[307] حدثنا عبد الله قال حدثني عبد الله بن عمر القرشي نا عبد الرحمن المحاربي عن رقبة بن مصقلة العبدي عن عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود قال لقد أحببت عمر حبا حتى لقد خفت الله لو أني أعلم أن كلبا يحبه عمر لأحببته ولوددت أني كنت خادما لعمر حتى أموت ولقد وجد فقده كل شيء حتى العضاه إن إسلامه كان فتحا وإن هجرته كانت نصرا وإن سلطانه كان رحمة
[308] حدثنا عبد الله قال حدثني عبد الله بن عمر أبو عبد الرحمن قثنا عبد الحميد الحماني قثنا النضر بن عبد الرحمن أبو عمر عن عكرمة عن بن عباس قال لما أسلم عمر قال المشركون قد انتصف القوم منا
[309] حدثنا عبد الله قثنا عبد الله بن عمر أبو عبد الرحمن قثنا الوليد بن بكير التميمي قثنا سفيان بن سعيد الثوري عن فضيل بن غزوان عن أبي معشر عن إبراهيم قال من فضل عليا على أبي بكر وعمر فقد أزرى على أصحاب رسول الله المهاجرين والأنصار ولا أدري هل يعطب أم لا
[310] حدثنا عبد الله قثنا الحسن بن حماد سجادة قثنا سفيان عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي قال قال علي على المنبر ما كنا نبعد أن السكينة تنطق على لسان عمر
[311] حدثنا عبد الله قثنا أبو كريب الهمداني محمد بن العلاء قثنا يونس بن بكير عن النضر أبي عمر عن عكرمة عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اللهم أعز الإسلام بأبي جهل بن هشام أو بعمر بن الخطاب فأصبح عمر فغدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم يومئذ
[312] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو قثنا خارجة بن زيد بن عبد الله الأنصاري عن نافع عن بن عمر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اللهم أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك بأبي جهل أو بعمر بن الخطاب قال فكان أحبهما اليه عمر بن الخطاب
[313] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا أبو عامر قثنا خارجة بن عبد الله عن نافع عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله عز وجل جعل الحق على قلب عمر ولسانه
[314] قال وقال بن عمر ما نزل بالناس أمر قط فقالوا فيه وقال فيه بن الخطاب أو قال عمر إلا نزل القرآن على نحو مما قال عمر
[315] حدثنا عبد الله قال نا هارون بن معروف قثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي قال أخبرني سهيل عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال جعل الحق على لسان عمر وقلبه
[316] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا يعلى بن عبيد قال نا محمد يعني بن إسحاق عن مكحول عن غضيف بن الحارث قال مررت بعمر ومعه نفر من أصحابه فأدركني رجل منهم فقال يا فتى أدع لي بخير بارك الله فيك قال قلت ومن أنت رحمك الله قال أبو ذر قال قلت يغفر الله لك أنت أحق قال إني سمعت عمر يقول نعم الغلام وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله وضع الحق على لسان عمر يقول به
[317] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا يونس يعني بن محمد وعفان قالا نا حماد بن سلمة عن برد أبي العلاء قال عفان في حديثه أنا برد أبو العلاء عن عبادة بن نسي عن غضيف بن الحارث أنه مر بعمر بن الخطاب فقال نعم الفتى غضيف فلقيه أبو ذر بعد ذلك فذكر نحوه إلا أنه قال ضرب بالحق على لسان عمر وقلبه وقال عفان في الحديث على لسان عمر يقول به
[318] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا مطلب بن زياد قثنا عبد الله بن عيسى قال كان في وجه عمر خطان أسودان من البكاء
[319] حدثنا عبد الله قال حدثني محمد بن أبي بكر بن علي المقدمي قثنا معتمر بن سليمان عن عبيد الله بن عمر عن بكر أو أبي بكر بن سالم عن أبيه عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال رأيت في النوم كأني أعطيت عسا مملوءا من لبن فشربت منه حتى تملأت فرأيته يجري في عروقي بين لحمي وجلدي وفضلت منه فضلة فأعطيتها بن الخطاب فأولوها قالوا يا نبي الله هذا علم أعطاكه الله عز وجل حتى إذا امتلأت منه فضلت منه فضلة فأعطيتها بن الخطاب قال أصبتم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/196)
[320] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا وهب بن جرير قثنا أبي قال سمعت يونس عن الزهري عن حمزة بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أتيت وأنا نائم بقدح من لبن فشربت منه حتى جعل اللبن يخرج من أظفاري ثم ناولت فضلى عمر بن الخطاب فقالوا يا رسول الله فما أولته قال العلم
[321] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا محمد بن بشر قثنا عبيد الله قال حدثني أبو بكر بن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أريت في النوم أني أنزع بدلو بكرة على قليب فجاء أبو بكر فنزع ذنوبا أو ذنوبين فنزع نزعا ضعيفا والله يغفر له ثم جاء عمر بن الخطاب فاستقى فاستحالت غربا فلم أر عبقريا من الناس يفري فريه حتى روى الناس وضربوا بعطن
[322] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا عبد الرزاق قثنا معمر عن الزهري عن سالم عن بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى على عمر ثوبا أبيض فقال أجديد ثوبك أم غسيل قال فلا أدري بما رد عليه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم إلبس جديدا وعش حميدا ومت شهيدا ويرزقك الله قرة عين في الدنيا والآخرة
[323] حدثنا عبد الله قال حدثني نوح بن حبيب البذشي قثنا عبد الرزاق قثنا معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى على عمر ثوبا فقال أجديد هو أم غسيل قال غسيل فقال إلبس جديدا وعش حميدا ومت شهيدا
[324] حدثنا عبد الله قال حدثني نوح بن حبيب قثنا عبد الرزاق قثنا سفيان الثوري عن عاصم بن عبيد الله عن سالم عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله وزادك الله قرة عين في الدنيا والآخرة فقال عمر وإياك يا رسول الله
[325] حدثنا عبد الله قال حدثني أبو صالح الحكم بن موسى قال نا سعيد بن مسلمة بن هشام بن عبد الملك عن إسماعيل بن أمية عن نافع عن بن عمر قال كان سيف عمر بن الخطاب الذي شهد بدرا فيه سبائك من ذهب
[326] حدثنا عبد الله قال حدثني أبو داود سليمان بن داود الطيالسي قثنا إبراهيم بن سعد عن صالح بن كيسان قثنا بن شهاب عن عبد الحميد بن عبد الرحمن عن محمد بن سعد عن أبيه قال استأذن عمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده جواري قد علت اصواتهن على صوته فأذن له وبادرن فذهبن فدخل عمر ورسول الله يضحك فقال أضحك الله سنك يا رسول الله بأبي أنت وأمي قال عجبت لجوار كن عندي فلما سمعن حسك بادرن فذهبن فأقبل عليهن فقال أي عدوات انفسهن والله لرسول الله كنتن أحق أن تهبن مني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعهن دعهن عنك يا عمر فوالله ان لقيك الشيطان بفج قط الا أخذ فجا غير فجك
[327] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا علي بن إسحاق قال أنا عبد الله يعني بن المبارك قال أنا عمر بن سعيد بن أبي حسين عن بن أبي مليكة أنه سمع بن عباس يقول وضع عمر بن الخطاب على سريره فتكنفه الناس يدعون ويصلون قبل أن يرفع وأنا فيهم فلم يرعنى إلا رجل قد أخذ بمنكبي من ورائي فالتفت فإذا هو علي بن أبي طالب فترحم على عمر فقال ما خلفت أحدا أحب إلي ان ألقى الله عز وجل بمثل عمله منك وايم الله إن كنت لأظن ليجعلنك الله مع صاحبيك وذلك أني كنت أكثر ان اسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذهبت أنا وأبو بكر وعمر ودخلت أنا وأبو بكر وعمر وخرجت أنا وأبو بكر وعمر فإن كنت لأظن ليجعلنك الله معهما
[328] حدثنا عبد الله قال حدثني أبو الربيع سليمان بن داود العتكي الزهراني قال نا عبد الله بن المبارك عن عمر بن سعيد بن أبي حسين عن بن أبي مليكة عن بن عباس فذكر هذا الحديث
[329] حدثنا عبد الله قال حدثني عبد الله بن محمد القرشي أبو عبد الرحمن قثنا أبو معاوية قثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن إبراهيم عن الأسود عن عبد الله قال رحم الله عمر أنه لما طعن تلك الطعنة رأى غلاما قد أسبل إزاره فقال يا غلام خذ من شعرك وارفع إزارك فإنه أبقى لثوبك وأتقى لربك عز وجل
[330] حدثنا عبد الله قثنا عبد الله بن عمر قثنا عبد الله بن خراش عن العوام بن حوشب عن مجاهد عن بن عباس لما اسلم عمر نزل جبريل فقال يا محمد لقد استبشر أهل السماء بإسلام عمر
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/197)
[331] حدثنا عبد الله قال حدثني أبو عبد الرحمن القرشي عبد الله بن عمر قثنا محمد بن فضيل عن سليمان بن قرم عن عبد الله بن الحسن أنه سئل عن المسح على الخفين فقال نعم الحجيج لكم عمر بن الخطاب في المسح على الخفين
[332] حدثنا عبد الله قثنا عبيد الله بن معاذ أبو عمرو العنبري قثنا المعتمر قال قال أبي وقال أبو عثمان إنما كان عمر ميزانا لا يقول كذا ولا يقول كذا
[333] حدثنا عبد الله قال حدثني يحيى بن أيوب قثنا خلف بن خليفة قال سمعت أبا هاشم عن سعيد بن جبير في قول الله عز وجل وصالح المؤمنين قال نزلت في عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه
[334] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا عفان قثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن الأسود بن سريع قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله أني قد حمدت ربي عز وجل بمحامد ومدح وإياك قال هات ما حمدت به ربك عز وجل قال فجعلت أنشده قال فجاء رجل أدلم فاستأذن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اس اس قال فتكلم ساعة ثم خرج قال فجعلت أنشده قال ثم جاء فاستأذن فقال النبي صلى الله عليه وسلم اس اس ففعل ذلك مرتين أو ثلاثا قال قلت يا رسول الله من هذا الذي استنصتني له قال هذا عمر بن الخطاب هذا رجل لا يحب الباطل
[335] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا حسن بن موسى قثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن عبد الرحمن بن أبي بكرة أن الأسود بن سريع قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله اني قد حمدت ربي عز وجل بمحامد ومدح وإياك فذكر الحديث فجاء رجل فاستأذن ادلم طوال اصلع اعسر يسر قال فاستنصتني رسول الله صلى الله عليه وسلم ووصف لنا أبو سلمة يعني حمادا كيف استنصته قال كما يصنع بالهر فدخل فتكلم ساعة ثم خرج فذكر الحديث فقلت يا رسول الله من هذا الذي تستنصتني له فقال هذا رجل لا يحب الباطل هذا عمر بن الخطاب
[336] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا روح قثنا حماد يعني بن سلمة قال أنا علي بن زيد عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن الأسود بن سريع قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث
[337] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا وكيع قثنا هارون الثقفي عن عبد الله بن عبيد يعني بن عمير قال بينا عمر يقسم مالا إذ رفع رأسه فإذا رجل في وجهه ضربة قال ما هذا قال أصابني في غزاة كذا وكذا قال فأمر له بألف درهم ثم مكث ساعة ثم أمر له بألف أخرى حتى أمر له بأربعة آلاف درهم فقالوا استحي فخرج فقال لو مكث لأعطيته ما بقي من المال درهم رجل ضرب في وجهه ضربة في سبيل الله حفرت وجهه
[338] حدثنا عبد الله قثنا عبد الأعلى بن حماد قثنا وهيب قال نا يونس عن الحسن ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اللهم أعز الدين بعمر بن الخطاب
[339] حدثنا عبد الله قال حدثني عبد الأعلى بن حماد النرسي قثنا وهيب بن خالد قال نا بن عون عن محمد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب أو عامر بن الطفيل
[340] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا محمد بن جعفر نا شعبة عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قال قال عبد الله إذا ذكر الصالحون فحيهلا بعمر بن الخطاب
[341] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا محمد بن جعفر قثنا شعبة عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قال كنا نتحدث أن عمر بن الخطاب ينطق على لسانه ملك
[342] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا محمد بن جعفر نا شعبة عن سيار عن الشعبي قال إذا اختلفوا في شيء فانظروا إلى قول عمر بن الخطاب
[343] حدثنا عبد الله قثنا إسماعيل أبو معمر قثنا أبو معاوية عن أبي بكر الهذلي عن محمد بن سيرين عن عبيدة قال بلغ عليا أن رجلا ينال من أبي بكر وعمر فأتى به فجعل يعرض بذكرهما وفطن الرجل فأمسك فقال له علي أما لو أقررت بالذي بلغني عنك لألقيت أكثرك شعرا
[344] حدثنا عبد الله قال حدثني إسماعيل أبو معمر قال سمعت سفيان قال قال رجل لعلي إن أردت أن تكون مثل عمر فاخصف نعلك وشمر ثوبك وكل دون الشبع
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/198)
[345] حدثنا عبد الله قال حدثني عبد الأعلى بن حماد قثنا وهيب بن خالد قثنا جعفر بن محمد عن أبيه أن عمر بن الخطاب لما أصيب أرسل إلى المهاجرين فقال عن ملأ منكم كان هذا فقال علي بن أبي طالب إني والله لوددت ان الله نقص من آجالنا في أجلك ثم أتى سريره وقد سجي عليه بثوب فقال ما من أحد اليوم أحب إلي أن ألقى الله بما في صحيفته من هذا المسجى عليه
[346] حدثنا عبد الله قال حدثني عبد الأعلى بن حماد قثنا وهيب قثنا أبو جهضم موسى بن سالم عن أبي جعفر أن عمر بن الخطاب لما غسل وكفن ووضع على سريره وسجي عليه بثوب قال علي ما على الأرض أحد أحب إلي أن ألقى الله عز وجل بما في صحيفته من هذا المسجى
[347] حدثنا عبد الله قال حدثني عبيد الله بن عمر القواريري قثنا حماد بن زيد عن النبي صلى الله عليه وسلم عن جعفر بن محمد وأيوب عن عمرو بن دينار قال حماد وسمعت عمرا يذكره عن أبي جعفر قال حماد وسمعته من أبي جهضم قال لما طعن عمر وغسل وكفن وسجى ثوبا فدخل عليه علي فترحم عليه وقال ما على الأرض اليوم أحدا أحب إلي أن ألقى الله عز وجل على ما في صحيفته من هذا المسجى
[348] حدثنا عبد الله قال حدثني سويد بن سعيد قثنا يونس بن أبي اليعفور عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال كنت عند عمر وهو مسجى بثوبه قد قضى نحبه فجاء علي فكشف الثوب عن وجهه ثم قال رحمة الله عليك يا أبا حفص فوالله ما بقي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد أحب إلي أن ألقى الله بصحيفته منك
[349] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي نا هشيم قال أنا العوام عن مجاهد قال إذا اختلف الناس في شيء فانظروا ما صنع عمر فخذوا به
[350] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا يحيى بن آدم نا أبو شهاب عن الأعمش عن إبراهيم قال كان لا يعدل بقول عمر وعبد الله إذا اجتمعا
[351] حدثنا عبد الله قال حدثني محمد بن حسان الأزرق مولى زائدة بن معن بن زائدة الشيباني قثنا حسين بن علي الجعفي عن زائدة عن عبد الملك بن عمير قال حدثني أبو بردة وآخر عن عوف بن مالك الأشجعي أنه قال رأيت في المنام كأن الناس جمعوا فكأني برجل قد فرعهم فوقهم بثلاثة أذرع قال قلت من هذا قالوا عمر بن الخطاب قال قلت لم انه لا تلومه في الله لومة لائم وانه خليفة مستخلف وشهيد مستشهد قال فأتيت أبا بكر فقصصتها عليه قال فأرسل إلى عمر يبشره فقال لي اقصص رؤياك فلما بلغ إلى خليفة قال زبرني عمر وانتهرني قال تقول هذا وأبو بكر حي قال فسكت فلما ولي عمر كان بعد بالشام مررت به وهو على المنبر فدعاني فقال لي اقصص رؤياك قال فلما بلغت لا يخاف في الله لومة لائم قال إني لأرجو أن يجعلني الله منهم وأما خليفة مستخلف فقد والله استخلفني فأسأله أن يعينني على ما ولاني قال فلما بلغت وشهيد مستشهد قال وانى الشهادة وأنا في جزيرة العرب وحولي يغزون ثم قال يأتي الله بها أنى شاء مرتين
[352] حدثنا عبد الله قال حدثني محمد بن عبد الله بن نمير الهمداني قثنا وكيع قثنا الأعمش عن إبراهيم عن الأسود قال قال عبد الله كان عمر إذا سلك طريقا فاتبعناه وجدناه سهلا وأنه أتى في امرأة وأبوين فقسمهما من أربعة فأعطى المرأة الربع والأم ثلث ما بقي وجعل ثلثي ما بقي للأب
[353] حدثنا عبد الله قال نا محمد بن عبد الله بن نمير قثنا يحيى بن عيسى ووكيع قالا نا الأعمش عن إبراهيم عن الأسود قال قال عبد الله إذا ذكر الصالحون فحيهلا بعمر
[354] حدثنا عبد الله قال حدثني هارون بن معروف قال نا عبد العزيز بن محمد الدراوردي قال أخبرني سهيل عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نعم الرجل أبو بكر نعم الرجل عمر نعم الرجل أبو عبيدة بن الجراح نعم الرجل اسيد بن حضير نعم الرجل ثابت بن قيس بن شماس نعم الرجل معاذ بن جبل نعم الرجل معاذ بن عمرو بن الجموح رضى الله تعالى عنهم أجمعين
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/199)
[355] حدثنا عبد الله قثنا أبو عمرو الحارث بن مسكين المصري قثنا بن وهب عن يحيى بن أيوب عن بن عجلان عن نافع عن عبد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب بعث جيشا وأمر عليهم رجلا يدعى سارية قال فبينا عمر يخطب الناس يوما قال فجعل يصيح وهو على المنبر يا ساري الجبل يا ساري الجبل قال فقدم رسول الجيش فسأله فقال يا أمير المؤمنين لقينا عدونا فهزمناهم فإذا بصايح يصيح يا ساري الجبل يا ساري الجبل فأسندنا ظهورنا بالجبل فهزمهم الله فقيل لعمر يعني بن الخطاب انك كنت تصيح بذلك قال بن عجلان وحدثني إياس بن معاوية بن قرة بمثل ذلك
[356] حدثنا عبد الله قال حدثني عبد الأعلى بن حماد قثنا وهيب قثنا أيوب عن أبي معشر عن إبراهيم قال قال عبد الله بن مسعود إذا ذكر الصالحون فحي هلا بعمر ان عمر كان حائطا حصينا يدخله الإسلام ولا يخرج منه فلما قتل عمر انثلم الحائط فالإسلام يخرج منه ولا يدخل والذي نفسي بيده لوددت أني خادم لمثل عمر حتى أموت والذي نفسي بيده لو أن من في الأرض اليوم وضعوا في كفة الميزان ووضع عمر في الكفة الأخرى لرجح شق عمر ان عمر كان يأمر بالجزور فتنحر فتكون الكبد والسنام وأطايبها لابن السبيل ويكون العنق لآل عمر إذا ذكر الصالحون فحي هلا بعمر
[357] حدثنا عبد الله قال حدثني عبد الأعلى بن حماد قثنا وهيب قثنا بن عون عن إبراهيم قال قال عبد الله بن مسعود لقد أحببت هذا الرجل حبا قد خفت الله في حبه أن عمر كان حائطا حصينا يدخله الإسلام ولا يخرج منه فلما قتل عمر انثلم الحائط إذا ذكر الصالحون فحي هلا بعمر
[358] حدثنا عبد الله قثنا إسماعيل أبو معمر قال قال سفيان قال أصحابنا عن أبي إسحاق سمع أبا عبيدة قال قال عبد الله أخلائي من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ثلاثة ولم آل أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجراح
[359] حدثنا عبد الله قال حدثني زكريا بن يحيى بن صبيح زحمويه قثنا إبراهيم بن سعد عن أبيه عن أبي سلمة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بينا أنا نائم إذ أتيت بقدح من لبن فشربت منه حتى أني لأرى الري يخرج من اظفاري ثم أعطيت فضلي عمر بن الخطاب فقال من حوله ما أولته يا رسول الله قال أولته الدين
[360] حدثنا عبد الله قثنا زكريا بن يحيى زحمويه قثنا إبراهيم يعني بن سعد قثنا أبي عن أبي سلمة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيت الناس يعرضون علي وعليهم قمص منها يبلغ الثدي ومنها يبلغ الركب قال وعرض على عمر وعليه قميص يجره فقالوا ما أولته قال العلم
[361] حدثنا عبد الله قثنا محمد بن عباد المكي قثنا سفيان قال سمعت الزهري عن بعض آل أبي ربيعة وكانت أم كلثوم ابنة أبي بكر عندهم قال وذكر المحصب فقال جزى الله خيرا من أمير وباركت يد الله في ذاك الأويم الممزق
فمن يسع أو يركب جناحي نعامة
ليدرك ما قدمت بالأمس يسبق
قضيت أمورا ثم غادرت بعدها
بوائج في اكمامها لم تفتق قالت عائشة فنحلوه الشماخ بن ضرار فسألوه فقال ما قلته
[362] حدثنا عبد الله قثنا محمد بن عباد قثنا أبو حمزة عن إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع عن بن شهاب أن إبراهيم بن عبد الرحمن بن أبي ربيعة أخبره عن أم كلثوم عن عائشة قالت لما كان آخر حجة حجها عمر حج أمهات المؤمنين فلما صدرنا عن منى مروا بالمحصب فسمعت رجلا على راحلته يقول أين كان أمير المؤمنين فسمعت آخر قال كان ههنا كان أمير المؤمنين قالت فأناخ راحلته ثم قال
عليك سلام من امام وباركت
يد الله في ذاك الأديم الممزق
فمن يسع أو يركب جناحي نعامة
ليدرك ما قدمت بالأمس يسبق
قضيت أمورا ثم غادرت بعدها
بوايج في اكمامها لم يفتق قالت عائشة فالتمس ذلك الراكب فلم يقدر عليه ولم يدر من هو فكنا نتحدث انه من الجن قال فرجع عمر من ذلك الحج فطعن فمات
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/200)
[363] حدثنا عبد الله قثنا محمد بن عباد المكي قثنا سفيان قال سمعت الزهري يحدث هذه الأربعة أحاديث حفظتها كما تسمع ولم احفظ اسنادها قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيت لعمر أربعة رؤيا رأيت كأني أتيت بإناء فيه لبن فشربت حتى رأيت الري يخرج من أناملي ثم ناولت فضلي عمر قالوا يا رسول الله فما اولت ذاك قال العلم ورأيت كأن أمتي عليهم القمص الى الثدي وإلى الركب والى الكعب ومر عمر يسحب قميصا قالوا يا رسول الله ما أولت ذلك قال الدين قال ودخلت الجنة فرأيت فيها قصرا أو دارا فقلت لمن هذا قالوا لرجل من قريش فرجوت ان اكون انا هو فقيل لعمر بن الخطاب فأردت ان ادخل فذكرت غيرتك يا أبا حفص فبكى عمر وقال يا رسول الله أو يغار عليك ورأيت كأني وردت بئرا فورد بن أبي قحافة فنزع ذنوبا أو ذنوبين ونزعه فيه ضعف والله يغفر له ثم وردها عمر فاستحالت الدلو في يده غربا فاستقى فأروى الظمئة وضرب الناس بعطن فلم أر أحدا من الناس أو قال عبقريا يفري فريه
[364] حدثنا عبد الله قثنا محمد بن عباد المكي قثنا عبد الله بن معاذ عن معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث قال بينا انا نائم رأيتني أتيت بقدح فشربت منه حتى إني لأرى الري يجري في اظفاري ثم أعطيت فضلي عمر قالوا ما اولت ذلك يا رسول الله قال العلم قلت للزهري أبلغك ما كان في الإناء قال نعم لبن قال أبو عبد الرحمن عبد الله بن معاذ الصنعاني مقيم بمكة
[365] حدثنا عبد الله قال نا محمد بن عباد المكي قثنا أبو ضمرة عن يونس عن الزهري عن حمزة بن عبد الله ان عبد الله بن عمر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بينا انا نائم أتيت بقدح لبن فشربت حتى إني لأرى الري يخرج من أظفاري ثم أعطيت فضلي عمر قالوا ما اولته يا رسول الله قال العلم
[366] حدثنا عبد الله قثنا محمد بن عباد المكي قثنا عبد الله بن معاذ عن معمر عن الزهري عن أبي أمامه بن سهل بن حنيف عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بينا انا نائم رأيت الناس يعرضون علي وعليهم القمص منها ما يبلغ الثدي ومنها ما يبلغ أكثر من ذلك وعرض علي عمر وعليه قميص يجره قالوا فما اولت ذلك يا رسول الله قال الدين
إسلام عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه
[367] حدثنا عبد الله قثنا أبو جعفر محمد بن الصباح الدولابي قثنا إسماعيل بن زكريا عن عاصم الأحول عن أبي عثمان قال سمعت بن عمر يغضب إذا قيل انه هاجر قبل عمر قال قدمت انا وعمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فوجدناه قائلا فرجعنا الى المنزل فبعثني عمر فقال اذهب فانظر هل استيقظ فأتيته فدخلت عليه فبايعته ثم انطلقت الى عمر فأخبرته انه قد استيقظ فانطلقنا إليه فهرول هرولة حتى دخل عليه عمر فبايعه ثم بايعته فكان بن عمر يغضب إذا قيل انه هاجر قبل أبيه
[368] حدثنا عبد الله قال حدثني عمرو بن محمد بن بكير الناقد قثنا سفيان بن عيينة عن إسماعيل عن قيس قال سمعت عبد الله يقول ما زلنا أعزة منذ اسلم عمر
[369] حدثنا عبد الله قال حدثني عمرو بن محمد الناقد قثنا سفيان عن إسماعيل عن قيس سمع سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل يقول والله لقد رأيتني وإن عمر لموثقي وأخته على الإسلام قبل أن يسلم عمر ولو أن أحدا ارفض للذي صنعتم بابن عفان لكان قد
[370] حدثنا عبد الله قثنا أحمد بن محمد بن أيوب قثنا إبراهيم بن سعد عن محمد بن إسحاق قال فلما قدم عبد الله بن أبي ربيعة وعمرو بن العاص على قريش ولم يدركوا ما طلبوا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وردهم النجاشي بما يكرهون اسلم عمر بن الخطاب وكان رجلا ذا شكيمة لا يرام ما وراء ظهره امتنع به أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وبحمزة بن عبد المطلب حتى غزا قريشا فكان عبد الله بن مسعود يقول ما كنا نقدر على ان نصلي عند الكعبة حتى أسلم عمر بن الخطاب فلما اسلم قاتل قريشا حتى صلى عند الكعبة وصلينا معه وكان إسلام عمر بعد خروج من خرج من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الى أرض الحبشة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/201)
[371] حدثنا عبد الله قثنا أحمد بن محمد بن أيوب قثنا إبراهيم بن سعد عن محمد بن إسحاق عمن لا يتهم عن عبد العزيز بن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أمه أم عبد الله بنت أبي حثمة قالت والله انه لنرتحل الى أرض الحبشة وقد ذهب عامر في بعض حاجتنا إذ اقبل عمر حتى وقف علي وهو على شركه قالت وكنا نلقى منه البلاء أذى لنا وشرا علينا فقالت فقال إنه لانطلاق يا أم عبد الله قالت قلت نعم والله لنخرجن في أرض الله آذيتمونا وقهرتمونا حتى يجعل الله لنا مخرجا قالت فقال صحبكم الله ورأيت له رقة لم أكن اراها ثم انصرف وقد أحزنه فيما أرى خروجنا قالت فجاء عامر من حاجتنا تلك فقلت له يا أبا عبد الله لو رأيت عمر آنفا ورقته وحزنه علينا قال اطعمت في إسلامه قالت قلت نعم قالت لا يسلم الذي رأيت حتى يسلم حمار الخطاب قالت يأسا لما كان يرى من غلظته وقسوته عن الإسلام
[371] وكان إسلام عمر بن الخطاب فيما بلغني ان أخته فاطمة بنت الخطاب وكانت عند سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل كانت قد أسلمت واسلم زوجها سعيد بن زيد معها وهم يستخفون بإسلامهم من عمر وكان نعيم بن عبد الله النحام رجلا من قومه من بني عدي بن كعب قد اسلم وكان أيضا يستخفي بإسلامه فرقا من قومه وكان خباب بن الأرت يختلف الى فاطمة بنت الخطاب يقرئها القرآن فخرج عمر يوما متوشحا سيفه يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم ورهطا من اصحابه فذكر له انهم قد اجتمعوا في بيت عند الصفا وهم قريب من أربعين من رجال ونساء ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم عمه حمزة بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب وأبو بكر الصديق بن أبي قحافة في رجال من المسلمين ممن كان أقام مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ولم يخرج فيمن خرج الى أرض الحبشة فلقيه نعيم بن عبد الله فقال له أين تريد قال أريد محمدا هذا الصابىء الذي قد فرق أمر قريش وسفه أحلامها وعاب دينها وسب آلهتها فأقتله فقال له نعيم والله لقد غرتك انفسك من نفسك يا عمر اترى بني عبد مناف تاركيك تمشي على الأرض وقد قتلت محمدا أفلا ترجع الى أهل بيتك فتقيم أمرهم قال وأي أهل بيتي قال ختنك وابن عمك سعيد بن زيد واختك فاطمة بنت الخطاب فقد اسلما وتابعا محمد صلى الله عليه وسلم على دينه فعليك بهما فرجع عمر عامدا لختنه وأخته وعندهما خباب بن الأرت معه صحيفة فيها طه يقرئها إياها فلما سمعوا حس عمر تغيب خباب بن الأرت في مخدع لعمر أو في بعض البيت وأخذت فاطمة بنت الخطاب الصحيفة فجعلتها تحت فخذها وقد سمع عمر حين دنا من البيت قراءته عليهما فلما دخل قال ما هذه الهينمة التي سمعتها قالا ما سمعت شيئا قال بلى والله لقد أخبرت عما تابعتما محمدا على دينه وبطش بختنه سعيد بن زيد وقامت اليه فاطمة أخته لتكفه عن زوجها فضربها فشجها فلما فعل ذلك قالت له أخته وختنه نعم قد اسلمنا وآمنا بالله ورسوله فاصنع ما بدا لك ولما رأى عمر ما بأخته من الدم ندم على ما صنع فأرعوى وقال لأخته أعطيني هذه الصحيفة التي سمعتكم تقرآن آنفا أنظر ما هذا الذي جاء به محمد وكان عمر كاتبا فلما قال ذلك قالت له أخته انا نخشاك عليها قال لا تخافي وحلف لها بآلهته ليردنها إليها إذا قرأها فلما قال لها فلما قال لها ذلك طمعت في إسلامه فقالت له يا أخي انك نجس على شركك وانه لا يمسها الا الطاهر فقام عمر فاغتسل ثم اعطته الصحيفة وفيها طه فقرأها فلما قرأ صدرا منها قال ما أحسن هذا الكلام واكرمه فلما سمع خباب ذلك خرج اليه فقال له يا عمر والله اني لأرجو ان يكون الله قد خصك بدعوة نبيه صلى الله عليه وسلم فإني سمعته وهو يقول اللهم أيد الإسلام بأبي الحكم بن هشام أو بعمر بن الخطاب فالله الله يا عمر فقال له عند ذلك فادللني عليه يا خباب حتى آتيه فأسلم فقال له خباب هو في بيت عند الصفا معه فئة يعني من أصحابه فأخذ عمر سيفه فتوشحه ثم عمد الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فضرب عليهم الباب فرآه متوشحا السيف فرجع الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو فزع فقال يا رسول الله هذا عمر بن الخطاب متوشحا السيف فقال حمزة بن عبد المطلب فائذن له فإن كان يريد خيرا بذلنا له وان كان يريد شرا قتلناه بسيفه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ائذن له فأذن له الرجل ونهض اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لقيه في الحجرة فأخذ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/202)
بحجزته أو بجمع ردائه ثم جبذه جبذة شديدة وقال ما جاء بك يا بن الخطاب والله ما أرى ان تنتهي حتى ينزل الله بك قارعة فقال له عمر يا رسول الله جئتك اؤمن بالله وبرسوله وبما جئت به من عند الله قال فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم تكبيرة عرف أهل البيت من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عمرا قد اسلم فتفرق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكانهم ذلك وقد عزوا في أنفسهم حين اسلم عمر مع إسلام حمزة بن عبد المطلب وعرفوا أنهما سيمنعان رسول الله وينتصفون بهما من عدوهم فهذا حديث الرواة من أهل المدينة عن إسلام عمر بن الخطاب حين اسلم رضى الله تعالى عنه
[372] حدثنا عبد الله قثنا سريج بن يونس قثنا أبو إسماعيل يعني المؤدب عن إسماعيل عن قيس عن بن مسعود قال ما زلنا أعزة مذ اسلم عمر
[372] حدثنا عبد الله قثنا أحمد بن محمد بن أيوب قثنا إبراهيم بن سعد عن محمد بن إسحاق عن نافع مولى عبد الله بن عمر عن عبد الله بن عمر قال لما اسلم عمر بن الخطاب قال أي قريش انقل للحديث قيل له جميل بن معمر الجمحي قال فغدا عليه قال عبد الله وغدوت أتبع أثره أنظر ما يفعل وانا غلام وجميل بن معمر هو جد نافع بن عمر بن جميل بن معمر الجمحي أعقل كلما رأيت حتى جاءه فقال أما علمت يا جميل أني قد أسلمت ودخلت في دين محمد صلى الله عليه وسلم قال فوالله ما راجعه حتى قام يجر رجليه واتبعه عمر واتبعت أبي حتى إذا قام على باب المسجد صرخ بأعلى صوته يا معشر قريش وهم في أنديتهم حول الكعبة ألا ان عمر قد صبا قال يقول عمر من خلفه كذب ولكن قد أسلمت وشهدت ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له وان محمدا عبده ورسوله قال وثاروا إليه قال فما برح يقاتلهم ويقاتلونه حتى قامت الشمس على رؤوسهم قال وطلح فقعد وقاموا على رأسه وهو يقول افعلوا ما بدا لكم فاحلف ان لو كنا ثلاثمائة رجل لقد تركناهم لكم أو تركتموها لنا قال فبينا هم على ذلك إذ أقبل شيخ من قريش عليه جبة حبرة وقميص قومس حتى وقف عليهم فقال ما شأنكم قالوا صبا عمر بن الخطاب قال فمه رجل اختار لنفسه أمرا فماذا تريدون أترون بني عدى بن كعب يسلمون لكم صاحبهم هكذا عن الرجل قال فوالله لكأنما كانوا ثوبا كشف عنه قال عبد الله فقلت لأبي بعد أن هاجرنا إلى المدينة يا أبت من الرجل الذي زجر القوم عنا بمكة يوم أسلمت وهم يقاتلونك قال ذاك العاص بن وائل السهمي
[373] وحدثنا عبد الله قال وحدثني محمد بن أبي عمر العدلي بمكة قثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن بن عمر قال لما اسلم عمر اجتمع الناس عليه فقالوا صبا عمر مرتين وكنت على ظهر بيت فأتى العاص بن وائل السهمي وعليه قباء ديباج مكفوف بحرير فقال صبا عمر صبا عمر أنا له جار فتفرق الناس عنه قال بن عمر فتعجبت من عزه
[374] حدثنا عبد الله قثنا أحمد بن محمد بن أيوب قثنا إبراهيم بن سعد عن محمد بن إسحاق عن عبد الله بن أبي نجيح المكي عن اصحابه عطاء ومجاهد أو عمن روى ذلك عنه أن إسلام عمر بن الخطاب كان فيما تحدثوا به عنه أنه كان يقول كنت للإسلام مباعدا وكنت صاحب خمر في الجاهلية أحبها وأشربها وكان لنا مجلس يجتمع فيه رجال من قريش بالحزورة عند دار عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم قال فخرجت ليلة أريد جلسائي أولئك في مجلسنا ذاك فلم أجد منهم أحدا قال فقلت لو أني جئت فلانا خمارا كان بمكة رجل يبيع الخمر لعلي أجد عنده خمرا فأشرب منها قال فجئته فلم أجده قال فقلت لو جئت الكعبة فطفت بها سبعا أو سبعين قال فجئت المسجد أريد أن أطوف بالكعبة فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلي وكان إذا صلى استقبل الشام وجعل الكعبة بينه وبين الشام كان مصلاه بين الركنين الركن الأسود والركن اليماني قال فقلت حين رأيته والله لو اني استمعت بمحمد الليلة حتى اسمع ما يقول قال فقلت لئن دنوت منه أسمع منه لأروعنه قال فجئت الكعبة من قبل الحجر فدخلت تحت ثيابها فجعلت امشي رويدا ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلي يقرأ القرآن حتى قمت في قبلته ما بيني وبينه إلا ثياب الكعبة قال فلما سمعت القرآن رق له قلبي فبكيت ودخلني الإسلام فلم أزل قائما في مكاني ذلك حتى قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته ثم انصرف وكان إذا انصرف خرج على دار بني أبي حسين وكانت طريقه حتى خرج إلى المسعى ثم يشتد
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/203)
بين دار عباس بن عبد المطلب وبين دار بن أزهر بن عبد عوف الزهري ثم على دار الأخنس بن شريق حتى يدخل بيته وكان مسكنه صلى الله عليه وسلم في الدار الرقطاء التي كانت بيد معاوية بن أبي سفيان قال عمر فتبعته حتى إذا دخل بين دار عباس بن عبد المطلب وبين دار بن أزهر أدركته فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم حسي قام وعرفني فظن رسول الله صلى الله عليه وسلم أني إنما اتبعته لأوذيه فنهمني ثم قال ما جاء بك يا بن الخطاب هذه الساعة قال قلت أن أؤمن بالله وبرسوله وبما جاء من عند الله عز وجل قال فمحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم الله وقال قد هداك الله يا عمر ثم مسح صدري ودعا لي بالثبات ثم انصرفت عن رسول الله ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيته والله اعلم أي ذلك كان
[375] حدثنا عبد الله قثنا أحمد بن محمد بن أيوب قثنا إبراهيم بن سعد عن محمد بن إسحاق عن عبد الرحمن بن الحارث عن بعض آل عمر أو عن بعض أهله قال قال عمر لما أسلمت تلك الليلة تذكرت أي أهل مكة أشد لرسول الله صلى الله عليه وسلم عداوة حتى آتيه فأخبره أني قد أسلمت قال قلت أبو جهل بن هشام وكان من اخوال أم عمر حنتمة بنت هشام بن المغيرة فأقبلت حين أصبحت حتى ضربت عليه بابه فخرج إلي فقال مرحبا واهلا يا بن أختي ما جاء بك قال قلت جئت أخبرك أني قد آمنت بالله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم وصدقته بما جاء به قال فضرب بالباب في وجهي وقال قبحك الله وقبح ما جئت به فزعموا ان عمر بن الخطاب قال في إسلامه حين أسلم يذكر بدء إسلامه وما كان بينه وبين أخته فاطمة بنت الخطاب حين كان أمره وأمرها ما كان
الحمد لله ذي الفضل الذي وجبت
منه علينا اياد ما لها غير
وقد بدأنا فكذبنا فقال لنا
صدق الحديث نبي عنده الخبر
وقد ظلمت ابنة الخطاب ثم هدى
ربي عشية قالوا قد صبا عمر
وقد ندمت على ما كان من زللي
وظلمها حين تتلى عندها السور
لما دعت ربها ذا العرش جاهدة
والدمع من عينها عجلان ينحدر
ايقنت ان الذي تدعو لخالقها
وكاد يسبقني من عبرة درر
فقلت اشهد ان الله خالقنا
وان أحمد فينا اليوم مشتهر
نبي صدق أتى بالصدق من ثقة
وافى الأمانة ما في عوده خور
من هاشم في الذرى والأنف حيث ربت
منها الذوائب والأسماع والبصر
وحيث يلجأ ذو خوف ومفتقر
وحيث يسمو إذا ما فاخرت مضر
يتلو من الله آيات منزلة
يظل يسجد منها النجم والشجر
به هدى الله قوما من ضلالتهم
وقد أعدت لهم إذ ابلسوا سقر
[376] حدثنا عبد الله قال حدثني محمد بن عوف بن سفيان الطائي الحمصي قثنا إسحاق بن إبراهيم الحنيني قال ذكره أسامة بن زيد يعني بن اسلم عن أبيه عن جده اسلم قال قال لنا عمر أتحبون أن أعلمكم بدو إسلامي قلنا نعم قال كنت من أشد الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم فبينا أنا في يوم حار في بعض طرق مكة إذ لقيني رجل من قريش فقال أين تذهب يا بن الخطاب قال قلت أريد هذا الذي الذي الذي قال عجبا لك تزعم أنك هكذا وقد دخل عليك هذا الأمر بيتك قلت وما ذاك قال أختك قد صبت قال فرجعت مغضبا وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع الرجل والرجلين إذا اسلما عند الرجل به قوة يصيبان من طعامه قال وقد كان ضم إلى زوج أختي رجلين فجئت حتى قرعت الباب قال من هذا قلت بن الخطاب قال وكانوا يقرأون صحيفة معهم فلما سمعوا صوتي اختفوا ونسوا الصحيفة فقامت المرأة ففتحت لي فقلت يا عدوة نفسها قد بلغني أنك صبوت وارفع شيئا في يدي فأضربها فسال الدم فلما رأت الدم بكت وقالت يا بن الخطاب ما كنت فاعلا فافعل فقد أسلمت قال فجلست عي السرير فنظرت فإذا بكتاب في ناحية البيت فقلت ما هذا أعطينيه قالت لست من أهله إنك لا تغتسل من الجنابة ولا تطهر وهذا لا يمسه إلا المطهرون فلم أزل بها حتى أعطتنيه فإذا فيه بسم الله الرحمن الرحيم فلما مررت بالرحمن الرحيم ذعرت ورميت بالصحيفة ثم رجعت فإذا فيه سبح لله ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم كلما مررت باسم من أسماء الله ذعرت ثم رجعت إلى نفسي حتى بلغت آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه إلى قوله إن كنتم مؤمنين فقلت اشهد ان لا إله إلا الله وان محمدا رسول الله فخرج القوم يتنادون بالتكبير استبشارا بما سمعوا مني وحمدوا الله وقالوا يا بن الخطاب أبشر فلما أن عرفوا مني الصدق قلت لهم أخبروني بمكان
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/204)
رسول الله قالوا هو في بيت في أسفل الصفا فخرجت حتى قرعت الباب قيل من هذا قلت بن الخطاب وقد عرفوا شدتي على رسول الله ولم يعلموا إسلامي قال فما اجترأ أحد منهم بفتح الباب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم افتحوا له فإن يرد الله به خيرا يهده قال ففتحوا لي وأخذ رجل بعضدي حتى دنوت من النبي صلى الله عليه وسلم فقال ارسلوه فأرسلوني فجلست بين يديه فأخذ بمجمع قميصي فجبذني إليه وقال أسلم يا بن الخطاب اللهم أهده قال قلت اشهد ان لا إله إلا الله وانك رسول الله فكبر المسلمون تكبيرة سمعت بطرق مكة وقد كان استخفى وكنت لا أشاء أن أرى رجلا إذا أسلم يضرب الا رأيته فلما رأيت ذلك قلت ما أحب الا أن يصيبني مما يصيب المسلمين فذهبت إلى خالي وكان شريفا فيهم فقرعت عليه الباب فقال من هذا قلت بن الخطاب فخرج فقلت اشعرت أني قد صبوت قال لا تفعل قلت قد فعلت قال لا تفعل واجاف الباب دوني قلت ما هذا بشيء فخرجت حتى جئت رجلا من عظماء قريش فقرعت الباب فخرج فقلت اشعرت أني قد صبوت قال لا تفعل قلت قد فعلت فدخل فأجاب الباب قال فانصرفت فقال لي رجل أتحب أن يعلم بإسلامك قلت نعم قال فإذا جلس الناس في الحجر فائت فلانا رجلا لم يكن يكتم السر فأصغ إليه وقل له فيما بينك وبينه أني قد صبوت فإنه سوف يظهر عليك ويصيح ويعلنه قال فلما اجتمع الناس في الحجر جئت إلى الرجل فدنوت فأصغيت إليه فيما بيني وبينه أني قد صبوت فقال قد صبوت قلت نعم فرفع بأعلى صوته وقال الا إن بن الخطاب قد صبا فثاب إلى الناس فضربوني وضربتهم قال فقال خالي ما هذا فقيل بن الخطاب فقام على الحجر فأشار بكمه ألا أني قد أجرت بن أختي فانكشف الناس عني وكنت لا أشاء أن أرى أحدا من المسلمين يضرب الا رأيته وأنا لا أضرب فقلت ما هذا بشيء حتى يصيبني ما يصيب المسلمين وأمهلت حتى إذا جلس في الحجر دخلت إلى خالي قلت اسمع قال ما أسمع قلت جوارك عليك رد فقال لا تفعل يا بن أختي قلت بلى هو ذاك قال ما شئت قال فما زلت أضرب وأضرب حتى أعز الله الإسلام
[377] حدثنا عبد الله قال حدثني الحسن بن الصباح البزار أبو علي قثنا أبو يعقوب الحنيني إسحاق بن إبراهيم قثنا أسامة بن زيد يعني بن أسلم عن زيد بن أسلم عن أبيه قال قال لنا عمر بن الخطاب أتحبون أن أعلمكم أول إسلامي قال قلنا نعم قال كنت من أشد الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بينا أنا في يوم شديد الحر في الهاجرة في بعض طرق مكة إذا أنا برجل من قريش قال أين تريد يا بن الخطاب قلت أريد هذا الرجل الذي فقال عجب لك يا بن الخطاب فذكر الحديث بطوله إلى آخره
[378] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا عتاب بن زياد قثنا عبد الله يعني بن المبارك قثنا جرير بن حازم قال سمعت نافعا مولى عبد الله بن عمر يقول أصاب الناس فتحا بالشام فيهم بلال وأظنه ذكر معاذ بن جبل فكتبوا إلى عمر بن الخطاب إن هذا الفيء الذي أصبنا لك خمسه ولنا ما بقي ليس لأحد فيه شيء كما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم بحنين فكتب عمر أنه ليس على ما قلتم ولكني أقفها للمسلمين فراجعوه الكتاب وراجعهم يأبون ويأبى فلما أبوا قام عمر فدعا عليهم فقال اللهم اكفني بلالا وأصحاب بلال فما حال الحول عليهم حتى ماتوا جميعا رضى الله تعالى عنهم
[379] حدثنا عبد الله قثنا داود بن رشيد قثنا الوليد يعني بن مسلم عن عمر بن محمد يعني بن زيد بن عبد الله بن عمر قال أخبرني أبي محمد بن زيد أن عمر جعل عبد الله بن عمر في الشورى فأتاه آت فقال يا أمير المؤمنين استخلف عبد الله بن عمر صاحب رسول الله ومن المهاجرين الأولين وابن أمير المؤمنين فقال عمر قد قلت والذي نفسي بيده لتمحين منها حسبنا آل عمر الكفاف لا لنا ولا علينا
[380] حدثنا عبد الله قثنا داود بن رشيد قثنا الوليد يعني بن مسلم عن عمر بن محمد قثنا سالم بن عبد الله قال راث على أبي موسى الأشعري خبر عمر وهو أمير البصرة وكان بها امرأة في جبتها شيطان يتكلم فأرسل إليها رسولا فقال لها مري صاحبك فليذهب فليخبرني عن أمير المؤمنين قال هو باليمن يوشك أن يأتي فمكثوا غير طويل قالوا اذهب فأخبرنا عن أمير المؤمنين فإنه قد راث علينا فقال إن ذاك لرجل ما نستطيع أن ندنوا منه إن بين عينيه روح القدس وما خلق الله عز وجل شيطانا يسمع صوته إلا خر لوجهه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/205)
[381] حدثنا عبد الله قال حدثني يوسف بن أبي أمية الثقفي بالكوفة سنة ثلاثين ومائتين قال نا قال نا يونس بن عبيد عن الحسن قال قال أبو موسى الأشعري ذات يوم أو ليلة أن عمر بن الخطاب كان إسلامه عزا وكانت إمارته فتحا وكان بين عينيه ملك يسدده وكان الفاروق فرق بين الحق والباطل ونزل القرآن بتصديق رأيه فقال رجل من بني سليم يقال له حرمي كان أبو بكر خيرا منه فأعاد أبو موسى القول فقال السلمي مثل مقالته ثلاثا فلما قفلوا صار إلى عمر فقص عليه القصة فقال عمر ليلة من أبي بكر خير من عمر الدهر كله وليوم من أبي بكر خير من عمر الدهر كله أما يومه فيوم ارتدت العرب وأما ليلته فليلة الغار حين وقى النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه
[382] ذكر مصعب بن عبد الله بن مصعب الزبيري قال حدثني أبي عبد الله بن مصعب عن ربيعة بن عثمان الهديري عن زيد بن أسلم عن أبيه قال خرجنا مع عمر بن الخطاب إلى حرة واقم حتى إذا كنا بصرار إذا نار فقال يا اسلم إني لأرى ها هنا ركبا قصر بهم الليل والبرد انطلق بنا فخرجنا نهرول حتى دنونا منهم فإذا بامرأة معها صبيان صغار وقدر منصوبة على نار وصبيانها يتضاغون فقال عمر السلام عليكم يا أصحاب الضوء وكره أن يقول يا أصحاب النار فقالت وعليك السلام فقال ادنو فقالت ادنو بخير أو دع فدنا فقال ما بالكم قالت قصر بنا الليل والبرد قال فما بال هؤلاء الصبية يتضاغون قالت الجوع قال فأي شيء في هذه القدر قالت ما أسكتهم به حتى يناموا والله بيننا وبين عمر فقال أي رحمك الله وما يدري عمر بكم قالت يتولى عمر أمرنا ثم يغفل عنا قال فأقبل علي فقال انطلق بنا فخرجنا نهرول حتى أتينا دار الدقيق فأخرج عدلا من دقيق وكبة من شحم فقال احمله علي فقلت أنا أحمله عنك قال أنت تحمل عني وزري يوم القيامة لا أم لك فحملته عليه فانطلق وانطلقت معه إليها نهرول فألقى ذلك عندها وأخرج من الدقيق شيئا فجعل يقول لها ذري علي وأنا احرك لك وجعل ينفخ تحت القدر ثم أنزلها فقال أبغيني شيئا فأتته بصحفة فأفرغها فيها ثم جعل يقول لها أطعميهم وأنا أسطح لهم فلم يزل حتى شبعوا وترك عندها فضل ذلك وقام وقمت معه فجعلت تقول جزاك الله خيرا كنت أولى بهذا الأمر من أمير المؤمنين فيقول قولي خيرا إذا جئت أمير المؤمنين وحدثيني هناك إن شاء الله ثم تنحى ناحية عنها ثم استقبلها فربض مربضا فقلنا له ان لنا شأنا غير هذا ولا يكلمني حتى رأيت الصبية يصطرعون ثم ناموا وهدأوا فقال يا أسلم إن الجوع أسهرهم وأبكاهم فأحببت أن لا أنصرف حتى أرى ما رأيت
[383] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا وهب بن جرير قال أنا أبي عن يعلى يعني بن حكيم عن نافع قال وقد سمعته من نافع ثم ترك يعلى ان الزبرقان بن بدر والأقرع بن حابس طلبا إلى أبي بكر أن يقطعهما فأقطعهما وكتب لهما كتابا فقال لهما عثمان أشهدا عمر فإنه الخليفة بعده وهو أجوز لأمركما فأتيا عمر بالكتاب فلما نظر فيه بزق فيه ثم ضرب به وجوههما ثم قال لا ولا نعمة عين أآلله لتفلقن وجوه المسلمين بالسيوف والحجارة ثم لنكتبن لكم لفيئهم فرجعا إلى أبي بكر فقالا والله ما ندري أنت الخليفة أم عمر قال وما ذاك فأخبراه بالذي صنع فقال وإنا لا نجيز إلا ما أجازه عمر
[384] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا وهب بن جرير قثنا أبي قال سمعته من نافع قال وهب وكان يحدثنا به عن يعلى عن نافع قال كتب خالد بن الوليد ويزيد بن أبي سفيان وعمرو بن العاص إلى أبي بكر أن زدنا في أرزاقنا وإلا فابعث إلى عملك من يكفيكه فاستشار أبو بكر في ذلك فقال عمر لا تزدهم درهما واحدا قال فمن لعملهم قال أنا أكفيه ولا أريد أن ترزقني شيئا قال فتجهز فبلغ ذلك عثمان بن عفان فقال لأبي بكر يا خليفة رسول الله إن قرب عمر منك ومشاورته أنفع للمسلمين من شيء يسير فزد هؤلاء القوم وهو الخليفة بعدك فعزم على عمر أن يقيم قال وزادهم ما سألوا قال فلما ولي عمر كتب إليهم ان رضيتم بالرزق الأول وإلا فاعتزلوا عملنا وقال وقد كان معاوية يعني بن أبي سفيان استعمل مكان يزيد قال فأما معاوية وعمرو فرضيا وأما خالد فاعتزل قال فكتب إليهما عمر ان اكتبا لي كل مال هو لكما ففعلا قال فجعل لا يقدر لهما بعد على ما إلا أخذه فجعله في بيت المال
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/206)
[385] حدثنا عبد الله قال حدثني أبو حميد الحمصي أحمد بن محمد قثنا معاوية بن حفص قال نا أبو الأحوص وعمرو بن ثابت قالا سمعنا أبا إسحاق يقول بغض أبي بكر وعمر من الكبائر
[386] حدثنا عبد الله قال حدثني أبو حميد قثنا معاوية يعني بن حفص قال نا عباد يعني بن العوام عن الحجاج عن طلحة اليامي قال كان يقال بغض أبي بكر وعمر نفاق وبغض قريش نفاق وبغض الأنصار وبغض المولى العربي نفاق
[387] حدثنا عبد الله قال حدثني أبو حميد قثنا معاوية يعني بن حفص قثنا محمد بن طلحة اليامي قال محمد بن طلحة وحدثني أبو عبيدة عن الحكم بن جحل قال سمعت عليا يقول بلغني أن أناسا يفضلوني على أبي بكر وعمر لا يفضلني أحد على أبي بكر وعمر إلا جلدته حد المفتري
[388] حدثنا عبد الله قال حدثني أبو حميد أحمد بن محمد الحمصي قال نا معاوية يعني بن حفص الشعبي قال نا مالك بن مغول عن عون قال قال عبد الله يعني بن مسعود لمجلس واحد من عمر أوثق عندي من عمر سنة
[389] حدثنا عبد الله قثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن عمر القرشي قثنا بن نمير قال حدثنا إسماعيل بن مسلم عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم عبد الله أبو بكر نعم عبد الله عمر نعم عبد الله أبو عبيدة بن الجراح نعم عبد الله أبي بن كعب نعم عبد الله معاذ بن جبل نعم عبد الله ثابت بن قيس بن شماس فذكر ستة من الأنصار وثلاثة من المهاجرين فحفظت الثلاثة من الأنصار وذهب مني ثلاثة
[390] حدثنا عبد الله قال حدثني عبد الله بن عمر قثنا عمرو بن محمد يعني العنقري قثنا يونس يعني بن أبي إسحاق عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون قال إني لأرى هلاك عمر هدم ثلث الإسلام
[391] حدثنا عبد الله قال حدثني عبد الله بن عمر وهو القرشي قال حدثني أبو بكر بن عياش قثنا عاصم عن المسيب بن رافع قال سار إلينا عبد الله بن مسعود سبعا من المدينة فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال إن غلام المغيرة أبا لؤلؤة قتل أمير المؤمنين عمر قال فضج الناس وصاحوا واشتد بكاؤهم قال ثم قال انا اجتمعنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فأمرنا علينا عثمان بن عفان ولم نأل خيرنا ذا فوق
[392] حدثنا عبد الله قثنا أبو هشام محمد بن يزيد الرفاعي قثنا عبد الرحمن بن مهدي عن قرة بن خالد عن أبي نهيك قال عبد الله أبو نهيك اسمه القاسم بن محمد عن سالم بن عبد الله عن أبيه أنه قال حين حصر عثمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض فنظر المسلمون خيرهم فاستخلفوه وهو أبو بكر فلما قبض أبو بكر نظر المسلمون خيرهم فاستخلفوه وهو عمر فلما قبض عمر نظر المسلمون خيرهم فاستخلفوه وهو عثمان فإن قتلتموه فهاتوا خيرا منه
[393] حدثنا عبد الله قال حدثني معاذ بن المثنى بن معاذ بن معاذ العنبري قال حدثني سوار بن عبد الله العنبري قال حدثني عبد الله بن معاذ عن أخيه المثنى بن معاذ قال حدثني حيان النحوي قال كان لي جليس يذكر أبا بكر وعمر فأنهاه فيغري فأقوم عنه فذكرهما يوما فقمت عنه مغضبا واغتممت بما سمعت إذ لم أرد عليه الذي ينبغي فنمت فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في منامي كأنه اقبل ومعه أبو بكر وعمر فقلت يا رسول الله إن لي جليسا يؤذيني في هذين فأنهاه فيغرا يزداد فالتفت صلى الله عليه وسلم إلى رجل قريب منه فقال اذهب إليه فاذبحه قال فذهب الرجل واصبحت فقلت إنها لرؤيا لو أتيته فأخبرته لعله ينتهي فمضيت اريده فلما صرت قريبا من بابه إذا الصراخ وإذا بواري ملقاة فقلت ما هذا قالوا فلان طرقته الذبحة في هذه الليلة
[394] نا عبد الله حدثني معاذ بن المثنى قثنا الحسين بن الأسود قال حدثني أبو بكر محمد بن المغيرة قال حدثني محمد بن علي السمان قال سمعت رضوان السمان قال كان لي جار في منزلي وسوقي وكان يشتم أبا بكر وعمر قال حتى كثر الكلام بيني وبينه حتى إذا كان ذات يوم شتمهما وأنا حاضر فوقع بيني وبينه كلام كثير حتى تناولني وتناولته قال فانصرفت إلى منزلي وأنا مغموم حزين ألوم نفسي قال فنمت وتركت العشاء من الغم قال فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامي من ليلتي فقلت له يا رسول الله فلان جاري في منزلي وفي سوقي وهو يسب أصحابك فقال من أصحابي فقلت أبو بكر وعمر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم خذ هذه المدية
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/207)
فاذبحه بها قال فأخذته فأضجعته فذبحته قال فرأيت كأن يدي قد أصابها من دمه فألقيت المدية وضربت بيدي الى الأرض فمسحتها بالأرض فانتبهت وأنا أسمع الصراخ من نحو الدار فقلت للخادم أنظر ما هذا الصراخ فقال فلان مات فجأة فلما أصبحنا نظرنا إلى حلقه فإذا فيه خط موضع الذبح
[395] حدثنا عبد الله قثنا مصعب بن عبد الله بن مصعب الزبيري قثنا بن أبي حازم عن الضحاك بن عثمان عن نافع عن بن عمر قال قال النبي صلى الله عليه وسلم إن الله عز وجل جعل الحق على لسان عمر وقلبه
باب خير هذه الأمة بعد نبيها
[396] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا محمد بن جعفر قثنا شعبة عن حصين عن بن أبي ليلى قال تداروا في أمر أبي بكر وعمر فقال رجل من عطارد عمر أفضل من أبي بكر فقال الجارود بل أبو بكر أبو بكر أفضل منه قال فبلغ ذلك عمر قال فجعل ضربا بالدرة حتى شغر برجليه ثم أقبل إلى الجارود فقال إليك عني ثم قال عمر أبو بكر كان خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم في كذا وكذا قال ثم قال عمر من قال غير هذا أقمنا عليه ما نقيم على المفتري
[397] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا أبو معاوية قثنا هارون بن سلمان عن عمرو بن حريث قال سمعت عليا يقول خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر ولو شئت أن أسمي الثالث
[398] حدثنا عبد الله قال حدثني أبو الفضل الخراساني قثنا هناد بن السري قثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي عن أبي موسى الفراء مولى عمرو بن حريث قثنا عمرو بن حريث قال سمعت عليا وهو يخطب على المنبر وهو يقول ألا أخبركم بخير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ألا أخبركم بالثاني فإن الثاني عمر
[399] حدثنا عبد الله قال حدثني عبيد الله بن عمر القواريري ومحمد بن سليمان لوين قالا نا حماد بن زيد وهذا لفظ القواريري قثنا عاصم عن زر عن أبي جحيفة قال خطبنا علي يوما فقال ألا أخبركم بخير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم قال ألا أخبركم بخير هذه الأمة بعد نبيها وبعد أبي بكر عمر
[400] حدثنا عبد الله قال حدثني محمد بن أبي بكر بن علي المقدمي قثنا حماد بن زيد عن عاصم عن زر عن أبي جحيفة قال قال علي فذكر مثله
[401] حدثنا عبد الله قال حدثني أبو حميد الحمصي أحمد بن محمد نا معاوية يعني أبو حفص الشعبي نا أبو معاوية عن محمد بن سوقة عن نافع عن بن عمر قال كنا نعد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر وعمر وعثمان ثم نسكت
[402] حدثنا عبد الله قال حدثني وهب بن بقية الواسطي قثنا خالد بن عبد الله عن إسماعيل عن عامر قال قال أبو جحيفة قال علي ألا أخبركم بخير هذه الأمة بعد نبيها قلت بلى قال أبو بكر وعمر ثم رجل آخر
[403] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي نا سفيان بن عيينة عن بن أبي خالد وأبو معاوية قثنا إسماعيل عن الشعبي عن أبي جحيفة قال سمعت عليا يقول خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر ولو شئت لحدثتكم بالثالث لم يقل أبو معاوية سمعت عليا
[404] حدثنا عبد الله قال حدثني أبو صالح الحكم بن موسى قثنا شهاب بن خراش قثنا الحجاج بن دينار عن حصين بن عبد الرحمن عن أبي جحيفة قال كنت أرى أن عليا أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت يا أمير المؤمنين إني لم أكن أرى أن أحدا من المسلمين من بعد رسول الله أفضل منك قال أولا أحدثك يا أبا جحيفة بأفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت بلى قال أبو بكر قال أفلا أخبرك بخير الناس بعد رسول الله وأبي بكر قال قلت بلى فديتك قال عمر
[405] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا إسماعيل بن إبراهيم قال أنا منصور بن عبد الرحمن يعني الغداني عن الشعبي قال حدثني أبو جحيفة الذي كان يسميه وهب الخير قال قال لي علي يا أبا جحيفة ألا أخبرك بأفضل هذه الأمة بعد نبيها قلت بلى ولم أكن أرى أن أحدا أفضل منه قال أفضل هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وبعد أبي بكر عمر وبعدهما آخر ثالث ولم يسمه
[406] حدثنا عبد الله قال حدثني وهب بن بقية الواسطي قال انا خالد بن عبد الله عن بيان عن عامر عن أبي جحيفة قال قال علي بن أبي طالب ألا أخبركم بخير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر ثم رجل آخر
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/208)
[407] حدثنا عبد الله قال حدثني حميد بن الربيع نا يحيى بن يمان قثنا سفيان عن أبي إسحاق عن أبي جحيفة قال صعد على المنبر فقال خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم خيرها بعد أبي بكر عمر ولو شئت أن اسمي الثالث سميت
[408] حدثنا عبد الله قال حدثني أبو بكر بن أبي شيبة قثنا شريك عن أبي إسحاق عن أبي جحيفة قال قال علي خير هذه الأمة نبيها أبو بكر وبعد أبي بكر عمر ولو شئت اخبرتكم بالثالث لفعلت
