المسلم
و
المسجد
تأليف تقديم
المهندس أحمد ممتاز دعدوش ( ا لدكتور محمد راتب النّابلسي
بسم الله الرحمن الرحيم
حول كتاب المسلم والمسجد
يتميز الكتاب بإحاطته بالموضوع إحاطة وافية, ويمكن أن يكون دليلاً موجزاً لمن أراد أن يرتاد بيوت الله فيتأدب بآدابها ويعرف ما له وما عليه فيها.
أحاديث الكتاب مخرجة بشكل جيد.
في الفصل الأوّل حديث عن لباس المصلّي وفي الفصل الثاني الأدعية المأثورة والثالث عن بعض الأخطاء التي يمكن أن يقع بها المصلّي والرابع عن صلاة الجمعة والخامس عن السنن والنوافل ثمّ الخاتمة .
والحمد لله ربّ العالمين
الدكتور محمد راتب النابلسي
مقدمة المؤلف
إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه, ونستغفره ونسترشد ه, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا, وسيئات أعمالنا , من يهده الله فلا مضلّ له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
قال تعالى : (إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ ) ( العنكبوت 45)
وقال تعالى : (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) ( الجمعة 10)
إنّ الصّلاة هي أحد أركان الإسلام الخمسة, وإذا صلُحت صلح عمل المسلم كله, وإذا فسدت, فسد عمله كله .(1/1)
فلذا هي جديرة بالكثير من الاهتمام, والمواظبة عليها في أوقاتها في المساجد واجب على كل مسلم, ودليل وجوبها حديث رسول الله ( إذ قال :( من سره أن يلقى الله تعالى غداً مسلماً , فليحافظ على هؤلاء الصلوات , حيث يُنادى بهنّ , فإنّ الله شرع لنبيّكم ( سنن الهدى, وإنّهنّ من سنن الهدى, ولو أنّكم صلّيتم في بيوتكم كما يصلّي هذا المتخلّف في بيته لتركتم سنّة نبيّكم, ولو تركتم سنّة نبيّكم لضللتم, ولقد رأيتنا وما يتخلّف عنها إلا منافق معلوم النفاق, ولقد كان الرجل يؤتى به يُهادى بين الرجلين حتى يقام في الصفّ)(1)
وإنّ صلاة الجماعة في المسجد تقوّي أواصر الصداقة والمحبة ووحدة الصفّ والكلمة بين المسلمين, ويمكنني القول بأنّ المسلم بدون مسجد كالسمكة بلا ماء.
لقد جعلت بحثي هذا في ستة فصول قدّمت لها بخمسة أحاديث عن المساجد والصلاة فيها.
الفصل الأوّل : فيما يتعلّق بلباس المصلّي قبل التّوجه إلى بيت الله, وقد احتوى على عشر فقرات .
الفصل الثّاني : تناولت فيه بعض الأدعية المأثورة عن النبيّ ( في كل مراحل القدوم إلى المسجد وأثناء أداء الصلاة ثمّ أثناء
(1) رواه مسلم 1/453 (257,256)
الخروج منه, وقد احتوى على إحدى عشرة فقرة .
الفصل الثالث : بحثت فيه ما يجب أن يفعله المصلّي وما يرتكبه من أخطاء قبل وأثناء الصلاة وحتى الخروج من المسجد, وقد احتوى على ثلاث عشرة فقرة .
الفصل الرابع : وقد تمّ البحث فيه بما يتعلق بصلاة الجمعة وبعض أخطاء المصلّين فيها, واحتوى على سبع فقرات .
الفصل الخامس : بحثت فيه السنن الرّاتبة والنّوافل, واحتوى على ثلاث عشرة فقرة.
الفصل السادس : خاتمة البحث وما على المصلّي القيام به.
والله الكريم أسأل أن ينفع بعملي هذا ويهدي, ويجعله خالصاً لوجهه ويجزي, إنّه لا يضيع أجر من أحسن عملا .
المؤلف
أحمد ممتاز دعدوش
بسم الله الرحمن الرحيم
المسلم والمسجد(1/2)
الحمد لله ربّ العالمين والصّلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين , وعلى آله وأصحابه أجمعين .
أخي المصلّي : بارك الله بك في ذهابك إلى المساجد لأداء الصلوات في أوقاتها مع الجماعة .
يقول النّبي ( :( أحبّ البلاد إلى الله مساجدها , وأبغض البلاد إلى الله أسواقها )(1)
ويقول ( :( إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان )(2)
وقال ( :( من غدا إلى المسجد أو راح , أعدّ الله له في الجنّة نزلاً كلما غدا أو راح )(3)
وقال ( :( ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به
(1) رواه مسلم في صحيحه : (671)
(2) رواه الترمذي( 3092) وأخرجه ابن حبّان(310) والنيسابوري 1/212و213
(3) رواه البخاري 2/142 ومسلم (669)
الدرجات ؟ قالوا بلى يا رسول الله . قال : إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد , وانتظار الصّلاة , فذلكم الرّباط )(1)
كما قال ( :( صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذّ بسبع وعشرين درجة )(2) متفق عليه الفذ ّ : الفرد
فالصّلاة عماد الدّين, وكواحد من المصلّين, أذكّر نفسي وإخوتي المصلّين ببعض الأخطاء والأدعية وآداب المسجد كي ندعو بها من يجهلها , ليكون المسلم قدوة صالحة للآخرين .
(1) رواه مسلم (251)
(2) رواه مسلم (650) والبخاري 2/ 109و 110
الفصل الأول :
اللباس
من المفروض بالمسلم أن يتوجه إلى بيت الله بأحسن صورة في هيئته ولباسه ونظافته ورائحته .
قال تعالى : (يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ ) (الأعراف 31)
في حين نجد الكثيرين يتصرفون بعكس ذلك .
ونبين فيما يلي بعض مكروهات اللباس في الصلاة :
1- اللباس الضيّق الذي يصف العورة, وخاصّة في السجود .
ينصح بترك القميص فوق السروال, وأن يكون السروال واسعاً .
2- الصّلاة في اللباس الرقيق الشفّاف بدون سروال طويل تحته .
3- الصّلاة في لباس النّوم ( البيجاما ) في المسجد .(1/3)
قال ( (إذا صلّى أحدكم فليلبس ثوبيه فإنّ الله أحقّ أن يتزيّن
له)(1)
4- ستر العورة بالنسبة لكل جنس وكذلك الأولاد
قال (: (مروهم بالصّلاة وهم أبناء سبع )(2)
5- إسدال الثوب بطراً وخيلاء .
