السماوات والأرض، وبن لزوم العقاب ليست مثل النسبة التي بين الإنسان والحيوان. قال الرازي (1) بعد كلامه السابق-: فإن قالوا: فإذا كان العقاب حاصلا سواء بقيت السماوات والأرض أو لم تبق لم يكن لهذا التشبيه فائدة. قلنا: بل فيه أعظم الفوائد، وهو أنه يدلا على بقاء ذلك العقاب دهرا. مما ألا (2) يحيط العقل بطوله وامتداده. فأما إنه هل يحصل له أمجرى (3) أم لا فذلك يستفاد من دلائل أخر. وهذا الجواب الذي قررته جواب حق، ولكن إنما يفهمه إنسان ألف شيئا من المعقولات انتهى (4) وأقول ليس النزاع إلا في كون ذلك العقاب له آخر أم لا؟ ولا نزاع في مجرد الطويل الذي لا تحيط العقول بطوله، فإن ذلك مستفاد من الخلود والأبد، فلم يكن هذا الجواب شيئا، والإحالة على الدلائل إلا لم خر مع عدم الجزم منه بدلالتها على أحد الأمرين لا يفيد شيئا، على أنه لو جزم بأنها تفيد أحد الأمرين، ولم يبينها لم تكن هذه الإحالة مفيدة.
وإذا تقرر لك جميع ما ذكره وذكرناه عرفت الصواب- إن شاء الله-.
وأما ما أجاب به الجمهور عن الاستدلال أوله: {إلا ما شاء ربك} (5) فهو أربعة عشر جوابا.
الأول: أنه استثناء من قوله: {ففي النار} كأنه قال: إلا ما شاء ربك من تأخير قوم عن ذلك، وهم من شاء الله أن لا يدخلهم النار، وإن شقوا بالمعصية. حكى هذا
_________
(1) في تفسيره (18/ 65)
(2) في [ب] لم.
(3) في [ب] أخرى
(4) أي كلام الرازي في. تفسيره (18/ 65)
(5) هود:107(2/796)
أبو نضرة (1) عن أبي سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله. ويكون على هذا ما في {إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ} (2) للعدد لا للأشخاص، كقوله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ} (3) وتقرير هذا الجواب: فأما الذين شقوا ففي النار إلا عددا من هؤلاء الأشقياء، فإنهم ليسوا في النار ولا يدخلونها (4) ويجاب عنه بأنه مخالف للظاهر من وجهن:
الأول: طول الفصل ما بين المستثني والمستثني منه.
والثاني: التعسف في تأويل ما بذلك التأويل، فإنه مخالف لمعناها، وأيضا ليس المقام مقام ذكر الأعداد حتى تحمل على العدد، بل المقام مقام ذكر الأشخاص التي أثبت الله لهم هذه الأحوال.
الجواب الثاني: ما قاله ابن قتيبة (5)، وابن الأنباري (6)، والفراء (7) أن هذا الاستثناء استثناه الله تعالى ولا يفعله البته، كقولك: والله لأضربنك إلا أن أرى غير ذلك، مع عزيمتك على ضربه، فكذا هنا، وأطالوا الكلام في تقرير هذا.
_________
(1) ذكره القرطبي في " الجامع لأحكام القرآن " (9/ 99).
(2) النساء: 3
(3) النساء:3
(4) انظر فتح القدير (2/ 535)
(5) عزاه إليه الشوكاني في " فتح القدير " (2/ 535)
(6) عزاه إليه القرطبي في " جامع أحكام القرآن " (9/ 100)
(7) في " معاني القرآن " (2/ 28): حيث قال: ففي ذلك معنيان أحدهما أن تجعله استثناء يستثنيه ولا يفعله كقولك: والله لأضربنك إلا أن أرى غير دلك وعزمحك لحى ضرر والقول الآخر أن العرب إذا استثنت شيئا كبيرا مع مثله أو مع ما هو أكبر منه كان معنى إلا ومعنى الواو سواء، فمن ذلك قوله (خالدين فيها مادامت السماوات والأرض) سوى ما يشاء من زيادة الخلود فيجعل (إلا) مكان (سوى) فيصلح. كأنه قال:: خالدين فيها مقدار ما كانت السماوات وكانت الأرض سوى ما زادهم من الخلود والأبد(2/797)
قال الرازي (1) في الجواب عن هذا الجواب: ولقائل أن يقول: هذا ضعيف، لأنه إذا قال: لأضربنك إلا أن أرى غير ذلك فمعناه لأضربنك إلا إذا رأيت أن الأولى ترك الضرب، وهذا لا يد البته على أن هذه الرؤية قد حصلت أم لا، بخلاف قوله تعالى: {خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك} (2) فمعناه الحكم بخفودهم فيها إلا المدة إلى شاء ربك، فهاهنا اللفظ يدل على أن هذه المضيئة قد حصلت، فكيف يحصل قياس هذا الكلام على ذلك الكلام!. انتهى.
وأقول: لا يخفاك أن هذا إنما لتم لو أرادوا بالمثال الذي ذكره معناه الذي يدل عليه اللفظ، وهو إيقاع الضرب، إلا إذا رأى الضارب غير ذلك، وهم لم يريدوا ذلك، بل أرادوا أن العزيمة من الضارب كائنة على الضرب على كل حال، ولهذا قالوا مع عزيمتك على ضربه فقوله: إلا أن أرى قد حصل في الحال بيان معناه، وهو كل حمال، وأنه لا يرى غير ذلك، فلا لتم ما ذكره الرازي من الفرق بين الآية والمثال بالحصول وعدمه، فالأولى الجواب عن هذا الجواب. مما ذكرناه في "لأجوبة (3) "قدمناه على قوله تعالى: {خالدين فيها إلا ما شاء الله} (3)
الجواب الثالث: أن كلمة الاستثناء هنا وردت. معنى سوى، والمعنى أنه تعالى لما قال: (خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض {(4) فهم منه أفم يكونون في النار في جميع بقاء السماوات والأرض في الدنيا. ثم قال: سوى ما يتجاوز ذلك من الخلود الدائم، فذكر أولا في خلودهم ما ليس عند العرب أطول منه، ثم زاد عليه الدوام الذي لا آخر له بقوله:} إلا ما شاء ربك& (5) من الزيادة التي ..............
_________
(1) في تفسيره18/ 75
(2) هود:108
(3) 4ب
(4) هود:108
(5) هود:108(2/798)
لا آخر لها (1)
ويجاب عنه بأن جعل حرف الاستثناء. معنى سوى، وإفادته لهذا المعنى الذي هو عكس معناه، وضد مدلوله ممنوع بل مدفوع.
الجواب الرابع: هو أن المراد من هذا الاستثناء زمان وقوفهم في الموقف، فكأنه تعالى قال: فأما الذين شقوا ففي النار إلا وقت وقوفهم للمحاسبة، فإنهم في ذلك الوقت لا يكونون في النار (2)
ويجاب عن هذا الوجه. ممثل ما قدمناه في جوابنا على الجوابات التي أجاب ها الجمهور في قوله: {إلا ما شاء الله}.
الجواب إن مس: أن المراد هذا الاستثناء مدة البرزخ، وقد قدمناه الجواب عن هذا الوجه في الكلام على آية الأنعام.
_________
(1) قال الزجاج في "معاني القرآن وإعرابه"
(3/ 79 - 80): قوله تعالى: "إلا ما شاء ربك ". فيها أربعة أقوال: قولان لأهل اللغة البصريين والكوفيين جميعا:
قالوا: المعنى (خالدين فيها إلا ما شاء ربك). كل! ت سوى ما شاء ربك كما تقول: لو كان معنا رجل إلا زيدا أي رجل سوى زيل ولك عندي ألف درهم سوى الألفين، وألا الألفين اللذين لك عندي فالمعنى على هذا خالدين فيها مقدار دوام السماوات والأرض سوى ما شاء ربك من الخلود والزيادة كما قلت سوى الألفين اللتين علي.
2/ وقالوا: إلا ما شاء ربك وهو لا يشاء أن يخربهم إنها، كما أول أنا أفعل كذا وكذا إلا أن أشاء كر ذلك ثم تقيم على ذلك الفعل وأنت قادر على غر ذلك، فتكون الفائدة في هذا الكلام أن لو شاء يخرجهم لقدر ولكنه قد أعلمنا أفم خالدون أبدا.
وقولان آخران: قال بعضهم إذا حشروا وبعثوا فهم في شروط القيامة فالاستثناء وقع من الخلود. مقدار موقفهم للحساب، والمعنى خالدين فيها مادامت السماوات والأرض إلا مقدار موقفهم للمحاسبة. القول الرابع سيذكره الشوكاني بعد قليل.
(2) قال الزجاج في "معاني القرآن وإعرابه"
(3/ 79 - 80): قوله تعالى: "إلا ما شاء ربك ". فيها أربعة أقوال: قولان لأهل اللغة البصريين والكوفيين جميعا:
قالوا: المعنى (خالدين فيها إلا ما شاء ربك). كل! ت سوى ما شاء ربك كما تقول: لو كان معنا رجل إلا زيدا أي رجل سوى زيل ولك عندي ألف درهم سوى الألفين، وألا الألفين اللذين لك عندي فالمعنى على هذا خالدين فيها مقدار دوام السماوات والأرض سوى ما شاء ربك من الخلود والزيادة كما قلت سوى الألفين اللتين علي.
2/ وقالوا: إلا ما شاء ربك وهو لا يشاء أن يخربهم إنها، كما أول أنا أفعل كذا وكذا إلا أن أشاء كر ذلك ثم تقيم على ذلك الفعل وأنت قادر على غر ذلك، فتكون الفائدة في هذا الكلام أن لو شاء يخرجهم لقدر ولكنه قد أعلمنا أفم خالدون أبدا.
وقولان آخران: قال بعضهم إذا حشروا وبعثوا فهم في شروط القيامة فالاستثناء وقع من الخلود. مقدار موقفهم للحساب، والمعنى خالدين فيها مادامت السماوات والأرض إلا مقدار موقفهم للمحاسبة. القول الرابع سيذكره الشوكاني بعد قليل.(2/799)
الجواب السادس: أن المراد هذا الاستثناء مدة بقائهم في الدنيا، وقد قدمنا الجواب عن هذا في الكلام على آية الأنعام أيضا.
الجواب السابع: أن الاستثناء يرجع إلى قوله تعالى: ا لهتم فيها زفير وشهيق وتقريره أن الزفير والشهيق ثابت لهم، إلا ما شاء ربك من عدم زفيرهم وشهيقهم في وقت من الأوقات (1) ويجاب عنه بأن رجوع الاستثناء إلى ذلك مع الفصل قوله: (خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض {(2) خلاف الظاهر، بل الظاهر رجوع الاستثناء إلى ما هو الأقرب إليه، والألصق به، وهو الخلود المؤقت بدوام السماوات والأرض.
الجواب الثامن: أن المعنى إلا ما شاء ربك من تعذيبهم بغير النار كالزمهرير ونحوه.
ويجاب عن هذا. مما قدمنا في جوابنا عن مثله في آية الأنعام.
الجواب التاسع: يفيد خروج أهل التوحيد من النار، ويجاب عنه. ممثل ما قدمنا على جوابنا على مثله في آية الأنعام.
الجواب العاشر: أن المعنى خالدين في النار لا يموتون فيها ولا يحيون إلا ما شاء ربك، وهو أن يأمر النار فتأكلهم وتفنيهم، ثم تجدد خلقهم. ويجاب ن هذا بأنه إخراج لهذا الاستثناء عن هذه الآية إلى اتصل ها إلى شيء آخر لم تدل عليه الآية، وهو عدم الموت والحياة.
الجواب الحادي عشر: أن (إلا) (3) في قوله:} إلا ما شاء ربك & بمعنى
_________
(1) ذكره الزجاج في معاني القرآن وإعرابه (3/ 79 - 80). وانظر فتح القدير (535/ 2) ومعاني القرآن للفراء (2/ 28).
(2) هود: 108
(3) في (ب) الاستثناء(2/800)
الواو (1) والمعنى: وما شاء ربك من الزيادة.
ويجاب عنه بأنه إخراج لحرف الاستثناء عن معناه إلى معنى يخالفه ويناقضه بغير دليل. الجواب الثاني عشر: أن قوله: {إلا ما شاء ربك} معناه كما شاء ربك، كقوله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} أي إلا كما قد سلف. والجواب عنه كالجواب عن الذي قبله.
الجواب الثالث عشر: أن هذا الاستثناء هو على سبيل الاستثناء الذي ندب إليه الشرع في كل (2) كلام بقوله: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} (3)، وقوله: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} (4) وقد ذكر نحو هذا أبو عبيد (5)، والفراء (6) ويجاب عنه بأنه خروج عن الظاهر، والتشريع الوارد في التقييد بالمشيئة هو باب آخر بلفظ آخر لمعنى أخر (7).
_________
(1) انظر زاد المسير (4/ 160 - 161)
(2) قال القرطي في "الجامع لأحكام القرآن" (9/ 101 - 102): فهو استثناء في واجب، وهدا الاستثناء في حكم الشرط كذلك كأنه قال: إن شاء ربك، فليس يوصف. بمتصل ولا منقطع ويؤيده ويقويه قوله تعالى: {عطاء غير مجذوذ}.
(3) الكهف:23 - 24.
(4) الفتح: 27.
(5) في " معاني القران " (2/ 28) فقد قال: تقدمت عزيمة المشيئة من الله تعالى في خلود الفريقين إلي الدارين فوقع لفظ الاستثناء- والعزيمة قد تقدمت في الخلود- قال: وهذا مثل قوله تعالى: & لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين وقد علم أكم يدخلونه حتما فلم يوجب الاستثناء في الموضعين خيارا، إذ المشيئة قد تقدمت بالعزيمة في الخلود في الدارين والدخول في المسجد الحرام.
(6) في "معاني القرآن" (2/ 27 - 28).
(7) انظر "الكوكب المنير" (3/ 293 - 308)(2/801)
الجواب الرابع عشر: المعارضة بقوله تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ} فإن [ما] (1) قيل في الأشقياء لزم مثله في السعداء، لأن العبارة العبارة، واللفظ اللفظ، والمعنى المعنى. ويجاب عنه بأنه أقدا (2) وقع الإجماع من جميع الأمة على عدم انقطاع نعيم أهل الجنة، وأنه غير متناه بخلاف انقطاع عذاب أهل النار، فقد قال له طائفة من أهل العلم، فكان الفارق بين ما قيل في جانب الأشقياء، وجانب السعداء هو إجماع على امتناع الحمل على الظاهر في السعداء، فكان التأويل به مقبولا، ولم يقع الإجماع على امتناع الحمل على الظاهر في جانب الأشقياء، فكان التأويل فيه غير مقبول إلا بوجه يسلمه المخالف ولا يمنعه ولا يدفعه. وأيضا فإن الله سبحانه لمحال فيهم في هذه الآية: {إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ} (3) أقي: غير مقطوع. وبذلك فسره ابن عباس كما أخرجه عنه ابن جرير (4)، وابن أبي حاتم (5)، وأبو الشيخ، وابن مردويه (6) والبيهقي (7).
_________
(1) زيادة من [أ]
(2) زيادة من [أ]
(3) هود:108
(4) في " جامع البيان " رقم (8587 - شاكر)
(5) في فسيره (6/ 2088 رقم 11245)
(6) عزاه إليه السيوطي في الدر المنثور (4/ 478).
(7) في البعث والنشور (ص: 333 رقم605).
كلهم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {لهم فيها زفير وشهيق} قال: الزفير الصوت الشديد في الحلق والشهيق الصوت الضعيف في الصدر.
وفي قوله {غير مجذوذ} قال: إني مقطوع. وفي لفظ: غير منقطع.
وقال ابن كثير عقب قول ابن عباس: لئلا يتوهم متوهم بعد ذكره المشيئة- إلا ما شاء ربك- أن ثم انقطاعا، أو لبسا، أو شيئا، بل ختم له بالدوام، وعدم الانقطاع كما بين هنا أن عذاب أهل(2/802)
وأما ما أجاب به الجمهور عن الاستدلال بقوله تعالى: {لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا} (1) فخمسة أجوبة:
الأول: أن الأحقاب جمع حقب، وهو مختلف فيه عند أهل (2) اللغة، فقيل ثمانون سنة، وقيل زمان من الدهر لا وقت له، وقيل إنه ثمانون سنة، والسنة ثلاثمائة وستون يوما، واليوم ألف سنة من أيام الدنيا. وقيل: الحقب مائه سنة، والسنة اثنا عشر شهرا، والشهر ثلاثون يوما، واليوم ألف سنة، وقيل: الأحقاف لا يدري أحد ما هي، ولكن الحقب الواحد سبعون ألف سنة، اليوم منها كألف سنة مما يعجبون (3) قالوا: فلما كان الخلاف في معنى الأحقاب هو هذا لم لتم ما قدره المستدلون هذه الآية على فناء النار كما سلف.
ويجاب عنه بأنه لم يكن في هذه الأقوال ما يفيد مطلوب المجيبين من أن الحقب أو الأحقاب غير متناهية، بل هي وإن فسرت بزمان طويل فهو متناه، وليس النزاع إلا في التناهي وعدمه.
الجواب الثاني: أن لفظ الأحقاب لا تدل على النهاية، وإنما المتناهي هو الحقب الواحد، ويجاب عنه بأن أحقابا هي من جموع (4) القملة فهي متناهية، وتقدير الحقب
_________
(1) النبأ:23
(2) انظر " مفردات ألفاظ القرآن " للأصفهاني (ص: 248)
(3) انظر هذه الأقوال في "جامع لأحكام القرآن" للقرطبي (19/ 178 - 179).
(4) تقدم آنفا.(2/803)
الواحد بأي زمان كان، وإن كثر عدده كما يستلزم تناهيه فهو أيضًا يستلزم تناهي الأحقاب.
الجواب الثالث: أن المعنى أفم يلبثون في النار أحقابا لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا. ذكر معناه الزجاج (1)، وتقريره أن هذه الأحقاب التي يلبثونها في النار هي توقيت لنوع من العقاب، وهو كونهم لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا إلا حميما وغساقا، ثم يعذبون بعد انقضاء هذه الأحقاب بغير ذلك من العذاب.
ويجاب عن هذا بان ذلك إنما يتم إذا كانت جملة لا يذوقون قيدا لقوله {لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا} (2) وهو ممنوع. وأقل الأحوال الاحتمال، ولا تقوم [6أ] الحجة [لمحتمل] (3).
الجواب الرابع: أن لو سلمنا دلالة هذه الآية على التناهي فهي دلالة مفهوم، وهى لا تنته على معارضة ما ورد من تأييد الخلود.
ويجاب عنه بأن هذا الذي ورد في تأييد الخلود إن كان ما في الآيات كمثل خالدين، وكمثل أبدا، فقد تقرر عند أهل اللغة (4) أفما يدلان على اللبث الطويل، لا على عدم التناهي، وإن كان بغيرهما فما هو؟.
_________
(1) في " معاني القران وإعرابه " (5/ 273): قال: ولابثين، يقال: لبث الرجل فهو لابث، ويقال هو لبث. مكان كذا أي صار اللبث شأنه والأحقاب واحدها حقب، والحقب ثمانون سنة، كل سنة اثنا عشر شهرا وكل شهر ثلاثون يوما، وكل يوم مقداره ألف سنة من سني الدنيا، والمعنى أفم يلبثون أحقابا لا يذوقون في الأحقاب بردا ولا شرابا وهم خالدون في النار أبدا كما قال عز وجل: {خالدين فيها أبدا}
(2) النبأ:23
(3) في (ب) بمحتمل
(4) تقدم ذكر ذلك.(2/804)
الجواب الخامس: (1) أن معنى الأحقاب مأخوذ من حقب عافنا إذا قل مطره وخيره، وحقب فلان إذا أخطأه الرزق، وأن أحقابا منتحب على أنه حال عنهم. معنى لابثين فيها حقبين، أي لا خير عندهم، ولا رزق يطيب لهم. ولا يخفاك أن في هذا من التعسف ما لا يخفى، فإن أحقابا منتصب على الظرفية لا على الحالية، وذلك المعنى لحقب شاذ نادر لا ينبغي الحمل عليه مع وجود الكثير الغالب.
وإذا عرفت جميع ما سقناه تقريرا وجوابا ودفعا، فلا بد أن نتكلم. مما هو الصواب، ونصرح. مما هو الحق- إن شاء الله-. ولكنا نقدم هاهنا نقل ما روي عن السلف الصاع في تفسير هذه الآيات التي تمسك جما القائلون بفناء النار، ثم نبين بعد ذلك ما يظهر أنه ا لصواب.
فمن جملة ما روي عن السلف في تفسير هذه الآيات [4أ/ب] ما قدمنا عن ابن عباس (2) في تفسير آية الأنعام.
وأما ما ورد عنهم في آية هود فأخرت ابن أبي حاتم (3)، وأبو الشيخ، وابن مردويه (عن ابن عباس في تفسير قوله سبحانه: {فمنهم شقي وسعيد} قال: هم قوم من أهل الكبائر، من أهل هذه القبلة، يعذبهم الله بالنار ما شاء بذنوبهم، ثم يأذن في الشفاعة لهم، فيشفع لهم المؤمنون، فيخرجهم من النار، فيدخلهم الجنة فسماهم أشقياء حين عذبهم في النار. {فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ} (4) حين
_________
(1) انظر التفسير الكسير للرازي (31/ 14).
(2) تقدم تخريجه آنفا.
(3) في تفسيره (6/ 2085 رقم 11223).
(4) هود:106 - 107(2/805)
أذن في الشفاعة لهم، وأخرجهم من النار، وأدخلهم الجنة، وهم هم. {وأما الذين سعدوا} يعني بعد الشقاء الذي كانوا فيه {ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك} (1) يعني الذين كانوا [فيه] (2) ففي الجنة خالدين فيها مادامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك. يعني الذين كانوا في النار وأخرج عبد الرزاق (3) وابن الضريس (4)، وابن جرير (5)، وابن المنذر والطبراني (6) والبيهقي في الأسماء والصفات (7)
عن أبي نضرة، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، أو عن أبي سعيد الخدري، أو رجل من أصحاب رسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- في قوله (إلا ما شاء ربك إن ربك فعال لما يريد قال: هذه الآية قاضية على القرآن كفه، يقول: حيث كان في القران خالدين فيها تأتي عليه.
وأخرج ابن أبي حاتم (8) عن ابن عباس في قوله: (ما دامت السماوات والأرض قال: أسماء الجنة (9) وأرضها وأخرج البيهقي في البعث والنشور (10) عن ابن عباس أيضًا في قوله: {إلا ما شاء ربك}
_________
(1) سورة هود: 108
(2) في [ب] فيها
(3) في تفسيره (2/ 312 - 313).
(4) في فضائل القرآن (ص151 رقم 321)
(5) في جامع البيان (7/ج: 12/ 118).
(6) عزاه إليه السيوطي في الدر المنثور (4/ 476)
(7) (1/ 414رقم 336) بإسناد صحيح.
(8) في تفسيره (6/ 2585 رقم 11229)
(9) كذا في المخطوط وفي التفسير المذكور "لكل جنة سماء وأرض
(10) (ص: 333 رقم 606)(2/806)
قال: فقد شاء ربك أن يخلد هؤلاء في النار، وأن يخلد هؤلاء في الجنة. وأخرج ابن جرير (1) عن ابن عباس- أيضا- في قوله: {إلا ما شاء ربك} قلل: استثنى الله أمر النار أن تأكلهم.
وأخرج [إسحق بن راهويه (2)] (3) عن أبي هريرة قال: سيأتي على جهنم يوم لا يبقى فيها أحد، وقرأ (فأما الذين شقوا ... الآية.
وأخرج ابن جرير (4) وابن أبي حاتم (5) عن خالد بن معدان في قوله {إلا ما شاء ربك} قال: إنها في الموحدين من أهل القبلة.
وأخرج أبو الشيخ (6) عن الضحاك في قوله: {إلا ما شاء ربك} قال: إلا من استثنى من أهل القبلة.
وأخرج ابن أبي حاتم (7)، وأبو الشيخ (8) عن السدي في قوله: {ما دامت السماوات والأرض} قال: سماء الجنة وأرضها.
وأخرج ابن أبي حاتم (9)، وأبو الشيخ (10) عن الحسن في قوله: {ما دامت السماوات والأرض} قال: تبدل سماء غير هذه السماء، " أرض غير هذه الأرض،
_________
(1) في "جامع البيان" (7/ج12/ 118).
(2) عزاه إليه السيوطي في الدر المنثور (4/ 478)
(3) في المخطوط (أ، ب) [بن اسحق وابن راهويه] والتصويب
(4) في جامع البيان (17ج: 12/ 118).
(5) قي تفسيره (6/ 2087 رقم 1235).
(6) عزاه إليه السيوطي في الدر المنثور (4/ 476).
(7) في تفسيره (87/ 206رقم11238).
(8) عزاه إليه السيوطي في الدر المنثور (4/ 477).
(9) في تفسيره (6/ 2086 رقم 11230).
(10) عزاه إليه السيوطي في الدر المنثور (4/ 477).(2/807)
فمادامت تلك السماء وتلك الأرض.
وأخرج ابن أبي حاتم (1) عن الحسن قال: إذا كان يوم القيامة أخذ الله السماوات السبع، والأرض السبع، فطهرهن من كل أقذرا (2) ودنس، فصيرهن أرضا بيضاء فضة تتلألأ أنورا (3) للجنة.
وأخرج أبو الشيخ (4) عن السدي في قوله: {فأما الذين شقوا} قال: فجاء بعد ذلك من مشيئة الله أما نسخها (5) فأنزل بالمدينة: {إن الذين كفروا وظلموا لتم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا إلى آخر الآية، فذهب أرجاء لأهل النار [7أ] بأن يخرجوا منها، وأوجب لهم خلود الأبد، وقوله:} وأما الذين سعدوا {قال: فجاء بعد ذلك من مشيئة الله ما نسخها، فأنزل الله بالمدينة:} وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ إلى قوله- ظِلًّا ظَلِيلًا {فأوجب لهم خلود الأبد.
وأخرج ابن المنذر (6) عن الحسن قال: قال عمر: لو لبث أهل النار في النار كقدر رمل عالج لكان لهم يوم على ذلك يخرجون فيه.
وأخرج ابن المنذر (7) وأبو الشيخ (8) عن إبراهيم النخعي قال: ما في القران آية أرجى لأهل النار من هذه الآية: خالدين فيها [4ب/ب]} ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك & قال: وقال ابن مسعود: ليأتين عليها زمان تخفق أبوابها.
_________
(1) في تفسيره (6/ 2086 رقم11231).
(2) في [ب] وزر
(3) زيادة من [ب]
(4) عزاه إليه السيوطي في الدر المنشور (4/ 477).
(5) في الدر المنثور (4/ 477) (فنسخها).
(6) عزاه إليه السيوطي في الدر المنثور (4/ 478)
(7) عزاه إليه السيوطي في الدر المنثور (4/ 478)
(8) عزاه إليه السيوطي في الدر المنثور (4/ 478)(2/808)
وأخرج ابن جرير عن الشجي قال: جهنم أسرع الدارين عمرانا، وأسرعهما خرابا.
وأخرج عبد الرزاق (1)، وابن جرير (2)، وابن أبي حاتم (3) عن قتاده في قوله: {إلا ما شاء ربك} قال: الله أعلم. بمشيئته على ما وقعت.
وأخرج ابن جرير (4) وابن زيد قال: قد أخبر الله بالذي شاء لأهل الجنة فقال: (عطاء غير مجذوذ ولم يخبر بالذي شاء لأهل النار.
قال ابن كثير في تفسيره (5) - عند الكلام على هذه الآية من سورة هود-: وقد اختلف المفسرون في المراد من هذا الاستثناء على أقوال كثيرة، حكاها الشيخ أبو الفرج ابن الجوزي في كشابه زاد المسير (6)، وغيره من علماء التفسير، ونقل كثيرا منها الإمام أبو جعفر ابن جري (7) (8) - رحمه الله- في كتابه، واختار هو ما نقله عن خالد بن معدان، والضحاك، وقتاده، وأبي سنان. ورواه ابن أبي حاتم (8) عن ابن عباس، والحسن أيضل أن الاستثناء عائد على العصاه من أهل التوحيد ممن يخرجهم الله من النار شفاعة للشافعين من النبيين والملائكة والمؤمنين حين يشفعون في أصحاب الكبائر، ثم تأتي رحمة أرحم الراحمين فيخرج من النار من لم يعمل خيرا قط، وقال يوما من الدهر: لا إله إلا الله.
_________
(1) في تفسيره (2/ 312)
(2) في "جامع البيان" (7/ج: 12/ 117)
(3) قي تفسيره (87/ 206 رقم 11237).
(4) في جامع البيان (7/ج12/ 119).
(5) (4/ 351)
(6) (4/ 160\ 161).
(7) (7/ج:12, 18)
(8) في تفسيره (6/ 208رقم11233, 11234).(2/809)
كما وردت بذلك الأخبار الصحيحة المستفيضة عن رسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-. مضمون ذلك من حديث أنس (1)، وجابر (2)، وأبي سعيد (3)، وأبي هريرة (4)، وغرهم من الصحابة. ولا يبقى بعد هذا في النار إلا من وجب عليه الخلود فيها، ولا مخلد له عنها. وهذا الذي عليه كثير من العلماء وقديما وحديثا في تفسير هذه الآية الكريمة. قال ابن كثير (5) أيضًا وقد روي في تفسير هذه الأدلة عن أين المؤمنين عمر بن الخطاب، وابن مسعود، وابن عباس، وأبي هريرة، وعبد الله بن عمر، وجابر، وأبي سعيد من الصحابة. وعن أبي مجلز، والشجي وغيرهما من التابعين، وعن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وإسحاق ابن راهويه، وغيرهما من الأئمة أقوال غريبة، وورد حديث غريب في معجم الطبراني الكبير (6) عن أبي أمامه صدي بن عجلان الباهلي، ولكن سنده ضعيف. والله أعلم. انتهى.
_________
(1) أخرجه مسلم في صحيحة رقم (325/ 193) عن أنس بن مالك أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " يحرج من قال: لا إله إلا الله، وكان في قلبه من الخير ما يزن شعرة، ثم يحرج من اك ر من قال: لا إله إلا الله ومن في قلبه من الخير ما يزن بره، ثم يخرج من النار من قال: لا إله إلا الله وكان في قلبه من الحر ما يزن ذرة " وأخرج مسلم في صحيحة رقم (302/ 183) عن أنس أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: يجمع الله المؤمنين يوم القيامة فيلهمون لذلك" .. وذكر في الرابعة فأقول: يا رب، ما بقط في النار إلى من حبسه القرآن أي وجب عليه الخلود ".
(2) أخرجه مسلم قي صحيحة (رقم 316/ 191).
(3) أخرجه البخاري في صحيحة (7439) ومسلم في صحيحة رقم (302/ 183).
(4) عن أبي سعيد الخدري وفيه " .... فيقول الله عز وجل: شفعت الملائكة وشفع النبيون وشفع المؤمنون يبق إلا أرحم الراحمين فيقبض قبضة من النار فيخرج منها قوما لم يعملوا يضرا قط "
(5) في تفسيره (4/ 352).
(6) (8/ 292رقم 7957). وأورده الهيثمي في المجمع (7/ 142) وقال: فيه جعفر بن الزبير وهو ضعيف(2/810)
وأما كلام السلف في قوله تعالى: {لابثين فيها أحقابا}
أخرج ابن أبي حاتم (1) عن ابن عباس في قوله: {لابثين فيها أحقابا} قال: سنين.
وأخرج عبد بن حميد (2) عن الحسن قال: الحقب الواحد سبعون سنة، كل يوم منها ألف سنة.
وأخرج عبد الرزاق (3)، وعبد بن حميد (4)، وابن جرير (5)، وابن المنذر (6) عن قتاده في الآية قال: الأحقاب ما لا انقطاع له، كفا مضى حقب جاء بعده حقب. قال: وذكر لنا أن الحقب ثمانون سنة من سنين يوم القيامة.
وأخرج عبد بن حميد (7) عن الحسن قي الآية قال: ليس لها أجل، كلما مضى حقب دخل في الآخر.
وأخرج عبد بن حميد (8)، وابن جرير (9)، وأبو الشيخ (10) عن الربيع في الآية قلل: لا يدري أحدكم تلك الأحقاب، إلا أن الحقب الواحد ثمانون سنة، والسنة ثلاثمائة وستون يوما، اليوم الواحد مقدار ألف سنة.
وأخرج ابن جرير (11) عن بشير بن كعب في الآية قال: بلغني أن الحقب ثلاثمائة سنة،
_________
(1) في تفسير (10/ 3394).
(2) عزاه إليه السيوطي في الدر المنثور (8/ 394).
(3) في تفسيره (2/ 342)
(4) عزاه إليه السيوطي في الدر المنثور (8/ 394).
(5) قي جامع البيان (15/ج:30/ 11).
(6) عزاه إليه السيوطي في الدر المنثور (8/ 394)
(7) عزاه إليه السيوطي في الدر المنثور (8/ 394)
(8) عزاه إليه السيوطي في الدر المنثور (8/ 394)
(9) عزاه إليه السيوطي في الدر المنثور (8/ 394)
(10) عزاه بليه السيوطي في الدر المنثور (8/ 394).
(11) قي جامع البيان (15/ج:30/ 11)(2/811)
كل سنة ثلاثمائة وستون يوما، كل يوم ألف سنة.
وأخرج عبد الرزاق (1)، والفريابي (2)، وهناد (3)، وعبد بن حميد (4)، وابن جرير (5)، وابن المنذر (6) عن سالم بن أبي الجعد قال: سأل علي بن أبي طالب هلال الهجري: ما تجدون الحقب في كتاب الله؟ قال: نجده ثمانين سنة، كل سنة منها اثنا عشر شهرا، كل شهر [5أ/ب] أ ثلاثون يوما، كل يوم ألف سنة.
وأخرج سعيد بن منصور (7)، والحاكم (8) وصححه عن ابن مسعود في الآية قال: الحقب الواحد ثمانون سنة.
وأخرج البزار (9) عن أبي هريرة في الآية قال: الحقب الواحد ثمانون سنة، والسنة ثلاثمائة وستون يوما، واليوم كألفي سنة مما تعدون.
وأخرج عبد بن حميد (10) عن أبي هريرة أيضًا في الآية قال: الحقب ثمانون عاما، اليوم منها كسدس الدنيا.
وأخرج بن عمر، العدني (11) في .................
_________
(1) في تفسيره (2/ 342 - 343)
(2) عزاه إليه السيوطي في الدر المنثور (8/ 395)
(3) عزاه إليه السيوطي في الدر المنثور (8/ 395)
(4) عزاه إليه السيوطي في الدر المنثور (8/ 395)
(5) في جامع البيان (15/ ج: 11/ 30).
(6) عزاه إليه السيوطي في الدر المنثور (8/ 395)
(7) عزاه إليه السيوطي في الدر المنثور (8/ 395).
(8) في المستدرك (512/ 2) وقال: هذا حدث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
(9) قي مسنده (78/ 3 رقم 2278 - كشف) وأورده الهيتمي قي " المجمع " (33/ 17) وقال: " البزار وفيه حجاج بن نصير وثقة ابن حبان وقال: يخطئ ويهم، وضعفه جماعه وبقية رجاله ثقات.
(10) عزاه إليه السيوطي (8/ 395).
(11) في المخطوط بن أبي عمر والعدني.! والصواب ما أثبتناه من الدر المنثور.(2/812)
مسنده (1)، وابن أبي حاتم (2)، والطبراني (3)، وأبن مردويه (4) قال السيوطي (5): بمسند ضعيف عن أبي أمامة عن النبي- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- {لابثين فيها أحقابا} قال: الحقب ألف شهر، والشهر ثلاثون يوما، والسنة اثنا عشر شهرا، ثلاثمائة وستون يوما، كل يوم منها ألف سنة مما تعدون) [80أ]
وأخرج البزار، وابن مردويه (6)، والديلمي (7) عن ابن عمر عن النبي- صلى الله عليه وآلة وسلم- قال: "والله لا يخرج من النار من دخلها، حتى يمكث فيها أحقابا والحقب بضع وثمانون سنة، كل سنة ثلاثمائة وستون يوما، واليوم ألف سنة مما تعدون" قال ابن عمر: فلا يتكلن أحد على أنه يحرج من النار.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: الحقب ثمانون سنة.
وأخرج سعيد بن منصور (8)، وابن المنذر (9) عن عبد الله بن عمرو في قوله:
لنثرر فيها أحقابا قال: الحقب الواحد ثمانون سنة.
وأخرج ابن مردويه (10) عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله- صلى الله عليه
_________
(1) عزاه إليه السيوطي في الدر المنثور (8/ 395)
(2) قي تفسيره (10/ 3395 رقم19099)
(3) تقدم انظر لفظه
(4) عزاه إليه السيوطي في الدر المنثور (8/ 395).
(5) في الدر المنثور (8/ 395)
(6) عزاه إليه السيوطي في الدر المنثور (8/ 395).
(7) في الفردوس. مأثور الخطاب رقم (7029)
(8) عزاه إليه السيوطي في الدر المنثور (8/ 395).
(9) عزاه إليه السيوطي في الدر المنثور (8/ 395).
(10) عزاه إليه السيوطى في الدر المنثور (8/ 396).(2/813)
واله وسلم-: "الحقب أربعون سنة ".
وأخرج ابن جرير (1) عن خالد بن معدان في قوله: {لابثين فيها أحقابا} و [في] (2) قوله: {إلا ما شاء ربك} نهما في أهل التوحيد.
فإن قلت: قد ذكرت ما وعدت به من كلام السلف في هذه المسألة بعد أن أجبت على كل جواب من جوابات الجمهور، وإذا كان ما أجاب به الجمهور عن هذه الآيات التي استدل القائلون بالفناء مدفوعا انتهت الدلالة، وصفت عن شوب الكدر.
قلت: لكلم أن استدلال الجمهور على عدم تناهي العذاب للكفار. ممثل "خالدين فيها "، وبمثل (أبدا،، وبمثل الأدلة الدالة على تطويل محق العذاب كما في الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، لا يصح ولا يصلح لمعارضة ما في آية الأنعام (3)، وما في آية هود (4)، لأن المشيئة فيهما وقعت قيدا للخلود. ولا معارضة بين مطلق ومقيد، بل الواجب حمل المطلق على المقيد، ولا سيما إذا كان القيد متصلا بالمقيد (5) متحدا معه سببا ونزول كما صرح بذلك أهل الأصول في مباحث الإطلاق والتقييد، وصرحوا به أيضًا في مباحث العام والخاص، فإنهم جعلوا الاستثناء (6) من جملة التخصيص بالمخصصات المتصلة.
وإذا تقرر ألك (6) هذا، وعرفته حق معرفته فلا يصار إلى شيء من تلك التأويلات [8ب] التي وقع بها التأويل لتلك الآيات إلا بدليل يوجب ذلك، ويلجئ إليه؛ فإن جاء
_________
(1) في جامع البيان (15/ج: 30/ 12).
(2) زيادة من [أ]
(3) الآية128
(4) (105 - 108).
(5) انظر: الكوكب المنير (3/ 396) فإنه السول (2/ 140)
(6) ذلك من [أ](2/814)
الدليل المقتضى لذلك وجب المصير إلى أفض تلك التأويلات. وقد جاء الدليل الدال على عدم خروج الكفار من النار بحال من الأحوال كمثل قوله تعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ} (1) فإن في هذه الآية الشريفة دليلين جليلين على عدم خروجهم (2) منها بحال من الأحوال.
الأول: قوله: {وما هم بخرجين منها}، فإن هذا النفط المؤكد يفيد أنه لا خروج لهم منها، فلو فرض في وقت من الأوقات، أو حال من الأحوال أفم يخرجون منها لم يكن هذا في مطابقا للواقع، واللازم باطل بالإجماع فالملزوم [5ب/ب] مثله. وهكذا لو فرض أن النار نفسها تفئ فإنه يصدق عليهم أفم قد خرجوا منها، لأن مفارقتها خروج منها، وذلك يستلزم أن لا يكون هذا الخبر مطابقا للواقع، واللازم باطل بالإجماع فالملزوم مثله.
وأما الدليل الثاني من هذه الآية فقوله تعالى: {ولهم عذاب مقيم} (2) فإنه يدل على أن هذا العذاب مقيم عليهم، مستمر لهم، فلو خرجوا من النار في وقت من الأوقات، أو فنيت النار لم يكن عذابها مقيما عليهم. ومثل هذه الآية الآيات فيها العفو عنهم، والآيات التي فيها نفى المغفرة لهم، والآيات التي فيها استمرار غضب الله عليهم، ودوام سخطه، وهي كثيرة جدا في الكتاب العزيز فلو فرضنا في وقت من الأوقات أفم يخرجون من النار، أو أن [19] النار تفئ لكان ذلك مما يصدق عليه العفو والمغفرة، ومما يستفاد منه ارتفاع الغضب والسخي. وقد أخبرنا الله بأنه لا عفو عنهم، ولا مغفرة لهم، وأن غضبه مستمر عليهم، وسخطه دائم لهم، فيلزم عدم مطابقة الخبر للواقع، واللازم باطل بالإجماع فالملزوم مثله. وهكذا يدل على ذلك الآيات التي فيها
_________
(1) المائدة:37
(2) المائدة:37(2/815)
أنهم كلما اخرجوا (1) منها أعيدوا فيها، و {كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها} (2)، وكلما استغاثوا (3) أغيثوا بكذا مما ذكره الله، فإن هذه الآيات تدل على أفم لا يزالون كذلك، ولا ينفكون عن هذه الأمور التي أثبتها الله لهم، ولو فرض ما زعمه القائلون بأنهم يخرجون من النار، أو أنها تفئ عنهم لكانت هذه الأخبار غير مطابقة للواقع، واللازم باطل بالإجماع فالملزوم مثله.
وبالجملة فلا نطيل بذكر الأدلة الدائمة على هذا المعنى، فمن تدبر آيات الكتاب العزيز وجد فيها مما يفيد هذا المفاد، ويدل هذه الدلالة ما تتعسر الإحاطه به، والاستيفاء لجمعيه.
فإن قلت: إذا كان الأمر هكذا فما هو تأويل المرضي لديك لما في آية الأنعام (4) وآية هود (5). قلت: أقرب التأويلات وأظهرها وأحسنها أن يكون ما قبل الاستثناء في الآيتين المذكورتين شاملا لكل من يعذب بالنار من جاحد، وموحد ممن استحق دخول النار، وحقت عليه كلمة العذاب. ولا ينافي هذا التعميم كونهما في سياق الكفار، فقد يأتي بعض ما يكون في نمط خاص وأمر معين عاما [9ب] لذلك البعض وغيره، شاملا- المعين وما يناسبه. وهذا كثير في الكتاب العزيز، وشائع في لسان العرب. ولهذا كان الاعتبار بعموم الألفاظ (6) هود:114 (7) لا بخصوص الأسباب، كما هو مقر ر في مواطنه. وقد ثبت
_________
(1) قال سبحانه وتعالى: {كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا} [الحج: 22]. وقال سبحانه وتعالى: {كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا} [السجدة: 20]
(2) النساء:56
(3) قال سبحانه وتعالى: {وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ} [الكهف:29]
(4) [128]
(5) [105 - 108]
(6) العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ويريدون هذه العبارة، أن العام يبقى على عمومه وإن كان وروده بسبب خاص كسؤال أو واقعة معينة. لعبرة بالنصوص وما اشتملت عليه من أحكام، وليست العبرة بالأسباب إلى دعت إلى مجيء هذه النصوص.
فهذا جاء النص بصيغة عامة لزم العمل بعمومه، دون الالتمات إلى السبب الذي جاء النص العام من أجله سؤالا كان هذا السب أو واقعة حدثت لأر مجيء بصيغة العموم، يعني أد الشارع أراد أن يكون حكمه عاما لا خاصا بسببه، وهذا مذهب الحنابلة والحنفية وغيرهم.
ودليلهم على دلك الحديث الصحيح عن ابن مسعود صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أن رجلا أصاب من امرأة قبلة "، فأتى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فذكر ذلك له. فأنزلت عليه: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ}
(7) قال الرجل: ألي هذه؟ قال: " لمن عمل ها من أمتي "(2/816)
تواترا عن الرسول- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- أنه لا يبقى في النار (1) إلا من حب! سه القرآن من الكفار، فكان من عداهم من أهل التوحيد بخلافهم، فيكون الاستثناء في الآيتين متوجها إلى أهل التوحيد، فإنهم بعض من كله المستثنى منه. وأما التعبير بلفظ ما في الآيتين عن العقلاء وهي لغير (2) العقلاء فهذا وإن كان هو الأعم الأغلب لكنه قد ورد
_________
(1) أخرجه البخاري في صحيحة رقم (7440) من حديث أنس.
(2) قال القرطبي في "الجامع لأحكام القران " (9/ 99): وإنما لم يقل من شاء لأن المراد العدد لا الأشخاص كقوله: {ما طاب لكم} [النساء: 3].
وقال صاحب الدر المصون (5/ 151): "وما" هنا بمعنى (من) التي للعقلاء وساغ وقوعها هنا لأن المراد بالمستثنى نوع وصنف، و (ما) تقع على أنواع من يعقل وقال صاحب الدر المصون (3/ 561 - 562): ما طاب في ما هذه أوجه أحدهما: أنها. بمعنى الذي، وذلك عند من يرى أن (ما) تكود للعاقل. وهي مسألة مشهورة الثاني: أنها نكرة موصوفة. انكحوا جنسا طيبا أو عددا طيبا.
الثالث: أنها مصدرية.
الرابع: أنها ظرفية تستلزم المصدرية.
ثم تابع كلامه فقال وقرأ ابن أبي عبلة " س طاب " وهو مرجح كون (ما)، معنى الذي للعاقل(2/817)
كثيرا التعبير بأحد الحرفين عن الآخر في مواضع (1) من كتاب الله، وفي كثير من كلام الفصحاء، وكان هذا محمولا عليه، لا سيما إذا ألجأ إلى ذلك الدليل الصحيح، فإن المصير إليه متعين، والقول به متحتم على أنه لو كان في تلك التأويلات ما هو أقرب منه إلى الصواب لكان المصير إليه أولى، والقول به أحق، لكنه أقر ها وأظهرها. ومن وجد غيره أولى منه بالمصير إليه فلا حجر عليه، فليس المراد إلا الجمع بين ما يظهر فيه التعارض من آيات الكتاب العزيز، ومما يؤيد وجوب المصير إلى الجمع. ممثل ما ذكر له أن هذه المشيئة [6أ/ب] التي وقعت بعد الأشقياء قد وقعت بعد السعداء كما في سورة هود، وإجماع المسلمين على تأويلها في جانب السعداء يقوي تأويلها في جانب الأشقياء.
فإن قلت: فما تقول فيما قدمته عن السلف الصالح، فإن بعضهم قد صرح. مما قالت به هذه الطائفة القائلة بفناء النار، وانقطاع العذاب عن أهلها؟.
قلت: قد عرفناك أنه لم يصح عن رسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- شيء في ذلك. وأما ما روي عن بعض الصحابة فقد قالوا. مما فهموه من التقييد بالمشيئة، وليس ذلك حجة على غيرهم. وأيضا قد خالف هذا البعض من الصحابة بعض آخر فقالوا بالتأويل لتلك المشيئة، فلو كان قول البعض منهم يجب المصير إليه لكان قول البعض الآخر كذلك، فيستلزم القول بالشيء ونقيضه، وهو باطل، وما استلزم الباطل باطل مثله. وهكذا قول من بعدهم من التابعين وتابعيهم، وسائر الأئمة لا حجة في ذلك على أحد من الناس، ولا سيما وقد خالفهم الجمهور الكبير، والسواد الأعظم. وعلى كل حال فالموافق للدليل الحق هو الأسعد بالحق، سواء وافقه غيره أو خالفه، فلا اعتبار بغير الدليل. وإذا عرفت هذا الجمع بالنسبة إلى ما في سورة الأنعام وسورة هود فهكذا ما في سورة عم، فإنه يجعل ذلك خاصا. ممن عقابه متناه كما سلف، أو يقال: إنه مقيد. مما
_________
(1) انظر التعليقة السابقة.(2/818)
بعده وهو: {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا} (1) على حسب ما سبق تقريره، ويكون المسوغ لهذا مع احتماله هو الدليل الموجب للمصير إلى أحد الاحتمالين كما سلف. ومما يقوي هذا المسلك الذي سلكناه ويرجحه هو ما تقرر بإجماع أهل النظر أن الجمع مقدم [10ب] على الترجيح، وأن إعمال الأدلة جميعها أولى من إهمال بعضها. وقد أفرد جماعة من متأخر العلماء هذه المسألة بالتصنيف، ولم نقف عند تحرير هذا الجواب على شيء من ذلك، فمن وجد فيها غير ما أوردناه هاهنا فليعط النظر حقه، ويستعمل من الإنصاف ما لا بد منه، ويذهب إلى ما يرجحه. ولكنا لم نقف على شيء يصلح للتمسك به غير ما قد حررناه، وحسبنا الله، ونعم الوكيل.
حرره جامعه محمد بن علي الشوكاني- غفر الله لهما-[11أ]
أقد كانت مقابلي والولد الأبر التقي حسين بن أحمد بن محمد بن محمد ابن زباره لهذه النسخة على الأم المنقولة منها في ليلة ثلاثين غرة شعبان سنة 1370 سبعين وثلاثمائة وألف بصنعاء اليمن. والحمد لله رب العالمين. محمد بن محمد بن يحي زباره (2)
_________
(1) النبأ:24
(2) زيادة من [ب] خلاصة: الإيمان بأن أهل الجنة خالدون فيها أبدا، وأد اهل النار من الكفار والمنافقين خالدون فيها أبدا.
انقسم الناس في هذه المسألة إلى ثلاثة أقسام:-
1 - القائلون بأن الجنة والنار دائمتان لا تفنيان ولا تبيدان، وهذا قول الجمهور من الأئمة من السلف والخلف، وهو الراجح الذي يدل عليه الكتاب والسنة وأقوال الأئمة.
الأدلة من الكتاب: قال تعالى: {خالدين فيها أبدا} الأحزاب:65. فقد أخبر عن أبديتهم.
وفى تعالى خرجهم منها: {وما هم بخراجين من النار} البقرة: 167. ونفى تعالى انقطاعها عنهم: {وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا} [فاطر: 36] وقوله تعالى: {لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ} لزخرف: 175.
ونفط سبحانه وتعالى فناءهم فيها: {ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا} [الأعلى:13] وقوله تعالى: {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ} [النساء:56]
فقد أخبرنا الله سبحانه وتعالى في هذه الآيات وأمثالها أن أهل النار الذين هم أهلها خلقت لهم وخلقوا لها وأنهم خالدون فيها أبد الآبدين ودهر الداهرين. لا فكاك لهم منها ولا خلاص. ولات حين مناص انظر: معارج القبول (3/ 1542 - بتحقيقنا).
الأدلة من السنة:
1/ ما أخرجه البخاري رقم (4730) ومسلم في صحيحة رقم (40/ 2849) من حديث أبي سعيد الخدري خب قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يؤتى بالموت كهيئة كبش أملح، المحيادي مناد يا أهل الجنة، فيشرئبون وينظرون فيقول: هل تعرفون هذا؟ فيقولون: نعم هذا الموت، وكلهم قد رآه، ثم ينادي: يا أهل النار، فيشرئبون وينظرون فيقول: هل تعرفون هذا؟ فيقولون: نعم، هذا الموت وكلهم قد رآه فيذبح ثم يقول: يا أهل الجنة خلود فلا موت- ويا أهل خلود فلا موت، ثم قرأ: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ} مريم: 139. .
وأخرج مسلم في صحيحة رقم (42/ 2850) من حديث ابن عمر قال: إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: يدخل الله أهل الجنة وأهل النار، ثم يقوم مؤذن بينهم فيقول: يأهل الجنة لا موت، ويا أهل النار لا موت، كل خالد فيما هو فيه ".
وأخرجه البخاري في صحيحة رقم (6548) من حديث ابن عمر دون قوله (كل خالد ... ).
وأخرجه البخاري رقم (6548) ومسلم رقم (43/ 2850) من حديث ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا صار أهل الجنة إلى الجنة، وأهل النار إلى النار جيء بالموت حتى يجعل بين الجنة والنار ثم يذبح، ثم ينادي مناد: يأهل الجنة لا موت، ويأهل النار لا موت، فيزداد أهل الجنة فرحا إلى فرحهم ويزداد أهل النار حزنا إلى حزنهم.
2/ القائلون بفناء الجنة والنار: وهذا قول الجهم بن صفوان، إمام المعطلة- وأتباعه، وقد أنكر عليه هذا القول وكفروه به قال شارح العقيدة الطحاوية (ص: 480): وقال بفناء الجنة والمار الجهم بن صفوان- إمام المعطلة- وليس له سلف قط، لا مر الصحابة ولا من التابعين لهم بإحسان، ولا من أئمة المسلمين، ولا من أهل السنة، وأنكره عليه عامة أهل السنة، وكفروه له، وصاحوا به ولإتمامه من أقطار الأرض. وهدا قاله لأصله الفاسد الذي اعتقده، وهو إمتاع وجود ما لا يتناهى من الحوادث وهو عمدة أهل الكلام المذموم. التي استدلوا على حدوث الأجسام، وحدوث ما يخل من الحوادث، وجعلوا دلك عمدهم حدوث العالم القائلون بفناء النار دون الجنة:
قال شعار الطحاوية (ص: 483 - 484): أما ألدية النار ودوامها للناس في ذلك ثمانية أقوال: أحدها: أن من حلها لا يحرج منها أبد الآباد وهدا قول الخوارج والمعتزلة.
الثاني: أن أهلها يعذبون فيها، ثم تقلب طبيعتهم وتبقى طبيعة المارية يتلذذون جما لموافقتها لطبعهم وهذا فول إمام الاتحادية ابن عربي الطائي.
الثالث: أن أهلها يعذبون فيها إلى وقت محدود، ثم يخرجون سها، ويحلفهم فيها قوم آخرون وهذا القول حكاه اليهود للبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأكد فيه، وقد أكد بم الله تعالى فقال عر من قائل: {وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}
الرابع: يخرجون منها، وتبقى حالها ليس فيها أحد.
الخامس: أنها تفئ بنفسها، لأنها حادثة وما تبت حدوثه استحال بقاؤه وهذا قول الجهم وشيعته ولا فرق عنده في ذلك بين الجنة والمار.
السادس: تفي حركات أهلها ويصيرون جمادا، لا يحسون بألم، وهذا قول أبي الهذيل العلاف:
السابع: أن الله يخرج منها من يشاء كما ورد في الحديث تم يبقيها شيئا، ثم يفنيها فإنه جعل لها أمدا تنتهي إليه ومن أدلتهم قوله تعالى: {قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ} [الأنعام:128] وقوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} [هود:106] ولم يأت بعد هذين الاستثناءين ما أتى بعد الاستثناء المذكور لأهل الجنة وهو قوله تعالى: {عطاء غير مجذوذ}، هود: 108.
وقوله تعالى: {لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا} [النبأ:23]
الثامن: أن الله تعالى يخرج منها من شاء كما ورد في السنة، ويبقى فيها الكفار بقاء لا انقضاء
وقد تقدم ذكر الآيات التي تثر إلى ذلك قال تعالى: {ولهم عذاب مقيم} المائدة: 37) وقوله تعالى: {خالدين فيها أبدا} [البينة: 8].
وتلك الأقوال كلها ظاهرة البطلان ما عدا [السابع والثامن].
انظر: شرح العقيدة الطحاوية (ص: 480 - 484). معارج القبول (3/ 1040 - 1046) بتحقيقنا.
الشريعة للأجر كما (3/ 1371 - 1382)(2/819)
إرشاد الغبي إلى مذهب أهل البيت في صحب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ(2/823)
إرشاد الغبي إلى مذهب أهل البيت في صحب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
تأليف
محمد بن علي الشوكاني "ت: 1250هـ"
حققه وعلق عليه وخرج أحاديثه محمد صبحي بن حسن حلاق أبو مصعب(2/825)
وصف المخطوط (أ)
1 - عنوان الرسالة: " إرشاد الغبي إلى مذهب أهل البيت في صحب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"
2 - موضوع الرسالة: موقف أهل البيت من صحابة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
3 - أول الرسالة: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الذي أرشدنا إلى الدعاء للسلف الصاع بقوله: " والذين جاعوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين أمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم " والصلاة والسلام ....
4 - آخر الرسالة: ". وليس علينا إلا القيام بعهدة البيان للناس الذي أوجبه الله ورسوله علينا ليهلك من هلك عن بينة.
اللهم ارشد الخاصين من عبادك والعائم، واسلك بنا سبل السلام إلى دار السلام " انتهى.
5 - نوع الحط: خط نسخي جيد.
6 - عدد الأوراق: 8 ثمانية.
7 - عدد الأسطر في الصفحة: 24 - 25 سطرا.
8 - عدد الكلمات في السطر:11 - 13 كلمة.
9 - الناسخ: محمد علي المنصور.(2/827)
وصف المخطوط (ب)
عنوان الرسالة: " إرشاد الغبي إلى مذهب أهل البيت في صحب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ". موضوع الرسالة: موقف أهل البيت من صحابة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أول الرسالة: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الذمي أرشدنا إلى الدعاء للسلف الصاع بقوله: " والذين جاعوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم " والصلاة والسلام على حبيبه المصطفى ... ".
آخر الرسالة: وليس علينا إلا القيام بعمدة البيان للناس الذي أوجبه الله ورسله علينا ليهلك من هلك عن بينة.
اللهم ارشد الخاص من عبادك والعام، واسلك بنا سبل السلام إلى دار السلام. نوع الحط: خط نسخط جيد.
عدد الصفحات: 13 صفحة.
عدد الأسطر في الصفحة: 26 - 27 سطرا.
عدد الكلمات لي السطر: 3 ا-14 كدمة.(2/831)
بين يدي الرسالة:
1 - الصحابة كلهم عدول: ا- قال الحافظ ابن حجر: " اتفق أهل السنة على أن الجميع عدول، ولم يخالف في ذلك إلا شذوذ من المبتدعة ".
الإصابة
(1/ 10). 2 - قال الخطيب في الكفاية ص 46 - 47: " عدالة الصحابة ثابتة معلومة بتعديل الله لهم وإخباره عن طهارتهم واختباره لهم في نص القرآن ".
3 - قال ابن عبد البر في الاستيعاب (1/ 2) " ثبت عدالة جميعهم بثناء الله عز وجل عليهم وثناء رسوله عليه السلام، ولا أعدل ممن ارتضاه الله لصحبة نبيه ونصرته ولا تزكية أفضل من ذلك ولا تعديل أكمل منه ".
4 - قال ابن الصلاح في مقدمته: " للصحابة بأسرهم خصصه وهي أنه لا يسأل عن عدالة أحد منهم بل ذلك مفروع منه لكونهم على الإطلاق معدلين بنصوص الكتاب والسنة وإجماع من يعتد به في الاجماع من الأمة ".
2 - موقف أهل السنة هن المطالب التي تنقل عن الصحابة:
قال ابن تيمية في منهاج السنة (5/ 81 - 84): أن ما ينقل عن الصحابة من المثالب فهو نوعان.
أحدها: ما هو كذب، إما كذب كله، وإما محرف قد دخله من الزيادة والنقصان ما يخرجه إلى الذم والطعن. وأكثر المنقول من المطاعن الصريحة هو من هذا الباب يرويها الكذابون المعروفون بالكذب مثل أبي مخرف لوط بن يحيى، هشام بن محمد بن السائبة الكلبي- لهذا تستشهد الروافض. مما صنفه هشام الكلي في ذلك وهو أكذب الناس وهو شيعي يروى عن أبيه وعن أبي خنف.
- انظر ما كتبه محب الدين الخطيب- عن الكلبي- في المنتقى ص 318 - 319.(2/835)
الثاني: ما هو صدق. وأكثر هذه الأمور لهم فيها معاذير تخرجها عن أن تكون ذنوبا وتجعلها من موارد الاجتهاد، التي إن أصاب المجتهد فيها فله أجران وإن أخطأ فله أجر. وعامة المنقول الثابت عن الخلفاء الراشدين من هذا الباب.
وما قدر من هذه الأمور ذنبا محققا فإن ذلك لا يقدح فيما علم من فضائلهم وسوابقهم وكونهم من أهل الجنة لأن الذنب المحقق يرتفع عقابه في الآخرة بأسباب متعددة:
1) التوبة الماحية.
2) الحسنات الماحية للذنوب، فإن الحسنات يذهبن السيئات.
وقد قال تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} [النساء: 31].
3) المصائب المكفرة.
4) ومنها دعاء المؤمنين بعضهم لبعض، وشفاعة نبيهم، فما من سبب يسقط به الذم والعقاب عن أحد من الأمة إلا والصحابة أحق بذلك، فهم أحق بكل مدح، ونفى كل ذم ممن بعدهم من الأمة. .
ونحن نذكر قاعدة جامعة في هذا الباب لهم ولسائر الأمة فنقول: لا بد أن يكون مع الإنسان أصول كلية يرد إليها الجزئيات ليتكلم بعلم وعدل ثم يعرف الجزئيات كيف وقعت، وإلا فيبقى في كذب وجهل في الجزئيات وجهل وظلم في الكليات فيتولد فساد عظيم.
3 - حكم من سب الصحابة:
أجمع العلماء القائلون بعدم تكفير ساب الصحابة على أن سبهم فسق، مع الأخذ بالأمور التالية: أ) القول بتكفير من يطعن فيهم ويعتقد كفرهم هو الصحيح.(2/836)
قال علي القاري في " شم العوارض في ذم الروافض " (ص 61 - 62) " وأما من سب أحدا من الصحابة، فهو فاسق ومبتدع بالإجماع، إلا إذا اعتقد أنه مباح. كما عليه بعض الشيعة وأصحابهم، أو يترتب عليه ثواب كما هو دأب كلامهم، أو اعتقد كفر الصحابة وأهل السنة في فصل خطاهم، فإنه كافر بالإجماع ولا يلتفت إلى خلاف مخالفتهم في مقام النزاع ".
وانظر: الصارم المسلول (3/ 1109 - 1110). 2)
القول بتكفير من يطعن في جميع الصحابة لا محيد عنه، بل هو من لمات إذ إنه يؤدي إلى إبطال الشريعة، ومحال أن تركن النفوس وتطمئن إلى شريعة نقلها ضلال: كفرة أو فسقة! ومن هنا جزم العلماء بتكفير الكميلية الرافضة لتضليلهم جميع الصحابة وتكفيرهم.
فتاوى السبكط (2/ 575)، الصواعق المحرقة (1/ 128)، الصارم المسلول (3/ 111).
وقال القاضي عياض في الشفا (286/ 2): وكذلك نقطع بتكفير كل قائل قولا يتوصل به إلى تضليل الأمة وتكفير جميع الصحابة، كقول الكميلية من الرافضة بتكفير جميع الأمي بعد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذ لم تقدم عليا، وكفرت عليا إذ لم يتقدم ويطلب حقه في التقدم. 3)
إن من صادم نصا صريحا وأنكر دليلا قاطعا، فلا ريب في كفره وضلاله ومن هذا المنطلق ذهب العلماء إلى تكفير من قذف السيدة عائشة أم المؤمنين فقد روى عن مالك: " من سب أبا بكر جلد ومن سب عائشة قتل، قيل له قال:
من رماها فقد خالف القران وقال ابن شعبان عنه: لأن الله يقول: {يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} النور: 17] فمن عاد لمثله فقد كفر.
الشفا لعلي القاري (2/ 1108).(2/837)
4 - ) أن من سب أحدا من الصحابة من حيث إنه صحابي، فلا شك أن في ذلك تعريضا بسب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإيذاء له، يخرج به السالب من الدين وانتقاص له، وحط من مكانته- عليه الصلاة والسلام- لأنهم أصحابه الذين رباهم وزكاهم وذكرهم بخير وأوصى هم خيرا. ومعلوم أن إيذاء النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيكون سب أصحابه كفرا.
انظر الصارم المسلول (3/ 1112)، الشفا (4/ 564) لعلي القاري، فتاوى السبكي (2/ 575).
والخلاصة: أن القول بعدم تكفير من سب الصحابة- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ليس على إطلاقه، وإنما هو مشروط بعدم مصادمة النصوص الصريحة من الكتاب والسنة الصحيحة، وعدم إنكارها هو معلوم من الدين بالضرورة وعلى هذا يحمل كلام من أطلق القول بعدم التكفير.
وانظر: تنبيه الولاة والحكام (1/ 367). لمعة الاعتقاد (ص 28).
تنبيه هام:
إن أكثر التراجم في كتاب (أعلام المؤلفين الزيدية) وكتاب (مؤلفات الزيدية) ينصر أصحابها الاعتزال ولم يتسع المجال لبيان عقيدة من أترجم لهم من هذين الكتابين، فلزم التنبيه والتحذير.(2/838)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أرشدنا إلى الدعاء للسلف الصالح بقوله: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} (1) والصلاة والسلام على حبيبه المصطفى، الذي قال: لا تسبوا أصحابي، فوائدي نفسي بيده؟ لو أن أحدكم أنفق مثل جبل ذهبا؟ ما بلغ مد أحمم ولا نصفه " (2). وعلى آله الذين صح إجماعهم من طرق كثيرة (3) على تعظيم الصحابة.
وبعد:
فإنها لما خفيت على غالب أهل الزمان مذاهب أئمة لآل، وجهلت مصنفاتهم التي تقطع في الرحلة إلى مثلها أكباد الإبل فلم يبق بأيدي أهل عصرنا من أتباعهم غير القيل والقال، فلا تكاد ترى إلا رجلا قد رغب عن جميع أصناف العلوم، وهجر- لخسة همته ودناءة نفسه- الاشتغال. منطوقها (4) والمفهوم (5)، أو آخر هجر من علوم العترة المطهرة الحديث والقدم، واشتغل بعض الاشتغال بعلوم غيرهم، فلم يفرق بمن الصحيح والسقيم أو رجلا ينتحل إتباعهم والانتساب إلى مذاهبهم ولكنه قد قنع من البحر المتدفق
_________
(1) الحشر:10
(2) أخرجه البخاري في صحيحة رقم (3673) ومسلم في صحيحة رقم (2540) من حديث أبي سعيد الخدري.
(3) انظر: الصارم المسلول على شاتم الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لابن تيميه (3/ 1067 - 1072) والصواعق المحرقة لابن حجر الهيتمي (2/ 609 - 615).
(4) المنطوق: هو المعنى المستفاد من اللفظ من حيث النطق له.
(5) المفهوم: هو المعنى المستفاد من حيث السكوت اللازم للفظ انظر الكوكب المنير (3/ 473) وتيسير التحرير (1/ 91)(2/839)
بقطرة، وقصر همه على الاشتغال، بمختصر من مختصرات كتبهم فلم يحظ من غيره بنظرة، فحصل بسبب ذلك الخبط والخلط من الجم الغفير، ونسب إلى أهل البيت من المسائل ما يخالف قول كبيرهم والصغير. وكان من جملة ذلك مسألة تعظيم القرابة للصحابة، فإن كثيرا من الغافلين عن العلوم يتجاري على ثلث أعراض جماعة من أبر خير القرون (1)، فإذا عوتب في ذلك قال: هذا مذهب أمل البيت وذلك فرية، صانهم الله، فإنهم عند من له أدنى إلمام. مذاهبهم مبرؤون عن هذه الخصلة الشنيعة. فأحببت بيان مذاهبهم في هذه المسألة بخصوصها؟ لأنها هي التي ورد فيها السؤال من بعض أهل العلم، ليستدل بذلك على صحة ما ذكرنا من اندراس معاهد علومهم الشريفة في هذه الأزمنة.
وقد اقتصرت على مقدار يسير من نصوصهم، لأن الإكثار من دواعي الإملال، ولم اشتغل بإيراد الأداة، لأن غرض السائل ليس إلا بيان ما يذهبون إليه في ذلك، فأقول.
قد ثبت إجماع الأئمة من أهل البيت على تحريم سب الصحابة، وتحريم التكفير
_________
(1) أخرج البخاري في صحيحة رقم (2652) ومسلم رقم (2533) من حديث عبد الله بن مسعود. رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: خير الناس قربى، ثم الذين يلوهم، ثم الذين يلونهم، ثم يجيء أقوام تسبق شهادة أحدهم يمينه، ويمينه شهادته.
وأخرج مسلم في صحيحة رقم (2534) من حديث أبي هريرة، قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " خر أمتي القرن الذين بعثت فيهم، ثم الذين يلونهم ". والله وأعلم أذكر الثالث أما لا قال: " ثم يخلف قوم يحبون السمانة. يشهون قبل أن يستشهدوا ".
وأخرج مسلم في صحيحة رقم (2536) عن عائشة قالت: سأل رجل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أي الناس خير؟ قال: " القرن الذي أنا فيه ثم الثاني، ثم الثالث ".
وأخرجه البخاري رقم (2651) ومسلم رقم (2535) من حديث عمران بن حصين بلفظ " خيركم(2/840)
والتفسيق (1) لأحد منهم، إلا من اشتهر. مخالفته الدين، والمعاندة لسنة سيد المرسلين، فإن الصحبة ليست. موجبة لعصمة من اتصف ها. على ما ذهب إليه الجمهور، بل هو إجماع كما حققناه، ذلك في الرسالة المسماة" القول المقبول في رد رواية المجهول من غير صحابة الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (2)
وهذا الإجماع الذي قدمنا ذكره عن أهل البيت مروي من طرق ثابتة عن جماعة من أكابرهم:
الطريق الأول:
عن الإمام المؤيد بالله أحمد بن الحسن (3) الهاروني، فإنه روى عن جميع آبائه من أئمة الآل تحريم سب الصحابة. حكى ذلك عنه صاحب حواشي الفصول.
الطريقة الثانية:
قال المنصور بالله عبد الله بن حمزة (4) في رسالته في جواب المسألة التهامية (5) بعد
_________
(1) سيأتي ذكر ذلك والدليل عليه.
(2) وهى ضمن كتابنا هذا "الفتح الرباني من فتاوى الشوكاني بتحقيقنا " في القسم الثالث- الحديث.
(3) هو أحمد بن الحسين بن هارون القطع من أبناء زيد بن الحسن العلوي الطالي القرشي. من أهل طبرستان ولد بأمل سنة 333 هـ/ 945 م لقب بالسيد المؤيد بالله.
له مصنفات منها الآمال، "التجريد" لا علم الأثر وشرحه في أربعة مجلدات. توفي سنة 421 هـ الأعلام (1/ 116)
(4) عبد الله بن حمزة الحسني اليمني إمام مجتهد، مجاهد مجدد 5611 - 614 هـ له مصنفات: حديقة الحكمة النبوية في شرح الأربعين السيلقية الاختبارات المنصورية في المسائل الفقهية/ الأجوبة الكافية بالأدلة الوافية.
انظر: أعلام المؤلفين الزيدية (ص: 578 رقم 592).
(5) الرسالة الأمامية في الرد على المسائل التهامية. أجاب فيها على أسئلة وردت من الفقيه(2/841)
أن ذكر تحريم سب الصحابة- ما لفظه: " وهذا ما يقضى به علم آبائنا إلى على عليه السلام (1) ثم قال فيها ما لفظه: " وفي الجهة من يرى محض الولاء سب الصحابة رضي الله عنهم والبراعق منهم، فيتبرأ من محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ من حيث لا يعلم:
فإن كنت لا أرمي وترمي كناني ... تصب جانحات النبل كشحي ومنكي
انتهى.
قال في الترجمان (2) عند شرح قوله في الصحابة:
ورضي عنهم كما رضي أبو حسن ... أوقف عن السب إما كنت ذا حذر
ما لفطة: " قال المنصور بالله عبد الله بن حمزة: ولا يمكن أحدا أن يصحح دعواه على أحد من سلفنا الصاع أفم نالوا من المشايخ أو سبوهم، بل يعتقدون فيهم أفم خير الخلق بعد محمد وعلي وفاطمة (3) صلوات الله عليهم وسلامه، ويقولون: قد أخطئوا
_________
(1) قال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد في " المناهي اللفطية " (ص: 349 - 350). وقد غلب هذا على كثير من النساخ للكتب أن يفرد على-رضي الله عنه- بأن يقال: عليه السلام. من دون سائر الصحابة أو كرم الله وجهة. هذا وإن كان معناه صحيحا لكن ينبغي أن يسوى بين التعظيم والتكريم، فالشيخان وأمر المؤمنين عثمان أولى بذلك منه- رضي الله عنهم أجمعين.
(2) لعله الترجمان المفتح لثمرات كمائم البستان من مؤلفات الزيدية مؤلفه محمد بن أحمد بن يحي بن أحمد ابن علي من اليمنى الحميري فقيه عالم.
والترجمان- منه أربع نسخ في الغربية رقم 59، 60 (تاريخ).
شرحه على كتابه " البستان " بذكر علل مسألة وأدلتها وفي أوله قسم كبير مما يتعلق بالأسانيد بعض التواريخ وأحوال الرجال. مؤلفات الزيدية (1/ 282) وأعلام المؤلفين الزيدية (ص 855).
(3) الصلاة والسلام على غير الأنبياء- تبعا أو استقلالا- أما على سبيل التبعية فهي جائزة بالإجماع كما في صيغ الصلاة الإبراهيمية وإنما الخلاف على سبيل الانفراد فهذا فيه نزاع على قولن فالجمهور منهم الثلاثة. على عدم الجواز ولهم في ذلك ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه منع تحريم.
والثاني: قول الأكثرين، أنه منع كراهه تنزيه.
والثالث: انه من باب ترك الأولى وليس مكروه، ذكره النووي في الأذكار (1/ 328).
وانظر جلاء الافهام ص: 638 - 639. والصحيح الذي عليه الأكثرون أنه مكروه كراهه تنزيه، لأنه شعار أهل البدع وقد فينا عن شعارهم
انظر المناهي اللفظية (ص: 349) وانظر فتح الباري (8/ 534)(2/842)
التقدم وعصوا معصية لا يعلم قدرها إلا الله سبحانه، والخطأ لا يبرا منه [1ب] إلا الله تعالى وقد عصى آدم ربه فغوى، فإن حاسبهم الله فبذنب فعلوه وإن عفا عنهم، فهو أهل العفو، وهم يستحقونه بحميد سوابقهم " انتهى. .
الطريقة الثالثة:
قال المؤيد بالله يحط بن حمزة (1) حمزة عليه السلام في آخر " التصفية" (2) ما لفظه:
_________
(1) هو الإمام المؤيد بالله يحط بن حمزة بن علي بن إبراهيم، أحد أعلام الفكر الإسلامي اليمني كان مولده بصنعاء 27 صفر منة 969 هـ.
وصحب الإمام المتوكل على الله المطهر بن يجيء في حربه.
توفي في حصن هران قبلي ذمار سنة 450 هـ م.
من مصنفاته: الإفحام لأفئدة الباطنية الطعام، الانتصار الجامع لمذاهب علماء الأمصار، التحقيق في الإكفار والتفسيق.
انظر: أعلام المؤلفين الزيدية (ص: 1124).
البدر الطالع (2/ 331) "الأعلام" (8/ 143 - 144).
(2) التصفية: تصفية القلوب عن درن الأوزار والذنوب.
تأليف الإمام المؤيد في بن حمزة أبو مجلد يتناول الأخلاق الفاصلة والأوصاف الحميدة التي لابد للمسلم أن يتحلى ها. وهو مرتب قي عشر مقالات. مؤلفات الزيدية: (ص: 291). قال صاحب أعلام المؤلفين الزيدية (ص: 1126): طبع مرارا ونسخه الخطية كثيرة.
وطبع بتحقيق الدكتور/حسن محمد مقبولي الأهدل/ مكتبة الجيل الجديد/ صنعاء(2/843)
تنبيه (1): اعلم أن القول في الصحابة على فريقين:
القول الأول: مصرحون بالترحم عليهم والترضية، وهذا هو المشهور عن أمير المؤمنين، وعن زيد بن علي، وجعفر الصادق، والناصر للحق، والمؤيد بالله، فهؤلاء مصرحون بالترضية والترحم والموالاة، وهذا هو المختار عندنا، ودللنا عليه، وذكرنا أن الإسلام مقطوع به لا محالة، وعروض ما عرض من الخطأ في مخالفة النصوص ليس فيه إلا الخطأ لا غير، وأما كونه كفرا أو فسقا، فلم تدل عليه دلالة شرعية، فلهذا البطل القول به، فهذا هو الذي نختاره ونرتضيه مذهبا، ونحب أن نلقى الله به ونحن عليه.
والفريق الثماني متوقفون عن الترضية والترحم، وعن القول بالتكفير والتفسيق، وهذا دل عليه كلام القاسم والهادي وأولادهما، وإليه يشير كلام المنصور بالله، فهؤلاء يحكمون بالخطأ، ويقطعون به، ويتوقفون في حكمه.
فأما القول بالتكفير والتفسيق في حق الصحابة فلم يؤثر عن أحد من أكابر أهل البيت عليهم السلام وأفاضلهم، كما حكيناه وقررناه، وهو مردود على ناقله " انتهى.
وقال الإمام يحط بين حمزة في رسالته " الوازعة للمعتدين (2) عن سب أصحاب سيد المرسلين - بعد أن حكى عن أهل البيت أنهم لم يكفروا ولم يفسقوا من لم يقل بإمامة أمير المؤمنين، أو تخفف عنه، أو تقدمه- ما لفظه: "
ثم إن لهم بعد القطع بعدم التكفير والتفسيق مذهبين:
الأول: مذهب من صرح بالترحم والترضية عنهم، وهذا هو المشهور عن علما، وزيد بن على، وجعفر الصادق، والباقر، والناصر، والمؤيد بالله، وغيرهم، وهو المختار عندنا ". ثم قال (3):
_________
(1) (ص 185).
(2) (ص 185).
(3) أي الإمام يحي بن حمزة في الرسالة الوازعة للمعتدين "ص: 185"(2/844)
المذهب الثاني: من توقف عن الترضية والترحم والإكفار؟ التفسيق، وإلى هذا يشير كلام القاسم، والهادي، وأولادهما، والمنصور بالله، لأنهم قطعوا على الخطأ، ولم يدل دليل على عصمتهم بم فيكون الخطأ صغيرة في حقهم، وجاز أن يكون خطؤهم كبيرة فلذلك توقفوا عن الجهر بالترضية ". .
قال (1): " ويقابله ألا قاطعون على إيمانهم قبل هذه المعصية، فنستصحب الأصل، ولا ننتزع عنه إلا لدلالة قاطعة تدل على كفر أو فسق"
قال (2): وما روي عن المنصور بالله أنه قال: من رض عنهم فلا تصلوا خلفه (3)، ومن سبهم فاسألوه: ما الدليل؟ فالرواية المشهورة: من سبهم فلا تصلوا خلفه، ومن رضي عنهم فاسألوه: ما الدليل (4)؟ ".
_________
(1) " أي الإمام يحي بن حمزة في الرسالة" الوازعة للمعتدين (ص: 192).
(2) " أي الإمام يحي بن حمزة في الرسالة" الوازعة للمعتدين (ص: 192).
(3) المرجع السابق (ص: 195).
(4) الدليل من قول الله وقول رسوله:
قال تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة: 100]
وقال تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} [الأنفال: 74] وقال تعالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} [الفتح: 18](2/845)
"واعلم أن القائلين بالترضية على الصحابة من أهل البيت هم: أمر المؤمنين، والحسن، والحسين، وزين العابدين علي بن الحسن، والباقر، والصادق، وعبد الله بن الحسن، ومحمد بن عبد الله النفس الزكية، وإدريس بن عبد الله، وزيد بن علي، وكافة القدماء من أهل البيت.
ومن المتأخرين: سادة الجبل والديلم: المؤيد بالله، وصنوه أبو طالب، والناصر الحسن بن علي الأطروش، والإمام الموفق بالله، وولده السيد المرشد بالله، والإمام يحيى ابن حمزة.
ومن المتأخرين باليمن: الإمام المهدي أحمد بن يحط، والسيد محمد بن إبراهيم وصنوه الهادي، والإمام أحمد بن الحسن، والإمام عز الدين بن الحسن، الحسن ابن عز الدين، والإمام شرف الدين، وغيرهم.
وسائر الأئمة يتوقف: كالهادي، والقاسم، مع أن في رواية الهادي الترضية.
والمنصور بالله عبد الله (1) بن حمزة له قولان: التوقف، في كتابه الشافي (2). والترضية كما في " الجوابات التهامية (3).
_________
(1) عبد الله بن حمزة الحسني اليمني الإمام المنصور بالله- إمام مجتهد، مجاهد. (361 هـ- 614 هـ) له مصنفات كثيرة أعلام المؤلفين الزيدية (ص: 578) وقد تقدم.
(2) الشافي: تأليف: الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة الحسني اليمني.
(614). رد على كتاب " الرسالة الخارقة " للفقيه عبد الرحيم بن أبى القبائل المتوفى سنة 616 هـ وهو في أربع مجلدات.
طبع مؤسسة الأعلمي في بيروت 1406 هـ في أربعة أجزاء.
مؤلفات الزيدية. (ص: 121 - 122).
(3) تقدم التعليق عليها.(2/847)
وكثير منهم لا حاجة بنا إلى تعداد أعيانهم، لأنه يكفي في ذلك القول الجملي بأن أئمة أهل البيت كافة بين متوقف ومترض، لا يرى أحد منهم السب للصحابة أصلا، يعرف ذلك من عرف " انتهى بلفظه.
الطريقة الرابعة:
حكى السيد الهادي بن إبراهيم (1) الوزير في كتابه المعروف بـ"تلقيح الألباب" (2): أنه سئل الإمام ناصر (3) محمد بن على المعروف بصلاح الدين عن المتقدمين لأمر المؤمنين وسائر من خالفه؟ فأجاب: "بأن مذهب الزيدية القول بالتغطية لمن تقدم أمير المؤمنين [2ب].
قال: " وهؤلاء فرقتان: فرقة تقول باحتمال الخطأ، ويتوقفون في أمرهم، وفرقة يتولونهم، ويقولون: إن خطأهم مغتفر في جنب مناقبهم وأعمالهم وجهادهم
_________
(1) الهادي بن إبراهيم بن علي الوزير أحد أعلام الفكر الإسلامي في اليمن وعلماء الزيدية (7581 - 822) منها توفى في عيد الأضحى. كلدينة ذمار.
له مصنفات: درة الغواص في نظم خلاصة الرصاص.
رياض الأبصار في ذكر الأئمة الأقمار.
هداية الراغبين إلى مذهب العترة الطاهرين.
انظر: أعلام المؤلفين الزيدية (ص 1069)، الضوء اللامع (10/ 206)، الأعلام (8/ 58)، والبدر الطالع (2/ 506).
(2) تلقيح الألباب في شرح ألباب اللباب. تأليف: السيد الهادي بن إبراهيم الوزير
(822). شرح على منظومته " الباب المصاصة في نظم مسائل الخلاصة " واستعرض فيه جملة أقوال أئمة المذهب في المسائل الكلامية بالإضافة إلى ما أوردة من الأدلة العقلية والنقلية.
مؤلفات الزيدية (ص: 326).
(3) الناصر محمد بن على بن محمد (المشهور بصلاح الدين) ولد سنة (739 هـ) وتوفي سنة 793 هـ في قصر صنعاء انظر: ترجمته في البدر الطالع (ص: 742)(2/848)
وصلاحهم.
قال: وهذا القول الثاني هو الذي نراه، إذ هم وجوه الإسلام، وبدور الظلام ".
وحكى السيد الهادي في ذلك الكتاب عن الإمام المهدي عل! ط بن محمد بن علي والد الإمام صلاح الدين: أنه سئل عمن تقدم أمير المؤمنين أو خالفه؟ فأجاب أن مذهب جمهور الزيدية أن النص وقع على وجه يحتاج في معرفة المراد به إلى نظر وتأويل، ولا يكفرون من دافعه، ولا يفسقونه ... إلى آخر كلامه في ذلك.
ولا يخفى أن حكايته لذلك عن جمهور الزيدية تنافي حكاية غيره له عن لأن الحاكي [عن] (1) الجميع ناقل للزيادة، وقبولها متحتم، وغاية ما عند ما حكي عن البعض أو الأكثر أنه لم يعلم بأن ذلك قول الجميع، وعدم العلم ليس علما بالعلم، وقد علم غيره ذلك، ومن علم حجة على من لم يعلم.
الطريقة الخامسة:
قال يحي بن الحسين بن القاسم (2) بن محمد في كتابه "الإيضاح (3) لما خفي من الاتفاق على تعظيم الصحابة - بعد حكاية أقوال الأئمة من أهل البيت- ما لفظه: " وإذا تقرر ما ذكرنا، وعرفت أقوال أئمة العلم الهداة؟ علم من ذلك بالضرورة إلى لا تنتفي بشك ولا بشبهة: إجماع أئمة الزيدية على تحريم سب الصحابة؟ لتواتر ذلك عنهم، والعلم به، فما خالف ما علم ضرورة لا يعمل به
" إلى آخر كلامه، انتهى.
الطريقة السادسة:
حكاها السيد إدريس (4) في كتابه المعروف. . . . . . . . . . . . . .
_________
(1) زيادة يقتضيها السياق.
(2) تقدمت ترجمته
(3) تقدم التعليق عليه
(4) إدريس بن على بن عبد الله بن الحسن بن حمزة بن سليمان الحمزي الحسني اليمني أمير، عالم، أديب، شاعر توفي سنة 714 هـ له عده مصنفات: كنز الأخيار في معرفة السير والأحبار مسائل على الحرية. (الطبقات).
الأدب المذهب.
انظر: الدرر الكامنة (1/ 345) "الأعلام " (1/ 280) أعلام المؤلفين الزيدية. (ص: 217).(2/849)
ب "كنز الأخيار" (1)
الطريقة السابعة:
حكاها الديلمي (2) من كتاب " عقائد اعتقاد آل محمد (3).
_________
(1) " كنز الأخيار في معرفة السير والأخبار ".
تأليف: السيد إدريس بن علي الحمزي اليمني
(714). هو في أربعة أجزاء: الأول: في سيرة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والخلفاء بعده.
الثاني: في أخبار الملوك إلى قريب المائه الثانية للهجرة.
الثالث: في أخبار في العباس وسائر الملوك في أخره نبذه مختصره من أخبار اليمن.
الرابع: في أحبار الملوك قبل النحو وفتنة الخوارج.
الكتاب في الأصل مختصر من كتاب "الكامل" لابن الأثير مضيفا إليه أخبار العراق ومصر الشمام واليمن ست سنة تأليفه 7140 هـ مؤلفات الزيدية (ص: 388).
(2) محمد بن الحسن الديلمى. عالم أصولي، متصوف أصله "من الديلي انتقل إلى اليمن وسكن صنعاء توفي بوادي مر في رجوعه إلى بلاده سنة 711 هـ.
من مصنفاته: التصفية عن الموانع المردية والمهلكة.
الصراط المستقيم والدبر القويم.
أعلام المؤلفين الزيدية (ص:883)، الأعلام (8616 - 87)، ملحق البدر الطالع (ص:194).
(3) قواعد عقائد آل محمد، تأليف عز الدين محمد بن أحمد بن الحسين الديلمي 711 هـ.
استعرض بتفصيل المسائل الكلامية على قواعد آل الرسول من الزيدية وأجاب على من خالفهم باستدلالات طويلة وهو في ثلاثة فنور في كل ست منها لمحصول وهي:
الفن الأول: في أصول الدين وما يليق به من الكلام وليه سبعة فصول الفن الثاني: في إمامة أهل البيت من المعقول والمنقول. رفيه ستة فصول.
الفن الثالث: في مذهب أهل البيت في الفروع، وفيه خمسة فصول.
نشره محمد زاهد الكوثري في القاهرة ط السعادة 950 أم في (157) صفحة ونشر قسما من الكتاب بعنوان " بيان مذهب الباطنية وبطلانه " شتروثمان في استانبول عن مطبعة الدولة سنة 939 أم
في (137) صفحة وهو من أصول كتب الزيدية. وطبع في اليمن مرارا.
مؤلفات الزيدية (ص: 357). أ علام المؤلفين الزيدية (ص: 884).(2/850)
الثامنة:
حكاها حميد بين أحمد (1) المحلي في كتابه " عقيدة أهل البيت " (2)
التاسعة:
حكاها السيد صارم الدين إبراهيم بن محمد في " المسائل التي اتفق عليها الزيدية ".
العاشرة:
حكاها الكني في كتاب " كشف الغلطات " (3) له.
الحادية عشرة:
_________
(1) حميد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الواحد المحلي التميمي، الوادعي الهمذاني 582هـ - 652 هـ. أبو عبد الله الشهيد، الفقيه من أكابر علماء الزيديه. عاصر الإمام عبد الله بن حمزة.
له مصنفات: الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية.
نصيحة الولاة الهادية إلي سبل النجاة.
مناهج الأنظار العاصمة من الأخطار.
انظر: أعلام المؤلفين الزيدية، (ص 407)، الأعلام (2/ 282 - 283)
(2) ذكره الحسيني في مؤلفات الزيدية برقم (2267) عن رجال الأزهار 13 ولعله عمدة المسترشدين.
(3) كشف الغلطات. تأليف الكني. في رد أراء القاضي أبي مضر ضريح بن المريد وغلطاته. مؤلفات الزيدية (ص: 383).(2/851)
حكاها الإمام شرف الدين (1) في شرح مقدمة " الأثمار " (2)
الثانية عشرة:
حكاها [3 أ] في شرح البسامة (3) الصغير لبعض بني الوزير.
الثالثة عشرة:
_________
(1) الإمام المتوكل على الله، يحط شرف الدين بن شمس الدين، أحد أعلام الفكر الزيدي ولد سنة 877 هـ. في حصن حضور الشيخ من أعمال كوكبان شبام.
توفي سنة 965 هـ ودفن بحصن الصفير.
له مصنفات منها: الرسالة الصادعة بأسنى المطالب
الجوابات والرسائل.
منظومة قصص الحق في مدح وذكر معجزات سيد الخلق.
أعلام المؤلفين الزيدية (ص: 1134)، البدر الطالع (1/ 278) الأعلام (8/ 150).
(2) الأثمار في فقه الأئمة الأطهار.
تأليف: الإمام المتوكل شرف الدين بن شمس الدين الحسيني اليمني 965 مختصر من كتاب "
الأزهار " للإمام المهدي، وهو من أشهر كتب فقه الزيدية.
انظر مؤلفات الزيدية (ص: 44).
(3) البسامة.
نظم صارم الدين إبراهيم بن محمد الوزير الصنعاني (914).
تاريخ منظوم بالغ الشهرة لأئمة الزبدية الحاكمين على اليمن وبعض البلدان الأخرى، وهو في نحو مائتين وأربعين بيتا، ويسمى " جواهر الأخيار في سيرة الأئمة الأخيار " واعتني العلماء بشأنه كثرا فنظموا له ذيولا في العصور المختلفة.
أوله:
الدهر ذو عبر عظمى وذو غير ... وصرفه شامل للبدو والحضر.
مؤلفات الزيدية (ص: 206)، أعلام المؤلفين الزيدية (ص: 70).
وقد ثبت لدينا أن صاحب 11 البسامة الصغير " هو إبراهيم بن محمد بن عبد الله الوزير وذلك بالرجوع إلي فهرس مخطوطات المكتبة الغربية- صنعاء- (ص: 853).(2/852)
حكاها القاضي عبد الله (1) الدوارى في كتاب "السير" من آخر "الديباج" (2) انتهى. فهذه طرق متضمنة لإجماع أهل النبيت من أئمة الزيدية ومن غيرهم؟ كما في بعض هذه الطرق، والناقل لهذا الإجماع من أسلفنا ذكره من أكابر أثمتهم.
فيا من أفسد دينه بذم خير التيرون وفعل بنفسه ما لا يفعله المجنون إن قلت إنك اقتديت في سبهم بالكتاب العزيز [كذبك] (3) في هذه الدعوى من كان له في معرفة القرآن أدنى تبريز؛ فإنه مصرح بأن الله جل جلاله قد رضي عنهم ومشحون. بمناقبهم ومحاسن أفعالهم، ومرشد إلي الدعاء لهم.
وإن قلت: اقتديت بسنة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المطهرة؟ قام في وجه دعواك الباطلة العاطلة ما في كتب السنة الصحيحة من مؤلفات أهل البيت وغيرهم، من النصوص المصرحة بالنهي عن سبهم وعن أذية رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بذلك، وأنهم خير القرون (4)
وأنهم من أهل الجنة): (5) وأن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مات وهو راض عنهم، وما في طي الدفاتر الحديثة من ذكر
_________
(1) عبد الله بن الحسن بن عطية المؤيد الدواري، الصعدي. عالم ففيه، مجتهد مصنف ولد سنة (715 هـ وتوفي سنة 805 هـ).
من مصنفاته: الإرادات على الزيادات (المستطاب).
شرح جواهر الأصول.
الدر النضيد الكاشف لمشكلات الوسيط.
أعلام المؤلفين الزيدية (ص: 571)، الأعلام (4/ 78)، البدر الطالع (1/ 381).
(2) الديباج النضير على لمع الأمير.
تأليف: شيخ الإسلام عبد الله بن الحسن الدواري الصعدي (800) جمعه وقت قراءته لكتاب "اللمع" للأمير علي بن الحسيني، وكان قد سماه أولا " الطراز " ثم غير اسمه. وهو شرح عليه فيه فوائد وتحاصيل للمسائل الواردة فيه.
مؤلفات الزيدية (ص: 479).
(3) في المخطوط (كذلك) والصواب ما أثبتناه.
(4) تقدم تخريجه (ص 255، ص 840).
(5) من مثل قوله تعالي: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة:100].(2/853)
مناقبهم الجمة، كجهادهم بين يدي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبيعهم نفوسهم (1) وأموالهم من الله،
_________
(1) قال الله تعالي: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة:218]. .
وقوله تعالي: {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِفينَ لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ} [الحج:
58 - 59]. . وقوله تعالي: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الأنفال:64]. في هذه الآية الكريمة، أثني الله تعالي على جميع المؤمنين الذين اتبعوا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأنهم يكفونه في جميع أموره أو أنهم يكفونه الحرب بينه وبن أعدائه من الكفار والمشركين، وفي ذلك تنويه بفضلهم وبيان لعظم شرفهم.
وهذا المعنى يتأتى إذا اعتبرنا أن من اتبعك في محل الرفع عطفا على اسم الله تعالي. وأما إذا اعتبرناه في محل النصب على أنه مفعول به فيكون المعنى. كفاك وكفى أتباعك الله ناصرا، وقيل هو في موضع الجر عطفا على الضمير كما هو رأى الكوفيين فيكون المعنى: كافيك وكافيهم.
انظر: روح المعاني (10/ 30) وإرشاد العقل السليم (4/ 33 - 34) بتحقيقنا. .
ومن مثل قوله تعالي: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [الحشر:110] جعل سبحانه ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى للمهاجرين والأنصار والذين جاعوا من بعدهم مستغفرين للسابقين وداعين لله أن لا يجعل في قلوهم غلا لهم فعلم أن الاستغفار لهم وطهارة القلب من الغل لهم أمير يحبه الله ويرضاه، ويثنى على فاعله، كما أنه قد أمير بذلك رسوله في قوله تعالي: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا آله إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [محمد:19] وقال تعالي: {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ} [آل عمران:159] ومحبة الشيء كراهة لضده- فيكون الله- سبحانه وتعالي- يكره السب لهم الذي هو ضد الاستغفار والبغض لهم الذي هو ضد الطهارة وهذا معنى قول عائشة رضي الله عنها: "أمروا بالاستغفار لأصحاب محمد فسبوهم "
أخرجه مسلم في صحيحه (4/ 2317 رقم 3022) وكان هذا في ذم الروافض.
وانظر "الصارم المسلول " (3/ 1070 - 1071).(2/854)
ومفارقتهم الأهل والأوطان والأحباب والأخدان، طلبا للدين وفرارا من مساكنة الجاحدين وكم يعد العاد من هذه المناقب التي لا يتسع لها إلا مجلدات، ومن نظر في كتب السمير والحديث، عرف من ذلك ما لا يحيط به الحصر.
وإن قلت أيها الساب في هذه الأمة من الأصحاب إنك اقتديت بأئمة أهل النبيت (1)
في هذه القضية الفظيعة بم فقد حكينا لك في هذه الرسالة إجماعهم على خلاف ما أنت عليه من تلك الطرف.
وإن قلت إنك اقتديت بعلماء الحديث، أو علماء المذاهب الأربعة، أو سائر المذاهب، فلتأتنا بواحد منهم يقول. ممثل مقالتك! فهذه كتبهم قد ملأت الأرض، وأتباعهم على ظهر البسيطة أحياء، وقد اتفقت كلمة متقدميهم ومتأخريهم على أن من سب الصحابة مبتدع، وذهب بعضهم إلي فسقه وبعضهم إلي كفره (2)؛ كما حكى ذلك جماعة من علمائهم؟ منهم: ابن حجر الهيثمي [3ب] فإنه ذكر في كتابه المعروف بـ " الصواعق المحرقة " (3) أن كثيرا من الأئمة كفروا من سب الصحابة. وفي " البحر "- في كتاب
_________
(1) قال الشوكاني في وبل الغمام على شفاء الأوام (1/ 474 - 475) بتحقيقي: "والحاصل أن من صار من أتباع أهل البيت مشغولا بسب الصحابة وثلبهم والتوجع منهم- فليس هو من مذهب أهل البيت في شيء، بل هو رافضي خارج عن مذهب جماعتهم وقد تبت إجماعها من ثلاث عشرة طريقة - كما تقدم في هذه الرسالة - أنهم لا يسبون أحدا من الصحابة الذين هم أهل السوابق والفضائل، وقد قال الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة: من زعم أن أحدا من آبائه يسب أحدا من الصحابة، فهو كاذب"اهـ
(2) انظر هذه الآراء في " فتاوى السبكي " (2/ 570 - 579) وشرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز (2/ 689) وشرح أصول الاعتقاد
(4/ 706). وشرح الشفا للقاضي عياض (2/ 522 - 523).
(3) (1/ 128 - 152).(2/855)
"الشهادات " في قوله: فصل: والخلاف ضروب- ما لفظه: وضرب يقتضى الفسق لا غير، كخلاف الخوارج (1) الذين يسبون عليا. والروافض (2) الذين يسبون الشيخين لجرأتهم على ما علم تحريمه قطعا. انتهى.
وإن قلت أيها الساب: إنك اقتديت بفرقة من غلاة الإمامية، فنقول: صدقت؛ فإن فيهم فرقة مخذولة تصرح بسب أكابر الصحابة، وقد أجمع على تضليلهم جميع علماء الإسلام من أهل البيت وغيرهم وهم الرافضة، الذين رويت الأحاديث في ذمهم.
_________
(1) الخوارج: فرقه خرجت على علي رضي الله عنه، ويلقب الخوارج بالحرورية والنواصب والمارقة والشرارة والبغاة، وهم الذين يكفرون أصحاب الكبائر، ويقولون أفم مخلدون في النار، ووجوب الخروج على أئمة الجور، وهم يكفرون عثمان وعلى وطلحة والزبير وعائشة رض الله عنهم.
انظر: " فرق معاصرة " للعواجي (1/ 63 - 123). و" المقالات " (1/ 86) " الفصل في الملل والأهواء والنحل " (2/ 132).
(2) الرافضة: يطلق على تلك الطائفة ذات الأفكار والآراء الاعتقادية الذين رفضوا خلافة الشيخين. وأكثر الصحابة، وزعموا أن الخلافة في علي وذريته من بعده بنص من النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وتقول الغرابية من الروافض: إن جبريل أخطأ بالوحي، وإنما كان النبي هو على بن أبي طالب وسموا بهذا الاسم لقولهم: كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أشبه بعلي من الغراب بالغراب.
ومن فضائح الروافض أن القرآن غير وبدل وخولف بين نظمه وترتيبه ... "
انظر: المعتمد في أصول الدين (ص: 256)، الشفا
(2/ 302). ومن أهم المسائل الاعتقادية عندهم:-
1):قصر الخلافة على علي وذريته.
2):دعواهم عصمة الأئمة والأوصياء.
3):تدينهم بالتقية.
4):دعواهم بالمهدية.
5):دعواهم بالرجعة.
6):القول بالبداءة على الله تعالي.
انظر: " فرق معاصرة " للعواجي (1/ 163 - 167).(2/856)
فمن جملة من روى ذلك: الإمام الأعظم الهادي يحي بن الحسين (1) عليه السلام (2) فإنه روى في كتابه " الأحكام " (3) في كتاب الطلاق، منه بسنده المتصل بآبائه الأئمة الأعلام إلي أمير المؤمنين علي عليه السلام: أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال له: " يا علي يكون في آخر الزمان فرقة لهم نبز يعرفون به، يقال لهم: الرافضة، فإذا لقيتهم، فاقتلهم، قتلهم الله، فاقتلهم فإنهم كافرون " (4) أو كما قال.
_________
(1) تقدت ترجمته.
(2) نجد المصنف- رحمه الله - أكثر من استخدام هذه العبارة في رسالتنا هذه في مواطن عديدة. وقد تقدم التعليق على ذلك فتنبه هداك الله (ص 842).
(3) الأحكام الجامع لقواعد دين الإسلام.
تأليف: الإمام الهادي يحيى بن الحسين الهاشمي اليمني 2980.
كتاب فقه معروف فيه شيء من الأدلة على الأحكام وعناوينه "باب القول ... " وقد طبع مرارا.
مؤلفات الزيدية (1/ 80 - 81).
(4) وتمام الحديث: " قلت: يا رسول الله ما العلامة فيهم؟ قال: يقرضونك بما ليس فيك ويطعنون على أصحاب ويشتمونهم ".
أخرجه ابن أبن أبي عاصم في " السنة " رقم (979) بإسناد ضعيف، فيه محمد بن أسعد التغلنى، قال أبو زرعة والعقيلى: منكر الحديث.
وله شاهدان:
الأول: من حديث أم سلمة أحرجه ابن أبى عاصم في السنة رقم (981) إسناده ضعيف جدا. آفته سوار بن مصعب، قال البخاري منكر الحديث وقال النسائي وغيره: متروك.
والثاني: من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أخرجه ابن أبي عاصم في السنة رقم (981) وإسناده ضعيف، فيه الحجاج بن تميم ضعيف وقال النسائي ليس بثقة. وضعفه الأزدي والعقيلى وابن عدي.
وساق الذهب في الميزان (3/ 237) هذا الحديث في ترجمة عمران بن زيد- راويه عن الحجاج- وقال: وحجاج واه.
وخلاصة القول أن ضعف الأحاديث المتقدمة شديد لا ينجبر فيبقى الحديث ضعيفا.(2/857)
فهذا الإمام الأعظم يروي هذا الحديث عن آبائه الأئمة، حتى قيل: إنه لم يكن في كتابه " الأحكام " حديث مسلسل من أول إسناده إلي آخره إلا هذا الحديث، ذكر ذلك العلامة محمد بن الوزير (1) وغره، وفيه التصريح بكفرهم. فكيف اقتديت أيها المغرور في مثل هذه المسألة التي هي مزلة الأقدام. ممثل هذه الفرقة؟!
فكيف تزعم أنك متبع لأهل البيت وهم مخالفون للإمامية ومصرحون بشتمهم ومتوجعون من اعتقاداتهم الفاسدة؟!
ولقد بالغ المؤيد (2) بالله في ذلك، حتى صرح في كتابه المعروف (بالإفادة) (3)، بأنها لا تقبل الأخبار المروية من طريقهم، قال: لأنهم يعتقدون أن كل ما يروى عن كل من يشار إليه من أئمتهم يجوز أن يروى عن رسول الله! كل. وقد بالغ الإمام الهادي في التوجع منهم في كتبه.
فإن قلت: ومن أين لك أنهم الرافضة؟
فأقول: قال في " القاموس " (4): " الرافضة فرقة من الشيعة، بايعوا زيد بن علي، ثم قالوا: تبرأ من الشيخين، فأبى، وقال: كانا وزيري جدي، فتركوه، ورفضوه وارفضوا عنه، والنسبة رافضي ... " [4أ] انتهى.
فتقرر بهذا أن الروافض من رفض ذلك الإمام لتركه لسب الشيخين، والإمامية يسبون الشيخين وجمهور الصحابة، بل وسائر المسلمين، ما عدا من كان على مثل اعتقادهم، ويسبون أيضًا زيد بن علي؟ كما يعرف ذلك من له إلمام بكتبهم.
_________
(1) العلامة محمد بن إبراهيم الوزير في " العواصم والقواصم ".
(2) وهو أحمد بن الحسيني الهاروني الديلمي تقدمت ترجمته.
(3) و"الإفادة" في الفقه، ويسمى (التفريعات) وهو في مجلد تولى جمعه تلميذه القاضي أبو القاسم ابن تال، وسمي في بعض المصادر "بالفائدة".
مؤلفات الزيدية (1/ 138) وأعلام المؤلفين الزيدية (ص: 101).
(4) أي القاموس المحيط (ص: 829 - 830) مادة رفض.(2/858)
وقال النووي في " شرح مسلم " (1) في مباحث المقدمة ما لفظه: " وسموا رافضة من الرفض وهو الترك. قال الأصمعي وغيره: لأنهم رفضوا زيد (2) بن علي وتركوه " انتهى. وهكذا صرح جماعة من العلماء بأن الرافضة هم هؤلاء، وصرح جماعة أيضًا بأن
_________
(1) (1/ 103).
(2) قال ابن تيمية في منهاج السنة (1/ 34 - 35): إنما ظهر لفظ الرافضة لما رفضوا زيد بن على بن الحسيني في خلافة هشام وقصة زيد كانت بعد العشرين ومائه سنة إحدى وعشرين أو اثنتين ومائه.
قال أبو حاتم البسي مثل زيد بن علي بن الحسين بالكوفة سنة اثنتين وعشرين ومائه وصلب على خشبة، وكان من أفاضل أهل البيت وعلمائهم، وكانت الشيعة تنتحله.
قال ابن تيمية عقب ذلك: ومن زمن خروج زيد افترقت الشيعة إلي رافضة وزيدية فإنه لما سئل عن أبي بكر وعمر فترحم عليهم، رفضه قوم فقال لهم: رفضتموني فسموا الرافضة لرفضهم إياه. وسمي من لم يرفضه من الشيعة زيديا لا تنساهم إليه، ولما صلب كانت العباد تأتي إلي خشبته بالليل فيتعبدون عندها. .
وقال ابن تيمية في منهاج السنة (1/ 39): وهم يتبرأون من جمهور هؤلاء بل من سائر أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا نفرا قليلا نحو بضعة عثر. وكذلك هجرهم لاسم أبي بكر وعمر وعثمان ولم يتسمى بذلك حتى إنهم يكرهون معاملته ..
وقد اتفق أهل العلم بالنقل والرواية والإسناد على أن الرافضة أكذب الطوائف.
وقال الشافعي: ما رأيت في أهل الأهواء قوما أشهر بالزور من الرافضة.
وقال ابن تيمية في مناهج السنة (1/ 20 - 21): ولهذا قال علماء السنة: " الرافضة من أكذب الناس في النقليات، وأجهل الناس في العقليات.
وقد دخل منهم على الدين من الفساد ما لا يحصيه إلا رب العباد. فالنصيرية والإسماعيلية من بأنهم دخلوا، والكفار المرتدون لطريقهم وصلوا وليسوا أهل خبرة بطريق من طريق الحق ولا معرفة لهم بالأدلة وما يدخل فيها من المنع والمعارضة. وقد اعتمدوا على تواريخ منقطعة الإسناد، وكثر منها من وضع الزنادقة وذوي الإلحاد ولذا لما سئل الإمام مالك عنهم قال: " لا تكلمهم ولا ترو عنهم فإنهم يكذبون ".
انظر منهاج السنة (1/ 55 - 65).(2/859)
الرافضة هم الذين يسبون الصحابة من غير تقييد.
ويا لله العجب من هذه الفرقة! كيف تبلغ هم محبة أمير المؤمنين إلي مالا يرضاه بلى إلي ما هو على خلافه كما أسلفناه عن الإمام يحط: أن مذهب أمير المؤمنين جواز الترضية. وقد حكى الإمام عبد الله (1) بن حمزة في كتابه " الكاشف للإشكال (2) الفارق بين التشميع والاعتزال " ما لفظه: " والمسلك الثاني: أن أمير المؤمنين هو القدوة، ولم يعلم من حاله عليه السلام لعن القوم، ولا التبرؤ منهم، ولا تفسيقهم "؛ يعني: المشايخ. قال: " وهو قدوتنا، فلا نزيد على حده الذي وصل إليه، ولا ننقص شيئا؟ لأنه إمامنا وإمام المتقن، وعلى المأموم اتباع آثار إمامه، [ومقلده] (3)، فإن تعدى خالف وظلم " انتهى.
وقد حكى هذا الكلام بألفاظه السيد الهادي (4) بن إبراهيم الوزير في كتابه المعروف ب " تلقيح الألباب في شرح (5) أبيات اللباب "، وحكى في " البسامة " (6) أن عليا عليه السلام كان يترضي عليهم، فقال شعرا:
ورض عنهم كما رضي أبو حسن ... أوقف عن السب إما كنت ذا حذر
وروى الإمام المهدي (7) في. . . . . . . . . .
_________
(1) تقدمت ترجمته.
(2) قال الحبشي (خ) جامع بأخر أمالي الإمام أحمد بن عيسى.
أعلام المؤلفين الزيدية (ص: 582).
(3) في المخطوط (ومقالد) والصواب ما أثبتناه.
(4) تقدمت ترجمته.
(5) تقدم التعريف به.
(6) تقدم التعريف به.
(7) هو أحمد بن يحيى بن المرتضى بن مفضل بن منصور الحسني اليمني عالم ففيه لمجتهد ولد سنة 775 هـ وتوفي سنة 840 هـ في بلاد الضفير (حجة) أثرى المكتبة الإسلامية. بمؤلفاته وهي عمدة المذهب الزيدي.
من مؤلفاته: من الأزهار في فقه الأئمة الأطهار.
الغيث المدرار المفتح لكمائم الأزهار.
رياضة الأفهام في علم الكلام، والبحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار.
أعلام المؤلفين الزيدية (ص 206)، البدر الطالع (1/ 122) الأعلام (1/ 296).(2/860)
"يواقيت (1) السير": أنه حين مات أبو بكر؛ قال علي عليه السلام: "رض الله عنك، والله لقد كنت بالناس رؤوفا رحيما " (2) انتهى.
وقد روى أئمة الحديث والسير عن أمير المؤمنين: أنه كان يترضي عن الصحابة، ويترحم عليهم، ويمدحهم ويبالغ في الثناء، وذلك أمير معروف عند أهل العلم، ولكنا اقتصرنا على نقل كلام أولئك الأئمة من أولاده، لأن روايتهم أقطع لعرق الشك، وأحسم لداء اللجاج من رواية غيرهم.
فهل يليق من يعد نفسه من شيعة أمير المؤمنين أن يخالفه هذه المخالفة، قيلعن من كان يرضي عنه ويترحم عليه؟!
وهل هذا إلا من المعاندة له عليه السلام والمخالفة [41 ب] لهديه القويم، والخروج عن الصراط المستقيم؟!
فأي خير في تشيع يفضي إلي ميل ويوقع في الهلكة كما ورد: " أنه يهلك فيك فرقتان: محب غال، ومبغض قال " (3)
_________
(1) اسم الكتاب " يواقيت السير في شرح سيرة سيد البشر وأصحابه العشرة الغرر والأئمة المنتجين الزهر " وهو الجزء الخامس من موسوعة المؤلف " غايات الأفكار ونهايات الأنظار" يشتمل على سيرة أئمة الزيدية من الإمام علي عليه السلام إلي أئمة عصره مرتب على ثمانية كتب.
مؤلفات الزيدية (3/ 172) وأعلام المؤلفين الزيدية (ص:209).
(2) أخرج الإمام أحمد في فضائل الصحابة رقم (122, 178) عن أبي سريحة شيخ من أحمس قال: سمعت عليا يقول: " ألا إن أبا بكر كان أواه منيب القلب، ألا وإن عمر ناصح الله فنصحه الله " بإسناد ضعيف لضعف كثير النواء.
(3) أخرجه أبو يعلى في المسند (1/ 406 - 407 رقم 274/ 534) وعبد الله بن الإمام أحمد في زوائد المسند (1/ 160) وابن أبي عاصم في السنة رقم (983 - 987) و (1004 - 1005) وأحمد في فضائل الصحابة رقم (951, 952, 964, 1147) والبزار رقم (2566 - كشف) والحاكم في المستدرك (12313).
والبغوي في الجعديات رقم (126) والأصبهاني في الحجة (2/ 367رقم 361) من طرق عن على.
صححه الحاكم وتعقبه الذهبي بقوله: الحكم بن عبد الملك وهاه ابن معين.
قلت: وقال أبو حاتم: مضطرب الحديث، وليس بقوي وقال أبو داود: منكر الحديث وقال النسائي: ليس بالقوي. وقال يعقوب بن شوبة: " ضعيف الحديث جدا، له أحاديث مناكير ".
وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 133): وقال: رواه عبد الله والبزار باختصار وأبو يعلى. وفي إسناد عبد الله وأبي يعلى الحكم بن عبد الملك وهو ضعيف، وفي إسناد البزار محمد بن كثير القرشي الكوفي وهو ضعيف.
قلت: وفي بعض الطرق مرسلة لأن أبا البحتري لم يلق عليا ويرسل عنه، كما قال شعبة وأبو حاتم الرازي (المراسيل ص: 74).
وفي بعض الطرق إسنادها حسن كطريق أبي مريم ...(2/861)
وفرقة الإمامية هي الفرقة التي غلت في المحبة فهلكت فمن اقتدى بهم؛ فهو من جملة الهالكين، بنصوص الأحاديث الصحيحة وتصريح علماء الدين.
فيا من يدعي أنه من أتباع الإمام زيد بن علي كيف لا تقتدي في ذلك المنهج الجلي؟!
ألا تراه رضي بمفارقة تلك الجيوش التي قامت تنصره على منابذة سلاطين الجور، ولم يسمح بالتبري من الشيخين أبي بكر وعمر؟ بل احتج على الرافضة بأنهما كانا وزيري رسول الله!، ولا شك أنه يؤلم الرجل ما يؤلم وزيره، ومن أهان الوزير، فقد أهان السلطان.
ولهذا قال المنصور (1) بالله عليه السلام في كلامه السابق، " أن من تبرأ من الصحابة فقد تبرأ من محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ولقد قال الإمام المهدي (2) في .......................
_________
(1) تقدت ترجمته.
(2) تقدت ترجمته.(2/862)
- وإني والله لا أغير شيئا من صدقة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن حالها التي كانت عليها في عهد رسول الله! ولأعملن فيها. بما عمل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ". فأبى أبو بكر أن يدفع إلي فاطمة منها شيئا، فوجدت فاطمة على أبي بكر ذلك فهجرته فلم تكلمه حتى توفيت. وعاشت بعد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ستة أشهر ....
وانظر: العواصم من القواصم (ص: 49 - 50).(2/863)
وقد جاءت بعلي وأم أيمن، فقال: المرأة مع المرأة، أو رجل مع الرجل. قال الإمام يحط فغضبت فاطمة لذلك، وإنما طلب أبو بكر الحق فإذا غضبت لأجله؟ فالحق أغضبها ". هذا كلام الإمام يحي بن (1) حمزة في ذلك الكتاب، وقد حكاه أيضًا السيد الهادي (2) ابن الوزير في كتابه المعروف ب " فأية التنويه: (3) في إزهاق التمويه ".
فانظر كيف صوب هذا الإمام أبا بكر في حكمه، ولو كان كير عدل عنده، لكان حكمه باطلا، سواء وافق الحق أو خالفه، لأن العدالة شرط في صحة الحكم.
وقال محمد بن المنصور بالله من قصيدة يفتخر ها على قحطان:
ومنا أبو بكر وصاحبه الذي ... على السنن الغر الكريمة يغضب
ولو كان أبو بكر وعمر عند هذا السيد الجليل من الظلمة المتغلبين لما افتخر هما، والوصف بالغضب على السنن الغر الكريمة من آداب المتقن المناصرين لها.
ويا من [5أ] يدعى أنه من أتباع الإمام الهادي ير بن الحسين! هلا سلكت مسلكه، ومشيت على سنن مذهبه، فتوقف كما صح عنه التوقف. بما أسلفناه من حكاية الإمام الأجل يحط بن حمزة عنه!
_________
(1) تقدمت ترجمته.
(2) تقدمت ترجمته.
(3) قصيدة قيمة نظمها الشارح نفسه في اثنين وسبعين بيتا سأل فيها عن عدة أشياء من المذهب الزيدي حول بعض الصحابة والأئمة التي يقول في أولها:
أقاويل غي في الزمان نواجم ... وأوهام جهل بالضلال هواجم
وهذا الشرح يقع في عشرة مسائل:
انظرها في مؤلفات الزيدية (3/ 133) والبدر الطالع رقم (561).(2/864)
وهلا عملت بكلامه الذي صرح به عليه السلام في كتابه الذي كتبه من المدينة جوابا على أهل صنعاء، قال فيه ما لفظه: "ولا ابغض أحدا من الصحابة رضي الله عنهم الصادقين، والتابعين لهم بإحسان المؤمنين منهم والمؤمنات، أتولى جميع من هاجر، ومن آوى منهم ونصر، فمن سب مؤمنا عندي استحلالا، فقد كفر، ومن سبه استحراما، فقد ضل عندي وفسق: ولا أسب إلا من نقض العهد والعزيمة، وفي كل وقت له هزيمة، من الذين بالنفاق تفردوا، وعلى الرسول مرة بعد مرة تمردوا، وعلى بيته اجتروا فطعنوا، وإني أستغفر الله لأمهات المؤمنين، اللاتي خرجن من الدنيا على يفين، وأجعل لعنة على من تناولهن. مما لا يستحققن من سائر الناس أجمعين " انتهى كلامه.
فأنت أيها الساب المدعى أنك من أتباع هذا الإمام بصريح كلامه هذا إما كافر أو ضال فاسق، وهذا الذي صرح به عليه السلام هو مذهب أتباعه من الهادوية إلي الآن.
قال ابن مظفر (1) في " النبيان " (2) - مدرسا لهادوية هذه الأزمان ما لفظه:
مسألة: قال الإمام يحيى: ولا يصح الائتمام بفاسق التأويل، ولا بمن يفسق الصحابة الذين تقدموا عليا عليه السلام " انتهى. ولم يحك خلافا لأحد.
_________
(1) ير بن أحمد بن علي بن مظفر القاضي، عماد الدين من علماء الزيدية عالم مجتهد اخذ عن علماء عصره قرأ على الإمام المهدي أحمد بن يحي بن المرتضى.
توفي سنة 875 هـ في قرية حمدة من قبيلة عيال سريح.
من مصنفاته: النبيان الشافي المنتزع من البرهان الكافي.
الجامع المفيد إلي طاعة الحميد المجيد.
أعلام المؤلفين الزيدية (ص: 1092) 0 الأعلام (8/ 136).
(2) " النبيان الشافي المنتزع من البرهان الكافي ".
في مجلدين كبيرين وهو معتمد كثير من علماء الزيدية في الفقه وهو يجمع باختصار في كل مسألة آراء الأئمة وعلماء المذهب بالإضافة إلي ما يؤدي إليه اجتهاد المؤلف ونظره.
مؤلفات الزيدية (1/ 224)(2/865)
قال في " البستان " (1): " قال عليه السلام- يعني: الإمام يحي-: لا من يفسق الصحابة، فهو فاسق تأويل، لأنه اعتقد ذلك لشبهة طرأت عليه، وهو تقدمهم على أمير المؤمنين، فلا تصح الصلاة خلف من يسبهم لأنه جرأة على الله، واعتداء عليهم، مع القطع بتقدم إيمانهم، واختصاصهم بالصحبة لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والفضائل الجمة، وكثرة الثناء عليهم من الله سبحانه ومن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأكثر الأئمة وعلماء الأمة، ولا دليل قاطع على كفرهم ولا فسقهم، فأما مطلق الخطأ، فهو- وإن قطع به- لا يكون كفرا ولا فسقا، إذ لا بد فيهما من دليل قطعي شرعي، وقد قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا يؤمنكم ذو جرأة لي دينه " (2)، وأي جرأة أعظم من اعتقاد هلاك من له الفضل والسبق إلي الإسلام
_________
(1) البستان في شرح البيان.
تأليف: القاضي محمد بن أحمد المظفر الحمدي 925.
شرح على كتاب " النبيان لشافي المنتزع من البرهان " لجده يحي بن أحمد الحميدي فذكر فيه أدلة المذاهب ووجه المسألة وعلتها.
اسمه الكامل " البستان الجامع للفواكه الحسان المثمر للياقوت والمرجان الناطق بحجج النبيان من السنة والقرآن.
مؤلفات الزيدية (1/ 207).
(2) قال القاضي حسين في " شفاء الأوام " (1/ 335): (خبر) وعن على عليه السلام قال أتى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلي بني مجمم ذكره القاضي زيد وهو الذي ذكره في " المنتخب " وروى المؤيد بالله مجمم فقال: " من يؤمكم؟ فقالوا فلان، قال: لا يؤمكم ذو جرأة في دينه " ورواية المؤيد بالله ذو جرأة في دينه اهـ.
وقال محمد بن يحي بهران الصعدي في كتاب "جواهر الأخبار والآثار المستخرجة من لجة البحر الزخار " (1/ 312): (قوله) لا يؤمنكم الخ.
روى عن على عليه السلام أنه قال: " أتى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلي بني مجمم، يحمحم فقال: من يؤمكم؟
قالوا فلان. قال: لا يؤمكم ذو جرأة في دينه ".
وقال: حكاه في الشفاء.
وقال الشوكاني في نيل الأوطار (3/ 163) عن هدا الحديث قد ثبت في كتب جماعة من أئمة أهل البيت: كأحمد بن عيسى والمؤيد بالله، وأبي طالب وأحمد ابن سليمان والأمير الحسين وغرهم عن على مرفوعا. وقد ضعفه الصنعاني في سبل السلام (3/ 99بتحفيقى) ط 1.(2/866)
والهجرة [5ب]، وإحراز الفضل والمراتب العلية، والإنفاق في الجهاد، وبذل النفوس والأموال لله ولرسوله، وقد قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لو أنفق أحدكم مثل احد ذهبا ما بلغ مد أحدهم " (1) فنعوذ بالله من الجهل والخذلان " انتهى بلفظه.
وقال المنصور بالله في كتابه " الكاشف للإشكال الفارق بين التشيع والاعتزال " ما لفظه: " إن القيوم - يعني: الصحابة - لهم حسنات عظيمة،. بمشايعة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ونصرته، والقيام دونه، والرمي من وراء حوزته، ومعاداة الأهل والأقارب في نصرة الدين، وسبقهم إلي الحق، وحضور المشاهد التي تزيغ فيها الأبصار، وتبلغ القلوب الحناجر. . . " إلي آخر كلامه.
وعلى الجملة:
إنه إذا لم يقنع المتبع لأهل البيت. مما أسلفناه من إجماعاتهم ونصوصهم؛ فهو إما جاهل لا يفهم ما يخاطب به ولا يدري ما هو العلم، وإما مكابر قد أعمى التعصب بصر بصيرته، واستحوذ عليه الشيطان، فماده بزمام الغي والطغيان، إلي هذه المصيبة التي هي مهلكة الأديان، بإجماع حملة السنة والقرآن، وكلا الرجلين لا ينفعه التطويل والاستكثار، من نقل نصوص الأئمة، ومن صرائح الأدلة، فلنقتصر على هذا المقدار، فإن لم ينتفع به، لم ينتفع بأكثر منه (2)
_________
(1) تقدم تخريجه.
(2) وقد ذكر الشوكاني في كتابه أدب الطلب منتهى الأرب (ص: 40 - 41) بتحقيقي أثر هذه الرسالة التي بين أيدينا فقال: " وظننت أن نقل إجماع أهل العلم يرفع عنهم العماية. ويردهم عن طرق الغواية. فقاموا بأجمعهم، حرروا جوابات زيادة على عشرين رسالة مشتملة على الشتم والمعارضة. مما لا ينفق إلا على بهيمة، واشتغلوا بتحرير ذلك وأشاعوه بين العامة ولم يجدوا عن الخاصة إلا الموافقة، تقية لشرهم، وفرارا من معرتهم، وزاد الشر وتفاقم، حتى أبلغوا ذلك إلي أرباب الدولة، والمخالطين للملوك من الوزراء وغيرهم، وأبلغوه إلي مقام خليفة العصر- المنصور على بن العباسي- حفظه الله وعظم القضية عليه جمعة ممن يتصل به، فمنهم من يشير عليه بحبسي، ومنهم من ينتصح له بإخراجي من مواطن ... ".(2/867)
فالعاقل المراعى لحفظ دينه، إذا لم يعمل. مما ورد في الصحابة الراشدين من نصوص القرآن والسنة القاضية بأنهم أفضل من غيرهم من جميع الوجوه [وأن بين طبقتهم وطبقة من بعدهم من الأمة كما بين السماء والأرض فأقل الأحوال] (1) أن ينزلهم منزلة سائر المسلمين.
وقد ثبت عنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الصحيح أن: " قتال المسلم كفر، وسبابه فسوق " (2).
وثبت عنه في الصحيحين (3) أن: " لعن المؤمن كقتله ". وثبت عنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ في صحيح مسلم (4) أنه: " لا يكون اللعانون شفعاء ولا شهداء يوم القيامة ".
وفي سنن أبي داود (5) أنه قال: " إن العبد إذا لعن شيئا؛ صعدت اللعنة إلي السماء،
_________
(1) زيادة في المخطوط [ب أ]
(2) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (4044) ومسلم رقم (64) من حديث عبد الله بن مسعود. وأخرج النسائي (7/ 121) من حديث سعد بن أبي وقاص أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " قتال المسلم كفر وسبابه فسق ". وهو حديث صحيح. .
سباب المسلم فسوق وقتاله كفر: قيل هذا محمول على من سب مسلما أو قاتله من غير تأويل.
وقيل: إنما قال ذلك على جهة التغليظ، لا أن قتاله كفر يخرج عن الملة. جامع الأصول (10/ 68).
(3) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (6652) ومسلم وصحيحه رقم (110) من حديث ثابت بن الضحاك رضي الله عنه. مرفوعا.
(4) رقم (2598).
قلت: وأخرجه أحمد في المسند (44816) وأبو داود رقم (4907) والبخاري في " الأدب المفرد " رقم (316) والحاكم في المستدرك (1/ 48) من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه مرفوعا. وهو حديث صحيح.
(5) رقم (4905) من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه مرفوعًا.
وله شواهد انظر في الصحيحة رقم (1269).
والخلاصة أن الحديث صحيح.(2/868)
فتغلق أبوابها [دونها، ثم تهبط إلي الأرض فتغلق أبواها دونها (1)] ثم تأخذ يمينا وكالا، فماذا لم تجد مساغا؛ رجعت إلي الذي لعن، فمان كمان أهلا لذلك، وإلا رجعت إلي قائلها ".
وفي، مسند أحمد (2) وصحيح البخاري (3) وسنن النسائي (4)،: أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا تسبوا الأموات؛ فأنهم أفضوا إلي مما قدموا ". وفي حديث آخر رواه أحمد (5) والنسائي (6): " لا تسبوا أمواتنا، فتؤذوا أحياءنا ". [6أ]
وفي صحيح مسلم (7) وسنن أبي داود (8) والترمذي (9) والنسائي (10): أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " أتدرون ما الغيبة؟ ". قالوا: الله ورسوله أعلم. قال:" ذكرك أخاك بما يكره ". قال: [أرأيت] (11) إن كان في أخي ما أقول؟ قال: " إن كان في أخيك ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما لقول فقد بهته ".
_________
(1) ما بين المعكوفتين ساقط من [أ. ب] واستدركته من سنن أبي داود.
(2) (180/ 6).
(3) رقم (1393 ورقم 6516).
(4) (53/ 4) كلهم من حديت عائشة وهو حديث صحيح.
(5) في المسند (252/ 4)
(6) في السنن (33/ 8) بسند حسن.
قلت: وأخرجه الترمذي رقم (1982) والطبراني في الكبير رقم (1013).
وابن حبان رقم (1987 - موارد) كلهم من حديث المغيرة بن شعبة مرفوعا.
وهو حديث صحيح.
(7) رقم (2589).
(8) رقم (4874).
(9) في السنن رقم (1934).
(10) في السنن الكبرى- كتاب التفسير رقم (538).
(11) ما بين المعكوفتين سقط من [أ. ب] واستدركته من مصادر الحديث.(2/869)
قال الترمذي (1): " حديث حسن صحيح ".
وفي " سنن أبي داود (2) والترمذي (3) قلت: (4): أن عائشة ذكرت صفية، فقالت: أنها قصيرة فقال عليه الصلاة والسلام: " كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته".
وفي سنن أبي داود (5): أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لما عرج بي مررت على أقوام لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟! فقال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم ". والأحاديث في هذا الباب كثيرة، وهي متناولة للأموات تناولا أوليا، وبعضها نص في الأموات.
تنبيه:
ربما قال من يطلع على ما سقناه من الروايات القاضية بإجماع أهل البيت على عدم سب الصحابة: أنه قد وجد في مؤ! ف! لفرد من أفرادهم ما يشعر بالسب.
_________
(1) في السنن (4/ 329).
قلت: وقد أخرجه أحمد في المسند (2/ 458,386,384,230). والبغوي في " شرح السنة ". (13/ 138 - 139) والبيهقي في السنن الكبرى (10/ 247) كلهم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
وهو حديث صحيح.
(2) رقم (4875).
(3) في السنن رقم (2502).
(4) وأخرجه أحمد (6/ 206,189,136) وأبو نعيم في أخبار أصفهان (2/ 278) كلهم من حديث عائشة رضي الله عنها.
وهو حديث صحيح.
(5) رقم (4878).
قلت: وأخرجه أحمد في المسند (3/ 224) كلاهما من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه مرفوعًا وهو حديث صحيح انظر الصحيحة رقم (533).(2/870)
فنقول له - إن كان ممن بعقل الخطاب -: هذا الفرد الذي تدعي انه وجد في مؤلفه ما يشعر بالسب، إن كان عصره متقدما على عصر الأئمة الذين روينا عنهم إجماع أهل البيت فمن البعيد أن يحكوا الإجماع عن جميعهم، وثم فرد يخالفهم، للقطع بأنهم أخبر من غيرهم بعلم بعضهم بعضا، فدعواهم الإجماع من دون استثناء مشعر بعدم صحة ما وجد عن ذلك الفرد، فالمتوجه عليك وعلينا اعتقاد أن ذلك الموجود مدسوس [في ذلك المؤلف من بعض أهل الرفض لأن إثبات كونه من كلام المؤلف له] (1) يخالف ما حكاه الأئمة من أهله المختبرين. بمذهبه.
وإن كان ذلك الفرد عصره متأخرا عن عصر الأئمة الذين حكوا الإجماع عن أهل البيت؛ فكلامه مردود؛ لأنه خالف إجماع آبائه، وشذ عن طريقتهم ومضى في غير منهجهم القويم، وسلك في غير صراطهم المستقيم، وما كان هذه المثابة فلا ينبغي لأحد أن يعمل به، ولا يحل لمؤمن أن يتمسك به في معارضة إجماع المتقدمين والمتأخرين من العترة المطهرة.
ومع هذا، فمسألة السب وما يترتب عليها من التكفير والتفسيق من المسائل المط لا يجوز التقليد فيها [6ب] عند أهل البيت، كما صرحت به مطولات كتبهم ومختصراتها، فعلى فرض أنه قد صرح فرد من أفراد العلماء من أهل البيت أو من غيرهم بجواز السب، لا يجوز لأحد أن يقلد في ذلك؛ لأن التقليد في المسائل الفرعية العملية، لا في المسائل العلمية، ولا فيما يترتب عليها، فمن رام اتباع الشيطان في سب أهل الإيمان؟ فليقف حتى يجتهد في المسألة، ثم يعمل. مما رجح له، ولا يخالف كتاب الله وسنة رسوله، وإجماع المسلمين من أهل البيت وغيرهم، وهو موثق بربقة التقليد، قاصر الباع، حقير الاطلاع، لا يعقل الأدلة ولا يعرف الحجج.
_________
(1) ما بين المعكوفتين زيادة من المخطوط [ب].(2/871)
* خاتمة:
ربما تجاوز بعض جهال الشيعة من أهل عصرنا سب الصحابة فيحكم على من لم يسب بأنه ناصبي (1)!!
وهذه قضية أشد من قضية السب؛ لأن ذلك الجاهل حكم على أهل بيت رسول الله أجمع، وعلى جميع العلماء من السلف والخلف بالنصب، والناصبي كافر، فيستلزم هذا الحكم تكفير جميع المسلمين وليس بعد هذا الخذلان خذلان، ولا أشنع من هذه الخصلة التي تبكى لها عيون الإسلام، ويضحك لمثلها ثغر الكفران! وما درى هذا المخذول أن من كفر مسلما واحدا؟ صار كافرا بنصوص (2) السنة المطهرة، فكيف. ممن كفر جميع المسلمين؟!
فيالله العجب من رجل يبلغ به جهله الفظيع إلي الكفر المضاعف، نسأل الله السلامة!!
وإنما قلنا: إن الناصبي كافر: لما تقرر في كتب اللغة وغيرها:
أن النصب بغض أمير المؤمنين عليه السلام.
قال في " القاموس " (3) ما لفظه: " النواصب والناصبية وأهل النصب: المتدينون
_________
(1) النواصب: جمع ناصب وناصبي وهو الغالي في بغض على بن أبي طالب وهي من أسماء الخوارج وعوا بذلك لمبالغتهم في نصب العداء لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه. "
فرق معاصرة " غالب بن علي عواجي (1/ 69) الملل والمحل (1/ 131) للشهرستاني.
(2) من مثل قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا يرمي رجلا بالفسوق والكفر إلا ارتد عليه، إن لم يكن صاحبه كذلك "، أخرجه البخاري في صحيحه رقم (6045,3508) ومسلم رقم (61) من حديث أبي ذر رضي الله عنه.
وأخرجه مسلم في صحيحه رقم (60) من حديث ابن عمر قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أيما أمرئ قال لأخيه: يا كافر. فقد باء ها أحدها. إن ط ن كما قال. وإلا رجعت عليه ".
وأخرج البخاري في صحيحه رقم (6104) ومسلم رقم (111/ 60) من حديث ابن عمر أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا كفر الرجل أخاه فقد باء بها أحدهما ".
(3) (ص 176 - 177).(2/872)
ببغضة علي رضي الله عنه، لأهم نصبوا له؛ أي: عادوه " انتهى.
وإذا ثبت أن الناصبي من يبغض عليا عليه السلام؛ فقد ثبت بالأحاديث الصحيحة الصريحة في كتب الحديث المعتمدة أن بغضه - كرم الله وجهه - نفاق وكفر:
فمن ذلك ما رواه مسلم في " صحيحه " (1)، وابن أبي شيبة (2)، والحميدي (3)، وأحمد (4)، والترمذي (5)، والنسائي (6)، وابن ماجه (7)، وابن حبان (8)، وأبو نعيم في "الحلية " (9)، وابن أبي عاصم (10)؛ عن علي عليه السلام: أنه قال: " والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة إنه لعهد النبي الأمي إلي: أن لا يحبني إلا مؤمن، ولا يبغضني إلا منافق " [7أ].
وأخرج نحوه: الترمذي (11)، وعبد الله بن أحمد في " زيادات المسند " (12) عن أم
_________
(1) رقم (78).
(2) في المصنف (12/ 56).
(3) في المسند رقم (58).
(4) في المسند (1/ 128,95,84) وفي فصائل الصحابة رقم (1102,1059,961,948).
(5) في السنن رقم (3736).
(6) في السنن (8/ 117,115) وخصائص على رقم (100 - 102).
(7) في السنن رقم (114).
(8) في صحيحه رقم (6885).
(9) (4/ 85).
(10) في السنة رقم (1325). كلهم من حديث علي بن أبي طالب.
وهو حديث صحيح.
(11) في السنن (5/ 635).
(12) (6/ 292). قلت: وأخرجه أبو يعلى في المسند رقم (6931,6904) والطبراني في الكبير (23/ رقم 885 - 886). كلهم من طريق مساور الحميري عن أمه عن أم سلمه قالت: كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " لا يحب عليا منافق ولا يبغضه مؤمن بسند ضعيف لجهالة مساور وأمه لكن الحديث صحيح لغيره."(2/873)
سلمة والديلمي (1) عن ابن عباس والخطيب في "تاريخه" (2) عن أنس.
وثبت أن: "من أبغض عليا، فقد أبغض الله ورسوله"، وبغض الله ورسوله كفر.
فمن ذلك ما رواه: الطبراني (3)، وابن عساكر، عن عمار بن ياسر. والدارقطني، والحاكم في "مستدركه "، والخطيب، عن علي (4) كرم الله وجهه. والطبراني (5) عن أبي رافع.
_________
(1) في الفردوس (5/ 319 رقم 8313) بسند واه وفي بعض ألفاظه نكارة.
(2) (9/ 345) مطولاً وفيه: "لا يحبكم إلا مؤمن تقي، ولا يبغضكم إلا منافق شقي".
وقال الخطيب عقبه: " هذا الحديث منكر جدا لا أعلم رواه هذا الإسناد إلا ضرار بن سهل وعنه الغباغي وهما جميعا مجهولان".
(3) كما في مجمع الزوائد (9/ 108 - 109) وقال الهيثمي: "رواه الطبراني بإسنادين أحسب فيهما جماعة ضعفاء وقد وثقوا".
وأخرجه ابن عدي في الكامل (6/ 2126).
وقال ابن عدي: "ولمحمد بن عبيد الله غير ما ذكرت من الحديث وهو كوفي ويروي عنه الكوفيون، وغيرهم. وهو في عداد شيعة أهل الكوفة، ويروي من الفضائل أشياء لا يتابع عليها ".
وأورد المقدسي الحديث في ذخيرة الحفاظ (2/ 1019 رقم 2141) وقال: ومحمد بن عبيد الله ليس بشيء.
وخلاصته القول أن الحديث ضعيف جدا.
(4) أخرج أبو يعلى في المسند (1/ 402 - 403 رقم 268/ 528) عن علي رضي الله عنه قال طلبني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فوجدني في جدول نائما فقال قم .... وفيه ومن مات يحبك بعد موتك ختم له الله بالأمن والإيمان ما طلعت شمس أو غربت، ومن مات يبغضك مات ميتة جاهلية وحوسب بما عمل في الإسلام" إسناده ضعيف.
وأورده الهيثمي في "المجمع" (9/ 121 - 122) وقال: "رواه أبو يعلي وفيه زكريا الصهباني وهو ضعيف".
(5) أخرجه البزار رقم (2559 - كشف) وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 129)، وقال: رواه البزار وفيه رجال وثقوا على ضعفهم.(2/874)
وأخرجه ابن عساكر عن عمرو (1) .. وقال: " إسناد رجاله مشاهير؛ غير أبي عيسى المعروف ببلبل؛ فإنه غير مشهور ".
وأخرجه أيضًا ابن النجار عن ابن عباس (2).
وفي الباب أحاديث كثيرة من طرق عن جماعة من الصحابة.
وفي هذا المقدار كفاية؛ فإن به يثبت أن الناصبي كافر، وأن من قال لرجل: يا
_________
(1) أخرجه أحمد في المسند (3/ 483) وفي فضائل الصحابة رقم (981) والبراز رقم (561 - كشف) وابن حبان في صحيحة رقم (2202 - موارد) من حديث عمرو بن شاش الأسلمى وفيه: " من آذى عليا فقد آذاني " وإسناد ضعيف ومنقطع.
(2) أخرجه الحاكم في " المستدرك " (3/ 128). والخطيب في تاريخ بغداد (4/ 41) وابن الجوزي في " العلل المتناهية " رقم (348) والطبراني في الأوسط كما في مجمع الزوائد (9/ 133) من حديث ابن عباس بلفظ " يا علي أنت سيد في الدنيا سيد في الآخرة حبيبك حبيبي وحبيبي حبيب الله وعدوك عدوي وعدوي عدو الله والويل لمن أبغضك بعدي ".
قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين وأبو الأزهر بإجماعهم ثقة، وإذا تفرد الثقة بحديث فهو على أصلهم صحيح، وتعقبه الذهبي في " التلخيص " فقال: وهذا وإن كان رواته ثقات فهو منكر ليس ببعيد من الوضع وإلا لأي شيء حدث به عبد الرزاق سرا ولم يجرؤ أن يتفوه به لأحمد وابن معين، والخلق الذين رحلوا إليه، وأبو الأزهر ثقة ذكر انه رافق عبد الرزاق من قرية له إلي صنعاء قال فلما ودعته قال وجب حقك علي وأنا أحدثك بحديث لم يسمعه مني غيرك. فحدثني بهذا الحديث لفظا.
وقال ابن الجوزي في العلل (1/ 222): " لا يصح عن رسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومعناه صحيح فالويل لمن تكلف في وضعه إذ لا فائدة في ذلك.
ثم روى بسنده عن أبي حامد الشرفي أنه سئل عن هذا الحديث فقال: باطل والسبب فيه أن سرا كان له ابن أخ رافضيا يمكنه من كتبه فأدخل عليه الحديث هذا، وكان سر مهيبا لا يقدر عليه أحد في السؤال والمراجعة ".
قلت: والخلاصة أن علة الحديث ما ذكر، وأن الحمل فيه ليس على أبي الأزهر ومما يدل عليه متابعة محمد بن علي النجار له كما عند الخطيب في " تاريخ بغداد " (2/ 42).(2/875)
ناصبي! فكأنه قال: له يا كافر! ومن كفر مسلما كفر كما تقدم وقد أحسن من قال:
علي يظنون بي بغضه ... فهلا سوى الكفر ظنوه بي
وقد أراح الله سبحانه وتعالي من النواصب - وهم الخوارج ومن سلك مسلكهم - فلم يبق منهم أحد، إلا شرذمة يسيرة بعمان، وطائفة حقيرة بأطراف آلهند؟ يقال لهم: الإباضية (1). فليحذر المتحفظ من إطلاق مثل هذه اللفظة على أحد من أهل الإسلام غير هؤلاء؟ فإنه. بمجرد ذلك الإطلاق يخرج عن الإسلام، وهذا ما لا يفعله عاقل بنفسه.
ما يبلغ الأعداء من جاهل ... ما يبلغ الجاهل من نفسه
ومن العجائب أنا سمعنا من جهال عصرنا من يطلق اسم النصب على من قرأ في كتب الحديث، بل على من قرأ في سائر علوم الاجتهاد! ويطلقونه أيضًا على أئمة الحديث! وأهل المذاهب الأربعة!
وهذه مصيبة مهلكة لدين من تساهل في ذلك، ولا يكون إلا أحد رجلين: إما جاهل لا يدري ما هو النصب؟ ولا ما هو الناصبي؟ أو غير مبال بهلاك دينه، ومن كان هذه المنزلة، لا ينتفع. ممثل هذا النصح الذي أودعناه هذه الرسالة، وليس علينا إلا القيام بعهدة النبيان للناس الذي [7ب] وجبه الله ورسوله علينا ليهلك من هلك عن بينة.
_________
(1) الأباضية: إحدى الفرق الأربع الكبرى من فرق الخوارج وهى الأزارقة، والنجدات، والصفرية، والأباضية.
وحميت (الأباضية) نسبة إلي عبد الله بن أباض أحد بنى مرة من بني تميم وهو من زعماء الخوارج ويوافقهم في غالب أصولهم المعروفة في زمانه، خارجا عن جماعه المسلمين وعلى ألمتهم، منابذا للأئمة العداء كما كان ناقما على عثمان بن عفان وعلى رضي الله عنه.
وأشهر مسألة اختلفوا فيها مع غيرهم من فرق الخوارج بعد أن فارقوا ابن الزبير حيث لم يبرأ من عثمان رضي الله عنه.
[انظر مقالات الإسلاميين (1/ 207) وفرق معاصرة للعواجي (1/ 78)].(2/876)
اللهم أرشد الخاص من عبادك والعام، واسلك بنا سبل السلام إلي دار السلام. وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله.
تم نقل هذه الرسالة الكريمة من خط مؤلفها شيخ الإسلام الحافظ العلامة محمد بن علي الشوكاني رحمه الله، الموجودة في مكتبه الجامع الكبير بصنعاء والحمد لله رب العالمين.
بتاريخ 29 شهر محرم الحرام سنة 1458 بخط المفتقر إلي رحمة الله محمد بن علي المنصور وفقه الله.] (1)
[انتهى منقول من خط مؤلفه القاضي العلامة القدوة إمام السنة النبوية، قامع البدعة الغوية محيي معالم الدين حافظ سنة سيد المرسلين: محمد بن علي بن محمد الشوكاني جعله الله قرة عين للمسلين، وأحيا بعلومه ما اندرس منها بحق سيد المرسلين آمن اللهم أمين. إنه جواد كريم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه الأكرمين] (2).
_________
(1) ما بين المعقوفتين زيادة من المخطوط (أ).
(2) ما بين المعقوفتين زيادة من المخطوط (ب).(2/877)
(20) 21/ 1
قال المؤيد بالله يحيى بن حمزة في آخر التصفية ما لفظه:
تنبيه: أعلم أن القول في الصحابة على فريقين
تأليف
محمد بن علي الشوكاني
حققه وعلق عليه وخرج أحاديثه
محمد صبحي بن حسن حلاق
أبو مصعب(2/879)
وصف المخطوط
1 - عنوان الرسالة: قال المؤيد بالله يحط بن حمزة في آخر التصفية ما لفظه: تنبيه اعلم أن القول في الصحابة على فريقين.
2 - موضوع الرسالة: موقف أهل البيت من صحابة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
3 - أول الرسالة: " الفريق الأول: مصرحون بالترحم عليهم والترضية، وهذا هو المشهور عن أمير المؤمنين، وعن زيد بن علي ...
4 - آخر الرسالة: " لا تفي لها إلا مجلدات، دع عنك ما قال الناس ولكن أسراء التقليد لا يكف شراشر ألسنتهم إلا أقوال الرجال فذكرنا هذه القطرة دفعا لذلك.
5 - عدد صفحات الرسالة: 5 صفحات.
6 - عدد الأسطر في الصفحة: (25 - 28) سطرا.
7 - عدد الكلمات في السطر: (12 - 14) كلمة.
8 - نوع الخط: خط نسخط جيد.(2/881)
[بين يدي الرسالة:
قال القاضي عياض في الشفا (611/ 2 - 615):
من توفيره وبره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:-
1) توفير أصحابه وبرهم ومعرفة حقهم.
2) الاقتداء بهم.
3) وحسن الثناء عليهم.
4) الاستغفار لهم.
5) الإمساك عما شجر بينهم.
6) معاداة من عاداهم.
7) الإضراب عن أخبار المؤرخين، وجهلة الرواة وضلال الشيعة والمبتدعين القادحة في أحد منهم.
8) أن يلتمس لهم فيما نقل عنهم من مثل ذلك فيما كان بينهم من الفن أحسن التأويلات، ويخرج لهم أصول المخارج إذ هم أهل ذلك.
9) لا يذكر أحد منهم بسوء، ولا يغمض عليه أمير، بل تذكر حسناتهم وفضائلهم، وحميد سيرقم ويسكت عما وراء ذلك.
كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إذا ذكر أصحابي فأمسكوا .. " من حديث عبد الله بن مسعود.
- أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (0 243/ 1 رقم 0448 1) وأورده الهيثمي في المجمع (7/ 202) و (7/ 223). وقال فيه مسهر بن عبد الملك وثقه ابن حبان وغيره وفيه خلاف، وبقية رجاله رجال الصحيح. ولكن المحدث الألباني انتقد الحافظ الهيثمي في قوله رجاله رجال الصحيح، لأن شيخ الطبراني ليس من رجال الصحيح ولا من رجال سائر الستة.
وقد حكم عليه في الصحيحة رقم (34) بالصحة للشواهد والمتابعة.(2/885)
قال مالك- رحمه الله-: هذا النبي مؤدب الخلق الذي هدانا الله به، وجعله رحمة للعالمين، يخرج في جوف الليل إلي البقيع فيدعو لهم ويستغفر كالمودع لهم، وبذلك أمره الله، وأمر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بحبهم، وموالاتهم ومعاداة من عاداتهم.
انظر: فضائل الصحابة للإمام أحمد. الصارم المسلول (3/ 1072 - 1075)](2/886)
قال (1) المؤيد بالله يحيى (2) بن حمزة عليه السلام في آخر التصفية ما لفظه:
تنبيه: اعلم أن القول في الصحابة على فريقين:
الفريق الأول: مصرحون بالترحم عليهم، والترضية، وهذا هو المشهور عن أمير المؤمنين، وعن زيد بن علي، وجعفر الصادق، والناصر للحق، والمؤيد بالله، فهؤلاء مصرحون بالترضية والترحم والموالاة، وهذا هو المختار عندنا، ودللنا عليه، وذكرنا أن الإسلام مقطوع به لا محالة، وعروض ما عرض من الخطأ في مخالفة النصوص ليس فيه إلا الخطأ لا غير. وأما كونه كفرا أو فسقا فلم يدل عليه دلالة شرعية، فلهذا بطل القول به، فهذا هو الذي نختاره ونرتضيه مذهبا، ونحب أن نلقى الله ونحن عليه.
والفريق الثاني: متوقفون عن الترضية والترحم، وعن القول بالتكفير والتفسيق، وهذا دل عليه كلام القاسم، والهادي، وأولادهما، وإليه يشير كلام المنصور (3) بالله، فهؤلاء يحكمون بالخطأ، ويقطعون به، ويتوقفون في حكمه.
فأما القول بالتكفير والتفسيق في حق الصحابة، فلم يؤثر عن أحد من أكابر أهل البيت وأفاضلهم كما حكيناه وقررناه، وهو مردود على ناقله انتهى بلفظه. قال في الترجمان عند شرح قوله في البسامة (4):
ورضي الله عنهم كما رضي أبو حسن الخ ما لفظه: قال المنصور بالله عليه السلام: ولا يمكن أحد أن يصح دعواه على أحد من سلفنا الصالح أفم نالوا من المشائخ أو سبوهم، بل يعتمدون فيهم أنهم خير الخلق بعد محمد، وعلي، وفاطمة صلوات الله عليهم وسلامه ويقولون: قد أخطئوا في التقديم،
_________
(1) وجد في صفحة العنوان ما لفظه: هذا الكلام المنقول إلي أخره قد اشتملت عليه الرسالة السابقة: "إرشاد الغبي إلي مذهب أهل البيت في صحب صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " فهي مغنية عنه، وتحريره كان قبل تحريرها فلتعلم ذلك.
(2) تقدمت ترجمته في الرسالة السابقة.
(3) تقدمت ترجمته في الرسالة السابقة.
(4) تقدم التعريف به في الرسالة السابقة.(2/887)
وعصوا معصية لا يعلم قدرها إلا الله سبحانه، والخطأ لا يبرا منه إلا الله، وقد عصي آدم ربه فغوى، فإن حاسبهم الله فبذنب فعلوه، وإن عفا عنهم فهو أهل العفو، وهم مستحقون بحميد سوابقهم (1)
انتهى بلفظه. وهكذا قال المنصور بالله في رسالته، في جواب المسائل التهامية (2)
بعد أن ذكر تحريم سب الصحابة، وهذا ما يقضي به علم آبائنا [1] منا إلي علي عليه السلام (3) انتهى بلفظه ثم قال فيها ما لفظه: وفي هذا الجهد من يرى محض الولاء سب الصحابة رض الله عنهم والبراعة منهم فيتبرأ من محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ من حيث لا يعلم.
فإن كنت لا أرمى وترمى كنانتي ... تصب حائجات النبل كشحى ومنكبى
انتهى بحروفه.
ومثل ذلك روي عن المؤيد بالله، ذكره صاحب حواشي الفضول، وروى (4) المهدي أحمد بن يحيى في يواقيت (5) السير أنه حتى مات أبو بكر قال علي (6) رضي الله عنه: والله لقد كنت بالناس رؤوفا رحيما أو كما قال: وقد صرح (7) في القلائد (8) أن حكم أبي بكر في فدك
_________
(1) انظر: منهاج السنة (5/ 81 - 83) تقدم نصه في الرسالة السابقة.
(2) تقدم التعريف بها.
(3) أكثر المصنف- عفا الله عنا وعنه- من استخدام هذه العبارة وقد أوضحنا في الرسالة السابقة حكم استخدامها. فتنمه لهذا هداك الله.
وهذه العبارة وغيرها من شعار أهل البدع في تخصيص على - رضي الله عنه - وآل البيت، فينبغي اجتنابه.
انظر معجم المناهي اللفظية (ص 349 - 350).
(4) تقدمت ترجمته في الرسالة السابقة.
(5) تقدم التعريف به.
(6) أخرجه أحمد في فضائل الصحابة رقم (112, 178) بإسناد ضعيف وقد تقدم في الرسالة السابقة.
(7) أي مؤلفه المهدي أحمد بن يحيى المرتضى الحسني.
(8) وقد تقدم التعريف بالكتاب في الرسالة السابقة.
وانظره في مؤلفات الزيدية (2/ 353).(2/888)
صحيح، وروي فيها عن زيد (1) بن على قال: لو كنت أبا بكر الصديق لما قضيت إلا بما قضى ..
ولو كان فاسقا عندهم أو غير عدل لم يصح قضاؤه. قال زيد بن على: كيف أرفضهما يعني: أبا بكر وعمر، وهما وزيرا جدي. ذكر ذلك صاحب القاموس (2) في مادة رفض. وقال محمد بن المنصور عبد الله بن حمزة يفتخر على قحطان في قصيدة:
ومنهم أبو بكر وصاحبه الذي ... على السنن الغر الكريمة يغضب
قال في بيان ابن مظفر (3): مسألة: قال الإمام يحط: ولا يصح الإئتمام بفاسق التأويل، ولا بمن يفسق الصحابة الذين لقدموا عليا انتهى.
ولم يحك خلافا لأحد، قال في البستان (4): قال- عليه السلام-: يعني الإمام يحي:
لمن يفسق الصحابة فهو قاس تأويل لأنه اعتقد ذلك لشبهة طرأت عليه، وهو يقدمهم على أمير المؤمنين، فلا تصح الصلاة خلف من يسبهم، لأنه جرأة على الله، واعتداء عليهم مع القطع بتقدم إيمانهم، واختصاصهم بالصحبة لرسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- والفضائل الجمة، وكثرة الثناء عليهم من الله- سبحانه- ومن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- وأكثر الأئمة، وعلماء الأمة. ولا دليل قاطع على كفرهم ولا فسقهم. فأما مطلق الخطأ فهو وإن قطع به لا يكون كفرا ولا فسقا، إذ لا بد فيهما من دليل لطعي شرعي. وقد قال- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: " لا يؤمنكم
_________
(1) انظر الحجة للأصبهاني (2/ 352).
وسيأتي تفصيل هذه القصة ودحض الشبهة فيها، في الرسالة اللاحقة بعنوان " هل خص النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أهل البيت بشيء من العلم ".
(2) أي القاموس المحيط (ص830) مادة رفض،
(3) تقدمت ترجمته.
(4) تقدم التعريف به.(2/889)
ذو جرأة لي دينه " (1) وأي جرأة أعظم من اعتقاد هلاك من له الفضل والسبق إلي الإسلام والهجرة، وإحراز الفضل والمراتب العلية، والإنفاق في الجهاد، وبذل النفوس والأموال لله ولرسوله! وقد قال- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: " لو أنفق أحدكم ملء الأرض ذهبا ما بلغ مد أحدهم " (2) فنعوذ بالله من الجهل والخذلان انتهى.
مال العلامة يحط بن (3) الحسن بن القاسم بن محمد في كتابه الإيضاح (4) بما خفي من الاتفاق على تعظيم [2] الصحابة ما لفظه: وإذا تقرر ما ذكرناه، وعرفت أقوال أئمة العلم الهداة علم من ذلك بالضرورة التي لا تنتفي بشك، ولا شبهة إجماع أئمة الزيدية على تحريم لسب الصحابة، لتواتر ذلك عنهم، والعلم به، فما خالف ما علم ضرورة لا يعمل به إلي آخر كلامه انتهى. وحكى المنصور بالله (5) عبد الله بن حمزة في كتابه الكاشف للإشكال (6) الفارق بين التشيع والاعتزال ما لفظه: والمسلك الثاني أن أمير المؤمنين هو القدوة، ولم يعلم من حاله- عليه السلام- لعن القوم (7) ولا تبرأ منهم، ولا تفسيقهم. قال: وهو قدوتنا- عليه السلام- فلا تزد على حده الذي وصل إليه، ولا تنقص شيئا من ذلك، لأنه إمامنا وإمام المتقن، وعلى المأمور اتباع آثار إمامه، واحتذاء مثاله، وإن تعدى خالف وظلم انتهى، وقد حكى هذا الكلام عن المنصور بالله بألفاظه السيد الهادي بن إبراهيم (8) الوزير في تلقيح الألباب (9) في شرح أبيات اللباب، بلى
_________
(1) تقدم تخريجه في الرسالة السابقة وهو حديث ضعيف.
(2) تقدم تخريجه في الرسالة السابقة. وهو حديث صحيح.
(3) تقدمت ترجمته.
(4) تقدم التعريف به.
(5) تقدمت ترجمته.
(6) تقدم التعريف به.
(7) في هامش المخطوط " يعني المشائخ المتقدمين عليه ".
(8) تقدمت ترجمته.
(9) تقدم التعريف به.(2/890)
حكى في البسامة أن عليا- عليه السلام- كان يترضى عنهم فقال:
ورض عنهم كما رضي أبو حسن ... أوقف عن السب إن ما كنت ذا حذر
وقال المنصور بالله في ذلك الكتاب: إنا إنما توقفنا في أميرهم لما قدمنا طرفا من ذكره، وهو أن لهم حسنات عظيمة (1)
بمشايعة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - ونصرته والقيام دونه، والرمي من وري حوزته، ومعادات الأهل والأقارب في نصرة الدين، وسبقهم إلي الحق وحضور المشاهد إلي تزيغ فيها الأبصار، وتبلغ القلوب الحناجر إلي آخر كلامه.
وذكر الإمام المهدي محمد بن (2) المطهر- عليه السلام- في كتابه الكواكب (3) الدرية جلة وافية، ونبذة شافية في أحوال المشائخ، وأشار إلي مثل كلام المنصور بالله في لزم التوقف، قال الهادي بن إبراهيم (4) الوزير في ...................................
وقد قدمنا في الرسالة السابقة نصوص من القرآن والسنة.
_________
(1) انظر: قطر الولي (ص 292 - 296). و" فضائل الصحابة " للإمام احمد بن حنبل.
(2) الإمام محمد بن المطهر بن يحي أحد أعلام الزيدية، باليمن ولد سنة 660 هـ هجرة الكريش شرق مدينة شهارة أخذ العلم عن أبيه، حقق في فنون العلم وكان كثر التدريس ى للعلوم تخرج عليه مشاهير العلماء منهم ولده الإمام الواثق بالله المطهر بن محمد.
توفي سنة 728 هـ بحصن ذمرمر.
من مصنفاته: عقود العقيان في الناسخ والمنسوخ من القرآن.
البغية في الفرائض.
الرياض الندية في نبذ من الأموال المهدية.
أعلام المؤلفين الزيدية (ص 997) الأعلام (7/ 234) البدر الطالع (2/ 171).
(3) " الكواكب الحرية سرح الأبيان الفخرية " شرح على قصيدة الحسن بن وهاس الرائية في إمامة أمير المؤمنين.
أعلام المؤلفين الزيدية (ص 998).
وقال في مؤلفات الزيدية (2/ 391) الكواكب الدرية في شرح الأبيات البدرية.
(4) تقدمت ترجته.(2/891)
تلقيح (1) الألباب: وأكثر من انتصر لجواز الترضية والموالاة الأمام يحط بن حمزة؟ فإنه بالغ في ذلك في كتبه الكلامية، وأفرد لذلك كتابه المسمى بالتحقيق (2) في الإكفار والتفسيق، وله في هذا المعنى من الكلام ما لا يمكن إيراده.
وروى الترضية عن جماعة من أهل البيت وحماهم بأعيانهم، ومن أراد ذلك طالعه من كتاب التحقيق انتهى.
وحكى السيد الهادي أيضًا في ذلك الكتاب أنه سئل الإمام المهدي على بن محمد بن علي عن حكم من تقدم على أمير المؤمنين، أو خالفه، فأجاب أن مذهب الجمهور من الزيدية أن النص وقع على وجه يحتاج في معرفة المراد به إلي نظر وتأمل، ولا يكفرون من دافعه، ولا يفسقونه ... إلي آخر كلامه. وحكى السيد الهادي أيضًا في ذلك الكتاب عن الإمام الناصر محمد (3) بن علي المعروف بصلاح الدين أنه سئل عن ذلك، فأجاب بأن مذهب أئمة الزيديه [3] القول بالتخطية لو تقدم أمير المؤمنين. قال: وهؤلاء فرقتان: فرقة تقول باحتمال الخطأ، ويتوقفون في أميرهم، وفرقة يتولونهم ويقولون بأن خطأهم مغتفر في جنب مناقبهم، وأعمالهم، وجهادهم، وصلاحهم. وهذا القول الذي نراه أوهم وجوه الإسلام، وبدور الظلام إلي آخر كلام الإمام صلاح الدين (4) قال السيد الهادي بعد إيراده لكلام الناصر صلاح الدين ما لفظه: فقد بان لك اختلاف رأي الإمامين المهدي وولده الناصر، فرأى المهدي التوقف وشدد فيه، ورأى ولده الترضية، ورضي عنهم. قال: نقلته من خطه، قال: فرأته ورأي الإمام يحيى بن
_________
(1) تقدم التعريف به.
(2) تأليف المؤيد يحط بن حمزة الحسيني اليمني (749).
أوله " ... الحمد لله ......... هذا كتاب يجب معرفة ما تضمنه من المسائل على كل مكلف ".
مؤلفات الزيدية (1/ 271).
(3) تقدمت ترجمته في الرسالة السابقة.
(4) انظر كلام ابن تيمية في منهاج السنة (5/ 83) وقد تقدم في الرسالة السابقة.(2/892)
حمزة في هذه المسألة واحد، ورأي والده ورأي المنصور بالله واحد في التوقف، ثم قال: واعلم أيها المكلف أن أئمة العترة في هذا المعنى كما رأيت، والحق أنهم أخطئوا بالتقدم على أمير المؤمنين، ولكن سوابقهم الجميلة ومآثرهم الصالحة، وما كان لهم من مودة النبي- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- والقدم الراسخة في الإسلام لم يقطع على هذه المعصية بأنها كبيرة، وربك الغفور ذو الرحمة فنسأل الله التوفيق والعصمة. انتهى كلام السيد الهادي الوزير.
وقال الإمام يحط بن حمزة في رسالته الوازعة (1) بعد أن حكى عن أهل البيت أفم لم يكفروا، ولا فسقوا من لم يقل بإمامة أمير المؤمنين، أو تخفف عنه، أو تقدمه، ما لفظه: ثم إن لهم بعد القطع بعدم الكفر والفسق مذهبين:
الأول: مذهب من صرح بالترحم والترضية عليهم، وهذا هو المشهور عن علما- عليه السلام- وزيد بن على، وجعفر الصادق، والباقر، والناصر، والمؤيد بالله، وغيرهم، وهو المختار عندنا ثم قال:
المذهب الثاني: من توقف عن الترضية، والترحم، والإكفار، والتفسيق. وإلي هذا يشير كلام القاسم والهادي وأولادهما، والمنصور بالله، لأنهم لما قطعوا على الخطأ ولم يدل دليل على عصمتهم، فيكون الخطأ صغيرة في حقهم جاز أن يكون خطؤهم كبيرة، ولذلك توقفوا عن الترضية قال: ويقابله آنا قاطعون على إيمانهم قبل هذه المعصية، فيستصحب الأصل، ولا ينتزع عنه إلا لدلالة قاطعة تدل على كفر أو فسق (2)
_________
(1) (ص 185 - 190) بتحقيق الشيخ مقبل بن هادي الوادعي.
(2) وقوله هذا مخالف لقوله تعالي: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح:18] وقوله تعالي: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة:100].
وانظر: الجامع لأحكام القرآن (8/ 236).(2/893)
قال: وما روي عن المنصور بالله أنه قال: من رض عنهم فلا تصلوا خلفه، ومن سبهم فاسألوه ما الدليل، الرواية المشهورة: من سبهم فلا تصلوا خلفه، ومن رضي عنهم فاسألوه ما الدليل (1) 0 انتهى كلام الإمام ير بن حمزة في تلك الرسالة (2).
والصحابة رضي الله عنهم أجل وأعظم من أن ينقل في تنزيه شأنهم- صانهم الله مثل هذا الكلام، فإن مناقبهم التي في نصوص القرآن والسنة [4] لا تفي لها إلا مجلدات، دع عنك ما قال الناس، ولكن إسراء التقليد لا يكفى شراشر ألسنتهم إلا أقوال الرجال، فذكرنا في هذه التيطرة دفعا لذاك.
كمل من خط المؤلف القاضي الفهامة، قطب علم الدين محمد بن علي الشوكاني حفظه الله على مر الدهور والأزمان بحق محمد وآله وصحبه وسلم تسليما [5].
_________
(1) تقدم التعليق على ذلك في الرسالة السابقة.
(2) أي الرسالة الوازعة للمعتدين عن سب صحابة سيد المرسلين (ص 195).(2/894)
(21) 26/ 1
هل خص النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أهل البيت بشيء من العلم
تأليف
محمد بن علي الشوكاني
حققه وعلق عليه وخرج أحاديثه
محمد صبحي بن حسن حلاق
أبو مصعب(2/895)
وصف المخطوط:
1 - عنوان الرسالة: هل خص النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أهل البيت بشيء من العلم.
2 - موضوع الرسالة: الرد على من زعم أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خص أهل البيت بشيء من العلم.
3 - أول الرسالة: الحمد لله وحده وصلى الله على من لا نبي بعده، وآله من بعده، وصحبه الراشدين. وبعد: فإني قد كنت استنبت في جواب السؤال المنقول في
هذا القرطاس.
4 - آخر الرسالة: ... ولهذا قال الإمام يحط ما قال، والهداية بيد ذي الجلال وكذلك صحح المهدي في قلائده القضاء، ونظر إليه بعين الرضا.
5 - نوع الخط: خط نسخي معتاد.
6 - عدد الصفحات: 4 صفحات.
7 - المسطرة: الصفحة الأولى: 19 سطرا.
الصفحة الثانية: 26 سطرا.
الصفحة الثالثة: 25 سطرا.
الصفحة الرابعة: 9 أسطر.
8 - عدد الكلمات في السطر: (13 - 15) كدمة.
9 - تاريخ النسخ: سنة 1323 هـ.(2/897)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، وصلى الله على من لا بي بعده، وآله من بعده، وصحبه الراشدين، وبعد:
فإني قد كنت استنبت في جواب السؤال المنقول في هذا القرطاس بعض من أخذ عنى العلم، وكتبت بقلمي بعد جوابه ما فيه الإشارة إلي ما اعتقده في جواب السؤال الأول، حيث قلت: إنه يمكن التأويل بأنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- أراد أن الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- ما خلف عندنا من العلم المكتوب بالتيلم إلا هذا، لأنه لم يكن عنده مكتوبا إذ ذاك إلا مصحفه، وما (1) في الصحيفة، وهذا التأويل غير مناف لجميع تلك الروايات السابقة إلي ساقها السائل- عافاه الله-. ووجه هذا أن النفط لو كان ما هو أعم من المكتوب لكان مستلزما أنه لم يكن عنده من جميع العلم إلا ما ذكره - صلى الله عليه وسلم -. واللازم باطل، فالملزوم مثله.
_________
(1) يشير إلي الحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه رقم (6915) عن أبي جحيفة قال: " سألت عليا رضي الله عنه: هل عندكم شيء مما ليس في القرآن؟ وقال ابن عيينة مرة: ما ليس عند الناس- فقال: والذي خلق الحبة وبرأ النسمة ما عندنا إلا ما في القرآن، إلا فهما يعطى رجل في كتابه وما في الصحيفة قلت: وما في الصحيفة؟ قال: العقل وفكاك الأسر وأن لا يقتل مسلم بكافر ".
وأخرجه احمد (1/ 119) وأبو داود رقم (4530) والنسائي (8/ 19).
والحاكم في المستدرك (2/ 141) وقال صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهي، والطحلوي في " شرح معاني الآثار " (3/ 192) والدارقطني (98/ 3 رقم 61) والبيهفي (29/ 8) وهو حديث صحيح بشواهده. وانظر الإرواء رقم (2209).
ولفظه: عن فيس بن عباد، قال: انطلقت أنا والأشتر إلي علي عليه السلام. فقلنا: هل عهد إليك رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شيئا لم يعهده إلي الناس عامة؟ قال: لا، إلا ما في كتابي هذا؟ قال مسدد: قال: فأخرج كتابا، وقال احمد: كتابا من قراب سيفه، فإذا فيه: " المؤمنون تكافأ دماؤهم، وهم يد على من سواهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، ألا لا يقتل مؤمن بكافر، ولا ذو عهد في عهده، من أحدث حدثا فعلى نفسه، ومن أحدث حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ".(2/901)
أما الملازمة فظاهرة، [لآن تعميم النفط (1) يستلزم تعميم النفط] (2)، وأما بطلان اللازم فمعلوم بالتواتر أن عند أهل بيت النبوة، لا سيما أمير المؤمنين من العلوم النافعة التي يرونها عن رسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- غير المصحف والصحيفة المشار إليها، ومن لم يتواتر له هذا فعليه. بمطالعة أي كتاب كان من كتب الحديث، فإنه يجد المرويء عن على رضي الله عنه، وعن أهله قد اشتمل على غير الأميرين المثبتين في كلامه. وإذا تقرر هذا طاح الإشكال من أصله، فإن الإثباتات المخالفة لهذا النفي هي باعتبار مطلق العلم لا باعتبار مكتوبه، وأما ما استشكله السائل- حفظه الله- من إثبات من أثبت من أهل العلم لبعض الصحابة في العلم مزايا دون بعض.
فأقول: إن كان التخصيص لبعض الصحابة منه- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-، بأنه يعلم نوعا من أنواع العلم [1] كما حكاه أبو هريرة (3)
عن نفسه، وكما أطبق عليه.
_________
= قال ابن تيمية في منهاج السنة (8/ 137): ليس فيه- الحديث- أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خص أبا هريرة. مما في ذلك الجراب، بل كان أبو هريرة أحفي من غيره فحفظ ما لم يحفظه غيره.
ويوضح هذا الحديث الذي أخرجه البخاري رقم (119) من حديث أبي هريرة قال: قلت: يا رسول الله إني أمع منك حديثا كثيرا أنساه؟ قال: " ابسط ردائك " فبسطه قال: فغرق بيديه ثم قال: " ضمه " فضممته، فما نسيت شيئا بعده.
والحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه رقم (118وأطرافه 119، 3074 و2350 و3648 و7354) من حديث أبي هريرة قال: إن الناس يقولون: أكثر أبو هريرة، ولولا آيتان في كتاب الله ما حدثت حديثا ثم يتلو {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَآلهدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة: 159 - 1160]. إن إخواننا من المهاجرين كان يشغلهم الصفق بالأسواق، وإن إخواننا من الأنصار كان يشغلهم
العمل في أموآلهم، وإن أبا هريرة كان يلزم رسول الله ك! بشبع بطنه، ويحضر ما لا يحضرون ويحفظ ما لا يحفظون.
والحديث الذي أخرجه مسلم في صحيحه رقم (25/ 2892) من حديث عمرو بن أخطب قال:
صلى بنا رسول الله! الفجر، وصعد المنبر فخطبا حتى حضرت الظهر فنزل فصلى، ثم صعد المنبر، فخطبا حتى حضرت العصر، ثم نزل فصلى، ثم صعد المنبر. فخطب حتى غربت الشمس، فأخبرنا كان وبما هو كائن. فأعلمنا أحفظنا ".
وأبو هريرة أسلم عام خيبر، فلم يصحب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا أقل من أربع سنين، وذلك الجراب لم يكن فيه شيء من علم الدين. علم الإيمان والأمير والنهى- وإنما كان فيه الأخبار عن الأمور المستقبلة، مثل الفن التي جرت بين المسلمين: فتنة الجمل، صفين، وفتنة ابن الزبير ومقتل الحسين، ونحو ذلك، ولهذا لم يكن أبو هريرة ممن دخل في الفن.
ولهذا قال ابن عمر: لو حدثكم أبو هريرة أنكم تقتلون خليفتكم وتفعلون كذا وكذا، لقلتم: كذب أبو هريرة.
انظر منهاج السنة (8/ 138).
(1) انظر: البحر المحيط (3/ 114 - 116).
(2) كفا في المخطوط ولعل صوابه " النكرة في سياق النفي تعم، أنها تفيد عموم النفي، لا لفظ العموم
(3) يشير إلي الحديث الذي أخرجه البخاري رقم (120): من حديث أبي هريرة قال: حفظت من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعاءين: فأما أحدهما فبثثته وأما الآخر فلو بثثته قطع هذا البلعوم ".(2/902)
الصحابة في علم حذيفة (1)، وروي مرفوعا، فلا شك أن مثل هذا العلم يجوز الوصف
_________
(1) يشير إلي الحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه رقم (3742).
عن إبراهيم النخعي عن علقمة قال: " قدمت الشام، فصليت ركعتين، ثم قلت: اللهم يسر لي جليسا صالحا. فأتيت قوما فجلست إليهم، فإذا شيخ قد جاء حتى جلس إلي جبي، قلت من هذا؟ قالوا: أبو الدرداء. فقلت: إن دعوت الله أن ييسر لي جليسا صالحا، فيسرك لي: قال: ممن أنت؟ قلت: من أهل الكوفة. قال: أو ليس عندكم ابن أم عبد صاحب النعلين والوسادة والمطهرة؟ أفيكم الذي أجاره الله من الشيطان. يعني على لسان نبيه!؟ أو ليس فيكم صاحب سر النبي خ! الذي لا يعلم أحد غيره؟
قال ابن تيمية في منهاج السنة (8/ 139) وذلك السركان معرفته- حذيفة- بأعيان ناس من المنافقين كانوا في غزوة تبوك، هموا بأن يحلوا حزام ناقة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالليل ليسقط، فأعلمه الله بهم، وكان حذيفة قريبا، فعرفه هم، وكان إذا مات الميت المجهول حآله لا يسلط عليه عمر حتى يصلى عليه حذيفة خشية أن يكون من المنافقين.(2/903)
للرجل المخصص بذلك، بأنه عالم بالنوع المذكور، وإن كان التخصيص للرجل بفرد من أفراد الحوادث، مثل أنه يعمل حدوث كذا في وقت كذا، فلا ريب أنه يجوز الوصف للرجل المخصص بذلك الفرد بأنه عالم به، وأهل الحديث قد وفوا لهذا، ووصفوا كل أحد. مما يختص به، فإنهم كما خصصوا حذيفة. مما ذكره السائل خصصوا أمير المؤمنين. مما ذكروه من قصة المدلج (1) ورووا ذلك في كتبهم، فماذا يصنعون بعد
_________
(1) يشير إلي الحديث الذي أخرجه النسائي في الخصائص (ص 28) والحاكم (3/ 140 - 141) وأحمد (4/ 263) من طريق محمد بن إسحاق حدثي يزيد بن محمد بن خيثم المحاربي عن محمد بن كعب التيرظي عن محمد بن خيثم عن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال: " كنت أنا وعلي رفيقين في غزوة ذي العشرة، فلما نزلها رسول الله! وأقام ها رأينا ناسا من بني مدلج يعملون في عين لهم في نخل - فقال لي على: يا أبا اليقظان: هل لك أن نأتي هؤلاء فننظر كيف يعملون؟ فجئناهم فنظرنا إلي عملهم ساعة- ثم غشينا النوم، فانطلقت أنا وعلى، فاضطجعنا في صور من النخل، في دقعاء من التراب فنمنا والله ما أيقظا إلا رسول الله! يحركنا برجله وقد تقربنا من تلك الدقعاء- فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يا أبا تراب!
