا أعود إلى يوم القيامة
• و عن ابن مسعود قال :ما ندمت على شيء ندمى على يوم غربت شمسه نقص فيه أجلى ولم يزد فيه عملي
• و في الترمذي عن أبى هريرة مرفوعا "ما من ميت يموت إلا ندم قالوا و ما ندامته ؟
قال:إن كان محسنا ندم إن لا يكون ازداد و إن كان مسيئا ندم إن لا يكون استعتب
• و قال الحسن البصري : أدركت أقواما كان أحدهم أشح على عمره منه على درهمه
• وقال أيضا :إنما أنت أيام مجموعة كلما مضى يوم مضى بعضك
• و قال أيضا ما أطال عبد الأمل إلا أساء العمل
• وقيل للإمام أحمد رحمه الله :كيف أصبحت ؟ فقال :في عمر ينقص وذنوب تزيد
• وكان الربيع بن خثيم إذا قيل له : كيف أصبحتم ؟ قال : ضعفاء مذنبين نأكل أرزاقنا وننتظر آجالنا
• و كان السلف يقولون: من علامة المقت إضاعة الوقت و كانوا يحرصون كل الحرص على ألا يمر يوم أو بعض يوم دون أن يتزودوا منها بعلم نافع أو عمل صالح حتى لا تتسرب الأعمار سدى و تضيع هباء
• قال الشاعر :
إذا مر بي يوم و لم أقتبس هدى
و لم أستفد علما فما ذاك من عمري
فعليك أختي بمراجعة نفسك ......كيف تقضى يومك ؟؟؟فإنما الإنسان ساعات يعيشها فان أضاعها أضاع نفسه فكم نضيع من أعمارنا بدون أي زيادة في العلم و العمل و بدون أي ندم
إذاً أختي الحبيبة ما هي واجبات الأخت المسلمة نحو وقتها حتى لا تكون ممن يندمون يوم القيامة :
1- أن تحافظ عليه كما تحافظ على مالها بل أكثر منه و أن تحرص على الاستفادة من وقتها كله فيما ينفعها في دينها و دنياها و قد كان السلف رضي الله عنهم أحرص ما يكونون على أوقاتهم لأنهم كانوا أعرف الناس بقيمتها و كانوا يحرصون كل الحرص على ألا يمر يوم أو بعض يوم أو حتى لحظات و إن قصرت دون أن يتزودوا منها بعلم نافع أو عمل صالح أو مجاهدة للنفس أو إسداء نفع للغير حتى لا تتسرب الأعمار سدى و تضيع هباء و هم لا يشعرون
اليوم نفعل ما نشاء و نشتهي .............. و غدا نموت و ترفع الأقلام
2- و على الأخت أن تنتفع بوقتها بالأهم ثم المهم و لا تشتغل بالأدنى عن الأعلى
3- و أن تنظم وقتها بين الواجبات و الأعمال المختلفة دينية كانت أو دنيوية حتى لا يطغى بعضها على بعض و لا يطغى غير المهم على المهم و لا المهم على الأهم و لا غير الموقوت على الموقوت فما كان مطلوب بصفة عاجلة - كالصلاة على وقتها- يجب أن تبادر به و تؤخر ما ليس له صفة العجلة كأي عمل في البيت مثلاً
4- أن تنزه نفسها عن الإكثار من المباحات فالإكثار منها مضيع للأوقات إن لم تستحضر لها نية تقلبها إلى طاعة
5- أن تتخذ من مرور الليالي و الأيام عبرة لنفسها فإن الليل و النهار يبليان كل جديد و يطويان الأعمار(1/164)
6- أن تعرف ما يتطلبه الوقت من عمل القلب و اللسان و الجوارح فتتحراه و تجتهد في القيام به حتى يقع موقعه من القبول عند الله عز و جل فليس المهم أختي المسلمة أن تعملي أي شيء في أي زمن بل المهم أن تعملي العمل المناسب في الوقت المناسب فأذكار الصباح والمساء مثلا ينبغي أن تقع في أوقاتها ولا تنشغل المسلمة بأي شيء عنها ما أمكنها حتى تأخذ الأجر المترتب على القيام بها في وقتها وهكذا في سائر الطاعات والقربات التي تتقرب بها إلى الله تعالى.
7- أن تتحرى الأوقات التي ميزها الله بخصائص روحية معينة فضلها بها على غيرها كتفضيل بعض الأمكنة على بعض وتفضيل بعض الساعات على بعض وتفضيل بعض الأيام على بعض وتفضيل بعض الشهور على بعض كشهر رمضان على غيره من الشهور فتغتنم الأخت المسلمة هذا الشهر في الاجتهاد والعبادة والتقرب إلى الله عز وجل بما يحب ويرض ولا تجعل هذا الشهر المبارك يمر عليه كغيره من الشهور
8- أن تحذر من الآفات القاتلة للوقت وأهمها طول الأمل في الدنيا والاغترار بالعمل وحسن الظن بالنفس وقرناء قتل الوقت والغفلة والتسويف.
9- فمن حق يومك عليك أختي الحبيبة أن تعمريه بالنافع من العلم و الصالح من العمل و لا تسوفي إلى الغد حتى يفلت منك حاضرك فيصبح ماضيا لا يعود أبداً فعليكِ أن تزرعي في يومك لتحصدي في غدك و إلا ندمت حيث لا ينفع الندم
قال الشاعر :
تزود من التقوى فإنك لا تدري ...........إذا جنَّ ليل هل تعيش إلى الفجر
فكم من سليم مات من غير علة ...........و كم من سقيم عاش حيناً من الدهر
و كم من فتى يمسي و يصبح آمناً ...........و قد نسجت أكفانه و هو لا يدري
و بعد أختي المسلمة فإنه يجدر بك والمهمات ورائك كثيرة والمسئوليات أمامك ثقيلة أن تقدري قيمة الوقت وأهميته فتعمريه بفعل الخيرات ما استطعت إلى ذلك سبيلا ولا يكفيك أن تنهضي إلى الخير في تثاقل وتكاسل أو تؤدي بعضه وتؤجلي بعضه أو تؤخريه كله من يوم إلى آخر عجزاً أو كسلاً , قال تعالى " يؤمنون بالله و اليوم الآخر و يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر و يسارعون في الخيرات و أولئك من الصالحين "
.......قال ابن القيم رحمه الله : أعظم الربح في الدنيا أن تشغل نفسك كل وقت بما هو أولى بها و أنفع لها في معادها , كيف يكون عاقلاً من باع الجنة بما فيها بشهوة ساعة
.....و قال أيضا :إضاعة الوقت أشد من الموت لأن إضاعة الوقت تقطعك عن الله و الدار الآخرة و الموت يقطعك عن الدنيا و أهلها .
أختي المسلمة بعد أن عرفنا أهمية الوقت الذي هو عمرنا الذي يمضي و لا يعود فإني أحذركِ أخيتي من العوائق التي تشغلك عن استثمار وقتك و هي أما من داخل النفس أو من خارجها :
1- اتباع الهوى :و الركون إلى الدعة و الترف و الراحة و الإكثار من المباحات المهدرة للوقت
فالتي تتبع هواها دون مبالاة بالشرع لا تستطيع أن تسيطر على نفسها و حينها يضيع وقتها هباء و علاج ذلك أختي المسلمة يحصل بالاستعانة بالله و مجاهدة النفس و و مصاحبة من تحب وقتها و تحافظ عليه فالمرء على دين خليله
2- طول الأمل : و الذي يتولد منه الكسل عن الطاعة و التسويف بالتوبة و الرغبة في الدنيا و النسيان للآخرة و القسوة في القلب , قال الحسن البصري : ما أطال عبد الأمل إلا أساء العمل
و العلاج ذكر الموت و الحساب و تذكر أن العمر و إن طال فلابد له من نهاية و هي الموت و بعدها نسأل عن أعمارنا كيف قضيناها في لهو و لعب أم في طاعة و عبادة و الفائز يومئذ من استغل وقته في طاعة الله
3- خواء القلب : فإذا كان القلب خاوياً فارغاً انعكس ذلك على حياة الأخت كلها فتصبح لا تعرف للوقت قيمة و لا تعرف كيف تستغله بخلاف ما لو كان القلب ممتلئاً بالإيمان و مداواة ذلك بشغل القلب بالأعمال الإيمانية القلبية من تفكر في خلق الله و الخوف من الله و الحرص على طاعة الله فإذا عالجت الأخت قلبها عرفت قيمة وقتها و كيفية استغلاله فيما يرضي ربها
4- الغفلة: و هي الداء العظيم الذي بسببه يضيع الوقت و يصرف الإنسان عن ما فيه مصلحته في الدنيا و الآخرة و علاجها أن يتنبه الإنسان لقيمة وقته
5- الجهل : فمن جهلت قيمة الوقت و فضل استثماره فيما ينفع النفس في الدنيا و الآخرة فأنى لها أن تفلح ؟
قال ابن القيم رحمه الله : الجهل نوعان عدم العلم بالحق النافع و عدم العمل بموجبه و مقتضاه فكلاهما جهل لغة و عرفاً و شرعاً و حقيقة ....و علاج ذلك : العلم فيفر من الجهل بالعلم إلى تحصيله اعتقاداً و معرفة و بصيرة
6- ضعف الهمة : فقد تكون المسلمة عالمة مؤمنة بقيمة الوقت عارفة بفضله و فضل العمل و لها صحبة صالحة تساعدها على العمل الصالح و لكن ضعف همتها يحول بينها و بين الاستغلال الأمثل لوقتها
و علاج ذلك : التدرج في العمل و تدريب النفس شيئاً فشيئاً و مجاهدة النفس و الصبر على الطاعات
7- الصحبة السيئة : فالتي تضيع أوقاتها سدى و تضيع وقت من تصاحبها فيجب إسداء النصح لها أولاً فإذا لم تستجب فلا مفر من تجنبها قدر الإمكان و عدم مصاحبتها و يجب على الأخت المسلمة أن تصاحب من تعرف أهمية الوقت و تعينها على الطاعة و السعي لرضى الرحمن
فاتقي الله يا أمة الله و راقبيه فاليوم عمل و لا حساب و غداً حساب و لا عمل و اعلمي أن الإنسان لا يزال يلهو و يلعب حتى يأتيه الموت بغتة
فالله الله في الوقت فإنما الإنسان ساعات يعيشها فإن أضاعها أضاع نفسه
فاحذري اختي المسلمة هذه العوائق و أنفقي وقتك في طاعة ربك و ذكره و في تلاوة القرآن و تعلم العلم النافع و في الدعوة إلى الله و حسن العبادة و الإكثار من النوافل
=============
خطبة ( بداية الإجازة الصيفية )
سامي بن خالد الحمود
أما بعد .. كان الوالدان في ترقب وحذر، وتخوف وأمل .. ينتظران على أحر من الجمر ، ما تؤول إليه نتيجة الأبناء في الامتحانات ، وقد أُبرمت الوعود، وزفت البشائر، بالهدايا القيمة والرحلات الممتعة ، إذا كانت النتائج مرضية مشرفة.
وأعلنت النتائج ، وبدأت الإجازة الصيفية الطويلة ، تلك الإجازة التي ينتظرها ملايين الطلاب والطالبات من أبنائنا وبناتنا ؛ ليستريحوا من عناء السهر والمذاكرة ، والذهاب يومياً إلى المدارس والجامعات والمعاهد .
نعم .. لقد بدأت الإجازة ، والله أعلم بما قضى الله فيها من الأقدار والأخبار .. الله أعلم كم فيها من رحمة تنتظر السعداء !! وكم فيها من بلية ومصيبة تنتظر الأشقياء !! نسأل الله العظيم بمنه وكرمه وهو أرحم الراحمين أن يجعل ما وهب لنا من زيادة العمر زيادة لنا في كل خير ، وأن يعصمنا فيها من كل بلاء وشر .
وإذا كنا نتحدث عن الإجازة فإننا نتحدث عن جزء من أعمارنا ، ورصيد من أوقاتنا .
إن الوقت هو الحياة .. من عمره فإنما يعمر حياته ، ومن قتلته فإنما يقتل نفسه .
ولأهمية الوقت ، فإن الله سبحانه وتعالى أقسم به في أوائل سور كثيرة .
{وَالْعَصْرِ} ، {وَالْفَجْرِ } ، {وَالضُّحَى} ، {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} ، {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} ، وغيرها من الآيات.
وقال سبحانه: ((فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ)).
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره : أي إذا فرغت من أمور الدنيا وأشغالها ، وقطعت علائقها ، فانصب إلى العبادة ، وقم إليها نشيطا فارغ البال ، وأخلص لربك النية والرغبة.اهـ(1/165)
أيها المؤمنون .. الوقت هو ثمرة العمر طيبة كانت أو خبيثة .. وفي هذا يقول ابن القيم رحمه الله : ( السنة شجرة، والشهور فروعها، و الأيام أغصانها، والساعات أوراقها، والأنفاس ثمارها، فمن كانت أنفاسه في طاعة فثمرته طيبة، ومن كانت في معصية فثمرته حنظل ) .
