ولقد رأينا جماعة من المتصوفة والعلماء يغْشون الولاة لأجل نيل ما في أيديهم؛ فمنهم من يداهن ويرائي، ومنهم من يمدح بما لا يجوز، ومنهم من يسكت عن منكرات إلى غير ذلك من المداهنات، وسببها الفقر، فعلمنا أن كمال العز وبُعد الرياء إنما يكون في البعد عن العمال الظّلَمَة، ولم نرَ من صح له هذا إلا في أحد رجلين:
أما من كان له مال كسعيد بن المسيب كان يتجر في الزيت وغيره، وسفيان الثوري كانت له بضائع، وابن المبارك. وأما من كان شديد الصبر قنوعاً بما رزق ـ وإن لم يكفه ـ كبشر الحافي وأحمد بن حنبل؛ ومتى لم يجد الإنسان كصبر هذين، ولا كمال أولئك، فالظاهر تقلبه في المحن والآفات، وربما تلف دينه.
فعليك يا طالب العلم بالاجتهاد في جمع المال للغنى عن الناس؛ فإنه يجمع لك دينك، فما رأينا في الأغلب منافقاً في التدين والتزهد والتخشع، ولا آفة طرأت على عالم إلا بحبّ الدنيا، وغالب ذلك الفقر، فإن كان من له ما يكفيه ثم يطلب بتلك المخالطة الزيادة فذلك معدود في أهل الشّرَهِ، خارج عن حيّز العلماء) (21).
* والمقصود أن على العبد أن يقنع بالكفاف من هذا المال، مما يحتاجه في مطعمه ومشربه ومسكنه وملبسه ونحو ذلك، وأن يطلب ذلك من الله ـ تعالى ـ وحده ويرغب إليه فيه، وأن لا يكون سائلاً للمال بلسانه ـ إلا لضرورة ـ أو مستشرفاً إليه بقلبه.
وأما ما لا يحتاج إليه العبد فلا ينبغي له الاشتغال به؛ لأن ذلك يؤول إلى تعلق القلب بالمال واستعباده له، كما يفوت عمره في تحصيل رزق مقسوم، وقد يحمله الحرص على المال على اكتسابه بالحرام ومنع الحقوق الواجبة.
شهوة الرياسة:
شهوة حب الرياسة والمنصب إحدى الشهوات التي استعبدت كثيراً من الناس وأحكمت على أفئدتهم، فصارت الولايات والمناصب وما يتبعها من الشهرة والظهور مقصودهم ومرادهم.
وقد سبق إيراد حديث كعب بن مالك ـ رضي الله عنه ـ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (ما ذئبان جائعان أُرسلا في غنم بأفسد لهما من حرص المرء على المال والشرف لدينه) (22).
يقول الحافظ ابن رجب ـ رحمه الله ـ في شرح هذا الحديث: (فأخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن حرص المرء على المال والشرف إفساد لدينه ليس بأقل من إفساد الذئبين لهذه الغنم، بل إما أن يكون مساوياً وإما أكثر، يشير أنه لا يسلم من دين المسلم مع حرصه على المال والشرف في الدنيا إلا القليل، كما أنه لا يسلم من الغنم مع إفساد الذئبين المذكورين فيها إلا القليل. فهذا المثل العظيم يتضمن غاية التحذير من شر الحرص على المال والشرف في الدنيا).
ـ إلى أن قال ـ: (وأما حرص المرء على الشرف فهو أشد إهلاكاً من الحرص على المال؛ فإن طلب شرف الدنيا والرفعة فيها، والرياسة على الناس والعلو في الأرض أضر على العبد من طلب المال، وضرره أعظم والزهد فيه أصعب؛ فإن المال يبذل في طلب الرياسة والشرف) (23).
ثم ذكر ـ رحمه الله ـ أقسام الحرص على الشرف فقال: (والحرص على الشرف قسمان:
أحدها: طلب الشرف بالولاية والسلطان والمال، وهذا خطر جداً، وهو في الغالب يمنع خير الآخرة وشرفها وكرامتها وعزها. قال الله ـ تعالى ـ: ((تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُواً فِي الأَرْضِ وَلا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)) [القصص: 83]، وقلّ من يحرص على رياسة الدنيا بطلب الولايات فيوفق بل يوكَل إلى نفسه).
إلى أن قال ـ: (ومن دقيق آفات حب الشرف: طلب الولايات والحرص عليها، وهو باب غامض لا يعرفه إلا العلماء بالله العارفون به المحبون له....
واعلم أن حب الشرف بالحرص على نفوذ الأمر والنهي، وتدبير أمر الناس إذا قُصِدَ بذلك مجرد علو المنزلة على الخلق، والتعاظم عليهم، وإظهار صاحب هذا الشرف حاجة الناس وافتقارهم إليه، وذلهم له في طلب حوائجهم منه؛ فهذا نفسه مزاحمة لربوبية الله وإلهيته.
القسم الثاني: طلب الشرف والعلو على الناس بالأمور الدينية كالعلم والعمل والزهد؛ فهذا أفحش من الأول، وأقبح وأشد فساداً وخطراً؛ فإن العلم والعمل والزهد إنما يُطلب به ما عند الله من الدرجات العلى والنعيم المقيم، والقربى منه والزلفى لديه...) (24).
ومما يؤكد خطر هذه الشهوة أن جنس بني آدم مولع بحب الرياسة والظهور، كما بيّنه شيخ الإسلام ابن تيمية بقوله: (إن الإنسان إذا اعتبر وتعرف نفسه والناس؛ رأى الواحد يريد نفسه أن تطاع وتعلو بحسب الإمكان، والنفوس مشحونة بحب العلو والرئاسة بحسب إمكانها، فتجده يوالي من يوافقه على هواه، ويعادي من يخالفه في هواه، وإنما معبوده ما يهواه وما يريده)...
إلى أن قال ـ: (فإن كان مطاعاً مسلماً طلب أن يطاع في أغراضه وإن كان فيها ما هو ذنب ومعصية لله، ويكون من أطاعه أحب إليه وأعز عنده ممن أطاع الله وخالف هواه، وهذه شعبة من حال فرعون وسائر المكذبين للرسل.
وإن كان عالماً أو شيخاً أحب من يعظمه دون من يعظم نظيره، وربما أبغض نظيره حسداً وبغياً..) (25).
إن حب الرئاسة وطلبها لا ينفك عن مفاسد متعددة وشرور متنوعة، وقد أشار ابن رجب إلى بعضها بقوله : (واعلم أن الحرص على الشرف يستلزم ضرراً عظيماً، قبل وقوعه في السعي في أسبابه، وبعد وقوعه بالحرص العظيم الذي يقع فيه صاحب الولاية من الظلم والتكبر، وغير ذلك من المفاسد) (26).
وقال في موضع آخر : (إن حب المال والرئاسة والحرص عليهما يفسد دين المرء حتى لا يبقى منه إلا ما شاء الله والنفس تحب الرفعة والعلو على أبناء جنسها، ومن هنا نشأ الكبر والحسد) (27).
وذكر ابن القيم ـ رحمه الله ـ بعض مفاسد هذه الشهوة، فقال:(12/288)
(إن طلاب الرياسة ليسعون في تحصيلها لينالوا بها أغراضهم من العلو في الأرض، وتعبّد القلوب لهم، وميلها إليهم، ومساعدتهم لهم على جميع أغراضهم مع كونهم عالين عليهم قاهرين لهم، فترتب على هذا المطلب من المفاسد ما لا يعلمه إلا الله من البغي والحسد والطغيان والحقد والظلم والفتنة والحمية للنفس دون حق الله، وتعظيم من حقّره الله، واحتقار من أكرمه الله، ولا تتم الرياسة الدنيوية إلا بذلك، ولا تُنال إلا به وبأضعافه من المفاسد، والرؤساء في عمىً عن هذا؛ فإذا كُشف الغطاء تبيّن لهم فساد ما كانوا عليه، ولا سيما إذا حُشِروا في صُوَرِ الذرّ يطؤهم أهل الموقف بأرجلهم إهانة لهم وتصغيراً كما صغّروا أمر الله وحقروا عباده) (28).
وإذا تقرر ذم حب الرياسة وبيان مفاسدها، فإن حب الإمارة للدعوة إلى الله ـ تعالى ـ يفارق حب الرياسة؛ فإن مقصود هذه الإمارة تعظيم الله ـ تعالى ـ وأمره، وأما مقصود حب الرياسة فهو تعظيم النفوس والسعي في حظوظها، وأئمة العدل وقضاتهم لا يدعون إلى تعظيم نفوسهم البتة، بل إلى تعظيم الله وحده وإفراده بالعبودية، ومنهم من كان لا يريد الولاية إلا للاستعانة بها على الدعوة إلى الله وحده. فمن سأل ربه أن يجعله للمتقين إماماً يقتدي به المتقون، كما اقتدى هو بالمتقين لم يضره ذلك، بل يُحمد عليه؛ لأنه داعٍ إلى الله يحب أن يعبد ويطاع، فهو يحب ما يكون عوناً على ذلك موصلاً إليه (29).
إن على أهل العلم وطلابه أن يحذروا من شهوة حب الرياسة والشهرة، فإنه داء عضال ينبغي المسارعة في علاجه بالتوبة إلى الله ـ تعالى ـ وتزكية النفس ومحاسبتها.
يقول سفيان الثوري ـ رحمه الله ـ: (الرياسة أحب إلى القراء من الذهب الأحمر) (30).
وقد تحدث أبو الفرج ابن الجوزي عن أولئك العلماء المولعين بالرياسات والشهرة فقال: (واليوم صارت الرياسات من كل جانب، وما تتمكن الرياسات حتى يتمكن من القلب: الغفلة، ورؤية الخلق، ونسيان الحق؛ فحينئذ تطلب الرياسة على أهل الدنيا.
ولقد رأيت من الناس عجباً حتى من يتزيا بالعلم، إن رآني أمشي وحدي أنكر عليّ، وإن رآني أزور فقيراً عظّم ذلك، وإن رآني أنبسط بتبسم نقصت من عينه، فقلت: فوا عجباً هذه كانت طريق الرسول صلى الله عليه وسلم- والصحابة رضي الله عنهم ـ، فصارت أحوال الخلق نواميس لإقامة الجاه، لا جَرَمَ واللهِ! سقطتم من عين الحق، فأسقطكم من عين الخلق...
فالتفِتوا إخواني إلى إصلاح النيات، وترك التزين للخلق، ولتكن عُمدتكم الاستقامة مع الحق؛ فبذلك صعد السلف وسعدوا) (31).
وفي ختام هذه المقالة نسأل الله ـ تعالى ـ أن يرزقنا الهدى والتقوى والعفاف والغنى، وأن يجنبنا شهوات الغي ومضلات الهوى، وبالله التوفيق.
الهوامش:
(1) ذم الهوى، ص 498.
(2) ذم الهوى، ص 501، 502، باختصار يسير، وانظر ص 537.
(3) ذم الهوى، ص 546، 547، باختصار يسير.
(4) روضة المحبين ص 472.
(5) المرجع السابق، ص473.
(6) المرجع السابق 474.
(7) المرجع السابق، 478.
(8) المرجع السابق 479.
(9) المرجع السابق، ص481، 482.
(10) ذم الهوى، ص 483، 484.
(11) أخرجه ابن المبارك في الزهد، ص 189.
(12) سير أعلام النبلاء، 4/579.
(13) أخرجه أبو نعيم في الحلية، 2/152، وانظر: سير أعلام النبلاء، 4/576.
(14) الفوائد، ص 87-89، باختصار.
(15) عدة الصابرين، ص 185، 186، باختصار.
(16) مختصر الفتاوى المصرية، ص 29، وانظر: شجرة المعارف والأحوال، للعز بن عبد السلام، ص 7.
(17) شرح حديث (ما ذئبان جائعان...) ص 7-11، باختصار.
(18) مختصر الفتاوى المصرية، ص 493، وانظر ص 95، وانظر مجموع الفتاوى، 10/189، 190، ومختصر منهاج القاصدين، لأحمد بن قدامة، ص 195.
(19) عدة الصابرين، ص 198، 199، باختصار.
(20) أخرجه أبو نعيم في الحلية، 6/381.
(21) شرح حديث ما (ذئبان جائعان) ص 7، 13، باختصار.
(22) أخرجه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.
(23) شرح حديث (ما ذئبان جائعان)، ص 7، 13، باختصار.
(24) شرح حديث (ما ذئبان جائعان) ص 13، 15، 16، 20، باختصار.
(25) مجموع الفتاوى، 8/218،-باختصار.
(26) شرح حديث (ما ذئبان جائعان)، ص 14.
(27) المرجع السابق، ص 29.
(28) كتاب الروح، ص 433، 434.
(29) انظر: كتاب شرح حديث (ما ذئبان جائعان)، ص 19، وكتاب الروح، ص 432
(30) كتاب الورع، للإمام أحمد بن حنبل، ص 91.
(31) صيد الخاطر، ص 227، وانظر ص 360، وانظر: أخلاق العلماء للآجري، ص 157
==================
دروس من حياة سلفنا الصالح
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الدعوة إلى الله وظيفة الأنبياء عليهم السلام ، وسبيل العلماء الربانيين ، ولذا كانت أفضل القربات ، وأعظم المقامات.
قال تعالى: ((ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين)) (1)
والدعوة إلى الله تعالى لابد أن تكون صحيحة المقصد، سليمة المنهج وهذا هو سبيل دعوة نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- ومن تبعه بإحسن ، كما قال عز وجل: ((قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين)) (2)
ولقد سلك سلفنا رحمهم الله هذا الطريق، فأمروا بالمعروف، ونهوا عن المنكر وعلموا الناس الخير، وبلّغوا البلاغ المبين عبر وسائل متعددة: كالتدريس والحسبة، والوعظ، والفتيا، والقضاء وغيرها... لقد قام أولئك السلف بهذه الدعوة ابتغاء وجه الله تعالى، لا يريدون من الناس جزاءً ولا شكوراً وفي الوقت نفسه التزموا بسلامة المنهج من خلال الاتباع وترك الابتداع.(12/289)
والصحوة الإسلامية المعاصرة بحاجة إلى التعرف على أمثلة عملية ومشاهد واقعية من دعوة السلف الصالح ؛ لكي تكون تلك المواقف حافزاً مشجعاً للتأسي بهم، والسير على منوالهم.
قال أحد العلماء: »من نظر في سيرة السلف عرف تقصيره ، وتخلفه عن درجات الرجال«.
وهذه المقالة تحوي جملةً من المشاهد الدعوية من حياة السلف ، نعرضها على النحو التالي:
كان زاذان يشرب المسكر ، ويضرب بالطنبور ، ثم رزقه الله التوبة على يد عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فصار زاذان من خيار التابعين ، وأحد العلماء الكبار ، ومن مشاهير العباد والزهاد.(3)
وإليك قصة توبته ، كما يرويها زاذان نفسه قائلاً:
« كنت غلاماً حسن الصوت ، جيد الضرب بالطنبور ، فكنت مع صاحب لي وعندنا نبيذ وأنا أغنيهم ، فمر ابن مسعود فدخل فضرب الباطية (الإناء) فبددها وكسر الطنبور ، ثم قال: لو كان ما يسمع من حسن صوتك يا غلام بالقرآن كنت أنت أنت، ثم مضى، فقلت لأصحابي: من هذا؟ قالوا: هذا ابن مسعود ، فأُلْقِيت في نفسي التوبة، فسعيت أبكي، وأخذت بثوبه، فأقبل عليّ فاعتناقني وبكى وقال: مرحباً بمن أحبه الله، اجلس، ثم دخل، وأخرج لي تمراً». (4)
ولنا وقفة مع هذه القصة ، فمن خلال هذا السياق نلمس صدق ابن مسعود رضي الله عنه وحسن نيته، وصحة قصده في دعوته لزاذان، مما كان سبباً في هداية الرجل وتوبته وكما قال عبدالقادر الجيلاني (ت 561 هـ) رحمه الله معلقاً على تلك القصة:
« انظر إلى بركة الصدق والطاعة وحسن النية، كيف هدى الله زاذان بعبد الله بن مسعود لما كان صادقاً حسن السيرة، فلا يصلح بك الفاسد حتى تكون صالحاً في ذات نفسك، خائفاً لربك إذا خلوت، مخلصاً له إذا خالطت غير مراء للخلق في حركاتك وسكناتك، موحداً لله عز وجل في ذلك كله وحين يزاد في توفيقك وتسديدك ، وتحفظ عن الهوى والإغواء من شياطين الجن والإنس والمنكرات كلها والفساق والبدع والضلالات أجمع، فسيزال بك المنكر من غير تكليف، ومن غير أن يصير المعروف منكراً، كما هو في زماننا، ينكر أحدهم منكراً واحداً، فيتفرع منه منكرات جمة، وفساد عظيم..».(5)
وأمر آخر نستفيده من هذه القصة، وهو أن ابن مسعود رضي الله عنه سلك أُولى الوسائل الشرعية في تغيير المنكر، فلما كان قادراً على تغيير المنكر بيده، أزاله بيده فكسر الطنبور، وأتلف وعاء النبيذ.
لقد ضرب ابن مسعود رضي الله عنه مثالاً رائعاً في الشجاعة والإقدام على الصدع بالحق، وتغيير المنكر، لا يخاف في الله لومة لائم، مع كونه وحيداً، وهم جماعة كما هو ظاهر سياق القصة ، إضافة إلى قصره ونحافته رضي الله عنه.
لكن لما كان ابن مسعود معظماً لحرمات الله تعالى وشعائره أورثه ذلك مهابةً وإجلالاً.. وصدق عامر بن عبد القيس رحمه الله حيث يقول: «من خاف الله أخاف الله منه كل شيء، ومن لم يخف الله، أخافه الله من كل شيء ».(6)
ومع هذا التغيير باليد، فإننا ندرك مدى شفقة ابن مسعود رضي الله عنه وكمال رفقه، وتمام نصحه لزاذان، فإن زاذان لما أقبل تائباً، أقبل عليه ابن مسعود رضي الله عنه وعانقه وبكى فرحاً بتوبة زاذان، وحياه بأجمل عبارة مرحباً بمن أحبه الله، كما قال سبحانه : ((إن الله يحبَ التوابين ويحبَ المتطهرين)) (7) ، ليس هذا فحسب بل أجلسه وأدناه ، وأعطاه تمراً.
وهكذا كان أهل السنة يعلمون الحق ويدعون إليه، ويرحمون الخلق وينصحون لهم.
كما نلحظ من هذه القصة ذكاء ابن مسعود وفطنته (8) ، فانظر كيف استجاش زاذان إلى التوبة، فإن زاذان كان مغنياً حسن الصوت، فقال له ابن مسعود: « لو كان ما سمع من حسن صوتك يا غلام بالقرآن لكنت أنت أنت » وفي رواية قال: »ما أحسن هذا الصوت! لو كان بقراءة كتاب الله تعالى كان أحسن».
إن التوجيه السديد للمواهب والقدرات، ووضعها في محلها الملائم شرعاً، إضافة إلى مراعاة طبيعة النفس البشرية، والعلم بنوازعها ومشاعرها، عامل مهم لنجاح الدعوة فإن النفوس لا تترك شيئاً إلا بشيء فلابد من مراعاة »البديل« المناسب، وهذا ما فقهه ابن مسعود رضي الله عنه وغاب عن الكثيرين.
يقول ابن تيمية: « الدين هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا قوام لأحدهما إلا بصاحبه، فلا ينهى عن منكر إلا ويأمر بمعروف يغني عنه كما يأمر بعبادة الله سبحانه، وينهى عن عبادة ما سواه، إذ رأس الأمر شهادة أن لا إله إلا الله، والنفوس خلقت لتعمل، لا لتترك، وإنما الترك مقصود لغيره». (9)
كان حبيب العجمي من ساكني البصرة، وكان من أهل التجارة والأموال، حتى حضر مجلساً للحسن البصري رحمه الله، وسمع موعظته فوقعت موعظته من قلبه، فصار من أفضل زهاد أهل البصرة وعبادها.
وإليك القصة تفصيلاً:
« كان الحسن البصري يجلس في مجلسه الذي يذكر فيه كل يوم، وكان حبيب العجمي رحمه الله يجلس في مجلسه الذي يأتيه أهل الدنيا والتجارة وهو غافل عما فيه الحسن لا يلتفت إلى شيء من مقالته، إلى أن التفت يوماً فسأل عما يقوله الحسن البصري، فقيل له: يذكر الجنة، ويذكر النار، ويرغب في الآخرة، ويزهد في الدنيا، فوقر ذلك في قلبه، فقال: اذهبوا بنا إليه فأتاه، فقال جلساء الحسن يا أبا سعيد هذا حبيب قد أقبل إليك فعظه، وأقبل عليه فأقبل عليه الحسن فذكّره الجنة وخوّفه النار، ورغّبه في الخير، وزهده في الدنيا فتأثر حبيب بتلك الموعظة، وتصدق بأربعين ألفا، وقنع باليسير، وعَبَدَ الله حتى أتاه اليقين ».(10)(12/290)
أخي القارئ: لعلك تلحظ صدق الحسن البصري رحمه الله في دعوته، وسلامة قصده، حتى أثرت موعظته في قلب حبيب العجمي، فنقلته تلك الموعظة الصادقة من ضجيج الأسواق، وصخب التجارة إلى أن صار عابداً زاهداً، ذا دعاء مستجاب، وكرامات مأثورة كما صار صاحب بذل وإنفاق في سبيل الله تعالى.
وما أروع مقالة مالك بن دينار في هذا المقام:
« الصدق يبدو في القلب ضعيفاً ، فيتفقده صاحبه، ويزيده الله تعالى حتى يجعله الله بركة على نفسه، ويكون كلامه دواءً للخاطئين ».
ثم قال مالك: « أما رأيتموهم ؟ثم يرجع إلى نفسه فيقول: بلى والله لقد رأيناهم: الحسن البصري،وسعيد بن جبير وأشباههم، الرجل منهم يحيى الله بكلامه الفِئام [ الجماعات ] من الناس». (11)
ولما سمع زين العابدين علي بن الحسين موعظة للحسن ، قال: « سبحان الله هذا كلام صدّيق» . (12)
ولقد سئل أحد العلماء: « ما بال كلام السلف أنفع من كلامنا؟« فقال: »لأنهم تكلموا لعز الإسلام ، ونجاة النفوس ، ورضا الرحمن ، ونحن نتكلم لعز النفوس وطلباً للدنيا ورضا الخلق ».(13)
ومن أسباب الانتفاع بمواعظ الحسن البصري ومجالسه، أنه رحمه الله كان قدوة صالحة، ولم يكن رحمه الله ممن يقولون ما لا يفعلون ، « قيل لعبد الواحد صاحب الحسن البصري: أي شيء بلغ الحسن فيكم إلى ما بلغ؟ وكان فيكم علماء وفقهاء . قال: كان الحسن إذا أمر بشيء كان أعمل الناس به وإذا نهى عن شيء كان أترك الناس له » .(14)
وأمر آخر يسترعي الانتباه في هذه الحادثة ، وهو عناية الحسن بموضوعات الرقائق والزهد والسلوك ، حتى كان للحسن البصري مجلس خاص من مجالسه ، لا يكاد يتكلم فيه إلا عن معاني الزهد والنسك ، فإن سأله إنسان غيرها ، تبرم وقال: « إنما خلونا مع إخواننا نتذاكر» . (15)
إن غالب مواعظ الحسن ووصاياه كانت في ذم الدنيا ، والنهي عن طول الأمل ، والأمر بتزكية النفوس ، وتصحيح المقاصد والنيات.
وما أحوجنا إلى مثل تلك المواعظ والزواجر من أولئك الأئمة الأعلام وهكذا كان الوعاظ في قديم الزمان »علماء فقهاء« كما قاله ابن الجوزي. (16)
وقال الإمام أحمد بن حنبل: »ما أحوج الناس إلى قاص صدوق«. (17)
ولقد كان الحسن في كثير من الأحيان يزهد في الدنيا ويحذر منها ويرغب في الآخرة ، وهذا مسلك نبوي مأثور ، فقد قال : « إن أكثر ما أخاف عليكم ما يخرج لكم من بركات الأرض ، قيل وما بركات الأرض قال زهرة الدنيا..». (18)
ولذا كان الحسن يقول: « والله ما عجبت من شيء كعجبي من رجل لا يحسب حب الدنيا من الكبائر ، وأيم الله إن حبها لمن أكبر الكبائر ، وهل تشعبت الكبائر إلا من أجلها؟ وهل عُبدت الأصنام، وعُصي الرحمن إلا لحب الدنيا، فالعارف لا يجزع من ذلها ، ولا ينافس بقربها، ولا يأسى لبعدها» .(19)
وصدق الحسن، فغالب الكبائر نابعة من حب الدنيا: فالسرقة، والزنا والحسد، والكذب ، والكبر ، والرياء وغيرها من أجل حب الدنيا ، والتكالب عليها بل إن الله تعالى قد أخبر في كتابه العزيز أن الكفر واستحقاق العذاب بسبب حب الدنيا وإيثارها على الآخرة، فقال تعالى:((من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدراْ فعليهم غضب من الله ولهم عذابِ عظيم ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة)) (20)
وهنا ملاحظة أخيرة: أن بعض التائبين يعتزلون الحياة من أجل العبادة وهذا فيه نظر ، إذ لا يصح أن كل تائب لابد أن يكون على ذلك المنوال: منقطعاً وزاهداً عن الأخذ بأسباب الحياة المباحة ، فتلك رهبانية حُذرنا منها. وصدق الله العظيم القائل : ((وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا)) (21).
فإن من مميزات ديننا الحنيف الوسطية: ((وكذلك جعلناكم أمةْ وسطْا)) (22) لا رهبانية ولا مادية وإنما يكون المسلم عابداً لله ، ساع في الأرض عاملاً أي عمل مناسب يكفي نفسه حاجاتها، ولا يكون عالة على غيره ، ولم يعرف الانقطاع للعبادة إلا بعد القرون الفاضلة، يوم جاءت الصوفية وطقوسها المبتدعة ، ومعلوم موقف الرسول -صلى الله عليه وسلم- من الثلاثة الذين سألوا عن عبادته في الصلاة والصيام والزواج فلما أخبروا بها كأنهم تقالوها فعزموا على خلافها فقال لهم عليه الصلاة والسلام: « أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي ، فليس مني». (23)
ساق أبو نعيم في »الحلية« بسنده إلى إبراهيم بن سليمان الزيات ، حيث قال: كنا عند سفيان الثوري ، فجاءت امرأة فشكت ابنها وقالت: يا أبا عبد الله أجيؤك به تعظه؟ فقال: نعم جيئي به ، فجاءت به ، فوعظه سفيان بما شاء الله فانصرف الفتى ، فعادت المرأة بعد ما شاء الله ، فقالت: جزاك الله خيراً يا أبا عبد الله، وذكرت بعض ما تحب من أمر ابنها، ثم جاءت بعد حين فقالت: يا أبا عبد الله ابني ما ينام الليل ويصوم النهار، ولا يأكل ولا يشرب فقال: ويحك مم ذاك؟ قالت: يطلب الحديث ، فقال: احتسبيه عند الله » . (24)
سفيان الثوري أحد الأئمة الكبار ، وكان أمّاراً بالمعروف لا يخاف في الله لومة لائم ، حتى قال أحدهم: « كنت أخرج مع سفيان الثوري فما يكاد لسانه يفتر عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ذاهباً وراجعاً» . (25)
كما أنه رحمه الله مهتم بأحوال المسلمين، ومن ذلك ما قاله يحيى بن يمان: »تقاوم سفيان الثوري وإبراهيم بن أدهم ليلة حتى الصبح فكانا يتذاكران في أمور المسلمين» .(12/291)
وفي هذه القصة نلحظ حسن تصرف تلك المرأة تجاه مشكلة ابنها ، فقد ذهبت إلى سفيان الثوري ، وعرضت مشكلتها عليه ، وطلبت منه أن يعظ ابنها وتجلت لنا سرعة استجابة سفيان لطلب تلك المرأة، وحسن خلقه وتواضع، فقد بادر إلى إجابة طلبها ووعظ ابنها، فحسن حال هذا الابن ، حتى جاءت المرأة شاكرة لسفيان حسن صنيعه ، ولم يقف أثر موعظة سفيان عند هذا الحد فحسب بل إن هذا الابن ازداد استقامة وسلوكاً واهتماماً بطلب الحديث ، وتحصيل العلم الشرعي ، فصار كل وقته في طلب العلم والحديث ، مما جعل المرأة تحكي حال ابنها في المرة الثالثة قائلة: ابني ما ينام الليل ويصوم النهار.. يطلب الحديث.
وهكذا عملت تلك الموعظة في قلب هذا الفتى حتى صار من أهل الجدّ والاجتهاد في طلب الحديث.
كما نلمس في هذه القصة شيئاً من المتابعة المستمرة من المرأة نحو ابنها وإبلاغ سفيان بتلك المتابعات، والانتفاع بعدها برأيه وتوجيهه.
هذه ثلاثة مشاهد جلية من دعوة السلف الصالح ، وفي ثنايا كتب التراجم الكثير من تلك المشاهد الرائعة ، فالله الله في التأسي بهم ، فمن كان مستناً فليستن بمن مات فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة.
الهوامش:
(1) فصلت:33.
(2) يونس:108.
(3) انظر ترجمته في: حلية الأولياء 4/199 ، والبداية والنهاية 9/47 ، سير أعلام النبلاء 4/280.
(4) سير أعلام النبلاء 4/281.
(5) الغنية 1/139 ، 140.
(6) صفة الصفوة 3/208.
(7) البقرة:222.
(8) قال الذهبي: »كان ابن مسعود معدودا في أذكياء العلماء« انظر سير أعلام النبلاء 1/462.
(9) اقتضاء الصراط المستقيم 2/617.
(10) حيلة الأولياء 6/149 بتصرف ، وانظر سير أعلام النبلاء 6/144.
(11) حلية الأولياء 2/359.
(12) أخبار الحسن البصري لابن الجوزي ص 22.
(13) صفة الصفوة لابن الجوزي 4/122.
(14) ، (15) تلبيس إبليس لابن الجوزي ص 68.
(16) أخبار الحسن البصري لابن الجوزي ص 68.
(17) أخبار الحسن البصري.
(18)جزء من حديث أخرجه البخاري في كتاب الرقاق ، باب ما يحذر من زهرة الدنيا والتنافس فيها.
(19) حلية الأولياء 6/13 ، وانظر سير أعلام النبلاء 7/259.
(20) النحل:106-107.
(21)القصص:77.
(22)البقرة:143.
(23)متفق عليه.
(24) حلية الأولياء 4/65 ، 66.
(25) حلية الأولياء
((((((((((((
الفهرس العام
الباب الحادي عشر – كشكول الدعوة إلى الله (2)
ما البديل؟
الغيرة على الأعراض
أنفقوا يا عباد الله
قسوة القلوب أسبابها وعلاجها
موانع الهداية
أين مكانك في الخارطة؟!!
الدفاع عن حرّاس الفضيلة
التوبة: للداعية إذا أخطأ-1
البلسم المفقود
المرأة المسلمة ودورها الدعوي والخيري (1- 2)
أفكار دعوية... مع الخدم
دور الشباب المسلم تجاه المد التغريبي
تربية الأستاذ لتلاميذه (1-2)
العمل للدين مسؤولية الجميع
الفتاة المسلمة
الدعوة الفردية
سلم الأولويات في حياة المرأة
الهجرة.. احتفالية التغيير
هل الأقصى ينهدم ؟
الصبر ثوابه وأثره
مقتل حاكم العراق
إعدام صدام بين السلبيات والإيجابيات
أبواب الأجر ومكفرات الذنوب
جهاد النفس
كيف تدعو إلى الله في مقر عملك ؟
زاد الداعية إلى الله عز وجل
الاستمرار على العمل الصالح
سُكْر الشهوات
الإبطال لنظرية الخلط بين دين الإسلام وغيره من الأديان
مشاريع رمضانية
أهل السنة يعرفون الحق ويرحمون الخلق
العِلْم وفضله وآدابه
وصايا مهمة لطالب العلم
الغفلة والفراغ
مصعب بن عمير الصحابي الداعية
صنائع المعروف
أيها السائحون
عمل المرأة.. رؤية شرعية 1/2
الدعوة فضلها وأساليبها
العلماء والميثاق
منهج متكامل للدعاة في آية
رسالة إلى داعية تعب في دعوته
كيف غيرت المجالس
حقيبة الدعوة
كيف تكون خطبتك مؤثرة ؟
الإحسان إلى الخلق
مجالات الدعوة عند المرأة
إخلاص معلمة
غراس السنابل1-5
غراس السنابل 2- 5
غراس السنابل 3 / 5
غراس السنابل 4/5
غراس السنابل 5/5
علاج الالتزام الأجوف
مشكلات الأبناء وطرق علاجها
إتمام العمر 1/5
موقف المُسلم مِن الخلاف
لا ضير : شعار المرحلة
تنبيهات وتوصيات
صفات البيت المسلم
نظافة البيت ومحتوياته
ما ينزه عنه البيت المسلم
مواصفات البيت المسلم
سكان البيت المسلم
الخدم : الحاجة والضوابط
لابد أن نجتاز البحر
الدعوة إلى الله
المرأة والوقت
عوامل النجاح
رمضان فرصة للتغيير
دور الأسرة في تربية المرأة 2 / 2
الغزو الفكري وآثاره على الأفراد والمجتمعات 1 / 2
الغزو الفكري وآثاره 2 / 2
دور المرأة في بناء شخصيتها 1/2
دور المرأة في بناء شخصيتها 2 / 2
الابتعاث إلى الخارج ..آثار وأخطار
الدعوة الفردية (وسائل ومميزات )
خطر فتنة المنافقين وظهورهم
عقبات في طريق الدعاة
مظاهر الغربة في زماننا اليوم
الدعوة إلى الله
الاختلاف بين الكفر والإيمان
فتنة المنافقين وأثرها على الدعوة
هم العدو فاحذرهم
أسس الانتصار على الأعداء
المستقبل لهذا الدين
يوم تبلى السرائر
لا عزة لنا إلا بالإسلام
لماذا الدعوة إلى اللَّه عز وجل ؟
الذين يدعون المنهج
ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة
من المقصود بالدعوة إلى اللَّه عز وجل ؟
الأحداث المعاصرة في ضوء السنن الربانية
السنن الربانية
ولا تلبسوا الحق بالباطل
لماذا لا ننتصر ؟
الراقصون على الجرح
البديل الإسلامي بين الانضباط والتسيب
المرأة والدعوة
الأمة بين سنتي الإبتلاء والعمل
وأنذر عشيرتك الاقربين
فتنة مسايرة الواقع
وادع إلى ربك
لا تحسبوه شراً لكم
من جوانب الاقتداء بهدي الأنبياء عليهم الصلاة والسلام
من ثمرات اليقين باليوم الآخر.. القسم الأول
من ثمرات اليقين باليوم الآخر ..القسم الثاني
من جوانب الاقتداء بهدي الأنبياء عليهم الصلاة والسلام(12/292)
لماذا ندرس حياة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ؟
ضعف التأصيل وتأصيل الضعف
السلعة الغالية .. وثمنها الغالي
عبودية الشهوات.. مكمن الداء القسم الأول
علاج شهوة النساء:
دروس من حياة سلفنا الصالح(12/293)
المفصل في فقه الدعوة إلى الله تعالى (13)
الباب الحادي عشر - كشكول الدعوة إلى الله (3)
جمعها وأعدها وفهرسها
الباحث في القرآن والسنة
علي بن نايف الشحود
الباب الحادي عشر - كشكول الدعوة إلى الله (3)
نموذج من قافلة الداعيات
مشعل العتيبي
أين أنت من هذه الدرة المصونة والجوهرة الثمينة!
شابة مقبلة على الحياة لكنها تميزت بإيمانها وهمتها ودعوتها..فقد اختارت الطريق مع هذه القافلة المباركة..
فجعلت جل وقتها في طاعة ربها...
أقسمت أن لا تذهب إلى الأسواق إلا مرتين في العام..
أعانها الله ولم تجد تلك اللهفة والشوق إلى الأسواق
ولم ينقص بعدم ذهابها من ثيابها وزينتها ومظهرها شيء (ولباس التقوى ذلك خير)
إذا دعيت إلى زواج سألت.. هل هناك منكرات فإذا أجيبت بنعم اعتذرت وقالت طاعة الله أولى فتذكرهم بالله وتخوفهم العذاب والعقاب.
كانت عينا لرجال الهيئة في الأماكن النسائية ما رأت منكرا قطً إلا أخبرتهم إذا لم تستطع إنكاره وكلما رأت انحرافا حذرت منه وما رأت موطن شبهة إلا هاتفتهم تخبر عنه...
إنها تحمل هم الدعوة.. وهم الأمة.. همها منصرف للدعوة...
عيونها تتابع المحاضرات ومتى موعدها
حركة لا تهدأ فمن نصيحة رقيقة تهديها إلى إحدى زميلاتها إلى كلمة حلوة تدعو فيها لحفظ القرآن في مصلى المدرسة إلى قوة في إنكار المنكر وعدم الصبر على رؤيته.. أما المدرسات فلهن من دعوتها نصيب.. الله أكبر لا تراها.. إلا تتقلب في أنواع العبادة يوماً أهمها أن ترى مديرة المدرسة لا تلبس الجوارب صعدت إليها وسلمت في أدب رفيع وشكرت المديرة على جهدها.
وقالت: نحن ندعو لك بظهر الغيب وأنت القدوة والمربية والموجهة.. ثم تبعت ذلك.. لا أراك تلبسين الجوارب وأنت تعلمين أن القدم عورة في خروجك ودخولك مع البوابة الرسمية عبر أعين الرجال يا أستاذتي الفاضلة.
طأطأت المديرة رأسها وهي تعلم صدق نصيحة الفتاة فقبلت وشكرت وقالت: إن الكلمة الصادقة لها رنين ووقع في النفس..
تردد دائما قليل دائم خير من كثير زائل.. وخير العمل أدومه وإن قل اقتطعت خمسمائة ريال شهرياً من مرتبها ليصرف في أوجه الخير... رأت ولاحظت ودققت ما نقص من مالها شيء يذكر بل ادخرت هذا المبلغ ليوم تشخص فيه الأبصار...
تفرغت للدعوة إلى الله وهي في بيتها... في منزلها وضعت في صدر المجلس على طاولة صغيرة (ولا يغتب بعضكم بعضا)
فكلما بدأ الحديث أشارت بيدها على اللوحة بابتسامتها المعتادة.
خصصت يوما في الأسبوع لجاراتها...
حفظ للقرآن ودروس وندوات وتوزيع للأشرطة والمطويات
فلله درها كم من مستمعة دعت لها وكم من زائرة أحبتها.. وبعد كل درس وندوة تبدأ حركة البيع في ساحة منزلها أشرطة وكتب... وقفازات وجوارب.. وريع ذلك كله لصالح الأيتام والفقراء وفي أوجه الخير الأخرى...
وضعت للهاتف شعاراً... صلة الرحم... تعلم العلم..
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأمر من أمور الدنيا لا بد منه
في منزلها منذ أن تصبح وحتى تمسي ومؤشر المذياع على محطة إذاعة القرآن الكريم … الله أكبر...
من قراءة القرآن إلى سماع حديث.. إلى موعظة... إنه صوت يزيل الوحشة وينزل السكينة ويطرد الشياطين.. وعلى الرغم من ذلك فلم تنسى شريك حياتها، صرخت... ومن أغلى من زوجي..
هل أدع الشيطان يتخبطه؟! أو أدع الإعلام يوجهه.. أم صور المجلات تثير غريزته...
عانت وصبرت ووجدت المشقة والعنت حتى استقام لها الأمر بعد شهور طويلة...
كما أنها كانت تعانى وتشعر دوما بألم شديد في رجلها...
لكنها تصبر نفسها بالدهون والكمادات وكثيرا ما تقرأ على نفسها فالألم شديد تحتسب وتكتم وهى تتذكر حديث نبيها (ما من مسلم يصيبه أذى شوكة فما فوقها إلا كفر الله بها سيئاته كما تحط الشجرة ورقها)
تصبر وتعاني فلا يعلم بحالها أحد ولا يدري أحد بشكواها وفجأة تسقط ولم تتحمل الألم..
أدخلت المستشفى وبعد اجراء التحاليل اكتشف الأطباء أنها تعاني من تعفن في الدم (سرطان في فخذها) فقرروا وقالوا لابد من بتر الرجل من أعلى الفخذ حتى لا تتسع رقعة المرض.. فيخبرونها بذلك وهى تبتسم وتردد
(إن الله إذا أحب عبدا ابتلاه)
وفى غرفة العمليات.. وهى ممددة مستسلمة لقضاء الله وقدره ولسانها لم ينقطع عن ذكر الله وصدق اللجؤ والتضرع إلى الله قالت لها المختصة هيا سأعطيك إبرة المخدر.. فامتنعت وقالت لا بأس سأقرأ القرأن.. سأبدأ بكلام الله وابدئي أنت فبدأت تقرأ
(يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي)
حتى نامت ألا بذكر الله تطمئن القلوب
فما أفاقت إلا وهي في غرفتها.. فتلتفت من بجانبها أمها وزوجها وابنتها الصغيرة فيبكون ثم تنظر إليهم مبتسمة وتقول على ماذا تبكون..
أليس الله بأرحم بي منكم بل أرحم بنفسي مني.. أليس الله بأحكم الحاكمين.. يا سبحان الله
تمر الأيام وتصبح مقعدة تدف بالعربة فكانت معانتها هما للجميع لكنها كان همها دعوة الجميع..
فلم تكن تهتم إلا بالدعوة فبدأت...
تحولت غرفتها إلى خلية نحل ونشاط متصل بدأت
بتوزيع الكتيبات والمطويات على الممرضات والطبيبات بجميع اللغات(13/1)
بدأ بالإنكار والاقتراحات للمسؤلات بالمستشفى بالرفق واللين حتى تعجب الكثير من همتها ونشاطها.. لا يفتر لسانها من ذكر الله.. تسبيحا واستغفار وحمدا لله.. وتعلق بها كل من في المستشفى حتى بعد خروجها لم يفارقوها بالزيارات والاتصالات فإذا رأيتها في المجلس فهي الصامتة العاقلة.. إن نطقت فبحق وإن سكتت.. تحركت أصابعها ولسانها بذكر الله... لا تفرط في قيام الليل وتردد لذة لا يعلمها إلا من ذاقها وجربها... عباراتها تربية ودعاء فلا تسمع منها: إلا.. حفظك الله.. سلمك الله.. رعاك الله... حرم الله على وجهك النار.. بارك الله فيك.. تقبل الله دعاءك.. ابشري بالخير.. هذا لسانها.. فكيف لا تهفو لها القلوب..
وهذا نموذج من قافلة الداعيات..
ومع نموذج آخر بإذن الله - تعالى -من هذه النماذج المباركة...
http://www.saaid.net المصدر:
============
حقيقة دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب
عبد الرحمن بن ناصر البراك
الحمد لله وبعد،،
فلقد بعث الله محمداً - صلى الله عليه وسلم - والبشرية في جاهلية جهلاء، لم يبق من نور النبوة إلا ما كان عند بعض أهل الكتاب، كما يدل لذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب" فمنّ الله - سبحانه وتعالى - على البشرية ببعثة محمد - صلى الله عليه وسلم -، قال - سبحانه وتعالى -: ((تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً)) (الفرقان: 1)، وقال: ((هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ)) (الجمعة: 2) وسعد ببعثته - صلى الله عليه وسلم - المؤمنون الذين قبلوا دعوته وآمنوا به وبما جاء به، لذا خصهم بهذه المنّة بقوله: ((لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ)) (آل عمران: 164).
فأخرج الله - سبحانه وتعالى - بدعوة محمد - صلى الله عليه وسلم - من شاء من عباده من الظلمات إلى النور، كما قال - سبحانه -: ((كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ)) (إبراهيم: من الآية1).
فبلّغ - صلى الله عليه وسلم - الرسالة، وأدى الأمانة، وأبان توحيد الله، وأبطل معالم الشرك، وقد أظهر الله دينه على الدين كله، كما قال - سبحانه -: ((هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)) (التوبة: 33)، وقام بدعوته من بعده أصحابه، ففتحوا البلاد بالسيف السنان، وفتحوا القلوب بالحجة والبيان عن السنة والقرآن، وأخبر - صلى الله عليه وسلم - أن هذا الدين بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ، كما في الحديث الصحيح: (بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء).
قيل: ما الغرباء يا رسول الله؟ قال: "الذين يصلحون إذا فسد الناس"، وجاء في الحديث: "إن الله يبعث على رأس كل قرية من يجدد لهذه الأمة أمر دينها" وأخبر - صلى الله عليه وسلم - أنه لا تزال طائفة من أمته على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله - سبحانه وتعالى -.
وقد وقع كما أخبر، فمع ما ابتلي به الإسلام والمسلمون من كيد الأعداء من اليهود والنصارى والمشركين والمنافقين، مع ذلك لم يزل الإسلام قائماً محفوظاً بحفظ الله، وبما قيض له من الحَمَلة من أهل العلم والإيمان، كما في الحديث المشهور: (يحمل هذا العلم من كل خلف عدو له ينفون عنه انتحال المبطلين وتأويل الجاهلين وتحريف القالين) ومما يصدق ذلك أنه لما وقعت الردة في العرب بموت النبي - صلى الله عليه وسلم - قيض الله الخليفة الراشد أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - ومعه الصحابة فجاهدوهم حتى رجع من شاء الله له السعادة، وهلك من قضى الله عليه بالشقوة، واستقر أمر الإسلام، وسارت جيوش المسلمين في فتح البلاد شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً، وعندما ظهرت الخوارج والرافضة السبئية في عصر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قاتل الخوارج بمن معه من الصحابة، وقتل السبئية، فقمع الله به هاتين الطائفتين، مما جعل الله في ذلك ترسيخاً للإسلام وقمعاً للباطل وأهله.
وعندما ظهرت بدعة الجهمية قيض الله لها العلماء والأمراء العادلين فحاربوها، وقتل رأس الجهمية الجهم بن صفوان، ولما قامت الدعوة إلى القول بخلق القرآن في خلافة المأمون أنكرها العلماء، وردوا شبهات المبتدعين وصبروا على الامتحان، وبرز في ذلك الإمام أحمد وابتلي في ذلك بلاء شديداً، فصبر وأظهره الله على خصومه حتى عرف في الأمة بإمام أهل أسنة.
وبعد أن مرت قرون، مضت القرون الفاضلة وبعدها قرون، ودرس كثير من معالم السنة، قيض الله شيخ الإسلام ابن تيمية، فأحيا السنة، وجلاّها بالأدلة الشرعية والعقلية، وزيّف شبه المبتدعين، ورد على كثير من طوائف الضلال من النصارى والفلاسفة والرافضة والمتكلمين، وله المؤلفات العظيمة في ذلك، مما كان مصدراً لدعوات التجديد، تجديد دين الإسلام.(13/2)
وفي القرن الثاني عشر في بلاد نجد، وهي منطقة اليمامة، ظهر الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الإمام المجدد، فإنه ولد في سنة خمسة عشر بعد الألف ومائة للهجرة النبوية في بلدة العيينة، من أرض اليمامة، فنشأ بها وحفظ القرآن وتعلم مبادئ العلوم على والده، وتفقه على يد بعض أهل العلم في ناحيته.
بعد ذلك كانت له همة، فرحل إلى الحجاز، مكة والمدينة، ولقي بعض الشيوخ ورحل كذلك إلى العراق، فأفاد ممن لقيه من أهل العلم بالبصرة وغيرها، وقد أنار الله بصيرته، فأدرك أن كثيراً من المسلمين قد بعدوا عن حقيقة الإسلام، حتى دان كثير منهم بالشرك الصراح، وقبلوا الخرافة وعظم جهلهم بحقيقة التوحيد، وكانت له همة عالية، فرأى من الواجب عليه ألا يسكت على هذا الواقع كما سكت الكثيرون، قصوراً أو تقصيراً، فلما رجع إلى بلدته بدأ الدعوة هناك، وتبعه على ذلك كثير من طلاب العلم، فتصدى لمقاومة الشرك والخرافة في بلده العيينة وما جاورها، ثم رحل إلى بلدة الدرعية، فصادف من أميرها محمد بن سعود قبولاً لدعوته، ومناصرة، وذلك في الخمسينات من القرن الثاني عشر، فلقيت دعوته بتوفيق الله نجاحاً، وكثر أنصارها، فانتشرت دعوته في منطقة اليمامة، وامتدت إلى نواحي الجزيرة، وكان ذلك بانتشار حملة هذه الدعوة من الأمراء وطلاب العلم والعامة وبما كان يكاتب به - رحمه الله - النواحي من الرسائل العامة والرسائل الشخصية، فسعدت نجد قبل غيرها بهذه الدعوة وطهرها الله من مظاهر الشرك والخرافة والصوفية والبدع الاعتقادية، وامتدت آثار هذه الدعوة إلى أطراف الجزيرة وإلى سائر الأقطار الإسلامية، فكان الناس أمام هذه الدعوة صنفين:
علماء موفقين عرفوا حقيقتها وعرفوا أنها تجديد لدعوة التوحيد الذي دعت إليه الرسل، وهو تحقيق معنى (لا إله إلا الله) وتجديد لدعوة خاتم النبيين محمد - صلى الله عليه وسلم -، وذلك ببيان حقيقة التوحيد وحقيقة السنة وإزالة ما علق في العقول من شُبَه، أوجبت لكثير من الناس الجهل بحقيقة الشهادتين وما تقتضيانه من إخلاص الدين لله وتجريد المتابعة للرسول - صلى الله عليه وسلم -.
الصنف الثاني: مناوئون حاربوا هذه الدعوة بما يستطيعون، فمنهم من حمله على ذلك الجهل بحقيقتها، ومنهم من حمله الحسد والتعصب والتقليد الأعمى، فألصقوا بهذه الدعوة التهم، وافترا عليها وعلى من قام بها الكذب، مثل أنهم يبغضون الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ولا يصلون عليه، وهذه فرية ساذجة، تدل على حماقة من تَفَوَّه بها وجهله الفاضح.
ومن أعظم ما رمى به الخصومُ الإمامَ - رحمه الله - أنه يكفِّر المسلمين، وهي فرية كذبها الشيخ - رحمه الله - في رسائله ومؤلفاته، وقال: نحن لا نكفر إلا من كفره الله ورسوله، وكذلك أحفاده وتلاميذه والمنصفون، بَرَّؤوا الشيخ من هذه الفرية، وبيّنوا حقيقة دعوته، وأنها تقوم على تقرير التوحيد بأنواعه ولا سيما توحيد العبادة؛ لأنه الذي فيه الخصومة بين الرسل وأعدائهم من المشركين، وكذلك كانت الخصومة والاختلاف فيه بين ورثة الرسل وورثة أعدائهم، وفي هذا السبيل بُيِّن سبب حدوث الشرك في العالم وأنه الغلو في الصالحين، كما جرى من قوم نوح - عليه السلام -، فأفضى بهم الغلو إلى أن عبدوهم من دون الله وقالوا ما أخبر الله به عنهم: ((وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُوَاعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً)) (نوح: 23).(13/3)
وهي أسماء رجال صالحين كما جاء عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، كما بين الشيخ - رحمه الله - ومَن بعده مِن أئمة الدعوة أن ما عليه كثير من المسلمين من بناء المساجد والقباب على قبور صالحين أو من يظن فيهم الصلاح ثم الطواف حولها، والاستغاثة بأصحابها، والتقرب إليها بأنواع القربات من النذور والذبائح والصدقات، أن هذا بعينه هو من جنس شرك قوم نوح وشرك المشركين من العرب، بل بَيَّن الشيخ أن شرك هؤلاء المشركين أغلظ من شرك المتقدمين، فإن المشركين في هذا الزمان يشركون في الرخاء والشدة، وأما الذين حكى القرآن شركهم، فإنهم كانوا يشركون في الرخاء ويخلصون في الشدة، نعم بيّن الشيخ إمام الدعوة ومن جاء بعده من حملتها أن ما يفعله القبوريون من الاستغاثة بالأموات من بُعْدٍ وقُرْب، وطلب الحوائج منهم، والسفر إلى قبورهم لذلك أنه عين الشرك الأكبر المنافي لأصل التوحيد الذي بعث الله به الرسل من أولهم إلى آخرهم، كما بين الله ذلك في كتابه، كقوله - تعالى -: ((وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ)) (يونس: 106)، وقال - تعالى -: ((وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ)) (الأحقاف: 5)، فعُبّاد القبور هم عند الشيخ كفارٌ مشركون ولو زعموا أن أصحابها وسائط بينهم وبين الله، فإن هذا هو ما كان يزعمه المشركون الأولون، كما قال - تعالى -: ((وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى)) (الزمر: من الآية3)، وقال - تعالى -: (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ - سبحانه وتعالى - عَمَّا يُشْرِكُونَ) (يونس: 18)، فالشيخ إذا كفَّر هؤلاء المشركين من القبوريين لم يكفّر إلا من كفّره الله، كما ذكر في رده على مَن افترى عليه كما تقدم، ومع ذلك فقد نُقِل عن الشيخ في بعض المواضع أنه لا يُكَفِّر الجاهل من هؤلاء حتى تقوم عليه الحجة وبيّن له أن ما يفعله شرك بالله ينافي شهادة أن لا إله إلا الله، فغاية ما يقال إن الشيخ - رحمه الله - يكفّر هؤلاء القبوريين الذين يستغيثون بالأموات ويدعونهم من دون الله، يكفّرهم بالعموم، لا يكفّرهم بأعيانهم حتى تقوم عليهم الحجة، وهذا هو منهج أئمة أهل السنة في من كفروهم من أصحاب المقالات الكفرية، أي إنهم يكفرون بالعموم وأما تكفير المعين فيتوقف على وجود شروط التكفير وانتفاء الموانع، كما هو مقرر في كتب العقائد، وبهذا يتبين أن هذه الحملة في هذه الأيام على دعوة الشيخ - رحمه الله - هي من ورثة خصومه من أهل البدع والأهواء من الرافضة والصوفية لما وجدوا متنفساً، وتُهيئ لهم أن يكشفوا عن طواياهم، وذلك بسبب ضعف كثير من حماة هذه الدعوة المباركة، وتخلي بعضهم عنها، وانضمامه إلى صفوف المناوئين، ولو في بعض باطلهم، فلم يأت أصحاب هذه الحملة المعادية للدعوة السلفية، لم يأتوا بجديد بل استجروا ما ورثوه عن أسلافهم، وأظهروه في مؤلفات ومقالات كما صنع من قبلهم، ومع كثرة هؤلاء الخصوم وما لديهم من إمكانات فستبقى دعوة التوحيد والسنة محفوظة بحفظ الله، باقية ببقاء الطائفة المنصورة، التي لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى تقوم الساعة ((فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ)) (الرعد: من الآية17).
والله أعلم.
21/11/1425 هـ
http://albarrak.islamlight.net المصدر:
===============
قصص من الدور النسائية
إيمان بنت إسماعيل
الملازمة للدور النسائية لتحفيظ القرآن الكريم سواء أكانت مدرسة، أو دارسة يمر بها الكثير من القصص التي تحصل لفتيات التحقن بهذه الدور، وتأثرن بما فيها من جهود دعوية مباركة، ولإبراز ما تقوم به هذه الدور الخيرية من جهود عظيمة في إصلاح بنات المسلمين وربطهن بكتاب الله - تعالى -، أحببت أن أشارك بذكر بعض هذه القصص من باب تشجيع القائمين عليها، والداعمين لها معنويا وماديا، ليروا بعض ثمارها وآثارها فيما سأورده من قصص شاهدتها أو سمعتها ولعل ذلك يشجع أخواتي اللاتي لم يلتحقن بهذه الدور لأن يلتحقن بها، ويشجع أيضا أولياء أمور الفتيات من آباء وأمهات على تسجيل بناتهم في هذه الدور الخيرية.
والقصص التي مرت بي سواء أثناء دراستي أو تدريسي كثيرة جدا، والمساحة المتاحة لي لا تكفي إلا للقليل منها.
1- أثر الدور في هداية الكثيرات:
حدثتني إحدى المشرفات في إحدى الدور النسائية لتحفيظ القرآن أن إحدى الأخوات كانت تجالس رفيقات السوء في المدرسة، حتى إن إحداهن قادتها إلى كبيرة من الكبائر، فلاحظت أمها أثر ذلك على سلوك ابنتها، فاصطحبتها إلى إحدى الدور المجاورة، وباستمرارها فيها شاء الله - تعالى -لها الهداية، والآن أصبحت داعية إلى الحق بعد ما كانت أحد أعضاء الفساد.
2- أثر الدور في الراحة النفسية:(13/4)
كانت إحداهن تعاني من حالة نفسية متردية جدا، فلا تراها إلا كئيبة حزينة، قد أخذ منها الحزن كل مأخذ، فنصحتها إحدى صديقاتها بالتسجيل في إحدى الدور لحفظ كتاب الله - تعالى -ولو جزءا يسيرا منها، فبادرت تلك الحزينة إلى ذلك، وبعد فترة ليست بالطويلة قالت لي: أحسست بتغير جذري في حياتي العلمية والعملية، وحتى في سلوكي ومعاملتي مع الناس، وفي نظرتي إلى الحياة، وبدأت أتقرب إلى الله - عز وجل - بالنوافل فتحسنت حالتي النفسية.
3- أثر الدور في تغير السلوك:
كانت إحداهن تسيء معاملتها مع والدتها، وبعد التحاقها بإحدى الدور تحسنت أخلاقها ومعاملتها لوالدتها، فكانت والدتها شديدة الحرص على ذهابها، لأنها لاحظت تغيرها في أخلاقها ومعاملتها معها، وهي الآن مشرفة في إحدى الدور بعد أن كانت تمثل صورة في سوء خلقها مع أمها.
4- أثر الدور في تربية الناشئة:
حدثتني إحدى الأخوات أنها تعرف عائلة ذات صلاح، ويعتني الوالدان في تربية أولادهم التربية الإسلامية، وقد سجلوا بناتهم في دور التحفيظ النسائية، وفي مرة كان ثلاثة من أولادهم، بنتان وابن، يلعبون في إحدى الغرف، فلم يلحظ الوالدان وجودهم وظنوا أنهم سبقوهم إلى منزل جارهم، فأغلقوا الباب عليهم وذهبوا، فلما أراد الأولاد الخروج وجدوا الباب مقفلا دونهم، وحاولوا فتحه لكن دون جدوى فقالت أكبرهم، وكانت في الصف السادس، هل تذكرون قصة الثلاثة الذين آووا إلى غار فانطبقت عليهم الصخرة فتوسلوا إلى الله بصالح أعمالهم ففرج الله عنهم، فهلموا كل واحد منا يدعو بصالح عمله لعل الله يفرج عنا، وكانت قد سمعت هذا الحديث من معلمتها في دار التحفيظ النسائية، فقالت الكبيرة: اللهم إني لم أصل الشفع والوتر إلا ابتغاء وجهك الكريم ففرج عنا.
وقالت الوسطى: وكانت في الصف الرابع: اللهم إني لم أحفظ بعض السور إلا ابتغاء وجهك ففرج عنا.
وقال الابن أصغرهم: اللهم إني لم أعط أختي ريالي لتضعه صدقة إلا ابتغاء وجهك الكريم ففرج عنا.
فلم يلبثوا إلا قليلا حتى جاء والدهم يبحث عنهم فانظروا إلى ثمرات التربية الصالحة، وإلى تأثر هذه البنت بما تلقته من معلمتها في دار التحفيظ.
5- أثر الدور في تصحيح العقيدة والمنهج:
انتظمت إحدى الأخوات في دار لتحفيظ القرآن ومع الدروس التي كانت تلقى في العقيدة علمت الأخت أن ما تسير عليه عائلتها هو مذهب الصوفية، فأخذت تسأل الداعيات، وتقتني الكتب الموضحة للعقيدة الصحيحة، وتبحث عن الصواب إلى أن هداها الله وهي تسعى إلى هداية عائلتها.
وأخرى كان يلاحظ عليها مخالفتها للحجاب الشرعي فناقشتها إحدى المعلمات في إحدى الدور، فذكرت عدم اقتناعها بالحجاب، فأوضحت لها المعلمة بالأدلة الشرعية والعقلية وجوب الحجاب فاقتنعت، وزالت عنها الشبهة والتزمت به.
6- أثر الدور في تكوين شخصية ذات أخلاق حميدة:
تقول إحداهن لأحد المعلمات: جزاك الله خيرا لقد علمت من خلال نصحك بتحريم سماع الأغاني، وقد كنت أسمعها، ولكني الآن تبت من ذلك ولله الحمد.
وأخرى تقول: كنت ممن يبحث عن الشهرة فكان أغلب عملي رياء وطلبا للسمعة وللدنيا فقط، وبعد أن دخلت إحدى الدور لأحفظ القرآن، وكان هدفي أيضا المراءات وطلبا للشهادة فقط، فأراد الله - عز وجل - بي خيرا، وسخر لي رفيقات خير، فكن يتكلمن دوما عن الإخلاص، والحذر من الرياء فمن الله علي وشرح صدري لإخلاص عملي له، وجاهدت نفسي على التخلص من الرياء وأسأل الله العون في ذلك.
7- أثر الدور على كبيرات السن:
أعرف إحدى الأخوات تقارب الخمسين عاما مداومة على المجيء إلى إحدى الدور وها هي الآن بقي لها عشرة أجزاء على حفظ كامل القرآن وهي تتمتع بصحة جيدة ونفسية مرحة، وخلق رفيع، وكانت قبل التحاقها بالتحفيظ لا تحفظ إلا بعض قصار السور، وأخرى أيضا كبيرة في السن ولا ترى، ولكنها دوما تأتي إلى الدور بمساعدة إحدى عاملاتها التي ترشدها إلى طريق القاعة الدراسية، وأيضا المصلى وهي رغم ما بها إلا أنها تتمتع بنفسية راضية وقلب واسع وخلق عال.
هذا ما من الله علي به فله الحمد.
(*) دار الإيمان النسائية لتحفيظ القرآن الكريم.
http://www.awrak.com المصدر:
============
وصايا وخواطر في إلقاء الكلمات الدعوية
سلطان العمري
أنا أريد أن ألقي كلمة في المدرسة أو في المسجد أو بين جماعتي، فما نصيحتك لي؟
الجواب: لابد من الحرص على ما يلي:
1ـ لابد من معرفة أصناف الناس الذين سوف تخاطبهم، هل هم كبار أو صغار وما هي مستوياتهم العلمية (جاهل، متعلم)؟
2ـ هل عندك علم تستطيع من خلاله دعوة هؤلاء، وأنا لا أقصد أن تكون محيطاً بجميع العلوم، وإنما قصدي " أن يكون عندك علم بالشيء الذي تدعو إليه".
3ـ احرص على تجديد النية لوجه الله - تعالى -.
4ـ احرص على جمال مظهرك وملبسك.
5ـ إذا بدأت فابدأ " ببسم الله ".
6ـ ادع للناس في بداية كلامك مثال: أسأل الله أن يجمعنا بكم في دار كرامته ـ أسأل الله أن يجعلنا وإياكم من أهل الفردوس الأعلى...".
7ـ أخبرهم بأنك ستأخذ دقائق يسيرة وأنهم سيجدونها في ميزان حسناتهم.
8ـ أخبرهم بعنوان الكلمة، مثال" سأتحدث معكم عن فضل التوبة.... ".
9ـ استخدم عبارة "أيها الأحبة في الله ".
10ـ استخدم طريقة السؤال، مثال: هل سمعتم بقصة ذلك التائب الصادق؟.... ثم تبدأ بسرد القصة.
11ـ انظر للناس جميعاً حتى يتفاعلوا معك.
12ـ عليك باختيار الكلمة الواضحة المعنى، وبدون تكلف.
13ـ كن رفيقاً في طريقة كلمتك، حتى يحبك الناس.
14ـ ابتعد عن هذه الألفاظ:
1ـ كثير من الناس، وقل بعضاً من الناس.
2ـ وأصحاب المعاصي: وقل يا من يرتكب الذنوب.(13/5)
3ـ ويسهرون على الأفلام الماجنة، وقل يسهرون على المحرمات...
15ـ لا بد من إيراد قصة في بداية الكلمة، وفي أثناءها، وفي نهايتها، لأن القصص محببة للنفس.
16ـ في أثناء الكلمة "ادع للناس" بدعوة تناسب الكلمة، فإذا كانت الكلمة عن الجنة، قل: اللهم اجمعنا فيها...".
17ـ لا بد من الاستدلال بالقرآن والسنة، مثال: آية، حديث، لأن فيها خير كثير، وهدى ونور، وأي كلمة ليس فيها أدلة، فهي جافة غير مباركة.
18ـ لا تطيل في الكلمة، حتى لو شعرت أن الناس مستفيدين، لأن النفوس تمل، كما يمل البدن، وما أجمل أن تنتهي والناس يريدون بقائك، أما أن تطيل والناس يتمنون أن تتوقف، فهذا لا نريده.
19ـ لا تخرج عن الموضوع الذي بدأت به، إلا لحاجة ضرورية.
20ـ كن حماسياً محرك للمشاعر والعواطف والهمم.
21ـ إياك والحديث عن النفس، مثال: لات ردد عبارة "أنا..... لي، وعندي... " فالناس يكرهون ذلك.
22ـ عليك باختيار بعض أقوال السلف ففيها بركة كبيرة.
23ـ حاول أن تذكر أسلوب الأرقام في كلماتك، مثال: هل سمعتم بفضل مجالس الذكر، إن فيها خمسة فضائل.. ".
24ـ اذكر حلول المشاكل التي تريد طرحها، مثال: عنوان الكلمة " قسوة القلب " فإذا انتهيت منها، اذكر علاج قسوة القلب، مثال آخر: عنوان الكلمة: فضل العلم " اذكر في النهاية: وسائل تحصيل العلم.
25ـ بعض الكلمات قد يناسب أن تدخل فيها بعض الطرائف والابتسامات، وبعضها لا يناسب، فكن حكيماً في ذلك.
26ـ كن حليماً في اختيار الألفاظ، واحذر من الكلمات التي تضرك، أو تضر الصحوة ونحو ذلك.
27ـ لا نريد الحماس الذي يحرك المستمعين للاندفاع إلى أعمال غير مدروسة، وغير متزنة بميزان الشرع، وإنما نطالب بالحماس المظبوط بالظوابط الشرعية.
28ـ احذر من سرعة الكلام، فالكلام السريع، لا يفهمه غالب الناس، وخاصة العامة، وما أجمل الهدوء المعقول، المقرون بالكلمات المعبرة.
29ـ ما أجمل أن تستشهد ببعض الأبيات الشعرية التي تحتوي على المعاني الراقية، و" إن من الشعر لحكمة".
30ـ تستطيع من خلال كلماتك أن تجعل الناس يتحركون إلى الخير ويندفعون إلى صالح الأعمال، وتستطيع أن تجعلهم يقنطون من أنفسهم ويخرجون وهم متشائمين، وهذا لا نريده.
31ـ ازرع التفاؤل والخير والدين في نفوس المستمعين.
32ـ اعلم أن المستمع ينصت لك، فاتق الله في كلماتك.
http://www.denana.com المصدر:
===========
لا تكن من الموعظات
فهد بن محمد الحميزي*
قال الحسن البصري - رحمه الله -: " مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر، وإلا كنتم أنتم المُوعِظات ".
ومراده - رحمه الله - بالموعظات: أن يوعظ بكم غيركم لما يحل بكم من سخط الله ولعنته بسبب إهمال هذا الأصل.
وبهذا تعلم أخي الموفق: أن لترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تبعات ونكبات على الفرد والمجتمع.
والمتأمل في سيرة المصطفى - عليه الصلاة والسلام - يجد أن لهذا الأصل قيمته الفعلية العملية، بل ويربى المسلم على هذه الشعيرة العظيمة في تعامل المسلمين في حياتهم، فعن ابن عباس - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى خاتماً من ذهب في يد رجل فنزعه فطرحه (إنكار باليد)، وقال: يعمدُ أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده، فقيل للرجل بعد ما ذهب رسول الله: خذ خاتمك انتفع به، فقال: لا، والله لا آخذه أبداً وقد طرحه رسول الله ". رواه مسلم.
وهذا الحديث فيه دلالة واضحة لمن ينتقدون الإنكار باليد ويشنعون على فاعله.
بل لنرجع وراءً إلى ما قبل هذا الجيل الطاهر لما ذكر لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حال بني إسرائيل وما أصابهم بسبب تركهم لهذه الشعيرة.
فعن ابن مسعود مرفوعاً: "إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل كان الرجل يلقى الرجل، فيقول: ما هذا اتق الله ودع ما تضع فإنه لا يحل لك، ثم يلقاه من الغد، فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده، فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض " ثم قال: " لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ". ثم قال: كلا والله لتأمرون بالمعروف ولتنهون عن المنكر، ولتأخذون على يدي الظالم ولتأطُرنه على الحق أطراً ولتقصرنَّه على الحق قصراً ".
وهذا الحديث مستندٌ لرجال الحسبة فيما يقومون به من عمل ويأطرون عليه الناس من الحق، والقاعدة الشرعية تقول: لا بد من أمرٍ بالمعروف، إذا ظهر تركه، ونهي عن المنكر إذا ظهر فعله، وبقدر المنكر يكون الأمر بالمعروف.
وعندما يقف المسلم داعياً إلى الله تعالى، آمراً بالمعروف وناهياً عن المنكر، صادعاً بالحق الذي آمن به، يتعرض للأذى، وتتنزل به المحن والخطوب، فلا بد له من الصبر والثبات.
يقول أويس القرني - رحمه الله -: " إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لم يدعا للمؤمن صديقاً، فأمرهم بالمعروف فيشتمون أعراضنا، ويجدون على ذلك أعواناً من الفاسقين، والله لقد رموني بالعظائم، وأيم الله لا أدع أن أقوم فيهم بحقه فأين أويس - رحمه الله - عن حالنا اليوم، أين هو عن جيل يهاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، جيلاً يخاف من السيف وهو في غمده.
فوالله كأنه يحكي واقعاً ملموساً نشاهده اليوم.(13/6)
وليس أويس فحسب، بل تشاء كلمة الله أن ينهض في كل دور من أدوار التاريخ الإسلامي، وفي كل ناحية من نواحي العالم الإسلامي، رجال يقومون في هذه الأمة على طريقة الأنبياء في ميدان الاحتساب، فيضربون في ذلك أروع الأمثلة، يجددون بذلك أمر الدين، وينفخون روح الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الأمة الإسلامية، تبعاً للقاعدة التي لا تتخلف "كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله"، فظهر في القرن الثالث في بلاد الرافدين الإمام أحمد بن حنبل الذي وقف أمام أعظم منكر في ذلك الوقت أمام فتنة القول بخلق القرآن.
ثم يأتي القرن الثالث عشر ليظهر فيه الإمام سليمان بن عبد الله مع الشيخ محمد بن عبد الوهاب لينكر على إبراهيم باشا إظهار العود وعزف المزامير أمامه حتى يقتل من أجل إنكاره.
أمثل أحمد تدميه السياط على *** مرأى من الناس هذا حادث جلل
أمثل أحمد يلقى بين طائفة على *** بصائرها من غيها ظلل
وظهر في القرن السابع في بلاد مصر سلطان العلماء العز بن عبد السلام فأنكر على سلطان مصر الغاشم الظالم ظهور الخانات وبيع الخمور في البلاد وعلى الصعيد نفسه تلاه ابن تيمية في القرن الثامن مع جماعة من أصحابه الغيورين ليمارسوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتعزير المفسدين، وليحرضوا السلطان على غزو بلاد النصيرية وتأديبهم.
ثم يأتي القرن الثالث عشر ليظهر فيه الإمام سليمان بن عبد الله مع الشيخ محمد بن عبد الوهاب لينكر على إبراهيم باشا إظهار العود وعزف المزامير أمامه حتى يقتل من أجل إنكاره.
وفي هذا الزمن تتشابه الجراح كما تتشابه الرماح كما يقال، وتتوالى الأحداث..فبدأنا نشاهد ونرى مواقف إزاء رجال الحسبة والقيام بالاعتداء عليهم.
فسيري سفينَ الخير في ظِلِّ هيئةً *** أقامت على المعروف بنيانها الصَّخري
ولتعلموا أنكم من الأمة بمثابة الإمام أحمد في المحنة، فإذا ثبتم أنقذتم الأمة وإذا استسلمتم هلكت الأمة.
ولو تركنا هذه الشعيرة العظيمة لما نسمع من ابتلاءات على رجال الحسبة لاضمحلت الديانة، وفشت الضلالة، وشاعت الجهالة، وانتشر الفساد، واتسع الخرق على الراقع فصبراً يا رجال الحسبة لئلا نفتح مجالاً لقطيع بني علمان ليسلوا أقلامهم ويسودوا قرطاسهم، ويزودوا محابرهم، ليأتمروا على هذا الجهاز المبارك بغية أن يحيدوا بهذه الأمة من مسارها الذي رُسم لها، طامعين بأن يُدمَّر جهازاً كاملاً وتمسخ هوية أصحابه.
"ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين".
-----
*عضو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
18/4/1427
http://www.almoslim.net المصدر:
=============
دور الدعاة والخطباء في أزمة أنفلونزا الطيور
انطلاقًا من الدور العملي للدعاة والخطباء في الأحداث الجارية من الاستثمار الجيد في الدعوةِ إلى الله بالحسنى ونشر رسالة الإسلام إلى العقول والقلوب، حتى يؤدِّي المجتمع الدورَ المنشودَ في النهضةِ والإصلاح، ونخرج من الأزمات بأمان وسلام، نتقدم ببعض النصائح في موضوع أنفلونزا الطيور وملحق به بعض الدراسات والأبحاث العلمية التي هي دليلٌ للخطيبِ والداعيةِ في حديثهِ إلى الناس مع مراعاة الدِّقةِ.. في عرض ما يخص البعدين الصحي والسياسي للأحداث، ويمكن الاستفادة بالمختصين من الأطباء ونواب مجلس الشعب في عرض الجانبين:
أولاً: الجانب الصحي:
1- بيان موقف الإسلام من الدعوة إلى النظافة، كأحسن أسلوب للوقاية من الأوبئة.
2- إظهار اهتمام الإسلام بسُنن الفطرة، خاصةً تقليم الأظافر وتخليل الماء بين الأظافر.
3- العمل بمبدأ الحجر الصحي عند حدوث المرض والذي دعا إليه الإسلام للحديث النبوي عن الطاعون "فلا تدخلوا فيها، وإن كان فيها وأنتم بها فلا تخرجوا منها".
ثانيًا: التعامل مع الكوارث والأوبئة:
1- التعامل مع الكوارث والأوبئة بشكلٍ إيجابي من المشاركة والتعاون والتكافل بين الناس.
2- الإسلام يدعو إلى التوازن، وليس إلى التهويل أو التهوين، فإذا كان الطهي الجيد لا ينقل المرضَ، فلماذا الفزع والهلع؟ حتى لا تحدث أزمات اقتصادية شديدة.
3- المطلوب الشفافية في إظهارِ الحقائق، والتعامل معها للعلاج خاصةً الذين يتعاملون مع الدجاجِ في المزارع، والمجازر، وربات البيوت.
ثالثًا: نشر الوعي:
1- دورات إرشادية في المساجد والجمعيات لعمليات الطهي الصحي؛ حيث إنَّ الفيروس يُقتل عند درجة 70 درجة مئوية، ويكفي الإرشاد إلى أنَّ الوصول إلى درجة الغليان 100 درجة مئوية كافٍ جدًّا بعمليات السلق، وليس الشيء أو الطهي على البخار.
2- التنبيه إلى التعامل مع الحدث بالحقائق، وليس بالشائعات التي لا تؤدِّي إلا إلى المزيد من الكوارث.
رابعًا: المحافظة على البيئة:
بيان دعوة الإسلام إلى المحافظة على البيئة، حتى لا تكون سببًا في خطر أكبر من الفيروس وعواقب وخيمة وكارثية لا داعي لها.
خامسًا: الدعوة إلى الفطرة:
1- الدعوة إلى العودة إلى الفطرة السليمة التي خلق الله عليها الإنسان، فالمخالفة وخيمةٌ.. فجنون البقر الذي انتشر كان سببه أن الغرب خالف الفطرةَ بإطعامه البقر بقايا حيوانية ودم، وليس العلف مما نجم عن ذلك من أمراض لم تكن معروفة من قبل إلى جانب ما تحدثه من مشاكل اجتماعية اقتصادية وبشرية.
2- أجمع العلماء أنَّ سبب فيروس الطيور هو تربية الخنازير مع الطيور، فالإنسان وصل إليه المرض عن طريق الخنازير، وهو ما حدث بالفعل في جنوب شرق آسيا والصين.
سادسًا: الغزو البيولوجي:(13/7)
إظهار شراسة الغزو البيولوجي المنظَّم لعالمنا الإسلامي خاصةً في الجانب الصحي الجسدي؛ ولذلك أوجب علينا الإسلام رعايةَ الفرد في بدنه وصحته.
سابعًا: حسن التعامل مع سنن الله في الكون:
سُنن الله في الكون يجب التعامل معها بمنطلق إيماني عقيدي إيجابي لقوله - تعالى -: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ} (الأنعام: من الآية رقم 44).
فالتقدم لا بد أن تصاحبه قيمٌ أخلاقية سامية، النهضة لن تتحقق إلا بالإسلام..الالتزام به، وتطبيقه في الحياة، وإلا ستسير الإنسانية إلى الدمار.
http://aldoah.com المصدر:
============
مقترحات وأفكار للدعوة لله عبر الإنترنت
أختي وأخي في الله هل تريدين أن تكوني داعية لله عبر الإنترنت، ويكفيك الأجر والمثوبة المستمرة الدائمة التي وعدك بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث قال: ((من دعاء إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من اتبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً..)).
وروى البخاري عنه - عليه الصلاة والسلام - أنه قال: ((.. فوالله لأن يهدي بك رجلاً واحداً خير لك من حُمر النَّعم)) وفي رواية: ((خير لك مما طلعت عليه الشمس وغربت)..
هل تريدين أن يشملك الله برحمته فإليك بطريق الدعوة فقد قال - تعالى -في سورة التوبة ((وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَ- يرحمهم الله - إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)).
إذاً إليك ببعض الأفكار والمقترحات في الدعوة إلى الله عبر الإنترنت فاحرصي عليها ولا يخذلك الشيطان عن بذل النصيحة لهذا الدين وتذكري أن الوقت الذي تقضينه أمام الإنترنت ستسألين عنه يوم القيامة بماذا قضيته إن خيراً فخير وإن شراً فشر...
أولاً: عن طريق المنتديات:
1ـ نشر عنوان موقع إسلامي جديد وما يحتويه من مواد شرعيه وأهم ميزاته...
2ـ نشر بعض محتويات موقع إسلامي متميز ومناسب في وقت مناسب (كموقع عن الحج في شهر الحج أو موقع عن الصيام في شهر الصيام).
3 ـ نشر جديد المواقع الإسلامية مع روابط متكاملة للمواضيع الجديدة.
4 ـ المشاركة الفعالة عن طريق مقال جيد.
5ـ تشجيع كاتب متميز مقل.
6 ـ جمع روابط موضوع معين تمس الحاجة إليها.
7 ـ تذكير الناس بعبادة يحين وقتها قريباً كصيام عاشوراء والأيام البيض.
8 ـ تذكير الناس بأحكام فقهية يحين وقتها كالحج وصيام رمضان.
9 ـ تنبيه الناس على بدعه أو منكر أو خطأ يقع فيه بعض الناس.
10ـ تنبيه الناس على منكر معين والمساعدة الفعلية في محاولة إزالته.
11ـ تنبيه الناس على خطأ وقع فيه صاحب مقال في حدود آداب الإسلام في الحوار والنصيحة بالتي هي أحسن.
12 ـ وعظ الناس وتذكيرهم بالله - عز وجل - والتنويع في كل مرة ما بين آية وحديث وموعظة وقصة وفلاش دعوي.
13ـ الدلالة على باب من الخير كمشروع خيري من جمعية أو مؤسسة خيرية.
14 ـ الدلالة على محتاج إلى خدمة عاجله كمحتاج إلى فصيلة دم نادرة مثلاً.
15 ـ إفادة الناس بخبر جديد وبشرى للمسلمين.
16 ـ تفنيد خبر كاذب أو إشاعة باطلة بالدليل والبرهان.
17ـ التعاون في مجال الدعوة ونقاش أفضل الطرق والوسائل في باب معين.
18ـ نجدة الزوار من محتاجين المساعدة بالدلالة على موقع أو مقال أو أي مساعدة.
19ـ إصلاح ذات البين بالحسنى بين من تحصل بينهم مشاحنات أو مناقشات حادة.
ثانياً: المساهمة مع أصحاب المواقع في الدعوة إلى الله:
هناك الكثير من المواقع الإسلامية النافعة التي نقوم بزيارتها والاستفادة منها ولكن هل فكرنا في أن تكون زيارتنا لهذه المواقع أكثر إيجابية فنستفيد ونفيد حيث نساهم مع أصحاب المواقع في الدعوة إلى الله فإليك بعض الطرق
1 ـ كتابة كلمة شكر وثناء على الموقع أو على أفضل ما في هذا الموقع في سجل الزوار أو برسالة إلكترونية.
2 ـ بذل النصيحة للموقع باقتراح سديد أو نقد صائب أو فكرة إبداعية لتطوير الموقع أو النصح بحذف ما لا ينبغي وجوده أو إرسال مادة علميه مناسبة ككتاب أو مقال أو رابط ليستفيد منه أصحاب الموقع أو الإبلاغ عن صفحة لا تعمل أو بها خلل تقني أو فني.... الخ.
3 ـ التعاون مع الموقع في نشاطاته المختلفة..
الكثير من الناس يعتقد أنه لكي يمارس الدعوة عبر الإنترنت فلا بد أن يكون له موقع خاص وهذا فهم خطاء والصواب أنه يمكنك أن تساهم بالدعوة بالتعاون من أصحاب المواقع الموجودة الآن في مجالات مختلفة كل بحسب تخصصه فابحث عن موقع تميل إليه وتحبه وتعاون معه بما تستطيع من خبراتك ومهاراتك وقدراتك..
4 ـ المساهمة في نشر الموقع بإرسال عنوان المواقع لمن تعرفهم من زملائك وأقربائك بصورة مبسطة وغير مزعجة فمشكلة المواقع الإسلامية الكبرى هي التسويق والنشر والانتشار وقلة الزوار.
5 ـ نشر المواقع عن طريق المجموعات الإخبارية وهذا باب يكاد يكون مهملاً للأسف مع أنه وسيلة إعلامية جيدة ورخيصة وتدوم طويلاً.
6 ـ التبرع بقيمة إعلانات لرابط أو شعار للموقع توضع في مواقع بوابيه مشهورة مثل موقع الرادادي أو نسيج أو غيرها أو التبرع للموقع للظهور في محركات البحث بشكل جيد في أعلى النتائج لا سيما مع المواقع المواجهة لفير المسلمين مثل محركgoto.com.
6 ـ وضع ملصق صغير عليه عنوان الموقع في مكتبك أو بيتك أو خلف سيارتك وهذه فكرة جيده.(13/8)
7 ـ الحرص على عدم إزعاج أصحاب المواقع والإزعاج يكون بأشياء منها: الأسئلة المكررة والسؤال عن شيء موجود في الموقع ولكن الكسل يمنع من البحث عنه وكذلك إرسال الرسائل الطويلة للموقع؛ فاحرصوا على ذلك ولا يخذلكم الشيطان عن بذل النصيحة لهذا الدين..
ثالثاً: مناصحة أصحاب المواقع الشخصية:
يمكنك أن تناصح أخوة لك في الدين والعقيدة عن طريق المراسلة فقط مراسلة أصحاب المواقع التي تجد فيها كثيراً من الخير وشيئاً من المنكرات وكما هو ملاحظ نجد أن غالبية المواقع الشخصية وللأسف تبث الأغاني والمنكرات وتضع روابط لبعض القنوات الفضائية؛ حيث يمكنك توجيه رسالة مختصرة جداً لأصحاب هذه المواقع تذكرهم فيها بالله - عز وجل - وتحذرهم مما هم واقعين فيه ومثال لهذه الرسالة:
(بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل: مسؤول موقع (.............. ) السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد قمت بزيارة موقعكم فأعجبني التصميم ومدى الاهتمام به فأحببت أن أبعث لكم هذه الرسالة وبها خاطرة ونصيحة: كما لا يخفى عليكم أن الإنسان في هذه الحياة يسعى جاهداً لتقديم الأفضل والأهم من ذلك تقديم ما يرضى الله - سبحانه وتعالى - فالإنسان مرتهن يوم القيامة بعمله إن خيراً فخير وإن شراً فشرـ والعياذ بالله ـ وإن الإنسان لتكفيه ذنوبه ويرجو من الله أن يغفر له فما بالكم بأناس نذروا أنفسهم لجمع سيئات غيرهم وكأن سيئاتهم لا تكفيهم؟! وعندما زرت موقعكم وتجولت فيه تذكرت حديث المصطفى - صلى الله عليه وسلم - الذي جاء فيه (من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة لا ينقص ذلك من أجورهم شيء ومن سن سنة سيئة فله وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة لا ينقص من أوزارهم شيء فهل أنت ممن سن سنة حسنة في موقعك؟ أو ممن سن سنة سيئة؟
فوالله إن ذنوب المرء تكفيه ولا حاجة لاكتساب سيئات الآخرين
فلو عملت في هذا الموقع لنشر الخير والفضيلة ونشر القرآن والسنة فإنك تكسب أجر كل مستمع، فكم سيكون لك من أجور لا يعلمها إلا الله فاليوم عمل ولا حساب وغداً حساب ولا عمل
وشكراً...
رابعاً: أفكار دعوية لأصحاب مقاهي الإنترنت:
إليك أخي صاحب مقهى الإنترنت تلك القائمة من الأفكار سهلة التنفيذ لنشر الدعوة وتوجيه رواد المقهى إلى مافيه الخير والسداد
1ـ اجعل صفحة البدء ـ home.page تقود إلى أحد المواقع الإسلامية المناسب لجنسيات مرتادي المقهى مثال للمواقع الإسلامية (لدعوة غير المسلمين) (بجميع اللغات).
2 ـ أضف المواقع الإسلامية إلى المفضلة والأهم من ذلك قم بمسح المواقع غير المناسبة منها وحجبها.
3ـ غير خلفية شاشة الكمبيوتر إلى خلفية دعوية فمثلاً أذهب إلى موقع منابر الدعوة سوف تجد الكثير من الخلفيات أختر واحدة ثم انتظر حتى تصبح الصورة بحجم الشاشة ثم أضغط على زر الفارة الأيمن وأختر set as wallpaper أو من موقع المصمم.
3 ـ قم بتنصيب بعض البرامج الإسلامية المفيدة ومن أمثلتها برنامج المحدث وبرنامج أوقات الصلاة بواجهتين عربي وإنجليزي من موقع المحدث.
4ـ أنشيء ملفاً على سطح المكتب يحوي مجموعة مميزة من الخطب والتلاوات القرآنية تجدها في موقع طريق الإسلام www.islamway.net
5ـ قم بتسجيل CD وضع به بعض البرامج المفيدة مثل الريل بلاير وغيرها وأضف معها أيضاً بعض التلاوات والمحاضرات والفلاشات الإسلامية ووزعه لكل مشترك في المقهى.
6 ـ أجمع عدة مواقع إسلامية في ورقة ثم صورها ووزعها مع كل اشتراك إنترنت ويكتب في أسفلها أسم المحل للدعاية.
هذه بعض الأفكار في الدعوة الى الله عبر الإنترنت فاحرصوا عليها ولا يخذلكم الشيطان عن بذل النصيحة لهذا الدين فالدال على الخير كفاعله ومن سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة دون أن ينقص من أجرهم شيء..
ملاحظة: ــ هذه الأفكار والمقترحات ذكرت في مجلة الفرقان في عددها 261 في مقال بعنوان الدعوة الإسلامية ومواقعها على الإنترنت بين الواقع والطموح للكاتب ذياب عبد الكريم مع تغيير بسيط في المقال..
http://www.sst5.com المصدر:
=============
عندما . . ألقي القبض عليهم
خالد الخليوي
في الساعة الحادية عشرة والنصف من مساء يوم الأحد 16 / 7 / 1426هـ رنَّ هاتفي الجوّال..وإذا به أحدُ أصدقائي الفضلاء..
سلَّمَ علي.. وبعد السلام مباشرةً أسرعَ بالسؤالِ قائلاً:
بشّرني.. أأنت في الرياض؟ (والرياض مقرُّ إقامتي)
فهو يظنُّ أني ما زلتُ مسافراً..
فأجبته: نعم... أنا في الرياض..
فقال: نحنُ الآن في مقرِّ هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنْكر (وهي هيئة رسميّة لا يوجد مثلها في جميع دول العالم)..
وقد قمنا بالقبضِ على شابيّنِ مع فتاتيّنِ في لقاءٍ غيرِ شرعي..
فدعوتُ الله للقائمين على هذه الهيئة أن يحفظهم ويسدِّدَ خطاهم... وأن يجعلَ الرُعبَ في قلوبِ أعدائهم..
ولكم أيّها القرّاء أن تسألوني... لماذا كان صاحبك حريصاً على التأكدِ من أنَّكَ في الرياض؟
وما الذي كانوا يريدونَ منك؟
فأقول: هنا يأتي الطريفُ في الأمر..
لقد كان الشابان من فئة الصّم والبكم!!..
وماذا عن الفتاتين؟.. هما كذلك من نفس الفئة!!
وبحكمِ عملي كوكيلٍ لمعهد الأمل للصّم أرادوا منّي المساعدة في عمليّة التفاهم والتحقيقِ معهم فالمسألةُ تحتاجُ إلى متخصّصٍ في إشارة الصم..
فما كان منّي إلاّ أن لبيّتُ طلبهم..
ومن المؤكد أنّ لي ولكم مجموعة من الأسئلة والتعليقات على هذه الحادثة..
أولاً: كيف تمَّ ربط الموعد بينهم؟
إنه عن طريق رسائل الجوّال... ويا ليتَ شعري ماذا سيحصلُ عندما تأتي خدمة إظهارُ صورة المتصل؟!(13/9)
ثانياً: ما مدى مشابهة الصّم للأسوياء في الحياة العامة؟
إنّهم مثلهم تماماً فمنهم الطيّب ومنهم الخبيث.. ويعيشونَ بشكلٍ طبيعي في جميع تعاملاتهم.. إلاّ أنهم بطيئون، وضعفاء في الناحية التعليمية.. وذلك بسبب فقدان حاسة السمع... وهي الحاسة التي بدأ الله بها وهو يذكرُ بعضَ نعمه على خلقه حيثُ يقول: (قل هو الذي أنشأكم وجعلَ لكم السمعَ والأبصارَ والأفئدةَ قليلاً ما تشكرون)..
ثالثاً: هل يحصلُ منهم مثلُ هذه الشناعات الأخلاقيّة.. ألا تحدُّ إعاقتهم من ذلك؟
إنهم ليتعرضون من الفتن كما يتعرّضُ لها الأسوياء.. فهم يشاهدون القنوات الفضائيّة... بما تحمله من فساد عريض.. وصور فاضحة، والشيطانُ (أعاذنا الله منه) يحاولُ معهم كما يحاولُ مع غيرهم ويتجاوبُ معه الكثير...
فكثيرٌ وقعَ في الدخان..
والبعض وقعَ في الإدمان..
ومنهم من يتنقّلُ بين الأوطان..
لا للدعوة.. أو طلب العلم.. بل لزيادة الذنوب والعصيان..
رابعاً: ليتكم أيّها القرّاء معي وأنا أناقش الشابين ومن ثمَّ الفتاتين.. لتروا كيفَ انطبقَ عليهم قولُ الله - عز وجل - في سورة الزخرف: (الأخلاءُ يومئذٍ بعضُهم لبعضٍ عدو إلاّ المتقين)..
فأحد الشابين يتبرأ من صاحبه ويقول: أنا ليس لي علاقة مباشرة.. فصاحبي هو الذي دبّرَ كلَّ شيء..
وأمّا الفتاتان فلم تكتفِ إحداهما بمجرّد البراءة من صاحبتها.. بل أخذت تمدُّ يَدَها عليها بالضرب كلّما سنحت لها الفرصة.. حتى قام المسؤولون بتفريقهما..
وأمّا الأخرى.. فأخذت تبكي وتتوسّلُ أهلَ الحسبة أن أطلقونا.. فإن عدنا.. فإنّا ظالمون..
وليست المسألة بهذه السهولة حتى تُلبّى لها رغبتُها..
.. !! ساعة الصفر!!..
وهي الساعة التي اقتربَ فيها مجيءُ أولياء الأمور إلى مركز الهيئة ليتبيّنوا تفاصيل القضيّة..
فكم منهم ممّن لا تحملهُ قدماه من هولِ المفاجأة..
بل.. كم ممّن يسقُطُ مغشيّاً عليه حينما يقالُ له:
إنَّ ابنتكَ قد قُبِضَ عليها في قضيّةٍ أخلاقية..
يا الله... ما أفضعَهُ من موقف..
وما أشنعَهُ من خبر..
يا ربِّ شُقَّ الأرضَ لتبتلعنا.. ولا أن نقِفَ هذا الموقف..
إنَّ مجرّدَ تصوّره ليصيبُ الإنسانَ بالإحباط الشديد.. فما بالكم وهو واقِعٌ لبعضِ الآباء والأمهات مع بناتهم..
إنّه أمرٌ جلل.. وثمرةٌ بغيضةٌ لم تكن في حُسبان الأربعة وهم في غمرتهم ساهون..
فهل تعي الفتياتُ هذا الدرس برغبتهنّ؟
أم أنهنَّ بحاجةٍ إلى خوض مثل هذه التجربة القاتلة ليعينَ الدرس رغماً عنهن؟؟
أخيراً.. أقول..
لله درُّهم.. ما أشرفَ وأجلَّ وظيفتهم..
ما أروعَ ما يبذلون.. وما أشدَّ ما يقاسون..
إنهم في النّهارِ يتوقّدون حماساً..
وفي الليل بين الطُرقاتِ حرّاساً..
فيا ربِّ زد أبدانهم قوّةً.. وزد قلوبهم إيناساً..
فهم والله- يقومونَ بما عجزنا عنه... ويدفعونَ ما بخلنا به..
يعرّضونَ أنفسهم للخطر.. ويواصلون جهدهم تحت زخّاتِ المطر..
كلُّ هذا من أجلِ إقامة الناس على شرعِ الله - تعالى -..
حفاظاً على الصلوات.. وصوناً لأعراض الشباب والفتيات.. ومنعاً لمظاهرِ التقليدِ والخرافات..
إنّهم..
الآمرون بالمعروف والناهونَ عن المنكر..
: (فيا ربِّ كن معهم):.
http://www.saaid.net المصدر:
=============
أيها الداعية ليس المهم الشهرة
سلطان العمري
في أثناء مسيرتك الدعوية قد تجد المعجبين بك وقد ترى الازدحام حولك أو عند محاضرتك أو على موقعك في الانترنت، أو على كتاباتك أو أشرطتك أو غير ذلك.
وقد تسمع عبارات الثناء على جهودك الدعوية أو على علمك وأسلوبك أو أفكارك أو دعمك المادي وغير ذلك...
وهذا الثناء لي عليه إشارات:
1- الفرح بالعمل الصالح من تمام نعمة الله عليك قال - تعالى -{فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون}، وفي الحديث الصحيح: " من سرته حسنته وساءته سيئته فهو مؤمن" أي من فرح بتوفيق الله له للقيام بالحسنة فهذا دليل الإيمان، ومن أصابه الحزن على ذنبه الذي صدر منه فهو المؤمن لأنه يتألم بوقوعه في الذنب..
وفي الحديث الآخر: "يا رسول الله أرأيت الرجل يعمل العمل ويمدحه الناس، فقال: تلك عاجل بشرى المؤمن " أي أن المدح جاءه ولم يسع هو إليه.
وهذا الفرح محمود ومرغوب وهو نتيجة من نتائج الإقبال على الله - تعالى - وثمرة من ثمار الحسنات
2- اعلم أن إقبال الناس عليك دليل على محبتهم لك وهذا دليل بإذن الله على قبولك عند الله - تعالى -، كما في الحديث: " إذا أحب الله عبداً نادى جبريل إني أحب فلانا فأحبه فيحبه جبريل " وقال بعض السلف: من أقبل بقلبه على الله أقبل الله بقلوب المؤمنين إليه.
3- أعلم أن السلف كانوا يخافون من الشهرة ويبتعدون عنها، فقد قيل للإمام أحمد في زمن الفتنة: أن الناس يدعون لك فقال: أخشى أن يكون هذا استدراج. وكان بعض السلف إذا اجتمع عنده فوق العشرة ترك المجلس وقام.
وقال بعضهم: إذا طال المجلس كان للشيطان فيه نصيب، أي مدخل للغرور أو للرياء أو لنحو ذلك من المداخل... وكان الإمام أحمد يكره أن يمشي خلفه أحد من الناس.
4- أوصيك بأن تحاسب نفسك وأن لا تغتر بمدح الناس لك وشهرتك عندهم، فالناس لا يعلمون بسريرتك وحالك الخفي مع الله وأوصى بعضهم فقال: إذا جلست واعظاً للناس فاعلم أنهم يراقبون ظاهرك، والله يراقب باطنك. وقال آخر: لاتكن ولياً لله في العلانية عدو له في السر.
5- أكثر من حمد الله وشكره الذي وهبك هذه النعمة " نعمة محبة الناس لك " واعلم أن هذه النعمة فضل من الله تحتاج إلى شكر وخضوع وتذلل لله تبارك وتعالى.(13/10)
6- لا تعتقد أنك بشهرتك وانتشار اسمك خير وأحب إلى الله ممن لم يعرف ولم يشتهر فقد يكون هناك رجل أعمى مشلول فقير هو أحسن منك حالاً عند الله، وما يدريك من هو التقي؟ {والله عليم بالمتقين}.
7- أعلم أن هذه الشهرة ابتلاء لك: أتشكر ربك وتحمده وتواصل القرب منه والخضوع له أم تجحده وتستكبر عن ربك - عز وجل - وانظر إلى نبي الله سليمان لما قال (هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر).
8- إذا جاءك الشيطان وقال لك ابتعد عن ميدان العلم أو الدعوة لأنها هي سبب لشهرتك والشهرة فتنة و... فإياك أن تستجيب لداعي الشيطان وتترك طريق العلم أو الدعوة، بل واصل المسير وتوكل على العزيز الرحيم واسأل ربك المزيد وسوف يحميك من كيد الشيطان ونزعاته.
9- إذا كنت مشهوراً في بلد أو عند مجموعة من الناس فقد تذهب إلى بلد لا يعرفك أهله ولم يسمعوا بك أصلاً فقد تضيق نفسك عندما تفقد تلك الشهرة وتلك الفخامة التي تعودت عليها وهذا من أعظم آفات الشهرة نسأل الله السلامة.
10- ما أجمل أن تكون مع شهرتك إنساناً متواضعاً بسيطاً سهلاً يسيراً في حياتك مع الناس... وانظر لحال سيد الأنبياء الذي هو أعظم شهرة ومع ذلك فهو سيد المتواضعين... وعلى هذا سار الصحابة والتابعون والسلف الصالح رضوان الله عليهم، واعلم أن تواضعك الصادق يزيد من حب الناس لك وتقديرهم واحترامهم.
11- إذا تغيرت نظرة الناس لك وجهلوا عليك أو انتقصوك فلا تقل: هؤلاء لا يعرفون من أنا ولو عرفوني لما صدر منهم هذا الخطأ، عليك بالحذر من ذلك وإن لم يصدر منك لفظاً فقد ترد على خواطرك بعض تلك المواقف وأنت لست بمعصوم.
وختاماً: أوصيك بأن تخضع لربك وتلبس ثياب الذل وتسير في طريق الفقراء حتى تصل إلى الغني الحميد.
http://www.denana.com المصدر:
=============
الدعوة بالمراسلة
هي امرأة لكنها ليست كالنساء، الكادحات الكالحات، بل ملكة متوجة، خريجة قسم أصول الدين من جامعة الإمام محمد بن سعود - رحمه الله تعالى -، وهي متزوجة، تدير شؤون مملكتها بنفسها، ترعى حق الله - تعالى -، وحق زوجها وأهله، تقوم على خدمتهم وترعى شئونهم صابرة محتسبة، تقوم بأعباء المنزل ولا خادمة، مع قيامها بحق أم زوجها المسنة، لكن، لم يهنأ لها بال وهي ترقب السالكين والسالكات في طريق الدعوة إلى الله - تعالى -، نعم، كانت ترقبهم بطرف حزين، نعم، لم يكن ليهنأ لها بال وهي لم تدلي بدلوها بين دلاء الداعيات إلى الله - تعالى -، لتأخذ على إثر ذالك نصيبها من الخير، كانت تحاول أن تجد لها موضعا، فما كانت لترضى العيش في الأسافل دون الأعالي يتراوح لها قول الشاعر:
وما للمرء خير في حياة * * * إذا ما عد من سقط المتاع
ولكن هذه الرغبة اصتدمت برفض زوجها لخروجها إلى ميادين الدعوة على اختلافها لكن ما زال الهم في قلبها يكبر ويكبر مع مرور الأيام، فعزمت على المضي على شق الطريق مهما توغل في الوعورة، لكن مع رضى زوجها، وفكرةً بعد فكرة، وخاطرةً بعد خاطرة، ومع الدعاء والتضرع هداها الله - عز وجل - إلى فكرةٍ وضاءة تجمع فيها بين رضا خالقها ورضا زوجها، إنها الدعوة بالمراسلة، هي وسيلة لا تحتاج إلى كبير جهد، ومع ذالك فهي عظيمة النفع والأثر، ولكن تصدت لفكرتها عقبة كؤود كادت تتهاوى عليها قوارب الأحلام، إنها المادة عصب الحياة، من أين لها تأمين مستلزمات هذه الرسائل، مع قيمة إرسالها؟؟ لكن العبد إذا صدقت نيته صدقه الله - تعالى -،
أرى نفسي تتوق إلى أمور * * * وتقصر دون مبلغها بعض حالي
فنفسي لا تتطاوعني ببخلٍ * * * ومالي لا يبلغني المعالي
ثم عادت إلى التفكير والدعاء مرة أخرى، فطريق الأنبياء تريده بأي ثمن، حينها تذكرت قصة أم المساكين،
التي قالت عنها عائشة - رضي الله تعالى عنها - : " كانت صناع اليدين تعمل بيديها وتتصدق " فاتخذت من صنع يديها عملاً يدر عليها ربحاً وإن قل، فالشأن كل الشأن في البركة، حينها توصلت إلى ما تحتاجه، فهي تحتاج إلى جهاز للحاسب الآلي، مع طابعته، وآلة تصوير، وجهاز للفاكس، ولكن من أين ذالك؟؟ فتأملت ذهباً عندها، ووجدت أن قيمته يكفي بعض ما تحتاجه، فكلمت زوجها بذالك فأكمل لها المبلغ مع قلة ذات اليد، حينها بدأت بطباعة بعض الرسائل، مقابل مبلغ مادي تتقاضاه، ثم تستثمر ثمن ذالك في الدعوة إلى الله - عز وجل -، وكان من نتاج ذالك مئة وعشرون رسالة دعوية، تحصلت على عناوينها من خلال إذاعة القرآن الكريم، تتراوح هذه الرسائل ما بين مطوية وكتب صغيرة ومتوسطة تتعلق بموضوعات العقيدة الصحيحة، وهي ما كانت تحرص عليه، ثم هي مع ذالك تقوم بشراء بعض الكتيبات من مكاتب توعية الجاليات, وتقوم بنشرها على الطبيبات والممرضات في المستوصفات والمستشفيات، حتى أخذت رسائل المسترشدين تتوافد على غرفتها الصغيرة، فهذا يطلب مصحفاً وآخر كتاباً وآخر مطوية، كان جهد المقل، مع ذالك فكم أحيا الله بهذا العمل اليسير قلوباً غافلة، وأنار بصائر مستغرقة، كانت رسائل خير ونور رائعة، وأروع منها اليدان اللتان قد متهما وصاغتهما أحرفاً من نور تضيء للسالكين الطريق، هذا هو الجهد وإن قل، فالدين ينصر بنا أو بدوننا، فإن بذلنا أصبنا العزة، وإن منعنا أخذنا بالهوان وكل واحد منا على ثغرٍ من ثغور الإسلام...
-----------------
هذه القصة ذكرها الشيخ خالد الصقعبي في شريط صانعات المآثر
http://www.awrak.com المصدر:
============
الطب النفسي والدعوة إلى الله
كيف تكون العلوم الإنسانية والطب النفسي خاصة وسيلة تحمل محتوى الدعوة الصحيحة إلى الناس تحت سلطان منهج أهل السنة، وفي إطار هدي الإسلام القويم؟(13/11)
سؤال أجاب عنه الدكتور/ عبد الله الخاطر - رحمه الله - في كتابه (الطب النفسي والدعوة إلى الله) من خلال عرضه لهذا العلم والأساليب المتبعة فيه وكيف تطبق هذه الأساليب في مجال الدعوة لتحقق النجاح في الوصول إلى أكبر شريحة من الناس الذين نود مخاطبتهم.
يصنف الكاتب نظرة الناس في العالم الإسلامي إلى العلوم الإنسانية التي يتعلمونها في بلاد الغرب كعلم النفس، وعلم الاجتماع وعلم الإدارة وعلم الاتصالات وغيرها إلى ثلاثة أقسام:
قسم ينادي بعدم الأخذ بهذه العلوم على الإطلاق؛ لأنها بنيت على أساس خاطئ، فالنتائج حتماً ستكون خاطئة.
وقسم يطالب بالأخذ بهذه العلوم كلها بخيرها وشرها، إيجابياتها وسلبياتها.
وقسم ثالث يدعو إلى تنقية هذه العلوم بأخذ إيجابياتها وترك سلبياتها، ويؤيد الكاتب هذه النظرة، حيث يرى أننا نتعلم الآن من جميع التخصصات على طريقة تفكير الغرب لا على طريقة التفكير الإسلامي الصحيح، والمطلوب من الشباب المسلم أن ينقي ويهذب ما يتلقاه، ويسخر كل ما يحصل عليه من علوم لخدمة هذا الدين سواء في الأسلوب أو في الهدف الذي يوجه إليه.
كيف تكون العلوم الإنسانية والطب النفسي خاصة وسيلة تحمل محتوى الدعوة الصحيحة إلى الناس تحت سلطان منهج أهل السنة، وفي إطار هدي الإسلام القويم؟
ويبحث الدكتور عبد الله الخاطر في كتابه هذا الطب النفسي كأحد هذه العلوم التي يتلقاها شباب المسلمين من الغرب كأي دراسة طبية أخرى، ويبين أن مثل هذه العلوم فيها الكثير من الحشو وتحتاج أن توجه الوجهة الصحيحة، وهذا الجهد هو ما نفتقده في عالمنا الإسلامي عند الكثير منا، اللهم إلا القليل من علمائنا الذين لديهم الفكرة ولكنهم يحتاجون إلى تطوير مناهجهم وطريقة تفكيرهم، ويحتاجون إلى إخضاع علوم الطب النفسي للفكر الإسلامي الصحيح.
ويبين أن الوصول إلى ذلك يستدعي الاهتمام بالأسلوب الذي يتبعه الطبيب النفسي في جميع المعلومات وتحليلها وكسب ثقة الآخرين، وما إلى ذلك، إذ إننا مأمورون في دعوتنا بأن نتخذ الأسلوب الأفضل في تعاملنا، حيث يقول الحق - سبحانه وتعالى -: "ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ" (النحل: من الآية125).
وعلّل الدكتور عبد الله الخاطر أن من الأسباب التي جعلته يبحث أسلوب الطب النفسي وإمكانية تطبيقه في الدعوة إلى الله امتناعه التام بأن الداعية يملك مضموناً عظيماً وأفكاراً قويمة، لكنها تحتاج فقط إلى أسلوب شيق للعرض وللتأثير في المتلقين؛ وهذا ما يفتقر إليه كثير من الدعاة، ويفتقر إليه بعض علمائنا أحياناً.
ويستعرض الدكتور الخاطر في كتابه؛ الأساليب التي يستخدمها الطب النفسي والذي يمكن أن يستفيد منها الداعية:
الطبيب النفسي يستطيع كسب ثقة مريضه في اللقاء الأول ويستطيع الداعية فعل ذلك..
أولاً: دعه يتحدث عن نفسه، فهي خطوة أولى لكسب ثقته دون أن تقاطعه أو تبدي استغراباً لما يقوله.
ثانياً: الاهتمام بطريقة الاستماع للمتحدث كطريقة الجلسة أو اختيار المكان والوقت المناسب.
ثالثاً: إشعاره بأهمية حديثه، وأنك متابع ما يقول كأن تردد ملخص ما قاله، واسأله باستمرار لتشعره باهتمامك.
رابعاً: تعلم فن الأسئلة كالسؤال المفتوح؛ وهو السؤال الذي يكون له عدة إجابات ولا يكون له جواب واحد بـ(نعم) أو (لا) فهذا الجواب يجعل الحديث قاصراً أو مختصراً، وهو حديث المحققين، كما يجب أن تكون أسئلتك صريحة اللفظ.
خامساً: التعليق على مشاعره، يجعله يتحدث أكثر كأن تقول له يبدو أنك متضايق اليوم مما يجعله يفضي بأسباب انزعاجه مثلاً.
سادساً: الهمهمات وتعبيرات الوجه.
سابعاً: الاهتمام بحاجات الناس والحرص على خدمة الآخرين متمثلاً قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "إن أسعى بحاجة أخي خير من أن أعتكف شهراً" فالسعي لخدمة الآخرين يؤدي دوراً عظيماً في عملية الدعوة؛ لأنك بهذا تستأثر بقلوبهم.
كيف تؤثر في الناس؟
يبين "الخاطر" أن أعظم ما يكون التأثير في الآخرين بالقدوة الحسنة وليس بالكلمات والمواعظ وحدها ولا بد أن تستفيد من أسلوب علم النفس في التعامل مع الآخرين في طريق الدعوة، فالأسلوب مهم جداً لجعل الناس يتقبلون كلامنا، مما يجعل أمر الحوار معهم ممكناً وسهلاً.
ومن أساليب التأثير في الناس:
1- أن تذكر إيجابياتهم قبل السلبيات.
2- مخاطبة الناس على قدر عقولهم.
3- تقويم طريقة التفكير الخاطئة.
4- تهيئة الجو المناسب للشخص المقصود بسماع الموعظة، ولم تكن عادة الرسول - صلى الله عليه وسلم - الدخول في الموعظة مباشرة، بل كان يمهد لها بغيرها، وأحياناً يبدأ بالسؤال عن معلومة ما.
واستخدم الرسول - صلى الله عليه وسلم - في تنويع أسلوب الحوار وتهيئة المستمع وإثارة شغفه وذهنه وتشويقه كقوله: "ألا أدلكم على كنز من كنوز الجنة".
فلو تتبعنا حديثه - صلى الله عليه وسلم - لرأينا كيف أنه سابق الزمن وفاق كثيراً مما يتشدق به خبراء التربية الأجانب الآن في الأساليب التربوية الحديثة.
يوضح الدكتور "الخاطر" أن طبيعة الناس تتفاوت؛ فكل إنسان له ميوله واتجاهاته وعلاماته البارزة التي تميزه عن غيره، ويمكن التعرف وتحديد شخصية الإنسان من خلال التعايش معه كمرافقته في السفر لمسافات كبيرة أو الاعتكاف معه أو المعايشة عن قرب وخصوصاً في التجارة والتعامل بالمال.(13/12)
وهنا يجب أن تكون الموعظة حسب شخصية من تريد إقناعه، فمن أساليب الرسول - صلى الله عليه وسلم - في تحديد الشخصية عندما جاءه أحد الصحابة يقول: أوصني يا رسول الله! قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تغضب". قال: أوصني، قال: "لا تغضب"، قال: أوصني، قال: "لا تغضب"؛ حتى يعرف أن هذه صفة بارزة عنده. ويأتي آخر ليقول: يا رسول الله! أوصني، فأوصاه بذكر الله.
ويوضح "الخاطر" أن الوصية تغيرت بين سائل وآخر؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أراد أن يبين لنا أن الموعظة ليست مجرد كلام وإنما هي وضع النقاط على الحروف أو القول المناسب في المكان المناسب.
ويشير "الخاطر" إلى أن تشجيع السلوك الطيب من الأمور المهمة في مجال الدعوة، وأن له تأثيراً كبيراً في النفس، وتحفيز للإنسان لكي يستزيد من الأعمال الصالحة والسلوك المرغوب فيه.
هل يصلح أسلوب العلاج الجماعي للدعوة؟
يبين الدكتور الخاطر أن الطب النفسي يستخدم أحياناً أسلوب العلاج الجماعي؛ وذلك بأن عدداً معيناً من الناس، يشعر الطبيب بأن هنا تجانساً في حالتهم ويشير إلى أن هذا الأمر وارد في موضوع الدعوة؛ إذ يصبح هذا الالتفاف، وهذا التعايش أمراً عظيماً ومؤثراً في تغيير السلوك؛ إذ يشعر كل فرد في المجموعة أنه أمام قضية مهمة؛ لأنها تخص عدداً كبيراً من الناس؛ إلى جانب المحاكاة؛ حيث يحاول كل منهم ألا يكون شاذاً عن الجماعة، ففي هذا الالتفاف تشجيع لهم.
ويختم الدكتور عبد الله الخاطر كتابه بالإشارة إلى تربية السلوك وتهذيبه عند وقوع الحدث؛ وهذا أمر جدير بالملاحظة والاهتمام، إذ لا بد من ربط أحداث الحياة كافة لتكوين شعور عام، أو تغيير سلوك إلى الأفضل؛ فعندما يقع حدث ما يصاحبه شعور بالتقصير يستقر ذلك في الذاكرة، ويرتبط بأحداث أخرى فتكون مجتمعة سبباً في تغيير السلوك.
30/12/1426هـ
http://www.almoslim.net المصدر:
============
التوسط في مسالك الدعوة والإصلاح
الشيخ: إسماعيل بن سعد بن عتيق
إن مما يدور على الألسن، ويتكرر على الأسماع قضية التجديد والإصلاح؛ فمن قائل بشموليته من القاعدة إلى الذروة، ومن قائل بتخصص جانب من جوانب الإصلاح، ومن مقتصر فلا هذا ولا ذلك وهذا قد أنسانا نفسه إذ نسي.
أما الأولون فقد راموا الكمال فعجزوا، فكانت وصمة الإحباط إذ عجزوا عن المنال، وتقاصروا دون الكمال.
وأما الآخرون فقد كرسوا جهدهم بما يمتلكون.
وآزروا الدعوة بما يستطيعون، مستنيرين بقوله - تعالى -: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) وقوله - تعالى -: (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إلاَّ وسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا...).
بقي أن نتسائل عن المنطلقات والقواعد وأسس العمل الإسلامي فمتى اتفقت الجهات وتنوعت الأساليب لتحقيق الغاية وهي العبودية لله - عز وجل - فهذا منطلق التوحيد وقاعدة الإسلام.
أما إذا حصل اختلاف في المنطلقات والقواعد والأسس فمن هنا يكون التشاجر والنزاع والخلاف كما حصل بين الأنبياء وأممهم، فإن قاعدة الأنبياء ومنطلقاتهم هي إفراد الله بأنواع العبادة مما دل عليه صريح القرآن والسنة لقوله - تعالى -: (قُلْ إنَّ صَلاتِي ونُسُكِي ومَحْيَايَ ومَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وبِذَلِكَ أُمِرْتُ وأَنَا أَوَّلُ المُسْلِمِينَ).
وبحكم تقارب المسافات وتلاحم الشعوب على مصالحها المادية والاجتماعية فقد تقاربت الأفكار أو كادت، مما جعل ظاهرة الحوار والجدل والمناقشات في أمور الدعوة أمراً يتطلبه توحيد الاتجاه والعبودية لله رب العالمين، ولا يزال هذا الحوار في طور التكوين وذلك بوسائل الإعلام من نشرات ومجلات وكتب واتصالات وبعقد المؤتمرات والندوات واللقاءات الرسمية والشعبية، وهذا يبشر بخير متى صفت النية وحسن القصد.
وإن الفأل المعقود بوجود فئة مؤمنة تناست الألقاب والرتب المركزية متمثلة بقوله - تعالى -: (قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إلاَّ المَوَدَّةَ فِي القُرْبَى) ولكن هل هذه الفئة محل ثقة وأمانة وصدق وإخلاص لدى الكثير من الناس مما يجعل تولهم محل عناية وقبول.
هذا ما يجب أن يكون.
وقد يستوضح سائل عن إجمال ما ذكرته من مخالف لقاعدة الإسلام ومنطلقه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فنقول: قد ذهب فئة من الناس إلى أن إصلاح القمة هو سبيل تحقيق الغاية والعبودية لله - عز وجل -، فكانت صناعتهم السياسية وإرادة الحكم من غير تحقيق لمعنى العبودية لله - عز وجل -.
ومن قائل بأن الإسلام يقوم على القواعد الشعبية ولا بد من إصلاح الفرد في سلوكياته وأخلاقه ومعاملاته فكان الجهد بدل الجهاد وكان التنسك الفردي هو غاية ما يستطيعونه وكلا الفئتين على طرفين يتوسطهما منهج السلف الصالح في تحقيق العبودية لله بإصلاح المعتقد ونبذ كل خرافة وبدعة، بجانب التنسك والعبادة ومحاولة إقامة حكم الله وتنفيذ شرعه بالطرق المشروعة، وبهذا تكون شمولية الإسلام وتحقيق قاعدة: لا إله إلا الله محمد رسول الله.
http://www.albayan-magazine.com المصدر:
=============
إخواناً وإن لم نتفق
محمد حسن
التعصب المذموم آفة خطيرة تعكّر حياتنا الدعوية، وتفسد العلاقات، وتهدد بالقضاء على آمال الوحدة الإسلامية، فالمتأمل في أحوال الساحة الدعوية يرى كثيراً من مظاهر التمزق والتآكل بين معظم الاتجاهات والتيارات والجماعات، والتي ترجع إلى أسباب متعددة من أخطرها: التعصب المذموم.(13/13)
ولا تقتصر نتائج التعصب المذموم على حدوث الفرقة والنزاع فحسب بل تتعدى إلى ما هو أخطر، وهو فقدان الهداية بالكتاب والسنة، حيث يحجب الهوى والتعصب المذموم نور الحقيقة عن عقول المتعصبين، ويقتل فيهم روح التواضع والتسامح والذلة على المؤمنين، فتتباغض قلوبهم، وتتحول النقاشات والمحاورات إلى معارك تفوح منها رائحة الهوى والكبر والانتصار للنفس.
والأشد خطراً في التعصب المذموم أن تتحول به الأقوال الفقهية والآراء الاجتهادية من ساحة الفقه إلى ساحة الاقتتال وسفك الدماء، فكم أُهدرت حقوق، واشتعلت فتن، وسُفكت دماء للمسلمين، بسبب التعصب المذموم!
التعصب المذموم آفة خطيرة تعكّر حياتنا الدعوية، وتفسد العلاقات، وتهدد بالقضاء على آمال الوحدة الإسلامية
لكن كيف نتغلب على التعصب المذموم لنكون أكثر تقويماً لأنفسنا لتلتزم آداب الاختلاف الفقهي، وأكثر عدالة مع المسلمين لنحترم حقوق أخوّتهم الدينية، فنكف عنهم ولا نعتدي عليهم؟
الخطوة الأهم والأكبر هي معرفة أسباب هذه الصفة المذمومة، وكيف تنمو داخلنا لتكون في النهاية مسيطرة على العقل، فتمنعه من رؤية الحق، أو تدفعه إلى الظلم.
فالجهل من أسباب التعصب المذموم، كالجهل بأقوال العلماء المختلفة في المسألة، أو بمقاصد الشريعة، أو بالأعذار والرخص الشرعية وأحكام الضرورات، أو بمراتب المنكرات والمخالفات، أو الجهل بتقدير المصالح والمفاسد، ولا يقف خطر الجهل عند هذا الحد، فالجهل بالواقع وأحوال الناس وأعرافهم قد يؤدي إلى الخطأ في تقدير الأحكام واتخاذ القرارات..كل هذا قد يفتح على صاحبه باب التعصب المذموم، لظنه أنه يتمسك بالحق، وهو لا يعرف أنه تمسك ببعض الحق وجهل كثيراً من جوانبه.
ولذا فمن الخير أن يتروّى الإنسان ويتأنى ويتثبت قبل أن يتصرف بناء على مفهومات غير موثقة لديه أو معلومات ناقصة أو أقوال قد يتبين له فيما بعد أن هناك ما هو أرجح منها أو يساويها قوة، أو أن تطبيقها يرتبط بقاعدة المصالح والمفاسد، وليدع أمام نفسه مساحة لاحتمال صحة الاجتهادات والأقوال الأخرى حتى يهديه الله تعالى إلى الحق، وهذا خير من تبني رأي واحد والتعصب له بصورة قبيحة مذمومة، تتجاوز حدود الشرع، ليكتشف في النهاية أنه تعصب لرأي خطأ، ارتكب من أجله أخطاء في معاملة المسلمين قد تصل إلى حد فتنتهم وإيقاع الفرقة بينهم، أو ظلمهم وسفك دمائهم، لا سيما وأن خروج المرء من تعصب مذموم وقع فيه ليس يسيراً على النفس، لأن الاعتراف بالجهل والرجوع عن الخطأ لا يقدر عليه إلا ذوو المروءة والشجاعة والصدق.
وحتى لا يقع أحدنا فريسة للتعصب المذموم فيما لا يعلمه أو لا يتقنه فليأخذ من الدواء الذي وصفه الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وهو سؤال أهل العلم أو ذوي التخصص أو أصحاب الخبرة، قال - عليه الصلاة والسلام -: "إنما شفاء العي السؤال"(1)، قال ابن الأثير: "العيّ: الجهل"(2).
والهوى له دور كبير في تكوين صفة التعصب المذموم، فقد يعلم بعض المتعصبين تعصباً مذموماً في نفسه أنه على باطل وأن الآخرين على حق، لكنه يصر على رأيه الخطأ لأنه يتوافق مع ميوله، ولا يلقي بالاً للنصح أو الوعظ.
والتأثر بالأشخاص والإعجاب بهم سبب آخر من أسباب التعصب الذميم، لا سيما مع الجهل، حيث ينزوي العقل جانباً ليفسح المجال للعاطفة العمياء، ويتبنى الشخص المتعصب أقوال مَن يُعجب بهم مهما تبين له الحق في غيرها.
وإلف العادة مدعاة للتعصب المذموم، ويوجد هذا السبب في بعض العامة، وخصوصاً أصحاب البدع، أكثر من طلاب العلم والمثقفين وغيرهم، حيث يقعون في التعصب المذموم لانحرافات عقدية أو بدع عملية، يصرّون عليها ويتمسكون بها لمجرد أنهم اعتادوها ونشؤوا عليها ووجدوا آباءهم وأجدادهم يعملونها.
وإذا كان الإنسان في حال تعصبه المذموم تخفى عليه نفسه أحياناً، فإن هناك أمارات تكشف له حاله، وعلامات يعرف بها إن كان تعصبه مذموماً أو محموداً:
أول علامات التعصب المذموم ضيق صدره بآراء الآخرين، والإعراض عن سماعها، والنظر فيها، ولو كان تعصبه لحق يعلمه ويثق به لما ضاق بالآخرين، وتأفف من سماع آرائهم، لأن صاحب الحق لا يخشى من الجدال والحوار، بخلاف المتعصب للباطل.
ومن علامات التعصب المذموم أن يسعى صاحبه للتشهير بالمخالفين له ولآرائه دون سبب مشروع، أو حجة واضحة، لذا يسعى للبحث عن سقطة هنا أو هناك لمخالفيه، فيذيعها بين الناس ويضخمها، في الوقت الذي ينسى فيه أو يتناسى فضلهم وخيرهم، ومما يدل على ذلك أنه يبحث عن أخطاء مخالفيه في غير موضوع الخلاف بينه وبينهم، فتجده يتهمهم في أنسابهم، أو سيرتهم، أو أعراضهم ويترك موضوع الخلاف أو النقاش.
ومن علامات التعصب المذموم الاستهانة بحقوق الأخوّة الإسلامية، تلك الأخوّة التي يشمل سياجها جميع المسلمين على ما فيهم من نقص أو خطأ أو تقصير، فالخطأ أو التقصير لا يُخرج المسلم من نطاق أخوّة الإسلام، ولا يسقط حقوقه الشرعية إلا في نطاق حدود الشرع من إنكار أو تعزير أو حد أو عقوبة شرعية، فيأتي هذا المتعصب فيهدم بتعصبه المذموم بناء الأخوّة الإسلامية، حتى تراه يعتدي على المسلمين بالقول أو الفعل، ويتكلم بظلم في إخوانه المسلمين بما قد يتحاشى لسانه أن يقوله في الكفار من اليهود والنصارى وغيرهم!(13/14)
وتجاوز الحدود الشرعية في التعصب للحق قد يحوِّله إلى تعصب مذموم، فمع أن النقد الموضوعي والتنبيه على الأخطاء والتحذير من المخالفات أمر مطلوب ومهم، فإن هناك من يتعدى أدب النقد والنصح، مع أنه قد يكون محقاً، حيث بتجاوز حدود الشرع في تعصبه للحق، في أسلوب التبليغ أو النصح، أو في التطبيق، أو في الإنكار على المخالفين، حتى يفسد أكثر مما يصلح، كمن يدعو الناس إلى سنّة ثابتة غير واجبة، لكنّه يجعلها أساساً يصنّف الناس عليها، ويفرّق في المعاملة بينهم بسببها، أو كمن يدعو إلى اتباع منهجه في الدعوة لكنه يتعصب له إلى درجة تسفيه المناهج الدعوية الأخرى حتى إن كانت صحيحة وسليمة من البدع أو المخالفات.
الصادقون المخلصون لا تراهم إلا باحثين عن الحق، مجتهدين في الوصول إليه، بان الحق عن طريقهم أو عن طريق غيرهم، كان معهم أو مع غيرهم، لأنهم يتخذون ذلك عبادة، وليس لهم في ذلك مآرب أخرى، ولذا تجد تعصبهم للحق تعصباً محموداً منضبطاً بأحكام الشريعة وآدابها، محافظاً على أواصر الأخوّة وحقوقها، وخذ مثلاً لهؤلاء الإمام أحمد - رحمه الله تعالى - حين مدح إسحاق بن راهويه، مع أنه كان يختلف معه في عدد من المسائل، فقال: "لم يعبر هذا الجسر إلى خراسان مثل إسحاق، وإن كان يخالفنا في أشياء، فإن الناس لم يزل يخالف بعضهم بعضاً".
الشافعي: "ما كلّمتُ أحداً إلا أحببتُ أن يُوفق ويُسدد ويُعان، وما كلمتُ أحداً قط إلا ولم أبال بيّن الله الحق على لساني أو لسانه"
وكان الشافعي - رحمه الله تعالى - يقول: "ما كلّمتُ أحداً إلا أحببتُ أن يُوفق ويُسدد ويُعان، وما كلمتُ أحداً قط إلا ولم أبال بيّن الله الحق على لساني أو لسانه"، وانظر إلى حرصه على بقاء روابط الأخوة بينه وبين من يخالفه، حيث قال يونس الصدفي - رحمه الله - يمتدح الشافعي: "ما رأيت أعقل من الشافعي، ناظرته يوماً في مسألة ثم افترقنا، ولقيني فأخذ بيدي، ثم قال: يا أبا موسى، ألا يستقيم أن نكون إخواناً وإن لم نتفق! ".
------
(1) سنن أبي داود، كتاب الطهارة، رقم 336، وهو جزء من حديث جابر قال: خرجنا في سفر فأصاب رجلا منا حجر فشده في رأسه ثم احتلم، فسأل أصحابه فقال: هل تجدون لي رخصة في التيمم؟ فقالوا: ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء، فاغتسل فمات، فلما قدمنا على النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبر بذلك فقال: " قتلوه قتلهم الله، ألا سألوا إذ لم يعلموا، فإنما شفاء العي السؤال، إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعصر" أو " يعصب" - شك موسى- " على جرحه خرقة، ثم يمسح عليها ويغسل سائر جسده". قال الألباني: (حسن دون قوله: إنما كان يكفيه).
(2) النهاية في غريب الحديث والأثر، للإمام ابن الأثير.
14/10/1426
http://www.almoslim.net المصدر:
=============
المقومات الشخصية للداعية ( 1- 2 )
جماز الجماز
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإن الداعية أمام جمهور الناس، لا بدّ له وأن يكون على هيئة حسنة في كلامه وتصرفاته، حتى يكون داعية ناجحاً، ولما كان كذلك فإنه واجب - ولا محالة بيان ذلك للناس.
فهو وقت قد تكالبت فيه قوى الشر جميعها بشتى ألوانها وأشكالها على الحركة الإسلامية، يتنافسون فيما بينهم للقضاء عليها. إن الواجب علينا أن نبين الصفات الأصيلة للدعاة من كتاب الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسير علماء السلف -رضوان الله عليهم-.
وسوف نتناول بعض الصفات المهمة والخطوط الرئيسة فقط؛ لأن صفات الداعية هي الإسلام كله.
ذكر بعض الآيات الواردة في ذلك والتعليق عليها:
قال -تعالى-: "فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ" (آل عمران: من الآية159)، قال سيد قطب: فالناس في حاجة إلى كنف رحيم، وإلى رعاية فائقة، وإلى بشاشة سمحة، وإلى ود يسعهم، وحلم لا يضيق بجهلهم وضعفهم ونقصهم، في حاجة إلى قلب كبير يعطيهم، ولا يحتاج منهم إلى عطاء، ويحمل همومهم، ولا يعنيهم بهمّه، ويجدون عنده دائماً الاهتمام والرعاية والعطف والسماحة والمودة والرضاء. ا. هـ. [الظلال 1/494].
وقال -تعالى-: "خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ" (الأعراف: 199)، قال سيد قطب: خذ العفو الميسّر الممكن من أخلاق الناس في المعاشرة والصحبة، ولا تطلب إليهم الكمال، ولا تكلّفهم الشاق من الأخلاق، واعف عن أخطائهم وضعفهم ونقصهم، وبذلك تمضي الحياة سهلة لينة.
فالإغضاء عن الضعف البشري، والعطف عليه، والسماحة معه، واجب الكبار الأقوياء تجاه الصغار والضعفاء. ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - راعٍ وهادٍ ومعلم ومربٍّ، فهو أولى الناس بالسماحة واليسر والإغضاء، وكل أصحاب الدعوة مأمورون بما أمر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فالتعامل مع النفوس البشرية لهدايتها يقتضي سعة صدر، وسماحة طبع، ويسراً وتيسيراً في غير تهاون ولا تفريط في دين الله، وأمر بالعرف: هو الخير المعروف الواضح السليم الذي تقبله الفطر السليمة والنفوس المستقيمة، والنفس حين تعتاد هذا المعروف، فإنها تكون بعد ذلك مطواعاً لألوان من الخير دون تكليف، فرياضة النفوس أولاً تقتضي أخذها بالميسور المعروف شيئاً فشيئاً إلى حد التمام.
وأعرض عن الجاهلين: من الجهالة ضد الرشد، والجهالة ضد العلم، وهما قريب من قريب.(13/15)
والإعراض يكون بالترك والإهمال، وعدم الدخول معهم في جدال لا ينتهي إلى شيء إلا الشد والجذب، وإضاعة الوقت والجهد، بل إن الإعراض والسكوت عنهم كما هو صريح الآية قد يؤدي إلى تذليل نفوسهم وترويضها، بدلاً من الفحش في الرد، واللجاج في العناد، فإن لم يؤدِّ إلى هذا فإنه يعزلهم عن الآخرين الذين في قلوبهم خير، وما أجدر صاحب الدعوة أن يتبع هذا التوجيه الرباني العليم بدخائل النفوس.
ولكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشر، وقد يثور غضبه على جهالة الجهال، وسفاهة السفهاء، وحمق الحمقى ولنعلم جميعاً أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قدر عليها، فقد يعجز عنها من وراءه من أصحاب الدعوة، وعند الغضب ينزغ الشيطان في النفس، وهي ثائرة هائجة مفقودة الزمام؛ لذا يأمره ربه أن يستعيذ بالله. ا. هـ. [الظلال 3/1419].
وقال -تعالى-: "ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ" (النحل: من الآية125)، لنعلم أن الدعوة، دعوة إلى سبيل الله، لا لشخص الداعي ولا لقومه، فليس له إلا تأدية واجب لله، لا فضل له يتحدث به، لا على الدعوة ولا على من يهتدون به، وأجره بعد ذلك على الله.
الدعوة بالحكمة:
إن النظر في أحوال المخاطبين وظروفهم وفي القدر الذي بينه لهم في كل مرة حتى لا يُثقل عليهم وفي الطريقة التي يخاطبهم بها والتنويع في هذه الطريقة تكون حسب مقتضياتها، فلا تستبد به الحماسة والاندفاع والغيرة فيتجاوز الحكمة في هذا كله وفي سواه.
الموعظة الحسنة:
بعدم فضح الأخطاء التي قد تقع عن جهل أو حسن نية، والإتيان بخير من الزجر والتأنيب والتوبيخ، فإن الرفق في الموعظة كثيراً ما يهدي القلوب الشاردة، ويؤلف القلوب النافرة.
الجدل بالتي هي أحسن:
أن يكون بلا تحامل ولا ترذيل له ولا تقبيح، وفائدته:
أ اطمئنان المدعو وشعوره بأن هدف الداعي هو الوصول إلى الحق، ليس الغلبة وهزيمة الآخرين.
ب أنه يطامن من الكبرياء الحساسة والعناد والجدل وشعوره بأن ذاته مصونة، وقيمته كريمة، ولما كانت النفس البشرية تعد تنازلها عن الرأي تنازلاً عن هيبتها واحترامها وكيانها؛ حفظ الله لها ذلك فأمر جدالها بالحسنى.
إنه خوف من اندفاع الداعية بحماسه، أرشدنا إلى الفصل في مسألة مهمة، وهي:
الداعية إذا لم يجد تجاوباً من المدعو، كيف يكون العمل؟
الله هو الأعلم بمن ضل عن سبيله وهو الأعلم بالمهتدين، فلا ضرورة للحاجة في الجدل، إنما هو البيان والبلاغ والأمر بعد ذلك كله لله. [الظلال بتصرف 4/2201-2202].
والله - جل جلاله - قد أبان ذلك في كتابه، فقال: "...وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ" (المائدة: من الآية41)، وقال: "أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ" (فاطر: 8)، وقال: "اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ" (المائدة: 98، 99).
ذكر بعض الأحاديث الواردة في ذلك والتعليق عليها:
أخلاق الداعية:
عن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ثلاث مهلكات وثلاث منجيات:
ثلاث مهلكات: شح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المر بنفسه.
وثلاث منجيات: خشية الله في السر والعلانية، والقصد في الفقر والغنى، والعدل في الغضب والرضا" حديث حسن، أخرجه البزار والبيهقي والطبراني وغيرهم. [الترغيب 1/286، 3/381]، [الصحيحة 4/412] (1802).
إن الأخلاق المشار إليها هي النبائل كلها، والفضائل جمعاء، هي البعد عن كل سوء، والقرب من كل خير.
ومن الأخلاق السيئة التي ينبغي تجنبها: إعجاب المرء بنفسه! ويزيد ذلك سوءاً إذا وافقه جهل من البعض، فيتّبعون هذا المُعجَب بنفسه -عياذاً بالله-، علماً أنّ مثل الاتباع وحده عند كثير من العلماء الربانيين، مكروه مُستقبَح، فلقد رأى عاصم بن ضمرة قوماً يتبعون رجلاً، فقال: "إنها فتنة للمتبوع؟ مَذلّة للتابع" [أخرجه أحمد في العلل 2/16].
فكيف بمُعجَب بنفسه، يطعن بغيره، ليكثِّر أتباعه! فمثل هذا يجمع سوءاً على سوء على سوء!!
فأخلاق الداعية الفاضلة تدفعه دفعاً حثيثاً لأن يحافظ على:
سياج الدعوة:
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يَفْرُك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقاً رضي منها آخر" [حديث صحيح، أخرجه مسلم 1469].(13/16)
إن هذا الأدب الذي أرشد إليه - صلى الله عليه وسلم - ينبغي سلوكه واستعماله مع جميع المعاشَرين والمعامَلين فإن نفعه الديني والدنيوي كثير، وصاحبه قد سعى في راحة قلبه، والكمال في الناس متعذّر، وحسب الفاضل أن تُعد معايبُه. إن من لم يسترشد بهذا الذي ذكره النبي - صلى الله عليه وسلم - بل عكس القضية، فلحظ المساوئ، وعمي عن المحاسن، فلا بد أن يقلق ويتكدّر ما بينه وبين من يتصل به من المحبة، ويتقطّع كثير من الحقوق التي على كلٍّ منهما المحافظة عليها ثم لا ننسى أن هذا الحديث أصل في معاملة الزوجة وكل من بينك وبينه عَلَقة واتصال وأنه لا بد من الإغضاء عن المساوئ وملاحظة المحاسن وبهذا تدوم الصحبة والاتصال وتتم الراحة. إن معرفة الداعية لسياج الدعوة يجعله بالمحل الأعلى من: [الوسائل المفيدة للسعدي ص25].
تقدير الأمور:
عن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا عائشة! لولا أن قومك حديثو عهد بجاهلية، لأمرتُ بالبيت فهُدِم، فأدخلتُ فيه ما أخرج منه، وألزمته بالأرض، وجعلت له بابين: باباً شرقياً، وباباً غربياً، فبلغتُ به أساس إبراهيم" [أخرجه البخاري 3/439 (1586)، ومسلم 9/91].
فبتقدير الأمور يوضع كل شيء في نصابه، وتتجلى حكمة الداعية في أعلى صورها، فلا يُضخِّم صغيراً، ولا يصغِّر عظيماً، ويتأمل السياسة الشرعية في سائر أفعاله.
فنحن لا نسكت عن الحق وتبليغ السنة، وفي الوقت نفسه، نبلِّغها بكل حكمة وبكل أسلوب حسن، فإذا رأينا أن هناك أشياء عكسية حصلت أو ستحصل، اكتفينا بالذكرى "فإن الذكرى تنفع المؤمنين".
وهذا هو أسلوب النبي - صلى الله عليه وسلم - في:
طريقة التربية.
عن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا عائشة! إن الله رفيق يحب الرفق، ويُعطي على الرفق ما لا يُعطي على العنف، وما لا يعطي على ما سواه" [أخرجه مسلم 16/146].
فالمنهج إذاً: الدعوة برفق ويسر ولين، والبُعد عن العنف والشدة والقسوة، فبهذا يستجيب لنا الناس والمدعوّون في الدنيا، ونحظى برضا الله وعفوه في الآخرة.
ومن الأمور الكلية التي ينبغي معرفتها:
الفرق بين النظرية والتطبيق:
عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "رأيت ليلة أُسري بي رجالاً تُقرض شفاههم بمقاريض من نار، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ فقال: الخطباء من أمتك، يأمرون الناس بالبرّ وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب أفلا يعقلون؟ " [حديث حسن أخرجه ابن حبان وأبو يعلى وأحمد وغيرهم وصحّحه الألباني (الصحيحة 1/524 برقم 291)].
وهذه قضية من أهم ما يواجهها الدعاة إلى الله - سبحانه -، فترى الداعية أو الخطيب يتحدّث عن الزهد وهو عنه بمعزل، أو يتكلم عن الغيبة وهو لها صاحب ورفيق، أو يذكّر بالآخرة وهو آخر من يُفكّر فيها أو يُعدّ لها!! إنهم خطباء قوالون، ومن كان كذلك فالخوف عليه كبير، والبُعد عنه مغنم وفير، إلا لنصح أو تذكير! [الأربعون حديثاً في الدعوة والدعاة، لعلي حسن علي عبد الحميد، 50-61].
عوامل في تكوين شخصية الداعية:
1 أن يتصوّر الشاب الأخطار المحدقة التي تكتنف بلاد الإسلام:
إن من الأمور التي يجب أن تدركوها أيها الشباب أن المخططات التي تُتخَذ في أوكار الصهيونية والماسونية والصليبية والشيوعية والاستعمار أكثر من أن تُحصى، وكلها تستهدف إفساد المجتمعات الإسلامية عن طريق الخمر والجنس وإطلاق عنان الغرائز والشهوات، إن المرأة عند هؤلاء هي أول الأهداف في هذا الميدان الماكر، فهي العنصر الضعيف العاطفي التي تنساق وراء الدعاية والفتنة والإغراء بلا رويّة ولا تفكر.
ومما قاله القس زويمر في مؤتمر المبشرين الذي عُقِد منذ أكثر من 60 سنة في جبل الزيتون في القدس: (إنكم أعددتم نشئاً في ديار المسلمين لا يعرف الصلة بالله، ولا يريد أن يعرفها، وأخرجتم المسلم من الإسلام ولم تدخلوه في المسيحية، وبالتالي جاء النشء الإسلامي طبقاً ما أراد له الاستعمار، لا يهتم بالعظائم، ويحب الراحة والكسل، ولا يصرف همه في دنياه إلا في الشهوات، فإذا تعلّم فللشهوات، وإذا جمع المال فللشهوات، وإن تبوأ أسمى المراكز ففي سبيل الشهوات... ).
وجاء في بروتوكولات أشقياء صهيون ما يلي (يجب أن نعمل لتنهار الأخلاق في كل مكان، فتسهل سيطرتنا، إن فرويد منا، وسيظل يعرض العلاقات الجنسية في ضوء الشمس لكي لا يبقى في نظر الشباب شيء مقدّس، ويصبح همّه الأكبر هو إرواء غريزته الجنسية، وعندئذ تنهار أخلاقه).
بل وصل الأمر باليهود أيها الشباب أن رسموا لإفساد الإنسانية منهجاً أخذوا في تنفيذه عن طريق وسائل الإعلام ودور النشر وغيرها، واستطاعوا بمكرهم وخبثهم أن يفسدوا الشعوب عن طريق الثقافات العامة والفنون والملاهي ودور الدعارة وأشباهها، كما أنهم استطاعوا بدهائهم وتلاعبهم أن يستولوا على كراسي علم النفس وعلم الاجتماع في كثير من جامعات أمريكا وأوروبا وذلك بغرض إفساد عقائد الناس وأخلاقهم؛ فاستولوا على ما يقرب من 90% من هذه الكراسي، لتتم لهم القيادة الفكرية والفلسفية في العالم كله، ويجب ألا يغيب عن البال أنّ من أعظم هذه المخططات التي تسيّرها الماسونية واليهودية والاستعمار في بلاد الإسلام في العصر الحديث إقامة دولة إسرائيل في قلب البلاد العربية التي هي مهد الإسلام وقلبه النابض.
إن أحلام اليهود وآمالهم ومؤامرتهم الكبرى تمتد من الفرات إلى النيل بل الاستيلاء على المدينة المنورة والمسجد الحرام كما صرّح بذلك موشى ديان.(13/17)
أيها الشباب: أقولها كلمة صريحة مدوية: لا استقرار في بلاد الإسلام، وإسرائيل موجودة قائمة... لا سلام ولا أمن في البلاد العربية، وإسرائيل تفرض وجودها، وتنفّذ يوماً بعد يوم مخططها!!
إنها السرطان الذي ينمو شيئاً فشيئاً في جسم الأمة الإسلامية.. إنها الأفعى التي تنفث سمومها في أجواء العالم الإسلامي، ولا يمكن للسرطان أن يبرأ إلا بالاستئصال، ولا يمكن للأفعى أن يُمنَع أذاها إلا باقتلاع شوكة السُّم المتأصلة فيها، إنه لا بد للشباب من معرفة الغزو من الداخل عن طريق العملاء، وعبيد الفكر الغربي، والأحزاب الموالية من ليبرالية، ويسارية.. وعن طريق الفِرَق المنشقة على الإسلام كالبهائية والقاديانية، والنصيرية، والإسماعيلية، والدرزية، وغيرها من الفرق الباطنية الكافرة.
إن الشباب حين يعلمون أبعاد هذه المؤامرات؛ ويدركون وسائل هذه المخططات... يكون اندفاعهم للإصلاح أقوى، ويكون تحركهم للدعوة إلى الله أعظم.
2 أن يتفاءل الشاب بالنصر؛ ويقطع من إحساسه دابر اليأس والقنوط:
أيها الشباب: صحيح أن الدول الغربية عامة، وأمريكا خاصة هي التي صنعت إسرائيل.
وصحيح أن الاستعمار له وسائله وأساليبه في إخراج المسلم من الإسلام، وإدخاله في تيار اللادينية والإباحية.
وصحيح أن الشيوعية العالمية لها مخططها الأكبر في تلحيد الجيل المسلم وإفساد خلقه وعيدته.
وصحيح أن اليهودية العالمية لها مخططاتها وأساليبها في القضاء على الأديان غير اليهودية، والسيطرة على العالم العربي والإسلامي، وصحيح أن الدول الكبيرة في العالم سواء أكانت شرقية أو غربية تعمل جاهدة لتقوية إسرائيل، وتحرص على وجودها لغايات سياسية، وأهداف اقتصادية، ومصالح ذاتية، صحيح أن التآمر على الإسلام وأهله بلغ هذا الحد الكبير والمدى الواسع...
ولكن ينبغي على المسلمين ولا سيما الشباب ألا يتملكهم القنوط في بناء العزة، وأن لا يستحوذ عليهم اليأس في تحقيق النصر، وذلك:
أ لأن القرآن الكريم حرّم اليأس، وندّد باليائسين، قال -تعالى-: "وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ" (يوسف: من الآية87) فجعله قريناً للكفر، وقال: "قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ" (الحجر: 56) فجعله قريناً للضلال، إن اليأس قاتل للرجال، وهازم للأبطال، ومدمر للشعوب.
إن اليأس لا يجوز في دين الله، قال أحمد شوقي:
فعلم ما استطعت لعل جيلاً *** سيأتي يحدث العجب العجابَ
ولا ترهق شباب الحي يأساً *** فإن اليأس يخترم الشبابَ
أيها الشباب: احذروا من وجهات النظر اليائسة التي تقول "انتهى كل شيء وعجزنا"، "الزم حلس بيتك فليس في الجهاد فائدة"، "نحن اليوم في آخر الزمان".
إن هذه الطائفة اليائسة عندما تتبنى هذه الوجهة من اليأس والقنوط، إنما تُدلِّل على هلاكها لا على هلاك المسلمين. قال - صلى الله عليه وسلم -: "من قال هلك المسلمون فهو أهلكهم" [حديث صحيح، أخرجه مسلم 16/175]. والعجيب أن تجد من يتصدى للدعوة والإرشاد من ينادي بالعزلة الكاملة، والتزام أحلاس البيوت؛ اعتقاداً منهم أن لا سبيل إلى إصلاح هذه الأمة، وأن لا أمل إلى استعادة مجدها، واسترجاع عزتها وكيانها... وآن الأوان في نظرهم أن يخرج المسلم ببضع غنيمات يتّبع بها شعف الجبال... يفر بدينه من الفتن حتى يدركه الموت!!
صحيح أيها الشباب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "يوشك أن يكون خير مال الرجل غنم يتتبع بها شعف الجبال، ومواقع القطر، يفر بدينه من الفتن" [حديث صحيح أخرجه البخاري 1/69] وغيره.
ولكن الحديث محمول على من يُفتَن في دينه، ويُجبَر على الردّة!!
أما ما دام أنه توجد جماعات إسلامية تدعو إلى إقامة حكم الله في الأرض، فإنه يجب على المسلمين التعاون لإقامة حكم الله في ربوع الإسلام، وأن يحرّروا الأرض المقدسة من براثن يهود، وأن يسعوا في تكوين وحدة المسلمين الكبرى تحت ظل الخلافة الراشدة.
ب لأن التاريخ برهن على انتفاضات الأمم المنكوبة في وجه أعدائها:
من كان يظن يا شباب أن تقوم للإسلام قائمة في الأيام الأولى التي انتقل فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الرفيق الأعلى، ففي هذه الأيام عظم الخطب، واشتد الحال، ونجم النفاق، وارتد من ارتد من أحياء القرب، وظهر مدّعوا النبوة، وامتنع قوم عن أداء الزكاة، ولم يبق للجمعة مقام في بلد سوى مكة والمدينة.
وأصبح المسلمون كما يقول عروة بن الزبير - رضي الله عنه -: "كالغنم في الليلة المطيرة الشاتية لفقد نبيهم، وقلة عددهم وكثرة عدوهم" حتى وُجد من المسلمين من قال لأبي بكر -رضي الله عنه-: "يا خليفة رسول الله: اغلق بابك، والزم بيتك، واعبد ربك حتى يأتيك اليقين"!!(13/18)
ولكنّ أبا بكر - رضي الله عنه - لم يعتره اليأس، ولم يمتلكه القنوط.. وإنما واجه هذه الأحداث والفتن بإيمان راسخ يزن الجبال، وبعزيمة ثابتة متينة دونها العواصف الهوج، وبتفاؤل وأمل يعيد للإسلام إشراقه، ولوحدة المسلمين تماسكها!! هو الذي قال: "أينقص الدين وأنا حي" وهو الذي وقف في وجه عمر، وصاح حين جاءه يعاتبه في قتال مانعي الزكاة "مَه يا عمر، رجوت نصرتك، وجئتني بخذلانك!! أجبار في الجاهلية، وخوار في الإسلام، ماذا عسيتُ أن أتألفهم بسحر مفتعل أو بشعر يفترى؟ هيهات، هيهات... مضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وانقطع الوحي، فوالله لأجاهدنهم ما استمسك السيف في يدي، فوالله لأقاتلن من فرّق بين الصلاة والزكاة، فوالله لو منعوني عقال بعير كانوا يؤدونه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقاتلتهم عليه"!! وهو الذي أنفذ جيش أسامة وقال: "ما كنت أحل عقداً عقده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده". هكذا أيها الشباب تغلّب أبو بكر -رضي الله عنه-على الصعاب؛ وقضى على الثورات والفتن، وانتصر على المرتدين ومدّعي النبوة، ومانعي الزكاة، حتى استطاع أن يرجع للمسلمين عزتهم ووحدتهم، ولليائسين تفاؤلهم وأملهم، وللخلافة هيبتها وسلطانها...
وهكذا يصنع أقوياء الإيمان، وعظماء الرجال!!
من كان يظن أيها الشباب أن تقوم للمسلمين قائمة لما استولى الصليبيون على كثير من البلاد الإسلامية، والمسجد الأقصى ما يقارب مائة عام، حتى ظن الكثير من الناس أن لا أمل في انتصار المسلمين على الصليبيين، وأن لا رجاء في رد أرض فلسطين مع مسجدها الأقصى إلى حوزة المسلمين.
من كان يظن أن هذه البلاد ستتحرر في يوم ما، على يد البطل المغوار (صلاح الدين) في معركة حطين الحاسمة، ويصبح للمسلمين من الكيان والقوة والعزة والسيادة ما شرّف التاريخ!!
من كان يظن أن تقوم للمسلمين قائمة لما خرّب المغول والتتار العالم الإسلامي من أقصاه إلى أقصاه، ونهبوا الأموال، وداسوا القيم، وفتكوا في الأنفس والأعراض فتكاً ذريعاً؛ حتى قيل: إن جبالاً شامخة، وأهرامات عالية، أقامها (هولاكو) من جماجم المسلمين!!
ومما قاله المؤرخ (ابن الأثير الجزري) في فداحة هذا المصاب: "لقد بقيت عدة سنين معرضاً عن ذكر الحادثة استعظاماً لها، كارهاً لذكرها؛ فمن الذي يسهل عليه أن يكتب نعي الإسلام والمسلمين؟ ومن الذي يهون عليه ذكر ذلك؟ فيا ليت أمي لم تلدني!! ويا ليتني مت قبل هذا وكنت نسياً منسياً!! ".
من كان يظن أيها الإخوة أن بلاد الإسلام ستتحرّر في يوم ما على يد البطل المقدام (قطز) في معركة (عين جالوت) الحاسمة، ويصبح للمسلمين من العظمة والمجد والرفعة.. ما تفخر به الأجيال!
وهكذا يصنع أقوياء الإيمان، وعظماء الرجال!
إن التفاؤل بالنصر أيها الشباب هو الذي يهيئ النصر، ويحقق المزيد من الانتصارات الحاسمة في كل زمان ومكان.. وإن الله جل جلاله مع المتقين المخلصين المجاهدين، الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر والحافظين لحدود الله "وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ" (القصص: 5)، فما عليكم يا شباب الإسلام إلا أن تقطعوا من نفوسكم دابر اليأس والقنوط، وتقبلوا على الدعوة إلى الله والجهاد في سبيل الله، بروح متفائلة، وأمل بسّام... عسى الله أن يحقق على أيديكم نصر الإسلام الأكبر، ودولة المسلمين العتيدة.. وما ذلك على الله بعزيز..
ونستكمل في الحلقة القادمة بإذن الله، الحديث عن صفات الداعية إلى الله، كما يجب أن تكون.
17/12/1426هـ
http://www.almoslim.net المصدر:
============
المقومات الشخصية للداعية ( 2-2 )
جماز الجماز
ذكرنا في الحلقة الأولى من القضية التي بين يدينا (المقومات الشخصية للداعية) بعضاً من حاجة المجتمع لهذا الداعية، وبعض الصفات التي يجب أن يتحلى بها، وبعض العوامل في تكوين شخصيته. ونستكمل اليوم الحديث عن البند الأخير، بذكر عوامل أخرى، منها:
3 أن يعلم الشاب فضل الدعوة والداعية:
أتعرفون يا شباب فضل الدعوة والداعية عند الله؟
أتعرفون المنزلة الكبرى التي خصّ الله بها دعاة الإسلام؟
أتعرفون ماذا أعد الله للدعاة من مثوبة وأجر وكرامة؟
يكفي الدعاة منزلةً ورفعةً أنهم خير هذه الأمة على الإطلاق "كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ..." (آل عمران: من الآية110).
يكفي الدعاة سمواً وفلاحاً أنهم المفلحون والسعداء في الدنيا والآخرة "وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" (آل عمران: 104).
ومن معالم الأسلوب الأقوم في التأثير، دراسة البيئة التي يتم فيها تبليغ الدعوة، فعلى الداعية أن يعرف مراكز الضلال ومواطن الانحراف، وأسلوب العمل الذي يتفق مع عقلية الناس واستعداداتهم ومستوى تفكيرهم، ومبلغ استجابتهم وتقبلهم
يكفي الدعاة شرفاً وكرامة أن قولهم في مضمار الدعوة أحسن الأقوال، وأن كلامهم في التبليغ أفضل الكلام "وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ" (فصلت: 33).(13/19)
يكفي الدعاة منّاً وفضلاً أن الله - سبحانه - يشملهم برحمته الغامرة، ويخصهم بنعمته الفائقة "وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيرحمهم الله إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ" (التوبة: 71).
يكفي الدعاة أجراً ومثوبة أنّ أجرهم مستمر، ومثوبتهم دائمة، قال - صلى الله عليه وسلم -: "من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً... " [حديث صحيح، أخرجه مسلم].
يكفي الدعاة فخراً وخيرية.. أن تسبّبهم في الهداية خير مما طلعت عليه الشمس وغربت، قال - صلى الله عليه وسلم -: "... فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم" [حديث صحيح، أخرجه البخاري 7/70 برقم 3701]، وفي حديث آخر "خير لك مما طلعت عليه الشمس وغربت" [حديث ضعيف، أخرجه الطبراني في الكبير (ضعيف الجامع 4646)].
هل رأيتم يا شباب منزلة تضاهي منزلة الدعوة؟
هل سمعتم في تاريخ الإنسانية كرامة تعادل كرامة الداعية؟
فإذا كان الأمر كذلك فانطلقوا أيها الشباب في مضمار الدعوة إلى الله مخلصين صادقين.. لتحظوا بالأجر والمثوبة، والرفعة والكرامة.. في مقعد صدق عند مليك مقتدر.. في مجمع من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحَسُن أولئك رفيقاً!!
4 أن يعرف الشاب الأسلوب الأقوم في التأثير على الآخرين:
إن من معالم الأسلوب الأقوم في التأثير أيها الشباب أن يكون فعل الداعية مطابقاً لقوله "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ" (الصف: 2، 3)، وفي الآية تنديد بالذين يدعون غيرهم إلى الخير وينسون أنفسهم "أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ" (البقرة: 44).
ومن معالم الأسلوب الأقوم في التأثير، دراسة البيئة التي يتم فيها تبليغ الدعوة، فعلى الداعية أن يعرف مراكز الضلال ومواطن الانحراف، وأسلوب العمل الذي يتفق مع عقلية الناس واستعداداتهم ومستوى تفكيرهم، ومبلغ استجابتهم وتقبلهم.
فبلد انتشرت فيه الشيوعية أو الوجودية أو الماسونية، وأصبحت عند أهله انحرافات فكرية وعقدية وخلقية، مثل هذا البلد تختلف الكتب التي ينبغي أن تُنشر فيه، ونوعية المحاضرات التي تُحاضَر فيه، وموضوع الأسئلة والمناقشات التي تُطرَح فيه، تختلف كلياً عن بلد فيه نصارى، وفيه أفكار رأسمالية، وفيه نزعة إلى الحرية والديمقراطية، قال - صلى الله عليه وسلم -: "ما أنت بمحدث قوماً حديثاً لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة" [حديث ضعيف، أخرجه ابن عساكر عن ابن عباس، ضعيف الجامع 23].
ومن معالم الأسلوب الأقوم في التأثير البدء بالأهم فالمهم: البدء في الدعوة بعقيدة التوحيد قبل العبادة، وبالعبادة قبل مناهج الحياة، وبالكليات قبل الجزئيات، وبالتكوين الفردي قبل الخوض في غمار السياسة.
وهذه هي طريقة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وطريقة أصحابه الكرام رضوان الله عليهم في الدعوة كما في حديث معاذ المشهور، كل هذا حتى يستطيع أن يؤثر على الآخرين، وينتشلهم من وهدة الضلال إلى رياض الهداية.
ومن معالم الأسلوب الأقوم في التأثير، الملاطفة الخالصة في دعوة الآخرين إلى الإسلام.
وما أجمل ما عبر عنه القرآن في أسلوب الدعوة وأخلاق الداعية حين قال: "وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ" (آل عمران: من الآية159)، وقوله: "فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى" (طه: 44)، ويحضرني الآن أيها الشباب قصة الرجل الواعظ الذي دخل على أبي جعفر المنصور، وقد أغلظ عليه في الكلام، فقال له أبو جعفر: يا هذا أرفق بي، أرسل الله - سبحانه - من هو خير منك إلى من هو شر مني، أرسل الله موسى إلى فرعون فقال له: "فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى"، فخجل الرجل على ما بدر منه، وعرف أنه لم يكن أفضل من موسى - عليه السلام -، وأن أبا جعفر لم يكن أشد شراً من فرعون!!
وقد جاء غلام شاب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له: يا نبي الله أتأذن لي في الزنا؟ فصاح الناس به، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "قربوه، اُدن، فدنا حتى جلس بين يديه، فقال - عليه السلام -: أتحبه لأمك؟ قال: لا، جعلني الله فداك، قال: كذلك الناس لا يحبونه لأمهاتهم، أتحبه لابنتك؟ قال: لا، جعلني الله فداك، قال: فكذلك الناس لا يحبونه لبناتهم، أتحبه لأختك؟ قال: لا، جعلني الله فداك، قال: فكذلك الناس لا يحبونه لأخواتهم" حتى ذكر العمة والخالة، ثم وضع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يده على صدره وقال: "اللهم طهّر قلبه، واغفر ذنبه، وحصِّن فرجه" فلم يكن شيء أبغض عليه من الزنا!! [حديث صحيح، أخرجه أحمد 5/256-257، الصحيحة 1/645 برقم 370].
أيها الشباب: إن مطابقة أفعالكم لأقوالكم؛ الناس يستجيبون لكم ويثقون بكم..
أيها الشباب: إن دراستكم للبيئة التي تدعون؛ تجعل جهودكم مباركة ولا تذهب أدراج الرياح..
أيها الشباب: إن بدئكم الدعوة إلى الله بالأهم فالمهم.. يحقق الله الهدى والخير على أيديكم..(13/20)
أيها الشباب: إن ملاطفتكم للناس حين تبلّغون رسالات ربكم، القلوب ترنوا إليكم، والنفوس تتعلق بكم، والناس يقبلون على دعوتكم، فاحرصوا يا شباب أن تكونوا الدعاة الموفقين، والهداة الناجحين، والجنود العاملين المخلصين، فالله لا يخيّب مسعاكم، ولن يتركم أعمالكم، إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم...
5 أن يعمق الشاب في نفسه عقيدة القضاء والقدر:
إنه ينبغي أن يترسخ في نفس المسلم، ولا سيما الداعية إلى الله...
إن معنى ذلك أن تعتقد أن الآجال بيد الله، وأن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه، وأن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوه بشيء لم ينفعوه إلا بشيء قد كتبه الله له، وإن اجتمعت على أن يضروه بشيء لم يضره إلا بشيء قد كتبه الله عليه، وعليه أن يضع نصب عينيه قوله تعالى: "قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ" (التوبة: 51)، وأن يردد صباح مساء قوله جل جلاله: "وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَاباً مُؤَجَّلاً... " (آل عمران: من الآية145)، وبهذا يتحرّر الداعية من الخوف والجزع، ويتحلى بالشجاعة والإقدام، ويهتف بما هتف به علي رضي الله عنهحين كان يجابه الأعداء، ويقارع الكفار في غمرات الحروب والوغى:
أيُّ يوميّ من الموت أفرّ * * * يوم لا يُقدر أم يوم قُدِر
يوم لا يُقدر لا أرهبه * * * ومن المقدور لا ينجو الحَذِر
إن معنى ذلك أن يؤمن الداعية من أعماق نفسه أن الأرزاق بيد الله، وأن ما بسطه الله على العبد من رزق لم يكن لأحد أن يمنعه، وأن ما أمسكه عليه لم يكن لأحد أن يعطيه... وعليه أن يضع نصب عينية قول الحق - سبحانه -: "إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً" (الإسراء: 30)، وأن يردد صباح مساء قوله جل جلاله: "وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ" (الذاريات: 22، 23).
وبهذا يتحرّر الداعية من الذل والبخل، والشح بالنفس.. ويتحلى بالعزة والإيثار والإنفاق في سبيل الله... ويهتف بما هتف به الإمام الشافعي حين كان يتغنى بعزة النفس، وطلب المعالي، والاقتناع بكفاف العيش:
أنا إن عشتُ لست أعدم قوتاً * * * وإذا مت لست أعدم قبرا
همتي همة الملوك ونفسي * * * نفسُ حرٍّ ترى المذلة كفرا
وإذا ما قنعت بالقوت عمري * * * فلماذا أخاف زيداً وعمروا
إن معنى ذلك أن يرضى الداعية بما كتبه الله عليه من ابتلاءات الخوف والجوع والمرض ونقص في الأموال والأنفس والثمرات، وأن كل ما يصيبه إنما يجري بقضاء الله وقدره، وبمشيئته وإرادته... وأنه لا كاشف لكرب إلا هو، ولا واهب للنعمة إلا من اتصف بالغنى والقدرة - سبحانه -.. وعليه أن يضع نصب عينيه قول الحق - سبحانه -: "وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ" (البقرة: 155، 156)، وأن يردّد صباح مساء قوله جل جلاله: "وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" (الأنعام: 17).
وبهذا يتحرّر الداعية من نزعة الهواجس النفسية والأفكار المخيفة والتحسّب للابتلاء...
ويتحلى برباطة الجأش، والاستسلام لقضاء الله وقدره في كل ما ينوب ويروع، ويبيت وهو مطمئن النفس، مرتاح البال، هادئ الشعور... ويهتف بما هتف به الطغرائي في لاميته حين قال:
حب السلامة يُثني هم صاحبه * * * عن المعالي ويغري المرء بالكسل
فإن جنحت إليه فاتخذ نفقاً * * * في الأرض أو سلماً في الجو فاعتزل
إن الذين يعتذرون عن واجب الدعوة، وتبليغ رسالة الإسلام بكلمات مقنعة يرضون بها أنفسهم وضمائرهم، ويعتذرون بالضعف والأهل والعيال وقطع الرزق.. ويعتذرون بما يتحسّبون به من أذى في تبليغ الدعوة وإعلان كلمة الحق... نقول لهؤلاء جميعاً:
إن الإسلام بنى حقيقة التوحيد على الإيمان بالله، والرضا بقضائه وقدره، والتسليم لجنابه فيما ينوب ويروع... أمّا أن يخاف الناس على رزقهم ومعاشهم، ويحسبون ألف حساب للأذى والاضطهاد.. فهذا شأن الرعديد الجبان الذي لم يذق في قلبه طعم الإيمان، والذي لم يفهم بعدُ أن الله - سبحانه - هو المُغني والمُفقر، والمعطي والمانع، والمُعز والمذل، والقاضي والمقدِّر، وهو على كل شيء قدير.
وإليكم يا من تحسبون لقطع الرزق حساباً، قصة هذه المرأة المؤمنة الصابرة التي تربّت في مدرسة الإيمان، ورتعت في روضة اليقين، ونشأت على حب الله والرسول والإسلام...
إليكم موقفها الرائع، وجوابها المفحم، وذلك حين خرج زوجها للجهاد، وجاءها من يستثير حزنها وأساها ويهيّج عاطفتها وإحساسها... جاءها من يقول لها: أيتها الأم المسكينة، من يقوم على عيالك، ويرعى أولادك، إذا قدّر الله على زوجك الموت، وكتب له الشهادة؟
فما كان منها إلا أن صرختْ في وجهه، وقالت له في ثقة وإيمان واطمئنان: إني أعرف زوجي أكّالاً ولم أعرفه رزّاقاً، فإذا مات الأكّال بقي الرزاق.(13/21)
وإليكم يا من تتهيّبون الموت، وتخشون المعارك، وتحرصون على الحياة... إليكم ما قاله سيف الله خالد بن الوليد رضي الله عنه: "إني حضرت مئة حرب أو زهاءها وما في بدني موضع شبر إلا وفيه ضربة سيف، أو طعنة رمح، أو رمية سهم... أهكذا أموت على فراشي كما يموت العَيْر (الحمار)؟ فلا نامت أعين الجبناء!!.. ".
وتعلمون يا شباب، أن من سنن الله في الأنبياء والمصلحين، والدعاة إلى الله.. التعرض لأصناف الابتلاء في تبليغهم، والتصدي لمكائد الأعداء في دعوتهم.. وهذا أمر طبعي حين يقف الحق والباطل وجهاً لوجه، وإليكم ما يقوله الحق جل جلاله: "الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ" (العنكبوت: 1-3)، وقوله: "فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ... " (آل عمران: من الآية195).
وإليكم ما يقوله سيد الدعاة، وقائد المجاهدين صلوات الله وسلامه عليه لما اشتد إيذاء قريش على ضعفاء المؤمنين، وقد جاؤوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو متوسد بردة في ظل الكعبة يقولون: ألا تستنصر لنا؟ ألا تدعو لنا؟ فقال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم -: "قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض، فيجعل فيها، فيؤتى بالمنشار فيوضع على رأسه، فيجعل نصفين، ويُمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه، فما يصرفه ذلك عن دينه، والله ليتمّن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون" [حديث صحيح، أخرجه البخاري 12/315 (6943)].
فما عليكم يا شباب الدعوة إلا أن توطنوا أنفسكم على الصبر، وأن توطدوها على التحمل والثبات، وأن تعمّقوا في نفوسكم عقيدة القضاء والقدر... حتى تَصِلوا في نهاية المطاف إلى نهاية النصر المؤزر، وتحظوا برضوان الله وجنته، وتلقوا الله - عز وجل - في مجمع من الملائكة والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً... [انظر هذا وما قبله في دور الشباب في حمل رسالة الإسلام لعبد الله علوان، ط دار السلام بيروت].
6 أن يؤصّل الشاب بينه وبين الجماعة العاملين التحاب والتواثق والتعاون:
وذلك بالتناصح والتواصي بينهم بالحق والصبر، إنه لا غنى عن هذه العوامل لنظام أي جماعة في الأرض..
إنه لو تخلّق كل فرد بأعلى ما يكون من الصفات الجميلة والأخلاق المحمودة وليس بينه وبين غيره من العاملين تلكم الصفات المذكورة، فإنهم لا يستطيعون أبداً أن يقوموا في وجه الباطل ويقارعوا أهله مقارعة الند للند، إن الأمة الإسلامية ما زال ولا يزال منها أفراد متحلون بأعلى الصفات والأخلاق الحسنة؛ إننا لو تحدينا أمم العالم أن تأتي إحداها بمثل هذا؛ فلعلها لا تستطيع الرد على هذا التحدّي.
وإنها لقضية قاصرة إلى حدّ الصلاح الفردي... إنها تلكم التربية الإيمانية...
إن بهلواناً، مهما كان شجاعاً قوياً في حد ذاته، ويستطيع أن يحمل أكبر كمية من الوزن ويصرع عدة أفراد في المصارعة، فإنه لا يستطيع على جل حال أن يقوم في وجه فرقة عسكرية منظمة...
وهكذا فإن كان فينا أفراد قد قطعوا كل ما للصلاح الفردي من المراحل، ولكن بدون أن يكون لهم نصيب من الارتباط والتعاون الاجتماعي، فإنما هم بمثابة البهلوان الذي لا يعمل كعضو فعال لفرقة منظمة ومع ذلك يدعو لمصارعته فرقة منظمة من أعدائه...
إننا نستطيع أن نقول وذلك باعتبار الصلاح الفردي، إن من الشباب من قد خصهم الله بعلوٍ في الأخلاق، وطهارة في السيرة، وإنا لنغبطهم على ذلك، راجين من الله أن يثبتنا وإياهم على طريق الخير والهدى إنه من الظاهر أن كل فرد في هذه الدنيا إنما يعيش متعاملاً مع غيره من الأفراد، فإذا لم يكن بين الأفراد حسن التظان والمساواة والإخلاص والإيثار والتضحية من بعضهم لبعض.
أو نقول بعبارة أوجز وأشمل "صلاح القلوب" فإن الاختلاف في طبائعهم لا بد أن يقضي على ما يبت.... من التعاون بينهم، إذا لا يسير نظام العمل إلا على مبدأ: أن تترك شيئاً لخاطر غيرك، ويترك هذا الغير شيئاً لخاطرك.. أيها الشباب: إذا كنتم لا تجدون أنفسكم مستعدين لها فلا تتفكروا أبداً في إحداث انقلاب في الحياة الاجتماعية في الأسر المسلمة... [انظر هذا في تذكرة دعاة الإسلام لأبي الأعلى المودودي 48-51، المكتب الإسلامي دمشق].
إنه وبعد ذلك كله من المقدمة في كيفية تكوين شخصية الداعية إلى الله وتربيتها وتذكيرها بهذه المعاني السامية تكون عزيزة كريمة، بل وداعية عظيمة، فتكمل بذلك ذاتيتها وشخصيتها؛ فكان من المناسب لها أن تتصف بالصفات اللازمة لها حتى تكون نفس مؤمنة مسلمة حتى حوت الإسلام كله بتلكم الصفات الحقة.
21/12/1426هـ
http://www.almoslim.net المصدر:
============
همم الدعاة .. لا وقت للاسترخاء(13/22)
ما كان لأهل الحركة الإسلامية ومن حولهم من ناشئة الابتداء أن يتخلفوا عن السير نحوأفراح الآخرة، ولايرغبوا بأنفسهم عن حاجات الدعوة، ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب، ولا غبار في سبيل الله، ولا يتكلمون كلمة تغيظ الأحزاب الأرضية ولا ينالون من ملحد نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح، إن الله لا يضيع أجر المحسنين؛ ولا ينفقون نفقة من التعب صغيرة أومن الهول كبيرة، ولا يجوبون محلة أومدرسة أوجامعة أومصنعاً إلا كتب لهم، ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون.
وكيف يلتذ داعية براحة وهم قد لقنوه من أول يوم أن ينشد:
في ضميري دائماً صوت النبي * آمراً: جاهد وكابد واتعب
صائحاً: غالب وطالب وادأب * صارخاً: كن أبداً حراً أبي
وكيف يميل إلى استرخاء، وأصحابه يهتفون:
نَبني، ولا نتكل * نفني، ولا ننخذل
لنا يد والعمل * لنا غد والأمل
إن حرية الداعية، والأمل الذي يستيقنه: يدفعان به دفعاً إلى البذل السخي.
علوفي الحياة:
حرية.... وأمل
حرية تكسر قيود الشهوات.. وأمل بالأجر، وثقة بالنصر
كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في ميزان التصارع العقائدي، كانتا دوماً في تاريخ التوحيد الطويل، تأخذان التعب من أجيال الدعاة من النبيين والصديقين والراشدين والتابعين ومن لحقهم بإحسان على مر القرون، فكلهم بالتعب كانوا يفرحون يأبون إلا العلوفي الحياة ونحن إن شاء الله بهم لمقتدون.
كان تعبهم يتمثل أحياناً بحركة يومية دائبة في الإنذار والتبشير، والتجميع والتبصير، أوسهراً على رعاية مصالح المسلمين. ويتمثل أحياناً في انكباب على التعلم واجتياز المفاوز لحيازة حديث أوكلمات فقه.
ويتجسد في أخرى قتالاً، وتحفيزاً دائماً لجهاد وعلوموت. وفي أخرى إشغالاً للفكر في التخطيط. فإن أخذوا راحة، واستلقوا على ظهورهم: لبث ذهنهم يصطاد الخاطر. وكل ذلك حكى التاريخ، ليتعلم الدعاة اليوم.
نطق بالليل والنهار:
فأول من يطالعنا: الأنبياء - عليهم السلام -. كان لسانهم ناطقاً بالليل والنهار، والإعلان والإسرار. قال - تعالى -مخبراً عن نوح - عليه السلام -: {قال رب إني دعوت قومي ليلاً ونهاراً}، ثم قال: {ثم إني دعوتهم جهاراً ثم إني أعلنت لهم وأسررت لهم إسراراً}.
ونطق أثناء خطوات الهجرة:
"والواقع أن الداعي إذا كان صادقاً في دعوته منشغلاً بها لا يفكر إلا فيها ولا يتحرك إلا من أجلها ولا يبخل عليها بشيء من جهده ووقته لم يشغله عنها شاغل أبداً حتى في أحرج الساعات وأضيق الحالات وأدق الظروف، وهكذا كان رسولنا محمد - صلى الله عليه وسلم -، فعندما هاجر إلى المدينة ومعه أبوبكر الصديق - رضي الله عنه - لقي في طريقه بريدة بن الحصيب الأسلمي في ركب من قومه فيما بين مكة والمدينة، فدعاهم إلى الإسلام فأسلموا. وهذ يدل أنه - عليه الصلاة والسلام - لم يغفل عن الدعوة إلى الله حتى وهوفي طريقه مهاجراً إلى المدينة والقوم يطلبونه ".
ونطق في السجن:
"ويوسف - عليه السلام - عندما دخل السجن مظلوماً لم يشغله السجن وضيقه عن واجب الدعوة إلى الله ولهذا فقد اغتنم سؤال السجينين عن رؤيا رأياها، فقال لهما قبل أن يجيبهما ما أخبرنا الله به: {يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار} "
الراشد يمنع النوم:
وقاربهم الصديق أبوبكر - رضي الله عنه - حتى قال عند وفاته: "والله ما نمت فحلمت، ولا توهمت فسهوت، وإني لعلى السبيل ما زغت". يعني أنه قد شغلته حروب الردة والفتوح وأرهقه إرساء جهاز الدولة، حتى أنه ما كان ليستغرق في نومه ليتاح له أن يحلم، وظل يزاد بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصديقية ليهبه الله - تعالى -يقظة أثناء هذا التعب تبعد عنه الوهم والسهو.
الترابي... !
ويترجم عبدالله بن عباس - رضي الله عنه - انغماسه في صورة جمع بين التواضع والصبر على مشقة التعلم وجمع الحديث، حتى أن الريح لتسفي عليه التراب، يرجو بذلك أن يستنشق نسمات الجنة، ويجتاز الصراط بلا حساب.
واسمعه يروي ما كان منه ويقول: (أقبلت أسأل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الحديث، فإن كان ليبلغني الحديث عن الرجل فآتي بابه وهو قائل، فأتوسد ردائي على بابه، تسفي الريح علي التراب، فيخرج فيقول لي: يابن عم رسول الله ما جاء بك؟ ألا أرسلت إلي فآتيك؟ فأقول: لا، أنا أحق أن آتيك، فأسأله عن الحديث). ولوشاء أن يوقظوه لأيقظوه له مع الفرح، ولكن الهمم العالية تطرب لصفير الرياح ولفحات التراب.
هواية رفع الأثقال:
والداعية اللبيب يسابق أصحابه لحمل كل ثقيل من الأمور، فيكون يوم الجمع صاحب الميزان الثقيل، كما تسابق النخعيون يوم معركة القادسية. قال أحد الصحابة منهم: "أتينا القادسية، فقتل منا كثير، ومن سائر الناس قليل، فسئل عمر عن ذلك فقال: أن النخَع ولوا عِظَم الأمر وحدهم ".
وما كان أحد ممن حضر القادسية إلا وأبلى، ولكن الدعاة إلى الله لهم هواية التسابق في رفع الأثقال.
حصن التربية الأسدية:
والذروة يعلوها التابعي العابد الفقيه المحدث الجليل أبو وائل شقيق بن سلمة الأسدي، نتاج تربية الأربعة الراشدين وابن مسعود وسعد بن أبي وقاص وغيرهم، فإنه عاف التجارات والبيوت وبنى له في الكوفة حصناً صغيراً يسعه هو وفرسه وسلاحه فقط، وبقي طول عمره متحفزاً للجهاد، حتى لم يعد يعرف موازين السوق التي يتعامل بها الناس. تجرد حق التجرد، فأنتج حق الإنتاج ذرية تجرد تتبعه، يعلم الدعاة بذلك طريق إنتاج الرجال باستخدام وسائل الإيضاح البصرية المجسدة.
أنتج أبو وائل أمثال: سليمان الأعمش، ومنصور بن المعتمر، وحصين بن عبد الرحمن، وعمرو بن مرة، وغيرهم من فحول المحدثين.(13/23)
إن من لا يفهم التربية يظن أن بناء هذا الحصن من التكلف والرياء، وما هو كذلك.
ذهب الفراغ.... !
ويموت شقيق الأسدي مع نهاية قرن الخير الأول، فيبادر الراشد الخامس عمر بن عبدالعزيز إلى ضرب الأمثال. تصفه زوجه فاطمة بنت عبد الملك فتقول: " كان قد فرّغ للمسلمين نفسَه، ولأمورهم ذهنه، فكان إذا أمسى مساءً لم يفرغ فيه من حوائج يومه: وصل يومه بليلته". يضرب المثل بذلك لداعية الإسلام إن أراد أن يصدق دعوته ويؤدي الأمانة.
صدق الداعية: أن يجدد أطوار عمر فيفرغ نفسه للمسلمين، فلا تجد له حركة دنيوية إلا بمقدار ما توجبه ضروريات إطعام عياله. ويفرغ ذهنه، فليس فيه إلا تفكر بمصالح الدعوة.
ويتعرض أصدقاءٌ قدماء لعمر، من أصدقائه قبل الخلافة يوم كان فارغاً، يودون أن تكون لهم معه جلسة يعيدون فيها الذكريات، فيقولون: "لوتفرغت لنا"، فيقول: "وأين الفراغ؟ ذهب الفراغ فلا فراغ إلا عند الله".. يلقنها لمن يدخل الدعوة بعده إذا دعاهم رفاق الأمس إلى قتل الأوقات.
موفق يجوب بحقيبة العلم راجلاً
ويستمر تلامذة أحمد بن حنبل، وأتباع مذهبه من بعده، يضعون وسائل الإيضاح البصرية في الاستخدام التربوي، فإنهم كما وصفهم الفقيه النحوي ابن عقيل: "غلب عليهم الجد، وقل عندهم الهزل".
فمن تلامذته: الحافظ الإمام الفقيه الزاهد المحدث: إسحاق بن منصور المعروف بالكوسج، شيخ البخاري ومسلم وغيرهما. كان يسكن نيسابور بخرسان، فرحل إلى بغداد ودوّن عن أحمد بن حنبل مسائل في الفقه كثيرة، ورجع إلى نيسابور، ثم إنه: (بلغه أن أحمد بن حنبل رجع عن بعض تلك المسائل، فحملها في جراب على كتفه، وسافر راجلاً إلى أحمد، ثم عرض خطوط أحمد على كل مسألة استفتاه عنها فأقرّ له بها وأعجب به).. وأحدنا الآن يجلس على أريكته وبجنبه مسند أحمد مطبوعاً محققاً مجلداً مذهباً يتكاسل أن ينظر فيه.
الحنابلة يحفظون السمت:
ويرسم ابن عقيل، النحوي الفقيه الحنبلي، صورة الداعية الذي لا تكون خطراته وسبحات فكره - بل أحلامه إذ ينام - إلا في الدعوة، ويجلي ذلك بقوله: "إني لا يحل لي أن أضيع ساعة من عمري، حتى إذا تعطل لساني عن مذاكرة ومناظرة، وبصري عن مطالعة: أعملت فكري في حال راحتي وأنا مستطرح".. فانظر، كم ساعة من نهارك وليلك تضيع سدى؟
وخلفه الشيخ الزاهد الفقيه محمد بن أحمد الدباهي. قالوا: (لازم العبادة، والعمل الدائم والجد، واستغرق أوقاته في الخير.. صَلْبٌ في الدين، وينصح الإخوان، وإذا رآه إنسان: عرف الجد في وجهه).
وهكذا يجب أن تكون دائماً علامة الدعاة سيماهم في الجد ظاهرة في وجوههم، لا يخطؤها النظر. ليس لهم نصيب من الهزل والضحك والبطالة.
أصحاب الإمام البنا يجددون:
وجدد الدعاة في مصر تلك الصور الرائعة القديمة، ليبرهنوا أن الإسلام الذي أنتج أولئك لا يزال حياً. يصف الإمام حسن البنا أصحابه فيقول: (قد سهرت عيونهم والناس نيام، وشغلت نفوسهم والخليون هجع، وأكبّ أحدهم على مكتبه من العصر إلى منتصف الليل، عاملاً مجتهداً، ومفكراً مجداً، ولايزال كذلك طول شهره، حتى إذا ما انتهى الشهر جعل مورده مورداً لجماعته، ونفقته: نفقة لدعوته، وماله: خادماً لغايته، ولسان حاله يقول لبني قومه الغافلين عن تضحيته: {لا أسألكم عليه أجراً إن أجري إلا على الله})
وعلو في الممات.. !
وكما في مصر، كان من رعيل العراق الأول: أبو صفوان الدباغ صاحب رسالة (مع الناشئة)، الرسالة الصغيرة البسيطة جداً، الطريفة جداً.
حدثني الثقة من أقرانه، قال: (كان مريضاً بالسرطان، واشتد مرضه سنة اثنتين وخمسين وتسعمائة وألف، فرقد في المستشفى أياماً، وكأنه أحسّ بلحظات حياته الأخيرة، فطلب مواجهة قائد الدعوة آنذاك، فجاءه ومعه بعض الدعاة - فِيهِم راوي القصة - فأعلمهم بقرب موته، وشهد أن لا إله إلا الله، وقرأ شيئاً من القرآن، وصافح يد القائد، وأعلن تجديد بيعته وثباته على هذه الدعوة وحمّلهم السلام إلى من كان من الدعاة آنذاك وإلى من سيلتحق بعد، ثم أعاد الشهادة ومات من فوره، بعد تجديد بيعته بقليل).. - رحمه الله -... فتأمل هذه منقبة لا يرزقها إلا من كان توجهه صادقاً في حياته.
وتأمل علو همته. كأنه في قاعة مطار يودع أو على رصيف محطة قطار. أخ لك سابق غادر الحياة ولعلك لم تولد بعد يحييك ويبلغك السلام، ويطلب منك الثبات على هذه الدعوة التي جربها في آخر لحظات حياته فوجد لذة السير إلى من أنعم بها على عباده.
إن في ذلك لعبرة تغني اللبيب عن كثير من الكلام المنمق والبلاغة المتكلفة.
حقاً إن الهمم مراتب، ولا تعلو همة في نهايتها وعند موتها إلا إذا علت في بدايتها.
وقائع وقصص يمرُّ بها الداعية يأخذ منها الدروس والعبر، والهُمام من يقول: اللهم اجمعنا وإياهم في دار كرامتك.
الاثنين: 20/03/2006
http://www.islamweb.net المصدر:
==============
الدعوة ... وإبل المئة
د. بدران بن الحسن
الدعوة إلى الله - تعالى - وإلى نهجه، والعمل على خدمة الإسلام مسؤولية ملتزمي خط النبوة. ونصرة دين الله وتحقيق نهضة الأمة واستعادتها وعيها ورشدها يلزمه رؤية واضحة، وعملاً منهجيًّا بصيرًا، وأداء منظمًا، ومداومة على الفعل المنتج ولو كان قليلاً، ذلك أن "أحب العمل إلى الله أدومه وإن قلّ"، وأن "المنبت لا أرضًا قطع ولا ظهراً أبقى"، كما تحتاج الدعوة إلى النفرة مصداقًا لقوله - تعالى -: (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا به قومهم إذا رجعوا إليهم).(13/24)
ولقد دلتنا السيرة النبوية وسيرة السلف الصالح أن الدعوة في ساعات العسرة لم تجد إلا أولئك الذين آمنوا بها وأعطوها حياتهم، أما الذين أعطوها فضلة وقتهم أو هامشًا من اهتماماتهم أو تجمعوا حولها في ساعة الرخاء؛ فإن الدعوة لم تجد لهم أثرًا، ومن وجدته تراه ينظر إليك "نظر المغشي عليه من الموت" خوفًا من تحمل المسؤولية، وتهربًا من أداء الواجب، وتنكرًا لتحمل نصيب من العبء.
ولهذا ميز الله البدريين وأصحاب بيعة الرضوان من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار عن غيرهم من المسلمين؛ لما لهم من همة عالية، وإخلاص للدعوة، ووعي بحقيقتها، والتزام بقيمها وأهدافها، وحفاظ على محتواها العقدي والأخلاقي، وتضحية في تحقيق مقاصدها الكبرى، وعمل على مراعاة جزئياتها المتكاملة. فكان أن غفر الله لهم ورضي عنهم وضاعف لهم الجزاء، وخلد ذكرهم في العالمين؛ لأنهم جيل أعطى ولم يأخذ، وبذل ولم ينتظر، ومنح كل وقته وماله وجهده وقواه للدعوة؛ فأفنى ما عنده في سبيل دعوة الله - تعالى - فأعطاه الله وجزاه بما لا يفنى جنة ونعيمًا. فكان بحق جيلاً قرآنيًّا فريدًا كما سماه سيد قطب -عليه رحمة الله-؛ تناغمت طموحاته وآماله وأفكاره وأعماله مع الدعوة الإسلامية، فكان خير أمة أخرجت للناس.
وفي عصرنا هذا تحتاج الدعوة إلى أمثال ذلك الجيل، لأننا في ساعة العسرة، ونحتاج إلى كل جهد، وإلى كل فكرة متسقة مع الدعوة، وإلى كل يد تساعد على سد أي ثغرة، ونحتاج إلى كل واحد من أبناء الإسلام "ليخذِّل عنا ما استطاع" كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لنعيم بن مسعود -رضي الله عنه- في غزوة الأحزاب.
إن الدعوة اليوم في حاجة ماسة إلى جميع أبنائها.. إنها تحتاج إلى جيل ولا تحتاج إلى أفراد، وتحتاج إلى البدريين الذين أعطوا ولم ينتظروا الجزاء الفاني، أكثر مما تحتاج على الطلقاء الذين التحقوا بالدعوة بعد أن استقامت على عودها، وإن كان منهم كثير من النماذج الرائدة.
وأكثر من هذا؛ فإن الدعوة ليست في حاجة إلى الذين إذا رأوها مزهرة منتصرة "قالوا آمنا وهم لا يؤمنون" لا بالدعوة ولا بأهدافها، وإنما هم قناصوا فرص، كما لا تحتاج الدعوة إلى أصحاب الأوجه المتعددة حتى لا نقول المنافقين، الذين يقولون "إنا معكم "، "وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون" أو أنهم يعضون الأنامل علينا من الغيظ.
وهذا الذي ينبغي التأكيد عليه أكثر من غيره؛ ذلك أن المنتسبين إلى الدعوة اليوم كثير، ويتكلمون باسمها في كل مجلس، غير أن العاملين لها قليل، أو أقل من القليل. وخاصة عندما تحتاجهم الدعوة ليبذلوا ليس أرواحهم، وليس أموالهم، وليس وقتهم، وليس ذلك كله؛ بل تحتاج الدعوة منهم جزءًا مستقرًّا ومنتظمًا من الوقت والجهد والفكر والبذل.. تحتاج منهم ولو جزءًا ضئيلاً، ولكن ثابتًا ومستقرًّا، ومخصصًا للدعوة بشكل واضح ومنتظم وقصدي.