6- تغطية الفم ( التلثّم ) في الصّلاة .
7- تشمير الثوب أو الكم للتباهي .
قال ( :( أمرت أن أسجد على سبعة, ولا أكفّ شعراً ولا ثوباً )(3)
8- كشف الكتف والصّلاة بقميص شيّال داخلي .
قال ( : ( لا يصلّين أحدكم في الثوب الواحد, ليس على عاتقه
منه شيء)(4) العاتق : الكتف, متفق عليه
(1) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/221) والطبراني والبيهقي
(2) أخرجه أبو داود في السنن ( 1/133) وأحمد في المسند (2/188)
والبيهقي (3/84)
(3) أخرجه مسلم : كتاب الصّلاة ( 1/354) رقم (490)
(4) أخرجه البخاري ( كتاب الصّلاة ) 1/ 471 رقم 359 , ومسلم ( كتاب
الصّلاة ) 1/368 وغيرهما
9- الصّلاة بلباس عليه صور أو ألوان زاهية كالأحمر, أو كتابة كبيرة تلفت النّظر .
10- الصّلاة مكشوف الرأس ( وخاصّة في صلاة الفريضة ومع الجماعة ) فتاوى محمد رشيد رضا (5/1849) والسنن والمبتدعات (ص69)
الفصل الثّاني :
أدعية مأثورة
قال الله تعالى : (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) (غافر 60)
وقال تعالى : (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ )(البقرة 186)
وقال تعالى :(أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ ) (النمل 62)
وقال رسول الله( : ( الدعاء هو العبادة )(1)
فيا أخي المسلم أكثر من الدعاء في كل وقت, وأثناء كل عمل تقوم به, وليكن ذكر الله على لسانك دوماً .
ولقد اخترت بعض الأدعية المأثورة لكل مناسبة منذ ذهابك إلى المسجد لأداء الصّلاة وحتى انتهاء الصّلاة وخروجك من المسجد .
(1) رواه أبوداود (1479) والترمذي (2973) وأخرجه ابن ماجه ( 3827)
1- دعاء الذهاب إلى المسجد :(1/4)
قال ( : ( بشّروا المشّائين في الظُلَم إلى المساجد بالنّور التّام يوم القيامة )(1) ومن الأدعية للذهاب إلى المسجد :
أ - ( اللهم اجعل في قلبي نوراً, وفي لساني نوراً, وفي سمعي نوراً, وفي بصري نوراً, ومن أمامي نوراً, ومن خلفي نوراً, واجعل في نفسي نوراً )(2)
ب- (الّلهم إنّي أسألك بحقّ السائلين عليك, وبحقّ ممشاي هذا, فإنّي لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا رياءً ولا سمعةً. خرجت اتّقاء سخطك وابتغاء مرضاتك.أسألك أن تنقذني من النّار.إنّه لا يغفر الذّنوب إلا أنت )(3)
2- - دعاء الدخول إلى المسجد :
( اللهمّ افتح لي أبواب رحمتك )(4) وليكن دخولك بالرجل اليمنى.
(1) رواه أبو داود(561) والترمذي (223) والحديث صحيح
(2) رواه البخاري 11/116 رقم 6316 ومسلم 1/ 526 , 529 ,530 رقم 763
(3) كتاب الأذكار للنووي . راجع الأذكار 31
(4) رواه مسلم (1/494 ) وفي سنن ابن ماجه ( 1/128-129)
3- دعاء الخروج من المسجد :
( اللهم إني أسألك من فضلك )(1) وليكن خروجك بالرجل اليسرى.
4- أذكار الأذان :
أ- يقول مثل ما يقول المؤذّن إلا في ( حيّ على الصّلاة , حيّ على الفلاح ) فيقول ( لا حول ولا قوّة إلا بالله )(2)
ب- ويقول : ( وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأنّ محمداً عبده ورسوله, رضيت بالله ربّاً وبمحمدٍ رسولاً وبالإسلام ديناً ). ( يقول ذلك عقب تشهّد المؤذّن )(3)
ج- يقول : ( اللهمّ ربّ هذه الدعوة التّامّة, والصلاة القائمة, آت محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته, إنّ لا تخلف الميعاد)(4)
د- ( الدعاء لا يردّ بين الأذان والإقامة )(5)
(1) رواه مسلم (1/494 ) وفي سنن ابن ماجه ( 1/128-129)
(2) رواه البخاري 1/152 ومسلم 1/288
(3) رواه أبو داود( 561) والترمذي (223) الحديث صحيح
(4) رواه البخاري 1/152
(5) رواه أبو داود 521 , والترمذي212 , وابن حنبل 3/225,155
5- دعاء الاستفتاح :(1/5)
أ- ( سبحانك اللهمّ وبحمدك, وتبارك اسمك وتعالى جدّك ولا إله غيرك )(1)
ب- ( اللهم باعد بيني وبين خطاياي, كما باعدت بين المشرق والمغرب. اللهم نقّني من خطاياي كما ينقّى الثوب الأبيض من الدنس, اللهمّ اغسلني من خطاياي بالثّلج والماء والبَرَد )(2)
ج- ( وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين, إنّ صلاتي ونسُكي ومحياي ومماتي لله ربّ العالمين, لا شريك له وبذلك أمِرتُ وأنا أوّل المسلمين)(3)
6- دعاء الركوع :
( اللهمّ لك ركعت, وبك آمنت, ولك أسلمت, خشع لك سمعي وبصري ومخّي وعظمي وعصبي, وما استقلّ به قدمي )(4)
(1) أخرجه أصحاب السنن الأربعة. انظر صحيح الترمذي 1/77
وصحيح ابن ماجه 1/135
(2) أخرجه البخاري 1/181 , ومسلم : 1/419
(3) أخرجه مسلم 1/534
(4) رواه مسلم 1/534 والأربعة إلا ابن ماجه
7- دعاء الرفع من الركوع :
( ربنا ولك الحمد, حمدا كثيراً طيّباً مباركا فيه )(1)
( ملء السموات وملء الأرض وما بينهما, وملء ما شئت بعد أهل الثناء والمجد, أحقّ ما قال العبد, وكلّنا لك عبد. اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت, ولا ينفع ذا الجدّ منك الجدّ )(2)
8- دعاء السجود
أ- ( سبحانك اللهمّ ربّنا وبحمدك, اللهمّ اغفر لي )(3)
ب- ( اللهمّ لك سجدت وبك آمنت, ولك أسلمت, سجد وجهي للذي خلقه, وصوره, وشقّ سمعه وبصره, تبارك الله أحسن الخالقين )(4)
9- دعاء الجلسة بين السجدتين :
( اللهمّ اغفر لي وارحمني, واهدني, وعافني, وارزقني,
(1) رواه البخاري مع الفتح 2/284
(2) رواه مسلم 1/346
(3) رواه البخاري مع الفتح 2/284
(4) رواه مسلم 1/534
وارفعني )(1)
10- الدعاء بعد التشهد الأخير:
أ- ( اللهمّ إنّي أعوذ بك من عذاب القبر, ومن عذاب جهنّم, ومن فتنة المحيا والممات, ومن فتنة المسيح الدجّال )(2)(1/6)
ب- ( اللهمّ اغفر لي ما قدّمت وما أخّرت, وما أسررت وما أعلنت , وما أسرفت , وما أنت أعلم به منّي , أنت المقدّم وأنت المؤخّر, لا إله إلا أنت )(3)
ج- ( اللهمّ إنّي ظلمت نفسي ظلماً كثيراً, ولا يغفر الذنوب إلا أنت, فاغفر لي مغفرةً من عندك, وارحمني . إنّك أنت الغفور الرحيم )(4)
د- ( اللهمّ أعنّي على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك )(5)
11- الأذكار بعد السلام من الصلاة :
(1) أخرجه أصحاب السنن إلا النسائي وانظر صحيح الترمذي 1/90 وصحيح ابن ماجه 1/148
(2) رواه البخاري 2/102 , مسلم 1/412 واللفظ لمسلم .