ولعلنا نتساءل: متى يعرف المفرط قدر الوقت وقيمة العمل؟
ذكر الله تعالى في القرآن العظيم موقفين يندم فيهما الإنسان على ضياع الوقت والحياة ، ويعلم أنه كان مغبوناً خاسراً في حياته .
الموقف الأول : ساعة الاحتضار .. حينما ينزل الموت بالعبد المفرط (فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين) .. إنه يريد تأخير الأجل ولو قليلاً من الوقت (إلى أجل قريب) .. إنه يريد فرصة من الوقت ليتدارك حياته بالعمل الصالح .
الموقف الثاني : في يوم القيامة .. حين يقول المفرط في جنب الله حين يرى العذاب (لو أن لي كرة فأكون من المحسنين) .. (ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين) .
وإذا أردنا أيها الأحبة أن ندرك أهمية الوقت وخطورته فلنتأمل بعض خصائصه . فمن خصائص الوقت:
1) أن ما مضى منه لا يعود ولا يمكن تعويضه . كما قيل : الوقت كالسيف ، إن لم تقطعه قطعك .
يقول الحسن : ما من يوم ينشق فجره إلا وينادي: يا ابن آدم ، أنا خلق جديد ، وعلى عملك شهيد ، فتزود مني لأني إذا مضيت لا أعود إلى يوم القيامة .
2) سرعة مروره وانقضائه ، فالوقت يمر مر السحاب ولاسيما عند الصحيح المعافى من الأمراض والهموم ، كما قيل :
فقصارهن مع الهموم طويلةٌ وطوالهن مع السرور قصار
ومن العجيب ، ما جاء في السنة من أن الوقت يتقارب ويمضي سريعاً في آخر الزمان .
فعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :"لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان فتكون السنة كالشهر والشهر كالجمعة وتكون الجمعة كاليوم ويكون اليوم كالساعة وتكون الساعة كالضرمة بالنار" رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني في صحيح الجامع .
3) أنه محدود بأجل مسمى ، وهذا الأجل مجهول بالنسبة للإنسان ، فأنت لا تدري متى تنقطع أنفاسك ويحل أجلك ، (فإذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون) .
4) أنه أنفس ما يملكه الإنسان ، وليس كما قيل : الوقت من ذهب ، بل هو أغلى من الذهب لأنه لا يمكن تعويضه .
5) أنه على الرغم من نفاسته وأهميته فإن أكثر الناس مغبونون فيه ، يقول الناطق بالوحي صلى الله عليه وسلم : {نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ} [رواه البخاري عن ابن عباس].
قال ابن بطال: (كثير من الناس) أي أن الذي يوفق لذلك قليل.اهـ
وإنما يعرف قدر هاتين النعمتين من حُرِمها .
هل تأملت أخي الشاب ذلك الشاب الذي تعرض لحادث سيارة فأصبح مشلولاً مقعداً طوال حياته لتعلم كم أنت مغبون في صحتك .. وهل تأملت آخرين ممن يعيشون خلف القضبان وبين الجدران في السجون لتعلم كم أنت مغبون في فراغك .
ومن العجيب أنك قد ترى بعض المرضى والمشلولين والمسجونين يستثمرون أوقاتهم بصورة صحيحة وجيدة ، أما الذين أصح الله أجسادهم ، وعافاهم من الأمراض والمشغلات المقلقة ، فإنهم يتسابقون في تضييع الأوقات وقتلها .
6) أن هذا الوقت هو محل الحساب يوم القيامة ، وكل إنسان محاسب على أوقات عمره كلها لأنها وعاء الأعمال والأقوال ، كما قال تعالى: (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) .
وقد روى الترمذي وغيره بسند صحيح عن أبي برزة الأسلمي عن النبي قال: (لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه ، وعن علمه فيم فعل فيه ، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه ، وعن جسمه فيم أبلاه) . وفي رواية (وعن شبابه فيما أبلاه) كما في حديث ابن مسعود عند الترمذي ومعاذ عند البيهقي وغيره .
إذا عرفنا خصائص الوقت وشرفه وأهميته ، فإننا لا بد من استغلال الوقت بالأعمال النافعة في الدنيا والآخرة .
أيها الإخوة .. إنه لمن المؤسف أن نرى هذا الضياع الذي يعيشه الكثير من الناس في الإجازة .
بل إن كثيراً من المشاكل والسلوكيات السيئة بل والجرائم تزداد في أوقات الإجازة .
في حوارات سريعة مع بعض طلاب المرحلة المتوسطة بالمنطقة الشرقية ، كانت النتائج تنم عن مأساة يقع فيها أولادنا في الإجازة . ما هو أبرز شيء عملته في الإجازة؟ هذا يقول:
1. في السهر مع الاصدقاء على الكورنيش الى الفجر .
2. الدوران على السيكل من الساعة 8 مساء الى 10 صباحاً.
3. في النوم ولعب السوني .
4. مع أصحابي الأكبر مني سناً بالدوران بالسيارة متنقلاً بين مدن المنطقة الشرقية .
5. الوناسة مع اصحابي وجلسات الغناء والرقص .
6. الذهاب لشاطيء نصف القمر والتفحيط والتطعيس .
وهكذا عند الفتيات .. ففي استبيان أجراه موقع (لها أون لاين) على مائة فتاة تراوحت أعمارهن بين 15 إلى 24 سنة في المراحل المتوسطة والثانوية والجامعيات حول وجود التخطيط لقضاء الإجازة تبين أن 60% من العينة ليس بذهنهن أي مخطط لقضاء الإجازة الصيفية بينما 40% لديهن مخطط يسعون إلى تنفيذه .
- وبسؤالهن عن كيفية قضاء الإجازة غلبت السلبيةُ على الإجابات.
50% من الإجابات قالت بأنه لا شيء محدد تنوي فعله أو تفكر فيه وهي تعيش أيام الإجازة يوماً بيوم .
30% قالت أنها ستسافر لتستمتع بالإجازة، ومنهن من قالت إنها ستقضي إجازتها في التسوق وأخرى في المناسبات والأفراح .
وبلغت نسبة من رغبن بالالتحاق بدورات علمية أو حاسب أو تعلم الطبخ أو مركز صيفي 10% من العينة فقط .
- أما بالنسبة للنوم في النهار والسهر في الليل أيام الإجازة.
أجابت 46% أنهن يسهرن الليل وينمن بالنهار .
46% قلن: إنهن ينمن بالليل ويجعلن النهار للاستمتاع والزيارات .
13% قلن: أحياناً نسهر الليل وأحياناً ننامه .
وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ((إن الله يبغض كلَّ جَعْظَريٍ جَوَّاظ ، سَخَّابٍ في الأسواق ، جيفةٍ بالليل ، حمارٍ بالنهار ، عالمٍ بالدنيا جاهلٍ بالآخرة)) . رواه ابن حبان والبيهقي عن أبي هريرة وفي سنده كلام ، فقد صححه الألباني في صحيح الجامع ثم رجع عن تصحيحه في السلسلة الضعيفة.
والجَعْظَري هو الفظ الغليظ المتكبر . والجواظ هو الجموع المنوع .
وتأمل في آخر الحديث .. كم من شاب ينطبق عليه هذا الوصف: سخاب في الأسواق (من السَّخَب وهو الضجة ورفع الصوت) ، جيفة بالليل ، حمار بالنهار ، عالم بالدنيا جاهل بالآخرة !!. نسأل الله تعالى أن يصلح أحوالنا ويردنا إليه رداً جميلاً ، إنه جواد كريم ، والحمد لله رب العالمين .
الخطبة الثانية
الحمد لله الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً وهو العزيز الغفور .. والصلاة والسلام على البشير النذير ، والسراج المنير ، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم المصير .
عباد الله .. الإجازة ليست كما يظن بعض الناس مضيعةً للأوقات ، وليست فرصةً للمعاصي والمنكرات ، فما دمنا نأكلُ من رزق الله ، ونمشي على أرضه ، ونستظلُ بسمائه ، ونستنشقُ من هواءه ، فلا ينبغي لنا أن نعصيه طرفة عين .
ذكر ابن قدامة في كتاب التوابين عن يوسف بن الحسين قال: كنت مع " ذي النون المصري " على شاطئ غدير ، فنظرت إلى عقرب عظيمة على شط الغدير واقفة ، فإذا بضفدع قد خرجت من الغدير ، فركبتها العقرب فجعلت الضفدع تسبح حتى عبرت الغدير .
قال ذو النون : إن لهذه العقرب لشأناً، فامض بنا نتبعُها .(1/166)
فجعلنا نتبع أثرها ، فإذا رجل نائم سكران ..!! وإذا حية سامة قد جاءت فصعدت من ناحية سرته إلى صدره وهي تطلب أذنه ، فتمكنت العقرب من الحية السامة فضربتها ، فانقلبت الحية وهربت!! ورجعت العقرب إلى الغدير ، فجاءت الضفدع فركبتها فعبرت .
فحرّك ذو النون الرجل النائم ففتح عينيه ، فقال : يا فتى ، انظر مما نجّاك الله !! هذه العقرب أرسلها الله إليك ، فقتلت هذه الحية التي أرادتك بسوء !! ثم أنشد ذو النون يقول:
يا غافلا ً والجليل يحرسهُ من كل سوء يدب في الظلمِ
كيف تنام العيون عن ملكٍ تأتيه منه فوائد النعمِ
فنهض الشاب وقال : " إلهي ومولاي : هذا فعلك بمن عصاك !! فكيف رفقك ورحمتك بمن يطيعك ..؟!! "
ثم ولى ذاهبا ً ، فقلت : إلى أين ؟؟ فقال : إلى بيوت الله وإلى طاعة الله !! .
فالله الله أيها الأحبة في أن نشكر الله تعالى على نعمه العظيمة التي لا تحصى .. وأن نسخرها في ما يحبه ويرضاه .
وإذا أردنا أن تستفيد من الإجازة ، ونكون فيها من الفائزين ، فلا بد أن نحقق أمرين :
1) أن نستشعر قيمة الوقت، وأن له شأناً عند الله . وأن هذا الوقت هو رأس مالنا؛ فإن ضيعناه ضاعت حياتنا ، وإن حفظناه كنا من السابقين المفلحين .
2) لا بد من التخطيط والتنظيم والبعد عن الفوضى في استغلال الوقت .
بالتخطيط والتنظيم يمكن أن نحول الإجازة إلى فترة إيجابية في حياتنا نجني منها الأجر والفائدة وبناء النفس من جهة ، ونجد فيها المتعة والترويح عن النفس من جهة أخرى .
بإمكاننا أن نقوم نحن وأولادنا وأسرنا بمشاريع متنوعة خلال الإجازة ، وهذا ما سيأتي بيانه مفصلاً في خطب قادمة بإذن الله تعالى .
ألا وصلوا وسلموا رحمكم الله على النعمة المهداة ، والرحمة المسداة ، محمد بن عبد الله ، فقد أمركم الله بذلك فقال : (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً )
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم..
==========
الزيارة بين النساء على ضوء الكتاب والسنة
خولة درويش
أهمية الوقت لدى المرأة وأضرار إضاعته :
لقد جرت العادة في أكثر بلادنا الشرقية:أن تخصص المرأة فترةَ بعد العصر لاستقبال صديقاتها ،أو زيارتهن على اختلافٍ في طريقة الزيارة أهي دورية منظمة أم عفوية؟ ، وأياً كانت الحال لا يخلو البيت يومها من إعلان حالة طوارئ فيها. فاستعدادات فوق العادة ، تستنزف الجهد ، وتضيع الوقت ، وتبعثر المال. وتحول يوم الاستقبال إلى مباراة بين الأسر فيما يقدم للضيوف ، وفي إبراز مظهر البيت ولباس أهله.
ولو سئلت غالبية النساء عن الهدف من هذه الزيارة؟ لكان أحسن ما يفصحن به: إنه التلاقي لقتل الوقت والتسلية ودفع السأم والملل عنهن.
ولا أدري هل الوقت إلا عمر الإنسان الذي يسأل عنه ؟ ومتى السؤال؟ إنه يوم الفزع الأكبر.. يوم لا تملك نفس لنفس شيئاً والأمر يومئذ لله.
عن أبي بردة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه؟، وعن علمه ما عمل به؟، وعن ماله من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟، وعن جسمه فيما أبلاه؟" (1).
ومن السائل؟ إنه رب العالمين الذي خلق الجن والإنس لعبادته لا للهو ولا للتسلية ؛ ((لَوْ أَرَدْنَا أَن نَّتَّخِذَ لَهْواً لاَّتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّا إن كُنَّا فَاعِلِينَ)) [الأنبياء:17 ].