[409] حدثنا عبد الله قال حدثني عبد الرحمن بن واقد أبو مسلم قثنا شريك عن أبي إسحاق الشيباني عن عامر عن أبي جحيفة قال قال علي بن أبي طالب خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وبعد أبي بكر عمر ولو شئت ان أحدثكم بالثالث لفعلت يعني نفسه وتهجاه خ
[410] حدثنا عبد الله قال حدثني عبد الرحمن بن واقد قثنا شريك عن أبي حية الهمداني قال سمعت عبد خير يقول سمعت علي بن أبي طالب يقول كان أفضل هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر ثم احدثنا بعدهم احداثا يفعل الله فيها ما يشاء
[411] حدثنا عبد الله قال نا أبو بكر خلاد بن اسلم قال انا النضر يعني بن شميل قال انا شعبة عن الحكم عن أبي جحيفة ان عليا قال الا أخبركم بخير الناس بعد نبيهم قالوا بلى قال أبو بكر ثم قال الا أخبركم بخير الناس بعد أبي بكر قالوا بلى قال عمر ثم قال ألا أخبركم بخير الناس قالوا بلى قال فسكت
[412] حدثنا عبد الله قال حدثني أبو الفضل الخراساني قال نا قبيصة بن عقبة قال نا فطر بن خليفة عن الحكم عن أبي جحيفة عن علي قال ألا أخبركم بأفضل هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر ثم سكت
[413] حدثنا عبد الله قال حدثني منصور بن أبي مزاحم قثنا خالد الزيات قال حدثني عون بن أبي جحيفة قال كان أبي من شرط علي وكان تحت المنبر فحدثني أبي انه صعد المنبر يعني عليا فحمد الله واثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم وقال خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر والثاني عمر وقال يجعل الله الخير حيث أحب
[414] حدثنا عبد الله قال حدثني أبو بكر شعيب الصريفيني قثنا أبو يحيى الحماني عن أبي جناب الكلبي عن الشعبي قال حدثني عبد خير الهمداني وأبو جحيفة السوائي وكانت له صحبة وزر بن حبيش وسويد بن غفلة وعمرو بن معدي كرب كذا قال الشيخ قال أبو عبد الرحمن وانما هو معدي كرب قالوا سمعنا عليا يقول خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر ولو شئت ان أخبركم بالثالث لفعلت
[415] حدثنا عبد الله قثنا سويد بن سعيد الهروي قثنا شريك بن عبد الله عن أبي إسحاق عن أبي حية عن عبد خير عن علي قال الا أخبركم بخير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر والثاني عمر وأحدثنا أشياء يفعل الله فيها ما شاء
[416] حدثنا عبد الله قال حدثني سويد بن سعيد مرة أخرى قثنا شريك عن أبي حية عن عبد خير عن علي مثله ولم يذكر فيه أبا إسحاق
[417] حدثنا عبد الله قال حدثني سويد بن سعيد قال حدثني الصبي بن الأشعث عن أبي إسحاق عن عبد خير عن علي قال الا أخبركم بخير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر والثاني عمر ولو شئت سميت الثالث قال أبو إسحاق فتهجاها عبد خير لكيلا يمتروا فيما قال علي
[418] حدثنا عبد الله قال حدثني سويد بن سعيد قثنا محمد بن الفرات عن أبي إسحاق عن الحارث قال كان علي إذا صعد المنبر سلم قال يا أيها الناس ما قلت لكم قال الله أو قال رسول الله أو في كتاب الله فتعلقوا به فوالله لإن أخر من السماء فتخطفني الطير أو تهوي بي الريح في مكان سحيق أحب إلي من ان اكذب على الله أو على رسوله أو على كتابه وما قلت لكم من تلقاء نفسي فراجعوني خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ومن بعد أبي بكر عمر والثالث لو شئت ان اسميه لسميته ثم يخطب
[419] حدثنا عبد الله قال حدثني عبد الله بن عون الخزاز وكان ثقة قثنا مبارك بن سعيد أخو سفيان عن أبيه وهو سعيد بن مسروق عن حبيب بن أبي ثابت عن عبد خير الهمداني قال سمعت عليا يقول على المنبر الا أخبركم بخير هذه الأمة بعد نبيها قال فذكر أبا بكر ثم قال الا أخبركم بالثاني قال فذكر عمر ثم قال لو شئت لأنبأتكم بالثالث قال وسكت قال فرأينا انه يعني نفسه فقلت أنت سمعته يقول هذا قال نعم ورب الكعبة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/209)
[420] حدثنا عبد الله قال حدثني نصر بن علي الأزدي قال انا بشر بن المفضل عن شعبة عن حبيب بن أبي ثابت عن عبد خير قال سمعت عليا يقول ألا أخبركم بخير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر
[421] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا وكيع عن سفيان وشعبة عن حبيب بن أبي ثابت عن عبد خير عن علي قال ألا انبئكم خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر
[422] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا عبد الرحمن بن مهدي قثنا سفيان عن خالد بن علقمة عن عبد خير قال سمعت عليا يقول خير هذه الأمة نبيها وخير الناس بعد نبيها أبو بكر ثم عمر ثم أحدثنا أحداثا يقضي الله فيها ما أحب
[423] حدثنا عبد الله قال حدثني أبو بحر عبد الواحد بن غياث البصري قثنا أبو عوانة عن خالد بن علقمة عن عبد خير قال قال علي لما فرغ من أهل البصرة ان خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وبعد أبي بكر عمر وأحدثنا احداثا يصنع الله فيها ما شاء
[424] حدثنا عبد الله قال حدثني أبو صالح الحكم بن موسى قثنا شهاب بن خراش قال حدثني يونس بن خباب عن المسيب بن عبد خير عن عبد خير قال سمعت عليا يقول ان خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر
[425] حدثنا عبد الله قال حدثني وهب بن بقية قال نا خالد بن عبد الله عن حصين عن المسيب بن عبد خير عن أبيه قال قام علي فقال خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر وانا قد احدثنا بعدهما احداثا يقضي الله فيها ما شاء
[426] حدثنا عبد الله قال حدثني وهب بن بقية قال انا خالد عن عطاء يعني بن السائب عن عبد خير عن علي قال الا أخبركم بخير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم خيرها بعد أبي بكر عمر يجعل الله الخير حيث أحب
[427] حدثنا عبد الله قال حدثني أبو عبد الرحمن عبد الله بن عمر قثنا مسهر بن عبد الملك بن سلع الهمداني عن عبد خير قال سمعت عليا يقول قبض الله نبيه على خير ما قبض عليه نبيا من الأنبياء قال فأثنى عليه ثم استخلف أبو بكر فعمل بعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته ثم قبض على خير ما قبض الله عليه أحدا فكان خير الأمة بعد نبيها ثم استخلف عمر فعمل بعملهما وسنتهما ثم قبض على خير ما قبض عليه أحد فكان خير هذه الأمة بعد نبيها وبعد أبي بكر
[428] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا أبو معاوية قال نا وقاء بن إياس الأسدي عن علي بن ربيعة الوالبي عن علي قال اني لأعرف أخيار هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر ولو شئت أن اسمي الثالث لفعلت
[429] حدثنا عبد الله قال حدثني محمد بن إشكاب قثنا محاضر عن موسى الصغير قال سمعت عبد الملك بن ميسره قال سمعت النزال قال سمعت عليا وهو يخطب في المسجد وهو يقول الا أخبركم بخير هذه الأمة بعد نبيها ثلاثة ثم ذكر أبا بكر وعمر ولو شئت لسميت الثالث
[430] حدثنا عبد الله قثنا الحسن بن الصباح بن محمد البزاز قثنا عبد الله بن جعفر الرقي قال نا عبد الله يعني بن عمرو الرقي عن خلف بن حوشب عن أبي إسحاق عن أبي مالك عن الحسن بن محمد عن أبيه قال قلت لعلي بن أبي طالب من أفضل هذه الأمة بعد نبيها قال سبحان الله يا بني أبو بكر قال قلت ثم من قال سبحان الله يا بني ثم عمر قال قلت له مخافة ان ازيد فيزيدني ثم أنت يا أمير المؤمنين قال ثم لست هناك ثم انا بعد رجل من المسلمين
[431] حدثنا عبد الله قثنا مصعب بن عبد الله الزبيري قثنا هشام بن عبد الله بن عكرمة المخزومي قال غبت غيبة عن المدينة ثم أتيت مالك بن أنس فسلمت عليه فقال لي أين كنت قال قلت كنت بوادي العقيق قال ذاك واد لا يذهب إليه أحد إلا يغرم ولا يأتي أحد منه الا يغنم قال قلت لا تقل ذاك يا أبا عبد الله فإن هشام بن عروة حدثني عن أبيه عن عائشة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اطلبوا الرزق في خبايا الأرض
[432] قال أبو عبد الرحمن قال لي مصعب في أول يوم رأيته ما اسمك قلت عبد الله قال حدثني عدة من أصحابنا منهم بن زبالة قال قال بن شهاب
أقول لعبد الله لما لقيته
يسير بأعلى القريتين مشرفا
تتبع خبايا الأرض وادع مليكها
لعلك يوما أن تجاب فترزقا
[433] حدثنا عبد الله قثنا مصعب قال حدثني أبي عن هشام بن عروة عن أبيه قال كان الزبير ينقزني وهو يقول أنضر من آل أبي عتيق مبارك من ولد الصديق ألذه كما ألذ ريقي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/210)
[434] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا بن أبي عدي يعني محمدا عن حميد عن أنس قال قال عمر وافقت ربي عز وجل في ثلاث أو وافقني ربي في ثلاث قال قلت يا رسول الله لو اتخذت المقام مصلى قال فأنزل الله عز وجل واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وقلت لو حجبت عن أمهات المؤمنين فإنه يدخل عليك البر والفاجر فأنزلت آية الحجاب قال وبلغني عن أمهات المؤمنين شيء فاستقريتهن أقول لهن لتكفن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو ليبدلنه الله بكن ازواجا خيرا منكن حتى أتيت على إحدى أمهات المؤمنين فقالت يا عمر أما في رسول الله ما يعظ نساءه حتى تعظهن أنت فكففت فأنزل الله عز وجل {عسى ربه ان طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات} الآية
[435] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا هشيم قال أنا حميد عن أنس قال قال عمر وافقت ربي في ثلاث قلت يا رسول الله لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى فنزلت {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} وقلت يا رسول الله ان نساءك يدخل عليهن البر والفاجر فلو أمرتهن ان يحتجبن فنزلت آية الحجاب واجتمع على رسول الله نساؤه في الغيرة فقلت لهن عسى ربه إن طلقكن ان يبدله أزواجا خيرا منكن فنزلت كذلك
[436] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا محمد بن جعفر قثنا شعبة قال سمعت أبا حمزة الضبعي يحدث عن جويرية بن قدامة قال حججت فأتيت المدينة العام الذي أصيب فيه عمر قال فخطب فقال إني رأيت كأن ديكا نقرني نقرة أو نقرتين شعبة الشاك فكان من أمره أنه طعن فأذن للناس عليه فكان أول من دخل عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من أهل المدينة ثم أهل الشام ثم أذن لأهل العراق فدخلت فيمن دخل قال وكان كلما دخل عليه قوم أثنوا عليه وبكوا قال فلما دخلنا عليه قال وقد عصب بطنه بعمامة سوداء والدم يسيل قال فقلنا اوصنا قال وما سأله الوصية غيرنا فقال عليكم بكتاب الله فإنكم لن تضلوا ما اتبعتموه فقلنا أوصنا قال أوصيكم بالمهاجرين فإن الناس سيكثرون ويقلون فأوصيكم بالأنصار فإنهم شعب الإسلام الذي لجأ إليه وأوصيكم بالاعراب فإنهم أهلكم ومادتكم وأوصيكم بأهل ذمتكم فإنهم عهد نبيكم ورزق عيالكم قوموا عني قال فما زادنا على هؤلاء الكلمات قال محمد قال شعبة ثم سألته بعد ذلك فقال في الاعراب وأوصيكم بالاعراب فإنهم إخوانكم وعدو عدوكم
[437] حدثنا عبد الله قثنا أبي قثنا يحيى هو بن سعيد قثنا حميد هو الطويل عن أنس هو بن مالك قال قال عمر وافقت ربي عز وجل في ثلاث ووافقني ربي في ثلاث قلت يا رسول الله لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى فأنزل الله عز وجل واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى قلت يا رسول الله انه يدخل عليك البر والفاجر فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب فأنزل الله آية الحجاب وبلغني معاتبة النبي صلى الله عليه وسلم بعض نسائه قال فاستقريت أمهات المؤمنين فدخلت عليهن فجعلت أستقرئهن واحدة واحدة والله لئن انتهيتن والا ليبدلن الله رسوله خيرا منكن قال فأتيت على بعض نسائه قالت يا عمر أما في رسول الله ما يعظ نساءه حتى تكون أنت تعظهن فأنزل الله عز وجل {عسى ربه إن طلقكن ان يبدله أزواجا خيرا منكن}
[438] حدثنا عبد الله قال حدثني أبو صالح الحكم بن موسى قثنا شهاب بن خراش قال حدثني الحجاج بن دينار عن أبي معشر عن إبراهيم النخعي قال ضرب علقمة بن قيس هذا المنبر قال خطبنا علي على هذا المنبر فحمد الله وذكر ما شاء الله أن يذكر قال وأن خير الناس كان بعد رسول الله أبو بكر ثم عمر ثم أحدثنا بعدهما احداثا يقضي الله فيها
[439] حدثنا عبد الله قال حدثني عثمان بن محمد بن أبي شيبة قثنا هشيم قال أنا حصين عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة عن علي أنه خطب فقال إن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ومن بعد أبي بكر عمر ولو شئت أن اسمي الثالث لسميته
[440] حدثنا عبد الله قال حدثني إسماعيل أبو معمر قثنا عبد الله بن جعفر عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أنه خطب الناس فقال خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر
[441] حدثنا عبد الله قثنا أبو إسحاق إبراهيم بن زياد سبلان قال أنا عباد بن عباد عن عبيد الله بن عمر قال مر بعمر بن الخطاب حمار عليه عشر لبنات فقام فوضع عنه خمسا وترك عليه خمسا وقال لصاحبه إذا حملت عليه فأحمل عليه هكذا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/211)
[442] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا عفان قثنا حماد يعني بن سلمة قال أنا ثابت أن رجلا أتى عمر فقال يا أمير المؤمنين أعطني فوالله لئن أعطيتني لا أحمدك ولئن منعتني لا أذمك قال ولم ذاك قال لئن الله جل ثناؤه هو المعطي وهو المانع قال عمر أدخلوه بيت المال فليأخذ ما شاء فأدخلوه قال فجعل يرى صفراء وبيضاء فقال ما هذا ليس لي فيما ها هنا حاجة إنما أردت زادا وراحلة وإنما أراد عمر أن يزوده فأمر له عمر بزاد وراحلة فرحل له فلما ركب راحلته رفع يده فحمد الله واثنى عليه الذي حمله الذي أعطاه وجعل عمر يمشي خلفه ويتمنى أن يدعو له قال اللهم واجز عمر خيرا وصف عفان اومأ حماد بيده خلفه بين كتفيه
[443] حدثنا عبد الله قال أخبرت عن عبد الله بن وهب قثنا بن زيد بن أسلم عن أبيه عن جده يعني أسلم قال قال عمر بن الخطاب يوما لقد خطر على قلبي شهوة الطري من حيتان قال فيخرج يرفأ فرحل راحلة له فسار ليلتين مدبرا وليلتين مقبلا واشترى مكتلا فجاء قال ويعمد يرفا إلى الراحلة فغسلها فقال عمر انطلق حتى أنظر إلى الراحلة فنظر عمر ثم قال نسيت ان تغسل هذا العرق الذي تحت اذنها عذبت بهيمة من البهائم في شهوة عمر لا والله لا يذوقه عمر عليك بمكتلك
[444] حدثنا عبد الله قال أخبرت عن داود بن عمرو قثنا مكرم بن حكيم الخثعمي عن أبي محمد صلى الله عليه وسلم عن الحسن عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في دار فدخل عليه نسوة من قريش يسألنه ويستزدنه رافعات اصواتهن فوق صوته فأقبل عمر فاستأذن فلما سمعن صوت عمر بادرن الحجب أو الحجاب فأذن لعمر فدخل واستضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر أضحك الله سنك يا رسول الله مم ضحكت قال الا إن نسوة من قريش دخلن علي يسألنني ويستزدنني رافعات اصواتهن فوق صوتي فلما سمعن صوتك بادرن الحجاب أو الحجب فقال عمر أي عدوات أنفسهن تهبنني وتجترئن على رسول الله فقالت امرأة منهن إنك أفظ وأغلظ فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم مه عن عمر فوالله ما سلك عمر واديا قط فسلكه الشيطان
[445] حدثنا عبد الله قال أخبرت عن أشعث بن شعبة قثنا منصور بن دينار عن الأعمش والحسن بن عمرو وجامع بن أبي راشد ومحمد بن قيس وأبي حصين عن منذر الثوري عن محمد بن علي قال قلت لأبي علي أي الناس خير بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو بكر قلت ثم من قال ثم عمر قال ثم بادرته وخفت ان اسأله فيجيبني بغيره ثم قلت أنت قال لا أنا رجل من الناس لي حسنات ولي سيئات يفعل الله ما يشاء
[446] حدثنا عبد الله قال أخبرت عن أشعث بن شعبة قثنا منصور بن دينار قال حدثني مسعدة الأعور البجلي قال سمعت عليا يقول على منبر الكوفة ألا أخبركم بخير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر ولو شئت لسميت الثالث
[447] حدثنا عبد الله قال أخبرت عن أشعث بن شعبة عن منصور بن دينار عن موسى بن أبي كثير عن أبي كثير مثله سواء
[448] حدثنا عبد الله قال أخبرت عن أشعث بن شعبة عن منصور عن أبي إسحاق عن عبد خير مثله
[449] حدثنا عبد الله قال أخبرت عن أشعث بن شعبة عن منصور بن دينار عن خلف بن حوشب عن أبي هاشم عن سعيد بن قيس الخارفي عن علي قال سبق رسول الله وصلى أبو بكر وثلث عمر ثم كنا قوما خبطتنا فتنة ما شاء الله
[450] حدثنا عبد الله قال حدثني أبو عبد الرحمن عبد الله بن عمر القرشي قثنا إسحاق بن سليمان قثنا عبد الله بن عمر عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن عائشة قالت استأذن أبو بكر على النبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس كاشف فخذيه فأذن له ثم استأذن عمر فأذن له وهو كهيئته ثم استأذن عثمان فأهوى إلى ثوبه فغطى فخديه قلنا يا رسول الله كأنك كرهت ان يراك عثمان قال ان عثمان حيي ستير تستحي منه الملائكة
[451] حدثنا عبد الله قال حدثني عبد الله بن عمر أبو عبد الرحمن قثنا حسين بن علي الجعفي عن زائدة قثنا حميد الطويل والمختار بن فلفل عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم دخلت الجنة فرأيت فيها قصرا من ذهب فقلت لمن هذا القصر فقيل لشاب من قريش قال فظننت أني أنا هو فقلت من هو فقالوا عمر بن الخطاب قال النبي صلى الله عليه وسلم فلو ما ذكرت من غيرتك أبا حفص لدخلته
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/212)
[452] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا محمد بن جعفر نا شعبة عن حبيب يعني بن الشهيد عن بن أبي نجيح عن مجاهد أنه قال أول من أعلن التسليم في الصلاة عمر بن الخطاب
[453] حدثنا عبد الله قال حدثني عمرو بن محمد بن بكير الناقد قثنا سفيان عن عمرو يعني بن دينار عن مجاهد عن طاوس أول من جهر بالسلام عمر فأنكرت الأنصار ذلك عليه
[454] حدثنا عبد الله قثنا عمرو بن محمد قثنا سفيان عن بن أبي حسين عن طاوس أول من جهر بالسلام عمر فأنكرت الأنصار فقالت ما هذا قال أردت أن يكون أذانا
[455] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا عبد الرزاق قثنا بن جريج قال سمعت عطاء وغيره من أصحابنا يزعمون أن عمر أول من رفع المقام فوضعه في موضعه الآن وإنما كان في قبل الكعبة
[456] حدثنا عبد الله قال حدثني محمد بن عبيد بن حساب قثنا عبد الواحد بن زياد قثنا عاصم الأحول عن محمد بن سيرين قال أول من حصب المساجد عمر
[457] حدثنا عبد الله قال حدثني داود بن رشيد قثنا الوليد بن مسلم عن بن جريج عن عمرو بن دينار عن مجاهد وطاؤس عن بن عباس قال أول من جهر بالسلام عمر
[458] حدثنا عبد الله قال حدثني محمد بن الحسن بن أشكاب قثنا وهب بن جرير قثنا أبي قال سمعت الأعمش يحدث عن عبد الملك بن ميسرة عن مصعب بن سعد ان معاذا قال والله ان عمر في الجنة وما أحب ان لي حمر النعم وإنكم تفرقتم قبل أن أخبركم قال ثم ذكر رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم التي رأى في شأن عمر فقال رؤيا النبي حق
[459] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قال نا موسى بن عبد الحميد قال أبي جار لنا حسن الهيئة قثنا إبراهيم بن سعد عن أبيه قال بينما عمرو بن العاص يوما يسير امام ركبه وهو يحدث نفسه إذ قال لله در بن حنتمة أي امرئ كان يعني بذلك عمر بن الخطاب
[460] حدثنا عبد الله قال حدثني صالح بن مالك أبو عبد الله قثنا عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون قال نا محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أريت أني أدخلت الجنة فإذا أنا بالرميصاء امرأة أبي طلحة وأريت خشفا بين يدي فقلت ما هذا يا جبريل قال هذا بلال ورأيت جارية بفناء قصر أبيض قلت يا جارية لمن هذا القصر قالت لشاب من قريش فقلت لأي قريش قالت لعمر بن الخطاب فأردت أن أدخله فذكرت غيرتك يا عمر فقال عمر بأبي أنت وأمي يا رسول الله وعليك أغار
[461] حدثنا عبد الله قال حدثني صالح أبو عبد الله قثنا عبد العزيز الماجشون عن حميد الطويل عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم دخلت يعني الجنة فذكر نحوه
[462] قال أبو عبد الرحمن أخبرت أن المغيرة بن شعبة ذكر عمر بن الخطاب فقال كان والله أفضل من أن يخدع وأعقل من أن يخدع
[463] حدثنا عبد الله قال وجدت في كتاب أبي بخط يده نا محمد بن حميد أبو عبد الله قثنا جرير عن ثعلبة عن جعفر عن سعيد بن جبير قال صلى الله عليه وسلم كان مقام أبي بكر وعمر وعلي وعثمان وطلحة والزبير وسعد وعبد الرحمن بن عوف وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل كانوا امام رسول الله صلى الله عليه وسلم في القتال وخلفه في الصلاة في الصف ليس لأحد من المهاجرين والأنصار يقوم مقام أحد منهم غاب أم شهد
[464] حدثنا عبد الله قال حدثني عثمان بن أبي شيبة قثنا غسان بن مضر عن سعيد بن يزيد عن أبي نضرة عن جابر بن عبد الله قال أول من دون الدواوين وعرف العرفاء عمر بن الخطاب
[465] حدثنا عبد الله قال حدثني علي بن مسلم قثنا أبو غسان قثنا زهير قثنا عاصم بن سليمان عن عامر قال أول من جعل العشور في الإسلام عمر
[466] حدثنا عبد الله قال نا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب قثنا عبد الواحد بن زياد قثنا عاصم عن بن سيرين قال أول من حصب المساجد عمر بن الخطاب كان المسجد سبخة فإذا أراد الرجل ان يتنخع أثاره بقدمه
[467] حدثنا عبد الله قال حدثني أبو خيثمة زهير بن حرب نا سفيان عن بن أبي حسين عن طاوس قال أول من جهر بالسلام عمر فقالت الأنصار وعليك السلام ما شأنك قال أردت ان يكون أذانا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/213)
[468] حدثنا عبد الله قال حدثني هارون بن سفيان قثنا معاوية بن عمرو قثنا زائدة قال قال سليمان يعني الأعمش سمعت أصحابنا يقولون قال عبد الله اني لأحسب الشيطان يفرق من عمر فقيل لعبد الله وكيف يفرق الشيطان من أحد فقال نعم يفرق ان يحدث في الإسلام حدثا فيرده عمر فلا يعمل به ابدا
[469] حدثنا عبد الله قال حدثني هارون بن سفيان قثنا معاوية هو بن عمر وقال نا زائدة عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت قال قال عمر والله لئن بقيت لأبعثن الى الراعي باليمن بنصيبه من الفيء ودم وجهه كما هو
[470] حدثنا عبد الله قال حدثني هارون بن سفيان نا معاوية نا زائدة نا بيان عن عامر عن علي قال ان كنا لنتحدث ان السكينة تنطق على لسان عمر
[471] حدثنا عبد الله قثنا هارون بن سفيان نا معاوية نا زائدة نا عبد الملك بن عمير عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه قال انني لآكل مع عمر خبزا وزيتا وهو يقول اما والله لتمرنن أيها البطن على الخبز والزيت ما دام السمن يباع بالاواقي
[472] حدثنا عبد الله قال حدثني هارون بن سفيان نا معاوية نا زائدة عن عبد الملك بن عمير قال حدثني قبيصة بن جابر قال ما رأيت رجلا قط اعلم بالله ولا اقرأ لكتاب الله ولا افقه في دين الله من عمر
[473] حدثنا عبد الله قثنا هارون بن سفيان نا معاوية بن عمرو قثنا زائدة قثنا منصور عن ربعي بن حراش عن حذيفة قال ان عمر لما استخلف كان الإسلام كالرجل المقبل لا يزداد الا قربا فلما قتل عمر كان الإسلام كالرجل المدبر لا يزداد الا بعدا
[474] حدثنا عبد الله قال حدثني هارون بن سفيان نا معاوية بن عمرو نا زائدة قال قال منصور قال عبد الله انه ليس من يوم الا هو شر من الذي قبله وكذلك الآخر فالآخر فقال عبد الله قد كان عام أول فيكم عمر فأزوى العام فيكم مثل عمر
[475] حدثنا عبد الله قال حدثني هارون بن سفيان قثنا معاوية يعني بن عمرو قال نا زائدة عن منصور قال كان عبد الله يقول إذا ذكر الصالحون فحي هلا بعمر ولوددت اني خادم لمثل عمر حتى اموت
[476] حدثنا عبد الله قال حدثني محمد بن جعفر الوركاني قال انا أبو معشر نجيح المدني مولى بني هاشم عن نافع عن بن عمر قال وضع عمر بن الخطاب بين المنبر والقبر فجاء علي بن أبي طالب حتى قام بين يدي الصفوف فقال هو ذا ثلاث مرات ثم قال رحمة الله عليك ما من خلق الله أحد أحب إلي من ان ألقاه بصحيفته بعد صحيفة النبي صلى الله عليه وسلم من هذا المسجى عليه ثوبه
[477] حدثنا عبد الله قال ثنا أبي قثنا عبد الرزاق قال انا سفيان عن الأسود بن قيس عن رجل عن علي انه قال يوم الجمل ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعهد إلينا عهدا نأخذ به في امارة ولكنه شيء رأيناه من قبل أنفسنا ثم استخلف أبو بكر رحمة الله على أبي بكر فأقام واستقام ثم استخلف عمر رحمة الله على عمر فأقام واستقام حتى ضرب الدين بجرانه
[478] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا وكيع عن سفيان عن عبد الملك بن عمير عن مولى الربعي عن ربعي عن حذيفه قال كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال اني لا أدري ما قدر بقائي فيكم فاقتدوا باللذين من بعدي وأشار الى أبي بكر وعمر
[479] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا محمد بن عبيد هو الطنافسي قثنا سالم المرادي عن عمرو بن هرم الأزدي عن أبي عبد الله وربعي بن حراش عن حذيفة قال بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال اني لست أدري ما قدر بقائي فيكم فاقتدوا باللذين من بعدي يشير الى أبي بكر وعمر
[480] حدثنا عبد الله نا أبي قثنا زيد بن الحباب قال حدثني حسين هو بن واقد قال حدثني عبد الله بن بريدة عن أبيه إن أمة سوداء أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجع من بعض مغازية فقالت إني كنت نذرت إن ردك الله أن أضرب عندك بالدف قال إن كنت فعلت فافعلي وإن كنت لم تفعلي فلا تفعلي فضربت فدخل أبو بكر وهي تضرب ودخل غيره وهي تضرب ودخل عمر قال فجعلت دفها خلفها وهي مقنعة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الشيطان ليفرق منك يا عمر أنا جالس ها هنا ودخل هؤلاء فلما أن دخلت فعلت ما فعلت
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/214)
[481] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي نا أبو النضر هاشم بن القاسم نا المبارك يعني بن فضالة قثنا أبو عمران الجوني عن ربيعة الأسلمي قال كنت أخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث وقال في آخره ثم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاني بعد ذلك أرضا وأعطى أبا بكر أرضا وجاءت الدنيا فاختلفنا في عذق نخلة فقلت انا هي في جدي وقال أبو بكر هي في جدي فكان بيني وبين أبي بكر كلام فقال لي أبو بكر كلمة كرهها وندم عليها وقال لي يا ربيعة رد علي مثلها حتى يكون قصاصا فقلت ما انا بفاعل قال أبو بكر لتقولن أو لأستعدين عليك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت ما انا بفاعل قال ورفض الأرض وانطلق أبو بكر الى النبي صلى الله عليه وسلم وانطلقت اتلوه فجاء ناس من أسلم فقالوا لي رحم الله أبا بكر في أي شيء يستعدي عليك رسول الله وهو الذي قال لك ما قال قال فقلت أتدرون ما هذا هذا أبو بكر الصديق هذا ثاني اثنين وهذا ذو شيبة المسلمين اتاكم لا يلتفت فيراكم تنصروني عليه فيغضب فيأتي رسول الله فيغضب لغضبه فيغضب الله لغضبهما فتهلك ربيعة قال ما تأمرنا قال ارجعوا وانطلق أبو بكر الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتبعته وحدي حتى اتى رسول الله فحدثه الحديث كما كان فرفع الى رأسه فقال يا ربيعة مالك وللصديق قلت يا رسول الله كان كذا وكذا قال لي كلمة كرهها فقال لي قل كما قلت حتى يكون قصاصا فأبيت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أجل فلا ترد عليه ولكن قل غفر الله لك يا أبا بكر فقلت غفر الله لك يا أبا بكر قال الحسن فولى أبو بكر وهو يبكي
ومن فضائل عمر بن الخطاب من حديث أبي بكر بن مالك عن مشائخه غير عبد الله بن أحمد ومن فضائل أبي بكر أيضا
[482] حدثنا أحمد قثنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار قثنا علي بن الجعد قال انا المسعودي عن القاسم قال قال عبد الله وهو بن مسعود ان إسلام عمر كان عزا وان هجرته كانت فتحا ونصرا وان امارته كانت رحمة والله ما استطعنا ان نصلي حول الكعبة ظاهرين حتى أسلم عمر واني لأحسب أن بين عيني عمر ملكين يسددانه واني لأحسب ان الشيطان يفرقه فإذا ذكر الصالحون فحي هلا بعمر
[483] حدثنا أحمد قثنا أحمد بن عبد الجبار قثنا الحسن بن حماد الكوفي الوراق قثنا محمد بن فضيل عن مسعر عن عبد الملك بن ميسرة عن مصعب بن سعد عن معاذ بن جبل قال عمر من أهل الجنة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأى في نومه أو يقظته فهو حق قال صلى الله عليه وسلم بينا أنا في الجنة إذ رأيت دارا فسألت عنها فقيل لعمر
[484] حدثنا أحمد قثنا هيثم بن خارجة والحكم بن موسى قالا نا شهاب بن خراش قال حدثني الحجاج بن دينار عن أبي معشر عن إبراهيم النخعي قال ضرب علقمة بن قيس هذا المنبر فقال خطبنا علي على هذا المنبر فحمد الله وذكره ما شاء الله ان يذكره ثم قال الا انه بلغني أن أناسا يفضلوني على أبي بكر وعمر ولو كنت تقدمت في ذلك لعاقبت ولكني أكره العقوبة قبل التقدم فمن قال شيئا من ذلك فهو مفترى عليه ما على المفتري إن خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر ثم عمر وانا احدثنا بعدهم احداثا يقضي الله فيها ما أحب ثم قال احبب حبيبك هونا ما عسى ان يكون بغيضك يوما ما وابغض بغيضك هونا ما عسى ان يكون حبيبك يوما ما
[485] حدثنا أحمد قثنا سويد بن سعيد قثنا الوليد بن محمد الموقري عن الزهري قال حدثني القاسم بن محمد ان أسماء بنت يزيد أخبرته ان رجلا من المهاجرين دخل على أبي بكر حين اشتكى وجعه الذي توفي فيه فقال يا أبا بكر أذكرك الله واليوم الآخر فإنك قد استخلفت عن الناس رجلا فظا غليظا يزع الناس ولا سلطان لهم وان الله سائلك فقال اجلسوني فأجلسناه فقال أبالله تخوفوني إني أقول اللهم اني استخلفت عليهم خيرهم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/215)
[486] حدثنا أحمد قثنا الحسن بن الطيب البلخي قثنا جعفر بن حميد القرشي قثنا يونس بن أبي يعفور عن أبيه عن مسلم أبي سعيد عن بن مسعود أنه مر على رجلين في المسجد قد اختلفا في آية من القرآن فقال أحدهما أقرأنيها عمر وقال الآخر أقرأنيها أبي فقال بن مسعود أقرأها كما أقرأكها عمر ثم هملت عيناه حتى بل الحصى وهو قائم قال إن عمر كان حائطا كنيفا يدخله المسلمون ولا يخرجون منه فانثلم الحائط فهم يخرجون منه ولا يدخلون ولو أن كلبا أحب عمر لأحببته ولا أحببت أحدا حبي لأبي بكر وعمر وأبي عبيدة بن الجراح
[487] حدثنا عباس بن إبراهيم قثنا إبراهيم بن محشر قثنا أبو معاوية الضرير عن أبي إسحاق عن علي بن زيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حب أبي بكر وعمر إيمان وبغضهما كفر
[488] حدثنا عباس قال نا الحسن بن يزيد قثنا حماد بن خالد الخياط قثنا خارجه بن عبد الله عن نافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال الناس في شيء وقال فيه عمر بن الخطاب الا جاء القرآن بنحو مما يقول
[489] حدثنا عباس قثنا الحسن بن يزيد قثنا سلم بن سالم البلخي عن عبد الرحيم بن زيد العمى قال أخبرني أبي قال أدركت مشيختنا من التابعين كلهم يحدثونا عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أحب جميع أصحابي وتولاهم واستغفر لهم جعله الله يوم القيامة معهم في الجنة
[490] حدثنا عباس قثنا العلاء بن مسلمة قثنا إسحاق بن بشر قثنا عمار بن سيف عن أبي هاشم عن سعيد بن جبير في قوله عز وجل وصالح المؤمنين قال عمر بن الخطاب
[491] حدثنا عباس قال نا العلاء بن مسلمة نا إسحاق بن بشر نا خلف بن خليفة عن أبي هاشم الرماني عن سعيد بن جبير في قوله عز وجل {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين} قال أبو بكر وعمر
[492] حدثنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث السجستاني قثنا إسحاق بن منصور وهو الكوسج قال أنا النضر بن شميل قال أنا حماد بن ثابت عن أنس هو بن مالك قال لما طعن عمر صرخت حفصة فقال عمر يا حفصة أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن المعول عليه يعذب وجاء صهيب فقال واعمراه فقال ويلك يا صهيب أما بلغك ان المعول عليه يعذب
[493] حدثنا عبد الله بن سليمان قثنا عمرو بن علي قثنا يزيد بن زريع قال نا حميد عن أنس بن مالك قال قال عمر وافقت ربي عز وجل في ثلاث أو وافقني ربي في ثلاث قلت يا نبي الله لو اتخذت من المقام قبلة فأنزل الله عز وجل {واتخذوا من مقام إبراهيم} مصلى وقلت يا رسول الله أنه يدخل عليك البر والفاجر فلو حجبت أمهات المؤمنين فأنزل الله عز وجل آية الحجاب وبلغني عن بعض نساء النبي صلى الله عليه وسلم شدة عليه فأتيتهن أعظهن امرأة امرأة وأنهاها عن أذى رسول الله حتى أتيت على إحداهن فقالت أما في رسول الله ما يعظ نساءه حتى تعظهن أنت فأنزل الله عز وجل {عسى ربه إن طلقكن أن يبدله ازواجا خيرا منكن}
[494] حدثنا عبد الله بن سليمان قثنا أبو عبد الرحمن الأذرمي قثنا هشيم عن حميد الطويل عن أنس بن مالك قال قال عمر بن الخطاب وافقت ربي عز وجل في ثلاث فقلت يا رسول الله لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى وقلت يا رسول الله إن نساءك يدخلن عليهن البر والفاجر فلو امرتهن أن يحتجبن قال فنزلت {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} ونزلت آية الحجاب قال واجتمع على رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه في الغيرة قال فقلت عسى ربه إن طلقكن أن يبدله ازواجا خيرا منكن فنزلت كذلك
[495] حدثنا عبد الله بن سليمان قثنا أيوب بن محمد الوزان الرقى قثنا مروان نا حميد الطويل عن أنس بن مالك قال عمر بن الخطاب وافقني ربي عز وجل في ثلاث قلت يا رسول الله لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى فنزلت واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى قلت يا رسول الله يدخل عليك البر والفاجر فلو حجبت أمهات المؤمنين فأنزل الله آية الحجاب وبلغني أنه كان بينه وبين بعض أزواجه كلام فاستقريتهن امرأة امرأة فقلت لتكفن عن أذى رسول الله أو ليبدلنه الله بكن أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات الآية حتى أتيت على إحدى أمهات المؤمنين فقالت يا عمر أما في رسول الله ما يعظ نساءه حتى تعظهن أنت فاسكت فأنزل الله عز وجل {عسى ربه إن طلقكن أن يبدله ازواجا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/216)
خيرا منكن مسلمات مؤمنات} الآية
[496] حدثنا عبد الله بن سليمان قال نا محمد بن بشار قثنا عبد الصمد بن عبد الوارث قال سمعت أبي قثنا الحسين المعلم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال تزوج رئاب بن حذيفة بن سعيد بن سهم أم وائل بنت معمر بن حبيب الجمحية فولدت له ثلاثة غلمة وائلا ومعمرا ورجلا آخر فماتت فورثوها ولاء مواليها وكان عمرو بن العاص عصبة فخرج بهم عمرو إلى الشام فماتوا في طاعون عمواس فلما قدم عمرو جاء بنو معمر بن حبيب إخوة أم وائل فخاصموه في موالي أختهم إلى عمر بن الخطاب فقال عمر اقضي بينكم بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما أحرز الولد فهو لعصبته من كان قال فكتب عمر بذلك كتابا فيه شهادة عبد الرحمن بن عوف وزيد بن ثابت ورجل آخر فلم يزل الكتاب في أيدينا حتى استخلف عبد الملك بن مروان فمات مولاها وترك ألفي دينار فبلغهم ان الحجاج قد غير هذا القضاء فخاصموه إلى هشام بن إسماعيل فرفعهم إلى عبد الملك بن مروان فرفعنا إلى القاضي فأتيته بكتاب عمر بن الخطاب فقال عبد الملك للقاضي حقيق إذا أتيت بكتاب عمر أن ننتهي إليه ثم قال هذا من القضاء الذي كنت أرى أن أحدا لا يشك فيه وما كنت أرى أنه بلغ من رأي أهل المدينة أن يشكوا وقضى لنا بكتاب عمر فنحن فيه بعد
[497] حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله بن أيوب المخرمي قثنا صالح بن مالك قثنا عبد الغفور قثنا أبو هاشم الرماني عن زاذان قال رأيت علي بن أبي طالب يمسك الشسع بيده يمر في الأسواق فيناول الرجل الشسع ويرشد الضال ويعين الحمال على الجواز ويقرأ هذه الآية {تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين} ثم يقول هذه الآية أنزلت في الولاة وذي القدرة من الناس
[498] حدثنا إبراهيم بن عبد الله البصري أبو مسلم الكجي قثنا يحيى بن كثير الناحي قثنا بن لهيعة عن مشرح بن هاعان عن عقبة بن عامر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كان بعدي نبي كان عمر بن الخطاب
[499] حدثنا حامد بن شعيب البلخي قثنا عبد الله بن عمر بن أبان وهو الكوفي قثنا المحاربي عن إسماعيل بن أبي خالد عن زبيد اليامي عمن حدثه عن علي قال كنت جالسا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أقبل أبو بكر وعمر فلما نظر إليهما قال يا علي هذان سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين إلا النبيين والمرسلين ثم قال يا علي لا تخبرهما
[500] حدثنا حامد قثنا عبد الله بن عون الخزاز قثنا أبو يحيى الحماني عن عبد الرحمن بن عبد الله بن يامين عن سعيد بن المسيب عن أبي واقد الليثي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان قوائم منبري رواتب في الجنة وإن عبدا من عباد الله عز وجل خيره الله بين الدنيا ونعيمها وما عنده فاختار ما عنده فلم يفهمها أحد من القوم غير أبي بكر قال فبكى وقال بل نفديك بالأموال والأنفس والأهلين فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما من أحد أمن علينا في ذات يده من أبي بكر ولو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ولكني خليل الله عز وجل
[501] حدثنا حامد قثنا عبد الله بن عمر بن أبان قال نا عبد الله بن خراش الشيباني عن العوام بن حوشب عن مجاهد عن بن عباس قال لما أسلم عمر نزل جبريل فقال يا محمد لقد استبشر أهل السماء بإسلام عمر
[502] حدثنا محمد بن محمد بن سليمان الباغندي قثنا هشام بن عمار قال نا صدقة بن خالد عن زيد بن واقد عن بسر بن عبيد الله عن عائذ الله أبي إدريس الخولاني عن أبي الدرداء قال كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أقبل أبو بكر الصديق آخذا بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبته فقال أما صاحبكم فقد غامر فسلم فقال انه كان بيني وبين عمر بن الخطاب شيء فأسرعت إليه ثم ندمت فسألته أن يغفر لي فأبى وتحرز مني بداره فأقبلت إليه فقال يغفر الله لك يا أبا بكر ثم أتى عمر فأتى منزل أبي بكر فسأل أين أبو بكر فقالوا ليس هو ها هنا فأقبل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل وجه رسول الله يتمعر حتى اشفق أبو بكر فجثا على ركبتيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أيها الناس ان الله عز وجل بعثني إليكم فقلتم كذبت وقال أبو بكر صدقت وواساني بنفسه وماله فهل أنتم تاركون لي صاحبي قال فما أوذي بعدها
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/217)
[503] حدثنا أبو بكر الباغندي قال نا يحيى بن الفضل الخرقي العنزي قثنا وهيب بن عمرو بن عثمان النمري القارى قثنا هارون الأعور عن أبان بن تغلب عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الرجل من أعلى عليين ليشرف على أهل الجنة فتضيء الجنة لوجهه كأنها كوكب دري مرفوعة الدال لا تهمز قال وان أبا بكر وعمر لمنهم وانعما
[504] حدثنا علي بن الحسن القطيعي قال نا موسى بن عبد الرحمن أبو عيسى المسروقي قثنا أبو أسامة قال حدثني محمد بن عمرو قال حدثني يحيى بن عبد الرحمن قال قالت عائشة لا أزال هائبة لعمر بعد ما رأيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم صنعت حريرة وعندي سودة بنت زمعة جالسة فقلت لها كلي فقالت لا أشتهي ولا آكل فقلت لتأكلن أو لألطخن وجهك فلطخت وجهها فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بيني وبينها فأخذت منها فلطخت وجهي ورسول الله يضحك إذ سمعنا صوتا جاءنا ينادي يا عبد الله بن عمر فقال رسول الله قوما فاغسلا وجوهكما فإن عمر داخل فقال عمر السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام عليكم أأدخل فقال أدخل أدخل
[505] حدثنا علي بن الحسن قثنا أبو عيسى محمد بن علي بن وضاح البصري قثنا وهب هو بن جرير قثنا أبي قال سمعت يونس الأيلي يحدث عن الزهري عن حمزة بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أتيت وأنا نائم بقدح من لبن فشربت منه حتى جعل اللبن يخرج من اظفاري فناولت فضلي عمر بن الخطاب فقالوا يا رسول الله فما اولته قال العلم
[506] حدثنا علي قثنا أبو عيسى قثنا وهب بن جرير قثنا أبي عن عبيد الله بن عتبة عن بن عباس قال قدم عيينة بن حصن فنزل على بن أخيه الحر بن قيس بن حصن وكان من النفر الذين يدنيهم عمر وكان القراء أصحاب مجلس عمر ومشاورته كهولا كانوا أو شبانا قال عيينة لابن أخيه هل لك وجه عند الأمير تستأذن لي عليه ففعل فدخل عليه فقال يا بن الخطاب والله ما تعطينا الجزل ولا تحكم بيننا بالعدل فغضب عمر حتى هم ان يقع به فقال الحر يا أمير المؤمنين ان الله عز وجل قال خذ العفو وأمر بالمعروف وأعرض عن الجاهلين وان هذا من الجاهلين فوالله ما جاوزها حين تلاها وكان وقافا عند كتاب الله عز وجل
[507] حدثنا علي قثنا أبو موسى هارون بن موسى هو الفروي قثنا عبد الله بن نافع الصائغ عن عاصم بن عمر عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن سالم بن عبد الله عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا أول من تنشق عنه الأرض أنا أبعث أو أحشر بين أبي بكر وعمر وأذهب إلى البقيع فيحشرون معي ثم أنتظر أهل مكة فيحشرون معي فآتي بين الحرمين
[508] حدثنا علي قال نا عبد الله بن عبد المؤمن نا عمر بن يونس اليمامي أبو حفص قثنا أبو بكر عن بن جريج عن عطاء عن أبي الدرداء قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما طلعت الشمس على أحد أفضل من أبي بكر إلا أن يكون نبي
[509] حدثنا جعفر بن محمد الفريابي قثنا قتيبة بن سعيد قثنا عفان بن مسلم نا همام بن يحيى نا ثابت البناني قال سمعت أنس بن مالك يقول سمعت أبا بكر الصديق يقول قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في الغار يا رسول الله لو نظر القوم إلينا لأبصرونا تحت أقدامهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما
[510] حدثنا جعفر بن محمد نا محمد بن المثنى قال نا حبان بن هلال أبو حبيب نا همام نا ثابت قثنا أنس بن مالك أن أبا بكر الصديق حدثه قال نظرت إلى أقدام المشركين ونحن في الغار وهم على رؤوسنا فقلت يا رسول الله لو أن أحدهم نظر إلى قدميه لأبصرنا تحت قدميه فقال يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما
[511] حدثنا جعفر قثنا أبو بكر بن أبي شيبة قثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما نفعني مال ما نفعني مال أبي بكر قال فبكى أبو بكر وقال وهل أنا ومالي إلا لك يا رسول الله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/218)
[512] حدثنا جعفر بن محمد قثنا هشام بن عمار الدمشقي قثنا الوليد بن مسلم عن بن لهيعة عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن عن عروة بن الزبير عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان عبدا من عباد الله خير ما بين الدنيا وبين ما عند ربه فاختار ما عند ربه فبكى أبو بكر وعلم أنه يريد نفسه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم سدوا الأبواب الشوارع في المسجد إلا باب أبي بكر فإني لا أعلم أحدا أفضل عندي يدا في الصحبة من أبي بكر
[513] حدثنا جعفر قال نا عبيد الله بن عمر القواريري قثنا أبو أحمد الزبيري نا سفيان الثوري عن السدي عن عبد خير عن علي قال ان أعظم أجرا في المصاحف أبو بكر الصديق كان أول من جمع القرآن بين اللوحين
[514] حدثنا جعفر نا عثمان بن أبي شيبة نا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن السدي عن عبد خير عن علي قال سمعته يقول رحم الله أبا بكر هو أول من جمع القرآن بين اللوحين
[515] حدثنا جعفر قال نا قتيبة بن سعيد قثنا الليث بن سعد عن عقيل عن الزهري عن حمزة بن عبد الله بن عمر عن عبد الله بن عمر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بينا أنا نائم إذ أتيت بقدح لبن فشربت منه ثم أعطيت فضلي عمر بن الخطاب قالوا فما أولته يا رسول الله قال العلم
[516] حدثنا جعفر قثنا قتيبة بن سعيد قثنا الليث بن سعد عن محمد بن عجلان عن سعد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد يكون في الأمم محدثون فإن يكن في أمتي أحد فعمر بن الخطاب
[517] حدثنا جعفر قثنا أبو خيثمة زهير بن حرب نا سفيان بن عيينة قال انا محمد بن عجلان عن سعد بن إبراهيم فذكر بإسناده مثله
[518] حدثنا جعفر قثنا أبو سعيد عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي قثنا محمد بن أبي فديك عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن بن أبي عتيق عن أبيه عن عائشة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من نبي إلا وفي أمته من بعده معلم أو معلم فإن يكن في أمتي منهم أحد فهو عمر بن الخطاب ان الحق على لسان عمر وقلبه
[519] حدثنا جعفر قثنا محمد بن عبد الله بن نمير قثنا عبد الله بن يزيد قال انا حيوة بن شريح عن بكر بن عمرو عن مشرح بن هاعان المعافري قال سمعت عقبة بن عامر يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لو كان بعدي نبي لكان عمر بن الخطاب
[520] حدثنا جعفر قال نا محمد بن أبي السري العسقلاني قال نا بشر بن بكر قال نا أبو بكر بن أبي مريم عن حبيب بن عبيد عن غضيف بن الحارث عن بلال قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله عز وجل جعل الحق على قلب عمر ولسانه
[521] حدثنا جعفر قال نا أبو الأصبغ عبد العزيز بن يحيى الحراني قال نا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن مكحول عن غضيف بن الحارث قال مررت بعمر بن الخطاب وانا غلام فقال نعم الغلام فقام إلي رجل فقال يا بن أخي ادع الله لي بخير قال قلت ومن أنت قال انا أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يغفر الله لك أنت أحمد أن تدعو لي مني لك قال بلى يا بن أخي قال سمعت عمر آنفا حين مررت به يقول نعم الغلام وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان الله وضع الحق على لسان عمر يقول به
[522] حدثنا جعفر قثنا محمود بن غيلان المروزي قثنا عبد الرزاق قال انا معمر عن عاصم عن زر عن علي بن أبي طالب قال ما كنا نبعد ان السكينة تنطق على لسان عمر
[523] حدثنا جعفر قثنا وهب بن بقية قثنا خالد بن عبد الله عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي قال قال علي ما كنا نبعد ان السكينة تنطق على لسان عمر
[524] حدثنا جعفر قثنا عبد السلام بن عبد الحميد الحراني قال نا عبد العزيز بن محمد عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه
[525] حدثنا جعفر قال حدثني الحسن بن علي الرزاز الواسطي قثنا يعقوب بن محمد الزهري قثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن الضحاك بن عثمان عن نافع عن بن عمر ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/219)
[526] حدثنا عبد الله بن الصقر السكري قال نا محمد بن مصفى قال نا مؤمل بن إسماعيل قثنا سفيان قال نا عبد الملك بن عمير عن منذر عن ربعي عن حذيفة قال قال رسول الله اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر
[527] حدثنا عبد الله بن الصقر قثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي قثنا يحيى بن محمد بن حكيم قثنا عبد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر عن عمر بن الخطاب قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصدقة فقال عمر وعندي مال كثير فقلت والله لأفضلن أبا بكر قال فاخذت ذلك المال وتركت لأهلي نصفه فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا عمر ان هذا مال كثير فما تركت لأهلك قال قلت نصفه قال وجاء أبو بكر بمال كثير فقال له النبي صلى الله عليه وسلم يا أبا بكر إن هذا مال كثير فما تركت لاهلك قال الله ورسوله
[528] حدثنا عبد الله بن الصقر قثنا سوار بن عبد الله بن سوار قال كان أبي يوما يحدث قوما وكان فيما حدثهم ان النبي صلى الله عليه وسلم مر بقبر يحفر فقال قبر من هذا قالوا قبر فلان الحبشي قال يا سبحان الله سيق من أرضه وسمائه الى التربة التي خلق منها قال أبي يا سوار ما اعلم لأبي بكر وعمر فضيلة أفضل من ان يكونا خلقا من التربة التي خلق منها رسول الله صلى الله عليه وسلم
[529] حدثنا عبد الله بن الصقر قثنا أبو مروان محمد بن عثمان قثنا إبراهيم بن سعد عن أبيه عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه كان فيمن كان قبلكم ناس محدثون فإن يك في أمتي منهم أحد فهو عمر بن الخطاب
[530] نا عبد الله بن الصقر نا إسحاق بن بهلول الأنباري قثنا أبو ضمرة عن بن عجلان عن سعد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه كان فيما خلا قبلكم ناس يحدثون فإن يكن في أمتي منهم أحد فهو عمر بن الخطاب قال إسحاق فقلت لأبي ضمرة ما معنى يحدثون قال يلقي على افئدتهم العلم
[531] حدثنا محمد بن إبراهيم الأصبهاني جار أبي بكر بن أبي داود قثنا أبو مسعود قال انا عبد الرزاق قال انا معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة ان عليا قال لأبي بكر والله ما منعنا ان نبايعك إنكار منا لفضلك ولا تنافس منا عليك لخير ساقه الله إليك ولكنا كنا نرى ان لنا في هذا الأمر حقا فاستبددتم علينا ثم ذكر قرابته مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بكى أبو بكر ثم صمت ثم تشهد أبو بكر فقال والله لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب الي من قرابتي وإني والله ما الوت في هذه الأموال التي بيننا وبينكم عن الخير ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا نورث ما تركنا صدقة إنما يأكل آل محمد في هذا المال وإني والله ما أدع أمرا صنعه فيه الا صنعته إن شاء الله فقال موعدك العشية للبيعة فلما صلى أبو بكر الظهر أقبل على الناس وعذر عليا ببعض ما اعتذر ثم قام علي فذكر أبا بكر وفضيلته وسابقته ثم قام اليه فبايعه فاقبل الناس الى علي فقالوا أحسنت واصبت وكان الناس قريبا إلى علي حين قارب الأمر المعروف
[532] حدثنا محمد بن إبراهيم قثنا أبو مسعود قال نا معاوية بن عمرو قثنا محمد بن بشر عن عبيد الله بن عمر عن زيد بن اسلم عن أبيه قال لما بويع لأبي بكر بعد النبي صلى الله عليه وسلم كان علي والزبير بن العوام يدخلان على فاطمة فيشاورانها فبلغ عمر فدخل على فاطمة فقال يا بنت رسول الله ما أحد من الخلق أحب إلينا من أبيك وما أحد من الخلق بعد أبيك أحب إلينا منك وكلمها فدخل علي والزبير على فاطمة فقالت انصرفا راشدين فما رجعا إليها حتى بايعا
[533] حدثنا محمد بن محمد الواسطي الباغندي قثنا جعفر بن مسافر التنيسي قال نا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك قثنا بن أبي ذئب قال حدثني سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه عن الهمداني يعني عبد خير قال قلت لعلي من خير الناس بعد النبي صلى الله عليه وسلم قال الذي لا نشك فيه والحمد لله أبو بكر أبي قحافة قال قلت ثم من قال الذي لا نشك فيه والحمد لله عمر بن الخطاب قال قلت ثم أنت الذي تليهما قال لا ولا الذي يلي يليهما
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/220)
[534] حدثنا محمد بن محمد قال حدثنا شبيبان بن فروخ الأبلي قثنا أبو عوانة عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة وعن أبي سعيد الخدري قالا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسبوا أصحابي فلو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه
[535] حدثنا محمد قثنا عبد الأعلى بن حماد النرسي قثنا بشر بن منصور عن سفيان الثوري عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد قال وقع بين خالد بن الوليد وبين عبد الرحمن بن عوف سباب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسبوا أصحابي فلو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما أدرك عمل صاحبه ولا نصيفه
[536] حدثنا محمد بن سليمان العلاف في المحرم سنة تسع وتسعين ومائتين قثنا الربيع بن ثعلب قثنا أبو إسماعيل وهو المؤدب عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي عن أبي جحيفة قال سمعت علي بن أبي طالب يخطب فقال خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر وعمر ثم رجل لو شئت لأخبرتكم به
[537] حدثنا محمد بن سليمان قثنا الربيع بن ثعلب قثنا أبو إسماعيل عن إسماعيل عن أبي إسحاق عن الشعبي عن رجل عن علي قال أتاه أهل نجران فناشدوه لما زدتنا الى ارضنا فقال والله لا افعل ان عمر بن الخطاب كان رشيد الأمر ولن اغير ما فعل
[538] حدثنا عباس بن إبراهيم القراطيسي قثنا الحسن بن يزيد قثنا عبد الرحمن بن أبان الرازي عن كنانة بن جبلة عن بكير بن شهاب عن عبيد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أخيركم وأفضلكم أبو بكر واساني بنفسه وزوجني ابنته وخير أموالكم مال أبي بكر اعتق منه بلالا وحمل نبيكم الى دار الهجرة
[539] حدثنا عباس بن إبراهيم قثنا الحسن بن يزيد نا جرير بن عبد الحميد الرازي عن مغيرة عن إبراهيم قال أول من أسلم أبو بكر الصديق
[540] حدثنا عباس قثنا الحسن بن يزيد قال نا يزيد بن هارون عن أبي معشر قثنا أبو وهب مولى أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسرى بي قلت ان قومي لا يصدقوني قال فقال له جبريل عليه السلام يصدقك أبو بكر الصديق
[541] حدثنا العباس قثنا الحسن بن يزيد قثنا أبو بكر بن عياش عن عاصم عن زر عن عبد الله قال ان الله عز وجل نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد صلى الله عليه وسلم فوجد قلوب اصحابه خير قلوب العباد فجعلهم وزراءه يقاتلون على دينه فما رأى المسلمون حسنا فهو عند الله حسن وما رأى المسلمون سيئا فهو عند الله سيء وقد رأى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم جميعا ان يستخلفوا أبا بكر
[542] حدثنا جعفر بن محمد الفريابي قثنا أبو أيوب سليمان بن عبد الرحمن قثنا أيوب بن سويد قال حدثني يونس عن بن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن ان أبا هريرة حدثه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا بكر في الحجة التي أمره عليها قبل حجة الوداع يؤذن في الناس لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان
[543] حدثنا جعفر قال نا عمرو بن عثمان بن كثير بن دينار قال نا بشر بن شعيب عن أبيه عن الزهري قال وحدثني حمزة بن عبد الله بن عمر ان عبد الله بن عمر قال لما اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم شكواه الذي توفي فيه قال ليصل للناس أبو بكر فقالت له عائشة يا رسول الله ان أبا بكر رجل رقيق لا يملك دمعه حين يقرأ القرآن فمر عمر ليصل للناس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصل بهم أبو بكر فراجعته عائشة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصل للناس أبو بكر فإنكن صواحب يوسف فقالت عائشة وما حملني حينئذ على ان اكلمه في ذلك الا كراهية ان يتشاءم الناس بأول رجل يقوم مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فوالله ما كان يقع في نفسي ان يحب الناس رجلا يقوم مقام رسول الله ابدا
[544] حدثنا جعفر قال حدثني عباس العنبري قثنا عبد الرزاق قال انا معمر عن الزهري فذكر بإسناده نحوه
[545] حدثنا جعفر قثنا محمد بن خلاد الباهلي قثنا يحيى قثنا إسماعيل قال قال عامر اشهد على أبي جحيفة انه قال اشهد على علي انه قال يا وهب الا أخبرك بأفضل هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر ثم رجل آخر
[546] حدثنا جعفر قثنا وهب بن بقية قال انا خالد بن عبد الله عن إسماعيل بن أبي خالد عن عامر الشعبي قال قال أبو جحيفة قال علي الا أخبركم بخير هذه الأمة بعد نبيها قلت بلى قال أبو بكر ثم عمر ثم رجل آخر
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/221)
[547] حدثنا جعفر قثنا وهب بن بقية قال انا خالد بن عبد الله عن بيان بن بشر عن عامر الشعبي عن أبي جحيفة قال قال علي بن أبي طالب الا أخبركم بخير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر ثم رجل آخر
[548] حدثنا جعفر قثنا محمد بن المثنى ومحمد بن بشار قالا نا عبد الرحمن بن مهدي قثنا سفيان الثوري عن حبيب بن أبي ثابت عن عبد خير قال سمعت عليا يقول خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر ولو شئت لسميت الثالث
[549] حدثنا جعفر قثنا عبيد الله بن معاذ قثنا أبي قثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة قال سمعت عليا وهو يخطب الا أخبركم بخير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر ثم قال الا أخبركم بخير الناس بعد أبي بكر عمر