لما يرى عليه من التراب، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ألا أحدثكما بأشقى الناس رجلين؟ قلنا: بلى يا رسول الله! قال: أحيمر ثمود الذي عقر الناقة، والذي يضربك على هذه (يعني قرن على) حتى تبتل هذه من الدم- يعني اللحية.
والسياق، للحاكم، وقال صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهي. وقد وهما فإن محمد بن خيثم، ويزيد بن محمد بن خيثم، لم يخرج لهما مسلم شيئا بل ولا احد من بقية الستة إلا النسائي في " الخصائص " وفيهما جهالة.
وأورد الحديث آلهيثمي في " المجمع " (9/ 136) وقال: رواه احمد والطبراني والبزار باختصار، ورجال الجميع موثقون إلا أن التابعي لم يسمع من عمار.
لكن للحديث شواهد من حديث صهيب، وجابر بن حمرة، وعلى. أوردها آلهيثمى في المجمع (9/ 136 - 137). فقال عن حديث صهيب: " رواه الطبراني وأبو يعلى وفيه رشدين بن سعد وقد وثق وبقية رجآله ثقات ". قلت: بل إسناده ضعيف.
وقال عن حديث جابر بن حمره: " رواه الطبراني وفيه ناصح بن عبد الله وهو متروك " قلت: إسناده ضعيف جدا.
وقال عن حديث على: رواه الطبراني وإسناده حسن.
وانظر الصحيحة (4/ 324 - 325 رقم 1743).
وخلاصة القول أن حديث علي الأول حديث حسن لغره والله أعلم.
العشرة: ناحية من نواحي ينبع بين مكة والمدينة غزاها النبي! في) وآخر جمادى الأولى السنة الثانية.
البداية والنهاية
(246/ 3). الدقعاء: الأرض التي لا نبات فيها التياموس (ص 924).(2/904)
هذا؟ أو من ظن أفم غالوا في وصف أحد الصحابة. مما لم يصح، أو قالوا على عدم وصف بعضهم. بما صح، فليبين لنا ذلك بيانا شافيا، على وجه صحيح، عند أهل الحديث مثلا، يقول: ما بال الصحابي الفلاني لم يوصف بكذا، وهو ثابت بإسناد من طريق على شرط أهل الحديث. فلان عن فلان عن فلان، كما يفعله أهل المستدركات (1). ولابد أيضًا أن يكون ذلك الوصف غير مذكور عند جميع أهل الحديث حتى شم لمن زعم أنهم قالوا على التطفيف لبعض الصحابة دون بعض، وما أظنه يجد السبيل إلي هذا. وأما أنه يلزمهم أن يصفوا الرجل. مما لا يصح عندهم نحو ما يختلقه التيصاص والغلاة فهذا لا ينبغي أن يعدوا في مثالبهم، بل يتوجه جعله من مناقبهم. وقد زيفوا فضائل مختلفة لجماعة من الصحابة، ولم يكن انتفاؤهم مختصا بفرد دون فرد، ومن أحب الوقوف على حقيقة هذا فالمطالع كتب الجرح (2) والتعديل؟ فإنه يقف في كث!! ر من تراجم الضعفاء على تزييف فضائل مروية لأبي بكر (3)،. . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
_________
(1) كـ (مستدرك الحاكم). المستدرك على الصحيحين.
(2) " الجرح والتعديل " لابن أبي حاتم.
تهذيب التهذيب لابن حجر.
الكامل لابن عدي. "
الضعفاء " للعقيلي. ولسان الميزان لابن حجر.
(3) (منها) حديث: " إن الله يتجلى للناس عامة، ويتجلى لأبي بكر خاصة ".
رواه على بن عبدة المكتب عن يحي بن سعيد التيطان عن ابن أبي ذب عن محمد بن المنكدر عن جابر.
أخرجه ابن عدي في الكامل (5/ 1858) وقال المقدسي في الذخيرة (2/ 604رقم 1006): " وهذا حديث باطل هذا الإسناد والله أعلم.
انظر: الأسرار المرفوعة (ص 452)، اللؤلؤ المرصوع (ص 107) " المنار المنيف " (ص 239). و (منها) حديث: " إن الله يكره فوق بمائه أن يخطأ أبو بكر الصديق في الأرض ".
أورده الطرابلسي في الكشفى الآلهي عن شديد الضعف والموضوع والواهي (1/ 209 رقم 216)
وقال: أورده أبو الفرج " ابن الجوزي " في الموضوعات ثم حكم بوضعه.
وانظر: فيض التيدير (2/ 135).
(ومنها): حديث: " رأيت ليلة أسري بي على العرش: لا آله إلا الله محمد رسول الله، أبو بكر الصديق، عمر الفاروق، عثمان ذو النورين يقتل مظلوما ".
انظر: اللألىء مصنوعة في الأحاديث الموضوعة (1/ 298).(2/905)
ولعمر (1)، ولعثمان (2)، ولغيرهم. وكيف يسوغ للإنسان أن يظن بهم المبالغة في نشر
_________
(2): (منها) حديث " نزول دم عثمان عند قتله على كتاب الله تعالي على لفظ: {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} قال في أسني المطالب رقم (1605) باطل لا أصل له.
(ومنها): حديث " إن لله سيفا مغمودا في غمده، ما دام عثمان بن عفان حيا فإذا قتل: جرد ذلك السيف فلم يغمد إلي يوم التييامة ". أخرجه ابن عدي في الكامل (5/ 1797) ومن طريقه أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات رقم (235) وأورده المقدسي في الذخيرة 2/ 955 رقم 1982) وقال: وهذا منكر لا أعلمه إلا من عمرو ابن فائد هذا.
(1) (منها) حديث: أتاني جبريل عليه السلام، فقال: أقرئ عمر السلام وقل له: إن رضاه حكم، وإن غضبه عز ".
أخرجه الطبراني في الكبير (3/ 60 - 61 رقم 12472) عن خالد بن يزيد العمري: نا جرير ين
حازم عن زيد العمي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعا.
وأورده آلهيثمى في " المجمع " (9/ 69) وقال: رواه الطبراني في " الأوسط " وفيه خالد بن يزيد العمري وهو ضعيف. قلت: لعله سهو أو خطأ من الناسخ وإلا فهو في " الكبير ". وخالد بن يزيد العمري متهم بالكذب او الوضع قال الذهي في الميزان (2/ 432رقم 2479/ 3147): " كذبه أبو حاتم، ويحي وقال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الأثبات. و (ومنها): حديث " إن الله يباهي الملائكة عشية عرفة بعمر بن الحطاب ".
أخرجه ابن الجوزي في " العلل المتناهية " رقم (306).(2/906)
فضائل هذا، وكتم فضائل هذا، أو تصحيح فضائل هذا، وتضعيف فضائل هذا, فهم أجل من ذاك، ولو جوزنا فيهم مثل هذا لجوزناه في جميع ما جاؤونا به من أحكام الصلاة، والصيام، وسائر شرائع الإسلام. والحاصل آنا نمنع ذلك، وننزه جنابهم الشريف عن خطوره بخواطرهم، فضلا عن جريه على ألسنتهم، فمن كان ناقلا لخلاف هذا فالصحة، ومن كان مدعيا فالدليل على الصفة التي شرحناها.
وما أشار إليه السائل- حماه الله- من الاعتراض على جواب من أجاب بأن النفط عائد إلي الشرائع المتعبد ها، مسندا ذلك لعدم مطابقته لسؤال أبي جحيفة (1) لكونه في الجهاد.
فأقول: أحكام الجهاد من الشرائع المتعبد ها، فهو دليل عليه لا له، لأن المجيب حمل النفط على ما كان شرعا تعبدنا الله به، إما كلا أو بعضا، أي ليس عندي من هذا العلم الذي يجب علي [2] وعلى غيري، أو يحرم، أو يندب، أو يكره غير المصحف والصحيفة، فلا منافاة بين هذا النفي، وبين إثبات تخصيصه بعلم قصة المدلج (2) إلي هي في معزل عن ذلك، إنما هي علم بواقعة من الوقائع، ليست كالصلاة، والصيام، والحج، والجهاد، فظهر هذا أن الاعتراض معترض، وإن كنت لا أقول. مما دفعت عنه الاعتراض، بل بالأول.
وأما الجواب على السؤال الثاني، فقد كتبت بعد جواب المستناب أن الجواب إقناعي لا تحقيقي، كما نقله السائل- كثر الله فوائده-، فيحصن ههنا الإشارة إلي الجواب التحقيقي، وهو أن يقال للسائل: إن كنت مثبتا للعصمة، فليس المقام مقام إنصاف من
_________
(1) تقدم تخريجه.
(2) تقدم تخريجه.(2/907)
بادئ بدء، ويكون المهم الكلام في العصمة قبل الكلام في حديث الغضب (1)، وإن كنت غير مثبت لها، فأخبرنا عمن لم يكن معصوما، هل يقع منه الغضب لبعض الأمير الذي يثير غضبه، سواء كان محقا أو غير محق؟.
فإن قلت: نعم، فنقول: أخبرنا عن حديث الغضب الذي تسبب عنه ما تسبب، هل هو الغضب على أي صفة كان، سواء كان منشؤه مخالفة الحق أو موافقته؟.
فإن قلت: نعم يجب ذلك، فنقول: وما الدليل على هذا؟ فإن قلت: عموم حديث الغضب، فنقول: كيف أوجبت على راوي حديث معاشر الأنبياء (2) أن يدع ما بلغه عن الشارع مع اعتقاده أنه الحق الصراح، وأن خلافه على خ! فه، فإن غاية م! ا! ص العمل الأصولي في هذا بعد تسليم تعميم الغضب هو أن يقال: إن أسباب الغضب عامة، لأنها تكون بالمنع (3) من الميراث، وبأخذ ماهو مستحق، وبإغلاظ الكلام،
_________
(1) سيأتي تخريجه.
(2) تقدم تخريجه في رسالة " إرشاد الغبي " (ص 863).
(3) ولتمام الفائدة نعرض رد ابن تيمية على تلك التيضية مفصلا:- في "منهاج السنة" (4/ 226 - 256). قال الرافضي: ومنع أبو بكر فاطمة إرثها فقالت يا ابن أبي قحافة أترث أباك ولا أرث أبي.
قال ابن تيمية والجواب على ذلك من وجوه: أن ما ذكر من قول فاطمة رضي الله عنها: أترث أباك ولا ارث أبي؟ لا يعلم صحته عنها، وإن صح فليس فيه حجة، لأن أبابها صلوات الله عليه وسلامه لا يقاس بأحد من البشر وذلك وليس أبو بكر أولى بالمؤمنين من أنفسهم- كأبيها، ولا هو بمن حرم الله عليه صدقة الفرض والتطوع كأبيها، ولا هو أيضًا ممن جعل الله محبته مقدمة على محبة الأهل والمال. كما جعل أبابها كذلك.
قال الرافضي: والتجأ في ذلك إلي رواية انفرد ها.
قال ابن تيمية: كذب فان قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لا نورث ما تركنا فهو صدقة ". رواه عند أبو بكر وعمر وعثمان وعلى وطلحة والزبير وسعد وعبد الرحمن بن عوف والعباس بن عبد المطلب وأزواجه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وأبو هريرة. والرواية عن هؤلاء ثابته في الصحاح والمسانيد مشهورة يعلمها أهل العلم.
فقوله- أي الرافضي- إن أبا بكر انفرد بالرواية يدل على فرط جهله أر تعمده الكذب.
قال الرافض: وكان هو الغريم لها.
قال ابن تيمية " كذب فإن أبا بكر رضي الله عنه لم يدع هذا المال لنفسه ولا لأهل بيته وإنماهو صدقة لمستحقها.
ولم يكن الصديق رضي الله عنه من أهل هذه الصدقة بل كان مستغنيا عنها ولا انتفع هو ولا أحد من أهله هذه الصدقة. كما لو شهد قوم من الأغنياء على رجل أنه وصى بصدقة للفقراء فإن هذه شهادة مقبولة. وقال ابن تيمية: أن هذا لو كان فيه ما يعود نفعه على الراوي له من الصحابة لقبلت روايته لأنه من باب الرواية لا من باب الشهادة والمحدث إذا حدث بحديث في حكومة بينه وبين خصمه قبلت روايته للحديث، لأن الرواية تتضمن حكما عاما يدخل فيه الراوي وغيره، وهذا من باب الخبر كالشهادة برؤية آلهلال، فإن ما أمير به النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتناول الراوي وغيره، وكذلك ما في عنه وكذلك ما أباحه.
وهذا الحديث تضمن رواية بحكم شرعي، ولهذا تضمن تحريم الميراث على ابنة أبي بكر عائشة رضي الله عنها، وتضمن تحريم شرائه لهذا الميراث من الورثة واتها به لذلك منهم وتضمن وجوب صرف هذا المال في مصارف الصدقة. .
قال الرافضي: على أن ما رووه عنه فالقرآن يخالف ذلك لأن الله تعالي قال: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11] ولم يجعل الله ذلك خاصا بالأمة دونه.
قال ابن تيمية بعد تفصيل كامل تعليقا وشرحا لآية الميراث-: وإذا كان سياق الكلام إنماهو خطاب للأمة دونه لم يدخل هو في عموم هذه الآية فإن قيل: بل الخطاب متناول له وللأمة في عموم هذه الآية، لكن خص هو من آية النكاح والصداق.
قيل: وكذلك خصي من أية الميراث فما قيل في تلك يقال مثله في هذه وسواء قيل: إن لفظ الآية كله وخص منه- أو قيل: إنه لم يشمله لكونه من المخاطبين: يقال مثله هنا. -
ويقال: هذه الآية لم يقصد ها بيان من يورث ومن لا يورث ولا بيان صفة الموروث والوارث، وإنما قصد بها أن المال الموروث يقسم بين الوارثين على هذا التفصيل، فالمقصود هنا بيان مقدار أنصباء هؤلاء المذكورين إذا كانوا ورثة. ولهذا لو كان الميت مسلما وهؤلاء كفارا لم يرثوا باتفاق المسلمين.
وكذلك لو كان كافرا وهؤلاء مسلمين لم يرثوا بالسنة وقول جماهير المسلمين وكذلك لو كان عبدا وهم أحرار أو كان حرا وهم عبيد، وكذلك التياتل عمدا عند المسلمين. -
ويقال: هب أن لفظ الآية عام، فإنه خص منها الولد الكافر والعبد والتياتل بأدلة هي أضعف من الدليل الذي دل على خروج النبي! منها، .....
يقال: كون النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يورث ثبت بالسنة المقطوع بها وبإجماع الصحابة، وكل منهما دليل قطعي، فلا يعارض ذلك. مما يظن أنه عموم، وإن كان عموما فهو مخصوص لأن دلك لو كان دليلا لما كان ظنيا، فلا يعارض التيطعي، إذ الظني لا يعارض التيطعي وذلك أن هذا الخبر رواه غير واحد من الصحابة في أوقات ومجالس وليس فيهم من ينكره، بل كلهم تلقاه بالتيبول والتصديق ولهذا يصر أحد من أزواجه على طلب الميراث - ولا أصر العم على طلب الميراث بل من طلب من ذلك شيما فأخبر بقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجع عن طلبه. -
يقال: أن أبا بكر وعمر قد أعطا عليا وأولاده من المال أضعاف أضعاف ما خلفه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من المال. والمال الذي خلفه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم ينتفع واحد منه بشيء بل سلمه عمر إلي على والعباس رضي الله عنهم يليانه ويفعلان فيه ما كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفعله وهذا مما يوجب انتفاء التهمة عنهما في ذلك.
قال الرافضي: وكذب روايتهم فقال تعالي: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ} [النمل:16].
قال ابن تيمية: لا يدل على محل النزاع، لأن الإرث اسم جنس تحته أنواع والدال على ما به الاشتراك لا يدل على ما به الامتياز.
وذلك أن لفظ: " الإرث " يستعمل في إرث النبوة والعلم والملك وغير ذلك من أنواع الانتقال.
قال تعالي: {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [المؤمنون:
10 - 11]. وقال تعالي: [الأعراف: 128].
فاستدلال المستدل هذا الكلام على خصوص إرث المال جهل منه بوجه الدلالة:
- يقال: المراد بهذا الإرث إرث العلم والنبوة ونحو ذلك لا إرث المال. وذلك لأنه قال: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ} [النمل: 16] ومعلوم أن داود كان له أولاد كثكل ون غير سليمان فلا يختص سليمان. بمآله.
والآية سبقت في بيان المدح لسليمان وما خصه الله به من النعمة.
منهاج السنة (4/ 226 - 256).(2/908)
وبغير ذلك. وحديث معاشر الأنبياء، هو أحد الأسباب المقتضية للغضب، فيبنى العام على الخاص، ويخصص بحديث معاشر الأنبياء أحد الأسباب، وتبقى الأسباب الآخرة، نحيف تركت العمل الأصولي، وطرحت الخاص من دون موجب، وهو مقدم على(2/910)
العام بالاتفاق! فلا محيص لكل من أحد أميرين.
أما الجمع بين الحديثين بجعل الغضب مختصا بالأسباب التي هي حق في اعتقاد من تسبب لإثارته، ومن صدر عنه، أو تقديم الخاص على العام، فإن أبيت هذا وهذا، أو قلت: إن الحديثين عمومان تعارضا، وكل واحد منهما أعم من وجه، وأخص من وجه، فأخبرنا بالطريق التي دلتك على هذا، وبنسبة صحيحة معتبرة على أنك بعد هذا النبيان لم تخلص [3] من حلبة البرهان، لأن تأثير أحد الدليلين ترجيح بلا مرجح؛ فإن قلت: إن لديك مرجحا فما هو؟ فإن قلت: السبب في حديث الغضب الجمع وهو حلال.
قلت: من أين كان هذا الحل؟ هل من كتاب الله؟ فما هو؟ أو من سنة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-، فهو يقول: " لا يحل الجمع بين بنت حبيب الله وعدو الله " (1) وهذا عليك لا لك، فأمعن النظر- كثر الله فوائدك- فقد سلكت معك مسلك الجدل، ليكون البحث محجوبا عن المحجوب!! ن، مع علم أنك طالب للإفادة والاستفادة.
_________
(1) يشير إلي الحديث الذي أخرجه البخاري رقم (3110) ومسلم رقم (95/ 2449) من حديث السور ابن مخرمة " ... إن على بن أبي طالب حطب بنت أبي جهل على فاطمة، فسمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهر يخطب الناس في ذلك على منبره هذا، وأنا يومئذ محتلم، فقال " إن فاطمة مني وإني أتخوف أن تفتن في دينها.
قال: ثم ذكر صهرا له من بني عبد شمس، فاثني عليه في مصاهرته إياه فأحسن. قال: "حدثني فصدقني. ووعدتي فأوفى لي وإني ليست أحرم حلالا ولا أحل حراما ولكن، والله لا تجتمع بنت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبنت عدو الله في مكان واحد أبدا ".
وفي رواية لمسلم في صحيحه رقم (93/ 2449) من حديث السور بن مخرمة أنه جمع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على المنبر، وهو يقول: " إن بني هاشم بن المغيرة استأذنوني أن ينكحوا ابنتهم، علي بن أبي طالب، فلا إذن لهم. ثم لا إذن لهم. ثم لا إذن لهم. إلا أن يحب ابن أب طالب أن يطلق ابني وينكح ابنتهم فإنما ابنتي بضعة مني. يريبني ما رأبها ويؤذيني ما آذاها.(2/911)
والمقام من المضايق، ولهذا قال الإمام (1) ير ما قال، وآلهداية بيد ذي الجلال، وكذلك صحح المهدي (2) في قلائده (3) القضاء، ونظر إليه بعين (4) الرضا. انتهى من خط يد المجيب القاضي العمدة العالم الرباني محمد بن على الشوكاني- حفظه الله-، وبارك لنا وللمسلمين في أيامه، بحق محمد وآله وصحبه.
_________
(1) تقدمت ترجمته.
(2) تقدمت ترجمته.
(3) تقدم التعريف به.
(4) وقد تقدم: في رسالة " إرشاد الغ! ط " أنه قال في " القلائد " إن قضاء أبي بكر في فدك والعوالي صحيح ".
وروي في شرح هذا الكتاب عن زيد بن على أنه قال: " لو ك! ت أبا بكر لما قضيت إلا. مما قضى وقد تقدم مناقشة القضية في أول هذه الرسالة.
وانظر منهاج السنة النبوية لابن تيمية (8/ 41، 56، 131 - 259).(2/912)
(22) 11/ 3
بحث في حديث أنا مدينة العلم وعلى بابها
تأليف محمد بن علي الشوكاني
حققته وعلقت عليه وخرجت أحاديثه
محفوظة بنت شرف الدين
أم الحسن(2/913)
وصف المخطوط:
1/ عنوان الرسالة: بحث في حديث أنا مدينة العلم وعلى بابها.
2/ موضوع الرسالة: جواب على معني حديث: " أنا مدينة العلم وعلى بابها ".
3/ الرسالة ضمن مجموعة من الرسائل للإمام محمد بن علي الشوكاني.
4/ أول الرسالة: الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد خاتم المرسلين وعلى آله المطهرين ... هذا لفظ السؤال الوارد
5/ آخر الرسالة: ... فلنقتصر على الجواب على محل السؤال والحمد لله أولا وآخرا وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم. كتبه محمد الشوكاني غفر الله له.
6/ نوع الخط: خط نسخط معتاد، دقيق في الصفحتين الأوليتين والباقي غليظ.
7/ عدد الأوراق: سبعة.
8/ المسطرة: الورقة الأولى: 22 سطرا.
الورقة الثانية: 22 سطرا.
الورقة الثالثة: 19 سطرا.
الورقة الرابعة: 17 سطرا.
الورقة الخامسة: 18 سطرا.
الورقة السادسة: 17 سطرا.
الورقة السابعة: 16 سطرا.
9/ عدد الكلمات في السطر: بالنسبة للصفحتين الأولى والثانية (17 - 18) كدمة وبالنسبة لباقي الصفحات (11 - 12) كلمة.
10/ الناسخ: المؤلف: محمد بن علي الشوكاني.(2/915)
[السؤال]
الحمد له رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد خاتم المرسلين، وعلى آله المطهرين.
هذا لفظ السؤال الوارد: قال- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: " أنا مدينة العلم وعلى بابها، فمن أراد العلم فليأت من بابها " (1) ظاهر الحديث أن من أراد أخذ شيء
_________
(1): وهو حديث موضوع.
روي من حديث على، وابن عباس، وجابر. .
أما حديث علي - رضي الله عنه - فله خمسة طرق:
- (الطريق الأول) من طريق محمد بن عمر بن الرومي، قال: حدثنا شريك عن سلمة بن كهيل، عن الصنابحي، عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أنما دار الحكمة وعلي بابها ".أخرجه الترمذي في "السنن" (10/ 225 - 227 مع التحفة). وقال: " هذا حديث غريب منكر، روى بعضهم هذا الحديث عن شريك، ولم يذكروا فيه عن الصنابحي ولا نعرف هذا الحديث عن أحد من الثقات غير شريك .. ".
وأخرجه أبو جعفر الطبري في "تذهيب الآثار" مسند على بن أبي طالب (ص 104 رقم 8)، وأبو نعيم في " معرفة الصحابة " (1/ 308 رقم 346)، وابن الجوزي في " الموضوعات " (1/ 349)، والسيوطي في " اللآلئ"
(1/ 329). قلت: وفيه محمد بن عمر بن الرومي: لين الحديث. قآله ابن حجر في " التقريب "
(2/ 193). وقال الدارقطني في " العلل " (3/ 247 - 248 س 386): " رقد رواه سويد بن غفلة عن الصنابحي ويسنده " والحديث مضطرب غير ثابت وسلمة يسمع من الصنابحي " اهـ.
وقال عبد الرحمن بن يحي المعلمي اليماني في " تحقيق الفوائد المجموعة " (ص 350 - 351):
". . . . والحق أن الخبر غير ثابت عن شريك " اهـ.
- (الطريق الثاني): من طريق: الحسن بن سفيان، قال: حدثنا عبد الحميد بن بحر، قال حدثنا شريك عن سلمة بن كهيل عن الصنابحي، عن على بن أبي طالب! ه قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أنا دار الحكمة وعلي بابها".
أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (1/ 64) وابن الجوزي في " الموضوعات " (1/ 349)، والسيوطي في " اللآلئ " (1/ 329).
قلت: وفيه عبد الحميد بن بحر، قال عنه ابن حبان في " المجروحين " (2/ 142): " كان يسرق الحديث، ويحدث عن الثقات. مما ليس من حديثهم لا يجوز الاحتجاج به بحال " وكذا قال ابن عدي كما في " الميزان " (2/ 538 رقم 4765).
(الطريق الثالث): من طريق أبي منصور شجاع بن شجاع، قال: حدثنا عبد الحميد بن بحر البصري، قال حدثنا شريك، قال حدثنا سلمة بن كهيل عن أبي عبد الرحمن عن على رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أنا مدينة الفقه وعلى بابها".
أخرج ابن الجوزي في " الموضوعات " (1/ 350) والسيوطي في " اللآلئ " (1/ 329).
قلت: وفيه عبد الحميد بن بحر هالك كما تقدم ي الطريق الثاني.
- (الطريق الرابع): من طريق محمد بن قيس، عن الشعبي، عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أنا دار الحكمة وعلي بابها ".
أخرجه ابن الجوزي في " الموضوعات " (1/ 350) والسيوطى في "اللآلئ " (1/ 329) وفيه محمد بن قيس مجهول قآله ابن الجوزي (1/ 353). - (الطريق الخامس): رواه ابن مردريه من طريق الحسن بن علي عن أبيه عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأت الباب ".
أخرجه ابن الجوزي في " الموضوعات " (1/ 350) وقال: " وفيه مجاهيل ".
وأما حديث ابن عباس فله عشرة طرق:
- (الطريق الأول): من طريق جعفر بن محمد البغدادي الفقيه، حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " أنا مدينه العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فلبت الباب ".
أخرجه ابن الجوزي في " الموضوعات " (1/ 350) والسيوطى في " اللآلئ " (1/ 329) وفيه: جعفر بن محمد البغدادي وهو متهم بسرقة هذا الحديث قآله ابن الجوزي
(1/ 354). (الطريق الثاني): من طريق رجاء بن سلمة، حدثنا أبو معاوية- الضرير- عن الأعمش عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأت الباب ". أخرجه ابن الجوزي (1/ 350 - 351) والخطب في " تاريخ بغداد "
(4/ 348). وفيه جابر بن سلمة. وقد اتهموه بسرقة هذا الحديث قآله ابن الجوزي (1/ 354).
- (الطريق الثالث): من طريق أحمد بن عبد الله لن شابور، قال حدثنا عمر بن إسماعيل بن مجالد، قال حدثنا أبو معاوية الضرير عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أنما مدينة العلم وعلى بابها فمن أراد العلم فليأت الباب ".
أخرجه ابن عدي في " الكامل " (5/ 1722) وابن الجوزي (1/ 351).
وفيه عمر بن إسماعيل. قال يحي بن معين: ليس بشيء كذاب خبيث رجل سوء.
وقال الدارقطني: متروك. انظر " الضعفاء " للعقيلي (3/ 149 - 150) و" المجروحين " (2/ 92) و" الميزان " (3/ 182) و" الجرح والتعديل "
(3/ 99). - (الطريق الرابع): من طريق: أحمد بن محمد بن يزيد الزعفراني، حدثنا عمر بن إسماعيل بن مجالد حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مجاهد، عن ابن عباس قال: قال رسول الله!: " أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد بابها فليأت عليا ". أخرجه ابن الجوزي (1/ 351) والسيوطي في اللآلئ (1/ 329).
وفيه عمر بن إسماعيل هالك وقد تقدم في الطريق الثالث.
- (الطريق الخامس): من طريق أبي الصلت، عبد السلام بن صالح بن سليمان بن ميسرة آلهروي قال: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مجاهد عن بن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" أنا مدينة العلم وعلما بابها ".
أخرجه ابن الجوزي في " الموضوعات " (1/ 351) والحاكم في " المستدرك " (3/ 126 - 127) وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وأبو الصلت ثقة مأمود .. ".
وتعقبه الذهي فقال: "بل موضوع .. وأبو الصلت: لا والله لا ثقة ولا مأمون ".
قلت: لا يخفى تساهل الحاكم رحمه آله في تصحيح الأحاديث الضعيفة بل الموضوعة ولذلك لا يعتمد على تصحيحه. انظر " مدخل إرشاد الأمة إلي فقه الكتاب والسنة "، الفائدة الثالثة: شذرات من علوم الحديث. المسألة: الخامسة عشرة. تأليف: محمد صبحي بن حسن حلاق.
وقال العلامة محمد بن إسماعيل الأمير في كتابه: " إرشاد النقاد إلي تيسير الاجتهاد " (ص 18): "
ولهم في مستدركه ثلاثة أقوال: إفراط وتفريط وتوسط. فأفرط أبو سعيد الماليني، وقال: ليس فيه حديث على شرط الصحيح، وفرط الحافظ السيوطي فجعله مثل الصحيح وضمه إليهما في كتابه الجامع الكبير، وجعل العزو إليه معلما بالصحة.
وتوسط الحافظ الذهبي فقال: فيه نحو الثلث صحيح ونحو الربع حسن وبقية ما فيه مناكير وعجائب " اهـ.
وأخرجه الطبراني في " الكبير " (11/ 65 رقم 11061)، وأورده آلهيثمي في " مجمع الزوائد " (9/ 114) وقال: رواه الطبراني وفيه عبد السلام بن صالح آلهروي وهو ضعيف. وانظر " الميزان " (2/ 616 رقم 51 0 5) و" الكامل " لابن عدي (5/ 1968). وأخرج ابن الجوزي في " الموضوعات " (1/ 351) والخطب في " تاريخ بغداد " (11/ 49) والسيوطى في " اللآلئ " (1/ 329).
- (الطريق السادس): من طريق أحمد بن سلمة أبو عمرو الجرجاني، قال: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أنا مدينة العلم وعلي بابها " فمن أراد مدينة العلم فليأت من بابها ".
أخرجه ابن عدي في " الكامل " (1/ 193): وابن الجوزى في " الموضوعات " (1/ 351 - 352) والسيوطى في " اللآلئ " (1/ 330): وفيه احمد بن سلمة: يحدث عن الثقات بالبواطيل، ويسرق الحديث. وليس هو ممن يحتج بروايته. قآله ابن عدي. -
(الطريق السابع): من طريق سعيد بن عقبة أبي الفتح الكوفي، قال: حدثنا، الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأت من قبل بابها ".
أخرجه ابن عدي في " الكامل " (3/ 1247 - 1248) وابن الجوزي في " الموضوعات " (1/ 352) وفيه سعيد بن عقبة مجهول غر ثقة قآله ابن عدي.
- (الطريق الثامن): من طريق أبي سعيد العدوى، حدثنا: الحسن بن علي بن راشد، حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد مدينة العلم فليأت من بابها ".
أخرجه ابن عدى في " الكامل " (2/ 752 - 753) وابن الجوزي في " الموضوعات " (1/ 352) والسيوطي في " اللآلئ " (1/ 330) وفيه أبو سعيد العدوى الكذاب صراحا الوضاع. قآله ابن الجوزي.
(الطريق التاسع): من طريق إسماعيل بن محمد بن يوسف. قال: حدثنا أبو عبيد القاسم بن سلام عن أبي معاوية عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أنا مدينة العلم وعلي بابها , فمن أراد الدار فليأتها من قبل بابها"
أخرجه ابن الجوزي (1/ 352) والسيوطي في " اللآلئ " (1/ 330). وابن حبان في " المجروحين " (1/ 130) وقال: إسماعيل بن محمد بن يوسف ممن يقلب الأسانيد ويسرق الحديث، لا يجوز الاحتجاج به.
- (الطريق العاشر): رواه أبو بكر بن مردويه من حديث الحسن بن عثمان عن محمود ابن خداش عن أبي معاوية ...
وقال ابن الجوزى في "الموضوعات " (1/ 354): فيه الحسن بن عثمان. قال ابن عدي كان يضع الحديث.
قلت: وحكم المحدث الألباني على حديث ابن عباس بالوضع في "ضعيف الجامع " (2/ 13رقم1416). والضعيفة رقم (2955). وأما حديث جابر فله طريقان:
- (الطريق الأول): من طريق أحمد بن عبد الله أبو جعفر المكتب قال أنبانا عبد الرزاق قال أنبأنا سفيان، عن عبد الله بن عثمان بن خيثم، عن عبد الرحمن بن بهمان قال: سمعت جابر بن عبد الله قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم الحديبية وهو آخذ بيد علي- وقال ابن عدى أخذ بضبع على- " هذا أمير البررة وقاتل الفجرة، منصور من نصره، مخذول من خذله- يمد صوته- أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن - أراد العلم- وقال ابن عدي- فمن أراد الدار فليأت الباب ".
أخرجه ابن الجوزي في "الموضوعات " (1/ 353)، والحاكم في "المستدرك " (3/ 127) وقال إسناد. صحيح، وتعقبه الذهبي فقال: العجب من الحاكم وجرأته في تصحيحه هذا وأمثآله من البواطيل. وأحمد بن عبد الله ابر جعفر المكتب- هذا دجال كذاب.
وأخرجه ابن عدى في " الكامل " (1/ 195) وقال: هذا حديث منكر موضوع لا أعلم رواه عن عبد الرزاق إلا أحمد بن عبد الله بن يزيد المردب أبو جعفر المكتب وأخرجه الخطب في " تاريخ بغداد " (2/ 377). والسيوطي في " اللآلئ "
(1/ 330).
- (الطريق الثاني): من طريق أحمد بن طاهر بن حرملة بن يحي المصري عن عبد الرزاق مثله سواء، إلا أنه قال: " فمن أراد الحكم فليأت الباب ".
أخرجه ابن الجوزي في " الموضوعات " (1/ 353) والسيوطي في " اللآلئ "
(1/ 330). وفيه أحمد بن طاهر بن حرملة، قال ابن عدي في " الكامل " (1/ 199): ضعيف جدا، يكذب في حديث رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا روى، ويكذب في حديث الناس إذا حدث عنهم.
قلت: وحكم المحدث الألباني على حديث جابر بالوضع في ضعيف الجامع (2/ 13 رقم 1416) والضعيفة رقم (2955). قلت: وحديث أنا مدينة العلم وعلى بابها:
أورده البخاري في " المقاصد الحسنة " (ص 169 رقم 189).
وقال بعدما تكلم على طرقه " .. وبالجملة فكلها ضعيفة، وألفاظ أكثرها ركيكة، وأحسنها حديث ابن عباس، بل هو حسن " اهـ.
- وأورده الشوكاني في " الفوائد المجموعة " (ص 348 رقم 52). وتكلم عليه.
ثم نقل كلام ابن حجر بأن الحديث من قسم الحسن، لا يرتقي إلي الصحة ولا ينحط إلي الكذب، وأيده قائلا هذا هو الصواب.
قلت: تعقب العلامة عبد الرحمن بن يحي المعلمي اليماني في تحقيقه لكتاب الفوائد المجموعة (ص 349 - 353)، ابن حجر والشوكاني وبين أنه لا يصح طريق. ولولا الطول لنقلته لك فانظره لزاما. - وأورده ابن الديبع في " تمييز الطب من الخبيث " رقم (229)، ونقل عن ابن دقيق العيد قوله: " هذا الحديث لم يثبتوه وقيل إنه باطل ".
وأورده الشيخ محمد درويش الحوت في " أسني المطالب " (ص 93 رقم 390) وعاب على من ذكره في كتب العلم من الفقهاء كابن حجر آلهيثمي في " الصواعق " و" الزواجر ".
وأورده الديلمى في " الفردوس بمأثور الخطاب " (4411 رقم 106).
وعلي القاري في " الأسرار المرفوعة " (رقم: 71). وابن تيمية في " أحاديث القصاص " (رقم: 15) وقال: " هذا ضعيف، بل موضوع عند أهل المعرفة بالحديث، لكن قد رواه الترمذي وغيره ومع هذا فهو كذب " اهـ.
وأورده العجلوني في " كشف الخفاء " (1/ 235 رقم 618).
والشيخ مقبل بن هادي الوادعي في كتابه: " الطليعة وهو مع رياض الجنة في الرد على أعداء السنة " (ص 176 رقم 18 و19) تحت عنوان " الأحاديث الموضوعة في فضائل أمير المؤمنين على بن أبي طالب ".
وقد ذهب إلي القول بوضع هذا الحديث: ا- الإمام يحي بن معين، فإنه قال كما في " سؤالات ابن الجنيد له " ص 285 رقم 51: " هذا حديث كذب ليس له أصل ".
2 - الإمام البخاري كما في " العلل الكبير" للترمذي (رقم: 699) بعد أن ذكره من حديث على، قال: "سألت محمدا - يعني البخاري - عنه، فلم يعرفه، وأنكر هذا الحديث ".
3 - الإمام أبو زرعة الرازي، فإنه قال كما في " سؤالات البرذعي له " (2/ 519 - 520): " كم من خلق قد افتضحوا فيه ".
4 - الإمام الترمذي في سننه (5/ 637 رقم 3723) فإنه قال عن الحديث: " هذا حديث غريب منكر ". 5 - الإمام ابن حبان، فإنه قال في كتابه "المجروحين " (2/ 94): " هذا خبر لا أصل له عن النبي عليه الصلاة والسلام ".
6 - الإمام ابن عدي، فإنه قال: " هذا الحديث موضوع يعرف بأبي الصلت " كما في " الموضوعات " لابن الجوزي (35411).
7 - الإمام الدارقطني، فإنه قال في كتابه "العلل " (3/ 248): " الحديث مضطرب غير ثابت ".
8 - الإمام ابن الجوزي فإنه قال في كتابه: "الموضوعات " (1/ 353): " هذا حديث لا يصح من جميع الوجوه ".
9 - الإمام ابن دقيق العيد، فإنه قال كما في "المقاصد الحسنة" ص 170: " هذا الحديث لم يثبتوه. وقيل: إنه باطل ".
10 - الإمام ابن تيمية، فإنه يقول ي كتابه "أحاديث القصاص " ص 62: " هذا ضعيف، بل موضوع عند أهل المعرفة بالحديث. لكن قد رواه الترمذي وغيره، ومع هذا فهو كذب "، وانظر " مجموع الفتاوى " له (4/ 410 - 413) و (18/ 123 - 124).
11 - الإمام الذهبي، فإنه صرح بوضعه في الميزان (1/ 415) و (3/ 668).
12 - الشيخ عبد الرحمن المعلمي اليماني- رحمه الله- في تحقيقه لـ " الفوائد المجموعة " (ص349 - 353) حيث ذهب إلي القول بوضعه في تحقيق مطول.
13 - المحدث محمد ناصر الدين الألباني- رحمه الله- في ضعيف الجامع الصغير وزياداته رقم (1313) حيث يقول: " موضوع ".(2/919)
من الشرائع فليتوصل في أخذ ذلك من النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- بأمير المؤمنين، مع أن الواقع في زمن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- بخلافه؛ فإنهم كانوا يأخذون عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- من دون أن يتوصلوا بأمير المؤمنين، ولم ينكر عليهم النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، ولا أرجعهم إلي أمير المؤمنين ... اهـ.
وقد أجاب أحد أولاد آلهادي أن المراد به بعد موته، وهو خلاف ظاهر الحديث (1)
_________
(1) قال ابن تيمية في "منهاج السنة" (7/ 515 - 516): وحديث: " أنا مدينة العلم وعلي بابها " أضعف وأوهى
فإن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذ كان مدينة العلم، ولم يكن لها إلا باب واحد، ولم يبلغ عنه العلم إلا واحد، فسد أمير الإسلام ولهذا اتفق المسلمون على أنه لا يجوز أن يكون المبلغ عنه العلم واحدا بل يجب أن يكون المبلغون أهل التواتر، الذين يحصل العلم بخبرهم للغائب.
وخبر الواحد لا يفيد العلم إلا بالقرائن، وتلك قد تكون منتفية أو خفية عن كثر الناس، فلا يحصل لهم العلم بالقرآن والسنن المتواترة. وإذا قالوا: ذلك الواحد المعصوم يحصل العلم بخبره.
قيل لهم: فلا بد من العلم بعصمته أولا. وعصمته لا تثبت. بمجرد خبره قبل أن يعلم عصمته، فإنه دور، ولا تثبت بالإجماع، فإنه لا إجماع فيها.
وعند الإمامية إنما يكون الإجماع حجة، لأن فيهم الإمام المعصوم، فيعود الأمير إلي إثبات عصمته. بمجرد دعواه، فعلم أن عصمته لو كانت حقا لا بد أن تعلم بطريق آخر غير خبره.
فلم لم يكن لمدينة العلم باب إلا هو، لم يثبت لا عصمته ولا غير ذلك من أمور الدين، فعلم أن هذا الحديث إنما افتراه زنديق جاهل ظنه مدحا، وهو مطرق الزنادقة إلي القدح في دين الإسلام، إذا يبلغه إلا واحد.
ثم إن هذا خلاف المعلوم بالتواتر، فمان جميع مدائن الإسلام بلغهم العلم عن الرسول من يخر علي.
أما أهل المدينة ومكة فالأمير فيهما ظاهر، وكذلك الشام والبصرة، فإن هؤلاء لم يكونوا يروون عن على إلا شيئا قليلا.
وبكما كان غالب علمه في الكوفة، ومع هذا فأهل الكوفة كانوا يعلمون القرآن والسنة قبل أن يتولى عثمان، فضلا عن علي.
وفقهاء أهل المدينة تعلموا الدين في خلافة عمر، وتعليم معاذ لأهل اليمن ومقامه فيهم كثر من على، ولهذا روى أهل اليمن عن معاذ بن جبل كثر مما رووا عن علي. وشريح وغيره من أكابر التابعين إنما تفقهوا على معاذ بن جبل، ولما قدم علي الكوفة كان شريح فيها قاضيا ... فانتشر علم الإسلام في المدائن قبل أن يقدم على الكوفة.(2/926)
وأجاب فخر الإسلام عبد الله بن الإمام (1) شرف الدين أن المراد به علم الباطن، وهو غير صحيح. وأجوبة كثيرة لم تفد شيئا في ظاهر الحديث ... اهـ. أ جواب العلامة لأشرف الدين بن إسماعيل بن إسحاق
والجواب: - والله أعلم بالصواب - أن هذا الحديث الشريف قد وردت فيه روايات، فمنها: " أنا مدينة العلم وعلى بابها، فمن أراد العلم فليأت الباب " (2) كما ذكر في السؤال، ومنها أنه ورد من دون زيادة: " فمن أراد العلم فليأت الباب "، ومنها: " أنا دار الحكمة وعلي بابها " (3) من دون الزيادة. ومنها: " علي باب علمي " (4).
ومبنى السؤال على الزيادة الواردة، أعني قوله: " فمن أراد العلم فليأت الباب "
_________
(1) عبد الله ابن الإمام شرف الدين بن شمس الدين ابن الإمام المهدي أحمد بن يحي وهو من العلماء المحققين في عدة فنون، وله مصنفات منها: شرح قصيدة والده المسماة (القصص الحق) ذكر فيه فوائد جليلة.
ومنها كتاب اعتراض على القاموس وسماه (كسر الناموس) واعترض عليه في هذه التسمية بأنها ليست لغوية بل عرفية وبعض شرح معيار النحوي وكتب تراجم لفضلاء الزيدية.
انظر: " البدر الطالع " (1/ 383).
(2) انظر: (الطريق الخامس) من طرق تخريج الرواية وقد تقدم.
(3) انظر: (الطريق الأول) من طرق تخريج الرواية وقد تقدم.
(4) أخرجه ابن الجوزي في "العلل المتناهية" رقم (355)، وأورده الديلمى في "الفردوس. بمأثور الخطاب " من حديث أبي زر رضي الله عنه (3/ 65 رقم 4181).
وذكره الذهبي في ترجمة " ضرار بن صرد " بلفظ " علي عيبة علمي " وقال فيه البخاري: متروك، وقال يحي بن معين كذابان بالكوفة هذا وأبو نعيم النخعى.
الميزان (2/ 327 رقم 3951) والكامل (4/ 101).
قلت: وهو حديث مرفوع.(2/927)
وقد علم قطعا من غير تردد أن الصحابة شاركوا (1) أمير المؤمنين - عليه السلام - في تحمل العلم عنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - ولم يأميرهم بالرجوع إلي أمير المؤمنين - عليه السلام -.
كما ذكره السائل- أبقاه الله - فلو كان الأمير هاهنا للوجوب لما أقدموا على مخالفة الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وهم. بمرأى ومسمع منه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، ولنهاهم عن تحمل العلم من دون واسطة أمير المؤمنين- عليه السلام-. ولم
_________
(1) قال ابن حزم في " الفصل " (4/ 212 - 314): " واحتج من احتج من الرافضة بأن عليا كان أكثرهم علما ". قال: "وهذا كذب، وإنما يعرف علم الصحابي بأحد وجهين لا ثالث لهما: أحدهما: كثرة روايته وفتاويه.
والثاني: كثرة استعمال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ له. فمن المحال الباطل أن يستعمل النبي! من لا علم له. وهذا أكبر شهادة على العلم وسعته، فنظرنا في ذلك فوجدنا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد ولى أبا بكر الصلاة بحضرته طول علته، وجميع أكابر الصلاة حضور، كعمر وعلي وابن مسعود وأبي. . . .
وهذا بخلاف استخلافه عليا إذا عزا، لأن ذلك على النساء وذوي الأعذار فقط فوجب ضرورة أن يكون أبو بكر أعلم الناس بالصلاة وشرائعها، وأعلم المذكورين ها وهي عمود الدين. ووجدناه استعمله على الصدقات. . . . واستعمل أبا بكر على الحج. . . . ثم وجدناه قد استعمله على البعوث ... وذلك يشير إلي صحة تقدم أبي بكر على علي وغيره في العلم، الصلاة، الزكاة، الحج وساواه في الجهاد.
وأما الرواية والفتيا. قال ابن حزم في "الفصل " (4/ 213): ولم يرو عن علي إلا خمسمائه، وستة وثمانون حديثا مسندة، يصح منها نحو خمسين حديثا وقد عاش بعد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أزيد من ثلاثين سنة.
ونقل إلينا عن الصحابة رضي الله عنهم أضعاف ما رواه على رضي الله عنه. قال ابن حزم في "الفصل " (4/ 214): ووجدنا مسند عائشة ألفي مسند ومائتي مسند وعشرة مسانيد وحديث أبي هريرة خمسة ألاف مسند وثلاثمائه مسند وأربعة وستون مسندا "، ولكل من- أبي هريرة وأنس وعمر - من الفتاوى أكثر من فتاوى على أو نحوها فبطل قول هذا الجاهل.
وانظر تفصيل ذلك في " منهاج السنة " (7/ 516 - 524) لابن تيمية. و" الفصل " لابن حزم (4/ 210 - 218). وانظر كتاب " الطليعة وهو مع رياض الجنة " ص 178 للشيخ مقبل بن هادي الوادعي.(2/928)
يرد شيء بل قد ورد ما يعارض هذا الأمير بالأمير للصحابة بالتحمل عنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - كما جاء عنه: " بلغوا عني " (1)،
ونحو قوله: " فيبلغ الشاهد الغائب " (2) وتكرر عنه ذلك. وورد الدعاء منه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - لمن بلغ عنه.
أخرج أحمد في مسنده (3)، وابن ماجه (4) عن أنسى عنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: " نضر الله عبدا سمع مقالتي فوعاها، ثم بلغها عني، فرب حامل فقه غرر ففيه، ورب حامل فقه إلي من هو أفقه منه ".
وأخرج أحمد في مسنده (5)، وابن ماجه (6)، والحاكم في مستدركه (7) عن جبير بن مطعم، وأبو داود (8)، وابن ماجه (9) عن زيد بن ثابت، والترمذي (10) وابن ماجه (11)
_________
(1) أخرجه البخاري (6/ 496رقم 3461) والترمذي (5/ 40رقم 2669) وقال حديث حسن صحيح. من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص.
(2) أخرجه البخاري (1/ 157 رقم 67) ومسلم (3/ 1305 رقم 29/ 1679) وابن ماجه في " السمن " (1/ 85 رقم 233) وأحمد في " المسند " (5/ 40 - 41) والبيهقي في " دلائل النبوة " (1/ 23) كلهم من حديث أبي بكرة.
(3) (3/ 225).
(4) في " السنن " رقم (236) وهو حديث صحيح.
(5) (4/ 80 و82).
(6) في " السنن " رقم (231).
(7) (1/ 871) وهو حديث صحيح
(8) في " السنن " (10/ 94 - مع العون).
(9) في " السنن " رقم (330) وهو حديث صحيح.
(10) في " السنن " (7/ 417 - مع التحفة) وقال: حديث حسن صحيح.
(11) في " السنن " رقم (232).
قلت: مدار حديث ابن مسعود في كل طرقه على ابنه: عبد الرحمن وهو مدلس من المرتبة الثالثة، ولم يصرح بالسماع، ولكن يشهد له حديث زيد بن ثابت المتقدم وحديث جبير بن مطعم المتقدم وحديث أنس المتقدم.
والخلاصة أن حديث ابن مسعود صحيح بشواهده.(2/929)
عن ابن مسعود عنه- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- أن قال: " نضر (1) الله عبدا سمع مقالتي فوعاها، وحفظها، ثم أذاها إلي من لم يسمعها، فرب حامل فقه يخر ففيه، ورب حامل فقه إلي من هو أفقه منه ". والحديث في هذا المعنى متسع، وكتاب عمرو ابن حزم في دية الأصابع مشهور (2) متداول بين أئمة العلم. وقد روى هذا الحديث جماعة من الحفاظ، وأئمة الأثر كالنسائي، وأبي زرعة الدمشقي، والحافظ الطبراني، وابن حبان في صحيحه. وكان الصحابة والتابعون يرجعون إليه [1] آراءهم فجرى مجرى الإجماع على الأخذ منه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - من غير طريق باب مدينة العلم - عليه السلام -.
وثبت بالتواتر المعنوي (3) إرسآله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -. . . . . . . . . . . . . . . .
_________
(1) نضره ونضره وأنضره: أي نعمه. ويروى بالتخفيف والتشديد من النضارة، وهي في الأصل: حسن الوجه والبريق، وإنما أراد حسن خلقه وقدره.
النهاية (5/ 71).
(2) أخرجه أبو داود في المراسيل رقم (92) ورجآله ثقات. رجال الشيخين. غر محمد بن عمارة - وهو ابن عمرو بن حزم الأنصاري الحزمي المدني - فإنه ا يخرجا له ولا أحدهما. وهو صدوق. وثقه ابن معين، وذكره ابن حبان في " الثقات " (5/ 380) وقال أبو حاتم: صالح. ابن إدريس: هو عبد الله ابن إدريس بن يزيد الأودي الكوفي.
والنساني في السنن (8/ 75 - 58 رقم 4853) مختصرا. وابن خزيمة رقم (2269) مختصرا وابن الجارود في " المنتقى " رقم (784) وابن حبان في صحيحه رقم (793 - موارد) والحاكم (39511 - 397) والبيهقي (8/ 73) ولمعظم فقراته شواهد انظر نصب الراية (1/ 196 - 197) و (2/ 340 - 341) و" تلخيص الحبيرر "
(4/ 17 - 18). والخلاصة أن الحديث صحيح.
(3) المتواتر: هو ما رواه جمع كثر، تحيل العادة تواطؤهم على الكذب، أو وقوعه منهم من غير قصد التواطؤ، عن جمع مثلهم، حتى يصل المنقول إلي منتهى السند، ويكون مستند علمهم بالأمير المنقول عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المشاهدة أو السماع.
المتواتر نوعان: لفظي: وهو ما اتفق رواته في لفظه - ولو حكما - وفي معناه، وذلك كحديث: "
من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ".
انظره في " نظم المتناثر من الحديث المتواتر " ص 20 للكتاني.
والمتواتر المعنوي: هو ما اختلفوا في لفظه ومعناه مع رجوعه لمعني كلي، وذلك بان يخبروا عن وقائع مختلفة تشترك كلها في أمير واحد فالأمير المشترك المتفق عليه بين الكل هو المتواتر فمنه أحاديث رفع اليدين في الدعاء، فقد روى عنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نحو مائه حديث فيه رفع يديه في الدعاء. لكنها في قضايا مختلفة، فكل قضية منها لم تتواتر، والقدر المشترك فيها، وهو الرفع عند الدعاء تواتر باعتبار المجموع.
انظر: المسودة ص 233 - 237، إرشاد الفحول ص 46 - 48.(2/930)
الآحاد (1)
لتبليغ الحكام، وكذلك جرى الأمير بعد موته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - على ما كان في حياته، ولم ينكر أمير المؤمنين - عليه السلام - على أحد ذلك، بل اشتهر عنه تحليف الرواة (2)، وقبل حديث أبي بكر من دون تحليف، فيتوجه حينئذ حمل الأمير في قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: " فمن أراد العلم فليأت الباب " على
_________
(1) كالحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه رقم (2448) ومسلم في صحيحه رقم (29/ 19) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمعاذ بن جبل حين بعثه إلي اليمن: " إنك ستأتي قوما أهل كتاب، فإذا جئتهم فادعهم إلي أن يشهدوا أن لا آله الله وأن محمدا رسول الله فإن هم أطوعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم، فإن هم أطاعوا لك بذلك فإياك وكرائم أموآلهم. واتق دعوة المظلوم فائه ليس بينها وبين الله حجاب ".
(2) يشير المؤلف رحمه الله إلي الحديث الذي أخرجه الترمذي (5/ 228رقم 3006) وأبو داود رقم (1521) وابن ماجة رقم (1395) عن أسماء بن الحكم الفزاري قال: سمعت عليا يقول: إني كنت رجلا إذا سمعت من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديثا نفعني الله منه. مما شاء أن ينفعني، وإذا حدثني رجل من أصحابه استحلفته فإذا حلف لي صدقته، وإنه حدثني أبو بكر وصدق أبو بكر قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " ما من رجل يذنب ذنبا ثم يقوم فيتطهر، ثم يصلي ثم يستغفر الله إلا غفر له، ثم قراهذه الآية: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ} [آل عمران: 135]
وهو حديث حسن.(2/931)
الإرشاد، لا على الوجوب، فإن صيغة الأمير وإن كانت ظاهرها في الأصل للوجوب لكنها قد وردت في موارد شرعية (1) لمعان كثيرة، منها الإرشاد فتصرفها عن ظاهرها إلي غيره، كما ذكره أهل الأصول (2)، فيحمل الأمير هنا على ذلك. ولا شك في أرجحية طريق المؤمنين - عليه السلام - على غيره لتبحره في العلم، وكمالي ضبطه، واختصاصه بكمال المعرفة في استنباط الأحكام الشرعية، وزيادة علمه على غيره، كما ورد في الحديث عنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: " على أعلم الناس بالله، وأشد حبا لله، وتعظيما لأهل لا آله إلا الله " أخرجه أبو نعيم في المعرفة (3).
قال ابن حجر في " المنح المكية في شرح آلهمزية " في قوله (4): [وعلى صنو النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
_________
(1) الأول: الوجوب نحو قوله تعالي: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: 78].
الثاني: للندب نحو قوله تعالي: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور: 33].
الثالث: كونها بمعنى " الإباحه " نحو قوله تعالي: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: 2].
وقوله تعالي: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} [الجمعة: 10].
الرابع: كونها بمعنى الإرشاد نحو قوله تعالي: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة: 282].
والضابط في الإرشاد: أنه يرجع إلي مصالح الدنيا، بخلاف الندب، فإنه يرجع إلي مصالح الآخرة، وأيضا: الإرشاد لا ثواب فيه - والندب فيه الثواب.
وقد ذكر صاحب الكوكب المنير ما يقارب خمسا وثلاثين م! ت لصيغ الأمير.
انظر الكوكب المنير (3/ 11 - 38) المستصفى (1/ 419)، نهاية السول (2/ 17).
(2) انظر: جمع الجوامع (1/ 372) وأصول السرخسي (1/ 14) والإحكام للآمدي (2/ 142).
(3) لم أجده في " المعرفة " لأبي نعيم بل عزاه صاحب الكنز (11/ 615) لأبي نعيم بلفظ " علي بن أبي طالب أعلم الناس بالله وأشد الناس، حبا وتعظيما لأهل لا آله إلا الله " والذي وجدته في " الحلية " (1/ 74): عن على قال: " أنصح الناس وأعلمهم بالله أشد الماس حبا وتعظيما لحرمة لا آله إلا الله " بسند ضعيف جدا.
(4) في المخطوط هنا بياض، ثم بيت شعر تام من الخفيف " مدور ".
والتصويب من كتاب " المنح المكية ي شرح آلهمزية " وهو مخطوط.(2/932)
أي مثله من حيث اجتماعهما في أصل واحد وهو عبد المطلب، فهما كنحلتين أصلهما واحد، وفي حديث الترمذي (1): " فإنما عم الرجل صنو أبيه " وهو من هذا القبيل. "ومن " أي الذي " دين " أي اعتقاد" فؤادي " أي قلبي " وداده " أي حبه. " والولاء " أي مناصرته والذب عنه. . .] ما لفظه: قال أحمد بن حنبل في مسنده ما جاء لأحد من الفضائل ما جاء لعلي (2). وقال إسماعيل (3) القاضي، وأبو على النيسابوري (4): لم يرد في حق أحد من الصحابة بالأسانيد الحسان ما ورد في حق على (5) وقال أيضا: وصح أن
_________
(1) أخرجه الترمذي في السنن رقم (3758) وقال: هذا حديث حسن صحيح وهو كما قال.
(2) انظر المستدرك (3/ 108) تاريخ الحلفاء ص 140. الرياض النضرة (21312).
(3) انظر المستدرك (3/ 108) تاريخ الحلفاء ص 140. الرياض النضرة (21312).
(4) انظر المستدرك (3/ 108) تاريخ الحلفاء ص 140. الرياض النضرة (21312).
(5) منها: ا- ما أخرجه البخاري (8/ 112 رقم 4416) ومسلم (4/ 1870 رقم 31/ 2404) عن سعد ابن أبي وقاص قال: خلف رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على بن أبي طالب، في غزوة تبوك. فقال: يا رسول الله! تخلفني في النساء والصبيان؟ فقال: " أما ترضي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟ غير أنه لا نبي بعدي ".
" أنت منهي بمنزلة هارون من موسى ". قال القاضي: هذا الحديث مما تعلقت به الروافض والإمامية وسائر فرق الشيعة، في أن الخلافة كانت حقا لعلى. وأنه وصي له بها. قال: ثم اختلف هؤلاء فكفرت الروافض سائر الصحابة في تقديمهم غيره. وزاد بعضهم فكفر عليا لأنه ا يقص في طلب حقه، بزعمهم. وهؤلاء أسخف مذهبا وأفسد عقلا من أن يرد قولهم أو يناظروا. قال القاضي: ولا شك في كفر من قال هذا. لأن من كفر الأمة كلها والصدر الأول فقد أبطل نقل الشريعة، وهدم الإسلام. وأما من عدا هؤلاء الغلاة فإنهم لا يسلكون هذا المسلك. فأما الإمامية وبعض المعتزلة فيقولون: هم مخطئون في تقديم غيره، لا كفار. وبعض المعتزلة لا يقول بالتخطئة لجواز تقلم المفضول عندهم.
وهذا الحديث لا حجة فيه لأحد منهم. بل فيه إثبات فضيلة لعلى، ولا تعرض فيه لكونه أفضل من غيره أو مثله. وليس في دلالة لاستخلافه بعده. لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنما قال هدا لعلى، حينما استخلفه في المدينة في غزوة تبوك. ويؤيد هذا أن هارون، المشبه به، لم يكن خليفة بعد موسى، بل توفي في حياة موسى وقبل وفاة موسى بنحو أربعين سنة. على ما هو مشهور عند أهل الأخبار والقصص.
قالوا: وإنما استخلفه حين ذهب لميقات ربه للمناجاة.
2 - ومنها:
ما أخرجه البخاري (7/ 70 رقم 3701) ومسلم (4/ 1872رقم 34/ 2406) عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لأعطين الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه. قال فبات الناس يدركون ليلتهم أيهم يعطاها. فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلهم يرجو أن يعطاها، فقال: أين علي بن أبي طالب؟ فقالوا: يشتك عينيه يا رسول الله. قال: فأرسلوا إليه فأتوني به. فلما جاء بصق في عينيه ودعا له، فبرأ حتى كان لم يكن به وجع، فأعطه الراية، فقال علي: يا رسول الله، أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا، فقال: انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلي الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه، فوالله لان يهدي الله بك رجلا واحدا يضر لك من أن يكون لك حمر النعم ". .
" حمر النعم " هي الإبل الحمر. وهي أنفس أموال العرب. يضربون بها المثل في نفاسة الشيء وإنه ليس هناك أعظم منه.
3 - ومنها:
ما أخرجه مسلم (4/ 1871 رقم 33/ 2405).
عن أبي هريرة؛ أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال يوم خيبر " لأعطين هذه الراية رجلا يحب الله ورسوله. يفتح الله على يديه " قال عمر بن الخطاب: ما أحببت الإمارة إلا يومئذ قال فتساورت لها رجاء أن أدعى لها. قال فدعا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على بن أبي طالب. فأعطاه إياها. وقال: " امش. ولا تلتفت حتى يفتح الله عليك ". قال فسار على شيئا ثم وقف ولم يلتفت. فصرخ يا رسول الله على ماذا أقاتل الناس؟ قال: " قاتلهم حتى يشهدوا أن لا آله إلا الله وأن محمدا رسول الله. فإذا فعلوا ذلك فقد منعوا منك دماءهم وأموآلهم. إلا بحقها. وحسابهم على الله ". *
تساورت لها: معناه تطاولت لها. أي حرصت عليها. أي أظهرت وجهي وتصديت لذلك ليتذكرني.
4 - ومنها:
ما أخرجه مسلم (1/ 86 رقم 131/ 78) والنسائي (8/ 117 رقم 5022) والترمذي (5/ 643 رقم 3736) عن زر بن حبيش، قال: قال علي: والذي فلق الحبة وبرا النسمة، إنه لعهد النبي الأمي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلي " أن لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق ". .
فلق الحبة: أي شقها بالنبات.
برأ النسمة: إي خلق الإنسان، وقيل: النفس.
5 - ومنها:
ما أخرجه الترمذي (5/ 633 رقم 3713) عن أبي سريحة، أو زيد بن أرقم - شك شعبة - عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " من كنت مولاه فعلي مولاه "، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، قلت: وأخرجه أحمد في " المسند " (4/ 368 و370 و382). وهو حديث صحيح.
6 - ومنها:
ما أخرجه الترمذي (5/ 636 رقم 3719) عن حبشي بن جنادة قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "علي مني وأنا من علي، ولا يؤدي عني إلا أنا أو علي ". وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.
قلت: وأخرجه أحمد في " المسند " (4/ 164 و165)، وهو حديث حسن(2/933)
النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - أرسله إلي اليمن ليقضي بينهم فقال: لا أدري بالقضاء، فضرب بيده على صدره وقال: " اللهم اهد قلبه، وثبت لسانه ". قال على: والذي فلق الحبة ما شككت في قضاء [بين اثنين] (1)
_________
(1) في المخطوط " آخر " والصواب ما أثبتناه من كتب الحديث.
أما الحديث فهو صحيح لطرقه وشواهده. .
أخرجه ابن ماجه (2/ 774 رقم 2310)، والحاكم في " المستدرك " (3/ 135). ووكيع في " أخبار القضاة " (1/ 84 - 85). والنبيهقي في " السنن الكبرى " (10/ 86) وابن سعد في " الطبقات " (2/ 337) وأحمد في " المسند " (1/ 83) والنسائي في " تهذيب خصائص الإمام على " (ص 40 - 41 رقم 31) - من طريق الأعمش عن عمرو بن مرة، عن أبي البحتري عن علي رضي الله عنه قال: بعثني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلي اليمن، فقلت: يا رسول الله بعثتني وأنا شاب أقضى بينهم ولا أدري ما القضاء! فضرب صدري بيده ثم قال: اللهم اهد قلبه وثبت لسانه فوالذي فلق الحبة ما شككت في قضاء بين اثنين ".
قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين. ووافقه الذهبي.
قلت: واعجبا وقد صرح النسائي في " الخصائص " (ص 44): بأن أبا البحتري لم يسمع من على ابن أبي طالب رضي الله عنه.
ويؤيد ذلك رواية شعبة ص عمرو بن مرة، قال: سمعت أبا البحتري الطائي قال: أخبريى من سمع عليا يقول: فذكره.
أخرجه أحمد في " المسند " (1/ 136) والطيالسى في " المسند " (ص16 رقم 98)، والبيهقى (10/ 86 - 87) ووكيع في " أخبار القضاة " (1/ 85) وإسناده صحيح لولا هذا المبهم. كما قال ابن حجر في " التلخيص " (4/ 182).
وأخرجه أبو داود (4/ 11رقم 3582) والترمذي (3/ 618رقم 1331)، وابن سعد في "الطبقات " (2/ 337) وأحمد (1/ 111) والله في " زوائده " (1/ 111، 149) والطيالسى (ص 19رقم 125) والحاكم (4/ 93)، والبيهقي (10/ 86) ووكيع في " أخبار التيضاة " (1/ 86,85)، من طرق كثيرة عن سماك بن حرب عن حنش بن المعتمر عن على.
قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يحرجاه. روافقه الذهبي.
قلت: وأ يتفرد به شريك بل تابعه زائدة بن قدامة عن أحمد (1/ 155) والطيالسي (ص 19رقم 125) وأسباط بن نصر، وأبان بن تغلب، وسليمان بن قدم وغر! م عن وكيع. جميعهم يماك به. وسماك وهو ابن حرب فيه كلام، وحديثه حسن. وحنش بر المعتمر الكوفي ضعفه جماعة. وشهيك وهو ابن عبد الله القاضي سيئ الحفظ، ولكنه توبع كما تقدم.
وأخرجه البزار كما في " نصب الراية " (4/ 61)، وابن سعد في " الطبقات " (2/ 337) ووكيع في " أخبار القضاة " (1/ 85)، وأحمد (1/ 88، 156) من طريق إسرائيل عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب عن على رضي الله عنه - حد فذكره لنحوه.
قال البزار: " هذا أحسن إسناد فيه عر على ".
وله شواهد:
عن ابن عباس، وبريدة الأسلمي، وأبى رافع وغيرهم. والله أعلم.
قال المحدث الألباني في " الإرواء " (8/ 228) بعد الكلام على هذا الحديث: " وجملة القول أن الحديث. بمجموع الطرق حسن على أقل الأحوال. والله أعلم "(2/935)
وقال ابن حجر (1) أيضا: ولم يكن أحد من الصحابة يقول: سلوني إلا على، وكان عمر يتعوذ من معضلة ليس فيها أبو الحسن - يعني عليا رضي الله عنه (2) - وقال: والله ما نزلت آية إلا وقد علمت فيما نزلت، وأين نزلت، وعلى من نزلت، إن ربط وهب لي قلبا
_________
(1) أحرجه ابن عبد البر في " الاستيعاب " (8/ 157) عن سعيد بن المسيب.
(2) ذكره ابن حجر في " الإصابة " (7/ 59).(2/936)
عقولا، ولسانا ناطقا. وقال: سلوني عن كتاب الله، فإنه ليس من آية إلا وقد عرفت بليل نزلت أم نهار، أم في سهل أم بجبل (1). . . انتهى كلام ابن حجر. . . وناهيك. مما أفاده قوله عليه السلام حذا من كمال الضبط الذي هو شرط الرواية.
ثم قال ابن حجر في موضع آخر ما لفظه: مما يدل على أن الله - سبحانه - اختص عليا من العلوم. بما تقصر عنه العبارات قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: " أقضاكم على "، وهو حديث صحيح (2) بلا نزاع فيه ... انتهى.
وبما ذكرناه من حمل الأمير هاهنا على غير الوجوب بالأدلة الواضحة التي ليس فيها اختلال بجمع شمل الأحاديث، وينحل الأشكال من دون ملجئ إلي التكلفات التي حكاها السائل - أبقاه الله - في السؤال والله سبحانه أعلم. وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم.
حرره العبد الفقير إلي ربه الغني، شرف الدين بن إسماعيل بن محمد - أصلح الله له أحوال الدارين -[2].
_________
(1) أخرجه أبو نعيم في " حلية الأولياء " (1/ 67 - 68) بلفظ مقارب وذكره ابن حجر في " الإصابة " (7/ 60).
(2) أخرج البخاري في صحيحه (8/ 167 رقم 4481) عن ابن عباس قال: قال عمر - رضي الله عنه: " أقرؤنا أبي وأقضانا علما .. ". وأخرجه أحمد في "المسند" (5/ 113).
وأخرجه ابن ماجه (1/ 55رقم 154) والترمذي (5/ 665رقم 3791) وقال: حديث حسن صحيح، والحاكم (3/ 422) وقال: هدا إسناد صحيح على شرط الشيخين. ووافقه الذهبي وأقرهما الألباني في الصحيحة (3/ 223) وابن حبان (ص 548رقم 2218) عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في دين الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان. وأقضاهم علما بن أبي طالب، وأقرؤهم لكتاب الله أبي بن كعب، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل. وأفرضهم زيد بن ثابت. ألا وإن لكل أمة أمينا. وأمن هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح ".
وهو حديث صحيح.(2/937)
[جواب الإمام محمد بن علي الشوكاني]
الحمد لله على كل حال، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله خير آل.
وبعد: فإن السائل - كثر الله فوائده - وصل إلي راقم الأحرف - غفر الله له - طالبا منه أن يرقم ما يظهر له في توجيه ما سأل عنه، فوجدت هذا الجواب الذي حرره مولاي العلامة ضياء الإسلام، شرف الدين بن إسماعيل بن محمد بن إسحاق (1) - عافاه الله - قد أفاد وأجاد، وحصل به المراد من الإرشاد، فإن حمل الأمير على الندب الذي هو أحد معانيه ايثزية بقرينة مشاركة سائر الصحابة - رضي الله عنهم - لأمير المؤمنين - كرم الله وجهه - في أخذ الشريعة عن الرسول الأمين - صلى الله عليه وآله الطاهرين- دون إنكار هو وجه صحيح، وجمع جامع لكل معني صبيح.
وخطر بالبال وجه آخر يصلح أن يكون ملتحقا بذلك الوجه، وهو أن يقال: إن كان الألف واللام في (العلم) (2) للاستغراق كان ذلك من صيغ العموم كما تقرر في علم الأصول، وعلم المعاني، ويكون هذا العموم مخصصا. مما اشترك فيه أمير المؤمنين هو وسائر الصحابة من العلوم التي أخذوها عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - من دون إنكار منه، وهي العلوم الشرعية التي أميره الله بأن يبلغها إلي أمته، فيبقى من العلم ما لم يشاركه فيه غيره، ويكون ذلك هو المراد بالحديث، ويبني العام (3) على. . . . .
_________
(1) السيد شرف الدين بن إسماعيل بن محمد بن إسحاق بن المهدي أحمد بن الحسن بن القاسم بن محمد ولد سنة 1140 هـ، وهو أحد علماء العصر وفضلائه ونبلائه. له في كل علم نصيب وافر لا سيما علم الأصول فهو المتفرد به غير مدافع.
وله رسائل رصينة وإذا حرر بحثا جاء. مما يشفط ويكفى، وهو من بقايا الخير في هذا العصر لجمعه بين طول الباع في جميع العلوم مع السن والشرف، وتوفي في آخر شهر رجب سنة 1223 هـ رحمه الله. "
البدر الطالع " (1/ 277 - 278).
(2) انظر: " جمع الجوامع " (1/ 412) و" الكوكب المنير " (3/ 34). " المستصفي " (2/ 37).
(3) العام: هو لفظ دال على جميع أجزاء ماهية مدلوله أي مدلول اللفظ.
انظر "الكوكب المنير"
(3/ 101). وقيل: هو اللفظ الموضوع وضعا واحدا للدلالة على جميع ما يصلح له من الأفراد على سبيل الشمول والاستغراق من غير حصر في كمية معينة أو عدد معين.
انظر: " تفسير النصوص " (2/ 9 - 10) د. محمد أديب الصالح.(2/938)
الخاص (1) وقد تقرر في الأصول أنه متفق عليه بين المسلمين أجمعن من أئمة الآل وغيرهم.
وهذا [3] العلم الذي قلنا أنه لم يشاركه فيه غيره، وأنه الباقي بعد التخصيص لذلك العموم هو علم كثير من الملاحم، والأمور المستقبلة، فإن أمير المؤمنين قد كان يعلم من ذلك ما لم يعلم به غيره، يعرف ذلك من عرف ما خصه به رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- من هذا العلم كما ثبت أنه رضي الله عنه قال يوم النهروان (2) لما وقع المصاف أنه لا يقتل منكم - يعني أصحابه - عشرة ولا ينجو منهم - يعني الخوارج - عشرة، فكان الأمير كما قال (3).
_________
(1) الخاص: هو إخراج بعض ما تناولته العامة عما يقتضيه ظاهر اللفظ من الإرادة والحكم.
انظر: " تفسر النصوص " (2/ 161).
(2) كانت وقعة النهروان مع الخوارج سنة 38 هـ.
ونهروان: هي ثلاث نهروانات: الأعلى والأوسط والأسفل وهى كورة واسعة بين بغداد وواسط من الجانب الشرقي حدها الأعلى متصل ببغداد وفيها عدة بلاد متوسطة، منها إسكاف وجرجرايا والصافية وديرقني وغير ذلك.
بها وقعة لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه مع الخوارج. وقد خرج منها جماعة من أهل العلم والأدب. انظر: " معجم البلدان " (5/ 324 - 326).
(3) أخرجه البيهقي في " دلائل النبوة " (6/ 425) عن لاحق. قال: كان الذين خرجوا عن علي رضي الله عنه بالنهروان أربعة آلاف في الحديد فركبهم المسلمون فقتلوهم ولم يقتل من المسلمين إلا تسعة رهط، فإن شئت فاذهب إلي أبي برزة الأسلمى فسله فإنه قد شهد ذلك.
قلت: ونقله الحافظ ابن كثر في " البداية والنهاية ": (6/ 223)، وقال: " الأخبار بقتال الخوارج متواترة عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأن ذلك من طرق تفيد القطع عند أئمة هذا الشأن ووقوع ذلك في زمان على معلوم ضرورة لأهل العلم قاطبة ... " اهـ.(2/939)
ثم أخبرهم في ذلك اليوم بخبر ذي الثدية فوجدوه كما قال (1)، فسآله عن ذلك جماعة من خلص أصحابه منهم أبو عبيدة (2) السلماني، فقال أنه أخبره بذلك رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ (3) -. وهكذا أخبر رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - بأنه سيقاتل الفرق الخارجة عليه، وأخبره بأن سيكون (3) قتله - رضوان الله عليه - على الصفة التي وقع عليها، وكان يتحدث بذلك، بل كان يعين قاتله (4)، وينشد إذا أبصره:
أريد حياته ويريد قتلى ... عذيرك من خليلك من مراد (5)
_________
(1) أخرجه مسلم في صحيحه رقم (156/ 1066) وأبو داود رقم (4768) عن زيد بن وهب الجهني انه كان في الجيش الذين كانوا مع على رضي الله عنه. الذين ساروا إلي الخوارج، فقال على رضي الله عنه أيها الناس إني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " يخرج قوم من أمتي يقرأون القرآن ليس قراءتكم إلي قراءتهم بشيء ولا صلاتكم إلي صلاتهم بشيء، ولا صيامكم إلي صيامهم بشيء، يقرأون القرآن يحسبونه أنه لهم وهو عليهم - لا تجاوز صلاتهم تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، لو يعلم الجيش الذين يصيبونهم ما قضي لهم على لط ن نبيهم لا تكلوا عن العمل، وآية ذلك أن فيهم رجلا له عضد وليس له فراع، على رأس عضده مثل حلمة الثدي عليه شعرات بيض ".
(2) عبيدة بن عمرو السلماني أبو مسلم ويقال أبو عمر صاحب ابن مسعود، قال: أسلمت وصليت قبل وفاة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بسنين، ولم أره. رواه الثقات عن ابن سرين، عنه لا يعد في الصحابة إلا، مما ذكرنا هو من كبار أصحاب ابن مسعود الفقهاء وهو من أصحاب على رضي الله عنه.
انظر: الاستيعاب رقم (1773) والإصابة رقم (6421).
(3) لعله يشير إلي الحديث الذي أحرجه أبو نعيم في الدلائل (2/ 709رقم 49) بإسناد ضعيف من حديث جابر بن حمرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعلى رضي الله عنه: " إنك مؤمر مستخلف وإنك مقتول، وإن هذه مخضوبة من هذا - لحيته من رأسه ".
وأخرج أحمد في المسند (2/ 101) وفي فضائل الصحابة (2/ 695رقم 1187) وابن عبد البر في الاستيعاب (4/ 154) من حديث فضالة بن أبي فضالة بنحوه.
(4) أي ابن ملجم من قبيلة مراد. انظر الاستيعاب (8/ 204).
(5) البيت الشعري لعمرو بن معدي كرب في قيس بن مكشوح المرادي.
انظر: ديوان عمرو بن معدي كرب ص 92، والكامل للمبرد (3/ 118).(2/940)
وقد أخبر - كرم الله وجهه - عبد الله بن العباس - رضي الله عنه - عند مولد ولده على بن عبد الله بن العباس بأنه أبو الأملاك (1) [4]. وهكذا أخبر. مما سيكون بعد حين في البصرة من تسلط الحجاج، والزنج، وبما سيكون فيها من الفرق ونحو ذلك من الأمور المستقبلة التي كان يخبر ها، وهي كثيرة جدا (2) فيمكن أن يكون هذا العلم هو المراد بالعلم المذكور في الحديث لما أسلفنا من أنه عموم مخصوص، أو عام أريد به الخاص، ويكون الدليل على هذه الإرادة هو الدليل الذي جعلناه مخصصا للعام. هذا على تقدير أن الألف واللام في (العلم) للاستغراق كما هو الظاهر. وأما على تقدير أنها لمعني من معانيها التي
_________
(1) حكى المبرد وغيره أنه لما ولد جاء به أبوه - ابن العباس بن عبد المطلب فقال ما سميته فقال أو يجوز لي أن أسميه قبلك فقال: قد سميته بإسمى وكنيته بكنيتي وهو أبو الأملاك.
انظر: تهذيب التهذيب (4/ 312 - 313رقم 557) في ترجمة علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم.
(2) (منها):
الحديث الذي أخرجه أحمد (24/ 58رقم 161) الفتح الرباني عن عبد الله بن بريدة الأسلمى عن أبيه رضي الله عنه قال كنت جالسا عند النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسمعت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إن أمتي يسوقها قوم عراض الأوجه صغار الأعين كأن وجوههم الحجف ثلاث مرار حتى يلحقوهم بجزيرة العرب، أما السابقة الأولى فينجو من هرب منهم، وأما الثانية فيهلك بعض وينجو بعض، وأما الثالثة فيصطلون كلهم من بقي منهم قالوا يا نجي الله من هم؟ قال هم الترك، قال أما والذي نفسي بيده يربطن خيولهم إلي سواري مساجد المسلمين، قال وكان بريدة لا يفارفه بعيران أو ثلاثة ومتاع السفر والأسبقية بعد ذلك للهرب مما سمع من النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من البلاء من أميراء الترك ".
وأورده آلهيثمي في المجمع وقال رواه أبو داود باختصار، ورواه أحمد والبزار باختصار ورجآله رجال الصحيح.
ويشير إلي الحديث الذي أخرجه البخاري (13/ 19 - 20رقم 7068) والترمذي (4/ 492 رقم 2206) عن الزبير بن عدي قال: " أتينا أنس بن مالك فشكونا إليه ما يلقون من الحجاج، فقال: اصبروا فإنه لا يأتي عليكم زمان إلا والذي بعده أشر منه حتى تلقوا ربكم سمعته من نبيكم ".(2/941)
لا تستلزم الإحاطة بكل فرد من أفراد العلم فلا إشكال في ذلك، لأنه يصدق بوجود نوع من أنواع العلم في أمير المؤمنين لا يشاركه فيه غيره، وقد وجد وهو ما أسلفنا. فتقرر بهذا أن المراد هذا العلم المذكور في الحديث هو ما لم يحصل الاشتراك فيه بين الصحابة، بل ما كان خاصا بأمير المؤمنين وحده. وقد وجدناه بعد موت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - مختصا بكثير من علم الأمور المستقبلة، ولم يشاركه في ذلك أحد، فالنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - مدينة هذه العلوم، وأمير المؤمنين بابها، فمن أرادها فليأت الباب.
فإن قلت: [5] قد استأثر الله - سبحانه - بعلم الغيب، فكيف جعلته هو المراد بالحديث؟. . . قلت: قد صرخ القرآن الكريم (1) بأن الله - سبحانه - لا يظهر على غيبة أحدا إلا من ارتضى من رسول، ولا يمتنع شرعا ولا عقلا أن يظهر [على] (2) ذلك الرسول بعض خواصه على ما أظهره الله عليه من غيبه. وقد وقع ذلك من نبينا - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - كما شهدت به الأخبار المتواترة، ووقع من أمير المؤمنين الإخبار ببعض ما استفاده من رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - كما تقدمت الإشارة إلي ذلك.
فإن قلت: ثبت في الصحيح أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - قام خطيبا في كثير من المواطن، وأخبرهم بكثير من الأمور المستقبلية، كالمهدي (3)،. . . . . . . . . . . . . . . . .
_________
(1) قال تعالي: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا} [الجن: 26 - 27].
(2) زيادة استلزمها النص.
(3) منها: ما أخرجه أحمد (3/ 36) وابن حبان في صحيحه رقم (1880 - موارد) والحاكم (4/ 557) وأبو نعيم في الحلية
(3/ 101). قال الحاكم: " هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ".
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله: صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تقوم الساعة حتى تملأ الأرض ظلما وجورا وعدوانا ثم يخرج من أهل بيتي من يملأها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وعدوانا ".
وهو حديث صحيح.(2/942)
والدجال (1)، وطلوع الشمس (2) من مغربها. بل ثبت أنه قام فيهم مقاما فما ترك قائد فتنة إلا ذكره، حفظ ذلك من حفظه، ونسيه من نسيه. ومن ذلك قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - أن عمارا تقتفه (3) الفئة الباغية، فلم يكن أخباره بالأمور المستقبلة خاصة بالبعض دون البعض.
قلت: ... المراد. مما ذكرناه هو غير ما أظهره رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - إظهارا عاما من دون تخصيص. ولا شك أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - قد خصص أمير المؤمنين بالكثير الطيب من ذلك، ولا ينافيه [6] تعميم الإظهار لبعض الأخبار، بل لا ينافيه تخصيص لبعض الصحابة ببعض المغيبات، كما وقع مثل ذلك منه - صلى الله عليه آله وسلم - لأبي ذر (4)،. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
_________
(1) منها: ما أخرجه البخاري في صحيحه رقم (7131) ومسلم في صحيحه رقم (101/ 2933) عن انس رضي الله عنه قال: قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " ما بعث نط إلا انذر أمته الأعور الكذاب ألا إنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور، وإن بين عينيه مكتوب كافر ".
(2) أخرجه البخاري رقم (6556) ومسلم رقم (248/ 157) وأبو داود رقم (4312) وابن ماجة رقم (4068) كلهم من حديث أبي هريرة.
(3) أخرج مسلم في صحيحه رقم (2916) من حديث أم سلمة.
وأخرج البخاري في صحيحه رقم (447) من حديث أبي سعيد.
(4) لعله يشير إلي الحديث الذي أخرجه البخاري رقم (3861) و (3522) ومسلم رقم (132/ 2473) من حديث أبي ذر مرفوعا. وفيه قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" إنه قد وجهت لمط أرض - أي أريت جهتها- ذات نخل. لا أراها إلا يثرب. فهل أنت مبلغ عني قومك؟ عسى الله أن ينفعهم بك وبأجرك فيهم ". .
ولعل المصنف يشر إلي الحديث الضعيف الذي أخرجه الطبري في تاريخه (3/ 54) وابن كثير في "البداية والنهاية" (5/ 8 - 9) وأورده ابن الأثير في "الكامل " (2/ 280) من حديث عبد الله بن مسعود: أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " يرحم الله أبا ذر يمشى وحده ويموت وحده ويبعث وحده ".
وقال ابن كثير: إسناده حسن ولم يخرجوه والخلاصة أن الحديث ضعيف. انظر " تخريج تاريخ الطبري " بتحقيقي وتحقيق محمد البرزنجي.(2/943)
ولحذيفة (1)، ولغيرهما.
إذا تقرر لك هذا عرفت أنه يمكن توجيه ما وقع فيه الأشكال، وورد عنه السؤال. ممثل ما ذكرناه، ولا يمتنع أن يكون ذلك في حياته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - كما كان بعد موته، وأفي ضير في أميره - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - بسؤال بعض أصحابه في بعض الأمور! وقد أوجب المصير إلي ما ذكرناه المحافظة على استعمال القواعد الأصولية والمشط معها كما هو شأن من أراد النظر فيما ورد من هذه الشريعة المطهرة الغراء.
_________
(1) لعله يشير إلي الحديث الذي أحرجه البخاري رقم (7084) ومسلم (12/ 236 - نووي).
عن أبي إدريس الخولاني: " أنه سع حذيفة بن اليمان يقول: كان الناس يسألون رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الخير، وكنت أسأله عن الشر نحافة أن يدركني، فقلت: يا رسول الله، إنا كنا في جاهلية وشر، فجاءنا الله هذا الخير، فهل بعد هذا الخير من ضر؟ قال: نعم. قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: نعم وفيه دخن. قلت: وما دخنه؟ قال: قوم يهمون بغير هديي، تعرف منهم وتنكر، قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: نعم دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها. قلت: يا رسول الله صفهم لنا، قال: هم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا. قلت: فما تأميرني إن أدركني ذلك؟ قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم، قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: فاعتزل تلك الفرق كف!، ولو أن تعفن بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك ".
أو يشير إلي الحديث الذي أخرجه مسلم (4/ 2143 رقم 9/ 2779) عن قيس قال: قلت لمالي: أرأيتم صنيعكم هذا الذي صنعتم في أمير على أرأيا رأيتموه أو شيئا عهده إليكم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: ما عهد إلينا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شيئا لم يعهده إلي الناس كافة. ولكن حذيفة أخبرني عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " قال: قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " في أصحابي اثنا عشر منافقا. فيهم ثمانية لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط. ثمانية منهم تكفيهم الدبيلة وأربعة " لم أحفظ ما قال شعبة فيهم.
في أصحابي اثنا عشر منافقا: معناه الذين ينسبون إلي صحبتي. .
سم الخياط: وهو ثقب الإبرة. ومعناه لا يدخلون الجنة أبدا، كما لا يدخل الجمل في سم الإبرة أبدًا.
الدبيلة: سراج من نار.(2/944)
وفي هذا المقدار كفاية، فإن السائل- كثر الله فوائده- لم يسأل إلا عن معني الحديث لا عن إسناده، ولا عن متنه، باعتبار لفظه ورتبته، فلنقتصر على الجواب على محل السؤال. . . والحمد لله أولا وآخرا، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم
_________
(1). (1): ولتمام الفائدة أدون بعض ما قاله العلماء بوضع الروافض في فضائل على ل! ه إجمالا ثم أذكر بعض الأحاديث الموضوعة إلي وردت في ذلك حتى لا يغتر بها.
قال ابن القيم الجوزية في كتابه " المنار المنيف في الصحيح والضعيف " تحقيق الشيخ عبد الفتاح أبو غدة (ص 116 رقم 247): " وأما ما وضعه الرافضة في فضائل على فأكثر من أن يعد. قال الحافظ أبو يعلى الخليلي في كتاب " الإرشاد - في علماء البلاد - ": وضعت الرافضة في فضائل علي رضي الله عنه وأهل البيت نحو ثلاث مائه ألف حديث. ولا تستبعد هذا، فإنك لو تتبعت ما عندهم من ذلك لوجدت الأمير كما قال " اهـ. *
وقال الصنعاني في الموضوعات (ص 27): " والوصايا المنسوبة إلي أبي الحسن أمير المؤمنين على بن أبي طالب رضي الله عنه بأسرها، التي في أولها: يا على لفلان ثلاث علامات، ولفلان ثلاث علامات، وفي آخرها النهي عن ايثمعة في أوقات مخصوصة، وأماكن مخصوصة، كلها وضعها، حماد بن عمرو النصيى وهو عند أئمة الحديث متروك كذاب "اهـ.
قلت: وقد ترجم لحماد هذا الذهبي في الميزان (1/ 598).
وقال الشيخ عبد الفتاح أبو غدة في تحقيق " المصنوع في معرفة الحديث الموضوع " للمحدث علي التياري (ص 235): " أما هذه الوصايا المنسوبة لسيدنا على رضي الله عنه، والمكذوبة على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فهي مطوعة أكثر من مرة، ولا تزال تطع وتباع ويتداولها المغفلون. فكاذبها آثم ملعون، وطابعها آثم ملعون، ومصدقها آثم ملعون، قبح الله من لا يغار على دينه وإسلامه وعقله " اهـ.
وقال السيوطي في اللآلئ (2/ 374 - 375): وكذا " وصايا على " موضوعة، اتهم بها " حماد بن عمرو". وكذا وصاياه إلي وضعها " عبد الله لن زياد بن سمعان " أو شيخه.
قلت: عبد الله بن زياد هذا كذاب. انظر ترجمته إلى " الميزان " (2/ 423 - 424) وشيخه هو على بن زيد بن جدعان: لا يحتج به. انظر ترجمته في الميزان (3/ 127 - 128).
أما الأحاديث الموضوعة في فصل على رضي الله عنه:
(فمنها): 1 - أخرج ابن الجوزي في الموضوعات (1/ 347) عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إن أخي ووزيري وخليفتي من أهلي وخير من أترك بعدي، يقف! ي ديني وينجز وعودي علي ابن أبي طالب رضي الله عنه. وهو حديث موضوع. فيه: مطر بن ميمون. قال ابن حبان في المجروحين (513) ويروي الموضوعات عن الإثبات لا تحل الرواية عنه وانظر الميزان (4/ 127) والتاريخ الكبير للبخاري (7/ 401).
2 - أخرج ابن الجوزي في الموضوعات (1/ 370) عن أبي الحمرا قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من أراد أن ينظر إلي آدم في علمه، ونوح في فهمه، وإبراهيم في حكمه، ويحي بن زكريا في زهده، وموسى بن عمران في بطشه فلينظر إلي علي بن أبي طالب " وهو حديث موضوع. فيه: أبو عمر الأزدي متروك.
3 - أخرج ابن الجوزي في الموضوعات (1/ 382 - 383) عن أنس قال: " كنت عند النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرأى عليا مقبلا فقال: أنا وهذا حجة على أمتي يوم القيامة " وهو حديث موضوع. والمتهم بوضعه: مطر بن أبي مطر. قال عنه ابن حبان في المجروحين يروي الموضوعات عن الإثبات لا تحل الرواية عنه.
4 - أخرج ابن الجوزي في الموضوعات (1/ 393) عن أصبغ بن نباتة قال: قال على رضي الله عنه: " أن خليلي حدثني أن أضرب لسبع عشرة تمضي من رمضان وهي الليلة التي رفع فيها عيسى ". وهو حديث موضوع. فأما اصبغ فقال يحي: لا يساوي شيئا. قال: ولا يحل لأحد أن يروي عن سعد الإسكاف. قال ابن حبان: كان سعد يضع الحديث على الفور.
5 - أخرج ابن الجوزي في الموضوعات (1/ 397).
عن علي قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مثلي مثل شجرة أنا أصلها وعلي فرعها، والحسن والحسين ثمرها، والشيعة ورقها، فأي شيء يخرج من الطيب إلا الطيب؟ ".
قال ابن حبان في المجروحين (2/ 172) كان عباد بن يعقوب رافضيا. روى المناكير عن المشاهير فاستحق الترك.
وانظر الميزان (2/ 379) والتاريخ الكبير (6/ 44).
وهناك أحاديث ضعيفة وموضوعة في فضائل على بن أبي طالب رضي الله عنه.
انظرها في الموضوعات لابن الجوزي (1/ 338 - 402) وفي العلل المتناهية في الأحاديث الواهية (1/ 210 - 252). والفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة. لمحمد بن علي الشوكاني ص 342 - 384. وكتاب الطليعة في الرد على غلاة الشيعة وهو مع رياض الجنة في الرد على أعداء السنة تأليف: الشيخ مقبل بن هادي الوادعي. ص 171 - 227.
وانظر موسوعة الأحاديث والآثار الضعيفة والموضوعة (14/ 467 - 496) باب ذكر علي بن أبي طالب.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.(2/945)
كتبه محمد الشوكاني - غفر الله له -[7].(2/946)
(23) 48/ 1
الدارية في مسألة الوصاية
تأليف
محمد بن علي الشوكاني
حققه وعلق عليه وخرج أحاديثه
محمد صبحي بن حسن حلاق
أبو مصعب(2/949)
وصف المخطوط:
1 - عنوان الرسالة: " الدراية في مسألة الوصاية "
2 - هو موضوع الرسالة: في وصاية أمير المؤمنين على رضي الله عنه.
3 - أول الرسالة: بسم الله الرحمن الرحيم أحمدك لا أحصى ثناء عليك. وأصلي وأسلم على رسولك وآله وصحبه.
وبعد: فإنه سألني بعض آل الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ...
4 - آخر الرسالة:. . . فليراجع الكتب المصنفة في مناقب على عليه السلام حرره المجيب محمد بن علي الشوكاني في اليوم التاسع والعشرين من شهر شعبان سنة اثني عشر وخمس، وهو تاريخ كتب هذه النسخة من خط المؤلف وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم تسليما. وحسبنا الله وكفى ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم.
5 - نوع الخط: خط نسخط جيد.
6 - تاريخ النسخ: 1205 هـ.
7 - عدد الصفحات: 4 صفحات.
الأولى: 37 سطرا.
الثانية: 42 سطرا.
الثالثة: 41 سطر ا.
الرابعة: 19 سطرا.
8 - عدد الكلمات في السطر: 16 كلمة تقريبا.(2/951)
[مقدمة المؤلف]
بسم الله الرحمن الرحيم
أحمدك لا أحصي ثناء عليك وأصلي وأسلم على رسولك وآله وصحبه.
[نص السؤال]
(وبعد): فإنه سألني بعض آل الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - الجامعين بين فضيلة العلم والشرف، من سكان المدينة المباركة المعمورة بالعلوم مدينة زبيد (1) [عن] إنكار [عائشة] أم المؤمنين زوج النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - لصدور الوصية من رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - لما ذكروا عندها أن عليا - عليه السلام - كان وصيا لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- وهذا ثابت من قولها في الصحيحين (2)، والنسائي (3) من طريق الأسود بن يزيد بلفظ: متى أوصى إليه؟ وقد كنت مسندته إلي
_________
(1) زبيد: واد مشهور يصب في قامة م البحر الأحمر مآتيه من جبال العدين وأودية بعدان والأودية النازلة من شرق وصاب. وهو من أخصب وديان اليمن تربة ونماء، وتبلغ مساحته الزراعية 25 ألف هكتار.
وقد أطلق اسم الوادي على مدينة زبيد الواقعة في منتصفه. وكانت تعرف قديما باسم " الحصيب " نسبة إلي الحصيب بن عبد شمس بن وائل بن يغوث ... بن سبأ اتخذها بني أيوب عاصمة لهم في أوائل حكمهم لليمن في القرن الثاني عشر الميلادي. وينسب إلي زبيد جمع كبر من العلماء منهم أبو قرة موسى بن طارق الزبيدي أحد الرواة المشهورين.
وفي زبيد قبر العلامة مرتضى الزبيدي صاحب " تاج العروس في شرح القاموس " عشرة مجلدات ووفاته سنة 205 اهـ/ 1790م.
انظر: معجم البلدان والقبائل اليمنية (ص 286 - 289).
(2) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (2741) ومسلم في صحيحه رقم (1636).
(3) في السنن (6/ 241).(2/955)
صدري فدعا بالطشت فلقد انخنث في حجري و [ما شعرت] (1) أنه مات فمتى أوصى إليه؟، وفي رواية (2) عنها أنها أنكرت الوصية مطلقا، ولم تفيد بكونها إلي على - عليه السلام - فقالت: ومتى أوصى؟ وقد مات بين سحري ونحري.
_________
(1) زيادة من مصادر الحديث.
(2) أخرجه مسلم في صحيحه (84/ 2443).(2/956)
[مقدمة تمهيدية قبل الجواب]
(ولنقدم) قبل الشروع في الجواب مقدمة ينتفع ها السائل. (فنقول): ينبغي أن (تعلم أولا) أن قول الصحابي (1) ليس بحجة (2)، وأن المثبت
_________
(1) الصحابي: قال الحافظ ابن حجر في " الإصابة " (1/ 7 , 8): " وأصح ما وقفت عليه من دلك أن الصحابي: من لقط النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مؤمنا به ومات على الإسلام فيدخل فيمن لفيه من طالت مجالسته له أو قصرت، ومن روى عنه أو لم يرو، ومن غزا معه أو لم يغز، ومن رآه رؤبة ولم يجالسه، وهو من لم يره لعارض كالعمى.
ويدخل في التعريف:
كل مكلف من الجن والإنس.
وكل من لفيه مؤمنا ثم ارتد، ثم عاد إلي الإسلام، ومات مسلما سواء اجتمع به: صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرة أخرى أم لا، وهذا هو الصحيح المعتمد كالأشعث بن قيس فإنه ارتد ثم عاد إلي الإسلام في خلافة أبي بكر الصديق ل! ه ومات مسلما فقد اتفق أهل الحديث على رضي الله عنه من الصحابة.
ويخرج من التعريف:
من لقيه كافرا، ولو أسلم بعد ذلك، إذا لم يجتمع به مرة أخرى.
من لقيه مؤمنا بغيره، كمن لفيه من مؤمني أهل الكتاب قبل البعثة.
من لقيه مؤمنا به، ثم ارتد ومات على ردته والعياذ بالله.
ثم قال: وهذا التعريف مبني على الأصح المختار عند المحققين كالبخاري وشيخه أحمد بن حنبل ومن تبعهما " اهـ بتصرف.
وانظر: إرشاد الفحول ص 70.
(2) إن اختلاف العلماء في حجية قول الصحابي ليس على إطلاقه، بل فيه تفصيل:
أولاً: قول الصحابي حجة:
1 - قول الصحابي فيما لا يدرك بالرأي والاجتهاد، حجة عند العلماء، لأنه محمول على السماع من النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيكون من قبيل السنة، والسنة مصدر للتشريع.
قال النووي في مقدمة شرح صحيح مسلم (1/ 30): " إذا قال الصحابي كنا نفعل في حياة الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو في زمنه، أو هو فينا، أو بين أظهرنا، أو نحو ذلك فهو مرفوع.
وهذا هو المذهب الصحيح الظاهر، فإنه إذا فعل في زمنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فالظاهر إطلاعه عليه وتقريره إياه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وذلك مرفوع.
وأما إذا قال الصحابي: أميرنا بكذا، أو فينا عن كذا، أو من السنة كذا، فكله مرفوع على المذهب الصحيح الذي قاله الجماهير من أصحاب الفنون 15 اهـ.
2 - قول الصحابي الذي حصل عليه الاتفاق يعتبر حجة شرعية، لأنه يكون إجماعا.
وكذلك قول الصحابي الذي لا يعرف له مخالف بعد اشتهاره، يكون من قبيل الإجماع السكوني.
وهو أيضًا حجة ضرعية.
ثانيًا: قول الصطابي غير حجة:
1 - قول الصحابي الصادر عن رأي واجتهاد، لا يكون حجة ملزمة على صحابي مثله، ولا على من جاء بعدهم.
2 - قول الصحابي إذا خالف المرفوع لا يكون حجة، بل يكون مردوا.
3 - قول الصحابي إذا خالفه الصحابة لا يكون حجة.
انظر: أثر الأدلة المختلف فيها. (338 - 352) الإحكام للآمدي (5/ 155 - 161) إرشاد الفحول ص 243 - 244.(2/957)
أولى (1) من النافي، وأن من علم حجة على من لم يعلم، وأن الموقوف (2) لا يعارض
_________
(1) إذا تعارض النفي مع الإثبات ففيه أربعة أقوال:
الأول: ترجيح الإثبات على النفي، يعني أنه يقدم ما مدلوله الإثبات على ما مدلوله النفي عند أحمد والشافعي وأصحابهما.
الثاني: عكسه، وهو تقدم النفي على الإثبات لاعتضاد النافي بالأصل، وأيده الآمدي.
الثالث: أفما سواء، التساوي مرجحيهما، وهو قول القاضي عبد الجب ر وعيسى بن أبان والغزالي في المستصفي
(2/ 398). الرابع: التفصيل، وهو ترجيح المثبت إلا في الطلاق والعتاق فرجح النفط.
انظر: الكوكب المنير (4/ 182) وتيسير التحرر (3/ 144)، المنخول ص 434.
(2) انظر: الكوكب المنير (4/ 652) والكفاية ص 610.
والموقوف: هو المروى عن الصحابة قولا لهم، أو فعلا، أو تقريرا، متصلا إسناده إليهم، أو منقطعا، ويستعمل في غيرهم مفيدا فيقال: وقفه فلان عن الزهري ونحوه، وفقهاء خراسان يسمون الموقوف أثرا، والمرفوع خبرا.
قال النووي: وعند المحدثين، كل هذا يسمي أثرا، أي لأته مأخوذ من أثرت الحديث أي رويته.
والموقوف من حيث الحكم نوعان: موقوف له حكم المرفوع، وموقوف ليس له حكم المرفوع.
انظر: قواعد التحديث. للقاسمي (ص 130).(2/958)
المرفوع (1) على فرض حجيته، وهذه الأمور قد قررت في الأصول.
(وتعلم) أن أم المؤمنين (2) - رض الله عنها - كانت تسارع إلي رد ما خالف اجتهادها، وتبالغ في الإنكار عدى راويه كما يقع مثل! ذلك كثير من المجتهدين. وتتمسك تارة بعموم لا يعارض ذلك المروفي كتغليطها لعمر (3) - رضي الله عنه - لما روى مخاطبته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- لأهل قليب بدر، وقوله عند ذلك: يا رسول الله، إنما تخاطب أمواتا، فقال له " ما أنتم بأسمع منهم " فردت هذه الرواية عائشة بعد موت
_________
(1) المرفوع: هو ما أضافه الصحابي أو التابعي أو من بعدهما إلي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سواء كان قولا أو فعلا أو تقريرا أو وصفا، تصريحا أو حكما متصلا إسناده أولا.
فيخرج بقيد إضافته إلي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحديث الموقوف وهو ما أضيف إلي الصحابي، ويخرج أيضًا المقطوع وهو ما أضيف إلي التابعي فمن دونه فتح المغيث للسخاوي (1/ 102 - 103).
(2) هي أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق أمها أم رومان ابنة عامر. خطبها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمكة وتزوجها في شوال سنة عشر من النبوة وهي بنت ست سنين وأعرس بها في المدينة في شوال سنة اثنتين من الهجرة. وقيل غر ذلك وبقيت معه تسع سنين ومات عنها ولها ثماني عشرة سنة. ولم يتزوج بكرا غيرها واستأذنت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الكنية فقال لها: " تكني بابن أختك عبد الله بن الزبير " وكانت فقيهة عالمة فصيحة فاضلة كثيرة الحديث عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عارفة بأيام العرب وأشعارها.
روى عنها جماعة من الصحابة والتابعين، نزلت بالمدينة من السماء بعشر آيات في سورة النور.
توفي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بيتها ودفن فيه، وماتت بالمدينة سنة سبع وخمسين وقيل: سنة ثمان وخمسين ليلة الثلاثاء لسبع عشرة خلت من رمضان ودفنت بالبقيع وصلى عليها أبو هريرة وكان والي مروان في المدينة.
انظر: " الاستيعاب " (13/ 84 - 94رقم 3429) و" الإصابة " (3/ 38 - 42رقم 701) و" البداية والنهاية " (1/ 233) و" تهذيب التهذيب " (12/ 461 - 463رقم 2840).
(3) أخرجه البخاري رقم (3976) ومسلم رقم (2875) من حديث أنس بن مالك.(2/959)
عمر، وتمسكت بقول الله تعالي: {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} (1). وهذا
_________
[فاطر: 122].
وفي المسألة قولان:
1) القول الأول: أنهم لا يسمعون وهو مذهب الحنفية.
ومن أدلتهم على ذلك:
1 - قوله تعالي: {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [فاطر: 122].
2 - وقوله تعالي: {} [النمل: 80].
وأجاب الآخرون بأن الآيتين مجاز، وأنه ليس المقصود بـ (الموتى) وبـ (من في القبور) الموتى حقيقة في قبورهم، وإنما المراد هم الكفار الأحياء، شبهوا بالموتى، " والمعنى من هم في حال الموتى أو في حال من سكن القبر ".
3 - وقوله تعالي: {} [فاطر: 13 - 14].
فهذه الآية صريحة في نفط السمع عن أولئك الذين كان المشركون يدعونهم من دون الله تعالي، وهم موتى الأولياء والصالحين الذين كان المشركون يمثلونهم في تماثيل وأصنام لهم ثم يعبدونها فيها، وليس لذاتها.
4 - حديث قليب بدر- تقدم تخريجه.
ووجه الاستدلال هذا الحديث: أ) ما في الروايات - عند البخاري رقم (3980 , 3981) والنسائي (1/ 693) من حديث ابن عمر - من تقييده صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سماع موتى القليب بقوله: " الآن " فإن مفهومه أفم لا يسمعون من غير هذا الوقت، وهو المطلوب.
وقد نبه على ذلك العلامة الألوسي في كتابه " روح المعاني " (6/ 455) ففيه تنبيه قوي على أن الأصل في الموتى أفم لا يسمعون، ولكن أهل القليب في ذلك الوقت قد دعوا نداء النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبإسماع الله تعالي إياهم خرقا للعادة ومعجزة للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 2)
أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أقر عمر وغيره من الصحابة على ما كان مستقرا ني نفوسهم واعتقادهم أن الموتى لا يسمعون.
وأقرهم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على فهمهم للآية على ذلك الوجه العام الشامل لموتى القليب وغيرهم لأنه لم ينكره عليهم، ولا قال لهم: أخطأتم فالآية لا تنفى مطلقا سماع الموتى بل إنه اقرهم على ذلك، ولكن بين لهم ما كان خافيا عليهم من شأن القليب وأنهم سمعوا كلامه حقا وأد ذلك أمير خاص مستثني من الآية. معجزة له صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
5 - قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن لله ملائكة سياحين في الأرض يبلغوني عن أمتي السلام ". وهو حديث صحيح.
ووجه الاستدلال به: أنه صرح في أن النبي! س لا يسمع سلام المسلمين عليه إذ لو كان يسمعه بنفسه، لمل كان بحاجة إلي من يبلغه إليه كما هو ظاهر لا يخفى على أحد إن شاء الله تعالي وإذا كان الأمير كذلك فبالأولى أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يسمع غير السلام من الكلام. وإذا كان كذلك فلأن لا يسمع السلام غيره من الموتى أولي وأحرى.
أدلة المخالفين وهم القائلين بأن الموتى يسمعون: ا) الدليل الأول وهو حديث قليب بدر وقد تقدم.
وقد عرفت مما سبق أن خاص بأهل قليب بدر من جهة، وأنه دليل على أن الأصل في الموتى أنهم لا يسمعون من جهة أخرى، وأن سماعهم كان خرقا للعادة. 2)
الدليل الثاني: قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن الميت ليسمع قرع نعالهم إذا انصرفوا " وهو حديث صحيح. أخرجه البخاري رقم (1338) ومسلم رقم (2870) من حديث أنس رضي الله عنه.
وهذا خاص بوقت وضعه في قبره ومجيء الملكين إليه لسؤاله فلا عموم فيه.
والخلاصة:
أن الأدلة من الكتاب والسنة وأقوال أئمة الحنفية وغيرهم - على أن الموتى لا يسمعون.
وأن هذا هو الأصل، فإذا ثبت أفم يسمعون في بعض الأحوال كما في حديث خفق النعال، أو أد بعضهم عفي وقت ما، كما في حديث القليب، فلا ينبغي أن يجعل ذلك أصلا، فيقال إن الموتى يسمعون كما فعل بعضهم كلا. فإنها قضايا جزئية، لا تشكل قاعدة كلية، يعارض ها الأصل المذكور بل الحق أنه يجب أن تستثني منه، على قاعدة استثناء الأقل من الأكثر أو الخاص من العام كما هو مقرر في علم أصول الفقه.
وقال الحافظ في الفتح (7/ 302): لا معارضة بين حديث ابن عمر والآية، لأن الموتى لا يسمعون بلا شك، لكن إذا أراد الله تعالي إسماع ما ليس من شأنه السماع لم يمتنع كقوله تعالي: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ} الآية وقوله تعالي: {فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا} الآية - وقد جل في المغازي - قول قنادة إن الله تعالي أحباهم حتى سمعوا كلام نبيه عليه الصلاة والسلام توبيخا ونقمة.
انظر: روح المعاني للألوسي (6/ 454 - 456)، الدر المنثور (5/ 191)، فتح الباري (7/ 300 - 305). وهذا(2/960)
التمسك غير صالح لرد هذه الرواية من مثل هذا الصحابي، وغاية ما فيه بعد تسليم صدقه على أهل القليب أنه عام، وحديث إسماعهم خاص، والخاص مقحم على العام، وتخصيص عمومات القرآن. مما صح من آحاد السمنة هو مذهب الجمهور، وتارة تتمسك بما حفظة كقولها لما بلغها رواية عمر - رضي الله عنه - عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - بلفظ " إن الميت ليعذب ببكاء أهله " قالت: يرحم الله عمر ها حاث رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - أن الميت ليعذب ببكاء أهله، ولكن قال: " إن الله ليزيد الكافر عذابا ببكاء أهله عليه "، ثم قالت: حسبكم القرآن: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (1) أخرجه الشيخان (2)، والنسائي (3)، وفي رواية أنه ذكر لها أن ابن عمر يقول: إن الميت ليعذب ببكاء أهله فقالت: يغفر الله لأبي عبد الرحمن، أما إنه لم يكذب، ولكنه نسط أو أخطأ، إنما مر رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - على يهودية يبكى عليها، فقال " إنها ليبكى عليها، وإنها لتعذب في قبرها " أخرجه الشيخان (4)،. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
_________
(1) [الأنعام: 164].
(2) البخاري في صحيحه رقم (1288) وطرفاه رقم (1289 , 3978) ومسلم في صحيحه رقم (929).
(3) في السنن (4/ 17).
(4) البخاري في صحيحه رقم (1289) ومسلم رقم (27/ 932).(2/962)
ومالك (1)، والترمذي (2)، والنسائي (3) وقد ثبت هذا الحديث في صحيح البخاري (4) وغره (5) من طريق المغيرة بلفظ " من ينح عليه يعذب. بما نيح عليه ". فهذا الحديث قد ثبت عن رسول الله - صلى بالله عليه وآله وسلم - من طريق ثلاثة من الصحابة، ثم إن عائشة - رضي الله عنها - ردت ذلك متمسكة. بما تحفظه، وبعموم القرآن. وأنت تعلم أن الزيادة مقبولة (6) بالإجماع إن وقعت غير منافية، والزيادة هاهنا في رواية عمر وابنه، والمغيرة غير منافية لأنها متناولة بعمومها للميت من المسلمين، ولم تجعل عائشة روايتها مخصصة للعموم، أو مقيدة للإطلاق، حتى يكون قولها مقبولا من وجه، بل صرحت بخطأ الراوي أو نسيانه، وجزمت بأن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - لم يقل ذلك. وأما تمسكها بقول الله تعالي: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (7) فهو لا يعارض الحديث، لأنه عام، والحديث خاص، ولهذه الواقعات نظائر بينها - رضي الله عنها -
_________
(1) في الموطأ (1/ 234).
(2) في السنن رقم (1006).
(3) في السنن (4/ 17 - 18).
(4) في صحيحه رقم (1291).
(5) كمسلم في صحيحه رقم (28/ 933).
(6) انظر البحر المحيط (4/ 335).
قال ابن الصلاح الزيادة من الثقة ثلاثة أقسام:
1) ما كان مخالفا منافيا لما رواه الثقات فمردود.
2) مالا ينافي رواية الغير كالحديث الذي تفرد برواية جملته ثقة من الثقات فيقبل تفرده، ولا يتعرض فيه لما رواه الغير. بمخالفته أصلا، وادعى الخطب فيه الاتفاق.
3) ما يقع بين هاتين المرتبتين - كزيادة في لفظ حديث لم يذكرها سائر رواة الحديث، يعني ولا اتحد المجلس، ولا نفاها الباقون صريحا، وتوقف ابن الصلاح في قبول هذا القسم، وحكى الشيخ محي الدش النووي عنه اختيار القبول فيه.
(7) [الأنعام: 164].(2/963)
وبن جماعة من الصحابة كأبي سعيد (1)، وابن عباس (2) وغيرهما (3). ومن جملتها الواقعة المسؤول عنها، أعني: إنكارها - رضي الله عنها - الوصية منه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - إلي على - عليه السلام - وقدوا فقها في عدم وقوع مطلقها منه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - غير مفيد بكونها إلي على - عليه السلام - ابن أبي أوفى- رضي الله عنه - فأخرج [1] عنه البخاري (4)، ومسلم (5)، والترمذي (6)، والنسائي (7) من طريق طلحة ابن مصرف قال: سألت ابن أبي أوفى: هل أوصى رسول الله - صلى الله عليه وآله
_________
(1) يشير إلي استدراك عائشة على حديث أبي سعيد الخدري. الذي أخرجه أبو داود رقم (3141): أنه لما حضره الموت دعا بثياب جدب فلبسها ثم قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إن الميت يبعث في ثيابه التي يموت فيها " وهو حديث صحيح.
أن أبا سعيد فهم من الحديث إن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أراد بالثياب الكفن وأن عائشة رضي الله عنها أنكرت عليه ذلك وقالت: يرحم الله أبا سعيد إنما أراد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عمله الذي مات عليه، قد قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يحشر الناس حفاة عراة غرلا ".
أخرجه البخاري في صحيحه رقم (6527) ومسلم رقم (56/ 2859) من حديث عائشة.
(2) (منها) ما أخرجه البخاري في صحيحه رقم (1700) ومسلم في صحيحه رقم (369/ 1321) أن زياد بن أبي سفيان كتب إلي عائشة: أن عبد الله بن عباس قال: " من أهدى هديا حرم عليه ما يحرم على الحاج حتى ينحر الهدي ".
قال عمرة: فقالت عائشة رضي الله عنها: ليس كما قال ابن عباس، ألا فتلت قلائد هدى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيدي ثم قلدها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيديه، ثم بعث ها مع أبي، فلم يحرم على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شيء أحله الله له حتى نحر الهدى ".
(3) انظر: عين الإصابة في استدراك عائشة على الصحابة، تأليف جلال الدين السيوطي.
(4) في صحيحه رقم (2740) وطرفاه (4460 و5022).
(5) في صحيحه رقم (16/ 1634).
(6) في السنن رقم (2119).
(7) في السنن (6/ 240 رقم 3620).
وهو حديث صحيح.(2/964)
وسلم -؟ قال: لا، قلت: فكيف كتب على الناس الوصية، وأميرها، ولم يوص؟ قال: أوصى بكتاب الله تعالي، وأنت تعلم أن قوله: أوصى بكتاب الله تعالي لا يتم معه قوله. لا. في أول الحديث، لأن صدق اسم الوصية لا يعتبر فيه أن يكون بأمور متعددة حتى يمتنع صدقه على الأمير الواحد لا لغة، ولا شرعا، ولا عرفا، للقطع بأن من أوصى بأمير واحد يقال له موص لغة، وعرفا، وشرعا، فلا بد من تأويل قوله: لا، وإلا لم يصح قوله أوصى بكتاب الله تعالي، وقد تأوله بعضهم بأنه لم يوص بالثلث كما فعله غيره، وهو تأويل حسن لسلامة كلامه معه من التناقض.(2/965)
[جواب على سؤال]
إذا عرفت هذه المقدمة (فالجواب) على أصل السؤال ينحصر في بحثين:
(البحث الأول): في إثبات مطلق الوصية منه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -. (والبحث الثاني): في إثبات مقيدها، أعني: كونها إلي على - عليه السلام -.
[في إثبات مطلق الوصية]
(أما البحث الأول): فأخرج مسلم (1) من حديث ابن عباس أن رسول الله أوصى بثلاث: أن يجيزوا الوفد بنحو ما كان يجيزهم. وفي حديث [أنس] (2) عند النسائي (3)، وأحمد (4)، وابن سعد (5)، واللفظ له: كانت غاية وصية رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - حين حضره الموت " الصلاة وما ملكت أيمانكم "، وله شاهد من حديث على عند أبي داود (6)، وابن ماجة (7) زاد " أدوا الزكاة بعد الصلاة"،
_________
(1) في صحيحه رقم (20/ 1637) من حديث ابن عباس قال: اشتد برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وجعه. فقال: " ائتوني أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده " فتنازعوا وما ينبغي عند نهما تنازع، وقالوا: ما شأنه؟ أهجر؟ استفهموه قال: " دعوني، فالذي أنا فيه خير أوصيكم بثلاث: أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم ".
قال: وسكت عن الثالثة. أو قالها فأنسيتها.
وأخرجه البخاري في صحيحه رقم (4431).
(2) زيادة يقتضيها السياق من المصادر الحديثية.
(3) في كتاب الوفاة (ص 44 رقم 18، 19).
(4) في "المسند " (3/ 117).
(5) في " الطبقات الكبرى " له (2/ 253).
قلت: وأخرجه ابن ماجة رقم (2697) وابن حبان (1/ 552 رقم 1220 - موارد) بإسناد صحيح.
(6) في السنن رقم (5156).
(7) في السنن رقم (2698).(2/966)
أخرجه أحمد (1)، وأخرج سيف بن عمر في الفتوح من طريق ابن أبي مليكة عن عائشة أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- حذر من الفتن في مرض موته، وأمير بلزوم الجماعة والطاعة، وأخرج الواقدي (2) من مرسل العلاء بن عبد الرحمن انه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - أوصى فاطمة عليها السلام فقال: " قولي إذا مت: إلا لله وإنا إليه راجعون ". وأخرج للطبراني في الأوسط (3) من حديث عبد الرحمن بن عوف قالوا: يا رسول الله، أوصنا، يعني في مرض موته، قال: " أوصيكم بالسابقين الأولين من المهاجرين وأبنائهم من بعدهم " وقال: لا يروى عن عبد الرحمن إلا هذا الإسناد، تفرد به عتيق بن يعقوب (4)، وفيه من لا يعرف حاله. وفي سنن ابن ماجه (5) من حديث على قال: قال
_________
(1) في المسند (1/ 78) وهو حديث صحيح.
(2) لم أجده؟!
(3) (1/ 268 - 269رقم 874)
قلت: وأورده الهيثمي في المجمع (10/ 17) وقال: رجاله ثقات.
(4) عتيق بن يعقوب بن صديق بن موسى بن عبد الله بن الزبر بن العوام المدني حفظ الموطأ في حياة مالك، وثقه الدارقطني، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال زكريا الساجي روى عن هشام بن عروة حديثا منكرا.
الجرح والتعديل (7/ 46) واللسان (4/ 129).
(5) في السنن رقم
(1468). قال للبوصيري في مصباح الزجاجة (1/ 477 - 487رقم 523/ 1468): هذا إسناد ضعيف.
عباد بن يعقوب الرواجئ أبو سعيد قال فيه ابن حبان كان رافضيا داعية ومع ذلك يروي المناكير عن المشاهير فاستحق الترك. وقال ابن طاهر في التذكرة: عباد ابن يعقوب من غلاة الروافض روى المناكير عن المشاهير وإن كان البخاري روى عنه حديثا واحدا في الجامع، فلا يدل على صدقه فقد فوقفه عليه غيره من الثقات وأنكر الأئمة عليه روايته عنه.
وترك للرواية عن عباد جماعة من الحفاظ. قلت: إنما روى البخاري لعباد هذا مقرونا بغيره، وشيخه الحسين بن زيد بن على مختلف فيه " اهـ.
وهو حديث ضعيف.(2/967)
رسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: " إذا أنا مت فاغسلوني بسبع قرب من بئر أريس "، وكانت بقباء، وفي مسند البزار (1)، ومستدرك الحاكم (2) بسند ضعيف أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - أوصى أن يصلى عليه إرسالا بغير إمام. وأخرج أحمد (3)، وابن سعد (4) أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - سأل عائشة عن الذهبية في مرض موته فقال: " ما فعلت الذهبية؟ قالت: هي عندي، قال: أنفقيها " وأخرج ابن سعد (5) من وجه آخر أنه قال: " ابعثي بها إلي علي ليتصدق بها "، وفي المغازي لابن إسحاق (6) انه قال: لم يوص رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - عند موته إلا بثلاث لكل من الداريين، والزهاوين، والأشعريين [بخادم] (7) ومائه وسق من خيبر، وأن لا يترك في جزيرة العرب دينان، وأن ينفذ جيش أسامة، وقد سبق في حديث ابن أبي أوفى (8) انه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -. أوصى بالقرآن، وثبت في الأمهات (9)
_________
(1) في مسنده (1/ 398 - 399 رقم 847 - كشف).
(2) في المستدرك (3/ 60) وقال الحاكم عبد الملك بن عبد الرحمن الذي في هذا الإسناد مجهول لا نعرفه بعدالة ولا جرح والباقون كلهم ثقات.
وتعقبه الذهبي بقوله: بل كذبه الفلاس وقول الحاكم " والباقون ثقات " هذا شأن الموضوع كل رواته لقات سوى واحد، فلو استحى الحاكم لما أورد مثل هذا، انتهى كلام الذهبي.
قلت: وهو كما قال الذهبي.
وخلاصة القول أن الحديث موضوع والله أعلم.
(3) في المسند (6/ 49).
(4) في الطبقات الكبرى (2/ 238).
(5) في الطبقات الكبرى (2/ 239).
(6) عزاه إليه الحافظ في الفتح (5/ 362) وسيأتي. انظر الطبقات الكبرى لابن سعد (2/ 254).
(7) في الأصل (نجاد مائه) والصواب ما أثبتناه.
(8) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (2740) ومسلم في صحيحه رقم (16/ 1634) وقد تقدم.
(9) تقدم آنفا.(2/968)
أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - قال: " استوصوا بالأنصار (1)
خرا، استوصوا (2) بالنساء ضرا أخرجوا (3) اليهود من جزيرة العرب لا. ونحو هذه الأمور التي كل واحد منها لو انفرد لم يصح معه أن يقال: إن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - لم يوص، وثبت في الصحيح من حديث أبي موسى (4): أوصاني خليلي بثلاث، ولعل من أنكر ذلك أراد انه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - لم يوص على الوجه الذي يقع من غيره من تحرير أمور في مكتوب، كما أرشد إلي ذلك بقوله: " ما حق أميري مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده ". أخرجه البخاري (5)، ومسلم (6) من حديث ابن عمر. ولم يلتفت إلي أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - قد نجز أموره قبل دنو الموت، وكيف يظن برسولي الله - صلى الله عليه وآله
_________
(1) أخرجه البخاري رقم (3799) وطرفه (3801) من حديث أنس رضي الله عنه مرفوعا: " أوصيكم بالأنصار فإنهم كرشي وعيبتي وقد قضوا الذي عليهم وبقي الذي لهم فاقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم ".
(2) وهو جزء من حديث جابر عند مسلم رقم (147/ 1218).
(3) تقدم آنفا.
(4) بل ثبت من حديث أبي هريرة وأبي الدرداء.
أما حديث أبي هريرة فقد أخرجه البخاري رقم (1178) ومسلم رقم (721) قال أوصاني خليلي رضي الله عنه بثلاث: بصيام ثلاثة أيام من كل شهر وركعتي الضحى وأن أوتر قبل أن أرقد ".
وأما حديث أبي الدرداء فقد أخرجه مسلم رقم (722) وأبو داود رقم (1433) قال أوصاني حبيبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بثلاث أن لا أدعهن ما عشت: بصيام ثلاثة أيام ص كل شهر وصلاة الضحى وأن لا أنام إلا على وتر ".
(5) في صحيحه رقم (2738).
(6) في صحيحه رقم (1/ 1627).
قلت: وأخرجه أبو داود رقم (2862) والنسائي (6/ 238 - 239) والترمذي رقم (2118) وابن ماجه رقم (2702) ومالك (2/ 761رقم 1) وأحمد (2/ 3 - 4، 34، 127).(2/969)
وسلم - أن يترك الحالة الفضلى؟ أعني تقديم التنجيز قبل هجوم الموت، وبلوغها الحلقوم. وقد أرشد إلي ذلك وكرر وحذر، وهو أجدر الناس بالأخذ. بما ندب إليه. وبرهان ذلك أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - قد كان سبل أرضه، ذكره النووي (1) وأما السلاح والبغلة والأثاث وسائر المنقولات فقد أخبر بأنها صدقة كما ثبت عنه في الصحيح (2) وقال في الذهبية (3) التي لم يترك سواها ما قال، كما سلف. إذا عرفت هذا علمت أنه لم يبق من أمور رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - عند موته ما يفتقر إلي مكتوب.
(نعم) قد أراد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أن يكتب لأمته مكتوبا عند موته يكون عصمة لها عن الضلال [2]، وجنة تدرا عنها ما تسبب من المصائب الناشئة عن اختلاف الأقوال، فلم يجب إلي ذلك، وحيل بينه وبين ما هنالك، ولهذا قال الحبر ابن عباس: الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وبين كتابه، كما ثبت عنه ذلك في صحيح البخاري (4) وغيره (5)، فإن قلت: لا شك أن في هذه الأدلة التي سقتها كفاية، وأن المطلوب يثبت بدون هذا، وأن عدم علم عائشة بالوصية لا يستلزم عدمها ونفيها لا ينافي الوقوع، وغاية ما في كلامها الأخبار بعدم علمها. وقد علم
_________
(1) في شرحه لصحيحه مسلم (1/ 87 - 88).
قلت: وعزاه الحافظ في " الفتح " (5/ 362) - لأبي إسحاق في المغازي - وقال: رواية يونس بن بكر عنه - أي عن ابن إسحاق - حدثني صاع بن كيسان عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال: فذكره، وهذا إسناد مرسل عبيد الله تابعي مشهور.
انظر: " التقريب " (1/ 535رقم 1469).
(2) أخرجه مسلم في صحيحه رقم (18/ 16385) عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما ترك رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دينارا، ولا درهما، ولا شاة، ولا بعيرا، ولا أوصى بشيء ".
(3) تقدم تخريجه.
(4) في صحيحه رقم (4432).
(5) كمسلم في صحيحه رقم (1637/ 22).(2/970)
غيرها، ومن علم حجة على من لم يعلم، أو نفي الوصية حال الموت لا يلزم من نفيها في الوقت الخاص نفيها في كل وقت، إلا أن ثمة إشكالا، وهو ما ثبت أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - مات وعليه دين ليهودي آصع من شعير (1)،
فكيف ولم يوص به! كما أوصى بسائر تركته.
(قلت): قد كان صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ رهن عند اليهودي في تلك الآصع درعه، والرهن حجة لليهودي كافية في ثبوته، وقبول قوله، لا يحتاج معه إلي الوصية كما قال الله تعالي في آية الدين: {وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} (2) على أن علم ذلك لم يكن مختصا به - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، بل قد شاركه فيه بعض الصحابة، ولهذا أخبرت به عائشة، وليس المطلوب من الوصية للشارع إلا التعريف. مما على الميت من حقوق الله، وحقوق الآدميين، وقد حصل ههنا.
_________
(1) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (4467) من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: " توفي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وردعه مرهونة عند يهودي بثلاثين، يعني صاعا من شعر ".
(2) [البقرة: 1283].(2/971)
[في إثبات الوصية لعلى]
(وأما البحث الثاني): فأخرج أحمد بن حنبل (1) عن أنس أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - قال: " وصي ووارثي، ومنجز وعدي على بن أبي طالب " وأخرج أحمد (2) من حديثه قال قلنا لسلمان: سل رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - من وصيه؟ قال سلمان: يا رسول الله، من وصيك؟ قال: " يا سلمان من كان وصي موسى؟ " قال: يوشع بن نون، قال: فإن وصي، ووارثي، ويقضي ديني، وينجز موعدي على بن أبي طالب، وأخرج الحافظ أبو القاسم البغوي في معجم الصحابة (3) عن بريدة قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - " لكل نبي وصي ووارث،
_________
(1) وهو حديث موضوع لم أجده في مسند أحمد.
وقال صاحب كشف الخفاء (2/ 466رقم 2895): موضوع.
وقال الصغاني في الدر الملتقط: وهو من مفتريات الشيعة.
وانظر الموضوعات للصغاني (ص 27). تحقيق نجم عبد الرحمن خلف ط: 405 اهـ.
(2) قال ابن تيمية في منهاج السنة (5/ 23) و (7/ 299 - 312، 354 - 358) إن هذا الحديث كذب موضوع باتفاق أهل المعرفة بالحديث، ليس هو في مسند أحمد، وليس في شيء من الكتب إلى تقوم الحجة. بمجرد إسناده إليها، ولا صححه إمام من أئمة الحديث.
وذكره ابن ابرزي في الموضوعات (1/ 374 - 375) وأورد له أربع طرق كلها غير صحيحة، وفي بعضها راو من كبار الشيعة.
وانظر الفوائد المجموعة للشوكاني (ص 369 رقم 63).
(3) ذكره ابن الجوزي في الموضوعات (1/ 376): وقال: هذا حديث لا يصح.
وقال الذهبي في ترجمة شريك بن عبد الله النخعي في الميزان (2/ 463): محمد بن حميد الرازي - وليس بثقة - حدثنا سلمة الأبرش، حدثنا ابن إسحاق عن شريك، عن أب ربيعة الأيادى، عن أبيه مرفوعا: " لكل نجي وصي ووارث، وإن عليا وصبي وواري ".
قلت: هذا كذب لا يحتمله شريك.(2/972)
وإن عليا وصي ووارثي "، وأخرج ابن جرير (1) عن على - عليه السلام - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: " يا برش عبد المطلب إني قد جئتكم بخيري الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه، فأيكم يؤازرني على هذا الأمر، على أن يكون أخي، ووصي، وخليفتي فيكم؟ " قال: فأحجم القوم عنها جميعا، وقلت أنا: يا نبي الله، أكون وزيرك عليه؟ فأخذ برقبتي ثم قال: " هذا أخي، ووصيي، وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا ".
وأخرج محمد بن يوسف الكنجي الشافعي في. . . . . . . . . . . . . . . . . .
_________
(1) في جامع النبيان (11 جـ 19/ 121 - 122).
قلت: وأخرجه ابن الجوزي في الموضوعات (1/ 374 - 375) من طرق أربع في:
الطريق الأول: إسماعيل ابن زياد قال ابن حبان: لا يحل ذكره في الكتب إلا على سبيل القدح فيه.
وقال الدارقطني متروك، وقال عبد الغني ابن سعيد الحافظ أكثر رواة هذا الحديث مجهولون وضعفاء.
وأما الطريق الثاني: ففيه مطر ابن ميمون قال البخاري منكر الحديث. وقال أبو الفتح الأزدي:
متروك الحديث، وفيه جعفر وقد تكلموا فيه.
وأما الطريق الثالث: ففيه خالد بن عبيد. قال ابن حبان: يروي عن انس نسخة موضوعة لا يحل كتب حديثة إلي علي جهة التعجب.
قال المصنف: - ابن الجوزي - قلت أحد الرجلين وضع الحديث، والآخر سرقه منه.
وأما الطريق الرابع: فإن قيس بن ميناه من كبار الشيعة ولا يتابع على هذا الحديث. واسماعيل بن زياد قد ذكرنا القدح فيه في الطريق الأول.
وقال ابن فيم الجوزية في " المنار المنيف " ص 57: تحت عنوان أمور كلية يعرف بما كون الحديث موضوعا منها: أن يدعي على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه فعل أميرا ظاهرا. بمحضر من الصحابة كلهم، وأنهم اتفقوا على كتمانه ولم ينقلوه كما يزعم أكذب الطوائف: أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخذ بيد على بن أبي طالب رضي الله عنه. بمحضر من الصحابة كلهم، وهم راجعون من حجة الوداع، فأقامه بينهم حتى عرفه الجميع ثم قال: " هذا وعي وأخي والحليفة من بعدي فاسمعوا له وأطيعوا " ثم اتفق الكل على كتمان ذلك وتغيره ومخالفته فلعنة الله على الكاذبين.(2/973)
مناقبه (1) من حديث ذكره بسند متصل برسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-، وفيه في وصف علي- عليه السلام- ووعاء علمي، ووصيي.
وأخرج أيضًا (2) عن علي- عليه السلام- أنه قال: أمرني رسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- بقتال ثلاثة: الناكثين، والقاسطين، والمارقين.
وأخرج أيضًا (3) عن جابر أن رسول الله- صلى الله عليه واله وسلم- قال لعلي بن أبي طالب: "سلام عليك يا أبا ريحانتي، أوصيك بريحانتي خيرا" قال: هذا حديث حسن من حديث جعفر بن محمد.
وأخرج الطبراني (4) عن عمار عنه- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: "ألا أرضيك يا علي؟ أنت أخي، ووزيري، تقضي ديني، وتنجز موعدي، وتبرئ ذمتي" الحديث
_________
(1) لم أجده بهذا اللفظ.
واعلم أن أحاديث الوصاية كلها تالفة.
(2) أخرجه ابن الجوزي في العلل المتناهية رقم (395) وقال المصنف: هذا حديث لا يصح. أما أصبغ فقال يحيى بن سعيد ليس بثقة ولا يساوي شيئا.
وقال النسائي: متروك الحديث. وقال ابن حبان: فتن بحب علي بن أبي طالب فأتى بالطامات في الروايات فاستحق من اجلها الترك.
وأما علي بن الحزور فقال يحيى: لا يحل لأحد أن يروي عنه.
وقال أبو الفتح الأزدي: لا اختلاف في تركه.
والخلاصة أن الحديث موضوع.
(3) لم أجده بهذا اللفظ.
وقد أخرج البخاري في صحيحه رقم (3753) من حديث ابن عمر وفيه: قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" هما - أي الحسن والحسين- ريحانتاي من الدنيا".
(4) في الكبير (12/ 420 - 421 رقم 3549) وأورده الهيثمي في المجمع (9/ 121) وقال: فيه من لم أعرفه.
والخلاصة أن الحديث موضوع والله أعلم.(2/974)
بطوله. وأخرج نحوه أبو يعلى (1)، وأخرج البزار (2) عن أنس مرفوعا: علي يقضي ديني، وروي بكسر الدال، وأخرج ابن مردويه (3) والديلمي (4) عن سلمان الفارسي مرفوعا: على بن أبي طالب ينجز عداتي، ويقضى ديني. وأخرج الديلمى (5) عن أنس مرفوعًا يا على أنت تبين للناس ما يختلفون فيه من بعدي، وأخرج أبو نعيم في الحلية (6)، والكنجي في المناقب من حديث طويل، وفيه وقائد الغر المحجلين، وخاتم الوصيين، وأخرج العلامة إبراهيم بن محمد الصنعاني في كتابه: إشراق الإصباح (7) عن محمد بن على
_________
(1) في المسند (1/ 402 - 403رقم 268/ 528) عن على بإسناد ضعيف جدا.
وأورده الهيثمي في المجمع (9/ 121 - 122) وقال: وفيه زكريا الصهباني وهو ضعيف.
قلت: زكريا بن عبد الله بن يزيد الصهبايى قال الأزدي: منكر الحديث.
وخلاصة القول أن الحديث ضعيف جدا.
(2) في مسنده (3/ 197رقم 2555 - كشف).
وقال البزار: هذا الحديث منكر وهو كما قال إلا أن المحدث الألبايى أخرج له شاهدين في الصحيحة رقم (1980) فحسنه هما. انظره لراما لما فيه من كشف أباطيل الشيعة.
(3) زهر الفردوس (2/ 315).
(4) أورده الديلمى في " الفردوس بمأثور الخطاب " (3/ 61 رقم 4170).
(5) في الفردوس بمأثور الخطاب (5/ 332 رقم 8347). وأسنده في زهر الفردوس (4/ 299).
(6) (1/ 102رقم 192).
وأخرجه ابن الجوزي في الموضوعات (14/ 376 - 377) وقال: هذا حديث لا يصح.
قال يحي بن معين: على بن عباس ليس بشيء رقد روى هذا الحديث جابر الجعفي عن أبي الطفيل عن أنس.
قال زائدة: كان جابر كذابا، وقال أبو حنيفة ما لقيت أكذب منه.
وانظر اللآلئ المصنوعة للسيوطي (1/ 350).
(7) العلامة إبراهيم بن محمد بن نزار الصنعاني كان من المبدعين في النثر الأدبي تلقى العلم ودرسه على محمد ابن احمد بن عمرو والإمام محمد بن المطهر وعلى يديه نبغ جماعة من العلماء.
ومن مؤلفاته: (إشراق الإصباح في مناقب الخمسة الأشباح) وهم محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعلى والحسنين وفاطمة رضي الله عنه.
انظر: مصادر الفكر العربي الإسلامي (ص 414)، الإعلام (10/ 67).(2/975)
الباقر، عن آبائه، عنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - من حديث طويل، وفيه: وهو - يعني عليا - وصيي، ووليي. قال المحب الطبري (1) بعد أن ذكر حديث الوصية إلي على - عليه السلام -: والوصية محمولة على ما رواه أنس من قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وصي، ووارثي يقضي ديني، وينجز موعدي على بن أبي طالب.
أو على ما أخرجه ابن السراج (2) من قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - يا على، أوصيك بالعرب خيرا.
أو على ما رواه حسين بن على - عليه السلام - عن أبيه، عن جده قال: أوصى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - عليا أن يغسله، فقال: يا رسول الله، أخشى أن لا أطيق، قال: إنك ستعان عليه (3)، انتهى.
والحامل له على هذا الحمل حديث عائشة السالف، والواجب علينا الإيمان بأنه - عليه السلام - وصى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، ولا يلزمنا التعرض للتفاصيل الموصي ها، فقد ثبت أنه أميره بقتال الناكثين (4)، والقاسطين والمارقين، وعين له علاماتهم، وأودعه جملا من العلوم، وأميره بأمور خاصة كما سلف، فجعل الموصي
_________
(1) تقدم آنفا.
(2) أخرجه البزار في البحر الزحار (2/ 318رقم 749) وأورده الهيثمي في المجمع (10/ 52) وقال: رواه الطبراني والبزار .... ورجال البزار وثقوا على ضعفهم.
قلت: إسناده ضعيف.
(3) لم أجده هذا اللفظ.
بل أخرج أبو داود في السنن رقم (3209) عن عامر، قال: غسل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على والفضل وأسامة بن زيد. . . " وإسناده مرسل صحيح. وله شاهد عمد أحمد برقم (2357 - شاكر) وإسناده ضعيف.
والخلاصة: أن الحديث حسن لغيره.
(4) تقدم تخريجه.(2/976)
بها فردا منها ليس من دأب المنصفين، وأورد بعضهم - على القائلين [3] بأن عليا - عليه السلام - وصى رسول الله - سؤالا فقال: إن كانت الوصاية إخباره. بما لم يخبر به غيره من الملاحم ونحوها فقد شاركه في ذلك حذيفة (1) - رضي الله عنه -، فإنه خصه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -. بمعرفة المنافقين، واختصه بعلم الفتن، وأن حملت على الوصاية بالعرب كما ذكر الطبري (2) فقد أوصى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - المهاجرين بالأنصار، وأوصى أصحابه بأصحابه. وأنت تعلم أنا لم نقصر على الإخبار ولا على الوصية بالعرب، ولم نتعرض للتفضيل، بل قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: إنه وصيه، فقلنا: إنه وصيه، فلا يرد علينا شيء من ذلك.
(تنبيه): أعلم أن جماعة من المتعصبين على الشيعة عدوا قولهم أن عليا - عليه السلام - وصي لرسول الله من خرافاتهم، وهذا إفراط وتعنت يأباه الإنصاف، وكيف يكون الأمير كذلك وقد قال بذلك جماعة من الصحابة كما ثبت في الصحيحين (3) أن جماعة على ذكروا عند عائشة أن عليا وصي، وكما ثبت في غيرهما. واشتهر الخلاف بينهم في المسألة، وسارت به الركبان، ولعلهم تلقنوا قول عائشة في أوائل الطلب، وكبر في صدورهم حتى ظنوه مكتوبا في اللوح المحفوظ، وسدوا آذاكم عن سماع ما عداه، وجعلوه كالدليل القاطع، وهكذا فليكن الإعتساف والتنكب عن مسالك الإنصاف، وليس هذا بغريب بين أرباب المذاهب، فإن كل طائفة في الغالب لا تقيم لصاحبتها وزنا، ولا تفتح لدليلها، وإن كان في أعلى رتبة الصحة إذنا إلا من عصم الله، وقليل ما هم. وقد اكتفينا هذا المقدار من الأدلة الدالة على المراد، وإن كان المقام محتملا للإكثار، ولكثير الأخبار والآثار، فمن رام الاستيفاء فليراجع الكتب المصنفة في مناقب
_________
(1) تقدم في رسالة " هل خص النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أهل البيت بشيء من العلم " (ص 903).
(2) تقدم آنفا.
(3) تقدم آنفا.(2/977)
علي (1) - عليه السلام -.
حرره المجيب - غفر الله له - محمد بن على الشوكاني في اليوم التاسع والعشرين من شهر شعبان سنة اثنتي عشر وخمس وهو تاريخ كتب هذه النسخة من خط المؤلف وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم تسليما وحسبنا الله وكفى ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله (2)
_________
(1) منها:
- تهذيب خصائص الإمام على. للنسائي. تحقيق وتخريج أبو إسحاق الحويني الأثري.
- موسوعة الأحاديث والآثار الضعيفة والموضوعة (14/ 467 - 496).
- كتاب " رياض الجنة في الرد على أعداء السنة " للشيح مقبل بن هادي الوادعي (ص 186 - 207).
(2) الخلاصة:
من الملاحظ أخط القارئ أن الشوكاني عندما ألف هذه الرسالة سنة 205 اهـ لم تنضج بعد ثقافته في علوم الحديث، ثم لما نضجت وأخذ خبرة ودراية بطرق الحديث وأسانيدها والتمييز بينها ومواطن الضعف والقوة فيها ألف كتابه " الفوائد المجموعة " في آخر حياته سنة 1248 هـ أي بعد ثلاث وأربعين سنة من تأليفه لهذه الرسالة.
وأورد فيه الكثير من الأحاديث الضعيفة والموضوعة، وانتقدها. مما يدل على علمه بالحديث ومن ضمنها أحاديث في فضائل على! به التي أوردها في هذه الرسالة، فقال في " الفوائد المجموعة " (ص 424): ومنها وصايا علي! ه كل! موضوعة سوى الحديث الأول وهو: أنت مني بمنزلة هارون من موسى - تقدم تخريجه في رسالة أنا مدينة العلم. . . . . . .
ويظهر من كلام الشوكاني - رحمه الله - في هذه الرسالة أنه لم يثبت الوصية بالخلافة في الحكم، وإنما يثبت الوصايا العامة التي أوصاها الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعلى، وفي هذا الصدد أورد الشوكاني أحاديث كثيرة ضعيفة وموضوعة وقد أورد الشوكاني رحمه الله روايات ضعيفة وموضوعة في فضائل علي رضي الله عنه في بعض كتبه، ولم ينبه على ضعفها ونكارتها وخاصة في تفسيره " فتح القدير " الذي انتهى من تأليفه سنة 1229 هـ. و" در السحابة في مناقب القرابة والصحابة " الذي انتهى من تأليفه سنة 1241هـ. أعانني الله على نشرهما.(2/978)
(24) 10/ 3
الصوارم الحداد القاطعة لعلائق مقالات أرباب الاتحاد
تأليف
محمد بن علي الشوكاني
حققته وعلق عليه وخرجت أحاديثه
محفوظة بنت علي شرف الدين
أم الحسن(2/979)
وصف المخطوط
1 - عنوان الرسالة: الصوارم الحداد القاطعة لعلائق مقالات أرباب الاتحاد.
2 - موضوع الرسالة: نقد لآراء وأقوال ورجال الاتحادية المارقة.
3 - أول الرسالة: بسم الله الرحمن الرحيم، حمدا لك يا من تنزه عن مجانسة المخلوقات، وتميز بذاته عن جميع الذوات المحدثات. . . . . .
4 - آخر الرسالة:. . . . فلا أزيدك على ذلك، ولنقتصر على هذا المقدار فإن داء لا يشفيه هذا الدواء، لداء عضال وسما لا يبرى من تلهبه هذا الترياق، لسم قتال. والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم. . . . . .
5 - عدد الصفحات: 31 صفحة + صفحة العنوان.
6 - عدد الأسطر في الصفحة: 22 - 24 سطرا.
7 - عدد الكلمات في السطر: 11 - 13 كلمة.
8 - الناسخ: المؤلف: محمد بن على الشوكاني.
9 - تاريخ النسخ: 22/ رجب/1205 هـ.
10 - وجدت تحت عنوان الرسالة في المخطوط ما يفيد توبة الإمام محمد بن علي الشوكاني عما حرره في هذه الرسالة. . . . . .
فأقول إن هذا الكلام المدون على غلاف الرسالة افتراء على هذا الإمام صاحب العقيدة السلفية. لأسباب كثيرة: أهمها:
أ- الخط الذي كتبت فيه التوبة ليس خط الإمام الشوكاني يفينا، فقد جهل الكاتب أن الرسالة كتبت عام 1205هـ وتمت التوبة كما زعم عام 1245 هـ. فقلد خط الشوكاني في العام الذي كتبت فيه الرسالة، ونسي أن خط الإمام بعد أربعين عاما قد تغير كما هو واضح لمن تتبع خطه في هذا التاريخ والله أعلم.(2/981)
ب - نقل الإمام الشوكاني نصوصا صريحة مكفرة من كتب القوم ولا يمكن التوبة منها إلا لأصحابها.
ج- كلام الأئمة والعلماء كابن تيميه، وابن فيم الجوزية، والعز بن عبد السلام، وبدر الدين بن جماعة، والبلقيني، وابن حجر، وصالح بن مهدي المقبلي وغيرهم، موافق لما قاله الإمام الشوكاني في بيان كفر القوم كل ما تقدم وغيره يثبت زور ما وجد على غلاف الرسالة المخطوطة.
انظر (ص 1024 - 1035).(2/982)
بسم الله الرحمن الرحيم
[خطبة المؤلف]
حمدا لك يا من تنزه عن مجانسة المخلوقات، وتميز بذاته عن جميع الذوات المحدثات، وصلاة وسلاما على رسولك المأمور بتبليغ الشرائع الحاسم. بمرهم {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ. . . .} (1) كل ما يزخرفه المبطلون من الذرائع، وعلى آله الذين مشوا على صراطه المستقيم وتمسكوا عند ظهور البدع المظلة هدية القويم.
وبعد:
فإنه كتب إلي سيدي السيد السند العلامة الأوحد ترجمان النبيان نبراس الزمان زينة الأوان (القاسم بن أحمد لقمان) (2) - حفظه الله عن طوارق الحدثان - هذه الأبيات الفائقة الرائقه متوجعا ها من غلاة الصوفيه (3) وسائلا عن حكم من كرع منهم في تلك
_________
= السيد قاسم بن أحمد بن عبد الله لقمان، احد أحفاد الإمامين المشهورين شرف الدين والمهدي احمد ابن يحي المرتضى، أديب ففيه شاعر، مولده بقرية (صنعة) على مقربة من مدينة (ذمار) سنة 1166هـ/ 1752م أم درس في ذمار ثم انتقل إلي صنعاء سنة 1192هـ / 1779م فأخذ عن شيوخها واستقر ها وتزوج و" اضرب عن العود إلي وطنه! " كما قال الشوكاني الذي لازمه وأخذ عنه وكان من أخص خلصائه، وكان يكلفه بالفصل في بعض القضايا الشرعية وأثني على عدالته وفقهه ونزاهته وكان بينهما مطارحات أدبية ومراجعات علمية نظمأ ونثرا.
انظر: البدر الطالع (2/ 31 - 39 رقم 273)، التقصار (ص 387)، نيل الوطر (1/ 173).
(7): أنه جامد غير مشتق: ذهب جماعة من أئمة التصوف إلي أن اسمهم غير مشتق من شيء. وأنه. بمثابة لقب أطلق عليهم. وممن قال هدا القول، القشيري، والهجويري.
وهذا القول من الأقوال الضعيفة جدا. لأنه لا يعرف في الطوائف الدينية طائفة يطلق عليها لقب جامد خاو من المدلولات عطل من المعاني.
شفاء السائل (ص 15 - 18)، الرسالة للقشيري (2/ 550 - 551).
قال السهروردي: " وأقوال المشايخ في ماهية التصوف تزيد على ألف قول بل ذكروا أن الأقوال المأثورة في حد التصوف زهاء الألفين.
ومن تعريفاهم إليتي تلقى الضوء على ركائز عقائدهم:-
يقول بشر الحافي: " الصوفي من صفا قلبه لله ".
قال الجنيد (ت 298 هـ) عن التصوف: " أن تكون مع الله تعالي بلا علاقة ".
وقال: " هم أهل بيت واحد لا يدخل فيه غيرهم ".
وقال الحصري (ت 371هـ): " الصوفي هو الذي لا تقله أرض ولا تظله سماء ".
انظر: " الغنية لطالي طريق الحق " (2/ 160).
القشيرية (2/ 550) " تذكرة الأولياء " للعطار (ص 288).
(1) [المائدة: 3].
(2) السيد قاسم بن أحمد بن عبد الله لقمان، احد أحفاد الإمامين المشهورين شرف الدين والمهدي احمد ابن يحي المرتضى، أديب ففيه شاعر، مولده بقرية (صنعة) على مقربة من مدينة (ذمار) سنة 1166هـ/ 1752م أم درس في ذمار ثم انتقل إلي صنعاء سنة 1192هـ / 1779م فأخذ عن شيوخها واستقر ها وتزوج و" اضرب عن العود إلي وطنه! " كما قال الشوكاني الذي لازمه وأخذ عنه وكان من أخص خلصائه، وكان يكلفه بالفصل في بعض القضايا الشرعية وأثني على عدالته وفقهه ونزاهته وكان بينهما مطارحات أدبية ومراجعات علمية نظمأ ونثرا.
انظر: البدر الطالع (2/ 31 - 39 رقم 273)، التقصار (ص 387)، نيل الوطر (1/ 173).
(3) الصوفية: قال ابن تيمية في الفتاوى (11/ 5 - 6): أما لفظ " الصوفية " فإنه لم يكن مشهورا في القرون الثلاثة، وإنما اشتهر التكلم به بعد ذلك وقد نقل التكلم به عن غير واحد من الأئمة والشيوخ: كالإمام أحمد بن حنبل، وأبي سليمان الداراني، وغيرهما. وقد روى عن سفيان الثوري أنه تكلم به، وبعضهم يذكر ذلك عن الحسن البصري. وتنازعوا في " المعنى " 10 هـ.
فإن التصوف كلمة مجهولة الاشتقاق، ولا يعرف لها مصدر محدد حتى من أكثر الناس خبرة هذا المذهب كالقشيري والكلاباذي وغيرهما واحتملوا اشتقاق كلمة التصوف من أحد هذه المصادر المفترضة وهي:
1): أن تكون منسوبة إلي الصفاء، وهو مردود من جهة الاشتقاق اللغوي وقد رده القشيري في الرسالة (ص 126) وأنكره ابن خلدون في المقدمة (ص 467).
2): وقيل: إنه نسبة إلي " أهل الصفة " الفقراء الذين كانوا يأوون إلي مؤخرة مسجد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهذه النسبة مردودة من جهة الاشتقاق، ولو كان كذلك لقيل: صفى.
انظر الفتاوى (6/ 11).
3): أن تكون لسمة إلي رجل يقال له. صوفة، واسمه الغوث بن مر وإنما سمى بـ " صوفة " لأن أمه نذرت لئن عاش لتعلقن برأسه صوفه ولتجعلنه ربيط الكعبة وهو اشتقاق مستبعد.
انظر تلبيس ابليس (ص 183).
وقيل: والصوفة كل من ولي شيئا من عمل البيت وهم الصوفان وهو الغوث بن مر بن أو بن طابخة ابن إلياس بن مضر كانوا يخدمون الكعبة في الجاهلية ويجيزون الحاج أي يضيفون هم.
وهذا مردود - وان كان موافقا من جهة اللغة - لأمور منها:-
1): لأن صوفة خدم الكعبة في الجاهلية ليسوا من الشهرة بحيث يعرفهم الصوفية الأوائل.
2): لأنه لو نسب النساك إلي هؤلاء لكان هذا النسب معروفا في زمن الصحابة.
3): ولأن أوائل من نسبوا إلي هذا الاسم لا يرضون الانتساب إلي قبيلة جاهلية لا وجود لها في الإسلام. انظر: الفتاوى
(6/ 11).
4): الصف الأول: إنهم سموا صوفية " لأهم في الصف الأول بين يدي الله عز وجل بارتفاع هممهم وإقبالهم على الله بقلوبهم ووقوفهم بسرائرهم بين يديه ".
وهذا بعيد عن سلامة الاشتقاق اللغوي، فإن النسبة إلي الصف لا صوفي.
الفتاوى (6/ 11) " عوارف المعارف " (ص 61).
5): السوفية اليونانية: لقد ذهب أبو ريحان النبيروني (ت 440 هـ) إلي أن كلمة " صوفي " مأخوذة من " سوفية " اليونانية التي معناها الحكمة، حيث ذكر مذهب الفلاسفة في الصدور الفيضي.
وهذا قول جماعة من الباحثين والمستشرفين.
انظر: " التصوف، المنشأ والمصادر " للشيخ إحسان (ص 33).
6): الصوف. يذهب غالب المتصوفة المتقدمين والمتأخرين إلي أن الصوفي منسوب إلي لبس الصوف ومنهم:
السراج الطوسي وأبو طالب المكي واختاره جمع من أهل السنة الذين صنفوا في التصوف كابن خلدون وابن تيمية. الفتاوى (11/ 16 , 195).(2/987)
المشارب الوبية وقد أوردت نثره ونظمه بحروفه، قال - طول الله بدنه وحرس مهجته - ما لفظه:
[نص السؤال]
حرس الله سماه المفاخر بحماية بدرها الزاهر وأتحف روضها الناظر بكلاية غشها الهامي الهامير وأهدى إليه تحية عطرة وبركة خضرة نظرة ما سمحت.
أقلام الكتبة مفارق المحابر ورتعت أبصار الطلبة في حدائق الدفاتر صدرت هذه الأبيات في غاية القصور أقيلوا عثارها إن كان لكم عليها عثور تستمنح منكم الفرائد - وتستمد منكم الفوائد أوجب تحريرها أن ذكر عند بعض الأماثل جماعه المتصوفة فأثنى عليهم وأطنب(2/989)
وأطرى وأطرب واستشهد بي، فقلت. مموجا قوله مستثنيا منهم مثل الحلاج (1) وابن عربي (2) ومن يساويهما فأصروا واستكبروا وأبدوا قولا يستنكر، فجرى بيننا خلاف مفرط فأحكم بيننا بالحق ولا تشطط.
والأبيات [1].
_________
. (2): هو أبو بكر محيي الدين: محمد بن على بن محمد الحاتمي الطائي الأندلسي. ولد في (مرسية) سنة (560 هـ) ونشأ فيها ثم ارتحل وطاف البلدان فجاء بلاد الشام والروم والمشرق ودخل بغداد، كان يكتب الإنشاء لبعض الملوك في المغرب، اختلف الناس في شانه فذهبت طائفة إلي أنه زنديق. وقال آخرون إنه ولي ولكن يحرم النظر في كتبه. والصحيح أنه اتحادي خبيث، ولم يشتهر أميره وكتبه إلا بعد موته لأنه كان منقطعا عن الناس، إنما يجتمع به آحاد الاتحادية، ولهذا تمادى في أميره ثم فضح وهتك.
توفي سنة (638 هـ).
انظر: شذرات الذهب (5/ 190 - 202)، نفح الطب (2/ 161 - 184)، الميزان (3/ 659 - 660)
(1) هو الحسين بن منصور بن محمى الحلاج أبو مغيث، أبو عبد الله، كان جده مجوسيا وأسلم، اسمه: محمى من أهل فارس، من بلدة يقال لمها: البيضاء ونشأ بواسط ويقال بتستر ودخل بغداد وتردد إلي مكة وجاور ها في وسط المسجد في البرد والحر، مكث على ذلك سنوات متفرقة، وكان يصابر نفسه ويجاهدها، ولا جلس إلا تحت السماء في وسط المسجد الحرام، ولا يأكل إلا لعض قرص ويشرب قليلا من الماء معه وقت الفطور مدة سنة كاملة، وكان يجلس على صخرة في شدة الحر في جبل أبي قيس.
وقد صحب جماعة من سادات المشايخ الصوفية، كالجنيد بن محمد، وعمرو بن عثمان المكي وأبي الحسين النوري. قال الخطب البغدادي: والصوفية مختلفون فيه فأكثرهم نفى أن يكون الحلاج منهم.
وأبى أن يعده فيهم، وقبله من متقدميهم أبو العباس بن عطاء البغدادي حكي عن غير واحد من العلماء والأئمة إجماعهم على قتله وأنه قتل كافرا وكان كافرا ممزقا - كاذبا مختلفا - مموها مشعبذا، وهذا قال أكثر الصوفية فيه. . . . . وهو لا يقرأ القرآن، ولا يعرف الحديث ولا في الفقه شيما، ولا في اللغة، ولا في الأخبار ولا في الشعر أيضا. . .
قطعت يداه ورجلاه وحز رأسه وأحرقت جثته، وألقي رمادها في دجلة. ونصب الرأس يومين ببغداد على الجسر في (124 ذي القعدة/ 309 هـ).
انظر: شذرات الذهب (2/ 233 - 253 - 257) اللباب (1/ 403).
وفيات الأعيان (2/ 140 - 147) الأنساب (2/ 292 - 294).(2/990)
[قصيدة السائل]
أعن العذول يطيق يكتم ما به ... والجفن يغرق في خليج سحابه
جازت ركايبه الحمى فتعفقت ... أحشاؤه بشعابه وهضابه
نفذ الزمان وما نفذن مسائلي ... في الحب والتنفير عن أربابه
فركضت في ميدانه وكرعت من ... غدرانه وركعت في محرابه
وسألت عن تحفيقه وبحثت عن ... تحقيقه وكشفت عن أسبابه
فوجدت أخبار الغرام كواذبا ... في أكثر الفتيان من طلابه
ولقل ما تلقى أميرء متصوفا ... ينحو طريق الحب من أبوابه
فيميت من شهواته لحياته ... ويرد فضل ذهابه لإيابه
يجد الخطيئة كالقذاة لعينة ... فرمى ها في الدمع عن تسكابه
أخذ الطريقة بالحقيقة سالكا ... نهج النبي قد اقتدى بصوابه
تمضي به اللحظات وهو محاسب ... للنفس قبل وقوفه لحسابه
هذي الطريقة للمريد مبلغ ... مخ التصوف وهى لب لبابه
وجماعة رقصوا على أوتارهم ... يتجاذبون الخمر عن أكوابه
يتواجدون لكل أحوى أحور ... يتعللون من الهوى برضا به
ألوحدة جعلوا المثاني مؤنسا ... واللحن عند الذكر من إعرابه
أصحاب أحوال تعدوا طورهم ... فتنكروا في الحال عن أحزابه
زجروا مطاياهم إليه وإنما ... نكص الغرام بهم على أعقابه
دعواك معرفة الغيوب سفاهة ... والشرع قاض والنهى بكذابه
فمن المحال ترى المهامه تنطوي ... لمشعبذ من دون وخد ركابه
وخرافة بشر يرى متشكلا ... متمكنا من لبس غير إهابه
رجحت نهاى فلا اصدق ما سوى ... رسل المليك وترجمان كتابه(2/991)
فدع التصوف واثقا بحقيقة ... واحرص ولا يغررك لمع سرابه
[2] للقوم تعبير به يصبي النهى ... طربا ويثني الصب عن أحبابه
فيرون حق الغير غير محرم ... بل يزعمون بأنهم أولى به
لبسوا المدارع واستراحوا جرأة ... عن أمير باريهم وعن إيجابه
خرجوا عن الإسلام ثم تمسكوا ... بتصوف فتستروا بحجابه
فأولئك القوم الذين جهادهم ... فرض فلا يعدوك نيل ثوابه
وإذا أرابك ما أقول فسل به ... من عنده في الحكم فصل خطابه
علامة المعقول والمنقول من ... حكمت له العليا على أترابه
فذ الزمان وتوءم المجد الذي ... ساد الأكابر في أوان شبابه
بدر الهدى النظار سله مقبلا ... كفية ملتمسا لرد جوابه
فمحمد بن على بن محمد ... مني ومنك محقق أدرى به
سله زكاة الاجتهاد فإنه ... ... إن صح فقرك محرز لنصابه
انتهى
[جواب الإمام الشوكاني]
وأقول: سبحان الفاتح المانح الواهب هذا الشريف من فنون البلاغة، المتجر الرابح، وقد آن أن أشرع في الجواب عليه امتثالا لمرسومه، وقد نظمت هذه القصيدة على منوال قصيدته في الروي والتيافية وأما في البلاغة والجزالة والانسجام والإبداع. فالفرق مثل الصبح ظاهر وأن ما أنا فيه من الأشغال المتكاثفة بالدرس والتدريس والإفتاء والتأليف لمن أعظم الموانع العائقة لصاحبها عن اللحاق بالمجيدين في صناعة النظم والنثر لا سيما وهذه الأبيات التي أجبت ها بنت ساعة من فار فأقول مستعينا بالله متكلا عليه:
هذا العقيق فقف على أبوابه ... متمايلا طربا لوصل عرابه
يا طالما قد جبت كل تنوفة ... مغبرة ترجو لقا أربابه(2/992)
وقطعت أنساع الرواحل معربا ... في كل حي جئته بطلابه
[3] حتى غدت غدران دمعك فيضا ... بالسفح في ذا السفح من تسكابه
والعمر وهو أجل ما خولته ... أنفقته في الدور في أدرابه
وعصيت فيه قول كل مفند ... وسددت سمعا عن سماع خطابه
بشراى بعد اليأس وهو خطيبه ... بتبدلي سهل الهوى بصعابه
قد أنجح الله الذي أملته ... ... وكدحت فيه لنيل لب لبابه
وهجرت فيه ملاعبي وليت ... فيه متاعي ومنيت من أوصابه
وشربت كاسات الفراق وقد غدت ... ممزوجة بزعافه وبصابه
وبذلت للهادي إليه- نفائسي ... ومنحته منى بحبك وطابه
فحططت رحلي بين سكان الحمى ... وأنخته في مخصبات شعابه
وشفيت نفسي بعد طول عنائها ... في قطع حزن فلاته وهضابه
ووضعت عن عنقي عصا الترحال ... لا أخشى العذول ولا قبيح عتابه
فأنا ولا فخر الخبير بأرضه ... وأنا العروف بشامخات عقابه
وأنا العليم بكل ما في سوحه ... وأنا المترجم عن خفي جوابه
يا ابن الرسول وعالم المعقول ... والمنقول أنت ممثل ذا أدرى به
لا تسألن عن العقيق فإنها ... قد ذلك لك جامحات
ركابه وكرعت في تلك المناهل برهة ... وشربت صفوا الورد من أربابه
وقعدت في عرصاته متمايلا ... متبسما نشوان من إطرابه
واسلم ودم أنت المعد لمعضل ... أعنا الورى يوما بكشف نقابه
وخذ الجواب فما به خطل ولا ... عصبية قدحت بعين صوابه
سكانه صنفان صنف قد غدا ... متجردا للحب بين صحابه [4]
قد طلق الدنيا فليس بضارع ... يوما لنيل طعامه وشرابه
يمشي على سنن الرسول مفوضا ... للأمير لا يلوي للمع سرابه(2/993)
يرضى بميسور من الدنيا ولا ... يغتم عند نفارها عن بابه
متقلل منها تقال مؤقن ... ... بدروس رونقها وقرب ذهابه
متزهدا فيما يزول مزايلا ... إدراك ما يبقى عظيم ثوابه
جعل الشعار له محبة ربه ... وثنى عنان الحب عن أحبابه
أكرم هذا الصنف من سكانه ... أحبب هذا الجنس من أحزابه
فهم الذين أصابوا الغرض الذي ... هو لا يرا في الدين لب لبابه
ولكم مشى هذي الطريقة صاحب ... لمحمد فمشوا على أعقابه
فيها الغفاري (1) قد أناخ مطية ... ومشى بها القرني (2) بسبق ركابه
وبها فضيل (3) والجنيد (4) تجاذبا ... كأس الهوى وتعللا برضابه
وكذاك بشر (5) وابن ادهم (6) أسرعا ... مشيا به والكينعي (7) مشى به
أما الذين غدوا على أوتارهم ... يتجاذبون الخمر في أكوابه
ولوحدة جعلوا المثاني مؤنسا ... واللحن عند الذكر من إعرابه
ويرون حق الغير غير محرم ... بل يزعمون بأنهم أولى به
فهم الذين تلاعبوا بين الورى ... بالدين وانتدبوا لقصد خرابه
قد نهج الحلاج (8) طرق ضلالهم ... وكذاك محيي الدين (9) لا حيابه 803 م.
_________
(1) الغفاري: هو أبو ذر جندب بن جناده الصحابي المشهور توفي سنة 32 هـ.
(2) والقرني: هو أوس بن عامر بن جزء بن مالك القرني، أحد النساك العباد، من سادات التابعين توفي سنة 37 هـ/ 657 م.
(3) فضيل: هو الفضيل بن عياض التميمي اليربوعي من أكابر العباد الصلحاء توفي سنة 187 هـ.
(4) والجنيد: هو الجنيد بن محمد البغدادي الخزاز، صوفي من العلماء بالدين توفي سنة 297 هـ.
(5) بشر: هو بشر بن الحارث المروزي المعروف بالحافي من كبار الصالحين، توفي 227 هـ 841 م
(6) وابن أدهم: هو إبراهيم بن أدهم التميمي البلخي، زاهد مشهور توفي سنة 161 هـ.
(7) والكينعى: هو إبراهيم بن أحمد الكينعي، من نساك الزيدية باليمن توفي سنة 793 هـ/ 1391 م.
(8) الحلاج: هو الحسين بن منصور المتصوف المشهور، توفي سنة 309 هـ
(9) محمس الدين: هو ابن عربي محمد بن على الطائي الأندلسي. الفيلسوف المتكلم المشهور توفي سنة ت 638 هـ/ 1240م. وقد تقدمت ترجته.(2/994)
وكذاك فأرضهم (1) بتائياته ... فرض الضلال عليهم ودعابه
وكذا ابن سبعين (2) المهن فقد غدا ... متطورا في جهله ولعا به
وكذلك الجيلي (3) أجال جواده ... في ذلك الميدان ثم سعى به
رام النبوة لا لعا لعثوره ... روم الذباب مصيره كعقابه
إنسانه إنسان عين الكفر لا ... يرتاب فيه سابح بعبابه
والتلمساني (4) قال قد حلت له ... كل الفروج فخذ بذا وكفى به
نهقوا بوحدتهم على رؤوس الملا ... ومن المقال آلوا بعين كذابه [5]
إن صح ما نقل الأئمة عنهم ... فالكفر ضربة لازب لصحابه
لا كفر في الدنيا على كل الورى ... إن كان هذا القول دون نصابه
قد ألزمونا إن ندين بكفرهم ... والكفر شر الخلق من يرضى به
فدع التعسف في التأول لا تكن ... كفتى يغطى جيفة بثيابه
قد صرحوا أن الذي يبغونه ... هو ظاهر الأمير الذي قلنا به
هذي فتوحات المشؤوم شواهد ... أن المراد له نصوص كتابه (5)
[نقد لمن ينخدع هؤلاء المخذولين]
ولما فرغت من نظم هذه الأبيات قلت: ربما وقفص عليها بعض من فت في عضد
_________
(1) فارضهم يريد ابن الفارض، عمر بن على مرشد المصري اشعر المتصوفين توفي سنة 632 هـ م.
(2) وابن سبعين: هو عبد الحق بن إبراهيم الإشبلي المرسى، من زهاد الفلاسفة التيائلين بوحدة الوجود، توفي سنة 169 هـ.
(3) الجبلي: ويقال: الجيلاني، وهو عبد القادر بن موسى. مؤسس الطريقة القادرية في التصوف توفي سنة 561 هـ.
(4) التلمساني: هو عفيف الدين سليمان بن على بن عبد الله الكوفي التلسماني شاعر متصوف يتبع طريقة ابن عربي في أقواله وأفعاله توفي سنة 690 هـ.
(5) انظر ديوان الشوكاني (ص 84 - 89).(2/995)
إيمانه هيمنة هؤلاء المخذولين كما نراه في كثير من أهل عصرنا الذين نفقت عنده تلبيسات هؤلاء الشياطين، فقال شيطانه: ما بال هذا المحجوب يتكلم في أولياء الله تعالي ويتعاطى كؤوس شرابهم الصافي الذي لا يعرفه مثله كما قال قائلهم: من ذاق طعم شراب القوم يدريه ولولا مرارة فمه لما تغير عنده طعمه:
ومن يك ذا فم مر مريض ... يجد مرا به الماء الزلالا
وإنما يعرف الصناعة أهلها ويتمتع بمحاسن الحسناء بعلها لا من عمي عن أسرار تلك الإشارات وقصر عن فهم تلك العبارات.
فوا محنة الحسناء تقاد إلي امرئ ... ضرير وعنين عن الوجد خاليا
فمالك والتلدد حول نجد أيها المسكين أما كان لك أسوة. ممن تأول تلك المقالات من العلماء الهادين وناضل عن مشكلات تلك الإشارات من الأئمة الراسخين.
دع عنك تعنيفى وذق طعم الهوى ... فإذا عشقت فبعد ذلك عنف
وكيف ترى ليلى بعين ترى بها ... سواها وما طهرتها بالمدامع
ويلتذ منها بالحديث وقد جرى ... حديث سواها في خروق المسامع
وأقول أيها المخدوع:
ما أنت أول سار غره قمر ... ورائد أعجبته خضره الدمن (1)
لعلك سمعت الناس يقولون شيئا فقلته، ولو كنت كما قيل:
_________
(1) يشير إلي الحديث الذي أخرجه القضاعى في مسند الشهاب (2/ 96 رقم 957) والرامهرمزي في الأمثال (ص: 120 رقم 84) من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعًا بلفظ: " إياكم وخضراء الدمن، قالوا ما خضراء الدمن؟ قال: " المرأة الحسناء في المنبت السوء. "
وفي سنده الواقدي وهو ضعيف.
وقال أحمد والنسائي وابن المديني: كذاب، وذكر الحديث ابن الملقن في خلاصة البدر المنير (179 رقم 1909).
وخلاصة القول أن الحديث ضعيف جدا.(2/996)
وإنما رجل الدنيا وواحدها ... من لا يعول في الدنيا على رجل
لما استربت في هذا الحديث [6] ولا نشبت بجسمك مخالب كل مخاتل خبيث، وقد آن أن نبين لك ما أنت عليه من الاغترار ونعرفك ببعض البعض من فيق هؤلاء الأشرار.
فكن رجلا رجله في الثرى ... وهامة همته في الثريا
وإياك أن تكون كما قال من حقت عليه كلمة الضلال:
وما أنا إلا من غزية إن غوت ... غويت وإن ترشد غزية أرشد (1)
فاعلم أولا أن أصحابك الذين تجادل عنهم وتناضل، مصرحون في كتبهم تصريحا لا يرتاب فيه مقصر ولا كامل. أن من تمام إيمان العلماء، الحكم عليهم بالكفر والزندقة (2) والإفتاء بسفك دمائهم حتى قال قائلهم:
قال بعض السادة القادة لا يبلغ إنسان درجة الحقيقة حتى يشهد عليه ألف صديق أنه زنديق.
فهل تراه يليق. ممثلك أن يسترسل في عتاب من طلب تمام إيمانه، ورجا البلوغ إلي درجة الصديقين بتكفير من يجعل من تمام الإيمان التصريح بتكفيره فما أولاك وأحقك بشكر من حكم على أصحابك بالكفر والزندقة وأفتى بسفك دمائهم لأنه قد تم بذلك
_________
(1) وهو من شعر دريد بن الصمة الجشمي يرثي عبد الله أخاه قتله بنو عبس.
وهل أنا إلا من غزية إن غوت ... غويت وإن ترشد غزية أرشد
و" غزية " قبيلة من هوازن وهي رهط الشاعر وهو اسم أحد أجداده " غزية بن جشم ".
انظر: ديوان دريد بن الصمة الجشمي (ص 47).
(2) الزندقة تقدم التعريف بها.
وقال الغزالي في الأصول: " الزنديق ضربان، زنديق مطلق، وهو الذي ينكر أصل المعاد حسا وعقلا، وينكر الصانع، وزنديق مفيد، وهو الذي يثبت المعاد بنوع عقل، مع نفى الآلام واللذات الحسية الجسمية، وإثبات الصانع مع نفط علمه فهذه زندقة مفيدة بنوع اعتراف بتصديق الأنبياء ".
انظر: مصرع التصوف تأليف العلامة برهان الدين البقاعي (ص 35).(2/997)
إيمانه وصار عند مشائخك من الصديقين وهذا أول غلط صدر منك في المحاماة عن أعراضهم، وهانحن قد نبهناك عليه فخذ به أودع.
ثم اعلم ثانيًا: أن قولك: إنهم يريدون خلاف الطاهر في كلامهم كذب بحت وجهل مركب فإنهم مصرحون بأنهم لا يريدون إلا ما قضى به الظاهر.
هذا الإمام السخاوي في " القول المبني " عن ترجمة ابن عربي قال: إنه صرح في الفتوحات إن كلامه على ظاهره، وقال أيضًا في الضوء اللامع (1) في ترجمة العلامة حسين بن عبد الرحمن الأهدل: قال: وقيل لي عنه: أنه قال:- يعني ابن عربي- إن كلامي على ظاهره وإن مرادي منه ظاهره فكيف تزعم أيها المغرور أنه لا يريد ما يدل عليه ظاهر كلامه وهذا نصه. وكلامه في فتوحاته (2) وفصوصه (3) كلام عربي لا عجمي، وكذلك ص م غيره من أهل نحلته. فكيف لا يفهم ظاهرة علماء الشريعة وهذا غلط ثان من أغاليطك ننبهك عليه.
_________
(1) (2/ 3 رقم 147).
(2) (الفتوحات المكية): من أكبر مؤلفات ابن عربي وأخرها تأليفا. ألفها في فترة إقامته في مكة، ثم كتبها ثانية بدمشق، ذكر أنه زاد عليها زيادات لا توجد في النسخة الأولى.
والكتاب مطوع في أربع مجلدات كبيرة. بمطبعة دار الكنب العربية المصرية. ويكاد يشتمل على كل ما أورده ابن عربي في مؤلفاته الأخرى.
وقد قضى في وضعه وتمحيصه ثلاثين سنة أو يزيد.
قال عنه ابن كثير في البداية والنهاية (13/ 149): إن فيه ما يعقل ومالا يعقل، وما ينكر ومالا ينكر وما يعرف ومالا يعرف.