(3) رواه مسلم 1/534
(4) رواه البخاري 1/168, مسلم (4/078)
(5) رواه أبو داود 2/83 , النسائي 3/53
أ- ( أستغفر الله ( ثلاثاً), اللهمّ أنت السلام, ومنك السلام, تباركت يا ذا الجلال والإكرام )(1)
ب- ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له, له الملك, وله الحمد, وهو على كل شيء قدير, لا حول ولا قوّة إلا بالله, لا إله إلا الله, ولا نعبد إلا إيّاه, له النّعمة , وله الفضل, وله الثناء الحسن, لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون )(2)
ج- ( سبحان الله, والحمد لله, والله أكبر ( ثلاثا وثلاثين ) لا إله إلا الله وحده لا شريك له, له الملك وله الحمد, وهو على كل شيء قدير )(3)
( من قالها دبر كل صلاة غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر )
(1) أخرجه مسلم 1/414
(2) رواه مسلم 1/415
(3) رواه مسلم 1/418
الفصل الثالث :
داخل المسجد
1- إلقاء تحيّة الإسلام :
( السلام عليكم ) على أن تكون بصوت منخفض دون أن تشوّش على المصلّين .
قال تعالى : (فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً)( النور61)
وقال تعالى : (وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً)( النساء 86)(1/7)
وسأل رجلٌ رسول الله ( أيّ الإسلام خير؟ فقال : ( تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف )(1)
وقال رسول الله ( : ( لا تدخلوا الجنّة حتى تؤمنوا, ولا تؤمنوا حتى تحابّوا, أولا أدلّكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم ؟ أفشوا
(1) رواه البخاري 11/18, مسلم (39) وأخرجه أبو داود(5194)
السلام بينكم )(1)
ويستحبّ أن يقول المبتدىء بالسلام ( السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ) ويقول المجيب ( وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ).
وقال رسول الله ( ( إن أولى النّاس بالله من بدأهم بالسلام )(2)
وليكن السّلام في كل مناسبة ولو تكرر ذلك , أو إذا دخلت بيتك, أو قمت من مجلس .
قال رسول الله ( : ( إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فليسلّم فإذا أراد أن يقوم فليسلّم, فليست الأولى بأحقّ من الآخرة )(3)
2- صلاة تحيّة المسجد :
على المصلّي أن يقوم بأداء ركعتي تحيّة المسجد مع بداية دخوله المسجد . وإن ضاق به الوقت ولا يوجد متسع إلا للسنّة القبلية أو الفريضة , فيمكن للمصلّي أن يحرم بصلاة ينوي بها الأمرين معاً.
(1) رواه مسلم(54) وأخرجه أبو داود(5193) والترمذي (2689)
(2) رواه أبو داود (5197) وإسناده صحيح , والترمذي (2695)
(3) رواه أبو داود (5208) والترمذي(2707) وأخرجه البخاري في الأدب المفرد(986) وسنده حسن
أي التحيّة والسنّة, أو التحيّة والفريضة, وله ثوابهما (1) [ وهذا رأي الإمام النووي بعد البحث الشديد سنين]
قال رسول الله ( : ( إذا دخل أحدكم المسجد , فليركع ركعتين قبل أن يجلس )(2)
3- الوضوء:
إذا كان على المصلّي أن يتوضأ في المسجد, فليقم بغسل أعضائه بشكل جيد, والقيام بتنشيفها قبل الدخول إلى حرم المسجد, وبعد الانتهاء من الوضوء تتجه نحو القبلة لتقول الشهادتين وتضيف
( اللهمّ اجعلني من التوّابين واجعلني من المتطهرين )(3)
ويجب عدم السير على سجاد المسجد و الأرجل مبتلّة, ويستحسن لبس الجوارب لحسن منظر القدمين .(1/8)
قال رسول الله ( : ( من توضأ فأحسن الوضوء, خرجت خطاياه من جسده حتى تخرج من تحت أظافره )(4)
(1) المجموع (1/325- 326 )
(2) أخرجه البخاري في الصحيح رقم (444) و(1163)
(3) رواه الترمذي 1/78 وانظر صحيح الترمذي 1/18
(4) رواه مسلم (245)
يجب عدم الإسراف في استعمال الماء أثناء الوضوء أو الشرب, ويُنصح بعدم شدّ الصنبور (الحنفيّة ) بشدّة عند الإغلاق. ولا بأس بأن تحضر معك منشفتك إذا كنت ممن يتوضأ قبل كل صلاة .
4- اللحاق بالجماعة :
لا تحدث ضوضاء ولا تركض لتلحق بصلاة الجماعة, ولا تقف في صفّ قبل أن تتم الذي قبله , وعند بدء صفّ جديد, إبدأ من المنتصف خلف الإمام .
قال ( : ( وسّطوا الإمام , وسدّوا الخلل )(1)
وحاول الصّلاة على يمين الإمام .
قال ( : ( إنّ الله وملائكته يصلّون على ميامن الصفوف )(2)
وإنّ تسوية الصفوف هي من أركان الصّلاة .