[550] حدثنا جعفر قثنا عبيد الله بن معاذ قثنا أبي قثنا شعبة عن حبيب بن أبي ثابت سمع عبد خير عن علي مثل ذلك
[551] حدثنا جعفر قال نا عبد الله بن عمر بن أبان الجعفي أبو عبد الرحمن قثنا حسين بن علي عن زائدة عن السدي عن عبد خير قال قال علي ان خير من ترك نبيكم بعده أبو بكر ثم عمر ولقد علمت مكان الثالث
[552] حدثنا جعفر قثنا محمد بن المثنى ومحمد بن بشار قالا نا عبد الرحمن بن مهدي قثنا سفيان الثوري عن جامع بن أبي راشد عن أبي يعلى منذر الثوري عن بن الحنفية قال قلت يا أبت من خير الناس بعد رسول الله فقال أبو بكر قلت ثم من قال ثم عمر
[553] حدثنا جعفر قثنا أحمد بن خالد قثنا إسحاق بن يوسف قثنا سفيان عن جامع عن أبي يعلى عن محمد بن الحنفية قال قلت لعلي يا ابتاه أي الناس خير بعد النبي صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر قلت ثم من قال ثم عمر
[554] حدثنا جعفر قال حدثني أحمد بن خالد قثنا شعيب بن حرب قثنا سفيان الثوري عن جامع بن أبي راشد عن منذر الثوري عن محمد بن الحنفية قال قلت لأبي من خير هذه الأمة بعد نبيها قال يا بني خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر قال قلت ثم من قال ثم عمر
[555] حدثنا جعفر قال حدثني أبو بكر بن أبي شيبة قثنا زيد بن الحباب قال حدثني معاوية بن صالح قال حدثني ربيعة بن يزيد الدمشقي عن عبد الله بن عامر اليحصبي قال سمعت معاوية بن أبي سفيان يقول إياكم والأحاديث إلا حديث كان على عهد عمر فإن عمر كان يخيف الناس بالله سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنما أنا خازن فمن أعطيته عن طيب نفس فيبارك له فيه ومن أعطيته عن مسألة وشره كان كالذي يأكل ولا يشبع
[556] حدثنا الهيثم بن خلف الدوري قثنا عبد الله بن مطيع قثنا هشيم عن حصين قال سمعت المسيب بن عبد خير الهمداني يحدث عن أبيه قال سمعت علي بن أبي طالب على المنبر وهو يقول ان خير هذه الأمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم أبو بكر ثم عمر وأنا قد أحدثنا بعدهم احداثا يقضي الله فيها ما أحب
[557] حدثنا أبو عمر محمد بن جعفر القرشي الكوفي قثنا جعفر بن حميد القرشي قثنا يونس بن أبي يعفور عن أبيه قال جلست أنا وجعفر بن عمرو بن حريث وسعيد بن اشوع القاضي إلى فلان بن سعيد أو سعيد بن فلان قال فحدثنا أن نفرا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم اتوه فقالوا يا رسول الله أرنا رجلا من أهل الجنة فقال النبي من أهل الجنة وأبو بكر وعمر من أهل الجنة وعثمان من أهل الجنة وعلي من أهل الجنة وطلحة من أهل الجنة والزبير من أهل الجنة وعبد الرحمن بن عوف من أهل الجنة وسعد بن أبي وقاص من أهل الجنة قال سعيد بن فلان أو فلان بن سعيد وأنا من أهل الجنة والله لا أخبره بعدكم أحدا ابدا
[558] حدثنا محمد بن يونس القرشي قال نا يونس بن عبيد الله قثنا مبارك بن فضالة عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر عن عمر بن الخطاب قال اتهموا الرأي على الدين فلقد رأيتني يوم أبي جندل وأنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم برأيي اجتهادا إليه ما آلو عن الحق والكتاب يكتب بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اكتبوا بسم الله الرحمن الرحيم فقال سهيل بن عمرو اذن قد صدقناك بما تقول ولكنا نكتب كما نكتب باسمك اللهم فرضي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبيت عليهم حتى قال لي رسول الله ترى أني قد رضيت وتأبى قال فرضيت
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/222)
[559] حدثنا محمد بن يونس قال نا محمد بن الطفيل قثنا الصبي بن الأشعث عن عطية عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان أهل الدرجات العلى ليراهم من تحتهم كما يرى أحدهم الكوكب الدري الغابر في أفق من آفاق السماء وان أبا بكر وعمر لمنهم وأنعما قلت وما أنعما قال أخصبا
[560] حدثنا محمد بن يونس قال نا يحيى بن يعلى قال أبي نا غيلان بن جامع عن جعفر بن إياس عن مجاهد عن بن عباس قال لما نزلت هذه الآية {والذين يكنزون الذهب والفضة} كبر على المسلمين وقالوا ما يستطيع أحد ان يدع مالا لولده فقال عمر بن الخطاب أنا أفرج عنكم فانطلق عمر وأتبعه ثوبان فأتيا النبي صلى الله عليه وسلم فقال عمر يا نبي الله انه قد كبر على أصحابك هذه الآية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله لم يفرض الزكاة إلا ليطيب ما بقي من أموالكم وإنما فرض المواريث لأموال تبقى بعدكم قال فكبر عمر وكبر المسلمين
[561] حدثنا محمد بن يونس قثنا بكر بن الأسود قثنا محمد بن أبي حفص العطار عن يزيد بن أبي زياد عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال سألنا علي بن أبي طالب عن أبي بكر وعمر فقال إني لأحسبهما من السبعين الذين سألهم الله عز وجل موسى بن عمران فأخبرك ما أعطى محمدا ثم تلا {واختار موسى قومه سبعين رجلا} الآية
[562] حدثنا محمد بن يونس قثنا أبو النعمان محمد بن الفضل السدوسي في صحته سنة ثمان ومائتين واستملى هذا الحديث بندار قثنا ثابت أبو زيد قثنا هلال بن خباب أن رجلا أعمى حدثهم وكان كثير المآثر وكان جليسا لأبي سليمان عن أبي سليمان عن أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم توجه نحو أحد فاتبعه أبو ذر فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم فقال أبو ذر قال لبيك وسعديك وانا فداءك فذكر حديثا طويلا وقال في آخره أتاني جبريل عليه السلام ان بشر أمتك انه من قال لا إله إلا الله مخلصا فذكر خيرا كثيرا فلما جاء المدينة قال ادعو الى أبا الدرداء فجاء فأمره أن يبشر الناس فرده عمر بن الخطاب قال يا نبي الله إذا يتكل الناس على قول لا إله إلا الله ويتركوا العمل فقال النبي صلى الله عليه وسلم ارشدك الله أو نحوا من هذا
[563] حدثنا محمد بن يونس قثنا عبد الرحمن بن جبلة قثنا العباس بن محمد الهلالي قال نا بريد بن أبي مريم عن أبيه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أبو بكر وعمر سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين ما خلا النبيين والمرسلين
[564] حدثنا عمر بن يوسف بن الضحاك المخرمي املاء في سنة خمس وثمانين ومائتين قال نا محمد بن عبد الله الخراساني قثنا محمد بن أحمد المروزي قال نا عمر بن عبد الله الشجري قال حدثني عمر بن يعقوب قثنا عمرو الخراساني عن حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس عن أبي بكر الصديق قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا بكر اعطاك الله رضوانه الأكبر قال بأبي وأمي وما رضوانه الأكبر قال إذا كان يوم القيامة تجلى للخلائق عامة ولك خاصة
[565] حدثنا عمر بن يوسف قثنا إبراهيم بن راشد الأدمي قثنا معلى بن عبد الرحمن الواسطي قثنا عبد الحميد بن جعفر عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ولكن أخوة الإسلام أفضل
[566] حدثنا عمر قثنا إبراهيم بن راشد قال حدثني مسلم بن إبراهيم نا وهيب بن خالد عن أيوب عن عكرمة عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ولكن أخوة الإسلام أفضل
[567] حدثنا عمر نا إبراهيم نا معلى بن عبد الرحمن نا عبد الحميد بن جعفر عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سدوا الأبواب التي في المسجد إلا باب أبي بكر
[568] حدثنا محمد بن محمد الباغندي قثنا محمد بن معمر البحري قال حدثني الحسين بن الحسن قثنا شريك عن إبراهيم بن المهاجر عن عطية عن أبي سعيد يعني الخدري قال قال النبي صلى الله عليه وسلم إن أهل عليين ليراهم من هو أسفل منهم كما ترون الكوكب الدري وأن أبا بكر وعمر منهم وأنعما
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/223)
[569] حدثنا محمد بن محمد قال حدثني الحسن بن أبي شعيب الحراني نا مسكين بن بكير عن هارون النحوي عن أبان بن تغلب عن عطية عن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أهل عليين ليرون من أسفل منهم كما ترون الكوكب الدري من آفاق السماء وأن أبا بكر وعمر منهم وأنعما
[570] حدثنا جعفر بن محمد الفريابي قثنا محمد بن عثمان بن خالد نا إبراهيم بن سعد عن صالح بن كيسان عن بن شهاب عن حمزة بن عبد الله بن عمر انه سمع عبد الله بن عمر يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بينا انا نائم إذ أتيت بقدح لبن فشربت منه حتى اني أرى الري يخرج من اطرافي قال ثم أعطيت فضلي عمر فقال من حوله فما اولت ذلك يا رسول الله قال العلم
[571] حدثنا جعفر نا قتيبة بن سعيد نا الليث بن سعد عن عقيل عن الزهري عن حمزة بن عبد الله بن عمر بن الخطاب قال لما اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه الذي توفي فيه قال ليصل للناس أبو بكر
[572] حدثنا جعفر قثنا مزاحم بن سعيد نا عبد الله بن المبارك قال انا يونس عن الزهري قال حدثني حمزة بن عبد الله بن عمر ان عبد الله بن عمر قال كان عمر يقول في المسجد بأعلى صوته اجتنبوا اللغو في المساجد
[573] حدثنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله الكشي قثنا حجاج بن المنهال قثنا حماد عن علي بن زيد عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم تعجبه الرؤيا الحسنة فيسأل عنها فقال ذات يوم أيكم رأى رؤيا فقال رجل رأيت كأن ميزانا من السماء فوزنت وأبو بكر فرجحت بابي بكر ووزن أبو بكر بعمر فرجح أبو بكر بعمر ثم وزن عمر وعثمان فرجح عمر بعثمان ثم رفع الميزان فاستاء لها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال خلافة نبوة ثم يؤتي الله الملك من يشاء
[574] حدثنا إبراهيم قثنا الحكم بن مروان قثنا النضر بن إسماعيل البجلي عن محمد بن سوقة عن منذر الثوري عن محمد بن الحنفية قال قلت لأبي يا أبت من خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو بكر قلت ثم من قال أو ما علمت قلت لا قال عمر قال ثم عجلت للحداثة فقلت ثم أنت يا أبت فقال يا بني أبوك رجل من المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم
[575] حدثنا إبراهيم بن عبد الله قثنا الحكم بن مروان قثنا فرات بن السائب عن ميمون بن مهران عن بن عمر ان النبي صلى الله عليه وسلم أراد ان يبعث رجلا في حاجة وأبو بكر عن يمينه وعمر عن يساره فقال علي الا تبعث هذين فقال كيف أبعثهما وهما من الدين كمنزلة السمع والبصر من الرأس
[576] حدثنا إبراهيم بن عبد الله قثنا محمد بن سنان العوقي قثنا همام عن ثابت عن أنس عن أبي بكر قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في الغار يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما
[577] حدثنا إبراهيم قثنا عمرو بن مرزوق قال انا مالك بن أنس عن بن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله عن بن عباس عن عمر قال لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم اجتمع المهاجرون الى أبي بكر واجتمعت الأنصار الى سقيفة بني ساعدة وذكره بطوله
[578] حدثنا إبراهيم قثنا سليمان بن داود قثنا محمد بن إسماعيل قثنا عاصم بن عمر عن سهيل بن أبي صالح عن محمد بن إبراهيم بن الحارث عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي أروي السدوسي قال كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم فطلع أبو بكر وعمر فقال الحمد لله الذي ايدني بهما
[579] حدثنا إبراهيم قثنا عمر بن موسى الحادي قال حدثني إبراهيم بن سعد قال حدثني أبي عن نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه أن امرأة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمته في شيء فأمر بأمره فقالت أرأيت إن لم أجدك فقال ائت أبا بكر
[580] حدثنا إبراهيم قثنا سليمان بن حرب قثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة قال قال علي الا أخبركم بخير هذه الأمة بعد نبيها ثم قال أبو بكر ثم قال الا أخبركم بخير هذه الأمة بعد أبي بكر ثم قال عمر
[581] حدثنا إبراهيم قثنا إبراهيم بن مرزوق قال المسعودي عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم ان أهل الدرجات العلى ليراهم من هو دونهم كما يرى الكوكب الدري في أفق من آفاق السماء وان أبا بكر وعمر منهم وانعما
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/224)
[582] حدثنا إبراهيم قثنا عبد الله بن رجاء قال انا زائدة عن عبد الملك بن عمير عن أبي بردة بن أبي موسى عن أبيه قال مرض النبي صلى الله عليه وسلم فقال مروا أبا بكر فليصل بالناس فقالت عائشة يا رسول الله ان أبا بكر رجل رقيق فقال مروا أبا بكر فليصل بالناس فقالت عائشة يا رسول الله ان أبا بكر رجل رقيق فقال مروا أبا بكر فليصل بالناس فإنكن صواحبات يوسف قال فأم أبو بكر الناس في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
[583] حدثنا إبراهيم نا القعنبي قثنا سفيان عن الزهري عن عروة عن عائشة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ما نفعنا مال ما نفعنا مال أبي بكر
[584] حدثنا إبراهيم قثنا القعنبي قثنا سفيان عن عمرو عن يحيى بن جعدة عن بن عباس قال قال لي عمر الآن لو ان لي الدنيا وما فيها لافتديت به من هول يوم المطلع قال بن عباس فقلت صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ففارقك وهو عنك راض وصحبت أبا بكر ففارقك وهو عنك راض ثم وليت المسلمين فعدلت فيهم قال أعد علي كلماتك
[585] حدثنا إبراهيم قثنا القعنبي قثنا سلمة بن وردان قال سمعت أنسا قال سأل النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه من أصبح صائما اليوم قال عمر انا قال فمن تصدق اليوم قال عمر انا قال فمن عاد مريضا قال عمر انا قال فمن شيع جنازة قال عمر انا قال وجبت لك يعني الجنة
[586] حدثنا إبراهيم قثنا عمران بن مسيرة قثنا بن إدريس عن ليث عن القاسم أبي هاشم عن سعيد بن قيس الخارفي قال سمعت عليا يقول على المنبر سبق رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلى أبو بكر وثلث عمر ثم خبطتنا فتنة فما شاء الله
[587] حدثنا إبراهيم نا الرمادي قثنا سفيان قثنا الأعمش عن عبد الله بن مرة عن أبي الأحوص عن عبد الله
[587] قال ونا الرمادي قثنا أبو معاوية الضرير عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن مسعود ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ابرأ الى كل خليل من خلته ولو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ولكن ود وإخاء ايمان وان صاحبكم خليل الله قال سفيان بن عيينة يعني نفسه صلى الله عليه وسلم
[588] حدثنا إبراهيم نا الرمادي قثنا سفيان عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت ما أدركت أبوي قط الا وهما يدينان وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتينا في كل يوم طرفي النهار فأتانا ذات يوم في نحرة الظهيرة فقال يا أبا بكر هل علينا من عين فقال يا رسول الله إنما انا وأم رومان وعائشة قال فإن الله عز وجل قد أذن لي بالهجرة قال فالصحبة يا رسول الله قال لك الصحبة قال فإن عندي راحلتين قد أعددتهما لهذا اليوم فخذ إحداهما فقال بالثمن يا أبا بكر فخرجا جميعا قال سفيان ولم اسمعه من الزهري حدثونا عنه
[589] حدثنا إبراهيم قثنا الرمادي نا سفيان عن الزهري عن عروة عن عائشة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال في مرضه مروا أبا بكر فليصل بالناس فقالت عائشة فكرهت ان يتشاءم الناس بأبي فقلت لحفصة قولي ان أبا بكر رجل رقيق ومتى ما يقم مقامك يبك فلو أمرت عمر فقال مروا أبا بكر فليصل بالناس قالت عائشة فاعادت عليه فقال انكن صواحبات يوسف مروا أبا بكر فليصل بالناس يأبى الله والمؤمنون الا أبا بكر قال سفيان ولم اسمعه من الزهري حدثونا عنه
[590] حدثنا إبراهيم قثنا الرمادي قثنا سفيان قال سمعت الزهري ويزعمون انه عن عبيد الله بن عبد الله عن بن عباس قال جاء رجل الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله رأيت في النوم كأن ظلة تنطف سمنا وعسلا ورأيت الناس يتكففون منه فالمستقل والمستكثر ورأيت سببا واصلا الى السماء أخذت به فعلوت ثم أخذ به آخر بعدك فعلا ثم أخذ به آخر بعده فعلا ثم أخذ به آخذ بعده فانقطع فوصل له فعلا فقال أبو بكر يا رسول الله دعني أعبرها قال اما الظلة فهو الإسلام واما ما تنطف من السمن والعسل فهو القرآن حلاوته ولينه والناس يتكففون منه فالمستقل والمستكثر واما السبب الواصل الى السماء فهو الذي أنت عليه من الحق أخذت به فعلوت ثم اخذ به آخر بعدك فعلا ثم أخذ به آخر بعده فعلا ثم أخذ به آخر بعده فانقطع فوصل له فقال أصبت يا رسول الله قال أصبت بعضا واخطأت بعضا قال اقسمت يا رسول الله قال لا تقسم يا أبا بكر
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/225)
[591] حدثنا إبراهيم قثنا الرمادي قثنا سفيان عن الزهري عن عبيد بن السباق عن زيد بن ثابت قال قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكن القرآن جمع إنما كان في العسب والكرانيف وجرائد النخل والسعف فلما قتل سالم يوم اليمامة قال سفيان وهو أحد الأربعة الذين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خذوا القرآن منهم جاء عمر بن الخطاب إلى أبي بكر فقال ان القتل قد استحر بأهل القرآن وقد قتل سالم مولى أبي حذيفة وأخاف أن لا يلقى المسلمون زحفا آخر الا استحر القتل فيهم فاجمع القرآن في شيء فإني أخاف أن يذهب قال فكيف تأمرني ان أفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فلم يزل به حتى شرح الله صدر أبي بكر للذي شرح صدر عمر قال فأرسل إلى زيد بن ثابت فادعه حتى يكون معنا فإنه كان شابا حدثا ثقفا يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي فادعه حتى يكون معنا زيد بن ثابت فارسلا إلي فدعواني فجئت إليهما فقالا إنا نريد أن نجمع القرآن في شيء تكون معنا فإنك كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكنت حدثا ثقفا فقلت لهما وكيف تفعلان شيئا لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر قلت ذاك لهذا قال فلم يزالا بي حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدورهما قال فتتبعناه فكتبناه قال سفيان ولم اسمعه من الزهري إنما حدثونا عنه قال وأهل المدينة يسمون زيد بن ثابت كاتب الوحي
[592] حدثنا إبراهيم قثنا أبو عمر الحوضي حفص بن عمر قال نا سلام الطويل عن زيد العمى عن معاوية بن قرة عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يموت نبي حتى يؤمه رجل من أمته
[593] حدثنا إبراهيم قثنا عمران بن ميسرة قثنا المحاربي عن عبد السلام بن حرب قال حدثني أبو خالد الدالاني عن أبي يحيى مولى آل جعدة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ جبريل عليه السلام بيدي فأراني باب الجنة الذي تدخل منه أمتي فقال أبو بكر يا رسول الله وددت أني كنت معك حتى أراه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اما انك أول من يدخل الجنة من أمتي
[594] حدثنا إبراهيم قثنا محمد بن أبي بكر المقدمي قثنا زيد بن الحباب قثنا حسين بن واقد عن عبد الله بن بريدة عن أبيه ان امرأة سوداء نذرت إن الله رد رسوله من غزوة غزاها ان تضرب عنده بالدف فرجع وقد افاء الله عليه فأخبرته فقال اضربي فدخل أبو بكر وهي تضرب ثم دخل عثمان وهي تضرب ثم دخل عمر فلما سمعت حسه ألقت الدف وجلست منقمعة فقال النبي صلى الله عليه وسلم أنا ها هنا وأبو بكر وعثمان اني لأحسب الشيطان يفرق منك يا عمر
[595] حدثنا إبراهيم نا مسدد قثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما نفعني مال قط ما نفعني مال أبي بكر فبكى أبو بكر وقال ما أنا ومالي يا رسول الله إلا لك
[596] حدثنا إبراهيم قثنا مسدد نا عبد الله بن داود عن الأعمش عن عطية عن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان أهل الدرجات العلى ليراهم من أسفل منهم كما يرى أحدكم الكوكب الدري في أفق السماء وان أبا بكر وعمر منهم وانعما
[597] حدثنا إبراهيم بن محمد بن شريك الكوفي قثنا أحمد بن عبد الله بن يونس نا معلى بن هلال عن الأعمش عن أبي سفيان عن رجل سقط من كتاب بن مالك اسمه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يبغض أبا بكر وعمر مؤمن ولا يحبهما منافق
[598] حدثنا محمد بن سليمان المخرمي قال نا محمد بن بشير قثنا أبو بكر بن عياش قال سمعت أبا حصين يقول والله ما ولد لآدم بعد النبيين والمرسلين أفضل من أبي بكر
[599] حدثنا محمد بن سليمان قثنا عبد الملك بن عبد ربه أبو إسحاق الطائي قال نا خلف بن خليفة قال سمعت بن أبي خالد يقول نظرت عائشة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا سيد العرب فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا سيد ولد آدم ولا فخر وأبوك سيد كهول العرب وعلي سيد شباب العرب
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/226)
[600] حدثنا محمد بن سليمان قثنا الربيع بن ثعلب قال نا أبو معاوية الضرير عن عبد الرحمن بن أبي بكر القرشي عن بن أبي مليكة عن عائشة قالت لما ثقل النبي صلى الله عليه وسلم قال لعبد الرحمن بن أبي بكر ائتني بكتاب حتى أكتب لأبي بكر كتابا لا يختلف عليه فلما قام عبد الرحمن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أبى الله والمؤمنون أن يختلف على رأي أبي بكر الصديق
[601] حدثنا محمد بن سليمان قثنا الربيع بن ثعلب قثنا أبو إسماعيل المؤدب عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي عن علي قال ما كنا نبعد أن تكون السكينة تنطق بلسان عمر بن الخطاب
[602] حدثنا محمد بن يونس القرشي قثنا محمد بن جهضم قثنا سعيد بن مسلمة عن إسماعيل بن أمية عن نافع عن بن عمر قال دخل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد وأبو بكر عن يمينه وعمر عن يساره فقال هكذا نبعث يوم القيامة
[603] حدثنا محمد قثنا إسماعيل بن سنان أبو عبيدة العصفري قثنا مالك بن مغول عن طلحة بن مصرف عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر صاحبي ومؤنسي في الغار سدوا كل خوخة في المسجد إلا خوخة أبي بكر
[604] حدثنا محمد قال نا محمد بن إسماعيل الأنصاري قثنا شعبة عن أبي إسحاق عن خليد بن جعفر عن أبي عمران الألهاني عن أبي عنبة الخولاني قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان أول من يثاب على الإسلام أبو بكر وعمر ولو حدثتكم بثواب ما يعطي أبو بكر وعمر ما بلغت
[605] حدثنا محمد بن يونس قثنا حبان بن هلال قثنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن أنس بن مالك قال ارتدف رسول الله صلى الله عليه وسلم خلف أبي بكر فكان إذا مر على الملأ من قريش قالوا له يا أبا بكر من هذا الرجل معك فيقول هذا رجل يهديني السبيل
[606] حدثنا محمد قثنا النضر بن حماد العقدي قال نا سيف بن عمر الأسدي قثنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأيتم الذين يسبون أصحابي فالعنوهم
[607] حدثنا إبراهيم بن محمد الكوفي قثنا أحمد بن عبد الله بن يونس قثنا أبو بكر بن عياش عن أبي المهلب الكناني عن عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي امامة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله عز وجل اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا وانه لم يكن نبي إلا له من أمته خليل إلا إن خليلي أبو بكر
[608] نا إبراهيم بن محمد قثنا أحمد بن يونس قثنا محمد بن أبان قثنا أبو عون محمد بن عبيد الله قال صدر عمر يعني بن الخطاب من آخر حجة حجها فأتى البطحاء فكوم كوما من البطحاء ثم استلقى فوضع رأسه عليها ورفع يديه إلى السماء وقال اللهم كبرت سني ورق عظمي وانتشرت رعيتي وتخوفت العجز فاقبضني إليك غير عاجز ولا مفتون قال فقام من مضجعه فلقيه رجل فقال له
جزى الله خيرا من أمير وباركت
يد الله في ذاك الاهاب الممزق
قضيت أمورا ثم غادرت بعدها
بوايج في اكمامها لم تفتق
فمن يسع أو يركب جناحي نعامة
ليدرك ما قدمت بالأمس يسبق
فما كنت أرجو أن تكون وفاته
بكفي سبنتى ازرق العين مطرق ثم ولي عنه فقال عمر على الرجل فطلب فلم يوجد فظن عمر ان الرجل من الجن نعى إليه نفسه فما لبث بالمدينة إلا قليلا حتى أصيب رضى الله تعالى عنه
[609] حدثنا إبراهيم بن محمد الكوفي قنا أحمد بن يونس نا مالك بن مغول عن الشعبي قال آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أبي بكر وعمر فأقبل أحدهما آخذا بيد صاحبه فقال النبي صلى الله عليه وسلم من سره أن ينظر إلى سيدي كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين إلا النبيين والمرسلين فلينظر إلى هذين المقبلين
[610] حدثنا أبو جعفر محمد بن هشام بن أبي الدميك قثنا الحسن بن سعيد البزاز قثنا خالد بن العوام عن ميمون بن مهران في قوله عز وجل {وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا} قال أسر إليها أن أبا بكر خليفتي من بعدي
[611] حدثنا محمد قثنا الحسن بن سعيد قثنا خالد بن العوام عن فرات بن السائب في قوله عز وجل {وان تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين} أبو بكر وعمر
[612] حدثنا محمد قثنا الحسن بن سهل قال قال عبد الله بن المبارك ما كتم أحد العلم فأفلح
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/227)
[613] حدثنا الحسين بن عمر بن أبي الأحوص الكوفي قثنا أحمد بن عبد الله بن يونس قثنا السري بن يحيى قال قرأ الحسن هذه الآية {يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه} حتى قرأ الآية قال فقال الحسن فولاها أبا بكر وأصحابه
[614] حدثنا الحسين قثنا أبي قال قرئ على بن السماك عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي عن علي قال ما كنا نبعد ان السكينة تنطق على لسان عمر
[615] حدثنا الحسين قثنا أبي قال قرئ على بن السماك عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن عبد الله بن مسعود قال ما زلنا أعزة منذ اسلم عمر
[616] حدثنا الحسين قثنا العلاء بن عمرو الحنفي قثنا بن اليمان عن شيخ من قريش عن رجل من الأنصار يقال له الحارث عن طلحة بن عبيد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لكل نبي رفيق ورفيقي في الجنة عثمان
[617] حدثنا الحسين قثنا أبي قثنا محمد بن الحسن الأسدي عن فطر بن خليفة عن حبيب بن أبي ثابت عن عبد خير قال سمعت عليا يقول خير هذه الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر وعمر ثم قال الا أخبركم بخيرها بعد أبي بكر وعمر ثم سكت
[618] حدثنا الحسين قثنا أبي عمر بن إبراهيم بن عمر قثنا محمد بن الحسن عن فطر عن أبي إسحاق عن عبد خير عن علي مثله
[619] قال أبي قثنا محمد بن الحسن عن محمد بن عبيد الله عن أبي إسحاق عن عبد خير عن علي مثله
[620] قال ونا أبي نا محمد بن الحسن عن أبيه عن حكيم بن جبير عن أبي جحيفة عن علي مثله
[621] حدثنا الحسين قثنا أبي قثنا محمد بن القاسم الأسدي عن شعبة عن الحكم عن عبد خير قال قام علي على المنبر فقال الا أخبركم بخير هذه الأمة بعد نبيها قالوا بلى قال أبو بكر ثم سكت سكتة ثم قال الا أخبركم بخير هذه الأمة بعد أبي بكر عمر
[622] حدثنا الحسين نا عقبة بن مكرم الضبي قثنا يونس بن بكير عن الحسن بن عمارة عن الحكم وواصل عن شقيق بن سلمة قال قيل لعلي الا توصي قال ما أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاوصى ولكن ان يرد الله بالناس خيرا فسيجمعهم على خيرهم كما جمعهم بعد نبيهم على خيرهم
[623] حدثنا الحسين قثنا عقبة بن مكرم قال نا نصر بن حسام يعني بن مصك عن الحسن عن سمرة بن جندب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرت ان أولي الرؤيا يا أبا بكر
[624] حدثنا الحسين قثنا أحمد بن يونس السري يعني بن يحيى عن محمد بن سيرين عن الأحنف بن قيس قال كان رجال على باب عمر فمرت بهم جارية فقالوا هذه سرية أمير المؤمنين فقالت اني لا أحل اني من مال الله قال فبلغ ذلك عمر فقال أتدرون ما لعمر من مال الله عز وجل لحلتاه حلة لشتاءه وقيظه ومطيته التي يتبلغ عليها لحجه وعمرته وقوته كقوت رجل قال بن سيرين لا أدري قال من قريش أو من المهاجرين ليس بأرفعهم ولا بأخسهم
[625] حدثنا الحسين نا هناد بن السري قال نا يونس عن النضر أبي عمر عن عكرمة عن بن عباس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اللهم ايد الإسلام بابي جهل بن هشام أو بعمر بن الخطاب فأصبح عمر فغدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فاسلم ثم خرج فصلى في المسجد
[626] حدثنا الحسين قال نا عبادة بن زياد بن موسى الأسدي قال نا يحيى بن العلاء الرازي عن جعفر عن أبيه وأبو البختري المدني عن جعفر عن أبيه وعن عبد السلام بن عبد الله عن عكرمة عن بن عباس ان أبا بكر قال والذي نفسي بيده ما أخذتها رغبة فيها ولا إرادة استئثار على أحد من المسلمين ولا حرصت عليها يوما ولا ليلة قط ولا سألتها الله عز وجل سرا ولا علانية ولقد تقلدت أمرا عظيما لا طاقة لي به الا ان يعينني الله عليه
[627] حدثنا الحسين بن عمر قثنا محمد بن العلاء قثنا أبو محمد يعني اسيدا قثنا هريم بن سفيان عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي قال قال علي ان أبا بكر كان اواها حليما وان عمر ناصح الله فنصحه الله وقد كنا أصحاب محمد نرى ان السكينة تنطق يعني على لسان عمر وقد كنا نرى ان الشيطان يهابه ان يأمره بالخطيئة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/228)
[628] حدثنا الحسين قثنا هناد بن السري قثنا أبو محياة عن داود بن أبي سليمان بن أخي إسماعيل بن أبي خالد عن شيخ كان فيهم قال سمعت أنس بن مالك قال خدمت النبي صلى الله عليه وسلم سبع سنين قال فأخذ بيدي يوما من الأيام فخرج الى حديقة من حدائق المدينة فدخلها واغلقت الباب عليه قال فجاء أبو بكر فدق الباب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم افتح له وبشره بالجنة وانه الوالي من بعدي قال ففتحت به الباب وبشرته بالجنة وانه هو الوالي من بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فسبقته عيناه ودخل فاغلقت الباب قال فجاء عمر فدق الباب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم افتح له وبشره بالجنة وانه سيلي من بعدي قال ففتحت له الباب وبشرته بالجنة وانه سيلي من بعد رسول الله قال فشهق شهقة ظننت ان رأسه انصدع منها قال ودخلت وغلقت الباب وذكر الحديث
[629] حدثنا الحسين قثنا محمد بن بشر الحريري سنة سبع وعشرين ومائتين ومات فيها قثنا زنبور عن عثمان بن عبد الرحمن السعدي عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرنا ان نصب عليه من ماء سبع قرب لم تحلل أوكيتهن قالت فوضعناه في مخضب لحفصة ثم شننا عليه الماء حتى أشار بيده ان كفوا قالت ثم صعد المنبر فحمد الله واثنى عليه ثم قال اما بعد فسدوا هذه الأبواب الشوارع كلها في المسجد الا خوخة أبي بكر فإنه ليس امرؤ أمن علينا في إخائه وذات يده من بن أبي قحافة
[630] حدثنا الحسين قثنا إسماعيل بن محمد الطلحي قثنا داود بن عطاء المدني عن صالح بن كيسان عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي بن كعب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أول من يصافحه الحق عمر وأول من يسلم عليه وأول من يأخذ بيده يدخله الجنة
[631] حدثنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث قثنا إسحاق بن الأخيل العنسي قثنا أبو سعيد الأنصاري عمر بن حفص قال حدثني مالك بن مغول ومسعر بن كدام عن عطية عن أبي سعيد الخدري ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ان أهل الجنة ينظرون الى أهل الدرجات فوقهم كما ينظر أحدكم الى الكوكب الدري في الأفق من آفاق السماء وان أبا بكر وعمر من أولئك وأنعما
[632] حدثني يحيى بن محمد بن صاعد قثنا علي بن شعيب السمسار وإبراهيم بن راشد الآدمي وإبراهيم بن عبد الرحمن الدهقان واللفظ لإبراهيم بن راشد قثنا بشار بن موسى الخفاف نا شريك عن فراس عن الشعبي عن الحارث عن علي قال كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فأقبل أبو بكر وعمر فقال يا علي هذان سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين الا النبيين والمرسلين لا تخبرهما يا علي
[633] حدثنا يحيى قثنا موسى بن عبد الرحمن بن مسروق الكندي وأحمد بن عثمان بن حكيم الاودي قالا نا عبيد بن الصباح قثنا فضيل بن مرزوق عن فراس عن الشعبي عن الحارث عن علي قال أبصر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر وعمر مقبلين وقال أحمد في حدثيه كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل أبو بكر وعمر فقال يا علي هذان المقبلان سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين الا النبيين والمرسلين لا تخبرهما يا علي بذلك
[634] حدثنا يحيى بن محمد قثنا يعقوب بن إبراهيم نا عبد الله بن إدريس عن الشيباني وإسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي قال قال علي ما كنا نبعد أن السكينة تكون على لسان عمر
[635] حدثنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي قثنا محمد بن أبي سمينة التمار قثنا عبد الله بن داود عن سويد مولى عمرو بن حريث يعني عن عمرو بن حريث قال سمعت عليا يقول خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر وعثمان
[636] حدثنا أحمد قثنا محرز بن عون قثنا عبد الله بن نافع المدني عن عاصم بن عمرو عن أبي بكر بن عبد الله عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم انا أول من تنشق الأرض عنه ثم أبو بكر وعمر ثم أهل البقيع يبعثون معي ثم أهل مكة ثم احشر بين الحرمين
[637] حدثنا علي بن طيفور النسوي قثنا يعقوب بن حميد بن كاسب قثنا بن عيينة عن بن جريج عن بن أبي مليكة عن عبد الله بن الزبير ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/229)
[638] حدثنا علي قثنا يعقوب بن حميد قثنا بن عيينة عن الثوري عن واصل الأحدب عن أبي وائل قال جلست الى شيبة بن عثمان فقال جلس الى عمر بن الخطاب مجلسك هذا فقال لقد هممت ان لا ادع صفراء ولا بيضاء الا قسمتها فقلت انه كان لك صاحبان النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر لم يفعلا ذلك قال هما المرآن اقتد بهما
[639] حدثنا علي قثنا يعقوب بن حميد نا محمد بن فليح بن سليمان عن هشام بن عروة عن أبيه قال سئل عمرو بن العاص ما أشد ما رأيت المشركين نالوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أشد ما رأيت منهم نالوا منه قط أنهم عدوا عليه يوما فاخذوه وهو يطوف يعني بالبيت فاخذوا بجمع ردائه فلببوه وقالوا أنت الذي تسب آلهتنا وتنهانا عما كان يعبد آباؤنا فيقول النبي صلى الله عليه وسلم نعم انا ذاك وأبو بكر محتضنه اليه يقول بأعلى صوته يا قوم {أتقتلون رجلا ان يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم} قال وعيناه تسفحان
[640] حدثنا علي قثنا قتيبة بن سعيد قثنا صالح بن موسى الطلحي عن عبد الرحمن بن أبي بكر عن القاسم بن محمد عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم احفظوني في أصحابي وأزواجي واصهاري
[641] حدثنا علي قثنا قتيبة بن سعيد قثنا عبد العزيز بن محمد عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان على حراء هو وأبو بكر وعمر وعلي وعثمان وطلحة والزبير فتحركت الصخرة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إهدئي فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد
[642] حدثنا علي قثنا قتيبة بن سعيد نا أبو عوانة عن عثمان بن المغيرة عن علي بن ربيعة عن أسماء بن الحكم الفزاري قال سمعت عليا يقول اني كنت إذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا نفعني الله منه بما شاء أن ينفعني وإذا حدثني رجل من أصحابه استحلفته فإذا حلف لي صدقته وانه حدثني أبو بكر وصدق أبو بكر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من رجل مؤمن يذنب ذنبا ثم يقوم فيتطهر فيحسن الطهور ثم يصلي ثم يستغفر الله إلا غفر الله له ثم قرأ هذه الآية {والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم} إلى آخر الآية
[643] حدثنا علي قثنا قتيبة بن سعيد قثنا بن لهيعة عن الأعرج أن أبا سلمة بن عبد الرحمن أخبره أنه سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بينا رجل يسوق بقرة فبدا له أن يركبها فأقبلت به فقالت له إنا لم نخلق لهذا إنما خلقنا للحراثة فقال من حول رسول الله سبحان الله سبحان الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فإني آمنت به أنا وأبو بكر وعمر ولم يكن ثم أبو بكر ولا عمر وقال بينما رجل في غنمه إذ جاء الذئب فذهب بشاة من الغنم فطلبه فلما أدركه لفظها ثم أقبل عليه فقال فمن لها يوم السبع يوم لا راعي يكون لها غيري فقال من حول رسول الله سبحان الله سبحان الله فقال رسول الله فإني آمنت به أنا وأبو بكر وعمر ولم يكن ثم أبو بكر ولا عمر
[644] حدثنا علي بن طيفور قثنا قتيبة قثنا بن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سيأتي على الناس زمان يبعث منهم بعث فيقولون انظروا هل فيكم أحد من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فيوجد الرجل الواحد فيفتح لهم به ثم يبعث من الناس بعث فقال انظروا هل فيكم من أصحاب رسول الله أحد فلا يوجد أحد منهم قال وسمعته يقول سيأتي على الناس يوم فلو سمعوا برجل من أصحابي من وراء البحور لالتمسوه ثم لا يجدونه
[645] حدثنا أحمد بن زنجويه القطان قثنا هشام بن عمار الدمشقي قثنا أسد عن الحجاج بن أرطاة عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر الحديث وقال ومن أبغض أبا بكر وعمر فهو منافق
[646] حدثنا أحمد نا هشام بن عمار قثنا بن أبي الجون نا فطر بن خليفة عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن أهل الدرجات العلى ينظرون إلى عليين كما تنظرون إلى الكوكب الطالع في السماء وإن أبا بكر وعمر منهم وأنعما
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/230)
[647] حدثنا أحمد بن الحسن الصوفي نا الحكم بن موسى أبو صالح قثنا بن أبي الرجال قال إسحاق بن يحيى بن طلحة أخبرني قال أخبرني عمي عيسى بن طلحة قال سألت بن عباس فقلت يا أبا عباس أخبرني عن سلفنا حتى كأني عاينتهم قال تسألني عن أبي بكر كان والله يا بن أخي تقيا يرى الخير فيه من رجل يصادى منه غرب قال يعني الحد تسألني عن عمر كان والله في علمي قويا تقيا قد وضعت له الحبائل بكل مرصد فهو لها حذر من رجل سوقه عنف وذكر الحديث
[648] حدثنا أحمد قثنا علي بن الجعد قال سمعت مقاتلا يقول في قول الله عز وجل فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين قال أبو بكر وعمر وعلي
[649] حدثنا أحمد نا علي بن الجعد قال أخبرنا شعبة بن الحجاج عن أبي عمر ان عبد الملك بن حبيب قال كتب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى انه لم يزل للناس وجوه يرفعون بحوائج الناس فاكرم وجوه الناس فبحسب المسلم الضعيف من العدل أن ينصف في العطية والقسمة
[650] حدثنا محمد بن الليث البزاز قثنا عبد الرحمن بن يونس الرقى السراج قثنا بن فضيل قثنا سالم بن أبي حفصة والأعمش وعبد الله بن صهبان وكثير النواء وابن أبي ليلى عن عطية عن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أهل الدرجات العلى ليراهم من تحتهم كما ترون النجم الطالع في أفق السماء الا وإن أبا بكر وعمر منهم وأنعما
[651] حدثنا إبراهيم بن عبد الله البصري قثنا عبد الله بن رجاء الغداني قال أخبرني عمران يعني القطان عن الحجاج عن ميمون بن مهران عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون في آخر الزمان قوم ينبزون الرافضة يرفضون الإسلام ويلفظونه فاقتلوهم فإنهم مشركون
[652] حدثنا الفضل بن الحباب البصري قثنا القعنبي قثنا سليمان بن بلال عن جعفر بن محمد يعني الصادق عن أبيه قال لما غسل عمر بن الخطاب وكفن وحمل على سريره وقف عليه علي بن أبي طالب فقال والله ما على الأرض رجل أحب إلي من أن ألقى الله بصحيفته من هذا المسجى
[653] حدثنا عبد الله بن الحسن الحراني قثنا أبو الأصبغ الرملي قثنا أيوب بن سويد قثنا بن شوذب عن محمد بن جحادة عن سلمة بن كهيل عن هزيل بن شرحبيل الاودي قال سمعت عمر بن الخطاب يقول لو وزن إيمان أبي بكر بإيمان أهل الأرض لرجح بهم
[654] حدثنا إبراهيم بن محمد الكوفي قثنا أبو هشام الرفاعي قثنا وكيع قثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه
[655] حدثنا إبراهيم بن محمد قثنا عقبة بن مكرم قثنا يونس بن بكير عن أبي عبد الله الجعفي عن عروة بن عبد الله قال أتيت أبا جعفر محمد بن علي فقلت ما قولك في حلية السيوف فقال لا بأس قد حلى أبو بكر الصديق سيفه قال فقلت وتقول الصديق قال فوثب وثبة واستقبل القبلة ثم قال نعم الصديق نعم الصديق نعم الصديق ثلاث مرات فمن لم يقل له الصديق فلا صدق الله له قولا في الدنيا ولا في الآخرة
[656] حدثنا إبراهيم قثنا أحمد بن يونس قثنا الزنجي عن إسماعيل بن أمية قال أول مؤمن إلى النبي صلى الله عليه وسلم أبو بكر يعني أول من أسلم
[657] حدثنا إبراهيم قثنا أبو السائب سلم بن جنادة قثنا وكيع عن شعبة عن عمرو بن مرة عن إبراهيم قال أبو بكر يعني أول من أسلم
[658] حدثنا إبراهيم قثنا أحمد بن عبد الله بن يونس قثنا أبو بكر بن عياش عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن أبي الأحوص عن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ابرأ إلى كل خليل من خله ولو كنت متخذا أحدا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا
[659] حدثنا إبراهيم قثنا أحمد بن يونس قثنا أبو الحارث الوراق عن بكر بن خنيس عن محمد بن سعيد عن عبادة بن نسي عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ بن جبل قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله عز وجل في السماء ليكره أن يخطأ أبو بكر في الأرض
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/231)
[660] حدثنا إبراهيم بن محمد قثنا إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كهيل قال نا أبي عن أبيه عن سلمة عن عامر عن مسروق عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه أيكم أصبح صائما قال أبو بكر أنا قال أيكم عاد مريضا قال أبو بكر أنا قال أيكم شيع جنازة قال أبو بكر أنا قال النبي صلى الله عليه وسلم هنيئا من كملت له هذه بنى الله له بيتا في الجنة
[661] حدثنا إبراهيم قثنا أحمد بن عبد الله بن يونس قثنا فضيل يعني بن عياض عن هشام قال أخبرني حميد بن قيس الأعرج عن الزهري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان لكل باب من أبواب البر بابا من أبواب الجنة فإذا استعلت على عمل الرجل منها شيء دعاه ذلك الباب وباب الصوم يدعى الريان قال أبو بكر يا رسول الله هل يدعوني شيء منها قال انها لتدعوك وانك لتدخل من أيها شئت
[662] حدثنا إبراهيم قثنا أحمد بن عبد الله قال حدثني رجل بمكة وأثنى عليه خيرا عن بن جريج عن عطاء عن أبي الدرداء قال رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم امشي امام أبي بكر فقال اتمشي امام من هو خير منك في الدنيا والآخرة ما طلعت الشمس ولا غربت على أحد بعد النبيين والمرسلين خير أو قال أفضل من أبي بكر
[663] حدثنا إبراهيم قثنا أحمد بن يونس قثنا أبو بكر بن عياش قال حدثني قيس السعيدي عن بن شهاب قال رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رؤيا فقصها على أبي بكر قال يا أبا بكر إني رأيت في النوم رؤيا كأني ابتدرت أنا وأنت درجة فسبقتك بمرقاتين ونصف قال له أبو بكر خيرا يا رسول الله يبقيك الله حتى ترى ما يسرك فأعادها عليه قال يا أبا بكر اني رأيت في النوم كأني ابتدرت أنا وأنت درجة فسبقتك بمرقاتين ونصف قال خيرا يا رسول الله يبقيك الله حتى يقر عينك وترى ما يسرك فأعادها الثالثة فقال يا أبا بكر اني رأيت في النوم كأني ابتدرت أنا وأنت درجة فسبقتك بمرقاتين ونصف قال خيرا يا رسول الله يبقيك الله إلى رحمته ومغفرته وأبقى بعدك سنتين ونصفا قال أبو بكر بن عياش كان أبو بكر يعبر
[664] حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد القاضي البوراني قثنا الاحتياطي قثنا علي بن جميل عن جرير عن ليث عن مجاهد عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما في الجنة شجرة إلا مكتوب على كل ورقة محمد رسول الله أبو بكر الصديق عمر الفاروق عثمان ذو النورين
[665] نا محمد بن أحمد قثنا محمد بن عبيد قثنا عبد الحميد قثنا عبد الأعلى بن أبي المساور عن الشعبي عن زيد بن أرقم قال أرسلني النبي صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر يعني الصديق فبشرته بالجنة وإلى عمر فبشرته بالجنة وإلى عثمان فبشرته بالجنة
[666] حدثنا محمد قثنا موسى بن عبد الرحمن قثنا عبيد بن الصباح قثنا فضيل عن خراش عن الشعبي عن الحارث عن علي قال أبصر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر وعمر مقبلين فقال هذان المقبلان سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين الا النبيين والمرسلين لا تخبرهما يا علي
[667] حدثنا محمد قثنا علي بن حرب قثنا محمد بن فضيل قثنا الأعمش وعبد الله بن صهبان وكثير النواء وابن أبي ليلى وسالم بن أبي حفصة عن عطية عن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان أهل الدرجات العلى ليراهم من هو أسفل منهم كما ترون الكوكب الدري في أفق السماء وإن أبا بكر وعمر منهم وأنعما
[668] حدثنا محمد قثنا علي بن داود قثنا عبد الله قثنا المعلى بن هلال عن ليث عن مجاهد عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لكل نبي أمينان ووزيران فوزيراي من أهل السماء جبريل وميكائيل عليهما السلام وأميناي ووزيراي من أهل الأرض أبو بكر وعمر
[669] حدثنا محمد قثنا الحسين بن علي قال حدثنا أبو داود الطيالسي قثنا بن عطية قثنا ثابت عن أنس قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يدخل المسجد وفيه المهاجرون والأنصار فما أحد منهم يرفع رأسه من حبوته الا أبو بكر وعمر فإنه يبتسم إليهما ويبتسمان إليه
[670] حدثنا محمد قثنا يعقوب بن إبراهيم قثنا سفيان عن عبد الملك بن عمير عن ربعي عن حذيفة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/232)
[671] حدثنا محمد قثنا يعقوب وكيع قثنا الأعمش عن عبد الله بن مرة عن أبي الأحوص عن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الا اني ابرأ الى كل خليل من خله ولو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا وان صاحبكم خليل الله
[672] حدثنا محمد قثنا يعقوب قثنا وكيع نا بن أبي خالد عن قيس ان عمرو بن العاص قال للنبي صلى الله عليه وسلم حين رجع من غزوة ذات السلاسل يا رسول الله من أحب الناس إليك قال عائشة قال إنما أقول من الرجال قال أبوها
[673] حدثنا محمد بن أحمد القاضي قثنا يعقوب قثنا وكيع قثنا الأعمش عن عطية بن سعد عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان أهل الدرجات العلى يراهم من أسفل منهم كما ترون الكوكب الطالع في الأفق وقال عمرو في الأفق من آفاق السماء وان أبا بكر وعمر منهم وانعما
[674] حدثنا محمد قثنا يعقوب قثنا وكيع قثنا الفضل بن دلهم عن الحسن فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه قال هو أبو بكر وأصحابه
[675] حدثنا محمد قثنا العباس بن أبي طالب قثنا هاشم بن القاسم قثنا عبد العزيز بن النعمان قثنا يزيد بن حيان عن عطاء عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجمع حب هؤلاء الأربعة الا قلب مؤمن أبو بكر وعمر وعثمان وعلي
[676] حدثنا محمد قثنا محمد بن عبيد الكوفي قثنا أبو عبد الرحمن المقري قثنا حبوة بن شريح عن مشرح بن هاعان عن رجل عن عقبة بن عامر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو لم أبعث فيكم لبعث عمر بن الخطاب
[677] حدثنا محمد قثنا الحسن بن عرفة قثنا عبد الله بن إبراهيم الغفاري عن عبد الرحمن بن زيد بن اسلم عن أبيه عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب سراج أهل الجنة
[678] حدثنا محمد قثنا الحسن بن عرفة قثنا الوليد بن الفضل قثنا إسماعيل بن عبيد العجلي عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي عن علقمة بن قيس عن عمار بن ياسر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عمار أتاني جبريل عليه السلام فقلت يا جبريل حدثني بفضائل عمر بن الخطاب في السماء فقال يا محمد لو حدثتك بفضائل عمر بن الخطاب في السماء مثل لبث نوح في قومه ألف سنة الا خمسين عاما ما نفدت فضائل عمر وان عمر حسنة من حسنات أبي بكر
[679] حدثنا محمد قثنا رزق الله بن موسى قثنا بهز قثنا همام نا قتادة قثنا أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم دخلت الجنة فرأيت قصرا فقلت لمن هذا يا جبريل فقال لعمر بن الخطاب ثم سرت هنيئة فرأيت قصرا هو أحسن من القصر الأول فقلت لمن هذا يا جبريل فقال لعمر بن الخطاب وان فيه لمن الحور العين فما منعني ان أدخله الا ما عرفت من غيرتك يا أبا حفص فبكى عمر وقال أعليك أغار يا رسول الله
[680] حدثنا محمد قثنا محمد بن يوسف قثنا الفضل بن دكين عن جعفر يعني بن حيان عن ثابت قال خطب عمر ابنة أبي سفيان فأبوا ان يزوجوه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين لابتي المدينة رجل خير من عمر
[681] حدثنا محمد قثنا زياد بن أيوب قثنا هشيم عن أيوب أبي العلاء أو بعض أصحابنا عن أبي هاشم عن سعيد بن جبير في قوله عز وجل وصالح المؤمنين قال عمر بن الخطاب
[682] حدثنا محمد قثنا زياد قثنا هشيم قال انا حميد عن أنس بن مالك قال قال عمر بن الخطاب وافقت ربي عز وجل في ثلاث قلت يا رسول الله ولو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى فنزلت {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} قلت يا رسول الله ان نساءك يدخل عليهن البر والفاجر فلو امرتهن ان يحتجبن فنزلت آية الحجاب واجتمع على رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه في الغيرة فقلت عسى ربه ان طلقكن ان يبدله ازواجا خيرا منكن فنزلت كذلك
[683] حدثنا محمد نا العباس بن أبي طالب نا قبيصة عن سفيان عن عبد الله بن سعيد عن مكحول عن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه
[684] حدثنا محمد قثنا أحمد بن الوليد نا إبراهيم بن حمزة قال حدثنا الدراوردي عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/233)
[685] حدثنا محمد قثنا علي بن داود نا عبد الله نا بن لهيعة عن بن الهاد عن علي بن حسين عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء بعد النبيين على رجل خير منك يا عمر
[686] حدثنا محمد نا علي بن داود قثنا رجل قال نا محمد بن إسماعيل عن الحسن بن عطية عن عبد العزيز بن المطلب بن عبد الله بن حنطب عن أبيه عن جده عبد الله بن حنطب قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فنظر الى أبي بكر وعمر فقال هذان السمع والبصر
[687] حدثنا محمد قثنا محمد بن يزيد قال نا عبدة ويعلى قالا نا محمد بن إسحاق عن مكحول وغضيف بن الحارث عن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله عز وجل وضع الحق على لسان عمر
[688] حدثنا الحسن بن علي البصري قثنا محمد بن تميم النهشلي قثنا خازم بن جبلة عن أبي العبدي عن أبيه عن جده عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال لأبي بكر وعمر يا أبا بكر ويا عمر والله اني لأحبكما ووالله ان الله ليحبكما لحبي اياكما ووالله ان الملائكة لتحبكما لحب الله اياكما أحب الله من أحبكما ووصل الله من وصلكما قطع الله من قطعكما ابغض الله من أبغضكما
[689] حدثنا الحسن قثنا عبد الواحد بن غياث قثنا الوضاح عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا بكر ان الله عز وجل أعطاني ثواب من آمن به منذ يوم خلق الله آدم الى ان تقوم الساعة وان الله أعطاك يا أبا بكر ثواب من آمن بي منذ يوم بعثني الله الى ان تقوم الساعة
[690] حدثنا الحسن قثنا لؤلؤ بن عبد الله أبو بكر العوفي قال نا محمد بن عبد الرحمن عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي في قوله عز وجل {محمد رسول الله} قال محمد رسول الله والذين معه أبو بكر أشداء على الكفار عمر رحماء بينهم عثمان بن عفان تراهم ركعا سجدا علي بن أبي طالب يبتغون فضلا من الله ورضوانا طلحة والزبير سيماهم في وجوههم من أثر السجود عبد الرحمن بن عوف وسعد ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع اخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع المؤمنون المحبون لهم ليغيظ بهم الكفار المبغضون لهم وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة واجرا عظيما
[691] حدثنا الحسن قثنا أحمد بن محمد أبو بكر المكي قثنا محمد بن إسماعيل الأنصاري قثنا شعيب بن إسحاق عن خليد بن دعلج وأبي الجودي عن سعيد بن مهاجر عن المقدام بن معدي كرب قال جاءوا برجل من الأنصار الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أصاب حدا فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه ما ترون فيه فقال عمر بن الخطاب أرى أن توجع قرنيه فقال الأنصار يا رسول الله إنك إن تطع عمر في أمتك تشتد عليهم وانصرف النبي صلى الله عليه وسلم فأتى جبريل فقال يا محمد إن ربك عز وجل أعز الإسلام بعمر بن الخطاب فالقول ما قال عمر فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبر الناس وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر مني وانا من عمر واحل حيث يحل عمر ودعا بالأنصاري فأقام عليه الحد
[692] حدثنا الحسن قثنا عثمان بن عمرو قثنا عبد الحكم عن هشام قثنا عبد الملك بن عمير عن قبيصة بن جابر قال ما رأيت أحدا أعلم بالله ولا اقرأ لكتاب الله ولا أفقه في دين الله من عمر بن الخطاب
[693] حدثنا الحسن قثنا كامل بن طلحة الجحدري قثنا بن لهيعة عن سعيد بن أبي سعيد وهو المقبري عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان في السماء الدنيا ثمانين ألف ملك يستغفرون الله لمن أحب أبا بكر وعمر وفي السماء الثانية ثمانون ألف ملك يلعنون من أبغض أبا بكر وعمر
[694] حدثنا الحسن قثنا محمد بن نمير النهشلي أبو عبد الله قثنا وهب الله قثنا حيوة بن شريح عن بكر بن عمرو عن مشرح بن هاعان عن عقبة بن عامر قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول لو كان بعدي نبي لكان عمر بن الخطاب
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/234)
[695] حدثني الحسن بن عبد الجبار قثنا علي بن الجعد قثنا المسعودي عن القاسم قال كان لأبي بكر غلام يأتيه بكسرته كل ليلة فيسأله عنها من أين أصبته قال أصبته من كذا وكذا فأتى ليلة بكسبه وأبو بكر قد طال صيامه فنسي أن يسأله فوضع يده فأكل فقال الغلام لأبي بكر كنت تسألني كل ليلة عن كسبي إذا جئتك فلم أر سألتني عن كسبي الليلة قال فأخبرني من أين هو قال كنت تكهنت لقوم في الجاهلية فلم يعطوني أجر كهانتي حتى كان اليوم فلقيتهم اليوم فاعطوني وإنما كان كذبة قال فأدخل أبو بكر أصبعه في حلقه فجعل يتقيأ قال فذهب الغلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال النبي صلى الله عليه وسلم هيه أكذبت أبا بكر قال فضحك أحسبه قال ضحكا شديدا وقال ويحك ان أبا بكر يكره أن يدخل بطنه إلا طيب
[696] حدثنا أحمد قثنا علي بن الجعد قثنا زهير قثنا أبو إسحاق قال حدثني غير واحد وقد ذكر طلحة بن مصرف قال قال عمر بن الخطاب أليس هذا مقام خليل ربنا عز وجل يا رسول الله قال بلى قال ألا نتخذه مصلى قال فأنزل الله عز وجل {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} قال فأمرهم أن يتخذوا
[697] حدثنا أحمد قثنا أبو إبراهيم الترجماني قثنا داود بن الزبرقان عن مطر وسعيد عن قتادة عن أنس بن مالك أنه حدثهم قال رجف أحد فقال اسكن حراء عليك نبي وصديق وشهيدان الصديق أبو بكر والشهيدان عمر وعثمان
[698] حدثنا أحمد قثنا الترجماني قال حدثتني أم عمرو بنت حسان بن زيد أبي الغصن صلى الله عليه وسلم قالت سمعت أبا الغصن يقول دخلت المسجد الأكبر يعني مسجد الكوفة وعلي بن أبي طالب قائم يخطب الناس على المنبر فنادى ثلاث مرات بأعلى صوته يا أيها الناس نبئت انكم تكثرون في وفي عثمان بن عفان وان مثلي ومثله كما قال الله عز وجل ونزعنا ما في صدورهم من غل اخوانا على سرر متقابلين
[699] حدثنا أحمد قثنا محمد بن قدامة الجوهري قثنا يحيى بن سليم الطائفي قثنا جعفر بن محمد عن أبيه عن عبد الله بن جعفر قال ولينا أبو بكر خير خليفة الله أبره واحناه علينا
[700] حدثنا أحمد قثنا أبو نصر التمار قثنا كوثر بن حكيم عن نافع عن بن عمر ان أبا بكر بعث يزيد بن أبي سفيان إلى الشام فمشى معه نحوا من ميلين فقيل يا خليفة رسول الله لو انصرفت فقال لا اني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من أغبرت قدماه في سبيل الله حرمهما الله على النار وقال أبو بكر الصديق بلغنا ان الله عز وجل يأمر يوم القيامة مناديا فينادي من كان له عند الله شيئا فليقم فيقوم أهل العفو فيكافئهم الله على ما كان من عفوهم
