إعداد:
- الأخ أبو أسامة -
www.Abo-osamah.com
* تعريف الصيام:
الصيام والصوم مصدران، وهما أصل في اللغة يدل على الإمساك والركود أياً كان، فمنه الإمساك عن الكلام كما في قوله تعالى : { فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً } (مريم26) فالمقصود هنا الإمساك عن الكلام، ومنه أيضاً الركود والثبات على حال واحدة كما في قول النابغة:
خيل صيام وخيل غير صائمة تحت العجاج وأخرى تعلك اللجما
فالمقصود بالخيل الصيام الثابتة أو الراكدة.
وشرعاً: التعبد لله سبحانه وتعالى بالإمساك عن الأكل والشرب، وسائر المفطرات، من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.
* أنواع الصيام:
ينقسم الصيام إلى قسمين:
القسم الأول/ الصيام الواجب، وهو ثلاثة أنواع:
النوع الأول: واجب بالوقت أو بالزمن، وهذا يتمثل في صيام شهر رمضان فإنه واجب الوقت.
النوع الثاني: واجب بعلة أو سبب، وذلك مثل صيام الكفارات، والصيام موجود في معظم الكفارات أو كلها، فكفارة الظهار صيام شهرين متتابعين، وكفارة اليمين صيام ثلاثة أيام . . وهكذا.
النوع الثالث: صيام النذر، وهو ما أوجبه الإنسان على نفسه، من غير أن يكون واجباً عليه في أصل الشرع، مثل لو نذر الإنسان أن يصوم لله شهراً أو يوماً وما أشبه ذلك.
القسم الثاني/ صيام التطوع أو النفل:
وبابه واسع مثل صيام الأيام البيض ، أو صيام عاشوراء، أو الاثنين والخميس وما إلى ذلك.
* خصائص شهر رمضان:
1. أن الجزاء من أكرم الأكرمين وأجود الأجودين (الله) - جل جلاله - :(1/1)
لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (( قال الله عزوجل: كل عمل ابن آدم له، إلا الصيام ، فإنه لي ، وأنا أجزي به، والصيام جنة (1) ، فإذا يوم صوم أحدكم فلا يرفث يومئذ، ولايسخب (2) فإن سابه أحد ، أو قاتله ، فليقل: إني امرؤ صائم ، والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله يوم القيامة من ريح المسك، وللصائم فرحتان يفرحهما ، إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه، فرح بصومه)) رواه مسلم ، وفي زيادة عند البخاري: ((يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي ، الصيام لي وأنا أجزي به، والحسنة بعشر أمثالها )).
2. أنه إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين:
فقد جاء في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين )).
3. أن من صامه إيمانا واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه:
لحديث أبي هريرة عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال : (( من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ، ومن قام من رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه )) رواه البخاري.
4. أن فيه ليلة خير من ألف شهر من قامها إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه:
لحديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : (( من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ، ومن قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه )) رواه البخاري.
__________
(1) 1 ) جنة: أي وقاية وستر. قال ابن العربي: إنما كان الصوم جنة من النار لأنه إمساك عن الشهوات، والنار محفوفة بالشهوات. فالحاصل أنه إذا كف نفسه عن الشهوات في الدنيا كان ذلك ستراً له من النار في الآخرة.
(2) 2 ) بالسين ، وتقال بالصاد، وهو الصياح.(1/2)
5. أن العمرة فيه - أي شهر رمضان - تعدل حجة ، أو حجة مع النبي - صلى الله عليه وسلم - :
ففي صحيح مسلم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لامرأة من الأنصار يقال لها أم سفيان: (( ما منعك أن تكوني حججت معنا )) ؟ قالت: ناضحان كان لأبي فلان - زوجها - حج هو وابنه على أحدهما، وكان الآخر يسقي عليه غلامنا، قال : (( فعمرة في رمضان تقضي حجة، أو حجة معي )).
6. أن من صامه ثم أتبعه ستاً من شوال كان صيامه كصيام الدهر:
فعن أبي أيوب الأنصاري - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (( من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر )) رواه مسلم .
7. أن خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك:
لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - وفيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:(( والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله يوم القيامة، من ريح المسك . . . . الحديث )) رواه مسلم.