انظر: كشف الظنون (2/ 1238).
(3) (فصوص الحكم): من مؤلفات ابن عربي، زعم أنه ألقاه إليه الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإنما الذي التياه إليه الشيطان لأن فيه من الكفر والإلحاد ما قد بينه ابن تيمية- رحمه الله- في حقيقة الاتحاديين.
قال أبو العلاء عفيفي في مقدمة (الفصوص): له طريقة في تأويل الآيات فيها تعسف وشطط، ويعمد إلي تعقيد البسيط وإخفاء الظاهر لأغراض في نفسه.
يقول (نيكولسون) في وصف أسلوب ابن عربي في النصوص: إنه يأخذ نصا من القرآن أو الحديث ويؤوله بالطريقة التي نعرفها في كتابات (فيلون اليهودي، وأريجن الإسكندري).
وقد طبع الكتاب سنة 365 هـ دار إحياء الكتب العربية في مجلد واحد.
الجزء الأول فيه نص كتاب الفصوص، والجزء الثاني تعليقات عليه لأبي العلا عفيفي.
حاشية الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان لابن تيمية (ص 192) تحقيق- د. عبد الرحمن ابن عبد الكريم اليحي. .
ومما حرف فيه الكلم عن مواضعه وتلاعب فيه. بمعاني الآيات واتى بكفر لا يشبه كفر اليهود الذين قالوا عزير ابن الله ولا النصارى الذين قالوا المسيح ابن الله، وقالوا هو الله وقالوا ثالث ثلاثة فإن النصارى وإشباههم خصوا الحلول والاتحاد بشخص معين، وهؤلاء جعلوا الوجود بأسره على اختلاف أنواعه وتقابل أضداده مما لا يسوغ التلفظ بحكايته هو المعبود فلم يكفر أحد من الناس وكان هذا المذهب الذي انتحله ابن عربي. .
وفي هذا الوقت العصيب تظهر طائفة من كتب ابن عربي، وهي مطبوعة على ورق أبيض صقيل وتوزع مجانا، مما يدل أن وراءها جماعات تحاول هدم الإسلام. لما فيها من أوهام وخرافات وشركيات.
وهذه بعض أسمائها:
- الفقه عند محمس الدين (ابن عربي).
- الإنسان الكامل.
- القطب والغوث الفرد. كلام محيى الدين (ابن عربي).
- شرح كلمات الصوفية.
والرد على ابن تيمية. من كلام محيط الدين (ابن عربي).
- شرح فصوص الحكم. من كلام محيط الدين (ابن عربي).
- الطريق إلي الله، الشيخ والمريد، من كلام محيط الدين (ابن عربي).
- شرح رسالة روح القدس في محاسبة النفس من كلام محيى الدين (ابن عربي).
- الخيال عالم البرزخ والمثال: ويليه: الرؤيا والمبشرات من كلام (ابن عربي).
- محيى الدين (ابن عربي) ترجمة حياته من كلامه.
واعلم أن هذه الكتب وأمثالها يجب حرقها وتحرم قراءتها ومطالعتها واقتناؤها.
ومن أمثال تلك الكتب ما يلي:-
1/ كتاب بوارق الحقائق، تأليف الرواس.
2/ كتاب بارق الحمى وكشف الغين عن العين.
3/ كتاب سماع وشراب عند أشراف الأقطاب يمدح فيه الرواس شيخه الرفاعي.
4/ كتاب المجموعة النادرة. يكر فيها الرواس مؤلفات شيخه الرفاعي.
5/ قصيدة البردة للبوصيري.
6/ دلائل الخبرات فيها من الصلوات المخترعة والمنسوبة للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كذبا.
انظر: "كتب ليست من الإسلام "محجمود مهدي الاستانبولي (7 - 11، 27 - 46)، (47 - 60)."(2/998)
فإن قلت: نسلك به طريق التأويل [7] وإن وقع التصريح بأن المراد به الظاهر فلا تخص التأويل بكلام أصحابك واطرده في كلام اليهود والنصارى وسائر المشركين كما وفعله ابن عربي وأتباعه على ما سنبينه لك وقد أجمع المسلمون أنه لا يؤول إلا كلام المعصوم مقيدا بعدم المانع منه. والتصريح بأن المراد بالكلام ظاهره يمنع تأويل كلام المعصوم، فكيف يؤول كلام ابن عربي بعد تصريحه بذلك فانظر يا مسكين ما صنع بك الجهل وإلى أي محل بلغ بك حب هؤلاء، والله جل جلاله قد حكم على النصارى بالكفر بقولهم: هو (1) ثالث ثلاثة فكيف لا نحكم على هؤلاء. مما يقتضيه قولهم.
ثم اسمع بعد هذا ما نمليه عليك من كرامات هؤلاء الأولياء الذين تلاعبوا بدين الله أما الحلاج (2) فهو الفاتح لباب الوحدة الذي شغل ها ابن عربي وأهل نحلته عمره ومقدم القافلة في هذه المقالة الكفرية ولكنه وجد بعصر في أهله بقية خير وحمية على الدين فقطعوا أوصاله الخبيثة بصوارم الإسلام، ومزقوا من استهواهم بشعابذه كل ممزق فجزاهم
_________
(1) يشير إلى قوله تعالى: {لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم} [المائدة: 73].
(2) تقدمت ترجمته (ص 990).(2/1000)
الله خيرًا.
ومن كلامه في الوحدة الذي ما خدع إبليس أحدا من الكفرة. ممثلها فيما نقله عنه الصوفي الكبير عبد الله (1) بن أسعد اليافعي في كتابه " مرآة الجنان (2) وعبر اليقظان " الذي قال في أخره أنه لا يجيز روايته لقارئه إلا بشرط اعتقاده في الصوفة ما لفظه: أنا الحق وما في الجبة إلا الله. وهذه الألفاظ قد رواها عنه الناس ولكنا اقتصرنا على التصريح برواية هذا الصوفي لتكون أقطع وأنفع لمن رسخت في قلبه محبته ... وقال شيخ الصوفية ورئيسهم بإجماعهم عبد القادر الجيلاني (3) فيما رواه عنه اليافعي المذكور من كلامه في
_________
(1) وهو عفيف الدين أبو السعادات. عبد الله بن أسعد بن علي بن سليمان بن فلاح اليافعي الشافعي اليمني ثم المكي.
ولد سنة 698 هـ ونشأ في عدن حج سنة 712 هـ وحفظ الحاوي والجمل ثم جاور. بمكة في سنة 718 هـ وتزوج ها ولازم مشايخ العلم كالفقيه نجم الدين الطبري والرضي، قال ابن رافع اشتهر ذكره وبعد صيته وصنف في التصوف وكان يتعصب للأشعري وله كلام في ذم ابن تيمية.
انظر: البدر الطالع (1/ 378 رقم 255) والدر الكامنة (2/ 247 - 249 رقم 2120) وشذرات الذهب (6/ 210 - 212).
(2) وهو في أربع مجلدات وقد اعتمد فيه على تاريخ ابن خلكان وتاريخ الذهبي وقد ترجم فيه جماعة الشايخة والأشعرية وفيه من التعصبات للأشعري أشياء منكرة ووصف فيه نفسه بوصائف ضخمة.
انظر البدر الطالع (1/ 378).
(3) هو عبد القادر بن أبي صالح عبد الله بن جنكي درست بن أبي عبد الله، عبد الله بن يحط بن محمد ابن داود بن موسى بن عبد الله بن موسى الحوزي بن عبد الله المحصن ابن الحسن المثنى بن الحسن بن على بن أبي طالب الجيلاني. نسبة إلى " جيل " وهى بلاد متفرقة من وراء طبرستان وها ولد، ويقال لها أيضًا جيلان وكيلان.
ولد سنة (470) هـ ودخل بغداد فسمع الحديث وتفقه وتوفي سنة 561 هـ وهو صوفي تنسب إليه الطريقة القادرية.
انظر معجم المؤلفين (5/ 307 - 308) وشذرات الذهب (4/ 198 - 202).(2/1001)
الحلاج (1) ما لفظه: طلب ما هو أعز من وجود النار في قعر البحار، تلفت بعين عقله فما شاهد سوى الآثار، فكر فلم يجد في الدارين سوى محبوبة، فطرب، فقال بلسان سكر قلبه: أنا الحق [8] ترنم بلحن غير معهود من البشر، صفر في روضة الوجود صفيرا لا يليق ببني ادم، لحن بصوته لحنا عرضه لحتفه ... انتهى.
ومن كلامه فيه بتلك الرواية ظهر عليه عقاب الملك من مكمن إن الله لغني عن العالمين انتهى.
وعلى الجملة فحال هذا المخذول أوضح من الشمس والاستكثار من هذيانه تضييع للوقت وشغلة للخير، ولو لم يكن من قبائحه إلا ما رواه عنه شيخ الصوفية أبو القاسم القشيري (2) في رسالته: أن عمر بن عثمان دخل عليه وهو بمكة وهو يكتب شيئا في أوراق فقال له: ما هذا؟
فقال: هو ذا أعارض القرآن. قال: فدعا عليه فلم يفلح بعدها. لكان كافيا في معرفة حاله والذي يغلب به ظني أن الرجل بعد انسلاخه عن الدين اشتغل بطلب العلو لدنيوي كما يومي إليه قوله:
فلي نفس ستتلف أو سترقى ... لعمر الله في أمر جسيم
وقد أصدق الله تفرسه فأتلف نفسه بسيوف دينه وأرقاه إلى الخشبة التي صلب عليها فجمع له بين شقي الترديد الواقع في كلامه ومن شعره المشعر. مما ذكرت لك وهو مصلوب على الخشبة قوله:
_________
(1) تقدمت ترحمه.
(2) هو عبد الكريم بن هوازن بن عبد الله القشيري أبو القاسم، ولد سنة 376 هـ وتوفي أبوه وهو صغير فنشأ وقرأ الأدب والعربية وكان يهوى مخالطة أهل الدنيا، فحضر عند أبي علي الدقاق فجذبه عن ذلك فسمع الفقه من أبي بكر محمد ابن بكر الطوسي ثم اختلف إلى أبي بكر بن فورك فأخذ عنه الكلام وصار رأسا في الأشاعرة وصنف التفسير الكبير وخرج إلى الحج في رفقة فيها أبو المعالي الجويني وأبو بكر البيهقي فسمع معهما الحديث ببغداد والحجاز ثم أملى الحديث وكان يغلط. توفي سنة 465 هـ.
انظر: المنتظم (8/ 0 28 رقم 328) شذرات الذهب (3/ 319 - 322).(2/1002)
طلبت المستقر بكل أرض ... فلم أر لي بأرض مستقرا
أطعت مطامعي فاستعبدتني ... ولو أني قنعت لكنت حرا
وقد ترجم له الحافظ الذهبي (1) فقال: الحسن بن منصور الحلاج المقتول على الزندقة وما روى ولله الحمد شيئا من العلم وكان له بداية وتأله وتصوف ثم انسلخ من الدين وتعلم السحر وأراهم المخاريق وأباح العلماء دمه. انتهى.
ومن كرامات هذا الولي ما رواه ابن. كثير في تاريخه (2) بلفظ: روى بعضهم. قال: كنت أسمع أن الحلاج له أحوال وكرامات فأحببت أن أختبر ذلك فجئته فسلمت عليه فقال لي: تشه علي الساعة شيئا فقلت: أشتهى سمكا طريا فدخل منزله فغاب ساعة ثم خرج علي [9] ومعه سمكة تضطرب ورجلاه عليها الطين. فقال: دعوت الله فأمرني أن آتي البطائح لآتيك هذه السمكة فخضت الأهواز وهذا الطين فيها، فقلت: إن شئت أدخلتني منزلك ليقوى يقيني بذلك فإن ظهرت على شيء وإلا آمنت بك. فقال: أدخل فدخلت، فغلق على الباب وجلس يراني، فدرت البيت فلم أجد فيه منفذا إلى غيره فتحيرت في أمره، ثم نظرت فإذا أنا بزير فكشفته فإذا فيه منفذ فدخلته فأفضى بي إلى بستان هائل فيه من سائر الثمار الجديدة والعتيقة، وإذا أشياء كثيرة معدودة للأكل، وإذا هناك بركة كبيرة فيها سمك كثير صغار وكبار. فدخلتها فأخرجت منها واحدة فنال رجل من الطين مثل الذي نال رجليه فجئت إلى الباب فقلت: افتح فقد آمنت بك فلما رآني على مثل حاله أسرع خلفي جريا يريد أن يقتلني فضربته بالسمك في وجهه، وقلت: يا عدو الله أتعبتني في هذا اليوم، ولما خلصت منه لقيني بعد أيام فضاحكني وقال: لا تفش ما رأيت لأحد، أبعث إليك من يقتلك على فراشك، قال: فعرفت أنه يفعل إن أفشيت عليه فلم أحدث به أحدا حتى صلب ... ا هـ.
_________
(1) في ميزان الاعتدال (1/ 548 رقم 2059).
(2) في البداية والنهاية (11/ 146 - 147).(2/1003)
وأما ابن الفارض (1) وابن عربي (2) وابن سبعين (3) والتلمساني (4) وأتباعهم فاعلم أنها قد جمعتهم خصلة كفرية هي القول بوحدة الوجود مع ما تفرق فيهم من خصال الخذلان والبلايا البالغة إلى حد ليس فوقه أشنع منه كتحليل ابن عربي لجميع الفروج، كما صرح بذلك الإمام ابن عبد السلام عند قدومه إلى القاهرة لما سألوه عن ابن عربي، فقال هو شيخ سوء يقول بقدم العالم ولا يحرم فرجا ... انتهى.
وكما رواه الإمام ابن تيمية (5) عن ابن التلمساني أنه قال وقد قرئ عليه الفصوص وقيل له: هذا كله يخالف القرآن، فقال: القرآن كله شرك وإنما التوحيد قولنا. وقيل
_________
(1) هو عمر بن علي المعروف بابن الفارض، حدث عن القاسم بن عساكر ينعق بالاتحاد الصريح قي شعره، وهذه بلية عظيمة فتدبر نظمه ولا تستعجل.
ولد سنة 576 هـ، وتوقي سنة 632 هـ.
له ديوان شعر، وأشهر قصائده (التائية) والتي تدور حول نظرية وحدة الوجود الإلحادية التي كان يعتنقها هذا الشاعر.
انظر: الميزان (3/ 214 رقم 6173) ومعجم المؤلفين (7/ 301 - 302).
(2) تقدمت ترجمته.
(3) هو عبد الحق بن إبراهيم بن محمد بن سبعين بن نصر بن فتح بن سبعين العتكي الغافقي المرسي المربوطي، أبو محمد نزيل بجاية ثم مكة.
ولد سنة 624 هـ واشتهر بالزهد والسلوك، وكانت له بلاغة وبراعة وتفنن في العلوم وكثر أتباعه وله مقالة في تصوف الاتحادية ... وحكى ابن تيمية أن ابن سبعين كان يقول إن تصوف ابن عريي فلسفة حجة. قال: فإن كان كما قال: فتصوفه هو فلسفة عفنة. مات سنة 669 هـ.
انظر: شذرات الذهب (5/ 329 - 330) لسان الميزان (3/ 392).
(4) هو شعيب بن الحسين الأندلسي الزاهد أبو مدين: شيخ أهل المغرب، توفي سنة 590 هـ على الأرجح بتلمسان.
جال وساح، واستوطن بجاية مدة، ثم تلمسان: وقال عنه محمس الدين ابن عربي كان سلطان الوارثين.
معجم المؤلفين (4/ 352) وشذرات الذهب (4/ 303).
(5) في منهاج السنة (8/ 25).(2/1004)
له: فما الفرق بين أختي وزوجتي فقال: لا فرف عندنا، قالوا: حرام فقلنا: حرام عليكم.
وقال ابن تيمية أيضًا في كتابه منهاج (1) السنة: إن ابن سبعين [10] جاء من المغرب إلى مكة وكان يطلب أن يصير نبيا، وكان يقول لقد زرت ابن آمنة الذي يقول لا نني بعدي وكان بارعا في الفلسفة وفي تصوف الفلسفة. فإن قلت: ما هذه الوحدة التي جعلتها من أعظم خصال الكفر؟ قلت: هي قولهم: أن الله سبحانه حقيقة كل موجود من جسم وعرض ومخيل وموهوم تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، ولهذا فرعوا على هذه المقالة الملعونة فروعا كفرية منها تصويب عبدة الأوثان، ومنها تخطئة الأنبياء في الإنكار عليهم، ومنها عدم صحة لا إله إلا الله كما صرح بذلك ابن عربي، قال: لأن الاستثناء يستلزم التعدد ولا تعدد قال ابن تيمية (2): ولهذا كان يقول ابن سبعين وأصحابه في ذكرهم: ليس إلا الله وكان يسميهم الشيخ قطب الدين ابن القسطلاني (3) الليسية ويحذر منهم، وإلى هذا الأصل ترجع كلماتهم المستبشعة ودعاويهم المتنوعة، كقول قائلهم: خضت بحرا وقف الأنبياء بساحله، أسرجت وألجمت وطفت في أقطار البسيطة، ثم ناديت هل من مبارز فلم يخرج إلي أحد، لو تحركت نملة سوداء فوق صخرة صماء في ليلة ظلماء في أقصى الصين ولم أسمعها لقلت أني مخدوع واستدرك عليه الآخر فقال: وكيف أقول لم أسمعها وأنا محركها.
وقال قائلهم: ما الجنة هل هي إلا لعبة صبيان، لأستئذن غدًا إلى النار وأقول:
_________
(1) (8/ 25 - 27).
(2) في بغية المرتاد (ص 141)
(3) هو محمد بن أحمد بن علي المعروف بقطب الدين بن القسطلاني، محدث صوفي فقيه، صنف في الرد على الفرقة السبعينية.
ولد سنة (614 هـ) ومات سنة 686 هـ.
انظر: الشذرات (5/ 397) معجم المؤلفين (8/ 299).(2/1005)
أجعلني فدى أهلها أو لأبلعنها. هب لي هؤلاء اليهود ما هم حتى تعذبهم، سبحاني ما أعظم شأني. أنا الحق.
ونحو هذه العبارات التي نستغفر الله من رحمها، ولولا أن حكاية الكفر لا تكون كفرا لما حل حكاية فيق هؤلاء المخذولين والاشتغال بإبطال هذه المقالة التي اخترعتها الاتحادية (1) بالأدلة العقلية والنقلية لا يحتاج إليه من عرف سورة من كتاب الله. لان القرآن كفه مصرح بخلافها.
هذه فاتحة الكتاب قد اشتملت على أكثر من عشرة أدلة مبطلة لهذه المقالة؟ لأن الله جل جلاله قد أثبت فيها حامدا ومحمودا وربا ومربوبا وراحما ومرحوما [11] ومالكا ومملوكا وعابدا ومعبودا ومستعينا ومستعانا به وهاديا ومهديا ومنعما ومنعما عليه وغاضبا ومغضوبا عليه وغير ذلك. وقد تنزهت الملل الكفرية عن مثل هذه المقالة يهودهم ونصاراهم ومشركوهم، أما اليهود فهو معلوم من دينهم بالضرورة {قالوا يا موسى ادع لنا ربك} (2) {قالوا لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين} (3)، وكذلك النصارى {قال الحواريون يا عيسى ابن مريم هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء} (4)، والمشركون {ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله} (5)
_________
(1) وحدة الوجود عقيدة إلحادية تأتي بعد التشبع بفكرة الحلول في بعض الموجودات ومفادها أنه لا شيء إلا الله وكل ما في الوجود يمثل الله عز وجل، لا انفصال بين الخالق والمخلوق، وأن وجود الكائنات هو عين وجود الله تعالى ليس وجودها غيره ولا شيء سواه البتة وهي فكرة هندي بودية مجوسية.
انظر: " فرق معاصرة " غالب عواجي (2/ 682 - وما بعدها).
وانظر: بغية المرثاد " لابن تيمية " (ص 396 - 398).
(2) [الأعراف: 134].
(3) [الأعراف: 149].
(4) [المائدة: 112].
(5) [لقمان: 25](2/1006)
فاليهود قد أثبتوا راحما ومرحوما وعابدا ومعبودا والنصارى أثبتوا منزلا ومنزلا عليه، والمشركون أثبتوا خالقا ومخلوقا، والقرآن مشحون. ممثل هذا في الحكايات عن الملل المختلفة بل هذه الجن قالت: {وأنه تعلى جد ربنا ما اتخذ صحبة ولا ولدا} (1). وهذه الملائكة تقول: {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك} (2)، فأثبتوا جاعلا ومجعولا ومفسدا ومفسدا فيه مسبحا ومسبحا ومقدسا ومقدسا.
فإن قلت:. مما صح لديك صدور هذه المقالة عنهم حتى ترتب عليها ما ذكرت؟ قلت: قد أسفر الصبح لذي عينين هذا أمر لا يشمك فيه من له أدنى إلمام بكتب القوم. هذه الفتوحات والفصوص لابن عربي (3) قد اشتهرا في الأقطار اشتهار النهار وهما عند من نظر بعين الإنصاف مشحونان هذه المقالة وتشييدها وتوضيحها والاستدلال لها حتى كأنهما لم يؤلفا لغرض من الأغراض سوى هذا الغرض. وهذا الإنسان الكامل لعبد الكريم الجيلى (4) إتحاد محض. وهذه تائية ابن الفارض (5) وخمرياته. وهذه كتب سائر أهل هذه المقالة.
وهبك تقول: هذا الصبح ليل ... أيعمى المبصرون عن الضياء
فإن قلت: ابن لي هذه الدعوى وبرهن عليها برهان أجلى من هذا فإن الإحالة على مؤلفاتهم لا تغنيني .. قلت [12]: اسمع ما نمليه عليك من هذه الخرافات الكفرية
_________
(1) [الجن: 3]
(2) [البقرة: 30]
(3) تقدمت ترجمته
(4) تقدمت ترجمته
(5) تقدمت ترجمته(2/1007)
ونستغفر الله ..
قال ابن عربي لا رحمه الله في خطبة فتوحاته المكية ما لفظه: إن خاطب عبده فهو المسمع السميع وإن فعل ما أمر بفعله فهو المطاع المطيع، ولما حيرتني هذه الحقيقة أنشدت على علم الطريقة للخليقة:
الرب حق والعبد حق ... يا ليت شعري من المكلف
إن قلت عبد فذاك نفي ... أو قلت رب أنى يكلف
فهو سبحانه يطيع نفسه إذا شاء بخلقه وينصب نفسه. مما تعين عليه من واجب حقه فليس إلا الأشباح خالية على عروشها خاوية وفي ترجيع الصدى سر ما أشرنا إليه لمن اهتدى. ومن ذلك في أوائل الفتوحات أيضًا في القصيدة الطويلة.
قالوا لقد ألحقتنا بإلهنا ... في الذات والأوصاف والأسماء
فبأي معنى تعرف الحق الذي ... سواك خلقا في دجى الأحشاء
قلنا صدقت وهل عرفت محققا ... من موجد الكون الأعم سوائي
فإذا مدحت فإنما اثني على ... نفسي فنفسي عين ذات ثنائي
وقوله في الباب العاشر منه:
انظر الحق في الوجود تراه ... عينه فالبغيض فيه الحبيب
ليس عيني سواه إن كنت تدري ... فهو عين البعيد وهو القريب
إن رأني به فمنه أراه ... أود عاني إليه فهو المجيب
وقوله في الباب التاسع عشر ومائه قي ترك التوكل:
كيف التوكل والأعيان ليس سوى ... عين الموكل لا عين ولا أثر
وقوله في الباب التاسع والعشرين ومائه في ترك المراقبة:
لا تراقب فليس في الكون إلا ... واحد لعين فهو عين الوجود
ويسمى في حالة بإلاه ... ويكنى في حالة بالعبيد
وفي الحادي والثلاثين ومائه في ترك العبودية:(2/1008)
نحن المظاهر والمعبود ظاهرنا ... ومظهر الكون عين الحق فاعتبروا
ولست أعبده إلا بصورته ... فهو الإله الذي في طيه البشر
وقال:
فكان عين وجودي عين صورته ... وحي صحيح فلا يدريه إلا هو
وقوله وقد زعم أن الحق تعالى خاطبه هذا المعنى:
سبكتك في داري لإظهار صورتي ... فسبحانكم مجلي وسبحان سبحانا
فما نظرت عيناك مثلي كاملا ... ولا نظرت عيناي مثلك إنسانا
فلم يبق في الإمكان أكمل منكم ... نصبت على هذا من الشرع برهانا
فأي كمال كان لم يك غيركم ... على كل وجه كان ذلك ما كانا
ظهرت إلى خلقي بصورة آدم ... وقررت هذا في الشرائع إيمانا
فلو كان في الإمكان أكمل منكم ... لكان وجود النقص في إذا كانا
لأنك مخصوص بصورة حضرتي ... وأكمل منا ما يكون فقد بانا
[13] فهذه نبذة من نظم المخذول فإن كانت لا تغنيك ولا أغناك الله فاسمع ما هو أوضح من ذلك من نثره.
قال في الباب السادس والثلاثين من الفتوحات: ولهذا لما سأل الله عيسى، فقال له: {أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك} (1) قدم التنزيه في هذا التشبيه {ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق} (2) يعني كيف أنسب المغايرة بيني وبينك فأقول لهم اعبدوني من دون الله وأنت عين حقيقتي وذاتي، وأند عين حقيقتك وذاتك فلا مغايرة بيني وبينك. ثم قال {إن كنت قلته} (3) يعني من نسبة الحقيقة العيسوية أنها الله {فقد علمته} (4) أني لم أقله إلا على الجمع بين التنزيه والتشبيه وظهور الواحد في الكثرة لكنهم ضلوا. بمفهومهم ولم يكن مفهومهم
_________
(1) [المائدة: 116]
(2) [المائدة: 116]
(3) [المائدة: 116]
(4) [المائدة: 116](2/1009)
مرادي {تعلم ما في نفسي} (1) يعني هل كان ما اعتقده مرادي فيما بلغت ذلك إليهم من ظهور الحقيقة الإلهية أم كان مرادي بخلاف ذلك {ولا أعلم ما في نفسك} (2) يعني بلغت ذلك إليهم ولا أعلم ما في نفسك من أن تضلهم عن الهدى فلو كنت أعلم ذلك لما بلغت إليهم شيا مما يضلهم {إنك أنت علام الغيوب} (3) وأنا لا أعلم الغيوب فاعذرني {ما قلت لهم إلا ما أمرتني به} (4) مما وجدت نفسي فبلغت الأمر ونصحتهم ليجدوا إليك في أنفسهم سبيلا فما ظهرت لهم الحقيقة الإلهية في ذلك ليظهر لهم ما في أنفسهم وما كان قولي لهم إلا {أن اعبدوا الله ربي وربكم} (5) ولم أخصص نفسي بالحقيقة الإلهية بل أطلقت ذلك في جميعهم فأعلمتهم بأنه كما أنك ربي يعني حقيقتي، إنك ربهم يعني حقيقتهم.
وكان العلم الذي جاء به عيسى زيادة على ما في التوراة هو سر الربوبية والقدرة فأظهره ولهذا كفر قومه لأن إفشاء سر الربوبية كفر. انتهى
انظر عدو الله كيف لم يقنع بتصريحه بالوحدة حتى تلعب بكلام الله هذا التلعب ثم لم يكفيه ذلك حتى جزم بأن إفشاء سر الربوبية كفر وعيسى عليه السلام [14] قد أفشى سر الربوبية بزعمه فيكون- وصانه الله- كافرا عنده، لأنه ينتظم من شكل هكذا: عيسى مفش لسر الربوبية وكل مفش لسر الربوبية كافر فعيسى كافر. إنا لله وإنا إليه راجعون .. أيها الناس أسدت أسماعكم أم عميت قلوبكم عن فهم مثل هذا الكلام الذي لا يلتبس على أدنى متمسك بنصيب من العقل والفهم حتى جعلتم هذا المخذول من أولياء الله؟ واعلم أنا لم نسمع بأحد قبل ابن عربي بلغ في إفشاء هذا السر الذي جعل إفشاءه كفرا فبلغه حتى ألف في ذلك الكتب المطولة كالفتوحات والفصوص وسننصفه ونحكم عليه بقوله فنقول: ابن عربي مفش لهذا السر وكل مفش لهذا السر كافر فابن عربي كافر.
_________
(1) [المائدة: 116]
(2) [المائدة: 116]
(3) [المائدة: 116]
(4) [المائدة: 117]
(5) [المائدة: 117](2/1010)
أما الأولى فإن أنكرتها فهذه كتبه في أيدي الناس تكذبك، وأما الثانية فهذا نصه قد أطلعناك عليه.
وفي الباب الثاني والثلاثين من الفتوحات بعد كلام طويل قال في أخره: {ما قلت لهم إلا ما أمرتني به} (1) على سبيل الاعتذار لقومه يعني أنص المرسل إليهم بذلك الكلام أوله باسم الأب والأم والابن فلما بلغهم كلامك حملوه على ما ظهر لهم من كلامك فلا تلمهم على ذلك؛ لأنهم فيه على ما علموا من كلامك فكان شركهم عين التوحيد لأنهم فعلوا ما عملوا بالإخبار الإلهي في أنفسهم فهم كمثل المجتهد الذي اجتهد وأخطأ فله أجر الاجتهاد ... انتهى.
انظر إلى تصويبه (2) للنصارى في التثليث وإثباته الأجر لهم أين هو من قول ربك جل وعلا: {لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة} (3) واختر لسك ما شئت. قال في الباب الثالث والأربعين من الفتوحات في ذكر أهل النار: وقد حقت الكلمة أنهم عمار تلك الدار فنجعل الحكم للرحمة التي وسعت كل شيء فأعطاهم في جهنم نعيم المقرور والمحرور لأن نعيم المقرور بوجود النار ونعيم المحرور بوجود الزمهرير فتبقى جهنم على صورتها ذات حرور وزمهرير ويبقى أهلها متنعمين فيها بحرورها وزمهريرها إلى آخر كلامه.
وقال في الباب الرابع والخمسين ومائه: إنهم يتضررون برائحة الجنة ونظم هذا المعنى في الفصوص (4) فقال:
_________
(1) [المائدة: 117]
(2) انظر: بغية المرثاد (ص 396) وما بعدها.
ودرء تعارض العقل والنقل (6/ 156 - 157).
(3) [المائدة: 73]
(4) (ص 93 - 94).
الجنة عند الصوفي: هي عرفان المرء بنفسه، ليدرك هذه المعرفة أنه هو الله وهذا ما يفسرون به الحديث الموضوع: " من عرف نفسه فقد عرف ربه ".
والجحيم عندهم: هو ما يغيم على النفس من أوهام الكثرة، فتخدعها عن الحقيقة فتظن المغايرة بين الخلق والحق، وهذا الظن هو الجحيم".
انظر: مصرع التصوف/ برهان الدين البقاعي (ص 75).(2/1011)
فإن دخلوا دار الشقاء فإنهم ... على لذة فيها نعيم مباين
نعيم جنان الخلد فالأمر واحد ... وبينهما عند التجلي تباين
يسمى عذابا من عذوبة طعمه ... وذاك له كالقشر والقشر صائن
فأبشروا يا أهل النار بالنعيم الذي بضركم به هذا الولي ولا تراعوا من تخويفات الله ورسوله ها فإن الأمر بالعكس على لسان ابن عربي سيدكم وقائدكم اللهم أسكنه هذه الدار لينال ما وصفه من نعيمها فإنه حقيق به.
وقال في الباب العشرين ومائتين عند ذكره لحديث: كنت سمعه (1) وبصره عرف الحق أن نفسه عين صفاتهم لا صفته فأنت من حيث ذاتك عينك الثابتة التي اتخذها الله مظهرا أظهر نفسه فيها فإنه ما يراه منك إلا بصرك وهو في بصرك فما رآه إلا نفسه قال وكذا جميع صفاته يعني العبد .. انتهى.
ومن كلامه الذي نقله عنه المقبلي في العلم الشامخ (2) حين ذكر عباد العجل ما لفظه:
إن هارون جهل حقيقة الأمر وفعل به موسى ما فعل لذلك قال: لأن العارف المكمل يرى كل معبود مجلي للحق. قال وأعظم مجلي عبد فيه وأعلاه الهوى كما قال {أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم} (3) فهو أعظم معبود فإنه لا يعبد شيء إلا به ولا يعبد إلا بذاته فما عبد الله ولا غيره من أنواع المعبودات إلا هوى والذي عنده أدنى تنبه بحار لاتحاد الهوى بل لحدية الهوى فإنه عين واحد في كل عابد فأضفه الله على علم به الحديث الموضوع: " من عرف نفسه فقد عرف ربه ".
والجحيم عندهم: هو ما يغيم على النفس من أوهام الكثرة، فتخدعها عن الحقيقة فتظن المغايرة بين الخلق والحق، وهذا الظن هو الجحيم".
انظر: مصرع التصوف/ برهان الدين البقاعي (ص 75).
_________
(1) يشير إلى الحديث الذي أخرجه البخاري رقم (6502) من حديث أبي هريرة.
(2) (ص 549 - 550).
(3) [الجاثية: 23].(2/1012)
أي خيره الله على علم بأن كل عابد ما عبد إلا هواه ولا استعبده إلا هواه سواء صادف الأمر الشرعي أو لم يصادفه وكلهم مجلي للحق وكلهم إله مع احمه الخاص بحجر أو إنسان أو كوكب أو ملك أو فلك ثم مثل عبادة الهوى فيما صادف حكم الشرع بالنكاح بأربع والاستمتاع بالجواري لتعلق الهوى ها فيكون من أمثلة ما لم يصادف الشرع الاستمتاع بغير من ذكر مع قوله أنها أعظم العبادة ولا بأس بالتستر بحكم الوقت ... انتهى.
وأنت لا يخفى عليك مثل هذا النهيق الشيطاني الذي تتضوع منه روائح الزندقة. ومن كلام المخذول (1) في الكلمة المحمديه أن الأمر بالغسل لأن الحق غيور على عبده أن يعتقد أنه يلتذ بغيره قال فلهذا أحب (2) صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ النساء لكمال شهود الحق فيهن إذ لا يشاهد الحق مجردا عن المواد قال: فشهود الحق في النساء أعظم شهود وأكمله وأعظم الوصلة النكاح قال: فمن جاء لامرأته أو لأنثى. بمجرد الالتذاذ ولكن لا يدري. ممن كما قال:
صح عند الناس أني عاشق ... غير أن لم يعلموا عشقي لمن
كذلك هذا أحب الالتذاذ فأحب المحل الذي يكون فيه وهو المرأة [16] ولكن غاب عنه روح المسألة فلو علمها لعلم. بمن التذ ومن التذ وكان كاملا. قال ومن شاهد الحق في المرأة كان شهودا في منفعل وهو أعظم الشهود ويكون حبا إلهيا ... انتهى (3).
_________
(1) أي ابن عربي في فصوص الحكم (ص 218).
وانظر مصرع التصوف (ص 145 - 146).
(2) يشير المؤلف رحمه الله إلى الحديث الحسن الذي أخرجه أحمد (3/ 128، 199، 285) والنسائي (7/ 61 - 62) والحاكم (2/ 160) وصححه ووافقه الذهبي وهو متعقب. عن أنس قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " حبب إلي من الدنيا النساء، والطيب وجعلت قرة عيني في الصلاة" وهو حديث حسن.
(3) كلامه من فصوص الحكم 281.(2/1013)
هذا نفس خبيث لا تلتلبس إلا على بهيمه فتدبره.
وقال لا رحمة الله في الفصوص (1) كلمة فرعون قال {أنا ربكم الأعلى} (2) أي وأن الكل أربابا بنسبة ما، فأنا الأعلى منهم. مما أعطيته في الظاهر من التحكم فيكم ولما علمت السحرة صدقه فيما قاله لم ينكروه وأقروا له بذلك فقالوا له {إنما تقضى هذه الحياة الدنيا} (3) فاقض ما أنت قاض فالدولة لك فصح قوله أنا ربكم الأعلى وإن كان عين الحق فالصورة لفرعون فقطع الأيدي والأرجل وصلب، بعين حق في صورة باطل (4) ... انتهى.
قد سمعت هذا الهذيان الذي لم يتجاسر على مثله الشيطان وهاهو قد أخبرك بإصابة فرعون وصحة قوله بل جاوز ذلك فجعله ربا فخذ لنفسك أو دع ..
وقال في الباب الرابع والأربعين وثلاثمائة من الفتوحات: ومن هذا الباب قول السامري: {هذا إلهكم وإله موسى} (5) في العجل ولم يقل هذا الله الذي يدعوكم إليه موسى، وقول فرعون العلى أطلع إلى إله موسى) (6) ولم يقل إلى الله الذي
_________
(1) (ص 209 - 210).
(2) [النازعات: 24].
(3) [طه: 72].
(4) بزعم أن فرعون حين صلب كان هو الله في الحقيقة متعينا في صورة باطلة هي صورة خلقية حميت فرعون انظر مظاهر الانحرافات العقدية (2/ 563) وقال الغزالي في الطامات من كتاب العلم في الإحياء- بعد تحريم التأويل. مما لا تسبق الأفهام إليه- ما نصه: " وبعض هذه التأويلات يعلم بطلانه قطعا، كتنزيل فرعون على القلب، فإن فرعون شخص محسوس تواتر إلينا وجوده، ودعوة موسى عليه السلام له، كأبي جهل، وأبي لهب وغيرهما من الكفار وليس من جنس الشياطين والملائكة، وما يدرك بالحس حتى يتطرف التأويل إلى ألفاظه ".
مظاهر الانحرافات العقدية عند الصوفية- إدريس محمود إدريس (2/ 561 - 564).
(5) [طه: 88].
(6) [القصص: 38].(2/1014)
يدعو إليه موسى، وقال: {ما علمت لكم من إله غيري} فما أحسن هذا التحري لتعلم أن فرعون كان عنده علم بالله ... انتهى.
وأقول ما بعد هذا شيء. فإن كنت لا تحتاج إلى بيان بعده فاتهم عقلك وفهمك. قال في الفصوص (1): ألا ترى إلى قوم هود كيف قالوا {هذا عارض مطرنا} (2) فظنوا خيرا بالله وهو عند ظن عبده فأضرب لهم الحق عن هذا القول فأخبرهم. مما هو أتم وأعلى في القرب فإنه إذا أمطرهم فذلك حظ الأرض وسقي الحبة فما يصلون إلى نتيجة ذلك المطر إلا عن بعد فقال لهم {بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم} (3) فجعل الريح إشارة إلى ما فيها من الراحة لهم فإن هذه الريح أراحتهم عن هذه الهياكل المظلمة والمسالك الوعرة والسدوف المدلهمة وفي هذه الريح عذاب: أي أمر يستعذبونه إذا ذاقوه (4) 000 انتهى [17] ومن عجائبه التي نستغفر الله من كتبها ما يكرره في كتبه من الحط على الأنبياء والرفع من شأن الكفار فمن ذلك قوله في عتب موسى على هارون لإنكاره على عبدة العجل فكان موسى أعلم بالأمر من هارون؛ لأنه علم ما عبده أصحاب العجل لعلمه بأن الله قد قضى أن لا يعبد إلا إياه وما حكم الله بشيء إلا وقع. فكان عتب موسى أخاه هارون لما وقع الأمر في إنكاره وعدم اتساعه فإن العارف من يرى الحق في كل شيء بل يراه عين كل شيء فكان موسى يربط هارون تربية علم وإن كان أصغر منه في السن 00. (5) انتهى.
_________
(1) (ص 108).
(2) [الأحقاف: 24].
(3) [الأحقاف: 24].
(4) فسر الريح التي اهلك الله ها عادا بالرحمة والراحة، وفسر العذاب الذي حاق هم بأنه أمر تسعد به النفس.
(5) الفصوص (ص 192).
وقد رد ابن تيمية على ذلك ني مجموعة الرسائل والمسائل (4/ 88) فقال ابن تيمية: " احتج الملحدون بقوله: " {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه} [الإسراء: 123 قالوا وما قضى الله شيئا غلا وقع، وهذا هو الإلحاد في آيات الله، وتحريف الكلم عن مواضعه، والكذب على الله، فإن قضى هنا ليست. بمعنى القدر والتكوين بإجماع المسلمين، بل وإجماع العقلاء، حتى يقال: ما قدر الله شيئا إلا وقع، وإنما هي. بمعنى: أمر. وما أمر الله به، فقد يكون، وقد لا يكون، فتدبر هذا التحريف وكذلك قوله: ما حكم الله بشيء إلا وقع كلام مجمل، فان الحكم يكون. بمعنى الأمر الديني، وهو الأحكام الشرعية كقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ} وكقوله تعالى: {ذالكم حكم الله يحكم بينكم} ويكون الحكم حكما بالحق والتكوين والعقل، كقوله تعالى: {فلن أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي أو يحكم الله لي} وقوله: {قل رب احكم بالحق} ولهذا كان بعض السلف يقرؤون: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه} وذكروا أنها كذلك في بعض المصاحف ولهذا قال في سياق الكلام: وبالوالدين إحسانا وساق أمره ووصاياه إلى أن قال: {ذلك مما أوحى إليك ربك من الحكمة ولا تجعل مع الله إلها آخر} فختم الكلام. ممثل ما فتحه به من أمره بالتوحيد وفيه عن الشرك، ليس هو إخبارا أنه ما عبد أحد إلا الله، وأن الله قدر ذلك وكونه، وكيف وقد قال: {ولا تجعل مع الله إلها آخر} وعندهم ليس في الوجود شيء يجعل إلها آخر فأي شيء، عبد فهو نفس الإله ليس آخر غيره "(2/1015)
وقال في الفصوص (1): إنه لا شيء للأنبياء من النظر بل عقولهم ساذجة قال: يدلك على ذك قول عزيز: {أنى يحيى هذه الله بعد موتها} (2) ليس لهم إلا ما يتلقونه من الملك ثم يلقونه .. انتهى.
وأشنع من هذا مع أنهم مصرحون بأنهم أنبياء فيقولون نبوة الولاية ونبوة التشريع. وانظر إلى كتاب الفتوحات وكتاب الفصوص تجد من هذا ما لا يحتاج بعده إلى بيان فمن ذلك قول ابن عربي في الفتوحات (3) في الباب الموفي ستين وثلاثمائة: إن الله أخفى النبوة في خلقه وأظهرها في بعض خلقه فالنبوة الظاهرة هي التي انقطع ظهورها وأما الباطنة فلا تزال في الدنيا والآخرة لأن الوحي الإلهي والإيراد الرباني لا ينقطع إذ به حفظ
_________
(1) (ص 85)
(2) [البقرة: 259].
(3) الفتوحات المكية (2/ 257).(2/1016)
العالم. انتهى.
وقال في الفصوص (1) في الكلمة العزيرية: واعلم أن الولاية هي الفلك المحيط العام ولهذا لم تنقطع ولها الإنباء العام وأما نبوة التشريع والرسالة فمنقطعة إلى قوله: والله لم يتسمى بالنبي ولا بالرسول وتسمى بالولي. إلى أن قال: إلا أن الله لطيف بعباده. فأبقى لهم النبوة العامة التي لا تشريع فيها .. انتهى وعلى الجملة فالرجل وأهل نحلته مصرحون بأنهم أنبياء تصريحا لا يشك فيه بل لم يكتفوا بذلك حتى جعلوا أنفسهم أعظم من الأنبياء وزاد شرهم وترفى إلى أن بلغ إلى الحط على الأنبياء بل الوضع من جانب الملائكة إنا لله وإنا إليه راجعون [18]. لا جرم إلا من تجارى على الرب جل جلاله حتى جعله نفس ما هية القردة والخنازير وسائر الأقذار فكيف لا يصنع بالأنبياء والملائكة ما صنع وقد آن أن نمسك عنان القلم عن رقم كفريات هذا المخذول فإنا كما علم الله لم نكتبها إلا على وجل وكيف لا يخاف من رقم مثل هذه الكفريات التي يتوقع عند رقم مثلها الخسف ولولا محبة النصح ومداواة القلوب المرضى التي قد غاب فيها نصل هذا البلاء لما استجزت رقم حرف واحد ولكن الله جل جلاله قد حكى في كتابه من مقالات الكفرة شيئا واسعا وهذا هو المشجع على ذلك. فإن بقي لك أيها المخدوع نصيب من دين أو فهم أو عقل فقد سقنا إليك ما يقلعك عن العكوف على هذه الضلالة ويردعك عن استحسان هذه الجهالة وسنسمعك في أخر هذه الرسالة أقوال أئمة الإسلام في هؤلاء
_________
(1) (ص 90).
وقد عرف ابن تيمية في الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان (ص 6) الولي: " وقد قيل إن الولي حمى وليا من موالاته للطاعات أي متابعته لها ويقابل الولي العدو على أساس من القرب والبعد ".
وقال الشوكاني في تفسيره " فتح القدير " (2/ 457): والمراد بأولياء الله خلقه المؤمنين كأنهم قربوا من الله سبحانه بطاعته واجتناب معصيته وقد فسر سبحانه هؤلاء الأولياء بقوله: {الذين آمنوا وكانوا يتقون} [يونس: 63] أي يؤمنون. مما يجب الإيمان به ويتقون ما يجب عليهم اتقاؤه من معاصي الله سبحانه ".(2/1017)
المغرورين إن كنت لا تنظر إلى المقال بل إلى من قال. وإلا فالأمر أوضح من أن يستشهد على بطلانه بأقوال الرجال.
وإذا قد تبين لك حال هذا الرجل فاسمع ما قاله معاصره ابن الفارض شاعر هذه الطائفة وأديبها ومقدمها فإنك إن تدبرته وجدته قد سلك في نظمه الطريقة التي سلكها ابن عربي في مؤلفاته حذو النعل بالنعل ولهذا حكى المقريزي في ترجمة ابن الفارض أن ابن عربي بعث إليه يستأذنه في شرح التائية فقال له: كتابك الفتوح شرح لها فمن ذلك قوله:
[دين ابن الفارض]
وشكري [له] (1) والبر مني واصل ... إلى نفسي باتحادي استبدت
ولم أله باللاهوت عن حكم مظهري ... ولم أنس بالناسوت مظهر حكمتي
إلي رسولا كنت مني مرسلا ... وذاتي بآياتي على العمر أستدلت
وفارق ضلال الفرق فالجمع منتج ... هدى فرقه بالإتحاد تحدت
وجل في فنون الإتحاد ولا تحد ... إلى فئة في غيره العمر أفنت [19]
فمت بمعناه وعش فيه أو فمت ... معناه واتبع أمة فيه أمت
وأنت بهذا المجد أجدر من أخي ... ... اجتهاد مجد عن رجاء وخيفة
تدبر قوله: وفارق ضلال الفرق فإنه قد جعل الفرق بين المخلوق والخالق ضلال فضلل الشقي جميع الأنبياء والملائكة بل جميع الإنس والجن وهكذا فليكن الولي المقرب. ومن أبياته التائية قوله:
مظاهر لي فيها بدوت ولم أكن ... على بخاف قبل موطن برزتي
فلفظ وكلى بي لسان محدث ... ولحظ وكلط في عين لعبرة
وسمع وكلي بالنداء أسمع النداء ... وكلى في رد الردى يدقوتي
_________
(1) في المخطوط [لي] وما أثبتناه من التائية.(2/1018)
لأسمع أفعالي بسمع بصيرة ... وأشهد أقوالي بعين سميعه
ومن ذلك قوله (1):
[وحدة الأديان عند ابن الفارض]
نبي مجلس الأذكار سمع مطالع ... ولي حانة الخمار عين طليعة
وما عقد الزنا وحكما سوى يدي ... وإن خل بالإقرار بي فهي حلت
وإن نار بالتنزيل محراب مسجد ... فما بار بالإنجيل هيكل بيعة
وأسفار توراة الكليم لقومه ... يناجي بها الأحبار في كل ليلة
وإن خر للأحجار في البد عاكف ... فلا تغد بالإنكار للعصبية
قال الكيزروني في سيرته: ومعنى البد عندهم: شخص في هذا العالم لم يولد ولا ينكح ولا يطعم ولا يشرب ولا يهرم ولا يموت وأول بد ظهر في العالم اسمه (شارمن) وتفسيره: السيد الشريف ومن وقت ظهوره إلى وقت الهجرة خمسة آلاف سنة وزعموا أن البددة أتوهم على عدد وظهروا في أجناس وأشخاص شتى ولم يكونوا يظهروا إلا في بيوت الملك لشرف جواهرهم ... 1 هـ.
وأقول: قد سمعت أن الإنكار على من خر للأحجار عصبية عند هذا المنصف ومقدم طائفة المنكرين الرسل جميعا بالإجماع [20].
وانظر ما في كلام ربك من النهى عن عبادة الأوثان تجد الكثير الطيب وعلى الجملة فقد حكم على الله ورسله وملائكته بالعصبية وصوب عبده الأوثان أجمع فإن لم يكن هذا كفرا فما في الدنيا كفر والسلام. ولا تغرك مغالطته بقوله بعد هذا البيت:
فقد عبد الدينار معنى منزه ... عن العار بالإشراك بالوثنية
فإن المغالطة دأب القوم {يخادعون الله والذين آمنوا وما تخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون في قلوبهم مرضى فزادهم الله مرضا ولهتم عاب أليم بما كانوا يكذبون} (2)
_________
(1) انظر ديوان ابن الفارض (ص 114).
(2) [البقرة: 9 - 10](2/1019)
وليس العجب من هذا وأقواله بل العجب الذي تسكب عنده العبرات سكوت أهل عصره عنه بعد مسير الركبان عنه. ممثل هذه الأقوال في حياته. إنا لله وإنا إليه راجعون وآخر بيت ختم به تأئيته قوله:
ومن فضل ما أسأرت شرب معاصري ... ومن كان قبلي في الفضائل فضلتي
جعل الأنبياء في فضائلهم فضله فضائله، فاسمع إن كنت من الذين لم يختم على قلوبهم ويجعل على أبصارهم غشاوة .. وفي هذا المقدار ما يعرفك بحال هذا الولي المعتقد فاختر لنفسك ما يحلو [21].
وأما ابن سبعين (1) فيكفيك من تصريحه بالوحدة قوله في كتابه المعروف بلوح الإصابة ما لفظه: الذات مع العلم دائما وهى الباطنية وهي الظاهرة بخلافك أنت الظاهر وعلمك باطن وما في الوجود سواه معك وسواك به فأنت معينا صورة علمه وعن معين علمه وهو علمك فيه ترى وتبصر وتعلم وبك يرى ويبصر ويعلم ثم قال بعد ذلك: إن واجب الوجود كلي وممكنه جزئي ولا وجود للكلي إلا في جزئي ولا لجزئي إلا في كلي وعلى الجملة إن ديدنته في هذا الكتاب في غالب أبحاثه في الوحدة والمشط على طريقة ابن عربي فلا نطيل في رسم كلامه ولا نستكثر من كتب هذيانه ..
قال بعضهم: جلست عند ابن سبعين من الغداة إلى العشي، فجعل يتكلم بكلام تعقل مفرداته ولا تعقل مركباته.
وأما ابن التلمساني (2) فيكفيك من خذلانه وإصراره على هذا المذهب الكفري ما عرفناك
_________
(1) تقدمت ترجمت
(2) تقدمت ترجمت(2/1020)
سابقا من رواية الإمام ابن تيمية (1) عنه أنه قال: القرآن كله شرك وإنما التوحيد مذهبهم - أعني القول بالإتحاد- فقد أخبرك عن حقيقة مذهبهم وهو الخبير انه مخالف للقرآن فإن كان معترفا بأنه كلام الله فقد جعل الله جل جلاله غير عالم بنفسه جاهلا لحقيقة ذاته ولا كفر أشنع وأبشع من هذا فاختر لنفسك: أما الأخذ بكلام ربك والاتباع لما أخبرك به أو الأخذ بكلامه والاهتداء بضلاله فإن الرجل قد عرفك بالمخالفة بين مذهبهم وبين القرآن وبين لك فضل قولهم على قول الله عز وجل وإن كان غير معترف بأنه كلام الله فلا أصرح من هذه الشهادة التي يشهد ها على نفسه وعلى أهل ملته فكن في أي القبيلين شئت والسلام ..
ولا تكن مثل من ألقى رحالته ... على الحمار وخلى صهوة الفرس
وأما الجيلي (2) فكتابه المسمى بالإنسان (3) الكامل كافل لك ببيان حاله أي كافل لا تجذ في كتب القوم مثله في التصريح بالإتحاد والإلحاد؟ لأن الرجل أمن من المخاوف التي كان أصحابه يخافونها لما رآه من عدم قيام العلماء. مما أوجب الله عليهم من نصر الشريعة وقطع دابر من رام تكدير صفوها [22] وتحققه من أطباق العامة وكثير من الخاصة على أدن القوم من الصفوة المصطفاه وإذعانهم لكل مشعبذ وإن كان لا يدري صناعة الشعبذة إذا قام بعهدة النهيق قائلا هو هي تاركا للواجبات منغمسا في المحرمات متمخلعا متوقحا متلونا بالنجاسات غير متنزه عن القاذورات كثير الوقوف في المزابل والرباطات مشتملا على جبة قذرة كدرة ... فهذا؟ الله المجاب الدعوة الذي يرحم الله به العباد ويستنزل به الغيث .. إنا لله وإنا إليه راجعون. وأنت إن بقي فيك نصيب من العقل وحظ من التوفيق فزن أحوال هؤلاء بحال أصحاب رسول الله وصل فإنهم المعيار الذي لا يزيغ عنه إلا ضال وانظر ما بين الطائفتين من التفاوت بل التقابل في
_________
(1) انظر: مجموع الفتاوى (13/ 186) " الفرقان " (ص 88) " مجموعة الرسائل والمسائل " (4/ 51).
(2) تقدمت ترجمته.
(3) تم التحذير منه في أول الرسالة.(2/1021)
جميع الأمور واختر لنفسك في الهوى من تصطفي والموعد القيامة وستعلم لمن عقبى الدار. فمن تنفسات الجيلي في كتابه المذكور في الباب السابع قوله: فأول رحمة رحم الله ها الوجود أن أوجد العالم من نفسه قال الله تعالى: {وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه} (1) ولهذا سرى وجوده في الموجودات فظهر كماله في كل جزء وفرد من أجزاء العالم ولم يتعدد بتعدد مظاهره بل هو واحد في جميع تلك المظاهر وسر هذا السريان أن خلق العالم من نفسه وهو لا يتجزأ فكل شيء من العالم هو بكماله واسم الخلقية على ذلك الشيء بحكم العارية لا كما يزعمه من يزعم أن الأوصاف اللاهبة هي التي تكون بحكم العارية إلى العبد وأشار إلى ذلك بقوله:
أعارته طرفا رأها به ... فكان البصير بها طرفها
فإن العارية ما هي في الأشياء إلا نسبة الوجود الخلقي إليها فإن الوجود الحقي لها أصل فأعار الحق خلقه اسم الخلقية لتظهر بذلك أسرار اللاهية ومقتضياتها من التضاد فكان الحق هيولا العالم قال الله تعالى: (وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق & (2) فمثل العالم مثل الثلج والحق سبحانه الماء الذي هو أصل الثلج فاسم الثلج على ذلك المنعقد معار واسم المائية عليه حقيقة وقد نبهت على ذلك في القصيدة [23] المسمى بالبوادر العينية بقولي:
وما الخلق في التمثال إلا كثلجة ... وأنت لها الماء الذي هو نابع
ولكن يذوب الثلج يرفع حكمه ... ويوضع حكم الماء والأمر واقع
تجمعت الأضداد في واحد البهاء ... وفيه تلاشت فهو عنهن صادع
انتهى.
_________
(1) [الجاثية: 13].
(2) [الحجر: 85].(2/1022)
وكتابه المذكور محشو هذا لهذيان وهو من الصراحة بالإتحاد بحيث لا يلتبس إلا على بهيمه فإن شككت فيما حكيناه فعليك بالكتاب المذكور وهذا المثال مشهور عند القوم لا ينكره أحد منهم بل ربما جاوزه بعضهم فقال: إن العالم كالموج والباري عز وجل كالبحر. والموج ليس غير البحر صرح بذلك الجامي (1) في شرح نقش الفصوص لابن عربي.
وعلى الجملة فقد سقنا إليك من نصوصهم ما يعرفك بحالهم ولا فائدة من الإكثار من كفرياتهم فهذه كتبهم على ظهر البسيطة موجودة بأيدي الناس فإذا رمت العثور على أضعاف أضعاف هذه المخازي راجعتها وكن على حذر منها فإنها مغناطيس القلوب التي لم تستحكم قوة إيمانها.
وقد وعدناك فيما سلف بذكر نصوص جماعة من علماء الشريعة على تضليل هذه الفرقة فنقول: اعلم أن أئمة أهل البيت وسائر علماء اليمن إلا القليل مطبقون على تضليل هذه الفرقة مبالغون في التحذير منهم معلنون بأنهم ابتدعوا في الإسلام ما يخالف الشريعة، وسردهم مما لا تتسع له هذه الورقات، وقد بالغ الإمام شرف الدين في ذلك حتى أمر بقتل كبير من كبرائهم، وهكذا الإمام القاسم بن محمد صرح بتكفيرهم وشدد على رعيته في ذلك وصرح بأنهم زنادقة، وهكذا ابنه المتوكل على الله حتى أمر بتحريق الكتاب المعروف بالفصوص وأمر أهله إن يخبروا عليه قرصا وأطعمه جارية كان بها ألما فشفيت وكذلك غيرهم من أعيان العلماء [24] الذين كان وجودهم بعد حدوث هذه الطائفة ..
قال الفاسى في العقد .....................
_________
(1): هو عبد الرحمن بن أحمد الجامي ولد بجام (قرية بخرسان) سنة 817 هـ صوفي مشارك في بعض العلوم توفي بهراة سنة 898 هـ.
انظر: شذرات الذهب (7/ 360) " والبدر الطالع " (1/ 327).(2/1023)
الثمن (1) في ترجمة ابن عربي: وقد بين الشيخ تقي الدين ابن تيمية الحنبلي شيئا من حال هذه الطائفة القائلين بالوحدة وحال ابن عربي منهم بالخصوص وبين بعض ما في كلامه من الكفر ووافقه على تكفيره لذلك جماعة من أعيان علماء عصره من الشافعية والمالكية والحنابلة لما سئلوا عن ذلك ثم ذكر نص السؤال ونص الجوابات ولطول ذلك اقتصرت هاهنا على نقل خلاصته السؤال والأجوبة.
أما السؤال فحاصله ما يقول العلماء في كتاب بين أظهر الناس أكثره ضد لما أنزل الله وعكس لما قاله أنبيائه من جملة ما اشتمل عليه أن الحق المنزه هو الإنسان المشبه وقال: إن عباد الأوثان لو تركوا عبادتها لجهلوا وأنكر فيه حكم الوعيد في حق من حقت عليه كلمة العذاب فهل يكفر من يصدقه في ذلك أو يرضى به منه أم لا وهل يأثم سامعه أم لا. أجاب الإمام ابن تيمية (2) بما حاصله أن كل كلمة من هذه الكلمات كفر بلا نزاع لق المسلمين واليهود والنصارى فضلا عن كونه كفرا في شريعة الإسلام ثم قال: وصاحب هذا الكتاب الذي هو فصوص الحكم وأمثاله مثل صاحبه القونوي (3) والتلمساني (4) وابن سبعين (5) والششتري (6) وأتباع مذهبهم الذي هم عليه أن الوجود واحد ويسمون أهل
_________
(1) (2/ 161 - 191).
(2) في الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان (ص 83).
(3) محمد بن إسحاق بن محمد القونوي الروي- صدر الدين- صوفي من كبار تلاميذ ابن عربي، وقد تزوج ابن عربي أمه ورباه واهتم به حتى أصبح من أهل وحدة الوجود. وهو شيخ التلمساني له مصنفات (منها): تفسير سورة الفاتحة في مجلد سماه (إعجاز البيان في كشف بعض أسرار أم القرآن).
توفي سنة 673 هـ بقونية.
انظر: طبقات الأولياء لابن الملقن (ص 467).
مفتاح السعادة لأحمد بن مصطفى (1/ 451).
(4) تقدمت ترجمته.
(5) تقدمت ترجمته.
(6) الششتري هو علي بن عبد الله المتوفى سنة 668 هـ متصوف أندلسي (أبو الحسن) من أهل (من عمل وادي أش) توقي قرب دمياط من كتبه (العروة الوثقى) والوجودية في أسرار الصوفية. (ولد 610 هـ وتوفى سنة 668).
انظر الأعلام للزركلى (4/ 305).(2/1024)
وحدة الوجود ويدعون التحقيق والعرفان وهم يجعلون وجود الخالق عين وجود المخلوقات فكل ما تتصف به المخلوقات من حسن وقبح ومدح وذم إنما المتصف به عندهم عين الخالق. قال: ويكفيك بكفرهم أن من أخف أقوالهم: إن فرعون مات مؤمنا بريئا من الذنوب كما قال- يعني ابن عربي، ثم أخذ يعدد من هذه الكلمات حتى قال: إن كفرهم أعظم من كفر اليهود والنصارى. ثم قال بعد كلام طويل: وهذه الفتوى لا تحتمل بسط كلام هؤلاء وبيان كفرهم وإلحادهم فإنهم من جنس القرامطة (1) الباطنية الإسماعيلية (2) الذين كانوا أكفر من اليهود والنصارى وإن قولهم يتضمن الكفر بجميع الكتب والرسل، كما قال الشيخ إبراهيم ....................
_________
(1) حركة باطنية ظهرت سنة 278 في العراق على يد (حمدان قرمط) بعد اتصاله بأحد دعاة الباطنية. يقوم مذهبهم على القول بإلهين قديمين لا أول لوجودهما من حيث الزمان إلا أن أحدهما علة لوجود الثاني، واسم العلة السابق والمعلول- التالي، والنبي عبارة عن شخص فاضت عليه من السابق بقوة التالي قوة قدسية صافية، واتفقوا على أنه لا بد في كل عصر من إمام معصوم يساوي النبي بالعصمة، وهم ينكرون البعث والمعاد ويستبيحون المحظورات ويجعلون لكل نص ظاهرا وباطنا يؤولونه حسب معتقدهم وهواهم.
وقد نشطت تلك الحركة الخبيثة وكثر أتباعها فأغارت على البلدان ونهبت الأموال وهتكت الأعراض حتى أهم هاجموا مكة المكرمة سنة 319 هـ فقتلوا أهلها ومن كان فيها من الحجاج وهدموا زمزم واقتلعوا الحجر الأسود وذهبوا به إلى الأحساء ست 339 هـ حيث أعيد إلى مكانه.
انظر: القرامطة لابن الجوزي، تحقيق: محمد الصباغ.
- أخبار القرامطة في الأحساء والشام واليمن والعراق جمع وتحقيق سهيل ذكار.
(2) الإسماعيلية: حركة باطنية، سميت هذا الاسم نسبة إلى إسماعيل بن جعفر الصادق الذي لم تعترف الشيعة الاثنا عشرية بإمامته ...
واشتدت ضربات العباسيين للحركات الشيعية بعد فشل ثورة محمد الملقب بذي (النفس الزكية) مما اضطرهم للاحتفاء والتكتم
وقد وضع عبد الله بن ميمون القداح أساس الدعوة الإسماعيلية السبعية التي تختم الإمامة بإسماعيل بن جعفر الصادق.
أما عقيدتهم في الوحي والنبوة والرسالة فملخصة. مما يلي: " لا يعترف الإسماعيليون. مما نقله لنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من حقائق الدين، لأن العقل الأول بنظرهم وليس الله هو الذي دبر الكون وأرسل الرسل والوحي إلى الأنبياء.
فالوحي بنظرهم. هو ما قبلته نفس الرسول من العقل الكلي وقبله العقل من باريه تعالى. " اهـ. "
الإسماعيلية: تاريخ وعقائد ": إحسان إلههي ظهير.(2/1025)
الجعبري (1) لما اجتمع بابن صاحب هذا الكتاب. قال: رأيته شيخا بخسا يكذب بكل كتاب أنزله الله تعالى وبكل نبي أرسله .. وقال الفقيه [25] أبو محمد (2) بن عبد السلام لما قدم القاهرة، وسألوه عن ابن عربي. فقال: شيخ سوء مقبوح يقول بقدم العالم ولا يحرم فرجا. قال ذلك قبل أن يظهر من قوله: أن العالم هو الله ثم قال بعد أن عدد مثالبهم ولم أصف عشر ما يذكرونه من الكفر. ثم قال: فرؤوسهم أئمة كفر ويجب قتلهم ولا تقبل توبة أحد منهم إذا اخذ قبل التوبة فإنه من أعظم الزنادقة ثم قال: ويجب عقوبة كل من انتسب إليهم، أو ذب عنهم، أو أثنى عليهم، أو عظم كتبهم، أو عرف
_________
(1) هو إبراهيم بن معضاد بن شداد الجعبري الشاذلي، شاعر صوفي، له مشاركة في أشياء من العلم والطب، ولد سنة 597 هـ وتوفي سنة 687 هـ.
معجم المؤلفين (1/ 114 - 115) وشذرات الذهب (5/ 399 - 400).
(2) هو عبد العزيز بن عبد السلام السلمي الشافعي، كنيته أبو محمد، ولقبه عز الدين- واختصر بالعز جريا على عادة علماء عصره، وعرف بسلطان العلماء وبائع الملوك، أصله الأول من المغرب، ثم بحكم الهجرات إلى توالت على قبائل العرب عبر التاريخ نزحت قبيلته إلى الشام، فأصبح شاميا بعد ذلك وكان أمارا بالمعروف نهاءا عن المنكر، لا يخاف في الله لومة لائم- ولد سنة 578 هـ وتوفي سنة الذيل على الروضتين (ص 216)، فوات الوفيات للكتبي (2/ 350 - 352)، معجم المؤلفين (5/ 249).(2/1026)
بمساعدتهم ومعاونتهم، أو كره الكلام فيهم. بل يجب عقوبة كل من عرف حالهم، ولم يعاون على القيام عليهم. فإن القيام على هؤلاء من أعظم الواجبات، لأنهم أفسدوا العقول والأديان على خلق من المشايخ والعلماء والملوك والأمراء، ثم قال: وأما من قال لكلامهم تأويل يوافق الشريعة فإنه من رؤوسهم وأئمتهم فإنه إن كان ذكيا يعرف كذب نفسه وإن كان معتقدا لهذا ظاهرا وباطنا، فهو أكفر من النصارى. وأجاب القاضي بدر الدين (1) ابن جماعة فقال: هذه الفصوص المذكورة وما أشبهها من هذا الباب بدعة وضلالة ومنكر وجهالة لا يصغي إليها ولا يعرج عليها إلى آخر جوابه.
وأجاب القاضي سعد الدين الحارثي قاضي الحنابلة بالقاهرة ما ذكر من الكلام المنسوب إلى الكتاب المذكور يتضمن الكفر ومن صدق به فقد تضمن تصديقه. مما هو كفر يجب في ذلك الرجوع عنه والتلفظ بالشهادتين ثم قال وكل هذه التمويهات ضلالات وزندقة وعبارات مزخرفة.
وأجاب الخطيب شمس الدين محمد بن يوسف الجزري الشافعي بعد كلام وقوله: أن الحق المنزه هو الخلق المشبه. كلام باطل متناقض وهو كفر إلى آخر ما أجاب به.
_________
(1) هو محمد بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة بن حازم بن صخر بن عبد الله الكناني الحموي الشافعي ولد سنة 639 هـ بحماة: وسمع الكثير واشتغل وأفتى ودرس وأخذ أكثر علومه بالقاهرة عن القاضي تقي الدين بن رزين وقرأ النحو على الشيخ جمال الدين بن مالك وولي قضاء القدس سنة 687 هـ ثم نقل إلى قضاء الديار المصرية سنة 690 هـ وجع له بين القضاء ومشيخة الشيوخ، ثم نقل إلى دمشق وجمع له بين القضاء والخطابة ومشيخه الشيوخ ثم أعيد إلى قضاء الديار المصرية بعد وفاة ابن دقيق العيد.
ولما عاد الملك الناصر من الكرك عزله مدة سنة ثم أعيد وعمي في أثناء سنة 727 هـ فصرف عن القضاء واستمر معه تدريس الزاوية. ممصر وانقطع. بمنزله بمصر قريبًا من ست سنين يسمع عليه إلى أن توفي 733 هـ.
- شذرات الذهب (5/ 105 - 106).
- القاضي بدر الدين بن جماعة حياته. للدكتور عبد الجواد خلف.(2/1027)
وأجاب القاضي زين الدين الكتناني الشافعي مدرس الفخرية والمنصورية بالقاهرة. مما حاصله أن ذلك كفر ثم قال ومن صدق المذكور في هذه الأمور أو بعضها مما هو كفر فكفر.
وأجاب الشيخ نور الدين البكري (1) الشافعي بعد كلام أن صاحب هذه الأقوال ألعن وأقبح من أن يتأول له ذلك بل هو كاذب فاجر كافر في القول والاعتقاد ظاهرا وباطنا وإن كان قائلها لم يرد ظاهرها فهو كافر بقوله ضال لجهله ولا يعذر بتأويله لتلك الألفاظ إلا أن يكون جاهلا جهلا تاما عاما ولم يعذر من جهله. بمعصيته لعدم مراجعه العلماء إلى آخر جوابه.
وأجاب الشيخ شرف الدين عيسى الزواوي المالكي [26] أما هذا التصنيف الذي هو ضد لما أنزل الله عز وجل في كتبه المنزلة، وضد أقوال الأنبياء المرسلة فهو افتراء على الله وافتراء على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ثم قال: ما تضمنه هذا التصنيف من الهذيان والكفر والبهتان فكله تلبيس وضلال وتحريف وتبديل، ومن صدق بذلك أو اعتقد صحته كان كافرا ملحدا صادا عن سبيل الله مخالفا لملة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ملحدا في آيات الله مبدلا لكلمات الله زنديقا فيقتل متى ظهر عليه ولا تقبل توبته إن تاب لأن حقيقة توبته لا تعرف. ثم قال: فالحذر كل الحذر منهم فإنهم أعداء الله وشر من اليهود والنصارى، لأنهم قوم لا دين لهم يتبعونه ولا رب يعبدونه إلى آخر كلامه ..
وبمثل هذا الجواب أجاب جماعة من العلماء الذين تأخر عصرهم عن عصر هؤلاء
_________
(1) هو علي بن يعقوب بن جبريل بن عبد المحسن البكري، المصري، الشافعي " نور الدين " أبو الحسن، مفسر، بياني، مشارك في بعض العلوم.
من مصنفاته: تفسير سورة الفاتحة، الحكم، كتاب في البيان، معجم المؤلفين (7/ 262) وشذرات الذهب (6/ 66 - 67).(2/1028)
المجيبين في سؤال ورد إليهم مثل هذا السؤال وصرحوا بأن ذلك كفر، منهم العلامة البلقيني (1) الشافعي الإمام المجتهد والحافظ ابن حجر العسقلاني (2) ومحمد بن عرفة (3) الماكي عالم أفريقيا، والقاضي بالديار المصرية عبد الرحمن بن محمد المعروف بابن خلدون (4) الحضرمي المالكي وقال في أثناء جوابه: وأما حكم هذه الكتب المتضمنة لتلك العقائد المضلة وما يوجد من نسخها بأيدي الناس مثل الفصوص والفتوحات لابن عربي، والبد (5) لابن سبعين وخلع النعلين .........................
_________
(1) محمد بن عمر بن رسلان بن نصير الكناني، المصري، البلقيني، الشافعي بدر الدين أبو اليمن ولد في صفر سنة 756 هـ وهو فقيه، توفي سنة 791 هـ.
من آثاره، رسالة الكليم في تسلية أهل المصائب.
معجم المؤلفين (11/ 82) شذرات الذهب (6/ 318 - 319).
(2) هو أحمد بن علي بن محمد بن محمد بن على بن محمود بن أحمد بن حجر الكناني العسقلاني الأصل. المصري المولد والنشا والدار والوفاة.
يلقب بشهاب الدين ويكنى أبا الفضل.
(3) محمد بن محمد بن محمد بن عرفة الورغمي التونسي، المالكي عرف بابن عرفة (أبو عبد الله) مقرئ، فقيه، أصولي، بياني، منطقي متكلم فرضي.
ولد بتونس 27 رجب سنة 716 هـ من مصنفاته " المبسوط " في الفقه المالكي في سبعة أسفار.
معجم المؤلفين (11/ 285) والبدر الطالع (2/ 255 - 256).
(4) عبد الرحمن بن محمد بن محمد- بن جابر بن محمد ابن إبراهيم بن محمد بن عبد الرحيم الحضرمي الأشبيلي الأصل، التونسي ثم القاهري، المالكي المعروف بابن خلدون عالم، أديب، مؤرخ اجتماعي، حكيم. ولد بتونس سنة 732.
توفي بالقاهرة سنة 808 هـ.
من مؤلفاته: العبر وديوان المبتدأ وافي في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر (تاريخ ابن خلدون) شرح قصيدة ابن عبدون الأشبيلى.
الضوء اللامع (4/ 145 - 149) شذرات الذهب (7/ 76 - 77).
(5) (البد):- وهو من أشهر كتب ابن سبعين- أي مالا بد للعارف منه بين فيه مذهبه القائم على الوحدة المطلقة ورد على مذاهب الفقهاء والمتكلمين.(2/1029)
لابن قسط (1)، وعن اليقين لابن برخان. وما أجدر الكثير من شعر ابن الفارض والعفيف التلمساني وأمثالها إن يلحق هذه الكتب وكذا شرح ابن الفرغاني للقصيدة التائية من نظم ابن الفارض فالحكم ني هذه الكتب كلها وأمثالها إذهاب أعيانها متى وجدت بالتحريق بالنار والغسل بالماء إلى أخر ما أجاب به. وكذلك أبو زرعة الحافظ (2) العراقي الشافعي أجاب. ممثل ذلك لما سئل عنه وقال: لا شك في اشتمال الفصوص الشهيرة على الكفر الصريح الذي لا يشك فيه وكذلك الفتوحات المكية فإن صح صدور ذلك عنه واستمر عليه إلى وفاته فهو كافر مخلد في النار بلا شك إلى أخر كلامه.
وكذلك قال العلامة ابن الخياط (3) وشهاب الدين أحمد بن أبي بكر بن علي الناشري (4) وقد تكلم الذهبي. . . . . . . . . . . .
_________
(1) أحمد بن قسي الأندلسي أبو القاسم، صوفي له كتاب " خلع النعلين في الوصول إلى حضرة الجمعين " مات سنة 545 هـ. " لسان الميزان " (1/ 247).
(2) أحمد بن عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن أبي بكر الكردي الأصل المهراني، القاهري، الشافعي، يعرف بابن العراقي: ولي الدين، أبو زرعة. فقيه، أصولي، محدث، أديب.
ولد بالقاهرة سنة 762 هـ وتوفي ها سنة 826 هـ.
من مصنفاته: شرح جمع الجوامع للسبكي في أصول الفقه.
شرح البهحة الوردية في فروع الفقه الشافعي.
الضوء اللامع (1/ 336 - 344) البدر الطالع (1/ 72 - 74) شذرات الذهب (7/ 173).
(3) أحمد بن محمد بن عمر بن عبد الهادي بن العربي بن محمد فتحا الفاسي المعروف بابن الخياط (أبو العباس) ولد سنة 1252 هـ وتوفي سنة 1343 هـ.
من تصانيفه: شرح على أبيات الرهوني في الأحاديث الأربعة الموجودة في الموطأ.
وثلاثة فهارس، حاشية على شرح الخرشي على فرائض المختصر.
معجم المؤلفين (2/ 139).
(4) هو أحمد بن أبي بكر بن علي بن محمد بن أبي بكر بن عبد الله- بن عبد الرحمن بن عبد الله بن يعقوب الناشري، الزبيدي، الشافعي (شهاب الدين أبو العباس، عالم، فقيه.(2/1030)
الميزان (1) في ترجمة ابن عربي فقال: صنف التصانيف في تصوف الفلاسفة وأهل الوحدة وقال أشياء منكرة ثم قال: وأما كلامه فمن عرفه وفهمه على قواعد الإتحادية وعلم محط القوم [27] وجمع بين أطراف عباراتهم تبين له الحق في خلاف قولهم وكذلك من أمعن النظر في نصوص الحكم أو معين التأمل لاح له العجب فإن الذكي إذا تأمل في تلك الأقوال والنظائر والأشباه فهو أحد رجلن: إما من الاتحادية في الباطن وإما من المؤمنين بالله الذين يعدون أن أهل هذه النحل من أكفر الكفرة .. انتهى.
وذكره في تاريخ الإسلام وذكر له خرافات مخزية وقد لخص العلامة ابن القيم (2) مذهب الاتحادية في أبياته النونية (3) فقال:
وأتى فريق ضم قال وجدته ... هذا الوجود بعينه وعيان
ما ثم موجود سواه وإنما ... غلط اللصان فقال موجودان
فهو السماء بعينها ونجومها ... وكذلك الأفلاك والقمران
وهو الغمام بعينه والثلج ... والأمطار مع برد ومع حسبان
_________
= من مؤلفاته: اختصار أحكام النساء لابن العطار، الإفادة قي مسألة الإرادة كتاب بين فيه فساد عقيدة ابن عربي ومن ينتمي إليه.
معجم المؤلفين (1/ 177) والضوء اللامع (1/ 257 - 258)
(1) (3/ 659 - 660).
(2) ابن قيم الجوزية هو الإمام الفقيه الأصولي النحوي. شمس الدين، أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد بن حريز الزرعي. ثم الدمشقي إمام الجوزية وابن قيمها المعروف بابن قيم الجوزية.
ولد في دمشق سنه 691 هـ وأخذ العلم عن الشهاب النابلسي، وابن الشيرازي تتلمذ عن شيح الإسلام تقي الدين أبي العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية الحراني الدمشقي.
له تصانيف كثيرة في أنواع العلوم توفي سنه 751 هـ.
شذرات الذهب (6/ 168) الدر الكامنة (3/ 400).
(3) انظر شرح القصيدة النونية المسماة:
" الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية " شرحها وحققها. د. محمد خليل هراس.(2/1031)
وهو الهواء بعينه والماء ... والترب الثقيل ونفس ذا الإنسان
هذي بسائطه ومنه تركبت ... هذي المظاهر ما هنا شيئان
وهو الفقير بها لأجل ظهوره ... فيها كفقر الروح للأبدان
وهي التي افتقرت إليه لأنه ... هو ذاتها ووجودها الحقان
وقد أوضح العلامة شرف الدين إسماعيل (1) المقري مخازي ابن عربي في قصيدته المشهورة وبين فيها من المثالب ما لم يبمنه غيره لأن جماعة من أهل زبيد أوهموا من ليس له نباهة أن ابن عربي عالي المرتبة. ومطلع هذه القصيدة:
ألا يا رسول الله غارة ثائر ... غيور على حرماته والشعائر
يحاط ها الإسلام ممن يكيده ... ويرميه من تلبيسه بالفواقر
فقد حدثت بالمسلمين حوادث ... كبار المعاصي عندها كالصغائر
حوتهن كتب حارب الله ربها ... وغرها من غربين الحواضر
تجاسر فيه ابن العريبي واجترا ... على الله فيما قال كل التجاسر
فقال بأن الرب والعبد واحد ... فربي مربوبي بغير تغاير
وأنكر تكليفا إذا لعبد عنده ... إله وعبد فهو إنكار فاجر [28]
وخطأ إلا من يرى الخلق صورة ... وهوية لله عند التناظر
وقد تجلى الحق في كل صورة ... تجلى عليها فهي إحدى المظاهر
وأنكر أن الله يغني عن الورى ... ويغنون عنه لاستواء المقادر
ومنها:
_________
(1) هو إسماعيل بن أبي بكر بن عبد الله بن إبراهيم بن علما بن عطية بن على شرف الشرجي اليماني الشافعي المعروف بالمقري الزبيدي ولد سنه 754 هـ وهو فقيه، أديب، شاعر، مشارك في كثير من العلوم.
كان ينكر نحلة ابن عربي وأتباعه، وبينه وبن متبعيه معارك وله في ذلك: رسالتان توفي سنه 837 هـ
شذرات الذهب (7/ 220 - 222) الضوء اللامع (2/ 292 - 295).(2/1032)
وقال عذاب الله عذب وربنا ... ينعم في نيرانه كل فاجر
وقال بأن الله لم يعص في الورى ... فما ثم محتاج لعاف وغافر
وقال مراد الله وفق لأمره ... فما كافر إلا مطيع الأوامر
ومنها:
وما أخص بالإيمان فرعون وحلى ... لدى موته بل عم كل الكوافر
فكذبه يا هذا تكن خير مؤمن ... وإلا فصدقه تكن شر كافر
ومنها:
ولم يبق كفر لم يلابسه عامدا ... ولم يتورط فيه غير محاذر
ومنها:
فلا قدس الرحمن شخصا يحبه ... على ما يرى من قبح هذا المخابر
ومنها:
فيا محسني ظنا. مما في فصوصه ... وما في فتوحات الشرور الدوائر
عليكم بدين الله لا تصبحوا غدا ... مساعر نار قبحت من مساعر
ومنها:
ولا تؤثروا غير النبي على النبي ... فليس كنور الصبح ظلما الدياجر
دعوا كل ذي قول لقول محمد ... فما آمن في دينه كمخاطر
وأما رجالات الفصوص فإنهم ... يعومون في بحر من الكفر زاخر
إذا راح بالريح المبايع أحمد ... على هديه راحوا بصفقة خاسر
ومنها:
ويا أيها الصوفي خف من فصوصه ... خواتم سوء غيرها في الخناصر
وخذ فج سهل والجنيد وصالح ... وقوم مضوا مثل النجوم الزواهر
[29] على الشرع كانوا ليس فيهم لوحدة ... ولا لحلول الحق ذكر لذاكر
رجال رأوا ما الدار دار إقامة ... لقوم ولكن بلغة لمسافر(2/1033)
وهي قصيدة طويلة فائقة رائقة أجاد فها كل الإجادة رحمه الله تعالى. ومن رام العثور على مخازي ابن عربي وأهل نحلته فعليه بكتاب العلامة السخاوي المسمى بالقول المنبي عن ترجمة ابن عربي. وقد ألف العلامة إسماعيل المقري (1) كتابين في بيان ضلالات ابن عربي: كتابا حماه الذريعة إلى نصر الشريعة. وسرد في ذلك كثيرا من مخازيه وكتابا آخر غاب عني احمه. قال العلامة المجتهد نزيل حرم الله صاع بن مهدي المقبلي (2) في العلم الشيخ (3) بعد أن ساق من كفريات أهل الوحدة ومخازيهم شطرا صالحا ما نصه وقد آن لي أن أصدع بالحق خوفا على نفسي من الكفر فأقول: اللهم إني الآن اشهد أن لا إله إلا الله. وأشهد أن محمدا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، واشهد الله وكفى به شهيدا وملائكته والناس أجمعين أني لا أرضى لابن عربي ومن نحا نحوه أو ألحقه الشرع بحكمه بالرضى أو التسليم. بمثل قوله تعالى: {ومن يتولهم منكم فإنه منهم} (4) ونحوها فأنا لا أرضى لهم. بمطلق الكفر بل أقول: لا أعلم أحدا من مردة الكفرة: النمرود وفرعون
_________
(1) تقدمت ترجته.
(2) هو صالح بن المهدي بن على بن عبد الله بن سلمان بن محمد بن عبد الله بن سليمان بن أسعد المقبلي، اليمني، الزيدي، عالم مشارك في التفسير وعلوم القرآن والحديث وعلوم اللغة العربية والتصوف والفقه.
ولد في قرية المقبل من أعمال كوكبان، وانتقل إلى صنعاء، ثم سكن مكة وتوفي ها سنة 1040 هـ.
من مؤلفاته " العلم الشامخ في إيثار الحق على الآباء والمشايخ ".
وحاشية على كتاب البحر الزخار سماها " المنار قي المختار من جواهر البحر الزخار ".
وحاشية على الكشاف في التفسير حماها " الاتحاف لطلبة الكشاف " و" الأبحاث المسددة " ونجاح الطالب على مختصر ابن الحاجب توفى سنة 1108 هـ.
البدر الطالع (1/ 288 - 292) نشر العرف (1/ 781 - 787).
(3) (ص 573 - 574).
(4) [المائدة: 51].(2/1034)
وإبليس والباطنية والفلاسفة بل نفاة الصانع فإن هؤلاء نفوا الصنع فانتفى الصانع فما أحد بلغ هذا المبلغ في جميع الكفريات الماضية وإحداث ما هو شر منها وهي مسألة الوحدة ثم عظم ضررهم في الإسلام بإصابة سهمهم لهذه المقلدة لهم ممن جمع شيئا من العلوم ومن غيرهم اللهم العنهم لعنا كثيرا واقطع دابرهم وامح أثرهم اللهم أمتنا على هذا واحشرنا عليه واكتبنا من الشاهدين عليهم وأوزعنا شكر نعمتك بحفظ القطرة علينا حين ضيعها هؤلاء المتبعين لهم الذين هم أضل وأجهل ممن قال: {ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفا} (1) وممن قال: {بل وجدنا آباءنا كذالك يفعلون} (2) وغيرهم من الضلال الماضين .... انتهى.
وأقول: قد أسلفت لك أيها الناظر في هذا المختصر ما صدر عن هؤلاء المخذولين من المقالات إلى كل واحدة منها من أكفر الكفر كقولهم بالإتحاد وتخطئة الأنبياء وتصويب الكفار ورفع أنفسهم على الأنبياء وكلامهم على القرآن فلا أزيدك على ذلك ولنقتصر على هذا المقدار فإن داء لا يشفيه هذا الدواء لداء عضال وسما لا يبرى من تلهبه هذا الترياق لسم قتال. والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم فرغ من تحريره مؤلفه الحقير محمد بن علي الشوكاني غفر الله لهما في يوم الاثنين ثاني وعشرين من شهر رجب سنة 1205 هـ.
_________
(1) [الزمر: 3].
(2) [الشعراء: 74].(2/1035)
بحث في التصوف
تأليف
محمد بن علي الشوكاني
حققه وعلق عليه وخرج أحاديثه
محمد صبحي بن حسن حلاق
أبو مصعب(2/1037)
وصف المخطوط
1 - عنوان الرسالة: " بحث في التصوف ".
2 - موضوع الرسالة: معنى التصوف المبتدع.
3 - أول الرسالة: بسم الله الرحمن الرحيم. سأل كاتبها حسين بن قاسم المجاهد وفقه الله سيدي مولاي العلامة التحرير شيخ الإسلام وبدره محمد بن علي الشوكاني حفظه الله وأمتع المسلمين بحياته آمين امن ..
4 - آخر الرسالة: فمحبة الصالحين قربة لا تمهل، وطاعة لا تضيع وإن لم يعمل كعملهم، ولا جهد نفسه كجهدهم لأنفسهم وفي هذا المقدار كفاية لمن له هداية. والحمد لله أولا وآخرا والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله ورضي الله عن صحبه الراشدين ".
5 - نوع الخط: خط نسخي معتاد.
6 - عدد الأوراق: (5) ورقات وهي ضمن المجلد الخامس من الفتح الرباني.
7 - عدد الأسطر في الصفحة: 17 - 19 سطرا.
8 - عدد الكلمات في السطر: 8 - 11 كلمة.
9 - الناسخ؛ المؤلف محمد برت على الشوكاني.(2/1039)
بسم الله الرحمن الرحيم
[نص السؤال]
سأل كاتبها حسن بن قاسم (1) المجاهد- وفقه الله- سيدي مولاي العلامة النحرير، شيخ الإسلام وبدره محمد بن علي الشوكاني- حفظه الله-، وأمتع المسلمين بحياته- آمين آمين.
مضمونة: ما زال يخطر بذهن محبكم من شأن المتصوف شيئا، هل عليه دليل أو من قال وقيل؟ وهل العلم علمان باطن وظاهر؟ والباطن يسمونه الطريقة والوصول إلى معرفته على تلك المراتب الذي رتبوها إلى حد الوصول، وكلام أهل المذهب معروف، وبعض علماء الشافعية يقول: ما للشرع عليه اعتراض فهو مختون. وقد أوسع المقبلي (2) بالعلم الشامخ (3) في هذا البحث. وللعلامة الزمخشري (4) مادة عند قوله تعالى: {قل إن كنتم تحبون الله} (5) إلخ. وإذا ظهر ما يخالف كما يقولون لهم المعنى الخ. وأن كلما
_________
(1) الحسن بن قاسم المجاهد القاضي العلامة الذكي ولد تقريبا سنة 1190 مسكنه هو وأهله في مدينة ذي جبلة انتقلوا إليها من مدينة ذمار له مشاركة في علم الحديث وفهم جيد، قرأ علي عند وصولي مدينة جبلة مع مولانا الإمام المتوكل على الله في الحديث والأصول ولازمني مدة إقامتي في تلك المدينة من جملة من لازمني من أهلها للقراءة وقد أجزت له أن يروي عني مروياتي. وقد كتب بعض مروياتي وهو أهل لذلك لرغوبه إلى العلم وإكبابه عليه، وقد كتب بعض مؤلفاتي كالدرر، والدراري، والفوائد المجموعة
في الأحاديث الموضوعة، وحاشية شفاء الأوام، والسيل الجرار وغير ذلك.
وله سماعات على عند قدومه إلى صنعاء.
انظر: البدر الطالع (1/ 224).
(2) تقدمت ترجته في رسالة " الصوارم الحداد " رقم (24).
(3) (532 - 603).
(4) في الكشاف (1/ 546 - 547).
(5) [آل عمران: 31].(2/1043)
صدر منهم عبادة فإما كرامات الأحياء الخارقة وإما الإخبار. مما سيكون من طريق التحدث كما ثبت، وكما كان عمر (1) - رضي الله عنه - (2) فمن حسناتكم وتفضلاتكم الإفادة- كثر الله فوائدكم، وأمتع الله المسلمين بحياتكم- آمين آمين.
_________
(1) يشير السائل- رحمه الله- إلى الحديث الذي أخرجه البخاري رقم (3469) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إنه قد كان فيما مضى قبلكم من الأمم محدثون، وإنه إن كان في أمتي هذه منهم فإن عمر بن الخطاب ".
قال الحافظ في الفتح (7/ 50): محدثون بفتح الدال جمع محدث، واختلف في تأويله فقيل: ملهم، قاله الأكثر. قالوا: المحدث بالفتح هو الرجل الصادق الظن، وهو من ألقى في روعه شيء من قبل الملا الأعلى فيكون كالذي حدثه غيره به وهذا جزم أبو أحمد العسكري. وقيل من يجري الصواب على لسانه من غير قصد، وقيل مكلم أي تكلمه الملائكة بغير نبوة، وهذا ورد من حديث أبي سعبد الخدري مرفوعًا ولفظه: " قيل يا رسول الله وكيف يحدث، قال كتكلم الملائكة على لسانه ".
رويناه " فوائد الجوهري " وحكاه القابسي وآخرون ويؤيده ما ثبت في الرواية المعلقة، ويحتمل رده إلى المعنى الأول أي تكلمه في نفسه وإن لم ير مكلما في الحقيقة فيرجع إلى الإلهام ... ".
وأخرجه مسلم في صحيحة رقم (23/ 2398) من حديث عائشة.
(2) في الأصل بياض.(2/1044)
بسم الله الرحمن الرحيم [1 أ]
الجواب:
اعلم- وفقني الله وإياك- أن معنى التصوف (1) المحمود هو الزهد (2) في الدنيا، حتى يستوي عنده ذهبها وترابها، ثم الزهد فيما يصدر عن الناس من المدح والذم حتى يستوي عنده مدحهم وذمهم، ثم الاشتغال بذكر الله- سبحانه- وبالعبادة المقربة لله، فمن كلن هكذا فهو الصوفي حقا، وعند ذلك يكون من أطباء القلوب فيداويها. مما يمحو عنها الطواغيت الباطنية من الكبر، والحسد، والعجب، والرياء، وأمثال هذه الغرائز الشيطانية التي هي أخطر المعاصي، وأقبح الذنوب، ثم يفتح الله له أبوابا كان عنها محجوبا كغيره، لكنه لما أماط عن ظاهره وباطنه الذنوب الذي يصير ها قلبه وحواسه في ظلمة، بل يصير ها جميع ظاهره وباطنه في غشاوة صار جسدا صافيا عن شوب الكدر، مطهرا عن دنس الذنوب، فيبصر ويسمع ويفهم بحواس لا يحجبها عن حقائق الحق حاجب، ولا يحول بينها وبن درك الصواب حائل. ويدل على ذلك أتم دلالة وأعظم
_________
(1) تقدم التعريف ها في رسالة " الصوارم الحداد " رقم (24).
(2) الزهد:
قال سفيان الثوري: الزهد قي الدنيا قصر الأمل، ليس بأكل الغليظ ولا لبس العباء.
وقال الجنيد: سمعت سريا يقول: إن الله عز وجل سلب الدنيا عن أوليائه وحماها عن أصفيائه، وأخرجها من قلوب أهل وداده، لأنه لم يرضها لهم.
وقال: الزهد في قوله تعالى: {لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور} [الحديد: 23].
فالذاهب لا يفرح من الدنيا. بموجود ولا يأسف منها على مفقود.
وقال الإمام أحمد: الزهد في الدنيا قصر الأمل.
وقال ابن تيمية: الزهد ترك مالا ينفع في الآخرة، والورع ترك ما تخاف ضرره في الآخرة.
انظر مدارج السالكين (2/ 12، 13).(2/1045)
برهان ما ثبت في البخاري (1) وغيره (2) من حديث [1 ب] أبي هريرة عن النبي- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: " يقول الله تعالى: من عادى لي وليا فقد بارزني بالمحاربة "، وفي رواية " فقد آذنته بالحرب، وما تقرب لي عبدي بختل ما افترضت عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، ونظره الذي ينظر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، بي يسمع، وبي يبصر، وبي يبطش، وبي يمشي. ولئن استعاذني لأعيذنه. وما ترددت في شيء أنا فاعله توددي عن قبض نفس عبدي المؤمن يكره الموت وأكره مساءته، ولا بد له منه " (3).
_________
(1) في صحيحة رقم (6502).
(2) كالبيهقي في الأسماء والصفات (ص 490، 491) وأبو نعيم في الحلية (411) والبغوي في " شرح السنة " رقم (1248).
وانظر: تخريجنا لطرق هذا الحديث والكلام عليه في تحقيقنا لكتاب " قطر الولي ".
(3) قال في جامع العلوم والحكم: " .. لما ذكر أن معاداه أوليائه محاربة له ذكر بعد ذلك وصف أوليائه الذين تحرم معاداتهم، وتجب موالاتهم فذكر ما يتقرب به إليه، وأصل الولاية: القرب، وأصل العداوة: البعد، فأولياء الله هم الذين يتقربون إليه، مما يقرهم منه، وأعداؤه الذين أبعدهم عنه بأعمالهم المقتضية لطردهم وإبعادهم منه فقسم أولياءه المقربين إلى قسمين:
أحدهما: ومن تقرب إليه بأداء الفرائض، ويشمل ذلك فعل الواجبات وترك المحرمات، لأن ذلك كله من فرائض الله التي افترضها على عباده.
الثاني: من تقرب إليه بعد الفرائض، بالنوافل، فظهر بذلك أنه لا طريق يوصل إلى التقرب إلى الله تعالى، وولايته، ومحبته سوى طاعته التي شرعها على لسان رسوله، فمن ادعى ولاية الله، والتقرب إليه ومحبته بغر هذه الطريق، تبين أنه كاذب في دعواه.
فمتى امتلأ القلب بعظمة الله تعالى، محا ذلك من القلب كل ما سواه، ولم يبق للعبد شيء: من نفسه وهواه، ولا إرادة إلا لما يريده منه مولاه فحينئذ لا ينطق العبد إلا بذكره ولا يتحرك إلا بأمره، فإن نطق بالله وإن سمع سمع به وإن نظر، نظر به ..... ".
وقال ابن تيمية في " مجموعة الرسائل والمسائل (1/ 50): فولي الله من والاه بالموافقة له في محبوباته ومرضياته وتقرب إليه. مما أمر به من طاعاته ".(2/1046)
ومعلوم أن من كان يبصر بالله- سبحانه-، ويسمع به، ويبطش به، ويمشط به له حال يخالف حال من لم يكن كذلك، لأنها ينكشف له الأمور كما هي، وهذا هو سيد ما مخلى عنهم صت المكاشفة، لأنه قد ارتفع عنهم حجب الذنوب، وذهب عنهم أدران [2 أ] المعاصي. وغيرهم ممن لا يبصر بالله، ولا يسمع به، ولا يبطش به، ولا يمشي به لا يدرك من ذلك شيئا بل هو محجوب عن الحقائق، غير مهتد إلى مستقيم الطرائق كما قال الشاعر:
وكيف ترى ليلى بعين ترى بها ... سواها وما ظهرها بالمدامع
ويلتذ منها بالحديث وقد جرى ... حديث سواها في خروت المسامع
أجلك يا ليلى عن العن إنما ... أراك بقلب خاشع لك خاضع
وأما من صفى عن المكدر، وسمع وأبصر فهو كما قال الآخر:
الآن وادي الجزع أضحى ترابه ... من المس كافورا وأعواده زبدا
وما ذاك إلا أن هند عشية ... تمشت وجرت في جوانبه بردا
ومما يدل على هذا المعنى الذي أفاده حديث أبي هريرة حديث: " اتقوا فراسة المؤمن، فإنه يرى بنور الله " وهو حديث صححه الترمذي (1)، فإنه أفاد أن المؤمنين من
_________
(1) في السنن رقم (3127) من حديث أو سعيد الخدري.
وقال الترمذي: هذا حديث غريب إنما تعرفه من هذا الوجه وقد روى عنه بعض أهل العلم.
حديث ضعيف من أجل عطية العوفي فإنه ضعيف مدلي وأعله العقيلي في الضعفاء (4/ 129 رقم 1688) فإنه رواه من طريق سفيان عن عمرو بر قيس الملائي قال: " كان يقال " فذكره، وقال:
هذا أولى وأخرجه الخطيب في التاريخ (3/ 191) عن العقيلى وقال وهو الصواب والأول وهم.
قلت: وقد روي الحديث أيضًا من حديث أبي أمامة وأبي هريرة وعبد الله بن عمر وثوبان.
انظر تخريجها في الضعيفة تحت رقم (1821).(2/1047)
عباد الله يبصرون بنور الله- سبحانه- وهذا معنى ما في الحديث الأول من قوله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- نجي يبصر. فما وقع من هؤلاء القوم الصالحين من المكاشفات هو من هذه الحيثية الواردة في الشريعة المطهرة. وقد ثبت أيضًا في الصحيح (1) عنه- صلى الله عليه واله وسلم- أنه قال " إن في هذه الأمة محدثين، وأن منهم عمر " ففي هذا الحديث الصحيح فتح باب المكاشفة لصالحي عباد الله، وأن لك من الله- سبحانه-[2 أ] فيحدثون بالوقائع بنور الإيمان الذي هو من نور الله- سبحانه- فتعرفونها كما هي حتى كأن محدثا يخبرهم ها، ويخبرهم. بمضمونها. وقد كان عمر بن الخطاب- ل! لمحبه- يقع له من ذلك الكثير الطيب في وقائع معروفة منقولة في دواوين الإسلام، ونزل بتصديق ما تكلم به القرآن الكريم كقوله- عز وجل-: ما كان النبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض {(2) وقوله- سبحانه-:} ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره & (3)
_________
(1) عند البخاري في صحيحة رقم (3469) من حديث أبي هريرة وقد تقدم لفظه.
وأخرجه مسلم في صحيحة رقم (23/ 2398) من حديث عائشة عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه كان يقول: "قد كان يكون في الأمم قبلكم محدثون. بأن يكن من أمتي منهم أحد، فإن عمر بن الخطاب منهم ".
(2) [الأنفال: 67].
أخرج مسلم في صحيحة (3/ 1383 - 1385 رقم 58/ 1763) من حديث ابن عباس قال: ... ففما أسروا الأسارى قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأبي بكر وعمر " ما ترون في هؤلاء الأسارى؟ " فقال أبو بكر: يا نبي الله هم بنو العم والعشيرة. أرى أن تأخذ منهم فدية. فتكون لنا قوة على الكفار. فعسى الله أن يهديهم للإسلام. فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ما ترى؟ يا ابن الخطاب قلت: لا. والد يا رسول الله ما أري الذي رأى أبو بكر. ولكني أرى أن تمكنا فنضرب أعناقهم. فتمكن عليا من عقيل فيضرب عنقه. وتمكن من فلان (نسيبا لعمر) فأضرب عنقه. فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها. فهوى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما قال أبو بكر. ولم يهو ما قلت. فلما كان من الغد جئت فإذا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبو بكر قاعدين يبكيان قلت: يا رسول الله! أخبرني من أي شيء تبكى أنت وصاحبك. فإن وجدت بكاء بكيت. وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما. فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أبكي للذي عرض علي أصحابك من أخذهم الفداء. لقد عرض علي عذابهم أدنى من هذه
(3) [التوبة: 84](2/1048)
وقوله: {استتغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم} (1) فمن كان من صالحي العباد متصفا هذه الصفات، متسما هذه السمات فهو رجل المعا لم، وفرد الدهر، وزين العصر. والاتصال به مما تلين به القلوب، وتخشع له الأفئدة، وتجذب بالاتصال به العقول الصحيحة إلى مراضي الرب- سبحانه-، وكلماته هي الترياق المجرب، وأشار به هي طب القلوب القاسية، وتعليماته هي كيمياء السعادة، وإرشاداته هي الموصلة إلى الخير الأكبر، والكرامات الدائمة التي لا نفاذ لها ولا انقطاع. ولم تصف البصائر ولا صلحت السرائر. ممثل الاتصال هؤلاء القوم الذين هم خيرة الخيرة، وأشرف الذخيرة فيا لله قوم لهم السلطان الأكبر على قلوب هذا العالم! يجذبونها إلى طاعات الله- سبحانه- والإخلاص له، والاتكال عليه، والقرب منه، والبعد عما يشغل عنه، ويقطع عن الوصول إليه. وقل أن يتصل هم ويختلط بخيارهم إلا من سبقت له السعادة، وجذبته العناية الربانية
_________
= الشجرة " (شجرة قريبة من نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) وأنزل الله عز وجل {ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يسخن في الأرض إلى قوله تعالى فكلوا مما غنمتم حللا طيبا} (الأنفال: 67 - 69] أحل الله الغنيمة لهم.
(1) [التوبة: 80].
أخرج البخاري في صحيحة رقم (1269) ومسلم رقم (2774) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما: أن عبد الله بن أبي لما توفى جاء ابنه إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا رسول الله أعطني قميصك
أكفنه فيه، وصل عليه واستغفر له فأعطاه النبي قميصه، فقال: " آذني أصلي عليه " فآذنه، فلما أراد أن يصلي عليه جذبه عمر رضي الله عنه. فقال: أليس الله نهاك أن تصلي على المنافقين؟ فقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أنا بين خيرتين، قال: {اشتغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم ستعين مرة فلن يغفر الله لهم} [التوبة: 80]، فصلى عليه فنزلت: {ولا تصل على أحد منهم مات أبد}، [التوبة: 84].(2/1049)
إليهم، لأنهم يخفون أنفسهم ويظهرون في مظاهر الخمول. ومن عرفهم لم يدل عليهم إلا من أذن الله له، ولسان حاله يقول كما قال الشاعر:
وكم سائل عن سر ليلى رددته ... بعمياء من ليلى بغير يقين
يمولون خيرنا فأنت أمينها ... وما أنا إن خيرتهم بأمين
فيا طالب الحير إذا ظفرت يداك بواحد من هؤلاء الذين هم صفوة الصفوة، وخيرة الخيرة فاشددهما عليه، واجعله مؤثرا على الأهل والمال، والقريب والحبيب، والوطن والسكن، فإنا إن وزنا هؤلاء. مميزان الشرع، واعتبرناهم. بمعبر الدين وجدناهم أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولاهم يحزنون، وقلنا لمعاديهم، أو القادح في على مقامهم: أنت ممن قال فيه الردب- سبحانه- كما حكاه عنه رسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: " من عادى لي وليا فقد بارزني بالمحاربة وقد آذنته بالحرب لا (1) لأنه لا عيب لهم إلا أنهم أطاعوا الله كما يجب، وآمنوا به كما يحب، ورفضوا الدنيا الدنية، وأقبلوا على الله- عز وجل- في سرهم وجهرهم، وظاهرهم وباطنهم.
وإذا فرضنا أن في المدعيين للتصوف من لم يكن هذه الصفات، وعلى هذا الهدى القويم فإن بدا منه ما يخالف هذه الشريعة المطهرة، وينافي منهجها الذي هو الكتاب والسنة فليس من هؤلاء، والواجب علينا رد بدعته عليه، والضرب ها في وجهه كما صح عنه- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- أنه قال: " كل أمر ليس عليه أمرنا فهو رد " (2)، وصح عنه [3 ب]- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- أنه قال: " كل بدعة
_________
(1) تقدم تخريجه لي هذه الرسالة.
(2) أخرجه البخاري رقم (2697) ومسلم رقم (1718) وأحمد (6/ 73، 270) وأبو داود رقم (4606) وابن ماجة رقم (14) والدارقطني في السنن (4/ 224 - 225، 227) والبيهقي (10/ 119) والقضائي في مسند الشهاب (1/ 231 رقم 359) وابن عدي في الكامل (1/ 247) والطالسي في المسند (ص 302 رقم 1422) وابن حجر في " تغليق التعليق " (3/ 398) كلهم من حديث عائشة رضي الله عنها مرفوعًا بلفظ: " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ". وأخرج البخاري في " خلق أفعال العباد " ص 43 واحمد في المسند (146/ 6، 180، 240، 256، 270) والبغوي في شرح السنة (1/ 211 رقم 103) وابن حجر في " تغليق التعليق " (3/ 397) كلهم بلفظ " من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ". وأخرج ابن حجر في " تغليق التعليق " (3/ 398) بلفظ: " من فعل أمرا ليس عليه أمرنا فهو رد"(2/1050)
ضلالة " (1). ومن أنكر علينا ذلك قلنا له: وزنا هذا. مميزان الشرع (2) فوجدناه مخالفا له،
_________
(1) أخرجه مسلم في صحيحة رقم (43/ 867) وأحمد (3/ 310 - 311) والدارمى رقم (210) والبيهقي في الأسماء والصفات رقم (137) والنسائي (3/ 188) من حديث جابر: " ..... فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة، وكل بدفي ضلالة وكل ضلالة في النار ".
(2) ولهذا كان عمر- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يشاور الصحابة رضي الله عنه ويناظرهم ويرجع إليهم في بعض الأمور- وينازعونه في أشياء فيحتج عليهم ويحتجون عليه بالكتاب والسنة، ويقرهم على منازعته ولا يقول لهم: أنا محدث ملهم، مخاطب فنبغي لكم أن تقبلوا مني ولا تعارضوني.
وقد اتفق سلف الأمة وأئمتها على أن كل واحد يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله وهذا من الفروق بين الأنبياء وغررهم فان الأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه يجب لهم الإيمان بجميع ما يخبرون به عن الله، بخلاف الأولياء فإنه لا تجب طاعتهم قي كل ما يأمرون به، ولا الإيمان بجميع ما يخبرون به بل بعرض أمرهم وخبرهم على الكتاب والسنة فما وافق الكتاب والسنة وجب قبوله، وما خالف الكتاب والسنة كان مردودا.
انظر " الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان " لابن تيمية (ص 157 - 159).
ولذلك يجب على أولياء الله الاعتصام بالكتاب والسنة، وأنه ليس فيهم معصوم يسوغ له أو لغيره إتباع ما يقع في قلبه من غير اعتبار بالكتاب والسنة. ومن خالف هذا إما أن يكون كافرا وإما أن يكون مفرطا في الجهل. .
قال أبو القاسم الجنيد- رحمه الله- "علمنا هذا مقيد بالكتاب والسنة فمن لم يقرا القران ويكتب الحديث لا يصح له أن يتكلم في علمنا أو قال: لا يقتدي به ".
انظر: الحلية لأبي نعيم (10/ 255) والرسالة القشرية (1/ 134). وفي قوله تعالى: {قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين} " [النور:54].
قال أبو عثمان النيسابوري " من أمر السنة على نفسه قولا وفعلا نطق بالحكمة، ومن أمر الهوى على نفسه قولا وفعلا نطق بالبدعة ".
ذكره أبو نعيم في الحلية (10/ 244) وأبو القاسم القشيري في " الرسالة القشرية " (1/ 139) وابن تيمية في الفرقان (ص 162).(2/1051)
ورددنا أمره إلى الكتاب والسنة فوجدناه مخالفا لهما، وليس الدين إلا كتاب الله- سبحانه-، وسنة رسوله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-، والخارج عنهما المخالف لهما ضال مضل. ولا يقدح على هؤلاء الأولياء وجود من هو هكذا، فإنه ليس معدودا منهم، ولا سالكا طريقتهم، ولا مهتديا هديهم. فاعرف هذا فإن القدح في قوم. بمجرد فرد أو أفراد منسوبين إليهم نسبة غير مطابقة للواقع لا يقع إلا ممن لا يعرف الشرع، ولا يهتدي هديه، ولا يبصر بنوره.
وعلى ذكرنا لحديث: " اتقوا فراسة المؤمن " فذكر قصة متعلقة به ذكرها من يوثق بنقله من أهل التاريخ، وهي أن الجنيد (1) - رحمه الله- أذن له شيخه أن يتكلم على الناس في جامع البلد الذي هو فيه بعد صلاة الفجر فاعتذر له بأنه غير فصيح العبارة، وغير صالح لذلك فقال: لا عذر من ذلك. وكان هذا دائرا بينه وبينه في الليل، ولم يكن عندهما أحد، ولا خرج واحد منهما، فوقع التحدث في ذلك البلد بأن الجنيد قد أذن له شيخه أن يتكلم على الناس بعد صلاة الفجر في الجامع، وارتجت المدينة هذا الخبر، فلم
_________
(1) الجنيد بن محمد بن الجنيد النهاوندي ثم البغداي القواريري، والده الخزار.
هو شيخ الصوفية ولد سنة نيف وعشرين ومئتين وتفقه على أبي ثور وصحب الحارث المحاسبي.
انظر: سير أعلام النبلاء (14/ 66 - 70)، الحلية لأبي نعيم (10/ 255 - 287)، صفة الصفوة لابن الجوزي (2/ 416 - 424 رقم 296).(2/1052)
يحضر صلاة الفجر إلا وقد صار ذلك الجامع ممتلئا من الناس، وهم مزدحمون فيه، لأنه وصل إليه من لم يكن معتادا للصلاة فيه شوقا إلى كلام الجنيد، مع أنه لم يكن إذ ذاك في رتبة [4 أ] الشيوخ، بل هي من جملة تلامذة شيخه، ولكن الأسرار الربانية تعمل عملها، والعمل الصاع لا يخفى. فلما فرغ أهل الجامع من الصلاة تهيا الجنيد للكلام، وقد التف عليه الناس حتى كأنهم على موعد لذلك، وكأنه قد صاح بينهم صائح. ما دار بينه وبن شيخه تلك الليلة، فقبل أن يتكلم بدره واحد من بين أولئك المستمعين فقال: يا شيخ، ما معنى قول النبي- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- " اتقوا فراسة المؤمن فإنه يرى بنور الله " (1)؟ فأطرق الجنيد ثم رفع رأسه وقال: أسلم فقد آن لك أن تسلم، فقعد بين يديه وتكلم بالشهادتين، وذكر للجنيد ولذلك الجمع أنه من جملة النصارى الساكنين بذلك البلد، وأنه لما سمع الناس يتحدثون تلك الليل بأن الجنيد سيتكلم في الجامع بعد صلاة الفجر بقي مفكرا، وأدرك في قلبه ميلا إلى الإسلام، وعزم على حضور ذلك الجمع مريدا لاختبار الجنيد هذا الحديث، مع كونه قد لبس لباس الإسلام، وقال في نفسه: إن كاشفني أسلمت فكاشفه. مما تقدم، وصار ذلك الرجل من خيار المسلمين (2)، فانظر هذا الكشف من مثل هذا الولي، واعرف به ما عند أفاضل هذه الطائفة من المواهب الربانية، وأسال ربك أن يجعل لك نصيبا مما فاض عليهم من تفضلاته على عباده. اللهم يا رب العالم، ويا خالق الكل، ويا مستوي على عرشك اجعل لنا نصيبا مما مننت به على هؤلاء [4 ب] الصالحين، وتفضلت به عليهم، فالأمر أمرك، والخير خيرك، ولا معطى غيرك.
وبالجملة فمن أراد أن يعرف أولياء هذه الأمة، وصالحي المؤمنين المتفضل عليهم بالفضل الذي لا يعدله فضل، والخير الذي لا يساويه خير فليطالع الحلية لأبي
_________
(1) تقدم تخريجه في هذه الرسالة.
(2) ذكر هذه القصة ابن كثير في البداية والنهاية (11/ 122) مختصرة بدون سند.(2/1053)
نعيم (1)، وصفوة الصفوة لابن الجوزي. فإنهما تحريا ما صح، وأودعا كتابيهما من مناقب الأولياء المروية بالأسانيد الصحيحة ما يحدث بعضه بصنيع من يقف عليه إلى طريقتهم، والإقتداء بهم. وأقل الأحوال أن يعرف مقادير أولياء الله، وصالحي عباده، ويعلم أفم القوم الذين لا يشقى جليسهم، ولا يغبن من يأتى بهم، ويمشط على طريقتهم، فإن ذلك منه. بمجرده منزع من منازع الخير، ومهتع من مهاتع الرشد. وقد صح عنه- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- أنه قال: " أنت مع من أحببت " (2) فمحبة
_________
(1) قال ابن تيمية في " الرد على البكري " (1/ 78): وأبو نعيم يروى في الحلية في فضائل الصحابي، وفي الزهد أحاديث غرائب يعلم أنها موضوعة وكذلك الخطب وابن الجوزي وابن عساكر وابن ناصر وأمثالهم.
وقال ابن تيمية في " منهاج السنة " (7/ 34): وما يرويه أبو نعيم في الحلية أو في فضائل الخلفاء ....
فقد اتفق أهل المعرفة بالحديث على أن فيما يرويه كثيرا من الكذب الموضوع.
وقال الذهبي في الميزان (1/ 111) في ترجمة أبي نعيم الأصبهاني " قال الخطيب: رأيت لأبي نعيم أشياء يتساهل فيها، منها أنه يطلق في الإجازة أخبرنا- ولا يبين. قلت: هذا مذهب رآه أبو نعيم وغيره وهو ضرب من التدليس. وكلام ابن مندة ني أبي نعيم فظيع لا أحب حكايته، ولا أقبل قول
كل منهما في الآخر. بل " عندي مقبولان، ولا أعلم لهما ذنبا أكثر من روايتهما الموضوعات ساكتين عنها ".
وانظر: لسان الميزان (1/ 201 - 202).
(2) أخرج البخاري في صحيحة رقم (6171) ومسلم رقم (164/ 2639) من حديث أنس " أن رجلا سأل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: متى الساعة يا رسول الله؟ قال: " ما أعددت!؟ " قال: ما أعددت لها من كثر صلاة ولا صيام ولا صدقة، ولكني أحب الله ورسوله، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فأنت مع من أحببت".
وفي رواية للبخاري رقم (6167) قلنا: ونحن كذلك؟ قال: نعم. ففرحنا يومئذ بذلك فرحا شديدا".
وفي رواية لمسلم رقم (163/ 2639) قال أنس: فما فرحنا بعد الإسلام فرحا أشد من قوله: أنت مع من أحببت ".(2/1054)
الصالحين قربة لا همل، وطاعة لا تضيع، وان لم يعمل كعملهم، ولا جهد نفسه كجهدهم لأنفسهم.
وفي هذا المقدار كفاية لمن له هداية [5 أ] والحمد لله أولا وآخرا، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، ورضي الله عن صحبه الراشدين (1) [5 ب].
_________
(1) .. تحذير
. لا وألف لا لمفهوم أولياء الله في الفكر الصوفي:
قولهم في معنى الولي: وحقيقة الولي أنه سلب من جميع الصفات البشرية ويتحلى بالأخلاق الإلهية ظاهرا وباطنا ".
جواهر المعاني
(2/ 201). - وقالوا: الولاية هي قيام العبد بالحق عند الفناء عن نفسه.
- وقال احد قادة الحركة السلفية في الجزائر: " أما الولي عند الناس اليوم فهو إما من انتصب للإذن بالأوراد الطرقية، ولو كان في جهله بدينه مساويا لحماره، وإما من اشتهر بالكهانة، ولو تجاهر بترك الصلاة وأعلن شرب المسكرات، وإما من انتمى إلى مشهور بالولاية ولو كان إباحيا لا يحرم حراما، وحق هؤلاء الأولياء على الناس الجزم بولايتهم، وعدم التوقف في دخولهم الجنة، ثم الطاعة العمياء ولو في معصية الله، وبذل المال لهم ولو أخل بحق زوجته وصبيته ....
وبعد فهم مطلوبون في كل شدة، ولكل محتم هم عدة، وهم حماة للأشخاص وللقرى والمدن كبرها وصغيرها، حاضرها وباديها، فما من قرية بلغت ما بلغت من البداوة أو الحضارة إلا ولها ولي تنسب إليه. فيقال: سيدي فلان هو ولي البلد الفلاني ...
ويجب عند هؤلاء الناس أن يكون علماء الدين خدمة لهؤلاء الأولياء مقرين لأعمالهم وأحوالهم غير منكرين لشيء منها وإلا أوذوا بضروب السباب ومستقبح الألقاب، وسلبوا الثقة بعلمهم ووشي هم إلى الحكام وذلك حظ الدعاة إلى السنة من مبتدعي هذه الأمة ".
انظر: " الشرك ومظاهره " (ص 122 - 123). و" معجم مصطلحات الصوفية " لعبد المنعم الحفني (ص 269). الفروق الجوهرية بين الولي المعرف في كتاب الله وسنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفي فهم السلف الصالح وعقيدتهم وبين الولي في مفهوم الفكر الصوفي ومن مصادر فكرهم الأصلية:
1/ التطور والتواجد في أماكن مختلفة قي آن واحد.
2/ أن خيال الأولياء في الفكر الصوفي حقيقة حسية واقعة.
منها ما ذكره الشعراني من أن الجواهري- قاضى. ممصر ثم أقيل- غطس يوما قي البحر فأخذ يتخيل
في غطسته أنه سافر إلى بغداد وتزوج بامرأة هناك فأقام معها شط سنين وولد له أولادا، ثم رفع رأسه من الماء وخرج ولبس ثيابه. وحكى للناس قصته فكذبوه، فلما كان بعد مدة سألت عنه امرأته وسافرت بأولادها إلى مصر، فلما التقيا عرفها وعرفته وعود أولاده، وأقره على ذلك النكاح علماء عصره.
فما رأيك أخي القارئ هل هي أسطورة؟ أم خرافة؟.
الجواهر والدرر (ص 164)، والطبقات الكبرى (2/ 75).
3/ إباحة مخالفة الشريعة الإسلامية للأولياء قي الفكر الصوفي.
مثاله: أن العارفين لمبالغتهم في التخفي يستترون عن العامة بارتكاب الدواهي من الزنا والكذب الفاحش وشرب الخمر وقتل النفس وقال الشيخ التجاني أن ذلك صور لا وجود لها في الخارج.
جواهر المعاني (1/ 161).
وانظر " قلادة الجواهر " لأبي هدى أفندي (ص 191).
4/ أنهم يعلمون الغيب.
يقول أحمد بن المبارك- في معرض سرده لأنواع المعارف التي استفادها من شيخه عبد العزيز الدباغ: " وكذا سمعت منه من المعرفة باليوم الآخر وجميع ما فيه من حشر ونشر وصراط وميزان ونعيم باهر، ما تعرف إذا سمعته أنه بتكلم عن شهود عيان ويخبر عن تحقيق وعرفان فأيقنت حينئذ بولايته العظمى ". .
وكما تعلم ليس هذا بغيب أصلا إدا العلم بشيء من دلك مقيد. مما ورد في الكتاب والسنة.
قال الشعراني عن شيخه الخواص توله: " العارف له أن يقول: أنا أعرف الآن ما تكتبه الأقلام الإلهية في شأني ويكون صادقا ". " الجواهر والدرر " (ص 210).
5/ أن الولي عندهم يقول للشيء كن فيكون. يقول الشيخ إدريس بن الأرباب: درجات الأولياء على ثلاثة أقسام: عليا، ووسطى، وصغرى. ق لصغرى: أن يطير في الهواء، ويمشط على ظهر الماء وينطق بالمغيبات.
والوسطى: أن يعطه الله الدرجة الكونية إدا قال للشيء كن فيكون.
الكبرى: وهو درجة القطبائية.
6/ أن الولي عندهم لا بدله من كرامات ظاهرة.
ولا يأذن الشيخ للفقير- أي لمريد صوفي- أن يجلس على سجادة إلا إدا ظهرت له كرامة.
وقال الشبلي: " كل ولي لا يكون له معجزة فهو كاذب ". "
الطبقات الكبرى " (1/ 89).
7/ أنهم يصفون الأولياء. مما يصفون به ربهم.
يقول الشعراني: إن الشيخ محمد الحضري- صوفي مصري مجذوب- كان يقول: " الأرض بين يدي كالإناء الذي احمل منه، وأجساد الخلائق كالقوارير أرى ما في بواطنهم ".
" الطبقات الكبرى " (2/ 94).
وقيل أيضا: " فإن حقيقة العارف الأحاطة بجميع الملائكة وبجميع الموجودات من العرش إلى الفرش، يرها في ذاته فردا فردا، حتى إنه إذا أراد أن يطالع غيبا في اللوح المحفوظ ينظر إليه في ذاته ويفتش فيه ".
جواهر المعاني (2/ 76).
8/ أن الولاية في الفكر الصوفي لا مانع من أن يكون بأيدي الأولياء الكبار يعطونها لمن شاعوا.
يقول الدباع: " يقدر الولي على أن يكلم أحدا في أذنه ولا يقوم عنه حتى يكون هو والولي في المعارف على حد سواء ".
أي جرأة تلك، وقد اتضحت معا لم الهداية والولاية ي الكتاب والسنة وأنها ترتكز- بعد توفيق الله تعالى- على الإيمان والعمل الصاع ليس غير فنجدها عند الصوفية أرحب وأوسع لأن الولي الكبير في هذا الفكر الصوفي الضال يشكل مصنعا لإنتاج الأولياء الصغار.
9/ أنهم يقابلون النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقظه. والأغراض التي يقابلون النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أجلها متعددة ومتنوعة وأهمها اللقاء به لغرض سؤاله عن الأحاديث وأحكامها تصحيحا وتضعيفا. ولقاء آخر لسؤال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن بشرح له أبيات من الشعر. جواهر المعاني
(2/ 153 - 154).
10/ أن الولاية عندهم لها خاتم كما أن للنبوة خاتما.
وعقيدة ختم الولاية فكرة صوفية أول من تكلم ها الحكيم الترمذي الذي عالق في القرن الثالث الهجري. وهى عقيدة مضادة لما في الكتاب والسنة إذ أخر الأولياء كما يدل عليه المعنى اللغوي لهذين اللفظين، وكما يفهم من سكوت النصوص الشرعية وعدم ورود شيء بشأنه إنما " هو آخر مؤمن تقي يكون من الناس، وليس هو بخير الأولياء ولا أفضلهم لعدم ورود نص في هذا، بل أفضلهم أبو بكر ثم عمر اللذان ما طلعت الشمس وما غربت على أحد بعد النبيين والمرسلين أفضل منهما بنص الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قال ابن تيمية في " مجموع الفتاوى " (11/ 444): لفظ " خاتم الأولياء " باطل لا أصل له وأول من ذكره محمد بن علي الحكيم الترمذي.
وقد انتحله طائفة كل منهم يدعى أنه خاتم الأولياء كابن حموية، وابن عربي وبعض الشيوخ الضالين بدمشق وغرها ركل منهم يدعي أنه أفضل من النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من بعض الوجوه إلى غير ذلك من الكفر والبهتان، وكل ذلك طمعا في رياسة خاتم الأولياء لما فاتتهم رياسة خاتم الأنبياء، وقد غلطوا، فإن خاتم الأنبياء إنما كان أفضلهم للأدلة الدالة على ذلك، وليس كذلك خاتم الأولياء ".
ومن نصوصهم في تفضيل خاتم الأولياء على الأنبياء بأمور:
1/ أن خاتم الأولياء يأخذ علومه عن الله مباشرة بينما لا يأخذ الأنبياء علومهم إلا بواسطة الملك.
2/ أن الرسل لا يستمدون أصرف علومهم إلا من حاتم الأولياء.
3/ تعلق بعض الجهال. مما جرى لموسى مع الخضر عليهما السلام على أن الخضر أفضل من موسى وطردوا الحكم وقالوا: قد يكون بعض الأولياء أفضل من آحاد الأنبياء ... فاحذرهم أي جرأة وقحة ورعونة ... وضلالة. "
البحر المحيط " لأبي حيان (6/ 156) فصوص الحكم (ص 30).
وتجدر الإشارة إلى أن الفكر السافل ليس مجرد تراث مطوي أو أساطير مهجورة، ولكن الصوفية مازالت ألسنتها تلهج وأقلامهم ترعف ها، تقريرا ودفاعا عنها.
وقد حق للمرء أن يتساءل: لم تنشر هذه الأفكار والتصورات على أمة الإسلام وشبابها؟ إن لم يكن لأجل تخدير عقولهم حتى تكون مهيأة لقبول كل ما يلقى عليها مهما كان فيه من تجاوزات ولأحل أن يتمكن العدو المتربص من القضاء على قوتهم وسلطانهم بعد القضاء على حصنهم الحصين الذي هو عقيدتهم. ولدحض تلك الأفكار المنحرفة المشركة الضالة المضلة اقرأ الكتب التالية:
- " مجموع فتاوى " (5/ 11 - وما بعدها) لابن تيمية و (2/ 171 - 172).
- تلبيس إبليس لابن تيمية.
- مجموعة الرسائل والمسائل لابن تيمية، وبغية المرتاد- لابن تيمية.
- الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان لابن تيمية.
- تقديس الأشخاص في الفكر الصوفي عرض وتحليل على ضوء الكتاب والسنة- تأليف محمد أحمد
لوح.
- مظاهر الانحرافات العقيدية عند الصوفية وأثرها السيئ على الأمة الإسلامية. تأليف: إدريس محمود إدريس.
- مصرع التصوف أو تنبيه الغبي إلى تكفير ابن عربي للعلامة برهان الدين البقاعي. تحقيق، عبد الرحمن الوكيل.(2/1055)
بحث في الاستدلال على ثبوت كرامات الأولياء
تأليف
محمد بن على الشوكاني
حققته وعلقت عليه وخرجت أحاديثه
محفوظة بنت على شرف الدين أم الحسن(2/1061)
وصف المخطوط:
1 - عنوان الرسالة: بحث في الاستدلال على كرامات الأولياء.
2 - موضوع الرسالة: في العقيدة.
3 - أول الرسالة: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين وآله الأكرمين اعلم أن ما يحدث من أولياء الله سبحانه من الكرامات ...
4 - آخر الرسالة:
وهذه الأحاديث كلها في الصحيح. وفي هذا المقدار كفاية بل في بعضه ولله الحمد.
5 - نوع الخط: خط نسخط جيد.
6 - الناسخ: المؤلف: محمد بن علي الشوكاني.
7 - عدد أسطر الرسالة: 41 سطرا، في الصفحة الأولى (25) سطرا.
وفي الصفحة الأخيرة (16) سطرا.
8 - عدد الكلمات في السطر: 9 - 10 كلمة تقريبا.
9 - الرسالة من المجلد الرابع من " الفتح الرباني من فتاوى الشوكاني ".(2/1063)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وآله الأكرمين.
اعلم أن ما يحدث من أولياء (1) الله- سبحانه- من الكرامات (2) الظاهرة التي لا شك
_________
(1) تقدم الكلام على الأولياء والتعريف هم.
ونذكر معك: أن الولي: القرب، والدنو والولي الاسم منه والمحب والصديق والنصير.
القاموس (ص 1732).
وقال ابن تيمية في " الفرقان بين أولياء الرحمن والشيطان (ص 6): والولاية ضد العداوة واصل الولاية المحبة والقرب، وأصل العداوة البغض والبعد وقد قيل: إن الولي سمى وليا من موالاته للطاعات ..
والولي: القريب.
(2) الكرامة في اللغة.
يقال كرم الرجل كرما وكرامة فهو كريم، فتكون الكرامة مصدرا، ويقال كرمه وكرمه تكريما وإكراما وكرامة فتكون اسم مصدر.
اللسان (12/ 75).
الكرامة في الشرع: هي ظهور أمر خارق للعادة من قبل شخص غر مقارف لدعوى النبوة، فما لا يكون مقرونا بالإيمان والعمل الصالح يكون استدراجا، وما يكون مقرونا بدعوة النبوة يكون معجزة ". وقيل: الفعل الخارق الذي يظهر على أحد من غير تحد يسمى الكرامة ".
وهذا التعريف قاصر غير مانع لأن من شأن الساحر أن يظهر على يديه خوارق للعادات من غر أن يتحد لعلمه أن هناك غره من السحرة.
وجملة القول في توضيح معنى الكرامة في الشرع أن يعلم أن الله سبحانه وتعالى خلق الكون وسيره على سنن محكمة مطردة لا تتخلف ولا تتعارض وربط المسببات بأسبابها، والنتائج. بمقدماتها، وأودع في الأشياء خواصها فجعل النار- مثلا للإحراق، والماء للإرواء .... ثم إن هذا النظام الكوني البديع المتناسق يجرى على العادة التي ألفناها جاريا عليها، فإذا حصل أن رأينا المسبب من غرر أسباها، ووجدنا أن النتيحة لم ترتبط. بمقدماتها كان ذلك خرقا لهذه العادة المألوفة، فيبقى النظر فيمن حصلت على يديه هذه الخارقة من حيث الصلاح وعدمه. وفي هذه الخارقة هل يصلح ظهورها على يد ولي أولا، وفي الغرض الذي ظهرت هذه الخارقة لأجل تحقيقها. وبنتيجة هذا النظر الشرعي المحض نتمكن من الحكم على الخوارق عما إذا كانت كرامة أم معجزة أم أنها استدراج أم من الأحوال الشيطانية.
الخلاصة: أن الكرامة: أمر خارق للعادة يجريها الله على يد ولي من أوليائه قاصر عن النبوة في الرتية، معونة له على أمر ديني أو دنيوي ".
التعريفات (ص 184) "شرح العقيدة الواسطية " (ص 168).
الكواكب الدرية للمناوي (1/ 8).
الفرق بين المعجزة والكرامة:
المعجزة: وهى عبارة عن الفعل الذي يدل على صدق مدعى النبوة في وقت تتأتى فيه، وحميت معجزة لأن البشر يعجزون عن الإتيان. بما هذا سبيله فصار كأنه أعجزهم.
1/ المعجزة لابد من اقترافا بدعوى النبوة وهذا ما يميزها عن الكرامة.
2/ أن المعجزة يستشهد ها الرسول لدعم دعواه إذ يتوقف إيمان قومه عليها بخلاف صاحب الكرامة لا يجب عليه إظهار الكرامة بل يستحس سترها. فهو يدعو إلى شرع قد ثبت وتقرر على يد رسول فلا يحتاج إلى إظهار كرامة على أن يتبعه الناس على ما دعاهم إليه.
قال القرطبي في " الجامع لأحكام القرآن " (11/ 30): "والفرق بين المعجزة والكرامة أن الكرامة مع شرطها الاستتار والمعجزة من شرطها الإظهار وقيل: الكرامة ما تظهر من غير دعوى والمعجزة ما تظهر عند دعوى الأنبياء فيطالبون بالبرهان فيظهر أثر ذلك.
الفرق بين الكرامة والأحوال الشيطانية كالسحر والشعوذة.
1/ النظر في مدى متابعة صاحب الخوارق للرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فمتى وجدنا الشخص تحالفا للشرع متلبسا بالبدع علمنا أن ما يجرى على يديه من هذه الأمور ليست بكرامة. بل هي استدراج وإما من أعمال الشياطين. قال تعالى: {وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون} [الأنعام: 121].
قال السبكي: إن أهل القبلة متفقون على أن الكرامات لا تظهر على الفسقة الفجرة، وإنما تظهر على المتمسكين بطاعة الله عز وجل ".
2/ أن الكرامات لا تجدي فيها التعلم والتعليم ولا تكون. بمزاولة أعمال مخصوصة يتقنها صاحبها بخلاف الشعوذة والكهانة.
3/ من السمات التي يعرف ها الخوارق الشيطانية ما يحصل بين هذه الخوارق من معارضة بعضها بعض. ذلك لأنها ليست خاضعة لتوجيه الشرع ولم تستعمل لتحقيق هدف موحد سليم فصارت تحت تصرف الأهواء والتوجيهات الشيطانية. فتحد بعضهم يعارض البعض لغرض إبراز المهارات في المكر والخديعة.
وهذا يخالف حال أولياء الله تعالى.
قال ابن تيمية في " مجموع فتاوى (11/ 295): وهؤلاء العباد الزهاد الذين ليسوا من أولياء الله المتقين للكتاب والسنة تقترن بهم الشياطين فيكون لأحدهم من الخوارق ما يناسب حاله لكن خوارق هؤلاء يعارض بعضها بعضا ".
4/ قال ابن تيمية في " مجموع فتاوى " (11/ 295): ولابد أن يكون في أحدهم من الكذب جهلا وعمدا ومن الإثم ما يناسب حال الشياطين المقترنة هم ليفرق الله بذلك بين أولياءه المتقين، وبن المتشبهين هم من أولياء الشياطين قال تعالى: {هل أنبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم} [الشعراء: 221 - 222] الأفاك: الكذاب. الأثيم: الفاجر ".
5/ أن أهل الأحوال تنصرف عنهم شياطينهم وتبطل أعمالهم وشعوذتهم إذا ذكر عندهم ما يطردها- أية الكرسي.
قال ابن تيمية في " الفرقان " (ص 135): ولهذا إذا قرأها يعني آية الكرسي- الإنسان عند الأحوال الشيطانية بصدق أبطلها ".
وذلك بخلاف كرامات أولياء الله فإن القرآن لا يبطلها بل يزيدها قوة على قوة ونورا على نور.
انظر: " مجموع فتاوى " لابن تيمية (11/ 286،293).(2/1067)
فيها ولا شبهة هو حق صحيح لا يمتري فيه من له أدنى معرفة بأحوال صالحي عباد الله المخصوصين منه بالكرمات التي أكرمهم، وتفضل ها عليهم. ومن شك في شيء من ذلك نظر في كتب الثقات المدونة في هذا الشأن " كحلية الأولياء " (1) لأبي نعيم،
_________
(1) قال ابن تيمية في منهاج السنة النبوية (4/ 15): " إن أبا نعيم روى كثرا من الأحاديث التي هي ضعيفة بل موضوعة باتفاق علماء الأحاديث وأهل السنة والشيعة، وهو وان كان حافظا ثقة كثير الحديث واسع الرواية، لكن روى كما هو عادة المحدثين يررون ما في الباب لأجل المعرفة بذلك، وإن كان لا يحتج من ذلك إلا ببعضه ".
وقال ابن تيمية في الرد على البكري (ص 19): وأبو نعيم يروى في الحلية في فضائل الصحابة وفي الزهد أحاديث غرائب يعلم أنها موضوعة. وقال: صاحب السنن والمبتدعات "الشقيري " (ص 243): "فيها طامات ورزايا وأباطيل وأكاذيب.
وانظر: كتب حذر منها العلماء (2/ 213 - 215).(2/1069)
والرسالة " (1) للقشيري، و" صفوة الصفوة " (2) لابن الجوزي، و" طبقات الأولياء " للشرجي، وكتاب " روض الرياحين (3) في حكايات الصالحين " لليافعي، وسائر الكتب
_________
(1) الرسالة القشيرية: هي من كتب المتصوفة والتي تعتبر أحد مصادر " إحياء علوم الدين " للغزالي.
(2) قال ابن الجوزي في مقدمة الصفوة (ص 20 - 32) بعد ذكره مساوى " الحلية " ما فاتت الحلية من أشياء- " وقد حداني جدك أيها المريد في طلب أخبار الصالحين وأحوالهم أن أجمع لك كتابا يغنيك عنه - أي عن الحلية- ويحصل لك المقصود منه، ويزيد عليه بذكر جماعة لم يذكرهم- وأخبار لم ينقلها، وجماعة ولدوا بعد وفاته وينقص عنه بترك جماعة قد ذكرهم لم ينقل عنهم كبير شيء وحكايات قد ذكرها، فبعضها لا ينبغي التشاغل به، وبعضها لا يليق بالكتاب على ما سبق بيانه " نذكرها لك باختصار.
1 / ذكر أسماء لم يترجم لأصحابها.
2/ ذكر ما لا يليق بالكتاب.
3/ الإطالة فيما يروى من الأحاديث، السجع البارد.
4/ ذكر أحاديث باطلة.
5/ إضافة التصوف إلى غر الصحابة.
6/ ذكر أشياء عن الصوفية لا يجوز فعلها.
7/ خلط التراجم.
8/ إطالة الكلام فيما لا طائلة فيه.
9/ عدم ذكره لقدوة الخلق محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
تلك مساوئ " الحلية " التي ذكرها ابن الجوزي فأراد " بالصفوة " تلافي تلك العيوب.
(3) روض الرياحين في حكايات الصالحين، لأبي السعادات عبد الله بن أسعد اليافعي (ت 768 هـ). ذكر فيه صاحبه منامات الصالحين، وضمنه مخالفات ظاهرات وعبارات فيها غلو في الصالحين، وفي أعيان المتصوفة المتأخرين.
ففيه مثلا (ص 229): جواز الدروشة والذكر المبتدع.
وفيه (ص 176): أن الله باهى موسى وعيسى- عليهما السلام- بابي حامد الغزالي. وفيه (ص 169) تصريح بالكشف.
وفيه (ص 34 - 35) مجالسة شيبان الراعي مع الشافعي وأحمد وهو خبر كاذب. وقد أفئ محمد بن عبد الوهاب بحرف هذا الكتاب وكان يسميه روض الشياطين.
انظر " دعاوى المناوئين (ص 95 - 97)، كتب حذر منها العلماء (2/ 198 - 200).(2/1070)
المصنفة في تاريخ العالم، فإن كلها مشتملة على تراجم كثير منهم، ويغني عن ذلك كله ما قصه الله- عز وجل- في كتابه العزيز عن صالحي عباده الذين لم يكونوا أنبياء كقصة ذي (1) القرنين، وما قيأ له مما تعجز عنه الطباع البشرية، وقصة مريم كما حكاه - سبحانه- بقوله: {كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا ... إلى آخر الآية} (2) وقوله: {وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا} (3) ولم يكن في وقت وجود الثمر على النخل. ومن ذلك قصة أصحاب الكهف، فقد قص الله علينا فيها أعظم كرامة، وقصة آصف بن برخيا حيث حكى عنه- عز وجل- قوله: {قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك} (4) وغير ذلك مما حكاه- سبحانه- عن غير هؤلاء. والجميع ليسوا بأنبياء، وثبت في الأحاديث الثابتة في الصحيح (5) مثل حديث الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة، وحديث (6) جريج الراهب الذي كفمه الطفل، وحديث (7) المرأة التي قالت
_________
(1) انظر سورة الكهف (83 - 100).
(2) [آل عمران: 37]
(3) [مريم: 25]
(4) [النمل: 40]
(5) أخرجه البخاري في صحيحة رقم (3465) ومسلم في (2743) وقد تقدم.
(6) أخرجه البخاري في صحيحة رقم (1206) وأطرافه [2482، 3436، 3466] ومسلم في صحيحة رقم (2550) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(7) أخرجه البخاري رقم (3436) ومسلم في صحيحة رقم (8/ 2550) من حديث أبي هريرة " .. وبينا صبي يرضع من أمه فمر رجل راكب على دابة فارهة وشارة حسنة فقالت أمه اللهم اجعل ابني مثل هذا فترك الثدي واقبل بليه فنظر إليه فقال: اللهم لا تجعلني مثله ثم أقبل على ثديه فجعل يرتضع قال فكأني انظر إلى رسول الله وهو يحكى ارتضاعه بإصبعه السبابة في فمه فجعل يمصها قال ومروا بجارية وهم يضربونها ويقولون زنيت سرقت وهي تقول حسبي الله ونعم الوكيل فقالت أمه اللهم لا تجعل ابني مثلها فترك الرضاع ونظر إليها فقال اللهم اجعلني مثلها فهناك تراجعا الحديث فقالت حلقى، مر رجل حسن الهيئة فقلت اللهم اجعل ابني مثله فقلت اللهم لا تجعلني مثله ومروا هذه الأمة وهم يضربونها ويقولون زنيت سرقت فقلت اللهم لا تجعل ابني مثلها فقلت اللهم اجعلني مثلها قال: إن ذاك الرجل جبار فقلت اللهم لا تجعلني مثله وان هذه يقولون لها زنيت ولم تزن وسرقت ولم تسرق فقلت اللهم اجعلني مثلها.(2/1071)
سائلة لله- عز وجل- أن يجعل الطفل التي ترضعه فأجاب الطفل عليها. مما أجاب، وحديث (1) البقرة التي كلمت من أراد أن يحمل عليها، وقالت: إني لم أخلق لهذا. ومن ذلك [1 ب] وجود القطف من العنب عند خبيب (2) الذي أسرته الكفار، وحديث أن أسيد بن (3) حضير، ................
_________
(1) لم أعثر عليها.
(2) خبيب بن عدي بن مالك بن عامر الأوسي الأنصاري، شهد بدرا واستشهد في عهد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين أخذه المشركون أسرا في مكة، فقتله بنو الحارث، وكان خبيب قد قتل الحارث بن عامر في بدر.
الإصابة رقم (2224) وأسد الغابة (2/ 113).
وأخرج قصة خبيب البخاري في صحيحة رقم (3045) من حديث أبي هريرة وفيه عن عبيد الله ابن عياض " أن بنت الحارث أخبرته ....
.. والله ما رأيت أسيرا قط خيرا من خبيب، والله لقد وجدته يوما يأكل من قطف عنب، في يده وإنه لموثق في الحديد وما بمكة من تمر وكانت تقول إنه لرزق من الله رزقه خبيبا فلما خرجوا من الحرم ليقتلوه في الحل قال لهم خبيب: ذروني اركع ركعتين ثم قال: لولا أن تظنوا أن ما لي جزع لطولتها، اللهم أحصهم عددا.
ولست أبالي حين أقتل مسلما ... على أي شق كان لله مصرعي
(3) أسيد بن حضير بن سماك بن عتيك بن امرئ القيس الأنصاري الأشهلي- أبو يحيى. وكان أبو حضر فارس الأوس ورئيسهم يوم بعاث، وكان أسيد من السابقين إلى الإسلام، وهو أحد النقباء ليلة العقبة واختلف في شهوده بدرا، وشهد أحدا والمشاهد بعدها، آخى الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بينه وبين زيد بن حارثه وكان من أحسن الناس صوتا في القرآن. توفي سنة 20 هـ ودفن بالبقيع. الإصابة رقم (185) أسد الغابة (1/ 92).(2/1072)
وعباد بن (1) بشر خرجا من عند النبي- صلى الله عليه واله وسلم- في ليلة مظلمة ومعهما مثل المصباحين، وحديث (2) "رب أشعث أغبر مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره "، وحديث (3): " لقد كان فيمن قبلكم محدثون:، وحديث (4): " إن في هذه الأمة محدثين، وإن منهم عمر "، ومن ذلك كون سعد بن أبي (5) وقاص مجاب الدعوة. وهذه الأحاديث كلها ثابتة في الصحيح، وورد لكثير من (6) الصحابة- رضي الله عنهم -
_________
(1) عباد بن بشر بن وقش الأنصاري- أبو بشر- أسلم بالمدينة على يد مصعب بن عمير قبل الهجرة، وشهد بدرا وما بعدها، وكان ممن قتل كعب بن الأشرف، قتل يوم اليمامة شهيدا سنة 12 هـ وعمره حمس وأربعون سنة.
الأعلام للزركلى (7/ 253) البداية والنهاية (6/ 380).
أخرج البخاري في صحيحة رقم (3805) عن أنس رضي الله عنه " أن رجلين خرجا من عند النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفي ليلة مظلمة وإذا نور بين أيديهما حتى تفرقا فتفرق النور معهما ".
وقال معمر بن ثابت عن أنمى " إن أسيد بن حضير ورجلا من الأنصار ".
وقال حماد أخبرنا ثابت عن أنس " كان أسيد بن حضير وعباد بن بشر عند النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
(2) أخرجه مسلم في صحيحه رقم (2622) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(3) تقدم تخريجه.
(4) تقدم تخريجه.
(5) أخرجه الترمذي في السنن رقم (3751) من حديث سعد أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قال: اللهم استجب لسعد إذا دعاك.
قال أبو عيسى: وقد روى هذا الحديث عن إسماعيل عن قيس أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " اللهم استحب لسعد إذا دعاك ". وهذا أصح.
(6) (منها) ما أخرجه البخاري في صحيحة رقم (3898) ومسلم في صحيحة رقم (138/ 1610) عن سعيد بن زيد بن عمرو بن فقال أن أروى خاصمته في بعض داره فقال: دعوها وإياها، فإني سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من أخذ شبرا من الأرض بغر حقه، طوقه في سبع أرضين يوم القيامة " اللهم إن كانت كاذبة، فأعم بصرها واجعل قبرها في دارها.
قال: فرايتها تلتمس الجدر تقول: أصابتني دعوة سعيد بن زيد، فبينما هي تمشي في الدار مرت على بئر في الدار، فوقعت فيها، فكانت قبرها.
(ومنها): ما أخرجه البخاري في صحيحة ررقم (4093) عن أبي أسامة قال: قال هشام ابن عروة، فأخبرني أبي قال: لما قتل الذين ببئر معونة، وأمر عمرو بن أمية الضمري، قال له عامر ابن الطفيل: من هذا؟ فأشار إلى قتيل، فقال له عمرو بن أمية: هذا عامر بن فهرة فقال: لقد رأيته بعدما قتل رفع إلى السماء حتى إني لأنظر إلى السماء بينه وبين الأرض.
(ومنها): ما أخرجه البخاري في صحيحة رقم (5018) ومسلم في صحيحة رقم (242/ 796) من حديث أبي سعيد الخدري " أن أسيد بن حضر، بينما هو، ليلة، يقرأ في مربده إذ جالت فرسه، فقرأ. ثم جالت أخرى. فقرأ، ثم جالت أيضا. قال أسيد: فخشيت أن تطأ ير فقمت بليها فإذا مثل الظلة فوق رأسي فيها أمثال السرج، عرجت في الجو حتى ما أراها، قال فغدوت على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقلت يا رسول الله بينما أنا البارحة من جوف المجل أقرا قي مربدي. إذ جالت فرسي، فقال رسول الله " اقرأ ابن حضير" قال: فقرأت، ثم جالت أيضا. فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اقرأ ابن حضير " قال: فانصرفت، وكان يحيى قريبا منها، خشيت أن تطأه، فرأيت مثل الظلة. فيها أمثال السرج عرجت في الجوحتي ما أراها، فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تلك الملائكة كانت تستمع لك، ولو قرأت لأصبحت يراها الناس، ما تستتر منهم".(2/1073)
كرامات قد اشتملت عليها كتب الحديث والسير، ومن ذلك الأحاديث الواردة في فضلهم والثناء عليهم كما ثبت في الصحيح (1) أنه قال رجل: أي الناس أفضل يا رسول الله؟ قال: " مؤمن مجاهد بنفسه وماله في سبيل الله " قال: ثم من؟ قال: " ثم رجل يعتزل في شعب من الشعاب يعبد ربه ". وحديث (2): " من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب ". وحديث (3): " كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل ". وحديث (4):
_________
(1) أخرجه البخاري في صحيحة رقم (2786) ومسلم في صحيحة رقم (123/ 1888). من حديث أبي سعيد.
(2) تقدم تخريجه.
(3) أخرجه البخاري في صحيحة رقم (6416). والترمذي رقم (2333) وابن ماجة رقم (4114) والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 369) من حديث ابن عمر رضي الله عنه.
(4) أخرجه البخاري في صحيحة رقم (5196) ومسلم في صحيحة رقم (2736). من حديث أسامة رضي الله عنه، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " قمت على باب الجنة، فكان عامة من دخلها المساكين، وأصحاب الجد محبوسون غير أن أصحاب النار قد أمر بهم إلى النار، وقمت على باب النار، فإذا عامة من دخلها النساء.(2/1074)
" قمت على باب الجنة فكان من دخلها المساكين ".
وهذه الأحاديث كلها في الصحيح.
وفي هذا المقدار كفاية، بل في بعضه، ولله الحمد [2 أ](2/1075)
بحث في حكم المولد
تأليف
محمد بن علي الشوكاني
حققه وعلق عليه وخرج أحاديثه
محمد صبحي بن حسن حلاق
أبو مصعب(2/1077)
وصف المخطوط:
1 - عنوان الرسالة: بحث في حكم المولد.
2 - موضوع الرسالة: بدعة المولد.
3 - أول الرسالة: بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على نبيه الأمين، وآله الطاهرين، مولاي العلامة الأخ في الله المحب لآل رسول الله عز المعالي: محمد بن علي الشوكاني حفظه الله وعافاه والسلام عليه ورحمة الله وبركاته تغشاه ...
4 - آخر الرسالة:
وأرحنا من هذه الأوساخ التي كدرت صفوة الدين المتن، انتهى من تحريره المجيب محمد بن علي الشوكاني، وفقه الله لما يحبه ويرضاه بحق محمد وآله وصحبه، من شهر ربيع الأول سنة 1206.
5 - نوع الخط: خط نسخط جيد.
6 - عدد الصفحات: (8) صفحات.
الأولى: 10 أسطر.
الثانية: 28 سطرا.
الثالثة: 25 سطرا.
الرابعة: 24 سطرا.
الخامسة: 26 سطرا.
السادسة: 26 سطرا.
السابعة: 27 سطرا.
الثامنة: 5 أسطر.
7 - عدد الكلمات في السطر: 10 - 12 كلمة.
8 - الرسالة من المجلد الأول من " الفتح الرباني من فتاوى الشوكاني ".(2/1079)
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبيه الأمن، وآله الطاهرين، مولاي العلامة الأخ في الله المحب لآل رسول الله، عز المعالي محمد بن على الشوكاني- حفظه الله، وعافاه- والسلام عليه ورحمة الله وبركاته تغشاه. خطر ببال المحب الحقير تحرير المذاكرة هذه فيما حدث في هذه السمنة من البدع الشنيعة من الاجتماعات الباطلة، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة. فإن هذه الأيام حدثت في هذه المدينة المعمورة بالعلماء الأعلام، والزيدية الكرام حوادث أحدثها السفهاء والسوقة مثل محسن مسعود النشاد، وجماعته من إحداث شيء يسمونه المولد، فيجتمعون على ذلك الصغار والكبار، ويرفعون الأصوات بالتهليل والتضجيع، والترجيع، ويخرجون إلى خارج الدار المجتمعين فيها مع تسريج الشمع [1] والزفاف، واختلاط النساء والرجال بالتهليل، والنساء بالمحجرات رافعات الأصوات حتى يدخلوا الدار المجتمعين فيها، قد شاهدنا ذلك كرارا في حارة الفليحي (1) في بيت رجل يسمى المحفدي من أهل سوق السليط، وانقضوا المتفرجين عليهم من كل جهة، وهم بالزفاف مع تسريج الشمع في الزفاق إلى داخل البيت المذكور، ثم يقومون قيام منتظرين لوصول سيد الأنام يقولون: مرحبا يا نور عيني، مرحبا يا نور عيني، رافعين بذلك الأصوات صغيرهم والكبير خاضعين بالسكينة والوقار، والعوام يتطفعون لرؤية المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام على جمعة التخمين.
وهل رأيت، وهل بصرت في زمن ... حمل البوازل محمولا على جعل
_________
(1) الفليحي: بنو الفليحي قرية من بلاد ثلاء من عزلة المصانع الخارجية منها الحاج أحمد الفليحي الذي ينسب إليه مسجد الفليحي بصنعاء وبنو فليح: من بيوت العلم في الجند منهم أبو عبد الله محمد بن عمر ابن جعفر بن فليح المتوفى سنة 706 هـ ترجمه الشرجي قال: وهو جد بنو فليح الذين كانوا يسكنون مدينة الجند يقال إنه كان فيهم قديما ستة عشر معمما يحرجون من شارع واحد.
معجم البلدان والقبائل اليمنية (ص 498).(2/1083)
نعم حتى أنه لما كان ثاني عشر شهرنا هذا ربيع الأول حصل الإجتماع في بيت رجل من سوق المزربنين، وأخبرني بعض الثقات أنهم حضروا جماعة من أعيان الدولة (1) ومن جملة من حضر سيدي العلامة على بن أحمد بن إسحاق (2)، والسيد يحيى الحوثي (3)، وجماعة من أعيان أهل العلم، حتى أنه بلغ أن سيدي على بن أحمد بن إسحاق زخرف لهم مؤلفا في صحة ذلك وتجويزه، ولم أزل أطلب ذلك فما ظفرت به، فما أدري ما استناده في ذلك، هل سنة مأثورة، أو آية من آيات ربي مشهورة، أو الاقتداء بالملك المظفر أبي سعيد الكوكبوري (4) المحدث لذلك، ولأجله صنف. . . . . . . . .
_________
(1) في حاشية المخطوط [وأجازه (أ) على ذلك ألف دينار]
[فما] (س) أفسد الناس إلا الملوك وأحبار سوء ورهبانها (ج) (أ) وأول من ألف في المولد هو أبو الخطاب بن دحية سماه: [لتنوير في مولد البشر النذير] قدمه للملك المظفر فأجازه بألف دينار ذهبا.
انظر رسائل في " حكم الاحتفال بالمولد النبوي " (1/ 362). (ب): كذا في المخطوط وصوابه (هل) انظر المصدر السابق (1/ 92). (ب): وهو من شعر عبد الله بن المبارك المصدر نفسه (1/ 92).
(2) على بن أحمد محمد بن إسحاق بن الإمام المهدي لدين الله أحمد بن الحسن بن الإمام القاسم بن محمد الحسني اليمني، الصنعاني، عالم، شاعر، أديب سياسي مولده بصنعاء سنة 1150 هـ مات بصنعاء سنة 1220 هـ.
من مصنفاته:- بشرى الكئيب بالفرج القريب.
- اتحاف السائل بجواب الثلاث المسائل.
انظر أعلام المؤلفين الزيدية (ص 659).
البدر الطالع (ص 861).
(3) يحيى بن محمد الحوثي ثم الصنعاني ولد سنة 1160 هـ ونشأ بصنعاء اشتغل بعلم الغرائص والحساب والضرب والمساحة وهو رجل خاشع متواضع كثير الأذكار.
(4) وهو أول من أحدث المولد صاحب إربل الملك المظفر أبو سعيد كوكبوري بن زين الدين على أحد الملوك الأمجاد، كان له آثار حسنة وهو الذي عمر الجامع المظفري بسفح قاسيون. قال ابن كثير في " تاريخه " عنه: " كان يعمل المولد الشريف في ربيع الأول وكان يحتفل به احتفالا هائلا وقد طالت مدته في الملك إلى أن مات وهو محاصر للإفرنج. بمدينة عكا سنة 630 هـ محمود السر، والسريرة "
انظر حسن المقصد في عمل المولد للسيوطي (ص 42).(2/1084)
ابن دحية (1) مصنفا في المولد، وحماه: التنوير في (2) مولد البشير النذير، وما استناد هؤلاء الأعيان المزينين لهذه الشنيعة لهؤلاء السوقة والأغمار.
ولعل المؤلف المذكور بيد محسن مسعود النشاد وجماعته. فهل قد سبق في زمن النبوة المطهرة من الدنس مثل هذا، أو في زمن الصحابة الراشدين، أو أحد من أئمة أهل البيت المطهرين قد أجاز ذلك، أو أشار إليه، أو جوزه للسوقة والأوغاد، أو هذه بدعة شنيعة من بدع الصوفية الأغمار يجب النكير عليها والتشديد والتشريد لفاعليها، ورفعها إلى ولاة هذه المدينة المحمية المعمورة بعلماء الزيدية الكرام، وعلوم آل محمد الأعلام، أو كيف يكون الحال والمجال بلغت القلوب الحناجر من هذه البدع الحادثة في هذا الزمان.
نعم، ومن جملة ذلك القبيح أنهم أحدثوا في هاتين السنتين في الأقطار التهامية مثل بيت الفقيه ابن عجيل، والحديدة، وصارت تسري في جميع البلاد الإمامية- أعزها الله- وذلك أنهم أحدثوا عمارة جدد من حجارة [2] وزخرفوه بالجص والنورة، ثم فعلوا له يوما أو ليلة في الشهر، يجتمعون إليه صغيرهم والكبير، والأنثى والذكر، والشريف والوضيع، يطوفون حوله كطوافهم بالبيت المعمور طول تلك الليلة، من دون إنكار ولا
_________
(1) هو: عمر بن الحسن بن علي بن محمد، أبو الخطاب، ابن دحية الكلبى.
أديب، مؤرخ، حافظ للحديث من أهل سبتة بالأندلس، ولي قضاء دانية، رحل إلى مراكش والشام والعراق وخراسان واستقر. بمصر.
ولد سنة 544 هـ وتوفي سنة 633 هـ.
انظر: شذرات الذهب (5/ 160) والأعلام (5/ 44).
(2) رقد ذكرنا آنفا أنه أول مؤلف في المولد النبوي.(2/1085)
شناعة من ولاة أمرهم وحكامهم، ويقبلونه كتقبيل الحجر الأسود. وصارت هذه البدع كأنها سنن شرعية، وحجة الله قائمة على العلماء العامين في هذه المدينة المحمية من الشيعة المرضية، أو الحضرة الشريفة المنصورية، وسكوتهم عن رفعها إلى شريف المقام مولانا الإمام أمير المؤمنين المنصور بالله رب العالمين. فإنه نعم العون المبين على إزالة ما خالف شريعة جده الأمين، وآله الطاهرين عليه وعليهم أفضل الصلاة والتسليم.
فلم أزل أريد مذاكرتكم هذه الحوادث الحادثة في هذه المدينة المحمية وغيرها من البلاد الإمامية، وصار علماؤنا في هذا الزمان إما شيطان أخرس قد ألجم بلجام من نار، أو سد فمه بشيء من الحطام الحرام، أو شيطان ناطق بغير ما شرع الله على لسان نبيه المختار.
اللهم اشهد وأنت خير الشاهدين على أمور حدثت من حوادث المبطلين والجاهلين، وزينها لهم رعاع هذه الأمة المخذولين، وأعيان رمدا من العلماء المسلوبين من دون نكير من العلماء العاملين، فيا لله ويا للمسلمين من حادث حدث في شرع سيد المرسلين. وأقول: يا باغي الإسلام فأبغيه لقد زال معروفا وبدا منكر.
فأوضحوا لمحبكم في هذا الأمر الذي أسجن الفؤاد، وشرد الرقاد، وأبرا إلى الله من هذه القبائح والفساد، وأصلي وأسلم على نبيه القاصم بسيفه رؤوس أهل الفساد، وعلى اله الزكية الطاهرة المنزهة عن بدع الصوفية والأوغاد.
والسلام تخص مقامكم والإكرام تم السؤال.(2/1086)
بسم الله الرحمن الرحيم
حمدا لمن بعث البشير النذير، السراج المنير بالشريعة البيضاء النقية، والحنيفية الغراء السوية البهية، وعلى اله الحاملين لرايات السمنة المجلين بأنوار علومهم كل ظلمة ودجنة، وبعد: فإنه وصل إلى الحقير محمد بن على الشوكاني- غفر الله لهما-[3] هذا السؤال النفيس، فلنتكلم في جواب المسألة الأولى من مسألتي السؤال، وهي مسالة المولد. فأقول: لم أجد إلى الآن دليلا يدلا على ثبوته من كتاب، ولا سنة، ولا إجماع، ولا قياس، ولا استدلال، بل أجع المسلمون أنه لم يوجد في عصر خير القرون، ولا الذين يلونهم، ولا الذين يلونهم. وأجمعوا أن المخترع له السلطان المظفر أبو (1) سعيد كوكبوري بن زين الدين علي بن سبكتين صاحب أربل (2)، وعامر الجامع المظفري بسفح قاسيون.
قف على ابتداع المولد (3) في القرن السابع.
_________
(1) وقد ذكر ابن كثير في " البداية والنهاية " نقلا عن سبط ابن الجوزي أنه قال فيما ذكره عن سلطان إربل: أنه كان يعمل للصوفية في المولد سماعا من الظهر إلى الفجر ويرقص بنفسه معهم.
وكما ترى في هذا الكلام والذي يأتي بعده- أبلغ رد على من تجاوز الحد في مدحه والثناء عليه بالعدل وحسن السيرة والسريرة.
(2) وإربل: قلعة حصينة، ومدينة كبيرة في فضاء من الأرض واسع بسيط وهى على تل عال من التراب. تعد من أعمال الموصل وبينهما مسيرة يومين.
قال ياقوت الحموي بعد ذلك " وطباع هذا الأمير- مظفر الدين كوكبري بن زين كوجك علي- مختلفة متضادة فإنه كثير الظلم عسوف بالرعبة، راكب في أخذ الأموال من غير وجهها وهو مع ذلك مفضل على الفقراء كثير الصدقات على الغرباء. "
معجم البلدان (1/ 138).
(3) قيل: إن المولد بدعة أحدثها- الفاطميون العبيديون من الباطنيين كما نقله المقريزي في " خططه " (1/ 490) والقلقشندي في " صبح الأعشى "
(3/ 498). وقال صاحب: الباعث على إنكار البدع والحوادث (ص 13): من أنه- المظفر اقتدى بفعل(2/1087)
وهو في المائه السابعة، ولم ينكر أحد من المسلمين أنه بدعة (1).
وإذا تقرر هذا لاح للناظر أن القائل بجوازه بعد تسليمه أنه بدعة، وأن كل بدعة (2) ضلالة بنص المصطفى- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- لم يقل إلا. مما هو ضد للشريعة المطهرة، ولم يتمسك بشيء سوى تقليده لمن قسم (3) البدعة إلى أقسام ليس عليها آثار من علم. والحاصل أنا لا نقبل من القائل بالجواز مقالة إلا بعد أن يقيم دليلا يخص هذه
_________
= الشيخ عمر بن محمد الملا، وهو أول من أحدثه، وذكر دلك أيضًا سبط ابن الجوزي في " مرآة الزمان " (8/ 310) وعمر الملا هذا من كبار الصوفية المبتدعين، ولا يستبعد أن يكون عمل المولد تسرب إلى الشيخ عمر الملا من العبيديين فإنهم أخذوا الموصل سنة 347 كما في " البداية والنهاية " (11/ 232) ومولد المظفر سنة 549 هـ كما في التكملة (3/ 354).
وولي السلطة بعد وفاة أبيه 563 هـ كما في سر أعلام النبلاء (22/ 335).
فإن البدعة في الدين لا تقبل من أي أحد كان لنصوص الأحاديث الواردة في ذم الابتداع، فلا يمكننا أن نعارضها بعمل الملك المظفر وإحداثه ثم عدالته لا توجب عصمته كما لا يخفى ".
(1) قال ابن تيمية في " مجموع فتاوى " (10/ 370 - 371): " ومعلوم أن كل ما لم يسنه ولا استحبه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا احد من هؤلاء الذين يقتدي هم المسلمون في دينهم فإنه يكون من البدع المنكرات ولا يقول احد في مثل هذا إنه بدعة حسنة. ".
(2) أخرجه مسلم في صحيحة رقم (867) من حديث جابر وفيه " .... أما بعد: فان خير الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى محمد. وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة. ".
(3) قال أبو حفص تاج الدين الفاكهاني في " المورد في عمل المولد " (ص 20):- لا أعلم لهذا المولد أصلا في كتاب ولا سنة ولم ينقل عمله عن أحد من علماء الأمة الذين هم القدوة في الدين المتمسكون بآثار المتقدمين بل هو بدعة أحدثها المبطلون وشهوة نفس اعتني بها الآكلون بدليل أنا إذا أدرنا عليها الأحكام الخمسة قلنا: إما أن يكون واجبا أو مندوبا أو مباحا أو مكروها أو محرما وليس هو بواجب إجماعا ولا مندوبا لأن حقيقة المندوب ما طلبه الشارع من غير ذم على تركه وهذا لم يأذن فيه الشارع ولا فعله الصحابة والتابعون ولا العلماء المتدينون فيما علمت وهذا جوابي عنه بين يدي الله إن عنه سئلت ولا جائزا ولا مباحا لأن الابتداع في الدين ليس مباحا بإجماع المسلمين فلم يبق إلا أن يكون مكروها أو محرما. ". .
وقال النووي قي " تذهيب الأسماء واللغات " البدعة في الشرع هي إحداث ما لم يكن في عهد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهي منقسمة إلى: حسنة وقبيحة. وفي هذا التقسيم نظر.
انظر " حسن المقصد " للسيوطي (ص 15).
وذكر الثاني في كتاب الاعتصام (1/ 111) ما رواه ابن حبيب عن ابن الماجشون قال: سمعت مالكا قول: " من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خان الرسالة، لأن الله يقول: {اليوم أكملت لكم دينكم} [المائدة: 3] فما لم يكن يومئذ دينا فلا يكون اليوم دينا.(2/1088)
البدعة التي يعترف ها من ذلك العموم الذي لا ينكره.
وأما مجرد قال فلان، وألف فلان، فهذا غير نافق. والحق أكبر من كل أحد على أنا إذا عولنا على أقوال الرجال، ورجعنا إلى التمسك بأذيال القيل والقال، فليس القائل بالجواز إلا شذوذ من المسلمين.
أما العترة المطهرة وأتباعهم فلم نجد لهم حرفا واحدا يدل على جواز ذلك، بل كلمتهم كالمتفقة بعد حدوث هذه البدعة أنها من أقبح ذرائع المتمخلعة إلى المفاسد، ولهذا ترى هذه الديار منزهة عن جميع شعابن المتصوفة المتهتكة إلى هذه واحدة منها، ولله الحمد.
وكان آخر الخلفاء الذابين عن ذلك المهدي لدين الله العباس بن المنصور، فإنه منع الموالد، وأمر هدم قبور جماعة من الأموات الذين تعتق! صم العامة، والمرجو من الله تعالى أن يلهم خليفة عصرنا المنصور بالله- حفظه الله- إلى الإقتداء بسلفه الصالح، فإن الأمر كما قيل:
أرى خلل الرماد وميض خمر ... ويوشك أن يكون لها اضطرام
وسريان البدع أسرع من سريان النار، لا سيما بدعة المولد، فإن أنفس العامة تشتاق إليها غاية الاشتياق، لا سيما بعد حضور جماعة من أهل العلم والشرف والرئاسة معهم، فإنه سيخيل إليهم بعد ذلك أن هذه البدعة من آكد السنن. وقد أحسن من قال:
[4] فساد كبير عالم متهتك ... وأفسد منه جاهل متنبك
هما فتنة للعالمين كبيرة ... لمن بهما دينه يتمسك(2/1089)
ولا شك أن العامة أسرع الناس إلى كل ذريعة من ذرائع الفساد التي يتمكنون معها من شيء من المحرمات كالمولد ونحوه. فإذا انضم إلى ذلك حضور من له شهرة في العلم والشرف والرئاسة فعلوا المحرمات بصورة الطاعات، وخبطوا في أودية الجهالات والضلالات، وتخلصوا من ورطة الإنكار بقولهم: حضر معنا سيدي فلان وفلان وفلان. دع عنك العامة بم فإن بعض الخاصة المتميزين في طلب العلم قعد بين يدي لقراءة بعض علوم الاجتهاد، فأخبرني أنه حضر ليلة ذلك اليوم من هذا الشهر، في بعض الموالد، فأنكرت عليه، وانقبضت منه فقال: حضر معنا سيدي فلان وفلان وفلان، فسألته عن الصفة التي وقعت بحضرة أولئك الأعيان فقال في جملة شرع تلك القضية أنه قرأ المولد رجل سوقي، وأولئك الأعيان يطربون ويسمعون حتى بلغ إلى بعضه ثم قام كأنما نشط من عقال، وهو يقول: مرحبا يا نور عيني مرحبا. وقام بقيامه جميع الحاضرين من الأعيان وغيرهم، وصار ينهق قائما وهم كذلك، فتعب بعض الحاضرين فقعد، فصاح عليه بعض أولئك الأعيان، وقال له: وقد ظهرت عليه سورة الغضب: قم ما هي ملعابه، هذا اللفظ، وهم لا يشكون أن رسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- وصلى إليهم تلك الساعة، ثم تصافحوا وأقبل جماعة من العامة بأيديهم أنواع من الطيب معاجلين مسرعين، كأنهم ينتهزون فرصة بقآئه- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- فإنا لله وإنا إليه راجعون. أين عزة الدين، فإن ذهبت فأين الحياء والمروؤة والعقل؟. وهب أنه لا يحصل بحضرة هؤلاء الأعيان شيء من المنكرات كما هو الظن هم، ألا يدرون أن العامة تتخذ ذلك وسيلة وذريعة إلى كل منكر، ويصكون بحضورهم وجه كل منكر، ويفعلون في موالدهم التي لا يحضرها إلا سقط المتاع كل منكر، ويقولن: قد حضر المولد فلان وفلان وفلان ويتمسكون بجامع اسم المولد.
ومن ههنا يلوح لك فساد اعتذار بعض المجوزين بأنه إذا لم يحصل في المولد إلا الاجتماع للطعام والذكر فلا بأس به، وأنه لا يلزم من تحريم ما يصحبه من المحرمات تحريمه، لأنا نقول: المولد مع كونه بدعة باعترافك قد صار مصحوبا عادة بكثير من(2/1090)
المنكرات، وذريعة إلى كثير من المفاسد [5]. واتفاق مثل هذه الموالد التي لا تشتمل على غير الطعام والذكر أعز من الكبريت الأحمر.
وقد تقرر أن سد الذرائع (1) وقطع علائق الوسائل إلى ما لا يجوز من قواعد الشريعة المهمة الحط جزم بوجوبها الجمهور، وأنت إن بقيت فيك بقية من إنصاف لا تنكر هذا. وإذا قد تبين لك أنه لم يقل أحد من أهل البيت وأتباعهم بجواز المولد، وأردت أن تعرف قول من عداهم، فنقول: قد قررنا لك الإجماع على أنه بدعة من جميع المسلمين، ولكن للملوك تأثيرا في تقويم البدع وهدمها، فلما كان المبتدع لهذه البدعة ذلك الملك (2) ساعده ابن (3) دحية وألف في ذلك مجلدا سماه: التنوير في مولد البشير النذير، وهو مع توسعه في علم الرواية لم يأت في ذلك الكتاب بحجة نيرة.
لا جرم إجازة ألف (4) دينار كما ذكر ابن خلكان، ومحبة الدنيا تفعل أكر من هذا.
ثم بعد حدوث هذا المولد قام الخلاف على ساق، وكثرت في ذلك المؤلفات من المانع. والمجوز، فمن جمله المؤلفين في ذلك الفاكهاني (5) المالكي، ألف كتابا سماه: المص رد في الكلام على عمل المولد وشنع وبشع، ومن جملة ما أنشده في ذلك الكتاب لشيخه
_________
(1) الذرائع: هي الوسائل، والذريعة، هي الوسيلة والطريق إلى الشيء سواء أكان هذا الشيء مفسدة أو مصلحة، قولا أو فعلا. ولكن غلب إطلاق اسم " الذرائع " على الوسائل المفضية إلى المفاسد فإذا قيل: هذا من باب سد الذرائع، فمعنى: أنه من باب منع الوسائل المؤدية إلى المفاسد.
انظر بكلام الموقعين لابن الجوزي (3/ 135 - 159).
(2) المظفر أبو سعيد كوكبوري بن زين الدين علي وقد تقدمت ترجمته
(3) تقدمت ترجمته.
(4) يقصد ما قدمه الملك لابن دحية مقابل تأليفه للكتاب المذكور أنفا.
(5) هو عمر بن علي بن سالم بن صدقة اللخمي الإسكندري المشهور بـ " تاج الدين الفاكهاني " فقيه، نحوي، مفسر، مقرئ ولد سنة أربع وخمسين وست مائة.
من مصنفاته:- الإشارة في النحو.
- المنهج المبين في شرح الأربعين. =(2/1091)
القشيري (1):
قد عرف المنكر واستنكر المعروف ... في أيامنا الصعبة
وصار أهل العلم في وهدة ... وصار أهل الجهل في رتبه
حاروا عن الحق فما للذي ... ساروا به فيما مضى نسبه
فقلت للأبرار أهل التقى ... ... والدين لما اشتدت الكربه (2)
ومن جملة المؤلفين في المولد الإمام أبو عبد الله (3) في عمل المولد.
_________
= بن الحاج، وحمى كتابه: المدخل (4) - التحرير والتحبير في شرح رسالة ابن أبي زيد القروواني.
انظر: شذرات الذهب (5/ 96) الأعلام (5/ 56) " بغية الوعاة " (2/ 221).
(1) هو محمد بن علي بن وهب بن مطيع، تقي الدين القشيري، المشهور بابن دقيق العيد، المتوفى سنه 702 هـ.
انظر: تذكرة الحفاظ (ص 1481)، الدرر الكامنة (4/ 91)، طبقات السبكى (6/ 2).
(2) وبعد هذه الأبيات قال:
لا تنكروا أحوالكم قد أتت ... نوبتكم في زمن الغربة
(3) هو محمد بن محمد بن محمد بن الحاج، أبو عبد الله العبدري المالكي الفاسي، نزيل مصر. فاضل تفقه في بلاده، وقدم مصر، وحج، وكف بصره آخر عمره وأقعد، توفي بالقاهرة سنه 737 هـ على نحو 80 عاما.
من مصنفاته:
- مدخل الشرع الشريف.
- شموس الأنوار وكنوز الأسرار.
انظر: الديباج المذهب (ص 327)، والدر الكامنة (23714).
(4) حيث قال فيه " فصل في المولد " ومن جملة ما أحدثوه من البدع مع اعتقادهم إن ذلك من اكبر العبادات وإظهار الشعائر ما يفعلونه في شهر ربيع الأول من المولد، وقد احتوى على بدع ومحرمات جمة.
فمن ذلك استعمالهم آلات الطرب من الطار المصرصر والشبابة. ثم أطال الكلام قي ذلك وذكر ما يفعل فيه من المنكرات من العناء والرقص واختلاط الرجال والنساء ثم قال بعد ذلك: ألا ترى أنهم لما خالفوا السنة المطهرة، فعلوا المولد لم يقتصروا على فعله بلى زادوا عليه ما تقدم ذكره من الأباطيل المتعددة، فالسعيد من شد على امتثال الكتاب والسنة والطريق الموصلة إلى ذلك وهي اتباع السلف الماضين لأنهم أعلم بالسنة منك إذ هم أعرف بالمقال وأفقه بالحال. وكذلك الإقتداء. كلن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وليحذر من عوائد أهل الوقت وممن يفعل العوائد الرديئة.
[نقله السيوطى في حسن المقصد (ص 56 - 57)].(2/1092)
وإمام القرى الجزري (1)، وعى كتابه: التعريف بالمولد الشريف، والإمام الحافظ ابن ناصر (2)، وعى كتابه: مورد الصادي في مولد الهادي.
والعلامة السيوطي، وحمى كتابه: حسن المقصد في عمل المولد (3).
فمنهم من جزم بعدم جوازه، ومنهم من جوزه بشرط أن لا يصحبه (4) منكر، مع
_________
(1) هو محمد بن عبد الله، شمس الدين الجزري الشافعي، متأدب، متفقه، رحل إلى عدن، وكتب بعض أعيانها إلى الملك المظفر (الرسولي) بتعز مات بعد سنه 660 هـ.