فماذا نقول لرب العالمين إذا سألنا عن الوقت المهدور الذي إن لم يخل من المحرمات فلا يخلو من لغو الكلام والثرثرة التي ذمها الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "إن أبغضكم إليَّ وأبعدكم مني يوم القيامة: الثرثارون المتشدقون والمتفيهقون"؟(2).
ومن أضاع وقته فقد أضاع جزءاً لا يعوض من حياته، وجديرٌ أن تطول عليه حسرته ، وهل الوقت للمرأة وحدها؟! أين حق الزوج والأولاد؟ ومتى تؤدي حقوق مجتمعها وأمتها الإسلامية؟
لمن تترك مهمتها إذا كان همها الخروج من البيت واللهو الفارغ؟ وقد تقول إحداهن: إنها أدت واجباتها، ظناً منها أن مهمتها محصورة في التنظيف وإرضاء الزوج والإنجاب ، وإن التفتت إلى تربية من أنجبتهم فقد لا يتعدى اهتمامها إطعامهم وكسوتهم المناسبة ودراستهم المتفوقة.
لا يا أختاه ، فأنت مربية الأجيال ، وممولة للمجتمع المسلم ببناته من نساء ورجال ، إن واجبي وواجبك التربية الرشيدة لأبنائنا ، وإعدادهم إعداداً إسلامياً يجعلهم قادرين على حمل الأمانة والنهوض بالأمة وبناء المجتمع الفاضل المنشود.
فإن تركتُ وإياكِ أبناءنا والتفتنا للتسلية فقد خلفنا أبناءً هم الأيتام حقاً رغم وجود أبويهم ،إن اليتيم هو الذي تلقى له أماً تخلت أو أباً مشغولاً ، بل من فقد والديه بالموت قد يجد من يشفق عليه ويرعاه ويحنو عليه،أما من فقدهما في اللهو عنه: فأنى يجد من يرحمه ويفطن لمأساته ، فالمرأة المشغولة بنفسها دائماً لن تجد الوقت الكافي للإشراف على فلذات كبدها وتوجيههم ومتابعتهم والأنس بهم ، مما يساعدها على أداء رسالتها وإرضاء ربها.
صحيحٌ أن الدنيا - هي دار الامتحان - مليئة بالمتاعب والصعاب وفي اللقاء تسلية ومؤانسة... لكن هل التسلية غاية من تشعر أنها على ثغر من ثغور الإسلام ، فلا يؤتى من قبلها؟ أم هي غاية العابثات؟ أمَا وإن الترويح ضروري بين الفينة والأخرى فليكن على غير حساب الأخريات وأوقاتهن...!!
كثيراً ما نشكو من غزو أعدائنا الفكري... وأننا مستهدفون محاربون ، فهل أعددنا العدة لمجابهتهم ، أو على الأقل هل حصَّنا أنفسنا ضدهم روحياً وثقافياً لنطالب بالتسلية؟ ولا تنصر الدعوات وتنتشر بالتشكي والأسى.
إن ما نعانيه يوجب علينا أن نراعي واقعنا على أسس إسلامية لنستطيع النهوض من كبوتنا ، وإلا ستبقى آمالنا سراباً وأمانينا حلماً نرجو أن يتحقق ، وهيهات أن يتحقق بدون عمل وجهد وجهاد. ((والَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا)) [العنكبوت:69 ].
إن العقوبات التي يوقعها الله في أمتنا ما هي إلا لتخاذلنا عن نصرة ديننا وعدم القيام بواجبنا ، والانهزامات التي أصابتنا قد ساهمت بها المرأة من حيث لا تدري ، يوم بدأ دورها ينحسر وتخلت عن القيام بواجبها كما ينبغي في التربية والتنشئة والتعليم.
وهذه الحقيقة المؤلمة التي تدمي القلب وتحز في النفس ، تدفعنا في الوقت نفسه إلى الاستفادة من أوقاتنا للقيام بمهمتنا التي سنسأل عنها: "المرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها" (3).
فلنقم بواجبنا في تربية رجال وأمهات المستقبل ثم لنلتفت إلى التسلية. هذا وإن الرسول -صلى الله عليه وسلم- دلنا على طريقة لإبعاد الهم عن النفس ؛ ألا وهى :توثيق الصلة بالله ، نقبل عليه بالطاعات ، ونجعل همنا الدار الآخرة ، فما الهم إلا نتيجة الحرص على الفانية.
عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من كانت الآخرة همه: جعل الله غناه في قلبه ، وجمع له شمله ، وأتته الدنيا وهى راغمة ، ومن كانت الدنيا همه: جعل الله فقره بين عينيه ، وفرق عليه شمله ، ولم يأته من الدنيا إلا ما قدِّر له"(4).(1/167)
ولقد قال تعالى مبيناً مدى الضيق والضنك ، والعيش النكد الذي يكون به الغافل المعرض عن ذكر الله، وذلك في الدنيا قبل الآخرة: ((ومَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً ونَحْشُرُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وقَدْ كُنتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وكَذَلِكَ اليَوْمَ تُنسَى)) [طه:126 ]
فلنجعل غايتنا رضا الله تعالى ، وسبيلنا اتباع شريعته ، عندها: نشعر أنه لا فراغ يثقل على النفس ويجلب الهم والحزن ، بل أوقاتنا معمورة بذكر الله وطاعته ،والحياة كلها تصبح عبادة وقُربة ، واستفادة من كل لحظة في حياة الإنسان عملاً بقول المصطفى -صلى الله عليه وسلم-: "اغتنم خمساً قبل خمس: حياتك قبل موتك، وصحتك قبل سقمك ، وفراغك قبل شغلك ، وشبابك قبل هرمك ، وغناك قبل فقرك"(5).
وإن كان ابن الجوزي قد عجب من أهل زمانه وإضاعتهم للوقت فقال: "رأيت عموم الخلائق يدفعون الزمان دفعاً عجيباً ، وإن طال الليل فبحديثٍ لا ينفع أو بقراءة كتاب فيه غزاة وسمر ، وإن طال النهار فبالنوم وهم في أطراف النهار على دجلة أو في الأسواق نشبههم بالمتحدثين في سفينة وهي تجري بهم وما عندهم خبر ، ورأيت النادرين قد فهموا معنى الوجود ، فهم في تعبئة الزاد للرحيل ، إلا أنهم يتفاوتون ، وسبب تفاوتهم قلة العلم وكثرته بما ينفق في بلد الإقامة" (6).
فماذا نقول نحن عن الناس في زماننا؟! وقد أصبح العبث الفارغ أساس حياة أكثرهم ، والتبرم بالحياة سبباً في أمراض نفسية غريبة ، وصار الضيق والهلع من المجهول شبحاً يطارد ضعاف النفوس والإيمان؟!
إن أساليبهم في اللهو وإضاعة الأوقات تفوق الخيال: فبعد السهر والسحر على شتى البرامج في وسائل اللهو الحديثة المحرمة والمباحة ، النوم حتى الضحى ، واللهاث بقية النهار للدنيا فقط ، وفي أعمال الدنيا.. وكثرة النوم والتناوم هو شأن الخاملين اللاهين. أما الجادون: فيحرصون على أوقاتهم حرص الشحيح على ماله أو أشد حرصاً. حقاً: "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ" (7).
أيهما أفضل المخالطة أم الانفراد؟
وكأني بك أختي المسلمة تتساءلين: وهل هذا يعني البعد عن الناس وعدم الاختلاط بهم؟
"إن اختيار المخالطة مطلقاً خطأ ، واختيار الانفراد مطلقاً خطأ" (8) ، والإسلام دين تجمع وألفة ، والاختلاط بالناس والتعارف بينهم من تعاليمه الأساسية ، وقد فضل الرسول -صلى الله عليه وسلم- المسلم الذي يخالط الناس على ذلك الذي هجرهم ونأى عنهم: "المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم" (9) ، وكيف يكون الإحسان للجيران والأقارب إلا بمواصلتهم ومعرفة أحوالهم؟
فكم من زيارة دلت على خير في الدنيا والآخرة مسحت بها المسلمة آلام أختها المصابة ، تقوي عزيمتها، تشد أزرها وتدفعها إلى الصبر ، تحس عندها حسن الظن بالله وقرب الفرج ، تشاركها أفراحها ، تعلمها ما تجهله من أمور الدنيا والدين ، تتناصح وإياها وتتشاور لما فيه خيرها وخير المسلمين. أما المخالطة العشوائية التي لا يأبه لها كثير من النساء: فما هي إلا مظهر من مظاهر انهزام المرأة وتخاذلها عن القيام بواجباتها الأسرية ، وهروب من التبعات المنزلية لتمضي مع صويحباتها فترة لهو ولغو. وهى حالة مرضية من حيث الهدف والمضمون. فحري بنا أن نسعى حثيثاً للعلاج قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله. ((ويَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً * يَا ويْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إذْ جَاءَنِي وكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإنسَانِ خَذُولاً)) [الفرقان:27-29 ].
ولما للمرأة من مكانة عظيمة في توجيه الناشئة وغرس العقيدة الصافية في نفوس الأبناء -أجيال المستقبل،كان لابد من محاولة جادة للاستفادة من وقتها وعدم إضاعته سدى في مجاملات تافهة ، ومظاهر فارغة.
لقد كانت المرأة أما وزوجة خير عون على الخير لما تطلعت نحوه ، وشر دافع نحو الخراب والدمار لما سعت إليه. كانت مطية للأفكار الهدامة في القرن العشرين ، وستكون مشعل نور للأجيال إن تمسكت بعقيدتها ودينها.
والله أسأل: أن يجعل هذه المحاولة لبنة تعين الأسرة المسلمة على إكمال رسالتها ،وأن يلهم مسلمة عصرنا رشدها لتعود كسالفتها الصالحة مرشدة لكل خير وفضيلة.
استئذان الزوج في الخروج :
إن الإسلام يأمر بالنظام في كل الحالات، في العادات والمعاملات، في السفر والحضر، فإذا خرج ثلاثة في سفر دعا إلى تأمير أحدهم ، لذلك وتنظيماً للمجتمع فقد جعل قوامة الأسرة للرجل ، فهو أقدر على القيام بهذا الاختصاص من المرأة ، إذ جعل مجالها الطبيعي يتناسب مع فطرتها النفسية وتكوينها الجسمي ، وهو إمداد المجتمع المسلم بالأجيال المؤمنة المهيأة لحمل رسالة هذا ا لدين.
ولا أحد ينكر فضل الاختصاص من حيث قلة الجهد ، وجودة المردود ، سواء في النواحي المادية أو الإنسانية ، هذه الرئاسة والقوامة تقتضي وجوب طاعة المرأة لزوجها ، وقد جاء في الفتاوى لابن تيمية : (والمرأة إذا تزوجت كان زوجها أملك بها من أبويها ، وطاعة زوجها أوجب ، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " الدنيا متاع ، وخير متاعها المرأة الصالحة ، إذا نظرت إليها سرتك ، وإذا أمرتها أطاعتك ، وإذا غبت عنها حفظتك في نفسك و ما لك ".
وفى الترمذي عن أم سلمة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أيما امرأة ماتت وزوجها راضٍ عنها دخلت الجنة " وقال الترمذي حديث حسن.
وقد ورد أيضاً في المسند وسنن ابن ماجة وصحيح ابن حبان عن ابن أبى أوفى قال : لما قدم معاذ من الشام سجد للنبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : ما هذا يا معاذ ؛ قال : أتيت الشام فوجدتهم يسجدون لأساقفتهم وبطارقتهم ، فوددت في نفسي أن نفعل ذلك بك يا رسول الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"لا تفعلوا ذلك، فإني لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لغير الله ، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها . والذي نفسي محمد بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها ولو سألها نفسها وهى على قتب لم تمنعه ".
وإذا أراد الرجل أن ينتقل بها إلى مكان آخر مع قيامه بما يجب عليه وحفظ حدود الله فيها، ونهاها أبواها عن طاعته في ذلك فعليها أن تطيع زوجها دون أبويها.
وإذا نهاها الزوج عما أمر الله أو أمرها بما نهى الله عنه لم يكن لها أن تطيعه في ذلك ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق"(10).
هذا ، وطاعة الزوج ليست تسلطاً منه ، ولا امتهاناً للمرأة ، وانتقاصاً لشخصيتها ، إنما هي من طاعة الله والقربات إليه التي تثاب عليها ويجب أن تعتز بها... وهذا ما يميز المسلمة الواقفة عند حدود الله عن العابثة المتسيبة ، التي لا أب يردها ولا زوج يمنعها ، تخرج من البيت متى تشاء وحيث تشاء ، فتزرع هذا الشر لتحصد الندامة فيما بعد بمشاكل لا تنتهي ، واتهامات كثيرة ، وواقع مرير ، ونتائج وخيمة ، ولا ينجي من ذلك إلا العودة إلى تحكيم شرع الله : ((ولَهُنَّ مِثْلُ الَذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ولِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ(([البقرة:228]، وهذه الدرجة هي قوامة الأسرة.(1/168)
(ولا يحل للزوجة أن تخرج من بيتها إلا بإذن زوجها ، سواء كان ذلك لكونها مرضعاً أو لكونها قابلة أو غير ذلك من الصناعات ، وإذا خرجت من بيت زوجها بغير إذنه كانت ناشزة عاصية لله ورسوله ومستحقة للعقوبة)(11).