8. أن الصيام يورث السعادة في الدنيا والآخرة :
لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - وفيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((وللصائم فرحتان يفرحهما ، إذا أفطر فرح بفطره ، وإذا لقي ربه ، فرح بصومه )) رواه مسلم.
* موجبات الصيام في شهر رمضان/
1. رؤية الهلال:
لقوله تعالى : { فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ } البقرة185.
وقوله - صلى الله عليه وسلم - : ((إذا رأيتموه فصوموا)) رواه الشيخان.
2. الإسلام:
وضده الكافر فلا يقبل منه الصوم ، ولذا يقول - عزّ قائلاً عليماً -: { وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَبِرَسُولِهِ ....... } التوبة54.
فإذا كانت النفقات ونفعها متعد لا تقبل منهم لكفرهم فالعبادات الخاصة من باب أولى.
3. التكليف:
والمراد بالتكليف: هو ما ورد في اصطلاح الفقهاء وهو البلوغ والعقل.(1/3)
والبلوغ يكون ببلوغ سن الخامسة عشر أو الاحتلام أو إنبات الشعر.
والعقل ضده الجنون.
4. القدرة:
فلا يجب الصوم على المسافر ولا على المريض ، لقوله تعالى: { وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } البقرة185.
* الدروس المستفادة من شهر رمضان:
الدرس الأول/ تحقيق معنى التقوى:
فالغاية الكبرى التي نجنيها في هذا الشهر العظيم هي التقوى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } البقرة183، وتحقيق هذا المعنى العظيم يكون بعدة أمور منها:
أ. احتساب الأجر في صيام هذا الشهر وقيامه، وأن من قامه إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه.
ب. تأمل سير السلف الصالح وحالهم في رمضان واجتهادهم في العبادة فيه.
ج. الحرص على مصاحبة الأتقياء الأنقياء الأصفياء: فهم العون بعد الله على المشاركة الأخوية في الطاعات والعبادات الرمضانية، وخير معين لتحقيق هذا المعنى الرائع "التقوى".(1/4)
وهنا يقول الشيخ عبدالرحمن الدوسري - رحمه الله - : وسر ختام آية الصيام بالتقوى: أن إعداد نفوس الصائمين لتقوى الله يظهر من وجوه كثيرة، أعظمها شأناً وأظهرها أثراً وأعلاها شرفاً أن الصيام أمره موكول إلى نفس الصائم وضميره، لا رقيب عليه فيه إلا الله، فهو سر بين العبد وربه لا يطلع عليه أحد سواه، لأنه يستطيع أن يفطر سراً مختفياً عن أقرب قريب، ولكنه لتقوى الله يلتزم الأمانة في حفظ الصيام، مهما سنح له ما يشتهي أو يغري. فمواصلة ذلك شهراً كاملاً عن تقوى ومراقبة وحياء من الله يصاحبه في هذه المدة، يحصل بها نزاهة الضمير، وضبط النفس، وإعدادها لما يؤهلها للخير، وتحمل الأذى في سبيل الله، ويقوي عزيمتها في كل إقدام وإحجام، ويتقوى أيضاً بصومه الصحيح على كبح جماح شهوته ونزوات نفسه (1) .
الدرس الثاني/ تقوية الصلة بالله وتربية الروح التربية الإيمانية على هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
فالجسم يغذى بالغذاء، والعقل يغذى بالعلم، والروح تغذى بالإيمان.
وتقوية الصلة بالله - عزوجل - بما يلي:
1. المحافظة على الصلوات: فرمضان فرصة لنا بأن نعود أنفسنا على الانضباط في صلواتنا، والمحافظة عليها، وإدراك تكبيرة الإحرام، وكلنا ذوو إرادة نستطيع ذلك بإذن الله.
2. المحافظة على الصيام بوجهه الشرعي الصحيح: بترك الغيبة (( فمن لم يدع قول الزور والعمل به، والجهلَ، فليس لله حاجةٌ في أن يدع طعامه وشرابه)) رواه البخاري،
3. تعويد النفس على القول الحسن وترك مسابّة الآخرين أو التلفظ عليهم: وقد جاء في الحديث ((فإذا يوم صوم أحدكم فلا يرفث يومئذ، ولايسخب فإن سابه أحد ، أو قاتله ، فليقل: إني امرؤ صائم....)) رواه مسلم.
4.اغتنام الوقت في ذلكم الشهر العظيم بالإكثار من التسبيح والتهليل والتحميد والحوقلة والمحافظة على الأوراد الشرعية.