قال ( : ( لتُسونّ صفوفكم أو ليخالفنّ الله بين وجوهكم )(3)
(1) رواه أبو داود (681)
(2) رواه أبو داود (676) وأخرجه ابن ماجه (1005) وصححه ابن حبان(393)
(3) رواه البخاري 2/173 , ورواه مسلم (439) و( 128)
الصق كتفك بكتف أخيك, وقارب بينك وبينه باتجاه القدوة (الإمام), ولا تدع فرجة للشيطان .
وهذا المشهد يدلّ على إتباع المسلمين للنظام, والشعور بالمساواة والمؤاخاة بين جميع المصلّين .
قال ( : ( أقيموا الصفوف, وحاذوا بين المناكب, وسدّوا الخلل, وليّنوا بأيدي إخوانكم, ولا تذروا فرجات للشيطان, ومن وصل صفّاً وصله الله, ومن قطع صفّاً قطعه الله )(1)
5- أثناء الصّلاة :
قال تعالى : ( وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً) (الاسراء110)
استمع إلى تلاوة الإمام في الصّلاة الجهرية, اقرأ بصوت منخفض (همساً) دون أن تُسمع من حولك في باقي الحالات .
فالصوت العالي يشوّش على المصلّين ويشتت أفكارهم .
لا تجهر بالنيّة ولا تجهر عند الانتقال من ركن إلى آخر .(1/9)
(1) رواه أبو داود (666) بإسناد صحيح , والنيسابوري في مستدركه 1/213
وعليك تحريك لسانك في الصّلاة .
أما أن تحرّك بصرك يمنة ويسرة تريد أن تعرف ما يجري حولك, وترى من يمرّ بجانبك, فهذا ليس من الخشوع في شيء .
وهو من أخطاء المصلّين الشائعة والمعيبة .
قال رسول الله ( : (ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم, لينتهنّ عن ذلك, أو لتُخطفنّ أبصارهم )(1)
انظر مكان سجودك أثناء الوقوف, إلى ظاهر القدمين أثناء الركوع, وإلى ما بين الفخذين أثناء الجلوس, وإلى موضع أنفك أثناء السجود, وأطل السجود منفرداً .
قال رسول الله ( : ( أقرب ما يكون العبد من ربّه وهو ساجد, فأكثروا الدعاء )(2)
ولك أن تغمض عينيك قليلاً إذا ساعد ذلك على الخشوع, أثناء السجود.
(1) أخرجه البخاري في الصحيح 2/223 والنسائي في المجتبى 3/7 , وأبو داود في السنن 1/240 , وابن ماجه في السنن 1/332 وأحمد في المسند(3/109)
(2) رواه مسلم (482) وأخرجه أبو داود (875) والنسائي 2/226
ويجدر لفت نظر الأخوة المصلّين إلى التنكيس في قراءة السورة .
وهو كراهة قراءة سورة في الركعة الأولى ترتيبها بعد السورة التي تقرأها في الركعة الثانية ( كأن يقرأ الانشراح ثمّ الضّحى ) أو ( قد أفلح من زكّاها, ثمّ والشمس وضحاها ).
وكذلك تكره تكرار نفس السورة في الركعتين .
6- كثرة الحركة والعبث :
من الكراهة أن تقوم ببعض الحركات أثناء الصّلاة, كتحريك أحد الأعضاء من يد أو رجل أو عين أو رأس, وإذا كثر العبث وتوالى أبطل الصّلاة. ولطالما نرى الكثير من المصلّين ممن يقوم بحركات متكررة بشكل لا شعوري, وبدون أدنى سبب. ولو فكرت قبل أن تحرّك يدك عن سبب يدعو لذلك لما حرّكتها .
قال رسول الله ( : ( ما لي أراكم رافعي أيديكم كأنّها أذناب خيل شُمْسٍ , اسكنوا في الصّلاة )(1)
في حين على المصلّي وضع يده اليمنى على فمه أثناء التثاؤب , واليسرى في باقي الحالات كالعطاس والسعال .(1/10)
(1) أخرجه مسلم (430) وابن خز يمه (1544) والنسائي 2/72
قال رسول الله ( : ( إذا تثاءب أحدكم , فليمسك بيده على فمه , فإنّ الشيطان يدخل )(1)
إنّ عدم تحريك الأعضاء والتركيز على الصّلاة يساعد على الخشوع.
والخشوع هو لبّ الصّلاة وروحها.
7- الكلام في المسجد:
لقد تركنا بيوتنا وأعمالنا وجئنا المسجد لعبادة الله في بيته. فما بال الذين يتكلمون بصوت مرتفع وإخوتهم يصلّون أو يتلون كتاب الله. بل وحتّى عند الخروج من المسجد,يجب عدم التكلّم بصوت مرتفع, كما يحصل لجمع التبرعات الخيريّة أو الإعلان عن سلعة ما.
قال رسول الله ( : ( ألا إنّ كلكم مناج ربّه, فلا يؤذينّ بعضكم بعضاً, ولا يرفعنّ بعضكم على بعض في القراءة. أو قال : في
(1) أخرجه مسلم ( كتاب الزهد والرّقاق 4/2293) ورقم2995
الصّلاة )(1)
والغريب الذي نشاهده أنّ البعض جاؤوا المسجد ليتكلّموا عن مشاكلهم وأعمالهم وتجارتهم عوضاً عن ذكر الله وتلاوة القرآن والصّلاة .
قال ( : ( سيكون في آخر الزمان , قوم يجلسون في المساجد حلقاً حلقاً , إمامهم الدّنيا, فلا تجالسوهم فإنّه ليس لله فيهم حاجة )(2)
وفي حديث آخر قال ( : ( يأتي على النّاس زمان يكون حديثهم في مساجدهم في أمر دنياهم, ليس لله تعالى فيهم حاجة, فلا تجالسوهم)(3)
8- الهاتف الجوال:
منذ أن بدأ انتشار استعمال الهاتف الجوّال, كثرت أخطاء المصلّين
في تركه يرنّ أثناء الصّلاة. ولقد تمّ وضع العديد من اللافتات عند
(1) أخرجه أبو داود في السنن( 2/32 ) رقم (1332) , وأحمد في المسند
(3/94) وإسناده صحيح
(2) أخرجه ابن حبان في صحيحه (رقم 311- موارد) والطبراني (3/78/2)
وأبو اسحاق المزكي في الفوائد المنتخبة (1/149/2)
(3)أخرجه مسلم (كتاب الزهد والرقاق) 4/2293 رقم 2995
مدخل كل مسجد يذكّر المصلّي بضرورة إقفال جهازه والتفرّغ للعبادة.(1/11)
فطالما تكبّدت عناء القدوم إلى المسجد بنيّة الصّلاة, فلم تنس إقفال جهازك. وإذا نسي أحدهم جهازه, فلم يتركه يرنّ بصوت مرتفع دون إغلاقه فوراً, ممّا يسبّب تشويش صلاة من في المسجد وأوّلهم الإمام نفسه.