[701] حدثنا أحمد قثنا محمد بن قدامة الجوهري قثنا محمد بن فضيل بن غزوان قثنا عبيد المكتب عن أبي معشر قال كنت معه في الكناسة فرأى رجلا فقال تعرف هذا قال قلت لا قال هذا المكمل في الشر قلت لم سمي هذا المكمل في الشر قال ينتقص أبا بكر وعمر ليس بالكوفة أحد ينتقصهما غيره
[702] حدثنا أحمد قثنا علي بن الجعد قال أخبرني عمر ان بن زيد التغلبي عن الحجاج بن تميم عن ميمون بن مهران عن بن عباس قال قال النبي صلى الله عليه وسلم يكون في آخر الزمان قوم ينبزون الرافضة يرفضون الإسلام ويلفظونه فاقتلوهم فإنهم مشركون
[703] حدثنا أحمد قال أخبرني خالي قال أنا أبو معاوية الضرير محمد بن خازم قال أنا أبو جناب الكلبي عن أبي سليمان الهمداني قال قال علي بن أبي طالب يأتي قوم بعدنا ينتحلون شيعتنا وليسوا بشيعتنا لهم نبزو آية ذلك انهم يشتمون أبا بكر وعمر فإذا لقيتموهم فاقتلوهم فإنهم مشركون
[704] حدثنا أحمد قثنا الترجماني قال حدثتني أم عمرو بنت حسان بن زيد أبي الغصن قال حدثني صاحبي وكان يقال له سعيد بن يحيى بن قيس بن عبس صاحب الطائف استعمله عليها عثمان بن عفان عن أبيه قال بلغني ان حفصة بنت عمر قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أنت مرضت قدمت أبا بكر قال ليس أنا أقدمه ولكن الله عز وجل يقدمه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/235)
[705] حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد قثنا إبراهيم بن عبد الله بن بشار الواسطي قدم علينا سنة أربع وأربعين ومائتين إلى بغداد قثنا أبو قتيبة عن يونس بن أبي إسحاق عن الشعبي عن أبي هريرة قال أقبل أبو بكر وعمر فقال النبي صلى الله عليه وسلم هذان سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين إلا النبيين والمرسلين قال أبو محمد ورواه غير أبي قتيبة عن الشعبي عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم
[706] حدثنا يحيى قثنا محمد بن خالد بن خداش العتكي قثنا أبو قتيبة سلم بن قتيبة نا يونس بن أبي إسحاق عن الشعبي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال بن الرجل من أهل الجنة ليشرف على أهل الجنة كأنه كوكب دري وان أبا بكر وعمر لمنهم وأنعما ورواه إسرائيل بن يونس عن أبيه
[707] حدثنا يحيى قثنا حميد بن الأصبغ بعسقلان قثنا آدم بن أبي إياس نا قيس بن الربيع نا إسماعيل بن أبي خالد عن أبي عمرو الشيباني عن علي بن أبي طالب قال ما كنا نبعد أن السكينة تنزل على لسان عمر بن الخطاب
[708] حدثنا يحيى قثنا محمد بن عبد الله المخرمي نا ورد بن عبد الله المخرمي نا محمد بن طلحة بن مصرف عن عبد الأعلى الثعلبي عن الشعبي عن علي قال كنت جالسا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس معنا إلا الله فرأى أبا بكر وعمر فقال هذان سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين إلا النبيين والمرسلين لا تخبرهما يا علي
[709] حدثنا يحيى قثنا محمد بن عمرو بن سليمان نا هشيم قال أنا مالك بن مغول عن الشعبي وأبو إسحاق الكوفي عن الشعبي عن علي قال أقبل أبو بكر وعمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكل واحد منهما آخذ بيد صاحبه قال فلما رآهما قال هذان سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين إلا النبيين والمرسلين لا تخبرهما يا علي
[710] حدثنا يحيى قثنا أبو حصين بن أحمد بن يونس نا أبي نا مالك بن مغول عن الشعبي قال آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أبي بكر وعمر فأقبلا آخذا أحدهما بيد صاحبه فقال من سره أن ينظر إلى سيدي كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين إلا النبيين والمرسلين فلينظر إلى هذين المقبلين
[711] حدثنا يحيى قثنا يعقوب بن إبراهيم نا أبو النضر هاشم بن القاسم قثنا أبو عقيل قثنا أبو إسماعيل كثير قال حدثني الشعبي قال قال علي ما كنا نبعد أن السكينة تنطق على فم عمر وقد كنا نرى فيما نرى أن شيطان عمر يهاب عمر أن يأمر بمعصيه
[712] حدثنا محمد بن يونس قثنا روح بن عبادة قثنا هشام عن محمد بن سيرين عن الحكم بن أبي العاص قال كنت إلى جانب عمر بن الخطاب ودخل عليه رجل فقال ممن أنت فقال من أهل نجران قال هل لك نسب في غيرهم قال لا والله قال بلى والله حتى تحالفا حتى لكأني وجدت على أمير المؤمنين في نفسي ثم قال أعزم على كل مسلم يعلم أنه له نسبا في غير أهل نجران إلا قام فقام رجل فقال يا أمير المؤمنين جدته أو جدة أبيه من غير أهل نجران فقال عمر مه انا نقفو الأثر ثلاثا
[713] حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثني أبي قثنا علي بن الحسن وهو بن شقيق قثنا حسين بن واقد قثنا بن بريدة عن أبيه قال دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا فقال يا بلال بم سبقتني إلى الجنة إني دخلت الجنة البارحة فسمعت خشخشتك أمامي فأتيت على قصر من ذهب مربع فقلت لمن هذا القصر قالوا لرجل من أمة محمد قلت فأنا محمد لمن هذا القصر قالوا لرجل من العرب قلت أنا عربي لمن هذا القصر قالوا لرجل من قريش قلت أنا قرشي لمن هذا القصر قالوا لعمر بن الخطاب
[714] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا عبد الرزاق قال أنا معمر عن قتادة عن أنس أو عن النضر بن أنس عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله عز وجل وعدني أن يدخل الجنة من أمتي أربعمائة ألف فقال أبو بكر زدنا يا رسول الله قال وهكذا وجمع كفه قال زدنا يا رسول الله قال وهكذا فقال عمر حسبك يا أبا بكر فقال أبو بكر دعني يا عمر وما عليك أن يدخلنا الله الجنة كلنا فقال عمر إن الله عز وجل إن شاء أدخل خلقه الجنة بكف واحد فقال النبي صلى الله عليه وسلم صدق عمر
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/236)
[715] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي نا يحيى هو بن سعيد عن حميد عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال دخلت الجنة فرأيت قصرا من ذهب قلت لمن هذا قالوا هذا لشاب من قريش فظننت اني أنا هو قالوا لعمر بن الخطاب
[716] حدثنا عبد الله نا أبي وكيع عن سفيان عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ارحم أمتي أبو بكر وأشدها في دين الله عمر
[717] حدثنا عبد الله قثنا أبي قثنا مكي بن إبراهيم قثنا الجعيد بن عبد الرحمن عن يزيد بن خصيفة عن السائب بن يزيد أنه قال أتى إلى عمر بن الخطاب فقالوا يا أمير المؤمنين انا لقينا رجلا يسأل عن تأويل القرآن فقال اللهم أمكني منه قال فبينا عمر ذات يوم جالس يغدي الناس إذ جاءه وعليه ثياب وعمامة فغداه ثم إذا فرغ قال يا أمير المؤمنين والذاريات ذروا فالحاملات وقرا قال عمر أنت هو فمال إليه وحسر عن ذراعيه فلم يزل يجلده حتى سقطت عمامته ثم قال واحملوه حتى تقدموه بلاده ثم ليقم خطيبا ثم ليقل ان صبيغا ابتغى العلم فاخطأ فلم يزل وضيعا في قومه حتى هلك وكان سيد قومه
[718] قال بن مالك حدثنا من سمع إبراهيم الحربي قثنا محمد بن إسحاق عن محمد بن عمر عن رجاله المسلمين قالوا ممن شهد بدرا عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن عبد الله بن قرط بن رياح بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي قال إبراهيم الحربي ليس كذا نسب عمر هذا وهم من بن إسحاق إنما هو عمر بن الخطاب بن عبد الله بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح
فضائل عثمان بن عفان رضى الله تعالى عنه
[719] أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك القطيعي قثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل قال حدثني أبي قثنا إسماعيل بن إبراهيم قال انا الجريري عن عبد الله بن شقيق عن بن حوالة قال أتيت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في ظل دومة وعنده كاتب يملي عليه فقال انكتبك يا بن حوالة قلت فيم يا رسول الله فاعرض عني واكب على كاتبه يملي عليه ثم رفع رأسه إلي فقال انكتبك يا بن حوالة قلت فيم يا رسول الله فاعرض عني واكب على كاتبه يملي عليه فنظرت فإذا في الكتاب عمر فعرفت ان عمر لا يكتب الا في خير فقال انكتبك يا بن حوالة قلت نعم فقال يا بن حوالة كيف تفعل في فتن تخرج في أطراف الأرض كأنها صياصي بقر قلت لا أدري ما خار الله لي ورسوله فقال فكيف تفعل في أخرى تخرج بعدها كأن الأولى فيها انتفاخة ارنب قلت لا أدري ما خار الله لي ورسوله قال اتبعوا هذا ورجل مقفى حينئذ فانطلقت فسعيت فأخذت بمنكبيه فأقبلت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت أهذا وقال إسماعيل مرة هذا قال نعم يعني وإذا هو عثمان
[720] حدثنا عبد الله قثنا علي بن مسلم قثنا سليمان بن حرب قثنا أبو هلال عن قتادة عن عبد الله بن شقيق عن مرة البهزي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تهيج على الأرض فتن كصياصي البقر فمر رجل متقنع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا وأصحابه يومئذ على الحق فقمت اليه فكشفت قناعه واقبلت بوجهه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله هو هذا قال هو هذا قال فإذا بعثمان بن عفان
[721] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا إسحاق بن سليمان الرازي قثنا مغيرة بن مسلم عن مطر الوراق عن بن سيرين عن كعب بن عجرة قال ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنة فقربها وعظمها قال ثم مر رجل متقنع في ملحفة فقال هذا يومئذ على الحق قال فانطلقت مسرعا أو محضرا فأخذت بضبعيه فقلت هذا يا رسول الله قال هذا فإذا عثمان بن عفان
[722] حدثنا أبي قثنا يزيد بن هارون قال انا هشام عن محمد عن كعب بن عجرة قال كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر فتنة فقربها فمر رجل متقنع فقال هذا يومئذ على الهدى قال فاتبعته حتى أخذت بضبعيه فحولت وجهه اليه وكشفت عن رأسه فقلت هذا يا رسول الله قال نعم فإذا هو عثمان بن عفان
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/237)
[723] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا عفان قثنا وهيب قال حدثنا موسى بن عقبة قال حدثني أبو أمي حبيبة انه دخل الدار وعثمان محصور فيها وانه سمع أبا هريرة يستأذن عثمان في الكلام فأذن له فقام فحمد الله واثنى عليه ثم قال اني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول انكم تلقون بعدي فتنة واختلافا أو قال اختلافا وفتنة فقال له قائل من الناس فمن لنا يا رسول الله فقال عليكم بالامين وأصحابه وهو يشير الى عثمان بذلك
[724] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا اسود بن عامر قثنا سنان بن هارون عن كليب بن وائل عن بن عمر قال ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنة فمر رجل فقال يقتل هذا المقنع يومئذ مظلوما قال فنظرت فإذا هو عثمان بن عفان
[725] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي نا عبد الرحمن بن مهدي قال نا شعبة عن شيخ من بجيلة قال سمعت بن أبي أوفى يقول استأذن أبو بكر على النبي صلى الله عليه وسلم وجارية تضرب بالدف فدخل ثم استأذن عمر فدخل ثم استأذن عثمان فامسكت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان عثمان رجل حيي
[726] حدثنا عبد الله قثنا محمد بن بشر قثنا مسعر قثنا عبد الملك بن عمير عن موسى بن طلحة قال قالت عائشة اسمعوا نحدثكم عما جئتمونا له انكم عتبتم على عثمان في ثلاث خلال في امارة الفتى وموضع الغمامة وضربه بالسوط والعصا حتى إذا مصتموه موص الثوب بالصابون عدوتم عليه الفقر الثلاث حرمة البلد وحرمة الخلافة وحرمة الشهر الحرام وان كان عثمان لأحصنهم فرجا واوصلهم للرحم
[727] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي نا المطلب بن زياد قثنا عبد الله بن عيسى قال قال عبد الرحمن بن أبي ليلى رأيت عليا رافعا حضنيه يقول اللهم اني ابرأ إليك من دم عثمان
[728] حدثنا عبد الله قثنا الهيثم بن خارجة أبو أحمد قثنا إسماعيل بن عياش عن صفوان بن عمرو عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعثمان إن الله عز وجل كساك يوما قميصا وان أرادك المنافقون ان تخلعه فلا تخلعه
[729] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قال حدثتنا أم عمر بنت حسان بن يزيد أبي الغصن قال أبي وكانت عجوز صدق قالت حدثني أبي قال دخلت المسجد الأكبر مسجد الكوفة قال وعلي بن أبي طالب قائم على المنبر يخطب الناس وهو ينادي بأعلى صوته ثلاث مرار يا أيها الناس يا أيها الناس يا أيها الناس إنكم تكثرون في عثمان فإن مثلي ومثله كما قال الله عز وجل ونزعنا ما في صدورهم من غل اخوانا على سرر متقابلين
[730] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قال حدثتنا أم عمر بنت حسان قال أبي عجوز صدق قالت سمعت أبي يقول بلغني ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من جهز جيش العسرة فله الجنة قال فقال عثمان علي مائة راحلة ثم قال أقلني يا رسول الله فأقاله فقال علي عددها من الخيل فسر ذاك رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن عنده ثم قال له عند ذلك كلاما حسنا فحفظه أبوها ونسيته أم عمر قالت وسمعت أبي يقول ان عثمان جهز جيش العسرة مرتين
[731] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي نا أبو معاوية قال حدثني الأعمش عن عبد الله بن سنان قال قال عبد الله حين استخلف عثمان ما آلونا عن اعلاها ذي فوق
[732] حدثنا عبد الله قال نا محمد بن حميد وهو الرازي قال نا جرير عن أشعث بن إسحاق عن جعفر بن أبي المغيرة الخزاعي عن سعيد بن جبير عن بن عباس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يطلع عليكم من هذا الفج رجل من أهل الجنة فطلع عثمان بن عفان
[733] حدثنا عبد الله نا أبي قال حدثنا أبو معاوية قال حدثنا أبو مالك الأشجعي عن سالم بن أبي الجعد عن محمد بن الحنفية قال بلغ عليا ان عائشة تلعن قتلة عثمان في المربد قال فرفع يديه حتى بلغ بهما وجهه فقال وانا ألعن قتلة عثمان لعنهم الله في السهل والجبل قال مرتين أو ثلاثا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/238)
[734] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا هشيم عن عبد الملك بن عمير عن موسى بن طلحة قال قالوا يا أم المؤمنين أخبرينا عن عثمان قال فاستجلست الناس فحمدت الله واثنت عليه فقالت يا أيها الناس انا نقمنا على عثمان ثلاثا إمرة الفتى والحمى وضربه السوط ثم تركتموه حتى إذا مصتموه موص الثوب عدوتم عليه الفقر الثلاث حرمة دمه الحرام وحرمة البلد الحرام لعثمان كان اتقاهم للرب واحصنهم للفرج واوصلهم للرحم
[735] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا هشيم عن يونس يعني بن عبيد عن الوليد بن مسلم عن جندب قال أتيت باب حذيفة فاستأذنت ثلاثا فلم يؤذن لي فذكر هشيم قصة فيها قال ذهبوا ليقتلوه قلت فأين هو قال في الجنة قلت فأين قتلته قال في النار يعني قتلة عثمان
[736] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قال نا محمد بن القاسم الأسدي عن الأوزاعي عن حسان بن عطية قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم غفر الله لك يا عثمان ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أخفيت وما أبديت وما هو كائن الى يوم القيامة
[737] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا هاشم بن القاسم قثنا أبو معاوية يعني شيبان عن عثمان بن عبد الله قال جاء رجل من مصر قد حج البيت فرأى قوما جلوسا فقال من هؤلاء فقالوا هؤلاء قريش قال فمن الشيخ فيهم قالوا بن عمر فاتى فقال يا بن عمر ان سألتك عن شيء تحدثني قال نعم قال أنشدك بحرمة هذا البيت أتعلم ان عثمان فر يوم أحد قال نعم قال فتعلمه تغيب عن بدر فلم يشهده قال نعم قال فتعلم انه يعني تغيب عن بيعة الرضوان فلم يشهدها قال نعم قال فكبر قال فقال له بن عمر تعال حتى أخبرك وأبين لك ما سألتني عنه أما فراره يوم أحد فأنا أشهد أن الله قد عفا عنه وغفر له وأما تغيبه عن بدر فإنه كانت تحته ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت مريضة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ان لك أجر رجل شهد بدرا وسهمه لك واما تغيبه عن بيعة الرضوان فإنه لو كان أحد أعز ببطن مكة من عثمان لبعثه فبعث عثمان وكانت بيعة الرضوان بعد ما ذهب عثمان الى مكة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده اليمنى هذه يد عثمان فضرب بيده الأخرى عليها فقال هذه لعثمان فقال له بن عمر اذهب بهذه الثلاث معك
[738] حدثنا عبد الله قال حدثني هارون بن معروف قثنا ضمرة بن ربيعة قال نا عبد الله بن شوذب عن عبد الله بن القاسم عن كثير مولى عبد الرحمن بن سمرة عن عبد الرحمن بن سمرة قال جاء عثمان بن عفان الى النبي صلى الله عليه وسلم بألف دينار في ثوبه حين جهز النبي صلى الله عليه وسلم جيش العسرة قال فصبها في حجر النبي صلى الله عليه وسلم قال فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقلبها وهو يقول ما ضر بن عفان ما عمل بعد اليوم يردد ذلك مرارا
[739] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي بهز بن أسد قال نا حماد يعني بن سلمة قال حدثني العرار بن سويد الكوفي عن عميرة بن سعد قال كنا مع علي على شاطئ الفرات فمرت سفينة مرفوع شراعها فقال علي يقول الله عز وجل وله الجوار المنشآت في البحر كالاعلام والذي أنشأها في بحر من بحاره ما قتلت عثمان ولا مالأت على قتله
[740] حدثنا عبد الله قثنا عبد الله بن عمر أبو عبد الرحمن القرشي وهو الكوفي قال نا يحيى بن يمان قال حدثني عبد الرحمن بن مهدي قال سمعت زمعة بن صالح قال سمع طاوس رجلا وهو يقول لرجل ما رأيت رجلا قط شرا منك فقال له أنت لم تر قاتل عثمان
[741] حدثنا عبد الله قال حدثني عبد الله بن عمر قثنا مسهر بن عبد الملك بن سلع قال أنا عيسى بن عمر عن عمرو بن مرة عن مرة بن شراحيل قال لئن أكون يومئذ قتلت مع عثمان في الدار أحب إلي من كذا كذا
[742] حدثنا عبد الله قال حدثني عبد الله بن عمر قثنا بن المبارك عن الزبير بن عبد الله قال حدثتني جدتي ان عثمان بن عفان كان لا يوقظ أحدا من أهله من الليل إلا أن يجده يقظان فيدعوه فيناوله وضوءه وكان يصوم الدهر
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/239)
[743] حدثنا عبد الله قال حدثني عبد الله بن عمر قثنا حفص بن غياث عن أشعث عن بن سيرين قال كتب عثمان إلى عبد الله يعزم عليه أن لا يضع كتابه من يده حتى يشخص إليه قال فأتى بالكتاب فجعل يذهب ويجيء والكتاب في يده لا يقرأه فقالت له أمه أين تذهب والكتاب في يدك افتح الكتاب فاقرأه فقال يا بنت الكافرين أتريدين أن أبيت عاصيا لأمير المؤمنين أو اشخص من ليلتي
[744] حدثنا عبد الله قال حدثني عبد الله بن عمر قال أنا حسين الجعفي عن سفيان بن عيينة عن مسعر عن مهاجر التيمي عن بن عمر قال لا تسبوا عثمان فإنا كنا نعده من خيارنا
[745] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي نا يوسف بن يعقوب الماجشون عن بن شهاب قال لو هلك عثمان بن عفان وزيد بن ثابت في بعض الزمان لهلك علم الفرائض إلى يوم القيامة ولقد جاء على الناس زمان وما يعلمها غيرهما
[746] حدثنا عبد الله قثنا هارون بن معروف عن عبد الله بن إدريس قال ليث حدثناه عن يزيد بن المليح عن أبيه عن بن عباس قال لو اجتمع الناس على قتل عثمان لرموا بالحجارة كما رمي قوم لوط
[747] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا يحيى بن سعيد ووكيع عن مسعر عن عبد الملك قال يحيى في حديثه قال حدثني عبد الملك بن ميسرة عن النزال قال لما استخلف عثمان قال عبد الله أمرنا خير من بقي ولم نأل
[748] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا هاشم بن القاسم قثنا أبو معاوية يعني شيبان عن أبي اليعفور عن عبد الله بن سعيد المدني عن حفصة بنت عمر قالت دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فوضع ثوبه بين فخذيه فجاء أبو بكر يستأذن فأذن له ورسول الله على هيئته ثم جاء عمر يستأذن فأذن له ورسول الله صلى الله عليه وسلم على هيئته وجاء ناس من أصحابه فأذن لهم وجاء علي يستأذن فأذن له ورسول الله صلى الله عليه وسلم على هيئته ثم جاء عثمان بن عفان فاستأذن فتجلل ثوبه ثم أذن له فتحدثوا ساعة ثم خرجوا فقلت يا رسول الله دخل عليك أبو بكر وعمر وعلي وناس من أصحابك وأنت في هيئتك لم تحرك فلما دخل عثمان تجللت ثوبك قال ألا استحي مما تستحي منه الملائكة
[749] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي نا روح بن عبادة قثنا بن جريج قال حدثني أبو خالد عن عبد الله بن أبي سعيد المدني قال حدثتني حفصة بنت عمر بن الخطاب قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم قد وضع ثوبا بين فخذيه فجاء أبو بكر فاستأذن فأذن له والنبي صلى الله عليه وسلم على هيئته ثم عمر بمثل هذه القصة فذكر مثل معنى حديث شيبان أبي معاوية
[750] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا حجاج قثنا ليث قال حدثني عقيل يعني بن خالد عن بن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانت تقول يا ليتني كنت نسيا منسيا فأما الذي كان من شأن عثمان فوالله ما أحببت أن ينتهك من عثمان أمر قط الا انتهك مني مثله حتى لو أحببت قتله قتلت يا عبيد الله بن عدي لا يغرنك أحد بعد الذي تعلم فوالله ما احتقرت أعمال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نجم النفر الذين طعنوا في عثمان فقالوا قولا لا يحسن مثله وقرأوا قراءة لا يحسن مثلها وصلوا صلاة لا يصلي مثلها فلما تدبرت الصنيع اذن والله ما تقاربوا أعمال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا أعجبك حسن قول امرئ فقل {اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون} ولا يستخفنك أحد
[751] حدثنا عبد الله قال نا أبو قطن قثنا يونس يعني بن أبي إسحاق عن أبيه عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال أشرف عثمان من القصر وهو محصور فقال أنشد بالله من شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حراء إذ اهتز الجبل فركله بقدمه ثم قال اسكن حراء ليس عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد وأنا معه فانتشد له رجال فقال أنشد بالله من شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بيعة الرضوان إذ بعثني إلى المشركين إلى أهل مكة قال هذه يدي ويد عثمان فبايع لي فانتشد له رجال قال أنشد بالله من شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من يوسع لنا هذا البيت في المسجد فانتشد له رجال قال وأنشد بالله من شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم جيش العسرة قال من ينفق اليوم نفقة متقبلة فجهزت نصف الجيش من مالي قال فانتشد له رجال قال وأنشد بالله من شهد رومة يباع ماءها بن السبيل
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/240)
فابتعتها من مالي فأبحتها بن السبيل قال فانتشد له رجال
[752] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي نا إسحاق بن سليمان الرازي قال سمعت مغيرة بن مسلم أبا سلمة يذكر عن مطر عن نافع عن بن عمر أن عثمان أشرف على أصحابه وهو محصور فقال علام تقتلوني فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث رجل زنى بعد احصانه فعليه الرجم أو قتل عمدا فعليه القود أو ارتد بعد إسلامه فعليه القتل فوالله ما زنيت في جاهلية ولا إسلام ولا قتلت أحدا فأقيد نفسي منه ولا ارتددت منذ أسلمت إني أشهد أن لا إله إلا الله وان محمدا عبده ورسوله
[753] حدثنا عبد الله قال أنا أحمد بن جميل أبو يوسف قال أنا بن المبارك قال أنا يونس عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ان أبا قتادة ورجلا آخر معه من الأنصار دخلا على عثمان وهو محصور فاستأذن في الحج فأذن لهما ثم قالا مع من تكون إن ظهر هؤلاء القوم قال عليكم بالجماعة قالا أرأيت ان أصابك هؤلاء القوم وكانت الجماعة فيهم قال الزموا الجماعة حيث كانت قال فخرجنا من عنده فلما بلغنا باب الدار لقينا الحسن بن علي داخلا فرجعنا على أثر الحسن لننظر ما يريد فلما دخل الحسن عليه قال يا أمير المؤمنين إنا طوع يدك فمرني بما شئت فقال له عثمان يا بن أخي ارجع فاجلس في بيتك حتى يأتي الله بأمره فلا حاجة لي في هراقة الدماء
[754] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا عفان قثنا حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد عن أبي امامة بن سهل قال كنت مع عثمان في الدار وهو محصور قال وكنا ندخل مدخلا إذا دخلناه سمعنا كلام من على البلاط قال فدخل عثمان يوما لحاجة فخرج إلينا منتقعا لونه فقال انهم ليتواعدوني بالقتل آنفا قال قلنا يكفيكم الله يا أمير المؤمنين قال وبم يقتلوني فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول انه لا يحل دم امرئ مسلم إلا في إحدى ثلاث رجل كفر بعد إيمانه أو زنا بعد احصانه أو قتل نفسا بغير نفس فوالله ما زنيت في الجاهلية ولا إسلام قط ولا تمنيت ان لي بديني بدلا منذ هداني الله له ولا قتلت نفسا فبم يقتلوني
[755] حدثنا عبد الله قال حدثني عبيد الله بن عمر القواريري قثنا حماد بن زيد قثنا يحيى بن سعيد قثنا أبو أمامة بن سهل بن حنيف قال إني لمع عثمان في الدار وهو محصور فكنا ندخل مدخلا إذا دخلناه سمعنا كلام من على البلاط فدخل يوما ذاك المدخل فخرج إلينا متغير اللون قال وبم يقتلوني وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يحل دم امرئ مسلم إلا من إحدى ثلاث رجل كفر بعد إسلامه أو زنا بعد احصانه أو قتل نفسا بغير نفس فوالله ما زنيت في جاهلية ولا إسلام قط ولا أحببت ان لي الدنيا بديني بدلا منذ هداني له ولا قتلت نفسا فبم يقتلوني
[756] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا عفان قثنا أبو عوانة عن عاصم عن المسيب يعني بن رافع عن موسى بن طلحة عن حمران قال كان عثمان بن عفان يغتسل كل يوم مرة منذ أسلم
[757] حدثنا عبد الله قال حدثني أبو مروان العثماني قثنا أبي عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن الأعرج عن أبي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لكل نبي رفيق في الجنة ورفيقي فيها عثمان بن عفان
[758] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا محمد بن جعفر قثنا شعبة عن حبيب بن الزبير قال سمعت عبد الرحمن بن الشريد قال سمعت عليا يخطب فقال إني لأرجو أن أكون أنا وعثمان كما قال الله عز وجل ونزعنا ما في صدورهم من غل اخوانا على سرر متقابلين
[759] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا عفان قثنا حماد يعني بن سلمة قثنا عاصم بن بهدلة عن أبي وائل ان عبد الله بن مسعود سار من المدينة إلى الكوفة ثمانيا حين استخلف عثمان بن عفان فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد فإن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب مات فلم ير يوم أكثر نشيجا من يومئذ وإنا اجتمعنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فلم نأل عن خيرنا ذي فوق فبايعنا أمير المؤمنين عثمان فبايعوه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/241)
[760] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا عبد الرزاق قال أنا معمر عن الزهري عن يحيى بن سعيد بن العاص عن عائشة قالت استأذن أبو بكر على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا معه في مرط واحد ثم خرج وآخر قالت فأذن له فقضى حاجته وهو معي في المرط ثم خرج ثم استأذن عليهم عمر فأذن له فقضى إليه حاجته على تلك الحال ثم خرج ثم استأذن عليه عثمان فاصلح عليه ثيابه وجلس فقضى إليه حاجته ثم خرج فقالت عائشة فقلت له يا رسول الله استأذن عليك أبو بكر فقضى إليك حاجته على حالك تلك ثم استأذن عليك عمر فقضى حاجته على حالك ثم استأذن عثمان عليك فكأنك احتفظت فقال إن عثمان رجل حيي وإني لو أذنت له على تلك الحال خشيت ألا يقضي إلي حاجته قال الزهري وليس كما يقول الكذابون ألا استحيي من رجل تستحيي منه الملائكة
[761] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا إسماعيل بن إبراهيم قثنا سعيد بن أبي عروبة عن رجل عن مطرف بن الشخير قال لقيت عليا بهذا الحزيز فقال أحب عثمان منعك أن تأتينا مرتين فلما تنفس عن اصحابه قال أن تحبه فإنه كان خيرنا واوصلنا
[762] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا روح قثنا سعيد عن الخليل بن أخي مطرف عن مطرف قال لقيت عليا بهذا الحزيز أي بهذه الصحراء بعد الجمل وهو في موكبه فأسرع بدابته قال فقلت أنا كنت أحق أن أسرع إليك فقال أحب عثمان منعك أن تأتينا فجعلت أعتذر إليه فقال أحب عثمان منعك أن تأتينا فلما علم ان اصحابه لا يسمعون مقالته قال والله لئن أحببته إن كان لخيرنا وافضلنا
[763] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي نا روح قثنا بن عون عن نافع إن بن عمر لبس يومئذ الدرع مرتين يعني يوم الدار
[764] حدثنا عبد الله قثنا بشار بن موسى قثنا حماد بن زيد قثنا بن عون عن محمد بن سيرين قال كانوا لا يفقدون الخيل البلق في المغازي حتى قتل عثمان فلما قتل فقدت فلم ير منها شيء قال وكانوا يرونها الملائكة قال وكانوا لا يختلفون في الأهلة حتى قتل عثمان فلما قتل عثمان لبست عليهم قال وكانت الصدقة تدفع الى النبي صلى الله عليه وسلم ومن أمر به والى أبي بكر الصديق ومن أمر به والى عمر بن الخطاب ومن أمر به فلما قتل عثمان اختلفوا فرأى قوم يقسمونها برأيهم ورأى قوم يرفعونها الى السلطان قال بن عون وسمعت إبراهيم النخعي يقول لما نزلت ثم انكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون قال أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ما خصومتنا هذه وانما نحن اخوان فلما قتل عثمان قالوا هذه هذه
[765] حدثنا عبد الله قثنا عبيد الله بن معاذ أبو عمرو العنبري قثنا المعتمر قال قال أبي نا أبو نضرة عن أبي سعيد مولى أبي اسيد الأنصاري قال سمع عثمان ان وفد أهل مصر قد اقبلوا قال فاستقبلهم قال وكان في قرية له خارجا من المدينة أو كما قال فلما سمعوا به اقبلوا نحوه الى المكان الذي هو فيه أراه قال وكره ان يقدموا عليه المدينة أو نحوا من ذلك قال فأتوه فقالوا ادع لنا بالمصحف فدعا بالمصحف فقالوا له افتح السابعة قال وكانوا يسمون سورة يونس السابعة قال فقرأها حتى اتى على آخر هذه الآية قل ارأيتم ما انزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل آلله اذن لكم أم على الله تفترون قال قالوا له قف قال قالوا له أرأيت ما حميت من الحمى الله اذن لك أم على الله تفتري قال فقال امضه نزلت في كذا وكذا قال وأما الحمى فإن عمر حمى الحمى قبلي لا بل الصدقة فزدت في الحمى لما زاد من إبل الصدقة امضه قال فجعلوا يأخذونه بالآية فيقول امضه نزلت في كذا وكذا قال والذي يلي كلام عثمان يومئذ في سنك قال يقول أبو نضرة يقول لي ذاك أبو سعيد قال أبو نضرة وانا في سنك يومئذ قال ولم يخرج وجهي يومئذ لا أدري لعله قد قال مرة أخرى وانا يومئذ بن ثلاثين سنة قال وأخذ عليهم ان لا يشقوا عصا المسلمين ولا يفارقوا جماعة ما أقام لهم شرطهم أو كما أخذوا عليه قال فقال لهم وما تريدون قالوا نريد ان لا يأخذ أهل المدينة عطاء فانما هذا المال لمن قاتل عليه ولهذه الشيوخ من أصحاب محمد د قال فرضوا واقبلوا معه إلى المدينة راضين قال فقام فخطب قال الا ان من كان له زرع فليلحق بزرعه ومن كان له ضرع فليلحق به الا انه لا مال لكم عندنا إنما هذا المال لمن قاتل عليه ولهذه الشيوخ من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم قال فغضب الناس وقالوا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/242)
مكر بني أمية قال ثم رجع الوفد المصريون راضين فبينا هم بالطريق إذا هم براكب يتعرض لهم ثم يفارقهم ثم يرجع إليهم ثم يفارقهم ويسبهم قال فقالوا له ما لك ان لك لأمرا ما شأنك قال انا رسول أمير المؤمنين الى عامله بمصر قال ففتشوه فإذا هم بالكتاب على لسان عثمان عليه خاتمه الى عامل مصر ان يصلبهم أو يقتلهم أو يقطع أيديهم وارجلهم قال فاقبلوا حتى قدموا المدينة قال فأتوا عليا فقالوا ألم تر انه كتب فينا بكذا وكذا فمر معنا اليه قال لا والله لا اقوم معكم قالوا فلم كتبت إلينا قال لا والله ما كتبت اليكم كتابا قط قال فنظر بعضهم الى بعض فقال بعضهم لبعض الهذا تقاتلون أو لهذا تغضبون قال وانطلق علي فخرج من المدينة الى قرية وانطلقوا حتى دخلوا على عثمان فقالوا كتبت فينا بكذا وكذا فقال إنما هما اثنتان ان تقيموا على رجلين من المسلمين أو يميني بالله الذي لا اله الا هو ما كتبت ولا أمليت ولا علمت قال وقال قد تعلمون أن الكتاب يكتب على لسان الرجل وقد ينقش الخاتم على الخاتم قال حصروه في القصر قال فاشرف عليهم ذات يوم فقال السلام عليكم قال فما أسمع أحد من الناس رد عليه الا ان يرد رجل في نفسه قال فقال أنشدكم الله هل علمتم اني اشتريت رومة من مالي يستعذب بها قال فجعلت رشاي فيها كرشاء رجل من المسلمين قال قيل نعم قال فعلام تمنعوني ان اشرب منها حتى أفطر على ماء البحر قال وانشدكم الله هل علمتم اني اشتريت كذا وكذا من الأرض فزدته في المسجد قال قيل نعم قال فهل علمتم ان أحدا من الناس منع ان يصلي فيه قبلي قال وانشدكم الله هل سمعتم نبي الله صلى الله عليه وسلم يذكر شيئا في شأنه وذكر أرى كتابه المفصل قال ففشا النهي قال فجعل الناس يقولون مهلا عن أمير المؤمنين مهلا عن أمير المؤمنين قال وفشا النهي قال فقام الأشتر قال فلا أدري أيومئذ أم يوم آخر قال فلعله قد مكر بي وبكم قال فوطيه الناس حتى ألقى كذا وكذا قال ثم اشرف عليهم مرة أخرى فوعظهم وذكرهم فلم تأخذ فيهم الموعظة قال وكان الناس تأخذ فيهم الموعظة أول ما يسمعونها فإذا اعيدت عليهم لم تأخذ فيهم أو كما قال قال ورأى في المنام كأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول أفطر عندنا الليلة قال ثم انه فتح الباب ووضع المصحف بين يديه قال فزعم الحسن ان محمد بن أبي بكر دخل عليه فأخذ بلحيته فقال عثمان لقد أخذت مني مأخذا أو قعدت مني مقعدا ما كان أبو بكر ليقعده أو ليأخذه قال فخرج وتركه قال وقال في حديث أبي سعيد ودخل عليه رجل فقال بيني وبينك كتاب الله قال فخرج وتركه قال فدخل عليه آخر فقال بيني وبينك كتاب الله قال والمصحف بين يديه قال فيهوي اليه بالسيف قال فاتقاه بيده فقطعها فلا أدري ابانها أم قطعها ولم يبنها فقال اما والله انها لأول كف قد خطت المفصل قال ودخل عليه رجل يقال له الموت الأسود قال فخنقه وخنقه قال ثم خرج قبل ان يضرب السيف فقال والله ما رأيت شيئا قط هو ألين من حلقه والله لقد خنقته حتى رأيت نفسه مثل نفس الجان يتردد في جسده قال وفي غير حديث أبي سعيد فدخل عليه التجوبي فاشعره مشقصا قال فانتضح الدم على هذه الآية {فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم} قال فإنها في المصحف ما حكت قال وأخذت ابنة القرافصة في حديث أبي سعيد حليها فوضعته في حجرها وذاك قبل ان يقتل قال فلما اشعر وقتل تفاجت عليه فقال بعضهم قاتلها الله ما أعظم عجيزتها قالت فعرفت ان أعداء الله لم يريدوا الا الدنيا
[766] حدثنا عبد الله حدثني أبي نا عفان قال حدثني معتمر قال سمعت أبي قثنا أبو نضرة عن أبي سعيد مولى الأنصار قال سمع عثمان ان وفد أهل مصر قد اقبلوا فذكر الحديث وقال حصروه في القصر فاشرف عليهم ذات يوم فقال أنشدكم الله هل علمتم اني اشتريت رومة من مالي ليستعذب منها فجعلت رشائي فيها كرشاء رجل من المسلمين فقيل نعم قال فعلام تمنعوني ان اشرب منها حتى أفطر على ماء البحر قال والمصحف بين يديه فاهوى اليه بالسيف فتلقاه بيده فقطعها فلا أدري ابانها أو قطعها فلم يبنها فقال اما والله انها لأول كف قد خطت المفصل وفي غير حديث أبي سعيد فدخل عليه التجوبي فاشعره مشقصا فانتضح الدم على هذه الآية {فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم} فإنها في المصحف ما حكت وأخذت ابنة القرافصة في حديث أبي سعيد حليها فوضعته في حجرها وذلك قبل ان
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/243)
يقتل فلما اشعر وقتل تفاجت عليه فقال بعضهم قاتلها الله ما أعظم عجيزتها قالت فعرفت ان أعداء الله لم يريدوا الا الدنيا
[767] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا وهب بن جرير قثنا أبي سمعت يعلى بن حكيم عن نافع عن بن عمر قال استشارني عثمان وهو محصور فقال ما ترى فيما يقول المغيرة بن الأخنس قلت ما يقول قال يقول ان هؤلاء القوم إنما يريدون ان تخلع هذا الأمر وتخلي بينهم وبينه فقلت أرأيت ان فعلت أمخلف أنت في الدنيا قال لا قلت أفرأيت ان لم تفعل هل يريدون على ان يقتلوك قال لا قلت أفيملكون الجنة والنار قال لا قلت فإني لا أرى أن تسن هذه السنة في الإسلام كلما استخطوا أميرا خلعوه ولا ان تخلع قميصا ألبسكه الله عز وجل
[768] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا إسماعيل بن إبراهيم قثنا أيوب عن نافع قال دخلوا على عثمان من باب فسدد الحربة لرجل منهم فولى وقال الله الله يا عثمان فقال عثمان الله الله يا عثمان الله الله يا عثمان ثم كف حتى قتل
[769] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا وكيع قثنا الأعمش عن أبي صالح عن عبد الله بن سلام قال لا تقتلوا عثمان فانكم ان فعلتم لم تصلوا جميعا ابدا
[770] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا محمد بن جعفر نا شعبة عن أبي عون قال سمعت محمد بن حاطب قال سألت عليا عن عثمان فقال هو من الذين آمنوا ثم اتقوا ثم آمنوا ثم اتقوا ولم يختم الآية
[771] حدثنا عبد الله نا أبي نا يحيى بن سعيد عن شعبة قال حدثني أبو بشر عن يوسف بن سعد عن محمد بن حاطب قال سمعت عليا يقول يعني ان الذين سبقت لهم منا الحسنى منهم عثمان
[772] حدثنا عبد الله حدثني أبي نا حماد بن أسامة أبو أسامة عن هشام قال حدثني أبي عن عبد الله بن الزبير قال قلت لعثمان يوم الدار قاتلهم فوالله لقد أحل لك قتالهم فقال له والله لا أقاتلهم ابدا قال فدخلوا عليه فقتلوه وهو صائم ثم قال وقد كان عثمان أمر عبد الله بن الزبير على الدار فقال عثمان من كانت لي عليه طاعة فليطع عبد الله بن الزبير
[773] حدثنا عبد الله قال حدثني يحيى بن معين انا سألته فحدثني قال نا هشام بن يوسف عن عبد الله بن بحير القاص عن هاني مولى عثمان قال كان عثمان إذا وقف على قبر بكى حتى تبتل لحيته فقيل له تذكر الجنة والنار وتبكي من هذا قال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ان القبر أول منازل الآخرة فإن نجا منه فما بعده أيسر منه وان لم ينج منه فما بعده أشد منه قال وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم والله ما رأيت منظرا الا والقبر افظع منه قال وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه ثم قال استغفروا لأخيكم وسلوا له بالتثبت فإنه الآن يسأل
[774] حدثنا عبد الله قال حدثني أبو إبراهيم الترجماني قال حدثني شعيب يعني بن صفوان الثقفي عن عبد الملك بن عمير عن رجل حدثه عن محمد بن يوسف بن عبد الله بن سلام انه اتى الحجاج ليدخل عليه فأنكره البوابون فردوه فلم يتركوه حتى جاء عنبسة بن سعيد فاستأذن له فأمر به ان يدخل عليه فسلم فرد عليه السلام ثم مشى فقبل رأسه فأمر الحجاج رجلين مما يلي السرير ان يوسعا له فجلس فقال له الحجاج لله أبوك هل تعلم حديثا حدثه أبوك عبد الملك أمير المؤمنين عن عبد الله بن سلام جدك قال أي حديث يرحمك الله قال حديث عثمان إذ حصره أهل مصر فقال نعم قد علمت ذلك الحديث فقال اقبل عبد الله بن سلام فصرخ الناس له حتى دخل على عثمان فوجد عثمان وحده في الدار ليس معه أحد قد عزم على الناس ان يخرجوا عنه فخرجوا فسلم عليه عبد الله بن سلام فقال السلام عليك أمير المؤمنين ورحمة الله فقال له أمير المؤمنين ما جاء بك يا عبد الله بن سلام قال جئت لابيت معك حتى يفتح الله لك أو استشهد معك فإني لا أرى هؤلاء إلا قاتليك فإن يقتلوك فخير لك وشر لهم قال عثمان فإني اعزم عليك بما لي عليك من الحق لما خرجت إليهم خير يسوقه الله بك أو شر يدفعه الله بك فسمع واطاع فخرج إلى القوم فلما رأوه عظموه وظنوا انه قد جاءهم ببعض الذي يسرهم فقام خطيبا فاجتمعوا اليه فحمد الله واثنى عليه فقال ان الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بشيرا ونذيرا يبشر بالجنة وينذر بالنار فاظهر الله من اتبعه من المؤمنين على الدين كله ولو كره المشركون ثم اختار الله له المساكن فجعل
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/244)
مسكنه المدينة فجعلها دار الهجرة والإيمان وجعل بها قبره وقبر أزواجه ثم قال ان الله بعث محمدا هدى ورحمة فمن يهتدي من هذه الأمة فإنما يهتدي بهدى الله ومن يضل منهم فإنما يضل بعد السنة والحجة فبلغ محمد صلى الله عليه وسلم الذي أرسل به ثم قبضه الله اليه ثم انه كان من قبلكم من الأمم إذا قتل النبي بين ظهرانيهم كانت ديته سبعين ألف مقاتل كلهم يقتل به وإذا قتل الخليفة كانت ديته خمسة وثلاثين ألف مقاتل كلهم يقتل به فلا تعجلوا الى هذا الشيخ أمير المؤمنين بقتل اليوم فإني أقسم بالله لقد حضر أجله نجده في كتاب الله ثم اقسم لكم بالله الذي نفسي بيده لا يقتله رجل منكم الا لقي الله عز وجل يوم القيامة مشلا يده مقطوعة ثم اعلموا انه ليس للوالد على ولده حق الا لهذا الشيخ عليكم مثله وقد اقسم لكم بالله ما زالت الملائكة بهذه المدينة منذ دخلها رسول الله صلى الله عليه وسلم الى اليوم وما زال سيف الله مغمودا عنكم منذ دخلها رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا تسلوا سيف الله بعد إذ غمد عنكم ولا تطردوا جيرانكم من الملائكة فلما قال ذلك لهم قاموا يسبونه ويقولون كذب اليهودي فقال لهم عبد الله كذبتم والله وأثمتم ما انا باليهودي اني لاحد المؤمنين يعلم ذلك الله ورسوله والمؤمنون ولقد انزل الله عز وجل في قرآنا فقال في آية من القرآن {قل ارأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم} وانزل في آية أخرى {قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب} فانصرفوا من عنده ودخلوا على عثمان فذبحوه كما تذبح الحملان فقام عبد الله بن سلام على باب المسجد حين فرغوا منه وقتلته في المسجد فقال يا أهل مصر يا قتلة عثمان اقتلتم أمير المؤمنين فوالذي نفسي بيده لا يزال بعده عهد منكوث ودم مسفوح ومال مقسوم ابدا ما بقيتم وقد دخل عليه قبل ان يقتل كثير بن الصلت الكندي ليلة قتل فيها من آخر النهار فقال عثمان يا كثير اني مقتول غدا فقال له كثير يا أمير المؤمنين بل يعلي الله كعبك ويكبت عدوك فقال له الثانية يا كثير اني مقتول غدا فقال يا أمير المؤمنين بل يعلي الله كعبك ويكبت عدوك فقال له الثالثة أيضا فقال له كثير عمن تقول هذا يا أمير المؤمنين فقال له عثمان أتاني أول الليل رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر وعمر فقال يا عثمان إنك مقتول غدا فإنا والله يا كثير بن الصلت مقتول غدا فقتل رحمه الله
[775] حدثنا عبد الله قال حدثني إسماعيل أبو معمر قثنا سفيان قال قال عثمان لو طهرت قلوبكم ما شبعت من كلام الله عز وجل
[776] قال وقال عثمان ما أحب ان يأتي علي يوم ولا ليلة الا أنظر في كلام الله يعني القراءة في المصحف
[777] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا عبد الرحمن بن مهدي عن حماد بن زيد عن أيوب عن أبي قلابة عن عثمان قال ما من عامل يعمل عملا الا كساه الله رداء عمله
[778] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا إسحاق بن عيسى الطباع عن أبي معشر قال وقتل عثمان يوم الجمعة لثمان عشرة مضت من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين فكانت خلافته ثنتي عشرة سنة الا اثني عشر يوما
[779] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا حسن بن موسى قال انا أبو هلال قال نا قتادة ان عثمان قتل وهو بن تسعين سنة أو ثمان وثمانين
[780] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا زكريا بن عدي قال انا عبيد الله بن عمرو عن عبد الله بن محمد بن عقيل قال قتل عثمان سنة خمس وثلاثين وكانت الفتنة خمس سنين منها أربعة اشهر للحسن
[781] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا عبد الرزاق قال انا معمر عن قتادة قال صلى الزبير على عثمان ودفنه وكان أوصى اليه
[782] حدثنا عبد الله قثنا إسماعيل أبو معمر قثنا يحيى بن سليم قال سمعت عبد الله بن الحسن قال بلغني ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ألا أبو ايم الأولى ايم ألا أخو ايم يزوج عثمان فلو كانت عندي ثالثة لزوجته وما زوجته إلا بوحي من السماء
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/245)
[783] حدثنا عبد الله قال حدثني عبد الله بن عمر القواريري قال حدثني القاسم بن الحكم بن أوس الأنصاري قال حدثني أبو عبادة الزرقي الأنصاري من أهل المدينة عن زيد بن أسلم عن أبيه قال شهدت عثمان يوم حوصر في موضع الجنائز فرأيت عثمان اشرف من الخوخة التي تلي مقام جبريل فقال أيها الناس افيكم طلحة فذكر الحديث بطوله قال ما كنت أرى أن تكون في جماعة تسمع ندائي ثم لا تجيبني أنشدك الله يا طلحة تذكر يوم كنت أنا أنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في موضع كذا وكذا ليس معه أحد من أصحابه غيري وغيرك قال نعم فقال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم يا طلحة انه ليس من نبي إلا ومعه من أصحابه رفيق من أمته معه في الجنة وان عثمان بن عفان هذا يعنيني رفيقي معي في الجنة قال طلحة اللهم نعم ثم انصرف
[784] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا هاشم بن القاسم قثنا عبد الحميد يعني بن بهرام قال حدثني المهلب أبو عبد الله انه دخل على سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب وكان الرجل ممن يحمد علي بن أبي طالب ويذم عثمان فقال الرجل يا أبا الفضل ألا تخبرني هل شهد عثمان البيعتين كلتيهما بيعة الرضوان وبيعة الفتح فقال سالم لا فكبر الرجل وقام ونفض رداءه وخرج منطلقا فلما ان خرج قال له جلساءه والله ما أراك تدري ما أمر الرجل قال أجل وما أمره قالوا فإنه ممن يحمد عليا ويذم عثمان فقال علي بالرجل فأرسل إليه فلما أتاه قال يا عبد الله الصالح إنك سألتني هل شهد عثمان البيعتين كلتيهما بيعة الرضوان وبيعة الفتح فقلت لا فكبرت وخرجت شامتا فلعلك ممن يحمد عليا ويذم عثمان فقال أجل والله إني لمنهم قال فاسمع مني وافهم ثم ارو علي فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بايع الناس تحت الشجرة كان بعث عثمان في سرية وكان في حاجة الله وحاجة رسوله وحاجة المؤمنين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الا ان يميني يدي وشمالي يد عثمان فضرب شماله على يمينه فقال هذه يد عثمان واني قد بايعت له ثم كان من شأن عثمان في البيعة الثانية ان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عثمان إلى علي وكان أمير اليمن فصنع به مثل ذلك ثم كان من شأن عثمان ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل من أهل مكة يا فلان ألا تبيعني دارك أزيدها في مسجد الكعبة ببيت أضمنه له في الجنة فقال له الرجل يا رسول الله والله ما لي بيت غيره فإن أنا بعتك داري لا يؤويني وولدي بمكة شيء ألا بل بعني دارك أزيدها في مسجد الكعبة ببيت أضمنه لك في الجنة فقال الرجل والله ما لي في ذلك حاجة ولا اريده فبلغ ذلك عثمان وكان الرجل ندمانا لعثمان في الجاهلية وصديقا فأتاه فقال يا فلان بلغني ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد منك دارك ليزيدها في مسجد الكعبة ببيت يضمنه لك في الجنة فأبيت عليه قال أجل قد أبيت فلم يزل عثمان يراوده حتى اشترى منه داره بعشرة آلاف دينار ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله بلغني انك أردت من فلان داره لتزيدها في مسجد الكعبة ببيت تضمنه له في الجنة وإنما هي داري فهل أنت آخذها مني ببيت تضمنه لي في الجنة قال نعم فأخذها منه وضمن له بيتا في الجنة وأشهد له على ذلك المؤمنين ثم كان من جهازه جيش العسرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا غزوة تبوك فلم يلق في غزوة من غزواته ما لقي فيها من المخمصة والظمأ وقلة الظهر والمجاعات فبلغ ذلك عثمان فاشترى قوتا وطعاما وأدما وما يصلح رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فجهز إليه عيرا فحمل على الحامل والمحمول وسرحها إليه فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سواد قد أقبل قال هذا حمل اسعد قد جاءكم بخير فأنيخت الركاب ووضع ما عليها من الطعام والأدم وما يصلح رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه يلوي بهما إلى السماء اللهم رضيت عن عثمان فارض عنه ثلاث مرات ثم قال يا أيها الناس ادعوا لعثمان فدعا له الناس جميعا مجتهدين ونبيهم صلى الله عليه وسلم معهم ثم كان من شأن عثمان ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان زوجه ابنته فماتت فجاء عثمان إلى عمر وهو عند رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس فقال يا عمر إني خاطب فزوجني بنتك فسمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا عمر خطب إليك عثمان ابنتك زوجني ابنتك وأنا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/246)
أزوجه ابنتي فتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنة عمر وزوجه ابنته فهذا ما كان من شأن عثمان
[785] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا علي بن عياش قثنا الوليد بن مسلم قال وأخبرني الأوزاعي عن محمد بن عبد الملك بن مروان حدثه عن المغيرة بن شعبة أنه دخل على عثمان وهو محصور فقال إنك امام العامة وقد نزل بك ما ترى وإني أعرض عليك خصالا ثلاثا اختر إحداهن إما أن تخرج فتقاتلهم فإن معك عددا وقوة وأنت على الحق وهم على الباطل واما أن تخرق لك بابا سوى الباب الذي هم عليه فتقعد على رواحلك فتلحق بمكة فإنهم لن يستحلوك وأنت بها واما ان تلحق بالشام فإنهم أهل الشام وفيهم معاوية فقال عثمان اما أن أخرج فأقاتل فلن أكون أول من خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمته يسفك الدماء واما أن أخرج إلى مكة فإنهم لن يستحلوني بها فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يلحد رجل من قريش بمكة يكون عليه نصف عذاب العالم فلن أكون إياه وإما أن ألحق بالشام فإنهم أهل الشام وفيهم معاوية فلن أفارق دار هجرتي ومجاورة رسول الله صلى الله عليه وسلم
[786] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا يزيد بن عبد ربه قال نا الحارث بن عبيدة قال حدثني محمد بن عبد الرحمن بن مجبر عن أبيه عن جده ان عثمان أشرف على الذين حصروه فسلم عليهم فلم يردوا عليه فقال عثمان افي القوم طلحة قال طلحة نعم قال فإنا لله وإنا إليه راجعون أسلم على قوم أنت فيهم فلا يردون قال قد رددت قال أهكذا الرد أسمعتك ولا تسمعني يا طلحة أنشدك الله أسمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول لا يحل دم المسلم إلا واحدة من ثلاث أن يكفر بعد ايمانه أو يزني بعد احصانه أو يقتل نفسا فيقتل بها قال اللهم نعم فكبر عثمان فقال والله ما أنكرت الله عز وجل منذ عرفته ولا زنيت في جاهلية ولا إسلام وقد تركته في الجاهلية تكرما وفي الإسلام تعففا وما قتلت نفسا يحل بها قتلي
[787] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي نا يزيد بن هارون قال أنا سعيد بن أبي عروبة عن يونس عن الحسن قال جاء عثمان إلى النبي صلى الله عليه وسلم بدنانير في غزوة تبوك قال فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقلبها بيده وهو يقول ما على بن عفان ما عمل بعد هذه
[788] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي نا يزيد قال أنا سعيد عن قتادة قال وكان بن سلام يقول ليحكمن في قتلته يوم القيامة
[789] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا بهز بن أسد قثنا حماد بن سلمة قال نا سعيد بن جهمان عن سفينة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الخلافة ثلاثون عاما ثم يكون بعد ذلك الملك قال سفينة أمسك خلافة أبي بكر سنتين وخلافة عمر عشر سنين وخلافة عثمان اثنتي عشرة سنة وخلافة علي ست سنين
[790] حدثنا عبد الله قثنا هدبة بن خالد قثنا حماد بن سلمة عن سعيد بن جمهان عن سفينة أبي عبد الرحمن قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الخلافة ثلاثون عاما ثم يكون بعد ذلك ملكا قال سفينة فخذ سنتين أبو بكر وعشرا عمر وثنتي عشرة عثمان وستا علي
[791] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا بشر بن شعيب قال حدثني أبي عن الزهري قال حدثني عروة بن الزبير أن عبيد الله بن عدي بن الخيار أخبره أن المسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث قالا له ما يمنعك أن تكلم خالك يكلم أمير المؤمنين عثمان في الوليد بن عقبة وقد أكثر الناس فيما فعل قال عبيد الله فاعترضت لأمير المؤمنين عثمان حين خرج إلى الصلاة فقلت له إن لي إليك حاجة هي نصيحة قال قال يا أيها المرء اني أعوذ بالله منك قال فانصرفت فلما قضيت الصلاة جلست إلى المسور وابن عبد يغوث فحدثتهما بالذي قلت لأمير المؤمنين وقال لي فقالا قد قضيت الذي عليك فبينا أنا جالس معهما جاءني رسول أمير المؤمنين عثمان فقالا لي قد ابتلاك الله فانطلقت حتى دخلت على عثمان فقال ما نصيحتك التي ذكرت لي آنفا قال فتشهدت ثم قلت له ان الله عز وجل بعث محمدا بالحق وأنزل عليه الكتاب فكنت ممن استجاب لله ولرسوله وآمن فهاجرت الهجرتين الأوليين ونلت صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأيت هديه وقد أكثر الناس في شأن الوليد فحق عليك أن تقيم عليه الحد قال فقال لي بن أختي أدركت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فقلت لا ولكن خلص إلي من علمه واليقين ما
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/247)
يخلص إلى العذراء في سترها قال فتشهد ثم قال أما بعد فإن الله بعث محمدا بالحق فكنت ممن استجاب لله ولرسوله وآمن بما بعث به محمد صلى الله عليه وسلم ثم هاجرت الهجرتين كما قلت ونلت صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم فوالله ما عصيته ولا غششته حتى توفاه الله ثم استخلف بعده أبو بكر فبايعناه فوالله ما عصيته ولا غششته حتى توفاه الله ثم استخلف عمر فوالله ما عصيته ولا غششته حتى توفاه الله ثم استخلفني الله أفليس لي عليكم مثل الذي كان لهم علي قال فقلت بلى قال فما هذه الأحاديث التي تبلغني عنكم فأما ما ذكرت من شأن الوليد فسنأخذ فيه إن شاء الله بالحق قال فجلد الوليد أربعين سوطا وأمر عليا بجلده فكان هو يجلده
[792] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا يزيد بن هارون قال أنا فرج بن فضالة عن مروان بن أبي أمية عن عبد الله بن سلام قال أتيت عثمان وهو محصور أسلم عليه فقال مرحبا بأخي مرحبا بأخي ما يسرني اني وراءك ألا أحدثك ما رأيت الليلة في المنام قلت بلى قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الخوخة وإذا خوخة في البيت فقال حصروك قلت نعم قال أعطشوك قلت نعم قال فأدلى لي دلوا من ماء فشربت منه حتى رويت فإني لأجد برده بين كتفي وبين يدي قال إن شئت نصرت عليهم وإن شئت افطرت عندنا فاخترت أن أفطر عنده قال فقتل في ذلك اليوم رضى الله تعالى عنه
[793] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا حجاج قثنا ليث قثنا عقيل عن بن شهاب عن يحيى بن سعيد بن العاص أن سعيد بن العاص أخبره ان عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وعثمان حدثاه ان أبا بكر استأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع على فراشه لابس مرط عائشة فأذن لأبي بكر وهو كذلك فقضى إليه حاجته ثم انصرف ثم استأذن عمر فأذن له وهو على ذلك الحال فقضى إليه حاجته ثم انصرف قال عثمان ثم استأذنت عليه فجلس وقال لعائشة اجمعي عليك ثيابك فقضيت إليه حاجتي ثم انصرفت فقالت عائشة يا رسول الله ما لي لم أر فزعت لأبي بكر وعمر كما فزعت لعثمان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان عثمان رجل حيي وإني خشيت ان أذنت له على تلك الحال أن لا يبلغ إلي في حاجته وقال ليث وقال جماعة الناس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعائشة ألا استحيي ممن تستحيي منه الملائكة