وهذا ليس كثيرًا على الملايين من أبناء الإسلام؛ بل قد تجد الكثير ممن يعتبره أقل المطلوب؛ لكن عمليًّا، لن تجد من يخصص مثل هذا الحيز الوجيز لإنجاز عمل ينفع الأمة، ويكون هذا العمل مستمرًّا غير منبت ولا متنطع ولا مزاجي.
وحتى لا نبقى نسبح في إطار الكلام النظري فلنتأمل أي عمل جماعي أو أي مشروع عام؛ فإنا نجده يعاني من قلة الباذلين، وندرة المتفرغين له، بل قد تحصي من الكفاءات القادرة على الأداء والإنجاز والمساهمة العدد الكثير، غير أنا عند ساعة التنفيذ والحقيقة ينفضّوا من حولك كما تنفض قطعان النعم إذا رأت الوحش يهاجمها. وكم من المشاريع الدعوية توقفت أو أفلست أو لم تستطع الاستمرار بسبب قلة العاملين وكثرة المتكلمين "غثاء كغثاء السيل".
ولهذا فإن أشد ما تعاني منه الدعوة هو هذه الغثائية التي لا تكاد تفرز منها ما ينفع وكأنها "إبل المئة لا تجد فيها راحلة"؛ فمتى تزول هذه الظاهرة السلبية ونشهد ميلاد جيل جديد يؤمن بأن تغيير مسار التاريخ يحتاج إلى ميزانية ضخمة من الأفكار والأفعال التي تحمل كثافة الواقع، ونصل إلى الإيجابية الرسالية التي كان عليها ربعي بن عامر.. ذلك الرمز الذي يمثل وضوح الهدف، وسعة الرؤية، والتصميم على الفعل، والصدق في التوجه، والحرص على الإنجاز، لنخرج أنفسنا وغيرنا "من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة"؟ وتلك لعمري حقيقة الدعوة وحقيقة الدعاة وليست إبل المئة التي لا تكاد تفرز منها ناقة واحدة تحمل عليها هموم الدعوة والأمة التي تراكمت دهرًا طويلاً!.
12/4/1425
31/05/2004
http://www.islamtoday.net المصدر:
===========
دعوة مؤسسات لا دعوة أفراد
د. مالك إبراهيم الأحمد
ما زال الكثير من التجمعات الإسلامية يعيش عقلية سنوات خلت، حيث كانت الصحوة الإسلامية في مراحل نمرها الأولى تمشي متعثرة وتحاول النهوض بعد كل كبوة.
أما الآن، وقد أصبحت ملء العالم وأصبحت الخطر الأوحد أمام الأنظمة الغربية بعد سقوط الشيوعية في المعسكر الشرقي فإنه لا بد من مواجهة أساليب العمل الدعوي في وقتنا الراهن.
إن مما يؤسف له أن الكثير من التجمعات الإسلامية ما زالت محكومة بعقلية الفرد، وما زالت تعيش مركزية وفردية القرار في حين أن العقبات أمامها تكبر، والتحديات تزداد، والمحن تتوالى والأزمات تتفاعل.(13/25)
إن أسلوب العمل من خلال أفراد في مواقع العمل المختلفة ما زال يجر عليها الكثير من المصاعب والمصائب، وإن الأسلوب الأمثل - في نظري - لمنهج التصدي للأزمات من جهة، وتطوير وسائل الدعوة بين الناس واستثمار معطياتها للمستقبل؛ يكمن في أسلوب المؤسسات.
أي أن يكون لدى كل تجمع إسلامي مؤسساته الخاصة به لتطوير العمل وتنظيمه.
وتكون هذه المؤسسات واضحة المعالم والصلاحية والاختصاص، فهذه مؤسسة متخصصة بالدعوة العامة ووسائلها وأساليبها، وهذه مخصصة للصحف والمجلات والكتب والنشرات، وتلك متخصصة برصد ما ينشر عن الإسلام ويسبر أغوار الإعلام العالمي المناهض للدعوة الإسلامية، وهذه مؤسسة مهمتها البحوث الشرعية التي تدعو حاجة المسلمين إليها، ومؤسسات أخرى تربوية وإدارية وغير ذلك مما لا مكان لاستقصائه هنا.
وبذلك نحقق غايات أساسية كثيرة مثل: تحريك كثير من الطاقات المعطلة وتوجيهها في الاتجاه الصحيح، وضمان استمرار هذه الجهود وعدم وأدها بوفاة شخص، وانتفاع المسلمين الدائم منها باعتبارها جهات تعمل على خير الجميع وليست مشروعات فردية مرتبطة بشخصية من أسسها.
http://www.albayan-magazine.com المصدر:
=============
معاناة داعية
الأستاذ الشيخ: إسماعيل محمد ربعي
رئيس مركز ابن باز الخيري الإسلامي / فلسطين
هذا فارس ترجّل في زمن الذل والهوان، في زمن كثرت فيه الأنانية البغيضة، والتكالب على الدنيا حلالها وحرامها، وانكباب الخاصة على المُتع الزائلة، فضلاً عن العامة الذين اتبعوا أذناب البقر وتركوا الجهاد في سبيل الله - عز وجل -، فسلّط الله عليهم الأعداء يسومونهم سوء العذاب بُكرة وعشياً، ومع هذا لا يزالون يكدحون في التقرّب إلى أولياء الشيطان من حكّام وطواغيت وأعوان ظَلَمة، فهم مع هذا الذل والهوان الخارجي ذلّوا أضعافه فيما بينهم، ترى الواحد منهم ينظر إليك وعيناه تدوران في رأسه كأن به مس من الجن ولا شيء به، إلاّ استمرار المهانة للطواغيت من الإنس والجن وعبدة الشهوات.
في ظل هذا الوضع السائد، انتفض فارسنا من بين أكوام المهانة يشمخ بعزة المؤمن قائلاً: لا للعبودية..لا لطواغيت الأرض..لا لا يا قيود الأرض لن تمنعيني من أن أعتز بديني، نظر حوله، فإذا جيران متدابرون، وإخوة يتشاحنون، وأهل البلد الواحد لا يعرف بعضهم بعضاً.
بكل تأكيد لاحظ التهاون في فرائض الله - عز وجل -، فلا ميراث يُقسّم إلاّ على الذكور، والصلوات الخمس لا تُقام في المساجد وإذا أُقيمت فعلى سبيل اللهو الذي لا يعود بالفائدة منها، التنابز بالألقاب على قدم وساق، الغيبة، النميمة، قطيعة رحم منتشرة على قدم وساق، انحطاط الشباب من حولي، لا يفكرون إلاّ بشهواتهم، فهم إن عملوا للشهوات وإن تعلموا العلم وحصلوا على الشهادات، سهراتهم على الإذاعات المرئية، وعلى ملاعب برشلونة وإشبيلية.
إنه اختصار شديد، مجتمع محلّي يعيش الضياع بكل صورهِ وأشكاله، فما كان من فارسنا إلاّ أن انتخى وأزاح عن نفسه أغلال الهوى وحبال الوهن من حب الدنيا وكراهية الموت.
قد عمد إلى التفكير ماذا يعمل، أيبدأ مع زملائه في الجامعة أم من بيته أم من مجتمعه!! وبعد الأخذ والرد في الأفكار والخطط، قرر الانطلاقة من نفسه، ليحصنها بالقرآن والسنة فهما حبل النجاة، قام بوضع خطة عملية يُلزِم نفسه بها بكل حزم وصرامة.. فقرر المحافظة على الصلوات الخمس حيث ينادي بهن، والإتيان بكل مستحبات الصلاة وفضائلها، وقيام الليل والاستغفار، والإكثار من صيام النفل ليربي نفسه على تحمّل المشاق، فلن ينتصر على غيره مَنْ عجز عن الإنتصار على نفسه.
وأيضاً وضع ترتيباً عاماً لتنظيم وقته ليجمع ما بين دراسته الجامعية وما بين همته الدعوية، لإنقاذ الأمة من وحل الدمار والهلاك، فهو يرى نفسه على ثغرة من ثغرات الإسلام، فيرى الإتيان من قِبَلِه خيانة عظمى.
وصلة للرحم والجيران والأهل كان لها النصيب الوافر، أما النصح والإرشاد فكان حديثه اليومي.
بعد ذلك قرر الانطلاق إلى كيان بيته من أب وأم وأخ وأُخت نُصحاً وتوجيهاً، لما يعود بالنفع العاجل والآجل، فكانوا يستجيبون له أحياناً ويخالفونه أخرى، مع أن بعضهم كان يسخر منه قائلاً: إنك تؤذن في غير وقت.. عِشْ عهدك وتمتّع بحياتك، فما كان ليثنيه عن عزمه، واستقر على دعوته لأهله ومعارفه وأصدقائه إلى أن منَّ الله عليه بهدايتهم إلى طريق الرشاد، فقويت عزيمته، وكان هذا النجاح حافزاً له للانطلاق إلى دائرة أوسع، إلى بلدته كاملة.. نعم، قام بعدة جلسات متكررة على مدار الأسبوع وحسب المناخ الملائم لهم، فمرة يجتمعون عقب صلاة العصر، وأخرى يجتمعون عقب صلاة المغرب، فهو يُحسن استغلال المناسبات بكل دقة لصالح الدعوة إلى الله - تعالى -.
فكثر حوله الجمع، لاستماع ما يُلقيه عليهم، فازداد الوعي عندهم لما يجري حولهم، وازدادت عندهم حصيلة العلم النافع فأول ما قام به هو دعوة الناس إلى الإسلام الخالي من الشوائب والشركيات بعيداً عن المغالاة، وتقديس الأشخاص، فحرص على ربط الناس بالله - جل وعلا - دعاءً وخشوعاً وصلاة وذكراً وتوكُّلاً ورجاءً وخوفاً، فأصبح يُشار إليه بالبنان ويُقال في المسجد الفلاني شاب صالح، فأخذت الجموع ترتحل إليه من نواحي القرية لحضور وسماع ما يلقيه عليهم من خطب ومواعظ.(13/26)
وكما هو الحال فهناك أعداء له، خصوصاً كل الذين بقوا على النفاق، أخذوا يلمزونه ويثنون الناس عن دعوته، لمّا أيقنوا أن الأمر يخالف مبتغاهم في هذه الحياة، فهم مسلمون بالشكل والصورة، ثيابهم قصيرة ولحاهم طويلة، ومسابحهم ملونة وجميلة، يسكنون شاهق العمارات ويركبون أرقى السيارات ويدّعون أنهم على الطريقة المثلى وأهدى من هذا وأمثاله ألف مرة.. وأن هذا حتى لم يجرب الحياة ولم يسبر غورها فباءت كل محاولاتهم بالفشل عند من آمن بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد - عليه السلام - نبياً ورسولاً.
فما بقي أمامهم إلاّ الوشاية به عند أسيادهم ممن تربوا في أحضانهم، ورضعوا من أثدائهم الخديعة لأهل الإيمان والمكر بهم والتلبيس عليهم، وعلم المجرمون بما يقوم به هذا الفارس في هذه البلدة الوادعة، فحوّل أغلب أهلها إلى دعاة إلى الله وإلى مشاعل إيمانية متقدة، حوّلهم إلى غاية أخرى عمّا درجوا عليه وأهلهم منذ قديم الزمان، إنها دعوة الأنبياء والمرسلين التي تُحارب من كل مجرم وطاغية، وصاحب لغط وهذيان، فقاموا بتسليمه كتاباً خطياً لمراجعتهم للاستجواب، فذهب إليهم في حينه وكانوا له مهدّدين، ما لك والناس؟؟ صلّ فرضك وولّ دربك، أنت شاب في مقتبل العمر، لا يسعك هذا الأمر.. فكّر في مصلحتك الشخصية.........................
فما كان منه إلاً أن نطق من فوره قائلاً: أنتم ماذا تعبدون؟؟ قالوا له: وما لك ولعبادتنا، كل يعبد ما يراه مناسباً!!
قال حسناً.. أنتم تعبدون ما ترونه مناسباً، ونحن نعبد إلهاً واحداً لا شريك له.
قالوا: كم مرة تصلي في اليوم؟ قلت: خمس صلوات في اليوم والليلة!! قالوا: أكُلُّها في المسجد!! قلت: نعم، قالوا: فأنت إرهابي مجرم، قال: أيكون إرهابي من يلتزم بشرع ربه ومولاه، قالوا: أنت لا تحبنا، قال: وكيف عرفتم ذلك؟؟ قالوا: دينك هكذا يقول، قال: ديني يدعوني إلى حب من يحبه ومعاداة من يعاديه، فإن أنتم أحببتم ديني ودخلتم فيه فأنا أول من يحبكم.
فردوا عليه مؤنّبين: أسكت ولا تتكلم، وإن عدْت لمثل هذا سيكون لنا معك شأن آخر.
قال لهم: افعلوا ما بدا لكم، فلن ترهبوا إلاّ أنفسكم، وأنتم الأخسرون أعمالاً.
وعاد إلى مسجده يعمل مجتهداً أضعافاً مضاعفة عما كان عليه سابقاً، ليُريَ أهل الخور والضعف الذين ما إن يُلوَّح لهم بالعصا من بعيد فإذا بهم على أعقابهم ناكصين، جبناء مهازيل.
بالأمس كانوا من دعاة الحق، واليوم يسارعون إلى الذين مردوا على النفاق ليتدثروا بدثارهم، فراحوا يتنكرون لما كانوا بالأمس يعدونه جهاداً ومدافعة عن الحق، فاليوم هم من دعاة السماحة والمؤاخاة بين المنافق المجرم والمؤمن الموحِّد
فأخذوا ينأون بأنفسهم عن كل ما يمت إلى الإسلام بصلة في الحقيقة، ولم يبق لديهم إلاّ الشكليات الباهتة، فهم يظنون أن الناس لم يعرفوا خباياهم، بل كما اخبر ربنا " ولتعرفنهم في لحن القول "، فهمهم الهمز والغمز والترصد بالمؤمنين، إنها الخيبة والخسارة.
يا دعاة الحق بالأمس.. أنتم اليوم دعاة مهادنة ومداهنة وتملق إلى أعوان الظلمة، قاتلكم الله تُظهرون التخشُّع وقلوبكم قلوب ذئاب!!
يا أصحاب اللحى والثياب القصيرة.. ليس الإسلام شكلاً فحسب.. أحسبتم أن الجنة لكم بدهائكم وكيدكم ومكركم.. قل موتوا بغيظكم أيها الساقطون، ارجعوا إلى فتات الموائد.. أتخادعون الله أم الذين آمنوا، كلاّ والله لا تخدعون إلاّ أنفسكم.
بكل تأكيد.. هؤلاء هم أهل مودة وقربى لدى الملاحدة المجرمين وطواغيت هذا العصر، فلا يخفى على أحد أنهم أشد عداوة للذين آمنوا من اليهود والنصارى " إن المنافقين في الدّرَك الأسفل من النار ".
ولنرى فارسنا وموقفه الشجاع، فعندما يظهر الرجال بصولاتهم وعزمهم الأبِيِّ تتوارى الخفافيش نهاراً وتعود إلى جحورها، ولا تظهر إلاّ في الظلام " فمثلهم كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث وإن تتركه يلهث "، وذلك بانقلابهم وانسلاخهم عن آيات الله بعد معرفتها.. ألا فليتقوا الله هؤلاء المجرمون وليعودوا إلى رشدهم.
وكل هذا لا يثبط من عزم فارسنا شيئاً فما كيدهم إلاّ كيد شيطان.. والله - سبحانه وتعالى - يقول: " إن كيد الشيطان كان ضعيفاً ".
ماذا يملك هؤلاء وغيرهم في مُلك الله؟!! لا شيء بالتأكيد، فالذي يملك النفع والضر هو الله وحده لا شريك له، وإذا كان الأمر هكذا فلِم الخوف والقلق!! قاموا كعادتهم بالوشاية ثانية إلى أسيادهم، وقام هؤلاء بدورهم بزجِّه في السجن الذي يكون للأولياء راحة بال وهدوء وسكينة، وفي السجن التقى مع المظلومين أمثاله، فقام بتحريك الهمة في نفوسهم وحثهم على الصبر إلى أن يأذن الله بالفرج، فالسجن هو المجال الأرحب للود والصفاء، حيث لا منغصات ولا مشاحنات ولا دنايا، لا يوجد لهم أي صارف عن الحق، فأعجب به السجناء وجعلوه إماماً لهم.
ولما علم به المجرمون قاموا بطرده إلى سجن آخر.. وعمل معه كما عمل في الأول، وبعدها حُوّل إلى سجن انفرادي، فقوي يقينه وصلته بالله - تعالى -.
وباءت كل المحاولات بالفشل، فقرروا إبعاده إلى خارج بلده وإلى مناطق بعيدة بحيث أنه لا يقدر على جلب النفع لنفسه أو الإضرار بهم.. وأُبعد وصبر، ثم جعل يُكوّن هناك أسس أقوى وأشد من ذي قبل.. فالمؤمن يُختبر بالمحن.
http://www.saaid.net المصدر:
=============
في طريق الدعوة فوائد المحن
محمد العبدة(13/27)
اللهم إنا لا نتطلبها، ونقول سنصبر عليها أو نحن مستعدون لها، فلا يجوز لمسلم أن يعرض نفسه للفتنة وقد لا يصبر عليها، أو يضع نفسه موضع الذل والهوان، أو موضع المتسلط عليه من الكفار، فنصبح فتنة للذين كفروا، ولكن إذا تعرض المسلم للمصائب والمحن بقدر من الله ولحكمة يريدها الله، فلابد أن يصبر ويتقي الله، وبعدها يؤتي الله نصره من يشاء، وعندما يتعرض المسلمون للمحن والرزايا فلاشك أن في ذلك فوائد كثيرة يريدها الله، كتمحيص الصفوف ومعرفة الصابرين المجاهدين، والدخلاء الذين هم غثاء كغثاء السيل.
وللإمام عز الدين محمد بن عبد السلام - رحمه الله - لفتات طيبة في هذا الموضوع، ننقلها بطولها لأهميتها، قال: وللمصائب والمحن فوائد تختلف باختلاف رتب الناس:
أحدها: معرفة عز الربوبية وقهرها.
الثاني: معرفة ذل العبودية وكسرها، وإليه الإشارة يقول - تعالى -: [الَذِينَ إذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إنَّا لِلَّهِ وإنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ]، اعترفوا بأنهم ملكه وعبيده، وأنهم راجعون إلى حكمه وتدبيره، لا مفر لهم منه ولا محيد لهم عنه.
الثالثة: الإخلاص لله - تعالى -، إذ لا مرجع في رفع الشدائد إلا إليه: [وإن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إلاَّ هُوَ].
الرابعة: التضرع والدعاء: [وإذَا مَسَّ الإنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا].
الخامسة: تمحيصها للذنوب والخطايا: « ولا يصيب المؤمن وصب ولا نصب حتى الهم يهمه والشوكة يشاكها إلا كفر به عن سيئاته » رواه مسلم.
السادسة: ما في طيها من الفوائد الخفية: [فَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئاً ويَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً]، ولما أخذ الجبار سارة من إبراهيم - عليه السلام - كان في طي تلك البلية أن أخدمها هاجر، فولدت إسماعيل لإبراهيم - عليهما السلام -، فكان من ذرية إسماعيل خاتم النبيين، فأعظم بذلك من خير كان في طى تلك البلية.
السابعة: إن المصائب والشدائد تمنع من الأشر والبطر والفخر والخيلاء والتكبر والتجبر. ولهذه الفوائد الجليلة كان أشد الناس بلاءً الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، كالذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم، وتغربوا عن أوطانهم، وتكاثر أعداؤهم، ولم يشبع سيد الأولين من خبز مرتين، وأوذي بأنواع الأذية، وابتلي في آخر الأمر بمسيلمة وطليحة والعنسي، قال - عليه الصلاة والسلام -: « مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع تفيئها الريح تصرعها مرة وتعدلها مرة حتى تهيج ».
الثامنة: الرضا الموجب لرضوان الله - تعالى -، فإن المصائب تنزل بالبر والفاجر، فمن سخطها فله السخط ومن رضيها فله الرضا) اهـ.
ونحن نسأل الله - تعالى -أن يمكن للمسلمين بعد المحن والرزايا وأن يستفيد المسلمون الدروس الكبيرة من هذه المحن
http://al-shaab.org المصدر:
============
إلى من يهمه تبليغ رسالة الإسلام
سعود بن محمد آل عوشن
لا شك أن هناك تقصيراً في تبليغ الإسلام في هذا العصر الذي تيسرت فيه وسائل التبليغ بما لم يتيسر في أي عصر مضى، ومع هذا فإن هناك أمماً كثيرة محجوبة عن هذه الرسالة تماماً، وكثير من أفرادها لا يعرف أن هناك ديناً اسمه الإسلام أو رسالة جاء بها محمد - صلى الله عليه وسلم -، وطبعاً هذه مسئولية أبناء الإسلام حسب قدراتهم ومسؤولياتهم.
ولو أننا بذلنا جزءاً مما نبذله على النواحي السياسية أو الرياضية أو التجارية لاستطعنا إبلاغ الإسلام لكل الأمم وبكل سهولة ويسر.
لكننا أعرضنا عن ذلك وتركناه وكأننا غير مسئولين عنه، وعندما يكون هناك منهج رياضي أو سياسي أو أسلوب تجاري نترجمه إلى مئات اللغات ونبلغه لجميع الدول وبوسائل التبليغ والإعلام المختلفة، ولا يصعب علينا ذلك أو نتوانى دونه، لكن أن نترجم معاني القرآن أو الأحاديث النبوية الشريفة أو كتب العقيدة أو الفقه أو ما يلزم للمسلم من عبادات ضرورية، أو إبلاغ غير المسلمين بالإسلام فهذا لم يكن، وما كان في الساحة فجزء قليل مما يجب وهذا نقص كبير في الإبلاغ والتفهيم.
لا شك أن كثيراً من علمائنا ودعاتنا يجهلون هذه الحقيقة لعدم إحاطتهم بأوضاع العالم المعاصر ويكتفون بما يرد من أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة فأطاح أصحابه -رضي الله عنهم- وأرضاهم بأكبر دول في الوجود آنذاك في الشرق والغرب، ونشروا الإسلام في بقاع العالم، لكن نحن المقصرون في أداء الأمانة وإبلاغ الرسالة من بعدهم، حيث نشاهد أمماً كثيرة لا تعرف عن الإسلام حتى اسمه، ولم نفعل شيئاً يجدي في ذلك، وكل جهودنا قليلة وفي حدود ضيقة ومجالات قصيرة لا يعلمها إلا القليل وبصورة مشوهة أو هزيلة لا تعطي المعنى والمظهر الإسلامي الحسن والأداء الشرعي المطلوب، إن المسئولية في نظري تقع على كل فرد مهما يكن مستواه أو علمه أو قدرته، بقدر ما منحه الله من قيم مادية أو معنوية علمية أو عملية، فعليه أن يستغل ذلك في أداء هذا الواجب وغيره من الواجبات الأخرى فلو فعل ذلك كل فرد ما بقي في الأرض فرد إلا تبلغ الإسلام فهل شعرنا بذلك وأشعرنا إخواننا بمسئولياتهم، إن هذا من أهم الأمور التي يجب البدء بها للسير في الطريق المستقيم.(13/28)
ومن الوسائل المهمة في تبليغ الإسلام أن نستقدم عدداً كبيراً من الأبناء تلك المسلمين من تلك الدول وندرسهم لغة القرآن والعلوم الإسلامية، ويعودون إلى بلادهم لينشروا الإسلام في أوطانهم، ويبلغوه لبني قومهم وأن نبعث إليهم من المتشبعين بالعلوم الشرعية المحصنين بها من يدرس لغاتهم باتقان ليتولى ترجمة معاني القرآن والعلوم الإسلامية إلى تلك اللغات، ومن ثم يعمل على نشر هذه الترجمات في أوطانهم وبواسطة مؤسساتهم وبصورة أوسع وبصورة مستمرة ليحصل كل فرد عليها، هذا مع الاهتمام بالإسلام إعلامياً ونشره بكل الوسائل الممكنة الأخرى حتى نؤدي الأمانة ونبلغ الرسالة ونأمن المسؤولية في يوم الحساب الأكبر فهل نحن فاعلون؟
http://www.albayan-magazine.com المصدر:
=============
المرأة المسلمة والدعوة إلى الله
خولة درويش
تحملت المرأة المسلمة أعباء هذه الدعوة منذ فجر الإسلام، وضربت أروع الأمثلة في الصبر والتفاني والثبات...
(وإن أول قلب خفق بالإسلام وتألق بنوره قلب امرأة وقد هيء لها من جلال الحكمة وبعد الرأي وزكاء الحسب ما عز على الأكثرين من الرجال.
لقد تأثرت أم المؤمنين خديجة بنت خويلد - رضي الله عنها - بهذا الدين تأثراً نفذ إلى قلبه - صلى الله عليه وسلم -، فكان مبعث الغبطة والسكينة عند تدافع النُّوَب واشتداد الخطوب) [1].
فقال - صلى الله عليه وسلم - مبيناً فضلها وسابقتها: (آمنت بي إذ كذبني الناس، وآوتني إذ رفضني الناس، ورزقت منها الولد، وحرمتموه مني) [2].
ثم تحملت المرأة العذاب في سبيل دينها، متحدية سطوة قريش وجبروت طغيانها آنذاك.
كانت سمية بنت خبَّاط أم عمار بن ياسر، سابعة سبعة في الإسلام، وكان بنو مخزوم إذا اشتدت الظهيرة خرجوا بها وبابنها وزوجها إلى الصحراء وأهالوا عليها الرمال المتقدة وأخذوا يرضخونهم بالحجارة، وتوفيت سمية تحت التعذيب -رضي الله عنها-.
وعن مجاهد قال: أول شهيد في الإسلام سمية بنت خبَّاط، والدة عمار بن ياسر، كانت عجوزاً كبيرة ضعيفة، ولما قتل أبو جهل يوم بدر، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمار (قتل الله قاتل أمك) [3].
لقد هانت النفس والمال والولد عند الرعيل الأول من الرجال والنساء في سبيل عقيدتهم ودينهم وحب الله ورسوله.
(عن ابن اسحق عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - قال: مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بامرأة من بني دينار وقت أصيب زوجها وأخوها وأبوها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أحد، فلما نُعوا لها قالت: ما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ قالوا: خيراً يا أم فلان، هو بحمد الله كما تحبين.
قالت: أرونيه حتى أنظر إليه.
قال: فأشير لها حتى إذا رأته قالت: (كل مصيبة بعدك جلل) [4].
وخلال الهجرة ساهمت المرأة في التخذيل عن رسول الله وصاحبه وتحملت الأرزاء والمشاق في سبيل دينها.
فكانت رقية بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، من أوائل من هاجر إلى الحبشة، وكان معها جملة من نساء المؤمنين [5].
وكانت أم سلمة - رضي الله عنها -، قد منعها قومها بنو المغيرة من الهجرة مع زوجها، ثم جذبوا ابنها سلمة منها حتى خلعوا يده، ففرقوا بينها وبين زوجها.
تقول - رضي الله عنها -: كنت أخرج كل غداة، وأجلس بالأبطح، فما أزال أبكي حتى أمسي سبعاً..
حتى مر بها رجل من بني عمها فرقّ لها.
وقال لبني المغيرة: ألا تخرجون هذه المسكينة؟ فرقتم بينها وبين زوجها، وبين ابنها، فقالوا: الحقي بزوجك إن شئت، وردوا عليها ابنها ثم لحقت بزوجها، - رضي الله عنهما - [6].
ويستمر شأن الجاهلية هذه حتى أيامنا هذه، فيشرد المؤمنون في أصقاع الأرض، ويمنع ذووهم من النساء والأطفال من تأشيرات الخروج للحاق بهم، وتبقى سلعة الله غالية، تستحق التضحيات الجسام.
وكانت أسماء بنت أبي بكر الصديق - رضي الله عنهما -، ذات مواقف عظيمة خلال الهجرة، تمثل لباقة الداعية وحصافتها وثباتها.
قال ابن اسحق: حدثت عن أسماء بنت أبي بكر أنها قالت: (لما خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأبو بكر -رضي الله عنه - ، أتانا نفر من قريش فيهم أبو جهل، فوقفوا على باب أبي بكر فخرجت إليهم فقالوا: اين أبوك يا بنت أبي بكر؟ قلت: لا أدري والله أين؟ قالت: فرفع أبو جهل يده -وكان فاحشاً خبيثاً - فلطم خدي لطمة طرح منها قرطي [7].
وعندما احتمل أبو بكر ماله كله، خمسة آلاف أو ستة آلاف درهم خلال هجرته، سكّنتْ أسماء جدها أبا قحافة بأن وضعت حجارة في كوة البيت الذي كان يضع أبو بكر ماله فيها، وغطتها بثوب ووضعت يد أبي حقافة على ما ظنه مالاً..
تقول: ولا والله ما ترك لنا شيئاً، ولكني أردت أن أسكن الشيخ بذلك..
[8] ولم تكتف المرأة المسلمة بذلك، بل ساهمت في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على قدر طاقتها.
(دخل قريب لأم المؤمنين ميمونة -رضي الله عنها-، فوجدت من ريح شراب.
فقالت: لئن لم تخرج إلى المسلمين فيجلدوك؛ لا تدخل علي أبداً) [9].
وها هي أُم سليم تدفع ولدها ليكون جندياً يخدم صاحب الدعوة.
عن أنس قال: (جاءت بي أم سليم (والدته) إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد أزّرتني بنصف خمارها، وردَّتني ببعضه فقالت: يا رسول الله! هذا أُنيًس ابني أتيك به يخدمك فادع الله له.
فقال: (اللهم أكثر ماله وولده) فو الله إن مالي كثير، وإن ولدي وولد ولدي يتعادّون على نحو من مئة اليوم) [10].
وعندما خطب أبو طلحة أم سُليم (قبل أن يسلم) قالت: يا أبا طلحة! ألست تعلم أن إلهك الذي تعبد نبتُ من الأرض قال: بلى.
قلت: أفلا تستحي؟ تعبد شجرة؟ إن أسلمت فإني لا أريد منك صداقاً غيره.(13/29)
قال: حتى أنظر في أمري.
فذهب ثم جاء فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.
فقالت: يا أنس زوج أبا طلحة.
فزوجها فكان صداقها الإسلام) [11].
فأين من ذلك فتيات اليوم؟ ممن يتغالى أهلهن بالمهور، وقد يكون الخاطب ذا دين وخلق، ولكن لا يستطيع دفع الأموال الطائلة، وكذلك الفتيات يتباهين بكثرة ما يدفع إليهن من مهر وذهب ومجوهرات، أو يبقين عوانس مدى حياتهن وما أكثر هذه الظاهرة في عصرنا الحاضر.
-------------------
(1) عودة الحجاب: محمد اسماعيل المقدم 2/263.
(2) قال محقق سير أعلام النبلاء: إسناده حسن انظر السير 2/112.
(3) الإصابة: 4/327.
(4) البداية والنهاية: 4/47، وحياة الصحابة: 2/333 (وجلل: تريد صغيرة، قال ابن هشام: الجلل يكون من القليل والكثير).
(5) الإصابة: 4/297، وسيرة ابن هشام: 1/322.
(6) الإصابة: 4/439.
(7) السيرة النبوية لابن هشام: 1/487.
(8) انظر سيرة ابن هشام: 1/488.
(9) أخرجه بن سعد: 8/129، وسنده حسن (أعلام النبلاء 2/244).
(10) أخرجه مسلم في صحيحه في فضائل الصحابة:(انظر سير أعلام النبلاء للذهبي: 3/398).
(11) الإصابة لابن حجر: 2/442.
http://www.albayan-magazine.com :المصدر
============
ماذا أفعل في المنهج ؟ (2)
أ. د. ناصر بن سليمان العمر
الحمد لله رب العالمين، وبعد:
إن كثيراً من الطيبين يتحرق لحال الأمة وما ألم بها، ثم هم بعد ذلك مذاهب، فمنهم من يكتفي بموقف المتفرج، وينظر ماذا فعل غيره وماذا لم يفعل، ومن فعل ومن لم يفعل، ثم يعمد إلى فتح جراب اللائمة الذي ناء به كاهله، ليقوم بتوزيعها يميناً وشمالاً؛ على الحكام تارة، وعلى العلماء أخرى، وعلى الدعاة ثالثة، وعلى التجار رابعة،...حتى يخلو وفاضه، ثم يحمل جراب اللائمة على ظهره خفيفاً فارغاً متأسفاً على حال الأمة محوقلاً! ولم يفكر يوماً أن يحسب نفسه مع الملومين، أو أن يجعل لها قسطاً من أرتال اللوم. شأنه شأن جحا ينسى حماره من العد دائماً! حاله حال ذلك المتفرج على مباراة بين فريقين، ينتقد من أخطأ، ويشجع من أصاب، وربما تحمس وتفاعل بصدق حقاً، إلاّ أنه متفرج ليس من الفريق المسلم وليس من الفريق الكافر، وإن كان يشجع فريق المسلمين، الذي لا يعد في الحقيقة نفسه واحداً من أعضائه!
فهذا قسم وقسم آخر خير من هذا القسم يعلم أن عليه أن يشارك وأن يفعل شيئاً، ولكنه ينتظر من الآخرين التوجيه، أو التحريك والدفع، وربما استدعاه منادياً بأعلى صوته قائلاً: ماذا أفعل.. إنني على استعداد لبذل كل قطرة من دمي؟
وليست تلك مبالغة بل نص سؤال ورد إلي.
وهنالك أقسام أخرى، وما يهمني الوقوف يسيراً مع هذين، أما القسم الأول فحسبنا أن نقول له:
يا أيها الرجل المعلم غيره *** هلا لنفسك كان ذا التعليم
تصف الدواء لذي السقام وذي الضنى *** كيما يصح به وأنت سقيم
ونراك تصلح بالرشاد عقولنا *** أبداً وأنت من الرشاد عديم
فابدأ بنفسك فانهها عن غيها *** فإذا انتهت عنه فأنت حكيم
فهناك يقبل ما تقول ويهتدى *** بالقول منك وينفع التعليم
لا تنه عن خلق وتأتي مثله *** عار عليك إذا فعلت عظيم
رجاء ادخل الحلبة، أو انزل للميدان، وقف في صف المسلمين إن كنت من أهل الإسلام فإن الأمر يخصك أنت أنت!
أما الآخر الذي يسأل ماذا أفعل فجوابه باختصار أنت من تحدد ذلك!
أحبتي الكرام: إن الأمة تحتاج أبناءها العاملين في كافة مجالات الحياة، فلو حاول كل إنسان نفع الإسلام والمسلمين في تخصصه وما يتقنه لارتفع أمر الأمة.
الأمة تحتاج إلى من يصلحها ويربيها ويجعلها مهيأة لمواجهة الأعداء فضلاً عن رفض العملاء والمندسين والعلمانيين وعدم السماع لهم أو إعانتهم فما أتي المسلمون في أصقاع كثيرة من قبل من يحسبون على الإسلام ويعدون من أهل الوطن.
الأمة تحتاج الإعلام الإسلامي الذي يبين قضاياها ويدعو الغير إليه ويجلي الحقائق كما هي عليه في أرض الواقع.
الأمة تحتاج السياسي الذي يطرح قضايها ويحاور وينافح عنها وفقاً لمنهج الله وشرعه.
الأمة تحتاج المؤسسات الاقتصادية والمالية التي تمثل عصب الحياة الدنيا وزينتها.
الأمة تحتاج المهندس والطبيب، تحتاج الإداري والمحاسب، تحتاج التاجر والعامل.
الأمة تحتاج المجاهد المرابط الذي يتتبع الثغور ويحمي البيضة.
بل يكاد يكون ما من مجال من مجالات العمارة والخير إلاّ والأمة تحتاج إلى الحادبين من أبنائها فيه.
فانظر أخي الكريم- ماذا تحسن وأي شيء تتقن فأنت أعلم بنفسك وقدّر ما يناسبك، ثم شاور أهل العلم والعقل والتجربة والنظر، ثم استعن بالله ولا تعجز ولا تتأخر فالأمة تنتظرك لتنهض بها في مجالك.
نفع الله بي وبك، وعظم الأجر لي ولك، وجعلني وإياك من العاملين الباذلين الذين يرفع الله بهم الدين ويعلي شأن المسلمين.
16/11/1426
http://www.almoslim.net المصدر:
===========
أبناء الدعاة .. من يدعوهم إلى الله ؟
إن المرضى الذين يعودون الجراحين ليعرفوا أسباب مرضهم يعلمون أن للجراح مبضعاً لا بد أن يعمله في أجسادهم شقاً وتشريحاً".وقد يحجم الكثيرون عن زيارة الأطباء جفولاً من ألم المشارط.. وخوفاً من وخز الحقن.. لكن أولئك سرعان ما تتكاثر تحت جلودهم الدمامل والقروح.. وإن بدوا في الظاهر أصحاء ذوي قوة، فسيسقطون يوماً من علٍ بعد أن تنهتك جراحهم..(13/30)
يقول البوطي في كتابه فقه السيرة: "مسؤولية المسلم إصلاح نفسه ودعوة من يلوذون به من ذوي قرباه.. وتوجيهاً إلى القيام بحق هذه المسؤولية خص الله الأهل والأقارب بضرورة الإنذار والتبليغ بعد أن أمر بعموم التبليغ والجهر به، وهذه الدرجة من المسؤولية يشترك في ضرورة تحمل أعبائها كل مسلم صاحب أسرة أو قربى.. وكما لا يجوز للنبي أو الرسول في قومه أن يقعد عن تبليغهم ما أوحي إليه. فكذلك لا يجوز لرب الأسرة أن يقعد عن تبليغ أهله وأسرته ذلك، بل يجب أن يحملهم على اتباع ذلك حملاً، ويلزمهم به إلزاماً".
وإطراق طرف العين ليس بنافع
إذا كان طرف القلب ليس بمطرق
دع عينك.. أريد قلبك القارئ
بعد أن نصح الداعية ذلك المدعو بأن يرفق بنفسه ولا يرهقها، وأن ينتهز فرصة إقبالها لينصب أشرعة إيمانه.. وأن يجدف إن عاكسه التيار بالمجاديف.. وبعد أن همس متسائلاً في أذن الآخر من إخوانه بعد أن أحس منه فترة وسكون: ما آخر عهدك بصلاة الليل وقرآن الفجر؟،، ثم عاد وشارك نبلاء في جمع تبرعات لصالح متضرري المسلمين.. ثم جلس ولفيف من خلصائه يشحذون أذهانهم، ويستبقون الزمن في التخطيط لتطوير دعوتهم.. ثم رجع ووعظ أبناء حيه بعد صلاة العشاء موعظة رقت لها القلوب، واطمأنت لها النفوس، ثم خشع يذكر الله وأشبال معه هم أسود الغد حتى تغشاه النعاس أنساً بطاعة الله. بعد هذا كله آب إلى منزله وقد أنهكه التعب وأمتعه.. عاد إلى أهله مسروراً. فإذا بزوجه تشكو على استحياء حال ابنه الذي هو من صلبه.. من تضييع الفرائض، وتلفظ بكلمات يُتَعفف عن ذكرها، وعصيان طاغٍ، وكأن هذا الابن شوكة في جنب زهرة ينفي وجودها جمال الزهرة المطلق.. لينقلب ذاك السرور هماً.. وذاك النعاس سهاداً.. فيطرق الأب إطراقة حزينة:
الحزن يقلق والتجمل يردع *** والدمع بينهما عصي طيع
مؤلم لعين الداعية أن يرى ابنه أو أخاه أو قريبه يشق في حياته طريقاً مغايراً له.. والله إن القلب ليحزن من رؤية بعض ذوي أرحام الدعاة وقد افترشوا الطرقات وأصبحوا من أهلها يقتلون بها أوقاتهم بل أنفسهم.. وإن الرجل منا ليرى البعيد، وهو يلاحظ اختلاف نهج الداعية عن نهج رحمه فيهمه ذلك، وتشغل تفكيره تلك الملاحظات.
خطورة المشكلة:
تنطلق جسامة هذه المشكلة من تشابكها وارتباطها بعدد من المشكلات، وعمق تأثيرها في محيط الدعاة على المدى المتوسط والبعيد، فالداعية جندي أوقف حياته لله، وجاد بنفسه وأرخصها وهي النفيسة وراح يتلمس مهاوي الردى يلقيها بها فدى لدينه، وأخذ على نفسه عهود الله والمواثيق ألا يولي الدبر، وألا يتولى يوم الزحف إلا متحرفاً لقتال أو متحيزاً إلى فئة، وإن اقتحم الأعداء فأول مواطئهم جثته.
إن جندياً هذه حاله لن تُلين قوة له قناة، ولن يفلق فأس له حصاة، فهو ورفاقه كما وصفهم الواصف:
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم *** بهن فلول من قراع الكتائب
وكما أبدع الآخر فقال:
يهون علينا أن تصاب جسومنا *** وتسلم أعراض لنا وعقول
استدراك الزلل:
كثيرون منا، ما شدهم في بادئ الأمر إلى طريق الالتزام بدين الله إلا محبوبات شخصية كهواية مفضلة، أو دماثة خلق أحدهم، فكانت تلك غرة الحلقات، وسرعان ما تتابعت الحلقات خلفها تشدنا برفق، وتضمنا بحنان.. فأصبحنا نتعلم العلوم إما عن طريق التعليم المباشر، أو عن طريق الإيحاء والإيماء، أو تيار العرف يوجهنا أن أقدموا أو أحجموا، شأنه شأن الريح مع ورقة الشجر تسمق بها حيناً، ثم تهوي بها بطناً لظهر في حفرة..
قد يتذكر البعض أن أساتذته قد علموه أن يخص أهله بشيء من البر والدعوة، لكن الكثيرين لا يتذكرون ذلك.
من هنا نسل قلماً أحمر نرسم به إشارة تعجب نعني بها التحذير المندهش، وندعو من خلالها إلى وجوب استدراك الزلل عبر التواصي بتوريث المدعوين مفهوم البر بآبائهم وأمهاتهم وأهليهم، وإسداء الأرحام أوقاتاً لا شيئاً من وقت.. دع عنك الدروس والمواعظ، فما أردنا ذلك، ولكن أردنا المتابعة العملية، والسؤال الدوري عن أحوال المدعو مع عائلته.
أكثير على أهلينا سُبع أسبوعنا نمنحهم إياه، ونوجه خيرنا الوافر لهم؟! أمنطق أن نسقي حدائق الأبعدين، وأشجار أرحامنا ظمأى، والبئر في أرضها؟! أكاد أجزم أنه لو بقي أحدنا في بيته يوماً كاملاً لاندهش أهله لعدم خروجه، لم لا نقتطع من أيامنا يوماً نلتزم فيه بعدم الخروج مع الغير، نتنزه مع أهلنا فيه، ونقطع رتابة الأيام بنكتة صادقة حاضرة، وثغر مبتسم، وروح خفيفة مرحة، ويد كريمة سخية؟.. إن كان بعض المدعوين يجحد الخير ويتمرد حيناً على من وهبه إياه، فإن أهل بيتك أبداً لن ينسوا لك تلك النزهة، بل ستراهم يتذكرونها ويشتاقون إليها، ويربطون كل سعادة لهم بها.. وياليت شعري ما علموا أنك لم تأبه لتلك النزهة.
الدعوة.. دم وروح:
ما زالت نفسيات بعض الدعاة تمارس أعمالاً ناشزة يصعب على المراقب لها ربطها بالدعوة من بعيد أو قريب.
فالدعوة دم في العروق من القلب ينبض، وروح في الأعماق من الصدر تتنفس.. هل كائن يحيا بلا دم وروح؟(13/31)
إن بعض الدعاة عندما يدخل منزله ومأواه، يتصل حاجباه تقطيباً، ويزفر أنفه تجهماً، وهو الذي اتسع صدره لذلك العاصي الأول، وتراه قد اختزل وتضاءل حتى عاد لا يتسع لحديث ابنه الطفل، ولا لفكاهة أخيه، وله مع سائر أهله معاملة القائد البغيض للجنود، ليس لهم حق الاعتراض أو المناقشة في القرارات، فضلاً عن إبداء الاقتراحات، في حين له عليهم الطاعة المطلقة، وأهله يستغربون مديح الناس له من حيث طلاقة وجهه، ورحابة صدره، ويتعجبون فيما بينهم عن غياب تلك الطلاقة في بيتهم، ولولا عدد المادحين لكذبوهم، ولكن البيوت أسرار وخفايا.. ويحه.. أداعية خارج البيت جبار داخله!
وهذا صنف آخر من الدعاة، له على أهله توفير المطعم والمأوى.. ولهم عليه التفضل بالأكل والرقاد وإبداء الملاحظات حول جودتيهما، قد اتخذ بيته فندقاً بالمجان، فهو في بيته سمير الكتب والإنترنت، وان رام الحديث فالهاتف أنيس وحدته، وأيادي أهله على خدودهم، تترك التعليق على حال ابنهم مخافة إغضاب العميل الدائم!.
الرسول قدوة:
"لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا" (21) (الأحزاب) سمعاً وطاعة يقولها الدعاة عند تلاوتهم هذه الآية، وعلى جوارحهم أن تردد مع الألسنة تلك الآية باتباع نهجه – صلى الله عليه وسلم -.
روى الإمام أحمد في مسنده من حديث ابن سعيد بن العاص عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: "ما نحل والد ولده أفضل من أدب حسن" وهذا رسول الله الذي جعل النوم خلفه ظهرياً، وحمل هم الأمة، من أين استل وقتاً يلاعب به الأطفال؟!
روى البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: "إن كان النبي – صلى الله عليه وسلم - ليخالطنا حتى يقول لأخٍ لي صغير: يا أبا عمير.. ما فعل النغير"؟
ومن أراد استكمال إيمانه فعليه بما أوصاه به الحبيب – صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح الذي روته أم المؤمنين عائشة رضي الله قالت: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: "إن من أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً وألطفهم بأهله". من منا أخطأ طفله مرة أثابه دعوة بدل أن يعاقبه.
يحدث أبو رافع بن عمرو الغفاري يقول: "كنت غلاماً أرمي نخل الأنصار، فأتي بي إلى النبي – صلى الله عليه وسلم - فقال يا غلام: لم ترمي النخل؟ قلت: آكل، قال: "فلا ترم النخل، وكل مما يسقط في أسفلها"، ثم مسح رأسي فقال: "اللهم أشبع بطنه" (رواه أبو دواد).
وصايا للإصلاح:
وهذا بعض من الإسهام في العلاج عل الله ينفع به:
أولاً: وجود التكاليف الدعوية الكثيرة والتي تقلل من فرص بقاء الداعية في بيته كسائر الآباء والأبناء والإخوة لا ينتصب عذراً عن أداء حقوقهم عليه من تربية، ومصاحبة، ونفقة.
روى مسلم في صحيحه عن عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما - أنه سمع رسول الله – صلى الله عليه وسلم - يقول: "كلكم راع ومسؤول عن رعيته فالإمام راع وهو مسؤول عن رعيته والرجل في أهله راع وهو مسؤول عن رعيته والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسؤولة عن رعيتها والخادم في مال سيده راع وهو مسؤول عن رعيته".
ومن منا يجرؤ على الادعاء بالاعتذار بالدعوة عن الأبناء والأهل؟ انشغاله أكثر من انشغال الأنبياء عليهم الصلاة والسلام؟
ثانياً: الفوضى تضيع حقوق الناس، وتجعل الأعمال كسلاسل الجبال أمام الإنسان، فتأخذ الكثير من مشاعره وجهده، وقد يلقي بحظ أهله في ذيل قائمة أولوياته، والأولى أن يعالج طريقة ترتيب وقته، وإدارة ذاته، حتى يعطي كل ذي حق حقه.
ثالثاً: اعتبار مرحلة منافرة الأهل محطة لازمة العبور في حياة الداعية هو اعتبار سقيم، يفرخ تصرفات سقيمة، والتي منها البحث المجهري عن أخطاء يقترفها الأهل لتكون نواة للمنافرة والصدام إبان النهي عن المنكر، والكتاب الذين تصدوا لعلاقة الداعية مع أهله وبسطوا الأمر على أساس المجابهة والمحاربة مستشفعين بأدلة مصعب بن عمير وسعد بن أبي وقاص - رضي الله عنهما - مع أميهما، إنما ذكروا مرحلة من وجوه التعامل تسبقها مراحل عديدة شبيهة بمراحل الدعوة الفردية، كتوثيق العلاقة وبناء الثقة، ومن ثم إيقاظ الحس الإيماني وغيرها من المراحل، فإن استقبل الأهل هذه الخطوات بعداء وحرب، حينها تصح تلك الأمثلة، مع مراعاة الطاعة فيما لا معصية فيه.
روى الإمام أحمد في مسنده عن أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما - قالت: قدمت أمي وهي مشركة في عهد قريش إذ عاهدوا، فأتيت النبي – صلى الله عليه وسلم - فقلت: يا رسول الله إن أمي قدمت وهي راغبة أفأصلها؟ قال: نعم صلي أمك.
وأولئك الكتاب إنما بينوا أمور المواجهة وأغفلوا دعوة الأهل بالحسنى نظراً لظروف بلدانهم، وأعرافها، وعلى القارئ الفطن ألا يقرأ بعين التقليد بل بعين الاجتهاد ما استطاع.
إن صدور الدعاة عليها أن تتسع لأرحامهم لأن:
هدايتهم تضمن بإذن الله ولاء هذا البيت، وهذا يعني إرسال أبنائهم وأبناء أبنائهم للدعاة يربونهم.
ثبت عبر التجربة إبداع النساء في نشر محاسن الملتزمين بين الأمهات، فأصبح الناس يقبلون على الالتزام عبر تزكيات الأمهات.
لن ينتهي عجبك من الدعم والتضحيات التي تبذلها البيوت التي عملت يد الإصلاح فيها براً ووفاءً.
أغلب من جرب الدعوة مع أهله يخبر أنهم لا يحتاجون مزيد جهد وتعب كما هو الحال مع غيرهم من المدعوين.
هل النداء الذي أعلنت مستمع
أم في المئات التي قدمت منتفع؟(13/32)
وبعد فكن كالأنبياء لذويهم، كن كإبراهيم لأبيه.. وكلقمان لابنه.. وكيوسف لإخوته.. بل كن كمحمد لأهل بيته، عن عائشة قالت قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي" (رواه الترمذي).
http://www.almujtamaa-mag.com المصدر:
===============
سلفية الصحوة ، وصحوة السلفية
رضا أحمد صمدي
الأخوة الكرام، بين يديكم المقال الذي وعدتكم به، وهو بعنوان (سلفية الصحوة، وصحوة السلفية)، وسأقسمه إلى قسمين، وأنشر ههنا القسم الأول منه وهو (سلفية الصحوة) وأتحدث فيه عن رأيي في واقع فصائل الصحوة الإسلامية من حيث المنهج والانتماء الفكري، على أن أنشر القسم الثاني (صحوة السلفية) بعد بضعة أيام إن شاء الله، ريثما أتأمل في تعقيبات الأخوة الكرام ونصائحهم واستفساراتهم، راجيا الله تعالى أن يسدد فهمنا ويرشد رأينا ويلهمنا الإصابة في القول والعمل إنه ولي ذلك والقادر عليه.
الجزء الأول: سلفية الصحوة:
بات مستقرا عند كل مدقق في أحوال المسلمين أن هناك يقظة دينية عميقة الجذور تسري في كل شرائح المجتمع، وتنمو وتتعاظم مع مر الأيام والليالي، ولم يعد غريبا بين الناس اليوم مراقبة أحداث متفرقة في كل أنحاء العالم أبطالها أناس يزعمون أنهم جاءوا ليطبقوا شريعة الإسلام، فهذه مجموعة من طلبة العلم الشرعي تقيم دولة في أفغانستان وتعلن تطبيق شريعة الإسلام، وأخرى تعلن جهادها ضد الصلييبين واليهود، وأخرى تقوم بدور غير منكور في نشر العلم وطبع الكتب النافعة وتوزيعها بالمجان، وأخرى تشرف على مشروعات إغاثية واسعة المجال في كثير من أنحاء العالم، وأخرى يتطوع أبناؤها للدفاع عن المستضعفين في كثير من البلاد التي يظلم فيها المسلمون، كما أنه لن تخطيء العين في أي مكان في بلاد المسلمين جمهرة غفيرة من الشباب الغض وقد تسربل بثوب الإيمان والتقوى، وتنسك في وقت مبكر من عمره، وأعلن بين الناس تمسكه بسنة النبي - صلى الله عليه وسلم -.
كل هذا أصبح ماثلا لكل ذي بصر وبصيرة، ولقد بات واضحا لكل ذي عين أن دول الغرب قد اتفقت على وصف ظاهرة الأصولية الإسلامية بأنها أخطر الظواهر التي تهدد نسيج المجتمع الغربي، ولا يمكن أن نهمل هذا التوصيف الذي بناه القوم على دراسات استراتيجية، كما أنه ليس لهم مصلحة في تضخيم ظاهرة سرابية، أو وصف واقع غير موجود، كيف هذا ومصدر تلك التوصيفات جهات عسكرية واستخباراتية وهيئات معلوماتية تراقب وتحلل، والمنكر لهذه الظاهرة أو المهون لها إما حقود أو جهول أو أعمى أو متعام، وكل هؤلاء لا كلام للعقلاء معهم.
ولكن كلامنا مع من يتساءل من العقلاء عن حقيقة الشيء الذي حفز كل تلك الجموع لنهج طريق يشترك في شيء واحد وهو نصرة الدين؟؟؟ وما هو السر في كون هيئتهم جميعا (تقريبا) مشتركة، بل ومصطلحاتهم متقاربة، وأمانيهم وأهدافهم في إعزاز الدين لا تكاد تختلف في أي مكان وجدوا في هذا العالم المترامي الأطراف.
تأمل معي أيها القارئ هذا الطيف من الجماعات الإسلامية المختلفة، وهذه النوعيات المتباينة من المناهج الدعوية والمصنفات العلمية، إن الناظر لأول وهلة يظن أنه أمام علامة من علامات الساعة، إذ يرى فرقة واختلافا على نحو ما أخبر البني صلى الله عليه وسلم، ويرى معارك ضارية تدور رحاها بين تلك المناهج وتلك الجماعات، وقد يذهب التشاؤم بالبعض للجزم بأن النصر لا يمكن أن يأتي على يد تلك الجماعات الإسلامية، بل إننا نرى قطاعا عريضا من الغيورين على الدين قد نفض يده تماماً من جهود الجماعات العاملة في الساحة لما رأى من تخبطها وتناحرها وبعد بعضها عن الكتاب والسنة.
أما كاتب هذه السطور فعلى العكس من كل هذه النظرات التشاؤمية، بل إنه يذهب إلى أبعد من هذا كله، ويقول: إن ما نراه من الواقع الأليم إن هو إلا نوع من إرهاصات النصر التي تسبق مجيء الحدث الجلل، والذي عليه يبنى المستقبل الزاهر.
نعم، أيها الأخوة.... إن صحوتنا الإسلامية الراشدة ما زالت إسلامية، وكثير من قطاعاتها بلغ سن الرشد، والبعض في طور البلوغ، والبعض قد بلغ أشده وبلغ من الوعي والنضج ما يكفي الصحوة كلها.
لا، ليست إسلامية فحسب، بل هي صحوة سلفية الجذور، سنية الأصول والملامح، ترتد في مرجعيتها إلى القرون الخيرية الأولى، وتستلهم جذوة حيويتها من الحركات الإصلاحية السلفية الكبرى مثل حركة ابن تيمية وابن عبد الوهاب وغيرهما.
هل هذه مجرد دعوى أو أنها دراسة عميقة لواقع معقد؟ إنني بكل إطمئنان أقرر أيها الأخوة أن صحوتنا بكل انتماءاتها وفصائلها سلفية الجذور، سنية الملامح، وإليكم البيان والتفصيل.
يمكننا أن نقسم أنشطة الصحوة الإسلامية إلى ثلاثة أقسام:
الأول: النشاط الفردي الخاص (ويتضمن العبادات والمعاملات والأخلاق... ).
الثاني: النشاط الجماعي العام (ويتضمن الجهد الجماعي الذي تبذله كل الفصائل الإسلامية من جهاد عسكري أو سياسي أو دعوي أو... ).
الثالث: النشاط الفكري الذي يتمخض عنه أدبيات علمية مختلفة تعالج الشأن العقدي والمنهجي لفصائل الصحوة الإسلامية إجمالا وتفصيلاً.
إننا لو أخذنا التعريف العام للسلفية وهو العمل بالكتاب والسنة على فهم سلف الأمة، فإننا سنجد أن كل تلك الأنشطة تدور في فلك هذه الجملة أو القاعدة.
فليس في فصائل الصحوة من يقول بأصول أهل البدع الكبرى كالجهمية وغلاة القدرية والجبرية والمعتزلة بل ولا حتى الأصول الجامعة للأشاعرة (ليس هناك من فصائل الصحوة من يعتقدها، وإن كان منهم من ينحاز لبعض فروع معتقدهم)، وليس من فصائل الصحوة من يذهب إلى أصول بدع الخوارج والرافضة أو الإسماعيلية.(13/33)
إن الالتزام العام بمعتقد السلف (ولا أقول معتقد أهل السنة فقد انتحل هذه التسمية جمهور الأشاعرة فوجب التمايز) سمة نلحظها بحمد الله في كل فصائل الصحوة الإسلامية التي تمثل اليقظة الإسلامية الحقيقة التي عمت أرجاء الدنيا.
وليس في فصائل الصحوة من ينكر السنة أو يحيدها عن التشريع، كما أنه ليس في فصائل الصحوة من يتنكر للتراث الضخم (الفقهي والأدبي والدعوي والأخلاقي) للقرون الثلاثة الخيرية، التي يحن إليها قلب كل تقي، ويواليها فؤاد كل مؤمن نقي.
إن العبادات التي تؤديها كل فصائل الصحوة تراعى فيها الموافقة للكتاب والسنة، والكثير من الفصائل المختلفة تستفيد من مؤلفات أئمة السلفية في العصر الحاضر كالشيخ الألباني والشيخ ابن باز في شرحهم لكيفيات العبادات، وليس الآن من فصائل الصحوة من يصلي أو يصوم تبعا لمذهب بعينه بغض النظر عن الأدلة الشرعية المعتبرة.
وفي المعاملات كالأنكحة والتجارات والاقتصاد بوجه عام فإن الصحوة تتجه بثقل كامل نحو استلهام روح الفقه الإسلامي الذي تركه لنا السلف الصالح من العلماء والأئمة المعتبرين، وها أنت ترى كل المؤلفات التي تؤلف في الزواج والاقتصاد تظهر عليها سيما التقيد بالكتاب والسنة، حتى في دقائق الأمور.
أما في مجال الأخلاق فيمكنك أن تطالع كل أدبيات الصحوة بلا استثناء، فإنك ستجد كثافة الاستدلال بسيرة السلف الصالح، حتى من اشتط منهم قليلا واتخذ من بعض المؤلفات المغموزة منهاجا ودستورا فإنك ستجد أن ما شده إليها إنما هو اشتمالها على آثار السلف وطريقتهم في السلوك كالإحياء للغزالي.
أما النشاط الجماعي العام فهو أشهر من أن أدلل له على سلفية الصحوة، فالجهاد العسكري الذي تبذله فصائل الصحوة في مناطق متفرقة من العالم تعلن ولاءها الكامل للسلف الصالح ومنهج خير القرون، وتبث معتقدها الصحيح في أدبياتها ونشراتها بصورة لا تخطئها عين، والنشاط السياسي الذي تمارسه كل فصائل الصحوة يتقيد في مجمل خطواته بالمنهج السني الواضح، وإن حصلت بعض التجاوزات، إلا أي تصرف سياسي تقوم به بعض الفصائل فهو مبني في الغالب على اجتهاد فقهي واسع وفتاوى ودراسات مستفيضة عن الموقف الواجب اتخاذه، وغالب ما حصل الذم فيه لتلك الفصائل فهو محل نظر واسع ومسرح اجتهاد كبير، وقليل منه هو الذي لا مبرر له.
أما النشاط الدعوي السلمي فبحمد الله قد ترسخ عند كل شباب الصحوة الممارسين للنشاط الدعوي مصداقية كبيرة للمنهج السلفي، وباتت كل فصائل الصحوة تستعلن بولائها لهذا الجيل الرشيد أعني جيل السلف، وصارت كل النشرات والمؤلفات والخطب والرسائل تستقي مادتها من سيرة السلف وعلمهم وعقائدهم، هذا أمر مشهور ومعروف لكل متابع.
أما النشاط الفكري الذي يتمثل في العروض المنهجية لفصائل الصحوة فهي وإن كان كل منها ينادي على منهجه وطريقته إلا أن روح تلك المناهج صار يصب في مصلحة الدين العليا، ويستمد الأدلة من الكتاب والسنة، ويعتبر وجود دليل من فعل السلف ظفرا مبينا ونصا قاطعا في قضيته، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على إجلال الصحوة للآثار السلفية والطريقة السنية، ويمكنك أن تستقريء خمسة كتب من أدبيات كل جماعة وتوازن ما بينها وبين كتب الفكر العامة، فإنك ستجد فيها الحس الإسلامي، وأريج السلفية العبق يتضوع شذاه مستعلنا بانتمائه، وموضحا عراقة أصله ومحتده.
هل أنا حالم أو غارق في الأماني؟ لا أيها الأخوة، لقد ناقشت وجادلت الكثير من المنتمين للجماعات العاملة في الساحة، وكان من ناقشتهم على المستويات العليا لا السفلى، وقرأت الكثير من أدبيات الجماعات الإسلامية، وكان هذا الحكم وليد نظر واسع وتأمل عميق لنفسيات العاملين في الساحة من الدعاة من كل شاكلة، لقد بدا لي بوجه قاطع أن التشنج الذي نراه عند البعض مرده إلى سوء فهم منه للمنهج، وأن الأصول العامة لأهل السنة، لا يكاد يحصل فيها خلاف.
وأعظم دليل على دعواي هذه أنك ستجد أن كل قادة فصائل الصحوة وعلماءها من كل الجماعات يعلنون أن عقيدتهم هي عقيدة السلف، ومن يتردد يقول: إن الراجح عقيدة السلف، لا أستثني إلا بعض القادة الذين لا وجود حقيقي لهم في الساحة، فالمتنفذون بفتاواهم والقائدون حقيقة لمسيرة الصحوة كلم بفضل الله على العقيدة السلفية في الجملة وفي كثير من التفاصيل، لا تجد منهم أشعريا أو جهميا أو معتزليا أو خارجيا ولا رافضيا، وهذا بفضل الله تعالى وتوفيقه ومعونته.
وبعد.... فإن هذا الاستنتاج الذي أطرحه هنا ليس لأجل تطييب الخواطر، وليس لأجل تهدئة النفوس، بل هو (في نظري) تقدير وحكم على الواقع بمقتضى الحوادث الحقيقية والأدلة المادية، وأنا أتناول روح هذا الواقع وروح حوادثه، ولا ألتفت إلى الوقائع الجزئية منفصلة عن أخواتها، ولا أتشبث بالسقطة والزلة متجاهلا الأعم الأغلب من التصرفات، بل أقيس وأسبر الجماء الغفير من تلك الوقائع والتصرفات، وما شذ منها أبحث عن سببه، فإن كان له سبب وجيه صرفت النظر عن اعتبار شذوذه، وإن لم يكن له سبب وجيه جعلت هذا الشاذ محكوما لا حاكما، حتى يكثر الشذوذ، وبحمد الله لم أجد هذا في أي من فصائل الصحوة.
قد تبدو لك أيها القارئ بعض النقاط مغلقة، غير مفهومة، وبعض الاستنتاجات عليها علامات استفهام، وهذا لا بد أن يحدث فإن الواقع معقد فعلا كما أسلفت، وكثرة الخلافات بين آحاد شباب الصحوة هو الذي سبب هذا التعقيد، كما أن غياب التواصل بين قادة الصحوة هو الذي يعقد الأمور أكثر وأكثر.(13/34)
ولكن كن على يقين أن هذه النتيجة لدي البينات عليها، ولدي من أدلة الشرع والواقع ما يقيمها على ساق قوية، وإن خالف فيها بعض أهل العلم، واعترض عليها بعض قادة الفصائل، إلا أنني أعمل بقاعدة ذهبية وضعها لنا المحدثون وطبقها المؤرخون في نظرتهم لحوادث التاريخ، وهي أن ننظر نظرة ناقد لخلاف الأقران، ومعارك المعاصرين، وألا نبادر إلى ذم طرف على حساب طرق حتى نفهم حجج الطرفين ونسمع حجاج كل واحد منهما عن رأيه وفكره.
هذا ولا أحتاج أن أؤكد أن المقصود بالصحوة الإسلامية السلفية عندي من لم يتلبس ببدعة عقدية أصيلة، كالخوارج (الذين يكفرون المسلمين بالكبائر) أو الرافضة أو المعتزلة المعطلة، وكذلك من لم يتلبس بغالب البدع العملية التي يفعلها الطرقية والصوفية، فمن هذا شأنه غير محسوب عندي من فصائل الصحوة أو جماعاتها أو آحادها، فاسم الصحوة لا يصدق إلا على من استلهم أصول الإسلام في يقظته وقومته لإعادة العزة والنصر للأمة المنكوبة.
وفي نفس السياق أوكد أيضا أن هذه النتيجة ليس معناها أن كل فصائل الصحوة على المنهج السلفي الكامل، وأنها تطبق السنة بحذافيرها، فالتقصير وارد وحاصل دون ريب، وإذا كان في القرون الثلاثة الخيرية من تلبس بالبدع الكبرى ومع هذا فلم يقدح وجودهم في خيرية تلك القرون، والقصور في أصول مناهج بعض الفصائل لا يمكن أن يستريب فيه عاقل، ولكن هذا القصور لا يقدح في روح الصحوة التي تنتمي إليها كل تلك الفصائل أكرر (روح الصحوة)، كشأن مدرسة تفوق تلامذتها ونجح معظمهم، وحصل البعض على الدرجات المتوسطة والبعض القليل قد رسب، فإنه لا يجوز أن نطلق حكما جائرا ونقول: إن المدرس ليس فيها متفوقون أو أن المتفوقين فيها قليل، هذا جور في الأحكام نريد أن ننزه طرحنا عنه حتى تكون النتيجة عادلة على قدر النظرة العادلة والكلام عن السلفية الكاملة وكيفية بلوغها هو محل حديثنا في المقال القادم إن شاء الله، وأرجو من كل من كان لديه استفهام أو شك في شيء من استنتاجاتي أن يبادر إلى الاستفسار، فقد يكون الحق معه، ولا أزعم العصمة فيما أتيت به، بل هو نتاج بحث وفكري وقدح زناد عقلي، والمعصوم من عصمه الله تعالى. وأسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم لما فيه مرضاته، إنه ولي ذلك والقادر عليه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجزء الثاني: صحوة السلفية
هل نحتاج أن نكون صادقين أيها الأخوة ونحن نتحاور ونتناقش في الشئون العامة لأمتنا؟ بالطبع، فبدون الصدق لن تكون هناك مصارحة ومن ثَمَّ لن تكون مناصحة.
وهل نكون من المخادعين أنفسنا لو قلنا إن شباب الصحوة كلهم يفهمون معنى السلفية فهما صحيحا؟ نعم، نحن نخدع أنفسنا بهذا الظن، في حين أننا نخدع أنفسنا أكثر حين يظن كل واحد منا أن سلفيته هي السلفية الحقة، وأن انتماءه المنهجي هو النسب الصحيح الصريح الوحيد من دون كل انتماءات الناس.
وليس مرد الفهم السقيم للسلفية عند بعض شباب الصحوة إلى غموض معنى السلفية، وإلى تعدد التعريفات التي يقرأونها في أدبيات المنهج، ولا إلى تنوع النشاط السلفي في الساحة الدعوية، بل مرد ذلك كله إلى أمر نحن نعرفه، وننادي به ونحذر من مخالفته، مرد ذلك إلى المعايير التي نحاكم بها المناهج الأخرى، مرد ذلك إلى عدم اعتبار المعايير الصحيحة في الحكم على القضايا والمسائل، أي عدم اعتبار معايير السلف في فهم معنى السلفية!
إن أهل السنة والجماعة بكل انتماءات فصائلها مجمعة على وجوب التحاكم إلى الله والرسول صلى الله عليه وسلم، ويضعون قيد: فهم السلف للتمايز عمن يعتبر فهم السلف لا ميزة فيه أو لا فضيلة شرعية ترفعه على غيره من الأفهام.
إن قيد (فهم السلف) مقصود به معايير السلف في فهم النصوص، ومن ثم كيفية إنزالهم أحكام الشرع على واقعهم سواء كان في إطار معتقدات أو عبادات أو معاملات أو سياسية شرعية أو أخلاق أو غير ذلك من مناحي الحياة بل في إطار النظرة للحياة نفسها.
ليس المقصود بفهم السلف هو ما ورد من أفراد فتاواهم وآحاد آرائهم في تفسير أي نص شرعي من كتاب أو سنة، أو اجتهاد مستنبط منهما.
بل ما عرف بالاستقراء والتتبع أنه طريقة مسلوكة ومنهج متبع وقاعدة مطردة أو شبه مطردة، ومثل هذا نحصل عليه بالتنصيص من أهل الاستقراء المعروفين بالتتبع لآثار السلف وتاريخهم، ومثل أولئك بين علماء الأمة كثير، والعجيب أن الخلف ممن لم يرفعوا بآثار السلف رأسا ولم ينتفعوا بعلومهم أصلا تجدهم يتناقلون روايات السلف بمنتهى الأمانة والدقة، حتى إنني أكاد أجزم أن آثار السلف التي نستطيع أن نكون بها صورة عن فهمهم للنصوص ومنهجهم في الحياة لم يلحقها أي تحريف أو تبديل، بل هي معروضة كغيرها من النصوص على أصول النقد التي وضعها السلف أنفسهم رضوان الله عليهم.
ولنضرب مثالا حتى يتضح المقال: قد علمنا من سيرة السلف رضوان الله عليهم اجتهادهم في العبادة، وقد تواتر من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم شغفه بالتهجد ومناجاة ربه الكريم، وقد سمعنا عن أحد الدعاة يصف اجتهاد أحد أئمة المساجد في تطويل القراءة في صلاة التهجد أنه غلو ومجافاة عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
إن ذلك الداعية قد سبر سنة النبي صلى الله عليه وسلم فاستخلص منها أثرا واحدا يأمر بالتخفيف، ولكنه لم نسي أن يعتبر الأوصاف الأخرى التي تحتف بالأمر بالتخفيف وهي عندما تكون صلاة فرض (لأن الناس كلهم مأمورون بإقامتها جماعة)، وعندما يكون المسجد جامعا يؤمه كل الناس، فيكون فيهم الضعيف والسقيم وذا الحاجة (كما ورد في الحديث).(13/35)
أما إذا كانت الصلاة نفلا (صلاة التراويح أو التهجد) وكان المسجد يؤمه أنا يرضون بالتطويل، أو أن هناك مساجد تخفف ومساجد تطول، فهذا مما لا يتعارض مع سنة النبي صلى الله عليه وسلم بحال، ولا يعد فاعل التطويل مخالفا لهديه صلى الله عليه وسلم، بل هو على التحقيق مطبقٌ لسنة مندثرة، محيٍ لفعل تحاشاه الناس مع طول الزمان.
ومن الأمثلة أيضا أننا نرى بعض السلفيين يجعل من مخالفة أحد الدعاة لمسألة من مسائل فروع المعتقد سببا كافيا في إقصائه عن السلفية ونبذه عن حوزتها، ولا أتحدث هنا عمن له الحق في إثبات السلفية الحقة لأحد من الناس، ولكنني أتحدث عن المعايير التي نطبقها للحكم على الناس بالسلفية من عدمها، وقد شهدت بنفسي أحد الدعاة يصفني بأنني لست من أهل السنة لأنني لا أقول بوجوب قراءة الفاتحة للمأموم في الصلاة الجهرية، محتجا بنص عن الإمام الصابوني (المحدث الشهير) في عد تلك المسألة من المسائل التي يعتقدها أهل السنة.
ونحن نعلم أن المحدثين أو بعض أهل السنة قد يورد بعض المسائل الفروعية ويدرجها في سياق مسائل المعتقد لأن المخالف من أهل البدعة لا يقول بها، وليس معنى إيرادها أن المخالف لهذه المسألة الفروعية بمجردها من أهل البدعة، ومثاله ذلك أيضا إيراد الإمام الطحاوي لمسألة المسح على الخفين في مسائل المعتقد، مع علمنا أن المخالف فيها من الشيعة يردها إنكارا للأحاديث المتواترة عن الصحابة من أهل السنة، ولكن لو افترضنا أن أحدا من أهل السنة أنكر المسح على الخفين متأولا نسخ القرآن لكل ما ورد من الآثار (كما فعل بعض الصحابة في مسألة المسح على الخف نفسها) فلا يمكن أن نعتبره بذلك مبتدعا لمجرد أنه خالف في مسألة فروعية أوردها مصنف في سياق مسائل المعتقد.
وقد رأينا بعض طلبة العلم يتجرأون على تبديع أحد العلماء ووصفه بأقذع الأوصاف لمجرد أنه يقول بشرعية التبرك بغير آثار النبي صلى الله عليه وسلم، ومع كون هذا القول ساقط من حيث النقل والعقل إلا أنه لا يمكن أن يكون قائله (بمجرده) مبتدعا مصنفا في دائرة من يحذر من كلامه وعلمه!!! ومرد ذلك إلى أن المسألة انبنت عنده على أدلة شرعية وقال بها زمرة من أهل القرون الثلاثة، وشذوذات العلماء لا تحصى كثرة، ولكن لا يمكن أن تكون سببا في الإقصاء عن دائرة أهل السنة والجماعة.
وفي تحليلي أن أهم الأسس التي يجب تحريرها في معايير السلف هو: تأصيل مبدأ الخلاف السائغ وغير السائغ، أو المعتبر وغير المعتبر، ونفس هذا المبدأ قد نجد فيه بعض الاختلاف، فمن المعروف أن الاجتهادات نادرا ما تتفق، والجهل بالإجماع غالبا ما يكون سببا رئيسا في حدوث الخلاف والشذوذ.
ولا يجوز أن نتهرب من واقع أن تأصيل مثل هذه المسائل لم يلق اهتماما كافيا من منظري منهج السلف، فصار التهارج بين المنتسبين للمنهج سمة لا تخطئها عين ناقد، وحتى إذا ما أتيحت الفرصة للتحاور بين المختلفين نجد أن معايير الحكم غير منضبطة بل حتى أصول الحوار النظيف والجدال بالتي هي أحسن.
ونحن لا نتحدث عن الخلاف بين أهل السنة وأهل البدع الأصيلة كالجهمية والقدرية والمرجئة الغلاة والرافضة، بل نتحدث عن خلاف بين أهل السنة في مسألة واحدة من مسائل المعتقد أو من فروع مسائله.
إن هذه الحالة التي تحياها صحوتنا لا يعني أننا عاجزون عن تدارك الأمر وإصلاحه، وإنما قصدت من الوصف السابق بيان وجه الخلل وسببه.
لقد كانت هذه المقدمة ضرورية قبل أن نشرع في بيان أصل موضوعنا (صحوة السلفية)، فإن من اختلت لديه المعايير، أو انعدمت، أو حرفت، يصبح كل موضوع مطروح أمامه خاضعا للذوق الخاص، أو لمعايير تلقاها من أهل العلم وزينها بنتف من صميم آرائه الشخصية وعرضها في حلة واحدة ظانا أن هذا المجموع هو المعيار الصحيح والميزان الصائب.
إن صحوتنا الإسلامية المباركة نعمت منذ نشأتها – بحمد الله – بمنهاج نقي طاهر، هو مرجعية الكتاب والسنة، وكلما تسابق خطو هذه الصحوة ازداد نقاء هذا المنهاج، وتأصلت أسس تلك المرجعية.
وفي مقالنا السابق (سلفية الصحوة) أثبتنا أن روح الصحوة يجنح إلى منهج السلف الصالح في في الاعتداد بأدلة القرآن والسنة وفهمهما على مقتضى أصولهم، وكيف أن رجالات الصحوة – حتى من عرف عنهم بعض الانحراف في المنهج – يعتبرون تحري سيرة السلف وأنموذجهم الطهور مرتكزا أساسيا لأية انطلاقة حضارية.
ونؤكد هنا ما سبق أن أثبتناه أن الخلل موجود، والقصور واضح، والنقص وارد، وهذا شأن أي نشاط إنساني، ونحن نعتصم بعون الله ومدده وفضله، ولا ندعي العصمة في أقوالنا وأفعالنا ما لم يتحقق فيها إجماع معتبر عن سلفنا الصالح فإنه نعتبر مثل هذا الإجماع الأكيد قولا معصوما يجب الانصياع له كأي نص شرعي من كتاب أو سنة.
وما نود أن نؤسسه هنا أن صحوتنا تحتاج إلى نهضة فكرية شاملة وقومة منهجية واسعة تضع الأمور في نصابها، وتقيم المسالك بعد اعوجاجها.
إن بذور الإصلاح موجودة في صحوتنا، بل جذور القوة متأصلة في حنايا المنهج، وساق المنهج نفسه سامقة عالية، بيد أنها غير يانعة تحتاج إن تورق وتزهر.
وما هو إلا ماء العلم ورواء الكفر والتعقل نسقيه بذور صحوتنا وجذورها وساقها حتى نرى ننظر إلى ثمره وينعه.
إن سلفيتنا العتيدة متأصلة بحقائق المعتقد الواضحة، لا يمكن أن تنحرف عن الجادة، ولكنها تحتاج إلى معالجة وإعادة نشر، فالعقول غير العقول، والأفهام غير الأفهام، والنفوس غير النفوس، وقد أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن نحدث الناس بما يعرفون، وليس معنى الحديث ألا نحدثهم بالشرع الذي لا يعرفونه، بل نحدثهم بالشرع على طريقة يستطيعون فهمه وتدبره.(13/36)
إنني بعد سبر واستقصاء لحال السلفية في عصرنا أستطيع أن أن أستبشر خيرا بوجود نهضة فكرية تحاول إحياء منهج السلف لا في أبواب المعتقد فحسب، بل في منهجهم في الحياة كلها.
وقد تصدى الكثير من أرباب الدعوة والفكر لمعالجة أصول المنهج بطريقة تقرب معانيها للشبيبة، وبحيث يكون المنهج واقعيا ومتناولا، لا مجرد نقول ونصوص وآثار.
ويمكنني أن أبسط اتجاهات صحوة المنهج السلفي في ثلاثة اتجاهات رئيسية:
الأول: اتجاه المعتقد.
الثاني: اتجاه المدنية والحضارة.
الثالث: اتجاه السلوك والأخلاق.
الاتجاه الأول: اتجاه المعتقد
أما من ناحية المعتقد فهذا مما لا يختلف فيه أحد في هذا العصر أن السلفيين هم حملة راية العقيدة، والمنافحين عنها والمدافعين عن ساحتها وفنائها ضد كل مبتدع وضال.
وصار دعاة التكامل يسلمون بأحقية التيار السلفي في التصدر لهذه المهمة باعتباره المتأصل فيها منذ القدم، وباعتبار أن منهجه العقدي يعتبر أنقى المناهج عن البدعة، مما يعد ممثلا حقيقيا لعقيدة القرآن والسنة التي هي عقيدة النبي صلى الله عليه وسلم.
ومع هذا الواقع المبشر فإن صحوتنا ما زالت تحتاج إلى توسع أكبر في ناحيتين من نواحي المعتقد:
الناحية الأولى: قضايا المعتقد. فمن تيارات السلفيين من يظنون أن الضلال الذي نشأ في الأمة منحصر في عباد القبور، وهو الشرك الطارئ الذي حدث في الأمة بعد سلامة إيمان، ونسي هؤلاء أن هناك شرك حقيقي موجود في العالم هو الشرك الوثني، أي عبادة الأوثان والأصنام، ومخطئ من يظن أن هؤلاء لا مسئولية علينا تجاههم، كما أن هناك شركيات أخرى مجازية لكنها تدخل في معنى الشرك الذي نهى الله عنه، وهو شرك المحبة (حب المال والزوج والجاه والوظيفة.. )، وشرك الحاكمية الذي عم بلاؤه وطم، وشرك الاستنصار الذي وقعت فيه كل البلاد وكثير من العباد.
وبعض هذا الشرك أعظم من بعض، ولسنا بصدد بيان درجات ومراتب الشرك المذكور سواء المخرج منه من الملة أو غير المخرج، ولكننا بصدد إيضاح أنواعه (مع الإقرار بتفاوت مراتبه) لنلفت انتباه إخواننا السلفيين وشباب الصحوة على وجه الخصوص أن سلفيتنا لن تكمل إلا بإحاطة وشمولية في تناول كل قضايا المعتقد.
بل إن هناك أنواع من الكفر لا تقل خطورة عما مضى، وهو كفر العلمانية الفاجر الذي أطل برأسه في هيئة إسلامية وصورة دينية، مسوغا تبديل كل أحكام الشرع بزعم تطور الدين بتطور المجتمعات، حتى صرنا نرى العلمانيين يتكلمون الآن بلغة دينية وكلمات اصطلاحية شرعية يدكون معاقل الشريعة بسيفها، ويهدمون صروح الإسلام بمقامع إسلامية!!!
والعجيب أن بعض فصائل التيار السلفي تستسيغ أن تتهارج مع بعض الفصائل السلفية الأخرى في قضايا هي معدودة من فروع المعتقد، ولكنها تستسيغ أيضا الصمت المطبق تجاه كفر علماني عتيد يضرب بأطنابه في ربوع العالم الإسلامي.
ومن طرائف ما حدث أن أحد الباحثين ألف كتابا في قرب ظهور المهدي، فتتابع كثير من أهل العلم على الرد عليه في مؤلفات متنوعة، وكان في الجامعة علماني صفيق يقنن لشبيبة الإسلام أصول حكم إسلامي جديد لا يرجع إلى الكتاب والسنة، فلم نحس منهم من أحد أو نسمع لهم ركزا.
ولو كان ألف بعض علماء الصحوة في بدعية السبحة فحريا به أن يؤلف في بدعية مناهج الحكم التي لا ترتكز إلى طريقة السلف في السياسة الشرعية، ونحن لا نمنع من التأليف في بدعية السبحة، ولكن نقول إن الشمولية سمة يجب أن تعتادها صحوتنا حتى ترقى إلى السلفية الحقة التي كان عليها سلف الأمة الصالح.
الناحية الثانية: تصنيف قضايا المعتقد. فالمتأمل في حال الصحوة يرى استقطابا حادا لبعض المسائل العقدية، ونزوعا من الجمهرة على تناولها في شتى الساحات، وإيغال وتعمق في البحث والاستدلال لهذه المسألة أو تلك، بدون أن يكون هناك اجتماع وتفاهم على قيمة هذه المسألة وأهميتها ووزنها في قضايا العقيدة.
ولهذا نرى كثيرا من الوقت ينفق لأجل مناقشة قضايا هي من الخلاف السائغ بين سلف الأمة ولا يمكن أن نحسم فيها الخلاف بعدهم بألف عام وقد عجزوا هم أن يحسموه.
والرؤية المنصفة القائمة على ميزان شرعي دقيق في حساب أهمية القضايا المختلف فيها هي أكبر غنيمة يجتنيها الشاب المنتمي لهذه الصحوة المباركة وما أحرانا أن نوجد في منهجنا أصولا مرعية نوازن بها بين المسائل، ونحكم بها على الأولويات وما يجب أن يؤخر وما يجب أن يقدم.
الاتجاه الثاني: المدنية والحضارة
لن تخطئ عينك حينما تتعرف على إخوانك في تجمعات كبيرة مثل اعتكافات المساجد ومعسكرات الطلبة وغيرها أن الصحوة قد وصلت إلى كل شرائح المجتمع، ولم يبق في مجتمع الناس ثغرة إلا اقتحمتها الصحوة بفضل الله تعالى.
فلذلك نستطيع أن نطمئن إلى حقيقة التنوع العلمي والثقافي لصحوتنا المباركة، وأنها ليس صحوة النخبة، وليس دعوة الأقليات، لأن علامة الانتشار والقبول للفكرة أن تجدها واضحة في ذهن كل طبقات المجتمع، وهذا متحقق بالدرجة المطلوبة في المنهج السلفي.(13/37)
وقد أضحى كوادر الدعوة على قدر المسئولية في حمل أمانة الدين، وصارت كل أساليب الدعاية التقليدية منها والمتطور مسخر بحمد الله في خدمة الدعوة، وهذه علامة ظاهرة وبينة واضحة على أن السلفية لم تقبع في كهوف التاريخ تتفرج على قوى الكفر مستعلنة بفجورها، بل زاحمت القوم في تقنيتهم، وتعاقبت الصفوف على البذل لهذا الدين بكل وسيلة متاحة من مال أو جهد أو طاقة أو تقنية أو وسيلة مبتكرة، حتى إننا صرنا نرى عبقرية ضافية من النساء في الدعوة إلى الله تعالى على منهج السلف، ومشاركة فاعلة من الشباب الصغير في نصرة الدين في كل المجالات، بحيث نستطيع أن نطمئن إلى المعاصرة التي تحتاجها أية دعوة عالمية تقتحم مجتمعات جديدة وتكتلات حديثة.
وأصبح الكثير من فصائل التيار السلفي يدرك أن العمل الدعوي شأنه شأن أي عمل دنيوي، إذا لم نوفر له الجهد المطلوب لننافس به المنافسين فإن مصير الدعوة سيكون الفشل الأكيد، ولن تجد لسنة الله تبديلا.
والصحوة التي تحتاجها سلفيتنا في هذا الاتجاه: المزيد من التطور والتطوير، والمزيد من البحث والتأمل في الواقع.
بل إن الصحوة يجب أن تطور نفسها في مجالات القوة الاقتصادية والسياسية والعسكرية، فثمة تحالفات مع الأقوياء في الاقتصاد والسياسة والجيش لا تعود بالضرر على الصحوة فما أحرانا أن نتواصل مع تلك القوى، وأن ننميها ونطور ولاءها للإسلام، ومع مر السنين (الطويلة) سنجد بين ظهرانينا كفاءات اقتصادية وسياسية وعسكرية تكون هي المفتاح للنهضة الشاملة التي نرتجيها.
إن الصحوة ليست مجرد حركة دعوية في مسجد، أو نفرة جهادية في بلد، أو انقلاب سياسي في ناحية، أو مصاولات تجارية في سوق، بل الصحوة نهضة شاملة تستدعي كل قوة نملكها لتقف صفا صفا، تنادي على كل نفس متحفزة لخدمة هذا الدين أن جاء وقت البذل فشمري للتضحية والفداء.
وكوادر الصحوة.. شبابها.. وقودها الهادر.. تيارها الدافق هم الذي يأخذون هذا الدين كلا لا يتجزأ، وشمولا لا يتفرق، هم الذي يستشعرون النظام في حركتهم وحركة إخوانهم، التوافق بينهم وبين أترابهم في العمل النهضوي الإسلامي، يجدون تلاءما بين الجميع في العمل لهذا الدين، فالكل قد شمر لخدمة هذا الدين، والكل يبذل ويضحي.
إن بدرت بادرة خلاف تداركوها بالتراحم والتحاور، وإن ظهر بينهم مفرق صف أنكروه عليه وعنفوه، وإن سعى بينهم ساع بالنميمة زجروه ومنعوه.
إن أخطأ مخطئهم نصحوه وعلموه ولم يشنعوا عليه أو يفضحوه، وإن اعتذر قبلوا منه وكافئوه وسامحوه، وإن عاند وكابر تركوه وأهملوه.
كلهم يد واحدة على من سواهم، يتعاونون في المتفق عليه، ويتعاذرون في المختلف فيه، ويجدون المسلك السني الرشيد في الإنكار والإعذار، حاديهم حماية الدين من التحريف، وحماية وحدة المسلمين من التجريف، فلله درهم من طائفة خير وبركة.
هؤلاء هم الذي تعلق عليهم الآمال في بعث أمة الرسالة والنهضة والتقدم، وهؤلاء هم خلاصة الأمة التي عقد ت الأمة آمالها عليهم، وعرفت لهم آلامهم في سبيل الدين.. فلله درهم وعلى الله نصرهم.
http://www.saaid.net المصدر:
===============
الدعوة الإسلامية أمام نسوة يوسف وإخوان لوط
حسن السرات
4/4/1427هـ
للدعوة الإسلامية واجهات كثيرة من العمل، وكتب عليها في هذا الزمان أن تعيد بناء كل شيء، وتعيد التذكير بكل شيء، لكنها في هذه الغمرة من الأبواب المفتوحة والمعارك المتتالية ترتبك عندها الأولويات، وتزيغ النظرات، فتنسحب من بعض الميادين غفلة ونسياناً، أو تقديراً منها أنها غير ذات أهمية، أو إحجاماً وخضوعاً لبعض المشاعر والتقاليد غير الشرعية.
ومن أكبر ميادين المعارك في هذا العصر ما أصبح يعرف بالإباحية الشاملة، وهذه ساحة حرب حقيقية بين الفضيلة والرذيلة، غيبتها حركات الدعوة الإسلامية ضمن بعض الأبعاد الغائبة في اهتماماتها وأعمالها، وفي الوقت الذي تتدافع فيه الدعوة في ساحات العمل السياسي، تستحوذ الإباحية الجنسية على كل المجالات بما فيها المجال السياسي، وتحاصر الدعوة والدعاة من كل جانب، فهل تدرك الدعوة الإسلامية أي خصم يواجهها؟ وماذا أعدت من برامج وخطط لفك الحصار على الصعيد المحلي والعالمي؟ وهل تدرك أن الخصم قد غير سلاح الشبهة بسلاح الشهوة من أكثر من ثلاثة عقود؟
تجارة الميل العظيم:
منذ أكثر من ثلاثين سنة بدأت تشهد البشرية تحولاً كبيراً في سلوكها الجنسي بالتحرر من القيود الأخلاقية والاجتماعية، وسمي هذا التحول منذ ذلك بـ"الثورة الجنسية"، وهذا الاسم عنوان كتاب ألفه اليهودي النمساوي ويلهيلم رايخ، ذهب فيه إلى أن السلوك الجنسي المتوارث ليس هو سلوكنا الأصلي، بل هو سلوك مكتسب من الأسرة والمجتمع، وأنه آن الأوان لإنهاء هذا الأمر، والتحرر من كل ذلك، ونتيجة دعاية ذكية، وتحالف بين هذه الدعوة وظهور المذهبية الشيوعية واليسارية؛ عرفت دعوة الكتاب انتشاراً واسعاً بين الشباب في نهاية ستينيات القرن الماضي، فتصاعدت "الثورة الجنسية" في كل أقطار الغرب.
ورغم تخلي الاتحاد السوفييتي عن قوانين وإجراءات تسهيل التحرر الجنسي بعد أن رأى آثارها المدمرة السريعة في أوساط الشباب والأسرة، إلا أن الموجة مضت في طريقها مكتسحة كل شيء خاصة بعد أن وجدت محترفي وسماسرة تجارة الميل العظيم.
تجار الميل العظيم هم شيدوا بإحكام شبكة عالمية من النخاسة الجديدة التي تنظم الدعارة المقننة والوحشية، وتدير مصانع الشهوة الجنسية وأسواقها الكبرى والصغرى، ومعارضها ومؤتمراتها، وآلاتها الإعلامية الضخمة، وأدواتها الثقافية والفنية، بل ومؤسساتها القانونية الدولية.(13/38)
ومنذ أكثر من ثلاثين سنة والمجتمعات الإنسانية تشهد حرباً حقيقية بسلاح القصف الجنسي المتواصل ليل نهار، وتشهد عولمة ضخمة لبورصة دولية للمتاجرة في النساء والرجال والأطفال، وإغراق كل جوانب النشاط الإنساني بسلع جنسية متنوعة ومتجددة، من بيع الملابس والسيارات والطائرات إلى الإنتاج الإعلامي لكل دول العالم، مروراً بالسياحة والرياضة ونظم التربية، والتعليم والتشريع.
وشملت تجارة الميل العظيم الرجال والنساء والولدان، أي الدعارة التقليدية لكن بطرق حديثة، ولكن زيد عليها اليوم تجارة الشذوذ الجنسي، وصناعة وتجارة الغلمانية؛ أي الاستغلال الجنسي للأطفال، فماذا بقي بعد ذلك.
حسب إحصائيات خبراء غربيين وهيئات دولية يصل رقم المعاملات المالية لتجارة الميل العظيم إلى حوالي 60 مليار يورو، في سنة 1989 قدرت هيئة الأمم المتحدة أن 4 ملايين شخص يدورون سنوياً في طاحونة النخاسة الدولية، وذلك ما يدر على التجار الفجار ما بين 5 و7 مليار دولار أمريكي، وحسب الأمم المتحدة أيضاً وصل عدد النساء والأطفال ضحايا التجارة الخبيثة والاستغلال الجنسي إلى أكثر من 30 مليون ضحية، وهذا دون الحديث عن سوق البورنوغرافيا أي معارض الصور الجنسية، والكاتالوغات الخاصة.
نسوة يوسف:
يحدثنا القرآن الكريم عن نموذجين للإباحية الطاغية المستبدة:
نموذج امرأة العزيز، ونسوة يوسف - عليه السلام -، ونموذج قوم لوط - عليه السلام -.
في قصة يوسف - عليه السلام - يتحالف سلاح المراودة الفردية والجماعية مع سلاح الإكراه البدني لنزع لباس العفة عن النبي يوسف - عليه السلام -، وبشكل درامي متصاعد يصل الأمر إلى التهديد، والمصادرة بعد سقوط خيار الإغراء والإغواء، لتنتهي فصول الصراع إلى اعتراف الجهات المعتدية بالعدوان، والإقرار بالمراودة، وانتصار كبير للعفة، وتسليم زمام الحكم لها لتعميم الفضيلة، وحل الأزمات، وتقديم الخدمات.
ألا نعيش اليوم نحن بني آدم جميعاً تحت سطوة المراودة الجماعية في كل لحظة وحين؟ ألا نعاني من عدوان إباحي شامل يسحقنا صباح مساء، ويسبي منا نساء ورجالاً وأطفالاً، ويترك فينا الهلكى، والجرحى، والمرضى، والحمقى، والمعطوبين؟ ألا تبلغ الصور واللقطات الجنسية العنيفة الموجهة للجميع من دون استثناء مئات الملايين كل يوم؟ ألا تتعالى الأصوات في الغرب نفسه أن أبعدوا عنا هذا الظلم الكبير؟ ألسنا أمام نسوة المدينة حيثما حللنا وارتحلنا من دون أن نرى يوسف؟ وأين هو يوسف هذا الزمان؟
إخوان لوط:
النموذج الإباحي الثاني الذي عرضه علينا القرآن الكريم هو نموذج قوم لوط المؤسسين الأوائل لفاحشة ما سبقهم بها من أحد من العالمين، ومن يتابع مراحل ظهور الشذوذ الجنسي واستعلاءه ووصوله إلى مرحلة الإكراه، والتهديد للسلوك الجنسي الطبيعي في قصة لوط - عليه السلام - مع قومه، ويقارنها بتطور حركة الشذوذ الجنسي العالمية الحالية؛ سوف يتعجب من تشابه المراحل، وتطابقها تطابقاً دقيقاً.
لقد وصف القرآن الكريم قوم لوط بالإسراف فقال: ((وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ))(الأعراف:80، 81) قال ابن عاشور (صاحب التحرير والتنوير): "وصفهم بالإسراف بطريق الجملة الاسمية الدالة على الثبات، أي أنتم قوم تمكن منهم الإسراف في الشهوات، فلذلك اشتهوا شهوة غريبة لما سئموا الشهوات المعتادة، وهذه شنشنة الاسترسال في الشهوات حتى يصبح المرء لا يشفي شهوته شيء" التحرير والتنوير/الدار التونسية للنشر/الجزء 8و9/ ص 232.
وفي سورة الشعراء وصفهم القرآن الكريم بالعدوان ((بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ))(الشعراء: من الآية166)، وفي سورة النمل وصفهم بالتواطؤ الاجتماعي والدعوة العلنية ((أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ))(النمل: من الآية54)، كما وصفهم أيضاً بالجهالة ((بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ))(النمل: من الآية55)، وفي سورة العنكبوت وصفهم بقطع السبيل، وتنظيم نادي جماعي للشذوذ ((أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ))(العنكبوت: من الآية29)، ثم تطور رد الفعل عند آباء الشذوذ الجنسي حتى وصل إلى التهديد بالتصفية الجسدية ((لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ))(الشعراء: من الآية167)، أو النفي والإخراج ((أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ))(النمل: من الآية56)، وأخيراً إلى التهديد في عقر دار النبوة ((وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ))(القمر: من الآية37)، وقالوا له: ((وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ))(هود: من الآية79)، أما نهاية هذا التدافع المثير المدهش فهي معروفة.
وكذلك حدث لرجال ونساء من هذا الزمان عندما شبعوا حتى سئموا من الشهوات الجنسية المعتادة المعروضة في كل طريق، فبحثوا عن شهوات جديدة غير معتادة، أو انحرفوا إلى الشذوذ والسحاق كفعل ورد فعل تجاه حركة النسوانية المتطرفة، ثم تحول الحال إلى عدوان جنسي، وإلى حركة عالمية علنية منظمة، وأخيراً إلى تهديد للفطرة الجنسية المعتادة بالنفي والإخراج والإكراه، وأحياناً إلى التصفية الجسدية.(13/39)
وتحظى حركة الشذوذ الحالية بحماية قانونية دولية، وتنظيم دولي محكم، وتسارعت في السنوات الأخيرة الاعترافات القانونية بهم، وتطبيع تشريعي واجتماعي في عدة دول غربية/ ولا يتوقف التنظيم الدولي للشواذ والسحاقيات عند هذا، بل يشن الغارات والحملات على بعض دول العالم الإسلامي، ويتسلل إليها من مسالك متعددة: مسالك إعلامية لا راد لها في زمن الفضائيات والإنترنت، ومسالك ثقافية وفنية وقانونية بل ودبلوماسية وسياسية.
مسؤولية الدعوة الإسلامية:
من المسلَّم به أن الدعوة الإسلامية بصحوتها وحركاتها الإسلامية المعاصرة، وطرقها الصوفية النقية، ووزارات الأوقاف والشؤون الإسلامية وهيئات الدعوة والإرشاد، وعلمائها ومثقفيها هي الوريث الشرعي لدعوات كافة الأنبياء والرسل، وبخاتمية النبوة المحمدية، ورسالة الإسلام الأخيرة، وقد ركزت الدعوة الإسلامية المعاصرة كثيراً على جوانب وأعمال هي في غاية الأهمية، خاصة منها العمل السياسي المحلي والدولي، لكنها أغفلت جوانب أخرى لا تقل أهمية وخطورة وربما فاقتها ومنها هذا الجانب الغائب ألا وهو حركة الإباحية الجنسية العالمية، وانتشارها المريع في كافة أقطار المعمورة، مما يجعل الدعوة الإسلامية أول طرف يتوجه إليه التهديد، وأول طرف يتحمل المسؤولية، فهل تقوم هذه الدعوة بما قام به النبيان الكريمان - عليهما السلام - فتكون هي يوسف هذا الزمان، ولوط هذا الوقت.
ويجب أن ننتبه إلى أن هذه الحركة الإباحية الدولية تحولت إلى سلاح سياسي ضد العالم كله - وخاصة العالم الإسلامي -، وبصفة أخص الدعوة الإسلامية، وصار لسان حالها يقول: ((وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلِيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِينَ))(يوسف: من الآية32)، ويقول: ((لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ))(الشعراء: من الآية167).
ولست أدري لماذا تعرض حركات الدعوة الإسلامية عن مواجهة هذا الميل العظيم، ولا تجعله ضمن أولوياتها، وإذا اقتنعت به وقدرت خطورته فلماذا لا تتحرك عاجلاً وفق خطة تكون على القدر نفسه أو أكبر من التنظيم والإحكام والعالمية، وينبغي ألا تترد الدعوة الإسلامية في تحمل مسؤوليتها الجسيمة، خاصة وأنها ستكون مؤيدة مسددة من الله العلي الكبير، ومن حركات ومنظمات وجمعيات غربية مسيحية ويهودية وإنسانية تكافح وسط لجج الشهوة الجنسية الإباحية القاتلة.
فليس الغرب كله مع تجار الميل العظيم، بل يوجد فيه نور الفطرة يكافح سدول الليل الطويل، ويبحث عن يد ممدودة تساعده، ففي الولايات المتحدة نفسها التي تشن حروب الغزو والاحتلال ضدنا حركة صاعدة للعفة والإخلاص في الحياة الزوجية تحظى بالتمويل والتأييد من كل الرؤساء الأمريكيين المتعاقبين، وفي أوروبا تجمع كبير لعدة جمعيات لمقاومة الاستغلال الجنسي للمرأة والأطفال، والشذوذ الجنسي، كما أن الكنيسة الكاثوليكية جعلت هذا الأمر من أولى أولوياتها، فكيف لا تكون الدعوة الإسلامية هي الرائد والمساعد، وهي المعنية الأولى بهذه المعركة؟
في المقاطع الأولى من سورة النساء حديث مسهب ومفصل عن مؤسسة الأسرة وأصولها وأحكامها، وسبل بنائها وحمايتها، وطرق تصريف الشهوة التناسلية فيها، والأخطار المحدقة بها، وفي قلب هذه القضايا يذكرنا القرآن الكريم بالمعركة وحقيقتها وأطرافها، وطريق النصر فيها فيقول: ((يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً))(النساء:26 - 28). فهما إذن إرادتان: إرادة الله، وإرادة أتباع الشهوات وتجار الميل العظيم، ومحال أن تغلب إرادة حقيرة إرادة من بيده ملكوت كل شيء.
http://www.almoslim.net:المصدر
============
الشيخ الداعية: يوسف بن عبد الله الصيني في حوار مع البيان : الصين أكبر سوق مفتوح للدعوة الإسلامية ولكن !
حاوره في الرياض: خباب بن مروان الحمد
يؤلمك أن تجد بلاداً شاسعة الأرجاء، يوجد فيها أكثر من عشرين مليون مسلم، قلَّما تجد فيها رعاية من الدعاة والمصلحين، مع أنَّ أهلها يوصفون بأنَّهم قوم فارغو القلب، وأصحاب خلقٍ رفيع، وتستطيع أن تقنعهم بحجَّتك، وبيانك المؤثّر، وتنظمهم في سلك المسلمين متى وُفقت لذلك، تلك هي بلاد الصين ومقر مليار نسمة يدبُّون على أرضها غادين رائحين.
والشيخ يوسف بن عبد الله الصيني، داعية أحسبه ممَّن نذر نفسه للدعوة الإسلامية لأهل الصين؛ فهو يمتلك زمام اللغة الصينية، ويجيد الحديث باللغة العربية، وقد ولد من عائلة مسلمة، وكان أجداده القدماء من أصول عربية، سافروا إلى الصين قبل (800) سنة للدعوة إلى الله، ثم أقاموا فيها واستقروا بأرضها، وعاشوا هناك فأصبحوا صينيين، وقد درس الشيخ يوسف في المعهد الإسلامي مدَّة ثلاث سنوات، ثمَّ تخرج فيه، وأكمل دراسته في الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية، ثمَّ رجع للصين وأقام فيها مدَّة سنتين كان له فيها عدَّة جهود دعوية في شرق الصين، وقد واصل مشواره العلمي حيث درس في جامعة الملك سعود مناهج طرق التدريس وإعداد المعلمين، وتخرج فيها هذا العام (1426هـ).(13/40)
وفي لقاء ماتع جمعني به في الرياض قبل سفره إلى الصين للاستقرار فيها، كان هذا الحوار حيث يحدثنا عن الدعوة في الصين: همومها، وشجونها، والتطلعات المستقبلية لها، عله يكون محفزاً للمهتمين بشؤون الإسلام في شرق آسيا، بأن يواصلوا مسيرتهم الدعوية، فينطلقوا في آفاقٍ أرحب بنشر الإسلام والدعوة إليه، إنَّه ولي ذلك والقادر عليه.
*: أهلاً بك يا شيخ يوسف في هذا اللقاء، والذي نرجو أن تحدث القرَّاء من خلاله حول هموم العمل الدعوي في الصين، ولعلِّي أبدأ معكم في التعرف على أوضاع المسلمين في الصين من ناحية دينية واقتصادية واجتماعية؟
* بسم الله الرحمن الرحيم. أنا مسرور بكم جداً، لاهتمامكم في مجلة البيان بشؤون المسلمين، وابتداءً فإني أقول: إنَّ الصين بلاد كبيرة؛ فهي بمثابة قارة، والمسلمون في الصين منتشرون في كل مكان منها، وهم كذلك يجتمعون في أحياء أو مناطق معينة تخصُّهم، وهذه ميزة للمسلمين في الصين؛ فهم منتشرون ومع انتشارهم فهم مجتمعون، وأكثر وجود المسلمين في شمال غرب الصين، وهي منطقة تتكون من خمس مقاطعات هي: قانسو ـ تشينغهاي ـ شينجيانغ ـ شانسي ـ نينغشيا.
والظروف الاقتصادية في هذه المقاطعات متخلفة اقتصادياً وعلمياً وصحياً.
وأمَّا مناطق جنوب الصين فإنَّ المسلمين قليلون فيها جداً، مع أنَّها أوَّل محطة وصل إليها المسلمون في الصين عن طريق التجار؛ حيث كان هناك طريقان إليها: الطريق البرِّي، والطريق البحري، فجاء تجار العرب من البر.
وأول مسجد في الصين، هو مسجد نعرفه بأنَّه (منار) واسمه (تذكر النبي) وهو موجود في مدينة (غونتو) بشرق الصين، وهو أقدم المساجد في الصين؛ مبني منذ أكثر من 1400 سنة، ويقال إنَّ من بناه هو سعد بن أبي وقاص وأبناؤه، حيث ذهب مع سبعين صحابياً وسافر إلى هناك ولم يرجع، وبعض العلماء يخالف هذه الرواية، وبعضهم قال إنَّ سعد بن أبي وقاص لم يسافر للصين، وهناك مقبرة باسم سعد بن أبي وقاص موجودة بمدينة (غونتو).
وأمَّا في بكين عاصمة الصين فيوجد بها ستون مسجداً، ويوجد بها مثقفون مسلمون ومفكرون وبعض المسؤولين في الحكومة من المسلمين.
وأمَّا شرق الصين فيوجد فيها بعض المسلمين إلا أنَّهم قليلون، ويوجد فيها مساجد قليلة، ولأن شرق الصين مركز (الكنفوشيوسية) وتعتبر مقرّاً ثقافياً واقتصادياً قويّاً؛ فإنَّ بعض أبناء المسلمين يتعلمون هناك حتى يحصلوا على منصب حكومي.
وأمَّا الناحية الدينية في شرق الصين أو شمال الصين فإنَّها ضعيفة، وبعض الشباب يعرف أنه من عائلة مسلمة، ولا يعرف شيئاً غير ذلك، بالإضافة إلى أنَّه لا يأكل لحم الخنزير، وأمَّا أركان الإسلام والإيمان فلا يعرف منها شيئاً، فهو مسلوب الهوية، ولكن مع هذا فعنده عاطفة قوية للدفاع عن الإسلام، وإذا قال لهم أحدٌ: إنَّ الإسلام غير جيد، فإنهم يغضبون ويدافعون عن الإسلام، ولكن حين تسألهم ما الإسلام؟ فإنهم لا يعرفون شيئاً؛ لأنهم حينما درسوا بالابتدائية، والمتوسطة، والثانوية، والجامعة، تسلَّل إلى أذهانهم فكر الشيوعيَّة وفاقد الشيء لا يعطيه، وقد أعددنا خطة دعوية لذلك والله نسأل للجميع السداد والتوفيق.
*: كم عدد المسلمين بالصين؟ وهل يوجد تداخل بين الحكومة الصينية وبين المسلمين من ناحية سياسية؟
* لا أعلم إحصائية معتبرة عن عدد المسلمين في الصين، ولكن في الثمانينيات قالت الحكومة إن عدد المسلمين في الصين (20) مليوناً، والآن يقول كثير من المهتمين، إنَّ عدد المسلمين (30) مليوناً وبعضهم يقول (50) مليون مسلم، والذي أظنه أن عدد المسلمين في الصين لا يتجاوزون (30) مليوناً.
وبالنسبة للتداخل بين المسلمين والحكومة الصينية من الناحية السياسية فإن الحكومة توكل لبعض المسلمين بعض الأعمال، كمجلس الشورى السياسي، فيوجد من يكون إمام مسجد وهو عضو في مجلس الشورى السياسي الصيني، وهذا الرجل يشارك في إبداء اقتراحات، كغيره من المندوبين النصارى وغيرهم، ويقدمون آراء واقتراحات ويشاركون بذلك في ذلك المجلس.
*: ذكرت آنفاً أنَّك حين تعلمت دين الإسلام، دعاك ذلك لأن تتحرك بالدعوة إلى الله في أرض الصين؛ فما هي خطَّة العمل الدعوية المأمولة إن شاء اللَّه؟
* الحقيقة أنَّ الصين بلاد كبيرة، ويوجد بها عدد من إخواني الدعاة، ولكني بدأت أولاً بالمسلمين وقراهم، حيث أقصد مساجدهم بالدعوة في المنطقة التي أنا منها وهي شرق الصين، وفي هذه المنطقة يوجد 80 مسجداً، ووجدت الدعوة مناسبة لأنَّ المسلمين متفرقون، وعلمهم بدين الإسلام قليل، وكنت أجلس لطلاب المرحلة الثانوية والجامعية في العطلة الصيفية، وأعلمهم علوم الدين الأساسية.
وشرق الصين مركز ثقافي للـ (كنفوشيوسية) وأهل الشرق متأثرون جداً بها، ولذلك فإنَّ نسبة المسلمين فيها قليلة، وإيمان المسلمين ضعيف؛ ولهذا نحن نعلمهم ما هو ديننا؟ وماذا يجب علينا؟ وكيف يكون المسلمون مؤمنين بالله حقّاً؟ ونعطيهم المعلومات الأساس، ثم بدأنا نؤسس جمعية إسلامية في إحدى مدن شرق الصين، وأخذنا رخصة من الحكومة بذلك، والعمل جارٍ بدأب والحمد لله.
*: ما الحدود المسموح بها للدعاة في الدعوة إلى الله، وما هي الخطوط الحمراء التي يقف عندها الدعاة وتضايقهم عندها الحكومة الصينية؟(13/41)
* الحكومة تمنح رخصة لكل مسجد من قِبَل إدارة الأديان في الصين؛ فالمسجد مكان للدعوة إلى الله قانونياً، فداخل المسجد مسموح بالدعوة، وأمَّا خارج المسجد فالحكومة لا تريد ذلك، وقد يمكن الدعوة خارج المسجد للرجل النشيط، ولكن حتماً سيجد الدعاة المضايقة من الحكومة إن هم فعلوا ذلك، ولا شك أنَّ هذه قيود تحدُّ من حركتنا، وتجعل مكاننا محصوراً في بقع محدودة.
*: بماذا تنصح الدعاة المسلمين عموماً لإفادة أهل الصين؟ وما الأسلوب الأمثل لدعوة أهل الصين إلى الإسلام؟
*بداية أنا أريد من الدعاة أن يفهموا ثقافة الصين وعاداتهم بشكل أفضل، فبعض الدعاة الذين يأتون من خارج الصين، قد لا يعرفون شيئاً من ثقافة الصين؛ فالصينيون عندهم ثقافة خاصة، ولديهم اهتمام بالعقل والمنطق؛ فأسلوب الإقناع أحسن وأفضل وسيلة لهدايتهم، ولهذا فإن إسلام الصينيين قد يكون أعسر من إسلام المناطق التي في شرق وجنوب آسيا؛ فشرق آسيا هي الصين والكوريَّتان واليابان، وشرق جنوب آسيا هي الفلبين وماليزيا وأندونيسيا، فالصينيون بخلاف الفلبينيين لا يسلمون بسرعة، وإذا دعوتهم للإسلام فإنهم يردون عليك، ولهذا فهم يحتاجون للنقاش والإقناع، ولكن من كانت عنده حجة وبيِّنة، وردٌّ قوي واضح على الشبهات المثارة، فإنَّ الصيني غير المسلم ينهزم أمامه، ومن خلال تجربتي رأيت أنَّ الصيني يناقش أولاً ثم يستسلم.
ونحن لا نحتاج للتعريف بدين الإسلام بأمور فرعية كما يفعله بعضهم؛ فهذه المسائل لا تهمنا كثيراً، مثل: لماذا تزوج رسول الله أكثر من أربع نساء ومات عن تسع من زوجاته؟ فمثل هذه الأسئلة (وقس عليها) لا يحتاجها أهل الصين؛ والذي أرى أنَّ الصينيين بحاجة إليه هو الذي نركِّز عليه، وهو شرح فضائل الإسلام، والمسائل الأساسية في دين الإسلام كأركان الإسلام والإيمان والإحسان؛ فنحن إذا بدأنا بالأصول دخلنا في الشيء المهم، وهو الذي يحتاجه الناس في الصين، وأنا أقول إنَّ الصينيين قلوبهم فارغة، وإذا شرح الداعية بالشكل الواضح فسيقبلون منه دين الإسلام، بشرط أن يكون الأسلوب في الشرح مقنعاً.
ومن أنسب ما وجدته جيداً في دعوة الصينيين، أن يستحثَّهم الداعية على التفكير؛ فالصينيون أكثر الناس علمانية، فلا يؤمن جميع الشعب بالإله، ويقولون كما تلقوا عن الشيوعيين: لا إله والحياة مادة، ولا يصدقون أنَّ الخالق موجود، ولهذا دعهم يفكرون، واطرح عليهم الأسئلة التي تستحثّهم للتأمل: هل يوجد خالق؟ هل الناس يحتاجون إلى الإيمان بالله؟ وأيضاً أعطهم بعض القصص والثقافة العامة من بيئتهم، وبعض الأدلة والبراهين، حتى يعترفوا بأننا نعيش ونحتاج في حياتنا للإيمان بالله. ولا بأس من عقد نماذج في المقارنة بين الأديان، مثل النصرانية والبوذية والأديان الأخرى، والمقارنة بين الإنجيل والقرآن، والمقارنة بين الفكر الغربي والدين الإسلامي، حتى يعرفوا أن دين الإسلام دين الحق، ومن ثمَّ نخبرهم ما هو الإسلام على حقيقته.
*: ما الأشياء العملية، والمفيدة لدعوة الصينيين، والتي ترى أنَّها تنقصهم؟
* أنا أودُّ من الإخوة المهتمين بالدعوة إلى الله، أن يفيدوا الصينيين عن طريق ترجمة الكتب الإسلامية، والداعية لو سافر للصين ويمتلك اللغة الصينية القوية فإنَّه كم سيخاطب: مائة، ألف؟ ويبقى مليار، ومع أهمية الدعوة المباشرة إلاَّ أنَّني أرى أن يُنتدَب أناس منَّ الله عليهم بمعرفة اللغة الصينية، ويقوموا بترجمة الكتب باللغة الصينية بالألفاظ القوية المقنعة، وأنا أركز بأنَّ صاحب اللغة القوية هو الذي يترجم، فأنا قرأت بعض الكتب المترجمة باللغة الصينية، فوجدتها مليئة بالأخطاء اللغوية، مع ألفاظ ضعيفة؛ فكيف تريد من الصينيين أن يفهوا دين الإسلام على حقيقته، والكتب المترجمة لهم ضعيفة الأسلوب؟
ومن الطرق الهامة للصينيين دعوياً، إنشاء موقع على الشبكة العنكبوتية (الإنترنت) ونشر الكتب الهامة الموضحة لدين الإسلام؛ فهم شعب قارئ، ويستخدم (الإنترنت) وإذا وجد هناك موقعاً إسلامياً، باللغة الصينية، فسيستفيدون جداً منه، ويقتنعون بهذا الدين الحق بإذن الله، وأنا أرى أن هاتين الطريقتين، من أهم الطرق المفيدة لدعوتهم لدين الإسلام، ونستطيع أن ندخل الإسلام بسرعة إلى قلوبهم، والغربيون يعرفون هذا، فأرى الاهتمام بهذين الأسلوبين لدعوة بلد المليار نسمة لدين الإسلام؛ فالصين بنظري تعتبر أكبر سوق مفتوحة للدعوة، وجُلّ أديانهم وثنية لا تصمد أمام العرض العلمي والموضوعي.
*: ما جهود النصارى في الدعوة بالصين؟
* عندهم جهود قوية جداً، وهم لا يشددون في دينهم، ويستخدمون الإعلام لنشر أفكارهم وفق خطة نشطة جداً، وعندهم دعاة متميزون يعرفون الفكر والثقافة وحاجات الناس، وأكثر من يتقبل دعوة النصارى النساء؛ لأن النساء عموماً أسرع تقبلاً من غيرهن، ثم إذا دخلت المرأة في النصرانية؛ فإنها تخبر صديقاتها وعوائلها، وبهذا الطريق يتنصر بعض الصينيين.
ومن ضمن الأشياء التي عند النصارى، قوة مساعداتهم للمنصِّرين برؤوس الأموال، لتكوين مشروعات تخدم دينهم، وأعطي مثالاً على ذلك:(13/42)
فمدينتنا إحدى مدن شرق الصين، ولم يكن يوجد بها قبل عشر سنوات إلا كنيسة واحدة، وكانت هذه الكنيسة جديدة، وقبل ثلاث سنوات حين مررت بهذه الكنيسة دخلتها وسألت: كم عدد النصارى؟ فقالوا: ليس عندنا إحصاء ولكن هم تقريباً من ألفين إلى خمسة آلاف، وبعد سنة دخلت هذه الكنيسة مرَّة أخرى، وقلت كم عددكم؟ فقالوا: من (20) إلى (25) ألفاً، وفي السنة الماضية وهي السنة الخامسة، سألت رئيس الأديان في تلك المدينة والتي هي في شرق الصين: كم عدد النصارى؟ فقال: لا نعرف العدد ولكن كل النصارى يجتمعون يوم الأحد في عدَّة كنائس أو بيوت، ويمارسون فيها طقوسهم الدينية، ثمَّ قال رئيس الأديان: ونحن لا نسمح لهم بالاجتماع إلا إذا أعطيناهم رخصة، وقد أعطينا عام (2004م) وهي السنة الماضية (160) رخصة في هذه المدينة الصغيرة فقط! وأنا أقدِّر أنَّ كل كنيسة يوجد بها من (300) إلى (500) ولك أن تعلم أنَّ في هذه المدينة التي حدَّثتك عنها يوجد (23) مسجداً فقط.
*: ولكن فضيلة الشيخ يوسف: ما جهود دعاة المسلمين إزاء جهود النصارى؟
*بالنسبة لي فلم أقم بالصين باستقرار تام؛ لأنني درست خارجها، وإن كانت هناك مشاركات دعوية وإنشاء جمعية إسلامية في شرق الصين، ولكن بالنسبة للدعاة بالصين فهم في الحقيقة فئة قليلة، وفي شمال غرب الصين يوجد أئمة مساجد، أما الدعاة المتفرغون فلا تكاد تجد أحداً منهم إلاًَّ نادراً.
نعم! توجد معاهد إسلامية في شمال غرب الصين، ولكن مع الأسف لا توجد خطة وخطوات دعوية مميَّزة، وكذلك فإنَّ في الشمال الغربي ثقافة المسلمين ولغتهم الصينية ضعيفة، ولا يمكن أن يؤثروا على الشرق؛ لأنَّهم يعدُّون متخلفين من ناحية تعليمية وثقافية، فلا توجد لغة أو علم قوي في تلك المنطقة حتى يؤثروا في المناطق الأخرى من الصين مع كثرتهم في تلك المنطقة أكثر من غيرهم، ولا ريب أنَّه إذا كان المرء ضعيفاً في اللغة ويريد أن يؤثر في منطقة شرق الصين فلا يستطيع التأثير، وأيضاً فإنَّ الطلاب في الشمال الغربي يدخلون ويدرسون في المساجد والمعاهد الإسلامية، ولكن كثيراً منهم لم يدخل مدرسة ابتدائية وثانوية حكومية، لذلك عندهم لغة التواصل الفكري ضعيفة.
*: هل توجد بشارات وأمور مفرحة في الصين يُستطاع من خلالها إفادة أهل الصين بالدعوة والتعليم؟
*بعد أحداث سبتمبر صار كل شيء في العالم يتعلق بالإسلام، وصار الصينيون يريدون أن يقرؤوا في كتب الإسلام ويتعلموا بشكل أكبر وإيجابية أفضل، فصار الصينيون يعرفون الإسلام، وصدقني أن هناك بعض المناطق في الصين مثل مناطق الجنوب ما سمعوا باسم الإسلام أو المسلمين إطلاقاً، ولهذا حين ذهبنا مع تجار العرب إلى بعض مناطق الصين، وقلنا لهم نحن مسلمون تساءلوا مستنكرين: ما الإسلام؟ فهم لم يسمعوا بالإسلام ألبتة!!
*: هل يدرس الطلاب المسلمون في الجامعات الصينية، وما النشاطات الإسلامية الموجودة في هذه الجامعات؟
*نعم! يوجد كثير من الشباب المسلمين الذين يدرسون في الجامعات، وفي الحقيقة إذا كان الداعية رجلاً عملياً، فإنه يجتمع بالشباب المسلمين في الجامعة بطريقة مناسبة مثل السياحة في بعض المناطق القريبة منها، أو المخيمات الصيفية ثم يعلمهم الدين، ولا شك أنه يوجد دعاة بين الشباب الجامعيين ولكنَّهم قلَّة، والحقيقة أن هذا مشروع مهم جداً ويحتاج للمساعدة علمياً ومادياً برأس مال قوي، وأنا آسى على بعض الشباب الصينيين المسلمين الذين يدرسون خارج الصين في دول عربية، ويتعلمون الإسلام على حقيقته وحين يرجع بعضهم للصين يتكاسلون عن الدعوة إلى الله في المنطقة التي هم منها، وهذا كسل لا ينبغي، بل ينبغي أن يكونوا جادين في الدعوة إلى الله في بلادهم.
*: ذكرت أن كثيراً من الطلاب المسلمين يدرسون في الجامعات الصينية، ولكن ألا ترى أنَّ هؤلاء الطلاب غُيِّبوا عن دينهم، وصارت ثقافاتهم صينية؟
*يوجد كثير من الطلاب يدرسون بالجامعات، ويتأثرون بالتأكيد بالثقافة والقيم الصينية، بل يكادون لا يعرفون شيئاً من الإسلام؛ لأن كل شيء بالثقافة الصينية، وهذا في شرق وشمال الصين، وأما في الشمال الغربي للصين، فهم يدرسون مواد الدين، ولكنهم قليلون، إضافة إلى الضعف الذي لديهم من ناحية لغوية.
ولكن في السنوات الأخيرة وخصوصاً بعد أحداث سبتمبر، شعر الشباب الذين يدرسون بالجامعة وخاصة من أبناء المسلمين بحبِّهم لدينهم، وبدؤوا يقرؤون كتب الإسلام الدينية، ويريدون أن يعرفوا ما هو ديننا؟ ومن الممكن أنَّ 20% من طلاب الجامعة منتسبون للإسلام بالهوية، لكنهم بدؤوا يصلون ويصومون ويطبقون الإسلام، فكان لهذه الأحداث آثارها الإيجابية الكبيرة ـ ولله الحمد ـ لأنهم قبل ذلك كانوا لا يهتمون بدين الإسلام، وحين طالعوا كتب الإسلام أعجبهم وصاروا أشد تمسكاً به، والمشكلة عندنا في الحقيقة قلة الكتب الدينية التي تشرح الإسلام بلغة قوية، ولها أسلوب جذاب ومؤثر.
*: هل توجد جهود دعوية مع الطالبات في الدعوة إلى الإسلام؟
* ذكرت لك أنَّ بعض الجمعيات الإسلامية مثلاً في شرق الصين يلقون على الطالبات شيئاً من دروس الدين، فتوجد جهود ولكنَّها يسيرة، وبعض الطالبات يتحجبن بعد أن يتأصل الإسلام في قلوبهن، وبعضهن قد لا يبقين محجبات، والحقيقة أننا نأتي للنساء المسلمات وندعوهن ولو كنَّ متبرجات، ولو شدَّدنا في الأمر فإنهن لن يأتين لحضور دروس الدين، ودورنا تعزيز الإيمان في قلوب النساء ليتحجبن بعد تأثُّرهن بقيم ومبادئ هذا الدين.(13/43)
*: لا شك أنَّك في جولاتك بالصين وجدت انحرافات عند كثير من المنتسبين للإسلام؛ فهل حقّاً توجد عادات وتقاليد وانحرافات عند بعض المسلمين؟
* أكثر الانحرافات هو التأثر بـ (الكنفوشيوسية)، والتأثر بالعادات الصينية، وكذلك التأثر بالانحرافات الصوفية لطول البقاء وقلة الدعوة لبعض المسلمين، كما يوجد في شمال غرب الصين، ويوجد في الشمال الغربي من الصين الطواف بالقبور والشرك بالله، والاستغاثة بغير الله؛ نسأل الله العافية. وعلى كلٍ فإنَّ الانحرافات تختلف باختلاف المناطق التي في الصين، ولكن من أبرز الانحرافات التي رأيتها منتشرة في الصين، تلك الانحرافات المتعلقة بالجنائز، وهي متأثرة بالثقافة الصينية؛ فإذا مات الميت يأتي أولاده ويلبسون اللباس الأبيض عند الجنازة، وحين يفارقون الجنازة يجلسون من سبع أيام إلى أربعين يوماً وهم لابسون لتلك الملابس، وكذلك ينتشر عندنا، حين يموت الميت أن يأتي بعض أقاربه أو أصحابه، ويُنَوِّر على القبر بالمصباح مدَّة سبع ليال، وهذه بدع متواترة نرجو أن تزول بالدعوة المستمرة إن شاء الله.
*: أنت شاركت في الدعوة إلى الإسلام في الصين، ولا بد أن تقع للداعية إشكاليات تواجهه على هذا الطريق؛ فهلاَّ أبرزت أهمَّها؟
* المشكلات الموجودة أن كثيراً من المتبرعين يريد أن يبني مساجد ولا يريد أن يعين على ترجمة الكتب، ولا المساعدة في إنشاء مواقع بـ (الإنترنت) لشرح دين الإسلام الصحيح باللغة الصينية، وكذلك إعانة شباب المسلمين بالجامعات ودعمهم برأس مال يعينهم ليقوموا بالدعوة وتنشيط برامجهم الدعوية؛ ولهذا أقول: بعض الناس يبني مساجد جيدة ومكلفة، ولكن الداخلين فيها والمعلمين قلة؛ وكذلك نعاني من قلَّة دعم أهل الخير والإحسان للمراكز والجمعيات الإسلامية ممَّا يؤثِّر سلباً على أنشطتها، وأرجو من الدعاة خارج الصين أن يعوا مسائل الخلاف الموجودة بين المذاهب، وأهمية التعريف بأدب الحوار ونصح المسلمين الصينيين وخاصة الكبار منهم، فقد أتى بعض الدعاة المخلصين وحين رأى الصينيين يتمشون مع المذهب الحنفي حيث لا يرون رفع اليدين إلا مرة واحدة بخلاف بعض المذاهب التي ترى رفع اليدين في الصلاة أربع مرات، فهذا قد أنكر على بعض المسلمين الصينيين بشدة على ذلك الفعل، وقال إنَّ صلاتكم باطلة لأنكم لم تتبعوا السنَّة! وحين أنكر عليهم لم يجد منهم آذاناً صاغية، وكان الكبار منهم يقولون: نحن نصلي لله مدة خمسين سنة؛ فهل كل تلك الصلوات باطلة؟ ولا شك أن هذا الأسلوب في الدعوة خاطئ، ما دام فعل هؤلاء المصلين مأثوراً عن مذاهب معتبرة، ولذلك ينبغي عدم التعرض لمثل هذا جمعاً للصف بين المسلمين.
وإنني أنادي وأقول إن كثيراً من الدعوات الباطلة كالرافضة مثلاً كونت بدعم من إيران إذاعة خاصة بالصينيين، وهي تدعوهم باسم الإسلام لدينهم الباطل؛ فأين رؤوس الأموال الإسلامية لتكوين إذاعة خاصة بالصينيين المسلمين السنة؟
فهل تعمل الجهات الدعوية في العالم الإسلامي على فتح إذاعة للمسلمين وتشجيع مواقع (الإنترنت) للدعوة للإسلام في عصر هذه أسلحته الفاعلة في الدعوة إلى الله؟
*: برؤيتك المستقبلية؛ هل تظن أن الإسلام سينتشر بالصين بعد عشرسنوات؟
* هناك نكتة واقعية حيث كان بعض الشباب يفاخر ويقول إن الإسلام سينتشر على يد المسلمين الصينيين؛ لأن هناك عالم أمريكي (صاموئيل هنتنغتون) يقول: في القرن الحادي والعشرين ستكون الحرب بين الأمم المتحضرة، وإذا كانت تلك الحضارتان الإسلام و (الكنفوشيوسية) اجتمعتا معاً فَسَتُسْقِطْ تلك الحضارتان (الحضارة الغربية) فكان بعض الشباب الصينيين يحللون ذلك ويقولون: الذي يُسقِط الحضارة الغربية هم المسلمون الصينيون ـ إن شاء الله ـ حيث إنهم هم الذين يعرفون الإسلام ويعرفون (الكنفوشيوسية). فكان بعض الشبان الصينيين يقولون: الإسلام سينتشر عندنا، ونحن الذين سنُسقط الحضارة الغربية، وهذا الكلام كان في الثمانينيات الميلادية من القرن الفائت.
ولكن هذا الأمر علمه عند الله، وأنا متفائلٌ بالمستقبل، إلا أنَّه بصراحة: الدعوة للإسلام في الصين ضعيفة، وتحتاج إلى جهود كبيرة، ونحن ـ إن شاء الله ـ سنبذل الكثير من الجهود للدعوة إلى الإسلام في الصين، وننصر دين الله فيها، ونتفاءل بعدها بمشيئة الله، وحين يعرف الناس الإسلام فإنَّهم سيدخلون في دين الله أفواجاً.
http://www.albayan-magazine.com المصدر:
==============
مؤتمر الجماعة الإسلامية في الهند "كونوا قوامين بالقسط"
دعوة الشعب الهندي إلى دراسة النظام الإسلامي
عبد الله سليمان العتيقي
شهدت ولاية أوترابراديش في الهند انعقاد مؤتمر الجماعة الإسلامية في الفترة من 18 - 20 نوفمبر الماضي وجاء المؤتمر تحت عنوان " كونوا قوامين بالقسط" الذي افتتح بعد صلاة الجمعة وأداها أكثر من أربعين ألفاً من المسلمين، ثم تتابعت الندوات والمحاضرات والنقاشات بين ضيوف المؤتمر وأعضاء الجماعة الإسلامية الذين توافدوا من شمال الهند، وقدر عددهم بعشرة آلاف بمن فيهم النساء.(13/44)
واختار المؤتمر شعار إقامة العدل والقسط بين الناس لأهمية هذا الموضوع بالنسبة لجميع الطوائف في الهند، وتناولت أهم محاضراته "الإيمان بالله وأثره على الحياة" التي ألقاها الشيخ سراج الحسن أمير الجماعة الإسلامية سابقاً، ومحاضرة "كونوا قوامين بالقسط" للشيخ جلال الدين العمري نائب أمير الجماعة الإسلامية ثم كلمة الرئاسة والتعليق لعبد الله سليمان العتيقي أمين سر جمعية الإصلاح الاجتماعي بالكويت، وبين في الكلمة كيفية إقامة العدل بين المسلمين وأوضح أهميته فهو الهدف الأول الذي بعث الله الرسول {من أجله، فأمرنا الله بالعدل في أنفسنا وأسرنا ومجتمعاتنا وفي حكمنا ومع أعدائنا.
كما ألقيت محاضرات أخرى عن "وقفات مع القرآن الكريم" للشيخ جلال الدين العمري و"الشباب أمل الأمة" للمختار كوست وادسرد و"مسؤوليتنا في الأوضاع الراهنة" للبروفيسور إعجاز أسلم مساعد الأمين العام للجماعة و"العولمة وأثرها على المجتمع" للدكتور حسين رضا أمير الجماعة الإسلامية لولاية جلال كند و"كيفية النهوض بالأمة الإسلامية في ضوء الأقليات الإسلامية" للأستاذ محمود الأعظمي.
كذلك عقدت ندوة عن "التحديات الراهنة للأمة الإسلامية" للدكتور محمد عبد الحق الأنصاري أمير الجماعة الإسلامية بالهند، وكلمة عن نفس الموضوع ألقاها كاتب المقال (عبد الله سليمان العتيقي) ذكر فيها بعض التحديات السياسية، وهي: عدم وجود كيان يجمع المسلمين، وتهديدات النظام العالمي الجديد، ووجود كيان صهيوني في قلب العالم الإسلامي. كما أشار إلى العديد من التحديات الاجتماعية كالتي تواجهها الأسرة المسلمة وما يعانيه الشباب من غياب الوعي الديني والقدوة الصالحة والتعرض لمسخ هويتهم، وتغيير المناهج الإسلامية البناءة والترويج للعلمانية على أوسع نطاق، وإيقاف المدارس القرآنية ونشر المخدرات بينهم وتعطيل زواجهم.
الغزو الثقافي
أما التحديات الإعلامية فتتمثل في: قلة وجود الفضائيات الإسلامية الملتزمة، وخطط مواجهة الغزو الثقافي والتنصيري، وكيفية استخدام الوسائل الحديثة مثل الإنترنت وغيره لنشر الدعوة الإسلامية.
وفي ندوة أخرى تناول المؤتمر "العدالة الاجتماعية..لماذا؟ وكيف؟ " للأستاذ سراج الحسين أمير الجماعة، وقد شارك في هذه الندوة مشاركون من غير المسلمين من الهندوس وغيرهم.
وبعد ثلاثة أيام من مناقشات المؤتمر تم الإعلان عن التوصيات، وهي:
إن هذا المؤتمر ينادي بالعدل والقسط وعدم الظلم بين الناس.
أعلن المؤتمر وقوفه مع حقوق المظلومين والمستضعفين المسلمين في فلسطين وأفغانستان والعراق وغيرهم في أنحاء العالم الإسلامي.
يناشد المؤتمر جميع فئات المجتمع الهندي بذل الجهد المشترك ضد الظلم ولإقامة العدل.
أكد أن الإسلام يدعو إلى العدل وعدم الظلم فهو بين وواضح في نظامه، ودعا الشعب الهندي إلى دراسة هذا النظام والمساعدة في تطبيقه.
دعا الأمة الإسلامية إلى الاستيقاظ وتوحيد نفسها؛ لأنها هي المنوط بها إقامة العدل وإزاحة الظلم بين الناس.
كما دعا ويدعو إلى الاهتمام بالمرأة المسلمة وحث النساء على التعليم والتدريس لرعاية الأبناء والأسرة، وأن يعملن في دوائرهن على نشر الإسلام والقيام بنشر العدل والقسط في المجتمع.
الجماعة الإسلامية في الهند
الجدير بالذكر أن الجماعة الإسلامية في الهند هي من أبرز الحركات الإسلامية في العالم الإسلامي ولها احترامها ومكانتها بين الجماعات الدينية الأخرى، وقد أسسها الراحل أبو الأعلى المودودي عام 1941م وبعد انتقاله إلى باكستان أسس الجماعة الإسلامية في باكستان، وقد استمرت الجماعة الإسلامية الهندية في النشاط والعمل في أغلب ولايات الهند لما لها من أنشطة دعوية مختلفة حيث ترجمت معاني القرآن الكريم إلى 15 لغة من اللغات الهندية حتى الآن وآلاف الكتب الإسلامية الهامة، كما تطبع وتنشر عدة مجلات إسلامية منها مجلة الواسطة وتصدر في ولاية تبراك وتطبع 200. 000 نسخة ومجلة التنوير Radiance ومجلة خاصة بالطلبة باسم مصباح العلوم وللمرأة باسم الحجاب وغيرها.
وتتناول الجماعة بين فترة وأخرى موضوعات عامة للنقاش في المحافظات (التي تنشط بها) مثل موضوع "محمد رسول الله {للبشرية عامة" و"القرآن الكريم كتاب الله للجميع" و"حقوق الإنسان في الإسلام تشمل عموم البشر".
كما تهتم الجماعة بالمرأة ومشاكل الأسرة والطفولة وتعمل على إيجاد الحلول لها، واهتمت كذلك بالطلاب والشباب من خلال إنشاء منظمة الطلبة، وبالتربية والتعليم ولها 9000 منفذ تعليمي من مدرسة وكلية وجامعة بمناهجها الخاصة والمعتمدة من الجماعة، إضافة إلى الأعمال الاجتماعية والخيرية والصحية، وأنشأت 3 مستشفيات في ولاية دلهي وكيرالا وحيدر أباد وأنشأت الصندوق اللا ربوي للقرض الحسن لأعضائها، ودار الأيتام والأرامل حيث يوجد الكثير دون مأوى أو رعاية، وهي بصدد إنشاء ملجأ للأرامل يحتاج إلى دعم المسلمين والمؤسسات الإسلامية الخيرية.
الاضطرابات الطائفية
وتواجه الجماعة الإسلامية في الهند مشكلة الاضطرابات الطائفية ضد المسلمين منذ 14 عاماً فقد استشهد أكثر من2000 من المسلمين وأحرقت منازلهم في "كوجرات" وفي ولاية "آسام" وولاية "أيوديا" هدم مسجد البابري، وأخيراً في مدينة "وراو"، وقد قامت الجماعة بمساعدة المتضررين في كوجرات ولم تفرق بين أحد، وأعادت بناء أكثر من 550 منزلاً.(13/45)
أما الجانب السياسي للجماعة فهو هام حيث لها أنشطة جماهيرية معلنة وقد عملت على تجميع المسلمين لانتخاب من يقف في صفهم ويناصرهم وإن لم يكن مسلماً للوصول إلى الحكومة المركزية، وقد نجحت في ذلك وعلى الرغم من هذا إلا أنها لا تستطيع إقامة حزب سياسي في الوقت الراهن، وتشعر الجماعة بأهمية تأهيل أعضائها للتعامل مع المستجدات السياسة وغيرها في المجتمع، لذا أنشأت مركزاً للدعوة والدعاة لتثقيفهم.
ويبلغ عدد أعضاء الجماعة الملتزمين 7000 عضو، ولها موقع على الإنترنت: www.jamaateislamihind.org
إن المسلمين في الهند ذوو طبيعة سمحة تكره العنف وتكافح الإرهاب والشر وتنادي بالعدل والأخوة والمساواة بين طوائف الأمة، ولهم صلة وثيقة بالعالم الإسلامي.
http://www.almujtamaa-mag.com المصدر:
============
أفكار دعوية للمساجد ( 20 )
عبد الله القحطاني
الفكرة:
أن يقوم الداعية أو إمام المسجد بعرض دوري للأغلفة بأنواعها ونماذجها على باب المسجد...
أهمية هذه الفكرة:
1- تجديد الخطاب الدعوي في المسجد...
2- تحفيز الناس على القراءة والإطلاع...
3- عرض المنتج الدعوي وإظهاره...
ملحوظات:
• تجهيز جيب A4 أو A3 (تكون واسعة نوعا ما) على باب المسجد بشكل منظم وجذاب...
• وضع هذا الجيب في مكان بارز (يفضل على الباب من الداخل)...
• تنويع نوع الغلاف - فتارة يكون غلاف لأحد المجلات الإسلامية، وتارة يكون غلاف لأحد الكتب المطبوعة، وتارة لأحد الأشرطة الإسلامية...
• يكون تغيير الغلاف مثلا في أول جمعة من كل شهر ويعلن ذلك بجانب هذا الموضوع من أجل أن ينتظم الناس مع هذه الفكرة، وينتظم أيضا معدَّها ولو كان ذلك في كل أسبوعين لكان هذا الأفضل من أجل أن يتم التنويع بين الأغلفة...
• عند الحاجة إلى جيب A3 يبحث المنسق عن التقنية المناسبة لتحويل الأوراق إلى ذلك، بالرغم أنني أعتقد أن الأنسب هو A4 حتى تسهل متابعتها من غير كلفة، وأيضا يكون الغلاف على طبيعته...
• لا يكلف هذا المشروع أكثر من 100 ريال...
ابدأ على بركة الله، ولن يضيع الله أجر من أحسن عملا..
http://www.saaid.net المصدر:
============
عند إشارة المرور
علي بن صالح الجبر البطيّح
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
تأملت الوقت القصير الذي يقضيه الناس عند إشارات المرور فقلت في نفسي ألا يمكن استثماره حتى ولو كان قصيرا فأتذكر العابثين في أوقاتهم ولسان حالهم يقول: الله المستعان ما ضاع علينا إلا هذا فقط، كم ضاعت علينا من أوقات! وما الذي تعنيه من هذا؟ عزيزي قارئ كلماتي: لا أدري من أين أبدأ؟ وبأي ّ شواهد أدلل؟ فضلا عن الصور المشرقة المتزاحمة في الذاكرة للغيورين على أوقاتهم المنتفضين عليها انتفاض العصفور بلّله القطر، الشحيحين بها شح البخيل بدراهمه ودنانيره، وقبل أن أبدأ بما لدي من إضاءات أقول:
لقد سرّني ما سمعته عن شاب في مقتبل العمر وضع مصحفا في سيارته فإذا توقف عند إشارات المرور تناول المصحف لا أقول يتلو آيات من الكتاب العزيز، ولكن يحفظ سطرا أو سطرين من سورة البقرة يحدّث عن نفسه ويقول: حفظت سورة البقرة كاملة عند إشارات المرور فتأملت حال الكثير من الناس ممن يقلّب بصره في الناس وأنواع سياراتهم وأرقام لوحاتهم وربما شمت بهذا أو ذاك وربما رأى ما لا يحل له رؤيته وركز في النظر...قد تتساءل عزيزي القارئ ما الذي أفعله إذا كنت في حال انتظار الإشارة الضوئية؟
أخي وحبيبي: إن ما يمكن فعله في هذه الدقائق - قلّت أو كثرت وحسب ازدحام واختلاف المناطق والمحافظات كثير وكثير، وقبل أن أذكّرك بما يمكن فعله أذكرك أولا باستشعار وعظم نعمة الوقت وأننا محاسبون عليه وهو العمر فاتق الله - تعالى -في وقتك ولا تفرط في كل ثانية ولحظة من لحظاته فأحسن تصريفه فالناس يستوون في امتلاكه لكنهم لا يستوون في تصريفه صحيح أنها لحظات تقضيها ثم تمضي في سبيلك لكنها تتكرر كثيرا منذ أن بدأت في قيادة السيارة إلى ما شاء الله - تعالى -فإذا جمعت شكّلت وقتا ليس بالهين ولا يمكن أن يستخف به، والآن أقترح عليك أن تملأ هذه الدقائق بما يلي:
1 مراجعة ما تيسر من محفوظاتك (القرآن الكريم السنة النبوية القصائد... ).
2 الإكثار من ذكر الله - تعالى - حيث يرغّب - سبحانه - به في قوله (فاذكروني أذكركم).
3 قراءة ما تيسر من مطويات وكتيبات صغيرة، متى علمت أن الإشارة تتأخر كثيرا.
4 الاستماع إلى شريط مناسب غير محظور شرعا وكذا المذياع.
5 إذا وقع بصرك على أحد المجاورين لك بسياراتهم وليس معه أحد من محارمه فاقرأ - عليه السلام - مع ابتسامة لطيفة فتبسمك في وجه أخيك صدقة فضلا عن أجر السلام لتدخل في نفسه الأنس والسرور، وإذا رأيته على مخالفة شرعية كالتدخين أو إطالة المسجل على أصوات الغناء والمزامير فانتهز الفرصة في كلمات تحتسبها عند الله لتنقذه مما هو فيه.
6 قد تجد عامل نظافة قريبا من سيارتك يؤدي عمله في حرّ الظهيرة ووهج الشمس فلا تبخل عليه بأي إحسان تراه فصنائع المعروف تقي مصارع السوء .
7 قد تجد من تعطّلت به سيارته فأخرّ الناس بذلك فإذا لم تكن مستعجلا ما الذي يمنعك من مساعدته والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه
8 إذا رأيت أولادك وخصوصا الأطفال يؤذون الآخرين بأي ّ أنواع الأذى فهي فرصة لك أن تنبههم وتؤدبهم وتعلمهم وتصونهم.
9 يحسن بك ألا تتناول طعاما أو شرابا، لاحتمالية وجود شخص آخر أو عامل فقير على ظهر سيارة بحاجة إلى مثل هذا الطعام والشراب.(13/46)
10 لا تلصق سيارتك بسيارة مجاورك فإنك تؤذيه بذلك من حيث لاتشعر، فتضطره إلى أن يتقدّم عنك قليلا.
11 إذا أضاءت الإشارة إيذانا بالمشي والانطلاق، فتجنب إيذاء الناس بالمنبه فهي عادة سيئة ومرفوضة.
12 لا ترم أي شئ مع النافذة ولا حتى ما صغر كقشر الفصفص مثلا فهذا دليل تخلف.
13 لا تبصق فتؤذي بذلك، ووفر علبة مناديل قريبة منك.
http://www.saaid.net المصدر:
===========
من لهذه المنابر ؟ ( 2 )
محمد العبدة
مرة ثانية نعود للحديث عن خطبة الجمعة، هذا المنبر الأسبوعي ذو الأهمية البالغة في توجيه جماهير الأمة ورفع مستواها الإيماني والعلمي.
لقد أهمل غالب الخطباء الإعداد الجيد وأهملوا معرفة ما يقال وما لا يقال، وما هي أوجه النقص عند من يصلي عنده، هل عندهم نقص فهم العبودية التامة لله أو نقص في التعاطف مع أمور المسلمين في العالم، أو غير ذلك ويحاول سد هذا النقص.
قلما رأيت خطيباً في البلاد التي فشا فيها الجهل بتوحيد العبودية يتكلم وبقوة ويقرع أسماع المصلين بالآيات القرآنية وبالأحاديث النبوية؛ ويفصل لهم أقوال العلماء الكبار في هذا الموضوع.
استمعت في الآونة الأخيرة إلى أحد الخطباء وكان يدعو الناس إلى الالتزام بالإسلام سلوكاً وأخلاقاً، وقال لهم في غمرة الحماسة: نحن ليس لنا دنيا، يئسنا من الحصول على شيء من الدنيا، أفلا يكون ديننا صحيحاً …! ؟ تعجبت من هذا الفهم السقيم وكيف يلق الكلام على عواهنه، وكأن الإسلام يفصل بين الدين والدنيا ولم يدر الأخ الخطيب أننا لا نستطيع الاحتفاظ بديننا على الوجه الأكمل إلا بإتقان بعض دنيانا، وهل يقبل الإنسان منك وعظاً وهو جائع، وهل يكون دين المسلم قوياً وهو يعاني القهر أمام الأعداء.
لا يستشير الأخ الخطيب إخوانه في موضوع الخطبة، ولا يستشير أهل الرأي والحصافة من جمهور المصلين عنده، ولا يقرأ كثيراً في الموضوع الذي سيتكلم عنه؛ فكيف يؤثر في السامعين؟ إن بعض الموضوعات لابد أن تطرح وترسخ في قلوب وعقول المصلين على اختلاف طبقاتهم، وذلك بالحديث عنها لعدة خطب متوالية؛ مثل مفهوم العبودية لله، والاستسلام لنصوص الوحيين: القرآن والسنة، وتعظيم السنة، وتعظيم الصحابة واحترام الأجيال المفضلة، وبيان محاسن الإسلام وفضائله، وذكر سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - في سلمه وحربه، وإبداء الرأي الشرعي فيما يجدُّ من أحداث، وبث روح الأخوة والتعاون ونبذ الفرقة والخلاف...
إلى غير ذلك من الموضوعات التي ليس مجال تفصيلها في هذا الخاطرة، وإنما قصدنا الذي نريد الوصول إليه هو استشعار المسؤولية الملقاة على عاتق العالم والداعية الذي يرقى المنابر ليتكلم باسم الإسلام وفي بيت من بيوت الله.
http://www.albayan-magazine.com المصدر:
============
ولا تهنوا ولا تحزنوا
ليس أضر على الدعوات من أن يتسرب اليأس إلى أفرادها، أو يصيبهم الوهن والضعف بسبب محنة أو ابتلاء، فهذا مرض قاتل حذر الله المسلمين منه بعد غزوة أُحُد فخاطبهم قائلاً (ولا تَهِنُوا ولا تَحْزَنُوا وأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) [آل عمران: 139]، فإن من سنة الله في الدعوات أن تنتصر وتنهزم، وتُبتلى بالمصائب ونقص الأفراد والأنفس؛ لتكون دروساً قاسية يتعلم فيها المسلم أشياء لم يكن ليتعلمها بالوعظ والكلام.
لقد ابتليت الدعوات في هذه الأيام بتسلط الظالمين المفسدين يؤُزّهم من ورائهم شياطين الإنس من كل ملة ودولة، بل إن المتتبع لما يجري على الساحة في أنحاء العالم الإسلامي لَيجد تصميماً عجيباً على إقصاء الإسلام وإبعاده عن الفعل و التأثير، ويقابل ذلك دعوات مخلصة ولكن مع تفرق في الصف الإسلامي وضعف في الأخذ بالسياسة الشرعية المناسبة لكل حدث ومعرفة سنن الله في التغيير.
وقد علَّمتنا دروس التاريخ القديم والحديث أنه بعد الفتن و المحن يخرج أصناف من الناس إذا عرفنا توجهاتهم فلعلنا نخرج بأقل الخسائر.
هناك صنف من الناس سيصاب بإحباط شديد وبصدمة عنيفة، فهو لم يتوقع أبداً ما يحدث ولم يُعد للأمر عدته، ولم يتعود إلا على سماع الأخبار التي يحبها، ذلك لأنه عاطفي خيالي، فهو يرى أن دولة الإسلام قاب قوسين أو أدنى لما يرى من كثرة المقبلين على هذا الدين و لما سمع من أن الإسلام قادم (وهو قادم بإذن الله)، هذا الصنف لا ينقصه الإخلاص ولكن تنقصه التجربة و الوعي العميق بتاريخ الدعوة وتاريخ الدول، وأسباب النجاح والفشل.
وسيخرج صنف يفكر تفكيراً معوَّجاً، سيقول: لا فائدة من الدعوة والعمل والكلام...
ولا يحل المشكلة إلا القوة، فهذا في الظاهر شجاع ولكن في الحقيقة يقوم بعملية هروب، ولكنه هروب إلى الأمام!، وهو صنف لا يملك في الغالب الفقه العلمي و العملي، وتاريخنا الإسلامي في القديم و الحديث يعلمنا أنه قد نبتت نابتة مثل هذه عقب الفتن وعدم وضوح المنهج أو عندما لا تُدرأ الفتن بالسنن الربانية.
وصنف ثالث مخالف تماماً للصنف السابق، إنه في الطرف الآخر، فهو يرى أنه لا داعي إلى التضحيات و العمل الدعوي والتعاون مع إخوانه في سبيل الحق، فالقضية تحتاج إلى نفس طويل، وعودة إلى الكتب والقراءة من جديد والفكر، والحوار، وعدم العنف (و الجهاد - عند هؤلاء - عنف! )، وهذا الكلام ظاهره فيه شيء من الحق وباطنه الهروب من الاستمرار والمواجهة.
إن العودة للنقد الذاتي والتعمق في فهم أخطاء الماضي شيء طيب، ولكن هذا الصنف - مثل المرجئة - إنما يريد الهدوء وراحة البال.(13/47)
وسيظهر صنف رابع هو من أخطر هؤلاء، هذا الصنف كان يكتم حب الظهور والرئاسة لأن الوقت غير مناسب أو كان مندساً بين الصفوف، وقد لاحت الآن الفرصة ليتقرب من أصحاب الشأن، ويقدموا له فتات الموائد، وإن من فوائد المحن وحِكم الابتلاء ظهور مثل هذا الصنف حتى تتمحص الصفوف ويُعرف الكاذب الدعي من الصادق المخلص.
سيبقى أعداد كثيرة - بإذن الله - على الحق سائرون، لا يضرهم ضعف أو تخاذل أو إظهار الشماتة والحقد، ونقول للذين تسرب اليأس إلى قلوبهم: إن هذا الأمر لا يتم إلا بالصبر والمصابرة والرجاء بنصر الله ووعده الأكيد، ومن أكبر أسباب الظفر ذكر الله والثقة به؛ قال - تعالى -: (واذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [الجمعة: 10]، قال المفسرون: (وفيه إشعار بأن على العبد أن لا يفتر عن ذكر ربه أشغل ما يكون قلباً، وأكثر ما يكون هماً وأن تكون نفسه مجتمعة لذلك)، ومن أكبر أسباب الظفر معرفة سنن الله في التغيير، وقد وعد الله المؤمنين بالنصر؛ لأن أعداءهم لا يفقهون (وإن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِّنَ الَذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ) [الأنفال: 65] وهذا يعني أنه من المفروض على المسلمين فقه أسباب النصر والاستعداد له من الناحية المعنوية والمادية، وقد جاء في القرآن على لسان موسى - عليه السلام - عندما أراد أن ينقذ قومه من بطش فرعون (قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ واصْبِرُوا إنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ والْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) [الأعراف: 128]، فهذه الأرض لله وليست رهن تصرف الظالمين وأنها تدوم لهم بل سنة الله أن يسلبها منهم عندما يتقي المؤمن أسباب الضعف والهلاك، واليأس من روح الله ويتقي التخاذل والتنازع، ويعمل بضدها من الأخلاق الإسلامية من الاستعانة بالله والصبر على المكاره، ويتفقه بسنن الله في التغيير وتأثير العقيدة والاجتماع للتمكين في الأرض.
http://www.albayan-magazine.com المصدر:
============
هموم الدعوة في الغرب
عبد الجبار الطعمة
عندما نلقي نظرة على تاريخنا الإسلامي، وكيف انتشر الإسلام في فترة وجيزة ليغطي حوالي ثلاثة أرباع العالم القديم، فلا نملك إلا الدهشة والإعجاب للدور الذي لعبه التجار وغيرهم من الدعاة المسلمين في انتشار الإسلام في البقاع النائية من العالم القديم.
عندما نحلل بعناية الحقائق التاريخية، نجد أن أولئك التجار والحرفيين بأسلوبهم التلقائي؛ وبتقواهم واستقامتهم في تعاملهم مع الناس، يختلفون اختلافاً جذرياً عن أولئك المبشرين الذين يمثلون الأديان الأخرى، والذين يستخدمون الوسائل الإغرائية والأموال الطائلة ودعم الحكومات والمؤسسات الرسمية وشبه الرسمية.
إن سر نجاح المسلمين الأوائل في الدعوة، يكمن في كونهم مسلمين بحق، يطبقون الإسلام بصدق على أنفسهم، وينتهجون أسلوب الأمانة في التعامل اليومي مع كل البشر، وكانت شخصياتهم انعكاساً حياً وصادقاً للإسلام الحقيقي.
هذه هي الوسائل التي كانوا يستخدمونها، والتي جعلت أولئك الذين يحتكون بهم يحاولون التعرف على ما يؤمنون به، وبالتالي تتكون القناعة التامة لديهم لاعتناق الإسلام، عن رغبة ملحة، فيأخذونه ديناً حياتياً.
إن على المسلمين الذين يعيشون في الغرب، مسؤولية كبيرة وواجباً صعباً.
إن مهمتهم لا تنحصر فقط في دحض افتراءات المستشرقين وما يقومون به من تشويه للحقائق التاريخية، ولكن ليتصرفوا كمسلمين حقيقيين، ليكونوا مثالاً ناطقاً للإسلام.
كما كان الأوائل من السلف، وفوق كل ذلك، عليهم أن يحافظوا على الأجيال الجديدة التي نشأت في الغرب، من عوامل الذوبان من ناحية الدين والشخصية والهوية.
ويجب عليهم أن يجاهدوا في عرض الإسلام الحقيقي على الجيران والأصدقاء، ومن يحتكون به، عسى أن تمحى تلك الصورة التي خلفتها العصور السالفة وافتراءات المؤرخين، التي صبغت الإسلام بصبغة ممقوتة لدى الإنسان غير المسلم.
إن دائرة الضوء التي يجب أن نوجه أنظارنا إليها الآن في الغرب، هي الأجيال المسلمة التي ولدت في هذه البلدان.
أحد القساوسة الهنغاريين، وجه كلامه في كنيسته، قائلاً للأقلية الهنغارية التي تقطن أمريكا: (أنتم أيها الهنغاريون في البيئة الأمريكية، كأنكم في جزيرة صغيرة وسط محيط هائل، وإن الأمواج تعصف بها من كل جانب، وما لم تعملوا شيئاً لحماية هذه الجزيرة، فإنها ستصبح يوماً ما جزءاً من هذا المحيط الزاخر).
إن نفس الشيء يمكن أن يقال عن المسلمين في الغرب.
إنهم أقلية صغيرة في بيئة غير مألوفة، وما لم يبادروا إلى المحافظة على قيمهم، فإنهم سيكونون هم الخاسرين.
إن الصعاب التي يواجهونها الآن ليس مستحيلاً التغلب عليها، ولكنها تحتاج إلى اهتمام وعناية بالغتين.
فالمشكلة تكمن في عدم الخبرة في فن إبراز الإسلام أو تمثيله التمثيل الصحيح، وأن الكثير من ذلك يعتمد على طريقتنا في تعليم أولادنا الطرق المثلى للقيم والعادات والتقاليد، فالكثير منا يحاول فرض ذلك بالقوة وهذه طريقة غير مأمونة العواقب بل لا بد من استعمال الحكمة.
إن طريقة الدعوة للإسلام في البلاد العربية مثلاً، تختلف في بعض جوانبها عنها في إنكلترا، وإن طريقة الدعوة في إنكلترا، تختلف عنها في أفريقيا..
(ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ).
إننا إذا أردنا أن نعرّف أحدهم بالإسلام، فالحكمة هي الوسيلة لذلك.
إن كلمة الحكيم في اللغة العربية والتركية والفارسية والأردية، وبعض اللغات الأخرى، تعني الطبيب.(13/48)
والطبيب الحاذق هو الذي يشخص الداء، ويعطي الدواء المناسب لكل علة، ولو أنه أعطى لكل المرضى نفس الدواء، لشفي البعض، وبقي البعض الآخر عليلاً، وربما مات بسبب الدواء.
عندما يدعونا القرآن الكريم إلى استعمال الحكمة في الدعوة إلى الله، فإن هذا يعني التمييز في وسائل الدعوة، حسب الظروف والأحوال والأمكنة والأشخاص.
علينا أن نحلل الأشخاص أمامنا ثم بعدها نقرر طريقة الدعوة لكل واحد بما يلائمه.
في البلاد الإسلامية، يقوم الخطيب أو الداعية، أحياناً، وبنية حسنة طبعاً، بتقريع الناس، والنحو باللائمة عليهم، ولكنهم يتقبلون ذلك بصدر رحب وهم مدركون أن هذا الانتفاد أو التقريع، إنما جاء لحرص الخطيب أو الداعية على هداية الناس - إلى الطريق الأصوب، أما إذا ما استعملت الطريقة ذاتها في الغرب، فإن الداعية سوف يسمع كلمات تدل على أنه تعدى حدوده وأثار مشاعر الآخرين، وحتى من أولئك الشباب اليافع الذي يرى أنه يعيش في مجتمع حر، وأن هذا الخطيب أو الداعية قد جرح شعوره، وأثار حفيظته.
من هنا تأتي ضرورة التفريق بين هذا وذاك في انتهاج أسلوب الدعوة، لأن الناس ليسوا على نفس الشاكلة.
إن الداعية في الغرب، يواجه مهمة صعبة للغاية، أما في البلدان الإسلامية، فإن الناس، على الأغلب، مشتركون في الانضباط الإسلامي والقيم الخلقية، وعلى مستوى معين.
وبعكس أولئك الذين يعيشون في الغرب، وفي إنكلترا بالذات، فإن الداعية يتعامل مع خلفيات متشعبة جداً من حيث العادات والتقاليد والأعراف واللغات والاتجاهات المذهبية والعرقية.
إن كل هذه الاختلافات يجب أن توضع في الحسبان وتحلل وتهضم ثم توجه الدعوة، وبوجود مثل هذه القاعدة العريضة والمتشعبة، فإن الهداية إلى طريق الله - تعالى -، تأتي بعد ذلك من الله وحده، لمن أراد هدايته.
إن على الآباء والأمهات في الغرب أن يكونوا حذرين في كيفية توجيه النصح والتعامل مع أبنائهم إذ من الممكن أن يفقدوهم، حيث أن النظام الاجتماعي يسمح لهم بالتمرد والعيش بمعزل عن الأهل حيث يتم إيواؤهم من قبل واجهات النظام الاجتماعي، فيعيشون بعيدين عن جو العائلة الإسلامي، وتكمن الخطورة في اندماجهم برفقاء السوء، وانصهارهم في محيط المجتمع الزاخر.
إن الإسلام كذلك يضمن للأبناء أن يحيوا حياة تحقق لهم العيش بكرامة وحرية، ضمن الأطر الإسلامية، داخل البيت وخارجه.
عندما يعطي القرآن الكريم ثلاثة طرق للدعوة وهي: استعمال الحكمة أولاً، ثم الموعظة الحسنة، ثم المجادلة بالتي هي أحسن، فإننا على الأغلب نجادل أكثر بكثير مما يجب، ونحاول التركيز في جدالنا على الاختلافات الطفيفة في المسائل الفقهية، بينما الواقع يقول بأن هذه الاختلافات، لا تحمل تناقضات في الدين.
إن الجدال بشكل عام، لا يخلق إلا الفتنة والنزاع، ويضيع كثيراً من الجهود المخلصة والهادفة، وكثيراً من العمل البناء الدؤوب، وإننا لنشهد الكثير من هذه الممارسات الخاطئة يومياً.
إن البعض يتعامل في أمور الربا ويصرف الأموال الطائلة على أشياء كمالية، ولا يؤدي الفرائض المطلوبة كالزكاة، والحج، ولكنه يناقش إن كان اللحم الذي يأكله قد ذبح على الطريقتة الإسلامية أم لا، إن مثل هذه التصرفات تقوى مزيفة، ينعكس خطرها على الأجيال التي نقوم بتربيتها.
إن أكبر همنا أن لا يتزوج أولادنا من غير المسلمين، محاولين ضمان مستقبلهم بإرسالهم عند نهاية عطلة الأسبوع، إلى المدارس الخاصة لتعليم العربية أو الأوردية وتحفيظهم القرآن الكريم وتعريفهم بأمور دينهم، ثم نسرع الخطى بعدها إلى الانغماس في الدنيا، ولا نطبق الإسلام على أنفسنا، سواء داخل البيت أم خارجه.
إن الأطفال لا يمكنهم تعلم الكثير بهذا الأسلوب بقدر ما يعلمهم التقليد اليومي في البيت وأهلهم هم الأولى أن يعكسوا التصرف الإسلامي اليومي.
إن علينا إذا أردنا أن يكون أولادنا مسلمين بحق - أن نكون مسلمين بحق.
إذا كان لديك طفل يبلغ سنتين من العمر ورآك تصلي، صلى معك بتلقائية وعفوية، وسوف يأتي بعدها الفهم التدريجي.
إن التقليد دائماً يولد الفهم...
هذه هي الطريقة المثلى، والتي تبدأ من أشياء صغيرة، قد نحقرها، إلا أنها الأساس الذي تبنى الأجيال الإسلامية عليه.
إننا نحاول أحياناً أن نحمل الأطفال ما لا يطيقونه..
يجب أن نعلمهم القراءة والكتابة بأناة وحكمة، ولو حاول الآباء صرف بعض الوقت، وباستمرارية وصبر، لآتت الثمار أكلها ومن ثم يأتي التعليم الأكثر عمقاً.
http://www.albayan-magazine.com المصدر:
=============
المركز الإصلاحي لمسلمي كيرلا بالكويت يعمل على إنقاذ الجالية الهندية من براثن الشرك والبدع والخرافات
حاوره / علاء الدين مصطفى
- المركز الإصلاحي لمسلمي كيرلا بالكويت جمعية دينية تأسست من أجل القيام بأعمال الدعوة الإسلامية في ضوء الكتاب والسنة بين أوساط الجالية الهندية المقيمة في الكويت، لاسيما الجالية الكيرلاوية منها، وقد تم تأسيس هذا المركز في شهر مارس 1986م.
قام المركز بفضل الله وتوفيقه بمهمته خلال السنوات الماضية أحسن قيام، كما حقق نجاحاً كبيراً في توصيل رسالة الإسلام إلى العديد من الناس، ومن أهم أهداف المركز حث الناس وتوجيههم إلى التمسك بالدين الصحيح والعمل بموجبه، بالإضافة إلى ما يقوم به المركز من أعمال في مجالات التربية والثقافة من أجل النهوض بالأمة الإسلامية والصعود بها إلى سلم النمو والرقي والازدهار.(13/49)
ولا يزال المركز يواصل مسيرته في تهيئة أعضائه وتجهيزهم لتسخير حياتهم لكتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - والعمل على إنقاذ الجالية الهندية من ظلام الشرك والبدع والخرافات التي تعيش فيها والأخذ بيدها وإرشادها إلى نور التوحيد.
أهداف
- ما الأهداف التي قام عليها المركز؟
- إن من أهم ما يهدف إليه المركز القيام بالدعوة إلى التوحيد كما يسعى المركز جاهداً لدعوة الجالية الهندية إلى عبادة الله وحده ونبذ الشرك والبدع والخرافات ونشر تعاليم الإسلام الصحيحة في ضوء الكتاب والسنة وفهم السلف الصالح - رضوان الله عليهم.
أنشطة
- ما الأعمال والنشاطات الدعوية التي تقومون بها؟
- يقوم المركز بعقد الدروس الأسبوعية في مختلف أنحاء الكويت بهدف تعليم الجالية وتوعيتها بأمور الدين وتعاليمه، بالإضافة إلى إلقاء خطب الجمعة باللغة المليبارية، وإقامة المحاضرات والندوات والمخيمات الشهرية والأسرية والتربوية، ومن باب دعوة غير المسلمين إلى الإسلام، فقد أقام المركز العديد من اللقاءات والمحاضرات والندوات والمؤتمرات المفتوحة، كما يقوم بتوزيع الكتيبات والمنشورات والأشرطة السمعية والمرئية والأقراص -سيديات- التي تتضمن الرد على المفاهيم المخطئة التي تثار حول الإسلام.
كما يتم إقامة الدروس والمحاضرات بهدف تربية وتصفية وتزكية أعضاء المركز ودعاته، وكذلك يقوم المركز باستغلال أيام العطلات الرسمية في الكويت بإقامة برامج دينية مختلفة فيها:
- خطب الجمعة: يقوم دعاة المركز بإلقاء خطبة الجمعة باللغة المليبارية في سبعة مساجد في مناطق جليب الشيوخ والسالمية وأبو حليفة والمنقف والفيحاء وحولي والشرق، وذلك بتصريح خاص من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.
- برنامج أهلاً وسهلاً برمضان: يتم عقد هذا البرنامج سنوياً بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك، حيث يتشرف هذا البرنامج بحضور العلماء والمشايخ من كيرلا والذين يزورون الكويت في ذلك الوقت، وتتم مناقشة المواضيع المتعلقة بأحكام الصوم والزكاة، كما يقوم العلماء بالإجابة عن الأسئلة التي يوجهها الجمهور.
- الإفطار الجماعي مع الدروس الدينية: يقيم المركز إفطاراً جماعياً في جميع فروعه، حيث يتم فيه إلقاء المحاضرات والدروس ويشارك فيه عدد كبير من أبناء الجالية، كما يقيم المركز إفطاراً جماعياً تحت إشراف المدارس الدينية التابعة له، حيث يشارك فيه الأساتذة والطلاب وأولياء الأمور.
- المسابقة الرمضانية: يقوم المركز في شهر رمضان المبارك بإقامة مسابقة دينية تتضمن الأسئلة في موضوعات تتعلق بالصيام وغيرها، كما يقوم بتكريم الفائزين فيها بتوزيع الجوائز التشجيعية عليهم.
- مصليات العيد: يقيم المركز مصليات العيد في مناطق مختلفة بمناسبة عيد الفطر المبارك، حيث يشارك فيها عدد كبير من المصلين.
- هل من ضمن أولوياتكم إقامة مراكز لتعليم القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة؟
- يقيم المركز أكثر من 30 مركزاً لتعليم ترجمة القرآن الكريم ومعانيه مع التركيز على قواعد التجويد، وكذا الأحاديث النبوية الشريفة وتفسيرها، وتجدر الإشارة إلى أن هذه المراكز يشهد إقبالاً شديداً من قبل الجمهور رجالاً ونساءً، كما توجد هناك مراكز مخصصة للنساء، ويتم التدريس في هذه المراكز وفق منهج دراسي منظم، كما يقيم المركز امتحانات ومسابقات حوله، حيث يتم تكريم المتفوقين وتشجيعهم.
- المكتبة والمطبوعات: أقام المركز 14 مكتبة موزعة في مختلف مساجد الكويت بالمناطق المختلفة، بالإضافة إلى المكتبة الرئيسة الكائنة في مقر المركز الرئيس بمدينة الكويت، وتتضمن هذه المكتبات العديد من الكتب والمراجع والكتيبات والمنشورات والجرائد الإسلامية، كما تتضمن الأشرطة السمعية والمرئية والأقراص -سيديات-.
- المدارس الدينية: يشرف المركز على ثلاث مدارس دينية في مناطق جليب الشيوخ والسالمية والفحيحيل، وذلك بهدف تعليم أبناء الجالية الهندية أمور دينهم والتعاليم الإسلامية الصحيحة، وتربيتهم تربية إسلامية سليمة، وتعمل هذه المدارس في يومي الخميس والجمعة، معتمدة على المناهج الدراسية التي قررتها ندوة المجاهدين بكيرلا - الهند للتعليم في المدارس الدينية بكيرلا - كما يقوم بالتدريس في هذه المدارس مجموعة من الأساتذة ذوي الخبرة الطويلة والكفاءة العالية في مجال التدريس وبعضهم من خريجي جامعة الكويت.
خدمة المجتمع
- ما الأعمال والخدمات الاجتماعية التي يقدمها المركز للجالية؟
- يبذل المركز قصارى جهده لرقي المجتمع ونموه دينياً واجتماعياً واقتصادياً، وقد أسس المركز قبل تسع سنوات >صندوق الإغاثة< لمساعدة المحتاجين والضعفاء والأيتام والأرامل والطلبة الفقراء، كما يقوم هذا الصندوق بإرسال المساعدات والتبرعات لصالح المتضررين من المآسي المختلفة مثل الزلازل والفيضانات، إضافة إلى مشروع حقيبة اللوازم المدرسية والملابس الجديدة في بداية كل عام دراسي.
ومشروع الأضاحي: يقيم المركز مشروع الأضاحي في الكويت والهند، وجمع وتوزيع زكاة الفطر: يقوم المركز بجمع زكاة الفطر، ومشروع الإفطار في الهند، وخدمات الحج والعمرة، والمسابقات الرياضية والثقافية.
جمعية نسائية
- الجمعية النسائية التابعة للمركز ما طبيعة عملها؟
- تقوم هذه الجمعية بتنظيم وترتيب النشاطات والأعمال الدعوية بين النساء، كما تشرف على مراكز تعليم القرآن الكريم والحديث للنساء والدروس والمحاضرات الدينية.(13/50)
وإن مما نفخر به ويسعدنا في هذا المجال.. أقول: بإن كلا من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية وجمعية إحياء التراث الإسلامي تؤديان دوراً بارزاً في إنجاح أعمال ونشاطات هذا المركز، كما تقومان بتشجيعنا مادياً ومعنوياً في جميع مشاريعنا وتسهيل أداء المركز لرسالته بشكل أفضل، وكذلك لجنة التعريف بالإسلام تسهل أمور إصدار التصاريح اللازمة للدروس الدينية وخطب الجمعة.
وأخيراً نعبر عن جزيل شكرنا وعظيم امتنانا لكل من ساعدنا وشجعنا وساهم وتعاون معنا في إنجاح أعمالنا ونشاطاتنا ومشاريعنا، كما نرجو من الجميع المزيد من المساندة والتعاون مستقبلاً أيضاً سائلين المولى - عز وجل - أن يجزي الجميع خير الجزاء وأن يجعل كل ما قدموه من خير في ميزان حسانتهم يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، وأن يوفقنا جميعاً إلى ما فيه صلاح الدارين..والله ولي التوفيق..وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
http://www.al-forqan.net المصدر:
============
زوجة الداعية .. جندي مجهول في طريق الدعوة
الداعية إلى الله ليس كباقي الرجال الذين هم بعيدون عن أعباء الدعوة.
ومن الصعب أن يكون مثلهم في كل شيء، إنه صاحب همّ ورسالة، هم على ضياع أمته، وانتشار الفساد، وزيادة شوكة أهله، وهمّ لما يصيب المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها من مؤامرات وظلم وجوع وإذلال، وما يصيب الدعاة منهم من تشريد وتضييق وتنكيل، وبعد ذلك هو صاحب رسالة واجب عليه تبليغها للآخرين، حيث إن هذا الوجوب على الجميع، ولكن الفرق بينه وبين الآخرين أنه هو الذي بادر من بينهم لحمل هذه الأمانة، وقبِل أن يتحمل تبعاتها ومشاقها.
ولا شك أن واجب الدعوة إلى الله يتطلب وقتًا طويلاً قد يأخذ عليه أوقات نومه وراحته، وأوقات زوجته وأبنائه، ويتطلب تضحية بالمال والوقت والدنيا بأسرها، ما دام ذلك في سبيل مرضاة الله سبحانه وتعالى.
ورجل مثل هذا لا تصلح له أي زوجة، وإن أوتيت من الأخلاق والتقوى والجمال والحسب ما أوتيت، إنه يحتاج إلى زوجة تدرك واجب الدعوة وأهميتها، وتدرك تمامًا ما يقوم به الزوج، وما يتحمله من أعباء، وما يعانيه من مشاق، فتقف إلى جانبه تيسر له مهمته وتعينه فيها، لا أن تقف عائقًا وشوكة وحجر عثرة في طريقه.
وقد رأينا في طريق الدعوة أناسا كانوا ذوي نشاط وهمة قبل زواجهم فانقسموا بعد الزواج إلى فريقين فريق ازداد نشاطا وعملا وهمة، وفريق خبت عزيمته وضعفت همته وانشغل عن الدعوة وأهلها وإنما سبب ذلك الأول هو فهم الزوجة وفكرها وهمها.
والناظر في تاريخ كبار الدعاة يجد أنهم ـ في معظم أحوالهم ـ قد حباهم الله بزوجات واعيات كان لهن أكبر الأثر في اشتهار أزواجهم وزيوع صيتهم وانتشار دعوتهم، وذلك بدعم الزوج وتحفيزه وتهيئة الجو العائلي المناسب وإعانته في أمور دعوته وعدم شغله بتوافه المتطلبات أو بسفاسف الأمور.
إن من أعظم نعم الله تعالى على من سلك سبيل الدعوة إلى الله أن يُرزق زوجة معينة تحمل معه همومه وتعيش معه آماله وآلامه وطموحه، بل وتحمل معه أعباء دعوته، ومن نظر في سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - في أول أمر دعوته وموقف أم المؤمنين الأولى السيدة خديجة - رضي الله عنها - يعلم تمام العلم ما يمكن أن تؤديه زوجة الداعية.. لقد كانت أمنا خديجة مدرسة بحق تتعلم فيها زوجات هذا الزمان كيف تكون الزوجة الحقة.
إن مواقف خديجة - رضي الله عنها - كلها خالدة ويكفي موقفها من زوجها "النبي الجديد" حينما أتاها خائفا بعد أول نزول للوحي ليقول زملوني زملوني فتزمله، ثم يقول لقد خشيت على نفسي. فتطمئنه بل وتشجعه وتحفزه إن مثلك لا ينبغي أن يخاف بل أنت لها وإن لم تكن أنت فمن؟ "والله لا يخزيك الله أبدا؛ إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق"، لقد آمنت به فكانت أول المؤمنين والمؤمنات، وواسته بمالها وأعانته بحسن تبعلها وكريم معشرها وحسن مشورتها وكانت هي الصدر الحنون الذي يلقي عنده كل الهموم والغموم وينفس فيه عن نفسه مما يلقاه من أذى المشركين وما سمع منها يوما كلمة تضجر أو تبرم بل الرضا كل الرضا والمعونة الصادقة بكل ما تحمل كلمة الصدق من معان.
لقد كانت خديجة أكبر من أن تعد مآثرها أو أن تحاط مفاخرها .. فلا غرو أن أحبها المصطفى حبا لم يحبه أحدًا سواها، وما زال يذكرها بعد موتها بالحسنى حتى غارت أحب زوجاته إليه بعدها عائشة الصديقة بنت الصديق من كثرة ما يذكرها بالخير. وعلى خطا خديجة كانت زوجات رسولنا الكريم رضي الله عنهن أجمعين.
ولتعلم قيمة تلك النعمة تذكر نوحا ولوطا عليهما السلام وموقف زوجتيهما لقد وقفتا في طريق دعوتيهما وكانتا حجرا عثرة وردءًا للأعداء عليهما.. ومن يعش مع ما كانت تفعله هذه الزوجة وتلك ـ خصوصا زوجة لوط عليه السلام ـ يعلم يقينا أن مثل هذه الزوجة عدمها خير من وجودها، بل عدمها نعمة.. وشتان بين امرأة تكون هي النعمة في وجودها وأخرى يكون فقدانها نعمة.
وهكذا زوجات الدعاة على مر العصور ينتقلن بين القمة في المواساة كخديجة رضي الله عنها وبين القاع الذي تبوأته زوجتا نوح ولوط.. وقد خلد التاريخ لكل دورها وعند الله الملتقى ويومها "تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء"، وحينها "توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون".
http://www.islamweb.net المصدر:
============
ردا على مقال حرس الحدود
محمد الراشد(13/51)
إن من أشد الوقع عليّ أن أقوم بالرد على من هو على منهجي وطريقتي.. ولكن الحق أحب إلينا جميعاً، فقد قرأت مقالاً للأخ -الراصد- يدور حول أهمية قراءة الصحف من قبل العلماء، وإني على ثقةٍ إن شاء الله بأن الراصد حريص على الخير، وفيه حرقة على الحق ونصرة الدين، وذلك بمناصحته لأهل العلم وطلابه.وأقول مستعيناً بالله:
أوردها سعد وسعد مشتمل *** ما هكذا يا سعد تورد الإبل
ذلك أن مناصحة أولي الأمر - أمراء كانوا أم علماء- في السر ـ غير علانيةٍ ـ أمر محمود ومطلوب شرعاً وعرفاً، بل العلماء الموقعين عن الله أولى، فلا ريب أن احترام العلماء وتقديرهم من الأمور الواجبة شرعاً، وإن خالفتهم في الرأي.
فالعلماء ورثة الأنبياء، والأنبياء قد ورثوا العلم، وأهل العلم لهم حرمة. قال الإمام النووي: -باب توقير العلماء والكبار وأهل الفضل وتقديمهم على غيرهم ورفع مجالسهم وإظهار مرتبتهم- ثم ذكر قول الله - تعالى -: ( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) الزمر/ 9. ثم ساق الإمام النووي - رحمه الله - طائفة من الأحاديث في إكرام العلماء والكبار، وأحيل الراصد والقراء إلى كتاب - رياض الصالحين ص 146-.
ففعلك هذا وإن كان به حسن نية إلا أن مناصحتك للعلماء وطلاب العلم عبر الصحيفة التي لا يقرؤها العلماء على حد زعمك فيه تشويه لصورة العلماء وتنفير لعامة الناس منهم، وأتساءل هل قام الراصد بسؤال أهل العلم قبل أن يصدع بنصيحته بالصحف؟
إنَّ وَصْفَكَ للعلماء بأنهم حراس حدود أخشى أن يكون هذا تنقص ولمز بهم فالناس يعرفون ما معنى حراس الحدود!!! فهذه الكلمات المولودة والتعبيرات الجديدة هي تعبيرات حادثة فلو أنك وصفتهم بشيء ذكر في كتاب الله أوسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - لكان أفضل وأخير. وقولك بأن العلماء لا يهتمون بقراءة الصحف اليومية! فكيف علمت بأنهم لا يقرؤون الصحف؟
وكيف علمت بأنهم لا يردون على الشبه وغيرها؟!
إن لفضيلة الشيخ العلامة صالح الفوزان - حفظه الله - وسدده كلام في ذلك، وقال بأن العلماء تكلموا وردوا على كل حدث ولكن الإعلام يغيب فتاوى العلماء. فالتقصير من وسائل الإعلام لا من العلماء، وأنت كاتب صحفي وتعرف جيداً كيف يحارب الكاتب الصحفي صاحب التوجه الإسلامي، وأما قولك: (بشرائهم الصحف اليومية وليجعلوها صدقة ) . فلنتصور أن العلماء قاموا بالجلوس لقراءة الصحف يومياً وفندوا ما فيها ومن ثم قاموا بالرد على كل شاذة وفاذة، فأين الوقت للبحث والمطالعة وتعليم الناس وإلقاء الدروس والمحاضرات في المساجد والجامعات والكليات والتلفاز والإذاعة. ؟ الخ.
فيا أخي الراصد يكفي الغيور تبليغهم ومشاورتهم، ثم يقوم السائل ـ إن كان عنده علم ـ بالرد على المخالف بعد أن استنار بآراء العلماء.
أيها الراصد لا بد من التأدب مع العلماء، وأن نعرف لهم مكانتهم، قال الحافظ ابن عساكر - يرحمه الله - مخاطباً رجلاً يقرأ على العلماء: ( إنما نحترمك ما احترمت العلماء ) .
ولا شك أن أهل العلم أولى الناس، بالاحترام والتأدب معهم وحسن الخلق في معاملتهم، ولين الجانب لهم وتقديرهم؛ لأن ذلك من الدين ولأجله. فعند رغبتك بنصح العالم عليك بالآتي:
1- الرفق واللين معهم كما في الصحيح من حديث عائشة - رضي الله عنها -: (ما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه) ويكفيك قول النبي - صلى الله عليه وسلم - فيهم: ( إن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض والحيتان في جوف الماء) سنن أبي داود.
2- التثبت قبل النقد أو النصح، فاتهمتهم بالتقصير بغير علم.
3- اختر أحسن العبارات لإيصال النصح.
4- التمس العذر لهم فإن لم تجد فابحث عن سبعين عذراً.
5- اتهم رأيك واترك الاعتراض على العلماء.
6- أن يكون نصحك لهم سراً ليحصل المقصود لا على رؤوس الأشهاد، وإن تعذر لقاءهم فتمكن مراسلتهم عن طريق البريد الإلكتروني أو الرسائل البريدية أو الهاتف.
- وفي الختام: كان بودي الثناء على مقالاتك الكثيرة النافعة ولكن قال ابن القيم: ( سأل تلميذ أستاذه أن يمدحه في رقعة إلى رجل ويبالغ في مدحه بما هو فوق رتبته. فقال: لو فعلت ذلك لكنت عند المكتوب إليه إما تقصيراً في الفهم حيث أعطيتك فوق حقك. أو متهماً في الإخبار، فأكون كذاباً، وكلا الأمرين يضرك؛ لأنني شاهدك، وإذا قدح في الشاهد بطل حق المشهود له) .
http://www.al-forqan.net المصدر:
============
ذهب لينتحر فأصبح داعية
هناك بعيدا عن هنا، على بعد آلاف الأميال عن مكة المكرمة وعن عالمنا الشرق أوسطي كما يحلو لهم أن يسموننا وفي مدينة شهيرة من مدن بالولايات المتحدة الأمريكية
وبالتحديد في مدينة سان فرانسيسكو دعونا ننطلق من مقر رابطة العالم الاسلامي في باريس تذكرت قصة الطالب جيف الذي التحق بجامعة من جامعاتها الشهيرة
حيث ولج الطالب الأمريكي جيف على مدير الجامعة وقد دعاه ليهنئه بحصوله على درجة الماجستير التي نالها بتقدير ممتاز مع درجة التفوق ودرجة الشرف الأولى بل إن التهنئة كانت أيضا بسبب أنه كان أصغر طالب في الولايات المتحدة الأمريكية ينال درجة الماجستير في ذلك التخصص وهذا إنجاز غير مسبوق بالنسبة للجامعة
فكان عليها أن تفخر بالطالب جيف لأنه حقق إنجازا تاريخيا.
وبعد انتهاء اللقاء والوعد بالاحتفال بجيف في حفل التخرج في نهاية العام الدراسي توجه جيف خارجا من مكتب مدير الجامعة الذي لاحظ عليه الهم والحزن وعلى غير عادة الطلاب في مثل هذه المناسبات..(13/52)
الذين يصيحون باللهجة الأمريكية: (ياهوووو)..على طريقة الكاوبوي أو رعاة البقر الأمريكان أو يصرخون قائلين ( اولرايت)..
فتعجب المدير ولكنه لم يسأل ولم يستفسر عما بداخل جيف.. وفي الموعد المحدد لحفل التخرج حضر الطالب جيف بكامل أناقته مرتديا بزته الخاصة بالمناسبات ومرتديا روب التخرج واضعا قبعة التخرج الشهيرة وأخذ مكانه المخصص له
وسمع أسمه يتردد عبر مكبرات الصوت مصحوبة بعبارات المدح والثناء التي انهالت عليه من الجميع لإنجازه الرائع ثم صعد المنصة الرئيسية ليتسلم شهادته وسط هتاف وتصفيق عائلته وأصدقائه ووسط الحضور الكثيف في مثل هذه المناسبات وما أن تسلم جيف الشهادة حتى انخرط في البكاء فأخذ مدير الجامعة يداعبه قائلا:
أنت تبكي فرحا من فرط سعادتك بهذا الموقف فرد عليه جيف: - لا فأنا أبكي من فرط تعاستي فتعجب مدير الجامعة
وسأله: -لماذا يا بني ?
فأنت يجب أن تكون سعيدا فرحا في هذا اليوم وفي هذه اللحظات بالذات
فرد جيف: -
لقد ظننت بأنني سأكون سعيدا بهذا الإنجاز ولكنني أشعر بأنني فلم أفعل شيئا من أجل إسعاد نفسي فأنا أشعر بتعاسة كبيرة فلا الشهادة ولا الدرجة العلمية ولا الاحتفال أسعدني
ثم تناول جيف شهادته وانسحب من المكان بسرعة كبيرة وسط ذهول الجميع فهو لم يكمل الحفل ولم يبق ليتلقى التهاني من الأصدقاء والأقرباء..
ذهب جيف لمنزله، شهادته بين يديه يقلبها يمنة ويسرة ثم أخذ يخاطبها ماذا أفعل بك? لقد أعطيتني مكانة تاريخية في جامعتي ومركزا مرموقا ووظيفة ستكون في انتظاري وانظار الناس ووسائل الإعلام ستحوم حولي لما حققته من إنجاز ولكنك لم تعطني السعادة التي أنشدها..
أريد أن أكون سعيدا في داخلي ليس كل شيء في هذه الدنيا شهادات ومناصب وأموال وشهرة هناك شيء آخر يجب أن يشعرنا بأن نكون سعداء..
لقد مللت النساء والخمر والرقص أريد شيئا يسعد نفسي وقلبي..
يا إلهي ماذا أفعل?..
ومرت الأيام وجيف يزداد تعاسة فوق تعاسته فقرر أن يضع حدا ونهاية لحياته ففكر ثم فكر حتى وجد أن أفضل طريقة ينهي بها حياته هي أن يلقي بنفسه من فوق الجسر الكبير الشهير الذي يطلق عليه الأمريكان اسما أصبح شهيراً في العالم كله وهو:
(القولدن قيت) أو البوابة الذهبية
الذي يتألق شامخا كمعلم حضاري أمريكي وكثيرا ما يشاهد وقد غطاه الضباب ويعتبر هذا الجسر من أهم معالم أمريكا التقنية والعلمية.
ذهب جيف يخطو نحو البوابة الذهبية وقبل أن يصل إليها كان هناك نفر من الذين اختارهم الله - سبحانه وتعالى - ليقوموا بواجب الدعوة إلى الله من شباب المسلمين ذهبوا ليدرسوا في أمريكا وكانوا يسكنون قريبا من مدخل البوابة الذهبية في غرفة تحت كنيسة، تصوروا لفقرهم لم يجدوا مكانا يسكنونه غير غرفة بمنافعها تحت كنيسة..
وكان همهم أيضا أن يدعوا إلى الله - سبحانه وتعالى - همهم أن يدخل الناس في دين الله.. همهم أن ينقذوا البشرية ويخرجوها من الظلمات إلى النور..