وهكذا فخروجها للعمل بغير إذن زوجها نشوز عن طاعة زوجها وعصيان لله ولرسوله فكيف إذا خرجت للتزاور أياً كان السبب ؟!! ولو كان ذلك لزيارة والديها المريضين.
(للزوج منعها من الخروج من منزلها إلى مالها منه بد ، سواء أرادت زيارة والديها ، أو عيادتهما ، أو حضور جنازة أحدهما. قال أحمد في امرأة لها زوج وأم مريضة : طاعة زوجها أوجب عليها من أمها ، إلا أن يأذن لها) (12).
وحتى الخروج للعبادة تحتاج معه إلى إذنه "عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا استأذنكم نساؤكم بالليل إلى المسجد للعبادة فأذنوا لهن".
وعن ابن حبان من حديث زيد بن خالد : لا تمنعوا إماء الله مساجد الله "قال القسطلاني : أي إذا أمنت المفسدة منهن وعليهن ، وذلك هو الأغلب في ذلك الزمان ، بخلاف زماننا هذا الكثير الفساد والمفسدين وقد ورد في بعض طرق الحديث ما يدل على أن صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد وذلك في رواية حبيب بن أبي ثابت عن ابن عمر بلفظ: "لا تمنعوا نساءكم المساجد وبيوتهن خير لهن" ، وحديث عائشة رضى الله عنها في منع النساء علقته على شرط لو رأى رسول الله ما أحدثته النساء.
وفى رواية عند البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعاً : "إذا استأذنت امرأة أحدكم - أي أن تخرج إلى المسجد أو ما في معناه كشهود العيد وعيادة المريض - فلا يمنعها".
قال القسطلاني. وليس في الحديث التقييد بالمسجد ، إنما هو مطلق يشمل مواضع العبادة وغيرها.
ومقتضى الحديث : أن جواز خروج المرأة يحتاج إلى إذن الزوج) (13).
أما قول القائل : إنهن لا يخرجن من بيوتهن مطلقا لقوله تعالى :((وقَرْنَ في بُيُوتِكُنَّ)) فليس بحجة له بدليل قوله تعالى بعدها : ((ولا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجَاهِلِيَّةِ الأُولَى((والمقصود به عند خروجهن.
( ومعنى هذه الآية : الأمر بلزوم البيت وإن كان الخطاب لنساء النبي صلى الله عليه وسلم فقد دخل غيرهن فيه بالمعنى هذا لو لم يرد دليل يخصص جميع النساء ، كيف والشريعة طافحة بلزوم النساء بيوتهن والانكفاف عن الخروج منها إلا لضرورة) (14).
(وليس معنى هذا الأمر ملازمة البيوت فلا يبرحنها إطلاقاً ، وإنما هي إيماءة لطيفة إلى أن يكون البيت هو الأصل في حياتهن وهو المقر وما عداه استثناء طارئاً لا يثقلن فيه ولا يستقررن وإنما هي الحاجة وتقضى وبقدرها) (15).
وقد عرف عن أمهات المؤمنين والصحابيات أنهن كن يخرجن في حوائجهن وللمشاركة في الغزو.
(فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو بأم سليم ونسوة من الأنصار معه إذا غزا فيسقين الماء ويداوين الجرحى) (16).
وفيه خروج للنساء في الغزو والانتفاع بهن في السقي والمداواة لمحارمهن وأزواجهن وغيرهم مما لا يكون فيه مس بشرة إلا موضع الحاجة.
وهذه أم عمارة تحدثنا حديثها يوم أحد : (خرجت أول النهار ومعي سقاء فيه ماء ، فانتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في أصحابه والريح والدولة للمسلمين ، فلما انهزم المسلمون ، انحزت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلت أباشر القتال وأذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيف وأرمى بالقوس حتى خلصت إلّى الجراحة.
وعن عمر رض الله نه عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما التفت يوم أحد يميناً ولا شمالاً إلا ورأيتها تقاتل دوني) (17).
وتستأذنه صلى الله عليه وسلم أم سنان الأسلمية في الخروج إلى خيبر للسقيا ومداواة الجرحى فقال لها عليه الصلاة والسلام: »فإن لك صواحب قد أذنت لهن من قومك ومن غيرهم فكوني مع أم سلمة«(18).
وفي خيبر أيضاً عن امرأة من بني غفار قالت : (أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في نسوة من بني غفار فقلنا : يا رسول الله قد أردنا أن نخرج معك إلى وجهك هذا - وهو يسير إلى خيبر - فنداوي الجرحى ونعين المسلمين بما استطعنا. فقال : "على بركة الله" فخرجنا معه)(19).
(حتى المقعدة فلها الخروج في حوائجها نهاراً ، سواء كانت مطلقة ، أو متوفى عنها ، لما روى جابر قال : طُلقتْ خالتي ثلاثاً فخرجت تجذ نخلها فلقيها رجل فنهاها ، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : "اخرجي فجذي نخلك لعلك أن تتصدقي منه أو تفعلي خيرا".
وروى مجاهد قال : "استشهد رجال يوم أحد فجاءت نساؤهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقلن. يا رسول الله نستوحش بالليل أفنبيت عند إحدانا فإذا أصبحنا بادرنا إلى بيوتنا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تحدثن عند إحداكن حتى إذا أردتن النوم فلتؤب كل واحدة إلى بيتها" (20).
ويدخل الرسول صلى الله عليه وسلم على عائشة رضى الله عنها وعندها امرأة قال : من هذه ؟ قالت: فلانة ، تذكر من صلاتها ، قال: "مه ، عليكم بما تطيقون فوالله لا يمل الله حتى تملوا ، فكان أحب الدين إليه مادام عليه صاحبه" (21) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان.
كما طلب من الشفاء - وهى من المهاجرات الأول وبايعت النبي صلى الله عليه وسلم وكانت من عقلاء النساء وفضلائهن - قال لها صلى الله عليه وسلم : »علمي حفصة رقية النملة كما علمتها الكتابة«(22).
وكيف يكون تعليمها إلا بلقائها معها وخروجها إليها.
فهذه كلها حالات تخرج فيها المرأة بمعرفة الرسول صلى الله عليه وسلم وإقراره بخروجها أو أمره وإذنه الصريح به ، فلو كان المقصود بالقرار في البيت عدم الخروج المطلق لنهى عن الخروج ولما أذن به.
ثم إن الحبس الدائم للمرأة في البيت ما هو إلا عقوبة شرعية - كان قبل أن يشرع حد الزنا فنسخت هذه العقوبة بالحد الشرعي - أقول كان الحبس في البيوت للمرأة التي تأتي الفاحشة وذلك لقوله تعالى : ((واللاَّتِي يَأْتِينَ الفَاحِشَةَ مِن نِّسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِّنكُمْ فَإن شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ في البُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ المَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً)) [ النساء:15 ].
أما المرأة العفيفة الملتزمة بأحكام دينها ، والتي تراقب الله تعالى في حركاتها وسكناتها فهي تقدر شرف مهمتها وعظم مسئوليتها : إنها إن قرت في بيتها فهي في عمل واعٍ يقظ ، لا فراغ اللاهيات ولا تفاهة العابثات من ربات الفيديو والأزياء والسينما...
إنها تعد لأمتها الإسلامية أبطالها الذين يستعيدون مجدها فتربيهم على الاعتزاز بقيم الإسلام ليفدوه بأنفسهم إن واجههم الخصوم ، ويعملون وسعهم لإعلاء كلمة الله.
وإن أرادت الخروج من بيتها فلن يكون ذلك إلا إن كانت المصلحة الشرعية في الخروج راجحة عنها في البقاء.
وإن خرجت : فبالحدود المشروعة وبالطريقة المشروعة ، تستأذن الزوج المسلم ولا تخرج بغير إذنه ، وإلا اعتبرت عاصية لمله ولرسوله ، وبالمقابل فزوجها المسلم يرعى الله فيما ائتمنه ، فيحرص على أن يبعدها عن الشبهات ومواطن الزلل. ويأخذ بيدها إلى كل خير ، ليشاركها أجرها سواء كان زيارة أقاربها وصلتهم أو بر والديها ، أو صلة أخواتها في الله ، أو العلم المشروع.(1/169)
ثم إن الأصل أن ينبني البيت المسلم على المودة والرحمة ، لا الغلظة والتسلط. فالزوج والزوجة كلاهما يحكم الشرع ويزن الأمور بمقياسه ، فلا يتعسف الرجل في استعمال حقه الذي منحه الله إياه ويحفظ وصية الرسول صلى الله عليه وسلم بالمرأة : " استوصوا بالنساء خيراً " وبالمقابل لا يجمح الهوى بالمرأة ولا تستكبر عن طاعة زوجها فتكون في عداد الناشزات.
أما عند عدم الزوج لوفاته ، أو لعدم زواج المرأة. فتستأذن أبويها وهذا من برهما وحسن صحبتهما فهما أحرص الناس على حسن سمعتها وجلب الخير لها.
إن المؤمنة حيثما جالست غيرها تحرص على أن لا تقذف بكلامها دون تمحيص ، فهي تسعى لتكون أقوالها فضلاً عن أفعالها في ميزان حسناتها.
لذا تتواصى مع أخواتها المؤمنات بكل ما فيه خير وصلاح ، تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ، وإن لمست نفوراً وشقاقاً بين البعض منهن فهي تعمل على إصلاح ذات البين ، وإطفاء نار العداوة ، تتمثل قوله تعالى : ((لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ)) [النساء 114].
المتأمل في هذه الآية يجد أن غالبية النجوى لا خير فيها إلا هذه الثلاث :
1- الأمر بالصدقة.
2- الأمر بالمعروف ، ونجمعهما تحت عنوان الدلالة على الخير.
3- الإصلاح بين الناس.
ومن تكلم بها أو بأحدها فهو في قربة إلى الله تعالى ، بل وكلامه من أفضل الذكر فقد قال ابن تيمية رحمه الله :
»إن كل ما تكلم به اللسان، وتصوره القلب ، مما يقرب إلى الله ، من تعلم علم ، وتعليمه ، وأمر بمعروف ، ونهي عن منكر ، فهو من ذكر الله ولهذا من اشتغل بطلب العلم النافع ، بعد أداء الفرائض ، أو جلس مجلساً يتفقه أو يفقه فيه الفقه الذي سماه الله ورسوله فقهاً فهذا أيضاً من أفضل ذكر الله« (23).
1- الدلالة على الخير :
فإذا رزقك الله فهماً وعلماً ، أو قوة وعافية ؛ فاستخدميها لمعاونة المسلمين وتسهيل حاجاتهم ، سواء بعملها بيدك ؛ أو بتعليمها غيرك ، فما ذلك إلا زكاة الصحة التي حباك الله إياها.
"كل سلامى من الناس عليه صدقة ، كل يوم تطلع فيه الشمس ، تعدل بين الاثنين صدقة ، وتعين الرجل في دابته فتحمله عليها أو ترفع له عليها متاعه صدقة ، والكلمة الطيبة صدقة ، وبكل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة ، وتميط الأذى عن الطريق صدقة" (24).
إن كثيراً من بلادنا المسلمة مليئة بالأزمات الاقتصادية بسبب القحط أو الحروب. وتنشط المؤسسات التبشيرية والشيوعية للاستفادة من تقصيرنا جميعاً ، فتستغل آلام المكلومين لتقدم لهم الغذاء واللباس والدواء طعماً لجذبهم به لمصيدتها ، وتعمل جاهدة بكل الوسائل لجلبهم لساحتها ، بتربية أبنائهم أو تعليمهم أو تطبيبهم...
فهلا استفدنا من زياراتنا ووقتنا الضائع؟! فتدارسنا أحوال أمتنا ، وعلمنا بعضنا أن نخيط الثياب التي تستر عورات أخواتنا المسلمات المحتاجات.
ولنصنع من الطعام ما يمكن أن يرسل لهن. ولنثبت أننا المسلمات اللاتي يهمهن أمر الأمة المسلمة. لا الدمى المتحركة التي تُزين لتلهي من حولها وتبعد عن جادة الصواب.. فهل النصرانيات أقدر منا؟؟ أم أنهن أكثر تضحية وإيماناً؟ نحن حفيدات عائشة وخديجة وأسماء ، أو لسنا أجدر أن نضحي من أجل حقنا الأكيد أكثر من تضحيتهن من أجل باطلهن؟.