[794] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا يعقوب قثنا أبي عن صالح قال بن شهاب أخبرني يحيى بن سعيد بن العاص ان سعيد بن العاص أخبره ان عثمان وعائشة حدثاه ان أبا بكر استأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع على فراشه لابس مرط عائشة فذكر مثل حديث عقيل
[795] حدثنا عبد الله قثنا أبي قثنا أبو المغيرة قثنا صفوان قال حدثني شريح بن عبيد وغيره ان عبد الله بن سلام كان يقول يا أهل المدينة لا تقتلوا عثمان فوالله إن سيف الله مغمود عنكم وإن ملائكة الله ليحرسون المدينة من كل ناحية ما من نقاب المدينة من نقب إلا وعليه ملك سأل سيفه فلا تسلوا سيف الله المغمود عنكم ولا تنفروا ملائكة الله الذين يحرسونكم
[796] حدثنا عبد الله نا علي بن سهل بن أخي علي الراقم قثنا اسود بن عامر قثنا سنان بن هارون البرجمي عن كليب بن وائل عن بن عمر قال ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنة ومر رجل متقنع فقال هذا يقتل يومئذ مظلوما فقمت إليه فإذا هو عثمان
[797] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا محمد بن جعفر قثنا شعبة عن سعد بن إبراهيم انه سمع أباه يحدثه انه سمع عثمان يقول هاتان رجلاي فإن وجدتم في كتاب الله أن تضعوهما في القيود فضعوهما
[798] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا يعقوب قثنا أبي عن أبيه عن جده قال سمعت عثمان لما حصر يقول إن وجدتم في كتاب الله أن تضعوا رجلي في قيود فضعوهما
[799] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا أزهر بن سعد السمان قال أنا بن عون قال أنا الحسن قال لما اشتد أمرهم يوم الدار قال قالوا فمن فمن قال فبعثوا إلى أم حبيبة فجاءوا بها على بغلة بيضاء وملحفه قد سترت فلما دنت من الباب قالوا ما هذا قالوا أم حبيبة قالوا والله لا تدخل فردوها
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/248)
[800] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا إسحاق بن سليمان قثنا أبو جعفر يعني الرازي عن يونس بن عبيد عن الحسن قال رأيت عثمان قائلا في المسجد في ملحفة ليس حوله أحد وهو أمير المؤمنين
[801] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا إسحاق بن سليمان قال نا مغيرة بن مسلم عن مطر الوراق عن بن سيرين عن حذيفة قال لما بلغه قتل عثمان قال اللهم انك تعلم براءتي من دم عثمان فان كان الذين قتلوه أصابوا بقتله فإني بريء منه وان كانوا اخطأوا بقتله فقد تعلم براءتي من دمه وستعلم العرب لئن كانت أصابت بقتله لتحتلبن بذلك لبنا وان كانت أخطأت بقتله لتحتلبن بذلك دما فاحتلبوا بذلك دما ما رفعت عنهم السيوف ولا القتل
[802] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا محمد بن عبد الله بن الزبير قثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب قال سمعت حاديا يحدو في امارة عمر الا ان الأمير بعده عثمان وسمعته يحدو في إمرة عثمان ان الأمير بعده علي
[803] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا وكيع عن سفيان عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث وقال في آخره واصدقها حياء عثمان
[804] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا يحيى هو بن سعيد عن إسماعيل بن أبي خالد قال نا قيس هو بن أبي حازم عن أبي سهلة عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ادعوا لي بعض أصحابي قلت أبو بكر قال لا قلت عمر قال لا قلت بن عمك علي قال لا قالت قلت عثمان قال نعم فلما جاء قال تنحي فجعل يساره ولون عثمان يتغير فلما كان يوم الدار وحصر قلنا يا أمير المؤمنين الا تقاتل قال لا ان رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلي عهدا واني صابر نفسي عليه
[805] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا أبو قطن قثنا يونس يعني بن أبي إسحاق عن أبيه عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال اشرف عثمان وهو محصور فقال انشد بالله من شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حراء إذ اهتز الجبل فركله بقدمه ثم قال اسكن حراء ليس عليك الا نبي أو صديق أو شهيد وانا معه فانتشد له رجال وقال انشد بالله من شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بيعة الرضوان إذ بعثني الى المشركين الى أهل مكة قال هذه يدي وهذه يد عثمان فبايع لي فانتشد له رجال انشد بالله من شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من يوسع لنا بهذا البيت في المسجد ببيت له في الجنة فابتعته من مالي فوسعت به المسجد فانتشد له رجال قال وأنشد بالله من شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم جيش العسرة قال من ينفق اليوم نفقة متقبلة فجهزت نصف الجيش من مالي قال فانتشد له رجال وأنشد بالله من شهد رومة يباع ماءها بن السبيل فابتعتها من مالي فأبحتها بن السبيل قال فانتشد له رجال
[806] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا سليمان بن حرب وعفان قالا نا حماد بن زيد قثنا يحيى بن سعيد عن أبي امامة بن سهل قال كنا مع عثمان وهو محصور في الدار فدخل مدخلا إذا دخله سمع كلامه من على البلاط قال فدخل ذلك المدخل وخرج إلينا فقال انهم يتوعدوني بالقتل آنفا قال قلنا يكفيكهم الله يا أمير المؤمنين قال وبم يقتلوني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يحل دم امرئ مسلم الا بإحدى ثلاث رجل كفر بعد إسلامه أو زنى بعد احصانه أو قتل نفسا فيقتل بها فوالله ما أحببت ان لي بديني بدلا منذ هداني الله ولا زنيت في جاهلية ولا في إسلام قط ولا قتلت نفسا فبم يقتلوني
[807] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي نا إسحاق بن سليمان قال سمعت مغيرة بن مسلم أبا سلمة يذكر عن مطر عن نافع عن بن عمر ان عثمان اشرف على اصحابه وهو محصور فقال علام تقتلوني فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يحل دم امرئ مسلم الا بإحدى ثلاث رجل زنى بعد احصانه فعليه الرجم أو قتل عمدا فعليه القود أو ارتد بعد إسلامه فعليه القتل فوالله ما زنيت في جاهلية ولا إسلام ولا قتلت أحدا فأقيد نفسي منه ولا ارتددت منذ أسلمت اني اشهد ان لا إله إلا الله وان محمدا عبده ورسوله
[808] حدثنا عبد الله قثنا سويد بن سعيد نا إبراهيم بن سعد قثنا أبي عن أبيه قال قال عثمان ان وجدتم في كتاب الله ان تضعوا رجلي في القيد فضعوهما
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/249)
[809] حدثنا عبد الله قال حدثني عثمان بن أبي شيبة قثنا يونس بن أبي اليعفور العبدي عن أبيه عن مسلم أبي سعيد مولى عثمان بن عفان ان عثمان بن عفان اعتق عشرين مملوكا ودعا سراويل فشدها عليه ولم يلبسها في جاهلية ولا في إسلام قال اني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم البارحة في النوم ورأيت أبا بكر وعمر وانهم قالوا لي اصبر فإنك تفطر عندنا القابلة ثم دعا بمصحف فنشره بين يديه فقتل وهو بين يديه
[810] حدثنا عبد الله قال حدثني سريج بن يونس قثنا محبوب بن محرز عن إبراهيم بن عبد الله بن فروخ عن أبيه قال شهدت عثمان بن عفان دفن في ثيابه بدمائه ولم يغسل رضى الله تعالى عنه
[811] حدثنا عبد الله قال حدثني محمد بن أبي بكر المقدمي قثنا زهير بن إسحاق قثنا داود بن أبي هند عن زياد بن عبد الله عن أم هلال بنت وكيع عن نائلة بنت القرافصة امرأة عثمان بن عفان قالت نعس أمير المؤمنين عثمان فاغفى فاستيقظ فقال ليقتلنني القوم قلت كلا لم تبلغ ذلك ان رعيتك استعتبوك قال اني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامي وأبا بكر وعمر فقالوا تفطر عندنا الليلة
[812] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا هشيم بن بشير قال انا محمد بن قيس الأسدي عن موسى بن طلحة قال سمعت عثمان بن عفان وهو على المنبر والمؤذن يقيم وهو يستخبر الناس يسألهم عن اخبارهم وأسعارهم
[813] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي نا عبد الصمد هو بن عبد الوارث قال حدثتني فاطمة بنت عبد الرحمن قالت حدثتني أمي انها سألت عائشة وارسلها عمها فقال إن أحد بنيك يقرئك السلام ويسألك عن عثمان بن عفان فان الناس قد شتموه فقالت لعن الله من لعنه فوالله لقد كان قاعدا عند نبي الله صلى الله عليه وسلم وان رسول الله صلى الله عليه وسلم لمسند ظهره إلي وان جبريل عليه السلام ليوحي اليه القرآن انه ليقول له اكتب يا عثيم فما كان الله عز وجل لينزله تلك المنزلة الا وهو كريم على الله ورسوله
[814] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي نا يونس هو بن محمد قثنا عمر بن إبراهيم اليشكري قال سمعت أمي تحدث ان أمها انطلقت الى البيت حاجة والبيت يومئذ له بابان قالت فلما قضيت طوافي دخلت على عائشة قالت يا أم المؤمنين ان بعض بنيك بعث يقرئك السلام وان الناس قد أكثروا في عثمان فما تقولين فيه قالت لعن الله من لعنه لا احسبها الا قالت ثلاث مرار لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مسند فخذه الى عثمان فإني لأمسح العرق عن جبين رسول الله صلى الله عليه وسلم وان الوحي ينزل عليه ولقد زوجه ابنتيه إحداهما بعد الأخرى وانه ليقول اكتب عثيم قالت ما كان الله لينزل عبدا من نبيه بتلك المنزلة الا عبدا عليه كريما
[815] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا موسى بن داود نا فرج بن فضالة عن محمد بن الوليد الزبيدي عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا عائشة لو كان عندنا من يحدثنا قالت قلت يا رسول الله الا ابعث الى أبي بكر فسكت ثم قال لو كان عندنا من يحدثنا فقلت الا ابعث الى عمر فسكت قالت ثم دعا وصيفا بين يديه فساره فذهب قالت فإذا عثمان يستأذن فأذن له فدخل فناجاه النبي صلى الله عليه وسلم طويلا ثم قال يا عثمان ان الله مقمصك قميصا فان أرادك المنافقون على ان تخلعه فلا تخلعه لهم ولا كرامة يقولها له مرتين أو ثلاثا
[816] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا أبو المغيرة قثنا الوليد بن سليمان قال حدثني ربيعة بن يزيد عن عبد الله بن عامر عن النعمان بن بشير عن عائشة قالت أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم الى عثمان بن عفان فاقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبلت احدانا على الأخرى فكان من آخر كلام كلمه أن ضرب بين منكبيه وقال يا عثمان إن الله عز وجل عسى أن يلبسك قميصا فإن أرادك المنافقون على خلعه فلا تخلعه حتى تلقاني يا عثمان إن الله عسى أن يلبسك قميصا فإن أرادك المنافقون على خلعه فلا تخلعه حتى تلقاني ثلاثا فقلت لها يا أم المؤمنين فأين كان هذا عنك قالت نسيته والله فما ذكرته قال فأخبرته معاوية بن أبي سفيان
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/250)
[817] حدثنا عبد الله قثنا أبو عامر العدوي حوثرة بن اشرس قال نا جعفر بن كيسان أبو معروف عن عمرة بنت أرطاة العدوية قالت خرجت مع عائشة سنة قتل عثمان الى مكة فمررنا بالمدينة ورأينا المصحف الذي قتل وهو في حجره فكانت أول قطرة قطرت من دمه على هذه الآية {فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم} قالت عمرة فما مات رجل منهم سويا
[818] حدثنا عبد الله نا أبي نا يحيى بن سعيد نا سعيد نا قتادة ان أنس بن مالك حدثهم ان النبي صلى الله عليه وسلم صعد أحدا فتبعه أبو بكر وعمر وعثمان فرجف بهم فقال له اسكن نبي وصديق وشهيدان
[819] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي نا عبد الرزاق قال انا معمر عن أبي حازم عن سهل بن سعد انه رجف أحد وعليه النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان فقال النبي صلى الله عليه وسلم اسكن أحد ما عليك الا نبي وصديق وشهيدان
[820] حدثنا عبد الله قثنا شجاع بن مخلد نا يحيى بن يمان عن شيخ من بني زهرة كان يجالس مسعر بن كدام عن الحارث بن عبد الرحمن عن طلحة بن عبيد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لكل نبي رفيق ورفيقي عثمان بن عفان
ومن فضائل عثمان من حديث أبي بكر بن مالك عن شيوخه سوى عبد الله بن أحمد
[821] حدثنا عباس بن إبراهيم القراطيسي قثنا علي بن شعيب قثنا الوضاح بن حسان الأنباري عن طلحة بن زيد عن عبيدة بن حسان عن جابر بن عبد الله ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعثمان أنت وليي في الدنيا وأنت وليي في الآخرة وأظنه عن عطاء عن جابر
[822] حدثنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله البصري قثنا حجاج بن نصير قثنا سكن بن المغيرة القرشي عن الوليد بن زياد عن فرقد أبي طلحة عن عبد الرحمن بن خباب السلمي قال إني لتحت منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر فحضض على جيش العسرة فلم يجبه أحد فقام عثمان بن عفان فقال يا رسول الله علي مائة بعير بأحلاسها واقتابها عونا في هذا الجيش ثم حضض فلم يجبه أحد فقام عثمان فقال يا رسول الله على مائتا بعير بأحلاسها واقتابها عونا في هذا الجيش ثم حضض فلم يجبه أحد فقام عثمان بن عفان فقال يا رسول الله علي ثلاثمائة بعير بأحلاسها واقتابها عونا في هذا الجيش فقال عبد الرحمن بن خباب فكأني أنظر إلى يد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول ما على عثمان ما عمل بعد هذا اليوم
[823] حدثنا إبراهيم قثنا عمر بن مرزوق قال أنا السكن بن المغيرة عن الوليد بن أبي هشام عن فرقد أبي طلحة عن عبد الرحمن بن خباب قال شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر نحوه
[824] حدثنا إبراهيم قثنا حجاج بن نصير قثنا سعيد بن أبي عروبة عن محمد بن سيرين عن كعب بن عجرة قال ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنة فقربها فمر رجل متقنع فقال هذا وأصحابه يومئذ على الحق فقام إليه رجل فأخذ بمنكبه واستقبل بوجهه النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله هذا قال نعم فإذا هو عثمان
[825] حدثنا إبراهيم قثنا حجاج بن منهال قثنا حماد هو بن سلمة عن سعيد الجريري عن عبد الله بن شقيق عن عبد الله بن حوالة قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو تحت دومة وهو يكتب الناس فرفع رأسه فقال يا بن حوالة أكتبك قلت ما خار الله لي ورسوله ثم جعل يملي على الكاتب ثم رفع رأسه فقال يا بن حوالة أكتبك فقلت ما خار الله لي ورسوله ثم جعل يملي على الكاتب ثم رفع رأسه فقال يا بن حوالة أكتبك فقلت ما خار الله لي ورسوله ثم جعل يملي على الكاتب ثم رفع رأسه فقال أكتبك فقلت ما خار الله لي ورسوله فجعل يملي على الكاتب فنظرت في الكتاب فإذا فيه أبو بكر وعمر فعلمت أنهما لم يكتبا إلا في خير قال يا بن حوالة أكتبك فقلت نعم فكتبني ثم قال يا بن حوالة كيف أنت وفتنة تكون باقطار الأرض كأنها صياصي البقر والتي تليها كنفخة أرنب قلت الله ورسوله أعلم قال فإنه يومئذ ومن معه على الحق قال فذهبت فلفته فإذا هو عثمان بن عفان فقلت هذا يا رسول الله فقال نعم قال وقال ذات يوم يدخل علي رجل معتجر ببرد حبرة يبايع الناس من أهل الجنة قال فهجمنا على عثمان وهو معتجر ببرد حبرة يبايع الناس
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/251)
[826] حدثنا إبراهيم قثنا حجاج قثنا أبو عوانة عن عثمان بن عبد الله بن موهب قال جاء رجل من أهل مصر حج البيت فرأى قوما جلوسا فقال من هؤلاء القوم قالوا قريش قال من الشيخ فيهم قالوا عبد الله بن عمر قال فقال يا بن عمر إني سائلك عن شيء فحدثني أنشدك الله بحرمة هذا البيت أتعلم أن عثمان فر يوم أحد قال نعم قال أتعلم أن عثمان تغيب عن بدر فلم يشهدها قال نعم أتعلم أن عثمان تغيب عن بيعة الرضوان فلم يشهدها قال نعم فكبر قال الله أكبر فقال بن عمر تعال أبين لك كل ما سألتني عنه أما فراره يوم أحد فأشهد أن الله قد عفا عنه وغفر له وأما تغيبه عن بدر فإنه كانت تحته ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فمرضت فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم لك أجر رجل شهد بدرا وسهمه وأما تغيبه عن بيعة الرضوان فإنه لو كان أحد أعز ببطن مكة من عثمان بعثه مكانه بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان إلى مكة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده اليمنى هذه يد عثمان فضرب بها على يده صلى الله عليه وسلم وقال هذه لعثمان قال بن عمر للرجل اذهب بهذا الآن معك
[827] حدثنا إبراهيم بن عبد الله قثنا حجاج بن نصير قثنا أبو عوانة عن حصين قال قلت لعمرو بن جاوان لم كان اعتزل الأحنف قال قال الأحنف انطلقنا حجاجا فمررنا بالمدينة فبينما نحن في منزلنا إذ آتانا آت فقال إن الناس قد فزعوا في المسجد قال فانطلقت أنا وصاحبي فإذا الناس مجتمعون على نفر في وسط المسجد قال فتخللتهم حتى قمت عليهم وإذا علي بن أبي طالب وطلحة والزبير وسعد بن أبي وقاص قعود فلم يكن ذلك بأسرع من أن جاء عثمان يمشي في المسجد عليه ملية صفراء قد رفعها فقلت لصاحبي كما أنت حتى أنظر ما جاء به فلما دنا قالوا هذا بن عفان قال أههنا علي قال نعم قال أههنا الزبير قالوا نعم قال أههنا طلحة قالوا نعم قال أههنا سعد قالوا نعم قال أنشدكم الله الذي لا إله إلا هو أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من يبتاع مربد بني فلان فابتعته قال حصين أحسبه قال بعشرين ألفا أو بخمسة وعشرين ألفا فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله إني قد ابتعته قال فاجعله في مسجدنا وأجره لك قالوا اللهم نعم قال أنشدكم الله الذي لا إله إلا هو هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من يبتاع بئر رومة غفر الله له فابتعتها بكذا وكذا فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت إني قد ابتعت بئر رومة قال اجعلها سقاية للمسلمين وأجرها لك قالوا نعم أنشدكم الله الذي لا إله إلا هو أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر في وجوه القوم يوم جيش العسرة فقال من يجهز هؤلاء غفر الله له فجهزتهم حتى ما يفقدون خطاما ولا عقالا قالوا اللهم نعم قال اللهم اشهد اللهم اشهد اللهم اشهد ثم انصرف
[828] حدثنا إبراهيم قثنا سليمان بن حرب قثنا حماد وهو بن زيد عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي الأشعث قال سمعت خطباء بالشام في الفتنة فقام رجل يقال له مرة بن كعب أو بن كعيب قال لولا حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم أقم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر فتنة كائنة فمر رجل متقنع فقال هذا وأصحابه يومئذ على الهدى فإذا عثمان بن عفان
[829] حدثنا إبراهيم قال حدثنا سليمان بن حرب قثنا أبو هلال قثنا قتادة عن عبد الله بن شقيق عن مرة البهزي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تهيج على الأرض فتنة كصياصي البقر فمر رجل متقنع فقال هذا وأصحابه يومئذ على الحق فقمت إليه فأخذت بمجامع ثوبه فقلت هو ذا يا رسول الله قال هو ذا فإذا هو عثمان بن عفان
[830] حدثنا إبراهيم قثنا سليمان بن حرب قثنا حماد بن زيد قثنا يحيى بن سعيد عن أبي أمامة بن سهل قال كنا مع عثمان وهو محصور في الدار وكان في الدار مدخل كان من دخله سمع كلام من على البلاط فدخله فخرج إلينا وهو متغير لونه قال إنهم ليتوعدوني بالقتل آنفا فقلنا يكفيكم الله يا أمير المؤمنين قال وبم يقتلوني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث رجل كفر بعد إسلامه أو زنى بعد احصانه أو قتل نفسا بغير نفس فوالله ما زنيت في جاهلية ولا إسلام قط ولا أحببت أن لي بديني بدلا منذ هداني الله ولا قتلت نفسا فبم يقتلوني
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/252)
[831] حدثنا إبراهيم قثنا عبد الله بن عبد الوهاب قال حدثني بكار بن عبد الرحمن الخزاعي عن شيخ من أهل مكة قد لقي عطاء قال حدثني عبد الله بن الحر الأموي قال لما ماتت ابنة النبي صلى الله عليه وسلم الثانية عند عثمان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أبو ايم ألا ولي ايم ينكح عثمان إني انكحته ابنتي ولو كانت عندي ثالثة لأنكحته وما انكحته إحدى ابنتي إلا بوحي من السماء
[832] حدثنا إبراهيم قثنا سليمان الشاذكوني قثنا عبد الحميد الحماني قثنا إسماعيل بن عبد الملك عن بن أبي مليكة عن عائشة قالت ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو لفرد إلا لعثمان بن عفان فإني رأيته يعني يدعو حتى رأيت ضبعيه
[833] حدثنا الهيثم بن خلف الدوري قال نا زكريا بن يحيى المدائني قثنا شبابة بن سوار قال حدثني المغيرة عن مطر عن بن سيرين عن كعب بن عجرة قال بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا مع اصحابه إذ ذكر فتنة فقربها فجاء رجل متقنع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا يومئذ ومن تبعه على الهدى قال فلحقته فأخذت بضبعيه فميلته إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقلت هذا يا رسول الله قال هذا فنظرت فإذا هو عثمان
[834] حدثنا الهيثم قال نا الخليل بن عمرو البغوي قال نا محمد بن سلمة الحراني أبو عبد الله عن أبي عبد الرحيم عن زيد بن أبي أنيسة عن محمد بن عبد الله عن المطلب عن أبي هريرة قال دخلت على رقية ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة عثمان بن عفان وفي يدها مشط فقالت خرج من عندي رسول الله صلى الله عليه وسلم آنفا رجلت رأسه فقال كيف تجدين أبا عبد الله قلت كخير الرجال قال أكرميه فإنه من أشبه أصحابي بي خلقا
[835] حدثنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي قثنا وهب بن بقية هو الواسطي قثنا خالد عن الجريري عن أبي بكر العدوي قال سألت عائشة هل عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أحد من أصحابه قبل موته فقالت معاذ الله غير إني سأحدثك ثم أقبلت على حفصة فقالت يا حفصة نشدتك الله أن تكذبيني بحق أو تصدقيني بباطل قالت أفعل فقالت عائشة هل تعلمين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أغمي عليه فقلت أفرغ قلت لا أدري فافاق فقال افتحوا عنه فقلت أبي فسكت فقلت أنت أبي فسكت فأغمي عليه ثلاثا أقول له مثل ذلك فقلت أتعلمين أن على الباب لرجلا ما هو بأبي ولا أبيك فانظري من هو فإذا هو عثمان بن عفان فدخل فقال ادنه ثلاثا حتى اتكا رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده فجعلها من وراء عنقه ثم ساره فلما فرغ قال فهمت قال سمعت أذناي ووعي قلبي حتى فعل ذلك ثلاث مرات ثم قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت حفصة نعم
[836] حدثنا أحمد قثنا مصعب بن عبد الله الزبيري قال حدثني أبي عن موسى بن عقبة عن أبي حبيبة وهو جد موسى أبو أمه قال بعثني الزبير إلى عثمان وهو محصور فدخلت عليه في يوم صائف وهو على فرش ذي ظهر وعنده الحسن بن علي وأبو هريرة وعبد الله بن عمرو عبد الله بن الزبير وبين يديه مراكن ماء مملوءة ورياط مطرحة فقلت بعثني إليك الزبير وهو يقرئك السلام ويقول إني على طاعتك لم أبدل ولم أنكث فإن شئت دخلت الدار معك فكنت رجلا من القوم وإن شئت أقمت وإن بني عمرو بن عوف وعدوني أن يصبحوا على بابي ثم يمضوا لما آمرهم به فلما سمع الرسالة قال الله أكبر الحمد لله الذي عصم أخي اقرئه السلام وقل له أن يدخل الدار لا يكون إلا رجلا من القوم فمكانك أحب إلي وعسى أن يدفع الله بك عني فلما سمع الرسالة أبو هريرة قام فقال ألا أخبركم بما سمعت أذناي من رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا بلى يا أبا هريرة قال أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول تكون بعدي فتن وأمور وأحداث قلنا فأين المنجا منها يا رسول الله قال إلى الأمين وحزبه وأشار إلى عثمان بن عفان فقام الناس فقالوا قد امكتنا البصائر فائذن لنا في الجهاد فقال عثمان عزمت على من كانت لي عليه طاعة ألا يقاتل قال فبادر الذين قتلوا عثمان ميعاد بني عمرو بن عوف فقتلوه رضى الله تعالى عنه
[837] حدثنا أحمد بن عبد الجبار قثنا الحسن بن حماد الكوفي قثنا أبو عبد الله الواسطي عن عمير بن عمران الحنفي عن بن جريج عن عطاء عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله عز وجل أوحى إلي أن ازوج كريمتي عثمان
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/253)
[838] حدثنا أحمد قثنا سريج بن يونس نا عباد المهلبي عن جعفر بن الزبير عن القاسم عن أبي امامة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ارحم هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وذكر الحديث وقال في آخره وان أشد هذه الأمة بعد نبيها حياء عثمان بن عفان
[839] حدثنا محمد بن محمد الواسطي قثنا أبو عمير بن النحاس ومحمد بن سماعه وعيسى بن يونس الرملي قالوا نا ضمرة بن ربيعة قثنا بن شوذب عن عبد الله بن القاسم عن كثير مولى عبد الرحمن بن سمرة عن عبد الرحمن بن سمرة قال جاء عثمان يعني بن عفان بدنانير فصبها في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقلبها بيده ويقول ما على عثمان بن عفان ما عمل بعد هذا
[840] حدثنا محمد بن محمد قثنا عبد السلام بن عبد الحميد الحراني قثنا محمد بن سلمة عن أبي عبد الرحيم خالد بن أبي يزيد عن زيد بن أبي أنيسة عن محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان عن المطلب عن أبي هريرة قال دخلت على رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يدها مشط فقالت خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من عندي آنفا فرجلت رأسه فقال كيف تجدين أبا عبد الله يعني عثمان قالت قلت كخير الرجال قال أكرميه فإنه من أشبه أصحابي بن خلقا
[841] حدثنا محمد بن أحمد قثنا محمد بن يزيد نا يحيى بن يمان قال نا شيخ من بني زهرة عن الحارث بن عبد الرحمن عن طلحة بن عبيد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لكل نبي رفيق في الجنة ورفيقي عثمان بن عفان في الجنة
[842] حدثنا محمد بن جعفر الكوفي نا جعفر بن حميد القرشي قثنا يونس بن أبي يعفور عن أبيه قال جلست أنا وجعفر بن عمرو بن حريث وسعيد بن أشوع القاضي إلى فلان بن سعيد أو سعيد بن فلان قال فحدثنا أن نفرا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أتوه فقالوا يا رسول الله أرنا رجلا من أهل الجنة فقال النبي صلى الله عليه وسلم النبي من أهل الجنة وذكر الحديث وقال في آخره وعثمان من أهل الجنة
[843] حدثنا عبد الله بن الصقر السكري قثنا أبو مروان محمد بن عثمان قثنا أبي عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن الأعرج عن أبي هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لكل نبي رفيق في الجنة ورفيقي فيها عثمان بن عفان
[844] حدثنا عبد الله قثنا أبو مروان قثنا أبي عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن الأعرج عن أبي هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم لقي عثمان عند باب المسجد فقال يا عثمان هذا جبريل يخبرني ان الله عز وجل قد زوجك أم كلثوم بمثل صداق رقية وعلى مثل صحبتها
[845] حدثنا جعفر بن محمد الفريابي قثنا هدبة بن خالد قثنا حماد بن سلمة عن الجريري عن عبد الله بن شقيق عن عبد الله بن حوالة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يهجمون على رجل يبايع الناس معتجر ببرد حبرة من أهل الجنة فهجمنا على عثمان وهو معتجر ببرد حبرة يبايع الناس
[846] حدثنا جعفر قثنا محمد بن السري العسقلاني قثنا ضمرة بن ربيعة عن عبد الله بن شوذب عن عبد الله بن القاسم عن كثير مولى عبد الرحمن بن سمرة القرشي عن عبد الرحمن بن سمرة قال جاء عثمان بن عفان الى النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك وهو يتجهز الى غزوة تبوك وفي كمه ألف دينار فصبها في حجر النبي صلى الله عليه وسلم ثم ولى قال عبد الرحمن فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقلبها بيده في حجره ويقول ما ضر عثمان ما عمل بعد هذا ابدا
[847] حدثنا جعفر قال وحدثني أبو عمير بن النحاس الرملي نا ضمرة بن ربيعة عن عبد الله بن شوذب فذكر بإسناده مثله
[848] حدثنا جعفر قثنا محمد بن عزيز الأيلي قال حدثني سلامة بن روح عن عقيل بن خالد قال قال بن شهاب الزهري حمل عثمان بن عفان في غزوة تبوك على تسع مائة وأربعين بعيرا ثم جاء بستين فرسا فأتم بها الألف
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/254)
[849] حدثنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار قثنا أبو نصر التمار قثنا عبيد الله بن عمرو وهو الرقى عن زيد بن أبي أنيسة عن أبي إسحاق عن أبي عبد الرحمن السلمي قال لما حضر عثمان وأحيط بداره اشرف على الناس فقال أنشدكم بالله هل تعلمون ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حين انتفض حراء اثبت حراء فما عليك الا نبي أو صديق أو شهيد قالوا اللهم نعم قال أنشدكم بالله هل تعلمون ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في غزوة العسرة من ينفق نفقة متقبلة والناس يومئذ معسرون مجهدون فجهزت ثلث ذلك الجيش من مالي قالوا اللهم نعم قال أنشدكم بالله هل تعلمون ان رومة لم يكن يشرب منها الا بثمن فابتعتها بمالي فجعلتها للغني والفقير وابن السبيل قالوا اللهم نعم في أشياء حدثها
[850] حدثنا أحمد قثنا الحكم بن موسى نا صدقة نا يحيى بن الحارث وهو الذماري عن القاسم أبي عبد الرحمن قال كان عثمان بن عفان يفتتح ليلة الجمعة بالبقرة الى المائدة وبالأنعام الى هود ويوسف الى مريم وبطه الى طسم فرعون وبالعنكبوت الى ص وتنزيل الى الرحمن ثم يختتم فيفتتح ليلة الجمعة ويختم ليلة الخميس
[851] حدثنا أحمد قثنا الترجماني قال حدثتني أم عمرو ابنة حسان بن زيد أبي الغصن قالت سمعت أبا الغصن يقول دخلت المسجد الأكبر يعني مسجد الكوفة وعلي بن أبي طالب يخطب الناس قائما على المنبر فنادى ثلاث مرار بأعلى صوته يا أيها الناس نبئت انكم تكثرون في وفي عثمان بن عفان وان مثلي ومثله كما قال الله عز وجل ونزعنا ما في صدورهم من غل اخوانا على سرر متقابلين وقالت سمعت أبي يقول ان عثمان جهز جيش العسرة مرتين
[852] حدثنا إبراهيم بن شريك الكوفي نا زكريا بن يحيى الكسائي قثنا إسحاق بن الوزير قال نا إسماعيل بن عبد الرحمن عن أنس بن مالك قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع يده على كتف عثمان وقال كيف أنتم إذا قتلتم إمامكم وتجالدتم بأسيافكم وورث دنياكم شراركم فبؤس لأمتي فبؤس إذا فعلوه
[853] حدثنا إبراهيم قثنا زكريا بن يحيى قثنا أبو إبراهيم محمد بن القاسم الأسدي عن الأوزاعي عن حسان بن عطية قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم غفر الله لك يا عثمان ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أخفيت وما أبديت وما هو كائن وما يكون الى يوم القيامة
[854] حدثنا إبراهيم قثنا زكريا بن يحيى نا سليمان بن حيان عن عبد الله بن دينار قال سمعت بن عمر قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول من زاد بيتا في المسجد فله الجنة ومن جهز جيش العسرة فله الجنة قال ففعل ذلك عثمان بن عفان فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما ضر عثمان ما عمل غفر الله لك يا عثمان ثم ذكر مثل حديث أبي إبراهيم
[855] حدثنا إبراهيم بن شريك قثنا عقبة بن مكرم قثنا سلمة بن رجاء قثنا عيسى بن فروة الأنصاري قثنا زيد بن اسلم عن أبيه قال وأنا سعد بن عقبة الأنصاري قال اطلع عثمان من الكوة التي ناجى منها جبريل عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لطلحة نشدتك بالله هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وانا معه وأنت معه جالس ان لكل نبي رفيقا يوم القيامة ورفيقي عثمان بن عفان قال يعني طلحة اما إذ نشدتني بالله عز وجل فقد كان ذلك
[856] حدثنا محمد بن الليث البزاز قثنا يوسف بن موسى قثنا عبد الملك بن هارون عن أبيه عن جده قال قال عثمان ان النبي صلى الله عليه وسلم زوجني ابنتيه إحداهما بعد الأخرى ثم قال الا أبو ايم الا أخو ايم يزوجها عثمان لو كان عندنا شيء زوجناه
[857] حدثنا عبد الله بن الحسن الحراني أبو شعيب قال نا يزيد بن قرة قثنا بشر بن شعيب عن أبيه شعيب بن أبي حمزة عن الزهري عن سالم عن عبد الله بن عمر قال كنا نتحدث على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ان خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر ثم عثمان فيبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا ينكره
[858] حدثنا محمد بن يونس القرشي قثنا محمد بن عثمان بن خالد قثنا أبي عثمان بن خالد عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن الأعرج عن أبي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لقي عثمان على باب المسجد فقال يا عثمان هذا جبريل يقول لي عن الله عز وجل اني قد زوجتك أم كلثوم على مثل ما زوجتك رقية وعلى مثل صحبتها
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/255)
[859] حدثنا الفضل بن صالح الهاشمي في سنة تسع وتسعين ومائتين قثنا هدية بن عبد الوهاب الكلبي قثنا زافر يعني بن سليمان الكوفي قثنا محمد بن زياد عن محمد بن عجلان عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال اتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بجنازة رجل من اصحابه يصلي عليه فأبى ان يصلي عليه فقيل يا رسول الله ما تركت الصلاة على أحد من أمتك الا على هذا فقال ان هذا يبغض عثمان فلم يصل عليه
[860] حدثنا أحمد بن عبد الجبار قثنا شجاع بن مخلد قثنا بن يمان عن شيخ من بني زهرة كان يجالس مسعر بن كدام عن الحارث بن عبد الرحمن عن طلحة بن عبيد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لكل نبي رفيق ورفيقي في الجنة عثمان بن عفان
[861] حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد القاضي البوراني قال نا محمد بن يزيد قثنا بن يمان قال حدثني شيخ من بني زهرة عن الحارث بن عبد الرحمن عن طلحة بن عبيد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لكل نبي رفيق وعثمان رفيقي في الجنة
[862] حدثنا محمد قال نا محمد بن عبيد قثنا عبد الحميد قثنا إسماعيل بن عبد الملك عن عبد الله بن أبي ملكية عن عائشة قالت ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو الا لعثمان قال اللهم لا تنس هذا اليوم لعثمان
[863] حدثنا محمد قثنا أبو عيسى موسى بن عبد الرحمن قال نا هشام بن زفر قال نا محمد بن زياد عن محمد بن عجلان عن أبي الزبير عن جابر قال دعي النبي صلى الله عليه وسلم الى جنازة رجل ليصلي عليها قال فلم يصل عليها فقالوا يا رسول الله ما رأيناك تركت الصلاة على أحد الا على هذا قال كان يبغض عثمان ابغضه الله
[864] حدثنا محمد قال نا علي بن عيسى قثنا عبد الرحمن بن عفان قثنا عبد الرحمن بن إبراهيم عن ليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عقبة بن عامر الجهني قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما عرج بي الى السماء دخلت الجنة عدن فوضع في كفي تفاحة قال فانفلقت عن حوراء مرضية كان اشفار عينيها مقاديم اجنحة النسور فقلت لمن أنت فقالت انا للخليفة المقتول من بعدك عثمان بن عفان
[865] حدثنا محمد قثنا حميد بن الربيع نا يحيى بن يمان نا سفيان عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أصدقكم حياء عثمان
[866] حدثنا محمد قثنا محمد بن يزيد قال نا يحيى بن يمان قال حدثنا عن الحسن قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يشفع عثمان بن عفان يوم القيامة في مثل ربيعة ومضر
[867] حدثنا محمد نا يعقوب بن إبراهيم قثنا علي بن الحسين بن واقد قثنا الحسين بن واقد قال نا عبد الله بن بريدة عن أبيه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا ومعه أبو بكر وعمر وعثمان فتحرك الجبل فقال له النبي صلى الله عليه وسلم اثبت حراء فإنه ليس عليك إلا صديق أو شهيد
[868] حدثنا محمد قثنا أحمد بن منصور قثنا وضاح قال نا طلحة بن زيد عن عبيدة بن حسان عن عطاء عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعثمان أنت وليي في الدنيا وأنت وليي في الآخرة
[869] حدثنا محمد قثنا محمد بن إسحاق قثنا روح قثنا شعبة عن قتادة عن أنس قال صعد النبي صلى الله عليه وسلم حراء أو أحدا ومعه أبو بكر وعمر وعثمان فرجف الجبل فقال اثبت نبي وصديق وشهيدان
[870] حدثنا محمد قثنا محمد بن يحيى قثنا عبد الله بن داود التمار الواسطي قثنا محمد بن موسى عن الذيال بن عمرو عن بن عباس قال ونا داود بن عبد الرحمن العطار عن ثابت عن أنس قالا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سألت ربي عز وجل لأصهاري الجنة فأعطانيها البتة
[871] حدثنا أحمد بن الحسين بن عبد الجبار قثنا الحسين بن محمد الذارع نا عبد المؤمن بن عباد العبدي قال حدثني يزيد بن معن عن عبد الله بن شرحبيل عن زيد بن أبي أوفى قال دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجده فذكر حديث مواخاته بين اصحابه ثم دعا عثمان فقال ادن يا أبا عمرو ادن يا أبا عمرو فلم يزل يدنو منه حتى ألصق ركبتيه بركبتيه فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم الى السماء فقال سبحان الله العظيم ثلاث مرار ثم نظر الى عثمان وكانت إزاره محلولة فزرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده ثم قال اجمع عطفي ردائك على نحرك ثم قال ان لك شانا في أهل السماء أنت ممن يرد
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/256)
على حوضي وأداجه تشخب دما فأقول من فعل بك هذا فيقول فلان بن فلان وذلك كلام جبريل إذا هاتف يهتف من السماء فقال الا ان عثمان أمير على كل مخذول ثم تنحى عثمان
[872] حدثنا جعفر بن محمد الفريابي قثنا مزاحم بن سعيد المروزي قال انا عبد الله بن المبارك قال انا الأوزاعي قال حدثني الزهري قال حدثني حميد بن عبد الرحمن بن عوف قال حدثني عبيد الله بن عدي بن الخيار انه دخل على عثمان بن عفان وهو محصور فقال له انك امام العامة وقد نزل بك ما ترى وهو ذا يصلي بنا امام فتنة وانا احرج من الصلاة معه فقال له عثمان ان الصلاة أحسن ما يعمل الناس فإذا أحسن الناس فأحسن معهم فإذا اساءوا فاجتنب اساءتهم
[873] حدثنا جعفر نا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي قثنا الوليد بن مسلم نا الأوزاعي عن الزهري فذكر بإسناده مثله
[874] حدثنا جعفر نا عبيد الله بن معاذ العنبري نا أبي قثنا شعبة عن الحكم بن عتيبة سمع أبا جحيفة يقول انه سمع عليا يقول الا أخبركم بخير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر ثم قال الا أخبركم بخير الناس بعد أبي بكر عمر ثم قال الا أخبركم بخير الناس بعد عمر ثم سكت قال شعبة وحدثني عون بن أبي جحيفة عن أبيه عن علي مثل ذلك
[875] حدثنا جعفر نا قتيبة بن سعيد قثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن أبي جحيفة قال سمعت عليا وهو على المنبر بالكوفة يقول ان خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم خيرهم بعد أبي بكر عمر والثالث لو شئت سميته
[876] حدثنا جعفر قثنا محمد بن عبيد بن حساب قثنا حماد بن زيد قثنا عاصم عن زر عن أبي جحيفة قال خطبنا علي يوما فقال الا أخبركم بخير هذه الأمة بعد نبيها فقال أبو بكر ثم قال الا أخبركم بخير هذه الأمة بعد نبيها وبعد أبي بكر عمر
[877] حدثنا جعفر قثنا محمد بن خلاد الباهلي نا يحيى بن سعيد نا إسماعيل بن أبي خالد قال قال عامر الشعبي اشهد على أبي جحيفة انه قال اشهد على علي انه قال يا وهب الا أخبرك بأفضل هذه الأمة بعد نبيها فذكره
أخيار أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وزهده رضوان الله عليه
[878] حدثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل قال حدثني أبي رحمه الله قثنا محمد بن عبيد قثنا مختار بن نافع عن أبي مطر قال رأيت عليا مؤتزرا بإزار مرتديا برداء معه الدرة كأنه أعرابي يدور بدوي حتى بلغ اسواق الكرابيس فقال يا شيخ أحسن بيعي في قميص بثلاثة دراهم فلما عرفه لم يشتر منه شيئا ثم اتى آخر فلما عرفه لم يشتر منه شيئا فأتى غلاما حدثا فاشترى منه قميصا بثلاثة دراهم ثم جاء أبو الغلام فأخبره فأخذ أبوه درهما ثم جاء به فقال هذا الدرهم يا أمير المؤمنين قال ما شأن هذا الدرهم قال كان قميصا ثمن درهمين قال باعني رضاي وأخذ رضاه
[879] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا وكيع قثنا علي بن صالح عن يحيى بن هاني بن عروة المرادي قال خرج علي الى ظهر الكوفة فرأى حمرة تطير فقال يا لك من حمرة بمعمر خلا لك الجو فبيضي واصفري وزاد فيه غير علي ونقري ما شئت ان تنقري
[880] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا وكيع قال نا عمر بن منبه السعدي عن أوفى بن دلهم العدوي قال بلغني عن علي أنه قال تعلموا العلم تعرفوا به واعملوا به تكونوا من أهله فإنه سيأتي من بعدكم زمان ينكر الحق فيه تسعة أعشارهم لا ينجو منه إلا كل نومة أولئك أئمة الهدى ومصابيح العلم ليسوا بالعجل المذاييع بذرا
[881] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا وكيع قثنا بن أبي خالد عن زبيد قال قال علي قال وكيع ونا يزيد بن زياد بن أبي الجعد عن مهاجر العامري عن علي قال ان اخوف ما اتخوف عليكم اثنتين طول الأمل واتباع الهوى فأما طول الأمل فينسي الآخرة واما اتباع الهوى فيصد عن الحق الا وان الدنيا وقد ولت مدبرة والآخرة مقبلة ولكل واحدة منهما بنون فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا فإن اليوم عمل ولا حساب وغدا حساب ولا عمل
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/257)
[882] حدثنا عبد الله قثنا سريج بن يونس قثنا هارون بن مسلم عن أبيه مسلم بن هرمز قال أعطى علي الناس في سنة ثلاث عطيات ثم قدم عليه مال من أصبهان فقال هلموا الى عطاء الرابع فخذوا ثم كنس بيت المال وصلى فيه ركعتين وقال يا دنيا غري غيري قال وقدم عليه حبال من أرض فقال أيش هذا قال حبال جيء بها من أرض كذا وكذا قال اعطوها الناس قال فأخذ بعضهم وترك بعضهم فنظروا فإذا هو كتان يعمل فبلغ الحبل آخر النهار دراهم
[883] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا أبو معاوية قثنا ليث عن مجاهد عن عبد الله بن سخبرة عن علي قال ما أصبح بالكوفة أحد الا ناعما ان ادناهم منزلة ليأكل من البر ويجلس في الظل ويشرب من ماء الفرات
[884] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا وهب بن إسماعيل قال انا محمد بن قيس عن علي بن ربيعة الوالبي عن علي بن أبي طالب قال جاءه بن التياح فقال يا أمير المؤمنين امتلأ بيت مال المسلمين من صفراء وبيضاء قال الله أكبر قال فقام متوكيا على بن التياح حتى قام على بيت مال المسلمين فقال هذا جناي وخياره فيه وكل جان يده الى فيه يا بن التياح علي بأشياخ الكوفة قال فنودي في الناس فاعطى جميع ما في بيت المسلمين وهو يقول يا صفراء يا بيضاء غري غيري هاوها وهو يقول يا صفراء يا بيضاء غري غيري هاوها حتى ما بقي فيه دينار ولا درهم ثم أمر بنضحه وصلى فيه ركعتين
[885] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا وكيع نا مسعر عن أبي بحر عن شيخ لهم قال رأيت على علي إزارا غليظا قال اشتريته بخمسة دراهم فمن اربحني فيه درهما بعته ورأيت معه دراهم مصرورة فقال هذه بقية نفقتنا من ينبع
[886] حدثنا عبد الله قثنا أبي قثنا يحيى بن سعيد عن أبي حيان قال حدثني مجمع وهو التيمي ان عليا كان يأمر ببيت المال فيكنس ثم ينضح ثم يصلي رجاء ان يشهد له يوم القيامة انه لم يحبس فيه المال عن المسلمين
[887] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا بهز هو بن أسد قثنا جعفر هو بن سليمان قثنا مالك بن دينار قال حدثتني عجوز من الحي زوج أبو موسى الأشعري بعض بنيه فأولم عليه فدعا الناس قالت فأتى علي قيل جاء أمير المؤمنين ففتحت باب الدار قالت فدخل علي وفي يده درة وعليه قميص ليس له جربان
[888] نا عبد الله نا أبي حدثنا يحيى بن آدم قثنا مندل عن مطرف عن أبي إسحاق عن سعيد بن وهب عن عبد الله قال ما تقولون ان اعلم أهل المدينة بالفرائض علي بن أبي طالب
[889] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا أبو المنذر إسماعيل بن عمر قال نا سفيان عن سعيد بن عبيد عن علي بن ربيعة ان عليا كانت له امرأتان كان إذا كان يوم هذه اشترى لحما بنصف درهم وإذا كان يوم هذه اشترى لحما بنصف درهم
[890] حدثنا عبد الله قال حدثني أبو عمرو الأزدي نصر بن علي قثنا بشر يعني بن المفضل عن أبي هارون الغنوي عن حطان بن عبد الله قال قال علي تدرون كيف أبواب جهنم قال قلنا كنحو هذه الأبواب قال لا ولكنها هكذا ووضع يده فوق وبسط أبو عمرو يده على يده
[891] حدثنا عبد الله قال حدثني علي بن حكيم الأودي قثنا شريك عن الأجلح عن بن أبي مليكة قال لما أرسل عثمان إلى علي في اليعاقيب وجده متزرا بعباءة محتجزا العقال وهو يهنأ بعيرا له
[892] حدثنا عبد الله قال حدثني أبو معمر قثنا أبو أسامة عن سفيان عن الأعمش قال كان علي يغدى ويعشي ويأكل هو من شيء يجيئه من المدينة
[893] حدثنا عبد الله قال حدثني أبو عبد الله السلمي قثنا إبراهيم بن عيينة عن سفيان الثوري عن عمرو بن قيس قال قيل لعلي يا أمير المؤمنين لم ترفع قميصك قال يخشع القلب ويقتدي به المؤمن
[894] حدثنا عبد الله قال حدثني أحمد بن عبد الله الدورقي قثنا عبد الرحمن بن مهدي قال حدثنا سفيان عن عمرو بن قيس عن عدي بن ثابت ان عليا أتى بفالوذج فلم يأكله قال أبو عبد الرحمن وذكر الفالوذج قال ما رأيته أكله قط يعني أباه رحمه الله
[895] حدثنا عبد الله قال حدثني أحمد بن إبراهيم نا عبد الصمد نا عمران وهو القطان قثنا زياد بن مليح ان عليا أتى بشيء من خبيص فوضعه بين أيديهم فجعلوا يأكلون فقال علي ان الإسلام ليس ببكر ضال ولكن قريش رأت هذا فتناحرت عليه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/258)
[896] حدثنا عبد الله قال حدثني علي بن حكيم الأودي نا شريك عن موسى الطحان عن مجاهد عن علي قال جئت إلى حائط أو بستان فقال لي صاحبه دلو وتمرة فدلوت دلوا بتمرة فملأت كفي ثم شربت من الماء ثم جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بملء كفي فأكل بعضه وأكلت بعضه
[897] حدثنا عبد الله قال حدثني زكريا بن يحيى الكسائي قثنا بن فضيل عن الأعمش عن مجمع التيمي عن يزيد عن محجن قال كنا مع علي وهو بالرحبة فدعا بسيف فسله فقال من يشتري سيفي هذا فوالله لو كان عندي ثمن إزار ما بعته
[898] حدثنا عبد الله قال حدثني أبو سعيد الأسدي عباد بن يعقوب قثنا عبد الله بن عبد القدوس عن الأعمش عن موسى بن طريف عن عباية قال قال علي احاج الناس يوم القيامة بتسع بإقام الصلاة وايتاء الزكاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والعدل في الرعية والقسم بالسوية والجهاد في سبيل الله وإقامة الحدود واشباهه
[899] حدثنا عبد الله قال حدثني علي بن حكيم قثنا شريك عن عاصم بن كليب الجرمي عن محمد بن كعب القرظي قال سمعت عليا قال كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم واني لأربط على بطني الحجر من الجوع وان صدقتي اليوم لأربعون الفا
[900] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا أبو معمر قثنا هشيم قال أنا إسماعيل بن سالم عن عمار الحضرمي عن زاذان أبي عمر ان رجلا حدثه ان عليا سأل رجلا عن حديث في الرحبة فكذبه فقال إنك قد كذبتني فقال ما كذبتك قال فادعو الله عليك إن كنت قد كذبتني ان يعمي الله بصرك قال فدعا الله عز وجل أن يعميه فعمى
[901] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي عن أبي معاوية عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن أبي صالح قال دخلت على أم كلثوم بنت علي فإذا هي تمشط في ستر بيني وبينها فجاء حسن وحسين فدخلا عليها وهي جالسة تمتشط فقالا ألا تطعمون أبا صالح شيئا قال فاخرجوا لي قصعة فيها مرق بحبوب قال فقلت تطعموني هذا وأنتم امراء فقالت أم كلثوم يا أبا صالح كيف لو رأيت أمير المؤمنين يعني عليا وأتى بأترج فذهب حسن يأخذ منه اترجة فنزعها من يده ثم أمر به فقسم بين الناس
[902] حدثنا عبد الله قال حدثني علي بن مسلم قثنا أبو عامر قثنا محمد بن طلحة عن زبيد عن أخيه قال سمعت عليا إذا جيء بالأموال وضعها في الرحبة يقول
هذا جناي وخياره فيه
إذ كل جان يده إلى فيه
[903] حدثنا عبد الله قال حدثني علي بن مسلم قثنا عبيد الله بن موسى عن عثمان بن ثابت أبي عبد الرحمن الهمداني عن جدته عن أبيها قال أتى على دار فرات فقال لخياط أتبيع القميص أتعرفني قال نعم قال لا حاجة لي فيه فأتى آخر فقال أتعرفني قال لا قال بعني قميص كرابيس قال فباعه ثم قال له مد يد القميص فلما بلغ أطراف أصابعه قال اقطع ما فوق ذلك وكفه ولبسه فقال الحمد لله الذي كساني ما أتوارى به وأتجمل به في خلقه
[904] حدثنا عبد الله قال حدثني أبو عبد الله الأسدي عبادة بن زياد بن موسى قثنا محمد بن أبي حفص العطار عن عمران بن مسلم عن أبي إسحاق عن عبيدة السلماني قال صحبت عبد الله بن مسعود سنة ثم صحبت عليا فكان فضل علي على عبد الله في العلم كفضل المهاجر على الأعرابي
[905] حدثنا عبد الله قثنا علي بن مسلم نا عبيد الله بن موسى عن عثمان بن ثابت يعني الهمداني أبو عبد الرحمن عن جدته عن أبيها قال كان إذا أتى بيت المال قال يعني عليا قال غري غيري فيقسمه حتى لا يبقى منه شيء ثم يكنسه ويصلي فيه ركعتين
[906] حدثنا عبد الله قال حدثني إسماعيل أبو معمر قال حدثناه جرير عن سفيان بن عيينة قال قال علي بن أبي طالب تعلموا العلم فإذا علمتموه فاكظموا عليه ولا تخلطوه بضحك فتمجه القلوب قال أبو معمر قلت لسفيان بن عيينة ان جريرا حدثنا به عنك فممن سمعته أنت قال حدثنيه حسن بن حي
[907] حدثنا عبد الله قال حدثني إسماعيل أبو معمر قثنا زافر بن سليمان عن أبي سنان الشيباني قال حدثني رجل بمهراة قال رأيت علي بن أبي طالب يمشي إلى العيد
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/259)
[908] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا حسين بن محمد قثنا شريك عن أبي المغيرة وهو عثمان بن المغيرة عن زيد بن وهب قال قدم علي على وفد من أهل البصرة منهم رجل من رؤوس الخوارج يقال له الجعد بن بعجة فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه وقال يا علي اتق الله فإنك ميت وقد علمت سبيل المحسن يعني بالمحسن عمر ثم قال إنك ميت فقال علي كلا والذي نفسي بيده بل مقتول قتلا ضربة على هذا يخضب هذه قضاء مقضي وعهد معهود وقد خاب من افترى ثم عاتبه في لبوسه فقال ما يمنعك أن تلبس قال ما لك وللبوسي إن لبوسي هذا أبعد من الكبر وأجدر أن يقتدي به المسلم
[909] حدثنا عبد الله قال أنا علي بن حكيم قال أنا شريك عن عثمان بن أبي زرعة عن زيد قال قدم علي على قوم من أهل البصرة من الخوارج فيهم رجل يقال له الجعد بن بعجة فقال له اتق الله يا علي فإنك ميت فقال علي بل مقتول قتلا ضربة على هذا تخضب هذه يعني لحيته ورأسه عهد معهود وقضاء مقضي وقد خاب من افترى وعاتبه في لباسه فقال ما لكم وللباسي هو أبعد من الكبر وأجدر أن يقتدي بي المسلم
[910] حدثنا عبد الله قال حدثني سفيان بن وكيع قثنا أبو غسان عن أبي داود المكفوف عن عبد الله بن شريك عن حبة وهو العرني عن علي انه أتى بفالوذج فوضع قدامه فقال انك لطيب الريح حسن اللون طيب الطعم ولكني أكره أن اعود نفسي ما لم تعتاد
[911] حدثنا عبد الله قال حدثني محمد بن يحيى الأزدي قثنا الوليد بن القاسم قثنا مطير بن ثعلبة التميمي قثنا أبو النوار بياع الكرابيس قال أتاني علي بن أبي طالب ومعه غلام له فاشترى مني قميص كرابيس قال لغلامه اختر أيهما شئت فأخذ أحدهما وأخذ علي الآخر فلبسه ثم مد يده فقال اقطع الذي يفضل من قدر يدي فقطعه وكفه فلبسه وذهب
[912] حدثنا عبد الله قال حدثني عبد الله بن مطيع بن راشد قثنا هشيم عن إسماعيل بن سالم عن أبي سعد الأزدي وكان إماما من أئمة الأزد قال رأيت عليا أتى السوق فقال من عنده قميص صالح بثلاثة دراهم فقال رجل عندي فجاء به فأعجبه قال فلعله خير من ذاك قال لا ذاك ثمنه قال فرأيت عليا يقرض رباط الدراهم من ثوبه فأعطاه فلبسه فإذا هو يفضل على أطراف أصابعه فأمر فقطع ما فضل عن أطراف أصابعه
[913] حدثنا عبد الله قال حدثني نصر بن علي الجهضمي نا سفيان بن عيينة عن عاصم بن كليب عن أبيه ان عليا قسم ما في بيت المال على سبعة اسباع ثم وجد رغيفا فكسره سبع كسر ثم دعا امراء الأجناد فأقرع بينهم
[914] حدثنا عبد الله قال حدثني نصر بن علي قثنا سفيان عن عمار يعني بن أبي الجعد عن أبيه قال رأيت الغنم تيعر في بيت مال علي فيقسمه
[915] حدثنا عبد الله قال حدثني نصر بن علي نا سفيان عن الأعمش عن رجل ان عليا كان إذا قسم ما في بيت المال نضحه ثم صلى فيه ركعتين
[916] حدثنا عبد الله قال حدثني سريج بن يونس قثنا علي بن هاشم عن صالح بياع الأكسية عن أمه أو جدته قالت رأيت علي بن أبي طالب اشترى تمرا بدرهم فحمله في ملحفته فقالوا نحمل عنك يا أمير المؤمنين قال لا أبو العيال أحق ان يحمل
[917] حدثنا عبد الله قال حدثني سريج بن يونس قثنا علي بن هاشم عن إسماعيل عن أم موسى خادم كانت لعلي قال قلت يا أم موسى فما كان لباسه يعني عليا قالت الكرابيس السنبلانية
[918] حدثنا عبد الله قال حدثني سريج قال نا علي بن هاشم وهو بن الزيد عن الضحاك بن عمير قال رأيت قميص علي بن أبي طالب الذي اصيب فيه كرابيس سنبلانية ورأيت أثر دمه عليه كهيئة الدردى
[919] حدثنا عبد الله قال حدثني أبو عامر العدوي وهو حوثرة بن اشرس قال أخبرني عقبة بن أبي الصهباء أبو خريم الباهلي عن أبيه قال رأيت علي بن أبي طالب بشط الكلأ يسأل عن الاسعار
[920] حدثنا عبد الله قال حدثني أبو عمار العدوي قال أخبرني فضالة بن عبد الملك عن كريمة بنت همام الطابية قالت كان علي يقسم فينا الورس بالكوفة قال فضالة حملناه على العدل منه رضى الله تعالى عنه
[921] حدثنا عبد الله قال حدثنا أبو معمر عن بن عيينة قال كان علي بن أبي طالب يقول كفوا عني عن خفق نعالكم فإنها مفسدة لقلوب نوكى الرجال
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/260)
[922] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي نا وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن عمرو بن حبشي قال خطبنا الحسن بن علي بعد قتل علي فقال لقد فارقكم رجل أمس ما سبقه الاولون بعلم ولا أدركه الآخرون ان كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليبعثه ويعطيه الراية فلا ينصرف حتى يفتح له وما ترك من صفراء ولا بيضاء الا سبعمائة درهم من عطائه كان يرصدها لخادم أهله
[923] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي نا وكيع عن سفيان عن عمرو بن قيس قال رئي على علي ثوب مرقوع فعوتب في لباسه فقال يقتدي المؤمن ويخشع القلب
[924] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قثنا وكيع عن شريك عن عثمان الثقفي عن زيد بن وهب ان بعجة عاتب عليا في لباسه فقال يقتدي المؤمن ويخشع القلب
[925] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي نا بن نمير قال وانا أبو حبان التيمي عن مجمع أبي رجاء قال خرج علي معه سيف الى السوق فقال من يشتري مني هذا ولو كان عندي ثمن إزار لم أبعه قال قلت يا أمير المؤمنين أنا أبيعك وأنسئك إلى العطاء
[926] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي نا يحيى بن يمان قال أخبرني مجالد عن الشعبي قال ما ترك علي الا سبعمائة درهم من عطائه أراد ان يشتري بها خادما
[927] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي نا حجاج قثنا شريك عن عاصم بن كليب عن محمد بن كعب القرظي عن علي قال لقد رأيتني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم واني لاربط الحجر على بطني من الجوع وان صدقتي اليوم لاربعون الفا
[928] حدثنا عبد الله قال حدثني أبي نا عبيدة وهو بن حميد قال حدثني عمار الدهني عن حبيب بن أبي ثابت ان حسينا كان يريد ان يحرم ومعه اصحابه فقدم إليهم طيبا فادهنوا به وادهن هو بزيت
نسب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضى الله تعالى عنه
[929] حدثنا عبد الله بن أحمد قال قال أبي علي رحمه الله بن أبي طالب واسم أبي طالب عبد مناف بن عبد المطلب واسم عبد المطلب شيبة بن هاشم واسم هاشم عمرو بن عبد مناف واسم عبد مناف المغيرة بن قصي واسم قصي زيد بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر
[930] حدثنا به عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال حدثني إبراهيم بن هاني قال سمعت أحمد بن محمد بن حنبل يقول علي بن أبي طالب وذكر مثله سواء
[931] حدثنا عبد الله بن أحمد قال انا عمرو بن محمد الناقد قثنا سفيان قال قال جعفر قتل علي وهو بن ثمان وخمسين يعني سنة
يتيبع(6/261)
مكتبة متكاملة في العقيدة والتاريخ والحديث
ـ[السعيدي]ــــــــ[09 - 12 - 03, 08:31 م]ـ
هذه مكتبة متكاملة في العقيدة والتاريخ والحديث
وكل هذه الكتب هي للتحميل مباشرة ..