والغريب أنّك تجد مصلّياً يردّ على اتصال له, ويتكلم مع من اتّصل به, وهو لا يزال في المسجد.
والأغرب من ذلك بمن يتّصل مع أخيه الذي يصلّي التهجد قبل آذان الفجر بساعة .
أمور كثيرة تحدث مع حاملي الهواتف الجوّالة, في أوقات جاؤوا فيها لذكر الله ولعبادته في بيته .
على هؤلاء المصلّين الذين يسيئون استعمال هواتفهم, العودة إلى ربّهم, وعدم تفريغ عبادتهم من مضمونها الحقيقي, الذي هو الصلة بالله تعالى, لا الاتصال بعباد أمثالهم, لا ينفعونهم بشيء في الآخرة.
9- حجز الأمكنة :
يضع بعض الأخوة المصلّين حوائجهم بجانبهم بقصد حجز أمكنة لإخوة لهم لم يحضروا بعد. وهذه ظاهرة غير محمودة. فليس في المسجد حجوزات للأمكنة, فنحن لسنا بمطعم أو مسرح بل في بيت الله . والمكان لمن سبق, حتى ولو كان خلف الإمام. ولا ننس في هذا المقام توقير العلماء والكبار وأهل الفضل وحفظة القرآن ليأخذوا مكانهم خلف الإمام .
وإنّ ظاهرة حجز الأمكنة تزداد بشكل ملحوظ في صلاة التراويح والجمعة. ولا مبرر لها على الإطلاق, ولا تدلّ على ذوق سليم .
وقد تعدّى حجز الأمكنة إلى حجز المصحف نفسه وحامله, بحيث يصرّ بعض المصلّين بأن لا يقرأ أحد من مصحفه , ممّا يسبّب البغضاء بين المصلّين .
10- مكان الصّلاة :
على المصلّي أن لا يعوّد نفسه على الصّلاة في مكان ثابت دوماً, بل يقوم بالصّلاة في عدّة أمكنة من المسجد وقد( نهى رسول الله ( عن نقرة الغراب, وافتراش السبع , وأن يوطّن الرجل المكان في المسجد كما يوطّن البعير )(1)
كما لا تنس فضل الصفّ الأوّل في الصلاة, الذي يتركه الكثيرون
ويتعمّدوا الصّلاة في الصفوف الأخيرة ليغادروا المسجد فور انتهاء الصّلاة .(1/12)
قال رسول الله ( : ( إنّ الله وملائكته يُصلّون على الصفّ الأوّل والصفوف الأولى )(2)
وقال رسول الله ( : ( لو يعلم النّاس ما في النداء والصفّ الأول, ثمّ لم يجدوا إلا أن يستهمّوا عليه, لاستهمّوا )(3)
وقال ( : ( إنّ الله وملائكته يُصلّون على ميامن الصفوف )(4)
(1) أخرجه أحمد في المسند (3/428و444) والدارمي في السنن(1/303) وابن حبان في الصحيح رقم (476 موارد) والنسائي في المجتبى(2/214) وأبو داود في السنن رقم(862) وابن ماجه في السنن رقم (1429)
(2) أخرجه أحمد في المسند: ( 4/304,299,296,285,284,269) بإسناد جيد
(3) أخرجه البخاري في الصحيح (721) , ومسلم في الصحيح (437)
(4) أخرجه أبو داود في السنن رقم(676) , وابن ماجه في السنن رقم(1005) وإسناده حسن
11- الحذاء :
قد يستغرب البعض التكلّم في مثل هذا الموضوع, وربما اعتاد البعض الآخر على ما يحدث من أخطاء في هذا المجال .
ولكن عندما تتأمّل قليلاً, فسوف تجد أن كثيراً من المصلّين يحملون أحذيتهم باتجاه الأرض, ويسيرون بين المصلّين مسافة طويلة وهذا خطأ , فقد تتناثر الأوساخ على أرض المسجد وعلى رأس المصلّين, خاصّة إذا كانت الأرض مبتلّة بسبب الأمطار.
والأصحّ بكلّ مصلّي أن يطبق حذاءه, ويضعه في كيس إن أمكن, ثم يضعه في المكان المخصّص. وكما تضع حذاءك في العلبة وتغلق الباب دونه, فأعد العلبة مغلقة بعد أخذك الحذاء ومغادرتك المسجد.
وقد تحدث بعض الحالات التي تؤذي المصلّي نتيجة لترك باب
العلبة مفتوحاً. والمنظر المزعج للغاية , أنّ بعض المصلّين
يتركون أحذيتهم أمام مدخل المسجد , مما يسبّب عرقلة دخول وخروج باقي المصلّين, والإساءة لهم بهذا المنظر السيئ, علماً بأنّ علب الأحذية متوفرة في المسجد للجميع.
وأخيراً , وعند مغادرتك المسجد, ضع حذاءك على الأرض بهدوء, تأكيداً لاحترام بيت الله .(1/13)
أما أن ترمي حذاءك على الأرض محدثاً صوتاً مزعجاً, فليس ذلك بالعمل اللبق, ويدل على الكبر.
قال رسول الله ( : ( لا يدخل الجنّة من كان في قلبه ذرّة من كبر )(1)
12- ترتيب المسجد :
إنّ من الأشياء التي يستعملها المصلّي في المسجد : المصحف
وحامل المصحف, والطرّاحة, والكرسيّ, وعلبة الحذاء, وماء
الشرب, ..)
وبما أنّك في بيت الله, فيجب عليك أن تحافظ على الترتيب والنّظافة كما في بيتك, بل وأكثر من ذلك .
عليك أن تساعد في ترتيب مسجدك, وأن تعيد كل شيء إلى مكانه
(1) رواه مسلم (91) وأخرجه أبو داود في السنن(4091) والترمذي في السنن(1999)
بعد استعماله, فتكون بذلك مسلماً محسناً بدل أن تكون مسيئاً .
13- تلاوة القرآن :
على المسلم قراءة كتاب الله يومياً, فأعط لنفسك بضع دقائق على الأقلّ, وداوم على ذلك بانتظام. حتّى ولو قرأت صفحة واحدة كلّ يوم .