الأعلام للزركلي (6/ 233).
(2) وهو الحافظ شمس الدين بن ناصر الدين الدمشقي.
(3) وقد ضمنه أقوال العلماء منهم:-
ابن حجر، ابن رجب، ابن الحاج، الجزري، الحافظ الدمشقي.
(4) قال رشيد رضا في " فتاوى " (5/ 2112 - 2115). سئل الحافظ ابن حجر عن الاحتفال بالمولد النبوي، هل هو بدعة أم له أصل؟
فأجاب بقوله: أصل عمل المولد بدعة لم تنقل عن أحد من السلف الصالح من القرون الثلاثة، ولكنها مع ذلك قد اشتملت على محاسن ضدها فمن جرد عمله في المحاسن وتجنب ضدها كان بدعة حسنة ومن لا فلا.
ويقال: إنما يصح قول الحافظ ابن حجر في كون حفلة المولد بدعه حسنة بشرط خلوها من المساوئ والمعاصي المعتادة فيها إذا كان القائمون بها لا يعدونها من القرب الثابتة في الشرع. بحيث يكفر تاركها أو يأثم أو يعد مرتكبا للكراهة الشرعية، فإن البدعة التي تعتريها(2/1093)
الاعتراف بأنه بدعة، ولم يأت بحجة أصلا. وأما تخريجه من حديث (1) أنه- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- قدم المدينة فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فسألهم فقالوا: هو يوم أغرق الله فيه فرعون، ونجى موسى، فنحن نصومه شكرا لله (2) تعالى كما فعل ابن حجر، أو من حديث أنه- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- عق عن نفسه (3) بعد النبوة.
_________
= الأحكام الخمسة، ويقال: إن منها حسنة وسيئة هي البدع في العادات.
وأما البدع في الدين فلا تكون إلا سيئة، كما صرح به المحققون وذكر ذلك الفقيه ابن حجر الهتيمي المكي في الفتاوى الحديثة (ص 60).
(1) أخرجه البخاري في صحيحة رقم (2004) ومسلم في صحيحة رقم (1130) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قدم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة، فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء فقال: "ما هذا " قالوا:
هذا يوم صالح، هذا يوم نجى الله نبي إسرائيل من عدوهم. فصامه موسى. قال: فأنا أحق. بموسى منكم " فصامه وأمر بصيامه ".
(2) يقال لهم: صحيح أن النعم تستوجب الشكر عليها والنعمة الكبرى على هذه الأمة هي بعثة الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وليس مولده: إذ القرآن لم يشر إلى المولد رسم يهتم به وإنما أشار إلى بعثته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على أنها نعمة ومنة من الله تعالى قال جل وعلا: {لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم} [آل عمران: 164].
وقال جل شأنه: {هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلوا عليهم آيته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة} [الجمعة: 2].
وهذا هو الشأن في جميع الرسل، فان العبرة ببعثهم لا. بمولدهم كما قال قال: {كان الناس أمة وحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنزرين} [البقرة: 213].
وقال تعالى: {ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطغوت} [النحل:36]. .
فلو كان الاحتفال جائزا لكان الأولى به ذكرى بعثته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وليس مولده، وصوم الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم عاشوراء وهو مشرع ومبلغ عن ربه لا يجوز لنا أن نقيس عليه فنبتدع، إذ المطلوب هنا أن نتبع ولا نبتدع.
(3) أخرجه الطبراني في الأوسط رقم (994) والبزار في مسنده (2/ 74 - كشف) قال البزار: تفرد به عبد الله بن المحرر، وهو ضعيف جدا إنما يكتب عنه ما لا يوجد عند غيره. وأورده الهيثمي في المجمع (4/ 59) وقال: رجال الطبراني رجال الصحيح خلا الهيثم بن جميل وهو ثقة وشيخ الطبراني أحمد بن مسعود الخياط المقدسي ليس هو في الميزان ".
قال الذهبي في سير أعلام النبلاء (13/ 244) عنه: المحدث الإمام لقيه الطبراني ببيت المقدس سنه 274 هـ.
قلت: في سنده عبد الله العمري وهو ضعيف.
وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (9/ 300) وعبد الرزاق في المصنف (4/ 29 رقم 7960) وقال عبد الرزاق إنما تركوا عبد الله بن المحرر لهذا الحديث كما في تحفة المودود (ص 104) بتحقيقي.
وقال البيهقي، وقد روي هذا الحديث من وجه آخر عن قتادة، ومن وجه ثان عن أنس وليس بشيء ثم أضاف النووي في المجموع (8/ 432) بعدما أورد كلام البيهقي قائلا: فهو حديت باطل، وعبد الله بن المحرر ضعيف متفق على ضعفه، قال الحفاظ: هو متروك.(2/1094)
كما فعل السيوطي، فمن الغرائب التي أوقع في مثلها [6] محبة تقويم البدع.
والحاصل أن المجوزين (1) وهم شذوذ بالنسبة إلى المانعين قد اتفقوا على أنه لا يجوز
_________
(1) يشير بعض المجوزين للاحتفال بالمولد النبوي بعض الشبهات لجعله مشروعا أو مباحا على الأقل واليك بعضها مع الرد عليها ومناقشتها:
1/ قول النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إياكم ومحدثات الأمور، بان كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ".
وهو حديث صحيح أخرجه أحمد (4/ 126 - 127) وأبو داود رقم (4607) والترمذي رقم (2676) وابن حاج رقم (43، 44) والحاكم (1/ 95 - 97) من حديث العرباض بن سارية.
قولهم فيه: لا يدل على أن جميع البدع ضلالة، لأن " كل " ليست تشمل الجميع ومن العلماء من قال: تنقسم البدعة إلى بدعة حسنة وبدعة سيئة، ومنهم من قال البدعة تنقسم إلى بدعة واجبة وبدعة مستحبة وبدعة مباحة وبدعة مكروهة وبدعة محرمة.
والجواب عن ذلك: إن الحديث على ظاهرة يدل أن جميع البدع في الدين ضلالة بدون استثناء، لأن " كل " تفيد الاستغراق أي: استغراق جميع الأفراد خاصة وأن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قدم عليها أداة التحذير " وإياكم ومحدثات الأمور" فهل يمكن مع كل هذا أنه يريد البعض؟
ونقول أي عبارة أبلغ من قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في هذا الحديث- للدلالة على رفض البدع كلها وأما قول من قال من العلماء إن البدعة تنقسم إلى الأحكام الخمسة- تقدم التعليق على ذلك.
2// قولهم: إن الاحتفال بالمولد ليس بدعة، بل هو سنة حسنة، بدليل قول الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل ها إلى يوم القيامة، ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل ها إلى يوم القيامة. .
أخرجه مسلم في صحيحة رقم (69/ 1017) من حديث جرير بن عبد الله رضي الله عنه.
والجواب: أن السنة الحسنة تكون فيما له أصل في الشرع كالصدقة التي هي سبب ورود الحديث فقد روى أن قوما قدموا إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهم في حاله يرثى لها من الحاجة والفاقة فحث الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أصحابه على التصدق لهؤلاء القوم وجاء رجل بصرة من الدراهم عجزت عن حملها يده فتسابق القوم إلى التصدق مقتدين هذا الرجل.
وعندها قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذا الحديث، وأما الاحتفال بالمولد فهر بدعة أحدثت بعد مضى القرون المفضلة.
13/ قولهم: لقد ظهرت بدع كثرة حسنة رضي بها علماء الإسلام وسار عليها المسلمون إلى يومنا هذا مثل جمع عمر بن الخطاب المسلمين في صلاة التراويح على إمام واحد.
أخرجه البخاري رقم (2010) عن عبد الرحمن بن عبد القاري.
الجواب:- إن الأثر صحيح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لكن قول الصحابي ليس حجة إذا خالف الحديث الصحيح.
2/ أن صلاة القيام مشروعة بنص الحديث الذي أخرجه البخاري رقم (2009) ومسلم رقم
(174) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يرغب في قيام رمضان من غير أن يأمرهم بعزيمة فيقول: " من قام رمضان إيمانا واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه " فتوفي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والأمر على ذلك، ثم كان الأمر على ذلك في خلاقة أبي بكر وصدرا من خلافة عمر على ذلك.
3/ أن صلاة القيام جماعة مشروعة بنص حديث رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن عائشة رضي الله عنها أخبرت، أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خرج ليلة قي جوف الليل فصفى في المسجد، وصلى رجال بصلاته، فأصبح الناس فتحدثوا فاجتمع أكثر منهم، فصلى فصفوا معه، فأصبح الناس فتحدثوا فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة، فخرج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فصلى بصلاته فلما كانت الليلة الرابعة، عجز المسجد عن أهله حتى خرج لصلاة الصبح فلما قضى الفجر أقبل على الناس فتشهد ثم قال: " أما بعد فإنه لم يخف علي مكانكم ولكني خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها " فتوفي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والأمر على ذلك.
أخرجه اليخاري رقم (2012) ومسلم رقم (178/ 761).
قلت: لقد اتضح من الحديثين السابقين أن صلاة القيام في رمضان مشروعة، وصلاتها جماعة مشروعة، وإنما ترك النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحضور في الليلة الرابعة نحافة أن تفرض على المسلمين، فلما انقطع الوحي بموت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمن ما خاف منه الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأن الحلة تدور مع المعلول وجوداوعدما، فبقيت السنة للجماعة لزوال العارض، فجاء عمر بن الخطاب، أمر بصلاتها جماعة، إحياء للسنة التي شرعها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهذا تعلم أن مفهوم البدعة لا ينطق على فعل عمر! ه ويقول ابن تيمية في " اقتضاء الصراط " (ص
275 - 277): " أكثر ما قي هذا تسمية عمر تلك البدعة مع حسنها، وهذه تسمية لغوية لا تسمية شرعية ".
4// في الأثر التاريخي وهو: ما روي من أن أبا لهب الخاسر رؤى في المنام، فسئل فقال: إنه يعذب في النار، إلا أن يخفف عنه كل ليلة اثنين، ويمص من بين أصبعيه ماء بقدر هذا وأشار إلى رأس أصبعه. وان ذلك كان له بسبب إعتاقه جاريته ثويبة لما بشرته بولادة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأخيه عبد الله بن عبد المطلب وبإرضاعها له صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
والرد على ذلك بأوجه منها:
1/ أن أهل الإسلام مجمعون أن الشرع لا يثبت برؤى الناس المنامية مهما كان ذو الرؤيا في إيمانه وعلمه وتقواه، إلا أن يكون نبي الله فإن رؤيا الأنبياء، والوحي حق.
2/ أن صاحب الرؤيا العباس بن عبد المطلب، والذي رواها عنه بالواسطة فالحديث مرسل، والمرسل لا يحتج به، ولا تثبت به عقيدة ولا عبادة مع احتمال أن الرؤيا التي رآها العباس قبل إسلامه، ورؤيا الكافر حال كفره لا يحتج ها إجماعا.
3/ أكثر أهل العلم من السلف والخلف على أن الكافر لا يثاب على عمل صالح عمله إذا مات على كفره وهو الحق لقول الله سبحانه {وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا} [الفرقان: 23].
5// رمن عللهم- سماع بعض الشمائل المحمدية ومعرفة النسب النبوي الشريف.
فالجواب: إن الواجب على كل مسلم ومسلمة أن تعرف نسب نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وصفاته كما يعرف الله تعالى بأسمائه وصفاته هذا لابد له من تعليم ولا يكفي فيه مجرد سماع تلاوة قصة المولد مرة في كل عام.
6// ومن عللهم- الاجتماع على ذكر اللة سبحانه من قرائه القرآن والصلاة على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فالجواب: هذه علة فاسدة باطلة لأن الاجتماع على الذكر بصوت واحد لم يكن معروفا عند السلف فهو في حد ذاته بدعة منكرة.
وأما المدائح والقصائد بالأصوات المطربة الشجية فهذه بدعه أقبح ولا يفعلها إلا المتهوكون - المتحيرون المتهورون المضطربون في الدين- والعياذ بالله تعالى مع أن المسلمين العالمين يجتمعون كل يوم وليلة طوال العام في الصلوات الخمس في المساجد رفي حلق العلم لطلب العلم والمعرفة وما هم بحاجة إلى جلسة سنوية الدافع عليها في الغابي الحظوظ النفسية من سماع الطرب والأكل والشرب.
وقفة: ما هو المولد النبوي؟
إن المولد النبوي الشريف في عرف اللغة العربية: هو المكان أو الزمان الذي ولد فيه خاتم الأنبياء وإمام المرسلين محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فمولده المكاني: هو دار أبي يوسف المقام عليها اليوم مكتبة عامة. مكة المكرمة.
ومولده الزماني: هو يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول من عام الفيل على أشهر الروايات وأصحها. الموافق لأغسطس من عام سبعين وخمسمائة من تاريخ ميلاد المسيح عيسى عليه السلام. الخلاصة:
خلاصة القول أنه لا يجوز الاحتفال بالمولد النبوي للأسباب التالية:
1/ أنه بدعة في الدين والأدلة الشرعية تحذر من البدع في الدين وأن الأعياد والاحتفالات من أمور الشريعة.
2/ أن القرون الثلاثة المفضلة وهم أشد حبا للرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يحتفل أحد منهم بالمولد.
3/ أن هذا الاحتفال أدى إلى مفاسد ومخالفات في الدين، والقواعد الشرعية تقضى بأن المباح- وهذا على فرض أنه مباح- إذا أدى إلى محرم، فإنه يحرم من باب سد الذرائع.
4/ لأنه من الغلو الذي في الله ورسوله عنه. ه/ لأنه من الإطراء الذي في عنه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
6/ لأن الرافضة هم الذين ابتدعوا ذلك، والرافضة هم أكثر الفرق الإسلامية ابتداعا، وهل يليق بأهل السنة الاقتداء بالرافضة في ابتداعهم.
7/ أن الاحتفال تقليد للنصارى في احتفالهم بعيسى والنصوص الشرعية تقتضي مخالفتهم وعدم التشبه هم.
8/ أن محبة الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا تحقق بالاحتفال. بمولده وإنما تتحقق بالعمل بسنته وتقديم قوله على كل قول وعدم رد شيء من أحاديثه.
9/ أن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه قد وسعهم دين الله من غير احتفال. بمولده، إذا فليسعنا ما وسع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه(2/1095)
إلا بشرط أن يكون لمجرد الطعام والذكر. وقد عرفناك أنه صار من ذرائع المنكرات.
ولا يخالف فيه أحد هذا الاعتبار. وأما المولد الذي يقع الآن من هذا الجنس، فهو ممنوع منه بالاتفاق. وفي هذا المقدار كفاية، وإن كان المقام محتاج إلى بسط طويل، مشتملا على إيراد كلمات المجوزين وردها.
ولكن ذلك لا يتم إلا في كراريس، ولا بد أن يلهم الله أحد أرباب الأمر إلى المنع من هذه القضية، فإنها تنحسم بأمر يسير، وهو أن يمنع ذلك النشاد الذي صار يدعى لعمل المولد، ويزجر. وهذا أمر يتمكن منه كل أحد، وأما ما سألتم عنه من الواقعة العظيمة في القطر التهامي، وهي أنهم يزخرفون ويطوفون حولها كما يطاف حول الكعبة ويزار.
فقد وصل إلى محبكم سؤال من بعض السادات الساكنين في قامة على يد سيدي محمد بن أحمد النعم! ط (1)، وأجبت فيه بجواب فيه طول، فانظروه إن أمكن، فإن ذلك
_________
(1) السيد محمد بن عز الدين النعمي التهامي. قال الشوكاني في البدر رقم (472): ولد تقريبا سنه 1180 هـ بالعذير وهى بقرب بندر اللحية من بنادر قامة. ثم ارتحل إلى صنعاء فقرأ في علم الفروع على شيخنا العلامة احمد بن محمد الجزري وغيره.
وقال الشوكاني: ولازمني مدة طويلة فقرا على النحو والصرف والمنطق والمعاني والبيان والأصول والحديث والفقه وصار أحد العلماء المشار إليهم، ولما نال ما كان سببا للارتحال عاد إلى دياره التهامية وهو بلا مدافع أعلم الموجودين من السادة النعامية. وكثيرا ما يكتب إ؟ من تلك الجهات فيما يعرض له من المهمات.
مات في قامة سنه 1232 هـ.
البدر الطالع رقم (472) وكواكب يمنية (ص 636 - 638).(2/1099)
السؤال اشتمل على أنهم يعتقدون ني أولئك الأموات (1)، وتلك الأحجار أنها تضر وتنفع، وهذا من الكفر الذي لا شك فيه.
ولا مرية، وهو من أشد من كفر الوثنية، لأنهم قالوا: إنما نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى، وهؤلاء قالوا: نعبدهم ليضروا وينفعوا، فأي مصيبة أشد من الكفر. وأي منكر أطم منه ".
وكيف يدعى القادر على إنفاذ الأوامر أنه من. المؤمنين، وهؤلاء إخوانه من المسلمين قد صاروا في الكفر الصريح. إنا لله، وإنا إليه راجعون. ورحم الله المهدي لدين الله العباس بن المنصور، فإنه قام في إزالة هذا المنكرا (2) كل مقام.
والله يلهم خليفة العصر إلى القيام لهذا الواجب الأهم، وعلى الجملة الاستدلال على قبح هذه الوصية لا يحتاج إليه أحد، فإنه لا يشك أحد من المسلمين في أن ذاك كفر، ولا يخالف في قبح الكفر أحد منهم، والقرآن والسنة مشحونان بالأدلة القاضية بقبح الكفر الناعية على الكافرين ما هم فيه، ومن اخذ المصحف وقرا فيه ورقة وجد مها مسن أدلة التوحيد، أو تقبيح الشرك، أو الكفر ما يشفى ويكفي، فلا فائدة في التطويل، ولو رام الإنسان أن يستفضي ما ورد في ذلك من أدلة النقل والعقل لجأ في مجلدات. اللهم أنت تعلم أنا نجد قدرنا متقاصرة عن القيام بدفع هذه المفاسد، وهدم [7] هذه المنكرات.
وليس في وسعنا إلا الإنذار والإبلاغ، وقد فعلنا.
_________
(1) انظر: " اقتضاء الصراط " لابن تيمية (ص 299).
مصرع الشرك والخرافة (ص 512).
(2) قال ابن تيمية في اقتضاء الصراط (ص 299): فهذه المساجد المبنية على قبور الأنبياء والصالحين والملوك وغرهم يتعين إزالتها هدم أو بغيره، هذا مما لا أعلم فيه خلافا بين العلماء المعروفين، وتكره الصلاة فيها من غير خلاف أعلمه ولا تصح عندنا لأجل النهي واللعن الوارد في ذلك ولأحاديث أخر ". وقد تقدم في كل من الرسائل التالية: (1) و (2) و (24) ر (25).(2/1100)
اللهم فاغضب لدينك وطهره من أدناس هؤلاء الشياطين القبوريين، وأرحنا من هذه الأوساخ التي كدرت صفوة الدين المتن (1).
انتهى من تحرير المجيب محمد بن على الشوكاني- وفقه الله لما يحبه ويرضاه- بحق محمد وآله وصحبه. من شهر ربيع الأول سنة 1206 هـ.
تم القسم الأول- العقيدة- من الفتح الرباني من فتاوى الشوكاني ولله الحمد والمنة ويليه القسم الثاني- القرآن وعلومه- إن شاء الله
_________
(1) قد أجاب الله سبحانه دعوة شيخنا الإمام- رحمه الله- فإنها هدمت هذه القبور في أيام الخليفة المتوكل بن المنصور، وثم خارج القطر التهامي فأزيلت بالكلية على كثرتها في عصر والده المنصور، على يد أهل نجد، والمرجو من الله تعالى التيسر لإزالة كل ما بقي من منكر، وكل معتقد مثل قبر ابن علوان في تعز، وصاحب الغراس، وغير ذلك إنا نسأله تعالى معونته. أمين.(2/1101)
تم بحمد الله والمنة المجلد الأول من كتاب الفتح الرباني
ويليه
المجلد الثاني إن شاء الله(2/1102)
رسائل القسم الثاني والقسم الثالث
(القرآن وعلومه- الحديث وعلومه)
القرآن وعلومه:
28 - جواب سؤال في قوله تعالى: {فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه} واقعة موقع الدليل. (1/ 42) (1).
29 - وبل الغمامة في تفسير: {وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة}.
(30/ 3). 30 - بحث في النهى عن إخوان السوء
(27/ 4). 31 - جواب سؤال في قوله تعالى: (إلا من ظلم)
(1/ 24). 32 - بحث في تفسير قوله تعالى: {قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليم}
(23/ 5). 33 - بحث في الكلام على قوله سبحانه: {يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن ءامنت من قبل}
(18/ 4). 34 - إجابة السائل عن تفسير تقدير القمر منازل. ويليه: إشكال السائل في الجواب عن تفسير تقدير القمر منازل.
(43/ 1). 35 - جواب سؤال يتعلق. مما ورد فيما أظهر الخضر.
(36/ 4). 36 - بحمق عن تفسير قوله تعالى: {ثم جعلنه نطفة}
(17/ 3). 37 - الإيضاح لمعنى التوبة والإصلاح. (7/ 4).
_________
(1) الرقم إلى يمين الخط يشير إلى رقم الرسالة في المجلد.
والرقم إلى شمال الخط يشير إلى رقم المجلد من الفتح الرباني من فتاوى الشوكاني.(3/1107)
38 - جواب سؤال عن نكتة التكرار في قوله تعالى: {قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين وأمرت لأن أكون أول المسلمين}
(41/ 1). 39 - النشر لفوائد سورة العصر.
(17/ 5). . الحديث وعلومه:
40 - إتحاف الأكابر بإسناد الدفاتر.
(14/ 3). 41 - بحث في قول أهل الحديث: "رجال إسناده ثقات ". ويليه مناقشة للجواب السابق.
(22/ 3). 42 - القول المقبول في رد خبر المجهول من غير صحابة الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
(12/ 1). 43 - بحث في الجواب على من قال أنه لم يقع التعرض لمن في حفظه ضعف من الصحابة.
(15/ 5). 44 - سؤال عن عدالة جميع الصحابة هل هي مسلمة أم لا؟!
(4/ 1). 45 - رح الباس عن حديث النفس والهم والوسواس
(45/ 45) 46 - الأبحاث الوضية في الكلام على حديث: " حب الدنيا رأس كل خطية ".
(6/ 3). 47 - سؤال عن معنى " بني الإسلام على خمسة أركان " وما يترتب عليه.
(11/ 5). 48 - الأذكار. جواب على بعض الأحاديث المتعارضة فيها.
(14/ 5). 49 - بحث في الكلام على حديث: " إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجسران وإن اجتهد وأخطأ فله أجر واحد ".
(19/ 5). 50 - جواب عن سؤال خاص بالحديث: " لا عهد للظالم " وهل هو موجود فعلا من عدمه؟!.
(13/ 5). 51 - فوائد في أحاديث فضائل القران. (2/ 5).(3/1108)
52 - بحث في حديث " لعن الله اليهود لاتخاذ قبور أنبيائهم مساجد "
(26/ 3). 53 - إتحاف المهرة بالكلام على حديث: " لا عدوى ولا طرة "
(40/ 1). 54 - بحث في قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنما الأعمال بالنيات "
(31/ 5). 55 - بحث في حديث: " لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ... "
(12/ 3). 56 - بحث في بيان العبدين الصالحين المذكورين في حديث الغدير.
(11/ 3). 57 - بحث في حديث " اجعل لك صلاتي كلها " وفي تحقيق الصلاة على الآل ومن خصهم. (27/ 3) (1).
58 - تنبيه الأعلام على تفسير المشتبهات بين الحلال والحرام (1/ 3).
_________
(1) لقد حققت الباحثة: أم الحسن. محفوظة بنت علي شرف الدين. من هذا المجلد الرسائل التي تحمل الأرقام التالية: (28 - 29 - 34 - 37 - 38 - 39 - 46 - 58) حسب تسلسلها في هذا المجلد.(3/1109)
جواب سؤال في قوله تعالى {فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه}
واقعة موقع الدليل
تأليف العلامة
محمد بن علي الشوكاني
حققته وعلقت عليه وخرجت أحاديثه
محفوظة بنت علي شرف الدين
أم الحسن(3/1111)
بسم الله الرحمن الرحيم
وبعد: فإنه وصل إلى من بعض العلماء في سنة 1207 هـ سؤال حاصله: أن الفاء في قوله تعالى: {فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه} (1) واقعة في موقع الدليل، لوقوعها متعقبة، ولم يظهر فيها معنى الدليل؟ فأجبت. مما لفظه:
حمدا لك يا فاتح أقفال كل إشكال (2)، وشكرا لك يا مانح حل عقد حبال الأعضال (3)، وصلاة وسلاما على خير الخليقه، وعلى آله المطهرين حماة الحقيقة على الحقيقة، وبعد:
فإن هذا سؤال لا ينتجه إلا فكر يخترق طباق أستار خرائد (4) أبكار الأفكار، وفهم يجول ويصول في مدارج الإدراك إن هبت للمشكلات ريح ذات إعصار؟ فلله در منشيه، ولله در موشيه، ولا شك أن قول الله- عز وجل-: {فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر إلى حمارك} (5) إن جعل كما لاح للسائل- كثر الله من فوائده،
_________
(1) [البقرة: 259]
(2) أشكل الأمر: التبس، وأمور أشكال: ملتبسة. والأشكال الأمور والحوائج المختلفة فيما يتكلف منها ويهتم لها.
لسان العرب (7/ 176).
(3) من عضل وأعضل بي: هو من العضال وهو الأمر الشديد الذي لا يقوم به صاحبه، أي ضاقت على الحيل في أمرهم وصعبت على مداراتهم ويقال أعضل الأمر فهو معضل.
لسان العرب (9/ 260).
(4) من خرد، الخريدة والخريد والخرود من النساء البكر التي لم تمس قط وقيل هي الحبية الطويلة السكوت الخافضة الصوت الخفرة المتسترة قد جاوزت الإعصار ولم تعنس والجمع خرائد وخرد.
(5) [البقرة: 259](3/1113)
ومد من موائد فرائده- دليلا على طول مد اللبث (1) كان مرتج الباب شديد الاحتجاب عن أرباب الألباب، والذي يلوح للنظر القاصر، ويتقدم في الخاطر الفاتر أنه لم يسق مساق (2) الدليل على طول تلك المدة، فإنه يهجر الاستدلال. ممثله على ذلك المدلول من له أن إلمام بعلم المعقول والمنقول، فكيف بمن له العلم الذي تقاصرت العقول بأسرها عن الإحاطة بكنهه ومقداره، وكان علم جميع الخلائق بالنسبة إليه كما يأخذه الطائر (3) من البحر الخضم بمنقاره. وأقول مسندا لهذا الكلام الذي هو في قوة المنع أن معرفة طول المدة أمر مكشوف يمكن الإطلاع عليه بأعمال الحواس في المحسوسات، والإذعان له. مما يطرأ على أحوال هذه الأجسام من التغيرات.
_________
(1) قال الرازي في تفسيره (7/ 35):
(السؤال الأول): أنه تعالى لما قال: {بل لبثت مائة عام}، كان من حقه أن يذكر عقبيه ما يدل على دلك وقوله: {فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه} لا يدل على أنه لبث مائة عام بل يدل ظاهرا على ما قاله من أنه لبث يومأ أو بعض يوم.
(والجواب): أنه كلما كانت الشبهة أقوى مع علم الإنسان في الجملة أنها شبهة كان سماع الدليل المزيل لتلك الشبهة احمد ووقوعه في العمل أكمل فكأنه تعالى لما قال: {بل لبثت مائة عام}، قال: {فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه} فإن هذا مما يؤكد قولك: {لبثت يوما أو بعض يوم} فحينئذ يعظم اشتياقك إلى الدليل الذي يكشف عن هذه الشبهة، ثم قال بعده {وانظر إلى حمارك}، فرأى الحمار صار رميما وعظاما نخرة فعظم تعجبه من قدرة الله تعالى، فإن الطعام والشراب يسرع التغير فيهما، والحمار ربما بقى دهرا طويلا وزمانا عظما، فرأى مالا يبقى باقيا، وهو الطعام والشراب، وما يبقى غير باق وهو العظام، فعظم تعجبه من قدرة الله سبحانه وتعالى وتمكن وقوع هذه الحجة في عقله وفي قلبه.
(2) قال الرازي في تفسيره (7/ 35):
(السؤال الأول): أنه تعالى لما قال: {بل لبثت مائة عام}، كان من حقه أن يذكر عقبيه ما يدل على دلك وقوله: {فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه} لا يدل على أنه لبث مائة عام بل يدل ظاهرا على ما قاله من أنه لبث يومأ أو بعض يوم.
(والجواب): أنه كلما كانت الشبهة أقوى مع علم الإنسان في الجملة أنها شبهة كان سماع الدليل المزيل لتلك الشبهة احمد ووقوعه في العمل أكمل فكأنه تعالى لما قال: {بل لبثت مائة عام}، قال: {فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه} فإن هذا مما يؤكد قولك: {لبثت يوما أو بعض يوم} فحينئذ يعظم اشتياقك إلى الدليل الذي يكشف عن هذه الشبهة، ثم قال بعده {وانظر إلى حمارك}، فرأى الحمار صار رميما وعظاما نخرة فعظم تعجبه من قدرة الله تعالى، فإن الطعام والشراب يسرع التغير فيهما، والحمار ربما بقى دهرا طويلا وزمانا عظما، فرأى مالا يبقى باقيا، وهو الطعام والشراب، وما يبقى غير باق وهو العظام، فعظم تعجبه من قدرة الله سبحانه وتعالى وتمكن وقوع هذه الحجة في عقله وفي قلبه.
(3) يشير إلى الحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه رقم (122) ومسلم رقم (2380). وهو حديث طويل عن ابن عباس قال حدثنا أبي بن كعب عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ..... فجاء عصفور فوقع على حرف السفينة، فنقر نقرة أو نقرتين في البحر فقال الخضر: يا موسى ما نقص علمي وعلمك من علم الله إلا كنقرة هذا العصفور في البحر ".(3/1114)
ألا ترى ذلك لمار كيف نظر إلى أولاده بعد أن بعثه الله تعالى فوجدهم شيوخا بعد أن كانوا قبل تلك الإماتة صبيانا وفتيانا، وكان إذا حدثهم بحديث قالوا: هذا حديث مائة سنة كما ذكره أئمة التفسير (1)، فالظاهر أن قوله تعالى: {فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر إلى حمارك} (2) دليل على كمال القدرة الباهرة التي لا يستبعد من مثلها صدور ما استبعده ذلك المار، فيكون ذلك من إرداف دليل بدليل، وتعقيب آلة بآية، ولكنه لما كان مرتبطا بالدليل الأول أعني قوله: {فأماته الله مائة عام ثم بعثه} من جهة أن كونه آية عظمى، وأمرا عجيبا، إنما كان باعتبار ملاحظته جاء معنونا بالفاء المفيدة لتقدير محذوف يتوقف عليه كمال حسنها وفصاحتها كما صرح بذاك أئمة النحو والبيان، فكأنه- جل جلاله- قال للمار: إذا عرفت أيها المستبعد لإحياء القرية كمال القدرة على ذلك. مما وقع عليك من الإماتة هذه المدة (3) المتطاولة،
_________
(1) ذكره القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن " (3/ 294 - 295). وابن كثير في تفسيره (1/ 688).
أخرج ابن كثير في تفسيره (1/ 687) عن علي بن أبي طالب أنه قال: هو عزير أي الذي مر بالقرية. وقال: رواه ابن جرير عن ناجية وابن أبي حاتم وابن جرير عن ابن عباس والحسن، وقتادة والسدي، وسليمان بن بريدة وهذا القول المشهور أ أن المار هو عزير أ والله أعلم.
(2) [البقرة: 259]
(3) قال الألوسى في تفسيره " روح المعاني " (3/ 22): {قال بل لبثت مائة عام} عطف على مقدر أي ما لبثت ذلك القدر- يوما أو بعض يوم- بل هذا المقدار {فانظر إلى طعامك وشرابك} قيل كان طعامه عنبا أو تينا وشرابه عصيرا أو لبنا {لم يتسنه} أي لم يتغير في هذه المدة المتطاولة واشتقاقه من- السنة- وفي لامها اختلاف فقيل هاء بدليل ما فت فلانا فهو مجزوم بسكون الهاء، وقيل: واو بدليل الجمع على سنوات فهو مجزوم بحذف الآخر والهاء، وقيل: واو بدليل الجمع على سنوات فهو مجزوم بحذف الآخر والهاء هاء سكت ثبتت في الوقف وفي الوصل لإجرائه مجراه، ويجوز أن يكون التسنه عبارة عن معنى السنين كما هو الأصل ويكون عدم التسنه كناية عن بقائه على حاله غضا طريا غير متكرج. وقيل أصله لم يتسمن ومنه الحمأ المسنون- أي الطين المتغير ومتى اجتمع ثلاث حروف متجانسة يقلب أحدهما حرف علة كما قالوا: في تظننت. تظنيت.
وانظر: التفسير الكبير للرازي (7/ 34).(3/1115)
وتحقق لديك ذلك بالنظر في الآثار القاضية به فههنا آية أخرى هي أجل موقعا من تدك، وأقطع لعرف الشك، وأحسم لجرح الحيرة، وأدفع لمنشأ الاستبعاد، وهي عدم تغير طعامك وشرابك مع مرور أزمان العشر من معشار عشيرها يكون في مثله التغير والفساد، وبقاء حمارك حيا سويا بلا علف (1)، ولا ماء دهرا لا يستمسك في مثل أقل قليلة الأرواح بلا قوام.
وقد لوح جار الله (2) - رحمه الله- في كشافه (3) إلى أن هذه آية مستقلة لا دليل على طول المدة فقال، وانظر إلى حمارك سالما في مكانه كما ربطته، وذلك من أعظم الآيات أن يعيشه الله مائة عام من غير علف، ولا ماء كما حفظ طعامه وشرابه من التغير انتهى.
وهذا على تقدير أن الحمار كان عند بعث ذلك المار حيا كما ذهب إليه بعض أئمة (4) التفسير، وعلى تقدير أن عظامه عند ذلك قد تفرقت ونخرت، كما ذهب إليه البعض (5)
_________
(1) ذكره الألوسى في تفسيره (7/ 23).
(2) أي الزمخشري.
(3) (1/ 157)
(4) أخرج ابن جرير في جامع البيان (3/ ج 3/ 41) عن الضحاك في قوله {فأماته الله مائة عام ثم بعثه} فنظر إلى حماره قائما وإلى طعامه وشرابه لم يتسنه .... ..... "
وأخرجه أيضًا عن الربيع، وابن زيد. ووهب بن منبه.
(5) انظر روح المعاني للألوسي
(3/ 23). وأخرجه الطبري في جامع البيان (3/ ج 3/ 40 - 41) عن السدي قال: ثم إن الله أحيا عزيرا، فقال كم لبثت؟ قال: لبثت يوما أو بعض يوم، قال: بل لبتت مائة عام، فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر إلى حمارك قد هلك، وبليت عظامه وانظر إلى عظامه كيف ننشزها، ثم نكسوها لحما، فبعث الله ريحا، فجاءت بعظام الحمار من كل سهل وجبل ذهبت به الطير والسباع، فاجتمعت فركب بعضها في بعض وهو ينظر، فصار حمارا ... ".
وكذلك أخرجه ابن جرير في جامع البيان (3 ج 3/ 40) عن ابن جريج ومجاهد.
قال ابن جرير الطبري في " جامع البيان " (3/ ج 3/ 42): وأولى الأقوال في هذه الآية بالصواب قول من قال: إن الله تعالى ذكره بعث قائل {أنى يحيى هذه الله بعد موتها} من مماته، ثم أراه نظير ما استنكر من إحياء الله القرية التي مر بها بعد مماتها عيانا من نفسه وطعامه وحماره فجعل تعالى ذكره ما أراه من إحيائه نفسه وحماره مثلا لما استنكر من إحيائه أهل القرية التي مر ها خاوية على عروشها، وجعل ما أراه من العبرة في طعامه وشرابه عبرة له وحجة عليه في كيفية إحيائه منازل القرية وجناها، وذلك هو معنى قول مجاهد الذي ذكرناه قبل.
وإنما قلنا ذلك أولى بتأويل الآية، لأن قوله {وانظر إلى العظام} إنما هو. بمعنى: وانظر إلى العظام التي تراها ببصرك كيف ننشزها ثم نكسوها لحما، وقد كان حماره أدركه من البلى في قول أهل التأويل جميعا نظير الذي لحق عظام من خوطب هذا الخطاب، لفم يمكن صرف قوله {وانظر إلى العظام} إلى أنه أمر له بالنظر إلى عظام الحمار دون عظام المأمور بالنظر إليها، ولا إلى أنه أمر له بالنظر إلى عظام نفسه عون عظام الحمار.
وإذا كان ذلك كذلك، وكان البلى قد لحق عظامه وعظام حماره، كان الأولى بالتأويل أن يكون الأمر بالنظر إلى كل ما أدركه طرفه مما قد كان البلى لحقه لأن الله تعالى ذكره وجعل جميع دلك عليه حجة وله برة وعظة.(3/1116)
الآخر لكون قول الله تعالى: {وانظر إلى حمارك} سوقا للتعجيب من تماسك جسم المار وحفظه عن التفرق في تلك المدة مع مصير ما ينتظم معه في جنس الحيوانية، فهي فيها رمة بالية نخرة، وحفظ طعامه وشرابه عن التسنه بعد مضي مدة صار فيها الحمار إلى تلك الصفة، ويمكن أن يقال على هذا التقدير أن أمر المار بالنظر إلى رمة الحمار لما سيحدثه الله تعالى من إنشارها وإعادة ما كان على تلك الصفة حيا سويا، ليكون ذلك من الاستدلال إلى موضع الاستبعاد. مما يماثله، ويكون قوله: {وانظر إلى العظام كيف ننشزها} (1) مقررا لقوله: {وانظر إلى حمارك}، ولكن الوجه هو التقرير
_________
(1) أخرج الن جرير في " جامع البيان " (3/ ح 3/ 43): عن أبي عباس في قوله {كيف ننشزها} كيف نخرجها. وأخرج عن السدي {كيف ننشزها} قال: تحركها.
ثم قال ابن جرير: وقرأ ذلك آخرون: {وانظر إلى العظام كيف ننشزها} بضم النون، قالوا من قول القائل: أنشر الله الموتى فهو ينشرهم إنشارا. وذلك قراءة عامة قراء أهل المدينة،. بمعنى: وانظر إلى العظام كيف نحيها ثم نكسوها لحما.
وأخرج ابن جرير في " جامع البيان " (3 ج 3/ 44) عن مجاهد (محيص ننشزها) قال: نظر إليها حين يحييها الله. .
قال ابن جرير في جامع البيان (3 ج 3/ 44): والقول في ذلك عندي أن معنى الإنشار، ومعنى الإنشاز، متقاربان، لأن معنى الإنشاز: التركيب والإثبات، ورد العظام من العظام، وإعادتها لا شك أنه ردها إلى أماكنها ومواضعها من الجسد بعد مفارقتها إياها، مهما وإن اختلفا في اللفظ، فمتقاربا الم! ت، وقد جاءت بالقراءة هما الأمة مجيئا يقطع العذر ويوجب الحجة فبأيهما قرأ القارئ فمصيب لانقياد معنييهما، ولا حجة توجب لأحدهما من القضاء بالصواب على الأخرى. .
وإن ظن ظان أن الإنشار إدا كان إحياء فهو بالصواب أولى، لأن المأمور بالنظر إلى العظام وهي تنشر إنما أمر به ليرى عيانا ما أنكره بقوله {أنى يحيي هذه الله بعد موتها} فإن إحياء العظام لا شك في هذا الموضع إنما عني به ردها إلى أماكنها من جسد المنظور إليه، وهو يحيا، لا إعادة الروح التي كانت فارقتها عند الممات، والذي يدل على ذلك قوله {ثم نكسوها لحما} ولا شك أن الروح إنما نفخت قي العظام التي أنشرت بعد أن كسبت اللحم. وإذا كان دلك كذلك، وكان معنى الإنشاز تركيب العظام وردها إلى أماكنها من الجسد، وكان ذلك معنى الانشار، كان معلوما استواء معنييهما، وأنهما متفقا المعنى لا مختلفاه، ففي ذلك إبانة عن صحة ما قلنا فيه.
وأما القراءة الثالثة فغير جائزة القراءة بها عندي وهى قراءة من قرأ {كيف ننشزها} بفتح النون وبالراء لشذوذها عن قراءة المسلمين وخروجها عن الصحيح من كلام العرب.(3/1117)
الأول أعني أن الحمار كان حيا عند البعث، ويكون المراد بالعظام في قوله: {وانظر إلى العظام} (1) عظام الموتى الذين استبعد ذلك المار إحياءهم، لاشتماله على تعدد الآيات الباهرة للعقول، ولكثرة البراهين التي لا يسع شاهدها غير التسليم والقبول، ولما يقضي به الفصل بقوله تعالى: ......................
_________
(1) تقدم آنفا(3/1118)
{ولنجعلك آية للناس} (1) من تبعيد التأكيد، ولما تقرر من أن ترجيح (2) التأسيس
_________
(1) قال الرازي في تفسيره (7/ 35 - 36): أما قوله تعالى: {ولنجعلك آية للناس} فقد بيما أن المراد منه التشريف والتعظيم والوعد بالدرجة العالية في الدين والدنيا، وذلك لا يليق. كلن مات على الكفر الشك في قدرة الله تعالى.
فإن قيل: ما فائدة الواوي قوله {ولنجعلك} قلنا: قال الفراء- في معاني القرآن (1/ 173)
- دخلت الواو لأنه فعل بعدها مضمر، لأنه لو قال: {وانظر إلى حمارك لنجعلك آية} كان النظر إلى الحمار شرطا، وجعله آية جزاء وهذا المعنى غير مطلوب من هذا الكلام، أما المال قال: {ولنجعلك آية} كان المعنى، ولنجعلك آية فعلنا ما فعلنا من الإماتة والإحياء ومثله قوله تعالى: {وكذالك نصرف الآيات وليقولوا درست، والمعنى: وليقولوا درست صرفنا الآيات. .
وقال ابن جرير في " جامع البيان " (3/ ج 42/ 3 - 43):} ولنجعلك آية للناس {، أمتناك مائة عام ثم بعثناك، وإنما أدخلت الواو مع اللام التي في قوله:} ولنجعلك آية للناس {، وهو. بمعنى كي، لأن في دخولها في كي وأخواتها دلالة على أنها شرط لفعل بعدها،. بمعنى: ولنجعلك كذا وكذا فعلنا ذلك، ولو لم تكن قبل اللام أعني لام كي واو كانت اللام شرطا للفعل الذي قبلها، وكان يكون معناه: وانظر إلى حمارك، لنجعلك آية للناس وإنما عني بقوله} ولنجعلك آية " ولنجعله حجة على من جهل قدرتي وشك في عظمتي، وأنا القادر على فعل ما أشاء من إماتة وإحياء، وإفناء وإنشاء، وإنعام وإذلال، وإقتار وإغناء بيدي ذلك كله لا يملكه أحد دوني، ولا يقدر عليه غيري.
وكان بعض أهل التأويل يقول: كان آية للناس بأنه جاء بعد مائة عام إلى ولده وولد ولده شابا وهم شيوخ.
قال ابن جرير: والذي هو أولى بتأويل الآية من القول، أن يقال: إن الله تعالى ذكره. أخبر أنه جعل الذي وصف صفته في هذه الآية حجة للناس، فكان ذلك حجة على من عرفه من ولده وقومه ممن علم موته، وإحياء الله إياه بعد مماته، وعلى من بعث إليه منهم.
وقال ابن كثير في تفسيره (1/ 688): {ولنجعلك آية للناس}، أي: دليلا على المعاد.
(2) قال صاحب الكوكب المنير (1/ 297): " إذا دار اللفظ بين أن بكون مؤكدا أو مؤسسا، فإنه يحمل على (تأسيسه) نحو قوله تعالى: {فبأي آلاء ربكما تكذبان}، من أول سورة الرحمن إلى آخرها. فإن جعل تأكيدا، لزم تكرار التأكيد أكثر من ثلاث مرات. والعرب لا تزيد في التأكيد على ثلاث، فيحمل في كل محل على ما تقدم ذلك التكذيب- أي على ما تقدم قبل لفظ التكذيب، ويكون التكذيب ذكر باعتبار ما قبل ذلك اللفظ خاصة، فلا يتكرر منها لفظ، ولا يكون كيد البتة في السورة كلها فقوله تعالى: {يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان فبأي آلاء ربكما تكذبان}، المراد آلاء خروج اللؤلؤ والمرجان خاصة. وكذلك الأمر في جميع السورة.
انظر: شرح تنقيح الفصول ص 113.(3/1119)
على التأكيد مهيع (1)، مسلوك، ولأمر ما جعل الله- جل جلاله- قصة الحمار آية للناس، واختصها بالتنبيه على هذه المزية.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله، فإن كان صوابا فمن الله، وإن كان خطأ فمن نفسي الأمارة.
انتهى.
_________
(1) مهيع: من هاع الشيء يهيع هياعا: اتسع وانتشر. وطريق مهيع: واضح واسع بين وجمعه مهايع وأنشد: بالفور يهديها طريق مهيع.
لسان العرب (15/ 180).(3/1120)
وبل الغمامة في تفسير
{وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة}
تأليف العلامة
محمد بن علي الشوكاني
حققته وعلقت عليه وخرجت أحاديثه
محفوظة بنت علي شرف الدين
أم الحسن(3/1121)
وصف المخطوط:
1 - عنوان الرسالة: وبل الغمامة في تفسير: {وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة}.
2 - موضوع الرسالة: تفسير الآية الكريمة {وجاعل الذين اتبعوك ... }.
3 - أول الرسالة: الحمد لله وحده وصلاته وسلامه على سيدنا محمد وآله. وبعد: فإنه لا يزال يقع السؤال على معنى قول الله سبحانه: {وجاعل الذين اتبعوك}.
4 - آخر الرسالة: حرر منقولا من خط المجيب محمد بن علي بن محمد الشوكاني غفر الله له، قال: حرر في الثلث الأوسط من ليلة الربوع (1) إحدى ليالي شهر صفر سنة 1214 هـ.
5 - نوع الحط: خط نسخط جيد.
6 - عدد الأوراق: أربع عشرة ورقة.
7 - المسطرة: الورقة الأولى: عنوان الرسالة واسم المؤلف.
الورقة الثانية والثالثة والرابعة: 18 سطرا.
الورقة الخامسة: 19 سطرا.
الورقة السادسة والسابعة: 17 سطرا.
الورقة الثامنة والتاسعة: 18 سطرا.
الورقة العاشرة والحادية عشرة: 21 سطرا.
الورقة الثانية عشرة: 20 سطرا.
الورقة الثالثة عشرة: 16 سطرا.
_________
(1) تعني يوم الأربعاء وهذه التسمية شائعة في الجزيرة العربية.(3/1123)
الورقة الرابعة عشرة: 15 سطرا.
8 - عدد الكلمات في السطر: 11 - 12 كلمة.
9 - الرسالة في المجلد الثالث من " الفتح الرباني من فتاوى الشوكاني"(3/1124)
الحمد لله وحده، وصلاته وسلامه على سيدنا محمد واله وبعد.
فإنه لا يزال يقع السؤال عن معنى قول الله سبحانه: {وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا} (1). ومحل السؤال من هم هؤلاء المجعولون فوق الذين كفروا؟
فاعلم أن سياق الآية الكريمة هكذا: {إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلى ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة} ومقتضى الظاهر أن هذه الضمائر كفها لعيسى- عليه السلام-، وأن المجعولين فوق الذين كفروا هم متبعوه.
ولكنه قد وقع الخلاف في المتبعين له من هم؟ هل النصارى أم المسلمون؟ فصرح العلامة في الكشاف (2) أنهم المسلمون. قال: لأنهم متبعوه في أصل الإسلام، وإن اختلفت الشرائع دون الذين كذبوه وكذبوا عليه من اليهود والنصارى. اهـ.
وتبعه على ذلك صاجا مدارك (3) التنزيل وحقائق التأويل فقال: هم المسلمون ثم ذكر كلام الزمخشري (4) بحروفه. وكذلك القاضي البيضاوي (5) إلا أنه ضم إلى المسلمين
_________
(1) [آل عمران: 55]
(2) (1/ 192)
(3) أي النسفي في مدارك التنزيل وحقائق التأويل (1/ 160).
(4) هو أبو القاسم محمود بن عمر بن محمد بن عمر الخوارزمي الإمام الحنفي المعتزلي الملقب بجار الله، ولد في رجب سنة 467 هـ بزمخشر، قرية من قرى خوارزم، وقدم بغداد، ولقي الكبار وأخذ عنهم.
من مصنفاته: " الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل ". " الفائق " في تفسير الحديث. " أساس البلاغة " في اللغة. " المفصل " في النحو رؤوس المسائل في الفقه.
مات سنة 538 هـ بجرجانية خوارزم بعد رجوعه من مكة. "
معجم المفسرين " لنويهض (2/ 666) " التفسير والمفسرون " للذهبي (1/ 203 - 205)
(5) هو ناصر الدين أبو الخير، عبد الله بن عمر بن محمد بن على البيضاوي الشافعي وهو من بلاد فارس، ولي القضاء بشيراز ومن أهم مصنفاته: - كتاب الطوالع في أصول الدين.
- وأنوار التنزيل وأسرار التأويل في التفسير [المعروف بـ (تفسر البيضاوي)].
مات سنة 683 هـ.
" التفسير والمفسرون " للذهبى (1/ 282).(3/1129)
النصارى فقال ما لفظه:
ومتبعوه من آمن بنبوته من المسلمين والنصارى، وإلى الآن لم يسمع غلبة اليهود عليهم، ولم يتفق ملك ودولة. اهـ.
وقال الرازي (1) في مفاتيح الغيب (2) ما لفظه: وفيه وجهان:
الأول: أن المعنى أن الذين اتبعوا عيسى على دينه يكونون فوق الذين كفروا من اليهود بالقهر والسلطان والاستعلاء إلى يوم القيامة، فيكون ذلك إخبارا عن ذل اليهود، وأنهم يكونون مقهورين إلى يوم القيامة. فأما متبعوا المسيح- عليه السلام- فهم الذين كانوا يؤمنون بأنه عبد الله ورسوله، وأما بعد الإسلام فهم المسلمون، وأما النصارى فهم وإن أظهروا من أنفسهم موافقته فهم يخالفونه أشد المخالفة من حيث إن صريح العقل يشهد بأنه- عليه السلام- ما كان يرضى بشيء مما يقوله هؤلاء الجهال. ومع ذلك فإنا نرى أن دولة النصارى في الدنيا أعظم وأقوى من أمر اليهود، بل يكونون أين كانوا فهم في الذلة (3) والمسكنة، وأما النصارى فأمرهم بخلاف ذلك. انتهى.
وكلامه هذا قد تضمن أطرافا:
الطرف الأول: أن المجعولين فوق الذين كفروا هم متبعوا المسيح من النصارى إلى - كتاب المنهاج وشرحه في أصول الفقه.
_________
(1) تقدمت ترجمته في القسم الأول (ص 268). من الفتح الرباني من فتاوى الشوكاني.
(2) (8/ 69)
(3) يشير إلى قوله تعالى: {وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباءو بغضب من الله} [البقرة: 61].(3/1130)
ظهور الملة الإسلامية، ومن بعد ذلك هم المسلمون، إذ النصارى لو كانوا متبعين لعيسى لكانوا من المتبعين لرسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، لأن شرع عيسى ودينه هو اتباع محمد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فمن لم يسلم من النصارى فهو وإن كان متبعا لعيسى قبل ظهور الملة المحمدية لكنه غير [2] متبع له بعد ظهورها، لأن إتباعه لا يتم إلا باتباع (1) الملة المحمدية، إذ هو مبشر (2) برسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كما نطق بذلك القرآن الكريم، بل جاءت الأدلة (3)
_________
(1) يشير إلى الحديث الذي أخرجه مسلم رقم (1531240) وأحمد (31712) عن أبي هريرة عن رسول الله أنه قال: " والذي نفس محمد بيده! لا يسمع ب أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به، إلا كان من أصحاب النار ". وهو حديث صحيح.
(2) قال تعالى: {وإذ قال عيسى ابن مريم يبني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين} [الصف: 16].
(3) قال تعالى: {إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمه منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين ويكلم الناس في المهد وكهلا ومن الصالحين [آل عمران: 45 - 46]. .
قال تعالى:} إذ قال الله يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيدتك بروح القدس تكلم الناس في المهد وكهلا {[المائدة: 110]. .
قال تعالى:} وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا بل رفعه الله إليه وكان الله عزيز حكيما وان من أقل الكتب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا {، النساء: 157 - 159].
وقال تعالى:} وإنه لعلم للساعة فلا تمترن بها واتبعون هذا صراط مستقيم &، [الزخرف: 61].
وللحديث الذي أخرجه البخاري رقم (3448، 3441، 2476، 2222) ومسلم رقم (242، 243، 244، 245، 246/ 155) من حديث أبي هريرة قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والذي نفسي بيده-(3/1131)
الصحيحة الصريحة بأنه ينزل في آخر الزمان، ويدين بالشريعة المحمدية (1).
وقال أبو السعود (2) ما لفظه: قال قتادة، والربيع، والشجي، ومقاتل: هم أهل الإسلام الذين صدقوه، واتبعوا دينه من أمة محمد- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دون الذين كذبوه وكذبوا عليه من النصارى.
{فوق الذين كفروا} وهم الذين مكروا به، ومن يسير بسيرتهم من اليهود، فإن أهل الإسلام فوقهم ظاهرين بالعزة والمنعة والحجة.
وقيل: هم الحواريون. وقيل: هم الروم. وقيل: هم النصارى، فالمراد بالإتباع مجرد الادعاء والمحبة، وإلا فأولئك الكفرة. بمعزل من اتباعه- عليه السلام-. انتهى. وقال محمد بن جزيء الكلبي في تفسيره المسمى: " التسهيل لعلوم (3) التنزيل " ما لفظه: {وجعل الذين اتبعوك} هم المسلمون وعلوهم عليهم بالحجة وبالسيف في غالب الأمر. وقيل: {الذين اتبعوك النصارى.
وقوله:} فوق الذين كفروا {أي اليهود، فالآية مخبرة عن عزة النصارى على اليهود، وإذلالهم لهم. انتهى.
وقال البقاعي (4) في كتاب: نظم الدرر في تناسب ..................
_________
= ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير ويضع الحرب، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد، حتى تكون السجدة الواحدة خير من الدنيا وما فيها " ثم بقول أبو هريرة. واقرءوا إن شئتم} وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا & [النساء: 159].
(1) انظر: " التصريح مما تواتر في نزول المسيح " للعلامة محمد أنور شاه الكشميري.
(2) في تفسيره " إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم " (2/ 69).
(3) (1/ 109).
(4) هو إبراهيم بن عمر بن حسن الرباط بن على الخرباوي المقاعي، أبو الحسن برهان الدين. مؤرخ،=(3/1132)
الآيات (1) والسور ما لفظه: ولما كان لذوي الهمم العوالي أشد التفات إلى ما يكون عليه خلائفهم بعدهم من الأحوال [3] بشر الله عيسى في ذلك. مما يسره فقال: {وجاعل الذين اتبعوك} (2)، ولو بالاسم {فوق الذين كفروا} (2) أي يسترون ما يعرفون من نبوءتك. مما رأوا من الآيات التي أتيت بها مطابقة لما عندهم من البشائر (3) بك {إلى يوم القيامة}. وكذا كان لم يزل من اتسم بالنصرانية حقا أو باطلا فوق اليهود، ولا يزالون كذلك إلى أن يعدموا فلا يبقى منهم أحد. انتهى.
فهذا قد جزم بأن المجعولين فوق الذين كفروا هم النصارى، ولم يعتبر الإتباع مفسر، محدث، أديب. ولد بقرية خربة روما من عمل البقاع بلبنان (سنة 809 هـ) وبها نشأ وتعلم وسكن دمشق ودخل بيت المقدس والقاهرة مات بدمشق سنة 885 هـ.
من كتبه: " نظم الدرر قي تناسب الآيات والسور " في التفسير. " مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور ".
البدر الطالع (1/ 19 - 22) ومعجم المؤلفين (1/ 71).
_________
(1) (4/ 421 - 422).
(2) [آل عمران: 155].
(3) في التوراة " سفر التكوين الأصحاح الثالث عشر ". "
أن إبراهيم لما فارقه لوط قال الله لإبراهيم: ارفع عينيك وانظر المكان الذي أنت فيه إلى الشمال والجنوب والمشرق والمعرب فإن جميع الأرض التي ترى كلها لك أعطها ولنسلك إلى أبد الأبد ". فنظرنا فرأينا ملك بني إسرائيل ارتفع عن أرض كنعان وما حولها وصار إلى العرب وهو يدل على صحة النبوة فيهم ولا نبي فيهم إلا محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
في الإنجيل بشارة يوحنا- الإصحاح السادس عشر-.
" والفارقليط روح القدس، الذي يرسله أبي باسمي، وهو يعلمكم كل شيء وهو يذكركم كلما ما قلت لكم ". وحيث يقول " إنه خير لكم أني انطلق لأني إن لم أذهب لم يأتكم الفارقليط فإذا انطلقت أرسلته إليكم، وإذا جاء ذلك فهو يوبخ العالم على الخطة وعلى الحكم ... ".
الفارقليط- يشير إلى الرسل بعد عيسى عليه السلام- وهو النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. .
وقد تقدم ذكر بشارات من التوراة والإنحيل قي القسم الأول الرسالة رقم [9، 10، 11].(3/1133)
الصحيح الكامل، بل مجرد ما يصدق عليه مسمى الإتباع. ولهذا قال: " ولو بالاسم " وجعل المراد بقوله: {فوق الذين كفروا} الجاحدين لنبوة عيسى.
وقال في المجيد (1): إن " الكاف " في اتبعوك ضمير عيسى، وقيل خطاب (2) للنبي- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو من تلوين الخطاب. انتهى.
إذا تقرر لك ما ذكره هؤلاء الأئمة الذين هم المرجع في تفسير كتاب الله- عز وجل- عرفت أن كلامهم قد تضمن الخلاف في ثلاثة مواطن من الآية الكريمة، أعني قوله تعالى:} وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا {(3).
الموطن الأول: في تفسير الضمير الذي هو " الكاف " في " اتبعوك "، فالجمهور على أنه راجع إلى عيسى- عليه السلام- وهو ظاهر السياق، فإنه لا خلاف أن الضمير في قوله:} متوفيك ورافعك إلى ومطهرك {لعيسى، فينبغي أن يكون الضمير في المعطوف، وهو} وجاعل الذين اتبعوك & مثل الضمير في المعطوف عليه. وقيل هو لمحمد- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[4] كما ذكره صاحب المجيد.
ويؤيد هذا ما أخرجه ابن عساكر (4) عن بعض الصحابة قال: جمعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: " أنها لن تبرح عصابة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين على
_________
(1) " المجيد وإعراب القرآن المجيد " للسفاقسي مخطوط (357/ ب).
(2) قال ابن الأنباري في " البيان غريب إعراب القرآن (1/ 206): (وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا {فيه وجهان:
الأول: " أن يكون معطوفا على ما قبله لأنه خطاب للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وما قبله حطاب لعيسى.
الثاني: أنه معطوف على الأول وكلاهما لعيسى " اهـ.
وانظر: " مشكل إعراب القرآن " للقيسي (1/ 143).
(3) [آل عمران: 55]
(4) عزاه إليه السيوطى في الدر المنثور (2/ 226) من حديث معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه.(3/1134)
الناس، حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك " ثم نزع هذه الآية- أي قرأ بها: {إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلى ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة} (1).
ووجه جعل هذا الحديث مؤيدا كون ذلك الضمير لمحمد- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وصف أمته بتلك الأوصاف، ثم قرأ الآية مستدلا ها على تلك الأوصاف، فلو كان الضمير لعيسى لم يصح الاستدلال بالآية.
فالحاصل أن السياق يرشد إلى ما قاله الجمهور، وهذا الحديث يرشد إلى ما قاله غيرهم. وسيأتي التصريح. مما هو الراجح، والجمع بين جميع الأقوال.
الموطن الثاني: الخلاف في تفسير المتبعين بصيغة اسم الفاعل. وقد اختلف في ذلك على أقوال:
الأول: إنهم المسلمون.
والثاني: النصارى.
الثالث: المسلمون والنصارى.
الرابع: الحواريون.
الخامس: الروم.
وقد وردت آثار عن السلف قاضية بأنهم المسلمون [5]، فمنها ما أخرجه عبد بن حميد (2)، وابن جرير (3) عن قتادة في تفسير قوله تعالى: {وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة} (4) قال: هم أهل الإسلام الذين اتبعوه على فطرته وملته وسنته، فلا يزالون ظاهرين على من ناوأهم إلى يوم القيامة.
_________
(1) [آل عمران: 55]
(2) ذكره السيوطى في " الدر المنثور " (2/ 226).
(3) في "جامع البيان " (3/ ج 3).
(4) [آل عمران: 55](3/1135)
وأخرج ابن جرير (1) عن ابن جريج قال: معنى الآية ناصر من اتبعك على الإسلام على الذين كفروا إلى يوم القيامة .. وأخرج ابن أبي حاتم (2) عن الحسن قال: هم المسلمون ونخن منهم، ونحن فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة. ومن الأدلة على هذا الحديث المذكور في الموطن الأول.
ومن الآثار الدالة على أفم النصارى ما أخرجه ابن جرير (3) عن ابن زيد في تفسير الآية قال: النصارى فوق اليهود إلى يوم القيامة.
ومن الآثار الدالة على أهم المسلمون والنصارى ما أخرجه ابن المنذر (4) عن الحسن في الآية قال: عيسى مرفوع عند الله، ثم ينزل يوم القيامة، فمن صدق عيسى ومحمدا - صلى الله عليهما- وكان على دينهما لم يزالوا ظاهرين على من فارقهم إلى يوم القيامة.
المواطن الثالث: الخلاف في تفسير: {الذين كفروا} المذكورين في الآية [6] ....
. فذهب الجمهور إلى أنهم اليهود، وذهب الأقلون إلى أهم الذين ستروا ما يعرفونه من نبوة عيسى، وذهب آخرون إلى أنهم الذين مكروا بعيسى.
وإذا قد عرفت الاختلاف بين أئمة التفسير في هذه الثلاثة المواطن فاعلم أن معرفة الراجح والمرجوح لا تتم إلا بعد إمعان النظر في هذه الآية الكريمة، فأقول: لا ريب أن صيغة {الذين اتبعوك} من صيغ (5) العموم، وكذلك صيغة {الذين كفروا} من
_________
(1) في "جامع البيان " (3/ ج 3).
(2) في تفسيره (2/ 663 رقم 3593).
(3) في "جامع البيان " (ج 3).
(4) ذكره السيوطي في الدر المنثور (2/ 227).
(5) قال صاحب الكوكب المنير (3/ 123): ومن صيغ العموم أيضًا الاسم (الموصول) سواء كان مفردا كالذي، التي، أو مثنى {والذان يأتيانها منكم} [النساء: 16]، أو مجموعا تحو قوله تعالى: {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى} [الأنبياء: 101]. وانظر: تيسير التحرير (1/ 224) 0 المعتمد (1/ 206).(3/1136)
صيغ العموم، والواجب العمل. مما دل عليه النظم القرآني. وإذا ورد ما يقتضي تخصيصه أو تقييده أو صرفه عن ظاهره وجب العمل به، وإن لم يرد ما يقتضى ذلك وجما البقاء على معنى العموم، وظاهره شمول كل متبع، وأنه مجعول فوق كل كافر، وسواء كان لإتباع بالحجة أو بالسيف أو بهما، وفي كل الدين أو بعضه، وفي جميع الأزمنة والأمكنة - الأحوال، أو في بعضها.
والمراد بالكافر- الذي جعل المتبع فوقه- كل كافر سواء كان كفره بالستر لما يعرفه ش نبوة عيسى، أو بالمكر به، أو. بمخالفة دينه، إما بعدم التمسك بدين من الأديان قط، كعبدة الأوثان والنار والشمس والقمر، والجاحدين لله، والمنكرين للشرائع، وإما مع لتمسك بدين [7] يخالف دين عيسى قبل بعثة نبينا محمد- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كاليهود وسائر الملل الكفرية، فالمتبعون لعيسى بأي وجه من تلك الوجوه هم المجعولون فوق من كان كافرا أي تلك الأنواع، ثم بعد البعثة المحمدية لا شك أن المسلمين هم المتبعون لعيسى لإقراره بنبوة محمد- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتبشيره ها كما في القران الكريم، والإنجيل، بل في الإنجيل الأمر لاتباع عيسى بإتباع محمد- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
فالمتبعون لعيسى بعد البعثة المحمدية هم المسلمون في أمر الدين، ومن بقى على النصرانية بعد البعثة المحمدية فهو وإن لم يكن متبعا لعيسى في أمر الدين ومعظمه، لكنه متبع له في الصورة، وفي الاسم، وفي جزيئات من أجزاء الشريعة العيسوية فقد صدق عليهم أنهم متبعون له في الصورة، وفي الاسم، وفي شيء مما جاء به، وإن كانوا على ضلال ووبال وكفر، فذلك لا يوجب خروجهم عن العموم المذكور في القرآن، ولا يستلزم اندراجهم تحت هذا العموم أنهم على شيء، بل هم هالكون في الآخرة، وإن كانوا مجعولين فوق الذين كفروا، فذلك إنما هو في هذه الدار، ولهذا يقول الله- عز وجل- بعد قوله: {وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} (1)
_________
(1) [آل عمران: 5 - 57](3/1137)
فالحاصل أن المجعولين فوق الذين كفروا هم أتباع عيسى قبل النبوة المحمدية، وهم النصارى والحواريون، وبعد النبوة المحمدية هم المسلمون والنصارى والحواريون، الأولون هم الأتباع حقيقة، وغيرهم هم الأتباع في الصورة. وقد جعل الله الجميع فوق الذين كفروا من اليهود وسائر الطوائف الكفرية. وقد كان الواقع هكذا، فإن الملة النصرانية قبل البعثة المحمدية كانت قاهرة لجميع الملل الكفرية، ظاهرة عليها غالبة لها، وبعد البعثة المحمدية صارت جميع الطوائف الكفرية هبا بين الملة الإسلامية والملة النصرانية ما بين قتيل وأسير ومسلم للجزية، وهذا يعرفه كل من له إلمام بأخبار العالم، ولكن الله- سبحانه- قد جعل الملة الإسلامية قاهرة للملة النصرانية مستظهرة عليها، وفاء بوعده في كتابه العزيز كما في الآيات المشتملة على الأخبار بأن جنده هم الغالبون، وحزبه هم المنصورون. ومن ذلك قوله تعالى: {فأيدنا الذين ءامنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين} (1). {ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين} (2)، {ولن يجعل الله للكفرين على المؤمنين سبيلا} (3). وقد أخبر الصادق المصدوق بظهور أمته (4)
_________
(1) [الصف: 14]
(2) [المنافقون: 8]
(3) [النساء: 141]
(4) لقوله تعالى: {هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون} [الصف: 9]. وللحديث الذي أخرجه البخاري رقم (7311) ومسلم رقم (171/ 1921) عن المغيرة بن شعبة، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين حتى تأتيهم أمر الله وهم ظاهرون ".
وللحديث الذي أخرجه مسلم رقم (504 رقم 2229) وأبو داود رقم (4252) والترمذي رقم (2229) وقال: حديث حسن صحيح.
وابن ماجه رقم (3952) عن ثوبان قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم، حتى يأتي أمر الله وهم كذلك ". وهو حديث صحيح.(3/1138)
على جميع الأمم وقهر ملته لجميع الملل.
وبالجملة آنا إذا جردنا النظر إلى الملة الإسلامية، والملة النصرانية فقد ثبت بالكتاب والسنة ما يدل على استظهار [9] الملة الإسلامية على الملة النصرانية، وإن نظرنا إلى جميع الملل فالملة الإسلامية والملة النصرانية هما فوق سائر الملل الكفرية لهذه الآية التي ورد السؤال عنها. ولا ينافي هذا شيء مما تقدم ذكره، لأن ما ورد مما يدلا على أن المسلمين هم المجعولون فوق الذين كفروا هو صحيح، لأنهم قد جعلوا فوق جميع الملل بعد البعثة المحمدية. ولا مخالف ذلك جعل بعض الملل الكفرية وهم النصارى فوق سائر الملل الكفرية، ولا ملجئ إلى جعل الضمير المذكور في الآية، وهو " الكاف " لنبينا محمد- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كما تكلفه جماعة من المفسرين، لأن برحله لعيسى كما يدل عليه السياق، بل هو الظاهر الذي لا ينبغي العدول عنه لا يستلزم إخراج الملة المحمدية بعد البعثة، إذ هم متبعون لعيسى كما عرفت سابقا. ولا خلاف بين أهل الإسلام أن الملة النصرانية كانت قبل البعثة المحمدية هي القاهرة لجميع الملل الكفرية، فلم يبق في تحويل الضمير عن مرجعه الذي لا يحتمل السياق فيه فائدة إلا تشكيك النظم القرآني، والإخراج له عن الأساليب البالغة في البلاغة إلى حد الإعجاز. ومن تدبر هذا الوجه الذي حررناه علم أنه قد أعطى التركيب القرآني ما يليق ببلاغته من بقاء عموم الموصول الأول والموصول الثاني، وعدم التعرض لتخصيصه. مما ليس بمخصص، وتقييده. مما ليس. بمقيد، وعدم الخروج عن مقتضى الظاهر في مرجع الضمائر، وعدم ظن التعارض بين ما هو متحد الدلالة [10](3/1139)
فإن قلت: أي فرق يبن هذا التحرير الذي عولت عليه، وبين كلام الرازي في مفاتيح الغيب (1) الذي قدمت نقله؟.
قلت: الفرق بينهما من وجوه ثلاثة.
الأول: أن الرازي فسر الأتباع المجعولين فوق الذين كفروا بأهم قبل البعثة المحمدية أتباع المسيح، وبعدها المسلمون فقط.
والتحرير الذي قدمناه يتضمن أفم بعد البعثة المسلمون والنصارى باعتبار استعلائهم على سائر الملل الكفرية.
الوجه الثاني: أن الرازي خص أتباع عيسى بأنهم الذين كانوا يؤمنون بأنه عبد الله ورسوله. والتحرير الذي قدمناه فيه التعميم للأتباع في الحقيقة والأتباع في الصورة، وفي بعض الدين كما يقتضيه العموم.
الوجه الثالث: أنه خصص الذين كفروا باليهود فقط، والتحرير الذي قدمناه يتضمن التعميم.
فالحاصل أن كلام الرازي قد تضمن تخصص العمومين. مما لا يقتضي التخصيص.
فإن قلت: أي فرق بين ما قدمت نقله عن البقاعي (2) وبن ما حررته؟.
قلت: البقاعي جعل الفرقة المستعلية هي النصرانية من غير تعرض منه لذكر الملة المحمدية بعد البعثة، ثم جعل الفرقة التي وقع الاستعلاء عليها هي الفرقة اليهودية، والذي حررناه يخالفه في الوجهين.
فإن قلت: أي فرق بين ما قدمت نقله عن البيضاوي (3)، وبن ما حررته؟.
قلت: الفرق من وجهين:
الأول: أنه وإن قال بأن المراد من امن بنبوة عيسى من المسلمين والنصارى، لكنه
_________
(1) (8/ 69)
(2) في " نظم الدرر في تناسب الآيات والسور " (4/ 421 - 422).
(3) في تفسير " أنوار التنزيل وأسرار التأويل " (ص 75).(3/1140)
خصص [11] الإيمان بالنبوة، وأهمل العموم.
الثاني: أنه جعل الذين كفروا هم اليهود والذي حررناه يخالفه في الوجهين. فإن قلت: أمحب: فرق بين ما نقلته سابقا عن أبي السعود (1)، وبين ما حررته؟ قلت: الذي ذكره أبو السعود حسبما سلف إنما هو حكاية الأقوال، فالقول الأول خصص الأتباع بالمسلمين، وهو مثل ما اختاره الزمخشري (2) وأتباعه ثم قال: إن الذين كفروا هم الذين مكروا بعيسى، والذي حررناه يخالفه في الوجهين، وكذلك يخالف ما حكاه من بقية الأقوال في الفرقة المستعلية، وهكذا بقية النقول السابقة، وليس المراد هذا التنبيه إلا الإيضاح بأن ما حررناه أوفق. بمعنى الآية، وأدفع للإشكال، وأجمع لما قيل من الأقوال، ومخالفته لما خالفه ليست إلا من حيتا اقتصار كل قائل على قول، ونفي ما سواه، لا من حيث صدقه على جميع ما قيل، فلا شك أنه صادق على ذلك إذ من قال مثلا بأن الفرقة المستعلية هي فرقة المسلمين فقط قد دخل قوله تحت ذلك التعميم وكذلك من قال أنها الفرقة النصرانية [12] وكذلك من قال أهما الفرقتان جميعا وكذلك من قال أن الفرقة التي وقع الاستعلاء عليهما هي فرقة اليهود فقط أو الفرقة التي سترت ما تعرفه من نبوة المسيح، أو الفرقة التي مكرت به فأنه قد دخل ما قاله هؤلاء تحت ذلك العموم ومن قال أن الضمير لمحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فهو يرجع حاصل ما يستفاد من ذلك إلى قول من قال أن الفرقة المستعلية هم المسلمون (3) ومثل هذا الإيضاح لا يحتاج إليه صادق
_________
(1) في تفسير " إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم " (2/ 69).
(2) في تفسير " الكشاف "
(1/ 192).
(3) {يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق للذين كفروا إلي يوم القيامة [آل عمران: 55]. قال ابن تيمية في رد دعواهم الفضل لهم- النصارى- على المسلمين: فهذا حق كما أضر الله به، ممن أتبع المسيح- عليه السلام- جعله الله فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة وكان الذين اتبعوه على دينه الذي لم يبدل قد جعلهم الله فوق اليهود. وأيضا النصارى فوق اليهود الذين كفروا به إلى يوم القيامة. وأما المسلمون فهم مؤمنون له ليسوا كافرين به بل لما لدل النصارى دينه وبعث الله محمدا- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بدين الله الذي بعث به المسيح وغيره من الأنبياء جعل الله محمدا وأمته فوق النصارى إلى يوم القيامة.
كما في الصحيحين [البخاري رقم (3442) ومسلم رقم (2365)] من حديث أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " أنا أولى الناس بابن مريم، والأنبياء أولاد علات ليس بيني وبينه نبي ".
وقال تعالى:} شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ {[الشورى: 13].
وقال تعالى:} يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ {[المؤمنون: 51 - 53] فكل من كان أتم إيمانا بالله ورسله، كان أحق بنصر الله تعالى فإن الله سبحانه لقول:} إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ {[غافر: 51].
وقال سبحانه وتعالى:} وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ {[الصافات: 171 - 173]. . واليهود كذبوا المسيح ومحمدا عور كما قال الله فيهم:} بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ {[البقر ة: 90].
فالغضب الأول: بتكذيبهم المسيح. والثاني: تكذيبهم لمحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. والنصارى لم يكذبوا المسيح فكانوا منصورين على اليهود، والمسلمون منصورون على اليهود والنصارى، فإنهم آمنوا بجميع كتب الله ورسله، ولم يكذبوا بشيء من كتبه ولا كذبوا أحدا من رسله، بل اتبعوا ما قال الله لهم حيث قال سبحانه وتعالى:} قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ {[البقرة: 136]. وقال تعالى:} آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ& [البقرة: 285].
ولما كان المسلمون هم المتبعون لرسل الله كلهم، المسيح وغيره، وكان الله قد وعد أد ينصر الرسل وأتباعهم قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحديث الصحيح: " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرة على الحق لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى تقوم الساعة " - تقدم تخريجه- (ص 1139).
وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "سألت ربي أن لا يسلط على أمتي عدوا من غيرهم فيجتاحهم فأعطانيها "- أخرجه الترمذي رقم (2175) من حديث خباب بن الأرث عن أبيه وهو حديث صحيح.
وأخرجه مسلم في صحيحه رقم (2895) من حديث عامر بن سعد عن أبيه.
وانظر: الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح (2/ 178 - 180) لأبن تيمية.(3/1141)
حرر منقولا من خط المجيب محمد بن علي بن محمد الشوكاني غفر الله له ......
قال [أي في الأصل] حرر في الثلث الأوسط من ليلة الأربعاء إحدى ليالي شهر صفر سنة 1214 هـ.(3/1143)
بحث في النهي عن إخوان السوء
تأليف العلامة
محمد بن علي الشوكاني
حققه وعلق عليه وخرج أحاديثه
محمد صبحي بن حسن حلاق
أبو مصعب(3/1145)
وصف المخطوط
1 - عنوان الرسالة: (بحث في النهي عن إخوان السوء).
2 - موضوع الرسالة: تفسير.
3 - أول الرسالة: " بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الأمن وعلى آله الطاهرين وصحبه الراشدين، وبعد: فإنا رأينا من بعض أهل عصرنا من يتصف بالأوصاف التي ذكرها الله سبحانه في كتابه العزيز حيث قال الله عز وجل .... ".
4 - آخر الرسالة: " والسنة المتواترة. اللهم أصلحنا وسائر عبادك، وادفع عنا شر الأشرار، وكيد الفجار، يا من لا إله غيره ولا ملجا سواه وحسبنا الله ونعم الوكيل. قاله كاتبه غفر الله له ".
نوع الحط: خط نسخي جيد.
الناسخ: المؤلف / محمد بن علي الشوكاني/.
عدد الأوراق: ورقتين ونصف.
الصفحة الأولى: 25 سطرا.
الصفحة الثانية: 27 سطرا.
الصفحة الثالثة: 28 سطرا.
الصفحة الرابعة: 27 سطرا.
الصفحة الخامسة: 21 سطرا.
8 - عدد الكلمات في السطر: 9 - 12 كلمة.
9 - الرسالة في المجلد الرابع من " الفتح الربايئ من فتاوى الشوكايئ ".(3/1147)
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين، والصلاد والسلام على سيدنا محمد الأمن، وعلى آله الطاهرين وصحبه الراشدين، وبعد:
فإنا رأينا من بعض أهل عصرنا من يتصف بالأوصاف التي ذكرها الله- سبحانه- في كتابه العزيز حيث قال- عز وجل-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيات إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} (1) انظر كيف وصف- سبحانه- ما
_________
(1) [آل عمران: 118 - 1120]. . معاني مفردات النص.
قوله: بطانة: بطانة الثوب هي ما يلي منه، وهى حلاف ظهارته مأخودة من البطن، فبطن كل ش! ء جوفه، أو مأخوذة من فعل " بطن ". بمعنى خفي، وضده " ظهر ".
القاموس (ص 1524) لسان العرب (1/ 434).
قال ابن كثير في تفسيره (2/ 106): وقوله: {لا تتخذوا بطانة من دونكم} أي: من غيركم من أهل الأديان، وبطانة الرجل: هم خاصة أهله الذين يطلعون على داحلة أمره.
وقد أحرج البخاري في صحيحه رقم (6611 و7198) عن أبي سعيد أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " ما بعث الله من نبي ولا استخلف من خليفة إلا كانت له بطانتان: بطانة تأمره بالخير وتحضه عليه، وبطانة تأمره بالسوء وتحضه عليه والمعصوم من عصم الله ". .
قوله: (دونكم) من غيركم ممن هم سافلون بكفرهم أو نفاقهم أو ترددهم وعدم ثبات إيمانهم من الذين في قلوهم مرض.
يألو: قصر وأبطأ.
لسان العرب (1/ 191). خبالا: الخبال النقصان، والهلاك، السم القاتل. والحبال فساد العقل والجنون.
ودوا ما عنتم: أي تمنوا عنتكم، مشقتكم والإضرار بكم.
البغضاء: شدة البغض.
قال ابن كثير ني تفسيره (2/ 108): قال تعالى: {قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفى صدورهم أكبر} أي: قد لاح على صفحات وجوههم، وفلتات ألسنتهم من العداوة مع ما هم مشتملون عليه في صدورهم من البغضاء للإسلام وأهله ما لا يخفى مثله على لبيب عاقل. .
المعنى العام للنص القرآن:
يا أيها الذين آمنوا صادقين في إيمانكم، لا تتحذوا أخلاء أو أصفياء أو أصدقاء، أو أولياء أو عمالا أعمال يطلعون فيها على أسراركم وخفايا أموركم، وما يدبرون من خطط للسلم والحرب، من دون المؤمنين الصادقين في إسلامهم أي: من غير نوعهم وصنفهم وجنسهم، لئلا يتمكنوا لذلك من مخالطتكم ومداخلتكم في أموركم المهمة، ليطلعوا بدلك على أسراركم، وبواطن أحوالكم وشؤونكم، ثم يتحذوا من مواقعهم أسبابا للإضرار بكم وإفساد أموركم. .
أني اتخاذ لطالة منهم فهي موالاة مر مستوى رفيع حدا وهو أمر لا يليق إلا بالخلص من المؤمنين فلا يحوز اتخاذ بطالة مر الكافرين بداهة.
لكن الأمر الذي قد تحصل فيه شبهة هو اتخاذ المنافقين بطانة فجاء النص للتحذير منه بالقصد الأول.
مع تهول النص للكافرين، والفاسقين والذين في قلوهم مرض دون النفاق، إذ كلهم يدخلون في عموم وصف.
ومن أسباب التحذير الشديد من اتخاذ بطانة من المنافقين:
1/ أنهم لا يقصرون ولا ببطون في إفساد أحوال المؤمنين وإنزال الضرر هم وتوهين قواهم، وتمزيق صفوفهم، ومؤازرة أعدائهم ضدهم، حتى استئصال شأفتهم.
2/ أنهم يتمنون أن ينزل بالمؤمنين كل بلاء وعنت ومشقة وضرر، وهذا يدفعهم إلى اتخاذ الوسائل لتحقيق ما يتمنون، وإلى تدبر المكايد ضدهم.
3/ أن أمارات بغضهم للمؤمنين قد ظهرت فعلا من أقوالهم وفلتات ألسنتهم والخبير الذكي الفطن يستطيع أن يكتشف ما في خبايا القلوب والنفوس من معاريض الأقوال وفلتات الألسنة.
4/ أن ما تخفيه صدورهم من بغضاء للمؤمنين، وما تدفع إليه هده البغضاء من مكر وكيد، واتخاذ الوسائل للإضرار بالمؤمنين، وهو أكبر مما ظهر من أمارات البغضاء على ألسنتهم.
5/ أنهم يرقبون أحوال المؤمنين وما ينزل بهم تباعا يوما فيوما، بعين عدو حاقد ماكر، فإن تمسسهم حسنة ما ولو كان مسا رقيقا وبنسبة قليلة ساءهم دلك، وإذ تصبهم سيئة ما يفرحوا بها، لأنهم في قلوبهم ونفوسهم أعداء للمؤمنين، ممتلئون غيظا منهم، وبغضا لهم. .
منهج رباني رممته الآيات على المؤمنين أن يسلكه ليتقي شر المنافق:
1/ ألا يتخذ المؤمنون بطانة من المنافقين.
2/ أن يثقوا بالله ويتوكلوا عليه، فهو الذي ينصرهم ويحميهم من مكابد المنافقين وشرورهم. إدا اتبعوا أوامره واجتنبوا نواهيه والتزموا منهاجه في السلم والحرب.
3/ أن يصروا عليهم، ولا ينزلوا بهم لقمتهم قمل أن بأذن الله لهم أو تثبت إدانتهم صراحة بالكفر والردة.
4/ أن يتقوا الله ربهم ي كل أعمالهم، وأن يكونوا على حذر شديد من المنافقين وفى حالة مراقبة تامة لهم ولتحركاتهم.(3/1151)
يقع من هذه الطائفة من الخبال والخذلان، وودادة ما يعنت أهل الإيمان، وظهور البغضاء التي محلها القلوب بترجمة الألسن عنها، وظهورها منها، وأن ذلك الذي تبديه الألسن من الأفواه إنما هو البعض، وما تخفيه الصدور أكبر! ثم ختم الآية بأن هذا البيان الرباني بالآيات القرآنية إنما يفهمه من يتعقل الأمور كما ينبغي، ويفهمها كما يجب، لا من كان غافلا بليد الفهم، ضعيف العقل بم فإنه يلتبس عليه صنيع هؤلاء المنافقة (1) الذين
_________
(1) النفاق: مصطلح إسلامي لم تعرفه العرب. بمعنى التظاهر بالإسلام، وادعاء الإيمان كذبا ومخادعة للمؤمنين، مع إبطان الكفر وعدم الإيمان.
النفاق: من النفق هو السرب في الأرض النافذ إلى موضع آخر، والداخل فيه يستتر به، وجمع النفق أنفاق، ومنه قول الله عز وجل لرسوله في سورة الأنعام (35): {وإن كان كبر عليك إعراضهم فإن استطعت أن تبتغي نفقا في الأرض أو سلما في السماء فتأتيهم بآية ولو شاء الله لجمعهم على الهدى فلا تكونن من الجاهلين}. النفاق وفق المعنى الإسلامي: هو إظهار الإسلام باللسان، وادعاء الإيمان كذبا وزورا ومخادعة للمؤمنين، مع إبطان الكفر بكل أركان القاعدة الإيمانية أو ببعض منها مما يجعل جاحده كافرا ويدل على النفاق أن يدعي الإنسان الإسلام ولا يعمل به، روى ابن جرير عن حذيفة أله قيل له: ما النفاق؟ قال: الرجل يتكلم بالإسلام ولا يعمل به.
لسان العرب (10/ 359). انظر: بصائر دوي التمييز للفيروزآبادي (5/ 104)، ظاهرة النفاق (1/ 52 - 53)، التعريفات للجرجاني (ص 245). . أسباب نشأة النفاق:
1/ حين انتصار الدعوة الإسلامية وارتفاع شأنها وعلو كلمتها، ويضحي بيد أهلها الحل والعقد. يظهر على الساحة بعض أصحاب النفوس المريضة وذوا الأطماع والشهوات الذين يجدون في رحاب هذه الدعوة المنتصرة مجالا واسعا لنيل مآربهم وأطماعهم وإرضاء شهواتهم الحسيسة فيتظاهرون بالانضمام إليها لتحقيق ما تصبو إليه لنفوسهم المريضة.
2/ للسبب الأول- أعني انتصار الدعوة- يدخل فيها من اشتعل قلبه حقدا على هذه الدعوة، وامتلأ بغضا للإسلام وأصحابه، فإذا وجد فرصة للكيد. بمبادئ الإسلام ودعاته اقتنصها، وإذا وجد ثغرة صوب رمحه إليها وهذا لا يصنعه- أعني الدخول في الدعوة- إلا عن جبن وبغية السلامة لنفسه يظهر الإيمان ويبطن الكفر يظهر حب المؤمنين ويكتم لعضهم، يبدي الغيرة على الدعوة والانتصار لها وقد انطوت سريرته على الحقد والكيد.
3/ حينما تبتلى الدعوات وأهلها ويشتد الاضطهاد لهم ويلقى المؤمنون في سبيل دعوتهم أشد أنواع الخسف والهوان. ويتفش الظلمة وحكام الجور في إيذائهم والكيد لهم والسخرية منهم والاستهزاء. بمبادئهم يريدون بذلك قتل الإيمان في القلوب. في هذه الحالة التي تعظم ليها النكبات وتتلاحق المحن والفن وفي الوقت الذي تشتد فيه عزائم المؤمنين ويزداد حماسهم لدعوتهم ... في هده الآونة يظهر ذلك النوع الآخر من ضعفاء الإيمان ومرضى القلوب يسارعون إلى الكفر بالدعوة ورجالهم وتجدهم أعظم حربا عليهم من الكافرين ها والمحاربين لدعاتهم، هم أناس حقرت نفوسهم وصغرت واستعصمت عليهم المعاني العليا فأصبحت في واد وهم في واد آخر.
انظر: " المنافقون وشعب النفاق " للأستاذ حسن عبد الغني المحامي.(3/1153)
يبطنون مالا يظهرون، ولكن فلتات ألسنتهم، وما تجيش به خواطرهم مما استجن في(3/1154)
قلوبهم من الغيظ يستدل به العقلاء على ما وراعه، ويتعقل به ما خلفه من العداوة الكامنة كمون النار في صميم الأحجار، ثم أوضح لعباده المؤمنين أنهم قد اغتروا بظواهر أحوالهم، وما تلفوه من نفاقهم (1)، فأخبرهم- مع أهم لا يحبونهم- أن المؤمنين على طريقة الإيمان الخالص التام بالكتاب كله [1ب]، وأضدادهم لا يؤمنون أصلا بل ينافقونهم، فيقولون آمنا، وذلك مجرد قول باللسان لا حقيقة له ولا اعتقاد (2) قلب، ثم
_________
(1) قال ابن القيم في مدارج السالكين (1/ 347 - 359): " وأما النفاق فالداء العضال الباطن، الذي يكود الرجل ممتلئا منه، وهو لا يشعر.
فإنه أمر خفي على الناس، وكثيرا ما يخفى على من تلبس به، فيزعم أنه مصلح وهو مفسد.
وهو نوعان: أكبر، وأصغر.
فالأكبر: يوجب الخلود في النار في دركها الأسفل، وهو أن يظهر للمسلمين إيمانه بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر. وهو في الباطن منسلخ من ذلك كله مكذب.
وقد هتك الله سبحانه أستار المنافقين، وكشف أسرارهم في القرآن، وجلى لعباده أمورهم ليكونوا منها ومن أهلها على حذر، وذكر طوائف العالم الثلاثة في أول سورة البقرة- المؤمنين والكفار والمنافقين- فذكر في المؤمنين أربع آيات وقي الكفار آيتين وفي المنافقين ثلاث عشرة آية لكثرتهم وعموم الابتلاء هم وشدة فتنتهم على الإسلام وأهله .... ".
(2) أقسام النفاق:
- النفاق الاعتقادي: وهو الاعتقاد بالكفر والإشراك بالله وبغض الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإخفاء ذلك وإبطانه، وإظهار الإيمان ومحبة الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم مخالفة ذلك عمليا بالرضا بالتحكم إلى شرع غير الله عز وجل وتفضيل حكم غير الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وأفراد الفئة التي تعتنق هذه المبادئ لا شك ي كفرهم إذ أنهم أبطنوا الكفر لمصالح شخصية ومحاولة نيل مآربهم وإرضاء شهواتهم الخسيسة منها: محاولة زعزعة إيمان المسلمين بتثبيت هممهم في الدفاع عن دينهم والتشكيك في نبوة المصطفى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقد تندس هذه الفئة بين المؤمنين بسبب حقدهم لدعوة الإسلام وأهلها فيرتموا بين أحضانها يبتغون السلامة لأنفسهم، وبعد ذلك يظهرون حب المؤمنين ويكتمون بغضهم.
- النفاق العملي: وهذا النوع مر النفاق لا يخرج صاحبه من ملة الإسلام ولكنه يجعله متشبها بالمنافق، وذلك إذا ارتكب بعض الخصال التي ذكرت أنها من خصال المنافق كالكذب وخيالة الأمانة، وإخلاف الوعد، والفجور في الخصومة، وذلك لاتفاق أهل السنة أن فعل هده الخصال لا يخرج من الملة ولكن صاحبها والذي يرتكبها لمال من جرائها إثما كبيرا ويخشى عليه إن أكثر منها أن تؤدي به إلى النفاق الاعتقادي.(3/1155)
بالغ الرب- سبحانه- في غيظ هؤلاء المنافقين، ومزيد بعضهم، وتكالبهم في العداوة للمؤمنين فقال: {وإذا خلوا (1) عضوا (2) عليكم (3) الأنامل من الغيظ} والبلوغ إلى لذا الحد لا يكون إلا لالتهاب صدورهم، وتسعر قلوبهم، واضطرام خواطرهم كما تراه يمن بلغ به الغيظ إلى عض أنامله، فإنه لا يكون ذلك إلا لأمر قد فدحه، وبلغ منه إلى لغاية التي ليس وراءها غاية، ثم علم الله المؤمنين. مما يقولونه لهم عند ذلك، وأمر رسوله - صلى الله عليه واله وسلم- أن يقول لهم: {موتوا (4) بغيظكم}. فانظر هذا الأدب
_________
(1) أي: والمنافقون لهم وجهان:
- وجه يخادعونكم له إذا لقوكم، فإذا لقوكم قالوا لكم: آمنا معكم مثل إيمانكم ونحن نحبكم ونودكم، لأنكم إخواننا في الدين وهم في الادعاءين كاذبون. -
وجه يظهرونه إدا خلوا، فهم إذا حلوا بأنفسهم، أو حلا بعضهم إلى لعض كشفوا حقيقة كفرهم مما أعلنوا أمام المؤمنين أنهم آمنوا به وكشفوا ما في قلوبهم من غيظ على المؤمنين وعلى الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(2) يشير سبحانه إلى مظاهر تعبيراتهم الحركية عن غيظهم من المؤمنين، أن يضعوا أناملهم في أفواههم ويعصوا عليها غيظا وحنقا.
(3) وتدل عبارة (عليكم) على أنمم يشددون عضهم على أناملهم، لأنهم يتوهمون أنهم يعضوها وأنتم فيها، رغبة في إيلامكم، وهم في الواقع يؤلمون أنفسهم، وهذا غاية ي التعبير عن شدة غيظهم، الذي غفلوا معه عر آلام أناملهم.
(4) قال القرطبي في " الجامع لأحكام القرآن " (18214 - 183): قيل عنه جوابان:
أحدهما- قال فيه الطبري في " جامع البيان " (3 ج 4/ 67) وكثير من المفسرين: خرج هذا الكلام مخرج الأمر، وهو دعاء الله نبيه محمدا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأن يدعو عليهم لأن يهلكهم الله كمدا مما هم من الغيظ على المؤمنين، قبل أن يروا فيهم ما يتمنون لهم من العنت في دينهم والضلالة بعد هداهم فقال لنبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قل يا محمد. اهلكوا بغيظكم، إن الله عليم بذات الصدور.
الثاني: أن المعنى أضرهم أهم ما يؤملون، فإن الموت دون دلك، فعلى هدا المعنى زال معنى الدعاء وبقي معنى التفريغ والإغاظة.(3/1156)
الإلهي، والتعليم الرباني، فإنك لو جئت بكل عبارة في الرد على هؤلاء المنافقة لم تجد جوابا أبلغ من هذا ولا أقطع، ولا أنكا لقلوهم، وأخرس لألسنهم منه فإن غاية ما يتأثر عن مزيد العداوة هو الغيظ، فإن تعاظم وتفاقم وأفرط بصاحبه بلغ به الموت، فإذا قلت لمن غلت مراجل قلبه، واضطرمت نيران جوفه، واضطربت أمواج صدره. مما جلبته عليه عداوته لك من الغيظ: (! ا بغيظك) فقد بلغت من نكايته مبلغا لا تفي به عبارة، ولا يحيط به قول، لأنك جئت بغاية ما تبلغ إليه كيده، وينهي الله غيظه، وقلت له: مت بغيظك، فإنك لم تضر به إلا نفسك، ولم ينجع إلا فيك، ولا بلغ هذه الغاية إلا منك، وعند أن يسمع هذا الجواب يزداد غيظا إلى غيظه، وبلاء إلى بلائه، ومحنة إلى محنته، وكانت الثمرة التي استفادها من عداوته وما حمله من حسده هو هذا العذاب العظيم، والبلاء المقيم، ولم ينل أهل الإيمان من ذلك شيء أصلا فحار كيده عليه {ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله} (1) ورجع بغيه إليه: {يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم} (2) وعاد نكثه إلى نفسه: {فمن نكث فإنما ينكث على نفسه} (3) وخداعه به {يخدعون الله والذين ءامنوا وما يخدعون إلا أنفسهم} (4)، ثم أخبر- سبحانه- عباده المؤمنين بأنه عليم. مما تجنه الصدور، وتخفيه القلوب، وفي ذلك تسلية للمؤمنين عظيمة عما يكاد يلحق هم من غم لما يسمعونه من جلبة المنافقين عليهم، وصولتهم وعداوتهم لهم، لأن ما كان بعلم الرب- سبحانه-، وكائن لديه فهو المجازي لفاعله، المنصف من قائله، وكفى به- سبحانه- منصفا من
_________
(1) [فاطر: 43]
(2) [يونس: 23]
(3) [الفتح: 10]
(4) [البقرة: 9](3/1157)
الظالمين، ومنتقما من المتخلقين بأخلاق (1) المنافقين، ثم بين- سبحانه- لعباده حال هؤلاء بأكمل بيان، وأوضحه بأتم إيضاح بحيث لا يبقى بعده ريب، ولا يختلج عنده شأ، فقال: {إن تمسسكم حسنة تسوءهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها} فجعل- سبحانه- مجرد مس الحسنة للمؤمنين موجبا لمساءة المتخلقين بأخلاق المنافقين، ومجرد إصابة ما يساء به المؤمنون مقتضيا لحصول الفرح لهم (2)، وليس بعد هذا من العداوة شيء بم فإنه النهاية التي ليس وراءها نهاية، والغاية التي ليس بعدها غاية، ثم شد - سبحانه- قلوب عباده المؤمنين، وطمن خواطرهم، وأثلج صدورهم مع الصبر والتقوى، لا ينالهم من تلك الصولات شيء، ولا يعلق هم من تلك القعاقع أمر، ولا يصل إليهم ضرر البتة كما يفيده قوله- سبحانه-: {لا يضركم كيدهم شيئا} فجاء بلفظ شيء الذي يتناول مثقال الذرة وما دونه فضلا عما فوقه، وليس بعد هذه التسلية الربانية، والتعزية الرحمانية {لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد} (3)، فإن هذه الألفاظ اليسيرة، والكلمات الموجزة أفادت ما لم تفده بلاغات البلغاء، وفصاحات الفصحاء، فإن غاية ما يجده من كلامهم في الشأن هو كقول قائلهم:
إن يسمعوا سبة طاروا ها فرحا ... منى وما سمعوا من صالح دفنوا
وكقول الآخر:
إن يسمعوا الخير يخفوه وإن سمعوا ... شرا أذاعوا وإن لم يسمعوا أفكوا
_________
(1) وقد ذكر " عبد الرحمن حسن حنبكة الميداني " في كتابه النفاق وخبائث المنافقين ي التاريخ (1/ 108 - 137): مائة وأربع عشرة صفة للمنافقين مقتبسة من النصوص القرآنية. وذكر سبع عشرة صفة للمنافقين مقتبسة من الأحاديث النبوبة. فجزاه الله حيرا.
(2) في " جامع البيان " (3/ ج 4/ 67).
وصفة المنافق للفريايى (ص 9 - 22).
(3) [ق: 37](3/1158)
فإنه غاية هذين البيتين أنهم يخفون المحاسن، وينشرون المساوئ [2ب]. وأين هذا مما وصفه الله- سبحانه- عنهم من إساءة الحسنة لهم، وفرحهم بالسيئة! فإن هذا أمر وراء الإخفاء والإذاعة، فإنها لا تتأثر القلوب بالإساءة والفرع إلا بعد تمكن العداوة والبغضاء تمكنا زائدا. وأما مجرد الإخفاء للخير، والإذاعة للشر فإن ذلك يحصل ممن بلى. بمجرد الحسد، ومع هذا فإن هذا النظم القرآني يدل على أن مجرد ما يصل إلى المؤمنين مما يسمى حسنة يتأثر عنه المساءة لأعدائهم، ومجرد ما يصل إلى المؤمنين مما يسمى سيئة يتأثر عنه الفرح لأعدائهم كما يدل عليه تنكير الحسنة والسيئة، فإن الظاهر فيه أنه تنكير التحقير، فالحسنة الحقيرة والسيئة الحقيرة وإن بلغت إلى الغاية في الحقارة- يتأثر عنها ذلك، فكيف. بما كان فوق ذلك!.
فإن قلت: قد ذكر الله- سبحانه- في هذه الآيات (1) أوصاف أهل النفاق، وما
_________
(1): (منها): {بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما الذين يتخذون الكفرين أولياء من دون المؤمنين ... } [النساء: 138 - 139].
(ومنها) قوله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا} [النساء: 142 - 143].
(ومنها) قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا} [النساء:
60 - 61].
(ومنها) قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ}(3/1159)
كانوا عليه، فمن أين لك أن بعض أهل عصرك كذلك؟.:
من وجد بأمته هذه الأوصاف التي اشتمل عليها الكتاب العزيز فقد صدق عليه ما ذكره الله- سبحانه- في هذه الآيات، ولا شك أن المتخلق بأخلاق المنافقين المقتدي هم فيما كانوا يعاملون به المؤمنين لاحق هم، وغاية الأمر أن تتورع عن الحكم بالنفاق. ونقول: من اتصف هذه الأوصاف فهو متخلق بأخلاق المنافقين، وهذا كلام صحيح لا يدفعه دافع، ولا يرده راد، بل السنة المطهرة تشهد له شهادة أوضح من شمس النهار، وتنادي عليه بأعلى صوت، وذلك أنه صح عن رسول الله- صلى الله عليه واله وسلم- كما في الصحيحين (1) وغيرهما أنه قال في تبيين أخلاق النفاق أنها " إذا وعد أخلف، وإذا حدث كذب، وإذا أؤتمن خان، وإذا خاصم فجر، وإذا عاهد غدر " هكذا في الأحاديث الصحيحة (2) من طرق عديدة. وقال (3): " من كانت فيه خصلة من هذه الخصال كانت فيه [3أ]، خصلة من خصال المنافقين، ومن اجتمعت فيه فقد كمل فيه النفاق ".
_________
= وانظر: مدارج السالكين (1/ 391 وما بعدها).
هكذا وقع القضاء النبوي (4) على كل متخلق هذه الأخلاق أو ببعضها من أهل
(1) أخرجه البخاري رقم (33) ومسلم رقم (59) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(2) وأخرج البخاري في صحيحه رقم (34) ومسلم رقم (58) عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كان فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها، إذا ائتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر ".
(3) انظر التعليقة السابقة.
(4) (منها) ما أخرجه البخاري في صحيحه رقم (3493، 3494) ومسلم رقم (2526) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " تجدون الناس معادن، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا، وتجدون خيار الناس في هذا الشأن أشدهم له كراهة وتجدون شر الناس ذا الوجهين، الذي يأتي هؤلاء بوجه، وهؤلاء بوجه ".
(ومنها) ما أحرجه البخاري رقم (7178) عن محمد بن زيد أن ناسا قالوا لجده عبد الله بن عمر رضى الله عنهما: إننا ندخل على سلطاننا فنقول بخلاف ما نتكلم إذا حرجنا من عندهم، فقال: كنا نعد هذا نفاقا على عهد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. .
خوف السلف من النفاق.
قال ابن تيمية في كتاب " الإيمان " (ص 409): " الإسلام يتناول من أظهر الإسلام وليس معه شيء من الإيمان، وهو المنافق المحض، ويتناول من أظهر الإسلام مع التصديق المجمل في الباطن ولكن لم يفعل الواجب كله لا من هذا ولا هذا، وهم الفساق يكون في أحدهم شعبة نفاق، ويتناول من أتى بالإسلام الواجب وما يلزمه من الإيمان، ولم يأت بتمام الإيمان الواجب. وهؤلاء ليسوا فساقا تاركين فريضة ظاهرة، ولا مرتكبين محرما ظاهرا، لكن تركوا من حقائق الإيمان الواجبة علما، وعملا بالقلب يتبعه بعض الجوارح ما كانوا به مذمومين وهذا هو النفاق الذي كان يخافه السلف على نفوسهم. فإن صاحبه قد يكون فيه شعبة نفاق.
وقال ابن القيم في مدارج السالكين (1/ 399 - 400): تالله لقد قطع خوف النفاق قلوب السابقين الأولين، لعلمهم بدقة وجله وتفاصيله وجمله، ساءت ظنونهم بنفوسهم حتى خشوا أن يكونوا من جملة المنافقين. قال عمر بن الخطاب لحذيفة رضي الله عنهما " يا حذيفة، نشدتك بالله هل سماني لك رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منهم؟ قال: لا. ولا أزكى بعدك أحدا ".
وقال ابن مليكة: " أدركت ثلاثين من أصحاب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلهم يخاف النفاق على نفسه ما منهم أحد يقول: إن إيمانه كإيمان جبريل وميكائيل " ويذكر عن الحسن البصري: " ما أمنه إلا منافق وما خافه إلا مؤمن ".
أحرجه البخاري تعليقا (1/ 109 الباب رقم 36).
وقال ابن القيم في مدارج السالكين (1/ 450) عن بعض الصحابة أنه كان يقول في دعائه: " اللهم إني أعوذ بك من خشوع النفاق قيل: وما خشوع النفاق؟ قال: أن يرى البدن خاشعا والقلب ليس بخاضع ".
ثم قال: زرع النفاق ينبت على ساقيتيهما: ساقية الكذب، وساقية الرياء. ومخرجهما من عينين:
عين ضعف البصيرة، وعن ضعف العزيمة. فإذا تمت هذه الأركان الأربع استحكم نبات النفاق وبنيانه ولكنه بمدارج السيول على شما جرف مار، فإذا شاهدوا سيل الحقائق يوم تبلى السرائر، وكشف المستور، وبعثر ما في القبور، وحصل ما في الصدور تبين حينئذ لمن كانت بضاعته النفاق أن حواصله التي حصلها كانت كالسراب: {يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب} [النور: 39].(3/1160)
الإسلام.
والأحاديث في هذا الباب متواترة يعرفها من يعرف السمنة المطهرة، وقد وجدنا ووجد غيرنا من المتخلقين هذه الأخلاق من يعلم من بحث عن أحواله أنه إذا لم يكن فيه كل هذه الخصال ففيه بعضها، وإذا ثبت أنه يعرف صحة هذا فانظر إلى من غلب عليه أنه إذا لاقاك عظمك، وأثنى عليك، وتودد إليك، وإذا فارقك قام وقعد بذمك، وأظهر من العداوة لك والبغضاء ما يقدر على إظهاره كما قال الشاعر:
ويحييني إذا لاقيته ... وإذا يخلو له جسمي رتع (1)
ويراني كالشجا في حلقه ... عسرا مخرجه ما ينتزع (2)
وهكذا من وعدك (3) فأخلفك، أو حدثك فكذلك، أو عاهدك فغدرك، أو أمنته
_________
(1) ذكره ابر منظور ولسان العرب (5/ 131).
(2) ذكره ابن منظوري لساد العرب (7/ 40).
(3) قال ابن حجر في فتح الباري (1/ 90): " وجه الاقتصار على هذه العلامات الثلاث أنها منبهة على ما عداها، إذ أصل الديانة منحصر في ثلاث: القول والفعل والنية، فنبه على فساد القول بالكذب وعلى فساد الفعل بالخيانة، وعلى فساد النية بالخلف، لأن خلف الوعد لا يقدح إلا إذا كان العزم عليه مقارنا للوعد، أما لو كان عازما ثم عرض له مانع أو بدا له رأي فهذا لم توجد منه صورة النفاق ".
ومن ذلك يتبين أد صور ومظاهر نفاق الأعمال كثيرة والصفة الجامعة بيمها تظاهر المرء بخلاف ما يبطن خداعا للناس وتحقيقا لمآربه القي توسوس بها نفسه الأمارة بالسوء، وقد تفشى دلك كثيرا بين المسلمين اليوم حتى صار هذا النفاق تيارا يكتسح بشروره المجتمعات الإسلامية ويسمى بالانتهازية والوصولية والنفعية بحيث ينتهز الإنسان كل فرصة ليصل إلى مآربه ولو على حساب الآخرين، وأصبح لهذا النفاق طرق وحيل وخفايا، كما أقيمت له نظريات تبرره وتنشره وصيغت له أمثال تشجع عليه، ومنها قولهم إن الغاية تبرر الوسيلة وإن الفرصة لا تأتي إلا مرة، بل إن الأدهى من ذلك أن يطلق على هذا النفاق الخسيس أوصاف تصف أصحابه بالذكاء والنباهة والفطانة والحنكة وأر يوصف الأتقياء المتعففون عنه بالغفلة والسذاجة والبساطة في التفكير. .
ومن اعتاد مخادعة الناس ليصل إلى مبتغاه لا بد أن يقع في إحدى كبيرتين من الكبائر المهلكة.
إما الرياء: بأن يتظاهر بالصلاح والتقوى ليكسب ثقة الآخرين وبستر حيله ومآربه النفسية الباطلة وذلك إذا كان الذين يخادعهم من المؤمنين.
وإما المداهنة: لأن يتظاهر بالرضا عن أعمال الكفرة الفسقة والمنحرفين وعدم المبالاة مما يجاهرون به من المعاصي، لكما يظفر. بمكاسب ومصالح من ورائهم.
وفي كلتا الحالتين يقع المرء في نفاق الأعمال ويوشك هذا النفاق أن يتأصل في نفسه ويترسخ حتى ينقلب في الحالة الأولى إلى نفاق العقيدة وفي الحالة الثانية إلى الكفر الظاهر.
العلاج لاستئصال النفاق ومنع انتشاره في المجتمع المسلم.
1/ تربية النفوس على الإيمان الراسخ والعقيدة الجازمة والتوجه إلى الله سبحانه وتعالى بصدق وإخلاص، وتزكية تلك النفوس حتى تسمو وتتطهر من شرورها وتتذوق حلاوة الإيمان فلا يضرها من خالفها ولا تهزها رياح الشبهات والشهوات مهما عصفت ها.
2/ سد الذرائع الموصلة إلى النفاق من الكذب والخيانة وإخلاف الوعد والمداهنة ونحو ذلك، وقد بين سبحانه أن الإصرار على هذه المعاصي يوصل النفاق في القلب فقال تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ} [التوبة:
75 - 78].
3/ التحذير من النفاق وعقوبته الشديدة في الآخرة وفضح خفايا المنافقين وكشف خداعهم والشبهة التي قامت في نفوسهم بظنهم أن هذا الخداع يفيدهم ويحقق مآربهم.
(منها) قوله تعالى: {بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما} [النساء:138].
(ومنها) قوله تعالى: {إن آلله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا} [النساء:145].
(ومنها) قوله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ} [التوبة: 68].
(ومنها) قوله تعالى: {وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [الفتح:6].(3/1162)
فخانك، فمن وجدته هكذا، أو حكمت عليه. مما حكم عليه رسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- كان الحق بيدك، والصواب ما فعلته. ومن أنكر عليك ذلك فقد أنكر الشرع الواضح والسنة المتواترة.
اللهم أصلحنا وسائر عبادك، وادفع عنا شر الأشرار، وكيد الفجار، يا من لا إله غيره، ولا ملجأ سواه، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
قاله كاتبه- غفر الله له-[3ب](3/1164)
جواب سؤال في قوله تعالى {إلا من ظلم}
تأليف العلامة
محمد بن علي الشوكاني
حققه وعلق عليه وخرج أحاديثه
محمد صبحي بن حسن حلاق
أبو مصعب(3/1165)
ملحوظة:
السؤال من القاضي العلامة لطف الله بن أحمد جحاف (1)
إلى شيخ الإسلام محمد بن علي الشوكاني- رحمه الله- حاصله: هل الاستثناء في قوله تعالى: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} (2)
متصل أو منقطع؟، وقد أشار في الكشاف (3) إلى الوجهين، وأشار السائل إلى ترجيح الانقطاع. مما ذكره العلامة المقبلي (4) - رحمه الله-.
انتهى نقلا من الأم بقلم الوالد العلامة القاضي عبد الله بن عبد الكريم الجرافي (5) - رضي الله عنه-.
_________
(1) لطف الله بن أحمد بن لطف الله جحاف الصنعاني المولد والدار والمنشأ.
ولد سنة 1189 وأخذ العلم عن جماعة من علماء العصر منهم شيخنا العلامة السيد على بن إبراهيم ابن عامر والسيد العلامة على بن عبد الله الجلال.
قال الشوكاني في ترجمة- لطف الله- في الدر رقم (392) ولازمني دهرا طويلا فقرأ علي في النحو والصرف والمنطق والمعاني والبيان والأصول ... ".
ودرس في فنون وصنف رسائل أفرد فيها مسائل. ونظم الشعر الحسن وقد كتب إلي من ذلك - من مباحثه- لكثر بحيث لو جمع هو وما أكتبه عليه من الجوابات لكان مجلدا. توفي بصنعاء سنة 1243 هـ.
من مصنفاته:- المرتقى شرح به المنتقى لابن تيمية.
- العباب بتراجم الأصحاب.
انظر: البدر الطالع رقم (391) ونيل الوطر (2/ 169) التقصار ص 390.
(2) [النساء: 148].
(3) (2/ 169 - 170).
(4) في " المنار في المختار من جواهر البحر الرخار" (2/ 508 - 509).
(5) هو القاضي المؤرخ الهمام عبد الله بن عبد الكريم لن محمد بن أحمد بن على بن حسين الجرافي الصنعاني. ولد سنة 1319.(3/1167)
قال السائل:
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى: {لا يحب الله الجهر بالسوء من القول} (1) أي من أحد من الخلق، ولكن يقول من ظلم فانتصر بمثل ما ظلم فليس عليه جناح. ومن ذلك قول الله- عز وجل- {وجزاؤ سيئة لسيئة مثلها} (2) فانظر كيف سمى تعالى نفس الرد سيئة، والسيئة لا تكون لديه محبوبة، فقد دلت هذه الآيات الواضحة، والأحاديث المحتج ها مع كونها حسنة على أن الراد ليس عليه سبيل ولا جناح، وأن الرد في حقه رخصة له، قد أبيحت لا يأثم معها إلا إذا تجاوز في الانتصار، ولذا قال تعالى: {إنه ولا جب الظالمين} (3) عقيب قوله تعالى: (وجزاؤ سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين & (2) وأخرج ابن جرير (4) عن السدي قال: والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون. قال: ينتصرون ممن بغى عليهم من غير أن يعتدوا. وفي بعض الآثار (5) فإذا شتمك فاشتمه من غير أن تعتدي عليه، فتبين أن المحبوب إليه تعالى هو العفو. يد! ك على أن المحبوب ليس هو الرد ما أخرجه الإمام أحمد (6) وأبو داود (7) عن أبي هريرة أن رجلا شتم أبا بكر- رضي الله عنه - والنبي- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جالس، فجعل النبي- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يعجا ويبتسم فلما كثر عليه رد عليه- رضي الله عنه - بعض
_________
(1) [النساء: 148]
(2) [الشورى: 40]
(3) [الشورى: 40]
(4) في "جامع البيان " (13/ ح25/ 37).
(5) أخرجه ابن جرير في " جامع البيان " (13/ ج25/ 14) عن السدي.
(6) في المسند (2/ 418) بسند جيد.
(7) في السنن رقم (4897). وهو حديث حسن لغره.(3/1169)
قوله فغضب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقام فلحقه أبو بكر فقال: يا رسول الله، إنه كان يشتمني وأنت جالس، فلما رددت عليه بعض قوله غضبت وقمت، قال: إنه كان ملك يرد عنك، فلما رددت عليه بعض قوله وقع الشيطان، فلم أكن لأقعد مع الشيطان، قال العلامة المقبلي: ولذا رغبهم في العفو في هذه الآية حيث قال: وجزاؤ سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح {(1) إلخ. وفي آية} لا يحب {. قال:} إن تبدوا خيرا أو تخفوه أو تعفوا عن سؤ فإن الله كان عفوا قديرا {(2) فهما مكروهان عنده لا مطلوبان محبوبان، وشبههما التخيير بين التداوي والتوكل (3) فضيلة والتداوي (4) مباح، انتهى بلفظه.
فإن قلت على جعل الاستثناء (5) منقطعا كيف المعنى؟ قلت: المعنى: لا يحب الله الجهر بالمؤمن القول لكن من ظلم فقد أبيح له ذلك للانتصار، فصح على هذا دعوى من جعل الاستثناء منقطعا على قراءة المبني للمجهول، والمطلوب والمعول الترجيح. بما يقتضيه النظر الصحيح.
_________
(1) [الشورى: 40]
(2) [النساء: 149]
(3) للحديث الذي أحرجه البخاري رقم (5652) ومسلم رقم (45/ 2576) عن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أتته امرأة سوداء فقالت: إني أصرع وإني أتكشف فادع الله لي قال: إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك قالت: أصبر ".
(4) للحديث الذي أخرجه مسلم رقم (69/ 2204) عن جابر: " أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: لكل داء دواء فإذا أصيب دواء الداء برئ بإذن الله ".
(5) انظر: 11 إعراب القرآن " محيى الدين الدرويش (2/ 366) قال:} إلا من ظلم & إلا أداة استثناء ومن مستثنى منقطع لأن جهر المظلوم لا يندرج في عداد الذين يجهرون بالسيئ من القول.
وانظر التبيان في إعراب القرآن لأبي البقاء (1/ 402).(3/1170)
- الجواب لشيخ الإسلام- رحمه الله-
أحمدك لا أحصى ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك، وأصلى وأسلم على رسولك وال رسولك، وبعد: فإنه وقفص الحقير على هذا الروض الأريض (1)، والديبلج النضير، وطلب منط من لا تسعني مخالفته إمعان النظر في تحقيق الحق في شأن الاستثناء المذكور في الآية الكريمة، وها أنا أقدم في ذلك مقدمة تنبني عليها معرفة صوب الصواب، وينكشف بعد تحقيقها عن وجه الإشكال كل جلباب، فأقول: ما شرعه الله لعباده، وجعله حلالا طلقا، فلا ريب أنه يحبه، والمراد من هذه المحبة ما هو مقابل للبغضاء، وسواء كان ذلك الحب مطلقا عن قيد وجوب وندب، أو مقيدا هما، إلا أن المقيد أحب، ولا ينافي ذلك كون المطلق محبوبا لا لغة، ولا شرعا، ولا عرفا. وقد تقرر أن المفضل والمفضل عليه يشتركان في أصل الفضل، فإذا قلت: زيد أفضل من عمرو فقد دل هذا التركيب على آنا عمرا فاضل، فكيف يدعي عارف بالقوانين العلمية أن هذا التركيب يدل على نفى الفضل عن المفضل عليه!.
نعم، وإذا نددت صورة فيها دلالة على عدم المشاركة كما وقع في الأمثلة النحوية، فذلك مجاز يحتاج إلى علاقة وقرينة، ونادر غاية الندور لا ينبغي الحمل عليه عند النزاع، وهذا لا يخالف فيه مخالف، إذا تقرر هذا فالذي في الآية الكريمة نفي: محبة الجهر بالسوء من القول، وجميع تلك التفاسير يصح إدراجها تحت عموم الآية، لأن الفعل المنفي يتضمن النكرة والنكرة في سياق النفي (2) من صيغ العموم، وكذلك النفي (3) والاستثناء، ثم إنه
_________
(1) من أرض: أرضت الأرض تأرض أرضا إذا خصبت وزكا نباتها وأرض أريضة أي معجبة. كثيرة العشب.
لسان العرب (1/ 119).
(2) نعم النكرة في سياق النفي من صيغ العموم.
انظر: الكوكب المنير (13/ 138 - 139)، نهاية السول (2/ 80).
(3) انظر الكوكب المنير (3/ 281).(3/1171)
تعالى أثبت المحبة لنوع من أنواع الجهر بالسوء؟ وهو جهر المظلوم، لأنه شرع له ذلك، وكل ما شرعه وحلله لعباده محبوب له، وليس. بمبغوض فيقال: جهر المظلوم بالسوء شرعه الله، وكل ما شرعه الله حلال، فجهر المظلوم حلال، ثم يقال: جهر المظلوم حلال، وكل حلال يحبه الله، فجهر المظلوم يحبه الله، وكونه محبوبا له لا ينافي كون غيره أحب منه مثلا، وهو العفو، فإنا لا ننازع في أنه أجب إنما ننازع في كونه أحب لا يستلزم أن غيره مبغوض، بل صيغة التفضيل دالة على أن المفضل عليه محبوب. إذا عرفت هذا فاعلم أن الاستدراك من المقبلي- رحمه الله- على كلام الزمخشري (1) إنما نشأ من التباس الأحب بالمحبوب، فتصور الأحب، وحكم على المحبوب بالمكروه ذهولا منه عن كونه تعالى يحب إتيان الحلال، كما يبغض إتيان الحرام، كما ورد في الحديث الصحيح (2): " أيأتي أحدنا شهوته- يا رسول الله- ثم يؤجر عليها؟ فقال: أرأيت لو وضعها في حرام " بم فإنه هاهنا وقع الأجر له مجرد إتيان الحلال، وكم لها من نظائر نحو الكسب (3) على النفس من الحلال جهاد، وإنفاقه (4) على الأقارب صدقة، ومن يتتبع القرآن والسنة وجد من هذا الكثير الطيب، فمن قال فلان ظلمني، أو نحو ذلك فقد فعل ما أحفه الله له بنص القران، وكل حلال محبوب إلى الله وإن كان العفو أحب إليه، ولهذا لم يرض ع! من الصديق- رجمته- إلا. مما يلائم رفيع قدره، وهو إتيان الأحب، وهو العفو دون المحبوب، وهو الانتصاف لأن حسنات ......................
_________
(1) في الكشاف (2/ 169 - 170).
(2) أخرجه مسلم ي صحيحه رقم (53/ 1006) من حديث أبي ذر.
(3) انظر: " الترغيب والترهيب " للمنذري (2/ 510 - 514): " الترغيب في الاكتساب بالبيع وغيره " رقم الحديث: (2506، 2557، 2558، 2509، 2515، 2511، 2512، 2513، 2514، 2515، 2516).
(4) انظر " الترغيب والترهيب " للمنذري (1/ 681 - 683): " الترغيب في الصدقة على الزوج والأقارب وتقديمهم على غيرهم " رقم الحديث (1359، 1310، 1311، 1312، 1313).(3/1172)
الأبرار (1) سيئات المقربين. وأما سيئات المقربين. وأما التمسك بقوله تعالى: {وجزاؤ سيئة سيئة مثلها} (2) فكلام ظاهري عن التحقيق بمعزل لأن أئمة التفسير والبيان قد صرحوا بأن إطلاق لفظ السيئة على ما وقع خبرا عن المبتدأ من باب المشاكلة (3)، والمصير إلى ذلك متحتم {ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل} (4)، {فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم} (5) وغير ذلك مما يكثر تعداده.
وما أدري كيف وقع. اللبس في مثل هذا على المقبلي- رحمه الله-؛ فإن ما وقع التمسك على حمل الاستثناء (6) على الانقطاع هو منادى، ثم مناداه على .... ....
_________
(1) "حسنات الأبرار سيئات المقربين " ليس بحديث وهو من كلام أبي سعيد الخراز كما رواه ابن عساكر في ترجمته وهو من كبار الصوفية مات في سنة،28 هـ.
وانظر: " كشف الخفاء " رقم (1137) " الشذرة في الأحاديث المشتهرة " (4/ 254 رقم 357) و" المقاصد " رقم (404).
(2) [الشورى: 40]
(3) المشاكلة: ذكر الشيء بلفظ غيره لوقوعه في صحبته تحقيقا أو تقديرا.
قوله: {وجزاؤ سيئة سيئة مثلها} [الشورى: 40] لأن الجزاء حق لا يوصف بأنه سيئة.
وسمي سبحانه جزاء الاعتداء سيئة لوقوعه في نظم الكلام تحقيقا. وقال محط الدين قي " إعراب القرآن " (9/ 45): جناس المزاوجة ي قوله: {وجزاؤ سيئة سيئة مثلها} جناس المزاوجة اللفظي وإن السيئة الثابتة ليست سيئة وإنما هي مجازاة عن السيئة، سميت باسمها لقصد المزاوجة. ومتله في سورة البقرة قوله تعالى: {فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم} فقد سمي سبحانه وتعالى جزاء الاعتداء اعتداء ليكود في نظم الكلام مزاوجة وبعضهم يعبر عنها بالمشاكلة.
وانظر: " معترك الأقران " (1/ 312).
(4) [الشورى: 41]
(5) [البقرة: 194] انظر التعليقة السابقة.
(6) تقدم التعليق على دلك.(3/1173)
الاتصال (1)، انظر الحديث المذكور سابقا.
قوله: وإن صبر (2) فهو خير له؟ فإن هذا التركيب يدل على أن عدم الصبر، وهو المواجهة بالإنصاف مشارك في أصل الخير، لأن أصل الخير أخير، فهو أفعل تفضيل كما تقرر في علم النحو. (فيا لله العجب) كيف يستدل المحقق المقبلي بقوله تعالى: & وجزا سيئة سيئة مثلها! (3) على أن الجميع مكروه عند الله لا محبوب! فإن كان. بمجرد التسمية فقد عرفت ما فيه، وإن كان بغير ذلك فما هو؟.
نعم يتجه ههنا أن يقال: ما الدليل على أن جهر المظلوم بالسوء حلال؟ وهل ذلك إلا. بمجرد دعوى الاتصال وهو محل النزاع، فأقول ليس إثبات كون ذلك حلالا. بمجرد ما زعمت، بل بالآيات التي ساقها المحرر للبحث الأول- نفع الله بفوائده-، دع عنك هذا.
هذا رسول الله وير يقول فيما صح عنه في دواوين الإسلام: " لي الواجد ظلم يحل عرضه وعقوبته " (4). فانظر كيف أخبرنا عن نوع من أنواع المعاصي بأنه ظلم، ثم رتب
_________
(1) وقيل يجوز أن بكون متصلا على تقدير حذف مضاف أي إلا جهر من ظلم، أو في محل رفع على البدلية من فاعل المصدر الذي هو الجهر.
والمعني: لا يحب أن يجهر أحد بالسوء إلا من ظلم فيجهر أي يدعو الله بكشف السوء الذي أصابه وظلم بالبناء للمجهول أي لا يؤاخذه الله بالجهر به بأن يخبر عن ظلم ظالمه ويدعو عليه.
انظر: " الدر المصون " (4/ 134). و" معاني القرآن " للفراء (1/ 167).
(2) أخرج الطبري في " جامع البيان " (4/جـ 6/ 1 - 4) عن ابن عباس، قوله: {لا يحب الله الجهر بالسوء من القول}، يقول: لا يحب الله أن يدعو أحد على أحد إلا أن يكون مظلوما، فإنه قد أرخص! له أن يدعو على من ظلمه، وذلك قوله: {إلا من ظلم}، وإن صبر فهو حير له.
وذكره ابن كثير في تفسيره (2/ 442).
(3) [الشورى: 40]
(4) أخرجه أبو داود رقم (3628) وابن ماجه رقم (2427) والنسائى (7/ 316) وأحمد (4/ 222) والحاكم (2/ 104) وصححه ووافقه الذهبي وابن حبان رقم (283 - موارد) من حديث عمرو ابن الشريد. وهو حديث حسن.
لي الواجد: بفتح اللام وتشديد الياء أي مطل الواجد الذي هو قادر على وفاء دينه، " ويحل عرضه ": أي يبيح أن يذكر بسوء المعاملة و" عقوبته " حبسه.
انظر: "الجامع لأحاكم القرآن " (6/ 2).(3/1174)
عليه أنه يحل العرض، وهو الجهر بالسوء (1)، ثم زاد عليه أنه يحل العقوبة البدنية، فحفل لنا الجمع له بين عقوبة العرض والمال، وما أحله لنا فهو محبوب له لما تقدم، والبحث يحتمل التطويل، ولعل في هذا المقدار الكفاية- إن شاء الله-. انتهى.
قال في الأم: انتهى من خط المجيب- رحمه الله تعالى-.
_________
(1) قال ابن حرير في "جامع البيان " (4/ جـ 6/ 4): فالصواب في تأويل ذلك: لا يحب الله أيها الناس أن يجهر أحد لأحد بالسوء من القول {إلا من ظلم}. بمعنى: إلا من ظلم فلا حرج عليه أن يخبر. مما أسيء إليه، وإذا كان ذلك معناه: دخل فيه إخبار من لم يقر أو أسيء قراه، أو نيل بظلم في نفسه أو ماله عنوة من سائر الناس وكذلك دعاؤه على من ناله بظلم أن ينصره الله عليه لأن في دعائه عليه إعلاما منه لمن سمع دعاءه عليه بالسوء له، وإذ كان ذلك كذلك، فمن في موضع نصب، لأنه منقطع عما ق! له، وأنه لا أسماء قمله يستثنى منها فهو نظير قوله: {لست عليهم بمصيطر إلا من تولى وكفر}. .
وقال الرازي في تفسيره (11/ 90 - 91): " أن هذا الاستثناء منقطع، والمعنى لا يحبط الله الجهر بالسوء من القول، لكن المظلوم له أد يجهر بظلامته ".
المظلوم مادا يفعل؟ فيه وجوه:
الأول: قال قتادة وابن عباس: لا يحب الله رفع الصوت. مما يسوء غيره إلا المظلوم فإن له أن يرفع صوته الدعاء على من ظلمه.
الثاني في: قال مجاهد: إلا أن يخبر بظلم ظالمه له.
الثالث: لا يجوز إظهار الأحوال المستورة المكتومة، لأن دلك يصير سببا لوقوع الماس في الغيبة ووقوع ذلك الإنسان في الريبة، لكن من ظلم فيجوز إظهار ظلمه بأن يذكر أنه سرق أو غصب وهذا قول الأصم.
الرابع: قال الحسن: " إلا أن ينتصر من ظالمه ".(3/1175)
بحث في تفسير قوله تعالى {قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم}
تأليف العلامة
محمد بن علي الشوكاني
حققه وعلق عليه وخرج أحاديثه
محمد صبحي بن حسن حلاق
أبو مصعب(3/1177)
وصف المخطوط
1 - عنوان الرسالة: بحث في تفسير قوله تعالى: {قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم}.
2 - موضوع الرسالة: تفسير.
3 - أول الرسالة: (صورة سؤال إلى شيخ الإسلام رضي الله عنه أشكل على محبه تفسير العلامة الزمخشري في قوله تعالى: {قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا} حيث قال ... ).
4 - آخر الرسالة: (فإن الكلام قد صح بدون هذا الحمل والله أعلم. انتهى. منقولا من خط المجيب المولى شيخ الإسلام أسكنه الله في جنانه أعلى مقام. آمين آمن).
5 - نوع الخط: خط نسخي معتاد.
6 - عدد الأوراق: ورقتين.
7 - المسطرة: الصفحة الأولى: 19 سطرا.
الصفحة الثانية: 18 سطرا.
الصفحة الثالثة: 18 سطرا.
الصفحة الرابعة: 10 سطرا.
8 - عدد الكلمات في السطر:. 10 - 12 كلمة.
9 - هذه الرسالة من " المجلد الخامس " من (الفتح الرباني من فتاوى الشوكاني).(3/1179)
[بسم الله الرحمن الرحيم]
صورة سؤال إلى شيخ الإسلام- رضي الله عنه - أشكل على محبكم العلامة الزمخشسري (1) في فوله تعالى: {قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا} (2) حيث قال: وأن في " أن لا تشركوا " مفسرة (3)، "ولا" للنهي.
فإن قلت: فهلا قلت: هي التي تنصب الفعل، وجعلت أن لا تشركوا بدلا (4) ما
حرم؟ قلت (5): وجب أن .... .... .... .... .... .... .... .....
_________
(1) في " الكشاف " (41112).
(2) [الأنعام: 151]
(3) قوله "أن لا تشركوا "فيه أوجه أحدها: أن (أن) تفسيرية لأنه تقدمها ما هو. بمعنى القول لا حروفه و"لا" هي ناهية و"تشركوا" مجزوم ها، وهذا وجه ظاهر، وهو اختيار الفراء- في معاني القرآن (1/ 364) قال: " ويجوز أن يكون مجزوما "لا" على النهى كقولك أمرتك أن لا تذهب إلى زيد بالنصب والجزم. ثم قال: والجزم في هذه الآية أحب إلى كقوله تعالى: {أوفوا الميكال والميزان} [هود: 85]. " الدر المصون " (5/ 214).
(4) في المخطوط (مما) وما أثبتناه من الكشاف (2/ 411).
(5) الزمخشري، ثم تابع فقال: " فإن قلت فما تصنع بقوله: {وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه} [الأنعام:153]. فيمن قرأ بالفتح، وإنما يستقيم عطفه على ألا تشركوا، إذا جعلت أن هي الناصبة للفعل، حتى يكون المعنى: أتل عليكم نفى الإشراك والتوحيد، وأتل عليكم أن هذا صراط! مستقيما. قال:- الزمخشري- أجعل قوله: {وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه} [الأنعام: 153]
علة للإتباع بتقدير اللام كقوله تعالى: {وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا} [الجن:18]. بمعنى: ولأن هذا صراطا مستقيما فاتبعوه، والدليل عليه القراءة بالكسر، كأنه قيل: "واتبعوا صراطي، لأنه مستقيم " أو: " واتبعوا صراطي"، إنه مستقيم ".
فإن قلت: إذا جعلت: "أن " مفسرة لفعل التلاوة، وهو معلق مما حرم ردكم وجب أن يكون ما بعده منهيا عنه محرما كله، كالشرك، وما بعده مما دخل عليه حرف النهي، فما تصنع بالأوامر!
قلت: لما وردت هذه الأوامر مع النواهي، وتقدمهن جميعا معل التحريم، واشتركن في الدخول تحت حكمه، علم أن التحريم راجع إلى أضدادها، وهي الإساءة إلى الوالدين، وبحس الكيل والميزان، وترك العدل في القول، ونكث عهد الله {من إملاق} من أجل فقر ومن خشيته، كقوله تعالى: {خشيه إملاق} [الإسراء: 31]. {ما ظهر منها وما بطن}، مثل قوله: {ظهر الإثم وباطنه} [الأنعام: 120]، {إلا بالحق} كالقصاص، والقتل على الردة والرجم. انتهى كلام الزنحشري.(3/1183)
[يكون] (1) "لا تشركوا "، و" لا تقربوا "، و" تقتلوا "، "ولا تتبعوا السبل " نواهي لانعطاف الأوامر عليها (2)، وهي قوله: {وبالوالدين إحسانا}؛ لأن التقدير: وأحسنوا بالوالدين إحسانا إلى آخر كلامه، فخطر في بال القاصر عن التحقيق أنه لم يقدر العلامة الزمخشري بأن يقول: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا، ويكون لا يريده ويقدر متعلق (3) وبالوالدين إحسانا وصماكم بالوالدين إحسانا،
_________
(1) زيادة من الكشاف (2/ 411).
(2) وأما عطف هذه الأوامر فيحتمل وجهين:
أحدهما: أنها معطوفة لا على المناهي قبلها فيلزم انسحاب التحريم عليها حيت كان في حيز " أن " التفسيرية، بل هي معطوفة على قوله: {تعالوا أتل ما حرم} أمرهم أولا لأمر يترتب عليه ذكر مناه ثم أمرهم ثانيا لأوامر وهدا معنى واضح.
الثاني: أن تكون الأوامر معطوفة على المناهي وداخلة تحت " أن " التفسيرية، ويصح ذلك على تقدير محذوف تكون "أن " مفسرة له وللمنطوق قبله الذي دل على حذفه، والتقدير: وما أمركم به فحذف وما أمركم به لدلالة ما حرم عليه، لأن معنى ما حرم ربكم: ما فاكم ربكم عنه فالمعنى: تعالوا أتل ما نهاكم ربكم عنه وما أمركم به، وإذا كان التقدير هكذا صح أن تكون " أن " تفسيرية لفعل النهي لدالة عليه التحريم وفعل الأمر المحذوف ألا ترى أنه يجوز أد تقول: " أمرتك أن لا تكون جاهلا وأكرم عالما". إذ يجوز أن يعطف الأمر على النهي والنهى على الأمر. " الدر المصون " (5/ 215)، " إعراب القرآن الكريم "، محيى الدين الدرويش (3/ 274).
(3) انظر كلام الزمخشري في الكشاف (2/ 411) وقد تقدم.
وقال الرازي في تفسيره (13/ 232): فإن قيل: فقوله: {وبالوالدين إحسانا} معطوف على قوله {ألا تشركوا به شيئا} فوجب أن يكون قوله {وبالوالدين إحسانا} مفسرا لقوله {أتل ما حرم ربكم عليكم} يلزم أن يكون الإحسان بالوالدين حراما وهو باطل.
قلنا: لما أوجب الإحسان إليهما فقد حرم الإساءة إليهما. .
وقيل: لا يتعين أن تكون جميع الأوامر معطوفة على ما دخل عليه " لا " لأنا بينا جواز عطف {وبالوالدين إحسانا} على " تعالوا " وما بعده معطوف عليه، ولا يكون قوله {وبالوالدين إحسانا} معطوفا على أن لا تشركوا ".
الدر المصون (5/ 216). .
وقيل: أن تكون هي وما بعدها في محل نصب بإضمار فعل تقديره: أوصيكم أد لا تشركوا، لأن قوله: (وبالوالدين إحسانا & محمول على أوصيكم بالوالدين إحسانا. " معاني القرآن وإعرابه " (2/ 334).(3/1184)
لا ما قدره وهو أحسنوا، لأن: وصى وإن لم يكن من متعلقات الظروف العامة فقد قام كثرة الاستعمال بالتعليق، فوصى في هذه المواضع كثيرا قال تعالى {ووصينا الإنسان بولديه حسنا} وقراءة إحسانا، وفي القراءة الشاذة {ووصى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا} ويكون من باب: علفتها (1) تبنا وماء باردا، وإن لم يكن هنا ثم تضمين، ودل أنه متعلق (2) بوصى قوله: عند تكميل الآيات} ذالكم ووصاكم به لعلكم تعقلون {} ذالكم وصاكم به لعلكم تذكرون &
_________
(1) قال أبى هشام في مغني اللبيب (1/ 250 - 251): قوله تعالى: {قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا} فقيل: إن لا نافية، وقيل: ناهية وقيل زائدة، والجمع محتمل.
وحاصل القول في الآية أو (ما) خبربة بمعنى الذي منصولة بأثل و (حرم ربكم) صلة، و (عليكم) متعلقة محرم، هدا هو الطاهر، وأجاز الزجاج كود (ما) استفهامية منصوبة محرم، والحملة محكية بأثل، لأنه. بمعنى أقول، ويحوز أن يعلق عليكم بأثل، ومن رجح إعمال أول المتنازعين- وهم الكوفيون- رجحه على تعلقه بحرم، وفي أن وما لعدها أوجه: " أن يكونا في موضع نصب بدلا من (ما)، وذلك على أنها موصولة لا استفهامية، إذ لم يقترن البدل همزة الاستفهام.
(2) قال أبى هشام في مغني اللبيب (1/ 250 - 251): قوله تعالى: {قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا} فقيل: إن لا نافية، وقيل: ناهية وقيل زائدة، والجمع محتمل.
وحاصل القول في الآية أو (ما) خبربة بمعنى الذي منصولة بأثل و (حرم ربكم) صلة، و (عليكم) متعلقة محرم، هدا هو الطاهر، وأجاز الزجاج كود (ما) استفهامية منصوبة محرم، والحملة محكية بأثل، لأنه. بمعنى أقول، ويحوز أن يعلق عليكم بأثل، ومن رجح إعمال أول المتنازعين- وهم الكوفيون- رجحه على تعلقه بحرم، وفي أن وما لعدها أوجه: " أن يكونا في موضع نصب بدلا من (ما)، وذلك على أنها موصولة لا استفهامية، إذ لم يقترن البدل همزة الاستفهام.
2/ أن يكونا في موضع رفع خبرا هـ (هو) محذوف.
أجازهما بعض المعربين، وعليهما فـ (لا) زائدة قاله ابن الشجري والصواب أنها نافية على الأول، وزائدة على الثاني.
3/ أن يكون الأصل أبين لكم ذلك لئلا تشركوا، وذلك لأنهم إذا حرم عليهم رؤساؤهم ما أحف الله سبحانه وتعالى فأطاعوهم أشركوا، لأنهم جعلوا غير الله بمنزلته.
4/ أن الأصل أوصيكم بأن لا تشركوا، بدليل أن (وبالوالدين إحسانا {معناه وأوصيكم بالوالدين، وأن في آخر الآية} ذالكم وصاكم به {وعلى هذين الوجهين فحذفت الجملة وحرف الجر.
5/ أن التقدير أتل عليكم أن لا تشركوا، فحذف مدلولا عليه. مما تقدم، وأجاز الأوجه الثلاثة الزجاج.
6/ أن الكلام تم عند (حرم ربكم) ثم ابتدئ: عليكم أن لا تشركوا وأن تحسنوا بالوالدين إحسانا، وأن لا تقتلوا، ولا تقربوا فعليكم على هذا اسم فعل. بمعنى الزموا. و (أن) في الأوجه الستة مصدرية، وا لا) في الأوجه الأربعة نافية.
7/ أن (أن) مفسرة. بمعنى أي، ولا: داهية، والفعل مجزوم لا منصوب وكأنه قيل: أقول لكم لا تشركوا به شيئا، وأحسنوا بالوالدين إحسانا وهذان الوجهان الأخيران أجازهما أبى الشجري.
وأنظر: " معاني القرآن وإعرابه " للزجاج (2/ 303 - 304)، " إعراب القرآن وبيانه " محط الدين الدرويش (3/ 268). " الدر المصون " (5/ 217).(3/1185)
هذا خلاصة السؤال انتهى [1أ](3/1186)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين.- كثر الله فوائدكم- هذا الوجه الذي ذكرتم معناه صحيح لكنه ينبغي النظر في أطراف:
الأول: أن حذف حرف (1) النهي خلاف الظاهر لا سيما في مثل هذا المقام، فإن الكلام خرج هذا الحذف من الإنشاء إلى الإخبار.
الطرف الثاني: أن هذه المناهي (2) المسوقة في هذه الآية ينبغي أن يكون على نمط واحد، ومنهم متوافق، وهذا التقدير الذي ذكرتم صارت مختلفة، لأن قوله: أن لا تشركوا قد صار بالحذف لحرف النهى مخالفا لما بقيت فيه لا الناهية على بابها، غير محذوفة، وهو قوله: {ولا تقتلوا أولادكم} {ولا تقربوا الفواحش} {ولا تقتلوا النفس} {ولا تقربوا مال التيتم}.
الطرف الثالث: أن حذف حرف (1) النهى قد استلزم التخالف بين قوله: {ألا تشركوا} وبين قوله: {وبالوالدين إحسانا} لأنه " صار الأول بالحذف إخبارا. والثاني: على الوجه الظاهر، وهو تقدير فعل الأمر الناصب للمصدر صار إنشاء.
فإن قلت: فعلى تقدير وصاكم كما فعله السائل- كثر الله فوائده- يتطابقان في الإخبارية.
قلت: هذا وإن كان خلاف الظاهر (2) فقد خالف قوله: أن لا تشركوا ما بعده في النواهي، لأن لا الناهية فيها باقية على بابها، وخالف أيضًا قوله: وبالوالدين [1ب] إحسانا ما بعده من الأوامر، وهى قوله: {وأوفوا الكيل}، وقوله {فاعدلوا} وقوله: {فاتبعوه} فإنها جملة إنشائية، وتقدير وصاكم فيها يستلزم تقدير حرف
_________
(1) تقدم في بداية الرسالة.
(2) انظر الأوجه السابقة (أن) وما بعدها (ص 1185 - 1186).(3/1187)
المصدر في كل واحد منها، وهو خلاف الظاهر.
الطرف الرابع: أن الكلام على تقدير وصاكم في المناهي الباقية قد خالف قوله: أن لا تشركوا من حيث الحذف في البعض، والإتيان في البعض، والإخبارية في البعض، والإنشائية في البعض الآخر، وهو خلاف ما تقتضيه أساليب الكلام الآخذ بعضه بحجزة بعض، المتعانقة أطرافه.
ولو قدرنا في هذه المناهي تعلقها. بما تعلق به أن لا تشركوا كان التقدير: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن تشركوا لم يستقم الكلام فيها إلا بحذف (1) حرف النهي في جميعها، فيكون التقدير: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن تشركوا، وأن تقتلوا النفس وأن تقربوا مال اليتيم، وهذا وإن كان معنى صحيحا يتفق معه حرف المناهي في التعلق والحذف، لكنه هاهنا قد كثر الحذف، وطال ذيله، واتسع خرقه، وذلك غير مألوف في فصيح الكلام، ولا واقع من البلاغة في محزها. وقد أمكن تصحيح الكلام بدونه كما فعله العلامة الزمخشري (2) وغيره. وهذا ما ظهر في بادئ النظر والله أعلم.
_________
(1) قال محيى الدين الدرويش في "إعراب القرآن الكريم " (3/ 270): الفن الأول في هذه الآية- {ألا تشركوا به شيئا} - فن التوهيم وهو أد يأتي المتكلم بكلمة يوهم ما بعدها من الكلام أن المتكلم أراد تصحيفها وهو يريد عبر- ذلك، وذلك في قوله: {ألا تشركوا به شيئا} فإن ظاهر الكلام يدل على تحريم نفط الشرك، وملزومة خليل الشرك، وهذا محال، وخلاف المعنى المراد، والتأويل الذي يحل الإشكال هو أن في الوصايا المذكورة في سياق الآية وما بعدها ما حرم عليهم وما هم مأمورون به، فإن الشرك بالله، وقتل النفس المحرمة، وأكل مال اليتيم، مما حرم ظاهرا وباطنا، ووفاء الكيل والميزان بالقسط والعدل في القول، فضلا عن الفعل والوفاء بالعهد واتباع الصراط المستقيم من الأفعال المأمور
ها أمر وجوب، ولو جاء الكلام بغير "لا" لانبتر واحتل وفسد معناه، فإنه يصير المعنى حرم عليكم الشرك، والإحسان للوالدين، وهذا ضد المعنى المراد، ولهذا جاءت الزيادة التي أوهم ظاهرها فساد المعنى ليلجأ إلى التأويل الذي يصح به عطف بقية الوصايا على ما تقدم.
(2) في "الكشاف " (2/ 412) وهو قوله: لما وردت هذه الأوامر مع النواهي وتقدمهن جميعا فعل التحريم-(3/1188)
وأما ما ذكره- كثر الله فوائده- من تصحيح ذلك الوجه الذي آثره على طريق 0000000000. (1) فلا يخفى [2أ] أن ذلك لا يصار إليه إلا لتصحيح ما يفسد من الكلام إن لم يحمل عليه كما في قوله: علفتها تبنا (2) وماء باردا، فإنه لو حمل الكلام على ظاهره، ولم يحمل على التقدير كان فاسدا، لأن من سقى دابته لا يقال: أنه علفها ماء، فكان الحمل على ذلك متعينا لتصحيح الكلام الذي يفسد بدون الحمل عليه، وليس في هذه الآن ما يوجب ذلك، فإن الكلام قد صح بدون هذا (3) الحمل. والله أعلم.
واشتركن ي الدخول تحت حكمه، علم أن التحريم، راجع إلي أضدادها، وهي الإساءة إلى الوالدين، وبخس الكيل والميزان ... " وقد تقدم بكامله.
_________
(1) بياض في الأصل.
(2) وهو من شواهد ابن حني في الخصائص (2/ 431): " فصل في الحمل على المعنى " والشاهد من مقطوعة لخالد بن الطيفان:
علفتها تبنا وماء باردا ... حتى شتت همالة عيناها
فهذا محمول على معنى الأول لا لفظه: أي وسقيتها ماء باردا. .
شتت: أي أقامت في الشتاء.
(3) قال صاحب زاد المسير (3/ 147 - 148): وفي " لا " قولان:
أحدهما: أنها زائدة، كقوله: {ألا تسجد} [الأعراف: 12].
والثاني: أنها ليست رائدة وإنما هي نافية، فعلى هذا القول ي تقدير الكلام ثلاثة أقوال:
أحدهما: أن يكون قوله " أن لا تشركوا " محمولا على المعنى، فتقديره: أتل عليكم أن لا تشركوا أي: أتل تحريم الشرك.
الثاني: أن يكون المعنى: أوصيكم أن لا تشركوا، لأن قوله: {وبالوالدين إحسانا} [الإسراء: 23]
محمول على معنى أوصيكم بالوالدين إحسانا ذكرهما الزجاج في " معاني القرآن وإعرابه " (2/ 304).
الثالث: أن الكلام تم عند قوله: {حرم ربكم} ثم في قوله: {عليكم} قولان:
أحدهما: أنها إغراء، كقوله: {عليكم} [المائدة: 105] فالتقدير عليكم أن لا تشركوا. ذكره ابن الأنباري.
الثاني: أن يكون. بمعنى، فرض عليكم، ووجب عليكم أن لا تشركوا. وانظر "الجامع لأحكام القرآن " (7/ 131). وانظر "مفاتيح الغيب " (13/ 231 - 232).(3/1189)
انتهى. منقولا من خط المجيب المولى شيخ الإسلام- أسكنه الله في جنانه أعلم مقام. آمين آمين [2ب].(3/1190)
بحث في الكلام على قوله سبحانه {يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل}
تأليف العلامة
محمد بن علي الشوكاني
حققه وعلق عليه وخرج أحاديثه
محمد صبحي بن حسن حلاق
أبو مصعب(3/1191)
وصف المخطوط
1 - عنوان الرسالة: (بحت في الكلام على قوله سبحانه {يوم يأتي بعض ءايت ربك ... }).
2 - موضوع الرسالة والجواب والتذييل: تفسير.
3 - أول السؤال: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله وصلى الله على سيدنا محمد واله وصحبه وتابعيه إلى يوم الدين. كتب الفقير إلى الله سبحانه يحيى بن مطهر غفر الله لهما إلى القاضي ...
4 - آخر السؤال: ... وعلى كل تقدير فلم ينقدح الصواب والأمر قي أن يكشف عنه الجواب- إن شاء الله تعالى-،
5 - أول الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم. أقول بعد حمد الله، والصلاة والسلام على رسوله وآله. إن وجه الإشكال قي هذه الآية،
6 - آخر الجواب:
وكثر فوائده، قال: حرر في سلخ يوم الأربعاء لعله خامس شهر القعدة الحرام من شهور سنة / اثنين وثلاثين بعد اثني عشر مائة سنة هجرية. بملم السائل سامحه الله.
7 - أول التذييل: الحمد لله: وقف الحقير على ما حرره سيدي العلامة العماد- يحيى بن مطهر- عافاه الله من السؤال، وما تضمنه من الفوائد ...
8 - آخر التذييل: حرر ليلة الخميس لعله شهر ربيع الأول سنة / كتبه الحقير عل! ط بن أحد هاجر لطف الله به، وعفى عنه، وعن والديه، ورحم وقوفهم بين يديه.
9 - نوع الخط: خط نسخي معتاد.
10 - ناسخ السؤال والجواب: يجنى بن مطهر.
11 - ناسخ التذييل: على بن أحمد هاجر.(3/1193)
12 - عدد صفحات السؤال والجواب والتذييل: (10) صفحات.
13 - عدد الأسطر في الصفحة: (22 - 26) سطرا.
14 - عدد الكلمات في السطر: 11 - 13 كلمة.
15 - الرسالة من المجلد الرابع من " الفتح الرباني من فتاوى الشوكاني "(3/1194)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، وصلى الله على سيدنا محمد واله وصحبه، وتابعيه إلى يوم الدين.
كتب الفقير إلى الله- سبحانه- يحي بن مطهر (1) - غفر الله لهما- إلى القاضي العلامة الحجة البدر الشوكاني- سلمه الله تعالى- سائلا. مما صورته:
عن قول الله تعالى: {يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن ءامنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا} (2) إن كان الإيمان المجرد نافعا قبل إتيان بعض الآيات لكونه واقعا في وقته، فما النكتة في ذكر الكسب في الآيات، وجعله مقابلا للأول؟ وإن كان الكسب المجرد نافعا فما النكتة في تقييده بالكون في إيمان؟ أو كان لا بد منهما مثل: {الذين ءامنوا وعملوا الصالحات} (3) فما النكتة في ذكر الإيمان المجرد الكائن من قبل؟ وكيف معنى أو عليه؟ وذكرت له أنه قد وقع الإطلاع على بعض شيء مما تكلم به على هذه الآية لم يكشف عن وجه الاستدلال القناع، فعاد
_________
(1) يحي بن مطهر بن إسماعيل بن يحيى بن الحسين بن القاسم ولد في شهر جمادى الأولى سنة 1190 هـ وطلب العلم على جماعة من مشايخ صنعاء كالقاضي العلامة عبد الله بر مشحم وطبقته، وله جماعات كثيرة.
قال الشوكاني في ترجمته: "البدر الطالع " رقم (585). وهو حال تحرير هذه الترجمة يقرأ على في العضد وحواشيه وفي شرح التجريد للمؤيد بالله وفي شرحي على المنتقى ...... وهو الآن في عمل تراحم لأهل العصر، وقد رأيت بعضا منها فوجدت ذلك فائقا لما بابه، مع عبارات رصينة ومعاني جيدة، وقد سألني بسؤالات وأجبت عليها لرسائل هي في مجموعات الفتاوى، وله جدول مفيد جدا وأشعار فائقة ومعاني رائعة ومكاتباته إلي موجودة في مجموع الأشعار المكتوبة إلي ". توفي المترجم له سنة 1268 هـ. "
البدر الطالع " (رقم 585)، "نيل الوطر" (2/ 411 - 414).
(2) [الأنعام: 158]
(3) [البقرة: 25، 82]، [آل عمران: 57]، [النساء: 57، 173، 122)، وغيرها كثير في القرآن.(3/1201)
جوابه- كثر الله إفادته- بالإيماء إلى رقم ما تلخص من ذلك لتعلق عليه ما يستفاد به في المقام، ولم يسع إلا الإمساك.
وقد أطال العلامة أبو السعود في تفسيره (1) الكلام عليها جدا، وذكر الفهامة الزمخشري في كشافه (2) كلاما متينا، إلا أنه جعل أو. بمعنى الواو، قال عليه المحقق السراج في الكشف ما لفظه: اعلم أن الآية من المتشابهات إلا على الراسخين والذي نقول- والعلم عند الله، ومنه التوفيق- أن ظاهر النظم كان يقتضي أن يحصل النفع عند وجود أحد الأمرين من الإيمان أو الكسب، لولا أن الثاني مقيد بقوله: {في إيمانها} كما إذا قلت لا ينفع أحدا مال ليس من حل، أو أ يصرف في واجب أو فعل اقتضى بظاهره النفع إذا وجد أحد الأمرين، أما إذا قلت: أو لم يصرف مع ذلك، أي مع كونه حلا وجب العدول عن ذلك الظاهر، لئلا يبقى ذكر القسم الثاني لغوا في التأويل بأن المراد أفما معا شرطان في النفع والعدول إلى هذه العبارة لتقيد المبالغة في أنهما سيان، وإنما يستحسن إذا كان الأول أعرق بالشرطية كالإيمان والكسب فيه في الآية، وهذا ما انتهى إليه نظر العلامة- رحمه الله- ونحن معه إلا أنا نقول: إنا نعدل إلى التأويل الخاص إذا لم يكن محمله أقوى. وقد وجد في الآية بأن يكون من باب اللف التقديري أي: لا ينفع نفسا إيمانها [1ب] ولا كسبها في الإيمان لم تكن آمنت من قبل أو كسبت فيه خيرا. والترجيح من وجهن:
أحدهما من خارج، وهو ما ثبت (3) أن " من قال: لا إله إلا الله خالص مخلصا دخل
_________
(1) (3/ 147 - 149)
(2) (2/ 415)
(3) وهو حديث ضعيف أخرجه الطبراني في "الكبير" رقم (15074) وأبو نعيم في "الحلية" (1/ 311) من حديث زيد بن أرقم.
وأورده الهيثمى في "المجمع " (1/ 18) وقال: رواه الطبراني في "الأوسط " و"الكبير" وفي إسناده محمد ابن عبد الرحمن بن غزوان، وهو (وضاع).(3/1202)
الجنة " على ما كان من العمل في ضمن آيات وأحاديث تفوت الحصر.
والثاني: أن الآية وردت تحسيرا للمخلفين وعدهم بالرسول في البداية عند إنزال الكتاب إلى التكذيب به، والصدف عنه.
وعلى شاكلة كلامه كلام بعض الشراح وشراحهم حتى رأيت كلام شيخنا البدر في فتح القدير (1)، وكل ذلك لم يكشف عن وجه الاستدلال، لا سيما على ما اختاره أبو السعود (2)، وقد قال بقوله، ورجح ما رجحه الكردي في قسط السبيل. مما لم تطمئن إليه النفس.
ولا غرو أن يستروح أحد إلى القول: ينفع مجرد الإيمان فيستريح عن واجبات، ويأتي ما شاء من مقبحات. ولا بد من زيادة قد بين أن المراد بالآيات هي التي تضطرهم إلى الإيمان، وبن البعض (3) في حديث بأنه طلوع الشمس من مغربها. وظاهر الآية من أولها
_________
= وفي الباب من حديث أنسى وأبي هريرة. .
فأما حديث أنس فقد أخرجه البخاري رقم (128) ومسلم رقم (32) أن النبي-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومعاذ رديفه على الرحل قال: " يا معاذ بن جبل! " قلت: لبيك يا رسول الله، وسعديك ثلاثا، قال: " ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله صدقا من قلبه إلا حرمه على النار ". .
وأما حديث أبي هريرة فقد أخرجه البخاري رقم (99) قلت: يا رسول الله، من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لقد ظننت يا أبا هريرة! أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك لما رأيت حرصك على الحديث، أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من
قال لا إله إلا الله خالص من قلبه أو نفسه".
(1) (2/ 187)
(2) في تفسيره (3/ 147)
(3) يشير إلى الحديث الذي أخرجه مسلم رقم (2703) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه". .
وأخرج مسلم في صحيحه رقم (2759) عن أبي موسى رضي الله عنه، أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:" إن الله عز وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها "(3/1203)
يقتضي أن النفع في تلك المواطن كلها، أعني: حال إتيان ملائكة الموت لقبض الأرواح، وعند إتيان الرب- سبحانه- أو آياته، وعند إتيان بعضها أي: الشمس مشروط بأحد أمرين: إما الإيمان من قبل، وإن لم يكسب فيه صاحبه خيرا قط، أو الكسب المجرد، إلا أنه ورد مقيدا بكونه واقعا في إيمان، وعلمه السؤال المذكور، لأنه إن كان الإيمان مأخوذا معه لم يتم المقابلة، وإن أخذ الكسب مجردا عنه لم يتم لعدم اعتباره منفردا ولا قال به أحد وإن أخذ الإيمان مجردا عن الأعمال فقد قال باعتباره جماعة، ودلت عليه أحاديث من قال: لا إله إلا الله، إلا أنه يشكل عليه آيات وأحاديث: قال تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (1) وقال تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ} (2)، وقال تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا} (3) فاشترط في كون السعي مشكورا ثلاث شرائط: إرادة الدار الآخرة بأن يعقد ها همه، ويتجافى عن دار الغرور، والسعي فيما كلفه من الفعل والترك، والإيمان [2أ] الصحيح الثابت كما في الكشاف (4)، فدلت على أن الإيمان المجرد
_________
(1) [هود: 15 - 16]
(2) [الشورى: 20]
(3) [الإسراء: 18 - 19]
(4) (2/ 415 - 416)(3/1204)
لا ينفع كما هو رأي المعتزلة (1) والخوارج (2). ولهذا يرون حمل الناس على الإيمان لاعتقادهم أن مرتكب الكبيرة كافر، لأن الأعمال عندهم جزء من حقيقة الإيمان لا من كماله، فإذا عدم الجزء (3) عدم الكل. ولا واسطة بين الإيمان والكفر. وقابل ذلك قول المرجئة (4): لا يضر مع الإيمان ذنب، كما لا ينفع مع الكفر طاعة. والآيات قد تدل
_________
(1) تقدم التعريف هما (ص 656)، و (ص 153، 856).
(2) تقدم التعريف هما (ص 656)، و (ص 153، 856).
(3) قالت المعتزلة: " الطاعات كلها من الإيمان، فإذا دهب بعضها ذهب بعض الإيمان، فذهب سائره، فحكموا بأن صاحب الكبيرة ليعس معه شيء من الإيمان.
(4) وقالت المرجئة الإيمان تصديق القلب واللسان لأنا إذا أدخلنا فيه الأعمال، صارت جزءا منه، فإذا ذهبت ذهب بعضه فيلزم إخراج ذي الكبيرة من الإيمان.
انظر "مجموع فتاوى" (7/ 510) (12/ 471) "منهاج السنة" (5/ 204 - 205). .
يقول ابن تيمية في "مجموع فتاوى" (7/ 353) وطوائف أهل الأهواء من الخوارج والمعتزلة، والجهمية والمرجئة، كرامية، وغير كراميهم يقولون: إنه لا يجتمع في العبد إيمان ونفاق، ومنهم من يدعي الإجماع على دلك وقد ذكر أبو الحسن الأشعري في بعض كتبه الإجماع ومن هنا غلطوا فيه، وخالفوا فيه الكتاب والسنة، وآثار الصحابة والتابعين لهم بإحسان مع مخالفة صريح المعقول ... ".
إن الإيمان عند جمهور أهل السنة له شعب متعددة، كما أضر بذلك أعلم الخلق صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حديث "شعب الإيمان" وكل شعبة منه تسمى إيمانا، فالصلاة وسائر أعمال الجوارح من الإيمان، والأعمال الباطنة كالحياء والتوكل والرجاء من الإيمان وهذه الشعب منها ما يزول الإيمان بزوالها كشعبة الشهادة، ومنها ما لا يزول بزوالها كترك إماطة الأذى عر الطريق وبينهما شعب متفاوتة تفاوتا عظيما.
انظر: كتاب الصلاة لابن القيم ص 53.
يقول ابن تيمية في "مجموع فتاوى" (12/ 472، 473) (4/ 517): " الإيمان: مركب من أصل لا يتم بدونه، ومن واجب ينقص بفواته نقصا يستحق صاحبه العقوبة، ومن مستحب يفوت بفواته علو الدرجة، فالناس فيه ظالم لنفسه، ومقتصد، وسابق، وكالحج وكالبدن والمسجد وغيرها من الأعيان والصفات، فمن أجزائه ما إدا دهب، نقص عر الأكمل، ومنه ما نقص عن الكمال وهو ترك الواجبات أو فعل المحرمات، ومنه ما نقص ركنه وهو ترك الاعتقاد والقول ".
مثال الإيمان كالحج في اشتمالهما على أركان، وواجبات ومستحبات ففي الحج أركان متى تركت، لم يصح الحج كالوقوف بعرفة، ومشتمل على واجبات من فعل أو ترك، يأثم بتركها أو فعلها عمدا ويجب مع تركها الجبران بدم، كالإحرام من المواقيت المكانية ومشتمل على مستحبات من فعل
وترك يكمل الحج ها، فلا يأثم بتركها ولا يجب بدم، مثل رفع الصوت بالإهلال والإكثار منه.
ولقد تواترت النصوص الدالة على أن الإيمان يقبل التبعيض والتجزئة كقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يخرج من النار من كان في قلبه مثقال حبة من الإيمان ".
- أخرجه البخاري رقم (44) ومسلم قي حديثه رقم (325) -.
أما أئمة السنة والجماعة، فعلى إثبات التبعيض في الاسم والحكم فيكون مع الرجل بعض الإيمان.
لا كله، ويثبت له من حكم أهل الإيمان وثوابهم بحسب ما معه، كما يثبت له من العقاب بحسب ما عليه، وولاية الله بحسب إيمان العبد وتقواه، فيكون مع العبد من ولاية الله بحسب ما معه من الإيمان والتقوى، فإن أولياء الله هم المؤمنون المتقون ".
انظر: "مجموع فتاوى" (18/ 275). (11/ 173 - 175).(3/1205)
للطائفتين المتقدمتين، وإن كانت في الكفار، فعموم الموصول صاع للاستدلال به، وعليه فيتحصل أن الإيمان (1) قول باللسان، وعمل بالأركان، واعتقاد بالقلب.
_________
(1) وهو تعريف أهل السنة وقد حكى غير واحد منهم الإجماع على ذلك كابن عبد البر في التمهيد (9/ 248) اتباعا للنصوص القرآنية:
(منها): ما يدل على أن الإيمان تصديق بالقلب.
قال تعالى: {ولما يدخل الإيمان في قلوبكم} [الحجرات: 14].
قال تعالى: {كتب في قلوبهم الإيمان} [المجادلة:22].
وقال تعالى: {يأيها الرسول لا يحزنك الذين يسرعون في الكفر من الذين قالوا ءامنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم} [المائدة: 41].
(منها): ما يدل على أن الإيمان إقرار باللسان.
قال تعالى: {قولوا ءامنا بالله ومتا أنزل إلينا} [البقرة:136].
قال تعالى: {وقولوا ءامنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم} [العنكبوت:46].
(ومنها): ما يدل على أن الإيمان عمل الجوارح: قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" الإيمان بضع وستون شعبة، فأفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان".
أخرجه البخاري رقم (9) ومسلم رقم (35) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لوفد عبد القيس: " .... أتدرون ما الإيمان بالله وحده "؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: " شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة وصيام رمضان وأن تعطوا من المغنم الخمس ". أحرجه البخاري في صحيحه رقم (53) ومسلم في صحيحه رقم (17).
تنوعت عبارات السلف الصالح في تعريف الإيمان، فتارة يقولون: هو قول وعمل، وتارة يقولون: قول باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح، وتارة يقولون: هو قول وعمل ونية، وتارة يقولون: قول وعمل ونية واتباع السنة.
وكل هذا صحيح، فلس بين هذا العبارات اختلاف معنوي، كما بينه ابن تيمية في " مجموع فتاوى"- (7/ 170، 171، 505، 506) - فقال: إذا قالوا: قول وعمل فإنه يدخل في القول قول القلب واللسان جميعا، وهذا هو المفهوم من لفظ القول والكلام، ونحو ذلك إذا أطلق فإن القول المطلق، والعمل المطلق في كلام السلف يتناول قول القلب واللسان، وعمل القلب والجوارح، فقول اللسان بدون اعتقاد القلب هو قول المنافقين، وهذا لا يسمى قولا إلا بالتقييد. كقوله تعالى: {يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم} [الفتح: 11]. وكذلك عمل الجوارح بدون أعمال القلوب هي من أعمال المنافقين، التي لا يتقبلها الله، فقول السلف يتضمن القول والعمل الباطن والظاهر.
ومن أراد الاعتقاد رأى أن لفظ القول لا يفهم منه إلا القول الظاهر، أو خاف ذلك, فزاد الاعتقاد بالقلب، ومن قال: قول وعمل ونية، قال القول يتناول الاعتقاد وقول اللسان، وأما العمل فقد لا يفهم منه النية فزاد ذلك ومن زاد اتباع السنة فلأن ذلك كله لا يكون محبوبا لله باتباع السنة، وأولئك لم يريدوا كل قول وعمل، إنما أرادوا ما كان مشروعا من الأقوال والأعمال، ولكن كان مقصودهم الرد على "المرجئة" الذين جعلوه قولا فقط. فقالوا: بل هو قول وعمل، والذين جعلوه "أربعة أقسام " فسروا مرادهم. كما سئل بن عبد الله التستري عن الإيمان ما هو؟ فقال: قول وعمل ونية وسنة، لأن الإيمان إذا كان قولا وعملا بلا نية فهو نفاق وإذا كان قولا وعملا ولية بلا سنة فهو بدعة ".(3/1206)
ومما يدل على تفاوت مراتب المحسنين وغيرهم قول الله تعالى: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} (1) وقال تعالى: {وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلَا الْمُسِيءُ قَلِيلًا مَا تَتَذَكَّرُونَ} (2)
_________
(1) [الجاثية: 21]
(2) [غافر58](3/1207)
، وقال سليمان بن عبد الملك لأبي حازم: يا أبا حازم ما لنا عند الله؟ قال: اعرض عملك على كتاب الله، قال تعالى: {إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم} (1)، قال: فأين رحمة الله؟ قال: {قريب من المحسنين} (2) لا من المحرومين. قال: فأين القربات؟ قال: إنما يتقبل الله من المتقين. قال: فأين قرابتنا من رسول الله؟ قال: {ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع} (3) انتهى.
ودل على اعتبار الأعمال مثل قول الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} (4) غير أنه جمع فيها الذين امنوا وعملوا الصالحات.
ومثل حديث " الإيمان بضع وسبعون شعبة، فأفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق " (5).
وفي مروج الذهب .... .... .... .... .... .... .... .... .....
_________
(1) [الانفطار: 13 - 14]
(2) [الأعراف: 56]
(3) [غافر: 18]
(4) [الأنفال: 2 - 4]
(5) أخرجه البخاري رقم (9) ومسلم رقم (35) من حديث أبي هريرة وقد تقدم.(3/1208)
للمسعودي (1) من ترجمة المغيرة ما لفظه: حدثني محمد بن الفرج. بمدينة بخارى في المحلة المعروفة ببير أبي عنان، قال: حدثني أبو دعامة قال: أتيت علي ابن محمد بن علي بن موسى عائدا في علته التي كانت وفاته ها في هذه السنة، فلما هممت بالانصراف قلل لي: يا أبا دعامة قد وجب حقك أفلا أحدثك حديثا تسر به؟ قال: قلت ما أحوجني إلى ذلك يا بن رسول الله، فذكر إسناده عن آبائه إلى علي- رضي الله عنهم- قال رسول الله - صلى الله عليه واله وسلم-: " يا علي اكتب " فقلت: وما أكتب؟ قال: " اكتب بسم الله الرحمن الرحيم، الإيمان ما وقر في القلب وصدقته الأعمال، وإن شئتم ما جرى على اللسان، وحلت به المناكحة " انتهى.
وهذا وإن لم يثبت من طريقة معتبرة فقد دل عليه القران في الجملة، وورود السحنة الصحيحة ببيان إن شئتم والإيمان يعني ما ذكر لا ينافي ما ثبت في غيرها لا يخالفه. وأحاديث لا إله إلا الله يحمل على من امن ولم يتمكن من العمل، بل مات عقب قولها، فإنها تنفعه- إن شاء الله- مع مواطأت القلب على العمل بأحكام الشرع فعلا وتركا ما عاش، وأما نفعها يوما ما [2ب] فيصدق على غير ذلك، ولكن من يقدر على حر النار لحظة مع ما شاهد من عدم القدرة على حر القيظ.
وقد ورد في الحديث "إلا بحقها" (2) ومن صار إلى النار يوما ما بسبب الإخلال، ولم تنفعه قطعا كما أنها لم تنفعه في الدنيا، ومن الإخلال بحقها مقارفة بعض المعاصي مما ورد
_________
(1) (4/ 194 - 195) تحت عنوان (ذكر حلافة المعتز بالله الزبير لما جعفر) وفقرة (على بن محمد الطالبي).
(2) أخرجه مسلم في صحيحه رقم (34) من حديث أبي هريرة عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " أمرت أن أقاتل الناس حتى يؤمنوا أن لا إله إلا الله، ويؤمنوا وبما جئت به، بإذن فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم، وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله ".(3/1209)
فيه أن من فعله فهو في نار جهنم خالدا مخلدا، مما لا يمكن أن يفرق معه بين قائلها وبن من لم يقلها أصلا إلا أن يوجد لمثل تلك الأحاديث الشديدة محملا، نحو أن يقال: إن المراد بالخلود المكث الطويل ترجيحا للأحاديث المتواترة (1) في الخروج من النار، لأن تلك مخصصة، ويلزم مثلما يقال فيها فيما ورد في خلود الكفار وما قال به أحد فيما أعلم، وعليه فلا يبقى للأحاديث- نحرج من النار- فائدة، فالأولى حمل أحاديث لا إله إلا الله
_________
(1) منها ما أخرجه البخاري رقم (7510) ومسلم رقم (193) من حديث أنصر الطويل في الشماعة. وفيه "وعزتي وجلالي لأخرجن من النار من قال لا إله إلا الله ".
(ومنها): ما أحرجه مسلم رقم (325/ 193) من حديث أنس بن مالك قال: أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن شعرة، ثم يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن شعرة، ثم يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن برة، ثم يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن ذرة ".
قال الحافظ الحكمي في " معارج القبول " (2/ 528 - 529 بتحقيقى): ثم اعلم أن الأحاديث الدالة على أن الشهادتين سبب لدخول الجمة والنحاة من النار لا تناقض بيمها وبين أحاديث الوعيد التي فيها: من فعل ذنب كذا فالجنة عليه حرام، أو لا يدخل الجنة من فعل كذا، لإمكان الجمع بين النصوص بأنها جنان كثيرة كما أخبر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبأن أهل الجنة أيضًا متفاوتون في دخول الجنة في السبق وارتفاع المنازل، فيكون فاعل هذا الذنب لا يدخل الجنة التي أعدت لمن لم يرتكبه، أو لا يدخلها في الوقت الذي يدخل فيه من لم يرتكب ذلك الذنب، وهذا واضح مفهوم للعارف بلغة العرب.
وكذلك لا تناقض بين الأحاديث التي فيها تحريم أهل هاتين الشهادتين على النار، وبين الأحاديث التي فيها إخراجهم منها بعد أن صاروا حمما لإمكان الجمع بأن تحريم من يدخلها بذنبه من أهل التوحيد بأن تحريمه عليها يكون بعد خروجه منها برحمة الله ثم بشفاعة الشافعين، ثم يغتسلون في فر الحياة ويدخلون الجنة فحينئذ قد حرموا عليها فلا تمسهم بعد ذلك. أو أن يكون المراد أنهم يحرمون مطلقا على النار التي أعدت للكافرين التي لا يحرج منها من دخلها، وهى ما عدا الطبقة العليا من النار التي يدخلها بعض عصاة أهل التوحيد ممن شاء الله تعالى عقابه وتطهيره على قدر ذنبه، ثم يخرجون فلا يبقى فيها أحد من أهل التوحيد.(3/1210)
على من لم يتمكن من ا! لعمل، أو على من قالها مع القيام بعظم حقها مع الاختلال ببعض صفر في الدنيا منها، فهو بذلك أقرب إلى القيام. بحقها كما ورد التقييد به في أحاديث صحيحة، وكان مجرد قولها نافعا لم يصر قائلها في حالة إلى النار.
وقد ورد حديث (1): " لا إله إلا الله كلمة عظيمة كريمة على الله، من قافا مخلصا ستوجب الجنة، ومن قالها كاذبا عصمت ماله ودمه وكان مصره إلى النار ".
ولما كان المنافقون في الدرك الأسفل من النار. وبعضهم حمل الأحاديث على نفعها ويوما جمعا بين الأدلة وفيه ما تقدم. وأيضا فإنما يتم على رأي من يقول بالخروج من لنار كما وردت به الأحاديث (2) الصحاح.
أما على رأي أهل الاعتزال (3) المشددين في اعتبار الأعمال مع الإيمان على ما هو لأظهر هنا فلا يتم، ولقد جمعوا بين تشديدين: اشتراط الأعمال، والقول بخلود العصاة من أهل لا إله إلا الله مع الكفار، وكانوا بغير أحد المعا لم أحرى خصوصا مع غلبة التقصير على أكثر البشر، وبه تعلم مقدار القول بالخلود. نسأل الله السلامة من النار. وكلمات أكثر المفسرين غير كاشفة عن المقصود تركت نقلها أثناء مراجعة الاستناد لها، ونقلت كلام الكشاف (4) لما فيه من الإلماع مع التحقيق في كل الذي قيل. وما قاله من اللف التقديري نقله ابن هشام في المغني (5) عن ابن عطية (6)، وابن الحاجب (7) أن الآية من
_________
(1) فلينظر من أخرجه؟!
(2) تقدم ذلك آنفا.
(3) انظر: " المعتزلة وأصولهم الخمسة " (ص 262 - 263).
(4) (2/ 415 - 416).
(5) مغني اللبيب " (2/ 628): ثم قال: والآية من اللف والنشر وإذا وبهذا التقدير تندفع شبهة المعتزلة كالزمخشري وغيره، إذ قالوا: سوى الله تعالى بين عدم الإيمان الذي لم يقترن بالعمل الصالح في عدم الانتفاع به، وهذا التأويل ذكره ابن عطية وابن الحاجب.