للحفظ إضغط بالزر الأيمن للفأرة ثم إختر حفظ الهدف بأسم أو safe the target as
أولا العقيدة:
وقفات مع كتاب المراجعات
الشيخ عثمان الخميس
http://saaid.net/book/jass.php?id=8.../book/2/409.zip
-----------
صيانة الإِنسان عن وسوسة الشيخ دحلان
محمد بشير السَّهسواني
http://saaid.net/book/jass.php?id=8.../book/1/398.zip
-------------
درء تعارض العقل والنقل
شيخ الإسلام ابن تيمية
http://saaid.net/book/jass.php?id=8.../book/1/387.zip
---------------
اقتضاء الصراط المستقيم
شيخ الإسلام ابن تيمية
http://saaid.net/book/jass.php?id=8.../book/1/385.zip
-----------------
الواسطة بين الحق والخلق
شيخ الإسلام ابن تيمية
http://saaid.net/book/jass.php?id=8.../book/1/376.zip
--------------
شرح العقيدة الأصفهانية
شيخ الإسلام ابن تيمية
http://saaid.net/book/jass.php?id=8.../book/1/375.zip
--------------
فتح المجيد شرح كتاب التوحيد
عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ
http://saaid.net/book/jass.php?id=8.../book/1/360.zip
------------------
عبرات تسكب على التوحيد
ممدوح بن علي السهلي الحربي
http://saaid.net/book/jass.php?id=8.../book/1/358.zip
--------------
التحفة العراقية في الأعمال القلبية
شيخ الإسلام ابن تيمية
http://saaid.net/book/jass.php?id=8.../book/1/346.zip
-----------------
الجواب الباهر في زوار المقابر
شيخ الإسلام ابن تيمية
http://saaid.net/book/jass.php?id=8.../book/1/345.zip
----------------
منهاج أهل السنة والجماعة في العقيدة والعمل
الشيخ محمد الصالح العثيمين
http://saaid.net/book/jass.php?id=7.../book/1/337.zip
-----------------
العقيدة التدمرية
شيخ الإسلام ابن تيمية
http://saaid.net/book/jass.php?id=7.../book/1/333.zip
-------------
منهاج السنة النبوية
شيخ الإسلام ابن تيمية
http://saaid.net/book/jass.php?id=7.../book/1/300.zip
--------------
العقيدة الحموية الكبرى
شيخ الإسلام ابن تيمية
http://saaid.net/book/jass.php?id=7.../book/1/292.zip
--------------
العبودية
شيخ الإسلام ابن تيمية
http://saaid.net/book/jass.php?id=7.../book/1/291.zip
--------------
بحث تفصيلي عن رافضة المدينة النخاولة
أبو عبدالله الأثري
http://saaid.net/book/jass.php?id=7...t/bahoth/25.zip
----------------
قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة
شيخ الإسلام ابن تيمية
http://saaid.net/book/jass.php?id=7.../book/1/270.zip
---------------------
الشيعة وأهل البيت
إحسان إلهي ظهير
http://saaid.net/book/jass.php?id=6.../book/1/218.zip
------------------
الشيعة والسنة
إحسان إلهي ظهير
http://saaid.net/book/jass.php?id=6.../book/1/216.zip
----------------
الشيعة والقرآن
إحسان إلهي ظهير
http://saaid.net/book/jass.php?id=6.../book/1/215.zip
------------------
عقيدة أهل السنة والجماعة
الشيخ محمد الصالح العثيمين
http://saaid.net/book/jass.php?id=6.../book/1/214.zip
---------------
الرد على الرافضة
الإمام محمد بن عبدالوهاب
http://saaid.net/book/jass.php?id=6.../book/1/210.zip
-----------------
أصول مذهب الشيعة الإمامية الإثني عشرية
د. ناصر بن عبد الله القفاري
http://saaid.net/book/jass.php?id=6.../book/1/209.zip
---------------
كلمات وأشعار في ذمّ الرافضة الكفّار الفجّار
شريف بن علي الراجحي
http://saaid.net/book/jass.php?id=6.../book/1/206.zip
----------------
الشيعة تعريف وأقوال
شريف بن علي الراجحي
http://saaid.net/book/jass.php?id=6.../book/1/203.zip
----------------
فضائح الصوفية
عبدالرحمن عبدالخالق
http://saaid.net/book/jass.php?id=6...et/book/189.zip
--------------
الواجبات المتحتمات المعرفة على كل مسلم ومسلمة - القواعد الأربع
الإمام محمد بن عبدالوهاب
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/262)
http://saaid.net/book/jass.php?id=6...et/book/187.zip
----------------
منهج و دراسات لآيات الأسماء و الصفات
محمد الأمين الشنقيطي
http://saaid.net/book/jass.php?id=6...et/book/186.zip
---------------
شرح الصدور بتحريم رفع القبور
محمد بن علي الشوكاني
http://saaid.net/book/jass.php?id=6...et/book/184.zip
---------------
العقيدة الصحيحة وما يضادها
الشيخ عبد العزيز بن باز
http://saaid.net/book/jass.php?id=5...et/book/179.zip
--------------
تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد
الشيخ محمد ناصر الدين الألباني
http://saaid.net/book/jass.php?id=5...et/book/177.zip
--------------
مجدد ملة عمرو بن لحي وداعية الشرك في هذا الزمان
سفر بن عبدالرحمن الحوالي
http://saaid.net/book/jass.php?id=5.../safar/sf14.zip
----------------
القومية
سفر بن عبدالرحمن الحوالي
http://saaid.net/book/jass.php?id=5.../safar/sf12.zip
--------------
الإيمان ونواقضه
سفر بن عبدالرحمن الحوالي
http://saaid.net/book/jass.php?id=5.../safar/sf11.zip
-------------------
منهج الاشاعرة في العقيدة
سفر بن عبدالرحمن الحوالي
http://saaid.net/book/jass.php?id=5...h/safar/sf7.zip
-----------------
وسطية أهل السنة والجماعة
سفر بن عبدالرحمن الحوالي
http://saaid.net/book/jass.php?id=5...h/safar/sf6.zip
----------------
الرد على الخرافين (محمد علوي مالكي)
سفر بن عبدالرحمن الحوالي
http://saaid.net/book/jass.php?id=5...h/safar/sf5.zip
--------------------
ظاهرة الإرجاء في الفكر الإسلامي 2
سفر بن عبدالرحمن الحوالي
http://saaid.net/book/jass.php?id=5...safar/sf4-2.zip
--------------------
ظاهرة الإرجاء في الفكر الإسلامي 1
سفر بن عبدالرحمن الحوالي
http://saaid.net/book/jass.php?id=5...h/safar/sf4.zip
----------------
مفهوم عدالة الصحابة
أبو عبد الله الذهبي
http://saaid.net/book/jass.php?id=4...hahabi/1/11.zip
------------------
مسيرة ركب الشيطان عبر تاريخ الإسلام الأباضية
أبو عبد الله الذهبي
http://saaid.net/book/jass.php?id=4...thahabi/1/2.zip
--------------
مسيرة ركب الشيطان عبر تاريخ الإسلام الزيدية
أبو عبد الله الذهبي
http://saaid.net/book/jass.php?id=4...thahabi/1/1.zip
-------------------
درء الفتنة عن أهل السنة
بكر بن عبدالله أبو زيد
http://saaid.net/book/jass.php?id=3...hah/bkar/b3.zip
---------------------
واقع الرافضة في بلاد التوحيد
ناصر بن سليمان العمر
http://saaid.net/book/jass.php?id=3.../alaomar/o4.zip
----------------------
المولد النبوي تاريخه، حكمه، آثاره، أقوال العلماء فيه
ناصر بن يحيى الحنيني
http://saaid.net/book/jass.php?id=3...at/Maoled/1.zip
-------------------
الرد على شبهات من أجاز الاحتفال بالمولد
أبو معاذ
http://saaid.net/book/jass.php?id=3...at/Maoled/4.zip
-------------
التبيان شرح نواقض الإسلام
سليمان بن ناصر العلوان
http://saaid.net/book/jass.php?id=2...Al-Alwan/12.zip
-----------------
هذه مفاهيمنا
صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ
http://saaid.net/book/jass.php?id=1...et/book/139.zip
-------------
التوسل أنواعه وأحكامه ..
الشيخ محمد ناصر الدين الألباني
http://saaid.net/book/jass.php?id=1...et/book/138.zip
--------------
اعترافات .. كنت قبوريًا
عبد المنعم الجداوي
http://saaid.net/book/jass.php?id=1...et/book/118.zip
-------------
تبرئة الشيخين الإمامين من تزوير أهل الكذب
الشيخ سليمان بن سحمان
http://saaid.net/book/jass.php?id=1...et/book/101.zip
---------------
كشف شبهات حسن المالكي
ناصر بن حمد الفهد
http://saaid.net/book/jass.php?id=5.../Alfahed/10.zip
--------------
لله ثم للتاريخ كشف الأسرار وتبرئة الأئمة الأطهار
حسين الموسوي
http://saaid.net/book/jass.php?id=3...net/book/29.zip
-------------------
الإستنفار للذب عن الصحابة الأخيار سليمان بن ناصر العلوان
http://saaid.net/book/jass.php?id=3.../Al-Alwan/7.zip
---------------------
عندما أبصرت الحقيقة .. حقائق لا يسع اهل نجران جهلها
أبو عبدالله الأثري
http://saaid.net/book/jass.php?id=2...net/book/20.zip
---------------
العواصم من القواصم
القاضي أبي بكر العربي
http://saaid.net/book/jass.php?id=1...net/book/16.zip
ـ[أبو حازم المسالم]ــــــــ[10 - 12 - 03, 06:12 ص]ـ
و لأنك نقلتَ الموضوع و لم تُحل إلى مصدره فقد نقلتَ الروابط منقطعة!
و كل سند منقطع فهو ضعيف مردود:)(6/263)
أبحث عن ((توثيق النصوص وضبطها))
ـ[الطالب الصغير]ــــــــ[10 - 12 - 03, 09:18 م]ـ
أريد كتاب ((توثيق النصوص وضبطها)) لموفق بن عبد القادر - الناشر: المكتبة المكية - إن أمكن على ملف الوورد،
وجزيتم خيرا مقدما،،،(6/264)
أين أجد شرح الددو للسلّم في علم المنطق؟
ـ[المتتبع بإحسان]ــــــــ[10 - 12 - 03, 10:34 م]ـ
شرح محمد الحسن بن ددو الشنقيطي للسلم في علم المنطق فهو شرح مسجل على أشرطة ومتداول عند بعض طلبة العلم
أرجو من يعرف مكان لشراء الأشرطة في المدينة النبوية أو أي مكان أكون شاكراً له
ولكم منّي جزيل الشكر و التقدير
ـ[أبو مصعب الجهني]ــــــــ[17 - 12 - 03, 05:07 م]ـ
وأنا كذلك مستعد للسفر إلى مثلها
فإن وجدتها فلا تنسنا
ـ[أبو مصعب الجهني]ــــــــ[20 - 12 - 03, 01:35 ص]ـ
للرفع
ـ[الباحث عن الحق]ــــــــ[18 - 01 - 04, 02:00 م]ـ
أرفعه لكما فلعل ....
ـ[متعلم 1]ــــــــ[19 - 01 - 04, 12:27 ص]ـ
الأخوان الكريمان: المتتبع بإحسان وأبو مصعب الجهني
أشرطة الشيخ الددو في شرح السلم هي عندي، ولكن للاسف لا أعلم من أين تباع؟!!
وقد كنت سجلتها من أحد طلاب العلم واقتنيت نسخة منها.
فإذا رأيتم وسيلة اتصال لإيصالها لكم فلا بأس ...
وهذا بريدي hatem757@hotmail.com
وفقكم الله،،،
ـ[أبو مشاري]ــــــــ[17 - 03 - 05, 11:04 م]ـ
هل من سبيل لوضعها على الشبكة ليعم النفع
و كذلك باقي أشرطة الشيخ
# يوجد عدد من دروس الشيخ في موقع شذرات الشنقيطية
ـ[شهاب الدين]ــــــــ[03 - 04 - 05, 05:35 م]ـ
السلام عليكم
جزاكم الله عنا كل الخير(6/265)
شرح كتاب التوحيد - للعلامة صالح آل الشيخ - نسخة مرتبة ومفهرسة على ملف وورد
ـ[العنبري]ــــــــ[11 - 12 - 03, 01:31 ص]ـ
في المرفقات
ـ[بن محمد الحنبلي المصري]ــــــــ[07 - 07 - 10, 02:21 م]ـ
جزاك الله خيرا.(6/266)
شرح الأربعين النووية للعلامة صالح آل الشيخ - نسخة مرتبة ومفهرسة على ملفات وورد
ـ[العنبري]ــــــــ[11 - 12 - 03, 01:32 ص]ـ
في المرفقات
ـ[احمد ابو البراء]ــــــــ[28 - 12 - 08, 10:48 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[29 - 12 - 08, 11:24 ص]ـ
جزاك الله خيرا ما صنعت وبارك بك وغفر لك.
ـ[أبوسفيان المعني]ــــــــ[19 - 10 - 10, 10:09 ص]ـ
جزاكم الله عنا وعن المسلمين خيرا(6/267)
هل كتاب الغنية للجيلاني موجود على الإنترنت؟
ـ[راغب الجنة]ــــــــ[11 - 12 - 03, 02:02 م]ـ
أين أجد هذا الكتاب على الإنترنت؟(6/268)
هل يمكنني الحصول على تفسير روح المعاني للألوسي
ـ[ sajed_to_allah] ــــــــ[12 - 12 - 03, 06:15 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
أنا بصدد إعداد بحث أحتاج فيه إلى تفسير روح المعاني للألوسي، فهل من مساعدة على إيجاده وتحميله
وجزاكم الله خيرا مسبقا
ـ[ابن عبد الوهاب السالمى]ــــــــ[13 - 12 - 03, 04:38 ص]ـ
لقد حاولت الحصول علي الكتاب علي ملفات ورد ولكن كان الامر صعبا فمن يتحفنا بة ولة الاجر ومثوبه من الله
ـ[أحمد صبري]ــــــــ[13 - 12 - 03, 06:17 ص]ـ
بمشيئة الله سوف اضعه قريبا(6/269)
الرجاء مساعده اخوتى الكرام
ـ[سدرة المنتهى]ــــــــ[12 - 12 - 03, 10:34 ص]ـ
اريد كتاب بعنوان العقيدة والشريعة فى الاسلام ترجمة عبدالحليم النجار
للمستشرق جولد سهير
وفقم الله انتضر الرد(6/270)
كيف يمكن حماية ملف الوورد من ان ينسخه شخص اخر؟
ـ[ع. ع]ــــــــ[12 - 12 - 03, 07:03 م]ـ
السلام عليكم
لاحظت بعض ملفات الوورد محمية بطريقة ممتازة.
لا يمكن عمل (قص ولصق) من الملف.
ولا يمكن حفظه باسم اخر.
فما هي الطريقة لعمل هذا؟
ـ[مسك]ــــــــ[12 - 12 - 03, 10:39 م]ـ
تفضل هذي الطريقة ان شاء الله ( http://www.almeshkat.net/vb/showthread.php?postid=155649#post155649)(6/271)
هل أجد كتاب توجيهات نبوية .... للضرورة القصوى
ـ[بحر الحقيقة]ــــــــ[13 - 12 - 03, 12:22 ص]ـ
السلام عليكم
معذرة يا إخوان
هل باستطاعتي أن أجد كتاب
((توجيهات نبوية على الطريق))
للدكتور / السيد محمد نوح
لقد بحثت جاهداً ولم أجده على الانترنت
أرجو ممن يجده أو عنده هذا الكتاب أن يضعه هنا
وجزاكم الله كل خير(6/272)
ارجوكم ياشباب وشابات
ـ[سدرة المنتهى]ــــــــ[13 - 12 - 03, 10:47 ص]ـ
الرجاء مساعده اخوتى الكرام
اريد كتاب بعنوان العقيدة والشريعة فى الاسلام ترجمة عبدالحليم النجار
للمستشرق جولد سهير
مشكور جدا أ خى الرد اهى(6/273)
حمل 40 فتوى عن أحكام الجنائز - للعلامة صالح الفوزان
ـ[العنبري]ــــــــ[14 - 12 - 03, 04:42 ص]ـ
الملف في المرفقات(6/274)
للتحميل: البيان بالدليل لما في نصيحة الرفاعي والبوطي من الكذب الواضح - صالح الفوزان
ـ[العنبري]ــــــــ[14 - 12 - 03, 06:01 ص]ـ
في المرفقات(6/275)
للتحميل: الأعلام بنقد كتاب الحلال والحرام - للعلامة الفوزان
ـ[العنبري]ــــــــ[14 - 12 - 03, 06:45 م]ـ
في المرفقات
ـ[ houmasalaf] ــــــــ[15 - 12 - 03, 01:16 ص]ـ
بارك الله فيك
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[27 - 11 - 04, 12:33 م]ـ
بارك الله فيك
وصحة اسم الكتاب (الإعلام) بكسر الهمزة
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[01 - 12 - 04, 07:08 ص]ـ
ممتاز(6/276)
طلب كتابين في علوم القرآن
ـ[مهداوي]ــــــــ[14 - 12 - 03, 10:57 م]ـ
الإخوة الكرام ..
أريد هذين الكتابين في علوم القرآن وجزاكم الله خيرا مسبقا
1. المقدمات الأساسية في علوم القرآن لعبدالله بن يوسف الجديع
2. الوجيز في علوم القرآن العزيز لمشعل الحداري(6/277)
تحميل: عمدة الفقه للمقدسي
ـ[ Aboibrahim] ــــــــ[15 - 12 - 03, 01:11 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحميل كتاب عمدة الفقه لـ موفق الدين عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي.
لاتنسوا أخاكم بصالح الدعاء بظهر الغيب.
ـ[ Aboibrahim] ــــــــ[22 - 12 - 03, 10:52 ص]ـ
شرح كتاب عمدة الفقه للشيخ سلمان بن فهد العودة.
http://www.islamtoday.net/dorows/dorows.cfm?media=1
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[04 - 11 - 08, 01:23 ص]ـ
بارك الله بك
هل الكتاب متوفر بصيغة Pdf؟(6/278)
من يفيدني في كتب الا طراف ايها الا حبه؟؟؟؟؟ عاجلا غير اجل
ـ[عبد الله ال حسن]ــــــــ[15 - 12 - 03, 09:24 ص]ـ
السلا م عليكم ورحمه الله وبركاته انا طالب دراسات عليا وطلب منا دكتورنا كتب في اطراف الحديث وحقيقه بحثت في بعض الكتب مثل اتحاف المهره والرساله المستطرفه واخرجت منها كتب عده لكن الدكتور لم يقتنع وقال اريد شيئا جديدا كتبا لم يسبق ان اطلع عليها احد هنا يكمن تميزك عن غيرك من زملا ءك؟؟؟؟؟؟ وبحثت وبحثت وللا سف لم اجد شيئا فهل احد من الا خوه الموجودين وفقه الله يعرف كتبا غير معروفه في هذا الفن حتى ولو كانت جديده او غير مطبوعه او مفقوده المهم اريد اسم كتاب في الا طراف غير موجود في الكتب الي رجعت اليها سالفه الذكر والله لا يحرمكم الا جر ويزيدكم علما وفقها وينفع بكم امين يا رب العالمين
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[16 - 12 - 03, 01:27 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?threadid=14408
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?threadid=14688
ـ[عبد الله ال حسن]ــــــــ[16 - 12 - 03, 11:00 ص]ـ
شكرا لك اخي الفاضل الفقيه على تجاوبك واسال الله ان يجزيك خير الجزا ويجعل ذالك في موازين حسناتك يوم القيامه امين يا رب العالمين(6/279)
قانون تحديد اليوم في التاريخين: الميلادي والهجري
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[16 - 12 - 03, 04:33 ص]ـ
ملخص من صفحتين سهل ومفيد ويمكنك من حساب أي يوم من أيام الإسبوع صار حدث معين في التاريخين الميلادي والهجري. لا يستغني عنه مؤرخ.
ـ[هيثم حمدان]ــــــــ[21 - 12 - 03, 02:39 م]ـ
هذا البرنامج يساعد أيضاً أخي محمد:
http://www.islamonline.net/calculator/arabic/hijrigregoriancalculator.asp
ـ[ابن عبد البر]ــــــــ[31 - 12 - 03, 06:22 ص]ـ
جميل جداً .. وفقكما الله .. ونفع بكما ..
ـ[ريّان الأندلسي]ــــــــ[01 - 02 - 04, 03:51 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم , و بلغ رسوله الكريم. أما بعد
شكرا جزيلا لك أخي على الجدولين , و أريد أن أعرف هل أجد عندك الجدول الذي يمكن بموجبه تحويل التاريخ الميلاديّ إلى الهجريّ و العكس , ليس فقط الشهر و السنة و إنما اليوم أيضاُ.
و بارك الله فيك.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[17 - 11 - 05, 11:53 ص]ـ
سأبحث لك عن ذلك بإذن الله
ـ[ابو يوسف6]ــــــــ[17 - 11 - 05, 05:21 م]ـ
هذا إخوتي برنامج للتحويل الهجري والميلادي
لاتنسونا من دعائكم
ـ[طالب علوم الحديث]ــــــــ[18 - 11 - 05, 03:57 ص]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[المخلافي]ــــــــ[18 - 11 - 05, 04:30 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[كاتب]ــــــــ[18 - 11 - 05, 06:51 م]ـ
السلام عليكم ..
قد يفيد هذا البرنامج أيضا، وهو من إنتاج شركة (صخر) ... ويفيد أيضا في تحويلات أخرى .. والله المستعان ..(6/280)
النظام في الإسلام (تعريف النظام، أهميته، ....
ـ[ alfageeh2] ــــــــ[16 - 12 - 03, 08:56 ص]ـ
ارجو المساعدة محتاجه بأسرع وقت ممكن ساعدوا أخوكم ...
ـ[انس غنام جبارة الهيتي]ــــــــ[05 - 05 - 07, 03:57 م]ـ
اسال الله ان تجد مبتغاك وشاء الله ان تكون ضالتك هي نفسها ضالتي
ـ[خلدون الجزائري]ــــــــ[05 - 05 - 07, 09:35 م]ـ
اسال الله ان تجد مبتغاك وشاء الله ان تكون ضالتك هي نفسها ضالتي
أخي الهيتي لعل الكتب التالية من مكتبة المصطفى تعالج ولو جانبًا مما تبتغي، فانظرها وهي بروابط مباشرة:
ـ الأمن في الإسلام ( http://al-mostafa.info/data/arabic/depot2/gap.php?file=019879.pdf)
ـ النظام السياسي الاسلامي و الفكر الليبرالي ( http://al-mostafa.info/data/arabic/depot2/gap.php?file=011536.pdf)
ـ النظام الاجتماعي في الاسلام ( http://al-mostafa.info/data/arabic/depot2/gap.php?file=002491.pdf)
ـ النظام الاجتماعي في الاسلام ( http://www.hizb-ut-tahrir.org/PDF/AR/ar_books_pdf/NithamIjtimaii.pdf) كتاب آخر
ـ ويوجد عناوين أخرى عن النظام الاقتصادي، ولا أدري هل لها علاقة بموضوعك؟
ـ[انس غنام جبارة الهيتي]ــــــــ[06 - 05 - 07, 11:18 م]ـ
الاخ خلدون السلام عليكم جزاك الله خيرا ارجو التواصل معي
anasalhiti@yahoo.com(6/281)
قائمة كتب و ابحاث الملتقى الى 10 - 21 - 1424 هـ
ـ[طويلب علم صغير]ــــــــ[16 - 12 - 03, 03:09 م]ـ
الاخوه الافاضل
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الملف المرفق به قائمة كل كتب و ابحاث الملتقى الى اليوم 10 - 21 - 1424 هـ
جزى الله تعالى الاخوه الذين قاموا باضافة هذه المواد و المشرفين على الموقع خير الجزاء
الغرض الاساسى من الملف المرفق ( txt) هو سهولة البحث عن اسم كتاب او بحث معين اما لتحميله من الموقع الى جهازك او التأكد من عدم وجوده قبل رفع ملف مماثل له للملتقى وبالتالى نتفادى التكرار
ـ[طويلب علم صغير]ــــــــ[16 - 12 - 03, 03:10 م]ـ
الملف المرفق(6/282)
الرجاء عدم إهمال السؤال
ـ[الدرة]ــــــــ[16 - 12 - 03, 05:54 م]ـ
مقدار (قيد رمح) و (قائم الظهيرة)
ورد في حديث أوقات النهي:
1/ إلى ارتفاع الشمس قيد رمح.
2/ وعند قيامها حتى تزول.
والسؤال: كم مقدار ذلك بالدقائق في ساعاتنا الآن.
وجزى الله خيراً كل من أجابني.(6/283)
اريد كتب مختصر صحيح مسلم للامام المنذري
ـ[عبدالله الأثري]ــــــــ[16 - 12 - 03, 06:21 م]ـ
أرجوا من الاخوة الكرام أن يساعدوني في الحصول على كتاب مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري مع الشرح
وجزاكم الله خيرا(6/284)
المنتقى من مراقي السعود في أصول الفقه للشيخ سليمان العلوان
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[16 - 12 - 03, 06:49 م]ـ
حمله من هنا
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?s=&postid=70926
يمكنك مشاهدته هنا
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=8551
ـ[أبوعبدالرحمن الدرعمي]ــــــــ[23 - 07 - 05, 05:44 م]ـ
بارك الله فيك يا شيخنا الحبيب
ولو تتكرمون بمراجعة بريدكم؟
ولو تفيدوا هذا الأخ بإجابة سؤاله:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=34773
ـ[الرايه]ــــــــ[24 - 07 - 05, 02:24 ص]ـ
بعد شكر شيخنا الكريم عبدالرحمن الفقيه
فالملف المرفق ليس وورد، بل هو صور للنظم بالسكانر كما هو في الرابط الذي وضعه للمشاهده،
وعليه تعليقات لاادري لمن؟(6/285)
طلب مساعدة: من يمكنه ان يأتين بترجمة هاؤلاء
ـ[المهتدي]ــــــــ[17 - 12 - 03, 05:17 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من من الإخوة/الأخواة يمكنه أن يأتيني بترجمة هاؤلاء مع الشكر الجزيل
1 - الازهري
2 - عبيد الله بن عثمان بن يحيى
3 - على بن محمد المصري
4 - عبد الرحمن بن معاوية القنبى
5 - محمد بن إبراهيم العوفي
6 - أحمد بن الحكم البراجمى
7 - شريك بن عبد الله بن أبى وقاص العامري
8 - محمد بن عمار بن ياسر
تحياتي
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته(6/286)
تحميل كتاب طبقات الشافعيه
ـ[ابن عبد الوهاب السالمى]ــــــــ[17 - 12 - 03, 06:14 ص]ـ
سوف نبدء ان شاء الله تعالي في وضع كتاب
طبقات الشافعيه
الامام عبد الوهاب بن تقي الدين السبكي رحمة الله
حيث تم تجهيز الكتاب علي عشر ملفات كل ملف بة مجلد من مجلدات الكتاب ونسخة علي تحقيق الدكتور عبد الفتاح الحلو مع الرجاء بدعوة لاخوة والاخوات المشاركين والمشاركات ومنسق الملفات بظهر الغيب
المجلد الاول
تحميل المجلد الاول ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?s=&postid=70965)
ـ[أحمد أبو زيد]ــــــــ[17 - 12 - 03, 08:26 ص]ـ
وفقك الله و أعانك
ـ[ابومالك البصري]ــــــــ[17 - 12 - 03, 10:56 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
وبارك الله بكم
ـ[الطالب الصغير]ــــــــ[17 - 12 - 03, 03:10 م]ـ
جزاك الله خيرا وأحسن إليك
ـ[ابن عبد الوهاب السالمى]ــــــــ[18 - 12 - 03, 03:57 ص]ـ
بارك الله فيكم وغفر الله لنا ولكم
ملحوظة:-
صاحب الطبقات اشعري قد يتحمل في بعض الاحيان علي اهل الحديث ويسميهم بالمجسمه او الحشوية ولكن هذا لايمنعنا ان نتفع بهذا العلم المدفون في هذا الكتاب.
ومع ذلك صاحب الطبقات ربما يختلف مع في ذلك الكثير ولكنه كان عالما مجتهذ خلف علما وكتب غزيرة هو وابيه وكان شيخ اسلام يجله ويقدرة علي الرغم من خلافة معة
المجلد الثاني
تحميل المجلد الثاني ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?s=&postid=71050)
ـ[ابن عبد الوهاب السالمى]ــــــــ[20 - 12 - 03, 06:21 ص]ـ
المجلد الثالث
تحميل المجلد الثالث ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?s=&postid=71286)
ـ[ابن عبد الوهاب السالمى]ــــــــ[21 - 12 - 03, 04:27 ص]ـ
] المجلد الرابع [/ SIZE]
يراعي ان الملف علي هيئة اودبي اكروبات وكذلك باقي الملفات ان شاع الله
تحميل المجلد الرابع ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?s=&postid=71441)
ـ[ابن عبد الوهاب السالمى]ــــــــ[21 - 12 - 03, 04:29 ص]ـ
تحميل المجلد الرابع ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?s=&postid=71441)
ـ[ابومالك البصري]ــــــــ[21 - 12 - 03, 05:34 ص]ـ
جزاكم الله خيرا اخي الكريم
ولكم لماذا لا تكون على صيغه وورد كمثيلاتها
ـ[الطالب الصغير]ــــــــ[21 - 12 - 03, 06:06 م]ـ
نعم،،، لما لا تكون كسابقاتها؟ - علما بأن ملفات الوورد أصغر حجما من أكروبات ..
وجزاك الله خيرا أخي ابن عبد الوهاب
ـ[ابن عبد الوهاب السالمى]ــــــــ[22 - 12 - 03, 04:41 ص]ـ
اخواني الكرام تحويل الملف من ورد الي اكروبات ياخذ جهد ولكنني احببت ان يكون الكتاب افضل ولكن نظرا لرغبة الاخوة سنكمل وضع الكتاب بالورد مع الملف السابق
ـ[ابن عبد الوهاب السالمى]ــــــــ[22 - 12 - 03, 05:40 ص]ـ
المجلد الرابع
بصيغة ورد
تحميل المجلد الرابع ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?s=&postid=71617)
المجلد الخامس
تحميل المجلد الخامس ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?s=&postid=71618)
ـ[ابن عبد الوهاب السالمى]ــــــــ[23 - 12 - 03, 06:27 ص]ـ
SIZE=5] المجلد السادس [/ SIZE]
تحميل المجلد السادس ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?s=&postid=71782)
ـ[ابن عبد الوهاب السالمى]ــــــــ[24 - 12 - 03, 07:01 ص]ـ
المجلد السابع
تحميل المجلد السابـ ـــــــــــــــــــــــــــــــــع ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?s=&postid=71962)
ـ[ابومالك البصري]ــــــــ[24 - 12 - 03, 08:35 ص]ـ
جزيتم خيرا اخي الكريم
ودمت اخا عزيزا
ـ[ابن عبد الوهاب السالمى]ــــــــ[25 - 12 - 03, 02:16 ص]ـ
المجلد الثامن
تحميل المجلد الثامن ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?s=&postid=72081)
ـ[ابن عبد الوهاب السالمى]ــــــــ[27 - 12 - 03, 02:57 ص]ـ
المجلد التاسع
تحميل المجلد التاسع ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?s=&postid=72355)
ـ[ابن عبد الوهاب السالمى]ــــــــ[27 - 12 - 03, 08:37 م]ـ
المجلد الاخير
تحميل المجلد العاشر والاخير ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?s=&postid=72474)
الحمد لله الذي بفضلة تم الكتاب(6/287)
من أسماء الله الحسنى غافر، غفار، غفور - مقاماتها ودلالاتها في القرآن الكريم
ـ[سعيد جمعة]ــــــــ[17 - 12 - 03, 07:37 ص]ـ
من أسماء الله الحسنى
غافر، وغفار، وغفور
مقاماتها، ودلالاتها
في القرآن الكريم
د / سعيد جمعة
(افتتاحية البحث)
الحمد لله، غافر الذنب، وقابل التوب، وساتر العيب، سبحانه يغفر ذنوبَ المذنبين كرماً، ويعفو عن المسيئين حلماً، يحب من عباده أن يستغفروه ليلاً ونهاراً، فيغفر لهم إنه كان غفاراً.
وأصلى وأسلم على من أرسل الله ُإليه قوله الكريم: (نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (الحجر:49)
وعلى آله وصحبه ومن سار على دربه إلى يوم الدين، أما بعد:
فهذا بحث بياني بعنوان: من أسماء الله تعالي (غافر، غفور، غفار) مقاماتها ودلالاتها في القرآن الكريم.
والمعلوم أن الله تعالي (وصف نفسه بكونه غافراً، وغفوراً، وغفاراً)، وبأن له غفراناً، ومغفرة. وعبر عنها بلفظ الماضي والمستقبل والأمر ............
كما أن للعبد أسماء ثلاثة فهو ظالم وظلوم وظلام.
ولله تعالي في مقابلة كل واحد من هذه الأسماء اسم. فكأنه تعالي يقول:
إذا كنت ظالماً فأنا غافر
وإذا كنت ظلوماً فأنا غفور
وإذا كنت ظلاماً فأنا غفار
(وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى) طه 82
ولقد نبه الله تعالي في قرآنه الكريم على أسمائه الحسنى ليُعّرف بها ويدل بها عليه فقال (وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا) (لأعراف:180)
ومن الواجب على البحث البياني في كتاب الله تعالي – تبيان دلالة هذه الأسماء ومقاماتها وعلاقاتها بسياقاتها، ليكون الدعاء بها عن علم ومعرفة.
ولقد أرسي الإمام عبد القاهر – رحمه الله – مما أرسي من القواعد- أن الألفاظ لا تتمايز من حيث هي، ولا يفضل بعضها بعضاً حال انفرادها عن النظم، وبعدها عن التأليف، إلا من حيث الخفّة على اللسان، أو الثقل، ........ والاستعمال، أو قلة الاستعمال.
فليس اسمه سبحانه (غفّار) أدل على الذات من اسمه سبحانه (غفور) أو (غافر)، فالكل دلالتهم على ذاته سبحانه سواء.
وهذا البحث معنىٌ في المقام الأول بدلالة كل اسم في سياقه، ومراد كل كلمة من خلال (مكانها في النظم وحسن ملاءمة معناها لمعاني جاراتها وفضل مؤانستها لأخواتها .... وحسن الاتفاق بين هذه وتلك)
فهذا البحث ليس في بيان معاني بعض الأسماء المجردة المتشابهة المواد، إنما هو بحث في المقامات وأثرها في دلالة هذه الأسماء.
إنه بحث في العلاقات، والقرائن، والسياقات المتنوعة داخل السورة وداخل القرآن، وكيف تُشَكِّلُ هذه السياقات معاني هذه الأسماء؟
وغايتي في هذا البحث محاولة الكشف عن وجه من وجوه الإعجاز البياني التي لا حصر لها، من خلال علاقة كل اسم بسياقه ومقامه، وبيان وجه اصطفائه دون غيره، واصطفاء صيغته، ومكانه وإعرابه ... وغير ذلك، حتى ينكشف للقارئ باب من أبواب الإحكام في هذا الكتاب حيث قال ربنا سبحانه (الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ) هود:1
منهج البحث
يعتمد هذا البحث على المنهج التحليلي الذي يبدأ بالنظر في الكليات العامة مثل مضمون السورة وسياقها، وما يشاع فيها.
ثم النظر في سياق الاسم خاصة، وما يحيط به.
ثم الوصول إلى دلالة الاسم من خلال هذه العائلة الدلالية الكبيرة ولقد اتبعت عدة خطوات في هذا التحليل ومنها:
1 - إحصاء أسماء الله تعالي، موضوع البحث (غافر – غفار – غفور).
2 - تصنيف هذه الأسماء من حيث الكثرة والقلة.
3 - تحليل كل اسم بداية بـ (غافر الذنب) حيث لم يرد إلا مرة واحدة، ثم (غفار) حيث ورد خمس مرات، ثم (غفور) حيث ورد إحدى وتسعين مرة.
4 - اعتمد التحليل على المقارنات بين الأسماء عند اقترانها بغيرها، حيث اقترن اسمه (الغفار) باسمه (العزيز) فقط.
أما اسمه الغفور فقد اقترن بستة أسماء وهي (الرحيم – الحليم – العزيز – العفوّ – الشكور – الودود).
5 - اعتمد التحليل أيضاً على بيان أثر الجملة في دلالة كل اسم، فقد يأتي الاسم خبراً لمبتدأ، وقد يأتي خبراً لكان، وقد يأتي خبراً (لإن) وقد يأتي مفعولاً، وقد يأتي مجروراً بحرف الجر ...... الخ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/288)
6 - اعتمد التحليل أيضاً على بيان موقع كل اسم من التركيب ودلالة هذا الموقع من حيث التقديم والتأخير.
---------------
خطة البحث
حوى هذا البحث أربعة فصول مسبوقة بافتتاحية وبيان للمنهج والخطة ومتلوّة بخاتمةٍ وفهارس.
أما الافتتاحية:
فلقد تناولت فيها موضوع هذا البحث، وأهميته، وغايتي فيه.
وأما منهج البحث:
فلقد وضحت فيه طريقة العمل وكيفية التناول لهذه الأسماء.
وأما خطة البحث:
فأبرزت فيها تقسيماته، وعناصره، وطريقة إبرازها للقارئ الكريم وتشمل الآتي:
الفصل الأول: الدلالات العامة للمادة والأسماء، وحوى عدة نقاط:
1 - دلالة غَفَرَ في اللسان العربي.
2 - دلالة غَفَرَ في القرآن الكريم.
3 - الفروق الدلالية بين الصيغ الثلاث (فاعل – فعّال – فعول).
4 - هل صفات الله –تعالي- قائمة على المجاز؟
5 - الأسماء الثلاثة بين التعريف والتنكير.
6 - الأسماء الثلاثة بين مجيئها في الفاصلة وتقدمها في الآية0
07 - الأسماء الثلاثة بين الاعتناق مع غيرها والتفرد.
الفصل الثاني:تبيان اسم الله تعالي (غافر) وفيه:
1 - إعراب (غافر الذنب) في سورة غافر.
2 - أثر السياق في بيان المراد من قوله: (غافر الذنب).
الفصل الثالث: اسمه (الغفار) مقاماته ودلالاته وحوى عدة نقاط:
1 - مواقع ذكر هذا الاسم الجليل.
2 - تبيان اسمه (غفار) بين سورتي (طه ونوح).
3 - دلالته في سورة طه.
4 - دلالته في سورة نوح0
5 - تبيان اسمه (الغفار)
الفصل الرابع:تبيان اسمه (الغفور) في القرآن الكريم ويحوى أربعة مباحث ...
في المبحث الأول:اسمه (الغفور) بين التعريف والتنكير.
المبحث الثاني:موقع اسمه (الغفور) من الإعراب وفيه:
1 - وروده مجرورا بحرف الجر 0
2 - وروده منصوبا 0
3 - وروده مرفوعا 0
المبحث الثالث:اسمه (الغفور) بين الاعتناق مع غيره والانفراد، وفيه.
1 - اعتناق الغفور والرحيم.
2 - اعتناق الغفور والحليم.
3 - اعتناق العزيز والغفور.
4 - اعتناق العفو والغفور.
5 - اعتناق الغفور والشكور.
6 - اعتناق الغفور والودود0
الخاتمة:وفيها ألخص ما حواه البحث، مستعرضاً بعض النتائج وما أراه من توصيات.
ثم الفهارس وفيها: فهارس الموضوعات،و ثبت بأهم المراجع والمصادر.
والله من وراء القصد
سعيد أحمد جمعة
جامعة الأزهر
دلالة غَفَرَ في اللغة
أعني بالمادة هنا: مادة (غفر) وبالأسماء: الأسماء الثلاثة (غافر – غفار – غفور).
يقول ابن فارس: (الغين والفاء والراء: عُظْمُ بابِه الستر، ثم يشذّ عنه ما يُذْكر.
فالغَفْرُ: الستر، والغُفْران والغَفْر بمعني، يقال: غَفَرَ الله ذنبَهم غفراً ومغفرة وغفراناً .... ويقال: غفر الثوب , إذا ثار زئبرُهُ، وهو من الباب، لأن الزئبر يغطي وجه الثوب، والمِغْفَرُ معروف، والغِفَارةُ: خِرقة يضعها المدّهن على هامته، ويقال: الغفير: الشعر السائل في القفا.
وذكر عن امرأة من العرب أنها قالت لابنتها (اغفري غفيرك) تريد: غطيه.)
ويقول الزجاج: (أصل الغفر في الكلام:الستر والتغطية، ومعنى الغفر في الله تعالي: هو الذي يستر ذنوب عباده، ويغطيهم بستره كما جاء في الدعاء (يا ستّار استرنا بسترك الحسن الجميل).
وعند ابن منظور: (أصل الغَفْر في الكلام: التغطية والستر، غَفَرَ الله ذنوبه أي سترها، والغفر: الغفران.
وفي الحديث كان إذا خرج من الخلاء قال: غفرانَكَ الغفران: مصدر وهو منصوب بإضمار أطلب ...........
وقد غَفَرَهُ يغفره: غفراً: ستره، وكل شئ سترته فقد غفرته.
ومنه قيل للذي يكون تحت بيضة الحديد على الرأس: مغفر ...
وتقول العرب: أصبُغ ثوبَك بالسواد فهو أغفرُ لوَسَخِه، أي أحْمَل له وأغطي له، ومنه: غفر الله ذنوبَه، أي سترها، وغفرت المتاع جعلته في الوعاء ... وغَفَرَ المتاع في الوعاء يغفره غفراً، وأغفره: أدخله وستره وأوعاه.
وكذلك غفر الشيب بالخضاب وأغفره. قال.
حتى اكتسيتُ من المشيبِ عمامةً ... غفراءَ أغفَرَ لونُها بخضاب 0
وكل ثوب يغطي به شيء فهو غفارهُ، ومنه غفارة الذنّون تُغَشّي بها الرحال، وجمعها غفارات وغفائر.
وفي حديث عمر: لما حصّب المسجد قال: هو أغفر للنخامة أي:أسترله والغَفْرُ والمغفرة: التغطية على الذنوب والعفو عنها .... والغُفْرَةُ: ما يغطي بها الشيء ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/289)
والغُفْرُ أيضاً: هُدْبُ الثوب وهُدْبُ الخمائص، وهي القُطُف دقاقها ولينها،وليس هو أطراف الأردية ولا الملاحف ... وغُفْرُ الكلأ: صغارُهُ، وأغفرت الأرض نبت فيها شيء منه ...
وغَفَرَ الجُرْحُ ويغفر غفراً: نُكِسَ وانتُقِض ... ويُقال للرجل إذا قام من مرضه ثم نُكس:غُفِر)
وفي كتاب التعريفات للجرجاني 0
(المغفرةُ:سترُ القادر للقبيح الصادر ممن تحته، حتى إن العبد إذا سترَ عيبَ سيدِه خوفَ عقابه لا يُقال: غَفَرَ له.)
ويقال: (اللهم غفراً، وليست فيهم غفيرة أي لا يغفرون ذنب أحد، قال
يا قوم ليست فيهم غفيرة. . فامشوا كما تمشى جمال الحيرة
أي فامشوا إلى حربهم مشي جمال الحيرة.).
(ومن المجاز: قول زهير:
فلاقت بياناً عند آخر معهد أضاعت فلم تُغْفَرْ لها غفلاتُها
أي لم تغفر السباع غفلتها عن ولدها فأكلته.)
(والغفير: الكثير، ويقال جاء القوم جماً غفيراً، أي جاءوا جميعاً)
وتلك دلالة الصيغة كما يبدو.
خلاصة ما سبق:
إن دلالة هذه المادة (غ – ف – ر) تدور حول عدة أمور منها:
1 - الستر والتغطية وهذا هو الأصل، ويشتق من اللفظ كلمات تطلق على هذا المستور، فالغفير:هو القفا، والمغفر: ما يوضع على الرأس ليستره، والغفارة: الثوب يغطى به الشيء.
2 - كما يطلق اللفظ على الأشياء الدقيقة مثل هُدب الثوب حيث يقال له غَفْر، ويقال أيضاً للنبات الصغير (غَُفْرُ الأرض).
ولعل ذلك يربط بين المغفرة وصغائر الذنوب.
3 - كما أن الكلمة تدل على عكس الستر فتعني الكشف والانفتاح، كما في (غفر الجرح) بمعنى انتقض وفُتِحَ وانكشف ما فيه.
4 - تدل الكلمة أيضاعلى العفو عن هذا الذنب المغفور فالمغفرة ستر يتبعه عفو.
5 - وفي دلالة الكلمة أيضاً معنى الغلبة والقدرة فلا يقال (غَفَرَ) إلا عن اقتدار وتمكن، مما يعني أن المغفرة بداية العفو.
وهكذا تلين الكلمة وتطوع؛لأن للسياق دوراً في توجيه المراد منها،لكن تبقي مع هذا معقودة بأصلها وهو الستر والتغطية
دلالة (غَفَرَ) في القرآن الكريم.
يقول الأصفهاني: (الغَفْرُ: إلباسُ ما يصونه عن الدنس، ومنه قيل: اغفر ثوبك في الوعاء، واصبغ ثوبك فإنه أغفر للوسخ، والغفران والمغفرة من الله تعالي، هو أن يصون العبد من أن يمسه العذاب .. قال: غفرانك ربنا .. ومغفرة من ربكم .. ومن يغفر الذنوب إلا الله، وقد يقال: غفرله إذا تجافي عنه في الظاهر وإن لم يتجاف عنه في الباطن نحو قوله تعالي: (قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْماً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) (الجاثية:14)
والاستغفار: طلب ذلك بالمقال والفعال .. وقوله (استغفروا ربكم) لم يؤمروا بأن يسألوه ذلك باللسان فقط، بل باللسان وبالفعال، فقد قيل: الاستغفار باللسان من دون فعل ذلك بالفعال فعلُ الكذّابين وهذا معني: (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) (غافر:60)
(والغافر والغفور) في وصف الله تعالي نحو (غافر الذنب) (إنه غفور شكور) والغفيرة: الغفران، ومنه قوله: (رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ) (إبراهيم:41)
وقيل: اغفروا هذا الأمر بمغفرته أي: استروه بما يجب أن يستر به) (والغفّار: الذي يغفر ذنوب عباده مرة بعد مرة، فلما تكررت ذنوبهم تكررت مغفرته غفراً.)
وإذا كان هذا المعني لا يبعد كثيراً عن المعني اللغوي، إلا أن المغفرة في القرآن الكريم، من خلال الأسماء الحسنى (غافر – غفار – غفور) تكتسب ظلالا أخرى وتتشرب من عيون السياقات المتنوعة دلالات جديدة، لكنها في الختام تعود إلى الأصل وهو: الستر والتغطية.
وهذا سيتضح من خلال تحليل النماذج وسياقاتها داخل كل سورة.
الفروق الدلالية بين الصيغ الثلاثة
(فاعل ـ فعّال ـ فعول)
يرى النحاة أن اسم الفاعل هو [الجاري مجرى الفعل في اللفظ والمعنى ... ويعمل عمل الفعل إذا أريد به الحال أو الاستقبال ....... ]
[وليس القصد بقولهم: اسم الفاعل: اسم الصيغة، بل المراد اسم ما فعل الشيء]
[فهو اسم مشتق من الثلاثي يدل على شيئين:
1 - معنى مجرد عارض ليس بدائم ويسميه العلماء: الحدث.
2 - فاعل هذا المعنى المجرد ويسميه العلماء: الذات]
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/290)
[وصيغة فاعل تحتمل في دلالتها على الحدث: القلة والكثرة، فإذا أريد الدلالة على كثرة الحدث (كماً أو كيفًا) حُوّلت –فاعل- إلى إحدى صيغ المبالغة].
ومعنى هذا أنه [عند صياغتنا اسم الفاعل فإننا نقصد شيئين:
المعنى المجرد وصاحبه، دون اهتمام ببيان درجة المعنى قوة أو ضعفاً وكثرة أو قلة.
وأما عند استخدامنا (صيغة المبالغة) فإننا نقصد إلى الأمرين معاً مزيداً عليهما بيان الدرجة كثرةً وقوةً.
[ودلالة اسم الفاعل العارضة قد تكون في حق غير الله تعالى لصحة قيام الأفراد لنفس الحدث لكن في حق الله تعالى فإن دلالة الدوام ثابتة فقولنا (غافر) مثلاً .... الغفران لا يكون إلا من الله ولذلك لا يقال: غافر الذنب إلا لله تعالى.
أما غيره فيجوز أن يقال له: غافر ذنب فلان، أو غافر الذنب الفلاني، فيتخصص الذنب بصفته أو بصاحبه.
أما إطلاق الذنب وتعريفه بـ (ال) فيشير إلى عمومه، فـ (ال) في [الذنب] للجنس وليس للعهد فالله تعالى غافر لجنس الذنوب ولذلك قال:
(إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (الزمر53)] أو أنه غافر للذنوب في جميع الأزمنة [واسم الفاعل إذا أريد به زمان مستمر كانت إضافته لفظية، والزمان المستمر يشمل الماضي والحاضر والمستقبل ...
وإذا كان للثبوت كان غير عامل وكانت إضافته حقيقية]
أما صيغة (فعال) و (فعول).
فهما من صيغ المبالغة لاسم الفاعل وهذا يعني أن أصلهما اسم الفاعل لكن بولغ فيه.
والمبالغة [أن يذكر المتكلم وصفاً فيزيد فيه حتى يكون أبلغ في المعنى الذي قصده وهي ضربان:
- مبالغة بالوصف بأن يخرج إلى حد الاستحالة ومنه: (يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ) (النور:35)
- ومبالغة بالصيغة: وصيغة المبالغة هي [فعلان كالرحمن - وفعيل كالرحيم – وفعال كالقهار – وفعول كغفور ... وفَعِل كحذر].
[وصيغ المبالغة تشتق من الفعل الثلاثي المتعدى فقط لتدل على معنى اسم الفاعل مع المبالغة في المعنى وتأكيده وتقويته.
ومعنى المبالغة: تكرير أصل الفعل وتوكيده]
وكلام العلماء يفيد أن صيغة (فاعل) لا مبالغة فيها حتى إذا أردنا المبالغة تُحول صيغة فاعل إلى فعال أو فعول أو مفعال ....... الخ
وهذا يثير سؤالاً، وهو: هل المعنى في (فاعل) أقل من المعنى في (فعول) أو (فعال)؟
لقد قال العلماء [إن (فعال) أبلغ من (فاعل) وقالوا إن (ضروب) ناب عن قولك: (ضارب وضارب وضارب)]
ولقد [سأل الصاحب بن عباد القاضي عبد الجبار المعتزلي عن قوله تعالى: (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً) (الإنسان:3)
كيف غاير بين الصفتين وجعل المبالغة من جانب الغفران؟
فأجاب أن نِعَم الله تعالى على عباده كثيرة وكل شكرٍ يأتي في مقابلها قليل، وكل كفر يأتي في مقابلتها عظيم، فجاء (شكور) بلفظ (فاعل) وجاء (كفور) بلفظ (فعول) على درجة المبالغة .. فتهلل وجه الصاحب)
كما أن البيهقي في كتابه الأسماء والصفات: وهو يشرح معاني هذه الأسماء يقول:
(غافر: الذي يستر على المذنب، ولا يؤاخذه به، فيُشهره ويفضحه.
والغفار: هو المبالغ في الستر فلا يشهر الذنب في الدنيا، ولا في الآخرة.
والغفور: هو الذي يكثر منه الستر على المذنبين من عباده ويزيد عفوه على مؤاخذته)
كل ذلك قالوه، لكن الذي أميل إليه أن المبالغة وعدمها إنما تكون عند استعمال هذه الصيغ في حق الإنسان، فيقال صابر وصبور، وآكل وأكول، وأكال، فالمبالغة وزيادة المعني في (فعول وفعال) مفهومه، لكن عند استعمال هذه الصيغ في حق الله تعالي، فالأمر يختلف ولذلك قال الزركشي: إن المبالغة هنا إنما هي [بالنسبة إلى تكثير التعلق، لا بالنسبة إلى تكثير الوصف، فاسمه (الغفار) مثلاً يعني (الذي يغفر ذنوب عباده مرة بعد أخرى وكلما تكررت ذنوبهم تكررت مغفرته غفراً)] ......
وقد سئل أبو على الفارس:
هل تدخل المبالغة في صفات الله تعالي؟
فأجاب بالمنع، لأن الله تعالي ذم من نسب إليه الإناث، لما فيه من النقص فلا يجوز إطلاق اللفظ المشعر بذلك.)
وعلى هذا فإن صفات الله تعالي التي جاءت على صيغة المبالغة، والتي جاءت علي غيرها سواء في الدلالة على ذاته سبحانه واتصافه بها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/291)
فهو سبحانه (غافر الذنب) فإذا نظرنا إلى عدد الذنوب المغفورة أو إلى عدد من غفر لهم من الخلق قلنا: إنه (غفار) وإذا نظرنا إلى عظم الذنوب وأحجامها قلنا: إنه (غفور) 0
زد على ذلك أن القول بأن فيها مبالغة يجعلها شبيهة بصفات البشر، فالفروق في الصيغ يلحظ فيها المبالغة بالنسبة للناس، وفرق بين صفات البشر، وصفات رب البشر
(ومن الإيمان بالاسم: الإيمان بما دل عليه من معني: فلكل اسم معنى يخصه غير الاسم الآخر، وكلها اتفقت في دلالتها على الذات.
كما أن من الإيمان بالاسم .. الإيمان بأن الله سبحانه وتعالي منزه عن مماثلة المخلوقين .. لقوله تعالي (ليس كمثله شيء)
وهنا يثار سؤال وهو: إذا كان (فعول وفعال) موضوعين للمبالغة فما وجه تكرارهما؟
يقول الزجاج: [وإنما جاز تكرارها، وإن كانا بمعني واحد وأنت لا تكاد تقول في الكلام: فلان تروك للفواحش، تراك لها، وصروف عن القبائح صراف عنها إلا لمعنيين:
أحدهما: أن اختلاف الموضوعين يحسن من ذاك ما لا يحسن مع المجاورة، ألا تراهم أجمعوا على أن الإيطاء مع بعد الموضع، ليس هو مثله مع قرب الموضع0
والوجه الآخر: أن هذا يحسن في صفات الله تعالي وإن كان لا يحسن في أسامي المخلوقين وصفاتهم، لأنهم لم يبلغوا قط في صفة من الصفات المنتهي، والله تعالي المتناهي في هذه الصفات التي تمدح بها، فيحسن فيه من ذلك ما لا يحسن في غيره]
فالفروق بين الصيغ إذاً إنما هي من حيث تعلقها بالمذنبين وبالذنوب، وليست من حيث تعلقها بالله تعالي، وفرق بين الأمرين كبير.