__________
(1) 1 ) الصوم مدرسة تربي الروح وتقوي الإرادة، للشيخ: عبدالرحمن الدوسري ـ رحمه الله ـ ص15.(1/5)
الدرس الثالث/ الصبر وقوة الإرادة وتهذيب الأخلاق:
وقد روجه ابن ماجه "إن الصوم نصف الصبر".
وقال أبو عبيد: الصوم هو الصبر.
فأنت يا صاحب الإرادة ويا قوي العزيمة قد يأتيك من يغضبك في غير رمضان، وقد تغضب لذلك، ولكن في رمضان يأتيك من صنوف الناس الكثير، ومع ذلك تكظم غيظك كل هذا حرصاً على تحقيق المبدأ السامي والعظيم "التقوى"، فهلا جعلت هذه الإرادة الصلبة والعزيمة القوية إلى جميع حياتك كلها ، فتكون مستقيماً حقاً ، في سلوكك الباطن والظاهر، وفي تعاملك الحسن في بيتك، وفي مدرستك، ومع والديك، وفي حلقتك، وفي مجتمعك ؟
إن هذا الشهر فرصة عظيمة لك أن تحقق ذلك ، وثق بأنك أهل لذلك.
الدرس الرابع/ تغيير الواقع إلى واقع حسن:
ولتقريب هذا المعنى: أسألك أخي المبارك لو أعلن عن رمضان يوم تسعة وعشرين من شعبان هل عندك استعداد أن تجلس إلى الفجر ؟
نستطيع ذلك ، ولكن في غير رمضان أغلبنا لا يستطيع فعل ذلك، وكذا الحال في وقت الدراسة فاليوم تذهب في الصباح الباكر، وغدا تتأخر في ذلك دون أدنى حرج ، بكسر رهيب لبرنامجك اليومي، وسرعان ما تألف نفوسنا ذلك.
الدرس الخامس/ أن رمضان شهر الجود والكرم وبذل المال في سبيل الله:
فينبغي لنا أن نتذكر سيرة المصطفى - عليه الصلاة والسلام - فقد كان أجود ما يكون في رمضان،
وعلينا أن نتذكر إخواناً لنا في أفريقيا وفي غيرها من مشارق الأرض ومغاربها، فبعضهم الآن يجلس ثلاثة أيام لم يذق فيها شيئاً حتى ورق الشجر، بل بعضهم يجلس ثمانية أيام لم يذق فيها طعاماً ولا شراباً، وارجعوا إلى أشرطة الشيخ المسدد الدكتور عبدالرحمن السميط - متعه الله بوافر الصحة والعافية - لتعرفوا بعض القصص في ذلك، وبخاصة شريط "ماتوا بين يدي".
الدرس السادس/ تعويد النفس على النظام والدقة في المواعيد:
فلو أفطر الإنسان قبل أذان المغرب بدقيقة واحدة لم يقبل منه صومه.(1/6)
ولذا فإن الشهر مغنم عظيم لنا بالتبكير للصلوات، وبضبط مواعيدنا وارتباطاتنا بعد الصلوات ، وقطعها قبل الأذان استعداداً للصلاة.
الدرس السابع/ أن في رمضان تتعلق القلوب بالمساجد:
بقراءة القرآن، والمشاركة في تفطير الصوام، وأيضاً بالإعتكاف.
* ما الواجب علينا في شهر رمضان ؟
1. الصيام الشرعي كما أمر الله تعالى ، وكما صام رسوله - صلى الله عليه وسلم -.
2. الإكثار من العبادة، ومنها:
أ. الصلاة. ب. قراءة القرآن. ج. الإكثار من الصدقة. د. العمرة في رمضان.
هـ. الإعتكاف. و. تحري ليلة القدر. ز. كثرة الدعاء والذكر والاستغفار.
ح. الجلوس حتى الإشراق.
3. الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
4. الاقتصاد في الأكل والشرب والنوم.
5. تعلم أحكام الصيام والقراءة في فضائله.
* آداب الصيام/
1. أن يبتغي المسلم بصيامه وجه الله - عزوجل - إيماناً واحتساباً.
2. تبييت النية للصيام في بداية الشهر.
3. عدم التفريط في أكلة السحر.
4. تعجيل الفطور.
5. الفطر على رطب ، فإن لم يجد فعلى التمر، فإن لم يجد فعلى ماء.