همهم أن يدعوا إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة وأن يكونوا مثالا ومثلا طيبا للمسلم الحقيقي..
كانوا يدرسون ويدعون إلى الله وهم يقطنون أسفل الكنيسة هذا ما وجدوه ولعله كان خيرا لهم فخرجوا في ذلك اليوم ليتجولوا في الناس يدعونهم للدخول إلى الإسلام كانوا يرتدون الزي الإسلامي وكانت وجوههم مضيئة بنور الإيمان كانت جباههم تحمل النور من اثر السجود واثناء تجوالهم اليومي ذاك وعلى مقربة من مدخل البوابة الذهبية إذا هم بهذا الأمريكي المهموم كان الأمريكي هو الطالب جيف فإذا به ينظر متعجبا مندهشا فهو لم ير في حياته أناسا بهذا الزي ولا بهذه الهيئة ولا بذلك النور ولا بتلك الجاذبية التي جذبته اليهم فاقترب منهم ليتحدث معهم
فقال لهم: - هل من الممكن أن أسألكم ?
فرد أحدهم: - نعم تفضل.. فقال جيف : - من أنتم ولماذا ترتدون هذا الزي ?!.
فرد عليه أحدهم قائلا:
- نحن من المسلمين أرسل الله إلينا النبي محمد – صلى الله عليه وسلم - ليخرجنا ويخرج الناس من الظلمات إلى النور وليجلب للبشر السعادة في الدنيا والآخرة...
وما أن سمع جيف كلمة (السعادة) حتى صاح فيهم: السعادة?!..
أنا أبحث عن السعادة..
فهل أجدها لديكم ?!!.
فردوا عليه: - ديننا الإسلام دين السعادة دين كله خير فانصرف معنا لعل الله أن يهديك وتتذوق طعم السعادة فقال : لهم إنني سأذهب معكم لأعرف إن كان لديكم السعادة التي أنشد وهي السعادة الحقيقية..
لقد كنت قبل قليل سأنتحر كنت سأرمي بنفسي من فوق هذا الجسر وأضع نهاية لحياتي لأنني لم أجد السعادة لا في المال ولا في الشهوات ولا في شهادتي التي تحصلت عليها
فقالوا له: - تعال معنا نعلمك ديننا لعل الله أن يقذف في قلبك الإيمان ولذة العبادة فتتعرف على السعادة ولذتها فالله على كل شيء قدير..
انصرف جيف مع الشباب المسلم الشباب الداعي إلى الله ووصلوا الغرفة التي كانوا يقطنون والتي حولت إلى مصلى لهم ولمن اراد ان يتعبد الله فيهاوعرضوا على جيف الاسلام وشرحوا له الاسلام ومزايا الاسلام ومحاسن الاسلام وعظمة الاسلام..
فقال: هذا دين حسن والله لن ابرح حتى ادخل في دينكم فأعلن جيف اسلامه.
وبادر أولئك الدعاة بتعليمه الاسلام فأخذ جيف يمارس فرائض الاسلام وارتدى الزي الاسلامي لقد وجد ضالته وجد أن السعادة التي كان ينشدها في الإسلام وفي حب الله وحب رسوله |(13/53)
بل كان جيف سعيدا بأنه أصبح داعية إلى الله - سبحانه وتعالى - في أمريكا و أبدل اسمه إلى (جعفر) وكما نعرف من كتب السير أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعد ابن عمه الصحابي الجليل جعفر بن أبي طالب - رضي الله عنه - بأن يكون له جناحان يطير بهما في الجنة فقد كان جعفر الأمريكي يطير بجناحين من الفرحة والسعادة لاعتناقه الدين الإسلامي فقد أوقف نفسه وحياته وماله وجهده في سبيل نشر الدين في أمريكا.
وها قد عرفنا قصة جعفر الذي وجد سعادته في دين الله وفي التمسك بتعاليم الله - سبحانه وتعالى - وسنة نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - فما بال كثير من المسلمين لايزالون يعتقدون بأنهم لن يجدوا سعادتهم الا بالتشبه باليهود والنصارى مأكلا، وملبسا، ومشربا، ومركبا، ومسكنا، ومعشرا?!!..
والله إن السعادة كل السعادة في أن يكون الإنسان مؤمنا بالله وملائكته وكتبه ورسله، وباليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره.
السعادة كل السعادة في أن يكون الله ورسوله أحب إليه من ولده ووالده وماله ونفسه.
والسعادة كل السعادة في أن يكون الإنسان داعيا إلى الله - سبحانه وتعالى -، مشمرا، ومضحيا من أجل إخراج الناس من الظلمات إلى النور وهاديا يهديهم طريق الرشاد.
السعادة كل السعادة في مناجاة الله في الثلث الأخير من اليل السعادة كل السعادة في أن تمسح على رأس يتيم، وأن تصل رحمك، وأن تطعم الطعام وتفشي السلام وتصلي والناس نيام، السعادة كل السعادة في أن تبر والديك، وأن تحسن لأقاربك وأن تحسن لجارك، وأن تتبسم في وجه أخيك وأن تتصدق بيمينك حتى لاتعلم بها شمالك..
هذه السعادة في الدنيا فكيف بسعادة الآخرة.. لقد دخل جيف الإسلام لأنه شاهد أولئك النفر المتمسكين بدينهم والداعين إلى الله في أرض غير المسلمين.. والله لو أخلصنا النية والعزم لله - سبحانه وتعالى - واجتهدنا من أجل إيصال هذا الدين لوصل للعالم كله، ولكننا تقاعسنا وجبنا في دعوة الناس لدين الله.. إن ترك الدعوة إلى الله من أخطر الأمور التي ينتج عنها ذل ومهانة وبعد عن الله..
أين (كنتم خير أمة أخرجت للناس) أين (ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين) أين (بلغوا عني ولو آية) ماذا سنقول لربنا غدا..
لو سألنا عن تقصيرنا في الدعوة إلى الله?... نقول شغلتنا أموالنا وأهلونا?.
نقول شغلتنا مبارياتنا ولعبنا للبلوت، نقول شغلتنا سجائرنا وشيشنا..
نقول شغلتنا ملاهينا وزوجاتنا وسفراتنا للترفيه..
ماذا سنقول والعالم يا إخواني ينتظرنا وخاصة في هذه الظروف الحرجة التي يمر بها العالم.. جعلني الله وإياكم ممن يحبون ويتبعون تعاليم الله - سبحانه وتعالى -، وسنة ونهج نبينا محمد | وممن يقومون بواجب الدعوة إلى الله وتبليغ رسالته إلى الناس كافة إنه سميع مجيب
(كنتم خير أمة اخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله)
http://www.awrak.com المصدر:
============
تحديث الخطاب الدعوي الإسلامي
أولا: خلفية المبادرة:
خلال الخمسين سنة الماضية شهدت الساحة الإسلاميَّة الكثير من التحركات والنشاطات الإسلاميَّة والدعويَّة، متخذة أساليب مختلفة وأشكالا عدة.
ولقد تراوحت نتائج تلك الأعمال والمحاولات بين النجاح التام، والنجاح النسبي، والإخفاق في بعض الحالات. غير أن مما لا مراء فيه أن الخطاب الإسلامي بكل أطيافه وتجلياته في الفترة الماضية اتخذ المنحى الخطابي (الخطاب اللغوي والتأثيري)، بأشكاله المختلفة المسموعة والمقروءة، مرتكزا أساس لكل تحركاته وتجلياته.
ورغم أن القناعة متوافرة بجدوى ذلك النوع من الخطاب في الفترة الماضية، إلا أن التغيرات والتطورات الأخيرة وبالذات بعد ثورة العولمة ثم أحداث سبتمبر وتداعياتها - تفرض تعديلا وتطويرا للخطاب الدعوي.
إن الجمود، والثبات على الصيغ والآليات القديمة، أضحى نوعا من التخلف يجب أن لا ترضاه القوى الإسلاميَّة، ولا تقبل به.
إن الخطاب الإسلامي الحالي في حاجة إلى تطوير في الأساليب والأطر، ليكون في متناول الناس جميعاً من حيث الأسس التي ينبغي أن تقدم للناس، ومن حيث الطرق العلمية الحديثة للتواصل مع الآخرين، وإعداد صياغات متطورة لتمثيل الإسلام وممارسته بشكل حقيقي وعمليّ.
يستدرك الدكتور عبد الناصر أبو البصل عميد كلية الشريعة بجامعة اليرموك بالأردن بأنه إذا قصدنا بالخطاب الإسلامي مبادئ الإسلام وقيمه وتعاليمه، فهذا لا مرية أنه لا مشكلة فيه على الإطلاق، ولكن المشكلة في الوسائل التي يتم بها ممارسة وترسية وتفعيل هذا الخطاب، وفي اختيار الوسائل التي نسلكها في إيصاله للناس. فيما يتعلق بذلك فإنه يجب بلورة خطاب جديد، وأن تتعاون في الوفاء به مؤسسات الدعوة والإعلام والتعليم، إضافة إلى تهيئة كوادر إعلاميَّة مؤهلة تجمع بين الثقافة الإسلاميَّة الصحيحة، وأدوات العصر، ووسائله العلمية.
الشيخ سلمان العودة يؤطر لهذه المبادرة بالقول: إن مما يؤسف له ويجب الاعتراف به- أن قضية العلاقات والخصومة الداخلية للأمة الإسلاميَّة من أهم معيقات تحديث الخطاب الدعوي، لأن كثيرا من الأطروحات والمشاريع ربما تستدعي الكثير من الخلافات المفتعلة حول جدواها، أو أولويتها، وأحيانا مشروعيتها.
إن الإشكالية هي أن الشخص الواقع في الخلاف لا يستطيع أن يدرك أنه يفتعل خلافاً لا مبرر له، لأنه مشغوف ومملوء العقل والذهن بقضية معينة، نشأ عليها ثم كبرت عنده وأصبح لا يرى غيرها، ولا يؤمن بسواها بل وحتى أصبحت تعزله عن الآخرين، وعن مشاريعهم العمليّة، وعن رؤية أمور ونتائج أكثر فاعلية.(13/54)
إنه في الوقت الذي تراه يتوجع من الخلاف نظريا، يصنع الخلاف عمليا، لأن تربى على نوع من المنهجية الصارمة، التي ليس من آلياتها التعامل مع الخلاف، وتحقيق معاني الأخوة والإعذار، وحسن الظن ومعاني التفاهم مع الآخرين، ولذلك ربما يتكلم بكلام جميل جداً عن قضية الخلاف، دون أن يمارسه في الواقع.
إننا إذ نطمح إلى تحديث خطابنا الدعوي فإننا بحاجة إلى تربية، على أن تصبح المرونة في التعامل مع النوازل والمستجدات عادة، ليتلقاها الطفل والطالب في المدرسة، والشاب في محضنه التربوي، وأن يكون هناك تربية قوية على المعاني والمقاصد الكليّة للدين، بحيث نستطيع أن نتخلص من كثير من الخلافات التي كنا فيها، والتي تصرفنا عن صور ومشاريع متطورة في خطابنا الدعوي.
أمر آخر يطرحه الشيخ سلمان العودة ويعتبره أساسيا لتحديث الخطاب الدعوي، يتلخص في ضرورة الإيمان بوجود ألوان من التعامل مع الواقع، تقتضي قدرا واسعا من المرونة والفاعلية، لأن بناء عوازل أو إقامة جزر فيها لا يصنع شيئا، وافتراض كل فئة أو طرف أو حتى دولة أنها قادرة على أن تقوم بمفردها أمر غير واقعي.
إذن لابد للمسلم أن يتعامل مع الآخرين بنوع من المرونة، حتى مع من يختلفون معه في الدين، فربما يجد الإنسان نفسه محتاجاً إلى نوع من التحالف مع طرف غير مسلم، لمواجهة طرف ثالث هو غير مسلم أيضاً، وهو أقوى من الجميع. وهذا يقتضيه العقل وتجيزه الشريعة، والفقهاء وضعوا أبواباً لمثل هذه الأشياء. فكيف إذاً يكون التعامل مع مشاريعنا وأطروحتنا ضمن وضع إسلامي، ربما يكون أكثر حتى في دائرة أضيق، ومع ذلك تجد أن هناك نوعاً من افتعال ألوان من التباعد بينك وبين أطراف أخرى، وهذا ينم عن غياب الوعي بالواقع، وغياب الشعور الصادق لمواجهة هذا الواقع.
ثمة أمر في غاية الأهمية، وهو وجوب التمسك بالثوابت والأصول في عرض الإسلام، فليس من تجديد الخطاب الديني تقديم الإسلام المستأنس مكسر الجناح منزوع السلاح، أو اعتبار الإسلام علاقة شخصية بين العبد وربه فقط، وليس منهج حياة كاملة للفرد والأسرة والمجتمع والدولة، وليس منه حذف بعض الآيات عن بعض المخالفين لنا، أو حذف الحدود من النظام الجنائي، أو الجهاد من العلاقات الدولية، أو حذف الغزوات من السيرة.
ثانيا: المحاور الرئيسة للمبادرة:
* الإيمان بضرورة المراجعة، وتربية القدرة على التراجع والتطوير
* تحديث المفاهيم السائدة عن العمل الإسلامي وأهداف واستراتيجيات الدعوة
*طرح وممارسة آليات ومشروعات جديدة ومتطوره
ضمن المحور الأول يحدد مجموعة من الباحثين والعلماء عدة اقتراحات لتحديث الخطاب الدعوي تسير وفق التالي:
1. الإيمان بأن المراجعة والتراجع سنة ماضية، وقد جاء في الصحيحين قول الرسول ?: "وإني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها، إلا أتيت الذي هو خير وتحللتها.. " فإذا كان ? يتراجع عن رأي حلف عليه عندما يتبين غيره أصوب منه، فلا غرو أن يتراجع من بعده عن رأي رأوه أو مسلك تبين لهم رجاحة غيره.
2. الاعتقاد الجازم بأن لكل مرحلة فقهها الدعوي، وأن التراجع عن اجتهاد أو منهج تربوي معين، لا يعني مطلقا بطلان الاجتهاد السابق، أو هدمه بل ولا حتى إلغاءه، ولكن لا يعني مطلقا التمسك به لأنه "سبق وأن قيل"، أو "سبق وأن تم العمل به أو اختياره".
3. أن نربي أجيالنا على فن التراجع، كما نربي على فن الإقدام. فإذا كان الإقدام من غير مبرر تهور، فإن الثبات على غير الحق والصواب جمود وتخلف.
4. مراجعة واسعة لمفردات العمل الإسلامي بما في ذلك المناهج والأفكار والخطط والبرامج والأشخاص، ثم -وبطريقة سلسة- استبعاد كل ما يعيق هذا التحديث.
5. التراجع بشجاعة عن كل الآراء والمواقف المضادة لعمليّة التحديث ومطالبة الاستراتيجية والتكتيكية.
في حين أن من أهم استراتيجيات تحديث الخطاب الدعوي المرتبطة بالمحور الثاني (تحديث المفاهيم السائدة عن العمل الإسلامي وأهداف واستراتيجيات الدعوة) ما يلي:
1. أن نضع في الحسبان أن الإسلام ليس مجرد عقيدة تحض على (البذل والتضحية)، وتحمس الناس للدفاع عن الديار والأوطان والعقائد، ولكن الإسلام أيضاً له دور اجتماعي مهم، من حيث أنه عقيدة منتشرة ذات استقرار وذيوع وتقبل بين الناس، ورضا بحاكميتها بينهم، فهم يتناهضون به، ويتحاكمون بمرجعيته، بغير إملاء عليهم من خارجهم. هذه الصفة تمكن من قيام عناصر التنسيق والتوحيد بين الانتماءات الفرعية، التي تقوم عليها وحدات الخطاب الدعوي المتطور.
2. تطبيع الفكرة الإسلاميَّة، لتكون هي المجتمع، بدلاً من اختصارها في فئة خاصة من الدعاة ـ من وجهة نظر الشيخ محمد العبدة ـ استراتيجية أساسية لتحديث الخطاب الدعوي، ويرى أن مما يساعد على ذلك الاهتمام الدعوي بالعلاقات العائلية والأسرية المتميزة لخدمة الإسلام. وإقامة علاقات طبيعية مع جميع شرائح المجتمع، دون حساسية من أي فئة. إضافة إلى ممارسة الدعوة بشكل عمليّ وبطريقة سهلة، مع جميع شرائح المجتمع، ويكون ذلك مثلاً عن المشاركة والتفاعل والإيجابيّة في العلاقات.
3. التقرير في أذهان المسلمين عموما أن هناك خلافاً هاماً وجوهرياً بين مرحلتين وفقهين، (فقه الاستضعاف) (1) و (فقه الاستخلاف) (2)، وتربية العمل في ضوء الأول منهما بشكل عام. حسب ما يقرره الدكتور عبد الحكيم الصادق.
المحور الثالث للمبادرة الحالية والذي يؤكد على طرح وممارسة آليات ومشروعات جديدة ومتطورة حسب وجهة نظر العديد من الدعاة والباحثين يتضمن الاستراتيجيات التالية:(13/55)
1. نزول الشخصيات المرموقة (علماً ودعوة وثقافة) من أبراجها المنيعة وخصوصيتها الخطابية، لمخاطبة الناس وتعليمهم السلوك الحسن والتواضع، وتسهيل لغة الخطاب، وتقريب الأفكار بينهم.
2. اعتماد المؤسسات والتجمعات الدعويَّة على برامج عمليّة تنفيذية، تفيد المجتمع وترتبط باحتياجاتهم اليومية -بدلاً من التركيز على الخطاب الوعظي والتوجيهي والأستاذي/ المشيخي المجرد- وينطوي ذلك حسب ما يراه الدكتور سعيد بن ناصر الغامدي على "تأسيس المشاريع" و "إقامة دورات " و "أندية" و "مخيمات" و "مراكز" تقوم بأعمال يلمس الناس أثرها بحيث تتناول على سبيل المثال:
• رعاية الصغار، وتربية المراهقين.
• تعليم المتزوجين المهارات الأساسية للحياة الزوجية.
• تعليم الطلاب مهارات المذاكرة والاختبار.
• العناية بالمدمنين.
• حل المشكلات الأسرية والمالية والعمليّة.
• تأسيس الكليات والمراكز التربوية والجامعية.
• إقامة المستشفيات ومراكز الاستطباب والتداوي.
3. ارتكاز الأعمال والأمور العمليّة التي يقوم بها الدعاة، أو التي تتبناها الجهات والمؤسسات الدعويَّة، على المهارات والممارسات والأفكار والمفاهيم التجريبية والمتطورة، والمتصفة بالجاذبية والتشويق. هذا يستلزم الابتعاد عن الآراء الفردية والاجتهادات الخاصة لبعض العاملين في الحقل الدعوي، والاعتماد بشكل كلي على ذوي الاختصاص في كل فن على حدة.
4. تطوير رسالة المسجد بما يضمن استعادته لدوره التأثيري والريادي في المجتمع المسلم، حيث يجب أن يمثل مركزا اجتماعيا وتثقيفيا للبيئة المحيطة.
5. أدلجة المشاريع التجارية لصالح الأفكار الإسلاميَّة. حيث لا تزال المشاريع الإسلاميَّة في خطواتها الأولى، مع أن غيرنا من الدول غير الإسلاميَّة، قد خطا خطوات واسعة في ذلك على المستويين "الفكري" و"التجاري".
6. تأسيس مراكز أبحاث، ودراسات أو حلقات نقاش حول موضوع معين، واستثمار آليات البحث العلمي، ثم استقبال وجهات النظر حيالها، وإعادة الصياغات، والخطط والبرامج في ضوء نتائجها.
7. الدكتور عبدالكريم بكار يرى أن تحقيق التحديث يمكن أن يؤكد على المنحى الإعلامي بالتالي:
• استثمار وسائل الإعلام العامَّة بشكل مكثف، لنشر الأفكار الإسلاميَّة على مختلف أنواعها. بما في ذلك نشر الأفكار والمباديء بطريقة مدمجة في اتجاهات محتوى البرامج الترفيهية والإعلاميَّة المختلفة.
• تهيئة الكوادر الإعلاميَّة الممتازة، وتأسيس مؤسسات الإنتاج الإعلامي، التي تضمن نوعا من الالتزام و"الأسلمة" في برامجها ومنتجاتها الإعلاميَّة.
• اقتحام مجال الأعمال الدرامية، وتثبيت الأفكار الإسلاميَّة من خلالها بطرق غير مباشرة.
------------------
(1) فقه الاستضعاف الأصل فيه الالتقاء على أصل الدين ومحكمات الشرعية. وهو ينسجم مع مرحلة الاجتياح للأمة من قبل أعدائها الخارجيين والداخليين.
(2) فقه الاستخلاف: الأصل فيه الالتقاء بعد الاتفاق على أصل الدين والمحكمات الشرعية على الاختيارات الفقهية، والاجتهادات المذهبية والترجيحات الحركية والرؤى السياسية. وهو ينسجم مع مرحلة الاستخلاف والتمكين.
19/11/1426
21/12/2005
http://www.islamtoday.net المصدر:
==========
التدرج في الإصلاح والتغيير
الشيخ عبد العزيز بن ناصر الجليل
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين. وبعد:
روى لنا صاحب الحلية أن عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز دخل على أبيه عمر بن عبد العزيز فقال: (يا أمير المؤمنين! إن لي إليك حاجة، فأخْلِني وعنده مسلمة بن عبد الملك
فقال له عمر: أسِرٌّ دون عمك؟
فقال: نعم! فقام مسلمة وخرج، وجلس بين يديه
فقال له: يا أمير المؤمنين! ما أنت قائل لربك غداً إذا سألك
فقال: رأيتَ بدعةً فلم تُمِتْها، أو سنة لم تُحْيِها؟
فقال له: يا بني أشيء حَمَّلَتْكَهُ الرعية إليَّ، أم رأي رأيته من قِبَل نفسك؟
قال: لا، واللهِ، ولكن رأي رأيته من قِبَل نفسي، وعرفت أنك مسؤول؛ فما أنت قائل؟
فقال أبوه: رحمك الله وجزاك الله من ولد خيراً؛ فوالله إني لأرجو أن تكون من الأعوان على الخير. يا بني! إن قومك قد شدُّوا هذا الأمر عقدة عقدة، وعروة عروة، ومتى ما أريدُ مكابرتهم على انتزاع ما في أيديهم لم آمن أن يفتقوا عليَّ فتقاً تكثر فيه الدماء، واللهِ لَزوالُ الدنيا أهون عليَّ من أن يهراق في سببي محجمة من دم، أَوَ ما ترضى أن لا يأتي على أبيك يوم من أيام الدنيا إلا وهو يميت فيه بدعة ويحيي فيه سنة، حتى يحكم الله بيننا وبين قومنا بالحق وهو خير الحاكمين؟ ) [1].
وبعد هذا الحوار الجميل الحكيم بين خليفة المسلمين العادل وابنه الورع الزاهد - رحمهما الله - تعالى- يمكن لنا تسجيل الدروس الآتية:
1- دور البطانة الصالحة للحاكم المسلم وبخاصة إذا كانت من قرابتة كما هو ظاهر في نصح هذا الابن البار المشفق على أبيه الخليفة العادل، وهذا من علامة توفيق الله - عز وجل - للحاكم المسلم.
ولكن متى يظهر أثر البطانة الصالحة ؟ إنها لا تظهر إلا إذا وجد الاستعداد الصادق عند الحاكم؛ بحيث يظهر عليه حب أهل الخير والسعي إلى تقريبهم، وبُغض أهل الشر والنفاق والنفور منهم ، وأما إذا وجد العكس من ذلك فإن الأثر سيكون ضعيفاً؛ بل وربما كان معدوماً .(13/56)
2- التماس العذر لمن لم يتمكن من أهل الخير من الإصلاح السريع وتغيير كل الفساد الذي يقوم به مَنْ تحت أيديهم، ويكفينا أن نرى السعي الجاد للتغيير من قِبَلهم، وأن نرى الخير يزداد والشر يتناقص يوماً بعد يوم ولو كان ذلك قليلاً. وهذا الكلام يسري من باب أوْلى على من تولى من أهل الخير الحكم في بلد من بلدان المسلمين وأراد صادقاً أن يحكم بشريعة الله - عز وجل - وأن يحارب الفساد العظيم في مرافق الحياة الذي ورثه ممن سبقه، فهنا يجب أن نطبق ما قال عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه - لابنه حينما طالبه بالتغيير السريع الشامل، ونلتمس العذر فيما يقوم به الحاكم الصادق من التغيير المتدرج، ويكفي أن نلمس الصدق والإرادة الحازمة منه في التغيير، وأوضح القرائن على ذلك الصدق في العزيمة والبدء في إبعاد البطانة الفاسدة عن مواقع التأثير، وتقريب البطانة الصالحة. أما أن يبقى أهل السوء والفساد في مواقعهم ويظل أهل الصلاح مبعدين فإن هذا يدل على عدم المصداقية وكذب ما يعلن؛ وإنما هو للاستهلاك وكسب عواطف المسلمين. وهذا يذكرنا بما نسمعه بين الفينة والأخرى من أن حاكم البلد الفلاني قد أعلن تطبيق الشريعة وتحكيمها فيغتر بهذا الادعاء من يغتر من المسلمين مع أن القرائن تدل على كذبه ونفاقه؛ وذلك لأنه لو كان صادقاً لبدأ أول خطوة في التغيير ألا وهي تغيير البطانة الفاسدة، وإبدالها ببطانة صالحة تستلم مواقع التغيير، وهنا يُلتَمَسُ العذر له في التدرج وعدم العجلة في التغيير. أما أن يبقى أهل الشر في تسلطهم، ويظل أهل الخير مبعدين أو مغيبين في السجون، والشر والفساد في زيادة واستفحال؛ وهو أبعد ما يكون عن الإسلام فإن هذا لا يجدي شيئاً وإنما هو مجرد نفاق ولعب على جهلة المسلمين ومغفليهم، ورحم الله عمر بن الخطاب - رضي الله عنه-؛ حيث يقول: (لست بالخِبِّ، ولا الخِبُّ يخدعني).
3 - التدرج في دعوة الناس، وعدم مطالبتهم بالتغيير السريع في أنفسهم؛ وذلك لما ألفوه وتلبسوا به دهراً طويلاً من الزمان من المنكرات والمخالفات، وضرورة أخذهم بالرفق والبدء بالأهم فالمهم.
ومما يدخل في ذلك ما ينبغي أن يقوم به المربون في تربيتهم لأولادهم وطلابهم، وأن لا يطالبوهم في بداية تربيتهم بما يطالبون به أنفسهم أو من أمضى سنوات في التربية والتزكية، ولذلك قيل: على الزاهد أن لا يجعل زهده عذاباً على أهله وإخوانه.
ومما يلحق بذلك أيضاً: التدرج في دعوة الداخلين في الإسلام حديثاً، وأن يبدأ معهم بالأهم وهو توحيد الله - عز وجل - وبيان ما يضرهم من الشرك بجميع أنواعه، ثم إعلامهم بواجبات الإسلام العينية ومنهياته.
ولا يعني هذا التسويف واتخاذ التدرج وسيلة للإبطاء بالالتزام بأحكام الله - تعالى -؛ وتطبيق شرعه، بل المقصود الرفق بالمدعو وأن يبدأ بالأهم الذي هو الأصل في النجاة من عذاب الله - تعالى -؛ إذ ما قيمة أن يصلي الداخل في الإسلام أو يحج أو يصوم وهو لا يعرف التوحيد، أو لا يزال متلبساً بما كان عليه في ديانته السابقة من شرك بالله - تعالى -؟
25/8/1425 هـ
http://www.islamlight.net المصدر:
============
من لهذه المنابر ؟ ( 1 )
محمد العبدة
رغم الأهمية البالغة لخطبة الجمعة والتي يحضرها المسلمون أسبوعياً، في أعداد لا تجتمع في غير هذه المناسبة، بل يتمنى أعداء الإسلام جمع عُشر مثل هذا العدد لينفثوا أباطيلهم، رغم هذا فإنها لم تُعْطَ العناية الكافية من الدعاة: ما هو الأسلوب الأمثل في مخاطبة الناس؟ ما هي المواضيع المناسبة؟ وكيف نرقى بالناس إلى فهم دينهم فهماً واعياً؟ كيف نقول لهم في أنفسهم قولاً بليغاً؟ كيف نعالج مشكلات حياتهم؟ كل هذا يجب أن يبحث ويكتب فيه، فإن غالب الخطباء إما أن يتكلم بعواطف فائرة دون تبليغ فكرة أو معالجة مشكلة معينة، أو تكون خطبة هادئة جداً تصل إلى درجة البرود، ومع ذلك فإن هذا الصنف يفتقر غالباً إلى المادة العلمية القوية.
ومن الظواهر الجلية في الدعوة الإسلامية في هذا العصر أن الخطباء الذين يملكون الحنجرة القوية والكلمات الطنانة الفضفاضة، استطاعوا صياغة شخصيات كثير من أصحاب النوايا الطيبة في العمل للإسلام، وكثير من الشباب المتحمس للدعوة.
فأصبحت جموع كثيرة لا تحب التفكير الهادئ المتزن ولا تحب التعمق في فهم المشاكل والصعوبات، ويكفيها أن تعيش على أحلام الخطب الحماسية التي تشبع رغبتها.
نحن لا ننقص من قدر العاطفة وأهمية حشد الجماهير؛ فالرسول - صلى الله عليه وسلم - عندما كان يخطب وكأنه منذر جيش يقول: صبَّحكم مسَّاكم، ولكننا نريد الجمع بين هذه الحماسة وبين تقديم العلم النافع والفكرة الصحيحة، حتى يجتمع لنا رأي عام بين صفوف المسلمين يؤيد الدعوة ويحبها ويدافع عنها، نريد الخطيب المفكر والخطيب المؤثر، نريد الذي يجتمع عنده أصناف الناس من متعلم وعالٍ وعامي، والكل يرجع وقد استفاد من موعظة قلبية أو فكرة هادفة.
أليس عجيباً أنك إذا زرت مدينة عربية لا تجد في كل المدينة إلا الخطيب أو الخطيبين، ممن يجتمع علية الناس؟ وتجمع خطبه بين العلم والعاطفة والتأثير القوي؟.
هلاّ اعتبرنا بقول أحد زعماء الأحزاب التي تحارب الإسلام في بلادنا:(آه لو عندي مثل هذه المنابر)؟!
http://www.albayan-magazine.com المصدر:
===========
فكرة دعوية للمساجد ( 3 ) تهيئة دليل ميسر لأرقام وأسماء من يجيد إلقاء الكلمات
عبد الله القحطاني
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد:-(13/57)
لو وزع قائمة بأسماء وجوالات من يجيدون إلقاء الكلمات سواء كان ذلك في منطقة، أو مدينة، أو محافظة، أو قرية لكان ذلك دليلاً سهلا لمن أراد التنسيق للكلمات في المساجد، وأتمنى أن تدرس هذه الفكرة بين مجموعة من الدعاة في كل منطقة، ثم بعد ذلك تنشر لمن أراد نشر الخير بين الناس من المنسقين للكلمات وأئمة المساجد، وقد جمعت بعض الأسس المهمة التي ينطلق من خلالها الذي يريد أن يلقي الكلمات في المساجد أو المنسق للكلمة، وأتمنى أن تنشر بين من يجيد إلقاء الكلمة من أجل أن تسدّ بعض القصور الذي قد يكون لديه...
الكلمة هي: "هي كلمة موجزة قصيرة يلقيها المتكلم من أجل التنبيه على قضية أو مسألة، أعدها مسبقاً في زمن قصير دون استطراد أو إطالة.
أسباب الحاجة إلى الكلمات: -
1- قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - خير الكلام ما قل ودل.
2- إجتماع المصلين فمن يجتمع في الفرض قد لا يجتمع في محاضرة معلنة.
3- عزوف بعض العامة عن موارد الذكر....
4- قبول الناس وارتياحهم لسماع الكلمات.
مدة الكلمة: تترواح الكلمة ما بين (5) دقائق إلى (10) دقائق
* زمان الكلمة: هو الزمن المناسب الذي يراه المتكلم مناسباً،، وأنسب الصلوات التي تكون بعدها الكلمة هي العشاء، ثم المغرب، ثم العصر ثم الظهر،، ثم الفجر، ولا تكون الكلمة بعد الجمعة
سمات وخصائص الكلمة
* إن الداعية طبيب القلوب، وكما يسهّل طبيبُ الأبدان الدواءَ للمريض ويُسيغه له، فعلى الداعية أن يسوق موعظته في أسلوب طيب جميل، بعيد عن السباب والشتم، وقسوة العبارة، حتى لا ينفر منه المدعوون. وهذا الأمر واضح في سير الأنبياء، ومَن يُقتدى بهم من الدعاة الناجحين؛ من أجل هذا ينبغي أن يُراعى في الكلمة السمات والصفات الآتية:
1- عدم الإطالة في المقدمة.
2- التركيز في موضوع واحد أو قضية محددة.
3- عدم الاستطراد أو الخروج من النقطة إلى غيرها،
4- عدم ذكر المصادر أو الأجزاء والصفحات من الكتب أو الأسانيد أو كثرة النقول أو غير ذلك، فيكفي أن تقول قال الله - تعالى -في سورة كذا، ولا تحتاج إلى ذكر رقم الآية، ويمكن أن تكتفي بقولنا قال الله - تعالى -دون ذكر السورة لشهرتها أو لسهولة السؤال أو الوصول إلى مكانها، وكذلك في الحديث يكفي أن تقول وفي البخاري كذا.. أو روى مسلم أو في مسلم، أو يكفي أن تقول: وفي الصحيح.. كذا! أو: وفي الحديث الصحيح.. إلخ.
5- عدم إيراد الخلافات في المسألة، وإنما يتم التركيز على الأمر المتفق عليه، أو الإتيان بعبارات تحتمل أوجه الخلاف.
6- قصر المدة الزمنية، وقد تكلمنا أنها تترواح بين (5) دقائق إلى (10) دقائق.
7- عدم الإملال سواء كنت متكلما أو منسقا0 فعن عبد الله بن مسعود أنه قال: (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتخولنا بالموعظة في الأيام كراهة السآمة علينا). رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
8- انتهاز الفرص في الأحداث. لقد انتهز يوسف - عليه السلام - فرصة سؤال صديقيه في السجن عن تعبير الرؤيا، فدعاهم إلى الإله الواحد ((يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار)).
وحدث أن كُسفت الشمس عندما مات ابن خاتم النبيين - صلى الله عليه وسلم - إبراهيم فقال الناس: كُسفت الشمس لموت إبراهيم، فقام - صلى الله عليه وسلم - في الحال وانتهزها فرصة ليصحح أفهام الناس في التوحيد، فقال: "إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته ولكنهما آيتان من آيات الله يخوف الله بهما عباده، فإذا رأيتم ذلك فصلوا وادعوا حتى ينكشف ما بكم". إن هذا الطريق وهو استغلال ضرورات المجتمع، فرصة للدعوة إلى الله عن طريق الكلمة السريعة وهذا يحتاج من الدعاة إلى التفاني في الدعوة، وقوة إيمان وذكاء، يعرف كيف يستغل ذلك الحدث أو الفرصة للدعوة إلى الله.
9- ينبغي ألا تكون الكلمة معروضة بصورة نصية، فبعض الناس يحشد في الخاطرة الآيات والأحاديث، في حين أنه يمكن أن يكتفي في الكلمة أو حديث فقط، أو أن يجمع بينهما، ففي الكلمة ينبغي أن تتوجه للناس بتوضيح الآيات والأحاديث فالناس يسمعون الآيات في المذياع، والمسجل، ولكن يحتاجون إلى من يفهمهم ويستخرج لهم الفوائد من الآية أو الحديث.
11- تحتاج كل أنواع الخطاب إلى بداية أو استهلال جيد، وهو ما يسمى (حسن الاستهلال) أو أبلغ منه (براعة الاستهلال) وهو الإتيان بمقدمة تشير إلى موضوع الكلمة لأنها سريعة، فتحتاج إلى سرعة جذب انتباه الناس.
12- أن يكون الموضوع المختار من صميم ما تجري به الحياة، ليدق على الوتر الحساس، ويملك انتباه السامعين، وما أكثر المواضيع التي تفرضها الحياة بأحداثها الكثيرة..
13- ضرورة التركيز على تقديم حلول عملية، فلا يكتفي المتكلم بإثارة المشكلة بل ينبغي أن تعرض المشكلة بصورة سريعة ثم يتوجه المتكلم إلى اقتراح بالحلول المناسبة.
http://www.saaid.net المصدر:
============
د. محمد العبدة : الدعوة لم تتراجع ، لكنها بحاجة لمراجعة .. والسنة بحاجة لمرجعية ( 2- 2 )
في القسم الأول من حوارنا مع الدكتور العبده، تكلّم الشيخ الدكتور عن نظرته إلى الداعية الإسلامي في العصر الحالي، وناقشناه حول الطروحات الدعوية، وحاجتنا إلى تغيير في أسلوب الدعوة، وأطروحات القضايا الفكرية والأولويات التربوية، وغيرها..
واليوم، نستكمل مع ضيفنا الكريم، حوارنا الذي بدأناه، لنجول أكثر في فكر الدعوة وتجارب الدعاة ونستعرض الخارطة الدعوية الجديدة.(13/58)
دكتور محمد، في رأيكم، هل تحتاج المرحلة القادمة لأولويات ترى أنه لا بد من طرح شعارها بناء على الفكرة الدعوية السابقة خلال 30 سنة الماضية وبناء على مستجدات التي حصلت والهزات التي أصيبت بها الدعوة سواء على المستوى السياسي أو الفكري أو الاجتماعي، ما هي الأولويات التي ينبغي على كل من يقصر في الكتابة والتثقيف والممارسة الدعوية أن يأخذها باعتباره؟
أنا أعطي الأولوية في العمل الدعوي لصالح التلاحم مع الشعب ومع الأمة؛ في شتى أصناف العمل. بمعنى أن يصير فيه التحام بين العلماء والدعاة وجماهير الأمة، وهذه أولوية أراها هامة للعمل الدعوي.
لكن أنا أقصد الطرح الفكري الذي يجب أن ينافح عنه الإسلاميون في الفترة القادمة كطروحات فكرية لعامة الناس أو حتى في المواضع التربوية الخاصة، أو بمعنى آخر: ما الطروحات الفكرية الرسائل الفكرية التي يجب أن يقف طويلاً عندها الدعاة؟
في الواقع توجد الآن قضايا لها صلة بالعقيدة، ويوجد تمييع لبعض الأمور، وهي من القضايا التي يجب أن يعتنى بها ويهتم بها، يعني كما يقال في علم السياسة وغيره، توجد خطوط حمراء، وأعتقد أن هناك قضايا لها صلة بالعقيدة يجب أن يكون فيها خطوطاً حمراء، ويجب أن تبيّن هذه القضايا،
على سبيل المثال، أنا أجد أن قضية الرافضة الشيعة من القضايا التي تعد ذات خطوط حمراء، يجب عدم تجاهلها، وأي تمييع في هذا الموضوع سيؤثر على العقيدة. طبعاً لا أقصد عدم دعوتهم بالحسنى وبالطريقة الهادئة، ولكن أن يقال أنه لا فرق بيننا وبينهم، أو هناك فرق بسيط بيننا، فهذا مما لا يجب أن يكون. خاصة وأن الشيعة يسعون لذلك، دائماً، بينما عندهم مشروعهم الخاص بهم، وهو مشروع ليس في صالح أسلمة العالم، بل ضد أهل السنة. وأعتقد أنه لا يوجد لديهم مشروع آخر إلا هذا المشروع ضد أهل السنة، بل ليس لديهم أي مشروع (كما يدعون) ضد أمريكا أو أوروبا أو اليهود حتى.
أرى أنه لو كان هناك مراجعات صحيحة، فإن ذلك سيوحد صفوف المسلمين، بشرط أن تكون هذه المراجعات نابعة عن صدق نية.
ولا أرى أن مشروعهم فقط يتعلق بالجانب العقدي، بما يخص عقائدهم بالقرآن وبالسنة وبالصحابة وغيرها، بل يوجد مشروع سياسي وهو المشروع الصفوي الإيراني، كتقسيم العراق، والتحالف مع القيادة الشيعية في سوريا، وغيرها.
والذي يعرف ماذا يجري في سوريا وماذا يجري في لبنان وماذا يجري في العراق يمكن ما يتصور الخطر القادم، مثلاً قضايا العصرانيين، صحيح هم فئة قليلة، ولكنهم حقيقة خطرين أيضاً لماذا؟ لأنهم ليسوا مثلاً أعداء للإسلام، بل هم ظاهرياً مسلمين. إلا أنهم يحاولون نفي الثوابت مثل بعض قضايا الولاء والبراء أو الحدود أو المرأة.
وفيما يتعلق بمستقبل المسلمين، أرى أنه من الضروري أن يكون هناك ركن نلجأ إليه، وأعتقد أن هذا الركن هو شيء اسمه أهل السنة. بمعنى أن يكون هناك مشروع مقابل للمشروع الشيعي، مشروع سني لأن أهل السنة هم الأكثر وهم الأصل وهم الذين بنوا الحضارة الإسلامية، فالدولة الأموية سنية، والدولة العباسية سنية، وكذلك الدولة العثمانية، وأكثر المسلمين أهل سنة، وأهل السنة فيهم رحمة، وهذا واقع سابقاً ولاحقاً قديماً وحديثاً، فيهم رحمة وإنصاف وعدل، أما الطوائف الأخرى، فأكثرها تتميز بالحقد أو بالاستعانة بالخارج أحياناً.
فإذن، لماذا لا يكون الطرح أو الاستراتيجية المستقبلية هي قضية أهل السنة. وبالتالي يكون التجديد ضمن هذا الإطار في الطرح الفكري، الطرح العملي الاقتصادي الثقافي هو من خلال هذا المنهج، يجب أن يكون لنا رأي اقتصادي من خلال مرجعيتنا للإسلام وبالتالي نجمع المسلمين على شيء واضح.
ومسألة الخلاف بين المسلمين، ووجود رأي ورأي آخر أمر مرفوض، هذا يمكن أن يكون أمام النصارى واليهود، ولكن أن يأتي أحد المسلمين ويناقشنا بالثوابت الدينية في الإسلام ويقول "هذا رأي آخر يجب أن تحترمه"، فهذا أمر مرفوض، ولا يمكن أن يقبل.
هل ستسهم المراجعات متى تم تفعيلها بالنسبة لمسيرة الدعوة في تعزيز التقارب بين الإسلاميين بكل فصائلهم ومدارسهم أم أن هذا سيشجع الآخرين على المطالبة بالمزيد من التنازل حتى في صالح المنهج التمييعي للأصول والثوابت الإسلامية؟
في الحقيقة، أنا أرى أنه لو كان هناك مراجعات صحيحة، فإن ذلك سيوحد صفوف المسلمين، بشرط أن تكون هذه المراجعات نابعة عن صدق نية.
فمثلاً حين أقول "إن ابن تيمية يصنف الناس ويبين مراتبهم"، فقد لا تأخذ أنت بهذا التصنيف رغم دقته وانصافه، لأنه يصنف (مثلاً) "إن الخوارج أفضل من الشيعة؛ لأن الشيعة يكذبون والخوارج لا يكذبون"، ثم يقول "إن المعتزلة أفضل من الخوارج لأن المعتزلة ذبوا عن الإسلام ودافعوا عن الإسلام وألفوا كتباً في تفسير القرآن وغيرها، والأشاعرة طبعاً خدموا السنة" فلماذا أنا مثلاً أفتح معركة مع أصناف هي قريبة جداً من أهل السنة.
ورغم وجود خلاف، إلا أنني أرى أنه وفق الظروف الحالية والتحديات الكبيرة جداً التي تواجه المسلمين، يجب أن نجد مراجعات من بعض الأصناف، لمصلحة الإسلام والسنة.
قد تكون أمور الخلاف بين أهل السنة وبعض الفئات الأخرى كبيرة أو صغيرة، وقد تكون أمور في العقيدة، لكنهم بشكل عام لا يخرجون عن دائرة أهل السنة، إذن فما المانع من عدم فتح معركة معهم. هذا لمصلحة الإسلام ومصلحة الدعوة أمام الخطر الخارجي.
وأعود وأقول " إن المراجعات الصادقة تفيد كثيراً في تجمع المسلمين اليوم".(13/59)
هذا يقودنا لسؤال آخر، في رأيك في الوقت الحاضر هل تعتقد أن الخارطة الدعوية وجغرافية التيارات الإسلامية في الساحة قد تبدلت بحيث صار ـ وفقاً لتقويم البعض ـ للتيار الجهادي أو لدعاة السلاح اليد الطولى في الساحة فيما تراجعت التيارات التي تتبنى رؤية أكثر حكمة؟
قد لا أوافق كثيراً على هذا الطرح لأننا يجب أن نصر على الجهاد، فهذا الشخص قد يكون يمارس جزءاً من هذا الجهاد، وهذا الجزء واقعي، يعني الجهاد في العراق أو الشيشان أو في الفلبين، هذا لا شك فيه، ولا أحد يستطيع أن يقول فيه غير هذا، ولا أحد يستطيع أن ينكر عليه.
اسمح لنا نقول الطرح السياسي للعمل بهذا؟
هناك أحياناً سذاجة في الطرح السياسي لدى البعض، ولست أدري ماذا أطلق عليه من تسمية، يعني شيء لا يمكن تفسيره أحياناً، خاصة وأنه ليس في مصلحة الإسلام ولا مصلحة الدعوة ولا مصلحتهم. كأن يفجروا مثلاً في دول عربية، هنا ماذا يستفيد هو؟
في العراق أنت تجاهد عدواً واضحاً، ولكن لماذا تريد أن تفجر في مناطق أخرى في العالم.
بصراحة أنا لدي يقين بأن هذا خطأ، ولكن هم كيف يفكرون؟ وما هي عقليتهم من ذلك؟ لست أدريّ!
على الصعيد السلفي، هناك ما يمكن رصده من تبدل لدى بعض أنصار هذا التيار في مسألة الممارسة السياسية، حيث تميز هذا التيار بقدر كبير من العزوف أو نوع من عدم وضوح الموقف منها أو المشاركات الفردية التي لم تكن تؤصل بطرح فكري معين، رأيك في هذا الأمر وما هو المستقبل الذي يمكن أن يفعله الإسلاميون في هذا الإطار؟
لا شك أن بعض التيارات السلفية تتصف بما ذكرت، فهناك باعتقادي خطأ اجتهادي، فلابد من المشاركة السياسية.
ولا أقصد المشاركة السياسية بالدخول في البرلمان، أو الدخول في الوزارة، لكن لا بد من المشاركة السياسية التي لها أساليب وطرق كثيرة جداً، أما الابتعاد عن المشاركة السياسية فيما الأمور تسير أحياناً إلى تدهور، فهذا مما يجب تجنبه تماماً.
أنا أعتقد أن بعض التيارات السياسية التي اجتهدت في هذا أرى اجتهادها خاطئاً، وربما بعضهم الآن عنده شبه مراجعات لذلك الواقع.
من خلال إقامتك في الغرب واحتكاكك بكثير من المجتمعات والناس من بلاد مختلفة، برأيك هل لا زال هناك ريادة لعلماء هذا البلد ورموزه في طرحهم الدعوي لبقية البلدان أم أن هناك تراجعاً في هذا الإطار وما هي برأيك الوسيلة التي يمكن أن تعاد بها الأمور في هذه الأخطاء؟
في الحقيقة يوجد تراجع واضح في ذلك، وهذا شيء يلحظه الكثيرون، ولكن الناس هناك يتمنون أن تكون هناك مرجعية، وذات المرجعية السابقة. ويتمنون لو أن المرجعيات السابقة تبقى أو ترجع أو تستمر. فهم لا يزالون يأملون بذلك، وهم ينظرون إلينا نظرة احترام، لكنهم للأسف الآن لا يجدون شيئاً ملموساً كالسابق.
وبصراحة الناس هناك يتمنون أن يسمعوا ويقرؤوا عن موقف هذه المرجعية في أحداث معينة أو قضايا معينة. وبشكل مختصر أرى أن الناس لا يزال لديها احترام لهذه المرجعيات، ولكن لديها في نفس الوقت إحباط، ونوع من الأسف، ويأملون بشيء من الثبات السابق، لتبقى نظرتهم في حلها.
ماذا لو ترجمنا هذا الكلام إلى رسالة يمكن أن تنصح بها العلماء في هذا البلد بما يمكن أن يفعلوه حتى يتمكنوا من تحقيق هذا الأمر ويستعيدوا مرجعيتهم في قيادة الصحوة؟
لا شك أن لكل عالم اجتهاد شخصي، والناس تحتاج من العلماء على اتفاق حول بعض القضايا.
فعندما تكون هناك قضية من القضايا عليها اجتماع عدد من العلماء البارزين، فسيساعد ذلك الناس بالشعور بوجود إجماع على هذه القضية.
وقد يكون لكل واحد من هؤلاء العلماء رأي مخالف في قضية معينة، وهنا يرى الناس عدم وجود إجماع على هذه القضية.
ولكن أهم ما نحتاجه هو وجود إجماع من قبل العلماء على القضايا المهمة التي تهم الأمة الإسلامية بالكامل، وهو برأيي ما نقصنا.
ألستم ترون الآن أن ثمة إشكالية تعترض طريق العاملين للإسلام تتجسد في كون العمل من خلال الجماعات الإسلامية الموجودة أو الكيانات السلفية الحركية قد خلق قدراً من التحزب لم يكن تجنبه في كل الأمثلة تقريباً، وأنه في المقابل انطلقت جهود فردية مبعثرة أحياناً لمن أراد أن يتحرر من النمط الأول؟ كيف السبيل إلى المواءمة من خلال الجهد التربوي؟
هذه الإشكالية صحيحة وموجودة، وأحد أسبابها أننا نتعامل دائماً إما أبيض أو أسود كما يقال، فإذا انتقدنا الحزبية في العمل الجماعي، فلا يعني هذا جهوداً فردية مبعثرة، بل الحالة الوسط في هذا هو التجديد في العمل الجماعي والاهتمام بالتربية العالية، والانتقال إلى العمل المؤسساتي، فالفرد الذكي وطالب العلم يمكن أن ينخرط في مؤسسات: علمية، إعلامية، اقتصادية، خيرية، مرجعية علمية... إلخ، وهذه المؤسسات لها صفة بالأمة لتشارك بمجموعها في العمل النهضوي.
الأمة الإسلامية اليوم أكثر من مليار، ونتعامل مع أنفسنا ومع العالم وكأننا أقلية تخشى من الاندثار، يجب أن تشارك الأمة وخاصة علماؤها ومثقفوها في النهضة والبناء.
تحدثتم عن الانحياز التربوي هنا لجهة العلم لدى الحالة المسماة بالصحوة الإسلامية على حد تحفظكم على المسمى على حساب الجانب الروحي والسلوكي والأخلاقي، هذا من خلال تجربة عقود، لكن في العقد الأخير ومع الحالة الإعلامية الطاغية، سواء عبر التلفزة أو الإنترنت ومع الاستقطاب الذي أحدثته للدعاة والمربين التابع لذلك، هل ساهمت هذه الحالة في استفراغ الجهد التربوي ما بين لوحة المفاتيح وشاشة التلفزة، بحيث كثر "التنظير" وقل التفاعل الإنساني في التربية؟(13/60)
- نعم، ما زلت مُصِرّاً على ضعف الجانب الأخلاقي في التربية، أما بالنسبة إلى الانفتاح الإعلامي الكبير من خلال (الإنترنت) والتلفزة، فقد استفاد المسلمون منه في جوانب، ولا بد من المشاركة، ولي ملاحظات على هذه الحالة الإعلامية:
1 هناك مبالغة في استخدام هذه الأشياء، أعني على حساب الجوانب الأساسية: المسجد، مخالطة العلماء والدعاة، الدرس، المحاضرة، الكتاب... وكأننا كنّا محرومين فتحولنا إلى هجوم كاسح على هذه المائدة.
2 أبرزت هذه الوسائل أناساً ليسوا من أهل العلم والفضل ولكنهم (إعلاميون) يستطيعون الكلام، ولم يتعرف الناس على كثير من العلماء البارزين والدعاة المفكرين؛ لأن الإعلام في الغالب يريد الصوت والصورة!!
3 تجرأ كثير من الشباب على القول بلا علم أو الهجوم على الدعاة واستعمال لغة السباب والشتائم، ويضع اسماً مستعاراً وكأنها جاءته فرصة ليظهر ما عنده.
والخلاصة أن التربية المثلى والحقيقية مع عدم استبعاد الإعلام هي في اللقاء بين التلميذ والأستاذ، والأخذ من علمه وسلوكه وروحه.
ما تقويمكم لتجربة العلماء والدعاة في الفضائيات؟ وماذا ينقصها برأيكم؟
هناك دعاة معرفون نجحوا في استقطاب شريحة من الجماهير، ربما لا يستطيع غيرهم أن يستقطبها، فهذا أمر جيد، ولكن مما يؤخذ عليهم عدم التثبت من الروايات على طريقة (القصاص).
وأما بقية العلماء والدعاة فأرى ألا يكثروا من الظهور على الشاشة حتى يكون لهم الأثر الفعال، كما ورد عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتخولنا بالموعظة". فلا يكون هَمّ الشيخ إرضاء الجماهير، بل قول الحق، وأن يكون الاهتمام بنشر العلم وتثبيت الإيمان، فالساحة مليئة بمن يزعزع اليقينيات ويتكلم بما لم يسمع في الأولين والآخرين، كشتم الصحابة ونشر الأضاليل والبدع.
هل تعتقدون أن الدعوة إلى مرجعية علمية سنية هو أمر واقعي ووارد رغم صعوبة تحقيقه ربما بالنظر إلى التاريخ السني؟ وهل ترون أن ظهور الحوزة العلمية الشيعية على هذا النحو من الغلبة والاحترام الشعبي الشيعي قد ساهم في تحريك هذه القضية ورواج شأنها؟
نعم، هو أمر واقعي، بل واجب شرعي، فالأخطار التي يتعرض لها أهل السنة في كل مكان ليست بالقليلة، رغم أنهم هم الأكثرية وهم أهل الحق، من يسمع بأهل السنة في إيران وعددهم لا يقل عن 30% من السكان، وغيرهم من البلدان التي تسلط عليها الباطنية، ومع ذلك لا يكون لأهل السنة صوت عال ومسموع ومهيب يدافع عنهم ويتكلم باسمهم.
إن الدعوة إلى هذا الأمر كان قبل ظهور قوة الحوزة الشيعية ولكن لا شك أن ما تخطط له الحوزات من محاولات التمدد والسيطرة ساهم في الشعور بالحظر، ومع ذلك فإن المسلم السني يتبع الدليل ويسأل العلماء ولا يعني وجود مرجعية أن تلزم المسلمين باجتهاداتها كما هي مرجعيات أهل البدع حيث ينصاع الفرد لها سواء كانت على صواب أم على خطأ وهي غالباً على خطأ، ولكن المسلم السني يطمئن عندما يصدر اجتهاد من مرجعية علمية محترمة، فهي ضرورية.
5/1/1427
http://www.almoslim.net المصدر:
===========
أسباب النصر وأصول التمكين
الشيخ عبد العزيز بن ناصر الجليل
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وآله وصحبه أجمعين، وبعد.
فلم يعد خافيًا على أحدٍ من الناس اليوم ما يعيشه المسلمون من ذلةٍ ومهانة، وما يحيط بهم من ظروف صعبة، وأحوال مريرة، تتمثل في كيد الأعداء وتسلطهم على بلاد المسلمين، كما تتمثل في أحوال المسلمين أنفسهم، وما طرأ على كثير من مجتمعاتهم من بُعْدٍ عن تعاليم الإسلام، وإقصاء لشريعة الله - سبحانه -، ورفض الحكم بها والتحاكم إليها.
إنَّ الواقع المرير الذي يعيشه المسلمون اليوم لا يستغرب من قبل العالمين بسنن الله - عز وجل - في التغيير، حيث إنَّ هذا الواقع هو النتيجة الطبيعية للبعد عن دين الله - عز وجل -، وعدم الاستسلام لشرعه. ولا ننتظر في ضوء السنن الربانية غير هذا، والله - عز وجل - يقول: ((إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ)) (الرعد: 11) ويقول - سبحانه -: ((إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُم)) (محمد: 7).
أما الذين يجهلون سنن الله - عز وجل - أو يغفلون عنها، وينسونها، فهم الذين يستغربون ما يحل بالمسلمين اليوم من محنٍ وويلات، وهم الذين يتساءلون أنى هذا؟ وكيف يحصل هذا ونحن أصحاب الدين الحق؟ فيجيبهم الله - عز وجل - بما أجاب به من سأل من أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - مثل هذا السؤال، فقال - سبحانه وتعالى -: ((أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ)) (آل عمران: 165).
ونتيجة لنسيان هذه السنة الربانية أو الغفلة عنها، يقع الانحراف في المواقف المختلفة إزاء هذه الأحوال المريرة، التي يمر بها المسلمون ما بين يائسٍ من التغيير قد أصابه الإحباط، وألقى بيده ينتظرُ المهدي أو المسيح - عليه السلام - لإنقاذ الأمة والتمكين لها في الأرض، أو مستعجلاً قد نفد صبره مما يرى من الكفر والنفاق، فقرر الجهاد والمواجهة مع أعداء الدين غير ملتفت للقواعد الشرعية وأصول التمكين، وأسباب النصر، فنجم عن ذلك من المفاسد ما الله به عليم، وآخر رأى مهادنة الأعداء والرضى منهم بأنصاف الحلول، والدخول معهم في مفاوضات ومقايضات، لم تثمر إلاَّ مزيدًا من التمكين للمفسدين، والإقرار لهم بالشرعية والوجود.(13/61)
أما الذين فقهوا سنن الله - عز وجل - في النصر والتمكين والتغيير، وأخلصوا دينهم لله - تعالى -، فقد هداهم ربهم - سبحانه - لما اختلف فيه من الحق، ورأوا أنه لا يصلح آخر هذه الأمة إلاَّ بما صلح به أولها، وذلك بما كان عليه الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصحبه الكرام عليهم رضوان الله - تعالى -.
وباستقراء المنهج النبوي في الإصلاح والتغيير يظهر لنا أنه قائم على الأصول التالية:
الأصل الأول: البصيرة في الدين وصحة الفهم والعمل.
قال الله - عز وجل -: ((قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ)) (يوسف: 108).
ويعنى بهذا الأصل: أن تقوم الدعوة وينطلق التغيير من فهمٍ صحيح، وعقيدة صافية، وبصيرة واضحة في الدين، كما جاء في كتاب الله - عز وجل - وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفهم الصحابة- رضي الله عنهم-، لأنَّ أي دعوة تعارض هذا الفهم أو تزيد عليه أو تنقص، فإنها قد فرطت في هذا الأصل العظيم من أصول التمكين والنصر.
ويلحق بالفهم الصحيح ما يجب أن يكون عليه أصحاب الدعوة من عمل صحيح، موافق لما كان عليه الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وذلك في عباداتهم ومعاملاتهم وسلوكهم.
وهذا هو ما أراده الرسول - صلى الله عليه وسلم - عندما وصف الفرقة الناجية المنصورة بقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما أنا عليه وأصحابي)) [1].
وإنَّ الجهد في إخضاع أفراد الدعوة وعامة الناس للفهم الصحيح والعمل الموافق يحتاج إلى صبر وعناء، وتضافر في الجهود، واتخاذ الأسباب المباحة المتاحة في تبليغ هذا الفهم الصحيح للأمة، ببرامج علمية وعملية، حتى تستقيم الأفهام في العقيدة والأحكام والتصورات على هذا المنهج النبوي الكريم، ومما يلحق بالفهم فهم الواقع الذي يتحرك فيه الدعاة، وطبيعته والبصيرة بأحوال الناس، واستبانة سبيل المجرمين، والوعي بكيدهم ومخططاتهم وإمكاناتهم.
الأصل الثاني: حسن القصد:
ويعنى بهذا الأصل إخلاص المقاصد لله - عز وجل -، وصدق النية في الدعوة والتغيير، بأن يكون القصد من ذلك التعبد لله - عز وجل - وابتغاء وجهه ورضاه وجنته، وإنقاذ الناس بإذن ربهم من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن الشقاء والعذاب في الدنيا والآخرة.
وهذا بدوره ينفي كل مقصد دنيوي سواءً كان رياءً أو إرادة جاهٍ أو مالٍ أو منصبٍ أو شهرة..الخ، لأنَّ وجود مثل هذه المقاصد في الدعوة يفسدها ولا يكون القصد فيها حسنًا، وبالتالي لا يبارك الله فيها ولا ينصر أهلها، ولا يمكِّن لهم في الأرض ولو كانوا على فهمٍ صحيح؛ لأنَّهم فرطوا في أصلٍ عظيم من أصول التمكين، ألا وهو إرادة الله - عز وجل - والآخرة ليس إلا.ولا شك أنَّ تحقيق هذا الأصل العظيم في نفوس الدعاة يحتاج إلى جهدٍ ومجاهدة، ومناصحة وتربية علمية وعملية، يعتني فيها بالقلوب وأعمالها، وتُقوَّى فيها الصلة بالله - عز وجل - والتحلي بالأخلاق المحمودة الباطنة والظاهرة، والتي على رأسها الإخلاص لله - عز وجل -.
الأصل الثالث: وحدة الصف:
وهذا الأصل ثمرة للأصل السابق، حيثُ إنَّ تجرد المقاصد لله - عز وجل - ينفي الهوى وحظوظ النفس، والتي هي من أكبر أسباب الفرقة والبغضاء، لأنَّه لا يمكن لأصحاب الفهم الصحيح الواحد أن يتفرقوا إلاَّ إذا كان القصد غير حسن. وأصحاب القصد الحسن لا يفارقون غيرهم، إلاَّ إذا كانوا على فهمٍ منحرفٍ غير صحيح كأصحاب الفرق وأهل البدع.
وكون الاجتماع ووحدة الصف أصلٌ من أصول التمكين، لا يجادل في هذا أحد، كيف والله - عز وجل - يقول: ((وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)) (الأنفال: 46).
ولا شك أنَّ نبذ الفرقة، واجتماع القلوب، ووحدة الصف بين أهل السنة، أصحاب الفهم الصحيح يحتاج إلى القدوات وإلى الصبر والجهد الجهيد، والتجرد لله - عز وجل -، وترك حظوظ النفوس.
وتقع المسئولية في ذلك على العلماء والموجهين والمربين كل في مجاله، ويكون ذلك بالتواصي والمناصحة، وإظهار الود وحقوق الأخوة بين الدعاة، وإن لم يجد بعضنا مجالاً لهُ في جمع الكلمة، فليتق الله ولا يفرق، فإنها صدقة منه على نفسه وكف شر عن إخوانه، وهو بذلك يساهم في جمع الكلمة وتوحيد الصف، وإن مما يحفز الهمم على تحقيق هذا الأصل العظيم، اليقين بأنَّ نصر الله - عز وجل - لا ينزل على أمةٍ متفرقةٍ متباغضة.
وقد يجد أصحاب الدعوة الحريصون على جمع الكلمة أنفسهم أمام أناسٍ غير حريصين على وحدة الصف، فحينئذ حسبهم أن يعلم الله - عز وجل - صدقهم وإخلاصهم، فيوفقهم ويعينهم وينصرهم.
الأصل الرابع: التمحيص والتميز:
قال الله - عز وجل -: ((وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ)). (آل عمران: 141).
وقال - سبحانه -: ((مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ)) (آل عمران: 179).
وإنَّ المتأمل في منهج الأنبياء- عليهم الصلاة والسلام- وبخاصة في سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأتباعه المؤمنين، ليرى هذه السنة الربانية واضحة وضوح الشمس، وذلك بما تعرض له المسلمون من الابتلاء والتمحيص في مكة والهجرة، والجهاد في سبيل الله - عز وجل -، وأنهم لم يمكنوا إلاَّ بعد أن ابتلوا ومحصوا.
والابتلاء الذي يتعرض له أصحاب الدعوة نوعان:
أ ـ ابتلاء عقوبة وتكفير وتنبيه:(13/62)
وذلك عندما يحصلُ الخلل في واحدٍ من الأصول الثلاثة السابقة أو أكثر. فعندما يحصل الخلل في الفهم والمعتقد، أو في النية والمقصد، أو في وحدة الصف وتآلف القلوب، فإنَّ الله - عز وجل - قد يبتلي عباده هؤلاء ببعض العقوبات والابتلاءات لعلهم يرجعون ويراجعون أنفسهم، ويكفِّر الله - عز وجل - عنهم بهذه العقوبات سيئاتهم.
ب ـ ابتلاء تمحيص وتمييز للصفوف:
وهذا النوع من الابتلاء هو الذي نقصده في هذا الأصل، وهو الذي يتعرض له أصحاب الفهم الصحيح، والقصد الحسن والصف الموحد، والحكمة منه تمحيص القلوب، وتمييز الصفوف مما قد يكون فيها من المنافقين وأصحاب القلوب المريضة، والذين يكون ضررهم شديدًا على الدعوة فيما لو بقوا مندسين في الصفوف ولم يعرف شأنهم، فيقدر الله - عز وجل - مثل هذا النوع من الابتلاءات ليتميز المؤمن الصادق من غيره، ويزيد الله - عز وجل - به المؤمنين إيمانًا وثباتًا وصلابة في إيمانهم، قال الله - عز وجل - عن المؤمنين في غزوة الأحزاب عندما رأوا الشدائد والأهوال: ((وَلَمَّا رَأى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَاناً وَتَسْلِيماً)) (الأحزاب: 22).
وقال عن المنافقين الذين نجم نفاقهم عند الابتلاء: ((وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً)) (الأحزاب: 12)
فما زادت الشدائد المؤمنين إلاَّ إيمانًا وتسليمًا، وما زادت المنافقين إلاَّ مرضًا، وأخرج الله بها ما في قلوبهم من النفاق والكذب والذي ما كان ليعرف في حال السلم والأمان.
وإنَّ فترات التمحيص والابتلاءات لمن أشدِّ فترات الدعوة على أهلها، فهي تحتاج إلى جهدٍ عظيم من التعليم والتربية والعبادة، والتواصي على الحق والتواصي بالصبر والزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة، ومن علم الله - عز وجل - صحة فهمه وحسن قصده، وعمله الصالح وحرصه على الوحدة والاجتماع، فإنَّهُ - سبحانه - يثبته ويخرج من الابتلاءات وقد قوي إيمانه، وصلب عوده. وعلى مثل هؤلاء ينزل نصر الله - تعالى -ويقوم عز الإسلام.
وبقيت مسألةٌ مهمةٌ تتعلقُ بالتميز، ألا وهي ضرورة تميز أصحابِ الدعوات الذين يريدون التمكين لدين الله - تعالى -عمن حولهم، ممن ابتعدوا عن الدين وتعاليمه، وظهور ذلك في تصوراتهم وأفهامهم، وفي عبادتهم وسلوكهم، وفي دعوتهم وصبرهم وتضحيتهم.
وعليهم أن يوصلوا ما يحملونه من علمٍ ودعوةٍ إلى طبقات الناس قدر استطاعتهم، حتى يتم البلاغ وتقوم الحجة، ويُعرف أصحاب الدعوة بين الناس بمنهجهم الواضح وأهدافهم العالية، ومن أهم ما يقومُ به أصحاب الدعوة حتى يحصل التميز القيام فضحهم للباطل وأهله، وتبيين سبيل المجرمين للناس حتى لا تختلط عليهم الأمور ويلتبس الحق بالباطل، ومالم يتم هذا البيان فإنَّ الناس المضللون قد يُستخدمون في مواجهة أصحاب الدعوة لعدم وضوحهم ووضوح دعوتهم في مجتمعات الناس، وذلك بما يستخدمه أعداء الدعوة من تضليل وتلبيس للناس، سواء في تشويه أهل الدعوة وإظهارهم للناس بمظهر المفسدين والمهيجين للفتن، أو بما يضفونه على أنفسهم من أنهم أصحاب الحق وحماته.
فمالم يحصل البلاغ الكافي، والذي يتميز فيه الحق من الباطل، ويزول التلبيس والتضليل، فإنَّ هذا الأصل أعني أصل التميز لم يتحقق بعد، وعلى الدعاة الصبر والتأني، وبذل الأسباب في تحقيقه قدر الاستطاعة، حتى يهلك من هلك عن بينة، ويحيى من حي عن بينة، وحتى يعطي الواحد من الناس ولاءه لمن يختاره من أهل الحق أو الباطل عن علم وبينة وطواعية.
الأصل الخامس: اتخاذ الأسباب المادية المتاحة والمباحة في تبليغ الدعوة ومواجهة أعدائها:
والمقصود بهذا الأصل هنا أن لا يتكل أصحاب الدعوة على أنهم مسلمون والله ناصرهم؛ فيفرطون في الأخذ بالأسباب. نعم إنَّ الله - عز وجل - لو شاء لانتصر من أعدائه بكلمة واحدة، ولكن حكمته - سبحانه - اقتضت أن ينتصر دينهُ بجهد البشر، كما قال - تعالى -: ((ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْض)) (محمد: 4).
وإذا علم الله - سبحانه - أنَّ عباده المؤمنين المصلحين قد بذلوا ما في طاقتهم من الأخذ بأسباب النصر وأصوله من الفهم والمعتقد الصحيح والمقاصد الحسنة المتجردة لله - تعالى -واجتماع القلوب وتميز الصف والصبر على ابتلاءات الطريق، وبذلت الجهود الكبيرة، وأخذ بالأسباب والوسائل المتاحة، والتي توصل إلى تحقيق هذه الأصول. ومن ذلك الجوانب الاقتصادية التي توفر المال للدعوة، لأنها من أهم الأسباب التي يحصل بها قوة الدعوة وانتشارها، واعتماد الدعوة بعد الله - تعالى - على نفسها. إذا علم الله - سبحانه - أنَّ أصحاب الدعوة قد بذلوا كل ما في وسعهم ولم يفرطوا في الأخذ بأسباب النصر السابقة، واستعدوا للجهاد في سبيل الله - تعالى -، وقال قائلهم بعد ذلك: ((أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ)) (القمر: 10).
فإنَّ نصر الله - عز وجل - ينزل حين ذاك كما نزل على أنبيائه - عليهم الصلاة والسلام-، وكما نزل على عباده المصلحين المجاهدين في مراحل التاريخ الإسلامي. ولم يكلف أصحاب الدعوة بمعرفة الطريقة التي سينزل بها نصر الله - تبارك وتعالى -، ولكن حسبهم أن يوقنوا بنصرِ الله - عز وجل -، وأنَّ لهُ - سبحانه - جنود السموات والأرض، وهو على كل شيءٍ قدير، وأنَّه - سبحانه - لا يعجزه شيءٌ في الأرض ولا في السماء، وهذا يقودنا إلى الأصل السادس.(13/63)
الأصل السادس: التوكل على الله - عز وجل - والاستعانة به وحده:
وهذا أصل مهم من أصول النصر والتمكين، وهو في حقيقته داخلٌ في الأصل الأول والثاني، لأنَّ صحةَ الفهم والمعتقد يجعل أصحاب الدعوة فاهمين لحقيقة التوكل، وأنَّهُ يعني تمام الثقة بالله - عز وجل - والاعتماد عليه مع فعل الأسباب المأمور بها وعدم الاعتماد عليها، لأنَّ خالق الأسباب ومسبباتها هو الله - عز وجل -، كما أنَّ حسن القصد والإخلاص يجعلهم لا يتعلقون بالأسباب ولا يعجبون بأنفسهم وإيمانهم وكثرة أتباعهم، وإنما يوقنون بأنَّهم ضعفة عاجزون لا حول لهم ولا قوة إذا لم يعنهم الله - عز وجل - ويقويهم.
وإفراد هذا الأصل هنا في أصلٍ مستقل مع دخوله فيما سبق للتأكيد على أهميته ولوجود من يغفله في كثير من الأحيان، وفي زحمة الأخذ بالأسباب.
وإنَّ الأخذ بهذا الأصل يعني تقوية اللجوءِ إلى الله - عز وجل -، ودعائه والتضرع بين يديه في استجلاب النصر ودفع الشر، مما يكون لهُ الأثر في إضفاءِ الطمأنينة واليقين والثبات، ومن اليقين والثقة بوعد الله - عز وجل - اليقين الذي لا يتزعزع بأنَّ لله - عز وجل - جنود السموات والأرض، وأنَّهُ - سبحانه - ينصر عباده المؤمنين الذين أخذوا بأسباب النصر بجندٍ من جنوده، ويظهر ذلك للعيان ولو كان عباده في قلة من العدد والعتاد، ولو كان أعداؤهم في قوة عظيمة من العدد والسلاح وأدوات الدمار.
إنَّهُ لا يجوز لأصحاب الدعوة أن ينسوا نصر الله - عز وجل - لأنبيائه- عليهم الصلاة والسلام- بجنوده الذين سخرهم لنصرة عباده الذين بذلوا ما في وسعهم من العبودية له - سبحانه -، والدعوة إلى دينه، وإبلاغه للناس والصبر على ابتلاءات الطريق، فلقد نُصِرَ نوح - صلى الله عليه وسلم - بالطوفان، ونصر هود - صلى الله عليه وسلم - بالريح، وصالح - صلى الله عليه وسلم - بالصيحة، ومحمد- عليه الصلاة والسلام - بالرعب والملائكة التي قاتلت معه في بدر وأحد وحنين وغيرها من الغزوات، بل إنَّ الناظرَ في انتصارات المسلمين بعد ذلك وفتوحاتهم ليلحظ أنهم كانوا دائمًا في قلةٍ من العدد والعتاد مقابل أعدائهم من الفرس والروم وغيرهم، ومع ذلك انتصروا بنصر الله - عز وجل - لهم.
إذن من لوازم التوكل على الله - عز وجل - اليقين بتدخل قوة الله - عز وجل - لنصر عباده المؤمنين بآياتٍ ومعجزات، وتثبيت للمؤمنين، وبث للرعب في قلوب أعدائهم وغير ذلك مما يقدره - سبحانه - في وقته المناسب وفق علمه - سبحانه - وحكمته.
والناس في نصر الله - عز وجل - لعباده المؤمنين بالآيات والمعجزات طرفان ووسط.
الطرف الأول:
الذين يرون أنَّ الله - عز وجل - سينصرُ المسلمين بالآيات والجنود الذين يسخرهم للقضاءِ على أعداء الدين ولو لم يأخذوا بأسباب النصر، أولم يكملوها، فما داموا مسلمين وأعداؤهم من الكافرين فإنَّ نصر الله - عز وجل - سينزل عليهم، لأنَّهم مسلمون وكفى وهذا الفريق من الناس يفرطُ في العادة في الأخذ بأسباب النصر، أو يطول الطريق فلا يكملها، وإنما ينتظر خارقةً وآية من الله - عز وجل -.
ولا يخفى ما في هذا القول من التفريط والغفلة عن سنن الله - عز وجل - في النصر والتمكين.
الطرف الثاني:
وهو مقابل للطرف الأول، وقد يكون ردةَ فعلٍ له، وذلك بقولهم بأنَّه لكي ينتصر المسلمون على أعدائهم، ويمكن لهم في الأرض، فلا بد أن يكونوا مكافئين لعدوهم في العدد والعتاد، والسلاح والأخذ بالأسباب المادية، ومثل هؤلاء يغلبِّون الأسباب المادية، ويفرطون في الأسباب الشرعية، ولا يلتفتون إلى الآيات والمعجزات والإعانات التي ينصر الله - سبحانه - بها عباده المحققين لأسباب النصر متى شاء - سبحانه -، وعلم أنَّ عباده المؤمنين قد استفرغوا ما في جهدهم من الأخذ بأصول النصر وأسبابه. ومعلومٌ أنَّ المسلمين في كل وقتٍ وبخاصة في هذا الوقت لم يصلوا ولن يصلوا ولم يكلفهم الله - سبحانه - بأن يصلوا إلى مستوى أعدائهم في القوة والصناعة والسلاح، لأنَّهُ ليس شرطًا في نزول النصر، ولا يخفى ما في هذا القول من تطرفٍ وغفلةٍ عن أسباب النصر الشرعية، ونسيان لقوة الله - تعالى -، والذي لا يقف أمامها أي قوة في الأرض ولا في السماء، والتي ينصرُ بها عباده المؤمنين الذين أخذوا بأسباب النصر واستحقوا أن يسخر لهم جنود السموات والأرض.
الوسط:
وهو الحق إن شاء الله - تعالى -، وهُم الذين بذلوا كل ما في وسعهم في الأخذ بأسباب النصر السالفة الذكر، حيث بذلوا ما في وسعهم في الأخذ بالعلم النافع والعمل الصالح، وربُّوا أنفسهم على ذلك وبلغوهُ للأمة قدر استطاعتهم، حتى عرفتهم الأمة وما هم عليه من الحق، وعرفت أعداءهم وما هم عليه من كفرٍ وفساد، وأخذوا بالأسباب المادية المباحة والمتاحة لهم، ومع أخذهم بهذه الأسباب، فلم يعتمدوا عليها بل اعتمدوا على مسبب الأسباب، ومن بيده ملكوت السموات والأرض، وانتظروا نصره المبين الذي وعد به عباده المؤمنين، الذين أخذوا بأسباب النصر وبذلوا ما في وسعهم في ذلك، وانتظروا تأويل قوله - سبحانه -: ((إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ)) (محمد: 7).
ولم ينسوا قوله - تعالى -: ((وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً)) (الفتح: 7).
وقوله - تعالى -: ((وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ)) (المدثر: 31).(13/64)
بل هم موقنون بتدخل قوة الله - عز وجل - وظهور الآيات بعد أن يبذلوا وسعهم في الأخذ بالأسباب، وإعداد العدة للجهاد، ولم يرهبهم حينئذ قوة أعدائهم من الكفرة والمنافقين مهما بلغت في القوة والدمار، لأنَّ قوة الله - عز وجل - فوق قوتهم ونواصيهم بيده - سبحانه -، ولو يشاء الله - تعالى - دمرها عليهم وأبطل مفعولها. ولكن هذا لا يكون إلاَّ لمن حقق أسباب النصر والتمكين.
أسأل الله - عز وجل - أن يشرفنا بنصرة دينه، وإعلاءِ كلمته وأن يمكن لنا ديننا الذي ارتضاه لنا.
والحمد لله رب العالمين
------------------
[1] رواه الترمذي: كتاب الإيمان باب (18) ما جاء في افتراق هذه الأمة 5 / 26 (رقم:2641).
14/4/1426 هـ
23/05/2005م
http://www.islamlight.nt المصدر:
===========
وصايا و توجيهات للدعاة
الشيخ عبد الله بن قعود
الوصية الأولى:
بذل الجهد في تعميق الإيمان في النفوس:
فكلما بذل الجهد في تأصيل الإيمان في النفوس تعمق وترسخ واقتنع به صاحبه؛ فيصبح إيمانه ملء سمعه وبصره، وأنس قلبه وقرة عينه، ويصبح إيمانه محركًا لصاحبه إلى كل خير، ومقعدًا له عن كل شر، وإذا تعمق الإيمان، ووقر في القلب، واستقر فيه، فلن تزعزعه شبهة ولا شهوة، وسيواجه الأمور مواجهة الجبال الصمّ التي تصد الرياح، ولا تحركها الأعاصير. قال - تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا ءَامِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ...(136)} [سورة النساء] بمعنى: قووا، ورسخوا، واستقيموا على الإيمان، وزيدوا الإيمان في النفوس- والإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية-.والله - جل وعلا - لما قسم الناس ثلاثة أقسام: مؤمنين خلصًا، وكفارًا خلصًا، ومنافقين، فبدأ في صفات المؤمنين بقوله - سبحانه وتعالى -: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ... (3)} وختمها بقوله: {... وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ(4)} [سورة البقرة].
فأول نصيحة أقدمها وأذكر بها: أن يبذل الشباب المسلم- الذي هو الآن أمام فتن الشبهات والشهوات، وأمام أعداء الإسلام، وأمام الفتن الظاهرة والباطنة- جهده في تعميق إيمانه، والموفق من وفقه الله - تعالى -، وعلى المرء أن يبذل الجهد فيما يقدر عليه مما يقوي إيمانه؛ من تلاوة كتاب الله، وقراءة سير أنبياء الله، وقراءة سير الصالحين في هذه الأمة، ومن فعل الطاعات، ومن مجالسة الأخيار، والتأمل في نصوص الوعد والوعيد، والتوفيق من الله - سبحانه وتعالى -.
الوصية الثانية:
الالتزام بمقتضيات الإيمان: وهذا أمر لابد منه لكل مسلم: شيخًا كان أو شابًا، ذكرًا أو أنثى، فضلاً عن أن يكون داعية، وهو التزامه بمقتضيات ما آمن به... فينبغي للمسلم- لاسيما الداعية إلى الله- أن يكون أول ممتثل لما يأمر به، وأول منتهٍ عما ينهى عنه؛ لأنه إذا تمثلت فيه دعوته، واستقام على ما يدعو إليه كما أمر الله - عز وجل -: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ…(112)} [سورة هود] سيصبح كأنه قطعة من الإسلام؛ يرى الناس جمال الإسلام وجلاله وحسنه في تصرفاته ومعاملاته. وعندما يبدأ الداعية بنفسه، ويستقيم ويلتزم بما يأمر به، ويدعو إليه؛ سيكون حريًا أن يقبل الناس قوله ودعوته، ولكم في ذلك سلف من الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام؛ قال شعيب لقومه كما حكى الله - تعالى - عنه: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ... (88)} [سورة هود] وقال صاحب يس: {اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ(21)} [سورة يس] فالالتزام، وإعطاء المدعو صورة حية من الإسلام؛ له أثر كبير في قبول الدعوة ونفاذها إلى القلوب، ثم إن المقتنع بما يأمر به، المحب له، الذي امتزجت دعوته بلحمه ودمه، لابد إذا قال قولاً؛ أن يقول له واقعه: صدقت وبررت، لا أن يقول له واقعه: لا صدقت ولا بررت.
يا أيها الرجل المعلم غيره *** هلا لنفسك كان ذا التعليم
تصف الدواء لذي السقام وذي الضنى *** كيما يصح به وأنت سقيم
وتراك تصلح بالرشاد عقولنا **** وأنت من الرشاد عديم
لا تنه عن خلق وتأتي مثله *** عار عليك إذا فعلت عظيم
وقد قال بعض الدعاة: لو وجد الالتزام والاستقامة من الرجل، لكان داعية بفعله، ولو لم يتكلم في الدعوة ببنت شفة.
الوصية الثالثة:
الإخلاص لله في كل عمل: فيبتعد الداعية كل البعد عن إرادة الدنيا بعمله. وهذه هي طريقة أنبياء الله، واقرءوا سورة الشعراء وغيرها، فكل منهم يقول: {وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ... (109)} [سورة الشعراء] وذلك في عدة آيات، وقال صاحب يس: {اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ(21)} [سورة يس] فإذا كان عند الداعية القناعة في نفسه، والرضا بما يدعو إليه ومحبته؛ فلتكن رغبته منصرفة إلى ما عند الله - سبحانه - من أجر وثواب، فهمة الداعية فيما بينه وبين ربه؛ يجب أن تكون هي الدعوة وإصلاح الناس. فنصيحتي للمسلم أن يتعامل مع الله وحده، وأن يرتبط بالله وحده بأن تكون جميع تحركاته في دعوته.. في أمره.. وفي نهيه مع الله - سبحانه - لا مع غيره، رضي القوم أم لم يرضوا؟ فإذا بدر منه ما يقدح في تجرده لله؛ فليعد إلى الله، وليستغفر.
الوصية الرابعة:(13/65)
الاجتهاد في طلب العلم الشرعي: وهو أمر مهم يجب أن تفتح له الآذان والصدور، فليعلم الداعية شيخًا كان أو شابًا، ذكرًا أو أنثى، أن الآمر الناهي لابد له من العلم الشرعي عند دعوته للناس. ولقد بوب البخاري - رحمه الله - في كتاب العلم بابًا خصصه لذلك فقال: " بَاب: الْعِلْمُ قَبْلَ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ لِقَوْلِ اللَّهِ - تعالى -: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ... (19)} [سورة محمد]. فَبَدَأَ بِالْعِلْمِ وَأَنَّ الْعُلَمَاءَ هُمْ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَرَّثُوا الْعِلْمَ مَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ... ". وكذلك قال الله - عز وجل -: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي... (108)} [سورة يوسف] والبصيرة هنا: هي العلم، فيجب على الداعية، أو الآمر، أو الناهي أن ينطلق في دعوته، وأمره، ونهيه على بصيرة من العلم الشرعي؛ إذا قال: هذا حلال، كان عنده من الله فيه برهان، وإذا قال: هذا حرام منكر، كان عنده من الله فيه برهان، فالله - عز وجل - قال: {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ(116)} [سورة النحل] وهذا لا يعني أني أريد من الشباب أن يقعدوا عن الدعوة حتى تمتلئ رءوسهم بالعلم، ولكني أقصد أن يكونوا على علم بالأمر الذي سيأمرون به أو سينهون عنه، وإن جهلوا أمورًا كثيرة من الشرع، فأي مسلم شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، ورضي بالله ربًا وبالإسلام دينًا وبمحمد نبيًا، أصبح بهذا الشهادة جنديًا من جنود الله، وعضوًا في جماعة الدعوة إلى الله، وهو مطالب ببذل جهده ومشاركة إخوانه في ذلك، ولكن حسب استطاعته وعلى قدر علمه، ولقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يفدون على الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيأخذون منه ما يأخذون من العلم وينصرفون بما تعلموا إلى قومهم وأهليهم دعاة بما عرفوا لا بمالم يعرفوا، وكذلك لم يقعدوا حتى يمتلئوا بالعلم.
فيا يا شباب الإسلام تسلحوا بالعلم لتقوية الإيمان في قلوبكم، وتسلحوا به لمحاربة وساوس الشيطان ومقاومة فتن الدنيا، وكلكم يعرف شرف العلم وفضله وأهميته وما أثنى الله - تعالى - به على العلماء، والقرآن مليء بالآيات الدالة على ذلك، وإن كان هذا ليس موضوعنا ولكن هذا مقام التذكير به.
قال الله - عز وجل -: {أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى... (19)} [سورة الرعد]. وقال - سبحانه -: {أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ(22)} [سورة الملك] وقال - سبحانه -: {رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ... (9)} [سورة الزمر].
وينبغي للمسلم في هذا العصر الذي كثر فيه الجدل أن يستقي علمه من كتاب الله - تعالى -، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - بالدرجة الأولى وما عليهما من تفاسير، وشروح للعلماء الثقات، ويبتعد عن كل ما يشعب نفسه، ويبلبل أفكاره.
الوصية الخامسة:
الصبر على مواجهة الواقع المنحرف: ليعلم الداعية إلى الله أنه في وقت كثر فيه الباطل، وكثرت فيه المكابرة عن الحق، وأصبح الشر هو الغالب، فواقع الناس كما قال - سبحانه وتعالى -: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ(103){[سورة يوسف] وكما قال - سبحانه -: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ... (116)} [سورة الأنعام] مما يدعو حملة الدعوة ـ وهم يبذلون الجهد في مواجهة هذا الواقع ـ أن يتحسبوا لما قد يواجَهون به، وأن يهيئوا أنفسهم بما يعينهم على تحمل ما قد يُبتلون به في مسيرتهم ودعوتهم، وذلك بتقوية الإيمان، والتجرد عن الدنيا، وبالعلم الذي يجعلك تمشي على هدى وبصيرة، ولذا نجد أن أول سورة نزلت برسالة محمد - صلى الله عليه وسلم -، وبأمره بالدعوة إلى الله، وبالبلاغ جاء فيها الأمر بالصبر، فقال - سبحانه وتعالى -: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ(1)قُمْ فَأَنْذِرْ(2)وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ(3)وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ(4)وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ(5)وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ(6)وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ(7)} [سورة المدثر] فالله - عز وجل - بعلمه الأزلي علم ما سيلقاه الدعاة والمصلحون، الذين اختارهم واصطفاهم واجتباهم لهذا الأمر العظيم من أهل الباطل ومن أهل الضلال: كفارًا كانوا، أو فساقًا؛ فأمرهم بالصبر ولقد ذكر الإمام أحمد أن الصبر ورد في القرآن في قرابة تسعين موضعًا، وذلك لحاجة الناس إليه لاسيما الدعاة.
الوصية السادسة:
التحلي بالأناة والحكمة: أوصي الدعاة وخاصة الشباب لأني أعرف أن الشباب قد يكون فيه من الحرارة والاندفاع والحمية، وقد يكون فيه من قلة التجارب ما يجعلهم يستعجلون في الأمور، فنصيحتي لهم: الأناة الأناة، التثبت التثبت، الحكمة الحكمة.(13/66)
ولا أقصد بالحكمة ما هو مشهور عند كثير من الناس الذين يجعلون الصمت عن المنكر حكمة، ويجعلون قول الباطل في موقف ما حكمة؛ لا، وإنما أقصد الحكمة التي جاء بها الشرع، وهي وضع الأشياء في مواضعها.. وأنصحهم بالتثبت خاصة في قضية الحكم على الآخرين بتكفير أقوام، أو تفسيق أقوام، لاسيما إذا كان الأمر يتعلق بالمسلمين، ولاسيما الدعاة منهم: أحياء كانوا أم أمواتًا؛ فالانحراف في قضية الحكم على الآخرين من الفتن التي ابتليت بها مجتمعاتنا اليوم وابتلي بها شباب - مع الأسف - منسوبون إلى العلم والاعتقاد السليم والدعوة إلى الله، ابتلوا بما جعل بعضهم ينهش بعضًا، ولا شك أن مثل هذا الانحراف في قضية الحكم على الآخرين خطر على شباب المسلمين وخطر على تماسك المسلمين، وخطر على الدعوة إلى الله، ولا يستفيد من ذلك إلا أعداء الجميع، فهناك أصابع خفية تسلط بعض الشباب على بعض وأنا أحذر من هذا. ولا تؤاخذوني إن انفعلت في هذا الأمر فقد عايشت في السنوات التي مضت أمثلة من هذا النوع، لقد عايشت مثل هذه الأمور مع كثير ممن نحسبهم دعاة والله حسيبهم، ونحسبهم علماء، ونحسبهم أيضًا أهل فضل وخير، لكنهم، وأقولها صريحة وفي نطاق تقويمي المحدود قسمان:
قسم: يحدث منه ذلك- مع اجتهاده وتحريه- اندفاعًا وطبيعة وجبلة، ولم يدر أنه بهذا يحارب الأخيار، ويقف في صف أعداء الله.
وقسم: قد يكون ممن تدور حولهم شبهات بأنهم مدفوعون لتفتيت الشباب وتفرقته.
ضوابط هامة في الحكم على الآخرين:
أولها: أن من لوازم أخلاق أهل السنة والجماعة أن يفرحوا بما عليه المسلم من خير، وأن يغضوا عما فيه من شر- إذا كان مقصورًا عليه- وأن لا يُشهِّروا به على أحد ميتًا ولاحيًا، وأن ينشغلوا بما ينفعهم وينفع دعوتهم، ما لم يكن الأمر متعلقًا بالحديث عن مبتدع بدعته مكفرة توافرت فيه شروط ما ينقل عن أصل الإيمان، ويخرج من الملة، وانتفت عنه موانع التكفير.
ثانيها: أن عقيدة السلف الصحيحة أن الإيمان يزيد وينقص.
ثالثها: قال الله - عز وجل -: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ... (10){[سورة الحجرات] وقال - سبحانه -: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ... (71)} [سورة التوبة] فمقتضى الإخوة والولاء أن يحترم المسلم أخاه - لاسيما- إن كان عالمًا، وأن يكف عن مساويه، وأن يكف عن عرضه؛ لأن عرض أخيك المسلم مثل عرضك يجب أن يحترم خاصة إذا كان ذا قدم في الدعوة.
رابعها: لا يجوز لمسلم أن يعطي أعداء الإسلام حججًا على أولياء الله سواء كان ذلك بحسن نية، أو بسوء نية.
فعلى الدعاة خاصة الشباب أن يتأنوا، وأن يتثبتوا، وأن يشغلوا أنفسهم بالعلم النافع، وبالدعوة إلى الله لبيان المنهج السليم، وأن يثبتوا فيما ينقلوا أو يُنقل لهم، وألّا يجرحوا إخوانهم من الدعاة والمشتغلين بالعلم.
الوصية السابعة:
الصبر على بطء الاستجابة للدعوة وقلة المستجيب: هذه الوصية أشعر أن الدعاة محتاجون لها من واقع أسئلتهم الكثيرة، فالدعاة وفقهم الله - خاصة الشباب - يشكون من عدم استجابة الناس لهم.. دعوا.. عملوا.. فما وجدوا لدعوتهم أثرًا في الناس!!
وأقول: أنتم مأمورون بالدعوة إلى الله، وبالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بالبلاغ، بالتعليم، هذه الهداية عليكم، أي هداية ؟ هداية البيان والإيضاح للناس، أما هداية الإلهام والتوفيق، فهذه على الله - عز وجل -، وهي التي نفاها الله - عز وجل - عن أكرم خلقه في قوله - تعالى -: { إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ... (56){[سورة القصص] فعلى من دعا وأمر ونهى وقضى عمره- لا أسبوعًا، أو أسبوعين- قضى عمره في ذلك، ولم يشعر أنه استجيب له ولم ير أثرًا لدعوته، على هذا أن يطمئن؛ فعمله محسوب عند ربه - سبحانه وتعالى -، فلا يجور أن يضيق صدره، ولا أن يحزن إلا حزنَ رثاء، وهو أن يرثى لحال المعرضين، ويرجو أن يهديهم الله لكن لا يضيق صدره فقد قال الله - عز وجل - لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: {وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ... (127)} [سورة النحل] جاء هذا الأمر بعد قوله - سبحانه -: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ(125)وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ(126)وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ...} قال بعدها: {... وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ(127)إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ(128)} [سورة النحل]. ومثل هذا قوله - سبحانه -: { فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى ءَاثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا(6)} [سورة الكهف]. فالمؤمن يبذل الجهد، ويبذل السبب، وأمر التوفيق إلى الله - سبحانه وتعالى -.
الوصية الثامنة:
الإحسان إلى المدعو: فليعلم الشباب أن من أساليب القبول ومن الأساليب التي تؤدي إلى استجابة الناس للداعية؛ الإحسان إلى من يوجه إليه الأمر أو النهي إذا أمكن ذلك بشيء من المباحات، فكثيرًا ما يستميل الإحسان قلوب الناس حتى قال الشاعر:
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم *** فطالما استعبد الإنسان إحسان(13/67)
ونحن لا نريد استعباد قلوب الناس، فهذا لا ينبغي أن يكون إلا لله، ولكن المراد استمالة قلوبهم وتألفها؛ ولذا فأنا أنصح الشباب عند دعوتهم للناس، أو في بيوت أهليهم أو في بيوت أقاربهم، أن يبدأ أولاً: بالإحسان بما استطاع من المباحات كالهدية، وحسن المعاملة حتى يصبح له عندهم قدم، وله في نفوسهم كلمة، ثم يدعوهم، ويصبر على دعوتهم.
الخاتمة:
وختامًا أقول وأدعو الله أن يميتنا ونحن نقولها: عليكم بالدعوة إلى الله، فليس في الحياة أفضل منها، ولا أشرف، ولا أعلى منزلة منها؛ لأن الله - جل وعلا - قال: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ(33)} [سورة فصلت]، فكونوا من أهلها، وتحركوا بها؛ لعلكم أن تنالوا هذا الشرف العظيم، وأن تحظوا بجزائها الكبير، وقد استنبط بعض العلماء أن جزاء الداعية من جنس جزاء الأنبياء - عليهم السلام -، من قول الله - عز وجل -: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا(69)ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا(70)} [سورة النساء] فلما كان في عمله في الدنيا ما يماثل عمل الأنبياء ومهمتهم في تبليغ الرسالة والدعوة؛ كان جزاؤه من جنس جزائهم. فأرجو الله - سبحانه وتعالى - أن يستعملنا وإياكم في الدعوة إليه على بصيرة، وبصدق، وإخلاص، ونرجوه - سبحانه - أن يحيينا وذرياتنا على هذا الأمر، وأن يتوفانا في سبيله، فهو - سبحانه وتعالى - حسبنا ونعم الوكيل، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد.
http://www.islamword.com المصدر:
============
أيها التاجر أبناءك سينسونك
سلطان العمري
أيها التاجر أبناءك سينسونك
لقد مات فلان يملك أموال أعرفه جيداً....
نظرت إلى أبنائه بعد وفاته أعرفهم جيداً وإذ بالخصومات والخلافات تدخل بينهم، وبدأ تقسيم التركة..
وكل واحد سيأخذ نصيبه الشرعي بحمد الله وتمر الأيام ويُطلب منهم بعض الصدقات لوالدهم فإذا بهم يتهربون، ويتغافلون وكأنهم لا يسمعون.
حينها عرفت وتيقنت أنه لن ينفعك أحد يا أيها الإنسان إلا عملك الصالح...
فيا صاحب المال: وصيتي لك، أنفق قبل الموت، واسمع إلى خطاب الرحمن (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب)..
والله إن أبناءك سينظرون إلى مالك وكيف سيستثمرونه، فعليك بإخراج جزء من مالك لله ليكون أنيساً لك في قبرك حيث الظلمات إلا أن يشاء الله..
والأمر ليس على إطلاقه، فهناك أبناء صالحين قاموا ببناء المساجد والإنفاق في أبواب الخير وجعلوا ذلك لوالدهم الذي رحل عن هذه الحياة.
فهنيئاً لمن قدم لآخرته وعمل لما بعد الموت، فالزوجة ستتزوج من بعدك، والابن سيبكي أيام ثم سيضحك سنوات، والصديق سيمسح رقم جوالك وليس لك إلا الحسنات.
http://www.denana.com المصدر:
==========
وقوف العلماء مع الدعاة عند الابتلاء
جاء شباب من أحد الدول إلى صاحب الفضيلة محمد الصالح العثيمين - رحمه الله - وقالوا: يا شيخ نريد منك اتصالا هاتفيا تلقي من خلاله محاضرة وإذ بالشيخ محمد يفعل ذلك ثم يبتلى أولئك النفر الذين كانوا سببا في هذه المحاضرة يبتلوا بأن يسجنوا..
فقال الشيخ محمد لأحد طلابه الذين هم من تلك الدولة: فلان سلم على الشيخ ابن باز (رحم الله الجميع), وقل له: يسلم عليك محمد العثيمين ويقول لك: يا شيخ كلم الشيخ فلان في الدولة الفلانية عن الشباب فقد حصل كذا وكذا.
فجاء هذا الشاب من القصيم إلى الرياض وقال: أحسن الله إليك يا شيخ عبد العزيز يسلم عليك الشيخ محمد العثيمين ويقول: لعلك تشفع عند الشيخ فلان يكلم المسئولين في تلك الدولة لعلهم أن يخرجوا فلان وفلان وفلان الذين سجنوا الآن.
فقال الشيخ عبد العزيز - رحمه الله تعالى -: ما عندي مانع أكتب ولكن أخشى عليهم أن يزيد أمرهم بلاء وأن يكثر عليهم الهم والغم وأن تكبر المسألة قال: فما العمل يا شيخ؟
قال الشيخ: هذه سنة الله للدعاة كما كانت للأنبياء من قبل عليهم - الصلاة والسلام - لكن الصبر والدعاء.
قال: أجل أحسن الله إليكم ادعوا الله لهم.
قال: فدعا الشيخ ابن باز لهم ثم دعا ثم دعا قال: فخرجت من مجلس الشيخ ابن باز واتصلت بتلك الدولة وأريد أن أقول أن الشيخ - رحمه الله - دعا لكم..
قالوا: نبشرك نبشرك لا تكمل تراهم طلعوا الآن الآن قال: والله ما سكت الشيخ من الدعاء إلا وقد خرج أولئك الدعاة من السجن..
الله أكبر.. انظر كيف استجاب الله لدعاء الشيخ ابن باز... وانظر في وقوف العلماء مع طلابهم..
من شريط أسباب الشفاء للشيخ عصام العويد.
http://www.denana.com المصدر:
==========
( المتدينون الجدد ) وآثار تفاعلهم مع الحركة الإسلامية
أحمد زين
على الرغم مما يبدو من أن التدين الجديد عشوائي ومستقل؛ فإنني أتصور أن ثمة علاقة بينه وبين الحركة الإسلامية.
وسأحاول القفز على أثر الحركة الإسلامية على المتدينين الجدد للوصول إلى الهدف من المقال وهو محاولة رصد وتنبؤ بأثر المتدينين الجدد على الحركة الإسلامية.
أهمية هذه المحاولة تكمن في: أن الموجة الجديدة من التدين التي نحياها، وهي ما يعرف بـ«المتدينين الجدد» ليست هي المدّ الأول؛ بل هي إحدى موجات التدين التي بدأت في الثلاثينات من القرن الماضي، وتلتها موجة السبعينات العاتية، التي لا نزال نتجرع آثارها الإيجابية والسلبية معاً.(13/68)
وكثيرة هي الموجات التي لم تستغل بالشكل الأمثل الذي يعود بأقصى درجات النفع على أمتنا؛ فكان مصيرها اللجوء إلى الحل الأسهل (العنف وتكفير المجتمع) أو الاضمحلال والتشتت. وفي أحسن أحوالها الجهود المتناثرة التي لا تقيم للأمة أوداً. وفي أحوال غالبة فتور الاهتمام والسير مع موجات البشر المهتمين بأنفسهم وآمالهم، بمعناها الفردي الأناني فحسب.
وإذن فالموجة الجديدة من التدين تحتاج أن تُدرَك قبل أن تتبدد وتنضم إلى سابقاتها، وأتصور أن الحركة الإسلامية مرشحة للعب دور هام في حركة المتدينين الجدد في ظل الهزال الذي أصاب المؤسسة الدينية الرسمية منذ زمن.
ويرتبط بهذا الدور الذي أراه للحركة الإسلامية إدراك حجم التأثيرات التي رمتها بها حركة التدين الجديد؛ وهو ما يعطي الحركة مؤشراً على الدور الذي يمكن أن يلعبه المتدينون الجدد في التغيير بصفة عامة، خاصة مع ملاحظة ما يتميز به المتدينون الجدد من ديناميكية وفعالية غير مسبوقة.
لكن ما أود رصده هنا بشكل سريع أنه كما أثرت الحركة الإسلامية على هذه الموجات الشبابية المتدينة؛ فإنني أزعم أن هؤلاء المتدينين الجدد يؤثرون وسيؤثرون على الحركة وبرامجها وخططها.
تأثيرات فقهية واجتماعية:
بدأ التأثير في الحركة الإسلامية بالفعل خاصة في الجانب الاجتماعي الذي هو وثيق الصلة بالجانب الفقهي؛ فقد أصبح داخل الحركة الإسلامية الآن شبه حراك في هذين الجانبين، خاصة أن الحركة دعمت نمطاً معينا خلال الثمانينات.
مما يلفت النظر الآن - مثلا وليس حصراً - أن كثيراً من السيدات والفتيات المنتسبات إلى الحركة قد استبدلن بـ«الخمار» التقليدي الذي تعود عليه المجتمع المصري والذي كانت توصف كل من تلبسه بـ«الأخت»..استبدلن به غطاء الرأس والصدر القصير المتعدد الأنماط والألوان.هذا التغير وإن أخذ شكلاً مظهرياً إلا أنه ينبئ عن حراك ما، هذا الحراك ربما يكون تم تحت ضغط الأناقة التي يبدو عليها حجاب المتدينات الجدد، وانخراط الكثيرات منهن في مناشط الحركة، وربما تحت ضغط الانفتاح على أشكال الحجاب المختلفة (الإيراني والخليجي والأوروبي... ) التي وسعت الخيارات أمام هذا الجمهور الذي تعود على نمط واحد من الاختيارات.
ولكنه في رأيي يبقى تأثراً بالتدين الجديد، وثورة على النمط التقليدي الذي دعمته الحركة -ولو بطريق غير مباشر- في فترة الثمانينات.
ومن هذا التأثير تغير الأنماط السائدة في المناشط الاجتماعية؛ كالأفراح والزيارات؛ فأصبح من الطبيعي والمعتاد أن تكون هناك أفراح مختلطة أو رحلات مشتركة، أو ما شابه.
ثانية هذه الملاحظات العابرة حول التأثيرات أيضاً: التعامل مع الفنون؛ فالقطاعات الشبابية داخل الحركة الإسلامية أصبحت تتعامل مع الفنون بقوة؛ بل أصبحت بعض التزكيات داخل الحركة توصي بمشاهدة بعض الأفلام السينمائية والأعمال المسرحية، وكثيرة هي النقاشات حول الأعمال الفنية حتى الهوليودية منها داخل مواقع الإنترنت، وساحات الحوار المتعلقة بالحركات الإسلامية.
تغير خريطة التأثير والتأثر:
ربما يكون السبب في هذه التأثيرات أن مصدر التلقي لم يعد واحداً، وأن وسائل الإعلام المتنوعة أتاحت أمام شباب الحركة قدراً وافراً من الاختيارات الحرة؛ وهو ما أدخل في العلاقة عناصر أخرى ساهمت في التوجيه، وغيرت المسار ولو بدرجات خفيفة.
إنني أتصور أن خريطة التأثير والتأثر في الدعوة الإسلامية تغيرت في الفترة الأخيرة -وما زالت- بشكل مباغت؛ ففي النمط المستقر كانت الخريطة تحتوي على فاعلين ووسط للتفاعل ومتلقين. الفاعلون كانوا غالباً رواد الحركات الإسلامية، وبشكل ما كان من الصعب اختراقها لصالح أفراد غير منتمين؛ فأحد المؤهلات الأساسية للظهور كان الانتماء لمؤسسة كبيرة، سواء كانت جماعة أو مؤسسة رسمية كالأزهر، ومن الطريف أن الإمامة ذاتها كانت تحتاج إلى انتماء، وهذا ما عبر عنه الشيخ الراحل «د. عبد الرشيد صقر» مرة، حين روى أنه كان يصلي مع مجموعة كان هو الوحيد الحافظ للقرآن الكريم، ومع ذلك قدم الجميع غيره، والسبب كان أنه سُجِن مدة أطول من د. عبد الرشيد صقر!!
لكن الخريطة الآن اختلفت من حيث التصنيف؛ فلم يعد هناك أطراف فاعلة وأخرى متلقية؛ فالأطراف الفاعلة التي كانت تحتكر بشكل ما عملية التوجيه والتربية لم تعد كذلك؛ بل اللافت للنظر أنها أحياناً أصبحت متلقية من أطراف كان متوقعاً لها - حسب السيناريو القديم - أن تكون الجمهور المتلقي السلبي، وهذا ما يحدث في كثير من برامج الفضائيات التي أصبحت تشكل أكبر روافد تكوين أفكار المتدينين الجدد وشباب الحركة معاً. والطريف أن القائمين على هذه البرامج في مجملهم هم من الفئة الأولى.
ومن ذلك أن شباب الحركة بحكم سنهم احتكوا بوسط الإنترنت وانغمسوا فيه، وبالتالي فقد نهلوا من كثير من مواقع الإنترنت التي أقامها المتدينون الجدد.
ومنها أيضاً التأثر ببعض المتدينين الجدد الذين تحولوا إلى دعاة، واستطاعوا أن ينتقلوا بالأفكار الدعوية والتربوية إلى مدارات جديدة ومختلفة، منها إعادة عرض الأفكار الدعوية بشكل جديد، معتمدين على تقنيات حديثة، وأساليب مستحدثة، ومن هذه المشروعات المزدهرة في مصر: مدارس القرآن التي انتشرت بمنهجية متطورة وأسلوب عمل محترف، واعتماد على تقنيات جديدة، وكذلك العدد الضخم من الجمعيات الخيرية والأهلية التي تدار بمجلس إدارة أقل من الثلاثين عمرا، وبأفكار تنموية رائدة.
ببساطة: لقد أصبح التلقي تفاعلاً، بل وحالة خاصة من التفاعل، وهي حالة التفاعل المزدوج.
تنبؤات بتأثيرات مستقبلية:(13/69)
السؤال الآن: هل يقف التأثير على الحركة الإسلامية عند هذا الحد أم يمتد الأمر للتأثير على أدبيات الحركة ذاتها وقواعدها الراسخة؟
هل سيقبل هذا الجيل أدبيات السمع والطاعة بينما تعوّد أن يشتبك مع العالم بالتساؤلات والتشكك؟
هل سيقبل هذا الجيل أدبيات السرية بينما يرى أن الدعوة العلنية تؤتي ثمارها بقوة ونضج؟
هل سيتقبل فكرة الجندية في ظل تمرده الدائم والمعلن؟
وكذا هل تتناسب هذه المفاهيم مع الكم الجماهيري الضخم «المتاح»؟
بسؤال أعم: هل سيقبل بفكرة الانتظام والانضواء؟ وهل سيعتقد بالوجوب الفقهي للانتماء إلى تنظيم؟
أتصور أن التأثير الأكبر على الحركة الإسلامية سيكون في إعادتها النظر في كثير من هذه الأدبيات وقواعد الانضمام إليها، وأسلوب الخطاب الذي تقدمه للجمهور، وهذا أيضاً أحد السبل لتجديد هذه الحركة.
ولا شك أن هذا التغير يحتاج في الأصل إلى تغير في نمط التفكير داخل الحركة الإسلامية.
ماذا على الحركة أن تفعل؟
إذا آمنت الحركة الإسلامية بالقدرات الضخمة للمتدينين الجدد وفعالية التغيير لديهم؛ ففي رأيي أن ثمة أخلاقيات لا بد أن تحكم عملها إذا ارتأت أن من صالح الأمة العمل مع هذه الجماهير العريضة، ومن هذه الأخلاقيات:
1- التجرد: فلا يكون المقصود أن تحاول الحركة اقتناص أكبر عدد من الأفراد؛ بل على العكس لا بد أن تطور الحركة من مفهومها في التعامل مع الجماهير من منطلق ملكية الأمة لهذه الجماهير، والتعامل معها بمنطلق مواكبة تغيراتها حرصا على المصلحة العليا للأمة، وخوفاً على تضييع فرصة تاريخية أخرى للنهوض الحضاري.
2- البعد عن التنافس الصبياني: هذا المناخ الجديد في الخريطة الإسلامية يواجه الحركة الإسلامية بعنصر إيجابي يشكل في الوقت نفسه تهديداً؛ وهو أن كثرة الفاعلين وتنوع اتجاهاتهم، وثراء مواهبهم، ونماء قدراتهم.. سيؤدي بلا شك إلى تنافس، وهذا هو الجانب الإيجابي في هذا العنصر؛ لأنه سيدفع نحو مزيد من التجويد، لكن الأزمة أن جهود هؤلاء الأفراد والجماعات من المتلقين ربما تسبق بشكل ما جهود الحركة؛ وذلك راجع لأسباب مختلفة، منها مثلاً صغر أهداف هذه المجموعات وتحديدها للهدف الذي تعمل له؛ بما يجعل النجاح فيها سريعاً ومن السهل الحفاظ عليه. وبشكل طبيعي فإن الأعمال التي يقوم عليها فرد أو مجموعة صغيرة تكون غير مثقلة بإداريات أو أعباء هيكلية.
السؤال الذي لا بد أن تطرحه الحركة على نفسها، شعورياً على الأقل: هل هي تسمح أو تقبل بأن يتمدد هذا المارد (المتدينون الجدد) على حساب الحركة نفسها؟ لأن ثمة خطورة بالغة على كل الأطراف في أن يحكم التنافس الصبياني هذه العلاقة.
إذا اقتنعت الحركة أن المتدينين الجدد ملك للأمة؛ فستسود العلاقة الرشيدة التي تليق بالحركة؛ وهي - من وجهة نظري - توسعة المجال، والانسحاب من بعض الميادين التي يمكن أن يؤديها للأمة هذا المارد؛ تفرغاً لأدوار جديدة تلعبها الحركة في مدارات جديدة.
3- الانسحاب المحسوب والدور الملعوب: لا يمكن للحركة أن تؤدي هذا التفاعل إلا بأمرين من جانب الحركة، الثقة الشديدة بالنفس، والدور التأهيلي للمتدينين الجدد لمساعدتهم على القيام بهذه الأدوار، عن طريق الصقل والتوجيه غير المباشر. فهل يمكن للحركة أن تدرس الخيار الصعب؛ وهو الانسحاب من بعض أدوارها لصالح القوى المتصاعدة، أو لنقُل القيام بدور «المحفز» و«المفعل» ثم «المستشار» في مرحلة لاحقة؟
كما أن ذلك سيفيد الحركة كثيراً؛ إذ إن تنوع الممارسين في المجالات الدعوية والاجتماعية سيجعل هذه الأعمال من طبيعة المجتمع التي لا يمكن انتزاعها، وثوابته التي لا يمكن تغييرها، ولا شك أن إفادة كبيرة للحركة ستحدث، هي مبدأ التركيز؛ فالأدوار المنوطة بالحركة كبيرة، والسبل متشعبة، والتحديات صعبة.
لماذا التغيير؟
وأخيراً.. فإن تغيير الحركة الإسلامية لبرامجها في التعامل مع الشباب يصبح في رأيي هاماً جداً، ليس فقط لإحياء الحركة الإسلامية ذاتها، ولكن أولاً للاستفادة من هذا المخزون الضخم من الشباب الذي يحتاج لتوجيهه نحو مصالح الأمة العليا.
لقد كانت هناك أجيال سابقة إذا أرادت أن تعبر عن مشاعرها الدينية، وتظهر ملامح هذا التدين.. كان لزاماً عليها أن تنضم إلى جماعة؛ الأمر الذي كان يكلفها بمقتضى التضييق الأمني ضريبة لا يستطيعها كثيرون، وهي غير مطلوبة من الجميع. لكن هذا الجيل قام بنموذج مغاير؛ فهو يمارس العمل الدعوي ويعبر عن تدينه، وينشط اجتماعياً بل وسياسياً، دون أن يتعرض للملاحقة والاعتداء على حريته، كما أنه ينتمي لفكرته، ويصارع من أجلها؛ حيث إن الوسائل من حوله تتيح له الحركة دون وصاية من تنظيم أو حدود من جماعة، ومعيار استمراره أو فشله مدى نفع ما يقدمه.
فهل يلتقي المتدينون الجدد بنشاطهم ومواهبهم وعالمهم المتسع وآفاقهم المفتوحة مع الحركة الإسلامية برصانتها وخبرتها وأفرادها؛ لما فيه مصلحة الأمة؟ أم تنفضَّ الجموع بلا تغير ملموس في مستقبل أمتنا؟
هذا ما ستجيب عنه الأيام.
http://www.al-aman.com المصدر:
===========
من سن في الإسلام سنة حسنة
سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز: (من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة)، هل هذا حديث؟ وهل إذا كان حديثاً فهل الرسول - صلى الله عليه وسلم - ترك شيئاً لأحد حتى يسن به سنة في الإسلام؟ نرجو أن توضحوا لنا هذا المقام بالتفصيل؟(13/70)
هذا الحديث صحيح، وهو يدل على شرعية إحياء السنن والدعوة إليها والتحذير من البدع والشرور، لأنه - صلى الله عليه وسلم - يقول: (من سن في الإسلام سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها من بعده لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده لا ينقص من أوزارهم شيئاً) خرجه مسلم في صحيحه.
ومثل هذا الحديث ما رواه أبو هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (من دعا إلى هدى كان له من الأجر من أجور من تبعه لا ينقص من أجورهم شيئاً ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً) وهكذا حديث أبي مسعود الأنصاري - رضي الله عنه - يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (من دل على خير فله مثل أجر فاعله) خرجهما مسلم في صحيحه.
ومعنى (سن في الإسلام) أحيا سنة وأظهرها وأبرزها مما قد يخفى على الناس فيدعو إليها ويظهرها ويبينها، فيكون له من الأجر مثل أجور أتباعه فيها وليس معناها الابتداع في الدين، لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - نهى عن البدع وقال (كل بدعة ضلالة) وكلامه - صلى الله عليه وسلم - يصدق بعضه بعضا، ولا يناقض بعضه بعضا بإجماع أهل العلم، فعلم بذلك أن المقصود من الحديث إحياء السنة وإظهارها، مثال ذلك: أن يكون العالم في بلاد ما يكون عندهم تعليم للقرآن الكريم أو ما عندهم تعليم للسنة النبوية فيحي هذه السنة بأن يجلس للناس يعلمهم القرآن ويعلمهم السنة أو يأتي بمعلمين، أو في بلاد يحلقون لحاهم أو يقصونها فيأمر هو بإعفاء اللحى وارخائها، فيكون بذلك قد أحيا هذه السنة العظيمة في هذا البلد التي لم تعرفها، ويكون له من الأجر مثل أجر من هداه الله بأسبابه، وقد قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (قصوا الشوارب وأعفوا اللحى وخالفوا المشركين) متفق على صحته من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - والناس لما رأوا هذا العالم قد وفر لحيته ودعا إلى ذلك تابعون، فأحياء بهم السنة، وهي سنة واجبة لا يجوز تركها، عملاً بالحديث المذكور وما جاء في معناه، فيكون له مثل أجورهم، وقد يكون في بلاد يجهلون صلاة الجمعة ولا يصلونها فيعلمهم ويصلي بهم الجمعة فيكون له مثل أجورهم، وهكذا لو كان في بلاد يجهلون الوتر فيعلمهم إياه ويتابعونه على ذلك، أو ما أشبه ذلك من العبادات والأحكام المعلومة من الدين، فيطرأ على بعض البلاد أو بعض القبائل جهلها، فالذي يحييها بينهم وينشرها ويبينها يقال: سن في الإسلام سنة حسنة، بمعنى أنه أظهر حكم الإسلام، فيكون بذلك ممن سن في الإسلام سنة حسنة.
وليس المراد أن يبتدع في الدين ما لم يأذن به الله، فالبدع كلها ضلالة لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: (وأياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة) ويقول - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح أيضاً: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) وفي اللفظ الآخر: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) متفق عليه.
ويقول في خطبة الجمعة - عليه الصلاة والسلام -: (أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدى هدى محمد - صلى الله عليه وسلم - وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة) خرجه مسلم في صحيحه فالعبادة التي لم يشرعها الله لا تجوز الدعوة إليها، ولا يؤجر صاحبها، بل يكون فعله لها ودعوته إليها من البدع، وبذلك يكون الداعي إليها من الدعاة إلى الضلالة، وقد ذم الله من فعل ذلك بقوله - سبحانه -: "أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ).
http://www.islamword.com المصدر:
============
وسائل الدعوة إلى الله تعالى في المسجد النبوي عبر التاريخ
عبد الله بن ناجي المخلافي
بعث الله - عز وجل - رسوله محمداً - صلى الله عليه وسلم - في مكة المكرمة، نُبِّئَ ب اقرأ، وأُرسل ب يا أيها المدثر، فبدأ الدعوة إلى الله - عز وجل -.
دعا سراً. ثم دعا جهراً.
فآذاه شرار قومه، وآذو أصحابه.
توالت الأحداث حتى أذن الله له بالهجرة إلى دار الإيمان، "المدينة" فلما وصل كان أول عمل عمله أن اختط مسجد قباء.
ثم سار متوجهاً نحو المدينة، فأدركته صلاة الجمعة في الطريق فصلاها، وواصل المسير والناس من حوله كلٌ يأخذ بخطام ناقته وهو - صلى الله عليه وسلم - يقول: "دعوها فإنها مأمورة".
سارت بأمر الله حتى بركت، فأنشأ في ذلك المكان مركز الدعوة الذي انتشر منه نور الإسلام إلى شتى بقاع الأرض.
كان - صلى الله عليه وسلم - مدة حياته وهذا المسجد النبوي هو مركز الدعوة إلى الله..مركز العلم والتعليم..مركز الفُتيا.. مركز العبادة.. مركز القضاء.. مركز تجهيز الدعاة والجيوش وانطلاقها للدعوة إلى الله - تعالى -.
وفي عهد الخلافة الراشدة زمن الصحابة الكرام.. أبو بكر.. وعمر.. وعثمان.. وعلي.. رضوان الله عليهم أجمعين. بقي المسجد النبوي كما أسسه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مركزاً من مراكز الدعوة إلى الله - عز وجل -.
فالقرآن الكريم أقرأه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذا المسجد النبوي.
سمعه الصحابة الكرام من فِي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتلقوه عنه وقرأوه عليه - صلى الله عليه وسلم - وأقرأوه من بعدهم من التابعين، وهكذا إلى يومنا هذا والقرآن الكريم يقرأ ويتلقى في المسجد النبوي.
وإذا جئنا إلى تفسير القرآن الكريم فقد بين النبي - صلى الله عليه وسلم - القرآن الكريم لصحابته في مجالسه في هذا المسجد وفي غيره، وهم رضوان الله عليهم تلقوه وأوصلوه لمن بعدهم من التابعين وهكذا..(13/71)
وإذا جئنا لعلم الحديث فقد تلقاه الصحابة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أقواله وأفعاله وتقريراته، وتلقاه الصحابة بعضهم عن بعض والتابعون عن الصحابة وتابع التابعين عن التابعين حتى دون في الكتب المشتهرة وجمع وأصبح يقرأ منها ويتلقاه الآخر عن الأول..
وهكذا بقية العلوم المنقولة أو التي استجدت كعلم النحو وغيره..
وقد كانت مجالس الحديث والعلم والدعوة إلى الله - عز وجل - في هذا المسجد النبوي لم تنقطع عبر هذه العصور الطويلة وإن كانت تقل في عصور وتقوى في عصور أخرى.
وقد تعددت وسائل الدعوة إلى الله - تعالى -في العصور السابقة في هذا المسجد النبوي بما يتماشى مع الإمكانيات المتاحة في تلك العصور:
فقد كان المسجد في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو مقر القيادة والعلم والتعليم والقضاء، ومنه تدار جميع شؤون المجتمع.
وكان الداعي الأول والمرجع في الدعوة في هذه المرحلة هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
فكان من في المدينة والقريبون منها ينعمون برؤية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والاستماع مباشرة منه - صلى الله عليه وسلم - وسؤاله عن ما يستجد من وقائع لدى أفراد المسلمين، وكانت الدعوة تتجدد وتنزل الأحكام بحسب الوقائع.
كما أن هذا المسجد النبوي كانت تنطلق منه الجيوش الإسلامية لغزو أو لرد عدوان المشركين وغيرهم.
ونستطيع أن نجمل وسائل الدعوة إلى الله في هذه الفترة:
1 التعليم.
2 بناء الشخصية المسلمة وتثبيت الإيمان في نفوس المسلمين بما يشاهدونه من تنزل الوحي والمعجزات التي يجريها الله - عز وجل - على يد النبي - صلى الله عليه وسلم - لبناء الجيل الذي سيتحمل أعباء الدعوة إلى الله بعد موت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
3 مكاتبة الملوك وأصحاب السلطان لدعوتهم للإسلام.
4 إرسال الرسل لتعليم الإسلام للمسلمين الجدد، أو القوم الذين أسلم بعضهم ويرجى إسلام بقيتهم.
5 دعوة غير المسلمين عامة للدخول في دين الله - سبحانه وتعالى -.
6 استقبال الوفود والأعراب القادمين من خارج المدينة وتعليمهم دين الإسلام والإجابة عن أسئلتهم.
7 تجهيز الجيوش لغزو من يقف في وجه انتشار الدعوة إلى الله - عز وجل - (الجهاد في سبيل الله).
وبعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استمر دور المسجد النبوي في الدعوة إلى الله في عهد الخلفاء الراشدين كما كان في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، إلا أنه لما اتسعت رقعة الدولة الإسلامية كثرت الأعباء مما اضطر إلى إنشاء دواوين خارج نطاق المسجد.
وكان من أهم وسائل الدعوة في هذه الفترة:
1 قتال من ارتد عن دين الله - عز وجل - بعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإعادتهم إلى دين الله - عز وجل - حيث كان ذلك عاملاً رئيساً لتوحيد صف الأمة للتفرغ لمد الدعوة إلى البلدان التي لم تصلها الدعوة حتى ذلك الوقت.
2 التعليم وإقامة حلقات التدريس في القرآن الكريم والتفسير وغيره.
3 إرسال الرسل ومنهم الصحابة رضوان الله عليهم إلى شتى البلدان لتعليم المسلمين العلم.
4 الانطلاق لنشر هذه الدعوة الإسلامية، وإيصال هذا الخير للبشرية في شتى البقاع وإقامة الجهاد في سبيل الله ضد من يقف حجر عثرة أمام إيصال هذا الخير للبشرية.
5 المحافظة على جمع كلمة المسلمين ووحدة الصف الإسلامي حيث تم جمع القرآن الكريم مرتين، كانت الأخرى في عهد عثمان بن عفان - رضي الله عنه -، حيث أرسل بالمصاحف إلى البلدان وأرسل معها معلمين يقرؤون الناس ويعلمونهم ما في هذه المصاحف.
6 قيام الخلفاء والعلماء بصد هجمات المبتدعة وغيرهم من أهل الضلال وتبيين الحق للعامة لعدم الانخداع بهم.
وقد ضعفت بعض هذه الجوانب في نهاية عصر الخلفاء الراشدين نظراً لبروز بعض الفرق المخالفة لمنهج أهل السنة، ولانشغال المسلمين في الفتن التي دارت بينهم.
بعد عصر الخلفاء الراشدين - رضي الله عنهم -، انتقلت السلطة السياسية إلى خارج المدينة المنورة، وبقي دور المسجد النبوي دوراً شامخاً في الدعوة إلى الله - عز وجل -، حيث ازدهر التعليم والتدريس في المسجد النبوي، وتنوعت الحلقات العلمية وأصبح المسجد النبوي مقصد العلماء للتعليم وطلاب العلم للتلقي على العلماء فيه، فإن طلب العلم من أفضل الأعمال، لاسيما إذا كان في المسجد النبوي، لقوله - صلى الله عليه وسلم - "من جاء مسجدي هذا لم يأت إلا لخير يتعلمه أو يعلمه فهو بمنزلة المجاهد في سبيل الله ومن جاء لغير ذلك فهو بمنزلة الرجل ينظر إلى متاع غيره" رواه الإمام ابن ماجه والإمام أحمد وغيرهما رحم الله الجميع.
ولأهمية المسجد النبوي وأهمية دوره في الدعوة إلى الله - تعالى -، فقد تنازعت السلاطين للسيادة على إدارة المسجد النبوي.
وقد كثرت وسائل الدعوة وتنوعت في هذه العصور الطويلة وكان من أهمها:
1 التعليم والتدريس لشتى الفنون من قراءة للقرآن الكريم، وتدريس لفنون مختلفة كالتفسير والعقيدة والحديث والفقه وأصول الفقه والفرائض وعلوم اللغة العربية... وغيرها من العلوم.
2 أصبح لعلماء المسجد النبوي حضوة عند سائر المسلمين خاصة طلبة العلم حيث يرحل الطلبة من أقاصي الدنيا للدراسة على علماء المسجد النبوي، والتشرف بالتتلمذ لهم، ويظهر ذلك جلياً لمن قرأ كتب رحلات الحج فما من كاتب إلا وبسط أخذه عن علماء المسجد النبوي وتتلمذه لهم واغتباطه بهذا الأخذ.
3 كانت تزكيات وتقاريظ الكتب لمدرسي المسجد النبوي لها اعتبارها عند الخاص والعام، فمن أثنى عليه أو على كتابه مدرسو المسجد النبوي تلقى الناس كلامه أو كتابه باطمئنان.(13/72)
وهي من الوسائل المساعدة في إبراز الشخص أو الكتاب وسرعة تلقي الناس له بالقبول، الأمر الذي جعل تلك الكتب وهؤلاء العلماء تقبل أقوالهم في شتى البقاع.
بقي أن نقول إن هناك وسيلة مشتركة بين جميع العصور من وسائل الدعوة إلى الله - تعالى -في المسجد النبوي لم تنقطع ولله الحمد منذ أنشأه النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - لها دور مهم وفعال في الأمة، ألا وهي خطب الجمعة المنبرية، على منبر خير البرية - صلى الله عليه وسلم - فكم قد أفادت وأصلحت في الأمة، وأثرها وكونها من وسائل الدعوة الرئيسية في المسجد النبوي لا ينكر ذلك عاقل.
أما في العصر الحاضر فقد تنوعت وسائل الدعوة إلى الله - تعالى - في المسجد النبوي فمنها:
تدريس العلوم الشرعية في حلقات العلم المتنوعة بالمسجد النبوي فهناك حلق في التفسير والحديث والعقيدة والفقه... وغير ذلك.
ومنها حلقات تحفيظ وتعليم وعرض القرآن الكريم برواية حفص أو بالقراءات العشر.
ومن الوسائل المهمة توزيع المطويات والكتيبات على زوار المسجد النبوي.
ومن الوسائل المهمة الحديثة مكتبة المسجد النبوي بأقسامها حيث يستمر فتح مكتبة المسجد النبوي حوالي مدة فتح المسجد النبوي لإفادة طلاب العلم سواء عبر قاعات المطالعة والتي تحوي كتب فنون العلم المتنوعة، أو قسم المخطوطات الذي يزخر بنفائس المخطوطات، أو المكتبة الصوتية والتي تحوي الدروس المسجلة لعلماء المسجد النبوي، حيث يستطيع أي طالب علم أو زائر نسخ مقتنيات المكتبة مجانا.
كما أن هناك وسائل أخرى، وتتنوع هذه الوسائل من عصر إلى عصر حسب الإمكانات المتاحة.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
http://jmuslim.naseej.com المصدر:
==========
وقفات للدعاة والداعيات
د. ابتسام بنت بدر الجابري
للعلم فضل عظيم لا يخفى على كل ذي لبٍ وفهم، فقال تعالى : ( يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات ){المجادلة: 11}.
وقال تعالى: ( قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب) { 9}.
وقال تعالى : ( إنما يخشى الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور ) { فاطر: 28}.
فالعلم النافع يحقق التزكية، ويقرب من الله سبحانه وتعالى، ويزيد الخشية منه، ويدفع إلى العمل الصالح.
وحتى يؤدي العلم مهمته في تزكية النفس، لا بد أن يصحبه العمل الصالح مع الإخلاص لله سبحانه وتعالى، والإتباع، والتزام الآداب المطلوبة للعالم والمتعلم.
ولقد حذرنا الله من العلم الذي لا يصاحبه العمل، ومن القول الذي لا يتبعه الفعل، فقال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون 2 كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون ) {الصف: 2، 3}.
وقد حذر نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - من حال بعض الدعاة الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، وهم لا يأتون المعروف ويأتون المنكر. يقول - صلى الله عليه وسلم - : "يؤتى بالرجل يوم القيامة. فيلقى في النار. فتندلق أقتاب بطنه. فيدور بها كما يدور الحمار بالرحى. فيجتمع إليه أهل النار. فيقولون : يا فلان ! مالك ؟ ألم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ؟ فيقول : بلى. قد كنت آمر بالمعروف ولا آتيه، وأنهى عن المنكر وآتيه"(1).
ولقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، يسأل ربه العلم النافع، ويتعوذ من العلم الذي لا ينفع، فقد كان يقول : "اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعوة لا يستجاب لها"(2).
قال الإمام ابن رجب الحنبلي : "من فاته هذا العلم النافع، وقع في الأربع التي استعاذ منها النبي - صلى الله عليه وسلم- ، وصار علمه وبالاً وحجةً عليه، فلم ينتفع به، لأنه لم يخشع قلبه لربه، ولم تشبع نفسه من الدنيا، بل ازداد عليها حرصاً ولها طلباً، ولم يُسمع دعاؤه لعدم امتثاله لأوامر ربه، وعدم اجتنابه لما يسخطه ويكرهه"(3).
ولقد كان الرسول - صلى الله عليه وسلم- يربي أصحابه على العلم النافع الذي يزكي النفس ويهذبها، وبذلك يكون قرنهم خير القرون التي حملت راية الإسلام إلى الآفاق، وتسلّم وراثة النبوة ليُسَلّمها لمن بعده. وتعاقبت الأجيال الفاضلة التي حملت راية الإسلام، وتلقت العلم للعمل، وتأدبت بآداب العلم وتحلّت بفضائله، فكانوا كما قال ابن سيرين: "كانوا يتعلمون الهديَ كما يتعلمون العلم"(4).
وعن مالك أيضاً عن ابن شهاب أنه قال : "إن هذا العلم أدبُ الله الذي أدّب به نبيُّه - صلى الله عليه وسلم- ، وأدب النبيَّ أمته، أمانة الله إلى رسوله ليؤديه على ما أُدي إليه، فمن سمع علماً فليجعله أمَامَهُ حجةً فيما بينه وبين الله عز وجل"(5).
عن إبراهيم بن حبيب قال : قال لي أبي : "يا بني إئت الفقهاء والعلماء وتعلّم منهم، وخذ من أدبهم وأخلاقهم وهديهم، فإن ذاك أحب إليّ لك من كثير من الحديث"(6).(13/73)
ومما سبق يتبين لنا أهمية العلم، وآفة العلم بلا عمل، وأن ذلك فتنة على صاحبه في الدنيا والآخرة، وفتنة على الناس في الاقتداء به وضلالهم بسببه. فالعالم لا بد أن يكون قدوةً حسنة للناس، وقد قال الإمام الآجري - رحمه الله - في وصف العالم الرباني: "من صفته أن يكون لله شاكراً، وله ذاكراً، دائم الذكر بحلاوة حب المذكور، يعد نفسه مع شدة اجتهاده خاطئاً مذنباً، ومع الدؤوب على حسن العلم مقصراً، لجأ إلى الله فقوّى ظهره، ووثق بالله فلم يخف غيره، مستغن بالله عن كل شيء، ومفتقر إلى الله في كل شيء، أنسه بالله وحده، ووحشته ممن يشغله عن ربه، إن ازداد علماً خاف توكيد الحجة، مشفقٌ على ما مضى من صالح عمله أن لا يقبل منه،همه في تلاوة كلام الله الفهم عن مولاه، وفي سنن الرسول الفقه لئلا يُضيّع ما أمر به، متأدبٌ بالقرآن والسنّة، لا يُنافس أهل الدنيا في عزها، ولا يجزع من ذلّها، يمشي على الأرض هوناً بالسكينة والوقار. قال عز وجل : ( إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى" عليهم يخرون للأذقان سجدا 107 ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا 108 ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا ){ الإسراء: 107 - 109}"(7).
وقال ابن عيينة : "إذا كان نهاري نهار سفيه،وليلي ليل جاهل،فما أصنع بالعلم الذي كتبتُ ؟"(8).
وهناك أمورٌ عدة انتشرت بين بعض من تصدّر للدعوة والعلم مما ينبغي تجنبها وهي تخالف التزام العلم النافع، ولها أثرٌ سلبي وخطير في حياة الناس إذ لا يخفى علينا مدى أثرها على طلاب العلم وعلى العوام من الناس، وهي على النحو الآتي :
1- التميّع في أخذ هذا الدِّين، والتساهل في أخذ أحكامه والالتزام بها، فانتشر من جراء ذلك الفساد، وتجرأ بعض الناس على المنكرات، فأصبحنا نسمع من عامة الناس إذا نُصح بأداء الواجبات وترك المحرّمات من يقول : (الإيمان في القلب)، (ساعة لربك وساعة لقلبك)، (الله غفورٌ رحيم).....إلخ، وهم ما يزالون في تطاولهم في الدين، وتقصيرهم، وانحرافهم وكل ذلك لما يرونه من تميّع بعض من تصدّر للعلم والدعوة في أخذ الدين.
2- رفض إدخال الإسلام في شؤون مختلفة من الحياة، فنجد بعض من تصدر للدعوة والعلم يقول : ما داموا يقولون لا إله إلا الله، ويصدقون بقلوبهم، فهم مؤمنون ولايجوز الإنكار عليهم (!!!)
وهذا بلا شك من أشنع الجهل، فديننا دينٌ يتسم بالشمول والكمال، ولا فصل فيه بين الدين والحياة، ويترتب على هذا الأمر انتشار المنكرات في المجتمعات - والعياذ بالله -.
3- الخلط المزعج في المسائل الكبيرة والصغيرة، وبين المسائل التي لا يستقل بفهمها إلا ذوو العلم والبصيرة والفهم والاستدلال والاستنباط، وبين المسائل العادية التي يمكن أن تكون أمراً عاماً يمكن حتى للعوام الخوض َ فيه.
وأخطر من هذا إقحام العوام وأنصاف المتعلمين والمثقفين والجهلة والمتعالمين في مسائلٍ من العلم دقيقةٍ وخطيرة ٍ، لا يمكن أن ينفرد بفهمها والقول فيها إلا من أوتي علماً وبصيرة.
وأسوأ من ذلك، جرأة أولئك في نشر جهلهم وفكرهم الضال، حتى لو لم يُطلب منهم إبداء رأي أو جواب لسؤال. فنراهم يتجرؤون على الفتيا بدون علم وبدون تمييز، وبخلطٍ عجيبٍ للأمور والمسائل.
4- التلبس بالمعاصي والمخالفات الشرعية، والتساهل بالظهور بها أمام الناس.
ولاشك أن من العوام والجهاّل من الناس من يرى في العَالِم قدوته إذا رآه متلبساً بمعصية أومخالفةٍ شرعية فيقلده فيها وبخاصةٍ إذا صَاحبَ ذلك هويً وشهوة، فإذا أُنْكِرَ على هؤلاء العوام فعلهم كان حجتهم أن العالم الفلاني فعل ذلك، وقال ذلك، فيحصل به فتنة للناس. قال ابن القيم - رحمه الله - : "وفتنة هؤلاء فتنةٌ لكل مفتون، فإن الناس يتشبهون بهم لما يظنون عندهم من العلم، ويقولون لسنا خيراً منهم، ولا نرغب بأنفسنا عنهم، فهم حجة لكل مفتون"(9).
فعلى هؤلاء تقوى الله وتجنب تضليل الناس أمام العوام وفي مجتمعات الناس. وقد قال الشاطبي في ذلك : "أن لا تُفعل في المواضع التي هي مجتمعات الناس، أوالمواضع التي تُقام فيها السنن، وتظهر فيها أعلام الشريعة، فأما إظهارها في المجتمعات ممن يُقتدى به أوبمن يُحسن به الظن، فذلك من أضر الأشياء على سنة الإسلام، فإنها لا تعدو أمرين : إما أن يُقتدى بصاحبها فيها فإن العوام أتباع كل ناعق، لا سيما البدع التي وكل الشيطان بتحسينها للناس، والتي للنفوس في تحسينها هوى، وإذا اقتدى بصاحب البدعة الصغيرة كبرت بالنسبة إليه، لأن كل من دعا إلى ضلالة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها فعلى حسب كثرة الاتباع يعظم عليه الوزر. وهذا بعينه موجود في صغائر المعاصي، فإن العالم مثلاً إذا أظهر المعصية - وإن صَغُرَت- سَهُلَ على الناس ارتكابها، فإن الجاهل يقول : لوكان الفعل كما قال من أنه ذنب لم يرتكبه، وإنما ارتكبه لأمر علمه دوننا، فكذلك البدعة إذا أظهرها العالم المقتدى فيها، لا محالة، فإنها في مظنة التقرب في ظن الجاهل، لأن العالم يفعلها على ذلك الوجه"(10).
وقد لوحظ على بعض الداعيات تساهلٌ واضح ٌ في الحجاب واللباس وعدم ظهور سمت أهل الصلاح عليهن.
5- التصميم على اتباع العوائد وإن فسدت أو كانت مخالفة للحق.
وهواتباع ما كان عليه الآباء والأشياخ وأشباه ذلك، وهوالتقليد المذموم فإن الله ذمّ ذلك في كتابه فقال: إنا وجدنا آباءنا على" أمة ){ الزخرف: 22} فلا بد من الاحتياط في الدين، وليس له أن يعتمد على عمل أحدٍ البتة حتى يتثبت ويسأل عن حكمه، إذ لعل المعتمد على عمله يعمل خلاف السنة. ولقد قيل : (لاتنظر إلى عمل العالم، ولكن سله يصدُقك)(11).(13/74)
وهذا الأمر ينطبق على بعض الدعاة والمتصدرين للعلم ممن يعتمدون على التقليد المحض للأشياخ دون تثبتٍ أو احتياطٍ.
6- تسمية الأشياء بغير مسماها لاستحلالها.
وهذا أمرٌ نبهنا عليه نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم- فقال : "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف".
قال الشاطبي: "وهذا نصٌ في أن هؤلاء الذين استحلوا المحارم كانوا متأولين فيها حيث زعموا أن الشراب الذي شربوه ليس هو الخمر، وإنما له اسم آخر إما النبيذ أو غيره، وإنما الخمر عصير النبيذ النيئ، وقد ثبت أن كل مسكرٍ خمر. قال بعضهم: وإنما أتى على هؤلاء حيث استحلوا المحرمات بما ظنوه من انتفاء الاسم، ولم يلتفتوا إلى وجود المعنى المحرّم وثبوته. قال: وهذه بعينها شبه اليهود في استحلالهم أخذ الحيتان يوم الأحد بما أوقعوها به يوم السبت في الشباك والحفائر من فعلهم يوم الجمعة، حيث قالوا : ليس هذا بصيد ولا عمل يوم السبت، وليس هذا باستباحة السبت"(12).
وهكذا يحدث بزماننا من تمييع الأحكام في كثير من الأمور كالربا والمعازف والمخدرات والنمص وغيرها بتسميتها بغير مسماها.
7- الاحتجاج بيسر الشريعة وضغط الواقع لركوب الحيل المحرمة، والأخذ بالرخص الشاذة للمذاهب.
وهذا واقع بعض الدعاة والداعيات والمتعالمين ممن يحتجون بهذا الأمر في تتبع الرُّخَص والغرائب الفقهية الشاذة والتساهل في الأحكام.
ولاشك في يُسر الشريعة وسماحتها، ولكن الاحتجاج بيسر الشريعة للتحلُّل من أحكام الشريعة والتحايل عليها واتباع الأهواء والرخص والشواذ التي لا تستند إلى دليل صحيح، كل هذا باطل وتلبيس وتضليل، ولو أن تقرير مصالح العباد كانت في أيدي البشر لحصل من ذلك شرٌ وفسادٌ كبير.
8- الاحتجاج بتغيّر الزمان والمكان. وهو أمر تابعٌ لما سبقه.
فإن هناك من يتبع الشبهات، ويميل مع الشهوات، ويعطي الكثير من التنازلات، يريد أن يتكيء على هذه القاعدة في تغيير أحكام الله تعالى وانسلاخ الناس منها لتغيّر الزمان أو المكان (!!) ولأن من الأحكام ما لا يصلح في هذا العصر، ولا يواكب تطوره.
وكم يكون أسى النفس عظيماً حين يصدر هذا من عالمٍ وداعيةٍ فهم كما قال شيخ الإسلام - رحمه الله - عن علماء الكلام : "أوتوا علوماً ولم يؤتوا فهوماً، وأوتوا ذكاءً ولم يؤتوا زكاءً". ومن هنا نلحظ تنازل بعض من تصدّرن للعلم والدعوة عن كثير من الأمور اللازمة في شريعتنا احتجاجاً بتغيّر الزمان والمكان ؛ سواءً كان ذلك تنازلاً منهنّ أو رضيً بتنازلات الغير دون إنكار.
ومن ذلك المناداة بالتطوير في أصول الدين وفروعه ومراجعة الثوابت الإسلامية، وقالوا : فقد لايكون ثابتاً اليوم ما كان ثابتاً بالأمس، ونسأل الله السلامة والعافية.
9- تلوث القلوب بالحسد والأحقاد والشحناء.
وهو داء ٌ عظيم يؤدي إلى هلاك صاحبه والعياذ بالله، وهوما ابتلي به بعض الدعاة والمتعالمين.
وعلامة ذلك الداء: الولوع بالخلاف، وتتبع السقطات وتضخيمها، وأسلوب السب والشتم، والجدل بالباطل، وظن السوء، وما يحدث من تحزّبٍ وفرقةٍ واختلافٍ مذموم.
ومما لا شك فيه أننا أحوج ما نكون إلى الاجتماع والاتفاق منّا للتفرق والانشقاق ولايكون ذلك إلا بالسير على منهج سلف الأمة.
10- فكرة إنكار الفساد دون مراعاة للضوابط الشرعية والمصالح والمفاسد المترتبة على ذلك.
وهو أمرٌ كذلك يظهر في بعض المتحمسين من أهل العلم والدعاة. وانتشار الفساد شرٌ كبير لا بد من إنكاره وتغييره، لكن لا بد من مراعاة ضوابط شرعية منطلقة من مقاصد الشريعة الإسلامية، وأن لا يكون الإنكار يؤدي إلى منكر أعظم.
قال تعالى : ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم ){الأنعام: 108}. ومن منطلق الإنكار وقع بعض العلماء والدعاة في منكر ٍ أعظم وأشنع، والله المستعان.
وأخيراً، لا بد لمن تصدّر للعلم والدعوة من تقوى الله عزوجل، والتمسك بالكتاب والسنة، والاقتداء بنبيّ الأمة - عليه الصلاة والسلام-، والتسلح بالعلم والحكمة، وسؤال الله الثبات والبصيرة، وعدم الاغترار بأهل الجهل والرذيلة، وتجنب العجلة، ومراعاة الضوابط الشرعية المنطلقة من مقاصد الشريعة.
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أفضل المرسلين. أ.ه
--------------
الهوامش:
1- صحيح مسلم 2989 في الزهد - باب عقوبة من يأمر بالمعروف ولا يفعله.
2- صحيح مسلم 2722 كتاب الذكر والدعاء- باب التعوذ من شر ما عمِل ومن شر مالم يعمل .
3- فضل علم السلف على الخلف لابن رجب-122 .
4- الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع للإمام الخطيب البغدادي 1-79 .
5- الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع للإمام الخطيب البغدادي 1-79 .
6- الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع للإمام الخطيب البغدادي 1-80 .
7- أخلاق العلماء- 64-67 .
8- أخلاق العلماء -72 .
9- مفتاح دار السعادة ص 147 .
10- الاعتصام-319 .
11- الاعتصام -403 بتصرف.
12- الاعتصام-335 .
http://jmuslim.naseej.com المصدر:
==========
وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
ياسين بن مصطفى
القول بوجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو القول الراجح عند العلماء، والسائد عند الجمهور، وقيل هو المجمع عليه. وقد اعتمد أغلب العلماء إثبات الوجوب من الآيات والأحاديث المتضمنة الحكم دون ذكر تفاصيل الاستدلال بها، وذلك لشدّة وضوح دلالتها عندهم حتى قال أحدهم: (إنّ وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ضرورة دينية عند المسلمين يستدلُّ بها، ولا يستدلّ عليها).(13/75)
وأما ما روي عن بعض العلماء مما يفهم منه عدم وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والقول بأنه نافلة، كالذي روي عن عبد الواحد بن زياد قال: " قلت للحسن (البصري): يا أبا سعيد أرأيت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أفريضة هو؟ قال: لا، يا بني كان فريضة على بني إسرائيل فرحم الله هذه الأمة وضعفهم فجعله عليهم نافلة. " (1) أو كالذي روي عن الحسن بن صالح قال: " كتب عمرو بن عبيد الله إلى عبد الله بن شبرمة يعذله في تخلفه عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فكتب إليه عبد الله بن شبرمة:
الأمر يا عمرو بالمعروف *** نافلة والعاملون به لله أنصار
والتاركون له ضعفا لهم عذر *** واللائمون لهم في ذاك أشرار
الأمر يا عمرو لا بالسيف تشهره *** على الأئمة إنّ القتل إضرار (2)
فمحمول إن صحّ على حالة الضعف والخوف على النفس. ولدفع أي شبهة قد تشوب فَرْضية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، نذكر فيما يلي أدلة الوجوب من الكتاب والسنة مع بعض التفصيل.
أدلة الوجوب من القرآن
الآية الأولى، قوله - تعالى -: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ..) (آل عمران110)
قال الشيخ الطاهر بن عاشور: " يتنزّل هذا منزلة التعليل لأمرهم بالدعوة إلى الخير وما بعده فإنّ قوله (تأمرون بالمعروف) حال من ضمير كنتم، فهو مؤذن بتعليل كونهم خير أمة فيترتب عليه أنّ ما كان فيه خيريتهم يجدر أن يفرض عليهم، إن لم يكن مفروضا من قبل، وأن يؤكّد عليهم فرضه إن كان قد فرض عليهم من قبل".(3) وقيل إنّ معنى الآية: صرتم خير أُمّة، أو أنتم خير أمة خُلقت لأمركم بالمعروف ونهيكم عن المنكر وإيمانكم بالله، فتصير هذه الخصال الثلاث المذكورة على هذا القول شرطاً في كونهم خيراً.وهذه الخيرية التي نصّ عليها الشارع لا يستحقّها من المسلمين من أقام الصلاة، وآتى الزكاة، وصام رمضان، وحجّ البيت الحرام، والتزم فعل الحلال، واجتنب فعل الحرام، إلاّ بعد القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أي بعد الوفاء بشرطها الذي حدّده الشارع عند التنصيص عليها، قال الشوكاني: " وقوله (تأمرون بالمعروف) الخ كلام مستأنف يتضمن بيان كونهم خير أمة مع ما يشتمل عليه من أنهم خير أمة ما أقاموا على ذلك واتصفوا به، فإذا تركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر زال عنهم ذلك. " (4)
ولذا نجد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقول بعد أن قرأ الآية السّابقة: "يا أيها الناس مَنْ سرّه أن يكون من هذه الأمَّةِ فليُؤَدِّ شَرْطَ الله فيها" وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله (كنتم خير أمة أخرجت للناس) يقول: "على هذا الشرط. أن تأمروا بالمعروف، وتنهوا عن المنكر، وتؤمنوا بالله. " (5)
الآية الثانية، قوله - تعالى -: (لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ). (المائدة63)
إنّ هذه الآية توبيخ للعلماء في ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهي تدلّ على أنّ تارك النهي عن المنكر بمنزلة مرتكبه. قال الطبري في تفسيره: " أما قوله (لبئس ما كانوا يصنعون) وهذا قسم من الله أقسم به، يقول - تعالى -ذكره: أقسم لبئس الصنيع كان يصنع هؤلاء الربانيون والأحبار في تركهم نهي الذين يسارعون منهم في الإثم والعدوان وأكل السحت عما كانوا يفعلون من ذلك. وكان العلماء يقولون: ما في القرآن آية أشد توبيخا للعلماء من هذه الآية ولا أخوف عليهم منها. "
الآية الثالثة، قوله - تعالى -: (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَ ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وكَانُواْ يَعْتَدُونَ. كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ). (المائدة78/79)
ففي هذه الآية يعلّل الله - سبحانه وتعالى - استحقاق بني إسرائيل اللعنة بتركهم النهي عن المنكر، فلو لم يكن النهي عن المنكر واجباً لما استحقوا اللعنة بتركهم إيّاه، لأنّ اللعنة أشدّ ما يعبّر به اللَّه - تعالى -عن غضبه تختص بترك الواجبات وفعل المحرّمات، لا بترك المندوبات وفعل المكروهات. قال الشوكاني: "والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أهم القواعد الإسلامية وأجل الفرائض الشرعية، ولهذا كان تاركه شريكا لفاعل المعصية ومستحقا لغضب الله وانتقامه كما وقع لأهل السبت. فإنّ الله - سبحانه - مسخ من لم يشاركهم في الفعل ولكن ترك الإنكار عليهم، كما مسخ المعتدين فصاروا جميعا قردة وخنازير... ثمّ إنّ الله - سبحانه - قال مقبحا لعدم التناهي عن المنكر (لبئس ما كانوا يفعلون) أي من تركهم لإنكار ما يجب عليهم إنكاره. " (6)
الآية الرابعة، قوله - تعالى -: (الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ. ) ثمّ قوله - تعالى -: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيرحمهم الله إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ. ) (التوبة67و71)(13/76)
لقد جعل الله - سبحانه وتعالى - الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرقا بين المؤمنين والمنافقين، فدلّ كما يقول القرطبي في تفسيره - على "أن أخصّ أوصاف المؤمن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر". وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «أهل المعروف في الدنيا أهل المعروف في الآخرة وأهل المنكر في الدنيا أهل المنكر في الآخرة. » (رواه الطبراني عن أبي موسى الأشعري) (7)
وفي جعل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من خصائص المؤمن وعكسه من خصائص المنافق، وترتيب الرحمة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ما يدلّ على الوجوب.
ومما يدلّ أيضا على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو على أقلّ تقدير يؤيّد ثبوت الحكم لهما ويؤكّده، تكرّر اقتران ذكرهما في القرآن بالواجبات. من ذلك (تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ) و (يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ.. ) و(الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ. ) (الحج41) و(التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ. ) (التوبة112)
فهذه جملة من الآيات القرآنية تدلّ مجتمعة، إن لم نقل منفردة، دلالة قوية على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
أدلة الوجوب من السنّة
الحديث الأوّل، عن حذيفة بن اليمان عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «والذي نفسي بيده لتأمرنّ بالمعروف ولتنهوّن عن المنكر أو ليوشكنّ الله أن يبعث عليكم عقابا منه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم. » (الترمذي)
الحديث الثاني، عن قيس بن أبي حازم عن أبي بكر الصديق قال: يا أيها الناس إنكم تقرؤون هذه الآية (يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم) وإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقابه. » (أخرجه أحمد) وفي رواية عند ابن ماجه، قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «إنّ النّاس إذا رَأَوُا الْمُنْكَرَ لاَ يُغَيِّرُونَهُ، أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللهُ بعقابه. »
الحديث الثالث، عن عدي بن عميرة أنّه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن الله لا يعذب العامة بعمل الخاصة، حتى يروا المنكر بين ظهرانيهم وهم قادرون على أن ينكروه فلا ينكروه، فإذا فعلوا ذلك عذب الخاصّة والعامّة». (أخرجه أحمد) وفي رواية للطبراني عن العرس بن عميرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله لا يعذب العامة بعمل الخاصة حتى تعمل الخاصة بعمل تقدر العامة أن تغيره ولا تغيره فذاك حين يأذن الله في هلاك العامة والخاصة». (8)
فهذه الأحاديث الثلاثة كافية في بيان حكم الوجوب، وذلك لأنّها رتّبت العقاب والعذاب على ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو أمر في غاية الوضوح تدلّ عليه العبارات التالية: «عقابا منه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم» و «يَعُمَّهُمُ اللهُ بعقابه» و «عذب الخاصّة والعامّة» و «هلاك العامة والخاصة». وقد تقرّر في علم أصول الفقه أنّ ترتيب عقوبة في الدنيا أو الآخرة، أو ما في معناها، على ترك فعل أو القيام به قرينة تفيد الجزم في الطلب، فهي تعيّن الفرض والحرام.
وعليه فإنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب بشهادة القرآن والسنة.
--------------------
الهوامش:
* هذا المقال مقتطف من كتاب "من أحكام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" لياسين بن مصطفى.
(1) كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لأبي بكر الخلال، ص27
(2) المصدر نفسه ص32
(3) في تفسيره التحرير والتنوير ص48 ج4 م3
(4) في تفسيره: فتح القدير ج1 ص371
(5) انظر الدر المنثور للسيوطي 2/63
(6) فتح القدير ج2 ص66
(7) قال الهيثمي في مجمع الزوائد (ج9 ص520): رواه الطبراني في الصغير، ورجاله وثقوا وفي بعضهم كلام لا يضر.
(8) أخرجه في المعجم الكبير. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (ج7 ص529): رجاله ثقات.
23 /07 /2005 م
http://www.almualem.net المصدر:
==============
أنت لا ترى العسل عسلا
يسري صابر فنجر
نظراً للانفتاح اليومي الذي لا نهاية له فقد تولد لدى غالب شباب العصر فتيان وفتيات وحتى الشيوخ داء عضال هو (أقنعني) نعم (أقنعني) تقول له: قال الله - تعالى - وقال رسوله - صلى الله عليه وسلم - وثبت الدليل بتحريم كذا...
تقول له: التدخين حرام هو يقول (أقنعني) تقول له الغناء حرام وهو يقول: (أقنعني) تقول له: الصلاة وهو يردد (أقنعني) تقول لها الحجاب وهي تقول: (أقنعني) فصارت القناعة غالبا يُرد بها الحق الواضح الأبلج ويستدل بها على الباطل الزاهق حتى مع أنه مخالف صريح للفطرة......(13/77)
أخي الكريم أختي الكريمة كيف أقنعك وأنت أساسا في نفسك مقتنع تماما بخطأ ما أنت عليه وبما أن ما تزاوله معصية لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم - أو أنك تكابر لتقنع نفسك وتبرر لغيرك صواب ما أنت عليه من خطأ وإباحة ما أنت عليه من معصية إما لغفلة وتزول إن أنت أدركتها وتركت هذا التبرير الذي تضع نفسك فيه وهذا كله من جراء ما عرَّضت نفسك له من الفتن فتمكنت من قلبك فعَنْ حُذَيْفَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عُمَرَ - رضي الله عنه - فَقَالَ: أَيُّكُمْ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَذْكُرُ الْفِتَنَ فَقَالَ: قَوْمٌ نَحْنُ سَمِعْنَاهُ فَقَالَ: لَعَلَّكُمْ تَعْنُونَ فِتْنَةَ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَجَارِهِ؟ قَالُوا: أَجَلْ قَالَ: تِلْكَ تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ وَلَكِنْ أَيُّكُمْ سَمِعَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَذْكُرُ الْفِتَنَ الَّتِي تَمُوجُ مَوْجَ الْبَحْرِ قَالَ حُذَيْفَةُ - رضي الله عنه -: فَأَسْكَتَ الْقَوْمُ فَقُلْتُ: أَنَا قَالَ: أَنْتَ لِلَّهِ أَبُوكَ قَالَ حُذَيْفَةُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: " تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ حَتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا فَلَا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتْ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَالْآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادًّا كَالْكُوزِ مُجَخِّيًا لَا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا إِلَّا مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ قَالَ حُذَيْفَةُ - رضي الله عنه - وَحَدَّثْتُهُ أَنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابًا مُغْلَقًا يُوشِكُ أَنْ يُكْسَرَ قَالَ عُمَرُ - رضي الله عنه - أَكَسْرًا لَا أَبَا لَكَ فَلَوْ أَنَّهُ فُتِحَ لَعَلَّهُ كَانَ يُعَادُ قُلْتُ لَا بَلْ يُكْسَرُ وَحَدَّثْتُهُ أَنَّ ذَلِكَ الْبَابَ رَجُلٌ يُقْتَلُ أَوْ يَمُوتُ حَدِيثًا لَيْسَ بِالْأَغَالِيطِ قَالَ أَبُو خَالِدٍ فَقُلْتُ لِسَعْدٍ يَا أَبَا مَالِكٍ مَا أَسْوَدُ مُرْبَادًّا قَالَ شِدَّةُ الْبَيَاضِ فِي سَوَادٍ قَالَ قُلْتُ فَمَا الْكُوزُ مُجَخِّيًا قَالَ مَنْكُوسًا. الحديث رواه البخاري ومسلم
أخي الكريم أختي الكريمة فإن نقيت قلبك ونفسك من تلك المعصية كان قلبك أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا فَلَا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتْ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وإن لم تنقه صار الذنب والعصيان مرض متأصل فيك وصار قلبك أَسْوَدُ مُرْبَادًّا كَالْكُوزِ مُجَخِّيًا لَا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا إِلَّا مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ...
وهذا حال كثير ممن يقول أقنعني... !
لا أصلي حتى تقنعني!
لا أترك الدخان حتى تقنعني!
لا ألبس الحجاب حتى تقنعني!
لا أترك سماع الأغاني حتى تقنعني!
أنت مريض فكيف أقنعك؟
تَبَدل المعروف والمنكر لديك فكيف أقنعك؟
وتبدلت القيم عندك وران على قلبك ما كسبته وما أشربته وما زينه لك شياطين الإنس والجن فكيف أقنعك؟
أنت مريض ترى الماء الزلال مرا علقما وقديماً قال المتنبي:
ومن يك ذا فم مر مريض *** يجد مرا به الماء الزلالا
أنت مريض ترى الحامض حلوا ترى الملح سكرا..... أنت لا ترى العسل عسلا فكيف أقنعك؟
نقي قلبك أولاً وداوي جسدك بالتوبة وأحي فطرتك التي فطرك الله عليها وجمل إنسانيتك بالقيم والمبادئ التي أكرمك الله بها حينها ستجد القناعة وتجد الراحة وتنعم بالسعادة دون فلسفات لا أول لها ولا آخر, وقتها تستطيع التفرقة وتنعم بالقناعة وقد أرشدك ابن القيم - رحمه الله - إلى الميزان الجلي للتفرقة فقال: إن الفرق أمر ضروري للإنسان فمن لم يكن فرقه قرآنياً محمدياً فلا بد له من قانون يفرق به إما سياسة سائس فوقه أو ذوق منه أو من غيره أو رأى منه أو من غيره أو يفرق فرقا بهيميا حيوانيا بحسب مجرد شهوته وغرضه أين توجهت به فلا بد من التفريق بأحد هذه الوجوه.
فلينظر العبد من الحاكم عليه في الفرق وليزن به إيمانه قبل أن يوزن وليحاسب نفسه قبل أن يحاسب وليستبدل الذهب بالخزف والدر بالبعر والماء الزلال بالسراب الذي يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب قبل أن يسأل الرجعة إلى دار الصرف فيقال هيهات اليوم يوم الوفاء وما مضى فقد فات أُحصي المستخرج والمصروف وستعلم الآن ما معك من النقد الصحيح والزيوف.
رزقني الله وإياك تقواه والثبات على دينه وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين.
http://www.saaid.net المصدر:
===========
نساء أميات .. صالحات مصلحات!
خالد عبداللطيف
من أهم ما تسعد به البيوت والمجتمع والأمة: رجال مؤمنون ونساء مؤمنات..صالحون مصلحون، يؤثرون فيمن حولهم بالحث على فعل الخيرات، وترك المنكرات، وإصلاح ذات البين.. هذه الركيزة العظيمة التي قرنت بالتقوى والإيمان وطاعة الله ورسوله في قول الله - تعالى -: {فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} (الأنفال: 1).
ومن الأدوار أو الأوصاف التي تفتقد كثيراً في أوساط النساء ومجالسهن.. وصف المُصْلِحة، فكثيرات من النساء يوصفن بالصلاح، لكن قليلات من يوصفن بأنهن "صالحات مصلحات"!(13/78)
والسبب في قلة هذا الوصف الكريم وندرته أحياناً: عقبات وعوائق كثيرة.. منها:
الخجل الاجتماعي. ولا نقول: الحياء! لأن "الحياء لا يأتي إلا بخير" (كما في الحديث المتفق عليه عن عمران بن حصين رضي الله عنه)، فلا يمنعُ الحياءُ رجلاً أو امرأة من النصح والدعوة والإصلاح بين الناس بالحكمة والرفق.
ومن أحجار العثرة أيضاً في طريق الحصول على هذا الوصف الكريم: مراعاة الخواطر، وخوف الاستثقال! والحق أن المنازل الرفيعة والمكانة العالية في الدنيا والآخرة هي للداعين إلى الخير والداعيات، والناهين عن السوء والناهيات.. وأن "من أرضى الناس بسخط الله وكّله الله إلى الناس، ومن أسخط الناس برضا الله كفاه الله مؤونة الناس" كما في الحديث عن عائشة - رضي الله عنها - (صحيح الجامع 6010). والصادقون والصادقات شعارهم {إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللّهِ}!
من جهة أخرى: ليس بالضرورة أن تكون المصلحة داعية مثقفة أو واعظة مفوّهة، بل إن كثيراً من النساء الأمّيات هن من أفضل المصلحات في الأوساط المحيطة بهن.. فكم من امرأة لم تنل قسطاً من التعليم، لكنها حازت من حسن التربية في بيت أهلها ما جعلها سبباً في نشر السعادة في بيتها وبيوت من حولها من جارات أو قريبات.. !
إن "إصلاح ذات البين" من أهم ركائز إصلاح الأمة، وبقدر تحققه فيها وقيام رجال الأمة ونسائها به يتحقق في الأمة كثير من أسباب الخير والقوة. وفي المقابل.. تقل هذه الأسباب بنقص تحقق هذا الإصلاح، وقد وصف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فساد ذات البين بـ"الحالقة" التي تحلق الدين!
لذا فالمأساة بحق في مجتمعاتنا اليوم.. - وخصوصاً في مجالس النساء - ليست في مجرد التخلف عن القيام بإصلاح ذات البين في مجتمعات النساء، بل أن تقوم بعض النساء بدور معاكس؛ بنشر النميمة والاستماع إليها وقبولها، وتأليب قلوب النساء بعضهن على بعض، أو الزوجات على أزواجهن.. بدلا من تأليفها بالعفو والصلح والتسامح!
ومن هنا تعظم حاجة الأمة اليوم إلى نساء صالحات مصلحات، ينشرن في ملتقيات النساء ومجالسهن أخلاق النبوة وفضائل أمهات المؤمنين، وينهين عن الغيبة والنميمة وغيرها من الآفات المتفشية، ويصلحن بين المتخاصمات، ويؤلفن بين القلوب.. فيسهمن بدور عظيم في إصلاح الأمة.
http://www.asyeh.com المصدر:
============
الدعوة بالمراسلة
عبدالرحمن الريس وعبد الملك القاسم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين محمد بن عبد الله وعلى صحبه أجمعين..وبعد:
"كم أنا في شوق إلى رسائلكم، وأنتظرها بفارغ الصبر، حيث علمتني أشياء كنت أجهلها"
"لم أعلم أهمية التوحيد وعظم تعلمه إلا بعد قراءتي لكتبكم وسماعي لأشرطتكم"
" لقد كنت في بدع وجهل، وتعلمت منكم أشياء ما كنت أعرفها من قبل جزاكم الله خيراً"
"عندنا فقر وجهل بالعقيدة الصحيحة، فأمدونا بالعلم والاستفادة يا أهل الحرمين"
أخي الحبيب:
إن ما قرأته في السطور السابقة نماذج من مضمون كثير من الرسائل التي وصلتنا من إخواننا المسلمين خارج هذا البلد الطيب، حيث يتضح من خلالها تعطش الناس إلى معرفة الدين الصحيح بعد أن ألصق به أعداؤه والجهلة من المنتسبين إليه ما ليس منه، حيث نشروا البدع والمنكرات والمفاهيم الخاطئة.
وإيماناً منا بأهمية الدعوة إلى الله في تصحيح تلك الانحرافات الخطيرة عن منهج الله نشأت فكرة الدعوة بالمراسلة بالكتاب والشريط الإسلامي، وقد روعي في هذا المشروع التركيز على تصحيح العقيدة الإسلامية ووضع منهج مدروس يتدرج من خلاله بالشخص المدعو "المراسَل" مرحلة بعد مرحله ليصبح بعد توفيق الله داعياً مؤهلاً لتصحيح ما في مجتمعة من انحرافات عقدية ومناهج خاطئة، وقد رأينا أن نرفق مع كل "رد" مرسل رسالة أخوية تتضمن ذكر الدافع لإرسال هذه الكتيبات والحث على العمل بها والدعوة إلى ما فيها.
أهداف اللجنة:
1. تصحيح العقيدة من الشرك وتصحيح العبادات.
2. محاربة المنكرات والمفاهيم الخاطئة.
3. ربط المسلم بسيرة الرسول وصحابته الكرام للاقتداء بهم.
4. الوعي بالمذاهب والطرق الهدامة.
5. تنمية الجوانب التربوية اللازمة لتهيئة الداعية.
6. إقامة الحجة وإبراء الذمة أمام الله في تبليغ الدعوة.
7. خدمة العقيدة الإسلامية بتوضيح الرؤية العقائدية الصحيحة.
8. حث المراسلين على الدعوة إلى الله بالمنهج الصحيح.
9. الاهتمام بالمرأة المسلمة توجيهياً وتربوياً.
10. الرغبة في إيجاد دعاة في كل بلد وقطر.
11. التصدي للغزو الفكري والمذاهب.
طريقة المراسلة:
1. نستقبل رسائل الإخوة والأخوات من شتى أقطار العالم بعد أن حصلوا على عنواننا من بعض المجلات الإسلامية، وبما ينشره من استقبل رسائلنا من المدعوين في مناطقهم.
2. نرسل لهم كتباً وأشرطة على مجموعات متفرقة بعد ردهم على رسائلنا.
3. يتخلل الكتب والأشرطة بعض الأسئلة، ويطلب منهم الإجابة عليها ثم إرجاعها إليهم مصححة.
4. نستقبل أسئلة الفتاوى وغيرها ونحيلها لبعض العلماء ليجيبوا عليها ثم نرسلها لأصحابها.
5. تصوير أركان التعارف من بعض المجلات الهابطة ومراسلة أصحابها لنصحهم ودعوتهم.
6. طلبنا من بعض المراسلين نشر عنواننا في بلادهم مع تزويدنا بعناوين من يرى عليهم انحراف في العقيدة وغيرها لمراسلته ودعوته.
الكتب التي تحتاجها اللجنة بشكل دائم:
الكتب العربية:
1. (كتاب التوحيد) د. صالح بن فوزان الفوزان.
2. (تحفة الإخوان بأجوبة مهمة تتعلق بأركان الإسلام) سماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز.
3. مخالفات في التوحيد (الشيخ: عبد العزيز الريس)(13/79)
4. (العقيدة الصحيحة وما يضادها ونواقض الإسلام) الشيخ: عبد العزيز بن باز.
5. (أحياء يستغيثون بأموات) شيخ الإسلام ابن تيمية.
6. (الأصول الثلاثة وأدلتها، شروط الصلاة، القواعد الأربع) الإمام: محمد بن عبد الوهاب.
7. (ظاهرة ضعف الإيمان) الشيخ: محمد المنجد.
8. (فتاوى مهمة لعموم الأمة) سماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز.
9. (محرمات استهان بها الناس) الشيخ: محمد المنجد.
10. (تسعون فتوى في أحكام الحيض والنفاس) الشيخ: محمد العثيمين.
الكتب المترجمة:
1. (عقيدة المسلم) فضيلة الشيخ: محمد العثيمين
2. (الدروس المهمة لعامة الأمة) سماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز.
3. (الأصول الثلاثة) الإمام المجدد: محمد بن عبد الوهاب.
4. (حصن المسلم من أذكار الكتاب والسنة) الشيخ: سعيد بن علي القحطاني.
قالوا عن المشروع:
• يقول الشيخ عمر بن سعود العيد: ".. هذا المشروع من وسائل الدعوة إلى الله النافعة؛ فكم اهتدى بسببه من عاص ومنحرف، وكم استفاد منه من طالب علم وعالم، وبهذه المناسبة أحث إخواني من القائمين على الجمعيات الخيرية، وكذا الشباب على الاستفادة من خبرات هذا المشروع لينتشر الخير ويعم في الناس، كما وأحث المحسنين على التبرع لهم بالمال والكتب والأشرطة لعلها أن تصل إلى مستفيد وطالب علم، فإن ذلك من الصدقات الجارية".
• يقول الشيخ عبد العزيز بن محمد الوهيبي: "... وهم أهل للإعانة المعنوية والمادية لعظم ما يقومون به من الدعوة إلى الله تعالى لا سيما أنهم يحتاجون إلى مبالغ من أجل شراء الكتب وطباعتها.. "
• يقول الشيخ عبد العزيز بن محمد بن علي آلعبداللطيف: ".. إن المشروع حقق بفضل الله - تعالى - مكاسب كبيرة في باب الإصلاح والدعوة إلى الله تعالى، ويقوم على هذا المشروع نخبة من الإخوة الأفاضل الثقات ممن لهم عناية بالعلم الشرعي والدعوة إلى الله تعالى.. "
نماذج من بعض الرسائل:
• هذه مراسلة من دوله السودان تقول: "هل تعلمون أن جميع أفراد أسرتي كانوا يتوسلون بأصحاب القبور، وأن زوجي لا يصلي، ولكن و لله الحمد هدانا الله بفضله أولاً ثم بما أرسلتموه لنا من هذا النور الذي أضاء لنا قلوبنا قبل طريقنا، راجين منكم دوام التواصل معنا ".
• وهذا آخر يصف الرسائل التي أستلمها بأنها "نور يقودنا من ظلمات الجاهلية التي كنا نعيش فيها، وخاصة ظلمات تعظيم الأموات والغائبين، فكم أسمع ممن يعيش حولي وهم يرفعون أصواتهم بالنداء للأموات والغائبين، وقد كنت وللأسف واحداً منهم، ولكن هذه الكتيبات قادتنا إلى نور التوحيد والعقيدة الصافية.
• وينقل أحد مراسلينا في دولة تنزانيا البشرى لنا، فيقول: "يسرني إفادتكم أنه في أوائل صفر من هذا العام 1424 ه دخل إلى الإسلام على يدي رجلان، كل واحد منهم أبوه راهب بأكبر كنيسة عندنا، وهم الآن يجتهدان في تعلم العلم الشرعي نظراً لما ضيعاه من الوقت في الكنيسة فنأمل التواصل معهم".
• ويذكر أحدهم من دوله غانا موقفاً مؤثراً فيه دلالة كبيرة على الأهمية الكبرى التي تحظى بها بلاد الحرمين حرسها الله فيقول " اطلعت على الكتيبات التي أرسلتموها لنا فعلمت أن ما يدعو إليه مديرنا هو الحق، وأن ما يدعونا إليه شيوخنا هو الباطل، حيث إنهم يجمعون الرجال والنساء في المقابر ويطوفون عليها ويبكون عندها، فنهاهم مدير المدرسة فلم ينتهوا، - يقول المراسل قبل هدايته-: ونحن نقول في أنفسنا يحب الفتنة في البلاد!! فلما وصلتنا الرسائل منكم أطلع عليها مديرنا وأخذ منها كتاباً في أحكام زيارة المقابر ثم جمع الناس، وقال لهم: هل تؤمنون بأهل السعودية بأنهم على الحق؟! قالوا: نعم، فقرأ لهم الكتاب وفسره لهم بلغتهم فآمن كثير منهم ولله الحمد".
• و تقول إحدى المراسلات من بعض الدول العربية: "إن قولكم بأن احتفالات المولد النبوي من البدع المخالفة للتوحيد هي معلومة أتلقاها لأول مرة، حيث يتم التحضير لهذا الاحتفال قبل الموعد بعدة أيام، ناهيك عن احتفال رأس السنة ونحوها، وتتساءل: إلى أين نحن سائرون؟ ".
• و يذكر مراسل آخر من دوله غانا " أن كتاب (تحفة الإخوان) للشيخ ابن باز - رحمه الله - تعالى قد استفدت منه استفادة كبيرة، ذلك أن الرسالة وصلتني قبل شهر ذي الحجة من عام 1423ه، ولذا انتهزت الفرصة لأوضح الكثير من أحكام الحج لمن عزموا على الحج من أهالي بلدتنا... ثم يواصل: إن أهالي إحدى القرى المجاورة لقريتنا تركوا الصلاة في الجماعة بسبب فتنة وقعت بينهم وبين الإمام فطلبت منهم أن يجتمعوا في بيت أحدهم بعد صلاة الصبح ثم قرأت عليهم رسالة (وجوب أداء الصلاة في جماعة) للشيخ ابن باز - رحمه الله -، حتى بلغت قوله: ولأن التخلف عن أدائها في الجماعة من أعظم أسباب تركها بالكلية، فقالوا: لا والله، سمعنا وأطعنا، سنرجع إلى المسجد، يقول المراسل: فرأيتهم جميعاً في صلاة الظهر من نفس اليوم والله الحمد ".
• ويذكر أخ لنا من نيجيريا "أن مسألة الصلاة في مسجد فيه قبر كانت مسألة خلافية لدينا في المدينة، ثم استطعت بعون الله ثم برسائلكم أن أحل هذه المشكلة لأهالي البلدة".(13/80)
• ويصف أحد المراسلين في دولة عربية كتاب الشيخ ابن باز (فتاوى مهمة لعموم الأمة) بأنه "أحدث زلزالاً في رأسي وتفكيري، حيث التناقض المخيف بينما ذكره الشيخ من تحريم الاحتفال بالمولد وليلة النصف من شعبان وليلة السابع والعشرين من رجب، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يفعل شيئاً من ذلك بينما نرى مشايخنا هنا يقيمون الاحتفالات والسرادقات لهذه المناسبات، بل ونحتفل بها احتفالاً رسمياً.. ثم يستطرد بقوله: فماذا نفعل نحن شباب المسلمين وقد صرنا مذبذبين لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء؟! فمن نتبع ومن نخالف؟! "
• ويحذر أحد المراسلين من دولة تنزانيا فيقول: "أخبركم أن الشيعة الضُلاّل لهم جهود تتسع في المنطقة يوماً بعد يوم ولهم مساجد ومدارس وغير ذلك حتى في القرى، ولهم عادة في رمضان حتى يغلقون مدارسهم ويبعثون طلابهم إلى القرى لنشر ضلالهم؛ لأن قلوب المسلمين مفتوحة وقابلة للإرشاد.. وقد بعث إلينا المراسل صوراً لبعض مساجدهم ومراكزهم بالمنطقة والله المستعان".
• ويوضح أحد مراسلينا من السودان في رسالته " أن في منطقة غرب هرر يوجد أكثر من 220 كنيسة يوزعون على المسلمين في كل شهر الطعام والثياب والقمح والشعير والصابون، كما يمنحون الطلاب أقلاماً ودفاتر وكتباً وحقائب، ويذكر المراسل أنه في هم وحزن على هذا الوضع خوفاً من تغير معتقدات المسلمين هناك وأخلاقهم بهذه المعونات التنصيرية".
• ولا تسأل عن الطلبات الكثيرة للحجاب الإسلامي الساتر من نساء المسلمين في دول متعددة، حيث تقول إحداهن: "أريد أن أسد عيون الناس عني بهذا الحجاب".
http://www.sst5. com المصدر:
==========
إليكم يا شباب الصحوة ... هذا دوركم
رضا أحمد صمدي
الحمد لله الذي نصر عَبْدَه، وقوى إيمانه وعزمه وزُهْدَه، وربط جأشه وبارك عمله وجُهْدَه، وأوثق أركان دينه وَوَتِدَه، وأعز جُنْدَه، وضاعف عَدَدَه، ووالى مَدَدَه، وهزم أحزاب الشرك وطواغيت الكفر وَحْدَه، دَكَّ صروح الظلم وَجُدَدَه، هدم. عروش الجِبْتِ وَعَمَدَه، وقطع رؤوس الفسق وَسَنَدَه..
وأُصلِّي وأُسلِّم على من جعله الله أُنْمُوْذَجَ الحق وَوَعَدْه، وسَلَّحَه بالصبر وَعُدَدَه، وزينه باليقين ورَفَدَه.. وعلى آله مِمَّنْ آمن بالإله فَعَبَدَه وعَرَفَ الشرَّ فَجَحَدَه، وأصحابه مِمَّنْ طارد الكفر فَطَرَدَه، وقاتل الشرك فَأَحْصَى عَدَدَه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم يتجلى الثواب للمؤمن فَيُزِيْلُ كَمَدَه، ويُزَايِلُ كَبَدَه، ويُعَايِنُ. رَبَّه الذي عَبَدَه..
إلى إخوتي الأحبة في كل مصر وعصر... من ذاق حلاوة الإيمان، وعاين لذة البذل والتضحية والخدمة لهذا الدين... إلى شباب الصحوة في كل قطر ودولة، في كل مدينة وقرية، في كل شارع وجادة، في كل حارة وزاوية، في كل مسجد أو بناية، أو مدرسة أو جامعة، إلى من عاين هدفه في هذه الحياة، وعرف دوره في هذه الدنيا إلى من استيقن ما أمره الله به، واستوثق ما يجب عليه تجاه دينه الحنيف...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ليست هناك بداية أعظم بركة وأقدس مادة من أن أبدأ معك مذكرا إياك بكلام ربك حيث يقول: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين)...
إن المجاهدة في سبيل نشر الخير ودفع الشر، إعلاء كلمة الحق، ودحر كلمة الكفر من أشرف وأعظم وأسمى ما يقوم به إنسان على وجه هذه الأرض، قال- تبارك وتعالى -: (قل هذه سبيلي، أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني. وسبحان الله وما أنا من المشركين)
وأنتم يا شباب الصحوة أمل هذه الأمة.. أنتم حبل النجاة الذي أرسله الله - تعالى -لينقذ هذه الأمة من وهدتها... نعم.. الأمة على موعد مع هذا القدر الإلهي الذي رأيناه متحققا، ولسنا نرجم بالغيب.. أنتم الآن ماء الحياة، ولست سراب الصحراء، أنتم رُوَاء العطشان، وبَلْسَم المريض، ولستم نكد المعيشة أو سم الطعام...
لقد صار القدر الماثل أمام الأمة فيكم مثار حَيْرَة الخلق أجمعين.. كيف استطاع شباب الإسلام أن ينفلتوا من قبضة العلمانية، وحوزة الشيوعية، وإغراءات الرأسمالية، وإبهارات العولمة الأمريكية؟؟؟
كيف استطاع ذلك الشاب أن ينزوي عن أترابه وضحكهم ولبسهم وفرحتهم إلى محرابه، يتعلم دينه، يدعو إلى شرع الله الحنيف، يعلن عصيانه لكل. ما هو كفر وشرك ومعصية وفسق وفجور..
يعلن الطهر شعارا، والفضيلة لواء، والخلق الحسن الكريم دستورا، علَّمَه دينُه كل هذا... عَلَّمَهُ التوحيدَ، علمه أن يصلي فيحسن الصلاة، أن يصوم فيحسن الصيام، علمه تلاوة القرآن، علمه حب النبي العدنان - صلى الله عليه وسلم - والتشبه به، علمه حب الصحابة، علمه البذل لهذا الدين، والعطف على المسلمين، والتضحية للخلق أجمعين، علمه أن يعيش لغيره، وأن يموت في سبيل ربه ودينه، علمه أن يسترخص. الحياة من أجل المبادئ والمثل، أن يستغلي المثل والقيم في هذه الحياة لا يرى كبيرا أكبر من ربه.. لا يرى مطاعا بين البشر أعظم من نبيه، فكل شيء يجب أن يخضع لربه، وكل مخلوق يجب أن يطيع هذا. الرسول الكريم.. لقد تعلم هذا، وتعلم أن يعلم هذا الناس..
هذا النموذج من الشباب المسلم رمته قوى الكفر عن قوس واحدة، وجدوا فيه الخطر الأكبر على كفرهم وشركهم وملذاتهم، وجدوا أخطر عدو يهدد كيانهم، يهدد حضارتهم الخاوية... إن الشباب المسلم شباب الصحوة هم الخطر الحقيقي المحدق بالحضارة الغربية المعاصرة... فليس شيء يمكن أن يقف ويقوى على الصمود أمام تلك الحضارة ويجحدها ويأباها مثل هذا. الشاب المسلم..(13/81)
اندلعت الحرب من كل صوب.. تعلن من غير خفاء، أن هؤلاء الشبيبة يجب أن يزولوا من هذه الدنيا، يجب أن نمحو معالم هذه الصحوة التي عمادها. شباب الإسلام... هذا لسان حالهم..
حشدوا كل الحشود لأجل أن يحولوا بين شاب ومسجده، بين فتى ولحيته، بين فتاة وحجابها ونقابها، جندوا كل ما يستطيعون لأجل أن يغروا هؤلاء الشبيبة الطاهرة بملذات الدنيا وشهواتها وحرماتها ليغووهم وليلبسوا عليهم. دينهم... كل هذا حتى لا تقوم لكم قائمة يا شباب الإسلام..
. ترى!... هل أفلحت حيلهم؟؟؟ لا ورب محمد - صلى الله عليه وسلم -..
لقد فشلت كل خططهم، لقد انداح المد الإسلامي وعماده الشباب المسلم إلى عقر دارهم، في مدن الغواية والكفر والشرك صاروا يرون جحافل شباب الصحوة.. يدعون إلى الله، ينشرون الحق الصريح، يتحدثون باسم الإسلام، يدعون بدعاية الإسلام..
لقد أسقط في أيدي القوم.. ماذا يستطيعون أن يفعلوا أكثر من هذا؟؟؟
لجأوا إلى حيلة تجفيف المنابع.. أي منابع الإيمان، التي ترفد الصحوة بالشبيبة، فالمدارس الدينية أغلقوها، والمناهج الدينية ألغوها، والمساجد أمموها وأوقفوها، وخطب الجمعة راقبوها، والمحاضرات حاصروها، والأشرطة ضيقوا عليها،. حتى مواقع الشبكة الدولية (الإنترنت) راقبوها وشددوها عليها..
. لقد صار التحدي أمامكم معركة فاصلة، لا خيار معكم تجاهها.
إنها الحياة الشريقة الكريمة، أو الموت الشريف الكريم.. نكون أو لا نكون
. يا شباب الصحوة.. . لا خيار أمامكم..
يمشي الواحد منكم فيرى الفتن من كل صوب.. يدخل إلى بيته فلن يعدم من يعكر عليه إيمانه، إذا صعد المصعد رأى من يقطع الأدعية التي كان يلصقها
شباب الصحوة استعلانا بالحرب ضد كل ما هو إسلام، إذا ركب أي وسيلة. للمواصلات فلن يعدم من يُسمعه ما يكره... إنها حرب بمعنى الكلمة.
فماذا ستفعلون؟؟؟
. اقبلوا التحدي ايها الشبيبة الطاهرة..
أنتم تلاميذ محمد - صلى الله عليه وسلم -... أنتم بلسم هذه الأمة وشفاؤها...
. نعم حاربوا كل الرذائل، واستعلنوا بإيمانكم.. اجهروا بإسلامكم..
وإن كره. الكارهون، وإن غضب الحاقدون الحاسدون.
! من سخر من لحيتكم فادعوه إلى إعفائها
! من سخر من حجابك أيتها المسلمة فأْمُرِيْها بالنقاب وأنه شرع الله
! من سخر من صلاتكم وتردادكم إلى المسجد فاسحبوه إلى المسجد معكم...
من استهزأ بكم لأنكم لا تسمعون الموسيقى فأسمعوه القرآن وأغلقوا أغانيهم. وموسيقاهم..
لقد مضى عهد الهوان... لقد مر زمان الذل والاستخفاء... إنها الدعوة. الجهرية..
اصعدوا في مدرجات الجامعة، واصرخوا بين الطلبة: يا أيها الناس ارجعوا. إلى ربكم ودينكم..
. قفوا في الميادين وتحدثوا إلى الناس... ستجدون من يسمعون لكم حتما..
. اصعدوا إلى وسائل المواصلات وتحدثوا إلى كل الركاب..
. إذا استدعتكم الأجهزة الأمنية فخاطبوا الضباط والعساكر بهذا الدين..
خوفوهم الله، انشدوهم الدين والرحم... انشدوهم ذرة الإيمان التي في قلوبهم، ادعوهم إلى دين الله من جديد..
إذا عذبوكم فقولوا حسبنا الله... وادع من يعذبك، وخوفه الله، لن ينالوا إيمانك، سينال من جسدك، سينال من جلدك، ولكن لن ينال من قربك من الله، وأنت تعذب بين يديه ستجد لذة وحلاوة لا يعرفها إلا من بذل نفسه لله وضحى لخدمة دين الله ...
لا تكن كثير المَلال... لا تكن كثير التذمر والشكوى، قليل العمل والثمرة
... كفى..
. كفاكم كلاما.. وهلموا إلى العمل..
. أمامكم الكثير لتنجزوه..
. كتب لتنشروها
. رسائل لتوزعوها
. منشورات لتفرقوها...
سنسجن سنعتقل... لو تواطأتم كلهم على العمل وخدمة الدين فلن يستطيعوا أن يسجنوا منكم واحدا..
شباب الصحوة بعشرات الألوف.. ليس عندهم هذا العدد من السجون ليسجنوا كل الشباب في القطر الواحد... ولو سجنوكم فليس عندهم ميزانية ليطعموكم، سيطلقونكم... عالم اليوم ليس عالم الأمس، ومخاوف الأمس لا يمكن أن تكون. هي مخاوف اليوم..
. دعوا الهواجس.. دعوا الوساوس.. اعملوا فكل ميسر لما خلق له..
. أيها الشاب المسلم أيتها الفتاة المسلمة.
لك وظيفة كل يوم، حديث مع جار أو جارة، زيارة لصديق أو صديقة، حلقة في مسجد، رحلة مع الرفقة، عمل دعوي ميداني، هذا الشهر لدعوة المدخنين في الحارة، ذلك الشهر لدعوة غير المصلين... مهام جليلة تنتظركم يا أمل. الأمة.
مثل هذه الأعمال يقوم بأضعافها دعاة التنصير، فهل أنت أقل منهم حقا يا فتى الإسلام؟
هل أنت أقل منهم قدرة يا اسد الإسلام؟
. قم وانفض عنك ثياب الخوف..
قم فأنذر وربك فكبر وثيابك فطهر والرجز فاهجر ولا تمنن تستكثر ولربك. فاصبر... ولربك فاصبر... ولربك فاصبر.
اصبر أمام الفتن.. اصبر أمام المعتقلات، اصبر أمام السجن والمطاردة، اصبر أمام التضييق في الرزق، اصبر أمام كل العوائق، فكل هذا ستسطيبه في سبيل. الإسلام... وسيخلف الله خيرا مما فاتك..