هل صفات الله – تعالي – قائمة على المجاز؟
(قيل إن صفات الله التي جاءت على صيغة المبالغة كلها مجاز، لأنها موضوعة للمبالغة، ولا مبالغة فيها، لأن المبالغة، أن تثبت للشيء أكثر مما هو له، والمعلوم أن صفاته سبحانه متناهية في الكمال ولا يمكن المبالغة فيها.
كما أن المبالغة تكون في صفات تقبل الزيادة والنقصان، وصفات الله تعالي منزهة عن ذلك.
والتحقيق أن صيغ المبالغة قسمان:
أحدهما: ما تحصل المبالغة فيه بحسب زيادة الفعل.
والثاني: بحسب تعدد المفعولات.
ولا شك أن تعددها لا يوجب للفعل زياد، إذ الفعل الواحد قد يقع على جماعة متعددين.
وعلى هذا القسم تنزل صفاته تعالي ويرتفع الإشكال.
فالمبالغة مصروفة إلى مجموع الأفراد التي دل السياق عليها فهي بالنسبة إلى كثرة المتعلق لا الوصف.)
أضف إلى ذلك أن المجاز قائم على الادعاء وأسماء الله تعالي قائمة على الحقيقة.
ومن كل ما سبق فإني أرى أن أسماء الله تعالي وإن كانت قد جاءت على صيغ تعارف عليها أهل اللغة أنها للمبالغة مثل: (فعال وفعول) إلا أن أسماء الله تعالي وصفاته لا مبالغة فيها.
ويبقي السؤال، وهو: ما حكمة وضعها على هذه الصيغ؟.
ولعل السبب في ذلك أن العرب – وقد نزل القرآن بلغتهم – لما ترسخ في عقولهم أن هذه الصيغ بلغت المنتهي في الدلالة، وأريد ترسيخ معنى أن صفات الله تعالي بالغة هذا الحد، وضعت هذه الصفات على تلك الصيغ لترتسم في قلوب المسلمين مدى ما وصلت إليه هذا الصفات، وأنها لا زياد عليها.
الأسماء الثلاثة بين التعريف والتنكير:
وردت هذه الكلمات في القرآن الكريم مرة دون [أل]، ومرة فيها [أل] فقيل (إن الله غفور رحيم) (وكان الله غفوراً رحيماً) و (نزلاً من غفور رحيم) كما قيل: (إنه هو الغفور الرحيم) و (وهو العزيز الغفار).
لكن الشائع، والأغلب في هذا الاسم وروده دون (أل) حيث ورد معرفاً أربع عشرة مرة من بين إحدى وتسعين مرة ورد فيها الاسم الكريم.
وهذا يفيد أن المقصود الأعظم من ذكر هذا الاسم في القرآن الكريم النفوذ إلى الصفة .. أعني: إلى المغفرة، وجذب القلوب إليها أولاً، ذلك لأن [لام التعريف تدخل الأعلام للمدح والتعظيم]
وقيل [إن اللام في الأسماء: تفخيم الجرس، وفي المعني: توفير المسمي وتعظيمه]
ولما كان التعظيم والتفخيم والتوقير مستفاداً من أسماء أخر، كان الأصل في اسمه [الغفور والغفار] إبراز الصفة.
[وقد صح أن ما جاء من الأعلام وفيه لام التعريف إنما ذلك لما فيه من معنى الفعل والوصفية.]
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/292)
وعلى هذا فالمقصود الأعظم من ذكر الغفور- معرفاً كان أو نكرة إنما هو القصد إلى المغفرة، والدلالة عليها، وتوكيدها، وقد يفاد من الألف واللام فيها القصر، أو التعظيم أو غير ذلك من المعاني المستفادة من التركيب والسياق لكن الأصل في الاسم أياً كانت صيغته هو الدلالة على الصفة.
الأسماء الثلاثة بين مجيئها في
الفاصلة وتقدمها في الآية
جاءت الأسماء الثلاثة في الآيات القرآنية في جملة الفاصلة عدا ثلاثة مواضع، منها اسمه (غافر) وهو الاسم الذي ذكر مرة واحدة في القرآن الكريم، وجاء في بداية الآية الثالثة من سورة غافر من قوله تعالي (غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ) (غافر:3)
ثم ورد اسمه (الغفار) ضمن أول الآية في سورة طه رقم 82 وذلك قوله (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى).
ثم ورد اسمه (الغفور) ضمن أول الآية في موضع واحد وذلك في سورة الكهف رقم 58 وفيه: (وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً) (الكهف:58)
وقبل الوقوف على دلالة ذلك أود أن أقف على الفاصلة قليلاً.
[فالفاصلة هي الكلمة التي تكون آخر الآية، نظيرها قرينة السجع في النثر وقافية البيت في الشعر ..... أو هي الكلام المنفصل مما بعده،وقد يكون رأس آية وغير راس آية،وهي الطريقة التي يباين بها القرآن سائر الكلام،وتسمي فواصل لأنه ينفصل عندها الكلامان00
وما ثبت أن النبي وقف عليه دائماً تحققنا أنه فاصلة وما وصلة دائماً تحققنا أنه ليس فاصلة، وما وقف عليه مرة ووصلة أخرى احتمل الوقف أن يكون لتعريف الفاصلة، أو لتعريف الوقف، واحتمل الوصل أن يكون غير فاصلة.]
ومعلوم أن عناية القدماء بختام الكلام لا تقل عن عنايتهم بمقدماته ولقد جرى القرآن الكريم على سنن العربية حين ختم آياته بهذه الفواصل، ولقد نظر العلماء إلى بعض التصرف في الكلام فوجدوا أن هذا التصرف إنما كان من أجل الفاصلة، ورعاية لها ... من ذلك مثلاً:
في قوله تعالي (وَلَقَدْ جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ) (القمر:41).
قالوا: [أخر الفاعل من أجل الفاصلة .. وأخر الفعل من قوله (ومما رزقناهم ينفقون) البقرة 3 لتوافق رءوس الآي.
وتأخيرُ الاستعانة عن العبادة في قوله (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) (الفاتحة:5).
لأجل الفواصل، وألحقت الألف في كلمة (الظنونا) في قوله (وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا) (الأحزاب:10) من أجل الفاصلة، أو كما يقولون [من أجل التناسب وإفراغ الكلام في قوالب التقفية وتحليتها بمناسبات المقاطع.]
مما يعني أن الاهتمام بالفواصل حدا بالعلماء إلى اعتبار بعض مواضع التقديم والتأخير، والزيادة، والنقص، والإفراد، والتثنية، وغير ذلك أنه من أجل الفواصل .. فلم كل هذا؟
لأن الفاصلة كأنها تلخيص لمراد الآية، وتعقيب عليها، وتعليل لها؛ لذلك ولغيره، كانت العناية بها، فوُضع لها إطارٌ نغمي خاص، وبُنيت بناءً خاصاً،
لإبراز ما فيها من عناصر الجمال، أو كما يقول صاحب كتاب الفاصلة في القرآن الكريم: إنها تمثل عنصر الجمال البارز في الآيات وهي قائمة على [قانون الإيقاع، وقانون العلاقات]
وهنا يبرز السؤال المهم:
إذا كانت الفاصلة قد حازت على هذا القدر من العناية فما وجه ختم الآيات بفاصلة تحوى أسماء الله الحسنى؟
إن القرآن الكريم وعد، ووعيد، وتبشير وتهديد، وإخبار، وإعلام وتشريع لأحكام ... وغير ذلك من الأمور التي يكثر دورانها في القرآن الكريم، والمعلوم أن كل اسم من أسماء الله الحسنى يحمل صفة كأنما هي إيجاز لهذه المعاني، وبيان لها، فهو سبحانه الغفور، وكذلك هو العزيز .. هو العفوّ، وكذلك هو المنتقم .. هو الرءوف الرحيم، وكذلك هو القوي المتين ..
وكأن هذه الأسماء أختام وتوقيعات ربانية على المعاني التي في الآيات لتُوَثقها، وتعللها وتؤيدها، وتمنحها بعد التوضيح تأكيداً وبعد التعليل حسناً أكيدا، ولم لا، والنفس تأنس بهذه النغمات التي تبرزها الفواصل، فإذا كان هذه النغم ناشئاً من أسماء الله الحسنى كان الجمال أبهر، والحسن أزهر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/293)
وإذا تذكرنا أن الفاصلة غالباً ما تحوى اسمين من أسمائه الحسنى علمنا أن هناك ضرباً من الإيقاع الذي يقوم تارة على التقابل كما هو الحال بين (العزيز والغفار)، أو يقوم على التوازي كما بين (الغفور والرحيم) أو يقوم على التتابع كما بين (الغفور والشكور).
وهكذا تزداد الفاصلة بهاءً بأسمائه الحسنى ويزداد المعني في الآيات توكيداً بهذه الفواصل.
تبيان مجئ الأسماء الثلاثة بين
الاعتناق والتفرد
لا خلاف على أن دلالة الكلمة، ومعناها ومضامينها تزداد نمواً، من خلال التركيب وأن الكلمة – وهي منفردة – لها دلالة المادة والصيغة فقط، فإذا أُخذت هذه الكلمة ووضعت في أسرة تركيبية، رأيت المعني وقد اكتسب ظلالاً دلالية أخرى.
هذا يعني أن الكلمة لا تعطي معناها من ذاتها فقط، بل هناك روافد تضيف إليها وتصبغها بعالمها، ومن هذه الروافد – بعد المادة والصيغة: مكان الكلمة في الجملة، وموقعها من الإعراب، ثم قرينها وأليفها.
نعم ... فالكلمة كالإنسان، بل إن الكلمة إنسان، يأنس بغيره ولا يحيا إلا في مجتمع وأسرة،وكما أن للإنسان صديق حياة، ورفيق وجود، فإن هناك كلمات لا تكاد ترى إلا في صحبة قرين لها، وقليلاً ما تجدها إلا وهي في صحبة أليفها، تلكم هي أسماء الله الحسنى.
فلا يكاد القارئ يقرأ كتاب الله، فتقع عينه على اسمه سبحانه (الغفور) إلا وتقع في ذات الوقت على اسم آخر مثل (الرحيم) وكذلك لا يكاد يأتي اسم (العزيز) إلا في صحبة اسمه (الحكيم) أو اسم آخر تقتضيه دلالات السياق والمقام.
لذلك كان وجود أحد هذه الأسماء دون قرين له من أخوته أمراً يدعو إلى التوقف، وبيان وجه المجئ منفرداً عن أليفه، وبعيداً عن قرينه.
والأسماء الثلاثة (غافر – غفار – غفور) لم تأت منفردة إلا في ثلاث آيات:
الأولي: في سورة الإسراء في قوله الله تعالي (رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأوَّابِينَ غَفُوراً) (الاسراء:25)
الثانية: في سورة طه، في قوله تعالي (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى) (آية:82)
والثالثة في سورة نوح، في قوله تعالي (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً) آية 10.
وعودة إلى سياق كل موضع يتبين الآتي:
في سورة الإسراء كان السياق في شأن بر الوالدين والإبلاغ في النهي عن العقوق فبدأ ذلك بقوله (لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَخْذُولاً) أية 22.
ليكون مرتكزاً لما سيأتي بعد ذلك، وأن العقوق للوالدين فرع من الشرك فجاءت الجمل حاملة صيغ النهي المتتابعة، المشعرة بالغضب على كل من خالف، فقالت في البداية () وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً) (الإسراء:23) لتربط بين القضيتين لأنهما من مشكاة واحدة ثم قيل:
لا تقل لهما أف
لا تنهرهما.
قل لهما قولاً كريماً.
أخفض لهما جناح الذل ...
قل رب احمهما ...
ربكم أعلم بما نفوسكم!!
وهذه الدفقات الإنذارية المتتابعة تضفي على الجو العام شعوراً بالرهبة لكل من خالف أمراً أو نهياً في هذه الرسائل المتلاحقة.
ثم قيل تعقيباً (إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُوراً) (الإسراء:25)
أي [ثم فرطت منكم في حال الغضب وعند حرج الصدر، وما لا يخلو منه البشر أو لحميّة الإسلام – هنة تؤدي إلى أذاهما، ثم أنبتم إلى الله واستغفرتم منها فإن الله غفور] كذا فقط 0
فالذنب مغفور فقط، وأين الرحمة؟
إن علمها عند ربي، فالسياق حجزها هنا وأتي باسمه (الغفور) فقط ليضيف إلى التهديد تهديداً آخر.
ويلحظ أيضاً أن هذه المغفرة ليست لمن تاب وأناب، بل للأوابين المداومين على التوبة والاستغفار، وما رأيت ذنباً كهذا في دين الله!!.
----------------
أما الموضع الثاني والذي جاء في سورة طه وفيه قوله تعالي (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى) آية 82.
فقد جاء في معرض عد النعم لبني إسرائيل التي أنعم الله بها عليهم في الدنيا وهي
1 - قد أنجيناكم من عدوكم.
2 - واعدناكم جانب الطور الأيمن.
3 - نزلنا عليكم المن والسلوى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/294)
4 - إني لغفار – أي أستر على العاصي في الدنيا ولا أفضحه.
وليس من النعم التي أنعم الله بها عليهم في الدنيا ما يشير إلى الرحمة أو العفو أو نحو ذلك لأن هذه أمور متعلقة بالآخرة، أما ستر المذنب وعدم فضحه بين الناس فهي نعمة من الله تشبه النجاة من فرعون وإنزال المن والسلوى.
لذلك اقتصر هنا المجيء على اسمه (الغفار) دون أن يُلحق به اسم آخر من الأسماء الحسنى.
---------------------
أما الموضع الثالث وهو موضع سورة نوح فيقول الله تعالي فيه:
(فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً) آية 10.
و السياق هنا سياق ترغيب بالماديات، وبنعم الدنيا أولاً، وكأنهم كانوا يجنحون إلى الإيمان المادي الملموس، المشاهد، فجاءت دعوة نوح عليه السلام لتذكرهم بهذه النعم المادية، وفيها: ستر الله عليهم وعدم فضحهم وكشف عيوبهم، ثم إرسال الغيث، وزيادة الأموال والبنين وإنبات الأرض جناناً، وشق الأنهار وخلق السماوات طباقاً، وجعل القمر نوراً، وجعل الشمس سراجاً .. إلى آخر ذلك من نعم ملموسة، ولذلك كانت الدعوة إليها بقوله (ألم تروا)؟
فلما كان الأمر كذلك حسن الاقتصار علي الغفران في قوله (إنه كان غفاراً) وكأن إيمانهم بالمغفرة بداية للإيمان بالرحمة والعفو وغير ذلك، فلما كانوا معاندين اقتصر على تذكيرهم بأنه (غفار)،لتعلق المغفرة غالباً بسترهم في الدنيا من الفضيحة
وهكذا يلحظ أن مجيء اسم الله تعالي (الغفور) أو (الغفار) منفرداً عن قرين له ما يبرر من السياق والقرائن، فليس الأمر حشواً للأسماء داخل الآيات ولكن لكل شيء مقدار، فكل شيء عنده بمقدار.
مدخل:
لم يرد اسم الله تعالي (غافر) منفرداً دون إضافة في القرآن الكريم، كما ورد اسمه (الغفور) , و (الغفار).
وإنما جاء في السنة في إحصاء ابن حجر، والبيهقي وابن الوزير والاصبهاني وابن منده لحديث [إن لله تعسة وتسعين اسماً ... ]
كما أن اسمه (غافر) لم يرد إلا في آية واحدة في سورة غافر وذلك قوله سبحانه (حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير) من 1 - 3.
إعراب (غافر الذنب) في الآية:
يقول أبو حيان – رحمه الله – في البحر المحيط [(تنزيل) مبتدأ و (من الله) خبر أو خبر ابتداء أي (هذا تنزيل) ... وتلخص من هذا الكلام أن (غافر الذنب) وما عطف عليه، و (شديد العقاب) أوصاف؛ لأن المعطوف على الوصف وصف، والجميع معا رف على ما تقرر .. ، أو أبدال لأن المعطوف على البدل بدل لتنكير الجميع، أو (غافر) و (قابل) وصفان و (شديد) بدل لمعرفة ذينك وتنكير (شديد)]
ويري ابن عاشور –رحمه الله –أن هذه كلها أوصاف لاسم الله فيقول: (أجريت علي اسم الله ستة نعوت معارف بعضها بحرف التعريف وبعضها بالإضافة إلي معرف بالحرف 000والمراد بـ[غافر وقابل] أنه موصوف بمدلوليهما فيما مضي إذ ليس المراد أنه سيغفر وسيقبل، فاسم الفاعل فيهما مقطوع عن مشابهة الفعل وهو غير عامل عمل الفعل، فلذلك يكتسب التعريف بالإضافة التي تزيد تقريبه من الأسماء، وهو المحمل الذي لا يناسب غيرها هنا.]
وعلى هذا فقوله (غافر الذنب) اسم مثلها مثل (العزيز) و (العليم) وهي مثلها صفه لاسمه الجليل (الله) الوارد في أول الآية (تنزيل الكتاب من الله).
أثر السياق والمقام في فهم المراد:
أول ما يلفت النظر في اسمه (غافر الذنب) أنه لم يذكر إلا مرة واحدة في القرآن الكريم، وجاء في سورة عنوانها هو هذا الاسم (سورة غافر) وجاء في أول الآية والأكثرية الكاثره في أسماء الله تأتي في الفاصلة، وجاء مضافاً إلى الذنب ولم يفرد بالذكر مثل (غفور وغفار).
وتلك أمور تجعل من هذا الاسم نمطاً خاصاً يغاير الاسمين الآخرين.
ومع أن الاسم يدل على المغفرة إلا أنه ورد في سورة يخيم عليها [جو المعركة بين الحق والباطل ....
ومما يتفق مع هذه السمة افتتاح السورة بإيقاعات ذات رنين خاص:
غافر الذنب .. قابل التوب .. شديد العقاب .. ذي الطول ... لا إله إلا هو ... إليه المصير ..
فكأنما هي مطارق منتظمة ثابتة الوقع مستقرة المقاطع، ومعانيها كذلك مساندة لإيقاعها الموسيقي ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/295)
حتى مشاهد القيامة داخل السورة كانت تُعرض في صورها العنيفة المرهوبة المخيفة متناسقة مع جو السورة كله، مشتركة في طبع هذا الجو بطابع العنف والشدة.]
كل ذلك لماذا؟
لأن السورة ترد في أغلبها على هؤلاء المعاندين المكذبين المجادلين بالباطل ليدحضوا به الحق، ولذلك يذكر فيها الحديث عن جدالهم مرة بعد مرة، وكأنه محور السورة ... فالرد على المكذبين بتنزيل القرآن من الله هو محور السورة حيث يقال:
(مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ) (غافر:4)
(الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتاً) (غافر:35)
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ) (غافر:69)
فكأنهم استكبروا واعتزّوا بعلمهم ... حتى قيل (فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ) (غافر:83)
كل ذلك شكل دلالة (غافر الذنب).
فإذا انتقلنا من هذا السياق الكبير للسورة إلى السياق الصغير المحيط بالكلمة فإن الأمر يزداد تأكيداً، فاسمه (غافر الذنب) وضع داخل مجموعة من الأسماء بدأت باسمه العَلَم (الله) وختمت بتوحيده (لا إله إلا هو)
ولا يخفي ما في هذا البدء والختام من رهبة،وكأنها تهديد، ولذلك كان التعقيب بـ[إليه المصير]
ثم إن هذا البدء والختام اختصار لرحلة الخلق، كما أن المجيء بأول الأسماء بعد اسم الله كان باسم العزيز [والعزيز هو الممتنع فلا يغلبه شيء وهو القوي الغالب]
ثم ختمت الأسماء باسمه [ذي الطول] أي: ذي القدرة والهيمنة لأن [الطول في الأصل: الامتداد في الشيء]
وكأن المراد: [يغفر أو يعاقب]
فهو سبحانه [غافر الذنب وقابل التوب] و [شديد العقاب]
كما أن الاسم جاء علي صيغة [فاعل] وهي ليست مثل [فعول أو فعال] في اللغة،فـ[فاعل] بداية الفعل، ثم يزاد فيه فيقال [فعال أو فعول] 0
كما أن الاسم لم يخلص لحاله بل شبك بلفظ آخر وهو [الذنب]؛ ليكون الذنب حاضرا مع الاسم في الصورة، تشاهده العيون فكأنه لم يمح، كيف وهو حاضر أمام العيون؟
إذا روجع كل ذلك لتبين أن المغفرة هنا تحيط بها ظلال التهديد لمن كذبوا بتنزيل الكتاب من الله العزيز الحميد
ولما كان هذا ذنباً خاصًا جيء لهم بمغفرة خاصة إذا تابوا 00
هذه المغفرة مسبوقة بصفات القوة والغلبة، ومتبوعة بصفات القوة والغلبة حتى تكون في ركابهم ولا تخرج كثيرا عن طوعهم، ليراها كل ناظر من خلال هذا الجو المشحون بالغضب ليعلم أن التكذيب بنزول الكتاب ليس ككل ذنب إذ هو تكذيب بالمنزل والمنزل عليه معا فإن تاب ورجع فلا يحرم من المغفرة، وكأن المغفرة هنا ومضة ونسمة في جو عصيب.
مواضع ذكر هذا الاسم الجليل:
ورد هذا الاسم الجليل (غفّار) في خمسة مواضع، منها موضعان دون (ال) وذلك في سورتي طه ونوح، والثلاثة الباقية فيها ال، أي (الغفار) في سورة [ص –الزمر – غافر] وهاهي المواضع بالترتيب:
1 - (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى) (طه:82)
2 - (رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ) (صّ:66)
3 - (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأجَلٍ مُسَمّىً أَلا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ) (الزمر:5))
4 - (تَدْعُونَنِي لأكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ) (غافر:42)
5 - (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً) (نوح:10)
------------------
والنظر إلى هذا الترتيب في المصحف قد يشير إلى عدة معان منها:
1 - في البداية والختام جاء اسمه (غفار) دون (ال) وكأن المراد التعرف على الصفة في البدء والختام فجيء بها نكرة لتفيد الشيوع فعفو الله يسبق عقوبته ومغفرته تسبق غضبه.
2 - في البدء والختام جاء اسمه (غفار) دون التصاق باسم آخر فالمقصود إذن هذه الصيغة وحدها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/296)
3 - في البداية والختام كان اسمه (غفار) خبراً لـ[إنّ] مما يشير إلى أن التوكيد هدف في البدء والختام.
4 - في البداية قيل (وإني لغفار) فهو تعريف من الله لعباده، وبعد رحلة القرآن الكريم، سئلوا كيف وجدتموه فقالوا (إنه كان غفاراً) 0
دلالة اسمه (غفار) بين سورتي (طه) و (نوح)
ما دام اسمه (غفار) قد ورد في هاتين السورتين، فإن قواعد البيان توجب النظر في الموضعين معاً، لكشف ما بينهما من صلات القرب الذي كان من آثاره اصطفاء هذا الاسم (غفار) بهذه الخصائص:
وهذه بعض معالم القرب بين سورتي طه ونوح.
أولاً: [سورة طه تبدأ وتختم خطاباً للرسول e، ببيان وظيفته، وحدود تكاليفه ... وأمر الخلق بعد ذلك إلى الله تعالي]
وفي سورة نوح بيان أيضاً لوظيفة نوح عليه السلام (أنذر قومك) (قال رب إني دعوت قومي).
وحدود تكاليفه (دعوتهم لتغفر لهم)، ومع ذلك لم يؤمن منهم إلا القليل؛ لأن أمر الخلق إلي الله تعالي.
ثانياً: في سورة طه قيل لرسول الله e ( ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى).
وفي سورة نوح بيان لصورة هذا الشقاء حيث ظل نوح يدعو قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً وما آمن معه إلا قليل.
ثالثاً: في عاقبة قوم نوح قيل: (أغرقوا فأدخلوا ناراً)
وفي عاقبة فرعون و قومه قيل: (فغشيهم من اليمّ ما غشيهم)
رابعاً: تلاقى كثير من عناصر السياق في السورتين وذلك نحو:
1 - أن الاسم الكريم (غفار) جاء في معرض التذكير بالنعم في السورتين ففي طه قيل (يَا بَنِي إِسْرائيلَ قَدْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الأيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى .. وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى) (طه:80:82)
وفي نوح قيل: (إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً .. يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً .... ) (نوح:9: 11)
.... وكل ذلك عد للنعم .....
2 - أن الاسم الكريم ذكر في معرض الرزق المنزل من السماء وأكل الحلال ففي طه قيل (ونزلنا عليكم المنّ والسلوى كلوا من طيبات ما رزقناكم ... وفي نوح قيل: (يرسل السماء عليكم مدراراً ويمددكم بأموال وبنين .. الخ
3 - في نوح قيل: (وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتاً .. ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجاً) (نوح:17: 18) وفي طه قيل: (مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى) (طه:55)
4 - في نوح قيل: (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ بِسَاطاً .. لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلاً فِجَاجاً) (نوح19: 20) وفي طه قيل: (الذي جعل لكم الأرض مهداً وسلك لكم فيها سبلاً .... )
وهكذا يتلاقى السياقان مما يشعر بشدة القرب فإذا أضفنا إلى هذا التلاقي ما في الجملة والاسم موضوع البحث لوجدنا زخماً من التشابه بين السورتين0
لكن هذا الزخم يضع البحث أمام سؤال، وهو: متى يأتي اسمه (غفار)،وفي أي المقامات يكون؟
ومن خلال ما سبق أستطيع أن أقول أن هذا الاسم بهذه الصيغة ودون (أل) يأتي في قضية الرزق وما يحيط بها من لغط وشوائب في حياة الناس، فالسعي على الرزق – ولا شك – لا يسلم من شبهة، ولا ينأى كلية عن شائبة فناسب ذلك مجيء هذا الاسم الخالي من أل، القريب من والوصف منه إلى الذات، وهذا ما أكده ابن الجوز في زاد المسير حيث قال:
[الغفار: الذي يغفر ذنوب عباده مره بعد أخرى، فكلما تكررت ذنوبهم تكررت مغفرته غفراً لأنه يستر .... فالغفار: الستار لذنوب عباده المسبل عليهم ثوب عطفه.]
وهذا ما يؤكده ورود هذا الاسم في سورتي طه ونوح ملتصقاً بالرزق كما سبق.
وإلى تحليل كل موقع على حدة:
موقع سورة طه:
قال الله تعالي (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى) (طه:82)
وهذه الآية جاءت في ختام مشهد النصر – على فرعون وقومه – بغرقهم في اليم ونجاة موسى وبني إسرائيل، في معجزة باهرة رآها الجميع.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/297)
ثم تأتي الآية مبدوءة بهذه الجملة الخبرية، وكان الخبر فيها هو هذا الاسم (غفار) وأكد هذا الخبر بعده مؤكدات منها: [إن – واللام – واسمية الجملة] وكان المخبر عنه هو الضمير الظاهر – ياء المتكلم – المشعر بحضور المتكلم ورؤية الجميع له، وكأن القارئ في حضرته سبحانه، فهو يخاطبه.
ثم إن الجملة ليس فيها تقديم أو تأخير حيث تأخرت المتعلقات عن الخبر، لأن القصد إثبات المغفرة، بعيداً عن أصحابها، والمستحقين لها، فإذا ثبتت المغفرة، واتصافه سبحانه بها قيل: إنها لمن تاب وآمن وعمل صالحاً .... الخ.
ولو قدمت هذه المتعلقات وقيل وإني لمن تاب وآمن .. لغافر، لظن تعلق الوصف والخبر بهؤلاء، لكن هذا غير مراد لأن الآية وسياقها في ذكر نعم الله وصفاته والتي منها أنه (غفار) سواء وجد من يغفر لهم أم لا.
وفي السياق علاقة وثيقة بين الاسم ومضمون الآيات.
فالاسم (نكرة) (غفار) ومن دلالة النكرة العموم والشمول، فالستر هنا شمل الذنب والمذنب، كما يشمل أنواع الذنوب المختلفة، من حيث اكتساب الرزق، وإنفاق الرزق.
فالآية تنادي على بني إسرائيل لتذكرهم:
قد أنجيناكم – وواعدناكم – ونزلنا عليكم.
وهذا الخطاب يلحظ فيه التودد لهذه الطائفة المؤمنة فلما زاد التودد قيل: (كلوا من طيبات ما رزقناكم، ولا تطغوا ..
وهنا يطرح سؤال، وما بال من طغي ثم تاب ورجع؟
فقيل (وإني لغفار .. )
فالسياق الأخص هنا مشعر بالتودد والرغبة في صلاح حالهم، وبخاصة وهم في بداية عهدهم بعد النجاة من فرعون، فوُعدوا بعموم المغفرة وشمولها فالمناسبة بين الاسم والمستحقين له لا تخفي.
العلاقة بين السحرة وقوله (غفار)
الإلحاح على السورة والآيات، والاسم الشريف، ومداومة النظر في كل ذلك يفتح للتحليل أبواباً أخرى للنظر، ويكشف عن علاقات متنوعة بين الاسم الجليل وطوائف أخرى داخل السورة.
فالآية محل البحث جاءت في الوسط بين ذكر السحرة وإيمانهم وثباتهم وبين الحديث عن بني إسرائيل،وألمح مقارنة في السياق بين السحرة الذين تابوا وأنابوا بمجرد رؤيتهم آية واحدة من آيات الله وهي تَلَقُّف عصا موسى لعصيهم، وبين بني إسرائيل الذين رأوا الآيات تترى وعند أول اختبار، وذهاب موسى،عبدوا العجل.
ولنعد إلى ترتيب الآيات لتوضيح ذلك: يقول الله تعالي في شأن السحرة:
- فألقى السحرة سجداً قالوا آمنا 000
- قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا فاقض ما أنت قاض إنما تقضى هذه الحياة الدنيا إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا ...
- إنه من يأت ربّه مجرماً فإنه له جهنم ...
فكل آية من هذه الآيات تشير إلى شرط من الشروط المصاحبة لاسمه (غفار) فقوله (وإني لغفار لمن تاب) يشير إلى فعل السحرة حين أُلقوا سجداً00
وقوله: (وآمن) يشير إلى قولهم [إنا آمنا بربنا]
وقوله [وعمل صالحاً] يشير إلي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في قولهم:
(إنه من يأت ربه مجرماً فإن له جهنم ... )
ومن خلال هذه العلاقات يمكن فهم الآيات التالية لبني إسرائيل على أنها تبكيت لهم وتذكير بفعل السحرة، حيث قيل لهم: [يا بني إسرائيل قد أنجيناكم من عدوكم ... الخ
ولذلك لم يعقب على الحديث معهم بأنه غفر لهم، فلما عبدوا العجل ورجع إليهم موسى وقف السياق عند قوله (إنما ألهكم الله الذي لا إله إلا هو وسع كل شيء علماً) دون تعقيب على فعلهم بشيء، فلقد انتقل السياق إلى خطاب النبي e وقيل له (كذلك نقص عليكم من أنباء ما قد سبق ... ).
فكأن القصة كانت مقارنة بين السحرة وبني إسرائيل، بين قوم تابوا وآمنوا وعملوا صالحاً، وقوم ارتدوا وأنكروا من بعدما رأوا الآيات ومن هنا ينتقل اسمه (غفار) ليلتصق بالسحرة، والعلاقة بينهما لا تخفي فالاسم يدل علي كثرة المغفرة، وكثرة المغفور لهم.
والسحرة من حيث العدد كما جاء في بعض الروايات [كانوا خمسة عشر ألف ساحر]
ومن حيث الفعل فالسحر من الموبقات فناسب ذلك كله المجئ بهذا الاسم (غفار) ليشمل الكثرة في العدد، والكثرة في الذنوب أما كثرة المؤكدات في الجملة، فلأن السحرة لم يعملوا عملاً لله تعالي إلا عظتهم لفرعون، فما لبثوا أن آمنوا حتى قتلوا، وصحائفهم ملأى بالسحر، وإغواء الناس من أجل ذلك تأكدت الجملة وقيل (وإني لغفار).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/298)
دلالة اسمه (غفار) في سورة نوح
يقول الله تعالى في سورة نوح (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً) (نوح:10)
[والسورة كلها تقص قصة – نوح – عليه السلام مع قومه ... وتعرض صورة من صور الجهد المضني، والعناء المرهق، والصبر الجميل، والإصرار الكريم من جانب الرسل – صلوات الله عليهم – لهداية هذه البشرية الضالة العنيدة العصيبة الجامحة ....
إنها ترسم تلك الصورة التي يعرضها نوح – عليه السلام – على ربه وهو يقدم له حسابه الأخير بعد ألف سنة إلا خمسين عاماً قضاها في هذا الجهد المضني .... ]
والنظر في الآيات الأولى يلحظ فيها الإلحاح في الدعوة، حتى إن مادة (دعا) ذكرت قبل هذه الآية أربع مرات ..... وهي:
(قال ربي إني دعوت قومي .... )
(فلم يزدهم دعائي إلا فراراً .... )
(وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم ... )
(ثم إني دعوتهم جهاراً .... )
كل ذلك ولم يبين إلى أي شيء دعا، في حين أن المطلوب منه في أول السورة هو (أنذر قومك).
إذن جميع هذه الدعوات إنذار ولكن كيف كان هذا الإنذار وماذا قال فيه؟
هذا ما تشير إليه الآية التي ورد فيها الاسم محل البحث وهي: (فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً)
إذن الدعوة التي ألح عليها نوح ألف سنة إلا خمسين عاماً والتي أمر بها هي:
(استغفروا ربكم).
فالقصد من كل ذلك هو مغفرة هذه الذنوب، وسترها حتى في بداية السورة حين قال: (إني لكم نذير مبين أن اعبدوا الله واتقوه وأطيعون) كان الجزاء ((يغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى)
هكذا فقط 00، فلا مجال هنا للحديث إلا عن المغفرة. فقيل (إنه كان غفاراً) فكأن ملخص الدعوة التي ألح عليها سيدنا نوح _ عليه السلام – هي (استغفروا ربكم) والمعروف أن الاستغفار يكون لمن أسلم وآمن، وهؤلاء مازالوا على شركهم وعنادهم. مما يعني أن قوله (استغفروا ربكم) هنا يقصد بها ما قاله في البداية
(اعبدوا الله، وأطيعون) وهذا يعني أن نوح عليه السلام – حين دعا إلي الإسلام دعا إلى المغفرة، ودعا إلى الغفار – وذلك من التناسب العجيب، لأن القوم طالت أعمارهم، وكثرت ذنوبهم، وطول العمر وكثرة الذنوب تستدعي أول ما تستدعي غفران هذه الذنوب. ومن هنا كانت الدعوة ليلاً ونهاراً، وجهراً وإسراراً، إلى المغفرة فهي شاغلهم كما أنها شاغل سيدنا نوح عليه السلام.
ولما كان اسمه (غفاراً) يعني أنه يغفر كثيراً ويغفر مرة بعد مرة، وكلما أذنب العبد كان الرب غفاراً، جيء بهذا الاسم هنا، بل واقتصر عليه حتى لا ينشغلوا بغيره، ومن هنا كان التناغم بين اسمه (غفاراً) وقوم نوح عليه السلام والكثرة التي أتحدث عنها تملأ جوانب السورة.
- بداية بالكثرة الكامنة من اسمه (غفاراً) من حيث صيغة الكلمة، وكذلك من حيث ختمها بالراء وهو حرف من صفاته التكرار، وكذلك من حيث حركة الفتحة وهي حركة له من اسمها نصيب لأنها (حركة خفيفة إذا خرج بعضها خرج سائرها فلا تقبل التبعيض) 1،كل ذلك ناسب هذه الكثرة في الدعوة كما قلت حيث قيل: (دعوت، دعائي، دعوتهم، دعوتهم).
-وهناك كثرة من نوع آخر وهي كثرة في كيفية الدعوة حيث قيل:
(أعلنت وأسررت) وفي وقت الدعوة (ليلاً ونهاراً).
-وكثرة في كلمات الدعوة حيث قيل: (استغفروا ربكم، ما لكم لا ترجون لله وقاراً، ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا ..... )
ولذلك جاء في سورة هود (قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا)) هود 32
-ثم كان الرد كثيرا أيضاً، حيث قال: (رب إنهم عصوني، ومكروا مكراً كباراً، وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن وداً ولا سُواعاً ولا يغوث ويعوق ونسرا وقد أضلوا كثيراً .... )
هكذا بهذا الرد الذي يشبه السيل الجارف، فكان التناسب واضحاً بين الكثرة في كل جوانب الصورة
حتى في ترغيبهم بالرزق 00 فلقد جاء وافراً كثيراً (يرسل السماء عليكم مدراراً ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً).
ولأجل كل ذلك كان اسمه [غفاراً] هو الأليق بالسياق ولم يقترن باسم آخر ,لأن السياق في شأن الكفار المعاندين ,ودعوه هؤلاء تحتاج إلي التأكيد علي المغفرة لما سبق , كما اشترط عمرو بن العاص عند إسلامه أن يغفر له ما قد سبق.
لأن ذلك شغلهم الشاغل، فرغبوا فيه، كما رغبوا بمتع الدنيا من مال وبنين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/299)
ووضع هذا الاسم في الفاصلة ليكون على ذكر منهم، ومن هم علي شاكلتهم فمهما عاندوا فدعوتنا لهم دعوة إلى الغفار،ولكي لا ينسوا ذلك وضع الاسم الجليل في الفاصلة ليكون آخر ما يلامس أسماعهم من كلمات الدعوة. فآخر كلمة في سياق الدعوة الطويل هي (الغفار) فالباب مازال مفتوحاً.
تبيان اسمه (الغفار).
جاء اسمه (الغفار) معرفا بالألف واللام في ثلاثة مواضع في القرآن الكريم:
الأول: في قوله سبحانه (رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ) (صّ:66)
والثاني: في قوله سبحانه (كُلٌّ يَجْرِي لأجَلٍ مُسَمّىً أَلا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ) (الزمر:5)
والثالث: في قوله سبحانه (تَدْعُونَنِي لأكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ) (غافر:42)
وأول ما يلحظ هنا أن هذا الاسم الكريم ورد في ثلاث سور متواليات وهي (ص – الزمر – غافر)
كما أنه لم يرد إلا مرتبطا باسمه [العزيز] ومقروناً به، فلا يقال إلا (العزيز الغفار) كما أن سياقه لا يخلو من ذكر أسماء أخرى وهي (الواحد- القهار) في السور الثلاث،ً ففي سورة (ص) كان الاقتراب بين الأسماء الأربعة شديداً حيث قيل:
(قل إنما منذر وما من إله إلا الله- الواحد- القهار- رب السماوات والأرض وما بينها- العزيز- الغفار) آية 65، 66 فلقد جاءت الأسماء في آيتين متتابعتين 0
وفي سورة الزمر أيضا تتابعوا في آيتين حيث قيل (لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ، خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأجَلٍ مُسَمّىً أَلا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ) (الزمر: 4،5)
فارتباط الأسماء هنا يبدو واضحاً لا تخطئه العيون
أما سورة غافر فلقد فصل بين الأسماء حيث جاء قوله [الواحد القهار]،وذلك في قوله تعالي (يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ) .. (تَدْعُونَنِي لأكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ) (غافر:16،42)
فإذا جيء إلى الموضع الأول موضع سورة (ص) يلحظ أن الأسماء كلها جاءت أخباراً لاسم الله تعالى حيث قيل (وما من إله إلا الله الواحد القهار رب السماوات ولأرض وما بينهما العزيز الغفار .... الخ)) وهذا الحشد من الأسماء جاء بعد عرض مشهد من مشاهد يوم القيامة، تخاصم فيه أهل النار.
وارتباط هذه الأسماء بمشاهد يوم الحساب يفسر وجه تغليب أسماء الجلال فيها على أسماء الجمال بداية من اسم (الله) المشعر بالجلال والسلطان والجبروت ثم
(الواحد) ثم (القهار) ثم (العزيز) وكل ذلك كأنه زجر وتهديد وترهيب من يوم الحساب.
فإذا عدت إلى السورة وجدت الحديث عن يوم الحساب يملأ جنباتها، ويسبغ عليها ستره. ففي البداية يقول:
(إِنْ كُلٌّ إِلا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ) (صّ:14)
(وَمَا يَنْظُرُ هَؤُلاءِ إِلّا صَيْحَةً وَاحِدَةً مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ) (صّ:15)
(وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ) (صّ:16)
حتى عند ذكر سيدنا داود جيء بكلمات لا تبعد بنا عن الجو العام فقيل:
(وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ) (صّ:19)
وقال في توبته (وخر راكباً وأناب) 25 (ص)
وفي سليمان قال (وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ) (صّ:40)
ثم قال:
(إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ) (صّ:26)
(وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ) (صّ:27)
وفي شأن أهل الجنة قال سبحانه:
(هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ) (صّ:49)
(هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ) (صّ:53)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/300)
وغير ذلك كثير، فذكر يوم الحساب واستعمال ألفاظ ذات رحم موصولة بهذا اليوم يجعل من السورة كلها تذكيرا بيوم الحساب، يوم المآب، حتى أن مادة [الأوب والإنابة] تكررت في السورة تسع مرات، فهي الكلمة الأم التي عليها دوران السورة وارتكازها. وتظل السورة تذكر بيوم الحساب حتى تقول في النهاية
(وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ) (صّ:88)
ولا شك أن هذا السياق يجذب اسمه (الغفار) إلى عالم الإنذار فالسورة كلها إنذار حتى قيل في بدايتها ((قل إنما أنا منذر)) لأن المقام في شأن الرد على من أنكر وحدانية الله تعالى (أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ) (صّ:5)
ثم رد على من أنكر رسالة محمد صلى الله عليه وسلم فقالوا:
(أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ) (صّ:8)
بل وإنكار يوم الحساب حيث قالوا مستهزئين:
(وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ) (صّ:16)
في ظل هذا السياق والمقام وفي ظل صحبة هذه الأسماء (الله الواحد القهار العزيز) يأتي اسمه [الغفار]،ليّذكر هؤلاء بأن المغفرة لن تكون لهم، يأتي اسمه الغفار للإبلاغ في كيدهم والنكاية والتوبيخ لهم، وبأنهم محرمون يوم الحساب من هذا الاسم الكريم.
-------------------
ويظل السياق ممتداً من سورة ص إلى سورة الزمر ..
فالكل (يجري لأجل مسمى .... ) الزمر 5
(ولا تزر وازرة وزر أخرى ثم إلى ربكم مرجعكم) الزمر 7
ويقول: ((قل تمتع بكفرك قليلاً ... ) الزمر 8
(قل إني أخاف أن عصيت ربي عذاب يوم عظيم) الزمر 13
(ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة) الزمر 60
(وينجي الله الذين اتقوا بمفازتهم لا يمسهم السوء ولا هم يحزنون) الزمر 61
ثم ختمت السورة بآيات السوق:
((وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمراً ..... وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمراً)) الزمر 72، 73
ولا يختلف الحال في سورة غافر فسياق الآية أيضاً في ذكر يوم الحساب بل إن دلالة وسياق سورة غافر قد اختزل المواضع السابقة حيث قيل (وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ، تَدْعُونَنِي لأكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ) (غافر: 41، 42)
ومع كل ذلك نرى أن آية غافر جاءت كختام لهذه الرحلة رحلة الإنذار الممزوج ولو قليلاً بالتبشير، رحلة التهديد بيوم الحساب وما فيه من أهوال لقوم كذبوا فقيل لهم في الختام (فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ) (غافر:44)
وهكذا يمضي الاسم الكريم في السور الثلاث في رحلة الإنذار ليخفف من وطأتها على من آمن بيوم الحساب، وكأن هذا الاسم مخصوص بيوم الحساب اليوم الذي ينبغي أن نتذكر فيه هذه الهيمنة والتفرد ((لمن الملك اليوم؟ لله الواحد القهار .... العزيز))
ومع ذلك لا نجاة للخلق أجمعين، وهنا يبرر اسمه الغفار بما يحويه من كثرة المغفرة لتناسب هذا الجمع الغفير، وما يحويه من تفرد فلا مغفرة من غيره، ولذلك عرف بـ (أل) فلا غفار سواه يومئذ0
ومن هنا أستطيع أن أقول: إن اسمه [الغفار] يعني يوم القيامة وتلك نتيجة لا ينبغي إغفالها.
وإن كانت المغفرة تعني الستر والتغطية. فإن أحوج ما يكون إليها الإنسان يوم القيامة، فالخلق كلهم محشورون. وظهور الذنب أمام هذا الحشد كرب شديد، وإسبال الستر على الخلق بداية العفو، وقد تكون المغفرة عدم الفضيحة فقط، وأشد ما تخشاه النفس في ذلك اليوم افتضاح أمرها، فالكل في صعيد واحد، وكشف الستر حينئذ من أشد أنواع العقاب، لذلك استعمل في هذا الموقف اسمه.
(الغفار) بما فيه من دلالات مستمدة من مادة الكلمة، وصيغة الكلمة، وتعريف الكلمة ومجيئها في الفاصلة، بل آخر الفاصلة، وسبقها بالعزيز، ومجيئها في حال الرفع؛ لتعطي لكل ما سبق قوة، وكثرة، وانفراداً، وشيوعا، ً فالمغفرة في هذا المقام لا يدل عليها إلا بالغفار.
تبيان اسم الله – تعالي–) الغفور (
} غافر، وغفار، وغفور {
مقاماتها، ودلالاتها
في القرآن الكريم
سعيد جمعة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/301)
جامعة الأزهر
مدخل:
ورد اسمه – سبحانه - (الغفور) في القرآن الكريم إحدى وتسعين مرة، وتنوعت صورته، كما تنوع التركيب الذي ورد فيه بحسب السياق والمقام ويمكن تلخيص هذا التنوع في عدة نقاط:
1 - التعريف والتنكير.
2 - حالته الإعرابية [بين الرفع والنصب والجر].
3 - مجيئه منفرداً أو اقترانه باسم آخر.
4 - تقديمه على الاسم الآخر أو تأخيره.
وتحت كل قسم من هذه الأقسام تفريعات أخرى، لكن هذه هي الأقسام الرئيسة التي يمكن إدخال الأسماء الإحدى والتسعين تحتها.
لكنني أود في البداية أن أشير إلى كثرة ذكر هذا الاسم في سورة النساء حيث وردت مادة (غفر) بصورها المختلفة- اسماً كانت أم فعلاً- في سورة النساء إحدى وعشرين مرة.
وفي ذلك ما يشير إلى شدة احتياجهن إلى هذه الصفة، بل إن أمر النساء عامة في الإسلام قائم على الستر والحجاب والتغطية، فإذا ضممنا إلى ذلك حالهن في الآخرة، وأنهن أكثر أهل النار كما ورد في الحديث علمنا أن هذه الكثرة في سورة النساء ناسبت المرأة في الدنيا والآخرة.
كما أن هذا الاسم ورد معرفاً بـ (أل) في إحدى عشرة آية والباقي بدون (أل) مما يفيد أن المقصود الأعلى من هذا الاسم عموم المغفرة، وشمولها، مما يدل على أن استعمال هذا الاسم يناسب سياقات التعريف بصفاته-سبحانه -، ويقل في سياقات اختصاصه بها دون غيره.
كما أن هذا الاسم الجليل ورد مره واحدة مجروراً بحرف الجر (مِن) وورد منصوباً عشرين مرة، في حين أنه ورد مرفوعاً سبعين مرة.
ولا يخفي ما في ذلك من دلالة، فالرفع أقوى الحركات، هذا يتناغم مع دلالة اسمه (الغفور) الذي يشير إلى عظم المغفرة وكثرتها.
المبحث الأول
اسمه (الغفور) بين التعريف والتنكير
هذا الاسم على وزن (فعول) وفي دلالتها معني الكثرة والعظم، أي أن الغفور هو الذي يستر الذنوب الكثيرة، أو الذي يستر الذنوب العظيمة، في حين أن غفار تتوجه إلى معنى مغفرة الذنب مرة بعد مرة، فالمقصود منها تكرار المغفرة، للعبد الواحد، أو للعباد جميعاً، فالغفار:من تكرر منه المغفرة، للعبد أو للعباد،والغفور: من تعظم مغفرته وتكثر للعبد أو للعباد.وفي كلتا الصيغتين مبالغة.
تعريف الاسم بـ (أل).
تشير السياقات الكثيرة التي ورد فيها اسمه (الغفور) إلى معنى الاختصاص، وقصر المغفرة عليه سبحانه، وكأن المعني هو الكامل المغفرة، وذلك لأن من الناس من يستر عيب أخيه وذنوبه، هذا في الدنيا، أما في الآخرة فالقصر قصر حقيقي أي: لا غفور إلا الله- تعالي-، وتعريف المسند كما قال الخطيب القزويني قد يفيد القصر التحقيقي [كما في قولك – زيد الأمير – إذا لم يكن أمير سواه، وإما مبالغة لكمال معناه في المحكوم عليه كقولك -عمرو الشجاع - أي: الكامل في الشجاعة، فتخرج الكلام في صورة توهم أن الشجاعة لم توجد إلا فيه لعدم الاعتداد بشجاعة غيره لقصورها عن رتبة الكمال .... وقد يفيد القصر]
لكن تتبع اسمه (الغفور) كما قلت، من خلال السياقات يفيد قصر المغفرة عليه لتعريف الطرفين، ووجود ضمير الفصل في بعض الجمل.
يقول أستاذي أبو موسى: [القصر المفاد من قولك (محمد هو الشاعر) لم تدل عليه بكلمة، وإنما تولد بطريقة خفية ولطيفة من احتكاك الألفاظ وتفاعل معانيها لأنك لما قلت: هو، بعد قولك: -محمد- أفدت أنك تقصد إلى تمييزه وتحديده وتخصيصه قبل أن تخبر عنه، وهذا لا يكون إلا إذا كنت حريصاً على إلا يشاركه غيره في هذا الخبر، وهذا هو معنى قصر هذا الخبر عليه، أي قصر المسند على المسند إليه ..
والدلالة هنا تولدت مما بين الكلمات.
وكذلك يتولد معنى القصر في قولك: محمد الكاتب من شيء خفي ولطيف ليس هو في متن الكلمة، وإنما في حافتها.
وذلك لأن التعريف باللام يفيد الجنسية فقولك: الشجاع يفيد جنس الشجاع، والكاتب يفيد جنس الكاتب، ولهذا اتسعت بها الكلمة فاستغرقت الأفراد .. فليس كاتب سواه وهذا هو معنى القصر]
واسمه (الغفور) الذي هو محل البحث الآن عُرِّف باللام وجاء في أغلب جملهِ ضمير الفصل ..
وأنا أذكر الآيات التي ورد فيها اسمه (الغفور) معرفاً بـ (أل) وهي كما قلت إحدى عشرة أية وهي على الترتيب كما يلي:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/302)
1 - (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (يونس:107
2 - (قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (يوسف:98)
3 - (نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (الحجر:49)
4 - (وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ) (الكهف:58)
5 - (قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (القصص:16)
6 - (يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ) (سبأ:2)
7 - (إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (الزمر:53)
8 - (أَلا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (الشورى:5)
9 - كَفَى بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (الاحقاف:8)
10 - لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ) (الملك:2)
11 - (وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ) (البروج:14)
وهذه هي الجمل مرة أخرى:
[هو الغفور – إنه هو الغفور – أني أنا الغفور – ربك الغفور – إنه هو الغفور – هو الرحيم الغفور – إنه هو الغفور – إن الله هو الغفور – وهو الغفور – وهو العزيز الغفور – وهو الغفور الودود].
إن دلالة القصر لا تخلو من واحدة منها إما بسبب تعريف الطرفين، وإما بسبب ضمير الفصل بين الاسم والخبر وقد ذكر البقاعي – رحمه الله – تعقيباً على هذه الجمل بما يفيد دلالتها على القصر حيث يقول مثلاً تعقيباً على قوله سبحانه وتعالى ((إنه هو الغفور الرحيم)) قال: [أي وحده]
وفي قوله (أني أنا الغفور الرحيم) قال: [أي: وحدي ... لا اعتراض لأحد عليه ... ]
وفي قوله ((وربك الغفور)) قال: [أي هو وحده الذي يستر الذنوب إما بمحوها أو بالحلم عنها إلى وقت .... ]
والنظر في سياق هذه الآيات يجد كل جملة ذكر فيها اسمه (الغفور) معرفاً بأل يشير إلى اختصاص الله تعالى بهذه الصفة وبغيرها
فبداية من آية يونس يقول السياق:
(قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (يونس:104)
ثم يواصل السياق فيقول: (وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِنَ الظَّالِمِينَ) (يونس:106) وهذا امتداد لاختصاص الله تعالى بالدعاء.
ثم يظل السياق ممسكاً بقضية إفراد الله تعالى واختصاصه بالعبادة والدعاء فيضيف إلى ذلك اختصاصه بكشف الضر فيقول:
(وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (يونس:107)
هكذا بأسلوب القصر وبطريقه الرئيس (ما وإلا). بحيث يأتي اسمه (الغفور) في سياق مشحون بالقصر وإفراد الله تعالى بالعبادة والدعاء وكشف الضر ثم بالمغفرة والرحمة. فيتساوق الجميع في نمط واحد من التعبير.
فإذا جئنا إلى آية يوسف وجدنا السياق تحيط به ظلال مختلفة. فأفعال أخوة يوسف لا تخفي على أحد والآثار الناجمة من هذه الأفعال طوّحت بأخيهم بعيداً عن أبويه، وألقت به في السجن، ونشأ محروماً من بيت النبوة، كما أن هذا الآثار امتدت إلى الأب فابيضت عيناه من الحزن،
ولما دارت الأيام وانكشفت أفعالهم، طلبوا الاستغفار من أبيهم، وتوددوا إليه بكلمة (يا أبانا) واعترفوا فقالوا (إنا كنا خاطئين)
فأراد أبوهم- عليه السلام- أن يعلمهم أن ما فعلوا لا يقدر على غفرانه إلا الله تعالى، لكن في عرف البشر فالأمر جلل 00، فالمغفرة قدرة، وهذا الخطأ لا يغفره إلا الله تعالى لذلك قال (سوف أستغفر لكم) وقال (ربي) ولم يقل (ربكم) رغبة في تحقيق المغفرة منه سبحانه، ويؤكد هذا قول يوسف لهم أيضاً (يغفر الله لكم)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/303)
إن كل ذلك يدل على أن ما فعلوه لا يغفره إلا الغفور فكأن هناك مقامات للمغفرة، وهذا المقام لله وحده. لذلك عقب بقوله (إنه هو الغفور الرحيم) أي وحده القادر على غفران هذا الذنب.
وفي آية الحجر سياق ومقام مختلف، فالمقام مقام الرد على إبليس وتوعده بإغواء الخلق، إلا عباد الله المخلصين، فجاءت الآيات لتقول لهؤلاء العباد رسالتين:الأولى: (أني أنا الغفور الرحيم) والأخرى: (وأن عذابي هو العذاب الأليم)
وكأنه تحدٍّ لإبليس حين قال (لأغوينهم) فقال الله تعالى: (أنا الغفور) (ومن يغفر الذنوب إلا الله) لكنه ألحقه بقوله (وان عذابي هو العذاب الأليم)) حتى لا يتكل العباد على المغفرة وتمضي النفوس حيث تشاء.
وفي سورة القصص يقترن السياق من سورة يوسف، فالذنب قتل خطأ لكن النتيجة (قتل) وهذا ذنب عظيم لا يغفره إلا الغفور فالآية تعقيب على قتل موسى للمصري، ثم قال (قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (القصص:16)
ولعل المغفرة هنا تفيد العفو والصفح، ومن آثار هذا العفو أن موسى نسي الذنب حتى قال مصري آخر لموسى (أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْساً بِالأمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِي الأرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ) (القصص:19)
وعليه فالمغفرة هنا صفح وعفو وعدم مؤاخذة. وهذه أيضاً يختص بها الله سبحانه ((إنه هو الغفور الرحيم .... )
وهكذا في كل السياقات التي يرد فيها اسمه (الغفور) معرفاً بأل يلحظ الاختصاص.
يقول الفخر: [قوله: إنه هو الغفور الرحيم) يفيد الحصر، ومعناه: لا غفور ولا رحيم إلا هو، وذلك يفيد الكمال في وصفه سبحانه بالغفران والرحمة.]
أما تنكير الكلمة فإن المعنى يبعد بها عن دلالة الاختصاص، ويدخلها في زمرة الأخبار البسيطة، حيث وردت جميع المواضع في صورة المبتدأ والخبر، أعني: (الله غفور رحيم) وتلك أبسط صور الجملة الخبرية التي تُلقى إلى المخاطب ابتداءً لتعليمه مضمون الخبر بعد أن عرف المبتدأ فيأتي الخبر ليفيد الحكم على هذا الاسم بأنه (غفور)
وحين تحدث الإمام عبد القاهر – رحمه الله – عن فروق في الخبر قال:
[ومن فروق الإثبات أنك تقول: زيد منطلق، وزيد المنطلق، والمنطلق زيد، فيكون لك في واحد من هذه الأحوال غرض خاص، وفائدة لا تكون في الباقي، وأنا أفسر لك ذلك:
أعلم إنك إذا قلت " زيد منطلق " كان كلامك مع من لا يعلم أن انطلاقاً كان لا من زيد ولا من عمرو فأنت تفيد ذلك ابتداءً.]
وإذا راجعت سياقات المواضع التي ذكر فيها اسمه (غفور)
وقد ورد في خمسة عشرة آية تجد أنها تدور حول هذا المعني أعني: إعلام السامع باتصاف الله بهذه الصفة: صفة المغفرة ابتداء، وقد يكون هذا الإعلام هو المقصود فقط، كما في قوله تعالى:
(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (لأنفال:70)
فهو إخبار بمغفرة الله تعالى إن دخلوا في الإسلام وقد كانوا أسرى ومازالوا علي كفرهم0
وقد يراد من وراء هذا الخبر معنى آخر وهو طمأنة السامع وتبشيره بأن ما يرجوه سيقع وذلك نحو قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (البقرة:218)
فلا يدعي أحد أن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا، لا يعرفون أن الله غفور ... إذن كلمة غفور هنا جاءت خبراً ليس لإعلامهم بل لتبشيرهم، فالمقصود لازم الفائدة كما يقول علماؤنا واصطفاء الاسم النكرة في هذه المواضع لأن المخاطب لا يشك ولا ينفي ولا يتردد بين أكثر من (غفور) فهو يعلم أنه غفور واحد لذلك ذُكِّر به تبشيراً له وجيء بصيغة فعول وبدون أل للإشارة إلى عظم هذه المغفرة، وكثرتها 0
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/304)
وقد يكون الغرض من وراء اسمه (الغفور) الإشارة إلى غلبة المغفرة على العذاب، وذلك كما في آية آل عمران (وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (آل عمران:129)
فالسياق في شأن غزوة أحد والمقام يعود بنا إلى ما أَلَمَّ برسول الله صلى الله عليه وسلم- في هذه الغزوة من شج وجهه، وكسر رباعيته، حتى قال: [كيف يفلح قوم فعلوا هذا بنبيهم وهو يدعوهم إلى ربهم]
وهكذا تتعدد الأغراض لكن الغالب عليها بعد معرفة الخبر هو: رفع الحرج عما اقترف من هنات أو أخطاء وذلك نحو قوله تعالي:
1 - (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (البقرة:226)
2 - (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ) (المائدة:101)
3 - (لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضَى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (التوبة:91)
وهكذا فالعفو والصفح ورفع الحرج هو المقصود الأعلى من اسمه – غفور- في هذه السياقات، ولذلك تقدم في الآية ما يشير إلى ذلك من نحو [عفا الله – ما على المحسنين من سبيل] ... ونحو ذلك.
وقد يكون المقصود من ذكر هذا الاسم الكريم ترغيب المسلمين في المغفرة وحثهم علي التزود منها من خلال طريقها الصحيح حيث جاء مثل ذلك في قوله تعالى:
1 - (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (آل عمران:31)
2 - (أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (المائدة:74)
3 - (وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (النور:22)
4 - (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (الحديد:28)
وقد تقدم على اسمه- الغفور- أيضاً ما يشعر بالغرض منه، أي الترغيب وذلك نحو [اتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم– أفلا يتوبون– ألا تحبون أن يغفر الله لكم .... ]
فالمقصود من الخبر (والله غفور) أعني المقصود من اسمه –الغفور- كما يشير السياق ترغيب المؤمنين في الإسراع فيما يطلب منهم، وكأن التذييل بجملة (والله غفور) توكيد لما حوته الآيات، وتعليل له؛حتى يسرعوا بالامتثال والاستجابة.