(6) عزاه إليه في "مغني اللبيب " (2/ 628).
(7) عزاه إليه في "مغني اللبيب " (2/ 628).(3/1211)
حذف المعطوف، أي لا ينفع نفسا إيمانها وكسبها إلخ.
وقد يقال: إن تقدير الكلام قبل ورود النفي: ينفع الإيمان نفسا كانت آمنت من قبل، أو كسبت في إيمانها خيرا، أي كانت فعلت أحد الأمرين [3أ] فهو في معنى الإيجاب الجزئي، لأنه في قوة كان أحد الأمرين مفعولا لها مثلما ورد النفط رفع الإيجاب الجزئي ورفع الإيجاب الجزئي سلب كلي معنى أن أو كسب معطوف على مدحور ثم والإيجاب الجزئي تحقق فيه الحكم بأحد الشيئين وفي سلبه يتحقق بانتفائهما، فيكون من قبيل: {ولا تطع منهم ءاثما أو كفورا} (1)، أو تقرير الكلام أنه إما أن يعل من سلب الانفصال. بمعنى أن النفع قد اشترط بأحد الأمرين، وهما الإيمان المتقدم، والكسب قي الإيمان، وهناك انفصال في الإنبات فإذا دخله السلب رفع هذا الانفصال، وكان واردا على الأخذ الدائر بين الأمرين، فيلزم من نفي الأخذ الدائر ارتفاع كل واحد منهما، فيصير الشرط له ارتفاع النفع ارتفاع كل واحد منهما، وهو سلب كلي يصير التكلم معه في قوة ما إذا قيل: لا ينفع نفسا إيمانها إذا لم يحصل واحد من إيمان أو كسب في إيمان، وهذا كما قال المحقق الجلال في قول الله تعالى: {ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة} (2) أو يجعل من انفصال السلب، فيقدر أن حرف الانفصال أعني أو وارد بعد اعتبار السلب في الطرفين، فيصير الشرط (3) في ارتفاع النفع وجود أحد السلبين، فيكون في قوة ما إذا قيل: لا تنفع نفسا إيمانها إذا حصل أحد عدمن: إما عدم الإيمان، أو عدم الكسب في إيمان.
وعلى هذا التقدير يلزم إذا ارتفع الكسب في إيمان مع وجود الإيمان أن يرتفع النفع، وليس المعنى عليه فتعين أن يكون من سلب الانفصال.
_________
(1) [الإنسان: 24]
(2) [البقرة: 236]
(3) انظر: "روح المعاني" (8/ 66 - 68)، و"المغني " لابن هشام (1/ 66).(3/1212)
هذا تقدير كلام الأشعري (1). وللمعتزلي (2) أن يناقشه فيمنع عدم صحة طريق انفصال السلب، ويلتزم صحة ارتفاع النفع عند ارتفاع الكسب في إيمان مع وجود إيمان. وما قيل من أنه ليس المعنى عليه في غير الدعوى لا برهان عليها. وعلى كل تقدير فلم ينقدح الصواب والأمر في أن يكشف عنه الجواب- إن شاء الله تعالى-.
_________
(1) تقدمت ترجمته (151).
(2) انظر كلام ابن تيمية في مناقشة ذلك وقد تقدمت.(3/1213)
بسم الله الرحمن الرحيم
أقول بعد حمد الله، والصلاة والسلام على رسوله واله:
إن وجه الإشكال في هذه الآية الكريمة هو أن عدم الإيمان السابق (1) يستلزم عدم كسب الخير فيه بلا شك ولا شبهة، إذ لا خير لمن لا إيمان له، فيكون، على هذا ذكره تكرارا عن كان حرف التخيير على بابه من دون تأويل، وأيضا عدم الإيمان [3ب] مستقل في إيجابه للخلود في النار، فيكون ذكر عدم الباب لغوا، وكذلك وجود الإيمان مع كسب خير فيه مستقل في إيجابه للخلوص عن النار، وعدم الخلود فيها، فيكون ذكر الأول أعني الإيمان مجرده لغوا، فهذا وجه الإشكال في الآية باعتبار حرف التخير المقتضى لكفاية أحد الأمرين على انفراده، وقد ذكروا في التخلص عن هذا الإشكال وجوها: أحدها: أنه يتحقق النفع بأيهما كان، ولا يخفاك أن هذا تدفعه الأدلة الواردة لعدم الانتفاع بالإيمان من دون عمل.
والوجه الثاني: أنه لا ينفع إلا تحقق الأمرين (2) جميعا: الإيمان وكسب الخير فيه، وهذا أيضًا يدفعه المعنى العربي والإعرابي، فإنه لو كان هو المراد لقال لم تكن أمنت من قبل وكسبت في إيمانها خيرا.
الوجه الثالث: أن ذكر الشق الثاني من شقي الترديد لقصد بيان النفع الزائد، ويجزي الأفضل والأكمل، وهذا إيضاحه خروج عما يوجبه معنى الترديد الذي يقتضيه حرفه الموضوع له (3). الوجه الرابع: أن إيراد الكلام مرددا على هذه الصفة (4) المقصود به التعريض بحال
_________
(1) انظر: " روح المعاني " (8/ 66).
(2) عزاه الألوسي في " روح المعاني " لأبي الكمال: وتعقمه الألوسي بقوله: فكلام هذا العلامة لا يخلو من نظر.
(3) انظر: روح المعاني (8/ 66).
(4) المصدر السابق. ونظم الدرر (7/ 332 - 333).(3/1214)
الكفار المفرطين في الأمرين جميعا، وهذا أيضًا خروج عن مقصود الآية بتأويل بعيد جدا لم يدل عليه دليل.
الوجه الخامس: إن الآية من باب اللف (1) التقديري، أي لا ينتفع نفسا إيمانها ولا كسبها في الإيمان لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا، ورد بأن مبنى الفف التقديري على أن يكون المقدر من متممات الكلام ومقتضيات المقام، فترك ذكره تعويلا على دلالة الملفوظ عليه واقتضائه إياه ما ليس هذا من ذاك.
الوجه السادس: أفما معا شرطان في النفع، وأن العدول إلى هذه العبارة لقصد المبالغة في شأن كل واحد منهما بأنه صاع للاستقلال بالنفع في الجملة. ولا يخفى أن هذا مجرد دعوى لا دليل عليها، وإخراج للترديد عن مفاده الذي تقتضيه اللغة.
الوجه السابع: أن ظاهر الآية المقتضي لمجرد نفع الإيمان (2) المجرد معارض بالأدلة/ الصحيحة الثابتة كما جاء في السنة أنه لا ينفع الإيمان إلا مع العمل، وهذا هو الوجه القوي، والتقدير السوي، والاستدلال الواضح الراجح لسلامته عن التكلفات والتعسفات في معنى الآية، وعن الائتمار لما فيها من الترديد الواضح بين شقي الإيمان المجرد، والإيمان مع العمل. ولا ينافي هذا ما ورد من الأدلة الدالة على نفع الإيمان المجرد، فإنها مقيدة بالأدلة الدالة على وجوب العمل. مما شرعه الله لعباده من أصول الشرائع وفروعها، فاشدد يديك على هذا، ولا تلتفت إلى ما وقع من التدقيقات الزائفة، والدعاوي الداحضة، فإن ذلك لا حامل عليه، ولا موجب له إلا المحاماة على المذاهب ونصوصها، وجعل نصوص الله- سبحانه- تابعة لها، وتأويل ما جاء أهلها حتى كأنها هي الشريعة المحكمة التي يرد إليها كتاب الله وسنة رسوله.
_________
(1) ذكره صاحب " الدر المصون " (5/ 234 - 235) و" روح المعاني " (66/ 8).
(2) انظر: " فضل لا إله إلا الله " للإمام يوسف بن حسن بن عبد الهادي المقدسي الحنبلي. ونواقض الإيمان القولية والعملية. الدكتور عبد العزيز لن محمد بن لحط العبد اللطف.(3/1215)
ومن العجب أن محققي المفسرين وكبارهم مع ما في هذه الآية من الإشكال المقتضى كلاب لتوسيع دائرة المقال اكتفوا في الكلام عليها بالنذر الحقير، والبحث الحسير، حتى إن الرازي (1) مع تطويله للمباحث في غالب تفسيره اقتصر في تفسيره على قوله: والمعنى أن أشراط الساعة إذا ظهرت ذهب أوان التكاليف عندها، فلم ينفع الإيمان نفسا آمنت قبل ذلك، وما كسبت في إيمانها خيرا قبل ذلك. انتهى بحروفه، فانظر هذا الذي اقتصر عليه، واجعله موعظة لك، فإنه إنما يكون تفسيرا للآية لو كانت هكذا: لم تكن آمنت من قبل وكسبت في إيمانها خيرا من دون حرف التخيير. وهكذا الزمخشري قبله، فلقتصر في تفسير الآية على مالا يسمن ولا يغني من جوع.
وفي هذا المقدار كفاية لمن له هداية. والله ولي التوفيق نقل من خط المجيب القاضي العلامة محمد بن علي الشوكاني- حفظه الله تعالى، وكثر فوائده- قال:
حرر في سلخ يوم الأربعاء لعله خامس شهر القعدة الحرام من شهور سنة 1232 اثنين وثلاثين بعد اثني عشر مائة سنة هجرية بقلم السائل سامحه الله/ [4ب]
_________
(1) في تفسيره (14/ 7)(3/1216)
الحمد لله:
وقف الحقير على ما حرره سيدي العلامة العماد مجيء طهر (1) - عافاه الله- من السؤال وما تضمنه من الفوائد، وعلى ما أجاب به شيخنا ومولانا العلامة بدر الإسلام محمد بن علي الشوكاني- حفظه الله-، وما تضمنه جوابه من الفوائد. وجميع الوجوه التي وجهت ها الآية الكريمة لا تخلو من التكلفات، وأقرها وأقلها تكلفا ما استقواه المجيب - عافاه الله- مع كونه لا يخلو عن تكلف، ولاح للحقير حليف التقصير وجه أراه خاليا عن التكليف، سالما عن الإشكالات الواردة على غيره فيما أراه، وللناظر نظرة، وفوق كل ذي علم عليم.
وهو: أن النفس المذكورة في قوله تعالى: {يوم يأتي بعض ءايت ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن ءامنت من قبل أو كسبت فئ إيمانها خيرا} (2) تعمل نوعين: وهي النفس التي لم يقع منها إيمان قط، والنفس التي آمنت من قبل مجيء بعض آيات الله، ولم تعمل خيرا قط، لأنها نكرة في سياق النفي (3). فأما النفس التي آمنت من قبل مجيء الآية، وعملت خيرا فإنه لم يكن الكلام مسوقا لها قطعا.
وإذا تقرر أنها تعم النوعين، وهي النفس التي لم تؤمن قبل مجيء الآية، والنفس التي آمنت من قبل، ولم تعمل خيرا من قبل مجيء الآية فالترديد الواقع بأو في الآية الكريمة لبيان حال النفسين.
الأول: لبيان حال الكافرة التي لم تؤمن من قبل مجيء الآيات، فالإيمان عند إتيان الآية لا ينفعها قطعا.
_________
(1) تقدمت ترجمته (ص 1201).
(2) [الأنعام: 158]
(3) انظر: " الدر المصون " (7/ 333) و" روح المعاني " (8/ 65) و" الكوكب المنير " (3/ 136).(3/1217)
والثاني: وهو قوله: {أو كسبت في إيمانها خيرا} (1) لبيان حال النفس التي قد آمنت قبل مجيء الآية، ولم تعمل خيرا من قبل ذلك، فلا بد من ذلك الترديد لبيان حال النفسين، ولا يغني أحدهما عن الآخر قطعا، وهذا هو المطابق [5أ] لما ورد من الأحاديث الدالة على أن بعض الآيات المذكورة في الآية الكريمة هي طلوع الشمس (2) من مغربها، وأن عندها يغلق باب التوبة، فالنفس التي لم تؤمن من قبل مجيئها لم ينفعها إيمانها قطعا، لأن الإيمان توبة عن الشرك، وهي غير مقبولة، لأنه قد غلق بابها، والنفس التي قد كانت آمنت من قبل لمجيئها ولم تكسب في إيمانها خيرا لم ينفعها إيمانها أيضا، لعدم إمكان تدارك التفريط الحاصل منها بالتوبة، لأنه قد غلق بابها، على أن إيمانها الواقع من قبل مجيء الآية مع عدم كسب خير فيه أصلا كالإيمان عند من يقول: الإيمان قول وعمل، وعليه الجماهير من العلماء. وكذلك عند من جعل الأعمال شرطا في الإيمان، فهذا ما دلت عليه الآية الكريمة من غير تكلف، ولا تعسف، ولا تأويل، ولا إخراج للكلام عن ظاهره، ولا اعتبار تقدير لفص في الكلام مع الخلوص عما ذكر في الآية من الإشكالات على كلمة "أو".
فإن قلت: فقد ورد في الأحاديث ما يقضي بنفع الإيمان المجرد يوما ما، والآية الكريمة دلت على عدم نفعه مطلقا.
قلت: قوله تعالى في الآية الكريمة: {لا ينفع نفسا إيمانها} (3) يحتمل أن يراد به الإيمان الواقع عند مجيء بعض الآيات في حق النفس التي قد كانت آمنت من قبل ولم
_________
(1) [الأنعام: 158]
(2) (ومنها): ما أخرجه مسلم في صحيحه رقم (39/ 2901) عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال: اطلع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علينا ونحن نتذاكر. فقال: " ما تذاكرون؟ " قالوا: نذكر الساعة. قال: "إنها لن تقوم حتى ترون قبلها عشر آيات " فذكر الدخان، والدجال، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى بن مريم ويأجوج ومأجوج، وثلاثة خسوف: خسف بالمشرق وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب. وآخر ذلك نار تخرج من اليمن، تطرد الناس إلى محشرهم.
(3) [الأنعام: 158](3/1218)
تعمل خيرا قط، كما هو المراد أيضًا في حق النفس الكافرة، وهو الظاهر لقوله تعالى: {يوم يأتي بغض ءايت ربك لا ينفع نفسا إيمانها} (1). ولا شك أن ذلك الإيمان الواقع عند مجيء الآية غير نافع قطعا، لأنه واقع في وقت لم تقبل فيه توبة، وإنما النافع لها يوما ما هو الإيمان المتقدم، وهذا واضح عند من جعل الإيمان يزيد (2) وينقص، وكذلك عند من جعل الأعمال منه وهو المختار. قال تعالى: {وما كان له} [5ب] (3) .. ....
... عليهم من سلطان إلا لنعلم من يؤمن بالآخرة ممن هو منها في شك {(4) فأفادت هذه الآية أن طاعة الشيطان دليل على عدم الإيمان بالآخرة، وأن من أطاعه فهو في شأ من الآخرة، فطاعة الشيطان دليل على حصول الشك وعدم الإيمان، ولذا جاء عن رسول الله- صلى الله عليه واله وسلم-: " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن " (5). ولعل وضع الظاهر موضع المضمر في
_________
(1) [الأنعام: 158]
(2) جماهير أهل السنة على أن الإيمان يزيد بالعمل الصالح والعلم النافع وزيادة المؤمن به وتظاهر الأدلة والنظر والتدبر والتفكير في مخلوقات الله، كما أنه ينقص بالمعاصي ونقص الطاعات وغيرها مما ذكر أنه يزبد بزيادته والأدلة على دلك من الكتاب والسنة كثيرة (منها): قوله تعالى: {وإذا تليت عليهم ءاياته زادتهم إيمانا} [الأنفال: 2]، وقوله تعالى: {ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم} الفتح:4].
قال! س: " من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن ا يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه. وذلك أضعف الإيمان "
أخرجه مسلم لما صحيحه رقم (78/ 49) من حديث أبي سعيد.
وانظر: مجموع فتاوى (3/ 355) (5/ 351)، شرح العقيدة الطحاوية (ص 320 - 323).
(3) [في المخطوط _أي الشيطان_]
(4) [سبأ: 21]
(5) أخرجه البخاري رقم (2475) ومسلم في صحيحه رقم (57) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. . قال ابن تيمية في " الإيمان " (ص 290 - 291): ومعلوم أن الراني إنما يزني لحب في نفسه لذلك الفعل، فلو قام بقلبه خشية الله التي تقهر الشهوة أو حب الله الذي يغلبها لم يزن ولهذا قال تعالى عن يوسف عليه السلام:} كذالك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين & [يوسف: 24] فمن كان مخلصا لله حق الإخلاص لم يزن، وإنما يزني لخلوه من ذلك، وهذا هو الإيمان الذي ينزع منه، لم ينزع منه نفس التصديق ولهذا قيل: هو مسلم وليس منافقا، لكن ليس كل من صدق قام بقلبه من الأحوال الإيمانية الواجبة مثل كمال محبة الله ورسوله ومثل خشية الله والإخلاص له في الأعمال والموكل عليه
... ". وقد ثبت أنه لا بكون الرجل مؤمنا حتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وإنما المؤمن من لم يرتب، وجاهد. بماله ونفسه في سبيل الله، فمن لم تقم بقلبه الأحوال الواجبة في الإيمان، فهو الذي نفى عنه الرسول الإيمان وإن كان معه التصديق، والتصديق من الإيمان، ولا بد أن يكون مع التصديق شيء من حب الله وحشية الله، وإلا فالتصديق الذي لا يكون معه شيء من ذلك ليس إيمانا البتة. .
وقيل: أي المراد نفى كمال الإيمان لا نفى اصل الإيمان، وهو من الألفاظ التي تطلق على نفي الشيء ويراد نفى كماله، وهو كثير في لغة العرب، وعلى هذا التأويل أكثر أهل العلم، جمعا بين هذا الحديث ونحوه من الأحاديث التي ظاهرها نفى الإيمان عن العصاة، ولن الأحاديث التي ظاهرها الصحة التي تثبت دخول الجنة للموحد وإن ارتكب المعاصي، فيدخلها رأسا إذا تاب أو غفر الله له، أو يدخلها بعد مجازاته ولا يخلد الموحد العاصي والنار على مذهب أهل السنة والجماعة، ولا يكفر.
بمعصيته(3/1219)
قوله تعالى: {أو كسبت في إيمانها خيرا} حيث لم يقل فيه خيرا يوميء إلى أن المراد بالإيمان الذي لا ينفع هو الحاصل عند مجيء بعض الآيات، ويحتمل أن يراد به الإيمان الواقع من قبل مجيء الآية الذي لم يصحبه خير قط، ونفي النفع عنه باعتبار كونه غير مخلص عن دخول النار- نعوذ بالله منها- وما يقدمها من الأهوال العظام عند الموت، وفي القبر، وفي الحشر. على أن الآية واردة بلفظ الفعل في قوله تعالى: {لا ينفع} وهو لا يفيد عموم الأحوال والأزمان، فقد صدق عدم النفع بالإهانة والطرد ودخول(3/1220)
النار واللبث فيها أحقابا، وحلول العطب وغير ذلك من المصائب والمعاطب- نعوذ بالله تعالى منها، ونسأله التوفيق لما ينجي من عطبه، ويزلف لديه-.
اللهم إنا نسألك رضاك والجنة، ونعوذ بك من سخطك والنار آمين آمين. وصلى الله على سيدنا محمد، واله وصحبه وسلم.
حرر ليلة الخميس لعله شهر ربيع الأول سنة 1234. كتب الحقير علي بن أحمد هاجر، لطف الله به وعفى عنه وعن والديه ورحم وقوفهم ببن يديه.(3/1221)
إجابة السائل عن تفسير تقدير القمر منازل ويليه: إشكال السائل في الجواب عن تفسير تقدير القمر منازل
تأليف العلامة
محمد بن علي الشوكاني
حققته وعلقت عليه وخرجت أحاديثه
محفوظة بنت علي شرف الدين
أم الحسن(3/1223)
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
أحمدك لا أحصى ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك، وأصلي وأسلم على رسولك وآل رسولك فإنها وردت إلى الحقير هذه، وبعد المباحثة الشريفة، والتدقيقات التي رياض تحقيقها، وريفة، وقصور مسائلها مشيدة منيفة من العلامة بلا ممار علي بن صالح العماري (1) - عمته مكارم الحليم الباري- ولفظها: حصل إشكال في تفسير الزمخشري (2) لقوله- عز وجل-: (هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب} (3)، ومحل الأشكال أولا في قوله: وقدره، أي: قدر القمر، أي: قدر مسيره منازل، أو قدره ذا منازل، لم عدل الزمخشري إلى هذين التقديرين في المفعول، وهلا حمله على نزع .... .... .....
_________
(1) هو الوزير الكبير الشهير البارع البليغ الألمعي على بن صالح العماري الصنعاني مولده سنة 1149 هـ ونشأ لصنعاء فأحذ ها عن السيد الإمام محمد بن إسماعيل الأمير، وقرأ على علماء عصره في كثير من الفنون وبرع في علوم الأدب وشارك ي التفسير والحديث مشاركة قوية وتفرد. بمعرفة فنون كعلم الهيئة والهندسة والنجوم وكتب الخط الفائق ونظم الشعر وقد ترجم الشوكاني له في المدر الطالع وأورد نبذة مفيدة من نظم المترجم له ونثره ومات بصنعاء سنة 1213.
قال الشوكايى ي البدر الطالع (447/ 1): " واجتمعت به في مقام مولانا الخليفة مرات عديدة،
وكان يذكر هنالك. بمسائل مفيدة، وسألي. بمسائل أجبت عليها برسائل هي موجودة في مجموع رسائل وآخر ما سألني عنه قبل موته، عن كلام المفترين في قوله تعالى: {والقمر قدرناه منازل " وأورد في السؤال اعتراضات على الزمخشري والسعد وأجبت عنهم لرسالة حميتها (جواب السائل عن تفسير تقدير القمر منازل) اهـ.
انظر: البدر الطالع (1/ 446 - 448)، نيل الوطر (2/ 136 - 139).
(2) في الكشاف (3/ 115).
(3) [يونس: 5](3/1225)
الخافض (1) كقدرناه. بمنازل، أو في منازل، لأن هذين أظهر في معنى التعليل بعلم السنن والحساب! تأملوه، ثم إشكال ثان قال الزمخشري (2): الحساب حساب الأوقات في الأشهر والأيام والليالي، فأما حساب القمر، بل علاقتهما بالشمس. وقد فسر تقدير المنازل للقمر فقط، وكيف! فسر الحساب بغير حساب السنين، وهلا قال لتعلموا عدد السين والحساب، وهو حساب السنن في الأيام، والليالي، والأشهر، فإنه لم يظهر قوله أي: حساب الأوقات تأملوه. ثم أيضًا كلام السعد في هذا المحل أشد إشكالا عال: وقدره ضمير القمر إذ لا مذكور يصلح لذلك سواه، أي: لتقدير المنازل، وهذا مشكل، فإن الشممى صالحة لتقدير المنازل، وأظهر في حساب الأيام والليالي من القمر، وهلا جعل .... .... .... .... .... .... .... .... .... ....
_________
(1) {هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا} هو مبتدأ، والذي خبره وجملة جعل صلة وإن كان الجعل. بمعنى التصير كانت الشمس مفعولا أولا وضياء مفعولا ثانيا وإن كان الجعل. بمعنى الخلق كانت الشمس مفعولا به وضياء حال والقمر نورا عطف عليهما.
{وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب} وقدره: فعل وفاعل مستتر ومفعول به، ومنازل أي قي منازل فهو منصوب على الظردية ويحوز أن يكون التقدير ذا منازل، وقدر على هذا متعدية إلى مفعولين لأن معناه جعل وصير فيكود مفعولا ثانيا ويجوز أن يكود قدر: متعديا إلى واحد.
بمعنى خلق وهو الهاء ومنازل حال أي متنقلا.
وارتأى أبو البقاء: وجها طريفا لا يحلو من وجاهة وهو أن يكون الضمير منصوبا بنزع الخافض فحذف حرف الجر أي قدر له منازل ومنازل مفعول به واللام للتعليل وتعلموا منصوب بأن مضمرة وعدد مفعول به والسنين مضاف إليه والحساب معطوف على عدد سئل أبو عمرو عن الحساب أننصبه أم نجره فقال: ومن يدري عدد الحساب ومعنى جوابه أنه سئل هل نعطفه على عدد فننصبه أم على السنن فنجره، فكأنه قال: لا يمكن جره إذ يقتضى ذلك أن يعلم عدد الحساب ولا يقدر أحل أن يعلم عدده.
انظر: إعراب القران وبيانه (4/ 208 - 209) محيى الدين الدرويش، البيان في إعراب القرآن (2/ 665) للعكبري (أبو البقاء).
(2) في الكشاف (3/ 115).(3/1226)
الضمير (1) في وقدره على الجعل، أي: وقدر جعل الشمس ضياء ونورا منازل، إذا جعل. بمعنى الخلق، فيكون وقدر هذا الخلق الذي خلقه ضياء ونورا منازل إلخ. ثم قال السعد: والظاهر أن المراد بالمنازل البروج، وهو حمل على غير الظاهر، إذ البروج هي المنازل بعينها، فلم عدل إلى هذا؟ وقال: إن بها عدد السنين والحساب بقرانه مع الشمس، وظهوره بعدها. وظاهر القران يقتضى غير هذا، إذ لا دخل به في حساب القران الذي هو من علم المنجمين، فاعتبار الشرع برؤية الهلال لا بقران الشمس، فإنما اعتبار الأشهر عند المنجمين المسمى بالجدول. ثم قال السعد: وذلك لأن المغتبر في الضرع السنة القمرية والشهر الهلالي، فإن أرادهما بحساب المنجمين الذي فيه القران كما ذكره فباطل، وإن أراد الروية فقد صرح بأنه القران , فحصلت هذه الإشكالات. أحسنوا بإمعان النظر والإفادة، جزاكم الله خيرا، انتهى منقولا من خطه- حفظه الله- وأقول: هذا الكلام قد اشتمل على أبحاث سبعة.
البحث الأول: في تقدير الزمخشري (2). بمضاف إلى المفعول الأول هو سير، أو بمضاف إلى المفعول الثاني هو لفظ ذا، والسؤال عن وجه اختياره لهذه دون تقدير النصب بنزع الخافض، والجواب أن الفعل ههنا وهو قدر يتعدى إلى مفعولين، يقول: قدرت الثوب قميصا، وقدر الأرض جريبا، وقدر المال ألفا، ونحو ذلك، ومفعوله
_________
(1) قال الرازي في تفسيره (17، 35 - 36): الضمير في قوله (وقدره) فيه وجهان:
الأول: أنه لهما، وإنما وحد الضمير للإيجاز، وإلا فهو في معنى التثنية اكتفاء بالمعلوم، لأن عدد السنين والحساب إنما يعرب بسير الشمس والقمر، ونظيره قوله تعالى: {والله ورسوله أحق أن يرضوه}.
والثاني: أن يكون هذا الضمير راجعا إلى القمر وحده، لأن بسير القمر تعرف الشهور، وذلك لأن الشهور المعتبرة قي الشريعة مبنية على رؤية الأهلة، والسنة المعتبرة في الشريعة هي السنة القمرية كما قال تعالى {إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله} [التوبة: 36].
(2) في الكشاف (3/ 115).(3/1227)
الأول ههنا الضمير المتصل به، والثاني منازل، ولكنه لما كان إيقاع التقدير على القمر غير صحيح باعتبار الحقيقة، لأن المقدر منازل ليس هو جرمه بل مسيره، كما هو المشاهد المحسوس كان التأويل الذي تتوقف صحة معنى الإيقاع عليه لازما، فجعله مضافًا محذوفا إلى الضمير المذكور، وهو المسير. وله أشباه ونظائر في القران وغيره لا يحيط بها الحصر. وهذا التأويل والتقدير هو في جانب المفعول الأول، ثم ذكر وجها آخر، وهو التأويل والتقدير في جانب المفعول الثاني فقال: أو قدره ذا منازل، وحاصله تجويز وقوع التقدير على القمر باعتبار كونه ذا منازل، لا باعتبار أنه منازل في نفسه، فيكون التقدير على هذا مضمنا معنى التصيير، وكلا الوجهين قد تضمنا أن المنازل المقدرة هي في أمر خارج عن جرم القمر، بل في عرض من أعراضه، وهو مسيره، فكان إيقاع التقدير المذكور على مسيره، أو عليه لا باعتبار ذاته، بل باعتبار أنه صار ذا منازل صحيحا، والكل من مجاز الحذف (1) إما من المسند إليه أو من المسند قبل دخول الفعل، أو من المفعول الأول أو الثاني بعد دخوله. والخلاف بين أهل البيان في هذا المجاز إنما هو باعتبار الاسم لا باعتبار الحقيقة.
إذا تقرر هذا فكلا التأويلين ليس فيه إخراج للفعل عن أصله المعتبر عند علماء النحو، وهو مباشرته لمفعوليه بدون واسطة، وتعديه إليهما بنفسه، بخلاف جعله متعديا إلى الثاني بواسطة الخافض المنزوع (2)، وهو الباء. أو في كما ذكره السائل- دامت إفادته- فهو وإن كان صحيحا مصححا للمعنى، مزيلا للإشكال ففيه إخراج للفعل المتعدي إلى مفعولين بنفسه عن كونه كذلك، وجعله قاصرا بدون ملجي، فمن هذه الحيثية اختالي العلامة الزنحشري (3) في الكشاف ما اختاره من تقدير حذف المضاف إلى
_________
(1) انظر " معترك الأقران " (1/ 231 - 232).
(2) تقدم آنفا.
(3) في الكشاف (3/ 115).(3/1228)
المفعول الأول، أو المضاف إلى المفعول الثاني. وقد وافق على ذلك جماعة من المفسرين المحققين، منهم البيضاوي (1)، ومحمد بن جزئ الكلبي الأندلسي في تفسيره المسمى: كتاب التسهيل (2) لعلوم التنزيل، والحافظ أبو البركات عبد الله بن أحمد بن محمد النسفي في تفسيره المسمى: مدارك التنزيل (3) وحقائق التأويل، والقاضي أبو السعود في تفسيره المسمى: إرشاد العقل (4) السليم إلى مزايا الكتاب الكريم، والمحقق النيسابوري في تفسيره (5) المشهور، وغير هؤلاء. ولكنه زاد أبو السعود (4) وجها فقال: وقدره أي قدر له، وهيأ منازل، وهذا يفيد أن التقدير واقع على المنازل على كل حال، وأن القمر مقدر له لا مقدر باعتبار ذاته ولا سيره، ولا عرض من أعراضه، وفيه ما قدمنا من أن الفعل يتعدى بنفسه إلى المفعولين. ثم قال أبو السعود: وقدر مسيره منازل، أو قدره ذا منازل على تضمين التقدير معنى التصيير انتهى، وأما ما ذكره السائل - كثر الله فوائده- من أن الحمل على نصب المفعول الثاني بنزع الخافض (6) أظهر في معنى التعليل، ففيه شيء، لأن تقدير مسير القمر منازل (7) ليقع العلم بعدد السنن
_________
(1) في تفسير " أنوار التنزيل وأسرار التأويل " (3/ 86 - 87) (وقدره منازل، الضمير لكل واحد أي قدر مسير كل واحد منهما منازل أو قدره ذا منازل أو للقمر وتخصيصه بالذكر لسرعة سيره ومعاينة منازله وإناطة أحكام الشرع به ولذلك علله بقوله: {لتعلموا عدد السنين والحساب}، حساب الأوقات من الأشهر والأيام في معاملاتكم وتصرفاتكم.
(2) (2/ 89)
(3) (2/ 7)
(4) (2/ 621) بتحقيقنا.
(5) " غرائب القرآن ورغائب الفرقان " لنظام الدين الحسن بن محمد بن الحسين القمي النيسابوري (11/ 56).
(6) تقدم ذكر ذلك.
(7) قال الألوسي في تفسيره (11/ 69): {وقدره} أي قدر له وهيأ (منازل) أو قدر مسيره في منازل على الأول مفعول به وعلى الثاني نصب على الظرفية، وجوز أن يكون قدر. بمعنى جعل المتعدي لواحد و (منازل) حال من مفعول له أي جعله وحلقه متنقلا وإن يكون.
بمعنى جعل المتعدي
لاثنين أي صيره ذا منازل، وإيا ما كان فالضمير للقمر وتخصيصه إذا التقدير لسرعة سيره بالنسبة إلى الشمس ولأن منازله معلومة محسوسة ولكونه عمدة في تواريخ العرب ولأن أحكام الشرع منوطة له في الأكثر، وجوز أد يكون الضمير له وللشمس بتأويل كل منهما، والمنازل بثمانية وعشرون وهما الشرطان والبطن والثريا والدبران والهقعة والهنعة والذراع والنثرة والطرف والجبهة والزبرة والصرفة والعواء والسماك الأعزل والعفرة والزباني والإكليل والقلب والشولة والنعائم والبلدة وسعد الذالح وسعد بلع وسعد السعود وسعد الأخبية وفرع الدلو المقدم والفرغ المؤخر وبطن الحوت، وهي مقسمة على البروج الإثنى عشر المشهورة فيكون لكل برج منزلان وثلث، والبرج عندهم ثلاثون درجة حاصلة من قسمة ثلاثمائة وستين، جزاء دائرة البروج على اثني عشر، والدرجة منقسمة عندهم بستين دقيقة وهي منقسمة بستين ثانية وهى منقسمة بستين ثالثة .... ".(3/1229)
والحساب لا فرق بينه وبن تقديره. بمنازل، أو في منازل، ليقع العلم بذلك، بل الأول أظهر، لأن ذلك العمل يحصل بالتقدير الواقع على مسيره، لا بالتقدير الواقع عليه كما يشعر به قدره. بمنازل، أو في منازل، فإن كلا التقديرين واقع على جرم القمر بالمنازل أو فيها، فلا يتضح المعنى كلية الاتضاح إلا بتقدير المسير وإيقاع الفعل عليه فيقال قدر مسيره. بمنازل، أو فيها. ومع تقدير المسير لا يبقى حاجة لتقدير الخافض، لأن المسير نفسه هو مقدر. بمنازل، ولهذا قدم العلامة تقدير المسير على التقدير الذي ذكره في المفعول الثاني. والبحث الثاني: يتضمن استشكال ما قاله الزمخشري (1) من أن الحساب حساب الأوقات من الأشهر والأيام والليالي؟ إذ لا علاقة لهما بحساب القمر، بل علاقتهما بحساب الشمس.
والجواب أنه يمكن أن نجعل من في قوله من الأشهر بيانية، فيكون المعنى حساب الأوقات التي هي الأشهر والأيام والليالي، وهذا صحيح، لأنه يستدل. بمسير القمر الكائن من أول الشهر إلى أخره على أن ذلك الشهر جزء من أجزاء السنة، مثلا سير القمر في شهر محرم يدل على انقضاء الشهر بأنه قد مضى من السنة نصف سدسها، وهو وقت
_________
(1) في الكشاف (3/ 115).(3/1230)
من أوقاتها، ثم يستدل بسيره في كل ليلة من ليالي الشهر بأن تلك الليلة أول ليلة من الشهر، أو الثانية، أو الثالثة. وذلك يستلزم تقدير اليوم (1) تبعا لليلة فيقال هو اليوم الأول، أو الثاني، أو الثالث. وكذلك فيكون المراد بذكر الأشهر والأيام والليالي على هذا الوجه مجموع كل يوم واحد من الثلاثة، أي أن هذا الشهر جميعه وقت من أوقات السنة، لهما نسبة إلى جمع عدد أيامها، وليس المراد بذكر الشهر معرفة أجزائه، ولا بذكر اليوم والليلة معرفة أجزائهما. ويؤيد هذا أنه لو كان المراد معرفة أجزاء كل واحد من الشهر واليوم والليلة لم يكن لذكر الأيام والليالي بعد ذكر الشهر كثير معنى، لأنهما من أجزائه، وأجزاؤهما أيضًا من أجزائه لأن الجزء جزء، فكل جزء تقدره لهما هو جزء للشهر، وهذا فيه دفة فتأمله. وقد وافق الزمخشري (2) على العبارة التي استشكلها السائل - عاداه الله- جماعة من المفسرين، منهم محمد بن (3) جزئ الكلبي، وأبو السعود (4). ويدل على أن المراد ما ذكرناه في تفسير عبارة الزمخشرى (5) ما قاله الحافظ أبو البركات في تفسيره (6)، فإنه قال: حساب الآجال والمواقيت المقدرة بالسنين والشهور انتهى، فهذا يدل على أن مراد الزمخشري (7) بذكر الشهر واليوم والليلة أن كل واحد منها وقت، وأنص جزء لغيره، لا أن المراد أجزاء كل منهما حتى يرد ما أورده السائل من أن أجزاء اليوم والليلة لا يعرفان (8). بمسير القمر. ويدل أيضًا على ما ذكرناه ما ذكره النيسابوري في
_________
(1) يقطع القمر بحركته الخاصة في كل يوم بليلته ثلاث عشرة درجة وثلاث دقائق وثلاثا وخمسين ثانية وستا وخمسين ثالثة. " روح المعاني " (11/ 71).
(2) في الكشاف (3/ 115).
(3) في تفسيره " التسهيل لعلوم التنزيل " (2/ 89).
(4) في تفسيره "إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم " (2/ 629).
(5) في الكشاف (3/ 115).
(6) في تفسيره " مدارك التنزيل وحقائق التأويل (2/ 7).
(7) في الكشاف (3/ 115).
(8) انظر كلام الرازي في تفسيره (17/ 35) وقد تقدم.(3/1231)
تفسيره (1)، فإنه قال في تفسير الحساب أنه حساب الأوقات والأيام والليالي انتهى. وظاهر هذا أن المراد معرفة نفس الأيام والليالي، وأنها جزء من أجزاء الوقت معين لا حساب أجزائها. وقد صرح أبو السعود (2) هذا. وسيأتي كلامه قريبا.
البحث الثالث: استشكال تفسير الزمخشري (3) للحساب بغير حساب السنن، وكيف لم يقل لتعلموا عدد السنين والحساب، وهو حساب السنن من الأيام والليالي والأشهر، فإنه لم يظهر معنى قوله، أي: حساب الأوقات.
والجواب عن هذا قد استوفاه أبو السعود في تفسيره (4) فقال: يخصص العدد بالسنين والحساب والأوقات، لأنه لم يعتبر في السنين المعهود معنى مغايرا لمراتب كما اعتبر في الأوقات المحسوبة. وتحقيقه أن الحساب أحصى ماله كمية انفصالية بتكرير أمثاله بحيث يتحصل لطائف! معينة منها عدد معين، له اسم خاص، وحكم مستقل كالسنة المتحصلة من اثني عشر شهرا. وقد يحصل كل شهر من ثلاثين يوما وليلة قد يحصل كل واحد من ذلك من أربعة وعشرين ساعة مثلا، والعدد مجرد إحصائية بتكرير أمثاله من غير اعتبار أن يتحصل بذلك شيء كذلك، وإنما لم يعتبر في السنين المعدودة تحصل حد معين له اسم خاص غير أسامي مراتب الأعداد، وحكم مستقل أضيف إليها العدد.
وتحصل مراتب العدد من العشرات والمئات والألوف اعتباري لا يجدي في تحصيل المعدود نفعا. وحيث اعتبر في الأوقات المحسوبة تحصيل ما ذكر من المراتب التي لها أسام خاصة، وأحكام مستقلة علق ها الحساب المنبئ عن ذلك، والسنة من حيث تحققها في نفسها مما لا يتعلق به الحساب وإنما الذي يتعلق به العدد طائفة منها، وتعلقه في ضمن ذلك لكل واحد من تلك الطائفة ليس من الحيثية المذكورة أعني: حيثية تحصيلها من على
_________
(1) (11/ 56)
(2) في تفسيره " إشارة العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم (2/ 629)
(3) (3/ 115)
(4) في تفسيره " إشارة العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم (2/ 629)(3/1232)
أشهر قد تحصل كل واحد منها من عدة أيام، قد حصل كل منها بطائفة من الساعات، فإن ذلك وظيفة الحساب، بل من حيث إنها فرد من تلك الطائفة، من غير أن يعتبر معها شيء غير ذلك، فاتضح هذا ما رجحه المفسرون من تعلق الحساب بالأوقات لا بالسنن (1). ويؤيده قوله تعالى في سورة الإسراء: {لتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب} (2).
فإن قلت: العلم بكون الشهر وقتا من الأوقات، وكذلك اليوم والليلة ظاهر لكل أحد غير مفتقر إلى الاستعانة بسير القمر وتقديره منازل.
قلت: معرفة كون الشهر شهرا لا بتم بدون النظر في سير القمر، أقل الأحوال طلوعه في أول كل شهر، وطلوعه كذلك متوقف على سيره في تلك المنازل، ثم يترتب على ذلك أن هذا الشهر مثلا أول أجزاء الوقت الشهرية أو الثاني أو الثالث، وكذلك اليوم والليلة أول أجزاء الوقت اليومية أو الليلية أو الثاني أو الثالث، وليس الشهر لعدد معلوم يمكن الاستغناء به عن النظر في القمر. وأما اليوم والليلة فهما وإن كانا يعرفان بالإضاعة والإظلام، لكن كون هذه الليلة هي الأولى من الشهر أو الوقت أو الثانية أو الثالثة متوقف على النظر في القمر، وكذلك اليوم بالتبعية.
البحث الرابع: استشكاله- عافاه الله- لكلام السعد حيث قال: وقدره ضمير للقمر بم إذ لا مذكور يصلح لذلك سواه، أي: لتقدير المنازل فقال: وهذا مشكل، فإن
_________
(1) قال الألوسى في تفسيره (11/ 70 - 71): ولعل الأولى على هذا أن يحمل (السنين) على ما يعم السنين الشمسية والقمرية وإن كان المعتبر في التاريخ العربي الإسلامي السنة القمرية، والتفاوت بين السنتين عشرة أيام وإحدى عشرة ساعة ودقيقة واحدة، فإن السنة الأولى عبارة عن ثلاثمائة وخمسة وستين يوما وخمس ساعات وتسع وأربعين دقيقة على مقتضى الرصد الإيلخاني والسنة الثانية عبارة عن ثلاثمائة وأربعة وخمسين يوما وثماني ساعات وثمان وأربعين دقيقة، وينقسم كل منهما إلى بسيطة وكبيسة ... " ثم تابع كلامه. ممثل ما ذكره أبو السعود.
(2) [الإسراء: 12](3/1233)
الشمس صالحة لتقدير المنازل، وأظهر في حساب الأيام والليالي من القمر.
والجواب أن منازل القمر المسافة التي يقطعها في كل يوم وليلة بحركته (1) الخاصة به، وجملتها ثمان وعشرون، وأساميها مشهورة معروفة، وهي كواكب نابتة معروفة عندهم، جعلوها علامات المنازل، فترى القمر كل ليلة نازلا بقرب أحدها. وقد قسموا دور الفلك، وهي اثنا عشر برجا على ثمانية وعشرين عدد أيام دور القمر فأصاب كل برج منزلتان وثلث، فسموا كل منزلة بالعلامات التي قد وقعت وقت التسمية بحذائه، كذا قال النيسابوري (2).
وقال أبو السعود (3): إن تخصيص القمر هذا التقدير لسرعة سيره، ومعاينة منازله، وتعلق أحكام الشريعة به، وكونه عمدة في تواريخ العرب. وكذا قال البيضاوي (4).
إذا تقرر هذا لاح لك وجه جعل مرجع الضمير للقمر فقط، وإن جزم السعد بذلك لهذه الأمور مع مرجحات من حيث اللفظ، وهو كون الضمير مفردا، وهو لا يكون مرجعه إلا مفردا، بحسب الظاهر، فإذا تقدمه متعدد، ولما لم يدل الدليل على رجوعه إلى أحدهما على التعين كان الأحق به الأقرب. ولا ريب أن الأقرب القمر. هذا على فرض عدم وجود مرجع لعوده إلى الأقرب من غير اللفظ، فكيف إذا كان موجودا كما نحن بصدده! وصلاحية الشمس لكونها مرجعا ممنوع؟ فإنه يأباه كون الضمير مذكرا وهي مؤنثة، وكونه بعيدا من اللفظ المتصل به الضمير، والقمر قريبا منة، وكونه قد قلم الدليل على كون المرجع هو القمر كما تقدم تحقيقه. نعم قد سبق السائل دامت إفادته إلى القول بصلاحية كون الشمس مرجعا للضمير بعض أئمة التفسير، فقال البيضاوي (5)
_________
(1) تقدم آنفا.
(2) في تفسيره " غرائب القرآن ورغائب الفرقان " (11/ 56).
(3) في تفسيره " إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم " (2/ 629).
(4) في تفسيره " أنوار التنزيل وأسرار التأويل " (3/ 86)
(5) في تفسيره (3/ 86).(3/1234)
إن الضمير في: وقدره منازل لكل واحد أي: قدر مسير كل واحد منهما منازل، أو قدره ذا منازل، ولكنه قال بعد هذا: أو للقمر، وتخصيصه بالذكر لسرعة سيره ومعاينة منازله، وإناطة أحكام الشرع به.
وكذلك حكى أبو السعود في تفسيره (1)، فقال بعد أن قدر رجوعه إلى القمر، وذكر المرجحات التي قدمناها: وقد جعل الضمير لكل منهما، ثم قال: ويكون مقام الشمس في كل منزلة منها ثلاثة عشر يوما، وهذه المنازل التي هي مواقع النجوم التي نسبت العرب إليها الأنواء (2) المستمطرة، وهي: الشرطان (3)، والبطين، ثم عددها إلى أخرها، ولكن مجرد حكاية كون كل واحد منها مرجعا لا يفيا بعد تلك المرجحات لفظا ومعنى، وأقل الأحوال أن يكون التخصيص للتقدير بالقمر فقط راجحا، ورجوعه إلى كل من الشمس والقمر مرجوحا. ومن أعظم ما يشد من عضد ذلك قوله تعالى في
_________
(1) (2/ 629)
(2) قال ابن الأثير قي "النهاية" (5/ 122): والأنواء: هي ثمان وعشرون منزلة، ينزل القمر كل ليلة في منزلة منها، ومنه قوله تعالى: {والقمر قدرنه منازل} ويسقط في الغرب كل ثلاث عشرة ليلة منزلة مع طلوع الفجر، وتطلع أخرى مقابلها ذلك الوقت في الشرق فتنقضي جميعها مع انقضاء السنة، وكانت العرب تزعم أن مع سقوط المنزلة وطلوع رقيبها يكون مطر، وينسبونه إليها فيقولون: مطرنا بنوء كذا.
وإنما حمى نوعا: لأنه إذا سقط الساقط منها بالمغرب ناء الطالع بالمشرق، ينوء نوعا: أي فض وطلع. .
واخرج البخاري في صحيحه رقم (1038) ومسلم رقم (125/ 71) عن زيد الجهني انه قال: صلى لنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلاة الصبح بالحديبية، على إثر سماء كانت من الليل، فلما انصرف النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أقبل على الناس فقال: " هل تدرون بماذا قال ربكم "؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: " أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأنها من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكواكب، وأنها من قال: بنوء كذا وكذا، فذلك ط فر بي مؤمن بالكواكب ".
(3) تقدم ذكرها آنفا.(3/1235)
سورة يس: {والقمر قدرنه منازل} (1).
البحث الخامس: قوله:- عافاه الله- وهلا حمل الضمير في وقدره على الجعل! أي: وقدر جعل الشم!! ضياء، والقمر نورا منازل، والجعل. بمعنى (2) الخلق، فيكون: وقدر هذا الخلق الذي خلقه ضياء ونورا منازل إلخ.
والجواب أنه لا يخفى أن كون الشمس مجعولة ضياء، والقمر مجعولا نورا ليس هو المنازل، إنما المنازل شيء يتعلق بحركة المجعول، لا بضياء الشمس، ولا بنور القمر وتدبر، هل يصح قدر جعل الشمس ضياء ومنازل، وقدر جعل القمر نورا منازل؟ فإن قلت: ومفعولاه الشمس والضياء، والقمر النور. وإن قلت: يقدر أي: قدر هذا جعل منازل، فهو وإن صح باعتبار ظاهر اللفظ فلا يصح باعتبار المعنى، لأن المقدر منازل ليس هو هذا الجعل، بل عرض من أعراض الجرم وهو الحركة كما سلف.
وضوء الشمس كيفية قائمة ها لذاتها بلا خلاف، كما حكى ذلك النيسابوري (3)، وأما نور القمر (4) فقد ذهب جمهور الحكماء إلى أنه مستفاد من .................
_________
(1) [يس: 39]
(2) انظر "روح المعاني " للألوسي (11/ 67).
(3) في تفسيره " غرائب القران ورغائب الفرقان " (11/ 56).
(4) إن هذا القمر جرم غير منير بذاته، ولكن يستمد نوره بالانعكاس من الشمس المضيئة بذاتها، ليعكسه بدوره إلى الأرض كما صرح القران، وعرفوا أنه تابع للأرض، يسايرها وبدور معها ومثلها من الغرب إلى الشرق، وإن له دورتين، دورة حول نفسه ودورة حول الأرض، ولكن حكمة الله سبحانه قضت أن يتم الدورتين في وقت واحد، وأن يبقى متجها بأحد وجهيه إلى الأرض فلا ترى وجهه الثاني ابدأ. وذلك أن الأرض تتم دورها حول نفسها في يوم كامل وتتم دورتها حول الشمس في سنة كاملة تدور فيها على نفسها 365 دورة.
أما القمر فيتم دورته حول نفسه وحول الأرض معا في مدة شهر قمري واحد أي أنه في المدة التي يدور بها حول الأرض لا يدور حولي نفسه إلا مرة واحدة يتجه ها دائما بوجه واحد نحو أمه الأرض لا يوليها ظهره أبدا.(3/1236)
الشمس (1). وذهب من عدا الجمهور إلى أنه كيفية قائمة به كقيام ضوء الشمس بالشمس، إذا تقرر هذا فكيف يصح أن يقال أن نفس هذه الكيفية هي المجعولة منازل!، قال أبو السعود (2): والجعل إن جعل. بمعنى الإنشاء والإبداع فضياء محضا للمبالغة، وإن جعل. بمعنى التصير فهو مفعوله الثاني، أي جعلها ضياء على أحد الوجهين المذكورين، لكن لا أن كانت خالية من تلك الحالة، بل إبداعها كذلك كما في قولهم: ضيق فم الركية، ووسع أسفلها. انتهى.
فعرفت هذا أن الضياء والنور متعلقان بجرم الشمس أو نفس الجرم مبالغة. وعلى كل تقدير فليس المقدر منازل هو ذلك.
البحث السادس: قوله: قال السعد: والظاهر أن المراد بالمنازل البروج، وهو حملي على غير الظاهر إذ البروج (3) هي المنازل بعينها، فلم عدل إلى هذا؟ والجواب إن البروج الاثنى عشر هي غير المنازل التي هي ثمانية وعشرون؟ فإن البروج عبارة عن مقدار من دور الفلك، والمنزلة عبارة عن الكوكب الثابت الذي هو واحد من ثمانية وعشرين كوكبا كما تقدم نقله عن النيسابوري (4)، .... .... ....
_________
= انظر: " قصة الإيمان " لنديم الجسر ص 328، " القرآن والعلم الحديث " عبد الرزاق نوفل ص 180. .
ويقال: " إن الأجرام في السماء ذات الضوء المكتسب هي السيارات التسعة. مما فيها الأرض (وهى التي أسماها القرآن الكواكب) وتوابعها من الأقمار قي المجموعة الشمسية، وما قد يوجد مثلها في السماء، وبن العلم أن قمر الأرض نشأ منها، وإن بقية الأقمار نشأت من الكواكب الأخرى، فاتفق العلم مع القرآن في وجود نوعين من النيرات المظلمة بذاتها في السماء وهي السيارات التي أسماه الكواكب، والتوابع التي منها قمر الأرض ولكنه زاد عليه بتفاصيل كعادته ".
انظر: "التفسير العلمي للآيات الكونية في القرآن " للأستاذ حنفي أحمد ص 170.
وانظر "روح المعاني " للألوسي (11/ 69).
(1) ثم قال النيسابوري: " وبذلك يقع اختلاف أحواله من الهلالية والبدرية ... ".
(2) قي تفسيره " إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم " (2/ 630).
(3) في تفسيره (11/ 56).
(4) ثم قال النيسابوري: " وبذلك يقع اختلاف أحواله من الهلالية والبدرية ".(3/1237)
وأبي السعود (1). وبذلك قال غير هما. والمنزلة أيضًا التي هي عبارة عن الكوكب الثابت الذي يقطعه القمر بحركته في كل يوم وليلة إذا أريد به مقدار من دور الفلك يحل به ذلك النجم، فهذه الإدارة لا تستلزم أن تكون المنازل نفسي البروج، لان البرج إنما يقطعه القمر في يومين وليلتين وثلث يوم وليلة وإن صدق على مجموع المنازل أنها مجموع دور الفلك كما صدق على مجموع البروج أنها مجموع دور الفلك، ثم المنازل وإن كانت هي منازل للشمس كما هي منازل للقمر، لكن لما كان القمر يقطع في كل يوم وليلة واحدا منها، والشمس إنما تقطعه في ثلاثة عشر يوما بلياليها كانت نسبة هذه المنازل إلى القمر أظهر في نسبتها إلى الشمس، لمرور القمر فيها جميعا في كل شهر، والشمس إنما تمر بها في كل سنة مرة. ومع هذا كله فلا جدوى لقول السعد، والظاهر أن المراد بالمنازل البروج، لكن لا من حيث اتحادهما كما ذكره السائل- عافاه الله- بل من حيث كون ذلك لا يفيد شيئا فيما هو بصدده من ترجيح كون المرجع للضمير هو القمر.
البحث السابع: قال- كثر الله فوائده-: وقال أي: السعد: لأن بها عدد السنن والحساب بقرانه مع الشمس وظهوره بعدها؛ وظاهر القران يقتضى غير هذا بم إذ لا دخل له في حساب القران الذي هو من علم المنجمين، فاعتبار الشرع برؤية الهلال لا بقي أن (2) الشمس، فإنما هو اعتبار الشهر عند المنجمين المسمى بالجدول، قال- عافاه الله-: ثم قال السعد: وذلك لأن المعتبر في الشرع السنة القمرية، والشهر الهلالي، فإن أرادهما بحساب المنجمين الذي هو القران كما ذكره فباطل، وإن أراد الرؤية فقد صرح بأنه القران.
_________
(1) في تفسيره (2/ 630).
(2) أي تقابلها معها في نقطة واحدة وعلى خط طول وعرض واحد.
انظر: " الفلك العام " د (هربري سنبر جونز) ترجمة الدكتور عبد الحميد سماحة (ص 167).(3/1238)
أقول: هذا اعتراض صحيح، وانتقاد رجيح، فإن السعد- رحمه الله- خلط في كلامه هذا الاعتبار الشرعي بالاعتبار الجدولي، فإن مرجع الأول رؤية الهلال فحسب، وموجع الثاني القران الذي أشار إليه. وقد اقتصر المفسرون على الأول عند ذكرهم لمرجحات كون المرجع للضمير هو القمر. وفي كلام السعد خلل آخر، وهو أن القرآن أمر نسبى لا يتحقق إلا بين شيئين (1) وهما الشمس والقمر، أو أحد النيرات مع أحدهما، ولا لتم أحدهما على انفراده، فكيف يصح أن يكون من مرجحات كون القمر هو المرجع للضمير، وهو مشترك بينها وبن الشمس!، وإلى هنا انتهى الجواب. قال المجيب شيخ الإسلام إنه كان تحريره في 3 ذو القعدة سنة 1212 هـ.
_________
(1) انظر: " روح المعاني " للألوسي (11/ 68 - 69).(3/1239)
وورد بعده استشكال من السائل لبعض ما فيه فقال:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي جعل الشمس ضياء، والقمر نورا، وسخرهما بأمره تسخيرا،- وقدرهما منازل بنص الكتاب ليعلم بسيرهما عدد السنن والحساب، والصلاة والسلام على من أرسله ماحيا لظلام الضلال بضياء هدايته، وهاديا إلى سبيل الرشاد بنور رسالته، وعلى آله الذين طلعت شمس علومهم في سماء الفضل فانزاحت حنادس (1) الجهل، وعلى علماء أمته الذين خصهم بمزيد الفضل والشرف، وحفظ بهم علم الكتاب والسمنة بحمله خلف عن سلف، فلم يخل عصر من عالم يرجع إليه في توضيح المشكلات، ولم يتعطل زمن من فاضل يعول عليه في حل المعضلات. ومن ظن أن جيد الزمن عاطل من قلائد الفضل اللؤلؤية، وأن مهوى سيفه خاليا عن أقراط الكمال الجوهرية فلينظر إلى ما تقلد به جيد هذا الزمن من اللألئ اليتمية، وتقرط به سيف هذا الدهر من الجواهر الثمينة ليعلم أن هذا هو الدهر الأول، وأن ذلك العصر هو العصر المستقبل، وليتأمل ما أودع مولانا الأوحد، وعلامة العصر المفرد، وإنسان عين هذا العالم الإنساني محمد بن علي بن محمد الشوكاني- كثر الله فوائده، وأجزل له عوائده- وما أبدع في جوابه المسمى جواب السائل عن تفسير تقدير القمر منازل، فلقد كشف النقاب عن وجوه تلك المسائل، وأتى من التحقيق ما يعجز عنة جهابذة الأوائل، سوى أنه عرض للذهن القاصر ما عرض من إشكال معه في أطراف.
أولا فيما أطبق عليه أئمة التفسير من تقدير الحذف والتأويل على وجهين في تفسير قدرناه، فهلا أولو قدرناه بمعنى سيرناه، وجعلوا التقدير بمعنى. . . . . . . . . . . . . .
_________
(1) حندس: الجندس: الظلمة وفي الصحاح: الليل الشديد.
وليلة جندسة وليل حندس مظلم، والحنادس ثلاث ليالي من الشهر لظلمتهن. " لسان العرب" (3/ 356)(3/1240)
التسيير (1) حتى يقع الفعل على مفعوله بدون حذف ولا تأويل.
الثاني أن الصدر لم يثلج ببرد اليقين فيما ذكروه أن اليوم والليلة يعرفان بمسير القمر.
وقد أفدتم ما أفدتم. ومما أشكل قول أبي السعود: وأما اليوم والليلة فإنهما وإن كانا يعرفان بالإضاعة والإظلام. ثم قال ما معناه أن كون هذه الليلة الأولى أو الثانية، أو اليوم الأول أو الثاني متوقفا على النظر في القمر، ومحل النزاع ليس هذا من جهل العدد، بل المراد أن معرفة اليوم والليلة من حيث إن هذا يوم، وهذه ليلة لا يعرفان إلا بسير الشمس فقط، كما أن هذا شهر من حيث هو شهر لا يعرف إلا بصير القمر، فلم خصوا الأيام والليالي والأشهر والسنن بسير القمر؟ وقد قال- عز وجل-: {الشمس والقمر بحسبان} (2).
قال الزمخشري في تفسيره (3): بحسبان معلوم، وتقدير سوي يجريان في بروجهما ومنازلهما، وفي ذلك منافع للناس عظيمة، من ذلك علم السنين والحساب.
وقال المحشي: أي حساب الأيام والليالي والشهور. وقد نقلتم تلك الأقوال في عود الضمير عليهما، ولكن صرحتم بأنها مرجوحة، وأن تخصيص القمر أرجح، نعم وأشكل ما ذكره النيسابوري في تفسيره (4) كما نقلتم عنه في قوله أن المنازل ثمانية وعشرون منزلة، وأن الثمانية والعشرين عدد أيام دور القمر الذي هو الشهر إلى آخر ما ذكره.
وهذا بخلاف ما ذكره أهل الهيئة، وعلماء علم الفلك من تحقيق دور القمر، فإنهم ذكروا أن القمر يقطع الأثني عشر برجا التي هي شهر قمري في تسعة وعشرين يوما، وثماني ساعات، وخمس وأربعين دقيقة، هذا هو الدور القمري، والشهر القمري والسنة
_________
(1) تقدم ذكر ذلك.
(2) [الرحمن: 5].
(3) في "الكشاف" (4/ 50).
(4) "غرائب القرآن ورغائب الفرقان" (11/ 56).(3/1241)
منه اثنا عشر شهرا، فيتحصل من مجموع ذلك ثلثمائة يوم، وأربعة وخمسون يوما، وربع يوم تقريبا، وهو أيام السنة القمرية. وبرهان ذلك واضح.
وأما ما ذكره النيسابوري (1) أن أيام دور القمر ثمانية وعشرون بعد المنازل فلا يصح، لأنها تحصل أيام السنة القمرية مما ذكره ثلثمائة يوم، وستة وثلاثون يوما، وهذا غير صحيح فتأملوه (2).
ونعم أن المنازل ثمانية وعشرون، ولكنه أخل بالعبارة في عدم تحقيق المسير في المنازل، إلا أن يكون على وجه التغليب، والذي عليه التحقيق في علم الهئية على مسير القمر على اختلاف هيئته في البروج أنه يقطع في البروج المستوية في كل يوم وليلة منزلة، ونحو سدس منزلة في هيئة الأطول، وفي البروج المعوجة تقطع دون المنزلة قدر إحدى عشرة درجة، وتعجز قليلا بنحو نصف سدس، وربع سدس، ويتم من مجموع ذلك الشهر كما صرحوا.
ولا يستقيم في الفلك حساب الأيام على قانون حساب المنازل، إنما عملهم على البروج، ولعل هذا هو الذي حمل السعد على تفسير المنازل بالبروج، لصحة الحساب، لأن القمر يقطع في الشهر العربي اثنى عشر برجا، فيحصل منه حساب السنين القمرية، بخلاف المنازل فلا يتحصل فيها كمية الشهر دون اليوم على أفرادها إلا من مجموعها، إلا إذا حصل على وجه التغليب. وما ذكر النيسابوري (3) أن الشمس تقطع المنزلة في ثلاثة عشر يوما بلياليها وهم، والذي عليه علماء الهيئة أن الشمس تقطع المنزلة تارة في اثنهما عشر يوما، وتارة في ثلاثة عشر، وتارة في أقل منها. ومجموع قطعها للفلك في ثلثمائة وخمسة وستين يوما ونحو ربع يوم؛ وهذه هي السنة الشمسية، أعني: التي تعرف من
_________
(1) في تفسيره (11/ 56).
(2) انظر: كلام الألوسى في تفسيره (11/ 69 - 70) وقد تقدم.
(3) في تفسيره (10/ 84).(3/1242)
الأيام.
ومن المعلوم أن هذا لا جدوى فيه؛ إذ المقصود هنا هو ما جاء به الشرع لا العقل, إنما سنح ذكره لعله يتمشى عليه كلام السعد. والله أعلم. والحمد لله أولا وآخرا.
قال السائل: وحرر يوم الخميس 16 ذي القعدة سنة 1212هـ.(3/1243)
فأجاب عليه المولى العلامة بدر الدين، العالم الرباني محمد بن على الشوكاني- عفى الله عنه- فقال:
الحمد لله وحده، وصلاته وسلامه على رسوله وآله. قلتم- كثر الله فوائدكم، ونفع بعلومكم-: فهلا أولوا قدرناه بمعنى سيرناه إلخ.
أقول: هذا صحيح مغن عن الحذف والتقدير في المفعول الأول، أو الثاني، أو نزع الخافض، لكنه لا يكون تأويل قدرناه بمعنى سيرناه إلا على التضمن الذي قد تمهدت قواعده، والتضمن هو ضرب من التأويل، لأنه إخراج للفعل عن معناه إلى معنى فعل آخر، فهو إن نفع عدم تقدير مفعول أول غير الضمير أو مفعول ثان، المنازل قد وقع به تقدير فعل آخر غير الفعل المذكور في نظم القرآن الكريم، وحاصله أن تقدير مفعول محذوف أخف مؤنة من تقدير فعل محذوف، فلعل تقدير المفسرين بحذف أحد المفعولين دون الفعل لهذا، ثم قد عرفتم أن القاعدة في التضمن (1) المصرح ها في علم العربية أنه يصح كون أحد المفعولين الأصلي أو البدلي حالا، والآخر أصلا. فإذا بني في الآية على التضمن كان المراد سيرنا القمر مقدرا منازل، أو قدرنا القمر مسيرا منازل، هذا الأمر لا بد منه. ولا يخفاكم أن الفعل الذي هو قدرنا باق في كلا التقديرين باعتبار بقاء اسم الفاعل، وإذا كان باقيا مع التضمن إما أصلا أو حالا عاد التقدير الذي وقع الفرار منه، لأن إتباع التقدير على القمر لا يصح، وحينئذ لم يأت التضمن بما يوجب عدم الاحتياج إلى تقدير المسير في الأول، أو لفظ ذا في الثاني باعتبار ما ذكرناه من جعل أحد [المفعولين] (2) أصلا، والأخر حالا، ثم على كل حال لم يقطع الخلوص من معرة
_________
(1): قيل: أن من الإيجاز نوعا يسمى التضمين، وهو حصول معنى في لفظ من غير ذكر له باسم أو صفة هي عبارة عنه.
وهو نوعان: أحدهما ما يفهم من البنية.
والثاني ما يفهم من معنى العبارة.
(1) انظر: "معترك الأقران في إعجاز القرآن" (1/ 230).
(2) في المخطوط (الفعلين) والصواب ما أثبتناه.(3/1244)
التأويل الذي فررتم منه إلى التضمن نوعا من التأويل كما عرفتم.
قلتم- دامت منكم الإفادة- بل المراد أن معرفة اليوم والليلة من حيث إن هذا اليوم والليلة لا يعرفان إلا بسير الشمس. أقول: لا نزاع في هذا؟ فإن الأمر كما ذكرتم، والذي في الجواب هو تصحيح لما وقع في كلام الزمخشري (1) من مدخلية القمر لمعرفة اليوم والليلة، لأن كلامه إذا حمل على أن المراد معرفة نفس اليوم والليلة فهو كما ذكرتم غير صحيح في الظاهر، وإن حمل على أن المراد معرفة اليوم والليلة من حيث إنها جزء من الوقت معين كاليوم الأول من الشهر، أو الثاني، أو الثالث، وكذلك الليلة كان كلام الزمخشري (1) صحيحا، فوقع في الجواب حمل الكلام على معنى يصح، وليس محل النزاع إلا مجرد مدخلية معرفة اليوم والليلة من مسير القمر.
وقد وقعت المدخلية من الحيثية التي ذكرناها، فلا لتم كل ما ذكرتم من أن محل النزاع هو معرفة اليوم والليلة من حيث إن هذا يوم، وهذه ليلة بم فإن هذا لا ينازع الزمخشري ولا غيره في عدم مدخليته في مسير القمر، ولكن من أين لنا أن الزمخشري أراد هذا، حتى يتجه عليه الاعتراض؟ ثم ما ذكرتم من أن ذلك المحرر في الجواب الذي استشكلتم هو كلام أبي السعود، ليس الأمر كذلك، بل هو كلام المجيب- لطف الله به- وكلام أبي السعود انقضى عند قوله أن يعتبر معها شيء غير ذلك. وما ذكرتم من نقل كلام الزمخشري (2) والمحشي على قوله تعالى: {الشمس والقمر بحسبان} (3) فهو مسلم لأن معرفة اليوم من حيث هو يوم، والليلة من حيث هي ليلة يعرفان بذلك.
قلتم- عافاكم الله- إن علماء الهيئة ذكروا أن القمر يقطع الاثني عشر البرج التي هي شهر قمري في تسعة وعشرين يوما، وثماني ساعات، وخمس وأربعين دقيقة إلى آخر
_________
(1) في "الكشاف" (3/ 115)
(2) في "الكشاف" (6/ 6)
(3) [الرحمن: 5](3/1245)
ما أوردتم على النيسابوري. أقول: ما ذكرتم هو عند بعض المشتغلين هذا العلم، وعند غيرهم ما ذكره النيسابوي (1). قالوا: سير القمر في كل منزلة ليلة حتى تكمل الثماني والعشرون ثم يستتر ليلتين إن كان الشهر كاملا، وليلة إن كان ناقصا. ومن جملة من صرح هذا أبو السعود في تفسيره (2) فقال: وهي معنى المنازل من ليلة المستهل إلى الثامنة والعشرين، فإذا كان في آخر منازله دن واستقوس، ثم يستتر ليلتين إذا ليلة إذا نقص الشهر انتهى.
والحاصل أن من ذهب إلى أن الشهر لا يزيد ولا ينقص بل هو مقدار معين محدود في كل شهر يتحصل من مجموعة ثلثمائة وأربعة وخمسين يوما قال بما ذكرتم. ومن ذهب إلى أن الشهور تختلف زيادة ونقصانا قال بأن الشهر قد يكون ثلاثين يوما، وقد يكون تسعة وعشرين يوما، وأنه لا ظهور للقمر في زيادة على المنازل الثماني والعشرين، بل يستتر من بعدها، ويحتجب عن الأبصار، وهذا هو المحسوس بالمشاهدة. ثم يتحصل من المجموع كما يتحصل من المجموع الأول، وهو ثلثمائة وأربعة وخمسون يوما، وهو السنة القمرية. وإذا تقرر هذا عرفتم عدم ورود ما أوردتم من أن السنة تكون على ما ذكره ثلثمائة وستة وثلاثين يوما، لأن هذا إنما يتم على فرض أن الشهر اسم للأيام التي تحل ها القمر في المنازل الثماني والعشرين، وهم لا يقولون بذلك لما عرفتم من أنهم يعدون من أيام الشهر يوم الاستتار أو يوميه.
قلتم- حفظكم الله-: وما ذكره النيسابوري (3) أن الشمس تقطع المنزلة في ثلاثة عشر يوما بلياليها وهم، والذي عليه علماء الهيئة أن الشمس تقطع المنزلة تارة في اثني عشر يوما، وتارة في ثلاثة عشر يوما، وتارة في أقل منهما، ومجموع قطعها للفلك في ثلثمائة وخمسة وستين يوما، ونحو ربع يوم تقريبا، وهذه هي السنة الشمسية.
_________
(1) في تفسيره (10/ 84)
(2) في تفسيره (2/ 630)
(3) في تفسيره (10/ 84)(3/1246)
أقول: قد وافق النيسابوري (1) على ما ذكره المحقق أبو السعود في تفسيره (2)، فإنه قال: ويكون مقام الشمس في كل منزلة منها ثلاثة عشر يوما انتهى. ثم ههنا شيء وهو أنكم جزمتم بأن الشمس تقطع المنزلة إما في اثني عشر يوما، أو ثلاثة عشر يوما، أو دونهما، فحصل من هذا أن أكثر منزلة تقطعها الشمس في ثلاثة عشر يوما، واقفها في دون اثني عشر يوما، وأوسطها في اثني عشر يوما ونحوه. إذا قلنا أن الشمس تقطع كل منزلة في ثلاثة عشر يوما حصل من المجموع ثلثمائة لوم وأربعة وستون يوما، فبالضرورة أنها إذا كانت تقطع بعض المنازل في اثني عشر يوما، وفيما دونها أن لا يحصل من المجموع هذا العدد، فكيف جزمتم آخرا بأنه يحصل من المجموع ثلثمائة وخمسة وستون يوما فإن هذا لا يتم إلا على أنها تبقى في كل منزلة ثلاثة عشر يوما، وفي واحدة منها أربعة عشر يوما، وهي منزلة البلدة كما ذكروه، أو على أنها تبقى في بعض المنازل دون ثلاثة عشر، وفي بعضها فوق ثلاثة عشر، وهذا لا يفيده كلامكم، فإنكم جزمتم بأن بقاء الشمس في المنازل على ثلاثة أقسام: ثلاثة عشر، واثنى عشر، ودونهما؟ فكان يلزم على هذا أن تكون أيام السنة الشمسية دون ما ذكرتم بكثير فتأملوا هذا، ففيه تمرين. وإن كان كما لمحتم إليه لا تتعلق به فائدة شرعية. وحسبنا الله وكفى ونعم الوكيل، انتهى.
قال المجيب: حرر ليلة الجمعة المسفرة عن اليوم السابع والعشرين شهر القعدة الحرام سنة 1212 هـ.
_________
(1) في تفسيره (10/ 84)
(2) في تفسره (2/ 630)(3/1247)
جواب سؤال يتعلق بما ورد فيما أظهر الخضر
تأليف العلامة محمد بن علي الشوطاني
حققه وعلق عليه وخرج أحاديثه
محمد صبحي بن حسن حلاق
أبو مصعب(3/1249)
وصف المخطوط
1 - عنوان الرسالة: (جواب سؤال يتعلق بما ورد فيما أظهر الخضر).
2 - أول الرسالة: بسم الله الرحمن الرحيم. أشكل على السائل ألهمه الله حقيقة الأمر إن شاء الله. وجه الاختلاف في إسناده الإرادة في قوله تعالى حكاية عن الخضر. . .
3 - آخر الرسالة:. . . تقول لمن توبخه: لك أقول، وإياك أعنى والله أعلم. انتهى لفظ الجواب من خط شيخ الإسلام، وبقية علماء الأنام، محمد بن علي الشوكاني سلمه الله.
4 - نوع الخط: خط نسخي جيد.
5 - عدد صفحات الرسالة: 2 صفحة.
6 - المسطرة: الصفحة الأولى: (23) سطرا.
الصفحة الثانية: (10) سطرا.
7 - عدد الكلمات في السطر: 12 كلمة.
8 - الرسالة من المجلد الرابع من (الفتح الرباني من فتاوى الشوكاني).(3/1251)
بسم الله الرحمن الرحيم
أشكل على السائل - ألهمه الله حقيقة الأمر إن شاء الله- وجه الاختلاف في إسناد (الإرادة) في قوله تعالى مع حكايته عن الخضر (1) (عليه السلام) حيث أسند له في بيان
_________
(1) أ- الخضر: أخرج البخاري في صحيحه رقم (3402) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إنما سمي الخضر لأنه جلس على فروة بيضاء، فإذا هي تهتز من خلفه خضراء". .
الفروة أرض بيضاء لا نبات فيها.
وحكى عن مجاهد أنه قيل له الخضر لأنه كان إذا صفى اخضر ما حوله.
ب- اسمه:
قال الحافظ في الفتح (6/ 433): وقد اختلف في اسمه قبل ذلك وفي اسم أبيه وفي نسبه وفي نبوته وفي تعميره ... ".
وقد أفرد ابن حجر لذلك مؤلفا ذكر فيه تفصيل ذلك كله وهو " الزهر النضر في نبأ الخضر".
قيل: هو ابن "ادم" من صلبه وهو قول مقاتل بن سليمان عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما.
وقد أخرجه الدارقطني في "الأفراد" وهو منقطع غريب.
وقيل إنه "ابن قابيل بن ادم" ذكره أبو حاتم السجستاني في كتاب المعمرين وهذا معضل.
وقيل: أنه " بليا بن ملكان بن فالغ بن عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح.
وهذا قال "ابن قتيبة" وحكاه النووي.
وقيل: إنه " إليسع" حكى عن "مقاتل" أيضًا وهو بعيد.
وقيل: إنه من ولد بعض من كان آمن ب "إبراهيم" وهاجر معه من أرص "بابل" حكاه "الطبري" في تاريخه .... ... "
وقال النووي: كنيته أبو العباس وهذا متفق عليه. كما ذكره الحافظ في المصدر المذكور.
ولتعلم أن اسم الخضر لم يذكر في القران، وإنما ذكرت فيه قصته مع نبي الله موسى عليه السلام، وصرحت السنة باسمه، كما في حديث ابن عباس عن أبي بن كعب عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في ذكر القصة.
وقد أخرجه البخاري قي صحيحه رقم (74 و78، 2267، 2728، 3278 و3400 و3401 و4725، 4726، 4727، 6672، 7478) ج- الاختلاف في نبوة الخضر:
قال الحافظ في الفتح (6/ 433) " وحكى ابن عطية البغوي عن أكثر أهل العلم أنه نبي، ثم اختلفوا: هل هو رسول أم لا؟.
وقالت طائفة منهم القشيري هو ولي.
ثم قال الحافظ في الفتح (6/ 434): " قال القرطبي: هو نبي عند الجمهور والآية-[الكهف:66] {قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا} - تشهد بذلك، لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يتعلم ممن هو دونه، ولأن الحكم بالباطن لا يطلع عليه إلا الأنبياء".
قال الفخر الرازي في تفسيره (22/ 148) والأكثرون أن ذلك العبد كان نبيا واحتجوا عليه بوجوه: (الحجة الأولى): انه تعالى قال: {آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا} [الكهف: 65] والرحمة هي النبوة بدليل قوله تعالى: {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ} [الزخرف: 32] وقوله تعالى: {وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ} [القصص: 86] والمراد هذه الرحمة النبوة.
(الحجة الثانية): قوله تعالى: {وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا}، وهذا يقتضى أنه تعالى علمه بلا واسطة تعليم معلم ولا إرشاد مرشد وكل من علمه الله لا بواسطة البشر وجب أن يكون نبيا يعلم الأمور بالوحي من الله.
(الحجة الثالثة): إن موسى عليه السلام قال: {أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا}، والتي لا يتبع إلا نبي في التعليم.
(الحجة الرابعة): إن ذلك العبد أظهر الترفع على موسى حيث قال: {وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا} [الكهف: 68].
وأما موسى فإنه أظهر التواضع حيث قال: {وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا} [الكهف: 69]
وكل ذلك يدل على أن ذلك العالم كاد فوق موسى ومن لا يكون نبيا لا يكون فوق نبي.
(الحجة الخامسة): احتج الأصم على نبوته بقوله في أثناء القصة: {وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي} وهو يدل على النبوة.
(الحجة السادسة): ما روي أن موسى عليه السلام لما وصل إليه قال: السلام عليك، فقال: وعليك السلام يا نبي بني إسرائيل. فقال موسى عليه السلام: من عرفك هذا؟ قال: الذي بعثك إلي. .
وقد رجح ابن حجر نبوة الخضر ونقل ذلك عن جمهور العلماء. الفتح (8/ 422).
والراجح: هو أن الحضر عليه السلام نجي من أنبياء الله وليس ولى فقط كما تزعم المتصوفة ومن سار على نهجهم وهذا يبطل دعوى الصوفية بأن الولي أعلم من النبي بناءا على قصة الخضر مع موسى حيث يدعون أن الأولياء يعلمون علم الحقيقة الذي لا يعلمه الأنبياء ويستدلون هذه القصة. .
قال ابن تيمية في مجموع فتاوى (11/ 420 - 426): "وأما احتجاجهم بقصة موسى والخضر فيحتجون على وجهين:
(أحدهما): أن يقولوا: إن الخضر كان مشاهدا الإرادة الربانية الشاملة والمشيئة الإلهية العامة وهى الحقيقة الكونية فلذلك سقط عنه الملام فيما خالف فيه الأمر والنهى وهو من عظيم الجهل والضلال بل من أعظم النفاق والكفر فإن مضمون هذا الكلام أن من آمن بالقدر وشهد أن الله رب كل شيء لم يكن عليه أمر ولا نهي وهذا كفر بجميع كتب الله ورسله وما جاءوا به من الأمر والنهي .. وهؤلاء هم القدرية الشركية الذين يحتجون بالقدر على دفع الأمر والنهى هم من شر القدرية الذين هم مجوس هذه الأمة الذين روى فيهم " إن مرضوا فلا تعودوهم وإن ماتوا فلا تشهدوهم لا لأن هؤلاء يقرون الأمر والنهي والثواب والعقاب لكن أنكروا عموم الإرادة والقدرة والخلق وربما أنكروا سابق العلم.
وأما القدرية الشركية فإنهم ينكرون الأمر والنهى والثواب والعقاب لكن وإن لم ينكروا عموم الإرادة والقدرة والخلق فإنهم ينكرون الأمر والنهي والوعد والوعيد ويكفرون بجميع الرسل والكتب فإن الله إنما أرسل الرسل مبشرين من أطاعهم بالثواب ومنذرين من عصاهم بالعقاب.
وأيضا فإذا موسى عليه السلام كان مؤمنا بالقدر عالما به بل أتباعه من بني إسرائيل كانوا أيضًا مؤمنين بالقدر لهل يظن من له أدلى عقل أن موسى طلب أن بتعلم من الخضر الإيمان بالقدر وأن ذلك يدفع الملام مع أن موسى أعلم بالقدر من الحضر بل عموم أصحاب موسى يعلمون ذلك.
وأيضا فلو كان هذا هو السر قي قصة الحضر لبين ذلك لموسى وقال: " إني كنت شاهدا للإرادة والقدر" وليس الأمر كذلك بل بين له أسبابا شرعية تبيح له ما فعل.
(الوجه الثاني): فإن من هؤلاء من يظن أن من الأولياء من يسوغ له الخروج عن الشريعة النبوية كما ساغ للخضر الخروج عن متابعة موسى وأنه قد يكون للولي في المكاشفة والمخاطبة ما يستغني به عن متابعة الرسول في عموم أحواله أو بعضها وكثير منهم يفضل الولي في زعمه إما مطلقا وإما من بعض الوجوه على النبي زاعمين أن في قصة الخضر حجة لهم وكل هذه مقالات من أعظم الجهالات والضلالات بل من أعظم أنواع النفاق والإلحاد والكفر فإنه قد علم بالاضطرار من دين الإسلام أن رسالة محمد بن عبد الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لجميع الناس عربهم وعجمهم وملوكهم وزهادهم وعلمائهم وعامتهم وأنها باقية إلى يوم القيامة بل لعامة الثقلين الجن والإنس وأنه ليس لأحد من الخلائق الخروج من متابعته وطاعته وملازمة ما يشرعه لأمته من الدين وما سنه لهم من فعل المأمورات وترك المحظورات بل لو كان المتقدمون قبله أحيانا لوجب عليهم متابعته وطاعته .... ومما ببين الغلط الذي وقع لهم في الاحتجاج بقصة موسى والخضر على مخالفة الشريعة أن موسى عليه السلام لم يكن مبعوثا إلى الخضر ولا أوجب الله على الخضر متابعته وطاعته بل قد ثبت في الصحيح أن الخضر قال له: "يا موسى إني على علم من علم الله علمنيه الله لا تعلمه وأنه على علم من علم الله علمكه الله لا أعلمه" وذلك أن دعوة موسى كانت خاصة وقد ثبت في الصحيح عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال فيما فضله الله به على الأنبياء قال: " كان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة" فدعوة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شاملة لجميع العباد وليس لأحد الخروج عن متابعته وطاعته ولا استغناء عن رسالته كما ساغ للخضر الخروج عن متابعة موسى وطاعته مستغنيا عنه.
كلا علمه الله وليس لأحد ممن أدركه الإسلام أن يقول لمحمد: إني على علم من علم الله علمنيه لا تعلمه، ومن سوغ هذا أو اعتقد أن أحدا من الخلق الزهاد والعباد أو غيرهم له الخروج عن دعوة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومتابعته فهو كافر باتفاق المسلمين وقصة الخضر ليس فيها خروج عن الشريعة ولهذا لما بين الخضر لموسى الأسباب التي فعل لأجلها ما فعل وافقه موسى ولم يختلفا حينئذ ولو كان ما فعله الخضر مخالفا لشريعة موسى لما وافقه ".
انظر: فتح الباري (1/ 436)، مدارج السالكين (2/ 746). . تعميره:
1/ قال الحافظ في الفتح (6/ 434 - 435): " قال ابن الصلاح: هو حي عند جمهور العلماء والعامة معهم قي ذلك، وإنما شذ بإنكاره بعض المحدثين وتبعه النووي، وزاد أن ذلك متفق عليه بين الصوفية، وأهل الصلاح وحكاياتهم في رؤيته والاجتماع به أكثر من أن تحصر".
ضم ذكر الحافظ كثيرا من هذه الروايات وقد حكم عليها الحافظ بالضعف ولهم في ذلك أيضًا حكايات غريبة لا تثبت أمام التحقيق العلمي.
(منها) ما أخرجه الدارقطني عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: نسيء لـ (الخضر) في أجله حتى يكذب "الدجال". -
وفي سنده داود بن الجراح وهو ضعيف عن مقاتل بن سليمان وهو متروك، عن الضحاك عن ابن عباس، والضحاك لم يدرك ابن عباس.
(ومنها) ذكر ابن اسحاق في "المبتدأ" قال: حدثنا أصحابنا أن "آدم" لما حضره الموت جمع بنيه وقال: إن الله تعالى منزل على "أهل الأرض" عذابا، فليكن جسدي معكم في المغارة، حتى تدفنوني بأرض "الشام" فلما وقع الطوفان قال "نوح" لبنيه: إن "آدم" دعا الله أن يطيل عمر الذي يدفنه إلى "يوم القيامة" لم يزل جسد "آدم" حتى كان "الخضر" هو الذي تولى دفنه وأنجر الله له ما وعده، فهو يحيا إلى ما شاء الله أن يحيا.
(ومنها): ما روي عن الحسن البصري قال: وكل "إلياس" بالفيافي، ووكل "الخضر" بالبحور، وقد أعطيا الخلد في الدنيا إلى الصيحة الأولى، وإنهما يجتمعان في موسم كل عام.
وانظر: بقية الروايات والحكايات الغريبة في " الزهر النضر في نبأ الخضر" ص 33 - 48.
وقال الحافظ قي الفتح (6/ 434 - 435) وأخرج النقاش أخبارا كثيرة تدل على بقائه- الخضر- لا تقوم بشيء منها حجة".
وقال الحافظ: والذي تميل إليه النفس، من حيث الأدلة القوية ما يعتقده "العوام" من استمرار حياته، لكن ربما عرضت شبهة من جهة كثرة الناقلين للأخبار الدالة على استمراره، فيقال: هب أن أسانيدها واهية، إذ كل طريق منها لا يسلم من سبب يقتضى تضعيفها، فماذا يصنع في المجموع؟ فإنه على هذه الصورة قد يلتحق بالتواتر المعنوي الذي مثلوا به بجود "حاتم " فمن هنا مع احتمال التأويل في أدلة القائلين بعدم بقائه. أ- كآية {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ} [الأنبياء: 34]. ب- وحديث ابن عمر وجابر وغيرهما أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال في آخر حياته: " لا يبقى على وجه الأرض بعد مائة سنة ممن هو عليها اليوم أحد".
قال ابن عمر: أراد بذلك انخرام قرنه.
أخرجه البخاري رقم (601) ومسلم رقم (217). ج- وحديث ابن عباس "ما بعث الله نبيا إلا أخذ عليه الميثاق لئن بعث محمد وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه " أخرجه البخاري ولم يأت في خبر صحيح أنه جاء إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا قاتل معه وقد قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم بدر: " اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض" فلو كان الخضر موجودا لم يصح هذا النفي، وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رحم الله موسى لوددنا لو كان صبر حتى يقص علينا من خبرهما" فلو كان الخضر موجودا لما حسن هذا التمني ولأحضره بين يديه وأراه العجائب وكان لإيمان الكفرة لا سيما أهل الكتاب.
وقال الحافظ في " الزهر النضر في نبأ الخضر" ص 115: وأقوى الأدلة على عدم بقائه عدم مجيئه إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وانفراده بالتعمير من بين أهل الأعصار المتقدمة بغير دليل شرعي.
والذي لا يتوقف فيه الجزم بنبوته، ولو ثبت أنه ملك من الملائكة لارتفع الإشكال، كما تقدم والله أعلم".
وانظر فتح الباري (6/ 435 - 436)(3/1253)
خرق السفينة إلى نفسه منفردا فقال: " فأردت" (1).
وفي بيان قتل الغلام، إلى نفسه بصفة التعظيم والجماعة فقال: " فأردنا" (2). وفي بيان إقامة الجدار، إلى لفظ (رب) فقال: فأراد ربك" (3).
هذا. والمطلوب من شيخ الإسلام، المتحف بالشريف السلام- سلمه الله- إفادة السائل بالجواب. فالمقصد الفائدة، وطلب الثواب، ومن الله التوفيق، ومنه الوصول إلى غاية التحقيق. وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم.
_________
(1) قال تعالى: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا} [الكهف: 79].
(2) قال تعالى: {فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا} [الكهف: 81]
(3) قال تعالى: {وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا} [الكهف: 82](3/1258)
الحمد لله. الجواب
اعلم أنه قد وجد في الخضر (عليه السلام) المقتضي للمجيء بنون العظمة، لما تفضل الله به عليه من العطايا (1) العظيمة، والمواهب الجسيمة التي من جملتها العلم الذي فضله الله به حتى أخبر موسى (عليه السلام) لما سأله: هل في الأرض أعلم منه؟.
فقال: عبدنا خضر، كما هو ثابت في الصحيح (2). كان هذا وجها صبيحا، ومسوغا صحيحا للمجيء بنون العظمة تارة، وعدم المجيء بها أخرى. فقال: {فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا} (3).
وقال: " فأردنا " ملاحظا في أحد الموضعين لما يستحقه من التعظيم، تحدثا بنعم الله - سبحانه- عليه. وفي الموضع الآخر قاصدا للتواضع، وأنه فرد من أفراد البشر، غير ناظر إلى تلك المزايا التي اختصه الله- سبحانه- بها، مع كون ذلك هو الصيغة التي هي الأصل في تكلم الفرد.
ومع هذا. ففي تلوين العبارة نوع من الحسن أخر. وهو الافتنان في الكلام، فإنه أحسن تطرية لنشاط السامع، وأكثر إيقاظا كما قيل في نكتة الالتفات (4).
_________
(1) قال تعالى: {فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا} [الكهف: 65]
(2) يشير إلى الحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه رقم (74، 78) من حديث ابن عباس وأبي بن كعب" .... بينما موسى في ملأ من بني إسرائيل إذ جاءه رجل فقال: أتعلم أحدا أعلم منك؟ قال موسى، لا فأوحى الله عز وجل إلى موسى بلى، عبدنا خضر .. "
(3) قال الحافظ في الفتح (8/ 422): وفيه حسن الأدب مع الله وأن لا يضاف إليه ما يستهجن لفظه وان كان الكل بتقديره وخلقه لقول الخضر عن السفينة {فأردت أن أعيبها} وعن الجدار {فأراد ربك} ومثل قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "والخير بيدك، والشر ليس إليك"
(4) الالتفات، وهو نقل الكلام من أسلوب إلى أخر، أعني من التكلم أو الخطاب أو الغيبة إلى آخر منها بعد التعبير بالأول، وهذا هو المشهور وقال السكاكي: إما ذلك أو التعبير بأحدهما فيما حقه التعبير بغيره.
وله فوائد، منها: تطرية الكلام، وصيانة السمع عن الضجر والملل، لما جبلت عليه النفوس من حب التينقلات، والسآمة من الاستمرار على منوال واحد هذه فائدته العامة والاقتصاد والإيجاز في التعبير ويختص كل موضع بنكت ولطائف باختلاف محله.
والالتفات من الأساليب البلاغية ذات اللطائف النفيسة ويلقب الالتفات بشجاعة العربية ... ومن أمثلته:
أ- قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 30].
وهو حديث الله عز وجل عن نفسه بأسلوب الحديث عن الغائب.
ب- وقوله تعالى: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر:1 - 2) جاء الكلام أولا على طريقة التكلم، {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ}، ثم انتقل إلى أسلوب الحديث عن الغائب {فصك لربك} أولم يقل فصل لنا.
ومن شروط الالتفات:
1/ يشترط قي الالتفات أن يكون الضمير المنتقل إليه عائدا في نفس الأمر إلى المتنقل عنه.
2/ شرطه أن يكون قي جملتين.
وللالتفات صبور ست ذكرها "الميداني" في البلاغة العربية (1/ 484).
وانظر: "معترك الأقران في إعجاز القران " (1/ 290 - 292)(3/1259)
ويمكن أن يقال: إن خرق السفينة، لما كان باعتبار تحصيل مسماه أمرا يسيرا، فإنه يحصل بنزع لوح من ألواحها، قال: {(فأردت أن أعيبها)}.
ولما كان القتل مما تتعاظمه النفوس، ويدخل فاعله الروعة العظيمة، نزل منزلة مالا يقدر عليه إلا جماعة. ويمكن أيضًا وجه ثالث، وهو أن يقال: لما كان خرق السفينة مما يمكن تداركه، بأن يرد اللوح الذي نزعه كان ذلك وجها للإفراد، لأنه يسير بالنسبة إلا ما يمكن تداركه، وهو القتل.
وأما قوله: ............................(3/1260)
{فَأَرَادَ رَبُّكَ} (1) فوجه نسبة الإرادة إلى الرب- سبحانه-، أن هذه الإرادة وقعت على قوله: {أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا} ومعلوم أن ذلك لا يكون من فعل البشر، ولا بإرادته، لأن بقاءهما في الحياة حتى يبلغا الأشد لا يدخل تحت طاقة البشر، ولا تصح نسبته إلى غير الرب- عز وجل-.
ولهذا يقول الخضر عليه السلام: {رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي} (2).
هذا ما خطر بالبال عند الوقوف على هذا السؤال. ولم أقف على كلام لأحد من أهل التفسير فيما يتعلق بذلك، ولا أمكن البحث لكتب التفسير.
وفي هذه القصة شيء آخر، يحسن السؤال عنه، وهو أنه قال بعد خرق السفينة:
_________
(1) قال الرازي في تفسيره (21/ 162): قال: {فأردت أن أعيبها} وقال: {فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً} وقال: {فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا} كيف اختلفت الإضافة في هذه الإرادات الثلاث وهي كلها في قصة واحدة وفعل واحد؟ والجواب: أنه لما ذكر العيب أضافه إلى إرادة نفسه فقال أردت أن أعيبها ولما ذكر القتل عبر عن نفسه بلفظ الجمع تنبيها على أنه من العظماء في علوم الحكمة فلم يقدم على هذا القتل إلا لحكمة عالية، ولما ذكر رعاية مصالح اليتيمين لأجل صلاح أبيهما أضافه إلى الله تعالى، لأن المتكفل. بمصالح الأبناء لرعاية حق الآباء ليس إلا الله سبحانه وتعالى.
وقال الزمخشري: ولقد تأملت من فصاحة هذه الآي والمخالفة بينها في الأسلوب عجبا. ألا تراه في الأولى أسند الفعل إلى ضميره خاصة بقوله: {فأردت أن أعيبها}، وأسنده في الثانية إلى ضمير الجماعة والمعظم نفسه في قوله {فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا}، {فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا}، ولعل إسناد الأول إلى نفسه خاصة من باب الأدب مع الله تعالى، لأن المراد عيب، فتأدب ثم نسب الإعابة إلى نفسه، وأما إسناد الثاني إلى الضمير المذكور، فالظاهر أنه من باب قوله خواص الملك: أمرنا بكذا، أو دبرنا كذا، وإنما يعنون أمر الملك ودبر، ويدل على ذلك قوله في الثالثة: {فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا} فانظر كيف تغايرت هذه الأساليب ولم تأت على نمط واحد مكرر يمجها السمع وينبو عنها، ثم انفجرت هذه المحالفة على رعاية الأسرار المذكورة، فسبحان اللطف الخبير.
حاشية الكشاف (3/ 607) وانظر: "روح المعاني" للألوسى (15/ 16)
(2) [الكهف: 82](3/1261)
{قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا} (1). وقال بعد قتل الغلام: قال {قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ} (2) فزاد لفظ (لك) في الموضوع الآخر دون الموضوع الأول. ويجاب عنه. مما ذكرته في تفسيري (3) من أن سبب العتاب في الموضع الآخر، لما كان أظهر، وموجبه أقوى، كان ذلك وجها للزيادة. وقيل: زاد لفظ (لك) لقصد التأكيد كما تقول لمن توبخه: لك أقول، وإياك أعني. والله أعلم.
انتهى لفظ الجواب من خط شيخ الإسلام، وبقية علماء الأنام، محمد بن علي الشوكاني- سلمه الله-[1ب]
_________
(1) [الكهف: 72]. قال الألوسى في "روح المعاني" (15/ 327): وهو متضمن للإنكار على عدم وقوع الصبر منه عليه السلام فأدركه عند ذلك الحلم
(2) [الكهف: 75].
قال الألوسي في " روح المعاني" (16/ 2): زيادة (لك) لزيادة على رفض الوصية وقلة التثبت والصبر لما تكرر منه الاشمئزاز والاستنكار ولم يرعو بالتذكير حتى زاد في النكير في المرة الثانية.
وقال الرازي في تفسيره (21/ 155): {قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا} وهذا عين ما ذكره في المسألة الأولى إلا أنه زاد ههنا لفظة (لك) لأن هذه اللفظة تؤكد التوبيخ فعند هذا قال موسى: {قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا}، مع العلم بشدة حرص على مصا حبته وهذا كلام نادم شديد الندامة.
(3) في فتح القدير (3/ 307)(3/1262)
بحث عن تفسير قوله تعالى: {ثم جعلناه نطفة} (1)
تأليف العلامة
محمد بن علي الشوكاني
حققه وعلق عليه وخرج أحاديثه
محمد صبحي بن حسن حلاق
أبو مصعب
_________
(1) فقدت مخطوطة الرسالة من المجلد الثالث بعد كتابتها والله أعلم(3/1263)
السؤال
الحمد لله من أقعدته رئاسة العلم مقاعد الملوك، ووقرته الأكابر وأذعنت له إذعان المملوك، قنطرة الأحكام، شمس الإسلام، درة تاج الإفادة، ثمرة الإجادة المقتطفة بأكف أحلام أرباب السيادة، طارد الهوج (1)، مقيم العوج، من أمات شخص الضلال، فأخره الكاسر لواء من ناوى الحق وأنكره، سلطان أهل الاجتهاد، قائد أعلام معارف النقاد، خذن الأسفار والدفاتر، حافظ السند بظهر قلبه الذاكر، الحجة القائمة على العباد، والفائدة المطلوبة للرشاد، العلامة الأوحد الرباني محمد بن علي الشوكاني عصمه الله عن الزيغ والزلل، وأيقظه عن مخائل الخطأ والخطل، وطهر بتلاوة الكتاب لسانه، ونور بتلاوته جنانة، وحبب إليه معرفة فصله ووصله، وأطلعه على حقائق فضله.
وإن الموجب لرفع أكف الأقلام إلى أعز مقام مذاكرة دارت بين بعض الأعلام أجاب فيها الوالد العلامة شرف الدين الحسن بن على حنش (2) - أدام الله فوائده- وذلك بعد النظر في كثير من كتب التفسير، كالكشاف (3)، ومفاتيح الغيب (4)، وغيرهما فلم
_________
(1) الهوج: الحمق هوج هوجا فهو أهوج، والأنثى هوجاء، والهوج مصدر الأهوج. وهو الأحمق. لسان العرب (15/ 155)
(2) هو الوزير الحسن بن علي بن الحسن بن على بن عبد الله بن عبد الرحمن بن صالح بن محمد بن صالح ابن محمد بن يحيى بن محمد بن أحمد بن يحيى بن أحمد بن حنش.
ولد بشهارة في سنة 1153هـ ورحل من وطنه لطلب العلم إلى مدينة صنعاء فأخذ من أعيانها كالسيد العلامة محمد بن إسماعيل الأمير في الحديث، والقاضي العلامة أحمد بن محمد قاطن قرأ عليه في مغني اللبيب ورسالة الوضع للهروي ولما تولى المنصور بالله الخلافة ناط بالمترجم له أعمالا وصيره أحد وزرائه المقربين، وبالغ في تعظمه لكونه شيخه في العلم.
توفي رحمه الله سنة 1225هـ بصنعاء وقبر. بمقبرتها.
البدر الطالع رقم (130) ونيل الوطر (1/ 348 رقم 168)
(3) (4/ 221)
(4) (23/ 84 - 86)(3/1265)
يتعرضوا لتلك الفائدة، وهى في قول الله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ} (1). فالذي تحصل من كتب التفسير أن المراد بالإنسان آدم، وهو قول الأكثر من السلف والخلف، وجعلوا الضمير (2) في {جَعَلْنَاهُ} لمعنى أخر، وهو من وجد من ذريته. فعلى هذا يكون من باب الاستخدام وفيه التفضيل بخلق العالم الإنساني، وأنه مخلوق من الطين، كآدم وولده من النطفة ليس إلا، ولا يوجد لذلك قسم ثالث. ولكنه ورد علينا خلق عيسى- عليه السلام-، فإنه ليس من الطين، ولا هو من نطفة بل نفخه نفخها الملك حصل منها الولد. وفي الأحاديث (3) شيء واسع مما يدل على أن الأمر مفروغ منه، وأن
_________
(1) [المؤمنون: 12 - 13]
(2) انظر " روح المعاني " للألوسى (18/ 13)
(3) (منها) ما أخرجه البخاري رقم (3208) ومسلم رقم (2643) من حديث زيد بن وهب: قال عبد الله: حدثنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو الصادق المصدوق. قال: " إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما، ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث الله ملكا فيؤمر بأربع كلمات، ويقال له: اكتب عمله ورزقه، وأجله وشقي أم سعيد ثم ينفخ فيه الروح .... ". .
وأخرج البخاري في صحيحه رقم (3333) عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إن الله وكل في الرحم ملكا فيقول: يا رب نطفة يا رب علقة يا رب مضغة، فإذا أراد أن يخلقها قال: يا رب أذكر أم أنثى؟ يا رب أشقي أم سعيد؟ فما الرزق؟ فما الأجل؟ فيكتب كذلك في بطن أمه ".
(ومنها) ما أخرج مسلم في صحيحه رقم (2/ 2644) من حديث حذيفة بن أسيد يبلغ به النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ? قال: " يدخل الملك على النطفة بعد ما تستقر في الرحم بأربعين أو خمسة وأربعين ليلة. فيقول: يا رب أشقي أو سعيد .... ".
وأخرج البخاري في صحيحه رقم (318) ومسلم رقم (5/ 2646) من حديث أنس بن مالك قال قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن الله عز وجل قد وكل بالرحم ملكا. فيقول أي ربي نطفة، أي ربي علقة. أي رب مضغة فإذا أراد الله أن يقضي خلقا قال: قال الملك: أي رب ذكر أو أنثى؟ شقي أو سعيد؟ فما الرزق؟ فما الأجل؟ فيكتب كذلك في بطن أمه".
وأخرج أحمد في المسند (1/ 465).
عن عبد الله بن مسعود قال: مر يهودي بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يحدث أصحابه قال: فقالت قريش: يا يهودي إن هذا يزعم أنه نبي قال: لا سألنه عن شيء لا يعلمه إلا نبي قال: فجاء حتى جلس ثم قال: يا محمد مم يخلق الإنسان "قال يا يهودي من كل يخلق، من نطفة الرجل ومن نطفة المرأة فأما نطفة الرجل فنطفة غليظة منها العظم والعصب وأما نطفة المرأة فنطفة رقيقة مها اللحم والدم ... "(3/1266)
الولد لا يحصل إلا من نطفة الأب، والآيات فصلت خلق الإنسان من النطفة، والعلقة، والمضغة، وإن شأنه أربعون يوما نطفة، وأربعون مضغة، وأربعون علقة في سبعة أو ثمانية مواضع من كتاب (1) الله، وعيسى- صلوات الله عليه- لم يكن كذلك.
وأجاب سيدي الوالد العلامة الشرفي- كثر الله فوائده- بقوله تعالى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ} (2).
_________
(1) (منها): قال تعالى: {ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون: 14].
(ومنها) قوله تعالى: {فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى .... } [الحج: 5].
(ومنها): {فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى
.} (غافر: 67).
وانظر: [فاطر: 11، يس: 17، النجم: 46، القيامة: 37، الإنسان: 2، عبس: 19]
(2) [آل عمران: 59].
أخرج الطبري في "جامع البيان " (3 ج 3/ 295) عن ابن عباس قوله: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}، وذلك أن رهطا من أهل نجران، قدموا على محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكان فيهم السيد والعاقب، فقالوا لمحمد: ما شأنك تذكر صاحبنا؟ فقال: من هو؟. قالوا: عيسى. تزعم أنه عبد الله، فقال محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أجل إنه عبد الله، قالوا له: فهل رأيت مثل عيسى، أو أنبئت به؟ ثم حرجوا من عنده، فجاءه جبريل صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأمر ربنا السميع العليم، فقال: قل لهم إذا أتوك: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ}(3/1267)
وأهل التفسير (1) بنوا على الوقف عند قوله {كمثل آدم}، وقوله {خلقه من تراب} استئناف ولم يجوزا كونه صفة، لأنه نكرة والموصوف معرفة، ولا جوزوا كونه حالا، لأن الماضي لا يقع حالا إلا مع [قد] (2). هذا مفهوم كلامهم، فلذا جعلوه مستأنفا، فعلى كونه مستأنفا هل يصح أن نجعل تلك الجملة- أي خلقه من تراب- قيدا في المثل، ويكون مثل عيسى من تراب كما أن مثل ادم من تراب، والمثل (3) المراد به
_________
(1) كالرازي في تفسيره (8/ 74) قال: قوله تعالى: {خلقه من تراب}، ليس بصلة لآدم ولا صفة ولكنه حبر مستأنف على جهة التفسير بحال أدم. - روح المعاني "للألوسي" (3/ 186).
وقال صاحب " الدر المصون " (3/ 218): {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى}: جملة مستأنفة لا تعلق لها. مما قبلها تعاقا صناعيا بل معنويا (2) قاله الرجاج في معاني القرآن (1/ 428) وانظر مناقشة هذا القول في " الدر المصون " (3/ 219).
(3) والمثل عبارة عن قوله قي شيء يشبه قولا في شيء أخر بينهما مشابهة، ليبين أحدهما الأخر ويصوره نحو قولهم: الصيف ضيعت اللبن- مثل يضرب لمن يطلب شيئا قد فوته على نفسه- مجمع الأمثال (2/ 68) فإن هذا القول يشبه قوله: أهملت وقت الإمكان أمرك. وعلى هذا الوجه ما ضرب الله تعالى من الأمثال فقال- تعالى- {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [الحشر: 21]، وفي [العنكبوت: 43] {وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} والمثل يقال على وجهين:
احدهما: بمعنى المثل: نحو: شبه، وشبه، ونقض نقض. قال بعضهم: وقد يعبر هما عن وصف الشيء نحو قوله: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ} [الرعد: 35].
الثاني: عبارة عن المشابهة لغيره في معنى من المعاني أي معنى كان، وهو أعم الألفاظ الموضوعة للمشابهة، وذلك أن الند يقال فيما يشارك في الجوهر فقط، والشبه يقال فيما يشاركه في الكمية فقط، والمساوي بقال فيما يشارك في القدر والمساحة فقط والمثل عام في جميع ذلك ".
انظر: " الدر المصون " (1/ 156) " مفردات ألفاظ القرآن " للأصفهاني (ص 759)(3/1268)
الصفة كما في قوله: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ} (1) أي صفة الجنة وصفة عيسى، كما هو معنى كلام العلامة الشرفي كان الله له سيما مع ما ورد في أن كل شخص يموت ويقبر في التربة التي خلق منها أم لا؟
وجوابكم عمدة السائل- نفع الله بعلومكم- وهذا إلى معلومكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم.
_________
(1) [محمد: 15]. سأل مقاتل صاحب التفسير أبا عمرو بن العلاء عن قوله تعالى: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ} ما مثلها؟ قال: فيها أنهار من ماء غير آسن. قال: ما مثلها؟ فسكت أبو عمرو. قال: فسألت يونس عنها فقال: مثلها: صفتها.
تهذيب اللغة (15/ 95)(3/1269)
الجواب
أقول- وبالله التوفيق-: قد اختلف أئمة التفسير في مرجع الضمير في قوله- عز وجل-: {ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً} فقيل إنه راجع إلى الإنسان، وهو شامل لآدم ولذريته، وهذا على قول من قال: إن الإنسان المذكور في الآية هو آدم، وبه قال ابن عباس (1)، وعكرمة، وقتادة، ومقاتل. وقال الآخرون: الإنسان هاهنا هو ولد آدم، والطن هاهن أيضًا اسم لآدم، والسلالة (2) هي الأجزاء (3) اللطيفة المبثوثة في أعضائه، التي لما اجتمعت وحصلت في أوعية المني صارت منيا، وهذا التفسير مطابق لقوله تعالى: {وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ} (4)، وحينئذ فلا إشكال في مرجع الضمير، وهو لفظ الإنسان، وقيل (5) أن الإنسان إنما تتولد من النطفة، وهى إنما تتولد عن فضل الهضم الراتع، وذلك إنما تتولد من الأغذية، وهى: إما حيوانية، أو نباتية. والحيوانية تنتهي إلى النجاتية، والنبات إنما يتولد من صفو الأرض والماء؟ فالأنسان بالحقيقة يكون متولدا من سلالة من طين، ثم إن تلك السلالة بعد أن تواردن عليها أطوار الخلقة، وأطوار الفطرة صارت ميتا. قال الرازي (6): وهذا التأويل
_________
(1) ذكره الرازي في تفسيره
(23/ 84). والقرطبي في " الجامع لأحكام القرآن " (12/ 109)
(2) والسلالة: الخلاصة لأنها تسل من بين الكدر، فعالة وهو لناء يدل على القلة كالقلامة والقمامة- وهما الدور الأول من أدوار الخلق.
قاله الرازي في تفسيره (23/ 84).
وقال الكلبي: السلالة الطين إذا عصرته انسل من بين أصابعك فالذي يخرج هو السلالة. "الجامع لأحكام القرآن "القرطبي (12/ 109)
(3) ذكره الرازي مما في تفسيره (23/ 84)
(4) [السجدة: 7 - 8]
(5) ذكره الرازي في تفسيره (23/ 84)
(6) في تفسيره (23/ 84)(3/1270)
مطابق لا نحتاج فيه إلى التكليفات. وعلى هذا فالمراد بالإنسان (1) ولد آدم، ومرجع الضمير لفظ الإنسان، وليس في ذلك إشكال، إنما الإشكال على قول من قال: إن المراد بالإنسان ادم، فإنه إذا جعل المرجع لفظ الإنسان باعتبار شموله لآدم ولذريته كما قاله أهل القول الأول، فلا ريب أنه يكون في الكلام استخدام، لأنه قد أريد بلفظ الإنسان آدم وبضميره ما هو أعم منه، أو أريد بلفظ الإنسان ادم، وبضميره ذريته التي يصدق عليها لفظ الإنسان. والذي أوجب تفسير الإنسان بآدم كونه صرح سبحانه بأنه خلقه من طين، وهذا الوصف لا ينطبق إلا عليه، كما أن الخلق من نطفة لا تنطبق إلا على ذريته، وفي هذه الآية. وقد تخلص القائلون بأن المراد بالإنسان ذرية ادم عن التصريح بكونه مخلوقا من طين بأحد الوجهين الفذين قدمنا ذكرهما، فقائل يقول: إن لفظ الطين اسم لآدم، وقائل يقول بالوجه المذكور بعده.
وعندي أنه لو قيل: المراد بالإنسان المذكور بالآية هو النوع (2) الشامل لآدم وغيره ولا شك أنه مخلوق من طين، أما ادم فظاهر، وأما ذريته فلأن المخلوق من المخلوق من الشيء مخلوق من ذلك الشيء، فكل إنسان مخلوق من الطين، لأن فيه جزءا من أبيه الأول المخلوق من الطين حقيقة، ويكون الضمير راجعا إلى الإنسان هذا المعنى، أي: ثم جعلنا هذا النوع نطفة، ولا شك أن هذه خاصة للنوع، ولا يلزم في خاصة النوع أن
_________
(1) انظر: "روح المعاني" للألوسي (18/ 13)
(2) قال ابن جرير في "جامع البيان" (10/ ج 18/ 8) وأولى القولين بالصواب قول من قال: معناه: ولقد خلقنا ابن آدم من سلالة آدم وهي صفة مائه وادم هو الطين لأنه خلق منه.
وإنما قلنا ذلك أولى التأويلين بالآية، لدلالة قوله: {ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ}، على أن ذلك كذلك، لأنه معلوم أنه لم يصر في قرار مكين، إلا بعد خلقه في صلب الفحل، ومر بعد نخوله من صلبه صار في قرار مكين، والعرب تسمى ولد الرجل ونطفته: سليله وسلالته، لأنهما مسلولان منه(3/1271)
توجد في كل فرد من أفراده، فلا يرد النقض بأن ادم له، يجعل نطفة، وهكذا لا يرد عيسى لذلك.
هذا ما ظهر في تفسير مرجع الضمير باعتبار ما أراده السائل، على أن عيسى وإن كان من إحدى الجهتين لا تصدق عليه أنه مخلوق من تراب، ولا من نطفة، ولكنه من الجهة الأخرى وهى جهة الأم يصدق عليه أنه مخلوق من تراب، ومن نطفة، لأنه قد يكون في بطن أمه، وهي مخلوقة من تراب باعتبار أبيها ادم؛ إذ المخلوق من المخلوق من الشيء مخلوق من ذلك الشيء كما قدمنا، وكذلك مخلوقة من نطفة، والأمر ظاهر، وعيسى لما تكون فيما هو مخلوق من تراب، وفيما هو مخلوق من نطفة، صح أن يدخل تحت لفظ الإنسان المذكور في الآية ويتصف بصفاته المذكورة.
إذا تقرر لك هذا علمت أن قوله في الآية الأخرى التي ذكرها السائل- كثر الله فوائده- خلقه من (1) تراب إن كان وصفا لآدم- عليه السلام- فالأمر ظاهر، وإن كان وصفا لعيسى- عليه السلام- فبالاعتبار الذي أسلفنا.
قال الرازي (2): أجمع المفسرون على أن هذه الآية نزلت عند حضور وفد نجران على الرسول- عليه الصلاة والسلام- وكان مما أوردوه من شبههم أن قالوا: يا محمد، لما سلمت أنه لا أب له من البشر وجب أن يكون أبوه هو الله تعالى، فقال: إن آدم ليس له أب ولا أم، ولم يلزم أن يكون ابنا لله، فكذا القول في عيسى.
هذا حاصل الكلام. قال: وأيضا إذا جاز أن يخلق الله ادم (3) من التراب فلما لا يجوز
_________
(1):. (2):. (3): قال ابن تيمية في " الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح " (4/ 54 - 55). {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}.
أن هذا كلام حق، فإنه سبحانه خلق هذا النوع البشري على الأقسام الممكنة ليبين عموم (1) قوله تعالى: (خلقه من تراب)
(2) في تفسيره (8/ 74) وقد تقدم تخريجه(3/1272)
أن يخلق عيسى من دم مريم، بل هذا أقرب إلى العقل، فإن تولد الحيوان من الدم الذي يجتمع في رحم الأم أقرب من تولدة من التراب اليابس .... انتهى
واعلم أن الكلام على ما سأل عنه السائل- كثر الله فوائده- إذا رمنا استقصاء ما يتعلق به طال البحث فلنقتصر على هذا ..... انتهى.
_________
= قدرته، فخلق آدم من غير ذكر ولا أنثى، وخلق زوجته من ذكر بلا أنثى كما قال تعالى: {وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} [النساء:1] وخلق المسيح من أنثى بلا ذكر، وخلق سائر الخلق من ذكر وأنثى، وكان خلق ادم وحواء أعجب من خلق المسيح فإن حواء خلقت من ضلع وهذا أعجب من خلق المسيح في بطن مريم وخلق آدم أعجب من هذا وهذا، وهو أصل حواء.
فلهذا شبه الله بخلق آدم الذي هو أعجب من خلق المسيح فإذا كان سبحانه قادرا أن يخلقه من تراب والتراب ليس من جنس بدن الإنسان، أفلا يقدر أن يخلقه من امرأة هي من جنس بدن الإنسان؟ وهو سبحانه خلق آدم من تراب، ثم قال له كن فيكون، لما نفخ فيه من روحه، فكذلك المسيح نفخ فيه من روحه وقال له: كن فيكون ولم يكن آدم. مما نفخ من روحه لا هوتا وناسوتا بل كله ناسوت، فكذلك المسيح كله ناسوت والله سبحانه ذكر هذه الآية ضمن الآيات التي أنزلها في شأن النصارى لما قدم على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نصارى نجران وناظروه في المسيح.
وأنزل سبحانه عقب هذه الآية: {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 61 - 64].(3/1273)
الإيضاح لمعنى التوبة والإصلاح
تأليف العلامة
محمد بن علي الشوكاني
حققته وعلقت عليه وخرجت أحاديثه
محفوظة بنت علي شرف الدين
أم الحسن(3/1275)
وصف المخطوط
1 - عنوان الرسالة: (الإيضاح لمعنى التوبة والإصلاح).
2 - موضوع الرسالة: تفسير آيات من سورة النور.
3 - أول الرسالة.: بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد النبيين، وعلى آله الأكرمين وصحبه الراشدين. وبعد: فإنه ورد هذا السؤال من الوالد العلامة المفضال لطف الله بن أحمد جحاف ...
4 - آخر الرسالة:
وهو غير فاسق، وشهادته مقبولة. وفي هذا المقدار كفاية والله ولي التوفيق.
حرره مؤلفه غفر الله له في نهار يوم السبت لعله حادي وعشرون شهر الحجة سنة 1224 هـ.
5 - نوع الخط: خط نسخي جيد.
6 - الناسخ: المؤلف: محمد بن علي الشوكاني.
7 - تاريخ النسخ: السبت/ 11/ الحجة سنة 1224هـ.
8 - عدد أوراق الرسالة: (8) ورقات+ صفحة العنوان.
9 - عدد الأسطر في الصفحة: (23 - 25) سطرا.
10 - عدد الكلمات في السطر: 9 - 11 كلمة.
11 - الرسالة من المجلد الرابع من (الفتح الرباني من فتاوى الشوكاني).(3/1277)
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد النبيين، وعلى آله الأكرمين
وصحبه الراشدين:
وبعد:
فإنه ورد هذا السؤال من الولد العلامة المفضال: لطف الله بن أحمد جحاف (1) - لا برح رافلا في حلل الألطاف-. وهذا نصه منظوما:
يا بدر أشرق منورا ... وسما على كل الورى
إني أتيتك سائلا ... لمهم أمر قد جرى
في فتية شهدوا ... على زيد بفاحشة ترى
قالوا زنى لكنهم ... دون النصاب وقد سرى
فأين لسائلك الذي ... أضحى لفضلك مظهرا
بم توبة النفر الذين ... رأوه يفعل منكرا؟ 11):
_________
(1) هو أحد تلاميذ الشوكاني الأوفياء، وقد ترجم له في " البدر الطالع" (2/ 60 - 71) فقال: " ولد في نصف شعبان سنة (1189هـ) وأخذ العلم عن جماعة من علماء العصر، منهم شيخنا العلامة السيد على بن إبراهيم بن عامر، والسيد العلامة على بن عبد الله الجلال، وشيخنا العلامة القاسم بن يحيى الخولاني، والسيد العلامة إبراهيم بن عبد القادر، وغير هؤلاء من أعيان العلماء ولازمني دهرا طويلا فقرا علي في النحو والصرف والمنطق والمعاني والبيان والأصول والحديث، وبرع في هذه المعارف كلها وصار من أعيان العصر وهو في سن الشباب، ودرس في فنون وصنف رسائل أفرد فيها مسائل ونظم الشعر الحسن، وغالبه في أعلى طبقات البلاغة، وباحث كثيرا من علماء العصر. بمباحث مفيدة يكتب فيها ما ظهر له، ثم يعرضها على مشايخه أو بعضهم.
وقد كتب إلي من دلك الكثير بحيث لو جمع هو ما أكتبه إليه من الجوابات لكان مجلدا، ولعل غالب ذلك محفوظ لديه وعندي منه القليل. وهو قوي الإدراك جيد الفهم، حسن الحفظ، مليح العبارة، فصيح اللفظ، بليغ النظم والنثر.
ويتقيد بالدليل الصحيح وإن خالفه من خالف .... وتوفي بصنعاء في سنة (1243هـ).(3/1281)
أيكذبون نفوسهم ... في الصدق أم ماذا ترى؟
فالكذب أخبث حلة ... والصدق أظهر مخبرا
وأراه لا ينفك عن ... إصراره من أبصرا
أقول: هذا السؤال الذي تضمنه هذا النظم المنسجم، في غاية الحسن، لكون الشهادة [للمحدودين] (1) بسبب عدم كمال نصاب شهادة الزنا، [و] (2) لم يتبين أفم كاذبون في الواقع. ولو كان الحد لكذب، بل لنقص نصاب الشهادة [1أ] وذلك لا يستلزم الكذب لا عقلا، ولا شرعا، ولا عادة.
إذا عرفت هذا، فاعلم أن تقرير الكلام على وجه يرتفع به الإشكال، وينتفع به ناظم السؤال، يتوقف على تحقيق مرجع هذا الاستثناء، بعد تحقيق ما اشتمل عليه المستثني منه في الجملة فأقول:
اعلم أن قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (3).
قد اشتمل على ثلاثة أحكام متعلقة بالقاذف:
(الأول): جلده.
(الثاني): رد شهادته.
(الثالث): فسقه.
فالاستثناء المتعقب لما تضمن هذه الثلاثة الأحكام، [وهو] (4) قوله تعالى: & إِلَّا?
_________
(1) في المخطوط (المحدودين) والصواب ما أثبتناه
(2) زيادة يستلزمها السياق
(3) [النور: 4]
(4) في المخطوط (وهي) والصواب ما أثبتناه(3/1282)
الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ {(1).
قد اختلف أهل العلم في مرجعه، ماذا هو؟ هل هو جميع ما دل على تلك الثلاثة الأحكام من تلك الآية، أم بعضها؟.
فذهب جع جم، إلى أنه راجع إلى (2) جميعها. وقرروا ذلك. مما يطول، ولا يتسع المقام لبسطه، وقد جعل هذه الآية مثالا للاستثناء الواقع بعد جمل متعددة، جماعة من المصنفين في أصول الفقه (3).
_________
(1) [النور: 5]
(2) وهو قول الأئمة الثلاثة [أحمد، الشافعي، مالك] وأكثر أصحابهم. انظر: المحصول للرازي (3/ 43) والكوكب المنير (3/ 313)
(3) قال صاحب الآيات البينات (3/ 54): قوله: أما قوله تعالى:} وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ {أقول: هذا الصنيع صريح في أن قوله تعالى:} وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا {[النور: 4] معطوف على جملة [فاجلدوهم]، عند الشافعي كغيره ففيه رد على من زعم أن الشافعي جعل جملة "ولا تقبلوا"، منقطعة عن جملة "فاجلدوهم" مع أن كونها معطوفة عليها أظهر من أن كفى. ومنشأ هذا الزعم أن الشافعي قبل شهادة المحدود في القذف بعد التوبة وحكم عليه بعدم الفسق ولم يسقط عنه الجلد فلزم من ذلك شهادة المحدود في القذف بعد التوبة وحكم عليه بعدم الفسق ولم يسقط عنه الجلد فلزم من ذلك تعلق الاستثناء بالأخيرتين وقطع "لا تقبلوا" عن "اجلدوا" إذ لو كان عطفا عليه لسقط الجلد عن التائب على ما هو الأصل عنده من صرف الاستثناء إلى الكل. قال في التلويح: وفيه بحث إذ لا نزاع لأحد في أن قوله أو لا تقبلوا، عطف على "فاجلدوا" إلا أن الشافعي لم يجعله من تمام الحد بناء على أنه لا يناسب الحد لأن الحد فعل يلزم على الإمام إقامته لا حرمة فعل، ولم يسقط الجلد بالتوبة لأنه حق العبد ولهذا أسقطه بعفو المقذوف، وصرف الاستثناء إلى الكل عنده ليس بقطع بل هو ظاهر يعدل عنه عند قيام الدليل وظهور المانع مع أن المستثني هو (الذين تابوا وأصلحوا) ومن جملة الإصلاح الاستحلال وطلب عفو المقذوف، وعند وقوع ذلك يسقط الجلد أيضًا فيصح صرف الاستثناء إلى الكل.
قال الزركشي في البحر المحيط (3/ 312 - 318): " واعلم أن القول بعوده إلى الجميع عندنا شروط:
1) أن تكون الجمل متعاطفة. فإن لم تكن عطف، فلا يعود إلى الجميع قطعا بل يختص بالأخيرة إذ لا ارتباط بين الجملتين ومن صرح إذا الشرط القاضي أبو بكر في التقريب، وابن السمعاني والآمدي.
2) أن يكون العطف بالواو. فإن كان بثم اختص بالجملة الأخيرة ذكره إمام الحرمين.
3) أن لا يتخلل بين الجملتين كلام طويل فإن تخلل اختص بالأخيرة. حكاه الرافعي عن إمام الحرمين.
4) أن تكون الجمل منقطعة بأن تنبئ كل واحدة عما لا تنبئ عنه أخواتها.
5) أن يكون بين الجمل تناسب.
6) أن يمكن عوده إلى كل واحدة على انفرادها فإن تعذر عاد ما أمكن أو اختص بالأخيرة.
7) أن يكون المعمول واحدا كقوله تعالى:} وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ &، فإن كان العامل واحدا والمعمول متعددا فلا خلاف في عوده إلى جميع.
8) أن يتحد العامل، فان اختلف خص الأخيرة.
9) أن يكون في الجمل. فإن كان في المفردات عاد للجميع اتفاقا.
10) أن يكون الاستثناء متأخرا على ظاهر عباراتهم بالتعقيب، لكن الصواب أن ذلك ليس بشرط والخلاف جار في الجميع كما صرح به الرافعي في كتاب (الإيمان).
انظر تفصيل ذلك. البحر المحيط (3/ 315 - 318) 0 الكوكب المنير (3/ 318)(3/1283)
ولكنه يرد على هؤلاء القائلين بأنه راجع إلى جميع الجمل، أن توبة القاذف لا تسقط عنه حد القذف بالإجماع. فلو كان الاستثناء راجعا إلى جميع الجمل لزم سقوط الحد بوجود التوبة، واللازم باطل، فالملزوم مثله.
أما الملازمة فظاهرة، وأما بطلان اللازم فبالإجماع إلا ما يروى عن الشجي، وهو مدفوع بالنصوص، وبإجماع أهل العلم.
ومن القائلين برجوع الاستثناء الواقع بعد جمل إلى جميعها من غير نظر [1ب] إلى خصوص هذه الآية، مالك، والشافعي، وأصحابهما، وجمهور أهل الأصول وغيرهم (1).
_________
= ومن القائلين برجوعه إلى الجملة الأخيرة، أبو حنيفة (2). وقد توقف بعض أهل العلم في ذلك (3). ووجه التوقف، أنه قد ورد في كتاب الله تعالى مع رجوع الاستثناء إلى جميع الجمل، كما في قوله: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ} (4) الآية.
فإن الاستثناء المتعقب لها، راجع إلى (5) الجميع باتفاق العلماء. وآية قتل المؤمن (6) خطأ، الاستثناء فيها راجع إلى الأخيرة (7) باتفاق العلماء. فهذا وجه التوقف في آية القذف، وسبب اضطراب المذاهب فيها.
وقد عرفت اتفاقهم على عدم رجوع الاستثناء فيها إلى الجلد، ولا اعتبار. بمخالفة
(1) انظر: المحصول (3/ 43) البحر المحيط (3/ 315) والكوكب المنير (3/ 313) الآيات البينات (3/ 54)
(2) قال صاحب الكوكب المنير (3/ 313): وعند أبي حنيفة وأصحابه والرازي والمجد يرجع- الاستثناء- إلى الجملة الأخيرة.
انظر: تيسير التحرير (1/ 302, 305)، نهاية السول (2/ 128)
(3) وهو قول الأشعرية منهم الباقلاني والغزالي لتعارض الأدلة. انظر: المسودة ص 156، البرهان (1/ 359)
(4) وتمام الآية: { ...... وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة: 33 - 34].
(5) وهو قول الشافعي كما قاله الماوردي والرويانى أنه يعود إلى جميعها .. البحر المحيط (3/ 307)، الكوكب المنير (3/ 319)
(6) [النساء: 92]
(7) قال القفال: وكذا قوله تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا} [السماء: 92] فالاستثناء يرجع إلى الأخيرة، لأن الدية حق آدم فيسقط بالعفو، والرقبة حق الله. فلا يسقط بالعفو من الآدمي وكذا قال: الماوردي وغيره.
البحر المحيط (3/ 316)(3/1284)
الشعبي.
واختلفوا في رجوعه إلى الحكم الثاني، وهو رد الشهادة المدلول عليه بقوله تعالى: {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} (1).
فقال شريح القاضي، وإبراهيم النخعي، والحسن البصري، وسعيد بن جبير، ومكحول، وعبد الرحمن بن زيد بن جابر، وسفيان الثوري، وأبو حنيفة: لا يرجع إليه، وجزموا بأنها لا تقبل شهادة القاذف أبدا (2) وإن تاب، ولا زال عنه اسم الفسق
_________
(1) [النور:4]
(2) وجادة: وهي وجادة صحيحة من أصح الوجادات وهي حجه.
وقد أخرج البيهقى في "المعرفة" من طريق أخرى، كما في "نصب الراية" (4/ 82).
وقال الألباني في الإرواء (8/ 242) عن هذه الطريق بأنها معضلة.
والخلاصة: أن الحديث صحيح. وقد صححه الألباني في الإرواء رقم (2619)(3/1286)
بالتوبة.
وذهب جمهور أهل العلم إلى أن الاستثناء يرجع إلى قوله: {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} (1).
كما يرجع إلى قوله: {وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (2).
ومن القائلين بعدم رجوع هذا الاستثناء إلى قوله: {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا}
ابن عباس.
أخرج عنه أبو داود في ناسخه (3)، وابن المنذر (4)، أنه قال: في قوله:} وَالَّذِينَ [2أ] يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ {الآية. ثم استثنى فقال:} إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا. فتاب الله عليهم من الفسوق. أما الشهادة فلا تجوز. وأخرج ابن مردويه (5) عنه من وجه أخر نحوه.
وأخرج ابن جرير (6)، وابن المنذر (7)، والبيهقى في سننه (8)، عنه ما يخالف هذا. وهو أنه قال في تفسير هذه الآية: " فمن تاب وأصلح فشهادته في كتاب الله تقبل ".
_________
(1) [النور: 4]
(2) [النور: 4]
(3) ذكره السيوطي في الدر المنثور (6/ 131)
(4) ذكره السيوطي في الدر المنثور (6/ 131)
(5) ذكره السيوطي في الدر المنثور (6/ 131)
(6) في "جامع البيان" (10/ج18/ 80)
(7) ذكره السيوطي في الدر المنثور (6/ 131)
(8) ذكره السيوطي في الدر المنثور (6/ 131)(3/1287)
إذا عرفت هذا، فاعلم أنه قد اختلف أهل العلم في كيفية التوبة التي يرتفع عنه بها الفسق عند الجميع، وتقبل بها شهادته عند الجمهور لا عند غيرهم كما سبق.
وهذا هو محل السؤال، ومكان الإشكال. فذهب جماعه إلى أن توبته، لا تكون إلا بإكذابه لنفسه تصريحا، ولا يكون تائبا. بمجرد الندم على ما فرط منه، والعزائم على عدم المعاودة لما اقترفه ومن القائلين هذا عمر ابن الخطاب.
فأخرج ابن مردويه (1) عنه، أنه قال في تفسيره الآية: " توبتهم إكذابهم أنفسهم، فإن أكذبوا أنفسهم، قبلت شهادتهم ".
وأخرج عبد بن حميد (2) عنه، أنه قال لأبي بكرة في قصة المغيرة المشهورة: "إن تكذب نفسك نجز شهادتك فأبى أن يكذب نفسه، ولم يكن عمر يجيز شهادته ".
والقصة مشهورة مروية في السير (3)، وفي كتب الحديث (4)، ووافقه على ذلك عطاء. فأخرج عبد الرزاق (5)، وعبد بن حميد (6) عنه أنه قال: " إذا تاب القاذف وأكذب نفسه قبلت شهادته ". وبه قال الزهري، وطاووس، ومسروق، والشجي، روى عنهم عبد بن حميد (7) أنهم قالوا: توبته أن يكذب نفسه.
_________
(1) ذكره السيوطى في الدر المنثور (6/ 131)
(2) ذكره السيوطى في الدر المنثور (6/ 131)
(3) انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي (3/ 27)
(4) أخرجه البخاري في صحيحه (5/ 255) معلقا. في الشهادات. باب شهادة القاذف والسارق والزاني: " وجلد عمر أبا بكرة وشبل بن معبد ونافعا بقذف المغيرة، ثم استتابهم، وقال: من تاب قبلت شهادته" ووصله الشافعي كما في ترتيب المسند (2/ 181 رقم 642) والبيهقي في السنن الكبرى (10/ 152)
(5) في المصنف (7/ 383 رقم 13561)
(6) ذكره السيوطى في "الدر المنثور" (6/ 131)
(7) انظر: فتح الباري (5/ 255 - 257) "المصنف" (7/ 383 - 388) و (8/ 361 - 364) والسنن الكبرى للبيهقي (10/ 152 - 153)(3/1288)
وقد حكى هذا النحاس عن أهل المدينة، وبه قال الشافعي، فإنه صرح في كتبه (1) "باب توبة القاذف هي إكذابه نفسه " قال الإصطخري (2): وهو أن يقول: كذبت ولا أعود [2ب] إلى ذلك.
وقالت طائفة أخرى من أهل العلم: إن توبة القاذف، هي أن يصلح ويحسن حاله، ويندم، ويستغفر، ويعزم على أن لا يعود، ولا يشترط أن يكذب نفسه، لأنه شهد عن علم ويقين وإنما لم يكمل نصاب الشهادة، وهو الحق (3). ومن القائلين هذا ابن سيرين،
_________
(1):. (2):. (3): قال النووي في "رياض الصالحين" (37 - 38) - تحقيق الألباني: قال العلماء: التوبة واجبة من كل ذنب، فإن كانت المعصية بين العبد وبين الله تعالى لا تتعلق بحق آدمي فلها ثلاثة شروط:
أحدها: أن يقلع عن المعصية.
الثاني: أن يندم على فعلها.
الثالث: أن يعزم أن لا يعود إليها أبدا.
فإن فقد أحد الثلاثة لم تصح توبته، وإن كانت المعصية تتعلق بآدم فشروطها أربعة: هذه الثلاثة.
وأن يبرأ من حق صاحبها، فإن كانت مالا أو نحوه رده إليه وإن كان حد قذف ونحو مكنه منه أو طلب عفوه. وإن كان غيبة استحله منها إذا لم يترتب على الاستحلال نفسه مفسدة أخرى- ويجب أن يتوب من جميع الذنوب فإن تاب من بعضها صحت توبته عند أهل الحق من ذلك الذنب، وبقي عليه الباقي وقد تظاهرت دلائل الكتاب والسنة وإجماع الأمة على وجوب التوبة. 1 هـ.
(1) كالأم (7/ 94 - 95) وبدائع المنن في جمع وترتيب مسند الشافعي والسنن لأحمد عبد الرحمن البنا (2/ 147 - 148)
(2) هو أبو سعيد الحسن بن أحمد ابن يزيد الإصطخري الشافع، فقيه العراق ورفيق ابن سريج.
قال أبو إسحاق المروزي: لما دخلت بغداد لم يكن بها يستحق أن يدرس عليه إلا ابن سريج، وأبو سعيد الإصطخري، وقال الخطيب: ولي قضاء قمر- مدينة قرب أصبهان- وولي حسبة بغداد، فأحرق مكان الملاهي.
مات الاصطخري في جمادى الآخرة سنة ثمان وعشرين وثلاث مئة، وله نيف وثمانون سنة.
انظر: تاريخ بغداد (7/ 268 - 270) وشذرات الذهب (2/ 312)(3/1289)
حكى عنه عبد بن حميد (1) أنه قال: " توبته فيما بينه وبين الله تعالى ". وبه قال سعيد بن جبير، حكاه عنه سعيد (2) بن منصور، وعبد بن حميد (3)، وابن المنذر (4)، وبه قال ابن سريج، حكاه عنه عبد الرزاق (5) وعبد بن حميد (6)، وابن المنذر (7). وبه قال إبراهيم النخعي، حكاه عنه عبد الرزاق (8)، وعبد بن حميد (9)، وابن المنذر (10)، وابن أبي حاتم (11). وبه قال مالك، حكاه عنه القرطبي (12)، قال: وهو قول ابن جرير (13).
فإن قلت: أي القولين أقرب إلى الصواب، وأولى بالقبول، وأحق بالترجيح؟
قلت: القول الثاني لوجوه:
الأول: أن الله- سبحانه-، لم يذكر في كتابه العزيز، إلا مجرد التوبة، وهي في اللغة: الرجوع من الذنب. قال في الصحاح (14): " التوبة: الرجوع من الذنب". وفي الحديث: (الندم توبة) (15). وكذلك التوب مثله. وقال الأخفش: التوب: جمع توبة مثل: عومة وعوم، وتاب إلى الله توبة، ومتابا. وقد تاب الله عليه: وفقه الله ". انتهى
_________
(1) ذكره السيوطي في الدر المنثور (6/ 132)
(2) ذكره السيوطي في الدر المنثور (6/ 132)
(3) ذكره السيوطي في الدر المنثور (6/ 132)
(4) ذكره السيوطي في الدر المنثور (6/ 132)
(5) ذكره السيوطي في الدر المنثور (6/ 132)
(6) ذكره السيوطي في الدر المنثور (6/ 132)
(7) ذكره السيوطي في الدر المنثور (6/ 132)
(8) في المصنف (7/ 387 رقم 13573)
(9) ذكره السيوطي في الدر المنثور (6/ 132)
(10) ذكره السيوطي في الدر المنثور (6/ 132)
(11) في تفسيره (8/ 2532 رقم 14177)
(12) في "الجامع لأحكام القرآن" (12/ 179)
(13) في "جامع البيان" (10 /ج 18/ 81)
(14) (1/ 91 - 92)
(15) أخرجه ابن ماجه رقم (4252) والحاكم (4/ 243)، والبيهقي في السنن الكبرى (10/ 154) وأحمد (1/ 376, 433) والحميدي في مسنده (1/ 58 رقم 105) والبغوي في "شرح السنة " (5/ 91 رقم 1307) كلهم من حديث عبد الله بن مسعود.
قال البوصيري في "مصباح الزجاجة" (2/ 347 رقم 1521): "هذا إسناد صحيح رجاله ثقات ..... "1هـ
وقال الحاكم: صحيح الإسناد ووافقه الذهبي وصححه الألباني.(3/1290)
كلام الصحاح.
وفيه أن مجرد الرجوع عن الذنب توبة، والمراد برجوعه عنه: اعترافه بأنه قد ظلم نفسه، وجلب عليها الإثم بسبب خروجه عن دائرة الحلال إلى دائرة الحرام، فإذا رجع من دائرة الحرام إلى دائرة الحلال نادما على فعله، عازما على أن لا يعود إليه، فذلك هو الرجوع. وانظر كيف ذكر صاحب الصحاح (1) عقب قوله: التوبة: الرجوع من الذنب، ما هو كالتصريح. بمعنى الرجوع، وكالدليل عليه حيث قال: وفي الحديث: (الندم توبة) (2).
وقال في القاموس (3): " تاب إلى الله توبا وتوبة ومتابا، وتابة، وتتوبة [3أ] رجع عن المعصية. وهو تائب، وتواب، وتاب الله عليه، وفقه للتوبة، أو رجع به من التشديد إلى التخفيف، أو رجع عليه بفضله وقبوله، وهو تواب على عباده " انتهى.
والكلام فيه كالكلام الذي قدمنا بعد كلام الصحاح.
(الوجه الثالث): أن التوبة (4) في لسان أهل الشرع واصطلاحهم؟ هي أن يجمع المذنب بين ندمه على الذنب، وعزمه على أن لا يعود. فمن جمع بين الأمرين، فهو تائب. ومن تاب، تاب الله عليه، والقاذف إذا ندم على قذفه، وعزم على أن لا يعود إلى شيء من ذلك، فهو تائب، ومن أوجب عليه أن يكذب نفسه، فقد أخذ في حد التوبة قيدا لم يعتبره الله في كتابه، ولا رسوله في سنته، ولا أهل اللغة العربية في لغتهم، ولا أهل الشرع في اصطلاحهم.
_________
(1) (1/ 91)
(2) مسبق تخريجه
(3) (ص 79).
(4) انظر مدارج السالكين لابن القيم (1/ 208 - 215)(3/1291)
(الوجه الثالث): أن الأمة قد أجمعت على أن التوبة تمحو الكفر. فإذا تاب الكافر تاب الله عليه، وأجمعت على أن ذنب القذف دون ذنب الكفر. بمسافات لا تحصى. فيستفاد من هذين الإجماعين، أن ما يصدق عليه مسمى التوبة في حق القاذف يكون توبة مقبولة، سقط عنه ها إثم القذف. فاعتبار قيد زائد على مسمى التوبة في القذف، [وهو] (1) دون الشرك مخالف لقواعد الشريعة، ولما عليه أهل الإسلام.
وليس القاذف بأشد جرما، ولا أكبر ذنبا من الكافر بالإجماع.
(الوجه الرابع): أن [الشهداء] (2) الذين جلدوا بسبب كونهم دون النصاب، لم يكن جلدهم لكونهم كاذبين قي الواقع، بل لكونهم أقدموا على ما يخالف الشرع، وهو شهادتهم [3ب] وهم دون النصاب، ولم يبح الله لهم ذلك، ولا أجازه، فاستحقوا الجلد ورد الضهادة، وإطلاق اسم الفسق عليهم. فالتوبة: هي اعترافهم بأنهم خالفوا الشرع في هذا الإقدام على الشهادة، وسارعوا إلى هتك عرض المسلم المشهود عليه بدون حقه، واستعجلوا في أمر كان لهم فيه أناة، وندمهم على ما فرط منهم، وعزمهم على أن لا يعودوا إلى ذلك، فإيجاب تكذيبهم أنفسهم هو أمر أخر غير ما تابوا عنه.
(الوجه الخامس): أن ما أخبروا به هو عند سامعه في حيز الاحتمال لم يرد دليل صحيح من عقل، ولا نقل بأنه كذب، وجلدهم الذي أقيم عليهم، إنما هو رجوع إلى ظاهر الشرع، لا كونهم كاذبين، فإن هذا لم يتعبدنا الله به، فإلزامهم بأن يخبروا عن أنفسهم أنهم كاذبون، وجعل ذلك شرطا في توبتهم، لا تقبل بدونه، هو غير ما يعتقده من جمع الشهادة؟ لأنها عنده في حيز الاحتمال، وغير ما يعتقده الشاهد، لأنه عند نفسه على بصيرة لولا أنه وقع في الخطأ، بسبب إقدامه عليها مع عدم كمال النصاب.
_________
(1) زيادة يستلزمها السياق
(2) في المخطوط: الشهادة والصواب ما أثبتناه(3/1292)
ومع كونه غير ما يعتقده سامع الشهادة، وغير ما يعتقده الشاهد، هو أيضًا خلاف ما في الكتاب والسنة ولغة العرب.
(الوجه السادس) [4أ]: أن عمر بن الخطاب- رضي الله عنه-، وهو في اشتراطه لهذا الشرط في توبة الشهود، مخالف لما كان يتكلم به عند أن يلقى المغيرة بن شعبة وينظر إليه، فإنه كان يقول في غير مرة: "ما ذكرت قصتك إلا خشيت أن ارجم بحجارة من السماء".
فهذا منه دليل، وأصعب دليل على أنه لم يقطع بكذب أولئك الثلاثة الذين شهدوا عليه، بل كان الأمر في نفسه محتملا، إن لم يكن عنده احتمال صدقهم أولى، كما يفيده هذا، ولكنه- رضي الله عنه- رجع إلى ظاهر الشرع، وهو الواجب عليه، وعلى كل مسلم، وهو المتقرر، في هذه الشريعة الغراء.
وأما خشيته بأن يرجم بحجارة من السماء، فليس ذلك لكونه خطأ في الحكم الواقع منه بجلد الشهود الثلاثة، فإنه لم يخطئ بلا خلاف.
ولكنه كان يقول هذه المقالة إن صحت عنه تقريعا للمغيرة وتوبيخا. وربما كان سبب قوله لها: إن المغيرة كان مشهورا. بمقارفته هذه المعصية، ولهذا كان يقال له: الأعور الزناء. ومن كان هذه المنزلة من الشهرة. بمقارفته لهذه المعصية، فهو غير عفيف. ولا جلد على القاذف بغير العفيف في الظاهر. فكان عمر- رضي الله عنه - يذكر هذا تندما، وتأسفا، حيث لم يدرأ [4ب] عن الشهود الذين شهدوا عليه حد القذف ثم هذه الشبهة، وفي الأمر سعة. فيمكن [أن يقال] (1): إنه لم يبلغه ما يقال: من عدم عفة المغيرة إلا من بعد الجلد، ويمكن أنه لم يقطع بتلك الشهرة، ولا سيما والذين اشتهرت بينهم هذه المقالة هم أهل ولاية المغيرة، ومن كان كذلك فقد يفتري على أميره الكذب، ويقول الباطل. وعلى كل حال فالأمر في حين الاحتمال، فقد أصاب عمر- أصاب الله
_________
(1) زيادة يستلزمها السياق.(3/1293)
به- في إقامة الحد على الشهود، ولكنه لم يصب عندي، هو ولا من تابعه من أهل العلم في اشتراطهم في صحة التوبة إكذاب الشاهد لنفسه.
(الوجه السابع): أن لا خلاف بين أهل العلم أن من شتم مسلما بأي نوع من أنواع الشتم الذي ليس بقذف: فإن توبته من ذلك لا يشترط فيها إكذابه لنفسه. بل يكفر في ذلك الندم، والعزم على عدم المعاودة، ومن زاد على هذا، قال: وطلب العفو من المشتوم.
ومن المعلوم أنه يشتمل الجميع جنس الشتم، فلا وجه لتخصيص بعضه بقيد في صحة التوبة منه دون الآخر.
(الوجه الثامن): أخرج عبد الرزاق (1) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله- صلى الله عليه واله وسلم-: " قضى الله [5أ] ورسوله أن لا تقبل شهادة ثلاثة، ولا اثنين، ولا واحد على الزنا. ويجلدون ثمانين ثمانين، ولا تقبل لهم شهادة أبدا، حتى يتبين للمسلمين منهم توبة نصوح وإصلاح".
فلم يعتبر النبي- صلى الله عليه واله وسلم- في هذه التوبة زيادة على ما يصدق عليه هذا المفهوم من إكذاب الشاهد لنفسه، بل هي توبة كسائر التوبات من الذنوب.
(الوجه التاسع): أن الكذب ذنب من الذنوب، وكبيرة من الكبائر (2)، وقد
_________
(1) في "المصنف" (7/ 387 رقم 13571)
(2) قال تعالى: {قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ} [الذاريات:10].
قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ} [غافر:28].
وقال تعالى: {ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} آل عمران: 61. للحديث الذي أخرجه البخاري رقم (33) ومسلم رقم (59) عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان".
وللحديث الذي أخرجه البخاري رقم (6094) ومسلم رقم (102/ 2606) عن عبد الله بن مسعود قال: إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة. وإن الرجل ليصدق حتى يكون صديقا. وإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وإن الرجل ليكذب حيت يكتب عند الله كذابا(3/1294)
اتفقت الشرائع على هذا، ولم تختص به الشريعة الإسلامية وحدها، وإذا كان الكذب ذنبا يوجب العقوبة، فكيف يشترط في توبة الشاهد الذي شهد. مما رأته عينه، ووقع عليه بصره إذ يكذب نفسه فيدخل في ذنب. بمجرد طلبه للخروج من ذنب، والتوبة عنه؟.
وهل يحل إلزامه الدخول في ذنب متفق عليه، ومعصية لا خلاف فيها!؟ وهل هذا إلا رأي بعيد عن الصواب، واجتهاد ناء عن الحق!؟.
فإن قلت: قد تبين. مما ذكرته ما هو الحق في كيفية هذه التوبة من القذف، وأنه لا يشترط فيها، ما اشترطه عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- ولا ما اشترطه من تبعه من السلف ومن بعدهم حسبما تقدم تقريره، وبقي أمران:
(أحدهما): التصريح. مما هو الراجح لديك في المذاهب السابقة في رجوع الاستثناء [5ب] إلى جميع تلك الجمل المذكورة في الآية، أو إلى بعضها.
(والثاني): أن الله ضم إلى ما ذكره من اشتراط التوبة الإصلاح، فما هو؟
قلت: أما ما أذهب إليه في الاستثناء في هذه الآية وغيرها، فهو رجوعه إلى جميع الجمل السابقة التي لم يتعقب بعضها قبل ورود الاستثناء، أو نحوه من القيود ما يدل على تخصيصه. مما يخالف القيد الآخر. أو يخصص الدليل بعض القيود دون بعض، كما وقع في آية القذف، فإن الاستثناء لا يرجع إلى الجلد، بل يجلد القاذف بعد طلب المقذوف، ومرافعته له إلى الإمام أو الحاكم، وإن تاب.
ووجه عدم رجوعه إليها، الدليل في غير قضية من الحدود، فإن المحدودين كانوا يأتون إلى النبي- صلى الله عليه واله وسلم- تائبين عن الذنب الذي قارفوه، في يقيم عليهم الحد حتى قال في المرأة التي رجمها: " لقد تابت توبة، لو تابها صاحب .... ...(3/1295)
مكس (1) لغفر الله له" (2).
وانضم إلى هذا الدليل إجماع المسلمين قرنا بعد قرن، وعصرا بعد عصر أن التوبة لا تسقط الحد، ولم يرو عن أحد ما يخالف ذلك، إلا ما قدمناه عن الشعبي، وهو مع مخالفته للإجماع مخالف للدليل.
وهكذا القول في آية القتل (3) خطأ، وتخصيص القيد ببعض الجمل المذكورة [6أ] فيها، هو بدليل دل على ذلك.
وأما آية (4) المحارب، فلما لم يوجد ما يدل على تخصيص بعض جملها بقيد يخالف
_________
(1) المكس: هو الجباية. وعلب استعماله فيما يأخذه أعوان الظلمة عند البيع والشراء.
قال الشاعر:
وفي كل أسواق العراق إتاوة ... وفي كل ما باع امرؤ مكس درهم
والمكاس: صاحب المكس. وهو داخل في قوله تعالى: {إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} الشورى: 42.
والمكاس فيه شبه من قاطع الطريق، وهو شر من اللص، فإن من عسف الناس وجدد عليهم ضرائب، فهو أظلم وأغشم ممن أنصف في مكسه ورفق برعيته، وجابي المكس وكاتبه. وأخذه من جندي وصحيح وصاحب زاوية شركاء في الوزر، أكالون للسحت.
انظر: "الكبائر" للذهبي (ص 149 - 151) الكبيرة السابعة والعشرون.
(2) أخرجه مسلم رقم (23/ 1695) وأبو داود رقم (4442) من حديث بريدة في حديث- المرأة الغامدية التي زنت وهو حديث صحيح
(3) [النساء: 92] {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا}.
تقدم التعليق على ذلك.
(4) [المائدة: 33 - 34] {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}(3/1296)
الاستثناء، رجع الاستثناء (1) إلى الجميع، وهذا يعرف ضعف مذهب من قال بالوقف لاختلاف هذه الآيات في رجوع الاستثناء إلى البعض تارة، وإلى الكل أخرى، فإن ذلك لم يكن لأمر يوجب الوقف بل لدليل دل على التخصيص.
ومحل النزاع هو حيث لم يدل الدليل على تخصيص بعض الجمل بحكم دون غيره، وكان العطف بالواو، وكان التعاطف بين جمل لا يين مفردات.
وقد ذهب إلى الوقف (2) القاضي أبو بكر الباقلاني (3)، والغزالي (4)، وجماعة من المتأخرين، ورجحه غير واحد من المتكلمين في الأصول، وأوردوا من الأدلة على ذلك ما هو خارج عن محل النزاع، غير موجب للتوقف.
وقد ذهب القاضي عبد الجبار (5)، وأبو الحسين البصري (6) إلى أنه إن ظهر الإضراب عن الجمل الأولى، فهو للأخيرة، وإلا كان للجميع. وهذا أيضًا مذهب ساقط، فإن محل النزاع، وموطن الخلاف، هو حيث لم يرد ما يدل على ما يخالف رجوع القيد إلى الجميع، وهاهنا، الإضراب عن الجمل الأولى هو دليل تعين الأخيرة للقيد المذكور بعدها.
وبالجملة، فكل الحجج التي احتج بها من قال: إنه يعود الاستثناء إلى الأخيرة أو إلى البعض تارة، وإلى الكل أخرى، هي حجج خارجة عن محل النزاع، لا ترد على من قال بأنه يرجع إلى الجميع كما هو مذهب الجمهور، وهو الحق الذي لا شك فيه، ولا
_________
(1) انظر البحر المحيط (3/ 307) وقد تقدم
(2) انظر الكوكب المنير (3/ 314). المسودة (ص156)، التبصرة (ص 173). وقد تقدم ذكر ذلك في أول الرسالة
(3) ذكره الآمدي في "الإحكام" (2/ 323)
(4) في المنخول (ص 161)
(5) ذكره الآمدي في "الإحكام" (2/ 323)
(6) في المعتمد (1/ 265)(3/1297)
شبهة، والمقام [6ب] يحتاج إلى بسط طويل إذا أردنا إيراد كل حجة، وتعقبناها. مما يدفعها، ففي هذا الأحمال ما يغني عن التفصيل، وفي هذا الاختصار، ما يكفي عن التطويل.
وأما الجواب عن الأمر الثاني، وهو معنى الإصلاح الذي ضمه الله- سبحانه- إلى التوبة، فقد قال جماعة من أصحاب الشافعي وغيرهم: إنه لابد من مضي مدة بعد التوبة، يتبين فيها صدق توبته، وحسن رجوعه. مما يعلمه من الأعمال الصالحة، التي تطابق العدالة، وتوافق التقوى، وقدروا هذه المدة بسنة، لاشتمالها على الفصول الأربعة، التي تؤثر في اختلاف الطبائع كما قالوا في العنين (1)، إنه يؤجل سنة لمده العفة. ولا يخفى أن هذا التأجيل والتقدير بالمدة رأي محض، لم يدل عليه دليل.
وقيل المراد بالإصلاح إصلاح التوبة نفسها، بأن يصدرها على وجه حسن غير مشوب بشائبة تخالف الصواب، وهذا مدفوع بعطف الإصلاح على التوبة، فإن ذلك مشعر بأنه مغاير إلا، وأيضا يكون ذكر الإصلاح غير مفيد لفائدة مقبولة، لأن مسمى التوبة. لا يكون إلا بعد كونها صالحة صادرة عن وجه خالص عن الشوائب المخالفة للصواب.
وإذا كان معنى التوبة لا يتم إلا إذا، فتفسير الإصلاح. مما هو داخل في معنى التوبة، وتمام مفهوميتها، وصدق اسمها، تفسير خال عن الفائدة، وتكرار عاطل [7أ] عن ا لجدوى.
فالحق أن الإصلاح المدلول عليه بقوله تعالى: {وأصلحوا}: هو صدور ما يسمى إصلاحا من أعمال في الصادرة عن التائبين، لأنه يتبين بذلك أن توبته صادرة عن عزم
_________
(1) العنين: العاجز عن الجماع لمرض شرعا: من لا يقدر على جماع فرج زوجته لمانع منه، ككبر سن أو سحر. ا لقاموس المقهى (ص263)(3/1298)
صحيح، وندم قد تطابق عليه الظاهر والباطن.
وفائدته، أن هذا التائب، لو أظهر بلسانه (1) العزم على عدم المعاودة للقذف. والندم على ما فرط منه، وأفعاله تدل على ما يخالف ذلك، كأن يتوب من قذفه لشخص، واشتغل بالقذف لآخر، أو يقارف أعمالا لا يقارفها من يتوب ويخاف العقوبة، فإن هذا، وإن كان قد جاء. مما يطلق عليه اسم التوبة، ويتسم به مفهومها، باعتبار عبارات لسانه، لكن قد تبين لنا. مما يعقبها من الأعمال التي هي من الإفساد، لا من الإصلاح، أنه كاذب فيها.
فإن قلت: إذا ظهر لنا عند صدور التوبة (2) منه ما يدل على الإصلاح من الأعمال والأقوال، ثم أعرض عن ذلك، وعافى إلى الأعمال التي هي مجانبة للصلاح؟
قلت: قد فعل ما شرطه الله- سبحانه- من التوبة والإصلاح، فذهب عنه اسم الفسق، وزال المانع من قبول الشهادة [7ب] وهذه الأعمال التي عملها من بعد، وهي مخالفة للصلاح، يلزمه حكمها. فإن كانت موجبة للفسق، ومانعة من قبول الشهادة، كان هذا سببا من أسباب الفسق آخر، ومانعا من الموانع لقبول الشهادة غير المانع الأول.
وإن كان غير موجبة لذلك، ولكنها من جملة ما يصدق عليه اسم المعصية فهو عاص بها، وهو غير فاسق، وشهادته مقبولة.
وفي هذا المقدار كفاية، والله ولي التوفيق.
حرره مؤلفه- غفر الله له- في نهار يوم السبت لعله حادي وعشرون شهر الحجة سنة 1224.
_________
(1) انظر تفصيل ذلك في مدارج السالكين (1/ 405 - 407)
(2) انظر مدارج السالكين لابن القيم (1/ 330 وما بعدها)(3/1299)
جواب سؤال عن نكتة التكرار في قوله تعالى: {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ}
تأليف العلامة
محمد بن علي لشوكاني
حققته وعلقت عليه وخرجت أحاديثه
محفوظة بنت علي شرف الدين
أم الحسن(3/1301)
بسم الله الرحمن الرحيم
أحمدك لا أحصى ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك، وأصلي وأسلم على رسولك وإلى رسولك.- قلتم أدام الله فوائدكم- في سؤالكم النفيس ما لفظه: أشكل ما ذكره الزمخشري (1) في تفسير قوله- عز وجل-: {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ} (2).
قال الزمخشري (3): فإن قلت كيف عطف (أمرت) على (أمرت)، وهما واحد؟ قلت:
_________
(1) في تفسيره (3/ 341)
(2) [الزمر: 11 - 12]
(3) في الكشاف (5/ 295 - 296): قال {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ} بإخلاص الدين {وأُمِرْتُ}، بذلك (لـ) أجل {لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ}، أي في مقدمهم وسابقهم في الدنيا والآخرة، والمعنى: أن الإخلاص له السبقة في الدين، فمن أخلص كان سابقا، فإن قلت: كيف عطف (أمرت! على {وأُمِرْتُ} وهما واحد؟ قلت: ليسا بواحد لأختلاف جهتيهما، وذلك أن الأمر بالإخلاص وتكليفه لشيء، والأمر به ليحرز القائم به قصب السبق في الدين شيء، وإذا اختلف وجها الشيء وصفتاه ينزل بذلك منزلة شيئين مختلفين، ولك أن تجعل اللام مثلها في أردت لأن أفعل، ولا تزاد إلا مع أن خاصة دون الاسم الصريح، كأنها زيدت عوضا من ترك الأصل إلى ما يقوم مقامه، كما عوض السين في اسطاع عوضا من ترك الأصل الذي هو أطوع، والدليل على هدا الوجه مجيئه بغير لام في قوله {وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ} يونس: 72، {وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [يونس: 104]، {أمرت أن أكون أول من سلم} [الأنعام: 14].
وفي معناه أوجه:
أن أكون أول من أسلم في زماني ومن قومي، لأنه أول من خالف دين آبائه وخلع الأصنام وحطمها، وأن أكون أول الذين دعوتهم إلى الإسلام إسلاما وأن أكون أول من دعا نفسه إلى ما دعا إليه غيره، لأكون مقتدى بي في قولي وفعلي جميعا، ولا تكون صفتي صفة الملوك الذين يأمرون. مما لا يفعلون، وأن أفعل ما أستحق به الأولية من أعمال السابقين دلالة على السبب بالمسبب يعني: أن الله أمرني أن أخلص له الدين من الشرك والرياء وكل شوب، بدليلي العقل والوحي فإن عصيت ربى. بمخالفة الدليلين، استوجبت عذابه فلا أعصيه ولا أتابع أمركم، وذلك حين دعوه إلى دين آبائه. فإن قلت: ما معنى التكرير في قوله: {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} وقوله: {قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي}.
قلت: ليس بتكرير لأن الأول إخبار بأنه مأمور من جهة الله لإحداث العبادة والإخلاص.
والثاني: إخبار بأنه يختص الله وحده دون غيره بعمادته مخلصا له وفيه، ولدلالته على ذلك قدم المعبود على فعل العبادة وأخره في الأول فالكلام أولا واقع في الفعل وإيجاده، ثانيا فيمن يفعل الفعل لأجله ولذلك رتب عليه قوله: {فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ}(3/1303)
ليس بواحد، لاختلاف جهتيهما إلى آخر ما ذ كره. وقد استشكل السعد هذا الجواب، ولم يسلم مخالفة جهة أحدهما للأخر، ووجه السعد ذلك بتوجيه لم يظهر كلية الظهور فقال: إن معنى الأول الإخبار بأني أمرت، وليس معنى الثاني الإخبار، إنما هو لغرض الإحراز، وهنا التوجيه مشكل أشد إشكالا من الأول، لأن معناه في الأول الإخبار لهم، وهو صريح اللفظ، ثم قال في الثاني: ليس معناه الإخبار بذلك، بل الإخبار أن أمره بالإخلاص لإحراز السبق.
وقد صرح الزمخشري (1) أن معنى الأخر وأمرت بذلك لأجل أن أكون أول المسلمين.
ثم قال الزمخشري (1) فيما بعد ذلك أن نجعل اللام مزيدة ولا تزاد (2) إلا مع أن خاصة إلى آخر ما ذكره فأفاد هذا أن الأمر واحد. وقد استشكل الزمخشري العطف أولا فبقي
_________
(1) في الكشاف (3/ 341). وانظر التعليقة السابقة.
(2) وهذا فيه نظر، من حيث إنها تزاد لتقوية عامل ضعف: إما لتأخره ومثاله: {هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ} أو بكونه فرعا في العمل نحو قوله تعالى: {مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ}
وقوله تعالى: {فعال لما يريد}. وقد اجتمع التأخر والفرعية قي قوله تعالى: {وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ}
وانظر " مغني اللبيب" لابن هشام (1/ 216 - 218)، "الدر المصون" (9/ 418)(3/1304)
الإشكال في هذا الوجه على حاله، لأن مراده: قل إني أمرت أن أعبد الله ... إلخ
، وأمرت أن أكون أول المسلمين، فأعاده المعطوف الأخر تكرارا، وحق المقام: قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين وأن أكون أول المسلمين، على أن اللام مزيدة. وقول الزمخشري (1) أن اللام لا تزاد إلا مع أن خاصة فيقال: قد جاء في قوله- عز وجل- {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ} (2)، وجعلت اللام مزيدة بدون أن في هذا، هذا لفظ السؤال. وأقول: تقرير سؤال الزمخشري- رحمه الله- أن الفعلين وهما أمرت أمرت متحدان مادة وهيئة ومعنى، فكيف عطف أحدهما على الآخر مع أن متعلق الثاني هو متعلق الأول، لأنه لم يذكر بعده إلا العفة، فتعففه مقدر، وهو معمول الأول كما سيأتي تحقيقه. وتقرير الجواب منه- رحمه الله- أن الأول مطلق، والثاني مقيد، والمقيد غير المطلق من حيث إنه مقيد، والأول لمحض الإخبار ليس إلا، والثاني للأخبار بالأمر بالإخلاص. ولاشك أن المأمور به غير المأمور له، والأول يفيد الأول، والثاني يفيد الثاني. ولا شك أن هذا من اختلاف الجهة المسوغ للعطف. والسعد وإن ذكر أن اختلاف الجهة مشكل فقد أجاب عنه. مما يزيد ذلك. وقد تبع الزمخشري أئمة التفسير في ذلك، فقال أبو السعود (3): والعطف لمغايرة الثاني الأول بتقييده بالعلة، والإشعار بأن العبارة المذكورة كما يقتضي الأمر بها لذاتها تقتضيه لما يلزمها من السبق في الدين،
_________
(1) انظر النص الكامل لكلامه فقد تقدم آنفا.
(2) قال ابن هشام قي "مغني اللبيب" (2/ 216): واختلف في اللام من نحو: {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ} و {وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} فقيل: زائدة، وقيل: للتعليل، ثم اختلف هؤلاء، فقيل: المفعول محذوف أي يريد الله التبين ليبين لكم ويهديكم: أي ليجمع لكم بين الأمرين، وأمرنا. مما أمرنا له لنسلم.
وقال الخليل وسيبويه ومن تابعهما: الفعل في ذلك كليما مقدر. بمصدر مرفوع بالابتداء، واللام وما بعدها خبر، أي إرادة الله للتبيين، وامرنا للإسلام، وعلى هذا بلا مفعول للفعل.
(3) في تفسيره (5/ 590) بتحقيق: محمد صبحي بن حسن حلاق.(3/1305)
انتهى، وقال النيسابوري (1): وأمرت لأن أكون ليس بتكرار، لأن اللام للعفة، والمأمور به محذوف يدل عليه ما قبله، والمعنى أمرت بإخلاص الدين، وأمرت بذلك لأجل أن أكون أول المسلمين الخ. وقال البيضاوي (2): والعطف لمغايرة الثاني الأول بتقييده بالعلة الخ. وقال البقاعي (3) بعد أن ذكر المعنى، وأطال: فجهة هذا الفعل غير جهة الأول، فلذلك عطف عليه، لأنه لإحراز قصب السبق. والأول لمطلق الإخلاص في العبادة، انتهى.
إذا تقرر هذا فاعلم أن استشكال العطف إنما هو مع عدم الحكم بزيادة اللام، لأن الأمر الثاني لم يذكر بعده إلا العلة، ولا لد من معلل، وليس إلا الجملة المذكورة بعد الفعل الأول، وهو قوله تعالى: {أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (4) فيكون الكلام على جعل اللام للعلة في قوة أمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين، لأن أكون أول المسلمين. ولا شك أنه اتحد ههنا الفعلان وما بعدهما، وهما (أن أعبد) الملفوظ به في الأول، والمقدر في الثاني، فكان الجواب الذي انحل به الإشكال هو ربط الثاني بالعلة المقتضي لاختلاف الجهة، وأما مع القول بزيادة اللام فلا إشكال أصلا، لأن معمول الثاني غير معمول الأول للقطع بأن معمول الأول هو انه يعبد الله مخلصا، ومعمول الثاني هو أنه يكون أول المسلمين. وما أحسن ما قاله ابن الخازن (5)! ولفظه: وقيل أمره أولا بالإخلاص، وهو من عمل القلب، ثم أمره ثانيا بعمل الجوارح إلى آخر كلامه، وهو متين. فالعطف صحيح ليس فيه إشكال، ولكن السائل- كثر الله فوائده- لعله ظن أن الإشكال في مجرد العطف! لأمرت على أمرت سواء اتحد متعلقهما أو اختلفا. ومنشأ?
_________
(1) في تفسيره " غرائب القرآن ورغائب الفرقان" (23/ 120)
(2) في تفسيره " أنوار التينزيل وأسرار التأويل " (5/ 25)
(3) في تفسيره " نظم الدرر تناسب الآيات والسور" (16/ 474)
(4) [الزمر: 11]
(5) في تفسير "لباب التأويل في معاني التينزيل" (4/ 70)(3/1306)
ذلك الظن قول الزمخشري (1)، فإن قلت: كيف عطف أمرت على أمرت، وهما واحد!، انتهى. وليس مراد الزمخشري ما ظنه السائل- أطال الله بقاه- بل مراده ما أسلفنا، إنما اختصر الكلام كما هو عادته، وإلا فبتقدير السؤال الذي أراده الزمخشري وغيره هو أن يقال: كيف عطف الفعل الآخر على الفعل الأول، مع أن معمولهما وهو المأمور به واحد: وهو أن أعبد الله مخلصا له الدين لما أسلفناه مع أن تعقيب الثاني بلام العفة يدل على أن المأمور به مقدر، وهو ما دل عليه المأمور به بعد الأمر الأول، فهو نظير كسوت زيدا حلة، وكسوته إكراما له، فلا يشك من نظر في هذا التركيب أن تقدير الكلام كسوت زيدا حلة وكسوت زيدا حلة إكراما. ولا شك أن الفعلين ومعمولهما في هذا التركيب متحدان، فإذا قال القائل: اتحد المعطوف والمعطوف عليه كان الجواب أنهما اختلفا جهة، لأن الأول مطلق، والثاني مقيد، بخلاف ما إذا قيل: كسوت زيدا خفة، وكصوت عمرا جبة؟ فهذا لا يقول قائل أنه مشكل أبدا، لأن عطف الفعل على الفعل مع اختلاف (2) معموليهما مما لا تنكر كثرته في لغة العرب.
فإذا جعلت اللام في الآية زائدة، وكان معمول أمرت الأول غير معمول أمرت الثاني فقد جعلت اللام في الآية زائدة، وكان معمول أمرت الأول غير معمول أمرت الثاني فلا يحتاج مع ذلك إلى تجشم الجواب، باختلاف الجهة، لأنه قد وقع الاختلاف في متعلق الفعلين كما يقال: ضربت زيدا وضربت عمرا إكراما، فإذا قال قائل: ما المسوغ لعطف ضربت على ضربت؟ قلنا: اختلاف المعمولين بخلاف ما إذا قال ضربت زيدا وضربت إكراما " فالمسوغ اختلاف الجهتين بالإطلاق والتقييد، والمقام غير محتاج إلى التطويل بمثل هذا، ولكن لما كان منشأ الإشكال هو ذلك كما فهمته من كلام السائل حسن التطويل، وإن كان مثل السائل في قوة إدراكه وجودة عرفانه لا يحتاج إلى البعض من ذلك، إنما لعله
_________
(1) انظر: نص كلام الزمخشري وقد تقدم في بداية الرسالة.
(2) انظر: الأصول في النحو لابن السراج (2/ 78)(3/1307)
يقف على هذا الجواب من يحتاج إلى بعض إسهاب، ولا سيما مع إيراد الزمخشري للسؤال على تلك الصفة، فإنه لا يفهم منه كل ناظر فيه في بادئ الرأي إلا ما فهمه السائل- عفى الله عني وعنه-. وأما ما أورده في آخر البحث عن كلام الزمخشري في قوله: إن اللام لا تزاد إلا مع أن خاصة، فالجواب أن جواز زيادة اللام لا يختص بأن المذكورة لفظا، بل هو أعم من اللفظ، والتقدير وقد صرح هذا غير واحد من أئمة (1) الإعراب، بل صرح أهل حواشي الكشاف في هذا الموضع بخصوصه بذلك، قال السراج في حاشيته: أي لفظا أو تقديرا ولهذا قوبل بقوله: دون الاسم الصريح (2) الخ.
_________
(1) انظر " الدر المصون " (9/ 418) وقد تقدم التعليق عليه آنفا.
(2) قال الألوسي في "روح المعاني" (23/ 250): ولا تزاد إلا مع أن لفظا أو تقديرا دون الاسم الصريح وذلك لأن الأصل في المفعول به أن يكون اسما صريحا فكأنها زيدت عوضا من ترك الأصل إلى ما يقوم مقامه كما يعوض السين في أسطاع عوضا من ترك الأصل الذي هو أطوع وهذه الزيادة وإن كانت شاذة قياسا إلا أنها لما كثرت استعمالا جاز استعمالها في القرآن والكلام الفصيح.
ومثل هذا يقال في زيادتها مع فعل الإرادة نحو أردت لأن أفعل وجعل الزمخشري وجه زيادها معه أنها لما كان فيها معنى الإرادة زيدت تأكيدا لها وجعل وجها في زيادتها مع فعل الأمر أيضًا لاسيما والطلب والإرادة عندهم من باب واحد وفي المعنى أوجه أن أكون أول من أسلم في زماني ومن قومي أي إسلاما على وفق الأمر، وأن أكون أول الذين دعوتهم إلى الإسلام إسلاما، وأن أكون أول من دعا نفسه إلى ما دعا إليه غيره لأكون مقتدى بي في قولي وفعلي جميعا ولا تكون صفتي صفة الملوك الذين يأمرون. مما لا يفعلون، وأن أفعل ما استحق به الأولية والشرف من أعمال السابقين دلالة على السبب وهى الأعمال التي يستحق بها الشرف بالمسبب وهو الأولية والشرف المذكور في النظم الجليل ذكر ذلك الزمخشري.
وفي الكشف المختار من الأوجه الأربعة الوجه الثاني فإنه المكرر الشائع في القرآن الكريم وفيه سائر المعاني الأخر من موافقة القول الفعل ولزوم أولية الشرف من أولية التأسيس مع أنه ليس فيه أنه أمر بأن يكون أشرف وأسبق.
فائدة:
قال تعالى: {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} قال: مقاتل: إن كفار قريش قالوا للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما يحملك على هذا الدين الذي أتيتما به؟ ألا تنظر إلى ملة أبيك وجدك وسادات قومك يعبدون اللات والعزى فأنزل الله قل يا محمد إني أمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين، وأقول إن التكليف نوعان: أحدهما الأمر بالاحتراز والتاني: الأمر بتحصيل ما ينبغي، والمرتبة الأولى مقدمة على المرتبة الثانية بحسب الرتبة الواجبة اللازمة، إذا شيء هذا فنقول إنه تعالى قدم الأمر بإزالة مالا ينبغي فقال: {اتَّقُوا رَبَّكُمُ} لأن التقوى هي الاحتراز عما لا ينبغي ثم ذكر عقيبه الأمر بتحصيل ما ينبغي فقال: {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} وهذا يشتمل على قيدين: أحدهما: الأمر بعبادة الله. الثاني: كون تلك العبادة خالصة عن شوائب الشرك الجلي وشوائب الشرك الخفي وإنما خص الله تعالى الرسول إذا الأمر لينبه على أن غيره بذلك أحق فهو كالترغيب للغير قوله تعالى: {وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} لا شبهة في أن المراد إني أول من تمسك بالعبادات التي أرسلت بها وفي هذه الآية فائدتان:
الفائدة الأولى: كأنه يقول إني لست من الملوك الجبابرة الذين يأمرون الناس بأشياء وهم لا يفعلون ذلك، بل كل ما أمرتكم به فأنا أول الناس شروعا فيه وأكترهم مداومة عليه.
الفائدة الثانية: أنه قال: {إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ} والعبادة لها كنان عمل القلب وعمل الجوارح، وعمل القلب أشرف من عمل الجوارح فقدم ذكر الجزء الأشرف وهو قوله: {مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} ثم ذكر عقيبه الأدون وهو عمل الجوارح وهو الإسلام، فإن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسر الإسلام في خبر جبريل بالأعمال الظاهرة، وهو المراد بقوله ي هذه الآية: {وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ} وليس لقائل أن يقول ما الفائدة في تكرير لفظ (أمرت) لأنا نقول ذكر لفظ (أمرت) أولا في عمل القلب وثانيا في عمل الجوارح ولا يكون هذا تكريرا.
انظر: "التفسير الكبير" للرازي (25/ 354 - 355)، "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (15/ 242)(3/1308)
وقال السعد في حاشيته: أما الحكم فهو أن اللام إنما تزاد في متعلق الأمر والإرادة إذا كان أن مع (1) الفعل ظاهرة نحو: أمرت لأن أقوم وأردت لأن أقوم، ومضمرة مثل: أمرت لا سلم، يريدون ليطفئوا نور الله الخ. ومنه ما ذكره السائل يريد الله ليبين لكم. ووجه اختصاص زيادة اللام بفعل الإرادة والأمر مذكور في كتب الفن، انتهى قال
_________
(1) انظر التعليقة السابقة.(3/1309)
المجيب.
حرر بعد مضي النصف من ليلة التلوث ثاني العقدة الحرام سنة 1210هـ قلت: وكان نقل الأم لهذا عن خطه بقلم الوالد العلامة القاضي عبد الله عبد الكريم الجرافي -رحمة الله- صبح يوم الجمعة 15 رجب سنة 1352هـ.
رحمهم الله جميعا(3/1310)
النشر لفوائد سورة العصر
تأليف العلامة
محمد بن علي الشوكاني
حققته وعلقت عليه وخرجت أحاديثه
محفوظة بنت علي شرف الدين
أم الحسن(3/1311)
وصف المخطوط
1 - عنوان الرسالة: (النشر لفوائد سورة العصر).