* ضوابط لمفطرات الصيام/
1. أن يكون عالماً.
2. أن يكون ذاكراً.
3. أن يكون مختاراً غير مكره.
* الأعذار المبيحة للفطر/
1. المرض والسفر كما جاء في القرآن الكريم.
2. أن تكون المرأة حاملاً فتخاف على نفسها، أو على جنينها.
3. أن تكون المرأة المرضعة تخاف إذا صامت على نفسها، أو على رضيعها.
4. أن يحتاج الإنسان إلى الفطر لإنقاذ معصوم من الهلكة، مثل أن يجد غريقاً في البحر ، وما إلى ذلك.
5. الفطر للتقوي على الجهاد في سبيل الله.
* مسائل مهمة في الصيام/
- بخاخ الربو الصحيح أنه لا يفطر، وهو قول الشيخ ابن باز وابن عثيمين - رحمهما الله - ، وابن جبرين، والدكتور محمد الخياط، واللجنة الدائمة.
- قطرة الأنف تفطر إذا وجد طعمها في حلقه على قول الشيخ ابن باز، أو وصلت إلى المعدة على قول الشيخ ابن عثيمين - رحمهما الله -.(1/7)
- قطرة الأذن لا تفطر ، فقد أثبت الطب الحديث بأنه لا منفذ بين الأذن والجوف والدماغ ينفذ منه المائع إلا إذا أزيلت الطبلة ، أو وجد خرق فيها.
- قطرة العين لا تفطر ، وقال بذلك الشيخين ابن باز وابن عثيمين - رحمهما الله -.
- التبرع بالدم قياساً على مسألة الحجامة لا يفطر.
- من أفطر لعذر شرعي يجوز له أن يأكل ويشرب بقية يومه، بخلاف الرجل الذي أفطر في نهار رمضان بدون عذر فإنا نلزمه بالإمساك، وإن كان يلزمه القضاء (ابن عثيمين).
والأولى أن يكون فطره بعيداً عن أنظار الناس حتى لا يساء به الظن، وأيضاً مراعاة لمشاعرهم.
- السفر في رمضان لأجل الفطر لا يجوز، لأن التحيل بإسقاط الواجب لا يسقطه، كما أن التحيل بإسقاط المحرم لا يسقطه (ابن عثيمين).
وهذا يفعله بعض الطلاب في بعض المدارس ، فالواجب أن ننصح من علمنا منه ذلك، وأن نذكره بالله - عزوجل -، وبأن يصوم هذا الشهر إيماناً واحتساباً حتى يفوز بالأجر العظيم بأن يغفر له ما تقدم من ذنبه.
- الأفضل للمسافر أن يعمل الأسهل في سفره ، فإن كان الأسهل في حقه الفطر فليفطر، وإن كان الأسهل الصيام فليصم، فإن تساويا فالأولى الصيام ، لحديث أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فِي حَرٍّ شَدِيدٍ حَتَّى إِنْ كَانَ أَحَدُنَا لَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ وَمَا فِينَا صَائِمٌ إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ " رواه البخاري ومسلم ، ولأنه أسرع في إبراء الذمة ؛ ولأنه أسهل على المكلف غالباً ؛ لأن الصوم والفطر مع الناس أسهل من أن يستأنف الصوم ، وأيضاً لأنه يدرك الزمن الفاضل ، وهو رمضان ، فإن الصيام في رمضان أفضل من الصيام في غيره ؛ لأنه محل الوجوب.(1/8)
- من قَدِم للعمرة في رمضان ويشق عليه أدائها وهو صائم، الأولى ألا يؤخر أداء العمرة إلى ما بعد غروب الشمس حتى يفطر، إنما الأولى به أن يؤدي العمرة ، لأن هذا فعل الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ولأن مقصود المعتمر العمرة وليس مقصوده الأهم أن يصوم في مكة (ابن عثيمين).
- صفة العمرة -
- الإحرام/
* الإحرام: هو نية الدخول في العمرة، ولبس المخيط لا يعني ذلك.
* يستحب الاغتسال والتنظف والتطيب بأطيب ما يجد، في رأسه ولحيته بدهن عود أو غيره، ولا يضر بقاؤه بعد الإحرام.
* بعد الاغتسال والتطيب يلبس ثياب الإحرام، وهي إزار ورداء أبيضين نظيفين من غير المخيط (أي غير المفصل على مقدار العضو , كالفنيلة والشراب والسروال ...إلخ ).