لا تنتظر من يوجهك، فقد يطول الانتظار. لا تجعل العمل للدين ذا شروط كثيرة، فهناك الكثير من الأعمال لا تحتاج إلى مخلص قد شمر عن ساعد. العزيمة وانطلق لتكون كلمة الله هي العليا..
لا تستمع إلى وساوس الشياطين من الإنس والجن... سيقولون لك: انتظر تمهل، اسأل فلان، شاور علان، لا تتهور، لا تتقدم... فصرنا كلنا في ذلك الصف الخلفي.
تسلح بالعلم.
واستعد بالحكمة...
ثم انطلق ولا تتأخر..
. ستجدني أمامك أو وراءك..
. ستراني أحضك أو أشد على يدك أو أنك ستجدني أسحبك إلى الأمام قبلا..
لن تجدني مثبطا، لن تجدني معاتبا، لن تجدني لائما.. ستجدني إن شاء الله من الصابرين، فكن من الصابرين.(13/82)
سأدعو لك في الخلوات والجلوات.. أن يعينك الله وأن يربط على قلبك،. وأن يجعل لكل من كل هم فرجا ومخرجا..
انطلق وامض إلى حيث أمرك الله... ولنلتق هناك على ربى المسك والعنبر على منابر النور يوم القيامة... عند حوض النبي العدنان - صلى الله عليه وسلم - ستعرفني وأعرفك. ستراني وأراك... وهناك سنرى النبي - صلى الله عليه وسلم -
ليسقينا من يده شربة هنيئة مريئة لا نظمأ بعدها أبدا...أبدا.. أبدا..
http://www.saaid.net المصدر:
=============
دور الشعر في مسيرة الدعوة الإسلامية
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين.
وبعد،
الشِّعر في رحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
ولْنأتِ إلى المحور الأوّل وهو:
الشِّعر في رحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ وهذا باب واسع وطويل. ولعلّ عندما نتكلّم عن الشِّعر في رحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نرجع مرة أخرى إلى قضية الإسلام وضُعف الشعر، وأنّ مِن الذين أشاروا إلى ذلك: الأستاذ فون، قال: "إن الإسلام أضعَفَ الشِّعر العربي، مع أننا لا نستطيع أن نتجاهل أنّ الشِّعر التقليدي كاد يستكمل شوْطه عند ظهور النبي محمد؛ فإنه يتعذر علينا أن نتغاضى عن القول بأن رسالته الدِّينيّة قد أصابت نموّ الشِّعر الطبيعي بشديد الأذى".
وهكذا كلام مرفوض، يقول: " رسالته الدِّينيّة - أي: رسالة الإسلام - قد أصابت نموّ الشِّعر الطبيعي بشديد الأذى " كلام مرفوض . وقد رد عليه العلماء الكثيرون. وأيضاً بروكلمان صاحب كتاب "تاريخ الأدب العربي" عارض هذا الرأي -يعني: من أبناء جلدته، ليس العرب فقط، وليس المسلمون، ولكن من الأجانب أيضاً مَن عارض ذلك-. وبروكلمان هذا رجل مشهور كَتَب كتاب "تاريخ الأدب العربي"، وكتاب موسوعي فيه تاريخ الأدب والتّراجم والمصادر وما إلى ذلك. يقول -أي: بروكلمان-: "وقد قيل إن لبيداً لم يقُل شعراً في الإسلام، وليس هذا بصحيح؛ فإن كثيراً مِن شِعره مطبوعٌ بطابع الوحي وليس بطابع جاهليّ. ويَبعُد أن تكون كلّ هذه الأبيات منحولة عليه، وإن ظهر فيها شيء من التّزيّد".
وهذا الرّدّ موجود في "تاريخ الأدب العربي" لبروكلمان (الجزء الأول، ترجمة الدكتور عبد الحليم النجار).
وأيضاً، الدكتور كمال يازجي يصِف هذا الزّعم من الأستاذ فون، فيقول: "لأن لبيداً نظم كثيراً من قصائده التي وصلتْنا بعد إسلامه، غير أنه أجبل في آخر عمره عن قول الشعر بسبب الضعف والشيخوخة، وكان عمره حين أسلم يقارب الثمانين أو يزيد.
وقيل: إن لبيداً دخل الإسلام في سن التّسعين من عمره. ويقول مالك بن أنس: بلغنا أن لبيد بن ربيعة مات وهو ابن (140) سنة.
وقيل إنه مات وهو ابن (157) سنة، في أوّل خلافة معاوية.
فهذا العمر الطويل، فبعد المائة قد يكون توقّف، أمّا قبل ذلك فله شعر كثير.
وإنه قال شعراً حكى فيه عن هذه المراحل، حيث يروي يوسف بن عمرو، كان من كبار أصحاب ابن وهب، عن أبي الزناد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة -رضي الله عنها-، قالت: "رويْت للبيد اثنَيْ عشر ألْف بيْت".
هذه المقولة مرويّة عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "رويتُ للبيد اثنَيْ عشر ألْف بيت"، وهذا يرفض كلّ الإدعاءات التي قِيلت إن لبيد توقّف عن قول الشِّعر في إسلامه.
وقد أكّد هذه الرواية ابن رشيق القيرواني، فذكر أن عائشة -رضي الله عنها - كانت كثيرة الرواية للشعر، ويُقال كانت تروي جميع شعر لبيد. وقال لبيد لمّا بلغ سبعاً وسبعين سنة:
باتت تشكي إليَّ النفسُ مُجهَدة *** وقد حملتكَ سبعاً بعد سبعينَا
فإن تُزادي ثلاثاً تبلُغي أملاً *** وفي الثلاث وفاء للثمانينَا
وعندما بلغ التّسعين قال كلاماً، وعندما بلغ المائة وعشرة، والمائة والعشرين؛ كلّ هذا نجد أنه مدخل إلى القول بأنّ الشّعر في الإسلام قويَ، وأنّ الشِّعر في رحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن مرفوضاً؛ بل الشعراء افتخروا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يرفض النبي ذلك. فمن هذا الفخر نجد عمّه أبا طالب ولم يكن مشهوراً بالشِّعر، ولكنه قال فخراً، قال شعراً في الفخر بالنبي - صلى الله عليه وسلم -:
إذا اجتمعت يوماً قريش لمفخرٍ *** فعبد مناف سرّها وصميمُها
وإن حصلت أشراف عبد منافِها *** ففي هاشم أشرافُها وقديمُها
وإن فخرت يوماً فإن محمداً هو *** المصطفى مِن سرِّها وكريمِها
هذا الكلام من أبي طالب، رغم أنه لم يتبع الإسلام، ولكنه كان يحبّ محمداً لأنه ابن أخيه، وكان يدافع عنه، وكان يحميه من أعدائه، وتوعّدَ قريشاً أنه لن يُسلم محمداً إليهم عندما كانوا يساومونه على أن يأخذوا محمداً ويُعطوه فتىً بدلاً منه...
هذا الفخر، رأينا أيضاً حسَّان بن ثابت يفتخر بالنبي - صلى الله عليه وسلم - في كثير من أشعاره، وديوانه مليء لأنه كان شاعر المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، فيقول وهو يتحدّى أبا سفيان بن الحارث الذي هجا رسول الله، يقول حسَّان بن ثابت في أبيات مشهورة:
هجوتَ محمداً فأجبتُ *** عنه وعند الله في ذاك الجزاءُ
فإن أبي ووالدَه وعِرضي *** لعِرض محمدٍ منكم وقاءُ
أتهجوه ولست له بكُفْؤ *** فشرُّكما لخيرِكما الفداءُ
هذه الأبيات موجودة في ديوان حسَّان، وموجودة أيضاً في "الأغاني"، و"الاستيعاب" لابن عبد البَر، وغيرها... وهذا يدلّ على أنّ الشِّعر لم يكن يرفضه - صلى الله عليه وسلم -، ولم يكن يُعاديه، بل كان يؤيّد منه ما يتوافق مع آفاق الدعوة الإسلامية ومع منهجها.(13/83)
ونجد من هذا أيضاً، من محاور ومعالم الشِّعر في رحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبياتاً أو قصائد تدافع عن النبي - صلى الله عليه وسلم - عند عبد الله بن رواحة، وأبي طالب، وبقيس بن الأسلت.
هذا الدّفاع شعر كثير لو جمعناه لرأينا فيه مجلّدات ضخمة. وأبو طالب أيضاً وربما يكون بعض الشِّعر أضيف إليه، ولكنه عربي وصاحب ذوق وصاحب إحساس، ولم يكن الشعر مهنته ولا حرفته، ولكنه كان يقوله بين الحين والآخر. يقول في الدفاع عن النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - حينما هاجمه الناس بأنه ساحر أو كاهن أو شاعر، أو يحتاج الرئاسة أو ما إلى ذلك... فقال:
كذبتم وبيت الله يبزي محمدَا *** ولمّا نُطاعن دونه ونناضل
ونسلمه حتى نصرّع حوله *** ونذهل عن أبنائنا والحلائل
وهذا دفاع وتصدٍّ. وقال: "لن نُسلمك إليهم أبداً. امْضِ لِمَا أنت فيه! ". ويقول بقيس بن أسلت، وهو أيضاً من الشعراء الذين أسلموا، وكان يتصدّى لقريش وهي تهاجم النبي - صلى الله عليه وسلم - وتتوعده. وقد حاولوا أن يقتلوه وهو مهاجر إلى المدينة المنورة، ونام علي مكانه. وكثيراً ما تعرض له بالأذى والمؤامرات والسم وأشياء كثيرة، ولكن الله يرعاه ويحفظه، وادّخره لإتمام الرسالة. وفعلاً أتمّ الله النعمة على البشرية في قوله - سبحانه -: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً}.
يقول بقيس بن الأسلت:
أقيموا لنا ديناً حنيفاً فأنتمُ *** لنا غاية قد يهتدي بالذوائبِ
وأنتم لهذا الناس نورٌ وعصمة *** تؤمّون والأحلام غير عوازبِ
فالدفاع عن النبي - صلى الله عليه وسلم - يمثّل شرياناً هاماً من شرايين الدعوة الإسلامية، وعبد الله بن رواحة أيضاً رأيناه يتحدّث كثيراً، ويدافع أيضاً عن المسلمين، ويدافع عن صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وابن سلام يأتي بهذه الأبيات أيضاً، وقد تحدث ابن سلام عن حُسن إسلامه، وأنه كان أحد الأمراء الثلاثة الذين قُتلوا يوم مؤتة. وأثبت له من هجائه لقريش ومن دفاع عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. ومن فخره أيضاً يقول:
نجالد الناس عن عرض فنأسرهمْ *** فينا النبيّ وفينا تنزل السُّوَرُ
وقد علمتم بأنّا ليس غالبنا حيّ *** من الناس إن عزّوا وإن كثروا
يا هاشمَ الخير إنّ الله فضّلكم *** على البريّة فضلاً ما له غِيَرُ
فثبّت الله ما آتاك مِن حسن تثبيتَ *** موسى ونصراً كالذي نُصِروا
هذا يقال في الدفاع عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، والفخر بالإسلام والمسلمين. وقيل الشعر، ولم يعترض عليه نبي الله، بل أيّده وآزره، ودعا لهم بالتوفيق. وقال: ((إن هؤلاء النّفر كلامهم أشد على قريش من نضح النبل))، معنى هذا: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقبل الشعر والشعراء.
أيضاً، نرى أنّ هذا الدفاع عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ضدّ المشركين أو الشعراء الذين كانوا يَهجون رسول الله والصحابة وقْتها. وبعضهم أسلم بعد ذلك، وتاب وندم، مثل: عبد الله بن الزبعرى وأبو سفيان بن الحارث، أبو عزة الجمحي، وهبير بن وهب المخزومي.
من المعالم التي تدلّ على أن الشِّعر في رحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان مقبولاً، ولم يرفضه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: مدح الرسول للاعتذار إليه، وليس مدحاً فيه مبالغة، وليس مدحاً فيه إخراج الرسول عن بشريّته، وليس فيه شيء يخالف الشريعة؛ ولكن المدح هو حقائق واقعية، وصفات قائمة في رسول الله، ومواقف تؤيّد ما عليه رسول الله من شمائل ومن أخلاق ومن سمات. وكتب السِّيرة تفيض وكتاب "الشفا" للقاضي عياض اليحصبي في أحوال المصطفى، هذا كتاب زاخر بما عليه الرسول من سمات ومن شمائل ومن أخلاق، ومن صفات معنوية وصفات حسية...
نجد أنّ كعب بن زهير في قصيدته التي يبدؤها بدءاً ربما يبدو للبعض أنه بدء غير موفَّق، أو أنّ النص يتكوّن من تسعة وخمسين بيتاً.
وكان قد أهدر الرسول دمه. والقصة طويلة والوقت لا يتسع لكي نسردها، ولكن الرجل كان قد أسلم أخوه بجير، فلما علِم كعب بإسلام أخيه غضب وثار، وصار يقول الشّعر في هجاء المسلمين والنيل من رسول الله. وأرسل أبياتاً إلى أخيه بجير يُعاتبه فيها ويُؤنّبه، ويقول:
ألاَ أبلغا عني بجيراً رسالةً فهل *** لك فيما قلتُ ويحك هل لَك
سقاك أبو بكر بكأس رويّة *** فأنهلك المأمون منها وعلّك
ففارقتَ أسبابَ الهدى وتبعتَه *** على أي شيء ويْ بغيرك دلّك
على مذهب لم تُلف أماً ولا *** أباً عليه ولم تعرف عليه أخاً لَك
فإن أنت لم تفعل فلستُ بآسف *** ولا قائل إمّا عثرت لعلّك
كلمة: "لعلّك" تُقال للعاثر، دعاء له بأنه يُقال مِن عثْرته. فهو يُؤنِّب أخاه على الإسلام. وهذه الأبيات تَرِد بروايات مختلفة في "السيرة النبوية" لابن هشام، وفي ديوان كعب، وفي كتاب "الكامل" للمبرد. وبعث كعب بهذه الرسالة إلى بجير -الرسالة الشعرية-. فلما أتت بجيراً، كره أن يكتمها رسول الله ولا يخبر بها، وفعلا أخبر بها الرسول وفي ذلك أمانة من بجير وحب للإسلام، وتعضد أخوة الإيمان وهي فوق أخوة النسب. وقد أنشد بجير الرسول هذه القصيدة أو هذه المقطوعة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما سمع: "سقاك بها المأمون كأساً رويّة" قال - صلى الله عليه وسلم -: ((صدَق، وإنه لكذوب. أنا المأمون)). ولمّا سمع "على خلق لم تلف أماً ولا أباً" قال: ((أجَلْ. لم يلف عليه أباه ولا أمّه)).(13/84)
إذاً، وجّه الرسول بعض المعاني توجيهاً راشداً وتوجيهاً صحيحاً، ولكن قال: صدق في الكلام وإنه لكذوب، لأنه له نيّة غير هذا، وكلامه موجّه غير الوجهة التي وجّه بها رسول الله.
ولقد أصدر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توعُّدَه لكعب بعد أن وصلته قصائد كعب في هجاء الإسلام والمسلمين، وفي مقدمتهم الرسول فقال: ((من لقي كعباً فلْيقتلْه)). وقام بجير بالرد على كعب يحذِّره من الغلو في معاداته للإسلام، ويبرأ من عقائد الجاهلية، ويدعوه إلى الدِّين الجديد. وفي هذا المَنحى من بجير إدراكٌ واعٍ لدوْر الشعر في الإسلام، فهو دور إيجابي يشارك في إرساء الأسس الجوهرية للحضارة الإسلامية، وانتشار هذه الحضارة في ربوع الأرض، والتسامي فوق رغبات الدنيا والعصبيات القبلية وأواصر الدم إن كانت هذه الأواصر ستقطع العلاقة الإيمانية بين المتآخين في الإسلام.
ماذا يقول بجير في الرد على أخيه، وأن أخوّة الإيمان هنا علَتْ فوق أخوّة النسب. فالمؤمنون إخوة يقول:
مَن مبلغُ كعباً فهل لك في التي *** تلوم عليها باطلاً وهي أحزمُ
إلى الله لا العُزّى ولا اللاة وحدَه *** فتنجُو إذا كان النجاء وتَسْلمُ
لدى يوم لا ينجو وليس بمُفلت *** من الناس إلاّ طاهر القلب مسلمُ
فدينُ زهيرٍ وهو لا شيء دينُه *** ودين أبي سُلمى عليَّ محرّمُ
فلمّا بلغ كعباً الكتاب -كما يقول ابن هشام رواية عن ابن إسحاق-، ضاقت به الأرض، وأشفق على نفسه بعد أن تيقّن من وعيد الرسول له، وأرجف به من كان في حاضره من عدوه، فقالوا هو مقتول.
ولجأ كعبٌ إلى قبيلة مزينة تجيره، فأبت عليه ذلك. فضاقت به الأرض، وأشفق على نفسه. وذكَر كتاب أخيه بجير إلى حيث قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أهدر دمَك، وأنه قتل رجالاً بمكة ممّن كان يهجوه ويؤذيه، وأنه من بقي من شعراء قريش كابن الزبعرى وهبير بن وهب قد هربوا في كلّ وجه. وما أحسبك ناجياً.
فإن كان لك في نفسك حاجة، فصِر إليه فإنه يقبل من أتاه تائباً. وهذا هو مفتاح القصة، أو هو المخرج.
فإن كان لك في نفسك حاجة إن كنت حريصاً على الحياة، فصِر إلى رسول الله، فإنه يقبل من أتاه تائباً، ولا يطالبه ما تقدّم الإسلام. وإن أنت لم تفعل، فانْجُ إلى نجائك من الأرض.
فنجد أن كعباً ذهب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. والرواية طويلة، ولكن الرسول قبل توبته حتى عندما جاء كعب إلى الرسول ليستأمن منه ويتوب ويُسلم، قال له: يا رسول الله، إن كعب بن زهير قد جاء ليستأمن منك تائباً مسلماً، فهل أنت قابله إن أنا جئتك به؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((نعم))، قال: يا رسول الله. أنا كعب بن زهير. فوثب عليه رجل من الأنصار. فقال: يا رسول الله. دعني وعدو الله أضرب عنقه! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((دعْه عنك! فإنه قد جاء تائباً، نازعاً عمَّا كان عليه)). قال: فغضب كعب على هذا الحيّ من الأنصار لِما صنع به صاحبهم. وكان في نصه وفي قصيدته مدح المهاجرين ولم يمدح الأنصار. وقال الرسول يحثّه ويرغِّبه في مدح الأنصار: ((ألاَ ذكرْتَ الأنصار بخير؟))، أي: يعني أنّ الرسول سمع منه التوبة والإشادة بالمهاجرين، فقال: ألا ذكرت الأنصار بخير؟ أي: ألا قلت شعراً تُشيد فيه بالأنصار؟ فإن الأنصار لذلك أهل. وقال المهاجرون: ما مدحنا منهج الأنصار. قد اعتذرت إليه الأنصار. فتعطفت عليه وأهدت إليه، فنظم كعب في الأنصار قصيدة منها هذا البيت:
من سرّه كرمُ الحياة فلا يزل *** في مقنب من صالح الأنصارِ
وأنشد كعب بن زهير الرسول - عليه الصلاة والسلام - قصيدته الرائعة، فكانت مفتاح الخير ونافذة الضوء التي استمد منها شعراء العربية أقباس الشمائل المحمدية في رصدهم لها وسياحتهم وسباحتهم في محبة النبي الكريم.
هذه القصيدة بعدما تاب كعب، تبلغ تسعة وخمسين بيتاً، منها خمسة عشر بيتاً تقريباً بدأ بها بداية تقليدية في وصف سعاد وصفاً حسياً ووصفاً معنوياً، ووصف شمائلها المكروهة وقال من هذه الأبيات:
أكرِمْ بها خلّة لو أنها صدقتْ *** موعودها أو لو أنّ النصح مقبولُ
لكنها خلة قد سيط من دمها *** فجعٌ وولعٌ وإخلاف وتبديلُ
فما تدوم على حالٍ تكون بها *** كما تلوّن في أثوابها الغولُ
ولا تمسّكُ بالعهد التي زعمت *** إلاّ كما يُمْسك الماءَ الغرابيلُ
فلا يَغرّنك ما منّت وما وعدتْ *** إنّ الأمانيَّ والأحلامَ تضليلُ
كانت مواعيدُ عرقوبٍ لها مثلاً *** وما مواعيدُها إلاَّ الأباطيلُ
إلى آخر هذا... فبدأ بأوصاف سعاد هذه أوصافاً مقبولة في الأوّل ثم أوصاف مرفوضة، ثم بدأ في وصف النّاقة وصفاً دقيقاً وعجيباً أكثر من اثنيْن وعشرين بيتاً. وهناك بعد الأبيات قرب الأبيات الأربعين، يبدأ يصف موقفه من رسول الله، ويَعرض قضيته أمام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والرسول يسمع. فماذا قال أمام الرسول، بعد هذا التحليق، وهذا التدقيق في وصف الناقة؟ ولكنه لم يكن منفصلاً عن نفسه وعن ذاته. يقول هذا النص في صوَره لأنها أغلبها صور جنائزية، وكان يخاف الموت، وحُكم عليه بالموت فكان طائف الموت يلمّ به، ويريد أن ينجو بنفسه، فيقول أمام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
يسعى الوشاة بجنبيْها وقولهمُ *** إنك يا ابن أبي سلمَى لمقتولُ
وقال كلّ خليل كنتُ آمله *** لا ألهينّك إني عنك مشغولُ
فقلت خلّوا سبيلي لا أبا لكمُ *** فكلّ ما قدّر الرحمنُ مفعولُ
إذاً، الرجل تاب ولا شكّ عنده بقايا من التعاليم الدينية كانت معروفة أيضاً في العصر الجاهلي، والشعراء الحنفاء في الجاهلية لهم قدرهم ولهم مكانتهم ولهم فكرهم، فقال:(13/85)
فقلت خلّوا سبيلي لا أبا لكم *** فكلّ ما قدّر الرحمنُ مفعولٌ
وكلّ ابن أنثى وإن طالت سلامتُه *** يوماً على آلة حدباءَ محمولُ
أُنبئت أنّ رسولَ الله أوعدني *** والعفوُ عند رسول الله مأمولُ
مهلاً هداك الذي أعطاك نافلَة الْـ *** ــقُرآن فيها مواعيظٌ وتفصيلُ
لا تأخذنّي بأقوال الوشاة ولم *** أذنِب وإن كثرتْ فيّ الأقاويلُ
وهذا البيت أيضا ربما يعترض عليه لأنه ليس وشاية ولكنه كلام صحيح. هو أذنب وهجا ولكن يبدو الفترة التي عزم فيها على أن يتوب إلى أن جاء إلى رسول الله أخذ وقتاً، ورغم ذلك كان الناس لا يصدِّقونه ويذهبون بالوشاية، ويقولون عنه كلاماً هو أقلع عنه. يقول:
لا تأخذنّي بأقوال الوشاة ولم ***أذنب وإن كثرتْ فيّ الأقاويلُ
لقد أقوم مقاماً لو يقوم به ***أرى وأسمع ما لو يسمع الفيلُ
لظلّ يرعد إلّا أن يكون له ***من النبي بإذن الله تنويلُ
ووصف هيبة الرسول فقال لو كان ***يقف هنا فيل ضخم لخاف وارتعد.
حَتَّى وَضَعْتُ يَميني لا أُنازِعُهُ ***في كَفِّ ذِي نَقِماتٍ قِيلُهُ القِيلُ
ولَهو أَهْيَبُ عِنْدي إذْ أُكَلِّمُهُ ***وقيلَ إنَّكَ مَنْسوبٌ ومَسْؤُولُ
مِنْ ضيغمٍ مِنْ ضرائع الأُسْدِ *** مخدره ببَطْنِ عَثَّرَ غِيلٌ دونَهُ غيلُ
يَغْدو فَيلْحمُ ضِرْغامَيْنِ عَيْشُهُما ***لَحْمٌ مَنَ القَوْمِ مَعْفورٌ خَراديلُ
إِذا يُساوِرُ قِرْناً لا يَحِلُّ لَهُ أنْ ***يَتْرُكَ القِرْنَ إلاَّ وهوَ مَفلُولُ
مِنْهُ تَظَلُّ حمير الوحش ضامِزَةً ***ولا تَمَشَّى بَوادِيهِ الأراجِيلُ
ولا يَزالُ بِواديهِ أخُو ثِقَةٍ ***مُطَرَّحَ اللحم والدَّرْسانِ مَأْكولُ
ثم بعد هذه الصورة الكلية الشعرية الممتدّة في وصف هيبة رسول الله، وأنه يجمع صفات الأسد من القوة ومن العطاء ومن حماية الغير وما إلى ذلك... فيقول:
إنَّ الرَّسُولَ لَنُورٌ يُسْتَضاءُ بِهِ *** وصارم مِنْ سُيوفِ اللهِ مَسْلُولُ
في عُصْبَةٍ مِنْ قُريْشٍ قال قائِلُهُمْ ***َ بِبَطْنِ مَكَّةَ لَمَّا أسْلَمُوا زُولُوا
زالُوا فمَا زالَ أَنْكاسٌ ولا كُشُفٌ ***عِنْدَ الِّلقاءِ ولا مِيلٌ مَعازيلُ
هذه القصة وهذا الكلام الذي قيل أمام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأيناه بعد هذا كلّه يخلع بُردته ويعطيها لكعبٍ بن زهير، مكافأة له على هذا. وكان هذا تقليداً عربياً وأقرّه الرسول، بأنّ هذا يُعدّ إسباغ حماية لا حدّ لها وأماناً على هذا الشِّعر ضدّ من يعادي.
هذا المدح والاعتذار لرسول الله، نراه جاء بعد ذلك على لسان عبد الله بن الزبعرى بعدما أسلم وحسن إسلامه، رأيناه يقول شعراً كثيراً في الاعتذار وفي الندم على ما فات منه، وما فرط في أيام أن كان مشركاً، وأيام كان يتصدّى للإسلام ويعارض المسلمين.
ومن معالم الشِّعر في رحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: رثاء الرسول، عندما توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، انطلق الشعراء بقصائد الرثاء لما يصوّرون ويرصدون شمائل الرسول، وأخلاق الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وما أدّاه من دور في الإسلام وفي الغزوات الإسلامية والمعارك الإسلامية، ومن الإخاء بين المهاجرين والأنصار، ومن تغيير معالم المنطقة العربية كلّها بل معالم العالَم كلّه بعد ذلك برسالة الإسلام الخالدة. فنرى أن حسَّان بن ثابت يرصد هذا الكلام وله في رثاء النبي - صلى الله عليه وسلم - شعراً كثيراً ومن قوله:
فبوركتَ يا مهد الرسول وبوركتْ ***بلادٌ ثوى فيها الرشيد المسدَّدُ
قد غيّبوا حِلماً وعدلاً ورحمةً ***عشية علّوه الثرى لا يوسّدُ
وراحوا بحزنٍ ليس فيهم نبيُّهم ***قد وهنت منهم ظهور وأعضُدُ
يبكون مَن تبكي السماوات يومَه *** ومَن قد بكته الأرض فالناس أكمدُ
وهل عدلت يوماً رزيةُ هالكٍ *** رزيّةَ يوم مات فيه محمّدُ
هذا كلام بدافع الحب ودافع التقدير. وأيضاً يقول مُشيداً بأخلاق الرسول - صلى الله عليه وسلم - وقدْره وأفضاله:
تالله ما حملت أنثى ولا وضعتْ ***مثل الرسول نبيّ الأمة الهادي
ولا برأ الله خلقاً من بريّته *** أوفَى بذمة جارٍ أو بميعادِ
مِن الذي كان فينا يُستضاء *** به مبارك الأمر ذا عدل وإرشادِ
إذاً، نحن أمام تأييد كاملٍ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للشعر المنطلق في آفاق الدعوة الإسلامية، الذي يفخر بالنبي، والذي يدافع عنه، والذي يمدحه ويعتذر إليه، مدحاً فيه قصْد واعتدال وإشادة بالأخلاق والشمائل المحمدية، وأيضاً عندما مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأينا الشعراء يُلقون في قصائدهم الرثائية.
http://www.mediu.net المصدر:
============
لا تيأس
عادل بن سالم الكلباني
الحمد لله يجتبي من يشاء، ويهدي إليه من ينيب.
نعيش اليوم ثلاثة مشاهد، نستلهم منها درسا، ونقطف منها عبرة، ونغرس بها يقينا، ونقوي بها عزما.(13/86)
أما المشهد الأول: فإن عامر بن ربيعة - رضي الله عنه -، أحد السابقين في الإسلام، كان يستعد للهجرة إلى الحبشة، فذهب ليقضي بعض حاجات أهله، وترك زوجه تنهي بعضها، فأقبل عليها عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، حتى وقف عليها وهو على شركه، قالت: وكنا نلقى منه البلاء أذى لنا وشدة علينا. قالت: فقال: إنه الانطلاق يا أم عبد الله. قالت: فقلت: نعم والله، لنخرجن في أرض الله، آذيتمونا وقهرتمونا. حتى يجعل الله فرجا. قالت: فقال: صحبكم الله. ورأيت له رقة لم أكن أراها، ثم انصرف. وقد أحزنه فيما أرى خروجنا. قالت: فجاء عامر بحاجته تلك، فقلت له: يا أبا عبد الله لو رأيت عمر آنفا ورقته وحزنه علينا. قال: أطمعت في إسلامه؟ قالت: قلت: نعم. قال: فلا يسلم الذي رأيت حتى يسلم حمار الخطاب. قالت: يأسا منه، لما كان يرى من غلظته وقسوته عن الإسلام.
لقد يأس الصحابي السابق في إسلامه، المهاجر فرارا بدينه، من أن يفتنه قومه، يأس من إسلام عمر، فقد كان عمر شديد البطش بالمسلمين، قاسيا غليظا. ولكن ما كان ميئوسا منه وقع، وأسلم عمر، بل سبق اليائس منه في المنزلة، والمكانة، وغدا ثالث رجل في دولة الإسلام، وسماه الرسول - صلى الله عليه وسلم - الفاروق، وكان إسلامه عزا للإسلام وأهله.
والعجيب أيها الإخوة الأحبة أن أكثر المسلمين لا يعرفون عامرا، وليس فيهم من لا يعرف عمر - رضي الله عنهما -.
لقد من الله - تعالى - على عمر بما لم يمن به على اليائس من إسلام عمر، وتفضل على الميئوس منه بفضل عميم لم ينله اليائس ذلكم أن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم.
المشهد الثاني: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قادم من الطائف، مجروح فؤاده، منهكة قواه، شارد ذهنه، يائسا من خير ثقيف، فقد مكث بينهم عشرة أيام يدعوهم إلى عبادة الله وحده، فقالوا: اخرج من بلادنا. وأغروا به سفهاءهم، فتبعوه يسبونه ويصيحون به، ورموه بالحجارة في عراقيبه، حتى اختضب نعلاه بالدماء، فلما رجع من الطائف بحاله تلك كئيبا، محزونا، كسير القلب، قد أجهد أيما إجهاد، ونال منه التعب كل منال. يقول - صلى الله عليه وسلم - عن نفسه: فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب أي قرن المنازل المعروف اليوم بالسيل الكبير. فرفعت رأسي فإذا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل، فناداني فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك، وما ردوا عليك، وقد بعث الله إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم. فناداني ملك الجبال، فسلم علي، ثم قال: يا محمد، ذلك، فما شئت، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين. أي: لفعلت.
فيا لروعة المشهد، فما بين هلاك مكة عن بكرة أبيها إلا أن يشاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إنها لحظة الانتقام، شفاء الغل، سحق الكافرين، والممتع في المشهد أن الدليل ناصع البيان، صحيح صريح، لا تأويل فيه، ولا احتمال، بأمر ربه يهلكهم، بإشارة منه يعلمون أن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير. وما هو بملوم، من ذا يستطيع أن يلومه؟ لقد كذبوه، وآذوه، وقتلوا أصحابه، وفتنوهم في دينهم، وعذبوهم، واضطروهم للهجرة مرتين، ولا يزالون حجر عثرة في طريق الدعوة، ونشر دين الله - تعالى -. ثم إن الذي يأذن له رب السماوات والأرض، فوالله لو انتقم لنفسه، وانتصر لأتباعه فما هو بملوم. ولكنه اختار أروع، وأفضل، وأسمى من الانتقام، وأجل وأعظم من حظ النفس، وراحتها، وهنأها، فقال للملك: بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله لا يشرك به شيئا.
إنها شيمة العظماء، وتصرف الكرماء، وقمة الإباء، ولا يحتملها إلا الأنبياء، وأتباعهم من أكابر العلماء، وصفوة الأتقياء.
نهض - صلى الله عليه وسلم - من الوقوع في عذاب النفس نشطا قويا، ناظرا بفراسة التقي إلى المستقبل، إلى البناء، إلى الإسلام دينا قيما، راية باسقة في علوها، جامعة بين دنو الأرض، وارتفاع السماء.
أيها المسلمون: فلننتقل سويا على المشهد الثالث: لنرى الحبيب بأبي هو وأمي صلوات ربي وسلامه عليه، لنراه وقد احتدم القتال حوله، في أحد، وبدء المشركون يطوقونه يريدون الفتك به، ولم يكن معه إلا تسعة من أصحابه، فالتحموا مع المشركين في قتال عنيف، ظهرت فيه نوادر الحب والتفاني، والبطولة والبسالة والفداء. فإنه لما أفرد - صلى الله عليه وسلم - ورهقه المشركون، قال: من يردهم عنا وله الجنة؟ أو هو رفيقي في الجنة فتقدم رجل من الأنصار فقاتل حتى قتل، وهكذا، حتى قتل سبعة من الأنصار، فقال - صلى الله عليه وسلم -: ما أنصفنا أصحابنا. وبقي عليه الصلاة في القرشيين من أصحابه، هما طلحة وسعد، فكانت فرصة لا تعوض للمشركين في النيل منه، وطمعوا في القضاء عليه، فرماه عتبة بن أبي وقاص بالحجارة، فوقع - صلى الله عليه وسلم - لشقه. وأصيبت رباعيته اليمنى السفلى، وكلمت شفته السفلى. وتقدم إليه عبد الله بن شهاب الزهري فشجه في جبهته، وجاء فاؤس عنيد يقال له عبد الله بن قمئة، فضرب على عاتقه بالسيف ضربة عنيفة، ظل - صلى الله عليه وسلم - يشكو منها أكثر من شهر. ثم ضرب وجنته ضربة أخرى عنيفة كالأولى، حتى دخلت حلقتان من حلق المغفر في وجنته، وقال: خذها وأنا ابن قمئة فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو يمسح الدم عن وجهه: أقمأك الله.
وفي الصحيحين: فجعل يسلت الدم عنه ويقول: كيف يفلح قوم شجوا وجه نبيهم، وكسروا رباعيته، وهو يدعوهم إلى الله. وعند الطبراني أنه قال: اشتد غضب الله على قوم أدموا وجه رسوله.(13/87)
فيا أيها المسلمون: هل ترون مقالته إلا حقا أبلج، نعم كيف يفلح قوم أدموا وجه نبيهم، وكسروا رباعيته، وهو يدعوهم إلى الله، وما أشد غضب الله على من أدمى وجه رسوله. فإذا كنا بعد أربعة عشر قرنا وربع القرن نكاد نتميز من الغيظ على ابن قمئة وأصحابه، فكيف يلام صاحب البلاء نفسه؟ أو من قد حضر معه الواقعة، وعاش معه ذلك المشهد رأي العين؟ ولكن هي لحظة، ما لبث أن استدركها - صلى الله عليه وسلم -، كأنه يعاتب نفسه مع ما فيه من آلام وجراح، وما يعلمه من الحق الذي معه، والباطل الذي يتمسك به قومه. فمكث ساعة ثم قال: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون.
وأنزل المولى- تبارك وتعالى - قوله: ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون.
إخوة الدين والعقيدة: من هذه المشاهد الثلاث، نستلهم درسا مهما، ما أحوجنا إليه في أيامنا هذه، ولو عقل الدرس بعض القوم لما انتهكت أعراض المسلمين، وسفكت دماؤهم، وجروا إلى مواجهة يعلم الكل أنهم فيها هم الخاسرون.
نعم أيها الأحبة: إن أهم ما نقطف من ثمار هذه المشاهد أن لا نيأس، لا نيأس من رحمة الله، ولا من نصر الله، ولا من هداية الله لأي كان.
فعمر أسلم، وقد ظن عامر أن يسلم الحمار دونه، وأمهل النبي - صلى الله عليه وسلم - قومه، مع كل ما كان يواجهه من ظلم وعنت، يرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله لا يشرك به شيئا، فأمهل أبا جهل، وأمية، والوليد بن المغيرة. ودعا لقومه بالهداية في أحد، وهم الذين أدموا وجهه، وكسروا رباعيته، فقال: رب اهد قومي فإنهم لا يعلمون، كما في الشفاء للقاضي عياض. فهدى الله من شاء منهم، وتاب عليهم، فآمن به واتبعه، أبناء أولئك الصناديد، رؤوس الكفر وقادة حزب الشيطان، نعم، لقد آمن به واتبعه قائد فرسان المشركين في أحد خالد بن الوليد بن المغيرة، بل صار سيفا من سيوف الله مسلولا على أهل الكفر والزيغ والعناد. وآمن به صفوان ابن أمية بن خلف، وآمن به عكرمة بن أبي جهل، وما كان بين تلك المشاهد إلا بضع سنين بين كل مشهد ومشهد.
أيها المسلمون: هل نستطيع صبر أنفسنا عن شهوة الانتقام، والانتصار، والعلو؟ هل نستطيع كبح جماحها حتى مع وجود الدليل حتى لا تطغى، أو تحيد أو تميل؟ ولتنظر في عواقب الأمور، وتسبر غورها قبل أن تقدم على أي فعل قد ينتج نصرا، وقهرا، وعزا في وقته، ولكنه يزداد من ذلك كله في حال الصبر والتحمل، والفأل!
ألسنا نميل غالبا إلى أن لا نعطي الدنية في ديننا؟ وهذا حق، ولكن قد يكون أحق من هذا الحق ما تثمره شجرة الصبر والتأني والحكمة.
إن اليأس من هداية الناس، أو إصلاحهم محطم للعزائم، موهن للهمم، دافع من تملكه ذلك اليأس إلى قتل نفسه، وقتل من يظن أنه لا يؤمنون، وأنهم لا يهتدون. وفي الحديث: من قال هلك الناس فهو أهلكُهم، أو أهلكَهم...وكلا المعنيين صحيح.
ولهذا فإن من الواجب علينا أن نتواصى بالحق، وأن نتواصى بالصبر، مع الإيمان والعمل الصالح، ولننظر بعين العطف على الضالين، ولنغطهم بجناح اللطف والحرص على هدايتهم، وردهم إلى الله، ولنسأل الله الثبات على الحق.
وليعلم كل منا أنه ليس وصيا على الناس، فقد قيل للحبيب - صلى الله عليه وسلم -: ليس لك من الأمر شيء. وقيل له: وما جعلناك عليهم حفيظا وما أنت عليهم بوكيل. وقيل له: أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين. إن عليك إلا البلاغ.
فما علينا إذا؟ إن علينا أن ندعو، وأن نجاهد في دعوتنا، ونصبر عليها، ونبذل قصارى الجهد في التبيان، والدلالة، والمحاورة، والوعظ بالحسنى. ونسأل الله لكل ضال أن يهديه، ويشرح صدره، ويجنبه طريق الضلال، وينقذه من النار.
فكما هدى الله عمر - رضي الله عنه -، فغدى من تعرفون، بعد أن كان قاسيا غليظا على المسلمين، لقوا منه أشد ما يكون من البلاء والشدة، فعسى أن يهدي فلانا العلماني، أو فلانا المحارب لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم -.
وكما أخرج الله من أصلاب الصناديد المعاندين لدينه، المحاربين له ولرسوله - صلى الله عليه وسلم -، فعسى أن يخرج من أصلاب من نظنهم أشبه القوم بهم من يعبد الله لا يشرك به شيئا. ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض.
http://www.islamword.com المصدر:
============
كيف تنجح المرأة الداعية ؟؟
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
ففي عصور الإسلام الفاضلة اشتهرت صحابيات وتابعيات ونساء فقيهات عالمات وأديبات وشاعرات حملن لواء الدعوة والعلم وانطلقن ينشرون في أرجاء المعمورة فانتفع بعلمهن الكثير، فكانوا أقماراً وشموساً في سماء الإسلام الساطعة.
واستكمالاً للمسيرة الدعوية، نقدم للأخت المسلمة الداعية لمحات يسيرة فيما يجب أن تكون عليه لتنجح دعوتها إلى الله..
1- الداعية الناجحة: تأتلف مع البعيدة وتربي القريبة وتداوي القلوب، قال الشاعر:
احرص على حفظ القلوب من الأذى *** فرجوعوها بعد التنافر يصعب
إن القلوب إذا تنافر ودها *** مثل الزجاجة كسرها لا يشعب
2- الداعية الناجحة: تظن كل واحدة من أخواتها بأنها أحب أخت لديها عند لقائها بها، قال - تعالى -: (وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي)
3- الداعية الناجحة: عرفت الحق فعرفت أهله، وإن لم تصورهم الأفلام، أو تمدحهم الأقلام، قال - تعالى -: {تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ}(13/88)
4- الداعية الناجحة: أذا قرعت فقيرةٌ بابها ذكرتها بفقرها إلى الله - عز وجل -، فأحسنت إليها، قال الله - تعالى -: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمْ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ}
5- الداعية الناجحة: تعلم أنها بأخواتها، فإن لم تكن بهن فلن تكون بغيرهن قال - تعالى -: {سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا}
6- الداعية الناجحة: لا تنتظر المدح في عملها من أحد؛ إنما تنظر هل يصلح للآخرة أم لا يصلح؟
7- الداعية الناجحة: إذا رأت أختاً مفتونة لا تسخر منها، فإن للقدر كرات قال - تعالى -: {وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا)، وليكن شعارك: (يا مقلب القلوب، ثبت قلبي على دينك)
8- الداعية الناجحة: ترعى بنات الدعاة الكبار الذين أوقفوا وقتهم كله للدعوة، والجهاد في سبيل الله، بعيداً عن الأهل والبيت قال - تعالى -: {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} وفي الحديث: (من خلف غازياً في أهله بخير فقد غزا).
9- الداعية الناجحة: تجعل من بيتها مشغلاً صغيراً تنفع به الدعوة، والمحتاجين، كأم المساكين (زينب) - رضي الله عنها -.
10- الدعية الناجحة: تعطي حق زوجها، كما لا تنسى حق دعوتها حتى تكون من صويحبات خديجة - رضي الله عنها -، قال عنها النبي - صلى الله عليه وسلم -: (صدقتني إذ كذبني الناس، وآوتني إذ طردني الناس، وواستني بنفسها ومالها، ورزقني الله منها الولد، ولم يبدلني الله خيرا منها).
11- الداعية الناجحة: مصباح خير وهدى في دروب التائهين.. تحرق نفسها في سبيل الله... (لأن يهدي الله بك رجلاً خير لك من حمر النعم)
12- الداعية الناجحة: تعلم أن مناهجها على ورق إن لم تحيها بروحها وحسها وضميرها وصدقها وسلوكها وجهدها المتواصل.
13- الداعية الناجحة: لا تهدأ من التفكير في مشاريع الخير التي تنفع المسلمين في الداخل والخارج.. أعمالها تظل إخوانها في كل مكان {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}
14- الداعية الناجحة: تنقل الأخوات من الكون إلى مكونه، فلا تكون كبندول الساعة، المكان الذي انطلق منه عاد فيه.. بل تشعر دائماً أنها وأخواتها في تقدم إلى الله. {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ}
15- الداعية الناجحة: تشارك بقلمها في الجرائد والمجلات الإسلامية والمنتديات، تشترك فيها وتقوم على إهدائها للأخوات وإرشادهن إلى أهم الموضوعات. والمقال القصير المقروء خير من الطويل الذي لا يقرأ ((أحب الأعمال إلى اله أدومها وإن قلَّ)).
16- الداعية الناجحة: تحقق العلم على أرض الواقع، كان خلق الرسول الكريم القرآن، فهي تعلم أن العلم بلا عمل كالشجر بلا ثمر.
17- الداعية الناجحة: تبحث عن الوسائل الجديدة والمشوقة في تبليغ دعوتها، ولكن في حدود الشرع وسيأتي الزمن الذي تسود فيه التقنية والمرئيات على الكتب والمؤلفات في اكتساب المعلومات {وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ}
18- الداعية الناجحة: لها مفكرة تدون فيها ما يعرض لها من فوائد في كل زمان ومكان " كل علم ليس في قرطاس ضاع "
19- الداعية الناجحة: تعرف في أخواتها النشاط وأوقات الفترة فتعطي كل وقت حقه، فلنشاط إقبال تستغل، وللفترة إدبار تترفق بهن ((لكل عمل شرة ولكل شرة فترة))
20- الداعية الناجحة: غنية بالدعوة فلا تصرح ولا تلمح بأنها محتاجة لأحد لقوله - تعالى -: {يَحْسَبُهُمْ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنْ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا}
21- الداعية الناجحة: تعلم أن المال قوة فلا تسرف طلباتها لكماليات المنزل قال - تعالى -: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} وتسخر المال في خدمة الإسلام والمسلمين.
22- الداعية الناجحة: تمارس الدعاء للناس، وليس الدعاء عليهم، لأن القلوب الكبيرة قليلة كما في قوله - صلى الله عليه وسلم - ((اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون))، وقد قال - تعالى -: {قِيلَ ادْخُلْ الْجَنَّةَ قَالَ يَالَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ(26) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنْ الْمُكْرَمِينَ}
23- الداعية الناجحة: إذا نامت أغلب رؤياها في الدعوة إلى الله فإذا استيقظت جعلت رؤياها حقائق. قال - تعالى -{هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَاي مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا}
24- الداعية الناجحة: تطيب حياتها بالإيمان والعمل الصالح، لا بزخارف الدنيا قال الله - تعالى -: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}
25- الداعية الناجحة: عرفت الله فقرت عينها بالله، فقرت بها كل عين وأحبتها كل نفس طيبة، فقدمت إلى الناس ميراث الأنبياء.
26- الداعية الناجحة: لا تعتذر للباطل من أجل عملها للحق، وهل يأسف من يعمل في سبيل الله؟ {قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ}.
27- الداعية الناجحة: تكون دائما على التأهب للقاء الله، وإن نامت على الحرير والذهب!! {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ}(13/89)
28- الداعية الناجحة: لا تأسف على ما فات ولا تفرح بما هو آت من متاع الدنيا ولو أعطيت ملك سليمان، لم يشغلها عن دعوة الله طرفة عين، قال تعالى {لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ}
29- الداعية الناجحة: لا تفكر في نفسها فقط، بل تفكر في مشاريع تخدم المسلمين والمسلمات، قال الله - تعالى -{وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}
30- الداعية الناجحة: تسأل الله دائماً الثبات على الإيمان، وتسأله زيادته، قال - صلى الله عليه وسلم - ((اسئلوا الله ان يجدد الإيمان في قلوبكم))
31- الداعية الناجحة: لا ترجو غير الله ولا تخاف إلا الله. ومتوكلة على الله، وراضية بقضاء الله.
32- الداعية الناجحة: قرة عينها في الصلاة، قال - صلى الله عليه وسلم - ((وجعلت قرة عيني في الصلاة))
33- الداعية الناجحة: يجتمع فيها حسن الخلق، فهي ودودة كريمة جوادة.
34- الداعية الناجحة: تتحمل الأذى من كل من يسيء إليها، وتحسن إليهم.
35- الداعية الناجحة: العلم عندها العلم الشرعي لا الدنيوي.
36- الداعية الناجحة: أولادها مؤدبون، دعاة، قدوة، تربوا في بيت دين وعلم، لا يولدون للآخرين الإزعاج.
37- الداعية الناجحة: منارة تحتط لنفسها في مجال النسوة، وفي غاية الأدب والتحفظ، وهي صادقة في أخلاقها.
38- الداعية الناجحة: منضبطة تعرف متى تزور ومتى تزار، حريصة على وقتها ليست بخيلة بزمانها، وليست ثقيلة فتُمل، ولا خفيفة فيستخف بها.
39- الداعية الناجحة: لا تنس الفقراء وهي تلبس، ولا تنسى المساكين وهي تطبخ، ولا تنسى الأرامل وهي تشتري حاجياتها، ولا تنسى اليتامى وهي تكسو عيالها، قال - تعالى -{لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}
40- الداعية الناجحة: تسعى على تزويج أخواتها في الله، لأنها تعلمت من حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - ((أن المسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضه بعضا))، فلا تترك أخواتها للهم والوحدة والأحزان، ولا تهدأ الأخت حتى يتم لأختها الخير والسعادة.
41- الداعية الناجحة: إن وقع عليها بلاء كغضب زوج، أو إيذاء جار، تعلم أن ذلك وقع لذنب سبق فعليها التوبة والاستغفار.
42- الداعية الناجحة: تصبر على الدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتصبر على إصلاح عيوب أخواتها، ولا تتعجل ولا تظن بأحد الكمال، بل تنصح بلطف وتتابع باهتمام ولا تهمل.
فنسأل الله أن يوجد في أخواتنا وبناتنا مثل هذه الداعية الدرة الثمينة.
إنه ولي ذلك والقادر عليه. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم.
http://www.dawahwin.com المصدر:
=========
أول ترجمة لمعاني القرآن الكريم باللغة البرتغالية
أثارت ردود أفعال مختلفة ما بين مؤيدة ومنتقدة
الصادق العثماني
بعد انتظار طويل وبعد أكثر من 20 عاماً من العمل تمت ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة البرتغالية ذلك العمل الذي انتظرته الجاليات الإسلامية في أمريكا الجنوبية وخاصة البرازيل.
قام بهذه الترجمة الدكتور حلمي نصر أستاذ اللغة العربية بجامعة ساوباولو في البرازيل تحت رعاية وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية الذي أمر من جانبه بطباعة هذه الترجمة على نفقة المملكة في مجمع الملك فهد بن عبد العزيز لطباعة المصحف الشريف والذي يعتبر أكبر مطبعة لطباعة المصحف الشريف في العالم.
حاجة ماسة:
وما إن صدرت هذه الترجمة حتى أثارت ردود أفعال ما بين المؤيدة والغاضبة من جانب بعض المسلمين في البرازيل، حيث قيل إن بها بعض الأخطاء، فمن جهته أوضح ممثل الندوة العالمية للشباب الإسلامي في البرازيل الشيخ علي عبدوني لم أهميتها واحتياج الشباب المسلم المهاجر إليها وقال: إن هذا اليوم يعتبر يوماً مشهوداً وتاريخياً لدى الجاليات العربية والإسلامية لوجود ترجمة معاني القرآن الكريم بالبرتغالية، فنحن كدعاة كنا في أمسِّ الحاجة إليها لكثرة الطلب عليها وخصوصاً بعد أحداث سبتمبر...لهذا ستسجل الجاليات العربية والإسلامية للمملكة ولصديقنا الدكتور حلمي نصر هذا العمل الجليل الذي سيستفيد منه الكثير من الناس عرباً وعجماً.
أما علي الصيفي فيقول: إن هذه الترجمة سيستفيد منها الكثير من شبابنا الذين ضعفت عندهم اللغة العربية، وسوف تتيح لهم هذه الترجمة التعرف على معاني كلام الله بلغة يفهمونها وهذا أمر مهم جداً نشكر من خلاله المملكة العربية السعودية..
وفي المقابل نجد الكثير من المترجمين العرب تلقوا هذه الترجمة باستياء عميق نظراً للوقت الذي استغرقته (حوالي 20 سنة) فكانوا ينتظرون ترجمة مثالية خالية من أخطاء الضوابط الكتابية لقواعد اللغة البرتغالية.. كما كانوا ينتظرون أن تتم مراجعتها وتنقيحها من طرف أساتذة كبار لهم دراية واسعة في علم اللغة البرتغالية والعربية معاً وهذا لم يحدث.
أخطاء في اللغة
وفي خضم الجدل القائم الذي أحدثته الترجمة يقول أحد المترجمين متأسفاً: لشديد الأسف كانت خيبة أملنا شديدة عندما لاحظنا أن العمل لم يجر عليه أية مراجعة وينم عن جهل كبير باللغة البرتغالية.. متسائلاً عن مدى علم مراجعي الترجمة الشيخين محمد قاسم جيفا، ويونس ز كريا حامد، وضلوعهما في اللغة البرتغالية حتى تأتي الترجمة بأخطاء كثيرة وبتجزئة مخلة للمقاطع اللفظية بعيدة كل البعد عن أصول الكتابة والترجمة، مما يؤكد لنا أن الترجمة حرفية محضة.(13/90)
أما الداعية والمترجم (ع م) فيقول: ترجمة معاني الآيات تختلف تماماً عن أسلوب لغة الحواشي؟ ولي ملاحظات جوهرية تمس صميم العقيدة الإسلامية وتفتح الباب أمام مذاهب الشرك والإلحاد من الديانات والعقائد الأخرى ليحاجونا بأمور يعارضها الإسلام ويحاربها، فعلى سبيل المثال:
في الآية (4) من سورة البقرة فسر المترجم كلمة بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك بأن النزول هو شيء حسي مادي وليس المقصود فيه الوحي، وهذا يتفق مع فكرة مذاهب الروحانيين والسحرة وفي الآية (21) من نفس السورة يضفي المترجم غموضاً على علم الله - تعالى -بمخلوقاته، وإنه يأمل حصول التقوى من الناس وكأنه ليس بكل شي عليم..
وفي الآية (30) من سورة البقرة فسر كلمة (خليفة) كمن يخلف غيره في أمر أو يأتي بعد رحيله أو موته، فهل يتناسب هذا مع جلال الخالق - سبحانه -؟!
ويضيف الداعية المترجم (ع م): هذا نزر يسير من بحر من الأخطاء التي لا يمكن السكوت عنها أبداً حفاظاً منا على كتاب الله - تعالى -وعلى سمعته من التشويه وحفاظاً منا على سمعة المملكة العربية السعودية التي تقدم جل الخدمات لكتاب الله وتوزيعه على الجاليات الإسلامية في شتى أنحاء العالم وبلغتهم.
من جانبه، قال الدكتور حلمي نصر صاحب الترجمة: "إن كل مترجم أو شيخ أو داعية أو ناقد له الحق في مناقشة هذه الترجمة وتصحيح بعض الأخطاء التي يمكن لأي إنسان أن يقع فيها، والمسلم مرآة أخيه وكل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون كما جاء في الحديث.. وهذا ما أعلنه معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بالمملكة في تقديم هذه الترجمة، منبهاً كل مسلم وجد خطأ سواء مطبعياً أو منهجياً أو ما إلى ذلك أن يكاتب الوزارة حتى تتفاداه في الطبعات القادمة".
http://www.almujtamaa-mag.com المصدر:
==============
د . محمد العبدة : الدعوة لم تتراجع، لكنها بحاجة لمراجعة .. والسنة بحاجة لمرجعية ( 1 – 2 )
في زمن تغيرّت فيه جملة كبيرة من معطيات التعامل مع الآخر، وتحركت لدى البعض مفاهيم كانت تعد في الماضي ثوابت لا يرقى إليها الجدل، وفتحت جبهات داخلية وخارجية أمام منطلقات وثوابت عديدة، ما يدفع لضرورة المراجعات الذاتية الصادقة والأمينة، تبدأ من السؤال الدائر في نفوس الكثيرين من المصلحين: "هل الطريق التي سلكناها خلال السنوات الماضية كانت ناجعة؟ هل اجتهاداتنا في هذا السبيل كانت صائبة؟ ".. هذا السؤال ونظائره حدوا بموقع (المسلم) أن يجري حواراً مع الدكتور محمد العبده (المفكر والباحث الإسلامي)، وجاء حوارنا معه متشعباً وغنياً ومستفيضاً، تناول الثابت والمتغير، والتعامل مع الآخر، وفنون مخاطبة الجماهير، وكيفية الارتقاء بالخطاب الدعوي، والكثير من الأمور الغنية الأخرى.
وفيما يلي الحلقة الأولى من الحوار مع الدكتور العبده.
* دكتور محمد، كيف تنظر إلى داعية اليوم، وهل ثمة تغيير يمكن أن يطرأ على عمل الدعوة، وطريقة تفكير وتعامل الداعية مع الناس؟
يشهد العالم تغييرات مستمرة من ناحية الأساليب وهذه المتغيرات ـ لا الثوابت ـ، إن لم يلحظها الدعاة، فإنهم سيقعون في أخطاء قد لا ينتبهون لها وتمر السنون وهم يمارسون أساليب دعوية، قد ألفوها منذ زمن.
والملاحظ أن الجماهير تزداد وعياً، خاصة في السنوات الأخيرة، عبر العديد من الوسائل، منها القنوات الفضائية وغيرها، وبزيادة الوعي، فإن الجماهير تتسلح بشيء من العلم أو الثقافة، وبالتالي فالخطاب الموجه للجماهير يجب أن يتطور تبعاً لذلك، وأن يتناسب مع الوعي الثقافي. سواء كان هذا الخطاب هو الخطاب الأساسي والمهم جداً كخطب الجمعة أو الدروس العامة، أو حتى الاختلاط بالجماهير ودعوتهم.
من وجهة نظري، فإن من الأشياء التي يمكن أن تساعد فعلاً على الاتصال أكثر بالأمة والجماهير؛ هو الخطاب المبني على علم. أعني أن لا يكون الخطاب عاطفياً فقط، بل يجب أن يجمع الخطاب بين العلم والعاطفة، فالجماهير يجب أن تشعر أنها تستفيد من الداعية أو من العالم شيئاً علمياً يفيدها في حياتها اليومية، كما أنها تريد أيضاً أن يزداد إيمانها من خلال الوعظ أو من خلال التذكير بالأخلاق العالية وسيرة السلف مثلاً، لذلك لا بد أن نخاطبها أيضاً خطاباً علمياً؛ كأن نأتي بالأحاديث الصحيحة وبفهم الآيات وبالوقائع.
هناك تغيير كبير في مجتمعات، كما تحدثنا في البداية، نتيجة الإعلام والعلم والمدارس، والذي لا يلاحظ هذا ويظن نفسه سيظل يعيش على ما كان عليه فسيكون فاسد.
من ناحية ثانية، فإن الجماهير بدأت تعاني في السنوات الأخيرة من زيادة المشاكل الحياتية اليومية. خاصة مع انتقال الحياة من المدن البسيطة والقرى البسيطة، إلى تعقيدات الحياة الحالية.
فالمفروض من الدعاة الذين يريدون أن ترتفع الأمة والجماهير إلى مستوى أفضل، ويكونون مساعدين، بل منخرطين في الدعوة مع الدعاة والعلماء، يجب عليهم أن يتكلموا عن همومهم.
وأن يحاولوا مساعدة الناس في التخفيف من همومهم اليومية، خاصة مع وجود مشاكل اقتصادية واجتماعية كثيرة خلال السنوات الأخيرة.
لا نريد أن نبحث عن الأسباب وغيرها، ولكن الداعية الناجح هو الذي يستطيع أن يخاطب الجماهير أيضاً في مشاكلهم، أو يقدم بعض الحلول لهم.(13/91)
أما قضية الحماية، فيجب على العلماء أنفسهم أن يتحولوا إلى حماية. يعني أن العلماء إن اختلطوا بجماهير الأمة، فسيكون هم أنفسهم حماية للدعوة، لأن من يريد أن يضرب الجماهير؛ لن يستطيع ذلك، فالأمة أو على الأقل قسم كبير من الأمة هي من العلماء والدعاة. وهذه إحدى أسباب نجاح حماية الدعوة، إذ من هموم الدعوة؛ الاتصال بالناس، والتخطيط لدعوة الناس، وتوصيلهم إلى الإسلام الصحيح، وهذا بالتالي مما يؤكد ويؤيد حماية الدعوة.
- في مرحلة سابقة، منذ نحو ثلاثة عقود تقريباً، كانت هناك مبادرات جيدة للدعوة، حيث استطاعت الدعوة الانتقال من بلد لآخر، وبدأت الدعوة تغمر أرجاء كثيرة، وتعلي من شأن طروحاتها ورموزها، لكن الآن وخلال الخمس سنوات الأخيرة من عمر هذه الصحوة والتي ترافقت مع المستجدات العالمية التي أثرت عليها، نلحظ نوعاً من التراجع عن هذه المكتسبات، وتعرضت مكتسبات للهدم أو للزوال بسبب عوامل داخلية وخارجية، وفي تلك الخارجية نلحظ نجاحاً ربما حققه مناوئوها، فهل تعزون هذا التطور لقصور سيطر على عمل جماعة الدعوة في طرحها والقضايا التي كانت تضعها في أولوياتها، أم أن هذه تعتبر من السنن الكونية أو السنن التي تمر على الدعوات مهما كانت طبيعتها وتجاربها ورموزها.
-أنا أعتقد أن الدعوة في مرحلة سابقة قد نجحت في أمور لا بأس بها، من جميع النواحي. والحقيقة فإن ما يسمى بالصحوة الإسلامية قد نشرت الإسلام بشكل كبير. لكن لم يحدث بعدها تجديد، إذ رفعت هذه الصحوة شعارات قد تكون كبيرة جداً لم تستطع أن تحققها، وقد تكون هذه الشعارات صحيحة في حد ذاتها، لكنها قد تعطي للناس نوعاً من مصداقية الحلم الذي لا يصعب تحقيقه، فإذا لم يتم تحقيق هذه الأحلام؛ يصاب الناس بالإحباط.
كما قد تكون رفعت شعارات غير صحيحة، ثم لم تراجع، وبالتالي استمرت الأمور على الطريقة الأولى سنوات عديدة. وهنا تصاب الدعوة بالنقص.
وأظن أنه من السنن الاستمرار والقوة، وبالتالي الزيادة، وكان هرقل قد سأل أبا سفيان عن المسلمين، "هل يزيدون أم ينقصون"، فأجاب أنهم يزدادون. فاستدل هرقل بهذا الجواب بأنها دعوة صحيحة. ولكن قد تمتحن الدعوة، وقد تبتلى، وهذا شيء طبيعي، ولكنها يجب أن تزداد باستمرار كماً أو كيفاً.
وأنا أعتقد أن هناك أخطاء حصلت، منها عدم تجديد المناهج وغيرها. فأنت عندما تضع كتاباً في المناهج التربوية، ويبقى هذا الكتاب 20-30 سنة، فستجد عندما تراجعه أشياء عديدة خاطئة. وهذا يعني أن المسلم سيتربى عليها، وسيظن أنها صحيحة، وهو ما يؤدي إلى التراجع، لأنه سيبقى مستمراً على عقلية معينة. لذلك أرى أن التجديد يجب أن يشمل حتى الأمور الفكرية والأمور المنهجية، ويجب أن يشمل التجديد أيضاً الوسائل، إذ هو الذي يجعل الحركة مستمرة، ويجعل الدعوة الإسلامية مستمرة، ويقويها.
* هناك انطباع ترسخ لدى كثيرين ربما لا يستند إلى بحث واستقصاء علمي بأن ثمة تراجع في الصحوة، يعزز ذلك الجرأة التي تبديها الحالة الإعلامية في نقدها والتي تجاوزت الخطوط الحمراء كثيراً فيما يتعلق بالأصول والمقدسات والثوابت، وقد يكون هذا الانطباع صادق أو غير ذلك، وعلى هذا، هل يمكن للصحوة أن تتوافر على معايير علمية محددة تستطيع من خلالها قياس مدى تقدمها أو تأخرها بعيداً عن الصور الإعلامية الزائفة؟
حتى نكون دقيقين، الدعوة ليست في تراجع بالمعنى الذي قد يفهمه القارئ أو السامع، بل العكس أحياناً، حيث تجد الآن المساجد ممتلئة أكثر من ذي قبل. بل ممتلئة من الشباب ومن الشباب الصغار أكثر، وهذا الشيء يدعو للتفاؤل كثيراً. فعندما يكون الشباب من سن 14- 15 فما دون يملئون المساجد، فإنك تتوسم خير.
هناك أناس لديهم جرأة، وبدؤوا يتكلمون. وطبعاً الإعلام القوي الآن هو الإعلام الزائف الذي يصور ما يتمنى، لكن دعنا نتكلم عن أنفسنا بدون الإعلام. فستجد أن الدعوة صار فيها مرحلة فتور ثم أيضاً ضعف في الطرح الفكري الثقافي فهذا أدى إلى أن بعض الناس أو بعض الشباب ظن أنه مدخل للنقد، وبالتالي فإن هذا النقد غير صحيح أيضاً لأنه إذا أراد أن ينتقد انتقاداً سليماً (وهو حق طبيعي له بشرط ألا تكون عن نية سيئة أو حب للشهرة والظهور) يجب أن يرجع إلى ما جاء في السنة، والذي هو الإطار العام الذي نستطيع من خلاله التجديد، أما خارج هذا الإطار فأنا أعتقد أنها ستختلف ويكون فيه تخبط، ومنهج السنة من الاتساع ما يجعله مرناً وقوياً في ذات الوقت. لدرجة أن العلماء أو الدعاة يستطيعون أن يجددوا ضمن هذا المنهج الشيء الكثير.
* نعود للنقطة الأولى التي تتعلق بالأخطاء التي ترافقت مع فترة انتشار الصحوة أو التربية الفكرية والثقافية لأبناء الصحوة، لو قدّر للشيخ العبدة أن يرجع 30 سنة إلى الوراء، هل كان سيرى أن القضايا التي وضعت آنذاك هي ذاتها التي كان سيضعها فيما يتعلق بالأولويات التربوية والطروحات الفكرية التي يجب أن يتربى عليها الصحوة؟
لا طبعاً، يعني أنا أرى الكثير من الأشياء التي يمكن أننا لا نقبلها الآن، أو يجب ونتمنى أنه لو لم تكن موجودة، على سبيل المثال، التربية أو بعض طرق التربية التي نتج عنها نوع من الحزبية، وهذه طبعاً أضرت كثيراً بالصحوة الإسلامية والعمل الإسلامي.
فلو عدنا إلى الوراء، فسأتمنى أن يكون هناك نوع آخر من التربية، أن نجتهد في تربية معينة، لا تنتج عنها نفس السلبيات، بحيث نستفيد من كل الطاقات الإسلامية الموجودة، فيما أرى أن التربية القديمة لم تحقق لنا الاستفادة من كل الطاقات، وجعلتنا محددين بطاقات بسيطة وقليلة.(13/92)
هذا من جهة، ومن جهة أخرى، أرى أحياناً خلال الثلاثين سنة الماضية، أنه كان هناك تركيز في أحيان كثيرة على الجانب العلمي البحت، ما ساعده على التضخم، على حساب ضمور الجانب الأخلاقي مثلاً أو الجانب السلوكي أو الجانب الروحاني إن صح التعبير.
فأنا عندما أرجع إلى الوراء، أرى وأشعر أحياناً أن جانب الصلة بالله أو جانب التقوى فيه قد كان ضعيفاً، رغم أنني لا أتهم أحداً. لكن أرى فيه ضعفاً من جانب التقوى، وهذا أهم ما في القضية، والذي أعنيه أن الله - سبحانه وتعالى - ينظر للقلوب ولا ينظر إلى الإنسان كما لا ينظر إلى الأشكال.
والأخلاق طبعاً لا تأتي عن طريق النظريات، هناك العديد من الكتب عن الأخلاق سواء وعظاً أو تأصيلاً، (لكنني) أرى أن الأخلاق ممارسة، وبمعنى (أدق) ممارسة عملية المشايخ والعلماء والدعاة والطلبة يمارسون عملياً، فهذا مثلاً كان فيه نقص، وأتمنى لو يمكن أن تصحح هذه الأمور الآن، لنعود إلى حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - عندما قال: "ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله"، دلالة على أن القلب هو الأساس، وأنه هو البداية، وهذا سبب نجاح الجيل الأول للصحابة، إذ إن الصحابة قلوبهم نظيفة وطاهرة.
أنا بالطبع لا أقول "إنه يجب أن نكون مثل الصحابة أو مثل التابعين"، ولكننا نسعى إن شاء الله قدر المستطاع لذلك، وهذه هي مجاهدة النفس، ويجب أن نجاهد أنفسنا في هذا، وأن نركز على هذه الناحية، وهو ما أتمنى أن نعود إليه في هذه الأمور، طبعاً من دون أن نهمل الجانب العلمي، بل أن نسايره جنباً إلى جنب مع الجانب الفقهي. وعدم مسايرتهما لبعض يحدث نوعاً من الضعف، فتصور مثلاً وجود مفكر إسلامي كبير، ولكنه لا يهتم بالصلاة، فكيف يستقيم هذا الأمر، وما الفائدة منه. أو أن يتساهل هذا المفكر في أمر عقدي مثلاً، أو عنده ضعف في القضايا الأخلاقية، فما الفائدة من فكره؟
* مصطلحات ومفاهيم التجديد والمراجعات والنقد الذاتي صار الجدل يدور حولها كثيراً هذه الأيام وخاصة فيما يتعلق بالقائمين على منهج أهل السنة الذين يرون أنهم يلتزمون بضوابط معينة في أمور الدعوة ويكون هناك اختلاف واسع جداً في مدى السعة والضيق في هذا الأمر في قضية التجديد والمراجعات والنقد الذاتي، ما هي رؤيتك لهذا المنطلق وما هي حدوده الشرعية التي ترى أنه لا بد من الالتزام بها؟
كتبت مقالاً في كتابي (تأملات في الفكر والدعوة) وكان أول مقال في التجديد والتجدد، وقلت فيه: " إن التجدد يعني غير التجديد الذي هو تجديد كبير"، وأرى أنه لا بد من التجدد بين كل فترة وأخرى، في وسائلنا وأهدافنا المرحلية، وفي أخلاقنا وأمورنا ومنهجنا، وأرى من المهم جداً أن نسير بهذا المعنى، بل إن ابن خلدون يسمي عدم التجديد "بالداء الخفي".
والداء أيضاً في الناس الذين لا يلاحظون المتغيرات، ويبقون عقلهم على ما هو عليه، ويظنون أنفسهم قبل 30 أو 40 سنة ولا يحسون بالتغيير الجديد.
على سبيل المثال، هناك تغيير كبير في مجتمعات، كما تحدثنا في البداية، نتيجة الإعلام والعلم والمدارس، والتغير طال حتى العلاقات الدولية، بعد أن حدثت تغيّرات في الدول، والذي لا يلاحظ هذا ويظن نفسه سيظل يعيش على ما كان عليه فسيكون فاسد.
ولكن طبعاً شعار التجديد فعلاً هو شعار يرفعه من يريد أن ينسف الثوابت بحجة التجديد، إذا وصلت هذه الأمور إلى قضايا العقيدة وقضايا بعض أصول الفقه مثلاً. وهذا التجديد سيكون في غير الإسلام ولن يكون صحيحاً بطبيعة الحال.
فالتجديد يجب أن يكون ضمن ثوابت محددة ومعروفة في الإسلام، وضمن منهج السنة، والتجديد في مناهج الفكر وفي وسائل الدعوة، وهذا كله ممكن، ولكن أن تتنازل عن الثوابت بحجة التجديد، فهذا ليس من التجديد في شيء، بل هو ما يسمى بهدم الحقيقة، مهما كانت الظروف.
وأنا أعتقد أن الإسلام حق ودين، أنزله الله - سبحانه وتعالى -، وهو دين للإنسان، ودين خير للبشرية في الدنيا والآخرة، مهما كانت الظروف.
وعلى اختلاف الظروف الدولية أو الظروف المحلية الآن، إلا أنه يجب المسلم أن يبقى متمسكاً بثوابت الإسلام، وثوابت دين الله - عز وجل -، وهذا ما يساعد المسلمين في نصرة الله لهم، أما الزعزعة في اليقينيات لأسباب معينة، أو لظروف معينة أو لدول، فهذا لا يسمى تجديداً.
* تسببت رؤى السابق ساقتها أنماط تربوية متناسبة مع عصرها الماضي، وتخلفت عنها أطروحات فكرية مزجت ما بين الأدلة الشرعية وواقع كانت تحياه هذه الأمة ربما قد تغير الآن، في إشكال في استنساخ هذه الأطروحات في الواقع المتغير الآن، وإذا ما أخذنا مثلاً واضح الدلالة في ذلك في أسلوب التعاطي مع قضية المرأة الذي تم التعامل معه برمته بما فيه من رؤية آنية للمرأة قبل عقود، والذي تصادم الآن مع رؤى مغايرة واستمسك البعض بالرؤية السابقة لاعتبارها شيئاً مقدساً لا يؤثر فيه الزمن، واكتست مع ذلك قدراً من التضخيم جعلها لدى البعض ركناً من الأركان، من عرضها للمراجعة كأنه هدم أصل دعوته، كيف تقيمون الأمر من حيث هي مسألة طرحت آنفاً على نحو قاصر أم كان مناسباً للفترة التي طرحت فيها وتحتاج لنوع من التجديد مثلما تحتاج الأفكار والآليات إلى تجديد وتطوير مع مرور الزمن؟
بعض المواضيع أصلاً كان الطرح ناقصاً فيها، مثلاً قضية المرأة. فأنا أعتقد أن قضية المرأة واقعة بين حدين، الحد الأول الذي يُدخل أحياناً العادات أو التقاليد بالدين، ومن يخشى أو يضعف أمام الهجوم الكاسح على قضايا المرأة والأسرة ويريد أن يظهر أنه هو متجدد أو عصراني أو كذا فيبدأ يتكلم عن المرأة بشكل مفرط.(13/93)
أما عندنا نحن المسلمين فقضية المرأة قضية واضحة وبسيطة، وهي مسألة مرتبطة بالإسلام، وحلها مرتبط بتعاليم الدين الإسلامي، ولا خلاف على ذلك.
وأنا أعتقد أنه كان هناك نقص في طرح هذا الموضوع، ولنكون دقيقين أكثر أرى أنه كان لدينا "خوف" من التصريح برأي الإسلام الحقيقي في قضايا المرأة. مثلاً قضايا التعليم قضايا اللبس القضايا الاجتماعية قضايا الانتخابات ومشاركة النساء فيها، وغيرها.
وربما يضطر بعض الضعاف أن يقولوا عندما يرون الهجوم علينا حول هذه النقطة " نحن ليس لدينا مشكلة، وممكن أن تصبح المرأة لدينا رئيسة للجمهورية مثلاً"، ولكن هذا مخالف للفطرة، فحتى في الدول التي تضغط على العالم الإسلامي كأمريكا، منذ أن أسست هذه الدولة، وحتى الآن (أي منذ 300 عام)؛ لم يحدث أن تولت امرأة منصب الرئيس هناك.
والبعض الآخر يقول "إن بعض المشاكل ليس لها حل في الإسلام"، رغم أن جميع المشاكل لها حل في الإسلام. ولكن لم يكن هناك جرأة في الطرح، ولا يتجرأ أن يقول " أن هذا رأي الإسلام في قضايا المرأة" كقضية كشف الوجه، حيث إنه ولا شك أن ستر الوجه هو الأفضل والأحسن للمرأة، لكن ما دام فيه آراء للعلماء خاصة في البلاد غير المملكة، ونحن نتمنى أن المرأة تستر جسمها وتستر شعرها وكذا بستار واسع والأفضل أن تغطي وجها، لكن إن لم تغط وجهها فلا نقول: "إن هذا حرام مثلاً" لاحظت كيف يكون الطرح في الجانبين.
وهناك بعض القضايا التي بقيت رهينة النظرة الواحدة منذ 30 عاماً، ولعدم التجديد بقيت على ذات الخطأ. مثلاً كان هناك نظرة تتسم بالسطحية، نحو الشيخ رشيد رضا. لكن عندما بدأنا نقرأه له شعرنا أنه كان هناك خطأ في نظرتنا الأولى للشيخ رشيد، وأنه شخص لديه علم جيد وغزير، بل لديه نظرات كبيرة في الواقع، ونظرات جيدة جداً، بغض النظر عن أخطائه أو ارتباطه بالمدرسة العقلية لمحمد عبده.
فإذن إما أن يكون فيه فعلاً بالأصل نظرة قاصرة أو أنهم اجتهدوا في بعض القضايا العلمية أو التربوية أو الفكرية، وقد يكون هذا أدى إليه اجتهادهم وواقعهم، لكن لعدم التجديد يحدث شيء من الزعزعة أحياناً.
أيضاً على سبيل المثال بعض الشعارات التي طرحها سيد قطب شعارات مجملة ومبهمة، ولما نأخذها على مجملها نراها مبهمة، وقد تحدث إشكاليات، ولكن المفروض أن يكون فيه تجديد، وتكون لدينا الشجاعة أن نعيد قراءة المصطلحات، ونبحث عن إيضاح ما كانت غير واضحة منها.
ونواصل في الحلقة القادمة بإذن الله، حوارنا مع الدكتور العبده، نستوضح منه عن الطروحات الفكرية التي يجب أن يتبناها الدعاة، وعن الخارطة الدعوية وجغرافية التيارات الإسلامية، وريادة علماء المملكة الدعوية في العالم، وتجربة العلماء والدعاة في الفضائيات، وغيرها.
19/12/1426
http://www.almoslim.net المصدر:
=============
هنيئاً أيها المعلم
سليمان خالد الرومي
هنيئاً لك أيها المعلم لاتخاذك هذه المهنة الشريفة والتصدي لحمل هذه الرسالة الخالدة، فقد وضعت قدمك على طريق البناء والإعداد لهذه الأمة. فمخطئ من يظن التعليم وظيفة رسمية فحسب، بل يعد ذلك ظلماً وإهانة للجيل والنشء، لا للمعلم وحده. وإنها لنظرة قاصرة تقلل من مكانة المعلم العالية.
وكم هي سعادتنا كأولياء أمور ونحن نراك تحمل بين جوانحك نفساً صادقة وقلباً حاراً يحترق على واقع أمته ويتألم لحال الشباب، ولديك طموح صادق ونفس أبية متطلعة للإصلاح والتغيير. فنحن كأولياء أمور نرى ثمرات جهدك ونتاج عملك في سلوك وأفعال أبنائنا.
صلاة ربانية ودعوات إيمانية
عن أبي أمامة الباهلي - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن اللّه وملائكته وأهل السموات وأهل الأرض حتى النملة في جحرها ليصلون على معلم الناس الخير" (رواه الترمذي).
سبحان اللّه! أي منزلة تلك التي يبلغها المعلم ويستحق بها أن يصلي عليه الله - سبحانه وتعالى - وملائكته الكرام؟
له مثل أجر من اتبعه
عن أبي هريرة رضى اللّه عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً" (رواه مسلم).
وعن جرير بن عبداللّه البجلي رضي اللّه عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده، من غير أن ينقص من أجورهم شيئاً، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيئاً". (رواه مسلم).
وقال سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه - رضي الله عنهم - إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من علم علماً فله أجر من عمل به لا ينقص من أجر العامل شيء" (رواه ابن ماجه).
فبادر أخي المعلم بتعليم الخير ونشره لتفوز بدعوة النبي - صلى الله عليه وسلم -. فرب كلمة لا تلقي لها بالاً تقع على من يكون أوعى لها منك فينالك أجرها "فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه".
هدى النبي - صلى الله عليه وسلم - في التعليم
وصف اللّه - سبحانه وتعالى - نبيه محمداً - صلى الله عليه وسلم - بأنه معلم فقال - سبحانه -: هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين (2) (الجمعة).
وما أجمل ذلك الوصف وأبر هذا القسم الذي صدر من معاوية بن الحكم السلمي - رضي الله عنه -: "بأبي وأمي رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - مارأيت معلماً أحسن تعليماً ولا تأديباً منه" (رواه مسلم).
صفات المعلم الناجح(13/94)
ولا يستحق أي معلم الصلاة الربانية والدعوات الرحمانية والمنزلة الرفيعة إلا إذا تحلى بصفات ونأى بنفسه عن غيرها، ومن الصفات التي يجب أن يتحلى بها:
الإخلاص للّه وحده: يقول الحافظ ابن جماعة في أدب العالم مع طلبته: "والأولى أن يقصد بتعليمهم وتهذيبهم وجه اللّه - تعالى -ونشر العلم ودوام ظهور الحق وخمول الباطل ودوام خير الأمة بكثرة علمائها واغتنام ثوابهم وتحصيل ثواب من ينتهي إليه علمه".
التقوى والعبادة: قال أبو العالية: "كنا إذا أتينا الرجل لنأخذ عنه نظرنا إلى صلاته فإن أحسن الصلاة أخذنا عنه وإن أساء الصلاة لم نأخذ عنه" (رواه الرامهرمزي بإسناده). وقال الإمام مالك - رحمه الله -: "إن هذا العلم هو لحمك ودمك، وعنه تسأل يوم القيامة فانظر عمن تأخذه".
حث الطالب على حب العلم: إن غرس حب العلم والعناية به من أهم الصفات التي ينبغي أن يتسم بها المعلم. قال الإمام النووي: "وينبغي أن يرغبه في العلم ويذكره بفضائله وفضائل العلماء، وأنهم ورثة الأنبياء صلوات اللّه وسلامه عليهم، ولا رتبة في الوجود أعلى من هذه".
حسن المظهر: المعلم هو القدوة، والطالب يلاحظ معلمه في كل شيء، وكان السلف الصالح يعنون بذلك ويوصون المحدث بحسن مظهره.
حسن الخلق: اللسان هو معيار شخصية الإنسان، وهنا يجب عليك ألا تتكلم إلا بكلام طيب حتى لا يسمع الطالب إلا الكلام في خير. يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "ليس شيء أثقل في الميزان من الخلق الحسن".
الانضباط واتزان الشخصية: يقول الإمام النووي: "وينبغي أن يصون يديه عن العبث وعينيه عن تفريق النظر بلا حاجة ويلتفت إلى الحاضرين التفاتاً قصداً، بحسب الحاجة للخطاب".
القدوة الصالحة: يقول ابن مسعود - رضي الله عنه -: "من كان كلامه لايوافق فعله فإنما يوبخ نفسه"، فالمعلم ينبغي أن يتحدث لطلابه عن أهمية الصلاة والمحافظة عليها، وحين يصلون في المدرسة يرونه في آخر الصفوف، ولا يكون كمن يحث الطلاب على الالتزام بالمواعيد وهو لايلتزم بها.
ونأخذ بعض النقاط التي نتمنى من المعلم الاستفادة منها وهي:
توقير الطالب وتقديره: يقول ابن جماعة عن حسن المعاملة: "وكذلك ينبغي أن يرحب بالطلبة إذا جلسوا إليه ويؤنسهم بسؤاله عن أحوالهم وأحوال من يتعلق بهم بعد درسهم، وليعاملهم بطلاقة الوجه وظهور البشر وحسن المودة وإعلام المحبة وإظهار الشفقة".
الثناء عليه حين بحسن: فمن رأى الطلاب قد تفاعلوا في الدرس وتجاوبوا معه فيجب أن يثني عليهم ويدعو لهم أن يبارك اللّه لهم في علمهم.
العدل بين الطلاب: عقد ابن سحنون باباً في العدل بين الصبيان وأورد فيه بإسناده عن الحسن قال: "إذا قوطع المعلم على الأجرة فلم يعدل بينهم أي الصبيان كتب من الظلمة".
الاعتدال في معالجة الأخطاء: يقول الغزالي: "إن من آداب المعلم أن يزجر المتعلم عن سيئ الأخلاق بطريق التعريض ما أمكن ولا يصرح، وبطريق الرحمة لا بطريق التوبيخ".
الاهتمام بالطالب: من واجب المعلم أن يتعرف على المشكلات الاجتماعية التي يعيشها المتعلم، لما لذلك من أثر في نموه العلمي والاجتماعي.
العناية بالطالب الموهوب: لقد خلق اللّه الناس معادن وطاقات متفاوتة، كما قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "الناس معادن خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا" (رواه البخاري ومسلم).
http://www.almujtamaa-mag.com المصدر:
============
فكرة دعوية للمساجد ( 6 )
إختر غذاء روحك
عبد الله القحطاني
بفضل الله - عز وجل - كثرت مشارب الخير من المطويات والكروت التي تسهّل الخير للناس في التسجيلات الإسلامية، والمكتبات، وموارد ما يحث على الخير...
... ولكن....
كيف نقدم هذه المطويات والكروت بأنواعها المختلفة لمن يدخل المسجد على طبق من ذهب؟
الجواب:
تصميم لوحة حائطيه، أو لوحة متحركة، ونضع بداخلها جيوب كثيرة تحمل المطويات والكروت بمواضيعها المتعددة 000
فمثلا لو وضعنا في الصف الأول من اللوحة:
10جيوب مقاسها مثل مقاس المطويات التي لها مقاس (11سم عرض * 21 طول)
ولو وضعنا في الصف الثاني:
10جيوب مقاسها مثل مقاس المطويات التي لها مقاس (15 سم عرض * 21 سم طول)
ولو وضعنا في الصف الثالث والرابع:
20 جيبا مقاسها مثل مقاس الكروت الدعوية من أذكار الصباح والمساء، ومثل الكروت التي يعدها الشيخ محمد العريفي، والشيخ عيد العنزي من فتره لأخرى...
وهكذا تعد الجيوب على حسب الأحجام التي يمكن أن تتوفر في الدور والمطابع....
حتى تخرج اللوحة بصورة متكاملة، ولا بأس من تزويد اللوحة بالعبارات التي تحفز على الخير...
وبعد ذلك:
يقوم إمام المسجد أو المسؤول عن هذا المشروع بتعبئتها دائما حتى يحصل عليها المصلي بكل يسر وسهوله...
ولعل من عنوان هذه الفكرة فهم المقصود....
ولا تنسى مصلى النساء من هذه الفكرة....
وصلى الله وسلم على نبينا محمد
http://www.saaid.net المصدر:
============
إلى كل داعية اجلس مع داعية
سلطان العمري
رأيت من خلال تجارب كثيرة في طريق الدعوة أن من أنفع الأعمال التي ترتقي بأمور الدعوة إلى الأفضل أن يجلس الدعاة سوياً للمدارسة والمناقشة ومطارحة الآراء، وتلقيح الأفكار والعقول، ودراسة التجارب والتشاور في الأولويات، وبحث القضايا، وغير ذلك مما يدور في جلسات الدعاة.
إن الداعية الذي يحرص على الالتقاء بالدعاة والمناقشة معهم في نظري أعلم وأحكم وأنفع ممن لم يحرص على ذلك.
إن الانفراد الدعوي، وعدم الأخذ بتجارب الدعاة والاستفادة منهم له أثر سلبي على مسيرة الدعوة.(13/95)
ولو نظرنا إلى القرآن عندما يأمر الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ( وشاورهم في الأمر) إنها دعوة للجلوس مع الآخرين ومناقشتهم وإلقاء الأفكار على ساحة الحوار لتكون النتائج أجمل.
إن التعاون الدعوي لا ينبغي أن يكون محصوراً في التعاون المادي فقط، ولا في التعاون الظاهر كالتعاون الجسدي في إعداد مخيم أو مركز أو توزيع أشرطة، إن من أحسن التعاون الدعوي " التعاون الفكري والعقلي " ولقد استفدت كثيراً من اللقاءات مع الدعاة وإن كان بعضها قد يكون لدقائق معدودة.
وإن المتأمل لمسيرة الدعوات الناجحة يجد أن من أعظم أسباب نجاحها هو التعاون الفكري بين رجالها، فهم يجتمعون للمدارسة والمشاورة في أمور الدعوة ودراسة قضاياها.
وإني أقولها بكل صراحة كل عمل دعوي لا اجتماع فيه فنتائجه ضعيفة، وإيجابياته أقل من القليل، فلنحرص على مبدأ الاجتماع الدعوي والنقاش في القضايا الدعوية وسنرى أن لذلك أثراً كبيراً في نجاح دعوتنا.
http://www.denana.com المصدر:
==========
كيف تكسب الآخرين
إليكم هذه النصائح وأتمنى أن تثمر لديكم ويكون لها التأثير الإيجابي في أنفسكم
بسم الله نبدأ
- أبدأ الآخرين بالسلام والتحية، ففي السلام تهيئة وتطمين للطرف الآخر ..
- ابتسم فالابتسامة مفعولها سحري وفيها استمالة للقلوب .
- أظهر الاهتمام والتقدير للطرف الآخر وعامل الناس كما تحب أن يعاملوك
- للناس أفراح: وأتراح: فشاركهم في النفوس
- اقض حاجات الآخرين تصل إلى قلوبهم فالنفوس تميل إلى من يقضي حاجاتها
- عليك بالعفو عن الزلات وتغليب نفسية التسامح
- في تفقد الغائب والسؤال عنه ضمان لكسب الود واستجذاب القلوب
- لاتبخل بالهدية ولو قلّ سعرها، فقيمتها معنوية أكثر من مادية
- اظهر الحب وصرّح به فكلمات الود تأسر القلوب
- تفنن في تقديم النصيحة ولاتجعلها فضيحة
- حدث الآخرين بمجال اهتمامهم فالفرد يميل إلى من يحاوره في مدار اهتمامه
- كن ايجابياً متفائلاً وابعث البشرى لمن حولك
- امدح الآخرين إذا أحسنوا فالمدح أثره في النفس ولكن لاتبالغ
- انتق كلماتك، ترتفع مكانتك فالكلمة الحسنه خير وسيلة لاستمالة القلوب
- تواضع فالناس تنفر ممن يستعلي عليهم
- تجنب تصيُّد عيوب الآخرين وانشغل بإصلاح عيوبك
- تعلم فن الإنصات فالناس تحب من يصغي لها
- وسع دائرة معارفك واكسب في كل يوم صديق
- اسع لتنويع تخصصاتك واهتماماتك تتسع دائرة معارفك وصداقاتك
- إذا قدمت معروفاً لشخص ما لا تنتظر منه مقابل
http://www.zzrz.com المصدر:
===============
أفكار لإحياء دور المسجد في المجتمع
أيمن بن معلا اللويحق
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
فإن الإمامة أمانة ومسؤولية عظيمة جعلها الله على عاتق من تولى هذه المسؤولية وأوكل إليه نفع الناس بما يمكنه أن يصنعه لهم.
أيها الأحبة /
إن دور المسجد كبير في خدمة المجتمع وهذا ما كان عليه سلفنا الصالح رضوان الله عليهم فلقد كان للمسجد دور في خدمة المجتمع من عهد نبينا محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم إلى عهد قريب ولكن بعد توسع نطاق المعمورة كان لزاما إقامة إدارات ترعى شؤون المجتمع وما يحتاجه الناس غير أنه بقي للمسجد دور فعال أيضا خاصة أن الناس بحاجة ويتلهفون لذلك.
إن الأجر المترتب على نفع الناس بأي شيء كان عظيم جدا أسأل الله ألا يحرمنا وإياكم الأجر والثواب
أيها الأحبة / إنني أحببت أن أشارك إخواني الأئمة وغيرهم ممن له إهتمام بنفع الناس ببعض الأفكار لإحياء دور المسجد في المجتمع ونفع الناس ولو بشيء يسير فإليكم بعض الاقتراحات لعل الله أن ينفع بها:
• الاقتراح الأول/ الحلقات القرآنية
لو بدأ المسجد بفتح حلقات للقرآن ولو كانت حلقة واحدة أو حلقتين مثلا وذلك في البداية لئلا نبدأ بداية كبيرة فيكون هناك خلل فالبداية يسيرة حتى يتطور العمل ولو كان مبدئيا حلقة أو حلقتين للابتدائي وواحدة أو اثنتان للمتوسط لكان ذلك حسنا فإن الشباب في هذا السن كالعجينة باليد يحتاجون إلى من يربيهم التربية الإسلامية المستقاة من الكتاب والسنة خاصة مع انشغال الآباء عن أولادهم أو تشاغلهم بالمغريات التي أحاطت بالجميع إلا من رحم ربك والحلقات القرآنية هي أولى من يقوم بذلك فلعل الله أن يجعل منهم الإمام والفقيه والعالم والمهندس والطبيب الذين يدلون الناس على الخير وينفعون أمتهم ومجتمعهم
ولو استؤجرت لذلك حافلة مبدئيا لنقل الطلاب لكان ذلك حسنا.
• الاقتراح الثاني/
استقطاب أحد المقرئين ممن يحملون القراءات ومن أهل الخير والصلاح والتقى ويكون مسكنه قريب من المسجد حتى يكون متواجد دوما في المسجد يقرئ الناس من الكبار والجامعيين ومن أراد إجازة، وإذا رؤي أن العدد كثير فيؤتى بآخر وهذا الشخص سيحيي بإذن الله المسجد.
• الاقتراح الثالث /
إقامة دار نسائية إن كان بالإمكان فتح دار نسائية مجاورة للمسجد أو قريبة منه فذلك حسن والنساء بحاجة إلى ذلك لأنها بذلك تقتل الفراغ الذي تعيشه في بيتها بما يعود عليها بالنفع في الدنيا والآخرة ولو بدأ ذلك بشيء يسير كان أولى وأحرى أن تستمر بإذن الله وأيضا من فوائد إقامة الدار زيادة عدد الطلاب في الحلق لان أهلهم سيأتون للدار القريبة من المسجد والأفكار في ذلك كثيرة.
• الاقتراح الرابع/
لقاء مفتوح شهري مع أحد كبار العلماء ولو كان هناك تنسيق سنوي لذلك كان ذلك حسنا يبتدئ الشيخ بحديث خاص ثم تطرح الأسئلة ويسجل هذا اللقاء ويطبع باسم المسجد حتى يستفاد منه.
• الاقتراح الخامس/
الكلمات عقب الصلوات أو بين الآذان والإقامة(13/96)
: إن الناس قد ملوا كثيرا من المحاضرات فلهذا تجد أنه لا يحظر المحاضرات إلا النزر اليسير من الناس
ولحل ذلك يكون جدول للكلمات في كل أسبوع كلمه ويكون التنسيق له وإعداده سنوي أو نصف سنوي ويا حبذا أن تراعى في الكلمات المواضيع النازلة بالناس في وقتهم وتكون مدتها لا تتجاوز خمس عشرة دقيقه لئلا يسئم الناس ويملوا.
• الاقتراح السادس/
يكون في المسجد درس علمي أو أكثر في وقت المغرب في الفقه العقيدة والحديث والتفسير مثلا يومين في الأسبوع أو ثلاثة ويفضل أن تكون لأحد المشائخ أو طلبة العلم المعروفين.
• الاقتراح السابع/
يجعل في المسجد مكانا مهيأ يوجد به هاتف ويكو ن لأحد المشائخ وطلبة العلم المعروفين يأتي فيه يوم في الأسبوع يستقبل فيه اتصالات الفتاوى ويأتيه في مكانه من يستفتيه سواء كان ذلك مرة أو مرتين لشيخ واحد باستمرار أو لأكثر من شيخ كان يكون اثنان في كل أسبوع احدهما وذلك لان الناس بحاجة إلى مفتين يوضحون لهم أمر دينهم خاصة مع المستجدات والمتغيرات وكثرة من يفتي ممن ليس بأهل للفتوى ومما يدل على حاجة الناس إلى مفتين مانسمعه من كثرة المستفتين المتصلين على إذاعة القران ويعلن عن ذلك في المسجد وبين الناس وفي الصحف وتكون فترة جلوس الشيخ مثلا ساعتين في الأسبوع ويحدد اليوم بالاتفاق مع الشيخ حتى يعلن عنه.
• الاقتراح الثامن/
لو كان هناك محاضرة نسائيه لإحدى الداعيات المعروفات شهريا أو كل شهرين في مصلى النساء في المسجد أو إذا وجدت دار نسائيه ففي الدار أو يكون اللقاء خاص بالنساء ويلقي المحاضرة احد العلماء ويجيب عن أسئلتهن.
• الاقتراح التاسع/
توزيع هدية شهرية على المصلين في المسجد تحتوي على مطوية وشريط وسواك مثلا أو غير ذلك والأفكار كثيرة وتكلفتها يسيره فلو وزعت 500 هدية شهريا فتكلفتها تقريبا 1000 ريال ويوزع الهدايا طلاب الحلق بعد صلاة المغرب والعشاء في يوم واحد من أيام الشهر.
• الاقتراح العاشر/
إقامة دورات في المسجد توافق الزمن أو الوقت فقبيل رمضان تقام دوره عن الصيام والقيام وأحكامه لمدة ثلاثة أيام وقبيل الحج كذلك وقبيل الإجازات تقام دوره عن السفر وأحكامه وأحكام الأعراس وقبيل الربيع تقام دوره عن الرحلات وآدابها وأحكامها وأحكام الصيد وتقام دوره في الفتن ويستضاف للدورات العلماء الأجلاء.
• الاقتراح الحادي عشر/
تقام محاضره كل شهرين لشخص بارز في موضوع بارز ولو اتفق مع الشيخ على موعد ولو بعد سنه كان ذلك حسنا.
• الاقتراح الثاني عشر/
إقامة خيمة بجانب المسجد دعوية تقام بالتعاون مع مركز الدعوة وتفعل هذه الخيمة بإقامة معارض دعوية وبالإمكان الاستفادة من مركز الدعوة بحي الروضة الذي ابتكر هذه الفكرة وطبقها.
• الاقتراح الثالث عشر /
وضع حامل لكتب الجاليات والاشرطه في آخر المسجد وهذا متوفر في مكاتب الدعوة والجاليات.
• الاقتراح الرابع عشر/
إقامة مسابقه خاصة بالمسجد كمسابقه على احد الكتب ويشترك فيها من أراد وتكون جوائزها قيمه وتكون المسابقة دوريه كل أربعه أشهر ففي السنة ثلاثة مسابقات ويراعى في ذلك المواسم.
• الاقتراح الخامس عشر/
إقامة مسابقه بين الجاليات على احد كتب العقيدة المترجمة بلغتهم والجائزة تكون برحلة لأداء العمرة وطريقة المسابقات هذه لعلها ترسخ معلومات لدى الشخص كان يجهلها فيستفيد حينئذ ويفيد غيره.
• الاقتراح السادس عشر/
أن يتولى إمام المسجد أومن ينيبه الزكوات والصدقات فيستقبلها منهم فيصرفها في مصارفها أو يكون كالوسيط بينهم وبين المؤسسات الخيرية وكذلك في المواسم وزكاة الفطر.
• الاقتراح السابع عشر/
وضع صندوق للأسئلة يجاب عنها في كل أسبوع ويوضح ذلك وتعلق في لوحة الإعلانات في آخر المسجد.
• الاقتراح الثامن عشر /
الاهتمام بمجلة المسجد وبالإمكان الاتفاق مع أحد المكاتب الدعوية وفي تجديدها كل شهر ومتابعتها برسم سنوي.
• الاقتراح التاسع عشر/ (خيمة الوناسة)
ويراد بتلك الخيمة إقامة خيمة بجانب المسجد إن أمكن ذلك وإلا استراحة ولو كانت تحتاج إلى نقل تكون هناك وسيلة نقل للطلاب
ويراد جمع الأولاد في الحي وتقسيمهم بحسب السن وتوزيعهم وتكون هذي الخيمة يقضي فيها الشباب في آخر أيام الأسبوع بعد العصر وحتى العاشرة مساءً وتكون هناك برامج معدة لتلك الخيمة كالتنس والبلياردو والألعاب الخفيفة السباحة وبعد ذلك إما محاضرة لأحد الدعاة المناسبين لمرحلة هؤلاء الشباب أو غيرها من البرامج الأخرى ثم بعد العشاء معاودة اللعب والاجتماع فعشاء فذهاب للبيوت
والهدف من هذه البرامج:
• حفظ هؤلاء الشباب من الخروج في أماكن مشبوهة مع أناس يضرون أكثر مما ينفعون
• القضاء على أوقات هؤلاء الشباب بم يفيدهم
استمتاع الشباب بم هو مفيد موافق للأخلاق الإسلامية حتى يربي الإنسان نفسه ويصون نفسه عن الشر
ويكون هذا البرنامج تحت إشراف أولياء الأمور ولو حضروا مرة في الشهر.
• الاقتراح العشرون /
إقامة رحلة كل فترة لأهل الحي لمكة والمدينة وأداء المناسك
ويهدف البرنامج إلى: ترابط أهل الحي مع بعضهم البعض وأيضا تثقيف الناس في ذلك.
• الاقتراح الحادي والعشرون /
القيام بزيارات للمستشفيات ومستشفى النقاهة وغيرها بأهل الحي حتى يحصل بذلك الاتعاظ والاعتبار وتذكر نعمة الله على الإنسان وكيف أنه فضله على غيره من الناس بجعله في عافيه وسلامه.
وبعد هذا أسال الله أن يبارك في الجهود ويجعلها في ميزان الحسنات ويجعلنا وإياكم هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين إنه سميع قريب وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وسلم تسليما كثيرا
n-ayman@hotmail.com
http://www.saaid.net المصدر:(13/97)
============
الموعظة بالإكراه !
سامي بن عبد العزيز الماجد *
ليس من المواعظ ما يجب القعود له والإنصات إليه سوى خطبة الجمعة، ومن زعم ذلك فقد أساء وتعدّى وظلم. ولو سألت أحداً ـ وخاصة الوعّاظ ـ: هل يجب ـ شرعاً ـ الإنصاتُ لموعظة غير خطبة الجمعة؟ لما أجابك بغير الجواب الذي تعرف.
وعلى أننا متفقون على هذا نظرياً؛ إلا أن بعض الوعّاظ قد تمرَّد على هذا الاتفاق عملياً، فأرغم الناسَ على سماع موعظته بأساليب فيها معنى القسر والإكراه على السماع، ولولا إفلاسُه من مهارات الإلقاء وأساليب التشويق والتأثير وحسن السبك لما لجأ إلى تلك الأساليب (الإكراهية) لحبس الناس لموعظته، فأوجب عليهم ما لم يوجبه عليهم ربهم، ونفَّرهم وهم جلوس إليه! ولَتنفيرُه هذا أشدُّ مِن تنفير مَن ينفِّر بأسلوبه من غير أن يُرغمَ أحداً على الاستماع إليه؛ فالنافر الذي يخرج مختاراً لا شك أنه أقل سخطةً من نافرٍ راغبٍ عن الموعظة راغبٍ في الانصراف فيُرغَم على الجلوس مُكرهاً.
فهذا أحدهم، يتحين في إلقاء موعظته وقتاً يكتظ المسجد فيه بالمصلين، وهو وقت صلاة التراويح، ولكنه ـ لِما يعلم من إفلاس موعظته من المؤثرات والمشوقات ـ يخشى لو جعلها بعد انصراف الإمام من صلاة الوتر ألاّ تجلس إليه تلك الجموع الحاشدة، فيحتال لأجل إرغامهم على الجلوس لها بحيلة قذرة، لا يحتالها إلا من أفلس من مهارات الإلقاء والأساليب المؤثرة، فقد عمد صاحبُنا إلى جعل موعظته (الميتة) قبل صلاتي الشفع والوتر، وربما بدأها بالتأكيد على أن الاستماع إليه غير واجب، وأنه لا يملك ـ شرعاً ـ أن يُكرِه أحداً على الجلوس لها!! يقول هذا وهو يعلم أن الناس إنما هم محبوسون لصلاتي الشفع والوتر؛ فهم لن يخرجوا قبل أن ينصرفوا مع إمامهم لتُكتب لهم قيام ليلة؟!!
أليس هذا من أعظم التنفير عن المواعظ وتكريِه الناس في الوعاظ؟!
أليس في هذا الإكراه لسماع الموعظة مخالفة لهدي النبي وسنته؟! أليس من الابتداع في الدين أن يتحيّن الواعظ هذا الوقت غير المناسب ويجعله ميقاتاً لموعظته؟!
وهذا واعظٌ آخر كان يعلم ـ بواقع تجربته ـ أنه مفلس من تلك الأساليب المؤثرة فلجأ إلى تخويف المنصرفين عنه وعن موعظته (المحنّطة) بنصوص شرعية يوردها في غير موضعها؛ فيبدأ موعظته ـ قبل أن يرى منصرِفاً عنه ـ بالتخويف من الإعراض عن الذكر بما رواه البخاري ومسلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينما هو جالس في المسجد والناس معه؛ إذ أقبل ثلاثة نفر، فأقبل اثنان وذهب واحد، فوقفا على رسول الله، فأما أحدهما فرأى فرجة في الحلقة فجلس فيها، وأما الآخر فجلس خلفهم، وأما الثالث فأدبر ذاهباً. فلما فرغ - صلى الله عليه وسلم - قال: (ألا أخبركم عن النفر الثلاثة: أما أحدهم فأوى إلى الله فآواه الله، وأما الآخر فاستحيا فاستحيا الله منه، وأما الآخر فأعرض فأعرض الله عنه)، فكأنه ـ حين صدَّر بهذا الحديث موعظته ـ يريد أن يجعل موعظته كموعظة الرسول، والمعرض عنها كالمعرض عن موعظة الرسول، ليخوِّف كل من تسوّل له نفسه الخروجَ والإعراضَ عن موعظته بأن ذلك هو إعراضٌ عن الذكر نفسه وعن آيات الله وسنة رسوله. بيد أن إيراده لهذا الحديث ليخوِّف به المنصرفين المعرضين يدل على جهله؛ إذ أخذ بظاهر الحديث ولم يحقِّق، و إلا فمن المعلوم أن الجلوس للموعظة غير واجب سوى خطبة الجمعة، وهذا الحديث له تأويله الذي فقهَهُ أهل العلم، فقال القاضي عياض: "من أعرض عن نبيه - عليه الصلاة والسلام - وزهد منه فليس بمؤمن، وإن كان هذا مؤمناً وذهب لحاجة دنيوية أو ضرورية فإعراض الله عنه ترك رحمته وعفوه، فلا يثبت له حسنة ولا يمحو عنه سيئة" أ. هـ
إذن الإعراض المذموم في الحديث يحتمل أن يكون خاصاً بالإعراض عن موعظته، ولذا قال ابن حجر (فتح الباري 1/189): "يُحتمل أن يكون ـ أي المعرض ـ منافقاً" وإنما أورد هذا الاحتمال؛ لأن الله قد جازى هذا المعرِض بإعراضه - سبحانه - عنه.
وإن قيل بالعموم فالحديث ـ مع ذلك ـ لا يدل على أن من لم يجلس للموعظة فهو آثم، وإنما غاية ما يُقال فيه: إنه قد حُرم أجر الجلوس للذكر وبركته. ولو أعملنا ظاهر الحديث فحكمنا على كل من أعرض عن موعظة بأنه آثم لكنَّا قد أوجبنا حضور ما سوى موعظة الجمعة، وفي هذا إيجاب لما لم يوجبه الله.
ويكفي في الدلالة على أن الحديث ليس على ظاهره، وأنه ليس عاماً في حق كل من حضر مجلس موعظة ـ أن الجلوس لاستماع خطبة العيد غير واجب.
فيا أيها الوعّاظ! لا تُكرهوا الناس على سماع مواعظكم، ولا تغضبوا منهم إن هم خرجوا ولم يجلسوا لها، فلا تلوموهم ولوموا أنفسكم، فليس العيب والتقصير ـ بالضرورة ـ فيهم، وفتّشوا في أنفسكم ومواعظكم فربما كانت (محنَّطة) تحتاج إلى أن ينفخ فيها من روح الحياة.
----------------
*المحاضر في كلية الشريعة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية .
24/9/1426
27/10/2005
http://www.islamtoday.net :المصدر
-============
البلاغ المبين
محمد المصري
جعل اللّه - تعالى- مهمة رسله وأنبيائه وأتباع رسله هي البلاغ أي إبلاغ دعوة الحق إلى جميع الناس وإلى الثقلين، ولكنة ليس كأي بلاغ إنه (البلاغ المبين) ولفظ البلاغ المبين جاء في القرآن في ثلاثة مواطن، هي:
1- قال تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ} (المائدة: 92).
2- وقال - عز وجل -: {فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ} (النحل: من الآية35).(13/98)
3- وقال - سبحانه -: {وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ} (يّس: 17).
وقفة مع اللغة:
كلمة بلغ: تعني وصل أو قارب على الوصول.
يقول ابن فارس: (الباء واللام والغين أصل واحد، وهو الوصول إلى الشيء: بلغت المكان إذا وصلت إليه، وقد تسمى المشارفة بلوغاً بحق المقاربة)(1).
وقال الأزهري: (والعرب تقول للخبر يبلغ أحدهم ولا يحققونه، وهو يسوؤهم: سمع لا بلغ، أي تسمعه ولا يبلغنا، ويجوز سمعاً لا بلغا)(2).
فإن نجاحنا في الإقلاع بالأمة مرهون بمدى أدائنا للبلاغ المبين الواضح الناصع القوي الواسع الانتشار، وذلك أداء لأمانة الدعوة .
وقال في اللسان: رجل بليغ: حسن الكلام فصيحة، يبلغ بعبارة لسانه كنه ما في قلبه)(3).
وبيان يذاع في رسالة ونحوها(4).
وهذا دليل على أن استعمال كلمة البلاغ إنما كان لما فيه من طبيعة الوصول والانتهاء.
يقول الشيخ السعدي- رحمة الله تعالى- في تفسير قوله- تعالى-: {وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ} أي: البلاغ المبين الذي يحصل به توضيح الأمور المطلوب بيانها وما عدا هذا من آيات الاقتراع ومن سرعة العذاب فليس إلينا، وأن وظيفتنا هي البلاغ المبين.
من مقتضيات البلاغ المبين:
أ - عدم التقصير في البلاغ: قال- تعالى-: { يأيها الرسول بلّغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدى القوم الكافرين} (المائدة66).
يقول القرطبي - رحمة الله -: "وهذا تأديب للنبي - صلى الله عليه وسلم - وتأديب لحملة العلم من أمته ألا يكتموا شيئاً من شريعته"(5).
ب - توفر عنصر الوعي لدى المبلغ: قال - صلى الله عليه وسلم - : (نضر اللّه امرءاً سمع مقالتي فوعاها وحفظها وبلغها، فرّب حامل فقه إلى من هو أفقه منه..." الحديث رواه أحمد، استفاد الخطابي من هذا الحديث كراهة اختصار الحديث لمن ليس بالمتناهي بالفقه، وعلى هذا فإن الوعي يكون بحفظ النص وأدائه كما قيل، ويكون للفقيه بمحافظته على المعاني المستفادة.
ج - ومن مقتضيات البلاغ المبين البلاغة: وتتضح البلاغة المقصودة في قوله تعالى: {وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً} (النساء: من الآية63) ويقصد بها أن يكون الكلام حسن المعاني واضح في ألفاظه مع تجنب وحشي الكلام وغريبه, ولا يقصد بالبلاغة التكلف والتشدق والتفيهق، فهذا مخالف لمنهج السلف الصالح- رضوان الله عليهم- فقد (مرّ السلف الصالح في بث الشريعة للمؤالف والمخالف، ومن نظر في استدلالهم على إثبات الأحكام التكلفية علم أنهم قصدوا أيسر الطرق وأقربها إلى عقول الطالبين، لكن من غير ترتيب متكلف، ولا نظم مؤلف، بل كانوا يلقون الكلام على عواهنه ولا يبالغون كيف في ترتيبه إذا كان قريب المأخذ سهل الملتمس)(7).
د - ومن فقه البلاغ المبين كراهة الخوض فيما لا ينبني عليه عمل:
يقول الإمام الشاطبي - رحمه الله - تعالى: "كل مسألة لا ينبني عليها عمل، فالخوض فيها خوض فيما لم يدل على استحسانه دليل شرعي، وأعني بالعمل عمل القلب وعمل الجوارح من حيث هو مطلوب شرعاً، و الدليل على ذلك: استقراء الشريعة فإنّا رأينا الشارع يعرض عمّا لا يفيد عملاً مكلفا به، ففي القرآن الكريم "يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج" فوقع الجواب بما يتعلق به العمل، ومن هنا نهى - صلى الله عليه وسلم - عن قيل وقال وكثرة السؤال) البخاري.
لأنة مظنة السؤال عما لا يفيد، وقد كان مالك بن أنس يكره الكلام فيما ليس تحته عمل. (8)
ويترتب على ذلك:
أن العلم الشرعي وسيلة إلى عبادة الله و(ذلك أن روح العلم هو العمل و إلا فالعلم عارية وغير منتفع به، قال تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} (فاطر: من الآية28) قال سفيان الثوري: "إنما يتعلم العلم ليتقي به الله وإنما فضل العلم على غيره؛ لأنة يتقي اللّه به"(9).
وكل ذلك يحقق أن العلم وسيلة منا لوسائل ليس مقصوداً لنفسه من حيث النظر الشرعي، وإنما هو وسيلة إلى العمل.
هـ - وعلى المبلغ تحديد الهدف من بلاغة بدقة، والبدء بالمهم فالأهم، وأن يعرف كيف يبدأ وما هو مضمون دعوته وأن يعرف رسالته بدقة فالرسالة رسالة إحياء وبعث، ولن يتم الإحياء إلا بتصحيح مفهوم العقيدة، وتصحيح مفهوم التوحيد بمعناه السلفي الشامل، توحيد الأئمة وسلف الأمة، وأن يدعو الناس على أن يقيموا حياتهم على(قبول شرع الله ورفض ما سواه).
و - ومن مقتضيات البلاغ المبين كذلك: إيجاد(واقع) دعوي يؤمن بفكرة الداعية لا بشخص الداعية، وغني عن القول أن نذكر أن فكرة الداعية حتماً وأن تكون نابعة من أصول وتصورات أهل السنة والجماعة..... فالداعية حين يجد من يؤمن بفكرته وتصوره تزداد همته ويزداد وضوح الفكرة في قلبه وعقلة، ويزداد(إقبال الناس على(الأفكار) لوجود (واقع) عملي لها، وقد كان السلف الصالح- رضوان الله عليهم- ينادون كل صاحب سنّة ويدعونه إلى إقامة (واقع) له على منهج أهل السنة والجماعة فروى ابن وضاح عن غير واحد:
(أن أسد بن موسي المسمى(أسد السنة) كتب إلى أسد بن الفرات: اعلم أي أخي أن ما حملني على الكتابة إليك ما ذكر أهل بلادك من صالح ما أعطاك الله من إنصافك الناس وحسن حالك مما أظهرت من السنة وعيبك لأهل البدعة، وكثرة ذكرك لهم، و طعنك عليهم، فقمعهم الله بك وشد بك ظهر أهل السنة، وقواك عليهم بإظهار عيبهم والطعن عليهم...(13/99)
ثم ذكر بعد كلام......... (فاغتنم ذلك وادع إلى السنة حتى يكون لك في ذلك فئة وجماعة يقومون مقامك إن حدث لك حدث، فيكونون أئمة بعدك، فيكون لك ثواب ذلك إلي يوم القيامة كما جاء الأثر فأعمل على بصيرة ونية وحسبة(10).
وأخيراً وليس بآخر: فإن نجاحنا في الإقلاع بالأمة مرهون بمدى أدائنا للبلاغ المبين الواضح الناصع القوي الواسع الانتشار، وذلك أداء لأمانة الدعوة)(11).
أسأل الله بكرمه وفضله أن يرزقنا حسن البلاغ وأن يجعله (بلاغاً مبيناً)، وأن يرزقنا الإخلاص والصدق معه، وأن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يغفر ويرحم كل صاحب(بلاغ مبين) آمين.... آمين.... آمين.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آلة وصحبة أجمعين.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
-----------------
(1) معجم مقاييس اللغة 1/201
(2) تهذيب اللغة9/14 نقلا عن(قواعد الدعوة إلى الله)د. همام عبد الرحيم.
(3) لسان العرب 10/302.
(4) المعجم الوجيز61.
(5) تفسير القرطبي6/242.
(6) معالم السنن للخطابي 4/187.
(7) تهذيب الموافقات للجيزاني40.
(8) السابق37. وأصل كتاب الموافقات للشاطبي- رحمة الله-.
(9) السابق.
(10) أهل السنة والجماعة معالم الانطلاقة الكبرى. محمد عبد الهادي المصري.
(11) أ. خالد أبو الفتوح (رؤية في مسيرة العمل الإسلامي)البيان155. ص95.
24/10/1426
http://www.almoslim.net المصدر:
============
صبرا يا دعاة الإسلام
أيمن سامي
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على عبد الله ورسوله محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فإمام الأئمة محمدا - صلى الله عليه وسلم - خير خلق الله وأكرم الخلق على الله سب وشتم وقيل عنه مذمما وهو محمد - صلى الله عليه وسلم - وقيل عنه أبترا، وقيل له تبا لك.
هذا فضلا عن طرده من بلده ومحاولة قتله، بل وشجه في رأسه وكسر رباعيته وسيلان الدم على خده ثم محاولة سمه ثم وثم مما نزل به - صلى الله عليه وسلم -.
وأما أولو العزم من الرسل فكم ابتلوا فصبروا؟
لقد صبر نوح ألف سنة إلا خمسين عاما حتى دعا ربه أني مغلوب فانتصر.
وابتلي إبراهيم - عليه السلام - حتى أوقدت النار العظيمة ورفع إلى المنجنيق ثم ألقي به وهو يقول حسبي الله ونعم الوكيل.
وانظروا 00 انظروا زكريا - عليه السلام - يرى ابنه يحيى وقد قطعت رأسه وفقد حياته على يد الأوباش اليهود.
كم وكم ابتلي الأنبياء والأصفياء والأولياء فما كان منهم إلا الصبر.
وها هو الخطاب يأتي لإمام الأئمة - صلى الله عليه وسلم -: " فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل".
وهل تكون الدنيا إلا بابتلاء؟ {أم حسبتم أن تتركوا ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب}.
وهل تكون الجنة إلا بصبر على البلاء؟ {أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين}.
وفي حديث سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - قال: قلت: يا رسول الله أي الناس أشد بلاء قال: الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل من الناس يبتلى الرجل على حسب دينه فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه وإن كان في دينه رقة خفف عنه وما يزال البلاء بالعبد حتى يمشي على ظهر الأرض ليس عليه خطيئة.
فالبلاء واقع لا محالة، والعاقبة للمتقين الصابرين.
فصبرا يا أتباع الأنبياء إن جهلت الدنيا قدركم
صبرا إن نزل بكم البلاء من القريب والبعيد
صبرا على أقدار الله من أنواع البلايا المكفرة للخطايا
صبرا 00 صبرا
والعاقبة للمتقين.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.
18-6-1426 هـ
http://www.zzrz.com : المصدر
============
الدعاة وأعراف المجتمعات
محمد الحبر يوسف
للأعراف في كل مجتمع من المجتمعات تأثيرها، وسطوتها على عقول الناس ومواقفهم واختياراتهم، وقد أخبرنا الله - تعالى -في كتابه الكريم أن دعوة الرسل الكرام على ما فيها من حق وإشراق، وما توافر لها من دلائل الصدق والتأييد إلا أن الأمم الجائرة قابلت هذه الهدايات بالتنكر والجحود، وأبت إلا التمسك بأعرافها الموروثة، وتقاليدها المتبعة؛ قال - تعالى -: {وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون}، وقال - جل وعلا -: {وإذ قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا}، وقد حكى الله عن قوم نوح قولهم: {ولو شاء الله لأنزل ملائكة ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين}، وعن قوم إبراهيم قولهم: {قال هل يسمعونكم إذ تدعون أو ينفعونكم أو يضرون قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون}.
ما يزال كثير من الناس إلى عصرنا هذا لا يمنعه من قبول الحق رغم يقينه بأنه حق إلا الخوف من مخالفة قومه، ومما سيلحقه في سبيل هذه المخالفة من عنت؛ فالتحرر من أغلال التقاليد والأعراف الراسخة في المجتمعات ليس بالأمر اليسير؛ ولا يستطيعه إلا من أعد نفسه؛ وهيأها للتضحيات الجسام؛ فقد يبلغ الأمر بمن لا يوافق الناس على ما تواضعوا عليه من خلق ودين أن يُخرج من بلده أو يُقتل؛ {وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا}، وقال قوم لوط: {أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون}.(13/100)
هذه هي سطوة الأعراف على المجتمعات، وقد كان الإسلام مدركًا لأثر هذه الأعراف على عقول الناس؛ لذلك ما اعتمد في تغييرها على العنف والشدة، بل أمر بالرفق والحكمة؛ {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن}، ومن حكم نزول القرآن منجمًا التدرج في تربية المجتمع، وانتزاع مواريث الجاهلية شيئًا فشيئًا..وكان الإسلام منصفًا أيضًا في نظره لأعراف المجتمعات؛ فلم يأمر بمصادمتها جملة؛ واقتلاع كل ما توارثه الناس، ولكنه وضع القسطاس المستقيم الذي يفرق بين الحق والباطل، والهدى والضلال؛ فما وافق الحق قُبل، وما خاصمة رد؛ لذلك لخص لنا النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - حقيقة دعوته؛ فقال: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)؛ فما من عرف حسن، أو خلق كريم استقر في أمة من الأمم إلاَّ وجاء الدين مرحبًا به، وداعما له، وشاهد ذلك قول النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - عن حلف الفضول الذي تداعت له قبائل العرب نصرة للمظلوم: (لو دعيت إليه في الإسلام لأجبت).
ولا شك أن هذه المرونة في التعامل مع كسب الشعوب كانت من أعظم عوامل تقدم الدين؛ إذ لم تشعر هذه الشعوب بأن الإسلام يكلفها أن تنخلع عن كل عاداتها ومواريثها، كما لم يطالبها بأن تتخلى عن انتمائها لأوطانها، وانتسابها لأصولها، وما رأت الإسلام يومًا يحجر عليها أن تتسمى بأسمائها، أو تتزي بأزيائها..
إن هذه الدائرة في شريعة الإسلام متروكة لسنن الناس وعاداتهم؛ ويكفي أن تأتي الشريعة فيها بقواعد كلية، أو تنهى عن أمور محصورة لو عدّها العادّ لأحصاها.. كأن يقول النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: (كُلْ ما شئت، وألبس ما شئت ما أخطأتك خصلتان سرف ومخيلة).
وها نحن نرى شعوبًا دخلت في الإسلام منذ قرون ومع ذلك لا تزال تحافظ على أسمائها، وعلى كثير من عاداتها في طعامها وشرابها ولباسها دون أن يخدش ذلك في انتمائها لدينها.
ومن الخطأ البين أن يخلط الدعاة في هذا الباب بين الشريعة والعادة، وبين السنن الملزمة وغير الملزمة!؛ فقد رأيت في إنجلترا مجموعات من إخواننا المسلمين الجدد يصرون على اللباس العربي، ويمشون به في الشوارع والأسواق والأماكن العامة؛ ظنًا منهم أن هذا اللباس له صلة بالدين!.. ولا زلت أذكر أن شابًا إنجليزيًا (قح) رآني مرة أخطب الجمعة والعمامة على رأسي فألح علي أن أهدي إليه عمامة، ولكني لم أفعل؛ واعتذرت له؛ لأني لم أرَ في ذلك مصلحة تعود عليه، بل خشيت إن لبسها أن ينكره قومه؛ ويظنوا بعقله شرًا! وكم وددت لو أن الدعاة في مثل تلك البيئات علّموا الناس حقائق الإسلام الكبرى، وشرحوا لهم معالمه الأساسية، وبينوا لهم بجلاء أن الإنسان يمكن أن يكون مسلمًا كامل الإسلام وهو يرتدي البدلة، ويأكل بالسكين والشوكة!.
والتعامل مع عادات الناس وطبائع الشعوب من الفقه الذي نحتاج أن نحسنه، وفي ظني أن الدعوة ستكسب خيرًا كثيرًا إذا وفق الله الدعاة أن يستثمروا الجوانب الحسنة في عادات الشعوب؛ ويجعلوا منها طريقًا موصلاً إلى الله.. وهذا هو عين ما فعله الإسلام يوم أبقى على عادات العرب وأخلاقهم التي لا تعارض الدين، ونقاها من الشوائب والمكدرات؛ فالكرم الذي عرفوا به، وتمادحوا به في أشعارهم حض عليه الإسلام، ولكن لم يعد الباعث عليه مخافة الذم كما هو الحال عندهم، ولكن كما قال القرآن: {إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءًا ولا شكورًا}.. والشجاعة في القتال من مفاخر العرب، وجاء الإسلام؛ ومدح هذه الشجاعة، غير أنه حدد لها إطارًا؛ فلا يجوز للرجل أن يقاتل شجاعة أو حمية، وإنما من يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا؛ فهو في سبيل الله.
ومن حق العادات الحسنة أن تشكر، وأن يقابلها الدعاة بمشاعر التأييد؛ حتى يشتد عودها؛ وتصبح من بعد تقليدًا متبعًا، وقاعدة ينطلق منها الدعاة إلى الله في تكثير الخير وتكميله؛ إذ البداية من الأمور المتفق عليها والعادات المستقرة عند الناس أولى من الدخول معهم في صراع حول مسائل لم تبلغها عقولهم؛ ولم يسلموا بها، وقد أخبرنا الله في كتابه أن من أسباب رد الحق احتجاب العقل عن إدراكه؛ فقال: {بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله}؛ فلتكن من بداياتنا في الدعوة توظيف الأعراف المأذون بها فضلاً عن الأعراف التي هي من صميم ديننا.. أقول هذا وأنا أدرك أن كثيرًا من أعرافنا الحسنة في المجتمعات الإسلامية ربما اختلطت بها بدع ومخالفات شوهت صورتها، ونفرت الطيبين عنها، ولكن العاقل من لا يفوّت أصل المصلحة تشوفًا لكمالها، ولا يُبطل العرف الحسن لاختلاطه بمنكر قبيح.
وعلى الدعاة أن يدركوا أيضًا أن دورهم لن ينتهي بإصدار الأحكام على أعراف الناس أو نقدها؛ فالنقد مهما كان صوابًا فلن يجد آذانًا صاغية؛ حتى نقدم للناس البديل الصالح الذي يتشبثون به؛ {قال أوَ لو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم}؛ إن لوطًا - عليه السلام - أنكر ما عليه قومه من فاحشة الشذوذ وما وقف عند هذا الحد!، ولكنه ندبهم إلى الزواج (البديل الطاهر)؛ وقال لهم: {هؤلاء بناتي هن أطهر لكم}؛ فوظيفة الأنبياء ليست إنكار المنكر فحسب، ولكنها مع ذلك إرشاد ودلالة إلى المعروف وطريق الخير والرشاد؛ {الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم}.(13/101)
إن تقديم البديل الصالح للواقع المنحرف هو الذي سيمنح مشاريع الإصلاح الدعوي قوتها، ويكسبها القبول والثقة؛ فالناس مجبولون على التعلق بما يرونه ماثلاً أمامهم، قائمًا في حياتهم.. ونظرهم إلى الواقع المعاش أسبق من نظرهم إلى الأفكار؛ لذلك قلَّ أن يتمسكوا بشيء غير معهود، أو يتأثروا بموعظة مجردة عن السلوك.. وهذا هو السر في أن الله - تعالى -أنزل الكتاب، وأرسل الرسول الذي يتحرك بالكتاب، ويمشي به في الناس، ويجرد من نفسه أسوة حسنة؛ وبهذا يقع التأثير، ويتحقق الصلاح.. وقد قرن نبي الله شعيب بين القدوة الحسنة التي تتبع القول العمل والإصلاح المنشود؛ فقال لقومه: {وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب}.
فالخطاب الدعوي المعاصر يجب أن يركز في هذه المرحلة من تاريخ الأمة على البرامج العملية القادرة على مناهضة الواقع الفاسد، وإشاعة العرف الراشد، أما الحديث - الموصول (وكدت أقول: (المعسول)) - عن الحل الإسلامي وبيناته فلا يكفي وحده؛ و(هل ينتفع المرضى - كما قال أحد المشايخ -: بمن يقول لهم الدواء هو الحل؟!).
http://www.meshkat.net : المصدر
==========
غرور التدين .. آفة تصيب الدعاة
د.محمد متولي منصور
الغرور مرادف للكبر، وهو داء وبيل وشر مستطير، وإذا كان الغرور منهيا عنه لسائر البشر، فالنهي عنه بالنسبة للمجتمع الإسلامي بطريق الأولى، والنهي عنه بالنسبة للدعاة بطريق الأحرى.
وإذا أردنا أن نعرف الغرور لاستطعنا أن نقول: إنه عجب المرء بنفسه، واتباعه هواه، وتضخم "الأنا" عنده، وحبه لذاته، وغمطه لحقوق الآخرين.
وإن تعجب فعجب وجود هذه الآفة لدى بعض الدعاة، الذين من المفترض -وهم ورثة الأنبياء- أن تنطوي قلوبهم على الطهر والنقاء، والود والصفاء، لا على الكبر والغرور والأنانية، وتورم الذات.
أسباب غرور الدعاة:
وهناك أسباب عديدة أدت إلى وجود هذه الظاهرة لدى بعض الدعاة، منها:
أولا: عدم فهم الداعية لطبيعة الدعوة ومنهجها؛ إذ لا يكون الداعية موفقا في دعوته إلا إذا كان عند قول الله - سبحانه -: {ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين} [فصلت: 33]، والغرور يتنافى مع العمل الصالح.
ثانيا: تسليط بعض وسائل الإعلام الضوء على بعض المتكلمين، وإيجاد مساحات واسعة لهم، فتنتفخ أوداجهم، وتتضخم ذواتهم، ويوهمون أنفسهم أنهم قد أصبحوا دعاة، مع أن فكرهم خواء وأفئدتهم هواء.
ثالثا: عدم وجود المجتمع المثقف الواعي الذي يميز بين الغث والسمين، فيهلل من لا دراية لهم من أبناء المجتمع لبعض هؤلاء المتكلمين، فيصابون بداء الغرور، ويحسبون أنهم يحسنون صنعا.
رابعا: التقصير من قبل بعض الجهات القائمة على أمر الدعوة في إعداد الدعاة وتأهيلهم تأهيلا علميا ودعويا، والاكتفاء بإجراء اختبارات قاصرة، ينتج عنها دعاة مغرورون يتزينون بزي الدعاة، لكنهم قد رضوا بالشكل وغفلوا عن المضمون، عنوا بالمظهر ولم يعنوا بالجوهر. ولهذا بالتأكيد له آثاره السلبية على الداعية وعلى الدعوة وعلى المجتمع.
آثار الغرور على الداعية:
أما آثار الغرور على الداعية، فيكفي أنه يقف به عند حدود ما علِم، ظنا منه أن له اسما قد أصبح ملء السمع والبصر، ومن هنا فإنه قد لا يُعِد نفسه حين يريد أن يتحدث إلى الناس إعدادا جيدا، ولذا فقد يهرف بما لا يعرف، وربما يزِل، لكن زلة أمثاله خطيرة؛ لأنها تنعكس على المجتمع الذي ينشر دعوته فيه، ولذا فإنه يكون وبالا على الدعوة، وعبئا ثقيلا عليها، يأخذ منها ولا يعطيها، يسيء إليها من حيث يظن أنه محسن.
أثر الغرور على الدعوة والمجتمع:
أما آثار غرور التدين لدى بعض الدعاة على الدعوة، فإنه يعد مخالفا لطبيعة منهجها؛ لأن منهج الدعوة الإسلامية ينبثق من قول الله - سبحانه - مخاطبا حبيبه - صلى الله عليه وسلم -: {ادعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين} [النحل: 125]. والمغرور لا حكمة عنده ولا موعظة حسنة، فكيف يدعو الناس إلى ما سُلب منه؟!
أما عن أثر غرور التدين لدى بعض الدعاة على المجتمع، فإنه أثر جد خطير؛ لأنه يؤدي إلى الفصل بين القول والفعل، بين الواقع والسلوك، فينتج مجتمعا مفكك العُرَى، مهلهل النسيج، ضعيف البنيان، لديه خور في العقيدة، ووهن في الدين.
كيف نعالج غرور الدعاة؟
ولكي نعالج هذه الظاهرة لا بد أن نقرر عدة أمور اتفق عليها أئمة الدعاة، ومن أبرزها ما يلي:
أولا: إن من أهم الصفات التي يجب أن يتصف بها الداعية "التواضع"، ومعنى التواضع: ألا يستنكف الإنسان من قبول الحق ولو جاءه ممن هو دونه علما أو سنا أو قدرا، ومن الرجوع إلى الحق بعد أن يتبين له. أما الكبر والغرور بالنفس والإعجاب بها، فيصد عن الحق وإن كان أوضح من فلق الصبح. ولهذا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (الكبر بطر الحق وغمط الناس) رواه مسلم.
ولقد كانت أول معصية في هذا العالم دافعها الكبر والغرور، وهي معصية إبليس عليه لعنة الله فلقد أُمِر بالسجود تكريما لآدم - عليه السلام - ولكنه أبى واستكبر وكان من الكافرين، وقال معجبا متكبرا متعاليا: {أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين}.
وبهذا عُلم أن معاصي القلوب أشد خطرا من معاصي الجوارح، وهو الفرق بين معصية إبليس - لعنه الله - ومعصية آدم - عليه السلام -.(13/102)
ثانيا: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - هو سيد الدعاة وإمام المرسلين، قد جعل هذا الداء الخطير -أعني الكبر والغرور - من المهلكات، فقال - صلى الله عليه وسلم -: (ثلاث مهلكات: شح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه) رواه الطبراني بسند حسن. فإذا اجتمع الهوى المتبع والإعجاب بالنفس ازداد الطين بلة، كما يقولون.
ثالثا: إن المتكبر المغرور إنسان مطموس البصيرة أعياه الغرور عن رؤية الحق؛ لأنه لا يبصر إلا من زاوية واحدة، وهي الزاوية التي يرى فيها ذاته، ولا يرى غيرها، وصدق الله العظيم حيث قال: {كذلك يطبع الله على قلب كل متكبر جبار} [غافر: 35]
ومن هنا بات واجبا على الداعية أن ينزع عنه رداء الكبر؛ لأن الكبرياء لله وحده، وأن يجعل التواضع شعاره، وخاصة التواضع للدين، وهذا ما فصل فيه ابن القيم - رحمه الله - تفصيلا جميلا، حين قال في كتابة القيم (مدارج السالكين): " التواضع للدين هو الانقياد لما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم -، والاستسلام له والإذعان ".
رابعا: إن الداعية وحده -في غالب الأمر- هو الإدارة والتوجيه والمنهج والكتاب والمعلم، وعليه وحده يقع عبء الدعوة إلى الله مع إخوانه من الدعاة، وهذا يجعل العناية بتكوين الدعاة وإعدادهم الإعداد الكامل أمرا بالغ الأهمية، و إلا أصيبت الدعوة بالخيبة والإخفاق في الداخل والخارج؛ لأن شرطها الأول لم يتحقق، وهو "الداعية المهيأ لحمل الرسالة".
خامسا: إذا كنا نريد داعية ينتصر في معركته على الجهل والهوى والتسلط والفساد، فلا بد أن يتسلح بأسلحة عديدة لازمة له في الدفاع والهجوم، ومن أبرز أسلحة الداعية ما يلي:
أ- سلاح الإيمان، وبدون هذا السلاح يبطل كل سلاح، وتفشل كل ذخيرة، ونحن نعلم أن الإيمان ليس بالتمني، ولكن ما وقر في القلب وصدقه العمل، كما أخبر بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
ب- سلاح الأخلاق، والأخلاق من لوازم الإيمان الحق وثماره، وقد وصف الله - عز وجل - سيد الدعاة - صلى الله عليه وسلم - بقوله: {وإنك لعلى خلق عظيم} [القلم: 4]، وخاطبه بقوله: {ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين} [آل عمران: 159].
ج- العلم والثقافة، وهذه هي العدة الفكرية للداعية بجانب العدة الروحية والأخلاقية، فالدعوة عطاء وإنفاق، ومن لم يكن عنده علم أو ثقافة كيف يعطي غيره؟ والداعية المتصف بالغرور كيف يأمر غيره بالتواضع وهو فاقد له؟! إن فاقد الشيء لا يعطيه، ومن لم يملك النصاب كيف يزكي؟!
وهذا يؤكد لنا أن الداعية في حاجة إلى ثقافة شرعية وتاريخية وأدبية ولغوية، وإنسانية، وعلمية وواقعية، إنها ثقافة بمعناها العام الشامل. ومنتفخ الأوداج من الدعاة لا يمكن أن يحصل أي لون من ألوان الثقافة؛ لأن الغرور أعمى بصره وطمس على بصيرته.
الفرق بين الثقة بالنفس والغرور:
وإذا كان من مقومات الداعية "الثقة بالنفس"، فكيف نفرق بينها وبين الغرور؟ إن الثقة بالنفس تعني اعتزاز الداعية بمواهبه وبنفسه، من ناحية المظهر ومن ناحية المخبر، وهذا يعينه على نجاح دعوته، أما من يفقد الثقة بنفسه فإنه يتلعثم ويضطرب، وتتبخر منه المعلومات، وتضيع منه التعبيرات؛ لأن مخاطبة الجماهير تحتاج إلى جرأة بالغة تسعفه عند المفاجآت، وتتيح له حل المشكلات.
أما الغرور، فيدل على نفس غير سوية، وإيمان ضعيف، وقلب غير سليم، وحين نفتش في القرآن الكريم نجد أن القلب السليم الخالي من أمراض القلوب - وأهمها: الغل والحقد والحسد والكبر والغرور وحب الذات - هو المقوم الأول من مقومات الداعية، وبه تؤتي الدعوة ثمارها المرجوة ونتائجها المرتقبة.
ولا شك أن على المؤسسات الدينية دورا مهما في معالجة المنحرفين المغرورين من الذين يتصدون للدعوة إلى الله، وذلك من خلال إعادة النظر في البرامج التدريبية والمناهج الدعوية، لتكون أكثر وضوحا، وأتم فائدة، وأبلغ تأثيرا.
19-11-2005
http://islameiat.com :المصدر
============
أين تضع زكاتك وصدقتك
سنذكر هنا بيان للمصارف التي تُدفع فيها الزكاة والصدقة، وذلك في نقاط:
1- احرص على البحث عن الفقراء والمساكين المتعففين، خاصة في الأحياء الشعبية الفقيرة.
2- إذا لم تجد سبيلاً إلى معرفة الفقراء والمساكين المتعففين، فبإمكانك سؤال إمام مسجد الحي عنهم، فإنَّ كثيراً من أئمة المساجد لهم عناية بهم، بل قد تكون لديهم قوائم بأسمائهم، وأعدادهم، وأحوالهم، وحسنٌ أن تتعرف على منازل بعضهم، ليكونوا موطناً لصدقتك الخفية.
3- إذا كان الإمام ليس لديه اهتمام بهم، فهناك كثيرٌ من أهل الخير، المحبّين لبذل الخير والدلالة عليه، لهم عناية بتتبع أحوال الفقراء والمساكين، في المدن والقرى، يتصلون بالمحسنين لمساعدتهم، فاتصل أنت بهم، وأخبرهم عمَّا لديك من مال، واطلب منهم أن يوصلوه إلى مستحقيه.
4- الزكاة إذا دُفعت في غير مصارفها الشرعية الثمانية لا تكون مقبولة عند الله - تعالى -،
ولا تبرأ بها الذمة؛ ومصارفها كما قال - تعالى -:
{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَآءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ
وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}.(13/103)
ولا يدخل فيها المستكثرون، الذين يتسولون لجمع الأموال من أربابها، وهم واجدون لما يكفيهم، وأكثر المتسولين ليسوا من الفقراء ولا المساكين، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لا تحل الصدقة لغني، ولا لذي مِرّة سوي), والغني: الذي يجد ما يكفيه، وذو المرة السوي: القادر على العمل والاكتساب.
وفقنا الله وإيّاك لوضع صدقاتنا في أيدي مستحقيها، ورزقنا الحرص على ذلك.
http://www.dawahwin.com :المصدر
===========
حتى تخرج دعوتك من دائرة رد الفعل
د. عبد الله السدحان
لم يعد خافياً أن المرأة أصبحت الرهان الأقوى الذي يراهن عليه أهل الشر لتحقيق التغير الذي ينشدونه في المجتمع وتحويله إلى مجتمع منفتح ـ بزعمهم - تنطلق فيه المرأة دونما ضوابط شرعية أو اجتماعية، وما هذه الدعوات والممارسات اليومية التي نشاهدها في التعامل مع قضية المرأة إلا مؤشرات قوية لهذا التوجه الذي يراد للمجتمع أن يسلكه عبر بوابة تغير وضع المرأة أولاً ثم ما بعده.
ومن هنا كان على أهل الخير بعد أن اتضحت لهم معالم هذه المرحلة التحريرية للمرأة - وفق مصطلح الفريق الآخر- أن يعملوا بأسلوب مختلف عما كان عليه العمل في المرحلة السابقة، فمن المعلوم أن الجهود السابقة لدعوة المرأة كانت منصبة في معظمها على قاعدة (ردود الأفعال) من الغيورين الرافضين للمنكر وأهله، ولعل قيادة المرأة للسيارة، ومنتدى جدة الاقتصادي، وقناة الإخبارية، خير مثال على ذلك من المنكرات القديمة والحديثة.
لذا لا عجب أن هذا الأسلوب الذي كان متبعاً في التعامل مع دعوة المرأة الدعوة النسائية جعل المدافعين الحقيقيين لها بمنزلة الظالمين لها عند عدد من الكتّاب وحتى بعض المسئولين، فالطريقة في ذاتها ـ أقصد تحري المنكر وانتظاره حتى يقع ثم إنكاره ومحاولة منعه أو إيقافه ـ جعلت هذا التصور يشيع، ومن هنا نطرح أسلوباً يتناسب مع المرحلة التي يعيشها المجتمع ويتعامل في ضوئها مع المرأة.
إن من يطلع على الكثير من التجارب في مجال الدعوة النسائية يستطيع أن يحدد بعض المعالم التي ساعدت على نجاحها، وساهمت بشكل كبير في جعلها تنافس غيرها في ذات المجال، والمقصود بنجاحها من وجهة نظر الكاتب هو قدرتها على استباق المنكر والتأثير في المجتمع، إضافة إلى تفاعل قاعدة عريضة من المستفيدين والمستفيدات معها نقداً وتطويراً، فمن المعالم البارزة في المشاريع الدعوية النسوية الناجحة: روح المبادرة، والتعامل بشكل أقرب للإيجابية في تعاطي إنكار المنكر الذي تعمل هذه المشاريع الدعوية على دفعه أو رفعه، ولا يعني هذا أن الإنكار بالوسائل المتبعة حالياً أقرب للسلبية، بل المقصود أن المنكر أيا كان هذا المنكر يحتاج إلى أكثر من وسيلة لرفعه أو دفعه، ومن هذه الوسائل: المبادرة بطرح البدائل من خلال توقع المنكر، ولا شك أن هذا يحتاج إلى فقه شرعي وفقه بواقع المجتمعات المشابهة لمجتمعنا ـ وبخاصة الخليجية ـ لمعرفة طبيعة المنكر المقبل.
إن الراصد للمجتمعات القريبة منا يستطيع أن يتوقع المرحلة القادمة في مجال إفساد المرأة، وذلك من خلال تتبع الخطوات التي مرت بها المجتمعات الأخرى، وهذه سنن الله في الخلق: وبناءً على المراحل على مرحلة أخرى، والطرح الجريء أحيانا، وخلق الأعذار الواهية لتمرير بعض المشاريع النسوية المشبوهة في المجتمعات المسلمة، والتقدم خطوتين ثم التراجع بخطوة واحدة صفات لا تنفك غالباً عن مسيرة خلخلة عفاف المرأة المسلمة وحشمتها في غالب الدول التي عايشت مراحل إذابة شخصية المرأة المسلمة، أو ما يسمى بتحرير المرأة.
مما سبق أرى أن مشاريع الدعوة النسائية في الحاضر، وكذلك القادمة منها، تحتاج لكي يُكتب لها النجاح أن تقوم على ثلاثة منطلقات رئيسية:
1- رصد مراحل تحرير المرأة التي مرت بها الدول المجاورة: وبخاصة الخليجية، لتشابه الظروف معها، والتعرف على ردود أفعال المجتمع، وردود أفعال وسائل الإعلام والحكومات، والجهات الخارجية، مثل جمعيات حقوق الإنسان والمنظمات النسائية وحكومات العالم الغربي، وتوثيق هذه المراحل وفق تسلسل زمني لمقارنتها بالواقع في المملكة العربية السعودية؛ لمعرفة أي المراحل وصلت مسيرة تحرير المرأة التي يُخطط لها، وأي المراحل نحن منتقلون إليها. ولا يفوتني أن أشير إلى أن الرصد يجب أن يشمل جميع الجوانب المتعلقة بالمناشط النسائية بجوانبها: التربوية، والاجتماعية، والإعلامية، والترويحية، والاقتصادية.
2- التخصص الدعوي: بحيث ينبري مجموعة من العاملين للمبادأة بالمشاريع الدعوية النسائية، وتتفرع مجموعات أُخر لرصد المنكرات والتعامل معها وفق الطرق المتبعة حالياً للتعامل معها، مثل: مناصحة المسئولين، ونصح أصحاب المنكر مباشرة، والتواصل مع العلماء والدعاة والخطباء، والكتابة في الصحف والإنترنت، وكتابة العرائض أو جمع التواقيع، وكل ذلك بالطبع بضوابط الإنكار المعروفة شرعاً.
3- المبادرة بطرح مشاريع دعوية موجهة للمرأة بمختلف شرائحها الاجتماعية والعمرية وليست مشروعاً واحداً، وهذه المشاريع المقترحة ينبغي أن تتناسب والمرحلة المتوقعة المرور بها أو التي يُقاد لها المجتمع بدراية منه، وأحياناً كثيرة بغير دراية منه للأسف. وهذه المبادرات الدعوية إن لم تصل إلى درجة دفع المنكر جملة فهي على الأقل ستخفف منه وتضعفه في حالة وقوعه، وبالتالي تُضعف ما بعده من المنكرات التابعة له. وبكل حال عبارة الفقهاء مشهورة هنا وهي: أن "الدفع أولى من الرفع"، والأسباب في ذلك معروفة لا داعي للإطالة فيها.(13/104)
إذا تناولنا الموضوع من منطلق (الدفاع الاجتماعي) الذي يقصد به (حماية المجتمع والفرد على حد سواء من الجريمة) تكون حماية المجتمع من الجريمة بمواجهة الظروف والعوامل التي تساعد على الإجرام بشكل عام، كما تكون حماية الفرد من خلال تأهيله نفسياً ومعنوياً ليمتنع بنفسه عن الإجرام.
ومن هذا المصطلح الاجتماعي (الدفاع الاجتماعي)..أطرح مصطلحا آخر يقابله وهو (الدفاع الجوي) وأقصد به: حماية المجتمع من المنكرات الموجهة إلى المرأة والتي تكون المرأة مستهدفة فيها، بالإضافة إلى حماية أفراد المجتمع النسوي من الوقوع في المنكر من خلال التأهيل الشامل لهن، ويكون ذلك عبر عدد من المشاريع الدعوية الموجهة إليهن، ومؤادها بشكل شمولي هو حماية المجتمع النسوي من الانحراف بشكل عام، وحماية المرأة نفسها من الانحراف الذاتي أو الانحراف المتعدي إلى الغير، ويكون بطرح مبادرات دعوية تسبق ظهور المنكر في المجتمع النسوي بشكل عام، أو في آحاد النساء.
إن في طرح هذه المشاريع الدعوية الاستباقية للمنكر أثراً عظيماً في تقليل شره، هذا إن لم تتمكن هذه المشاريع بالفعل من رد المنكر بالجملة. وأطرح مثالاً واحداً عن ذلك، فمن المعلوم أن الترويح والترفيه من البوابات الكبرى التي يحاول أهل الشر الولوج منها الآن لحرف المرأة في المجتمع السعودي عن عفتها وحشمتها، وبخاصة أنه يلامس حاجة أساسية في النفس البشرية، ويصاحب ذلك الكم الكبير من ساعات الفراغ التي تمتلكها النساء والتي تراوح بين (6 - 10) ساعات يومياً، ثم إن ممارسة الترويح وبخاصة النساء غالباً ما تخفف من الكثير من القيود الاجتماعية، وهذا ما يجعله مسلكاً سهلاً لتغيير كثير من المفاهيم والاتجاهات لدى الممارسين له.
ومن هنا فإن استمرارية امتلاك زمام طرح المبادرات الترويحية بيد الفريق الآخر يمهد إلى صياغة مناخ ترويحي منفتح يتجاوز جميع الحدود الشرعية والاجتماعية، بخلاف ما لو كان أصحاب المبادرة هم أهل الخير؛ من خلال التوسع المنضبط في التعامل مع هذه القضية الترويح، وطرح مبادرات إيجابية تتمثل في مشروعات ترويحية تراعي الجوانب الشرعية والحاجات النفسية، ولا تُغفل واقع المجتمع وما يمر به من تحولات تتسابق مع نفسها، ويمكن أن يقاس على ذلك الجوانب الأخرى في حياة المرأة المسلمة التي هي محل نقاش وجدل لمّا ينتهي بعد، مثل عمل المرأة، إثبات الشخصية، المشكلات الزوجية، آثار الطلاق عل المرأة... إلخ.
والمقصود بطرح هذه المشروعات الدعوية النسوية أن تُغطي شقيها: النظري، والعملي، فلا يمكن استغناء أحدهما عن الآخر، فإن وجود التصور النظري لمثل هذه المشروعات الدعوية النسائية أهم بكثير من الجانب التطبيقي، فإن وجود التصور النظري لأي مشروع دعوي يسهل عمل من يريد المساهمة في هذا المجال حتى من أصحاب النظرة الاقتصادية البحتة، فتوجه المجتمعات المسلمة الملتزمة يفرض على كثير من رجال الأعمال مراعاة هذا الجانب، وفي ظني أن ذلك ينطوي على خير كثير يتنامى مع الوقت ويؤسس لقواعد تُراعى مستقبلاً في هذا الصدد.
إن طرح هذه الفكرة المتمثلة في التعامل الإيجابي مع واقع المنكرات القائمة في المجتمع لرفعها أو دفع المتوقع حدوثه على المدى القريب أو البعيد، لا يخرج في جملته عن قول الله - عز وجل -: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (آل عمران الآية: 104)، بل أحسبها تطبيقا عمليا لها وامتثالا حرفيا لها، ففي الآية تقديم لمبدأ الأمر بالمعروف على جانب النهي عن المنكر، وإن كان الأمر بالمعروف يتضمن فعلياً إنكار منكر، ولكن ذلك ليس بمطرد، بل فقد يؤمر بمعروف ابتداءً دونما وجود للمنكر.
كما أنه من المعلوم أن تقديم الشيء على الشيء يتضمن أهميته- والله أعلم- ففي ثماني آيات وردت في القرآن الكريم قرن الله - عز وجل - بين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بهذا الترتيب، وهو تقديم الأمر بالمعروف على النهي عن المنكر، ولم يرد في القرآن تقديم لإنكار المنكر سوى في آية واحدة هي قوله - عز وجل - :{لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ} (المائدة آية: 78)، وكذلك الأمر في الأحاديث النبوية حسبما اطلعت لا يوجد ربط بين هاتين الشعيرتين إلا بتقديم الأمر بالمعروف على النهي عن المنكر، سواء في التكليف أما مدح فاعلهما وذمّ تاركهما، ومن هنا فقد تكون المرحلة تحتاج من العاملين في مجال الدعوة النسائية إلى الأمر بالمعروف ابتداء من خلال المشاريع الدعوية الموجهة للنساء التي تقطع الطريق على ظهور منكرات جديدة في المجتمع النسوي، وتقلل من شر المنكرات الموجودة في المجتمع.
ومما لا يخفى أن الآثار المترتبة على المبادرة في طرح المشاريع الدعوية النسائية كثيرة، ولا تنحصر فقط بمنع المنكر من الظهور أو تقليله، بل يمكن القول: إن لهذه المبادرات إيجابيات عدة، منها:
1- تحقيق مبدأ الثقة في النفس لدى العاملين في مجال الدعوة النسائية، وعدم احتقارها، والتغلب على الشيطان فيما يمكن أن يغرر به الفرد المسلم أنه لا يصلح الأمر، فيقعد عن العمل في وسط الطريق ليتعطل ويعطل غيره من المسير، فالثقة في النفس مقدمة أساسية لنجاح العمل والابتكار فيه وتجديده.(13/105)
2- في المبادرة بطرح مشاريع دعوية نسائية إعذار إلى الله - عز وجل -، وتحقيقاً لقوله - تعالى -: {وَإِذَ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} (الأعراف: 164)، كما أن في هذه المبادرات تخفيفا من التبعية الفردية على الإنسان المسلم، قال - تعالى -: {فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللّهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَاللّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنكِيلاً} (النساء 84 87).
3- في المبادرة الإيجابية المنتجة لمشاريع دعوية نسائية جديدة إيجاد للقدوات العاملة الداعية لغيرها، وحجة على القاعدين طوعاً أو المثبطين لغيرهم بأن الزمان زمان سوء لا مجال فيه للدعوة.
4- المبادرات الإيجابية في مجال الدعوة النسائية تعمل على تغيير صورة أهل الخير لدى قطاع عريض من المجتمع والمسئولين فيه، فإن مما يشتكي منه أهل الخير: كثرة ما يُتهمون به من أنهم ضد المرأة وأنهم لا يجيدون سوى مصادمة حقوقها، وتحريم كل عمل أو مشروع تطويري للمرأة، فلا شك أن المبادرات الإيجابية المتمثلة في طرح متتابع ومتواصل لمشاريع دعوية نسائية سوف تعمل مع مرور الوقت على تغير هذه الصور التي يحملها الكثير من أفراد المجتمع وقادته عن أهل الخير، وفي ذلك تغيير استراتيجي لقيادة قضايا المرأة في المجتمع والتحكم في دفتها بشكل ملحوظ على المدى البعيد.
5- الدفع بمزيد من الطاقات في سوق العمل الدعوي النسائي؛ ذلك أن مثل هذه المشاريع الدعوية النسائية الجديدة لا تحتاج في الغالب إلى مواجهة من المنكر القائم أو أهله، فهذه المواجهة قد يعجز عنها العبد من أهل الخير لأي سبب من الأسباب، أما في حالة المبادأة بالعمل وكونه من المشاريع الجديدة فسوف يعمل على استقطاب العديد من الطاقات لتعمل بمعزل عن ضغوط المنكر وأهله، وهي ضغوط قد تُقعد بعض الناس عن العمل وتصيبه باليأس، وهذا خلاف العمل الابتكاري الجديد فهو يجعل الفرد المسلم ينظر بروح التفاؤل للواقع، مما يعزز عملية التعامل معه والتعايش فيه بروح إيجابية.
6- في تعاطي هذه المبادرات الإيجابية المنطوية على مشاريع دعوية نسائية تحقيقاً لمبدأ توظيف الطاقات بحسب تخصصها وقدرتها وميولها وتركيزاً للجهود، إذ الغالب في طبيعة هذه المشاريع ذات الصفة المبادرية أنها تُنفذ بعيدة عن الضغوط المتولدة من رؤية المنكر عياناً، كما أنه بعيد عن ردود أفعال المنكر الواقع، وهذا ما يجعل المشروع الدعوي النسائي ينضج فكراً وتخطيطاً وتنفيذاً، بسبب نشوئه بعيدا عن سياسة ردود الأفعال المتصفة غالباً بالرد السريع غير المدروس أو المخطط له.
7- في مثل هذه المبادرات الإيجابية المنتجة لمشاريع دعوية نسائية توليد لأفكار ومشاريع دعوية نسائية جديدة أخرى ومشاريع تكاملية لها يُبنى بعضها على بعض، ومن هنا فإن تأخر المشروع الأول يؤخر ما بعده، وهكذا فتقدم الأول يعني تقدم ما بعده.
وأخيراً.. فإن من مستلزمات ظهور المبادرات الدعوية النسوية الجديدة: تشجيع المبادرات الفردية ابتداءً ورعايتها بعين الحرص، فالمتتبع لمسيرة الحضارة الإنسانية لا يمكن أن يتخلف نظرة عن حقيقة مهمة، هي أن الإبداع الفردي والإيجابية الذاتية هما منبع الأفكار المتميزة وبداية الانطلاقة لأفكار خلاقة وأعمال تعدى نفعها الزمان والمكان التي بدأت فيه وانطلقت منه.
فأسأل الله أن يجعلنا من الفئة التي تدعو إلى الخير على بصيرة، وممن يأمرون بالمعروف ابتداءً ولا يغفلون عن النهي عن المنكر عن علم ورفق وعدل، وأسأله - عز وجل - أن يعفو ويتجاوز بمنه وكرمه.
http://www.fin3go.com المصدر:
============
زوجة الداعية
عبد الله الشرايده
إن محاسبة النفس مراراً وتكراراً تساعد على الرقي بمستوى الداعية وبالتالي دعوته، ومن محاسبة النفس أن يسأل الداعية نفسه:
ما هو دوري تجاه زوجتي؟
هل قمت بنصحها وإرشادها؟
قد يظن ظان أن دور الداعية ينتهي منذ أن يعثر على تلك الشابة الملتزمة بدين الإسلام والتي ارتضاها شريكة حياته دون سائر الفتيات.
ولكن هذا هو جزء من الدور، والدور الحقيقي هو متابعة النصح والإرشاد بعد الزواج، بالأسلوب المناسب وبالقدوة الصالحة.
ومتابعة النصح والإرشاد لا تعني المطالبة بأن تكون الزوجة كاملة ولكننا بحاجة، في هذه الفترة بالذات (فترة بداية الدعوة)، إلى أن تكون زوجة الداعية قدوة بمعنى الكلمة وإلا فإن أول أثر سيئ لها سيكون على زوجها حيث ستعيقه عن الاستمرار في حمل دعوته.
ثم إنّ الداعية الذي يخل بتربية زوجته، أو يتساهل في تعليمها المبادئ الأساسية في حياة الدعاة إلى الله ستخذله هذه الزوجة في وسط الطريق وهو في أمس الحاجة إليها، وسيضطر إلى أن يلتفت إليها ويعاود نصحها وإرشادها بعد أن خسر الكثير.
كما أن نقص المفاهيم الأساسية عندها قد يتسرب إلى زوجات الدعاة الآخرين، وبذلك يكون الداعية قد أضر بدعوته من حيث لا يدري، كما أنه من الواضح أنّ الداعية الذي يصلح نفسه وزوجته، سيشجع الآخرين ولا شك علي إصلاح زوجاتهم، لذا فإن مسؤولية تربية الزوجة مسؤولية عظيمة.
إنّ بعض الدعاة يظن أن الرحمة والرأفة يتعارضان مع النصح والإرشاد وهذا بلا شك فهم خاطئ، لأن الرأفة والرحمة هما من أساليب التربية وليستا مانعين لها أو متعارضين معها.(13/106)
بل أنّ بعض الدعاة يظن أنّ تربية الزوجة على الأخلاق الاجتماعية الفاضلة مثل صلة الأرحام وبر الوالدين والإحسان إلى الناس والقيام بحقهم وإيثارهم وتحمّل أذاهم و...
، قد يعدّ ذلك تدخلاً في شؤون النساء الداخلية، وهذا أيضاً فهم خاطئ لأن ذلك من تمام القوامة التي أمر الله بها والله أعلم، ولأن الزوجة التي تخل بالأخلاق الفاضلة ستكون عائقاً في وجه اقتداء الناس بها وبزوجها.
إن المفاهيم التي يجب أن تعيها زوجة الداعية كثيرة، نذكر منها ما يلي باختصار: أولاً: اقتضاء العلم العمل.
وهذا مطلب للجميع وإن تطبيقه في الواقع مما يشجج الداعية وزوجته ويشيع روح التفاؤل في الأسرة.
ثانياً: » من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه « وهو حديث شريف إن عمل به الداعية وزوجته عصمهما الله من كثير من الذنوب والمعاصي كالغيبة والنميمة والحسد وما سوى ذلك.
ثالثاً: » لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه « وهذا أيضاً حديث شريف يعين على مكارم الأخلاق كالإيثار ومحبة الخير للناس والفرح لفرحهم والحزن لخزنهم … إلى غير ذلك من الخصال الاجتماعية الطيبة.
http://www.albayan-magazine.com المصدر:
==============
رسالة إلى كل مسلم ملتزم
محمد إبراهيم صبحي
لسنا في زمن الصحابة
كثر ولله الحمد الملتزمون ولكن.... للأسف لسنا في زمن الصحابة أو التابعين.
شاب أو فتاة قالوا إنهم التزموا فأهملوا في دراستهم وعملهم، حتى أصبحنا في آخر ركب الحضارة - هذا إن كنا قد ركبنا من الأصل- وتركوا العلم الدنيوي الذي أمرنا به الله كما أمرنا بالديني... عذرا فلسنا في زمن الصحابة.
رجل أو امرأة قال إنه التزم أهمل عمله ولم يتقن فيه، تعطلت شئون المسلمين علي يديه ويخرج من بين يديه العمل ناقص لا يليق بملتزم وربما ضاعت الحقوق بسببه... آه... فلسنا في زمن الصحابة.
إبن أو ابنة قال أنه التزم فنهر أبواه وأغضبهم ورفض الجنة التي تحت أقدامهم وحجته أنهم ليسوا بمسلمين ملتزمين مثله ونسي وصية الله بالوالدين، معذرة.... فلسنا في زمن الصحابة.
زوج قال إنه ملتزم فأهمل بيته وقال أن العمل واجب وجاء عمله علي حساب زوجته، يتعصب علي زوجته ولا يتحملها ونسي الإحسان والمودة والرحمة ونسي قول رسول الله صلي الله عليه وسلم " رفقا بالقوارير" ونسي وصيته قبل وفاته " أوصيكم بالنساء خيرا" بل نسي سيرته - صلي الله عليه وسلم - وأحواله مع زوجاته والتي ظن هذا الزوج أنه تعلمها فهو ملتزم- آسف لقد نسيت...... فلسنا في زمن الصحابة.
زوجة تقول أنها ملتزمة تصر علي حضور الدروس جزاها الله خيرا- ولكنها نسيت واجبتها نحو زوجها، وكانت حجتها أنه لا يريد أن يعينها علي طلب العلم، وأخري زادت طلباتها وزادت ضجرها وذهبت معه بسمة المودة والرحمة وذهبت معه السكينة التي خلق الله الزوجة لتكون سببها ولكنها تصلي وتصوم ولكن زوجها حاله..... دوما يسرح خيالي إلي بعيد..... فلسنا في زمن الصحابة.
أب يقول أنه ملتزم انشغل في عمله وترك ولده في زمن أحاطه الفتن دون أن يرشده لحفظ القرآن ودون مراقبته إن كان يحافظ علي الصلاة أم لا، نعم فكسب المال أصبح صعبا وفي أولوية التفكير!!!، وآخر التزم ابنه ولكن الأب لا يرضي بالتزام الابن إلا أن يكون من نفس نوع التزامه ولا يترك له قدر من المناقشة وحرية التعبير في حدود المسموح به في الدين (نعم فالالتزام أصبح أنواعا !!!!) فكيف سيخرج الرجل القادر علي أخذ القرار إن لم يساعده والده علي ذلك؟ ويـ.... ماذا حدث لعقلي أصبحت أنسي كثيرا... فلسنا في زمن الصحابة.
أم تقول أنها ملتزمة لا تعرف ابنها من يصادق ولا تهتم بفكره ولا تعرف شيئا عن طموحه ومواهبه ونسيت أنها مدرسة تعد جيلا إن صلح صلحت الأمة وإن فسد فسدت الأمة ونسيت السيرة التي تعلمتها عن أمهات المؤمنين والصحابيات رضي الله عنهن ونسيت.......
تقريبا أنا الذي أصبحت أنسى فلسنا في زمن الصحابة، ولكن كيف أنسي والفتن من حولنا حتى صار الحليم في هذا الزمان حيران، فتن كقطع الليل المظلم.
ولكن فتنة الملتزم أصعب فتنة فهو مرآة المسلمين وهو الواجهة التي ينظر إليها الناس ليروا الإسلام وهو الأمل في يوم تنتشر فيه الرحمة والسلام بين الناس.
فاحذروا أيها الملتزمون فهي أمانة في أعناقكم وليست بالكلمة السهلة أن تكون ملتزما واتقي الله وخذ الإسلام كله وليس بعضه وافهم دينك جيدا وتعلم كيف تكون مسلم ملتزم بار بوالديه ورحيم بزوجته ومجتهد ومتقن في عمله وحليم بين الناس ونافع في مجتمعه وتكون زيادة لهذه الدنيا وليس عليها، فليس العيب في زمننا بل العيب فينا،
قال الإمام الشافعي:
نعيب زمننا والعيب *** فينا وما لزمننا عيب سوانا
ونهجو ذا الزمان بغير ذنب *** ولو نطق الزمان لنا هجانا
معذرة......... فلسنا في زمن الصحابة.
21-5-1426 هـ
http://www.zzrz.com المصدر:
============
رسالة إلى الدعاة
عبد الله الراشد
بين يدي هذه الملاحظات أقدِّم قول الشيخ عبد الرزاق عفيفي - حفظه الله - وهو يتحدث عن بعض الأخطاء الفقهية: (إن الذين لديهم ذكاء حاد لا يقبلون الصواب إلا إذا كان من عند أنفسهم، وذلك أن الله أعطاهم قدرات وطاقات عالية وفقوا بسببها إلى كثير من الصواب الذي أخطأ فيه الناس، ولذلك فلديهم من الثقة بآرائهم ما يصعب على الناس إقناعهم بغيرها).
لهذا أتمنى على من يقرأ هذه الملاحظات من أصحاب الذكاء الحاد أن يتفكر فيها بنفسه دون أن يطيل النظر في العبارة أو الأسلوب.
والله الموفق لكل خير.
أولاً: في مجال التربية والإعداد الجهادي:(13/107)
إن ساحة أفغانستان مدرسة تربوية عظيمة لا يقدرها حق قدرها إلا من عاش فيها فترة من الزمن، إذ (ليس الخبر كالمعاينة)، وهو ميدان تبرز فيه الطاقات الكامنة في الأفراد.
إن معظم من يسيرون في طريق الدعوة إلى الله بحاجة ماسة إلى العيش فترة من حياتهم في هذا الجو الجهادي حتى تستقيم نفوسهم على الطاعة والعبادة.
ويكفي في مجال التربية شعور الداعية بدنو أجله وكتابة وصيته حتى تطهر نفسه من أخطائها وأدرانها وأمراضها.
ويكفي في مجال التربية الشعور بالأخوة في الله في أعلى صورها.
ويكفي في مجال التربية والإعداد الجهادي والتدريب على مختلف الأسلحة؛ مما يصقل الداعية ويطرد عنه عقدة الخوف المبتلى بها كثير من الناس اليوم.
لكن بقي أن نقول: أن هناك طائفة بارزة من الدعاة قد لا يكونون بحاجة ماسة إلى هذا الجو، نظراً لما حباهم الله من طاقات وقدرات عالية، إذ لديهم الاستعداد للمواجهة والتضحية في سبيل الله والصدع بكلمة الحق مهما كانت آثارها عليهم، لكن لنتذكر جيداً أن هذه الفئة قليلة وقليلة جداً بالنسبة لعموم السالكين لدرب الدعوة، ويجب عليهم أن يعلموا أن معظم الدعاة ليسوا على نفس المستوى الذي هم عليه.
وإن نظرة شاملة إلى حالة الدعاة في مختلف القطاعات، سواء في التعليم أو في المؤسسات أو في مواقع العمل المختلفة يتبين لنا منها ما تتعرض له النفوس من الأسن والتقهقر.
وفي ظني أن العيش في جو الجهاد كفيل بإزالة الصدأ المتراكم، وكفيل بدفع الداعية إلى النماء والعطاء والبذل والتضحية.
ثم إن المسلم الداعية الذي لم يعرض نفسه للجهاد لا يدري عن مقدار إيمانه الذي بين جنبيه، إذ أن الجهاد فضحٌ للمنافق حيث قال المصطفى -عليه الصلاة والسلام-: (من مات ولم يغز، ولم يحدث نفسه بالغزو، مات على شعبة من شعب النفاق).
والله - جل وعلا -يقول: (لَوْ أَرَادُوا الخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً ولَكِن كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ القَاعِدِينَ)، ولقول - سبحانه -: (إلاَّ تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً ويَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ...) الآية.
فهل كل القاعدين عن الجهاد من الدعاة سالمين من مقتضى هذه الآيات.
ومن العجيب أن بلاداً مثل سويسرا (وهي الدولة المحاطة بالأمن من جميع الجهات) يفرض على الفرد الذي يتراوح عمره بين الخامسة عشرة والخامسة والأربعين الالتحاق بدورة تدريبية عسكرية مدتها قرابة الثلاثة أسابيع يعيدها سنوياً وبشكل مستمر.
بحيث يستطيعون خلال ساعتين (وعددهم لا يتجاوز الستة ملايين) تحضير جيش مسلح قوامه ستمائة ألف مقاتل.
أليس الدعاة أحق منهم بهذا الإعداد؟ ومن الخطأ الشائع: ما ذكره لي أحد العلماء الأفاضل من أن الإعداد العسكري يمكن أن يتم في حالة نشوب الحرب، وأنه حيثما كانت الحرب وجدت معسكرات التدرب والإعداد، وأقول لشيخنا الفاضل الحبيب: ترى لماذا لم يفكر السويسريون بهذا المنطق؟.
إن الإعداد العسكري للجهاد في وقت قصير من السنة لن يؤثر مطلقاً على سير الدعوة وطلب العلم الشرعي، بل ولا على الأعمال والوظائف.
كما أن الإعداد المستمر للجهاد لا يقتضي مطلقاً الحماس غير المنضبط والذي يؤدي إلى النكسات المتوالية للدعوات.
ثانياً: علاقتنا بالتيار الجهادي:
1- التيار الجهادي متكون من الشباب المتحمس الراغب في بذل نفسه لله ينقصه العلم الشرعي، ولكنه قابل تماماً للتوجيه والإرشاد والتعليم، فمن الواجب علينا أن نستفيد من هذه الطاقات الهائلة ونوجهها التوجيه الصحيح.
لقد رأيت أحد الشباب يستمع إلى شريط لأحد المشايخ ويقول لي: هذه رابع مرة أستمع فيها إلى هذا الشريط، فقلت في نفسي: ترى لو كان الشيخ بينهم كم سيكون تأثيره فيهم؟
2- هذا التيار الجهادي يشعر بالنفور ممن يثبطون عن الجهاد في أفغانستان، ولهذا سيعرض عن الإقبال على الأفكار والمحاضرات الدعوية؛ لأن أصحابها لا يحثون على الجهاد، وبهذا نكون قد وضعنا عوائق بيننا وبين هذا التيار.
3- إن الإعراض عن الشباب المجاهد القاصر في علمه الشرعي يؤدي إلى أن تتلقفه الأفكار المبتدعة ومناهج الخوارج؛ فتتقاذفه ذات اليمين وذات الشمال، وإذا تبنى هذا الشباب المتحمس مثل هذه الأفكار وتلك المناهج فلا تسأل عما يحدث بعدها من الفساد.
كلمة أخيرة: هذه الملاحظات المكتوبة ممن يعرف قدر نفسه إنما نشأت من قلب محب يشهد بفضل من وجهت لهم وسبقهم في البر والتقوى.
وإن لهم على الأمة فضلاً لا ينكره إلا الجاحدون، فهي ليست إلا من قبيل قول القائل: ولم أر في عيوب الناس عيباً كنقص القادرين على التمام
http://www.albayan-magazine.com المصدر:
============
الحرص على الدعوة
محمد العبدة
هل نحن حريصون على الدعوة ونجاحها، وأن تكون هي الأقوى، وهي المهيمنة.
إذا كان الأمر كذلك؛ فهل هناك حرص آخر يوازي هذا الحرص ويزاحمه ويدافعه، وهو الحرص على المستقبل! ! مستقبل العمل الوظيفي، مستقبل الأولاد، تأمين المسكن المريح، والمركب المريح، والوطن المريح.
إن واقعنا يدل على هذه المزاحمة والمدافعة إلا في القليل النادر.
فالدعوة لا تشغل البال ولا تقيم الداعية وتقعده، يفكر فيها ليل نهار، كيف تنجح، كيف تتقدم؟ وما هي أسباب الفشل، وما هي أسباب التأخر والضعف.(13/108)
إن الدعاة يعلمون أن وحدة الصف ووحدة المنهج من أهم أسباب قوة الدعوة، وأن تجميع الطاقات الفعالة المنتجة من أسباب قوة الدعوة، فلماذا لا يفعلون؟ وهم يعلمون أنه ليس للدعوة الآن كلمة نافذة وهيبة مرهوبة، وهيئة علماء يسمع ويستجاب لها، فلماذا لا يسعون لتحقيق هذا؟ إن أشد ما يتعجب له المرء حرص أصحاب البدع وأصحاب الباطل على نجاح دعوتهم، فنراهم يجوبون البلاد طولاً وعرضاً لنشر بدعهم ومبادئهم، يقول أحد دعاتهم: (وددت أن لو ظهر هذا الأمر يوماً واحداً من أول النهار إلى آخره فلا آسف على الحياة بعده).
وما زلت أذكر من قراءاتي أن زعيم المعتزلة واصل بن عطاء قرر إرسال أحد دعاته المقربين إلى بلدة بعيدة، وكان هذا الداعية تاجراً كبيراً فحاول مع واصل أن يرسل غيره ويدفع مقابل ذلك مبلغاً كبيراً من المال، ولكن واصل رفض وأصر على ذهابه، فما كان منه إلا أن استجاب! والآن نشاهد الطبيب المسلم لا يرضى - إلا من رحم ربك - أن يبدأ عمله في قرية من القرى: فيساعد أهلها ويدعوهم إلى الالتزام بالإسلام.
فكيف إذا قيل له: اذهب إلى جبال أفغانستان أو إلى غابات آسيا وأفريقيا أو ارحل مع البدو حيث رحلوا؟ ! ونرى الشباب المتخرج من الجامعات الإسلامية يفضل العمل ولو وظيفة صغيرة في مدينة من المدن على أن يذهب إلى بلاد بعيدة هم بأشد الحاجة إلى أمثاله لتفشي الجهل أو البعد عن الإسلام كلية فالمشكلة إذن هي أن الكل يريد الاستقرار في المدن، بل وفي العاصمة، فمن للقبائل ومن للقرى ومن لمسلمي العالم؟ ونعود للسؤال الذي بدأنا به هذه الخاطرة:هل نحن - حقاً - حريصون على الدعوة ونجاحها؟
http://www.albayan-magazine.com المصدر:
===========
كيف تقوم برحلة دعوية ( أفكار ومقترحات )
الرحلات شئ محبب للنفوس ، ففي الرحلات أُنسٌ بالصديق ، وتفريج للضيق ، وكسب للمهارات والخبرات ، وفوز بالسبق إلى الخيرات .
والرحلات كأسلوب من أساليب الدعوة وسيلة ناجحة ، فهي طريق للقلب المعنّى ليبث فيها الراحل أشجانه وهمومه ويفتح فيها قلبه ومكتوم أسراره ، فجدير بالمربين المخلصين أن لا يفوّتوا مثل هذه السانحة ، لذلك يجدر أن نذكر ببعض المهام والأمور التي تخدم هذه الوسيلة الدعوية الناجحة فنكون أقرب للاستفادة منها فمن تلك الأمور المهمّة :
إخلاص العمل لله : لقد أصبح من الضروري ـ جداً ـ عند بداية كل عمل التذكير بإخلاص العمل لله واحتساب الأجر والثواب من الله جل وعز ، لأنه صار من المشاهد المألوفة ـ المزرية ـ أن ترى الرجل العامل المجتهد ثم هو في منتصف الطريق تموت همته أو تكاد ، أو تجده يمنّ بما عمل وأنه فعل وفعل ، أو ينتظر مدحاً وثناءً من أحد.. وهكذا من الصور المؤسفة والتي أصبحت من قواصم الأعمال ومهلكاتها ، قال الله تعالى : " قل هل أنبئكم بالأخسرين أعمالا . الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً " لذلك كان من أهم المهمات قبل بداية العمل أن يخلص العبد عمله لله وأن لا ينتظر جزاءً ولا شكوراً من أي أحد كان .
وراء كل عمل ناجح تضحية مجزية ، فالأعمال الدعوية ـ خصوصاً ـ تحتاج من الداعية أن يضحي بشئ ـ أو بأشياء ـ من أجل إتمام العمل أو البرنامج المعدّ لعمل دعوي أياً كان وحين توجد التضحية يكون الداعية قد قطع نصف طريق النجاح ، وبقدر ما تقل التضحية يجد الداعية عنتاً ومشقة في إكمال السير وعائقاً عن الإنطلاق .والمقصود أن الداعية في كثير من الأحوال بحاجة إلى أن يضحي بوقته أو ماله أو جهده أو حتى بنفسه التي بين جنبيه ، كل ذلك لينصر دين الله ولينشر الحق في الأرض ، وما قصة غلام الأخدود عنّا ببعيد !!!
المسؤولية الفاعلة : إن الداعية إلى الله بحاجة إلى أن يكون عنده قدر كبير من تحمّل المسئولية وما يتبعها من تبعات ، وحين تكون الأعمال تحت مسئولية صورية أو مسئولية المنصب فحسب، فإنها سرعان ما تفقد ثمرتها ، لذا كان من المهم التنبيه على الداعية أن يكون على قدر كبير من تحمل المسئوليات ، وأن يتحلّى بالصفات التي تؤهله لأن يكون أهلا للمسئولية من الخبرة والدراية والحكمة والصبر والمشاورة واليقين بالله ...
التخطيط لا التخبيط :
قبل أن تبدأ الرحلة ، عليك بالتخطيط المسبق لها ، وافتراض مستلزماتها ، وتنسيق الأعمال بين أفرادها ، إذ العشوائية والارتجالية من أعظم مقاتل الأعمال وعدم استمرارها من أجل ذلك ننبه هنا إلى بعض الإعدادات المهمة للقيام برحلة دعوية :
الاستعداد المادي والاجتماعي للرحلة :
• إعداد الميزانية الكافية للرحلة ، وذلك على ضوء :
1- حصر عدد المشاركين في الرحلة .
2- تحديد طبيعة مكان الرحلة ، من حيث مسافة الطريق ذهابا وإياباً ، وطبيعة المكان قربه أو بعده عن المنافع العامة .
3- توفر المستلزمات ( أدوات الرحلة ) قبل الرحلة بوقت كاف ، لأن العشوائية والارتجالية تضر بالرحلة ، فهي إمّا : أن تلغي الرحلة أو أن تكون الرحلة عشوائية .
4- الحرص على أن يكون وقت الرحلة خاصاً بتحقيق أهدافها ، وأن لا يصرف شئ من الوقت في إكمال النواقص أو غيرها
5- إعلام المشاركين في الرحلة عن موعدها بوقت كافٍ .
6- من الخطأ أن تصرف الميزانية في شراء المستلزمات الناقصة ، وإغفال الهدف التي جُمعت من أجله .
7- ينبغي تحديد المسئوليات تجاه تأمين المستلزمات وهذه المستلزمات إمّا :
أ / مستهلكات ( التغذية ) .
ب / مستلزمات أساسية ( أدوات الرحلة ، وسائل النقل ..) .
ج / مستلزمات شخصية ( الأوراق النظامية ، العفش الشخصي ) .
8- ينبغي استكمال المستلزمات الشخصية ( الأوراق النظامية ، العفش ...)(13/109)
9- الحرص على الاكتفاء الذاتي ، بحيث لا يُلجأ إلى الاقتراض من الآخرين أي مستلزم من مستلزمات الرحلة ( كالمواصلات ، وعدّة الرحلة ...) .
10- إذا اضطررت إلى استعارة شئ ما من أحد الناس ، فاحرص على أن تُرجع العارية إلى أصحابها في أحسن صورة .
11- الحرص على تأمين أساسيات ( كالصيدلية ، البوصلة ، المكتبة ، ...) .
12- الاستفادة من الفائض من المستلزمات الاستهلاكية بعد الرحلة ، وحتى نحقق هذه الاستفادة ينبغي
أ/ النظر قبل الشراء إلى تاريخ المستهلَك .
ب / اختيار نوعية المستهلَك حسب الأيام المقررة للرحلة .
ج / بيع الفائض أو ادّخاره .
13- إيجاد صندوق خيري للتبرعات ، للاستفادة من المبلغ في أعمال أُخر .
14- التوسط بين الإسراف والتقتير في المستلزمات الغذائية ، ويتحقق ذلك بـ :
أ / معرفة العدد الكلي للمشاركين .
ب / معرفة مستويات المشاركين من حيث العمر والبنية الجسدية للمشارك .
15- التنبيه على إخلاء سيارات النقل من الأشياء غير المسموح بها نظاماً .
16- الحرص على اختيار المكان المناسب وذلك بأن يكون :
أ / بعيداً عن السيّاح والمصطافين ومساكن الناس .
ب / واسعاً غير ضيّق .
ج / سهلاً غير وعر .
د / قريباً ـ نسبياً ـ من المنافع العامة ( أماكن جلب المياه ، الأسواق ، المستشفيات ..) .
هـ / إن كانت أول رحلة فيفضل أن يكون المكان قريباً غير بعيد . وأن تكون الرحلة قصيرة .
و / أن لا يكون المكان مرعباً ، وخصوصاً في أول رحلة .
ز / تجهيز مكان الرحلة قبل موعدها بوقت كاف ، وذلك بإرسال مجموعة استطلاعية إلى مكان الرحلة ، لحجز المكان ، وحتى لا يضيع وقت الرحلة في البحث عن مكان مناسب .
17- اترك المكان نظيفاً بعد انقضاء الرحلة ، والتنبيه على عدم العبث بالممتلكات الخاصة بالمكان إن وُجد .
18- يستحسن الرجوع مبكراً من الرحلة لما فيه من تطييب نفوس أهالي المشاركين في الرحلة .
الاستعداد الثقافي للرحلة :
البرامج الثقافية في الرحلة هي روح الرحلة وجوهرها ، وبقدر ما يكون البرنامج الثقافي فاعلاً ومفيدا ، بقدر ماتكون الرحلة ناجحة مفيدة لها ذكريات خالدة !!
وحتى ننجح في ذلك لابد من مراعاة أمور :
1- تأمين الأدوات التي تخدم البرامج في المخيم ( مكبر صوت ، جهاز تسجيل ، لوحات ، أقلام ، دفاتر ، ...) .
2- مراعاة التجديد والتغير سواءً في البرامج المطروحة ، أو تغيير أسلوب طرح البرامج ' أو تغير أوقات الطرح مما يبعث في النفس الرغبة في إنجاح البرنامج وعدم الملل .
3- عمل برنامج ترفيهي ثقافي للطريق .
4- في الرحلة الأولى يستحسن أن يغلب فيها البرنامج الترفيهي ، وأن تكون البرامج الجادة فيها متوسطة ، بعكس إن كانت رحلة دوريّة .
5- تنسيق البرامج الثقافية وتحديد المسئوليات فيها ( المسابقات الثقافية ، الدروس ، الكلمات ، حفلات السمر ، ... ) .
6- على الداعية أن يتحمل أخطاء المشاركين ، وأن يكون عنده البديل الجاهز لأي برنامج قد يعتذر عنه من كُلِّف به .
7- أن يتسم الداعية بحسن التصرف في أمثال هذه المواقف ، وأن يكون حكيماً في معالجتها .
• توزيع المشاركين في الرحلة إلى مجموعات أو شُعب ، وينبغي أن يراعى في هذا التقسيم :
أ / مراعاة العدل في تقسيم أصحاب المواهب والطاقات بين الشُعب .
ب / مراعاة فارق العمر بين المشاركين .
ج / أن يكون التقسيم مبني على معرفة مسبقة بالمشاركين من حيث أعمارهم وقدراتهم ...
د / يفضّل أن تتم عملية التقسيم قبل الوصول إلى مكان الرحلة .
• إنهاء الرحلة قبل قضاء الوطر منها ، لأن ذلك يحيي في النفس حب التشوّق للمزيد والتشوّق إلى رحلة أخرى .
(نقلاً عن شبكة الفجر)
==========
همة نحيي بها الأمة
وتنطلق عزائم الدعاة في رمضان تُحطم الأغلال وتَكسر القيود، وتحلق بصاحبها إلى عليين حيث الشرف والرفعة والعلو.. ولا يُعرف الداعية بأحسن من علو الهمة.. هي ديدنه وسبيله ومبتغاه، يأبى أن تحط يومًا همته، أو تنقض يومًا عزيمته، حتى إن اعتلاها الفتور والكسل فإنها زلةٌ عارضةٌ ينتفض عليها ويقلع عنها ويعود إلى ما كان عليه شامخًا عاليًا.
وكفى بالداعية عيبًا أن يرى في همته عيبًا دون أن يسعى إلى علاجه وسد رقعه وإصلاح خلله، فمثله كمثل المسافر الذي أوشك زاده على النفاد ثم هو يجاوز القفار دون أخذ الحذر واستكمال الزاد.
ابن القيم
ويقيِّم علو الهمة ويعرفها الإمام ابن القيم الجوزية فيقول: "علو الهمة أن لا تقف دون الله ولا تتعوض عنه بشيء سواه، ولا ترضى بغيره بدلاً منه، ولا تبيع حظَّك من الله وقربه والأنس به والفرح والسرور والابتهاج به بشيء من الحظوظ الخسيسة الفانية، فالهمة العالية على الهمم كالطائر العالي على الطيور لا يرضى بمساقطهم ولا تصل إليه الآفات التي تصل إليه، فإن الهمة كلما علَت بعدت عن وصول الآفات إليها، وكلما نزلت قصدتها الآفات من كل مكان، فعلوُّ همة المرء عنوان فلاحه وسفول همته عنوان حرمانه".
هذا الذي نريد
وإن عجبت الدعوة بدعاة الهمم العالية فقد أصابت الخير من قمته، وذلك هو نص حديث النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (إنما الناس كإبل مائة لا تكاد تجد فيها راحلة).. فمن يكون الرواحل إن لم نكن أنا وأنت أولهم؟!
إن همة داعية علت السحاب أفضل عندنا وعند الله من قبيلة بجدودها أو مدينة بآبائها لا يجيدون إلا فن التثبيط وعلل التفاؤل.. نحن نريد الداعية الذي تعطيه أيام رمضان ولياليه الهمة التي يرجوها..(13/110)
فيقوم عقب الفجر بعد أن أتعبه الوقوف في قيام الليل نشطًا هُمامًا يرتل جُزأَه ويسبح بالأذكار، ثم ينطلق إلى عمله في موعده يؤديه حق أدائه، ولا يثنيه إتقانه أن يعظ هذا أو يكلم ذاك أو يدع الثالث إلى دعوته، ثم يعود من عمله إلى مسجده يتلو خاطرةَ العصر، مذكِّرًا العباد برب العباد ثم ينقلب مسبِّحًا مستغفرًا أوابًا قانتًا قبل الغروب ثم إلى بركة التراويح، يصير إمام المئات من خلفه يذكِّرهم بالله أوسط صلاته ثم إلى بيته يعود ليريح جسده عن قليل ثم إلى قيام الليل يعود آمنًا مطمئنًا راضيًا.
هذا الذي نريده من الدعاة وأضعافه..
أما إن لم يحركنا رمضان ويبعث فينا الهمة والعزيمة صرنا كما يصف الشافعي:
إني رأيت وقوف الماء يفسده *** إن ساح طاب وإن لم يجر لم يطلب
والأُسد لولا فراق الأرض ما افترست *** والسهم لولا فراق القوس لم يصب
والشمس لو وقفت في الفلك دائمة *** لملها الناس من عجم ومن عرب
26-10-2005
http://islameiat.com المصدر:
===========
وسائل وأفكار للدعوة في المسجد
1- إلقاء الكلمات الوعظية المرتجلة بعد الصلوات المفروضة.
2- إقامة المحاضرات الأسبوعية أو الشهرية أو الفصلية.
3- إلقاء الدروس العلمية الطويلة أو القصيرة بين الأذان والإقامة في صلاة العشاء، أو بين المغرب والعشاء حسب مستوى طلاب العلم في المسجد.
4- إقامة الندوات العلمية.
5- صندوق (خذ نسختك)، ويوضع فيه بعض الكتب والمطويات والأشرطة المخصصة للتوزيع.
6- المكتبة العلمية العامة في المسجد، ويدعى أهل الخير لتوقيف الكتب عليها.
7- وضع دولاب لإعارة الأشرطة، ويختار لها قيّم لتنظيمها.
8- إعداد المسابقات الثقافية الأسرية والشبابية والأطفال من أهالي المسجد، خاصة في الإجازات.
9- فتح حلقات لتحفيظ القرآن الكريم للكبار والصغار والإشراف والمتابعة لها.
10- القراءة من كتاب على جماعة المسجد.
11- إقامة درس أسبوعي للجاليات، وذلك بإحضار مترجم.
12- تشجيع أصحاب المواهب من جماعة المسجد والاهتمام بهم والاستفادة منهم في الدعوة في الحيّ.
13- تلمّس أحوال جماعة المسجد، ومعرفة الفقراء والمساكين، ونقل أحوالهم للأغنياء والمؤسسات الخيرية؛ ليساعدوهم.
14- السعي في الإصلاح بين الناس وجمع القلوب، والاستعانة بكبار السن من جماعة المسجد.