2 - موضوع الرسالة: تفسير.
3 - أول الرسالة: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا لا أحصى ثناء عليه، هو كما أثنى على نفسه، والصلاة والسلام على رسوله المصطفى وعلى آله ورضي الله عن صحبه والتابعين لهم بإحسان. وبعد: فلما كانت سورة العصر ...
4 - آخر الرسالة:
وفي. هذا المقدار كفاية لمن له هداية. وحسبنا الله ونعم الوكيل. فرغ منه مؤلفه محمد بن علي الشوكاني غفر الله لهما في نهار السبت
لعله سادس عشر شهر شوال سنة (1237هـ).
5 - نوع الخط: خط نسخي جيد.
6 - الناسخ: المؤلف رحمه الله. محمد بن علي الشوكاني.
7 - تاريخ النسخ: السبت / شوال/ 1237 هـ.
8 - عدد الأوراق: صفحة العنوان+ 14.5 ورقة.
9 - عدد الأسطر في الصفحة: 26 - 30 سطرا.
10 - عدد الكلمات في السطر: 12 كلمة.
11 - الرسالة من المجلد الخامس من (الفتح الرباني من فتاوى الشوكاني).(3/1313)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا لا أحصي ثناء عليه، هو كما أثنى على نفسه، والصلاة والسلام على رسوله المصطفى، وعلى آله ورضي الله عن صحبه والتابعين لهم بإحسان.
وبعد:
فلما كانت سورة العصر على اختصارها، فإذا ليست إلا ثلاث آيات، ولم يكن في القرآن ما يشابهها من السور في الاختصار إلا سورة الكوثر، وسورة النصر، وكانت مشتملة على فوائد جليلة يستفيد ها المبتدئ والمنتهي، ويحتاج إليها المقصر والكامل، أفردتها هذا التفسير المختصر، ليستفيد المطلع عليه ما اشتمل عليه مما تمس الحاجة إليه وحميته: النشر لفوائد سورة العصر. ومن الله استمد الإعانة، وحسن الإثابة.
تفسير سورة العصر
هي ثلاث آيات، وقد وقع الخلاف هل هي مكية أو مدنية؟ فذهب الجمهور إلى أنها مكية (1)، وخالفهم قتادة (2) فقال: هي مدنية، والقول الأول أرجح لما أخرجه ابن مردويه (3) عن ابن عباس أنه قال: نزلت سورة العصر. بمكة، وأيضا المقام مرجعه الرواية لا الرأي، فنقل الأكثرين مرجح على انفراده على تقدير أن المخالف عدد دون عددهم،
_________
(1) وهذا ما رجحه جماعة من المفسرين منهم:
- ابن كثير قي تفسيره (8/ 479).
- السيوطي في "الدر المنثور" (6/ 391 - 392).
- الزمخشري في الكشاف (4/ 232)
(2) قال الألوسي تفسيره (30/ 227): " سورة العصر مكية في قول ابن عباس وابن الزبير والجمهور، ومدنية في قول مجاهد وقتادة ومقاتل وأيها ثلاث بلا خلاف)
وانظر: زاد المسير (9/ 224).
(3) عزاه إليه السيوطي في " الدر المنثور" (6/ 391 - 392)(3/1317)
فكيف وهو فرد! وهم الكل. وأيضا الغالب في هذه السور المختصرة كالسور التي هي قبل هذه السورة، والتي هي بعدها أنها مكية، والحمل على الغالب مرجح مستقل كما تقرر في الأصول. وقد كان لهذه السورة شأن عظيم عند السلف- رضي الله عنهم- فأخرج الطبراني في الأوسط (1)، والبيهقي في الشعب (2) عن أبي مدينة الدارمي (3)، وكانت ما له صحبة قال: كان الرجلان من أصحاب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إذا التقيا لم يتفرقا حتى يقرأ أحدهما على الآخر سورة العصر ثم يسلم أحدهما على الآخر قلت: ولعل الحامل لهم على ذلك ما اشتملت عليه من الموعظة الحسنة من التواصي بالحق والتواصي بالصبر [1أ] بعد الحكم على هذا النوع الإنساني حكما مؤكدا بأنه في خسر، فإن ذلك مما ترجف له القلوب، وتقشعر عنده الجلود، وتقف لديه الشعور، وكأن كل واحد من المتلاقين يقول لصاحبه: أنا وأنت وسائر أبناء جنسنا وأهل جلدتنا خاسر لا محالة إلا أن يتخلص عن هذه الرزية، وينجو بنفسه عن هذه البلية بالإيمان والعمل الصالح، والتواصي بالحق وبالصبر، فيحمله الخوف الممزوج بالرجاء على فتح أسباب النجاء، وقرع أبواب الالتجاء، فإن قلت: كيف وقع منهم تخصيص هذه السورة هذه المزية دون غيرها من السور المختصرة؟ قلت: وجه ذلك ما قدمنا من اشتمالها على ما اشتملت عليه ترهيبا وترغيبا، وتحذيرا وتبصيرا، وإنذارا وإعذارا، بخلاف غيرها من السور، فإنك تجدها غير مشتملة على ما اشتملت عليه هذه. انظر إلى السورة التي قبلها (4) فإنها خاصة بالتهديد والتشديد على .... .... .... .... .... .... .... .....
_________
(1) (5/ 215 رقم 5124) وأورده الهيثمي في المجمع (10/ 233) وقال: "رواه الطبراني في الأوسط، ورجاله رجال الصحيح.
(2) رقم (9057) كلاهما عن أبي مدينة الدارمي.
وهو حديث صحيح.
(3) وهو عبد الله بن مضر. انظر: تجريد أسماء الصحابة (2/ 200 رقم 2312)
(4) سورة التكاثر(3/1318)
من ألهاهم (1) التكاثر، وانظر إلى السورة التي بعدها فإنها مختصة بالوعيد العظيم، والترهيب الأليم للهمزة (2) اللمزة، وهكذا سائر هذه الصور المختصرة مع قيام كل واحدة في بابها مقاما يعجز عنه البشر، غير أنها لم تكن كهذه السورة في ذلك الحكم العام بذلك الأمر الشديد المشتمل على أبلغ تهديد، مع أكمل توكيد، ثم تعليق النجاة منه بذلك الأمر الذي هو لب اللباب، وغاية طلبات أولي الألباب. وبالجملة فهو حكم بالهلاك على كل فرد من أفراد النوع إلا إذا لاحظه التوفيق بسلوك تلك الطريق، وسلم من آفات التعويق. وسيأتيك- إن شاء الله- من البيان لهذا الشأن ما هو أعظم برهان. فإن قلت: هل يحسن منا عند الالتقاء الإقتداء بذلك السلف الصالح؟ قلت نعم وإن لم يدل عليه دليل يخصه من المرفوع، لكن قد ورد في عمومات الكتاب والسنة ما يدل على أنه ينبغي لكل فرد من المسلمين أن يدعو أخاه إلى أسباب الهداية، ويزجره عن ذرائع الغواية، ويعظه
_________
(1) والمراد بالتكاثر ثلاثة أقوال:
1/ التكاثر بالأموال والأولاد. قاله الحسن.
2/ التفاخر بالقبائل والعشائر. قاله قتادة.
3/ التشاغل بالمعاش والتجارة، قاله الضحاك.
وانظر تفسير السورة في زاد المسير لابن الجوزي (9/ 220 - 222).
وتفسير القرآن العظيم لابن كثير (8/ 476)
(2) قال ابن كثير في تفسيره (8/ 481): الهماز: بالقول، واللماز بالفعل يعني يزدري الناس وينتقص هم. قال ابن عباس " همزة لمزة: طعان معياب.
قال الربيع بن أنس: الهمزة يهمزه في وجهه واللمزة من خلفه.
وقال قتادة: يهمزه ويلمزه بلسانه وعينه، ويأكل لحوم الناس، ويطعن عليهم.1 هـ. .
قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا يدخل الجنة قتات".
أخرجه البخاري رقم (6506) ومسلم رقم (105) من حديث حذيفة.
وعن ابن عباس قال: مر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقبرين فقال: " إنهما يعذبان وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان لا يستبرئ من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة."
أخرجه البخاري رقم (218) ومسلم رقم (292)(3/1319)
مواعظ الله- سبحانه-، فإن ذلك من النصحية التي يقول رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فيها: " الدين (1) النصيحة" وقد تواترت الأدلة المرشدة إلى المناصحة (2)، وأيضا ذلك يندرج تحت عمادي هذا الدين اللذين تبنى عليهما قناطره، وترجع إليهما أوائله وأواخره، وهما الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر. إذا وجدنا [1ب] لذلك موضعا، ورأينا له قبولا. ولا أقول أنه يتعين على الأمر الناهي تلاوة هذه السورة، بل أقول أنها من أتم ما يحصل به هذا الغرض، ويتأذى عنده هذا المطلب، وأنت تعلم أن الله - سبحانه- إنما أنزل هذه السورة على عباده ليعملوا بها، ويقوموا. مما اشتملت عليه من
_________
(1) أخرجه مسلم في صحيحه رقم (55) وأبو داود رقم (4944) والنسائي (7/ 156) والترمذي رقم (2007) من حديث تميم بن أوس الداري رضي الله عنه، أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " الدين النصيحة " قلنا: لمن؟ قال: "لله، ولكتابه ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم " وهو حديث صحيح.
(2) قال تعال عن نوح: {أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ} الأعراف: 62.
وعن هود: {وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ} الأعراف: 68.
وأخرج البخاري في صحيحة رقم (7204) ومسلم رقم (99/ 56) من حديث جرير قال بايعت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على السمع والطاعة فلقنني (فيما استطعت والنصح لكل مسلم).
النصيحة: كلمة جامعة، معناها حيازة الحظ للمنصوح له. قال: ويقال: هو من وجيز الأسماء، ومختصر الكلام، وليس في كلام العرب كلمة مفردة يستوفي بها العبارة عن معنى هذه الكلمة، كما قالوا في الفلاح: ليس في كلام العرب كلمة أجمع لخير الدنيا والآخرة منه. قال: وقيل: النصيحة مأخوذة من نصح الرجل ثوبه إذا خاطه. فشبهوا فعل الناصح فيما يتحراه من صلاح المنصوح له، مما يسده من حلل الثوب. قال: وقيل: إنها مأخوذة من نصحت العسل إذا صفيته من الشمع، شبهوا تخليص القول من الغش بتخليص العسل من الخلط.
قال: ومعنى الحديث: عماد الدين وقوامه النصيحة. كقوله: "الحج عرفة" أي عماده ومعظمه عرفة.
وقال ابن بطال رحمه الله في هذا الحديث: إن النصيحة تسمى دينا وإسلاما، وإن الدين يقع على العمل كما يقع على القول. قال: والنصيحة لازمة على قدر الطاقة إذا علم الناصح أنه يقبل نصحه، ويطاع أمره، وأمن على نفسه المكروه، فإن خشي على نفسه أذى فهو في سعة." 1 هـ. "
فتح الباري" (13/ 197) و" المفهم" (1/ 243).(3/1320)
التواصي بالحق والصبر، وفي تلاوتها. عند تلاقيهم أعظم موعظة، وأتم موقظة.
(بسم الله الرحمن الرحيم)، قد وقع الاختلاف (1) بين أهل العلم في البسملة هل هي آية مستقلة في أول كل سورة كتبت في أولها، أو هي بعض آية من أول كل سورة، أو هي آية في الفاتحة فقط دون غيرها من السور، أو أنها (2) ليست بآية في الجميع، وإنما كتبت للفصل والتبرك؟ فذهب (3) الجمهور إلى الأول، ومن القراء قراء مكة والكوفة، ومنهم ابن كثير، وعاصم، والكسائي، وقالون، وهو الحق لأن إثباتا في الرسم بلا خلاف يدل عدى أن لها حكم سائر الآيات القرآنية. وإذ انضم إلى ذلك تلاوتها عند تلاوة القران من السلف والخلف، والقراء وغيرهم في أول كل سورة إلا في سورة التوبة، ولا يقدح في ذلك تكرارها في أول كل سورة، فإن تكرار الآيات بلفظها قد وقع في كثير من القران، ولم يستدل مستدل على أن ذلك المكرر آية واحدة وقد أبعد من لم يعدها آية لا من الفاتحة ولا من غيرها كأبي وأنس من الصحابة، ومالك، وأبي حنيفة، والثوري، والأوزاعي من الفقهاء، وكذلك قراء المدينة والبصرة والشام، وهكذا الأوجه لعدها بعض آية، لأن ذلك تحكم يرد عليه الرسم والتلاوة، وكذلك لأوجه لعدها آية واحدة، وكررت للفصل بين السور كما ذهب إليه أحمد بن حنبل، وداود، وبعض الحنفية، لأن هذه دعوى مجردة لا دليل عليها، فإن استدلوا مما أخرجه أبو داود (4) بإسناد صحيح عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم كان لا يعرف فصل السورة حتى نزل عليه بسم الله الرحمن الرحيم. وأخرجه الحاكم في .... .... ..
_________
(1) انظر تفصيل ذلك عمد الألوسي في تفسيره (1/ 39)
(2) وهو قول الزمخشري في الكشاف (1/ 4)
(3) ذكره الألوسي في تفسيره (1/ 41 - 42) حيث قال: والصحيح من مذهبنا أن بسم الله الرحمن الرحيم آية مستقلة، وهي من القرآن وإن لم تكن من الفاتحة نفسها، وقد أوجب الكثير منا قراءتها في الصلاة ...... "
(4) في السنن رقم (788) بسند صحيح(3/1321)
المستدرك (1) فلا دليل في ذلك، فإن دلالتها على الفصل لا يستلزم أنها ليست بآية، لا عقلا، ولا شرعا، ولا عادة. وهكذا لا وجه لعدها آية مستقلة في الفاتحة دون غيرها، لأنه إن استدل بالرسم فالرسم للبسملة في الفاتحة كالرسم لها في غيرها من السور، وإن استدل بغير ذلك فما هو؟ إذا عرفت هذا فقد وقع الاتفاق على أنها بعض آية في سورة النمل، والكلام على هذه [2أ] الأقوال استدلا وترجيحا وتصحيحا مدون في مواضع بسطه ومتعلق الباء محذوف (2)، وهو أقرأ، أو أتلو، أو نحو ذلك. مما يناسب ما جعلت التسمية مبدأ له، فمن قدره متقدما كان غرضه الدلالة بتقديمه على الاهتمام بشأن الفعل، ومن قدره متأخرا كان غرضه الدلالة بتأخيره منع الاختصاص مع ما يحصل في ضمن ذلك من العناية بشأن الاسم، والإشارة إلى أن البداية به أهم لكون الترك حصل به، وهذا يظهر ترجيح تقدير الفعل متأخرا في مثل هذا المقام، ولا يعارضه قوله تعالى {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} (3) لأن ذلك المقام مقام القراءة، وكان الأمر بها أهم. وقد اختلف أئمة النحو (4) في المقدر هو اسم (5) أو فعل (6)! ومن قدر الفعل نظر إلى كون الأصل في العمل، ومن قدر الاسم نظر إلى ما فيه من الدلالة على الدوام والثبات، والاسم أصله سمو حذفت لامه، ولما كان من الأسماء التي بنوا أوائلها على السكون زادوا في
_________
(1) (1/ 232) وصححه.
(2) قال صاحب "الفريد في إعراب القرار المجيد" (1/ 151): فإن قلت: بم تعلقت الباء قلت:. بمحذوف وفيه تقديران: أحدهما ابتدائي بسم الله، والتقدير ثابت أو مستقر بسم الله. فيكون موضعه رفعا والآخر- بدأت أو أبدأ، فيكون موضعه نصبا.
وقيل: هو أمر أي ابدأوا بسم الله، وإنما قدر الابتداء، لأن الحال تدل عليه.
(3) [العلق: 1].
(4) انظر " إعراب القرآن وبيانه" محيط الدين الدرويش (1/ 9)
(5) وهو قول أهل البصرة أن المتعلق به اسم.
(6) وهو قول أهل الكوفة أن المتعلق به فعل.
انظر: الدر المصون (1/ 22).(3/1322)
أوله الهمزة، إذا نطقوا به لئلا يقع الابتداء بالساكن على تقدير إمكان النطق، والاسم (1) هو اللفظ الدال على المسمى كما قاله الجمهور ومن زعم أن الاسم هو المسمى كما قاله أبو عبيدة (2)، وسيبويه، والباقلاني، وابن فورك، وحكاه الرازي (3) عن الحشوية (4) والكرامية (5) والأشعرية (6) فقد غلط وجاء. مما لا يعقل، ولا دل عليه نقل، وهو مدفوع بالعقل والنقل كما يقرر في مواطنه، والعلم الضروري حاصل لكل عاقل بأن الاسم الذي هو أصوات مقطعة وحروف مؤلفة غير (7) المسمى الذي هو مدلوله. وقد ثبت في الصحيحين (8) وغيرهما (9) أن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة. وقال الله - عز وجل-: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} (10) وقال تعالى: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} (11) والله علم (12) لذات
_________
(1) انظر " الدر المصون " (1/ 23)
(2) في مجاز القرآن (1/ 16)
(3) في "شرح أسماء الله الحسنى" (ص 23)
(4) تقدم التعريف بهذه الفرق في المجلد الأول من " الفتح الرباني من فتاوى الشوكاني"- العقيدة-
(5) تقدم التعريف بهذه الفرق في المجلد الأول من " الفتح الرباني من فتاوى الشوكاني"- العقيدة-
(6) تقدم التعريف بهذه الفرق في المجلد الأول من " الفتح الرباني من فتاوى الشوكاني"- العقيدة-
(7) انظر الدر المصون (1/ 17)
(8) أخرجه البخاري رقم (2736) ومسلم رقم (2686)
(9) كأحمد (2/ 267) والترمذي رقم (3507) وابن ماجه رقم (3860) والحاكم (1/ 16 - 17)
(10) كأحمد (2/ 267) والترمذي رقم (3507) وابن ماجه رقم (3860) والحاكم (1/ 16 - 17)
(11) الإسراء: 110
(12) (الله) علم لا يطلق إلا على المعبود بحق خاص لا يشركه فيه غيره وهو مرتجل غير مشتق عند الأكثرين وإليه ذهب سيبويه في أحد قوليه، فلا يجوز حذف الألف واللام منه وقيل: هو مشتق وإليه ذهب سيبويه أيضًا ولهم في اشتقاقه قولان:-
1/ أن أصله إلاه على وزن فعال من قولهم: أله الرجل يأله إلاهة أي عبد عبادة ثم حذفوا الهمزة تخفيفا بكثرة وروده واستعماله ثم أدخلت الألف واللام للتعظيم ودفع الشيوع الذي ذهبوا إليه من تسمية أصنامهم وما يعبدونه آلهة من دون الله.
2/ أن أصله لاه ثم أدخلت الألف واللام عليه واشتقاقه من لاه يليه إذا تستر كأنه، سبحانه يسمى بذلك لاستتاره واحتجابه عن إدراك الأبصار. " "
إعراب القرآن الكريم " محي الدين الدرويش (1/ 8)(3/1323)
الواجب الوجود لم تطلق على غيرها، وأصله إلاه حذفت الهمزة وعوضت عنها أداه التعريف (1) فلزمت، وكان قبل الحذف من أسماء الأجناس يقع على كل معبود بحق أو باطل، ثم غلب على المعبود بحق كالنجم، فإنه في الأصل لكل نجم في السماء، ثم غلب على الثريا، وكذلك الصعق فإنه في الأصل لكل من أصابته الصاعقة، ثم غلب على رجل معروف فهو قبل الحذف من الأعلام الغالبة، وبعد الحذف والتعويض من الأعلام المختصة [2ب]. والرحمن الرحيم (1) اسمان مشتقان من الرحمة على طريقة المبالغة، كما تدل عليه هاتان الصيغتان، ورحمان أشد مبالغة من رحيم، وفي كلام ابن جرير (2) ما يدل على أن هذا متفق عليه، ولذلك قالوا رحمان الدنيا والآخرة، ورحيم الدنيا. ويؤيد ذلك ما تقرر عند أهل الفن من أن زيادة البناء (3) تدل على زيادة المعنى، وهما عربيان عند جمهور أهل اللغة.
وقال ابن الأنباري (4) والزجاج (5) أن الرحمن عبراني والرحيم عربي، واتفقوا على أن الرحمن لم يستعمل في غير الله- سبحانه- فهو من الصفات الغالبة، والاعتبار. مما وقع من بني حنيفة من إطلاق الرحمن على مسيلمة (6) الكذاب. قال أبو علي الفارسي:
_________
(1) ذكره الزمخشري في الكشاف (1/ 108 - 109)
(2) في "جامع البيان" (1/ج 1/ 55)
(3) ذكره الزمخشري في الكشاف (1/ 109)
(4) عزاه إليه الزجاج في " اشتقاق أسماء الله الحسنى" (ص 42)
(5) لم يذكر الزجاج ذلك في كتابه "بل جاء في المخصص (17/ 151) وروي عن أحمد بن يحيى أنه قال: هو عبراني، وهذا مرغوب عنه، ولم يحك هذا أبو إسحاق- يعني الزجاج- في كتابه ".
وفي المسائل والأجوبة (ص 118): " زعم ثعلب أن الرحمن أصله العبرانية "
(6) تقدمت ترجمته في المجلد الأول.
قال الشرباصى في موسوعة له الأسماء الحسنى (1/ 28): وقد تبجح مسيلمة الكذاب فسمى نفسه" رحمن اليمامة "فما كاد يسمى بذلك حتى قرع مسامعه نعت "الكذاب" فألزمه الله تعالى هذا النعت، وإن كان كل كافر كاذبا(3/1324)
الرحمن اسم عام في جميع أنواع الرحمة يختص به الله تعالى، والرحيم إنما هو في جهة المؤمنين. قال الله- سبحانه- وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا (1) انتهى. ولا يخفاك أن هذا الدليل الذي أورده لا ينتهض للحجية، لأن كون رحيما بالمؤمنين لا يستلزم أن لا يكون رحيما بغيرهم، والظاهر أنه- سبحانه- رحيم بكل عباده، ولكل مخلوقاته، فهو الذي وسعت (2) رحمته كل شيء، وهو الذي سبقت رحمته (3) غضبه. وقد تقرر في علم الإعراب أن فعيلا من صيغ المبالغة فحق المبالغة أن تكون رحيما بكل شيء، ولكل شيء. واعلم أنه قد ورد في فضل البسملة أحاديث فمنها ما أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (4)، والحاكم في المستدرك (5) وصححه، والبيهقي في شعب الإيمان (6) عن ابن عباس " أن عثمان بن عفان سأل النبي صلى الله عليه واله وسلم عن بسم الله الرحمن الرحيم فقال: هو اسم من أسماء الله، وما بينه وبين اسم الله الأكبر إلا كما بين سواد العين وبياضها من القرب". وأخرج سعيد بن منصور. . . . . . . . . . . .
_________
(1) [الأحزاب: 43]
(2) لقوله تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ} [الأعراف: 156]. وقوله تعالى: {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا} [غافر: 7]
(3) يشير إلى الحديث الذي أخرجه البخاري رقم (7453) من حد شيء أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لما قضى الله عز وجل الحلق كتب كتابا فهو عنده فوق العرش: إن رحمتي غلبت غضبي ".
وأخرجه البخاري رقم (7404) وأحمد (2/ 433) والترمذي رقم (3543) وابن ماجه رقم (189) وابن خزيمة في التوحيد ص 58. من طرق عن أبي هريرة.
(4) (1/ 12 رقم 5)
(5) (1/ 255) وصححه الحاكم ووافقه الذهبي
(6) رقم (2327)(3/1325)
في سننه (1)، وابن خزيمة (2) في كتاب البسملة، والبيهقي (3) عن ابن عباس " قال استرق الشيطان من الناس أعظم آية من القران: بسم الله الرحمن الرحيم ". وأخرج الدارقطني (4) بسند ضعيف عن ابن عمر أن النبي- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- قال: "كان جبريل إذا جاء بالوحي أول ما يلقط علي بسم اله الرحمن الرحيم".
وفي الباب أحاديث منها ما هو موضوع، ومنها ما هو ضعيف شديد الضعف. وفي نزولها من عند رب العالمين إلى رسوله المصطفى على لسان أمينة جبريل في أول كل سورة ما يكفى في شرفها وفضلها، وأي شرف وفضل أجل وأعظم من هذا ومع هذا فقد ورد الشرع بالتعبد ها في مواطن كعند الذبيحة (5)، وعند الوضوء، وعند الأكل (6)، وكأني الجماع (7). بل ورد مشروعيتها عند كل [3أ] أمر يضرع فيه الإنسان {والعصر إن الإنسان لفي خسر}. اختلف المفسرون في العصر هذا الذي أقسم الله به، فقيل هو الدهر (8) لما فيه من العبر التي تظهر فيه على الليل والنهار، مع ما فيها من الدلالة البينة على الصانع- سبحانه-، وعلى توحيده والعرب تطلق على الليل والنهار
_________
(1) عزاه إليه السيوطي في الدر المنثور (1/ 20).
(2) عزاه إليه السيوطي في الدر المنثور (1/ 20).
(3) عزاه إليه السيوطي في الدر المنثور (1/ 20).
(4) في السنن (1/ 305 رقم 13) بسند ضعيف.
(5) (منها) ما أخرجه البخاري رقم (5543) ومسلم رقم (1168) عن رافع بن خديج قلت يا رسول الله، إنا لاقو العدو غدا وليست معنا مدى. قال: " أعجل أو أرني. ما أفر الدم وذكر اسم الله فكل. ليس السن والظفر ... ".
(6) منها ما أخرجه أبو داود رقم (3767) والترمذي رقم (1858) وقال: حديث حيث صحيح. وابن ماجه رقم (3264) عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا أكل أحدكم طعاما فليقل: بسم الله فإن نسي في أوله فليقل: بسم الله في أوله وآخره " وهو حديث صحيح.
(7) (منها) ما أخرجه البخاري رقم (5165) ومسلم رقم (1434) عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال: بسم الله، اللهم جنبنا الشين، وجنب الشيء ن ما رزقتنا فإن يقمر بينهما ولد في ذلك، لم يضره شيء "
(8) وهو قول ابن عباس ذكره القرطبي في " الجامع لأحكام القرآن (20/ 178).(3/1326)
أنها عصر، وعلى كل واحد منهما أنه عصر، ومنه قول حميد (1) بن ثور:
ولم ينته العصران: يوم وليلة ... إذا طلبا أن يدركا ما تيمما
وأطلقوا على الغداة أنها عصر، وعلى العشي أنه عصر، ومنه قول الشاعر:
وأمطله العصرين حتى يملني ... ويرضى بنصف الدين والأنف راغم
وأطلقوا العصر أيضًا على العشي، وما بين زوال الشمس إلى غروها. ومنه قول الشاعر:
يروح بنا عمرو وقد قصر العصر ... وفي الروحة الأولى الغنيمة والأجر
فالعصر يطلق على كل واحد من هذه والأوجه لمن ذهب إلى تخصيص واحد منها دون غيره، كما روي عن قتادة والحسن (2) أن المراد به في هذه الآية العشي. وروي عن قتادة (3) أنه آخر ساعة من ساعات النهار. والظاهر في هذه الآية أن المراد به الدهر لعدم التقييد. مما يشعر ببعض الأوقات دون بعض. وقد استبعد قوم وقوع الأقسام منه - سبحانه- بالعصر. مم الدهر فقال مقاتل (4): المراد به صلاة العصر، وهي الصلاة الوسطي، فقدر مضافًا محذوفا، وقيل هو قسم بعصر النبي- صلى الله عليه واله وسلم- لكونه اشرف العصور، وأفضل أجزاء الدهر. وقال الزجاج (5): قال بعضهم: معناه ورب العصر. ولا يخفاك أنه لا وجه لشيء من هذه التقديرات، ولله سبحانه أن يقسم. مما شاء من مخلوقاته، ولا يحتاج مثل ذلك إلى التعليل يكون للمقسم به شرفا وفضلا، فالرب سبحانه لا يسأل عما يفعل. وقد أقسم بالعاديات وهي الخيل العادية في الغزو، وأقسم بالمرسلات وهي الرياح في قول جمهور المفسرين، وقيل هي الملائكة،
_________
(1) ذكره القرطي في "الجامع لأحكام القرآن" (20/ 179).
(2) دكره أبى جرير في " جامع البيان " (13/ج30/ 289) عن الحسن
(3) ذكره القرطي في "الجامع لأحكام القرآن" (20/ 179).
(4) عزاه إليه القرطي في " الجامع لأحكام القرآن " (20/ 179).
(5) في "معاني القرآن وإعرابه" (5/ 360).(3/1327)
وقيل الأنبياء، وقيل السحاب، والأول أولى. وأقسم أيضًا بالعاصفات وهي الرياح الشديدة، وأقسم أيضًا بالناشرات وهي الرياح أيضا. وأقسم أيضًا بالفارقات وهي [3ب] الرياح. وقيل الملائكة. وأقسم أيضًا بالملقيات ذكرا وهي الملائكة، وأقسم أيضًا بالنازعات غرقا، والناشطات نشطا، والسابحات سبحا. فالسابقات سبقا، فالمدبرات أمرا وهي الملائكة. والعطف مع اتحاد الكل. فتنزيل التغاير الوصف منزلة التغاير الدالي كما في قول الشاعر: إلى الملك الصرم وابن الهمام (1). هكذا لمحال الجمهور من الصحابة والتابعين، ومن بعدهم. وقال السدي (2): النازعات هي النفوس حين تغرق في الصدور. وقال مجاهد (3): هي الموت ينزع النفس. وقال قتادة (4): هي النجوم تنزع من أفق إلى أفق، وبه قال الأخفش، وأبو عبيدة، وابن كيسان. وقال عطاء وعكرمة: هي القسي تنزع [4] بالسهام، وإغراق النازع في القوس أن يمده غاية المد حتى تنتهي إلى النصل. وقيل أراد بالنازعات الغزاة الرماة. وأقسم- سبحانه- بالنجم، وأقسم- سبحانه- بالسماوات ذات البروج، وباليوم الموعود، وهو يوم القيامة في قول جميع المفسرين، وبالشاهد والمشهود، والمراد بالشاهد من يشهد في ذلك اليوم من الخلائق التي تحضر فيه والمراد بالمشهود ما يشاهد قي ذلك اليوم من العجائب. وقيل: المراد بالشاهد يوم الجمعة، والمشهود يوم عرفة. قال الواحدي (5): وهذا قول الأكثر. وحكى القشيري (6) عن ابن عمر، وابن الزبر أن الشاهد يوم الأضحى. وقال سعيد ابن (7) جبير: الشاهد يوم التروية، والمشهود يوم عرفة.
وقال النخعي (8): الشاهد يوم
_________
(1) النظر:"الجامع لأحكام القرآن"ا (9/ 190).
(2) ذكره ابن جرير في "جامع البيان" (15/ ح 28/ 30).
(3) ذكره أبى جرير في "جامع البيان" (15/ج30/ 28).
(4) انظر جامع البيان (15/ ج 30/ 29).
(5) لم أعثر عليه؟!
(6) عزاه إليه القرطبي في الجامع لأحكام القرآن (19/ 284).
(7) ذكره القرطبي في " الجامع لأحكام القرآن " (19/ 284).
(8) ذكره القرطبي في " الجامع لأحكام القرآن " (19/ 284).(3/1328)
عرفة، والمشهود يوم النحر. وقيل الشاهد هو الله- سبحانه-، وبه قال الحسن، وسعيد بن جبير لقوله: {وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} (1)، وقوله {أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ} (2) وقيل الشاهد محمد- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- لقوله: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا} (3) وقوله {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} (4) وقوله: {وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} (5) وقيل الشاهد جميع الأنبياء لقوله: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ} (6) وقيل هو عيسى بن مريم لقوله: {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ} (7) وقيل: الشاهد آدم، والمشهود ذريته. وقال محمد (8) بن كعب: الشاهد الإنسان كقوله: {كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا} (9) وقال مقاتل (10) أعضاؤه لقوله: {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} النور:24 وقال الحسن (11) بن الفضل: الشاهد
_________
(1) النساء79
(2) الأنعام: 19
(3) النساء:41
(4) الأحزاب: 45
(5) البقرة: 143
(6) النساء:41
(7) المائدة:117
(8) ذكره القرطبى في " الجامع لأحكام القرآن " (19/ 285).
(9) الإسراء: 14
(10) ذكره القرطبى في "الجامع لأحكام القران" (19/ 285)
(11) ذكره القرطبى في " الجامع لأحكام القرآن " (19/ 285).(3/1329)
هذه الأمة، والمشهود سائر الأمم، لقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} (1) وقيل الشاهد الحفظة، والمشهود بنو آدم. وقيل الأيام والليالي. وقيل الشاهد الخلق يشهدون لله- عز وجل-. ولا يخفاك أن إثبات الشهادة لشيء في الكتاب العزيز، أو في السنة المطهرة لا يدلا على أنه المراد في هذه الآية، فالأدلة التي ذكرها هؤلاء لا تصلح لما أرادوه (2). وقد ذكرت في فتح القدير (3) ما أورده هؤلاء المختلفون من الأدلة المروية. من طريق الصحابة عمن بصم، ثم تعقبت ذلك. مما تعقبته، ورجحت ما انهض دليله، فليرجع إليه، فليس هذا المقام مقام بسط الكلام على ذلك. وأقسم- سبحانه- بالسماء والطارق، ثم بين الطارق بقوله: وما أدراك ما الطارق النجم الثاقب. وأقسم- سبحانه- بالفجر وهو الوقت المعروف. وقال قتادة (4): إنه فجر أول يوم من شهر محرم، لأنها تتفجر منه السنة، ولا وجه لهذا. وقال مجاهد (5): إنه يوم النحر. وقال الضحاك (6): فجر ذي الحجة، وقيل: المعنى وصلاة الفجر. وقيل: المعنى: ورب الفجر، ولا وجه لشيء من ذلك. والمراد القول الأول. وأقسم- سبحانه- بالليالي العشر، وهي عشر ذي الحجة في قول الجمهور وقال الضحاك (7): إنها العشر الأواخر من رمضان. وقيل: العشر الأول من المحرم، والراجح الأول. ولا وجه لشيء مما خالفه. وأقسم- سبحانه- بالشفع والوتر وهما كل شفع
_________
(1) البقرة: 143
(2) انظر جميع هذه الأقوال في الجامع لأحكام القرآن (19/ 284 - 286) و (15/ ج30/ 129 - 132)
(3) (5/ 411)
(4) عزاه إليه القرروني في " الجامع لأحكام القرآن " (20/ 38).
(5) ذكره السيوطي في " الدر المنثور " (8/ 498).
(6) عزاه إليه القرطبى في " الجامع لأحكام القرآن " (20/ 29).
(7) عزاه إليه القرطبى في " الجامع لأحكام القرآن " (20/ 29).(3/1330)
من الأشياء المخلوقة، وكل وتر منها. وقال قتادة (1): الشفع والوتر شفع الصلاة ووترها. وقيل: الشفع يوم عرفة، ويوم النحر، والوتر ليلة يوم النحر. وقال مجاهد (2) وعطية العوفي: الشفع الخلق، والوتر الله- سبحانه-، وبه قال محمد بن سيرين (3)، ومسروق، وأبو صالح، وقتادة، وقال الربيع بن أنس (4)، وأبو العالية: هي صلاة المغرب، فيها ركعتان، والوتر الركعة. وقال الضحاك (5): الشفع عشر ذي الحجة، والوتر أيام منى الثلاثة، وبه قال عطاء. وقيل: هما آدم وحواء (6)، لأن آدم كان وترا فشفع بحواء. وقيل: الشفع درجات الجنة، وهي ثمان، والوتر درجات النار، وهي سبع، وبه قال الحسن بن الفضل وقيل: الشفع الصفا والمروة، والوتر الكعبة. وقال مقاتل: الشفع الأيام والليالي، [4ب] والوتر اليوم الذي لا ليلة بعده، وهو يوم القيامة. وقال سفيان بن عيينة (7): الوتر هو الله- سبحانه-، وهو الشفع أيضًا لقوله: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} (8) الآية. وقال الحسن: المراد بالشفع والوتر العدد، لأن العدد لا يخلو عنهما. وقيل: الشفع مسجد مكة والمدينة، والوتر مسجد بيت المقدس. وقيل: الشفع حج القران، والوتر الأفراد. وقيل: الشفع الحيوان، لأنه ذكر وأنثى، والوتر الجماد. وقيل الشفع ما سمي، والوتر ما لم يسمم.
وقد تعقبت هذه الأقوال في فتح (9) القدير فقلت: ولا يخفاك ما في غالب هذه الأقوال من السقوط البين، والضعف الظاهر، والاتكال في التعيين على مجرد الرأي الزائف، والخاطر
_________
(1) عزاه إليه ابن جرير في " جامع البيان" (15/ ج 30/ 170)
(2) عزاه إليه ابن جرير في "جامع البيان" (15/ ج30/ 171).
(3) عزاه إليه القرطي في " الجامع لأحكام القرآن " (20/ 40)
(4) عزاه إليه القرطي في " الجامع لأحكام القرآن " (20/ 40).
(5) عزاه إليه القرطي في " الجامع لأحكام القرآن " (20/ 40)
(6) عزاه إليه القرطي في " الجامع لأحكام القران " (20/ 40) عن ابن عباس.
(7) عزاه إليه القرطبي في " الجامع لأحكام القرآن " (20/ 40)
(8) المجادلة:70
(9) (5/ 433)(3/1331)
الخاطئ. والذي ينبغي التعويل عليه ويتعين المصير إليه ما يدل عليه معنى الشفع والوتر في كلام العرب، وهما معروفان واضحان، فالشفع عند العرب الزوج، والوتر الفرد، فالمراد بالآية إما نفس العدد، أو ما تصدق عليه من المعدودات بأنه شفع أو وتر. وإذا قام دليل يدلا على تعيين شيء من المعدودات في تفسير هذه الآية، فإن كان الدليل يدل على أنه المراد نفسه دون غيره فذاك، وإن كان الدليل يدل على أنه مما تناولته هذه الآية لم يكن ذلك مانعا من تناولها لغيره انتهى. وأقسم- سبحانه- في هذه السورة بالليل إذا أدبر، وأقسم- سبحانه- بالبلد بقوله: {لا أقسم بهذا البلد} (1)، فإن المعنى أقسم هذا البلد، لأن (لا) زائدة كما في قوله- سبحانه-: {لا أقسم يوم القيامة} (2) قال الواحدي: أجمع المفسرون على أن هذا قسم بالبلد الحرام، وهي مكة، وأقسم- سبحانه- بالوالد وما ولد، فقيل: الوالد آدم، وما ولد أي وما تناسل من ذريته. وقال أبو عمران (3) الجوني: الوالد إبراهيم، وما ولد ذريته. وقيل: الوالد إبراهيم، والولد إسماعيل ومحمد- صلى الله عليهما وسلم-. وقال عكرمة (4)، وسعيد بن جبير: ووالد يعني الذي يولد، وما ولد يعني العاقر الذي لا يولد له، وكأنما جعلا ما نافية، وهو بعيد، ولا يصح ذلك إلا بإهمال الموصول أي والذي وما ولد، ولا يجوز إضمار الموصول عند البصريين (5). وقال عطية العوني (6): هو عام في كلى والد ومولود من جميع الحيوانات، وهذا أقرب هذه الأقوال إلى الصواب، وقد اختاره ابن جرير (7). وأقسم- سبحانه صني سورة الشمس والشمس وضحاها، وبالقمر والنهار [5أ]،
_________
(1) البلد: 1
(2) القيامة:1
(3) عزاه إليه القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (20/ 61).
(4) عزاه إليه القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (20/ 61).
(5) عزاه إليه القرطي في " الجامع لأحكام القرآن " (20/ 62).
(6) عزاه إليه القرطي في " الجامع لأحكام القرآن " (20/ 62).
(7) قي جامع البيان (15ج30/ 196)(3/1332)
والليل والسماء والأرض، والنفس وما سواها. وأقسم- سبحانه- في سورة الليل بالليل والنهار، والذكر والأنثى على قراءة ابن مسعود، فإنه قرأ والذكر والأنثى. وأقسم - سبحانه- في سورة الضحى بالضحى والليل. وأقسم- سبحانه- في سورة التين بالتين والزيتون. قال أكثر المفسرين (1): هو التين الذي يأكله الناس، والزيتون الذي يعصرون منه الزيت. وقال ابن زيد (2): التين مسجد دمشق، والزيتون مسجد بيت المقدس. وقال الضحاك (3): التين المسجد الحرام، والزيتون المسجد الأقصى. وقال قتادة (4): التين الجبل الذي عليه دمشق، والزيتون الجبل الذي عليه بيت المقدس. وقال عكرمة (5) وكعب (6) الأحبار: التين دمشق، والزيتون بيت المقدس. والمتعين الذي لا ينبغي العدول عنه، ولا يفسر القران بغيره هو تفسير التين بالمعنى (7) العربي الواضح الجلي، وكذلك الزيتون، وهما معروفان في لغة العرب، لا يختلف في معناها. فالعدول عن هذا المعنى الظاهر الواضح بغير برهان ليس من دأب المشتغلين بتفسير كلام الله- سبحانه-. وقال محمد بن كعب (8): التين مسجد أصحاب الكهف، والزيتون مسجد إيليا. وقيل (9) أنه على حذف مضاف: أي ومنبات التين والزيتون. وأقسم- سبحانه- في هذه السورة بطور سينين، وهو الجبل الذي كفم الله عليه موسى.
_________
(1) ابن عباس والحسن ومجاهد وعكرمة وإبراهيم النخعى وعطاء، وجابر وزيد ومقاتل والكلبي. انظر: "جامع البيان " (15ج30/ 238)، " الجامع لأحكام القرآن " (20/ 110).
(2) عزاه إليه ابن جرير في "جامع البيان" (15/ج30/ 239).
(3) عزاه إليه القرطي في " الجامع لأحكام القرآن " (20/ 110).
(4) عزاه إليه القرطي في " الجامع لأحكام القرآن " (20/ 110).
(5) عزاه إليه القرطي في " الجامع لأحكام القرآن " (20/ 110).
(6) عزاه إليه القرطي في " الجامع لأحكام القرآن " (20/ 110).
(7) قال ابن جرير في " جامع البيان " (5/ج30/ 245): والصواب من القول قي ذلك عندنا: التين: هو التين الذي يؤكل، والزيتون: هو الزيتون الذي يعصر منه الزيت لأن ذلك هو المعروف عند العرب
(8) عزاه إليه القرطبي في "الجامع " (20/ 111).
(9) عزاه إليه القرطبي في "الجامع " (20/ 111).(3/1333)
وقال مجاهد (1) والكلبي (2): سينين كل جبل فيه شجر مثمر. وقال الأخفش (3): طور جبل، وسينين شجر واحدته سينة.
إذا تقرر لك أنه- سبحانه- أقسم في كتابه العزيز هذه المخلوقات المتنوعة تقرر لك أن المراد بالعصر هو الدهر كما قررناه، ولا وجه لتقدير مضاف محذوف فيه، ولا في سائر ما أقسم الله- سبحانه- به من مخلوقاته، فإن الله- سبحانه- يقسم. مما شاء منها، ولم يأتنا دليل ولا شبهة دليل أنه لا يقسم إلا. ما له شرف وبما فيه فضيلة ممن حرف المعاني القرآنية الواردة على نمط لغة العرب، لأجل تحصيل شيء في المقسم به يصير به ذا شرف، فقد أخطأ خطأ بينا، وغلط غلطا واضحا، فإنه تلاعب بكتاب الله - سبحانه- لخيال مختل، وتعليل معتل، وتوهم فاسد، وفهم كاسد. فاعرف هذا، وليكن منك على ذكر، فكثيرا ما يقع لأهل العلم الوهم الباطل، ثم يبن عليه ما هو أبطل منه، وينقله عنه من يهاب الرد عليه، [5ب] فيحرر في كتب التفسير ونحوها من زائف الأقوال، وباطل الآراء ما يضحك منه تارة، ويبكى منه أخرى. والتقليد وإحسان الظن بالأموات هو السبب لكل غلط، والمنشأ لكل جهل، والحامل على ترويج كل باطل. فإن قلت: قد أخرج ابن جرير (4) عن ابن عباس أنه قال في تفسيره العصر المذكور في هذه السورة أنه ساعة من ساعات النهار. وأخرج ابن (5) المنذر عنه أيضًا أنه قال: إنه ما قبل مغيسب الشمس من العشي. قلت: قد أخرج (6) ابن المنذر عنه أيضًا أنه قال إنه الدهر فجمع اختلاف الرواية عنه يرجح ما وافق المعنى اللغوي، ويحمل ما خالفه على المجاز وقد كانت العرب تتجوز في لفظ العصر فيقولون مثلا: العصر الأول، والعصر
_________
(1) انظر هذه الأقوال وغيرها في " الجامع لأحكام القرآن "
(2) انظر هذه الأقوال وغيرها في " الجامع لأحكام القرآن "
(3) انظر هذه الأقوال وغيرها في " الجامع لأحكام القرآن "
(4) (15/ ج 30/ 289).
(5) عزاه إليه السيوطي الدر المنثور (8/ 622)
(6) عزاه إليه السيوطي في " الدر المنثور " (8/ 621).(3/1334)
الآخر، وعصر فلان، ولا مشاحة في ذلك. وقد اختلف القراء في قراءة هذه الكلمة فقرأ الجمهور (1): والعصر بسكون الصاد، وقرأ يحي بن سلام بكسر الصاد، وقرأ الجمهور (2) أيضًا خسر بضم الخاء وسكون السن، وقرأ الأعرج، وطلحة، وعيسى بضم الخاء والسين ورويت هذه القراءة عن عاصم (3). وأخرج الفريابي (4)، وأبو عبيد في فضائله، وعبد بن حميد (5)، وابن جرير (6)، وابن المنذر (7)، وابن الأنباري (8) في المصاحف عن على بن أبي طالب أنه كان يقرأ والعصر ونوائب الدهر إن الإنسان لفي خسر، وإنه فيه إلى آخر الدهر. وأخرج عبد بن حميد (9) عن ابن مسعود أنه كان يقرأ والعصر إن الإنسان لفي خسر وإنه لفيه إلى آخر الدهر.
إن الإنسان لفي خسر. هذا جواب القسم (10). والإنسان يعم كل فرد من أفراد هذا النوع، لتحليته باللام المفيدة لذلك، كما هو مقرر في علم المعاني والبيان، وهذا يندفع ما قيل أن المراد بالإنسان هنا الكافر، وما قيل أفم جماعة من الكفار، وهم الوليد بن المغيرة، والعاص بن وائل، والأسود بن عبد المطلب بن أسد، وإن كان هؤلاء وغيرهم من رؤساء الكفر، بل وسائر الكفار داخلون في عموم الإنسان دخولا أوليا، وكما يدل عموم الإنسان على الإحاطة واستغراق النوع، كذلك يدلا على ذلك الاستغناء معه. والمراد بالخسر هنا المعنى اللغوي. قال الأخفش (11): في خسر في ملكة .... ....
...
_________
(1) انظر "الجامع لأحكام القرآن" (20/ 180).
(2) انظر "الجامع لأحكام القرآن" (20/ 180).
(3) قاله أبو حيان في تفسيره (8/ 509).
(4) عزاه إليه السيوطط في " الدر المنثور " (8/ 621)
(5) عزاه إليه السيوطط في " الدر المنثور " (8/ 621)
(6) في "جامع البيان" (15/ج30/ 290).
(7) عزاه إليه السيوطي في الدر المنثور (8/ 621)
(8) عزاه إليه السيوطي في الدر المنثور (8/ 621)
(9) عزاه إليه السيوطي في الدر المنثور (8/ 622)
(10) ذكره القرطبي في " الجامع لأحكام القرآن " (20/ 179)
(11) ذكره القرطبي في " الجامع لأحكام القرآن " (20/ 179)(3/1335)
وقال الفراء (1): في عقوبة. وقال ابن زيد (2): في شر. والخسران [6أ] النقصان وذهاب رأس المال. قيل والمعنى أن كل إنسان في المتاجر والمساعي، وصرف الأعمار في أعمال الدنيا لفي نقص وضلال عن الحق حتى يموت. وقال في الصحاح (3): خمس في البيع خسرا وخسرانا، وهو مثل الفرق والفرقان، وخسرت الشيء بالفتح، وأخسرته نقصته. وقوله تعالى: {قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا} (4) واحدهم الأخسر مثل الأكثر، والتخسير الإهلاك، والخناسر الهلاك لا واحد له. قال كعب بن زهير:
إذا ما نتجنا أربعا عام كفأة ... بغاها خناسيرا فأهلك أربعا
وفي بغاها ضمير من الجد هو الفاعل. يقول: إنه شقي بالجد إذا أنتجت أربع من إبله أربعة أولاد هلكت من إبله الكبار أربع غير هذه، فيكون أكر مما أهاب، والخسار والخسارة، والخيسري الضلال والهلاك انتهى. وقال في القاموس (5): خسر كفرح وضرب خسرا وخسرا وخسرا وخسرانا وخسارة وخسارا ضل فهو خاسر وخسير وخيسري. والتاجر وضع في تجارته، أو غبن، والخسر النقص كالإخسار والخسران، {إذا كرة خاسرة} (6) غير نافعة، والخيسري الضلال والهلاك، والغدر واللؤم كالخسار والخسارة، والخناسر والخناسير والخسرواني نوع من الثياب، وخسرويه بلدة بوسط، وخسره تخسيرا أهلكه، والخناسرة الضعاف من الناس، وأهل الخيانة، والخنسائر اللئيم، والخنسر والخنسري من هو في موضع الخسران، والخناسير أبوال الوعول على الكلأ والشجر وسلم بن عمرو الخاسر، لأنه باع مصحفا واشترى
_________
(1) قي "معاني القرآن" (3/ 289)
(2) عزاه إليه القرطي في "الجامع" (20/ 180).
(3) (2/ 645)
(4) الكهف: 103
(5) (ص 491 - 492).
(6) النازعات:12(3/1336)
بثمنه ديوان شعر، أو لأنه حصلت له أموال فبذرها انتهى.
أقول: والمناسب للمقام أن يكون الخسر الهلاك للإنسان المذكور لعدم استقامته على الدين، وليس المراد الهلاك الدنيوي بالقتل أو نحوه، بل المراد الهلاك الديني الموجب لمصيره إلى النار، كما يفيد ذلك استثناء الذين آمنوا وعملوا الصالحات. وأيضا المقام مقام الترهيب للعصاة، والترغيب لأهل الإيمان والطاعات، ومجموع ذلك يفيد أن تفسير الخسر بذهاب الدين الموجب للشقاوة الأبدية، وهذا أولى من تفسير الخسر بالنقص، لأن مقام الترهيب والتشديد [6ب] والمبالغة في الوعيد يقتضي الخسران التام، وهو ذهاب الدين بالمرة، المستلزم لهلاك صاحبه، لا نقصه وذهاب بعضه، وبقاء بعض. ولا يخفى أن هذه الجملة القسمية قد اشتملت على مؤكدات منها القسم، ومنها تصوية جواب القسم بحرف التشبيه، وله مدخلية في تأكيد ما دخل عليه من الكلام، ثم المجيء بالجملة الأسمية، فإنها تدل على الدوام والثبات، ثم تحلية الإنسان باللام (1) الإستغراقية المفيدة للعموم، ثم اللام في قوله {لفي خسر}، ثم أبرء في الدالة على أن الخسر قد صار ظرفا له فكأنه منغمس فيه، وهو مشتمل عليه اشتمال الظرف على المظروف، فقد اشتمل هذا الكلام على جميع المؤكدات التي ذكرها أهل البيان. وكل ذلك يفيد أن لزوم هذا الخسر للإنسان ثابت لا محالة، وأنه لا ينفك عنه بحال من الأحوال، ولا يفارقه بوجه من الوجوه إلا إذا تخلص عنه مما تضمنه الاستثناء (2)، فإنه يخرج به من الظلمة إلى النور، ومن الضيق إلى السعة، ومن الهلاك إلى السلامة، ومن العذاب إلى النعيم، ومن أفار إلى الجشة. إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات، الموصول من صيغ (3) العموم كما
_________
(1) انظر البحر الميحط (3/ 99).
(2) انظر: إعراب القرآن وبيانه " محيى الدين الدرويش (10/ 572). الدر المصون (11/ 101)
(3) تقدم ذكر ذلك(3/1337)
تقرر في علم البيان والأصول، فيشتمل كل من حصل له وصف الإيمان وقد اختلف الناس في تفسير الإيمان أصلا فأكثروا وأطالوا في ذلك، وتنوعت كلماتهم، واختلفت رسومهم. والذي ينبغي الاعتماد عليه، والمصير إليه هو ما ثبت عن الصادق المصدوق - صلى الله عليه واله وسلم- في تفسيره وبيان معناه كما في الصحيحين (1) وغيرهما (2)، فإنه لما سأله السائل عن الإيمان قال: " أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله، والقمر خيره وشره ".، وعند هذا البيان النبوي، والتفسير المصطفي يستغنى عن تلك الحدود التي، والرسوم التي اصطلحوا عليها. وإذا جاء فر الله بطل فر معقل. والمراد هنا هو الإيمان الشرعي، لأن الحقائق الشرعية مقدمة على غيرها كما تقرر في علم الأصول، وهو في الشرع التصديق عن كمال اعتقاد، بحيث لا يشوبه شك، ولا حتى شبهة. ولو لم يكن على هذه الصفة لم يكن تصديقا صحيحا، والمراد من التصديق بالله - سبحانه- أن تصدق بوجوده، وأنه الإله الخالق الرازق، المحيى المميت، الحط الدائم، الأحد الصمد، الذي يشاركه مشارك، بل هو المتفرد بالربوبية، والكل من هذا العالم عباده، وتحت حكمه، يصنع فيهم [7أ] ما يشاء، ويحكم ما يريد، ما شماء كان، وما لم يشأ لم يكن، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون، وتصدق بوجود ملائكته على الصفة التي وردت في الكتاب والصنة، وتصدق بأن الله أنزل كتبه على رسله ليبينوا لهم ما شرعه لهم من الشرائع، وأن هذه الكتب التي جاء ها الرسل- صلوات الله عليهم وسلامه- هي من عند الله- عز وجل-، وأنها كلها حق وصدق وشرع وإن خالف بعضها بعضا، فإن ذلك إنما هو لرعاية مصالح العباد بحسب اختلاف الأوقات والأحوال والأشخاص، وتصدق أيضًا بأن الرسل الذين أرسلهم الله إلى عباده هم رسله حقا، وأنه
_________
(1) أخرجه البخاري رقم (4777) ومسلم رقم (8)
(2) كأحمد (1/ 28،51،52) وأبو داود رقم (4695) وابن ماجه رقم (63) والنسائي (8/ 97 - 151) والترمذي رقم (2610). كلهم من حديث عمر رضي الله عنه(3/1338)
أمرهم بإرشاد العباد إلى ما شرعه لهم من الشرائع، وبينه لهم من المصالح الدينية والدنيوية، لطفا هم، وتوفيقا لهم، وإقامة للحجة عليهم، لئلا يقولوا ما جاءنا من رسول، ولله الحجة البالغة. وتصدق بالقدر خيره وشره، أي بأن ما كان أو سيكون من كبير وصغير، وجليل وحقير، وخير وشر، ونفع وضر هو بتقدير الله- سبحانه- وقضائه، ما شاء كان، وما لم يشاء لم يكن. ليس للعبد في ذلك عمل، ولا له تصرف في نفسه، ولا في غيره، ولا في جليل أموره، ولا في حقيرها، ولا في صغيرها، ولا في كبيرها. بل قدر الله وما شاء فعل.
واعلم أن الإيمان بالقدر هو العقبة الكون لم الصعب، فإنه إذا صح للعبد الإيمان به كما ينبغي لم يأسف على فائت كائنا ما كان، لأنه يعلم أن ذلك هو من جهة خالقة ورازقه، ومن هو أرأف به من أبويه، وأحنا عليه من نفسه. ولكن هذه النفوس البشرية المجبولة (1) على السرور بالخير، والنفور عن الشر، فإذا دهمها شيء مما تكره اضطرتجا له، ونفرت عنه، وضاو ذرعها به، وطال همها، وكثر غمها، وذلك جبفة خلقية-، وطبيعة بشرية، فيكون بذلك تكدر العيش، وضيق العطن، ولشوش الحال، ولكنه إذا راجع نفسه وتغفل ما أمر به من الإيمان بالقدر، وأن ذلك من عند الله- عز وجل- هان الخطب، وقل الكرب، وذهب الغم، وارتفع الهم. وما أحسن ما قاله إبراهيم الحربي- رحمه الله-: من لم يمش مع القدر (1) لم يتهن بعيشه، وهاهنا باب يدخل منه من كربه أمر، ومسه خطب يلجأ منه إلى حصن حصين ينجو به من كل شيء يخافه ويحذره، وهو الدعاء (2) فإنه الترياف النافع، والمرهم الشافي. وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة أنه .... .... .... .....
_________
(1) تقدم ذلك في المجلد الأول. وانظر: " شرح العقيدة الطحاوبة " (2/ 358 - 360)
(2) تقدم " فضل الدعاء " في المجلد الأول.(3/1339)
يرد القضاء (1)، وأنها يحتجان (2) [7ب]، وثبت في الأحاديث الصحيحة الاستعاذة من شر القضاء كما في صحيح مسلم (3) وغيره، وثبت في حديث الحسن (4) بن على رضي الله عنهما في القنوت الذي علمه رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وقني شر ما قضيت. واعلم أنه قد اشتغل كثير من الناس بالسؤال عن سر القدر، واستشكال مباحث من مباحثه، ولوازم من لوازمه، وهؤلاء مع كوهم قد خالفوا ما وردت به السنة المطهرة من النهى عن البحث عن سر القدر، والاشتغال. مما تخيله الأذهان، وتزيرلنه الأوهام لم يقتدوا برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ الذي أمره الله- سبحانه- بأن يبين للناس ما نزل إليهم، فإنه- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- لما سئل عن ذلك طوى بساط التفصيل والتطويل، والإطناب والتعليل، واكتفى بقوله: " اعملوا وكل أمرء ميسر لما خلق له" (5).
_________
(1) أخرجه الترمذي رقم (2139) والحاكم (1/ 493) والطبراني في الكبير قم (1442) من حديث سلمان مرفوعًا بلفظ:" لا يرد القضاء إلا الدعاء ... ".
وهو حديث حسن.
(2) أخرج الطبراني قي الأوسط رقم (2418). وأورده الهيتمى في المجمع (146110) وقال: رواه الطبراني في الأوسط والبزار بنحوه وفيه زكريا بن منظور وثقه أحمد بن صالح المصري، وضعفه الجمهور وبقية رجاله ثقات.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا ينبغي حذر من قدر، والد على ينفع نزل و" لم ينزل، وإن البلاء لينزل فيلقاه الدعاء فيعتل عان إلى يوم القيامة. " وهو حديث ضعيف.
(3) رقم (2707) من حديث أبي هريرة قال: قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تعوذوا بالله من جهد البلاء ودرك الشيء وسوء القضاء وشماتة الأعداء "
(4) أخرجه أبو داود رقم (1425) والترمذي رقم (464) والنسائي (3/ 248).
وابن ماجه رقم (1095) وأحمد (1/ 199) والبيهقي (12 498) وهو حديث صحيح.
(5) أخرجه البخاري رقم (1362) و (4945) و (4946) و (4947) ومسلم رقم (2647) وأبو داود رقم (4694) والترمذي رقم (2136 و3344) وغيرهم من حديث علي بن أبي طالب.(3/1340)
واعلم أن هذا الاستثناء (1) الواقع في الآية متصل عند كل من حمل المستثني منه على العموم، وهو الحق. وأما من قال أن المراد به جنس الكفار، أو كفار معينين فهو يجعله منقطعا، والتقدير: ولكن الذين ا منوا وعملوا الصالحات.
فإن قلت: ظاهر ما في هذه الآية من العموم شمولها لأهل الفترة الذين لم يبلغهم شيء من شرائع الله- سبحانه-، لأنهم ماتوا ولم يؤمنوا ولا عملوا الصالحات. قلت: هؤلاء وإن دخلوا في عموم الإنسان فقد خرجوا بالعفو عنهم لجهلهم بالشرائع، وعدم تمكنهم من طلبها، ولهذا يقول الله- سبحانه-: {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا} (2).
فإن قلت: الأنبياء- صلوات الله عليهم وسلامه- منزهون عن أن ينالهم خسر لما ثبت لهم من العصمة قبل النبوة وبعده. قلت: هم أعلى طبقات العالم، وأكرم جنى بني ادم، وقدوة أهل الإيمان، وأسوة الصالحين، فكما أن أهل الإيمان خارجون من الخسر بإيمانهم فأنبياء الله خارجون عنه باصطفاء الله لهم، مع كون أيمانهم أكمل أيمان، وإيقانهم أشرف إيقان، وإنما يرد هذا السؤال لو كان المستثنى داخلا فيما أسند إلى المستثنى منه، مشاركا له فيما نسب إليه، وليس الأمر كذلك، فإنه إنما شاركه في كونه من أفراده ومن جملة ما يصدق عليه باعتبار العموم لا باعتبار ما نسب إليه، ولهذا قدر الاستثناء أئمة النحو والأصول والبيان بأن معنى جاءني القوم إلا زيدا: القوم المخرج منهم زيد جاءني. وهكذا سائر التراكيب الاستثنائية، فالتقدير فيما نحن بصدده: الإنسان المخرج منه [8ب] الذين آمنوا وعملوا الصالحات في خسر.
فإن قلت: قد ذكرنا أن لله- سبحانه- أن يقسم. مما شاء من مخلوقاته، فهل ثم نكتة في تخصيص الأقسام بالعصر في هذه السورة؟ قلت: دكن أن تكون النكتة أن
_________
(1) انظر " فتح القدير " (5/ 459 - 496).
(2) الإسراء:15(3/1341)
العصر الذي هو الدهر لما كان كثير من الغافلين ينسبون ما ينابهم من السعادة والشقاوة إليه أقسم الله به بلزوم الخسر لهم، وأنهم في خسر لا يتخلصون عنه إلا. مما تضمنه الاستتناء، ومع ذلك فقد ثبت في الصحيح (1): " لا تسبوا الدهر؟ فإن الله هو الدهر ". وفي هذا مخصص للأقسام به ظاهر في فاتحة هذه السورة المشتملة على التهديد ومزيد الوعيد.
فإن قلت هل من نكتة في ذكر الإنسان في هذه الآية مع إمكان أن يؤتى مكانه بالناس أو ما يفيد مفاده؟ قلت يمكن أن يقال: إن هذا اللفظ- أعني الإنسان- خاص هذا النوع لا يتناول غيره، ولا يشاركه فيه سواه، بخلاف لفظ الناس، فإنه كما في كتب اللغة (2) يطلق على الجن كما يطلق على الإنس، وعلى ناس الإبل وهو ساقها.
فإن قلت: هل من نكتة في ذكر الخسر دون الهلاك، أو الشقاء، أو العذاب، أو ما يؤدي هذا المعنى؟ قلت: يمن أن يقال أن النكتة في ذكره دلالته على تلك المعاني المتنوعة من الهلاك والنقص، وسائر ما ذكرناه هنالك، فإن ذلك قد يكون أنصب بأحوال الأشخاص المختلفين في إهمال الشريعة بأسرها وهم الكفار، وفي النقص منها وهم العصاة من هذه الأمة، وهذا لا ينافي ما رجحناه فيما تقدم من حملة على الهلاك. فإن قلت: ما وجه المجيء بالموصول في قوله: {إلا الذين آمنوا} وهلا اكتفى. مما هو أخصر فقال: إلا المؤمنين؟ قلت: أبرء بالموصول فيه فوائد ذكرها أهل المعاني، ولو لم يكن منها إلا الدلالة على التعظيم لشأنه، وما أحق المؤمنين بذاك!. وقد دل العطف بقوله: {وعملوا الصالحات} على أول لا بد من .... .... .... .....
_________
(1) أخرجه مسلم رقم (5/ 2246) وأحمد (4/ 496) من حديث أبي هريرة. وأورده الهيثمي في المجمع (8/ 71) وقال: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح. وهو حديث صحيح.
(2) لسان العرب (1/ 233).(3/1342)
الجمع (1) بين الإيمان وبين العمل، وأنه لا يكفي مجرد الإيمان. والمراد بالصالحات الأعمال الصالحة، وأهمها وأقدمها ما يجب على الإنسان القيام به، ومن ذلك أركان الإسلام الخمسة: شهادة أن لا إله إلا الله، والصلاة، والزكاة، والصيام، والحج. ثم ترك ما حرمه الله عليه، فإن الكف! عن ذلك عمل صاع يمدح التارك له على تركه، ويذم الفاعل له على فعله. ثم يفعل من أعمال إني ما بلغت إليه قدرته على حسب الحال، ومن زاد الله في حسناته. والحاصل أن الإيمان بالواجبات واجتناب المحرمات متحتم على كل مكلف، فهو لا يخرج من الخسر المذكور قي الآية إلا. مجموع الإيمان، والقيام بذلك على التمام [8ب] وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة أن النبي- صلى الله عليه واله وسلم- قال لمن سأله عن الإسلام: " أن تشهد أن لا إله إلا الله، وتقيم الصلاة،
_________
(1) قال ابن تيمية في كتاب الإيمان ص 213: قال خيثمة بن عبد الرحمن: الإيمان يسمن في الخصب، ويهزل في الجدب، فخصبه العمل الصالح، وجدبه الذنوب والمعاصي.
وقيل لبعض السلف: يزداد الإيمان وينقص؟ قال: نعم، يزداد حتى يصير أمثال الجبال، وينقص حتى يصير أمثال الهباء "
قال النووي في " شرحه لصحيح مسلم " (1/ 217): واعلم أن مذهب أهل السنة وما عليه أهل الحق من السلف والخلف، أن من مات موحدا دخل الجنة قطعا على كل حال، فإن كان سالما من المعاصي كالصغير والمجنون، والذي اتصل جنونه بالبلوغ، والتائب توبة صحيحة من الشرك أو غيره من المعاصي، إذا لم يحدث معصية بعد توبته، والموفق الذي لم يئل. معصيا أصلا، فكل هذا الصنف يدخلون الجنة ولا يدخلون النار أصلا، لكنهم يردوا، على الخلاف المعروف في الورود، والصحيح أن المراد به: المرور على الصراط، وهو منصوب على ظهر جهنم، أعاذنا الله منها، ومن سائر المكروه، وأما من كانت له معصية ومات من غير توبة فهو في مشيئة الله تعالى. إن شاء تعالى عفا عنه، وأدخله الجنة أولا وجعله كالقسم الأول. وإن شاء عذبه القدر الذي يريده سبحانه وتعالى، ثم يدخله الجنة، فلا يخلد في النار أحد مات على التوحيد، ولو عمل من المعاصي ما عمل، كما إنه لا يدخل الجنة أحد مات على الكفر ولو عمل من أعمال البر ما عمل.(3/1343)
وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت" (1). وثبت في الكتاب (2) والسنة (3) الأمر لكل واحد من هذه الأركان على الخصوص، وثبت في الكتاب والسنة الأمر بواجبات، والنهى (4) البقرة:278 (5) عن محرمات، فلا ينجو من الخسر المذكور في الآية إلا من قام بذلك على الحد الذي أمره الله به، وفاه عنه. فهذه هي الصالحات التي أمر الله- سبحانه- بعملها، جعلها مجموع الإيمان. والعمل هذه الأمور هو الذي يخرج به الإنسان عن الخسر الذي هو ختم في رقاب العباد بالقسم الرباني والحكم الإلهي. فإن قلت: إن كان هذا التعريف (6) في الصالحات للاستغراق، والمراد أن كل فرد عمل كل الصالحات، فهذا مما
_________
(1) أخرجه البخاري رقم (8) ومسلم رقم (16) من حديث ابن عمر.
(2) قال سبحانه: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} البقرة:283.
وقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} البقرة:183.
(3) (منها) ما أخرجه البخاري رقم (2448) ومسلم رقم (19) من حديث ابن عباس أن معاذ قال: بعثني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: إنك تأين قوما من أهل الكل ب، فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وأن رسول الله فإن هم أطاعوا لذلك. فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة بان هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم، فإن هم أطاعوا لذلك، فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب ".
(4) (منها) ما أخرجه البخاري رقم (6065) ومسلم رقم (2559) عن أنس رضي الله عنه قال أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، ولا تقاطعوا، وكونوا عباد الله إخوانا.
(منها) قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا}
(5) (ومنها) ما أخرجه مسلم في صحيحة رقم (1597) عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: " لعن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكل الربا وموكله ".
(6) انظر: البحر المحيط (3/ 86 - 87).(3/1344)
لا يدخل تحت قدرة البشر، فإن الصالحات لا يمكن الإحاطة ها فضلا عن أن يمكن فعل كل واحدة منها. قلت: هذا التحريف (1) يمكن أن يراد به العهد (2)، فتكون الصالحات هي المعهود التي يتحتم القيام ها كما قدمنا، وقد قال المحقق الرضي في شرح الكافي: إن التعريف العهدي هو الأصل في أقسام التعريف المذكورة في علم النحو والمعاني، والحكم بأصالته يقتض تقديم الحمل عليه، ويمكن أن تكون للجن!، وذلك لا يستلزم الإحاطة بكل أفراد الصالحات، بل يدخل فيها ما يتحتم القيام به دخولا أوليا، ثم يكون ما عدا ذلك على حكمه الذي يتصف به من كونه مسنونا أو مندوبا أو نحو ذلك، فيفعل العبد منها ما يشاء أن يؤجر عليه، ويكثر به ثوابه وتتعاظم به حسناته.
واعلم أن هذا النظم القرآني قد دل أكمل دلالة على أن الإيمان الذي هو التصديق لابد أن ينضم إليه العمل كما هو المذهب الحق، وفيه أوضح رد، وأكمل فح لقول من يقول أنه لا يلزم ضم العمل إلي الإيمان كما يذهب إليه بعض المرجئة (3).
واعلم أنها تتفاوت أقدام المؤمنين في التصديق، فقد يكون إيمان الرجل ثابتا كالجبال الرواسي بحيث لا يتزلزل لشبهة، ولا يتقهقر لشك ولا تشكيك، وقد يكون دون ذلك. ولهذا قال الجمهور (4): إن الإيمان يزيد وينقص، وهو الحق، وذلك مما يعلمه كل عاقل، ولا سيما الإيمان بالقدر، فإن بعض أفراد العباد قد يمنحه الله- سبحانه-[9أ]
_________
(1) سبق التعليق عليها
(2) انظر تفصيل دلك في البحر المحيط (3/ 89).
(3) تقدم التعريف بها
(4) انظر الفتح (1/ 40)(3/1345)
من الإيمان بقدره ما يثلج به قلبه، وتقر به عينه، ويطمئن إليه خاطره، فيخرج عن مضيق الهموم والغموم والحسرات والكربات إلى متسع التسليم والرضا. مما يجري به القضاء. اللهم ارزقنا الإيمان بقدرك على الوجه الذي تريده منا مع حلول ألطافك الخفية علينا، ووصول توفيقاتك المباركة إلينا. يا من بيده في كله، دقه وجله، وكما تختلف أحوال الإيمان باختلاف الأحوال والأشخاص كذلك يختلف عمل الصالحات باختلاف الأحوال والأشخاص، فالعمل مع الخلوص والتينزه عن شوائب الرياء، والبعد من آفات الغفلة يتضاعف ويكثر ثوابه، ويعظم أجره بخلاف ما لم يكن على هذه الصفة. والآيات القرآنية، والأحاديث النبوية منادية بذلك بأعلى صوت، ففي بعضها التصريح بأن فاعل ذلك العمل يوفي أجره بغير حساب (1)، وفي بعضها إلى سبع مائه ضعف (2)، وفي بعضها إلى أكثر من ذلك (3)، وفي بعضها أن الحسنة بعشرة أمثالها (4)، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
فإن قلت: قوله: {وعملوا} يدل على أنه يوفى عمل الصالحات مرة واحدة، لأن الفعل من باب المطلق، فيصدق معناه بالمرة الواحدة، وليس في الصنعة ما يدل على التكرار، وأكثر الأعمال الصالحة التي تحتم على الإنسان واجبة على جهة التكرار، بحيث
_________
(1) سها قوله تعالى: {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب} الزمر:10.
(2) للحديث الذي أخرجه مسلم رقم (1151) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كل عمل ابن آدم يضاعف: الحسنة بعشر أمثاها إلى سبعمائة ضعف "
(3) أخرج البخاري في صحيحة رقم (1904) ومسلم رقم (163/ 1151) وأبو داود رقم (2363) والترمذي رقم (764) والنسائي (4/ 162 - 163) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام، فإنه لي وأنا أجزي به ".
(4) أخرج الترمذي في السنن رقم (2912) عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من قرأ حرفا من كتاب الله فله حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول: (ألم) حرف، ولكن: ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف(3/1346)
إنه إذا أخل بشيء منها لم يخرج من الخسران. قلت: الأمر كما ذكرت، ولكن الأدلة من الكتاب والسنة قد دلت على وجوب تكرار ما هو متكرر، والإجماع قائم على ذلك. وهكذا قوله: {الذين آمنوا} فإنه إنما يدل على مجرد وقوع الإيمان، وهو التصديق، وليس فيه ما يدل على وجوب الثبوت عليه، والاستمرار على معناه. ولكن الأدلة الصحيحة قد دلت على ذلك دلالة واضحة ظاهرة، فلا يكون مؤمنا إلا إذا دام على التصديق بتلك الأمور حتى يتوفاه الله (1) - عز وجل-.
_________
(1) وهو رد على الذين يقولون بأن الإسلام فترة زمنية محددة.
وانتهت بنهاية الجيل الأول الذي طلبت منه هذه التكاليف الربانية ولذا فنحن لسنا ملزمين هذا المنهج قي كل زمان ومكان.
وهذا الكلام من تضليل المضللين، والمحاربين لهذا الدين والحاقدين على هذه الشريحة الربانية تحت شعارات: الحضارة والتقدم، والمعاصرة، والارتقاء والتطور، ومعايشة المستجدات وما إلى ذلك من الكلام الحق الذي يراد به باطل. وللرد عليهم نقول:
1/ إن نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية أنواع، ففيها المطلق وفيها المقيد والمجمل والمبين، والظاهر والمؤول، فهي ليست على سوية واحدة في معرفة الحكم الشرعي.
2/أجمع العلماء على وجوب تكرار ما هو متكرر في كل زمان ومكان، من يوم ما أوص ها إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ... فالصلاة مطلوب تكرارها، ولا يقول إلا جاهل هذه الشريعة ونصوصها بأنها واجبة مرة واحدة، أو كانت واجبة على الجيل الأول فقط .. وقل مثل ذلك على سائر الواجبات والأوامر والنواهي رما إلى ذلك. والمسلمون في كل زمان ومكان على هذه العقيدة يخالف أحد منهم ولو على سبيل الشذوذ.
3/ لذلك فإن علماء الأصول أصلوا وفرعوا في هذه المسائل، حتى يكون الناس على بينة في هذا الأمر، فقالوا مثلا: الواجب هو ما طلب الشارع فعله من المكلف طلبا لازما، بأن اقترن طلبه. مما يدل على لزوم فعله، أر وهو ما طلب الشارع فعله على وجه الإلزام، سواء أكان ذلك مستفادا من صيغة الطلب نفسها أم من قرينة خارجية.
وقسموا الواجب من جهة وقت أدائه إلى: واجب مطلق، واجب مؤقت وقسموه من جهة المطالبة بأدائه إلى: واجب عين، واجب كفائي
كما قسموا الواجب من جهة المقدار المطلوب إلى: واجب محدد، واجب غير محدد.
كما قسموا الواجب من جهة تعيين المطلوب إلى: واجب معين، واجب غير معين.
وقل مثل ذلك في سائر الأحكام.
إذن المسألة ليست لعبا ولا عبثا، ولا جاءت من هوى بعض الناس، أو رغبات وشهوات بعض الفلاسفة أو المنكرين، إنما المسألة هنا مسألة وحى والتزام بأوامر الله وإتباع لمنهجه القويم.
انظر: مدخل إرشاد الأمة إلى فقه الكتاب والسنة " (ص 241) 0 المسألة: الحكم التكليف وأقسامه. تأليف: محمد صبحي حسن حلاق.(3/1347)
فإن قلت: هل بين هذا التركيب المذكور في هذه الآية وبن قوله- سبحانه- في سورة التين {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} (1) تقارب ولو من بعض الوجوه؟ قلت: نعم، ولكن على أحد التفسيرين، وهو أن المراد بقوله: {رددناه أسفل سافلين} أنه رد الإنسان إلى أسفل دركات النار (2) {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [9ب] ناجون من ذلك، فائزون بأجر غير ممنون. ولا ينافي كون جنس العصاة من الكفار وغيرهم أسفل سافلين ما ورد في المنافقين بأنهم في الدرك الأسفل من النار، فلا مانع من كون الكفار والمنافقين والعصاة مجتمعين في ذلك الدرك الأسفل، ويكون قوله: {أسفل سافلين} إما حال المفعول (3) أي رددناه حال كونه أسفل سافلين، أو صفة لمقدر محذوف أي مكانا أسفل سافلين، ويكون في سورة التين زيادة ليست في سورة العصر، وهي أن لهم أجرا غير ممضون، وفي سورة العصر زيادة ليست في سورة التين، وهى التواصي بالحق والتواصي بالصبر. وقد روي مثل هذا. . . . . .
_________
(1) التين:5 - 6.
(2) عزاه ابن جرير في " جامع البيان " (15/ ج30/ 245) لمجاهد وقتادة وابن زيد.
(3) انظر " الدر المصون في علوم الكتاب المكنون " (11/ 52).(3/1348)
التفسير (1) عن مجاهد، وأبي العالية، والحسن، بل روى ما يفيد ذلك الخطيب (2)، وابن عساكر (3) عن الزهري، عن أنس عن النبي صلى الله عليه واله وسلم أن المراد بقوله
_________
(1) قال القرطبي في " الجامع لأحكام القرآن "
(20/ 113 - 115): قوله تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ} وفيه مسألتان:
الأولى: وقد ذكرها الشوكاني آنفا.
أما الثانية: قوله تعالى: {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ}، أي إلى أرذل العمر وهو الهرم بعد الشباب، والضعف بعد القوة، حتى يصير كالصبي في الحال الأول. قاله الضحاك والكلبي وغيرهما.
وروى أبي نجيح عن مجاهد: {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ} إلى النار، يعني الكافر وقاله أبو العالية.
وقيل: لما وصفه الله بتلك الصفات الجليلة التي ربما الإنسان عليها، طفي وعلا حتى قال: {أنا ربكم الأعلى} وحين علم الله هذا من عبده، وقضاؤه صادر من عنده. رده أسفل سافلين، بأن جعله مملوعا قذرا، مشحونا نجاسة وأخرجها على ظاهره إخراجا منكرا، على وجه الاختيار تارة، وعلى رجه الغلبة أخرى، حتى إذا شاهد ذلك من أمره رجع إلى قدره.
وقرأ عبد الله بن مسعود {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ} وقال: {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ} على الجمع، لأن الإنسان في معنى جمع، ولو قال: أسفل سافل جاز، لأن لفظ الإنسان واحد. وتقول: هذا أفضل قائم. ولا تقول أفضل قائمين، لأنك تضمر لواحد، فإن كاد الواحد غير مضمر له، رجع احمه بالتوحيد والجمع، كقوله تعالى: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [الزمر:33]
وقوله تعالى: {إِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ} [الشورى: 48] وقد قيل: إن معنى {رددنه أسفل سافلين}، أي رددناه إلى الضلال، كما قال تعالى:
{إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} أي إلا هؤلاء فلا يردون إلى ذلك. والاستثناء على قول من قال {أسفل سافلين}، النار، متصل ومن قال: إنه الهرم فهو نقطع.
(2) ذكره السيوطي في " الدر المنثور
(3) ذكره السيوطي في " الدر المنثور(3/1349)
{ثم رددنه أسفل سافلين} عبدة الأوثان من اللات والعزى، والمراد بقوله: {إلا الذين آمنوا} أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي. ولكن في إسناد هذا الحديث مجهول، فلا تقوم به حجة. وأما على تفسير الجمهور فلا، وهو الظاهر الذي يدلا عليه قوله: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} أي في أحسن شكل وتعديل {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ} أي إلى أرذل العمر وهو الهرم (1) والضعف بعد الشباب والقوة. ولابد على هذا التفسير من حمل الاستثناء على الانقطاع، أي لكن الذين امنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون، ووجه ذلك أن الهرم والرد إلى أرذل العمر يصاب به المؤمن كما يصاب به الكافر، فلا يكون الاستثناء متصلا، ففي التفسير الأول مرجح، وهو حمل الاستثناء على الاتصال الذي هو أصله، وللتفسير الثاني الذي هو تفسير الجمهور مرجح وهو قوله: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} فإن قلت: هل يمكن حمل الاستثناء على الاتصال على ما يطابق تفسير الجمهور؟ قلت: يمكن أن يقال أن الرد إلى أسفل سافلين هو الرد إلى حال ذهاب العقل وسقوط القوى، وذهاب الحواس على وجه شديد بالغ إلى الغاية، والغالب صيانة صالح العباد عن مثل ذلك، واللطف هم عن البلوغ إلى هذه الغاية، فيكون الاستثناء على هذا متصلا، ويكون باعتبار الغالب، وذلك مشاهد محسوس عناية من الله- عز وجل- بأهل الصلاح التام، والهدى القويم. وقد ورد ما يدل على أن المراد في هذه الآية هو التفسير الذي ذهب إليه الجمهور، فأخرج ابن جرير (2)، وابن أبي حاتم (3)، وابن مردويه (4) عن ابن عباس في قوله: {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ} يقول: يرد
_________
(1) عزاه ابن جريري "جامع البيان" (15/ ج30/ 244).
(2) في جامع البيان (15/ ج30/ 244).
(3) في تفسيره (10/ 3448 رقم 19409).
(4) عزاه إليه السيوطى في " الدر المنثور " (8/ 558).(3/1350)
إلى أرذل العمر، كبر حتى ذهب عقله هم نفر كانوا على عهد رسول الله- صلى الله عليه واله وسلم- حين سفهت عقولهم، فأنزل الله عذرهم أن لهم أجرهم الذي عملوا قبل أن تذهب عقولهم. وأخرج سعيد بن منصور (1)، وعبد بن حميد (2)، وابن جرير (3)، وابن المنذر (4)، وابن أبي حاتم (5) قال: في أعدل خلق، ثم رددناه أسفل سافلين يقول: إلى أرذل العمر إلا الذين امنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون، يعني غير منقوص. يقول: إذا بلغ المؤمن أرذل العمر، وكان يعمل في شبابه عملا صالحا كتب له من الأجر مثل ما كان يعمل في صحته وشبابه، ولم يضره ما عمل في كبره، ولم تكتب عليه الخطايا التي تعمل بعدما يبلغ أرذل العمر. وأخرج أحمد (6)، والبخاري (7)، وغيرهما عن أبي موسى قال: قال رسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: " إذا مرر العبد أو سافر كتب اله له من الأجر مثلما كان يعمل صحيحا مقيما ".
ويدل على التفسير الذي ذكرناه وجعلناه ثالثا للتفسيرين ما أخرجه الحاكم (8) وصححه، والبيهقي في الشعب (9) عن ابن عباس قال: " من قرأ القران لم يرد إلى أرذل العمر، وذلك قوله: {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} قال: " لا يكون حتى لا يعلم من بعد علم شيئا ".
_________
(1) عزاه إلي السيوطي في " الدر المنثور " (8/ 556).
(2) عزاه إلي السيوطي في " الدر المنثور " (8/ 556).
(3) في "جامع البيان" (115 ج 3/ 246).
(4) عزاه إليه السيوطي في " الدر المنثور " (8/ 556).
(5) عزاه إليه السيوطي في " الدر المنثور " (8/ 556).
(6) في المسند (4/ 410).
(7) في صحيحة رقم (2996)
(8) قي المستدرك (2/ 528 - 529) وصححه ووافقه الذهبي
(9) في الشعب رقم (2076).(3/1351)
فإن قلت: قد تكلمت على مفردات هذه الآية، أعني قوله- سبحانه- {وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} ولم تتكلم على مجموعها من حيث محلها، والعرض الذي سيقت له؟ قلت: هي مبتدأة قسمية إنشائية لا محل لها (1) من الإعراب.
وأما العرض الذي سيقت له فهو ترهيب عباد الله- سبحانه- عن معاصيه، وإهمال م! ا أوجبه على عباده من الإيمان، والعمل، وترغيبهم بالإيمان وعمل الصالحات، وإن ذلك هو الذي يكون به خروجهم من ظلمات الخسر إلى أنوار الإيمان والطاعة، فمن ألقى السمع وهو شهيد [10ب] إلى هذا الوعد والوعيد، والترغيب والتهديد جذبه ذلك إلى خير البداية والنهاية، ونعم الدنيا والآخرة، ونجا من دركات الخسران، ووصل إلى درجات الجنان. ومعلوم أن العقلاء من هذا النوع الإنساني يطلبون الوصول إلى النعيم الأبدي، والعيش الذي لا ينقطع ولا يغني، لأن نعيم الدنيا وإن بلغ في الحسن والرفاهة إلى أرفع الرتب، وأعلى المنازل فهو مكدر بأنه زائل ذاهب، والانتقال عنه قريب وإن ظنه من طاوع كواذب الآمال بعيدا، وكل عاقل يعلم أن كل نعيم يزول، وكل نعمة تذهب، فيكون حزنها أكثر من سرورها، وغمها أعظم من الفرح لها. وقد أحسن المتنبي (2) حيث يقول:
أشد الغم عندي في سرور ... تيقن عنه صاحبه انتقالا
_________
(1) الواو حرف قسم وجر، والعصر مجرور بواو القسم والجار والمجرور متعلقان بفعل القسم المحذوف وجملة إن الإنسان .... جواب القسم لا محل لها، وإن واحمها واللام المزحلقة وقي خمس خبر إن.
وانظر: إعراب القرآن الكريم وبيانه محي الدين الدرويش (10/ 572 - 573).
(2) في ديوانه (3/ 224).
وقال أبو البقاء: المعنى يحث على الزهد في الدنيا لمن رزق فيها سرورا ومكانة، لعلمه أنه زائل عنها.
يقول: السرور الذي تيقن صاحبه الانتقال عنه هو أشد الغم، لأنه يراعي وقت زواله، ولا يطيب له ذلك السرور.(3/1352)
والآمال بأسرها وإن طالت ذيولها، وبعدت مراميها فآخرها التقضي والذهاب، ولهذا أقول:
لا يغرنك طول عمر فإن الحبل ... يطوى من ساعة الميلاد
لوله: وتواصوا بالحق. يقال: أوصاه ووصاه بوصية عهد إليه. ومعنى التواصي أنه أوصى به أولهم آخرهم، وهذا ذاك، وذاك هذا. هذا هو المعنى اللغوي. والصيغة تدل على الاشتراك في أصل الفعل كما هو مقرر في علوم اللغة العربية، والحق في الشرع واللغة ضد الباطل، وأصله الثبوت من حق الشيء إذا ثبت، والمحق- المبطل، والمراد هنا أنه وصى بعضهم بعضا. مما يحق القيام به، فيدخل التواصي بالإيمان وبالقيام بأركان الإسلام دخولا أوليا. ومن أهم أنواع التواصي بالحق أن يتواصوا بالأمر بالمعروف، والنهى عن المنكر، ومن أهمها أيضًا أن يتواصوا ببيان ما يعرف بعضهم من بعض أنه مرتكب له واقع فيه من المعاصي والمكروهات، وما يخالف ما يرضاه الله- سبحانه- ويحبه من الأخلاق الصالحة والشمائل المرضية فيما بينهم وبين ربهم، وفيما بينهم أنفسهم. ومن أعظم ما ينبغي [11أ] التواصي به حفظ اللسان من الغيبة والنميمة والسخرية والتينابز بالألقاب، فإن هذه أمور في عنها الكتاب العزيز {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ} (1) إلى آخر الآية {هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ} (2) {وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ} (3) الخ. {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ} (4) {لا يسخر قوم من قوم} (5) الآية. {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ} (6)
_________
(1) الحجرات:12
(2) القلم:11
(3) الحجرات:11
(4) الهمزة:1
(5) الحجرات:11
(6) الحجرات:11(3/1353)
وفي السنة المطهرة (1) من النهي عن هذه الأمور، والنعي على فاعلها، والذم له ما يزجر من له شيء إيمان بعضه فضلا عن كله. وإنما يكب الناس على مناخرهم في جهنم حصائد ألسنتهم كما ثبت (2) ذلك عنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ومثل ذلك الكذب بل هو أقبح من كل ذنب، وأشنع من كل معصية. وقد ذم الله مرتكبه. مما هو معروف، ونفى عن فاعله الإيمان فقال: {إنما يفترى الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله} (3) الآية. وورد في السنة المطهرة من ذم الكذب (4)، والتينفير عنه ما هو معروف ذلك لك.'
_________
(1) (منها) ما أخرجه البخاري رقم (6018) ومسلم رقم (47) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل في أو ليصمت ".
(ومنها) ما أخرجه البخاري رقم (11) ومسلم رقم (42) عن أبي موسى رضي الله عنه قلت يا رسول الله، أي المسلمين أفضل؟ قال: " من سلم المسلمون من لسانه ويده ".
(ومنها) ما أحرجه مسلم رقم (2589) وأبو داود رقم (4874) والترمذي رقم (1635) عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " أتدرون ما الغيبة؟ " قال: الله ورسوله أعلم. قال: " ذكرك أخاك بما يكره. قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: " إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن يكن فيه ما تقول فقد بهته".
(ومنها) ما أخرجه البخاري رقم (4406) ومسلم رقم (1679) عن أبي بكرة أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال في خطبته يوم النحر. ممن في حجة الوداع: إن دماءكم، وأموالكم، وأعراف! كم، حرام عليكم كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا في بلدكم هذا ألا هل بلغت؟ "
(2) أخرجه الترمذي رقم (9 261) وأحمد (15 231) وابن ماجه رقم (3973) من حديث معاذ بن جبل وهو حديث صحيح بطرقه.
(3) النحل:105
(4) الحديث الذي أخرجه البخاري رقم (6094) ومسلم رقم (2607) وقد تقدم نصه.
(ومنها) ما أخرجه البخاري رقم (34) ومسلم رقم (58) عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: أربع من كن فيه كان منافقا خالص، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النطق حتى يدعها: إذا ائتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر وإذا(3/1354)
وورد في ذمه من كلام الحكماء، ومواعظ الفصحاء ما يتعظ به كل ذي عقل، ويزجر به كل من له فهم لما ينشأ عن هذه الخصلة السيئة القبيحة من مفاسد الدين والدنيا. والحاصل أن قبحه مما اتفقت عليه الشرائع، وتطابقت على ذمة كتب الله المنزلة على أنبيائه، واتحدت كلمة رسل الله- سبحانه- على قبحه وقبح فاعله. واعلم أن لكل مقام مقالا، فينبغي للإنسان عند ملاقاة من له اشتغال بعمل من الأعمال أن يأخذ في توصيته، مما ينتفع به فيما هو بصدده لمن كان مشتغلا مثلا بالعلم، أن يوصيه بحسن النية أولا، ثم بالاشتغال. مما يعود نفعه عليه من الكتاب والسنة، وما يتوصل به إليهما، ويعن على فهمهما، وكيفية العمل هما ثانيا، ثم الإنصاف وعدم التعصب لمذهب من المذاهب ثالثا، ثم الإرشاد إلى الرد إلى كتاب الله- سبحانه- وسنة رسوله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- عند الاختلاف رابعا. ثم هكذا يأخذ مع أهل كل صناعة بتوصيتهم. مما ينتفعون به في صناعتهم، ويحفظون به دينهم في مباشراتهم. فلا نطيل الكلام في تعداد أهل الحرف، وأنواع أهل الأعمال، [11ب] فإنه لا يخفى على الذكي الممارس للباس العارف بقواعد الشرع ما يتعلق به النفع أو الضر لكل طائفة من هذه الطوائف، فيأخذ مع كل طائفة فيما يهمها ويخشى منه ضررها، ويرجو فيه نفعها.
وبالجملة فهذه الآية كما تدل على ما ذكرنا فقد دل على ذلك الآيات والأحاديث الواردة في الأمر بالمعروف (1) والنهي عن المنكر، ودل على ذلك أيضًا قوله تعالى:
_________
(1) قال تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ ِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} آل عمران:104
وقال تعالى {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} آل عمران:110
وقال سبحانه وتعالى {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} المائدة:78 - 79
أخرج مسلم في صحيحة رقم (49) وأبو داود رقم (1140) و (4340) والترمذي رقم (2173) والنسائي (8/ 111) وابن ماجه رقم (4013) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: عن رسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن يستطع فبلسانه، فإن أ يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان وهو حديث صحيح.
أخرج البخاري في صحيحة رقم (2493) عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما عن النبي قال: " مثل القائم في حدود الله، والواقع فيها، كمثل قوم. استهموا على سفينة فصار بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، وكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا: لو أ، لا
خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا، فإن تركوهم وما أرادوا، هلكوا جميعا، وإن أخذوا على أيديهم نجو ونجوا جميعا " وهو حديث صحيح.(3/1355)
{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (1) وما ورد في هذا المعنى من الآيات والأحاديث، وهو الكثير الطيب. وقد ثبت في الصحيح (2) عنه- صدى الله عديه وآله وسلم- أنه قال: " لا يؤمن أحدكم حتى يدبره لأخيه ما يحب لنفسه " فمن فهم هذا الحديث حق الفهم، وتدبره كلية التدبر عرف ما يجب على أهل الأخوة الدينية لبعضهم بعضا، فمعلوم لكل عاقل أن الإنسان يحب لنفسه أن يكون في أعلى منازل الدين، وأرفع منازل الدنيا التي لم تشب. مما يكدرها من الإثم وسوء التبعة، وخطر العاقبة، فإن وجد نفسه أنه يحب لكل فرد من أفراد من جمعته وإياه الأخوة الدينية أن يكون هكذا، فليفرج روعه، ولتقر عينه، ويطمئن قلبه، وينثلج صدره، وإن لم يجد من نفسه محبة ذلك لأخيه فليعلم أنه مفرط في الأخوة الدينية، مفرط في إيمانه الذي لا يتم إلا بذلك، بل لا يثبت من الأصل إلا به، كما تدل عليه تلك العبارة التي تكلم ها الصادق المصدوق- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-.
فإن قلت: ما تقول في تفسير .... .... .....
_________
(1) المائدة:2
(2) عند مسلم قي صحيحة رقم (72/ 45) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه. وهو حديث صحيح.(3/1356)
قتاده (1) لهذه الآية بأن المراد بالحق القرآن؟ قلت: أقول إنه قد اقتصر على رأس الحق وأساسه وأكمله وأجله وأجمله، ولكن من الحق أيضًا سنة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم، ومن الحق ما كان عليه السلف الصالح من الصحابة والتابعين من الهدى القويم، والخلق المبارك فيما يتعلق بأمر معاشهم ومعادهم، وتعاملهم، وإن كان غالب ذلك من في الكتاب والسنة، فإنهم متخلقون هما، متقيدون. مما فيهما. ولهذا قالت (2) عائشة رضي الله عنها في وصفها لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أنه كان خلقه القران، مع قوله- عز وجل-: {وإنك لعلى خلق عظيم} (3).
فإن قلت: فما تقول فيما ذهب إليه بعض المفسرين أن المراد بالحق المذكور في هذه الآية هو التوحيد (4)؟ قلت: أقول إن التوحيد هو الباب الذي [12أ] لا يدخل إلى نور الإسلام والإيمان إلا منه، ولا يخرج من ظلمات الكفر والضلال إلا به، وهو الفرقان بين أهل الإيمان، وأهل الكفران، وهو المقدم من أركان الإسلام، ولكنه لا يتم الإسلام به وحده. ولهذا يقول صلى الله عليه واله وسلم في الأحاديث الصحيحة (5) الثابتة من طرق كثيرة في جواب من سأله عن الإسلام: هو أن تشهد أن لا إله إلا الله، وتقيم الصلاة، وتؤتى الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت، فإذا كان الإسلام لا يتم به على انفراده، فكيف يتم به الإيمان وعمل الصالحات.
فإن قلت: هاهنا شيء يقوي تفسير هذا القائل، وهو أن قال أن الإيمان لما كان
_________
(1) أخرجه ابن جرير يما "جامع البيان" (15/ ج.3/ 290).
(2) أخرجه مسلم رقم (746) وأحمد (6/ 54، 11، 163) وأبو داود رقم (1342) والنسائي (3/ 199 - 200) والدارمي (1/ 344 - 345) وهو جزء من حديث طويل. وهو حديث صحيح.
(3) [ن:14]
(4) ذكره القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (20/ 181) عن ابن عباس.
(5) تقدم تخرج هذه الأحاديث(3/1357)
مذكورا في هذه السورة قبل التواصي بالحق، وكذلك لما كان عمل الصالحات مذكورا قبله كان حمله على التوحيد سائغا مقبولا؟ قلت: إذا كان عمل الصالحات مما تدخل فيه أركان الإسلام دخولا أوليا فقد دخل التوحيد فيها من هذه الحيثية، بل دخوله فيما مقدم على دخول سائر أركان الإسلام، لأنه بأنها الذي يدخل منه إليها، ومفتاحها الذي لا يتيسر لأحد الوصول إليها بدونه، فالتفسير للحق به لم يأت بفائدة لم يتقدم في هذه السورة ما يفيدها.
فإن قلت: هذا الإلزام مشترك بينك وبين هذا القائل، فإن عمل الصالحات قد اشتمل على التواصي بالحق على الصورة التي فسرت الآية ها، لأنه من عمل الصالحات. قلت: نعم هو من جملة عمل الصالحات، وكذلك التواصي بالصبر، ولكنهما لما كان يكثر الانتفاع هما، ويتعاظم الأثر الحاصل عنهما كان ذلك وجها لافرادهما بالذكر، وذلك نكتة مسوغة لمثل هذا كما صرح به أرباب المعاني والبيان.
فإن قلت: لهذا القائل أن يسلك هذا المسلك الذي سلكته، ويقول أن التواصي بالتوحيد لما كان بالمنزلة التي هو ها حسبما قدمت ذكره صالح لإخراجه من عموم الصالحات؟ قلت: هو وإن تم له هذا فقد ارتكب خلاف ما يدل عليه اللفظ، فإن قصر الحق على التوحيد لم يدل عليه هذا اللفظ القرآني بوجه من الوجوه المعتبرة، فالأولى ما قدمنا ذكره من دخول التوحيد تحت الأعمال الصالحة دخولا أوليا، وحمل التواصي بالحق على ما ذكرنا، فإن ذلك هو الذي يفيده المعنى الذي يجب علينا تفسير كتاب الله- سبحانه- به. فإن قلت: هاهنا إشكال آخر، وهو أنه إن حمل التواصي بالحق على العموم لم يكن في قدرة أحد من العباد ذلك، وإن حمل على الإطلاق الصادق على البعض فما هو؟ قلت: هو محمول على البعض الذي يحق التواصي به كما قدمنا بيانه فلا إشكال.(3/1358)
قوله: {وتواصوا بالصبر} الصبر ضد الجزع، والمراد به هنا الصبر على المكاره (1) البقرة:
155 - 157 (2) التي تعرض للعبد في بدنه أو أهله أو ماله، فإن من صبر على ذلك لكونه من قدر الله، وما قضى به عليه كأن ذلك صبرا محمودا، ومنه الصبر عن معاصي الله- عز وجل-، والصبر على ما يقوم به من فرائضه من المداومة عليها وإيقاعها على الوجه المأمور به، ولاسيما ما كان يحتاج العالم به إلى مشقة كالجهاد، والحج، وبعض أنواع الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر. فإن قلت: ما وجه تخصيص التواصي بالصبر بالذكر مع دخوله تحت التواصي بالحق بعد دخوله تحت عمل الصالحات؟ قلت: وجه ذلك أنه لما كان الصبر. منزلة عظيمة، ورتبه فخيمة كما يفيد ذلك قوله- سبحانه- {إن الله مع الصابرين} (3)، {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب} (4) كان إفراده بالذكر بعد قوله تحت ما قبله دليلا على ارتفاع درجته، ومزيد شرفه، كما هو النكتة لذكر الخاص بعد اندراجه تحص عموم متقدم عليه، أو متأخر عنه.
_________
(1) قال تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}
(2) وقال تعالى: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} [الأنبياء:35.].
وقال تعالى: {رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} [مريم: 65]
وقال تعالى: {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} لقمان: [17].
قال تعالى: {وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ} الرعد: [22].
(3) الأنفال:46
(4) الزمر:10(3/1359)
فإن قلت: قد ثبت في الكتاب العزيز قوله- عز وجل- {وهو معكم أين ما كنتم} (1) وهذا يفيد أنه جميع عباده؟ لمحلت: هذه معية عامة، والتي مع الصابرين معية خاصة دالة على أناقة هذه الخصلة على كل الخصال. وأي فضيلة تداني فضيلة من كان الله معه! وأي مزية توازي مزية من هو من أهل هذه الطبقة الشريفة، والمنزلة السامية ومثل هذه المعية الخاصة قوله عز وجل: {إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون} (2) فمن جمع بين التقوى والإحسان استحق هذه المعيه الفاضلة، والمنقبة العالية [13أ]. وقد ورد في شرف (3) الصبر ومزيد فضله من الآيات القرآنية،
_________
(1) الحديد:4
(2) النحل:128
(3) قال تعالى: {اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} البقرة:
[153]. وقال تعالى: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} الشورى:
[43]. وقال تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ} محمد:
[31]. أخرج البخاري في صحيحة رقم (6424) عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " يقول الله
تعال: ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه، إلا الجنة.
وأخرج مسلم في صحيحة رقم (2999) عن أبي يحيى صهيب بن سنان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " عجبا لأمر المؤمن إن أمره كفه له يخر وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان يضرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان ضرا له.
واخرج مسلم في صحيحة رقم (223) عن أبي مالك الحارث بن عاصم الأشعري قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الطهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن- أو تملأ- ما بين السماوات والأرض. والصلاة نور، والصدقة برهان، والصبر ضياء، والقرآن حجة لك أو عليك، كل الناس يغدو، فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها ".
وأخرج البخاري في صحيحة رقم (5653) عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:" إن الله عز وبئ قال: إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبر، عوضته منهما الجنة ".
وأحرج البخاري في صحيحة رقم (5641) عن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله ها من خطايا، ".
وانظر: الصبر في القرآن. للقرضاوي(3/1360)
والأحاديث النبوية ما لو جمع لكان مؤلفا مستقلا.
فإن قلت: من يحق التواصي بالصبر (1)؟ قلت: يحق إذا رأى الإنسان من أخيه جزعا من أمر قد أصابه، أو من حاجة قد نزلت به، أو من قريب قد فارقه أو في فراقه، أو من عدو قد جاهره بالعداوة، أو نحو ذلك، فيذكر له أن هذا الجزع لا يفيد شيئا، ولا يدفع مكروها، ولا لرد فائتا، وليس له فائدة إلا مجرد فوت نواب المصيبة مع ضم مصيب الجزع إلى مصيبة ما وقع الجزع لأجله، ويبين له أن تعذيب الإنسان نفسه بالهم والغم فيما لا يمكن دفعه، ولا يقدر العبد على استدراكه شعبة من الجنون، وما أحسن قول الشاعر:
أرى الصبر محمودا وعنه مذاهب ... كيف إذا ما لم يكن عنه مذهب
هناك يحق الصبر والصبر واجب ... وما كان منه للضرواة أو جب
وقد اتفق العقلاء جميعا مسلمهم وكافرهم على أن الجزع لأجل أمر قد فات وتعذر استدراكه قبيح عند جميع العقلاء، لأنه تعذيب للنفس فيما لا يمكن رجوعه، ولا يرجى إدراكه فهو مفسدة خالصة خالية عن النفع بوجه من الوجوه، فلا فرق بينه وبن من يضرب نفسه بشيء يؤلمه، لا لسبب يقتضى ذلك، ولا لعلة توجبه، بل عبثا ولعبا، بل
_________
(1) قال ابن قيم الجوزية في " مدارج السالكين " (2/ 178): والصبر في اللغة الحبس والكف. ومنه قتل فلان صبرا، إذا امسك وحبس.
ومنه قوله تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} الكهف: [28] أي احبس نفسك معهم.
فالصبر: حبس النفس عن الجزع والتسخط، وحبس اللسان عن الشكوى، وحبس الجوارح عن التشويش(3/1361)
ضرر الجزع أشد، فإن أهل الطب اتفقوا على أنه يضر بالأبدان ضررا شديدا، وتتولد بسببه العلل الصعبة الشديدة التي يصعب الخلوص عنها بالأدوية. وما أحسن قول القائل:
ولا يرد عليك الفائت الحزن
فإن قلت: قد دل ذلك النظم القرآني على أنه لا نحرج من الخسر اللازم لكل إنسان إلا. مما ذكر بعد حرف الاستثناء من الإيمان، وما عطف عليه من عمل الصالحات ومن التواصي بالحق والتواصي بالصبر (1)، مع أن مثل التواصي بالصبر على الصفة إلى ذكرناها لي بواجب، وغاشه أنه من احمد المندوبات، ومن أفضل ما يؤجر عليه الإنسان من الصالحات، ولكنه لا يوجب تركه البقاء ني الخسر، ولو أوجب ذلك لكان واجبا لا مندوبا، ولم يقل أحد من أهل العلم [13ب] بأنه واجب على ثلث الصفة، بل من الموعظة الحسنة والدعاء إلى في الخالص؟ قلت: لا شك أن بعض التواصي بالصبر واجب، وذلك حيث يكون الصبر واجبا متحتما على صاحبه، والجزع حرام عليه، وذلك كالصبر عن معاصي الله- سبحانه-، والصبر على طاعاته الواجبة، فإنه يجب على كل مسلم (2) الصبر على ذلك، وعدم الوقوع فيما يؤدي إليه ترك الصبر من الإقدام
_________
(1) قال ابن القيم في مدارج السالكين (2/ 188 - 190): الصبر ثلاث درجات:
الدرجة الأولى: الصبر على المعصية،. مطالعة الوعيد، وإبقاء على الإيمان وحذرا من الحرام، وأحسن منها: " الصبر على المعصية حياء "
الدرجلي النية: الصبر على الطاعة، بالمحافظة عليها درما، وبرعايتها إخلاصا وبتحسينها علما.
الدرجة الثالثة: الصبر على البلاء،. ملاحظة حسن الجزاء، وانتظار روح الفرج وقوين البلية بعد أيادي المنن، وبذكر سوالف النعم.
(2) من الأمور التي تعين على الصبر، وتهونه على النفس:- أ/ المعرفة طبيعة الحياة الدنيا: بأنها دار ابتلاء وتكليف، لا دار جنة ونعيم، وهذه الحياة الدنيا خلقها الله تعالى مخلوطة فيها اللذائذ بالآلام، وقيل لعلى بن أبى طالب رضي الله عنه: صف لنا الدنيا؟ فقال: ماذا أصف لك من دار أولها بكاء وأوسطها عناء، وآخرها فناء؟!
ب/ معرفة الإنسان نفسه، بأنه ملك لله تعالى أولا وآخرا، ولذلك فإن مصير العبد ومرجعه إلى الله مولاه الحق، ولابد أن يخلف الدنيا وراء ظهره وقديما قال لبيد الشاعر:
وما المال والأهلون إلا ودائع ... ولابد يوما أن ترد الودائع
ج/ اليقين بحسن الجزاء عند الله: كما قال تعالى في "سورة النحل:96: أ {مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}
د/ اليقين بالفرج: وذلك بأن يوقن بأن نصر الله قريب وأن فرجه آت لا ريب فيه، وأن بعد الضيق سعة، وأن بعد العسر يسرا قال تعالى: في "سورة الشرح:5 - 6: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا}
5/ الاستعانة بالله: ومما يعين المبتلى على الصبر أن يستعين بالله تعالى ويلجأ إلى حماه، فيشعر. بمعيته سبحانه، وأنه في حمايته ورعايته، ومن كان في حمى ربه فلن يصام قال تعالى في "سورة الطور الآية: 48" مخاطبا رسوله: {واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا}.
و/ الإقتداء بأهل الصبر والعزائم: قال تعالى في "سورة الأحقاف الآية: 35": فاصبر كما {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ} وقال تعالى في "سورة الأنعام الآية: 90" {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ}
ز/ الإيمان بقدر الله وسننه: وذلك بأن يؤمن بأن قدر الله نافذ لا محالة، وأن ما أصابه لم يكن ليخطه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه. جفت الأقلام، وطويت الصحف قال تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ لِكَيْ لَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ}
ح/ الحذر من الآفات العائقة عن الصبر: ولا بد للإنسان عامة، وللمؤمنين خاصة، وحملة الدعوات على وجه أخص، إدا أرادوا أن يعتصموا بالصبر أن يحذروا من الآفات النفسية التي تعوقه وتعترض طريقه، من هذه الآفات التي أشار إليها القرآن:-
(1): الاستعجال: قال تعالى: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ} [الأحقاف: 35]
(2): الغضب: قال تعالى في "سورة القلم الآية: 48: {فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم}(3/1362)
على معاصي الله، والوقوع في المحرمات، وما يؤدي إليه ترك الصبر على فرائض الله من الوقوع في الإخلال ها، والإهمال لما تحتم عليه القيام به منها، فإنه إذا كان الأمر هكذا وجب على من علم ذلك الأمر له بالصبر من باب وجوب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وهما واجبان عند وجود سببهما المفضي إلى ترك ما يجب، وفعل ما يحرم. ولا إشكال في مثل هذا. وهكذا التواصي بالحق يحمل على النوع الذي يجب منه. وذلك إذا كان قد وقع الإخلال. مما يجب التمسك به من الحق الذي يحق على كل مسلم القيام به، فإنه حينئذ يكون التواصي بلزومه والتمسك به واجبا على كل مسلم، لأنه من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهما واجبان عند عروض سببهما المفضي إلى ترك ما يجب، وفعل ما يحرم كما قدمنا. وهكذا عمل الصالحات، فإنه يحمل على ما يجب فعله منها، أو يستلزم تركها الوقوع في محرم من المحرمات. هكذا يجاب عن ذلك الإشكال، وإن كان التواصي بالحق والتواصي بالصبر مشروعين لكل مسلم في كل حال، وعلى كل وجه، وفاء بحق العموم الذي أرشد إليه الكتاب العزيز، وجاءت به السنة المطهرة. فالحاصل أنه يخرج العبد عن الخسر بالقيام. مما يجب عليه من عمل الصالحات، والتواصي بالحق، والتواصي بالصبر. ويحسن منه ويندب له أن يقوم بإرشاد أخيه إلى الحق والصبر(3/1364)
في كل موطن من المواطن التي يكون الإرشاد إليها حسن جميل، فإن ذلك من باب النصيحة التي يقول فيها الصادق المصدوق- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: " الدين النصيحة" (1). وأنت خبير. مما يفيده هذا التركيب المصطفوي من الحصر الدال على المبالغة في شأنها [14أ]، وأنها هي الفرد الكامل من أفراد الدين، بل قد جعلها الشارع من حق المسلم على المسلم، كما ثبت في الصحيحين (2) وغيرهما: " أن حق المسلم على المسلم إذا لقيه أن يسلم عليه، وإذا عطس أن يشمته، وإذا دعاه أن يجيبه، وإذا مرض أن يعوده، وإذا مات أن يتبعه، وإذا استنصحه أن ينصحه ". فالتواصي بالحق والتواصي بالصبر شعبة من شعب النصيحة، ونوع من أنواعها، وكما يكون فيهما ما هو واجب كذلك يكون في أفراد النصيحة ما هو واجب، فإن قال من يتقيد بعلم الأصول، ويمشى على طرائقه- أن هذا من باب الجمع بين الحقيقة والمجاز، وهو لا يجوز. قلنا له: نحن نمنع أن يكون هذا من الجمع، بل هو من العمل. مما يفيده اللفظ، وتقتضيه الصيغة. والاقتصار على البعض لدليل اقتضى ذلك، ولو سلمنا فنحن نمنع معه أيضًا عدم الجواز فيما نحن بصدده، فإنه يمكن أن يراد معنى يشملها ويعبر به عنهما، فيكون ما ذكرناه من عموم المجاز لا من الجمع بين الحقيقة والمجاز، على أنه يمكن أن يقال: إن ذلك من الجمع بين معنيين المشترك، وهو سائغ مقبول على ما هو المذهب الحق من تلك المذاهب المدونة في الجمع بين معنيي المشترك. وهكذا يقال في قوله: {وعملوا الصالحات}، وهكذا يقال في النصيحة.
فإن قلت: هذا التواصي بالحق، والتواصي بالصبر إذا كان مع من يقبل ذلك،
_________
(1) تقدم تخريجه
(2) أخرجه البخاري رقم (1240) ومسلم رقم (2162) عن أبى هريرة رضي الله عنه أن رسول الله كل قال: " حق المسلم على المسلم خمس، رد السلام وعيادة المريض وإتباع الجنائز، وإجابة الدعوة، وتشميت العاطس "(3/1365)
وينعمل له فهو شأن المؤمنين مع بعضهم البعض، وديدنهم وهجيراهم، وربما كان بعضهم لا يقبل ذلك، ولا ينعمل له، ولا ينقاد لمن وصاه بالحق، ووصاه بالصبر؟ قلت: الكلام هنا مع أهل الإيمان، ولهذا عطف على الذين امنوا وعملوا الصالحات بالحرف المقتضي للجمع بين المعطوف والمعطوف عليه، وشأن أهل الإيمان قبول ذلك، والإنعمال له، والانقياد لقائله، وشكره على ذلك، والدعاء له، وأما ما ذكرت فهو من أخلاق الجبابرة، وجفاه المنتسبين إلى الإسلام فلسنا بصدد الكلام معهم، لكن إذا كان التواصي بالحق والتواصي بالصبر (1) واجبا على الصفة التي قدمنا فقد عرفناك أنها من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، [41أ] وهو واجب على كل مسلم لكل من ارتكب محرما، أو ترك واجبا فعلية أن يقوم بعرضه، ويصك به وجه من استحقه، ورغم به أنفه، فإن قدر على أن يحمله على ذلك شاء أم أبى فهو الواجب على من وجد من نفسه قوة على ذلك، وإن عجز عن ذلك فلا أقل من أن ينكره بلسانه، وإن بلغ في الضعف إلى حد يعجز عن الإنكار باللسان، أو يخشى على نفسه مالا يستطيع دفعه عن نفسه ففي الإنكار بالقلب رخصة له، لما ثبت (2) عنه صلى الله عليه واله وسلم أنه قال: " من رأى
_________
(1) قال النووي في شرحه لصحيح مسلم (2312): ولا يسقط عن المكلف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لكونه لا يفيد في ظنه بل يحبط عليه فعله فإن الذكرى تنفع المؤمنين.
وقال العلماء: " ولا يختص الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأصحاب الولايات بل ذلك جائز لآحاد المسلمين.
وقال الشيخ الدكتور عبد الكريم زيدان في " أصول الدعوة " (ص 267) إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب الأمة جمعاء فكل مسلم علم بالمنكر وقدر على إنكاره وجب عليه دلك لا فرق في دلك بين حاكم ومحكوم أو عالم أو عامي قال تعالى: & كنتم خير أمه أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله "آل عمران:110".
والحطاب للأمة عامة وكذلك أكتر نصوص الخطاب فيها عام لجميع أفراد الأمة ولكن المسؤولية تتأكد على صنفين من الناس وهما العلماء والأمراء
(2) تقدم تخريجه.(3/1366)
منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه ". وقد كان السلف الصاع من الصحابة والتابعين وتابعيهم ينكرون ما علموه منكرا بأفعالهم وأقوالهم، ويكافحون بذلك الملوك والأمراء اللهم غفرا، اللهم غفرا، اللهم غفرا للمقصرين من عبادك في القيام هذه الخصلة التي هي أبين دين الإسلام، ورأس قواعده، وأعظم ما يحفظ به هذه الشريعة المطهره عن انتهاك العصاة، وتلاعب المتمردين.
وهاهنا مفسدة عظيمة ترك ها كثير من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وصارت ذريعة شيطانية للمداهنن في دين الله، وهي ما وقع في بعض كتب الفروع من جعل ظن التأثير شرطا للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا شرط لم يدل عليه كتاب الله، ولا سنة رسوله، فهو تسمك بالهباء، وتعلل. مما هو على شفا جرف هار. ومع هذا فإنهم يجعلون ذلك تعفة لهم وعذرا، وهم يعلمون أن التكلم بالحق، مما أمر الله به، وأرشد عباده إليه لا يستطيع أحد رده كائنا من كان، وإن بلغ في التمرد عن الحق، والتجبر في الدين إلى يقصر عنه الوصف، فإنه إذا عذلك فغايته أن يذكر لنفسه المعاذير والعلل المعتلة. وقد وقع في قلبه ما وقع، واستحى من الناس أن يتظهر بذلك أو يتجاهر به، وهذا أقل ما يحصل معه، فما ذكره من يحق عليه القيام بذلك أنه ظن عدم التأثير فهو كاذب على نفسه، كاذب على ربه، كاذب على عباد الله الصالحين. فمالك لا كثر الله في عباده من أمثالك، وللاستدلال لما أنت فيه من الدهان، والسكوت على المتجرين على معاصي الله، المنتهكين لحرماته، المتعدين لحدوده هذا الدليل الباطل من وجهه الأول [15أ] أنه غلط من قائله، باطل من أصله.
الثاني أن ما تزعمه من الظن الحاصل لك هو من بناء الباطل على الباطل، وترتيب المختل على المختل، فإن كنت لا تعلم بالوجه الأول فاعلمه الآن، فإن تقصيرك في علم الشرع أوقعك في تقليد من قال بالباطل. وأما الثاني فأسا تعلمه من نفسك، فإن شككت في ذلك فافعل ما أمرك الله به من الأمر بالمعروف عند عروض ذلك الظن الشيطاني لك، حتى تعلم فساده، وتتيقن بطلانه، ويصفر صبح هدايتك، ويطلع بدر(3/1367)
رشادك. ولكن عليك قبل ذلك. ممرهم نافع، وترياق شاف، وهو أن تحسن النية، وتوطن نفسك على أنك لم تفعل ذلك إلا للوفاء. مما أوجبه الله عليك، وأخذه على أمثالك، واغسل عن قلبك محبة أن يقال قال فلان بالحق، تكلم بالصواب، أنكر المنكر قام. مما أمره الله به، فإن هذه الوساوس الشيطانية، والخواطر الخذلانية تكون سببا لعدم تأثير ما جئت به من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فقد تظن عدم تأثير ما جئت به لا لهذا السبب فتقول بعد ذلك: لا أظن التأثير. وإذا عرفت العلة علمت أن للتكلم بالحق تأثيرا في كل العباد، وعلى كل معاند ومتمرد كائنا من كان، وسأقص عليك واقعة صحيحة اشتملت عليها كتب التاريخ المعتبرة، وهى أن بعض صلحاء العباد القائمين. مما أوجب الله عليهم من هذا التكليف رأى عشرة آنية مملوءة خمرا مع بعض خدم الملوك، يريد أن يوصل ذلك إلى الملك، وعد سافر به من أرض بعيدة، فأخذ عصاه، ثم ما زال يضرب تلك النية ها حتى كسر تسعة منها، ثم وقف على العاشر فأمسك العصا ولم يكسره فبمجرد ما فعل ذلك ذهبوا به إلى الملك، وقالوا: فعل وفعل، وقد ظنوا وظن من هو مشاهد لذلك أنه سيقتل، فأوصلوه إلى الملك فارتجف لعصاته، واضطرب حاله، وعراه من الهيبة ما لا يقدر قدره، وغاية ما وقع منه أنه قال له: فعلت هكذا؟ قال: لأن الله- سبحانه- حرم ذلك، وأوجب على عباده إنكاره وتغييره، فقال له، فلأي سبب تركت واحدا منها؟ قال لما كسرت اقصر. في نفسي شيئا من المجاب فتركت ذلك لئلا أكسره وقد انضم إلى تلك النية هذا الخاطر القبيح، فلم يقل له شيئا، وخرج سالما، وقام. مما أمره الله- سبحانه- به. وكم وقع من التأييد الرباني، والنصر الإلهي لكثير من القائمين هذا الواجب العظيم، وقد اشتملت عليه كتب التاريخ. فمن كان له نظر فيها فهو بذلك غير محتاج إلى التنبيه عليه. وفي هذا المقدار كفاية لمن له هداية. وحسبنا الله ونعم الوكيل.
فرغ منه مؤلفه محمد بن على الشوكاني غفر لله لهما في فار السبت لعله سادس عشر شهر شوال سنة 1237 هـ.(3/1368)
القسم الثالث
الحديث وعلومه(3/1369)
إتحاف الأكابر بإسناد الدفاتر
تأليف العلامة محمد بن علي الشوكاني
حققه وعلق عليه وخرج أحاديثه
محمد صبحي بن حسن حلاق
أبو مصعب(3/1371)
وصف المخطوط (أ):
عنوان المخطوط: إتحاف الأكابر بإسناد الدفاتر.
موضوع الرسالة: في علم الإسناد.
أول المخطوط: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الذي حمى حمى هذه الشريعة الغراء بأئمة أمجاد قيدوا شواردها وجمعوا أوابدها بسلاسل الإسناد، فتصت الهداية باتصال الرواية، وكملت العناية ببلوغ الغاية من الدراية، وصارت الأسانيد المتصلة لمعهد العلوم كالأسوار، ولمعاصم المعارف كالسوار ....
آخر المخطوط: وإلى هنا انتهى ما قصدت جمعه من الأسانيد على هذا الترتيب العجيب، والتقريب الغريب وكان الفراغ من تحريره في وسط ليلة الخميس لعله خامس عشر شهر جمادي الأخرة سنة (1214) بقلم مؤلفه محمد بن على ابن محمد الشوكاني غفر الله لهم.
نوع الخط: خط نسخ معتاد.
عدد الصفحات: 75 صفحة.
عدد الأسطر في الصفحة: 26 - 28 سطرا.
عدد الكلمات في السطر: 11 - 13 كلمة.
الناسخ: بخط المؤلف محمد بن علي الشوكاني.
الرسالة ضمن المجلد الثالث من " الفتح الرباني من فتاوى الشوكاني ".(3/1372)
وصف المخطوط (ب):
عنوان الرسالة: إتحاف الأكابر بإسناد الدفاتر.
موضوع الرسالة: في علم الإسناد.
أول الرسالة: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله الذي حمى حمى هذه الشريعة بأئمة أمجاد قيدوا شواردها وجمعوا أوابدها بسلاسل الإسناد فتمت الهداية باتصال الرواية ...
آخر الرسالة: "وإلى هنا انتهى ما قصدت جمعه من الأسانيد على هذا الترتيب العجيب، والتقريب الغريب ".
نوع الخط: خط نسخط جيد.
عدد الصفحات: 41 صفحة + صفحة العنوان.
عدد الأسطر في الصفحة: 33 - 34 سطرا.
عدد الكلمات في السطر:15 - 17 كلمة.
الناسخ: أحمد بن رزق السياني.
تاريخ النسخ: 1289 هـ.(3/1377)
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله الذي حمى حمى هذه الشريعة الغراء بأئمة أمجاد قيدوا شواردها وجمعوا أوابدها بسلاسل الإسناد، فتمت الهداية باتصال الرواية، وكملت العناية ببلوغ الغاية من الدراية، وصارت الأسانيد المتصلة لمعاهد العلوم كالأسوار، ولمعاصم المعارف كالسوار، ترويها الأكابر عن الأكابر ويحفظوها في صدورهم لا في سطور الدفاتر والصلاة والسلام على خير الأنام واله الكرام وبعد.
فإن الله سبحانه لي من على بلقاء مشايخ أعلام أحدث عنهم بالسماع والإجازة بعض مصنفات أهل الإسلام ووجدت رواياتهم قد اتصلت بالمصنف وتسلسلت بعلماء الدين المحققين، رغبت إلى جمع ما أرويه عنهم من المصنفات في هذه الورقات ورتبت المرويات على ترتيب حروف المعجم تقريبا وتسهيلا وضبطا للانتشار وتقليلا لينتفع بذلك من رام الانتفاع به لا سيما تلامذتي الذين أخذوا عني بعضا من هذه المصنفات وقد جمعت في هذا المختصر كل ما ثبتت لي روايته بإسناد متصل. مصنفه سواء كان من كتب الأئمة من أهل البيت وكل أو من كتب غيرهم من سائر الطوائف الإسلامية هم الله في جميع فنون العلم وقد اقتصرت في الغالب على ذكر إسناد واحد وأحلت في أسانيد البعض على البعض طلبا للاختصار ولو استقصاء ما نبت لي من الطرق لطال الكلام وسأذكر في أسانيد الصحيحين من حرف الصاد إن شاء الله غالب ما تحت لي من الطرق فيهما عن مشايخي ليعلم الواقف على هذا المختصر صحة ما ذكرته من تعدد الطرق في كل كتاب لولا مراعاة الاختصار وسأذكر في حرف الميم إن شماء الله إسناد مؤلفات جماعة من العلماء على العموم ليكون ذلك أكثر نفعا وأعم فائدة وعيت هذا المختصر " إتحاف الأكابر بإسناد الدفاتر".
والله ينفع بذلك ويجعله من القرب المقبولة.(3/1381)
حرف الهمزة
1 - (الإبانة للشيخ أبي جعفر الهوسي (1): على مذهب الإمام الناصر: أرويها عن شيخي (2) السيد الإمام عبد القادر بن أحمد
_________
(1) محمد بن يعقوب الهوسي أبو جعفر عالم مجتهد، فقيه من علماء الزيدية في الجبل والديلم من تلاميذ الإمام أبي طالب يحيى بن الحسن الهاروني توفي سنة 455 هـ.
من مصنفاته:
- الإبانة: جمعه أبو جعفر محمد بن يعقوب الهوسي من فقه الناصر الأطروش وهو في أربع مجلدات.
- الإفادة. في فقه الأئمة السادة.
- الكافي قي شرح الوافي.
أعلام المؤلفين الزيدية ص 1023، مؤلفات الزيدية (1/ 31)
(2) وهذا من أشهر شيوخه وأساتذته على الإطلاق، ولذلك فقد أكثر من ذكر طرقه في الإجازات المذكورة في هذا الكتاب.
وقد ترجم له في البدر الطالع ترجمة مطولة نذكر منها هذه المقتطفات:
قال الشوكاني: قي البدر الطالع (360"): " السيد عبد القادر بن أحمد بن عبد القادر بن ناصر أبى عبد الرب بن علي لن شمس الدين بن الإمام شرف الدين بن شمس الدين بن الإمام المهدي أحمد بن يحيى. وهو شيخنا الإمام المحدث الحافظ المسند المجتهد المطلق، ولد كما نقلته من خطه قي شهر القعدة سنة "35هـ ونشأ بكوكبان ".
وقال في (1/ 361): " قد طار صيته في جميع الأقطار اليمنية، وأقر له بالتفرد في جميع أنواع العلم كل أحد بعد موت شيخه السيد العلامة محمد بن إسماعيل الأمير. وإني أذكر وأنا في المكتب مع الصبيان، أني سألت والدي رحمه الله عن أعلم من بالديار اليمنية إذا، فقال: فلان يعني صاحب الترجمة وقال في (1/ 363):
" والحاصل أنه من عجائب الزمن، ومحاسن اليمن، يرجع إليه أهل كل فق في فنهم.
وقال في (1/ 365): " وبالجملة فلم تر عيني متله قي كمالاته، ولم آخذ عن أحد يساويه في مجموع علومه ولم يكن بالديار اليمنية في آخر مدته له نظير ".
وقال في (1/ 366): " وقد أجازني إجازة عامة كتبها إلى"(3/1382)
ابن عبد القادر بن الناصر بن عبد الرب بن على بن كس الدين بن الإمام شرف الدين. عن شيخه السيد العلامة أحمد بن عبد الرحمن الشامي عن السيد العلامة الحسن بن أحمد زيارة عن شيخه القاضي العلامة أحمد بن صاع ابن أبي الرجال.
(ح-) وأروي ذلك عن شيخنا السيد عبد القادر المذكور عن السيد العلامة يوسف ابن الحسين زيارة عن أبيه عن القاضي أحمد المذكور.
(ح) وأروي ذلك عن شيخنا السيد العلامة علي بن إبراهيم بن على بن إبراهيم بن أحمد بن عامر الشهيد عن شيخه العلامة حامد بن حسن شاكر عن السيد العلامة أحمد ابن يوسف بن الحسين بن الحسمن بن القاسم عن السيد العلامة إبراهيم بن القاسم ابن المؤيد عن شيخه السيد الحسين بن أحمد زبارة عن شيخه أحمد بن صالح بن أبي الرجال قال أخبرنا شيخنا القاضي صفى الدين أحمد بن سعد الدين المسوري أخبرنا الإمام المؤيد بالله محمد بن القاسم أخبرنا الإمام القاسم بن محمد أخبرنا السيد أمير الدين بن عبد الله أخبرنا السيد أحمد بن عبد الله أخبرنا الإمام شرف الدين ير بن يحيى الدين أخبرنا السيد صارم الدين إبراهيم بن محمد أخبرنا الإمام المطهر بن محمد بن سليمان أخبرنا الإمام المهدي أحمد بن ير أخبرنا الفقيه محمد بن يحي أخبرنا القاسم بن أحمد بن حميد أخبرنا أبي عن أبيه عن الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة عن شيخه محي الدين وعمران بن الحسن عن يوسف اللاهجاني عن أبي منصور بن علي بن أصفهان عن أبيه عن أبي علي ابن أموج عن الأستاذ يعقوب بن الشيخ أبي جعفر الهوجمي عن أبيه المؤلف رحمه الله.
2 - (الإتقان (1) للسيوطي):
_________
(1) هو كتاب " الإتقان في علوم القران " .. من أجع وأنفع وأشمل الكتب التي في تحديث عن علوم القرآن ... وهو كتاب مطبوع متداول، بل ومقرر في بعض الجامعات.(3/1383)
أرويه بالإسناد الآتي قريبا في الإحياء إلى البابلي عن أبي النجا سالم بن محمد عن محمد بن عبد الرحمن العلقمي عن المؤلف.
3 - (الاثمار (1) للإمام شرف الدين (2)
أرويه بالإسناد المتقدم إليه رحمه الله.
4 - (الأحكام للإمام الهادي ير بن الحسين (3)
_________
(1) " الأثمار في فقه الأئمة الأطهار " وهو مختصر لكتاب (الأزهار) وهو كتاب جده المشهور الإمام العلامة المهدي أحمد بن ير المرتضى وهو من أشهر كتب الفقه في المذهب الزيدي.
انظر: " الإمام الشوكايى رائد عصره " ص 264 - 272.
(2) هو الإمام المتوكل على الله، يحيى شرف الدين بن شمس الدين ابن الإمام المهدي أحمد بن يحيى المرتضى 8771 - 965 هـ بحصن حضور قرأ على جماعة من العلماء منهم عبد الله بن أحمد الشظبي في التذكرة، وعبد الله بن يحيى الناظري، وعبد الله بن مسعود الحوالي له (23) مؤلفا بين كتاب ورسالة.
توقي سنة 965 هـ ودفن بحصن الظفير.
انظر: البدر الطالع (1/ 278 - 280) مصادر الفكر الإسلامي في اليمن ص 65 للحبشي.
(3) يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم الرسي، (245 - 218هـ) ولد بجبال الرس من الحجاز، قرب المدينة المسورة ونشأ في بيئة علمية وقد حضر إلى اليمن سنة 280 هـ. لأول مرة، كانت له حروب مع القرامطة.
توفي سن 298 هـ ودفن بصعدة.
من مصنفاته والى بلغت (77) ما بين كبير وصغير.
- أحوبة مسائل الرازي، أجوبه مسائل الطبري، أجوبة مسائل الكوفي، كتاب الإرادة والمشيئة.
- الأحكام الجامع لقواعد دين الإسلام.
كتاب فقه معروف فيه شيء من الأدلة على الأحكام وعناوينه " باب القول ... " بدأ فيه بالأصول الإعتقادي مختصرا جدا وأتمه بأبواب في الآداب والأخلاق ألف منه بالمدينة المنورة إلى كتاب البيوع وخرج إلى اليمن وأملى بقيته على طلابه حال فراغه من الجهاد والحرب. رتبه أبو الحسن علي بن حسن ابن أحمد بن أبي حريصة إذ وجده أبوابا متفرقة.
طبع لبيروت سنة 1410 في جزأين انظر: الأعلام للزركلي (8/ 141).
مؤلفات الزيدية (1/ 80).
أعلام المؤلفين الزيدبة ص"03.
" مصادر الفكر " للحبشي ص 563.(3/1384)
أرويه بالإسناد المتقدم إلى الإمام شرف الدين عن السيد إبراهيم بن محمد عن أبي العطايا عن أبيه، عن الإمام المطهر بن محمد بن المطهر عن أبيه عن جده، عن الفقيه محمد ابن أحمد بن أبي الرجال عن الإمام أحمد بن الحسين، عن شيخه شعلة الأكوع عن محي الدين عن أبيه الإمام أحمد بن سليمان عن إسحاق بن أحمد بن عبد الباعث عن عبد الرزاق بن أحمد عن الشريف علي بن الحارث عن محمد بن الحسن الطهري عن محمد بن ألب الفتح عن الإمام المرتضى محمد بن الهادي عن أبيه المؤلف رحمه الله.
5 - (الإحياء للإمام الغزالي (1):
أرويه عن شيخنا السيد عبد القادر بن أحمد عن محمد حياة السندي عن الشيخ سالم ابن الشيخ عبد الله بن سالم البصري الشافعي المكي عن أبيه عن الشيخ محمد بن علاء
_________
(1) الإمام محمد بن محمد بن أحمد الطوسي أبو حامد الغزالي (ت:505هـ). "الإحياء" أثار ضجة كبيرة بين الناس، بين مادح له وقادح.
وقد حفله تحليلا علميا رائعا شيخ الإسلام في " مجموع الفتاوى" (10/ 55) حيث قال: " الإحياء "
فيه فوائد كثيرة. لكن فيه مواد مذمومة، فإنه فيه مواد فاسدة من كلام الفلاسفة، تتعلق بالتوحيد والنبوة ا والمعاد، فإذا ذكر معارف الصوفية كان. بمنزلة من أخذ عدوا للمسلمين، ألبسه ثياب المسلمين، وقد أنكر أئمة الدين على أب حامد هذا في كتابه وقالوا: مرضه (الشفاء)! يعني شفاء ابن سينا في الفلسفة وفيه أحاديث وآثار ضعيفة. بل موضوعة كثيرة، وفيه أشياء من أغالي الصوفية وترها، وفيه مع ذلك من كلام المشايخ الصوفية العارفين المستقيمين في أعمال القلوب الموافق للكتاب والسنة .... "
وقال الإمام الذي في السير (19/ 339): أما الإحياء ففيه من الأحاديث الباطلة جملة، وفيه خير كثير، لولا ما فيه من آداب ورسوم وزهد من طرائف الحكماء، ومنحرفي الصوفية.(3/1385)
الدين البابلي المصري ح- وأرويه عن شيخنا المذكور عن السيد سليمان بن يحيى بن عمر الأهدل عن أحمد بن محمد الأهدل عن أحمد بن محمد النخلي عن شيخه محمد بن علاء الدين البابلي ح- وأرويه بالإسناد المذكور إلى أحمد بن محمد الأهدل عن يحيى بن عمر الأهدل عن النخلي المذكور عن البابلي.
ح- وأرويه عن شيخنا المذكور عن عبد الخالق بن أبي بكر المزجاجى (1) عن ير بن عمر الأهدل عن النخلي عن البابلي. ح- وأرويه عن شيخنا السيد العلامة علي بن إبراهيم بن عامر عن أبي الحسن السندي عن محمد حياة السندي بإسناده المذكور إلى البابلي.
ح- وأرويه عن شيخنا العلامة يوسف بن محمد بن علاء الدين الزجاجي الزبيدي عن أبيه يحي بن عمر بإسناده المتقدم إلى البابلي.
ح- وأرويه عن شيخنا العلامة صديق بن علي المزجاجي عن السيد سليمان بن يحي بن عمر عن السيد أحمد بن محمد الأهدل بإسناده إلى البابلي. ح- وأرويه بالإسناد السابق في كتاب الإبانة إلى القاضي أحمد بن صالح بن أبي الرجال عن البابلي المذكور قال البابلي يرويه عن سليمان بن عبد الدائم عن النجم محمد بن أحمد الغيطي عن الأمين محمد بن أحمد بن عيسى النجار عن الشيخ جلال الدين بن الملقن عن أبي إسحاق إبراهيم ابن أحمد التنوخي عن سليمان بن حمزة عن عمر الدينوري عن عبد الخالق ابن أحمد بن عبد القادر بن يوسف عن المؤلف. وكذلك سائر مصنفاته رحمه الله.
_________
(1) هو الشيخ عبد الخالق بن الزين بن محمد بن الصديق بن عبد الباقي بن الصديق بن الزين بن إسماعيل المزجاجي الحنفي الزبيدي، أخذ عن جماعة من العلماء منهم السيد يحي بن عمر مقبول الأهدل، وأخذ عنه جماعة من أعيان أهل العلم منهم محمد بن إسماعيل الأمير، توفي سنة ("52 هـ) ودفن بصنعاء. انظر: " ملحق البدر الطالع " (ص "4 - "5). تأليف: محمد بن محمد بن يحي زبارة(3/1386)
6 - (الاختيارات (1) للإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة (2):
أرويها بالسند المتقدم في كتاب الإبانة المتصل بالمؤلف وكذلك أروي سائر مصنفاته.
7 - (آداب البحث):
أرويها بالإسناد المتقدم إلى البابلي عن أبي الإرشاد علي بن محمد الأجهوري عن عمر ابن الجائي عن أبي الفضل السيوطي قال أخبرني الشمس محمد بن أحمد المخزومي عن التقط يحيى بن أبي الشمس محمد بن يوسف الكرماني عن أبيه عن المؤلف (3) وكذلك سائر مصنفاته.
8 - (الأدب المفرد للبخاري):
أرويه بالإسناد السابق إلى البابلي عن الشيخ صالح بن الشهاب البلقيني عن الشمس الرملي عن الزين زكريا بن محمد عن أبي الفضل الكفاني قال: قراءته على الشرف أبي بكر ابن عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم بن جماعة سماعة عن جده البدر قال: أخبرنا به مكي ابن المسلم بن علان عن الحافظ أبي الطاهر السلفي قال: أخبرنا أبو غالب محمد بن
_________
(1) الاختيارات المنصورية في المسائل الفقهية. مخطوط ضمن مجموعة كتبت سنة 628 هـ في 6 ورقات. مكتبة الأمبروزيانا برقم (81).
(2) الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة الحسي، اليمني (561 - 614 هـ). إمام، مجتهد، مجاهد لمؤلفات من مصنفاته:
- الأجوبة الكافية بالأدلة الوافية.
- الإيجاز لأسرار الطراز.
انظر: الروض الأغن (2/ 59 رقم 462) الأعلام للزركلى (4/ 83) أعلام المؤلفين الزيدية.
(3) مؤلفه: الإمام عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الغفار الإيجي- بكسر الهمزة، ثم إسكان آخر الحروف ثم جيم مكسورة- المطرزي عضد الدين الشيرازي مولده من نواحي شراز سنة 756 هـ كان إمام المعقولات، عارفا بالأصلي والمعاني والبيان والنحو له في علم الكلام (المواقف) وفي أصول الفقه (شرح مختصر ابن الحاجب) وفي المعاني (القواعد الغياثية).
انظر: البدر الطالع (1/ 326) طبقات السبكي (1/ 460 رقم 1369).(3/1387)
الحسن الباقلاني قال: أخبرنا القاضي أبو العلاء محمد بن علي الواسطي قال أخبرنا أبو نصر أحمد بن محمد بن الحسن ابن النيازكى قال: حدثنا أبو الخير أحمد بن محمد العبقسي قال حدثنا مؤلفه الإمام أبو عبد الله البخاري رحمه الله.
9 - (الأذكار (1) للنووي (2) (3):
أرويه بالإسناد السابق إلى البابلي عن نور الدين علي بن يحيى الزيادي عن السيد يوسف بن عبد الله الأرميوني عن الجلال السيوطي عن صاع بن عمر البلقيني عن أبيه عن الحافظ المزي عن المؤلف رحمه الله وكذلك سائر تصانيفه ح- وأرويه عن شيخنا السيد عبد القادر بن إلى وشيخنا صديق بن على المزجاجي وشيخنا يوسف بن محمد بن علاء الدين المزجاجى قال الأوان عن السيد سليمان بن ير بن عمر الأهدل عن أحمد بن محمد الأهدل عن يحيى بن عمر الأهدل وقال الثالث عن أبيه محمد بن علاء الدين عن السيد يحيى بن عمر قال: أخبرني به يوسف بن محمد البطاح الأهدل قال: أخبرني به السيد الطاهر بن حسين الأهدل قال: أخبرني به عبد الرحمن بن على الديبع قال أخبرنا به الحافظ إسماعيل بن عمر بن كثير البصراوي أخبرنا الشيخ الحافظ يوسف المزي عن مؤلفه رحمه الله.
_________
(1) هو كتاب شهير متداول مطبوع بتحقيق: محط الدين مستو. وبتحقيق: عبد القادر الأرناؤوطي. وصدر أخير السليم الهلالي: " صحيح الأذكار " و"ضعيف الأذكار"
(2) هو صيهب بن شرف بن مري بن حسن بن حسين بن محمد بن جمعة بن حزام النووي، الدمشقي، الشافعة. (محيى الدين أبو زكريا) فقيه، محدث، حافظ، لغوي، مشارك في العلوم.
ولد في نوى سنة (631 هـ). وتوفي سنة (676 هـ).
من تصانيف: " روضة الطالبين" رياض الصالحين" شرح مسلم" المنهاج " وغيرها من المصنفات.
انظر: " تذكرة الحفاظ " (4/ 250 - 254) "البداية والنهاية " (13/ 278 - 279) " معجم المؤلفين" (4/ 98 - 99)
(3) في حاشية المخطوط (وسائر تصانيف النووي).(3/1388)
10 - (الأذكار لأحمد بن عزيو (1):
أرويها بالسند المتقدم ني كتاب الأحكام إلى الإمام أحمد بن الحسن عن مؤلفه أحمد بن عزيو الخولاني. "-
الأربعون التساعية لقاضي القضاة عبد العزيز بن محمد بن جماعة (2):
أرويها بالإسناد المتقدم إلى البابلي عن شمس الدين محمد بن الجابري عن الشهاب أحمد ابن قاسم العبادي عن السيد الجمال يوسف بن عبد الله الأرميوني عن إبراهيم بن القلقشندي عن عبد الله بن عمر بن عبد العزيز بن جماعة عن جده المؤلف.
12 - (الأربعون العشارية (3) للزين العراقي):
أرويها بالإسناد المتقدم إلى البابلي عن سالم بن محمد عن الشمس محمد بن عبد الرحمن العلقمي عن الحافظ أبي الفضل السيوطي قال: أخبرتنا ها هاجر بنت الشرف محمد
_________
(1) أحمد بن عزيو بن علي بن عمرو الخولاني، وفي (مطلع البدور): أحمد بن عز الدين، وفي سيرة المهدي أحمد بن الحسين: أحمد بن عزيو بن عواض. أحد علماء القرن السابع الهجري سكن مسلت،
كما سكن هجرة (حوث) وكان من أصحاب الإمام ابن الحسين توفي سنة 623 هـ وقيل سنة 650 هـ من مصنفاته:
الحاصر في أصول الفقه قال في الجواهر المضيئة له كتاب الحاصر في الأصول مجلد. والأذكار في الأدعية (طبقات الزيدية).
انظر: الروض ا لأغن (1/ 59 - 60 رقم 104).
هجر العلم ومعاقله في اليمن (4/ 2051).
أعلام المؤلفين الزيدية (ص 143)
(2) هو الإمام المفتي الفقيه أبو عمر عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم بن جماعة الكناني الحموي الأصل الدمشقي المولد المصري الشافعي (694 - 767 هـ).
طبقات الشافعية الكبرى (1/ 79) الشذرات (8/ 358).
الأربعون التساعية. وهو مخطوط في دار الكتب المصرية (1/ 85) الفهرس الشامل (1/ 101/رقم669)
(3) نشرته دار ابن حزم، أولى عام 1413هـ تحقيق: بدر بن عبد الله البدر(3/1389)
المقدسي قالت: أخبرنا المؤلف.
13 - (الأربعون في اصطناع (1) المعروف للحافظ المنذري):
أرويها بالسند المتقدم إلى البابلي عن الشيخ يوسف الزرقاني عن الشمس الرملي عن والده الشهاب أحمد بن محمد عن الدين زكريا قال قرأها على أبي النعيم رضوان بن محمد العقبي بقراءته على أبي الطاهر محمد بن محمد بن الكويك بإجازته من زينب بنت الكمال المقدسية عن المؤلف.
14 - (الأربعون للنووي):
أرويها بالإسناد المتقدم في كتاب الأذكار إلى مصنفها وأرويها بالإسناد المتقدم إلى البابلي عن سالم بن محمد عن النجم محمد الغيص قراءة عليه عن الزين زكريا قراءة عليه قال قرأنا على أبي إسحاق الشروطي قال: أخبرنا ها أبو عبد الله محمد بن أحمد بن علي الوفاء قال: أخبرنا العلم أبو الربيع سليمان بن سالم الغزي قال اخبرنا أبو الحسن عل بن إبراهيم بن داود العطار قال أخبرنا المؤلف.
15 - (الأربعون المسماة بسلسلة الإبريز (2) أرويها بالإسناد المتقدم في كتاب الإبانة إلى الإمام القاسم بن محمد عن أحمد بن صلاح الدواري عن علي بن الإمام شرف الدين قال أخبرني ها قراءة شيخنا صاع بن صديق
_________
(1) طبع هذا الكتاب وزارة الشؤون الإسلامية بالمغرب مع شرح لعبد الرحمن الثعالي، تحقيق: محمد بن تاويت الطنجي عام 1962 م وبدار الفضيلة، ممصر- دون تاريخ- تخريج الإمام محمد بن إبراهيم المناوي (803 هـ).
(2) هذه الأربعين ليست في كتاب مفرد، أو أحاديث مفرقة، وإنما هي سرد في متحد واحد بإسناد واحد.
والمحدثون أطلقوا على هذه المتون المتعددة بسند واحد: الأحاديث المسلسلة بالأشراف، وجلها صحيح لذاته، أو لغيره، أو حسن لذاته أو لغيره، فإقحام الإمام الشوكاني لهذا المسلسل ضمن كتب الأربعين أو الأحاديث فيه تجوز.(3/1390)
النمازي عن عبد الرحمن بن علي الديبع قال: أخبرنا أحمد بن زين الدين السروحي قال: أخبرنا أبو الربيع سليمان بن إبراهيم العلوي عن أبيه أخبرنا الإمام إبراهيم بن محمد الطبري أخبرنا أبو القاسم بن أبي حرمي أخبرنا أبو جعفر أحمد بن محمد جعفر الحسين أخبرنا محمد بن على الأنصاري أخبرنا السيد الإمام أبو محمد الحسن بن علي بن الحسن بن عبيد الله بن محمد بن عبيد الله بن على بن الحسن بن الحسين بن جعفر بن عبيد الله بن الحسين ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عن آبائه أب عن أب إلى على بن أبي طالب عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " ليس الخبر كالمعاينة" (1) ثم سرد بقية الأحاديث.
16 - (الأربعون للإمام القاسم بن محمد) (2):
_________
(1) وهو حديث صحيح.
أخرجه أحمد في المسند (1/ 271) وابن عدي في " الكامل " (7/ 2596) وأبو الشيح في " الأمثال " رقم (5) والحاكم في " المستدرك " (2/ 321) من طريق بن يونس حدثنا هشيم، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس.
وصححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.
وأخرجه أحمد في " المسند " (1/ 215)، وابن عدي في " الكامل " (7/ 2596) والطبراني في " الأوسط " رقم (25) والخطيب قي " تاريخ بغداد " (6/ 56) من طريق هشيم، به.
وأخرجه ابن عدي في " الكامل " (7/ 2596) والطبراني قي " الكبير " رقم (12451) والحاكم في " المستدرك " (2/ 380) من طرق عن أبي عوانة، به.
وصححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهني.
وله شاهد من حديث أنس عند الطبرايى في "الأوسط رقم (6943) ص طريق محمد بن عبد الله الأنصاري، حدثنا أبي، عن نمامة، عن أنس.
وأورده الهيثمي " مجمع الروائد " (1/ 153) وقال: رواه الطبرايى في " الأوسط " ورجاله ثقات. .
وشاهد آخر من حديث أبي هريرة عند الخطيب في " تاريخ بغداد " (8/ 28).
(2) القاسم بن محمد بن علي الرسي الحسني (967 - 29 هـ) من أئمة اليمن وعلمائها إذ هو من أحفاد ير بن الحسين بن القاسم الرسي مؤسس الإمامة الهادوية باليمن من مصنفاته:- الإرشاد إلى سبيل الرشاد.
الأساس لعقائد الأكياس.
التمهيد في أدلة التقليد.
انظر: البدر الطالع (47")، خلاصة الأثر (3/ 293)، الروض الأغن (2/ 161 رقم 655) أما كتابه " أربعون حديثا في العلماء والمتعلمين " منه نسخة كتبت عام (1044هـ) ضمن مجموع من ورقة (158 - "0). مكتبة المتحف البريطاني (رقم 3851 - 53)(3/1391)
أرويها بالإسناد المتقدم في كتاب الإبانة إليه. وأروي أربعينات غير ما ذكر بأسانيد متصلة موجودة في مجموع أسانيدي.
17 - (الإرشاد لإمام الحرمين الجويني):
أرويه بالإسناد المتقدم إلى البابلي عن أبي الإمداد إبراهيم بن إبراهيم اللقاني عن أحمد بن قاسم العبادي عن الشهاب أحمد بن محمد بن حجر الهيتمى عن الزين زكريا بن محمد عن محمد بن مقبل الحبي عن الصلاح بن أبي عمر عن الفخر على بن أحمد بن البخاري عن أبي سعد عبد الله بن عمر الصفار عن زاهر بن طاهر الشحامي عن المؤلف.
18 - (الإرشاد للإمام عز الدين بن الحسن (1) وسائر مؤلفاته):
أرويها جميعا بالإسناد المتقدم إلى الإمام شرف الدين عن الإمام محمد بن علي السراجي عن المؤلف.
19 - (الإرشاد) (2). . . . . . . . . . . . . .
_________
(1) الإمام الهادي عز الدين بن الحسن بن المؤيد ولد بأعلى فله بفتح الفاء واللامين بعدها. بعشر بقين من شوال سنة 845 هـ وقرأ في وطنه ثم رحل إلى صعدة، فقرأ على بن موسى الدواري فنونا من العلم ثم رحل إلى قامة فسمع الحديث على شيخه يحيى بن أبي بكر العامري.
من مصفاته: شرح منهاج القرشي في مجلدين ضحمين، شرح البحر للإمام المهدي بلغ فيه إلى كتاب الحج. توفي سنة 905 هـ البدر الطالع رقم (302) الروض الأغن (2/"7 رقم 561).
(2) (الإرشاد إلى طريق الآخرة والزهاد) بقول الحنداري في وصمه الكتاب نفي لولا أنه يورد من الأحاديث مال فيه بعض موضوعات يسيرة، فرغ من تأليفه سنة 632 هـ.(3/1392)
للعنسي (1)):
أرويه بالإسناد المتقدم في كتاب الأحكام إلى الإمام المطهر بن محمد بن المطهر عن أبيه عن جده عن الأمير الحسن عن المؤلف.
20 - (الإرشاد للإمام القاسم بن محمد (2):
أرويه وسائر مصنفاته بالإسناد المتقدم في كتاب الإبانة إليه.
21 - (الإرشاد للسيد علي بن الحسين الشامي) (3): أرويه بالإسناد المتقدم في كتاب الإبانة إلى السيد إبراهيم بن القاسم بن المؤيد عن عمه محسن بن المؤيد عن القاضي أحمد بن ناصر بن عبد الخالق المخلافي عن المؤلف.
22 - (الإرشاد (4) .... .... .... .... .... .... .... .... ....
_________
(1) عبد الله بن زيد بن أحمد بن أبي الخير العنسي المذحجي الزبيدي من كبار علماء القرن السابع الهجري. كانت وفاته سنة 667 هـ.
وله مصنفات منها:
- التحرير في أصول الفقه.
- الرسالة الداعية إلى الإيمان.
- السراج الوهاج المميز بين الاستقامة والإعوجاج. في. برلين (10284)
انظر: الروض الإغن (2/ 61 - 63 رقم 464)، أعلام المؤلفين الزيدية ص 589
(2) تقدم. و" الإرشاد " إرشاد العباد إلى محجة الرشاد " في الفقه بست فصول.
(3) علي بن الحسين بن عز الدين الشامي الحسني اليمني (1033 - 120هـ) تفرع للعلم وأكب على المطالعة، حتى أحرز علوم الاجتهاد.
له مصنفات:
- العدل والتوحيد وإرشاد العباد المتحصل من كتاب فج الرشاد.
وهما: مخطوطتان ولا يدري مكان وجودهما.- فيما أعلم-.
انظر: الروض الأغن (2/"7 رقم 561) نشر العرف (2/ 210).
(4) قال الشوكاني في " البدر الطالع " (1/ 142) الإرشاد: كتاب نفيس في فروع الشافعية، رشيق العبارة حلو الكلام في غاية الإيجاز مع كثرة المعاني. وشرحه في مجلدين والإرشاد: مختصر الحاوي في(3/1393)
للمقري (1) وسائر مصنفاته):
أرويها عن شيخنا السيد عبد القادر بن أحمد وشيخنا صديق بن علي المزجاجي عن السيد سليمان بن يحي بن عمر الأهدل عن السيد محمد بن أحمد الأهدل عن يحيى بن عمر الأهدل عن السيد يوسف بن محمد البطاح، عن السيد الطاهر بن حسين الأهدل، عن عبد الرحمن على الديبع عن عبد الرحمن بن عبد الكريم بن زياد عن شهاب الدين أبي العباس الطبنداوي عن موسى بن زين العابدين الرداد عن أبي حفص عمر بن محمد الفتي عن المؤلف.
23 - (الأزهار (2) للإمام المهدي أحمد بن يحي (3) وسائر تصانيفه):
_________
(1) إسماعيل بن أبي بكر بن عبد الله الشرجي اليماني الشافعي المعروف بالمقرئ الزبيدي ولد سنة 754 هـ.
له مصنفات منها:
- عنوان الشرف الوافي في الفقه والنحو والتاريخ والعروض والقوافي/ مطبوع.
- " روض الطالب مختصر الروضة " في الفقه، مطوع.
- الذريعة إلى نصر الشريعة.
البدر الطالع (1/ 142)، الروض الأغن (1/ 103 رقم 193)، الضوء اللامع (2/ 101).
(2) الأزهار قي فقه الأئمة الأطهار وهو مختصر من كتاب " التذكرة الفاخرة في فقه العترة الطاهرة " للفقه الحسن بن محمد المذحجي. ونقل عن المفتاح أن مسائل الأزهار منطوقها ومفهومها تسعة وعشرون ألف مسألة.
ونقل في مطلع البدور في ترجمة السيدة دهماء (2/ 101) قصة تأليفه فقد كان المهدي في السجن وكتبه بالجص. طبع مرارا في بيروت وغرها.
(3) أحمد بن يحيى بن المرتضى الحسني اليمني الزيدي (764 - 840 هـ).
كان عالما مشاركا في كثير من العلوم، مؤلفاته تزيد على 60 مؤلفا ما بين كبير وصغير منها:
- الأحكام المتضمن لفقه أئمة الإسلام.
- الاعتماد للآيات المعتبرة في الاجتهاد إكليل التاج في جوهرة الوهاج.
وجل كتبه مخطوط غير مطوع إلا أقل القليل والذي طبع: " البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار.
الروض الأغن (1/ 90 رقم 167)، البدر الطالع (1/ 122).(3/1394)
أرويها من طرق متعددة منها بالإسناد المتقدم في كتاب الإبانة إلى الإمام شرف الدين عن الإمام محمد بن علي السراجى عن الإمام عز الدين بن الحسن عن المؤلف.
24 - (الأزهار في مناقب الأئمة الأطهار لحميد الشهيد (1): ارويه بالإسناد المتقدم في كتاب الأحكام إلى الإمام المطهر بن محمد بن المطهر عن أبيه عن جده عن المؤلف.
25 - (الأساس (2) للزمخشري وسائر تصانيفه):
أرويها بالإسناد المتقدم إلى البابلي عن النور على بن محمد الأجهوري وأبى الإمداد إبراهيم بن إبراهيم عن أحمد بن قاسم عن أبي الحسن البكري عن القاضي زكريا عن محمد ابن مقبل الحبي عن الصلاح بن أبي عمر المقدسي عن الفخر بن البخاري عن زينب بنت عبد الرحمن الشعري عن المؤلف.
_________
(1) هو حميد بن عبد الواحد المحلي الهمداني، المعروف بالقاضي الشهيد الصنعاني مؤرخ وفقيه زيدي، من كبار أصحاب المهدي أحمد بن الحسين القاضي توفي سنة 652 هـ.
من مؤلفاته:
- الوسيط في الفقه.
- الحدائق الوردية في سيرة الأئمة الزيدية
- مناهج الأنصار العاصمة من الأخطار (وكلها مخطوط).
الأزهار: وهو شرح لقصيدة الإمام عبد الله بن حمزة، مخطوط بجامع صنعاء ني (140) ورقه وأخرى بالمتحف البريطاني (3820)
انظر: الروض الأغن (1/ 183 رقم 324)، الأعلام للزركلي (2/ 282).
(2) أي: أساس البلاغة. مطبوع. مجلدين.(3/1395)
26 - (الأساس (1) للإمام القاسم بن محمد (2):
أرويه بالإسناد المتصل به المتقدم في كتاب الإبانة.
27 - (الأسماء والصفات للبيهقي وسائر مصنفاته):
أرويها بالإسناد المتقدم في كتاب الإرشاد إلى عبد الرحمن الديبع، عن شيخه زين الدين الشرجى، عن شيخه نفيس الدين العلوي عن والده قال: أخبرنا ها محمد بن أحمد المطري عن الإمامين شهاب الدين أحمد بن علي بن الزبر الحنبلى وشهاب الدين أحمد بن عمر ابن عثمان المعروف بابن إمام الرأس عن الحافظ ابن الصلاح عن منصور بن عبد المنعم عن أبي المعالي إسماعيل بن محمدا (3) الفارسي عن المؤلف.
28 - (أسباب (4) النزول للواحدي):
أرويه مع سائر تصانيفه بالإسناد السابق إلى البابلي عن النور على بن يحي عن الجمال يوسف بن عبد الله الأرميوني عن أبي الفضل السيوطي عن محمد بن مقبل عن محمد بن علي بن يوسف الحراوي عن الحافظ عبد المؤمن بن خلف الدمياطي عن أبي "لحمسن" (5)
_________
(1) الأساس لعقائد الأكياس في معرفة رب العالمين وعدله على المخلوقين، وما يتصل بذلك من أصول ا لد في. (معتزلي).
مخطوط بالجامع الكبير بصنعاء رقم 495.
وعليه شرح بعنوان: " كشف الإلباس " لأحمد بن محمد الشرفي في مجلدين. مكتبة الجامع بصنعاء رقم 424 وعليه شروحات انظر: حكام اليمن المؤلفون (ص 236).
(2) الأساس لعقائد الأكياس في معرفة رب العالمين وعدله على المخلوقين، وما يتصل بذلك من أصول الدين. (معتزلي).
مخطوط بالجامع الكبير بصنعاء رقم 495.
وعليه شرح بعنوان: " كشف الإلباس " لأحمد بن محمد الشرفي في مجلدين. مكتبة الجامع بصنعاء رقم 424 وعليه شروحات انظر: حكام اليمن المؤلفون (ص 236).
(3) كذا في المخطوط إسماعيل بن محمدا وهو تحريف، والصواب: محمد بن إسماعيل بن محمد بن حسين بن القاسم الفارسي النيسابوري، أبو المعالي وأبو نصر الشيخ الثقة المسند انظر التحبير (2/ 97) السير (2/ 93).
(4) طبع مرارا. الطعبة الأولى عام 1315هـ وطبع عام 1383 هـ. ممصر دار إحياء الكتب.
وطبع عام 1418 هـ عن دار الإصلاح بالدمام- السعودية.
(5) في المخطوط أبي الحسين والصواب ما أثبتناه.(3/1396)
ابن المقير عن أبي الفضل أحمد بن طاهر الميهني عن المؤلف.
29 - (الإشارة لمغلطاي (1): أرويه بالإسناد المتقدم إلى الديبع عن شمس الدين السخاوي عن الحافظ بن حجر عن الحافظ العراقي عن المؤلف.
35 - (أصول (2) الأحكام للإمام أحمد بن سليمان (3):
أرويه بالإسناد السابق إلى الإمام القاسم بن محمد عن السيد صلاح بن أحمد الوزير عن أبيه عن الإمام شرف الدين عن السيد صارم الدين إبراهيم بن الوزير عن السيد صلاح انظر: " تذكرة الحفاظ (4/ 1432).
_________
(1) مغلطاي بن فليج بن عبد الله الجكري الحنفي الحافظ علاء الدين ولد سنة 690 هـ وسمع من أحمد بن علي بن دقيق العيد أخط الشيخ تقي الدين.
قال ابن رجب: إن مصنفاته نحو المائه وأزيد، له مآخذ على أهل اللغة وعلى كثير من المحدثين، تهني سنة 762 هـ.
من مصنفاته: شرح البخاري، ذيل المؤتلف والمختلف.
الإرشاد. " الزهر الباسم في سيرة نبينا أبي القاسم ".
الدرر الكامنة (4/ 352 رقم 963)، البدر الطالع (2/ 312)، شذرات الذهب (8/ 336).
(2) " أصول الأحكام في الحلال والحرام " فيه ما يزيد على ثلاثة آلاف وثلاثمائة حديث في الحلال والحرام من الأحكام الفقهية وهو مقسم على الكتب مبدعا بكتاب الطهارة. والأخبار محذوفة الأحاديث. وربما يذكر المؤلف رأيه في الموضوع بعنوان (رأينا) وقد رجح فيه مذهب الإمام الهادي.
له نسخ خطية قي مكتبة الجامع الكبير- صنعاء- رقم (340، 354، 355، 468،504). مؤلفات الزيدية (1/ 126 - 127 رقم 318).
(3) الإمام المتوكل على الله أحمد بن سليمان بن محمد بن مطهر (500 - 566 هـ) من أئمة الزيدية.
له مصنفات منها:
- المدخل في أصول الفقه.
توفي سنة 566 هـ. " الروض الأغن " (1/ 42 رقم 69)، " مصادر الفكر " (ص 534).(3/1397)
الدين عبد الله بن يحيى بن المهدي عن أبيه عن الإمام الواثق المطهر بن محمد بن المطهر عن أبيه عن جده عن محمد بن أخمد بن أبي الرجال عن الإمام أحمد بن الحسن الشهيد عن أحمد بن محمد شعلة عن أحمد بن محمد بن الوليد عن المؤلف.
31 - (الأطراف للمزي (1):
أرويها بالإسناد المتقدم قريبا إلى السخاوي عن عبد الرحيم بن محمد بن الفرات عن ابن الجزري عن عائشة بنت محمد المقدسية عن المؤلف.
32 - (الاعتبار (2) للجرجاني وسائر تصانيفه):
أرويها بالإسناد المتقدم إلى الإمام شرف الدين عن الفقيه علي بن أحمد عن شيخه علي بن زيد عن السيد أبي العطايا عن الفقيه يوسف عن الفقيه حسن عن الفقيه يحيى البحيج عن الأمير المؤيد عن الأمر الحسين عن الأمر علي بن الحسن عن الشيخ عطية النجراني عن الأميرين الكبيرين أحمد ويحي ابني أحمد بن يحي بن يحي عن القاضي جعفر عن الشيخ محمد بن الحسين عن الحسين بن علي بن إسحاق عن المؤلف.
33 - (الاعتصام (3) للإمام القاسم):
_________
(1) مطوع، تحفة الأشراف. معرفة الأطراف للحافظ المزي مع النكت الظراف على الأطراف، لابن حجر العسقلاني.
تحقيق: عبد الصمد شرف الدين وإشراف زهير الشاويش.
الطبعة الأولى 384 1 هـ والطبعة الثانية سنة1403 هـ. المكتب الأساسي- بيروت.
(2) وهو كتاس " الاعتبار وسلوة العارفين ".
الجرجاني: أبو عبد الله، الحسن بن إسماعيل بن زيد بن الحسن بن جعفر بن الحسن بن محمد بن جعفر بن عبد الرحمن الشجري، الجرجاني. متكلم.
من تصانيفه: الاعتبار وسلوة العارفين. والإحاطة في علم الكلام.
معجم المؤلفين: لعمر رضا كحالة: (1/ 539).
(3) وهو (الاعتصام بحبل الله المتين القاضي بإجماع المتقين ألا يتفرقوا في الدين).
قال عنه زبارة: جمع فيه ما بين كتب أكابر أئمة العترة النبوية من الأحاديث وما في الأمهات الست ونحوها من كتب المحدثين ورجح في كل مسألة. مما يقتضيه اجتهاده، بلغ فيه: إلى كتاب الصيام في مجلد ضخم واحترمته المنية قبل إكماله فأكمله من كتاب الحج إلى آخر كتاب السير السيد الحافظ احمد بن يوسف زبارة المتوفي سنة 252هـ وتسمى (أنوار التمام).
وكتاب (الاعتصام) له عدة نسخ،. مكتبة الجامع الكبير صنعاء، رقم 290،22،367،391، 225، 368 - مؤلفات الزيدية (1/ 134 رقم 343).(3/1398)
أرويه مع سائر مصنفاته بالإسناد السابق إليه.
34 - (أعلام الرواية (1) للشريف علي بن ناصر (2):
أرويه بالإسناد السابق في كتاب الإبانة إلى القاسم بن أحمد بن حميد عن أبيه عن جده عن الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة عن أحمد بن أحمد بن الحسن البيهقي القادم إلى اليمن قال سمعته عن مؤلفه.
35 - (الإفادة (3) للمؤيد بالله الهاروني (4):
أرويها بالإسناد السابق إلى الإمام شرف الدين عن شيخه على بن أحمد عن شيخه على بن زيد عن أبي العطايا عن الفقيه يوسف عن الفقيه حسن عن الإمام ير بن حمزة عن ابن خليفة عن ابن وهاس عن الحفيد عن حميد بن أحمد عن المنصور بالله عبد الله بن
_________
(1) واسمه: " أعلام الرواية على فج البلاغة ". وهو مخطوط ضمن مجموع به فج البلاغة.
(2) هو علي بن ناصر الدين الحسيني، معاصر الشريف المرتضى أعلام المؤلفين الزيدية ص 172
(3) الإفادة وهو في فقه نفسه، وهو في مجلد جمعه تلميذه القاضيي أبو القاسم بن قال يسمى أيضًا التفريعات " وحمي في بعض المادر " الفائدة " منه نسخ خطة قي برلين رقم (4878) والمتحف البريطاني رقم (338)
(4) الإمام المؤيد بالله أحمد بن الحسين بن هارون بن محمد بن حسن الآملي ولد سنة 333 هـ بآمل طبرستان، وبويع بالخلافة، وتوفي يوم عرفة سنة 4" هـ وكان علامة في الفقه والنحو، واللغة والشعر.
من مصنفاته: شرح التحريد، الإفادة. الزيادات.
انظر: أعلام المؤلفين الزيدية ص 101، مؤلفات الزيدية (1/ 138 رقم 357).(3/1399)
حمزة عن الحسن الرصاص عن القاضي جعفر عن الكني عن على بن أموج عن القاضيي زيد عن على بن محمد الحامد عن القاضي يوسف عن الهواسي عن المؤلف.
36 - (الإفادة (1) في تاريخ الأئمة السادة للإمام أبي طالب (2):
أرويها بالإسناد المذكور قبل هذا إلى القاضي يوسف عن المؤلف.
37 - الاقتراح (3) لأبن دقيق العيد):
سيأتي ذكر إسناده في كتاب الإمام له.
38 - (الاكتفاء (4) في "مغازي " رسول الله وأصحابه الثلاثة الخلفاء للكلاعي (5): أرويه عن السيد عبد القادر بن أحمد عن السيد سليمان بن يحيى الأهدل عن أحمد بن محمد
_________
(1) الإفادة: في تاريخ الإمام على الحسن والحسن وأئمة الزيدية إلى سنة 360 حيث اختتمه بالمهدي لدين الله محمد بن الحسن الداعي إلى الحق وهو على غرار ما جاء في صدر كتاب " الأحكام " للإمام المهدي.
ويعتبر كتاب " المصابيح " لأحمد بن إبراهيم الحسني مصدرا هاما لهذا الكتاب. مطوع. "
مؤلفات الزيدية (1/ 141 رقم 361).
(2) هو يحيى بن الحسن بن هارون بن الحسن الآروني وكان يتسابق مع أخيه المؤيد بالله أحمد- انظر التعليقة السابقة- على طلب العلم.
له مصنفات- الآمال والمعروفة بآمالي أبي طابي. والمجزي في أصول الفقه. الحدائق في أخبار ذوي السوابق.
انظر: إعلام المؤلفين الزيدية (ص "22).
(3) طبع سنه 1402 هـ مطبعة الإرضاء ببغداد بتحقيق: قحطان بن عبد الرحمن الدودي.
وطبع سنه 1417هـ دار البشائر- بيروت تحقيق عامر حسن صبري.
(4) طبع هذا الكتاب في القاهرة- دون تاريخ- تحقيق مصطفى عبد الواحد
(5) الإمام العلامة الحافظ الأديب البليغ شيخ الحديث والبلاغة بالأندلس أبو الربيع سليمان بن موسى بن سالم الحميرى الكلاعي، من كبار أئمة الحديث 5651 - 634 هـ أ.
من مؤلفاته: الصحابة، المصباح على نحو الشهاب، سيرة البخاري أربعة أجزاء، الأبدال.
انظر: " شذرات الذهب " (16415).(3/1400)
الأهدل عن يحيى بن عمر الأهدل عن أبي بكر بن علي البطاح الأهدل عن يوسف بن محمد البطاح الأهدل عن الطاهر بن حسين الأهدل عن الديبع عن الشرجي عن زين الدين البرشكي عن كمال الدين البسقيري عن محمد بن جابر عن أحمد بن محمد الأنصاري عن مؤلفه.
39 - (الاكليل للحسين بن مسلم التهامي (1):
أرويه بالإسناد السابق في كتاب الإبانة إلى القاسم بن أحمد بن حميد عن أبيه عن جده عن أحمد بن الحسن بن محمد الرصاص عن المؤلف.
40 - (الإكمال لأسماء الرجال لابن ماكولا (2): أرويه عن شيخنا السيد عبد القادر بن أحمد عن السيد سليمان بن يحيى الأهدل عن أحمد بن محمد الأهدل عن ير بن عمر الأهدل عن أبي بكر البطاح الأهدل عن يوسف ابن محمد البطاح عن السيد الطاهر بن حسين الأهدل عن الحافظ الديبع عن الشرجي عن نفيس الدين العلوي أ عن أبيه أ عن أحمد بن أبي الخير عن والده عن ابن الشرجي عن محمود بن الحسن النجار عن محمد بن عبد العزيز بن محمود عن أبي الفضل محمد بن ناصر عن المصنف.
_________
(1) اسم الكتاب: " الإكليل في شرح معاني التحصيل "
(2) هو علي بن هبة الله بن علي بن هبة الله بن جعفر العجلي الجرباذقاني، ثم البغدادي، المعروف بابن ماكولا (الأمير، سعد الملك، أبو النصر).
ولد سنة (421 هـ) بعكبرا، وقتل بخراسان سنة (475 هـ).
له تصانيف كثيرة منها " مفاخرة القلم والسيف والدينار " تذهيب مستمر الأوهام على ذوي التمني والأحلام"
انظر: " وفيات الأعيان " (1/ 420) " تذكرة الحفاظ " (4/ 2 - 7) " الكامل في التاريخ " (43/ 1 - 87) " معجم المؤلفين " (2/ 541).(3/1401)
41 - (ألفية ابن معطى (1): أرويها بالإسناد السابق إلى البابلي عن البرهان أبي الإمداد اللقاني عن أحمد بن قاسم العبادي عن أحمد بن محمد الرملي عن خالد بن عبد الله الأرهوي عن التقى أحمد بن محمد الشمني عن السراج البلقيني عن أبي حيان عن الرضي أبي بكير بن عمر الضر.: عن المؤلم.
42 - (ألفية ابن مالك (2) وسائر مصنفاته):
أرويها بالإسناد السابق إلى البابلي عن أحمد السنهوري عن ابن حجر الملكي عن الزين زكريا بن محمد عن صالح البلقيني عن إبراهيم التنوخى عن الشهاب محمود بن سليمان عن
_________
(1) هو يحيى بن عبد المعطى بن عبد النور الزواوي، الحنفي المغربي المعروف بابن المعطى (أبو الحسين، زين الدين) فقيه، مقرئ، أديب، نحوي، لغوي، عروض، ناظم، ناثر، تتلمذ للجزولي، وروى عن القاسم بن عساكر وغيره.
ولد سنة (564 هـ) وتوفي بالقاهرة سنة (628 هـ).
من أثاره:- الدرة الألفية في علم العربية أو ألفية ابن المعطي طبعت سنة 317 هـ في ليبست بألمانيا باعتناء: زترتشين كما في معجم المطبوعات العربية (1/ 246).
- منظومة في العروض، منظومة في القرآن السبع، " الفصول في العربية ".
انظر: وفيات الأعيان (2/ 310 - 3") شذرات الذهب (5/ 129).
(2) هو محمد بن عبد الله بن مالك الطائي، الأندلسي، الجياني (جمال الدين أبو عبد الله) نحوي، لغوي، مقرئ مشارك في الفقه والأصول والحديث وغيرها.
ولد سنة (600 هـ) كان إماما في القران واللغة وصنف التصانيف، وانتشرت قي جميع البلدان.
توفي بدمشق سنة (672 هـ).
من تصانيفه: " إكمال الأعلام. مثلت الكلام " الألفاظ المختلفة في المعاني المؤتلفة" ألفية في النحو " وهي التي ذكرها المؤلف، وعليها مجموعة شروح أشهرها " شرح ابن عقيل "، وهو شرح متداول معروف مطوع بتحقيق محي الدين عبد الحميد رحمه الله.
انظر: " طبقات السبكي " (5/ 28) " البداية والنهاية " (13/ 267) " معجم المؤلفين " (3/ 451).(3/1402)
المؤلف.
43 - (ألفية العراقي (1) في الحديث وشرحها له):
أرويها عن شيخنا السيد عبد القادر بن أحمد عن السيد أحمد بن عبد الرحمن الشامط عن السيد الحسين بن أحمد زبارة عن عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز الحبيشي عن إسحاق بن محمد بن جمعان عن محمد بن علي بن عجلان عن عبد الرحمن بن محمد الخطيب عن أبيه عن الجلال السيوطي عن العلم البلقيني عن المؤلف.
44 - (الإلمام (2) لابن دقيق العيد):
سيأتي ذكر إسناده في كتاب الإمام له.
45 - (الإسماع إلى معرفة أصل الرواية وتقييد السماع للقاضي عياض (3):
أرويه بالإسناد السابق إلى البابلي عن أحمد بن محمد الغنيمي عن الرملي عن والده أحمد بن محمد، عن أبي إلي محمد بن عبد الرحمن السخاوي، عن أبي الفضل أحمد بن علي الحافظ، عن القاسم بن على بن محمد بن علي الفاسي، عن أبي البركات محمد بن محمد المعروف بابن الحاج عن القاضي أبي إسحاق إبراهيم بن أحمد الغافقي عن القاضي
_________
(1) وهذه الألفية في مصطلح الحديث طبعت عدة طبعات.