* ثم يصلي صلاة الفريضة، أو ركعتين ينوي بهما سنة الوضوء، فإذا فرغ من الصلاة، أحرم وقال: لبيك عمرة ، ويسن بعد الإحرام التلبية، وهي قول ( لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ,إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك). ويرفع بها الرجال أصواتهم, أما النساء فيخفض أصواتهن بها. ويتوقف المعتمر عند التلبية عند ابتدائه الطواف .
* فإذا وصل المسجد الحرام قدم رجله اليمنى لدخوله وقال: بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك، أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وبسلطانه القديم من الشيطان الرجيم.
* ثم يتقدم إلى البيت متجهاً نحو الحجر الأسود ليبتدئ الطواف، فيستلم الحجر الأسود بيده اليمنى ويقبله إن تيسر له ذلك، فإن لم يتيسر له التقبيل، استلمه بيده وقبلها، فإن لم يتيسر له استلامه فلا يزاحم، ويكفي أن يشير بيده ولو من بعيد ويقول: بسم الله والله أكبر.
* ثم يأخذ ذات اليمين ويجعل البيت على يساره، فإذا وصل الركن اليماني استلمه إن تيسر له بدون تقبيل ، فإن لم يتيسر له فلا يزاحم.(1/9)
* ولا يستلم من البيت سوى الحجر الأسود والركن اليماني، , ويقول بينهما : { رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ } البقرة201
* يجوز خلع لباس الإحرام وتغييره إذا اتسخ مثلاًََ , ويجوز للمحرم لبس الإحرام في بيته قبل سفره ولكن لا يعقد نية الإحرام إلا عند الميقات .
- الطواف/
* الطواف سبعة أشواط على الكعبة يبدأ كل شوط من أمام الحجر الأسود وينتهي به .
* يسن أن يرمل المعتمر في الأشواط الثلاثة الأولى , والرَمَل هو مسارعة المشي مع تقارب الخطوات .
* يسن أن يضطبع المعتمر في طوافه كله , والاضطباع هو أن يجعل وسط ردائه تحت كتفه الأيمن وطرفيه على كتفه الأيسر.
* يزيل المعتمر الاضطباع إذا فرغ من طوافه .
* يسن لمن يطوف أن يستلم الحجر الأسود (أي يلمسه بيده) ويقبله عند مروره به , فإن لم يستطع استلمه بيده وقبلها , فإن لم يستطع أشار إليه بيده ولا يقبلها.
* تشترط الطهارة للطواف. أما إذا انتقض وضوء المسلم وهو يطوف فإنه يتوضأ ثم يعيد الطواف كله من جديد .
* يسن لمن يطوف أن يستلم الركن اليماني بيده ولا يقبله , فإن لم يستطع استلامه بسبب الزحام لم يشر إليه .
* يسن لمن يطوف أن يكبر عند استلامه للحجر الأسود أو عند الإشارة إليه.
* وكلما مَرَّ بالحجر فعل ما سبق وكبر ويقول في البقية ما أحب من الذكر والدعاء وقراءة القرآن.
* السنة للرجل أن يضطبع في جميع طوافه، ويرمل في الأشواط الثلاثة الأولى منه، دون الأربعة الباقية.
* فأما الاضطباع فهو أن يبرز كتفه الأيمن، فيجعل وسط ردائه تحت إبطه وطرفيه على كتفهِ الأيسر، وأما الرمل: فهو إسراع المشي مع مقاربة الخطى.
* من شك في عدد أشواط الطواف التي طافها فإنه يرجح الأقل , ثم يكمل .
* ولا يصح الطواف من داخل الحجر.(1/10)
* فإذا أتم سبعة أشواط، تقدم إلى مقام إبراهيم فقرأ { وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى } البقرة125، ثم صلى ركعتين خلفه قريباً منه، وإلا فبعيداً ، وإن لم يتيسر صلى في مكان آخر في المسجد الحرام، ويقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة : { قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ } الكافرون1، وفي الركعة الثانية : { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } الإخلاص1.
- السعي/
* لا تشترط الطهارة للسعي , فلو سعى وهو غير متوضئ جاز ذلك , ولكن الأفضل أن يكون على وضوء .