قال ( : ( خيركم من تعلّم القرآن وعلّمه )(1)
وفي تلاوة القرآن الثواب والأجر الكبير, فلا تفوّتوا هذا الأجر .
قال ( : (من قرأ حرفاًَ من كتاب الله فله حسنة, والحسنة بعشر أمثالها, لا أقول ألم حرف, ولكن ألف حرف ولام حرف وميم
حرف )(2)
وقال ( : ( اقرؤوا القرآن فإنّه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه )(3)
(1) رواه البخاري 9/66و67 وأخرجه أبو داود في السنن (1452) والترمذي في السنن (2909)
(2) رواه الترمذي (2912) وقال حديث حسن , وأخرجه الدارمي 2/429 وهو صحيح
(3) رواه مسلم (804 )
وقال ( : ( لا حسد إلا في اثنتين : رجل آتاه الله القرآن, فهو يقوم به آناء الليل وآناء النّهار, ورجل آتاه الله مالاً, فهو ينفقه آناء الليل وآناء النّهار )(1)
الآناء : الساعات
تناول القرآن بهدوء وأعده إلى مكانه بعد انتهاء التلاوة, وليكن ذلك باليد اليمنى. ولا تقرأ بصوت مرتفع ممّا يشوّش على من حولك. كما لا تضع القرآن بين رجليك أو على فخذيك أو على الأرض عند سجود التّلاوة . فكلام الله يجب أن يقدّس ويعظّم .(1/14)
اجلس بصورة لائقة ولا تمدّ رجليك أمام باقي المصلّين, وأعد
حامل المصحف إلى مكانه, ويفضّل استقبال القبلة عند التّلاوة لا الاستدبار. وإذا وجدت مصحفاً ممزّقاً فقم بإصلاحه, أو أعلم قيّم المسجد بذلك .
وإذا كان لديك نسخ إضافيَة من كتاب الله في بيتك أو كتب أخرى ذات نفع للمصلّين فلا بأس أن تضعها في المساجد التي تفتقر إلى
(1) أخرجه البخاري في صحيحه 9/65 , ومسلم في صحيحه (815)
ذلك, ولك الثواب والأجر عند الله.
ولا تنس أنّ في القرآن آيات تشفي النّاس من جميع مشاكلهم الماديّة والنّفسيّة . لذا يجب قراءته بتدبّر ومعرفة للوصول إلى توحيد الله وعبادته بحقّ, والتيقّن بأنّه ما من مصيبة تحصل في الكون إلا ولها تفسير قرآنيّ . وهذا القرآن المعجزة على مدار الدهر, أمانة بين يديك لتحفظه وتسير على هداه طيلة سنوات حياتك, وأن تتغنى به أثناء التّلاوة فهو خطاب من الله لك .
الفصل الرابع:
أخطاء صلاة الجمعة
توعد النّبي ( : تارك صلاة الجمعة بشدّة, بأن يختم على قلبه ويحرّق بيته ويجعل قلبه منافقاً .
قال ( : ( لقد هممت أن آمر رجلاَ يصلّي بالنّاس, ثم أُحرّق على رجال يتخلّفون عن الجمعة بيوتهم )(1)
ويجب على الآباء اصطحاب أولادهم إلى المساجد وخاصّة يوم الجمعة, ليعتادوا على ارتيادها , وتعلم الصّلاة في سنّ مبكّرة .
قال ( : ( علّموا الصّبيّ الصّلاة لسبع سنين واضربوه عليها ابن عشر سنين )(2) حديث حسن
ومن أسباب تهاون المسلمين بترك الجمعة:
الذهاب إلى المنتزهات والمطاعم والرحلات
(1) أخرجه الترمذي : رقم (500) وأبو داود رقم (1052) والنّسائي:
(3/88) وأحمد (3/424و425) وابن ماجه رقم ( 1125) والحاكم
(1/280) والبيهقي ( 3/172)
(2) رواه أبو داود ( 494) والترمذي (407) وأخرجه ابن حنبل 3/404 والدارمي 1/333 والطحاوي في ( مشكل الآثار ) 3/231 وغيرهم .
حضور المباريات الرياضيّة
المداومة على الأعمال والمصالح الخاصّة(1/15)
أمّا الأسباب التي تفوّت ثواب الجمعة فهي:
1- عدم الاغتسال والقدوم باكراً إلى المسجد والسير إليه أفضل .
قال ( : ( من غسّل يوم الجمعة واغتسل, وبكّر وابتكر, ومشى ولم يركب, ودنا من الإمام واستمع ولم يَلْغُ, كان له بكل خطوة أجر سنة : صيامها وقيامها )(1)
2- عدم التطيّب والتسوّك واللباس الحسن وأكل الثوم والبصل
قال ( :( من أكل ثوماً أو بصلاً, فليعتزل مسجدنا وليقعد في بيته )(2)
3- الكلام وعدم الاستماع للخطيب :
قال ( : ( إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة: أنصت والإمام يخطب
(1) أخرجه أحمد في المسند : (4/104) وأبو داود في السنن رقم 345 , والنسائي في المجتبى ( 3/97) والترمذي في الجامع رقم (496) وابن حبان في الصحيح ( 559) وغيرهم.
(2) أخرجه البخاري في الصحيح رقم (854) و(855) و(5452) و(7359).
فقد لغوت )(1)
4- النّوم أثناء الخطبة :
قال ( : ( إذا نعس أحدكم في المسجد يوم الجمعة, فليتحوّل من مجلسه ذلك إلى غيره )(2)
5- استدبار القبلة والإمام أثناء الخطبة والعبث بالسُبحة .
6- تخطّي الرقاب وإزعاج النّاس .
7- عدم صلاة تحيّة المسجد :
قال ( : ( إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب, فليركع ركعتين , وليتجوّز فيهما )(3)
(1) أخرجه البخاري رقم (934) ومسلم رقم (850) وغيرهما .
(2) أخرجه أبو داود في السنن ( 1/291) والبيهقي في السنن الكبرى ( 2/186) وابن خزيمه في صحيحه رقم (1891)
(3) أخرجه مسلم في صحيحه : ( كتاب الجمعة ): (2/597) رقم 59 وأبو داود في السنن رقم (1115) و ( 1116) والترمذي في الجامع رقم (510) و(511) والنسائي (3/110) وابن ماجه رقم (1112)و (1113) .