ويتامى المسلمين؟! من ينجينا من الإثم إذ يُحملون إلى البلاد الشيوعية أو النصرانية ليربوهم على دينهم؟.
ماذا نقول غداً لرب العالمين إن سألنا عنهم وعن تفريطنا وتقصيرنا في حقهم؟\
أفلا يجدر بنا أن نتكفلهم؟ وماذا لو ضمت الأسرة إليها فرداً أو اثنين لتنشئتهم (لا تبنيهم فهو محرم) وتربيتهم؟.
أو إن عملت الجمعيات الخيرية المسلمة لرعايتهم ، وساهمت المرأة المسلمة بما تستطيع ، سواء بالمادة أو بالجهد الذي تقدر عليه ، من عمل يدوي أو تعليمي أو توجيهي؟!
قد يقال : إن هذه أعمال ضخمة لا تقدر عليها جهود فردية قليلة المورد.
((إنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ)) [الرعد 11] فهذه الفكرة إن اقتنعت وإياي بها وأقنعت في زيارتك صديقتك المؤمنة وجارتك المسلمة لابد وأن نحقق خيراً كثيراً للمسلمين ، ونكون قد ساهمنا معاً في النهضة الإسلامية.
ولاشك أن ذلك مطلب شرعي بدلاً من أن تظل المسلمة مجال تنافس الدول لتلهيها عن رسالتها بمستحضرات التجميل ، وأدوات الترهل والترفيه.
وبذلك نكون قد ارتقينا بزياراتنا عن اللغو إلى التناصح لما فيه خيرنا وخير المسلمين ، وفي عملك ذلك أجر الصدقة.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله أي الأعمال أفضل؟ قال: الإيمان بالله، والجهاد في سبيله. قال: قلت: ثم أي الرقاب أفضل؟ قال : أنفسها ثمناً عند أهلها وأكثرها نفعاً. قال: قلت: فإن لم أفعل؟ قال : تعين صانعاً أو تصنع لأخرق« (25).
فلك في معاونتك لأختك المسلمة أياً كانت تلك المعاونة الثواب الجزيل فعملك من أفضل القربات.
فإن كانت مريضة أعجزها المرض عن أداء مهمتها تساعدينها في تعليم أولادها الصغار ، أو عمل طعام لهم ، أو ترتيب بيتها وتنسيقه بدل أن تكون زيارتها للكلام والتسلية فحسب.
وإن كانت نفساء أمضها ألم الولادة : تقومين على رعايتها ورعاية وليدها. فهذا أجر قد ساقه الله إليك، ولا يقدر عليه غيرك، وإن كانت جاهلة بفنون المنزل، أو حتى في التعامل الاجتماعى تعلمينها وتنصحينها فالدين النصيحة، ولك في كل ذلك أجر الصدقة، ولنذكر معاً حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: »من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة« (26).
فلنكن في حاجة أخواتنا المسلمات ، والله معنا في قضاء حاجاتنا وتفريج كرباتنا. وأينا تستغني عن غيرها؟! وإن استغنت الواحدة عن غيرها بأعمالها ، فلابد أن تحتاج إلى التناصح والمشاورة معهن.
فما أجدرنا نحن المسلمات الحريصات على حسن تنشئة أبنائنا ونراقب الله في تربيتهم ما أجدرنا أن نستفيد من فترة زياراتنا للتناصح في تربيتهم، وحل مشكلاتهم ليحل العمل والتوجيه محل الشكوى والأسى الذي لا يصحح خطأ ولا يغير واقعاً.
فإن أقلقنا أن نجد بعضاً من أبناء المسلمين يفوتهم الفكر الديني الواعي، أو لا يلتزم آخرون بالتعاليم الشرعية، أو لا يجيد الكثير منهم التعامل مع الآخرين ... فعلينا نحن المسلمات أن نسعى إلى تصحيح هذا الواقع المرير بكل ما نستطيع وبصبر وجلد.
ذلك أن التربية ليست أن تلقي الكلمة والتوجيه على أبنائنا ثم ننتظر الاستجابة، فالمغريات كثيرة لا تنتهي... والتربية طويلة وشاقة تبدأ من نعومة أظفارهم.
فلابد من الرعاية الدؤوب لهم دون ملل. نتابعهم باستمرار في جدهم وهزلهم، لعبهم ومذاكرتهم.
وبعد أن نعمل جهدنا لنكون القدوة الحسنة لهم في كل خلق فاضل كريم، نتناصح مع أخواتنا المؤمنات في حسن اختيار القصص المفيدة التي تثقف الطفل وتعده لحياته المستقبلة، وتربي وجدانه فيعرف كيف يعطي كل ذي حق حقه. ونبعده عن القصص الخرافية والبوليسية وكذلك عن البرامج الإعلامية التي لا تليق، ونسعى بالتشاور مع بعضنا لنحيط أبناءنا بالصحبة الطيبة التي تعينهم على الخير.
فالشر كالداء المعدي، سرعان ما ينتشر بالمخالطة. فنبعدهم عنه لنحفظ عليهم دينهم وخلقهم.
وهكذا نشحذ هممنا لتكون زياراتنا هادفة لما يرضي الله وينفع المسلمين.(1/170)
عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أن رجلاً جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله. أي الناس أحب إلى الله؟ قال: »أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله -عز وجل- سرور تدخله على قلب مسلم".
فلنحرص على نفع المسلمات وإدخال المسرة على قلوبهن ، ولا نبخل بنعمة حبانا الله إياها أن نخدم بها مسلمة فنفرج بها كربتها ونعمل ما فيه مصلحتها ، وندعوها إلى اتباع الخير الذي نريده لأنفسنا، قال تعالى: ((والْمُؤْمِنُونَ والْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ ويَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ ويُقِيمُونَ الصَّلاةَ ويُؤْتُونَ الزَّكَاةَ ويُطِيعُونَ اللَّهَ ورَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)) [التوبة 71].
ولا تقول المسلمة: مالي وللناس، فإني أدعهم وشأنهم ولا أتدخل في خصوصياتهم، نعم ذلك في أمور الدنيا المباحة التي يستوي فيها عملها وتركها »فمن حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه« أما ما فيه خطر محقق وحتى لو كان ذلك في أمور الدنيا، فالواجب النصح فالدين النصيحة.
إن المؤمنة عليها مهمة النصح والدعوة إلى دينها على قدر ما تستطيع، ومن روائع ما روته لنا السيرة ، قصة الصحابية الجليلة أم سليم.
(كانت أم سليم أم أنس بن مالك من السابقات للإسلام من الأنصار خطبها أبو طلحة قبل أن يسلم وبعد وفاة زوجها فقالت : يا أبا طلحة ألست تعلم أن إلهك الذي تعبده نبت من الأرض، قال: بلى. قالت : فلا تستحي أن تعبد شجرة؟! إن أسلمت فإني لا أريد صداقاً غيره. قال: حتى أنظر في أمري. فذهب ثم جاء. فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. فقالت : يا أنس زوج أبا طلحة. فزوجها)(27).
إنه مهر كريم لامرأة داعية كريمة ، دعته إلى عبادة الله وحده ، والبعد عن الشرك به ، فشرح الله صدره وآمن فأكرِم به من مهر.
وما هلك بنو إسرائيل إلا لتركهم فضيلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: ((كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ)) أما اعتزال الناس اعتقاداً بعدم صلاحهم، فهو كما يقال : آخر الدواء الكي ذلك أننا (حين نعتزل الناس لأننا نحس أننا أطهر منهم روحاً أو أطيب منهم قلباً ، أو أرحب منهم نفساً ، أو أذكى منهم عقلاً لا نكون قد صنعنا شيئاً كبيراً. لقد اخترنا لأنفسنا أيسر السبل وأقلها مؤونة.
إن العظمة الحقيقية أن نخالط هؤلاء الناس مشبعين بروح السماحة والعطف على ضعفهم ونقصهم وخطئهم وروح الرغبة الحقيقية في تطهيرهم وتثقيفهم ورفعهم إلى مستوانا بقدر ما نستطيع.
إنه ليس معنى هذا أن نتخلى عن آفاقنا العالية ، ومثلنا السامية ، أو أن نتملق هؤلاء الناس ، ونثني على رذائلهم أو أن نشعرهم أننا أعلى منهم أفقاً. إن التوفيق بين هذه المتناقضات وسعة الصدر لما يطلبه هذا التوفيق من جهد هو العظمة الحقيقية) (28).
وهكذا ... فبعد أن تتعهد المسلمة نفسها بالإصلاح فتلتزم السنة وتعض عليها بالنواجذ، تساهم بالدعوة إلى الخير بين النساء. وهذا واجب ديني تأثم إن قصرت به، مهما كان مستواها الثقافي، فتعمل بقدر طاقاتها وإمكانياتها، تأمر بالمعروف بلفظ لين وقول لطيف، والله تعالى يقول لرسوله صلى الله عليه وسلم ((ولَوْ كُنتَ فَظاً غَلِيظَ القَلْبِ لانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ)) [آل عمران 159] ، ترفق بمن حولها ، توقر الكبيرة وترحم الصغيرة ، ولا تنسى أنها صاحبة هدف جليل تسعى لتحقيقه بأسلوب يرضي الله تعالى ويؤدي للنتيجة التي ترجوها.
فكما يسعى أصحاب الأهداف الدنيوية لتحقيق أهدافهم، فيتحسسون مداخل نفوس من يتعاملون معهم، ليعرفوا كيف الوصول لغايتهم، يجب أن نكون نحن المسلمات أكثر اهتماماً بمعرفة من ندعوهن لتكون دعوتنا كما أراد الله تعالى:((ادْعُ إلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ والْمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)) [النحل 125].
2- الإصلاح بين المؤمنات :
كما نجعل من زياراتنا مجالاً خصباً للإصلاح بين الناس ، فإن عمل الشيطان على إثارة العداوة بين المسلمات نزيلها بالإصلاح بينهن، فإن إزالة الخصام دليل سمو النفس التي تعمل على إشاعة المودة بين الآخرين، ليحل الوفاق محل الشقاق، والصلة مكان القطيعة، لذا كانت درجة من يصلح بين الناس أفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة التطوع لا الواجبة .
عن أبي الدرداء رضي الله عنه، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: »إلا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ قالوا : بلى. قال: إصلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة«. ويروى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: هي الحالقة: لا أقول تحلق الشعر ، ولكن تحلق الدين«.
ذلك أن الإفساد بين الآخرين يؤدي إلى القطيعة التي حرمها الشرع كما جاء في الحديث الشريف:»لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام" (29).
وقال صلى الله عليه وسلم منفراً من الشحناء والقطيعة ومبيناً سخط الله تعالى على المتقاطعين حتى يصطلحا: »تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين، ويوم الخميس، فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئاً، إلا رجلاً كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقال: انظروا هذين حتى يصطلحا ثلاثاً«(30).
فإن حصلت جفوة بين المسلمات نسارع إلى الإصلاح بينهن للتغاضي عن هفوة المخطئة، فإذا بالعيش صافياً بعد كدر ، والوداد عاد بعد الجفاء.
والواجب أن تقبل عذر من تعتذر، لا أن تشيح بوجهها بعيداً عن أختها ، إصراراً على مواصلة القطيعة، وعدم قبول العذر: إذ من شرار الناس من لا يقبل عثرة، ولا يقبل معذرة كما بين الرسول -صلى الله عليه وسلم-:
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: »ألا أنبئكم بشراركم؟ قالوا: بلى إن شئت يا رسول الله، قال: إن شراركم الذي ينزل وحده، ويجلد عبده، ويمنع رفده. أفلا أنبئكم بشر من ذلك؟ قالوا: بلى إن شئت يا رسول الله. قال: من يبغض الناس ويبغضونه، قال: أفلا أنبئكم بشر من ذلك؟ قالوا: بلى إن شئت يا رسول الله. قال: الذين لا يقبلون عثرة ولا يقبلون معذرة ولا يغتفرون ذنباً، قال: أفلا أنبئكم بشر من ذلك؟ قالوا : بلى يا رسول الله : قال : من لا يرجى خيره ولا يؤمن شر5"(31).
=============
الهوامش:
1- رواه الترمذي وقال: حسن صحيح.
2- أخرجه الترمذي في البر والصلة من حديث جابر وحسنه. وهو في المسند 4/193، وانظر شرح السنة 12/367.
3- صحيح مسلم بشرح النووي 12 / 213. 4- رواه الترمذي / 2583.
5- أخرجه أبو نعيم في الحلية مرسلاً ، وأخرجه الحاكم 4 / 306 موصولاً. ينظر شرح السنة 14/224.
6- صيد الخاطر / 142. 7- رواه البخاري في الرقاق ،والترمذي في الزهد.