* ثم يتجه إلى المسعى، فإذا دنا من الصفا قرأ: { إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ } ولا يكملها، أو يقرؤها في غير هذا الموضعِ.
* ثم يرقى على الصفا حتى يرى الكعبة، فيستقبلها ويرفع يديه فيحمد الله ويدعو بما شاء أن يدعو، وكان من دعاء النبي ـ صلى الله عليه وسلم - هنا: ((لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده)) يكرر ذلك ثلاث مرات، ويدعو بينها.
* ثم ينزل من الصفا إلى المروة ماشياً حتى يصل إلى العمود الأخضر، فإذا وصله، أسرع إسراعاً شديداً بقدر ما يستطيع إن تيسر له بلا أذية، حتى يصل العمود الأخضر الثاني، ثم يمشي على عادته حتى المروة، فيرقى عليها ويستقبل القبلة، ويرفع يديه ويقول ما قاله على الصفا.
* ثم ينزل من المروة إلى الصفا يمشي في موضع مشيه، ويسرع في موضع إسراعه، والصعود على الصفا والمروة، والسعي الشديد بين العَلَمين، كلها سنة وليست واجبة.
* إذا أقيمت الصلاة وهو يسعى فإنه يصلي مع الجماعة في المسعى ثم يكمل سعيه .
* ثم يحلق رأسه إن كان رجلاً أو يقصره، والحلق أفضل، ويجب أن يكون حلق الرأس شاملاً لجميع الرأس.(1/11)
* إذا نسي المعتمر أن يحلق شعر رأسه أو يقصره ثم خلع إحرامه فانه متى تذكر ذلك ولو في بلده فانه يلبس إحرامه ويحلق شعر رأسه أو يقصره ، ولا شيء عليه لأنه ناسي والله أعلم .
وبهذا تكون تمت العمرة - نسأل الله للجميع القبول -.
- أحكام الاعتكاف -
* معنى الاعتكاف لغة وشرعاً/
لغة: الاعتكاف مشتق من العكوف وهو لزوم الشيء والإقامة حوله وطول المكث عنده كما حكى الله عن إبراهيم عليه السلام أنه قال لقومه { مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ } وقال تعالى عنهم: { نَعْبُدُ أَصْنَاماً فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ } أي ملازمين لها مستديرين حولها وقال تعالى: { فَأَتَوْاْ عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَّهُمْ } أي يقيمون عندها ملازمين لها.
وفي الشرع: لزوم مسجد لطاعة الله تعالى من مسلم عاقل غير جنب ولاحائض.
* حكم الاعتكاف/
الاعتكاف سنة إلا أن يكون نذراً فيجب الوفاء به، وهذه قاعدة مهمة: وهي أن كل عبادة مسنونة تنقلب إلى واجبة عند النذر بفعلها.
* أقل الاعتكاف وأكثره/
القول الراجح كما ذكر أهل العلم أن أقل الاعتكاف يومٌ أو ليلة ، لحديث عمر - رضي الله عنه - أنه قال: "يارسول الله إني نذرت أن اعتكف ليلة" وفي رواية: "يوماً في المسجد الحرام" قال: "أوف بنذرك" رواه البخاري ومسلم.
وأما أكثره فليس له حد ، إلا أنه يكره إطالته بحيث يحصل إنه يشغل الإنسان عن أهله ويكون في ذلك تضييع لمن يعول.
* أركان الاعتكاف/
الأول: المعتَكَف: وهو المسجد واللبث فيه.
الثاني: المُعتَكِف: هو أن يكون مكلفاً ، بأن يكون مسلماً عاقلاً بالغاً.
الثالث: النية: وهي نية قصد العبادة والتفرغ للطاعة.
* شروط الاعتكاف/
الأول: الطهارة من الحيض والنفاس والجنابة.
الثاني: إذن السيد للرقيق، والزوج للزوجة.
* وقت الاعتكاف/(1/12)
يكون ليلة الواحد والعشرين من شهر رمضان قبل غروب الشمس، ووقت الخروج الأولى أن يكون لصلاة العيد، وإن خرج بعد الغروب فلا بأس ولا حرج عليه.
* مكان الاعتكاف/
مكان الاعتكاف يكون في المسجد ، وما يتبع له ما دام داخل سور المسجد، والأفضل الاعتكاف داخل المسجد.
* بم ينشغل المعتكف ؟
ينشغل المعتكف بقراءة القرآن وتدبره والصلاة والذكر والعبادة مع التأمل في طريقة سيره إلى الله تعالى.