(2) طبع مرارا.
(3) هو عياض بن موسى بن عياض بن عمرو بن موسى بن عياض بن محمد بن موسى بن عياض اليحصبي، السبتي، المالكي، ويعرف بالقاضي عياض (أبو الفضل) محدث، حافظ، مؤرخ، ناقد، مفسر، فقيه، أصولي، عالم بالنحو واللغة وكلام العرب.
ولد سنة (496 هـ) وتوفي. مراكش سنة (544 هـ).
من تصانيفه: " الشفا بتعريف حقوق المصطفى " الإسماع في أصول الرواية والسماع " وغيرها.
انظر: " تذهيب الأسماء واللغات " للنووي (2/ 43 - 44) " وفيات الأعيان "
(1/ 496 - 497) " شذرات الذهب " (4/ 138 - 139) " تذكرة الحفاظ " للذهبي (4/ 96 - 98).
(الإلماع إلى معرفة أصول الرواية وتقييد السماع) ط سنة 389 ا هـ عن دار التراث. بمصر، تحقيق: السيد أحمد صقر، وهي نادرة(3/1403)
أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن أحمد الأزدي عن القاضي أبي عبد الله محمد بن حسن ابن عطية ابن غازي الأنصاري عن مؤلفه.
46 - (الأمالي للإمام أحمد بن عيسى (1):
أرويها بالإسناد المتقدم لكتاب الإبانة إلى الإمام شرف الدين عن السيد صارم الدين عن السيد أبي العطايا عن عبد الله بن ير بن المهدي عن أبيه عن الإمام المطهر بن محمد ابن المطهر عن أبيه عن جده عن عمران بن الحسن عن حنظله بن الحسن عن القاضيي جعفر عن الحسن بن على بن ملاعب الأسدي عن عمر بن إبراهيم بن عمرة عن محمد بن الحارث عن الحسن بن عبد الله بن المهول عن محمد بن محمد الحارثي عن محمد بن محمد المعدل عن أبي طالب محمد بن الحسن البزار عن على بن ما ني الكاتب عن المؤلف محمد بن منصور المرادي عن الإمام أحمد بن عيسى.
47 - الأمالي (2) للإمام المؤيد بالله (3):
_________
(1) هو أحمد بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبى طالب، فقيه، أمه عالية بنت الفضلى، وكان فاضلا عالما ناسكا زاهدا ورعا.
ولد سنة (159هـ) ومات بالبصرة وقد عمي سنة (240 هـ) وقيل (247 هـ).
انظر: " تراجم الرجال " للجنداري (ص5).
الأمالي ويسمى أيضًا (بجامع علوم آل محمد) وعى (بدائع الأنوار) كتاب في الحديث والفقه، شهير. جمعه محمد بن منصور المرادي (طبع) والطبعة الثانية منه في ثلاث مجلدات محققه تحت عنوان (رأب الصدع) تحقيق المرحوم علما بن إسماعيل المؤيد. " أعلام المؤلفين الزيدية" (ص 152).
(2) تأليف المؤيد أحمد بن الحسين الحسن الديلمي. والأمالي: ستة وعشرون حديثا مسندة قي مختلف الموضوعات.
يعرف ب (الأمالي الصغري) أيضا، طبع صنعاء سنة 1355هـ بتحقيق عبد الواسع الواسعي.
انظر: " مؤلفات الزيدية " (1/ 152 رقم 402).
(3) كتب قي حاشية المخطوط (أ) بخط المؤلف: " هذا الكتاب متأخر عن أمالي أحمد بن عيسى ".(3/1404)
أرويها بالإسناد المتقدم لكتاب (الأحكام) إلى شعلة الأكوع، عن المنصور بالله عبد الله ابن حمزة عن الشيخ الحسن الرصاص عن القاضي جعفر بن عبد السلام قال: أخبرنا أحمد ابن أبي الحسن الكني أخبرنا الحسن بن على بن أبي طالب الفرزادي عن الرئيس علي بن الحسن بن محمد بن مردك عن أبيه عن أبي داود سليمان بن حاوك عن المؤيد بالله أحمد ابن الحسن وهو المؤلف.
48 - (الأمالي للمرشد بالله الحسين ير بن الحسين بن إسماعيل الشحري (1):
أرويها بالإسناد المتقدم إلى المنصور بالله عبد الله بن حمزة عن الأمير بدر الدين محمد ابن أحمد بن ير بن يحي عن السيد عماد الدين الحسن بن عبد الله عن القاضي أبي الحسن الكني عن أحمد بن الحسن بن أبي القاسم عن المؤلف.
49 - (أمالي السمان، هو إسماعيل بن علي السمان (2): أرويها بالإسناد المتقدم إلى القاضي جعفر عن الكني عن الحسن بن علي الفزادي عن طاهر بن الحسن بن علي بن الحسن السمان عن عمه المؤلف.
_________
(1) الإمام المرشد بالله يحيى بن الحسين بن إسماعيل بن حرب بن زيد الجرجاني الشحري من علماء الزبدية في الجبل والديلم 0 4121 - 479 هـ.
من مصنفاته:- الأمالي تتضمن أربعين مشروحة تعرف أيضًا ب (الخميسيات لأنه كان يمليها يوم الخميس. وعرفت بأمالي الشجري وله الأمالي الأثنينية وتمسى (الأنوار) في فضائل آل البيت من رسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى الإمام زيد بن على بأسانيدها المتعددة.
" أعلام المؤلفين الزيدية " (ص "00). " ومؤلفات الزيدية " (1/ 153 رقم 406).
في المخطوط " الشحري " وفي مصادر الترجمة الشجري. وهو الصحيح.
(2) الإمام الحافظ أبو سعد إسماعيل بن على بن الحسين الرازي السمان، ولد سنة نيف وسبعين وثلاث مئة، والمتوفى سنة 443 هـ قال ابن عساكر: قدم دمشق طالب علم، وكان من المكثرين الجوان، مع من نحو أربعة آلاف شيخ وقال عنه الحافظ عبد العزيز الكتابي: كان من الحفاظ الكبار زاهدا يذهب إلى الاعتزال.
انظر: " الميزان " (1/ 239)، " شذرات الذهب " (3/ 273)، و"سير أعلام النبلاء" (18/ 55).(3/1405)
55 - (الأمم (1) للكردي (2): أرويه عن شيخي يوسف بن محمد بن علاء الدين المزجاجي عن أبيه عن جده عن المؤلف. ح- وأرويه عن شيخنا السيد عبد القادر بن أحمد عن شيخه السيد سليمان بن يحيى الأهدل عن شيخه أحمد بن محمد الأهدل عن النخلي عن المؤلف.
وأرويه بطرق أخرى ستأتي في إسناد مستدرك الحاكم. وقد اشتمل على أسانيده لكتب الإسلام فليرجع إليه.
51 - (الإمام لابن دقيق العيد وسائر تصانيفه):
أرويها بالإسناد المتقدم في كتاب الإكمال إلى الديبع عن عبد اللطيف الشرجي عن نفيس الدين العلوي عن سراج الدين بن النحوي عن الحافظ بن سيد الناس العمري عن المؤلف.
52 - (الانتصار (3) .... .... .... .... .... .... .... .... .... .... .... .... ......
_________
(1) الأمم (بفتح الهمزة) فقد طبع بالهند سنة 1328هـ وهو نادر جدا [الأمم لقود الهمم].
(2) إبراهيم بن حسن بن شهاب الدين الكورايى (الشهرزوري الشهراني الكردي) ولد سنة 1025 هـ ببلاد شهران من جبال الكرد قرأ في المعاني والبيان والأصول والفقه وذكر مشايخه في (الأمم) وترجم لكل واحد منهم.
له مصنفات كثيرة: إنها تزيد على ثمانين منها: إتحاف الخلص بتحقيق مذهب السلف، قصد السبيل، وإنباه الأنباه في إعراب لا إله إلا الله). "
البدر الطالع " رقم (6)، " مسلك الدرر " (1/ 5).
(3) الانتصار الجامع لمذاهب علماء الأمصار في ثمانية عشر مجلدا، وهو في تقرير المحتار من مذاهب الأئمة وأقاويل علماء الأمة في المباحث الفقهية والمقررات الشرعية، وكان مشغولا به في سنوات(3/1406)
للإمام يحيى بن حمزة (1): أرويه بالإسناد المتقدم إلى الإمام شرف الدين عن الفقيه علي بن أحمد عن علي بن زيد عن السيد أبي العطايا عن الفقيه يوسف عن الفقيه حسن النحوي عن المؤلف.
53 - (الانتقاد (2) في الآيات المعتبرة في الاجتهاد للإمام المهدي أحمد بن يحي (3):
أرويه بالإسناد المتقدم إلى الإمام شرف الدين عن السيد صارم الدين عن المطهر بن محمد بن سليمان عن المؤلف.
54 - (أنوار التنزيل للبيضاوي):
أرويه عن شيخنا السيد عبد القادر بن أحمد عن شيخه السيد احمد بن عبد الرحمن عن السيد الحسين بن أحمد زبارة عن عبد العزيز بن محمد الحبيشي قال: أخبرني ملا محمد
_________
(1) هو الإمام المؤيد بالله يحيى بن حمزة بن علي بن إبراهيم محمد بن إدريس بن علي بن جعفر بن علي بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن على بن الحسين السبط بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
ولد. بمدينة صنعاء سنة (669 هـ) واشتغل بالمعارف العلمية وهو صبى فأخذ في جميع أنواعها على
أكابر علماء الديار اليمنية، وتبحر في جميع العلوم وفاق أقرانه وصنف التصانيف الحافلة قي جميع الفنون فمنها " الشامل " في أربع مجلدات و" المحصل في شرح المفصل " أربع مجلدات وبالجملة فهو ممن جمع الله له بين العلم والعمل، والقيام بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر. مات سنة (705 هـ). بمدينة دمار وها دفن.
انظر " البدر الطالع " (2/ 331 - 333).
(2) هو من أجزاء موسوعة المؤلف " البحر الزخار " وقد ضمنه ذكر آيات الأحكام الواردة في القرآن وهى خمسمائة آية، رتبت الآيات على ترتيبها في القرآن الكريم.
أوله: " اتفق العلماء على أن المعتبر في الاجتهاد من كتاب الله تعالى معرفة آيات الأحكام فقط وتظاهرت أقوالهم أن جملتها خمسمائة ".
مكتبة الجامع الكبير (589، 055 2، 02 1 م) من القرن التاسع مؤلفات الزيدية (1/ 145رقم 446) أعلام المؤلفين الزيدية (ص 209).
(3) هو من أجزاء موسوعة المؤلف " البحر الزخار " وقد ضمنه ذكر آيات الأحكام الواردة في القرآن وهى خمسمائة آية، رتبت الآيات على ترتيبها في القرآن الكريم.
أوله: " اتفق العلماء على أن المعتبر في الاجتهاد من كتاب الله تعالى معرفة آيات الأحكام فقط وتظاهرت أقوالهم أن جملتها خمسمائة ".
مكتبة الجامع الكبير (589، 055 2، 02 1 م) من القرن التاسع مؤلفات الزيدية (1/ 145رقم 446) أعلام المؤلفين الزيدية (ص 209).(3/1407)
الملقب شريف بن يوسف بن محمود الكردي عن جده محمود أخبرني الملا حسن الفاضل أخبرني الملا إبراهيم بن علاء الدين أخبرني أبي أخبرني الملا على بن أحمد الكبير أخبرني محمد بن كمال الدين الكنجي أخبرني الشرف المناوي عن الولي أبي زرعه العراقي عن الضياء الفرض عن البدر القشيري عن المؤلف.
55 - (أنوار اليقين للإمام الحسن بن بدر (1) الدين):
أرويها بالإسناد السابق إلى الإمام محمد بن المطهر عن السيد صلاح بن إبراهيم بن تاج الدين عن المؤلف.
56 - (الأنوار (2) للإمام المهدي):
أرويها بالإسناد المتقدم قريبا لكتاب الانتقاد إلى المؤلف.
57 - (الإيثار (3)
لمحمد بن إبراهيم الوزير):
أرويه عن شيخي عبد القادر بن أحمد عن شيخه السيد سليمان بن يحيى الأهدل عن
_________
(1) الإمام المنصور بالله الحسن بن بدر الدين محمد لن يحي الهدوي 56910 - 670 هـ أ دعا للإمامة لنفسه هجرة رغافة في جهات صعدة.
من مصنفاته: أنوار اليقين في إمامة أمير المؤمنين، منه نسخة مخطوطة سنة 1060 هـ في 283 ورقه بمكتبة الجامع الكبير الغربية رقم8 سيرة ثانية.
ومن مصنفاته: الكامل المنير، جواب على اعتراضات وردت عليه. " أعلام المؤلفين الزيدية " (ص 310)، " مصادر الحبشي " (ص 550 - 551).
(2) واسمه كما في مؤلفات الزيدية (173" رقم 465): " الأنوار قي الآثار الناصة على مسائل الأزهار " ذكروا أن هذا الكتاب ألف في السجن، وهو شرح على كتاب المؤلف " الأزهار " اهتم فيه بتخريج الأدلة وتوضيح ما يحتاج إلى التوضيح.
وانه كما قي أعلام المؤلفين الزيدية (ص 257): " الأنوار في صحيح الآثار الناصة على مسائل الأزهار " منه نسخة في مكتبة الأوقاف بالجامع الكبير رقم (2016) ونسخة في المكتبة الغربية بنفس الجامع ضمن مجموعة 264. وهناك نسخ أحرى.
(3) واسمه: " إيثار الحق على الخلق في رد الخلافات إلى المذهب الحق من أصول التوحيد " مطبوع.(3/1408)
أبيه عن الحسن بن علي العجيمي عن أحمد بن محمد العجل عن ير بن مكرم الطبري عن عبد العزيز بن فهد عن المؤلف. وكذلك سائر مصنفاته.
58 - (الإيجاز للشيخ لطف الله الغياث (1):
أرويه بالإسناد المتقدم إلى القاضي أحمد سعد الدين عن الحسن بن القاسم عن المؤلف.
_________
(1) هو لطف ألله بن محمد الغياث بن الشجاع بن الكمال بن داود الظفري اليماني، العلامة الشهير المحقق الكبير، ترجمه له صاحب " مطلع البدور " ولم يذكر له شيوخا ولا مولدا ولم أقص أنا على ذلك.
له كتاب " الإيجاز في المعاني والبيان " لخصه من التلخيص للقزويني ولكنه حذف ما وقع عليه الاعتراض من شرحه وأهل الحواشي وأبدله بعبارة لا يرد عليها ما أوردوه وبالغ في الاختصار من دون إهمال لما تدعو إليه الحاجة مما في الأصل. وقد شرحه. وله " الإيجاز في المعاني والبيان " و" شرح الكافية " وشرح الفوائد الغياثية وأرجوزة في الفرائض.
توقي في ظفير حجه في رجب سنة (1035هـ).
انظر: " البدر الطالع " (2/ 71 - 73)، و" الروض الأغن " (2/ 163 رقم 657).(3/1409)
حرف الباء الموحدة
59 - (البحر الزخار للإمام المهدي أحمد بن يحيى (1):
أرويه عن شيخنا السيد العلامة عبد القادر بن أحمد عن شيخه أحمد بن عبد الرحمن الشامط عن شيخه الحسين بن أحمد زبارة عن القاضي أحمد بن صاع بن أبي الرجال عن القاضي أحمد بن سعد الدين عن الإمام المؤيد بالله محمد بن القاسم بن محمد عن أبيه عن السيد صلاح بن أحمد بن عبد الله الوزير عن أبيه عن الإمام شرف الدين عن الإمام محمد ابن علي السراجي عن الإمام المطهر بن محمد بن سليمان عن المؤلف. وأرويه بطرق غير هذه قد تقدم ذكر بعضها متصلا بالمؤلف.
60 - (البحر لأبي حيان (2): أرويه بالإسناد المتقدم أول هذا المجموع إلى البابلي عن أبي الإمداد إبراهيم بن إبراهيم عن عمر بن الجائي عن أبي الفضل الجلال السيوطي عن العلم صاع البلقيني عن أبيه عن
_________
(1) البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار من الكتب المعتمدة لدى الزيدية، وهو كتاب متداول مطبوع في (5) مجلدات أولى 1366هـ- 1974م. ممصر وله شروحات كثيرة منها:-" المنار ني المختار من البحر الزخار " للعلامة صالح بن مهدي المقبلى.
(2) هو محمد بن يوسف بن على بن يوسف بن حيان الغرناطي الجياني، الأندلسي، (أثير الدين، أبو حيان) أديب، لغوي، مقرئ، مؤرخ. ينتسب إلى قبيلة نقره البردرية.
ولد أواخر شوال سنة (654 هـ) وهو عالم تزود بالمعرفة والثقافة في بلده، ودرس علي شيوخها وصل عدد شيوخه نحو (450) شيخا. له مجموعة من المؤلفات منها: "البحر المحيط في تفسير القرآن "، وهو كتاب متداول مطبوع. و" الأمر الأحلى في اختصار المحلى " و" النهر الماد ". وغيرها من المؤلفات.
توفي بالقاهرة في 18 صفر سنة (745 هـ).
انظر: " طبقات السبكي " (3"6 - 44)، " الدرر الكامنة " (4/ 302 - 310)، " شذرات الذهب " (45/ 16)، "البدر الطالع " (28812 - 291)، " حسن المحاضرة "السيوطي (7/ 307 - 309).(3/1410)
مؤلفه.
61 - (بداية (1) الهداية للغزالي):
أرويها بالإسناد السابق في كتاب الإحياء المتصل بالمؤلف.
62 - (البديع لابن الساعاتي (2):
أرويه بالإسناد المتقدم في أوائل هذا المجموع إلى البابلي عن أبي الإمداد اللقاني عن عمر ابن الجائي الحنفي عن أبي الفضل الجلال السيوطي عن النجم محمد بن أحمد بن عبد الله الغماري عن إبراهيم بن أحمد التنوخى عن الحافظ البرزالي عن المؤلف.
63 - (بديعية ابن حجة (3) وشرحها له):
أرويها وسائر مصنفاته هذا الإسناد المتقدم إلى السيوطي عن شيوخه كالحافظ ابن
_________
(1) طبع هذا الكتاب عدة طبعات. انظر المعجم المؤسس (2/ 135).
(2) هو أحمد بن علي بن ثعلب بن أبي الضياء الحنفي، البعلبكي الأصل، البغدادي المولد والمنشأ، المعروف بابن الساعاتي (أبو العباس، مظفر الدين) فقيه، أصولي، أديب.
توفي سنة (694).
من تصانيفه " مجمع البحرين " وشرحه في مجلدين كبيرين في فروع الفقه الحنفي، البديع قي أصول الفقه "الدر المنصور في الرد على فيلسوف اليهود (ابن كمونه) " بيان معاني البديع النظام الجامع بين كتابي البزدوي والأحكام".
انظر: " الجواهر المضية " (1/ 80 - 81) للقرشي و" الفوائد البهية " (ص27) للكنوي.
(3) العلامة الأديب أبو بكر بن على بن حجة الحموي الحنفي الأزراري، ولد سنة 767 هـ كان يعمل في بيع الأزرار فتولع بالأدب ومهر به وكان طويل النفس قي النظم والنثر، وله مقاطيع بديعة، كان حسن الأخلاق والمروعة. وهو من شيوخ الحافظ بن حجر وتلميذ له أيضا- أقران- توفي سنة 837 هـ.
له مصنفات: " بلوغ المرام من سيرة ابن هشام " والروض الأنف والأعلام.
" المعجم المؤسس " (9613 رقم 461)، " البدر الطالع " (1/ 164)، و" النجوم الزاهرة " (189/ 15)، " شذرات الذهب " (7/ 219).
وكتابه " البديعة " فقد طبعت في بولاق عام (291 ا هـ) وفي المطبعة الأدبية ببيروت عام (1323). " معجم المطوعات " (1/ 76).(3/1411)
حجر والبلقيني وغيرهما عن المؤلف.
64 - (البدر المنير لابن الملقن (1): أرويه وسائر تصانيفه هذا الإسناد السابق إلى السيوطي عن شيوخه المذكورين عن المؤلف.
65 - (بدر التمام (2) شرح بلوغ المرام للمغربي (3):
_________
(1) هو عمر بن علي بن احمد بن محمد بن عبد الله الأنصاري، الأندلسي، التكروري الأصل، المصري، الشافعي، ويعرف بابن الملقن " سراج الدين، أبو حفص " فقيه، أصولي، محدث، حافظ، مؤرخ مشارك في بعض العلوم.
ولد بالقاهرة سنة (723 هـ) وتوفي ها سنة (4 80 هـ).
من تصانيفه: " الإشارات إلى ما وقع في المنهاج " للنووي من الأسماء والمعاني واللغات في فروع الفقه الشافعي، "العقد المذهب في طبقات حملة المذهب من زمن الشافعي "مختصر مسند الإمام أحمد " " شرح ألفية ابن مالك في النحو "البدر المنير في تخريج الأحاديث والآثار الواقعة قي الشرح الكبير للرافعي "- وقد طبع منه كتاب الطهارة- وغيرها من المؤلفات الكثيرة.
انظر: " الضوء اللامع " (6/ 100 - 105)، " شذرات الذهب " (7/ 44 - 45)، " البدر الطالع " (1/ 508 - 511) "، حسن المحاضرة "
(1/ 249).
(2) هذا الكتاب لا يزال مخطوطا، وهو أصل " سبل السلام " لابن الأمير رحمه الله! حيث! ام ابن الأمير باختصار هذا الكتاب وحماه " سبل السلام ".
قال الشوكاني في " البدر الطالع " (1/ 230) " ((" البدر التمام شرح بلوغ المرام " وهو شرح حافل نقل ما قي التلخيص من الكلام على متون الأحاديث وأسانيدها، ثم إدا كان الحديث في البخاري نقل شرحه من " فتح الباري " وإذا كان في صحيح مسلم نقل شرحه من شرح النووي، وتارة ينقل من شرح السنن لابن رسلان، ولكنه لا ينسب هذه النقول إلى أهلها غالبا مع كونه يسوقها باللفظ. وينقل الخلافات من (البحر الزخار) للإمام المهدي احمد بن يحيى. وفي بعض الأحوال من " فاية ابن رشد " ويترك التعرض للترجيح في غالب الحالات وهو مرة الاجتهاد، وعلى كل حال فهو شرح مفيد وقد اختصره السيد العلامة محمد بن إسماعيل الأمير وسمي المختصر " سبل السلام " هـ
وللبدر (14) نسخة أنظرها في الفهرس الشامل (1/ 290).
(3) هو الحسين بن محمد بن سعيد بن عيسى اللاعي المعروف بالمغربي.(3/1412)
أرويه عن شيخي السيد عبد القادر بن أحمد عن شيخه السيد هاشم بن يحيى الشامي عن المؤلف.
66 - (البردة (1) للبوصيري (2): أرويه بالإسناد المتقدم إلى البابلي عن سليمان بن عبد الدائم عن النجم محمد بن أحمد عن شيخ الإسلام زكريا عن أبي إسحاق الصالحي عن الصلاح أبي عبد الله محمد بن محمد بن الحسن الشاذلي عن علي بن خاير الهاشمي عن ناظمها.
67 - (البسامة (3) للسيد صارم الدين إبراهيم بن محمد .... .... ....
_________
(1) وهي قصيدة مشهورة معروفة، إلا أن فيها بعض المعاني التي تعد من المخالفات الشرعية الواضحة. مثل القسم بالرسول صلى الله عليه واله وسلم، ويصرح بسحود الشجر لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وفيها: إخلال بتوحيد الربوبية، وفيها: صرف خصائص الربولية والإلهية لغير الله ... وما شاكل دلك.
(2) هو محمد بن سعيد بن حماد بن محسن بن عبد الله الصنهاجي، الدلالي، البوصيري (شرف الذين، أبو عبد الله) صوفي، من أهل الطرق. ناظم.
ولد بدلاصي في أول شوال سنة (608 هـ) ونشأ في أبو صير، وتوفي في الإسكندرية سنة (694 هـ).
من آثاره: " قصيدة الكواكب الدرية في مدح خير البرية "، المعروفة بالبردة. " أم القرى في مدح خير الورى " (قصيدة) " وتفريج الشدة بتسبيع البردة "، " تعشير الكواكب الدرية في مدح حير البرية "الجواهر المضية لحل ألفاظ الهمزية في مدح الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ " وغيرها.
انظر: " شذرات الذهب " (5/ 1432 هدية العارفين " (2/ 138) " كشف الظنون " (1331 - 1349) لحاجي خليفة المعجم المؤلفين "
(3/ 317 - 318).
(3) البسامة: تاريخ منظوم بالغ الشهرة لأئمة الزيدية الحاكمين على اليمن وبعض البلدان الأخرى. وهو في نحو مائتين وأربعين بيتا ويسمى " جواهر الأحبار في سيرة الأئمة الأخيار " واعتنى العلماء بشأنه كثيرا فنظموا له ذيولا في العصور المختلفة.(3/1413)
الوزير (1):
أرويها بالإسناد السابق في أول هذا المجموع إلى الإمام شرف الدين عن الناظم.
68 - (البستان (2) لمحمد بن أحمد بن مظفر (3):
أرويه بالإسناد السابق إلى الإمام القاسم بن محمد عن عبد العزيز بن محمد هران عن يحيى حميد عن محمد بن عبد الله راوع عن المؤلف.
69 - (بشرى اللبيب (4) بذكرى الحبيب لابن .... .... .... .....
_________
(1) الإمام إبراهيم بن محمد الوزير، من أئمة الزيدية (834 - 914) كما في الروض الأغن وقال الشوكاني قي " البدر الطالع " (1/ 31) ولد سنة 860 هـ.
من مصنفاته الفصول اللؤلؤية، هداية الأفكار في شرح الأزهار وله شرح: بسامة أهل البيت.
الروض الأغن (1/ 21 - 22 رقم 30)، البدر الطالع (1/ 31)، مؤلفات الزيدية (1/ 206 رقم 560)
(2) البستان في شرح البيان: وهو شرح على كتاب " البيان الشافي المنتزع من البرهان " لجده يحيى بن احمد الحمدي فذكر فيه أدلة المذاهب ووجه المسالة وعلتها.
واحمه الكامل " البستان الجامع للفواكه الحسان المثمر للياقوت والمرجان الناطق بحجج البيان من السنة والقرآن.
مؤلفات الزيدية (1/ 207 رقم 561).
مكتبة الجامع الكبير (1330) كتبه صلاح بن محمد بن الهادي 896.
(3) محمد بن أحمد بن يحيى الصنعاني، اليمني الزيدي، المعروف بابن المظفر توفي سنة 926 هـ.
له عدة مؤلفات. بحت في مسألة المحتسب، الترجمان.
البدر الطالع (2/ 124)، الروض الأغن (3/ 14 رقم 688).
(4) بشرى اللبيب بذكرى الحبيب. كتاب رتب فيه قصائده في مدح النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الحروف، ثم شرحها. طبع قسم منه سنة 1231هـ بعناية أحد المستشرقين في ألمانيا.
وله عدة مخطوطات منها في: دار الكتب المصرية رقم (5088) أدب، وتيمورية (751)(3/1414)
سيد الناس (1): أرويها بالإسناد المتقدم إلى الديبع عن عبد اللطيف الشرجي عن نفيس الدين العلوي عن سراج الدين بن النحوي عن المؤلف. وكذلك سائر تصانيفه.
70 - (البعث والنشور (2) للبيهقي):
أرويه بالإسناد السابق في كتاب الأسماء والصفات له فارجع إليه.
71 - (بلوغ المرام لابن حجر (3):
_________
(1) ابن سيد اليعمري الأندلسي الإشبيلي (671 - 734 هـ) صاحب عيون الأثر وغيرها، قال عنه الذهبي في " المعجم المختصر ". أحد أئمة هذا الشأن.
وقال ابن كثير: اشتغل بالعلوم فبرع وساد أقرانه في علوم شيء من الحديث والفقه والنحو، وعلم السير والتاريخ وغير ذلك، وقد جع سيرة حسنة في مجلدين.
تذكرة الحفاظ (4/ 233)، الدرر الكامنة (4/ 330).
(2) طبع هذا الكتاب عدة مرات
(3) هو احمد بن علي بن محمد بن محمد علي بن أحمد الكناني، العسقلاني، المصري المولد، والمنشأ والدار والوفاة، الشافعي ويعرف بابن حجر (شهاب الدين، أبو الفضل) محدث، مؤرخ، أديب، شاعر.
ولد سنة (773 هـ) وتوفي سنة (852 هـ).
له مصنفات كثيرة منها: " فتح الباري شرح صحيح البخاري "، " الدرر الكامنة "، " الدراية "، " نتائج الأفكار "، " تلخيص الحبير "، " الخصال المكفرة "، " نخبة الفكر " وغيرها.
وأما الكتاب المذكور " بلوع المرام " فقد أكرمني الله بتحقيقه وتخريج أحاديثه ولله الحمد والمنة.
انظر: " شذرات الذهب " (7/ 270 - 273) " حسن المحاضرة " (1/ 206 - 08 2) " البدر الطالع (1/ 87 - 92).(3/1415)
أرويه عن شيخي السيد عبد القادر بن أحمد عن شيخه السيد أحمد بن عبد الرحمن عن شيخه السيد الحسن بن أحمد زبارة عن شيخه عبد العزيز بن محمد الحبيشي عن إبراهيم ابن عبد الله بن جعمان عن محمد بن إبراهيم بن جعمان عن إبراهيم بن محمد بن جعمان عن السيد الطاهر الأهدل عن عبد الرحمن الديبع عن الحافظ السخاوي عن المؤلف. وأرويه بطرق أخر.
72 - (البلغة (1) للمؤيد بالله الهاروني):
أرويها بالإسناد المتقدم في كتاب الأمالي له فارجع إليه.
73 - (البهجة لان الوردي (2): أرويها بالإسناد السابق إلى البابلي عن علي بن إبراهيم الحبي عن الشمس محمد الرملي عن الشيخ زكريا عن الحافظ ابن حجر العسقلاني عن أبي اليسر ابن الصائغ عن ناظمها.
74 - (بهجة المحافل للعامري (3):
_________
(1) كتاب لطيف مثقل بالفوائد والزوائد على مذهب الإمام الهادي، ألفه للصاحب بن عباد، مؤلفات الزيدية (1/ 213 رقم 582).
(2) هو عمر بن مظفر بن عمر بن محمد بن أبي الفوارس المعري، الحبي، الشافعي، المعروف بابن الوردي (زين الدين) فقيه، أديب، ناثر، ناظم، لغوي، نحوي، مؤرخ.
ولد. معرة النعمان، وتوفي بحلب سنة (749 هـ).
من تصانيفة الكثيرة: " رسالة قي مفاخرة السيف والقلم "، " منظومة في تفسير الأحلام "، " منافع النبات والثمار والبقول والفواكه "" نظم الحاوي الصغير " للقزويني في فروع الفقه الشافعى وعاه " البهجة الوردية "" نصيحة الإخوان ومرشدة الخلان "" ديوان شعري مجلدين ". و (البهجة في نظم الحاوي) في (5063) بيتا. نظم به (الحاوي) الصغير بغالب ألفاظه أقسم بالله لم ينظم أحد بعده الفقه إلا وقصر دونه طبعت عام 3" هـ طبعة حجرية بالمطبعة البهية- مطبعة أبي زيد.
انظر: " الدرر الكامنة " (3/ 195 - 197) " طبقات السبكي " (6/ 243 - 245) " شذرات الذهب " (6/ 161 - 162) " البدر الطالع " (1/ 514 - 515).
(3) هو ير بن أبي بكر بن محمد بن يحيى بن محمد العامري، الحرضى، اليماني(3/1416)
أرويها بالإسناد السابق إلى الديبع عن إبراهيم بن أبي القاسم بن جعمان عن المؤلف.
75 - (البيان (1) لابن مظفر (2):
أرويه بالإسناد المتقدم إلى الإمام شرف الدين عن شيخه علي بن أحمد عن شيخه علي بن زيد عن المؤلف.
76 - (البيان لابن معرف (3):
_________
= (أبو زكريا) محدث، حافظ مؤرخ مشارك في بعض العلوم.
ولد في حرض سنة (816 هـ) وتوفي فيها سنة (893 هـ).
من تصانيفه: " غربال الزمان في التاريخ "، " بهجة المحافل وبغية الأماثل قي تلخيص السير والمعجزات والشمائل " طبع في مجلدين.
" الضوء اللامع " (10/ 224) و" البدر الطالع " (32512 - 326).
(1) " البيان الشافي المنتزع من البرهان الكافي " في مجلدين كبيرين، وهو معتمد كثير من علماء الزيدية في الفقه، وهو يجمع في كل مسألة آراء الأئمة وعلماء المذهب بالإضافة إلى ما يؤدي إليه اجتهاد المؤلف ونظره.
مؤلفات الزيدية (1/ 224 رقم 615).
(2) هو يحيى بن احمد بن مظفر. قال الشوكاني في " البدر الطالع "
(325/ 2 - 326): (ترجم له في مطلع البدور، واقتصر على ذكر اسمه واسم أبيه وجده. وقال إنه كان عارفا مجددا ولم يزد على هذا. ومن جملة مصنفاته: " الكواكب على التذكرة والبيان " وغير ذلك وأرخ موف لسنة (875 هـ) هـ.
وقال الشوكاني (2/ 327) عن كتابه البيان هذا: (كما صرح بذلك صاحب الترجمة في أول مصنفه الذي على " البيان " فإنه قال: وجعلت فيه ما كان مطلقا فهو من كتابي التذكرة والزهور، أو ما نقلته عن شيخي المشهور عالم الزمان يوسف بن أحمد بن محمد بن عثمان، أو مما استحسنته من البحر الزحار. وقد عكف الطلبة على كتابه المذكور في ديار الزيدية كصنعاء وذمار وصعده وغيرها. وصار لديهم من أعظم ما يعتمدونه في الفقه) هـ.
(3) هو محمد بن معرف، الشيخ الزيدي من علماء الزيدية الأعلام، عاصر الإمام المهدي أحمد ابن الحسين، وشهد بإمامته، ودرس على الأمير علي بن الحسين وفي المستطاب، أنه شيخ الأمير، وأخذ عن ابن معرف الأمير الحسين بن محمد(3/1417)
أرويه بالإسناد المتقدم إلى الإمام شرف الدين أيضًا عن شيخه على بن أحمد عن شيخه على بن زيد عن السيد أبي العطايا عن الفقيه يوسف عن الفقيه حسن عن الفقيه يحيى عن الأمير المؤيد عن الأمير الحسن عن المؤلف.
77 - (البيان في التفسير للنجراني (1):
أرويه هذا الإسناد إلى الأمير الحسن عن المؤلف عطية بن محمد النجراني.
وله مؤلفات منها: " المذاكرة "المنهاج" وغير ذلك.
انظر: " تراجم الرجال " للجنداري (ص 36).
_________
(1) هو عطية بن محمد بن احمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد النجراني، الزيدي، فقيه مفسر.
ولد سنة (603 هـ) وتوفي سنة (665 هـ).
انظر " تراجم الرجال " للجنداري (ص 23) و" معجم المؤلفين " (238) 0 الروض الأغن (2/ 201رقم 532).
أما كتابه (البيان في التفسير) فقد جاء في الروض الأغن (210) ومصادر الفكر ص 16 أنه ما ذكر إلا عند الإمام الشوكاني قي (إتحاف الأكابر) ص 22، ووقف عليه بن الحسين. صاحب (المستطاب) وقال قي وصفه: كتاب جليل، جمع فيه من علوم التفسير، الموافقة لقواعد الزيدية، قي العدل والتوحيد وأكثر ما ينقل من تفسير الإمام أبي الفتح (ت 433 هـ).(3/1418)
حرف التاء المثناة من فوق
78 - (التبيان في آداب حملة القرآن (1) للنووي):
أرويه بالإسناد المتقدم في كتاب الأذكار له.
79 - (التجريد (2) للمؤيد بالله):
أرويه بالإسناد المتقدم في كتاب الأمالي المتصل بالمصنف.
80 - (التحرير (3) لأبي طالب):
أرويه بالإسناد المتقدم في كتاب الإفادة المتصل بالمؤلف.
81 - (التحرير لابن الهمام (4) أرويه بالإسناد السابق إلى البابلي عن الزين عبد الله بن محمد النحريري عن الجمال
_________
(1) طبع مرارا أقدمها ما طبع عام 1286 هـ. ممصر وعام 1307هـ. ممصر.
(2) التجريد في علم الأثر: أسند كل حديث فيه من خمس طرق، وهو في فقه الهادي يحيى بن الحسين وجده القاسم الرسى مؤلفات الزيدية (1/ 249 رقم 687).
(3) التحرير في الكشف عن نصوص الأئمة النحارير: تلخيص لمذاهب الإمامين القاسم بن إبراهيم ويحيى بن الحسين وأولادهما من أئمة الزيدية.
مؤلفات الزيدية (7/ 253 رقم 701).
(4) هو محمد بن عبد الواحد بن عبد الحميد بن مسعود السواسي الأصل، الإسكندري، ثم القاهري الحنفي، المعروف بابن الهمام (كمال الدين) المشارك في الفقه والأصول والتفسير وغير ذلك.
ولد بالإسكندرية سنة (790 هـ) وتوفي بالقاهرة سنة (861 هـ).
من تصانيفة: " شرح الهداية في فروع الفقه الحنفي "، وسماه " فتح القدير " للعاجز الفقير " مختصر الرسالة القدسية بأدلتها البرهانية " للغزالي، " التحرير في أصول الفقه " و" شرح بديع النظام الجامع بين كتابي البزدوي والأحكام " لابن الساعاتي.
انظر:"الضوء اللامع" (8/ 127 - 132) " البدر الطالع" (2/ 201 - 202) " حسن المحاضرة" (1/ 270).(3/1419)
يوسف بن زكريا عن والده عن المؤلف.
82 - (التدريب لسراج الدين البلقيني (1): أرويه بالإسناد السابق في بلوغ المرام إلى الحافظ ابن حجر عن المؤلف.
83 - (التذكرة للقرطبي (2): أرويها بالإسناد المتقدم في أوائل هذا المجموع إلى البابلي عن يوسف الزرقاني عن الشمس الرملي عن القاضي زكريا عن القاضي أبي محمد عبد الرحيم بن الفرات عن القاضي عبد العزيز بن محمد بن جماعة عن أبي جعفر بن الزبير عن المؤلف. .
وقد شرح " التحرير " العلامة محمد أمين المعروف بأمير بوشاه الحسيني بعنوان " تيسير التحرير " تصوير دار الكتب العلمية بيروت- دون تاريخ.
_________
(1) هو عمر بن رسلان بن نصير بن صاع بن عبد الخالق بن عبد الحق الكناني، القاهري الشافع، العسقلاني الأصل البلقيني (سراج الدين، أبو حفص) محدث، حافظ، فقيه، أصولي، مجتهد، بياني، نحوي، مفسر، متكلم ناظم.
ولد ببلقينه من بلاد الغربية. ممصر سنة 724 هـ وتوفي بالقاهرة سنة (855 هـ).
له تصانيف كثيرة منها: " ترجمان شعب الإيمان " حاشية على الكشاف " التدريب " قطر السيل في أمر الخيل ".
انظر: " الضوء اللامع " (8516 - 90) " شدرات الذهب " (51 - 52) " البدر الطالع " (1/ 506 - 507).
(2) هو محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري، الخزرجي، الأندلسي، القرطبي، المالكي (أبو عبد الله) مفسر. توفي. ممنية بن خصيب. ممصر سنة (671 هـ).
من تصانيفه: " الجامع لأحكام القرآن والمبين لما تضمنه من السنة رأي الفرقان "، " الأساس في شرح أسماء الله الحسنى " في مجلدين، " قمع الحرص بالزهد والقناعة ورد ذل السؤال بالكف والشفاعة "، و" التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة ".
انظر: " شذرات الذهب " (5/ 335) " هدية العارفين " (2/ 129) " معجم المؤلفين " (3/ 52).(3/1420)
84 - (التذكرة (1) للفقيه حسن النحوي (2):
أرويها بالإسناد المتقدم إلى الإمام شرف الدين عن شيخه علي بن أحمد الشطط عن شيخه على بن زيد عن يحيى بن أحمد بن مظفر عن الفقيه يوسف بن أحمد بن عثمان عن المؤلف.
85 - (الترغيب والترهيب (3) للمنذري):
أرويه بالإسناد المتقدم إلى الديبع عن شيخه الشرجي عن محمد بن أبي بكر العثماني عن الجمال إبراهيم بن محمد اللخمي الأمير عن يونس بن إبراهيم الدبوسي عن المؤلف. 86 - (التسهيل (4) لابن مالك وسائر تصانيفه):
أرويها بالإسناد المتقدم إلى البابلي عن الشهاب أحد السنهوري عن ابن حجر المكي
_________
(1) التذكرة الفاخرة في فقه العترة الطاهرة قال الشوكاني في البدر (1/ 210) أودع فيه من المسائل مالا يحيط به الحصر مع إيجاز وحسن تعبير، وكان الكتاب مدرس الزيدية وعمدتهم حتى اختصره الإمام المهدي، وجرد منه الأزهار، فمال الطلبة إلى المختصر. وقال الجنداري: إذا أطلق لفظ التذكرة فهي تذكرة الفقيه حسن النحوي واعتمد المؤلف في كتابه على كتاب اللمع وشرح الزيادات وكتاب القاضي زيد بن محمد يقول بعض الشيوخ في وصف كتاب التذكرة، الأزهار أمه، واللمع جدته فرغ منه مؤلفه سنة 790 هـ 17 مجلدا قي مكتبة الأوقاف.
مصادر الحبشي، البدر الطالع (1/ 210).
(2) هو الحسن بن محمد بن الحسن بن سابق الدين بن علي بن احمد بن أسعد بن أبي السعود ابن يعيش المعروف بالنحوي. الصنعاني الزيدي، عالم الزيدية في زمانه وشيخ شيوخهم، وناشر علومهم، كان يحضر حلقة تدريسه زهاء ثمانين عالما وله تحقيق وإتقان لا سيما لعلم الفقه يفوق الوصف.
انظر: البدر الطالع (1/ 210) أعلام المؤلفين الزيدية (ص 341).
(3) هو كتاب في الحديث مجموع على أبواب منتقاة وهو مطبوع متداول. ومن الذين خدموا هذا الكتاب خدمة طيبة المحدث الألباني، في "صحيح الترغيب"و" ضعيف الترغيب ".
(4) اسم الكتاب: (تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد) طبع سنة 1319 هـ بالمطبعة الأميرية وطبع عام 1323 هـ بفاس، وقي دار الكتاب العربي عام 381 1 هـ(3/1421)
عن الزين زكريا عن العلم صاع البلقيني عن إبراهيم بن أحمد التنوخي عن الشهاب محمود بن سلمان عن المؤلف.
87 - (تفسير الثعلي (1) المسمى الكشف والبيان في تفسر القرآن (2): أرويه عن شيخي السيد عبد القادر بن أحمد عن شيخه السيد سليمان بن يحيى الأهدل عن السيد أحمد بن محمد الأهدل عن السيد ير بن عمر الأهدل عن يوسف بن محمد البطاح الأهدل عن السيد الطاهر بن حسين الأهدل عن الحافظ الديبع عن زين الدين الشرجي عن نفيس الدين العلوي عن أبيه عن أحمد بن أبي في الشماخي عن أبيه عن إسحاق بن أبي بكر الطبري عن محمد ابن إسماعيل بن أبي الصيف اليمني عن محمد بن علي النوقاني عن ناصر بن سهل البغدادي عن محمد بن المنتصر عن محمد بن الفرخزاذي عن المؤلف.
88 - (تفسير البغوي (3) المسمى معالم التنزيل وأسرار .... .... .... .....
_________
(1) هو أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي النيسابوري (أبو إسحاق) مفسر، مقرئ، واعظ، أديب، تورني سنة (427 هـ).
من تصانيفه: " الكشف والبيان عن تفسر القرآن "، " هـ عرائس المجالس المعروف قصص الأنبياء "، " ربيع المذكرين ".
انظر: " البداية والنهاية " (12/ 40) " شدرات الذهب " (3/ 230 - 231).
(2) تفسير " الكشف والبيان في تفسير القران " طبع. وقال ابن تيمية في مقدمته في أصول التفسير (ص 19) والثعلبي في نفسه كان فيه خير ودين، وكان حاطب ليل، ينقل ما وجد في كتب التفسير: من صحيح وضعيف وموضوع " وقال ابن تيمية في الفتاوى (2/ 193) وقد سئل عن بعض كتب التفسير: وأما الواحدي فإنه تلميذ الثعلبي، وهو أخبر منه بالعربية، لكن الثعلبي فيه سلامة من البدع وإن ذكرها تقليدا لغيره وتفسيره وتفسير الواحدي البسيط والوسيط والوجيز فيها فوائد جليلة وفيها غث كثير من المنقولات الباطلة وغيرها. وانظر: " التفسير والمفسرون "
(1/ 221).
(3) هو الحسين بن مسعود بن محمد المعروف بابن الفراء (البغوي) الشافعي (أبو محمد) فقيه، محدث، مفسر، ولد في " بغشور " وتوفي. بمرو سنة (516 هـ) وعالق بضعا وسبعين سنة. من تصانيفه: " معا لم التتريل ني التفسير "، "مصابيح السنة "، " التهذيب في فروع الفقه الشافعي"، " الجمع بين الصحيحين "، " شمائل النبي المختار ".
انظر: " وفيات الأعيان " (1/ 402) " النجوم الزاهرة " لابن تغري (5/ 223 - 224) " تذكرة الحفاظ " (4/ 52 - 53) " شذرات الذهب " (4/ 48 - 49).(3/1422)
التأويل (1):
أرويه بالإسناد المذكور قريبا إلى الشماخي عن الشيخ محمد بن إسماعيل الحضرمي عن محمد بن إسماعيل بن أبي الصيف اليماني عن محمد بن أبي بكر بن عيسى الأصفهاني عن المؤلف.
89 - (تفسر الواحدي (2) البسيط والوسيط والوجيز):
أرويه بالإسناد المتقدم إلى الشماخي عن أبي الفتوح عثمان بن عبد الله الشرعي عن القاضي عبد الله بن أبي عقامة عن القاضي أحمد بن عبد الله القريظي عن إسماعيل بن عبد الملك الدينوري عن الشيخ عبد الجبار بن محمد البيهقي عن المؤلف.
90 - (تفسير الزمخشري (3) المسمى الكشاف (4):
_________
(1) أما تفسير البغوي: فقد قال ابن تيمية في مقدمته في أصول التفسير ص19: والبغوي تفسيره مختصر من الثعلبي، لكنه صان تفسيره عن الأحاديث الموضوعة والآراء المبتدعة ".
وقال ابن تيمية في الفتاوى (2/ 193): وقد سئل عن أي التفاسير اقرب إلى الكتاب والسنة؟ الزمخشري؟ أم القرطبي؟ أم البغوي؟ أم غير هؤلاء " وأما التفاسير الثلاثة المسئول عنها، فأسلمها من البدعة والأحاديث الضعيفة البغوي، لكنه مختصر من تفسير الثعلبي، وحذف منه الأحاديث الموضوعة والبدع التي فيه، وحدد أشياء غير ذلك".
(2) انظر كلام ابن تيمية وقد تقدم
(3) انظر كلام ابن تيمية وقد تقدم
(4) قال الشيخ حيدر الهروي- أحد الذين علقوا على الكشاف- واصفا الكشاف بقوله: " ... وبعد، فإن كتاب الكشاف، كتاب على القدر رفيع الشأن، مثله في تصانيف الأولين، ولم يرد شبيهه في تأليف الآخرين. اتفقت على متانة تراكيبه الرتميقة كلمة المهرة المتقنين، واجتمعت على محاسن أساليبه الأنيقة ألسنة التزم في كتابه أمورا ذهبت برونقه ومائه، وأبطلت منه ورواءه، فتكدرت مشاركه الصافية، وتضيقت موارده الضافية، وتزلزلت رتبه العالية " (منها): أنه كلما شرع في تفسير آية من الآية القرآنية مضمونا لا يساعد هواه، ومدلولها لا يطاوع مشتهاه، صرفها عن ظاهرها بتكلفات باردة، وتعسفات جامدة .... و (منها): أنه يطعن في أولياء الله المرتضين من عباده، .. و (منها): أنه أورد فيه أبياتا كثيرة، وأمثالا غزيرة بن على الهزل والفكاهة أساسها .... و (منها): أته يذكر أهل السنة والجماعة- وهم الفرقة الناجية- بعبارات فاحشة، " التفسير والمفسرون " للذهبي (1/ 403 - 452)(3/1423)
أرويه بالإسناد المتقدم إلى الشماخي عن الشيخ إسماعيل بن مسعود الخوارزمي عن عبد
الله بن محمد الخوارزمي عن نجم الدين الحفص عن المؤلف.
91 - (تفسر أبي الخير عبد الله بن عمر البيضاوي (1) المسمى أنور التنزيل وأسرار التأويل):
أرويه بالإسناد المتقدم عند ذكره في حرف الهمزة. وأرويه بالإسناد المذكور قريبا لتفسير الثعلبي إلى الديبع عن إسماعيل بن محمد بن مبارز عن الخطيب موسى بن محمد الصنجاعي عن مجد الدين الفيروز آبادي عن عبد الله بن محمود الأصفهاني عن المؤلف.
92 - (تفسير النقاش (2):
_________
(1) قد تقدم ذكر ترجمته.
(2) هو محمد بن على بن عبد الواحد بن يحيى بن عبد الرحيم الدكالي، ثم المصري، الشافعي المعروف بابن النقاش (شمس الدين، أبو أمامة) محدث، فقيه، أصولي، نحوي، مفسر، واعظ، شاعر ناظم.
ولد سنة (725 هـ) وتوفي بالقاهرة سنة (763 هـ).
أخذ عن شهاب الدين الأنصاري والتقى السبكي وأبي حيان وغيرهم. درس بعدة مدارس، ووعظ بجامع دمشق.
من تصانيفه: " شرح العمدة " في ثمان مجلدات، " شرح تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد " لابن مالك في النحو، " تخريج أحاديث الرافعي "، " تفسير مطول للقرآن ".
انظر: " الدرر الكامنة " (4/ 71 - 74) " شذرات الذهب " (6/ 198) " البدر الطالع " (2/ 211 - 212). قال الشوكاني عن هذا التفسير في " البدر الطالع " (2/ 212): " وكتابا في التفسير مطولا جدا، والتزم أن لا ينقل حرفا عن تفسير احد ممن تقدمه، قال الصفدي: وكانت طريقته ني التفسير غريبة ما رأيت له في ذلك نظيرا " هـ.
وقال الذهبي: اعتمد الداني في (التيسير) على رواياته للقراءات، فالله أعلم فإن قلبي لا يسكن إليه وهو عندي متهم، عفا الله عنه.
انظر: الميزان (3/ 520) وسير النبلاء (15/ 573) ووفيات الأعيان (4/ 298).(3/1424)
أرويه بالإسناد المتقدم إلى الشماخي عن محمد بن أحمد بن مصباح عن عبد الله بن أحمد العمري عن الشيخ علي بن عمر الصقلي عن الشيخ محمد بن أحمد خونكار السجزي عن الشيخ الحسن بن أحمد الكرخي عن القاضي المحاملي عن المصنف.
93 - (التفسير المسمى عين المعاني (1): أرويه بالإسناد المتقدم إلى الشماخي عن القاضي إسحاق بن أبي بكر الطبري عن الشيخ محمد بن أحمد الغزنوي عن الشيخ أحمد بن أبي الفضل السجاوندي عن أبيه عن المؤلف.
94 - (تفسير السجستاني (2) المسمى نزهة القلوب):
أرويه بالإسناد السابق إلى الشماخي أيضًا عن أحمد بن عباس السامري عن محمد بن
_________
(1) اسم التفسير: " عين المعاني في تفسير السبع المثاني "، " والوقف والابتداء"
تأليف محمد بن طيفور الغزنوي السجاوندي أبو عبد الله، مفسر، مقرئ، نحوي. توفي سنة معجم المؤلفين (3/ 374)
(2) هو عبد الله بن سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشر بن شداد بن عمرو بن عمران السجستماني، الأزدي (أبو بكر) محدث، حافظ، مقرئ، مفسر، مشارك في بعض العلوم.
ولد بسجستان سنة (230 هـ) ورحل به أبوه منها يطوف به شرقا وغربا، وسمع الكثير، واستوطن بغداد وتوفي فيها سنة (316 هـ).
من تصانيفه: " تفسير القرآن الكريم "، " المصابيح في الحديث "، " الناسح والمنسوخ ".(3/1425)
علي المودي عن عبد الله بن محمد بن دحمان عن محمد بن أحمد المعروف بابن الخطاب عن عبد الباقي بن فارس المقري عن عبد الله بن الحسين بن حسنون المغربي عن المؤلف.
95 - (تفسر الحداد) (1): أرويه بالإسناد السابق إلى الشرجي عن محمد بن عمر بن شوعان عن المؤلف.
96 - (تفسر الغزنوي المسمى الكشف والبيان):
أرويه بالإسناد السابق إلى نفيس الدين العلوي عن أبي بكر بن محمد المخير في الحنفي عن محمد بن يوسف الصنجاعي عن محمود بن أحمد الواعظ الغزنوي عن يحيى بن عبد الصمد الغزنوي عن المؤلف.
97 - (تفسر الواحدي المسمى أسباب (2) النزول):
أرويه بالإسناد السابق عند ذكره في حرف الهمزة.
98 - (تفسر السهيلي (3) المسمى التعريف والإعلام بما أبهم في القرآن من الأسماء
_________
(1) هو أبو بكر بن علي الحداد الزبيدي الحنفي، قرأ على والده، وعلى علي بن نوح وعلى علي بن عمر العلوي، وبرع في أنواع من العلم، واشتهر مكره وطار صيته.
وصنف مصنفات في فقه الحنفية منها: " شرحان لمختصر القدوري صغير وكبير " وجمع تفسيرا حسنا هو الآن مشهور عند الناس يسمونه " تفسير الحداد " وله مصنفات كثيرة تبلغ عشرين مجلدا.
مات سنة (800 هـ). بمدينة زبيد. وله زهد وورع وعفة وعبادة.
انظر: " البدر الطالع " (1/ 166) و" معجم المؤلفين " (1/ 441).
(2) وهذا وهم كما يظهر من عنوان الكتاب (أسباب النزول) وليس تفسير وقد طبع مرارا
(3) هو عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد بن أصبغ الخثعمي، السهيلي، الأندلسي، المالكي، الضرير، (أبو القاسم أبو زيد، أبو الحسن) مؤرخ، محدث، حافظ، لغوي، مقرئ، أديب.
ولد بسهيل سنة (508 هـ) توفي. بمراكش سنة (581 هـ).
من مؤلفاته: " التعريف والإعلام فيما أبهم في القران من الأسماء والأعلام "، " القصيدة العينية "، " الروض الأنف "، " نتائج النظر ".
انظر: " وفيات الأعيان " (1/ 351 - 2 35) " تذكرة الحفاظ " (37/ 14 - 139) " البداية(3/1426)
والأعلام):
أرويه بالإسناد المتقدم إلى الشماخي عن عماد الدين بن زكريا الإسكندري عن أبي علي الحسين بن يوسف الكاتب عن المؤلف.
99 - (تفسير الرازي (1) المسمى مفاتيح الغيب (2): أرويه بالإسناد المتقدم إلى البابلي عن الشهاب أحمد السنهوري عن أحمد بن حجر المكي الهيثمى عن زكريا بن محمد عن التقي محمد بن محمد بن فهد عن مجد الدين الفيروز آبادي عن محمد بن عبد الله التفتازاني عن شرف الدين أبي بكر محمد الهروي عن المؤلف. وكذلك سائر مصنفاته أرويها هذا الإسناد.
100 - (تفسير ابن عطية (3)):
_________
(1) تقدم التعريف به (ص 268).
(2) وهو كتاب معروف مشهور، متداول مطوع.
وقد قام الدكتور محسن عبد الحميد بعمل دراسة عن الكتاب وصاحبه سماها " الرازي مفسرا" حري أن يقرأ.
وانظر ما قاله الذهني عن هذا التفسير قي كتابه " التفسير والمفسرون " (1/ 276 - 282).
(3) تفسير ابن علي المسمى " المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز " تفسير له قيمته العالية بين كتب التفسير، وعند جميع المفسرين، وذلك راجع إلى أن مؤلفه أضفى عليه من روحه العلمية الفياضة ما أكسبه دقة، ورواجا وقبولا.
وقد لخصه مؤلفه- كما يقول ابن خلدون في مقدمته- من كتب التفاسير كلها- أي تفاسير المنقول- وتحرى ما هو أقرب إلى الصحة منها، ووضع ذلك في كتاب متداول بين أهل المغرب والأندلس، حسن المنحى ".
ومؤلف هذا التفسير هو أبو محمد: عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي المغربي الغرناطي الحافظ.
ولي القضاء. بمدينة المرية بالأندلس، ولما تولى توخى الحق وعدل في الحكم وأعز الخطة. كان مولده سنة إحدى وثمانين وأربعمائة. وتوفي بلورقة سنة ست وأربعين وخمسمائة من الهجرة وقيل غير ذلك.
انظر ترجمته في " الديباج المذهب في أعيان المذهب " (2/ 57 - 59).
وانظر الكلام على تفسيره " التفسير والمفسرون " للذهبي (1/ 230 - 234).(3/1427)
أرويه بالإسناد المتقدم إلى البابلي عن عبد الرؤف المناوي عن الشمس الرملي عن زكريا عن العلم صاع البلقيني عن والده عن أثر الدين أبي حيان محمد بن يوسف عن الحسن بن أبي عامر الأشعري عن أبي الحسن علي بن أحمد الغافقى عن المؤلف.
101 - (تفسر أبي حيان (1):
أرويه بالإسناد المتقدم إلى البابلي عن أبي الإمداد إبراهيم بن إبراهيم بن حسن عن عمر ابن الجائي عن أبي الفضل السيوطي عن العلم صالح بن عمر البلقيني عن والده عن المؤلف.
102 - (تفسير الجلالين (2): أرويه بالإسناد المتقدم إلى البابلي عن أبي النجا سالم بن محمد عن محمد بن عبد الرحمن العلقمي عن الجلال أبي الفضل السيوطي والجلال المحلى (3) المؤلفين.
_________
(1) قد تقدم الكلام عليه.
(2) هذا تفسير مختصر اشترك في تأليفه عالمان جليلان الأول السيوطي والثاني المحلى. ألفه جلال الدين المحلي ابتدأ من أول سورة الكهف إلى آخر سورة الناس، ثم فسر الفاتحة، وبعد أن أتمها إخترمته المنية، وجاء السيوطي فكمل التفسير ابتداء من سورة البقرة إلى آخر سورة الإسراء. "
التفسير والمفسرون " (1/ 315).
(3) العلامة المحلي: هو محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أحمد بن هاشم المحلى، المصري، الشافعي (جلال الدين) مفسر، فقيه، متكلم، أصولي، نحوي، منطقي.
ولد بالقاهرة سنة (791 هـ) وتوفي سنة (864 هـ).
من تصانيفه: المختصر التنبيه " للشيرازي، " شرح جع الجوامع " للسبكي، " شرح منهاج الطالبين "، " شرح الورقات لإمام الحرمين ".(3/1428)
103 - (تفسير الجلال السيوطي المسمى " الدر المنثور" (1):
أرويه بالإسناد المذكور قبله.
104 - (تفسر الحاكم (2) المسمى التهذيب):
أرويه بالإسناد المتقدم في أول هذا المختصر إلى القاضي جعفر عن أبي جعفر الديلمي عن ابن المؤلف محمد عن أبيه المؤلف المحسن بن كرامة.
105 - (تفسير (3) الإمام عبد الله بن حمزة):
أرويه أيضًا بالإسناد المتقدم في أول هذا الكتاب المتصل به. 106:
(التقرير للأمير الحسين بن محمد (4):
_________
(1) هو كتاب مشهور، ومرجع متداول معتمد، مطبوع.
(2) هو المحسن بن محمد بن كرامة الجشمي، البيهقي، المعتزلي، ثم الزيدي (أبو سعد) متكلم، مشارك في علوم كثيرة ولد في رمضان سنة (413 هـ)، وقتل. بمكة سنة (494 هـ).
من تصانيفه: " كتاب العيون وشرحه "، " الرد على المجبرة "،كتاب المؤثرات "، " التهذيب في التفسير " في مجلدات، " جلاء الأبصار في الحديث "، " التقريب المنتزع من كتاب التهذيب ".
انظر: " تراجم الرجال " للجنداري ص 32 " معجم المؤلفين " (3/ 21 - 22).
وترجم له الزركلي في (الأعلام) (9/ 289): بتوسع وذكر أن تفسيره مخطوط، في ثمانية مجلدات، أي منها الرابع، السادس، الثامن، وهو الأخير في مكتبة الفاتيكان (1023،1025،1026 عربي) وذكر أنه: حنفي ثم معتزلي زيدي.
(3) تفسير القرآن الكريم: رتب في أوله مقدمات حسنة وأودع فيه كثيرا من الشواهد وتكلم في المعاني العربية ودلالة الآي على بطلان مذاهب المطرفية والجبرية القدرية. شرع قي سورة البقرة ولم يكملها. مؤلفات الزيدية (1/ 310 رقم 882).
(4) هو الحسين بن بدر الدين بن محمد بن أحمد الحسني الأمير الحافظ الفقيه، صاحب التصانيف منها: " شفاء الأوام "، " التقرير "، " شرح التحرير "، " المدخل "، " البديعة "، " الإرشاد ينابيع النصيحة "، " ثمرات الأفكار " وكان من أتباع الإمام المهدي أحمد بن الحسين إلى أن مات، توفي سنة (662 هـ) وعمره ثمانون، وقيل ستون، وقبره هجرة تاج الدين برغافة.
انظر: " تراجم الرجال " للجنداري (ص12).(3/1429)
أرويه بالإسناد المتقدم في كتاب الإبانة إلى الإمام المهدي أحمد بن يحيى عن السيد محمد ابن سليمان الحمزي عن الواثق عن أبيه عن المؤلف.
107 - (تقييد المهمل وتمييز المشكل للغساني الجياني) (1): أرويه بالإسناد المتقدم إلى الشماخي عن الحسن بن على بن هبة الله عن الحافظ أبي طاهر السلفي عن الشيخ أبي عبد الله محمد بن محمد الباهلي عن المؤلف.
108 - (التكميل لابن حابس (2)):
_________
(1) هو الحسن بن محمد بن أحمد الغساني، الأندلسي الجياني، (أبو على) محدث، حافظ، نسابة، لغوي، أديب، شاعر.
ولد سنة (427 هـ) وتوقي سنة (498 هـ) وروى عن حكم الجذامي، وحاتم بن محمد وابن عبد البر وطبقتهم.
من تصانيفه: " تقييد المهمل وتمييز المشكل في رجال الصحيحين " في جزئيين، و" أسماء رجال سنن أبي داود "، و"الأنساب".
انظر: " وفيات الأعيان " (1/ 198) " البداية والنهاية " (12/ 165) " تذكرة الحفاظ (4/ 30 - 31) " شذرات الذهب " (4/ 408 - 409) " النجوم الزاهرة " (5/ 192) " معجم المؤلفين " (1/ 633)
(2) هو أحمد بن يحيى حابس الصعدي، اليماني، الزيدي، عالم مشارك في عدة علوم.
تولى القضاء بصعده، وتوفي ها في 14 ربيع الأول سنة (1061هـ).
من تصانيفه: " المقصد الحسن في الحديث "، " شرح الشافية " لابن الحاجب لم يكمل، "التكميل لشرح الأزهار في الفقه "، " شرح على الثلاثين مسألة في أصول الدين "، "شرح تكملة الأحكام "، و" المقصد الحسن " و" المسلك الواضح السنن ".
انظر: " البدر الطالع " (1/ 127)، " هدية العارفين " (1/ 159 - 160)، " معجم المؤلفين " (1/ 323). التكميل: تكميل شرح الأزهار. كتاب جامع حافل، كمل فيه شرح ابن مفتاح بحواصل وضوابط وتقريرات.
ولعله المسمى ب " الجامعة لزبد الاختيارات والأنظار الكاشفة لمعاني ما احتوى لفظ الأزهار ".
" مكتبة الجامع الكبير " (1091 - 1013)، " مؤلفات الزيدية " (1/ 324رقم 929).(3/1430)
أرويه بالإسناد المتقدم إلى القاضي أحمد بن صاع بن أبي الرجال عن السيد صلاح بن أحمد المؤيدي عن المؤلف.
109 - (التلخيص لابن حجر):
أرويه بالإسناد المتقدم في بلوغ المرام المتصل. بمؤلفه.
(تلخيص المفتاح (1) أرويه عن شيخنا السيد عبد القادر بن أحمد عن شيخه أبي الحسن السندي عن الشيخ سالم بن عبد الله البصري عن أبيه عن أبي الإمداد إبراهيم اللقاني عن علي بن محمد المقدسي عن أبي الحسن البكري عن شيخ الإسلام زكريا عن أبي النعيم رضوان بن محمد عن إبراهيم بن أحمد التنوخي عن المؤلف جلال الدين القزويني.
_________
(1) مؤلف تلخيص المفتاح هو محمد بن عبد الرحمن بن عمر بن احمد بن محمد بن عبد الكريم بن الحسن بئ علما بن إبراهيم بن علي بن احمد بن دلف بن أبي دلف العجلي جلال الدين القزويني.
ولد سنة (666 هـ) وسكن الروم مع والده وأخيه، واشتغل وتفقه حئ ولي القضاء بالروم وهو
دون العشرين ثم قدم دمشق وعمن جماعة أهليها واشتغل في الفنون وأتقن الأصول والعربية والمعاني والبيان، وكان فهما ذكيا فصيحا مفوها، حسن الإيراد، جميل المعاشرة.
توقي سنة (739 هـ).
انظر: " البدر الطالع " (2/ 183 - 184).
أما الكتاب فهو " تلخيص المفتاح " هذا الكتاب في البلاغة، لخصه الخطب القزويني من كتاب (مفتاح العلوم) للسكاكي.
طبع- بككته عام (1815 م) وبالاستعانة (1260 هـ) وعام (1302 هـ).
"شذرات الذهب " (8/ 216)، " الدرر الكامنة " (4/ 30).(3/1431)
111 - (التلويح للسعد (1):
أرويه بالإسناد المتقدم إلى أبي الإمداد عن علي بن ير الزيادي عن السيد يوسف الأرميوني عن السيوطي عن أبي القاسم العقيلي عن الحسن بن علي الأبيوردي عن المؤلف. وكذلك سائر تصانيفه. "
2 - (التنبيه للشرازي وسائر مصنفاته (2): أرويها بالإسناد المتقدم إلى نفيس الدين العلوي عن أبيه عن محمد بن أحمد المطري عن الدمياطي عن بشير بن أبي بكر التبريزي عن أحمد بن عبد الوهاب البغدادي المعروف بابن سكينة عن محمد بن عمر الأرموي عن المؤلف.
113 - (التنقيح للقرافي (3)):
_________
(3): هو أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن بن عبد الله الصنهاجط الأصل البهنسى، المشهور بالقرافي (شهاب الدين، أبو العباس) فقيه، أصولي، مفسر، مشارك في علوم أخرى.
ولد بمصر سنة 626 هـ وتوفي ها سنة 684 هـ.
من تصانيفه: " الذخيرة قي الفقه "، " شرح محصول فخر الدين الرازي " و" التنقيح قي أصول الفقه "، " الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام " وغيرها.
انظر: " إيضاح المكنون " للبغدادي (1/ 72 - 27 1 - 135 - 1 6 1 - 6 هـ 2 - 732) " معجم المؤلفين" (1/ 100).
(1) تقدم التعريف، (ص 719).
(2) هو إبراهيم بن علي بن يوسف الشيرازي (أبو إسحاق، جمال الدين) فقيه، صوفي.
ولد سنة (393 هـ)، وتفقه في أول أمره بشيراز ثم ارتحل إلى بغداد فتفقه فيها وسكنها ومات بها سنة (476 هـ).
من مؤلفاته: " المهذب في الفقه "، " النكت في الخلاف "، " اللمع وشرحه " التبصرة في أصول الفقه "، " التنبيه في فروع الشافعية " و" شرحه " وغيرها.
انظر: " طبقات السبكي " (3/ 88 - 147) " البداية والنهاية " (12/ 124 - 125) " تهذيب الأسماء واللغات " (172/ 2 - 174) " وفيات الأعيان " (5/ 1 - 6).(3/1432)
أرويه بالإسناد المتقدم في غير موضع من هذا المختصر إلى البابلي عن سالم بن ظفير عن النجم محمد بن أحمد عن زكريا بن محمد القاضي عن العلم صاع البلقيني عن والده عمر عن أبي حيان عن المؤلف.
4 - (التنقيح (1) لابن الوزير):
أرويه بالإسناد المتقدم في كتاب الإيثار له.
5 - (التنقيح والتوضيح لابن صدر الشريعة وسائر تصانيفه (2): أرويها بالإسناد المتصل بالحافظ ابن حجر المتقدم في بلوغ المرام عن محمد بن محمد بن محمد بن البخاري عن أبي طاهر البخاري عن المؤلف. "
6 - (التهذيب في السيرة وهو معروف الآن بسيرة ابن هشام للإمام عبد الملك ابن هشام (3):
_________
(1) طبع في مصر مع شرحه (توضيح الأفكار لمعاني تنقيح الأنظار) للإمام الصنعاني بتحقيق: محمد محيى الدين عبد الحميد. مطبعة السعادة عام (1366هـ). ثم طبع. بمفرده بدار ابن حزم بتحقيقي بالاشتراك مع عامر حسين.
(2) هو عبيد الله بن مسعود بن محمود بن احمد بن عبيد الله البخاري، المحبوبي، الحنفي، صدر الشريعة الأصغر، فقيه أصولي، جدلي، محدث، مفسر، نحوي، لغوي، أديب، بياني، متكلم منطقي.
مات سنة نيف وثمانين وستمائة، وقيل سنة (745 هـ).
من تصانيفه: " شرح وقاية الرواية في مسائل الهداية لصدر الشريعة الأول "، " الوشاح في المعاني والبيان "، " التوضيح قي حل غوامض التنقيح في أصول الفقه " وكلاهما له، " تعديل العلوم في الكلام "، المختصر الوقاية "، و" مصنف قي النحو ".
انظر: " الفوائد البهية " للكنوي (ص159 - 112). " الجواهر المضية للقرشي " (2/ 365)، " معجم المؤلفين " (2/ 355).
(3) هو عبد الملك بن هشام بن أيوب الحميري، الذهلي، السدوسي، المعافري، البصري (أبو محمد) إخباري، نسابة، أديب لغوي، نحوي.
قدم مصر، وحدث ها، وتوقي أنها سنة (213 هـ) من آثاره: " تذيب السيرة النبوية "(3/1433)
أرويه بالإسناد المتقدم إلى الشماخي عن إسحاق الطبري عن أبي بكر بن حرز الله التونسي عن عبد الله بن محمد بن المحلى عن عبد الله محمد بن رفاعة عن على بن الحسن الخلعي [عن أبي إسحاق إبراهيم بن سعيد الحبال] (1) عن عبد الرحمن بن محمد بن النحاس، عن عبد الله بن الورد البغدادي عن [أبي سعيد محمد بن عبد الرحيم] (2) بن البرقي عن المؤلف ابن هشام وهذا التهذيب هو المعروف بسيرة ابن هشام، هذب سيرة ابن إسحاق وهو يروي السيرة المهذبة عن زياد بن عبد الله البكائي عن ابن إسحاق صاحب السيرة.
117 - (تذهيب الحاكم): تقدم تقريبا.
118 - (تذهيب السعد) (3):
أرويه بالإسناد المذكور قريبا لكتاب التلويح له.
119 - (تذهيب الكمال للمزي) (4):
أرويه بالإسناد المتقدم في الأطراف له.
120 - (تيسر الديبع) (5):
_________
(1) ساقط من المخطوط وهو استدراك من [ح] وهى زيادة لازمة لاتصال السند.
(2) ساقط من المخطوط وهو استدراك من [ح] وهى زيادة لازمة لاتصال السند.
(3) تقدمت ترجمته.
(4) طبع مؤخرا عن مؤسسة الرسالة في (35) مجلدا. تحقيق: الدكتور بشار عواد معروف
(5) هو عبد الرحمن بن علي بن محمد بن عمر بن على بن يوسف بن أحمد بن عمر الشيباني، العبدري الزبيدي، اليمني، الشافعي، المعروف بابن الديبع (وجيه الدين، أبو الفرج) محدث، حافظ، مؤخرا.
ولد بزبيد سنة (866 هـ) وتوفي ني (944 هـ). من آثاره: " بغية المستفيد قي أخبار مدينة زبيد "، " تيسير الوصول إلى جامع الأصول " (اختصره من " جماع الأصول ") لابن الأثير، وهو كتاب مطبوع متداول. وغيرها من المؤلفات.
انظر: " شذرات الذهب " (8/ 255 - 256) " البدر الطالع " (1/ 335 - 336).(3/1434)
أرويه بالإسناد المتصل به المذكور في هذا المختصر مكررا في غير موضع كما تقدم في كتاب الإكمال رفي كتاب الاكتفاء وفي غيرهما.
121 - (تيسر المطالب للإمام أبي طالب) (1):
أرويها بالإسناد المتقدم في كتاب الأمالي له.
_________
(1) تيسير المطالب من آمالي أبي طالب. جمع فيه آمالي أبي طالب يحيى بن الحسين الهاروني (424) وهو في ذكر معجزات النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفضائله وشمائله وفضائل الإمام على وأولاده وفي فضل العلم والقرآن والجهاد وغيرها، كلها في أربعة وستين بابا.
وقد طبع سنة 1395 هـ، مؤسسة الأعلمى- بيروت-. بمراجعة يحيى عبد الكريم الفضيل.
" مؤلفات الزيدية " (1/ 347 رقم 1005).(3/1435)
حرف الثاء المثلثة
122 - (الثبات إلى كافة البنين والبنات للإمام المنصور بالله عبد اله بن حمزة) (1): أرويه بالإسناد المتقدم إليه في كتاب الإبانة أول هذا المختصر.
123 - (الثلاثون مسألة للرصاص) (2):
أرويها بالإسناد السابق إلى الإمام ير بن حمزة في كتاب الانتصار له عن محمد بن خليفة عن شيخه الحسن بن وهاس عن المؤلف.
124 - (الثمرات للفقيه يوسف (3):
_________
(1) (البيان والثبات إلى كافة البنيين والبنات) من الكتب القيمة في علم التربية مخطوط له عدة نسخ منها (1058هـ في 57 ورقة برقم 1489 مكتبة الأوقاف).
مؤلفات الزيدية (1/ 228 رقم 625) وأعلام المؤلفين الزيدية (ص 580).
(2) هو أحمد بن محمد بن الحسن بن الرصاص، فقيه، أصولي، زيدي.
له: " مصباح العلوم في معرفة الحي القيوم "، " وجوهرة الأصول وتذكرة المنحول " (في أصول الفقه) توقي سنة (656 هـ).
انظر: " معجم المؤلفين " (1/ 257) 0 الروض الأغن (1/ 153 رقم 275).
(3) هو يوسف بن أحمد بن محمد بن عثمان اليماني الزيدي المصنف الشهير، كان مستقرا هجرة العين من ثلاث والطلبة يرحلون إليه من جميع أقطار اليمن، فيأخذون عنه في جميع العلوم الشرعية، وكان مسكن سلفه بصرم بن قيس من بلاد خبان، وله مصنفات نافعة منها: " مختصر الانتصار " ومنها: الرياض " على التذكرة و" الزهور على اللمع.
وكان بين تلامذته وتلامذة الإمام أحمد بن يحيى منافسة ومفاخرة أي الرجلين أوسع علما.
ومن مصنفات صاحب الترجمة الجواهر والغرر في كشف أسرار الدرر " في الفرائض و" برهان التحقيق وصناعة التدقيق " في المساحة والضرب.
مات في جمادي الآخرة سنة 832 هـ.
انظر: " البدر الطالع " (2/ 350) 0 الروض الأغن (3/ 174 رقم 928).
أما كتابه (الثمرات اليانعة والأحكام الواضحة القاطعة) في ثلاث مجلدات نسخة سنة 1062 هـ في الجامع الكبير بصنعاء رقم 78 - تفسير) وأخرى سنة 1041هـ رقم (281 - تفسير الجامع الكبير وأخرى سنة 1065 هـ رقم (269) الجامع الكبير. الروض الأغن (3/ 176) وهو خاص بتفسير آيات الأحكام(3/1436)
ارويها بالإسناد المتقدم مكررا في هذا المختصر إلى الإمام شرف الدين عن شيخه صارم الدين عن السيد أبي العطايا عن الفقيه على بن زيد عن المؤلف.(3/1437)
حرف الجيم
125 - (الجامع الكافي لأبي عبد الله محمد بن علي العلوي) (1): أرويه بالإسناد المتقدم إلى الإمام شرف الدين عن السيد صارم الدين عن الفقيه العفيف ابن حسن الصرواي عن أبي القاسم بن محمد النصيف عن محمد بن عبد الله الغزال المصري عن صالح بن منصور الخطيب عن أحمد بن أبي الفضل السقطي عن أبي الصائم بن أحمد ابن أبي الفتوح البدري عن القاضي علي بن بدر الهمداني عن منصور بن محمد بن المدلل عن حسن بن ملاعب الأسدي عن يحيى بن محمد الثقفي عن المؤلف.
126 - (جامع الأصول (2) لابن الأثر) (3): أرويه عن شيخنا السيد عبد القادر بن أحمد عن محمد حياة السندي عن الشيخ أبي المكارم محمد بن محمد عن الشيخ محمد هاشم عن الشيخ ذي المكارم والمفاخر عبد القادر عن الشيخ حسن بن على العجيمي عن الشيخ أحمد بن محمد العجل عن الإمام يحيى بن
_________
(1) " الجامع الكافي " (جامع آل محمد) مخطوط تأليف: محمد بن علي الحسني.
انظر " فهرست مخطوطات مكتبة الجامع الكبير " (2/ 1017).
(2) هو كتاب جليل القدر جمع فيه مؤلفه الكتب الستة في هذا الكتاب وهو مطبوع متداول بتحقيق الشيخ عبد القادر الأرنؤوط
(3) هو المبارك بن محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباقي، الشافعي، المعروف بابن الأثير الجزري (مجد الدين، أبو السعادات) عالم، أديب، ناثر، مشارك في تفسير القران والنحو واللغة والحديث والفقه وغير ذلك.
ولد بجزيرة ابن عمر سنة (544 هـ) ونشأ ها، ثم انتقل إلى الموصل، وكتب لأمرائها وكانوا يحترمونه، وعن بغداد، وتوفي بالموصل سنة (606 هـ).
من تصانيفه: " المختار في مناقب الأخيار أو الأبرار " و" المرصع "، " النهاية في غريب الحديث "، " جامع الأصول في أحاديث الرسول " وغير ذلك.
انظر: " وفيات الأعيان " (1/ 557 - 558) " طبقات السبكي " (15315 - 154) " النجوم الزاهرة " (6/ 198 - 199) " البداية والنهاية " (13/ 54) " شذرات الذهب " (5/ 22 - 23).(3/1438)
مكرم الطبري عن عز الدين بن فهد عن القاضي عبد الرحيم بن ناصر الدين بن الفرات عن محمد البياني عن الفخر علي بن أحمد بن البخاري عن المؤلف.
127 - (الجامع الكبر والجامع الصغير (1) للسيوطي (2)):
ارويها بالإسناد المتقدم في غير موضع إلى البابلي عن علي بن يحيى الزيادي عن يوسف ابن عبد الله الأرميوني عن المؤلف.
128 - (جزء الأنصاري) (3):
أرويه بالإسناد المتقدم إلى البابلي عن عبد الرؤوف المناوي عن الشمس الرملي عن الزين زكريا بن محمد عن أبي الفضل بن حجر عن أبي إسحاق التنوخى.
عن الحافظ المزي عن الفخر علي بن البخاري عن أبي حفص بن طبرزد البغدادي عن القاضي أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري عن أبي إسحاق الرملي عن عبد الله بن إبراهيم بن ماسي عن أبي مسلم الكجي عن المؤلف.
_________
(1) خدمه المحدث الألباني خدمة جليلة " صحيح الجامع " و" ضعيف الجامع " وقد شرح عدة شروح منها " فيض القدير " للمناوي رحمه الله، وانظر " المداوى لعلل الجامع الصغير وشرحي المناوي لأبي الفيض أحمد بن محمد الصديق الغماري.
(2) قد تقدمت ترجمته.
(3) هو قاضى البصرة، أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن المثني الأنصاري (215 هـ) وصفه الذهبي: بالإمام المحدث الثقة، رقد روى عن الجماعة، وما في شيوخ البخاري أحد أكبر منه ولا أعلى رواية بل له عند البخاري نظراء منهم: عبيد الله بن موسى وأبو عاصم.
انظر: السير (9/ 532).
أما جزعه المذكور: فهو مخطوط في الظاهرية بدمشق رقم (54) لسنة في (14 ف) وضمن المجموع رقم (176/ أ- 179/ أ) ورقم (51) - (ف147/ أ- 157/ ب) ورقم (63/ 20 - ف 232/أ- 254/ ب) ورقم (95/ 1 - ف 3/أ-16/ ب) وفي دار الكتب ب القاهرة رقم (1558). الفهرس الشامل (1/ 617 رقم 78) وذكر فيه (12) نسخه خطية.(3/1439)
129 - (جزء (1) ابن ماسي (2)): أرويه هذا الإسناد السابق المتصل به.
130 - (جزء أبي الجهم) (3): أرويه بالإسناد المتقدم في أول هذا المختصر وفيما بعده إلى البابلي عن أحمد بن محمد ابن الشلبي عن الجمال يوسف بن زكريا عن والده عن قاضى القضاة جلال الدين محمد ابن محمد بن محمد ظهيرة عن البرهان بن صديق الدمشقي عن أبي العباس الحجار عن ابن اللتي عن أبي الوقت عبد الأولى السجزي عن محمد بن عبد العزيز الفارسي عن عبد الرحمن ابن أبي سريح الأنصاري عن أبي القاسم عبد الله بن محمد البغوي عن المؤلف.
131 - (جزء (4) الحسن بن عرفه):
أرويه بالإسناد السابق إلى البابلي عن إبراهيم اللقاني عن عمر بن الجائي عن أبي الفضل السيوطي عن أبي الفضل بن الحصين الملتوتي عن عبد الله بن محمد الرشيدي عن أبي الفتح الميدوي عن النجيب الحراني عن عبد المنعم بن كليب عن على بن بيان عن محمد بن مخلد
_________
(1) وهو عبارة عن فوائد حديثة. ضمن مخطوطات الظاهرية ضمن مجموع رقم (19 - ق21/أ- 26/ ب) تاريخ- سنركن (1/ 1/ 449)
(2) هو عبد الله إبراهيم بن أيوب ماسي (أبو محمد) محدث، له الفوائد المنتقاة من حديثه ولد سنة 274 هـ. وتوفي سنة 369 هـ.
انظر السير (16/ 252)، معجم المؤلفين (2/ 219).
(3) أبو الجهم هو المحدث العلاء بن موسى بن عطية البغدادي (ت 228 هـ).
انظر: السير (10/ 252) وهدية العارفين (1/ 666).
والجزء: مخطوط منه نسخة في مكتبة داماد إبراهيم بتركيا رقم (396/ 10) ضمن مجموع (ق233/ أ- 252/ ب) عام 866 هـ. وأخرى بالظاهرية ضمن مجموع (183/ 1، ق1 - 17) وأشرى بدار الكتب المصرية رقم (1831 حديث 49).
تاريخ سنركين (1/ 1\ 197)
(4) طبع بتحقيق. عبد الرحمن العزيوائي عام (1406 هـ) بالكويت- دار الأقصى.(3/1440)
عن إسماعيل الصفار عن المؤلف.
132 - (الأجرومية (1) لابن أجروم في النحو) (2): أرويها بالإسناد المتقدم إلى البابلي عن الجمال عبد الله الدنوشري وغيره عن الشمس الرملي عن الزين زكريا بن محمد عن محمد بن محمد الراعي عن محمد بن عبد الملك القيسي الغرناطي عن الخطيب أبي جعفر أحمد بن محمد بن سالم الجرامي عن القاضي محمد ابن إبراهيم الحضرمي عن المؤلف.
133 - (جلاء (3) الأبصار للحاكم الجشمي):
أرويه بالإسناد المتقدم إلى الفقيه حسن النحوي في كتاب التذكرة له عن الفقيه يحيى النجيح عن محمد بن سليمان عن عبد الله بن علي الأكوع عن أبيه عن الزريقي عن علي ابن زيد عن المؤلف.
134 - (جمع الجوامع للسبكي) (4):
_________
(1) في أصل المخطوط " الجرومية " ولعل الصواب ما أثبتناه ... والله أعلم.
والأجرومية، من صغير في النحو تلقاه الناس بالقبول خلفا عن سلف، وهو مطوع متداول، وله مجموعة شروح أشهرها وأحسنها لعالم العربية في العصر الحديث محمد محي الدين عبد الحميد سماه التحفة السنية بشرح الأجرومية ".
(2) هو محمد بن محمد بن داود الصنهاجي، الفاسي، المعروف بابن؟ جروم (أبو عبد الله) نحوي، مقرئ، مشارك في الفرائض والحساب والأدب.
ولد بفاس، سنة (672 هـ) وتوفي ها سنة (723 هـ).
من آثاره: " المقدمة الأجرومية في النحو "، و" أراجيز ".
انظر: شذرات الذهب (6216) هدية العارفين (2/ 145).
(3) جاء في الأعلام للزركلي (5/ 289) أنه في الحديث، وبالإسناد.
(4) هو عبد الوهاب بن علي بن الكافي بن تمام بن يوسف بن موسى بن تمام الأنصاري، الشافعي، السبكي (أبو نصر، تاج الدين) فقيه أصولي، مؤرخ أديب، ناظم، ناثر.
ولد بالقاهرة سنة (727 هـ) وتوفي ها سنة (771 هـ).(3/1441)
أرويه بالإسناد المتقدم في أول هذا الكتاب إلى البابلي عن أحمد بن محمد الغنيمي الأنصاري عن الشمس الرملي عن الزين زكريا بن محمد عن العز عبد الرحيم بن الفرات عن المؤلف. وكذلك سائر مصنفاته.
135 - (جمع الفوائد للجامي وسائر مصنفاته (1): أرويها عن شيخنا السيد عبد القادر بن أحمد عن الشيخ محمد حياة السندي عن الشيخ سالم بن عبد الله المصري عن أبيه عن الشيخ إبراهيم الكردي عن الشيخ احمد القشاشي عن الشيخ أحمد الشناوي عن السيد غضنفر بن جعفر النهرواني عن محمد أمن ابن أخت ملاجامي عن خاله المؤلف.
136 - (الجمع بين الصحيحين للحميدي (2):
_________
(1) هو عبد الرحمن بن احمد بن محمد الشيرازي، المشهور بالجامي (نور الدين، أبو البركات) عالم مشارك في العلوم النقلية والعقلية.
ولد سنة (817 هـ) ومات سنة (898 هـ).
من مؤلفاته: " تفسير القرآن الكريم "، " الدرة الفاخرة في تحقيق مذهب الصوفيين والحكماء والمتكلمين في وجود الواجب "، " تاريخ هراة "" شرح الكافية لابن الحاجب في النحو "، " شرح الوقاية مختصر الوقاية قي الفقه الحنفي ".
انظر:"الفوائد البهية" ص 86 - 88. " شذرات الذهب " (7/ 360 - 361) " البدر الطالع " (1/ 327 - 328) معجم المؤلفين " (2/ 77).
(2) هو محمد بن فتوح بن عبد الله بن فتوح حميد الأزدي، الحميدي، الأندلسى، الميورقي، (أبو عبد الله) محدث، حافظ، أصولي مؤرخ، أديب، عالم بالعربية.
أصله من قرطبة وولد في جزيرة ميورقة سنة 420 هـ وسمع بالأندلس من ابن عبد البر(3/1442)
أرويه بالإسناد المتقدم في تفسير الثعلبي إلى الشماخي عن الشيخ محمد بن إبراهيم الفشلي عن الإمام نصر أبي الفرح الحضري عن ابن البطي عن المؤلف.
137 - (الجمل للزجاج (1):
أرويها بالإسناد المتقدم إلى الشماخي عن علي بن أبي بكر التكروري عن محمد بن أبي بكر بن الخطاب عن مسلم بن محمود الشيرازي عن محمد بن أبي نوح المالكى عن أبي الفتوح ناصر بن الحسن الحسيني عن محمد بن بركات النحوي عن عبد الرحمن بن محمد الفاقوسي عن أبي بكر بن محمد الأدفوي عن المؤلف.
138 - (الجوهرة (2) للرصاص):
أرويها بالإسناد المتقدم في الثلاثين المسألة لأن مؤلفهما (3) واحد وهو أحمد بن محمد بن الحسن الرصاص المعروف بالحفيد.
وابن محمد بن حزم الظاهري وكان على مذهبه.
ورحل إلى المشرق وجمع بإفريقية ومكة ومصر والشام والعراق واستوطن بغداد، وتوفي ها سنة (488 هـ).
_________
(1) سبق التعريف به (ص 272). كتابه المذكور طبع مرارا.
(2) واسمه الكامل (جوهرة الأصول وتذكرة الفحول). له عدة مخطوطات انظر مصادر الفكر للحبشي (ص 173)
(3) مؤلفها كما في الروض الأغن هو أحمد بن محمد بن الحسن والذي توفى 656 هـ وهو حفيد للإمام الحسن بن محمد بن الحسن المتوفي سنة 584 هـ صاحب الثلاثين مسألة.
الأعلام للزركلي (1/ 219) الروض الأغن (1/ 69/ رقم 126).(3/1443)
حرف الحاء المهملة
139 - (حادي الأرواح لابن القيم (1): أرويه مع سائر مصنفاته بالإسناد المتقدم إلى الشماخى عن عبد الرحمن بن عمر القباني عن المؤلف.
140 - (حاشية الشيخ لطف الله على شرح التلخيص وسائر تصانيفه:
أرويها عن السيد المذكور عن السيد هاشم بن يحي الشامط عن السيد زيد بن محمد ابن حسن بن القاسم عن علي بن يحيى البرطي عن الحسين بن القاسم بن محمد عن المؤلف.
141 - (حاشية السيد على الكافية (2):
_________
(1) هو محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد بن حريز الزرعي، ثم الدمشقي، الحنبلي، المعروف بابن قيم الجوزية (شمس الدين، أبو عبد الله) فقيه، أصولي، مجتهد، مفسر متكلم، نحوي، مشارك قي غير ذلك. العارف بالحديث ومعانية والفقه ودقائقه والاستنباط منه.
ولد بدمشق سنة (691 هـ) وبرع في علوم الشريعة والحقيقة والعربية، حتى بلغ رتبة التدريس والإفادة، وارتقى منصب الإفتاء والإمامة.
توفي سنة (751 هـ) وصلي عليه بالجامع الأموي.
له تصانيف كثيرة أشهرها: "التفسير القيم"، "مدراج السالكين"، " حادي الأرواح "، " الداء والدواء "، " بدائع الفوائد"، "تحفة المودود"، "الطرق الحكمية"، "جلاء الإفهام" "بكاثة اللفهان" "الروح"، "روضة المحبين ونزهة المشتاقين"، "زاد المعاد"، "إعلام الموقعين".
انظر: " الدرر الكامنة " (3/ 400 - 403) " النجوم الزاهرة " (10/ 249) " شذرات الذهب " (6/ 168 - 170) " البدر الطالع " (143/ 2 - 146).
(2) هو علي بن محمد بن على الجرجاني، الحسيني، الحنفي، ويعرف بالسيد الشريف. (أبو الحسن) عالم، حكم، مشارك في أنواع العلوم.
ولد بجرجان سنة (740 هـ). وتوفي بشراز سنة (816 هـ).(3/1444)
أرويها هذا الإسناد إلى الحسين بن القاسم عن أبيه عن أحمد بن صلاح الدواري عن المؤلف.
142 - (حاشية سيلان (1) على الغاية):
أرويها عن شيخنا السيد المذكور عن يحيى بن حسن النجم عن ولد صاحب الترجمة عن أبيه.
143 - (الحاوي في الفتاوى للسيوطي (2):
أرويه بالإسناد المتقدم في الجامع الصغير والكبير له.
144 - (الحاوي للقزويني (3):
أرويه بالإسناد المتقدم في تفسير الثعلبي إلى الشرجي عن الشمس الجزري محمد بن محمد بن محمد بن أحمد جده عن محمد بن الشيخ محب الدين الطبري عن أحمد بن إبراهيم
_________
= من تصانيفه: " حاشية على شرح التنقيح "، " شرح التذكرة "، "حاشية على تفسير البيضاوي "، "
حاشية على التحفة الشاهية "، "حاشية على الشرح المتوسط للكافية"، "إعراب العوامل"، "حاشية على مختصر المنتهى للإيجي "،"حاشية على تشييد القواعد ".
انظر: " الضوء اللامع " (5/ 328 - 330) " البدر الطالع " (1/ 488 - 490) " الفوائد البهية " (ص125 - 137) " هدية العارفين " (1/ 728 - 729) " معجم المؤلفين " (5/ 512).
(1) هو الحسن بن ير سيلان السفياني ثم الصعدي، أحد العلماء المشاهير أحذ العلم عن القاضي صديق ابن رسام والسيد إبراهيم بن محمد جورية، وبرع قي عدة فنون، وله مؤلفات منها حاشية على " شرح غاية السؤل " للحسين بن قاسم وله حاشية على " شرح الآيات " للنجري، وحاشية على " القلائد " وحاشية على حاشية الشلبي على " المطول " اقتصر فيها على إيضاح ما أشكل من عبارات الشيء، ولم يزل مدرسا بصعدة ونواحيها حتى مات سنة (1110هـ).
انظر: " البدر الطالع " (1/ 213) " نشر العرف الزبارة (1/ 519) " معجم المؤلفين " (1/ 597).
(2) قد تقدمت ترجمته.
(3) قد تقدمت ترجمته(3/1445)
الفاروقي عن المؤلف.
145 - (الحاوي (1) للقونوي (2)):
أرويه هذا الإسناد إلى الجزري عن إبراهيم الثعلبي عن المؤلف.
146 - (الحجة على تارك المحجة للمقدسي (3)):
أرويها بالإسناد المتقدم إلى الشماخي عن محمد بن إبراهيم الفشلي عن الإمام محمد ابن إسماعيل بن أبي الصيف اليمني عن المقري أبي محمد بن رسلان عن أبي علي الحسين
_________
(1): ليس للقونوي كتاب اسمه (الحاوي) وإنما الذي له (شرح الحاوي) كما سيأتي في ترجمته.
(2): هو على بن إسماعيل بن يوسف القونوي، التبريزي، الشافعي (علاء الدين، أبو الحسن، فقيه متكلم، أصولي، أديب صرفي.
ولد بقونية من بلاد الروم سنة (668 هـ) وتوفي بدمشق سنة (729 هـ).
من تصانيفه: " شرح الحاوي الصغير في فروع الفقه الشافعي"، "التعرف لمذهب التصوف للكاباذي" مصنف في حياة الأنبياء"، "الشافعي في الأصول"، "الابتهاج في انتخاب المنهاج" وله شعر.
انظر: " الدرر الكامنة " لابن حجر (2413 - 28) " تاريخ ابن الوردي " (29"2) " شذرات الذهب " (6/ 90 - 91) " البدر الطالع " للشوكاني (1/ 439 - 441) " معجم المؤلفين " (40612).
(3): هو نصر بن إبراهيم بن نصر بن إبراهيم بن داود المقدسي، النابلسي، الدمشقي، الشافعي، (أبو الفتح) فقيه، محدث، حافظ، سمع بدمشق وغزة وصور والقدس، ولما قدم الغزالي دمشق اجتمع بالمترجم واستفاد منه وتفقه عليه جماعة من دمشق وغيرها.
ولد سنة (407 هـ) وتوفي بدمشق سنة (490 هـ).
من تصانيفه: " الحجة على تارك المحجة وقد طبع في مجلدين دار الراية عام 1411 هـ بالسعودية، " الانتخاب الدمشقي " في نحو بضعة عشر مجلدا، " التهذيب " في نحو عشر مجلدات، " تحريم نكاح المتعة ".
انظر: " تذهيب الأسماء واللغات " (2/ 125 - 126) " طبقات السبكي " (4/ 27) " شذرات الذهب" (3/ 395 - 396).(3/1446)
ابن محمد عن الشيخ أبي الفتح محمد بن عبد الله المعروف بابن النحاس عن المؤلف.
147 - (حزب البحر للشيخ أب الحسن الشاذلي (1):
أرويه بالإسناد المتقدم إلى البابلي عن سالم بن محمد عن النجم محمد بن احمد عن زكريا بن محمد عن العز عبد الرحيم بن الفرات عن التاج عبد الوهاب بن على السبكي عن أبيه عن تاج الدين أحمد بن محمد بن عطاء الله عن أحمد بن عمر المرسي الأنصاري عن المؤلف.
148 - (الحفيظ (2) ليوسف الأكوع):
أرويه بالإسناد المتقدم في أول هذا المختصر إلى الإمام شرف الدين عن علي بن أحمد عن علي بن زيد عن السيد أبي العطايا عن الفقيه يوسف عن المؤلف.
149 - (الحكم لابن عطاء الله (3):
_________
(1) هو علي بن عبد الله بن عبد الجبار الشاذلي، الضرير، نزيل الإسكندرية (نور الدين، أبو الحسن ناظم، شاعر، تنسب إليه الطريقة الشاذلية.
ولد سنة 591 هـ وتوفي سنة 656 هـ.
من تصانيفه: " الاختصاص من القواعد القرآنية والخواص "، " السر الجليل في خواص حسبنا الله ونعم الوكيل " كفاية الطالب "، " المقدمة العزية ".
انظر: " معجم المؤلفين " (46812).
وحزب البحر: (أدعية) مذكور في كتب (الأثبات) وتراجم الصوفية. ولا شك أن التزام ما ورد في الكتاب والسنة من أدعية الصباح والمساء أولى وأسلم. لأن الدعاء عبادة يتعبد الإنسان ربه ها وما عدا ذلك من الأدعية فهو من البدع المحضة.
(2) مؤلفه القاضي يوسف بن محمد الأكوع توفي بعد 749 هـ. الروض الأغن (3/ 177 رقم 935) و (الحفيظ) في الفقه له نسخة خطة في: الأنبروزيانا في (184) وهناك تنازع بين الشيخ وتلميذه في نسبته فكل يدعى ذلك.
مصادر الفكر (ص 209).
(3) هو أحمد بن محمد بن عبد الكريم بن عطا الله الإسكندري، الجذامى، الشاذلي، الشهير بابن(3/1447)
أرويها بالإسناد المذكور في حزب البحر المتقدم قريبا إلى المؤلف ابن عطاء الله لأنه من رجال إسناد الحزب كما مر.
150 - (الحلية لأبي نعيم (1): أرويها مع سائر تصانيفه بالإسناد المتقدم إلى الشماخي عن علي بن محمد بن جروية الموصلي عن مجد الدين أبي الفرح يحيى بن محمد الثقفي عن الحسن بن على الحداد عن المؤلف.
151 - (حواشي السعد التفتازايا على الكشاف والمختصر وغيرها وسائر تصانيفه (2):
أرويها عن شيخي السيد عبد القادر بن أحمد عن شيخه محمد بن حياة السندي عن
_________
= عطا الله (تاج الدين، أبو العباس، وأبو الفضل) صوفي مشارك في أنواع من العلوم كالتفسير، والحديث، والفقه، والنحو، والأصول.
توفي بالقاهرة سنة (709 هـ).
من مصنفاته: " التنوير في إسقاط التدبير في التصوف "، " مفتاح الفلاح مصباح الأرواح في ذكر الله الكريم الفتاح "، "الحكم العطائية ".
انظر: " الدرر الكامنة " (1/ 273 - 275) " طبقات السبكي " (5/ 176 - 177) " شذرات الذهب" (6/ 19 - 20).
(1) هو أحمد بن عبد الله بن احمد برن إسحاق بن موسى بن مهران الأصبهاني الشافعي (أبو نعيم) محدث، مورخ، صوفي.
ولد سنة (336 هـ) وتوفي بأصبهان سنة (430 هـ).
من مؤلفاته: " حلية الأولياء "، " تاريخ أصبهان "، " دلائل النبوة "، " معرفة الصحابة " وغيرها.
انظر:"وفيات الأعيان" (1/ 32) " لسان الميزان " لابن حجر (1/ 201 - 202) " البداية والنهاية (45/ 12) " تذكرة الحفاظ " (3/ 275 - 279) " معجم المؤلفين " (1/ 176).
(2) قد تقدمت ترجته.(3/1448)
سالم بن عبد الله البصري عن أبيه عن البابلي عن أحمد السنهوري عن الشهاب أحمد بن حجر المكي الهيثمي عن عبد الحق السنباطي عن تقي الدين الحصني عن شمس الدين الحاجري عن المؤلف.
152 - (حواشي الشريف على الكشاف والمختصر والمطول وغرها وسائر تصانيفه (1):
أرويها هذا الإسناد المذكور قبل هذا إلى البابلي عن أحمد بن خليل السبكي عن النجم محمد بن أحمد عن عبد الحق السنباطي عن محمد بن إبراهيم الشرواني عن السيد محمد بن علي الجرجاني عن أبيه المؤلف.
153 - (حواشي عصام على الجامي وغيره وسائر مصنفاته (2):
أرويها بالإسناد السابق إلى عبد الله بن سالم البصري عن إبراهيم الكردي عن زين العابدين الطبري عن أبيه عن محمد بن إسماعيل بن عصام الدين إبراهيم عن السيد محمد امن عن المؤلف.
154 - (حواشي المقبلي على الكشاف والمختصر والبحر وسائر تصانيفه (3):
_________
(1) تقدمت ترجمته.
(2) سوف يأتي ذكر ترجمته أثناء الكلام قي آخر قسم عن مؤلفاته.
(3) هو صالح بن المهدي بن على بن عبد الله بن سليمان بن محمد بن عبد الله بن سليمان بن أسعد المقبلي، اليمني، الزيدي.
عالم مشارك في التفسير، وعلوم القرآن والحديث وعلوم اللغة العربية، والتصوف والفقه.
ولد في قرية المقبل من أعمال كوكبان سنة (1040هـ)، وانتقل إلى صنعاء، ثم سكن مكة وتوفي ها سنة (108هـ).
من مؤلفاته: " العلم الشامخ في إيثار الحق على الآباء والمشايخ "، "حاشية على البحر الزخار حماها المنار في المختار من جواهر البحر الزخار "، " حاشية على الكشاف في التفسير حماها "، " الإتحاف لطلبة الكشاف "،الأبحاث المسددة " و" نجاح الطالب على مختصر ابن الحاجب ".
انظر: " البدر الطالع " (1/ 288 - 292)، " نشر العرف لزبارة " (1/ 781 - 787)،(3/1449)
أرويها عن شيخنا السيد عبد القادر بن أحمد عن شيخه السيد محمد بن إسماعيل الأمير عن عبد القادر بن علي البدري عن المؤلف.
155 - وهذا الإسناد أروي حواشي السيد محمد الأمر وتصانيفه (1):
156 - (حواشي الجلال على الكشاف والقلايد وسائر تصانيفه (2): أرويها (3) عن شيخنا السيد عبد القادر المذكور عن شيخه السيد أحمد بن عبد الرحمن عن السيد الحسن بن أحمد زبارة عن القاضي عبد الواسع بن عبد الرحمن القرشي عن المؤلف.
وأما سائر الحواشي لجماعة من العلماء المتقدمين والمتأخرين فسيأتي ذكر إسنادها عند ذكر إسناد المصنفات لجماعة من العلماء على الجملة في حرف الميم إنشاء الله (4).
_________
(1) سيأتي ذكر ترجمته وتصانيفه ومؤلفاته فيما بعد
(2) هو الحسن بن أحمد بن محمد بن الحسن المهدي الشهير بابن الجلال، ينتهي نسبه إلى الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
ولد سن (1014هـ) هجرة رغافة ونشأ ها. ثم رحل إلى صعده وأخذ عن علمائها، ثم رحل إلى شهارة، وأخذ عن أهلها ثم رحل إلى صنعاء وأخذ عن أكابر علمائها وما حواليها من الجهات.
له مجموعة من التصانيف منها " ضوء النهار " جعله شرحا للأزهار للإمام المهدي. و" شرح الفصول " و" شرح مختصر المنتهى " و" شرح التهذيب ".
وله حاشية كمل ها حاشية السعد على الكشاف، وحاشية على " شرح القلايد " وكان له مع أبناء دهره قلاقل وزلازل كما جرت به عادة أهل القطر اليماني من وضع جانب أكابر علمائهم المؤثرين لنصوص الأدلة على أقوال الرجال.
انظر: " البدر الطالع " (1/ 191 - 193) " هدية العارفين " (1/ 295) " معجم المؤلفين " (1/ 536 - 537).
(3) زيادة يقتضيها السياق.
(4) في المخطوط (أ):
- حاشية الشيخ لطف الله على شرح التلخيص وسائر مصنفاته. حاشية السيد علي الكافية ...
حاشية سيلان على الغاية
وقد كتب في بدايتها: ينبغي تقديم هذا أول الباب وضعها في آخر الباب.(3/1450)
حرف الخاء المعجمة
157 - (الخلاصة للرصاص (1):
أرويها بالإسناد المتقدم في الجوهرة له.
158 - (الخلعيات لعلي بن الحسين بن محمد الخلعي وهي عشرون جزءا (2): أرويها بالإسناد السابق إلى البابلي عن الشهاب أحمد بن خليل السبكي عن النجم الغيطي عن أحمد بن عبد العزيز الحنبلي عن عثمان بن محمد الديمي عن محمد بن حاتم الخطيب عن أبي النون يونس بن إبراهيم الدبوسي عن على بن محمد بن المقير عن أبي الفضل محمد بن ناصر السلامي عن المؤلف.
_________
(1) " الخلاصة النافعة بالأدلة القاطعة في فوائد التابعة " تأليف أحمد بن الحسن الرصاص المتوفي 621 هـ. والكتاب في أربعة أبواب:
الباب الأول: في وجوب النظر وما يتعلق به.
الباب الثاني: في التوحيد وقسمة مسائله.
الباب الثالث: في العدل.
الباب الرابع: في الوعد والوعيد وما يتبعهما.
مؤلفات الزيدية (1/ 444 رقم 1306).
(2) هو على بن الحسين بن محمد الموصلي المصري، الشافعي، الخلعي (أبو الحسن) فقيه، محدث. أصله من الموصل. وولد. ممصر في المحرم سنة (405 هـ). وولي القضاء قي الديار المصرية. وتوفي بمصر في 26 ذي الحجة سنة (492 هـ).
من تصانيفه: " المغني في الفقه في أربعة أجزاء "، " فوائد في الحديث "، " الخلعيات في الحديث " في عشرين جزعا من حديث الحافظ: على بن الحسن بن الحسين الخلعي الموصلي.
انظر: " وفيات الأعيان " (1/ 425 - 426) " حسن المحاضرة " (1/ 228) " شذرات الذهب " (2/ 205) " معجم المؤلفين " (2/ 421).(3/1452)
حرف الدال المهملة
159 - (دامغ (1) الأوهام للإمام المهدي):
أرويها بالإسناد المتقدم في كتاب البحر له.
165 - (درر الفرائد للإمام المهدي (2):
أيضا أرويها بالإسناد المشار إليه قبله.
161 - (درر الأحاديث (3) النبوية بالأسانيد اليحيوية):
أرويها بالإسناد المتقدم إلى الإمام شرف الدين عن السيد صارم الدين في أول هذا الكتاب.
162 - (الدرر في (4) الفرائض للأمر علي بن الحسين (5):
_________
(1) دامغ الأوهام في شرح رياضة الأفهام في لطف الكلام.
وهو شرح على كتاب المؤلف " رياضة الأفهام في لطف الكلام "وهو الجزء الثالث من موسوعته " غايات الأفكار وفايات الأنظار " وهو توسع في الموضوع والمسائل وليس شرحا على المعنى المعروف. مؤلفات الزيدية (1/ 447 رقم 1314).
(2) الدرر الفرائد في شرح القلائد في تصحيح العقائد.
شرح على كتاب المؤلف " القلائد في تصحيح العقائد ". " مؤلفات الزيدية " (1/ 444 رقم 1472).
(3) وهو في الأحاديث النبوية التي رواها الإمام الهادي يحيى بن الحسين المتوفي 298 هـ في كتاب "الأحكام وبعض فتاواه في مختلف الأبواب بدأها بأحاديث في الأخلاق ثم الأبواب الفقهية ثم شيء من ترجمة الإمام الهادي وفي أدلة إسناد الإمام المتوكل على الله إسماعيل بن القاسم. "
مؤلفات الزيدية " (1/ 442 رقم 1361).
(4) واسمه: الدرر قي الفرائض الجلي منها والغامض " الروض الأغن (2/ 116 رقم 559).
(5) هو علي بن الحسين بن يحيى، فقيه، فرض.
من آثاره: " اللمع "" القمر المنير في حل عقود التحرير " و" الدر في الفرائض ".
انظر: " تراجم الرجال " للجنداري (ص 24) و" معجم المؤلفين " (2/ 436).(3/1453)
أرويها بالإسناد المتقدم في كتاب التقرير إلى الأم! ير الحسن بن محمد مؤلف التقرير عن المؤلف الأمر علي المذكور هاهنا.
163 - (دلائل النبوة للبيهقي (1):
أرويها بالإسناد المتقدم في كتاب الأسماء والصفات له.
164 - (الديباج النضير للدواري (2):
165 - : (ديوان الأدب) للفاربي:
أرويه بالإسناد المتقدم في تفسير الثعلبي إلى الشماخى عن سليمان بن خليل العسقلاني، عن بشير بن أبي بكر التبريزي، عن مكي الماكسيني، عن محمد بن محمد بن بيان الأبياري، عن محمد بن حمزة الصوفي، عن أبي القاسم بن القطاع عن محمد بن عبد البر ابن علي، عن أبي محمد بن إسماعيل النيسابوري، عن الجوهري صاحب (الصحاح) عق المؤلف رحمه الله.
_________
(1) قد تقدمت ترجمته.
(2) هو عبد الله بن الحسن اليماني الصعدي الزيدي الملقب الدواري لاسم أحد أجداده وهو دوار بن احمد والمعروف بسلطان العلماء.(3/1454)
حرف الذال المعجمة
166 - (ذخائر العقبي في فضائل ذوى القربى للطبري (1): أرويه بالإسناد المتقدم في تفسير الثعلبي إلى الشماخي عن المؤلف.
167 - (ذخيرة الإيمان في ترتيب أمالي السمان (2) للشيخ. محي الدين بن الوليد): أرويها بالإسناد المتقدم في أول هذا المختصر إلى الفقيه شعلة الأكوع عن المؤلف.
168 - (الذرية الطاهرة للدولابي (3):
_________
(1) " كتاب ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى " مصورا عن: دار المعرفة- بيروت.
أما مؤلفه: هو محب الدين أبو العباس أحمد بن عبد الله بن محمد بن أبي بكر بن محمد الطبري شيخ الحرم المكي.
ولد. بمكة في جمادي الآخرة سنة حمس عشرة وستمائة. وعمن جماعة، وأفئ ودرس، وتفقه ومن مؤلفاته:
1 - " الرياض النضرة في فضائل العشرة ".
2 - " السمط الثمين في مناقب أمهات المؤمنين " وغيرهما. "شذرات الذهب" (5/ 425 - 426)
(2) هو الحافظ المحدث عبد الله بن أبي محمد بن الوليد البغدادي، كان حافظا مفيدا وكان مشهورا بسرعة القراءة وجودتا، وجمع وحدث، وله تخاريج كثرة وفوائد وأجزاء توفي سنة 643 هـ. "
شذرات الذهب " (5/ 219)، وسير أعلام النبلاء " (23/ 213).
(3) محمد بن أحمد بن حماد بن سعد الأنصاري الوراق، الرازي، الدولابي، (أبو بشر) محدث، حافظ، مؤرخ، الحديث بالشام والعراق.
ولد سنة (234 هـ). وتوفي وهو بطريق مكة بالعرج في ذي القعدة سنة (0 32 هـ).
من آثاره: " الكني والأسماء "، " الذرية الطاهرة ".
انظر: " البداية والنهاية " (11/ 145) " وفيات الأعيان " (1/ 642) " لسان الميزان " لابن حجر (5/ 41\ 42) ا! ميزان الاعتدال " (1713) " شذرات الذهب " (2/ 260).(3/1455)
أرويها عن شيخي يوسف بن محمد بن علاء الدين المزجاجي عن أبيه عن جده عن إبراهيم الكردي عن شيخه أحمد بن محمد المدفي عن الدمياطي عن على بن الحسين المعروف بابن المقير عن الحافظ محمد بن ناصر عن الخطيب أبي طاهر محمد بن أحمد الأنباري عن أحمد بن عبد الواحد الفراء عن الحسن بن رشيق العسكري عن المؤلف.
169 - (الذكر لمحمد بن منصور المرادي (1). أرويه بالإسناد السابق في أول! هذا المختصر إلى القاضي جعفر بن عبد السلام عن الحسن بن على بن ملاعب الأسدي عن محمد بن محمد الرضي عن الشريف محمد بن على العلوي عن محمد بن الحسن بن جعفر بن غزال عن على بن أحمد بن عمر عن المؤلف.
_________
(1) هو محمد بن منصور المرادي، الكوفي، الزيدي (أبو جعفر) مفسر، محدث، مؤرخ، فقيه توقي سنة نيف وتسعين ومائتين.
من مؤلفاته الكثيرة: " التفسير الكبيرة، " سيرة الأئمة العادلة "، " كتاب في الأحكام ""
التفسير الصغير "، ورسالته على لسان الطالبين إلى الحسن بن زيد بطبرستان.
انظر: " تراجم الرجال " للجنداري (ص 36). " معجم المؤلفين " (3/ 735).(3/1456)
حرف الراء المهملة
170 - (الرسالة للإمام زيد بن علي (1):
أرويها بالإسناد المتقدم في أول هذا المختصر إلى الإمام المهدي محمد بن المطهر عن السيد صلاح بن إبراهيم بن تاج الدين عن الحسن بن بدر الدين عن يحي بن عطية بن أبي النجم عن حميد بن أ حمد المحلى عن علي بن حمد الأكوع عن سعيد بن على السمان عن محمد بن عبد الله الزيدي عن الحسن بن علي بن ملاعب الأسدي عن الشريف عمر بن إبراهيم عن الشريف محمد بن على الحسني عن أبيه عن حسن بن محمد الرقط عن محمد بن علي بن حفص العطار عن محمد بن مروان الغزال عن إبراهيم بن الحكم بن ظهير عن أبيه عن السدي عن المؤلف.
_________
(1) هو زيد بن علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب العلوي، الهاشمي، القرشي (أبو الحسين) فقيه، خطب.
قرأ على واصل بن عطاء رئس المعتزلة وأشخص إلى الشام، فضيق عليه هشام بن عبد الملك وحبسه خمسة أشهر وعاد إلى العراق، ثم إلى المدينة فلحق به بعض أهل الكوفة يحرضونه على قتال الأمويين، ورجعوا به إلى الكوفة سنة (120) هـ فبايعه أربعون ألفا على الدعوة إلى الكتاب والسمة، ونشبت معارك بين الطرفين انتهت. مقتل زيد بن على في الكوفة، وإلى صاحب الترجمة نسبت الطائفة الزيدية. ولد سنة (79 هـ) واستشهد سنة (122هـ).
من آثاره: " المجموع الكبير في الفقه "، " تعسير غريب القرآن "، " مناسك الحج وأحكامه ".
انظر: " الأعلام " (3/ 98 - 99) " معجم المؤلفين " (1/ 739).
وللشيخ العلامة محمد أبو زهرة مجلد حافل في سيرة زيد بن على.
الرسالة الناصة والحقوق الواضحة: وجهها الإمام إلى شيعته ومحبيه ويذكر فيها أنواع من الحقوق الواجبة عل المؤمنين وتشبه أن تكون مختصرا من رسالة الحقوق المنسوبة إلى أبيه الإمام زين العابدين علي بن الحسين.
وقد طبعت عن دار التراث سنة 1412هـ ضمن مجموعة رسائل.
" مؤلفات الزيدية " (2/ 44 رقم 1608)، " أعلام المؤلفين الزيدية " (ص 441).(3/1457)
171 - (الرسالة للقشيري (1)):
ارويها بالإسناد المتقدم في تفسير الثعلبي إلى الشماخي عن عبد الصمد بن عبد الوهاب بن عساكر عن علي بن الحسن بن هبة الله عن الشيخ عبد المنعم بن عبد الكريم ابن هوازن القشيري عن أبيه المؤلف.
172 - (الروض الأنف للسهيلي (2)):
أرويها بالإسناد المتقدم إلى البابلي عن على بن يحيى عن الجمال يوسف بن عبد الله الأرميوني عن أبي الفضل السيوطي عن أبي بكر بن صدقة المناوي عن أبي علي المهدوي عن يونس بن إبراهيم الدبوسي عن عبد المنعم بن أبي الفتح عن المؤلف.
_________
(1) هو عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك بن طلحة بن محمد النيسابوري، القشيري، الشافعي، (أبو القا سم، زين الإسلام) صوفي، مفسر، فقيه، أصولي، محدث، متكلم، واعظ، أديب، ناثر، ناظم.
ولد سنة 376 هـ. وتعلم الفروسية والعمل بالسلاح حتى برع في ذلك، ثم تعلم الكتابة والعربية، ثم جمع الحديث، توفي بنيسابور سنة46 هـ.
من تصانيفه: " التيسير في التفسير "، " حياة الأرواح والدليل إلى طريق الصلاح "، " الرسالة القشيرية في التصوف "، " لطائف الإشارات "، " الجواهر الثمينة ".
انظر: " وفيات الأعيان " (1/ 376) " طبقات السبكي " (1/ 376) البداية والنهاية " لابن كثر (12/ 107) " النجوم الزاهرة " (59 - 92) " الكامل في التاريخ " لابن الأثير (10/ 31). أما كتابه الرسالة فلنا عليه ملاحظات. منها: أ- ذكر كثيرا من الأحاديث والآثار والروايات التي لا أصل لها.
2 - الغلو في مسائل الزهد وطرائق التعبد، كنظرته للدنيا والمال.
3 - إقرار بعض السلوكيات الخاطئة.
4 - استخدام عبارات أهل الفلسفة والإشراقين.
5 - مخالفة قوانين العلم الشرعي ... كإقراره من قال: (هؤلاء- أي المحدثون- يروون عن ميت - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأنا أروي عن الحي الذي لا يموت).
(2) تقدمت ترجمته.(3/1458)
173 - (الروضة للنووي (1):
أرويها بالإسناد المتقدم في تفسير الثعلبي إلى الشرجي عن شمس الدين بن الجزري عن إبراهيم بن أحمد الفقيه عن ابن العطار عن المؤلف.
174 - (رياض الصالحين للنووي:
أولها بالإسناد المتقدم في تفسير الثعلبي إلى الديبع عن المؤلف.
175 - (الرياض للحمدوني):
أرويها بالإسناد المتقدم في أول هذا الكتاب إلى القاضي جعفر عن الكني عن عبد الرحيم بن المظفر الحمدوني عن أبيه المؤلف.
_________
(1) تقدمت ترجمته أما كتابه " روضة الطالبين " فهو كتاب يدل على ثبات قدم هذا الإمام في هذا الباب.
وقد طبع الكتاب في " المكتب الإسلامي " (12) مجلدا.
بإشراف الأستاذ: زهير الشاويش. 21):
في المخطوط (أ، ب) (الأهدل) والصواب ما أثبتناه.(3/1459)
حرف الزاي المعجمة
176 - (زوائد الإبانة):
أرويها بالإسناد المتقدم في أول الكتاب إلى الإمام شرف الدين عن الإمام محمد بن على السراجي عن الإمام عز الدين عن الإمام مطهر عن الإمام المهدي أحمد بن يحيى عن السيد محمد بن سليمان الحمزي عن الواثق عن أبيه عن جده عن الأمر الحسن عن عبد الله بن علي العنسي عن حميد المحلي عن محي الدين بن الوليد عن يوسف حاجى اللاهجاني عن أبي علي بن منصور بن أصبهان عن أبي علي بن أموج عن الشيخ يعقوب ابن الشيخ أبي جعفر عن أبيه المؤلف ..
177 - (الزيادات (1) على مذهب المؤيد بالله):
أرويها بذلك الإسناد إلى الإمام شرف الدين عن شيخه صارم الدين عن علي بن زيد عن أبي العطايا عن الفقيه يوسف عن الفقيه حسن عن الفقيه يحيى عن الفقيه محمد بن سليمان عن السيد محمد بن المهدي بن الناصر الحسيثي عن محمد بن صاع عن الفقيه محمد ابن بأجوبته عن والده بأجوبه عن علي بن داود بن أبي منصور عن أبيه عن جده علي بن أصفهان عن أبي علي بن أموج الجيلي عن القاضي زيد بن محمد عن على خليل عن القاضي يوسف عن أبي القاسم عن المؤيد بالله وهو المؤلف.
178 - (زيادات المسند للإمام عبد الله بن أحمد بن حنبل:(3/1460)
ارويها بالإسناد المتقدم في أول هذا المختصر إلى البابلي عن على بن يحيى الزيادي عن أحمد بن محمد الرملي عن الشص! ى محمد بن عبد الرحمن السخاوي، عن العز عبد الرحيم ابن محمد الحنفي، عن أحمد بن محمد الجوخي، عن زينب بنت مكي الحرانية، عن حنبل ابن عبد الله بن الفرح الرصافي، عن هبة الله بن محمد بن عبد الواحد الشيباني عن الحسن ابن علي اليمني عن أبي بكر أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي عن المؤلف.(3/1461)
حرف السين المهملة
179 - (السراج الوهاج في حصر مسائل المنهاج للإمام محمد بن المطهر (1): أرويه بالإسناد السابق في أول هذا المختصر إلى الإمام شرف الدين عن السيد صارم الدين عن السيد أبي العطايا عن أبيه عن الإمام الواثق محمد بن المطهر عن أبيه المؤلف.
180 - (سفر (2) السعادة لمجد الدين صاحب القاموس (3):
_________
(1) هو الإمام المهدي محمد بن المطهر بن يحيى بن المرتضى بن القاسم بن المطهر بن على بن الناصر بن الهادي يحي بن الحسين.
بويع بالخلافة عند موت والده سنة (690 هـ) وافتتح مواضع منها عدن أبين. وله علم واسع يدل على ذلك مصنفه الذي سماه " المنهاج الجلط في فقه زيد بن على ".
ومن مصنفاته: "عقود العقيان في الناسخ والمنسوخ من القرآن " و" السراج الوهاج في حصر مسائل المنهاج "، و" الكواكب الدرية شرح الأبيات البدرية ".
توفي سنة (728 هـ) وقيل (729 هـ).
انظر: " البدر الطالع " (2/ 271).
(2) طبع هذا الكتاب على هامش كتاب (أصول التفسير) لشاه ولي الله بن عبد الرحيم الدهلوي- مصر دون تاريخ.
(3) هو محمد بن يعقوب بن محمد بن إبراهيم بن عمر بن أبي بكر بن أحمد بن محمود بن أدريس بن فضل الله الفيروز أبادي، الشيرازي، الشافعي (مجد الدين، أبو الطاهر) لغوي مشارك في عدة علوم.
ولد بكازرون من أعمال ضيراز سنة (729 هـ) ونشا ها وانتقل إلى شيراز، وأخذ الأدب واللغة عن والده وغيره من علماء شيراز، وانتقل إلى العراق، وأخذ عن الصفدكي وابن عقيل والجمال وابن هشام.
دخل زبيد وبقى ها عشرين عاما. وتوفي ها سنة (817 هـ).
من تصانيفه: " القاموس المحيط " و" القابوس الوسيط "، " فتح الباري بالسيل الفسيح الجاري في شرح صحيح البخاري " كمل ربع العبادات منه في عشرين مجلدا، " المثلثات اللغوية! ا وغيرها.
انظر: " الضوء اللامع " (0 79/ 1 - 86) شذرات الذهب " (7/ 126 - 131) " البدر الطالع " (2/ 280 - 284) "معجم المؤلفين (3/ 776 - 777).(3/1462)
أرويه بالإسناد المتقدم في تفسير الثعلبي إلى الشرجي عن محمد بن أبي بكر العثماني المدني عن المؤلفي.
181 - (السفينة (1) للحاكم الجشمي):
أرويها بالإسناد المتقدم دنى أول هذا المختصر إلى الإمام شرف الدين عن علي بن أحمد بن زيد عن الفقيه يوسف عن الفقيه حسن عن الفقيه يحيى بن حسن عن الفقيه محمد بن سليمان عن الفقيه عبد الله بن علي الأكوع عن أبيه على بن احمد عن القاضي جعفر عن علي بن عيسى بن حمزة عن الزنحشري عن المؤلف.
182 - (سلاح المؤمن لمحمد بن همام المعري (2): أرويه بالإسناد المتقدم في تفسير الثعلبي إلى الشرجي عن محمد بن محمد بن محمد الجزري [عن أبي إسحاق إبراهيم بن تقي الدين أبي الفتح محمد بن محمد بن همام، عن والده الإمام الحافظ] (3) عن المؤلف.
_________
(1) جمع فيها بين الزهد والفقه والتاريخ لسيرة الأنبياء السابقين ونبينا والأئمة إلى عصره وذكر من اتفق على إمامته ومن اختلف فيه، وفيها فنون أخرى من العلم وهو أربع مجلدات مكتبة الجامع الكبير (2038) نسخة قديمة.
(2) هو محمد بن محمد بن علي بن همام، العسقلاني الأصل، الشافعي (المعروف) بابن الإمام أبو الفتح ولد سنة 677 هـ، ونشا في اسرة علمية عريقة توارثت منصب الإمامة في الجامع الصالحي، بعد تمكنها في الفقه والحديث والفتيا.
وله ثلاثة تصانيف الأول: " سلاح المؤمن في الدعاء والذكر " وهو مطبوع بتحقيق الشيخ: محط الدين مستو، الثاني: " المتشابه "، الثالث: " الاهتداء في الوقف والابتداء " توفي سنة انظر: غاية النهاية " (2/ 245) " شذرات الذهب " (6/ 144).
(3) زيادة يستلزم اتصال السند استقاها من ثبت السيد يحيى بن عمر الأهدل من المخطوط [ح].(3/1463)
183 - (سنن أبي داود) (1):
أرويها بالإسناد المتقدم في تفسير الثعلبي إلى الشماخي عن محمد بن إسماعيل الحضرمي عن نصر بن أبي الفرح الحضري عن أبي طالب بن أبي زيد العلوي عن أبي علي التستري
_________
(1) هو سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير بن شداد الأزدي، السجستاني (أبو داود) محدث، حافظ، فقيه، رحل وطوف وجمع وصنف وخرج وسمع الكثير من مشايخ الشام ومصر والجزيرة والعراق وخراسان.
ولد سنة (202 هـ) وتوقي بالبصرة سنة (275 هـ).
من تصانيفه: " كتاب السنن "، " أسئلة لأحمد بن حنبل عن الرواة الثقات والضعفاء ".
انظر: " تاريخ بغداد " للخطب (9/ 55 - 59) " وفيات الأعيان " (1/ 268 - 269) " البداية والنهاية " (11/ 54 - 56) تذهيب الأسماء واللغات " للنووي (2/ 225 - 227) " تذهيب التهذيب " لابن حجر (4/ 169 - 173) "تذكرة الحفاظ " للذهبي (2/ 152 - 154).
أما كتابه المذكور " السنن " فهو من أجل كتب الحديث رتبة رحمه الله على أبواب الفقه.
وهذا الكتاب- بالاتفاق- فيه الصحيح والحسن والضعيف، إلا أن هناك مسألة يكثر الكلام حولها ألا وهي سكوت أبي داود على الحديث، ما حكمه؟ نقول: قال أبو داود في رسالته إلى أهل مكة في وصف سننه (ص27 - 28) تحقيق الصباغ: (وما كان في كتابي من حديث فيه وهن شديد فقد بينته. وفيه مالا يصح سنده. ولم أذكر فيه شيئا فهو صالح. وبعضها أصح من بعض) هـ.
فاختلف العلماء في فهم مراده من قوله: (صاع) وأفضلها أنه أراد بقوله (صالح) هو الضعيف الذي لم يشتد ضعفه وهذا هو الصواب بقرينة قوله: (وما فيه وهن شديد فقد بينته) فإنه يدل. مفهومة على أن ما كان فيه وهن يضر شديد لا يبينه فدل على أنه ليس كل ما سكت عليه أنه حسن، ويشهد لهذا وجود أحاديث كثيرة عنده لا يشك عالم في ضعفها، وهي مما سكت أبو داود عنه.
قال الإمام النووي: (في سنن أبي داود أحاديث ظاهرة الضعف، لم يبينها، مع أنه متفق على ضعفها).
والخلاصة: (إن الكشف عما سكت عنه أبو داود أولى وأقرب إلى التحقيق التام).
انظر: " المدخل إلى إرشاد الأمة في فقه الكتاب والسنة " (ص103 - 104 - 105) تأليف: محمد صبحي بن حسن حلاق.(3/1464)
عن القاسم بن جعفر الهاشمي عن أبي على الؤلؤي عن المؤلف. ح- وبه إلى الشماخي عن محمد بن إسماعيل الحضرمي عن محمد بن إسماعيل بن أبي الصيف اليمني عن أبي الحسن بن علي بن خلف عن عمر بن عبد المجيد الميانسي عن أبي المظفر محمد بن علي الشيباني الطبري عن محمد بن إبراهيم البغدادي عن علي بن أحمد التستري عن القاسم بن عمر الهاشمي عن محمد بن أحمد اللؤلؤي عن المؤلف.
ح- وأرويها بالإسناد المتقدم في أول هذا المختصر إلى البابلي عن سليمان بن عبد الدائم عن الجمال يوسف بن زكريا عن أبيه عن عبد الرحيم الفرات عن أبي العباس أحمد ابن محمد الجوخى عن الفخر على بن أحمد بن البخاري عن عمر بن محمد بن الطبري عن إبراهيم بن محمد بن منصور الكوخي عن أحمد بن علي بن ثابتا الخطيب البغدادي عن القاسم بن جعفر الهاشمي عن اللؤلؤي عن المؤلف.
(ح) وأرويها عن شيخي يوسف بن محمد بن علاء الدين المزجاجى عن أبيه عن جده إبراهيم الكردي عن شيخه أحمد بن محمد المدني عن الشمس الرملي عن زين الدين زكريا بن محمد الأنصاري عن عبد الرحيم بن محمد المعروف بابن الفرات عن عمر ابن الحسن المراغي [عن الفخر ابن البخاري] (1) عن أبي الطبري بإسناده السابق إلى المؤلف.
وأرويها بالسماع لجميعها من فاتحتها إلى خاتمتها من لفظ شيخي العلامة الحسن بن إسماعيل بن الحسن محمد المغربي عن شيخه السيد القاسم بن محمد الكبسي عن السيد هاشم بن يحيى الشامط عن طه بن عبد الله السادة عن علي بن أحمد المرحومي عن نور الدين علما الشبراملسى عن علي الحلبي عن الشمس الرملي بإسناده المتقدم المتصل بالمؤلف.
(ح) وأرويها عن شيخنا السيد العلامة على بن إبراهيم بن على بن إبراهيم بن أحمد:.
_________
(1) زيادة من [ح] يستلزمها اتصال السند(3/1465)
ابن عامر الشهيد عن حامد بن حسن شاكر عن السيد أحمد بن يوسف بن الحسن بن الحسن بن الإمام القاسم عن السيد إبراهيم بن القاسم بن المؤيد عن السيد الحسن بن أحمد زبارة عن عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز الحبيشي عن السيد الهادي بن احمد الجلال عن عبد القادر بن زياد الجعاشي عن عبد العزيز بن تقي الدين الحبيشى عن السيد الطاهر بن حسين الأهدل عن عبد الرحمن بن على الديبع عن الحافظ محمد بن عبد الرحمن السخاوي عن الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني عن أبي علي بن المطرز عن يوسف بن علي الحنفي عن الحافظ زكي الدين عبد العظيم المنذري عن ابن طبرزذ بإسناده السابق إلي المؤلف.
(ح) وأرويها عن شيخنا السيد العلامة عبد القاضي بن احمد عن محمد بن الطيب عن محمد بن عبد القادر القاسمي عن أبي الإرشاد الأجهوري عن الشمس الرملي بالإسناد السابق إلى المؤلف.
184 - (سنن الترمذي) (1):
_________
(1) هو محمد بن عيسى بن سورة بن موسى الضحاك السلمي، الضرير البوغي، الترمذي (أبو عيسى) محدث، حافظ، مؤرخ، فقيه.
ولد في حدود سنة (هـ 21 هـ) وتتلمذ على الإمام محمد بن إسماعيل البخاري، وشاركه فيما يرويه في عدة من مشايخه، مثل قتيبة بن سعيد وعلى بن حجر، وابن بشار. وغيرهم. وارتحل، وسمع بخراسان والعراق والحرمين وسمع منه شيخه البخاري، وتوفي بترمذ في 13 رجب سنة (279 هـ) وفي رواية سنة (275 هـ).
من تصانيفه: "الجامع الصحيح"، "الشمائل في شمائل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"، "العلل في الحديث"، "رسالة في الحلاف والدال"، "والتاريخ".
انظر: "تذكرة الحفاظ" (2/ 187 - 188) " البداية والنهاية (11/ 66 - 67) "تذهيب التهذيب " (9/ 387 - 389) " الكامل في التاريخ " (7/ 152) " شذرات الذهب " (2/ 174).
أما كتابه "السنن " فهو من الأمهات الستة المعتمدة عند الأمة، وفي هذه السنن ما هو صحيح وحسن وضعيف. ولا يغتر بقول من اعتبر كل ما فيها صحيح ولقد اهتم العلماء في هذه السنن اهتماما عظيما بين شارح لها ومعلق ومخرج. ولعل أفضل شروحها " تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي " للإمام الحافظ أبي العلا محمد عبد الرحمن بن عبد الرحيم المباركفوري. أشرف على مراجعة أصوله وتصحيحه: عبد الوهاب عبد اللطيف.(3/1466)
أرويها بالسماع لجميعها من لفظ شيخنا السيد العلامة عبد القادر بن أحمد بإسناده المتقدم في تفسير الثعلبي إلى الشماخي عن أحمد بن محمد السراجي اليمني عن زاهر بن رستم الأصفهاني عن القاسم بن أبي سهيل الهروي عن محمود بن القاسم الأزدي عن عبد الجبار بن محمد المروزي عن محمد بن أحمد بن محبوب المروزي عن المؤلف.
(ح) وأرويها عن شيخنا المذكور بإسناده المتقدم في أول هذا المختصر إلى محمد البابلي عن النور علي بن يحيى الزيادي عن الرملي بإسناده المتقدم قريبا إلى ابن طبرزذ عن عبد الملك بن أبي سهيل الكروخي عن محمود بن القاسم الأزدي عن عبد الجبار بن محمد المروزي عن محمد بن محبوب عن المؤلف.
(ح) وأرويها عن شيخنا المذكور عن محمد بن الطيب المغربي عن إبراهيم بن محمد المراغي عن أحمد بن محمد العجل عن ير بن مكرم الطبري عن جده المحب الطبري عن الزين المراغي عن أبي العباس أحمد بن أبي طالب (1) الحجار عن أبي النجا [عبد الله بن عمر] (2) اللتي عن أبي الوقت عن أبي عامر الأزدي عن أبي محمد الجراحي عن أبي العباس المحبولي عن المؤلف.
(ح): أرويها عن شيخنا السيد علي بن إبراهيم بن عامر بإسناده السابق في سنن أبي داود إلى الديبع عن السخاوي عن ابن حجر عن البرهان التنوخي عن القاسم بن عساكر عن عبد الرحمن بن محمد بن معسوفي عن محمد بن علي بن صاع عن أبي عامر الأزدي عن أبي العباس محمد بن أحمد المحبولي عن المؤلف.
(ح) وأرويها عن شيخنا السيد علي المذكور وشيخنا الحسن بن إسماعيل المغربي
_________
(1) زيادة من [ح] يستلزمها اتصال السند.
(2) زيادة من [ح] يستلزمها اتصال السند.(3/1467)
بالإسناد المتقدم في سنن أبي داود إلى علي بن أحمد المرحومي عن إبراهيم البرماوي عن الشهاب القليوبي عن النور الزيادي عن الشمس الرملي عن زكريا الأنصاري عن الشمس القاياتي عن أحمد أبي زرعة عن أبيه الزين عبد الرحيم العراقي عن عمر العراقي عن علي ابن البخاري عن ابن طبرزذ بإسناده السابق إلى المؤلف. (ح) وأرويها عن شيخنا يوسف بن محمد بن علاء الدين المزجاجي (1) عن أبيه عن جده عن إبراهيم الكردي بإسناده المتقدم في سنن أبي داود إلى ابن طبرزذ بإسناده المذكور هنا إلى المؤلف.
185 - (سنن النسائي) (2):
_________
(1) هو يوسف بن محمد بن علاء الدين المزجاجى الزبيدي الحنفي، شيخنا الحافظ المسند.
ولد تقريبا سنة (140 ا هـ) ونشأ بزبيد وأخذ عن علمالها ومنهم والده وبرع في العلوم دارية ورواية وصار حامل لواء الإسناد في أخر أيامه ووفد إلى صنعاء سنة (1207هـ) فاجتمعت به وسمعت منه وأجازني لفظا بجميع ما يجوز له روايته ثم كتب لي إجازة بعد وصوله إلى وطنه وأرسل ها إلي وكان الكاتب لها بن أخيه عن أمره لأني أدركته ضريرا.
ومن جملة ما ارويه عنه أسانيد الشيخ الحافظ إبراهيم الكردي المتقدم ذكره المسمى بالأمم، وهو يرويها عن أبيه عن جده علاء الدين عن الشيخ إبراهيم هذا طريقة السماع ويرويها أيضًا عن أبيه عن الشيخ إبراهيم بالإجازة لأن الشيخ إبراهيم أجاز لجد صاحب الترجمة ولأولاده.
وقد أو قفي على تلك الأجازات بخط الشيخ إبراهيم فوالد صاحب الترجمة ممن كلته الإجازة لكنه أخبرني رحمه الله أن الإجازة من الشيخ إبراهيم لعلاء الدين كانت قبل وجود ولده محمد والد المترجم له، فيكون العمل ها متنزلا على الخلاف في جواز الإجازة لمن سيوجد. مات سنة (1213هـ).
هذا ما قاله عنه الشوكاني في " البدر الطالع " (2/ 356 - 357).
(2) هو أحمد بين شعيب بن علي بن سنان بن بحر بن دينار النسائي (أبو عبد الرحمن) محدث، حافظ. ولد بنها سنة (215 هـ)، وسمع، الكثير، ورحل إلى نيسابور، والعراق، والشام، ومصر، والحجاز، والجزيرة، وروى عنه خلق كثير.
وتوفي. بمكة وقيل بالرملة قي شعبان سنة (303 هـ)
من تصانيفه " السنن الكبرى والصغرى "، " الخصائص في فضل على بن أبي طالب وأهل البيت"، " كتاب الضعفاء والمتروكين "، " مناسك النسائي" و"جمع مسند مالك بن أنس"، و"مسند على ابن أبي طالب ".
انظر: " وفيات الأعيان (25/ 1 - 26) " تهذيب التهذيب " (1/ 36 - 39) " البداية والنهاية " (11/ 123 - 124) " شذرات الذهب " (2/ 239) " تذكرة الحفاظ " (2/ 241 - 243) " حسن المحاضرة " (1/ 197 - 198) " النجوم الزاهرة " (3/ 188) " طبقات الشافعية للسبكي " (2/ 83 - 84).(3/1468)
أرويها بالإسناد المتقدم في أول هذا المختصر إلى البابلي عن أبي النجا سالم بن محمد عن النجم محمد بن أحمد عن زكريا عن الزين رضوان بن محمد عن إبراهيم بن أحمد التنوخي عن أحمد بن أبي طالب الحجار عن عبد اللطيف بن محمد بن علي القبيطي عن أبي زرعه طاهر بن محمد بن طاهر المقدسي عن أبي محمد عبد الرحمن بن جمد الحوني عن القاضي أبي نصر أحمد بن الحسين الكسار عن أحمد بن محمد بن إسحاق بن المسني الدينوري عن المؤلف.
(ح) وارويها بالإسناد المتقدم في سنن أبي داود إلى عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز الحبيشي عن على بن مرجان عن محمد بن عبد العزيز بن تقي الدين الحبيشي عن أبيه عن السيد الطاهر بن حسين الأهدل عن الحافظ الديبع عن السخاوي عن الحافظ ابن حجر عن إبراهيم بن أحمد التنوخي بإسناده إلى المؤلف.
(ح) وأرويها عن شيخي يوسف بن محمد بن علاء الدين المزجاجي بإسناده المتقدم في سنن أبي داود إلى إبراهيم الكردي عن أحمد بن محمد المدني عن الشمس الرملي عن الزين زكريا عن الحافظ ابن حجر بإسناده المذكور هاهنا إلى المؤلف ..
(ح) وأرويها بالإسناد المتقدم في تفسير الثعلبي إلى الديبع عن الشرجي عن محمد بن محمد بن محمد الجزري عن علي بن عبد الرحمن الحموري عن أيوب بن أحمد الكحال عن عثمان بن على بن خطيب القرافه عن أبي طاهر السلفي عن عبد الرحمن بن احمد الدوني بإسناده إلى المؤلف.(3/1469)
(ح) وأرويها عن شيخنا السيد عبد القادر بن أحمد عن شيخه محمد بن الطيب بإسناده المتقدم في سنن الترمذي إلى الحجار بإسناد الحجار المذكور هاهنا إلى المؤلف.
186 - (سنن ابن ماجه) (1):
أرويها بالإسناد المتقدم في تفسير الثعلبي إلى الشماخي محن محمد بن إسماعيل الحضرمي عن نصر بن على الحضري عن أبي زرعه طاهر بن محمد بن طاهر المقدسي عن محمد بن الحسين بن أحمد القومي عن القاسم بن أبي المنذر الخطيب عن علي بن إبراهيم بن سلمه القطان عن المؤلف. (ح) وأرويها بالإسناد المتقدم في أول هذا الكتاب إلى البابلي عن إبراهيم بن إبراهيم اللقاني عن الشمسي الرملي عن زكريا الأنصاري عن الحافظ ابن حجر عن أحمد
_________
(1) هو محمد بن يزيد بن ماجه الربعي بالولاء، القزويى (أبو عبد الله) محدث، حافظ، عارف بعلوم الحديث، مفسر، مؤرخ، ارتحل إلى بغداد والبصرة والكوفة ومكة والشام ومصر والري وسمع الكثير.
ولد سنة (259 هـ) وتوفي سنة (273 هـ) في رمضان.
من تصانيفه: " تفسير القران "، " التاريخ "، " السنن في الحديث "، " تاريخ الخلفاء رواية أبي بكر السدوسي "، " ثلاثيات سننه "،"جزء فيه عشرين حديثا عوال جدا"، "وجزء من منتقى من انظر: " تذكرة الحافظ " (2/ 189 - 190) " تهذيب التهذيب " (9/ 530 - 532) " البداية والنهاية " (11/ 52) " النجوم الزاهرة " (3/ 70) " الكامل في التاريخ " (7/ 142) "شذرات الذهب " (2/ 164).
وكتاب السنن المذكور طبع مجموعة طبعات كان أحسنها وأدقها تلك التي صدرت بتحقيق الشيح محمد فؤاد عبد الباقي رحمه الله تعالى.
وقد اعتنى العلماء هذه السنن عناية فائقة في القديم والحديث، ومن المعاصرين الذين خدموا سنن ابن ماجه والنسائي وغيرهما من الكتب العلامة المحدث، ناصر الدين الألباني ب " صحيح ابن ماجه " " ضعيف ابن ماجه "صحيح النسائي" ضعيف النسائي ".(3/1470)
ابن عمر علي البغدادي عن المزي عن عبد الرحمن بن أبي عمر بن قدامة المقدسي عن عبد الله بن احمد بن قدامة عن أبي زرعة طاهر بن محمد طاهر المقدسي بإسناده إلى المؤلف.
(ح) وأرويه بالإسناد السابق إلى إبراهيم الكردي بإسناده المذكور في سنن النسائي إلى الحافظ ابن حجر عن أبي الحسن ابن أبي المجد الدمشقي عن أبي العباس الحجار عن أنجب بن أبي السعادات عن أبي زرعه طاهر المقدسي بإسناده إلى المؤلف.
(ح) وأرويه عن شيخنا السيد عبد القافى ر بن أحمد عن شيخه محمد بن الطيب بإسناده المذكور في سنن الترمذي إلى الحجار عن عبد اللطيف القبيطي عن أبي زرعه طاهر المقدسي بإسناده المذكور هنا إلى المؤلف.
187 - (سنن الدار قطني) (1): أرويها بالإسناد المتقدم في تفسير الثعلبي إلى الشماخي عن علي بن هبة الله الشافعي المصري عن الحافظ السلفي عن المبارك بن عبد الجبار الصيرفي عن القاضي أبي الطيب طاهر بن عبد الله بن طاهر الطبري عن المؤلف.
_________
(1) هو علي بن عمر بن أحمد بن مهدي بن مسعود بن النعمان بن دينار بن عبد الله البغدادي الدارقطني (نسبة دار قطن ببغداد) الشافعي (أبو الحسن) محدث، حافظ، فقيه، مقر! ي، إخباري، لغوي.
ولد في ذي القعدة سنة (306 هـ) وقيل سنة (305 هـ) وعمن أبي القاسم البغوي وخلق كثير ببغداد والكوفة والبصرة وواسي، ورحل في كهولته إلى الشام ومصر، وتوفي ببغداد سنة (385 هـ) ودفن قريبا من معروف الكرخي رحمه الله.
من تصانيفه: " المختلف والمؤلف في أسماء الرجال "، "غريب اللغة "،كتاب القراءات "، " كتاب السنن "، "والمعرفة. مذاهب الفقهاء "، " أحاديث الموطأ"،" الأحاديث التي خولف فيها مالك"،" السنن المأثورة، " فضائل الصحابة"،"الفوائد والأفراد ".
انظر: " وفيات الأعيان " (1/ 417 - 418) " البداية والنهاية " (317/"-318) " طبقات السبكي " (2/ 310 - 312) " تذكرة الحفاظ " (3/ 186 - 190) " النجوم الزاهرة " (17214) " شذرات الذهب " (3/ 116 - 117).(3/1471)
(ح) وأرويها بالإسناد السابق في أول الكتاب إلى البابلي عن أبي بكر بن إسماعيل الشنواني عن الجمال يوسف زكريا عن والده الحافظ ابن حجر عن محمد بن محمد بن قوام عن أحمد بن أبي طالب الحجار عن محمد بن أحمد القطيعى عن المبارك بن الحسن الشهرزوري عن محمد بن على بن المهتدي بالله عن المؤلف.
188 - (السنن للبيهقي) (1):
أرويها بالإسناد المتقدم في أول هذا المختصر إلى البابلي عن الشيخ سالم بن الحسن الشبشيري عن الشمس الرملي عن الزين زكريا عن الصلاح بن أبي عمر عن الفخر ابن البخاري عن منصور بن عبد المنعم الفراوي عن محمد بن إسماعيل الفارسي عن المؤلف.
189 - (سياسة المرددين للمؤيد بالله الهاروي) (2):
أرويها بالإسناد المتقدم في أمالية من حرف الهمزة.
190 - (السيرة لابن إسحاق) (3): قد تقدم ذكر إسنادها في حرف التاء عند ذكر إسناد تهذيب ابن هشام لها.
191 - (سيرة ابن سيد .... .... .... .... .... .... .... ......
_________
(1) تقدت ترجمته.
(2) تقدت ترجمته.
(3) هو محمد بن إسحاق بن يسار المطبى بالولاء المدني (أبو بكر، أبو عبد الله) محدث، حافظ، إخباري، عارف بأيام العرب وأخبارهم وأنساهم، رواية لأشعارهم.
توفي ببغداد سنة 151هـ ودفن. مقابر الخيزران.
من تصانيفه: " السيرة النبوية "، " الخلفاء "، " المبدأ".
انظر: " تاريخ بغداد " للخطيب (1/ 214 - 234) وفيات الأعيان (1/ 611 - 612) معجم الأدباء " (18/ 5 - 8) " تذكرة الحفاظ " للذهبي (1/ 163 - 164) " ميزان الاعتدال " للذهبي (3/ 21 - 24)(3/1472)
الناس) (1):
أرويها بالإسناد المتقدم إلى البابلي عن عبد الرؤوف المناوي عن النجم الغيطي، عن الزين زكريا، عن الحافظ ابن حجر، عن محمد بن الحسن الفرسيسي عن المؤلف.
_________
(1) تقدمت ترجمته.(3/1473)
حرف الشين المعجمة
192 - (الشاطبية لأبي القاسم الشاطبي) (1): أرويها عن شيخنا السيد عبد القادر بن أحمد عن شيخه محمد حياة السندي عن سالم ابن عبد الله البصري عن أبيه عن الشيخ محمد البابلي عن سيف الدين البصير عن أحمد بق عبد الحق السنباطي عن الجمال يوسف بن زكريا عن والده عن أبي النعيم رضوان بن محمد عن الأستاذ أبي إسحاق التنوخي عن البدر محمد بن إبراهيم بن جماعه عن عبد الله ابن عبد الوارث الأنصاري عن المؤلف الناظم.
193 - (الشافية لابن الحاجب) (2):
_________
(1) هو القاسم بن فيرة بن خلف بن أحمد الرعيئ، الأندلسي، الشاطبي، الضرير (أبو محمد، أبو القاسم) مقرئ، نحوي، مفسر، محدث ناظم.
ولد بشاطبة إحدى قرى شرقي الأندلسي سنة 538 هـ وتوفي في القاهرة جمادي الآخرة سنة 590 هـ.
من آثاره: " حرز الأماني ووجه التهاني في القراءات السبع " (المشهور بالشاطبية) و" عقيلة القصائد في أسئ المقاصد في نظم المقنع للداني "، " ناظمة الزهر في إعداد آيات السور"، "وتنمية الحرز من قراء أئمة الكنز "، و" إبراز المعاني من حرز الأماني".
انظر: " وفيات الأعيان " (1/ 534 - 535) " معجم الأدباء " (16/ 293 - 296) " طبقات السبكي " (4/ 297 - 298) " البداية والنهاية " (13/ 10) " شذرات الذهب " (4/ 103 - 303) " حسن المحاضرة (1/ 284 - 285).
(2) هو عثمان بن عمر بن أبي بكر بن يونس الكردي، الدويني الأصل، الأسنائي، المالكي، المعروف بابن الحاجب (أبو عمرو، جمال الدين) فقيه، مقرئ، أصولي، نحوي، صرفي، عروضي.
ولد سنة (750 هـ) باسنا من بلاد صعيد مصر، وانتقل إلى القاهرة صغيرا، وحفظ القرآن الكريم ودرس العلوم كالفقه وأصوله على مذهب الإمام مالك، وكذلك النحو والأدب واشتهر بابن الحاجب.
وكانت المادة إلى تشغل حيزا كثيرا من تفكيره هي مادة النحو، فقد ظل في دمشق يودي رسالة العلم والمعرفة، وكان الأغلب عليه دراسة النحو.(3/1474)
أرويها هذا الإسناد إلى البابلي عن أحمد بن إبراهيم القليوبي عن أبي علي بن المطرز عن أبي النون يونس بن إبراهيم الدبوسي عن المؤلف.
194 - (الشافي للإمام المنصور بالله بن حمزة) (1):
أرويه بالإسناد المتصل به المتقدم في أول هذا المجموع.
195 - (الشذور لابن هشام وسائر تصانيفه) (2):
_________
(1) الشافي: رد على كتاب " الرسالة الخارقة " للفقيه عبد الرحيم بن أبي القبائل المتوفى سنة 616 هـ وهو في أربع مجلدات ضخمة حقق فيها أيضًا طرقه ومروياته بدأ بتأليفه في شهر ربيع الأول (سنة 609 هـ) واكتفى قي الجواب. مما لابد من ذكره ولم يتعرض لكل ما قاله صاحب الرسالة.
طبع " مؤسسة الأعلمي- بيروت- في 1406 هـ في أربعة أجزاء.
مؤلفات الزيدية (2/ 121 رقم 1845).
(2) هو عبد الله بن يوسف بن أحمد بن عبد الله بن هشام الأنصاري، المعروف بابن هشام (جمال الدين، أبو محمد) نحوي، مشارك قي المعاني والبيان والعروض والفقه وغيرها.
ولد في ذي القعدة سنة (708 هـ). وقرأ العربية وأقام. بمكة، ونشأ فيها ودرس على كثر من شيوخها، فلزم شهاب الدين عبد اللطيف بن المرحل، وقرأ على ابن السراج، وحضر دروس تاج الدين، ودرس الفقه على مذهب الشافعي.
توفي. ممصر سنة (761 هـ).
من تصانيفه: " معنى اللبيب عن كتب الأعاريب "، " شرح بانت سعاد "، " شرح الشافية "، " نبذة من قواعد الإعراب "، " شذور الذهب في معرفة كلام العرب "، وهو الكتاب الذي أشار له المنصف وقد طبع مع تحقيقه للشيخ محيى الدين عبد الحميد و" أوضح المسالك إلى ألفية ابن مللك "، " الإعراب من قواعد الإعراب"(3/1475)
أرويها هذا الإسناد إلى البابلي عن أبي بكر بن إسماعيل السنواني عن الجمال يوسف ابن زكريا عن أبيه عن الحافظ ابن حجر عن المحب محمد بن عبد الله بن يوسف بن هشام عن أبيه المؤلف.
196 - (شرح المقاصد للسعد التفتازاني) (1):
أرويه هذا الإسناد إلى البابلي عن أحمد السنهوري عن أحمد بن حجر المكي عن عبد الحق السنباطي عن تقي الدين الحصني عن شمس الدين الحاجري عن المؤلف.
197 - (شرح المواقف للشريف الجرجاني) (2):
أرويه وسائر تصانيفه هذا الإسناد إلى البابلي عن أحمد بن خليل السبكي عن النجم محمد بن أحمد عن الشرف عبد الحق السنباطي عن المحقق شمس الدين محمد الشرواني عن السيد محمد بن علي الجرجاني عن أبيه المؤلف.
198 - (شرح الجوهرة للبرهان أبي الإمداد إبراهيم بن إبراهيم بن حسن بن علي اللقاني) (3): أرويه هذا الإسناد إلى البابلي عن شيخه المؤلف.
_________
(1) طبع مرارا
(2) طبع مرارا
(3) هو إبراهيم بن إبراهيم بن حسن بن على اللقاني (نسبة إلى لقانة من قرى مصر) المصري، المالكي، (برهان الدين، أبو الإمداد، أبو إسحاق) من علماء الحديث، وأصوله، والكلام، والفقه.
توقي وهو راجع من الحج سنة (1041هـ) ودفن بالقرب من عقبة أيلة.
من مؤلفاته: بهجة المحافل وأجمل الوسائل بالتعريف برواة الشمائل "،قضاء الوطر من نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر "، " جوهرة التوحيد "، " هدية المريد شرح جوهرة التوحيد ".
انظر: " خلاصة الأثر" (1/ 6 - 9) " معجم المؤلفين " (1/ 8).(3/1476)
199 - (شرح الرسالة للتاج الفاكهاني) (1): أرويه وسائر تصانيفه هذا الإسناد إلى البابلي علي بن محمد الأجهوري عن بدر الدين حسن الكرخي عن الجلال السيوطي عن محمد بن مقبل عن عبد الوهاب بن محمد الفروي عن المؤلف.
200 - (شروح بهرام الثلاثة على مختصر خليل) (2): أرويها هذا الإسناد إلى البابلي وسائر تصانيفه عن سالم بن محمد وسليمان بن عبد الدائم كلاهما عن النجم محمد بن أحمد بن على عن عبد الحق السنباطي عن أحمد بن محمد ابن حسن الشملي عن أبيه عن المؤلف.
_________
(1) هو عمر بن على بن سالم بن صدقة اللخمي، الإسكندراني، الفاكهاني (تاج الدين، أبو حفص) فقيه، مشارك في الحديث والأصول والعربي والأدب ولد بالإسكندرية سنة 654 هـ. وتوفي ها سنة 731 هـ وقيل 734 هـ.
من تصانيفه: شرح رسالة ابن أبي زيد القرواني في الفقه المالكي سماه " التحرير والتحبير " شرح الأربعين النووية وعاه " منهج المبين قي شرح الأربعين "، " الإشارة في النحو "، " التحفة المختارة في الرد على منكر الزيارة "، " واللمعة في وقفة الجمعة ".
انظر: " الدرر الكامنة " (179/ 3 - 180) " البداية والنهاية " (14/ 168) " حسن المحاضرة " (1/ 261) " هدية العارفين " (1/ 789) " شذرات الذهب " (6/ 96) " معجم المؤلفين " (2/ 567).
(2) بهرام بن عبد الله بن عبد العزيز بن عمر بن عوض بن عمر، قاضى القضاة. ممصر حامل لواء المذهب المالكي على كاهله.
أخذ عن مشايخ عصره منهم شرف الدين الرهوني، والشيح خليل، وسمع من إبراهيم القاياتي وغيره ومهر في الفقه.
ومن آثاره: " مجلدة في المناسك"، " وشرحها في ثلاثة أسفار "، " وشرح مختصر ابن الحاجب الأصلي، " وألفيه ابن مالك "، و" شرح مختصر خليل " ثلاثة شروح كبير، ووسط، وصغر، وقد عم النفع به وتداولها الطلبة والمدرسون مع وجود غرها من الشروح المتعددة.
انظر " توشيح الديباج وحلية الابتهاج " تأليف: بدر الدين القرافي (ت: 946 هـ) (ص 83 - 85) رقم الترجمة [68].(3/1477)
201 - (شرح البردة لابن مرزوق) (1): أرويه مع سائر تصانيفه هذا الإسناد إلى البابلي عن احمد بن خليل عن النجم محمد بن أحمد بن زكريا عن محمد بن محمد بن فهد عن جمال الدين بن ظهيرة عن المؤلف.
202 - (شرح المفصل لابن الحاجب وسائر تصانيفه):
أرويها هذا الإسناد إلى البابلي عن سالم بن محمد عن محمد بن أحمد بن زكريا عن محمد بن أبي بكر المراغي عن أبي طلحة الحراوي عن الدمياطي عبد المؤمن بن خلف عن المؤلف.
203 - (شرح التلخيص المطول (2) والمختصر (3) للسعد وسائر ثصانيفه): أرويه بهذا الإسناد إلى البابلي عن علي بن يحيى الزيادي عن السيد يوسف بن عبد الله الأرميوني عن أبي الفضل السيوطي عن احمد بن محمد العقيلي عن الحسن بن علي بن محمد الأبيوردي عن المؤلف.
_________
(1) هو محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن أبي بكر بن مرزوق الحفيد، العجيسي، التلمساني، (شمس الدين، أبو عبد الله) فقيه، أصولي، محدث، مفسر، صوفي، مقرئ، لغوي، بياني، عروضي، ناظم.
ولد بتلمسان سنة (766 هـ) وتوفي ها سنة (842 هـ).
من تصانيفه: " أنوار الدراري في مكررات البخاري "، " روضة الأديب في شرح التهذيب "، "المفاتيح المرزوقية في استخراج رموز الخزرجية في العروض "، " شرح قصيدة البردة " وحمله "الاستيعاب لما فيها من البيان والإعراب " و" المسعى الرجيح والمرحب الفسيح في شرح الجامع الصغير" لم يكمل.
انظر " الضوء اللامع " (7/ 50) " البدر الطالع " (2/ 119 - 120) " معجم المؤلفين " (3/ 97).
(2) (المطول على التلخيص) شرح تلخيص المفتاح للقزويني طبع بالآستانة عام 1260 هـ، 1304 هـ
(3) مختصر على تلخيص مفتاح، فقد طبع على نفقه الشيخ فرج الله الكردي في المطبعة الأهلية ببولاق 1317هـ وفي كلكتة عام 1228هـ معجم سركيس (1/ 638).(3/1478)
254 - (شرح معاني الآثار للطحاوي) (1): ارويه هذا الإسناد إلى البابلي عن عبد الله بن محمد النحريري عن يوسف بن زكريا عن أبيه عن الحافظ ابن حجر عن أبي الطاهر بن الكويك عن زينب بنت الكمال المقدسية عن أبي محمد بن عبد الهادي عن محمد بن أبي بكر المدني عن إسماعيل بن الفضل بن احمد السراج عن منصور بن الحسن الثاني عن محمد بن إبراهيم بن المقري عن المؤلف.
205 - (شرح الحافظ ابن حجر على البخاري) (2):
أرويه هذا الإسناد إلى البابلي عن سالم بن محمد عن الزين زكريا عن المؤلف.
206 - (شرح النخبة له مع سائر تصانيفه (3):
أرويها هذا الإسناد المتصل به.
207 - (شرح الجمل لابن باب شاذ) (4):
_________
(1) هو أحمد بن محمد بن سلامة بن سلمه بن عبد الملك بن سلمه بن سليم بن سليمان الأزدي الحجري الطحاوي (نسبة إلى طحا قرية بصعيد مصر) المصري، الحنفي، فقيه، مجتهد، محدث، حافظ، مؤرخ.
ولد سنة (229 هـ) وقيل (238 هـ) وتوفي في مصر سنة (321 هـ).
من تصانيفه: " أحكام القرآن "، " المختصر في الفقه "، " الاختلاف بين الفقهاء "، " المحاضر والسجلات "، " التاريخ الكبير "، " بيان السنة والجماعة "، " معاني الآثار "، " مشكل الآثار ".
انظر: " وفيات الأعيان " (1/ 23) " تذكرة الحفاظ " (3/ 28 - 29) " لسان الميزان " (1/ 274) " الفوائد البهية " (ص 31 - 34) " شذرات الذهب " (2/ 288) " حسن المحاضرة " (1/ 198).
(2) كتابه المقصود هنا " فتح الباري " وسيأتي الكلام عليه استقلالا.
(3) وهو كتاب " نزهة النظر شرح نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر " كلاهما للإمام ابن حجر وهو شرح مختصر مفيد، مطوع متداول.
(4) هو طاهر بن أحمد بن بابشاذ (هكذا قي كتب التراجم الأخرى) بن داود بن سليمان بن إبراهيم المصري، الجوهري، المعروف بابن بابشاذ (أبو الحسن) نحوي لغوي.
سمع الحديث ورواه، وقرئ عليه الأدب بجامع مصر سنيهما، وخدم. بمصر في ديوان الإنشاء، وقدم بغداد تاجرا في اللؤلؤ، وأحذ عن علمائها، وتوفي. ممصر في رجب سنة (461 هـ).
من مصنفاته: " شرح الجمل للزجاجي "، " كتاب الأصول لابن السراج قي النحو "، " شرح النخبة، " تعليق في النحو"،في خمسة عشر مجلدا.
انظر: " وفيات الأعيان " (1/ 294 - 215) " معجم الأدباء " (12/ 17 - 19) " البداية والنهاية (12/ 116) " النجوم الزاهرة " (5/ 105) " شذرات الذهب " (3/ 333 - 334) " معجم المؤلفين " (2/ 9).
قال ابن خلكان (2/ 517): ابن بابشاذ: كلمة أعجمية تتضمن الفرح والسرور(3/1479)
أرويه عن شيخنا يوسف بن محمد بن علاء الدين عن أبيه عن يحيى بن عمر الأهدل ح- وأرويه عن شيخنا عن صديق بن على المزجاجي عن السيد سليمان بن يحيى بن عمر عن أحمد بن محمد الأهدل عن يحيى بن عمر الأهدل.
(ح) وأرويه عن شيخنا السيد عبد القادر بن أحمد عن السيد سليمان بن يحيى بن عمر عن أحمد بن محمد الأهدل عن يحيى بن عمر.
قال يحيى بن عمر: أخبرني به شيخنا أبو بكر بن علي البطاح الأهدل ثم ذكر الإسناد المتقدم في تفسير الثعلبي إلى الشماخي عن عبد الرحمن بن إبراهيم بن على عن أبي إسحاق ابن إبراهيم بن علي عن القاضي يوسف بن إبراهيم بن عبد الواحد السنباطي عن عبد الله ابن بري القرشي عن محمد بن بركات السعيدي عن المؤلف.
208 - (شرح المقدمة المحسنة في النحو لابن باب شاذ المذكور) (1):
أرويه هذا الإسناد إلى المؤلف.
209 - (شرح الحاوي للقونوي) (2) أرويه بالإسناد المذكور إلى يحيى عن عمر الأهدل بإسناده المتقدم في تفسير الثعلبي إلى الشرجي عن شمس الدين الجزري عن إبراهيم بن أحمد الثعلبي عن المؤلف.
_________
(1) تقدم آنفا.
(2) (شرح الحاوي الصغير) في الفقه.- مخطوط- الأعلام للزركلي (4/ 264).(3/1480)
210 - (شرح الهداية لحسام الدين بن علي السغناقي) (1): أرويها عن شيخنا يوسف بن محمد بن علاء الدين المزجاجي عن أبيه عن جده عن إبراهيم الكردي عن أحمد بن محمد المدني عن الشمس الرملي عن زين الدين زكريا عن نجم الدين عمر بن تقي الدين بن فهد عن محمد بن إبراهيم المرشدي عن محمد بن علي بن عبد الكافي عن عبد الله بن حجاج الكاشغري عن المؤلف.
211 - (شرح الهداية للسروجي) (2):
أرويها بالإسناد السابق إلى الزين زكريا عن الحافظ ابن حجر عن محمد بن على بن محمد المكي عن قطب الدين عبد الكريم بن محمد الهبي عن المؤلف.
212 - (شرح الكنز للكرماني) (3):
_________
(1) هو الحسين بن علي بن حجاج السغناقى، البخاري، الحنفي، المنعوت بالحسام، فقيه، أصولي، دخل بغداد، وتوفي. بمرو قبل عام 774 هـ.
من أثاره: " شرح الهداية في فروع الفقه الحنفي "، و" شرح أصول الفقه للأخسيكتي ".
انظر: " معجم المؤلفين " (1/ 606).
(2) هو أحمد بن إبراهيم بن عبد الغني السروجي الحنفي (شمس الدين، أبو العباس) قاضي قضاة الديار المصرية، كان مشاركا في علوم شيء.
ولد سنة (637 هـ) وقيل (639 هـ وتوفي بالقاهرة سنة (0 71 هـ) وقيل سنة (701 هـ).
من تصانيفه: اعتراضات على ابن تيمية قي علم الكلام "، شرح على الهداية وسماه " الغاية " ولم يكلمه انتهى فيه إلى كتاب الإيمان في ست مجلدات ضخمة، تحفة الأصحاب ونزهة ذوي الألباب.
انظر: " الدرر الكامنة " (1/ 91 - 92) " البداية والنهاية " (14/ 60) " النجوم الزاهرة " (9/ 212 - 213) " الفوائد البهية " (ص13) " الجواهر المضية " للقرشي (1/ 53 - 55).
(3) هو مسعود بن محمد بن محمد بن سهل الكرماني، الحنفي (أبو محمد، قوام الدين) عالم قي الفقه والنحو والأصلين واللغة سكن بدمشق بالقاهرة.
ولد سنة 664 هـ وتوفي سنة 748 هـ وقد جاوز الثمانين.
من تصانيفه: " شرح الكنز في فروع الفقه الحنفي "، " حاشية على المعنى للبخاري في أصول الفقه "، وله شعر.(3/1481)
أرويه بالإسناد السابق إلى الحافظ ابن حجر عن محمد بن محمد بن سكر القرشي عن مؤلفه.
213 - (شرح (1) التجريد للمؤيد بالله):
أرويه بالإسناد السابق في كتاب الأمالي له من حرف الهمزة.
213 - (شرح (2) التجريد لأب طالب):
أرويه بالإسناد السابق في كتاب الإفادة له من حرف الهمزة.
215 - (شرح الأحكام للسيد أبي العباس) (3):
أرويه بالإسناد السابق في أمالي المؤيد بالله وإفادة أبي طالب أيضًا إليهما وهما يرويان شرح الأحكام عن المؤلف وهو خالهما.
216 - (شرح القاضي زيد بن محمد .... .... .... .... .... ....
_________
(1) الأصل " التجريد في علم الأثر " للمؤلف أيضًا وهذا الشرح في أربع مجلدات اعتنى فيه بالأسانيد وأسماء الرواة الراوين عن على عليه السلام والأئمة من أهل البيت ويبسط الأدلة من الكتاب والسنة والإجماع والقياس.
مؤلفات الزيدية (2/ 143 رقم 1896).
(2) الأصل للمؤلف أيضًا وهذا الشرح في ستة عشر مجلدا، أودع فيه من الأدلة والتعليلات مالا يوجد في غيره وبالغ في نصرة مذهب الإمام الهادي حتى أظهر ترجيحه.
مؤلفات الزيدية (144/ 2 رقم 1898).
(3) هو أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن على بن إبراهيم بن محمد بن سليمان، الهاشمي الحسني السيد الإمام أبو العباس، حدث عن يحي بن محمد بن الهادي، وعليه سمع الأحكام والمنتخب.
وله مؤلفات منها " شرح الأحكام "" مسلسل الأحاديث "" شرح الإبانة "" المصابيح ".
وكان إماميا ثم رجع إلى مذهب الزيدية وقيل لم يرجع توفي سنة (353 هـ).
انظر " تراجم الرجال " للجنداري (ص 3).(3/1482)
الكلاري) (1):
أرويه بالإسناد المتقدم في كتاب الإبانة من حرف الهمزة إلى أبي علي بن أموج الجيلي عن المؤلف.
217 - (شرح الأزهار لا بن مفتاح) (2): أرويه بالإسناد المتقدم في كتاب الإبانة إلى الإمام شرف الدين عن على بن أحمد عن علي بن زيد عن المؤلف.
218 - (شرح الفتح ليحيى حميد) (3):
_________
(1) هكذا في الأصل، والذي في التراجم (الكلاوي).
وهو زيد بن محمد الكلاوي بالتخفيف كذا قيل الجيلي وهو القاضي زيد المشهور علامة الزيدية وحافظ أقوالهم وفقيههم. قال في الانتصار: كان من أتباع المؤيد بالله ولم يعاصره، وهو مؤلف الشرح المذكور، وإذا أطلق الشرح في المنتزع فهو شرحه، إلا في موضع في السير فشرح أبي طالب، والشرح درب الزيدية ومعلقيها انتزعه من شرح أبي طالب.
انظر: " تراجم الرجال " للجنداري (ص15).
(2) هو عبد الله بن أبي القاسم بن مفتاح، شارح الأزهار ((المنتزع المختار منه الغيث المدرار المفتح لكمائم الأزهار في فقه الأئمة الأطهار)).
طبع عام 1332 هـ مطبعة شركة التمدن معجم سركيس (1/ 247)، الشرح الذي عليه اعتماد الطلبة إلى الآن.
كان محققا للفقه ولعله قرأ على الإمام المهدي مصنف الأزهار، وكان مشهورا بالصلاح وميل الناس إلى شرحه وعكوفهم عليه مع أنه لم يشتمل على ما اشتملت عليه سائر الشروح من الفوائد.
دليل على نيته وصلاح مقصده وهو مختصر من الشرح الكبير للإمام المهدي المسمى بالغيث، وتوفي رحمه الله يوم السبت سابع عشر ربيع الأخر سنة 877 هـ وقبره يماني صنعاء.
انظر " البدر الطالع " (1/ 294 - 295).
(3) قال الشوكاني في " البدر الطالع " (2/ 341):
(يحيى بن محمد بن حسن بن حميد بن مسعود المقراي بلدا الحارثي المذجى نسبا الزيدي مذهبا.
ولد سنة (908 هـ) وقرأ على جماعة، منهم محمد بن أحمد مرغم ومحمد بن يحيى بهران(3/1483)
أرويه بالإسناد المتقدم في أول هذا المختصر إلى الإمام القاسم بن محمد عن السيد أمير الدين بن عبد الله عن السيد أحمد بن عبد الله عن المؤلف.
219 - (شرح الأثمار لابن هران) (1): أرويه بالإسناد المذكور إلى الإمام القاسم بن محمد عن عبد العزيز بن محمد بن يحيى هران عن أبيه المؤلف.
220 - (شرح البحر للإمام عز الدين بن الحسن) (2):
أرويه بالإسناد المذكور إلى الإمام القاسم عن أمر الدين بن عبد الله عن السيد أحمد ابن عبد الله عن الإمام شرف الدين عن الإمام محمد بن علي السراجى عن المؤلف.
221 - (شرح النجري على .... .... .... .... .... .... ....
_________
= ومحمد بن أبي بكر الشافعي وغيرهم، ورحل إلى مكة وتقي ابن حجر الهيثمي وسأله. بمسائل وأخذ عنه جماعة من العلماء.
وله مصنفات منها شرح الأثمار حماه " الوابل المغزار " ومنها الفتح " وشرحه و" التوضيح " و" ومصباح الفرائض " وشرحه و" نزهة الأنظار" مات في رجب سنة (990 هـ) 1هـ.
(1) هو محمد بن يحي بن محمد بن أحمد بن محمد بن موسى اليماني الصعدي المعروف ببهران الزيدي، أحد علماء اليمن المشاهير، برع في جميع المنون وفاق أقرانه وتفرد برياسة العلم في عصره.
وصنف التصانيف الحافلة منها في الفقه: " شرح الأثمار " للإمام شرف الدين في أربع مجلدات، وفي العربية" التحفة " وفي أصول " الكافل " و" الشافي " وغير ذلك.
وقد عم النفع بشرحه للأثمار المتقدم ذكره فإنه ذكر فيه من دقائق الفقه وحقائقه ما لم يوجد في غير وذكر الأدلة على مسائلة ونقحه أحسن تنقيح.
مات بصعدة سنة (957 هـ).
انظر " البدر الطالع " (2/ 278 - 279 - 280).
(2) واسمه: " الفلك السيار في لجج البحر الزخار " الموجود منه. بمكتبة الجامع/ صنعاء الجزء الأول) ينتهي إلى أثناء سجود السهو في 300 ورقة رقم 56 فقه).(3/1484)
الأزهار) (1): أرويه بالإسناد المذكور إلى الإمام شرف الدين عن علي بن أ حمد عن علي بن زيد عن. محمد بن أبي القاسم النجري عن ولده المؤلف علي بن محمد النجري.
222 - (شرح الإبانة للهوسمي) (2):
أرويه بالإسناد المتقدم في الإبانة المتصل به.
223 - (شرح النكت للقاضي جعفر بن أحمد بن عبد السلام) (3):
أرويه أيضًا بالإسناد المتقدم في الإبانة المتصل به.
224 - (شرح أبي مضر) (4):
أرويه بالإسناد المتقدم في الإبانة أيضًا إلى أبي على بن أموج عن القاضي زيد بن محمد
_________
(1) هو على بن محمد النجري. اليمني. أخذ عن الإمام المهدي كتابة " الأزهار ".
وكان صاحب الترجمة علامة متفننا محققا وله عناية تامة بعلم الإمام المهدي وكتبه في الفروع، وهو صاحب الشرح المعروف بشرح النجري على الأزهار رحمه الله تعالى.
ولم نقف على تاريخ ميلاده ولا وفاته. إلا أنه من علماء القرن التاسع الهجري والله أعلم.