الفصل الخامس:
……السنن الرّاتبة والنّوافل
إنّ نسبة كبيرة من المصلّين يقومون بأداء الفرائض فقط, حيث نجد أنّ عدداً كبيراً يغادر المسجد بعد أداء الفريضة مباشرة متجاهلاً صلاة السنّة.في حين يقول رسول الله ( :(من رغب عن سنّتي فليس منّي)(1)(1/16)
ويقول ( : ( ما من عبدٍ مسلمٍ يصلّي لله كل يوم ثنتي عشر ركعة تطوعاً غير الفريضة, إلا بنى الله له بيتاً في الجنًة )(2)
ومن الأحاديث المتعلقة بالسنن قول رسول الله ( : ( بين كل آذانين صلاة, بين كل آذانين صلاة, بين كل آذانين صلاة )قال في الثّالثة ( لمن شاء) متفق عليه(3)
(1) رواه البخاري 9/89 ومسلم : 90(41) وأخرجه النسائي 9/60
(2) رواه مسلم (728) (103) وأخرجه أبو داود (1250) والترمذي (415) والنسائي 3/261
(3) رواه البخاري 2/91 ومسلم 838 وأخرجه أبو داود (1283) والترمذي (185) والنسائي 2/28
المراد بالآذانين : الأذان والاقامة .
نبين فيما يلي السنن الراتبة والنّوافل مع بعض الأحاديث عنها, وفي الالتزام بها الخير الكثير لكل مسلم .
1- ركعتا سنّة الفجر:
لم يكن النّبيّ ( على شيء من النوافل أشدّ تعاهداً منه على ركعتي الفجر. قال ( : ( ركعتا الفجر خير من الدّنيا وما فيها )(1)
وكان ( : (إذا طلع الفجر لا يصلّي إلا ركعتين خفيفتين كان يقرأ فيهما على الأغلب ( قل يا أيّها الكافرون ) و ( قل هو الله أحد ) )(2)
2- سنّة الظهر:
( كان النبيّ ( يصلّي قبل الظهر أربعاً وبعدها اثنتين )(3)
3- سنّة العصر:
قال النبيّ ( : ( رحم الله امرأً صلّى قبل العصر أربعاً )(4)
(1) رواه مسلم (725)
(2) رواه مسلم (726)
(3) رواه مسلم (730)
(4) رواه أبو داود (1271) والترمذي (430)
4- سنّة المغرب :
ركعتان قبل المغرب لمن شاء حسب رواية البخاري 3/49, وبعد المغرب ركعتان .
5- سنّة العشاء :
ركعتان قبل العشاء لمن شاء حسب رواية البخاري 3/49 , وبعده ركعتان.
6- سنّة الجمعة :
قال ( : ( إذا صلّى أحدكم الجمعة, فليصلّ بعدها أربعاً)(1)
وفي حديث لابن عمر أنّه ( صلّى مع النّبي ( ركعتين بعد الجمعة)(2)
أمّا السنّة القبليّة ففيها اختلاف فالبعض يصلّيها أربعاً على اعتبار(1/17)
أنّ صلاة الجمعة بديلة لصلاة الظهر, والبعض يصلّيها اثنتين على أساس أنّ ( بين كل آذانين واقامة ركعتين ) .
(1) رواه مسلم (881) وأخرجه أبو داود (1131) والترمذي (523 )
(2) رواه البخاري 3/41 , ومسلم (729) وأخرجه الامام مالك في الموطأ 1/166 , وأبو داود (1252) والنسائي 2/119 والترمذي (433)
أمّا البعض الآخر فيعتبر أنّه لا سنّة قبليّة للجمعة, ولم يأمر النّبيّ ( بصلاة قبل الجمعة, بل أمر بركعتين تحيّة المسجد قبل الجلوس .
7- صلاة الوتر :
قال رسول الله ( : ( إنّ الله وتر يحبّ الوتر, فأوتروا يا أهل القرآن )(1)
وتر: أي أحد , وقال ( : ( اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً )(2)
وقال ( : ( من خاف أن لا يقوم آخر الليل, فليوتر أوّله, ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل, فإنّ صلاة آخر الليل مشهودة, وذلك أفضل )(3)
8- صلاة الضّحى :
وتصلّى من ارتفاع الشمس إلى زوالها, والأفضل أن تصلّى عند
(1) رواه أبو داود(1416) والترمذي (453)وأخرجه النسائي 3/228و229
(2) رواه البخاري 2/406 , ومسلم (751) وأخرجه أبو داود (1438), والنسائي 230 , 231 .
(3) رواه مسلم (755) وأخرجه الترمذي (456)
اشتداد الحرّ وارتفاع الضّحى .
و(كان الرسول ( يصلّي الضّحى أربعاً ويزيد ما يشاء )(1)
9- صلاة تحيّة المسجد :
قال ( : ( إذا دخل أحدكم المسجد, فلا يجلس حتّى يصلّي ركعتين )(2)
10- سنّة الوضوء :
يستحبّ صلاة ركعتين بعد الوضوء .
11- قيام الليل :
قال رسول ( : ( أفضل الصّيام بعد رمضان شهر الله المحرّم, وأفضل الصّلاة بعد الفريضة, صلاة الليل )(3)
وقال ( : ( يا أيّها النّاس أفشوا السّلام, وأطعموا الطّعام, وصلّوا
بالليل والنّاس نيام, تدخلوا الجنّة بسلام )(4)
(1) رواه مسلم (719)
(2) رواه مسلم (714) والبخاري 1/447
(3) رواه مسلم (1163)
(4) رواه الترمذي ( 2487) وهو صحيح .
وقال رسول الله ( : ( أقرب ما يكون العبد من ربّه وهو ساجد فأكثروا الدعاء)(1)(1/18)
وكان النبي ( يصلّي من الليل مثنى مثنى, ويوتر بركعة . متفق عليه(2)
12- قيام رمضان وهو التراويح :
قال رسول الله ( : ( من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدّم من ذنبه )(3) متفق عليه
وتصلّى جماعة أو منفرداً مثنى مثنى . وأقلّها ثمانية وأكثرها عشرون ركعة.
13- قيام ليلة القدر :
قال ( : ( من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدّم من ذنبه )(4)
(1) رواه مسلم (482) وأخرجه أبو داود (875) والنسائي 2/226
(2) رواه البخاري 3/16 , ومسلم (749) (157)
(3) رواه البخاري 4/217 , 218 , ومسلم (759)
(4) رواه البخاري 4/221 , ومسلم (760)
وقال ( : ( تحرّوا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان )(1)
ووقتها من بعد صلاة العشاء والتراويح وحتّى طلوع الفجر, حيث تقام فيها الصلوات والتسابيح والأدعية وتلاوة القرآن , ويلقي فيها العلماء كلمات الوعظ والإرشاد .