15- إقامة إمام المسجد لقاء دوريا ً أسبوعيا ً مع جماعة المسجد في البيوت، ويحرص على حضوره.
16- إرسال هدية لجيران المسجد في المناسبات، كالأعياد.
17- زيارة المتخلفين عن أداء صلاة الجماعة من جيران المسجد.
18- إيجاد صندوق في المسجد لوضع المقترحات والأسئلة وغيرها.
19- إعداد لوحة في المسجد، يوضع عليها فوائد وفتاوى وإعلانات المحاضرات والدروس، والاهتمام بتطويرها وتجديدها، ودعوة جماعة المسجد للمشاركة فيها.
20- القدوة والأخلاق الحسنة، وتأليف قلوب الناس بزيارتهم والتودد لهم.
21- الدعوة الفردية لأفراد جماعة المسجد.
22- النصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الحي تجاه المنكرات المتفشية الظاهرة.
23- الإعداد الجيد والمسبق لخطبة الجمعة، والاهتمام بتطويرها.
24- مسابقة حفظ السنة النبوية والمتون العلمية.
25- نشر فتاوى أهل العلم بين جماعة المسجد.
26- إحصاء العمالة غير المسلمة (في الحيّ المحيط بالمسجد) ودعوتهم إلى الإسلام.
27- التأكيد على أهل الحي، وتحريضهم على إحضار أبنائهم للصلاة والاستمرار عليها.
28- حث رب الأسرة على تفقيه أسرته، والاستعانة بأبنائه إذا كان غير متعلم، وسؤال الإمام عما يشكل عليه.
29- حث الطلبة الجامعيين على الدعوة إلى الله، لاسيما إذا كانوا ملتزمين، والاستفادة منهم في أنشطة المسجد.
30- تفعيل دور خطبة العيد، والاستفادة من الدعاة المقتدرين فيها، ودعوة الخطباء المؤثرين المبدعين لإلقاء خطبة العيد، وإبلاغ الناس بمكان الخطبة.
31- غرس محبة المسجد في نفوس أطفال الحي والصغار، بتوفير أنشطة مختلفة، وحث المصلين على الصبر على أخطاء الصغار في المسجد، وعلى استخدام اللين والرفق مع المخطئ منهم.
32- الاستفادة من الأشرطة القديمة، بوضعها في مكتبة المسجد للإعارة.
33- احذر أخي الخطيب من الخطبة (القصْماء) بالقاف نقيض (العصماء) بالعين -؛ فإنها عديمة التأثير، وهي التي يسخّرها ملقيها لتصفية حسابات شخصية أو علمية.
34- اجتماع شهري لمجموعة من الخطباء تجمعهم البلدة أو المنطقة أو الحيّ أو الزمالة ؛ لتبادل الآراء، وتطوير مستوى الخطبة.
35- دعوة العلماء لإلقاء كلمة في المسجد، وتهيئة أسئلة ليستفيد جماعة المسجد من أجوبتها، أو جعله حوارا ً مفتوحا ً منهم مع الشيخ.
36- للخطباء إدخال الخطبة في الإنترنت؛ لتعميم الاستفادة منها، أو التعامل مع موقع المنبر لعرضها في هذا الموقع المتخصص.
37- اغتنام الخطيب فرصة التوجيه عن طريق الحديث. مثلا ً: فنان تطاول على شخصية الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فنكشف للعامة ضحالة أوساط الفنانين وفسقهم وفجورهم... وهكذا. وهذا يتطلب من الخطيب الاطلاع على ما يخدم دعوته من الأخبار والأنباء.، والاستماع إليها.
38- وضع خطة دعوية تربوية سنوية أو فصلية، وتهيئة المصلين للتفاعل معها إعداداً وتنفيذا ً.
39- إقامة لقاءات دورية بين مجموعة خطباء الحيّ؛ لتبادل الخبرات، والتشاور في توجيه الخطبة وتقييمها.
40- إهداء هدية للأطفال الصغار المرتادين للمسجد؛ لتحبيبهم في المسجد.
41- حث المصلين على تعاهد المعتكفين وقضاء حوائجهم وتيسير أمورهم.(13/111)
42- المشاركة الفعّالة في هموم الأسر وجيران المسجد، بإقامة حفل مصغر في المسجد للطلاب الناجحين ودروس تقوية للمصلين وغيرهم.
43- دعوة أهل الحي للمشاركة في المجلات الإسلامية.
44- إقامة موائد الإفطار الرمضانية للعمالة واستغلالها في الدعوة.
45- إقامة حفل معايدة لأهل الحي بجوار المسجد، يُدعى لها الجاليات المسلمة؛ لتخفيف وحشتهم في العيد يبُعدهم عن أهليهم.
46- ضرورة إيجاد مترجم لترجمة خطبة الجمعة إذا تعذر إيجاد مساجد خاصة للجالية الناطقة بغير لغة البلد.
47- تجهيز بعض الملصقات الحائطية للاستفادة منها في دعوة الناس في المناسبات وفضائل الأعمال الحولية (قدوم رمضان، الحج، نهاية العام.. إلخ).
48- تنادي المختصين لمعالجة المشكلات الدائمة في كل مسجد، والخروج بحلول تناسب جماعة المسجد، مثل: (مشكلة عزوف فئة الشباب عن ارتياد المساجد).
49- زيارة ميدانية لإمام المسجد وبعض وجهاء جماعة المسجد للمحلات التجارية، وتذكير أصحابها بالبعد عن المنكرات، وإعطائهم الفتاوى والمطويات، كالصالونات، ومحلات الشيش، وأشرطة الغناء.
50- وضع خطة لبرنامج دعوي في العطل لمختلف شرائح جماعة المسجد؛ للقضاء على الفراغ واستثمار أوقاتهم في العطل والإجازات.
http://www.dorob.ws المصدر:
=============
الموعظة أسلوب من أساليب التأثير والدعوة
الوعظ أسلوب من أساليب التأثير والدعوة إلى الله، ولقد كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، يتخول أصحابه بالموعظة، فإن الموعظة إذا خرجتْ من قلب صادق فإنها تخترق الحواجز وتصل إلى القلوب، فتكون كالغيث يُصيب أرضاً ميتة فتهتز وتحيا بإذن الله، وفيما يلي قصة شاب كان على موعد مع فعل الحرام، فسمع موعظة من بعيد لامستْ شغاف قلبه فاستيقظ من غفلته وعاد إلى الله يروي قصته فيقول: أنا شاب نشأتُ في بيت (مسلم)، ولكنه كان إسلاماً (وراثياً) لم يكن أهلي يحثونني على الطاعة واتباع شرع الله وينصحونني بذلك،
ولكنهم كانوا يتحمسون لنصحي -وأحياناً تهديدي- إذا أنا تخلفت عن المدرسة أو عصيتهم في الأمور الدنيوية () ومما لا شك فيه أن من كان هذا حاله فسوف يتجه إلى الهاوية، وهذا ما حدث لي، فلقد ابتليت بصحبة رفقاء سوء زينوا لي الفواحش والمنكرات، وأوقعوني في معاصي الله.
فكنا نسخر من أهل الدين والصلاح ونستهزئ بهم!!! ومع استهزائنا بهم كنا نفعل الموبقات وكبائر الذنوب على أنه من الرجولة والبطولة، وندفع كل ما نملك في سبيل ذلك ولو آل الأمر بنا إلى السجن، وكنا مع ذلك نتعاطي المخدرات والمسكرات، أما الصلاة فلم نكن نعرفها أبداً أبداً، وكنت إذا دخلت دورات المياه التابعة للمسجد يستغرب
الناس دخولي إليها، لما عرفوا عني من الشر والفساد وعدم الاستقامة.
وفي ليلة من الليالي وفي وقت صلاة العشاء كنت قريباً من أحد المساجد، وعلى موعد للجلوس مع بعض (الصبيان)، فإذا بصوت مؤثر ينطلق من مكبر الصوت من ذلك المسجد، يتحدث عن الجنة والنار، والموت والقبر، فأحسست أن ذلك الصوت يخاطبني ويهزني هزّاً عنيفاً وكأنه يقول لي: أيها الغافل، أما تستحي من الله؟ أما تخاف من الموت أن يأتيك بغتة وأنت على هذه الحال؟ انتبه، انتبه، فتأثرت بذلك، وشعرت بخوف شديد ورهبة.
ومضت تلك الليلة.
وفي الغد وبعد أن أذن المؤذن لصلاة العشاء، قمت وتوضأت واغتسلت ودخلت المسجد، وبدأ الشيخ في حديثه وكنتُ في طرف الصف، فبدأت بالبكاء على نفسي وعلى ما مضى من عمري من التفريط في حق الله وحق الوالدين، وبعد أن أديت الصلاة رجعت إلى البيت مبكراً، فاستبشر أهلي خيراً، فلم يكن من عادتي أن أرجع إلى البيت إلا في منتصف الليل أو آخره.
ومن ذلك الحين تُبتُ إلى الله، ورجعت إليه، وأنا أدعو الله أن يثبتني وإياكم، وأن يغفر لنا وللشيخ الذي كان -بعد الله- سبباً في إنقاذي من الهلاك.
http://www.dorob.ws المصدر:
==========
اختبر مدى التزامك
د. أبو بكر محمد عثمان
هذه بعض الاختبارات يمكن للمسلم بموجبها اختبار مدى التزامه:
* يقول الله - تعالى -: {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون فإن لم تجدوا فيها أحدا فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم}..فتصور أنك ذهبت لأول مرة على غير موعد سابق فاعتذر لك عن إمكانية استقبالك لارتباطه بموعد أو غير ذلك فكيف ستستقبل هذا الوضع؟!..أتعود أدراجك راضياً لأنه أزكى لك كما قال الله؟!، أم تعتبر ذلك إهانة وتحقيراً وأنه لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى حتى يراق على جوانبه الدم؟!.. والدم هو مقاطعة ذلك الشخص والتشنيع والتشهير به وبما فعل!.
* يقول الله - تعالى -: {وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف}.. والمعنى إذا طلق الرجل امرأته وتركها حتى انتهت عدتها وانفصمت الزوجية، ثم بدا له أن يراجعها؛ فحدثها في ذلك عن طريق وسيط؛ فوجد قبولاً، ثم جاء يحدث ولي أمرها؛ فلا يجوز لوليها أن يمنعها من العودة إلى زوجها ما داما متراضيين.. هب أنك ولي الأمر ذلك فهل تلتزم وتعيدها إليه؟!، أم تأخذك العزة وتعضلها جزاءا له وردعاً لأمثاله كما يظن البعض؟!.(13/112)
* يقول الله - تعالى -: {ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم}.. نزلت هذه الآية في سيدنا أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - عندما اشترك قريبه سيدنا مسطح ابن أثاثة في حديث الإفك مع البعض متهمين ابنته - رضي الله عنها - زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - عائشة بنت أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - في عرضها؛ وثبتت عليه التهمة؛ وجلد.. وكان أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - يواليه بالصدقة لفقره فلما كان ما كان أقسم أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - أن يقطع عنه صدقته؛ فنزلت الآية؛ تمنعه والمسلمين أن يمنعوا عن مسطح الصلة والأرحام، وأن يعفوا ويصفحوا رجاء أن يغفر الله لهم؛ فقال أبو بكر الصدق - رضي الله عنه -: "بلى أحب أن يغفر الله لي"؛ وأعاد ما كان يدفعه إليه من الصلة.. فتأمل!.
هب أنك في موقف أبي بكر الصديق- رضي الله عنه-؛ فماذا كنت فاعلاً؟!؛ هل تدعي أنك تبر بقسمك؛ لتبرير قطع الصلة وشفاء غيظك؟!، أم ترجو ما عند الله من المغفرة؛ وتقتدي بأبي بكر الصديق -رضي الله عنه - الذي قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في حقه: (ما طلعت الشمس ولا غربت بعد النبيين على أفضل من أبي بكر).
* يقول الله - تعالى -: {يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن}؛ فيحرم طلاق الزوجة أثناء الحيض أو في طهر مسها فيه؛ لكي لا تطول عدتها؛ فتضرر.. فالأصل في الإسلام (لا ضرر ولا ضرار)؛ كما جاء في الحديث الشريف.. فهل تأذيت من امرأتك إلى حد أن قررت طلاقها، ووقع عليك ذلك الأذى أثناء الحيض أو في طهر مسستها فيه فهل تصبر حتى تستقبل عدتها بأن ينتهي حيضها أو ينتهي ذلك الطهر، ثم تحيض وتطهر فتطلق قبل أن تمس؟!.. أجب بكل أمانة؛ لتعرف مدى التزامك!؛ فليس الالتزام أن تطيع فيما تهواه نفسك!، بل فيما تبغضه!؛ ويثقل عليها!.
* يقول الله - تعالى -:{ولا تمسكوهن ضراراً لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه ولا تتخذوا آيات الله هزواً}؛ فهل إذا قررت فراق زوجتك تؤجل ذلك؛ فتمسكها لتضيق عليها وتؤذيها وتضرها في نفسها وكرامتها، أو لابتزازها؛ فتأخذ بعض مالها أجرة للطلاق، أو تتزوج بأخرى؛ وتميل نحوها ميلاً عظيماً؛ وتظلمها؛ فلا هي زوجة، ولاهي مطلقة تسأل ربها رجلاً يعفها ويحميها، ويقوم على شؤونها خير قيام مبتغياً في ذلك وجه الله، راجياً ثوابه، خائفاً عقابه؟!.
* وهل إذا طلقتها تأخذ أولادها الذين تستحق هي حضانتهم؛ وتدفعها إلى التردد على المحاكم، وتناور وتحاور لتعطيل أمر المحكمة، وتبالغ في إذلالها؟!؛ فأين رقابة الله، والظلم ظلمات يوم القيامة، ودعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب؟!.. وهل ترضى ذلك لأختك أو بنتك؟!؛ فلماذا ترضاه لابنة الناس التي كنت تهيم بها، وتسمعها حلو الكلام ورحيق الغزل، وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذت منك ميثاقاً غليظاً، وقد أخذتها بكراً ولفظتها ثيباً؛ فأين الله؟!.
http://www.meshkat.net المصدر:
===========
عتاب للمشايخ فقط (أين العناية بطلاب العلم ) ؟؟
أبو جهاد سلطان العمري
كثير من المشايخ الفضلاء وأهل العلم يتحدثون عن فضل العلم وتعليمه ويسردون الأدلة وأقوال السلف والقصص التي تؤكد هذا المعنى، ولاشك أننا بحاجة إلى من يبين هذا للناس ويوضحه لهم.
ولكنني رأيت ملاحظة على بعض هؤلاء (المشايخ الذي يحرصون على العلم والتعليم) وعفوا على جرأتي (فالنصيحة واجبة) وإن كانت (في بعض الأحيان ثقيلة).
الملاحظة هي:
لماذا لا نعتني بطلاب العلم الجادين والمتميزين في حلقاتنا العلمية وبرامجنا الجادة؟؟
إن الذين يحضرون دروس المشايخ والعلماء كثير وهم أنواع (فمنهم الجيد والذكي والعبقري والغبي والجاهل والكبير و...).
فيا ترى يا من وقفت للناس معلما وشارحا لهم تلك المتون وتلك الأصول العلمية (ألم تجد من بعض أولئك الطلاب مجموعة ولو كانت قليلة بحاجة إلى رعايتك واهتمامك)؟
إن الطلاب الأذكياء كثيرون ولله الحمد، ولكن المشكلة في غفلة المشايخ وطلاب العلم عنهم.
إنهم يريدون أن يطلبوا العلم ويتميزوا فيه ولكن ذلك الشيخ يلقي الدرس ويذهب ولا يفكر فيهم.
إنهم يتمنون أن يقفوا لحظة معك أيها الشيخ لكي يسألوك وينتفعوا من علمك، ولكنك تلقي الدرس وتذهب مسرعا إلى سيارتك.
إنهم بحاجة إلى شيء من وقتك لكي تسمع منهم أسئلتهم ومشكلاتهم وحاجاتهم، عجبا لك..
أما رأيت ماذا صنع الإمام ابن باز - رحمه الله تعالى - مع بعض الطلاب، لما علم بفقرهم وحاجتهم باع سيارته الخاصة لكي ينتفعوا بذلك المال (والقصة مثبته في كتاب مواقف من حياة ابن باز).
أما سمعت ماذا صنع العلامة الفقيه ابن عثيمين - رحمه الله تعالى -بطلابه؟
لقد ساهم في بناء أسكان لهم بجميع محتوياتها (للعزاب وللمتزوجين) ووضع مكافآت لهم و،،،
فانظر ماذا ترك من علم وانظر ماذا ترك من طلاب؟؟
إن ابن عثيمين لم يكن حريصا فقط على (الدورات العلمية وحفظ المتون) بل إنه كان حريصا على طلاب العلم فيقف معهم ويخرج معهم ويستمع منهم ويساعدهم
إنني أقسم بالله (لو اعتنى المشايخ بالطلاب المتميزين) لانتفعت الأمة انتفاعا يفوق الوصف،، ولأخرجنا رجال يحملون العلم والتعليم للناس كافة.
وإنني أعتقد أن هذا الأمر لا يكلف شيء، (إلا بعض التفكير وحسن الرعاية وجودة الانتقاء للطلاب الجادين).
يا شيخ: لا تقل (أنا مشغول) فعندنا (ابن باز وابن عثيمين) أعظم علما منك وأتقى منك وأكثر حرصا على الوقت منك، ومع ذلك كانوا حريصين على (الطلاب الجادين والمتميزين).(13/113)
إنك تستطيع أن تكون ممن يتخرج على يديه (علماء الجيل القادم) ولا يكون ذلك في نظري إلا بحسن الرعاية والتربية لطلاب العلم المبدعين.
إن ابن القيم خرج من مدرسة ابن تيمية، ومسلم تتلمذ عند البخاري، والسلف خرجوا من مدارس العلماء و (العلماء صنعوا لنا علماء) فماذا صنعت أنت؟؟
نتمنى منك بعض الجد والاجتهاد في (التفكير في هذه الأطروحة.. وهذا الاقتراح) لعل في ذلك (نصرة للدين وإنقاذا للطلاب المهملين من لدى المشايخ)- عفا الله عنه -
http://www.denana.com المصدر:
==========
حواء و الصلاة
الدكتور رياض بن محمد المسيميري
أخذت الصلاة أعظم نصيب من اهتمام نساء الصحابة- رضي الله عنهم- أجمعين، ومظهر ذلك تلك الروايات الكثيرةِ التي سجلتها دواوين الإسلام، تصفُ العديد من مشاهد ومواقف نساءَ السلف مع الصلاة.
فلو تتبعنا زياراتهنَّ المتتالية لرسول الله- صلى الله عليه وسلم - يسألنهُ عن الطهارة والصلاة، لبلغ كماً هائلاً، فتلك تسألهُ عن الطهارة بعد المحيض، وهذه تسألهُ عن استحاضتها الدائمة، وثالثة تسألُ عن غسل الجنابة، ورابعة عن مشروعيةِ صلاتها في المسجد، وخامسةً عن المواقيت، وسادسة عن النوافل وهكذا.
وما ذلك إلاَّ ما يرينهُ- رضي الله عنهن- من عظمِ شأنِ الصلاةِ وكونها مسألةُ حياةٍ أو موتٍ وجنة ونار.
واليوم ننظر في واقع نسائنا، فنراهنَّ زاهداتٍ مُضيعات لهذه الفريضة الركن، فلا تؤدي إلاَّ بعد فوات وقتها، أو مجموعة أو متروكة بالكلية إلاَّ ما رحم ربي.
إنَّ الكثيرات يُؤخرنَ الصلاة عن وقتها لأتفهِ الأسباب؛ فقد يكونُ السبب انشغالها بتصفح جريدة، أو مجلة، أو مطالعةِ قصة، أو رواية، أو محادثة صديقة، أو زميلة، أو متابعةِ مسرحية، أو مشهد فضائي، أو حتى إعداد طبق، أو طهي وجبة طعام.
ثم إنْ تفضلت بأداءِ الفريضة فهي كالعادةِ نقر كنقر الغراب، والتفاتةً كالتفاتةِ الثعلب.
ولما أصبحت الصلاة بهذه الآلية المضطربة، هانت المعصيةُ والمخالفة في أذهان الكثيرات؛ فالصلاة لا تنهى عن الفحشاء والمنكر إلاَّ إذا أقيمت على الوجه المرضي شرعاً، وحين ألمت النساء بالمعاصي استولت الوحشة على صدروهن، وتمكنت الكآبة من نفوسهن، وساد القلقُ في حياتهن، وتسلطت الشياطينُ عليهن، ولسائلٍ أن يسألَ هل إلى خروج من سبيل؟
والجواب: إنَّهُ ليسيرٌ على من يسرهُ الله عليه، وإنَّهُ ليبدأ أولاً بمعرفةِ قدر الصلاة حق المعرفة، وإدراك أهميتها حق الإدراك.
وحسبنا أن نعلم ما استدلَ به عبد الله بن الشقيق- رحمه الله - ما كان من أصحابِ النبي- صلى الله عليه وسلم - يعدون شيئاً تركهُ كفر إلاَّ الصلاة، وهو مصداقُ قول النبي- صلى الله عليه وسلم -: ((بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة)) رواه مسلم.
وهذه لعمرِ الحق قوارعُ *** تهتزُّ لوقفها الجبال الصمّ!!
ومن بين سائر العبادات ظلت الصلاة واجبةً على الأعيان، لا تسقطُ بحالٍ مهما خارت القوى، وارتخت الأعصاب، ما دام للإنسانِِ عقلٌ وإدراك.
فهيا يا فتاة الإسلام أغيظي شيطانك، واقهري عدوك، وتناولي وضوؤك، وقفي بين يدي ملكِ الملوك، وقولي: ربِّ إني ظلمتُ نفسي ظلماً كثيراً فاغفر لي فإنَّهُ لا يغفر الذنوب إلاَّ أنت.
وافتحي صفحةً جديدةً بصلاةٍ خاشعةٍ خاضعة، وسترين ساعتها انقلاباً عظيماً في حياتك، لا يعدله قلاعُ الأرض ذهباً، والله المستعان.
15/4/1426 هـ
http://www.islamlight.net المصدر:
===========
المتربصون
عبد القادر حامد
يواجهُ الدعاة إلى الله في هذا العصر - وفي هذه المرحلة بالذات - بطائفة يحضرون الدروس واللقاءات والمحاضرات ويكثرون عدد الحريصين على العلم والداعين إلى الخير، وقد وقف أفراد هذه الطائفة أنفسهم على تتبع العورات، والتفتيش عن المآخذ والسقطات.
وقد حولوا حال الدعاة إلى قلق وحذر وخوف بتنطعهم وتنقيرهم، ولا يكاد يسلم منهم أحد؛ فمن سلم من العيب في منطقه يعاب في لباسه، ومن سلم في لباسه عيب في سمعته وحركاته، ومن أجاد في التفسير رموه بالضعف في الحديث والجهل بالتوحيد، ومن صرف جهده للحديث قالوا عنه: لا يفهم في الفقه، ومن ترك التعرض للموضوعات الشرعية وتفرغ لبيان الواقع السياسي رمي بوصف العامية وقلة البضاعة في العلم الشرعي، ومن خاطب الناس بما يعرفون رموه بالسطحية والضحالة: لماذا لم يرم الناس بما في موافقات الشاطبي ويفحمهم بما في: اقتضاء الصراط المستقيم...
الخ، وقد أصبحت هذه الطائفة ظاهرة لا يحسن تجاهلها والتهوين من أمرها، وهي تتجول بين الأمكنة التي هي مظنة لقاء المسلمين فيها وتدارسهم، وقد يخيب أملها أحياناً عندما تحضر لمن لا يمكنها تفجير مشكلة معه إما لعلم عنده وإما لشوكة يستظهر بها من مريديه؛ وإما لحكمة وهبها الله له تجعله يتجنب الوقوع في براثن هذه الطائفة المتربصة! والمتأمل في حال هذه الطائفة يمكن أن يصنفها في صنفين: 1- صنف مدخول النية سيء القصد.
2- وصنف ليس كذلك، ولكنه حبس نفسه في بطون الكتب، لا يغادرها، بل يقرأ هنا وهناك ويضع حلواً على حامض وحاراً على بارد! أليس كل ذلك وصفات موجودة في كتب فلان وفلان من علماء المسلمين؟ ! فلماذا نتأخر عن الأخذ بها ورمي المتطفلين على العلم بها؟ ! وهكذا فإن هذا الصنف بفهمه المبتور للعلم، وبعدم تنزيه ما يعلمه على ما يمكن عمله - يصيبه الغرور والكبر، ويقع ضحية العناد والإعجاب بالنفس، ويؤول أمره إلى أن يصبح كالصنف الأول لا أمل في إقناعه، فضلاً عن تقويمه وإصلاحه، ولا حيلة للعاقل معه إلا بتجاهله ونبذه، وهكذا تضيع جهود من حقها أن توفر لما هو أولى وأجدر أن تثار حوله المناقشات وتعلو من أجله الأصوات.(13/114)
وهذا الفريق يؤمن بالمطلقات، ولا يفرق بين عصر وعصر، فعنده: العصر المكي يساوي العصر المدني، وما قبل الفتح يساوي ما بعده، والحال قبل نزول سورة التوبة هو الحال بعدها، والحلال عنده درجة واحدة، وثواب الأعمال الصالحة واحد، كما أن الحرام عنده درجة واحدة، ولا تفاوت بين حرام وحرام.
متسرع في الجواب، جرئ على الفتيا وإن لم يملك بعض أدواتها، ولا يغرنك اصطناعه التفكير في السؤال والتريث، أما الزمان والمكان والعلم بحال المستفتي فهذا أبعد ما يكون عن تفكيره حين يلقي بأحكامه المطلقة من عقالها حاسمة وجازمة.
إنه مرض نفسي يضرب فريقاً من الناس، وهذا المرض يستشري نتيجة لظروف معينة حتى يصبح وباءً معدياً، ومن هذه الظروف: قلة العلماء، ونظرة الأنظمة إلى العلم الشرعي، وتعمدها بث الفوضى في أركان هذا العلم، مع حاجة الناس المآسة إليه، وكذلك زيادة عدد الذين يفكون الحرف، وهو ما يسمى بالأمية الثقافية...
وهكذا تكثر في هذه الأجواء الدعوى، وتستبحر الفوضى، ويرتفع لواء الجهل، ويختلط العلم الصحيح بالباطل المبهرج والعياذ بالله.
لقد بات الأمر بحاجة إلى أن يتداعى المسلمون الغيارى إلى تأيس هيئة علمية غير رسمية، تقيم في ركن من الأرض وليس لسلطة أرضية عليها سبيل، ترقب أمر الله فقط، وتصدر آراءها وفتاويها في ما دق وجل من أمر المسلمين ولا تخشى في الله لومة لائم، ويومئذٍ يفرح المسلمون بتوفيق الله لهم في هذا المجال الذي طال خوض الخائضين فيه دون أهلية.
http://www.albayan-magazine.com المصدر:
============
الدعوة إلى الله
الدعوة إلى الله - تعالى - هي الدعوة إلى شريعة الله الموصلة إلى كرامته، ودعوة الرسل عليهم الصلاة والسلام تدور على ثلاثة أمور: أولاً - معرفة الله - تعالى -بأسمائه وصفاته. ثانياً - معرفة شريعته الموصلة إلى كرامته. ثالثاً - معرفة الثواب للطائعين والعقاب للعاصين. والدعوة إلى الله - تعالى -أحد أركان الأعمال الصالحة التي لا يتم الربح إلا بها كما قال الله - تعالى -: {والعصر. إن الإنسان لفي خسر. إلاّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحقّ وتواصوا بالصبر}.(13/115)
فإن التواصي بالحقّ يلزم منه الدعوة إلى الحق، والتواصي بالصبر يلزم منه الدعوة إلى الصبر على دين الله - تعالى -في أصوله وفروعه. إن الدعوة إلى الله صارت الآن وما زالت بين طرفين ووسط. أما الطرفان فجانب الإفراط، بحيث يكون الداعية شديداً في دين الله يريد من عباد الله - تعالى -أن يطبقوا الدين بحذافيره، ولا يتسامح عن شيء الدين يسمح به، بل إنه إذا رأى من الناس تقصيراً حتى في الأمور المستحبة تأثر تأثراً عظيماً، وذهب يدعو هؤلاء القوم المقصرين دعاء الغليظ الجافي، وكأنهم تركوا شيئاً من الواجبات، ومن الأمثلة على ذلك: المثال الأول: رجل رأى جماعة من الناس لا يجلسون عند القيام إلى الركعة الثانية، أو عند القيام إلى الركعة الرابعة، وهي التي تسمى عند أهل العلم جلسة الاستراحة، هو يرى أنها سنة، ومع ذلك إذا رأى من لا يفعلها اشتدّ عليه، وقال: لماذا لا تفعلها؟ ويتكلم معه تكلم من يظهر من كلامه أنه يقول بوجوبها، مع أن بعض أهل العلم حكى الإجماع على أن هذه الجلسة ليست بواجبة، وأن خلاف العلماء فيها دائر بين ثلاثة أقوال: القول الأول: أنها مستحبة على الإطلاق. القول الثاني: ليست مستحبة على الإطلاق. القول الثالث: أنها مستحبة لمن كان يحتاج إليها، حتى لا يشقّ على نفسه كالكبير، والمريض، ومن في ركبه وجعٌ، وما أشبه ذلك. فيأتي بعض الناس، ويشدد فيها، ويجعلها كأنها من الواجبات. ومثال آخر: اجتمع نفر من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألوا عن عمله في السّرّ، فأخبروا بذلك، فتقالّوا عمل النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقالوا: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - غفر الله له ما تقدم من ذنبه، وما تأخر، ولكن نحن بحاجة إلى عمل أكثر ليغفر الله لنا ذنوبنا، فقال أحدهم: أنا أصوم ولا أفطر. وقال الثاني: أنا أقوم ولا أنام. وقال الثالث: أنا لا أتزوج النساء، فبلغ قولهم النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((أما أنا فأصوم وأفطر، وأقوم وأنام، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس منّي)). هذا كله يدل على أنه لا ينبغي لنا، بل لا يجوز لنا أن نغلو في دين الله، سواء أكان في دعاء غيرنا إلى دين الله، أم في أعمالنا الخاصة بنا، بل نكون وسطاً مستقيماً كما أمرنا الله - تعالى -بذلك، وكما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - فالله - تعالى -يقول: {وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصّاكم به لعلكم تتقون}. والنبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأصحابه: ((لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم))، وأخذ حصيات وهو في أثناء مسيره من مزدلفة إلى منى أخذ حصيات بكفه وجعل يقول: ((يا أيها الناس بأمثال هؤلاء فارموا وإياكم والغلو في الدين)). وضد ذلك: من يتهاون في الدعوة إلى الله - تعالى -فتجده يرى الفرص مواتية والمقام مناسباً للدعوة إلى الله، ولكن يضيع ذلك، تارة يضيعه لأن الشيطان يملي عليه أن هذا ليس وقتاً للدعوة، أو أن هؤلاء المدعوين لن يقبلوا منك، أو ما أشبه ذلك من المثبطات التي يلقيها الشيطان في قلبه، فيفوت الفرصة على نفسه. وبعض الناس إذا رأى مخالفاً له بمعصية بترك أمر أو فعل محظور كرهه، واشمأز منه، وابتعد عنه، وأيس من إصلاحه، وهذه مشكلة، والله - سبحانه وتعالى - بيّن لنا أن نصبر، وأن نحتسب، قال الله - تعالى -لنبيه: {فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل ولا تستعجل لهم كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعةً من نهار بلاغٌ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون}. فالإنسان يجب عليه أن يصبر ويحتسب، ولو رأى على نفسه شيئاً من الغضاضة، فليجعل ذلك في ذات الله - تعالى -، والنبي - صلى الله عليه وسلم - عندما أدميت إصبعه في الجهاد، قال: هل أنت إلا إصبع دميت، وفي سبيل الله ما لقيت. وهذا عكس الأول حتى إن هذا ليرى الأمر بعينه، ويسمعه بأذنه يجد هذا الأمر المخالف لشريعة الله، ولا يدعو الناس إلى الاستقامة وعدم معصية الله - تعالى -ومخالفته، بل إنّا نسمع أن بعض الناس يقول: يجب أن تجعل الأمة الإسلامية التي تنتسب إلى الإسلام، وتتجه في صلاتها إلى القبلة، يجب أن تكون طائفة واحدة غير متميزة، لا يفرق بين مبتدع وصاحب سنة، وهذا لا شك خطأ وخطل وخطر؛ لأن الحق يجب أن يميز عن الباطل، ويجب أن يميز أصحاب الحق عن أصحاب الباطل حتى يتبيّن، أما لو اندمج الناس جميعاً، وقالوا: نعيش كلنا في ظل الإسلام، وبعضهم على بدعة قد تخرجه من الإسلام، فهذا لا يرضى به أحد ناصح لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم. ويوجد أناس يستطيعون الدعوة إلى الله؛ لما عندهم من العلم والبصيرة، ويشاهدون الناس يخلّون في أشياء، ولكن يمنعهم خوف مسبة الناس لهم، أو الكلام فيهم أن يقولوا الحق، فتجدهم يقصرون ويفرطون في الدعوة إلى الله - تعالى -وهؤلاء إذا نظروا إلى القوم الوسط الذين تمسكوا بدين الله على ما هو عليه إذا رأوهم قالوا: إن هؤلاء لضالون، إن هؤلاء لمتعمقون، إن هؤلاء لمتشددون متنطعون، مع أنهم على الحق. وإذا نظر إليهم المفرطون الغالون قالوا: أنتم مقصرون لم تقوموا بالحق، ولم تغاروا لله - تعالى -، ولهذا يجب أن لا نجعل المقياس في الشدة واللين هو ما تمليه علينا أهواؤنا وأذواقنا، بل يجب أن نجعل المقياس هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - وهدي أصحابه، والنبي - صلى الله عليه وسلم - رسم لنا هذا بقوله وبفعله وبحاله - صلى الله عليه وسلم - رسمه لنا رسماً بيّناً، فإذا دار الأمر بين أن أشدّد أو أيسّر، بمعنى أنني كنت في موقف حرج لا أدري الفائدة في الشدة أم الفائدة في التيسير(13/116)
والتسهيل، فأيهما أسلك؟ أسلك طريق التيسير؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن الدين يسر))، ولما بعث معاذاً و أبا موسى الأشعري إلى اليمن قال: ((يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تنفرا))، ولما مرّ يهودي بالنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال السّام عليك يا محمد يريد الموت عليك؛ لأن السام بمعنى الموت - وكان عند النبي - صلى الله عليه وسلم - عائشة - رضي الله عنها - فقالت: ((عليك السّام واللعنة)) فقال لها النبي - عليه الصلاة والسلام -: ((إن الله رفيق يحب الرفق، وإن الله ليعطي بالرفق ما لا يعطي على العنف))، فإذا أخذنا بهذا الحديث في الجملة الأخيرة منه: ((إن الله ليعطي بالرفق ما لا يعطي على العنف)) عرفنا أنه إذا دار الأمر بين أن أستعمل الشدة، أو أستعمل السهولة كان الأولى أن أستعمل السهولة ثقة بقول الرسول - عليه الصلاة والسلام -: ((إن الله ليعطي بالرفق ما لا يعطي على العنف)). ومن أراد أن يفهم هذا الأمر فليجرب؛ لأنك إذا قابلت المدعو بالشدة اشمأز ونفر وقابلك بشدة مثلها، إن كان عامّياً قال: عندي علماء أعلم منك، وإن كان طالب علمذهب يجادلك، حتى بالباطل الذي تراه مثل الشمس، وهو يراه مثل الشمس، ولكنه يأبى إلا أن ينتصر لنفسه؛ لأنه لم يجد منك رفقاً وليناً، ودعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة. والحق لا يخفى إلا على أحد رجلين: إما معرض وإما مستكبر، أما من أقبل على الحق بإذعان وانقياد فإنه بلا شك سيوفق له. ومن التطرف ما يكون من الآباء والأمهات في زمننا هذا حين صار الشباب - ولله الحمد - من ذكور وإناث عندهم اتجاه إلى العمل بالسنة بقدر المستطاع، صار بعض الآباء والأمهات يضايقون هؤلاء الشباب من بنين وبنات في بيوتهم، وفي أعمالهم حتى إنهم لينهونهم عن المعروف، مع أنه لا ضرر على الآباء في فعله، ولا ضرر على الأبناء أو البنات في فعل هذا المعروف، كمن يقول لأولاده: لا تكثروا النوافل لا تصوموا البيض، أو الاثنين، أو الخميس، أو ما أشبه ذلك، مع أن هذا لا يضر الوالدين شيئاً، ولا يحول دون قضاء حوائجهما، وليس بضار على الابن في عقله، أو بدنه، أو في درسه، ولا على البنت كذلك. وأنا أخشى على هؤلاء القوم أن يكون هذا النهي منهم لأولادهم كراهة للحق والشريعة، وهذا على خطر، فالذي يكره الحق أو الشريعة ربما يؤدي به ذلك إلى الردة؛ لأن الله - تعالى -يقول: {ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم}. ولا تحبط الأعمال إلا بردة عن الإسلام كما قال الله - تعالى -: {ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون}. هذا مثال من الشدة في أولياء الأمور. أما بالنسبة للأولاد من بنين أو بنات إذا كانوا متمشين في مناهجهم وسيرهم على شريعة الله، فليسوا في شدة. وهناك في المقابل من يكون شديداً من الأولاد بنين وبنات على أهله، بحيث لا يتسع صدرهم لما يكونون عليه من الأمور المباحة، فتجده يريد من أبيه أو أمه أو إخوته أن يكونوا على المستوى الذي هو عليه من الالتزام بشريعة الله، وهذا غير صحيح، فالواجب عليك إذا رأيتهم على منكر أن تنهاهم عنه، أما إذا رأيتهم قد قصروا في أمر يسعهم التقصير فيه كترك بعض المستحبات فإنه لا ينبغي لك أن تشتد معهم، وكذلك في بعض الأمور الخلافية يجب عليك إذا كانوا مستندين إلى رأي أحد من أهل العلم أن لا تضيق بهم ذرعاً، وأن لا تشتد عليهم. فالذي ينبغي للإنسان سواء أكان داعية لغيره إلى الله، أم متعبداً لله أن يكون بين الغلو والتقصير، مستقيماً على دين الله - تعالى -كما أمر الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك في قوله: {شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه، كبر على المشركين ما تدعوهم إليه الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب}. وإقامة الدين: الإتيان به مستقيماً على ما شرعه الله - تعالى -، ولا تتفرقوا فيه، نهى عن ذلك - سبحانه وتعالى -؛ لأن التفرق خطره عظيم على الأمة أفراداً وجماعات. والتفرق أمر مؤلم ومؤسف؛ لأن الناس إذا تفرقوا كما قال الله - تعالى -: {ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم}، فإذا تفرق الناس، وتنازعوا فشلوا وخسروا وذهبت ريحهم، ولم يكن لهم وزن، وأعداء الإسلام ممن ينتسبون للإسلام ظاهراً، أو ممن هم أعداء للإسلام ظاهراً وباطناً يفرحون بهذا التفرق، وهم الذين يشعلون ناره، ويلقون العداوة والبغضاء بين هؤلاء الإخوة الدعاة إلى الله، فالواجب أن نقف ضد كيد هؤلاء المعادين لله - تعالى -ورسوله - صلى الله عليه وسلم - ولدينه، وأن نكون يداً واحدة، وأن نكون إخوة متآلفين على كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - كما كان سلف الأمة في سيرهم ودعوتهم إلى الله - تعالى -، ومخالفة هذا الأصل ربما تؤدي إلى انتكاسة عظيمة، والتفرق هو قرة عين شياطين الإنس والجن؛ لأن شياطين الإنس والجن لا يودون من أهل الحق أن يجتمعوا على شيء، بل يريدون أن يتفرقوا لأنهم يعلمون أن التفرق تفتت للقوة التي تحصل بالالتزام بالوحدة والاتجاه إلى الله - تعالى -ويدل على هذا قوله - تعالى -: {ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم}، وقوله: {ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم}، وقوله: {إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء}، وقوله: {شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه}. فالله - تعالى -قد(13/117)
نهانا عن التفرق، وبيّن لنا عواقبه الوخيمة، والواجب علينا أن نكون أمة واحدة، وكلمة واحدة، وإن اختلفت آراؤنا في بعض المسائل، أو في بعض الوسائل؛ فالتفرق فساد وشتات للأمر، وموجب للضعف، والصحابة -رضوان الله عليهم - حصل بينهم اختلاف لكن لم يحصل منهم التفرق ولا العداوة ولا البغضاء، حصل بينهم الاختلاف حتى في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن ذلك أن النبي - عليه الصلاة والسلام - قال لأصحابه: ((لا يصلين أحد منكم العصر إلا في بني قريظة))، وخرجوا - رضوان الله عليهم - من المدينة إلى بني قريظة، وحان وقت صلاة العصر، فاختلف الصحابة، فمنهم من قال: لا نصلي إلا في بني قريظة ولو غابت الشمس؛ لأن الرسول- صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا يصلين أحد منكم العصر إلا في بني قريظة)) فنقول سمعنا وأطعنا. ومنهم من قال: إن النبي - عليه الصلاة والسلام - أراد بذلك المبادرة والإسراع إلى الخروج، وإذا حان الوقت صلينا الصلاة لوقتها، فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يعنف أحداً منهم، ولم يوبخه على ما فهم، وهم بأنفسهم لم يتفرقوا من أجل اختلاف الرأي في فهم حديث الرسول - عليه الصلاة والسلام -، وهكذا يجب علينا أن لا نتفرق، وأن نكون أمة واحدة. قد يقول قائل: إذا كان المخالف صاحب بدعة، فكيف نتعامل معه؟.فأقول: إن البدع تنقسم إلى قسمين: القسم الأول: بدع مكفرة.القسم الثاني: بدع دون ذلك.والواجب علينا في القسمين كليهما أن ندعو هؤلاء الذين ينتسبون إلى الإسلام، ومعهم البدع المكفرة وما دونها، إلى الحق ببيان الحق، دون أن نهاجم ما هم عليه إلاّ بعد أن نعلم منهم الاستكبار عن قبول الحق؛ لأن الله - تعالى - يقول للنبي - صلى الله عليه وسلم -: {ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم}، فندعو أولاً هؤلاء إلى الحق ببيان الحق وإيضاحه بأدلته، والحق مقبول لدى ذي كل فطرة سليمة، فإذا وجد منهم العناد والاستكبار فإننا نبيّن باطلهم على أن بيان باطلهم في غير المجادلة معهم أمر واجب. أما هجرهم فهذا يترتب على البدعة؛ فإذا كانت البدعة مكفرة وجب هجرهم، وإذا كانت دون ذلك فإننا ننظر إلى الأمر، فإن كان في هجرهم مصلحة فعلناه، وإن لم يكن فيه مصلحة اجتنبناه، وذلك أن الأصل في المؤمن تحريم هجره لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يحل لرجل مؤمن أن يهجر أخاه فوق ثلاث)) فكل مؤمن وإن كان فاسقاً فإنه يحرم هجره ما لم يكن في الهجر مصلحة، فإذا كان في الهجر مصلحة هجرناه؛ لأن الهجر دواء، أما إذا لم يكن فيه مصلحة، أو كان فيه زيادة في المعصية والعتو فإن ما لا مصلحة فيه تركه هو المصلحة. وحل هذه المشكلة: أعني مشكلة التفرق أن نسلك ما سلكه الصحابة - رضي الله عنهم - وأن نعلم أن هذا الخلاف الصادر عن اجتهاد في مكان يسوغ فيه الاجتهاد لا يؤثر، بل إنه في الحقيقة وفاق؛ لأن كل واحد منا أخذ بما رأى بناءً على أنه مقتضى الدليل، إذن فمقتضى الدليل أمامنا جميعاً، وكل منا لم يأخذ برأيه إلاّ لأنه مقتضى الدليل، فالواجب على كل واحد منا أن لا يكون في نفسه على أخيه شيء، بل الواجب أن يحمده على ما ذهب إليه؛ لأن هذه المخالفة مقتضى الدليل عنده. ولو أننا ألزمنا أحدنا أن يأخذ بقول الآخر، لكن إلزامي إياه أن يأخذ بقولي ليس بأولى من إلزامه إياي أن آخذ بقوله، فالواجب أن نجعل هذا الخلاف المبني على اجتهاد أن نجعله وفاقاً، حتى تجتمع الكلمة، ويحصل الخير. وإذا حسنت النية سهل العلاج، أما إذا لم تحسن النية، وكان كل واحد معجباً برأيه، ولا يهمه غيره، فإن النجاح سيكون بعيداً. وقد أوصى الله عباده بالاتفاق، فقال - تعالى -: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا}، فإن هذه الآية موعظة للإنسان أي موعظة. أسأل الله - تعالى - أن يجعلني وإياكم من الهداة المهتدين، والصلحاء المصلحين إنه جواد كريم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
21-12-1423 هـ
http://www.islamword.com المصدر:
==========
تكرار المشروعات الإسلامية : رؤية نقدية
خباب بن مروان الحمد
يطمح كثير من الإسلاميين إلى تقديم كمٍّ جيِّد من المشاريع التنموية الإصلاحيَّة والفكرية، بغية تقديم برامج بديلة عن المشاريع المنحرفة عن سبل الهدى، ومنهج الصلاح. إلاَّ أنَّه ممَّا يلزمنا لتثمير مشروعاتنا النهضوية؛ إقامة دراسات تقويمية، وأجهزة مراقبة، لتنقد وترصد على أصول صحيحة، وموازين منضبطة، فتبقى مشاريعنا قادرة بعونه - تعالى -على المضي في مسلسلها التنموي، وأهدافها الإصلاحيَّة.
ولعلِّي في هذه المقالة المقتضبة، أناقش شيئاً من تلك القضايا، التي أحسب أنَّها لم تأخذ دورها ومداها النقدي، في مساجلاتنا الفكرية، ومطارحاتنا الثقافية.
فصحوتنا الإسلامية شهدت بفضل الله انتشاراً واسعاً بشتَّى الأصعدة والسبل، بيد أنَّها وبكل شفافيَّة قد أغرقت في عدد من البرامج والمشاريع التي تكرِّر نفسها، وتعيد دورتها بلا قوالب تجديد، وإن كان يبدو عليها شيء من العمليات التجميلية، والإعادة الهندسيَّة بألقاب مختلفة، على حدِّ قول زهير بن أبي سلمى:
ما أرانا نقول إلاَّ معاراً *** أو معاداً من قولنا مكروراً
ولنأخذ أمثلة على ذلك في عدَّة جوانب إعلاميَّة أو علمية، والتي يظهر أنَّها تتكرر بنفس الأنموذج، والأطروحة بلا تجديد أو تميُّز.
* مواقع على الإنترنت مكرَّرة...فلماذا؟(13/118)
كثير من المواقع الناشئة والتي ضُخَّت في مساربها أموالٌ باهظة، تفوق عشرات الآلاف من الدولارات! والنتيجة: تكرار بلا قوالب تجديد، وقص من مواقع أُخرى ولصقه في الموقع الناشئ، بل قد لا تُنْسَبُ تلك (المواد المسْتلَّة) إلى المصادر الأصلية التي أُخذت منها المواد المنشورة مسبقاً.
وحين يناقَش هؤلاء الطيِّبون: لِمَ افتتحتم هذا الموقع، وما الهدف من إنشائه، وهل من تجديد وإبداع في فكرته، وهل من خطَّة زمنيَّة لمتابعة خطوات بنائه الفكري، وما الشريحة التي تستهدفها فكرة موقعكم، وكم شاورتم من شخص يجيد فنَّ المشورة؟
فإنَّ كثيراً من هؤلاء المنتجين لتلك المواقع من الذين حسنت نيَّاتهم نحسبهم كذلك، قلَّ منهم من يجيب على تلك الأسئلة بوضوح؛ لأنَّهم وقعوا في أزمة غياب الهدف الاستراتيجي من وراء تلك البرامج الفكرية، فينقصهم التفكير السليم، الذي يدعو لوضع الأهداف والخطط والوسائل والأساليب لتحقيق ما تصبو إليه أنفسهم، والخلاصة أنَّه لا يوجد لديهم وضوح في رسم أهدافهم.
فيجهلون أنَّ نتيجتهم المرجُوَّة من إنشاء ذلك الموقع على الشبكة العنكبوتيَّة؛ ضئيلة للغاية، والشاهد على ذلك أنَّك حينما تدخل بعض المواقع والتي افتتحت منذ سنتين أو أكثر، وتستعرض عدد الزوَّار الذين دخلوا الموقع، فقد تتفاجأ أنَّهم لا يتجاوزون المائتين! مع أنَّ الموقع سالت في قنواته أموالٌ باهظة، وعمل على تصميمه (محترفون) لدعم هذا المشروع الإنتاجي، والنتيجة بلا نتيجة!
بل إنَّني قرأت يوماً في أحد المنتديات على (الإنترنت) لثائر يقول متهكِّماً بأن كثيراً من المواقع صارت (لعبة)، تجلس سنة من دون تغيير مقالات، ولا تحديث مواد، وقد يكون مآلها إلى الإحباط الذريع، ومن ثمَّ الإغلاق لهذا الموقع.
ومن خلال عدَّة تجارب من هذا القبيل، يتيقن المرء أنَّ من أهمِّ الأسباب في ذلك، أنَّ بعض هذه المواقع كانت نتيجة حديث أخوي، ما لبث أن أطلق سريعاً في عصر السرعة، بدون سابق تفكير منهجي وتأملي لمسار هذا الموقع ، والخطط الجارية عليه حين الإطلاق ، ولذا فلم يبقَ طويلاً لأنه أطلق سريعاً، وأغلق بعدها سريعاً، ومن هنا يقول أحد المفكرين: (لدينا أفكار كثيرة لا تجد سبيلها إلى التطبيق، وأعمال كثيرة لم تسبق بأي تفكير).
وقد يقول بعضهم: إنَّ إخفاق ذلك المشروع لا يعني خطأ الفكرة التي لم توفَّق للممارسة التطبيقية؟ والجواب: أنَّ هذا الكلام من حيث أصله صحيح، فإنَّنا نحتاج إلى مواقع إسلامية، لها أثرها وقوَّتها، لتكون بديلة ومنافسة للمواقع الفسقية، بل نحتاج لمواقع يظهر من خلالها قوَّة العمل الفكري والدعوي، وكذا نحتاج لمواقع دراسات متخصصة في العقائد والأفكار، أو قضايا سياسية أو اجتماعية، أو غيرها.
إنَّ هذا أمر لا أظنُّ أنَّه داخل في دائرة اختلافنا، بيد أنَّ ما يُختلف فيه هو ما نلحظه من التكرار والاجترار لنسق كثير من المواقع، كأن يأتي موقع باسم معيَّن، ثم تأتي مواقع أخرى لا تزيد ولا تنقص عمَّا في هذا الموقع وإنتاجاته الفكرية، وتحاول أن تحاكيه وتقلِّده في موادِّها، بنفس الأسلوب المتَّبع، والطريقة المنهجيَّة.
ومن ذلك أنَّه لو اشتهر مفكر أو عالم أو داعية، فإنَّه يستهدف بالحوارات، والمقابلات ويستنزف فكرياً، وتكون الأسئلة نفسها، والأجوبة كذلك؛ لأنَّه لا جديد للداعية, أو المفكر ليقدِّمه من خلاصة تجاربه أو فكره، وخاصة في حقبة زمنية قصيرة، وذلك لأنَّ كلَّ مجلة أو موقع يحب أن يتفرَّد بما لديه من جديد، وإبراز المشاهير على أوراقهم، مع أنَّه هناك أناسٌ مغمورون، قد يكونون أعلم وأفقه من كثير من المشهورين، لا يحاول الإعلام الإسلامي أن يستهدفهم، بالحوار والمقابلة أو الاستفادة في تحقيق, أو استطلاع أو ندوة، يتبيَّن من خلاله قوَّة العلم، وعمق الفكر، وغزارة المعاني، وكذا القوَّة العملية من ناحية تطبيقية، لذلك الرجل المغمور.
* وكذا المجلاَّت... لها حظٌّ ونصيب.. !
وخذ مثل ذلك كثيراً من المجلات التي تحاول الظهور والبروز، بلا تجديد أو إثارة، بل لا تستطيع أن تدرَّ على نفسها الربح المادي، فضلاً عن استطاعتها جذب الناس، واستقطابهم إليها.
إنَّ ممَّا يستغرب أنَّ هناك مجلات جديدة ظهرت، وتحاول قدر الإمكان أن تبقى ظاهرة فوق السطح، وما إن تمرَّ خمس أو عشر أعداد من المجلَّة إلا وتقف عاجزة عن إكمال مسيرتها الإعلامية، والتي لم تستطع أن تصل لها بسبب سوء التخطيط والتدبير، وصدق من قال: سوء التدبير سبب التدمير.
وأعلم أنَّ هناك أناساً يقولون: ما كُلِّفنا بالنجاح بل كلِّفنا بالعمل، وإنَّ عليَّ أن أسعى وليس عليَّ إدراك النجاح، فماذا يضير لو أنشأنا مجلة أو جريدة ثمَّ لم توفَّق، ولم تستمر، ما دام أنَّنا قمنا بما نستطيع؟
ولا ريب أنَّ في هذا الطرح صحَّة وخطأً، فأمَّا الصحيح فإنَّه لم يكلَّف المسلم إلاَّ بقدر وسعه وطاقته الصادقة، وأن يعد لما يعمل إعداداً جيِّداً، وإذا لم يكتب الله له النجاح، فقد أدَّى الذي عليه، وحاول أن يرسم دروباً نهضويَّة، إلاَّ أنَّ الفشل اعترضها.
وأمَّا الخطأ، فإنِّي أزعم أنَّ كثيراً من المشروعات الإسلامية (التي أخفقت في مسيرتها) قامت من خلاله، ثمَّ تعثَّرت في مشيتها، وأصابها الهوان والهون، إلى أن لفظت آخر أنفاسها، بعد أن صارعت للبقاء مددا، ومن الأسباب الهامَّة في ذلك قلَّة الاستفادة من التجارب الخاطئة التي قام بها من قبلنا، ولم يحسنوها صنعاً، ويتقنوها حكماً، وقد قيل: أخطاؤنا رسول نجاحنا.(13/119)
وهكذا فحين ننشئ مجلة أو جريدة، فإنَّ عملنا إن كان مدروساً، فإنَّ مشروعنا سيكون موفَّقاً ـ بإذن الله ـ وسيقدِّر الله له الانتشار في الأرض، لإيصال البلاغ المبين لجميع العالمين.
ولا يعني ذلك أن نلغي أيَّ مجلة جديدة في السوق الإسلامية، تحيي الهمم الكامنة في القلوب، فإنَّ الإسلاميين من المشجِّعين لتلك الطاقات الجديدة، ومن الداعمين لها، ولكنَّهم إن وجدوها فارغة من المحتوى، أو مكرَّرة الأسلوب والمعاني والأفكار، أو مستلَّة (من هنا وهناك)، بلا روحٍ جذَّابة، ولا عمق في الطرح، فليس لهم حاجة بأن يكونوا رُوَّاداً لتلك المجلاَّت، فلديهم في السوق ما يكفيهم ويغذِّيهم فكرياً.
وهنا يطرح بعضهم أنَّ كثيراً من القصص كرَّرها الله - سبحانه وتعالى - في القرآن الكريم أكثر من مرَّة؟!
ولهؤلاء أقول: إنَّ التكرار الوارد في القرآن، ليس تكراراً بنفس الأسلوب والطريقة، بل فيه من معاني التجديد اللغوي، والعلمي، والقصصي، ما يزيد في كلِّ موضع عن موضعه الآخر، ففي القرآن تقرير للمعلومة، وقد قيل: الكلام إذا تكرَّر تقرَّر، دع عنك أنَّه كتاب الله وهو كلام الله المتعبَّد بتلاوته.
وهناك قاعدة قرَّرها الأستاذ سيد قطب - رحمه الله - حيث يرى أنه: (إذا وردت القصَّة في القرآن في أكثر من سورة فليس هذا تكراراً بل تجيء لتعالج انحرافاً يختلف عن ورودها في غير هذا الموضع، أو أنَّها تأتي لتؤدِّي غرضاً دينيَّاً تختلف فيه الموعظة والعبرة) من أسباب تكرار القصَّة في القرآن ليوسف الفكي/صـ6.
* بل هناك كتب على نفس الطريقة التكراريَّة.. !
تُدْهَش حين تدخل إحدى دور المعرفة، والمكتبات الإسلامية، لتشاهد كمَّا هائلاً من الكتب والكتيبات والرسائل، التي تكرر نفسها، وتعيد مضمونها بلا جديد ولا تحرير ولا تحقيق، فأمَّا الجديد فاسم المؤلف ولون الكتاب، وقد يكون اسم الكتاب الذي يبحث في تلك القضية جديداً وقد لا يكون، وخذ أمثلة على ذلك:
اذهب لأي مكتبة وانظر كم من كتاب تحدَّث عن أذكار الصباح والمساء، وكم من مطوية ورسالة تحدَّثت عن ذلك، بأسماء متغايرة للمؤلفين، فسترى العجب العجاب من عشرات الكتب المؤلَّفة في هذا الموضوع، بنفس الطريقة المطروحة، والتخريج للأحاديث، والترتيب التسلسلي.
وابحث عن الكتب التي تتحدَّث عن رمضان أو الحج، فستجد ركاماً عجيباً من القذف المكتبي حيال هذه القضية وكثير منه لا توجد فيه زيادة ولا إفادة، بل محض تكرار وإعادة.. ! وعلى هذا فقس.
والخطأ في ذلك أنَّ كثيراً من المكتبات ـ وللأسف ـ صار الهمُّ التجاري طابعاً لها، فما يأتيها أي أحد ويريد طباعة تلك الرسالة أو هذا الكتاب، إلاَّ ويقبل قوله بمراجعة شبه سطحية لما في الكتاب، وتقوم بدور الطباعة والنشر، دون أن ترى ما الجديد الذي أفرزه في كتابه ذلك، وما القضيَّة التي أثارها؟
ولقد حدَّثني أحد طلبة العلم له ارتباطٌ وثيقٌ مع إحدى المؤسَّسات التجارية الناشرة للكتاب؛ بأنَّه يأتيها في اليوم عشر عناوين، يطلب أصحابها طباعة كتبهم، وإذا تأمَّلنا وجدنا أنَّه خلال السنة يأتي لهذه المكتبة التجارية المتوسطة ما يقارب (36)عنوان يطلب الطباعة والنشر، والسؤال الذي يطرح نفسه: هل كلُّ هذه الكتب تناقش الموضوعات التي كتبت عنها بقوَّة طرح، وجدة في الأسلوب، وعمق في المناقشة، أو لنقل: بشيء جديد يخدم مصالح الأمَّة.
ولكن لِمَ ذلك التدفق الكبير على النشر، مع التكرار الملحوظ؟
وجواباً: لا أشكُّ أنَّ بعض المؤلِّفين والنَّاشرين من أصحاب المكتبات لهم هدف تجاري في ذلك، فهو مصدر رزق أكيد، ولكن يقال: إنَّ البقية الباقية حين شرعت في التأليف لم تتعب نفسها قليلاً للبحث عمَّن سبقها في مشروعها، وكم كتاب عالج تلك القضية المطروح نقاشها.
والبعض الآخر رأى شيئاً من ذلك، ولكنَّه يظنُّ ـ لعلَّه من باب الدعوة والتعليم ـ أنَّ في ذلك تكثيراً لسواد الكتب الإسلامية، أو لظنِّه أنَّ ما سيكتبه فيه جديد ـ بيد أنَّه لا جديد ـ أو لمحبَّته في المشاركة في الهمِّ العلمي وهو لا يعلم أنَّه ليس أهلاً لذلك!!
ومن العجائب أننا صرنا نرى كتباً تفرض علينا رؤيتها حين التجوال لمتابعة الكتب الصادرة حيث إنَّها تدَّعي الفكر الموضوعي، والتأليف الرفيع، وقلَّ منها ما يتميَّز بطرح جاد، ودراسة متعمِّقة، فيكتبُ في الغلاف الأمامي عليها: (من أكثر الكتب مبيعاً في العالم) أو(ليت كانت عندنا هذه المعلومات منذ مئات السنين) وغيرها من العبارات البرَّاقة، والتي يستغرب من كتابة مؤلِّفيها بهذه الطريقة، وهي مع ذلك مكرَّرة المضمون، إلاَّ أنَّها برَّاقة الألوان والتطريز الطباعي!!
* وختاماً... ما العلاج:
إن علاج هذه النَّمطيَّة المبرمجة على التكرار، والذهنية المستقرَّة على الاجترار من معلومات الغير، تكمن في عدَّة أشياء:
1ـ إعادة صناعة البرامج والمشروعات، برؤى واضحة، وخطط متَّسقة، والعبرة بالكيف وليس بالكم، كما هي قاعدة مقرَّرة في العقليَّة الإسلامية، وكذا فإنَّ التنظيم والتخطيط أساس النجاح.
2ـ صناعة الإبداع في المجالات الإعلامية، وترك الاستنساخ للبرامج والمشروعات، ومحاولة التشويق في الابتكار والتجديد، وذلك أمر إن استطعنا أن نتدرب عليه، فسنخنق حالة الركود الفكري التي تعيشها أمَّتنا، فهي أمثل مناخ وأحسنه لهدم كلَّ إبداع وابتكار، والإبقاء على نمط التكرار.(13/120)
وإنَّ محاولة تدريب العقول على الخيال الواسع، وإطلاق الأذهان في توليد الأفكار، وفتح آفاق واسعة للتفكير الإبداعي من الأهميَّة بمكان، وهذا ما يعيب كثيراً من برامجنا ومشروعاتنا، وفي كلام بعض الكفَّار حكمة؛ فقد كان نابليون يقول: (إنَّ عيب مؤسساتنا خلوها من أي شيء يتوجه للخيال) (انظر: مقدمات للنهوض بالعمل الدعوي ـ للدكتور: عبد الكريم بكَّار/ص26.
3ـ لعلَّ من العلاجات النافعة لداء التكرار، قوَّة التوجيه الصائب للعمل لهذا الدين، وفتح مجالات التفكير الواسع في الفضاء الرحب لمزيد من الإنتاج الفكري، المتناغم مع أدوات الإبداع الحضارية، ولهذا إذا أردنا أن ندرس السبب الداعي لبعض المصلحين إلى تكرار مشروعات بلا رونق ولا إثارة إبداعيَّة من المجلاَّت والمواقع، أو بنفس الطريقة المتبعثرة والمتعثِّرة، فإنَّنا سنجد أنَّهم شعروا بكثير من الفراغ بلا توجيه، وهو ما أدَّى لوجود حالة الشلل الفكري، في الإيجابية المثمرة والموظِّفة لطاقاتهم في الاجتهاد لخلق وإيجاد برامج رائدة، ولذا فإنَّ من يقول بأنَّ: التكرار يغيِّب الأفكار، له وجه من الصِّحَّة، وإن كان له وجه من الخطأ كذلك.
4ـ إن لم يستطع بعض المصلحين المساهمة بتأسيس مشروعٍ جديدٍ ومبتكر، ويخدم قضيَّة محدَّدة، وأعجزهم الأمر، وكانت لديهم من الطاقات المالية والفكرية والعملية، فلا أقلَّ من أن يساهموا في تشجيع المواقع القويَّة والناهضة، أو المجلَّات التي اشتهرت وعرفت بدورها الساطع في توجيه العقول والأفكار، فذلك خير من أن يُبدأ بمشروع جديد، ويضع صاحبه يده على قلبه، خشية الإخفاق وعدم النجاح.
5ـ المساهمة في إنشاء مواقع أو مجلات أو صحف ذات طابع معيَّن ومتخصص، يكون فيها تقديم لقضايا متجدِّدة، وبمعالجات مفيدة وجديدة، كأن تكون هناك مواقع تهتمُّ بالدراسات الإسلامية المتعمِّقة، أو مواقع مختصَّة بالسياسة الشرعية ومعالجاتها الواقعيَّة، أو مواقع دعوية قويَّة لدعوة المسلمين بلغاتهم المتعددة، كاللغة الصينية والأورديَّة وغيرها، ولا ريب أنَّ هذا ممَّا يشجِّع النفس على العمل لهذا الدين ونشره في الآفاق، ورحم الله الرافعي حيث قال: (إن لم تزد شيئاً على الدنيا، كنت أنت زائداً على الدنيا) وحي القلم(2/8)
6ـ أن تؤسَّس هيئة أهليَّة غير ربحيَّة للقيام بدراسة الجدوى للمشاريع الفكرية والإعلامية، التي هدفها إصلاح الأمَّة والنهوض بها.
7 ـ التنسيق بين المواقع العنكبوتيَّة، والتخصُّص في مادة الموقع.
8 ـ ممَّا نحن بحاجة له أن يقوم ثلَّة من الإعلاميين الإسلاميين بتأسيس جريدة يومية، يكون لها دور ملموس في الساحة الإعلامية، وجهد مقدَّر، ولك أن تبحث في الجرائد المنتشرة في العالم الإسلامي ذات الصبغة الإسلاميَّة، فستجدها أقلَّ من القليل، فهل من همَّة ومبادرة لتأسيس ذلك الأمل المنشود، بجاذبية وتميُّز؟.
8 ـ أن تؤسَّس رقابة صارمة على جديد الكتب متشابهة المضمون مختلفة الشكل وعدم السماح لأي كتاب يصدر، إلاَّ من خلال هذه الهيئة الرقابية على الكتب، لتكون الكتب الجديدة الصادرة جيِّدة التحقيق، مثمرة لروح الإبداع، قويَّة الطرح، مناقشة للموضوع بجدِّيَّة وعمق.
أمَّا أن يُفسَح المجال لكلِّ غاد ورائح لطباعة أي كتاب ألَّفه لحينه، ولم تتبيَّن فيه أو منه علامات البحث العلمي، أو التحرير الموضوعي، فإنَّ هذا سيجعلنا نتلقَّى كتلاً ضخمة من الأوراق، التي تحتاج لفرز لمتابعة الجيِّد منها من عدمه.
وكذلك المخطوطات، فإنَّ هناك مخطوطات أو كتباً لبعض أهل العلم قد حُقِّقت أكثر من عشر مرَّات، أليس في تلك التحقيقات كفاية، ولماذا الإخراج تلو الإخراج لكتب حقِّقت أكثر من مرَّة، على أكثر من نسخة خطِّيَّة، فماذا سيفيدنا به المحقق، إلاَّ أن تزيد نسخة جديدة في البلد بلا فائدة!
إنَّ هناك كتباً تحتاج للتحقيق، ككتب العقائد, والفقه, والتأريخ الإسلامي وغيرها من شروحات الأحاديث، وما ننتظره أن يبادر المحققون لتحقيقها، فذلك هو الإبداع والتميُّز، بل إنَّ إخراج كتاب جديد، وتحقيقه على النسخة الخطِّيَّة أحسن فائدة من إخراج مئات من الكتب التي حقِّقت ولم نعلم من حال محققيها إلا اختلاف أسمائهم، وألوان كتبهم، وقلَّ من يكون منهم محققاً مبدعاً أو متميزاً!
09-11-2005
http://www.alasr.ws :المصدر
===========
الحق لا يعرف بالكثرة ولا بالرجال ، ولكن بالأدلة والآثار
من المصائب العظام، والطوام الجسام، انقلاب الموازين، واختلال المفاهيم، وقلة الفقه في الدين، ويزداد الأمر سواءً إذا صحب ذلك بغرور ، واستكبار ، وتعالٍ ، واستظهار بقوة وسلطان.
مما عمت به البلوى في هذا العصر ، واشتدت به الكربى على أهل العلم ، ما غلب على الأفهام ، وطبع في الأذهان ، وشاب عليه الكهول ، وشب عليه الغلمان ، أن الحق يعرف بالكثرة ، على الرغم من قوله - تعالى -: {وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} ، وقوله: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} ، وقوله: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ} ، وقوله: {كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ} ، وقال فرعون عن موسى وقومه:{إِنَّ هَؤُلاء لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ. وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ}.
ورضي الله عن ابن مسعود حين قال: "الجماعة ما وافق الحق ولو كنت وحدك"، وقد تكون الجماعة في مخالفة الجماعة، أي الكثرة.(13/121)
ولذات السبب أطلق البعض على الأشاعرة في الماضي أهل السنة، لكثرتهم وانتشارهم، وفي ذلك تجاوز ، في عهد صلاح الدين الأيوبي وما بعده ، والسنة لا تعرف بالكثرة، وإنما باتباع الدليل وموافقة ما كان عليه السلف، ومخالفة العقيدة الأشعرية للعقيدة السنية أوضح من أن يدلل عليها.
وازداد هذا الفهم تعقيداً عندما تعلق كثير من المسلمين بالنظام الديمقراطي الذي قلدوا فيه الكفار، حتى أضحى عند البعض ديناً يوالون عليه ويعادون، فقد أشربوا حب هذا النظام اللاديني، ولم يسلم من هذا الفهم السقيم والمرض الخبيث الخطير حتى الجماعات الإسلامية، إذ أصبحت تعتد به، وتفصل عن طريقه حتى في الفتاوى الشرعية والأحكام الفقهية، فما رأته الأغلبية أياً كان نوعه فهو الحق وهو الصواب، ومن خالفه فكأنما خالف صريح الكتاب، أو صحيح السنة، أو ما أجمعت عليه الأمة، بل أشد، إذ لا يعبأ البعض بمخالفة السنة الصحيحة، ولا يتردد في رد الآثار إذا خالفت الهوى واصطدمت مع الإجماع الشعبي، الذي عد مصدراً أساساً للدستور مع الأعراف والتقاليد جاهلية كانت أم بدعية.
ونتج عن هذا الفهم المغلوط والاعتقاد المعكوس خلل كبير وفساد خطير، وكان سبباً للتفرق، والتشرذم، والاختلاف، وأصبح المتمسك بالكتاب، والسنة، والإجماع هو المنبوذ المنفرد، والذي يكون على ما عليه العامة مهما كانت مخالفته للأصول هو المرضي عنه والمرجى للقيادة، والتدريس، والفتوى، والاستشارة.
من مخالفات الديمقراطية للإسلام ومناقضتها لما جاء به رسوله تسويتها بين المسلم والكافر، والذكر والأنثى، والعالم والجاهل، والبر والفاجر، فأهل الحل والعقد في شرعها سواء مع الفسقة من الفنانين، والممثلين، والمرابين التعساء، والعلماء فيها حقوقهم دون حقوق الجهلاء، والعقلاء فيها لا فرق بينهم وبين السفهاء، وشرعة رب السماء مساوية إن لم تكن دون زبالة أذهان المشرعين للقوانين الوضعية التعساء.
وظهرت بدعة الخط العام للجماعة، فمن قبله قبل، ومن رفضه رفض وركل، بل ربما عد البعض هذا الخط موافقاً ومطابقاً للخط الذي خطه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: (أوله عندكم وآخره في الجنة)، فأخذ يوالي ويعادي من أجله، ويحب ويبغض، ويقبل ويرد بسببه، لموافقته للهوى.
ولهذا إن قال قائل قولاً مخالفاً لما ألفته الجماعة وارتضته العامة، أو أفتى فتوى مغايرة لما تهواه، أو جاء برأي معاكس للمعهود المعروف، أنكر عليه أشد الإنكار، و ثرب عليه، وضيق عليه أيما تضييق، وإن دعا الحال حجِّم ومنع من الفتوى والتدريس، بدعوى الغلو والتشدد، وخوف الفتنة وشق الصف، والحرص على لمِّ الشمل، وما علم هؤلاء أنهم المتفلتون، وفي الفتنة ساقطون وهم لا يشعرون، وهكذا يزين الشيطان الباطل، ويلبس على الناس الحق، ويسعى للتهويش والتفريق، ويحسبون مع ذلك أنهم يحسنون صنعاً، ويقدمون معروفاً، ويرجون فلاحاً وصلاحاً، ونسوا أو تناسوا أن الفلاح كل الفلاح في الاعتصام بالكتاب، والسنة، والإجماع، وفي الثبات على ذلك، وفي اتهام الرأي دائماً وأبداً، وفي اتخاذ السلف الصالح قدوة وأسوة، فما لم يكن في ذاك اليوم ديناً فلن يكون اليوم ديناً، ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها.
اللهم ألف بين القلوب، وبصِّر بالعيوب، واهد إلى المطلوب، وجنبنا التعصب، والهوى، والتقليد، والاستعلاء، وأذهب عنا الغل والبغضاء، وصلى الله وسلم على محمد القائل: (كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى)، قيل: ومن يأبى ذلك؟ قال: (من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى)، وعلى آله وأصحابه الأصفياء، والتابعين الأوفياء، ورضي الله عن علي حين قال: (الحق لا يُعرف بالرجال، اعرف الحق تعرف أهله)، والحمد لله الذي عافانا مما ابتلى به غيرنا، وفضلنا على كثير ممن خلق تفضيلاً، ونسأله أن يعافينا مما بنا من أدواء.
http://www.islamadvice.com :المصدر
==========
الخطاب الإسلامي وعصر المجتمعات
إبراهيم غرايبة
تحظى دراسة الجهود والحركات الإسلامية والإصلاحية الحديثة بأهمية كبرى في هذه المرحلة ربما تفوق أي مرحلة سابقة فقد حدثت تحولات وأحداث مهمة تبدت فيها أولويات واحتياجات جديدة غيّرت كثيراً من واجبات الحركات والجهود الإصلاحية، وتظهر الدراسة أيضاً كثيراً من الإنجازات والمكاسب التي تحققت، والتي يجب إدراكها ومراجعة العمل في مجالها لتوجيه الجهود والموارد نحو ما لم يتحقق بعد، وبالطبع فإن ثمة تحديات وعيوباً كثيرة رافقت العمل الإصلاحي يجب الالتفات إليها.
لقد خطت الأمة المسلمة منذ مطلع القرن الرابع عشر الهجري خطوات كبرى في مسار النهضة والإصلاح، وتحققت إنجازات مهمة، وهي "الأمة المسلمة" في أوائل القرن الخامس عشر تبدو أحسن حالاً بكثير منها قبل مائة سنة، وأمامها بالطبع أعمال أخرى كبيرة يجب إنجازها ومراحل كثيرة يجب تخطيها بسرعة أكبر، وتواجهها مخاطر وتحديات كبيرة تهددها وتضعفها.
وقد بدأ العمل الإصلاحي بمبادرات ومشروعات نهض بها مصلحون ومفكرون مثل محمد بن عبد الوهاب في الجزيرة العربية، وجمال الدين الأفغاني في مصر والدولة العثمانية، ومحمد عبده ورشيد رضا في مصر، وعبد الرحمن الكواكبي في الشام، ومحمد بلحسن بلحجوي وعلال الفاسي في المغرب، وعبد الحميد بن باديس ومالك بن نبي في الجزائر، والطاهر عاشور في تونس، أو في حركات تحرر من الاستعمار تمزج بين الصوفية والجهاد مثل السنوسية في ليبيا والمهدية في السودان والمريدين في القفقاس، والنورسية في تركيا.(13/122)
ثم استوعبت هذا التراث الإصلاحي والنهضوي حركات إسلامية منظمة وشعبية مثل الإخوان المسلمين بقيادة حسن البنا تلميذ رشيد رضا، والجماعة الإسلامية في القارة الهندية، والحركة الإسلامية الشيعية في إيران.
وتطور مشهد العمل الإسلامي اليوم إلى خريطة معقدة وشاملة تشمل دولاً قامت على أساس حركات وأفكار إسلامية أو متأثرة بها، وتجارب ومحاولات للحكم والمشاركة السياسية مثل حزب الرفاه في تركيا والجبهة الإسلامية وحركة مجتمع السلم وحركة الإصلاح في الجزائر، والحركة الإسلامية في اليمن والأردن، وحركات مقاومة للاحتلال، وأحزاباً سياسية تشارك في الحكم والحياة السياسية والعامة، ومؤسسات إسلامية كالمنظمات الدولية والإقليمية والجامعات والبنوك والشركات ومنظمات الإغاثة ومراكز الدراسات والصحف والمجلات ومحطات الإذاعة والتلفاز.
وكان من أهم خصائص المشهد الجديد انتقال مسؤولية الجهود الإصلاحية من الرواد أو الحركات المنظمة إلى حالة مجتمعية تنهض بها شبكة من الحكومات والمؤسسات والجماعات والأفراد، ويقتضي هذا التحول إعادة النظر والتفكير في مسارات العمل الإصلاحي لتناسب المشهد الجديد وأولوياته واحتياجاته وتحدياته وفرصه.
فالحديث عن الإصلاح إنما هو عن دور الأمة، وهو دور لا تغني عنه أعمال جزء من الأمة كالجماعات والحركات والحكومات والمؤسسات، ولكننا نعني مجموع الأمة التي تشكل فيها المؤسسات والأفراد جزءاً من شبكة العمل والإصلاح والتنمية، فالمطلوب ليس فقط أن تبادر المؤسسات المختلفة إلى العمل والبرامج ولكن المطلوب أن ننقل الأمة المسلمة بمجموعها إلى حالة جديدة من الفاعلية الحضارية والاجتماعية، ومعيار نجاح عمل الجماعات والحكومات والمؤسسات والأفراد هو بمقدار نجاحها في التأثير في الأمة ومساعدتها على النهضة والتغيير، وأن تتكامل أعمال ومواقف جميع الأطراف من أفراد وحكومات ومؤسسات أهلية ومجتمعية بحيث تتحقق شبكة من الإصلاح والعمل النهضوي، ولا تكون هذه الجهود مشتتة متعارضة متباعدة، فقد يكون مجموع الأعمال صفراً أو قيمة سالبة، وقد يكون مساوياً لمجموعها، ولكنه يمكن أن يكون أضعافاً مضاعفة وكأنه حاصل ضرب وليس جمعاً؛ لأن الأعمال والمشروعات يمكن أن تتفاعل وتحقق متوالية كبيرة من الإنتاج، وقد تؤدي- وهذا هو الجانب المخيف- إلى متوالية عكسية سالبة من التناقض والتدمير (وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً(. ولذلك فإن محاولة التفكير والدراسة في هذا المجال يجب أن توضح مطلبين أساسيين:
ما الحالة التي نسعى إليها ونريدها؟ وكيف تشبك الأعمال والأدوار "تجعل في شبكة" تجعلها أكثر فاعلية واقتداراً وتضاعف آثارها الإيجابية ونتائجها الطيبة.
إنه ليس ممكناً ولا هو مطلوب أن تنهض فئة قليلة من الأمة تعمل وحدها، وتتحمل أعباء النهضة والدعوة، في حين يقف المجموع الباقي يراقب وينظر، أو يحارب ويعوق، ولكن المطلوب تأهيل الأمة المسلمة لتحقق شروط النهضة والإصلاح وتكون قادرة على أداء دور الشهود الحضاري المطلوب منها.
وقد حدثت تحولات كبيرة ومهمة أثرت في وجهة الحضارات والمجتمعات وغيّرت من الموارد والعلاقات مثل المعلوماتية والاتصالات وتداعياتها على الدول والمجتمعات والتعليم والعلاقات الدولية والاقتصادية والاجتماعية، وكانت هذه التغيرات على درجة كبيرة من الأهمية والتأثير تستدعي فكراً جديداً ودراسات جديدة للإحاطة بمتطلباتها وتحدياتها وفرصها وفهم البيئة الجدية المحيطة بالعمل الإصلاحي والعام ومدخلاته المتغيرة والكثيرة، وقد شغلت مؤسسات ومراكز بحثية كثيرة جداً بفهم وتقدير هذه التحوّلات والظواهر الجديدة كالعولمة على الدول والاقتصاد والقوى العالمية وإستراتيجياتها، ولكني لا أعلم عن دراسات ومؤتمرات لفهم وتقدير اتجاهات وآفاق الدعوة الإسلامية في عصر المعلوماتية والعولمة.
هذه التغيرات المهمة والمؤثرة تعيد صياغة المجتمعات والدول على أسس جديدة، وهي تحوّلات تقتضي إعادة تكييف دور الأمة والمؤسسات والأفراد، واختبار الفرص والتحديات الجديدة.
إن امتداد العمل الإصلاحي إلى العمل السياسي جعل الحركة الإسلامية الواحدة تشتغل بالمشاركة السياسية والنيابية والعمل النقابي والدعوي والخيري، وهذا أدّى إلى فساد واستبداد واحتكار للعمل العام وصدام مع الحكومات بدلاً من التنسيق وضياع الجهود وتكراراها، وتوظيف للعمل العام لأغراض ومصالح حزبية وشخصية، وأفقد الحركة الإسلامية مصداقيتها ونزاهتها.
فالانتشار الإسلامي يجب أن يكون مصحوباً بالامتداد الأفقي للأمة والمجتمعات بأسرها حتى لا يرهن العمل الإسلامي لصراعات ومصالح ورؤى صغيرة، وأن يتحول العمل من تنظيمات وجماعات إلى أمة ومجتمعات.
والحركة الإسلامية مدعوة لمبادرة ذاتية تقوم بها بنفسها قائمة على شبكية العمل الإسلامي وليس هرميته، ومجتمعيّته وليس تنظيميّته، فتجري انسحاباً لمشاركة غيرها وفصلاً تاماً وحقيقياً في القيادة والعمل بين العمل السياسي الحزبي وبين العمل النقابي والخيري والعمل الدعوي، ولا يعقل أن تقع قيادات الحركة الإسلامية فيما يفترض أن تكافح من أجل محاربته من احتكار وسيطرة، فترى القائد قائداً في العمل الخيري والدعوي والسياسي
والنيابي.
وقادة الحركة الإسلامية بسلوكهم هذا لا يقعون في زلل الاستبداد والاحتكار فقط، ولكنهم أيضاً يجعلون الحركة الإسلامية هدفاً معزولاً يسهل إصابته وتصفيته، ويجعلون مغانمهم الشخصية قضية الأمة أو قضية إسلامية ينتظرون من الناس أن يؤيدوهم بها، ويسهّلون على الحكومات ضرب العمل الإسلامي تحت غطاء محاربة التجاوزات القانونية والسياسية.(13/123)
إن هذا الفصل الإجرائي في التطبيق، والذي يبدأ بالفصل بين المجالات المختلفة للعمل من سياسي ونقابي وخيري ومؤسسي وحكومي يحول ملكية العمل الإسلامي وخبراته وتجاربه إلى المجتمع بأسره أو أكبر قدر ممكن منه، ويقلل من عقلية الاحتكار والوصاية وعدم الثقة بالآخرين، ويحمي الحركة الإسلامية من العزلة، ويجعل الحالة الإسلامية أكثر تجذراً وانتشاراً في المجتمع، وليست مسألة تخص تنظيماً أو جماعة بعينها.
فمسؤولية العمل والدعوة والإصلاح منوطة بكل مسلم بل جميع المواطنين حتى غير المسلمين منهم، وليست حكراً على أفراد أو فئة من الناس، ووظيفة الحركة الإسلامية أن تحشد جميع الناس والفئات في مشروعها الإصلاحي وليس منافستهم المغانم والمواقع والفرص، وكلما تراجعت المصالح الذاتية والتنظيمية تزيد المصداقية والقبول.
وأدّت التحوّلات الكبيرة في المجتمعات ودور الدولة والنمو الكبير للصحوة الإسلامية إلى أولويات ومجالات جديدة للعمل الإسلامي قد يكون تقرير التنمية البشرية للأمم المتحدة وتقرير التنمية الإنسانية العربية من مؤشرات اتجاهاتها، مثل تحريك الدوافع الثقافية والخبرات المجتمعية في التنمية والنهوض وإعادة تنظيم المجتمعات والمؤسسات باتجاه تحقيق الاحتياجات الأساسية كالعدل والمساواة والأمن والغذاء السليم والدواء والمأوى والتعليم المستمر والانتماء والمشاركة بأقل التكاليف الممكنة وبأفضل مستوى، والتعامل الصحيح مع مرحلة الخصخصة وتغير دور الدولة وربما مفهومها، وهذا يجب أن يدفع العمل الإصلاحي إلى أوعية جديدة وأولويات تتفق مع هذه المتغيرات والاحتياجات، وكما كانت الحركات الإصلاحية مرتبطة بمقاومة الاحتلال والتحرر والاستقلال انسجاماً مع أولويات المرحلة فإنها في هذه المرحلة مدعوة إلى بذل الجهد والاهتمام بالتنمية الإنسانية والاحتياجات الأساسية، وبخاصة أنها أعمال وبرامج وأولويات تتفق مع خبراتها وإمكاناتها.
15/7/1426
20/08/2005
http://www.islamtoday.net المصدر:
==========
رمضان شهر الدعوة
محمد بن إبراهيم الحمد
نحمدك اللهم أن هديتنا سبل الفلاح، ونستعين بك على إعلاء كلمة الحق والدعوة إلى الإصلاح، ونصلي ونسلم على نبيك محمد الذي أنزلت إليه قرآناً عربياً، وعلى كل من دعا إلى سبيلك مخلصاً تقياً.
أما من زاغ عن الهدى، واتخذ المضلين عضداً فإليك إيابه، وعليك حسابه، أما بعد:
فإن الدعوة إلى الله لَمِن أوجب الواجبات، وأهم المهمات، وأعظم القربات، وإن شهر رمضان لفرصة سانحة، ومناسبة كريمة، وأرضٌ لنشر الدعوة خصبة، ذلكم أن القلوب في رمضان تخشع لذكر الله، وتستعد لقبول المواعظ الحسنة، وتقوى بها إرادة التوبة.
والحديث في هذه المقالة سيدور حول الدعوة إلى الله من حيث مفهومها، وفضائلها وآدابها، وما يدور في فلكها.
الدعوة إلى الله - عز وجل - تشمل كل ما يُقصد به رفعة الإسلام، ونشره بين الناس، ونفي ما علق به من شوائب، ورد كل ما يغض من شأنه، ويصرف الناس عنه.
الدعوة إلى الله تشمل كلَّ قول، أو فعل، أو كتابة، أو حركة، أو سكنة، أو خلق، أو نشاط، أو بذل للمال، أو الجاه، أو أي علم يخدم الدين، ولا يخالف الحكمة.
ولا ريب أن العلم هو مرتكز الدعوة، وهو أساسها، ودليلها، وقائدها.
ولكن الدعوة تحتاج مع العلم إلى كثير من الجهود التي مضى شيء منها، فكلٌ على شاكلته، وقد علم كل أناس مشربهم.
لقد جاءت نصوص الشرع آمرةً بالدعوة، منوهةً بشأنها، محذرة من التخاذل في تبليغها، مبيّنةً فضائلها والأجورَ المترتبة عليها.
ولقد جاءت النصوص في ذلك الصدد على وجوه شتى، وصيغ متعددة.
فجاءت بصيغة الأمر بالدعوة بصريح لفظها قال - تعالى –(ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة[وقال]إليه أدعوا وإليه مآب)وجاءت صيغة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر(كنتم خير أمةِ أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر).
وجاءت بصيغة التبليغ قالت - تعالى – (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك).
وجاءت بصيغة النصح قال - عز وجل –(إذا نصحوا لله ورسوله).
وجاءت بصيغة التواصي قال الله - تعالى – (وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر).
وجاءت بصيغة الوعظ قال - سبحانه –(قل إنما أعظكم بواحدة).
وجاءت بصيغة التذكير، قال الله - تعالى – (وذكّر فإن الذكرى تنفع المؤمنين).
وجاء بصيغة الإنذار قال الله - تعالى – ( وأنذر عشيرتك الأقربين) .
وجاءت أيضاً بصيغة التبشير قال تبارك وتعالى(وبشّر المؤمنين)وجاءت بصيغة الجهاد قال - عز وجل – (فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهاداً كبيراً).
وجاءت بصيغة التحذير من التولي عن الدعوة ونصرة الدين قال - عز وجل – (فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ).
أما فضائل الدعوة وثمراتها التي تعود على الأفراد بخاصة، وعلى الأمة بعامة فلا تكاد تحصى، وأدلة الوحيين مليئة بذلك، متضافرة عليه.
فالدعوة إلى الله طاعة لله، وإرضاءٌ له، وسلامة من وعيده.
والدعوة إلى الله إعزاز لدين الله، وإقتداء بأنبيائه ورسله، وإغاظة لأعدائه من شياطين الجن والإنس، وإنقاذ لضحايا الجهل والتقليد الأعمى.
والدعوة إلى الله سبب في زيادة العلم والإيمان، ونزول الرحمة ودفع البلاء، ورفعه.
وهي سبب لمضاعفة الإعمال في الحياة وبعد الممات، وسبب للاجتماع والألفة، والتمكين في الأرض.(13/124)
والدعوة إلى الله أحسنُ القول، فلا شيء أحسن من الدعوة إلى الله ( ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين )، وهداية رجل واحد خير من الدنيا وما عليها، والدعاة إلى هم أرحم الناس، وأزكاهم نفوساً وأطهرهم قلوباً، وهم أصحاب الميمنة، وهم ورثة الأنبياء.
وهناك صفات يحسن بالداعي إلى الله أن يتصف بها ـ سواء كانت دعوته فردية أم عامة ـ فمن ذلك: العلم، والعمل بالعلم، والإخلاص، والصبر، والحلم، وحسن الخلق، والكرم، والإيثار، والتواضع، والحكمة، والرحمة، والحرص على جمع الكلمة على الحق.
ومن الصفات التي يجمل بالداعي أن يتصف بها: الصفح الجميل، ومقابلة الإساءة بالإحسان، والثقة بالله، واليقين بنصره، والرضا بالقليل من النتائج، والسعي للكثير من الخير.
ومنها تجنب الحسد، وتجنب استعجال النتائج، وتجنب التنافس على الدنيا والانهماك في ملذاتها ومشاغلها.
ومن آداب الداعي إلى الله أن يكون ملازماً لّلين والرفق، حريصاً عل هداية الخلق، مستشعراً للمسئولية، قويّ الصلة بالله، كثير الذكر والدعاء والإقبال على الله بسائر القربات.
ومن آدابه: الحرص على مسألة القدوة، وأن يغتنم كل فرصة للدعوة، وألا يحتقر أي جهد في سبيلها مهما قل.
ومن آدابه: تحسس أدواء المدعوين، ومعرفة أحوالهم.
ومنها: البعد عن الجدال إلا في أضيق الحدود وبالتي هي أحسن.
ومنها: تعاهد المدعوين، وتشجيعهم، وربطهم بالرفقة الصالحة، ومراعاة الحكمة في إنقاذهم من رفقة السوء.
ومنها: البدء بالأهم فالمهم، والبعد عن الانتصار للنفس.
ومنها: تنويع وسائل الدعوة، فتارة بالموعظة الحسنة، وتارة بالهدية، وتارة بالتوجيه غير المباشر وهكذا..
ومنها: إظهار الاهتمام بالمدعو، ومعرفة اسمه، وإشعاره بأهميته، وإشغاله بما ينفعه.
هذه هي الدعوة إلى الله، وتلك فضائلها، وآداب أهلها؛ فحريّ بنا أن نكون دعاة إلى الله، كل بحسبه، فهذا بعلمه، وهذا بماله، وهذا بجاهه، وهذا بجهده؛ لنحقق الخيرية ولنسلم من الوعيد.
فيا طالب العلم هذا شهرُ رمضان فرصة عظيمة للدعوة إلى الله، فهاهي القلوب ترقّ، وهاهي النفوس تهفو إلى الخير، وتجيب داعي الله؛ فهلا استشعرت مسئوليتك، وهلا استفرغت في سبيل الدعوة طاقتك وجهدك، وهلا أبلغت وأعذرت، ورفعت عن نفسك التبعة؟!.
ويا من آتاه الله بسطةً من المال ألا تؤثر الدعوة إلى الله بجانب من مالك، فتساهم في كفالة الدعاة، وإعدادهم، وتشارك في طباعة الكتب النافعة، ونحو ذلك مما يدور في فلك الدعوة؟ ألا تريد أن تدخل في زمرة الدعاة إلى الله؟
ويا من آتاه الله جاهاً ألا تبذّلته في سبيل الله؟ ألا سعيت في تيسير أمور الدعوة إلى الله؟
ويا أيها الإعلامي المسلم أيّاً كان موقعك ألا يكون لك نصيب في نشر الخير، والدعوة إلى الله بالكلمة الطيبة، والطرح البناء، أما علمت أنك ترسل الكلمة أو تعين على إرسالها، فتسير بها الركبان، وتبلغ ما بلغ الليل والنهار؟ أما علمت أن لك غنمها وعليك غرمها؟
ويا من حباه الله دراية ومعرفة بشبكة الاتصالات وما يُسمى بالانترنت، ألا جعلت من ذلك وسيلة لنشر الدعوة إلى الله؟ أليس من اليسير في حقك أن تبث الخير على أوسع نطاق، وبأقل مؤونة، ألست تخاطب العالم، وأنت منزوٍ في قعر بيتك؟
ويا أيتها المرأة المسلمة ألا تسعين جاهدة في نشر الخير في صفوف النساء بما تستطيعين؟
ويا أيها المسلمون عموماً ألا نتعاون جميعاً في سبيل الدعوة إلى الله؟ ألا نجعل من شهرنا هذا ميداناً لاستباق الخيرات؟ ألا نتعاون في نصح الغافلين، وتذكير الناسين، وتعليم الجاهلين؟!
(ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين).
اللهم اجعلنا من أنصار دينك، ومن الدعاة إلى سبيلك وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين، وسلام على المرسلين، و الحمدلله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد..
http://www.lahaonline.com المصدر:
===========
أفكار دعوية للأبناء بالحاسب الآلي
أريد برامج أو أفكار ترفيهية بالحاسب مفيدة ومضبوطة بأحكام الشرع ومناسبة تربويا، للأطفال من 3-5 سنوات.
كي نحفظهم من التعلق بسخائف الأمور مما ينشر في الإعلام الفاسد
الجواب:
هناك مجموعة من الأفكار صالحة للصغار بالحاسب الآلي.. واجعل ترفيههم مفيدا بتعليمهم بعض الأمور المفيدة مثل:
• تعليمهم بعض برامج الرسم السهلة مثل: فوتو درو.. والطلب منهم عمل بعض الأمور التي تنفعهم أو تنفع من حولهم.
• تعليمهم بعض البرامج المفيدة مثل Word وتركهم يعملون بعض الرسائل لأقاربهم (الأم.. الجدة.. إلخ) أو يكتبون بعض الكلمات النافعة.
• تدريبهم على استخدام الماسحة الضوئية وتعليمهم كيف ينقلون الصور والرسومات إلى الحاسب الآلي
• الاستفادة من بعض أقراص الـ CD الخاصة بالقرآن الكريم والتي فيها امكانية القراء والتحفيظ.. فعن طريق هذه الأقراص يتم تحفيظهم بعض السور (هناك قرص CD استخدمته خاص بالمقرئ سعد الغامدي.. ويوجد الآن غيره كثير.. )
• هناك بعض البرامج التعليمية الجيدة مثل (الشمس والطبيعة) والحقيقة أنه رائع جدا جدا.. للكبار والصغار وللذكور والإناث.
• وهناك مجموعة من المحاضرات منها درس للدكتور طارق السويدان باسم الإعجاز في الكون يصلح للناشئين
• أفلام الجهاد كثيرة الآن بالـ CD منها أفلام الشيشان وفلسطين وغيرها..
• هناك بعض الأفلام أيضا والتي تم تحويلها إلى CD وهي خاصة بالأطفال مثل (كان يا ما كان و الفاتح) على اختلاف في تقدير تقديمها للأطفال من عدمها..
• هناك ألعاب كثيرة ومسابقات توزع كبرامج بالحاسب الآلي.(13/125)
• هناك مواقع خاصة بالأطفال بالانترنت مثل موقع عبودي وغيره..
http://www.sst5. com المصدر:
===========
أبواب الخير والثواب في الإنترنت
محمد ابراهيم صبحى
30 وسيلة لكسب الأجر عن طريق المنتديات في الانترنت!
السلام عليكم فهذه مقالة بسيطة هي عبارة عن رؤوس أقلام عن طرق كسب الأجر والثواب في المنتديات العربية.
1- نشر عنوان موقع إسلامي جديد وما يحتويه من مواد شرعية وأهم ميزاته
2- نشر بعض محتويات موقع إسلامي متميز مناسب في وقت مناسب
3- نشر جديد موقع إسلامي مع روابط متكاملة للمواضيع الجديدة.
4- المشاركة الفعالة والجيدة والمتميزة في مقال ما
5- رفع مقال متميز
6- تشجيع كاتب متميز مقل
7- تشجيع كاتب عليه ملاحظات لكسب وده وقلبه لمناصحته لاحقا
8- جمع مقالات متفرقة في موضوع معين وشبكها في موضوع واحد متكامل
9- جمع روابط موضوع معين تمس الحاجة إليه
10- الربط بين موضوعين متشابهين يكمل بعضهما البعض
11- الربط بين أفضل مقالات كاتب متميز وشبكها في موضوع واحد
12- تذكير الناس بعبادة يحين وقتها قريبا كصيام عاشوراء والأيام البيض.
13- تذكير الناس بأحكام فقهية يحين وقتها كالحج وصيام رمضان.
14- تنبيه الناس على بدعة أو منكر أو خطأ يقع فيه بعض الناس
15- تنبيه الناس على منكر معين والمساهمة الفعلية في محاولة إزالته
16- تنبيه الناس على خطأ وقع فيه صاحب مقال في حدود آداب الإسلام في الحوار والنصيحة بالتي هي أحسن
17- وعظ الناس وتذكيرهم بالله عزوجل
18- دلالة الناس على باب من الخير كمشروع خيري من جمعية أو مؤسسة خيرية.
19- دلالة الناس على محتاج إلى خدمة عاجلة كمحتاج إلى فصيلة دم نادرة مثلا.
20- إفادة الناس بخبر جديد وبشرى للمسلمين.
21- تجميع أخبار وبشائر للمسلمين والربط بينها وتحليلها
22- التأكد من صحة خبر أورده شخص ما إن أمكن ذلك بسهولة.
23- تفنيد خبر كاذب وإشاعة باطلة بالدليل والبرهان.
24- التأكيد على خبر شخص وإثبات صحته.
25- توثيق خبر أو مقال أورده شخص ونسي ذكر المصدر
26- تصليح رابط وضعه شخص في مقال ولم يكن صحيحا أو كان هناك رابط أفضل منه.
27- التعاون في مجال الدعوة ونقاش أفضل الطرق والوسائل في باب معين.
28- نجدة الزوار من محتاجي المساعدة بالدلالة على موقع أو مقال أو أي مساعدة
29- نسخ مقال متميز في منتدى نشط إلى منتدى يكثر فيه غير الملتزمين.
30- إصلاح ذات البين بالحسنى بين من تحصل بينهم مشاحنات أو مناقشات حادة.
http://www.zzrz.com المصدر:
==========
إنَّه أمر الله
محمد العبدة
كنا نقول في السنوات السابقة: إن المسلمين لا ينقصهم الإخلاص، وإنما جاء الضعف والتقصير من جانب قلة الصواب ومعرفة سنن الله في التغيير، وهذا الكلام - بمجمله - مازال صحيحاً، ولكن عند التدقيق سوف نجد أن الإخلاص أيضاً تشوبه شوائب، ويحول حوله حوائل، من أعظمها حب الرئاسة، هذا الداء العضال الذي أهلك الناس قديماً وحديثاً، حتى قيل إنه آخر داء يخرج من قلوب العلماء، فكيف بالدهماء وأصحاب الأهواء و(مجانين الزعامة).
وهذا الداء وإن كان غريزة في جميع البشر، إلا أنه قد يكون أظهر وأوضح في بعض الشعوب والعرب حظهم وافر منه، إلا إذا هذبهم الإسلام وردهم إلى الاعتدال والجادة المستقيمة، وقد فعل ذلك في الرعيل الأول فظهر أمثال أبي عبيدة ابن الجراح أمين الأمة، والذي لا يهمه إن كان أميراً أو مأجوراً وقد مدح الرسول - صلى الله عليه وسلم - ذاك المؤمن في قوله: « طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل الله، أشعث رأسه، مغبرة قدماه، إن كان في الحراسة كان في الحراسة، وإن كان في الساقة كان في الساقة إن استأذن لم يؤذن له وإن شفع لم يشفع له »[1] ولذلك قال العلماء: (ما صد عن الله مثل طلب الرفعة، ولا يفلح من شُمت رائحة الرياسة منه).
وإذا كان الله - سبحانه وتعالى - يعطي من هذه الدنيا المؤمن والكافر، وذلك لهوانها ومنزلتها عنده، ولكنه - سبحانه - أغير من أن يتم أمره بالتمكين لهذا الدين في الأرض على يد أناس عندهم شوب في الإخلاص، ويحبون الرئاسة والاستعلاء في الأرض، فكيف إذا كانوا مشعبذين يتخذون الدين مطية للدنيا، يبيعون دينهم بعرض قليل، ويسخرون كل شيء لأهوائهم ومطامعهم، فهؤلاء أبعد وأبعد عن التمكين، لأنه أمر الله ولا يعطيه إلا لمن أحب.
والعجيب أن زعماء الغرب عندما تنتهي مدة رئاستهم يرجعون إلى مكانهم الأول ويعيشون مع المجتمع كأفراد عاديين، وربما رجع المدرس إلى عمله والتاجر إلى تجارته، ولا يبحثون عن الرئاسة مرة ثانية، فهل يكون هؤلاء أقل حباً للرئاسة منا وذلك لما اعتادوه من النظام الذي ارتضوه لأنفسهم، ونحن عندنا كتاب ربنا يؤدبنا ويهذبنا! أيكون لغير المسلمين منظمات ومؤسسات استطاعوا من خلالها التعايش بينهم، ولم تنهدم بسبب تسلط واحد منهم، ولا يقوم للمسلمين مثل ذلك، ولا يجتمعون على صيغة تحل فيها عقد حب الرئاسة، ويتنازل المسلم لأخيه قليلاً حتى تستمر آصرة التعاون؟ نرجو أن يكون لهم مثل ذلك وخاصة في مثل هذه الأيام.
----------
(1) صحيح البخاري، كتاب الجهاد.
http://www.albayan-magazine.com المصدر:
===========
هموم مدعو
أبو خولة
نازعه في مراحل المراهقة نداء الفطرة ونداءات الهوى والصحبة، واستمر النزاع فترة طويلة من الزمن، وكان بعقليته تلك يتصور أن جميع من في عمره سائرون خلف الهوى والشهوة.(13/126)
وفي يوم من الأيام وقفت عيناه على شباب يلتزم بدينه، ويناجي ريه، ويتألم لواقع أمته، جلس معهم وكأنه في حلم وخيال، أيكونون بهذه الصورة وهم في ذروة سن الصبا! أيكونون بهذه الصورة وهم أمام سيول من الملاهي والمغريات! سبحانك يا رب! وما أن عاش معهم فترة من الزمن حتى تحول قلبه الميت القاسي إلى قلب حي راسخ، وتحول تفكيره في نفسه إلى تفكيره في أمته، وبدأ يفهم الحياة لأنه يعيش لله ولأمته ولا يعيش لنفسه..
وتيقظ الفتى بعد غفوة وبدأ يعمل ويدعو الناس وهو يؤمل بالفأل القريب، ويستبشر بالحلم الكبير، واستمر الفتى على ذلك وهو يترقب الفأل والأمل كيف لا والشباب المتدين أصبح ينتشر ويسود.
وفجأة..
اصطدم حلم صاحبنا بما لم يكن بحسبانه، وتحول فأله السار إلى خيبة وانحسار، عندما أدرك أن الطريق طويل وطويل، لا يريد أن يعيش حياة اليأس في أمته، ولا يريد أن يخادع نفسه بما حققته من عز وتمكين، وقام يجاهد نفسه ويرغمها على العمل.
http://www.albayan-magazine.com المصدر:
============
كن ولا تكن
أبو عبد الرحمن عبد الله نياوني
كن مسلما * ولا تكن كافرا
كن متبعا{سلفيا} * ولا تكن مبتدعا{بدعيا}
كن عبدا للرحمن * ولا تكن عبدا للشيطان
كن مستعينا بالله وحده * ولاتكن مستعينا بالقبور والجان
كن آكلا الطيبات * ولاتكن آكلا الخبائث
كن في الإسلام كافة * ولاتكن مذبدبا
كن منفقا في سبيل الله * ولا تكن ممسكا عن الإنفاق
كن مبتعدا عن الربا * ولا تكن متلبسا بالمعاملات الربوية
كن محبا لأخيك في الله * ولاتكن محبا للهوى والماديات
كن تاليا للقرآن الكريم * ولاتكن ممن اتخذه مهجورا
كن متواضعا لله - تعالى - * ولا تكن دليلا لغير مسلم
كن سمحا * ولاتكن فظا غليظ القلب
كن مع جماعة المسلمين * ولاتكن قاصيا مخالفا للجماعة
كن عالما أو متعلما * ولاتكن جاهلا متكبرا عن التعليم
كن رطب اللسان بذكر الله * ولاتكن فا حش القول
كن مخلصا في عملك * ولاتكن مرائيا ومُسمعا
كن صادقا في قيلك * ولا تكن كذابا
كن حاملا هم الإسلام * ولاتكن من همه بطنه وفرجه
كن مواليا للمؤمنين * و لا تكن من اتخذ اليهود والنصارى أولياء
كن مبلغا عن الرسول ولو آية* ولاتكن ساكتا عن الحق
كن موفيا للوعد * ولاتكن خائنا غادرا
كن متوكلا على الله * ولاتكن من يذهب إلى الكهنة والعرافين
كن شاكرا لنعم الله * ولا تكن عبدا كفورا
كن خير قائل أو اصمت * ولا تكن ثرثارا
كن داعيا إلى الله صامتا * ولاتكن منفرا عن الإسلام بخلقك
كن في عون أخيك * ولاتكن ظالما له
كن ذا قلب قنوع * ولاتكن طماعا متكففا
كن واصلا للرحم * ولاتكن مكافأً أو قاطعا
كن بارا لوالديك * ولاتكن عاقا لهما
كن مبتسما في وجه أخيك * ولا تكن عبوس الوجه
كن معترفا بالجميل * ولاتكن جاحدا بالنعم
كن سليم القلب من الحسد * ولاتكن مزدريا لعطاء الله
كن معتزا بإسلامك دائما * ولاتكن جبانا محتقرا لنفسك.
http://www.saaid.net المصدر:
===============
الثمر الطيب المقطوف في النهي عن المنكر والأمر بالمعروف
جمع وإعداد
شريف بن علي الراجحي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.. أما بعد:
فلما للدعوة إلى الله تعالى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أهمية كبيرة، ومنزلة عالية رفيعة، أحببت أن أشارك في بيان أمره، وعلو شأنه، وعظيم مكانته، وخطر التهاون به، والرغبة عنه، والتغافل عن إقامته، والتذكير بفضل مرتبته، والقائم به، والمقدم عليه، والتنبيه على آثار العمل به، أو الإعراض عنه، والتشجيع على إفشاءه، والحث على فعله، والترغيب في سلوك طريقه، والتحذير من تركه، وعدم الاهتمام به، ونسيانه، والانشغال عنه، والتحجج بحجج واهية لإيجاد الأعذار للتنصل من إيقاعه وإعماله، وما يحصل من تبريرات للتهرب من السعيِّ فيه، وتذكيراً بقوله تعالى: {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله} وقوله سبحانه: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر}، ورغبة في الأجر من الله، وحرصاً على نفع المسلمين وضعت الأسئلة ونقلت الأجوبة بنصها دون إضافة أو زيادة.
رحم الله علماء الإسلام، ونفع بالأحياء منهم، وجزاهم عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، ووفقنا لما يحب ويرضى..
س1: ما هي أخص أوصاف المؤمنين المميزة لهم عن غيرهم؟
ج1: الله قد جعل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرقاً بين المؤمنين والمنافقين، فأخص أوصاف المؤمنين المميزة لهم عن غيرهم هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
[عبد الله بن محمد بن حميد/ الدرر السنية ج15 ص9]
س2: على ماذا يدل قوله تعالى {أنجينا الذين ينهون عن السوء}؟
ج2: في قوله تعالى {فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء} ما يدل على أن الناجي هو: الذي ينهى عن السوء دون الواقع فيه والمداهن.
[عبد الله بن محمد بن حميد/ الدرر السنية ج15 ص9-10]
س3: ما هي عواقب إهمال جانب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟
ج3: إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هو القطب الأعظم في الدين، والمهم الذي ابتعث الله له الأنبياء والمرسلين، فلو طوي بساطه، وأهمل علمه وعمله، لفشت الضلالة، وشاعت الجهالة، وخربت البلاد، وهلك العباد، قال الله تعالى: {ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون} فنعوذ بالله من اندراس هذا المهم العظيم، واستيلاء المداهنة على القلوب، وذهاب الغيرة الدينية.
[محمد بن إبراهيم/ الدرر السنية ج15 ص15](13/127)
س4: هل يتم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر دون العقوبات الشرعية؟
ج4: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يتم إلا بالعقوبات الشرعية، فإن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، وإقامة الحدود واجبة على ولاة الأمور، وذلك يحصل بالعقوبة على ترك الواجبات، وفعل المحرمات، فمنها عقوبات مقدرة مثل جلد المفتري ثمانين، وقطع السارق، ومنها عقوبات غير مقدرة قد تسمى " التعزير " وتختلف مقاديرها وصفاتها بحسب كبر الذنوب وصغرها، وبحسب حال المذنب، وبحسب حال الذنب في قلته وكثرته. [مجموع فتاوى شيخ الإسلام ج28 ص107]
س5: من علم أنه لا يقبل منه إنكاره للمنكر، ما الواجب في حقه؟
ج5: حكى القاضي أبو يعلى روايتين عن أحمد في وجوب إنكار المنكر على من يعلم أنه لا يقبل منه، وصحح القول بوجوبه، وهو قول أكثر العلماء، وقد قيل لبعض السلف في هذا، فقال: يكون لك معذرة. [جامع العلوم والحكم ج2 ص251]
س6: ماذا تكون نتيجة التساهل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟
ج6: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو الأساس الأعظم للدين، والمهم الذي بعث الله لأجله النبيين، ولو أهمل لاضمحلت الديانة، وفشت الضلالة، وعم الفساد، وهلك العباد، إن في النهي عن المنكر حفاظ الدين، وسياج الآداب والكمالات، فإذا أهمل أو تسوهل فيه، تجرأ الفساق على إظهار الفسوق والفجور بلا مبالاة ولا خجل.
[عبد الله بن محمد بن حميد/ الدرر السنية ج15 ص10]
س7: ماذا يجب تجاه المنكرات الظاهرة؟
ج7: المنكرات الظاهرة يجب إنكارها.
[ابن تيمية/ مجموع فتاوى شيخ الإسلام ج28 ص205]
س8: ما حكم الإنكار بالقلب؟
ج8: الإنكار بالقلب فرض على كل مسلم، في كل حال، وأما الإنكار باليد واللسان فبحسب القدرة. [جامع العلوم والحكم ج2 ص246]
س9: الأمر والنهي والدعوة والإرشاد، متى تتعين على المسلم؟
ج9: لا شك أن واجب الأمر والنهي والدعوة والإرشاد على كل فرد منا بحسب حاله وعلمه ومقدرته ونفوذه، إذا لم يقم بهذا الأمر العظيم من تحصل بهم الكفاية في هذا الزمن.
[صالح بن غصون/ الدرر السنية ج16 ص166]
س10: ما هي آثار انتشار المنكرات على الناس؟
ج10: متى صار العامة يرون المنكرات بأعينهم، ويسمعونها بآذانهم، زالت وحشتها وقبحها من نفوسهم، ثم يتجرأ الكثيرون أو الأكثر على ارتكابها.
[عبد الله بن محمد بن حميد/ الدرر السنية ج15 ص10]
س11: بعض الناس لا يأمر ولا ينهى أبداً بحجة طلب السلامة، ما القول هنا؟
ج11: لما كان في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله من الابتلاء والمحن ما يعرض به المرء للفتنة، صار في الناس من يتعلل لترك ما وجب عليه من ذلك بأنه يطلب السلامة من الفتنة، كما قال عن المنافقين {ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني ألا في الفتنة سقطوا}.
[مجموع فتاوى شيخ الإسلام ج28 ص165-166]
س12: ما حكم تارك إنكار المنكر مع قدرته على إنكاره؟
ج12: تارك إنكار المنكر مع القدرة على إنكاره، كمرتكبه، وهو من الفاسقين الداخلين في الوعيد. [عبد الله بن سليمان بن حميد/ الدرر السنية ج15ص54]
س13: ما حكم التهاون في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعاقبته؟
ج13: من أكبر الكبائر وأعظم العظائم: التهاون بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعدم القيام لهما بما يشترط ويفتقر إليه في حصوله على الوجه الذي تبرأ به الذمة ويحصل به المقصود، قال الله تعالى: {لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون * كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون} وقال صلى الله عليه وسلم في حديث حذيفة: (والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عذاباً من عنده ثم تدعونه فلا يستجاب لكم).
[محمد بن إبراهيم/ الدرر السنية ج14 ص480]
س14: متى يجوز البحث عن منكرات استتر بها فاعلوها؟
ج14: إن غلب على الظن استسرار قوم بها، لأمارات دلت، وآثار ظهرت، فذلك ضربان: أحدهما: أن يكون في ذلك انتهاك حرمة يفوت استدراكها، مثل أن يخبره من يثق بصدقه أن رجلاً خلا بامرأة ليزني بها أو برجل ليقتله، فيجوز له في مثل هذه الحالة يتجسس ويقدم على الكشف والبحث، حذراً من فوات ما لا يستدرك من انتهاك المحارم وارتكاب المحظورات… والضرب الثاني: ما خرج عن هذا الحد وقصر عن حد هذه الرتبة، فلا يجوز التجسس عليه ولا كشف الأستار عنه. [الأحكام السلطانية والولايات الدينية ص 314]
س15: ماذا على من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر؟
ج15: على الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أن يقوم بذلك على الغني والفقير، والقريب والبعيد، والشريف والوضيع، ولا يخاف في الله لومة لائم، ففي حديث عائشة رضي الله عنها: (إنما أهلك بنو إسرائيل أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها).
[محمد بن إبراهيم/ الدرر السنية ج15 ص20]
س16: بعض الناس يتهم الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر دون دليل؟
ج16: من عرف بالخير لم يقبل عليه تهمة أحد، بل لا يستحلف في أحد قولي العلماء، بل يؤدب من اتهمه. [مختصر فتاوى ابن تيمية ص467]
س17: ما هي الصفات التي ينبغي أن تكون في المحتسب؟
ج17: صرح العلماء رحمة الله عليهم بأنه يجب على الإمام أن يولي هذا المنصب الجليل والأمر الهام الذي هو في الحقيقة مقام الرسل، محتسباً يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويكون ذا رأي، وصرامة، وقوة في الدين، وعلم بالمنكرات الظاهرة.
[عبد الله بن محمد بن حميد/ الدرر السنية ج15 ص13](13/128)
س18: متى يكون الرفق ومتى تكون الغلظة؟
ج18: قال أحمد: الناس محتاجون إلى مداراة ورفق، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بلا غلظة، إلا رجل معلن بالفسق، فلا حرمة له. [جامع العلوم والحكم ج2 ص256]
س19: أشكو من الخوف والهيبة عند إنكار المنكر أو السؤال عن العلم، فما علاج ذلك؟ وفقكم الله لكل خير.
ج19: هذا الخوف والهيبة إنما هو تخذيل من الشيطان، فلتحذر ذلك، وكن قوياً، ولا تستحي إن الله لا يستحي من الحق، وعليك أن تسأل ولا تستحي، وأن تنكر المنكر ولا تستحي، إذا كان لديك العلم والبصيرة فعليك أن تدعو إلى الله، وأن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، بالأسلوب الحسن، وليس في هذا حياء، فالحياء الذي يمنع من الحق إنما هو ضعف وعجز، وليس بحياء، وإنما الحياء الشرعي الذي يمنعك من الباطل، الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: (الحياء من الإيمان) (الحياء خير كله) هذا الحياء الذي يمنعك من الباطل، فيمنعك من الزنى، ويمنعك من الخمر، ويمنعك من مجالسة الأعداء، ويمنعك من كل شر، هذا هو الحياء الشرعي.
[ابن باز/ فتاوى إسلامية ج4 ص293]
س20: ماذا يجب على المحتسبين؟
ج20: يجب على المحتسبين أن يغيروا المنكرات على القوي والضعيف، وأن لا يسلكوا مسلك أهل الكتاب، ومن أراد النجاة إذا وقف بين يدي جبار السماوات والأرض فالطريق واضح.
[الدرر السنية ج15 ص26]
س21: هل يسقط إنكار المنكر عمن يخشى أن يُسبَّ أو يُشتم؟
ج21: إن خاف السب، أو سماع الكلام السيئ، لم يسقط عنه الإنكار بذلك، نصَّ عليه الإمام أحمد، وإن احتمل الأذى وقوي عليه فهو أفضل، نصَّ عليه أحمد أيضاً.
[جامع العلوم والحكم ج2 ص249]
س22: من ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خوفاً وطلباً للعز ما عاقبته؟
ج22: المداهن لا بد أن يفتح الله له باباً من الذل والهوان من حيث طلب العز، وقد قال بعض السلف " من ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مخافة المخلوقين نزعت منه الطاعة، فلو أمر ولده أو بعض مواليه لاستخف بحقه، فكما هان عليه أمر الله أهانه الله وأذله {نسو الله فنسيهم}.
[حمد بن عتيق/ الدرر السنية ج8 ص76]
س23: ماذا يفعل من سمع صوت الغناء المحرم وعلم مكانه؟
ج23: لو سمع صوت غناء محرم أو آلات الملاهي، وعلم المكان التي هي فيه، فإنه ينكرها، لأنه قد تحقق المنكر، وعلم موضعه، فهو كمن رآه، نصَّ عليه أحمد.
[جامع العلوم والحكم ج2 ص254]
س24: من حضر في مكان فيه منكر ولم ينكر فما حكمه؟
ج24: الله تعالى قد أمرنا بإنكار المنكر بحسب الإمكان، فمن حضره باختياره ولم ينكره فقد عصى الله ورسوله بترك ما أمره به من بغضه وإنكاره والنهي عنه.
[مجموع فتاوى شيخ الإسلام ج28 ص222]
س25: ما هو حال المداهن الطالب رضا الخلق؟
ج25: المداهن الطالب رضا الخلق، أخبث حالاً من الزاني والسارق والشارب، قال ابن القيم رحمه الله تعالى: وليس الدين بمجرد ترك المحرمات الظاهرة، بل بالقيام مع ذلك بالأمور المحبوبة لله، وأكثر الدينين لا يعبئون منها إلا بما شاركهم فيها عموم الناس، وأما الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والنصيحة لله ورسوله وعباده، ونصرة الله ورسوله وكتابه ودينه، فهذه الواجبات لا يخطرن ببالهم فضلاً عن أن يريدوا فعلها فضلاً عن أن يفعلوها، وأقل الناس ديناً وأمقتهم إلى الله من ترك هذه الواجبات وإن زهد في الدنيا جميعها، وقل أن يرى منهم من يحمر وجهه ويتمعر في الله، ويغضب لحرماته، ويبذل عرضه في نصرة دينه، وأصحاب الكبائر أحسن حالاً عند الله من هؤلاء. [حمد بن عتيق/ الدرر السنية ج8 ص77-78]
س26: ما حكم من رضي بالخطايا؟
ج26: من شهد الخطيئة فكرهها بقلبه كان كمن لم يشهدها، إذا عجز عن إنكارها بلسانه ويده، ومن غاب عنها فرضيها كان كمن شهدها وقدر على إنكارها ولم ينكرها، لأن الرضا بالخطايا من أقبح المحرمات، ويفوت به إنكار الخطيئة بالقلب، وهو فرض على كل مسلم، لا يسقط عن أحد في حال من الأحوال. [جامع العلوم والحكم ج2 ص245]
س27: إذا كان صاحب المنكر مستتراً بمنكره فما العمل معه؟
ج27: إن كان الرجل متستراً بذلك وليس معلناً له أنكر عليه سراً وستر عليه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من ستر عبداً ستره الله في الدنيا والآخرة) إلاّ أن يتعدى ضرره، والمتعدي ضرره لا بد من كفّ عدوانه. [مجموع فتاوى شيخ الإسلام ج28 ص217]
س28: إذا أنكر على صاحب المنكر المستتر سراً فلم ينته فما العمل معه؟
ج28: إذا نهاه المرء سراً فلم ينته فعل ما ينكّف به من هجر وغيره، إذا كان ذلك أنفع في الدين. [مجموع فتاوى شيخ الإسلام ج28 ص 217]
س29: متى ينكر على صاحب المنكر علناً؟
ج29: إذا أظهر الرجل المنكرات وجب الإنكار عليه علانية، ولم يبق له غيبة، ووجب أن يعاقب علانية بما يردعه عن ذلك، من هجر وغيره، فلا يسلم عليه ولا يرد عليه السلام، إذا كان الفاعل لذلك متمكناً من ذلك من غير مفسدة راجحة.[مجموع فتاوى شيخ الإسلام ج28 ص217-218]
س30: ماذا يحل بالمجتمعات إذا كثر الخبث؟
ج30: متى كثر الخبث عم العقاب الصالح والطالح، وإذا لم يأخذوا على يد الظالم أوشك أن يعمهم الله بعقابه {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم} كيف وباب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قد ذهب معظمه، فما بقي منه إلا رسوم أو مجرد ادعاء، فإنا لله وإنا إليه راجعون، وإنه لباب عظيم به قوام الأمر وملاكه، وإنه لمن أعظم منافع الإسلام، وآكد قواعد الأديان، وبه تحيا السنن وتموت البدع.
[عبد الله بن محمد بن حميد/ الدرر السنية ج14 ص496]
س31: ما حكم من لم يعرف بقلبه المعروف والمنكر؟(13/129)
ج31: روي عن أبي جحيفة قال: قال علي: إن أول ما تغلبون عليه من الجهاد: الجهاد بأيديكم، ثم الجهاد بألسنتكم، ثم الجهاد بقلوبكم، فمن لم يعرف قلبه المعروف، وينكر قلبه المنكر، نُكِسَ فجعل أعلاه أسفله.
وسمع ابن مسعود رجلاً يقول: هلك من لم يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، فقال ابن مسعود: هلك من لم يعرف بقلبه المعروف والمنكر، يشير إلى أن معرفة المعروف والمنكر بالقلب فرض لا يسقط عن أحد، فمن لم يعرفه هلك. [جامع العلوم والحكم ج2 ص245]
س32: هل ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أسباب فشو الشر؟
ج32: لو قام كل منا بما عليه من الدعوة إلى الإسلام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإرشاد الناس، وعظتهم، وتذكيرهم بما فيه صلاحهم واستقامتهم، لاستقر الخير والمعروف فينا، وامتنع فشو الشر والمنكر بيننا {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة}.
[عبد الله بن محمد بن حميد/ الدرر السنية ج15 ص13]
س33: هل حاضر المنكر كفاعله؟
ج33: لا يجوز لأحد أن يشهد مجالس المنكرات باختياره بغير ضرورة، ورفع إلى عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه قوم شربوا الخمر، فأمر بجلدهم، فقيل: فيهم فلان صائم، فقال: به ابدأوا، أما سمعت الله تعالى يقول: {وقد نزّل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذاً مثلهم} فجعل حاضر المنكر كفاعله. [مختصر فتاوى ابن تيمية ص 504]
س34: العلم والرفق والصبر، هل هي مطلوبة في المحتسب؟
ج34: لا بد من هذه الثلاثة: العلم، والرفق، والصبر، العلم قبل الأمر والنهي، والرفق معه، والصبر بعده، وإن كان كل من الثلاثة مستصحباً في هذه الأحوال، وهذا كما جاء في الأثر عن بعض السلف ورووه مرفوعاً، ذكر القاضي أبو يعلى في المعتمد: " لا يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر إلا من كان فقيهاً فيما يأمر به، فقيهاً فيما ينهى عنه، رفيقاً فيما يأمر به، رفيقاً فيما ينهى عنه، حليماً فيما يأمر به، حليماً فيما ينهى عنه ".
وليعلم أن الأمر بهذه الخصال في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مما يوجب صعوبة على كثير من النفوس، فيظن أنه بذلك يسقط عنه، فيدعه، وذلك مما يضره أكثر مما يضره الأمر بدون هذه الخصال أو أقل، فإن ترك الأمر الواجب معصية، فالمنتقل من معصية إلى معصية أكبر منها كالمستجير من الرمضاء بالنار، والمنتقل من معصية إلى معصية كالمنتقل من دين باطل إلى دين باطل، وقد يكون الثاني شراً من الأول، وقد يكون دونه، وقد يكونان سواء، فهكذا تجد المقصر في الأمر والنهي والمعتدي فيه قد يكون ذنب هذا أعظم، وقد يكون ذنب هذا أعظم، وقد يكونان سواء.[مجموع فتاوى شيخ الإسلام ج28 ص137-138]
س35: رجل صالح لكنه لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر، ما حكمه؟
ج35: حدثني من لا أتهم، عن شيخ الإسلام إمام الدعوة النجدية، أنه قال مرة: أرى ناساً يجلسون في المسجد على مصاحفهم، يقرؤون ويبكون، فإذا رأوا المعروف لم يأمروا به، وإذا رأوا المنكر لم ينهوا عنه، وأرى أناساً يعكفون عندهم، يقولون: هؤلاء لحى غوانم، وأنا أقول: إنهم لحى فوائن، فقال السامع: أنا لا أقدر أقول إنهم لحى فوائن، فقال الشيخ، أنا أقول: إنهم من العمي البكم.[حمد بن عتيق/ الدرر السنية ج8 ص78]
فوائن: جمع فاين وهي تطلق عندهم على المرأة البغي والسيئة .
س36: هل ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبب للعنة الله؟
ج36: قال تعالى: {لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون * كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون} وهذا غاية في التغليظ، إذ علل استحقاقهم اللعنة، باستهانتهم بأمر الله، وتركهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.[محمد بن إبراهيم/ الدرر السنية ج15 ص16]
س37: هل الإنكار بالقلب فرض على الجميع، وما هي كيفيته؟
ج37: الإنكار بالقلب فرض على كل واحد، لأنه مستطاع للجميع، وهو بغض المنكر وكراهيته، ومفارقة أهله عند العجز عن إنكاره باليد واللسان.
[عبد العزيز بن باز/ الدرر السنية ج16 ص143]
س38: متى تستخدم الغلظة والشدة في إنكار المنكر؟
ج38: شرع الله سبحانه لعباده المؤمنين، الغلظة على الكفار والمنافقين، حين لم تؤثر فيهم الدعوة بالحكمة واللين، والآيات وإن كانت في معاملة الكفار، دالة على أن الشريعة إنما جاءت باللين في محله حين يرجى نفعه، أما إذا لم ينفع، واستمر صاحب الظلم أو الكفر أو الفسق في عمله،ولم يبال بالواعظ والناصح، فإن الواجب الأخذ على يديه، ومعاملته بالشدة، وإجراء ما يستحقه من: إقامة حد، أو تعزير، أو تهديد، أو توبيخ، حتى يقف عند حده، وينزجر عن باطله.
[عبد العزيز بن باز/ الدرر السنية ج16 ص133]
س39: هل تستخدم الشدة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أم اللين؟
ج39: ما أحسن ما قاله الشاعر في هذا المعنى:
دعا المصطفى دهراً بمكة لم يجب
وقد لان منه جانب وخطاب
فلما دعا والسيف صلت بكفه
له أسلموا واستسلموا وأنابوا
والخلاصة: أن الشريعة الكاملة: جاءت باللين في محله، والشدة في محلها، فلا يجوز للمسلم أن يتجاهل ذلك، ولا يجوز أيضاً: أن يوضع اللين في محل الشدة، ولا الشدة في محل اللين، ولا ينبغي أيضاً: أن ينسب إلى الشريعة أنها جاءت باللين فقط، ولا أنها جاءت بالشدة فقط، بل هي شريعة حكيمة كاملة، صالحة لكل زمان ومكان، ولإصلاح كل أمة، ولذلك جاءت بالأمرين معاً، واتسمت بالعدل والحكمة والسماح.
[عبد العزيز بن باز/ الدرر السنية ج16 ص133-134]
س40: ما حكم من يكتب في الصحف والمجلات مهاجماً أهل الحسبة؟(13/130)
ج40: أن يكتب في صحيفة سيارة، ما يتضمن التشنيع عليهم، والحط من شأنهم، ووصفهم بما هم برءاء منه، فهذا لا يجوز من مؤمن يخاف الله ويتقيه، لما فيه من كسر شوكة الحق، والتثبيط عن الدعوة إليه، والتلبيس على القراء، ومساعدة السفهاء والفساق على باطلهم، وعلى النيل من دعاة الحق. [عبد العزيز بن باز/ الدرر السنية ج16 ص139]
س41: من لم ينكر قلبه المنكر، ما حكمه؟
ج41: من لم ينكر قلبه المنكر، دلّ على ذهاب الإيمان من قلبه.
[جامع العلوم والحكم ج2 ص245]
س42: على ماذا يدل حديث: (يخلف من بعدهم خلوف……)؟
ج42: ذكرنا حديث ابن مسعود الذي فيه (يخلف من بعدهم خلوف، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن) الحديث، وهذا يدل على جهاد الأمراء باليد، وقد استنكر الإمام أحمد هذا الحديث في رواية أبي داود، وقال: هو خلاف الأحاديث التي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها بالصبر على جور الأئمة، وقد يجاب عن ذلك: بأن التغيير باليد لا يستلزم القتال، وقد نصّ على ذلك أحمد أيضاً في رواية صالح، فقال: التغيير باليد ليس بالسيف والسلاح، وحينئذ فجهاد الأمراء باليد أن يزيل بيده ما فعلوه من المنكرات، مثل أن يريق خمورهم أو يكسر آلات الملاهي التي لهم، ونحو ذلك، أو يبطل بيده ما أمروا به من الظلم، إن كان له قدرة على ذلك، وكل هذا جائز، وليس هو من باب قتالهم، ولا من الخروج عليهم الذي ورد النهي عنه.
[جامع العلوم والحكم ج2 ص249]
س43: هل يجب على الفرد الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر الصبر؟
ج43: قال ابن شبرمة: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كالجهاد، يجب على الواحد أن يصابر فيه الاثنين، ويحرم عليه الفرار منهما، ولا يجب عليهم مصابرة أكثر من ذلك.
[جامع العلوم والحكم ج2 ص249]
س44: ما هو الحامل على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟
ج44: اعلم أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، تارة يحمل عليه رجاء ثوابه، وتارة خوف العقاب في تركه، وتارة الغضب لله على انتهاك محارمه، وتارة النصيحة للمؤمنين، والرحمة لهم، ورجاء إنقاذهم مما أوقعوا أنفسهم فيه، من التعرض لغضب الله وعقوبته في الدنيا والآخرة، وتارة يحمل عليه إجلال الله وإعظامه ومحبته، وأنه أهل لأن يطاع فلا يعصى، ويذكر فلا ينسى، ويشكر فلا يكفر، وأن يفتدى من انتهاك محارمه بالنفوس والأموال، كما قال بعض السلف: وددت أن الخلق كلهم أطاعوا الله، وأن لحمي قرض بالمقاريض، وكان عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز – رحمهما الله – يقول لأبيه: وددت أني غلت بي وبك القدور في الله عز وجل.
[جامع العلوم والحكم ج2 ص255]
س45: مراتب الإنكار الثلاث مشروعة في حق من؟
ج45: مراتب الإنكار الثلاث، مشروعة للمسؤول وغيره، وإنما يختلفان في القدرة، فالمسؤول من جهة الحكومة أقدر من غيره، والإنكار بالقلب هو أضعف الإيمان، في حق العاجز عن الإنكار باليد واللسان، سواء كان مسؤولاً أو متطوعا، وهو صريح الحديث الشريف، ومقتضى القواعد الشرعية. [عبد العزيز بن باز/ الدرر السنية ج16 ص140 – 141]
س46: ما حكم المشاركة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟
ج46: الأجهزة والسلطات الحكومية، إن كانت قد قامت بواجب الدعوة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فمشاركة غيرها لها في ذلك من المتطوعين حسن جداً، ومطلوب شرعاً، لأنه من باب التعاون على البر والتقوى، والمشاركة في جهاد شرعي، وتوجيه صالح. قصارى ما هنالك: أن الأجهزة والسلطات الحكومية، قد أدت فرض الكفاية، وصار القيام من غيرهم لمشاركتهم من باب السنن والتطوع، وذلك من أفضل العبادات وأحبها إلى الله سبحانه. وأما إن كانت الأجهزة والسلطات الحكومية، لم تقم بالواجب على الوجه الأكمل، كما هو الواقع، فإن مشاركة غيرهم لهم في ذلك متعيّنة، لأن فرض الكفاية لم يسقط بهم.
[عبد العزيز بن باز/ الدرر السنية ج16 ص141 – 142]
س47: متى يأثم الجميع ؟
ج47: تقرر في الأدلة الشرعية: أن الدعوة إلى الله سبحانه، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، من فروض الكفاية، إذا قام به من يكفي سقط الفرض عن الباقين، وصارت المشاركة فيها في حق الباقين سنة، وإن لم يقم بها من يكفي أثم الجميع.
[عبد العزيز بن باز/ الدرر السنية ج16 ص142]
س48: متى يكون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض عين على فرد؟
ج48: قد يكون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فرض عين، وذلك في حق من يرى المنكر، وليس هناك من ينكره، وهو قادر على إنكاره، فإنه يتعين عليه إنكاره، لقيام الأدلة الكثيرة على ذلك. [عبد العزيز بن باز/ الدرر السنية ج16 ص142]
س49: ما معنى قوله تعالى: {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة}؟
ج49: أي هذه الفتنة لا تصيب الظالم فقط، بل تصيب الظالم والساكت عن نهيه عن الظلم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه). [مجموع فتاوى شيخ الإسلام ج14 ص158]
س50: إذا كان سيترتب على إنكار المنكر منكر أنكر منه، فما الواجب؟
ج50: لا يجوز إنكار المنكر بما هو أنكر منه، ولهذا حرم الخروج على ولاة الأمر بالسيف، لأجل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لأن ما يحصل بذلك من فعل المحرمات، وترك واجب، أعظم مما يحصل بفعلهم المنكر والذنوب، وإذا كان قوم على بدعة أو فجور، ولو نهوا عن ذلك وقع بسبب ذلك شر أعظم مما هم عليه من ذلك، ولم يمكن منعهم منه، ولم يحصل بالنهي مصلحة راجحة، لم ينهوا عنه. [مجموع فتاوى شيخ الإسلام ج14 ص472]
س51: ماذا يقتضي قوله تعالى:{عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم}؟(13/131)
ج51: قوله تعالى علواً كبيراً: {عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم} لا يقتضي ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لا نهياً ولا إذناً، كما في الحديث المشهور في السنن عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه خطب على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " أيها الناس إنكم تقرءون هذه الآية وتضعونها في غير موضعها، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه) ".
[مجموع فتاوى شيخ الإسلام ج14 ص479]
س52: تارك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ماذا يكون؟
ج 52: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض كفاية، فإذا غلب على ظنه أن غيره لا يقوم به تعيّن عليه، ووجب عليه ما يقدر عليه من ذلك، فإن تركه كان (عاصياً) لله ولرسوله، وقد يكون (فاسقاً)، وقد يكون (كافراً).[مختصر فتاوى ابن تيمية ص 581]
* وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
* جمع وإعداد: شريف بن علي الراجحي،
الرياض: ص. ب (261532)
الرمز البريدي (11342).
بريد إلكتروني: sarajhi@yahoo.com
المراجع:
1- ... الدرر السنية في الأجوبة النجدية، جمع عبد الرحمن بن قاسم، الطبعة الأولى عام 1420هـ.
2- ... الأحكام السلطانية والولايات الدينية.علي بن محمد الماوردي، دار الكتب العلمية، بيروت.
3- ... جامع العلوم والحكم.الإمام عبد الرحمن بن رجب، تحقيق شعيب الأرناؤوط وإبراهيم باجس، مؤسسة الرسالة بيروت، الطبعة الأولى عام 1411هـ.
4- ... فتاوى إسلامية. جمع وترتيب محمد بن عبد العزيز المسند، دار الوطن، الطبعة الأولى عام 1415هـ.
5- ... مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، جمع عبد الرحمن بن قاسم وابنه محمد.
6- ... مختصر فتاوى ابن تيمية. تأليف محمد البعلي، المتوفى سنة 777هـ، دار الكتب العلمية، طبع الطبعة الأولى بأمر الملك عبد العزيز، عام 1386هـ.
==============
121 وسيلة دعوية
إعداد
الفريق العلمي لجناح الوسائل المتميزة
بوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد
بسم الله الرحمن الرحيم
1- التوعية في المستشفيات والمراكز الصحية
الفكرة: توزع حاملات للكتيبات في أنحاء متفرقة في المستشفيات الخاصة والمستشفيات الحكومية والمستوصفات مثل صالات انتظار الرجال وصالات انتظار النساء وأمام العيادات الخارجية
يحوي كل حامل 24 كتيب باللغة العربية و12 باللغات(الإنجليزية والفلبينية والاندونيسية)
يتم جردها وتكملة الناقص مرتين شهرياً.
الأهداف: استثمار وقت فراغ المراجعين بما يعود عليهم بالمصلحة والمنفعة من خلال قراءة هذه الكتيبات، لاسيما وأنها تحتوي على موضوعات دعوية متنوعة اجتماعية وثقافية.
2- الاهتمام بالمقابر
الفكرة: وضع لوحات دعوية مضاءة من نوع (فليكس فيس) المقاوم للحرارة والرطوبة داخل المقابر تشمل نصائح وتوجيهات وآداب وأدعية مأثورة عن المصطفى صلى الله عليه وسلم وأحكام العزاء.. إلخ.
إعداد لوحات إرشادية مكبرة توضح الإجراءات النظامية المتبعة في حالة الوفاة تعلق في المساجد والمستشفيات وأماكن غسيل الموتى.
الأهداف:
1- ... توعية الناس بموضوع المقابر وشؤون الموتى ونشر السنة المطهرة.
2- ... تخفيف المصاب على أهل المتوفى بمواساتهم ودلالتهم على الإجراءات الشرعية المطلوب منهم عملها.
3- ... فتح قنوات اتصال وتعاون وتنسيق مع الجهات ذات العلاقة.
3- كتيب الإجراءات الشرعية المتبعة في حالات الوفاة
الفكرة:
1-جمع المادة النظامية من الجهات والدوائر الحكومية المعنية بإنهاء إجراءات تغسيل وتكفين ودفن الميت مواطنا كان أو مقيما, ووفاة طبيعية أو إصابية، أو جنائية
2- جمع المادة الشرعية من المصادر الشرعية المعتمدة وعرضها على المشايخ والعلماء لمراجعتها واعتمادها.
3- جمع المادتين الشرعية والنظامية في كتيب وطباعته وتوزيعه لأهل المتوفي عن طريق المستشفيات أو عن طريق المكتب التعاوني أو مندوبيات المكاتب.
الأهداف:
1- ... توعية أهل المتوفي بالسنة فيما يتعلق بالتغسيل والدفن والتعزية.
2- ... مساعدة أهل المتوفى وإرشادهم لإنهاء إجراءات المتوفى.
3- ... التخفيف على أهل المتوفى بإهدائهم هذا الكتيب الذي يحتوي على عبارات التعزية والتصبير لتخفيف مصابهم.
4- ... المخيمات الدعوية
الفكرة: إقامة مخيم دعوي ترفيهي خلال إجازة الصيف والربيع والأعياد يرتاده أهل المدينة للاستفادة من وقت الإجازة بما يعود عليهم بالنفع.
الأهداف:
1- نشر الوعي الديني بين الأهالي
2- نشر الشريط والكتاب الإسلامي.
3- إقامة ندوات متنوعة (طبية اجتماعية علمية إدارية)
4- التعريف بالمؤسسات الدعوية والهيئات الخيرية وإبراز أعمالها الدعوية.
5- إقامة مسابقات هادفة ومفيدة.
6- الترفيه المباح البعيد عن المنكرات.
5- الخيمة الدعوية في موسم الحج
الفكرة:
1- ... خيمة في (منى) أثناء الحج للدعوة وتوعية الحجاج.
2- ... يستضيف مكتب الدعوة المشرف عليها بعض العلماء والمشايخ.
3- ... يوفر المكتب الأجهزة الصوتية المتنقلة لاستخدامها عند زيارة مخيمات الحجاج
4- ... يقوم بعض الأخوة المحتسبين بتوزيع مغلفات دعوية لأحكام الحج
الأهداف:
1- توعية الحجاج الوافدين عن طريق المحاضرات والمواعظ والأشرطة.
2- القيام بواجب الدعوة إلى الله.
3- سد حاجة الناس الماسة للاستفسار عن كيفية أداء مناسكهم.
6- لوحة الفتاوى والتوجيهات الإرشادية
الفكرة:(13/132)
لوحة خشبية بغلاف بلاستيكي شفاف مقاس A3 يتم تثبيتها عند أبواب المساجد يتم تغذيتها بنشرة دعوية بشكل دوري تحوي فتاوى علمية أو توجيهات دعوية أو آداب إسلامية أو نصائح إرشادية
الأهداف:
1- ... إيصال النصح والإرشاد للناس بطريقة جذابة وملفته للانتباه
2- ... توعية المصلين ببعض الأحكام الشرعية والآداب الإسلامية.
3- ... شد انتباه المصلين عند خروجهم من المسجد بالفتاوى والإرشادات
7- مجسم مصغر للجمرات في موسم الحج
الفكرة: عبارة عن مجسم مصغر للجمرات ويوضح فيه كيفية الرمي وعدد الجمرات وبأي الجمرات يبدأ الحاج.
الأهداف:
1- توعية الحجاج بالطريقة الصحيحة الموافقة للسنة في رمي الجمرات
2- توعية الحجاج بأحكام الرمي عامة مثل حجم الجمرة والسنة في الدعاء من حيث المكان والكيفية
8- المحاضرات الهاتفية
الفكرة: أن يقيم الشيخ المحاضر محاضراته من منزله أو مكتبه في مدينته وتبث عن طريق الهاتف إلى المساجد والمدارس للبنين والبنات.. متوقع أن تلقى قبولاً كبيراً لدى المشايخ الذين لا يتيسر لهم السفر نظراً لانشغالهم.
الأهداف:
1- ... توفير الجهد على الشيخ المحاضر.
2- ... الاستفادة من هذه التقنية في نفع الناس وإيصال الخير لأماكنهم.
9- الفتاوى الهاتفية
الفكرة:
1- ربط هواتف عدد من المشايخ بعد الاتفاق معهم برقم خاص للفتاوى بمكتب الدعوة يتم التحويل آلياً عن طريق نظام الهاتف بالمكتب بتوجيه رسالة مسجلة للمستفتى.
3- ... يقوم مكتب الدعوة بتسجيل توجيهات وفتاوى من أشرطة العلماء والمشايخ وربطها للمستمع بتحويلة معينة ليستفيد من سماعها متى رغب ذلك.
الأهداف:
1- تيسير طريق الفتيات على المستفتي.
2- إيجاد خطوط إفتاء مساندة لدار الإفتاء ومراكز الدعوة.
3- الاستفادة من المشايخ الموجودين في مدينة المستفتي وفتح باب الخير للجميع.
10- نقل الدورات العلمية عبر الهاتف إلى مراكز تحفيظ النساء
الفكرة: نقل دروس الدورات كاملة عن طريق الهاتف إلى مراكز تحفيظ القرآن النسائية، ويمكن أن تكون الدروس مسجلة أو على الهواء مباشرة، مع تخصيص مسابقات وشهادات وجوائز خاصة بالنساء.
الأهداف:
1- ... الاستفادة من الهاتف أو غيره من التقنيات في إيصال الدروس العلمية إلى أماكن طالبات العلم دون اضطرارهم للحضور للمسجد
2- ... تغطية أكبر شريحة ممكنة من النساء للاستفادة من الدروس.
3- ... حث طالبات العلم على طلب العلم والمشاركة في المسابقات.
11- المغلفات الدعوية
الفكرة:
عبارة عن مغلف كرتوني صغير بتصاميم جذابة، يحتوي على كتيب وشريط ومطوية يتم توزيعه في المناسبات المختلفة كالمخيمات والأعياد والاحتفالات أو الدورات العلمية.. ويتم أيضاً تخصيص هدايا لفئات محددة من المجتمع (مدير أو مدرس, تاجر, طبيب, ممرضة، هدايا مولود، هدايا معلمات... الخ) ويتم توفيرها بكميات لمن أراد الشراء بأسعار رمزية والاستفادة من التوزيع الخيري.
الأهداف:
1- تحقيق المحبة بين المؤمنين عملاً بقول المصطفى صلى الله عليه وسلم (تهادوا تحابوا)
2- تخصيص الدعوة لفئات من المجتمع بما يتناسب مع مجال أعمالهم أو ظروفهم الاجتماعية
3- تيسير طريق الدعوة إلى الله بإسلوب جذاب في متناول الجميع.
12- مجموعة البيت السعيد
الفكرة:
مجموعة من اللوحات في إطارات جميلة (مثل المناظر الطبيعية) بخلفيات جذابة ومناظر جميلة تعلق في المنازل وتحوي أذكار الدخول والخروج من المنزل وأذكار النوم والاستيقاظ أو عبارات ترحيبية.
الأهداف:
1- تذكير الأسر بالأذكار والآداب الشرعية
2- الاستفادة من جدران المنازل في تعليق وسائل جميلة تحوي إضافة للمناظر الطبيعية أذكار وأقوال مأثورة للاستفادة منها.
13- رسائل الجوال الدعوية
الفكرة:
يتم التنسيق مع شركة الاتصالات بإرسال رسائل بالجوال إلى أكبر شريحة ممكنة من الناس من أهل منطقة محددة يعلن فيها عن المحاضرات والدروس والدورات المختلفة أو أي عمل دعوي يقام بها.
الأهداف:
1- ... التعريف بالأعمال الدعوية والدعوة لحضورها.
2- ... الاستفادة من وسائل الاتصالات الحديثة في الإعلان عن البرامج والأنشطة العلمية والدعوية المختلفة.
14- رسائل البريد الالكتروني
الفكرة:
جمع اكبر قدر ممكن من عناوين البريد الالكتروني لأهالي المنطقة المخاطبة، ثم إرسال رسائل تعريفية بأوقات وأماكن هذه الأعمال الدعوية لتكثيف الحضور إليها، أو إرسال رسائل تذكيرية ووعظية لمستخدمي الحاسب.
الأهداف:
1- ... الاستفادة من مجال الحاسب الآلي في الدعوة إلى الله.
2- ... تغطية شريحة من المجتمع من مستخدمي الحاسب قد تكون بعيدة عن مثل هذه الأعمال الدعوية أو لاتعرف بها.
3- ... التعريف بكثير من البرامج الدعوية.
15- إطار الأذكار
الفكرة:
مجموعة من إطارات الصور المكتبية بأشكال أنيقة توضع في المكتبات والدواليب في المنازل تحتوي على أذكار الدخول والخروج من المنزل وأذكار النوم والاستيقاظ بخلفيات جذابة ومناظر جميلة.
الأهداف:
1- ... تذكير الأسر بالأذكار والآداب الشرعية.
2- ... الاستفادة من إطارات الصور في المنازل بوضع عبارات تذكيرية ببعض الأذكار والأقوال المأثورة للإفادة منها.
16- مندوبيات المكتب في الأحياء والقرى
الفكرة:
فتح فروع مصغرة عن المكتب التعاوني في كل حي من أحياء المدينة أو في مجموعة من الأحياء المتقاربة تركز على العمل الدعوي بتلك الأحياء
الأهداف:
1- الاستفادة من الطاقات الدعوية الموزعة في الأحياء والقرى
2- تغطية أكبر مساحة ممكنة من أحياء وقرى المدينة المعنية بالبرامج الدعوية.
3- تبادل الخبرات والأفكار الدعوية من حي لآخر ومن قرية لأخرى.(13/133)
4- الرفع من جودة مستوى العمل الدعوي بالعمل بالمركز
17- إصدارات المكتب من المطويات والكتيبات والتقاويم السنوية
الفكرة:
طباعة مطويات وكتيبات تحوي عناوين مختلفة من الرسائل الدعوية والموضوعات المفيدة التي تمس حياة الناس اليومية وتبصيرهم بأمور دينهم والأخطاء التي يقع فيها الكثير وتوزيعها على الناس.
الأهداف:
1- ... توعية الناس بأمور دينهم بأسلوب سهل وواضح.
2- ... إيجاد وسائل سهلة التوزيع في قطاعات مختلفة بأسعار رمزية
3- ... اختيار موضوعات تمس واقع الناس وتهم حياتهم اليومية.
18- المصليات المتنقلة
الفكرة:
تجهيز عدد من السيارات بفرش الصلاة وجوالين الماء والأباريق للوضوء وأجهزة الصوتيات ويشرف عليها عدد من الدعاة يقومون بجولات دعوية على جلسات الشباب في التجمعات الشبابية ودعوتهم لإقامة الصلاة عند دخول وقتها ثم بعد الصلاة يتم إعطاؤهم موعظة قصيرة وتوزع هدايا وأشرطة دعوية بقصد إرشادهم.
الأهداف:
1- ... كسر الحاجز الوهمي بين شباب الساحات والعاملين في المجال الدعوي
2- ... إقامة الصلاة وذكر الله في أماكن اللهو المعتادة لدى الشباب
3- ... هداية الشباب الحيران إلى طريق الهداية والاستقامة والصلاح.
4- ... إعداد دعاة من الشباب لهذا العمل الدعوي
19- هدية اللباس
الفكرة:
وضع بطاقات أو مطويات أو كتيبات صغيرة تحوي أذكار الصباح والمساء أو آداب اللباس وأحكامه أو فتاوى في أحكام لباس المرأة ووضعها في جيوب الملابس الجديدة أو في محلات بيع عباءات المرأة أو لدى محلات خياطة الملابس أو محلات غسيل الملابس لتوزيعها على أصحاب تلك الملابس.
الأهداف:
1- ... إرشاد الناس بطريقة جديدة محببة للنفس.
2- ... مشاركة أصحاب هذه المحلات في خدمة دين الله والدعوة إليه
3- ... توعية الناس بأحكام اللباس وبالأذكار الشرعية.
4- ... توعية المرأة بأحكام الزينة واللباس وإيصال فتاوى هيئة كبار العلماء لهن.
5- ... توعية أصحاب المحلات التجارية.
20- هدية سيارات الأجرة
الهدف من الفكرة:
تطهير وسائل النقل من الفساد واستغلال الوقت بما يعود بالنفع واستبدال سماع المحرم بما هو مفيد.
الفئة المستهدفة:
- ... سائقي سيارات الأجرة والمستفيدين من خدمات هذه السيارات.
المستلزمات:
الاتفاق المسبق مع إدارة سيارات الأجرة وتحديد أسماء السائقين ولغاتهم ويتم توفير هدية للسائق تحتوي على:
- ... كتيب وشريط بلغة السائق
- ... مطوية عن الأنظمة المتبعة بالبلد (النظام الديني، العادات وتقاليد الأنظمة الأمنية والمرورية)
- ... شريط قرآن باللغة العربية.
أمور يجب مراعاتها:
- ... استشارة المتخصصين بدعوة الجاليات عن الكتب والأشرطة المناسبة.
- ... أن تأخذ الأشرطة العربية الطابع الوعظي لقصر الفترة التي يقضيها الشخص بالسيارة
21- هدية سيارات التأجير
الهدف من الفكرة:
استغلال الوقت بما يعود بالنفع واستبدال سماع المحرم بالمفيد.
الفئة المستهدفة:
- ... مستأجري (المستفيدين) من خدمات سيارات التأجير.
- ... المستلزمات:
- ... الاتفاق المسبق مع إدارة سيارات التأخير على هذه الفكرة
- ... توفير أشرطة بشكل كافي باللغة العربية ولغات أخرى
- ... مطوية عن الأنظمة المتبعة بالبلد (النظام الديني، العادات وتقاليد الأنظمة الأمنية والمرورية)
أمور يجب مراعاتها:
- ... أن تكون الأشرطة قرآن كريم أو خطب وعظية، ويفضل تخصيص شخص من إدارة مكتب التأجير بوضع ومتابعة الأشرطة بالسيارات.
22- هدية المرضى
الهدف من الفكرة:
مؤانسة المرضى وتخفيف الآلام عنهم وتقوية إيمانهم وربطهم بالله.
الفئة المستهدفة:
المنومين بالمستشفيات.
المستلزمات:
- ... هدية تحتوي على كتيبات وأشرطة ومطويات.
أمور يجب مراعاتها:
- ... مناسبة الكتب للمريض (رجال –نساء – أطفال)
- ... مراعاة حال المريض (يقدم المرضى ذوي الإصابات الصعبة على غيرهم)
- ... يتم التنسيق مع إدارة الشؤون الدينية بوزارة الصحة كما يمكن الاستفادةمن علاقات المرضى أو لجنة أصدقاء المرضى.
23- هدية الحلاقين والمشاغل النسائية
الهدف من الفكرة
تطهير الأماكن العامة من وسائل الفساد، واستغلال الوقت بما يعود بالنفع
الفئة المستهدفة:
مرتادي المكان (محلات الحلاقة، المشاغل النسائية)، العمالة الموجودة بهذه الأماكن
المستلزمات:
- ... الاشتراك بالمجلات الهادفة وتوزيعها باستمرار على هذه الأماكن
- ... توفير كتيبات ومطويات تناسب حال زائري المكان.
- ... توفير كتيبات ومطويات للعمالة الموجودة بهذا المكان
- ... أمور يجب مراعاتها:
- ... تقديم المجلات والكتيبات مقابل سحب المجلات الهابطة.
- ... تقديم هدية للعاملين.
24- المكتبة الدعوية
الهدف من الفكرة
نشر الكتاب وتسهيل قراءته.. وإفادة الناس من وجودهم بالأماكن التي توجد بها هذه المكتبة.
المستلزمات:
- ... منصة كتب (حامل كتب).
- ... كتيبات ومطويات تناسب المكان.
- ... المتابعة الدورية لها حسب كثرة مرتادي المكان وتزويدها بالنواقص.
- ... أماكن تنفيذها:
- ... المساجد، المدارس، أماكن الانتظار بالمؤسسات والدوائر الحكومية والمستشفيات.
أمور يجب مراعاتها:
- ... تغيير محتويات المكتبة دورياً.
- ... مناسبة محتوياتها للمكان
25- حامل خذ نسختك
الهدف من الفكرة:
إيصال الشريط أو الكتاب أو المطوية لجميع زوار المكان
المستلزمات:
- ... حامل بحجم مناسب يوضع عند أبواب المخارج أو على الطاولات.
- ... وضع عبارة ملفتة للانتباه مثل (فضلاً.. خذ نسختك).
- ... المتابعة الدورية لها.
أماكن تنفيذها:
- ... المساجد – المحلات التجارية – المعارض.
أمور يجب مراعاتها:(13/134)
- ... أن تناسب المحتويات المكان الموجود به الحامل
- ... أن تكون بارتفاع مناسب حتى لا يعبث بها الأطفال.
- ... يفضل وجود شخص بشكل مستمر لتغذية الحامل باستمرار من الكتب التي قد تنقص منه.
26- العبارات الدعوية على الأكياس
الهدف من الفكرة:
توجيه الناس للخير دائماً
الفئة المستهدفة:
تجار البلاستيك – أصحاب المحلات التجارية.
أماكن تنفيذها:
أكياس المحلات – سفرة الطعام –أكياس المغاسل.
المستلزمات:
التنسيق مع المستهدفين لكتابة بعض العبارات الدعوية القصيرة مثل:(الحجاب عبادة وليست عادة، لا تنس أن تسمي عند الأكل)
أمور يجب مراعاتها:
- ... أن لا تحتوي العبارات المكتوبة على أسماء الله لأن الأكياس غالباً ما تمتهن.
27- المجلة الحائطية
الهدف من الفكرة:
تثقيف الناس وتعليمهم أينما كانوا، ونشر الفوائد والحكم.
المستلزمات:
- ... مقالات متنوعة تتناسب مع المكان الموجودة به اللوحة.
أماكن تنفيذها:
المساجد،المدارس، المستشفيات، أماكن العمل، أماكن الانتظار.
أمور يجب مراعاتها:
تغيير المقالات دورياً.
28- اللوحات الإرشادية (البنرات)
الهدف من الفكرة
- ... توجيه الخطاب للجمهور من مكان بعيد.
- ... تثقيف الناس وتعليمهم وإرسال الرسائل القصيرة لهم.
المستلزمات:
- ... لوحة إرشادية بمقاس مناسب مع حامل اللوحة (متحرك أوثابت).
أماكن تنفيذها:
- ... المساجد، المدارس، المستشفيات، الحدائق العامة والمنتزهات، الفنادق، التسجيلات ودور النشر، المطارات ومحطات القطارات والنقل الجماعي (الحافلات), الأسواق.
أمور يجب مراعاتها:
- ... أن تكون بمكان مفتوح حتى تشاهد من كل اتجاه.
- ... اختيار عبارات قصيرة وتصميم بشكل جذاب تقرأ من مكان بعيد.
- ... تغيير العبارات دورياً.
29- تحف " دروع " الأذكار
الهدف من الفكرة:
- ... تذكير الناس بالأدعية والأذكار بشكل جذاب.. ويتم تقديم الدرع عند الزواج، سكن منزل جديد، الحصول على وظيفة أو ترقية.
المستلزمات
- ... درع تذكاري (كريستال, اكرلك، خشب).
- ... توفير عبارات تذكيرية قصيرة مثل (كفارة المجلس، فضل الذكر).
- ... طباعة العبارات على الدرع.
الحالات التي يقدم فيها الدرع:
- ... عند المناسبات
30- الكفيل الداعية
الهدف من الفكرة
- تنمية روح الدعوة لدى أفراد المجتمع.
- استخدام السبل الميسرة لنشر الدعوة.
الفئة المستهدفة:
- كل من لديه أوله احتكاك معهم.
المستلزمات:
- كتيب أو مطوية أو شريط بلغة العامل.
- رسالة بريدية ترسل لأهل العامل.
أمور يجب مراعاتها:
- معرفة حال المرسل له الكتيب.
- إرفاق عناوين الجهات الدعوية الموثوقة لكي يتواصل معهم.
31- الحقيبة الدعوية
الهدف من الفكرة:
- تنمية روح الدعوة لدى أفراد المجتمع.
الفئة المستهدفة:
-الجاليات الوافدة (مسلمين وغير مسلمين).
المستلزمات:
- حقيبة على تقسيمات عديدة.
- كتب متنوعة للجاليات الموجودة بالبلد.
أمور يجب مراعاتها:
- ... استشارة المتخصصين بدعوة الجاليات لاختبار الكتب المناسبة
- ... عرض الكتب عند مقابلة العمالة الوافدة (كمحطات البنزين، الورش، المحلات التجارية، عمال المنازل).
- ... تزويد الحقيبة دورياً من مكاتب دعوة الجاليات أو أي جهة لديها كتب جاليات.
- ... إرفاق عناوين الجهات المختصة بدعوة الجاليات ليسهل الاتصال بهم.
32- حقيبة الانتظار
الهدف من الفكرة:
- ... استغلال وقت الفراغ بما هو نافع ومفيد.
الفئة المستهدفة:
- ... الأطفال والشباب من سن 6-18 سنة (بنين وبنات)
المستلزمات:
- ... حقيبة تحتوي على تقسيمات عديدة.
- ... جهاز تسجيل.
- ... أشرطة صوتية وكتيبات متنوعة (دينية،قصصية،ثقافية).
- ... مسابقات علمية أو ثقافية أو دينية.
- ... ألعاب.
أماكن تنفيذها:
- ... المدارس، وأماكن تجمع الأولاد أو البنات (الأعراس، الاستراحات، المنازل).
أمور يجب مراعاتها:
- ... مناسبة المواد الدعوية للمراحل العمرية المختلفة.
- ... تغيير العرض باستمرار، وعدم تكرار العرض خلال فترة قصيرة
33- حقيبة المسافر
الهدف من الفكرة:
- ... تنمية روح الدعوة لدى المجتمع
- ... دعوة الناس وتوجيههم أينما كانوا.
الفئة المستهدفة:
رجال الأعمال – المسافرين عموماً.
المستلزمات:
- حقيبة تحتوي على تقسيمات عديدة.
- كتب متنوعة بلغة الدولة التي ستسافر إليها.
أمور يجب مراعاتها:
- ... استشارة المتخصصين بدعوة الجاليات لاختيار الكتب المناسبة للبلاد التي ستسافر إليها
- ... توزيع هذه الكتب بالأماكن الهادئة نسبياً مثل (الفنادق)
- ... تزويد الحقيبة عند العودة فوراً من مكاتب دعوة الجاليات أو أي جهة لديها كتب جاليات.
إرفاق عناوين مكاتب دعوة الجاليات ليسهل الاتصال بهم يستحسن كتابة بعض المواقع الإسلامية عبر الشبكة العنكبوتية لتسهل لهم الوصول لمعلومات أكثر
34- الرحلات السياحية الدعوية للجاليات
الهدف من الفكرة:
دعوة الجاليات الوافدة للإسلام.
الفئة المستهدفة:
الشخصيات البارزة وأصحاب التخصصات النادرة كالأطباء والمهندسين من غير المسلمين
المستلزمات:
- وجود داعية يجيد لغة الجالية المخصصة لها الرحلة
- ترتيب برامج تناسب الجالية المقصودة.
أمور يجب مراعاتها:
وجود طلبة علم متمكنين لمواجهة الاستفسارات المتوقعة من قبل تلك الجاليات وعرضها بأسلوب ثقافي يناسب حال المستهدفين.
- ... ترتيب بعض الموضوعات للنقاش بهدف توجيه التجمع لقضية معينة ثم إبداء الرأي العلمي الصحيح ومقارنته برأي الإسلام.
- ... يمكن القيام ببرامج مشابهة للجاليات ذات التخصصات البسيطة كالعمال والخدم وخلافه.
35 – الدعوة عبر الحقيبة المدرسية(13/135)
الفكرة: تصميم حقيبة مدرسية لتقدم لطلاب مسلمين يعيشون في مجتمعات منحرفة
الأهداف:
- ... استثمار هذه الحقيبة في إرشاد هؤلاء الطلاب بكافة اللغات المستهدفة للالتزام بتعاليم الدين الإسلامي وبيان فضل التمسك بهذا الدين وحلاوة الإيمان.
36- تكريم أصحاب المحلات التي لا تبيع الدخان
الفكرة:
الاحتفاء الدوري بأصحاب البقالات والتموينات التي لا تبيع الدخان والمجلات الساقطة.
الأهداف:
استثمار ذلك بإقامة حفل بمسجد قريب والتأكيد على أصحاب المحلات المخالفة أيضاً بالحضور ويتم توزيع الجوائز على الجميع ليتم تشجيع المخالفين على السير في النهج الإسلامي الصحيح.
37- الدعوة عبر الوسيط الدعوي
الفكرة:
الارتباط بأحد المسلمين من غير العرب ليكون وسيطاً دعوياً مع بني جلدته.
الأهداف:
استثمار ذلك مع كافة الجنسيات في المهن المختلفة ومتابعة أعمال هذا الوسيط غير العربي ونتاجه بشكل منظم نظراً لأن اللغة من عوامل إعاقة العمل الدعوي.
38- الدعوة عبر الصناديق الخشبية
الفكرة:
تصميم صناديق جميلة الشكل لعرض الكتيبات والمجلات والمطويات التوعوية.
الأهداف:
- ... توزيع هذه الصناديق على الحلاقين – المستوصفات – سيارات النقل الجماعي – أماكن تجمع الناس كالمرور والجوازات والمستشفيات.
- ... يراعى متابعة هذه الصناديق باستمرار وإكمال الناقص من الكتيبات والمطويات.
39- الدعوة عبر الملصقات الدعوية
الفكرة: عمل ملصقات دعوية جميلة ومؤثرة.
الأهداف: استثمار توزيع هذه الملصقات كهدايا في المدارس وغيرها وتوضع على السيارات وتحوي حكما أو أبياتاً شعرية أو نحو ذلك من المأثورات.
40- الدعوة عبر (الشماسات)
الفكرة:
تصميم لوحات الوقاية من الشمس (الشماسات) التي توضع على زجاج السيارات الأمامية من الداخل.
الأهداف:
- ... استثمار التصميم لهذه اللوحات بكتابة جمل دعوية مفيدة وأبياتاً شعرية مؤثرة وغير ذلك
41- الدعوة عبر اللوحات الإعلانية المضيئة
الفكرة:
الاستفادة من اللوحات المضيئة الموجودة في الشوارع المهمة.
الأهداف:
استثمار هذه اللوحات بالشوارع المهمة أو عند التقاطعات وذلك بعمل جمل دعوية مؤثرة ومأخوذة من الكتاب والسنة وتمول من قبل المقتدرين أو تتبناها بعض الإدارات الدعوية الرسمية ويشابه هذه الدعايات الموضوعة على جوانب سيارات النقل الجماعي وكذا فواتير الكهرباء والماء وغير ذلك.
42- الدعوة عبر المظاريف المتخصصة
الفكرة:
طبع المظروف وتصميمه ليكون المضيئة الموجودة في الشوارع المهمة.
الأهداف:
يتم تصميم المظروف بحيث تدل الرسومات على الشخص المدعو: فهذا مظروف لطبيب وثان لصيدلي، وآخر لتاجر وحلاق.. وهكذا، والحرص على أن يكون المحتوى مناسباً تماماً للشخص المقصود بالهدية.
43- الدعوة عبر صناديق البريد
الفكرة: الاستفادة من صناديق البريد.
الأهداف:
دعوة إنسان بعينه عن طريق صندوقه بدلاً من استخدام الأسلوب الدعوي المباشر.
44- الدعوة عبر حقائب الأرصفة
الفكرة:
تصميم حقائب الأرصفة كأسلوب دعوي جديد للشباب.
الأهداف:
استثمار توزيع هذه الحقائب على أماكن تجمعات الشباب وتوضع بشكل ثابت لهم ويتم متابعة الحقائب بعد انصرافهم.. أو تسلم لهم كهدية إن كان المكان غير ثابت.
45- الدعوة عبر ملف المخالفات الشرعية
الفكرة:
يتم عمل ملف للمخالفات الشرعية التي يراها الإنسان.
الأهداف:
بعد تجميع هذه المخالفات الشرعية يتم رفعها بعد ذلك إلى من بيده الأمر، ليساهم بذلك في إصلاح الخلل وتعديل المسار.
46- الدعوة عبر مجلة الأسرة
الفكرة:
إنشاء مجلة أسرية مختصة بالأسرة فقط تحوي جملة من الفوائد والوقفات التربوية والطرائف المتنوعة
الأهداف:
- يتم التركيز في المجلة على عرض أخبار الأسرة يقوم بإعدادها شباب الأسرة.
- حبذا لو قامت نساء الأسرة بإعداد مجلة نسائية يتفرع منها مجلة صغيرة خاصة بالأطفال، وتدعم هذه المجلة مادياً من قبل المقتدرين من الأسرة، أو باشتراك شهري.
47- الدعوة عبر الإصلاحيات والسجون
الفكرة:
الاستفادة من الزيارات الدعوية للسجون وتكثيفها.
الأهداف:
استثمار الحاجة الماسة لنزلاء هذه السجون والإصلاحيات للتوجيه والمناصحة ليكونوا أعضاء صالحين منتجين بعد خروجهم.
48- الدعوة عبر التركيز على منكر وعلاجه
الفكرة:
تبني منكر معين موجود بين الناس بيّن والتركيز عليه من جميع الجوانب.
الأهداف:
بعد دراسة هذا المنكر دراسة واعية وإيجاد الحلول الناجعة له يتم رفع مذكرة في ذلك إلى من بيده الحل والعقد.
49- الدعوة عبر دراسة قطاع من الحي
الفكرة:
أخذ قطاع من الحارة أو الحي محدود بشوارع معلومة ودراسته دعوياً.
الأهداف:
يتم بعد حصر جميع الأماكن التي تصدر منها بعض المخالفات الشرعية عمل أسلوب للعلاج بالتعاون مع بعض الإدارات الشرعية في الحي كفرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو المكتب التعاوني.
50- الدعوة عبر المجلات الإسلامية
الفكرة: المشاركة في المجلات الإسلامية.
الأهداف:
يتم بدعم المجلة معنوياً بالمراسلة والتشجيع والمشاركة، أو مادياً بالاشتراك فيها وحث الآخرين على ذلك.
51- التوعية بزيادة الصلة بالمكاتب الدعوية
الفكرة:
القيام بزيارات متتابعة لمكتب الدعوة التعاوني وكذلك فرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
الأهداف:
- ... توثيق الصلة بتلك المكاتب.
- ... دعمهم بالوسائل الممكنة
- ... تنسيق الجهود الدعوية معهم.
52- الدعوة عبر اشتراكات المجلة
الفكرة:
عمل اشتراك في مجلة إسلامية أسبوعية أو شهرية.
الأهداف:
- يتم إرسال المجلة إلى أحد العناوين ممن يرغب الداعي في دعوتهم وإيصال الخير إليهم(13/136)
- الحرص على ألا يشعروا بهذا العمل من الداعي.
53- الدعوة عبر تقوية العلاقة بالمكاتب الدعوية
الفكرة:
ربط وزيادة الصلة بالمؤسسات الدعوية والإغاثية.
الأهداف:
- ... استثمار تلك المكاتب في تلقي أخبار المسلمين منهم.
- ... التعرف على جهودهم ومؤازرتهم.
54- الدعوة عبر الحاسب الآلي
الفكرة:
مطويات دعوية ملونة جميلة عبر الحاسب.
الأهداف:
- الاستفادة من إمكانات الحاسب الآلي في إخراج مطويات دعوية تمتاز بالدقة العلمية واللمسات الفنية.
- ... أن تتطرق لمواضيع شتى
- ... يستفاد منها في ميادين الدعوة.
55- الدعوة عبر اللوحة المنزلية
الفكرة:
تجهيز لوحة جميلة توضع في صالة المنزل
الأهداف:
استثمار هذه اللوحة بأن تقوم الأسرة من جميع الفئات بإعداد ملصقات تربوية دعوية مفيدة ومنوعة وتوضع على اللوحة ليستفيد منها أهل المنزل والزوار.
56- الدعوة عبر الدولاب المنزلي
الفكرة:
يتم تصميم دولاب عرض جميل الشكل مناسب لديكور المنزل ويتم وضعه في مجلس الرجال.
الأهداف:
استفادة أهل البيت وزواره من الاطلاع بعد أن يتم تغذيته بالكتيبات والمطويات الدعوية والكتب الدينية
57- الدعوة عبر شرائط الكاسيت
الفكرة:
توجيه نداء لأصحاب محلات الكاسيت بالمساهمة في تسجيل بعض المحاضرات القيمة التي تقام في المساجد وبعض الأماكن الأخرى
الأهداف:
- ... استثمار المحاضرات بتسجيلها وتوسيع دائرة الخيار بالنسبة للمشتركين والمستفيدين.
- ... المساهمة في إبراز مجموعة من المحاضرين الأكفاء ليكونوا بدائل معدة لمواصلة حمل الراية ونشر الخير.
58- الدعوة عبر الهاتف للحد من المعاكسات
الفكرة:
تدوين بعض المقاطع المؤثرة من قراءة بعض الشيوخ وإسماعها للمعاكس عبر الهاتف بشكل مباشر
الأهداف:
- ... الإرشاد عبر الهاتف.
- ... الحد من ظاهرة المعاكسات الهاتفية
- ... التأثير المباشر على المعاكسين.
59- الدعوة عبر المناظر الطبيعية
الفكرة:
يقوم أصحاب التسجيلات بطبع جملة من المناظر الطبيعية المأخوذة من بلادنا.
الأهداف:
- استثمار تلك المناظر بالكتابة عن المنظر وموقعه.
- يكتب على كل منظر نص شرعي من قرآن أو سنة يدعو إلى التدبر في ملكوت الله،
ويكون التناسق ظاهراً مبين النص الشرعي والمنظر المصور.
60- الدعوة عبر الأقلام والميداليات
الفكرة:
طبع أقوال مأثورة على الأقلام والميداليات ونحوها.
الأهداف:
- ... تهدى للآخرين بعد طباعة أسمائهم عليها إن أمكن، ووضعها ضمن مظروف فيه كتيبات وأشرطة دعوية وغيرها.
61- الدعوة عبر النزهة في البر
الفكرة:
عند القيام بنزهة في البر نمر ببعض الرعاة من بلاد شتى يتم إهداؤهم بعض الكتيبات والمطبوعات المؤثرة.
الأهداف:
- سد حاجة هؤلاء الرعاة للأمور الدعوية.
- تقدم لهم الكتب مع قليل من المال لسد عوزهم وفاقتهم.
- إرشادهم إلى ما فيه نفعهم وصلاحهم.
62- التوعية لسائقي الشاحنات
الفكرة:
عند السفر من بلدة لأخرى بتجمعات سائقي الشاحنات على الطريق، فيتم إهداؤهم بعض الأشرطة الدينية الدعوية.
الأهداف:
- ... استثمار الملل الذي يمر به هؤلاء السائقون في الطرق الطويلة بإهدائهم هذه الشرائط ليكون لها أثراً طيباً.
63- الدعوة عبر بعض العادات والتقاليد
الفكرة:
الاستفادة من زيارات النساء لبعض منهن عند العودة من السفر أو الزواج أو وصول مولود لهن.
الأهداف:
- ... استثمار زيارات النساء بتسليمهن بعض الكتيبات والشرائط الدعوية ليتم تقديمها برفقة هدية المرأة لصديقتها
64- الدعوة عبر دواليب المصاحف بالمساجد
الفكرة:
وضع بعض التفاسير الموجزة الموثوقة في دواليب المصاحف في المساجد.. وإخبار المصلين بوجودها لتعم الفائدة.
الأهداف:
- ... تشجيع المصلين للبحث في تلك الكتب للاستفادة القصوى من وجود هذه التفاسير.
65- التوعية الليموزين والنقل الجماعي
الفكرة:
توزيع شرائط قرآن كريم بأصوات قراء معروفين يمتازون بحسن الصوت وقوة التأثير على أصحاب سيارات الأجرة والليموزين والنقل الجماعي وغيرهم.
الأهداف:
- ... استثمار تلك الوسائل للارتباط بالقرآن الكريم والأحاديث وغيرها من شرائط الدعوة المؤثرة.
66- الدعوة عبر دليل الهاتف
الفكرة:
إعداد دليل هاتف جيب وتعبئة الصفحات الأولى منه بمجموعة من الحكم والنصائح.. وبقية الصفحات المرتبة هجائياً يكتب في رأس كل صفحة بعض أبيات الشعر المؤثرة والحكم المفيدة.
الأهداف:
- استثمار إطلاع الناس على ذلك بشكل دائم في الإرشاد والاستفادة من الحكم الموجودة والأقوال المأثورة.
- يوزع مجاناً كي يكون مردود قبوله سريعاً.
67- الدعوة عبر لوحات المساجد
الفكرة:
الاستفادة من وجود هذه اللوحات والقيام بالتغيير والتجديد وإعادة الصياغة والابتكار فيها بشكل متتابع.
الأهداف:
- ... محاولة لفت نظر المصلين للوحة الجديدة وقراءة المكتوب فيها.
- ... تغيير مواقع اللوحات داخل المسجد كي تعم الفائدة للجميع.
68- الدعوة عبر إعادة النسخ
الفكرة:
الاستفادة من وجود صناديق سحب الأشرطة والكتب الزائدة أو التي استهلكت، ومن ثم إعادة الاستفادة منها مرة أخرى.
الأهداف:
- ... استثمار توزيعها في مناطق نائية.
- ... استثمارها في نسخ مواد جديدة عليها.
69- الدعوة عبر حقيبة المرأة
الفكرة:
تصميم حقيبة صغيرة جميلة تحتوي على:
حجاب متكامل (عباءة – غطاء وجه – قفازين – جوارب)
مجموعة أشرطة وكتيبات خاصة بالمرأة ودورها في المجتمع.
الأهداف:
- ... توزع على رواد الحدائق العامة ممن لا يهتمون بالحجاب.
70- الدعوة عبر الأسواق
الفكرة:
يحرص الداعية على توفر شرائط وكتيبات دعوية ومطويات بسيارته وعدم خلوها من تلك الوسائل.
الأهداف:(13/137)
- ... استثمار الأسواق لتوزيع تلك المجموعات.
- ... استثمار إشارات المرور لتوزيعها على السيارات.
71- الدعوة عبر جوائز المسابقات بالمسجد
الفكرة:
أن يتبنى مسجد الحي مسابقة دورية أو فصلية تخصص لها جوائز قيمة وتقسم إلى فئات متفاوتة بحسب الجنس والسن.. وتعلن نتائجها في احتفال مصغر يدرج ضمن احتفالات ختام برنامج حلقات تحفيظ القرآن الكريم أو تعلن طريقة مناسبة أخرى.
الأهداف:
- ... تشجيع الفئات العمرية المختلفة على الارتباط بالمسجد.
- ... تشجيعهم أيضاً على البحث والقراءة لحل المسابقات.
- ... تحفيزهم على الاشتراك بالإعلان عن جوائز للفائزين.
72- الدعوة عبر المخيمات والاستراحات
الفكرة:
القيام بزيارات للمخيمات والاستراحات في وقت خلوها وتقديم هدية لأهل المخيم أو الاستراحة بوضعها مباشرة أو عن طريق الحارس المسؤول.
الأهداف:
- ... من خلال وجود هذه الهدية يتم استغلالها من قبل الموجودين بالمخيمات أو الاستراحات والمترددين عليها.
73- الدعوة عبر الورش والمصانع والشركات
الفكرة:
زيارة مكاتب دعوة الجاليات، وشراء مجموعة من المطويات، والقيام بجولات وتوزيعها على الورش والمصانع والشركات.. والتفاهم مع مسؤول هذه المنشآت لترتيب لقاءات بين عمالة منشآته وبين موظفي مكاتب الدعوة.
الأهداف:
- ... الوصول بالدعوة إلى الورش والمصانع والشركات مباشرة.
74- الدعوة عبر المطارات الرئيسية
الفكرة:
توزيع كتيبات دعوية أو إرشادية على العمالة القادمة من الخارج من خلال وضعها في أرفف جميلة في مكاتب الجوازات في المطارات الرئيسية.
الأهداف:
- ... العمل على إيصال رسالة الدعوة للعمالة الوافدة بحيث تكون أجمل هدية لهم عند وصولهم.
75- الدعوة عبر محلات الذهب والملابس النسائية
الفكرة:
زرع الحس الدعوي لدى بعض باعة الذهب أو الملابس النسائية أو غيرها مما يتعلق بالنساء.
الأهداف:
- ... وضع جملة من الوسائل الدعوية على الطاولات الزجاجية لتأخذ منها المرأة ما تريد.
- ... وضع شيء منها مع البضاعة المباعة.
- ... الحرص على وصول الرسالة الدعوية للمرأة وحثها على دورها في المجتمع الصغير والمجتمع الكبير.
76- التوعية أثناء السفر
الفكرة:
أثناء السفر للخارج حبذا لو يقوم الداعية بنشر الدعوة في تلك الديار، عبر الكلمة والعبارة والكتيب والمطوية والشريط، وينشر ذلك قدر ما يستطيع.
الأهداف:
- ... نقل الرسالة الدعوية لدول أخرى..وحث تلك الدول على الاتباع وعدم الابتداع.
77- الدعوة عبر المطاعم والبوفيهات
الفكرة:
تصميم ملصقات جميلة ذات ألوان زاهية تحوي عبارات الاهتمام بالنعم وتقديرها وحث الناس على شكرها واحترامها.
ويتم توزيع هذه الملصقات على المطاعم والبوفيهات وغيرها.
الأهداف:
- ... تعود الناس على شكر الله وشكر نعمه واحترامها.
78- الدعوة عبر محلات الملابس الرجالية الفكرة:
تصميم ملصق جميل الشكل فيه حث على عدم إسبال الثياب والتحذير من ذلك خلال عرض موجز لبعض النصوص الشرعية ويتم توزيع هذا الملصق على محلات الملابس الرجالية
الأهداف:
- ... التنبيه على الرجال على اتباع تعاليم القرآن والسنة النبوية الشريفة في ذلك الموضوع.
79- الدعوة عبر الجيران الفكرة:
الاستفادة من مواسم الخير كرمضان والحج والأعياد، وتوزيع مجموعات من الهدايا القيمة على الجيران، وتضمنين ذلك جملة من الكتيبات والأشرطة.
الأهداف:
- ... استثمار تلك الهدايا لتكون أجمل هدية وأنسب شيء يقدم في تلك المواسم الخيرة.
80- الدعوة عبر التعامل مع البائع الفكرة:
البشاشة في وجه البائع عند الشراء منه وتلاينه وتلاطفه، لا بقصد تخفيض السعر، ولكن بقصد الثقة بك والاطمئنان إليك، وبعد ذلك قدم له هدية مناسبة.
الأهداف:
- ... الوصول لأكبر شريحة من الناس عبر هؤلاء البائعين.
81- التوعية من داخل البيت الفكرة:
عمل درس أسري أو أسبوعي أو نصف شهري، يشارك فيه جميع أفراد الأسرة صغاراً وكباراً، ويحتوي على جملة من الفقرات.
الأهداف:
- ... استثمار ذلك الدرس في عرض مشاكل بعض أفراد الأسرة والعمل على تقديم الحلول لها.
82- الدعوة عبر التبرع الفكرة:
الاستفادة من التجمعات العائلية الكبيرة في إحدى المناسبات وعرض مسألة التبرع في كل لقاء بمبلغ بسيط (خمسة أو عشرة ريالات) تصرف في شأن من شؤون الأسرة أو التبرع بها لدعم مشروع خيري.
الأهداف:
- ... يمكن استمرار هذا التبرع في كل اجتماع أسري أو عائلي بحيث يكون عادة حسنة.
- ... يمكن من خلال المبلغ دعم أي مشاريع خيرية داخلية كانت أو خارجية.
83- الدعوة عبر طريق إنشاء المكتبات الفكرة:
إنشاء مكتبات علمية صغيرة، تحوي جملة من الكتب العلمية والدعوية والتربوية توزع على بعض الأماكن الكبيرة كالمؤسسات والشركات والإدارات الحكومية.
الأهداف:
- ... استثمار هذه المكتبات لتكون مكتبة كبيرة تناسب حجم المنشأة.
- ... تشجيع العاملين على الاطلاع والاستفادة والقراءة
84- الدعوة عبر أدوات القرطاسية الفكرة:
الاستفادة من أصحاب محلات القرطاسية والمواد المكتبية بطباعة بعض برامج تربوية وشعارات دعوية على الدفاتر، علب الألوان، علب الهدية، حافظات الأقلام.
الأهداف:
- ... يعود هذا المشروع بالفائدة على المتعاملين مع القرطاسية من طلاب العلم بنين وبنات
85- الدعوة عبر البرامج الدعوية بالحاسوب الفكرة:
الاستفادة من إمكانات الحاسبات الآلية في تصميم برامج دعوية متخصصة ونشرها بين الدعاة، فهذا برنامج خاص بالطلاب، وآخر بالنساء، وثالث بالأطباء، ورابع بالعمال.
الأهداف:(13/138)
- ... استثمار إمكانات الحاسبات لعمل جملة من التوجيهات الدعوية، وعرضاً لأسماء الكتيبات المناسبة لكل حالة على حدة.
86- الدعوة عبر طباعة خطب الجمعة وتوزيعها الفكرة:
طباعة خطب الجمعة على أوراق صغيرة قوية لامعة مشابهة لما هو موجود في السوق تحت مسمى ألعاب المعلومات.
الأهداف:
- ... يتم تصنيف الخطب على مجموعات بحيث كل مجموعة تطرق موضوعاً واحداً.. فهذه عن الصلاة، وتلك عن الجهاد، وثالثة عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
- ... يمكن الاستفادة منها في المناطق النائية والهجر والقرى.
87- الدعوة عبر صناديق الجرائد بالمنازل الفكرة:
القيام بتموين صناديق الجرائد والمجلات الموجودة أمام بعض المنازل ببعض الكتيبات والإرشادات الدعوية بشكل متتابع بما يجد في السوق من كتيبات وأشرطة.
الأهداف:
- ... تعميم الفائدة الدعوية التي ستعود على أصحاب هذه الصناديق.
88- الدعوة عبر وضع صناديق صغيرة في مداخل العمارات الفكرة:
يتم تصنيع صناديق صغيرة وجميلة للأشرطة والكتيبات والمطويات ووضعها في داخل المباني السكنية الكبيرة وإمدادها بين الفينة والأخرى بما يستجد في الساحة من أشرطة وكتيبات دعوية.
الأهداف:
- ... نشر الوعي بشكل مباشر على الناس في مساكنهم.
89- الدعوة عبر الغرف بالفنادق الفكرة:
محاولة تزويد بعض الغرف بالفنادق بجملة من الوسائل الدعوية المثمرة.
الأهداف:
- ... استثمار وقت النزلاء بالفندق بالاطلاع والاستفادة مما يعرض من كتيبات وأشرطة ومطويات توعوية.
90- الدعوة عبر أرفف المساجد الفكرة:
تكثيف نشر أرفف المساجد التي تحمل عنوان "أخي المسلم خذ نسختك ومحاولة إمدادها بالأهداءات المتنوعة بشكل دائم.
الأهداف:
- ... زيادة أعداد المطلعين على هذه الكتيبات بما يعود بالفائدة على أكبر شريحة من المسلمين
91- الدعوة عبر الدواليب الكبيرة بالمساجد
الفكرة: تصميم دولاب كبير الحجم متعدد الأغراض يوضع في المسجد ويمتاز بالأناقة والتناسق يشمل مكتبة عامة للإعارة، وركن للأشرطة، ورف "خذ نسختك"، ولوحة المسجد، وقسم جمع الكتيبات والأشرطة الزائدة.
الأهداف:
- ... تشجيع المصلين على الإعارة لتعم الفائدة على منازلهم.
- ... إعادة طباعة الأشرطة الزائدة بمواد دعوية جديدة.
92- تقديم الشكر على من ساهم في التوعية
الفكرة:
تقديم الشكر لكل من ساهم في دعم الدعوة والثناء عليه بمهاتفته أو مراسلته حتى يكون ذلك حافزاً له على بذل المزيد من العمل الدعوي ودفعه على مواصلة العطاء وبذل الجهود في سبيل دعم العمل الدعوي
الأهداف:
- ... إظهار سماحة الإسلام وأن الواجب على الداعية شكر كل من قدم وساهم في دعم الدعوة.. ليكون حافزاً لمن ساهم في المزيد.
93- تطوير برامج حلقات تحفيظ القرآن.
الفكرة:
تطوير برامج حلقات تحفيظ القرآن لتشمل بعض الرحلات الخلوية القصيرة، وبرامج رياضية، وكلمات توجيهية، بحيث تكون مرة في الأسبوع، وتدريب الطلاب على الإلقاء والتحدث أمام الآخرين، وتكثيف حفلات التكريم للمبدعين.
الأهداف:
-زيارة الحافز لدى طلبة العلم للتفوق.
- تعويدهم على الإلقاء والتحدث أمام الآخرين.
94- الدعوة عبر صندوق الفتاوى
الفكرة:
وضع صندوق في المساجد للفتاوى، والحث على الاستفادة منه، مع وضع لوحة صغيرة بجواره تدون فيها إجابات الفتاوى.
الأهداف:
- ... تشجيع المصلين على طلب الفتوى بشكل مباشر.
- ... أن تعم الفائدة الجميع بما فيهم من لم يطلب الفتوى.
95- لقاءات دورية بين أئمة مساجد الحي
الفكرة:
يقوم أحد أئمة المساجد بعقد لقاء دوري بين أئمة مساجد الحي ويدعى من خلال اللقاء مندوب الدعوة في الحي وبعض طلبة العلم بالحي.
الأهداف:
- ... تدريس جملة من البرامج الدعوية داخل المساجد.
- ... ترتيب محاضرات وندوات نصف شهرية وتنظيم كلمات وعظية يومية.
- ... عرض المشاكل والعوائق ومحاولة وضع الحلول المناسبة لها.
96- التوعية عن طريق المستشفيات النفسية
الفكرة:
التركيز على بعض المستشفيات المتخصصة كمستشفى الأمل الخاص بعلاج مدمني المخدرات، وكذا مستشفى الصحة النفسية وغيرها، والتعاون معهم في سبل الإصلاح.
الأهداف:
- ... استثمار إقامة المحاضرات والدروس الدعوية المبسطة وبرامج التوعية والوعظ مع مصاحبة ذلك بهدايا تقدم للنزلاء.
97- الدعوة عبر حملات الحج والعمرة
الفكرة:
الاستفادة من حملات الحج التي تقام كل سنة بتنظيم جملة من البرامج الدعوية والعلمية والثقافية للمشاركين في هذه الحملات.