* ثمرات الاعتكاف/
1. الإخلاص والتعويد والتربية على الإخلاص.
2. التربية على التخلص من فضول الكلام والطعام والنوم والخلطة.
3. التربية على العبادة وخاصة قيام الليل وقراءة القرآن والمناجاة والتضرع بين يدي الله - عزوجل -.
4. تقوية الصلة بالله واللجوء إليه.
5. مراجعة النفس ومحاسبتها.
6. إحياء سنة الاعتكاف.
7. التربية على الصبر ومجاهدة النفس.
* مسائل مهمة في الاعتكاف/
- لا يشترط الصيام في الاعتكاف، إلا أن يوافق شهر رمضان.
- حرمة الغيبة والنميمة على المعتكف أشد ، لأنه مشتغل بالعبادة ومتفرغ لها.
- خروج المعتكف للأكل والشرب وغسل الثياب لا بأس به، إذا كان لا يقوم بهذه المهمة إلا هو.
- الأولى بالمعتكف أن ينشغل بنفسه ويكثر التعبد، ويبتعد كثرة الحديث مع الناس والانبساط معهم، وأيضاً يبتعد عن كثرة الخروج لغير حاجة وضرورة، وأيضاً يجتهد اجتهاداً عظيماً في التعبد وليس في الراحة والاستجمام والإكثار من النوم.
- يصح الاعتكاف في غير رمضان.
- المراجع -
- فتح الباري شرح صحيح البخاري - المجلد الرابع.
- مختصر صحيح مسلم ، للحافظ المنذري.
- الشرح الممتع على زاد المستقنع - المجلد السادس ، للشيخ: ابن عثيمين - رحمه الله -.
- أحاديث الأحكام أحكام وآداب ، للشيخ: عبدالله بن صالح الفوزان.
- الصوم مدرسة تربي الروح وتقوي الإرادة ، للشيخ: عبدالرحمن الدوسري - رحمه الله -.
- مفطرات الصيام المعاصرة ، للدكتور: أحمد بن محمد الخليل.(1/13)
- فتاوى في أحكام الصيام ، للشيخ: ابن عثيمين - رحمه الله -.
- منتقى الآداب الشرعية ، لماجد بن سعود آل عوشن.
- أعذار الصائمين ، للدكتور: عبدالرحمن المخضوب.
- الأمالي في شرح عمدة الفقه (كتاب الصيام)، للشيخ الدكتور: سلمان العودة ( مذكرة ) نشر دار السنة بالخبر.
- حوار في الاعتكاف مع الشيخ الدكتور عبدالله بن جبرين.
- مختصر في فقه الاعتكاف، للشيخ الدكتور ناصر العمر.
- مناسك الحج والعمرة، للشيخ: ابن عثيمين - رحمه الله -.
- محاضرة "رمضان مدرسة الأجيال" للشيخ الدكتور ناصر العمر.
- الفهرس -
الرقم ... الموضوع ... الصفحة
1 ... تعريف الصيام لغة وشرعاً ... 1
2 ... أنواع الصيام ... 1
3 ... خصائص شهر رمضان ... 2
4 ... موجبات الصيام في شهر رمضان ... 4
5 ... الدروس المستفادة من شهر رمضان ... 4
6 ... ما الواجب علينا في رمضان ... 5
7 ... آداب الصيام ... 5
8 ... ضوابط لمفطرات الصيام ... 6
9 ... الأعذار المبيحة للفطر ... 6
10 ... مسائل مهمة في الصيام ... 6
11 ... صفة العمرة ... 7
12 ... معنى الاعتكاف لغة وشرعاً ... 9
13 ... حكم الاعتكاف ... 6
14 ... أقل الاعتكاف وأكثره ... 9
15 ... أركان الاعتكاف ... 10
16 ... شروط الاعتكاف ... 10
17 ... وقت الاعتكاف ... 10
18 ... مكان الاعتكاف ... 10
19 ... بم ينشغل المعتكف ؟ ... 10
20 ... ثمرات الاعتكاف ... 10
21 ... مسائل مهمة في الاعتكاف ... 11
22 ... المراجع ... 12
23 ... الفهرس ... 13
...
* عند وجود أي ملاحظة الرجاء التواصل معي عبر مدونتي "إطلالات تربوية"
www.Abo-osamah.net(1/14)