8- فتاوي ابن تيمية 1/426. 9- مصنف ابن أبي شيبة 8 / 564.
10- الفتاوى لابن تيميه 32/من260-264 بإيجاز. 11- الفتاوى لابن تيمية 32/281.
12- المغني 7/20. 13- عون الباري 2/285-287باختصار.
14- أحكام القرآن للقرطبي 14/179. 15- في ظلال القرآن ، سيد قطب ، 5/2859.
16- شرح صحيح مسلم 12/88. 17- الإصابة 4/457.
18- الإصابة 4/443 19- البداية والنهاية لابن كثير ، 4/204.
20- المغني 7/226. 21- فتح الباري 1/101.
22- الإصابة 4/333. 23- الفتاوى 10 / 661.
24- رواه البخاري ، ومسلم. 25- شرح صحيح مسلم 2 / 73.
26- متفق عليه. 27- الإصابة 4/442.(1/171)
28- أفراح الروح ، لسيد قطب. 29- شرح صحيح مسلم 16/ 117122.
30- شرح صحيح مسلم 16/ 177 - 122 .
31- رواه الطبراني وغيره ، ينظر الترغيب والترهيب 3/394.
مجلة البيان
===============
مقترحات مفيدة لإجازة سعيدة
موقع الإسلام اليوم
أقبلت الإجازة بما فيها من فراغ لا يحسن الاستفادة منه إلا من وهبهم الله عقلاً راجحاً يعرفون به كيف يخططون للاستفادة من أوقاتهم فيما يفيدهم ويفيد أمتهم ومجتمعاتهم. وحول كيفية الاستفادة من الإجازة هذه بعض المقترحات للاستفادة منها:
أولا:أهمية الوقت
إذا أردت أن تستفيد من الإجازة حق الاستفادة، وأن تكون فيها من الفائزين فعليك بما يلي :
1) أن تستشعر قيمة الوقت، وأن له شأناً عند الله، فبه أقسم في غير ما آية من كتابه، والله إذا أقسم بشيء دل على عظمته؛ بل إنه أقسم بجميع أجزاء اليوم فأقسم بالنهار وأجزائه: الفجر، والضحى، والعصر، وأقسم بالليل.
2) أن تعلم أن هذا الوقت هو رأس مالك؛ فإن ضيعته ضاع رأس مالك، وإن حفظته فالربح حليفك.
3) أن تعلم أن مفاتيح استغلال الوقت بيدك فلا تحتاج إلى شرائها ولا استئجارها، فليس عليك سوى أن تشمر عن ساعد الجد فإن الوقت يمضي والعمر قصير.
4) أن تعلم أن بهذا الوقت حفظت العلوم، وجمعت السنة، وحررت المسائل، وكتبت القصائد، وأنه ما من عالم رفع شأنه؛ إلا واستغلال الوقت كان مركبه، وما من داعية رفع ذكره؛ إلا واستغلال الوقت كان همه.
5) أن تعلم أن الناس صنفان: علماء وعامه، والذي ميز العلماء عن العامة هو استغلال العلماء لأوقاتهم. فإن كنت مضيعاَ لأوقاتك فقد شاركت طلاب العلم في هيئتك ولباسك وفارقتهم في استغلالك لأوقاتك.
6) أن تعلم أنه لن يكون لك تأثير في واقع أمتك إلا بالعلم والعمل ولن يتحققا لعشاق الدعة والكسل.
7) أن تقرأ سير أصحاب الهمم العالية .
ثانيا: مقترحات عامة
بدأت الإجازة وزادت ساعات الفراغ عند الكثيرين ، وأخذ هذا السؤال يُطرح كثيراً: كيف أستفيد من الإجازة؟
إليك أخي القارئ الكريم هذه المقترحات :
1- الالتحاق بإحدى الدورات العلمية أو العملية النافعة والمفيدة، مثل: دورة في الخط أو الكمبيوتر أو الرسم أو الكاراتيه وغيرها كثير .....
2- إعداد صحيفة ثقافية متنوعة خاصة بالبيت وتكون في مكان بارز.
3- المشاركة الفعّالة والقوية في برامج المراكز الصيفية .
4- الالتحاق بوظيفة في الإجازة الصيفية .
5- مشروع المراسلة وإيصال الخير للناس في شتى البقاع .
6- رحلات للعمرة أو للمناطق السياحية مع محاولة إيجاد مناطق جديدة .
7- المشاركة في إثراء المجلات بمقالات ومواضيع ترى أهمية طرحها .
8- الاستعداد المبكر جداً في فهم المواد الدراسية للسنة الدراسية القادمة .
9- أخذ فصل دراسي صيفي، وإنهاء الدراسة الجامعية في أقل وقت ممكن.
10- تبني مشروع تجاري والعمل على إنجاحه ومضاعفة الجهد في ذلك .
11- جمع بعض الأشرطة وكذلك الكتيبات والمجلات وتوزيعها علي المستوصفات أو صوالين الحلاقة وأماكن الانتظار بالمرافق العامة.
12- تقديم بعض الأشرطة المرئية والمسموعة لسيارات النقل والأجرة ليستفاد منها في الطريق.
13- السفر للدعوة إلى الله عز وجل عن طريق إحدى المؤسسات الخيرية.
14- حضور الدورات العلمية المقامة في كل مكان.
15- محاولة التأليف والكتابة الصحفية والتدرب على ذلك.
16- دعوة غير المسلمين للإسلام عن طريق الكتب والنشرات والمطويات.
17- حاول أن تتعلم شيئاً جديداً مثل التبريد والميكانيكا والكهرباء والسباكة وأسرار الكمبيوتر... إلى آخره.
18- زيارة المستشفيات والمؤسسات الإيوائية.
19- زيارة الأقارب وصلة الرحم وخصوصاً من هم خارج مدينتك.
20- المسابقة الاجتماعية في البيت لأفراد أسرتك للحث على الانضباط.
ثالثا : أفكار للمرأة
المرأة صنو الرجل وشريكته في صنع الحياة، وهي المحضن الذي يترعرع فيه رجال الغد، ومنه تنبت فسيلة الأسرة الصالحة؛ فإليها وهي البنت والأخت، والأم..إليها هذه التوجيهات:
1- لا تخلو مدينة من دور أو مراكز صيفية لتحفيظ القرآن؛ فلتحرصي أيتها الأخت على المشاركة، ولتحرصي أيتها الأم على مشاركة بناتك في هذه المراكز، واحرصي على توجيه وتشجيع أخواتك للالتحاق بهذه المراكز لاستثمار الإجازة، ولو لم يكن إلا أن تتعرف تلك الأخت على أخوات صالحات يتعاون على الخير وفعله، لكفى.
2- تكثر مناسبات الزواج والأفراح والاجتماعات في الإجازة الصيفية، وتجتمع أعداد كثيرة من النساء، فلماذا لا تستغل هذه المناسبات والاجتماعات من قبل بعض الصالحات في إلقاء بعض النصائح والتوجيهات، وإن لم تكوني أنت المتحدثة؟! فلماذا لا تكوني مفتاح خير للناس، فتكونين أنت الداعية لإحدى الأخوات القادرات؟
قال الحق -عز وجل-: ( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمْ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ(71) وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ َالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنْ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)
هذه المناسبات فرصة عظيمة لتعليم الأخوات كيف تُستثمر الأوقات.
3- الحرص على المشاركة في الدورات العلمية المقامة بمدينتك ومتابعة هذه الدروس وتقييدها والاستفادة منها، وإن لم تستطعي المشاركة كلية فإنك -على الأقل- تختارين من الدروس ما يناسبك فتحرصين على متابعتها والإفادة منها.
4- يجب على الأخت ألا تأتي وحدها لهذه الدورات؛ بل تحرص على مشاركة أخواتهن فتشجعهن وتحثهن من خلال الاتصال المتكرر بهن.
وما أكثر الأوقات التي تقضيها المرأة بالمهاتفات! فلماذا لا تستغل هذه المكالمات في التوجيه والإرشاد والدلالة على الخير في كل مكان؟
فكوني مشجعة وحاثة لأخواتك على المشاركة، وإن لم تتمكني أنت من المشاركة لظروف خاصة فإنك تنالين الأجر وإن لم تحضري؛ والدال على الخير كفاعلة.
رابعا : برامج وأفكار للأطفال
هذه مجموعة من البرامج والأفكار التي حاولنا جمعها وهي أطروحة يمكن تطويرها أو التعديل عليها أو التفكير في أفضل منها:
1ـ برنامج دعاة المستقبل:
فكرة البرنامج هي تعويد الابن على الإسهام في أعمال الخير، وذلك بعدة طرق؛ منها:
- زيارة إحدى المؤسسات الخيرية أو مكاتب الدعوة؛ ليتعرف عليها الابن ويسهم بأي شكل مهما كان يسيراً .
- إذا كان الابن يجيد استخدام الحاسب الآلي أو صاحب خط جميل يمكن أن يقوم بطباعة حديث أو فائدة أو قصة جميلة، ومن ثم يعلقها في البيت أو في المسجد بعد التنسيق مع إمام المسجد.
- شراء بعض الكتيبات والمطويات النافعة وجعل الطفل يقوم بتوزيعها بعد الصلاة عند باب المسجد بعد التنسيق مع إمام المسجد.
2ـ برنامج اللقاء الأسبوعي:
فكرة البرنامج تحديد وقت في الأسبوع يجتمع فيه أفراد البيت، ويقوم الأطفال بإعداد وطرح برنامج متنوع الفقرات، ويمكن للأب أو الأم مساعدتهم في البدايات، ثم سترى - بإذن الله- أشكالاً من الإبداع قد لا تفكر فيها أنت.
3ـ برنامج السؤال الأسبوعي:(1/172)
فكرته عبارة عن سؤال يعلق أسبوعياً في صحيفة معدة لذلك في البيت، وليكن مثلاً يوم السبت، وآخر موعد لتسليم الإجابات هو يوم الجمعة، ومن ثم يعلق الجواب الصحيح واسم الفائز، ويطرح سؤال آخر وهكذا، ويكون الفائز هو الذي يتكرر اسمه في الشهر أكثر وتقدم له جائزة.
4ـ فكرة الكسب الحلال:
وتقوم الفكرة على الاتفاق مع الطفل للقيام بعمل إضافي ليس من الواجبات المعروفة لديه، على أن يكون له مقابل على جهده مثل طباعة بحث أو خطاب بالكمبيوتر، سواء كان لأحد والديه أو أحد الأقارب؛ فيتعود بذلك الابن أو البنت على الكسب الحلال وتحمل المسؤولية .
5ـ فكرة حصالة الخير:
تقوم الفكرة على شراء حصالة كهدية للطفل؛ ليقوم بجمع التبرعات لإخواننا المسلمين في فلسطين مثلاً ، سواء كانت من مصروفه الخاص، أو في الاجتماعات العائلية مع الأقارب والأصحاب، ومن ثم تقوم مع طفلك بإيصالها لأحد اللجان الخيرية، فما أروعها من تربية!.
6ـ فكرة الطفل البار :
تقوم الفكرة على تعويد الطفل مساعدة أمه في أعمال البيت، ولو بشكل يسير جداً؛ لكي لا يمل من العمل المطلوب منه، وتشجيعه بالكلام والثناء أو بهدية، ولكن لا تُجعل عادة حتى لا يكون عمله من أجلها.
7ـ فكرة الطفل المنظم :
تقوم الفكرة على وضع منافسة بين الأطفال في البيت على ترتيب ما يخصهم من ألعاب وملابس ونحوها، ويمكن جعل المكافأة هي المشاركة في رحلة أو زيارة للأقارب.
8ـ فكرة المنافسات والألعاب الحركية لحاجة الطفل لها:
- للأبناء سباق (على الأقدام ، الدراجات ونحوها..)
- للبنات أعمال منزلية، وتقاس فيها المهارة والسرعة ( إعداد شاي أو غ
==============
هذا ما سيقدمه المجرمون في أوقات رمضان الميتة !!