الأهداف:
- ... استثمار الطريق ذهاباً وإياباً أو أثناء الإقامة بالمشاعر أو التنقل بينها.
- ... يمكن تنظيم مثل هذه البرامج في رحلات العمرة.
98- الدعوة عبر دعم أعيان البلد
الفكرة:
محاولة كسب دعم بعض أعيان البلد البرامج الدعوية مادياً، بالصدقات والتبرعات والمشاركات، أو معنوياً بالوقوف مع الدعاة مؤازرة وتشجيعاً.
99- التوعية في التجمعات في الإجازة البلد
الفكرة: محاولة استغلال التجمعات في أوقات الإجازة في المصايف، وعلى الشواطئ لإعداد جملة من البرامج الدعوية تحت إشراف مكاتب الدعوة.
الأهداف:
- ... إقامة مخيمات تربوية تقام من خلالها حفلات السمر، والمسابقات الثقافية، والمحاضرات الدعوية.
100- الدعوة عبر برنامج تعليمي يضعه إمام المسجد
الفكرة:
ينبغي على إمام كل مسجد أن يضع برنامجاً تعليمياً مرتباً لجماعة مسجده ويعلن ذلك في لوحة المسجد بشكل أسبوعي.
الأهداف:
- ... تقسيم البرامج التعليمية بحيث تكون للأسبوع الأول مثلاً قراءة في تفسير ابن كثير، والأسبوع الثاني خاص بالفتاوى، والثالث قراءة من كتاب (كرياض الصالحين).(13/139)
101- الدعوة عبر إلقاء بعض الكلمات أثناء صلاة التراويح
الفكرة:
يتم القيام بترتيب كلمات تلقى خلال شهر رمضان أثناء صلاة التراويح أو القيام وتعلن في لوحة المسجد على شكل جدول بين واضح.
الأهداف:
- ... الحرص على أن تعم الفائدة جميع المصلين في هذه التجمعات الخيرة كل عام.
102- الدعوة عبر هدايا المسجد
الفكرة:
يحرص كل إمام مسجد على تقديم هدايا للمصلين بعد انتهاء إحدى الصلوات، تشمل جملة من الكتيبات والمطويات أو الأشرطة، في كل مرة يركز الإمام على موضوع معين، فمرة عن صلاة الفجر، وأخرى عن دعم المشاريع الخيرية، وثالثة عن صلة الرحم.. وهكذا.
103- الحرص على أن يكون المسجد مدرسة تربوية
الفكرة:
عقد لقاء دوري أسبوعي بين جماعة المسجد، وتطرح من خلاله جملة من القضايا التي تهم الجميع نحو أوضاع المسجد، ومنها المحلات المجاورة (المتخلفين عن الصلاة)
الأهداف:
- ... تحقيق رسالة المسجد التي يغفل عنها الكثير.
104- الدعوة عبر إقامة محاضرات علمية أو طبية
الفكرة:
على أئمة المساجد الكبيرة والمشهورة التركيز على إقامة محاضرات علمية أو طبية أو اقتصادية أو اجتماعية وربطها بالقضايا الإيمانية.
الأهداف:
- ... استثمار ندوة عن أمراض العيون مثلاً لعرض جملة من الأمراض المعنوية للأمة التي تؤثر على الجسد عن طريق العين.
- ... أو محاضرة عن الفلك يلقيها متخصص ويتم من خلالها إظهار عظمة الخالق بعظيم صنعه.
105- معرفة عقائد وأفكار الآخرين
الفكرة:
إن من وسائل الدعوة أن تعرف أسباب انحراف من تدعوه إلى الحق حتى يسهل عليك العلاج، فعلى الداعية أن يلم بأسباب الوقوع في الشهوات والشبهات ويكون لديه العلم بالمناهج الدعوية المضادة لمنهج السلف الصالح، وعليه معرفة عقائد وأفكار الآخرين ليأخذ الحذر ويحذر غيره.
106- حرص راعي الأسرة على الدعوة
الفكرة:
على صاحب الأسرة الحرص أن يكون تصميم منزله دعوياً بحيث يحرص على أن يكون بيته قريباً من المسجد لأن ذلك أدعى للمحافظة على الصلاة وأن يجعل بيته مستوراً.. وأن يخصص غرفة للصلاة إن أمكن ويحرص على وجود مكتبة إسلامية شاملة بمنزله.
الأهداف:
- ... استفادة أفراد الأسرة من سماع ما يلقى في المسجد من محاضرات وخطب ومواعظ.
- ... وجود مرجع بالمنزل (مكتبة عامة) يستطيع أفراد الأسرة الرجوع إليها عند الحاجة.
107- ... الدعوة عبر إصدار نشرة دورية عن المسجد
الفكرة:
يمكن أن يتولى إمام المسجد مع مجموعة من المصلين إصدار نشرة دورية باسم جماعة المسجد، تطبع وتخرج بشكل أنيق وجميل تحوي بعض الموضوعات المهمة مثل:
- ... عرض برامج المسجد الدعوية.
- ... تلخيص لبعض المحاضرات التي ألقيت بالمسجد.
- ... مواضيع تربوية ودعوية ومسابقات ثقافية.
108 – الدعوة عبر لوحة مضيئة بجوار المسجد
الفكرة:
عمل لوحة مضيئة بجوار المسجد على غرار لوحات الإعلانات الموجودة عن التقاطعات المرورية لتكون مجالاً دعوياً خاصاً بالمسجد.
الأهداف:
- ... استثمار هذه اللوحات للإعلان عن الدروس والمحاضرات المقامة في المسجد.
- ... عرض جملة من الآيات والمواعظ والأحكام.
109- ... الدعوة عبر الشباب
الفكرة:
القيام بزيارات مباشرة لشباب الأرصفة ويحبذ أن يرافق الزائر شخص مشهور لدى الشباب ممن منّ الله عليه بالهداية كلاعب أو مغني أو ممثل مثلاً ومن ثم مجالسة الشباب ودعوتهم بالموعظة الحسنة مع تقديم مجموعة من الهدايا المفيدة إليهم.
الأهداف:
- ... العمل على القضاء على الوقت الضائع لهؤلاء الشباب وحثهم على حسن استثماره.
110 – مراسلة الإذاعات التنصيرية
الفكرة:
وهذه وسيلة خاصة موجهة لفئة خاصة قادرة ملمة، وذلك بأن تقوم باستخدام أسلوب الاستنزاف مع بعض الإذاعات التنصيرية، بالمراسلة الدائمة لها، وإكثار الطلب منها، مع الحذر من التأثر بها استمتاعاً أو مراسلة.
111- ... الدعوة عبر لوحة داخلية بالمسجد
الفكرة:
تأمين سبورة بلاستيكية بيضاء تكون في وسط المسجد من الناحية الخلفية، ويستعان بأحد الخطاطين من أهل الحي، ليكتب بخط عريض وجميل وكبير حكمة أو آية أو بيت شعري، أو غير ذلك بحيث يتم تغيير ذلك أسبوعياً
الأهداف:
- الحرص على أن يستفيد المصلين من المعلومات المكتوبة على اللوحة.
112- ... التوعية عن طريق تنظيم لقاء دوري بين زملاء الوظيفة
الفكرة:
يقوم مجموعة من الموظفين الذين يتمثل فيهم الحس الدعوي بإنشاء لقاء دوري بين زملاء الوظيفة خارج نطاق العمل, يتم من خلاله زيادة الألفة والصلة بين الزملاء، ويستثمر اللقاء فيما يعود بالفائدة على الجميع، من مناقشات مثمرة، واستضافة لأحد طلبة العلم، ويتم من خلاله أيضاً توزيع جملة من الوسائل الدعوية.
الأهداف:
- ... زيادة المحبة بين زملاء الوظيفة.
- ... زيادة التثقيف الدعوي لديهم.
113- ... الدعوة عبر الوافدين المسافرين
الفكرة:
الاستفادة من الأخوة الوافدين من جميع الجنسيات الذين يريدون العودة إلى ديارهم في إجازة أو خروج نهائي أو غير ذلك بإهدائهم جملة من الوسائل الدعوية.
الأهداف:
- ... استثمار ذلك في نشر الخير في كل البلاد
114- ... الدعوة عبر الهدايا الدعوية للمرضى المنومين
الفكرة:
القيام بزيارة المرضى في المستشفيات وتشجيعهم وحثهم على الصبر والاحتساب والاستفادة من حالة الضعف التي يعيشونها بتذكيرهم باللجوء إلى الله تعالى.
الأهداف:
- ... استثمار زيارة المرضى المنومين بتوزيع هدايا دعوية مفيدة.
- ... أخذ الدروس والعبر التربوية من خلال الزيارة.
- ... التخفيف عن المرضى ومساعدتهم على الخروج من حالتهم.
115- ... الدعوة عبر صندوق تبرعات المسجد
الفكرة:(13/140)
يخصص أمام المسجد بالتعاون مع بعض المصلين صندوقاً لتلقي التبرعات يفرغ يومياً بحضور بعض المصلين ويتم تخصيص برنامج منظم لتوزيع هذه التبرعات على البرامج الدعوية وتوزيعها على المحتاجين.
الأهداف:
- ... استثمار التبرعات لتنظيم برامج دعوية وإرسال جزء منها مثلاً لجماعات تحفيظ القرآن وبعض المحتاجين في الحي.
116- ... إلمام الداعية ببعض العلوم المساندة
الفكرة:
أن يتعلم الداعية جملة من العلوم المساندة التي يكسب بها ثقة الجميع وخاصة كبار السن كأن يلم ببعض المعلومات عن الفلك ومنازل القمر ومواسم الأمطار وغيرها من المواضيع التي تساعده على التلاحم مع الجميع.
الأهداف:
- ... تثقيف المتلقين ببعض المعلومات واستغلال ذلك بإهدائهم بعض الهدايا الدعوية وحثهم على الاستفادة منها.
117- ... الدعوة عبر أشرطة الفيديو
الفكرة:
نشر أشرطة الفيديو الإسلامية المتوفرة في كثير من محلات التسجيلات بين الأسر التي لديها أجهزة الفيديو وإمدادهم بها بشكل متتابع والتركيز على مآسي المسلمين وجراحهم في أرجاء المعمورة.
الأهداف:
- ... بث الوعي الديني لدى هذه الأسر.
- ... استثمار تلك الأجهزة الاستغلال الأمثل بعرض الأشرطة الإسلامية.
118- ... الدعوة عبر المطويات بالمسجد
الفكرة:
يقوم إمام المسجد وبعض المصلين بإخراج مطوية، أو إعادة صياغة مطوية مطروحة في السوق وتوزع في المساجد المجاورة وعلى أهل الحي، وتذيل باسم جماعة مسجد كذا.
الأهداف:
- ... إذكاء روح التنافس وإعلاء الهمم بين أئمة المساجد.
- ... الحرص على أن تصل هذه المطويات لأيدي الناس وحثهم على الاستفادة منها
119- ... الدعوة عبر التجمعات الأسرية الشهرية
الفكرة:
الاستفادة من التجمعات الأسرية كل شهر بوضع برنامج منوع لاستثمار هذا اللقاء فيما يعود بالفائدة والنفع والمتعة على الجميع كباراً وصغاراً ويتم التركيز خلال هذه اللقاءات على الشباب ومنحهم الفرصة للتحدث والإمساك بزمام الأمور.
الأهداف:
- ... حرص جميع أفراد الأسرة على حضور مثل هذه اللقاءات.
- ... فوائد كثيرة تعود من خلال عمل جمعية تعاونية مالية باشتراك شهري أو سنوي ويسمى صندوق الأسرة يستخدم في دعم المشاريع الخيرية الخاصة بالأسرة.
120- ... الدعوة عبر الوقف الخيري
الفكرة:
غرس محبة الاهتمام الخيري لدى التجار وأصحاب رؤوس الأموال الدعوية وحثهم عليه وبيان فضله وتذكيرهم بالنصوص الشرعية الدالة على عظيم أجره.
الأهداف:
- ... استثمار نتاج الوقف واستثمار فوائده وأرباحه في دعم البرامج الدعوية المتنوعة كحلقات تحفيظ القرآن الكريم، والمساجد والمحتاجين وغير ذلك.
121- ... الدعوة عبر مدرسي المرحلة الابتدائية والمتوسطة
الفكرة:
متابعة سلوكيات الأطفال في المرحلة الابتدائية والمتوسطة حيث يعكس سلوكياتهم وضع البيت في كثير من الأحيان.
الأهداف:
حرص المدرسين على أن يجعلوا من الطفل سفيراً دعوياً بالطريقة المناسبة بينه وبين الأسرة.
==============
46 طريقة لنشر الخير في المدارس
إعداد/
إبراهيم الحمد
الحمد لله، والصلاة والسلام على خير خلق الله وآله وصحبه ومن والاه...
وبعد:
فمما لا شك فيه، ومما لا يجادل فيه عاقل أنه بتربية النشء تتقدم الأمة، وبتعليم الشباب تتحصن بل وتهاجم أعداءها. ومن المعلوم أن نظام التعليم في هذه البلاد – بفضل الله – قد أتاح الكثير من الفرص لنشر الخير داخل المنشآت التعليمية التي يقضي فيها شباب الأمة وقتاً ليس باليسير، ومن المؤسف أن البعض ينظر إلى التعليم على أنه مجرد معلومات، ناسين أو متناسين الدور الحقيقي للتربية والتعليم، وإسهاماً مني في نشر الخير، وإحياءً للدور الحقيقي للتعليم كتبت هذه الطرق التي استفدتها من خلال التجربة ومن إخواني الأفاضل.
فإلى كل من أراد إصلاح مدرسته وأداء أمانته أهدي هذا الكتاب.
بين يدي الكتاب
أخي الفاضل إليك هذه التنبيهات:
1- ... لا يمكن أن نعمل على الإصلاح ما دمنا لم نشعر ولم نعِ أهمية نشر الخير في مدارسنا وبين النشء.
نعم غيرنا يهدم والهدم أسهل من البناء، لكن قد يكون البناء صامداً لا يسهل هدمه، ثم كوننا نبني وغيرنا يهدم أقل ضرراً من أن نظل متفرجين صامتين لهدم شبابنا بل أمتنا.
2- ... سأذكر في هذا الكتاب الأنشطة الخيرية – فقط – وهذا لا يعني عدم الاهتمام بالأمور التنظيمية والترفيهية التي تساعد على نجاح الطرق الخيرية،كما أني لم أذكر واجب المعلم المنهجي في الفصل، فهناك كتب متخصصة في ذلك.
3- ... لا ينبغي أن نكون في دعوتنا وحلولنا بعيدين عن واقع الطلاب وما يواجهون.
4- ... قد تتداخل هذه الطرق فيما بينها، وقد يُستطاع فعل بعضها دون الآخر، لذا يُؤخذ منها ما يُستطاع ويناسب.
5- ... ينتبه عند تطبيق بعض البرامج إلى أخذ الإذن فيها قبل العمل بها.
6- ... أقترح تشكيل لجنة أو مجموعة في المدرسة تهتم بتنفيذ مثل هذه الأمور، وتخطط لها في بداية الفصل الدراسي التخطيط السليم المتابع.
7- ... وجود طابع التدين في المدرسة وذلك بتعاملها وكثرة برامجها – بشكل عام – يحل كثيراً من الإشكالات الطلابية ويقللها.
8- ... ينبغي على المسئولين في المدارس التعاون والتشجيع المادي والمعنوي لنشر الخير.
9- ... هذه الطرق الخيرية يقوم بها المعلمون وكذلك الطلاب أو على الأقل يتم توصيلها إلى المعلمين الأفاضل، وأقول: ما كان عندك قديماً كان عند غيرك جديداً، وأرجو ألا تعدم الفائدة من هذا الكتاب.
10- ... لا مانع من استخدام هذه الطرق في مدارس البنين وكذلك مدارس البنات حسب المناسب.(13/141)
11- ... أذكرك – أخي الفاضل – باستصحاب الإخلاص فيما تقوم به من دعوة وإصلاح.
12- ... لا بد أن نعلم أن الدعاء والقدوة الحسنة والتعامل الطيب هو بداية القبول بإذن الله.
11 طريقة لنشر الخير بين المعلمين
الطريقة الأولى:
التعاون على إبعاد أي بادرة شحناء بين المعلمين، والعمل على إيجاد روح التآلف بين المعلمين حسب الإمكان والمصلحة، ومما يعين على ذلك:
أ – لقاء أسبوعي أو شهري خارج الجو التعليمي.
ب- التحذير من النميمة والغيبة في الحال وإقناع الزملاء بالبعد عنها.
جـ - إحياء خُلُق التسامح عن الزلات، والتنازل عن بعض الرغبات في سبيل الأخوة في الله.
الطريقة الثانية:
النصح الودي بين المعلمين بالأسلوب المناسب، وذلك عند وجود أي خطأ سواء في المظهر أو الملبس أو الكلام أو غير ذلك، ووجود النصح يضفي على المدرسة طابع التدين مما يجعل كثيراً من المعلمين يعمل ويتعاون على ذلك.
وقد يتحرج البعض من النصح المباشرة، فأقترح وضع صندوق للمراسلة بين المعلمين.
الطريقة الثالثة:
الاهتمام بغرفة المعلمين، وذلك بالطرق التالية:
أ - ... وضع مكتبة مسموعة ومقروءة فيها بعض المجلات النافعة والكتيبات المناسبة.
ب- وضع فيديو تُعرض فيه الأشياء المفيدة.
ج - ... وضع لوحات إرشادية مثل: (ركن الفتوى الأسبوعية)، و (حديث الأسبوع)، و (ركن الإعلانات الخيرية).
الطريقة الرابعة:
عرض المشاريع الخيرية على المعلمين مثل (كفالة الأيتام - بناء المساجد – الاشتراك في المجلات الإسلامية – تفطير الصائمين – دعم المشاريع الخيرية بشكل عام) وغيرها.
ويفضل ما يلي:
أ - ... استضافة أحد مندوبي بعض المؤسسات ليطرح الفكرة (المشروع الخيري) على المعلمين.
ب- الاستفادة من لوحات الإعلانات في الإعلان عن بعض المشاريع.
ج- أن يعرض كل فكرة لوحدها.
الطريقة الخامسة:
الارتقاء بفكر وثقافة المعلم وتطلعاته وذلك:
أ - ... بتعريف المعلم ببعض أحوال إخوانه المسلمين في العالم الإسلامي في الأحاديث والجلسات بين المعلمين أو اللوحات الحائطية أو النشرات المدرسية.
ب- طرح دورات تعليمية وتدريبية للمعلمين داخل المدرسة أو المشاركة في الدورات المقامة خارج المدرسة.
الطريقة السادسة:
طرح مسابقة خاصة بالمعلمين تناسب مستوى المعلم.
الطريقة السابعة:
رسالة إلى المعلم، وذلك بأن يجهز للمعلم ظرف فيه بعض المطويات الخيرية وكتيب أو مجلة أو غير ذلك من الأشياء المناسبة والمفيدة للمعلم، تكون هذه الرسالة كل شهر مثلاً.
الطريقة الثامنة:
استضافة أحد المشايخ – أحياناً – عند لقاء المعلمين خارج المدرسة، وإن لم يكن لقاء خارج المدرسة فيستضاف في بعض الاجتماعات المدرسية.
الطريقة التاسعة:
إقامة بعض المحاضرات في المدرسة خاصة بالمعلمين مع استضافة معلمي المدارس الأخرى، وذلك خارج وقت الدوام الرسمي. وأتمنى أن تتبنى هذه الطريقة والتي قبلها الجهة المختصة في إدارة التعليم.
الطريقة العاشرة:
عرض فكرة الاشتراك في الشريط الخيري. حيث يوفر للمدرس المشترك شريط كل أسبوعين أو كل شهر، وذلك بعد إعطاء سعر رمزي في بداية السنة.
الطريقة الحادية عشرة:
استغلال مجلس الآباء كأن تُلقى كلمة توجيهية أو تُوزع بعض النشرات التوجيهية..
تنبيه: ينبغي أن يكون للمربين والدعاة في المدرسة وجود سواءً في الجلسات الداخلية والخارجية أو في تنظيم المدرسة أو غير ذلك بحيث يكون لهم قبول أكثر عند الآخرين..
35 طريقة لنشر الخير بين الطلاب
من المعلوم أن هناك أوقاتً مخصصة للنشاط في المدارس كحصة النشاط والريادة والجماعات، وسأذكر بعض الطرق الخيرية التي تناسب هذه الأوقات وغيرها – بشكل عام – عسى الله سبحانه وتعالى أن ينفع بها:
الطريقة الأولى:
المحاضرات التربوية:
ومن المفضل:
أ - ... أن يستضاف لها أحد المحاضرين المناسبين، وأن تكون ذات موضوع مناسب.
ب- الإعلان عنها وتحريض الطلاب على الاستفادة منها.
ج- تنبيه الطلاب بإجراء مسابقة على المحاضرة في الغد.
د - ليس باللازم أن تكون إلقاء، فبالإمكان إجراء مقابلة – مثلا – مع أحد المسئولين في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو مكاتب دعوة الجاليات، أو إحدى المؤسسات الخيرية أو مع أحد العائدين إلى الله.... الخ.
الطريقة الثانية:
كلمات ما بعد الصلاة:
ومن المفضل:
أ - ... أن يلقيها المعلمون المناسبون بالتناوب، أو أحد الطلاب، ثم يعقب أحد المعلمين عليها أو بدون تعقيب.
ب- أن تكون كلمة واحدة فقط أو كلمتين كل أسبوع لا يُطال فيها، وأن تكون العناوين مرتبة وهادفة.
ج- إما أن تكون تنبيهاً عاماً أو تكون مسلسلة مثل (قصة كل أسبوع) حيث تذكر القصة مع التعليق اليسير عليها، أو حديث (الأسبوع) بالتعليق أو بدونه، أو (كتاب الأسبوع) حيث يتم التعريف بكتاب يُحَثُّ الطلاب على اقتنائه، أو (مشكلة وحل)، أو (فتوى الأسبوع) وجميع الكلمات تحقق الهدف المرجو بإذن الله.
الطريقة الثالثة:
تطوير طريقة الإذاعة المدرسية (وخاصة وقت الطابور الصباحي)، ومن تطويرها ما يلي:
أ - ... الاستفادة من الطريقة رقم (2) فقرة (جـ).
ب- تعويد الطلاب على الإلقاء الارتجالي.
ج- إيجاد بعض البرامج المفيدة مثل (استماع إلى شريط قرآن أو محاضرة ثم تعريف به - ذكر بعض جراحات العالم الإسلامي وتبصير الطلاب بواقعهم – مقابلة مع أحد المسلمين الجدد – مقابلة مع أحد الدعاة المسلمين من بعض الدول النائية) وغيرها.
الطريقة الرابعة:
حلقة القرآن الصباحية:(13/142)
وتكون في وقت الطابور بحيث من يرغب المشاركة فيها يُعفى من حضور الطابور، ومدتها تقريباً 20 دقيقة يحفظ فيها الطلاب كل يوم بعض الآيات من كتاب الله، مع وجود سجل للحضور والغياب والحفظ.
الطريقة الخامسة:
حلقة القرآن المسائية:
فينشأ حلقة في المساء داخل المدرسة مع وضع الحوافز المشجعة لها، بإشراف أحد المعلمين أو غيره يعطى مكافأة من ميزانية المدرسة، فإن لم يتم إنشاء الحلقة داخل المدرسة فينشأ حلقة في الحي القريب من المدرسة في أحد المساجد.
الطريقة السادسة:
النشرات الخيرية :
بحيث يتم توزيع النشرات الخيرية على الطلاب وهي على قسمين:
أ - ... نشرات توجيهية مرتبة ومسلسلة يعدُّها المعلم – وقد تكون جاهزة – يعالج فيها بعض الأخطاء أو يُذكِّر بموضوع مُهمٍّ (كالصلاة – بر الوالدين – حفظ اللسان – صلاة الوتر – حكم الإسبال ..... إلخ). وتكون عليها أسئلة مدرجة كمسابقة مدرجة في آخرها يكون عليها جوائز.
ب- نشرات توجيهية أوقات المواسم (رمضان – عاشوراء – عشر ذي الحجة... إلخ) وهي - ولله الحمد – متوفرة.
الطريقة السابعة:
إعداد المسابقات:
أ - ... مسابقة القرآن الكريم.
ب- مسابقة حفظ الأحاديث.
ج- مسابقة حفظ الأذكار.
د - ... مسابقة على نشرة أو كتيب بعد توزيعه.
ذ - ... مسابقة عامة (منوعة أو بحوث).
ر - ... مسابقة الأسرة (يجيب عنها الطالب مع مشاركة أفراد أسرته) وتكون إما عامة أو على شكل كتيب موزع مثلاً.
ز - ... مسابقة الإلقاء.
الطريقة الثامنة:
الجمعيات المدرسية: التي تحوي نخبة من الطلاب جديرة بالاعتناء أكثر، ومن برامجها:
أ - ... البرامج المنوعة داخل الفسح (لقاء – مشاهدة جهاز ((الفيديو)) – مسابقة – شريط... إلخ).
ب- إعداد بعض الأعمال الخيرية في المدرسة (الإعلانات – توزيع الأشياء الخيرية – وضع اللافتات الخيرية... إلخ).
ج - الزيارات والرحلات الممتعة المفيدة، واكتشاف وتنمية مواهب الطلاب.
وينبغي :
أ - ... الإعلان عنها بصورة قوية.
ب- حث المعلمين والطلاب على المشاركة فيها، وعند كثرة عدد الطلاب المناسبين يفتح أكثر من جماعة أو أكثر من غرفة باسم جماعة واحدة.
الطريقة التاسعة:
إقامة الرحلات والزيارات لطلاب المدرسة بشكل عام، مثل: زيارة العلماء – زيارة معارض الكتاب – زيارة معرض أضرار التدخين والمخدرات..... إلخ).
الطريقة العاشرة:
الاهتمام بالطلاب الكبار في المدرسة وإعطاؤهم قدراً أكبر من التقدير والعناية مع وجود الجلسات الخاصة بهم، ومحاولة جعلهم قدوات في المدرسة.
الطريقة الحادية عشرة:
إنشاء (غرفة انتظار) التي تستخدم عند غياب المعلم.
حيث تُهيأ غرفة فيها (جهاز فيديو – مجلات مفيدة – مسجل مع بعض الأشرطة – كتيبات).
الطريقة الثانية عشرة:
إعداد حقائب الانتظار (الحقائب الدعوية):
وهي عبارة عن حقيبة داخلها مثلاً: (مجلات مفيدة – كتيبات قصصية وغيرها – مسجل وأشرطة – مسابقات) يستخدمها من هو مكلف بحصة الانتظار، ومن المستحسن أن يكون لكل مستوى دراسي حقيبة خاصة قد تختلف عن المستوى الذي بعده، وهي مجربة ومفيدة جداً.
الطريقة الثالثة عشر:
وجود مكتبة صغيرة في كل فصل للاستعارة، يكون المسئول عنها رائد الفصل أو غيره وإن لم يتيسر في كل فصل فيوجد غرفة في المدرسة (كالإذاعة 9 تقوم بهذا الأمر، ولكن المهم أن يكون لها تنظيم، ويشجع الطلاب على الاستفادة منها.
الطريقة الرابعة عشر:
تعليق أذكار الصباح في كل فصل على لوحه جيدة، حيث يسهل على الطلاب ذكرها، أو تغليف كارت الأذكار وإعطاؤه للطلاب وحثهم عليه.
الطريقة الخامسة عشر:
وضع لوحة في كل فصل ويكون فيها نصائح أو توجيهات أو إعلانات أو فتاوى أو غيرها يتولاها مجموعة من المعلمين أو الطلاب أو إحدى الجمعيات المدرسية.
الطريقة السادسة عشر:
إقامة بعض المعارض المفيدة في المدرسة مثل: (معرض للكتاب – معرض للشريط الإسلامي – معرض جراحات العالم الإسلامي – معرض أضرار المخدرات والتدخين)
الطريقة السابعة عشر:
مشاركة الطلاب في بعض الأعمال الخيرية في المدرسة وفي الأحياء (كالاشتراك في المجلات الخيرية مع قسيمة الاشتراك – التبرعات – توزيع بعض النشرات في المساجد وعند المناسبات العائلية – الاهتمام بهداية الخدم والسائقين.... إلخ) ومن المناسب أن يقوم أحد المعلمين بتوفير هذه الأمور ليسهل على الطالب ذلك.
الطريقة الثامنة عشر:
النصح الفردي: ويقصد بذلك محاولة انتشار النصح بين المعلم والطالب، وكذلك بين الطلاب مع بعضهم كإهداء شريط أو كتيب أو كلمة توجيهية، وينبغي ألا يكون ذلك منقطعاً، وقليل دائم خير من كثير منقطع.
الطريقة التاسعة عشر:
وضع شاشة أو شاشات تُعرض فيها الأشياء المفيدة في فناء المدرسة أو في بعض الغرف، وتستخدم إما في الفسح أو حصة النشاط.
الطريقة العشرون:
الدورات التعليمية: حيث تقام في المدرسة بعض الدورات المفيدة مثل: (دورة في التجويد – دورة في الحاسب الآلي – دورة في الفقة – دورة في الإنجليزي – دورة في علوم القرآن – دورة غي الخطابة والإلقاء – دورة تربوية – دورة في إحدى القضايا التي يحتاجها الطالب... إلخ)، وأقترح أن تكون داخل وقت الدوام الرسمي (في الفسح أو في حصة النشاط) ويعطى القائم عليها مكافأة من ميزانية المدرسة، وأتمنى أن يتبنى ذلك المعلمون والجهات المختصة في إدارة التعليم.
الطريقة الحادية والعشرون:
تهيئة الجو لأداء بعض السنن في المدرسة كصلاة الضحى والسنة الراتبة للظهر، وذلك بعد حث الطلاب على ذلك.
الطريقة الثانية والعشرون:
توجيه الطلاب على كيفية الاستفادة من أوقاتهم وخاصة في العطل الصيفية وغيرها، ومن ذلك:(13/143)
أ - ... إقامة المراكز والبرامج الصيفية في المدرسة وحث الطلاب على المشاركة فيها.
ب- تحديد يوم يلتقي فيه بعض المعلمين والطلاب لممارسة بعض الأنشطة التربوية والترفيهية وخاصة القصيرة.
ج - طرح مسابقة في أوقات العطل.
الطريقة الثالثة والعشرون:
الاهتمام بهداية عمال المدرسة ومتابعتهم، وكذلك إعداد بعض الهدايا المفيدة للضيوف من أولياء الأمور وغيرهم.
الطريقة الرابعة والعشرون:
رسائل لأولياء الأمور: وذلك بأن يوضع ظرف فيه رسالة ونحوها تذكر ولي الأمر بأمور مهمة ينبغي التنبه لها مثل: (الصلاة – الأطباق الفضائية – أهمية الصحبة الطيبة – أهمية حلقات التحفيظ – حفظ اللسان.... إلخ) مما يساعد في تربية الطالب تعاوناً بين المنزل والمدرسة، وقد تكون هذه الرسائل لجميع أولياء الأمور أو بعضهم.
الطريقة الخامسة والعشرون:
الرسائل الأسرية: وهي ظرف موجه إلى أسرة الطالب بشكل عام باسم المدرسة، فيه أشياء خيرية تناسب المستوى الأسري، أو فيها حث على التبرع لمشروع خيري أو غير ذلك.
الطريقة السادسة والعشرون:
وضع استبانة حول قضية من القضايا كسماع الغناء – مثلاً – وإخراج النسبة المئوية ثم ذكر الحلول لها في نشرة المدرسة أو نشرة خاصة أو في كلمة تلقى في المدرسة.
الطريقة السابعة والعشرون:
تشكيل لجنة ((متابعة السلوك)): (وذلك بالتعاون مع المرشد الطلابي) وأقترح أن:
أ - ... تقوم بمتابعة سلوكيات الطلاب وحلها جماعياً أو فردياً.
ب- إعداد رسائل خاصة لعلاج بعض الأخطاء مثل: (رسالة لمن يحب سماع الأغاني والفنانين)، (رسالة لمن يكثر من الحلف الكاذب)، (رسالة لمن هو مبتلى بالتدخين وما شابهه)، (رسالة لمن هو مغرم بمتابعة الأطباق الفضائية)، (رسالة لمن لا يهتم بالصلاة)، يُوضع معها ما يعالج هذه الأخطاء من (أشرطة وكتيبات) مع عدم الاكتفاء بأسلوب الرسائل في التوجيه.
الطريقة الثامنة والعشرون:
إخراج عمل خيري تستفيد منه بقية المدارس – عن طريق إدارة التعليم – (كإخراج مطوية – كتاب مسابقات – شريط – مسابقة في الحفظ – مسابقة بحوث) وتكون باسم المدرسة.
الطريقة التاسعة والعشرون:
استغلال المقررات الدراسية والواجبات والمشاركة في التوجيه والإصلاح.
الطريقة الثلاثون:
صحيفة أحاديث الفضائل: حيث تكتب أحاديث في فضائل منوعة في عدة لوحات على عدد الفصول، وكل أسبوع يغيَّر مكانها من فصل إلى آخر، ويكون مكان تعليقها في الفصل مناسباً.
الطريقة الحادية والثلاثون:
كروت الفوائد: وهي أن يعد المعلم كروت صغيرة في كل كارت فائدة أو حديث توزع في بداية الحصة فقط أو في حصة الانتظار، ثم ت}خذ من الطلاب، وبإمكانه استخدامها في باقي الفصول.
الطريقة الثانية والثلاثون:
طرح فكرة استبدال الأشرطة الضارة بأشرطة مفيدة وذلك بالتعاون مع إحدى التسجيلات ولو بسعر رمزي.
الطريقة الثالثة والثلاثون:
إيجاد سلة لباقي المأكولات وأخرى للأوراق المحترمة بدلاً من رميها.
الطريقة الرابعة والثلاثون:
العناية بالطلاب الموهوبين ومتابعة عطائهم وتربيتهم فردياً.
الطريقة الخامسة والثلاثون:
استغلال مصلى المدرسة – وخاصة أوقات الفسح – في البرامج المفيدة.
وفي الختام
هذا الكتاب مشاركة يسيرة، وأتمنى من المدارس والمدرسين والطلاب التعاون فيما بينهم لنشر الخير والدعوة إليه، كما أتمنى من إدارة التعليم المزيد من تبني بعض الطرق الخيرية في المدارس كما أنبه على أن طرق الخير غير محصورة في هذه الطرق وغير قاصرة على المدارس فقط.
وأسأل الله تعالى أن ينفعني وإياكم بما نقول ونعمل، ونستغفر الله من الخطأ والزلل، وصلى الله على نبينا محمد وسلم تسليماً كثيراً.
قال صلى الله عليه وسلم ((كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته)).
==============
لماذا لم ينتحر ؟؟؟
حدثني أحد الدعاة إلى الله أن مجموعة من الدعاة كانوا يتجولون في البلاد للدعوة إلى الله فذهبوا إلى أحد المنازل وطرقوا الباب وخرج شاب في مقتبل شبابه، ولكن علامات الانحراف والضلال ظاهرةً علية، من اللباس الغربي العجيب و قصات الشعر الغربية، وقد تفاجأ لما رآنا، ولكنه أبى إلا أن ندخل عنده فدخلنا عليه بقلوب تحمل الخير و الهداية، وبدأنا في الحديث معه، والابتسامة تعلو على مُحيانا وبدأ أحدنا يتكلم عن عظمة الله - تعالى -، وعظمة مخلوقاته، وسعة رحمته وإحسانه فيا سبحان الله
نظرتُ إلى الشاب وبدأت دموعه تتحدر من عينيه، وكأن قلبه قد رق وخشع لعظمة الله - تعالى - وقال الشاب ودموعه تسبق حروفه، وعبراته تسبق عبارته "أريد الذهاب معكم، أريد الله، أريد الهداية..."
فذهب معهم بعد ما اغتسل وغيَّر ملابسه... ودخلوا المسجد جميعاً.... وبدأت المناجاة بين ذالك الشاب و بين الرب الكريم الوهاب..
وبدأ يصلي.. وذاق من اللذة والسرور مالم يجده في الشهوات والملهيات.. ولما فرغوا من تلك الرحلة الإيمانية.....
عادوا إلى البيت... قال الشاب: أريد أن أريكم أمراً مهماً....
فدخل إلى غرفةٍ داخل البيت... فماذا رأو؟؟؟
رأو حبلاً معلقاً بالأعلى، وفي الوسط طاولة.... بالقرب من الحبل...
وقال لهم: لقد كنت عازماً على الانتحار... ووضعت الحبل في رقبتي... ثم سمعت صوت جرس
الباب... فقلت لنفسي: سأنظر من في الباب ثم انتحر...
ثم فتحتُ الباب. ولكن فُتحت لي الجنان ولله الحمد.
ثم قالو له: وهل تريد الانتحار الآن ؟
قال: كيف... وبعد أن تذوقت حلاوة الإيمان.... لا... لا...
قلت: انظر إلى فائدة زيارة الغافلين ونصيحتهم وتذكيرهم بالله تعالى لقد أنقذوا ذلك الشاب من النار
وهذه هي الدعوة
إنقاذ للغارقين في بحار الذنوب فأبشروا يا معاشر الدعاة(13/144)
http://www.awrak.com المصدر:
==============
برنامج عملي لدعوة الأقارب
د. يحيى بن إبراهيم اليحيى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أولا: أهداف البرنامج:
1- امتثال أمر الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - بصلة الرحم حيث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرنها بعبادة الله - تعالى -دلالة على عظم شأنها كما في حديث عمرو بن عبسة لما سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأي شئ أرسلك الله قال: " بكسر الأوثان وصلة الأرحام وأن يوحد الله لا يشرك به شئ" رواه مسلم ورواه أحمد.
2- طلب القرب والإحسان والإفضال من الله- تبارك وتعالى -كما في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم، عن أبي هريرة رضي الله - تعالى -عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة قال: نعم! أما ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى، قال: فذلك لك...)) الحديث.
3- طمعاً في دخول الجنة، كما في الحديث الذي رواه ابن ماجة والترمذي والدارمي، عن عبد الله بن سلام قال: لما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة انجفل الناس قِبَلَهُ، وقيل: قد قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قد قدم رسول الله، قد قدم رسول الله - ثلاثاً -، فجئت في الناس لأنظر، فلما تبينت وجهه، عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب، فكان أول شيء سمعته تكلم به أن قال: ((يا أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلّوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام)).
4- كسب الرزق والبركة في الذرية والذكر الحسن، كما في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم، عن أنس بن مالك رضي الله - تعالى -عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((من سره أن يبسط له في رزقه و ينسأ له في أثره فليصل رحمه)).
5- دفع العقوبة المترتبة على قطيعة الرحم، كما في قوله - تعالى -: [فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ] وكما في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم، عن محمد بن جبير بن مطعم قال: إن جبير بن مطعم أخبره أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((لا يدخل الجنة قاطع رحم))، وكذلك الحديث الذي رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجة وأحمد، عن أبي بكرة رضي الله - تعالى -عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم)).
نسأل الله أن يجعلنا من الواصلين لأرحامنا وأن يرزقنا العون والسداد والصبر والتوفيق إنه جواد كريم.
ثانياً: القائم على البرنامج:
مع التوفيق والتسديد وحسن النية يستطيع أن ينفذ هذا البرنامج شخص واحد ولكن الأفضل والأكمل أن يقوم به مجموعة من العائلة، بالتعاون فيما بينهم في ذلك حسب القدرة والاستطاعة والضوابط الشرعية.
عن طريق تحديد لقاءات خاصة بالقائمين على البرنامج كل أسبوعين أو شهر مثلاً، يزنون أعمالهم فيها بالقسط، ويقيسون تأثيرها على أقاربهم بالعدل.
آداب وضوابط ينبغي للقائمين على البرنامج مراعاتها:
1- أن تستصحب الإخلاص لله - تعالى -في كل عمل تقوم به، وأن تلزم الالتجاء إلى الله - سبحانه - ودعائه بأن يوفقك وأن يفتح على يديك، وأن تنطلق مع محبوبات الله أنى استقلت ركائبها، مع الاجتهاد في دفع كل ما يعارض هذا الأصل العظيم الذي هو أنفع الأصول وأصلحها للقلب وأعظمها فوائد ونتائج، ومع اجتهادك فيه تلجأ إلى الله - تعالى -في إعانتك عليه وتيسيره لك.
2- التدثر بالصفح والعفو والمسامحة لكل من أخطأ عليك، ومقابلة ذلك بالإحسان. قال - تعالى -: [ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم].
3- أن تستشعر دائماً أن أقاربك وأرحامك أولى الناس بك، وأحقهم بعطفك وخيرك [وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللهِ... ] الآية. روى الإمام أحمد والنسائي وابن ماجة والدارمي عَنْ سَلْمَانَ بْنِ عَامِرٍ الضَّبِّيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ((الصَّدَقَةُ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ وَهِيَ عَلَى ذِي الْقَرَابَةِ اثْنَتَانِ صِلَةٌ وَصَدَقَةٌ)).
4- أن تدرك أن صلة الرحم من أخص صفات المؤمنين بل إنها من أبرز صفات سيد المرسلين كما قالت خديجة - رضي الله عنها - لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - مطمئنة له ومهدية من روعه: " كلا لا يخزيك الله أبدا إنك لتصل الرحم.. " رواه البخاري ومسلم. وروى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ ((مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ)).
5- أن تكون قدوة حسنة في جميع أعمالك وتصرفاتك وأخلاقياتك مع جميع أقاربك بل ومع غيرهم، مع البعد التام عن الانتصار للنفس؛ وأن لا يكون في سلوكك ثغرات تفقدك ثقتهم. وانظر إلى سيد الرسل صلوات الله وسلامه عليه لم ينتقم لنفسه قط.(13/145)
6- أن يروا منك الإيجابية في التعاون معهم، ومسارعتك في قضاء حوائجهم والوقوف في صفهم في الحق، وبذل جاهك وشفاعتك لهم، ومحاولة إيجاد البدائل فيما لم توافقهم عليه من أعمال أو تصرفات.
7- العفو والتجاوز عن حقوقك الذاتية تجاههم؛ بل تحاول أن تتناسها تماماً. ومن ذلك المكافأة في الصلة فالواصل ليس بالمكافئ. روى البخاري عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ وَلَكِنِ الْوَاصِلُ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا.
وروى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلاً قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إِلَيَّ وَأَحْلُمُ عَنْهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ فَقَالَ ((لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمُ الْمَلَّ وَلا يَزَالُ مَعَكَ مِنَ اللَّهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِك)).
8- طول النفس، وسعة البال معهم، فالطريق طويل، والصبر جميل، وتدرع بالفأل الحسن، وافتح لنفسك باب الأمل فقد لبث نوح - عليه السلام - ألف سنة إلا خمسين عاما وهو يدعو قومه. وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إني أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله).
9- إبعاد عنصر اليأس من صلاحهم، فإنه متى تطرق إليك الشك من صلاحهم فقد حكمت على نفسك بالفشل في بداية الطريق.
10- عدم تعليق الفشل وعدم النجاح عليهم فإنك متى عمدت إلى هذا فقدت عنصر التقويم والتعديل والتطوير لنفسك، ولم تحاول أن تراجع خطواتك وطريقتك في التعامل معهم، فهذا نبي الله نوح - عليه السلام -، قام باستخدام جميع الوسائل في نصح قومه، ولم يقتصر على أسلوب بعينه، ويعلن انحراف قومه وفشلهم، بل قال لربه - جل وعلا -: [رب إني دعوت قومي ليلا ونهارا فلم يزدهم دعائي إلا فرارا وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا ثم إني دعوتهم جهارا ثم إني أعلنت لهم وأسررت لهم إسرارا فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعلكم جنات ويجعلكم أنهارا مالكم لا ترجون لله وقارا وقد خلقكم أطوارا].
11- أهمية جعل أهداف للبرنامج يمكن مراقبتها وقياسها حتى تعلم مدى نجاحك فيها أو تقصيرك، و أسباب الضعف والخلل.
12- الاستعانة بالله - جل وعلا - على تربيتهم مع لزوم الدعاء لهم في ظهر الغيب في كل حال وفي أوقات الإجابة والأزمنة والبقاع الفاضلة.
13- الاهتمام البالغ - وقبل كل شيء - بكسب محبتهم في جميع الطرق التي ترضي الله - عز وجل -.
14- التزام الأسلوب الحسن والكلام الطيب، والابتسامة، والبشاشة عند لقياهم والدعاء لهم. فالكلمة الطيبة صدقة، وتبسمك في وجهه صدقة، وطلاقة الوجه صدقة.
15- زياراتهم، والسؤال عن حالهم، والاتصال الهاتفي بهم، ومن الأشياء المعينة على ذلك تخصيص يوم معين لمهاتفتهم؛ مثلاً: يوم الجمعة.
16- صحبتهم في بعض الرحلات، للعمرة، أو الحج، أو النزهة، مع تحمل مالا يلائمك من عادات وصفات؛ فهم أولى بذلك من غيرهم.
17- مشاركتهم في أفراحهم، وأتراحهم، ومنا سباتهم، والمباحات من أعمالهم دون زيادة تسقط الهيبة، وتضعف الشخصية.
18- ملاطفة الأطفال وملاعبتهم؛ وهذا خلق نبوي رفيع، وهو أدعى وأيسر طريق في كسب محبة أهلهم.
19- الاحتساب في ذلك كله، والإخلاص فيه لله - تعالى -، دون انتظار الشكر والثناء من أحد منهم، بل إن من الإعداد النفسي كما قال ابن حزم: أن تنظر مقابلة إحسانك عليهم، إساءتهم وتعديهم وظلمهم لك، فإنك في ذلك تحقق هدفين: أن يكون عطاؤك وصلتك لله - تعالى -، أن لا تصاب بالإحباط والقلق عند عدم المكافئة بالحسنى.
20- الاهتمام بالمناسبات التي يحث عليها ديننا الإسلامي وإحيائها مثل: الأعياد، العقيقة، والزواج، الختان، وهكذا.
ثالثا: وسائل تنفيذ البرنامج:
أ - اللقاءات والاجتماعات العامة:
1- تحديد لقاءات العائلة بعد مشاورتهم، مثلاً كل أسبوعين، لمن هم في حي واحد، وكل شهر لمن هم في مدينة واحدة، ولقاء سنوي لمن هم متفرقين في المدن الأخرى.
2- محاربة الإسراف وإزالة الكلفة عند أي اجتماع، وذلك بأن يبدأ القائمون بالبرنامج بالدعوة وإظهار البساطة في الضيافة، حتى يكونوا قدوة لهم، مع بيان أن أولى من ينبغي زوال الكلفة فيما بينهم هم الأرحام والأقارب، فإنه متى تكلف أحدهم بطعام فهذا بداية فشل الاجتماعات.
3- بث روح التعارف فيما بينهم وإشعارهم بأهميته في تحقيق التواصل والتكافؤ بين الأرحام، والسؤال والتقصي عن أحوالهم العامة دون الدخول في خصوصياتهم أو ما يحرجهم.
4- التذكير بأهمية صلة الرحم، وفضلها، في جميع اللقاءات، مع ضرب الأمثلة وسياق القصص من السلف وأهل الصلاح في حرصهم واهتمامهم بأرحامهم.
5- توقير كبار العائلة، واحترامهم، وفتح المجال لهم للحديث والمشاركة للاستفادة من قصصهم وتجاربهم وخبراتهم في الحياة.
6- إدخال القصص الطيبة، والطرف المباحة، والمزاح الخفيف في اللقاءات العائلية.
7- تجهيز مسابقات سهلة وقصيرة، وطرحها خلال اللقاءات، مع جوائز فورية لأصحاب الإجابات الصحيحة، والحرص على مشاركة الأطفال في ذلك.
8- محاولة استخلاص موافقتهم ومشاركتهم في الأعمال الخيرية، ولو بمبالغ زهيدة بشكل مستمر - لاحتمال الفتور - وتكون بمثابة جسور الاتصال، مع تجنب الإحراج لأحد منهم أو الإلحاح عليهم، بل متى رأيت ملامح عدم الموافقة بادية على وجوههم فاسحب الموضوع تماما.(13/146)
ب - عمل دليل هاتفي للعائلة:
وذلك عن طريق الاستبانة التي تبين: الاسم الكامل، والعمل، وعنوان السكن، وأرقام الهواتف، وصندوق البريد. ثم طباعته بثوب قشيب، مع تحري كتابات قيمة على الغلاف تحث على صلة الرحم وفضله، ومنزلة التغاضي عن الزلات، وبيان أن الواصل ليس بالمكافئ.
ج - مجلة العائلة:
تحرير صفحتين أو أكثر تحمل اسم مجلة أو رسالة أو أخبار عائلة (فلان) وينبغي أن تكون شهرية، أو دورية، أو سنوية حسب الاستطاعة وتشتمل مثلاً على الأعمدة التالية:
أهمية صلة الرحم، ترجمة عن علم من أعلامها إن وجد، لقاء مع أحد رجالاتها، مشاركة أقلام الأسرة، صفحة المرأة، صفحة الطفل، أخبار الأسرة: من مولود أو نجاح أو تبوء وظيفة، أو صحة، أو مرض، ثم الخاتمة وتذكر فيها بعض التوصيات.
د - الهدايا:
من أسباب تقوية الأواصر وزوال الإحن ودوام المحبة تبادل الهدايا حتى ولو كانت رمزية بين أفراد العائة، وسأذكر هنا بعض الهدايا النافعة التي تعم الأسرة، وأما القضايا العينية فكل أعلم بما يصلح لصاحبه.
1- الاشتراك لهم في مجلة إسلامية تهتم بقضايا الأسرة مثل: مجلة الأسرة (التي تصدر عن مؤسسة الوقف الإسلامي في هولندا) أو مجلة الشقائق.
2- الاشتراك لهم في مجلة تهتم بالأطفال مثل: مجلة سنان للأطفال.
3- بعض الكتيبات النافعة، والأشرطة المفيدة، للعامة، وللنساء، وللشباب، وللأطفال.
4- تقاويم وجداول دراسية مع كتابة عبارات توجيهية عليها.
وينبغي اختيار الأوقات المناسبة لذلك، مع استغلال المواسم كرمضان، والحج، والإجازات فيما يناسبها، والاستفادة من صناديق البريد في التوزيع إذا لم يتيسر اللقاء.
هـ - المسابقات الثقافية:
1- مسابقة للجميع أو خاصة بالشباب أو النساء أو الأطفال. وتكون المسابقة: إما عامة أو في مجلة من المجلات أو أن تكون محددة على كتاب مثل:
كتاب قطيعة الرحم - محمد إبراهيم الحمد، محرمات استهان بها كثير من الناس المنجد، عقوق الوالدين - محمد إبراهيم الحمد، أربعون نصيحة لإصلاح البيوت - المنجد، عثرات الطريق - عبد الملك القاسم، منهج عملي في تربية الأسرة.
أو تكون على شريط مثل:
دعوة للتأمل - علي القرني، وصية نبوية - الشنقيطي، المحرومون - إبراهيم الدويش، الشباب ألم وأمل إبراهيم الدويش.
2- يمكن أن تكون المسابقات شهرية أو دورية مع استغلال موسم رمضان والحج.
3- الأفضل أن تكون الإجابة على نفس الورقة وأن تذكر الجوائز على ورقة الأسئلة لتكون دافعا لحل المسابقة.
4- جمع إجابات المسابقة خلال اللقاء التالي أو عن طريق صندوق بريد المسؤول عن ذلك.
5- تعلن أسماء الفائزين في مجلة العائلة.
و - السعي في حل مشكلاتهم:
مما يؤكد الصلة ويديم المودة ويوطد العلاقة الدخول مع الأقارب في حل مشكلاتهم الخاصة والعامة ومن ذلك:
1- الاهتمام بإصلاح ذات البين عند وجود أي خلافات والاستعانة في ذلك بأهل العلم والدين والحكمة والرأي من رجال العائلة، ويفضل تكوين لجنة في العائلة تهتم بالإصلاح.
2- التحري عن ديونهم ومحاولة تسديدها عن طريق أهل الخير، والأفضل من ذلك إرشادهم إلى طريقة مثلى للتسديد من دخلهم ومساعدتهم على جدولة ديونهم ووضع برنامج في التسديد، حتى لا يتحولوا إلى عالة، أو يشعرون بالدونية عند أقاربهم.
3- التعاون مع شباب العائلة والسعي في حل مشكلاتهم، ومعرفة نقاط الضعف ومعالجتها، والتعرف على نقاط القوة ودعمها وتوظيفها في مجال الإصلاح.
4ـ محاولة القضاء على تمديد سن الطفولة لدى الشباب والفتيات، والسعي في زواجهم في مقتبل أعمارهم، وإشعار العائلة بأن الشاب يبلغ مبالغ الرجال في الخامسة عشر من عمره فكيف يؤخر زواجه إلى ما بعد العشرين بحجة أنه صغير!
5- الاهتمام بالأيتام والأرامل والوقوف معهم في جميع أحوالهم، وإضفاء المحبة والود عليهم، بمشاركتهم في جميع المناسبات، والقيام بمتابعة الأيتام بالتربية والتأديب.
6- الاهتمام بالمطلقات والأرامل والعوانس في السعي لهن بالزواج من الأكفاء الصالحين.
7- السعي في إيجاد وظيفة أو عملاً مناسباً لمن لا وظيفة له. مع السعي معه في اكتساب مهارات إدارية وفنية تؤهله لذلك.
8- مساعدة الطلاب المتأخرين في دراستهم، بإيجاد من يقف معهم في المذاكرة.
ز ـ التوجيه والتذكير والمواعظ والدروس المختصرة وفق الضوابط التالية:
1- الحذر من التشهير بذكر المنكرات التي قد تقع من بعضهم.
2- اختيار الفرص المناسبة للتذكير، وليس في كل حال تفتح لك القلوب وتصغي لك الآذان، وتذكر قول الحكيم: حدث الناس ما مالوا إليك بأسماعهم ورقبوك بأبصارهم فإن رأيت منهم فتورا فأمسك.
3- التمكن من أطراف المسألة التي تريد الحديث عنها، لأن التردد أو الشك يغير من قناعتهم فيك.
4- استصحاب الأدلة الشرعية والعقلية أثناء المناقشة لأي موضوع والحذر من الكلام بغير علم.
5- أسند الأقوال والفتاوى إلى أهل العلم مع الاهتمام بذلك حتى لا يتصور أحد أن هذا قولك واختيارك في هذه المسألة.
6ـ ضرب الأمثلة والقصص، وذكر الشواهد المقنعة والواقعية، وتجنب الإيغال في المثاليات والنوادر.
7- لا تدخل في الحوارات الاحتمالية، والتي تختلف فيها وجهات النظر وقابلة للأخذ والرد ويتسع فيها الخلاف.
8- فتح المجال للحوارات الفردية وتحمل المخالف أيا كانت مخالفته مع الإنصات له وعدم مقاطعته حتى ينتهي حديثه، وتذكر فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع عتبة بن ربيعة وهو يكيل له التهم والنبي - صلى الله عليه وسلم - مصغي إليه بل إنه ليلقبه ويتلطفه ويفتح له المجال إن كان عنده مزيد، اسمع إليه يقول: ((أفرغت يا أبا الوليد)).(13/147)
9- استصحاب الموقف المتعقل من أساليب الاستفزاز التي قد تطرح من بعض السفهاء.
10- حاول عدم احتدام المناقشة في أي قضية، بل حاول إنهاء الحديث بأدب، ولا تحسم القضية لإمكان عودة الحديث إليها فيما بعد وتبقى الجسور عامرة.
11- محاولة إدخال عناصر موجهة جذابة من خارج العائلة لكسر الألفة، إذا لم يتسبب في فتح الباب لإدخال آخرين غير مرغوب فيهم في محيط العائلة، كما يقال: (أزهد الناس بالعالم أهله).
رابعاً: مشاكل وحلول:
تختلف الأسر وتتباين في نوعية المشاكل وحجمها، ومدى انتشارها بينهم، وهل هي ظاهرة أم مشكلة فردية، وينبغي للقائمين على البرنامج ملاحظة ذلك، وعدم معالجة المشاكل الفردية على أنها ظاهرة في الأسرة لأن في ذلك نشر لها، وتساهل من قبل صاحبها إذا علم كثرة من يشاركونه في هذا الخطأ، بل من الأولى بحث الظاهرة وطرحها على أنها قضية عينية ضيقة النطاق وأنها قد توجد في الأسرة، ففي هذا تعظيم لها عند مرتكبها واستحياؤه منها.
وهذه عرض لبعض المشاكل مع بعض المقترحات في علاجها:
الأولى: مشكلة الاختلاط بين الأقارب عند بعض الأسر:
من سبل العلاج ما يلي:
1- بيان أن الحياء هو أجمل أخلاق المرأة، وهو السبب في إيجاد النفسية الهادئة لديها.
2- ذكر الأدلة من الكتاب والسنة على تحريم المصافحة والاختلاط مع غير المحارم.
3- إيراد قصص من الواقع تسبب فيها الاختلاط في وقوع جرائم خلقية، وقتل، واعتداءات، وقطيعة، وفضيحة في الجهات الرسمية. مع التأكد التام من صحتها حتى لا تكن مدخل لمرضى القلوب فينطلق في نفيها وإساقطك من خلالها وأنت لا تشعر.
4ـ بيان أن الحب والهيبة والتقدير والاحترام تبقى ما بقي التستر والحشمة.
5 ـ إقناع كبار الأسرة بمغبة الاختلاط وآثاره السيئة ومحاولة كسبهم في الوقوف في وجه مروجيه والداعين إليه والمتساهلين فيه دون الدخول في التحريش، بل تلبس لباس الشفقة واللطف والرحمة.
6 ـ بعث الغيرة لدى شباب وفتيات الأسرة، لتبني الحشمة ومعارضة المصافحة والاختلاط مع غير المحارم.
الثانية: مشكلة وسائل الإعلام الهدّامة مثل: الدش وغيره:
من سبل العلاج ما يلي:
1- بعث روح الاعتزاز بديننا وثقافتنا وحضارتنا الإسلامية.
2- بيان إفلاس الحضارة الغربية ومقاصدها في تصدير زبالاتها وفتنها ومصادمتها للفطرة البشرية.
3- بيان أخطار القنوات من النواحي الأمنية والدينية والثقافية.
5- إيجاد البدائل المناسبة مثل برامج الكمبيوتر وبيان آثارها التعليمية.
6- عمل استبانه وتوزيعها على أفراد الأسرة لاستخلاص أضرارها على الأخلاق وغيرها واستخلاص النتائج بالأرقام.
الثالثة: مشكلة انحراف بعض الشباب:
من سبل العلاج ما يلي:
1- محاولة عقد اجتماع مع المستقيمين من أبناء وشباب العائلة لتدارس أنواع الانحرافات وأسبابها وسبل إصلاحها.
2- محاولة عقد اجتماعات دورية لشباب الأسرة وتكون في بدايتها يغلب عليها جانب الترفيه والألعاب المباحة إن كانت الأكثرية الساحقة من غير المستقيمين.
3ـ تقوية إيمانهم بالله - عز وجل -، وغرس الخوف والرجاء والحب والتعظيم له في نفوسهم، من خلال التفكر في مخلوقات الله وفي أنفسهم، ويحسن مشاهدة شريط عن الكون أو خلق الإنسان مما يبين ضعف هذا المخلوق وقدرة الخالق وعظمته - سبحانه -.
4ـ ربطهم باليوم الآخر وتذكيرهم بأشراط الساعة وأهوال يوم القيامة.
5- بعث روح الغيرة والعزة لديهم وذلك من خلال مشاهدة شريط عن مجازر المسلمين على أيدي أعدائهم من النصارى واليهود.
6- تذكيرهم ببطولات أهل الإسلام وانتصاراتهم على أعداءهم.
7- بيان خوف أساطين الكفار من شباب الإسلام الملتزمين بدينهم.
8- إحياء عقيدة الولاء والبراء في نفوسهم.
الرابعة: مشكلة السفر للخارج:
من سبل العلاج ما يلي:
1- بيان أخطاره الأمنية والصحية على أفراد العائلة...
2- توضيح الآثار السيئة على الأخلاق والعقائد من إطفاء جذوة عقيدة البراء من الكفار.
3- ذكر آثار الإسراف الشرعية والدنيوية وأن المستفيد الوحيد من هذه الأموال هم أعداؤنا وحدهم.
4- ترغيبهم في السياحة الداخلية والبحث لهم عن أماكن جذابة، وزيارات لمشاريع ومواقع فريدة قد لا يكونوا على معرفة بها.
5- عمل استبانة في تعداد النقاط الإيجابية والسلبية في السفريات الخارجية واستخلاص النتائج... من أهل الخبرة.
6- بيان مقاصد الغرب من دعاياتهم السياحية.
7- نشر كتاب: ((قادة الغرب يقولون: دمروا الإسلام، أبيدوا أهله)).
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
12 / جمادى الأولى / 1426
http://www.taiba.org المصدر:
============
ماذا حصل عند الإشارة ؟؟
حدثني أحد الدعاة قائلا:
كنت واقفا عند الإشارة المرورية، وبجانبي شاب قد رفع صوت الغناء في سيارته.
ونزلتُ من سيارتي ومعي شريط، وسلمتُ عليه وأعطيته الشريط.
ورجعتُ إلى سيارتي ولكن تعجبتُ لما رأيت الشاب قد جاء إلي، واستغربت ذلك منه.
وقلت في نفسي: يا ترى ماذا يريد؟
ولما وصل عند نافذة السيارة وإذا به يمسك برأسي ويقبله !!!! والله إني تعجبت واستغربت ولم أصدق ما أرى وقال لي: جزاك الله خيرا ، وذهب.
قلت: وهذا يبين لنا أن (الناس فيهم خير) حتى لو جاهروا بالذنوب.
فانظر إلى هذا الشاب كيف جاء وقبّل رأس هذا الداعية
إنه عمل ليس باليسير
إنه دليل على أن ذلك الشاب لا يدري كيف يشكر الداعية على إهدائه الشريط إلا بتقبيل رأسه هذا مع أنه ممن يرفع صوت الغناء في السيارة.
أخي الداعية.......
إن هؤلاء يحتاجون إلى مثل هذه الأخلاق (الهدية والابتسامة)
والنتيجة: يأتون إلى التوبة أفواجاً.
http://www.awrak.com المصدر:
=============(13/148)
وسائل دعوية وتربوية موجهة..للعائلة خلال الإجازة الصيفية
مجموعة أفكار موجهة للأبناء:
* ترتيب برنامج حفظ القرآن الكريم للأبناء..ولو كان في حلقة جادة لكان أكثر تشجيعا لهم للحفظ.. وحبذا أن يقوم الابن بمعاونة الأب أو مدرس حلقة التحفيظ بقراءة ميسرة للتفسير.. المهم أن يكون البرنامج مستمرا وينبغي عدم الضغط على الابن بل التشجيع والترغيب وبغرس محبة القرآن في نفوس الأبناء..
* حفظ بعض الأذكار الأساسية
* عمل زيارة للمكتبات (متاجر بيع الكتب) مع الأبناء.. وتكون بعد تحفيز وترغيب للزيارة.. ويترك مجالا للابن بمعاونة الأب أو المدرس أو الأخ باختيار كتيب أو أكثر وشراءها له كهدية إجازة.. ولو أمكن غرس حب الكتاب والقراءة والترغيب في كتاب محدد قبل الزيارة لكان أفضل نتيجة..
* تسجيل الأبناء في المراكز الصيفية النافعة.. وكذا البنات في مراكز تحفيظ القرآن الكريم.. ولو تم السؤال عن المراكز والأنشطة واختيار الأنفع والأقرب للنفوس لوجد نتائج أكثر في خلال نفس الفترة الصيفية.. ويمكن للأب إعطاء جوائز للمدرس والطلب منه تشجيع ابنه في المسابقات أو إذا قام بعمل طيب.. وهذا أدعى لترغيب الابن لحضور المركز إضافة إلى التعلق بالأعمال الطيبة والآداب السليمة..
* عمل مسابقة ترتيب منزلية.. فكل ابن يقوم بترتيب كل شيء في غرفة الأبناء من أدراجه وفراشه و أرضية وثياب.. مع القيام بملاحظة مكان عام في المنزل ومتابعته.. والفائز يحصل على جائزة رمزية وسط الشهر وآخره.. ولا مانع أن يفوزوا كلهم إن كانوا كلهم يجيدون الترتيب.. في خلال شهر أو شهرين أو الإجازة سيكون الأبناء قد تعودوا على الترتيب ولو يكن هناك مسابقات..
* ترتيب زيارة إلى أحد الأقارب أو القريبات بين الفينة والأخرى مع الأبناء ليصلوا أرحامهم ويتعلموا ما ينفعهم وتتقوى روابطهم بأقاربهم..
* عمل بعض الألعاب المفيدة للصغار.. ويمكن أن تكون هذه الألعاب من خلال الرحلات العائلية * تقديم بعض الأشرطة الإسلامية الخاصة بهم وبعض القصص المفيدة ليستفيدوا منها قراءة وسماعا ويمكن سؤالهم بعد التقديم عن بعض الأمور بأسلوب سهل ومحبب إلى نفسهم.
* التدريب على بعض المهارات وعمل الدورات لهم داخل المنزل أو في مكان مناسب يقدم هذه الدورات.. مع مراعاة واقع المكان ومن يغشاه من الطلاب ونوعيتهم..
ومن هذه الدورات.. التدريب على الحاسب الآلي (برنامج ورد الطباعة السريعة كاراتيه خط -
* تدريب الفتيات على بعض الأعمال المنزلية و إشعارهن بمكانهن في المنزل.. ويكون لهن دور مع أمهن في رعاية المنزل في استلام مسئولية رعاية أحد الأطفال.. أو يعمل لها دورة في الطبخ مثلا.. أو ترتيب مكان محدد في المنزل.. أو ترتيب بعض الأغراض المنزلية.. ويكون ذلك تحت رعاية وتدريب الأم وحنانها وتشجيعها..
* إقامة دورتين شرعيتين في الوضوء و الصلاة لتعليم أبناء الحي الذين يحضرون للمسجد مع مراعاة التطبيق العملي ويقوم بالدورات أئمة المساجد في مساجدهم مع أولياء الأمور أو أولياء الأمور في منازلهم وفي رحلاتهم
* ترك مجال للأبناء ليقوموا بالمساعدة في أعمال البيت والإصلاحات مثلا تغيير الأنوار سقاية الزرع كيفية استخدام الأدوات (مفك، زرادية، مطرقة) مع التنبيه على المخاطر والمحاذير خاصة من الكهرباء.
مجموعة أفكار دعوية للعائلات
* عمل درس عائلي من قبل رب الأسرة.. مثلا تعليمهم أذكار الصباح والمساء أو آداب الصلاة أو الوضوء أو غيره.. وتسميعهم إياه في اليوم التالي وهكذا
* الخروج في رحلات عائلية.. وعمل مسابقه خاصة بالذكور وأخرى خاصة بالإناث ويكون هناك جوائز عينيه كالشريط الإسلامي للكبار والكتب المفيدة..
* وهناك اقتراح أن يكون البرنامج للدوريات الأسبوعية العائلية في الاستراحات كالتالي:
أ- للرجال والشباب:
بعد المغرب درس ثقافي أو اجتماعي أو........ الخ أو مسابقات هادفه.
بعد صلا ة العشاء حتى يحين موعد العشاء فتره رياضية: لعب كرة قدم أو سله أو طائره أو سباحة.
ب- للنساء والبنات:
بعد المغرب درس تربوي أو مسابقات والغاز ثقافية واجتماعيه.
بعد صلاة العشاء مسابقه والعاب رياضية خفيفة وطريفة...
ويكون هناك جوائز تشجيعية للجميع..
* عمل رحلة عمرة وتجهيز بعض الأفكار والبرامج الثقافية الممتعة التي يمكن طرحها خلال الطريق أو في حالة البقاء في مكة المكرمة شرفها الله..
* الالتقاء في حالة السفر مع إحدى العوائل - التي لها أبناء مميزين بالأدب والحرص- إن أمكن الاتفاق على هذا.. وهذه فيها فائدة ترابط الأبناء والاستفادة من بعضهم البعض.. ويمكن عمل البرامج والمسابقات في ذلك حتى لا يتحول اللقاء من إيجابي إلى سلبي..
* أخذ الأهل للمحاضرات والدروس ومتابعة الجيد منها وتشجيع الأهل على المناقشة عما طرح فيها.. ويمكن توفير شريط المحاضرة الجيدة والتي لم يتمكنوا من حضورها لأي طارئ
* حضور المحاضرات في المنزل من خلال برنامج الـ PALTALK.. ويمكن استغلال الأشرطة الموجودة في بعض المواقع الإسلامية خلال استخدام الإنترنت لأعمال أخرى.
عمل برنامج صباحي للاستفادة.. ويمكن الاستفادة من برامج الصالات التدريبية صباحا أو عمل برنامج مفيد في المنزل..
* تعلم صنعة جديدة.. والاهتمام بالعمل الصيفي للطلاب
للكبار فتيان وفتيات (أو للآباء و الأمهات)
* حضور الحلقات والدورات العلمية التي تقام في الصيف و الذهاب إلى المخيمات الدعوية
* المشاركة في الأعمال الخيرية والتطوعية.. والذي بدوره يوجه الفتيات ويعودهم على العطاء وبذل الخير وفي نفس الوقت استغلال أوقاتهم بما هو نافع..(13/149)
* اللقاءات الصيفية للفتيات (يوم واحد فقط ويمكن أن يتم في أحد المراكز النسائية) وهي شبيهة بالمعسكرات الطلابية وتتم في يوم واحد فقط وتتضمن برامج هادفة من مسابقات وفقرات ترفيهية وتعليمية كذلك الحوار الهادف مع الفتيات في أمورهن ومشاكلهن.. والإنشاد.. ويمكن أن تتكرر هذه المعسكرات
ويمكن أن يتم برنامج مثله للفتيان..
* وضع هدف يحاول الوصول إليه من قراءة كتاب أو كتب محددة أو إعداد بحث معين..
* اختيار سلسلة علمية من الأشرطة (متناسبة مع المدة الزمنية للإجازة) ومحاولة سماعها و إذا أمكن تلخيصها.
* توزيع بعض الكتيبات والأشرطة على الأقارب أو في مسجد الحي
* توزيع المجلات الإسلامية القديمة على الحلاقين وأماكن الانتظار في المستوصفات والمستشفيات.. وغيرها.. وحبذا لو كان هناك تعاون مع مكتب الدعوة والإرشاد أو ما يشابهها بالمنطقة حتى تتكاتف الجهود ويزداد التعاون
* دعم المنتديات الإسلامية والقراءة والكتابة فيها وتكثير سواد المسلمين فيها.. ودعوة وتشجيع من تعرفهم للاطلاع فيها.. (مع الابتعاد عن بعض ما يقسي القلب من المواقع والمنتديات)
* نسخ أقراص السي دي CD والتي تحتوي على الأفلام الإسلامية والمحاضرات والدروس العلمية وغيرها مما يسمح صاحبه بنشره وبيعها بسعر مخفض جدا وذلك لنشر الدعوة والفائدة..
* القيام بتجميع جهاز حاسب آلي جديد ويمكن عمل ذلك مع أفراد الأسرة إن أمكن أو بالتعاون مع بعض الأصدقاء الذين يعرفون تركيب الحاسب الآلي.
* زيارة المرضى من الأهل والمعارف واستغلال فرصة الإجازة في مثل هذه الأعمال الخيرية مع تبيين الأجر للأبناء وأثر الزيارة على المريض.
* تكوين لجنة مدرسية لنصح الطلاب أو الطالبات بعد الاختبارات في كيفية استغلال الإجازة والتنبيه لأهمية حلق الحفظ والمراكز الطلابية وغيرها من الفوائد.. ويمكن لهذه اللجنة وضع بعض الأوراق مع الشهادة وفيها بعض الإرشادات في كيفية استغلال الإجازة..
استغلال الهاتف في التنبيه على المحاضرات في المنطقة والمراكز النسائية والتنبيه على أهمية الاستماع حتى المحاضرات التي انتهت (القيم منها) وذلك لإشعار المقابل بالأهمية وزيادة حرصه على سماع المحاضرة بالأشرطة..
استغلال الرسائل الإلكترونية في الدعوة إلى الله.. ووضع قائمة بالعناوين المناسبة وإرسال الرسائل المفيدة والتنبيه على المحاضرات والبرامج النافعة..
* عمل بحث علمي في الإجازة ولو كان واحدا.. وتشجيع الأبناء على عمل بحث ولو كان صغيرا.. وترتيب الجوائز على ذلك.. وجعل الوقت من بداية المسابقة إلى تقديم الجوائز قصيرا حتى يكون لها تأثير أكبر إذا تم عمل بحث آخر أو مسابقة علمية أخرى..
* مع الإجازة ووجود الوقت وكثرة القراءة العامة للمجلات والصحف.. فأحث نفسي و إخواني لقراءة المفيد منها والإفادة.. والنصح لمن كتب كتابة سيئة وعرض ما ينبغي إنكاره على العلماء والمشايخ وغيرهم..
* البحث عن بعض السنن المهجورة والعمل على إحيائها.. مثل: صلاة الضحى ـ ركعتي الإشراق زيارة المقابر ـ الصيام ـ..
خاص بالنساء
* استغلال فترات الاجتماعات مثل الأعراس وغيرها (وهي تكثر في الإجازة الصيفية) وتقديم كلمة في ذلك الجمع الكبير وإن لم تكن تستطيع فإنها مطالبة بطرح الموضوع لأصحاب الاجتماع ودعوتهم لإحضار من يقدم كلمة.. ويمكن لأي أحد تقديم حديث مفيد مع من هم حولها أو تقديم النصيحة الخاصة الطيبة لإحدى الحاضرات للالتحاق بمركز تحفيظ القرآن الكريم مثلا أو نصيحتها في منكر رأته..
* التخطيط لعمل سلسلة دروس ودورات وبرامج مفيدة في المراكز الإسلامية والخاصة بالنساء ولتطوير علمها وقدرتها الدعوية..
خاص بالرجال
* تكوين لجنة المسجد وفيها كيفية رفع الدعوة من خلال المسجد من خلال تطوير الخطبة والكلمات وحلق التحفيظ ولوحات المسجد والاتصال بجيران المسجد وتوصيل الخير لهم وغيرها من الوسائل.
* الحرص أكثر على إنكار بعض المنكرات التي تواجهنا يوميا في البقالات (المجلات الخليعة ـ الدخان.... وغيرها) وفي الأسواق (التبرج والسفور ـ المعاكسات.. ) و في الحي (الجيران الذين يهملون في الصلاة ـ دعوة أبناء الحي إلى المسجد عندما يلعبون وقت الصلاة)
مع الخدم
* ربط الخدم (وكذا الموظفين والعمال) غير الناطقين بالعربية بمكاتب دعوة الجاليات والتعريف بالمكتب والتعرف على ما يمكن أخذه للخادمة أو السائق أو عامل أو المحاضرات المناسبة لهم.. وفترة الإجازة الصيفية فترة مناسبة خاصة إن قاد الفكرة شباب دعاة متفرغون خلال الإجازة أو تعاون مع الفكرة مراكز تحفيظ القرآن الكريم والمراكز الإسلامية النسائية..
* تعليم الخادمة المسلمة اللغة العربية وكيفية قراءة القرآن الكريم وبعض العقائد والأحكام الشرعية الأساسية باختصار.. فرصة أن يقوم بعض أفراد العائلة باستغلال الإجازة الصيفية بمثل هذه الأعمال الدعوية.. ولا شك أن في هذا خير عظيم لمن فكر في أثر ذلك حين عودة الخادمة إلى بلادها وهي تحمل أثمن علم يمكن أن تتعلمه في بلاد المسلمين..
http://www.saaid.net المصدر:
============
من سنن الاجتماع والجماعات
محمد العبدة(13/150)
عندما يبرز علم أو داعية أو زعيم، ويشتهر أمره، تحوطه عادة جموع كثيرة من الناس: منهم المخلصون وهمهم طلب العلم أو المشورة أو المساعدة في أمر الدعوة، ومنهم المتملقون بالتقرب منه والذين يتظاهرون بالسؤال وحب الدعوة، ومنهم الفضوليون الذين يحبون الشهرة بالسير في ركاب هذا أو ذاك، وأخلاط من الناس تستمع ولكن الفائدة المرجوة قليلة، وفي غمرة حرص الداعية أو القائد على نشر هذا الخير وتكثير سواد المسلمين قد يبتعد عن المقربين المخلصين من غير تعمد منه لذلك، وهذا مما يكسر خواطرهم، ويضعف الفائدة المرجوة من التجمع والتناصر، وفي العادة فإن المخلصين يبتعدون عن التزلف ويتحاشون القرب الدائم، فإذا غلبهم العامة أو المتملقون فقد وقعت المصيبة، وقد كان الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف مدركاً لهذه الناحية عارفاً بأمور الناس والزعامة، عندما نصح عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بألا يتكلم في (منى) أثناء الحج عن أمور تخص الخلافة والاستخلاف، وكان عمر - رضي الله عنه - قد سمع قولة قائل: (لو قد مات عمر لقد بايعت فلاناً)، يظن أن البيعة بهذه السهولة، يبايع من شاء دون مشورة لأهل الحل والعقد، وكأنه ظن أن خلافة أبي بكر - رضي الله عنه - كانت هكذا، فغضب عمر ثم قال: (إني -إن شاء الله- لقائم العشية في الناس، فمحذرهم هؤلاء الذين يريدون أن يغصبوهم أمورهم، قال عبد الرحمن: يا أمير المؤمنين؛ لا تفعل؛ فإن الموسم يجمع رعاع الناس وغوغاءهم، فإنهم هم الذين يغلبون على قربك حين تقوم في الناس، وأنا أخشى أن لا يعوها، وأن لا يضعوها على مواضعها، فأمهل حتى تقدم المدينة؛ فإنها دار الهجرة والسنة، فتخلص بأهل الفقه وأشراف الناس، فتقول ما قلت متمكناً)، واستجاب عمر - رضي الله عنه - لنصيحة عبد الرحمن بن عوف وقام هذا المقام في المدينة.
ونقول للدعاة الذين يشار إليهم بالبنان: لا يجوز أن يغلب المتملقون والمتطفلون على أوقاتكم، ويجب أن يقرب المخلصون من تلامذتكم، وهذا من آداب القيادة وسنن الاجتماع كما قال - تعالى - على لسان نوح - عليه السلام -: (ومَا أَنَا بِطَارِدِ الَذِينَ آمَنُوا)، يقول الشيخ رشيد رضا في تفسير هذه الآية: هذا مبني على سنن الاجتماع في الزعامة والعصبية وتأليف الجماعات، وكون ثباتها وظفرها رهناً بإيمان الجماعة التي تألفت لأجله، وولاية بعضهم لبعض بصفة يكون فيها الزعيم خير قدوة للأفراد بتفضيله أدنى المؤمنين فيهم على أعظم الكبراء من خصومهم [1]؛ فهل يعي هذه النصيحة الذين يتصدون للناس ولا ينسون الدعاة الصادقين الذين لا يتزلفون للزعيم.
ـــــــــــــــــــــــــ
(1) المنار (12 / 241).
http://www.albayan-magazine.com المصدر:
===========
الشريط الداعية
كانت تسير في طريقها إلى المنزل فاصطكت قدمها بشريط ملقى على الأرض، فنظرت إليه، وهي تحدث نفسها: أتأخذه؟ … قد يكون لمن تحب من المغنين، وقد يكون لغيره، فلا مانع أن تأخذه لتسمع … امتدت يدها والتقطت الشريط، وذهبت به إلى منزلها.
وفي المنزل دفعها فضولها لسماع مادته، وإذا به صوت متحدث، قرع سمعها، فاستمعت إليه، ماذا عساه أن يقول، واستمرت تستمع إلى ما يقوله ذلك المتحدث، وشاء الله - تعالى -أن يكون الحديث قيماً شيقاً، نَبَّه الفتاةَ من غفلتها، وحذرها من الاستمرار في لهوها، وتبيَّن لها من خلاله أنَّها ما خُلِقت لهذا اللهو، وإضاعة الوقت، والانصراف عن العمل لما بعد الموت، وأنَّها لا بدَّ أن تَجِدَّ في إصلاح شأنها، ومن الآن فلتغير نمط حياتها،
الذي إن استمرت عليه فستكون حياةً هامشية، حياة لا قيمة لها، لا تعمر فيها دنيا، ولا تعمل فيها لآخرة،
وحياة كهذه هي والموت سواء.
ومن ذلك الوقت شمرت عن ساعد الجِدِّ، وانصرفت عن اللهو إلى الجِدِّ، ومن التفريط في الصلاة إلى الحرص على إقامتها، ومن تضييع الحقوق إلى أدائها.
ومن العبر في هذه القصة: أنَّ حياة اللهو حياة لا قيمة لها، وصاحبها لا ينظر إليه العقلاء نظرة إكبار وتقدير،
بل نظرة ازدراء وتحقير، لأنَّه هو الذي وضع نفسه في هذا الموضع، وقد قيل " قيمة كلِّ إنسان ما يصنع ".
ومنها: أن لا يحقر الإنسان معروفاً يصنعه،
كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تحقرنَّ من المعروف شيئاً))
فهذا شريط ملقى على الأرض، ممَّا تعاف النفوسُ أخذه، فضلاً عن العناية به، والاستماع إلى قوله!
ومع ذلك أدى دوراً، وقام بمَهَمةٍ قد يعجز عنها جملة من الدعاة؛ وهذا يجعلنا لا نغفل دور الشريط النافع في الدعوة إلى الله - تعالى -.
فهو داعية لا يكلف كثيراً، صغير الحجم، خفيف المحمل، زهيد السعر، لا يكلف المستمع إليه مالاً،
ولا جهداً، ولا تفرغاً، ولا لزوم مكان واحد، بل يستمع إليه في كلِّ مكان، في بيته، وسيارته، ومتجره.
فهل تنبهنا إلى قيمة الشريط في الدعوة إلى الله - تعالى -.
نرجو ذلك!
http://www.dawahwin.com المصدر:
===========
كيف ننصر الرسول صلى الله عليه وسلم
سلمان بن يحي المالكي
• كيف يستطيع المسلم أن يواجه هذه الشائعات والتجاوزات على نبي الله - صلى الله عليه وسلم -، وما هي الخطوات العملية التي ينبغي أن تقوم بها الدول الإسلامية وشعوبها.. ؟(13/151)
إن هناك كثير من الوسائل يستطيع المسلم بل والدول والشعوب عموما تطبيقها وفعلها على أرض الواقع، وخاصة إذا ما رتبت الأوليات بحيث يكون هذا الأمر هو الأهم عند المسلم، كيف لا؟ وقضية نصرة النبي - صلى الله عليه وسلم - من أهم الأوليات على تُناط بها الدول الإسلامية، وليست مشروعا شخصيا تحاك من ورائها مكاسب وأموال، وإنما هي قضية أمة وقضية عقيدة، فينبغي أن تتواطأ جميع المؤسسات الإسلامية في العالم على نصرة النبي - صلى الله عليه وسلم - والذب عن دينه وعرضه الشريف، وتعريف العالم بأن هذا الرسول رسول الإنسانية وهو رسول العدالة والصيانة والديانة.
هناك وسائل عامة دولية ينبغي استغلالها لمواجهة هذا التيار الخطير الخبيث الذي تسلط على شخصية النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهناك وسائل فردية يستطيع الفرد القيام بتحقيقها في حياته العلمية والعملية، ومن أهم تلك الوسائل العامة التي نبين فيها بجلاء نصرة النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يلي:
1) إعداد برامج للتعريف بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، بحيث تتبنى كل مؤسسة أو جهة دينية مثلا برنامجا ويتم نشره في المجتمعات وخاصة الغربية التي تسممت أفكارهم بهذا الغزو الخبيث ضد النبي - صلى الله عليه وسلم -، سواء كان ذلك عبر المجلات الإسلامية الهادفة والجرائد اليومية أو عبر القنوات الفضائية، أو حتى إيجاد برنامج متكاملة يتم إعدادها في أقراص كمبيوترية تبين شخصية النبي - صلى الله عليه وسلم - وشمائله حتى يتم استعمالها بسهولة.
2) لو تم إصدار مجلة شهرية خاصة بالنبي - صلى الله عليه وسلم - تبرز مواقف النبي - صلى الله عليه وسلم - من أعدائه وكيف تعامل معهم على حسب فئاتهم لكان أجمل وأشمل وأفود خاصة ونحن نرى العالم الإسلامي يعج بكثير من المجلات الإسلامية فلو خُصص للنبي - صلى الله عليه وسلم - والدفاع عنه شيئا لكان واجبا علينا فعل ذلك.
3) إنشاء قاعدة بيانات على الشبكة العالمية الانترنت عن السيرة النبوية، بجميع اللغات وقد تم إيجاد مثل هذه البرامج عبر الانترنت من قبل الجنة العالمية لنصرة خاتم الأنبياء - صلى الله عليه وسلم - ولجنة مناصرة النبي - صلى الله عليه وسلم -، لكن برنامج أو برنامجين لا يكفي، بل لا بد من تكاتف الأمور حتى يسير هذا العمل أقوى بكثير.
4) إنشاء مؤتمرات عالمية إسلامية توضح فيه سماحة الإسلام ويسر دين النبي - صلى الله عليه وسلم - وأن ما يوجه ضد النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما هو من قبيل الكذب والافتراء، ولو أعلنت كل دولة إسلامية إيجاد مؤتمر إسلامي يعارض فيه ما وجه لنبيهم - صلى الله عليه وسلم - فإن هذا بحد ذاته رسالة للعالم مفادها أن شخصية النبي - صلى الله عليه وسلم - شخصية فاصلة لا يمكن تجاوزها والعبث بها.
5) إيجاد رد صريح من قبل العلماء الربانيين والتعليق عليه وتبيين الموقف الشرعي في قضية التعدي على الرسل والأنبياء والنبي - صلى الله عليه وسلم -، مع إقامة مجموعة تنفيذية من العلماء المتخصصين وطلبة العلم للإجابة عن هذه الافتراءات خلال مواقع الانترنت وغيرها، وو الله لو قام العلماء في كل مكان في السعودية وفي مصر وفي الجزائر وفي المغرب العربي والعالم الإسلامي جميعا، ووجهوا لعامة الناس وخاصة في الغرب خطر هذه القضية وأن هذه الشائعات لا يرضاه أصلا أنبياؤهم كعيسى وموسى فضلا أن تكون في محمد - صلى الله عليه وسلم -.
6) إقامة معارض دولية متنقلة ودائمة في المطارات وفي الأسواق وفي الأماكن العامة بالتنسيق مع الجهات المسئولة حتى نبرز شيئا من شخصية النبي - صلى الله عليه وسلم - في حياته وأخلاقه وشمائله، وأيضا نبرء ذممنا أمام الله - جل وعلا - وأمام رسوله - صلى الله عليه وسلم -.
7) إيجاد مؤلفات تحمل بين جنباتها حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - وسهولته وسماحته في الحياة بجميع اللغات، حتى يوضح للعالم حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - من جهة، ومن جهة يرد على أولئك الذين تسلطوا على شخصيته وشرفه - صلى الله عليه وسلم -.
http://saaid.net المصدر:
=================
السابق الخاسر
أمرٌ يدعو إلى الدهشة، كيف يكون سابقاً خاسراً في آن واحد؟ وذلك أنَّ المعهود فوز السابق، فكيف خسر هنا؟
الجواب: أنَّ المعهود في السابق أن يكون فائزاً إن كان سبقه في خير تنافس فيه مع إخوانه، وَحَرِص على سبقهم فيه، أمَّا أن يكون سبقه إلى معصية، أو هروبٍ من طاعة، فذلك خسران ظاهر.
ومن صور الخسران: ما نراه يقع في شهر رمضان، من تسابق بعض الأئمة في إنهاء صلاة التراويح في وقت قصير،
ولكلِّ إمامٍ طريقتُه، فأحدهم يحرص على قراءة سورة من قصار السور في الركعة الأولى من كلِّ تسليمة، وقراءة
سورة الإخلاص في الأخرى، وثان يقرأ بآيتين أو ثلاثٍ في كلِّ ركعة، وثالث ينقر ركوعه وسجوده حتى لا يتمكن
من يصلي خلفه من التسبيح مرة واحدة في ركوعه وسجوده، ورابع يجمع بين هذا الطرق، جرياً وراء إرضاء بعض المأمومين، وهكذا يكون السباق.
وكلما انتهى من ترويحة نظر في ساعة يده، أو ساعة الحائط إن كان على موعده أم أنَّه تأخر، وما تكاد تمرَّ على الجمع ساعة أو أقل، بعد أذان العشاء، إلا وقد انفض الجمع عن ثلاثٍ وعشرين ركعة، وأربعٍ في العشاء، وركعتين راتبة، فيكون المجموع تسعاً وعشرين ركعة في أقل من ساعة!!
فإذا اجتمع النَّاس في نواديهم بعد الصلاة تفاخروا، كلٌّ يدعي السبق في التخلص من ركعات صلاته، وَيَعَض المتأخر أصابع الندم، كيف فاته الخير في الخروج مبكراً، ثم يبدأ في نهش عرض إمامه الذي يطيل الصلاة ويُنَفِّر النَّاس!(13/152)
وهكذا يخسر من سبق في التخلص من قرة عين النبي - صلى الله عليه وسلم -، هكذا يخسر من استراح من صلاته،
ولم يسترح فيها، هكذا يخسر من فاتته متابعة رسول الهدى - صلى الله عليه وسلم - في قيام ليله، هكذا يخسر من فاته
الفضل في قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)).
اللهم سَلِّم!
http://www.dawahwin.com المصدر:
============
كيف تصنع رسالة دعوية
أحمد بن عبد المحسن العساف
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على إمام الدعاة وقدوة العباد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً؛ وبعد:
هذه طريقة مقترحة لكيفية إيصال الرسالة الدعوية إلى المتلقي؛ اقتضتها الحاجة وكثرة السؤال ممن بذلوا أوقاتهم لخدمة دين الله ونفع عباده؛ وقد جاءت في اثنتي عشرة خطوة كما يلي:
*اجعل لطرحك مسوغاً:
فذلك أدعى لقبوله ولفت الانتباه إليه؛ وحتى لا يتسلل الشك إلى نفس المخاطب بأنه المقصود بالحديث خاصة في بعض المسائل، وهذا المسوغ:
إما أن يكون موجوداً: كأن يبدأك بسؤال أو ذكر حادثة فتجيب أو تعلق بما يناسب، أو أن ترى منظراً لرجل مصاب فتذكره بنعمة الله وحقوقها، أو تشاهد مستغرباً في لباسه فتحدثه عن نعمة الإسلام والتدين وتعمق مفاهيم الولاء والبراء لديه، ومثله أن تستغل التزامك بقوانين المرور وأنظمته للتذكير بضرورة الالتزام بأوامر الله ونواهيه وتعزيز مفاهيم الأمانة وحفظ الضرورات الست عنده، وكأن تستغل انضباطه بمواعيده للثناء عليه وذكر فضيلة الوفاء بالوعد والعهد ثم تتخذ ذلك منطلقاً للحديث عن الصلاة ومواقيتها وجماعتها وتعرج على المنافقين بفضح خلائقهم وصفاتهم دون أسمائهم.
أو تسعى لإيجاده: كأن تورد القصة من باب التسلية ثم تعلق عليها، أو تستمع معه إلى شريط نافع أو برنامج ماتع وتناقشه فيه، أو تبادره بالسؤال عن الامتحانات لتحدثه عن فضيلة الصبر أو الشكر؛ أو تستخبره عن والديه لتعقب بحديث عن حقهما ووجوب برهما وطاعتهما في غير معصية، وهكذا حتى لا يشعر صاحبك أنك تعتسف الحديث اعتسافاً.
*لا تشعره بأنك تلقي محاضرة:
وذلك بأن تكون على سجيتك أثناء الطرح؛ متوسط اللغة غير متقعر ولا مسفٍ ولا مغرقٍ في العامية؛ ولا تبدأ حديثك بما تبدأ به المحاضرات بالرغم من فضل تلك البداية وأجرها، ولتكن معانيك واضحة قريبة سهلة المأخذ وحاذر الرمزية وكن مباشراً دفعاً للظنة والفهم الخاطئ.
*اجعل لطريقة عرضك خطة قبل اللقاء:
وذلك بالتزام منهج تسلكه لبلوغ الهدف المنشود من اللقاء معتمداً على ترتيب الأفكار ومراعاة الأولويات، فلا تذكر للمدعو صوراً من الربا قبل ذكر تعريفه وبعض أدلة تحريمه؛ وتذكر أن إيجاد المسوغ من أهم مهمات خطة الطرح.
*احرص على رؤوس الأقلام المهمة:
فقد لا يسعفك الوقت أو شخصية المقابل، فلا تطل واكتف بذكر رؤوس الأقلام المهمة لكونها أرسخ في الذهن وأبعد عن الملل؛ ولا مانع حسب حالة المتلقي من تكرارها؛ وتذكر قول المبرد: " من أطال الحديث وأكثر القول فقد عرض أصحابه للملال وسوء الاستماع ".
*لا تذكر الشبهة نقداً وتجعل ردها نسيئة:
والصواب ذكر المفهوم الصحيح والتأكد من فهمه ورسوخه ثم ذكر الشبهة وتفنيدها؛ وسيكون نجاحك أكيداً باهراً لو شاركك المدعو بتفنيد الشبهة ودحضها بناءً على قولك الأول.
* ليس ضرورياً أن يكون لكل لقاء موضوعاً خاصاً:
ويتأكد ذلك في الجلسة الأولى؛ ويكتفى بذكر الله حينما تعرض مناسبة كالآذان أو العطاس أو القيام من المجلس أو الفراغ من طعام أو شراب، وعند البخاري من حديث ابن مسعود رضي الله عنه " كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتخولنا بالموعظة في الأيام كراهة السآمة علينا " وقد علق الحافظ ابن حجر على ذلك بقوله: " ويستفاد من الحديث استحباب ترك المداومة في الجد في العمل الصالح خشية الملال " ثم قال: " ويختلف باختلاف الأحوال والأشخاص؛ والضابط الحاجة مع مراعاة وجود النشاط".
*نوِّع خطابك:
فلا تجعله محصوراً في العلم أو العاطفة أو الفكر أو الأدب؛ بل شكله حسب المقام والمستهدف، ومن تنويع الخطاب أن يكون مرة بلسانك وأخرى عبر شريط أو إذاعة وثالثة من خلال كتاب أو مجلة، وهكذا...
*لا يكن حديثك متشائماً:
فلا تشحن خطابك بالسلبيات ولا تصيره مكتظاً باليأس والقنوط والهزائم فذلك أدعى لرفضك ورد مقولك وقطع العلائق معك، ولا يعني هذا الإغراق في الإيجابيات والتفاؤل المفرط الساذج؛ لأن كثرتها خلاف الواقعية والموضوعية؛ والتوسط مطلوب في كل شيء.
*لا تشغله بالجزئيات:
فلعله لا يستفيد شيئاً من التوسع في ذكر اختلافات الأئمة رضوان الله عليهم في مسألة ما مثل ما يستفيده من الاقتصار على القول الراجح أو من ترسيخ حكم أساسي في ذهنه، ثم إن شغله بالجزئيات مدعاة لتشتيت الذهن وعدم شعوره بالفائدة ثم الانقطاع.
*لا تسرد موضوعاتك مرة واحدة:
فلن يستفيد ولن تجد ما تحدثه به مستقبلاً إلا المعاد المكرر، وستكون كصاحب بيض وضعها في سلة واحدة وقطع بها أرضاً وعرة ثم عثر! فما ظنك بالبيض؟
*ليكن خطابك مما يحتاجه المدعو:(13/153)
فلا تحدث فقيراً عن الإسراف وخطره مثلاً؛ ولا ترشد آخر غير سالكٍ إلى أهمية النظر في كتب شيخ الإسلام ابن تيمية مثلاً، وإذا علمت عمن معك أنه يرافق صحبة سيئة فحدثه عن الصحبة الصالحة وبركتها، وليكن حديثك عن الأشياء الظاهرة عليه أو المعلومة عنه حديثاً غير مباشر خصوصاً في بدايات المعرفة، ويدخل ضمن هذه الفقرة مراعاة اهتمامات المدعو حتى يأنس بالجلوس إليك؛ ومنها أيضاً تحديث المدعوين على قدر مداركهم واستيعابهم كما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه: " ما أنت بمحدث قوماً حديثاً لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة "، وإياك إياك أن تطب زكاماً فتحدث جذاماً، والسلامة لا يعدلها شيء.
*تجنب متاهات السياسة ولا تدخل في موضوعات حرجة:
وذلك أجلب لاطمئنانه وأضمن لاستمراره، ومن نفيس كلام الإمام الشاطبي - رحمه الله - قوله: " وليس كل ما يُعلم مما هو حق يطلب نشره، وإن كان من علم الشريعة ومما يفيد علماً بالأحكام ". وليكن موقفك واضحاً في رفض الأخطاء واستنكارها كأعمال التفجيرات بنفس الدرجة التي تنكر بها المخالفات الأخرى.
وأخيراً؛ أصلح نفسك وتعاهد سريرتك وتفقد نيتك يصلح الله لك مَنْ معك، ويجعل لكلامك نورانية تخترق حُجُب النفوس حتى لو كانت غليظة إلى حيث موقعها من قلب المدعو؛ وأحثك على مزيد من العلم ومزيد من الثقافة ومزيد من المهارة فلا يحسن أن يكون المدعو أميز من الداعية في واحدة مما ذكرت؛ وكن قدوة بسمتك وبقولك وبفعلك؛ سددك الله ووفقك وأعانك؛ ولله الأمر من قبل ومن بعد؛ والسلام.
* كتب مقترحة:
• مقدمات للنهوض بالعمل الدعوي. د. عبد الكريم بكار.
• ثقافة الداعية. د. يوسف القرضاوي.
http://www.d3wa.org المصدر:
=============
المرحلة الإعلامية والشريط الإسلامي
خالد بن صالح السيف
أحسبني لست بحاجة إلى اجترار الكتابة عن الدور الإعلامي وبخاصة بعد أن استحال إلى حقيقة بدهية تستظهرها العامة فضلاً عن الخاصة..
وإن شئت فارقبها جلية في تشكل عقلياتهم.. وأبعاد تفكيرهم.. ومنتهى إدراكهم، بل وفي منطق ألسنتهم..
إذن فليس ثمة حاجة في إعادة كلام استمرأه القارئ من ذي قبل، ولا ضير حينئذ في تجاوز هذا الجانب اتكاءً على ما سلف.
المفهوم قبل اختلاط الأوراق: يبدو أن لكثرة تداول لفظة - إعلام - واستفحال انتشارها أحالها إلى مصطلح لا يكتنفه غموض، وكأنه لا يحتاج إلى تعريف، مع أنها - حقيقة - مازالت غير واضحة المعالم، ندرك هذا من خلال خلط فج بين مفهوم الدعاية ومفهوم الإعلام، بل تجاوزه إلى خلط بين هذين المفهومين ومفهوم التعليم، وربما جاء عرضاً مفهوم الدعوة أيضاً رغم اجتماعها في نقاط تلاق، مع تباين في بعض الوسائل، ومن قبل في سبل الغايات، وسلامة المقاصد، وخلوص ذات الوسيلة من شوائب التحريم، وبخاصة في جانب الدعوة إلى الله - تعالى -، ولا مشاحة في أن الوسائل ليس لها حكم الغايات من حيث الأمر التوقيفي.
ما سبق لا يعفيني البتة من تجاوز المفهوم، بل أحسبه يضطرني بداهة إلى إبراز مفهوم الإعلام إضافة إلى وسيلته من جانبي اللغة والاصطلاح: ففي اللغة: ربما قصر على مجرد التبليغ..
ويقال: » بلغت القوم بلاغا « أي أوصلتهم الشيء المطلوب، والبلاغ ما بلغك أي وصلك، وقد جاء في الحديث: » بلغوا عني ولو آية « [1].
كما يقال أيضاً: » استعلم لي خبر فلان فأعلمنيه حتى أعلمه « [2].
نخلص من هذا التعريف إلى أن المفهوم اللغوي للإعلام هو: إحاطة الغير علماً بشيء ليدرك حقيقته.
والوسيلة هي الأخرى: ما يتوصل به إلى الشيء برغبة.
وبإضافة كلمة واحدة على، ما سبق يقترب المعنى اللغوي من المعنى الاصطلاحي وهو: إحاطة لغير علماً بشيء ليدرك حقيقته بقصد التأثير.
إذن فمحصلة المفهوم إجمالاً هي: تلك الأدوات المستخدمة في نقل المعلومات والمفاهيم والمشاعر والعواطف وغيرها مما يؤثر في حياة الناس.
ما سلف أرجو أن يكون قدراً كافياً يبين عن هوية المفهوم تلافياً لاختلاط أوراق المنظرين.
إذن..
فالإعلام من هذا المنطق ليس مرتعاً مستهجناً لترفيه فاحش، وليس مرآة ينعكس على أثرها الواقع بتجاوزاته المريبة.
إنما هو وسيلة صالحة ذات قدرة فاعلة على التصحيح والتقويم في مسار أمة وفق منهج راشد يستشرفه الخلص من أبناء الأمة..
تهيئة الطرح الإعلامي: الوسائل الإعلامية متعددة، وخاصة ما يمكن استخدامه على نطاق واسع شامل، وأحسبها تتراوح ما بين وسائل اتصال شخصي بمختلف أنواعها، ووسائل اتصال جماهيري، بيد أن ثمة عوامل تقتضي اختيار هذه الوسيلة منها: مدى توافر فاعليتها وتأثيراتها في محيط معين، كما أن ثمة أسساً للاختيار نفسه تدور حول ما تملكه هذه الوسائل من خصائص موضوعية أو وصفية، إضافة إلى مقدار خدمتها الإعلامية، ومدى الانتشار الجغرافي لها مع الإدراك المسبق لطبيعة الوسيلة وإمكانياتها الفنية.
كل ذلك تتم الإحاطة به مسبقاً ليتساوق مع مستوى طرح المادة الإعلامية رغبة في استكناه بعد أثر » المعطيات الإعلامية « في الملتقى..
واستشرافاً من لدن الإعلاميين - على اختلاف مساربهم - للأثر الفاعل والذي من أجله كان التسخير الإعلامي.
وتجيء هذه الكتابة - المجتزأة - وقد قصرت على نوع واحد وحسب، وهو شريط الكاسيت، لذا وسنضرب صفحاً عن الوسائل الإعلامية الأخرى.
ميلاد الكاسيت: في ذات صباح يوم من أبريل عام 1877م تقدم إلى أكاديمية العلوم الفرنسية العامل الفيزيائي (تشارلز كروس) ليسجل لديها فكرة محدثة لتسجيل الأصوات وإعادة سماعها متى شاء مرة ثانية.(13/154)
ولضعف القدرات المستحدثة حينها لم يتمكن من تطوير جهاز عملي لتنفيذ فكرته، إلا أن هذه الفكرة لم تخبُ بعد، حيث رأت النور في شهر ديسمبر من العام نفسه عندما أعلن في الولايات المتحدة الأمريكية كل من (توماس أديسون)، ومساعده الميكانيكي (جان كروسي) عن اختراع جهاز عجيب لتسجيل الصوت ومن ثم إعادة إسماعه، وأطلق عليه اسم (الفونوغراف)، وبذلك أسهم جهاز التسجيل الصوتي في إحداث ثورة عارمة في مجال الاتصالات.
وتحفل الأسواق اليوم بالعديد من أنواع التسجيلات الصوتية التي بلغت ذروتها باختراع أشرطة (الكاسيت) عام 1964 م وهو أصغر الأنظمة التسجيلية حجماً.
وإفرازاً لما سلف ذكره مع ما يمتاز به التسجيل الصوتي من ميزات متعددة تبوأ مكانة تعد من أهم وأبرز وسائل الاتصال المؤثرة في المجتمعات على اختلاف أنواعها وتباين فئاتها..
ويحسن بنا ألا نغفل في - سياقنا هذا -جانب الصناعة المتقدمة للتسجيل الصوتي، حيث أسبغت عليه لبوساً بأن جعلته أكثر وسائل الاتصال الحديثة انتشاراً وتوزيعاً.
ففي الولايات المتحدة الأمريكية أكثر بلدان العالم استهلاكاً للأشرطة بلغت مبيعات الأشرطة فيها ثلاثة ملايين دولار سنوياً في إحصاءات مضت عليها سنوات عديدة.
كما أن عدد شركات تسجيل الأشرطة فيها يبلغ أكثر من 1500 شركة ولو لم تجيء هذه الأرقام في إحصاءات معتمدة لحسبتها ضرباً من المبالغة.
وليس ثمة شك في أن ما تحمله بين أعطافها لا يعدو عن كونه غناءً ماجناً صاخباً أو فكراً منحلاً منتناً تمارس فيه الدعوة إلى التنصير وإلى الانحلال الأخلاقي في أرذل صورة! كل ذلك يتم من خلال إدراك طبيعة الوسيلة - الشريط - إمعاناً في تأكيد أثرها في الجماهير المتلقية قاطبة حيث الإغراء والإثارة.
ماذا بعد السنة؟ ! وعقب سنة من النوم غطت فيه أمتنا أفاقت على إثر غزو سافر لم تألفه من ذي قبل إمعاناً في إباحة الفجور! ! ومحاولة جادة في سلب أثمن ما تملكه الأمة - إسلامها - ليس غير! ! كل ذلك جاء ويجيء من قبل من لا يرقب في مؤمن إلاًّ ولا ذمة! وقد أقضت مضاجعهم تباشير الصحوة الإسلامية، فلله الحمد من قبل ومن بعد (واللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ ولَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ).
ونجم عن هذه الإفاقة المتأخرة جهود لا تزال في بدايتها، بيد أن هذا لا يبرر لنا البتة - بقاءنا في المؤخرة..
ونروح من حينها ننحو باللائمة على المادة، وعدم تناسبها مع طبيعة الوسيلة..
عند ذلك تقصر بنا الهمة عن تجاوز العقبات متذرعين بحجج واهية لا تنهض لمدَّعٍ عادةً! ولست أدري من لهذه الثغور؟ ! إن زهد بها المقتدرون ممن يقع على كواهلهم تبعات الواجب..
وليس ثمة نفل يُمَنُّ به.
على المرء أن يسعى إلى الخير جهده، وليس عليه أن تتم المقاصد.
أمة فأل: ومع ما سلف فإنا نربأ بأنفسنا أن يغشانا التشاؤم ونحن أمة فأل تربينا على منهجه السوي وما ارتضينا به بديلاً.
وإنا ننتظر يوماً تتوافر فيه جهود علمائنا وطلاب العلم وذوي التخصص والاقتدار في هذا المجال للانتقال بوسائل الإعلام عامة - وشريط الكاسيت بخاصة - من أطواره الأولى إلى أن يؤدي دوره في التربية والبناء.
وأخيراً: كم هو جدير بك أيها الأخ المسلم وأنت تدلف إلى أعتاب محالّ بيع الأشرطة الخيرية أن لا تتعامل مع ما تقتنيه بالمقياس المادي؛ فإنك - والحالة هذه - خاسر لا محالة! ! ولست أدري أين التساؤل - المفترض - من قبلك عن المردود الإيجابي الخير لما تقتنيه - حيث المادة العقدية والشرعية والسلوكية والمعرفية بعامة، وأربأ بك أن تنسى أن التعامل مع الله - تعالى -يقتضي التجرد من المساومة المادية.
--------------------
(1) رواه البخاري وأحمد والترمذي والدارمي في المقدمة.
(2) اللسان (مادة علم).
http://www.albayan-magazine.com المصدر:
=============
برنامج رائع للمرأة المسلمة فقط
إخواني وأخواتي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه مجموعة من المواضيع التي يمكن أن توضع عليها مسابقات بحثيه في الأحياء أو في المدارس أو في الكليات النسائية، وهذه المواضيع موجهه للأخوات المسلمات، وقد سبق وأن طرحة كمسابقة نسائية في أحد المناطق في إجازة الصيف الماضي وكتب لها النجاح ولله الحمد حيث تقدمت مجموعة كبيرة من الأخوات ببحوث جميلة جداً، حول هذه المواضيع، وكانت هناك جوائز تشجيعية للفائزات.
والآن اطرحها تباعاً بين يدي الأخوة والأخوات للاستفادة منها في الإجازة الصيفية، أو في أي وقت، وهذه المواضيع برنامج تطبيقي لما طرحه أخونا أبو أحمد في موضوع طرق مفيدة للاستفادة من فترة الصيف.
الموضوع الأول: الحجاب
عناصر الموضوع:
1- مكانة الحجاب في الإسلام وشروطه.
2- فوائد الحجاب وأهميته.
3- أخطاء في الحجاب.
4- الشبة حول الحجاب والرد عليها.
5- ما هي وسائل رفع مكانة الحجاب.
من مراجع بحث هذا الموضوع:
1- إلى ربات الخدور أبو أنس علي بن حسين. 2- فتاوى حجاب المرأة المسلمة- مجموعة من العلماء. 3- رسالة الحجاب ابن عثيمين. 4- أحكام كشف الوجه والزينة والاختلاط مجموعة من العلماء. 5- ما هكذا يكون الحجاب نور الهدي. 6- مجموعة رسائل في الحجاب والسفور مجموعة من العلماء. 7- شخصية المرأة المسلمة في ضوء القرآن والسنة خالد العك. 8- قضية تحرير المرأة- محمد قطب. 9- يا فتاة الإسلام اقرئي حتى لاتُخدعي صالح البليهي. 10- معركة الحجاب-محمد إسماعيل المقدم.
الموضوع الثاني: المرأة والدعوة إلى الله
عناصر الموضوع:
1- أهمية الدعوة إلى الله ومكانتها في الإسلام.
2- تكليف المرأة بالدعوة.
3- الداعية وصفاتها.
4- الفرص الدعوية في الأوساط النسائية.(13/155)
5- المرأة وإنكار المنكر.
من مراجع الموضوع:
1- شخصية المرأة المسلمة- محمد علي الهاشمي.
2- المسلمة المعاصرة التزام ودعوة حيدر قفه.
3- شخصية المسلمة في ضوء القرآن والسنة- خالد العك.
4- مسؤولية النساء في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فضل إلهي.
5- المرأة المعلمة المعاصرة(إعدادهاومسؤوليتها في الدعوة)- أحمد أبا بطين.
6- غراس السنابل عبد الملك القاسم.
الموضوع الثالث: الزينة
عناصر الموضوع:
1- الزينة الحقيقية ومكانتها في الإسلام.
2- ضوابط في زينة المرأة المسلمة.
3- أثر التقليد في الزينة.
4- مفسد وأضرار الزينة المحرمة.
من مراجع بحث هذا الموضوع:
1- زينة المرأة المسلمة عبد الله الفوزان.
2- زينة المرأة المسلمة- فاطمةأنجوم.
3- ضوابط هامة في زينة المرأة- نبيل محمود.
4- شخصية المرأة المسلمة في ضوء القرآن والسنة- خالد العك.
5- الإسراف في الملابس النسائية-عبد الله الرزيجي.
6- فتاوى زينة المرأة والتجميل مجموعة من العلماء.
7- أحكام كشف الوجه والزينة والاختلاط- مجموعة من العلماء.
الموضوع الرابع: الهاتف آدابه وأضراره:
عناصر الموضوع:
1- آداب وضوابط في استخدام الهاتف.
2- أراء واقتراحات في تحسين استعمال الهاتف.
3- محاذير واخطاء في استعمال الهاتف.
4- كتابة رسائل في مخاطبة من لم تحسن استخدام الهاتف.
من مراجع الموضوع:
1- آداب الهاتف بكر أبو زيد. 2- حصائد المعاكسات- صالح الونيان.
3- شريط(هشيم المعاكسات)- عبد الله الجعيثن. 4- شريط(يا فتاة) محمد الدويش.
الموضوع الخامس: سيرة أسماء بنت أبي بكر والدروس المستفادة منها
من مراجع الموضوع:
1- أخبار النساء في سير أعلام النبلاء(الجزء الثاني)- عبيد الشعبي.
2- صور ومواقف من حياة الصحابيات- مؤمن فريز جرار.
3- ذات النطاقين- محمد بن حسن برغيش.
انتهت الدروس المقترحة وأرجوا من الله العلي القدير أن ينفع بها من كتبها وقرأها.
http://www.saaid.net المصدر:
==============
ضوء في طريق الغرباء
بدأ الوحي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتلك الهزة الشديدة العنيفة، وكأنها تهيئة له - صلى الله عليه وسلم - لاستقبال ذلك الأمر الضخم ليكون - عليه الصلاة والسلام - في قمة الانتباه والصحو.
ثم يأتي أول أمر، أول توجيه، أول كلام الله - عز وجل - إلى رسوله الكريم وإلى البشر أجمعين (اقْرأْ)، يأتي دعوة قوية للقراءة والعلم..
قراءة الكون والحياة، قراءة الإنسان والكائنات، قراءة السنن والأوضاع والأحوال.
قراءتها على هذا النحو (بِاسْمِ رَبِّكَ الَذِي خَلَقَ) باسم الله - سبحانه - الخالق المبدع، اقرأ هذه الآيات ولكن بالنظرة الجديدة بالإخلاص الكامل والتجرد لله الواحد، اقرأ كل هذه الآيات ولكن من خلاله - سبحانه - بالتصور الذي يوحيه ويرضاه، اقرأ وزن ولكن بميزان الله، وانظر وشاهد ولكن من خلاله - سبحانه -..
إخلاص كامل، ونقلة بعيدة..
هذا هو الطريق وتلك أولى خطواته، طريق تقوم خطواته منذ بدايتها على الجادة واليقظة والانتباه بل على قمة هذه المعاني تسير يدفعها الإخلاص والتجرد لله - سبحانه -..
هذا هو الطريق إخواني فهل نحن سائرون؟ ! نعلم إخواني إن الاستمرار على الجادة شيء صعب، وإن الارتقاء ومداومة اليقظة والصحو شيء كذلك صعب يحتاج إلى عزيمة لا تنضب، كما أن الإخلاص ومتابعة النفس وشهواتها والتجرد لله - تعالى -شيء يحتاج إلى صلة دائمة بالله- تبارك وتعالى -وذكر دائم، وأن كل هذا في إجماله يحتاج إلى صبر لا ينفذ.
لهذا فأول ما يحتاج إليه الإنسان بعد أن يضع قدمه على الطريق ويخلص النية والقصد ذلك هو الزاد..
فتعالوا معي إخوتي لنرى ما الذي وجه الله - تعالى -إليه نبيه الكريم ليستطيع حمل التبعة والأعباء العظام.
تعالوا لنرى ثم لنحاول أن نحمل أنفسنا على مثله، عسانا نصدق في اقتفاء الأثر الكريم لذي الخلق العظيم على درب رب العالمين.
في محاولة لبعث الأمة من جديد بعد إزالة الغربة على طريق التمكين لدين الله ربنا رب العالمين.
كان من أول التوجيهات تلك التي جاءت في أول سورة المزمل وأول سورة المدثر، فكانت دعوة إلى قيام الليل والتهجد، وترتيل القرآن الكريم كلام الله رب العالمين، وكانت دعوة لذكر أسماء الله وصفاته والتسبيح والتبتل إليه والخضوع لجنابه، وكانت دعوة للتوكل عليه والخلوص إليه - سبحانه - فهو مالك الملك رب المشرق والمغرب بيده الأمر كله وهو فعال لما يريد، ثم كانت الدعوة إلى الصبر والاحتمال، هذا مع الإعراض عن سبيل المجرمين وفي الحقيقة أن كل هذا من قيام وترتيل وذكر وتبتل وحسن توكل يحتاج إلى صبر تتقاصر دونه الهمم الضعيفة وترتعد منه الأوصال الهزيلة في حين أن من يقوم بتلك الأعمال فإنه يزداد يقينه وتثبت أقدامه وبالتالي يزيد صبره فهي حلقات يسلم بعضها إلى بعض، وهي في مجملها الزاد والنبع الذي لا ينضب.
http://www.albayan-magazine.com المصدر:
==============
أئمة المساجد .. ومسؤولية التوجيه
الدكتور عبد الرحمن العشماوي
المسجد مصدر إضاءة في المكان الذي يقام فيه ويكفيه أنه بيت الله، ولا يمكن يكون بيت الله إلا مضيئاً، والمرتادون المسجد ضيوف الله، ولن يجد ضيف الله إلا الكرم والكرامة، والغنيمة والسلامة، والرحمة والأجر المضاعف الكبير.(13/156)
وما دام المسجد بيتاً لله - عز وجل -، ومصدر للإضاءة ومكاناً للضيفة كريمة سخية فإن مسؤولية إمامته كبيرة، والدور المنتظر خطير، فليس دور الإمام أن يدخل المسجد قبيل إقامة الصلاة ويقول لمؤذنه، أقم ثم يقول للناس: استووا واعتدلوا ثم يتجه إلى القبلة ويبدأ الصلاة، ثم يسلم ويتجه إلى المصلين بوجهه حتى إذا أتم تسبيحه وذكره قام من محرابه مودعاً بمثل ما استقبل به من نظرات بعض المصلين ليس دور الإمام محصوراً في أداء الصلاة فقط، فإنه يتجاوز ذلك إلى التوجيه والإرشاد والإصلاح، وبناء علاقة حميمة مع المصلين وسكان المنطقة التي يوجد فيها المسجد.
ولا نختلف جميعاً في أهمية أن يكون إمام المسجد على مستوى متميز من حسن الخلق ولين الجانب وسعة الصدر ودقة المتابعة لأحوال الناس والشعور بالمسؤولية التي يحملها، فإن قصر الإمام في مجال التوجيه والمتابعة، ولم ينتبه إلى ما يحتاجه الناس من توجيه في صلاتهم وسلوكهم، ومن مساعدة لهم في حل مشكلاتهم ومشاركة لهم في مناسباتهم، فإن بذلك يختضر رسالة المسجد الكبرى اختصاراً مخلاً، ويتخلى عن جزء مهم من مسؤوليته.
حينما ترى مخالفات كثيرة مستمرة من كثير المصلين صغاراً وكباراً، ونرى إهمال الإمام لها، وعدم الإحساس بها، وكان أمر المصلين لا يعنيه، فإننا نشعر بضرورة توجيه هذا الإمام نفسه إلى حقيقة دوره في مسجده، ونشعر بأهمية عناية وزارة الشئون الإسلامية بتدريب الأئمة تدريباً يحقق ما تصبو إليه نفوس الناس من أئمة مساجدهم، إن الأعمال الجليلة التي يمكن أن يقوم بها إمام المسجد كثيرة، وإنها مهمة لقيام المساجد بدورها المتكامل في إصلاح شؤون الناس وتوجيههم.
ويظل نظر كثير من أئمة المساجد قاصراً حينما يظنون أن هذا العمل الجليل لا يتجاوز أداء الصوت، وقراءة حديث أو حديثين بعد صلاة العصر، وطلب التبرع من المصلين لدعم جماعة تحفيظ القرآن الكريم بين وقت وآخر، لأن هناك أموراً أخرى مهمة جديرة بالمتابعة والاهتمام.
إن المتابع لأحوال الناس في المساجد يرى من مظاهر الغفلة، وغياب الخشوع وغلبة العادة في أداء الصلاة دون تحقيق حضور القلب المهم الذي تنضبط به أعمال المصلين لدعم جماعة تحفيظ القرآن الكريم بين وقت وآخر، لأن هناك أموراً أخرى مهمة جديرة بالمتابعة والاهتمام.
إن المتابع لأحوال الناس في المساجد يرى من مظاهر الغفلة، وغياب الخشوع وغلبة العادة في أداء الصلاة دون تحقيق حضور القلب المهم الذي تنضبط به أعمال المصلين وحركاتهم، يرى من ذلك ما يوحي بأهمية دور الإمام الموجه المرشد.
وهناك مجموعة من المخالفات اليومية التي تحدث على مسمع من الإمام ومرأى، ومع ذلك فنحن نعرف أن بعض الأئمة يستسلم لروتين إمامته دون أن ينتبه إلى شيء من تلك المخالفات أبداً، وهذا تفريط وتقصير واضح في مسؤولية إمامة المسجد.
ومن المخالفات التي تحدث دائما ما يلي:
- كثرة الحركات في الصلاة بصورة مزعجة فالجسم يتمايل واليد اليسرى مشغولة بإصلاح العمامة، واليمنى بالدخول في الجيب والخروج منه... إلى آخر ما هنالك من حركات جمعها أخونا د. عبدالله الحكمي الأستاذ في كلية أصول الدين في أرجوزة لطيفة ظريفة صدرت في شريط بإنشاد المنشد سمير البشيوي يحسن الاستماع إليها.
- إيقاعات الجوالات التي تنتشر أصداؤها المختلفة في جنبات المسجد.
- تخطي رقاب الناس بطريقة لا تخلو من سوء أدب.
- قطع صلاة المصلين بصورة لافتة للنظر خصوصاً ممن يصلون في الصفوف الأولى وينفرون من أماكنهم بعد السلام مباشرة.
- الركض مع اللهاث من المتأخرين لإدراك الركوع حينما يدخلون المسجد والإمام راكع.
- المحادثات بأصوات مرتفعة بين المصلين وقت انتظار الصلاة أو بعد السلام.
- عدم اهتمام كثير من المصلين بنظافة ملابسهم، فالعمال لا يهتمون باتخاذ ملابس للصلاة، ولذلك يحصل من الأذى للمصلين في المسجد ما لا يحتمله المصلي أحياناً، والشباب وبعض الرجال يأتون إلى المساجد بملابس النون بألوانها المختلفة، وبأشكالها الحسنة وغير الحسنة، أو بملابس الرياضة، ويأتون بثيابهم التي أثقل كاهلها ما عليها من البقع والأوساخ.
- يأتي بعض الناس مشمري الأكمام، وكأنهم مقبلون على مائدة من الطعام.
- بعض المصلين يرفع صوته بقراءة القرآن بين الأذان والإقامة وكأنه في مهرجان عام، ناسيا ما يسببه للمصلين من الانشغال عن صلاتهم.
- هنالك عبث في كثير من المساجد من الأطفال والفتيان وبعض الشباب، ركض في المسجد وأحاديث مرتفعة، وضحك وتنكيت، وفي هذا السلوك دلالات متعددة على الإهمال التربوي الكبير عندنا، فالأسرة لا تعلم والمدرسة لا تعلم والمسجد لا يعلم وأقصد هنا تعليم نواحي السلوك السوي واحترام الأماكن والمواقف، وهذه المخالفات وغيرها كثير تجري في كثير من مساجدنا فأين دور الإمام في إصلاحها وتوجيه الناس في شأنها؟
يا أئمة المساجد الكرام إن عليكم مسؤولية توجيهية كبيرة، وهي مسؤولية تقع أيضاً على عاتق المؤذن الذي يجب أن يكون له دور مساند للإمام، وأن المصلي صغيراً كان أو كبيراً يحتاج إلى تذكير ونصيحة، والمسجد مكان تترقى فيه الروح، وتنشرح فيه الصدور، وتستجيب فيه النفوس للنصيحة الهادفة الهادئة المستمرة فهل نطمح إلى مضاعفة الجهد في هذا المجال؟
ولا ننسى أن ننوه هنا ونشيد ببعض أئمة المساجد الذين تظهر جهودهم جلية في الأحياء التي يؤمون مساجدها.
إشارة:
تتلاشى مظاهر الكون عندي *** حين تصطف للصلاة الصفوف
http://www.dawahwin.com المصدر:
=============
استقامة الداعية
الشيخ /أحمد البز يع(13/157)
ذات يوم استوقفنى شيخ فاضل له بصمة واضحة في العمل المصرفي الإسلامي في الكويت* وقال لي: يا بني إن أقرب طريق للالتقاء بين نقطتين هو الخط المستقيم وإن أي انحراف في الخط المستقيم سواء في البداية أو في النهاية ولو كان بسيطا يجعلك لا تصل إلى النقطة المحددة لأن زاوية الانحراف مع امتداد الخط المستقيم سوف تكون كبيرة جدا، عند ذلك توقفت أتدبر بعض الآيات الكريمات في مفهوم الاستقامة.
قال الله - تعالى -: {فلذلك فادع واستقم كما أمرت ولا تتبع أهواءهم} الشورى أية 15، {فاستقم كماامرت ومن تاب معك ولا تطغوا إنه بما تعملون بصير} هود أية 112
والدعاة إلى الله أحوج ما يكونوا اليوم إلى تحقيق مفهوم الاستقامة في أنفسهم وأهليهم أولا وفيمن حولهم من المدعوين وإلا كان الانحراف وقلة التوفيق في العمل الدعوى، وقد أوصى الرسول - صلى الله عليه وسلم - أصحابه بالاستقامة فعن سفيان بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: قلت يا رسول الله، قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحداً غيرك قال: " قل: أمنت بالله ثم استقم " رواه مسلم.
يقول الإمام ابن رجب الحنبلي في تعريف الاستقامة في" كتاب جامع العلوم والحكم": " هي سلوك الصراط المستقيم وهو الدين القيم من غير تعريج عنه يمنة ولا يسرة ويشمل ذلك فعل الطاعات كلها الظاهرة والباطنة، وترك المنهيات كلها كذلك فصارت هذه الوصية جامعه لخصال الدين كلها"
والمؤسسة الدعوية متى ما إن تنتهج طريق الاستقامة في غاياتها ووسائلها الدعوية ألا وتحقق الهدف وحصل التوفيق، والاستقامة ليست شكل ظاهر وملبس تدين بل هي سلوك يتعلق بالظاهر والباطن.
يقول ابن القيم الجوزية: " فالاستقامة كلمة جامعة، أخذه بمجامع الدين. وهى القيام بين يدي الله على حقيقة الصدق والوفاء، والاستقامة تتعلق بالأقوال والأفعال والأحوال والنيات"
الاستقامة منهج حياة نتلوه كل يوم المرات الكثيرة فهل تدبرنا قول الله عزوجل {اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين}الفاتحة- فمن هم أصحاب الصراط المستقيم الذين أنعم الله عليهم وما صفتهم فتعال معي ودقق فهمك في ما قاله ابن القيم الجوزية يقول - رحمه الله -:
"ولما كان طالب الصراط المستقيم طالب أمر أكثر الناس ناكبون عنه، مريدا لسلوك طريق مرافقه فبها فى غاية القلة والعزة، والنفوس مجبولة على وحشة التفرد وعلى الأنس بالرفيق، نبه الله - سبحانه - على الرفيق فى هذا الطريق وأنهم هم الذين {أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا}فأضاف الصراط إلى الرفيق السالكين له، وهم الذين أنعم الله عليهم، ليزول عن الطالب للهداية وسلوك الصراط المستقيم وحشة تفرده عن أهل زمانه وبنى جنسه، وليعلم أن رفيقه في هذا الصراط: هم الذين انعم الله عليهم فلا يكترث بمخالفة الناكبين عنه له فإنهم الأقلون قدرا وإن كانوا الأكثرين عددا، وكلما استوحشت في تفردك فأنظر إلى الرفيق السابق واحرص على اللحاق بهم وغض الطرف عمن سواهم، فأنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا ً، وإذا صاحوا بك في طريق سيرك فلا تلتفت إليهم فإنك متى التفت إليهم أخذوك وعاقوك "
فلتكن سمة الدعاة الاستقامة ولنعمل على إحياء ذلك في مجتمعاتنا التي تفشت فيها مظاهر الانحراف والغش والخديعة والزور ولنعلم إن مؤسساتنا الدعوية ليست ببعيد عن ذلك الانحراف إن لم نتواصى على سلوك الصراط المستقيم. الذي دعا إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - والأنبياء من قبل قال الله - تعالى -: {وإنك لتهدى إلى صراط مستقيم، صراط الله الذي له مافى السموات ومافى الأرض ألا إلى الله تصير الأمور}الشورى الاستقامة لها أصل متى تحقق ظهر أثره على السلوك والأخلاق فكان الداعية بذلك مشعل نور وقدوة لمن حوله من المدعوين والخصوم
يقول ابن رجب الحنبلي: "فأصل الاستقامة استقامة القلب على التوحيد فمتى استقام القلب على معرفة الله وعلى خشيته وإجلاله ومهابته ومحبته وإرادته ورجائه ودعائه والتوكل عليه والإعراض عما سواه استقامت الجوارح كلها على طاعته، فإن القلب هو ملك الأعضاء وهى جنوده، فإذا استقام الملك استقامت جنوده، وأعظم ما يراعى استقامته بعد القلب من الجوارح اللسان فإنه ترجمان القلب والمعبر عنه، وفى مستند الإمام أحمد عن انس - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: {لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه}"
إن التساهل في تأصيل العبادات القلبية و المفاهيم السلوكية التربوية في المؤسسة الدعوية أظهر لنا نوع من الدعاة يتقن فن الكلام والإقناع وصياغة العبارات ولكن مخفق في سلوك طريق المجاهدة لاقتفاء الصراط المستقيم الذي أمرنا بإتباعه، قال ابن مسعود - رضي الله عنه - " خط لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطاً وقال: هذا سبيل الله ثم خط خطوطا عن يمينه وعن يساره، وقال: هذه سبل على كل سبيل شيطان يدعو إليه، ثم قرأ قوله - تعالى -: {وأن هذا صراطي مستقيما فأتبعوه ولاتتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون}
ومن توفيق الله لعباده أن يدلهم على طريق الإستقامه قال شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله - "أعظم الكرامة لزوم الاستقامة" ولاشك أن سلوك طريق الاستقامة عمليه مستمرة في حياة الداعية حتى يسهل له قياد نفسه وحتى عند تلك اللحظة عليه أن يكون على حذر من مصائد النفس والشيطان يقول محمد بن المنكدر- رحمه الله -: {كابدت نفسي أربعين سنة حتى استقامت}(13/158)
والداعية إلى الله - تعالى - يجب أن يسلك طريق التسديد والمقاربة في تربية نفسه على الأخلاق والعبادات القلبية فقد أخبر بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - حينما قال: {سددوا وقاربوا، وأعلموا أنه لن ينجو احد منكم بعمله قالوا ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل} رواه مسلم. قال ابن القيم الجو زيه: "فجمع هذا الحديث مقامات الدين كلها فأمر بالاستقامة وهى السداد والإصابة في النيات والأقوال والأعمال". ويقول في موضع أخر: " والمطلوب من العبد الاستقامة وهى السداد فإن لم يقدر عليها فالمقاربة فإن نزل عنها فالتفريط والإضاعة" يقول الله - تعالى -: {قل إنما أنا بشرٌ مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم واحدٌ فاستقيموا إليه واستغفروه} فصلت 6
وفى قول الله عز وجل: {فاستقيموا إليه واستغفروه} يقول ابن رجب الحنبلي: "إشارة إلى إنه لابد من تقصير في الإستقامه المأمور بها، فيجبر ذلك بالاستغفار المقتضى للتوبة والرجوع إلى الاستقامة فهو كقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ - رضي الله عنه -: {اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها}
وفى الختام ما كتبت هذه الكلمات إلا تذكيرا لنفسي المقصرة ونصحا لإخواني الدعاة سائلا الله العظيم أن يجمعنا مع أما م الدعاة سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم -.
http://www.sst5.com المصدر:
============
مطلبان للدعاة
د. سليمان التميمي
يلاقى الدعاة إلى الله صنوف الأذى بدءاً من مضايقتهم، والتجسس عليهم، والتصنّتِ على كل مكالماتهم، ومراقبة أعمالهم، وتتبع حركاتهم، وإحصاء أنفاسهم وأقوالهم، وروحاتهم وغدواتهم، وأصحابهم وجلسائهم، وانتهاءً باعتقالهم وسجنهم، وضربهم أو قتلهم، وأخذهم بصورة لا تليق بكرامة الإنسان.
ويستقبل الدعاة هذا كله برحابة صدرٍ، وصبر واحتمال، وهم يعلمون أنّ العاقبة للمتقين، والبشرى للصابرين، وأَنّ نصر الله - لا ريبَ - آتٍ والعجلة لا تقدّمه، كما أن التريث لا يؤخره، محتسبين ما يجري عليهم من ظلمٍ وإفك، وأذى واضطهادٍ عند الله، ولله.
وهم مع هذا متمسكون بدينهم، لا يتقهقرون عن دعوتهم، ويطلبون أن يخلى بينهم وبين الشعوب الإسلامية لدعوتها وإصلاحها، قياماً بالواجب الذي افترضه الله على عباده المؤمنين: (ومَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إلَى اللَّهِ وعَمِلَ صَالِحاً وقَالَ إنَّنِي مِنَ المُسْلِمِينَ) (ادْعُ إلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ والْمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) وهم في حالهم تلك لا يسألون الناس أجراً، يفرحون بهداية المهتدين، وعودة التائبين: (وجَاءَ مِنْ أَقْصَا المَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا المُرْسَلِينَ * اتَّبِعُوا مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وهُم مُّهْتَدُونَ) هذا وصف داع للإجابة، دالٌّ على الصدق: (ومَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إنْ أَجْرِيَ إلاَّ عَلَى رَبِّ العَالَمِينَ) ويتحملون ما يأتيهم من الأذى والاضطهاد ممَّن يدعونهم، ولا يؤاخذونهم على ما يصدر منهم من أذى، بل يعرضون عنه كأن لم يسمعوا ولم يروا: (فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّى عَن ذِكْرِنَا ولَمْ يُرِدْ إلاَّ الحَيَاةَ الدُّنْيَا) والإعراض- هنا- ليس هو ترك الدعوة، ومقاطعة المعرضين، بل عدم مؤاخذة المدعوين، بما يصدر عنهم من أذىً، مع الاستمرار في الدعوة والبلاغ، والحرص على الخير.
وفيما هم على هذه الحالة، يعترض طريقهم المتنفذون من أصحاب الجاه والدنيا، يقطعون عليهم طريق الدعوة إلى الله، ويحاربونهم من أجلها، لا يطلبون أن يميّزوا بمعاملة خاصة، أو يعطوا شيئاً ليس لهم - وهم أقرب الناس إلى الزهد فيما هو من حقهم، ولهم - بل يطلبون مساواتهم بالمجرمين، من قطاع الطرق، والسراق، وغيرهم - وهو أمر مع ما يحمله من الظلم البين والإجحاف مطلبٌ يمنعه أصحاب السلطان - وذلك بإحالتهم إلى القضاء.
إذ أن هؤلاء إذا قُبض عليهم أحيلوا على الشرع لإقامة حكم الله فيهم، بخلاف الدعاة الذين يحالون إلى الجلادين من الشرط ورجال الأمن والاستخبارات بطريقة لا تمت إلى الإنسانية، فضلاً عن الإسلام بصلة.
أليس هذا الطلب عادلاً، بل متواضعاً، بل ظالماً، ومع ذلك يرض به من نذروا أنفسهم ومالهم ووقتهم لدعوة الناس إلى الخير.
ويا لها من أمةٍ منكوبة، جعلت دعاة الإسلام يتواضعون إلى هذا الطلب الجائر، على حين أن الواجب أن يجعل الدعاة فوق الهام، وأن يؤخذ برأيهم، وأن يقدموا في كل شيء.
هذه حال الدعاة في الدول التي تدعي الإسلام.
أمّا الدول التي أعلنت براءتها من الإسلام، وانخلعت من ربقته بجعل التحكم إلى الجاهلية، والقوانين الوضعية، والبراءة من الإسلام في دساتيرها، فالأمر فيها أسوأ، فإن مطلب الدعاة فيها أن يعاملوا معاملة إنسانية، تليق ببني آدم، على وفق ما تنادي به دول الكفر التي تدعي الديموقراطية، ورعاية حقوق الإنسان التي من أبسطها في نظرهم حرية التعبير.(13/159)
وللدعاة مطلب آخر من حملة العلم والمؤمنين من عباد الله بأن يؤازروهم ويقفوا معهم، ويشاركوهم في دعوتهم التي كلف بها كل مؤمن، ويدفعوا عنهم كل إفك وزور، وكل شر يتربص بهم، وإن لم يكن هذا فعلى الأقل أن يقفوا موقف مؤمن آل فرعون الذي قال: (أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وقَدْ جَاءَكُم بِالْبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ وإن يَكُ كَاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وإن يَكُ صَادِقاً يُصِبْكُم بَعْضُ الَذِي يَعِدُكُمْ إنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ * يَا قَوْمِ لَكُمُ المُلْكُ اليَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الأَرْضِ فَمَن يَنصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إن جَاءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إلاَّ مَا أَرَى ومَا أَهْدِيكُمْ إلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ) [1].
فأين المشايخ وحملة العلم من هذا الموقف؟ ! إن الدعاة يتوقعون من هؤلاء أن يقفوا هذا الموقف على أقل تقدير، إن لم يكن منهم قيادة للدعوة وتصدر وزعامة، ويرجون أن لا يأتي منهم خذلان في وقت الحاجة إليهم.
وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - « المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله، ولا يكذبه، ولا يحقره » رواه مسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
ألا فليعلم هؤلاء المتنفذون أصحاب الجاه، المتحكمون في شئون أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - أن للباطل جولة، يعود بعدها الحق إلى الظهور، ثم تكون الغلبة له، وأن هذا الدين ما جعله الله آخر الأديان إلا ليعمَّ الأرض كلها: (هُوَ الَذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى ودِينِ الحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ولَوْ كَرِهَ المُشْرِكُونَ) وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد قال: « ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين، بعزٍ عزيز، أو بذلٍ ذليل، عزاً يعز الله به الإسلام، وذلاً يذل به الكفر » رواه ابن حبان.
وأن الله قد وعد بإعلائه ونصره على الرغم من كيد الكائدين وعداوة الكفار والمنافقين، وسيكتب الخزي على المنافقين والمرجفين: (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ واللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ ولَوْ كَرِهَ الكَافِرُونَ) ألا فليعلم الذين يخادعون الله أن الله خادعهم، وأن الصدق والوضوح خير من النفاق والخداع، وأن الشعوب تعلم حقيقة أمرهم، وأنهم قد فقدوا مصداقيتهم أمام شعوبهم، وقد قال رسول الله - صلى الله علمه وسلم -: « إنها ستكون أمراء يكذبون ويظلمون، فمن صدقهم بكذبهم، وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه، ولا يرد عليَّ الحوض ومن لم يصدقهم بكذبهم ولم يعنهم على ظلمهم فهو مني وأنا منه، وسيرد عليَّ الحوض » أخرجه الإمام أحمد عن أربعة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورضي عنهم، وهم أبو سعيد الخدري، وكعب بن عجرة، والنعمان بن بشير، وحذيفة بن اليمان.
ولا أظنُّ عصراً تجلى فيه الكذب مثلما تجلى في هذا العصر، بوسائل إعلامه من إذاعة وتلفاز وصحف، وغيرها.
حتى صار في مقدور هذه الوسائل أن تحول الظلم إلى عدل، والنهب إلى رجولة وذكاء، والباطل إلى حق، والكذب إلى صدق، والخيانة إلى أمانة، ولكن هذا كله يبق محصوراً في فئة من الناس وفي مكان محدود، وفي زمان معين ثم تنكشف الحقائق ولو بعد حين، فيعود كل شيء إلى أصله ووضعه الطبيعي، ويتصور هؤلاء أن حقيقتهم لن تكشف، وبواطنهم لن تظهر، وسرائرهم لن تعلن وقد أخطأوا في هذا الظن وسيقال لهم: (وذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنَ الخَاسِرِينَ) [2].
ألا فليعلم هؤلاء المخذلون ممن نسبوا إلى العلم الشرعيّ، وحسبوا عليه أن ما هم فيه محض ابتلاء والله ناصر دينه بهم أو بغيرهم: (وإن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ) [3].
أخرج ابن أبي حاتم وابن جرير من حديث أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تلا هذه الآية، قالوا: يا رسول الله من هؤلاء الذين إن تولينا استبدلوا بنا، ثم لا يكونوا أمثالنا قال: فضرب بيده على كتف سلمان الفارسي ثم قال: هذا وقومه، ولو كان الدين عند الثريا لتناوله رجال من الفرس » قال ابن كثير: تفرد به مسلم بن خالد الزنجي ورواه عنه غير واحد وقد تكلم فيه بعض الأئمة والله أعلم به.
ألا فليعلم، ثم ليعلم هؤلاء أن الدين دين الله، وأنه لابد غالب والعاقبة للمتقين، وأن الله هو الذي يختار له أنصاره والمؤمنين به: (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الكِتَابَ الَذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ ومِنْهُم مُّقْتَصِدٌ ومِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الفَضْلُ الكَبِيرُ) [4].
وأن العاقبة تكون لهم ولمن ناصرهم في الدنيا، ويوم لا تنفع نصرة ولا شفاعة: (إنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا والَّذِينَ آمَنُوا فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا ويَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ * يَوْمَ لا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ ولَهُمُ اللَّعْنَةُ ولَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) [5].
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) غافر 28-29.
(2) فصلت 23.
(3) محمد 38.
(4) فصلت 23.
(5) محمد 38.
http://www.albayan-magazine.com المصدر:
=============
ثغرات خفية
مهدي بن نزال المهدي
أخي الداعية المربي إننا بحاجة ماسة إلى من يخرج بجهوده جيل فريد من نوعه ليسير على درب الهدى وينفع أجيالاً أُخر.
لكن ما هي الثغرات التي تقف أمام الجيل الجديد لكي ينحرف عن درب الهدى..(13/160)
وما هي أخطاء جهود الداعية المربي في ذلك؟ !
إن من الأخطاء:
1) عدم إدراك أفكار وشعور الأجيال المستقبلية:
من المعلوم أن الأفكار والمعتقدات تقع في عقل الإنسان ويصعب على المرء معرفة ما يكنُّه رفيقه في قلبه من آلام وأحلام..
وكل إنسان له أفكار مستقبلية..
وكذلك الجيل الجديد.
وما إن يعرف الجيل الطريق السوي ومعه أفكاره ومعتقداته المستقبلية التي يبني عليها حياته إلا ويأتي دور الداعية المربي لتوجيهه وارشاده..
وهنا يقع الخطأ في التوجيه! من تلقين العلم والعمل زمراً زمراً من غير دراسة لأفكاره المستقبلية..
فما إن يرى الجيل هذا النوع من المعاملة وعدم موافقتها لما يدور في خلده إلا وتكثر مجاملته لمعلمه وعدم اهتمامه بهذا الطريق السوي ظناً منه أنه ممل..
ويتدرج هذا الشعور إلى التفكر في السقوط ثم السقوط بعد ذلك.
2) الإحاطة بمجتمع الجيل:
» الناس أجناس «، والمجتمع فيه السيئ والمحسن..
والجيل يندرج تحت غطاء السيئ أو المحسن في مجتمعهم..
وبعد تمسك الجيل بدرب الهدى يأتي خطأ الداعية المربي حينما يفرض عليهم أعمالاً وأفكاراً هي في نظر المربي سهلة معتادة في مجتمعه ولكنها في نظر الطرف الآخر عكس ذلك كله في مجتمعه..
وتأتي المجاملة لتحل هذا لموقف الحرج..
ولكنها لا تجدي وبالتالي لابد لذلك الفرد السير خلف مجتمعه إن كان ضعيفاً أو الوقوف محتاراً..
ويأتي حصاد السقوط بعد هذا.
3) بين الأمر والإجابة:
إذا عرف الإنسان طريق الخير وطريق الشر عرف على إثر ذلك الأعمال الموافقة لهما والمنافية لهما..
وللمربي الحق في أمر الجيل بأمر متوجب شرعاً على انفراد بعد ما يبينه له في سابق زمان..
وأما أمور الخير عامة فينبغي للداعية المربي عدم إلزامه بها ولكن له أن يعرضها في قالب جميل من الحكمة وأن يجعل من نفسه صورة معكوسة لأمور الخير عامة.
إن الإلزام بشكل عام بحكمة ورزانة لأمر مستحب ومستحسن ولكن إذا طغى هذا الجانب على الجيل وأصبح يشغل حيزاً كبيراً من شعوره فإنه ما إن يحاول ترك طريق الهدى مع معرفته له..
لا سيما إذا كان الجيل في أول طريقه للخير فإنك ترى التقهقر والرجوع ينتابه.
http://www.albayan-magazine.com المصدر:
============
آية فيها عشرون خطبة
أمير بن محمد المدري
إنّ كثيراً من الخطباء اليوم يعانون البحث طويلاً عن موضوع الخطبة هنا وهناك ولا يكاد يستقر أحدهم على موضوع بينما لو غاص الخطيب في كتاب الله لوجد كل ما يشفي فؤاده فهو البحر الذي لا ينضب ولا تنقضي عجائبه ولا تنتهي غرائبه فهذه آية واحدة من كتاب الله لو تأملها الخطيب والداعية وعاش في ضلالها وتدبر معانيها لضل يخطب منها سنة كاملة.
وهذه الآية هي قول الله - جل وعلا -
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ))المائدة54
1- يا ايها الذين امنوا:
عناصر الموضوع
ماهية الإيمان - أركان الإيمان - مظاهر ضعف الإيمان - أسباب تقوية الإيمان - صفات المؤمنين في القرآن
2 -من يرتد:
عناصر الموضوع
أساب الردة - حكم الشرع في الردة - مظاهر الردة
من يحبهم الله
3- إن الله يحب المتقين:
عناصر الموضوع
ماهية التقوى - صفات المتقين - ثمرات التقوى - طرق الوصول إلى التقوى
4-إن الله يحب المحسنين:
ماهية الإحسان - صفات المحسنين - مجالات الإحسان (الإحسان إلى الجار والوالدين وأولي القربى - الإحسان في القول - الإحسان في العمل - الإحسان في المعاملة)- ثمرات الإحسان
5-أن الله يحب الذين يقاتلوا في سبيله صفاً:
عناصر الموضوع
أهمية الوحدة - أضرار الفرقة - الاعتصام بالله
6- إن الله يحب التوابين:
عناصر الموضوع
ماهية التوبة - شروط التوبة - ثمرات التوبة - نماذج التائبين
7-الصابرين:
عناصر الموضوع
ماهية الصبر - أنواع الصبر- ثمرات الصبر - نماذج الصابرين
8-إن الله يحب المتوكلين:
عناصر الموضوع
ماهية التوكل - ثمرات التوكل - نماذج المتوكلين
9-إن الله يحب المقسطين:
عناصر الموضوع
أهمية العدل - مجالات العدل (بين الاولاد- بين الزوجات - في الحكم - في القول........... الخ) - نماذج العادلين
10-قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله:
عناصر الموضوع
طاعة النبي صلى الله علبه وسلم - ثمرات اتباع النبي صلى الله علبه وسلم - في الدنيا والآخرة - الاقتداء بالنبي صلى الله علبه وسلم أباً وجاراً وزوجاً وقائداً... الخ
11- ويحب المتطهرين: -
عناصر الموضوع
الطهارة في الإسلام - طهارة الجسد - طهارة القلب - طهارة المال - طهارة المجتمع
12- وجبت محبتي للمتحابين فيّ: -
عناصر الموضوع
أهمية الحب في الله - ثمرات الحب في الله - الأخوة في الله
13- الذلة على المؤمنين: -
عناصر الموضوع
النبي الرحيم - التواضع للمؤمنين - وإزالة ما يؤذيهم – إنظار معسرهم - وتفريج كربتهم - الرفق بهم حب لهم ما يحب لنفسه القيام بحقوقهم عدم ترويعهم عدم هجرهم نصرتهم... الخ
14-العزة على الكافرين: -
عناصر الموضوع
مظاهر الشدة عليهم في دار الحرب مظاهر الشدة عليهم في دار الإسلام
15-الجهاد في سبيل الله: -
عناصر الموضوع
فضل الجهاد في سبيل الله أنواع الجهاد في سبيل الله باللسان، جهاد النفس، الجهاد بالمال ، الجهاد التعليمي .... الخ
من يبغضهم الله
16- والله لا يحب الظالمين: -
عناصر الموضوع(13/161)
الظلم وخطره أنواع الظلم .. الشرك الحكم بغير ما أنزل الله التكذيب بآيات الله .... الخ - جزاء الظالمين
17-والله لا يحب كل كفار أثيم: -
عناصر الموضوع
ماهية الكفر جزاء الكافرين أشياء تؤدي إلى الكفر
18-إن الله لا يحب المعتدين: -
عناصر الموضوع
صور الاعتداء على المال، على الأعراض، تحريم ما أحل الله، تجاوز الحد بالمشروع إلى غير حده جزاء المعتدين
19-إنه لا يحب المسرفين: -
عناصر الموضوع
معنى الإسراف - صور الإسراف جزاء المسرفين في الدنيا والآخرة
20-إن الله لا يحب كل مختالٍ فخور: -
عناصر الموضوع
ماهية الاختيال والفخر صور الخيلاء حكم الشرع في الفخر والخيلاء
21-إن الله لا يحب الخائنين: -
عناصر الموضوع
معنى الخيانة أمثلة للخيانة جزاء الخائنين في الدنيا و الآخرة
22-والله لا يحب المفسدين: -
عناصر الموضوع
من أنواع الفساد الصد عن سبيل الله، محاربة المسلمين بالسلب او النهب أو القتل، عدم تطبيق اوامر الله، الغيبة جزاء المفسدين في الدنيا والاخرة
23-إن الله لا يحب الفرحين: -
عناصر الموضوع
الفرح المذموم والفرح المحمود قصة قارون
مراجع الخطيب للبحث في هذه المواضيع: -
تفسير القرطبي تفسير ابن كثير في ظلال القرآن جند الله ثقافة وأخلاقا - كتب الحديث الصحاح إحياء علوم الدين صلاح الأمة في علو الهمة جامع العلوم والحكم
http://www.saaid.net المصدر:
-============
آخر يوم في حياة الداعية
سعيد بن محمد القحطاني
إن الدعاة إلى الله لهم منزلة من أعلى المنازل، ذلك لأنهم لا يستوحشون من قلة السالكين ولا يغترون بكثرة الهالكين، عرفوا أن الأمة الإسلامية جاء دورها لتحقيق ما أراده الله منها، وإذا كان الداعية بهذه المثابة فما هو آخر يوم في حياته؟ إنه اليوم الذي يتخلى فيه عن أعز ما يملك، يتخلى عن دعوته إنه يوم مظلم قاتم، لأن سقوط الداعية سيتعدى ضرره إلى غيره ويثقل كاهل الدعوة ويزيد من أعبائها، عدا ما تحدثه هذه الظاهرة من شروخ وتصدع في بنية العمل الإسلامي، ولعلي أذكر سبباً من أسباب هذا النكوص فمنها:
1- ضعف في الجانب التربوي حتى تطغى الجوانب الإدارية والسياسية على كل شيء مما يجعل الإداريين مقطوعي الصلة بالتربية والشؤون التربوية نظرياً وعلمياً.
وهنا يبرز صنف يقال عنهم بأنهم فوق التربية إنهم تجاوزوا مرحلة التربية، وهذا غير صحيح.
2- عدم وضع الفرد المناسب في المكان المناسب مما يؤدي إلى الفشل أو الخسارة.
3- عدم متابعة التأهيل التربوي إما تكاسلاً أو أن القاعدة العريضة من الجماهير أكبر من الإمكانيات.
4- طبيعة غير انضباطية، فهو لا يطيق القيود، ويريد المحافظة على كيانه وشخصيته كما هي وما فيها من عيوب ونقائص.
5- الوهن والخوف على الرزق، أو حب الدنيا والتكالب عليها.
6- حب الظهور وقديماً قيل « حب الظهور يقصم الظهور » وهذا الغرور يقوده إلى التطلع للرئاسة ويرى أنه أفضل الموجودين.
7- ضغط المحن والأهل والأقربين.
وأخيراً لابد من ذكر بعض القواعد الهامة:
1- إن الداعية لا يسوغ له أن يمنح نفسه إجازة من العمل للدعوة.
2- إن من سن سنة الله - عز وجل - أن هذا الدين لا يتحقق في واقع البشرية إلا بالجهاد البشري، وذلك يجعلنا نسعى دائبين لتحقيق هذه السنة الربانية.
3- إن هذا الدين عزيز وغال لا ترتقي إليه همة الضعفاء العاجزين.
4- إن الله تكفل بحفظ هذا الدين ولو كره الكافرون، طال الزمن أو قصر.
5- إن نكوص البعض عن الدعوة لا يزيد النفوس المؤمنة إلا مضاء وثباتاً، وهذه هي طريق الأنبياء.
http://www.albayan-magazine.com المصدر:
=============
من يبلغ عني أهل الجهاد في العراق؟!
محمد جلال القصاص
في ديننا الوسائل لها أحكام المقاصد، فواجبٌ ما يستلزمه الواجب، وحرامٌ كل ما أفضى إلى الحرام. فنحن إذا نتعبد الله بالوسائل كما نتعبده ـ جلَّ شأنه ـ بالغايات. وكل المسلمين دعاة إلى الله، قال - تعالى -" قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين " [يوسف: 108].
فمن اتبع يدعو ـ بالمعنى العام للدعوة ـ. يدخل في هذا المجاهدون وغير المجاهدين. وأنتم أهل الجهاد في العراق قد عنيتُ.
قد كانت رسائل المجاهدين الأُول تنطق صراحة: (الله ابتعثنا، والله جاء بنا، ليخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان على عدل إلى عدل الإسلام...)
ويوم اليرموك تحدثت الروم: أن ما نرى من هؤلاء فوق ما نسمع عن حواري عيسى - عليه السلام -.
ويوم هبط المسلمون على الجزيرة الخضراء في الأندلس نادى القوط ــ سكان الأندلس ـــ قومهم: أدركونا فقد جاءنا قوم لا ندري أمن أهل الأرض هم أم من أهل السماء؟
ويوم بدرٍ قَدُرَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على من آذوه ورموه بكل قبيح وعذبوا صحابته الكرام، وما كان سبٌّ ولا تمثيل بل أُحسنت معاملتهم حتى حكم فيهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وغدرت (رعل) و (ذكوان) بسبعين من صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، بعد سبعين قتلوا في أحد فكانت بليّة أيُّ بلية، وحين قتل عمرو بن أمية الضمري - رضي الله عنه - رجلين منهم ـ وهو عائد لتوِّه من غدرتهم ـ يريد الثأر لإخوانه، اعتذر رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ عن الغدر وفدى القتيلين.
وكشفت يهود سوءة المسلمة في السوق، فكان الحصار والطرد، وما كشف المسلمون عورة نسائهم.
وقطعت الفروج والآذان وبجرت البطون يوم أحد، وما فُعل شيء من هذا، بل جاء قول الحكيم الخبير " ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذهم " "... ولئن صبرتم لهو خير للصابرين "(13/162)
لذا أسلم المقاتلون..... ودخل الأعداء الألدون في دين الله أفواجا، وبعد أن كانوا قادة الكفر ورأسه ما هي إلا سنين، بل أيام وهم على جيوش الإسلام، دعاة قبل أن يكونوا غزاة.
أريد أن أضع إصبعي على شيء... هو ما أدندن حوله:
لابد أن يكون أول قصدنا هو هداية هؤلاء إلى الإسلام. كما كان حال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمن يتتبع هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في التعامل مع عدوه يتبين له أن أشد ما كان يحرص عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو هداية عدوه إلى الإسلام. كما قال - صلى الله عليه وسلم - لعلي - رضي الله عنه - وهو يحمل الراية للقتال.: "ادعوهم إلى الإسلام فلأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم " وقد قيل هذا الحديث يوم خيبر بعد ستة أيام من القتال.
وفيما فعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع ثمامة بن آثال، من ربطه في سارية المسجد ثلاثة أيام ليحضر الصلاة ويسمع القرآن.. يعرض عليه الإسلام بطريقته - صلى الله عليه وسلم -، وما فعله - صلى الله عليه وسلم - مع أسارى طيء حتى أسلموا، وما فعله مع بني المصطلق من الزواج منهم والمن على أسراهم فأسلموا، وما فعله مع قريش يوم الفتح... في هذا كله دليل على أن أشد ما كان يحرص عليه - صلى الله عليه وسلم - هو هداية عدوه إلى الإسلام.
والحرام ليس فقط ما حرمه الشرع ابتداءً، وإنما هناك نوع آخر من الحرام وهو (الحرام لغيره) كما يسميه أهل الأصول ــ أصول الفقه أعني ـــ.
يطرأ على الحلال أمر فيتغير وصفه إلى (حرام لغيره)، ويُخاف من أمر ما فيُترك الحلال من أجله ويصير حرام فعله، وهو ما يسميه أهل الأصول سد الذرائع أو اعتبار المآلات، وقد ترك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قتل المنافقين حتى لا يتحدث الناس أن محمدا ـــ - صلى الله عليه وسلم - ـــ استعان بقوم فلما ظهر استدار عليهم وقتلهم، ومثل هذا كثير... كل هذا يُفعل... وكل هذا يُحرم من أجل غاية واحدة وهي هداية الناس إلى صراط الله المستقيم.
فالله الله أن تستأنسوا بكثرة الأصوات التي تؤيد في المنتديات والبالتوك من المتحمسين، وتنسوا أنكم دعاة إلى الله ـــ بالمعنى العام للدعوة، ويتحول الأمر إلى قتال لا جهاد.
ووالله لو رأى هؤلاء منكم ما رأى أجدادهم من الصحابة والتابعين لأسلموا ولعادوا دعاة إلى قومهم وإن قطعهم بوش إربابا ولقالوا له ما قال السحرة لفرعون " لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا فاقض ما أنت قاض إنما تقض هذه الحياة الدنيا إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السحر فالله خير وأبقى ".
أيها الكرام!
لا يوجد من يقول أنه يعصي الله أو من يقول أنه يتعمد فعل الخطأ، ولكن الكل يتأول والكل يدعي الإصلاح حتى بوش يزعم انه (قوة الخير) التي تحمل الرسالة السماوية لـ (قوى الشر) على وجه الأرض، وهو كذاب أشر، والعبرة ليست بحجج يستصيغها عوام الناس من المندفعين الحماسيين، وإنما العبرة أن توافق الشرع حقيقة.
أيها الكرام!
ونحن المسلمين ـــ كل المسلمين ـــ مأمورين برد الأمر إلى العلماء الربانيين العاملين قال - تعالى -" وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم " وأولي الأمر هم العلماء والأمراء، وعند التحقيق يتبين لك أنهم هم العلماء لأنهم أهل الحل والعقد... بهم تنعقد بيعة الأمراء... ومنهم تعطى الشرعية لغيرهم للخروج عليهم. والذين يستنبطونه منا هم ــ أيضا ــ العلماء الربانيين الناصحين للأمة.
وإنا نأخذ عليكم استقلالكم برأيكم وعدم التواصل مع علماء الأمة، حتى تكونوا على بصيرة، ولا تكونوا ممن ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ـــ عياذا بالله ـــ، والخير موجود في هذه الأمة لا ينقطع. ولكن أين من يطلبه؟!
فهلا حاورتم العلماء، وصدرتم عن رأيهم؟
والأمر سهل هين لمن أراد، فغرف البالتوك لا ترد أحدا، وأماكن الشات كثيرة لا يقف على بابها بواب.
وإن سكت القوم عن بعض الأمور علانية فلا أحسب أنهم في الحوار الهادئ الفردي أو شبه الفردي، أو الرسائل الخاصة التي تأخذ شكل الاستفتاء و لا تنشر على الملأ يسكتون.
أيها الكرام!
أقول من أسباب النصر، بل إن السبب الرئيس للنصر المبين.. المبارك الذي يؤتي أكله أضعافا مضاعفة بإذن الله هو طاعة الله - عز وجل - فيما أمر قال - تعالى -: " ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز "، والمعصية من موانع النصر " قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم ".
فالمعصية تأخر النصر، وتصرف الملائكة من الصف وتجرئ عليكم عدوكم، فلا بد إذن من الاستمساك بهذا السبب الأكيد للنصر، وهو طاعة الله - عز وجل - ــ وهذا يستلزم ـــ فضلا عن التزام هدي الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الجهاد وتحيق أمر الله - تعالى -بالسير خلف العلماء الربانيين ـــ تنقية الصف من أهل البدع من العلمانيين والوطنيين وغيرهم، أقول هذا لأن أخشى ما أخشاه أن ينضم إلى الصفوف حين تبدوا بشائر انتهاء المعركة ثلة من المنافقين وتصير بأيدهم الأمور كما حدث في ثورة الجزائر وفي مصر وغيرهما من قبل، فيقطفون ثمرة جهادكم، ويفتحون علينا دوامة أخرى من جديد.
أيها الكرام!
لا بد أن أمريكا سترحل يوما عن العراق، وعن غير العراق، فالأيام دول، والدول تزول، ولكن ليس هذا هو غاية المقصود من الجهاد، إنما شرع الجهاد لإزالة الطواغيت الذين يصدون الناس عن الإسلام وبالتالي وضع الناس في حالة خيار حقيقي ليختاروا الدين الصحيح.(13/163)
والجهاد ما شرع إلا لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى، وما شرع الجهاد إلا لدرء فتنة الكفر عن العباد والبلاد " وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله ". وهذا يستلزم الاستعلاء على الأغراض الدنيوية من تحرير الأرض والدفاع عن العرض. والثأر للأشخاص. وإنا نؤمل منكم أكثر من العراق، فهاهم اليهود كادوا ينتهون من إقامة الجدر ـــ الجدار الفاصل ليس جدارا واحدا في الحقيقة وإنما هو عدة جدران ـــ وقد أقامو القرى المحصنة ــ المستعمرات ـــ وأنتم شرقي نهر الأردن، وأركم أنتم أو من يأتي بعدكم المعنيون بقول الله - تعالى -" لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر "
http://www.saaid.net المصدر:
============
رويدك يا أنجشة !!
في حديث العلماء عن العلم، وطلبة العلم، والدعوة والدعاة، يكثر تنبيههم على (السلبيات) والأخطاء التي تصدر من طلبة العلم، ومن مسارعتهم إلى الفتوى، وغرورهم والأخطاء التي تصدر من الدعاة في دعوتهم... إلخ.
وكان من الإنصاف أن يقال: إن الإنسان يخطئ ويصيب، ويمشي ثم يتعثر مهما كان متزناً، والشيطان قد توعد أن يجلس في طريق الصراط المستقيم إذا سار عليه الإنسان.
فطالب العلم والداعية هما ممن يتوقع منهما الزلل أكثر من غيرهما؛ لأنهما من البشر الذي يخطئ ويصيب بنظراته، ولأنهما قد سارا في الطريق الذي تحفه الشياطين تريد اقتناص السالكين! ! ونتوقع الخطأ من طالب العلم الداعية - أيضاً - فوق ذلك لأنه: غض التجربة، صغير المدارك، لين الإهاب.
وهكذا فإنك ترى الطفل الصغير - حديث عهد بمشهي - يقع ويتعثر أكثر ممن هو أكبر منه سناً، وأكثر خبرة وتجربة.
إذن الأخطاء الصادرة من طالب العلم الداعية المبتدئ متوقعة وينبغي أن توضع في مكانها الصحيح في إطار التربية المرحلية، ولذلك فإن من الصواب بمكان أن نذكر للشباب المؤمن سيرة ابن تيمية - رحمه الله - وصبره، وجهاده، وسداده، وحنكة مواقفه، وشجاعته، وصدقه، بل من المفترض أن نذكر لهم سيرة مَن هو أجلّ وأعظم، سيرة رسول الله (- صلى الله عليه وسلم -).
إنه لا ينبغي أن نُشعر طلبة العلم الدعاة أنهم بِدع في الناس، لهذه الأخطاء التي يرتكبونها والحق أنها ليست أخطاءً هينة وقليلة وهذه الأخطاء هي مما يقع من كل البشر..
ألم يقتل أسامة بن زيد - رضي الله عنه - رجلاً من جهينة، وقال إنه كان متعوذاً؟ ! [1] ألم يسبق أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تعبير الرؤيا؛ فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: أصبت بعضاً وأخطأت بعضاً [2] ألم يختلف الصحابة - رضوان الله - تعالى -عليهم - على غنائم بدر شيوخاً وشباباً؛ فأنزل الله فيهم سورة الأنفال؟ ! [3] ألم يكتب حاطب بن أبي بلتعة للمشركين كتاباً يُعْلمهم فيه أحوال المسلمين..
وهذا - عند عمر - نفاق يوجب القتل، ولكن عند مربي هذه الأمة - صلى الله عليه وسلم - هفوة وخطأ...
» ولعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم «.
[4] ألم يُعمل خالد سيفه في بني جذيمة.. فقتل وأسر..
وكان هذا بسبب أنهم لم يحسنوا أن يقولوا: أسلمنا فقالوا: صبأنا ولم يفهم خالد مرادهم..
وتبرأ رسول الهدى - صلى الله عليه وسلم - مما صنع خالد.
وهناك شواهد أخرى كثيرة تدل على أن الأخطاء قد وقعت من خير القرون - رضي الله عنهم - وأرضاهم - فهل نظن أن هذه المواقف مما يسودُّ بها وجه التاريخ ويكفهرّ؟ ! كلا والله! ! بل هي البشرية في أسمى معانيها، ومن سمو معاني البشرية وبهائها خطأ الإنسان ثم صوابه، واجتراحه للذنب ثم توبته، وعثرته ثم اتزانه، واعوجاجه ثم استقامته! ! إن وقوع الخطأ والزلل أمر مفروغ منه..
ولكن هذا التثريب المستمر الذي يصُم أذنيه أحياناً عن معرفة أن هذا شوك في الطريق ينبغي اقتلاعه يسد باب الأمل عند طلبة العلم الدعاة، ويحزنهم، ويشعرهم أنهم بدع في السائرين.
ولعل من نافلة القول أن يقال: إن الله - تعالى - يدفع بهذه الأخطاء إلى الصواب، وبهذه الهفوات إلى السداد، فإن هذه الأخطاء الكثيرة - في البداية - تكاد تكون أمراً لا بد منه؛ ليستقيم العوج، ويعمق التفكير وأسلوبه، وتستنير البصيرة، ويصفوا الوادي بعد حمله الأكدار..
(أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رَّابِياً ومِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الحَقَّ والْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ) [الرعد: 17].
وهكذا فبداية الدعوة وطلب العلم تحمل أكداراً وشوائب، ومع الاستمرار والثبات والصبر والاهتداء وبذل النصح وتقبّله، ومع سريان ماء الوادي، ومع انفصال الشوائب عن نفيس المعدن بفعل الحرارة والتوهج...
يصفو كل شيء.
وبعد: فهذا ليس تهويناً وتقليلاً من شأن تلك الأخطاء فهي كثيرة فادحة، يكفيك منها التصدر للفتوى ما لو سئل عنه عمر لجمع أهل بدر له.
وبعد: فهذا ليس سداً لباب النصح والتوجيه، لكنه فتح لنافذة احتواء هذه الهفوات وأن تنزل منا منزل التوقع والتدارك والنظر بعين العطف، وهو ليس تتبعاً لهفوات القوم - رضي الله عنهم - وإنما هو بحث عن البشرية في أصدق معانيها وفي خير مظاهرها، وهو رسم لخارطة السلوك الإنساني، والإشارة ببنان مضطرب إلى موقع كل من الخطأ والصواب...
والله المستعان.
--------------------
(1) فتح الباري، 12/191-192.(13/164)
(2) فتح الباري 12/431، وانظر المرجع نفسه، 12/435-436.
(3) الصحيح المسند من أسباب النزول - للوادعي، ص96-97.
(4) فتح الباري، 7/304-305.
http://www.albayan-magazine.com المصدر:
============
أنشطة مقترحة للعطلة الصيفية
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على قائد الغر المحجلين، الصادق الأمين، ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين وبعد..
في ظل تعاظم المد الإسلامي، والإقبال الكبير لجيل الشباب على المساجد، وتحديداً ونحن على أبواب العطلة الصيفية وتزايد حيز الفراغ لدى الشباب المسلم، وحرصاً منا على الارتقاء بهم دعوياً وثقافياً واجتماعياً ورياضياً، ولأنهم أمانة في أعناقنا سنسأل عنها يوم القيامة.يسر رابطة مساجد النصيرات أن تضع بين أيديكم الطاهرة خطة مقترحة شاملة بالأنشطة الصيفية لهذا العام آملين من الله - عز وجل - التوفيق والإخلاص، وهي على النحو التالي:
أولاً: الأنشطة الدعوية والتربوية
فعلى الصعيد الدعوي والتربوي والذي يعتبر سنام واجباتنا نحو الشباب المسلم للارتقاء بهم روحانياً وتربوياً وغرس معاني الأخوة والمحبة في الله وإعداد جيل قرآني إيماني فريد حتى يحقق الله لنا النصر بإذنه - تعالى -بهم فقد كان هذا الجانب هو جل همنا لغرس الروح الإيمانية لدى الشباب المسلم وقد وضعت آلية مقترحة لهذا الصيف في هذا الجانب آملين من الله - تعالى -الإخلاص والتوفيق والسداد وهي على النهج التالي: -
أ- الحلقات الدعوية والتربوية: وذلك بالتركيز على حث الشباب على الالتزام بالدروس العامة في المسجد والدروس الخاصة لكل مرحلة من المراحل إلى جانب الدروس الدعوية ومن خلال الوسائل الدعوية لجذب الشباب إلى المساجد ومن الآليات المقترحة في الجانب التربوي تشكيل مجموعات من طلاب المرحلة الثانوية تتكون من ست إلى سبع أفراد لكل حلقة لتدارس القرآن والسيرة والحديث، كذلك الاهتمام بالمرحلة الابتدائية والمرحلة الإعدادية من خلال تعليم القرآن الكريم والسيرة النبوية.
ب- المسابقات: وذلك بإعداد المسابقات الدينية لكل مرحلة حسب مستوياتهم في حفظ سور من القرآن الكريم والسيرة والعقيدة والحديث الشريف.
ج- الدورات: عقد العديد من الدورات في أحكام التلاوة التأهيلية والعليا ودورات في فن الخطابة.
د- الحرص على إيجاد وسائل دعوية كالشريط الإسلامي الهادف والكتيب الهادف مع رسائل دعوية.
هـ- حث الشباب على أداء صلاة الفجر جماعة في المسجد وقراءة المأثورات عقب الصلاة.
و- اللقاءات وأيام التقرب إلى الله (اليوم الدعوي): كالكتيبة الإيمانية والأيام الدعوية فعلى سبيل المثال تبدأ من صلاة الفجر في المسجد إلى آخر اليوم بحيث تتضمن العديد من الفقرات والبرامج كالمواعظ الإيمانية لأحد الدعاة وفقرات أخرى من نشيد وضيافة وعرض بعض الأفلام الجهادية والإيمانية وصلاة قيام ليل والدعاء وذلك بالتعاون مع اللجنة الاجتماعية واللجنة الثقافية لوضع البرنامج الخاص بها، كذلك لقاء المحبة الأسبوعي الذي يجمع بين الشباب المسلم في المسجد لطرح قضية مهمة وساخنة لدى الشباب المسلم مع العديد من الدعاة وتبادل الاقتراحات والنصائح وبالتعاون مع اللجنة الاجتماعية.
ثانياً: الأنشطة الثقافية
فعلى الصعيد الثقافي، ولأن الشباب المسلم هم عماد هذه الأمة حرصنا دوماً على صقل الشباب علمياً وثقافياً وفكرياً لكي نرتقي بهم دوماً لخدمة الإسلام والمسلمين ونبراساً يحتذى به، كانت الآلية المقترحة في الفترة الصيفية على النحو التالي: -
أ- المسابقات: وذلك بإعداد المسابقات الثقافية بمختلف أنواعها من منافسات بين أبناء المسجد الواحد وبين مختلف المساجد (وذلك باختيار نخبة من كل مسجد يتنافسون في المسابقات)، أيضاً مسابقة كتابة البحوث والمنافسة على أفضل بحث في موضوع معين يتناسب مع كل مرحلة، وكان من المقترح في مجال البحوث عدة مواضيع وعناوين قيمة تهدف إلى ترسيخ الجانب الفكري لدى الشباب ومثال ذلك:
- بحث عن دور المقاومة والجهاد في تحرير فلسطين منذ عام 1948 وحتى 2004 والفترات التي مرت بها المقاومة.
- بحث عن اللاجئين وقضيتهم من خلال قصص حية مع عدد من اللاجئين الذين عايشوا حرب 1948 في قراهم الأصلية وبلداتهم.
ب- الدورات: وذلك بعقد العديد من الدورات التي تهدف إلى نمو العقلية المسلمة كدورات الكمبيوتر والإنترنت لجميع المراحل وبأسعار منخفضة بالاتفاق مع العديد من المؤسسات، كذلك دورات إدارية كدورة إعداد القادة ودورات في الخط العربي.
ج- الاهتمام بالموهوبين بكتابة الشعر والقصة وذو المواهب الفنية كالنشيد وأصحاب الفنون كالرسم والزخارف والرعاية بهم وصقل مواهبهم وتوجيهها التوجيه الصحيح.
د- تحفيز الشباب على ثقافة المطالعة والقراءة في المكتبة كمكتبة المسجد إن وجدت أو مكتبة مركز العلم والثقافة وذلك بتحديد موعد معين لكل مرحلة من المراحل.
هـ- إقامة الأمسيات الثقافية والحفلات الداخلية.
ثالثاً: الأنشطة الاجتماعية والترفيهية
حيث حرصنا دوماً على ترسيخ الجوانب الاجتماعية بين الشباب المسلم وربطهم بعضهم ببعض بروابط أخوية متمسكين دوماً بالقيم الإسلامية والتي تهدف على الارتقاء بالجانب الأخوي بين الشباب المسلم والترفيه عنهم بضوابط إسلامية رشيدة وقد كانت الآلية المقترحة في هذا الجانب هو على النهج التالي: -(13/165)
أ- الزيارات: وذلك بتكثيف الزيارات الاجتماعية بين الشباب المسلم في المسجد لتقوية أواصر المحبة والأخوة في الله بينهم، كذلك تكثيف الزيارات الأخوية بين مساجد المنطقة وصقل روح المؤاخاة بين أبناء المساجد، هذا من جانب، ومن جانب آخر وبالتحديد الزيارات الدعوية والانفتاح على أهالي المنطقة وذلك بتشكيل زيارات أسبوعية للأهالي والعمل على جذب الناس إلى المسجد وذلك بالتعاون مع اللجنة الدعوية.
ب- العمل التطوعي: ويتمثل في المحافظة على نظافة المسجد ومحيطه وتنظيف المقبرة، وذلك بدعوة الشباب في يوم محدد (يوم تطوعي) للمشاركة في العمل وحثهم عليه.
ج- الرحلات: وتكون الرحلات إما إلى البحر أو إلى المناطق الخلوية على نطاقين:
- النطاق الأول: وذلك بعمل رحلة لكل مرحلة على حدى بالتنسيق مع الجهات المختصة كالكتلة الإسلامية وأسر المساجد وبمشاركة اللجنة الثقافية واللجنة الرياضية في إعداد البرنامج الخاص لتلك الرحلة سواء كانت إلى البحر أو إلى منطقة خلوية.
- النطاق الثاني: وذلك بعمل رحلة عامة وشاملة لرواد المسجد من الشباب والشيوخ وذلك بوضع برنامج واضح وهادف بمشاركة اللجنة الثقافية واللجنة الرياضية واللجنة الدعوية للارتقاء بمستوى الرحلة لكي تكون ذات تنظيم هادف إلى جانب الاهتمام بالجانب الترفيهي للرحلات والتركيز عليه.
د- المخيمات: وذلك بالعمل على إنشاء مخيم صيفي للشباب الملتزم في المسجد لكل مرحلة من المراحل، وهذا المخيم يكون لمدة أسبوع حيث يوضع له الفقرات والبرامج الهادفة وذلك بالتعاون مع اللجنة الثقافية والدعوية والرياضية، فعلى سبيل المثال تقوم اللجنة الاجتماعية بالتعاون مع اللجنة الثقافية في إعداد المسابقات الثقافية والمحاضرات والبرامج التعليمية التي تهتم بالجانب الثقافي، كما وتقوم اللجنة بالتعاون مع اللجنة الدعوية في إعداد المحاضرات الدينية والتربوية وذلك بالتنسيق مع العديد من الدعاة، كما وتقوم اللجنة وبالتعاون مع اللجنة الرياضية بإعداد البرامج الرياضية وتحضير ما يلزم من ألعاب رياضية.
رابعاً: الأنشطة الرياضية
وذلك ببث الروح الرياضية بالضوابط الإسلامية لدى الشباب المسلم وتهيأتهم جسدياً وذلك بالهدي النبوي القائل: " المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير ". وقد كانت الآلية المقترحة في هذا الجانب هو كالتالي: -
أ- تحديد يوم رياضي لكل مرحلة من المراحل في المسجد تمارس فيه مختلف النشاطات الرياضية كسباق الجري ولعب كرة القدم والتنس وغيرها من النشاطات.
ب- الدوريات والمباريات: كالمباريات بين المساجد المختلفة والدوريات على شرف الشهداء كدوري كرة القدم والتنس والطائرة والسباق والسباحة.
ج- الدورات: وذلك بالإشراف على العديد من الدورات كدورة السباحة ودورة تعلم فنون الكاراتيه.
خامساً: أنشطة وفعاليات متفرقة
1. القيام بمخيم صيفي لكل مرحلة.
2. القيام بزيارات إلى مساجد المنطقة أو خارجها.
3. القيام بأعمال تطوعية داخل المنطقة كتزيين الجدران بآيات قرآنية وأحاديت نبوية.
4. القيام بمخيم كشفي (خلوي) للجيل الجامعي فما فوق.
5. عقد أمسيات ثقافية بين المراحل.
6. القيام برحلات خلوية أو بحرية.
7. عقد دورات علمية متنوعة في: (الفقه السيرة التلاوة والتجويد الكمبيوتر والانترنت).
8. عقد برامج رياضية متنوعة مثل: (دورى طائرة كرة قدم سباق ضاحية دورة سباحة)
9. إقامة عروض ثقافية عن طريق الشاشة الكبيرة.
10. عقد لقاءات تربوية للجميع المراحل.
وأخيراً ونحن نضع أمامكم هذه المقترحات والتوجيهات لمختلف الأنشطة الصيفية لهذا العام نسأل الله - تعالى -أن يجعلها في ميزان حسناتنا، كما نسأله - سبحانه - التوفيق والإخلاص والسداد في العمل، فلا نبتغي أجراً من أحد ولكن نبتغي مرضاة الله - سبحانه وتعالى -، ونسأله - سبحانه - أن تعم الفائدة في كل عمل.
إنه هو ولي ذلك وإليه يرد الأمر كله
جعلنا الله وإياكم مفاتيح للخير مغاليق للشر
http://www.saaid.net المصدر:
=============
رسالة فقط لمن يفعل فعل قوم لواط
عبد الله القحطاني
الحمد لله الذي حرّم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبد ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماًكثيرا0
أما بعد: -
هذه رسالة إلى كل شخص في قلبه الإيمان لكنه لم يخش من نظر الرحيم الرحمن، إنها رسالة إلى شخص أحب عملاً لا يحبه الله ولا يرضاه، إنها رسالة أحببت أن أبُثها إليه الآن في الدنيا قبل أن يُبثّ عليه العقاب من ربٍ شديد العقاب - سبحانه - جل وعز.
يا ابن الإسلام:
اعلم أن اللواط رذيلةٌ من أسوأ الرذائل، خصلةٌ من خصال الشر، مميتاً للحياء، فساداً للأخلاق، فساداً للقلب، اعتداءٌ شديدٌ على الطبيعة التي ركبها الله - عز وجل -، بل جريمةٌ نكراء تعافها البهائم والحيوانات.
يا من فعل اللواط...أنعم الله عليك بنعمة الإسلام، والأمن والأمان، والسلامة في الأبدان والعافية من الأسقام، والبصر والسمع والكلام فلماذا هذا الشر والنكير؟
أما تعلم أن فعل اللواط يغضب الذي يجري الدّم في عروقك!
أما تعلم أن هذه الفاحشة يضيق بها الفضاء، وتعج لها السماء، ويحل بها البلاء، وطريقاً إلى دار الشقاء!
أما تعلم أن فعل اللواط، شرٌ ونكير، وفسادٌ كبير، وكبيرةٌ من كبائر الذنوب!
أما تعلم أنه كشف حال، وسوء مآل، وداءٌ عضال، وقبح أفعال!(13/166)
إنه عيبٌ دونه سائر العيوب، تذوب من أجلها القلوب، فعلٌ مسبوب ، ووضعٌ مقلوب، وفاعلٌ ملعون، ومفعولٌ به مغضوب، إنه خلقٌ فاسد وعرضٌ ممزق، وكرامةٌ معدومة، إنه زهريٌ وإيدز، سيلانٌ وسرطانٌ ذو ألوان، قذارةٌ دونها كل القاذورات، إنه خللٌ في توازن العقل، وضعفاً شديداً في الإرادة، وانعكاسٌ نفسي، وخفقاناً في القلب، وطريقاً للإصابة بالعقم، وانعدام عضلاتٍ للمستقيم ، بل إنه فعل الكلاب، فعل البغال والحمير، فعل القردة والخنازير، ولا يصاب الشخص اللوطي أو فاعل العادة السرية بالأمراض الفتاكة إلا بعد فترة مديدةً من الزمن.
-كيف يطيب لك عيشٌ والله غاضبٌ عليك لأنك أغضبته وهتكت ستره.
-كيف يهنأُ لك بالاً وأنت مخالفاً للقرآن الكريم فلقد قال - سبحانه وتعالى - {والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون}
أخي في الله:
ما هو موقفك حينما يناديك الله بين الخلائق أجمعين وأنت فاعلٌ للواط، ثم يفضحك بين الخلق أجمعين.
بل ما هو موقفك من حياةٍ تعيشها بعدما تنظر إلى أقاربك وأصدقائك عندما يكونوا في أتم الصحة والعافية ويكون لديهم أبناءً وأُسراً، وأنت تنتقل من مرضٍ إلى مرض، ومن مصيبةٍ إلى أخرى، والسبب في ذلك أنك تستجيب لهذه الشهوة المحرمة.
بل ما هو موقفك حينما يرسل الله عليك ملك الموت وأنت فاعل للواط.
أخي في الله:
اعلم أن اللوطي ملعون في الأرض، وملعونٌ في السماء، ملعون من الله تعالى على لسان الرسول - صلى الله عليه وسلم - عندما قال (لعن الله من عمل عمل قوم لوط، لعن الله من عمل عمل قوم لوط، لعن الله من عمل عمل قوم لوط ) رواه النسائي.
وروى عن أنس بن مالك قال: قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -(من مات من أمتي يعمل عمل قوم لوط نقله الله - تعالى - حتى يحشر معهم)
- لماذا أصبح كثيراً من الشباب منقاداً للشيطان اللعين حتى غرقوا في هذه الفاحشة النكراء؟
- لماذا أصبح أكثر الشباب صحبتهم من أجل الغرام واللواط؟
- لماذا أصبح أكثر الشباب سخيف العقل، عديمُ الهمة والحياء من الله - عز وجل - فاهتم بالحب والغرام، والمعاكسات الهاتفية، والصور والمجلات، والنظرات الساقطة، والكلام الفاحش، وهذه في الغالب مسببات اللواط، والزنا والعادة السيئة0
- لماذا أصبح بعض الشباب فريسةً لكل لوطي، يعبثون به، ويهددونه، ويذهبون به حتى يتمكنوا منه؟
- فبالله عليك ما هو موقف الرجل اللوطي في الآخرة أمام الله - عز وجل -، بل ما هو موقفه في الدنيا عندما يصبح في مهنةٍ أو في مستوىً وظيفي أو كان له زوجةً وأبناءً، ثم يقال عنه كان هذا الرجل يُفعل به كذا وكذا...
كلوا واشربوا وازنوا ولوطوا وابشروا *** فإن لكم زفاً إلى الجنة الحمرا
فقوم لوطٍ مهدوا الدار قبلكم ***وقالوا إلينا عجلوا لكم بشرا
وها نحن أسلافٍ لكم في انتظاركم***سيجمعنا الجبار في ناره الكبرى
فلا تحسبوا أن الذين نكحتموا*** يغيبون عنكم بل ترونهم جهرا
ويلعن كل منكما لخليله *** ويشقى به المحزون في الكرة الأخرى
يعذب كلٌ منهما بشريكه ***كما اشتركا في لذةٍ توجب الوزرا
(الجواب الكافي)ص197
فيا أخا الإسلام:
هؤلاء قوم لوط لم يستفيدوا من فعلهم اللواط إلا أن أعقبت الحسرات، وأذهبت اللذات، وانقضت الشهوات، وتمتعوا قليلاً وعذبوا طويلا، فلقد أهلكهم الله هلاكاً شديدا، وقلب ديارهم عليهم، ونكّل بهم، ورماهم بحجارةٍ من السماء.
أخي الكريم/ كأني بك الآن قد مللت مما قرأت وتقول أريد أن أتوب من اللواط، وأريد أن أتوب من الخوض والكلام فيه، وأريد أن أفتح صفحةً مشرقةً تكون مليئةٌ بطاعة الله وتحدي الشيطان وكبح شهواته.
نعم أخي الشاب :
أنا أؤيدك على ذلك وأقول لك اجعل في قلبك العزيمة والإرادة على الندم والإقلاع، ولا تجعل أصحاب السوء منك نصيب.
وقد يقول لوطي:
كيف أتوب، كيف أقلع وأندم، وكل صديقٌ يهددني، ويعرف عني القبائح والرذائل، والكل يضايقني من كل حدبٍ وجهة.
والجواب هو :
مهما هددّت من أصدقائك من كلامٍ وصور، ومهما بلغت شهرتك، ومهما بلغت فضائحك عنان السماء00 فأنت رجل، والرجل قوي العزيمة والإرادة، وباب التوبة مفتوحاً، والآيات والأحاديث تدل على أن الله غفورٌ رحيم0 فإذا تبت سوف تبدّل سيئاتك إلى حسنات، ويحبك الله ويرضى عنك بعد أن غضب عليك، وتبدّل أوصافك بالمحاسن والأوصاف الحميدة بدلاً من الأوصاف السيئة، وسوف يعرف الناس توبتك بعدما علموا شهرتك
فبادر بالتوبة الآن قبل أن تبادر بالموت. هذا وأسأل الله أن يجعل هذه الرسالة نافعةً شافيةً كافيةً لكل من أصيب بهذا الداء الفتاك، وصلى الله وسلّم على نبينا محمد.
http://www.saaid.net المصدر:
==========
المشروع الدعوي الصيفي لهذا العام
أخواتي الحبيبات، يا نسل الأخيار، ويا ربيبات القرآن..وحفيدات المؤمنات الأطهار..
ها قد أقبلت الإجازة الصيفية، وكلٌ يرنو إليها بلهفة وأمل...
فالجميع.. ينظر إليها على أنها محطة راحة واستجمام، لمعاودة الجد والعمل والنشاط من جديد.
والبعض.. ينتظرها ليقضيها في السهر واللهو ومتابعة القنوات الفضائية...
والبعض.. ينتظرها ليقضيها في الأسواق والملاهي والمهرجانات التسويقية بما فيها من منكرات لا تخفى على عاقلة.
والبعض.. ينتظرها ليقضيها مسافرا إلى بلاد الكفر والفساد ومزابل الرذيلة..
أما ربيبات الطهر والعفاف.. كأمثالكن يا نسل الهدى والفضيلة، فينتظرنها لتكون كسبا وغنيمة، وذخرا وتزودا، وخطوة ثابتة في السير إلى الله..
نحن ننتظر الإجازة الصيفية لتكون تجارة رابحة مع الحي القيوم.. فماذا أعددنا لها؟(13/167)
أخواتي.. أطرح بين أيديكن هذا المشروع الدعوي الذي أسأل الله أن يرزقنا الربح المضاعف {والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم}
محاور المشروع:
1: المحور الأول الدعوة العائلية.
2: المحور الثاني الدعوة العامة في المناسبات والأفراح.
3: المحور الثالث الدعوة في الأسواق والمنتزهات.
4: المحور الرابع الدعوة عبر المراكز الصيفية التابعة لجماعات تحفيظ القرآن.. كذلك التابعة لتعليم البنات.
موضوعات مقترحة لطرحها في المشروع الدعوي:
1: وضع المرأة المسلمة في الإسلام و الأحكام المتعلقة بها كالحجاب والقرار والاختلاط والقوامة وغيرها.
2: فضح مخططات بني علمان،، ونقل توصيات مؤتمراتهم وندواتهم واجتماعاتهم.. بخصوص المرأة المسلمة وإخراجها من خصوصيتها وحصنها.. وكذلك ما يحاك للطفل المسلم.
3: بيان الدور الدعوي والإرشادي والتوعوي الذي يجب أن تقوم به (كل) مسلمة.
4: بيان المفاسد والمنكرات الاجتماعية المنتشرة في البيوت والمجتمعات المسلمة.. والتركيز على وسائل القضاء عليها.
الأساليب المقترحة:
1: جمع الموضوعات التي تفضح الخطط التي تكاد للمسلمة وعفتها وحجابها وشرفها وذلك بلغة الحقائق والأرقام.. مابين مؤتمرات وندوات ومؤامرات.. وتعرية أقزام العلمانية وفضحهم، وتنسيقها على ملفات وورد ((مع تحري الاختصار والدقة والتركيز)) ثم تقوم كل منا بطباعتها وتوزيعها على القريبات والصويحبات.