انظر: " ملحق البدر الطالع " (171) " معجم المؤلفين " (2/ 521).
(2) قد تقدمت ترجمته.
(3) هو جعفر بن أحمد بن عبد السلام بن أبي يحيى الأبناوي البهلولي الزيدي، القاضي شمس الدين قال قي " المستطاب "، هو إمام الزيدية وعالمها وإمامها ومسندها، وكان أبوه عالم المطرفية وأخوه شاعرهم، ارتحل لطلب العلم إلى العراق ولم يخرج إلا وهز أعلم من هو فيه.
له مصنفات منها: " النكت وشرحها ". توفي سنة (573 هـ).
انظر: " تراجم الرجال " للجنداري (ص10).
(4) هو شريح بن المؤيد القاضي الجيلي أبو مضر، صاحب التصانيف في الفقه منها " أسرار الزيادات"و" لباب المقالات لقمع الجهالات ".
أفئ مرة بجواز مهادنة الباطنية، فهاجر الشيخ علي خليل من تلك الفتوى وأنكر عليه.
انظر " تراجم الرجال " للجنداري (ص 17).(3/1485)
عن المؤلف.
225 - (شرح الأساس للإمام القاسم) (1):
أرويه بالإسناد المتقدم في الأساس له ..
226 - (شرح الأساس للشرفي) (2): أرويه بالإسناد السابق في كتاب الإبانة إلى إبراهيم بن القاسم بن المؤيد عن أخيه الحسن بن المؤيد عن القاضي علي بن محمد المعمري عن المؤلف.
227 - (شرح الثلاثين المسئلة لابن حابس) (3):
أرويه بالإسناد المذكور إلى إبراهيم بن القاسم بن المؤيد عن أحمد بن ناصر المخلافي عن أبيه عن جده عن المؤلف.
228 - (شرح الكافل له) (4):
_________
(1) تقدمت ترجمته
(2) هو السيد أحمد بن محمد الشرفي العلامة المؤرخ مصنف " اللئالي المضية " جعلها شرحا لقصيدة السيد صارم الدين إبراهيم بن محمد التي عارض ها البسامة، وهو شرح حافل في ثلاثة مجلدات. توفي سنة (1055هـ).
ومن مصنفاته: " شرح الأساس " واسمه الكامل شفاء صدور الناس شرح الأساس لعقائد الأكياس. مخطوط جزئن سنة 1041هـ الجامع الكبير صنعاء رقم 603، 604،606 مصادر الفكر ص140 و" شرح الأزهار " في أربعة مجلدات. وله أشعار، وأخبار، وجهاد واجتهاد.
ومن جملة مشايخه الإمام القاسم بن محمد وله تلامذة جهابذة.
انظر " البدر الطالع " (1/ 119).
(3) وهو الإيضاح المعروف (بشرح ابن جابر على الثلاثين مسألة من أشهر كتب التوحيد عند الزيدية).
هناك نسخ خالية كثيرة في مكتبة الأوقاف (683 - 740).
أعلام المؤلفين الزيدية ص 200.
(4) واحمه الكامل (الأنوار الهادية لذوي العقول إلى شرح الكافل بنيل السؤال) مخطوط سنة 1090هـ(3/1486)
أرويه هذا الإسناد.
229 - (شرح الكافل لابن لقمان) (1): أرويه بالإسناد المذكور إلى إبراهيم بن القاسم بن المؤيد عن الحسن بن صاع عن القاضي أحمد صاع بن أبي الرجال عن المؤلف.
230 - (شرح الغاية للحسين بن الإمام) (2)
أرويه بالإسناد المذكور إلى إبراهيم بن القاسم عن شيخه أحمد بن ناصر عن أحمد ابن سعد الدين عن الإمام المتوكل على الله إسماعيل بن القاسم عن المؤلف.
231 - (شرح النجري على مقدمات البحر) (3):
أرويه بالإسناد إلى الإمام القاسم بن محمد عن عبد العزيز بن محمد بن يحيى هران عن أبيه عن المرتضى بن قاسم عن المؤلف.
232 - (شرح المنهاج للإمام عز الدين) (4):
ارويه بالإسناد السابق في شرح البحر له.
_________
(1) هو أحمد بن محمد لقمان بن أحمد بن شمس الدين بن يحيى المرتضى، اليمني، الزيدي. عالم مشارك في أنواع من العلوم.
توفي سنة (1039هـ) ودفن بقلعة غمار من جبل رازح.
من تأليفه: " شرح الكافل بنيل السؤال في علم الأصول " طبع في صنعاء- مصادر الفكر (ص 179) " شرح الأساس "، " شرح التهذيب للتفتازاني. "مرقاة الأصول للإمام القاسم.
انظر البدر الطالع " (1/ 118) " ومعجم المؤلفين " (1/ 290).
(2) سيأتي ذكر ترجمته في المؤلفات.
(3) تقدمت ترجمته.
(4) تقدمت ترجمته.(3/1487)
233 - (شرح (1) الحفيظ للفقيه حسن النحوي):
أرويه بالإسناد المتقدم في كتاب التذكرة له.
234 - (شرح الهداية للسيد إبراهيم بن محمد بن عز الدين المؤيدي (2): أرويه بالإسناد المتقدم إلى القاضي أحمد بن صاع بن أبي الرجال عن المؤلف. 235 - (شرح الخالدي في الفرائض) (3): أرويه بالإسناد المتقدم في شرح الفتح إلى ير حميد عن مؤلفه.
236 - (شرح الأزهار للشرفي) (4):
أرويه بالإسناد المتقدم في لشرح الأساس له.
237 - (شرح الغايات للإمام المهدي (5):
أرويه بالإسناد المتقدم في كتاب البحر له.
238 - (شرح الزيادات للدواري) (6):
_________
(1) (شرح الحفيظ) له نسخة قي الأنبروزيانا رقم (73) 0 الروض الأغن (1/ 155).
(2) هو السيد الداعي إلى الله إبراهيم بن محمد بن أحمد بن عز الدين الحسني المؤيدي اليمني المعروف بحورية الصعدي.
له مجموعة من المؤلفات منها: الروض الحافل شرح الكافل "" شرح الهداية " في الفروع في ثلاث مجلدات. " قصص الحق المبين في فضائل أمير المؤمنين ".
توفي سنة (1083هـ) ودفن ببلدة العشة بالقرب من مدينة صعده.
انظر " ملحق البدر الطالع " ص 9 - 10.
(3) هو أحمد بن محمد بن داود الخالدي، اليمني، عالم مشارك. توفي سنة (880 هـ).
من تصانيفه: " إيضاح الغامض في علم الفرائض "، " شرح على كافية ابن الحاجب " و" الجوهر الشفاف في المنطق ".
انظر: " ملحق البدر الطالع " (ص 43) " معجم المؤلفين " (1/ 263)
(4) تقدمت ترجمته
(5) تقدمت ترجمته
(6) تقدمت ترجمته(3/1488)
أرويه بالإسناد المتقدم في الديباج له.
239 - (سائر الشروح):
سيأتي في كر إسنادها إجمالا عند ذكر إسناد المصنفات في حرف الميم إن شاء الله.
240 - (شعب الإيمان للبيهقي) (1):
أرويه بالإسناد المتقدم في الأسماء والصفات له في حرف الهمزة من هذا المختصر.
241 - (الشفاء للقاضي عياض):
أرويه بالإسناد المتقدم إلى البابلي عن سالم بن محمد عن النجم الغيطي عن زكريا عن محمد بن على القاياتي عن عمر بن علي بن الملقن عن يوسف بن محمد الدلاصي عن يحيى ابن أحمد بن محمد بن تامتيت اللواتي عن يحيى بن محمد بن على الأنصاري المعروف بابن الصائغ عن المؤلف.
242 - (الشيء للأمير الحسين) (2):
أرويه بالإسناد المتقدم في كتاب التقرير له.
243 - (شفاء غلة الصادي للسيد محمد بن إدريس الحمزي وسائر مصنفاته كشرحه على السمع وغيره) (3): أرويها بالإسناد المتقدم في كتاب الانتصار إلى الإمام يحيى بن حمزة عن المؤلف.
_________
(1) تقدمت ترجته.
(2) تقدمت ترجته.
(3) هو السيد محمد بن إدريس بن الناصر على بن عبد الله بن الحسن بن حمزة بن سليمان.
ترجمه صاحب مطلع البدور فلم يذكر له مولدا ولا وفاة ولا بلدا ولا شيوخا ولا تلامذة.
له مجموعة من المصنفات منها: " التيسير "، " الأكسير الأبريز في تفسير القرآن العزيز "، " شفاء غلة الصادي في فقه الهادي "، " المنصور المحصور في فقه المنصور "، " الدرة المضية في الآيات المنسوخة الفقهية " وأرح موته بعضهم في عشر الثلاثين وسبعمائة.
انظر " البدر الطالع " (2/ 126 - 127).(3/1489)
244 - (الشمائل للترمذي) (1):
أرويها بالإسناد المتقدم في السنن له.
345 - (شمس الأخبار لعلي بن حميد) (2):
أرويها بالإسناد المتقدم في أوائل هذا المختصر إلى الإمام شرف الدين عن السيد صارم الدين عن السيد أبي العطايا عن الإمام الواثق عن أبيه عن جده عن الأمر الحسن بن محمد عن المؤلف.
246 - (شمس الشريعة لسليمان بن ناصر) (3):
أرويها هذا الإسناد إلى الأمير الحسين بن محمد عن الأمر علي بن الحسن عن عطية عن المنصور بالله عبد الله بن حمزة عن المؤلف.
247 - (الشريعة على اللمع للسيد الهادي بن يحيى) (4): أرويها بالإسناد المتقدم في أوائل هذا المختصر إلى الإمام شرف الدين عن السيد صارم الدين عن أبيه عن جده عن السيد صلاح بن جلال عن المؤلف.
_________
(1) تقدمت ترجمته.
(2) هو علي بن حميد القرشي بن أحمد بن جعفر بن الوليد، محدث.
من آثاره: " شمس الأخبار المنتقاة من كلام النبي المختار " طبع بالقاهرة، مطبعة التمدن سنة 1332هـ في 328 صفحة.
انظر: " معجم المؤلفين (2/ 437) 0 الروض الأغن (2/ 118 رقم 563).
(3) هو سليمان بن ناصر السحامي الزيدي المتكلم كان مطرفيا ثم قرأ على أبي جعفر فرجع، عاصر آخر مدة المتوكل على الله. وكان في نواحي مذحج.
وله مؤلفات منها " شمس الشريعة " ستة مجلدات، و" الروضة في الفقه " وكتاب " النظام ".
انظر: " تراجم الرجال " للجنداري ص 17.
(4) هو السيد الهادي بن يحيى بن المرتضى أخو الإمام المهدي، قرأ على جماعة منهم الفقيه قاسم بن أحمد حميد، وله تلامذة منهم صنوه الإمام المهدي، وكان صاحب الترجمة عالما كبيرا مات سنة (785 هـ).
انظر " البدر الطالع " (2/ 320 - 321).(3/1490)
248 - (الشهاب للقضاعي) (1): أرويه بالإسناد المتقدم في تفسير الثعلبي إلى الشماخى عن الإمام داود بن سليمان بن كساد عن محمد بن بركات النحوي عن المؤلف.
_________
(1) هو محمد بن سلامة بن جعفر بن علما بن حكمون بن إبراهيم بر محمد بن مسلم القضاعى، الشافعي (أبو عبد الله) فقيه، محدث، مؤرخ، واعظ مشارك في علوم أخرى. وسمع. بمصر خلقا كثيرا، وكان كاتبا للوزير علي بن أحمد الجرجاني. توفي سنة (454 هـ).
من تصانيفه: " المختار في ذكر الخطط والآثار في خطط مصر "، " الإنباء بأنباء الأنبياء وتواريخ الخلفاء"، شهار الأخبار ني الحكم والأمثال والآداب الشرعية "، " مسند الشهاب ".
انظر: " وفيات الأعيان " (585") " طبقات السبكي " (1/ 585) " شذرات الذهب " (3/ 293).(3/1491)
حرف الصاد المهملة
249 - (صحاح الجوهري) (1): أرويها بالإسناد المتقدم في تفسير الثعلبي إلى الشماخي عن زكريا بن يحيى الإسكندري عن نصر بن أبي الفتوح الحضرمي عن أبي طاهر محمد بن بيان الأنباري عن محمد بن حمزة العوفي عن علي بن جعفر التميمي عن إسماعيل بن محمد النيسابوري عن أبي بكر بن علي عن المؤلف.
255 - (صحيح البخاري):
سمعته من فاتحته إلى خاتمته من لفظ شيخي السيد العلامة علي بن إبراهيم بن علي بن إبراهيم بن أحمد بن عامر الشهيد رحمه الله.
قال أرويه بالسماع والإجازة عن حامد بن حسن شاكر عن السيد العلامة أحمد بن عبد الرحمن بن الحسين الشامي وهو يرويه بالسماع والإجازة عن شيخه محمد بن حسن العجيمي عن شيخه أحمد بن محمد العجل اليمنى عن شيخه يحيى الطبري عن جده المحب الطبري عن إبراهيم الدمشقي عن الشيخ عبد الرحيم الفرغاني عن الشيخ محمد الفارسيني
_________
(1) هو إسماعيل بن حماد الجوهري، الفارابي، " أبو النصر، لغوي، أديب، ذو خط جيد، أصله من بلاد الترك من فاراب، ورحل إلى العراق وقرأ العربية على أبي علي الفارس وأبي سعيد السيرافي، وسافر إلى الحجاز، وطوف بلاد ربيعة ومضر، وأجهد نفسه في الطلب، ولما قضى وطره من الطواف عاد راجعا إلى خراسان.
ثم سرح إلى نيسابور فلم يزل مقيما ها على التدريس والتأليف وتعليم الخط حتى توفي ها سنة (393 هـ).
من تصانيفه " تاج اللغة وصحاح العربية، " كتاب المقدمة قي النحو "، كتاب في العروض، وله شعر. "
معجم الأدباء " (6/ 151 - 165)، " لسان الميزان " (400 - 402) " شذرات الذهب " (3/ 143) " معجم المؤلفين " (3/ 362 - 363).(3/1492)
عن الشيخ يحيى بن عمار الختلاني عن محمد بن يوسف الفربري عن المؤلف.
(ح) وأرويه عن شيخنا المذكور عن شيخه عن السيد أحمد الشامي عن محمد بن الطيب المغربي عن محمد بن أحمد الأندلسي الفاسي عن احمد بن محمد العجل بإسناده المذكور إلى. المؤلف.
(ح) وأرويه عن شيخنا بإسناده إلى العجل عن القطب محمد بن أحمد بن محمد النهرواني عن أبيه عن النور أبي الفتوح أحمد بن عبد الله الطاووسى عن أبي (1) يوسف الهروي عن محمد بن شاذبخت الفارسيني عن يحيى بن غمار بن شاهان الختلاني عن الفربري عن المؤلف.
(ح) وأرويه عن شيخنا المذكور عن شيخه حامد بن حسن شاكر عن السيد هاشم بن يحيى الشامي عن القاضي طه بن عبد الله السادة عن علي المرحومي المصري ثم اليمني عن إبراهيم البرماوي عن شهاب الدين القليوبي.
ح- قال المرحومي: وأرويه عاليا بلا وساطة بالإجازة العامة عن الشيخ شهاب الدين القيلوني.
قال: أخبرنا به الحافظ ابن حجر بقرأتي عليه لجميعه. قال: أخبرنا به النجم عبد الرحيم بن رزين الحموي وإبراهيم بن أبي التنوخي سماعا عليهما لجميعه قالا: أخبرنا به أحمد بن طالب الحجار سماعا عليه. قال: أخبرنا به الحسين الزبيدي سماعا عليه أخبرنا أبو الوقت عبد الأول السجزي الهروي سماعا. قال: أخبرنا به أبو الحسن عبد الرحمن الداودي أخبرنا به عبد الله بن أحمد بن حمويه السرخسي. قال: اخبرنا به أبو عبد الله ابن يوسف بن مطر الفربري. قال: أخبرنا به مؤلفه محمد بن إسماعيل البخاري.
(ح) وأرويه عن شيخنا المذكور عن شيخه حامد عن السيد أحمد بن يوسف بن الحسن بن الحسن بن القاسم عن السيد إبراهيم بن القاسم بن المؤيد عن السيد الحسين بن
_________
(1) في حاشية المحطوط (قي الأمم لإبراهيم الكردي هكذا عن باء با يوسف الهروي)(3/1493)
أحمد زبارة عن القاضي أحمد بن صاع بن أبي الرجال عن محمد البابلي عن أبي النجا سالم ابن محمد عن النجم محمد بن أحمد بن على عن شيخ الإسلام زكريا عن الحافظ ابن حجر بإسناده المتقدم.
(ح) وأرويه هذا الإسناد إلى السيد حسين بن أحمد زبارة عن عبد العزيز بن محمد ابن عبد العزيز الحبيشي عن إسحاق بن محمد بن جعمان عن أبيه عن محمد بن أبي القاسم ابن إسحاق بن جعمان عن أبيه عن أبي القاسم بن محمد بن أحمد بن جعمان عن أبيه عن أبي القاسم بن إبراهيم بن جعمان عن أحمد بن عمر بن جعمان عن إبراهيم بن عبد الله ابن جعمان عن محمد بن موسى الذؤالي عن أبيه عن إبراهيم بن عمر العلوي عن أحمد بن أبي الخير الشماخي عن أبيه عن أبي بكر بن أحمد بن محمد الشراحي عن محمد بن إسماعيل ابن أبي الصيفي اليمني عن على بن حميد بن عمار الاطرابلسي عن عيسى بن أبي ذر الهروي عن أبيه عن مشايخه الثلاثة: عبد الله بن أحمد بن حموية السرخسي، وإبراهيم بن أحمد المستملى، وأبي الهيثم محمد بن المكي الكشميهني، كلهم عن الفربري عن المؤلف.
ح- أرويه بالإسناد المتقدم إلى عبد العزيز الحبيشي عن علي بن محمد الديبع عن عيسى بن محمد بن محمد الجعفري الثعالبي المالكي عن محمد بن علاء الدين البابلي بإسناده السابق.
(ح) وأرويه عاليا بالإسناد إلى عبد العزيز الحبيشي بالإجازة عن البابلي المذكور بإسناده.
(ح) وأرويه بالإسناد المذكور إلى الحبيشي بإسناده عن أبيه عن الطاهر بن حسين الأهدل عن عبد الرحمن بن على الديبع عن أحمد بن أحمد بن عبد اللطيف الشرجى عن نفيس الدين سليمان بن إبراهيم العلوي عن أبيه عن إبراهيم بن محمد الطبري عن عبد الرحمن بن أبي حرمي الكاتب المكي عن علما بن حميد بن عمار الاطرابلسى بإسناده المتقدم إلى المؤلف.(3/1494)
(ح) وأرويه بالإسناد السابق إلى نفيس الدين العلوي عن موسى بن مري بن علي العزولي عن أحمد بن أبي طالب الحجار بإسناده السابق.
وأرويه بالإسناد المتقدم إلى الحبيشي عن أبيه عن عبد الوهاب بن عبد الحق الحبيشي عن محمد بن أحمد الرملي عن زكريا الأنصاري عن الحافظ ابن حجر بإسناده السابق.
(ح) وأرويه بالإسناد المتقدم إلى عبد الوهاب الحبيشي عن علي بن محمد الوايلي عن أخيه أحمد بن محمد عن أحمد بن محمد بن حجر الهيثمي عن الجلال السيوطي عن ابن حجر العسقلاني بإسناده.
(ح) وأرويه عن شيخنا السيد علي بن إبراهيم المذكور عن شيخه أبي الحسن السندي عن محمد حياة السندي عن سالم بن عبد الله بن سالم البصري عن أبيه عن الشيخ محمد البابلي بإسناده السابق.
(ح) وأروي صحيح البخاري بالسماع لبعضه والإجازة لباقية عن شيخنا السيد الإمام عبد القادر بن أحمد بن عبد القادر بن الناصر بن عبد الرب بن علي بن شمس الدين ابن الإمام شرف الدين رحمه الله عن شيخه محمد بن الطيب المغربي بإسناده السابق.
(ح) وارويه عن شيخنا السيد عبد القادر عن السيد سليمان بن يحيى بن عمر الأهدل عن السيد أحمد بن محمد الأهدل عن أحمد بن محمد النخل! ط عن محمد البابلي بإسناده السابق.
(ح) وأرويه عن شيخنا السيد عبد القادر المذكور عن شيخه محمد حياة السندي عن الشيخ سالم بن عبد الله بن سالم البصري عن أبيه عن محمد بن علاء الدين البابلي بإسناده السابق.
(ح) وأرويه عن شيخنا المذكور عن السيد سليمان بن يحيى الأهدل عن أحمد بن محمد الأهدل عن يحي بن عمر الأهدل عن إسحاق بن إسحاق بن جعمان بإسناده السابق إلى المؤلف.(3/1495)
(ح) وأرويه بالإسناد إلى يحيى بن عمر عن أبي بكر بن علي البطاح الأهدل عن يوسف بن محمد البطاح الأهدل عن الطاهر بن حسين الأهدل عن عبد الرحمن بن على الديبع عن الحافظ محمد بن عبد الرحمن السخاوي عن الحافظ ابن حجر بإسناده السابق.
(ح) وارويه عن شيخنا المذكور عن محمد بن علاء الدين المزجاجي عن أبيه عن أخيه عبد الله بن عبد الباقي المزجاجي عن محمد بن إبراهيم بن جمعان عن محمد بن أبي القاسم بن إسحاق بن جعمان بإسناده المذكور.
(ح) وأرويه عن شيخنا المذكور عن شيخه محمد بن علاء الدين المزجاجي عن أبيه عن الشيخ إبراهيم الكردي عن شيخه أحمد بن محمد المدني عن الشمس محمد بن احمد الرملي وابن حجر الهيثمي والبدر الدمشقي كلهم عن زين الدين زكريا محمد الأنصاري عن الحافظ ابن حجر العسقلاني بإسناده السابق.
(ح) وأرويه هذا الإسناد إلى إبراهيم الكردي عن عبد الله بن ملا سعد الله اللاهوري عن قطب الدين النهرواني بإسناده السابق إلى المؤلف.
وأعلى من هذا رواية شيخنا السيد المذكور عن شيخه محمد بن الطيب المغربي عن شيخه محمد بن أحمد الفاسي عن أحمد بن محمد العجل عن القطب النهرواني بإسناده السابق.
فبين شيخنا وبن البخاري عشرة وبين وبن البخاري أحد عشر رجلا .. هذا على تقدير صحة ما تقدم من أن القطب النهرواني يرويه عن أبيه عن أبي الفتوح كما أثبته كذلك إبراهيم الكردي في الأمم وإن لم يكن بين القطب النهرواني وبين النور أبي الفتوح واسطة فبين شيخنا السيد عبد القادر وبين البخاري تسعة وبيني وبن البخاري عشرة.
وقد وقفت على إجازة من الحافظ محمد بن الطيب المغربي شيخ شيخنا ولفظها هكذا: عن القطب النهرواني عن النور أبي الفتوح فيكون على هذا بين وبن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أربعة عشر رجلا في مثل ثلاثيات البخاري وبيانه أني أروي عن شيخي السيد عبد القادر بن أحمد عن شيخه محمد بن الطيب عن شيخه محمد بن(3/1496)
أحمد الفاسي عن شيخه احمد بن محمد العجل عن القطب النهرواني عن النور أبي الفتوح عن أبي يوسف الهروي عن محمد بن شاذبخت عن يحيى بن عمار بن شاها عن الفربري عن البخاري،. قال في صحيحة: حدثنا مكي بن إبراهيم قال: حدثنا يزيد بن أبي عبيد عن سلمه بن الأكوع قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يقول: " من يقل علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار " (1).
وهذا غاية في العلو لا يوجد مثلها اليوم. وقد قال الشيخ إبراهيم الكردي في الأمم بعد أن ساق الطريقة السابقة موسطا بين القطب النهرواني وبين النور أبي الفتوح الواسطة ما لفظه: فبيننا وبن البخاري ثمانية وأعلى أسانيد ابن حجر أن يكون بينه وبن البخاري سبعة فباعتبار العدد كأني سمعته من الحافظ ابن حجر وصافحته وكأن شيخنا اللاهوري سمعه من التنوخي وصافحه وبين وفاتيهما مائتا سنة وبضعة وثمانون فإن اللاهوري توفي بالمدينة سنة 1083 هـ والتنوخي سنة 800 هـ وهذا عال جدا.
وأعلا أسانيد السيوطي إلى البخاري أن يكون بينه وبين البخاري ثمانية فساويت فيه السيوطي ولله الحمد انتهى كلام الكردي.
وإذا صح ما حكيناه عن محمد بن الطيب فيكون بين الكردي وبين البخاري سبعة فقط فيكون مساويا لابن حجر شيخ السيوطي ويكون شيخنا عبد القادر بن أحمد كأنه لقي السيوطي وصافحه وسمعه منه وبين وفاتيهما قريب ثلاثمائة سنة فإن السيوطي مات سنة (1207هـ) وشيخنا مات سنة (1257هـ).
ح- وأورى صحيح البخاري عن شيخنا السيد المذكور عن شيخه المساوي ابن إبراهيم الحشيبري عن أحمد بن محمد الحشيبري عن عبد الواحد بن محمد الحباك الحشيبري عن محمد بن عمر الحشيبري عن ير بن احمد الحشيبري عن محمد بن أبي بكر الأشخر عن أحمد بن محمد بن حجر الهيثمي عن زكريا الأنصاري عن الحافظ ابن حجر العسقلاني
_________
(1) أخرجه البخاري في صحيحة (1/ 201 رقم 109) من حديث سلمة.(3/1497)
بإسناده السابق.
ح- وأرويه عن شيخنا المذكور عن شيخه محمد بن محمد بن آدم النقشبندي عن محمد ابن عبد المحسن بن سالم عن أحمد بن محمد بن أبي الخير المرحومي عن النجم الغيطي عن الزين زكريا الأنصاري عن الحافظ ابن حجر بإسناده المتقدم.
ح- وأرويه عن شيخنا المذكور عن شيخه السيد هاشم بن يحيى الشمامي بإسناده السابق.
ح- وأرويه عن شيخنا المذكور عن السيد أحمد بن عبد الرحمن الشامي عن السيد حسين بن أحمد زبارة عن القاضي أحمد بن صالح بن أبي الرجال عن البابلي بإسناده المتقدم.
ح- وأرويه عن شيخنا المذكور عن السيد يوسف بن الحسن بن أحمد زبارة عن أبيه بإسناده المذكور.
ح- وأرويه هذا الإسناد إلى السيد حسين زبارة عن عبدي العزيز الحبيشي بإسناده المتقدم.
ح- وأروي صحيح البخاري عن شيخنا العلامة يوسف بن محمد بن علاء الدين المزجاجي رحمه الله عن أبيه عن جده الشيخ إبراهيم الكردي بإسناده السابق.
ح- وأرويه عن شيخنا يوسف المذكور عن أبيه عن أخيه بإسناده المتقدم المسلسل بآل جعمان.
ح- واروي صحيح البخاري عن شيخنا العلامة صديق بن علي المزجاجي رحمه الله عن شيخه السيد سليمان بن يحيى الأهدل بإسناده السابق.
ح- وأرويه عن شيخنا صديق المذكور عن محمد بن علاء الدين المزجاجي بإسناده السابق.
ح- وأروي صحيح البخاري عن شيخنا العلامة الحسن بن إسماعيل بن الحسن المغربي رحمه الله عن السيد قاسم بن محمد الكبسي عن السيد هاشم بن يحيى بإسناده ......(3/1498)
المتقدم. ح- وأروي صحيح البخاري عن جماعة من مشائخي منهم السيد عبد القادر المذكور سابقا عن السيد الإمام محمد بن إسماعيل الأمر عن السيد يحيى بن عمر الأهدل بإسناده السابق.
251 - (صحيح مسلم):
سمعته من لفظ شيخي السيد العلامة عبد القادر بن أحمد المتقدم ذكره من فاتحته إلى خاتمته وهو يرويه من طريق جماعة منهم شيخه العلامة محمد بن الطيب المغربي وهو يرويه عن شيخه إبراهيم بن محمد الدرع عن فاطمة السهرزورية عن الشمس الرملي عن القاضي زكريا عن أبي النعيم رضوان العقبى عن الشريف أبي الطاهر محمد بن الكويك عن أبي الفرج عبد الرحمن المقدسي عن أحمد بن عبد الدائم عن محمد بن صدقة الحراني عن فقيه الحرم محمد الفراوي عن عبد الغافر عن محمد الجلودي عن إبراهيم بن محمد بن سفيان عن مؤلفه.
ح- وأرويه عن شيخنا المذكور عن شيخه محمد بن الطيب عن أبي الأسرار عن الصفي العشاشي عن الشمسي الرملي بإسناده المذكور.
ح- ويرويه شيخنا المذكور عن شيخه محمد حياة السندي عن سالم بن عبد الله بن سالم البصري عن أبيه عن الشيخ محمد البابلي عن أبي النجا سالم السنهوري عن النجم الغيطي عن زكريا الأنصاري بإسناده السابق،.
ح- ويرويه شيخنا المذكور عن شيخه السيد أحمد بن عبد الرحمن بن الحسن الشمامي والسيد يوسف بن الحسين زبارة كلاهما عن السيد الحسن بن أحمد زبارة عن البابلي بإسناده المتقدم إلى المصنف.
ح- ويرويه شيخنا المذكور بإسناده إلى الحسين بن أحمد زبارة عن عبد العزيز بن محمد ابن عبد العزيز الحبيشي عن علي بن مرجان التعري عن محمد بن عبد العزيز المفتي عن أبيه عن السيد الطاهر بن حسين الأهدل عن عبد الرحمن بن على الديبع عن أحمد بن ......(3/1499)
أحمد بن عبد اللطيف الشرجي عن نفيس الدين العلوي عن أبيه عن أبي الخير بن منصور الشماخي عن أبيه عن أبي بكر بن أحمد الشراجي عن أبي بكر بن حرز الله التونسي عن محمد بن علي الحراني عن محمد بن الفضل الفراوي الصاعدي عن محمد بن عيسى الجلودي عن إبراهيم بن محمد بن سفيان النيسابوري عن المؤلف.
ح- وارويه بالإسناد المذكور إلى عبد العزيز الحبيشي عن خاله عبد الوهاب عن محمد ابن أحمد الرملي عن شيخ الإسلام زكريا الأنصاري عن الحافظ ابن حجر العسقلاني عن الشرف محمد القاهري عن عبد الرحمن المقدسي عن شمس الدين بن القماح عن أبي إسحاق بن مضر الواسطي، عن رض الدين الطوسي عن منصور الصاعدي عن الفراوي عن عبد الغافر الفارسي النيسابوري عن الجلودي عن إبراهيم بن سفيان عن المؤلف.
ح- وأرويه بالإسناد السابق إلى عبد الوهاب عن علي بن محمد الوائلي عن أخيه أحمد ابن محمد الوائلى عن أحمد بن حجر الهيثمي عن زكريا عن الحافظ ابن حجر العسقلاني بإسناده المذكور.
ح- وارويه بالإسناد المذكور إلى الهيثمي عن عبد الحق السنباطي عن على البارنباري عن الشمس السخاوي عن الشرف بن الكويك بإسناده السابق إلى المؤلف.
ح- وأرويه بالإسناد السابق إلى الهيثمي عن الحافظ السيوطي عن شيخ الإسلام العلم البلقيني عن أبيه عن الشمس بن القماح بإسناده المقدم.
ح- وأرويه بالإسناد المذكور إلى العلم البلقيني عن التقي أحمد بن الكمال الشمني عن الشرف بن الكويك بإسناده إلى المؤلف.
ح- وأرويه بالإسناد المذكور إلى البلقيني عن أبي إسحاق التنوخي عن سليمان بن حمزة عن على بن الحسين بن المقير عن الحافظ محمد بن ناصر السلامي عن الحافظ عبد الرحمن بن منده عن الحافظ محمد بن عبد الله بن محمد بن زكريا الجوزقي عن مكي بن عبدان النيسابوري عن المؤلف.
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني هذا السند في غاية العلو وهو جميعه بالأجازات ........(3/1500)
انتهى.
فيكون على هذا بين العلم البلقيني وبين مسلم ثمانية وبين وبن العلم البلقيني ثمانية هو تاسعهم فيكون ما بيني وبين مسلم سبعة عشر رجلا وأعلى منه السيد المتقدم من طريق محمد بن الطيب فإن بين وبين مسلم فيه خمسة عشر رجلا.
ح- وأرويه عن شيخنا السيد المذكور عن شيخه محمد بن علاء الدين المزجاجي عن أبيه عن إبراهيم الكردي عن شيخه أحمد بن محمد المدني عن الزين زكريا عن عبد الرحيم ابن محمد بن الفرات عن محمود بن خليفة المنبجي عن عبد المؤمن بن خلف الدمياطي عن المؤيد بن محمد الطوسي عن محمد بن الفضل الفراوي عن أبي الحسن عبد الغافر الفارسي عن الجلودي عن إبراهيم بن محمد بن سفيان عن المؤلف. وهذه الطريقة بيني وبين مسلم فيها خمسة عشر رجلا.
ح- وأرويه عن شيخنا السيد المذكور عن محمد بن علاء الدين المزجاجي عن يحيى بن عمر أبي الأهدل عن أبي بكر بن على البطاح الأهدل عن يوسف بن محمد البطاح الأهدل عن الطاهر بن حسين الأهدل بإسناده المذكور سابقا إلى المؤلف. فبيني وبين مسلم في هذه الطريق سبعة عشر رجلا. ح- وأرويه بالإسناد المتقدم إلى الديبع عن الحافظ السخاوي عن محمد بن زين الدين المراغي عن محمد بن محمد بن محمد الجزري عن أحمد بن عبد الكريم الصوفي عن زينب بنت عمر بن كندي عن المؤيد الطوسي عن الفراوي عن الصاعدي عن الجلودي عن ابن سفيان عن المؤلف. فبيني وبين المؤلف في هذه الطريق سبعة عشر رجلا.
ح- وأرويه عن شيخنا السيد المذكور عن السيد سليمان بن يحيى عن أحمد بن محمد ابن عمر الاهدل عن يحيى بن عمر بإسناده السابق. وفي هذه الطرق زيادة رجال، فيكون بيني وبين مسلم ثمانية عشر رجلا.
ح- وأرويه عن شيخنا السيد المذكور عن المساوي. بين إبراهيم الحشيبري عن إسماعيل بن محمد الحشيبري عن علي بن أحمد الحشيبري عن أحمد بن محمد الحشيبري عن ......(3/1501)
محمد بن أبي بكر الأشخر عن ابن حجر الهيثمي بإسناده السابق.
ح- وأرويه عن شيخنا السيد المذكور عن السيد هاشم بن يحيى الشامي عن طه بن عبد الله الساده عن علي المرحومي عن أحمد المرحومي عن سلطان بن احمد المزاحي عن أحمد بن خليل السبكي عن ابن حجر الهيثمي بإسناده السابق إلى مسلم.
قال مسلم في صحيحه: حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا أبو عوانة عن زياد بن علاقة عن المغيرة بن شعبة أن النبي صلى الله عليه واله وسلم صلى حتى انتفخت قدماه فقيل له اتكلف هذا وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر. قال: " أفلا أكون عبدا شكورا" (1).
_________
(1) وهو حديث صحيح. .
أخرجه أحمد في "المسند" (4/ 251) وابن حبان في صحيحه رقم (311) والحميدي في مسنده رقم (759) وعبد الرزاق في "المصنف" رقم (4746) من طريق سفيان بن عيينه، حدثنا زياد بن علاقة، قال: سمعت المغيرة بن شعبة، يقول: قام النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى إذا تورمت قدماه، فقيل له: يا رسول الله، أتفعل هذا وقد غفر لك ما تقدم وما تأخر؟ قال:"أفلا أكون عبدا شكورا".
وأخرجه أحمد في "المسند" (4/ 255) عن وكيع وعبد الرحمن.
والبخاري رقم (4836) عن صدقة بن الفضل.
ومسلم رقم (80/ 2819) عن أبي بكر بن أبي شيبة وابن نمير.
والنسائي (3/ 219) عن قتيبة بن سعيد ومحمد بن منصور.
وابن ماجه رقم (1419) عن هشام بن عمار.
كلهم عن سفيان به.
وصححه ابن خزيمة في صحيحه رقم (1833).
وأخرجه أحمد في "المسند" (4/ 255) والبخاري رقم (1130) ورقم (6471) من طريق مسعر ابن كدام.
ومسلم رقم (79/ 2819) والترمذي رقم (412) وقي "الشمائل" رقم (258) ومن طريقه البغوي في "شرح السنة " رقم (931) من طريق أبي عوانة.
كلاهما عن زياد بن علاقة، به.
وصححه ابن خزيمة في صحيحه رقم (1182) وفي الباب عن عائشة. أخرجه أحمد في "المسند" (6/ 115) والبخاري رقم (4837) ومسلم رقم وعن أبي هريرة. أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه" رقم (1184) ......(3/1502)
فهذا الحديث من رباعيات مسلم فيكون بين وبين رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على أعلى الطرق عشرون رجلا .. وما أغرب هذا التفاوت بين صحيح البخاري ومسلم كون بيني وبين البخاري في أعلى الطرف عشرة وبيني وبين مسلم في أعلى الطرق خمسة عشر والحال أن مسلما تلميذ البخاري وخريجه.
ح- وأروي صحيح مسلم عن شيخي السيد العلامة على بن إبراهيم بن علي بن إبراهيم بن أحمد بن عامر الشهيد عن شيخه حامد بن حسن شاكر عن السيد أحمد بن عبد الرحمن الشامي عن محمد بن الطيب بإسناده المتقدم.
ح- وأرويه عن شيخنا السيد المذكور عن شيخه حامد عن السيد هاشم بن يحيى الشامي عن السيد طه بن عبد الله بإسناده المتقدم.
ح- وأرويه عن شيخنا السيد المذكور عن شيخه حامد عن السيد أحمد بن يوسف ابن الحسن بن الحسن بن القاسم عن السيد إبراهيم بن القاسم بن المؤيد عن السيد الحسن ابن أحمد زبارة عن أحمد بن صالح بن أبي الرجال عن البابلي بإسناده المتقدم.
ح- وبالإسناد المذكور إلى السيد الحسن بن أحمد زبارة عن عبد العزيز الحبيشي بإسناده السابق.
ح- وأرويه عن شيخنا المذكور عن أبي الحسن السندي عن محمد حياة السندي عن سالم بن عبد الله بن سالم البصري بإسناده السابق.
ح- وأروي صحيح مسلم عن شيخي العلامة الحسن بن إسماعيل بن الحسين المغربي بالسماع لبعضه والإجازة لباقية عن شيخه السيد قاسم بن محمد الكبسي عن السيد هاشم ابن يحيى بإسناده السابق .......(3/1503)
ح- وأروي صحيح مسلم عن شيخنا العلامة يوسف بن محمد بن علاء الدين المزجاجي عن أبيه عن جده عن إبراهيم الكردي بإسناده السابق إلى المؤلف.
ح- وأرويه عن شيخنا المذكور عن أبيه عن يحيى بن عمر الأهدل بإسناده السابق.
ح- وأروي صحيح مسلم عن شيخنا صديق بن علي المزجاجي عن شيخه محمد بن علاء الدين المزجاجي بإسناده السابق.
ح- وأرويه عن شيخنا المذكور عن شيخه السيد سليمان بن يحيى الأهدل عن احمد ابن محمد الأهدل عن يحيى بن عمر الأهدل بإسناده السابق إلى المؤلف.
252 - (صحيح ابن حبان):
أرويه بالأسانيد المتقدمة إلى البابلي عن أحمد بن عيسى بن جيل الكلبي والنور على ابن محمد الأجهوري كلاهما عن على بن أبي بكر القرافي عن أبي الفضل عبد الرحمن ابن أبي بكر الحافظ عن أبي الفضل محمد بن محمد بن عمر الملتوتي عن أبي الفرج الغري عن يونس بن إبراهيم الدبوسي عن أبي الحسن بن المقير عن أبي الكرم الشهرزوري عن أبي الحسن بن المهتدي بالله عن أبي الحسن الدارقطني عن مؤلفه.
ح- وأرويه بالإسناد السابق إلى الجلال السيوطي عن أبي الفضل بن حصن عن أبي إسحاق التنوخي عن أبي عبد الله بن أحمد بن أبي الهيجاء بن الوراد عن الحسن بن محمد البكري وابن عساكر كلاهما عن عبد العزيز بن محمد الهروي عن تميم بن سعيد الجرجاني عن محمد بن أحمد بن هارون الدوني عن المؤلف.
ح- وأرويه بالإسناد المتقدم إلى إبراهيم الكردي عن شيخه أحمد بن محمد المدني عن الشمس الرملي عن الزين زكريا عن عبد الرحيم بن محمد بن الفرات عن محمود بن خليفة عن عبد المؤمن بن خليفة الدمياطي عن أبي الحسن بن المقير بإسناده السابق.
253 - (الصفاء للفقيه يحيى بن حسن البحيح (1)):
_________
(1) هو يحيى بن حسن البحيح الزيدي العلامة الفقيه كان أحد المذاكرين وفقهاء الزيدية المعتمد على أقوالهم أخذ على الأمير المؤيد.
وله من المصنفات تعليق على اللمع في أربع مجلدات، وتعليق على الزيادات، وتفقه عليه جماعة منهم محمد بن سليمان عاصر الإمام يحيى ولم يقل بإمامته وقد وصف بكثرة المذاكرة والاجتهاد.
انظر: "تراجم الرجال" للجنداري (ص 41 - 42) ......(3/1504)
أرويه بالإسناد المتقدم في أول هذا المختصر إلى الإمام شرف الدين عن على بن أحمد عن علي بن زيد عن أبي العطايا عن الفقيه يوسف عن الفقيه حسن عن المؤلف.
254 - (صفوة (1) الاختيار للمنصور بالله عبد الله بن حمزة):
أرويها بالإسناد المذكور في أول هذا الكتاب المتصل به.
_________
(1) صفوة الاختيار: فصول في قواعد الأصول بشيء من التوسع تضم المهم من أقوال العلماء يخص أصول الأئمة من أهل وأتباعهم واختيار المؤلف في المسائل.
مؤلفات الزيدية (2/ 229 رقم 216) ......(3/1505)
حرف الضاد المعجمة
255 - (ضوء النهار للجلال (1)):
ارويه عن شيخنا السيد عبد القادر بن أحمد سماعا لبعضه وإجازة لباقيه عن شيخه السيد أحمد بن عبد الرحمن الشامي عن شيخه الحسن بن أحمد زبارة عن القاضي عبد الواسع بن عبد الرحمن القرشي عن المؤلف.
256 - (الضوء اللامع للسخاوي (2)): أرويه بالإسناد المتقدم في إسناد تفسير الثعلبي وفي إسناد الصحيحين إلى عبد الرحمن بن علي الديبع عن المؤلف.
257 - (ضياء ذوي الأبصار للشرفي (3)):
ارويه بالإسناد المتقدم أول هذا المختصر المتصل بالسيد إبراهيم بن القاسم بن المؤيد عن شيخه الحسين بن أحمد زبارة عن شيخه أحمد بن صاع بن أبي الرجال عن أحمد بن سعد الدين عن السيد إبراهيم بن الهدى عن المؤلف.
_________
(1) واسمه كاملا: "ضوء النهار المشرق على صفحات الأزهار في فقه الأئمة الأطهار"
(2) هو محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أبي بكر بن عثمان بن محمد السخاوي الأصل، القاهري المولد، الشافعي (شمس الدين، أبو الخير، أبو عبد الله) فقيه، مقرئ، محدث، مؤرخ، مشارك في الفرائض والحساب والتفسير وأصول الفقه والميقات.
أصله من سخا من ترى مصر، وولد بالقاهرة في ربيع الأول سنة (813 هـ) وتوفي بالمدينة المنورة سنة (902 هـ).
من تصانيفه: "الضوء اللامع لأهل القرن التاسع" في اثني عشر مجلدا، "المقاصد الحسنة في الأحاديث الجارية على الألسنة"، "البستان في مسألة الاختتان"، "الأصل الأصيل في تحريم النظر في التوراة والإنجيل"، "القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع".
انظر: "الضوء اللامع" (8/ 2 - 32) "البدر الطالع" (2/ 184 - 187) "شذرات الذهب" (8/ 15 - 17)
(3) تقدمت ترجمته ......(3/1506)
حرف الطاء المهملة
258 - (طبقات السبكي (1))
ارويها بالإسناد المتقدم في جع الجوامع له.
259 - (الطراز المذهب في إسناد المذهب للقاضي إبراهيم بن يحيى السحولي (2)): أرويه بالإسناد المتقدم في أول هذا الكتاب إلى السيد إبراهيم بن قاسم بن المؤيد عن القاضي احمد بن ناصر المهلا عن أخيه الحسين بن ناصر عن السيد محمد بن الحسن بن الإمام القاسم عن المؤلف.
260 - (طهارة القلوب والخضوع لعلام الغيوب للديريني (3)): أرويها بالإسناد السابق في تفسير الثعلبي إلى الشرجي عن شيخه محمد بن محمد بن محمد الجزري عن الحافظ عبد الرحيم العراقي عن محمد بن محمد الميدومي عن المؤلف.
261 - (الطوالع للبيضاوي (4)):
_________
(1) تقدمت ترجمته
(2) قال الشوكاني في "البدر" (1/ 33): (إبراهيم بن يحيى بن محمد بن صلاح السحولي الشجري سيأتي ذكره في ترجمة ولده محمد) 1 هـ.
ثم قال في ترجمة ولده محمد (2/ 97): (ووالد صاحب الترجمة هو احد أكابر علماء صنعاء المفيدين لا سيما في علم الفروع).
وله مصنفات منها "حاشية شرح الأزهار" المشهورة، ومنها " شرح على الثلاثين المسألة" وقد تخرج به غالب أهل عصره في علم الفقه.
ولد. بمدينة ذمار سنة (987 هـ) وتوفي يوم السبت لعشرين خلت من جمادي الأولى سنة (1060 هـ)
(3) كتاب " طهارة القلوب والخضوع لعلام الغيوب" خ.
تأليف: عبد العزيز بن احمد الديريني المتوفي سنة (694 هـ).
انظر "فهرس مخطوطات الجامع الكبير" (3/ 1361).
(4) طبع بالآستانة عام 1305هـ وهامشه حاشية الجرجاني معجم سركيس (1/ 454) ......(3/1507)
أرويها بالإسناد السابق إلى البابلي عن أحمد بن محمد الغنيمي عن الشمس زكريا عن الحافظ ابن حجر العسقلاني عن أبي هريرة عبد الرحمن بن الحافظ الذهبي عن عمر بن اليأس المراغي عن المؤلف .......(3/1508)
حرف الظاء المعجمة
[ترك فراغ في النسخة الأصلية التي بخط المؤلف شيخ الإسلام العلامة محمد بن علي الشوكاني رحمة الله] ......(3/1509)
حرف العين المهملة
262 - (عدة الحصن الحصين للجزري (1)): أرويها بالإسناد المتقدم في الصحيحين إلى عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز الحبيشي عن إسحاق بن محمد بن جعمان عن محمد بن علان عن عبد الرحمن بن محمد الخطيب عن زكريا الأنصاري عن ابن حجر العسقلاني عن المؤلف. وأرويها بالإسناد المتقدم إلى البابلي عن أبي النجا سالم بن محمد عن النجم محمد بن أحمد بن علي عن زكريا بإسناده إلى المؤلف.
263 - (عقود التبيان لي الناسخ والمنسوخ من القران للإمام محمد بن المطهر (2)):
أرويها بالإسناد المتقدم أوائل هذا المختصر إلى الإمام شرف الدين عن السيد صارم الدين عن السيد أبي العطايا عن أبيه عن الواثق عن أبيه المصنف.
264 - (العلم الشامخ للمقبلي):
_________
(1) محمد بن محمد بن محمد العمري الدمشقي، ثم الشيرازي، الشافعي، ويعرف بابن الجزري (شمس الدين، أبو الخير) مقرئ، مجود، محدث، حافظ، مؤرخ، مفسر، فقيه، نحوي، بياني، ناظم.
ولد بدمشق سنة (751 هـ)، وتفقه بها، وطلب الحديث والقراعات، وأقرأ طويلا، توفي بشراز سنة (833 هـ).
من تصانيفه: "النشر في القراعات العشر"، "التمهيد في التجويد"، "غاية النهاية"، "الأربعون العوالي"، "المقدمة الجزرية "، " الحصن الحصين من كلام سيد المرسلين صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ".
انظر: " الضوء اللامع " (9/ 255) "شذرات الذهب" (7/ 204) "البدر الطالع" (2/ 257) "معجم المؤلفين" (3/ 687)
(2) قد تقدمت ترجمته. والكتاب منه نسخة مخطوطة سنة 722 هـ في (168) ورقة مكتبة الأمبروزيانا رقم 163، 39، B]
وأخرى سنة (1145هـ) في (154) ورقة ورقم (192). بمكتبة الجامع بصنعاء (حكام اليمين) (ص 131) ......(3/1510)
ارويه عن شيخنا السيد عبد القادر بن أحمد عن شيخه السيد محمد بن إسماعيل الأمير عن عبد القادر بن على المنذري عن المؤلف.
265 - (العمدة لعبد الغني المقدسي (1)): أرويها بالإسناد المتقدم في تفسير الثعلبي إلى الشرجي عن شيخه الجزري عن مشائخه العشرة عن علي بن أحمد بن عبد الواحد بن البخاري عن المؤلف ح- ويرويها الجزري عن محمد بن إسماعيل الأنصاري عن أحمد بن عبد الدائم عن المؤلف ح- وأرويها بالإسناد المتقدم أوائل هذا المختصر إلى البابلي عن إبراهيم اللقاني وعبد الرؤوف المناوي عن أبي النضر الطبلاوي عن أبيه عن زكريا الأنصاري عن عبد الرحيم بن الفرات عن عمر بن حسين المراغي عن على بن أحمد البخاري عن المؤلف.
266 - (العمدة (2) للإمام يحيى بن حمزة):
_________
(1) هو عبد الغني بن عبد الواحد بن على بن سرور بن رافع بن حسن بن جعفر المقدسي، الجماعيلي ثم الدمشقي الحنبلي (تقي الدين، أبو محمد) محدث، حافظ، مشارك في بعض العلوم.
ولد بجماعيل من أعمال نابلس سنة (541 هـ) وتوفي سنة (600 هـ).
من مؤلفاته: "درر الأثر في تسعة أجزاء"، " المصباح في عيون الأحاديث الصحاح" في ثمانية وأربعين جزعا، "الصلات من الأحياء إلى الأموات"، " الدرة المضيئة في السيرة النبوية"، "العمدة في الأحكام"، "أحاديث الأنبياء"، "الأحاديث والأخبار والحكايات"، "أفراد مسلم"، "الترغيب في الدعاء والحث عليه"، "رجال الصحيحين"، "فضائل شهر رمضان"، "فضل الجهاد"، "مقتل عثمان".
انظر "البداية والنهاية" (13/ 38 - 39) "النجوم الزاهرة" (6/ 185 - 186) "شذرات الذهب" (4/ 345 - 346).
العمدة: وهو " عمدة الأحكام من كلام سيد الأنام " مطبوع وله شروح عدة تقدم بعضها.
كشف الظنون (2/ 1164)
(2) العمدة: مشتمل على جميع إيراد المذهب بالحجج والشواهد من الآيات والأحاديث والقياسات، وهو في ست مجلدات.
مؤلفات الزيدية (2/ 283 رقم 2288) ......(3/1511)
أرويها بالإسناد المتقدم في كتاب الانتصار له.
267 - (عمل اليوم والليلة لابن السني (1)): أرويه بالإسناد المتقدم إلى البابلي عن على بن يحي الزيادي عن يوسف بن عبد الله الأرميوني عن أبي الفضل بن أبي بكر عن أحمد بن يونس العزي عن إبراهيم بن صديق الدمشقي عن أبي العباس الحجار عن جعفر بن علي الهمداني عن أبي طاهر السلفي عن عبد الرحمن بن حمد الدوني عن أبي نصر الكسار عن المؤلف.
268 - (عوارف المعارف للسهرزوري (2)): أرويها بالسند المتقدم إلى البابلي عن صالح بن أحمد البلقيني عن أبيه عن الرملي عن
_________
(1) هو أحمد بن محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن اسباط الدينوري ويعرف بابن السني، (أبو بكر) محدث، توفي سنة (364 هـ)، وعاش بضعا وثمانين سنة.
من تصانيفه: "كتاب عمل اليوم والليلة "، " مختصر سنن النسائي وحماه " المجتبي"، "الإيجاز في الحديث"، وكتاب "القناعة".
انظر: "تذكرة الحفاظ" (3/ 142 - 143) "طبقات السبكي" (2/ 96) " شذرات الذهب " (3/ 47) "معجم المؤلفين" (1/ 250 - 251)
(2) هكذا في الأصل ولعل الصواب "السهروردي" ... والله أعلم.
وهو عمر بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عمويه القرشي، التيمي، البكري، السهروردي الشافعي (شهاب الدين، أبو حفص) صوفي فقيه، مشارك في بعض العلوم.
ولد بسهرورد سنة (539 هـ) وقدم بغداد، وعمي في آخر عمره، وتوفي مستهل المحرم ببغداد سنة (632 هـ).
له تصانيف كثيرة منها: "عوارف المعارف في بيان طريق القوم" طبع في مصر مرات منها بتحقيق عبد الحليم محمود بن الشريف عن دار الكتب الحديثة سنة 1971هـ وهو كتاب قي التصوف، "عقيدة أرباب التقى"، "بغية البيان في تفسير القران"، و"مناسك"، "رسالة الفقر في مخالفة النفس والقهر"، "أعلام الهدى". ا نظر "وفيات الأعيان" (1/ 480 - 481) "النجوم الزاهرة" (6/ 283 - 285) " البداية والنهاية" (13/ 138 - 139) "شذرات الذهب" (5/ 153 - 154) ......(3/1512)
زكريا الأنصاري عن أحمد بن على الكناني عن عبد الرحمن بن الحافظ الذهبي عن أبي نصر الشيرازي عن المؤلف.
269 - (العواصم والقواصم (1) لمحمد بن إبراهيم الوزير (2)):
أرويها بالإسناد المتقدم في كتاب الإيثار له.
270 - (عوالي أبو الفتح سليم الرازي (3)): ارويها بالإسناد المتقدم إلى البابلي عن علي بن يحيى الزيادي عن يوسف الأرميوني عن إبراهيم بن علي القلقشندي عن عبد الرحيم بن الفرات عن محمود بن خليفة المنبجي عن على بن محمد بن هارون الثعلبي عن محمد بن عبد الكريم بن يحيى بن شجاع القيسي عن عبد الله بن عبد الرحيم السلمي عن الشريف علي بن إبراهيم الحسيني عن المؤلف.
271 - (عيون المسائل للحاكم الجشمي (4)):
أرويها بالإسناد المتقدم في أول الكتاب إلى القاضي جعفر بن أحمد عن السيد علي بن عيسى عن الزمخشري عن أحمد بن محمد الجشمي عن المؤلف.
_________
(1) مطوع بتحقيق الشيخ شعيب الأرناؤوط
(2) تقدم ذكر ترجمته
(3) هو سليم بن أيوب بن سليم الرازي، الشافعي (أبو الفتح) فقيه، أصولي، مفسر، محدث، اشتغل في أول عمره بالنحو واللغة والتفسير والمعاني والحديث، ثم رحل إلى بغداد، واشتغل بالفقه، ونشر العلم بصور من سواحل الشام.
وغرق في بحر القلزم عند ساحل جده بعد أن حج في صفر سنة (547 هـ) وكان قد نيف على الثمانين، ودفن في جزيرة بقرب الجار عند المخاضة.
من مصنفاته الكثيرة: "المجرد" في أربع مجلدات، "التقريب"، "ضياء القلوب في التفسير"، و"غرائب الحديث".
انظر: "وفيات الأعيان" (1/ 266 - 267) " تهذيب الأسماء واللغات" (1/ 231) "شذرات الذهب" (3/ 275 - 276) "معجم المؤلفين (1/ 777)
(4) تقدمت ترجمته ......(3/1513)
حرف الغين المعجمة
272 - (الغايات (1) للإمام المهدي):
أرويها بالإسناد المتقدم في كتاب البحر له.
273 - (الغاية (2) للحسين بن القاسم):
أرويها بالإسناد المتقدم في شرح الغاية له.
274 - (الغيث (3) للإمام المهدي أيضا):
_________
(1) "غايات الأفكار ونهايات الأنظار المحيطة بعجائب البحر الزخار" وهو شروح لأجزاء كتابه الكبير "البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار" وهي ليست تفسيرا لألفاظ الكتب المشروحة كما يتبادر إلى الذهن بل هي نوع من التوسع والزيادة على الأصول. وقد جعلها تسعة كتب سمى كل واحد منها باسم خاص كما يلي:
1/ المنية والأمل في شرح كتاب الملل والنحل.
2/ الدرر الفرائد في شرح كتاب القلائد في تصحيح العقائد.
3/ دافع الأوهام في كتاب رياضة الأفهام في لطيف الكلام.
4/ منهاج الوصول إلى تحقيق كتاب معيار العقول.
5/ يواقيت السير في شرح سيرة سيد البشر.
6/ المستجاد في شرح الانتقاء للآيات المعتبرة في الأحكام والاجتهاد.
7/ عماد الإسلام في شرح الأحكام المتضمن لفقه أئمة الإسلام.
8/ الروضة النضرة في شرح كتاب الدرة المنيرة.
9/ شفاء الأسقام في شرح كتاب التكملة للأحكام.
انظر: مؤلفات الزيدية (2/ 291 - 292 رقم 2313)، حكام اليمن (ص 183 - 199)
(2) غاية السؤل في علم الأصول.
مختصر في القواعد الأصولية يهتم بالأدلة والأقوال، وهو في مقدمة وثمانية مقاصد وفرغ منه المؤلف ليلة السبت 23 شوال 1035 هـ.
مؤلفات الزيدية (2/ 293 رقم 2318)
(3) "الغيث المدرار المفتح لكمائم الأزهار" شرح على كتاب المؤلف "الأزهار في فقه الأئمة الأطهار" في أربع مجلدات قيل بدأ به المؤلف في السجن سن 796 هـ وقد تحدث فيه عن كل مسألة وردت في الأصل مع ذكر الأدلة والأقوال.
مؤلفات الزيدية (2/ 297 رقم 2330) ............(3/1514)
ارويه بالإسناد المتقدم في كتاب الأزهار والبحر له.
275 - (الغياصة إلى كشف الخلاصة لمحمد بن يحيى حنش (1)):
أرويها بالإسناد المتقدم إلى الإمام محمد بن المطهر في كتاب العقود وهو يروي الغياصة عن المؤلف.
_________
(1) هو محمد بن يحيى بن أحمد بن حنش اليماني الزيدي.
ولد بعد سنة (650 هـ)، وقرأ على علماء عصره حتى برع في فنون عدة، وبلغ رتبة الاجتهاد وأخذ عن جماعة من العلماء كالإمام محمد بن المطهر.
وله مصنفات منها "التمهيد والتفسير لفوائد التحرير" في الفقه" و"الغياصة" في أصول الدين جعله شرحا للخلاصة للشيخ احمد الرصاص وله تعليقات على اللمع في الفقه، و"شرح للتقرير للأمير الحسين"، و"القاطعة في الرد على الباطنية" في مجلدين، وكان زاهدا عابدا مائلا إلى الخمول، فصيح العبارة سريع الجواب مستحضرا للفنون محققا في جميع مباحثه.
ومات سنة (719 هـ) وقبره بظفار.
انظر: "البدر الطالع" (2/ 277) 0 الروض الأغن (3/ 114 رقم 847) ............(3/1515)
حرف الفاء
276 - (الفائض ليحيى حميد (1)):
أرويه بالإسناد المتقدم في شرح الفتح له.
277 - (الفائق في أصول الدين للحسن بن محمد الرصاص (2)): أرويه بالإسناد المتقدم في أول الكتاب إلى الإمام عبد الله بن حمزة عن المؤلف.
278 - (الفائق (3) للبستي):
أرويه بالإسناد إلى الشماخي عن محمد بن عراق اليافعي عن أحمد بن محمد بن أبي عقبة عن يحيى بن محمد الظفاري عن محمد بن على القلعي عن يوسف بن يعقوب الجوزجاني عن عمر بن مالك الشاذكوني عن الحسن الكوزاني عن المؤلف.
279 - (الفائق للزمخشري):
أرويه بالإسناد المتقدم في كتاب الأساس له.
280 - (الفتاوى للإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة (4)):
أرويها بالإسناد المتقدم في أول هذا الكتاب المتصل به.
_________
(1) تقدمت ترجمته
(2) هو الحسن بن محمد بن أبي الطاهر الحسن بن أبي بكر أحمد بن إبراهيم الرصاص، أبو محمد وأبو على الإمام المتكلم أحد شيوخ الزيدية المتبحرين المحصلين، شيخ المنصور بالله، أثنى عليه غيره وقال في رسالة: لا أعلم على وجه الأرض اعلم منه، قرأ الشيخ على أبي جعفر.
وله مؤلفات منها: "الثلاثين المسألة"، "الكيفية"، "التحصيل"، "الفائق" وله كتاب "المؤثرات". توفي سنة (584 هـ).
انظر "تراجم الرجال" (ص 11). و"معجم المؤلفين" (1/ 533).
(3) لعله يقصد (غريب الحديث) للإمام الخطابي البستي، وقد طبع عن جامعة أم القرى. بمكة المكرمة في (3) مجلدات.
(4) تقدمت ترجمته ......(3/1516)
281 - (الفتاوى للإمام المهدي أحمد بن الحسين (1)):
أرويها بالإسناد المتقدم أول الكتاب إلى الإمام شرف الدين عن السيد أبي. العطايا عن أبيه عن الواثق عن أبيه عن السيد محمد بن الهادي عن أسعد بن علي العرشي عن المؤلف.
282 - (الفتاوى للإمام عز الدين بن الحسن (2)):
ارويها بالإسناد المتقدم في شرح البحر له.
283 - (فتح الباري (3) لابن حجر):
ارويها بالإسناد المتقدم في حرف الشين عند ذكر شرح البخاري له.
284 - (فتح القدير ليحي حميد):
أرويه بالإسناد المتقدم في شرح الفتح له.
285 - (فتح القدير لابن همام):
أرويه بالإسناد المتقدم إلى البابلي عن ابن الشمبي عن يوسف بن زكريا عن أبيه عن المؤلف.
_________
(1) هو أحمد بن الحسين بن احمد بن القاسم الحسني الإمام المهدي الشهيد.
بدأ دعوته سنة (646 هـ) وبايعه الناس رغبة ورهبة وأولاد المنصور بالله وابن وهاس والشيخ أحمد الرصاص، ثم نكثوا بيعته وحاربوه وقتلوه في شهر صفر سنة (656 هـ)، وكان مجتهدا لاكما زعم من لا معرفة له به، وكان مقحما لا يقول الشعر، وقبره بذيبين مشهور.
انظر: "تراجم الرجال" (ص 4).
(2) مجلد ضخم مفيد جدا ولعله المذكور بعنوان "جمل من الفوائد المفيدة على المسائل الواضحة الفريدة". مؤلفات الزيدية (2/ 303 رقم 2346)
(3) فتح الباري شرح صحيح البخاري، من أعظم شروح السنة شمولا وسعة ودقة، وصدق من قال عنه (ديوان السنة النبوية) حتى أن بعض طلاب الشوكاني طلب منه أن يشرح صحيح البخاري فقال: " لا هجرة بعد الفتح" ......(3/1517)
286 - (الفتوحات (1) لابن عربي (2)): ارويها بالإسناد المتقدم إلى البابلي عن احمد بن خليل السبكي عن النجم محمد بن احمد عن البدر المشهدي عن محمد بن مقبل عن عبد الوهاب السلامي عن الصالحي عن ابن النجار عن المؤلف.
287 - (الفرج بعد الشدة لابن أب الدنيا (3)):
_________
(1) هو كتاب مليء بالأوهام والشركيات وبالمخالفات الشرعية، والقضايا التي ما أنزل الله ها من سلطان، بل فيه طامات كبرى في إطار الاعتقاد الإسلامي لذلك فهو كتاب لا يجوز التعامل معه بصورة من الصور لما فيه من الطامات.
(2) هو محمد بن على بن محمد بن أحمد بن عبد الله الطائي الحاقي، المرسى، المعروف بابن عربي. صوفي، متكلم، فقيه، أديب، شاعر، مشارك في علوم أخرى.
ولد في مرسية الأندلس في رمضان سنة (560 هـ) وانتقل إلى أشبيلية، وعمن ابن بشكوال، ورحل إلى مصر والحجاز وبغداد والموصل وبلاد الروم، وأنكر عليه أهل مصر أراع. فعمل بعضهم على إراقة دمه وحبس، فسعى في خلاصه علي بن الفتح الجباني فنجا، واستقر بدمشق وتوفي بها سنة (638 هـ) ودفن بسفح قاسيون.
من تصانيفه: "الفتوحات المكية في معرفة الأسرار المالكية والملكية"، "جامع الأحكام في معرفة الحلال والحرام"، "جامع الوصايا"، "الحكم الإلهية"، "الأنوار فيما يمنح صاحب الخلوة من الأسرار"، "التجليات الإلهية"، "روح القدس في محاسبة النفس"، " فصوص الحكم" وغيرها.
انظر "البداية والنهاية " (13/ 156)، "لسان الميزان" (5/ 311 - 315)، " النجوم الزاهرة" (6/ 339)، "ميزان الاعتدال" للذهبي (3/ 108 - 109)، "شذرات الذهب" (5/ 190 - 202)، "معجم المؤلفين" (3/ 531 - 532)
(3) هو عبد الله بن محمد بن عبيد بن سفيان بن قيس القرشي، الأموي مولاهم البغدادي، المعروف بابن أبي الدنيا (أبو بكر) محدث، مشارك في أنواع من العلوم.
سمع سعيد بن سلمان الواسطي وخلفه بن هشام البزار وخالد بن مرداش وغيرهم، وروى عنه محمد ابن خلف وكيع ومحمد بن خلف بن المرزبان وعبيد الله بن عبد الرحمن السكري وغرهم، وأدب غير واحد من أولاد الخلفاء ولد سنة (208 هـ) وتوفي ببغداد سنة (281 هـ).
من تصانيفه الكثيرة: "الفرج بعد الشدة"، "مكارم الأخلاق"، "التهجد وقيام الليل"،"الصمت وأدب اللسان"، "وحسن الظن بالله عز وجل"، "الأحاديث الأربعون"،"أخبار الخلفاء"،"أخبار معاوية"، "أخبار الجفاة"، "الأدب". وعشرات الرسائل الأخرى.
انظر "تاريخ بغداد" (10/ 89 - 91) "تذكرة الحافظ" (2/ 224 - 225) "مروج الذهب" (8/ 209 - 210) "الكامل في التاريخ" (7/ 155) ......(3/1518)
أرويه بالإسناد المتقدم في أول هذا الكتاب إلى البابلي عن أبي بكر بن إسماعيل السنواني عن يوسف بن زكريا عن أبيه عن ابن حجر عن أبي هريرة بن عبد الرحمن بن الذهبي عن أبي نصر محمد بن محمد الشيرازي عن يحي بن أبي السعود البغدادي عن شهده عن طراد ابن محمد الرينبي عن أبي الحسن بن بشران عن علي بن صفوان عن المؤلف.
288 - (فقه اللغة للثعالبي (1)):
أرويه بالإسناد المتقدم في تفسير الثعلبي إلى الشماخي عن عبد الله بن محمد الحضرمي عن علي بن عمر الحضرمي عن محمد بن أبي القاسم الجيائي عن القاضي أحمد بن عبد الله القريظي عن الشيخ أحمد بن محمد الإسكندراني عن عبد الله بن عبد الرحمن ابن أبي اليلس عن سالم بن عبد الغالب الشافعي عن محمد بن بركات النحوي عن علي بن نصر بن الصباغ عن المؤلف.
_________
(1) هو عبد الملك بن محمد بن إسماعيل الثعالبي، النيسابوري (أبو منصور)، أديب، ناثر، ناظم لغوي، إخباري، بياني.
ولد سنة (350 هـ) وتوفي سنة (429 هـ).
من تصانيفه: " فقه اللغة وسر العربية "، " سحر البلاغة وسر البراعة "، " شيمة الدهر في محاسن أهل العصر "، " نثر النظم وحل العقد "، " طبقات الملوك "، " تحفة الوزراء "، " نتائج المذاكرة "، "الفوائد والأمثال"، " كتاب من غاب عنه المطرب "، "الكناية والتعريض"، "المبهج "، " الظرائف واللطائف".
انظر: "وفيات الأعيان" (1/ 365 - 366) "البداية والنهاية" (12/ 44) " شذرات الذهب" (3/ 246) ......(3/1519)
289 - (الفصول (1) للسيد صارم الدين إبراهيم بن محمد): "
أرويها بالإسناد المتقدم إلى الإمام شرف الدين عن المؤلف.
290 - (فلك (2) القاموس لشيخنا السيد الإمام عبد القادر بن أحمد: أرويه عنه سماعا لجميعه.
_________
(1) اسمه: (الفصول اللؤلؤية) في أصول الفقه. له ثلاث نسخ بالجامع الكبير بصنعاء رقم (139، 341، 1445) مصادر الفكر (ص 177)
(2) واسمه (فلك القاموس المحيط) جعله انتقادات على كتاب القاموس من عدة نسخ.
انظر مصادر الفكر (ص 435) ......(3/1520)
حرف القاف
291 - (القاموس لمجد الدين):
أرويه بالإسناد المتقدم إلى البابلي عن احمد بن محمد الغنيمي عن احمد بن قاسم عن ناصر الدين الطبلاوي عن جلال السيوطي عن التقى محمد بن محمد بن فهد عن المؤلف.
ح- وارويه بالإسناد المتقدم إلى الديبع عن الشرجي عن المؤلف.
292 - (القراءات للسبعة القراء المشهورين: نافع وابن كثير وأبي عمرو وابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي):
ارويها عن جماعة من مشائخي بأسانيدهم المتصلة بيحي بن عمر منهم شيخنا السيد عبد القادر بن أحمد وصديق بن علي المزجاجي ويوسف بن محمد بن علاء الدين كلهم عن محمد بن علاء الدين عن يحي بن عمر.
ح- ويروى ذلك الأولان عن السيد سليمان بن يحي بن عمر الأهدل عن أحمد بن محمد بن مقبول الأهدل عن يحي بن عمر عن عبد الله بن عبد الباقي المزجاجي عن عبد الله بن عبد الباقي العدني عن أبيه عن محمد بن علي الخلص عن احمد بن يحي الشاوري عن محمد بن أحمد الملحاني عن محمد بن أبي بكر بن علي بن بدير عن عبد الله بن محمد الناشري عن محمد بن محمد بن محمد الجزري عن عبد الرحمن بن علي المبارك الواسطي عن محمد بن احمد بن عبد الخالق المعروف بابن الصائغ.
فهذا السياق إسناد القرآءات المجتمعة إلى ابن الصائغ وهو يروي قراءة كل قارئ بإسناد من عنده إلى عند كل واحد من السبعة ويسوق الإسناد إلى كل واحد من راوية من له القراءة:
فنافع له راويان: قالون وورش.
293 - [قراءة نافع (1) .... .... .... .... .... .... .... ..
_________
(1) هو نافع بن عبد الرحمن ابن أبي نعيم الليثي، مولاهم أبو رويم المقرئ المدني احد الأعلام وهو مولا جعونة بن شعوب الليثي، حليف حمزة بن عبد المطلب. قرأ على طائفة من تابعي أهل المدينة، وكان أسود اللون حالكا، واصله من أصبهان.
قال سعيد بن منصور: سمعت مالكا يقول: قراءة أهل المدينة سنة، قيل له: قراءة نافع. قال: نعم.
وروي أن نافعا كان صاحب دعابة وطيب أخلاق، وثقه يحي بن معين، ولينه أحمد بن حنبل، وقال النسائي: ليس به بأس. وقال أبو حاتم: صدوق. قال الذهبي: لم يخرجوا له شيئا في الكتب الستة.
مات سنة (169هـ).
انظر: "معرفة القراء الكبار" للذهبي (1/ 107) "سير أعلام النبلاء" (7/ 336 - 338) "خلاصة تهذيب الكمال" (399) "شذرات الذهب" (1/ 270) ......(3/1521)
برواية قالون (1)]: أما رواية قالون فقال ابن الصائغ المذكور قرأت ها على علي بن شجاع، قال قرأت بها على أبي القاسم بن خلف، قال قرأت بها على علي بن محمد بن علي بن هذيل الأندلسي، قال قرأت بها على سليمان بن نجاح مولى المؤيد الأموي، قال قرأت بها على عثمان بن سعيد الداني، قال قرأت بها على فارس بن أحمد الضرير قال قرأت بها على عبد الباقي بن الحسن المقرى، قال قرأت بها على إبراهيم بن عمر المقري، قال قرأت
_________
(1) هو عيسى بن ميناء بن وردان بن عيسى الزرقي مولى بني زهرة قارئ أهل المدينة في زمانه، ونحويهم. قيل: إنه كان ربيب نافع، وهو الذي لقبه قالون لجودة قراءته وهى لفظة رومية معناها جيد، لم يزل يقرأ على نافع حتى مهر وحذق.
وروى الحديث عن شيخه، وعن محمد بن جعفر بن أبي كثير، وعبد الرحمن بن أبى الزياد وعرض القرآن أيضًا على عيسى بن وردان الحذاء. وتبتل لإقراء القرآن والعربية، وطال عمره وبعد صيته.
قال علي بن الحسن الهسنجاني الحافظ: كان قالون شديد الصمم، فلو رفعت صوتك، لا إلى غاية لا يسمع، فكان ينظر إلى شفتي القارئ، فيرد عليه اللحن والخطأ. وقرأ عليه بشر كثير، منهم ولداه) أحمد وإبراهيم، وأحمد بن يزيد الحلواني، ومحمد بن هارون أبو نشيط، وأحمد بن صالح المصري.
مات سنة (220 هـ) وله نيف وثمانون سنة رحمه الله.
انظر "الجرح والتعديل" (3/ 290) و"غاية النهاية" (1/ 615 - 616) "النجوم الزاهرة" (2/ 235) "شذرات الذهب" (2/ 48) "ومعرفة القراء الكبار"
(1/ 155) ......(3/1522)
بها على احمد بن عثمان بن ثوبان، قال قرأت بها على أبي بكر الأشعث، قال قرأت بها على أبي بسيط محمد بن هارون، قال قرأت بها على قالون قال قرأت بها على نافع.
294 - [قراءة نافع برواية ورش (1)]: وأما رواية ورش، قال تقي الدين بن الصائغ: قرأت بها على علي بن شجاع الضرير، قال قرأت بها على أبي القاسم بن خلف بإسناده المذكور إلى الداني، قال قرأت بها على خلف بن إبراهيم المقري. بمصر، قال قرأت بها على أحمد بن أسامة التجيبي، قال قرأت بها على إسماعيل بن عبد الله النحاس، قال قرأت بها على يوسف بن عمر بن يسار الأزرق، قال قرأت بها على ورش، قال قرأت بها على نافع، قال قرأت بها على يزيد ابن القعقاع وأبي داود عبد الرحمن بن هرمز الأعرج وشيبه بن نصاح القاضي وأبي عبد الله مسلم بن جندب الهذلي وأبي روح يزيد بن رومان، وأخذ هؤلاء عن أبي هريرة وابن عباس وعبد الله بن عياش بن أبي ربيعة عن أبي بن كعب عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
_________
(1) هو عثمان بن سعيد ورش أبو سعيد المصري المقرئ، وقيل: أبو عمرو وقيل: أبو القاسم عثمان بن سعيد ابن عبد الله بن عمرو بن سليمان.
وقيل: عثمان بن سعيد بن عدي بن غزوان بن داود بن سابق القبطي مولى آل الزبير بن العوام، وقيل: أصله من إفريقية، ويقال له الرواس.
ولد سنة (110 هـ). قرأ القرآن وجوده على نافع عدة ختمات في حدود سنة (155هـ). ونافع هو الذي لقبه بورش لشدة بياضه، والورش شيء يصنع من اللبن، ويقال لقبه بالورشان وهو طائر معروف، فكان يقول: اقرأ يا ورشان وهات يا ورشان، ثم خفف وقيل: ورش، وكان لا يكرهه ويعجبه، ويقول: أستاذي نافع سماني به.
وكان أشقر أزرق حمينا، مربوعا، يلبس مع ذلك ثيابا مقدرة، وإليه انتهت رياسة الإقراء بالديار المصرية في زمانه. وكان ثقة حجة في القراءة. توفي. بمصر سنة (197هـ).
انظر: "معرفة القراء الكبار" للذهبي (1/ 152) "الجرح والتعديل" (3/ 153) "غاية النهاية في طبقات القراء" (1/ 502 - 503) ......(3/1523)
2 - وابن كثير (1) له راويان: البزي (2) وقنبل (3).
_________
(1) عبد الله بن كثير بن المطلب الإمام أبو معبد، مولى عمرو بن علقمة الكناني الداري المكي، إمام المكين في القراءة.
أصله فارسي، وكان داريا. بمكة، وهو العطار مأخوذ من قولهم: عطر دارين، ودارين موضع بنواحي الهند، وقيل في نسبته الداري: إنه قرشي من بني عبد الدار، قاله البخاري.
وقال أبو بكر بن أبى داود: الداري بطن من لخم، وهم رهط تميم الداري. وعن الأصمعي، قال: الداري الذي لا يبرح في داره، ولا يطلب معاشا.
وعنه قال: كان عبد الله بن كثير عطارا، قلت: (أي الذهبي) هذا هو الحق، فلا يبطله اشتراك الأنساب، وابن كثير من أبناء فارس الذين بعثهم كسرى إلى صنعاء فطردوا عنها الحبشة.
وتصدر للإقراء وصار إمام أمل مكة في ضبط القرآن، قرأ عليه أبو عمرو بن العلاء، وشبل بن عباد، ومعروف بن مشكان، وإسماعيل بن عبد الله بن قسطنطين وطائفة.
قال ابن عيينة: حضرت جنازته سنة (120هـ). وقال غيره عاش خمسا وسبعين سنة
(2) هو احمد بن محمد بن عبد الله بن القاسم بن نافع بن أبي بزة أبو الحسن البزي المكي، المقرئ قارئ مكة، ومؤذن المسجد الحرام ومولى بني مخزوم.
قال البخاري: اسم أبي بزة بشار مولى عبد الله بن السائب المخزومي، وأبو بزة فارسي، وقيل همذاني، أسلم على يد السائب بن صيفي المخزومي.
ولد البزي سنة (170هـ) وقرأ القران على عكرمة بن سليمان، وأبي الإخربط وهب بن واضح وعبد الله بن زياد مولى عبيد بن عمير الليثي.
وقد حدث البزي، عن مؤمل بن إسماعيل، ومالك بن سعير بن الخمس، وأبي عبد الرحمن المقرئ، وسليمان بن حرب وغيرهم. وروى عنه البخاري قي "تاريخه" وأذن في المسجد الحرام (40) سنة.
توقي سنة (250 هـ).
انظر "معرفة القراء" للذهبي (1/ 173) "الجرح والتعديل" (2/ 71) " غاية النهاية في طبقات القراء " (1/ 119 - 120).
(3) هو أبو عمر محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن خالد بن سعيد بن جرجة المخزومي، مولاهم المكي. ولد سنة (195 هـ) وجود القراءة على أبي الحسن القواس، وأخذ القراءة عن البزي أيضا.
وانتهت إليه رئاسة الإقراء بالحجاز. "تذكرة الحفاظ" (2/ 659) "غاية النهاية" (2/ 165 - 166) ......(3/1524)
295 - [قراءة ابن كثير برواية البزي]:
أما روية البزي، فقال تقي الدين بن الصائغ: قرأت بها على علي بن شجاع الضرير الشافعي بإسناده المتقدم في قراءة قالون إلى الداني، قال قرأت بها على عبد العزيز بن جعفر الفارسي، قال قرأت بها إلى أبي بكر محمد بن الحسن النقاشي، قال قرأت بها على محمد بن إسحاق الربعي، قال قرأت بها على البزي، قال قرأت ها على عكرمة بن سليمان بن عامر، قال قرأت بها على إسماعيل بن عبد الله بن القسط، قال قرأت بها على ابن كثير.
296 - [قراءة ابن كثير برواية قنبل]:
وأما رواية قنبل، فقال ابن الصائغ: قرأت بها على علي بن شجاع الضرير بإسناده المتقدم في قراءة قالون إلى الداني، قال قرأت بها على فارس بن أحمد الحمصي، قال قرأت بها على عبد الله بن الحسين البغدادي، قال قرأت بها على ابن مجاهد، قال قرأت بها على قنبل، قال قرأت بها على أحمد بن محمد القواس، قال قرأت بها على أبي الإخريط وهب بن واضح، قال قرأت ها على إسماعيل بن عبد الله بن قسط، قال قرأت بها على شبل بن عباد وابن مشكان، قالا قرأنا بها على ابن كثير، قال قرأت بها على عبد الله بن السائب المخزومي صاحب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومجاهد بن جبير ودرباس مولى ابن عباس وأخذا عبد الله بن السائب عن أبي وأخذا مجاهد ودرباس عن ابن عباس عن أبي وزيد بن ثابت عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
3 - وأبي عمرو له راويان: الدوري عن اليزيدي والسوسي عن اليزيدي أيضا.
297 - [قراءة أبي عمرو (1) برواية .... .... .... .... .... .. (1): -
_________
(1) هو أبو عمرو بن العلاء المازني المقرئ النحوي البصري الإمام، مقرئ أهل البصرة رحمه زبان على الأصح، وقيل: العريان، وقيل: يحي وقيل: محبوب، وقيل: جنيد، وقال: عيينة، وقيل: عثمان، وقيل عياد، وهو أبو عمرو بن العلاء بن عمار بن العريان، وقيل: ابن العلاء بن عمار بن عبد الله بن الحصين بن الحارث بن جلهم بن خزاعي بن مازن بن مالك بن عمرو بن تميم التميمي، ثم المازني. ولد أبو عمرو سنة (68 هـ) وقيل: سنة (70 هـ) وأخذ القراءة عن أهل الحجاز، وأهل البصرة، فعرض. بمكة على مجاهد وسعيد بن جبير، وعطاء، وعكرمة بن خالد، وابن كثير. قال وكيع:
قدم أبو عمرو بن العلاء الكوفة، فاجتمعوا إليه كما اجتمعوا على هشام بن عروة. توفي سنة (154هـ) انظر: " تهذيب الأسماء واللغات" (1/ 262) "معرفة القراء الكبار" (1/ 100) ......(3/1525)
الدوري (1)]: أما رواية الدوري عن اليزيدي فقال ابن الصائغ: قرأت بها على بن شجاع بإسناده المتقدم في قراءة قالون إلى الداني، قال قرأت بها على عبد العزيز بن جعفر البغدادي، قال قرأت بها على عبد الواحد بن عمر بن أبي هشام المعري، قال قرأت بها على أبي بكر ابن مجاهد، قال قرأت بها على أبي الزعراء عبد الرحمن بن عبدوس قال قرأت بها على الدوري قال قرأت بها على اليزيدي قال قرأت على أبي عمرو.
298 - [قراءة أبي عمرو برواية السوسي (2)]:
_________
(1) هو حفص بن عمر بن عبد العزيز بن صبهان، ويقال: صهيب الأزدي، المقرئ النحوي البغدادي الضرير، نزيل سامراء، مقرئ الإسلام، وشيخ العراق في وقته.
قرأ على إسماعيل بن جعفر، وعلى الكسائي، وعلى يحي اليزيدي، وعلى سليم، وطال عمره، وقصد من الآفاق، وازدحم عليه الحذاق لعلو سنده، وسعة علمه.
قال أبو حاتم: هو صدوق، وقال أبو داود: رأيت أحمد بن حنبل يكتب عن أبي عمر الدوري.
توفي سنة (246 هـ). والدور المنسوب إليها الدوري: محلة معروفة بالجانب الشرقي من بغداد.
انظر: "الجرح والتعديل" (3/ 183 - 184) "تاريخ بغداد" (8/ 203 - 204) "غاية النهاية " (1/ 255 - 257) "معرفة القراء الكبار" (1/ 191)
(2) هو أبو شعيب السوسي، صالح بن زياد بن عبد الله بن إسماعيل بن إبراهيم بن الجارود بن مسرح الرسبتي الرقى المقرئ، قرأ على اليزيدي، وسمع بالكوفة من عبد الله بن نصر، وأسباط بن محمد، وبمكة من سفيان بن عينة.
قال أبو حاتم: صدوق. مات في سنة (261 هـ) وقد قارب تسعين سنة.
انظر: "معرفة القراء الكبار" (1/ 193) "الجرح والتعديل" (4/ 404) "غاية النهاية" (1/ 332 - 333) " شذرات الذهب" (2/ 143) ......(3/1526)
وأما رواية السوسي عن اليزيدي فقال ابن الصائغ: قرأت بها على علي بن شجاع بإسناده المتقدم في قراءة قالون إلى الداني، قال قرأت بها على فارس بن أحمد المقري، قال قرأت بها على عبد الله بن الحسين المقري، قال قرأت بها على موسى بن جرير النحوي، قال قرأت بها على السوسي، قال قرأت بها على اليزيدي، قال قرأت بها على أبي عمرو، قال قرأت على جماعة من أهل البصرة والحجاز كمجاهد وسعيد بن جبير وعكرمة بن خالد وعطاء بن أبي رباح وعبد الله بن كثير ومحمد بن عبد الرحمن بن محيص ويزيد بن رومان والحسن البصري ويحي بن يعمر وغيرهم وأخذ هؤلاء عن الصحابة عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
4 - وابن عامر (1) له راويان: هشام (2) وابن ذكوان (3).
_________
(1) هو عبد الله بن عامر بن يزيد بن تميم بن ربيعة اليحصبي أبو عمران وقيل: أبو عامر، وقيل: أبو نعيم وقيل: أبو عليم. وقيل: أبو عبيد وقيل: أبو محمد، وقيل: أبو موسى وقيل: أبو معبد وقيل أبو عثمان الدمشقي، ...
أخذ القراءة عرضا عن أبي الدرداء، وعن المغيرة بن أبي شهاب وقيل: عرض على عثمان نفسه رضي الله عنه، وروى عنه القراءة عرضا يحي الذماري. ولي قضاء دمشق بعد أبي إدريس الخولانى توفي سنة (118هـ).
انظر "طبقات ابن سعد" (7/ 449) "غاية النهاية" (1/ 423) "معرفة القراء" (82).
(2) هو هشام بن عمار بن نصير بن ميسرة، أبو الوليد السلمي، ويقال: الظفري الدمشقي، شيخ أهل دمشق ومفتيهم، وخطيبهم ومقرئهم ومحدثهم.
ولد سنة (153هـ) وقرأ القرآن على عراك بن خالد، وأيوب بن تميم وغيرهما وحدث عنه الوليد ابن مسلم، ومحمد بن شعيب، والبخاري في "صحيحه" وأبو داود والنسائي، وابن ماجه في سننهم، وحدث الترمذي عن رجل عنه.
وثقه يحي بن معين. وقال النسائي: لا بأس به. وقال الدارقطى: صدوق كبير المحل. مات سنة (245هـ).
انظر: "طبقات ابن سعد" (7/ 174) "الجرح والتعديل" (9/ 66 - 67) "تذكرة الحفاظ" (2/ 451) " غاية النهاية (2/ 354 - 356) "معرفة القراء الكبار" (1/ 195)
(3) هو عبد الله بن أحمد بن بشير بن ذكوان، أبو عمرو، وأبو محمد البهراني، مولاهم الدمشقي المقرئ.
مقرئ دمشق وإمام الجامع، قرأ على أيوب بن تميم وغيره وقيل: إن الكسائي قدم دمشق، فقرأ عليه ابن دكوان، وروى عنه أبو داود وابن ماجه في سننهما.
قال أبو حاتم: صدوق. وقال أبو زرعة الدمشقي: لم يكن بالعراق ولا بالحجاز ولا بالشام ولا بمصر ولا بخراسان في زمان ابن ذكوان أقرأ عندي منه.
وقال الوليد بن عتبة الدمشقي ما بالعراق أقرأ من ابن ذكوان وقيل: إن هشاما كان الخطيب، وكان ابن ذكوان يوم في الصلوات أو لعله كان نائب هشام. توفي (242 هـ).
انظر "الجرح والتعديل" (5/ 5) " تهذيب التهذيب" (5/ 140 - 141) "معرفة القراء" (2/ 198) ......(3/1527)
299 - [قراءة ابن عامر برواية هشام]:
أما رواية هشام فقال ابن الصائغ: قرأت بها على ابن شجاع بإسناده المتقدم في قراءة قالون إلى الداني، قال قرأت بها على أبي الفتح، قال قرأت بها على عبد الله حسين المقري، قال قرأت بها على محمد بن أحمد بن عبدان، قال قرأت بها على الحلواني، قال قرأت بها على هشام، قال قرأت بها على عراك بن خالد المزي، قال قرأت بها على يحي ابن الحارث الذماري، قال قرأت بها على ابن عامر.
300 - [قراءة ابن عامر برواية ابن ذكوان]:
وأما رواية ابن ذكوان فقال ابن الصائغ: قرأت بها على ابن شجاع بإسناده المتقدم في قراءة قالون إلى الداني، قال قرأت بها على عبد العزيز بن جعفر الفارسي، قال قرأت بها على محمد بن الحسن النقاش، قال قرأت بها على هارون بن موسى بن شريك الأخفش، قال قرأت بها على عبد الله بن ذكوان، قال قرأت بها على أيوب بن تميم التميمي، قال قرأت بها على يحي بن الحارث الذماري قال قرأت بها على ابن عامر قال: قرأت بها على أبي الدرداء عويمر بن عامر صاحب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ والمغيرة بن شهاب المخزومي وأخذ أبو الدرداء عن النبي صلى الله عليه واله وسلم وأخذ المغيرة عن عثمان بن عفان عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ .......(3/1528)
5 - وعاصم له راويان: أبو بكر وحفص.
301 - [قراءة عاصم (1) برواية أبي بكر (2)]:
_________
(1) هو عاصم بن أبي النجود الأسدي مولاهم، الكوفي، القارئ، الإمام أبو بكر. أحد السبعة، واسم أبيه بهدلة على الصحيح، قرأ القرآن على أبي عبد الرحمن السلمي، وزر بن حبيش الأسدي، وحدث عنهما وعن أبي وائل، ومصعب بن سعد بن أبي وقاص. وجماعة.
وقيل: إنه روى عن الحارث بن حسان البكري، ورفاعة بن يثربي التميمي، أو التيمي رضي الله عنهما. وهو معدود في التابعين. وإليه انتهت الإمامة في القراءة بالكوفة، بعد شيخه أبي عبد الرحمن السلمي، قال أبو بكر بن عياش: لما هلك أبو عبد الرحمن، جلس عاصم يقرئ الناس، وكان عاصم أحسن الناس صوتا بالقرآن.
وقال أبو خيثمة وغيره: اسم أبي النجود بهدلة. وقال الفلاس: بهدلة أمه. توفي سنة (127 هـ).
انظر "ميزان الاعتدال" (2/ 357 - 358) "غاية النهاية" (1/ 346 - 349) " معرفة القراء الكبار" (1/ 88) " لسان الميزان" (6/ 583)
(2) هو أبو بكر بن عياش بن سالم الأسدي الكوفي الإمام، أحد الأعلام مولى واصل الأحدب، وكان حناطا- بالنون- أختلف اسمه على عشرة أقوال، أصحها قولان: كنيته، وما رواه أبو هشام الرفاعي، وحسين بن عبد الأول، أفما سألاه عن اسمه، فقال: شعبة.
وقال النسائي وغيره: اسمه محمد، وقيل مطرف، وقيل رؤية وسالم، وعتيق، وحماد.
وقال هارون بن حاتم: جمعته يقول: ولدت سنة (95 هـ)، قرأ القرآن ثلاث مرات على عاصم، وروى عن إسماعيل السدي، وأبي حصين، وغيرهم.
قال أحمد بن حنبل: ثقة ربما غلط، صاحب قرآن وخير. وقال ابن المبارك: ما رأيت أحدا أسرع في السنة من أبي بكر بن عياش.
وقال: يزيد بن هارون كان أبو بكر خيرا فاضلا، لم يضع جنبه على الأرض أربعين سنة. وقال يحي بن معين: لم يفرش لأبي بكر فراش خمسين سنة. وقال أحمد بن يزيد: جمعت أبا بكر بن عياش، سمعت الأعمش يقول لأصحاب الحديث إذا حدث بثلاثة أحاديث: قد جاءكم السيل واليوم أنا مثل الأعصر. توفي سنة (193 هـ).
انظر "طبقات ابن سعد" (6/ 269) "حلية الأولياء" (7/ 303) " غاية النهاية" (1/ 325 - 337) "معرفة القراء الكبار" (1/ 134) ......(3/1529)
أما رواية أبي بكر فقال ابن الصائغ: قرأت بها على ابن شجاع بإسناده المتقدم في قراءة قالون إلى الداني، قال قرأت بها على فارس بن أحمد المقري، قال قرأت بها على عبد الباقي بن الحسن المقري، قال قرأت بها على إبراهيم بن عبد الرحمن البغدادي، قال قرأت بها جمل يوسف بن يعقوب الواسطي، قال قرأت بها على شعيب بن أيوب الصيرفي، قال قرأت بها على يحي بن آدم، قال قرأت بها على أبو بكر، قال قرأت بها على عاصم.
301 - [قراءة عاصم برواية حفص (1)]: وأما رواية حفص فقال ابن الصائغ: قرأت بها على علي بن شجاع بإسناده في قراءة قالون إلى الداني، قال قرأت بها على أبي الحسن، قال قرأت بها على الهاشمي، قال قرأت بها على الأشناني، قال قرأت بها على عبيد الله بن الصباح، قال قرأت بها على حفص، قال قرأت بها على عاصم، قال قرأت بها على عبد الله بن حبيب السلمي وأبي مريم زر ابن حنيش وأخذ عبد الله عن عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وأبي بن كعب وزيد
_________
(1) هو حفص بن سليمان أبو عمر الأسدي مولاهم الغاضري الكوفي، المقرئ الإمام صاحب عاصم، وابن زوجة عاصم.
قال خلف بن هشام: ولد حفص سنة (90 هـ) ومات سنة (180هـ)
روى الحديث عن علقمة بن مرثد، وثابت البناني، وأبي إسحاق السبيعي، وكثير بن زاذان، ومحارب بن دثار، وإسماعيل السدي، وليث بن أبي سليم، وعاصم، وخلف.
وقال أحمد بن حنبل: ما به بأس. وقال أبو هشام الرفاعي: كان حفص أعلمهم بقراءة عاصم.
وقال البخاري: تركوه. وقال صالح جزرة: لا يكتب حديثه. وقال زكريا الساجي: له أحاديث بواطيل. وقال ابن عدي: عامة أحاديثه غير محفوظة.
وكان الأولون يعدونه في الحفظ فوق أبى بكر بن عياش، ويوصفونه بضبط الحروف التي أخذها عن عاصم. أقرأ الناس دهرا. وكانت القراءة التي أخذها عن عاصم ترتفع إلى على صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
انظر: "الجر والتعديل" (3/ 173 - 174) "ميزان الاعتدال" (1/ 558 - 559) "غاية النهاية" (1/ 254 - 255) "معرفة القراء الكبار" (1/ 140) ......(3/1530)
ابن ثابت وعبد الله بن مسعود عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وأخذ زر عن عثمان وابن مسعود عنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
6 - وحمزة له راويان: خلف وخلاد.
302 - [قراءة حمزة (1) برواية خلف (2)]: أما رواية خلف فقال ابن الصائغ: قرأت بها على ابن شجاع بإسناده المتقدم في قراءة قالون إلى الداني، قال قرأت بها على شيخنا أبي الحسين، قال قرأت بها على محمد بن يوسف بن فار، قال قرأت بها على أحمد بن عثمان، قال قرأت بها على إدريس بن عبد الكريم، قال قرأت بها على خلف، قال قرأت بها على سليم، قال قرأت بها على حمزة.
353 - : [قراءة حمزة برواية خلاد (3)]:
_________
(1) هو حمزة بن حبيب بن عمارة بن إسماعيل الإمام، أبو عمارة الكوفي، مولى آل عكرمة بن ربعي التيمي الزيات, أحد القراء السبعة.
ولد سنة (80 هـ)، وأدرك الصحابة بالسن، فلعله رأى بعضهم، وقرأ القران عرضا على الأعمش، وحمران بن أعين وغيرهم. وتصدر للإقراء مدة، وقرأ عليه عدد كثير.
طبقات ابن سعد (6/ 385) معرفة القراء (1/ 111)
(2) هو خلف بن هشام بن ثعلب، وقيل: ابن أبي طابي بن غراب أبو محمد البغدادي المقرئ البزار، أحد الأعلام.
وله اختيار أقرأ به، وخلف فيه حمزة.
قرأ على سليم عن حمزة وسمع مالكا, وأبا عوانة، وحماد بن زيد، وأبا شهاب عبد ربه الحناط، وأبا الأحوص، وشريكا وطائفة.
وحدت عنه مسلم في "صحيحه" وأبو داود في "سننه" وأحمد بن حنبل وأبو زرعة الرازي، وغيرهم.
توفي سنة (229 هـ). وكان مولده سنة (150هـ).
انظر " طبقات ابن سعد " (7/ 87) " الجرح والتعديل" (3/ 372) " وغاية النهاية" (1/ 272 - 274) و"معرفة القراء الكبار" (1/ 208)
(3) هو خلاد بن خالد. وقيل: ابن عيسى أبو عيسى، وقيل: أبو عبد الله الشيباني، مولاهم الصيفي الكوفي، الأحول المقرئ صاحب سليم.
أقرأ الناس مدة، وحدث عن زهير بن معاوية، والحسن بن صالح بن حي. قرأ عليه محمد بن شاذان الجوهري، ومحمد بن الهيثم قاضى عكبرا، ومحمد بن يحي الخنيسي، والقاسم بن يزيد الوزان، وهو أنبل أصحابه. وحدث عنه أبو زرعة " وأبو حاتم وكان صدوقا. توفي سنة (220 هـ).
انظر "غاية النهاية" (1/ 274) "معرفة القراء الكبار" (1/ 210) ......(3/1531)
وأما رواية خلاد فقال ابن الصائغ: قرأت بها على ابن شجاع بإسناده المتقدم إلى الداني، قال قرأت بها على أبي الفتح الضرير، قال قرأت بها على عبد الله بن الحسن المقري، قال قرأت بها على محمد بن أحمد بن شنبوذ، قال قرأت بها على محمد بن شادان الجوهري، قال قرأت بها على خلاد، قال قرأت بها على سليم قال قرأت بها على حمزة، قال قرأت منها على جماعة منهم سليمان بن مهران ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى القاضي وحمران بن أعين وأبو إسحاق المجيعي ومنصور بن المعتمر ومغيرة بن مقسم وجعفر بن محمد الصادق وغيرهم غير أن اعتماده على سليمان بن مهران وأخذ سليمان بن مهران عن يحي بن وثاب وأخذ ابن وثاب عن جماعة من أصحاب ابن مسعود: علقمة والأسود وغيرهم عن ابن مسعود عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
7 - والكسائي له راويان: أبو الحارث والدوري.
304 - [قراءة الكسائي (1) براوية .... .... ..... .... .....
_________
(1) هو علي بن حمزة الكسائي الإمام أبو الحسن الأسدي، مولاهم الكوفي المقرئ النحوي أحد الأعلام. ولد في حدود سنة (120 هـ)، وعمن جعفر الصادق والأعمش، وزائدة، وسليمان بن أرقم، وجماعة يسيرة، وقرأ القرآن وجوده على حمزة الزيات، وعيسى بن عمر الهمداني.
قال ابن مجاهد: كان الناس يأخذون عنه ألفاظه بقراءته عليهم. وقال أبو عمر الدوري: سمعت يحي ابن معين يقول: ما رأيت بعيني أصدق لهجة من الكسائي. وقال خلف بن هشام: كنت أحضر بين يدي الكسائي، وهو يقرأ على الناس، وينقطون مصاحفهم بقراءته عليهم. وقال الشافعي لله: من أراد أن يتبحر في النحو، فهو عيال على الكسائي.
توقي سنة (189 هـ). وقيل غير ذلك انظر: " الجرح والتعديل " (6/ 182) " البداية والنهاية" (11/ 201 - 202) و"معرفة القراء الكبار"
(1/ 120) ......(3/1532)
أبي الحارث (1)]: أما رواية أبي الحارث فقال ابن الصائغ: قرأت على ابن شجاع بإسناده المتقدم إلى الداني، قال قرأت بها على فارس بن أحمد، قال قرأت بها على عبد الباقي بن الحسن، قال قرأت بها على زيد بن علي، قال قرأت بها على أحمد بن الحسن البطي، قال قرأت بها على محمد بن يحي الكسائي، قال قرأت بها على أبي الحارث، قال قرأت بها على الكسائي.
305 - [قراءة الكسائي برواية الدوري (2)]:
وأما رواية الدوري فقال ابن الصائغ قرأت بها على الشيخ ابن شجاع بإسناده المتقدم إلى الداني، قال قرأت بها على عبد الباقي بن الحسن، قال قرأت بها على محمد بن علي الجليد، قال قرأت بها على جعفر بن محمد، قال قرأت بها على الدوري، قال قرأت بها على الكسائي، قال قرأت بها على حمزة بن حبيب الزيات وعيسى بن عمر الهمداني ومحمد بن أبي ليلى وغيرهم غير أن اعتماده على حمزة بن حبيب.
قال حمزة: قرأت على سليمان بن مهران الأعمش، قال قرأت على حمران بن أعين وابن أبي ليلى. وقال حمزة: قرأت على عبيدة بن نظلة، قال قرأت على علقمة، قالوا جميعنا قرأنا على ابن مسعود، قال قرأت على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
_________
(1) هو الليث بن خالد أبو الحارث المقرئ، صاحب الكسائي، والمتقدم من بين أصحابه، قرأ عليه، وجمع الحروف من حمزة بن قاسم الأحول، وأبي محمد اليزيدي.
قال أبو عمرو الداني: وقد غلط أحمد بن نصر في نسبته، فقال الليث بن خالد المروزي، وذاك رجل آخر من أصحاب الحديث، سمع من مالك بن انس وجماعة، يكني أبا بكر.
قرأ على أبي الحارث سلمة بن عاصم، ومحمد بن يحي الكسائي الصغير. توفي سنة (240 هـ).
انظر: "تاريخ بغداد" (13/ 16) " غاية النهاية " (2/ 34) "معرفة القراء الكبار" (1/ 211)
(2) تقدمت ترجمته ......(3/1533)
306 - (قرة العيون بأخبار اليمن الميمون للديبع (1)): أرويها بالإسناد المتقدم في تفسير الثعلبي المتصل به.
307 - (قصر الأمل (2) لابن أبي الدنيا):
أرويه بالإسناد المتقدم في كتاب الفرج بعد الشدة له.
308 - (القصص الحق (3) للإمام شرف الدين):
أرويه بالإسناد المذكور في أول الكتاب المتصل به.
359 - (القطر لابن هشام (4)):
أرويه بالإسناد المتقدم في كتاب الشذور المتصل به.
310 - (القمر المنير لفوائد التحرير للأمير علي بن الحسين (5)):
أرويه بالإسناد المتصل بالأمير الحسين بن محمد صاحب الشفا المذكور في كتاب التقرير وهو يرويه عن المؤلف.
311 - (قوت القلوب لأبي طالب المكي (6)):
_________
(1) انظر: الضوء اللامع (4/ 104)
(2) مطبوع. تحقيق محمد خير رمضان يوسف، دار ابن حزم 1416هـ-1995م
(3) وهي قصيدة في مائة وخمسين بيتا وقعت من العلماء موقع القبول فأقبلوا على شرحها وكشف محاسنها. مؤلفات الزيدية (2/ 346 رقم 2478)
(4) تقدمت ترجمته
(5) تقدمت ترجمته
(6) هو محمد بن علي بن عطية الحارثي، المكي (أبو طالب) صوفي، متكلم، واعظ، من أهل الجبل. نشأ. بمكة، ودخل البصرة، وقدم بغداد، وتوفي بها سنة (386 هـ).
من تصانيفه: "قوت القلوب في معاملة المحبوب" و"وصف طريق المريد إلى مقام التوحيد في التصوف" وفيه شطحات صوفية عديدة.
انظر: "تاريخ بغداد" (3/ 89) "وفيات الأعيان" (1/ 122) "النجوم الزاهرة" (4/ 175) " لسان الميزان" (5/ 301 - 303) "ميزان الاعتدال" (3/ 107) " شذرات الذهب" (3/ 120 - 121) ......(3/1534)
أرويه بالإسناد المتقدم في تفسير الثعلبي إلى الضماض عن محمد بن إبراهيم الفشلي عن محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن أيوب الأنصاري عن محمد بن عبد السميع الهاشمي عن علي بن المبارك عن أحمد بن محمد الغزالي عن أخيه حجة الإسلام محمد بن محمد بن محمد الغزالي عن عبد الملك بن يوسف الجويني عن المؤلف .......(3/1535)
حرف الكاف
312 - (الكافل لابن بهران (1)):
ارويه بالإسناد المتقدم في شرح الأثمار له.
313 - (الكافية لابن الحاجب (2)):
أرويها بالإسناد المتقدم في الشافية له.
314 - (الكافية لابن مالك (3)):
أرويها بالإسناد المتقدم في الألفية له.
315 - (كتاب سيبويه (4)): أرويه بالإسناد المتقدم في أول هذا المختصر وفي كثير من أبوابه إلى البابلي عن أبي الشنواني عن إبراهيم بن عبد الرحمن العلقمي عن أبي الفضل السيوطي عن محمد بن مقبل عن الصلاح بن أبي عمر عن الفخر بن البخاري عن عمر بن طبرزذ عن أبي بكر الأنصاري عن أبي محمد الجوهري عن أبي على الفارسي عن أبي بكر بن محمد السري السراج عن أبي العباس المبرد عن صالح بن إسحاق الجرمي وأبي عثمان بكر بن محمد
_________
(1) واسمه: (الكافل بنيل السؤل في علم الأصول) له عدة نسخ منها نسخة سنه 1063هـ في (37) بالجامع الكبير صنعاء رقم (1140) وأخرى سنه 1049 هـ رقم (77) 0000 الروض الأغن (3/ 113 رقم 846).
(2) تقدمت ترجمته
(3) تقدمت ترجمته
(4) هو عمرو بن عثمان بن قنبر سيبويه (أبو بشر) أديب، نحوي. أخذ النحو والأدب عن الخليل بن أحمد ويونس بن حبيب وأبي الخطاب الأخفش وعيسى بن عمر، وورد بغداد، وناظر ها الكسائي، وتعصبوا عليه.
من آثاره: كتاب سيبويه في النحو، مجموعة الأفعال والتصريف. توفي سنة (180 هـ).
انظر "وفيات الأعيان " (1/ 487 - 488) "البداية والنهاية" (10/ 176 - 177) "النجوم الزاهرة" (2/ 99 - 100) " معجم المؤلفين" (2/ 584) ......(3/1536)
المازني قالا: أخبرنا سعيد بن مسعدة الأخفش عن المؤلف.
316 - (الكشاف للزمخشري):
أرويه بالإسناد المتقدم له في حرف التاء المثناة عند ذكر إسناد التفاسير.
317 - (كشف المرادات على الزيادات للدواري):
أرويه بالإسناد المتقدم في الديباج له.
318 - (الكفاية في قوانين الرواية للخطيب البغدادي (1)): أرويها بالإسناد المتقدم إلى البابلي عن إبراهيم اللقاني، عن أبي النصر بن ناصر الدين الطبلاوي عن أبيه عن الجلال السيوطي [عن محمد بن مقبل، عن الحراوي، عن الدمياطي عن ابن المقبر] (2) عن الفضل بن سهل الإسفراييني عن المؤلف.
319 - (كفاية المتحفظ للطرابلسي):
أرويها بالإسناد المتقدم في تفسير الثعلبي إلى الشماخي عن محمد بن يونس الأربلي عن حيدر بن محمود اللغوي عن على بن معبد القرشي عن أبيه عن المؤلف.
320 - (الكنز للنسفي (3)):
_________
(1) هو أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد بن مهدي بن ثابت المعروف بالخطيب البغدادي (أبو بكر) محدث، مؤرخ، أصولي.
ولد بدرزيجان من قرى العراق سنة (392 هـ) ونشأ قي بغداد، ورحل وطلع الحديث، وتوفي ببغداد سنة (463 هـ).
من تصانيفه: "الكفاية في معرفة علم الرواية"، "الفقيه والمتفقه"، "الجامع لآداب الراوي والسامع"، و"شرف أصحاب الحديث"، " اقتضاء العلم العمل"، "صلاة التسابيح"، " تاريخ بغداد"، " البخلاء".
انظر: "وفيات الأعيان (1/ 32 - 33) " معجم الأدباء " (4/ 13/ 45) " طبقات السبكي" (3/ 12 - 16) " تذكرة الحفاظ" (2/ 313 - 321) " شذرات الذهب " (3/ 311 - 312)
(2) زيادة لازمة لاتصال السند، أثبتها من كتب الأثبات الأخرى
(3) الكنز وهو (كنز الدقائق) في فروع الحنفية. لخص فيه الوافي بذكر ماعم وقوعه، حاويا المسائل والفتاوى والواقعات، طبع في لندن سنه 1843م وفي مطبعة شرف سنه 1309 هـ وسنة 1311هـ وغيرها ...
انظر: معجم سر كيس (2/ 1853) ......(3/1537)
أرويه بالإسناد المتقدم إلى البابلي عن عبد الله بن محمد النحريري الحنفي عن يوسف ابن زكريا عن أبيه عن الحافظ ابن حجر عن أبي عبد الله المقري عن الكاشغري عن السغناقي عن المؤلف.
321 - (كنز الرشاد وشرح الإرشاد محمد بن الحسن بن القاسم (1)): أرويه بالإسناد المتقدم في أول الكتاب إلى إبراهيم بن القاسم عن المؤيد عن شيخه أحمد بن ناصر عن أبيه عن المؤلف.
322 - (الكواكب ليحي بن أحمد بن مظفر (2)): أرويها بالإسناد المتقدم في أول الكتاب إلى الإمام القاسم بن محمد عن السيد أمين الدين عن على بن أحمد عن علي بن زيد عن المؤلف.
_________
(1) محمد بن الحسن بن الإمام القاسم بن محمد.
ولد سنة (1010هـ)، وهو الرئيس الكبير والأمير الخطير ربي في حجر الخلافة وترقى في الكمالات
حتى بلغ منها النهاية.
وفي سنة (1079هـ) طلع من اليمن إلى صنعاء واجتمع بالإمام المتوكل على الله، مات بدرب السلاطين من الروضة في السنة نفسها.
انظر "البدر الطالع" (2/ 159)
(2) " الكواكب المنيرة على التذكرة والتبيان ".
له نسخ منها: نسخه سنة 847هـ بجامع صنعاء رقم (209) فقه.
نسخة سنة 1077هـ رقم (1030).
نسخة بالمتحف البريطاني سنة 914هـ رقم (3726). الروض اللأغن (3/ 148) ......(3/1538)
حرف اللام
323 - (الأمية الأفعال لابن مالك):
أرويها بالإسناد المتقدم في كتاب الألفية لها.
324 - (لسان المتكلمين لابن فورك (1)): أرويه بالإسناد المتقدم في تفسير الثعلبي إلى الشماخي عن أبي علي بن هبة الله الشافعي عن علي بن هبة الله بن عساكر عن عبد الجبار بن محمد بن أحمد الخواري عن أحمد بن الحسين البيهقي عن مؤلفه.
325 - (لسان الميزان لابن حجر):
أرويه بالإسناد المتقدم إليه في بلوغ المرام له.
326 - (اللمع للأمير علي بن الحسين (2)): أرويه بالإسناد المتصل بالأمر الحسن بن محمد المتقدم في كتاب التقرير له عن المؤلف.
327 - (اللمع لابن إسحاق الشيرازي (3)):
أرويه بالإسناد المتقدم في التنبيه له.
_________
(1) هو محمد بن الحسن بن فورك الأنصاري، الأصبهاني، الشافعي (أبو بكر متكلم، فقيه، مفسر، أصولي أديب واعظ، نحوي، عارف بالرجال. أقام بالعراق مدة، وورد الري، وكثر سماعه بالبصرة والعراق، وحدث بنيسابور. توفي سنة (406 هـ).
انظر: "وفيات الأعيان" (1/ 610) " طبقات السبكي " (3/ 52 - 56) " النجوم الزاهرة " (4/ 240) " شذرات الذهب " (3/ 182 - 183) إيضاح المكنون " للبغدادي (1/ 475) (2/ 489) "معجم المؤلفين" (3/ 229 - 230)
(2) اللمع في أربعة أجزاء، وهو مأخوذ من التجريد والتحرير.
له نسخة في مكتبة الجامع الكبير (1006 - 1017) من القرن السابع أو الثامن.
انظر: مؤلفات الزيدية (2/ 404) رقم (2659)
(3) تقدمت ترجمته. وكتابه "اللمع" مطبوع ......(3/1539)
حرف الميم
328 - (مجموع الإمام زيد بن علي (1) " الحديثي"):
أرويه بالإسناد المتقدم في أول الكتاب إلى القاضي جعفر بن أحمد بن عبد السلام عن أحمد بن الحسن الكني عن زيد بن الحسن البيهقي عن الحاكم وهب بن الحاكم أبي القاسم عبيد الله الحكاني عن عبد الله بن الحسن بن علي النيسابوري عن محمد بن عبد الله بن المطلب الشيباني عن علي بن محمد النخعي عن سليمان بن إبراهيم المجازي عن نصر بن مزاحم المنقري عن إبراهيم الزبرقان التيمي عن أبي خالد عمرو بن خالد الواسطي عن المؤلف.
329 - (مجموع الإمام زيد بن علي " الفقهي" (1)):
_________
(1) تقدم ذكر ترجمته.
طبع هذا المسند والذي يعرف أيضًا بـ (المجموع الفقهي) منسوبا للإمام زيد مرتين في ميلانو بإيطاليا سنة 1919هـ باعتناء غريفيني، وفي مصر سنة 1340هـ في 399 صفحة وكتب على غلافه:
" وهو ما رواه عن أبيه عن جده، ويسمى ب " المجموع الفقهي" لذكره بعض المسائل الفقهية، نفع الله به آمين جمعه عبد العزيز بن إسحاق البغدادي رحمه الله ".
وقد تكلم الشيخ احمد شاكر رحمه الله كلاما مفصلا وطيبا تعليقا على هذا الكتاب نختار منه ما قاله في تقديمه لعمل محمد فؤاد عبد الباقي في القيام. بمراجعة ترجمة: " مفتاح كنوز السنة " (ص ع) في معرض حديثه على الأصول التي فهرسها د. أ. ي. فنسنك ما نصه: " .....
والكتاب الرابع عشر: المسند المنسوب للإمام زيد بن علي بن الحسن بن على بن أبي طالب المتوفى شهيدا سنة 122 هـ وهذا الكتاب عمدة في الفقه عن علماء الزيدية من الشيعة لو صحت نسبته إلى الإمام زيد لكان أقدم كتاب موجود من كتب الأئمة المتقدمين إلا أن الرأي له عن زيد رجل لا يوثق بشيء من روايته عند أئمة الحديث وهو أبو خالد عمرو بن خالد الواسطي، رماه العلماء بالكذب في الرواية. قال الإمام أحمد بن حنبل في شأنه: كذاب، وروى عن زيد بن على عن آبائه أحاديث موضوعة" وانظر:
- تعليق أحمد شاكر على المحلى (2/ 75) وفي مقدمة كنوز السنة (ص ع).
وقال الشوكاني في " البدر الطالع " (2/ 330) في ترجمة السيد يحي بن الحسين ابن الإمام المؤيد بالله محمد ابن الإمام القاسم بن محمد الشهاوي الزيدي) أنه قد تصرف في هذا الكتاب، فقال: " ورأيت بخط السيد يحي بن الحسين، وهو ابن الإمام القاسم بن محمد- أن صاحب الترجمة تواطأ هو وتلامذته على حذف أبواب من " مجموع زيد بن على " وهي ما فيه ذكر الرفع، والضم، والتأمين، ونحو ذلك ثم جعلوا نسخا، وبثوها في الناس، وهذا أمر عظم، وجناية كبيرة وفي ذلك دلالة على مزيد الجهل، وفرط التعصب، وهذه النسخ التي بثوها قي الناس موجودة الآن، فلا حول ولا قوة إلا بالله".
والخلاصة: أن هذا الكتاب مكذوب ومنحول على الإمام زيد لعناصر:
1) الراوي عن زيد وهو عمرو بن خالد الواسطي، ذكره المزي في تهذيب الكمال (21/ 603رقم 4357) وذكر أقوال العلماء فيه ومنها:
1 - قال البخاري: منكر الحديث.
2 - قال ابن معين: كذاب عير ثقة ولا مأمون. وقال مرة أخرى: كذاب ليس بشيء.
3 - قال أبو حاتم: متروك الحديث ذاهب الحديث. لا يشتغل به.
4 - قال ابن حيان: كان ممن يروي الموضوعات عن الإثبات، حتى يسبق إلى القلب أنه كان المتعمد لها.
5 - قال ابن عدي: عامة ما يرويه موضوعات.
2) والطامة الأخرى: ممن روى عن الواسطي هذا: (إبراهيم بن الزبرقان وهو حسن الحديث) روى عن هذا، نصر بن مزاحم: رافضي جلد خبيث. كذاب متروك الحديث.
انظر الميزان (4/ 253 رقم 9046) ......(3/1540)
أرويه بالإسناد المتقدم قبله.
330 - (مجموع علي خليل):
أرويه بالإسناد المتقدم في أول الكتاب إلى القاضي جعفر عن الكني عن توران شاه بن خسرو شاه عن على بن أموج عن القاضي زيد بن محمد الكلاري عن المؤلف .......(3/1541)
331 - (مجمع البحرين (1) لابن الساعاتي):
أرويه بالإسناد المتقدم أول الكتاب إلى البابلي عن أحمد بن محمد الشلبي عن السيد يوسف بن عبد الله الأرميوني عن أبي الفضل السيوطي عن محمد بن أحمد الغماري عن أبي إسحاق التنوخي عن الحافظ البرزالي عن المؤلف.
332 - (محاسن الأزهار لحميد الشهيد (2)):
ارويها بالإسناد المتقدم في الديباج إلى الدواري عن القاسم بن أحمد بن حميد عن المؤلف.
333 - (المحدث الفاصل بين الراوي والواعي للرامهرمزي (3)): ارويه بالإسناد المتقدم إلى البابلي عن أحمد السنهوري عن أحمد بن محمد بن حجر عن زكريا بن محمد عن الحافظ بن حجر العسقلاني عن أبي إسحاق التنوخي عن أبي الفتح محمد بن عبد الرحيم عن عبد الوهاب بن ظافر عن الحافظ السلفي عن المبارك بن عبد الجبار الصيرفي بن الطيوري عن على بن أحمد القالي عن أحمد بن إسحاق النهاوندي عن
_________
(1) واسمه: (مجمع البحرين وملتقى النيرين) مخطوط كما في الأعلام للزركلي (1/ 175)
(2) " محاسن الأزهار في مناقب إمام الأئمة الأبرار " في فضائل ومناقب الأمام أمير المؤمنين وأل البيت من ولده، وهو شرح مبسوط على قصيدة الإمام عبد الله بن حمزة الحسني التي نظمها في فضائل الإمام على وآل البيت وأرسلها إلى الخليفة العباسي الناصر وهى في (43) بيتا.
مؤلفات الزيدية (2/ 435 رقم 2737)
(3) هو الحسن بن عبد الرحمن بن خلاد الرامهرمزي (أبو محمد) محدث، حافظ، أديب، شاعر، توفى. بمدينة رامهرمز في حدود (360 هـ).
من تصانيفه: " المحدث الفاصل بين الراوي والواعي في علوم الحديث"، "النوادر والشوارد "، "أدب الناطق "، " ربيع المتيم في أخبار العشاق "، و" الفلك في مختار الأخبار والأشعار"، "حاشية على سلم العلوم للبهاري".
انظر: "معجم الأدباء" (9/ 5 - 17) " تذكر الحفاظ " للذهبي (3/ 113 - 114) " معجم المؤلفين" (1/ 557) ......(3/1542)
المؤلف.
334 - (المحرر للمجد ابن تيمية):
أرويه بالإسناد المتقدم إلى البابلي عن علي بن إبراهيم الحلبي عن الشمس الرملي عن الزين زكريا عن العز عبد السلام البغدادي عن أبي الطاهر بن الكويك عن زينب بنت الكمال عن المؤلف مجد الدين عبد السلام بن تيمية.
335 - (المختار للفتوى):
أرويه بالإسناد المتقدم إلى البابلي عن عبد الله بن محمد النحريري عن أبيه عن السيد يوسف بن عبد الله الأرميوني عن الجلال السيوطي عن محمد بن علي الألواحي عن عمر ابن محمد البالسي عن زينب بنت الكمال عن المؤلف.
336 - (مختصر (1) ابن الحاجب في الأصول المعروف بمختصر (2) المنتهى (3)): أرويه الإسناد المتقدم في الشافية له.
337 - (مختصره في الفروع):
أرويه بذلك الإسناد.
338 - (مختصر خليل (4)):
_________
(1) طبع في كردستان سنة 1326هـ
(2) طبع في كردستان سنة 1326هـ
(3) طبع سنة 1326هـ. بمصر انظر معجم سركيس (1/ 72)
(4) مختصر خليل: هو كتاب مختصر، قصد فيه إلى بيان المشهور في المذهب المالكي، مجردا عن الخلاف وجع فيه فروعا كثيرة جدا، مع الإيحاز البليغ، وأقبل عليه الطلبة ودرسوه.
أما المؤلف: فهو خليل بن إسحاق الجندي كان رحمه الله مجمعا على فضله وديانته، أستاذا ممتعا من أهل التحقيق، ثابت الذهن، أصيل البحت مشاركا في فنون عدة كالعربية والحديث والفرائض صحيح النقل تخرج بين يديه جماعه من الفقهاء الفضلاء.
توفي سنة (749 هـ) بالطاعون وقيل غير ذلك [انظر " الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب " (لابن فرحون المالكي) (2/ 357 - 358)] ......(3/1543)
أرويه بالإسناد التقدم إلى البابلي عن سالم بن محمد السنهوري، عن محمد العلقمي عن السيوطي عن عبد الرحمن بن الوارث عن محمد بن محمد الغماري عن المؤلف.
339 - (مختصر ابن عرفة (1) " الفقهي"):
أرويه بالإسناد المتقدم إلى البابلي عن يوسف الزرقاني عن الشمس الرملي عن القاضي زكريا عن الحافظ ابن حجر عن المؤلف.
340 - (مختصر القدوري (2)): أرويه بالإسناد المتقدم إلى البابلي عن أحمد بن محمد بن أحمد الشلبي عن يوسف بن زكريا عن والده عن القاضي شمس الدين محمد بن محمد النويري عن إبراهيم بن محمد بن صديق عن أبي العباس الحجار عن جعفر بن علي الهمداني عن أبي طاهر السلفي عن المبارك بن عبد الجبار الطيوري عن المؤلف.
341 - (المدخل لابن الحاج (3)):
_________
(1) ذكره ابن حجر في المجمع الموسمي (2/ 462 رقم 1244) وسماه (المبسوط في المذهب)
(2) هو أحمد بن محمد بن أحمد بن جعفر بن حمدان البغدادي، المشهور بالقدوري. الحنفي (أبو الحسين) فقيه، انتهت إليه رياسة أصحاب أبي حنيفة بالعراق، وتوفي ببغداد في رجب سنة (428هـ)، وقد ولد في سنة (362 هـ).
من تصانيفه: " مختصر القدوري "، "شرح مختصر الكرخي " في عدة مجلدات، " التقريب الأول في الفقه في خلاف أبي حنيفة وأصحابه، " في مجلد، " التقريب الثاني" في عدة مجلدات، " وأملي التجريد في الخلافيات".
انظر: " تاريخ بغداد " (4/ 377) "وفيات الأعيان " (1/ 26) " النجوم الزاهرة " (5/ 24 - 25) "اللباب" لابن الأثير (2/ 247) " البداية والنهاية" لابن كثير (12/ 4)
(3) هو محمد بن محمد العبدري، الفاسي، الشهير بابن الحاج (أبو عبد الله) عالم مشارك في بعض العلوم. ولد بفاس وتفقه بها، وقدم مصر، وحج، وكف بصره في آخر عمره، وتوفي بالقاهرة في جمادي الأول سنة (737 هـ) وعاش بضعا وثمانين سنة من آثاره: " شموس الأنوار وكنوز الأسرار في علوم الحروف وماهيته"، "المدخل إلى تنمية الأعمال بتحسين النيات والتنبيه على كثير من البدع المحدثة والعوائد المنتحلة"، و"مدخل الشرع الشريف على المذاهب الأربعة"، "بلوغ القصد والمن"، " خواص أسماء الله الحسنى"، و"الأزهار الطيبة النشر".
انظر: "الدرر الكامنة" (4/ 237) "إيضاح المكنون للبغدادي" (2/ 57) " معجم المؤلفين" (3/ 682 - 683) ......(3/1544)
أرويه بالإسناد المتقدم إلى البابلي عن أحمد بن عيسى الكلبي عن الشمس الرملي عن الزين زكريا عن أبي الفضل المرجاني عن محمد بن علي بن ضرغام عن المؤلف.
342 - (مدونة ابن سحنون (1)): أرويها بالإسناد المتقدم إلى البابلي عن أبي النجا سالم بن محمد بن محمد بن أحمد الغيطي عن الزين زكريا عن محمد بن على القياياتي عن عمر البلقيني عن أبي علي الأنصاري عن محمد بن محمد بن سراقة العامري عن أحمد بن يزيد بن تقي القرطبي عن محمد بن عبد الرحمن القرطبي عن محمد بن فرح القرطبي عن أحمد بن محمد بن عيسى عن عبد الرحمن بن أحمد التجيي عن إسحاق بن إبراهيم التجيي عن أحمد بن خالد بن وضلح
_________
(1) سحنون: هو عبد السلام بن سعيد بن حبيب التنوخي، أصله من حمص، نزل والده القيروان مع من نزلها من العرب الأقحاح الذين هاجروا من المشرق العربي، في يمناهم سيف الحق، وفي قلوهم يرتع الإيمان، وعلى جباههم سطر الخلود: الله أكبر.
مولده كان في القيروان، بلدة عقبة المجاهد، يوم الفاتح من رمضان المبارك سنة (160 هـ) ولقبه سحنون؛ اسم طائر حديد النظر يعرفه أهل المغرب.
وتوفى في رجب سنة (240 هـ) وكان سنه يوم مات ثمانون سنة. [" الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب " لابن فرحون المالكي
(2/ 35 - 45)]. . أما مدونة ابن سحنون فهي المرجع المعتمد في المذهب المالكي. حتى قال عنها ابن رشد: " إما عند أهل الفقه ككتاب سيبويه عند أهل النحو، وككتاب إقليدس عند أهل الحساب، وموضعها من الفقه أم القرآن تجزئ عن غيرها، ولا يجزئ غيرها عنها".
[انظر: " سحنون مشكاة نور وعلم حق" سعدي أبو جيب (ص 30 - 33) ......(3/1545)
عن المؤلف.
343 - (مراسيل أبي داود (1)):
أرويها بالإسناد المتقدم في السنن له.
344 - (المزهر للسيوطي):
أرويه بالإسناد المتصل به في الجامعين له.
245 - (المسايرة (2) لابن الهمام):
أرويها بالإسناد المتقدم إلى البابلي عن الشهاب ابن الشلبي عن الجمال يوسف بن زكريا عن المؤلف.
346 - (مستدرك الحاكم):
أرويه عن شيخنا يوسف بن محمد بن علاء الدين المزجاجي عن أبيه عن جده عن الشيخ إبراهيم الكردي.
ح- وأرويه عن شيخنا السيد عبد القادر بن أحمد عن شيخه عبد الخالق بن أبي بكر المزجاجي عن محمد بن إبراهيم الكردي.
ح- وأرويه عن شيخنا السيد المذكور عن الشيخ علاء الدين بن عبد الباقي عن محمد ابن علاء الدين عن أبيه عن إبراهيم الكردي.
ح- وأرويه عن شيخنا المذكور عن شيخه محمد حياة السندي عن سالم بن عبد الله ابن سالم البصري عن أبيه عن إبراهيم الكردي.
ح- وأرويه عن شيخنا السيد العلامة عمر بن إبراهيم بن عامر عن شيخه أبي الحسن السندي عن شيخه محمد حياة السندي عن سالم بن عبد الله البصري عن أبيه عن إبراهيم
_________
(1) (المراسيل) مطبوع 1408 هـ 1988 - مؤسسة الرسالة تحقيق الشيخ شعيب الأرناؤوط
(2) طبع مع شرحه للكمال بن أبي شريف المقدسي المري الشافعي بعنوان: " المسامرة على المسايرة " في أصول الدين طبع في بولاق سنة 1317هـ في (284) صفحة " معجم سركيس " (2/ 1568) ......(3/1546)
الكردي.
ح- وأرويه عن شيخنا صديق بن علي المزجاجي عن شيخه سليمان بن يحي الأهدل عن أحمد بن محمد الأهدل عن أحمد بن محمد النخلي عن إبراهيم الكردي وإبراهيم الكردي يرويه عن شيخه أحمد بن محمد المدني عن الشمس الرملي عن الزين زكريا عن عبد الرحيم بن محمد بن الفرات عن محمود بن خليفة المنبجي عن علي بن الحسن بن المقير بن أحمد بن طاهر الميهني عن أحمد بن علي بن خلف الشيرازي عن المؤلف.
347 - (المستصفي في أحاديث المصطفى للقريظي (1)): أرويه بالإسناد المتقدم في تفسير الثعلبي إلى الشماخي عن إسماعيل بن محمد الحضرمي عن أبيه عن إبراهيم بن أحمد القريظي عن المؤلف.
348 - (المستقصي في الأمثال (2) للزمخشري):
أرويه بالإسناد المتقدم في التفسير له.
349 - (المسلسل (3) بالأولية):
_________
(1) هو محمد بن سعيد بن معن القريظي، اليمني اللحجي، فقيه، محدث، توفي سنة (576 هـ).
من تصانيفه: " المستصفي في أحاديث المصطفى"، و"مختصر إحياء علوم الدين" للغزالي. وبعضهم ذكر اسمه بـ (القريظي).
انظر "مرآة الجنان " لليافعي (3/ 403) "معجم المؤلفين" (3/ 325)
(2) المستقصى في أمثال العرب /مطبوع. بمجلدين
(3) المسلسل لغة: اسم مفعول من (السلسلة) وهي اتصال الشيء بالشيء، ومنه سلسلة الحديد، وكأنه سمي بذلك لشبهه بالسلسلة من ناحية الاتصال والتماثل بين الأجزاء.
واصطلاحا: هو تتابع رجال إسناده على صفة أو حالة للرواة تارة، وللرواية تارة أخرى.
شرح التعريف:
أي أن المسلسل هو ما توالى رواة إسناده على:
أ- الاشتراك في صفة واحدة.
ب- أو الاشتراك في حالة واحدة لهم أيضًا
ج- أو الاشتراك في صفة واحدة للرواية.
وأنواعه ثلاثة: المسلسل بأحوال الرواة، المسلسل بصفات الرواة، المسلسل بصفات الرواية.
ملحوظة: لا يشترط وجود التسلسل في جميع الإسناد، فقد ينقطع التسلسل في وسطه أو أخره، لكن يقولون وهذا الحالة: (هذا مسلسل إلى فلان).
أما أشهر المصنفات فيه:
أ- المسلسلات الكبرى للسيوطي، وقد اشتملت على (85) حديثا.
ب- المناهل السلسلة في الأحاديث المسلسلة. لمحمد عبد الباقي الأيوبي، وقد اشتملت على (212) حديثا.
انظر: " تيسير مصطلح الحديث " للدكتور محمود الطحان (ص185 - 188) ......(3/1547)
أرويه بالإسناد السابق إلى البابلي عن الشهاب أحمد بن محمد الشلبي عن يوسف بن زكريا الأنصار عن إبراهيم بن علي بن أحمد القلقشندي عن أحمد بن محمد المقدسي عن محمد بن محمد بن إبراهيم الميدومي عن عبد اللطيف بن عبد المنعم الحراني عن أبي الفرج ابن الجوزي عن إسماعيل بن أبي صاع النيسابوري عن أبيه عن محمد بن محمد بن مخمش الزيادي عن أبي حامد محمد بن محمد البزار عن عبد الرحمن بن ريش عن الحكم النيسابوري عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي قابوس مولى عبد الله بن عمرو بن العاص عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قال:"الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء" (1). وكلا من هؤلاء يقول هو أول حديث سمعه من شيخه.
350 - (المسلسل بالفقهاء):
أرويه بالإسناد المتقدم إلى البابلي عن سالم بن محمد السنهوري عن محمد بن أحمد
_________
(1) أخرجه أبو داود رقم (4941) والترمذي رقم (1925) وأحمد (2/ 160) والحميدي في "المسند " رقم (591) والحاكم في " المستدرك " (4/ 195) وصححه ووافقه الذهبي.
وسكت عليه الحافظ في "الفتح" (13/ 359).
وهو حديث صحيح انظر الصحيحة (رقم 925) ......(3/1548)
الغيطي عن زكريا الأنصاري عن الحافظ بن حجر العسقلاني عن أبي بكر ابن عبد العزيز ابن محمد بن إبراهيم بن جماعة عن جده محمد عن عمر بن عبد الله بن صاع السبكي عن علي بن المفضل المالكي عن أبي طاهر السلفي عن علي بن محمد الطبري عن عبد الملك ابن عبد الله بن يوسف الجويني عن أبيه عن أحمد بن الحسن الخري عن محمد بن يعقوب الأصم عن الربيع بن سليمان عن الإمام الشافعي عن الإمام مالك عن نافع عن ابن عمر أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قال: "المتبايعان كل واحد منهما على صاحبه بالخيار ما لم يتفرقا إلا بيع الخيار" (1).
351 - (المسلسل بيوم العيد):
سمعته عن شيخي السيد العلامة عبد القادر بن أحمد في يوم عيد بإسناده المتصل بالبابلي كما تقدم في أول الكتاب عن سالم السنهوري عن محمد بن عبد الرحمن العلقمي عن السيوطي عن محمد بن محمد بن فهد عن محمد بن عبد الله بن طهيرة عن محمد بن أحمد الأنصاري عن أبي عمر بن محمد التوزي عن علي بن هبة الله الجميزي عن أبي طاهر السلفي عن عبيد الله بن علي الأبنوسي عن أبي الطيب الطبري عن أبي أحمد بن الغطريف عن ابن ذاهب الوراق عن أحمد بن محمد ابن أخت سليمان بن حرب عن سفيان الثوري عن ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال شهدت مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يوم عيد فطر أو أضحى فلما فرغ من الصلاة أقبل علينا بوجهه الكريم فقال: " أيها الناس قد أصبتم خيرا فمن أحب أن ينصرف فلينصرف ومن أحب أن يقيم حتى يسمع الخطبة فليقم " (2). وكل واحد من هؤلاء الرواة سمعه من شيخه في يوم
_________
(1) أخرجه البخاري رقم (2112 و2113) ومسلم في صحيحه (43/ 1531)
(2) وهو حديث ضعيف.
أخرجه أبو داود رقم (1155) والنسائي (3/ 185) وابن ماجه (رقم: 1290) وابن الجارود رقم (264) والدارقطني (2/ 50) والحاكم (1/ 295) والبيهقي في " السنن الكبرى " (3/ 301) من طريق الفضل بن موسى، أنا ابن جريج، عن عطاء، عن عبد الله بن السائب صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: شهدت مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العيد، فلما قضى الصلاة قال: " إنا نخطب فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس، ومن أحب أن يذهب فليذهب".
قال أبو داود: هذا مرسل عن عطاء عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقال النسائي: هذا خطأ والصواب أنه مرسل ... كما في نصب الراية للزيلعي (2/ 221).
قلت: والصواب في هذا الحديث انه مرسل عن عطاء كما قال النسائي، وقال هذا أيضًا أبو زرعة الرازي في "العلل" لابن أبي حاتم (1/ 180) والمنذري في "مختصر السنن" (2/ 32) ......(3/1549)
352 - (المسلسل بالمصافحة):
أرويه بالإسناد السابق إلى البابلي، عن أبي بكر بن إسماعيل عن إبراهيم بن عبد الرحمن العلقمي عن السيوطي عن أحمد بن محمد الشمني عن أبي الطاهر بن الكويك عن إبراهيم بن على عن أبي عبد الله الخوي عن أبي المجد بن الحسن القزويني عن إبراهيم بن أحمد الشحاذي عن أبي الحسن بن أبي زرعه عن عبد الرحمن بن عبد الله البزازي عن عبد الملك بن مجيد عن عبدان بن حميد المنبجي عن عمر بن سعيد عن أحمد بن دهقان عن خلف بن تميم، قال دخلنا على أبي هرمز نعوده قال دخلنا على أنس بن مالك نعوده قال: " صافحت بكفي هذه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فما مست خزا ولا حريرا ألن من كفه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ" (1).
قال أبو هرمز فقلنا لأنس صافحنا بالكف التي صافحت بها رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فصافحنا ثم قال كل راو من المذكورين في السند لشيخه صافحنا بالكف التي صافحت بها شيخك فلانا فصافحنا صافحت أنا شيخي السيد عبد القادر بن أحمد رحمه الله.
353 - (المسلسل بالمحبة):
_________
(1) أخرجه البخاري رقم (3561) ومسلم في صحيحه رقم (81/ 2330) ......(3/1550)
أرويه عن شيخي المذكور بإسناده المتقدم إلى البابلي عن على بن محمد عن إبراهيم بن عبد الرحمن العلقمي عن السيوطي عن أحمد بن محمد الحجازي عن إسماعيل بن إبراهيم الحنفي عن أبي سعيد العلاني عن أحمد بن محمد الأرموي عن عبد الرحمن بن مكي عن أبي طاهر السلفي عن محمد بن عبد الكريم عن أبي علي بن شاذان عن أحمد بن سليمان النجاد عن أبي بكر بن أبي الدنيا عن الحسن بن عبد العزيز الجزوي عن عمر بن مسلم التنسي (1) عن الحكم بن عبده الشيباني عن حياة بن شريح عن عقبة بن سالم عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن الصنابحي عن معاذ بن جبل قال قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: " يا معاذ إني احبك قل اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك" (2) وفي رواية (3): "أوصيك يا معاذ لا تدعن في دبر كل صلاة تقول اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك". قال الصنابحي قال لي معاذ وأنا أحبك وهكذا قال كل رجل من رجال السند لمن روى عنه وأنا قال لي شيخنا المذكور كذلك.
354 - (وسائر المسلسلات):
_________
(1) في حاشية المخطوط ما نصه (بفتح أوله وثانيه وسين مهملة نسبة إلى تونس مدينة على البحر في ساحل إفريقية). وهي تونس اليوم المدينة المعروفة. هكذا قال ياقوت.
(2) وهو حديث صحيح.
أخرجه أحمد (5/ 244 - 245) والنسائي في "عمل اليوم والليلة"رقم (109) وأبو داود رقم (1522) من طرق عن المقرئ، حدثنا حيوة بن شريح قال: سمعت عقبة بن مسلم يقول حدثني أبو عبد الرحمن الحبلي، الصنابحي.
عن معاذ بن جبل أن رسول الله عليه وسلم أخذ بيده وقال: "يا معاذ والله إني لأحبك والله إني لأحبك" فقال: "أوصيك يا معاذ لا تدعن في دبر كل صلاة تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك".
وأوصى بذلك معاذ الصنابحي، به وأوصى به الصنابحي أبا عبد الرحمن.
وأخرجه أحمد (5/ 248) والنسائي (3/ 53) وفي "عمل اليوم والليلة" رقم (117) من طرق عن حيوة بن شريح، به
(3) وهو حديث صحيح.
أخرجه أحمد (5/ 244 - 245) والنسائي في "عمل اليوم والليلة"رقم (109) وأبو داود رقم (1522) من طرق عن المقرئ، حدثنا حيوة بن شريح قال: سمعت عقبة بن مسلم يقول حدثني أبو عبد الرحمن الحبلي، الصنابحي.
عن معاذ بن جبل أن رسول الله عليه وسلم أخذ بيده وقال: "يا معاذ والله إني لأحبك والله إني لأحبك" فقال: "أوصيك يا معاذ لا تدعن في دبر كل صلاة تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك".
وأوصى بذلك معاذ الصنابحي، به وأوصى به الصنابحي أبا عبد الرحمن.
وأخرجه أحمد (5/ 248) والنسائي (3/ 53) وفي "عمل اليوم والليلة" رقم (117) من طرق عن حيوة بن شريح، به ......(3/1551)
أرويها من طريق شيخنا المذكور عن شيخه الحافظ محمد بن الطيب المغربي بإسناده الذي ذكره في كل واحد منها في كتابه الذي حماه الموارد السلسلة من عيون الأسانيد المسلسلة وقد جمع فيه أحاديث لا توجد في غيره كلها مسلسلة وتكلم بعد كل حديث على إسناده ومن أخرجه من المصنفين فليرجع إلى ذلك.
355 - (مسند الإمام الشافعي):
أرويه بالإسناد المتقدم في مستدرك الحاكم إلى الزين زكريا عن الحافظ بن حجر عن الصلاح بن أبي عمر عن الفخر بن البخاري عن القاضي أبي المكارم أحمد بن محمد اللبان عن الحسن بن أحمد الحداد عن الحافظ أبي نعيم أحمد بن عبد الله الأصفهاني عن محمد بن يعقوب الأصم عن الربيع بن سليمان عن المؤلف.
356 - (مسند الإمام أحمد بن حنبل):
أرويه بالإسناد السابق إلى الفخر بن البخاري عن حنبل بن عبد الله بن الفرح عن هبة الله بن محمد بن عبد الواحد بن الحسن عن الحسن بن علي التميمي عن أحمد بن جعفر القطيعي عن عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه المؤلف.
357 - (مسند الدارمي):
أرويه بالإسناد المتقدم إلى الزين زكريا عن محمد بن مقبل الحلبي عن جويرية بنت أحمد الكردي الهكاري عن علي بن محمد الكردي الهكاري عن أبي المنجا عبد الله بن عمر اللتي عن أبي الوقت عن الداودي عن السرخسي عن عيسى بن عمر السمرقندي عن المؤلف.
358 - (مسند أبي داود الطيالسي):
أرويه بالإسناد السابق إلى الفخر بن البخاري عن أبي المكارم ابن اللبان عن أبي علي الحداد عن أبي نعيم الحافظ عن عبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارس الأصبهاني عن يونس ابن حبيب العجلي عن المؤلف.
359 - (مسند عبد بن .... .... .... .... .... .... .........(3/1552)
حميد (1)): أرويه بالإسناد السابق في مسند الدارمي إلى جويرية بنت الهكاري عن أبي الحسن الكردي عن أبي المنجا بن اللتي عن أبي الوقت عن الداودي عن السرخسي عن إبراهيم ابن خريم الشاشي عن المؤلف.
360 - (مسند البزار (2)):
أرويه بالإسناد المتقدم إلى الزين زكريا عن الحافظ ابن حجر عن أحمد بن أبي بكر المقدسي عن يحي بن محمد بن سعد عن جعفر بن على عن محمد بن عبد الرحمن الحضرمي عن عبد الرحمن بن محمد بن عتاب عن أبيه عن القاضي أبي أيوب سليمان بن خلف عن القاضي محمد بن أحمد بن ير بن مفرح عن محمد بن أيوب بن حبيب الرقي المعروف بالصموت عن المؤلف.
360 - (مسند أبي يعلى (3)):
ارويه بالإسناد المتقدم إلى الفخر بن البخاري عن أبي روح عبد العزيز بن محمد الهروي
_________
(1) هو عبد بن حميد بن نصر الكشي (أبو محمد) محدث، حافظ، جوال، مفسر، توفي في دمشق سنة من أثاره: "المسند الكبير"، "وتفسير القرآن".
انظر: "شذرات الذهب" (2/ 120) "البداية والنهاية" (11/ 4) "تهذيب التهذيب" (6/ 455)
(2) هو الشيخ الإمام، الحافظ الكبير، أبو بكر، احمد بن عمرو بن عبد الخالق، البصري البزار، صاحب "المسند" الذي تكلم على أسانيده.
ولد سنة نيف عشرة ومائتين. وجمع هدية بن خالد، وعبد الأعلى بن حماد، وعبد الله بن معاوية الجمحي، حدث عنه: ابن قانع، وابن نجيع، وغيرهم.
انظر: "سير أعلام النبلاء" (13/ 554) - وما بعدها)
(3) هو أحمد بن على بن المثني بن يحي بن عيسى بن هلال التميمي، الموصلي (أبو يعلى) محدث ولد في 3 شوال سنة (210 هـ) وقيل غير ذلك. وتوفي سنة (307 هـ)(3/1553)
عن تميم بن أبي سعيد الجرجاني عن أبي سعيد محمد بن عبد الرحمن الكنجرودي عن محمد ابن حمدان عن المؤلف.
362 - (مسند الإمام أبي حنيفة للحسين بن محمد بن خسرو البلخي (1)): أرويه بالإسناد المتقدم إلى الفخر بن البخاري عن بركات إبراهيم الخشوعي عن المؤلف.
363 - (مسند الشهاب للقضاعي (2)):
أرويه بالإسناد المتقدم أيضًا إلى الفخر بن البخاري عن عبد الوهاب بن علي بن سكينه عن محمد بن عبد الباقي الأنصاري عنه.
364 - (مسند الفردوس للديلمي):
أرويه بالإسناد المتقدم إلى الحافظ ابن حجر عن أبي إسحاق التنوخي عن الحجار عن محمود بن محمد بن محمد بن النجار عن المؤلف.
365 - (مشارق الأنوار للصغاني (3)): أرويها بالإسناد المتقدم في مستدرك الحاكم إلى إبراهيم الكردي عن شيخه احمد بن
_________
(1) هو الحسين بن محمد بن خسرو البلخي، ثم البغدادي، الحنفي (أبو عبد الله)، محدث جمع مسند أبي حنيفة، وخرج تخاريج، وتوفي في شوال سنة (520 هـ).
انظر: "لسان الميزان" (2/ 312 - 313) "معجم المؤلفين" (1/ 637)
(2) قد قدمت ترجمه
(3) هو الحسن بن محمد بن الحسن بن حيدر القرشي، العدوي العمري الصاغاني، الحنفي (رضي الدين، أبو الفضائل).
ولد بلاهور سنة (577 هـ) وتوفي ببغداد سنة (650 هـ).
من تصانيفه: "مجمع البحرين"، "العباب الزاهر واللباب الفاخر"، "مشارق الأنوار النبوية من صحاح الأخبار المصطفوية"، "التذكرة الفاخرة"، "الشوارد في اللغة"، "شرح البخاري".
انظر: "النجوم الزاهرة" (7/ 26) "شذرات الذهب" (5/ 250) "الجواهر المضيئة" (1/ 201) "الفوائد البهية" (ص 63 - 64) "البدر الطالع"
(1/ 210)(3/1554)
محمد المدني عن أحمد بن على الشناوي عن محمد بن أحمد النهرواني عن عبد الرحمن بن علي الديبع عن أحمد بن عبد اللطيف الشرجي عن نفيس الدين العلوي عن المجد صاحب القاموس عن السراج عمر بن علي القزويني عن صاع بن عبد الله الأسدي الكوفي عن المؤلف.
366 - (المشكاة للتبريزي (1)):
أرويها بالإسناد المتقدم إلى إبراهيم الكردي عن شيخه أحمد بن محمد بن محمد المدني عن أحمد بن على العباسي الشناوي عن السيد غضنفر بن جعفر النهراوني عن محمد بن سعيد المشهور. بمير كلان عن نسيم الدين مير كشاه عن والده عطا الله بن غياث الدين عن السيد عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد اللطيف الشيرازي عن عبد الرحيم بن عبد الكريم الصديقي عن علي بن مبارك شاه الصديقي عن المؤلف.
367 - (مشيخة الفخر بن البخاري (2)):
_________
(1) هو محمد بن عبد الله الخطب التبريزي، العمري (ولي الدين). محدث كمل المصابيح في الحديث، وذيل أبوابه وفرغ منه سنة (737 هـ).
انظر "معجم المؤلفين" (3/ 437)
(2) المشيخة: هي الكتب المشتملة على ذكر الشيوخ الذين لقيهم المؤلف، وأخذ عنهم، أو أجازوه وإن لم يلقهم. "الرسالة المستطرفة" لمحمد بن جعفر الكتاني (ص 140)].
الفخر ابن البخاري: هو على بن أحمد بن عبد الواحد الأنصاري، السعدي، المقدسي، الصالحي الحنبلي الشهير بابن البخاري.
ولد في آخر سنة خمس وتسعين وخمسمائة أو أول سنة ست وتسعين وخمسمائة. وقد نشأ في بيئة علمية عريقة في العلم والفضل. وأخذ الفخر بن البخاري عن شيوخ عدة ذكرت في مشيخته.
وكانت وفاته رحمه الله ضحى الأربعاء ثاني شهر ربيع الآخر سنة تسعين وستمائة ودفن عند والده بسفح قاسيون.
["ذيل طبقات الحنابلة" لا بن رجب (2/ 325) و"النجوم الزاهرة" (8/ 32) و"شذرات الذهب" (5/ 414) ومشيخة بدر الدين بن جماعة (1/ 388)] أما كتاب مشيخة ابن البخاري فقد نشر من المخطوطة مصورة. تخريج الحافظ جمال الدين ابن الظاهري (626 - 696 هـ) إعداد: محمد بن ناصر العجمي.
وانظر: الفهرس الشامل (3/ 1486) الحديث وعلومه. فقد ذكر النسخ المخطوطة لهذا الكتاب وأماكن وجودها وتواريخ هذه المخطوطات. وكذلك ذكرت في الروض الأغن(3/1555)
أرويها بالإسناد المذكور قريبا إليه.
368 - (المصابيح للبغوي):
أرويها بالإسناد المتقدم في أول الكتاب إلى البابلي عن على بن يحي الزيادي عن أحمد ابن محمد الرملي عن محمد بن عبد الرحمن السخاوي عن العز عبد الرحيم بن الفرات عن الصلاح بن أبي عمر عن الفخر بن البخاري عن فضل الله بن أبي سعيد النوقاني عن المؤلف.
369 - (المفصل للزمخشري):
أرويه بالإسناد المتقدم في التفسير له.
370 - (المطول للسعد):
قد تقدم في حرف الشين.
371 - (معالم التنزيل للبغوي):
أرويها بالإسناد المتقدم قريبا إلى الفخر بن البخاري عن فضل الله بن أبي سعد النوقاني عن المؤلف وقد تقدم إسناده.
372 - (معاني الآثار للطحاوي):
أرويها بالإسناد المتقدم في أول الكتاب إلى البابلي عن عبد الله بن محمد النحريري عن يوسف بن زكريا عن أبيه عن الحافظ ابن حجر عن الشرف أبي الطاهر بن الكويك عن زينب بنت الكمال المقدسية عن محمد بن عبد الهادي عن محمد بن أبي بكر المديني عن إسماعيل بن الفضل بن أحمد السراج عن منصور بن الحسين التاني عن محمد بن إبراهيم(3/1556)
المقري عن المؤلف.
373 - (معجم الطبراني (1) الكبير):
أرويه بالإسناد المتقدم قريبا إلى الفخر بن البخاري عن أبي جعفر الصيدلاني عن فاطمة بنت عبد الله الجوزذانية عن محمد بن عبد الله الأصبهاني عن الطبراني.
374 - (المعجم الأوسط له):
أرويه هذا الإسناد إلى الصيدلاني عن أبي علي الحداد عن أبي نعيم عن المؤلف.
375 - (المعجم الصغير له):
أرويه بالإسناد المذكور إلى أبي نعيم عن المؤلف.
376 - (المعيار للنجري (2)):
أرويه بالإسناد المتقدم إلى محمد بن يحي بهران في شرح الأثمار عن المؤلف.
_________
(1) هو سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي، الطبراني (أبو القاسم) والطبراني نسبة إلى طبرية في فلسطين، محدث، حافظ.
ولد بطبرية الشام سنة (260 هـ) في صفر، ورحل في طلب الحديث إلى الشام والعراق والحجاز واليمن ومصر وبلاد الجزيرة الفرائية، وسمع الكثير، وتوفي بأصبهان في ذي القعدة سنة (360 هـ).
له من المؤلفات الكثيرة: "المعاجم الثلاثة الكبير والأوسط والصغير"، "الدعاء" في مجلد كبير، "دلائل النبوة"، "كتاب الأوائل"، "تفسير كبير"، طرق من حديث (من كذب علي) ما انتخبه الطبراني لابنه أبي ذر، "مختصر مكارم الأخلاق"، "المكارم وذكر الأجواد".
انظر: "وفيات الأعيان" (1/ 269) "النجوم الزاهرة" (4/ 59 - 60) "البداية والنهاية" (11/ 270) "تذكرة الحفاظ " (3/ 118 - 123) "شذرات الذهب" (3/ 30)
(2) "واسمه" معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام.
ذكر مناسبات الأحكام وتعليلاتها في الفروع الفقهية يمكن أن يستخرج بها تعريفات مستغربة، وبأوله مقدمة في مطلق التكليف وقسمته. بلغ في الكتاب إلى أحكام ثبوت الملك ولم يتمه.
المؤلفات الزيدية (3/ 38 رقم 2949)(3/1557)
377 - (المعيار (1) للمهدي):
أرويه بالإسناد المتقدم إليه في البحر له.
378 - (المغني لابن هشام):
أرويه بالإسناد المتقدم في كتاب الشذور وكتاب القطر له.
379 - (مفاتيح الغيب للرازي):
قد تقدم إسناده في حرف التاء المثناه.
380 - (المقامات للحريري (2)): أرويها بالإسناد المتقدم في تفسير الثعلبي إلى الشماخي عن سليمان بن خليل المكي عن نصر بن أبي الفتح بن على الحضري عن أبي بكر بن عبد الله بن النقور البغدادي عن المؤلف.
_________
(1) معيار العقول في علم الأصول "وهو الكتاب السابع من موسوعته " البحار الزخار" وهو مرتب على مقدمة وأحد عشر بابا هي:-
الأوامر، العموم والخصوص، المجمل والمبين، الناسخ والمنسوخ، الأخيار، الأفعال، الإجماع، الاجتهاد، الحظر والإباحة، اللواحق في هذا الفن فرغ من تأليفه وهو في حراز.
مؤلفات الزيدية (3/ 38 رقم (2950)
(2) هو القاسم بن علي بن محمد بن عثمان الحريري، البصري، الحرامي، الشافعي، (أبو محمد) أديب، لغوي، نحوي، ناظم، ناثر.
ولد بقرية المشان من أعمال البصرة في حدود سنة (446 هـ)، وسكن محلة بي حرام بالبصرة، وقرأ الأدب على أبي القاسم الفضل بن محمد القصباني البصري، وتوفي بالبصرة سنة (516 هـ).
من آثاره: "المقامات"، "درة الغواص في أوهام الخواص"، "منظومة ملحة الإعراب في النحو وشرحها"، رسائله المدونة، ديوان شعر.
انظر: "وفيات الأعيان" (1/ 530 - 533)، "معجم الأدباء" (16/ 261 - 293)، "تذكرة الحفاظ" (4/ 51)، "البداية والنهاية" (12/ 191 - 193)، "النجوم الزاهرة" (5/ 225)، " الكامل في التاريخ" (10/ 212)، "معجم المؤلفين" (2/ 645)(3/1558)
381 - (المقاصد للسعد التفتازاني):
أرويها بالإسناد المتقدم إليه فيما سبق من مصنفاته كشرحيه للتلخيص ونحوهما.
382 - (المقنع لابن قدامة الحنبلي (1)): أرويه بالإسناد المتقدم إلى البابلي عن الشيخ محمد الحجازي الواعظ عن عبد الوهاب الشعراوي عن السيوطي عن محمد بن مقبل عن الصلاح بن أبي عمر عن الفخر بن البخاري عن المؤلف.
383 - (المقصد الحسن لابن حابس):
أرويه بالإسناد المتقدم في أول الكتاب إلى أحمد بن سعد الدين عن المؤلف
384 - (مكارم الأخلاق للطبراني):
أرويه بالإسناد المتقدم في المعاجم له ..
385 - (ملحة الإعراب للحريري):
أرويها بالإسناد المتقدم في المقامات له.
_________
(1) هو عبد الله بن أحمد بن محمد قدامة المقدسي الجماعيلي، ثم الدمشقي، الصالحي، الحنبلي (أبو محمد، موفق الدين) عالم، فقيه، مجتهد.
ولد في أعيل من عمل نابلس في شعبان سنة (541 هـ) هاجر من ظلم الصليبين قي القدس مع أبيه وأخيه، فحفظ القرآن واشتغل في العلم من صغره، وارتحل إلى بغداد صحبه ابن حالته الحافظ عبد الغني، وجمع بالبلاد من المشايخ، وكان إماما في علم الخلاف والفرائض والأصول والفقه والنحو والحساب.
ثم رجع إلى دمشق وتوفي بها يوم عيد الفطر سنة (620 هـ) ودفن في سفح قاسيون بالروضة.
من تصانيفه: "البرهان في علوم القرآن"، "المغني في شرح مختصر الخرقي" طبع، " التبيين في أنساب القرشيين"، "الروضة في الأصول" وغير ذلك.
انظر: "البداية والنهاية" (13/ 99 - 100)، "شذرات الذهب" (5/ 88 - 92)، "النجوم الزاهرة" (6/ 256)، "معجم المؤلفين" (2/ 227)(3/1559)
386 - (المنار (1) للمقبلي):
أرويه بالإسناد السابق إليه في العلم الشامخ له.
387 - (المناهل (2) للشيخ لطف الله):
أرويها بالإسناد المتقدم إليه.
388 - (المنحة (3) للسيد محمد بن إسماعيل الأمير (4)): أرويه عن شيخي السيد عبد القادر عن المؤلف.
389 - (المنتخب):
ارويه بالإسناد المتقدم في كتاب الأحكام للمؤلف.
_________
(1) حاشية على "البحر الزخار" دونها المؤلف عند المذاكرة مع بعض ذرية المصطفى وأودع فيها تحقيقات وخرج ما في الأصل من الأحاديث تمت في 26 ذي القعدة سنة 1102 هـ محاذيا للصفاء من جبل أبي قبيس. بمكة المكرمة.
" مؤلفات الزيدية" (3/ 54 رقم 3004)
(2) "المناهل الصافية في شرح الشافية" جعله كالمختصر لشرح الرضي على الشافية وتدارسوه في حوزاتهم العلمية. فرغ المؤلف منه في تاسع شهر رجب سنة 1026هـ.
" مؤلفات الزيدية" (3/ 59 رقم 3021)
(3) "منحة الغفار على ضوء النهار" حاشية على "ضوء النهار" في مجلدين ضخمين.
" مؤلفات الزيدية" (3/ 68 رقم 3045)
(4) هو محمد بن إسماعيل بن صلاح الكحلاني ثم الصنعاني، ويعرف بالأمير، محدث، فقيه، أصولي، مجتهد، متكلم من أئمة اليمن.
ولد في نصف جمادي الآخرة، سنة (1099هـ). وانتقل إلى صنعاء، وأخذ عن علمائها بكحلان، ثم رحل إلى الحرمين، وتوفي بصنعاء في 3 شعبان سنة (1182هـ).
من تصانيفه: "سبل السلام في شرح بلوغ المرام من أدلة الأحكام لابن حجر العسقلاني"، " تطهير الاعتقاد عن أدران الإلحاد"، "ممرات النظر في علم الأثر في مصطلح الحديث"، "إرشاد النقاد إلى تيسير الاجتهاد"، "توضيح الأفكار في شرح تنقيح الأنظار في علوم الحديث".
انظر: "البدر الطالع" (2/ 133 - 139) "هدية العارفين" للبغدادي (2/ 338)(3/1560)
390 - (المنتقى للمجد بن تيمية):
أرويه بالإسناد المتقدم في المحرر له.
391 - (المنهاج للبيضاوي):
أرويه بالإسناد السابق إلى البابلي عن سالم بن محمد عن عبد الرحمن العلقمي عن السيوطي عن أبي الفضل المرجاني عن أبي هريرة عبد الرحمن بن الحافظ الذهبي عن عمر ابن إلياس المراغي عن المؤلف.
392 - (المنهاج الجلي شرح مجموع زيد علي للإمام محمد بن المطهر):
أرويه بالإسناد المتصل به المذكور في كتاب [عقود البيان (1)].
393 - (المنهاج (2) للقرشي):
أرويه بالإسناد المتقدم في أول الكتاب إلى الأمام شرف الدين عن السيد صارم الدين عن إسماعيل بن أحمد بن عطية عن السيد عبد الله بن المهدي عن المؤلف.
394 - (المنهاج لابن تيمية):
أرويه بالإسناد السابق في حادي الأرواح إلى ابن القيم. المؤلف.
395 - (المنهاج للنووي):
أرويه بالإسناد المتقدم إلى البابلي عن علي بن يحيى الزيادي عن يوسف بن عبد الله الأرميوني عن السيوطي عن صاع بن عمر البلقيني عن أبيه عن الحافظ يوسف بن عبد الرحمن المزي عن المؤلف.
_________
(1) في المخطوط الإبانة والصواب ما أثبتناه.
(2) "منهاج السلامة في مسائل الإمامة"
يقتصر به على الحاكم أبي سعيد الجشمي. مما خالف مذهب الهدوية في مسائل الإمامة في كتابه " شرح عيون المسائل" ألفة قبل سنة 478 هـ(3/1561)
396 - (المواقف للعضد (1)): أرويها بالإسناد المتقدم إلى البابلي عن محمد بن على الأجهوري عن عمر بن الجائي عن السيوطي عن محمد بن أحمد المخزومي عن التقى يحي بن محمد الكرماني عن أبيه عن المؤلف.
397 - (المواهب القدسية للمهلا (2)):
أرويها بالإسناد المتقدم عن السيد إبراهيم بن قاسم بن المؤيد عن أخيه الحسن عن أبيه القاسم بن محمد بن القاسم عن المؤلف.
_________
(1) هو عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الغفار بن أحمد الإيجي الشيرازي، الشافعي، (عضد الدين) عالم مشارك في العلوم العقلية والأصلين والمعاني والبيان والنحو والفقه وعلم الكلام.
ولد بإيج من نواحي شيراز سنة (708 هـ). وتوفي مسجونا بقلعة دريميان سنة (756 هـ).
من مؤلفاته: "الرسالة العضدية في الوضع"، "الفوائد الغياثية في المعاني والبيان"، "شرح منتهى السول والأمل في علمي الأصول والجدل"، "المواقف في علم الكلام"، "آداب البحث العضدية".
انظر: "طبقات السبكي" (6/ 108)، "الدرر الكامنة" (2/ 323)، "شذرات الذهب" (6/ 174)، "البدر الطلع" (1/ 326 - 327)، "معجم المؤلفين"
(2/ 76)
(2) قال الشوكاني في "البدر الطالع" (1/ 231 - 232):
(الحسين بن ناصر بن عبد الحفيظ المعروف كسلفه بالمهلا الشرفي اليماني العالم الكبير صاحب" المواهب القدسية شرح البوسية "وهو شرح نفيس يبين ما اشتملت عليه القصيدة من المعاني والمسائل ثم ينقل الدليل ويحرره تحريرا قويا، وينقل من "ضوء النهار" للجلال مباحث ويجيب عليه في كثير من ذلك ويصفه بأنه شيخه في العلم وبالجملة فهو شرح مفيد وقفت على مجلدات منه، وبلغني أنه في سبع مجلدات، وهذه المنظومة التي شرحها هي في الفقه للبوسي على نمط الشاطبية في الوزن والروى والقافية والإشارات إلى مذاهب العلماء بالرمز مع جودة الشعر وقوته وسلاسته. وجملة أبياتها أربعة ألاف بيت وخمسمائة وثمانون بيتا.
والبوسي المذكور هو أحد علماء الزيدية بالديار اليمنية، ولصاحب الترجمة مؤلفات هذا أشهرها وقد ترجم له الحيمي في "طيب السمر" توفي شهيدا سنة (1111 هـ)(3/1562)
398 - (المؤتلف والمختلف لعبد الغني الأزدي (1)): أرويه بالإسناد المتقدم في تفسير الثعلبي إلى الشماخي عن أبي بكر بن أحمد السراجي عن نصر بن أبي الفرج الحضري عن محمد بن أحمد بن سليمان عن ابن الطيوري عن محمد ابن علي الصوري عن المؤلف.
399 - (الموطأ للإمام مالك بن أنس):
أرويه بالإسناد المتقدم في مستدرك الحاكم إلى إبراهيم الكردي عن أحمد بن محمد المدني عن الشصى الرملي عن الزين زكريا عن الحافظ ابن حجر عن عمر بن حسن بن أميلة المراغي عن أحمد بن إبراهيم الفاروق عن إبراهيم بن يحي بن حفاظ المكناسي عن محمد بن محمد بن سعيد بن زرقون عن أحمد بن محمد بن غلبون عن أبي عمر بن أحمد القبجاطي عن يحي بن عبد الله بن يحي عن عم أبيه أبي مروان عبيد الله بن يحي عن أبيه يحي بن يحي عن المؤلف.
_________
(1) هو عبد المغني بن سعيد بن بشر بن مروان بن عبد العزيز بن مروان الأزدي، المصري (أبو محمد) محدث، حافظ، نسابة.
ولد سنة (332 هـ). وتوفي سنة (409 هـ).
من تصانيفه: "المؤتلف والمختلف في أسماء الرواة"، "مشتبه النسبة"، "آداب المحدثين"، "كتاب المتوارين ذكر فيه من هرب من الحجاج وتوارى عنه"، "كتاب الغوامض"، و"كتاب آداب المحدثين"، "الرباعيات في الحديث"، "الغوامض والمبهمات"، "الفوائد المنتقاة عن الشيوخ الثقات"، "كشف الأوهام".
انظر: "وفيات الأعيان" (1/ 384)، "تذكرة الحفاظ" (3/ 235 - 236)، "حسن المحاضرة" للسيوطي (1/ 199)(3/1563)
المؤلفات
400 - (مؤلفات السعد التفتازاني):
أرويها بالإسناد المتقدم في مستدرك الحاكم إلى الشيخ إبراهيم الكردي عن شيخه السيد عبد الكريم بن أبي بكر بن هداية الله الكوراني الحسيني عن الشمس الرملي عن الزين زكريا عن النجم عمر بن فهد عن الجمال المرشدي عن حسن بن علي بن حسن الأبيوردي عن المؤلف.
401 - (مؤلفات ابن صدر الشريعة عبيد الله بن مسعود بن تاج الشريعة البخاري كالتنقيح والتوضيح وغيرهما):
أرويها بالإسناد المتقدم إلى إبراهيم الكرستة إلى الزين زكريا عن الحافظ ابن حجر العسقلاني عن محمد بن محمد البخاري الحافظي عن حافظ الدين أبي طاهر البخاري عن المؤلف.
402 - (مؤلفات أب المحامد محمود الحضري كشرحي الجامع الكبير وغيرهما):
أرويها بالإسناد المتقدم إلى الزين زكريا عن العز بن الفرات عن أبي الثناء المنبجي عن الحافظ الدمياطي عن الحافظ المنذري عن المؤلف.
403 - (مؤلف الحسن بن منصور الفرغاني (1) المعروف بقاضي خان كشرح الجامع الصغير والفتاوى):
_________
(1) هو الحسن بن منصور بن محمود بن عبد العزيز الأوزجندي، الفرغاني، الحنفي، المعروف بقاضي خان. (فخر الدين، أبو المفاخر، أبو المحاسن) فقيه مجتهد في المسائل.
توفي في منتصف رمضان سنة (592 هـ).
من تصانيفه: "الفتاوى" في أربع مجلدات، "المحاضر"، "شرح أدب القاضي للخصاف"، " شرح الزيادات" للشيباني، "شرح الجامع الصغير" للشيباني في فروع الفقه الحنفي.
انظر "شذرات الذهب" (4/ 308) "الفوائد البهية" للكنوي (ص 47 - 65) "الجواهر المضية للقرشي" (1/ 205 - 206) "معجم المؤلفين" (1/ 594)(3/1564)
أرويها بالإسناد المتقدم إلى الزين زكريا عن عبد الرحيم بن محمد بن الفرات عن عبد العزيز بن محمد بن جماعة عن عبد المؤمن بن خلف الدمياطي عن زكي الدين عبد العظيم المنذري عن محمود بن عبد السيد البخاري الحضري عن المؤلف.
404 - (مؤلفات عبد الله بن أحمد النسفي كالمنار وشرح الكنز وغيرهما):
أرويها بالإسناد المذكور إلى القاضي زكريا عن محمد بن أحمد بن الضياء العمري عن محمد بن علي البكري عن عبد الله بن حجاج الكاشغري عن حسام الدين السغناقي عن المؤلف.
405 - (مؤلفات أبي البقاء محمد بن أحمد بن الضياء المكي (1) الحنفي منها المنبع شرح المجمع والبحر العميق في الحج إلى البيت العتيق):
أرويها بالإسناد المتقدم إلى زكريا عن المؤلف.
406 - (مؤلفات محمد بن يوسف القونوي الرومي (2)): ارويها بالإسناد السابق إلى إبراهيم الكردي عن أحمد بن محمد المدني عن أحمد بن على
_________
(1) هو محمد بن احمد بن محمد بن سعيد بن محمد بن محمد بن عمر بن يوسف بن علي بن إسماعيل البهاء الصاغاني لأصل، المكي، الحنفي المعروف بابن الضياء.
ولد سنة (789 هـ). بمكة ونشأها، وقرأ على أعيانها كالنويري والمراغي، وارتحل غير مرة إلى القاهرة، فأخذ عن علمائها كابن حجر وطبقته، وأجاز له آخرون كالبلقيي وابن الملقن والعراقي، وبرع في جميع العلوم.
وصنف التصانيف منها: "المسرع في شرح المجمع" في أربع مجلدات، و"البحر العميق في مناسك حج بيت الله العتيق"، و"تنزيه المسجد الحرام عن بدع جهلة العوام" في مجلد، و"شرح الوافي" مطول ومختصر. و"شرح مقدمة الغزنوي" في مجلدين.، و"شرح البزدوي" ولم يكمل.
قال السخاوي: (وكان إماما علامة متقدما في الفقه والأصلين والعربية مشاركا في فنون، حسن الكتابة والتقييد، عظم الرغبة في المطالعة والانتقاد).
انظر: "البدر الطالع" (2/ 120)
(2) انظر: معجم المؤلفين (2/ 213)(3/1565)
الشناوي عن عبد الرحمن بن عبد القادر بن فهد بن عمه جار الله بن عبد العزيز بن فهد عن عمر بن عبد الرحيم القاهري عن محمد بن عبد الله الزرندي عن يحي بن محمد بن إبراهيم الأقصراني عن محمد بن محمد بن محمد الجزري عن المؤلف.
407 - (مؤلفات علي بن محمد البزدوي (1)):
أرويها بالإسناد السابق إلى السنغاقي عن محمد بن محمد بن نصر النسفي عن شمس الأئمة الكردري عن البرهان المرغياني عن عمر بن محمد النسفي عن المؤلف.
408 - (مؤلفات أكمل الدين محمد بن محمود الرومي الحنفي كشرح الهداية وشرح التجريد وشرح مختصر ابن الحاجب وشرح المشارق وشرح المنار):
أرويها بالإسناد المتقدم قريبا إلى جار الله بن عبد العزيز بن فهد عن التقي محمد بن فهد عن عبد الرحيم الصديقي عن المؤلف.
409 - (مؤلفات محمد بن محمد الماتريدي (2)):
أرويها بالإسناد السابق إلى الحافظ ابن حجر عن محمد بن علي القرشي عن عبد الله
_________
(1) هو على بن محمد بن الحسين بن عبد الكريم بن عيسى بن مجاهد البزدوي (أبو الحسن، فخر الإسلام) فقيه، أصولي، محدث، مفسر.
ولد في حدود سنة (400 هـ)، وتوفي في رجب سنة (482 هـ) ودفن بسمرقند.
من تصانيفه: "المبسوط" في أحد عشر مجلدا، "شرح الجامع الكبير للشيباني في فروع الفقه الحنفي"،كشفي الأستار في التفسير"، "كنز الوصول إلى معرفة الأصول"، "شرح الجامع الصحيح" للبخاري.
انظر: "الجواهر المضيئة" (1/ 372) "الفوائد البهية" (124 - 125)
(2) هو محمد بن محمد بن محمود الماتريدي، السمرقندي، (أبو منصور) متكلم، أصولي توفي بسمرقند سنة (333 هـ).
من تصانيفه: "شرح الفقه الأكبر المنسوب لأبي حنيفة تأويلات أهل السنة"، "بيان وهم المعتزلة"، "تأويلات القرآن"، "مأخذ الشرائع في أصول الفقه".
انظر: "الجواهر المضيئة" (2/ 130 - 131) "معجم المؤلفين" (3/ 692)(3/1566)
ابن حجاج الكاشغري عن حسين بن علي السغناقي عن محمد بن محمد بن نصر النسفي عن عمر بن محمد النسفي عن محمد بن محمد بن الحسن النسفي عن أبيه عن جده الحسين ابن عبد الكريم النسفي عن أبيه عن المؤلف ..
410 - (مؤلفات الشريف الجرجاني (1)):
أرويها بالإسناد المتقدم في مستدرك الحاكم إلى إبراهيم الكردي عن شيخه أحمد بن محمد المدني عن محمد شريف الصديقي عن عبد الباقي بن عبد الباقي البعلي عن محمد ابن علاء الدين البابلي عن سالم السنهوري عن النجم الغيطي عن عبد الحق السنباطي عن أبي بكر بن محمد الحصكفي عن يوسف الحلواني المؤلف.
وأروي هذه المؤلفات بأعلا من هذا الإسناد وهو الإسناد المتقدم في أول هذا الكتاب إلى البابلي بإسناده المذكور هنا.
411 - (مؤلفات جلال الدين محمد بن أسعد الدواني (2)):
أرويها بالإسناد المتقدم إلى إبراهيم الكردي عن محمد شريف عن علي بن محمد الحكمي عن عبد الرحمن بن عبد القادر بن فهد عن عمه جار الله بن عبد العزيز بن فهد عن إسماعيل بن إبراهيم العلوي العكي اليمني الزبيدي عن السيد عفيف الدين عبد الرحمن
_________
(1) انظر معجم المؤلفين (7/ 216) وهدية العارفين (1/ 728)
(2) هو محمد بن أسعد الصديقي، الدواني الشافعي (جلال الدين) فقيه، متكلم، حكيم، منطقي، مفسر، مشارك في علوم.
ولد بدوان من بلاد كازرون وسكن شيراز، وولي قضاء فارس، وتوفي وقد تجاوز الثمانين سنة (928هـ) ودفن قريبا من قرية دوان.
من تصانيفه: "شرح هياكل النور للسهر وردي في الحكمة"، الأربعون السلطانية في الأحكام الربانية"، "شرح التهذيب للتفتازاني في المنطق"، "شرح عقائد الإيمان للإيجي"، "تفسير سورة الكافرون"، وغيرها.
انظر: "الضوء اللامع" (7/ 133) "شذرات الذهب" (8/ 160) "البدر الطالع" (2/ 13)(3/1567)