المحرر الاجتماعي
- قائمة بما سيقدمه مجرموا الشهوة والقنوات في الأوقات الميتة في رمضان
حاشى لله ان يكون في حياة الإنسان المسلم ثانية واحدة ميتة أو تحتاج إلى وأد وقتل سواء في رمضان او غير رمضان
وانما المقصود من العنوان هو الطرق على جرح غائر على مر السنين لعب الشيطان ووسائل الإعلام دورا كبيرا لغرسه في نفوس المسلمين ربما بقصد وربما بدون فأصبح الإنسان المسلم يردد كلمات مثل هذه
قتل الوقت
قتل الفراغ
تضييع الوقت
وغير ذلك من المصطلحات العجيبة وهو - الإنسان المسلم - الذي سيسأل عن كل ثانية من عمره فيما قضاها
لو سألنا معظم الناس عن رمضان وعن ما فيه من أشياء جميلة لقالوا ان من أجمل الأشياء في رمضان هو تلك البرامج التلفزيونية الجميلة والتي بلا شك تتربع الفوازير على عرشها حتى أصبحت ركنا من أركان هذا الشهر العظيم - وعلى من فرط يوما ولم يشاهدها او يتفاعل مع أحداثها - أن يقضي ذلك اليوم كفارة لفعله
أما المسلسلات والبرامج المسابقاتية والترفيهية فهي سنن مؤكدة لابد ان يحرص كل إنسان مسلم على متابعتها يوما بيوم والا أصبح صيامه ناقصا يحتاج لإتمامه زيادة في النوافل وزكاة فطر لتكفيره
ولو سألت الجميع عن السبب في هذا الاعتقاد لأجابوا بأن هناك وقت ميت طويل في رمضان يستلزم شغله بمثل هذه البرامج والمسابقات ماذا وإلا كان شهر الصوم شهرا ثقيلا مملا لا يمر ولا ينقضي الا بطلوع الروح
فمثلا ماذا يصنع الإنسان بعد صلاة المغرب وتناول طعام الإفطار - الدسم المركز والذي لا يجعل للإنسان حراكا بعد تناوله ، وكأننا نتناوله انتقاما على حرماننا طوال النهار من الطعام - أصنافا متعددة وألوانا من الحلويات والمعجنات والدسميات وغير ذلك ، لا يقوى الانسان بعدها على الحراك ولا يكون في مقدوره الا الجلوس خاملا كسلانا - مفنّش - لا يقوى على فعل شئ ينتظر الفوازير او المسلسل او البرنامج على احر من الجمر واثقل من أكياس الرمل ولا يقومون الى صلاة العشاء الا وهم كسالى
فإذا صلينا العشاء والتراويح - أتانا شعور العجب والتفضل على الله تعالى بركعات قليلة أديناها على كيف ما كان والله أعلم بما عقلنا منها وبما قبله منها - عدنا الى بيوتنا نتبختر لنبدأ رحلة الوقت الميت الثاني وهو الوقت الطويييييييل ما بين التراويح والسحور وفيه حدث ولا حرج
ساعات طويلة كل يغني فيها على ليلاه ... سمر ... لعب ... برامج وقنوات ... اسواق ... الخ
والكل سعيد ومبسوط .. طبعا ... خلاص ... الصوم انتهى في النهار اما ليل رمضان فهو للترفيه والترويح واللعب و ... و ...الخ
والوقت الثالث عند البعض هو وقت ما بعد صلاة العصر الى المغرب .. حيث يستيقظ من النوم - بعد ان قضى نهاره نائما بعد عناء ذلك السهر المشار اليه - ولا يجد ما يقوم به وفي نفس الوقت هو متعب مجهد اما لخلو المعدة من الطعام والشراب او لخلو الدم من النيكوتين - للمدخنين طبعا - فهو لا يقوى على شئ وفي نفس الوقت يريد قتل الوقت بأي شئ
وهذا هو حال كثير من المسلمين واستغلال اوقاتهم في رمضان ... ولذلك تجد أمثال هؤلاء وبعد انقضاء هذا الشهر لو سألتهم عن أحصائياتهم وانجازاتهم في رمضان لكانت الاجابة كما يلي:-
متابعة مركزة ل 30 فزورة (كحد ادنى )
مشاهدة 30 او 60 برنامج ترفيهي
التعايش مع 30 او 60 حلقة من مسلسل عربي او أجنبي
السهر ثلاثون ليلة مع الشلل والأصدقاء
زيادة عدة كيلوجرامات في الوزن
زيارة عدة أسواق لم تكن لتزار في غير رمضان
..
..
وفي المقابل لو سألنا كم سورة صغيرة دخلت في جوفه خلال هذا الشهر بكامله لكانت الإجابة لم ينجح أحد
عجبا لحالنا واي عجب
شهر القرآن ... شهر الصيام والقيام ...شهر ليلة القدر ... والعتق من النيران
يمر رمضان تلو الرمضان ... وربما أدرك الواحد منا في حياته ثلاثون رمضانا ... اربعون ... بل خمسون او ستون وبكل أسف لم يزد من حفظه من كتاب الله العظيم ولا سورة واحدة ... ولا حتى من قصار السور ... كم منا يحفظ سورة سبح نزولا الى آخر المصحف ، وكم يحفظ جزء عم ... عند لقاء الله هل يستطيع الواحد منا ان يقابل الله بذلك العدد الهائل من اللهو والعبث الذي عاش عليه فإذا سئل عن عدد ما يحفظ من سور القرآن تلعثم ولم يدري هل يحفظ المعوذات ومعها كم سورة مجاورة ام لأ
أخوتي وأحبتي الكرام ... ما أغلى رمضان وما أثمن أوقاته ... لكل الذين انشغلوا طوال العام كم هي غالية هذه الفرصة العظيمة لهم للتعويض في الوقت الذي كم حرم هذه النعمة أناس لم يبلغهم الله رمضان ... ساعات طويلة ... بين المغرب والعشاء ... بعد التراويح الى الليل .. بعد العصر الى المغرب ... وقت يكفي لكثير من الطاعات والنوافل ... وقت يكفي لحفظ القرآن وليس جزء عم فحسب
ليكن لنا عبرة من تجار المواسم - وهم اؤلئك التجار الذين لا تتحرك تجارتهم الا في أيام معينة من السنة يزداد فيها دخلهم وزبائنهم ويقبل الناس على تجارتهم اقبالا غير عادي ولا يمكن ان يتحقق لهم ذلك طوال العام - فهؤلاء التجار اذا ما أتت مواسمهم شمّروا عن سواعدهم واستنفروا كل طاقاتهم وقواتهم واستدعوا أهلهم وابناءهم وذويهم لمساعدتهم ... وتركوا الوسائد والفراش ... وتركوا النوم والراحة ... بل وحتى ربما تركوا الطعام والشراب ورؤية الأهل والاصحاب وتفرغوا بكل ما اوتوا لموسمهم العظيم
فهل لنا فيهم عبرة وهلا اتعظنا بهم في كيفية استغلال المواسم ... الموسم يأتي مرة واحدة في العام فاذا انتهى فاز من فاز وخسر من خسر وليس للجميع الا الانتظار لموسم العام القادم ولكن من يدري هل سنكون ممن يشهد هذا الموسم المقبل ام اننا نكون ضيوفا على اللحود ومراتع الدود(1/173)
ولذلك حق لجبريل عليه السلام ان يدعوا على من ادرك رمضان فلم يغفر له والرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يؤمن على دعائه عليهما السلام
فهيّا لنشمر ... لننفض غبار وتراكمات السنين ... لنغير من حياتنا شيئا ... لنتقرب الى الله تعالى خطوة حتى نضمن ان يتقرب الينا سبحانه خطوات وخطوات ... لنغير من عاداتنا الخاطئة ... ولنبدلها بالتصحيح والتقويم ... ولننشئ اجيال المستقبل على اوضاع وأسر اسلامية نقية سليمة خالية من عوالق وحفريات السنين والاعلام
لتكن بعد المغرب فترة استعداد للقاء الله في صلاة العشاء والتراويح ... سباق مبكر الى الصفوف الأولى
ولتكن بعد التراويح فترة لكل الأنشطة القرآنية الجميلة - حفظ ، تجويد ، تفسير ، ترتيل ، ...
وليكن بعد العصر للقرآءة والتدبر والذكر والتسبيح والتهليل والتمجيد
ابواب العبادة والتقرب الى الله ليس لها عد او حصر بالمثل كما أن خزائن الله تعالى لا تنفذ
ولكن هل من مشمر ومستغل
اسال الله العلي العظيم باسمائه الحسنى وصفاته العلى ان يبارك لنا في شعبان وان يبلغنا رمضان
وان يعيننا فيه على الصيام والقيام ، وان يجعلنا ممن يحفظ اوقاتنا واعمالنا وقواتنا في طاعته
انه ولي ذلك والقادر عليه
وفيما يلي محاولة شعرية جزلية باللهجة الحجازية السعودية تمخضت في رمضان العام الماضـ 1421 ـي ، وتم فيها تناول العديد من مشاكل مجتمعاتنا العربية والإسلامية وأخطائه في رمضان ... تم صياغتها بأسلوب ساخر وأرجوا أن تنال استحسانكم
*****
بمناسبة حلول شهر الخيرات والرحمة والبركات
اهدي هذه القصيدة لعامة المسلمين والمسلمات
رمضان شهر الفضل والكرم والخيرات
شهر المأكولات والمشروبات والحلويات
وأهمها الشوربة والسمبوسك والكنافات
والله الله على السوبيا والبليلة واللقيمات
والتمييز والفول المبخّر وعليه جمرات
كل دا تاكله وتقول يالله كمان هات وهات
*****
شهر المقاضي والشنط والملبوسات
أسواق مليانة وعروض وتخفيضات
موسم مهرجانات وسحوبات وكوبونات
والتجار فرحانين .. وكيف ما يفرحوا
بعد ما نظّفوا المستودعات
*****
والشباب سهر للصبح ونهار في أحلى منامات
تسكّع في الشوارع ولعب وكورة ومباريات
والحريم شغالين ما بين خرجة ودخلة وزيارات
وخروج لتراويح ومن مسجد لمسجد في تنقّلات
تدّور أبو صوت حلو وبكاء ولا تدري عن الآيات
*****
أما الفضائيات وما أدراك ما الفضائيات
فوازير بالهبَل وبرامج ومسابقات
حفلات غنا ء وخيمات رقص وسهرات
وفيديو كليب وأفلام تعبانة ومسلسلات
ولا تناِقش في طاش ومقالب فنانين وفنانات
يضاربوك أهل الدشوش والقنوات والريموتات
ترى كل ما تقدم من أركان رمضان ومن الواجبات
كيف ما تبغى الناس تحب شهر مليان بالملذّات
*****
لا تصدقوني تراني متألم على ما ذكر من صفات
حزني عليك يا رمضان يا أبو الفتوح والغزوات
يا أبو الأجور والكرم والحسنات المضاعفات
فيك سطّر أسلافنا أروع وأشهر الملحمات
بجهاد مخلص ضد العدو والنفس والشهوات
تركوا فيك كل رغبة وهوى وشهوة وملذات
فهموا بسرعة أن الصوم ما هو ترك المباحات
بل أهم منها ترك العبث والحرام والمكروهات
ولا غيبة و نميمة و كذب أو نظر لمحرمات
ولا ضياع أوقات على فوازير وأفلام ومسابقات
ولا شيشة وبلوت وسمر على أرصفة وفـ ديوانيات
ولا سب وشتائم ونرفزة وسماع أغاني ومحرمات
ولا سفور نساء وبهرجة في المساجد وفي المحلات
*****
سلفنا الصالح لو شافوا مسلمين اليوم والمسلمات
كان اتندموا كثير وتحسّروا على ما كان زمان وفات
كيف يكون دا حال مسلمين ومؤمنين ومؤمنات
كيف يبغوا يكسبوا بحالهم دا أي أجور وحسنات
صيامهم ما حيكون إلا جوع وعطش وندامات
وصلاتهم وقيامهم جهد وتعب وبدون أي جزاءات
انتبهوا من لعبة إبليس يا مؤمنين ويا مؤمنات
أشغلكم بالتوافه والعبث وضيع عليكم الفائدات
*****
رمضان شهر الكرم والصدقة والجود والعطاءات
فـ كل ليلة عتق من النار وفيه تفتح أبواب الجنات
وفيه ليلة خير من ألف شهر بما فيه من أيام وساعات
وينادي ربنّا كل يوم يوشك عبادي أن يصيروا للجنات
وفيه تصفّد الشياطين والمردة وفيه تضاعف الحسنات
وفيه أكلة سحور مبروكة وفـ تأخيرها كل البركات
وفيه فتح مكة و غزوة بدر وغيرها من الفتوحات
عمرته تعدل حجة مع النبيّ عليه افضل الصلوات
ورمضان جُنّة من النار وحصن مو زيّ أي حصونات
وفيه تستغفر الملائكة لكل الصائمين والصائمات
ودعاء الصائم عند فطره من الدعوات المستجابات
وجبريل يدعو على اللي أدركوه ولم يغفر لهم ما فات
للصائم فرحتان فرحة بفطره وفرحة بلقاء رب البريات
الريان باب مخصص للصائمين يدخلوا منه للجنات
*****
كل هذا الفضل اللّي ذُكر ولسّة بنفكر في ملذات
لا تحزن لا تيأس إحنا لسّه في بداية الأوقات
قدامنا فرصة للتوبة وبذل الجهد والتضحيات
عسى نحصّل ما نقدر من موسم الخير والجنات
*****
يالله شمّر يا مسلم واطرد عنّك الكسل والشهوات
ابدأ صفحة جديدة مع الله في موسم الخير والعطاءات
عساك تفلح وتُكتب آخر الشهر من الفائزين والفائزات
ومن اللّي يستلموا بيمينهم اثمن وأغلى الصحيفات
وختاما ... أقولها وبكل حب للجميع كل عام وانتم بكل خيرات (ارجو المعذرة فهذه أول وآخر مرة اقول فيها الشعر - اذا اعتبرنا أن هذا شعر وكل عام وانتم بخير)
المحرر الاجتماعي
http://www.noo-problems.com/
=============
إني لأكره أن أرى الرجل فارغا
عظّم الله شأن الوقت إذ هو الحياة
فأقسم الله بالضُّحى وبالعصر وبالصُّبح وبالفجر وبالليل وبالنهار ، وهذه هي حياة الإنسان .