2: إقامة المحاضرات والدروس والمسابقات والبرامج الترفيهية الدعوية النافعه، وذلك في المراكز الصيفية وفي المناسبات الاجتماعية، واستغلال تلك التجمعات لتوزيع الكتيب والشريط النافع المناسب.
3: شراء وتوزيع المطويات النافعة المتوفرة في الأسواق.. حول الموضوعات المختلفة، في المناسبات النسائية والتجمعات التي تستطيعين الوصول إليها.
4: توزيع البطاقات (الكروت) الدعوية الجاهزة المتوفرة في الأسواق، وذلك على النساء المتواجدات في الأسواق العامة والمتنزهات.
5: الحرص على صلة الأرحام في الإجازة، ودعوة الأقارب وزيارتهم، واستغلال ذلك للدعوة.
6: الحرص على احتضان الصغيرات من المراهقات وكسب ودهن وصداقتهن واجتذابهن للدعوة.
7:الهدية: من أقصر الطرق للقلوب فلا تنسي أن تخالط أنشطتك الدعوية دائما واحتسبي الأجر من الله.
http://www.saaid.net المصدر:
=============
جانب الدعوة في شخصية الشيخ محمد بن عبد الوهاب
عبد العزيز آل عبد اللطيف
حظيت دعوة محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - بدراسات كثيرة، وبحوث متنوعة، سواء كانت تلك الدراسات والبحوث في سيرة وترجمة صاحب هذه الدعوة، أو بيان مؤلفاته وآثاره العلمية، أو عرض لمنهجه في تقرير العقيدة، ومنها ما يتحدث عن أثر هذه الدعوة المباركة داخل الجزيرة العربية أو خارجها، ونوعية هذه الآثار سياسية كانت أو علمية أو اجتماعية.. وغيرها.
ومع هذا الكم من الدراسات إلا أن هناك جوانب مهمة لم تأخذ حقها من الدراسة والتحليل، وفي هذه المقالة سأتعرض لأحد هذه الجوانب المهملة من حياة الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب، وهو جانب الدعوة، وبيان فقهه للدعوة، وأساليبها.
إن في كتب محمد بن عبد الوهاب عموماً ورسائله الشخصية [1] خصوصاً والتي يبعثها إلى البلدان والعلماء والأمراء؛ معالم مهمة يحتاج إليها الكثير من الدعاة إلى الله في هذا الزمان.
1- يركز الشيخ محمد بن عبد الوهاب كثيراً على بيان وضوح هدفه وغايته من هذه الدعوة فهو يدعو إلى الله وحده لا شريك له، مخلصاً له الدين، ويحرص أيما حرص على اتباع الحق مهما كانت الأحوال.
يقول - رحمه الله -: ولست - ولله الحمد - أدعو إلى مذهب صوفي، أو فقيه، أو متكلم، أو إمام من الأئمة الذين أعظمهم مثل ابن القيم، والذهبي، وابن كثير وغيرهم، بل أدعو إلى الله وحده لا شريك له، وأدعو إلى سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، التي أوصى بها أول أمته وآخرهم، وأرجو أني لا أرد الحق إذا أتاني، بل أشهد الله وملائكته وجميع خلقه إن أتانا منكم كلمة من الحق لأقبلها على الرأس والعين. [2] ويقول عن قوله - تعالى - (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا ومَنِ اتَّبَعَنِي وسُبْحَانَ اللَّهِ ومَا أَنَا مِنَ المُشْرِكِينَ) [يوسف: 108] « التنبيه على الإخلاص، لأن كثيراً لو دعا إلى الحق، فهو يدعو إلى نفسه » [3].
إن هذه الحقيقة البديهية وهي أن يدعو الشخص إلى الله لا إلى نفسه لا بد من استحضارها في جميع أحوالنا، بالإخلاص، وكم نغفل عن هذه الحقيقة، فيدعو الشخص إلى ما هو حق وصدق في ذاته، ولكن القصد هو مصلحة جماعة أو فرد أو نحوهما مما هو من حظوظ النفس، وربما كان هذا القصد مشوباً بالإخلاص لله!! وقد يغيب عن الكثير أن هذه الدعوة لله وحده لا شريك له، أياً كان هذا الشريك.
ونلمس كما هو ظاهر من خلال النص الأول من كلام الشيخ، حرصه على اتباع الحق والبحث عنه ونجده مرة أخرى –يقول - مخاطباً أحد سائليه: « وأنا أجيبك عن الكتاب جملة، فإن كان الصواب فيه فنبهني وأرجع (أي وسأرجع) إلى الحق.. فالواجب على المؤمن أن يدور مع الحق حيث دار » [4] إن التجرد في طلب الحق، واتباع الدليل والبرهان من أهم صفات الدعاة إلى الله السائرين على منهج سيد المرسلين محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم -، وكم يحزن المسلم عندما يرى دعاة قد تحكمت بهم قناعات وآراء بلا دليل أو برهان فلا يقبلون لها صرفاً ولا عدلاً.
وهكذا ندرك أن الشيخ قد صدق مع الله، وأخلص قصده لوجه الله، واتبع الحق حيث دار، ومن ثم وفقه الله، وحظيت دعوته بالتمكين، ونالت القبول في كثير من البلاد والعباد.(13/168)
2- وفق الله الشيخ محمد بن عبد الوهاب لاستعمال الحكمة في دعوته، فنجده مراعياً أحوال الناس، ومنازلهم، ومدى قربهم من الحق أو عكسه، ومن ثم يتنوع أسلوبه في الدعوة حسب حال المدعو ومكانته.
فعندما يخاطب أمير العُيينة عثمان بن معمر - والذي ناصر الدعوة في أول أمرها - يخاطبه بأسلوب فيه ترغيب وتحبيب فيقول: « إني أرجو إن قمت بنصر لا إله إلا الله أن يظهرك الله - تعالى -، وتملك نجداً وأعرابها ». [5] ويخاطب شيخه عبد الله بن محمد بن عبد اللطيف الأحسائي بأسلوب تظهر فيه المحبة وصدق المودة فيقول له: « فإني أحبك، وقد دعوت لك في صلاتي وما أحسنك لو تكون في آخر هذا الزمان فاروقاً لدين الله - تعالى - كعمر - رضي الله عنه -». [6] أما عن أعداء هذه الدعوة السلفية ممن شرق بها، فأظهروا العداوة والصد عن دين الله، فنجد أن الشيخ يخاطبهم وبما يناسب حالهم بأسلوب فيه شدة وغلظة، بعد أن استعمل معهم أسلوب اللين والملاطفة.
يقول الشيخ مخاطباً أحد مراسليه عند الحديث عن خصومه: « هذا ابن إسماعيل والمويس وابن عبيد جاءتنا خطوطهم في إنكار دين الإسلام، وكاتبناهم، ونقلنا لهم العبارات، وخاطبناهم بالتي هي أحسن وما زادهم ذلك إلا نفوراً » [7] ويقول عن عبد الحق المويس بالذات: « استدعيته أولاً بالملاطفة، وصبرت منه على أشياء عظيمة » [8] فلما ظهرت عداوتهم، ولم ينفع معهم الأسلوب اللين، استعمل الشيخ معهم الشدة والحزم، فها هو يقول عن أحد خصومه الألداء وهو ابن سحيم: « لولا أن الناس إلى الآن ما عرفوا دين الرسول، وأنهم يستنكرون الأمر الذي لم يألفوه، لكان شأن آخر، بل والله الذي لا إله إلا هو لو يعرف الناس الأمر على وجهه، لأفتيت بحل دم ابن سحيم وأمثاله، ووجوب قتالهم، كما أجمع على ذلك أهل العلم كلهم، لا أجد في نفسي حرجاً من ذلك » [9] ويخاطب ابن سحيم قائلاً له: « ولكن أنت رجل جاهل مشرك مبغض لدين الله، وتلبس على الجهال » [10] لقد كان الشيخ - رحمه الله - حاد المزاج [11] وقد صرف حدته في مكانها الصحيح، فجعلها في الانتصار لدين الله، والغيرة على محارم الله، والعداوة والبراءة من الشرك وأهله.
3- ويظهر فقه الشيخ محمد بن عبد الوهاب لنفوس المخاطبين والمدعوين، ويدرك ما قد يعتري النفس البشرية -أحياناً- من استعلاء، واستكبار عن قبول حق جاء من شخص لا تميل إليه تلك النفس، فيخاطب تلك النفوس ويوجهها إلى التضرع إلى الله وسؤاله الهداية فيما اختلف فيه من الحق، ومرة يخاطبها بالرجوع إلى كتب أهل العلم دون الرجوع إليه، ومرة ثالثة يرشدها إلى تدبر آيات القرآن الكريم.
يقول - رحمه الله - مخاطباً أحد مراسليه: « وإن أردت النظر في أعلام الموقعين فعليك بالمناظرة في أثنائه بين مقلد وصاحب حجة، وإن لقي ذهنك أن ابن القيم مبتدع [12]، وأن الآيات التي استدل بها ليست هذا معناها، فاضرع إلى الله، واسأله أن يهديك لما اختلفوا فيه من الحق، وتجرد ناظراً ومناظراً ». [13] ويقول في موضع آخر: « وبالجملة فالذي أُنكره الاعتقاد في غير الله مما لا يجوز لغيره، فإن كنت قلته من عندي فارم به، أو من كتاب لقيته ليس عليه عمل فارم به كذلك، أو نقلته عن أهل مذهبي فارم به، وإن كنت قلته عن أمر الله ورسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعما أجمع عليه العلماء في كل مذهب فلا ينبغي لرجل يؤمن بالله واليوم الآخر أن يعرض عنه لأجل أهل زمانه أو أهل بلده ». [14] ويقول أيضاً: « إني أذكر لمن خالفني أن الواجب على الناس اتباع ما وصى به النبي - صلى الله عليه وسلم - أمته، وأقول لهم: الكتب عندكم، انظروا فيها، ولا تأخذ من كلامي شيئاً، لكن إذا عرفتم كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي في كتبكم فاتبعوه، ولو خالفه أكثر الناس ». [15] ويقول: « وإن صعب عليك مخالفة الكبر، أو لم يقبل ذهنك هذا الكلام فأحضر بقلبك إن كتاب الله أحسن الكتب، وأعظمها بياناً وشفاء لداء الجهل، وأعظمها فرقاً بين الحق والباطل، والله - سبحانه - قد عرف تفرق عباده واختلافهم قبل أن يخلقهم، وقد ذكر في كتابه (ومَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الكِتَابَ إلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وهُدًى ورَحْمَةً) وأحضر قلبك هذه الأصول وما يشابهها في ذهنك، واعرضها على قلبك فإنه إن شاء الله يؤمن بها على سبيل الإجمال ». [16] أرأيت إلى هذا التجرد التام في تبليغ ما هو حق، وكمال النصح والإشفاق على المدعوين، وانظر إلى إهماله ذاته من أجل دين الله ونصرته، إضافة إلى سبره لأحوال النفوس وإدراك حقائقها وصفاتها.
4- يلاحظ من خلال رسائله الشخصية أن الشيخ مهتم بما قد يراه نافعاً ومجدياً لمصلحة الدعوة فمن ذلك إثارة النخوة في نفس المخاطب، فهو يحاول إقناع مخاطبه بقوله: « إن لك عقلاً، وان لك عرضاً تشح به، وإن الظن فيك إن بان لك الحق أنك ما تبيعه بالزهايد [17] ويستثير همم أهل شقراء ضد خصوم الدعوة بقوله: « والله العظيم إن النساء في بيوتهن يأنفن لكم، فضلاً عن صماصيم بني زيد ». [18] 5- تميز الشيخ بقوة حجته وعلى حسب حال المخاطب، كما يظهر فقه الشيخ لأساليب المناظرة والإقناع للخصم.
فمن ذلك قوله - رحمه الله -: « أنا أخاصم الحنفي بكلام المتأخرين من الحنفية، والمالكي والشافعي والحنبلي كلاً أخاصمهم بكتب المتأخرين من علماء مذهب الذين يعتمد عليهم » [19] وكم وقع ويقع في هذا الوقت من صد عن دين الله وافتتان عن معرفته والتزام الصراط المستقيم، وذلك بسبب ضعف حجة أهل الحق، وهزالهم العلمي.(13/169)
ويقول أيضاً معقباً على رسالة بعثها أحدهم إليه: « قولك في الدليل على إثبات نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم -، ودليله الكتاب والسنة، ثم ذكرتَ الآيات، كلام من لم يفهم المسألة، لأن المنكر للنبوة أو الشاك فيها إذا استدللت عليه بالكتاب والسنة، يقول: كيف تستدل بشيء عليّ ما أتى به إلا هو، والصواب في المسألة أن تستدل عليه بالتحدي بأقصر سورة من القرآن، أو شهادة علماء أهل الكتاب » [20].
وأخيراً، فإني أؤكد أن في الرسائل الشخصية لهذا الإمام، الكثير من المعالم المهمة والوقفات الجيدة.
____________________
(1) قامت جامعة الإمام محمد بن سعود بجمع هذه الرسائل في مجلد مستقل، وذلك ضمن مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب التي تولت الجامعة ترتيبها وطبعها، أثناء انعقاد أسبوع الشيخ محمد بن عبد الوهاب سنة 1400 هـ في الرياض.
(2) الدرر السنية في الأجوبة النجدية 1/32.
(3) كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد/ باب الدعاء إلى شهادة أن لا إله إلا الله.
(4) الدرر السنية 3/181.
(5) عنوان المجد في تاريخ نجد 1/38.
(6) الدرر السنية 1/35.
(7) مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب (الرسائل الشخصية) 5/300.
(8) المرجع السابق 5/141.
(9) المرجع السابق 5/315.
(10) المرجع السابق 5/233.
(11) المرجع السابق 5/134.
(12) المرجع السابق 5/315.
(13) هذا الكلام على سبيل التنزل مع المخاطب.
(14) الدرر السنية 1/36.
(15) الدرر السنية 1/52-53.
(16) الدرر السنية 1/59.
(17) الدرر السنية 1/38/39.
(18) روضة الأفكار 11/107.
(19) مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب (الرسائل الشخصية) 5/292 وانظر بحث " الرسائل الشخصية للشيخ محمد بن عبد الوهاب " للدكتور عبد الله العثيمين ضمن بحوث أسبوع الشيخ محمد بن عبد الوهاب.
(20) الدرر السنية 1/56.
http://www.albayan-magazine.com المصدر:
=============
رسالة إلى طالب الصف الأول الثانوي
عبد الله القحطاني
الحمد لله الذي أمر بتقواه فقال - سبحانه - {واتقوا الله ويعلمكم الله} والصلاة والسلام على رسول الهدى محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم...وبعد..
أرسل إليك يا أخي الحبيب رسالة محب... رسالةً طرزتها بالود والنصح... رسالةً حمّلتها بالإرشاد والتوجيهات التي تضيء لك طريق الدنيا والآخرة إن علمتها وعملت بها... إنها كلمات أحببت أن أقولها لك وأنت تلج شيئاً فشيئاً للمرحلة الثانوية، وكذلك وأنت قد أصبحت مكلفاً في شرائع الدين، ولكن قد تستغرب وتقول لماذا هذه الرسالة لطالب الصف الأول الثانوي فقط0 فأقول لك لأن أهل الشر استقبلوني بكل وسيلة إلى الشهوات والملذات وكنت أقابلها بالصفح والابتسامة حتى غرقت في بئر المعاصي والذنوب ثم نجاني الله منها بفضله ورحمته، فعجلت بهذه الرسالة لأني لا أريدك أن تغرق مثلما غرقت، ولا أن تشقى مثلما شقيت، فأرجوا منك أن تتقبلها بروح مليئةً بالعزيمة والقوة والإرادة، حتى إذا قابلت شيئا من الشهوات تكون ضدها بقلبك وقالبك من أجل رضى الله - عز وجل - ثم من أجل أن لا تكون فريسةً لصاحب سوء يسعى بك إلى كل شهوة محرمة 0فأقول مستعيناً بالله.
1- وصية الرسول - صلى الله عليه وسلم - (اتق الله حيثما كنت) فاتق الله في سمعك، واتق الله في بصرك، واتق الله في لسانك، واتق الله في فرجك، واتق الله في أحوالك كلها حتى تفوز بالدنيا والآخرة.
2- حافظ على الصلوات المفروضة مع الجماعة في المسجد، وحافظ على أركانها وشروطها وواجباتها.
3- حافظ على صلاة الفجر والعصر مع الجماعة في المسجد فالرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول ( من صلى البردين دخل الجنة )وانتبه أن تفضل النوم على أي صلاة مفروضة.
4- كن من ذوي الأخلاق الحسنة مع المعلمين ومع الطلاب ومع الأسرة.
5- شارك في نشاط التوعية الإسلامية الذي في مدرستك أو في أي مكان كان، فإن في هذا النشاط كنوزٌ لا تستطيع أن تحصل عليها في مشاركة يومٍ أو يومين، بل تحصل عليها كلها عند استمرارك فيها بجديةٍ ونشاط.
5- انتبه من رجل ظاهره الخير.. باطنه الشر.. دائماً كلامه عذب، يتكلم في كل شهوة.. ضحكه كثير في الغيبة والسخرية والاستهزاء.. إنه رجلٌ شبهه الرسول - صلى الله عليه وسلم - بنافخ الكير، إنه الصاحب السيئ الذي لا يكتم سراً، ولا يستر عيبا، يطوي حسنتك وينشر سيئتك، إن كنت حسن المظهر فتجده يريد مصاحبتك بأكثر الأثمان حتى إذا صحبته عرض عليك الفلم الخبيث والصورة الخبيثة، أو أي حركة فعلتها معه فيهوي بك في مصاحبته ومصاحبة غيرة. ولكن أقول لك: -
لا تصحب أخا *** الجهل فإياك وإياه
فكم من جاهلٍ أردى **** حليماً حين يغشاه
أخي في الصف الأول الثانوي: -
إن كان لك مفاسد تريد أن تتخلص منها فتخلص منها الآن قبل فوات الأوان لا تتردد في ذلك، فإن كنت تسمع الغناء فاستغفر الله وتب إليه، وإن كنت تشرب الدخان والشمة والقات والمخدرات والمسكرات فاستغفر الله وتب إليه، وإن كنت عاقاً لوالديك، سيئ الخلق، بذيء اللسان، دائماً مغتاباً ونماماً وكذاباً ومستهزئاً، لوطياً وزانياً، فاستغفر الله وتب إليه، وإن كنت صاحباً سيئاً فكن صاحباً صالحا، وغيّر صحبتك السيئة حتى وإن كانوا أقاربك وجيرانك، فقل لي من تصاحب أقول لك من أنت.
أخي في الصف الأول الثانوي: -
توكل على الله وتب إليه واجعل دخولك للمرحلة الثانوية دخولاً أبدياً بالسعادة بدلاً من الشقاء عند توبتك واستغفارك لله عز و جل. يقول الله - عز وجل - {وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنين لعلكم تفلحون}
هذا وأسال الله أن يوفقك في دينك ودنياك وصلى الله وسلم على نبينا محمد.(13/170)
http://www.saaid.net المصدر:
===========
مشروع الداعية الصغير
اسم المشروع:
مشروع الداعية الصغير
الأهداف:
• دعوة غير المسلمين في بلادنا (بوجه آخر)
• إبراء الذمة والعمل على إيصال الخير والدعوة للدخول في الدين الصحيح
• تعويد الطلاب وأبناء الأمة على الدعوة والأمر بالمعروف وحمل هم الدين
أساسيات العمل:
• على الطالب أن يبحث عن أقرب العمالة لدية إما سائق أو خادمة أو عامل لديهم أو لدى جارهم أو أحد أقاربه، وبناءاً عليه يتم تعبئة النموذج.
• في حال يكون المدعو أنثى يتم الاستعانة بإحدى القريبات المحارم وينبه الطالب على ذلك وذلك لمشاركة البيت في هذا البرنامج الدعوي.
• يتم تعبئة النموذج كاملاً بقدر المستطاع لتسهيل مهمة تأمين الكتيبات والأشرطة من قِبل الشخص المسؤول.
• جميع المعلومات في النموذج مهمة لأنه بناء عليها يتم تأمين الشيء المناسب لذلك.
ملاحظة / البرنامج مجرب وناجح بصورة غير متوقعه ولله الحمد
فكرة وإعداد:
حلقات مسجد الجربوع - بحي السلام
http://www.saaid.net المصدر:
=============
فكرة دعوية للمساجد ( 7 )
استضافة مسلم جديد
عبد الله القحطاني
من الأمور الهامة التي يجب أن يفعّل نشاطها في المساجد
استضافة مسلم جديد، وأيضا استضافة داعية من إحدى الجنسيات مثل الجنسية الأمريكية، أو الفلبينية أو غير ذلك...
ويكون مع المستضاف أحد الدعاة يترجم باللغة العربية...
ولا شك أن تفعيل مثل هذا النشاط له فوائد عديدة:
1- تشجيع الداعية، أو المسلم الجديد على نشر الدعوة، وكذلك تنمية روح الإنتماء لهذا الدين العظيم.
2- تذكير الناس بقيمة هذا الإسلام وعظمته.
3- ترقيق قلوب الناس.
4- إشعار الناس بالدور التي تقوم به المؤسسات الدعوية التي تهتم بدعوة غير المسلمين.
5- إحساس المسلم الجديد بقيمة الإسلام من خلال الأخوة والألفة التي بين المصلين.
وطريقة الاستضافة / أن يتم التنسيق مع دعوة الجاليات أو غيرها من المؤسسات الدعوية أو مع أحد الدعاة من فتره إلى أخرى...
بعض الملحوظات...
• أن يكون هناك إعلان لجماعة المسجد بهذه الإستضافة...
• أن يجهز إمام المسجد هدية متواضعة باسم جماعة المسجد للمستضاف...
• إشعار جماعة المسجد بالمبادرة بالسلام على المستضاف وإشعاره بالأخوة الإسلامية...
• ذكر بعض الجهود الدعوية التي التي تقوم به مثل هذه المؤسسات التي تهتم بدعوة غير المسلمين...
• تشجيع الناس على الدعوة إلى الله، وترغيبهم في الأجر المترتب على هداية الناس...
• تكون مدّة الإستضافة من 5 7 دقائق...
http://www.saaid.net المصدر:
=============
توجيهات إلى مستخدمي كاميرا الجوال
خالد الحسن
الحمد لله والصلاة على رسول الله وبعد:
فقد بليت الأمة بفتن متنوعة وفتاكة والتي من آخرها: الاستعمال السيئ لكاميرا الجوال، حيث نتج عن ذلك مشاكل أسرية ناهيك عن حالات الطلاق، بل لقد وصل الأمر إلى حالات القتل، وإلى هتك الحرمات وكشف العورات، وإنني من هذا المكان أوجه بتوجيهات إلى مستخدمي كاميرا الجوالات فأقول:
أولا: تذكر أن هذا الفعل محرم.
ثانيا: أنه كما تدين تدان، كما فعلت وصورت فقد يفعل وتصور محارمك.
ثالثا: أن هذا من إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا، قال - تعالى - (إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب اليم)
رابعا: أن هذا من كشف العورات، ورسولنا قال: (من تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته يفضحه في بيته)
خامسا: تذكر أن هذه الصور ومقاطع الفيديو التي في جوالك أنها محرمة وأنت تصلي وجوالك في جيبك فأين تعظيم شعائر الله (مالكم لا ترجون لله وقارا)
سادسا: أن فعلك هذا يفرح الأعداء من الكفار والمنافقين ويحزن الصادقين الغيورين.
سابعا: هل ترضى أن تصور أختك أو أمك أو إحدى قريباتك؟ فكيف ترضاه للناس؟
ثامنا: لماذا تحول هذه النعمة إلى نقمة باستخدامك السيىء؟ لماذا لا تسخرها بطاعة الله؟
تاسعا: هل أمنت العقوبة من الله؟ (فإنه لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون)
عاشرا: الأمة تؤمل فيك خيرا واني أراك بفعلك السيىء قد خيبت آمالها.
أخي قاري سطوري: سخر هذه التقنية للدعوة إلى الله وحذر من أن تتعرض لدعوة مظلوم تسري بليل وأنت عنها من الغافلين.
اسأل الله أن يهديك وأن يصلح قلبك إنه جواد كريم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
http://www.saaid.net المصدر:
=============
كيف تقيم مشروع الجوال الإسلامي والبلوتوث الدعوي
مقدمة:
لا يخفى على متابع ومهتم انتشار المخيمات الدعوية في المنطقة وفي المناسبات المختلفة وهذا ولله الحمد يدل على قبولها في المجتمع كوسيلة دعوية ناجحة، وفي كل مخيم نجد أن هناك من يملأ أركانه إما لبيع الأشرطة أو لتوزيعها أو لبيع المشروبات والأكلات الخفيفة أو حتى تجد بعض الشركات قد قامت بتسويق منتجاتها في هذه المخيمات، أما من السنة الماضية فقد رأيت أن هناك مشروعاً بدأ يأخذ حيزاً من المخيمات الدعوية بل وعليه إقبال لا يقل عن من يبيع بضاعته إذ أن المواد المقدمة في هذا المشروع مجانية بدون مقابل.
أهداف المشروع:
تقديم البرامج النافعة للجوالات كالقرآن الكريم وغيره.
تقديم البديل النافع لصاحب الجوال من مقاطع مرئية وصوتية.
محاولة تعميم المشروع في جميع المخيمات الدعوية والجلسات الدعوية.
متطلبات المشروع:
1-جهاز حاسب آلي محمول.
2-طاولة بلاستيكية وكرسي.
3-جهاز قارئ الكروت (قارئ الذاكرة):
لكي يتم تحميل الملفات بطريقة أسرع مما لو كانت عن طريق البلوتوث.
وهو سهل الاستخدام ولا يحتاج إلى برنامج تثبيت وسعره في متناول الجميع.(13/171)
5- لوحة إعلانية تبيّن ماهية المشروع وتكون الكلمة الكبرى فيها هي (مجاناً).
كيفية عمل المشروع:
تؤخذ الزاوية المناسبة في المخيم وهي في الغالب تكون عند طريق الخروج، ويستحن وجود موصل للكهرباء لتفادي نقص الكهرباء في جهاز الحاسب المحمول، ثم يوصل (قارئ الذاكرة) بالجهاز عن طريق الـUSB مثل ماهو موضح بالصورة:
إذا كانت المرة الأولى التي يتم فيها تركيب قارئ الذاكرة فيرجى الانتظار لثواني معدودة حتى يظهر مربع صغير يبين أنه تم تثبيته آلياً، وبعدها يصبح جاهزاً للاستخدام وطريقة استخدامه سهله جداً، فقط استخرج الذاكرة من الجوال ثم ضعها في المكان المخصص لها في الجهاز ثم ادخُل على (جهاز الكمبيوتر) وبعدها ستجد أن هناك أيقونات متعدد أُضيفت إلى القائمة (لا تزيد عن أربع)، اضغط مرتين على الأيقونة المناسبة والتي غالباً ما تحمل حرف (F)، ثم ستظهر لك مجلدات عديدة منها ثلاث تحمل اسم(Image) و (Sound) و (Video). افتح المجلدات التي تحوي الملفات والبرامج التي تريد نقلها للجوال ثم قم بنسخ الملف المعني وقم بلصقة داخل المجلد الذي يعنيه مثلاً إذا قمت بنسخ صورة فإنك تضهعا في مجلد (Image) وإذا قمت بنسخ ملف صوتي فإنك تضعه في مجلد (Sound) وإذا قمت بنسخ ملف مرئي فإنك تضعه في مجلد (Video)، وأما البرامج فيستحسن وضعها في مجلد خاص يسمى بـ(برامج) ويكون موقعه بجانب المجلدات الثلاث السابقة، وبعد الانتهاء من نسخ المقاطع تعيد الذاكرة الى جهاز الجوال ثم تدخل على (مدير الملفات) وتدخل على بيانات الذاكرة (حركة إلى اليسار) ستجد أن هناك مجلد اسمه (برامج) وهو المجلد الذي أسميناه في السابق، تدخل عليه فستجد البرامج التي وضعتها فيه، ثم تفتحها وتتبع الخطوات التي ستظهر لك حتى يتم الانتهاء من التثبيت، كل برنامج على حده.
ملاحظات:
• الملفات الصوتية والصور والبرامج غير موجودة في السوق ولا تباع وإنما توزع مجاناً حسب الطلب.
• ينبغي الابتعاد عن المواد التي لا تفيد الدعوة.
وأسأل الله أن يعين كل من يريد إقامة هذا المشروع لوجه الله.
http://www.saaid.net المصدر:
=============
رسالة عاجلة إلى أخي المسلم المدخن
عبد الله نياوني
الحمد لله الذي أحل لنا الطيبات وحرم علينا الخبائث والصلاة والسلام على خير البرية ومعلم الإنسانية وهادي البشرية
نبينا محمد وآله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد:
أخي المسلم المدخن! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا أعلم أنك أول العارفين بما يسببها الدخان من أمراض فتاكة للإنسان،
وأعلم كذالك أنك تريد التخلص منه كي تحيا حياة سعيدة، روحيا وجسديا،
ولكن عذرك هو، أنك تقول:
* لقد حاولت تركه فعجزت.
* لقد تركته ولكن بعد برهة يسيرة عدت إليه أيضا.
* لا أدري ماذا أفعل كي أتخلص منه.
فلذا، حبا في معاونتك، أبحث إليك هذه الرسالة العاجلة، التي تحمل في طياتها نصائح مفيدة ووسائل ناجحة التي أعانت الكثير وستعينك إن شاء الله على التخلص من الدخان.
وملخصها: قوة الإرادة، احترام النفس، البديل الحسن، الاستعانة بالله.
قوة الإرادة:
أخي المسلم المدخن!
يجب أن تكون لديك قوة الإرادة للتخلص من هذا الداء العضال، ولا تقل لا أستطيع، بل كن رجلا على الأحوال جلدا، فإرادتك القوية هي أهم نقطة انطلاق، فقل في نفسك، أنا قادر على التخلص من جرثومة الدخان،...كيف لا؟ وكنتُ قبلُ لا أدخن.......
فكلما عاودتك نفسك الأمارة بالسوء، وهيجتك على حب التدخين، فاسلك الخطوات التالية:
أولا: استعذ بالله قائلا: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم من همزه ونفثه ونفخه.
ثم تفكر في أضرار الدخان بصحتك واسأل نفسك قائلا:
كيف أصرف مالي فيما يسبب لي مرض السرطان؟
كيف أصرف مالي فيما يقتل مناعتي؟
كيف أصرف مالي فيما ينتن فمي و أسناني؟
كيف أصرف مالي فيما يسبب لي السعال الدائم؟
هل معقول أن أكون أنا الذي يبحث عن حتفه بظفر نفسه؟
كلا.... بل أنا أحترم نفسي، وتلك هي النصيحة الثانية.
احترم نفسك:
أخي المسلم المدخن!
أنت تعلم جيدا أن الله كرمك وفضلك وخلقك في أحسن تقويم وميزك بالعقل من سائر الحيوانات، فهل بعد هذه الكرامة، ترضى بالدنائة؟
فاحترم نفسك وقل:
أنا أحترم نفسي فلن أضر غيري بالدخان.
أنا أحترم نفسي فلن أكون مضرا للملائكة الكرام (الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنوا آدم).
أنا أحترم نفسي فلن أنتن فمي الذي هو محل ذكر ربي وخالقي.
أخي المسلم المدخن!
بهذا قصمت ظهر الشيطان، ولكن لا تظن أنه لن يعود فلعله يأتيك بحيلة أخرى محاولا وسوستك، فيقول: هاأنت تركت التدخين، فماذا تفعل بهذه الدراهم التي بها كنت تشتريه؟ فليس لك بديلا له فحيهلا..
أخي المسلم المدخن!
اعلم أن هذا عين الوسوسة، فتعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
ثم هاك البديل:
البديل الحسن:
بادر بهذه الدراهم إلى شراء السواك، فالسواك مطهرة للفم مرضات للرب.
اشتري بهذه الدراهم تمرا فهو أحلى، فسينسيك إن شاء الله عن الدخان.
بادر بهذه الدراهم إلى التصدق على فقير أو يتيم تنال ثوابه عند الله‘ وإياك إياك أن تلقي بنفسك إلى التهلكة.
أما النصيحة الرابعة الأخيرة-
الإستعانة بالله:
روي عن بعض السلف أنه قال لتلميذه: ماذا تصنع إذا سول لك الشيطان الخطايا؟ قال أجاهده، قال هذا يطول، أرأيت إن مررت بغنم فنبحك كلبها، ومنعك من العبور ماذا تصنع؟ قال: أكابده وأرده جهدي قال: هذا يطول عليك، لكن استعن بصاحب الغنم يكفه عنك.
أخي المسلم المدخن!
إذا أردت التخلص من الشيطان ووسوسته، فاستعن بخالقه يكفه عنك و يحميك.
ولكن لعلك تسأل، كيف أستعين بالله؟
أقول لك:(13/172)
قم وتوضأ وضوءك للصلاة، في غير وقت الصلاة، في جوف الليل مثلا، أو في الثلث الأخير من الليل،
ثم صلِِِّ ركعتين بخشوع وخضوع،
ثم ارفع كفك الضارع إلى السماء وقل:
يارب إني مغلوب فانتصر...
يا رب إني مبتلى فاحمني..
يا رب حبّب إليّ الطيبات، وكره إليّ الدخان والخبائث...
يا رب! يا رب!!
فستجد الله لك معينا وناصرا(أمّن يجيب المضطرّ إذا دعاه ويكشف السوء).
وفي الختام، أسأل الله العظيم رب العرش الكريم، أن يثبت أقدامنا على صراطه المستقيم، صراط الذين أنعم عليهم
من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين. غير المغضوب عليهم ولا لضالين. آمين
وصلي الله على نبينا محمد و آله وصحبه أجمعين.
13 ربيع الثاني 1426 هجرية
http://www.saaid.net المصدر:
============
رسالة إلى الخطيب المسلم
الدكتور صالح بن علي أبو عرَّاد
* أيها الخطيب المسلم.
* يا من صعدت المنابر، وتحدثت إلى الآخرين.
* يا من تُنصت لك الأسماع، و تستمع لك الجماهير.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد؛
فإن الخطابة فن أدبي راقٍ من فنون القول. وهي صناعةُ عظيمةُ تهدف إلى التأثير في نفوس الآخرين، كما أنها تُعد أبرز وسائل مخاطبة الجماهير منذ القدم في شؤون الحياة المُختلفة للدعوة، والتعليم، والتوعية، واستنهاض الهمم، وحل المشكلات، وفك النزاعات، وقيادة الجماعات، وغير ذلك من الأحوال والمناسبات المتنوعة.
وفيما يلي أُوجه هذه الرسالة إلى الخطيب المسلم الذي تُعلّق عليه الآمال الكبيرة في توعية الناس وتبصيرهم بأمور دينهم ودُنياهم؛ فأقول مُستعيناً بالله - تعالى -:
• أيها الخطيب المسلم، اعلم أنك صاحب رسالة عظيمة، ومهمةٌ جسيمة، وأن عليك أن تؤديها بكل صدقٍ وإخلاص، وأن تبذل ما وسعك الجهد لأدائها على الوجه الأكمل الذي يُرضي الله - تعالى -، ومحاولة إيصالها إلى الآخرين بكل ثقةٍ واقتدارٍ، دونما كللٍ أو ملل، ولا تنس (أجزل الله مثوبتك) أن يكون قصدك من خطبتك ابتغاء وجه الله - تعالى -، والتقرب إليه - تعالى -بإصلاح النية وإخلاصها؛ حتى ولو كانت تلك وظيفتك التي تقتات منها؛ لأن الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى.
• أيها الصوت الناطق بالحق، لا تنس أن الخطابة فن لا يُجيده إلا من امتلك أدواته ومهاراته؛ وأن على من اختارها أن يكون ذا موهبة واستعدادٍ في هذا الشأن، وأن يكثر من التدرب عليها، وأن يكون واسع الاطلاع على العلوم المختلفة، والفنون، والآداب؛ فسعة الإطلاع خير معين للخطيب لأداء خطبته بقوةٍ وتأثيرٍ وفاعلية، كما أن على الخطيب الاتصاف باللين والرفق والتلطف مع الناس لأن ذلك أدعى إلى استمالتهم وإقناعهم، وأن يكون في المقابل حاضر البديهة، جيد الإعداد لموضوعات خُطبه، واثقاً من نفسه. وأن يُحسن توظيفها تبعاً لاختلاف الظروف والمُناسبات.
• أيها المؤثر في الناس، إياك والخوض في ما لا علم لك به من القضايا الشرعية أو الاجتماعية أو غيرها من القضايا الدينية أو الدنيوية. وليكن قولك وطرحك مبنياً على الحقائق والأدلة والبراهين حتى لا يزل بك اللسان، أو تهوي بك القدم في ما لا يُحمد عقباه من القول بغير علمٍ أو التجني في الخطاب أو نحو ذلك. واحرص على تبيّن الأمور، والبُعد عمّا أشكل منها أو غمُض أو ترتب عليه مفسدة عملاً بقوله - تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} (سورة الحُجرات: الآية 6).
• يا من تحملت مسؤولية المنبر، كن قدوةً حسنةً في قولك وعملك وسلوكك وهيئتك وكل شأنك، واعلم أنك مأجور إن شاء الله - تعالى -على ذلك كله متى احتسبته عند الله - تعالى -وابتغيت به ما عنده جل في عُلاه؛ و تأكد أن الناس ينظرون إلى سلوك الخطيب، ويدققون النظر فيه لما يُفترض أن يكون عليه من حُسن الخُلق وجميل السلوك، ولذا ينبغي أن تتطابق أفعالك مع أقوالك، لأن التزام الخطيب بأحكام الإسلام بوجه عام، وتطبيقه لما يدعو إليه في خطبته، يجعل كلامه مقبولاً عند المستمعين، أما مخالفة العمل للقول، فإنه يجعل المستمعين لا يثقون به، ولا يحترمون كلامه وصدق الله القائل: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ} (سورة البقرة: الآية رقم 44).(13/173)
• يا من تسعى لإصلاح الفرد وبناء المجتمع، لا تنس أن مُهمتك تتمثل في الدعوة إلى الله - تعالى -بالحكمة والموعظة الحسنة التي تفرض عليك تعليم الناس ما يجهلون، وتذكيرهم بما ينسون، وتنبيههم إلى ما يغفلون عنه؛ فكان عليك تُخاطبهم بما يوافق حالهم إذ إن لكل مقامٍ مقال، ولكل مُناسبةٍ ما يُلائمها من الخطاب الذي يجب أن يُراعى فيه مستوى المستمعين؛ فلا يُخاطبون بما لا يفهمون، ولا يُطرح عليهم ما لا يستوعبون، فما خوطب أُناسٌ بما لا يفهمون إلا كان فتنةً عليهم، مصداقاً لما روي عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " ما أنت بمُحدثٍ قوماً حديثاً لا تبلُغُهُ عقولهم، إلا كان لبعضهم فتنةً " (رواه مسلم، الحديث رقم 14، ص 9). فاحرص (سدّد الله قولك وعملك) على اختيار موضوعات خطبك بعنايةٍ فائقةٍ، وعليك أن تتلمَّس حاجات المستمعين الذين جاءوا لاستماع خطبتك، ولا تنس أن حُسن القول مطلوبٌ منك في الظروف والأحوال كلها، لاسيما وأنك ممن يدعو إلى الله - تعالى -بالحسنى وليس هناك أحدٌ أحسن قولاً ممن حمل راية الدعوة إلى الله - تعالى -، وإلى إتباع منهجه القويم، والالتزام بأحكام وتعاليم الدين الحنيف. قال - تعالى -: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (سورة فصلت: الآية 33). وأعلم أن اختيار موضوع الخطبة من واقع حياة الناس أمرٌ إيجابيٌ وفاعل، وأن مناقشة المشكلات الاجتماعية ومحاولة طرح الحلول المناسبة لها واجبٌ يفرضه عليك تحملك لهذه المسؤولية.
• يا من تُشنفُ الآذان بقولك الجميل المُدعّم بالآيات البينات، والأحاديث النبوية المختارة، والأقوال المأثورة عن السلف الصالح، احرص على ما يُعرف ببراعة الاستهلال في خُطبك، واجتهد في فصاحة اللسان، وسلامة مخارج الحروف، وعليك بمراعاة مهارات حسن الإلقاء من تنويعٍ للأسلوب، وضربٍ للأمثال، وجودة الاقتباس، ودقة الاستشهاد، وحُسن العرض؛ فإن ذلك مما يُساعد على نجاح الخطيب في أداء رسالته الدعوية والتوعوية على الوجه الصحيح الذي يؤثر في المستمعين، ويأسر أفئدتهم، ويجذبهم إلى ما يقوله ويطرحه من موضوعات.
• يا من ينظر إليك الناس قدوةً ومثلاً، إياك (سدّد الله خُطاك) من بعض الصفات التي لا تليق بالخطيب المسلم كأن تُطيل في إلقاء خطبتك، أو أن تُكرر موضوعها حتى تُمل، أو أن ترفع صوتك أو تخفضه عن الحد المطلوب لإسماع الحاضرين، أو أن تُكثر من الحركات والإشارات. واحذر (كفانا الله وإياك) من الكبر، والغرور، والإعجاب بالنفس، وتصيد أخطاء الآخرين، ونحو ذلك من الصفات التي قد تُحبط الأجر وتضيع الثواب والعياذ بالله. وإياك من التقعر في الكلام، أو التكلف في الخطاب، أو أن يراك الناس في مواقع الشُبه والريبة؛ فإن ذلك مما يُفقد الخطيب مصداقيته واحترامه عند الآخرين.
• يا من تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، اجتهد (وفقك الله - تعالى -) أن يأتي حديثك في كل خطبةٍ مناسباً لظروف الزمان والمكان فمعايشة الواقع أجدى وأنفع وأكثر قبولاً عند المستمعين. وليكن موضوع الخطبة عن القضايا الكلية دون التعمق في الجزئيات التي قد لا تؤدي إلى كثير نفعٍ وفائدةٍ للمستمعين. واعلم أن من الجميل جداً أن يُخفف الخطيب زمن الخطبة، وألاّ يُطيل فيها أبداً حتى لا يمل الناس أو ينفرون، ولأن ذلك مخالفٌ لهدي الرسول - صلى الله عليه وسلم - الذي لم يكن يُطيل الخطبة وهو أبلغ الناس، فقد روي عن عمارٍ - رضي الله عنه - أنه قال: إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " إنّ طول صلاة الرجل، وقصَرَ خطبته مئنّّةٌ من فقهه، فأطيلوا الصلاة، وأقصُرُوا الخُطبة، وإنّ من البيان سحراً " (رواه مسلم، الحديث رقم 2009، ص 349). وما روي عن عمار بن ياسر - رضي الله عنه - أنه قال: " أمرنا رسول الله بإقصار الخُطب " (رواه أبو داود، الحديث رقم 1106، ص 173). وعن جابر بن سمُرة قال: " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يُطيل الموعظة يوم الجمعة؛ إنما هُنَّ كلماتٌ يسيراتٌ " (رواه أبو داود، الحديث رقم 1107، ص 173). فعليك (وفقنا الله وإياك) بالحرص على إتباع الهدي النبوي، وعدم الإطالة في الخُطبة فخير الكلام ما قل ودل.
• وختاماً / أسأل الله الكريم، رب العرش العظيم، أن يوفقنا جميعاً لصالح القول، وجميل العمل، وأن يُجنبنا الخطأ والزلل، والحمد لله رب العالمين.
http://www.saaid.net المصدر:
=============
من هموم الدعوة
عبد الملك القاسم
امرأة تخرج ابنها الشاب وعٌين مدرساً في قرية يخيم عليها الجهل ومع هذا بكت وبكت، وسارع الأب ملهوفاً حزيناً لمن عرف ومن لم يعرف حتى يعود الابن لأحضان أمه ويترك أمر تعليم الناس وإخراجهم من الظلمات إلى النور!
لأمهات الرجال ومنجبات الأبطال..كففي دمعك وتأملي في حال أمهات من حملوا راية هذا الدين وسقوا الأرض بدمائهم لا بدموعهم!
أخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي: أن امرأة، دفعت إلى ابنها يوم أحد السيف، فلم يطق حمله، فشدته على ساعده بنسعة، ثم أتت به النبي ، فقالت: يا رسول الله: هذا ابني يقاتل عنك.
فقال النبي: ((أي بني! احمل هاهنا، احمل هاهنا)).
فأصابته جراحة، فصرع، فأتي به النبي ، فقال((أي بنٌي لعلك جزعت!))
قال: لا، يا رسول الله.
والمشهد الثاني لشباب الأمة وفتيانها.. يرويه سمرة بن جندب حيث يقول: ((كان رسول الله يعرض غلمان الأنصار فيلحق من أدرك منهم.
فعرضت عاماً. فألحق غلاماً وردني، فقلت يا رسول الله: لقد ألحقته ورددتني، ولو صارعته لصرعه.(13/174)
قال: فصارعته فصرعته، فألحقني))
وللمربية الفاضلة.. من تعد صغيرها وصغيرتها لنفع الأمة وحمل ميراث النبوة! أنجبي لنا مثل أولئك رجالأً وأمهات! وانظري في حال أهل البدع والأهواء كيف يجاهدون بأموالهم وأولادهم، وكيف هم متفرقون في البلاد وبين العباد، تركوا أوطانهم وهجروا مراتع صباهم لنشر ظلالهم وبث سمومهم، وما أشتكى منهم أحد من الحر والقر، بل يصبرون ويصابرون فالله المستعان، واليه المشتكي.
11/11/2004
http://www.almunadi.net المصدر:
=============
من رقية إلى خديجة!
عبد الملك القاسم،
مضى عهد النوم يا خديجة..ومضى عهد النوم أيتها الفتاة السعودية..استنهاض جميل لعزائم الفتيات وهمم النساء من مربية فاضلة، وداعية موفقة في مقالة ضافية، تشع أنفاس حروفها بالمحبة لهذا الدين، كتبتها الدكتورة رقية بنت محمد المحارب. وهي من هي التي طوقت أعناق الكثير من الداعيات اليوم بفضلها وحسن دعوتها مع ما تحمله من ميراث النبوة المؤصل بالكتاب والسنة وقد خط قلمي وهو يساير قلمها وجميل عبارتها:
يا خديجة.. أقبل الفجر وولى زمن النوم، لك سنوات تقارب العشرين وأنت تنهلين من معين صاف رقراق ثم إذا بك لا تعملين بما علمت طوال السنوات الماضية.
يا خديجة.. دنا الحصاد وقارب الزرع أن يحصد.. لكن الدعوة تحتاج إلى جهاد وأمل وصبر.
يا خديجة رائحة الجنة هب هبوبها، ولا أراك إلا مسارعة لها مبتغية رضا الله - عز وجل -.
يا خديجة.. الحجاب يئن من ضربات متتالية وترينه بدأ يسقط عن وجوه البعض. أما آلمك وأدمى قلبك ذاك السفور والدعوة إليه!
يا خديجة.. ((ما كان الرفق في شيء إلا زانه)) والدعوة والرفق متلازمان لا ينفك أحدهما عن الآخر وتأملي سيرة الرسولe ترين ذلك واضحاً جلياً..
يا خديجة.. سمعتِ بما أسموها (ماما تريزا) وصويحباتها ومن على شاكلتها يذهبن في حر الصيف وسوء الأحوال الجوية وحيث قطاع الطرق والفقر.. تحثهن الخطى للدعوة إلى النصرانية الباطلة.
يا خديجة.. جعل الله أعظم هم تحملينه في قلبك هم الدين ورفعته. وأزال من قلبك هموم الغافلات اللاهيات.
يا خديجة.. أري الله منك خيراً وابذلي لهذا الدين مثلما تبذلين للدنيا بل الثلث.. والثلث كثير.
يا خديجة.. سترك الله بستر العفاف وجعل الإيمان شعارك ودثارك وأحياك حياة طيبة، وجعلك هادية مهدية وأقر بك أعين الإسلام والمسلمين. ومثلك تنجب الرجال وتربي الأبطال وتخرج العلماء والدعاة.
يا خديجة: حفظكِ الله من كيد الأعداء وأنار بصيرتك بالعلم النافع ورزقك العمل والإخلاص.
نداء من رقية.. مضى عهد النوم يا خديجة!!
24 ذي الحجة 1420 هـ.
06/11/2004
http://www.almunadi.net المصدر:
=============
رئيس الجماعة الإسلامية في أوتاربراديش ولي الله السعيدي " لم نكن على قدر التحديات الموجهة للأمة الإسلامية "
رضوان أحمد رفيقي
الجماعة الإسلامية بالهند إحدى الحركات الإسلامية المعاصرة التي قامت في مختلف أنحاء العالم، داعية من جديد إلى العودة للكتاب والسنة وإقامة دين الله في الأرض. تعمقت جذورها وانتشرت فروعها في جميع أنحاء بلاد الهند ولها نشاط موسع، في حقل الدعوة والعمل الإسلامي بين مختلف أوساط المجتمع الهندي..ومع رئيس الجماعة بولاية أوتاربراديش الشيخ ولي الله السعيدي كان هذا الحوار:
ماذا عن خطط الجماعة في الفترة القادمة؟
الخطط والبرامج التي تقوم بها الجماعة تتلخص في النقاط التالية:
1- الدعوة الإسلامية: فتواصل الجماعة الإسلامية جهودها حتى يدرك أبناء الوطن الذين لم تصل إليهم رسالة الإسلام، مبادئ عقيدة الإسلام ومقتضياتها.ولتتجلى عليهم الحقيقة بأن الإسلام وحده دون غيره نظام عدل وقسط ورحمة.
2- بناء المجتمع المسلم: عن طريق عرض الإسلام بتصوره الشامل في الحياة الفردية والاجتماعية موضّحة مقتضيات الإسلام حتى يتكون لدى المسلمين حرص شديد على الفوز في الآخرة وابتغاء مرضاة الله. كما تبذل الجماعة نصيباً من الجهد الكافي حول القضايا المصيرية التي لها علاقة بحفظ الأرواح والأنفس وشخصية الأمة الإسلامية.
3- القضايا المصيرية على الصعيدين الوطني والدولي: لتأمين الحقوق الإنسانية والأساسية والعدالة الاجتماعية ونشراً لأخوة الإنسانية والقيم الأخلاقية وللحفاظ على حقوق الأقليات من ناحية الديانة واللغة والثقافة، وتقاوم الجماعة المواقف والتحركات غير الدستورية والأخلاقية حسب الفرص المتاحة لها، وتقوم بانتقاد صريح للسياسة الخالية من القيم، وتبدي الجماعة آراءها من غير مبالاة وتهاون إذا دعت الحاجة إليها.
4- الخدمات الاجتماعية: وفيها تبذل الجماعة كل ما في وسعها لتقديم الخدمات إلى المعوزين والفقراء والمرضى والمصابين بالضرر والمظلومين والذين لا يجدون ملجأً دون أدنى تفرقة من ناحية الديانة والقومية.
5- التربية: وتركز الجماعة جهودها على التربية الشاملة لأعضاء الجماعة ومنسوبيها من كل النواحي الفكرية والعلمية والأخلاقية، وكذلك تشيد النظام الداخلي للجماعة.
ماذا عن مواقف الجماعة تجاه القضايا الدولية؟
إيماناً بمبدأ الأخوة إنما المؤمنون إخوة (الحجرات: 10) تؤيد الجماعة قضايا الإخوة المسلمين في جميع أنحاء العالم، فترى أن قضية فلسطين قضية الأمة المسلمة بأسرها، وعلى أبنائها أن يقفوا صفاً واحداً في وجه العدو الصهيوني الذي لا يفهم إلا لغة القوة، وتدين الجماعة النزعة العنصرية الصهيونية ومؤامراتها ضد البشرية، وتدعو دول العالم إلى احترام حقوق الإنسان في كل مكان ومعارضة الظلم والاحتلال والاستعمار وتعرب عن قلقها تجاه انتشار الأسلحة النووية والكيماوية.(13/175)
وكذلك عندما قامت القوات الأمريكية بتدنيس القرآن الكريم في سجون جوانتانامو الذي يعد من أكبر الجرائم ضد كتاب الله، نددت الجماعة بشدة بكل وسائلها.
وما خطة الجماعة في مجال الدعوة؟
إيماناً بوجوب مهمة الدعوة إلى الله فقد جعلت الجماعة الإسلامية بالهند برنامج الدعوة بين غير المسلمين من الأهداف ذات الأولوية العليا، ووضعت لهذا العمل خطة ذات نقاط وهي:
تعريف غير المسلمين بالإسلام وشرح مبادئ التوحيد والرسالة والآخرة ليعلموا أن الإسلام هو الدين الوحيد الذي أنزله الله - تعالى - لهداية البشرية.
السعي لرفع المستوى الاجتماعي لأفراد الطبقات المنبوذة والمتخلفة وإنهاء التمييز الطبقي السائد في المجتمع الهندوسي وشرح قيم العدالة الاجتماعية في الإسلام.
من خلال خبراتكم كيف وجدتم الساحة الهندية من حيث الدعوة إلى الله؟
نلمس أن الدعوة إلى الله واسعة النطاق في الهند، والإقبال على الإسلام من قبل عامة غير المسلمين كبير، فمن خلال خبراتي الدعوية يجدر بي أن أقول: إن عامة الناس عطشى للمنهل الصافي الشافي للإسلام، ولكن هناك بعض العراقيل والعوائق في هذا المجال منها:
أولاً: عدم شعور عامة المسلمين بواجباتهم ومسؤولياتهم تجاه مهمة الدعوة.
ثانياً: عدم توافر الوسائل والدعاة.
ثالثاً: سوء فهم غير المسلمين للإسلام وتعاليمه، وعدم تفريقهم بين تعاليم الإسلام وتعامل عامة المسلمين.
رابعاً: تشويه صورة الإسلام والحركات الإسلامية من قبل الأحزاب الهندوسية المتطرفة.
كيف تواجهون التحديات التي تأتيكم من قبل الأحزاب المتطرفة؟
الهند دولة ذات أغلبية هندوسية، ولكن الأحزاب المتطرفة مثل R.S.S وVHP وغيرهما لا تنوب عن الأغلبية كاملها، بل هذه فئة قليلة فأغلب غير المسلمين لا يسيرون مسيرتهم، بل ينتقدون أعمالهم الإجرامية وحركاتهم اللاإنسانية.
وأما الجماعة الإسلامية فتسير مسيرتها الدعوية بالحكمة والحذر وتتخذ سياسة عدم الصدام، ومسؤولو الجماعة على صلة دعوية مع هذه الحركات والأحزاب قادة وأتباعاً وتقوم بواجبها نحوهم، ولذلك تعد الجماعة الدعوة بين غير المسلمين من الأهداف النبيلة وتجعلها في خطتها الرباعية من أهم النشاطات وأولاها.
وفي هذا الصدد قررت الجماعة الإسلامية لولاية يوبي الشرقية عقد مؤتمر عام على مستوى الولاية تحت عنوان: "كونوا قوامين بالقسط" خلال 14 16شوال المكرم 1426ه الموافق 18 20 نوفمبر 2005م بمدينة أعظمكرة.
هل هناك علاقة بين موضوع المؤتمر والأوضاع الراهنة؟
لا يخفى أن الإنسانية تعاني أنواعاً من الظلم والاعتداء في هذه الأيام في مشارق الأرض ومغاربها، فالحريات مسلوبة والحقوق الإنسانية منتهكة والشعوب مضطهدة والدول القوية قد شنت حرباً شعواء ضد الدول الضعيفة، وفي هذه الأوضاع القاسية فإن الحاجة ماسة إلى رفض هذا العدوان الغاشم والاعتداء الجارف، فالجماعة الإسلامية تريد بواسطة هذا المؤتمر أن ترفع صوتاً قوياً لإقامة العدل والقسط وإزالة الظلم والطغيان.
هل قادة الحركة الإسلامية يشاركون في هذا المؤتمر؟
نظراً لأهمية هذا المؤتمر وأهدافه السامية فقد اهتممنا بالاستفادة من رجال الدعوة والإصلاح في داخل الهند وخارجها، وقيادات الحركة الإسلامية، وقد وجهت الدعوة إليهم للمشاركة وإلقاء كلماتهم القيمة فيه خاصة الدكتور محمد الشيخ محمود الصيام "إمام المسجد الأقصى"، المهندس مصطفى الطحان، قاضي حسين أحمد "أمير الجماعة الإسلامية باكستان"، الأستاذ مهدي عاكف "المرشد العام للإخوان المسلمين".
كلمة أخيرة توجهونها إلى الأمة؟
أقول للأمة الإسلامية، قادتها وأبنائها، أن يجمعوا كلمتهم تحت راية الإسلام ويبذلوا جهودهم كلها في عرض الإسلام كبديل للبشرية كلها، وألا يغضوا أعينهم عن التحديات الموجهة للأمة الإسلامية.
http://www.almujtamaa-mag.com المصدر:
============
من أنا
عبد الملك القاسم
الرحمة تملأ قلبي على مرضى المعاصي! أليس الطبيب يحزن إذا رأى مريضاً يتألم؟ قلبي يتفطر إذا رأيت مريضاً نزل به داء أشد فتكاً من المرض العضوي. أنهم مرضى معصية الله - عز وجل -. ومن أحق بالرحمة والشفقة منهم! لذا أسارع إليهم أمنعهم أن يلقوا بأنفسهم في النار أو أن تأكل أطرافهم!
لم يكن هذا الحرص مني تدخلاً ممقوتاً ولا رداءة في النفس، بل إنني أطيع من أمرني بذلك ومن أحق بالطاعة والقول من رب العالمين: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)آل عمران: 104.
والناس اليوم يحبون ويجلو من يعص الله - عز وجل - ويطيع الشيطان! كم من شياطين الجن والأنس من يزين المعصية ونشر الفساد في البر والبحر ومع هذا لا يقال له شيء ولا يذم و إلا يشتم ولا يلحقه أذى بل ينشر فكرة وتتبع تعالمه ويسعى إلى إرضاءه!
أعرف أنني محبوب لدى الأتقياء والأخيار فلا شيء بيننا..لكن غيرهم يعلمون أني أحول بينهم وبين شهواتهم ولذا لا يريدون رؤيتي ويغمزون ويلمزون وربما طعنوا ولكن يكفي القلب ثقة وطمأنينة أني مطيع لربي مستجيب لأمرة.لا أتقدم إلا بعلم ولا أفعل إلا ببصيرة.أثني الله - عز وجل - على فعلي والقيام به في: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) آل عمران: من الآية110. ويكفي الدعاء من أهل القبول من يسهرون الليل لمنجاة الرب،(13/176)
وإن كان أطباء المستشفيات يموت تحت أيديهم أمم كثيرة من أخطاء قاتلة ومع هذا يمدحون وتنسى زلاتهم فإن خطئي من اجتهاد مثلهم فالكل مغفور له على اجتهاده إذا تحرى الصواب وسلك سبيل الرشاد!
أنا رجل الحسبة ضاعف الله لي الأجر وتجاوز عن خطئي وتقصيري فالدافع لذلك محبة المسلمين وحفظ أعراضهم وردهم إلى الحق رداً جميلاً.
21/11/2004
http://www.almunadi.net المصدر:
============
الرحلات ... وسيلة دعوية .. فكيف نستفيد منها !
مهذب أبو أحمد
الرحلات شيء محبب للنفوس، ففي الرحلات أُنسٌ بالصديق، وتفريج للضيق، وكسب للمهارات والخبرات، وفوز بالسبق إلى الخيرات.
والرحلات كأسلوب من أساليب الدعوة وسيلة ناجحة، فهي طريق للقلب المعنّى ليبث فيها الراحل أشجانه وهمومه ويفتح فيها قلبه ومكتوم أسراره، فجدير بالمربين المخلصين أن لا يفوّتوا مثل هذه السانحة، لذلك يجدر أن نذكر ببعض المهام والأمور التي تخدم هذه الوسيلة الدعوية الناجحة فنكون أقرب للاستفادة منها.
أهمية الرحلات.
السفر والترحال يكسب الإنسان تجربة وخبرة.
فالرحلات (القصيرة والطويلة) من أهم وسائل الترفيه عن النفس، والإعداد الذهني والجسمي للطلاب (المتربين)، وقد كان - صلى الله عليه وسلم - يحب إدخال السرور على صحابته، وعلى الشباب والفتيان منهم بالممازحة والترويح وغير ذلك مما كان متاحاً لهم في وقتهم.
ومن قبل قال الإمام الشافعي - رحمه الله -:
تغرّب عن الأوطان في طلب العلى *** وسافر ففي الأسفار خمس فوائد
تفرّج همّ واكتساب معيشة *** وعلم وآداب وصحبة ماجد!
فمن فوائدها:
- توسيع المدارك عند الطلاب (المتربين).
- الترفيه المباح (كبديل فعّال للبرامج الترفيهية المباحة).
- تعويد المشتركين على مبادئ هامة، وتحقيق معاني قد لا تتحقق إلا بالأسفار والترحال من مثل: (معاني الأخوة، والإيثار، والانضباط، والترتيب، والسمع والطاعة.. )
- فيها تلبية لرغبات فطرية في الإنسان من حب المخالطة والمرح والترفيه.
- سهولة إيصال الأفكار وترسيخها في أذهان المشتركين، إذ أن التربية والتوجيه مع الحدث من أشد ما يساعد على رسوخ المبادئ والمفاهيم.
- ".. ثبت من خلال التجارب العديدة أن طلاب الحلقات يرتفع مستوى أدائهم وعطائهم بعد الرحلات والنشاطات بشكل ملحوظ؛ ويلتهب الحماس لديهم لتقديم أفضل ما عندهم، من الحفظ والأخلاق في التعامل.
- وإن النشاطات والرحلات الهادفة تفتح آفاق أذهانهم على الأفكار الابتكارية والإبداعية في الإسهام في إعداد برامج الرحلة والترفيه، وتقديم ما ينفع إخوانهم في تلك المناسبات "
إلى غير ذلك من الفوائد النفسية والتربوية الدعوية والعبادية التي يخرج بها المشارك في رحلة هادفة.
توجيهات هامة.
* إخلاص العمل لله: لقد أصبح من الضروري ـ جداً ـ عند بداية كل عمل التذكير بإخلاص العمل لله واحتساب الأجر والثواب من الله جل وعز، لأنه صار من المشاهد المألوفة ـ المزرية ـ أن ترى الرجل العامل المجتهد ثم هو في منتصف الطريق تموت همته أو تكاد، أو تجده يمنّ بما عمل وأنه فعل وفعل، أو ينتظر مدحاً وثناءً من أحد.. وهكذا من الصور المؤسفة والتي أصبحت من قواصم الأعمال ومهلكاتها، قال الله - تعالى -: " قل هل أنبئكم بالأخسرين أعمالا. الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً " لذلك كان من أهم المهمات قبل بداية العمل أن يخلص العبد عمله لله وأن لا ينتظر جزاءً ولا شكوراً من أي أحد كان.
* وراء كل عمل ناجح.. تضحية مجزية: فالأعمال الدعوية ـ خصوصاً ـ تحتاج من الداعية أن يضحي بشيء ـ أو بأشياء ـ من أجل إتمام العمل أو البرنامج المعدّ لعمل دعوي أياً كان وحين توجد التضحية يكون الداعية قد قطع نصف طريق النجاح، وبقدر ما تقل التضحية يجد الداعية عنتاً ومشقة في إكمال السير وعائقاً عن الانطلاق. والمقصود أن الداعية في أحوال بحاجة إلى أن يضحي بوقته أو ماله أو جهده أو حتى بنفسه التي بين جنبيه كل ذلك لينصر دين الله ولينشر الحق في الأرض، وما قصة غلام الأخدود عنّا ببعيد!!!
* المسئولية الفاعلة: إن الداعية إلى الله بحاجة إلى أن يكون عنده قدر كبير من تحمّل المسئولية وما يتبعها من تبعات، وحين تكون الأعمال تحت مسئولية صورية أو مسئولية المنصب فحسب، فإنها سرعان ما تفقد ثمرتها، لذا كان من المهم التنبيه على الداعية أن يكون على قدر كبير من تحمل المسئوليات، وأن يتحلّى بالصفات التي تؤهله لأن يكون أهلا للمسئولية من الخبرة والدراية والحكمة والصبر والمشاورة واليقين بالله...
* التخطيط لا التخبيط: قبل أن تبدأ الرحلة، عليك بالتخطيط المسبق لها، وافتراض مستلزماتها، وتنسيق الأعمال بين أفرادها، إذ العشوائية والارتجالية من أعظم مقاتل الأعمال وعدم استمرارها من أجل ذلك ننبه هنا إلى بعض الإعدادات المهمة للقيام برحلة دعوية.
عناصر التخطيط لرحلة هادفة.
حتى تكون الرحلة هادفة ومفيدة ولها ذكريات لا تُنسى في نفوس المشتركين ينبغي مراعاة عناصر هامة في التخطيط الجيد لأي رحلة، هذه العناصر هي:
1 - تحديد نوعية الرحلة: (تربوية، تعليمية، دعوية، ترفيهية، عبادية- حج، عمرة زيارة المدينة النبوية، جامعة.. )
2 - تحديد الهدف أو الأهداف المرحلية من الرحلة، وذلك يكون على ضوء تحديد نوعية الرحلة.
3 - إعداد الميزانية. (الاشتراكات، التبرعات، المساهمات.. )
4 - اللوازم الرئيسية للرحلة (وسائل نقل، أدوات ومستلزمات الرحلة: خيام، مفارش، ملابس.. )
5 البرنامج التفصيلي للرحلة. بنوعيه / المادي الاجتماعي والثقافي.
الاستعداد المادي والاجتماعي للرحلة:(13/177)
* تحديد موعد الرحلة وإعلام المشاركين به قبل موعد الرحلة بوقت كاف.
* الحصول على الإذن المسبق من الجهة المرتبط بها الراحلون، وكذلك الإذن من ولي أمور الطلاب (المتربين).
* الحصول على الإذن المسبق بالزيارة إذا كانت الرحلة إلى مكان لأحدٍ له عليه مسئولية.
* إعداد الميزانية الكافية للرحلة، وذلك على ضوء:
1 / حصر عدد المشاركين في الرحلة.
2 / تحديد طبيعة مكان الرحلة، من حيث مسافة الطريق ذهابا وإيابا، وطبيعة المكان قربه أو بعده عن المنافع العامة.
* توفر المستلزمات (أدوات الرحلة) قبل الرحلة بوقت كاف، لأن العشوائية والارتجالية تضر بالرحلة، فهي إمّا:
أ / أن تلغي الرحلة. أو ب / تكون الرحلة عشوائية
* الحرص على أن يكون وقت الرحلة خاصاً بتحقيق أهدافها، وأن لا يصرف شئ من الوقت في إكمال النواقص أو غيرها.
* من الخطأ أن تصرف الميزانية في شراء المستلزمات الناقصة، وإغفال الهدف التي جُمعت من أجله.
* ينبغي تحديد المسئوليات تجاه تأمين المستلزمات وهذه المستلزمات إمّا:
أ / مستهلكات (التغذية).
ب / مستلزمات أساسية (أدوات الرحلة، وسائل النقل.. ).
ج / مستلزمات شخصية (الأوراق النظامية، العفش الشخصي).
* ينبغي استكمال المستلزمات الشخصية (الأوراق النظامية، العفش.... ).
* الحرص على الاكتفاء الذاتي، بحيث لا يُلجأ إلى الاقتراض من الآخرين أي مستلزم من مستلزمات الرحلة (كالمواصلات، وعدّة الرحلة... ).
* إذا اضطررت إلى استعارة شيء ما من أحد الناس، فاحرص على أن تُرجع العارية إلى أصحابها في أحسن صورة.
* الحرص على تأمين أساسيات (كالصيدلية، البوصلة، المكتبة،... ).
* الاستفادة من الفائض من المستلزمات الاستهلاكية بعد الرحلة، وحتى نحقق هذه الاستفادة ينبغي:
أ / النظر قبل الشراء إلى تاريخ المستهلَك.
ب / اختيار نوعية المستهلَك حسب الأيام المقررة للرحلة.
ج / بيع الفائض أو ادّخاره.
* إيجاد صندوق خيري للتبرعات، للاستفادة من المبلغ في أعمال أُخر.
* التوسط بين الإسراف والتقتير في المستلزمات الغذائية، ويتحقق ذلك بـ:
أ / معرفة العدد الكلي للمشاركين.
ب / معرفة مستويات المشاركين من حيث العمر والبنية الجسدية للمشارك.
* التنبيه على إخلاء سيارات النقل من الأشياء غير المسموح بها نظاماً.
* الحرص على اختيار المكان المناسب وذلك بأن يكون:
أ / بعيداً عن السيّاح والمصطافين ومساكن الناس.
ب / واسعاً غير ضيّق.
ج / سهلاً غير وعر.
د / قريباً ـ نسبياً ـ من المنافع العامة (أماكن جلب المياه، الأسواق، المستشفيات.. ).
هـ / إن كانت أول رحلة فيفضل أن يكون المكان قريباً غير بعيد. وأن تكون الرحلة قصيرة.
و / أن لا يكون المكان مرعباً، وخصوصاً في أول رحلة.
ز / تجهيز مكان الرحلة قبل موعدها بوقت كاف، وذلك بإرسال سريّة استطلاعية إلى مكان الرحلة، لحجز المكان، وحتى لا يضيع وقت الرحلة في البحث عن مكان مناسب.
الاستعداد الثقافي للرحلة.
البرامج الثقافية في الرحلة هي روح الرحلة وجوهرها، وبقدر ما يكون البرنامج الثقافي فاعلاً ومفيدا، بقدر ماتكون الرحلة ناجحة مفيدة لها ذكريات خالدة!!
والبرنامج الثقافي للرحلات على مرحلتين:
المرحلة الأولى: برنامج لحالات التنقل والأسفار (برنامج الطريق).
ومقصود هذا البرنامج إشعال وقت المسير إلى المكان المقصود بالرحلة، وينبغي أن يراعى في هذا البرنامج:
- أ ن يخدم هذا البرنامج هدف الرحلة ولو في بعض أطروحاته.
- أن تتنوع فقرات هذا البرنامج.
- أن يتيقظ المربي والمشرف على الرحلة خلال هذا البرنامج لاكتشاف المواهب، التي يفجّرها أُنس المسير وتلاقح أفكار المشاركين، فإن الطريق قد يُكشّف لك مواهباً قد لا يتسنّى لك اكتشافها إلا من خلال برنامج الطريق.
- التربية بالحدث، كالتعليق على أي منظر مؤثر قد يصادف أثناء المسير، أو المرور على منطقة تاريخية أو غير ذلك من المواقف التي يجدر بالمشرف أن لا يغفلها أثناء الطريق.
- من الأفكار لبرنامج الطريق:
(المسابقات السريعة، الأناشيد والحداء، التعارف قصة التزام الذكر، سماع شريط والسؤال بعد كل مقطع من المسموع....... ).
* فوائد برنامج الطريق *
لبرنامج الطريق عدّة فوائد منها:
- إشعال الوقت بالمفيد.
- التخلص من الشغب الذي قد يحدث نتيجة طول طريق الرحلة.
- اكتشاف المواهب، فإن نفوس المشتركين في هذا الوقت تكون أشد ما تكون في العطاء والأريحية.
- رسوخ المعلومات التي قد يعمد المشرف إلى ترسيخها، فإن الحدث من اشد ما يعين على ترسيخ الأفكار.
المرحلة الثانية: برنامج لحالات الاستقرار.
هذا البرنامج، إنما يكون بعد الوصول إلى مكان الرحلة والاستقرار، ووضع الرحال، وهو يختلف عن سابقه بالتركيز والانضباط.
عادة ما يشتمل هذا البرنامج على المحاضرات والندوات والأمسيات وحفلات السمر والأنشطة الرياضية، والتدريبات المهارية والدعوية، وحتى ننجح في ذلك لابد من مراعاة أمور:
* تأمين الأدوات التي تخدم البرامج الثقافية في الرحلة (مكبر صوت، جهاز تسجيل، لوحات، أقلام، دفاتر،... ).
* مراعاة التجديد والتغير سواءً في البرامج المطروحة، أو تغيير أسلوب طرح البرامج ’ أو تغير أوقات الطرح مما يبعث في النفس الرغبة في إنجاح البرنامج وعدم الملل.
* في الرحلة الأولى يستحسن أن يغلب فيها البرنامج الترفيهي، وأن تكون البرامج الجادة فيها متوسطة، بعكس إن كانت رحلة دوريّة.
* تنسيق البرامج الثقافية وتحديد المسئوليات فيها (المسابقات الثقافية، الدروس، الكلمات، حفلات السمر،... ).(13/178)
* الانضباط في أوقات البرامج سواء التربوية أو العبادية، إذا أن ذلك يعوّد المشترك (المتربي) على تقدير أهمية الوقت والحرص عليه.
* على الداعية أن يتحمل أخطاء المشاركين، وأن يكون عنده البديل الجاهز لأي برنامج قد يعتذر عنه من كُلِّف به.
* أن يتسم الداعية بحسن التصرف في أمثال هذه المواقف، وأن يكون حكيماً في معالجتها.
* توزيع المشاركين في الرحلة إلى مجموعات أو شُعب، وينبغي أن يراعى في هذا التقسيم:
أ / مراعاة العدل في تقسيم أصحاب المواهب والطاقات بين الشُعب.
ب / مراعاة فارق العمر بين المشاركين.
ج / أن يكون التقسيم مبني على معرفة مسبقة بالمشاركين من حيث أعمارهم وقدراتهم...
د / يفضّل أن تتم عملية التقسيم قبل الوصول إلى مكان الرحلة.
قبل انتهاء الرحلة.
* إنهاء الرحلة قبل قضاء الوطر منها، يحيي في النفس حب التشوّق للمزيد والتشوّق إلى رحلة أخرى.
* جلسة ختامية مع جميع الأفراد يستمع فيها المشرف (المربي) لآراء المشتركين في الرحلة وتسجيل السلبيات والإيجابيات في الرحلة، وقد يتخلل هذه الجلسة كلمة وداع واعتذار ويحبذ أن يستغل المشرف هذا اللقاء الأخوي المؤثر في جمع القلوب والتأليف بينها.
* تقسيم مهام العمل الذي سيكون عند الوصول إلى البلد أو المدرسة (كيفية إيصال مستلزمات الرحلة إلى المستودع، وكيفية إيصال المشتركين إلى منازلهم، وتنسيق ذلك قبل مغادرة مكان الرحلة. ).
* اترك المكان نظيفاً بعد انقضاء الرحلة، والتنبيه على عدم العبث بالممتلكات الخاصة بالمكان إن وُجد.
* يستحسن الرجوع مبكراً من الرحلة لما فيه من تطييب نفوس أهالي المشاركين في الرحلة.
هذه كلمات أملاها الحرص، وصقلتها التجربة، وأفادتها المطالعة والسؤال..
ما كان فيها من صواب فبتوفيق الله جل وتعالى.
وأبى الله أن لا يكون له الكمال، فلا يخلوا عمل بشري من نقص ومقال.. فاستغفر الله الجليل المتعال، فهو حسبي وعليه اتكالي.. وآفة القول: أن هذا لي!!
والحمد لله أولاً وآخراً، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
http://saaid.net المصدر:
============
أكثر من أربعين سبب للانتكاسة
تعريف الانتكاسة: هو الرجوع من الإيمان إلى الكفر أو من الطاعة إلى المعصية أو الرجوع من الاستقامة أومن الزيادة إلى النقص.
والمنتكسون قسمان هما:
أولا / قسم يؤدي به انتكاسه إلى الكفر والعياذ بالله كأن يترك الصلاة أو يهزأ بالدين ويسخر من أهله.
ثانيًا / وقسم لا يصل إلى درجة الكفر ولكنه بدأ يكثر من ارتكاب المعاصي غير المكفرة ويترك الواجبات أو كثيرًا منها.
أسباب الانتكاس/
1. عدم مراقبة الله في الخلوات أي عدم الاعتصام بالله.
2. عدم الدعاء بالثبات.
3. عدم حفظ اللسان (في الفتن)
4. عدم تربية النفس الجادة وبنائها.
5. شدة والغلو.
6. أمراض القلوب (إتباع الهوى حب التصدر العجب الرياء الشهوة).
7. عدم وجود منهجية واضحة (طلب العلم وغيرها).
8. الالتزام الأجوف الظاهر وترك الاهتمام بالباطن.
9. الانغماس في الدنيا وحبها.
10. هجر القرآن (قراءة و تدبرًا و حفظًا).
11. المزاح الفاحش.
12. عدم وجود رفقة صالحة تحوي الشاب المسلم.
13. التوسع في المباحات.
14. الرجوع إلى الرفقة السيئة.
15. عدم حضور المحاضرات وكثرة الانقطاع عنها.
16. التهاون في بعض الفرائض.
17. الضغوط من الوالدين.
20. قراءة بعض الكتب التي تخل في العقيدة وذات الأفكار الخارجية.
21. عدم تنظيم الوقت وإضاعة الوقت فيما لا ينفع.
21. الفراغ.
22. العزلة مما يجعل الشيطان يسيطر على الشخص.
23. التأثر بالمصادر الخارجية (القنوات الأنترنت....... ).
24. الجلوس عند المنكرات بهدف الدعوة.
25. عدم التبكير إلى المساجد في وقت الصلاة.
26. الضعف في مواجهة المشاكل الاجتماعية مما يؤدي إلى ترك الالتزام.
27. عدم التقرب إلى الله بالنوافل (السنن الرواتب صيام النوافل قيام الليل).
28. ترك الأذكار والتهاون فيها فإنه حصن حصين.
29. غياب الموجه المربي للشباب.
30. التعلق ببعض الأشخاص وعدم التعلق بالدين.
31. التفريط في عمل اليوم والليلة وعدم الاحساس بالندم على ذلك.
32. عدم التورع عن المشتبهات ومن ذلك:
أ- النقد بصورة قد تصل الغيبة.
ب- الفتيا وسرعة التحريم أو التحليل لما هو مشتبه في حكمه.
33. الاهتمام بالمظاهر اهتمامًا زائدًا.
34. عدم الاهتمام بأحوال المسلمين.
35. عدم إنكار المنكرات مع قدرته على ذلك.
36. عدم تقبل النصيحة.
37. حب الخصام مع الآخرين وكثرة الجدال بغير حق.
38 الابتعاد عن الشباب الملتزم لفترة طويلة.
39. حب الراحة والتكاسل عن مجاهدة النفس.
40. التمادي في ارتكاب الصغائر.
41. عدم الجدية في الالتزام.
42. الزواج بزوجة غير صالحة.
43. الحماس الزائد.
44. التعرض إلى الفتن.
وهذه الأسباب منها قد يكون ضعف في الإيمان وإذا لم يتم علاجه يكون سبب للانتكاسة وهذا والله أعلم.
ونسأل الله العفو والعافية والثبات على دينه.
http://www.awrak.com المصدر:
============
شروط الدعوة إلى الله
محمد إسماعيل السيد أحمد(13/179)
قال - تعالى -: "ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ {125} وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ {126} وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ {127} إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ {128} "من سورة النحل.
معاني الكلمات:
سبيل ربك: شرائع الإسلام ومبادئه التي هي الصراط المستقيم.
الحكمة: وضع الشيء في موضعه من حيث الملائمة وعدم التنفير.
الموعظة: الكلام البليغ المؤثر في السامعين.
وجادلهم: من المجادلة وهي المحاورة وقد يكون فيها شيء من الشدة.
ضَيْقٍ: من ضاق الشيء وهو ضد الوسع وهنا بمعنى الحرج وضيق الصدر.
المعنى العام والشرح:
يأمر الله - عز وجل - نبيه الكريم محمدا ومن ورائه أمته أن يدعو إلى دين الله، دين الإسلام، الذي أنزله الله على نبيه.
وبين الله لنا طريق الدعوة الذي نسلكه حتى تؤتي الدعوة ثمارها، وهو طريق الحكمة والموعظة الحسنة، الطريق أو الأسلوب الذي يناسب المدعوين، فيجذبهم ولا ينفرهم، حتى إذا أصغوا السمع ووعت القلوب، انقلبوا عندئذ بنعمة من الله وفضل.
وربما يحتاج الأمر إلى جدال ومحاورة، والجدال والمحاورة لا بد منهما للإقناع: فكلما كان الجدال والمحاورة بهدوء وتعقل وروية واحترام للآخر، كانت الفائدة أعم والنتائج أكمل وأفضل ((وجادلهم بالتي هي أحسن)) للنصراني واليهودي والوثني ولكل ملة من الملل، إذا كان الخطاب يحمل في روحه نسمات الرقة والرحمة وإرادة الخير والهداية لذلك المخاطب من غير قصد استعلاء عليه أو استهتار أو استهانة بأحاسيسه ومشاعره، فإن الله - عز وجل - يضع القبول والهداية لذلك المخاطب ((إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء)). فالله - عز وجل - هو عليم خبير بعباده يعلم من يضل ويعاند ويعلم من يسلك سبيل الحق والهدى.
وربما يحصل للداعية في سبيل الله بعض الأذى ممن لا ينصاعون للحق وقد نذروا أنفسهم للوقوف في صف أعوان الشيطان، وعندئذ يحق للداعية المعتدى عليه أن ينتصر لنفسه بمثل ما اعتُدي عليه، ولكن الله جعل فضيلة الصبر وأجر الصابرين خيرا من العقوبة والانتصار. بل أمر رسوله الأسوة الحسنة والأمة من ورائه بالصبر ((واصبر وما صبرك إلا بالله)) لأن الصبر هو العدة الدائمة التي يلح عليها القرآن لإيصال المسلم إلى مبتغاه وهو تحقيق العدالة والتكريم لبني البشر في انتهاج شرع الله المبين الذي أنزله على رسوله الأمين.
والصبر على مثل هذا العمل لا يعني إلا الاستمرار في بذل الجهود لإجراء التغيير اللازم، مع تحمل للمصاعب الناتجة بنفس راضية دؤوب دون حزن أو ضيق، خصوصا مما يوقعه الأعداء في صفوف المسلمين ويخططونه من مؤامرات ماكرة.
إن مقاومة ذلك لا تكون بالحزن أو الغضب أو توتر الأعصاب، وإنما تكون بالنظر والتعقل وبإعطاء الحل المناسب الصادر عن الدراسة وعمق التحليل والتخطيط.
وعندما تكتمل شروط الأهلية ليستأهل الدعاة لمعية الله - عز وجل - من الصبر ومتمماته من مكارم الأخلاق مجللة كلها بالتقوى، حينئذ يأتي مدد الله ومعيته لعباده المحسنين ويوفيهم أجر الدنيا وحسن ثواب الآخرة.
وصلى وسلم وبارك على سيدنا ونبينا رسول الله محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن والاه...
http://www.motamani.com المصدر:
===========
محاولة لرسم سمات ومعالم ثقافة الإمام الداعية
أحمد عيساوي
({يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً } (الأحزاب: 45 ـ 46)
مقدمة
تسعى هذه الدراسة المتواضعة إلى محاولة رسم سمات ومعالم ثقافة الإمام الداعية، وذلك من خلال استيعاب تراكمات التراث الإسلامي في هذا الموضوع الحساس، انطلاقا من القرآن الكريم وسيرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وصولا إلى مؤلفات الأئمة الأعلام في هذا المجال•
منطلقة من محاولة بلورة وضبط مفاهيم الدعوة والداعية وعملية الاتصال الدعوي، والصعوبات والعراقيل التي تعترض الدعاة في هذا المجال التوصيلي الحساس•
مركزة ـ في الوقت نفسه ـ على ركن الإمام الداعية، لأهميته الجذبية والإغرائية في عملية التواصل الدعوية بجمهور المدعوين•
متداركة بأسلوب اختزالي ثَريٍّ مفاهيم ومصطلحات شتى، عن الدعوة والداعية وعن الإمام الداعية، وعن أطرهم المرجعية وأهدافهم ووسائلهم وأنواعهم وأدواتهم• بغية تبصير الأئمة الدعاة بمناطات ومتعلقات وواجبات ومسؤوليات وظيفتهم الدعوية التغييرية الخطيرة•
خصائص ومميزات الإمام الداعية
إن المتمعن في هذا التعريف يتبين من خلاله مواصفات الداعية المسلم، وهي:
1 ـ بلوغ درجات الكمال الروحي والوجداني من تقوى وإخلاص وإيمان••
2 ـ بلوغ درجة الضبط والكمال العقلي والتصوري فهما وتدبرا ووعيا وإحاطة•• بالكليات والفرعيات الأطر المرجعية المقدسة، ومن عطاءات الفكر الإنساني في مختلف نواحي العلم الديني والدنيوي•
3 ـ بلوغ درجة القدوة السلوكية والأخلاقية العملية•
4 ـ القدرة والاستطاعة الجسدية•
5 ـ السيطرة على وسائل الاتصال والإعلام القديمة والحديثة، التي تمكِّنه من الاتصال بالمدعويين•(13/180)
وهكذا فإن الدعوة إلى الله وإلى دينه الإسلام عمل عظيم، لا يمكن أن يضطلع به كل من هب ودب من عموم المسلمين على الرغم من كون كل مسلم داعية للإسلام بما عنده من علم وفقه به ـ لأنه من وظائف ومهام أنبياء الله وخلفائهم من العلماء الوارثين لميراث النبوة•
وبناء عليه، فإن مدلول مصطلح الداعية في الإسلام يبوئ القائم به المستوى العلمي والمعرفي والوجداني والإيماني والأخلاقي والتربوي•• القيادي في المنظومة التشريعية الإسلامية•
أنواع الأئمة الدعاة
الدعاة إلى الله في المنظومة التشريعية الدعوية الإسلامية أنواع وهذا التنوع عائد لكون الدعوة إلى الله تكليف إلهي على عباده المسلمين، بحيث يتنوع الحكم عليهم بتوافر شروط وظروف وملابسات التكليف، فقد يكون فرض عين ليصبح فرض كفاية أو مندوبا أو نافلة أو••• وهذا الثراء الحكمي المتغير هو الذي ينيط الدور الأساس في عملية تنوع أصناف الدعاة، فقد يتصف الداعية بصفة أو حالة واحدة منها فقط، وقد يكتسب الداعية أكثر من حال دعوية، وذلك بحسب نشاطه الدعوي، وقد يشكل من خلال نشاطه الدعوي المكثف الأنواع كلها أو بعضها أو أغلبها، فتجدها مختزلة في نشاطاته الدعوية، فيكون داعية محليا وجهويا ووطنيا وإقليميا وعربيا وإفريقيا وإسلاميا••
والحقيقة أن تصنيف أنواع الدعاة يخضع ـ أساسا ـ إلى أطر منهجية وتنظيمية فقط، فثمة دعاة يصنفون بحسب التوزيع الجغرافي، وآخرين بحسب التقسيم الديمغرافي، وفئة ثالثة بحسب نوع النشاط والممارسة، وفئة رابعة بحسب التأثير والفاعلية، والأمر هكذا، إلى أن يصبحوا أنواعا عديدة• وعليه فإن أهم أنواع الدعاة الأصناف التالية:
1 ـ الداعية المحلي، وهو الداعية الذي لا تتعدى تأثيراته الدعوية حدود دائرته الجغرافية المحلية، فيمس بدعوته بلدته وأهلها، وما جاورها من الأحواز وأهلها•
2 ـ الداعية الوطني، وهو الداعية الذي تصل تأثيراته الدعوية إلى حدود قطره ووطنه فقط•
3 ـ الداعية الإقليمي، وهو الداعية الذي تصل تأثيراته إلى نطاق منطقته الإقليمية، فتشمل بالإضافة إلى قطره الأقطار المجاورة•
4 ـ الداعية العالمي، وهو الداعية الذي يخترق بنشاطاته الدعوية، وبتأثيره الديني حدود قطره والأقطار المجاورة ليُعرف في نطاق العالم، وقد كثر هذا الصنف العالمي بسبب الفورة الإعلامية والاتصالية في العالم المعاصر•
5 ـ الداعية العام، وهو الداعية الذي يتوجه إلى جميع شرائح، وفئات، وفصائل المجتمع على اختلاف أعمارهم ومكانتهم ووظائفهم ومستوياتهم وأجناسهم ولغاتهم••
6 ـ الداعية الخاص، وهو الداعية المتخصص بفئة معينة من الناس، كالدعاة المتخصصين في مجال الدعوة للأطفال، أو للنساء، أو للجنود، أو للمنحرفين أو للمجرمين في السجون••
7 ـ الداعية الباحث المؤلف، وهو الداعية الذي يتخذ من البحث العلمي والمعرفي والثقافي والأدبي، ومن التأليف فيه منهجا وطريقا في الدعوة إلى الله، كالدارسين والباحثين الجامعيين•••
8 ـ الداعية الإعلامي، وهو الداعية الذي يتخذ من وسائل الإعلام المختلفة منبرا، ووسيلة لتوجيه رسائله الدعوية•
9 ـ الداعية الفقيه، و هو الداعية الذي يتخذ من الفقه والفتوى ومنح الرخص الفقهية مجالا خاصا لدعوته•
10ـ الداعية الخطيب المدرِّس، وهو الداعية الذي يتخذ من إمامته وتدريسه وخطابه المسجدي والمنبري منهجا وطريقا دعويا يدعو من خلاله المدعوين المسجديين وكذلك عموم الناس•
11ـ الداعية المتفرغ، وهو الداعية المتفرغ للعمل الدعوي فقط، بحيث تقصر كل نشاطاته وممارساته الحياتية على العمل الدعوي•
12ـ الداعية المشارك، وهو الداعية الذي يمارس الدعوة من خلال سائر نشاطاته التربوية أو التعليمية أو الأدبية أو الفنية أو التمثيلية أو التجارية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية••(1)
ويمكن للداعية أن يمارس نشاطه الدعوي في هذه المستويات والأنواع الدعوية كلها، فيكون داعية شموليا، ويمكن أن يقتصر نشاطه على نوع أو نوعين من هذه الأقسام، وذلك تبعا لمدى قدراته وإمكاناته ومواهبه•
أدوات الإمام الداعية
لا يمكن للداعية أن يحقق ما يصبو إليه في دعوته، إلا إذا توافرت فيه جملة من المقومات والصفات الفطرية والمكتسبة، وامتلك زمام السيطرة على أطره المرجعية المقدسة، وفقه كل معطيات عصره جملة وتفصيلا، وتحلى بأخلاق الإسلام خلال ممارساته الدعوية والحياتية كلها، وبذلك يضمن النجاح لدعوته، وهاته الأدوات الرئيسة هي: (2)
1 ـ فقه الأطر المرجعية بجميع بواباتها ومداخلها المنهجية، وهي:
1 ـ القرآن الكريم، عبر تفاسيره: (المأثور، المعقول، الفقهي، الحركي، العلمي)وعلومه وأحكامه كبوابات لعبور مغاليق النص الكريم المقدس واستسبار أحكامه المقدَّسة•
2 ـ السنَّة النبوية المطهرة: القولية والعملية والتقريرية، عبر صحاحها وسننها ومسانيدها وشروحها••
كمفاتيح تدبُّر وفهم صحيح لممارسات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الدعوية•
3 ـ فهم وعمل الصحابة رضوان الله - تعالى -عليهم، وعلى رأسهم الخلفاء الراشدون رضوان الله - تعالى -عليهم•
4 ـ فهومات واجتهادات التابعين وتابعيهم من أعلام المسلمين إلى الذين يلونهم، الأمثل فالأمثل•
5 ـ حركية التاريخ الإسلامي وتعاقباته السننية•
6 ـ التراكمات المعرفية والعلمية والخبراتية المادية والمعنوية الأفقية والعمودية التي توصل إليها العالم، عملا بالمبدأ القرآني (أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون) (البقرة: 122).(3)•
2 ـ فقه الواقع(13/181)
ونعني بفقه الواقع، محصلة الرؤية الشمولية الواعية والحقيقية لكل المعطيات الواقعية الجغرافية والديمغرافية الرقمية والرمزية والفكرية والفلسفية والتاريخية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والتربوية والاتصالية والإعلامية••• التي تشكل علاقات المجتمع البشري المحلي والإقليمي والعالمي، ويدخل في فقه الواقع علم فقه المواقع لجميع مراكز الاستقطاب والتأثير، ومختلف قوى المجتمع الدينية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية••
وهذا العلم الواقعي يفرض على الداعية أن يحسن التعامل مع فقه التموقع الدقيق، بحيث يتقن فن التموقع، وتوجيه الخطاب المناسب من الزاوية المناسبة وبالمنهجية المؤثرة تجاه فئة من المدعويين دون سواهم، عملا بالمبدأ القرآني: (قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين) (يوسف: 108)، وفي الزمن المناسب• (4)
3 ـ الحس الحضاري العالي المستوى
ونعني بالحس الحضاري العالي المستوى لدى الداعية الإسلامي، امتلاكه قدرات السيطرة والتحكم في أهم الوسائل والتقنيات والمناهج والأساليب المتطورة عملا بالمبدأ القرآني (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) (الذاريات: 56)•(5)
4 ـ الصفات الفطرية والمكتسبة من مواهب وقدرات عقلية وجسدية ووجدانية متميزة، عملا بالمبدأ القرآني (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين• لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين) (الأنعام: 162 ـ 163)•(6)
5 ـ الثقافة الشمولية الواسعة عملا بالمبدأ القرآني (كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدَّبَّروا آياته وليتذكر أولوا الألباب) (ص: 29)، والعلم الغزير عملا بالمبدأ القرآني (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها) (محمد: 24)، والتجربة الثرية عملا بالمبدأ القرآني (ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون) (الأنبياء: 105)•(7)
6 ـ الأخلاق الإسلامية العملية، عملا بمبدأ (كان خلقه القرآن)، وعلى رأسها خلق الصبر والعزيمة عملا بالمبدأ القرآني (فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل ولا تستعجل لهم) (الأحقاف: 35)، وروح التفاؤل والأمل عملا بالمبدأ القرآني (إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون) (يوسف: 87)، والأمانة عملا بالمبدأ القرآني (إن خير من استأجرت القوي الأمين) (القصص: 26)، والتقوى والإخلاص عملا بالمبدأ القرآني (وما أمروا إلا ليعبدو الله مخلصين له الدين) (البينة: 5)، ومخالطة الناس والصبر على أذاهم عملا بالمبدإ القرآني (وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما) (الفرقان: 63)، والتواضع لهم عملا بالمبدأ القرآني العظيم (تلك الدار نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين) (القصص: 83)، والرفق والرحمة بهم، عملا بالمبدأ القرآني العظيم (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك) (آل عمران: 159)، والحلم والأناة معهم عملا بالمبدأ القرآني العظيم (إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون) النحل: 128)•(8)
7 ـ إدراكه الشامل لحجم التحديات الإعلامية والثقافية والحضارية التي تواجه الوجود الإسلامي وعلى رأس هذه التحديات حجم سيولات التدفق الإعلامي الغربي المعادي الموجه لأمتنا العربية والإسلامية، والمتمثلة في الكم الهائل من الحصص والبرامج والخطط والمضامين والرسائل الإعلامية، التي تهاجم بقوة الفرد المسلم عبر ترسانة هائلة من الأجهزة والهيئات والمنظمات، والوسائل المسموعة والمكتوبة والمرئية، فحجم الإعلام الغربي الذي يغطي الساحة الإعلامية العالمية وعلى وجه الخصوص الإسلامية والعربية يقدر بـ(ثلاثة عشر ألف وستمائة ساعة) بث أسبوعي العام 1989م•(9)
بالإضافة إلى ما يصدر في الولايات المتحدة الأميركية من صحف تقدر بنحو (ألف وسبعمائة وواحد وستين) صحيفة يومية، و(وعشرة آلاف ومائة) صحيفة غير يومية•(10)
وجملة توزيع الصحف اليومية بلغ (خمس وستين مليونا وخمسمائة وعشرة آلاف) نسخة يومية، و(تسعة وسبعين مليونا وثمانمائة وأربع وثلاثين ألف) نسخة للصحف غير اليومية التي تصدر في الولايات المتحدة الأميركية وحدها•(11)
ولو نظرنا إلى عدد قراء الصحف في فرنسا فإنه يقدر بـ(اثنين وعشرين مليونا وأربعمائة وسبعة وأربعين ألفا) من القراء الدائمين للصحف•(12)
ومبلغ ما صرفه العالم الغربي على عالم الإعلانات قُدر بـ(مائتين وخمسة وثلاثين مليارا من الدولارات) العام 1990م، ومبلغ إنفاق الإعلانات الإشهارية على التبغ في بريطانيا وحدها قدر بـ(خمسين مليونا من الجنيهات) (13)، هذا إذا استثنينا كندا واليابان وسائر دول العالم الغربي الأخرى•
ثم إن قضية التدفق الإعلامي الغربي الكثيف والسريع والمركز والقوي هي أخطر تحد يواجهه الدعوة الإسلامية بمفردها على الساحتين الإعلاميتين العربية والإسلامية، ولا يمكنها هذا السيل القوي والجارف من ساعات البث الإذاعي والتلفازي الفضائي والالكتروني أن تحقق أهدافها وغاياتها إلاّ بتحد دعوي وإعلامي إيجابي يرتقي إلى مضاهاة مضامين البث الإعلامي الغربي المعادي•
والحقيقة أن الدعوة الإسلامية ومعها الإعلام الإسلامي يحاولان البروز على الساحة الإعلامية محليا ووطنيا وإقليميا وعالميا من حيز المشروع النظري إلى الممارسة العملية الفاعلة لا يواجه التحديات الخارجية فقط، بل ثمة تحديات داخلية يواجهها أهمها:
1 ـ عوامل التضييق والمصادرة والتآمر الداخلي السياسي وغيره•
2 ـ قلة الدعاة ورجال الإعلام الإسلاميين المتمكنين في المجالين الشرعي والإعلامي معا•(13/182)
3 ـ ضعف البرامج والمناهج العلمية الدعوية والإعلامية والاتصالية في العالمين العربي والإسلامي•
4 ـ ضعف التمويل لإنشاء معاهد جامعية وهيئات ومؤسسات وقنوات إعلامية إسلامية تسعى لمضاهاة سيل التدفق التبشيري والإعلامي الغربي المعادي، لتبث من خلالها رسائلها ومضامينها الدعوية•
5 ـ حال التمزق التي عليها العالم العربي والإسلامي، وانصراف الأجهزة الإعلامية فيها عن الاهتمام بواقع الجماهير المسلمة، والانشغال بقضايا هامشية لا تعود على الأمة المسلمة بالنفع•
6 ـ استبعاد العناصر المخلصة والكفوءة عن مواقع التأثير في الأجهزة والمؤسسات الإعلامية•(14)
ومنبع هذه التحديات الداخلية والخارجية المصادر الإعلامية ما يلي:
1 ـ الإعلام الغربي بكل أجهزته ومؤسساته وهيئاته ومنظماته الأوروأميركية والصهيونية•(15)
2 ـ إعلام حركات التحريف والتزييف الهدامة كالماسونية والقاديانية والبابية والبهائية، وغيرها••
وأمام هذه التحديات الجسام الداخلية والخارجية كـ: الفاكس• تدفق المعلوماتية• شبكات الأنترنيت• البريد الالكتروني• النشر الالكتروني• توفر الوسائل المادية والأدبية التي تحاول أن تقوض دعائم الأمة الإسلامية والعربية ومعها الإسلام يتوجب على الإعلام الإسلامي وأجهزته ومنظماته والقائمين عليه في العالم العربي والإسلامي في فترة التغيير ـ على الأقل ـ أن يضطلعوا بدورهم الفاعل لدرء هذه التحديات من جهة، ومحاولة النهوض الثقافي والفكري والاجتماعي والاقتصادي والسياسي والحضاري من جهة أخرى، وذلك عبر مختلف وسائل الإعلام والاتصال الحديثة والمتطورة، التي ستمكنه من تأدية دوره الحضاري المنوط به لخدمة الدين الإسلامي والدعوة الإسلامية•
ومن خلال هذه المقومات الأساسية ـ التي عرضناها آنفا ـ يمكن للداعية الإسلامي أن يكون ـ بحق ـ مكافحا ومنافحا ومدافعا حقيقيا عن الإسلام، وعن الوجود الإسلامي، وعن الدعوة الإسلامية، وعن الحضارة الإسلامية ولغتها العربية محليا ووطنيا وإقليميا وعالميا•
--------------------
الهوامش
(1) توصلنا إليها أيضا من خلال استعراضنا لمهام ووظائف الدعاة المتنوعة•
(2) انظر: يوسف القرضاوي، ثقافة الداعية• وسميح عاطف الزين، صفات الداعية، ص 167•. 197• وجمعة أمين، الدعوة قواعد وأصول، ص 71•. 75• وفتحي يكن، مشكلات الدعوة والداعية، دار الشهاب، باتنة، الجزائر، دون طبعة وتاريخ، ص 105 ـ 421•
(3) محمد الغزالي، الدعوة الإسلامية تستقبل قرنها الخامس عشر، ص 55 ـ 81•
(4) محمد الغزالي، الدعوة الإسلامية تستقبل قرنها الخامس عشر، ص 142•
(5) جمعة أمين، الدعوة قواعد وأصول، ص 88 ـ 09•
(6) عبد الكريم زيدان، أصول الدعوة، دار قصر الكتاب، البليدة، الجزائر، الطبعة الأولى، 1408هـ 1989م، ص 333•. 369•
(7) جمعة أمين، الدعوة قواعد وأصول، ص 44•. 75•
(8) محمد الغزالي، خلق المسلم، دار الشهاب، باتنة، الجزائر، الطبعة الثانية، 1406هـ 1986م• وعبد الكريم زيدان، أصول الدعوة،
دار قصر الكتاب، البليدة، الجزائر، الطبعة الأولى، 1408هـ 1989م، ص 325•. 369•
(9) انظر على سبيل المثال: >هانس بيتر مارتين وهارالد شومان<، فخ العولمة، ترجمة الدكتور >عدنان عباس علي<، مراجعة: الدكتور >رمزي زكي<، سلسلة عالم المعرفة، الكويت، رقم 238، جمادى الآخرة 1419 هـ اكتوبر 1998م• والمفكر الحر >روجيه غارودي<، حفارو القبور المدنية التي تحفر للإنسانية قبرها، ترجمة >هاشم صالح<، دار الكتاب اللبناني، بيروت، الطبعة الثانية 1999م•
(10) محمد علي العويني (دكتور)، الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق، مكتبة الأنجلو مصرية، القاهرة، ط 1، 1987م، ص 240•
(11) المرجع نفسه، ص 240•
(12) انظر كتاب فخ العولمة• لأن إحصاءات الألفية الثالثة أدهى وأمر•
(13) انظر كتاب فخ العولمة• لأن إحصاءات الألفية الثالثة أدهى وأمر•
(14) لمزيد من التوسع في قضايا الإعلام الإسلامي وتحدياته انظر مثلا: عبدالقادر طاش (دكتور)، الإعلام الإسلامي وفلسفته المميزة، مجلة المجتمع الكويتية، عدد 800، السنة 17، شهر جمادى الأولى 1407هـ، ص 37 و38•
ـ إجلال خليفة (دكتورة)، التحديات الأساسية التي تواجه الإعلام الإسلامي، مجلة منار الإسلام الإماراتية، عدد 5، السنة 8، 1403هـ 1983م، ج 2، ص 110 و111 و112•
(15) وعلى الداعية المسلم الإلمام بحجم خصمه الإعلامي والثقافي، ومنها هذه المعطيات الإعلامية المذهلة في الولايات المتحدة الأميركية:
http://alwaei.com المصدر:
============
ماذا أعددنا له
عبد الملك القاسم
تمر الليالي عجلى وتسير الأيام مر السحاب ثم نراه قد أقبل بعد أن اقتطع من لقمة عيشه سنوات طويلة حتى تيسر له القدوم إلى هذه الديار حاجاً.
بل ها هو جمع الحجيج قد ملأ الفضاء بلباس أبيض ملبين مكبرين..فماذا أعددنا لهم.
نعم لقد قامت الدولة.وفقها الله بتذليل الصعاب وشق الجبال وتيسير السبل وتوفير المياه.. مشاريع جبارة عرف بها القاصي والداني ولا يكابر في ذلك إلا حاقد جاهل، وهذا الحمل العظيم تصدرت له الدولة ممثلة بجميع الأجهزة.
ولكن هل هذه المهمة هي مهمة الدولة وحدها أم نحن شركاء مسؤولية وأمناء دعوة؟!
فإن حسن التلقي والقبول من الحجاج القادمين لما صدر عن علماء هذه البلاد ودعاتها مدعاة إلى الاستفادة من ذلك التوسع فيه وذلك بتوزيع وإهداء الكتب والأشرطة الشرعية.(13/183)
وأورد للإخوة القراء ما حدثني به أحد القائمين على توزيع كتب الحج في صالة الحجاج بمدينة جدة في عام 1415 هـ إذ قال: في أثناء توزيع الكتب على حجاج رحلة قادمة من السودان لفت نظري رجل يحمل كتاباً اصفر تمزقت أطرافه قد تقادم به الزمن فسألت صاحبه أن يعطيني إياه لأراه فرفض وقال: هذا الكتاب له عندنا في القرية سبع عشرة سنة وكلما حج شخص من قريتنا حمل هذا الكتاب. قال محدثي: فنظرت إلى الكتاب فإذا هو "دليل الحاج والمعتمر" للشيخ عبد العزيز بن باز فقلت له: هاتان نسختان من كتاب التحقيق والإيضاح لنفس المؤلف وتعطيني النسخة الموجودة لديك؟! فوافق بعد مشقة وعناء.
ولا زلت أتذكر ذلك الذي حدثني أنه أراد الحج مع مجموعة من القادمين من جنوب فرنسا وأغلبهم من أصل جزائري فكان أن كاتبوا أحد الثقات في الجزائر وأرسل لهم عبر الفاكس صورة كتاب يبين ويوضح مناسك الحج. فقاموا بتصوير صورة الفاكس على عدد الحجاج وتوزيعها عليهم.
وقد سهلت وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف مشكورة مأجورة ونظمت منشط وعمل توزيع الكتاب على القادمين عبر لجنة الإشراف على توزيع الكتب على الحجاج التي تقوم بجهد طيب في سبيل نشر الكتاب الإسلامي بجميع اللغات للقادمين والمغادرين من حجاج بيت الله الحرام كما أنها فتحت المجال للمشاركين من الهيئات والمؤسسات والأفراد ممن يرغبون في هذا العمل عبر قنوات رسمية منظمة.
فيا أيها الحبيب..
سهم من سهام الخير ارم به وباب مشرع من أبواب الدعوة لا تغفل عنه.
وربما يتساءل الكثير.. هل يعذر هؤلاء بجهلهم؟!
والسؤال نحوك.. هل تعذر أنت أمام الله - عز وجل - على تركهم في هذا الجهل؟!
واستفت العلماء في السؤال الأول والثاني لا يغادر قلبك إلا ببراءة الذمة مع نعم الله التي أغدق علينا من عقيدة صحيحة ورغد عيش، وقبل ذلك ما حملناه على أعناقنا من أمانة ومسئولية الدعوة!!
06/11/2004
http://www.almunadi.net المصدر:
============
خادمات .. تحولن إلى داعيات
لماذا يعود مئات الآلاف من الخادمات بدون دعوة؟!
* " توتي” تحولت إلى داعية وفتحت داراً للدعوة في إندونيسيا
* نحرص منذ لحظة قدومها على تعليمها كل شيء عن الإسلام
* جلبت لها الأشرطة والكتيبات وساعدتها على حفظ القرآن
* استثمرت جلوسي معها في المطبخ لتعليمها أحكام الشريعة
* لبست الحجاب عن قناعة تامة وتركت الشعوذة والكذب
هل من الممكن أن تتحول الخادمة إلى طالبة علم؟!
هل من الممكن أن تمتلىء العقول والقلوب التي أظلمت بالجهل والشرك وفعل كبائر المنكرات بنور العلم الصافي الصحيح؟!
هل من الممكن أن يُخرِّج أبناء هذه البلاد الطاهرة أفواجاً من حملة العلم الصحيح والدعاة إلى الله الذين ينشرون تعاليم الإسلام في بلادهم بين فئة فقيرة مستضعفة ما جاءت إلا لخدمة الناس وتنفيذ أوامرهم بكل ذلة؟!
نعم..هذا ممكن.. بل هو واجب.
نعم، واجب قصّرنا فيه كثيراً.
بين أيدينا أمانة لم نرعها ونعطيها حقها الشرعي.
لا يمكن أن ننكر منكراً.. لا يمكن أن نأمر بمعروف.. لا يمكن أن نقدم أي نصيحة.. لا يمكن أن نصحح عقائد..
وما هي حجتنا في ذلك؟
إنها خادمة!!
إنه سائق!!
وماذا يعني هذا المصطلح في نظرنا؟!
يعني أنه آلة لتنفيذ المهمات فقط.. وليس إنساناً.. لا بل ومسلماً سنقف وقفة طويلة بين يدي الجبار جلّ جلاله لنُسأل عنه..
بين أيديكم نموذجان لخادمتين تحولتا بفضل الله إلى امرأتين صالحتين، بل إلى داعيتين إلى الله وهما نموذج من الكثيرات غيرهما ممن منّ الله عليهن بالعيش في كنف أسرة تعرف حقهن كمسلمات، وتحمل همّ الدين، وهمّ المسلمين في قلبها.. وتنظر إلى هذه الفئة بعين بصيرة لم يصبها العمى، كما أصاب كثيراً من قلوب وبصائر كثير من المسلمين.
فإلى أم عبدالله التي نقلت خادمتها من ظلام الشرك والسحر إلى نور الطهر والإيمان. ثم ننتقل إلى دار البيان في الرياض ومع الخادمة المتميزة “ توتي” في رحلة قصيرة ولكنها ثرية ونافعة بإذن الله..
* سمعت عنك حرصك على تعليم خادمتك العلم الشرعي، فيخرجن من بين يديك صورة للمرأة المسلمة علماً وعملاً وخلقاً، فكيف ذلك؟
ـ أبدأ معها منذ اللحظة الأولى..
ففي المطار أعطيتها فور وصولها عباءة شرعية وليس “ كاباً ” وغطاء وجه وأمرتها بلبسهما هناك، وعندما وصلنا البيت أكدت لها بالإشارة “ لأنها لا تعرف العربية بعد”، أهمية لبس هذه العباءة وأخبرتها أن غطاء الوجه وحجاب الشعر لن أسمح بأن يسقط من على رأسها في البيت أبداً..
ثم أخبرتها بألا تدخل مكاناً فيه رجل، ولا يسمع صوتها أيضاً.. ولا بد من التسامح معها في البداية، فلا تعنف بشدة لأنها لم تتعود بعد، ولكن لا تهمل ويسمح لها بالتمادي، بل توجه برفق حتى تتعود وحتى لا تنفر أيضاً.
ـ حرصت منذ قدومها على تعليمها كل شرائع الإسلام ولو كانت سنناً..
فأمام المغسلة علمتها الوضوء الصحيح عملياً، ثم انتبهت لصلاتها وتأكدت من قيامها بها على الوجه الصحيح، كما كان هدي رسول الله “، وكذلك في أوقاتها وبالذات صلاة الفجر.
ـ أحضرت لها كتيبات وأشرطة بلغتها وفي موضوعات متعددة وجعلتها توزع منها على أهلها في بلادها وعلى أيّ خادمة تصادفها هنا، بالإضافة إلى استفادتها هي منها، وعلمتها أن عليها واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فعليها نصح كل من تراها مخالفة، وأن تعطيها من هذه الكتيبات وتتابعها في ذلك حتى تتعود.
ـ حرصت على أن تحضر بعض المحاضرات التي تقام لهن بلغتهن.(13/184)
ـ شجعتها على حفظ القرآن الكريم وعلمتها الأحاديث الدالة على الأجر العظيم في قراءته وحفظه وأظهر لها سروراً كبيراً كلما سألتها ووجدتها تقدمت، وحرصت على التسميع لها بنفسي وتصحيح أخطائها وشرح معاني بعض الآيات لها وشجعتها ببعض الهدايا والجوائز.
انتهز المناسبات
ـ انتهز أيّ مناسبة تمر لأعلمها أي حكم فيها، ففي حرب العراق أناديها لتشاهد في التلفاز ما يحصل لإخواننا هناك وأبيِّن لها كيف تسلط اليهود والكفرة على الإسلام والمسلمين، وأشرح لها الحقيقة كما هي لا كما يزعمون.
وفي يوم عرفة لا بد أن أبيِّن لها عظم هذا اليوم والحديث الذي أخبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن فضله فيه، وأخبرها أنه لا بد من كثرة الدعاء والاستغفار وقراءة القرآن، ثم أفرغها وقت العصر كله وأقول لها: هذا وقت مبارك لا يضيّع في أمور الدنيا فاشغليه بالقرآن والدعاء فتجلس في غرفتها تتعبد.
وكذلك الشأن في رمضان حتى وهي تعمل في المطبخ أو أمام مقلاة الزيت أذكرها بأنه وقت مبارك، فلا بد أن تشغله بالتسبيح والتحميد والاستغفار وقراءة القرآن فلا تضيع نهارها بالعمل فقط..
ـ أحرص على أن تحضر صلاة العيد إن شاءت وأبيِّن لها فضل ذلك، وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بذلك.. وهكذا في كل مناسبة.
ـ لقد جعلت من وقت جلوسي في المطبخ فرصة ثمينة لتعليمها أحكام الشريعة، وبالذات أمور العقيدة وما يخص المرأة، فطول وقت جلوسي معها دروس شرعية وتعليم، وهي تسأل عمّا تشاء وأنا أجيب، وكم ضيعت المسلمة هذا الوقت الثمين الذي بإمكانها أن تُخرّج فيه طالبة علم، لأنه وقت طويل ويومي.. فبعضهن تتكبر عن الحديث معها، وبعضهن تزعم بأنها لن تفهم ما تقول: كيف تفهمك في أمور الدنيا ولا تفهمك في أمور الدين؟! وبعضهن شغلته بما ليس أجدى من تعليم الخير لمسلم يتعطش لذلك..
طلاسم وتعاويذ ولكن
أذكر ذات مرة بأنني وجدت في حوزتها تعاويذ وطلاسم فسألتها لماذا تحتفظ بها؟ فأخبرتني بأنها تحتفظ بها لكي تحفظها من كل مكروه.. فأخبرتها بأن هذا شرك بالله وهو كبيرة من الكبائر المحرمة وقرأت عليها شيئاً من الأدلة من الكتاب والسنَّة..
وأحضرت لها كتباً تخص هذا الموضوع، فاقتنعت وتخلصت منها، ولكنها تفاجأت حيث قالت: إنه يوزع لدينا في المدرسة وبالمجان وأن المعلمة أخبرتنا بأنه يحفظ من كل سوء، وبالذات في حال الغربة والسفر!!
ـ شي مهم لا بد أن تنتبه له المرأة المسلمة عند تعليم خادمتها وهو المعاملة الحسنة لها، والرفق بها، والتلطف معها، واعتبارها أختاً لها حق عظيم عليها وإشعارها بذلك، حادثيها دائماً واقتربي منها أكثر فهي في حال غربة ووحدة وفقر وحاجة، أشعريها بأنك تعتبريها إحدى أخواتك وأنك تحبين الخير لها، وترغبين بالاجتماع معها في الجنة.. استخدمي أسلوب الإقناع بكل تلطف وهدوء في تعليمها أحكام دينها وليس أسلوب الإكراه والتعنيف.. أرفقي بها في أعمال المنزل واجعلي لها فرصة للراحة ولو ساعة يومياً، لا تنقصيها مهما كان وساعديها إذا كثر العمل لديها، وبالذات في الولائم والمناسبات.. وإذا اضطرت للسهر ليلاً حتى وقت متأخر بسبب مناسبة أو غيرها فلا تجبيرها على الاستيقاظ مبكراً كالعادة وأعطيها فرصة للنوم الكافي والراحة من العناء وهي تشعر بكل ما تشعرين به، وتتعب كما تتعبين.
ـ اجعليها تحتسب الأجر في كل ما تقوم به في حياتها حتى تهون لديها الغربة ويهون لديها العناء، وإذا كنت داعية مثلاً وتريدين الخروج في الدعوة فاجعليها تحتسب ذلك، مثلاً قولي لها سأذهب إلى مكان فيه مئة امرأة وسألقي عليهن محاضرة فأنت إذا انتبهت للبيت والأبناء ووفرت لي جواً مريحاً للدعوة إلى الله فأنت تأخذين نفس الأجر الذي آخذه، ويأتيك أجر مئة امرأة سمعت كلامي، وهكذا في كل شؤون الحياة لا بد من تذكيرها بالاحتساب في كل عمل واستحضار النية فيه.
ـ اسألي الله دائماً أن يسخرها لك، وأن يسخرك لها، وأن يشرح صدرها للإيمان، وأن يوفقك لتعليمها كل خير وأن يكفيك شرها.
صعوبات
* ألم تواجهك أي صعوبات في تعليمها وهل تستجيب لك بسرعة؟
ـ وهل سمعت بطريق لا صعوبات فيه؟! ولكن لتكن المرأة المسلمة على ثقة بأن كل طريق فيه رضا الله فإن الله يذلل لها كل صعوبة ويوفقها فيه متى ما صدقت مع ربها، فمثلاً من الصعوبات:
ـ اللغة في بداية مجيئها وشرح بعض المصطلحات.
ـ التأثر بالخادمات عند الاختلاط بهن، فكثيراً ما تأتي ومعها صور لهن أو أشرطة أغانٍ ولكن عندما أنصحها برفق وأبيِّن لها الأجر في الصبر على ما تهوى النفس وأحثها على أن تنصحهن لا أن تتأثر بهن أجدها تندم وتحزن وتشكرني على تذكيرها وتتخلص من كل ما معها أو تترك ما أمرنها به من معصية.
ـ ومنها فعل بعض الأمور التي نهيتها عنها، ولكن من ورائي، مثلاً كانت تكشف غطاء وجهها إذا كنت غير موجودة عندها فلما اكتشفت ذلك ونصحتها فلم ترتدع، أظهرت لها حزني في هذا الأمر وقلت لها إذا لم تستجيبي فسأضطر لحرمانك من الذهاب معي لمنزل أهلي، وكانت تحبه كثيراً لاجتماع صديقاتها فيه، وفعلاً حرمتها من الذهاب لأسبوعين كاملين فارتدعت.
ولكن كل هذه الصعوبات تكون في الأشهر الأولى لمجيئها، ثم تزول بحمد الله مع مرور الأيام، وحسن التعليم لها، وها هي الآن تعمل لديّ منذ 12 سنة، لا أرى منها سوى الحرص على دينها وحسن الخلق في تعاملها واستجابة سريعة لكل ما آمرها أو أعلمها.
الشرك
* كيف كانت خادمتك عند أول مجيئها وكيف أصبحت الآن؟(13/185)
ـ كانت لا تعرف كثيراً من أمور دينها وعلى رأسها الشرك بالله وأمور العقيدة وكانت تعتقد بحل كثير من المحرمات كالسحر والشعوذة والزنا واختلاط الرجال بالنساء، بل تجهل الكثير من أحكام المرأة والكثير من فضائل الأعمال والحمد لله الآن تراها تظن بأنها من طالبات العلم من أبناء هذه البلاد.
ـ أيضاً الحجاب أصبحت تلبسه كاملاً عن اقتناع حتى إنها ذهبت إلى بلادها وعادت إلينا كما خرجت من عندنا لم تخلعه أبداً.. بل حتى حينما تزوجت لبسته ليل زفافها ورفضت أن تصور ليلة زفافها بالرغم من أنه شيء واجب لديهم في مثل هذه الليلة.
ـ أيضاً من الأمور التي كانت تتصف بها في البداية وتخلصت منها هي عادة الكذب، فكانت تكذب بكثرة، ولكني كنت أقول لها: إن الكذب هو الذي يغضبني منك وليس الصدق وإنك إن صدقت مهما فعلت فلن أغضب منك مهما كان، فكانت بعد ذلك إذا كسرت شيئاً أو فعلت أيّ أمر تأتي فتخبرني فأثني عليها وأدعو لها وأقول جزاك الله خيراً على صدقك ومهما فعلت وتردينه عظيماً من أمور الدنيا فلن يكون أعظم عند الله من الكذب والخيانة.. والحمد لله الآن لا أرى منها كذباً ولا خيانة في وجهي ولا من ورائي وأمنت من شرها ومن مشكلاتها واتهام غيرها بما فعلت.
ـ كذلك القرآن حفظت منه سوراً كثيراً وتعلَّمت قراءته صحيحاً ولله الحمد.
* هل تعتقدين بأن هذه الطريقة تجدي مع جميع الخادمات؟
ـ الله - تعالى -لم يخلق النفوس متساوية وإلا لآمن من في الأرض كلهم أجمعون، ولكن المسلمين فطروا على الخير ويحبون دينهم وتعلُّم أمور دينهم، والكثيرات منهن إذا عُلمن برفق يستجبن ولله الحمد، وإنما التقصير منا نحن، وقد منّ الله علينا بنعمة الإسلام الصحيح والعلم الغزير في هذه البلاد، ولكننا نقصّر ويعود المئات إن لم يكن الآلاف إلى بلادهم كما رجعوا إن لم يكن أسوأ.. بسبب تقصيرنا، بل وسوء معاملتنا لهم وعلى كل حال حتى ولو لم تجد المرأة استجابة كبيرة فيكفي أن تستجيب في بعض الأمور وإن لم يكن كلها ويكفي أيضاً أن تعذري أمام الله بأنك أديت ما عليك والهداية من الله وحده، وأذكر بأن الخادمة التي كانت عندي قبلها لم تكن تستجيب بنفس القوة التي تستجيب لي فيها هذه الخادمة ومع ذلك لم أجد هذا عذراً مستساغاً لإهمالها، ولكني بالطبع لم أحاول إعادة استقدامها مرة أخرى كما فعلت مع هذه الخادمة التي عاشت عندي اثنتي عشرة سنة.
“ توتي” تفتح “ دار البيان”
“ توتي” تعرفها كل معلمات وطالبات دار البيان في مدينة الرياض، فهي إحدى العاملات المتميزات فيها وهي إحدى ثمرات عناية المسؤولات في الدار بالمنتسبات إليها.
التقيت بالداعية “حصة الحناكي” مديرة الدار فسألتها عن “ توتي” المتميزة، وعن عنايتهن في الدار بكل العاملات فيها، وطلبت أن أجري لقاء مع “ توتي” فأخبرتني بأنها سافرت منذ أسبوعين.
تقول الأستاذة حصة: هؤلاء العاملات أمانة عندنا وواجب تبليغ هذا الدين ليعم كل من وجد على ظهر هذه الأرض..
وإذا كان الكثير يظن: أن الواجب عليهم تجاه هؤلاء العاملات يقف عند حد تعليمهن أمور العمل والوظيفة، فهذا تقصير كبير وواجب تعليمهن أمور دينهن أعظم..
و” توتي” هي واحدة من أربع عشرة مستخدمة تعمل في هذه الدار حرصنا بفضل الله منذ التحاقهن بالعمل لدينا على تعليمهن جميع أمور دينهن وتعليمهن كتاب الله قراءةً وحفظاً وتدبراً، وذلك من خلال توفير معلمة إندونيسية تعرف اللغة العربية وعاشت في المملكة عمرها كله وتقوم بتدريسهن القرآن الكريم والفقه والعقيدة، كما حرصنا على حضورهن للمحاضرات التي تنظمها مكاتب الجاليات أو مؤسسة الحرمين أو غيرها، فكنا كل يوم أربعاء نذهب بهن إلى مؤسسة الحرمين، وكل يوم جمعة محاضرة في مسجد الراجحي، والحمد لله وجدنا ثمرة كبيرة لهذه الجهود وتغيّرت العاملات لدينا تغيراً جذرياً.
أما “ توتي” فامتازت عنهن بسرعة الفهم وسرعة التعلُّم والحفظ وعلو الهمة حتى إننا كنا نشارك في المسابقات التي تقيمها الندوة العالمية للشباب الإسلامي وكانت تحرز المركز الأول دائماً، وقد استطاعت أن تحفظ لدينا خمسة أجزاء ولله الحمد، بالإضافة إلى حفظ كثير من دروس الفقه والعقيدة حتى أصبحت بفضل الله معلمة لدينا تدرس العاملات المستجدات، وعرفت بكثرة قراءتها للقرآن الكريم فكنا نسمعها في الحافلة تردد ما تحفظه طوال الطريق “وكان زوجها هو السائق” وكانت تلتزم بالحجاب الشرعي الكامل بالغطاء الساتر والقفازين والشراب..
وقبل أسبوعين سافرت إلى بلادها، وقد طلبت منها أن تعود ولكنها رفضت، وقالت الخير في بلادكم كثير ولكن أهل بلدي أولى بهذا العلم وإنني أريد أن أذهب إلى بلدي وأفتح داراً كداركم وأسميها باسم هذه الدار صاحبة الفضل عليَّ “ دار البيان”.
* هل كنتم تستعينون بأسلوب التشجيع والجوائز حتى يقبلنا على التعليم؟
ـ الرغبة في التعلُّم كانت موجودة في نفوسهن والكثيرات غيرهن يحلمن بذلك ويتمنين أن يساعدهن أهل هذه البلاد في تزويدهن بالعلم النافع، ولكننا للأسف لا نستغل هذه الرغبة لديهن.(13/186)
ولكننا أيضاً نشجعهن تشجيعاً مادياً ومعنوياً في وقت واحد، فقد وعدت المتفوقات بجوائز قيِّمة كالذهب والمال وغيره، وكنت أقيم لهن حفلاً تكريمياً كل سنة، كما أقيم لباقي طالباتي، وأنزل كل طالبات الدار ومعلماتها ليحضرن هذا الحفل ويشاركن فرحتهن، وأضع في هذا الحفل كما أضع في حفلات طالباتي فيحتوي على كلمة لي باللغة العربية، تتولّى معلمتهن ترجمتها كما يحتوي على فقرات منوّعة وأناشيد باللغة العربية، ومعلمتهن تترجم لهن ما يشكل عليهن، بالإضافة إلى الضيافة بمأكولات ومشروبات خفيفة، ثم توزيع الجوائز القيِّمة.
http://hijabsahih.tripod.com المصدر:
============
الهمة العالية بعد رمضان
د. قذلة بنت محمد بن عبد الله القحطاني
كم أثلج صدري رؤية المصلين في شهر رمضان المبارك وهم يتدفقون أمواجاً إلى المساجد سواءً فلي الحرمين الشريفين أو غيرهما من المساجد بإقبال وخشوع لأداء الصلوات والتراويح والقيام مما فاق السنوات الماضية، وهذا كان شاملاً لجميع فئات المجتمع رجالاً ونساءً شباباً وشيباً بل وأطفالاً، مما جعلني أشعر بعظم هذا الدين وأنه مهما كان الأعداء ومكر الخبثاء فإن دين الله منتصر وأن هذه الأمة لا تزال متمسكة بدينها وعقيدتها وإن بدر التسيب والتعطيل لبعض شعائره..
بل إن المحن والمصائب والحرب المعلنة على الثوابت والقيم في بلاد المسلمين قد جعلت الباطل ينصهر في بوتقة الحق والنور الإلهي، بل وينكشف دعاته ومروجيه..الذين تآمروا على طمس الهدى.. وتتداعوا على المسلمين كما تتداعى الأكله قصعتها!!
فقد كنت ألمس عقيدة الولاء والبراء تنساب مع كل لفظ (آمين) يردده المصلون خلف إمامهم كلما ارتفعت نبرات صوته العذب بالدعاء للمسلمين في كل مكان.
ولقد كان يوحي إليَّ وقوف المسلمات في صفِّ واحد وهن بحجابهن وخمارهن إلى خيبة دعاة التبرج والسفور، ويوحي بأن هذا اللباس (الذي يسميه لبعض تخلف ورجعية!!) ليس مجرد عادة توارثتها الأجيال بل هو عقيدة تختلج مع كل نبضة عرق..
كما أن مظاهر صدق الأخوة والمحبة والصدق والمنافسة الشريفة في الأعمال الفاضلة وسمة البذل والجود والعطاء التي تجلت لنا في هذا الشهر المبارك لتعكس ما عند المجتمع من همة عالية وسمو أخلاقي جدير أن يستمر بعد رمضان ويصبح سلوك عملي ومنهج دائم طوال العام يجعلنا نعيش مجتمع مثالي تسوده القيم والهمم العالية، وتتجلى فيه صدق النصيحة والشعور بالمسئولية والمحافظة على المجتمع أن يخرقها السفهاء ومن يعلن انتمائه لهذا الوطن وإن ظهر بمظهرهم وتحدث بلسانهم وادعى الإصلاح.. !!
إن أصحاب الهمم العالية عامهم كله رمضان يقول في شأنهم ابن الجوزي - رحمه الله - أقوامٌ ما رضوا من الفضائل إلا بتحصيل جميعها، فهم يبالغون في كل علم ويجتهدون في كل عمل، يثابرون على كل فضيلة، فإذا ضعفت أبدانهم عن بعض ذلك قامت النيات نائبةً وهم لها سابقون».
وفي رعاية هذه الهمم والسمو بها يقول - رحمه الله - " فينبغي للعاقل أن ينتهي إلى غاية ما يمكنه، فلو كان يتصور للآدمي في صعود السماوات، لرأيت من أقبح النقائص رضاه بالأرض، ولو كانت النبوة تحصل بالاجتهاد، رأيت المقصر في تحصيلها في حضيض، غير أنه إذا لم يكن ذلك، فينبغي أن يطلب الممكن. وفي الجملة لا يترك فضيلة يمكن تحصيلها إلا حصَّلها؛ فإن القنوع حالة الأرذال.
فكن رجلاً رجله في الثرى *** وهامة همته في الثريا
وما قعد من قعد إلا لدناءة الهمة وخساستها" اهـ.
فالأمل إذن معقود على ذوي الهمم العالية لتوجيه الطاقات وتفعليها لأن صاحب الهمة لا يطلب الراحة وليست من أهدافه بل راحته في طلب المعالي، وإن شق ذلك على النفس.
كما قال الشاعر:
وإذا كانت النفوس كباراً *** تعبت في مرادها الأجسام
فهو يبذل راحته ووقته لصناعة الحياة والوصول إلى القمة وجنة عرضها السماوات والأرض.. وينقذ معه آخرين ويسعى للسعادة في الدارين بعد أن كاد يجرفهم سيل التخريب والإفساد فيصبحوا قطعاناً تعشق الملذات وتخلد للراحة.. !!
ولنا في جيل الصاحبة رضوان الله - تعالى -عليهم أكبر قدوة حيث تحولوا في زمن يسير من مجتمع بهيمي يقتل بعضه بعضاً ويأكل الميتة ويشرب الخمر إلى مجتمع رباني ساد العالم ونشر الإسلام والعدالة في سائر أقطار الدنيا!!
06-شوال-1426 هـ
07-نوفمبر-2005
http://www.lahaonline.com المصدر:
==========
الدعوة إلى الإيمان
محمد إسماعيل السيد أحمد
قال - تعالى - وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ {106} أَفَأَمِنُواْ أَن تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِّنْ عَذَابِ اللّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ {107} قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ {108} (يوسف/106-108)
معاني المفردات:
وما يؤمن أكثرهم بالله: في إقرارهم بوجوده وخالقيته.
إلاّ وهم مشركون: بعبادة غيره أو باتخاذ الأحبار أربابا ونسبة التبني إليه - سبحانه وتعالى - عما يقولون. وقيل الآية في مشركي مكة. وقيل في المنافقين. وقيل في أهل الكتاب.
أفأمنوا أن تأتيهم غاشية من عذاب أليم: عقوبة تغشاهم وتشملهم.
أو تأتيهم الساعة بغتة: فجأة من غير سابقة علامة.
وهم لا يشعرون: بإتيانها غير مستعدين لها.
قل هذه سبيلي: يعني الدعوة إلى التوحيد والإعداد للمعاد، ولذلك فسر السبيل بقوله:
أدعو إلى الله: وقيل هو حال من الياء.
على بصيرة: بيان وحجة واضحة غير عمياء. (أنا) تأكيد للضمير المستتر في:(13/187)
أدعو: أو (على بصيرة) لأنه حال منه أو مبتدأ خبره على بصيرة
ومن اتبعني: عطف عليه.
وما أنا من المشركين: وأنزهه تنزيها من الشركاء.
شرح الآيات:
لقد كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - حريصا على إيمان قومه، رغبة في إيصال الخير الذي جاء به إليهم ورحمة لهم مما كان ينتظر المشركين من نكد الدنيا وعذاب الآخرة، ولكن الله العليم بقلوب البشر الخبير بطبائعهم وأحوالهم، يُنهي إليه - صلى الله عليه وسلم - أن حرصه على إيمانهم لن يسوق الكثرة المشركة إلى الإيمان.
وحتى الذين يؤمنون، كثير منهم يتدسس الشرك - في صورة من صوره إلى قلوبهم. فالإيمان الخالص يحتاج على يقظة دائمة تنفي عن القلب، أولا بأول، كل خلجة شيطانية وكل اعتبار من اعتبارات هذه الأرض، في كل حركة وكل تصرف لتكون كلها لله خالصة له دون سواه ((وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون))!! مشركون بالله في أحد أنواع الشرك: قيمة أو سببا أو خضوعا لقوة غير قوة الله أو رجاء يتعلق بغير الله، او في جهاد لتحقيق نفع أو دفع ضرر، ولكن لغير الله، قال - عليه الصلاة والسلام -:
"الشرك فيكم أخفى من دبيب النمل. " رواه أبو يعلى الموصلي بإسناده. وقال: " من حلف بغير الله فقد أشرك. " رواه الترمذي بإسناد صحيح عن ابن عمر. وقال أيضا: " إن الرقى والتمائم شرك. " أخرجه أحمد وأبو داود عن ابن مسعود. وقال أيضا: " إذا جمع الله الأولين والآخرين ليوم لا ريب فيه ينادي مناد: من كان أشرك في عملٍ عمله لله، فليطلب ثوابه من عند غير الله، فإن الله أغنى الشركاء عن الشرك. " أخرجه أحمد عن أبي سعيد عن أبي فضالة. وجاء في الحديث "إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر " قالوا وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال: " الرياء، يقول الله - تعالى -يوم القيامة: إذا جاء الناس بأعمالهم: اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم من جزاء؟ "
فهذا هو الشرك الخفي الذي يحتاج إلى اليقظة الدائمة للتحرز منه ليخلص الإيمان.
وإذا كانت هذه آيات القرآن الذي يحمل دليل الرسالة وكانت الآيات التي يحفل بها الكون معروضة للأنظار، يمرون عليها وهم عنها معرضون، ويشركون بالله شركا ظاهرا أو خفيا، وهم الأكثرون، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - ماض في طريقه هو ومن اهتدى بهديه لا ينحرفون ولا يتأثرون بالمنحرفين:
((قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين))
أي هذه سبيلي التي أدعو إليها، سبيل واحدة مستقيمة لا عوج فيها ولا شك ولا شبهة:
((أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني)) فنحن على هدى من الله ونور، نعرف طريقنا جيدا ونسير فيها على بصيرة وإدراك ومعرفة، فهو اليقين البصير المستنير، ننزه الله عما لا يليق بألوهيته، وننفصل وننعزل ونتميز عن الذين يشركون به:
((وما أنا من المشركين)).
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
http://www.motamani.com المصدر:
===========
لماذا انتكس
عبد الله بن حميد الفلاسي
عندما يشع نور الإيمان والهداية في قلب عبد من عباد الله، يبعث في هذا القلب الحياة من جديد، فلأول مرة يحس هذا الإنسان بطعم الحياة، ففي السابق لم يجد للحياة معنى غير الأكل والشرب والنوم، أما بعد دخول نور الهداية والإيمان في القلب، فكل شيء يتغير، وكل شيء له معنى.
فيعرف ما هدفه من الحياة، ويعرف ما له وما عليه، فيبدأ في أول الخطوات لتحقيق هذا الهدف المنشود، ويبدأ بالقيام بالواجبات المكلف بها، ويتجنب المحذورات التي حُذر من التقرب منها، ولو بمقدار أنمله.
وتكون أول هذه الأيام من أحلى الأيام التي مرت على كل شاب وشابة استقاموا على طريق الإيمان والهداية، أيام فيها النشاط والحيوية في طاعة الله، من صلاة، وصيام، وصدقة، وبر للوالدين، وصلة للأرحام، وإحسان للناس كافة.
إلا أن هذه الشعلة من النشاط والحماس في بعض الأحيان- ما يلبث نورها إلا ويخفت، وقد تنطفئ هذه الشعلة لسبب من الأسباب، فيا ترى ما هي هذه الأسباب؟!، ولماذا ترك بعض المستقيمين الاستقامة؟!، وهل يوجد اهتمام بمن انتكس من الشباب وترك الاستقامة؟! وما سبب تحول بعضهم من مستقيم يحب الملتزمين الاستقامة والمستقيمين إلى إنسان يكره المستقيمين ويحاربهم بكل وسيلة، وفي كل محفل؟
كل هذه الأسئلة في الحقيقة عولجت من قبل الكثير من العلماء والدعاة والتربويين، وكل منهم بذل ما بوسعه لحل هذه المشكلة، وسأحاول أن أساهم في هذا المقال مع من سبقني من العلماء والدعاة في طرح بعض المسائل التي أرجو من الله أن تكون سبباً في تثبيتنا على الالتزام[على الاستقامة]، وعودة أخواننا إلى طريق الإيمان والهداية، وهي أسباب عايشتها ورأيتها رأي العين.
إن من أسباب ترك الالتزام تتمثل من وجهة نظري في الآتي:-
السبب الأول: عدم التدرج في تعلم أحكام الدين الإسلامي، فما أن يلتزم الشاب على دين الله، وإلا وتجده اتجه إلى طلب العلم، وهذا الأمر ممدوح، وليس بمذموم، وطلب العلم من خير الأمور في الدنيا والآخرة، ولكن المسألة ليست كما يظنها البعض بهذه السهولة، بل طلب العلم يحتاج إلى صبر، وجهد، ومثابرة، وأن يبدأ بصغار الكتب قبل كبارها؛ إلا أن الخطأ يكمن في هذا المستقيم الجديد فهو لا ينتقي الدروس التي تناسبه فتجده في أول الطريق يحاول دراسة العلل للدارقطني أو التدمرية أو غير ذلك من الكتب الكبيرة(13/188)
وكذلك نرى بعض المشايخ عندما يدرس طلبة العلم، لا يلاحظ أن هناك طالباً جديداً قد انضم إلى درسه، فالشيخ يحضر لمجرد إلقاء الدرس، ومن ثم الإجابة على الأسئلة، وبعدها الانصراف، كما أن طلبة العلم الآخرين لا ينبهون الشيخ على أن هناك طالباً جديداً يحتاج منك لرعاية واهتمام، ليبدأ بتوجيه الطالب إلى أساسيات طلب العلم، وماذا يبدأ به؟
ولا أقصد في هذا الكلام كل المشايخ، وإنما البعض منهم مقصر من هذه الناحية، وهذا كلام موجه للبعض، ولذا أتمنى من بعض المشايخ أن يهتموا بطلبتهم، ويجلسوا معهم ويناقشوهم في أمورهم، ويوجهوهم لما فيه الخير فيعم الخير على الجميع، ويكون الشيخ قدوة لهؤلاء الطلبة فيمشون على خطى شيخهم في الخلق والتعامل مع الآخرين.
أما السبب الثاني: فيتمثل في الرفقة الصالحة، فبعض الشباب الملتزم لا يجد في منطقة سكنه ملتزمين، يكونون رفقة صالحة له تعينه على طاعة الله، وعلى طلب العلم، أو قد يجد ولكن لهم اهتمامات قد تخالف اهتماماته، مما يضطر للبحث عن رفقة صالحة في مناطق أخرى قد تكون بعيده بالنسبة لسكنه.
وفي البداية يكون لديه الحماس للذهاب إليهم، والجلوس معهم، وبعد مرور فترة من التزامه، وبدأ الفتور والخمول يدب في عروقه، تجده يقلل الذهاب إليهم، والجلوس معهم، وقد يضطر إذا أحس بالملل، إلى الجلوس مع بعض رفاقه القدماء ما قبل الالتزام وقد يكون منهم رفقاء سوء.
فهنا تبدأ الإشكالية، وقد لا يحس بهذا التغير في البداية، ولكن كما قيل: ((الصاحب ساحب)) فيبدأ الإيمان بالتدرج في النزول، وتبدأ شخصية الملتزم في الذوبان، ومن ثم يبدأ بالتقليل من نصيحة من يجلس معهم إذا وقعوا في غيبة أو مخالفة شرعية أياً كانت، ويبدأ الملتزم يتغير تدريجياً.
ولا يجد من رفاقه الصالحين من يلاحظ عليه هذا التغير، ويبدأ في الاهتمام به، ومحاولة تذكيره بالالتزام، وخطورة العودة إلى طريق الظلام.
والسبب الثالث: هي الزوجة، فيا له من محظوظ من يتزوج من زوجة تعينه على طاعة الله، وتذكره بدخول وقت الصلاة، وتنبهه على الزلل إذا وقع منه، وتأخذ بيديه وتضعه على طريق الهدى والنور.
وقد تكون الزوجة صالحة، ومطيعة لربها، وتسعى لإرضاء زوجها بكل الطرق والوسائل؛ إلا أنها تخاف أن تنصح زوجها خشية أن يغضب عليها، وترى نور إيمانه بدأ يخفت ولكنها لا تتحرك لإشعال هذه الشمعة مرة أخرى حتى لا تنطفئ، وتقول يا ليتني فعلت شيئاً قبل أن يحدث هذا، وتتغير حياتنا.
ولهذا لابد على الزوجة من الاهتمام بزوجها، وأن تتعلم كيف، ومتى، وأين تنصح؟ وإلا قد يضيع عنها زوجها، وتندم على ما فات، فلتبدئي من الآن أيتها الزوجة الصالحة، المطيعة لربها.
السبب الرابع: التقصير في نوافل العبادات، وخاصة عبادة الدعاء، فإهمال الشاب لعبادة الدعاء، والحرص على أوقات الإجابة، فالدعاء، له تأثير كبير في ثبات العبد على دين الله، والاستمرار في طريق الاستقامة، وخاصة إذا تحين العبد أوقات الإجابة.
فها هو رسولنا الكريم - عليه الصلاة والسلام - الذي غفر له ما تقدم من ذنبه، وما تأخر، والمؤيد بوحي من الله، والذي لا ينطق عن الهوى، كان يدعوا الله بأن يثبت قلبه على دينه، وعلى طاعته.
فما أحوجنا للدعاء الذي كان يدعوا به نبينا - صلى الله عليه وسلم -، حيث كان يقول: ((اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، اللهم يا مصرف القلوب صرف قلبي على طاعتك))، وهيا بنا نلتزم بهذا الدعاء، ولا نتركه في كل صلاة نصليها، وفي كل لحظة فتور نحس بها، وفي كل دمعة تنزل من أعيننا.
أما عن السبب الخامس، والذي يتمثل في انتكاسة بعض الملتزمين من الالتزام إلى محاربة الملتزمين، بل وصل البعض منهم إلى انتقاد الدين، ومهاجمة العلماء، والدعاة، فمن وجهة نظري أن سبب هذا التحول أمران، هما:
الأول: التشدد في الدين، وهو ما يعبر عنه عند البعض بأقصى اليمين، فبعد مرور فترة من الزمن والعقل والجسم منهكان بسبب هذا التشدد في الدين، فيبدأ في التوجه إلى الترك الدين بالتدرج، فيتحول من أقصى اليمين، إلى أقصى اليسار.
كما إن التشدد مبناه على الجهل فلو طبق هذا المستقيم ما ورد في الكتاب والسنة على وفق الكتاب والسنة لوجد سهولة ويسراً.
أما الأمر الثاني: فهو صدمة يتعرض لها الملتزم من الشخص الذي اتخذه قدوة له، والذي يصل ببعض الأشخاص إلى تقديس هذه القدوة، فما أن يصدر من هذه القدوة أي خطأ سواء كان مقصود أو غير مقصود، فهذا الخطأ يصدم الشخص الملتزم الذي اتخذ من هذا الشخص قدوة له تضيء له الطريق.
وبعد هذه الصدمة يعتقد هذا الشخص أنه اكتشف أن الالتزام أمر غير صحيح، وأنه كان في الطريق المظلم، وهذه الصدمة أنارت له الطريق من جديد، فيبدأ بمحاربة الملتزمين، ظاناً أنه يكشف حقيقة كانت مختفية على المجتمع، حتى ينقذ المجتمع من خطورة هؤلاء.
وبهذا يتضح لنا أن الإشكالية في هذا السبب تتمثل في تقديس القدوة، وعدم التماس الأعذار لهذه القدوة، وللأسف أن هؤلاء لا يعرفون أن الملتزمين بشر مثلهم مثل غيرهم، فمنهم الصادق، ومنهم الكاذب، ومنهم ظهرت أثار التزامه على ظاهره وباطنه، ومنهم ظهرت على ظاهره فقط، ومنهم من اتخذ من الالتزام وسيلة للكسب.
وعدم معرفتهم بهذا التفاوت جعلهم يعتقدون بأن الملتزمين معصومين، وما أن يقعوا في الخطأ عن قصد أو بغير قصد، إلا وتجده ينصدم صدمة تغير حاله من شخص ملتزم إلى شخص غير ملتزم يحارب الدين ويحارب العلماء.(13/189)
وهذه الأسباب التي ظهرت لي من خلال معايشتي لواقع الكثير من الشباب الذين تركوا الالتزام، وسائلاً المولى - عز وجل - أن يهدينا إلى الطريق المستقيم، ويثبتنا عليه في حياتنا ومماتنا، والله ولي التوفيق.
http://www.saaid.net المصدر:
============
المنهج الدعوي
محمد عبده
ومن السلبيات أو الأخطاء التي قد يقع فيها بعض الدعاة ما يلي:
1 التشدد في ترك الرخص:
كأن يعدل الداعية عن الرخصة في موضعها إلى العزيمة، ويجعلها في صورة الوجوب، ويخطئ من أخذ بتلك الرخص، كمن تخفى من الأعداء لتبليغ دعوة الله، أو التفاوض معهم والتنازل عن بعض الفروع، والاستفادة من القوانين الوضعية التي لا تتعارض مع العقيدة وثوابت الأمة فيما يعود على الدعوة بالنفع، وحينئذ يتهمه البعض بالجبن والخور والخوف والمداهنة في الله.
والمنهج عندما يتبنى مثل هذا النوع من التشدد فإنه يُعجل بالاصطدام بالأعداء قبل إعداد العدة، ونضج الدعوة واستكمالها مراحل القوة، ولنا في سيرته {القدوة والأسوة، وكيف كان يتعامل في مكة مع قريش، وكيف كان يستفيد من قوانين الجوار في سبيل توصيل الدعوة إلى الآخرين، وكيف كان يدعو أصحابه إلى الصبر وتحمل الإيذاء وعدم التعرض للمشركين.
2 التشدد في مسائل الفروع على حساب الأصول:
وهو استفراغ جهد المنهج في المختلف فيه مع إهمال المجمع أو المتفق عليه، كمن يركز على مسائل السواك، أو قصر الثوب، والعذبة ونحوها، ويهمل قضية تعطيل شرع الله في الأرض، أو كمن يقضي وقته في قضية الجهر بالبسملة أو الإسرار بها، وكذلك وضع اليدين في الصلاة: هل على السرة أو فوقها أو تحتها؟ ويهمل الحديث عن انتشار الخمور، وتفشي البغاء وسفك الدماء، وتتبع العورات، والإفساد في الطريق.
http://www.almujtamaa-mag.com المصدر:
============
الدعوة فقه و أساليب
فالح الصغير
لم يكن موضع التدين والالتزام من الداعية إلا بالمكان القريب. والتمسك بالشريعة..تحتم على الداعية التقيد بالضوابط الشرعية التي ترافق الدعوة وتسير حذوها بل قد ينقص من أجر الداعية التي لا تلتزم بها وتتحلى بأخلاقها..
ضوابط دعوة المرأة
قيام المرأة المسلمة بالدعوة إلى الله - تعالى -ينبغي ألا يخرجها عن فطرتها وأنوثتها، وهناك ضوابط مهمة في هذا الباب يمكن إجمالها فيما يلي:
1- الأصل: قرار المرأة في البيت، قال - تعالى -: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى} [الأحزاب: 33] وقال - صلى الله عليه وسلم -: "المرأة عورة، فإذا خرجت من بيتها استشرفها الشيطان حتى ترجع".
2- للمرأة أحكام خاصة، لا بد من مراعاتها في أي نشاط دعوي إليها، أو تقوم به، ومن ذلك:
أ- التزام الحجاب الشرعي بشروط مع تغطية الوجه والكفين، فالوجه موضع الزينة، ومكان المعرفة، والأدلة على وجوب ستره كثيرة.
ب- تحريم سفرها دون محرم، قال - صلى الله عليه وسلم - "لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم".
ج- تحريم خلوتها بالأجانب، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم" وفي رواية: "إلا كان الشيطان ثالثهما".
د- تحريم اختلاطها بالرجال الأجانب، فقد قال - صلى الله عليه وسلم - للنساء: "استأخرن، فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق، عليكن بحافات الطريق"، فكانت المرأة تلتصق بالجدار، حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به.
هـ ـ تحريم خروجها من بيتها إلا بإذن وليها.. إلى غير ذلك من الضوابط الشرعية التي لا يجوز الإخلال بها.
3- يضرب أعداء الإسلام على هذا الوتر الحساس، ويجعلون مثل هذه الأحكام مدخلاً لوصفهم الإسلام بإهانته المرأة، وتأثر بذلك بعض دعاة الإسلام، فحصل لديهم تفلت في هذا الباب، فيتأكد في حق دعاة أهل السنة: ضرورة الانضباط في ذلك، وعدم التأثر والانصياع لشهوات المجتمع ورغباته.
4- الأصل في الدعوة والتصدر للميادين العامة: أنها للرجال، كما كان الحال عليه في عصر الرسول - صلى الله عليه وسلم - والقرون المفضلة، وما رواه التاريخ من النماذج النسائية الفذة لا يقارن أبداً بما روي عن الرجال، وذلك مصداق قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كمل من الرجال كثير، ولا يكمل من النساء إلا: آسية: امرأة فرعون، ومريم: بنت عمران، وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام"، فطلب مساواة المرأة بالرجل في أمور الدعوة ينافي روح الدعوة أصلاً.
5- ولا يعني هذا الكلام إلغاء دور المرأة وتهميشه وإهماله، بل دورها لا ينكر، وشأنها له أهميته، بل إن هذا البحث ما كتب إلا لبيان هذا الدور، ولكن مع التزام ما سبق من ضوابط.
6- الأصل أن قيام المرأة بالدعوة بين بنات جنسها، فتعمل الأساليب والوسائل المفيدة في ذلك، ولا تخرج عن هذا الأصل إلا بالضوابط الشرعية.
الأساليب المثلى في الدعوة
من أهم ما ينبغي أن تتنبه له الداعية الموفقة التي تريد أن يثمر قولها وعملها في بيتها ومجتمعها وأمتها، هي الأساليب الناجحة التي تكون عوناً لها بعد الله - سبحانه وتعالى - على وصولها إلى النتائج المطلوبة.
ومن ذلك ـ بإجمال ـ ما ذكره الله - تعالى -بقوله - سبحانه -: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125].
ففي هذه الآية مجمل الأساليب الناجحة وهي: -
• الحكمة:
ويقصد بها وضع الشيء في موضعه، ومنها: ضبط النفس والحلم والأناة والتعامل بعقلانية، ومن الحكمة في الدعوة:
- اختيار الوقت المناسب في الدعوة.
- اختيار المكان المناسب، فله أثر على القبول.(13/190)
- اختيار الموضوع المناسب، وكل ما كان الموضوع في واقع المتحدث معهن كان أولى وأفضل وأقرب إلى القبول.
- إتباع قاعدة: التيسير المنضبط بضوابط الشرع والمبني على الدليل إتباعاً لما ورد مثل قوله - صلى الله عليه وسلم - "يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا".
- التدرج والمرحلية في الدعوة والتبليغ، فالنفوس تحتاج إلى تمرين وعسفها شيئاً فشيئا، وهذا إتباع لما جاء في حديث معاذ عندما بعثه - عليه الصلاة والسلام - إلى اليمن فقال له: "ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله أفترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم"، فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يتدرج بعرض التكاليف عليهم، وهكذا الداعي الموفق والداعية الموفقة.
وينبني على التدرج مراعاة الأولويات في الدعوة والأهم فالمهم.
- ومن الحكمة: مراعاة المصالح والمفاسد فدفع المفسدة مقدم على جلب المصلحة، وعند تعارض المصلحتين ينظر في أعلاهما، وعند تعارض المفسدتين يتجنب أعظمهما ضررا، وهكذا، والداعية الموفقة هي التي تزن بهذا الميزان.
• الموعظة الحسنة:
ويقصد بها إتباع أحسن القول في عرضه على المدعوين، واللطف فيه، والتودد إلى صاحبه، وانتقاء العبارات المناسبة للشخص المدعو وللمقام الذي هو فيه.
ويدخل في الموعظة الحسنة الربط بالدليل في الترغيب والترهيب.
ومن الموعظة الحسنة القصة فقد تكرر ذكر القصص في القرآن والسنة كثيراً وذلك لما فيها من العظة والعبرة بشرط أن تكون صحيحة، فإن ما وقع فيه القصاص من محاذير كان بسبب اعتمادهم على القصص والحكايات التي لم ترد في القرآن والسنة.
ومنها مخاطبة الناس بما يحبون أن يخاطبوا كأن تقول الداعية لفلانة من الناس: يا أم فلان، يا أختي، يا أيتها المؤمنة الصادقة.. ولعامة الناس: أيتها الأخوات العزيزات، أيتها المؤمنات بالله، وهكذا.
ومنها استعمال الأساليب المقنعة كالتوكيد بالقسم أو تكرار الكلام عند الحاجة إليه ونحو ذلك.
• المجادلة بالتي هي أحسن.
والمجادلة هي مقارعة الحجة بالحجة، أو هي المخاصمة في البيان والكلام لإلزام الخصم، وهكذا.. ويمكن استعمال المجادلة في مجالات عدة منها:
- مع المخالف في الرأي، بحسب هذا المخالف، فإن كان مؤمناً بالله فينطلق معه بالمجادلة من الملتقى وهو الإيمان، وإن كان عقلانياً فبالحجج العقلانية.
- مع الناس بما يفهمونه ويدخل في ذلك حال الحديث معهم كأن يقول: لو قال قائل كذا لقيل كذا.
- مع الطلاب والطالبات لتعويدهم أسلوب المجادلة والمناظرة وهكذا..
ويجب أن تراعى الآداب في ذلك، ومنها:
• الربط بالدليل.
• عدم التعدي بالقول أو الفعل على الشخص المجادل.
• عدم تحميل الكلام ما لا يحتمل.
• عدم الكذب.
• الهدوء وعدم الغضب.
• التسليم للحق.
• عدم الخروج عن الموضوع.
• إحسان الظن.
• مراعاة تقوى الله وأنه سيحاسب العبد على كلامه إن خيراً فخير وإن شراً فشر.
http://hijabsahih.tripod.com المصدر:
=========
من ينقذ المرأة الألبانية ؟
أ. سعود بن محمَّد العقيلي
في ظل الهجمة الكبيرة على الأخلاق والفضيلة في ألبانيا، تظل المرأة الألبانية صاحبة النصيب الأكبر في ذلك، حيث تسعى المؤسسات الغربية إلى تغييبها عن إسلامها وشرفها مستغلة بذلك جهلها وفقرها وقلة وعيها نتيجة الوضع الذي عاشته تحت نير الشيوعية الإلحادية.
تعيش المرأة الألبانية حياة غفلة عن دينها من جانب، وحياة انبهار وإعجاب كبيرين بالغرب من جانب آخر جعلها أشدّ من النساء الغربيات تمرداً على الدين والأخلاق والعفة!! مما جعل الجمعيات التنصيرية تستغل ذلك أشد الاستغلال..! وأذكر مثالاً على ذلك وهو قصة حصلت في مدينة (بوكس) حيث استغلت إحدى الجمعيات التنصيرية الموجودة في المنطقة حاجة وفقر إحدى الممرضات، فاتفقت معها على أن توظف بمبلغ 300 دولار شهرياً مقابل قيام هذه الممرضة بجذب فتيات المنطقة عن طريق دورات التمريض تحت مظلة هذه الجمعية التنصيرية، وتتولى هذه الجمعية تدريسهن إلى جانب ذلك العقيدة التنصيرية.
استمرت هذه الممرضة في جلب أكبر عدد ممكن من الطالبات؛ لأن أهل المنطقة يعرفون هذه الممرضة ويثقون بها لذا فإنهم لم يكونوا يمنعون فتياتهم من الالتحاق بهذه الدورات التمريضية، وبدأت هذه الجمعية بإقامة دروس في الرقص والموسيقى للفتيات لكي يتم انسلاخهن عن دينهن بالكامل، ولكن شاء الله - سبحانه - أن يقوم أحد الدعاة باكتشاف هذه المؤامرة، والتقى بهذه الممرضة المسلمة وشرح لها خطر ما تقوم به، ومن ثم عرض عليها أن تعمل مثل هذه الدورات تحت مظلة إحدى الجمعيات الإسلامية، فاقتنعت وتحمست لذلك، مع أن المرتب الذي أعطي لها كان أقل بكثير من السابق، ومع ذلك وافقت وأسفت وندمت على ما كان منها، وهذا غيض من فيض لما يحصل على أيدي تلك المؤسسات من استغلال لوضع المرأة الألبانية.(13/191)
ومن هنا بدأت الأخوات المسلمات في ألبانيا يفكرن في إيجاد قنوات دعوية للمرأة الألبانية والاقتراب منها أكثر، فأنشأن جمعية المرأة (أربرية) سنة 1995م، وقد عُرفت هذه الجمعية بمنهجها المعتدل في الاعتقاد والممارسة، وقد قامت بالعديد من الأنشطة المهنية (مراكز حياكة) وأنشطة علمية وشرعية للعديد من الفتيات الألبانيات، كما اهتمت لمدة سنتين متتاليتين بالعمل النسائي داخل الجامعة من خلال المحاضرات والدورات واللقاءات، وكانت لهذه الجهود نتائج طيبة في الدعوة، حيث ساهمت في التزام العديد من الفتيات، وكذلك في التعريف بالإسلام داخل الأوساط الجامعية.
ضعف نشاط هذه الجمعية منذ سنة 1998م وتوقفت بسبب قلة الدعم المادي لها، وكانت لهذه الجمعية علاقات تعاون مع العديد من الجمعيات الإسلامية ومن أهمها الندوة العالمية للشباب الإسلامي وهيئة أبوظبي الخيرية وغيرهما.
وإلى الآن لا توجد جمعية نسائية تعنى بشؤون المرأة الألبانية، لذا فالوضع بات صعباً ويحتاج إلى جهود مؤسسة تواجه وتضارع الجهود التنصيرية المؤسساتية والتي هي متخصصة في شأن المرأة الألبانية.
لذا لا بد أن يكون العمل النسائي على مستوى التحدي والمسؤولية وعلى قدر المواجهة، وإلا فإن الوضع ينذر بانسلاخ كامل للمرأة الألبانية عن دينها وعفتها.
لذا أدعو إلى قيام الجمعيات النسائية الإسلامية والتي تقوم على ثلة منتخبة من بنات ألبانيا حتى تقوم هذه الجمعية بدورها في الأخذ بيد المرأة الألبانية إلى بر الإسلام وشاطئ الإيمان.
إنَّ دعم هذه الجمعيات ومن خلال معرفتي بالعمل هناك ووقوفي عليه سيسهم إسهاماً بالغ التأثير في تغيير وضع المرأة الألبانية بأكمله وقلبه لصالح الإسلام، علماً بأن عدد الجمعيات التنصيرية في ألبانيا يتجاوز 300 جمعية!! ـ هناك جمعيات تنصيرية هدفها الوحيد هو تعليم الرقص والموسيقى للفتيات الألبانيات.
فهل ضعفت همة أخواتنا المسلمات في بلادنا عن إقامة جمعية واحدة فقط لانتشال أخواتهن الألبانيات من واقعهن المؤلم؟؟ علماً بأنه يمكن إنشاء جمعية نسائية بمبلغ 2000 يورو فقط.
14-رمضان-1426 هـ
16-أكتوبر-2005
http://www.lahaonline.com المصدر:
===========
فريضة الله على كل مؤمنة
عبد الملك القاسم
نحن في زمن طغت فيه الانهزامية والضعف، ولذا أصبح الاعتزاز بهذا الدين والانتماء إليه، ورفع رايته من نوادر الأمور في حياة المسلمين. حتى انك إذا سمعت قصة عن الاعتزاز والفخار علمت أن الركبان تتناقلها وأنها أصبحت أحاديث مجالس الأخيار. وكأنها قصة تروى من الصدر الأول لإشراقه الإسلام!
يا ترى..أمة من الناس ثار غبارها في هذا الصيف وهي تلهث وتجري على تراب الغرب الكافر! تستجدي عطفهم وتتلمس رضاهم وتنفق الأموال في ديارهم..تلك الخطى وتلك الشهور والأيام أين منه واقع الاعتزاز بهذا الدين!
هل سمعتم أحدهم في (الهايد بارك) يرفع عقيرته بالأذان. أو أن آخراً يحدث عن التوحيد ونبذ الصليب! بل أما أطلت رؤوسكم إلى مسلمة مؤمنة تتلفف بالحجاب كما كان سائر نساء الصحابة!
إحداهن ممن ابتليت بالسفر إلى بلاد الكفار، تحجبت الحجاب الشرعي المعروف فلا يرى منها يد ولا وجه ولا يظهر منها خصلة شعر.. حديثها يأتي همساً وربما تصاحبة الدمعة: كنا ثلاث مجموعات من النساء، المجموعة الأولى: من التزمن بحدود الله وابتعدن عن معصيته وعلمن أن الحجاب فريضة الله على كل مؤمنة فاطعن وامتثلن وأنا إحداهن ولله الحمد. والمجموعة الثانية.. متذبذبات أخذتهن موجة التغريب لكنها لم تسقط الحجاب كاملاً فلا تزال بقيه إيمان في قلوبهن تدافع الخبث.. فجعلن من الحجاب على الرأس ما يزين ويجمل! أما المجموعة الثالثة: فهن والكافرات سواء بسواء في الملبس والمظهر والمساحيق، بل وارتفاع الأصوات وبذاءة اللسان ووقاحة العينان.. وقل ما تشاء!
وكان الموقف محرجاً وإحدى الكافرات تسألني تستوضح الأمر رغبة في معرفة سر الاختلاف في المظاهر الثلاث، وما هو الفرق بين المجموعات وتنادى إلى سمعي قولها: ألستن مسلمات كلكن؟!
يا ترى ماذا كان جوابها! وماذا يكون جوابنا أمام الله - عز وجل - لهذا الانسلاخ من الدين والسير في إسقاط الحجاب بأيدينا طائعين مختارين! متى تفيق أمة الله، ومتى تستيقظ ابنة الإسلام! ومتى تعلم المسلمة أن الحجاب فريضة الله على كل مؤمنة!
07/11/2004
http://www.almunadi.net المصدر:
-=========
الدعوة إلى الله بالمراسلة
محمد إسماعيل
من قصة أبي سفيان - رضي الله عنه - مع هرقل أحد عظماء الروم وكان يحكم بلاد الشام آنذاك:
قال، ثم دعا (يعني هرقل) بكتاب رسول الله الذي بعث به دحية إلى هرقل، فقرأه فإذا فيه:
" بسم الله الرحمن الرحيم، من محمدٍ عبدِ الله ورسوله إلى هرقل، عظيم الروم، سلام على من اتبع الهدى. أما بعد: فإني أدعوك بدعاية الإسلام، اسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك إثم الأرِّيسيين، ويا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم: أن لا نعبد إلا الله، ولا نشرك به شيئا، ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله، فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأننا مسلمون. " البخاري/مج1/ ص42-43
معاني المفردات:
سلام على من اتبع الهدى: قال ابن حجر - رحمه الله -: ليس المراد من هذا التحية، إنما معناه " سلم من عذاب الله من أسلم "
أما بعد: [أما]هنا مستأنفة لا للتفصيل حيث هو الأصل فيها، و[بعدُ] مبنية على الضم لأنه قطع عن الإضافة.
بدعاية الإسلام: بكسر الدال، من قولك دعا، يدعو دعاية. وعند مسلم [بدعوة] أي بالكلمة الداعية على الإسلام، وهي شهادة أن لا إله إلا الله محمدا رسول الله.(13/192)
و[الباء] بمعنى [إلى].
أَسْلِم تَسْلَمْ: قال ابن حجر، - رحمه الله -: " غاية في البلاغ، وفيه نوع من البديع وهو الجناس الاشتقاقي"
فإن توليت: أي أعرضت عن الإجابة إلى الدخول في الإسلام، وأصل التولي إنما يكون بالوجه ثم استعمل مجازا في الإعراض عن الشيء وهو استعارة تبعية.
الأَرِّيسِيِّين: واحده أريسي، وهو منسوب إلى أريس بوزن فعيل. قال ابن سيده: الأريس: الأكار أي الفلاح عند ثعلب وعند غيره. وكما جاء صريحا في رواية ابن اسحاق.
ويا أهل الكتاب: هكذا وقع بإثبات الواو في أوله، وعلى ثبوتها فهي داخلة على مقدر معطوف على قوله[أدعوك].
ودحية: هو ابن خليفة الكلبي، صحابي جليل، كان أحسن الناس وجها، أسلم قديما، بعثه النبي بعد أن رجع من الحديبية بكتابه إلى هرقل، ومات - رضي الله عنه - في خلافة معاوية.
شرح معنى الحديث:
في هذا الحديث المبارك يظهر لنا حرص النبي على تبليغ الدعوة إلى العالمين، فأرسل هذه الرسالة إلى عظيم الروم [هرقل] يدعوه فيها إلى الإسلام، وذلك في الفترة التي كان قد عقد الصلح بينه وبين قريش، أي سنة ست من هجرة النبي.
وفي هذا الكتاب المبارك فوائد عظيمة وحكم بالغة يمكن أن نتعرف على شيء منها ونستفيد في حياتنا وطريق دعوتنا:
1.بدأ النبي الرسالة بقوله " بسم الله الرحمن الرحيم " لنتأسى بهذا المبدأ العظيم وليكون نصب أعيننا دائما وأبدا الاستعانة بالله وحده وهو الرحمن بعباده الضعفاء المفتقرين لرحمته في كل حال ورحيم بالمفتقرين على رحمته من عصاة ومستضعفين.
2. وفي قوله " من محمد عبد الله ورسوله " شرف عظيم يعتز به النبي ويفتخر أن يكون عبدا لله ورسولا أرسله الله للعالمين.
3. "إلى هرقل عظيم الروم" أراد النبي أن يتألفه لمصلحة الإسلام، وهذا من حسن سياسة النبي مع غير المسلمين، ومن الدعوة إلى الله بالتي هي أحسن.
4. وسلام النبي في الرسالة ليس مباشرا لهرقل، بل لمن اتبع الهدى و فإن اتبع الهدى صار مسلما واستحق السلام، وإن لم يتبع هدي النبي محمد، انصرف السلام لغيره من المهتدين.
5. " أدعوك بدعاية الإسلام" وهي الدعوة على دين الإسلام الحق الذي لا يقبل الله من أحد سواه ورأسها شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.
6. وفي قوله " أسْلِم تسلم، يؤتك الله أجرك مرتين " تحذير وترغيب لهرقل: إن أسلمت سلمت من عذاب الله، وأعطاك الله أجرك مرتين؛ مرة على ما كنت عليه من تصديق وإيمان بنبيك ومرة على تصديقك وإيمانك ودخولك في الإسلام، وهو موافق لقوله - عز وجل - ((أولئك يؤتون أجرهم مرتين)).
7. وفي قوله " فإن توليت فإنما عليك إثم الأرِّيسيِّن " تحذير لهرقل بأنه إن أعرض عن هذه الدعوة فإنه سيتحمل إثمه وإثم رعيته الذين سيمنعهم بحكم رئاسته لهم وهم محكومون له ولا يستطيعون الخروج عن طاعته خوفا من بطشه، فسوف يبوء بإثمه وإثمهم.
8. وفي الختام دعاهم إلى كلمة الحق والعدل والإنصاف وهي أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا، ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله. قال بعض المفسرين: إن كلام النبي هذا كان قبل نزول الآية لأن الرسالة كما ذكرنا كانت في السنة السادسة من الهجرة ونزول الآية كان بمناسبة وفد نجران في السنة التاسعة، وإنما كان ذلك من باب مناسبات القول.
والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
http://www.motamani.com المصدر:
============
أخي أختي في الله
أخي أختي الذي يعي ما أقول
ويا ذا النفس الزكية..التي تتأثر بما تقرأ
ويا ذا الفطرة السوية..التي تتيقظ عند كل ذكرى
ويا ذا العقل الذكي.. الذي يدكر بكل عبرة.
اسمع لي أن اهتف في مسمعك.. وأخاطب جذور الإيمان في قلبك لأذكر نفسي ونفسك.. فأن الذكرى تنفع المؤمنين.
أخي أختي
عهدتك مسابقاً في الخير.. منافساً في الطاعة.. وتتزود من البر والتقوى للحياة الأخرى ولكن أرى.... ماذا أري؟
الغفلة نزلت بساحتك وأثار المعاصي نصبت رايتها في ميدان حياتك.
فما الذي أغفلك عما خلقت له؟
ولماذا نسيت ما أوجدك الله من أجله؟
هل اتخذت على الله عهداً ألا يعذبك؟
هل ضمنت مغفرته لذنب واحد من ذنوبك؟
هل تيقنت قبوله لحسنة واحدة من حسناتك؟
هل أمنت مكره؟
كيف تجرأت عليه وخالفت أمره؟
ألك حجة تدلي بها عند حسابه؟
ألك طاقة بعذابه؟ ومصابرة على شدة عقابه؟
أم لك قدرة على مواجهة قوته وسطوته؟ ونقمته وبطشه؟
أخي أختي ألا تعلم هداك الله أن ربحك في معاملته.. أمنك في مخافته.. رضاك في طاعته.. عزك في التذلل لعظمته غناك في الافتقار إليه.. شرفك في الاعتماد عليه..
سعادتك في القرب منه.. نجاتك في محبته والأنس بمودته.
أفلا تحبه؟
أما ترجو قربه؟ أما تسعد برضاه؟
أجب أخي وأختي
عجباً لك ؟ تحبه ... وتعصاه؟
عجباً لك؟؟ أما تخافه وتخشاه؟
أخي وأختي.
قف ببابه.. لذ بجنابه.. أعلن براءتك من الذنوب..
وتوبتك من المعاصي.
فاليوم عملاً بلا حساب .... وغداً حساباً بلا عمل
فتزود.. فإن خير الزاد التقوى
إذا أنت لم ترحل بزاد من التقى.. ولاقيت بعد الموت من قد تزودا
ندمت على أن لا تكون كمثله.. وأنك لم ترصد بما كان ارصدا
جعلني الله وإياكم أخواني وأخواتي من الذين يرحلون من هذه الدنيا بزاد من التقوى
وأن يحسن لنا ولكم ولوالدينا ولوالديكم بحسن الخاتمة وأن يجعل منزلتنا جميعاً في الفردوس الأعلى من الجنة.
http://www.du3at.com المصدر:
===========
رسائل الصيف
عبد الله بن خضر الغامدي(13/193)
الحمد الله مصرِّف الدُهُور، وخالق الظلمة والنور، وموجد الظل والحرور، أحمده - سبحانه - حمد الشاكرين واستغفره استغفار النادمين، وأعوذ به من شر نفسي وشر الشيطان وشركه، ونسأله الراحة من الصيف وحرّه، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه....وبعد:
فهذه رسائلٌ أبعثها إليك أخي المصطاف ولأسرتك الكريمة، مع علمي أن عندكم من الخير ما يكفيكم ومن البِر ما يغنيكم، ولكنه الشوق إليكم، والأُنس بحديثكم.
وكثيرٌ من السؤال ِ اشتياقُ *** وكثير من ردهِ تعليلُ
فنسأل الله أن تجد مكاناً في قلوبكم العامرة بالخير والصلاح.
الرسالة الأولى (إلى ربان السفينة):
إليك يا ربان السفينة، فأنت ملح الرحلة ودليلها إلى مرفأ الأمان وإلى بر السعادة، في زمان زادت شرور أُناسه وكثرت حيرة أهله، وقسمت قلوبهم فهي كالحجارة أو أشد قسوة، وجَمُدت أعينهم فما تجود بقطرة، في عالم تلاطمت أمواجه بالشبهات والشهوات، فأصبح أهله أحوج ما يكون لمن يمدُّ لهم بطوق ِالنجاة في لُجّة هذا الخِضم المخيف.
إلهي ما يئسنا إذ شكونا *** فإن َّ اليأس يفتكُ بالضميرِ
لنا يا رب إيمانٌ يُرينا *** جلال السير في الدرب العسيرِ
تضيق بنا الحياة وحين نهفو *** إلى نجواك نحظى بالسرور
وأذكرك بما روى الشيخان عن معقل بن يسار - رضي الله عنه - قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاشُ لرعيتَّه إلا حرَّم الله عليه الجنة ". فبتوجيهك وحرصك تكون النجاة بإذن الله - وبنصائحك تصفوا النفوس، وتنمو المدارك، وتزداد المعارف، وعليك يا ربَّ الأسرة اختيار الأماكن المناسبة للتسوّق والتجوّل بعيداً عن مضلات الفِتن ومزالِق الريب فكم من أسرة ما عرفت الشر إلا عندما أُهملت بعيداً عن عين الرقيب..
ما كانتِ الحسناءُ تُبدي خدرها *** لو كان في هذي الجموع رجالُ
أيها الأب: بادر إلى مواطن الخير، وكُن مسارعاً إلى الطاعات، حتى يقتدي بك أهلك وبنوك، وتكون مفتاحاً للخير إليهم، واقطع موادَّ الشر والفساد عن أهلك وأولادك، ولا تجلب إليهم ما يكون ضرراً عليهم في دينهم وأخلاقهم، واعلم أنه لا ينفعك أمام الله - تعالى -أن تقول فَعَلَ الناس فَفَعَلْت وأساءَ الناس فأسأت {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ}[المدثر: 38]
وأخيراً لا يكن بيتك وسيارتك خالية من كتاب نافع أو شريط مفيد، فقد يسَّرها الله - تعالى -في هذا الزمان بأثمانٍ زهيدة.
وأسأل الله - عز وجل - أن يُكلِّل جهودك بالتوفيق، وأن يرزقك الذريَّة الطيبة التي تقر بها عينك في الدنيا والآخرة.
الرسالة الثانية: (إليكِ أيتها الأم):
إليك يا نبع الحنان، وقصة العطاء، وحكاية الجُود.. إن كثيراً من شؤون الأسرة لا يدركها أحدٌ غيرك.
أنت وحدكِ من تعرف ماذا يريد ابنك وما تفكِّر فيه ابنتكِ، فأنت تعرفين ذلك في قَسَمَات وجوههم، وفلتات ألسنتهم، فلا تتركين مجالاً للعادات السيئة والأخلاق الذميمة التي أتتنا من أعدائنا بأن تتسلل إليهم، وحاولي علاجها في أولها قبل أن تستشري وتزداد، فإن أعظم النار من مستصغر الشرر.
وعوِّدي أبناءكِ على معالي الأمور، وبناتكِ على الحشمة والحياء، فإن من شبَّ على شيءٍ شاب عليه، ومَن أدّبَ ولده صغيراً سعُد به كبيراً، وترك لنفسه بين الناس ثناءً جميلاً.
كوني أيتها (الأم) صدراً مفتوحاً لهموم أبنائك ومشاكلهم حتى لو كانت صغيرة وتافهة، افتحي لهم مجالاً (للغة التقبّل) لتحققي نجاحاً في جعلهم يفتحون قلوبهم ويتحدثون عمّا في نفوسهم، وابتعدي عن لغة التحطيم والتوبيخ والسخرية والتخجيل، وقدِّمي لهم خبرات الحياة وأنواع المعرفة التي توفرت لديكِ، فكل خبرة نعطيها لأولادنا توفرِّ مقداراً من العناء، وتحفظهم بإذن الله من الأخطار والأشرار.
وأخيراً.. ألف شكرٍ يا صانعة الأبطال، وألف تقدير يا مربية الأجيال.
الرسالة الثالثة: إليك أيها الشاب:
إن هذه العافية التي تمرح في سعتها وتستمتع بحريَّتها ليست شيئاً قليلاً، إن كثيراً من الناس قد ابتلوا بفقدِها وليس يعلم إلاَّّّّّّ الله مدى ما يحسُّونه من ألم؟
فمنهم من حُبِس في جلدهِ، فما يستطيع حركة.
ومنهم مَن يستجدي الهواء الواسع نَفَساً يحيي به صدرهُ العليل فما يعطيه الهواء إلا زفرة وتخرج مليئة بالدم!
ومنهم مَن عاش منقوص الأطراف، مجروح المشاعر!!
ومنهم مَن يتلوّى من أكل لقمة؛ لأن أجهزته الهاضمة معطوبة.
ومنهم.... ومنهم...
إن كنت معافاً من هذا كلّه فاعلم أن الله قد زوَّدك بثروة عظيمة، ومنحك ما سوف يسألك عنه.
أخي الشاب: قدّم ما استطعت نظير ما أنعم الله عليك مِن نِعَم تتألَّق بين رأسك وقدميك وتتأنَّق بها في الحياة كيف تشاء، فقدِّم لو كلمةً أو نصيحةً أو شريطاً أو مطوية ولا تحقر من المعروف شيئاً.
واحذر يا أخي كل الحذر من أن تسن سُنَّة سيئة أو تجرّها على مسلم. فتكون ممن قال الله فيهم: {لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ} [النحل: 25].
وأخيراً يا أخي:
* خذْ ما استطعتَ من الدنيا وأهليها *** لكنْ تعلم قليلاً كيف تعطيها
* كنْ وردةً طيبها حتى لسارقها *** لا دمنةً خبثها حتى لساقيها
* انظرْ إلى الماءِ إن البذلَ شيمتهُ *** يأتي الحقول فيرويها ويسقيها
* فما تعكر إلا وهو منحبسٌ *** والنفسُ كالماءِ تحكيهِ ويحكيها
الرسالة الرابعة: (إليك أيتها الفتاة):(13/194)
أنتِ دُرَّة غالية، وعُمْلَة نادرة، وجوهرة وأيُّ جوهرة، إن طُهْركِ وعفافكِ وحيائكِ أنفس ما تملكين، فلا تُريقي حيائك في جنبات الطريق، ولا تنفقي عفافك في الحرام، ولا تبذلي جمالك للمتسولين...
صوني جمالكِ عنّا إننا بشرٌ *** من الترابِ وهذا الحُسنُ روحاني
أو فبتغي فلكاً تأوينه ملكاً *** لم يتخذ دَرَكاً في العالم الفاني
احذري (يا أخيتي) من الموضات والصيحات والصرعات القادمة من أعداء الدين، لتهين كرامتك بعدما أعلاها الإسلام، وتكونين فريسة للذئاب بعدما صانك الإيمان..
وأذَكِّركِ بالحديث الذي رواه أبو داود عن أبي موسى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا استعطرت المرأة فمرَّت على القوم ليجدوا ريحها فهي كذا وكذا)) يعني زانية.
فكيف بمن تخرج كاسية عارية، متبرجة سافرة لا ترقب في مؤمن إِلاًّ ولا ذِمَّة.
صانكِ الله (يا أُخيتي) من ذلك، ورفع قدرك وأعلا همَّتك وزودك التقوى.
الخاتمة:
وأخيراً.. فالصيف آمال وآلام.. الصيف أمل الطالب والمعلم.. أمل للخريج.. أمل للعريس.. أمل للمسافر.. آمال وآمال، لكن كم يحمل في طيَّاته من آلام قد امتلأت بالأخبار والأسفار التي مُسِخَ فيها الحياء، وذُبِحَت الغيرة، وانتحر العفاف....
جعل الله أيامنا وأيامكم آمال وأفراح، وجنَّبنا الآلام والأتراح، إنه وليُّ ذلك والقادر عليه.
http://www.saaid.net المصدر:
==============
الكلمة القصيرة بعد الصلاة في سطور
عبد الله القحطاني
الكلمة هي: "هي كلمة موجزة قصيرة يلقيها المتكلم من أجل التنبيه على قضية أو مسألة، أعدها مسبقاً في زمن قصير دون استطراد أو إطالة.
أسباب الحاجة إلى الكلمات:-
1- قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - خير الكلام ما قل ودل.
2- إجتماع المصلين فمن يجتمع في الفرض قد لا يجتمع في محاضرة معلنة.
3- عزوف بعض العامة عن موارد الذكر.
4- قبول الناس وارتياحهم لسماع الكلمات.
مدة الكلمة:
تترواح الخاطرة ما بين (5) دقائق إلى (1.) دقائق
زمان الكلمة:
هو الزمن المناسب الذي يراه المتكلم مناسباً،، وأنسب الصلوات التي تكون بعدها الكلمة هي العشاء، ثم المغرب، ثم العصر ثم الظهر،، ثم الفجر، ولا تكون الكلمة بعد الجمعة.
سمات وخصائص الكلمة:
* إن الداعية طبيب القلوب، وكما يسهّل طبيبُ الأبدان الدواءَ للمريض ويُسيغه له، فعلى الداعية أن يسوق موعظته في أسلوب طيب جميل، بعيد عن السباب والشتم، وقسوة العبارة، حتى لا ينفر منه المدعوون. وهذا الأمر واضح في سير الأنبياء، ومَن يُقتدى بهم من الدعاة الناجحين؛ من أجل هذا ينبغي أن يُراعى في الكلمة السمات والصفات الآتية:
1- عدم الإطالة في المقدمة.
2- التركيز في موضوع واحد أو قضية محددة.
3- عدم الاستطراد أو الخروج من النقطة إلى غيرها.
4- عدم ذكر المصادر أو الأجزاء والصفحات من الكتب أو الأسانيد أو كثرة النقول أو غير ذلك، فيكفي أن تقول قال الله - تعالى -في سورة كذا، ولا تحتاج إلى ذكر رقم الآية، ويمكن أن تكتفي بقولنا قال الله - تعالى -دون ذكر السورة لشهرتها أو لسهولة السؤال أو الوصول إلى مكانها، وكذلك في الحديث يكفي أن تقول وفي البخاري كذا.. أو روى مسلم أو في مسلم، أو يكفي أن تقول: وفي الصحيح.. كذا! أو: وفي الحديث الصحيح.. إلخ.
5- عدم إيراد الخلافات في المسألة، وإنما يتم التركيز على الأمر المتفق عليه، أو الإتيان بعبارات تحتمل أوجه الخلاف
6- قصر المدة الزمنية، وقد تكلمنا أنها تترواح بين (5) دقائق إلى (1.) دقائق.
7- عدم الإملال سواء كنت متكلما أو منسقا. فعن عبد الله بن مسعود أنه قال: (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتخولنا بالموعظة في الأيام كراهة السآمة علينا). رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
8- انتهاز الفرص في الأحداث. لقد انتهز يوسف - عليه السلام - فرصة سؤال صديقيه في السجن عن تعبير الرؤيا، فدعاهم إلى الإله الواحد ((يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار)).
وحدث أن كُسفت الشمس عندما مات ابن خاتم النبيين - صلى الله عليه وسلم - إبراهيم فقال الناس: كُسفت الشمس لموت إبراهيم، فقام - صلى الله عليه وسلم - في الحال وانتهزها فرصة ليصحح أفهام الناس في التوحيد، فقال: "إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته ولكنهما آيتان من آيات الله يخوف الله بهما عباده، فإذا رأيتم ذلك فصلوا وادعوا حتى ينكشف ما بكم". إن هذا الطريق وهو استغلال ضرورات المجتمع، فرصة للدعوة إلى الله عن طريق الكلمة السريعة وهذا يحتاج من الدعاة إلى التفاني في الدعوة، وقوة إيمان وذكاء، يعرف كيف يستغل ذلك الحدث أو الفرصة للدعوة إلى الله.
9- ينبغي ألا تكون الكلمة معروضة بصورة نصية، فبعض الناس يحشد في الخاطرة الآيات والأحاديث، في حين أنه يمكن أن يكتفي في الكلمة أو حديث فقط، أو أن يجمع بينهما، ففي الكلمة ينبغي أن تتوجه للناس بتوضيح الآيات والأحاديث فالناس يسمعون الآيات في المذياع، والمسجل، ولكن يحتاجون إلى من يفهمهم ويستخرج لهم الفوائد من الآية أو الحديث.
11- تحتاج كل أنواع الخطاب إلى بداية أو استهلال جيد، وهو ما يسمى (حسن الاستهلال) أو أبلغ منه (براعة الاستهلال) وهو الإتيان بمقدمة تشير إلى موضوع الكلمة لأنها سريعة، فتحتاج إلى سرعة جذب انتباه الناس.
12- أن يكون الموضوع المختار من صميم ما تجري به الحياة، ليدق على الوتر الحساس، ويملك انتباه السامعين، وما أكثر المواضيع التي تفرضها الحياة بأحداثها الكثيرة..(13/195)
13- ضرورة التركيز على تقديم حلول عملية، فلا يكتفي المتكلم بإثارة المشكلة بل ينبغي أن تعرض المشكلة بصورة سريعة ثم يتوجه المتكلم إلى اقتراح بالحلول المناسبة.
http://www.saaid.net المصدر:
=============
روضة الإصلاح
علي بن صالح الجبر البطيح
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
أخي وحبيبي - قارئ هذه الأسطر - أجزم أنك تفرح بالهدية التي أشار إليها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في قوله (رحم الله امرء أهدى إلي عيوبي) أجزم بفرحك في وقت قلّ فيه الناصح المبصّر بالعيوب، وضاع في زحمة المجاملين، لذا كن معي لنلتفت وإياك إلى إصلاح ما يمكن إصلاحه وأجب بصراحة متناهية:
- هل تحب المسلمين جميعا؟ إن كان نعم فهنيئا لك هذا القلب النظيف الذي يشبه في حاله قلب الصحابي الذي شهد له النبي - صلى الله عليه وسلم - بالجنة، وإن كانت الإجابة ( لا ) فكم عدد من تكره وتبغض ؟ الأصل أن عددهم قليل، إذا كان كذلك، هل سبب ذلك منك أو منهم؟ طبعا يحتمل هذا أو ذاك لا يهمّ
في كلا الحالين أنت خاسر هذا ليس كلامي بل هو كلام الله في الحديث القدسي حيث ترفع الأعمال إلى الله كل اثنين وخميس إلا من كان بينهما خصومة فلا ترفع أعمالهما لأن الله يقول أنظراهما حتى يصطلحا، لكن إذا لم يصطلحا فما النتيجة؟ هي أنك خاسر
ولم يفرّق في السبب أهو منك أو منهم؟ لذا سارع بالإصلاح قبل أن يسبقك أطهار القلوب وأصفياء المشاعر..ما الذي يمنعك؟ أجب بصراحة ما الذي يمنعك؟ قد تقول سعيت إلى ذلك لكن نقول : هل كان سعيك خالصا لوجه الله - تعالى- بعيدا عن المشادّة والمجادلة وتقطيب الجبين ورفع الصوت وتنقص المقابل والحطّ من قدره؟
قد تقول ماذا أعمل؟ فنقول: اتق الله وتواضع لخصمك لا لأجله بل لأجل الله - تعالى- ومرضاته وحث الخطا للإصلاح ولا تدع فرصة للشيطان يبيض ويفرّخ، فكم باض وفرّخ في أذهان وعقول من استسلم لهواه فكانت نتيجة ذلك: طلاق وفراق وقطيعة وتفرق وتشتيت وجفاء وصدود وغلظة ونقمة وحسرة وأسى وحزن وألم ونار ولوعة وهمّ وغمّ ومرض وعلل وفشل وسوء ووبال وعار وشنار وخزي وفضيحة ثم موت وحساب وعقاب وندامة ما بعدها ندامة كان بإمكانك أن تختصر كل ذلك بقولك: (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) هلمّ أخي إلى روضة الإصلاح مهما كلّف إرغاما للشيطان وطاعة للرحمن وأخيرا آمل منك عزيزي القارئ أن تأخذ بوصيتي إليك وتقوم الآن بعد فراغك من قراءتها لتصفية الأمر بينك وبين خصمك ممن سجد وركع مثلك تذكر أنه مسلم بل ربما مسلم ذو قرابة
http://www.saaid.net المصدر:
============
أحسن القول
محمد إسماعيل السيد أحمد
" وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ {33}ولاَ تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {34} وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ {35} وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ{36} من سورة فصلت
معاني الكلمات:
ولي حميم: صديق قريب يهتم بأمرك. وقيل صديق شديد الولاء.
وما يلقاها: ما يؤتى هذه الخصلة الشريفة.