(1) رواه البخاري 4/225
الفصل السادس :
الخاتمة
في ختام هذا البحث , يجب على كل مسلم أن يطرح على نفسه بعض الأسئلة للتأكد من حسن سير عباداته على النّحو الصحيح :
1- هل استفدت من صلاتك بعد أن تعود من المسجد إلى عملك أو منزلك, حيث أنّ الصّلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر والبغي . فإذا كنت قائماً على معصية, فعليك إصلاح ذلك والعودة إلى الله .
2- هل تبادر إلى ذهنك أن تدعو أحد أصدقائك أو جيرانك أو ابنك للذهاب إلى المسجد لأداء صلاة الجماعة وخاصّة الفجر؟
قال ( : ( من صلّى العشاء في جماعة, فكأنما قام نصف الليل, ومن صلّى الصبح في جماعة فكأنّما صلّى الليل كله )(1)
3- هل دعوت أحداً لسماع درس علم أو أعطيته شريطاً يسمعه, أو كتاباً يقرأه, أو ساعدت في نشر ورقة فيها علم ينتفع منه ؟
4- هل نصحت أخاً لك بلطف , إذا أخطأ في المسجد أو خارجه,
(1) رواه مسلم (656) والترمذي (221)
وتناقشتما في أمرٍ من أمور دينكم ؟(1/19)
5- هل تعرفت على أخٍ أو أكثر خلال ترددك في السنوات الماضية على المسجد ؟ فالصّداقة الحقيقيّة التي هي لوجه الله قد تكون سبباً لدخول الجنّة .
قال رسول الله ( : ( سبعة يظلّهم الله في ظلّه يوم لا ظلّ إلا ظلّه : إمام عادل, وشابّ نشأ في عبادة الله عز وجل, ورجل قلبه معلّق بالمساجد, ورجلان تحابّان في الله اجتمعا عليه وتفرّقا عليه , ورجل دعته امرأة ذات حسنٍ وجمال, فقال : إنّي أخاف الله, ورجلٌ تصدّق صدقة فأخفاها حتّى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه, ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه )(1)
6- أليس بإمكانك أن تتعرّف على أخٍ لك كل بضعة أشهر أو كلّ سنة, تتكلّم معه وتتناصحان في أمور دينكم ودنياكم ؟
7- هل تحسنت علاقاتك وسلوكك مع أهل بيتك وأصدقائك وفي
(1) أخرجه البخاري 2/119 و 124 , ومسلم (1031)
عملك بعد كل هذه الصلوات في المساجد ؟
إذا كانت أجوبتك بالنفي على كل هذه الأسئلة فأنت مسلم سلبي, عليك أن تصلح نفسك من جديد, وتعاود الاتصال مع الله سبحانه تعالى .
فالقيام بالصلوات بانتظام بدون مردود في الأداء والسلوك لا يكفي على الإطلاق, فالإسلام ينتشر بالمعاملات لا بالعبادات .
وتذكر يا أخي المؤمن بأنّ الدنيا دار ابتلاء حيث التكاليف أمّا الآخرة فهي دار جزاء حيث التشريف, فإذا نجحت في امتحان الدنيا وصلت الجنّة بسلام .
واعلم بأنّ الوقت أثمن ما يملكه المؤمن, والوقت الذي يمضي لا يعود, وإتلاف الوقت فيه سفاهة , فاستهلك وقتك في الأعمال الصالحة . فالعاقل من يعيش لآخرته أمّا الغبيّ فيعيش لحاضره .
والمؤمن لا يملّ الحياة , فطموحه مستمرّ للعمل الصالح, والدعوة إلى الله التي هي فرض عين على كل مسلم, وتنعكس باستقامته وعمله وصدقه ومعاملاته .
( استقيموا يُستًقًم بكم )
( إنّ النفوس جُبِلَت على حبّ من أحسن إليها)(1/20)
وفّق الله جميع المسلمين لما فيه الخير والعودة إلى روح الإسلام, بعد أن تجاهلنا أوامر الله وتمسّكنا بمظاهر الدنيا الخارجية .
أرجو أن تكون هذه الصفحات دافعاً لكل مؤمن أن يُصلح ما بدر منه من أخطاء, ويدعو من حوله لنكون جميعاً نموذجاً إيجابياً صالحاً لباقي المسلمين للإقتداء بنا .
تقبّل الله أعمالنا خالصة لوجهه الكريم, والحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
فهرس الموضوعات…
…الموضوع…الصفحة
مقدمة الدكتور محمد راتب النّابلسي 2
مقدّمة المؤلّف 3
المسلم والمسجد 6
الفصل الأوّل : اللباس 8
الفصل الثاني : الأدعية المأثورة 11
1- دعاء الذهاب إلى المسجد 12
2- دعاء الدخول إلى المسجد 12
3- دعاء الخروج من المسجد 13
4- أذكار الأذان 13
5- دعاء الاستفتاح 14
6- دعاء الركوع 14
7- دعاء الرفع من الركوع 15
8- دعاء السجود 15
9- دعاء الجلسة بين السجدتين 15
…الموضوع…الصفحة
10- الدعاء بعد التشهّد الأخير 16
11- الأذكار بعد السّلام من الصّلاة 17
الفصل الثالث : داخل المسجد 18
1- إلقاء تحيّة الإسلام 18
2- صلاة تحيّة المسجد 19
3- الوضوء 20
4- اللحاق بالجماعة 21
5- أثناء الصّلاة 22
6- كثرة الحركة والعبث 24
7- الكلام في المسجد 25
8- الهاتف الجوّال 26
9- حجز الأمكنة 28
10- مكان الصّلاة 28
11- الحذاء 30
12- ترتيب المسجد 31
…الموضوع…الصفحة
13- تلاوة القرآن 32
الفصل الرّابع : أخطاء صلاة الجمعة 35
الأسباب التي تفوّت ثواب الجمعة 36
الفصل الخامس : السنن الرّاتبة والنّوافل 38
1- ركعتا الفجر 39
2- سنّة الظهر 39
3- سنّة العصر 39
4- سنّة المغرب 40
5- سنّة العشاء 40
6- سنّة الجمعة 40
7- صلاة الوتر 41
8- صلاة الضّحى 41
9- صلاة تحيّة المسجد 42
10- سنّة الوضوء 42
11- قيام الليل 42
الموضوع…الصفحة
12- قيام رمضان 43
13- قيام ليلة القدر 43(1/21)
الفصل السّادس : الخاتمة 45
??
??
??
??
20(1/22)