كما قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله حيث قال : الليل والنهار يعملان فيك ، فاعمل فيهما .
يعني أن الليل والنهار يأخذان من حياتك فخذ منهما وتزوّد فيهما لما أمامك
قال أبو الدرداء رضي الله عنه :
ابن آدم طأِ الأرض بقدمك ، فإنها عن قليل تكون قبرك .
ابن آدم إنما أنت أيام ، فكلما ذهب يوم ذهب بعضك .
ابن آدم إنك لم تزل في هدم عمرك منذ يوم ولدتك أمك .
ومما يدلّ على أهمية الوقت أن الله جعله محِل العبادات ، وجعل قبول تلك العبادات منوطاً بأوقاتها .
قال سبحانه : ( إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا )
ولذا أوصى أبو بكر عمرَ فقال : إني موصيك بوصية - إن أنت حفظتها - إن لله حقاً بالنهار لا يقبله بالليل ، وإن لله حقاً بالليل لا يقبله بالنهار ، وإنه لا يقبل نافلة حتى تؤدّى الفريضة ، وإنما ثقلت موازين من ثقلت موازينه يوم القيامة باتباعهم في الدنيا الحقّ وثقله عليهم ، وحُقّ لميزان لا يوضع فيه إلا الحق أن يكون ثقيلا ، وإنما خفت موازين من خفت موازينه يوم القيامة باتباعهم الباطل وخفّتِه عليهم ، وحُقّ لميزان لا يوضع فيه إلا الباطل أن يكون خفيفاً .
ولذا كان السلف يضنون بأوقاتهم ويبخلون بها
قال الحسن البصري - رحمه الله - :
أدركت أقواماً كانوا على أوقاتهم أشدّ منكم على دراهمكم ودنانيركم !
وكان يقول : ابن آدم إنك بين مطيّتين يُوضِعانك : الليل إلى النهار ، والنهار إلى الليل ، حتى يُسلمانك إلى الآخرة ، فمن أعظم منك يا ابن آدم خطراً .
وهذا عامر بن عبد قيس - أحد التابعين - يقول له رجل : كلّمني . فيقول له : أمسك الشمس !
وما ذلك إلا ليشعره بقيمة الوقت .
قال عبدُ الرحمن بن مهدي : لو قيل لحماد بن سلمة : إنك تموتُ غداً ، ما قَدَر أن يزيد في العمل شيئا .(1/174)
وقال عفان بن مسلم : قد رأيت من هو أعبد من حماد بن سلمة ، ولكن ما رأيت أشدّ مواظبة على الخير وقراءة القرآن والعمل لله من حماد بن سلمة .
وقال موسى بن إسماعيل : لو قلت لكم إني ما رأيت حماد بن سلمة ضاحكا قط صدقتكم ، كان مشغولا بنفسه ؛ إما أن يُحدِّث ، وإما أن يقرأ ، وإما أن يسبح ، وإما أن يصلي . كان قد قسم النهار على هذه الأعمال .
ولذا مات حماد بن سلمة في المسجد وهو يصلي .
هكذا كانت تُقضى الأوقات .
ولذا كان ابن مسعود رضي الله عنه يقول : إني لأكره أن أرى الرجل فارغا ، لا في عمل الدنيا ، ولا في عمل الآخرة .
وهذا أحد علماء السلف ، وهو محمد بن سلاَم البيكندي - شيخ البخاري - يحضر مجلس شيخه ، والشيخ يُملي وهو يكتب الحديث فانكسر قلمُه ، فأمر أن يُنادى : قلمٌ بدينار ! فتطايرت إليه الأقلام .
وما ذلك إلا لحرصه على وقته وخشية أن يضيع منه شيء .
فالوقت عندهم أثمن من كل شيء .
الوقت عندهم أثمن من الدينار والدّرهم .
بل من شُحِّهم بأوقاتهم وحرصهم عليها كان بعضهم يجعل بريَ الأقلام في أوقات مجالسة مَنْ يزوره .
كما كان ابن الجوزي - رحمه الله - يصنع .
قال رحمه الله : الزمان أشرف شيء ، والواجب انتهابه بفعل الخير ... فصرت أُدافع اللقاء جهدي - يعني لقاء البطالين - ... ثم أعددت أعمالاً لا تمنع المحادثة لأوقات لقائهم ، لئلا يمضي الزمان فارغاً ، فجعلت من الاستعداد للقائهم قطعَ الكاغد وبَريَ الأقلام وحزم الدفاتر ! فإن هذه الأشياء لا بُدّ منها ، ولا تحتاج إلى فكر وحضور قلب ، فأرصدتها لأوقات زيارتهم ، لئلا يضيع شيء من وقتي !
وكان - رحمه الله - يحتفظ ببري الأقلام حتى قيل إنه أوصى عند موته أن يُسخّن فيها الماء الذي سوف يُغسّل به بعد موته .
وأوصى ابن الجوزي ابنه فقال : واعلم يا بني أن الأيام تبسط ساعات ، والساعات تبسط أنفاساً ، وكل نَفَسٍ خِزانة ، فاحذر أن يذهب نَفَسٌ بغير شيء ، فتَرى في القيامةِ خزانةً فارغة فتندم .
قال الإمام الذهبي عنه : ما علمت أحداً صنّف ما صنف ابن الجوزي .
وأما الإمام ابن عقيل - رحمه الله - ففي أخباره العجب !
حتى كان يقول : إني لا يحلّ لي أن أُضيع ساعة من عمري ، حتى إذا تعطل لساني عن مذاكرة أو مناظرة وبَصَري عن مًطالَعة ، أعملت فكري في راحتي وأنا مُنطرِح ، فلا أنهض إلا وقد خَطَرَ لي ما أُسطِّره ، وإني لأجد من حرصي على العلم وأنا في عشر الثمانين أشد مما كنت أجده وأنا ابن عشرين سنة .
لماذا هذا الحرص على الوقت ؟؟؟
أما لماذا ؟
فلأن الوقت أثمن ما يملكه البشر
قال ابن هبيرة رحمه الله :
والوقتُ أنفسُ ما عُنيتَ بحفظه *** وأراه أسهل ما عليك يضيعُ
نعم . الوقت لا يُقدّر بثمن .
ولذا يُسأل الإنسان عن وقته الذي أمضاه طيلة حياته
فيُسأل يوم القيامة :
عن عمره فيمَ أفناه ؟
وعن شبابه فيمَ أبلاه ؟
فيُسأل عن مرحلة الشباب ؛ لأنها هي مرحلة القوة ، ومرحلة الاكتساب ، وفيها الصحة والفراغ بخلاف حال الكِبَر ، وهي ومرحلة العمل للدار الآخرة .
كثير من الشباب أو الفتيات يقولون : إذا بلغنا الأربعين تُبنا !
أو يقول بعضهم : إذا كبرنا عقلنا ! [ هكذا يقولون ] !!!
وما علموا أن من شبّ على شيء شاب عليه ، ومن شاب على شيء مات عليه ، ومن مات على شيء بُعِث عليه .
ثم ما الذي يضمن لهؤلاء الأعمار ؟
من يضمن لهم أن يعيشوا إلى ستين أو سبعين سنة ؟
ثم إذا عاشوا هذا العمر ، فمن يضمن لهم السلامة من الآفات ؟
مَنْ يزور بعض المستشفيات يرى شبابا في مقتبل أعمارهم بعضهم لا يستطيع أن يقضي حاجته ، وبعضهم على كرسي متحرك منذ عشر سنوات أو أكثر .
كم يتمنى بعضهم أن يُعطى العافية ليستغل دقائق عمره .
وكم يتحسّر على أيام شبابه التي أمضاها في غير طاعة الله .
فلا تقل : لا زالت في مرحلة الشباب
ولا تقولي : لا زلت صغيرة
ولا تقل : إذا كبُرت فسوف اعمل وأعمل
ولكن بادر الآن واستغل وقتك فهو عمرك ، وسوف تسأل عنه .
وتذكروا أن الفراغ نعمه يجب استغلاله في طاعة الله ، حتى لا تكن من الخاسرين .
قال صلى الله عليه على آله وسلم : نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة ، والفراغ . رواه البخاري .
والغبن هو الخسارة البيّنة .
فمتى اجتمعت الصحة والفراغ فقد تمّت النعمة للعباد .
فقد يُعطى الإنسان الصحة ولا يُعطى الفراغ ، فيكون يكدح طوال النهار ، ثم يأتي آخر النهار وهو في غاية الجهد والتعب والإعياء والنَّصَب .
وقد يكون الإنسان فارغاً ولكنه منشغل بصحته ، فليس لديه صحة ليعمل في فراغه .
فمتى ما اجتمعت الصحة مع الفراغ ولم يستغلها المسلم أو المسلمة فقد تمّت خسارتهم .
فحتى لا تكن ممن خسر الخسران المبين في عمره وصحته عليك باستغلال وقتك .
كان يُقال لنا في وقت الصبا قول من لا ينطق عن الهوى : اغتنم خمساً قبل خمس ؛ شبابك قبل هرمك ، وصحتك قبل سقمك ، وغناءك قبل فقرك ، وفراغك قبل شغلك ، وحياتك قبل موتك .
فما عرفنا قيمة الفراغ إلا بعد أن شغلتنا أموالنا وأهلونا !
قال الإمام الشافعي - رحمه الله - :
صحبت الصوفية فلم أستفد منهم سوى حرفين :
أحدهما : قولهم : الوقت سيف ، فإن لم تقطعه قطعك .
والثاني : قولهم : نفسك إن لم تشغلها بالحق وإلا شغلتك بالباطل .
كم نُضيع الأعمار ؟
فإذا جاء الصيف قلنا حرّ !
وإذا جاء الشتاء قلنا بَرْد !
وإذا جاء الربيع شُغلنا بزينته !
إذا كان يؤذيك حرّ المصيف *** ويُبسُ الخريف وبَرْدُ الشتاء
ويُلهيك حسنُ زمانِ الربيع *** فأخذك للعلم قل لي : متى ؟؟؟
وأما من لم يغنم وقته فسوف يندم محسناً كان أو مُسيئا
إن كان مُحسِناً ندّم أن لا يكون ازداد إحسانا
وإن كان مُسيئا ندم على إساءته وتفريطه بوقته
ولذا قال عليه الصلاة والسلام : ما من أحد يموت ألا ندم . قالوا : وما ندامته يا رسول الله ؟ قال : إن كان محسنا ندِم أن لا يكون أزداد ، وإن كان مسيئا ندم أن لا يكون نزع . رواه الترمذي
قال ابن مسعود رضي الله عنه : ما ندمت على شيء ندمي على يومٍ غربت شمسه ، نقص فيه أجلي ولم يَزِد فيه عملي .
فيا لحسرة ضياع الأوقات وفوات الباقيات الصالحات
فالكافر أو المُفرِّط يتمنّى يوم القيامة أن لو استغل ساعات عمره فعمل لآخرته
( يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى * يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي )
فهو لا يتمنّى غير ذلك في تلك الساعة .
ويوم القيامة يُوبّخ الكافر على تضييعه لعُمرِه
( أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ )
قال ابن كثير رحمه الله : أي أوَ ما عشتم في الدنيا أعماراً لو كنتم ممن ينتفع بالحق لانتفعتم به في مدة عمركم ؟
ولذا كان قتادة رحمه الله يقول : اعلموا أن طول العمر حجة ، فنعوذ بالله أن نُعيّر بطول العمر .
وقد روى البخاري من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه على آله وسلم أنه قال : أعذر الله إلى امرئ أخّر أجله حتى بلّغه ستين سنة .
وسُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي الناس خير ؟
قال : من طال عمره ، وحسن عمله .
قيل : فأي الناس شر ؟
قال : من طال عمره ، وساء عمله . رواه الإمام أحمد والترمذي .
فالأعمار سريعة التّقضّي سريعة الزوال
وكم من إنسان سوّف وأكثر من : " سوف " و " لعل "
فمرّت الأيام سريعا وانقضى أجلُه ، ولو قيل له تمنى : لقال أتمنى ساعة أذكر فيها ربي وأعبده وأقوم بشيء من حقِّه .
قال ابن الجوزي رحمه الله :(1/175)