ذو حظ: الحظ النصيب، وهناك فرق بين أن يكون مثبتا وبين أن يكون منفيا، بمعنى أننا لو أثبتنا حظا لإنسان ما في شيء ما فقد يكون على درجات وفيه كامل وناقص، مثل قوله - تعالى -" إنه لذو حظ عظيم "، أما عند النفي فلا.
ينزغنك: يصيبنّك أو يصرفنك.
نزغ: نزغ الشيطان وسوسته وصوارفه.
شرح الآيات:
الدعوة إلى الله أمرها عظيم وشأنها خطير، فلولا الدعاة الصالحين المصلحين ما انتشر الإسلام وطبق الآفاق في برهة وجيزة من الزمن.
والدعوة إلى الله - عز وجل - وإلى دين الله هي القطب الأعظم الذي تدور عليه رحى شريعة الإسلام، وبسببها ابتعث الله الرسل إلى العباد ليقوموا ومن بعدهم بالتذكير والدعوة على كر الأيام والأزمان.
وفي الآيات السالفة الذكر يبين الله - عز وجل - أن أحب عباد الله إلى الله قولا الذين يدعون إلى الله على بصيرة وبينة من أمرهم، ولا يكون الداعية على بينة من أمره ما لم يتبع النهج السليم في الدعوة، وهو النهج الذي اختطه السلف الصالح من تزود بالعلم والحلم والصبر، وامتثال وقدوة وتحمل واحتساب في سبيل تبليغ دعوة الله إلى عباد الله في كل مكان.
وشرط في المبلغ شرطا أساسيا لا حيدة عنه ولا يصلح عمل الدعوة بدونه، ألا وهو العمل الصالح، القدوة الحسنة و التأسي بالصالحين ابتغاء رضوان رب العالمين، لا ابتغاء عرض من حطام الدنيا، بل إحسانا منه ليبلغ درجة الإحسان عند رب العالمين.
ويذكر المولى - عز وجل - الدعاة بقاعدة حقيقية وهي أساس في طريق الدعوة: ليست الحسنة والسيئة عند الله وعند الناس سواء، فإذا كانت هذه الحقيقة مستقرة في أذهاننا، فلماذا نترك الحسنة ونقبل على السيئة؟ فهذا ليس شأن العقلاء. بل على الدعاة المخلصين أن يجيدوا فن استعمال هذه القاعدة العظيمة ((ادفع بالتي هي أحسن)). قال بعض المفسرين: ادفع من أساء إليك بالإحسان إليه حتى ينقلب عداؤه صداقة ومحبة.
والأمثلة في ذلك من حياة المصطفى كثيرة جدا، وأكثر من واحد جاء ليقتله فخرج من عنده مسلما مؤمنا وهو من أحب الناس إليه، وما ذلك إلا من حسن قوله له ولين كلامه ومخاطبته ، فانقلب هؤلاء من عنده أولياء لله ورسوله أصدقاء أحباء لأهل الإسلام.(13/196)
ولا يستطيع إنسان ما أن يمنح الناس هذا الخير العظيم، وهم يوقعون فيه الشر والأذى، من غير أن يتحمل ويصبر ويحتسب، فالصابر الذي رسم لنفسه طريق الوصول إلى غايته في مضمار الدعوة إلى الله، هو من وضحت لديه فكرة الجزاء الأخروي وتصور ما ينتظره من نعيم مقيم أعده الله للصابرين المحتسبين أصحاب الحظ العظيم.
وفي الطريق الموصل إلى الهدف يعترض الداعية عوارض كي تصرفه عن تحقيق ذلك الهدف السامي، ومن أهمها ذلك العدو اللدود إبليس عليه لعائن الله ((إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا)). وفي طريق الدعوة يذكرنا الله بهذا العدو اللدود: ((وإما ينزغنك من الشيطان نزغ)) فالوسوسة والنزغ وثني المسلم عن متابعة سيره في سبيل الحق والخير وكل ما يحول بين المسلم وعمل الخير، كل ذلك من نزغات الشياطين، فما ذا نعمل؟
أرشدنا الباري - جل وعلا - ((فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم)) إن نحن استعذنا بالله واحتمينا به وطلبنا منه العون على هذا العدو الظالم المبين، فإنه بفضله ومنه ورحمته يحمينا ويجيرنا من شره ويصرف كيده عنا. فلا بد أن يكون قلب الداعية دائما وأبدا معلقا بالله - عز وجل - فإنه نعم المولى ونعم النصير.
وصلى وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين.
http://www.motamani.com المصدر:
============
كيف تدعو إلى الله تعالى في مناسبات الزواج ؟
عبد اللطيف بن هاجس الغامدي
أيها الأخ المبارك يا داعية الخير و إمام الهدى اعلم وفقك الله - أن هناك مسائل لابد لنا من الوقوف معها قبل أن نبدأ المسير نحو علاج ناجح لتصحيح ما نراه ونسمعه من انحرافات كبيرة احتوتها أفراحنا
وهذه المسائل أجملها هنا طلباً للاختصار فيما يلي:
أولا: القدوة
فعليك أن تكون ذلك الرجل الذي وافق قوله فعله، فليس من المعقول أن تنهى الناس عن خلق وأنت متلبس به، عار عليك إذا فعلت عظيمَ
فعليك بنفسك فهيئها لهذا المضمار لعلك أن تنال القبول فيجمع لك الله الحسنيين
ثانياً: العلم
يجب أن يكون شعارك في طريق دعوتك العلم قبل القول والعمل، فبالعلم الشرعي تأمن على نفسك من أن تنكر معروفاً أو تأمر بمنكر، فاعرض أمورك على ميزان الشرع فما وافقه فهو المعروف وما خالفه فهو المنكر .وإياك ثم إياك أن تتسرع بحكمك على الأشياء بلا علم فتعرض نفسك للوعيد ودعوتك للرد .
جاء في الحديث (من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار)
واعلم أن العلم رفعة في الدنيا والآخرة، وأجر مستمر إلى يوم القيامة و اسمع لقول ربنا - جل وعلا - [يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أُوتُوا العلم درجات]
ثالثاً: الإخلاص
فاحذر -رعاك الله - من طلب السمعة والشهرة وحب التصدر والظهور فإنه شراك إبليس الذي ينصبه للدعاة ليفسد عليهم دعوتهم .
فبالإخلاص تبلغ مالا يبلغه عملك، ويورثك الله علم مالا تعلم، ويجعل لك القبول في قلوب المدعوين .
فعليك باستحضار الإخلاص في كل حين وأن لا يكون ذلك مانعا للعمل داعياً للكسل .
رابعاً: العمل
فنحن نتعبد الله -جل في علاه- بالعمل على نشر الدعوة بين أقوامنا والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأما نتائج تلك الدعوة فبيد الله و لسنا مطالبين بها .
فبالعمل نوصل أعظم الخير للناس، من هدايتهم وإرشادهم وتوجيههم، وخيرية أُمتنا قائمة على أساس العمل، قال - تعالى -: [كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف و تنهون عن المنكر وتؤمنون بالله]
خامساً: رجل المواقف
الداعية حكيم في تعامله يعطي الأمور قدرها فهو مجيد في ترتيب الأولويات، لين عندما يتطلب الموقف اللين و حازم عند الحاجة للحزم .
قال الله (يؤت الحكمة من يشاء ومن يؤتى الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً)
سادساً: التحمل
إن من نافلة القول تذكيرك - أخي الداعية - بأن طريق الدعوة مليء بالأشواك والمعوقات، وأنها سنة كونية جاريه ولولا ذلك لطرق هذا الباب من هو ليس أهل له، فأكرم الخلق وجد من قومه الآمرين في سبيل الدعوة .
والله - تعالى - يقول [آلم (1) أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا ءامنا وهم لا يفتنون (2) ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكذبين (3)]
فما عليك إلا أن تستعين بالله، وتعمل، وتصبر على ما يصيبك حتى يظهر الله دعوتك
قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في وصيته لابن عباس - رضي الله عنهما -: " واعلم أن في الصبر على ما تكره خيرا كثيرا، وأن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرا " رواه الإمام أحمد 1/ 7.3
و إليك بعضاً من المقترحات المعينة على تنقية الأعراس من المنكرات أو التخفيف منها:
أولا: تكوين فريق للعمل يقوم بتنظيم وتطبيق وتطوير الوسائل الدعوية ويتميز ذلك الفريق بما يلي:
أ أن يكون تحت مضلة هيئة دعوية رسمية نشطة.
ب أن يكون اختيار المجموعة بعناية فائقة ويراعى حصول التجانس والتقارب بينهم حتى تكون الدعوة ناجحة، و الأفكار سليمة من التناقضات.
ج قيام العمل على مبدأ التشاور وتبادل الرأي.
وعمل هذا الفريق تحقيق محاربة منكرات الأفراح من خلال تطبيق الوسائل الدعوية لإزالة ذلك المنكر.
ملاحظة: يجب أن تراعي أيها الأخ الحبيب ما يلي:
1- أن العمل بما سيأتي من مقترحات ليس مقصوراً فقط على فريق العمل المقترح
و إنما وجود هذا الفريق يجعل العمل أضبط وأنجح ...والله أعلم
2- أن ما سيأتي يمكنك تطبيقه على الأسرة والقبيلة و أهل الحي الواحد مع مراعاة الفوارق الاجتماعية بين البيئات المختلفة.
ثانياً / الوسائل الدعوية المعينة لفريق العمل أو للفرد:(13/197)
علماً أن منها ما يكون قبل وقوع المنكر ومنها ما يكون وقت وقوعه ومنها ما يأتي بعد ذلك فإليك بعضاً منها:
التعامل الأولي مع موسم الأعراس:
أ- قم بتحديد مناسبات الأعراس قبل وقت كاف لها مع ترتيبها حسب حجم المنكر المتوقع حدوثه .
ب احرص على زيارة أصحاب العرس قبل الزواج بوقت كاف مع مراعاة الوقت المناسب للزيارة .
ج اصطحب معك في زيارتك شخص صاحب مكانة عالية و كلمة مسموعة .
د بين ما لُحظ من انتشار للمنكرات في الأفراح مع بيان مدى خطورة ذلك على الفرد والجماعة وأن المقيم لمثل تلك المنكرات مشارك في الإثم متوعد بالعقوبة وأنه من أسباب الشقاء للزوجين في الدنيا و لا تنسى أن تعرض خدماتك لأهل العرس .
هـ ليكن معك بعض الكتيبات والأشرطة التي تناولت هذا الموضوع .
و احرص على اصطحاب فتاوى أهل العلم المبينة لتلك المنكرات .
2- كلمات الأفراح
استثمار الأفراح بإلقاء كلمات وعظية من الأساليب الناجحة لبتر الكثير من المنكرات أو لمنعها قبل ظهورها ولكن علينا ابتداء مراعاة الأمور التالية:
1- عدم التصدر وتغشي الناس في أفراحهم إلا بإذن من أهل الزواج.
2- الحرص على غرس خشية الله وتقواه في قلوب الحاضرين.
3- البعد عن التشعب في عرض المواضيع لأن الحديث ينسي أوله آخره.
4- الإيجاز في العرض والبعد عن التطويل الذي يدخل الملل على النفوس.
5- اختيار الشخص المناسب للكلمة على أن يكون يتمتع بالقبول عند السواد الأعظم منهم.
6- احتواء الكلمة على أسلوب الترغيب لأنه يناسب مقام الأفراح فيذكر بما اعد الله لعباده المتقين في الجنة من نعيم مقيم ويتكلم عن أخبار الحور فإنها من الموضوعات المشوقة.
7- احتواء الكلمة على قصة معبرة لما في القصص من شد للمستمع.
8- الحرص على الدعاء للعروسين بالمأثور.
9- وأنا اقترح عليك أن يكون وقتها بعد صلاة المغرب أو العشاء أن كان الحضور مبكراً والحفل يبدأ في العصر مثلاً أو خلال البرنامج المعد إن كان الحضور متأخر.
3 المجلة السنوية:
إصدار مجلة سنوية أو نصف سنوية على مستوى القبيلة أو العائلة ويتم فيها عرض أهم قضايا أفراد هذا التجمع ومن تلك القضايا منكرات الأفراح مع إيجاد حلول مناسبة وناجحة لعلاج تلك السلبيات
وهنا أدعوك أيها الأخ الكريم لمراعاة ما يلي:
1- الموضوعية والأسلوب الحواري في علاجك لأي خلل والبعد عن الانفعالات التي تفقد الكلمة دورها.
2- اختيار موضوعات شيقة وممتعه لتكون محفزةً للقارئ على قراءتها.
3- استقبال كل المشاركات التي تصل إلى القائمين على المجلة مع التعامل مع كل رسالة باهتمام وحرص حتى ينجذب المتابع لها.
4- احرص على وضع مسابقة دوريه للمجلة على أن تكون المسابقة تحقق المعالجة لبعض تلك النكرات.
5- مع رصد جوائز قيمة للمسابقة من خلال الوسائل التالية:
أ/ الدعم المباشر من بعض التجار الباذلين.
ب/ وضع رسم رمزي للاشتراك في المجلة.
ج/ بالاتصال ببعض الموزعين المشهورين لبعض الماركات العالمية ليقدموا الجوائز كدعاية لمتوجاتهم المباحة.
4 - المسابقة السنوية:
مما لا يخفى عليك- أخي الداعية الموفق- ما للمسابقات من دور كبير في إيصال الخير إلى المدعوين بأيسر السبل وأحبها للمتلقي ولأجل ذلك نقترح وضع مسابقة موسمية تكون قبل الأفراح بوقت كاف حتى يمكنك الحصول على الثمرة المرجوة من مثل هذه المسابقات وذلك لا يتسنى لك فعله إلى من خلال التخطيط السليم و التحرك المدروس
طريقة المسابقة:
ويمكن أن تكون المسابقة بأحد الطريقين التاليين:
أ- إما عن طريق مجموعة من الأسئلة تتعلق ببعض المنكرات في الأفراح وغيرها و تقدم مع كتيب و شريط على أن تكون الإجابة موجودة في الكتيب و الشريط .
ب- و إما أن تكون مقاليه على هيئة أسئلة يطلب من المشارك الإجابة عليها .
سؤال للنساء وآخر للرجال وليكن:
سؤال مقترح للرجال (ما الذي تتمنى أن ترى عليه أفراحنا في المستقبل؟)
سؤال مقترح للنساء (ما واقع حال النساء في أفراحنا؟ وما دور كل واحدة منكن؟)
ملاحظة: مع إمكانية أن تكون الإجابة على سؤال واحد فقط .
شروط المسابقة:
1- الاشتراك مفتوح للجميع .
2- يحق للبيت الواحد الاشتراك بأكثر من متسابق.
3- تحديد وسيلة معينه لاستقبال الإجابات مثل:
بإيصال الإجابات لشخص معين قريب من الجميع . أو عبر صندوق بريد معين
أو من خلال الاتصال بالهاتف لمن لا يمكنه إيصال الإجابة بأحد الوسائل السابقة
ملاحظة: (لا تستقبل الإجابات من خلال الهاتف إلا في حال كون المسابقة على هيئة أسئلة موضوعية دون المقاليه)
4- تحديد وقت معين كأخر موعد لاستقبال الإجابات .
5- يتم إعلان الفائزين في أول زواج مع بداية موسم الأفراح .
ملاحظة: [ما ذكر في مسابقة المجلة من وسائل الدعم يمكنك أن تستفيد منه هنا]
5- احرص على كسب أعيان من توجه إليهم مجهوداتك الدعوية من خلال الطرق التالية:
أ/ التكريم المباشر عند تسليم جوائز المسابقة الدورية وخصوصاً لمن كانت له أيادي بيضاء وليكن التكريم على يد بعض الدعاة المرموقين الذين يدعون لهذه المناسبة حتى يكون محفزاً لهم على استمرارية دعمهم.
ب/ من خلال خطابات شكر توجه إليهم باسم جهة دعوية مرموقة.
6- حث الجهات الدعوية المعنية بتكثيف نشاطها مع بداية مواسم الإجازات
لما لذلك من دور في نبذ الكثير من المنكرات .
7 التواصل مع أصحاب قصور الأفراح وتذكيرهم بالله - عز وجل - مع إحياء مخافته - سبحانه - في قلوبهم مع بيان مدى خطورة منكرات الأفراح عليهم دينياً ودورهم في الحد منها.(13/198)
8- الدعوة لإقامة الزواجات الجماعية لاشتمالها على فوائد عظيمة تعود على الأفراد وكذا الجماعات و مما يلاحظ في الساحة حرص الكثير من الفرق الضالة على إقامة مثل هذه الأعراس و أهل العقيدة الصافية أولى بهذا الفضل والخير من غيرهم .
الزاجات الجماعية لها فوائد منها:
1- الحد من التباهي الذي يؤدي بالأعراس للوقوع في الإسراف والتبذير الممقوت شرعاً وعقلا.
2- التخفيف على المتزوج مادياً حتى لا تكون المادة معوقاً لشبابنا عن الإقدام على الزواج .
وهنا أحث الدعاة أن يكونوا سباقين لإقامة مثل هذه الأعراس الجماعية من خلال ما يلي:
أ/ السعي بكل ثقلهم لتفعيل دور الوجهاء لضمان إقامتها في مجتمعنا .
ب/ التنسيق مع الجمعيات الخيرية والجهات الدعوية لتقديم دعم مادي ومعنوي لمثل تلك الأعراس .
ج/ السعي لنشرها إعلامياً من خلال القنوات المتاحة لهم و نشر أخبار تلك الأفراح في الصحف المحلية.
د/ الاتصال بكبار التجار لتحمل أعباء مثل هذه الأعراس.
9- المرأة الداعية:
إن إعداد المرأة الداعية أصبح ضرورة يحتمها واقع النساء في مجتمعات المسلمين فبيئة النساء أضحت مرتعا خصبا لكل أفاك أثيم، فلعل أئمة الهدى ودعاة الخير يشمروا عن ساعد الجد لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من مجتمعات النساء .
وتهيئة النساء لهذا الدور يحتاج لتحضير مناسب لهن فلا يكون ذلك بين عشية وضحاها وإنما يحتاج لوقت ليس بالقصير، وهذا التحضير وتلك التهيئة لا تكون إلا من خلال البيوت.
ولعلي في هذا المقام أعرج على بعض الأمور المهمة:
أ/ نحتاج لإقامة دروس علمية لنسائنا في مسائل متعلقة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى تعرف المرأة كيف تتعامل مع المنكرات العامة في مجتمعها أو الخاصة بالأفراح و بين أمثل الطرق المناسبة لها في دعوتها
ب/ إقامة لقاءات دورية بين النساء اللائى يردن العمل لمعالجة منكرات مجتمعهن ويحصل من ذلك فوائد جمة منها:
1- حتى لا تشعر بأنها في الميدان وحدها ولتعيش روح الجماعية في العمل لأن المرأة بطبعها حساسة وتأثرها سريع فهي ضعيفة بنفسها قوية بالله ثم بأخواتها الصالحات.
1- تعويد حاملات العلم الشرعي على الإلقاء و الوعظ لحاجة المجتمع النسائي لذلك.
2- ترتيب الجهود بينهن وتوزيع الأدوار لمواجهة ما أصاب مجتمعاتهن من منكرات.
1.- ننصح بإقامة محاضرة نسائية عامة قبل بداية موسم المناسبات إذا كان الواقع يساعد لإقامتها كما هو الحال في القرى والأحياء المتقاربة المترابطة.
11- توجيه الأخوات المشهود لهن بالفضل وعندهن القدرة على الإنكار بإحياء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في داخل الأعراس لما في ذلك من ردع لكثير من النفوس الضعيفة و توجيه من تجهل الحكم الشرعي لتلك المنكرات
12 المناصحة الفردية من قبل النساء لمن تجاهر بمثل ذلك من خلال الوسائل المختلفة ومنها الهاتف أو الزيارة لصاحبة المنكر في بيتها لأنه أبلغ من أي وسيلة أخرى.
13- اعتزال الأعراس
وهنا أقول إذا كانت المرأة ممن لا تملك القدرة على الإنكار على صاحبة المنكر ولم يترتب على غيابها منكر أعظم فينبغي أن تهجر الأعراس التي فيها منكرات أما من كانت تملك القدرة على الإنكار فنقول عليك بالحضور مع إنكارك لذلك المنكر بشرط ألا يترتب على الإنكار مفسدة أعظم.
14- القرارات الرسمية
على من يواجه المنكرات في أفراحنا أن يكون ملماً بالتعليمات الرسمية فإن الكثير من المنكرات سبق وصدر نضام رسمي يحد منها فمثلاً:
• التأخر في الأعراس قد يمنع بقرار رسمي فينبغي حينئذ العمل على تذكير أصحاب القصور بذلك فإن لم يُرى منهم تجاوب يمكنك مخاطبة الجهة الرسمية مباشرة لحثها على تطبيق ما في تلك القرارات وهذا ينطبق على غيرها من المنكرات وهي كثير منها على سبيل المثال:
[التصوير دخول الرجال على النساء النصة وغيرها]
15- التنسيق المباشر مع الجمعيات الخيرية المختصة باستقبال الفائض من طعام المناسبات حتى تستفيد تلك الجمعيات من ذلك الفائض
16- تمييز الأفراح التي تنعدم فيها المنكرات أو تقل من خلال ما يلي:
1-الدعم المالي بالتنسيق مع بعض التجار و الهيئات الخيرية.
2-إهداء العريس هدية قيمة لتكون محفزة لغيره ليسير على نهجه.
3-لا يمنع من إنزال ذلك الزواج في بعض الجرائد المحلية.
17- إيجاد البدائل للمنكرات:
إن أصحاب المنكرات تجدهم يرددون عبارة (ما البدائل لتلك المنكرات؟)
وهنا يجب على كل داعية للخير أن يغرس في نفوس المدعوين أهمية التسليم لأمر الله
ولله يقول [وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم].
ثم بعد ذلك يقيني أن فكرك الناضج وعزيمتك الوقادة مع الإخلاص لله جل في علاه ستهديك بإذن الله لبدائل عن تلك المنكرات المبثوثة في أعراسنا مع أهمية عرض تلك البدائل على علماء لهم باعهم في الدعوة ليميزوا البدعة من السنة.
ولعلى أذكرك هنا ببعض منها إضافة لما سبق:
(1) مساعدة أهل العرس للوصول إلى ضاربات على الدفوف
بحيث يسلمن من المحاذير الشرعي .
(2) إقامة ملتقى شعري لعرض أبرز القصائد الشعرية مراعية اقصد الجنة المنضمة سلامة القصائد من المحاذير الشرعية.
(3) حث الشباب المتميز في هذا الضرب من ضروب الشعر الشعبي بالمشاركة وتجريد تلك العرضات من المحاذير الشرعية.
(4) إقامة مسابقة ثقافية متنوعة تضفي على الحفل المتعة والسرور مع رصد جوائز قيمة لهذا الحفل .
هذا و الله أعلم ونسبة العلم إليه أسلم
وصلي اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
http://www.saaid.net المصدر:
===========
أحسن القول
محمد إسماعيل السيد أحمد(13/199)
" وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ {33}ولاَ تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {34} وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ {35} وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ{36} من سورة فصلت
معاني الكلمات:
ولي حميم: صديق قريب يهتم بأمرك. وقيل صديق شديد الولاء.
وما يلقاها: ما يؤتى هذه الخصلة الشريفة.
ذو حظ: الحظ النصيب، وهناك فرق بين أن يكون مثبتا وبين أن يكون منفيا، بمعنى أننا لو أثبتنا حظا لإنسان ما في شيء ما فقد يكون على درجات وفيه كامل وناقص، مثل قوله - تعالى -" إنه لذو حظ عظيم "، أما عند النفي فلا.
ينزغنك: يصيبنّك أو يصرفنك.
نزغ: نزغ الشيطان وسوسته وصوارفه.
شرح الآيات:
الدعوة إلى الله أمرها عظيم وشأنها خطير، فلولا الدعاة الصالحين المصلحين ما انتشر الإسلام وطبق الآفاق في برهة وجيزة من الزمن.
والدعوة إلى الله - عز وجل - وإلى دين الله هي القطب الأعظم الذي تدور عليه رحى شريعة الإسلام، وبسببها ابتعث الله الرسل إلى العباد ليقوموا ومن بعدهم بالتذكير والدعوة على كر الأيام والأزمان.
وفي الآيات السالفة الذكر يبين الله - عز وجل - أن أحب عباد الله إلى الله قولا الذين يدعون إلى الله على بصيرة وبينة من أمرهم، ولا يكون الداعية على بينة من أمره ما لم يتبع النهج السليم في الدعوة، وهو النهج الذي اختطه السلف الصالح من تزود بالعلم والحلم والصبر، وامتثال وقدوة وتحمل واحتساب في سبيل تبليغ دعوة الله إلى عباد الله في كل مكان.
وشرط في المبلغ شرطا أساسيا لا حيدة عنه ولا يصلح عمل الدعوة بدونه، ألا وهو العمل الصالح، القدوة الحسنة و التأسي بالصالحين ابتغاء رضوان رب العالمين، لا ابتغاء عرض من حطام الدنيا، بل إحسانا منه ليبلغ درجة الإحسان عند رب العالمين.
ويذكر المولى - عز وجل - الدعاة بقاعدة حقيقية وهي أساس في طريق الدعوة: ليست الحسنة والسيئة عند الله وعند الناس سواء، فإذا كانت هذه الحقيقة مستقرة في أذهاننا، فلماذا نترك الحسنة ونقبل على السيئة؟ فهذا ليس شأن العقلاء. بل على الدعاة المخلصين أن يجيدوا فن استعمال هذه القاعدة العظيمة ((ادفع بالتي هي أحسن)). قال بعض المفسرين: ادفع من أساء إليك بالإحسان إليه حتى ينقلب عداؤه صداقة ومحبة.
والأمثلة في ذلك من حياة المصطفى كثيرة جدا، وأكثر من واحد جاء ليقتله فخرج من عنده مسلما مؤمنا وهو من أحب الناس إليه، وما ذلك إلا من حسن قوله له ولين كلامه ومخاطبته ، فانقلب هؤلاء من عنده أولياء لله ورسوله أصدقاء أحباء لأهل الإسلام.
ولا يستطيع إنسان ما أن يمنح الناس هذا الخير العظيم، وهم يوقعون فيه الشر والأذى، من غير أن يتحمل ويصبر ويحتسب، فالصابر الذي رسم لنفسه طريق الوصول إلى غايته في مضمار الدعوة إلى الله، هو من وضحت لديه فكرة الجزاء الأخروي وتصور ما ينتظره من نعيم مقيم أعده الله للصابرين المحتسبين أصحاب الحظ العظيم.
وفي الطريق الموصل إلى الهدف يعترض الداعية عوارض كي تصرفه عن تحقيق ذلك الهدف السامي، ومن أهمها ذلك العدو اللدود إبليس عليه لعائن الله ((إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا)). وفي طريق الدعوة يذكرنا الله بهذا العدو اللدود: ((وإما ينزغنك من الشيطان نزغ)) فالوسوسة والنزغ وثني المسلم عن متابعة سيره في سبيل الحق والخير وكل ما يحول بين المسلم وعمل الخير، كل ذلك من نزغات الشياطين، فما ذا نعمل؟
أرشدنا الباري - جل وعلا - ((فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم)) إن نحن استعذنا بالله واحتمينا به وطلبنا منه العون على هذا العدو الظالم المبين، فإنه بفضله ومنه ورحمته يحمينا ويجيرنا من شره ويصرف كيده عنا. فلا بد أن يكون قلب الداعية دائما وأبدا معلقا بالله - عز وجل - فإنه نعم المولى ونعم النصير.
وصلى وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين.
http://www.motamani.com المصدر:
===========
كيف تدعو إلى الله تعالى في مناسبات الزواج ؟
عبد اللطيف بن هاجس الغامدي
أيها الأخ المبارك يا داعية الخير و إمام الهدى اعلم وفقك الله - أن هناك مسائل لابد لنا من الوقوف معها قبل أن نبدأ المسير نحو علاج ناجح لتصحيح ما نراه ونسمعه من انحرافات كبيرة احتوتها أفراحنا
وهذه المسائل أجملها هنا طلباً للاختصار فيما يلي:
أولا: القدوة
فعليك أن تكون ذلك الرجل الذي وافق قوله فعله، فليس من المعقول أن تنهى الناس عن خلق وأنت متلبس به، عار عليك إذا فعلت عظيمَ
فعليك بنفسك فهيئها لهذا المضمار لعلك أن تنال القبول فيجمع لك الله الحسنيين
ثانياً: العلم
يجب أن يكون شعارك في طريق دعوتك العلم قبل القول والعمل، فبالعلم الشرعي تأمن على نفسك من أن تنكر معروفاً أو تأمر بمنكر، فاعرض أمورك على ميزان الشرع فما وافقه فهو المعروف وما خالفه فهو المنكر .وإياك ثم إياك أن تتسرع بحكمك على الأشياء بلا علم فتعرض نفسك للوعيد ودعوتك للرد .
جاء في الحديث (من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار)
واعلم أن العلم رفعة في الدنيا والآخرة، وأجر مستمر إلى يوم القيامة و اسمع لقول ربنا - جل وعلا - [يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أُوتُوا العلم درجات]
ثالثاً: الإخلاص(13/200)
فاحذر -رعاك الله - من طلب السمعة والشهرة وحب التصدر والظهور فإنه شراك إبليس الذي ينصبه للدعاة ليفسد عليهم دعوتهم .
فبالإخلاص تبلغ مالا يبلغه عملك، ويورثك الله علم مالا تعلم، ويجعل لك القبول في قلوب المدعوين
فعليك باستحضار الإخلاص في كل حين وأن لا يكون ذلك مانعا للعمل داعياً للكسل .
رابعاً: العمل
فنحن نتعبد الله -جل في علاه- بالعمل على نشر الدعوة بين أقوامنا والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأما نتائج تلك الدعوة فبيد الله و لسنا مطالبين بها .
فبالعمل نوصل أعظم الخير للناس، من هدايتهم وإرشادهم وتوجيههم، وخيرية أُمتنا قائمة على أساس العمل، قال - تعالى -: [كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف و تنهون عن المنكر وتؤمنون بالله]
خامساً: رجل المواقف
الداعية حكيم في تعامله يعطي الأمور قدرها فهو مجيد في ترتيب الأولويات، لين عندما يتطلب الموقف اللين و حازم عند الحاجة للحزم .
قال الله (يؤت الحكمة من يشاء ومن يؤتى الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً)
سادساً: التحمل
إن من نافلة القول تذكيرك - أخي الداعية - بأن طريق الدعوة مليء بالأشواك والمعوقات، وأنها سنة كونية جاريه ولولا ذلك لطرق هذا الباب من هو ليس أهل له، فأكرم الخلق وجد من قومه الآمرين في سبيل الدعوة .
والله - تعالى - يقول [آلم (1) أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا ءامنا وهم لا يفتنون (2) ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكذبين (3)]
فما عليك إلا أن تستعين بالله، وتعمل، وتصبر على ما يصيبك حتى يظهر الله دعوتك
قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في وصيته لابن عباس - رضي الله عنهما -: " واعلم أن في الصبر على ما تكره خيرا كثيرا، وأن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرا " رواه الإمام أحمد 1/ 7.3
و إليك بعضاً من المقترحات المعينة على تنقية الأعراس من المنكرات أو التخفيف منها:
أولا: تكوين فريق للعمل يقوم بتنظيم وتطبيق وتطوير الوسائل الدعوية ويتميز ذلك الفريق بما يلي:
أ أن يكون تحت مضلة هيئة دعوية رسمية نشطة.
ب أن يكون اختيار المجموعة بعناية فائقة ويراعى حصول التجانس والتقارب بينهم حتى تكون الدعوة ناجحة، و الأفكار سليمة من التناقضات.
ج قيام العمل على مبدأ التشاور وتبادل الرأي.
وعمل هذا الفريق تحقيق محاربة منكرات الأفراح من خلال تطبيق الوسائل الدعوية لإزالة ذلك المنكر.
ملاحظة: يجب أن تراعي أيها الأخ الحبيب ما يلي:
1- أن العمل بما سيأتي من مقترحات ليس مقصوراً فقط على فريق العمل المقترح
و إنما وجود هذا الفريق يجعل العمل أضبط وأنجح ...والله أعلم
2- أن ما سيأتي يمكنك تطبيقه على الأسرة والقبيلة و أهل الحي الواحد مع مراعاة الفوارق الاجتماعية بين البيئات المختلفة.
ثانياً / الوسائل الدعوية المعينة لفريق العمل أو للفرد:
علماً أن منها ما يكون قبل وقوع المنكر ومنها ما يكون وقت وقوعه ومنها ما يأتي بعد ذلك فإليك بعضاً منها:
التعامل الأولي مع موسم الأعراس:
أ- قم بتحديد مناسبات الأعراس قبل وقت كاف لها مع ترتيبها حسب حجم المنكر المتوقع حدوثه .
ب احرص على زيارة أصحاب العرس قبل الزواج بوقت كاف مع مراعاة الوقت المناسب للزيارة .
ج اصطحب معك في زيارتك شخص صاحب مكانة عالية و كلمة مسموعة .
د بين ما لُحظ من انتشار للمنكرات في الأفراح مع بيان مدى خطورة ذلك على الفرد والجماعة وأن المقيم لمثل تلك المنكرات مشارك في الإثم متوعد بالعقوبة وأنه من أسباب الشقاء للزوجين في الدنيا و لا تنسى أن تعرض خدماتك لأهل العرس .
هـ ليكن معك بعض الكتيبات والأشرطة التي تناولت هذا الموضوع .
و احرص على اصطحاب فتاوى أهل العلم المبينة لتلك المنكرات .
2- كلمات الأفراح
استثمار الأفراح بإلقاء كلمات وعظية من الأساليب الناجحة لبتر الكثير من المنكرات أو لمنعها قبل ظهورها ولكن علينا ابتداء مراعاة الأمور التالية:
1- عدم التصدر وتغشي الناس في أفراحهم إلا بإذن من أهل الزواج.
2- الحرص على غرس خشية الله وتقواه في قلوب الحاضرين.
3- البعد عن التشعب في عرض المواضيع لأن الحديث ينسي أوله آخره.
4- الإيجاز في العرض والبعد عن التطويل الذي يدخل الملل على النفوس.
5- اختيار الشخص المناسب للكلمة على أن يكون يتمتع بالقبول عند السواد الأعظم منهم.
6- احتواء الكلمة على أسلوب الترغيب لأنه يناسب مقام الأفراح فيذكر بما اعد الله لعباده المتقين في الجنة من نعيم مقيم ويتكلم عن أخبار الحور فإنها من الموضوعات المشوقة.
7- احتواء الكلمة على قصة معبرة لما في القصص من شد للمستمع.
8- الحرص على الدعاء للعروسين بالمأثور.
9- وأنا اقترح عليك أن يكون وقتها بعد صلاة المغرب أو العشاء أن كان الحضور مبكراً والحفل يبدأ في العصر مثلاً أو خلال البرنامج المعد إن كان الحضور متأخر.
3 المجلة السنوية:
إصدار مجلة سنوية أو نصف سنوية على مستوى القبيلة أو العائلة ويتم فيها عرض أهم قضايا أفراد هذا التجمع ومن تلك القضايا منكرات الأفراح مع إيجاد حلول مناسبة وناجحة لعلاج تلك السلبيات
وهنا أدعوك أيها الأخ الكريم لمراعاة ما يلي:
1- الموضوعية والأسلوب الحواري في علاجك لأي خلل والبعد عن الانفعالات التي تفقد الكلمة دورها.
2- اختيار موضوعات شيقة وممتعه لتكون محفزةً للقارئ على قراءتها.
3- استقبال كل المشاركات التي تصل إلى القائمين على المجلة مع التعامل مع كل رسالة باهتمام وحرص حتى ينجذب المتابع لها.
4- احرص على وضع مسابقة دوريه للمجلة على أن تكون المسابقة تحقق المعالجة لبعض تلك النكرات.(13/201)
5- مع رصد جوائز قيمة للمسابقة من خلال الوسائل التالية:
أ/ الدعم المباشر من بعض التجار الباذلين.
ب/ وضع رسم رمزي للاشتراك في المجلة.
ج/ بالاتصال ببعض الموزعين المشهورين لبعض الماركات العالمية ليقدموا الجوائز كدعاية لمتوجاتهم المباحة.
4 - المسابقة السنوية:
مما لا يخفى عليك- أخي الداعية الموفق- ما للمسابقات من دور كبير في إيصال الخير إلى المدعوين بأيسر السبل وأحبها للمتلقي ولأجل ذلك نقترح وضع مسابقة موسمية تكون قبل الأفراح بوقت كاف حتى يمكنك الحصول على الثمرة المرجوة من مثل هذه المسابقات وذلك لا يتسنى لك فعله إلى من خلال التخطيط السليم و التحرك المدروس
طريقة المسابقة:
ويمكن أن تكون المسابقة بأحد الطريقين التاليين:
أ- إما عن طريق مجموعة من الأسئلة تتعلق ببعض المنكرات في الأفراح وغيرها و تقدم مع كتيب و شريط على أن تكون الإجابة موجودة في الكتيب و الشريط .
ب- و إما أن تكون مقاليه على هيئة أسئلة يطلب من المشارك الإجابة عليها .
سؤال للنساء وآخر للرجال وليكن:
سؤال مقترح للرجال (ما الذي تتمنى أن ترى عليه أفراحنا في المستقبل؟)
سؤال مقترح للنساء (ما واقع حال النساء في أفراحنا؟ وما دور كل واحدة منكن؟)
ملاحظة: مع إمكانية أن تكون الإجابة على سؤال واحد فقط .
شروط المسابقة:
1- الاشتراك مفتوح للجميع .
2- يحق للبيت الواحد الاشتراك بأكثر من متسابق.
3- تحديد وسيلة معينه لاستقبال الإجابات مثل:
بإيصال الإجابات لشخص معين قريب من الجميع . أو عبر صندوق بريد معين
أو من خلال الاتصال بالهاتف لمن لا يمكنه إيصال الإجابة بأحد الوسائل السابقة
ملاحظة: (لا تستقبل الإجابات من خلال الهاتف إلا في حال كون المسابقة على هيئة أسئلة موضوعية دون المقاليه)
4- تحديد وقت معين كأخر موعد لاستقبال الإجابات .
5- يتم إعلان الفائزين في أول زواج مع بداية موسم الأفراح .
ملاحظة: [ما ذكر في مسابقة المجلة من وسائل الدعم يمكنك أن تستفيد منه هنا]
5- احرص على كسب أعيان من توجه إليهم مجهوداتك الدعوية من خلال الطرق التالية:
أ/ التكريم المباشر عند تسليم جوائز المسابقة الدورية وخصوصاً لمن كانت له أيادي بيضاء وليكن التكريم على يد بعض الدعاة المرموقين الذين يدعون لهذه المناسبة حتى يكون محفزاً لهم على استمرارية دعمهم.
ب/ من خلال خطابات شكر توجه إليهم باسم جهة دعوية مرموقة.
6- حث الجهات الدعوية المعنية بتكثيف نشاطها مع بداية مواسم الإجازات
لما لذلك من دور في نبذ الكثير من المنكرات .
7 التواصل مع أصحاب قصور الأفراح وتذكيرهم بالله - عز وجل - مع إحياء مخافته - سبحانه - في قلوبهم مع بيان مدى خطورة منكرات الأفراح عليهم دينياً ودورهم في الحد منها.
8- الدعوة لإقامة الزواجات الجماعية لاشتمالها على فوائد عظيمة تعود على الأفراد وكذا الجماعات و مما يلاحظ في الساحة حرص الكثير من الفرق الضالة على إقامة مثل هذه الأعراس و أهل العقيدة الصافية أولى بهذا الفضل والخير من غيرهم .
الزاجات الجماعية لها فوائد منها:
1- الحد من التباهي الذي يؤدي بالأعراس للوقوع في الإسراف والتبذير الممقوت شرعاً وعقلا.
2- التخفيف على المتزوج مادياً حتى لا تكون المادة معوقاً لشبابنا عن الإقدام على الزواج .
وهنا أحث الدعاة أن يكونوا سباقين لإقامة مثل هذه الأعراس الجماعية من خلال ما يلي:
أ/ السعي بكل ثقلهم لتفعيل دور الوجهاء لضمان إقامتها في مجتمعنا .
ب/ التنسيق مع الجمعيات الخيرية والجهات الدعوية لتقديم دعم مادي ومعنوي لمثل تلك الأعراس .
ج/ السعي لنشرها إعلامياً من خلال القنوات المتاحة لهم و نشر أخبار تلك الأفراح في الصحف المحلية.
د/ الاتصال بكبار التجار لتحمل أعباء مثل هذه الأعراس.
9- المرأة الداعية:
إن إعداد المرأة الداعية أصبح ضرورة يحتمها واقع النساء في مجتمعات المسلمين فبيئة النساء أضحت مرتعا خصبا لكل أفاك أثيم، فلعل أئمة الهدى ودعاة الخير يشمروا عن ساعد الجد لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من مجتمعات النساء .
وتهيئة النساء لهذا الدور يحتاج لتحضير مناسب لهن فلا يكون ذلك بين عشية وضحاها وإنما يحتاج لوقت ليس بالقصير، وهذا التحضير وتلك التهيئة لا تكون إلا من خلال البيوت.
ولعلي في هذا المقام أعرج على بعض الأمور المهمة:
أ/ نحتاج لإقامة دروس علمية لنسائنا في مسائل متعلقة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى تعرف المرأة كيف تتعامل مع المنكرات العامة في مجتمعها أو الخاصة بالأفراح و بين أمثل الطرق المناسبة لها في دعوتها
ب/ إقامة لقاءات دورية بين النساء اللائى يردن العمل لمعالجة منكرات مجتمعهن ويحصل من ذلك فوائد جمة منها:
1- حتى لا تشعر بأنها في الميدان وحدها ولتعيش روح الجماعية في العمل لأن المرأة بطبعها حساسة وتأثرها سريع فهي ضعيفة بنفسها قوية بالله ثم بأخواتها الصالحات.
1- تعويد حاملات العلم الشرعي على الإلقاء و الوعظ لحاجة المجتمع النسائي لذلك.
2- ترتيب الجهود بينهن وتوزيع الأدوار لمواجهة ما أصاب مجتمعاتهن من منكرات.
1.- ننصح بإقامة محاضرة نسائية عامة قبل بداية موسم المناسبات إذا كان الواقع يساعد لإقامتها كما هو الحال في القرى والأحياء المتقاربة المترابطة.
11- توجيه الأخوات المشهود لهن بالفضل وعندهن القدرة على الإنكار بإحياء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في داخل الأعراس لما في ذلك من ردع لكثير من النفوس الضعيفة و توجيه من تجهل الحكم الشرعي لتلك المنكرات(13/202)
12 المناصحة الفردية من قبل النساء لمن تجاهر بمثل ذلك من خلال الوسائل المختلفة ومنها الهاتف أو الزيارة لصاحبة المنكر في بيتها لأنه أبلغ من أي وسيلة أخرى.
13- اعتزال الأعراس
وهنا أقول إذا كانت المرأة ممن لا تملك القدرة على الإنكار على صاحبة المنكر ولم يترتب على غيابها منكر أعظم فينبغي أن تهجر الأعراس التي فيها منكرات أما من كانت تملك القدرة على الإنكار فنقول عليك بالحضور مع إنكارك لذلك المنكر بشرط ألا يترتب على الإنكار مفسدة أعظم.
14- القرارات الرسمية
على من يواجه المنكرات في أفراحنا أن يكون ملماً بالتعليمات الرسمية فإن الكثير من المنكرات سبق وصدر نضام رسمي يحد منها فمثلاً:
• التأخر في الأعراس قد يمنع بقرار رسمي فينبغي حينئذ العمل على تذكير أصحاب القصور بذلك فإن لم يُرى منهم تجاوب يمكنك مخاطبة الجهة الرسمية مباشرة لحثها على تطبيق ما في تلك القرارات وهذا ينطبق على غيرها من المنكرات وهي كثير منها على سبيل المثال:
[التصوير دخول الرجال على النساء النصة وغيرها]
15- التنسيق المباشر مع الجمعيات الخيرية المختصة باستقبال الفائض من طعام المناسبات حتى تستفيد تلك الجمعيات من ذلك الفائض
16- تمييز الأفراح التي تنعدم فيها المنكرات أو تقل من خلال ما يلي:
1-الدعم المالي بالتنسيق مع بعض التجار و الهيئات الخيرية.
2-إهداء العريس هدية قيمة لتكون محفزة لغيره ليسير على نهجه.
3-لا يمنع من إنزال ذلك الزواج في بعض الجرائد المحلية.
17- إيجاد البدائل للمنكرات:
إن أصحاب المنكرات تجدهم يرددون عبارة (ما البدائل لتلك المنكرات؟)
وهنا يجب على كل داعية للخير أن يغرس في نفوس المدعوين أهمية التسليم لأمر الله
ولله يقول [وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم].
ثم بعد ذلك يقيني أن فكرك الناضج وعزيمتك الوقادة مع الإخلاص لله جل في علاه ستهديك بإذن الله لبدائل عن تلك المنكرات المبثوثة في أعراسنا مع أهمية عرض تلك البدائل على علماء لهم باعهم في الدعوة ليميزوا البدعة من السنة.
ولعلى أذكرك هنا ببعض منها إضافة لما سبق:
(1) مساعدة أهل العرس للوصول إلى ضاربات على الدفوف
بحيث يسلمن من المحاذير الشرعي .
(2) إقامة ملتقى شعري لعرض أبرز القصائد الشعرية مراعية اقصد الجنة المنضمة سلامة القصائد من المحاذير الشرعية.
(3) حث الشباب المتميز في هذا الضرب من ضروب الشعر الشعبي بالمشاركة وتجريد تلك العرضات من المحاذير الشرعية.
(4) إقامة مسابقة ثقافية متنوعة تضفي على الحفل المتعة والسرور مع رصد جوائز قيمة لهذا الحفل .
هذا و الله أعلم ونسبة العلم إليه أسلم
وصلي اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
http://www.saaid.net المصدر:
============
فقه الظواهر الدعوية في ضوء السنن الإلهية
حنكة القيادة في إدارة الأزمات ظاهرة التمرد ( 2 - 3 )
د. حمدي شعيب
عندما نتأمل سيرة المربي العظيم، والمعلم الحبيب - صلى الله عليه وسلم -، وهو يربي العديد من المساعدين الأفذاذ، أصحاب الرأي؛ ندرك كيف كانت هذه العقلية النبوية الشريفة تحمل الكثير من السمات القيادية التربوية والإدارية، ليس فقط لكونها تسير على هدى من الوحي، ولكن لكونها سمحت ببروز بعض العقليات المبدعة الجريئة في الحق.
وتدبر كيف تمت مهمته - صلى الله عليه وسلم -، في سنوات قليلة، وتأمل هذا البيان الختامي، الذي جاء في لحظات ختامية جليلة تقرر أن الثمرة قد وضعت في جراب القائد، وأن التمام قد حان، ولتقدير من حمل الأمانة بمنهجية تربوية قيادية مؤسسية: "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا "(المائدة: 3).
فتدبر موقفه عند حادثة توزيع غنائم حنين:(13/203)
(ولما أعطى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ما أعطى من تلك العطايا في قريش وفي قبائل العرب، ولم يك في الأنصار منها شيء، وجد هذا الحي من الأنصار في أنفسهم حتى كثرت منهم القالة، حتى قال قائلهم: لقد لقي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قومه، فدخل عليه سعد بن عبادة، فقال: يا رسول الله، إن هذا الحي من الأنصار قد وجدوا عليك في أنفسهم لما صنعت في هذا الفيء الذي أصبت، قسمت في قومك، وأعطيت عطايا عظاماً في قبائل العرب، ولم يك في هذا الحي من الأنصار منها شيء. قال: "فأين أنت من ذاك يا سعد؟ ". قال: يا رسول الله، ما أنا إلا رجل من قومي. قال: "فاجمع لي قومك في هذه الحظيرة". قال: فخرج سعد فجمع الأنصار في تلك الحظيرة. قال: فجاء رجال من المهاجرين فدخلوا فتركهم، وجاء آخرون فردهم، فلما اجتمعوا له أتاه سعد، فقال: قد اجتمع لك هذا الحي من الأنصار. فأتاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله. ثم قال: "يا معشر الأنصار مقالة بلغتني عنكم، موجِدَةٌ أي عتاب وجدتموها علي في أنفسكم؟ ألم آتكم ضلالاً فهداكم الله، وعالة فأغناكم الله، وأعداء فألف بين قلوبكم؟! ". قالوا: بلى، الله ورسوله أَمَنُّ وأفضل. ثم قال: "ألا تجيبوني يا معشر الأنصار؟ "، قالوا: بماذا نجيبك يا رسول الله؟ لله ورسوله المن والفضل. قال - صلى الله عليه وسلم -: "أما والله لو شئتم لقلتم فَلَصَدَقتم ولصدِّقتم: أتيتنا مكذباً فصدقناك، ومخذولاً فنصرناك، وطريداً فآويناك، وعائلاً فآسيناك. أوجدتم يا معشر الأنصار في أنفسكم في لعاعة أي بقلة خضراء ناعمة من الدنيا تألفت بها قوماً ليسلموا ووكلتكم إلى إسلامكم؟، ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاء والبعير، وترجعون برسول الله إلى رحالكم؟ فوالذي نفس محمد بيده لولا الهجرة لكنت امرأً من الأنصار، ولو سلك الناس شعباً، وسلكت الأنصار شعباً، لسلكت شعب الأنصار، اللهم ارحم الأنصار، وأبناء الأنصار، وأبناء أبناء الأنصار".
فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم، قالوا: رضينا برسول الله قسماً وحظاً، ثم انصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتفرقوا)(1).
وعندما نتأمل هذه الحادثة، نجدها تعطينا بعض الدروس، التي تهمنا في دراستنا في البحث عن إشكالية العمل المؤسسي في جو من الحرية، وأن لها تبعات يتحملها الجميع ويشجعون أصحاب الرأي، أو ما يسمونها بظاهرة التمرد! وذلك من عدة محاور:
المحور الأول: موقف ودور الأفراد:
لقد كانت البيئة الصحية الموجودة آنذاك، تسمح للأفراد بعدم الصمت والتعبير عما يدور بالنفوس حول أي تصرف قيادي حتى وإن قام به الحبيب - صلى الله عليه وسلم - المسدد بالوحي؛ وذلك لأن هذه الروح الجماعية المؤسسية يظلها منهج، من أبرز سماته العامة؛ الوضوح والواقعية، فكما يهتم بالظاهر؛ فإنه يرعى أيضاً الباطن، ويحافظ على نقاء السرائر.
ولا يغيب عن ذهننا دوماً تلك الحادثة الشهيرة: "إنها صفية!! ".
فماذا كان موقف الأفراد من القرارات النبوية الشريفة؟
1 لقد غضبوا في أنفسهم، من غبن القرارات، لأنهم بشر.
2 أعلنوا رأيهم بحرية، وصراحة.
3 أبلغوا زعيمهم الذي يثقون به، فهو أقرب من يعرفهم.
4 رأوا أن من حقهم معرفة أسباب هذا التوزيع، ومراجعة القرارات.
5 ارتاحت نفوسهم عندما عرفوا مغزى تلك القرارات، ورضوا بها.
المحور الثاني: موقف ودور القيادة الوسطي:
1 لقد كان من الرقي أنه استمع لرأيهم.
2 لم يُجَرِّح رأيهم ولم يسفهه.
3 سرعة نقله للمعلومات، فكما يقولون في علم الإدارة: إن من أهم أسباب معوقات التقدم؛ سوء الاتصال، أي ضعف عملية أو مهارة انسياب المعلومات أخذاً وعطاء(2).
وكم من ظلم يقع ليس فقط من جراء الجور والغبن، بل من جراء العدل البطيء.
4 نزاهته في نقل الرأي كما هو دون تغيير أو حتى تجميل.
وكم من قضايا تضيع من خلال محاولات التجميل في النقل.
5 لم يحقرهم عند القائد.
وكم من مستغل لهذه المواقف؛ كبيئة صالحة للوشاية، ولتغيير النفوس، ولتعكير الأجواء.
6 شجاعته في المراجعة وإعلان وقوفه مع رأي قومه.
وكم من مبطن في نفسه الرأي المخالف، وظاهراً ينافق ويداهن من أجل المنزلة والرفعة.
المحور الثالث: موقف القيادة:
1 روعة وانسيابية قنوات الاتصال، وسرعتها.
2 مراجعة ناقل الرأي لمعرفة موقفه.
3 عدم غضبه من سماع هذا الرأي المخالف، أو من موقف الوسيط.
4 سرعة التحقيق.
وكم من مظالم تقع من جراء التسويف وعدم البت، وغياب الحسم!
5 معرفة الرأي من أصحابه، للتأكيد على صحته.
6 السماع لبعض الشهود المحايدين.
7 عدم السماح بحضور البعض، ممن ليس لهم صلة بالقضية، وذلك حتى لا تتسع دائرة الجدل.
8 التوضيح الشامل الجامع للقضية، وبيان سبب الإجراءات.
فكم من قضايا وقرارات لا تناقش، وكأن الأفراد ليست لهم أهلية المراجعة والمعرفة.
وكما يبرر البعض بعدم تطبيق (الديمقراطية) بحجة أن شعوبنا ليست مؤهلة لممارستها أو لتحمل تبعاتها.
9 التذكير بنعم الله عليهم، وهي من باب الحقوق والمكاسب التي جنوها.
10 التذكير بفضلهم، ودورهم، وهو من باب عدم بخس الناس أشياءهم.
11 بث روح الحرية للاختيار.
فليس هناك وصاية لأحد على أحد، بل هي الحرية، والصراحة والصدق والنزاهة.
ثم..هل وصم تصرف الأنصار، في أي كتاب من كتب السير، بأنه تمرد، وأنه جيب، وأنه تجرؤ على القيادة، وهو من هو - صلى الله عليه وسلم - ؟!
وهل اتهموا رضوان الله عليهم بالانقلاب على الثوابت؟
إدارة الأزمة عملياً:
وأثناء أزمة الحديبية، كان له - صلى الله عليه وسلم - منهجية أخرى في التعامل معها.(13/204)
لقد أيقن الحبيب ، أن الصحابة رضوان الله عليهم غاضبون من بنود المعاهدة المجحفة، وأن نياتهم هي المصلحة والغضب لدين الله - عز وجل -.
ولكنه لم يغضب لرأيهم المخالف، بل أشفق عليهم أنهم قد خالفوا أمر الله - سبحانه -، وتلك نقطة لا يجب أن تركن إليها أي قيادة غيره لأن رأيه يعتبر وحياً، أما رأي غيره فهو مجرد اجتهاد، حتى وإن كان له صفة الطاعة للأمير.
ونعلم كيف أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برأي أم سلمة فقام ونحر الهدي وحلق وتحلل من إحرامه فقلده الصحابة جميعهم ونحروا هديهم وتحللوا من إحرامهم.
ولم يصمهم - صلى الله عليه وسلم - بالتمرد، بل تفهم موقفهم، وغيرتهم، وكانت هناك أم سلمة رضوان الله عليها، تساعده على حسن إدارة تلك الأزمة الطارئة، وانتهى الأمر.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش:
(1) السيرة لابن هشام 4-499498.
(2) الخطوات الذكية:سام ديب وليل سوسمان ترجمة: سامي تيسير سلمان دار المؤتمن للنشر 1419ه، 1998م ص 270267 بتصرف.
http://www.almujtamaa-mag.com المصدر:
===========
صالح العلي الناصر والسنة الحسنة
عبد الملك القاسم
من التفت يمنة ونظر يسرة يطاله العجب من حال العالم الإسلامي..عكوف على القبور ونذر على العتبات وتقديس للأولياء واستغاثة بغير الله، شرك في العبادة وبدعة في الدين وانحراف عن المنهج.وهذه النظرة السريعة مدعاة إلى القول بعظم مسؤولية العلماء والدعاة في هذه البلاد التي لم يصبها ولله الحمد ما أصاب الآخرين من أدران الشرك وأحوال البدع.
وعظم المسؤولية ينبع من واجب التبليغ والنصيحة لهذا الدين التي أمرنا بالقيام به، يتبعه ولله الحمد تيسر أمور الاتصال وسهولة التنقل ووفرة المادة وهي وسائل لا تُبقي عذراً.
والحديث متصل عن الدعوة، فقد التقيت بشاب في مقتبل العمر قبل سنوات وعرفني بنفسه. من شمال المغرب العربي، حديثه الإسلام وهمه الإسلام.
قال محدثي ونحن في رحاب الكعبة المشرفة: هذه بلاد خير ودعوة ومنارة علم وهداية، واسترسل في حديثه وأنا مُنصت ألحظ فرحه وعذوبة كلماته، وفجأة وهو يتحدث ضغط على يدي وقال: لكن في هذه البلاد علمين.. هنيئاً لكم بهما
أرهفت سمعي وأعرته قلبي وأصوات الدعاء و التكبير تتوالى من الطائفين والراكعين.
قال: الأول.. هو عالم الأمة شيخ العلماء وإمام أهل السنة في زمانه، يسير بينكم وتتلفتون منه وتصدرون عن علمه. إنه سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز.
قلت له: وصلكم علمه وخبره.. تعجب من سؤالي واستدراكي فقال: هؤلاء العلماء مثل الأفلاك العالية يستنير بها السائرون ويستدل بها الحائرون.. لنا في الشيخ نصيب وضرب لنا من علمه بسهم.. هو العلامة نعرف حديثه ونتلقى إجابته، بل ولا أبالغ.. نميز أنفاسه. ثم أسهب في الحديث وأنا غارق في صمت طويل ونبهتني ضغطة ثانية على يدي ليذكرني بالعلم الثاني.
قلت له: من هو؟!
قال: إنه برنامج نور على الدرب.. لا تحده الحواجز ولا تمنعه السدود ولا ترده القيود عبر الأثير يصلنا ونحن مجتمعون حول المذياع والبعض يقوم مجتهداً بتسجيله وتفريغه في دفاتر وأوراق لتعم الفائدة.. يتداولها الأقارب ويتدارسها طلبة العلم.
اسم على مسمى، له نفع عظيم وقبول كبير، نعد الأيام ونستعجل الساعات لسماعة وتسجيله.
سحابة حزن مرت أمام عينيه وهو يقول.. مُنعت عنا كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وعوضنا الله خيراً.
استرجع الذاكرة سنين وقلت له: رحم الله الشيخ صالح العلي الناصر فقد سن في الإسلام سنة حسنة.. فهو أول من بدأ هذا النور ومات - رحمه الله - ولا يزال هذا الدرب مستمراً يزخر بنجوم العلم ومصابيح الدجى..
وحديث الفرح يقترب من الوداع عاتبني.. ترددون أرضنا قاحلة وصحراؤنا مجدبة.. ليت ما عندكم من العلماء عندنا لرأيت!!
06/11/2004
http://www.almunadi.net المصدر:
=============
الأسرة السعيدة والدعوة إلى الله
محمد محمود عبد الخالق
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
لقد حثنا الإسلام على الزواج وجعله عبادة يتقرب المسلم بها إلى ربه بل إنه جعل قضاء الوطر في ظله قربى يؤجر المرء عليها ففي الحديث: " من أراد أن يلقى الله طاهرا مطهرا فليتزوج الحرائر"، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه ويجب أن نتريث في الإجابة عليه هو من التي يتزوجها المسلم؟ فالغاية من الزواج ليست إيجاد أجيال تحسن الأكل والشرب والمتاع وإنما الغاية إيجاد أجيال تحقق رسالة الوجود ويتعاون الأبوان فيها على تربية ذرية سليمة الفكر والقلب شريفة السلوك والغاية ولذا فإن المسلم مطالب بأن يختار زوجة صالحة تعرف ربها وتطيعه في السر والعلانية حتى تكون الأسرة سعيدة موصولة بربها تعرف حقه وتؤديه وتعرف حقوق العباد وتؤديها.(13/205)
إننا نريد من الزواج ذرية صالحة تركع وتسجد وتسبح وتمجد ربها فهذا سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقول: " إني لأكره نفسي على الجماع محبة أن تخرج نسمة تسبح الله " فهو لا يريد أولاداً من أجل التفاخر والتكاثر وإنما يريدوا أولادا يركعون ويسجدون لله - سبحانه وتعالى -، وانظر إلى دعاء عباد الرحمن عندما يختارون أزواجهم ويؤسسون بيوتهم (ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما)، ولكن للأسف في هذه الأيام نجد الآباء لا هم لهم إلا السعي وراء الأموال وتدبير أمر المعيشة ويتركون من جراء ذلك أبناءهم دون تربة أو رعاية فينشئ الأبناء على غير طاعة الله فيخسر الآباء والأبناء على حد السواء ومن أجل ذلك نجد المولى- تبارك وتعالى -ينادي على المؤمنين بأن يقوا أنفسهم وأهليهم نار جهنم فيقول (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهلبكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون) وهذا لن يكون إلا بالتزام الآباء بمنهج الله وتربية الأبناء على ذلك.
ولأهمية اختيار الزوجة نجد عثمان بن أبي العاص التقي يوصي أولاده في اختيار النطف وتجنب عرق السوء فيقول لهم " يا بنيّ الناكح مغترس زارع فلينظر أمروء حيث يضع غرسه والعرق السوء قلما ينجب فتخيروا ولو بعد حين "، وهذا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يجيب أحد أبنائه لما سأله: ما حق الولد على أبيه؟ فيقول له: " أن ينتقي أمه ويحسن أسمه ويعلمه القرآن "، وفي الحديث الذي روته السيدة عائشة مرفوعا: " تخيروا لنطفكم وانكحوا الأكفاء "، ومن أعجب ما قرأته في اختيار الزوجة الصالحة ما ذكرته منظمة الصحة العالمية التي أرشدت طالبي الزواج أن يختاروا زوجات ترعرعن في بيئة صالحة وتناسلن من نطفة انحدرت عن أصل كريم!! فسبحان الله لقد سبق الإسلام هؤلاء بأربعة عشر قرنا ولكن هل ينتبه المسلمون إلى ذلك؟!.
لتعلم أخي المسلم الكريم أنك لن تنسل أولادا أنقياء أتقياء لله - سبحانه وتعالى - حين تتزوج من ضائعات تافهات لم ينشئن في بيئة صالحة نقية.
إن المسلم حين يختار زوجة صالحة فتنجب أولادا يربيهم على طاعة الله - سبحانه وتعالى - تكون الأسرة سعيدة وإذا كانت الأسرة سعيدة فإنها تستطيع أن تسير في الدعوة إلى الله التي أمرنا أن نقوم بها وجعلت هدفا من أهداف حياتنا فما وصل الدين إلينا إلا بالدعوة إلى الله ولو أن كل مسلم ممن دخل ألإسلام لم يدعو غيره لما وصل الدين إلينا ولن يصل الدين إلى من بعدنا إلا إذا سلكنا نفس الطريق طريق الدعوة إلى الله- تبارك وتعالى -بالحكمة والموعظة الحسنة ولعل السر في الربط بين الأسرة السعيدة والدعوة إلى الله هو أن الأسرة أو البيت المفكك أواصره والمبني على غير طاعة الله من أول ألأمر لن يستطيع أن يدعو إلى الله ولن يقدر على السير في هذا الطريق.
وأخيرا فإننا ندعو المسلمين إلى إقامة الأسرة السعيدة التي تسعى إلى إرضاء الله- تبارك وتعالى -وتحقق مراده في الأرض وتنشر الخير بين الناس أجمعين، أسرة ذات أخلاق سامية ومبادئ رفيعة ومثل وقيم تسير بها بين الناس وهذا هو ما نتمناه ونرجوا تحقيقه.
http://www.saaid.net المصدر:
=============
ماذا بعد رمضان ؟!
الشيخ محمد بن عبد الله الهبدان
كم هي الأوقات والله التي تمضي سدى مع أن العبد يوم القيامة يتمنى لو أضاف إلى رصيده خيراً مهما قل مقداره وتدنّى أجره ـ ليدرأ عن نفسه عقوبة أو ليرتفع بها درجة.
إن هذه المواسم المباركة تثبت للعبد أن بإمكانه أن يغير من حاله..متى ما أخذ نفسه بمأخذ الجد..وقوّى استعانته وصلته بالله - عز وجل -.. بدليل أنه فعل! والتجربة خير برهان، والواقع أكبر دليل، والملهيات والعوائق التي تجاوزها في موسم الخير يمكنه تجاوزها في غيره كما تجاوزها فيه، والدافع الذي مكنه من تجاوزها ما زال موجوداً، إذ الرب - سبحانه - بالمرصاد، والجنة والنار مخلوقتان، ولكل منهما أهلون.
وبعد الموسم العظيم رمضان شرع الله - تعالى -لعباده العيد ليكون راحة للقلوب ولذة للنفوس.. وذكرا لله - تعالى -وشكرا له على إتمام النعمة ((وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)) (البقرة: 185).
وإن مما يدمي القلوب.. ويفطر الأكباد أن تتحول أعياد المسلمين من ذكر ودعاء.. واستغفار وشكر لله - تعالى -إلى إظهار للمنكر.. وإعلان للمعصية.. مما يخشى معه من حلول النقم وزوال النعم ورفع العافية عن الأمة.. فما من أمة كثر فيها الفساد وظهر إلا حلت عليها أنواع العقوبات الإلهية.. يقولُ اللهُ - تعالى -في كتابهِ الكريم: ((وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ ** وَلَقَدْ جَاءهُمْ رَسُولٌ مِّنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ)) (النحل: 113، 112).
في هاتين الآيتين الكريمتين.. يعرضُ القرآنُ الكريم.. مثلاً مضروباً.. مُسَاقاً للعظةِ والعبرة.. لقريةٍ من القرى كانت تنعمُ بأمنٍ واستقرار.. وطمأنينةٍ ورغدٍ من العيش. يأتيها رزقُها من كل مكان.. لا يعرفُ أهلُها الجوعَ والخوف.. ولا الفاقةَ والحرمان.. فهم في أوجِ لذاتِهم.. وغايةِ سعادتهِم لكنَّ أهلَ القريةِ المغفلين.. ظنوا أنَّ ذلك بسببِ حسبهِم ونسبهِم.. ومكانتهِم عند الله - تعالى -.(13/206)
وأنهم يستحقون ذلك لفضلهِم وتميزهِم عند الناس.. فتجرأَ المغفلون. تجرءوا على انتهاكِ محارمِ الله.. وتجاوزِ حدودهِ - سبحانه -.. مغترينَ بإمهالِ اللهِ لهم. وصبرِه على انحرافهِم وظلمهِم وبغيهِم.. فبدلاً من أنْ يشكروا ربهم.. ويعترفوا بإحسانِه إليهِم وتفضلِه عليهِم.. ويلتزموا حدودَه، ويعرفوا حقوقَه. إذا بهم يتنكرون للمنعِم العظيم.. ويتجرءون في سفهٍ وغرور.. على العزيزِ الحكيم، الذي يقول: ((يا عبادِ فاتقون)). ويقول: ((وإياي فارهبون)).
فماذا كانتْ النتيجة.. وما هي النهايةُ والعاقبة، بعد ذلك الإمهالِ والصبرِ الجميل؟! إنَّ القرآنَ الكريم.. يختصرُ العقوبةَ المدمرة والنهايةَ الموجعة.. في كلمتين اثنتين.. ((أَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ)).
إذاً فرغدُ العيش.. وسعةُ الرزق.. يتحولُ في طرفةِ عين.. ولمحةِ بصر. جوعاً يَذهبُ بالعقول.. وتتصدعُ له القلوبُ والأكباد.. وإذا البطونُ الملأ.. والأمعاءُ المتخمة.. يتضورُ أصحابُها جوعا.. ويصطلون حسرةً وحرمانا.. وإذا الأمنُ الذي.. كانوا يفاخرون به الدنيا.. وينسونَ في عجبٍ وغرور.. المتفضلَ به - سبحانه -.. والمنعمَ به جل جلاله.. إذا به ينقلبُ رعباً وهلعا.. لا يأمن المرءُ على نفسِه وعرضِه فضلاً عن مالهِ وملكه.. فانتشر المجرمون والقتلة.. يسفكونَ دماءَ الناس.. وينتهكونَ أعراضَهم.. ويحوزونَ أموالهَم وحواصلَهم.. وأصبح باطنُ الأرض، خيراً من ظاهِرها، في تلك القريةِ البائسةِ المشؤومة.
والقرآنُ الكريم، حين يعرضُ بوضوحٍ وجلاء.. مآلَ تلكَ القريةِ.. الظالمِ أهلُها.. ويقررُ أنَّ ما أصابهَم.. هو بسببِ ما اقترفتُه أيديهِم.. من التمردِ والجحود.. ونكران الجميل.. حين يعرضُ القرآنُ ذلكَ كلَّه.. فهو إنما يخاطبُنا نحن الحاضرين.. ويخاطبُ غيَرنا.. حتى يرثَ اللهُ الأرضَ ومن عليها.. يحذرُنا أن نقعَ في ذاتِ الخطأ.. الذي وقعوا فيه.. فنؤولُ لذاتِ المآلِ الذى آلوا إليه.
إن ما يفعله كثير من الناس في هذه الأزمنة من احتفالات ومظاهر في أيام الأعياد إضافة إلى أنها معصية ومخالفة لما يجب أن يكون عليه العبد بعد رمضان من دعاء الله - تعالى -أن يقبل منه عمله ويشكر سعيه.. إنما هي مشابهة تامة لما يفعله الكفار في أعيادهم الباطلة.. ومما يزيد الأمر سوءا والبلاء بلاءاً أن في هذه السنة ستوافق أعياد الكفار أعيادنا.. فهنا تحصل المشابهة الكبرى والمصيبة العظمى.. ولعلي أعرض لكم ما يفعله النصارى في أعيادهم حتى تدركوا حجم التشابه الحاصل والذي يجب علينا جميعا إدراكه ومن ثم الحذر منه لئلا نقع في المحذور.. وسيكون محور حديثنا حول ما يسمى بعيد ميلاد المسيح (- عليه السلام -)، وعيد رأس السنة الميلادية كأكبر مناسبة في الغرب النصراني.
فالاحتفالات بهذا العيد تقام في يوم وليلة الخامس والعشرين من شهر ديسمبر (كانون الأول) في المجتمعات النصرانية الغربية.. حيث تغلق جميع الدوائر الرسمية وغير الرسمية أبوابها، وكذلك المستشفيات والمحلات التجارية وتتوقف كثير من وسائل المواصلات كالحافلات والقطارات عن العمل. وفي العموم فإن حركة الحياة تتوقف في ذلك اليوم كما لو كان الناس قد نزلوا إلى ملاجئهم إثر غارة جوية معادية!
لكن لعل المقيم في تلك البلاد أو الزائر في ذلك اليوم والليلة يرى أن نوعين من المحلات لا تغلق أبوابها، بل يزدهر سوقها ويكثر روادها، وهما: حانات الخمور والبارات التي يشرب فيها الخمر والمسكرات؛ حيث يفرط الناس بشربها إلى حد فقدان العقل وفقدان السيطرة على السلوك.. وإذا كان كثير من الناس في ليلة عيد الميلاد ويومه يمكثون في بيوتهم أو في خماراتهم يعربدون إلا أنهم وفي ليلة رأس السنة الجديدة يخرجون إلى الاحتفالات بسكرهم وعربدتهم، فقد أعلنت الشرطة البريطانية أنه قد تم إلقاء القبض على ما يزيد على مائة وخمسين شخصاً في منطقة ميدان "الطرف الأغرّ" بوسط لندن والتي تتركز فيها عادة الاحتفالات بحلول العام الجديد.
وكانت معظم الحوادث التي وقعت قد جاءت نتيجة للسكر والإخلال بالنظام العام والتعدي على الناس.. وقد عالجت سيارات الإسعاف مائة وخمسةً وتسعين شخصاً من بين المحتفلين بالمناسبة بسبب إصابتهم بجروح نتيجة تهشم زجاجات الشراب! وقد نُقل نحو خمسين آخرين إلى المستشفيات للعلاج، وقد قُدر عدد رجال الشرطة الذين أصيبوا في هذه الحوادث بنحو أربعين رجلاً [1]
وها هنا نوع آخر مما ابتُلي به أهل هذه الحضارة: ففي روما أعلنت وزارة الداخلية الإيطالية عن الحصيلة النهائية لضحايا استخدام المفرقعات والألعاب النارية الملونة في احتفالات رأس السنة الجديدة، وقالت مصادر الوزارة: إن مواطناً كهلاً قُتل في مدينة نوشيرا في الجنوب الإيطالي بفعل دخان مفرقعة، وجرح ستمائة شخص آخرون في روما ونابولي وغيرهما من المدن الإيطالية، ومعظم المصابين يعانون من حروق في اليدين والوجه بسبب انفجار المفرقعات بأيديهم، أو بسبب عدم احترام الشروط القانونية أثناء تصنيع هذه المفرقعات.. وتعتقد أوساط الداخلية أن عدد الجرحى أكبر من الرقم المعلن؛ لأن العديد ممن أصيبوا بجروح لم يلجأوا إلى المستشفيات العامة وفضَّلوا الصمت.(13/207)
ومصائب أعياد رأس السنة الميلادية لا تقتصر على أوربا وأمريكا بل تنسحب على كل الذين يحيون تلك الاحتفالات.. ففي مانيلا (عاصمة الفلبين) لقي اثنان وعشرون شخصاً حتفهم وأصيب المئات من جراء الألعاب النارية وإطلاق النار في أجواء العاصمة، وذكرت مصادر الشرطة الفلبينية أنه رغم الحظر الحكومي على استخدام الألعاب والقذائف النارية إلا أن هؤلاء لم يبالوا به، وأن المستشفيات تستقبل مئات المصابين من جراء هذه الألعاب والطلقات الطائشة، ومن بين الضحايا خمسة من أعضاء أسرة واحدة كانوا نائمين داخل منزلهم الخشبي الذي احترق من جراء الألعاب النارية [2]
هذه بعض التكاليف البشرية والصحية والاجتماعية والأخلاقية لأعياد الميلاد في بلدان الحضارة المعاصرة.
فلننظر إليها الآن من زاوية أخرى. زاوية التكاليف المادية.. فلا تسأل عن المبالغ المصروفة في الخمور ونحوها.. فهذه المواد الكحولية تكلف ميزانية الفرد ومن ثم المجتمع الغربي ما لا يحصى من الأموال وهى في نفس الوقت تكلف ميزانية الدولة في المحافظة على الأمن ومواجهة حوادث السير والشغب ومعالجة المرضى والمصابين والبحث عن الجناة القاتلين أو عن الخاطفين والمخطوفين!!.
ومن مظاهر البذخ في احتفالات أعياد الميلاد لدى المجتمعات المتحضرة ما أسلفنا ذكره من الألعاب النارية والمفرقعات وهى بلا شك تكلف الكثير الكثير ولها من الآثار - غير المادية - ما أسلفنا الكلام عنها.
ومن المظاهر التي يشاهدها رجل الشارع في احتفالات أعياد الميلاد الأنوار والأقواس التي تتزين بها واجهات المحلات والشوارع الرئيسية العامة والتي ينفق عليها الكثير من الأموال التي لو وُجهت لمصلحة الفقراء الذين يعيشون تحت مستوى الفقر أو للذين ينامون في العراء تحت درجة التجمد في الشتاء القارس فيفترشون ويلتحفون ما ترميه المحلات التجارية من أوراق ونفايات - لا أقول في إفريقية الجائعة ولا في بعض المناطق الفقيرة من القارة الآسيوية - وإنما في أكثر عواصم العالم تمدناً وتقدماً، في لندن وباريس وواشنطن ونيو يورك وغيرها من كبريات المدن الأوربية والأمريكية.
إن هذه الأموال - التي تنفق في مثل هذه المظاهر التي أسلفنا ذكرها وغيرها الكثير - لو وُجهت في مثل هذه المصالح لحفظت حياة الكثيرين بل وأخلاقهم وشرفهم الذي كثيراً ما تجري المساومة عليه بسبب الفاقة والحاجة!!.. لكنها الرأسمالية الظالمة!!
هذا غيض من فيض مما تنفقه الدول والشعوب في عواصم الإسراف والفوضوية..
وهكذا تنتهي مواسم الأعياد والاحتفالات فيفتقد كل فرد رصيده فإذا هو قد أفلس أو كاد!! هذا إن كان ممن حالفهم الحظ فلم يقضِ أيام العيد على الأسرَّة البيضاء، أو خلف أستار الحزن على ابن أو بنت اختطفت أو قريب أو صديق وقع ضحية للعنف أو لحوادث السير.. وصدق الله العظيم إذ يقول في إخوانهم اليهود: ((يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وأَيْدِي المُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُوْلِي الأَبْصَارِ)) (الحشر: 2).
حقاً، إنها لعبرة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
ألا فليعتبر أبناء المسلمين الذين يريدون أن ينحوا بأعيادنا هذا المنحى الخطير بحجة التطور والرقى!!.
وها قد تبين آثار البذخ والإسراف بكل أنواعه على الأفراد والمجتمعات فهل تُرضِي هذه الآثار والنتائج رجلاً مخلصاً لأمته ومجتمعه؟! وهل يرضى عاقل أن يرى هذا السموم تفتك بأهله وقومه؟!.
ألا فلنلتزم حدود ما أبيح لنا في أعيادنا من لهو ولعب يسير.. بعيدا عن الاختلاط.. بعيدا عن الغناء المحرم.. بعيدا عن المسرحيات الهزلية.. بعيدا عن الإسراف والترف.
فإن فيه الكفاية لما نتطلع إليه من مرح وفيه الملجأ مما نخشاه من آثار وعواقب وخيمة.
وليحافظ كل واحد منا على ما عمله طيلة شهر كامل من الأعمال الصالحة.
والطاعة النافعة.. وليحافظ على أهله وولده وليحرص على أن يبعدهم عن أسباب الوقوع في الفتن فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته.
تذكر أن بنيتك أو زوجتك ستوقفك أمام الله - تعالى -وتقول يا رب هذا الذي ذهب بي إلى أماكن الاختلاط والفساد.. هذا الذي سمح لي أن أذهب مع السائق للمنتزهات والشالهات التي فيها الفساد.. هذا الذي أذن لي أن أذهب إلى أماكن المهرجانات والحفلات المختلطة.. فماذا أنت قائل؟!! أعد للسؤال جوابا!! وللجواب صوابا.
ولا تغتر بكثرة الهالكين فما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين والسعيد من وعظ بغيره والشقي من وعظ غيره به.
وللمسلم عبرة وعظة فيما حدث فيما مضى من مضايقات النساء والتعرض لهن فإنّ من المصائب العظيمة التي حلّت بالمسلمين في هذا الزمن: متابعتهم غير المسلمين من اليهود والنصارى وغيرهم من أهل الملل الكافرة وتشبههم بهم، حتى تحقّق في غالبنا قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القُذة بالقذة، حتى لو دخلوا جُحْرَ ضب لدخلتموه)) قيل: يا رسول الله اليهود والنصارى؟! قال: (فمن؟)، أي: فمن أعني غيرهم!)).
وفي رواية: ((حتى لو أن أحدهم جامع أمه بالطريق لفعلتم)) [3]..(13/208)
إن من المؤلم حقا أن نجد من أبناء المسلمين.. من يتابع اليهود والنصارى في كل صغيرة وكبيرة، حتى في هذه المناسبات الفاسدة. ويزعمون بجهلهم أن التقدم والحضارة يُلتَمسان في متابعة اليهود والنصارى في كل شيء.. وما ذلك إلا لجهلهم بدينهم، ومصدر عزتهم. حتى سيطر عليهم مركّب النقص والذلّة، فغدوا إمّعات. يلهثون وراءهم ويتابعونهم كالعميان في كل شيء، مع العلم أن من أصول ديننا العظيم؛ مخالفة كل من انحرف عن شريعة الله - عز وجل - في كل ما يقدر عليه المسلم من شرائعهم وعاداتهم وأعيادهم.. بل وملابسهم وطرق أكلهم وكلامهم وهيئاتهم..
يقول - تعالى -عن اليهود والنصارى: ((وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ مَا جَاءكَ مِنَ العِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلا وَاقٍ)).
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: ففيه دلالة على أن مخالفتهم مشروعة في الجملة.
ويقول أيضاً - رحمه الله تعالى -: (إن الأعياد من جملة الشرع والمناهج والمناسك، التي قال الله - سبحانه -: ((لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكاً هُمْ نَاسِكُوهُ)) (الحج: 34).
كالقبلة والصلاة والصيام، فلا فرق بين مشاركتهم في العيد وبين مشاركتهم في سائر المناهج؛ فإن الموافقة في جميع العيد، موافقة في الكفر، والموافقة في بعض فروعه: موافقة في بعض شعب الكفر، بل الأعياد هي من أخص ما تتميز به الشرائع، ومن أظهر ما لها من الشعائر؛ فالموافقة فيها موافقة في أخص شرائع الكفر، وأظهر شعائره. ولا ريب أن الموافقة في هذا قد تنتهي إلى الكفر في الجملة بشروطه) [4]
ألا إنها دعوة للحذر من إفساد الأعمال الصالحة بعد رمضان بالعصيان والتبرج والسفور والمشاركة في حضور الأمسيات الغنائية ونحوها.
إلا إنها دعوة لرعاية النعمة التي ننعم بها من أمن وأمان واستقرار في الأوطان وذلك بالاعتراف بالنعمة وشكر المنعم والحذر من إظهار العصيان الذي يؤذن بزوال النعم وحلول النقم.
إلا إنها دعوة لإزالة التشبه بالكفار في أعيادهم والاقتصار على ما أباح الشرع لنا من اللهو المباح والسرور والفرح بالضوابط الشرعية.
إلا إنها دعوة للحفاظ على الأعراض وعدم تعريضها للمنكرات والأماكن المشبوهة فالموت قريب والحساب عسير وما منا إلا وسيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان.
------------------
[1] جريدة "الشرق الأوسط"، 29/12/86).
[2] الشرق الأوسط 3/1/86).
[3] أخرجه الهيثمي في المجمع (7/261) وقال رواه البزار ورجاله ثقات. ورواه المروزي في السنة (1/18) من حديث ابن عباس.
[4] الاقتضاء (1/471).
4/10/1426 هـ
http://www.islamlight.net المصدر:
===========
طلاب المنح .. وجامعاتنا !
عبد الملك القاسم
إن كل من يفد من أبناء المسلمين إلى هذه البلاد يعتبر ابناً لها خاصة صغار السن والشباب المرافقين لآبائهم. أما من قدم للدراسة وطلب العلم ويقضي سنوات طويلة بين ظهرانينا.. فهو ابن من أبناء هذه البلاد لم تلده أمهاتنا.. يأكل مما نأكل ويشرب مما نشرب وينهل قبل ذلك كله، من علم صاف زلال ويسمع من علماء أفذا أخيار.
وحتى بعض الطلبة الذين واجهتهم مشكلات مالية أو دراسية وأصيبوا من خلالها بأزمات نفسية فإنه يبقى جانب المودة والعرفان محفوظاً لهذه البلاد.
ولا أنسى ذلك الفرح الذي طرز أمسية جميلة أقيمت في الرياض مع بداية العدوان على بلاد البوسنة، وكان المتحدث أحد الأخوة من بلاد البلقان، وتسابقت إليه الأسئلة وتزاحمت عليه الأنظار.. والسؤال لا يتجاوز الوضع هناك.. والحالة العسكرية .. والاستعداد.. أسئلة تسابقت تصب في دائرة الاهتمام والكل متلهف متشوق إلى نسمة تداوي بعض الجراح.. أيها القادم نريد معلومات عما يجري؟!
ولكن الرجل قبل أن يروي ظمأ العطاش ويخفف ليهب الأسئلة أسهب في الثناء على هذه البلاد بلغة عربية منارة هدى وموطن علم. وذكر من ذلك الخير أنه هو واثنان من زملائه من دول البلقان درسوا هنا في أرض المملكة.. هو في كلية أصول الدين بالرياض والآخر في جامعة أم القرى بمكة المكرمة والثالث في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة. ثم ذكر ما نشؤوا عليه وتعلموه من العقيدة الصحيحة ومثل بحادثة جرت لهم قبل شهور حيث أن أحدى الدول التي لها معتقد باطل وفاسد عرضت عليهم إنشاء جامعة كاملة في بلادهم – تشمل المباني والأثاث والمختبرات ووسائل التعليم وكذلك إقامة سكن لدارسين والدارسات واشترطت فقط الإشراف على المناهج.
قال المتحدث وهو يهز يده.. هرباً من معتقدهم رفضنا بشدة.. فالجهل خير لنا ولأبنائنا من معتقدهم..
بعد هذه الخاطرة أدعوا الجامعات إلى التوسع في المنح إلى أبناء المسلمين فإن هذا من واجب التبليغ وإذا كنا لا نستطيع الذهاب إليهم فلا أقل من اختيار الأذكياء منهم واستقطابهم للدراسة لدينا ليكونوا رسلاً ومبلغين لأبناء قومهم .
كما أن التركيز على أبناء الوافدين لدينا وإلحاقهم والاهتمام بتعليمهم في مدارسنا له ثمرة طيبة في المستقبل من غرس العقيدة الصحيحة في قلوبهم ولعل الحرص على تلقينهم العلم الشرعي من خلال المساجد وحثهم على ذلك أمر لا نعذر بالتقاعس والتهاون فيه.
06/11/2004
http://www.almunadi.net المصدر:
============
إضاءة سريعة
د. حياة باأخضر(13/209)
إن الدعوة لعمل النساء في المحلات الخاصة بالمستلزمات النسائية هو خطوة جادة تحمد عليها الجهات المسؤولة التي ترمي من وراء ذلك إلى حفظ حياة الأفراد الإيمانية والعقلية فعرض الملابس النسائية وبيع الرجال لها مما يندى له جبين كل حر فضلاً عن المسلم وهو مما يحرك الشهوات ويشغل العقول فيما لا ينبغي. وهذه الخطوة تتطلب منا طرح الأسئلة التالية: هل الهدف فقط مراعاة الحياء الأنثوي بجعل النساء يبتعن ملابسهن الخاصة في جو يحفظ لهن هذه الخاصية المسلمة؟ أم الهدف إخراج المرأة للعمل تحت هذه الدعوى الظاهرية؟ أم أن الهدف يشمل ما سبق معاً؟ أيضاً هل إقامة هذا المشروع يعني توسعته في مراكز عدة بالمدينة الواحدة ليسهل على الجميع الوصول وبالتالي تحقيق الهدف المنشود وهو المحافظة على حياء المسلمة أم ستظل المحلات التي تدار من قبل الرجال؟ كيف نضمن بقاء هذه المحلات دائماً على خصوصيتها التي أنشئت من أجلها؟ هل ستكون هذه المحلات هي الخطوة الأولى لفتح أبواب أخرى لعمل المرأة في المراكز التجارية؟ هل ستتغلب الأصوات التي تنادي بجعل هذه المحلات للعائلات فتفرض أمراً واقعاً لا مجال لرده؟ هل ستتطور هذه المحلات لتصبح مقاهي نسائية تتجمع فيها النساء لشرب المشروبات وتبادل الأحاديث لأوقات متأخرة مساءً، وبالتالي تكون مرتعاً خصباً لتجمعات غير مرغوب فيها؟
وأخيراً لماذا الإصرار المتواصل لإخراج المرأة لحلبات الصراع المادي بدلاً من توفير هذه الفرص للشباب فهم المكلفون أصلاً وفطرة بالإنفاق والسعي؟ وأين إحياء سنة الترابط الأسري والاجتماعي بين أبناء الحي الواحد؟ إنها حقائق يجب ألا تغيب عن ذهن كل مسلم ذي بصيرة ينظر للمدى البعيد بل البعيد جداً، والذي نطمح إليه جميعاً هو أن تلتقي نياتنا على الرغبة الصادقة للوصول للحق الذي شرعه الله - تعالى -والعمل الجاد لتثبيته على الدوام.
15-شوال-1426 هـ:: 16-نوفمبر-2005
http://www.lahaonline.com المصدر:
=============
وصايا للداعية الجديد
عادل بن محمد العبدالعالي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن واله وبعد:
استيقظ الإيمان في قلوب الكثيرين، فكان أن عادوا إلى الله، واستقاموا على دينه، وتحركت الغيرة عندهم من تجاوز استقامة النفس إلى السعي في الإصلاح والدعوة إلى الله.
وهذا دليل قوة قناعتهم بأهمية الالتزام بشرع الله، كما أنه علامة على صدق أخوتهم ونصحهم للأمة بعامة.
ولكن كعادة كل مستجد في ميدان لا يدركه، وكل مبتدى في فن لا يحسنه تجد هؤلاء الجدد في ميدان الدعوة يحسنون تارة ويخطئون أخرى، وذلك لضعف علمهم وقلة خبرتهم، لذا كان لزاما على من كان له قدم سبق في هذا المضمار أن يدلي بدلوه، فيهدي لهم الوصايا والإرشادات، والتي جمعت من كتابات تناثرت في كتب الدعاة ومقالاتهم، وغايتنا من هذا الجمع تقريبها وتيسيرها للدعاة الجدد وفقهم الله- وكلها تحت مظلة قوله - تعالى -(قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي) يوسف108
وقوله - تعالى -(ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) النحل 125
ومن جملة هذه الوصايا الرائعة ما يلي:
1) صاحب الإخلاص في دعوتك:
فالواجب على الداعية الجديد فضلا عن غيره أن يستشعر دوما أن الدعوة إلى الله عبادة يتقرب بها إليه، وكل عبادة لا تقبل إلا إذا أخلص صاحبها فيها كما قال الله في الحديث القدسي: " أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه " رواه مسلم.
ومما ينافي إخلاص الداعية أو يعكر عليه صدق نيته:
1- أن يبتغي بدعوته طمعا دنيويا أو رفعة وجاها ً.
2- أن يبتغي بدعوته طلب محمدة الناس ولفت أنظارهم إليه.
3- أن يطلب من وراء بذله الدعوي الرئاسة وتكثير الأتباع بين يديه.
4- أن يبتغي بدعوته إثبات وجوده ومنافسة أقرانه.
والداعية الجديد قد لا يقصد هذه الأمور، لكنه يصاب بها في مواضع ويهمل إصلاح قلبه فيصل إليها ويتدهور أمره.
أما كيف يبتلى بهذه الآفات؟ فالجواب: أن لذلك صورا عديدة منها:
ذكر عن شاب في تجمع دعوي أنه كان يغار من زميله الداعية، ولأنه يلحظ استجابة الآخرين لهذا الصاحب، صار يجتهد في الدعوة ليثبت للمربين الذين يعرفونهما أنه ذو قدرات مماثلة لزميلة، إضافة إلى إرضاء نفسه وإشباع غروره، وهذه صورة متكررة نعلم منها أن الغيرة من الآخرين قد تفسد نية الداعية وهو لا يدري.
ومن أسباب مداومة استشعار الإخلاص ما يلي:
1- أن تحرص على أن يكون تعلمك لدينك الذي ستدعو إليه خالصا لوجه الله، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: " من تعلم علما مما يبتغي به وجه الله يريد به عرضا من الدنيا لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها من مسيرة كذا وكذا.." رواه الترمذي والحاكم وصححه.
2- استشعار فضل الدعوة إلى الله، فبذلك يرتقي همّ الداعية إلى تحصيل ما هو أكبر وأفضل من ثناء الناس المؤقت.
قال - صلى الله عليه وسلم -: " من دل على خير فله أجر فاعله ".
وقال - صلى الله عليه وسلم -: " لئن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حُمر النعم ".
3- لا يليق بالداعية أن يكون كالشمعة يضيء للآخرين ويحرق نفسه، فإن الناس ينتفعون بعلم الداعية ونصحه ويقبلون قوله وفعله وهم يخلصون لله في ذلك كله فيؤجرون ويتقبل الله منهم صالح أعمالهم وهذا الداعية ينسى الإخلاص ويسعى للمحمدة فيرد عليه عمله ودعوته وتذهب حسناته هذه في مهب الريح.
2) وكن مخلصا لدعوتك:(13/210)
وهذا يعني بذل النفس والنفيس في سبيلها، وعدم الاكتفاء بالكلام وترديده فإن هذه علامة التناقض وعدم الحرص، ومن ذلك أن تجد: " أننا نظهر الاهتمام في الأمر ونحن في أعماق نفوسنا معرضون عنه كارهون له، ولا يستطيع الأكثرون أن يصلوا إلى إدراك ما هو مستقر في أعماق نفوسنا ولذلك يأتون بالأمور المتناقضة ولا يشعرون ".
ونجاح الداعية لا يكون إلا بإخلاصه لدعوته، (فإن العامل الأساسي للنجاح ليس هو كثرة علم الداعية ولا قوة بيانه وسحره، ولكن هنالك عاملا قبل كل هذه الأمور: هو الإيمان بالدعوة التي يدعو إليها، والخوف الشديد مما يعتريها والشعور بالأخطاء التي تقع بسبب إهمال الدعوة، إن مثل هذا الإنسان يصبح بالناس ويترك أقوى الآثار ولو كان أبكم)..
ولذا يحسن بنا أن نتذكر دائما أنه (إنما يوصل الداعية إلى غايته: شغفه بدعوته وإيمانه، واقتناعه بها وتفانيه فيها، وانقطاعه إليها بجميع مواهبه وطاقاته ووسائله، وذلك هو الشرط الأساسي والسمة الرئيسية للدعاة (الناجحين)، و "والله لا نجاح للدعوة، ولا وصول، إن أعطيناها فضول الأوقات ولم ننس أنفسنا وطعامنا " ويظهر جليا هذا المعنى في سير الأنبياء والمصلحين، فها هو نوح - عليه السلام - يقول (رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً) ويقول (ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَاراً{8} ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَاراً) وبقي مخلصا في ذلك السنوات الطوال (ألف سنة إلا خمسين عاما) لم ينقطع عن ذلك إلا لحضور منيته عليه صلوات الله وسلامه.
ومن الصور التي يظهر فيها عدم إخلاص الداعية لدعوته:
1- إعطاء الدعوة فضول وقته فحسب.
2- التثاقل عن الأنشطة الدعوية، ولذا تجد الداعية لا يداوم على البذل، بل يعطي تارة ويشح تارة، ويحضر مرة ويتغيب مرات.
3- محاولة الداعية أن يرمي بثقل الواجبات الدعوية على الآخرين وأن يتملص منها قدر الإمكان.
4- التلفيق في إعداد الأنشطة الدعوية، وعدم الاجتهاد في إخراجها بصورة حسنة.
3) لا تنس فضل الدعوة:
فإن مما يعين على مواصلة الطريق، ويشحذ الهمم لدوام التحرك الدعوي، أن يتذكر الداعية فضل الدعوة وأجرها العظيم.
ولذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يذكر أصحابه بهذا الفضل ليشجعهم، ومن ذلك أنه قال يوما لعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه - من حديث طويل- قال - صلى الله عليه وسلم -: " فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حُمر النعم " رواه البخاري ومسلم.
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " نضَّر الله - تعالى -عبدا سمع مقالتي فحفظها، ووعاها وأداها، فرُب حاملِ فقهٍ غيرُ فقيه، ورُبَّ حاملِ فقهٍ إلى من هو أفقه منه " رواه أحمد وغيره
ومما يدل على دوام فضل الدعوة وبقاء أجرها للداعية قوله - صلى الله عليه وسلم -: " من دعا إلى هُدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا... " رواه مسلم بتمامه.
4) دعوتك واجبٌ عليك:
فينبغي على الداعية الجديد أن يعلم أن نشاطه الدعوي ليس نفلاً يتفضلُ به على دينه، بل هو واجب لا تبرأ الذمةُ إلا به، وحقٌ للمسلمين لا يجوزُ التقصير فيه، قال سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله -: " فعند قلة الدعاة، وعند كثرة المنكرات، وعند غلبة الجهل كحالنا اليوم، تكون الدعوة فرض عين على كل واحد بحسب طاقته ". وقال في موضع آخر: " ونظرا إلى انتشار الدعوة إلى المبادئ الهدامة وإلى الإلحاد، وإنكار رب العباد، وإنكار الرسالات، وإنكار الآخرة وانتشار الدعوة النصرانية في الكثير من البلدان، وغير ذلك من الدعوات المضللة، نظرا إلى هذا فإن الدعوة إلى الله - عز وجل - اليوم أصبحت فرضا عاما، وواجبا على جميع العلماء ".
وبهذا نعلم أن " كل واحد من الأمة يجب عليه أن يقوم من الدعوة بما يقدر عليه إذا لم يقم به غيره وهو قادر عليه فعليه أن يقوم به، ولهذا يجب على هذا أن يقوم بما لا يجب على ذاك، وقد تقسطت الدعوة على الأمة بحسب ذلك تارة وبحسب غيره أخرى، فقد يدعو هذا إلى اعتقاد الواجب، وهذا إلى عمل ظاهر واجب، وهذا إلى عمل باطن واجب، فتنوع الدعوة يكون في الوجوب تارة، وفي الوقوع تارة ".
والأدلة على ذلك من نصوص الكتاب والسنة كثيرة، منها:
قوله - تعالى -(وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) آل عمران104
وفي هذه الآية " حمَّل الله هذه الأمة واجب الدّعوة إلى الخير، نظرا إلى أن هذا الدين قد أشتمل على الخير الذي تدركه العقول السليمة..، وحمّلها واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر داخل جماعات المسلمين الذين عرفوا أوامر الدين وعرفوا حُسنها.. وعرفوا نواهي الدين وعرفوا قُبْحَها.. "
5) لا تنس نفسك من الهُدى:
فإن الداعية في زحمة الهموم الدعوية والمشاغل اليومية قد يهتم بالآخرين لكنه ينسى نفسه، ويغفل عن تربيتها على الخير والهُدى، " وهنا تحدث له آفات لا يشعر بها إلا بعد حين، ومنها خواء النفس وقسوة القلب وفتور الهمة، بل وانحراف النية أحيانا.. "
فعليك يا أيها الداعية أن تستشعر أن مهمتك الأولى أن تربح نفسك وتنقذها من الضلال.. وقد ندد الله بمن يسترسل في الغفلة فقال (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ) البقرة44(13/211)
وهذا ما أوصى به علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - حيث قال: " من نصّب نفسه للناس إماما فليبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره وليكن تهذيبه بسيرته قبل تهذيبه بلسانه، ومعلم نفسه ومهذبها أحق بالإجلال من معلم الناس ومهذبهم "..
وقال أحد الدعاة: " يجب أن يبقي رجال الصفوة بعض أوقاتهم لمواصلة تربية أنفسهم بالعلم والعبادة، وإلا قست قلوبهم من بعد لذة الابتداء ".
وليعلم الداعية أن زاده الذي يتقوى به على طريق الدعوة، إنما هو بإقامة الفرائض والاستكثار من النوافل، والاشتغال بالأذكار، والمداومة على الاستغفار وكثرة التلاوة القرآنية، والحرص على المناجاة الربانية، وغير ذلك من القربات والطاعات ".
وقرب الداعية من كتاب الله يجب أن يكون متعة لروحه وسكنا لفؤاده وشعاعا لعقله ووقودا لحركته ومرقاة لدرجته ".
6) كُن قدوة حسنة:
وهذا يعني أن يكون الداعية صورة صادقة لكل ما يدعو إليه ويريد غرسه في المدعوين، بل أن يكون فعله وسلوكه قبل قوله وكلامه.
والاقتران بين الداعية والدعوة قائم في أذهان الناس، والداعية نفسه شهادة للدعوة، وهذه الشهادة قد تحمل الناس على قبول الدعوة، وقد تحملهم على ردها ورفضها والداعية عندما يكون بعيدا ً عن الالتزام بواجبات الإسلام وتكاليفه فإنه يكون فتنة للناس يصرفهم بسلوكه عن دين الله ويصير مثله كمل قاطع الطريق بل هو أسوأ.
ومما يرهب من مخالفة القول العمل ما جاء عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه، فيدور فيها كما يدور الحمار في الرحى فيجتمع إليه أهل النار فيقولون: يا فلان، الم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ فيقول: بلى كنت آمر بالمعروف ولا آتيه وأنهى عن المنكر وآتيه ".
7) خاطب الناس على قدر عقولهم:
فالواجب على الداعية أن يرعِ جهل الناس واختلاف بيئتهم حتى لا تكون دعوته فيهم فتنة لهم... قال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: " حدثوا الناس بما يعرفون، ودعوا ما ينكرون، أتحبون أن يكذّب الله ورسوله " رواه البخاري.
ومن صور عدم مراعاة ما يفهمه الناس ما يلي: -
1- أن يطرح الداعية الخلافات الفقهية بتوسع بحيث لا يفقه الناس الراجح من المرجوح فيختلط عليهم الأمر.
2- أن يتكلم الداعية في مسائل دقيقة مثل القضاء والقدر مما يسبب للسامعين إشكالات هم في غنى عنها.
8) إنما أنت مُذكر:
وجه الله - تعالى -رسوله محمدا ً - صلى الله عليه وسلم - إلى هذا المعنى عندما أمره بالدعوة والتبليغ ولم يطالبه بالنتيجة، فقال (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ) الشورى48
فالمطلوب من الداعية أن يبذل قصارى جهده، وأن يستخدم أحسن ما يستطيع من الأساليب ووسائل الدعوة، وأما استجابة المدعوين وقبولهم للحق وتركهم للمنكر فكل ذلك إلى الله يهدي من يشاء بفضله ويضل من يشاء بعدله، ومن اهتدى فلنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها وما ربك بظلاّم للعبيد.
ومن فوائد استشعار الداعية لذلك أن لا يصاب بالإحباط عند إعراض المدعوين عنه، وفيه حفظ لمشاعره وصون لنفسه، ومن ذلك قول الله لنبيه (فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) فاطر8
9) لا دعوة إلا بعلم:
فعلى الداعية أن يعتقد أن لا دعوة بلا علم، والله- تبارك وتعالى -قال (وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) الإسراء36
فلا يجوز لأيٍّ كان أن يقوم، بما ليس مؤهلا ً له، لئلا يفتي بغير علم أو يدعو بغي الأسلوب الحكيم، فيكون في الدين محرما ً، أو من الإسلام منفرا، ثم إن الدعوة على الله على غير علم خلاف ما كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومن تبعه.. والله أمر نبيه محمدا ً - صلى الله عليه وسلم - فقال (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) يوسف108
ولذا، دعوتك لا بد أن ترتكز على معرفة كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - لأن كل علم يتلقى عن سواهما فإنه يجب أن يعرض عليهما أولا ً وبعد عرضه فإما أن يكون موافقا ً أو مخالفا ً، فإن كان موافقا ً قُبل، وإن كان مخالفا ً وجب رده على قائله كائنا ما كان.
ومن صور الدعوة إلى الله بغير علم ما يلي: -
1- نقل الفتاوى بغير منهج صحيح.
2- ذكر الأحاديث الضعيفة والمكذوبة دون معرفة بها.
3- توزيع المطويات التي تتضمن أذكارا ً أو أحاديث مختلقة، أو إهداء أشرطة تتضمن أقوالا ً مرجوحةً أو خاطئة.
10) جدد علمك وطور مهاراتك:
فالداعية لا يليق به أن يقف عند حد من العلم الشرعي بل عليه أن يستزيد منه يوما بعد يوم، فكلما زاد نفسه فقه في الدين كلما استطاع أن ينفع ذاته والآخرين.
ولا يصح مبررا ً للتوقف عن طلب العلم كثرة الانشغال بالأمور الدعوية فإن الناس لن يعذروا الداعية عند وقوعه في الزلل واخطأ ولن يقبلوا منه اعتذاره بالجهل.
ومن أسباب تطوير الذات ما يلي: -
1- حضور الدروس الشرعية المناسبة عند العلماء.
2- سماع الأشرطة النافعة في الوعظ والتربية وفقه الواقع.
3- تلخيص الكتب الشرعية والثقافية واقتطاف الثمرات منها.. وغيرها
11) لتكن جهودك الدعوية مكملة لبقية الدعاة:
ويمكن استفادة هذا المعنى من دعوة الله للمؤمنين في قوله (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ... )آل عمران104(13/212)
فلقد سمى الله فئة الدعاة أمة للإيماء إلى وجوب كونهم مجتمعين على صفات وخصائص روابط متميزة تجعلهم ظاهرين في الناس كأمة واحدة لا تغرق بين أفرادها ولا اختلاف ولا تنازع على الدنيا التي تغذيها الشهوات والهوى.
ومن صور التكامل مع الدعاة ما يلي: -
1- أن يشارك الداعية المتميز بطلب العلم الشرعي في إلقاء دروس مكثفة أو محاضرات في المراكز الصيفية التربوية.
2- أن يشارك الداعية مراكز الدعوة والإرشاد في توزيع المطويات والكتب والأشرطة وجمع التبرعات لذلك... وغيرها
ومن فوائد هذا التكامل ما يلي: -
1- تنشيط الدعاة كلهم.
2- تبادل التجارب والخبرات بين الدعاة قديمهم وجديدهم.
3- قوة الأنشطة الدعوية ونجاحها.
4- تآلف الدعاة ومد الجسور بينهم... وغيرها
12) كن مدركا لواقعك:
فإن معرفة الواقع العام للمجتمع يساعد الداعية على الاستفادة من كل فرصة سانحة، وحال الدعاة يشهد على أن فقه واقعهم سبيلٌ متأكد لنجاحهم في تحديد الأولويات فيما يدعون إليه.
13) ولا تتبع الهوى:
قد جعل الله إتباع الهوى مضادا ً للحق، وعدّه قسيما ً له كما في قوله - تعالى -(يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ) ص26
قال الشاطبي: فقد حصر الأمر في شيئين: الوحي، وهو الشريعة والهوى فلا ثالث بينهما وإذا كان الأمر كذلك فهما متضادات.. فإتباع الهوى مضاد للحق.
14) فاصبر صبرا ً جميلا ً:
فإن اعتياد الناس على معاصيهم، ودوام غفلتهم يحتاج إلى جهد دعوي مستمر، ولا يكون ذلك إلا بالصبر والمصابرة.
وعلى الداعية أن يوطن نفسه على تحمل كل ما يصيبه من أذى في ذات الله ويصبر ويحتسب لأنه يدعو إلى الانخلاع عن أخلاق وعادات وأعراف وتقاليد تأصلت في الناس حتى صارت كأنها جزء من حياتهم وما أنزل الله بها من سلطان، وهذا يؤدي إلى معارضته معارضة شديدة.
وصبر الداعية لا بد أن يشمل ثلاثة أمور وهي: الصبر على الدعوة، والصبر على من يعترض الدعوة، والصبر على ما يتعرضه من الأذى.
15) عليك بما تطيق:
فإن الله لا يكلف المرء إلا ما يطيق قال - تعالى -(لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا) البقرة286
ومن فوائد بذل الداعية لدعوته بحسب وسعه ما يلي:
1- استمرار دعوته ونجاحها.
2- قوة نشاطه الدعوي وإتقانه.
3- التوازن في إعطاء كل ذي حقٍّ حقه.
4- تجنب الفوضوية والتلفيق الدعوي.
5- تجنب المركزية في العمل الدعوي، والتكامل مع الآخرين وتنشيطهم.
16) تخول الناس بالموعظة:
قال رجل لابن مسعود - رضي الله عنه -: " يا أبا عبدالرحمن، لوددت أنك تذكرنا كل يوم، وكان يذكر الناس في كل خميس فرد عليه فقال: " أما إنه يمنعني من ذلك أني أكره أن أُملكم وإني أتخولكم بالموعظة كما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتخولنا بها مخافة السآمة علينا ".
وأهمية هذا الأسلوب يمكن تلخيصه في فائدتين وهما:
1- المحافظة على محبة الناس للخير ودعاته.
2- التدرج في دعوة الناس ومراعاة ضعفهم البشري في التلقي.
17) لا تكن فظا ً غليظا:
فلقد بين الله لرسوله - صلى الله عليه وسلم - فقال (وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ) آل عمران159
فعلى الداعية الذي يهدف إلى استمالة القلوب وهدايتها أن لا يقسوا لأن القسوة التي استنكرها الإسلام جفاف في النفس لا يرتبط بمنطق ولا عدالة.
والناس في حاجة إلى كنف رحيم وإلى رعاية فائقة وإلى بشاشة سمحة وإلى ودٍّ يسعهم، وحلم لا يضيق بجهلهم وضعفهم ونقصهم، ويجدون عنده دائما ً الاهتمام والرعاية والعطف والسماحة والود والرضاء، وهكذا كان قلب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
18) لا تنتظر مجيء الناس إليك:
فشأن الداعية أن يحتك بالناس، ويتعرف عليهم، ويزورهم في مجالسهم، ومن انتظر مجيء الناس إليه فإن الأيام تبقيه وحيدا ً، ويتعلم فن التثاؤب.
وينبغي على الداعية الجديد أن يعلم أن اختلاطه بالناس وحضوره لمجالسهم ينبغي أن لا ينسيه الأمور التالية:
1- لا يجوز للداعية أن يسكت عن المنكرات الموجودة، بل لابد من البيان والإنكار قال - تعالى -(وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ) النساء140
2- كن على حذر عند مخالطة الفساق، فإن من الدعاة من يخالط الفساق بقصد دعوتهم، ثم لا يلبث ن يعتاد ما هم عليه من المعاصي، ولذا يقول الإمام الغزالي: " إن مشاهدة الفسق تهون أمر المعصية على القلب، وتبطل نفرة القلب عنها ".
3- إذا كان الداعية يعلم أن المجلس الذي يحضره ستذكر فيه شبهات حول الشريعة ودعاتها، وهو لا يجد في نفسه قدرة على تفنيدها والرد على قائلها، فإن في ذلك مفسدة ظهور الباطل والاستخفاف بالحق، ولذا يقال للداعية الجديد الأولى عدم الحضور بينهم درأ ً لهذه المفسدة.
19) لا تخف من الفشل:
فما لم يزجّ الداعية بنفسه في غمار دعوته بدون خوف من الفشل غير عابئ بما يوجه له من النقد، فإنه لن يتقدم ولن يصل إلى دفة التوجيه والتغيير.
والفشل في خطوة دعوته لا يعني الموت والشلل، بل الأمر كما قال أحدهم:
جرِّب من العزمِ سيفاً تستعين به *** إن الترددَ بابً الضعفِ والكسلِ
والسعيً حتى وإن أفضى إلى خطأ *** خيرٌ من الجُبن والتشكيكِ والوجلِ
ساءَ الفتور ولو سميتهُ حذراً *** ما أصغر الفرق بين الموت والشللِ(13/213)
مجدً الحياة لمن يبغيه مقتنعا ً *** ما من نجاحٍ إذا فكرت بالفشلِ
ومما يهون على الداعية الجديد فشله في أمر ما أن يتذكر ما يلي:
1- يستشعر الداعية أنه إذا وجد إعراضا من مدعو ما وفشل في دعوته، فإن ذلك لحكمة يعلمها الله، وقد قال - تعالى -لنبيه - صلى الله عليه وسلم - (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ) القصص56
2- قد يفشل الداعية في نشاط دعوي ما، لكن قد ييسر الله له نشاطا ً آخر يُحسن فيه ويبدع.
3- الفشل أحيانا يكون مكسبا ً لصاحبه، فقد يستفيد أمرا ً تجريبيا ً يتجنبه في محاولاته القادمة.
20) إياك والاستعجال المذموم:
فإن من الاستعجال ما يكون مذموما ً لعواقبه الوخيمة، ومن ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: " التأني من الله والعجلة من الشيطان " وقد يقع الداعية الجديد في استعجال أمر فيجد عاقبة يندم عليها مدى الحياة.
ومن صور الاستعجال المذموم... ما يلي:
استعجال الداعية تحول الناس من معاصيهم إلى الحال التي كان عليها الصحابة - رضي الله عنهم -، وهذا محال فلابد من طول النفس والتدرج معهم شيئا ً فشيئا ً.
21) لتكن دعوتك شمولية:
وفي هذا المعنى يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: " وكل ما أحبه الله ورسوله من واجب ومستحب، من باطن وظاهر، فمن الدعوة إلى الله: الأمر به، وكل ما أبغضه الله ورسوله، من باطن وظاهر، فمن الدعوة إلى الله: النهي عنه، لا تتم الدعوة إلى الله إلا بالدعوة إلى أن يفعل ما أحبه الله، ويترك ما أبغضه الله سواء كان من الأقوال أو الأعمال الباطنة والظاهرة ".
وبهذا نعلم أن على الداعية أن يدعو إلى تصحيح العقائد ونبذ الفجور وترقيق القلوب، وتفقيه الناس بأمور دينهم، والتحذير من الذنوب والمعاصي، ومن لم يُحسن بعض هذه المهمات فليدعو غيره من الدعاة ليكمل نقصه وليتم ما عجز عنه.
22) إياك... والفوضوية:
بعض الدعاة المتحمسين يبذلون جهودا ً في مجالات عديدة، ويضربون في كل واد ٍ بسهم.. إلا أن هذه الجهود تثمر ثمارا ً هزيلة.. وسبب ذلك الفوضوية والدعوية!!
ولذا يقال للداعية عليك بتنظيم طريقتك الدعوية ومعرفية الأولويات، وإن التركيز على الأعمال التي يحسنها لهو خير له ولدعوته من العشوائية وتشتت الجهود.
قال الرافعي: " إن الخطأ الأكبر أن تنظم الحياة من حولك وتترك الفوضى في قلبك ".
23) لا تنس استشارة أهل الخبرة والعلم:
يتناسى بعض الدعاة وهم في بداية الطريق أن الدعوة إلى الله وسيلةٌ تتعلق بأطراف كثيرة وتحتاج إلى خبرات عديدة، ولذا فإن على الدعاة الجدد استشارة أهل الخبر والعلم حتى يصلوا إلى أحسن النتائج.
ولعل من أسباب تجاهل الاستشارة ظن بعض الدعاة أن سؤالهم غيرهم ممن له باع في الدعوة يعني ضعفهم وجهلهم مما يؤدي بهم إلى المكابرة.
والداعية يحتاج إلى المشورة في أمور كثيرة، منها:
1- كيف يوازن بين الدعوة وطلب العلم إضافة إلى دراسته ووظيفته؟
2- ما هي الرسائل أو الأشرطة المناسبة للتوزيع بين المدعوين؟
24) أدومه وإن قل:
ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أن أحب العمل إلى الله أدومه وإن قلّ، وأخبر - صلى الله عليه وسلم -: " أن أحب الدين إلى الله ما داوم عليه صاحبه ".
والمداومة في الدعوة تعني معاني عدة، منها:
1- أن يكون للدعوة عموما ً أهدافٌ واضحة محددة، لا أن تكون خطوات مرتجلة مبعثرة.
2- أن لا تكون الدعوة دعوة مراسيم ومناسبات، أو محصورة بأوقات فرغ الداعية وإجازته، بل ينبغي أن تكون جزءا ً أساسا ً من وقته، ليسمع الناس داعي الخير في كل زمان ومكان.
25) إياك وحب الرئاسة:
فإن هذا الحرص يوقعه في مفاسد عديدة منها:
1- بهذا الحرص قد يضيع الإخلاص أو يضعف.
2- قد يجره ذلك إلى إتباع الهوى وارتكاب المحرمات، قال الفضيل بن عياض: " ما من أحد أحب الرئاسة إلا حسد وبغى، وتتبع عيوب الناس، وكره أن يذكر أحد بخير ".
تم بحمد الله وتوفيقه،،
----------------
المرجع: كتاب وصايا للداعية الجديد (وقد ذكرته هنا مختصرا ً ليسهل قراءته واستيعابه)
المؤلف: عادل بن محمد العبدالعالي..
http://www.saaid.net المصدر:
=============
رسالة إلى كل طالب وطالبة
محمد محمود عبدالخالق
أخي الحبيب يا من شمرت عن ساعديك للإقبال على الله يعلم الله أني أحبك في الله، وأسأل الله أن يجمعني وإياك تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله، إن الله على كل شيء قدير.
ومن منطلق حبي لك فإني أزف إليك كلمات هي من حقك علي، فإن استحسنتها فإمساك بمعروف، وإلا فتسريح بإحسان والله المستعان.
هذه الكلمات هي وصايا وتوجيهات أبعثها إليك أخي وأنت مقبل على عام دراسي جديد وأظن أنك في احتياج إلى معرفتها حتى يخرج العام الدراسي في صورة طيبة وصالحة تقربك من الله وتؤهلك لنيل ثوابه وعطائه - سبحانه وتعالى -.(13/214)
(1) الإخلاص: - قال - تعالى -: (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء...... )، ويقول - تعالى -: (ألا لله الدين الخالص)، ويقول - تعالى -: (فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا)، ويقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرء ما نوى........ ) " صحيح وغير ذلك من الآيات والأحاديث التي توضح ضرورة أن يكون العمل خالصا لله - سبحانه وتعالى - لا يرجى به سواه، ومما لاشك فيه أن دراسة العلم النافع من أفضل الأعمال والقربات إلى الله - سبحانه وتعالى - ولكن الأمر يحتاج إلى النية الصادقة الخالصة لله - سبحانه وتعالى -، فمن يتعلم أو يدرس علما للحصول على مال أو شهرة أو منصب أو غير ذلك من لأمور الدنيوية البحتة فعلمه وسعيه مردود عليه لا قيمة له طالما لم يرد به وجه الله - سبحانه وتعالى - فالإخلاص في العمل شرط أساسي لقبوله بالإضافة إلى الشروط الأخرى ولذلك على الطالب المسلم أن يكون علمه ودراسته وسعيه لله - سبحانه وتعالى - فلا يقف بنيته عند الحصول على الشهادة أو الوظيفة أو المنصب أو المال بل يصل بنيته إلى أن ذلك لله - سبحانه وتعالى -.
(2) التفوق في الدراسة: - لتعلم أخي الطالب أن المسلم الحق لا يمكن أن يكون فاشلا في دراسته وعلمه فديننا يحث على التفوق ويرغب فيه ولذلك فإن من الواجب عليك أن تسعى بجد ونشاط في تحصيل دروسك وأداء مهامك على أكمل وجه وأفضل طريقة فنحن يا أخي لم نتخلف في الجانب الديني فقط بل في الجانب المادي كما يسمونه لذلك علينا أن نعيد للأمة كرامتها وعزتها ونثبت للعالم بأسره أننا أمة \" أقرأ \" وأننا أعظم حضارة عرفتها البشرية وأنه بأيدينا هداية الناس وأخذهم إلى بر الأمان ولا شك أن ذلك لن يكون إلا بالعودة الصادقة للدين وبالأخذ بأسباب التقدم والرقي والتي من أهمها التسلح بسلاح العلم الذي كان من المفترض أن لا نفقده.
(3) معرفة فضل العلم والعلماء: - لعل القارئ لفضل العلم والعلماء في ديننا ليشعر بالفخر من هذا التكريم الرائع وهذا الأجر الكبير الذي يحظى به العلماء في شريعتنا، وأدعوك أخي إلى أن تتأمل هذه الفضائل التي خص بها العلم لعلها تكون دافعا لك على السعي والجد في دراستك ولعلها تصلح من نيتك ومن أهم فضائل العلم: -
1- أنه إرث الأنبياء، فالأنبياء عليهم الصلاة والسلام لم يورثوا درهماً ولا ديناراً وإنما ورثوا العلم فمن أخذ بالعلم فقد أخذ بحظ وافر من إرث الأنبياء، فأنت الآن في القرن الخامس عشر إذا كنت من أهل العلم ترث محمداً - صلى الله عليه وسلم - وهذا من أكبر الفضائل .
2- أن الإنسان يتوصل به إلى أن يكون من الشهداء على الحق والدليل قوله - تعالى -: (شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائماً بالقسط) (آل عمران، الآية: 18)، فهل قال:" أولو المال؟ لا بل قال " وأولو العلم قائماً بالقسط " فيكفيك فخراً يا طالب العلم أن تكون ممن شهد لله أنه لا إله إلا هو مع الملائكة الذين يشهدون بوحدانية الله - عز وجل - .
3- أن الرسول - عليه الصلاة والسلام - لم يرغب أحداً أن يغبط أحداً على شيء من النعم التي أنعم الله بها إلا على نعمتين هما:
1- طلب العلم والعمل به.
2- التاجر الذي جعل ماله خدمة للإسلام فعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق ورجل آتاه الله حكمةً فهو يقضي بها ويعلمها "
4- أنه طريق الجنة كما دل على ذلك حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " ومن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله به طريقاً إلي الجنة " رواه مسلم.
5- أن العلم نور يستضيء به العبد فيعرف كيف يعبد ربه، وكيف يعامل عباده، فتكون مسيرته في ذلك على علم وبصيرة .
6- أن العالم نور يهتدي به الناس في أمور دينهم ودنياهم، ولا يخفى على كثير من الناس قصة الرجل الذي كان من بني إسرائيل وقتل تسعاً وتسعين نفساً فسأل عن أعلم أهل الأرض فدلّ على رجلٍ عابد فسأله هل له من توبة؟ فكأن العابد استعظم الأمر فقال: لا فقتله فأتم به المئة، ثم ذهب إلي عالم فسأله فأخبره أن له توبة وأنه لا شيء يحول بينه وبين التوبة، ثم دلّه على بلد أهله صالحون ليخرج إليها فخرج فأتاه الموت في أثناء الطريق ….. والقصة مشهورة فأنظر الفرق بين العالم والجاهل.
7- أن الله يرفع أهل العلم في الآخرة وفي الدنيا، أما في الآخرة فإن الله يرفعهم درجات بحسب ما قاموا به من الدعوة إلي الله - عز وجل - والعمل بما عملوا وفي الدنيا يرفعهم الله بين عباده بحسب ما قاموا به قال الله - تعالى -: (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات) (سورة المجادلة، الآية: 11).
وليس هذا فقط فللعلم فضائل غيرها ومناقب وآيات وأخبار صحيحة مشهورة مبسوطة في طلب العلم.(13/215)
(4) غض البصر: - وهو أمر في غاية الخطورة والأهمية وعلى الطالب المسلم أن يكون حريصا عليه فالحق- تبارك وتعالى -يقول: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم..... )، ويقول - تعالى -: (.... إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا)، ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " النظرة سهم مسموم من سهام إبليس من تركها مخافتي أبدلته عبادة يجد حلاوتها في قلبه " ضعيف، ويقول: " إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا مدرك ذلك لا محالة فالعين تزني وزناها النظر " صحيح ثم ذكر اللسان والرجل واليد و القلب فبدأ بزنا العين لأنه أصل زنى اليد والرجل والقلب والفرج، فهذا الحديث من أبين الأشياء على أن العين تعصي بالنظر وأن ذلك زناها ففيه رد على من أباح النظر مطلقا، ويقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -" يا علي لا تتبع النظرة النظرة فإن لك الأولى وليست لك الثانية " حسن، وقال العقلاء: من سرح ناظرة أتعب خاطرة ومن كثرت لحظاته دامت حسراته وضاعت عليه أوقاته وفاضت عليه عبراته.
من أطلق الطرف اجتنى شهوة *** وحارس الشهوة غض البصر
والطرف للقلب لسانا فإن *** أراد نطقا فليكر النظر
ويقول الشاعر:
كل الحوادث مبدأها من النظر *** ومعظم النار من مستصغر الشرر
كم من نظرة فتكت بقلب صاحبها *** فتك السهام بين القوس والوتر
والعبد ما دام ذا عين يقلبها وفي *** أعين الغيد موقوف على الخطر
يسر مقلته ما ضر مهجته لا *** مرحبا بسرور عاد بالضرر.
وقد يشتكي البعض من عدم قدرته على أن يغض بصره وهؤلاء ادعوهم بذلك:
أولاً: استخدام العلاج الذي أمر الله - تعالى -به في قوله{قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم}ويعلم أن غض البصر طاعة يتقرب به إلى مولاه - عز وجل -، ومعلوم أن الله لا يأمر عباده إلا بما يقدرون عليه، وهو - سبحانه - أعلم بهم وبما يصلحهم.
ثانياً: استخدام العلاج النبوي: وذلك حين سئل - عليه الصلاة والسلام - عن نظر الفجأة فأرشد إلى العلاج النافع الذي من استعمله سد عليه هذا الباب بالكلية ولا يحتاج معه لعلاج غيره فقال "اصرف بصرك ".
ثالثا: الصبر على غض البصر.
رابعا: التفكر في حقيقة المنظور.
خامساً: تأمل العواقب وملاحظتها فإذا تأملت عاقبة النظر وما سيؤول إليه فإنك تدرك أثره وتأثيره على قلبك وجوارحك وإيمانك وجميع ما يصدر عنك، فتعلم حينئذ خطره فتؤثر الغض وتراقبه أيما مراقبه.
سادساً: تذكر ما أعده الله - عز وجل - لعباده الصالحين في جنات النعيم وما فيها من المشتهيات واللذات على أكمل الأوجه وأوسعها وأوعاها.
سابعا: اليأس: وذلك بأن يجزم جزماً ويعقد عزماً على غض البصر، بحيث تقنط النفس مع هذا الجزم، وتيأس بأن لا تتطلع إلى المحذور مع هذا العزم، فإنها حينئذ تذعن للغض، ولو على مضض، وهذا يحتاج إلى نفس حرة عزيمة أبيه.
ثامناً: البعد عن مواطن الفتن والأماكن التي تكثر فيها، وأماكنها معرفة معلومة وإن كانت بعض البلاد صارت بؤرة للفتن، قد ملأت السهل والجبل والشواطئ والشوارع والله المستعان، ولكن الواجب أن يبتعد عن هذه الأماكن قدر المستطاع ويبذل في ذلك جهده لأنه قد تجذبه بصورها وفتنها.
تاسعاً: نعمة النظر: فالنظر نعمة من الله فلا تعصه بنعمه، واشكره عليها بغض البصر عن الحرام تربح واحذر أن تكون العقوبة سلب النعمة.
الحادي عشر: العمل بأحكام الإسلام فإن هذا يضمن الضمان المؤكد بإذن الله - عز وجل - بحبس النظر عن الحرام.
(5) الحرص على أداء العبادات: - لأن طالب العلم يكون مشغولا بعلمه فيفوته الكثير من العبادات فلذلك عليه أن يكون حريصا على أداء الصلاة في أوقاتها فلا يضيعها مهما كانت الظروف كما أنصحه بأن يكون حريصا على قراءة القرآن وأن يضع لنفسه وردا يوميا يقرأه ويخصص لذلك وقتا معينا بناء على ظروفه على أن يكون هذا الوقت ثابتا لا يتغير ولا يضيع مهما كان كما أنصحه بالمحافظة على أذكار الصباح وأذكار المساء لما لها من ثواب عظيم عند الله - سبحانه وتعالى - كما أنصحه بأن يكون دائم الاستغفار والذكر لله - سبحانه وتعالى - والصلاة والسلام على رسول الله سواء في جلوسه في المدرسة أو المعهد أو الجامعة أو أثناء سيره أو ركوبه فالنبي - صلى الله عليه وسلم - أوصى الرجل الذي اشتكى له كثرة شرائع الإسلام فقال له: لا يزال لسانك رطبا بذكر الله كما أنصحه بصلاة ركعتين أو أكثر قبل أن ينام بنية قيام الليل ثم يوتر بعد ذلك وإن استطاع الاستيقاظ قبل صلاة الفجر بمدة ثم يصلي تلك الركعتين ثم يوتر فذلك أفضل.
(6) الدعوة إلى الله - سبحانه وتعالى -: - المسلم دائما يدعوا إلى الله في كل مكان يتواجد فيه ولا يشترط أن تكون الدعوة بالخطابة أو الدروس أو حتى النصيحة فعمل الإنسان وأخلاقه قد تكون أكثر نفعا في دعوة الغير من الكلام أو النصيحة على الرغم من أهميتها ولعلي أقصد أن يكون الطالب حريصا على الدعوة إلى الله مستغلا هذه المرحلة التي يمر بها والتي لا تتكرر كثيرا وذلك بكافة الوسائل المتاحة له.
(7) الحذر من أصدقاء السوء: - إياك وصحبة الأشرار: فصحبتهم خزي وعار، وذلة وشنار، لا خير فيهم، ولا نفع يرجى من ورائهم؛ إذ كيف ينفعوك وهم لم ينفعوا أنفسهم؟!!.
وصحبة السوء في الجامعة خطرهم أكبر.
قد هيئوك لأمر لو فَطِنْتَ له *** فَارْبَأْ بنفسك أن ترعى مع الهَمَلِ.
قال - تعالى -: "الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ".، وأخرج أبو داود والترمذي بسند حسن من حديث أبي هريرة-رضي الله عنه-مرفوعاً: "الرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل ".(13/216)
وصحبة الأشرار وإن لبسوا أثواب البر سبب الضياع والانحراف عن الاستقامة، والوقوع في الكبائر كالزنا، والعادة السيئة وغيرهما عافاني الله وإياك-.
(8) المحافظة على الوقت: - أهتم الإسلام بالوقت وقد أقسم الله به في آيات كثيرة فقال الله - تعالى -(والعصر إن الإنسان لفي خسر)، وقال - تعالى -(والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى)، كما قال الله - تعالى -(والفجر وليال عشر) وغيرها من الآيات التي تبين أهمية الوقت وضرورة اغتنامه في طاعة الله، وهناك أحاديث كثيرة توضح ذلك: فعن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه وعن علمه ماذا عمل به؟ "، وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ "، وعن أنس - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن لا يقوم حتى يغرسها فليفعل "
فالآيات والأحاديث تشير إلى أهمية الوقت في حياة المسلم لذلك فلابد من الحفاظ عليه وعدم تضيعه في أعمال قد تجلب علينا الشر وتبعدنا عن طريق الخير، فالوقت يمضي ولا يعود مرة أخرى.
(9) التحلي بأخلاق الإسلام في التعامل مع الآخرين: - على المسلم أن يتحلى بأخلاق الإسلام في تعاملاته مع الغير ولذلك فإن الطالب المسلم عليه ان يكون حريصا على أخلاق الإسلام سواء مع مدرسه أو زملائه في المدرسة أو المعهد أو الجامعة أو مع غيرهما.
--------------------
المصادر والمراجع:
(1) رياض الصالحين للنووي.
(2) الداء والدواء لابن القيم.
(3) مقالات لبعض العلماء.
http://www.28hrf.com المصدر:
===============
الدعوة إلى الله
عبد الملك القاسم
لعلماء هذه البلاد قدم صدق وجهاد معلوم في الدعوة إلى الله، فقد بذلوا أوقاتهم وأموالهم وأنفسهم في سبيل الدعوة إلى الله ونصح الأمة.
ومن استقرأ سير العلماء عرف ذلك، ومن ألقى نظرة على علمائنا المعاصرين وجد لهم قصب السبق والقدح المعلى.
فجزاهم الله خيراً على ما بذلوا وجعل ذلك في موازين أعمالهم. والسؤال يُلقي بنفسه حسرة بين السطور:
هل يتوقف نشر العلم الشرعي والدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على أفراد قلائل من الأمة؟!
شباب أهل البدع وكهولهم بل ونساؤهم، يجولون الآفاق ويقطعون الفيافي والقفار ويصبرون على الحر والقر في سبيل نشر ضلالهم.
أما أهل الكفر من اليهود والنصارى وغيرهم فقد بلغ السيل الزبى واستفاضت الأخبار عن جهدهم وبلائهم في نشر الكفر والمذاهب المنحرفة بين المسلمين. ولقد حدثني أحد الأخوة ممن ذهبوا إلى أفريقيا للدعوة إلى الله بأنهم سمعوا أثناء سيرهم في طريق بري موحش أن على بعد أميال يقبع منصر في هذه الأرض منذ أربعين سنة، يسكن في أرض قاحلة خالية من وسائل الحياة المعروفة.
قال محدثي: فكان أن مررنا بمكانه فإذا بمبنى ضخم على شكل كوخ كبير جعله مكاناً لنشر دعوته، وبجواره منزل صغير هو سكنه الدائم طوال تلك المدة.
والقينا نظرات متتالية فإذا بالمكان يخلو من مقومات الحياة فلا ماء ولا كهرباء ولا هاتف..ولا خدمات..فتعجبنا من صبره.
وعلمنا أن وسيلة اتصاله بالعالم الخارجي هي طائرة مروحية صغيرة تابعة لإحدى الجهات التنصيرية تأتي إليه بين حين وآخر محملة بالأغذية والكتب والهدايا والأدوية.
وأكمل المتحدث.. عندما رأينا حاله وسمعنا عن تلك الإقامة الطويلة هانت نفوسنا وقد كان بعضنا يتأوه من تأرجح السيارة والآخر يتذمر من سقوط قطرات جبينه لشدة الحر.. ولكن عندما رأينا وسمعنا أصابنا نوع من العتاب و اللوم على التقصير.
تساءلنا.. أين شباب الإسلام وحملة التوحيد؟!
كان سلفنا - رحمهم الله - يهبون كل أوقاتهم للدعوة وما فضل منها للدنيا.. أما اليوم.. فجل الوقت للدنيا.. وما فضل فليس للدعوة منه نصيب إلا من رحم ربك "وقليل ما هم".
187/3/1416 هـ - /09/2005
http://www.almunadi.net المصدر:
============
التنطع
عبد الملك القاسم
الإنسان عموماً به خير وشر والمسلمون كذلك فمنهم من يبقى على درجته ومنهم من يرتقي مراتب الإيمان العظيمة. وقد قرأت قبل أيام مقالاً لأحد الكتاب قال فيه: ((قررت أن أتكلم عن الإسلام بعيداً عن تنطع المتنطعين ليرى الآخرون جماله بذات العين التي أراه بها)).
فأنعم بهذا الحماس وذاك الهم الذي يحمله، لكن الخلاف أولاً لماذا تدرج هذه الكلمة بين ثنايا المقالة الجميلة، ثم من هم المتنطعون؟!(13/217)
يخشى الإنسان أن تلقى هذه الكلمات على عواهنها فيفسرها بعض القراء بتفسير آخر أو تنطبع في أذهانهم هذه العبارة دون تمييز لإبعادها، أو وضع حد لكلمة التنطع في أذهانهم أو إبعادها عن الإطار الصحيح للتنطع الذي نهى عنه الرسول- صلى الله عليه وسلم -. ومن العجب أن بعض الكتاب في غير هذه البلاد والحمد لله يرى أن تقصير الثوب مثلاً تنطع بل ووصل الحال بهم إلى أن من لا يصافح النساء أو لا يجلس معهن أو لا يسمع الموسيقى متنطع. وهم بهذا الحكم يجعلون الرسول - صلى الله عليه وسلم - أول المتنطعين وأشدهم. والكلمة أولاً وأخيراً أمانة ومسئولية قال- صلى الله عليه وسلم -: ((إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يزلُ بها إلى النار أبعد مما بين المشرق والمغرب)) رواه البخاري. وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله له بها سخطه إلى يوم القيامة)).
وحفظ اللسان والقلم باب من أبواب السلامة والنجاة.
11/11/2004
http://www.almunadi.net المصدر:
============
الهيئة فعلت وفعلت ...
نايف بن ممدوح بن عبد العزيز
نسمع بين الفينة والأخرى هنا وهناك ونقرأ لفلان وفلان وهم قلة ـ ولله الحمد ـ في هذه البلاد الطاهرة المباركة التي تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتقيم حدود الله - عز وجل - أقول: نسمع ونقرأ للأسف أن بعض الناس يقول: الهيئة * فعلت وفعلت، ويسوقون في ذلك من القصص ما يعجب ويحار له عقل الحليم، ومن سخف ما يحكونه في ذلك ما هو أشبه للخيال وقصص الأطفال، والبعض يقول: الهيئة فعلت كذا وقامت بكذا، ويقصون في ذلك بعض الحكاوي التي حقيقةً استحي أن أقصّها على القراء الكرام احتراماً لعقولهم، وكما قيل: (إذا كان المتحدث مجنوناً فليكن المستمع عاقلاً) وينسجون في ذلك روايات وحكاوي لا تصدر إلا عن: جاهل بما عليه ـ جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ذلك الجهاز الطيب المبارك الذي يتميز بكفاءات علمية وخبرات ميدانية ـ أو تصدر عن: مُتحامل في قلبه هوىً . ومعلومٌ أنه لا يكره رجال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا جاهلٌ أو من هو على خلاف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فتراه يأمر بالمنكر وينهى عن المعروف ـ عياذاً بالله - تعالى - وقد أعجبني تشبيه أحد طلبة العلم لمن يكره هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عندما قال: شأنه كشأن بغض مُتعاطي المخدرات لرجال المكافحة. فهل رأيتم مدمن مخدراتٍ لا يكره رجال الشرطة أو رجال مكافحة المخدرات؟ أو هل رأيتم مخالفاً لأنظمة المرور يُحب رجال المرور؟ لا شك أنهم يكرهون تلك الجهات الأمنية التي تأخذ على أيديهم وتمنعهم من تلك المخالفات. فحب شعيرة الأمر بالمعروف وأهله والنهي عن المنكر من صفات وعلامات أهل الإيمان، قال - تعالى -: ((وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصّلاَةَ)) [التوبة: 71]. وأما بغض الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر هو من صفات المنافقين والمنحرفين، قال - تعالى -: ((الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)) [التوبة: 67]، وقد جعل الله - تعالى -الخيرية في أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - وذلك أن من أهم صفاتها توحيده - عز وجل - وإقامة شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال - سبحانه -: ((كُنْتُمْ خَيْرَ أُمّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لّهُمْ مّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ)) [آل عمران: 110]، وقال - سبحانه - آمراً وموجباً على عباده أن تكون منهم أُمة يقومون بهذا الواجب: ((وَلْتَكُن مّنْكُمْ أُمّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُوْلََئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)) [104 آل عمران]. وبمفهوم المخالفة يكون من خالف تلك الشروط والصفات واستبدلها بغيرها فأولئك هم الخاسرون. وهذا معلوم من الدين.(13/218)
ولا أصعب شيء على نفوس المخالفين للفضيلة والعاكفين على غير ما يُحمد العكوف عليه، ليس أشد على نفوسهم من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إذ أنهم يجدون أنفسهم في حرج من هذه الشعيرة وبين مفترق طريقين، إما أن يأخذوا بأيديهم ويُلزموا أنفسهم بالانقياد إلى الحق وتبنيه والدعوة إليه، فلما وجدوا هذا صعباً على نفوسهم لم يجدوا بُداً من الطريق الآخر وهو: محاربة القائمين على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ورميهم بأبشع وأشنع ما يستطيعون، ولك أن تتساءل: أين العاقل الذي يسعى لإنقاذ نفسه من الهلاك في الدنيا والآخرة؟ أين هو عندما يقف أمام أمر الله - تعالى -يُحارب أوامر الله - تعالى- ليل نهار ويعادي شرعه وأولياءه ؟ لم يكتف هذا العاصي بارتكابه واقترافه للذنوب أو أن يكون تقصيره عن الواجبات واقترافه للسيئات على نفسه. بل وقف بالمرصاد لعباد الله المؤمنين القائمين بأمر الله يلمزهم في المجالس وينبزهم ويقذفهم بقلمه، ولنأت على مثالٍ في كتاب الله - عز وجل -: إذا كان الذي يُرابي وضرره غير متعدٍ على المجتمع كله، بل ضرره محصورٌ بينه وبين الآخر الذي يُقرضه قرضاً ربوياً، قال الله - تعالى -: ((يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ اتّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرّبَا إِن كُنْتُمْ مّؤْمِنِينَ * فَإِن لّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ... )) [البقرة: 278ـ279]، وهذه الجريمة (الربا) كبيرة من كبائر الذنوب ومعصية ثنائية بينه وبين آخر، إذا لم ينته عنها فإن الله توعّده بحربٍ منه - عز وجل - إذاً فما بال من يُحارب القائمين بأمر الله ـ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ـ صباح مساء، وديدنه الطعن فيهم، والنيل منهم في كل وادٍ وفي كل نادي. لا شك أن هذا مسكينٌ ومُعرضٌ ـ والعياذ بالله ـ للعقوبة في الدنيا والآخرة. وما حال هذا المريض وهيئة الأمر بالمعروف إلا كما قال الشاعر:
كناطح صخرةٍ يوماً ليوهنها * * * فلم يَضُرها وأوهى قرنه الوعلُ
فبالله عليكم قولوا لي: كيف يُجرم المجرم ويأخذ راحته في الجريمة لاسيما إن جاهر بها إذا كان هناك من يقوم عليه ويردعه من المؤمنين كأمثال رجال الحسبة؟ كيف يعتدي المُعتدي على حُرمات المؤمنين الآمنين ويتتبع عوراتهم في الطرقات إذا كان هناك ثُلّةٌ من المؤمنين تحول بينه وبين رغباته المنحرفة؟ لا شك أن هذا يؤذي أعداء الفضيلة، ويقولون بعد ذلك الهيئة فعلت وأخطأت وفعلت وفعلت ـ سبحان الله ـ وكأن الهيئة كلها شرٌ محض؟ أليسوا هم بشرٌ يصيبون ويخطئون؟ لا ندعي العصمة والكمال لهم كما لا ندعي العصمة والكمال لغيرهم من باقي الأجهزة في أي قطرٍ من هذا العالم، تجد في كل مكان أخطاء فردية، فكلٌّ إنسانٍ منا معرضٌ للخطأ وكلُّ إنسانٍ منا مُعرضٌ للتقصير أو الزيادة أو النقصان، ولاسيما إذا كان هناك احتكاك مباشر بالجمهور، ولكن الأمر كما قال الشاعر:
وعين الرضا عن كل عيبٍ كليلة * * * كما أن عين السُخط تبدي المساويا
ألم يخطئ أحد من العالمين إلا الهيئة ورجال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟؟؟!
ولا أقول إن رجال الهيئات فوق النقد، والإصلاح، والتقويم، ولكن معلومٌ لكافة العقلاء الفرق بين النقد الذي يكون منطلقه الإصلاح بالصدق في القول، والقصد، وسلامة الوسيلة، وبين النقد الذي يكون هدفه الهدم عن طريق الكذب، والتلبيس، وسوء الوسيلة. فأي أحد يرضى نقداً مبنياً على الكذب وتقليب الحقائق؟؟؟. وأما النقد الهادف البناء بالضوابط الشرعية فهذا من أساس معنى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. إذ لا قداسة ولا فوقية لأحد كائناً من كان من نقد الآخرين والأمر والنهي إلا من عصمهم الله من الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام .(13/219)
ولكن إذا لم نستطع أن نكون آمرين بالمعروف ناهين عن المنكر فلنكف ألسنتنا عن هؤلاء الرجال الذين نذروا أنفسهم وأمضوا أعمارهم وأفنوا حياتهم ليحموا أعراض المسلمين ويصونوا أمن بلادهم، فكم من عمليةٍ لترويج المخدرات أحبطتها الهيئة بفضل الله - تعالى -؟ وكم من مًعَاصِرَ للخمور داهمتها وصادرتها الهيئة وأتلفتها؟ وكم من عِرضٍ شريف أراد بعض الأراذل أن يُدنسه وأنقذه الله في آخر اللحظات على يد الهيئة؟ وكم من شابٍ متخلف عن الصلاة متسكع في الشوارع أصبح مواظباً على الصلوات في الصف الأول بفضل الله - تعالى -ثم بنصح وتوجيه وإرشاد الهيئة؟ كم وكم فعلت الهيئة من الخير وفعلت وما زالت تفعل وستفعل بإذن الله - تعالى -، وأعمال هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفضائلها أعظم من أن تُحصر وتُذكر في هذه المقالة المختصرة، ومهما قلت أو قال غيري فلن نستطيع أن نوفيها حقها ولكن أجرهم عند الله وعلى الله ((فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيم)) [111 التوبة]، وبعد هذا يقولون الهيئة فعلت وفعلت، ألا فلنتقي الله يا عباد الله ولنعلم أننا غداً بين يديه موقوفون وعن أعمالنا مسؤولون ومحاسبون ومجزيون ((وَسَيَعْلَمْ الّذِينَ ظَلَمُوَاْ أَيّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ)) [227الشعراء]، ولنعلم أننا لن نضر الله شيئاً إنما إن أحسنا أحسنا لأنفسنا وإن أسأنا أسأنا لأنفسنا والله تعال غنيٌ عنا، ومعلوم ما تحظى به هذه البلاد المباركة من رعاية ولاة أمرها ـ حفظهم الله ـ لهذا الجهاز المبارك (جهاز الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) فقد جعلوه ـ ثبت الله أجرهم وأذاقهم بركته في الدنيا والآخرة ـ نظاماً وجهازاً من أجهزة الدولة الرسمية وجعلوه ركناً قوياً شديداً من أهم أركان الدولة، وأنعم بها والله من دولة، وإن مما يجدر بالمؤمن أن يرفع به رأسه في هذه البلاد الطاهرة هو تحكيم شريعة الله وإقامة التوحيد والسنة ووجود مثل هذه الأجهزة المباركة والتي لا وجود ولا مثيل لها في الدنيا كلها، تميّزنا بها على دول الغرب والشرق والعرب والعجم، فميزة هذه البلاد حراسة العقيدة والثوابت، والفضيلة وحراسة الأعراض وحراسة المبادئ السمحة وحراسة القيم ومكارم الأخلاق ومحاربة الرذيلة وأهلها، هذه البلاد تحرص أن تحمي شعبها وأبناءها من كل سوء، فأنعم بها من دولة وشعب تفردوا بهذا الفضل، واجتمعت قلوبهم عليه. وصدق الله - تعالى -إذ يقول: ((قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مّمّا يَجْمَعُونَ)) [58 يونس]. وصدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ يقول: (إن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ، وهو يأْرِزُ بين المسجدين كما تأْرِزُ الحية إلى جحرها) رواه مسلم.
وفي الختام أرى أنه من الواجب توجيه رسالة إلى رجال الهيئات بأن يكون كل واحد منهم على مستوى المسئولية فلا يؤتى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من قبله وذلك بالأخذ على أيدي بعض المتعجلين لمنسوبي الهيئة الذين يسيئون إلى سمعة جهاز الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في تصرفاتهم الفردية المخالفة لما تقتضيه المصلحة الشرعية والفقه بالأوضاع الراهنة ومقتضى الظروف التي نمر بها حالياً بالإضافة إلى الهجمة الشرسة من أعداء الإسلام الذين يحاولون تشويه صورة الإسلام بذريعة أخطاء بعض أفراد المجتمع الإسلامي وهذا الواقع يحتم الحيطة واليقظة أكثر من أي وقت مضى حتى لا تُتخذ بعض التصرفات الفردية الخاطئة ذريعة للنيل من الإسلام وأهله خاصة الدعاة إلى الله ورجال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ـ زادهم الله خيراً وكف الله عنهم بأس المغرضين ـ. ولا أجد شيئاً أحسن في معالجة الأخطاء الفردية التي تقع من بعض منسوبي الهيئة من الاحتساب عليهم والأخذ على أيديهم وذلك بتعليم من يحتاج التعليم منهم فلا أحد يستغني عن العلم إذ كلنا بحاجة للتعلم ((وَفَوْقَ كُلّ ذِي عِلْمٍ عَلِيم)) [76 يوسف]، حتى لا تغرق سفينة النجاة.
والله أسأل أن يسدد ويعين الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر ويوفقهم، وأن يؤيد دولة الإسلام القائمة بهذه الشعيرة وأن يجعلها ممن تحقق فيها قوله - تعالى -: ((الّذِينَ إِنْ مّكّنّاهُمْ فِي الأرْضِ أَقَامُواْ الصّلاَةَ وَآتَوُاْ الزّكَاةَ وَأَمَرُواْ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْاْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلّهِ عَاقِبَةُ الاُمُورِ)) [41 الحج] وأن يكفيها كيد الكائدين وحسد الحاسدين وأن يديمها رائدة وقدوة للمسلمين والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
http://www.saaid.net المصدر:
=============
صحوة بغداد
أوعى العراقيين اليوم: عراقي مؤمنٌ يسجد لله، يفزع إلى موازين الفقه يسألها ويستشيرها، فهو من نور الشرع يقبس، وبمشاعر القلب يستهدي، فيستوي مدركاً للعلل والحلول، ويقف في قومه يردد قول الإمام 'الأوزاعي': [لا تكونوا أشباهًا لمن خدعه الأمل، وغره طول الأجل، ولعبت به الأماني]، وهي موعظة قديمة ولكن كأنها صيغت لوصف أبناء الجيل العراقي الحاضر الذين طالما خدعتهم آمال عريضة مناهم بها حاكم ماكر ومعارض التفافيّ النزعة، وبين إغراءيهما لعبت الأماني بعقل وقلب العراقي، وما يكاد يفيق من أوهامه، يفهم أن فسحة الأجل إنما هي مدة لازمة لنمو بذرات زرعه، وما ثم غير أيام تقربه من النتيجة الخاسرة والحقيقة الدامغة، ولو شاء قلب ينبض أن يؤوب إلى قواعد الدين لتاب.(13/220)
بيد أن السكرة امتدت، وليس في الظن أنها نتيجة مرض نفسي أو ترديات إيمانية فقط، وإنما اختلطت بها عيون حسد نافذة، أرسلتها حدقات شركات نفط [تكساس] فأصابت بالشر جمال [بغداد] فتركت في خدها الأسيل لفحة، وفي قلبها لوعات وصلتها وربطتها بعيون حسد أيام فتنة الأمين والمأمون، حسدت البناء الحضاري الذي بناه الرشيد والازدهار الاجتماعي، حتى تأوه شاعرها فانطلق يبث أشجانه..
من ذا أصابك يا بغداد بالعين *** ألم تكوني زمانًا قرة العين
ألم يكن فيك قومٌ كان مسكنهم *** وكان قربهم زيناً من الزين
ليكن حديثنا حديث استنفار لكل رجل فيه خير من رجال العراق، ولكل عقيلة عراقية تشمخ بعفافها، أن يلحظ الجميع الحاجة إلى إصلاح شامل للعراق، عبر صحوة إسلامية واعية، خروجًا من البطالة والتسيب وحالة السلب، واتعاظًا بقول التابعي 'وهب بن منبه': [لا يكون البطال من الحكماء أبدًا]، فإننا جميعًا نبتغي خطة تكفل بالترميم والتنمية واستئناف السلوك الحضاري، وعلى العراقي أن يأتي هذا العمل ويقترف هذا الإصلاح ليس بنوايا الدنيا والإدارة والمصلحة فقط، بل بالنوايا التعبدية أيضًا.
فالممارسة الدعوية والاستدراك على الهدم بابان من العمل الديني الذي يقربنا من الجنة ويبعدنا من النار، وفوق الكريم الذي يوزع دنانيره: كريم يثأر لحقوق الله فيفاتح قريبه وصديقه وجيرانه على الانضمام لعصابة الدعوة الإسلامية الحامية المستدركة الحافظة لحقوق المعبود ومصالح العباد.
نعم هي مهمة كبيرة، وضريبتها أكبر، لكنها واجبة على مذهب 'عمر بن عبد العزيز': [إنَّ الناس لو كان إذا كبُر عليهم أمر تركوه: ما قام لهم دين ولا دنيا].
فنحن الدعاة إنما خلقنا ربنا لنقوم بالأمور الكبيرة نيابة عن الأمة، ولسنا نطلب الأسهل ونفاخر به وندع الأصعب؛ فإن ذلك من ضعف التدين، ويؤدي إلى ضمور دنيانا وخسارة الجولة مع المنافسين، بل نحن للأثقال، والخطط الطموحة، والأهداف العظيمة، وعلى كواهلنا يكون التنفيذ المرهق لأجسادنا، المفرح لقلوبنا، الجالب للعراق حلول مشاكله والمنجي له من دائرة السوء.
وهذا منهج راشد ونداء فصيح وتعاهد جميل، لكن له شرط واحد ـ هو أهم شروطه ـ تجمله قصة حاشية الإمرة وطبائع المترفين، وخلاصته أن النفرة المباركة هذه إنما تصح من متجرد وجادٍ وذي حيوية ومخشوشن وزاهد ومتواضع، ولا تصح من متبطر ومتشبه بالكرام ومعطٍ للنفرة فضول أوقاته، ففي مواعظ التاريخ [كان المنصور في شبيبته يطلب العلم من مظانه، والحديث والفقه، فنال جانبًا جيدًا وطرفًا صالحًا، وقد قيل له يومًا: يا أمير المؤمنين: هل بقي شيء من اللذات لم تنله؟ قال: شيء واحد. قالوا: وما هو؟ قال: قول المحدث للشيخ: من ذكرت رحمك الله؟
فاجتمع وزراؤه وكتابه وجلسوا حوله وقالوا: ليُِِِمل علينا أمير المؤمنين شيئًا من الحديث!
فقال: لستم بهم، إنما هم الدنسة ثيابهم، المشققة أرجلهم، الطويلة شعورهم، رواد الآفاق، وقطاع المسافات. تارة بالعراق، وتارة بالحجاز، وتارة بالشام، وتارة باليمن، فهؤلاء نقلة الحديث].
فالقضية العراقية إنما تحتاج هذا النمط من الرجال وقطاع المسافات في طلب العلم الشرعي والتراث التجريبي والحكمة التخطيطية، الذين تعمقت شقوق أرجلهم، لكن توسعت صلتهم بدعوة عالمية المدى فيها أنصار بالحجاز واليمن والجزائر والشام يهبون الإسناد ويجهرون بحق العراق، وبدعاء صالح من قلب خالص في أعقاب الركيعات.
وإنما يقود هذا العمل الاستدراكي: الفكر الصافي، المنتقى من دين الإسلام القيم، مما لم يكتشفه أئمة الفقه فقط، بل عرفه شاعر الدعابة 'أبو نواس' أيضًا فقال: [ما في الدين أغلوطة] بل كله حقائق محكمات، وإنما الأغاليط والفوضى والنزهات لدى أحزاب تحيد عن الدين وتختار العلمانية.
فإذا استوى رهط الدعاة على النقاء: رُجي أن تزيدهم الشورى خيرًا وحزمًا، على طريقة الشاعر الواعي:
إذا بلغ الرأي والتشاور فاستعن *** بحزم نصيح أو نصيحة حازم
ولا تجعل الشورى عليك غضاضة *** فريش الخوافي قوة للقوادم
وما خير كفٍّ أمسك الغلُّ أختها*** وما خير سيف لم يؤيد بقائم
فاللغط السياسي المعاصر يزعم أن شباب الصحوة الإسلامية ليس لديهم وعي مخضرمي الساسة ولا مجال لمساواتهم معهم في حق القول السياسي، وما ثم غير ألاعيب وتنازلات بمستعمر وخطة تطبيع مع يهود، والحق الذي معنا أكبر من كل مخضرم.
وأوامر المحتلين تأمرنا أن نسكت، فمن يتكلم بحجة الشرع إذا سكت الدعاة؟!!.
ويزعمون أننا لا ننطلق بحق وبيان، وأصول حقوقنا مجموعة في [لا إله إلا الله]، وفيها كل الفقه والاستنباط والتفريغ والإسقاطات على الواقع المعاصر، وهي براءة جامعة من العلمانية، ونقض لها ولمناهج السياسة الظنية، وإبرام جامع لكل حكم الشرع الشامل لنواحي الحياة بنصوص ربانية قطعية.
وتهمة الظلم توجه للدعوة، ولسنا على ظن طاغية ومستعمر ومستبد ومستأثر خرجنا من مساجدنا لنعلن قيام [الحزب الإسلامي العراقي].
ثم في المشهد الأخير يفتي [متأمرك] بأن الديمقراطية لا تسع دعوة الإسلام لأنها تفسد على الناس أمرهم، ولو شاء أن يقول الحق لأفصح أنه يخاف عفاف دعاة الإسلام، وأنه يحذر ولعهم بكشف الناهبين، وأمثاله يعلمون أن الدعوة الإسلامية تنوي الحجر على كل سياسي يجعل له في أموال الأمة نصيبًا يحوله إلى جيوبه، وموقفها في ذلك مستنبط من قول 'عبد الله بن عبد العزيز العمري' للخليفة 'الرشيد'يا هارون: إن الرجل ليُسرف في ماله فيستحق الحجر عليه، فكيف بمن يسرف في أموال المسلمين كلهم].(13/221)
فبهذا الحق تنوب الدعوة الإسلامية عن الأمة في طلب الحجر على كل سياسي سلطوي يظهر منه الفساد، وبهذا المنطق الفقهي ينتدب الداعية العراقي نفسه ليسأل وكالة عن العراق: أين ذهبت خمسة مليارات دولار من أثمان نفطه في شهرين من التعاون مع الاستعمار الأمريكي؟ ثم ليكون ـ إذ لا جواب ـ عزلٌ لعصابة تسرق وتتناول الحرام.
ونكاد لا نفهم أسباب هذه الاختلاطات واستغفال أبناء الشعب، لكن التأمل الطويل والبحث في طبائع النفوس المنحرفة أوضح لنا أن هذه الظواهر من الممارسة السياسية الخفيفة الطافية إنما هي من نتائج كل زمن سيء، ومن لوازمه وإفرازاته الحتمية، وقد وجدنا الإمام 'الأوزاعي' منذ القديم يضع النقاط على الحروف ويحدد المواصفات القياسية للزمن السيء، فيحدد ألوان لوحته وخطوطها العريضة بأنه: [زمان قد ولى عفوه، وذهب رخاؤه وخيره وصفوه، فلم يبق منه إلا جمة شر، وصبابة كدر، وأهاويل عِبَر، وعقوبات غِيَر وإرسال فتن، وتتابع زلازل، ورذالة خلف بهم ظهر الفساد في البر والبحر، يضيقون الدار، ويغلون الأسعار].
أن تلك العصبة الآمرة بالمعروف، الناهية عن المنكر لها نسب دعوي عريق وإصلاح لكافة الفتن التي مرت على العراق، ومبالغة في مفاصلة هذه المجموعة الإصلاحية لعصابات السوء ينبغي أن يرتقي المحتسبون الإصلاحيون المستدركون إلى قمم الأخلاق الإيمانية، والأداء المتجرد لله، والسمت المتحلي بالرفق والنزاهة، لنجعل الناس تدرك اختلاف المعدن وتميز الجوهر النقي والسلوك العفيف.
والاقتراح أن يكون شعار وهتاف ونشيد هؤلاء الأخيار أربعة أسطر ارتضاها لهم شيخ الزهاد والمجاهدين الإمام 'إبراهيم بن أدهم'، وفيها تلقين لطريقة الإخبات والتواضع بين يدي الله - عز وجل -، وتركيز لمنهجية التربية في ثلاثة أخلاق تقابلها ثلاثة إحساسات وإقرارات ومشاعر، وذلك قول الداعية في النشيد الأدهمي بكرة وعشيًا:
أنا حامدٌ أنا ذاكرٌ أنا شاكرٌ *** أنا جائعٌ أنا خاسرٌ أنا عاري
هي ستةٌ وأنا الضمين لنصفها *** فكن الضمين لنصفها يا باري
فالداعية ينزل إلى أوطأ حالات العبودية في هذه الأثناء، وأنه حاسر الرأس لولا أن الرب يتوجه بتاج الإيمان وفضائل الإحسان، وأنه هو العاري لولا أن الباري يُسبغ عليه أذيال الستر ويلبسه أثواب العفاف؛ لذلك يلهج بحمد وذكر وشكر يعاهد مولاه أن لا يدعها أبد عمره ويضمنها لربه ويطلب من إله السماوات والأرض أن يضمن بمقابلها رزقه الحلال، لا المسروق، وتاج الإيمان لا تشنيعات القنوات الفضائية ووسائل الإعلام التي ما عادت تترك سارقًا لأموال الأمة يهنأ بحرام اختلسه، حتى لكأنها فضيحة في الدنيا يريدها الله لكل سارق قبل فضيحة الآخرة.
وإنما أشفقنا على الداعية المسلم فذكرنا له هذه الأخلاق الثلاثة، وإلا فإن كل قاموس الطيبات يليق له حلية وزينة، ونعظه أن:
أصدق وعف وبر واصبر واحتمل *** واصفح وكافئ ودار واحلم واشجعِ
والطف ولنْ وتأنَّ وارفق واتئد *** واحزم وجُدْ وحامِ واحمل وادفعِ
فبجميع هذه الخصال تكون جولات الدعاة وصولاتهم، وبها يكون تفوقهم الاستراتيجي على الخصوم.
13 ـ شعبان 1425هـ.
http://www.islammemo.cc المصدر:
=============
فكرة دعوية للمساجد ( 15 )
الأسئلة الليلية الرمضانية
عبد الله القحطاني
الفكرة:
أن يقوم الداعية أو إمام المسجد بتجهيز 30 سؤالا لليالي الرمضانية وذلك ما بين المغرب والعشاء.
فوائد هذه الفكرة:
1- استغلال وقت ما بين المغرب والعشاء.
2- تحريك القلوب والعقول بما يرضي الله - عز وجل - وبما يكون عوناً على طاعته.
3- مزاحمة بعض البرامج السيئة التي تطرح ما بين الغرب والعشاء.
ملحوظات:
• يكون على باب المسجد إعلان مسبق عن هذه المسابقة.
• يتم تسليم جوائز كل يوم بعد عصر اليوم الثاني واليوم الأخير بعد العشاء..
• في الغالب أنها قد تكون الإجابات صحيحة فيتم اختيارها عن طريق القرعة..
• تحدد جوائز قيمه من أجل أن يتفاعل المتسابقين..
ومن المقترحات في الأسئلة:
السؤال الأول:
أذكر10 وسائل معينه على استغلال ما بين المغرب والعشاء في رمضان؟
السؤال الثاني:
أذكر 4 سنن من سنن الصيام مع الأدلة؟
السؤال الثالث:
أذكر ثلاث آداب من آداب تلاوة القرآن؟
السؤال الرابع
في اقل من عشرة أسطر أكتب رسالة دعوية إلى صائم؟
السؤال الخامس
أذكر 4 من مفطرات الصيام؟
السؤال السادس
أذكر5 مجلات من المجلات الإسلامية؟ وأذكر نبذة مختصرة عن أحدها؟
السؤال السابع
من هو مؤلف كلاً من
كتاب رياض الصالحين - وكتاب الكبائر- وكتاب الفوائد - وكتاب الملخص الفقهي؟
السؤال الثامن:
أذكر5 برامج رمضانية تقدمها قناة المجد الأولى لهذا العام؟ و5 برامج أخرى من قناة المجد العلمية؟
السؤال التاسع:
في أقل من عشرة أسطر تكلم عن موقع صيد الفوائد في النت؟
السؤال العاشر:
أذكر 6 أسباب من أسباب الخشوع في الصلاة؟
السؤال الحادي عشر:
من خلال قراءتك لكتاب الله في هذا الشهر أذكر3 آيات ترغب في عفو الله ومغفرته؟
السؤال الثاني عشر:
أذكر أسماء 4 أشرطة تتكلم عن الموت و4 أشرطة أخرى تتكلم عن رمضان؟
السؤال الثالث عشر
أذكر 10 وسائل من وسائل زيادة الإيمان في هذا الشهر الكريم؟
السؤال الرابع عشر
أذكر 5 بدائل تثقيفية للطفل؟
السؤال الخامس عشر
أرسم رسمه واضحة تحدد موقع مسجد حينا؟
السؤال السادس عشر:
أذكر 7 مواقع إسلامية في الشبكة المعلوماتية؟
السؤال السابع عشر:
متى وقعت غزوة بدر؟ وأذكر موقف واحد من أحداثها؟
السؤال الثامن عشر
أذكر 5 وسائل معينة على الاعتكاف؟
السؤال التاسع عشر:(13/222)
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ((سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظله........ )) أكمل الحديث..
السؤال العشرون:
أكتب رسالة في اقل من10 أسطر إلى من يذهب إلى البيت الحرام من اجل العبث واللهو والخروج إلى الأسواق؟
السؤال الواحد والعشرون:
أذكر 3 أدلة من أدلة وجوب الزكاة؟
السؤال الثاني والعشرون؟
كم عدد شروط لا إله إلا الله؟ وما هي؟
السؤال الثالث والعشرون
تحدث عن الصحابي الجليل عمر بن الخطاب في أقل من 10 أسطر؟
السؤال الرابع والعشرون
أذكر شروط التوبة؟ وبعد ذلك أذكر 5 وسائل من وسائل الثبات على هذا الدين؟
السؤال الخامس والعشرون
ما هي مصارف الزكاة الثمانية؟ مع ذكر الدليل؟
السؤال السادس والعشرون
كم عدد آيات سورة النمل، وسورة طه، وسورة الشعراء، وسورة سبأ، وسورة الشرح؟
السؤال السابع والعشرون
أذكر تفسير قول الله - تعالى -: ((إن الله كان عليكم رقيبا))؟
السؤال الثامن والعشرون
أكتب رسالة وداعية لهذا الشهر الكريم في اقل من 10 أسطر؟
السؤال التاسع والعشرون
أذكر دليل على فضل ستة أيام من شوال؟ ثم أذكر ما ينبغي أن يفعله الإنسان أيام العيد؟
السؤال الثلاثون
أكتب مقترحات في الأسئلة الرمضانية الليلية في العام القادم؟
• هذه بعض المقترحات للأسئلة.. وأعتمدت في طرح الأسئلة المتنوعة وأسأل الله لك التوفيق..
http://www.saaid.net المصدر:
=============
لماذا تكتبون ؟
الشيخ نزيه مطرجي
طوبى لكاتب يحمل رسالة الكلمة الطيّبة، ويراها {كَشَجَرة طيِّبة أصلُها ثابِتٌ وفرْعُها في السَّماءِ تُوْتي أُكُلَها كُلَّ حينٍ بإذْنِ ربِّها} إبراهيم - 24، 25؛ إنها كشجرة سامقة لا تعصف بها رياح الباطل، ثابتة لا تزعزعها الأعاصير، مثمرة لا ينقطع خيرها ونتاجها الوفير. إن صاحب هذه الكلمة يجعل الحقّ سيفه، والصدق مطيّته، والصراط طريقه، والله - تعالى -غاية طِلْبته.
لا طُهر للنفس ولا علوّ إلا بأن يلتمس صاحبها ما فيه مرضاة الله، ويجتنب ما فيه مساخطه، وأن يُوثْر رضا مولاه على كل من عداه؛ فمن أرضى ربه بسَخط الناس كفاه الله مَؤونة الناس. والشاعر يقول:
فليتك تحلو والحياة مريرةٌ *** وليتك ترضى والأنام غِضابُ
ومن شرُفت نفسه بهذا الإيثار كان من ورثة المصطَفين الأخيار، فلا يطرب لثناء الناس، ولا يأبه لتعظيمهم، ولا يستفزّه ذمّهم وتجريحهم.
إن رسول الكلمة الصادقة لا يكتب للناس ليعجبهم بل لينفعهم، ولا يجود بأدبه ليرضيهم بل لينفُذ إلى نفوسهم، ولا يسخو بقلمه ليسمع ثناءهم بل ليترك أثراً في قلوبهم!
همّه الأوّل أن يهدي إلى هُدى، أو يردّ عن رَدَى، والآخرون في همومهم أَوْزاع: منهم من يكتب ليعجب القرّاء، أو يُطرب الدَّهماء، أو يُضحك الظُّرفاء؛ ومنهم من يكتب ليرضي الأولياء، أو يَزْدلف إلى الكبراء.
ولو علم قرّاء العربية أن أرباب القلم لا يكتبون إلا لتحقيق شهرة أو ذيوع صيت، وأنهم يتخذون عِدَّة القُرّاء سُلّماً لمجدهم، لنذروا للرحمن صوماً، ولم يقرؤوا لهم حرفاً! ما دوَّنت لهم أجراً، وما محت عنهم وزراً!
إن من حقّ أعضاء الأجساد أن لا تكتفي بأن تُكفِّر الألسنة وما تنطق، بل تُكفّر الأَيْمان أيضاً وما تَسْطر، فتقول لكل من اللسان واليمين: «اتَّقِ الله فينا فإنما نحن بك، فإن استقمت استقمنا، وإن اعْوججت اعوججنا»! رواه الترمذي؛ وإنه ما على وجه الأرض شيء أَحوج إلى طول حَبْس من هذين.
إن على الكاتب أن يتخذ لنفسه ميزاناً يزن به أقواله وأفعاله، كما يزن أقوال الناس وأفعالهم، وأن يمنح العقول ما يزيدها علماً، ويهب القلوب ما يزيدها هدى، وأن تحمل مقالته النافع الطيِّب، وتذر الضارّ الخبيث؛ وليحذر أن تكون كلماته صمّاء جوفاء كالمستفعِلات، ليس فيها من المنقول والمعقول شيء سوى الفُضول! ولا يُبالِ بعد ذلك أرضي الناس أم سخطوا، أأحبّوه أم أبغضوه، فإنما يَأْسى على الحب النساء!
يجدر بالكاتب أن يكون كَلِفاً بالإحسان إلى الناس، بِجَلب المنفعة لهم، ودَفع المفسدة عنهم؛ ولو انتفع من مقاله القليل القليل من أهل الشهادتين لكان خيراً له من حُمْر النَّعم، وبريق الأصفَريْن، وكان أَسْعَد لقلبه من أن يُحدِث دويّاً يملأ مسمع الخافقَيْن!
http://www.al-aman.com المصدر:
============
الاستبصار عند الفتن
محمد العبدة
عندما كتب الإمام أبو المعالي الجويني كتابه في السياسة الشرعية المسمى (غِيَاث الأمم في التياث الظُّلَم) أراد أن يقول إنه عندما يحزب المسلمين أمر، وتأتي الفتن من كل مكان تشوش على المسلم، فلا يدري وجه الحق ولا أين يتجه، ويصبح الحليم حيران، فالمعول عليه عندئذ هم العلماء الذي يبصرون الناس بالحقائق ويبينون الصواب لأنهم أدرى الناس بمواقع الفتن، وكيفية المخرج منها.
وذلك لما فقهوا واستأنسوا من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولما يعلمون من الترجيح بين الصالح والأصلح، والفاسد والأشد فساداً، ويعلمون قاعدة دفع الضرر، رفع الحرج، ومثل هذا الصنف من العلماء يجب أن يكون على علم وفقه دقيق بالواقع كما هو على علم واسع بالقواعد الشرعية، وكيف تطبق على أرض الواقع.
إن الملاذ الذي يلجأ إليه العوام هم العلماء والدعاة، فهم المتَّبَعون، ولا يجوز أبداً أن يكونوا هم التابعين يتحسسون آراء الشارع وتوجهات الناس، فيؤيدون هذا الاتجاه أو ذاك إرضاءً لهم ومسايرة لعواطفهم الفائرة، وحتى لا تحترق أوراقهم.(13/223)
هناك بعض أئمة المساجد من يعلم أن ذاك الأمر بدعة ولكنه لا يستطيع مخالفة عوام المسجد! وكذلك نجدهم في الأمور الكبيرة التي تهجم على المسلمين فلا يدرون أين المذهب، وتتفرق بهم السبل، هذا الصنف ممن يتصدر للزعامة، ويداري ويجامل على حساب الحق، فهو مقود لا قائد.
وكان الأوْلى به أن يصدع بالحق في وقت يكون الناس في أشد الحاجة إلى العلماء الذين لا يجاملون ولا يداهنون.
كان الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان يسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الشر والفتن مخافة أن يقع فيها، وكان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يسأله ويستشيره في موضوع الفتن، فهل يتبصر الدعاة طريقهم عندما تشتبه الأمور، ثم يقومون بتبصير الناس حتى لو أدى ذلك إلى معارضتهم واستغرابهم، فإن هذه مهمتهم، وهذه هي الأمانة التي نِيطت في أعناقهم (لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ ولا تَكْتُمُونَهُ) [آل عمران:187].
http://www.albayan-magazine.com المصدر:
============
اصنع البديل لكي تصلح الجيل
عبد الله القحطاني
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده... وبعد
لا شك أن هذا الجيل الفريد يعيش في عصر معقد، يتخلله صراعات تهدم الأسس والمسلمات التي تربى عليها من خلال تربيته في البيت أو المدرسة أو المسجد.
هذا الجيل بني على حبّ ما يحبه الله ورسوله، وبغض ما يكرهه الله ورسوله، لكن مع هذا البناء... إلا أنه يحتاج إلى تدعيمه بالبدائل التي تزيد من هذا البناء، وتسهم في دفع وسائل الهدم المطروحة...
عندما نريد أن يكون لدينا جيلٌ يملك الوعي، والقدرة على تجاوز البدائل السيئة، فإنه ينبغي للدعاة والمربين أن يملكوا المقومات التي تساعدهم في صنع البديل لهذا الجيل.
قد يقول قائل (إنني أوجه وأرشد أبنائي وطلابي وأهتمّ بهم وهذا يكفي) أقول لمن كان هذا تفكيره هذا جيد ولا شك، لكن يكون الجيد جيدا إذا كان الأجود هو الأحسن، فلو أُقرِن هذا الخطاب والتوجيه بصنع البدائل لهم لكن هذا أدعى في الإستجابة أكثر.
• قناة المجد الآن متوفرة وهذه القناة بذاتها تملك بدائل لا تتصور، سواء كان ذلك للطفل أو للشاب أو للفتاة، أو للمثقف، أو لطالب العلم أو غيره... لكن من هو الذي صنع هذا البديل لمن لا يملكه؟
• المجلات الإسلامية تتوفر في الأسواق بالعشرات سواء كان للطفل أو للشباب أو الفتيات أو المرأة المسلمة ... لكن متى نوظف هذه المجلات بشكل كبير بين من غفل عنها ولم يلقي لها بالاً؟
• الأشرطة السمعية... الكتب المقروءة... أجهزة الحفظ المساعدة في القرآن الكريم... المواقع الإسلامية في الإنترنت... ال cd المنضبطة الموجودة في الأسواق.... الألعاب الترفيهية.... إلى غير ذلك من البدائل المتوفرة التي تحتاج إلى تفعيل إيجابي بين أفراد هذا الجيل الفريد...
ينبغي للدعاة والمربين أن يكون لديهم جرأة في المراجعة والتطوير، وأن يأخذوا بأسباب النجاح، وأن يكون لديهم شعور بأننا مطلوبين بالنجاح، وأن يخوضوا التجارب الناجحة في تفعيل البديل، وأن يكون هناك ارتقاء بالحسّ الحضاري والذوق، وأن يكون هناك تلائم مع المتغيرات الجديدة والعولمة من أجل أن نصلح هذا الجيل.
إذن فلنصنع البديل....لكي نصلح الجيل
http://www.saaid.net المصدر:
==============
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
فوائد وقواعد ومسائل من كتب شيخ الإسلام
إحسان بن محمد بن عايش العتيبي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد
فهذه فوائد منتقاة من كتب الإمام العلم الجهبذ شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -، وستكون إن شاء الله- في حلقات، وفي مواضيع هادفة متفرقة.وأسأل الله أن ينفع بها.
قال شيخ الإسلام - رحمه الله -:
* وكذلك الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر لا يجب على كلِّ أحدٍ بعينه بل هو على الكفاية كما دل عليه القرآن، ولما كان الجهاد مِن تمام ذلك كان الجهاد أيضا كذلك فإذا لم يقم به مَن يقوم بواجبه أثم كلُّ قادرٍ بحسب قدرته إذ هو واجبٌ على كلِّ إنسانٍ بحسب قدرته كما قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان".
* وإذا كان كذلك فمعلوم أنَّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإتمامه بالجهاد هو مِن أعظم المعروف الذي أمرنا به ولهذا قيل: "ليكن أمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر غير منكر"، وإذا كان هو مِن أعظم الواجبات والمستحبات فالواجبات والمستحبات لابد أن تكون المصلحة فيها راجحة على المفسدة إذ بهذا بُعثت الرسل ونَزلت الكتب {والله لا يحب الفساد} بل كل ما أمر الله به فهو صلاحٌ. وقد أثنى الله على الصلاح والمصلحين والذين آمنوا وعملوا الصالحات وذم المفسدين في غير موضع فحيث كانت مفسدة الأمر والنهي أعظم من مصلحته لم تكن مما أمر الله به وإن كان قد ترك واجب وفعل محرم إذ المؤمن عليه أن يتقي الله في عباده وليس عليه هداهم.
وهذا معنى قوله - تعالى -{يا أيها الذين أمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم مَن ضل إذا اهتديتم}، والاهتداء إنما يتم بأداء الواجب فإذا قام المسلم بما يجب عليه مِن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما قام بغيره مِن الواجبات لم يضرَّه ضلال الضُلاَّل(13/224)
* وذلك يكون تارة بالقلب وتارة باللسان وتارة باليد فأما القلب فيجب بكل حالٍ إذ لا ضرر في فعله ومَن لم يفعله فليس هو بمؤمن كما قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - "وذلك أدنى -أو- أضعف الإيمان" وقال "ليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل" وقيل لابن مسعود: مِن ميتُ الأحياء؟ فقال: الذي لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً وهذا هو المفتون الموصوف في حديث حذيفة بن اليمان.
* وهنا يغلط فريقان مِن النَّاس فريقٌ يترك ما يجب مِن الأمر والنهي تأويلاً لهذه الآية كما قال أبو بكر الصديق رضى الله عنه في خطبته "إنكم تقرؤون هذه الآية {عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم} وإنكم تضعونها في غير موضعها وإني سمعت النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - يقول "إن النَّاس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه".
والفريق الثاني مَن يريد أن يأمر وينهى إما بلسانه وإما بيده مطلقا مِن غير فقهٍ وحلمٍ وصبرٍ ونظرٍ فيما يصلح مِن ذلك ومالا يصلح، وما يَقدر عليه ومالا يَقدر كما في حديث أبى ثعلبة الخشني سألتُ عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال "بل ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر حتى إذا رأيتَ شحًّا مطاعاً وهوى متبعاً ودنيا مؤثَرةً وإعجابَ كلِّ ذي رأيٍ برأيه ورأيتَ أمراً لا يدان لك به فعليك بنفسك ودع عنك أمر العوام فإن مِن ورائك أيام الصبر فيهن على مثل قبض على الجمر للعامل فيهن كأجر خمسين رجلا يعملون مثل عمله"، فيأتي بالأمر والنهي معتقداً أنه مطيعٌ في ذلك لله ورسوله وهو معتدٍ في حدوده كما انتصب كثيرٌ مِن أهل البدع والأهواء كالخوارج والمعتزلة والرافضة وغيرهم ممن غلط فيما أتاه من الأمر والنهى والجهاد على ذلك وكان فسادُه أعظمَ مِن صلاحه ولهذا أمر النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - بالصبر على جور الأئمة ونهى عن قتالهم ما أقاموا الصلاة وقال "أدوا إليهم حقوقهم وسلوا الله حقوقكم" وقد بسطنا القول في ذلك في غير هذا الموضع.
ولهذا كان مِن أصول أهل السنة والجماعة لزوم الجماعة وترك قتال الأئمة وترك القتال في الفتنة، وأما أهل الأهواء كالمعتزلة فيروْن القتال للأئمة مِن أصول دينهم ويجعل المعتزلة أصول دينهم خمسة (التوحيد) الذي هو سلب الصفات و (العدل) الذي هو التكذيب بالقدر و (المنزلة بين المنزلتين) و (إنفاذ الوعيد) و (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) الذي منه قتال الأئمة.
وقد تكلمتُ على قتال الأئمة في غير هذا الموضع وجماع ذلك داخل في القاعدة العامة فيما إذا تعارضت المصالح والمفاسد والحسنات والسيئات أو تزاحمت فإنه يجب ترجيح الراجح منها فيما إذا ازدحمت والمصالح والمفاسد وتعارضت المصالح والمفاسد فإن الأمر والنهى وإن كان متضمناً لتحصيل مصلحةٍ ودفع مفسدةٍ فينظر في المعارض له فإن كان الذي يفوت مِن المصالح أو يحصل مِن المفاسد أكثر لم يكن مأموراً به بل يكون محرَّما إذا كانت مفسدته أكثر مِن مصلحته لكن اعتبار مقادير والمصالح والمفاسد هو بميزان الشريعة فمتى قدر الإنسان على اتباع النصوص لم يعدل عنها وإلا اجتهد برأيه لمعرفة الأشباه والنظائر وقلَّ أن تعوز النصوص مَن يكون خبيراً بها وبدلالتها على الأحكام.
وعلى هذا إذا كان الشخص أو الطائفة جامعين بين معروفٍ ومنكرٍ بحيث لا يفرقون بينهما بل إما أن يفعلوهما جميعاً أو يتركوهما جميعاً لم يجز أن يَأمروا بمعروفٍ ولا أن يَنهوا عن منكرٍ بل ينظر فإن كان المعروف أكثر أَمر به وإن استلزم ما هو دونه مِن المنكر ولم يَنه عن منكرٍ يستلزم تفويتَ معروفٍ أعظمَ منه بل يكون النهي حينئذ مِن باب الصدِّ عن سبيل الله والسعي في زوال طاعته وطاعة رسوله وزوال فعل الحسنات. وإن كان المنكر أغلب نهى عنه وإن استلزم فوات ما هو دونه مِن المعروف ويكون الأمر بذلك المعروف المستلزم للمنكر الزائد عليه أمراً بمنكرٍ وسعياً في معصية الله ورسوله وإن تكافأ المعروف والمنكر المتلازمان لم يؤمر بهما ولم ينه عنهما.
فتارةً يصلح الأمر وتارةً يصلح النهي وتارةً لا يصلح لا أمرٌ ولا نهي حيث كان المعروف والمنكر متلازمين وذلك في الأمور المعينة الواقعة.
وأما مِن جهة النوع فيؤمر بالمعروف مطلقاً وينهى عن المنكر مطلقاً وفي الفاعل الواحد والطائفة الواحدة يؤمر بمعروفها وينهى عن منكرها ويحمد محمودها ويذم مذمومها بحيث لا يتضمن الأمر بمعروف فوات أكثر منه أو حصول منكر فوقه ولا يتضمن النهى عن المنكر حصول أنكر منه أو فوات معروف أرجح منه.
وإذا اشتبه الأمر استبان المؤمن حتى يتبين له الحق فلا يقدم على الطاعة إلا بعلمٍ ونيةٍ وإذا تركها كان عاصياً فترك الأمر الواجب معصية وفعل ما نهى عنه من الأمر معصية وهذا باب واسع ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ومِن هذا الباب إقرار النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لعبد الله بن أبى وأمثاله مِن أئمة النفاق والفجور لما لهم مِن أعوانٍ فإزالةُ منكره بنوعٍ مِن عقابه مستلزمةٌ إزالة معروفٍ أكثر مِن ذلك بغضب قومه وحميتهم وبنفور الناس إذا سمعوا أن محمداً يقتل أصحابه ولهذا لما خاطب النَّاس في قصة الإفك بما خاطبهم به واعتذر منه وقال له سعد بن معاذ قوله الذي أحسن فيه حمى له سعد بن عبادة مع حسن إيمانه.(13/225)
* وأصل هذا أن تكون محبة الإنسان للمعروف وبغضه للمنكر وإرادته لهذا وكراهته لهذا موافقة لحب الله وبغضه وإرادته وكراهته الشرعيين وأن يكون فعله للمحبوب ودفعه للمكروه بحسب قوته وقدرته فإن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها وقد قال {فاتقوا الله ما استطعتم} فأما حب القلب وبغضه وإرادته كراهيته فينبغي أن تكون كاملةً جازمةً لا يوجب نقص ذلك إلا نقص الإيمان.
وأما فعل البدن فهو بحسب قدرته ومتى كانت إرادة القلب وكراهته كاملة تامة وفعل العبد معها بحسب قدرته فانه يعطى ثواب الفاعل الكامل كما قد بيناه في غير هذا الموضع.
"مجموع الفتاوى"(28/127-132)
http://saaid.net المصدر:
==============
علو الهمة في الدعوة إلى الله تعالى
• قال - تعالى -: (ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين).
• قال ابن القيم: مقام الدعوة إلى الله أشرف مقامات التعبد.
• ويقول أيضا: فالدعوة إلى الله - تعالى -هي وظيفة المرسلين وأتباعهم وهم خلفاء الرسل في أممهم والناس تبع لهم.
• وقال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: إن لله عند كل بدعة كيد بها الإسلام وليا من أوليائه يذب عنها وينطق بعلاماتها، فاغتنموا حضور تلك المواطن.
• قال القرطبي: فجعل الله - تعالى - الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر..فرقا
بين المؤمنين والمنافقين، فدل على أن أخص أوصاف المؤمنين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر..ورأسها الدعاء إلى الإسلام.
• قال أبو قاسم الغرناطي في ذكر قصة نوح: ذكر أولا أنه دعاهم بالليل والنهار ثم ذكر أنه دعاهم جهارا ثم ذكر أنه جمع بين الجهر والإسرار وهذه غاية الجد في النصيحة وتبليغ الرسالة.
• صورة نوح في دعوته وهو لا يمل ولا يفتر ولا ييأس أمام الإعراض والإصرار هي صورة لإصرار الداعية على الدعوة.
• قال البراء بن عازب: أول من قدم علينا مصعب بن عمير وابن أم مكتوم، وكانوا يقرئون الناس... سبحان الله! ما منع العمى ابن أم مكتوم عن الدعوة إلى الله ف- رحمه الله - ورضي الله عنه.
• يقول زياد الزبيدي الذي كان في جند عمرو بن العاص: فجعلنا نأتي بالرجل ممن في أيدينا ثم نخيره بين الإسلام والنصرانية فإذا اختار الإسلام كبرنا تكبيرة هي أشد من تكبيرنا حين تفتح القرية.. من حرصهم على دعوة الناس.
• يقول توماس أرنولد عن تحمس المسلمين لنشر الإسلام على الساحل الغربي من أفريقية: وإذا ما اجتمع في مدينة ستة رجال منهم وأقل من ذلك أو أكثر وعزموا على أن يقيموا فيها فترة من الزمن سارعوا إلى بناء المسجد وأخذوا ينشرون الدعوة.
• يقول عمر بن الخطاب: إنما بعثت عمالا ليعلموكم كتاب ربكم وسنة نبيكم ويقيموا بينكم دينكم.
• ما كان يشغل الدعاة إلى الله عن الدعوة التي امتزجت بدمائهم شاغل مهما عظم ولله صبرهم في نشر دعوتهم وإسلامهم.. وحياتهم من أجل نشره.
• وانظروا إلى حرض النساء.. فهذه أم سليم تلقن ابنها أنس شهادة الإسلام رغم معارضة زوجها ودعت أبا طلحة إلى الإسلام حينما تقدم إليها ولم ترتض منه مهرا سوى الإسلام.
• أخي: كان الدعاة إلى الله يسيحون لنشر الدعوة وتبليغها ويبادئون الناس بالكلام ولا ينتظرون مجيء الناس إليهم وهكذا كان شأن الدعاة دوما.
• يقول أحدهم: هُم قيام في مقام الدعوة، يدعون الخلق إلى معرفة الحق - عز وجل -.
• قال الشافعي: من وعظ أخاه بفعله كان هاديا.
• الدعوة إلى الله وسيلة لإقامة العبودية في النفس ونشرها بين الناس وهي في نفسها عبادة.
إذاً لا نجاح للدعوة ولا وصول للغاية.. إن أعطيناها فضول الأوقات. بل يجب علينا أن نلزم أنفسنا باا لمسؤولية التي جعلها الله في أعناقنا
ألا وهي الدعوة إليه...
جعلنا الله من الذين يبلغون عن رسوله محمد - صلى الله عليه وسلم -...
http://islamz.com المصدر:
=============
أولويات في حياة المغترب
د رياض المسيميري
نحن مجموعة من الشباب ولدنا ونشأنا في الغرب، وفي المدينة التي نسكن بها يوجد آلاف من المسلمين بين مئات آلاف من غير المسلمين، وأغلبية المسلمين لا يمارسون شعائر الإسلام، ومن بينهم هناك من يمارس شعائر الدين ويدعو له، وهناك مجموعات و طوائف كثيرة بعضها متشدد وبعضها معتدل، هناك بعض الأشخاص المتكلمين الذين هم على المنهج الصحيح ويدعون له وهم قليلون جداً، أي: أنهم يدعون إلى سبيل القرآن والسنة وفقًا لطريقة السلف، الحمد لله أوضح الله - سبحانه - الطريق السوي لمجموعة منا من بين الشباب وهم بالكاد يتجاوزون عدد أصابع اليد وهذا يحمينا من كثرة الارتباك.
وهذا بالفعل رحمة من الله الكريم نحمده ونشكره عليها، منحنا الله - سبحانه - فرصة التقاء بعض العلماء والدعاة الذين زاروا مدينتنا فأزالوا - بحمد الله - عنا مفاهيم خاطئة كثيرة ومنحنا الفرصة للتلقي من علماء الأمة، مثلكم يا فضيلة الشيخ وغيركم، نحمد الله ونشكره أن أوضح لنا الطريق ونسأله تعالى - أن يهدينا لأفضل السبل ويحفظنا للتمسك بها، في الوضع الذي نحن فيه نحاول أن نفهم أساسات ديننا، ندرس العقيدة والفقه وما إلى ذلك، ونحاول أن نحفظ القرآن الكريم غيباً، إضافة لمحاولاتنا لتعلم اللغة العربية بقدر استطاعتنا، نرجو ألاّ نكون قد أطلنا عليكم، لكن من الأشياء المتعارف عليها، وأرجو ألا نكون على خطأ أن فهم العالم لخلفية السائل والبيئة التي يعيش فيها تسهل وتصوب إجابة العالم على السائل لما فيه مصلحة السائل.(13/226)