وقد تكون جملة (والله غفور) تذييل لعتاب من غُفِر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر كما في آية التحريم في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (التحريم:1)
وهنا يخرج اسمه (غفور) إلى معنى التودد والعتاب الرقيق لمن مال إلى خلاف الأولى [لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن حرم العسل أو حرم- مارية- بمعنى التحريم الشرعي إنما كان قد قرر حرمان نفسه منه فجاء هذا العتاب ليوحي بأن ما جعله الله حلالاً لا يجوز حرمان النفس منه عمداً وقصداً وإرضاءً لأحد، والتعقيب بـ: (والله غفور رحيم) يوحي بأن هذا الحرمان من شأنه أن يستوجب المؤاخذة، وأن تتداركه مغفرة الله ورحمته، وهو إيحاء لطيف] مشعرٌ بالإشفاق على هذا الذي يُحَمِّل نفسه الكثير، وهو الذي اصطُفى ليكون نبياً رسولاً، ولذلك امتلأت السورة بكلمات التودد واللطف من مثل (النبي) (الله مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير) وكأنها تظاهرة للدفاع عنه، والتخفيف عنه –صلي الله عليه وسلم - ومن هنا يبرز قوله (
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/305)
غفور) ليحمل معنى المودة والحب وكأنه يقول والله حبيب لك رحيم بك.
وبعد:
فإن اسمه (غفور) بهذه الهيئة المتكررة التي على وزن (فعول) يحمل من خلال السياقات عدة معاني ومنها:
1 - عظم المغفرة، أو كما يقول البقاعي رحمه الله (بليغ المغفرة)
2 - عموم المغفرة، وشمولها، وطلاقتها لله تعالى.
3 - تأتي بمعنى التبشير وتعجيل السرور إلى المذنبين.
4 - تأتي بمعنى التودد والتلطف للخاصة.
5 - إثبات اتصاف الله تعالى بعموم مغفرته.
6 - تأتي بمعنى الصفح والعفو وعدم المؤاخذة.
كل ذلك من خلال النظر إلى اللفظة وصياغتها وتنكيرها داخل الجملة مما يعني أن تعريف الكلمة أو تنكيرها كانت تقف من ورائه دلالات ساعدت السياقات المختلفة على إبرازها.
المبحث الثاني
موقع اسمه (الغفور) من الإعراب
ورد هذا الاسم الجليل مجروراً بحرف الجر (مِن) مرةً واحدةً في القرآن الكريم، في سورة فصلت آية 32.
وورد منصوباً عشرين مرة في السور التالية:
النساء آية [23، 43، 96، 99، 100، 106، 110، 129، 152].
الإسراء آية [25، 44].
الفرقان آية [6، 70].
الأحزاب آية [5، 24، 50، 59، 73].
فاطر آية [41].
الفتح آية [14].
وهو حيث جاء مجرورا،ً أو منصوبا ً لم يأت إلا نكرة (غفور).
أما وروده مرفوعاً فقد جاء- نكرة ومعرفاً بأل - سبعين مرة.
وجميعها وقعت خبراً إما لمبتدأ وإما لإنّ الناصبة.
أولاً: وروده مجروراً بحرف الجر:
يقول الله تعالي في سورة فصلت: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ، نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ، نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ) (فصلت:30، 31، 33)
والمقام في ذكر نزول الملائكة [عند الموت بالبشرى] وهو مقام لا يحتاج إلى بيان شدته وكربه وسكراته ونزعاته وابتلاءاته، في هذا المقام يبلغ الرفق من الملائكة بالمؤمنين مبلغة حتى في إيصال البشرى، فبعد هذه النفحات المتتالية (لا تخافوا– لا تحزنوا– ابشروا بالجنة – نحن أولياؤكم) تأتي الجملة الأخيرة وكأنها قمة البشريات (نزلاً من غفور رحيم).
[والنُزُل: بضم النون وضم الزاي: ما يُهيأ للضيف من القِرى وهو مشتق من النزول لأنه كرامة النزيل، وهو هنا مستعار لما يعطونه من الرغائب سواء كانت رزقاً أم غيره، ووجه الشبه سرعة إحضاره كأنه مهيأ من قبل أن يشتهوه أو يتمنوه
و (من غفور رحيم) صفة (نزلاً) و (من) ابتدائية، وانتصب نزلاً على الحال من (ما تشتهى أنفسكم) و (ما تدعون) حال كونه كالنزل المهيأ للضيف، أي يعطونه كما يعطى النزل للضيف]
وهكذا تتابع الجمل لتهدئ الروع، وتطمئن القلب، وتسكن الجوارح واستعمل في ذلك اللفظ، وإعرابه، فاللفظ في نحو (لا تخافوا – لا تحزنوا) .... الخ
والإعراب في اصطفاء هذا الختام المجرور بـ (من) المشعر بالرقة واللطف وخفض الجناح والقرب من الغفور، ففي الكسرة قرب حتى إن النحويين يسمون الجر: الخفض، وكأن المغفرة قريبة، نزلت من قريب، وكان المبعوثُ بها قريباً أيضاً، ولذلك قالوا (نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا) وكأنهم يذكرونهم بقربهم منهم في الدنيا، وأنهم سيظلون قريبين منهم في الآخرة.
وهكذا تتفاعل الألفاظ والحركات الإعرابية في تناغم واضح لتبشير هؤلاء عند الموت
ولو أن القارئ وضع مكان (نزلاً من غفور رحيم) (تنزيل الغفور الرحيم) ... مثلاً
لما ناسب هذا السياق، ولا هذا المقام.
وفرق بين أن أخاطب المؤمنين في ساعة الاحتضار، وبين أخاطبهم في مقام آخر.
ثانياً: مجئ اسمه (الغفور) منصوباً
ورد هذا الاسم منصوباً في عشرين موضعاً، في ست سور قرآنية، وهي على التوالي:
1 - النساء [23،43، 96، 100، 106، 110، 129، 152].
2 - الإسراء [25، 44].
3 - الفرقان [6، 70].
4 - الأحزاب [5، 24، 50، 59، 73].
5 - فاطر [41].
6 - الفتح [14].
ولم يرد هذا الاسم منصوباً إلا نكرة، وجميعها خبراً لكان الناسخة عدا موضع واحد
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/306)
وذلك في قوله تعالي (وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً) (النساء:110)
وهذه الآية جاءت في مقام الحديث عن إنصاف رجل يهودي اتُهم ظلماً بالسرقة من بيت من الأنصار كان السارق منهم وظن هؤلاء أن اتهام اليهودي سيرضى الجميع وبخاصة أن السارق ألقي بالدرع المسروق في بيت اليهودي فنزل القرآن ليعلن الرسول بالحقيقة حتى يحكم بين الناس بما أراه الله ولا يجادل عن السارق لمجرد أنه مسلم فالحق أحق أن يتبع، وللشيخ سيد قطب حول هذا السياق كلام جميل.
وسياق الآيات كأنه حملة [يفوح منها الغضب، على الخائنين] والعقاب الشديد للمجادلين عنهم، ومع ذلك (من يستغفر يجد الله غفوراً رحيماً) والذي يلفت النظر هنا هو بناء الجملة الذي أشعر أن المستغفر يبحث عنها، فيجدها عند الله سبحانه [إنه سبحانه موجود للمغفرة والرحمة حيث قصده مستغفر منيب]
أقول إن بناء العبارة يشعر بأن المقام تقل فيه المغفرة، ويعز فيه العفو فيظل البحث عنهما فلا يتحصل المستغفر علي المغفرة ولا يتحقق من العفو إلا عند الله تعالي [فمعنى (يجد الله غفوراً رحيماً) أي: يتحقق ذلك له، فاستعير الفعل (يجد) للتحقق لأن الفعل (وجد) حقيقته الظفر بالشيء ومشاهدته فأطلق على تحقيق العفو والمغفرة على وجه الاستعارة]
ووجه الجمال في ذلك أن هذه الجملة رسمت للقارئ المغفرة على أنها كنز محسوس يُرى ويتحصل عليه ويتمتع به بمجرد الاستغفار، ويزيد هذا المعنى رسوخا بمجئ اسمه (غفوراً) مفعولاً ثانياً، والمفعول هو ما وقع عليه الفعل.
أضف إلى ذلك أن حركة الفتح في المفعول به، وتنكير الكلمة يشيران إلى هذا الفيض، فالنكرة بما فيها من عموم، والفتحة بما توحيه من سعة يتناغمان مع معنى الإيجاد والاستحواذ لأن البحث كان عن عزيز نادر البحث،كان عن مغفرة في مقام الغضب، حتى أعيد اسم (الله) مرتين وفيه ما فيه من جلال، وذلك في قوله (ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً).
وكأن العقاب كان متوقعاً، لذلك فُهم أن من يعمل سوءًا ثم يستغفر مُتوقِعاً العقاب من الله يجد الله غفوراً رحيماً.
وهكذا تفاعلت عناصر التركيب لتوافق هذا السياق فجئ باسمه (غفوراً) مفعولاً به، نكرة، منصوباً بالفتحة، مسبوقاً باسم الجلالة (الله)؛ ليشير كل جزء من هذه العناصر إلى معنى، لكن في الختام لا تخرج عن سياق الآيات ومقامها.
هذا هو الاسم الوحيد الذي ورد مفعولاً به، أما باقي الأسماء المنصوبة فقد جاءت خبراً لكان الناقصة.
مجئ اسمه الغفور خبراً لكان الناقصة
وردت صورة المعنى في جملة (كان) على شاكلتين:
الأولي: مجئ (كان) في أول الجملة ثم يتبعها الاسم والخبر ظاهرين نحو قوله تعالي (وكان الله غفوراً رحيماً).
الأخرى: تقديم (إن) المؤكدة الناسخة على (كان) ثم مجئ الاسم ظاهراً، أو مضمراً ثم مجئ (كان) ثم خبرها (غفوراً) وذلك نحو: (إن الله كان غفوراً رحيماً) أو (إنه غفوراً رحيماً).
(وكان) من الألفاظ التي يكثر دورانها في القرآن الكريم، ويكثر الإخبار بها عن ذات الله سبحانه، وقد ذكر الزركشي كلاماً لعلمائنا في المراد من (كان) في مثل هذه الجمل، وأنا أوجز كلامه فيما يلي:
قال [(كان) حيث وقعت في صفات الله تعالي، فهي مسلوبة الدلالة على الزمان ...
وحيث وقع الإخبار بها عن صفة ذاتية فالمراد الإخبار عن وجودها، وأنها لم تفارق ذاته، ولهذا يقدرها بعضهم بـ (مازال) فراراً مما يسبق من الوهم ... أي أزلية الصفة، ثم تستفيد بقاءها في الحال، وفيما لا يزال بالأدلة العقلية وباستصحاب الحال ...
وحيث وقع الإخبار بها عن صفة فعلية فالمراد تارة: الإخبار عن قدرته عليها في الأزل، نحو: كان الله خالقاً رازقاً ...
وتارة: تحقيق نسبتها إليه، نحو (وكنا فاعلين) الأنبياء 79.
وحيث أخبر بها عن صفات الآدميين، فالمراد: التنبيه على أنها فيهم عزيزة وطبيعة مركوزة في نفسه نحو: (وكان الإنسان عجولاً ... ) الإسراء 11 أي: خلق على هذه الصفة ....
وحيث أخبر بها عن أفعالهم دلت على اقتران مضمون الجملة بالزمان نحو: (إنهم كانوا يسارعون في الخيرات) الأنبياء 90، وقال الصفار في شرح سيبويه:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/307)
إذا استعملت للدلالة على الماضي، فهل تقتضي الدوام والاتصال أم لا؟ مسألة خلاف
وذلك أنك إذا قلت: (كان) فهل هو الآن قائم؟
الصحيح أنه ليس كذلك، هذا هو المفهوم ضرورة .......
وإنما حملهم على جعلها للدوام ما ورد من مثل (كان الله غفوراً رحيماً) وهذا عندنا يتخرج على أنه جواب لمن سأل: هل كان الله غفوراً؟
وقال ابن الشجري:
اختلف في (كان) في نحو: (كان الله عزيزاً حكيماً) على قولين:
أحدهما: أنها بمعني: لم يزل ..
والآخر: أنها تدل على وقوع الفعل فيما مضي من الزمان فإذا كان فعلاً متطاولاً لم يدل دلالة قاطعة على أنه زال وانقطع كقولك (كان فلان صديقي) لا يدل هذا على أن صداقته قد زالت، بل يجوز بقاؤها ويجوز زوالها.
وقال أبو بكر الرازي: (كان) في القرآن الكريم على خمسة أوجه:
1 - بمعني الأزل والأبد كقوله تعالي (وكان الله عليماً حكيماً).
2 - بمعنى المضي المنقطع كقوله (وكان في المدينة تسعة رهطٍ) النمل48 وهو الأصل في معاني (كان) لما تقول: كان زيد صالحاً ... ونحوه.
3 - بمعني الحال كقوله: (كنتم خير أمة) وقوله (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً) النساء 103.
4 - وبمعني الاستقبال كقوله تعالي (ويخافون يوماً كان شره مستطيراً) الإنسان 7.
5 - وبمعني (صار) كقوله تعالي: (وكان من الكافرين) البقرة 34].
وخلاصة ما سبق:
أن (كان) في سياق الحديث عن ذات الله – تعالي – وصفاته تخالف مجيئها في سياق الحديث عن المخلوقين.
فهي في سياق الحديث عن أسماء الله وصفاته تفيد الكينونة والوجود الدائم فقوله (كان غفوراً) تفيد أن المغفرة من صفاته الكائنة فيه من غير ارتباط بزمان، صفةً قائمةً به لا تنفك عنه سبحانه وتعالي.
والصورة الأولى لجملة (كان) وردت في عشر مواضع في النساء منها أربعة [في الآيات 96، 99، 100، 152] وفي الأحزاب أربعة [في الآيات 5، 50، 59، 73] وفي الفرقان موضع واحد، آية70، وفي الفتح موضع واحد، آية14، وأغلب هذه المواضع يأتي في سياق عطاء الله وفيضه من المغفرة والرحمة،ثم يأتي التعقيب بجملة (وكان الله غفوراً رحيماً) كأنها تعليل لهذا الفيض، ولنقرأ هذه الجمل قبل جملة كان في عدة مواضع قال تعالي:
[درجات منه ومغفرة ورحمة – وقع أجره على الله – سوف يؤتيهم أجورهم، يبدل الله سيئاتهم حسنات ... ]
فالفيض والعطاء بدون حساب هو الأصل هنا، ثم تأتي جملة (وكان الله غفوراً رحيماً) لتبين أن هذا الفيض سببه اتصاف الله سبحانه بالمغفرة والرحمة اتصافاً أبدياً أزلياً.
وقد يكون السياق في رفع الحرج، وذلك في الآيات المتعلقة برسول الله e كما هو الحال في آيات سورة الأحزاب في قوله:
(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاتِكَ اللاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) (الأحزاب:50)
(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) (الأحزاب:59)
والتعقيب على رفع الحرج بالمغفرة، إشارة إلى أن هذا المقام مقام الطهر والعفة لا ينبغي أن يند عنه شيء مما هو خلاف الأولى، وإن ند شيء فمغفرة الله ورحمته تسعه وتحيط به.
وكأن جملة (كان) تصديق وخاتم وشعار يصك ويختم به كل سياق مما سبق بداية من سياق الحديث عن النبي e ، وآل بيته، وانتهاء بالحديث عن المؤمنين، فالكل أفعاله مختومة بهذا الخاتم (كان الله غفوراً رحيماً).
تنوع الصورة في جملة (كان)
مجئ اسمه (الغفور) خبراً لكان جاء في صور أخرى من صور بناء الأسلوب حيث جاءت جملة (كان) لتكون جميعها خبراً لأن واسمها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/308)
فيقال:إن الله كان غفوراً رحيماً
فيكون الأساس في الجملة ليس (كان) إنما (إن) ويأتي اسم (إن) علماً ظاهراً وهو اسم (الله).
ثم يزداد الثراء فيأتي اسم (إن) ضميرا، ثم تأتي جملة- كان- لتقع موقع الخبر لها، فيقال:إنه كان غفوراً رحيما.
ولا شك أن هذه الصور لها دلالات ينبغي الكشف عنها من خلال السياق والمقام.
والإمام عبد القاهر تحدث عن اعتماد الجملة على (إن) وقيمة هذا الحرف في الجملة وقدرته على ربط المعاني، ونظمها في سلك واحد حيث يقول [إنك ترى الجملة إذا هي دخلت ترتبط بما قبلها، وتأتلف معه وتتحد به، حتى كأن الكلامين قد أفرغا إفراغاً واحداً وكأن أحدهما قد سبك في الآخر ... ]
وقال وهو يعرض بيت الشعر المشهور (بكراً صاحبي).
[الغرض: أن يحتج لنفسه في الأمر بالتبكير ويبين وجه الفائدة فيه.].
وعلى ذلك، فإن انضمام (إن) إلى عائلة الجملة بحيث يصبح الاسم الجليل (الله) اسماً لها، ثم تأتي (كان) وجملتها لتكون خبراً لها يشعر بأن التوكيد وربط الكلام السابق باللاحق هو الأساس وتصير (كان) مع جملتها تابعة وعنصراً من عناصر جملة (إن) فالاحتجاج لما سبق وبيان الفائدة هو الأصل هنا، ولعل العلامة ابن عاشور يعمد إلى هذا المعني وهو يفسر قوله تعالي (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللأتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأخْتَيْنِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً) (النساء:23)
يقول: [وقوله (إن الله كان غفوراً رحيماً) يناسب أن يكون معنى (إلا ما قد سلف) تقرير ما عقدوه من ذلك في عهد الجاهلية، فالمغفرة للتجاوز عن الاستمرار عليه، والرحمة لبيان سبب ذلك التجاوز]
وكأن جملة (إلا ما قد سلف) هي معنى (كان الله غفوراً).
(فإنّ) ربطت الكلام وأفرغته إفراغاً واحداً، وأضفت عليه من الرسوخ والتمكين ما لا يوجد لو أنها حذفت، في حين جُعِلت- كان- دليلاً على دوام المغفرة من الله تعالي وأنها صفة ملازمة لاسمه الكريم، لكل من جمع بين أختين دون علمه بالحرمة.
ولعل من دلالات (إن) أيضاً هنا أن المخاطب قد يهجس في نفسه هاجس العقوبة للجمع بين الأختين فأكدت له المغفرة لنزع هذا الهاجس من نفسه.
فإذا جئ إلى الآيات الأخرى والتي عُرضت فيها صفة المغفرة خبراً لكان،ثم جاءت الجملة خبراً لإن فإنه يلحظ أن الكلام- كما قال الإمام في دلالة (إن) - كأنه أفرغ إفراغاً واحدا ً، ففي سورة النساء يقول الله تعالي (وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً) آية106.
وفي سورة الأحزاب تتكرر الصورة نفسها: (لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً) آية 24.
فهناك تآلف بين عدة عناصر في الجملة تهدف إلى مزج كل ألفاظها وسبكها في إطار واحد، هذا الإطار هو تأكيد المغفرة والرحمة.
وهذه العناصر هي
1 - (إن) 0
2 - (كان) المشعره بأن المغفرة صفة لا تنفك عنه سبحانه0
3 - اسمية الجملة، حيث بدئ بـ (إن) وجعلت كان مع جملتها خبراً، وفي الجملة الاسمية ثبوت ودوام لا يزول.
4 - وضع هذه الجملة ختاماً للمعاني لتكون ثمرة أو نتيجة أو تعليلاً أو احتجاجاً لما
سبق، والأدلة دائماً ما تكون محل توكيد.
5 - مجئ اسمه (غفوراً) نكرة وفي النكرة عموم ومجيئه مفتوحاً وفي الفتحة كما
يقول ابن منظور [الفتحة خفيفة إذا خرج بعضها خرج سائرها فلا تقبل
التبعيض]
كل هذه العناصر تتحد لتكوّن هذه الصورة المليئة الحية.
-------------------
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/309)
فإذا انتقل البحث إلى صورة أسلوبية أخرى لا تختلف كثيراً عن السابقة اللهم إلا في مجئ الضمير بدلاً من اسم (الله) في جملة (إن الله كان غفوراً رحيماً) حيث يقال: (إنه كان غفوراً رحيماً) يجد أنها قد جاءت في أربعة مواضع، في الإسراء آية 25، 44 وفي الفرقان آية 6 وفي فاطر آية 41.
وتظل المعاني السابقة ظاهرة في هذا الأسلوب أيضاً، ويضاف إليها دلالة أخرى، مأخوذة من وضع الضمير موضع الاسم الظاهر.
واقرأ قوله الله تعالي في سورة الفرقان: (قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً) (الفرقان:6)
وهذه الآية جاءت في سياق ادعاء الكفار أن هذا القرآن إفك وأنه أساطير الأولين، وكأنهم اطلعوا على الغيب، وعلموا أنه إفك وأنه أساطير، فكان الرد (أنزله الذي يعلم السر) ثم تأتي جملة (إنه كان غفوراً رحيماً) فيسترجع القارئ من خلال الضمير الموصول بـ (إن) جملة (يعلم السر) ويستحضرها أمامه ثم يربط بين (يعلم السر) (و إنه كان غفوراً).
فليس القصد إلى وصف الله بأنه غفور ابتداءً، ولكن المراد وصف من يعلم السر بأنه غفور.
وكأن المراد مغفرة الذنوب المستورة، التي لا يعلمها إلا هو وهنا يبدو الفرق واضحاً بين أن يقال
إن الله كان غفوراً رحيما
وإنه كان غفوراً رحيما
ففي الأولى استقلالية ليست في الثانية، ذلك لأن الثانية تُعيدك إلى وصف آخر سبق ذكره في الآية ليتم الربط بينه وبين اسم الغفور.
ولا يبعد بك السياق حين تستعرض آية الإسراء عن هذا المعنى حيث قيل: (رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأوَّابِينَ غَفُوراً) آية 25.
ليرتبط اسمه الغفور بالسر الذي في النفوس وكذلك في آية فاطر: (إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً) آية 41.
فإمساك السماوات والأرض، غرض ينبغي استحضاره عند وصف الله بأنه (غفور).
فالغفور هنا وصف ليس لاسم (الله) ولكن لمن يمسك السماوات والأرض ولمن يعلم كيف يمسك؟ ولماذا يمسك؟ فالإمساك، والكيفية، والعلة، كلها من الأسرار التي لم يطلع عليها أحد وعلي المسلم أن يستحضرها عند قراءة قوله (إنه كان حليما غفورا) وهذا يعنى أن اسمه (الغفور) يأخذ بعداً آخر ومساحة أخرى غير موجودة في السياقات السابقة.
ثالثاً: مجئ اسمه الغفور مرفوعاً
كنت قد تحدثت في مبحث سابق عن اسمه سبحانه (الغفور) بين التعريف والتنكير وتناولت هناك بعض الآيات التي ورد فيها اسمه (الغفور) مرفوعاً.
لكنني أشير إلى أن التناول هناك كان منصباً على مجيئه معرفة أو نكرة والتناول هنا سيعمد إلى الحالة الإعرابية.
ولقد ورد هذا الاسم الشريف مرفوعاً في سبعين موضعاً، منها ثمان وأربعون موضعاً جاء خبراً (لإن) الناسخة، وجاء الباقي خبراً لمبتدأ، وتنوعت صور الجملة الابتدائية حيث قيل: (الله غفور – هو الغفور – ربك الغفور).
وفي جملة (إن) جاءت الجملة في صور متنوعة أيضاً حيث قيل:
[إن الله غفور – إنه هو الغفور – أنه غفور – إني أنا الغفور – إن ربك لغفور – إن ربي لغفور – فأني غفور – إنك غفور].
ولا شك أن كثيراً من هذه المواضع قد مر الوقوف عندها لذلك سأحاول الوقوف على المواضع التي لم يسبق الإشارة إليها.
دلالة الغفور في جملة (وهو الغفور الرحيم)
أجرى عبد القاهر حول هذا التركيب دراسة بيّن فيها أنه قد يفيد القصر حقيقة كما يقال: هو الأمير، وقد يفيده ادعاءً كما تقول: هو الجواد، وقد يفيد التوكيد كما تقول: ووالدك العبد، لكني أذكر هنا حديثه عن الخبر الموهوم المتخيل حيث يقترب هذا المعني من سياقات بعض الآيات:
يقول عبد القاهر – رحمه الله -:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/310)
[واعلم أن للخبر المعرف بالألف واللام معنى غير ما ذكرت، وله مسلك ثَمّ دقيق، ولمحة كالخلس يكون المتأمل عنده يعرف وينكر، كما يقال: (هو البطل المحامي) (وهو المتقى المرتجى) وأنت لا تقصد شيئاً مما تقدم فلست تشير إلى معنى قد علم المخاطب أنه كان، ولم يعلم أنه ممن كان؟ كما مضى في قولك: زيد هو المنطلق، ولا تريد أن تقصر المعنى عليه، على معنى أنه لم يحصل لغيره على الكمال كما في قولك: (زيد هو الشجاع) ولا أن تقول أنه ظاهر بهذه الصفة كما في قولك، (والدك العبد) ولكنك تريد أن تقول لصاحبك:
هل سمعت بالبطل المحامي؟
هل حصلت معنى هذه الصفة؟
وكيف ينبغي الرجل حتى يستحق أن يقال ذلك له، وفيه؟ فإن كنت قتلته علماً وتصورته حق تصوره فعليك صاحبك وأشدد به يدك فهو ضالتك، وعنده بغيتك وطريقه طريق قولك:هل سمعت بالأسد؟ وهل تعرف ما هو؟ فإن كنت تعرفه فزيد هو هو بعينه.
وهذا من عجيب الشأن وله مكان من الفخامة والنبل وهو من سحر البيان الذي تقصر العبارة عن تأدية حقه.
والمعول فيه مراجعة النفس واستقصاء التأمل.]
إن جمال هذا المعنى الجديد كامن في خفائه، عكس المعاني الأخرى فإن الناس قد هُدوا إليها أو دُلوا عليها.
أما هذا الخبر الموهوم أو المتخيل، أو الصورة المثلي فهي في نفس كل قارئ، تتجدد بتجدده وتزداد رحابة بالزمان والمكان 0
فكل قارئ للقرآن الكريم لديه صورة في خياله هي المثلى في المغفرة، ولديه نموذج هو الأسمى للغافرين، فإذا حصل ذلك فليعلم أن المثالية في المغفرة والغافرين كائنه في الله سبحانه (فهو الغفور) وهذا هي الآيات:
في سورة يونس آية 107 (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)
وهذا الآية جاءت في خواتيم السورة، والسورة يغلب على آياتها تعريف الناس بهذا الإله الخالق ففي أولها من البداية وحتى النهاية لا يغيب هذا الخيط، وذلك نحو:
(إن ربكم الله الذي خلق ... وهو الذي جعل الشمس ضياءً .... هو الذي يسيركم ... قل من يرزقكم من السماء والأرض ... فذلكم الله ربكم .... قل هل من شركائكم من يبدؤ الخلق ثم يعيده قل الله يبدؤ الخلق ثم يعيده .... قل هل من شركائكم من يهدى إلى الحق قل الله يهدى للحق ......... هو يحي ويميت ... هو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه ... ولكن أعبد الله الذي يتوفاكم .... )
كل ذلك تعريف بالله تعالي وخيط يمسك بمعاني السورة من أولها إلى آخرها كما أن العين لا تخطئ ملاحظة هذا الضمير (هو) في أغلب الجمل ..
حتى تأتي جملة (وهو الغفور الرحيم) لتضع لبنة من لبنات هذا التعريف.
فإذا كان التعريف به سبحانه عن طريق أنه خلق ورزق وأحيا وأمات فلا شك أنه الغفور لمن خلقهم ورزقهم وأحياهم وأماتهم.
فالسورة من بدايتها حتى هذه الآية عرفَتْ الخلقَ بخالقهم ثم جاءت جملة (وهو الغفور) لتقول لهم إن هذا الذي عرفتموه وعبدتموه هو الغفور، أي هو الكامل في المغفرة، فالمغفرة الكاملة المتصوَّرة من عقل كل ذي عقل لا توجد إلا له سبحانه
وربك الغفور
تلك صورة أخرى لمجئ اسمه (الغفور) مرفوعا حيث جاء خبراً لمبتدأ وهو اسم (الرب) المضاف إلى كاف الخطاب، وجاء ذلك في سورة الكهف في قوله تعالي: (وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً) (آية:58)
وسورة الكهف من السور الأربع التي بدأت بالحمد، والحمد هنا على إنزال الكتاب على عبده واختصاصه بهذا الإنزال، وهذا الاختصاص تلاه سياق طويل في السورة يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم، ويخصه بالكلام، فالقصص له .... وتبيان قدرة الله تعالى كان تسليه له ... وإبراز ما يحدث يوم القيامة كان له ... وكأن السورة مناجاة بين الحق جل وعلا وبين حبيبه صلى الله عليه وسلم ولذلك امتازت الجملة، بميزتين على ما عداها في القرآن الكريم.
الأولى: أن المبتدأ جاء باسم الرب ومضافاً إلى كاف الخطاب العائد على رسول الله e.
والأخرى أن اسمه (الرحيم) جاء في قالب جديد وهو (ذو الرحمة).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/311)
أما مجئ المبتدأ باسم (الرب) ففيه من الود والأنس ما لا يخفي، وإذا كان اسم الرب وحده مشعر بهذا الفيض من الحب واللطف، فما بالك حين يضاف إلى كاف الخطاب العائد على الحبيب e ؟! .
لا شك أن الاسم سيأخذ أبعاداً أخرى فيها معنى التذكير بالنعم وأولها إنزال الكتاب عليه دون غيره، ومنها الإشارة إلى هذه الاختصاصات المتقدمة له في السورة، مثل
(نحن نقص عليك ... لعلك باخع نفسك .... وترى الشمس .... وتحسبهم .... لا تقولون لشيء إن فاعل ذلك غداً .. اصبر نفسك .... واضرب لهم مثلاً .. وعرضوا على ربك .... وربك الغفور ....
فهذا الإلحاح على خطابه e، وتوجيه الكلام إليه خاصة يعطى للمعني خصوصية لا توجد في غيره، ويؤيد هذا مجئ وصف- الرحيم - بصيغة خاصة وهي (ذو الرحمة) [و إنما ذكر لفظ المبالغة في المغفرة لا في الرحمة؛ لأن المغفرة ترك الإضرار وهو تعالي قد ترك مضار لانهاية لها مع كونه قادرا عليها، أما فعل الرحمة فهو متناه لأن ترك ما لانهاية له ممكن، أما فعل ما لانهاية له فمحال وتقديم الوصف الأول: لأن التخلية قبل التحلية، أو لأنه أهم بسبب الحال إذا المقام مقام بيان تأخر العقوبة عنهم بعد استيجابهم لها، كما يعرب عنه قوله عز وجل (لو يؤاخذهم بما كسبوا .... ].
[وتحرير نكتة التفرقة بين الخبرين ... أن المذكور بعد عدم مؤاخذاتهم بما كسبوا من الجرم العظيم - وهو مغفرة عظيمة وترك التعجيل رحمة منه تعالي، سابقة على غضبه، لكنه لم يرد سبحانه إتمام رحمته عليهم، وبلوغها الغاية، إذ لو أراد – جل شأنه – لهداهم وسلمهم من العذاب رأساً، وهذه النكتة لا تتوقف على حديث التناهي وعدم التناهي.
كما أن (ذو الرحمة) لا يخلو عن المبالغة ... لاقتران الرحمة بـ (أل) فتفيد الرحمة الكاملة أو الرحمة المعهودة التي وسعت كل شيء.
أما (ذو) فإن دلالته على الاتصاف في مثل هذا التركيب فوق دلالة المشتقات عليه، ولا يكاد يُدل سبحانه على اتصافه بصفة بهذه الدلالة إلا وتلك الصفة مراده على الوجه الأبلغ، وإلا فما وجه العدول عن المشتق الأخصر الدال على أصل الاتصاف " كالراحم " مثلاً إلى ذلك؟
فدلالة (ذو الرحمة) أقوى لأنها بواسطة أمرين، فهي أبلغ من كل واحد من (الرحمن) و (الرحيم) وإن كانا معاً أبلغ منه ولذا جئ بهما في البسملة دونه، ومَنْ أنصف لم يشك في أن قولك (فلان ذو العلم) أبلغ من قولك: فلان يعلم، بل ومن قولك: فلان عليم، من حيث إن الأول يفيد أنه صاحب ماهية العلم ومالكها ولا كذلك الأخيران.
وحينئذ يكون التفاوت بين الخبرين في الآية بأبلغية الثاني، ووجه ذلك ظاهر، فإن الرحمة أوسع دائرة من المغفرة كما لا يخفي.
والنكتة فيه هنا مزيد إيناسه صلى الله عليه وسلم بعد أن أخبره سبحانه بالطبع على قلوب بعض المرسل إليهم مع علمه جل شأنه بمزيد حرصه e... وهو السر في إيثار عنوان الربوبية مضافاً إلى ضميره e... في قوله (وربك الغفور ذو الرحمة)]
مجئ اسمه (الغفور) خبراً لـ (إن)
الصورة الأخيرة لمجئ اسمه (الغفور) مرفوعاً هو أن يكون خبراً لإن الناسخة، وهذه الصورة تفرعت منها صور شتى لتواءم كل صورة المقام الذي جاءت فيه.
فقيل مرة: إن الله غفور رحيم
وقيل: إن ربك غفور رحيم
وقيل: إن ربك من بعدها – لغفور رحيم
وقيل: أني غفور رحيم – وأني أنا الغفور الرحيم
ولا يخفي أن التأكيد في الجملة ينصب على الخبر، والخبر هو اسمه (الغفور) مما يعني أن مسافات هذه الجمل التي أخبر فيها عن مغفرة الله تعالي تحتاج إلى توكيد ...
كما أن اصطفاء هذه الأداة (إن) لتكون عاملاً للتوكيد يفيد أن الاتجاه السائد في هذه الجمل هو إزالة الشكوك لدى القارئ من أول وهلة وصراحة، فالتوكيد أصل في الدلالة هنا، ولا يخفى أن [التوكيد بـ (إن) أقوى من التأكيد باللام، وأكثر مواقع (إن) بحسب الاستقراء، الجواب لسؤال ظاهر، أو مقدر، إذا كان للسائل فيه ظن .....
كما أن من مواقعها التعليل ... وهو نوع من التوكيد .... ]
ولقد سبقت الإشارة إلى حديث عبد القاهر عن (إن) وأنها تربط الكلام وتخرج جملتها مخرج الحجة لما سبق، وتظهر وجه الفائدة فيه .....
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/312)
كل هذه الدلالات كامنة في (إن) فإذا أضيف إليها عوامل توكيدية أخرى أزداد الأمر حتى يصل إلى درجة القصر في نحو (أني أنا الغفور الرحيم).
ولكن البحث يبدأ من الصورة الأولى لجملة (إن) وهي جملة:
إن الله غفور رحيم
وقد وردت هذه الصورة في القرآن الكريم ثلاثاً وعشرين مرة، وذلك في [البقرة 173 – 182 – 192 – 199 –226] [وآل عمران 89 – 155] [والمائدة 3 – 39 – 98] [والأنفال 69] [والتوبة 5 – 99 – 102] [والنحل 18 – 115] [والنور 5 – 69] [والحجرات 14] [والمجادلة 12] [والممتحنة 12] [والتغابن 14] [والمزمل 20].
والسياق العام لهذه المواضع يبدو فيه وجود الذنب ثم تأتي جملة (إن الله غفور رحيم) لتبين الحكم الصادر على هذا الذنب وأن المحكمة الإلهية قد برأت ساحتهم وقررت عدم مؤاخذتهم، وذلك إما بسبب الاستغفار أو أنه فعل الذنب اضطراراً، أو كانت نيته الإصلاح، أو أنه لم يكن عامداً حين أذنب، أو نحو ذلك من الأمور التي تُبرز عذرهم في حدوث هذا الذنب، و هو ذنب غالباً ما يكون في شأن الأرزاق والمطعم والمشرب ونحو ذلك ففي سورة البقرة يقول الله تعالي:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ، إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (البقرة 172:173)
فاسمه الغفور هنا مرتبط بالاضطرار، والاضطرار مغفور ما دام خالياً من بغي أو عدوان 0
ويلحق بهذه الآية آيات متشابهة في رفع الحرج في المطعومات وذلك كما في قوله تعالي:
(فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (المائدة:3)
وقوله: (فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّباً وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (لأنفال:69)
وتنكير الاسم الجليل (غفور) لأن المغفرة ليست خاصة وليست محل نقاش بل هي أشبه بالحقائق، حتى في جانب الخلق إذا تعامل بعضهم مع بعض، واضطر أحدهم إلى المخالفة، الأصل أن يَغفرَ الآخر، هكذا يقول المنطق السليم والطبع القويم، هذا في الوقت الذي يرى فيه أهل القرب من الله تعالي وجها ً أعلى وأرقى حيث يقولون: [إنه لا يصل إلى حال الاضطرار إلى ما حرم عليه أحدٌ إلا عن ذنب أصابه، فلولا المغفرة لتممت عليه عقوبته؛ لأن المؤمن أو الموقن لا تلحقه ضرورة، لأن الله تعالي لا يعجزه شيء، وعبد الله لا يعجزه ما لا يعجزه ربه (وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ) (الروم:49)
فاليأس الذي يحوج إلى ضرورة إنما يقع لمن هو دون رتبة اليقين ودون رتبة الإيمان.
ولقد جهز رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشاً ففنيت أزوادهم، فأقاموا أياماً يتقوتون بيسير، حتى تقوتوا بتمرة تمرة، فأخرج الله لهم العنبر، دابة من البحر
فلم يحوجهم في ضرورتهم إلى ما حرم عليهم، بل جاءهم في ضرورتهم بما هو أطيب مأكلهم في حال السعة من صيد البحر الذي هو الطهور ماؤه الحل ميتته]
وهذا يعني – كما يرى البقاعى – رحمه الله – أن اسمه (الغفور) تحت عباءته معنى العتاب، وهذا امتداد آخر في مساحة المعني في اسمه الغفور.
----------------
ولا يبعد هذا المعني عن الآية رقم 182 والتي فيها:
(فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)
حتى أن جملة (فلا إثم عليه) تفوح برائحة العتاب لأن الأمر حتى وإن كان بقصد الإصلاح إلا أنه في النهاية تغيير للوصية، حتى قال العلامة ابن عاشور - رحمه الله – إن الآية فيها [تنويه بالمحافظة على تنفيذ وصايا الموصين حتى جعل تغيير جورهم محتاجاً للإذن من الله تعالي ... ]
وعمد الفخر الرازي-رحمه الله - إلى بيان وجه المجئ بهذه الجملة، وأخذ يعلل لها ويبين وجه المقصود منها حتى قال: [لقائل أن يقول: هذا المصلح قد أتي بطاعة عظيمة في هذا الإصلاح وهو يستحق الثواب، فكيف يليق به أن يقال:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/313)
- فلا إثم عليه-] وأخذ يجيب على ذلك، والذي يعنينا هنا أن الجملة تحمل معنى العتاب ..
------------
وقد يشتد هذا العتاب وهنا يبرز اسمه [الغفور] ليعطي معنى الصفح والعفو لذنب حدث ثم فئ منه وعدل عنه، وذلك تراه واضحاً في قوله تعالي:
(لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (البقرة:226)
فالجملة هنا حكم صريح على من ارتكب هذا الخطأ ثم عاد عنه، وليس الخطأ في الإيلاء كسلوك تجاه المرأة ولكن الخطأ، بل الذنب يكون في القصد منه، فإن كان المقصود به
إضرار المرأة فهو حرام، وإلا فلا مانع منه إن كان القصد علاج النشوز كما فعل النبي e حين اعتزل نساءه شهراً.
ثم يزداد الخطأ فيبدو الذنب عظيماً وعند العودة والاستغفار منه يبدو اسمه (الغفور) أقوي دلالة واتساعاً لهذه الأمور العظيمة وكأن المغفرة بحر يؤخذ منه يحسب الذنب، ففي الآيات التالية يلحظ هذا جيداً، يقول الله تعالي:
(وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ .... وَلا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِين َ) (البقرة:190،191)
وقوله تعالي:
(إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ) (آل عمران:155)
وقوله تعالي:
(فَإِذَا انْسَلَخَ الأشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ .... فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (التوبة:5)
إن كل هذه السياقات تدخل في زمرة الاعتراف بالذنب، والتوبة عما اقترفوه، والقاعدة القرآنية توضح أن الحكم في ذلك هو (إن الله غفور رحيم)
بل إن الآية تصرح بهذه الدلالة فتقول:
(فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (المائدة:39)
هكذا يأتي اسمه (الغفور) في كل سياق يحكي توبة وندماً وإصلاحاً ليعطي الحكم (إن الله غفور رحيم) ليعم ذلك كل مقام وكل سياق والاستئناف الموجود في (إن) وإظهار اسم (الله) ومجئ الخبر نكرة يرسم صورة لحكمٍ يُوسمُ به كل أمر مشابه.
-----------------
ولا تنحصر دلالة اسمه (الغفور) في جملة (إن) على المعني السابق، بل قد تتسع لتحيط بسياق آخر، لا يبرز فيه حكم المحكمة، بل يبرز فيه الدعوة إلى الاستغفار والترغيب فيها خشية نسيان الاستغفار في جو التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير.
ترى ذلك في مقام العبادة، بل الاجتهاد في العبادة، ويبرز هذا في موقفين، الموقف الأول في فريضة الحج، والموقف الآخر في قيام الليل 0
ففي فريضة الحج تأتي الآيات لتذكر الحاج بأهمية الاستغفار حتى يتحصل المؤمن على الجائزة: فيرجع كيوم ولدته أمه فتقول الآيات:
(الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ... فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّين ... ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (البقرة:197،198،199)
ويقول سبحانه وتعالي:
(إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ ..... وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (المزمل:20)
فالسياقان سياق عبادة واجتهاد في العبادة فرُغب في الاستغفار وكأنها وصية محب، وتوجيه رءوف إلى كنز وثروة لا ينبغي نسيانها .... هذا الكنز وذاك الفيض هو (إن الله غفور رحيم) ولذلك قيل (واستغفروا الله).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/314)
فالمغفرة هنا تأتي في سياق الحب، والعطف لتكتسب مساحة أخرى من الدلالة أرقى وأسمى لأنها في شأن الذاكرين المبتهلين، القوامين بالليل والنهار، أو الحجاج المهللين، المفيضين من عرفات، ولا يخفى هنا ما في الإظهار لاسم- الله في سياق الإضمار ليتناغى التكرار لاسم الله مع الذكر، ويتساوق الإظهار مع مقام رفع الصوت بالتهليل، والاستغفار عند الإفاضة من عرفات.
----------------
وقد يأتي اسمه (الغفور) لبيان الفارق بين أفعال الله تعالي وأفعال العباد تجاه نعمه التي لا عد لها ولا إحصاء0
ولقد وردت آيتان في شأن البيان عن نعم الله –تعالى- فقيل (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا) (النحل:18)
لكن الآية الأولى ختمت بجملة (إِنَّ الإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) (إبراهيم:34)
والأخرى ختمت بجملة (إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) النحل 18
ذلك لأن آية إبراهيم كانت في شأن عد أفعال العباد وفي سياق قبح هذه الأفعال وبخاصة أفعال الكافرين حيث قيل من أول السورة عنهم أنهم:
(يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة ..
ويصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجاً ...
ردوا أيديهم في أفواههم وقالوا إنا كفرنا ... وإنا لفي شك
بدلوا نعمة الله كفراً ....
أحلوا قومهم دار البوار ...
جعلوا لله أنداداً ....
كل ذلك في سرد أفعال العباد، فلما جئ إلى عد نعم الله تعالي ناسب أن يذكر موقفهم تجاه هذه النعم فقيل.
(وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الإنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) (إبراهيم:34)
لكن السياق يختلف في سورة النحل لأن الحديث فيها ليس عن أفعال العباد ولكن عن أفعال الله تعالي:
فمن أول السورة تسمع هذه العطاءات
ينزل الملائكة بالروح من أمره
خلق السماوات والأرض بالحق
خلق الإنسان من نطفة
الأنعام خلقها لكم
أنزل من السماء ماءً لكم
ينبت لكم به الزرع ...
سخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم
وما ذرأ لكم في الأرض مختلفاً ألوانه ..
وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه ...
كل هذه أفعال الله تعالي ونعمة التي لا عد لها فلما ذكرنا بهذه النعم ناسب أن يختم بوصف آخر.
فقال (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) (النحل:18)
يقول الزركشي: [ومن بديع هذا النوع اختلاف الفاصلتين في موضعين والمحدث عنه واحد لنكتة لطيفة، وذلك قوله في سورة إبراهيم (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الإنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ)
وقال في سورة النحل (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ)
قال القاضي ناصر الدين بن المنير:
كأنه يقول: إذا حصلت النعم الكثيرة فأنت آخذها وأنا معطيها فحصل لك عند أخذها وصفان: كونك ظلوماً وكونك كفاراً ...
ولي عند إعطائها وصفان، وهما أني غفور رحيم، أقابل ظلمك بغفراني وكفرك برحمتي، فلا أقابل تقصيرك إلا بالتوفير، ولا أجازي جفاءك إلا بالوفاء.]
إن ربك من بعدها لغفور رحيم
هذا نوع آخر من جملة (إن) حيث يأتي بدلاً من اسم الله اسم الرب، ويفصل بين الاسم والخبر بشبه الجملة (من بعدها) أو (من بعد ذلك).
وهذا الفاصل الذي حشر بين اسم إن وخبرها كأنه إضافة أراد القرآن استحضارها عند ذكر المغفرة، لأن المغفرة لا تكتمل إلا بوجود هذا الأمر في الصورة معها حتى تراه العين ملاصقاً للمغفرة.
وقوله (من بعدها) أو (من بعد ذلك) تذكير بالذنب و استحضار له.
فأي ذنب هذا أراد القرآن حضوره ليعلم دلالة الغفور وقيمة هذه الدلالة؟
إنها ذنوب عظيمة من شاكلة (عبادة العجل من دون الله تعالي)
ومن شاكلة سلب اختصاص الله تعالي بالتشريع ليزاوله العباد.
ومن شاكلة إكراه الإماء على الزنا ...
إنها ذنوب تستوجب النار وبعضها يستوجب الخلود فيها، لذلك كان استحضارها في صورة المغفرة إنما هو بيان لمقدار هذه المغفرة، وعظم الغفور سبحانه كما أن الحديث هنا كان عن ذنوب تحققت فيها التوبة بالفعل فناسب ذلك إلحاق اسم الرب بجملة المغفرة للإشارة إلى تحقق المغفرة، فمن دلائل التعبير باسم الرب تحقق الفضل والمغفرة والرحمة، لأن الرب هو المربي وهو أيضاً الخالق الرازق المدبر لشؤون العباد ....
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/315)
ومن هو قائم بذلك كله وغيره لا يبخل على المقصرين ممن خلقهم ورزقهم ودبر أمورهم بالمغفرة لذنوبهم.
والعجيب أن آية الأعراف وآية النحل تذكر هذه الأفعال بلفظ (السوء والسيئات) لتكون تبشيراً بمغفرتها بعد التوبة.ففي الأعراف يقول الله تعالي (وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِهَا وَآمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) (لأعراف:153)
وهذا قد جاء بعد قوله (إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ) (لأعراف:152)
فلما كان الذنب عظيماً ثم ندموا وعادوا ناسبه أن يحضره عند المغفرة بقوله (من بعدها) كما ناسبه المجئ باسم الرب بدلاً من اسم الله فإذا كان المآل مغفرة فالأولي به اسم (الرب) وزاد من ذلك إضافته إلى كاف الخطاب العائدة على رسول الله صلى الله عليه وسلم لبيان عظمة الإحسان إليهم.
وفي النحل يقول الله تعالي: (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) (النحل:119)
ولاحظ هنا تكرار – (من بعد ذلك) ثم قال (من بعدها) فالآية تعمد عمداً إلى إحضار الذنب، فما هو؟ إنه قولهم: (هذا حلال وهذا حرام)
وتلك خصيصه الألوهية لذلك كان إحضارها مقصوداً لبيان عظم المغفرة.
لكن موقع سورة النور لم يكن حديثاً عن الذنب من حيث هو ولكن عن شناعته حيث إن الفطر السوية تأباه وتنكره لذلك أرادت الآيات أن تحضره بل وتعيده ليرسخ في الذهن واسمع ذلك:
(وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (النور:33)
(وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ) (النور: من الآية33).
فالإعادة هنا والتكرار جاء ثلاث مرات،وكأنه أمر غير متصور أريد من السامعين تخيله ثم عقب عليه بالمغفرة وألصق الفعل أو الإكراه بلفظ (غفور) فقيل:
(من بعد إكراههن غفور)
لتنظر العين الكلمتين دفعة واحدة وتستشعر قيمة ودلالة اسمه الغفور
المبحث الثالث
اسم (الغفور) بين الاعتناق والتفرد
لم يرد اسم من الأسماء الثلاثة منفرداً إلا في ثلاثة مواضع:
الأول في سورة الإسراء في قوله سبحانه (رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأوَّابِينَ غَفُوراً) (الإسراء:25)
والثاني في قوله (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى) (طه:82)
والثالث في قوله تعالي (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً) (نوح:10)
وقد سبق تحليل هذه الآيات في مواضع سابقة، وذكر فيها وجه إفرادها لكنني هنا أقف على اقتران هذه الأسماء بأسماء أخرى، لأحاول بيان مدى اكتساب اسمه (الغفور والغفار) ظلالاً جديدة تضاف إليه من هذه الأسماء المتعانقة معه وأثر السياق والمقام في اصطفاء الاسم الآخر لندرك أنه قد اختير بعناية وحكمة وأنه لا يجدي غيره لو وضع مكانه وهذا يعرف عند البلاغيين بالتمكين أو ائتلاف القافية .. ومن الإحصاء ظهر الآتي:
أولاً: جاء اعتناق اسم (الغفور) باسم (الرحيم) 76 مرة
ثانياً: جاء اعتناق اسم (الغفار) باسم (الحليم) 7 مرات
ثالثاً: جاء اعتناق اسم (الغفار) باسم (العزيز) 5 مرات
رابعاً: جاء اعتناق اسم (الغفور) باسم (العفو) 4 مرات
خامساً: جاء اعتناق اسم (الغفور) باسم (الشكور) 3 مرات
سادساً: جاء اعتناق اسم (الغفور) باسم (الودود) مرة واحدة
أولاً: اعتناق الغفور والرحيم
أصل كلمة الرحيم هي (الراء والحاء والميم، وهذا أصل واحد يدل على الرقة والعطف والرأفة، يقال من ذلك: رحمة، يرحمه، إذا رق له، وتعطف عليه، والرحم: علاقة القرابة، ثم سميت رحم الأنثى رحماً من هذا: لأن منها يكون ما يرحم به، ويرق له من ولد.]
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/316)
وهذه [الرقة تقتضي الإحسان إلى المرحوم، وقد تستعمل تارة في الرقة المجردة، وتارة في الإحسان المجرد من الرقة، نحو: رحم الله فلاناً.
وإذا وصف به الباري، فليس يراد به إلا الإحسان المجرد دون الرقة.
فالرحمة من الله إنعام وإفضال، ومن الآدميين رقة، وتعطف ... والرحيم: هو الذي كثرت رحمته ... ]
والذي ينبغي الوقوف عنده هو وجه اقتران (الغفور) بـ (الرحيم) وهل العبد لا يكتفي بالمغفرة حتى يؤتي له بالرحمة؟
الحق أن المغفرة فضل عظيم لكنها لا تكفي العبد يوم القيامة ولا حتى في الدنيا، وذلك لأن المغفرة وهي ستر الذنب وتغطيته لا تعنى أن الذنب قد أزيل، أو تم العفو عنه، والتجاوز عن صاحبه، كل ما هنالك أنه مستور، لا يعلمه إلا الله تعالي، ولله تعالي المشيئة في أن يحسن إلى المذنب ولا يعاقبه، كما أن له طلاقة المشيئة في أن يعذبه بهذا الذنب في الدنيا والآخرة، وهو في ذات الوقت قد غفر له ذنبه أي ستره عن أعين الخلق وقد يستره عن المذنب أيضا ومن هنا تأتي الرحمة من اسمه (الرحيم) لتلتصق باسمه الغفور ليتم الإحسان والفضل ويكون الغفران بداية العفو، وأول الإحسان زوال الذنب، ومحوه من الصحف بل وتبديله حسنات فيدخل الإنسان الجنة.
الأمر الآخر: أن دخول الجنة لن يتم بسبب المغفرة بل بالرحمة، ولقد ورد حديث: (لن يدخل أحداً عمله الجنة، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته) ومن هنا كان من لوازم المغفرة: الرحمة.
التقديم والتأخير بين الاسمين:
اقتران اسمه (الغفور) باسمه الرحيم جاءت الأكثرية فيه، بتقديم (الغفور) على (الرحيم) لأن المغفرة توطئة للرحمة [فالمغفرة:سلامة، والرحمة: غنيمة، والسلامة مطلوبة قبل الغنيمة.]
كما أن المغفرة تبدأ من الدنيا بستر الذنب، لكن الرحمة لا تكون إلا في الآخرة والدنيا مقدمة في الترتيب الزمني على الآخرة.
ولم يتغير ذلك الترتيب بين (الغفور والرحيم) إلا في موضع واحد تقدم فيه اسمه (الرحيم) وذلك في قوله تعالي:
(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ، يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ) (سبأ:1،2)
والقرآن الكريم هو خطاب الله تعالي للمكلفين من الثقلين، وأكثر ما يهم الثقلين هو معرفة ثمرة أعمالهم التكليفية التي عملوها.
ولما كان من جملة ما يقع على الأرض أعمال المكلفين، وكذلك من جملة ما يعرج إلى السماء أعمال المكلفين أشارت الفاصلة هنا إلى أن هذه الأعمال مهما بلغ حسنها لا تكافئ نعم الله على العبد، ولا تصلح ثمناً لبلوغ جنته ورضوانه، لكنها سبيل إلى الوصول إلى رحمته ومغفرته وهذا الأخير سبيل إلى دخول الجنة والفوز برضا الله تعالي.
ولما كان المقام هنا مقام تفضل وإنعام، وإحسان وإكرام قدمت الرحمة على المغفرة، لأن المغفرة لا تكون إلا عن ذنب وتقصير ولم يذكر في الآية تصريح بذلك
وأما الرحمة فهي عامة إذ هي من الله، تعالي: الإنعام والإفضال وهذا يشمل كل الكائنات.
وأما الرحمة الخاصة، فلا تكون إلا للمؤمنين المتقين، قال تعالي (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنَا يُؤْمِنُونَ) (الأعراف:156)
أضف إلى ذلك أن القضية الأساسية في سورة سبأ هي قضية إثبات البعث فسبب نزول هذه الآيات [أن أبا سفيان قال لكفار مكة، لما سمعوا قول الله تعالي (لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) (الأحزاب:73)
إن محمداً يتوعدنا بالعذاب، بعد أن نموت، ويخوفننا بالبعث، واللات والعزى لا تأتينا الساعة أبداً، ولا نبعث، فقال الله تعالي: قل يا محمد: (بلى وربي لتبعثن) قاله مقاتل] ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/317)
ولا شك أن قضية البعث أول ما تستدعي في النفوس، تستدعي الرحمة، فقدم اسمه (الرحيم) لمناسبة هذا المقام، كما أن الآية في كافة أصناف الخلق، وفي هذا يقول الزركشي رحمه الله: [تأخرت المغفرة في قوله (وهو الرحيم الغفور) لأنها منتظمة في سلك تعداد أصناف الخلق من المكلفين وغيرهم، وهو قوله: (يعلم ما يلج في الأرض ....... إلى آخره. فالرحمة شملتهم جميعاً، والمغفرة تخص بعضاً والعموم قبل الخصوص بالرتبة]
ثانياً: اعتناق الغفور والحليم
واسمه (الحليم) مأخوذ من الحلم و [والحاء واللام والميم أصول ثلاثة:
الأول: ترك العجلة، والثاني: تثقب الشيء، والثالث: رؤية الشيء في المنام،
وهي متباينة جداً تدل على أن بعض اللغة ليس قياساً وإن كان أكثره منقاساً فالأول: الحلم، خلاف الطيش، يقال: حلمت عنه أحلُم فأنا حليم.
والأصل الثاني: قولهم حَلُم الأديمُ إذا تثقب وفسد، وذلك أن يقع فيه دواب تفسده.
والثالث:قد حلم في نومه حُلْماً وحُلُماً .. ]
وقيل: [الحليم: هو الذي لا يعاجل بالعقوبة، فكل من لا يعاجل بالعقوبة يسمى فيما بيننا حليماً.]
وقيل: [وهو الصبور ... الذي لا يستخفه عصيان العصاة ولا يستفزه الغضب عليهم، ولكنه جعل لكل شيء مقداراً فهو منته إليه.]
[فالحلم: ضبط النفس والطبع عن هيجان الغضب وجمعه: أحلام]
وقد اقترن اسمه (الغفور) باسمه (الحليم) سبع مرات وذلك في [البقرة 225– 235] [آل عمران 155] [والمائدة 101] [والإسراء 44] [وفاطر 41] ووجه اصطفاء اسم (الحليم) فيها يتنوع من سياق إلى سياق.
فتارة يكون السياق في شأن ذنب هو في حقيقته تقصير في الأدب مع الله –تعالى- فيناسب ذلك وصفه بالحليم الذي لا يعاجل بالعقوبة.
وتارة يكون السياق توجيهاً للناس أن يتصفوا بالحلم ولا يتعجلوا، وهنا يكون اسمه الحليم تذكيرا بهذه الصفة، وتارة يكون السياق تهديداً؛ حتى لا يعودوا إلى الذنب، وكأنه يقول (لقد حلمت عليكم فاحذروا، وهكذا ... وإليك هذه الآيات ...
قال تعالي (لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ) (البقرة:225)
.فسترُ الذنبِ هنا سترُ حليم، ذلك لعلمه أن العبد حين حلف إنما دفعه إلى ذلك ما جُبل عليه من عجلة، (وخلق الإنسان عجولا) , ولو أنه عومل على شاكلته لعجلت له العقوبة وكأن هناك دعوة إلى التحلم عند الحلف، ... دعوة إلى النظر في عاقبة اليمين، فغفر للإنسان ذنبه في الحلف لعله يفئ، ولأن الله لا يعجل بعجلة أحدنا كما قال رسول الله e
ولذلك يقول ابن عاشور – رحمه الله – [ومناسبة اقتران وصف (الغفور) بـ (الحليم) هنا دون الرحيم لأن هذه مغفرة لذنب هو من قبيل التقصير في الأدب مع الله تعالي، فلذلك وصف الله نفسه بـ (الحليم) لأن الحليم: هو الذي لا يستفزه التقصير في جانبه، ولا يغضب للغفلة، ويقبل المعذرة.] ويقول البقاعي – رحمه الله [ولما كان السياق للمؤاخذة التي هي معاجلة كل من المتناظرين لصاحبة بالأخذ كان الحلم أنسب الأشياء، لذلك قال: (حليم) أي: لا يعاجلهم بالأخذ ... فهو رفع للمؤاخذة عن مستحقها بجناية في حق مستعظم]
والذي يهمني في كل ذلك دلالة اسمه (الغفور) فالأمر هنا ليس متعلقاً بالآخرة ولكنه ما زال في الدنيا، والسياق في شأن التربية وتوجيه النفوس المؤمنة إلى ترك الحلف جملة، إلا لحاجة، ولما كان الأمر كذلك جئ باسمه (الحليم) وكأن (الغفور) هنا تعنى الدعوة إلى عدم العودة فالستر هنا ستر تربية وتأديب وتعليم وتهذيب، ولذلك سبق في السياق قوله (لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ) (البقرة:225)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/318)
وينتقل الدرس التعليمي إلى جو آخر وسياق آخر تحتاج النفوس فيه إلى تهذيب وذلك في قوله سبحانه: (وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرّاً إِلا أَنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفاً وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ) (البقرة:235)
والسياق كما لا يخفي في شأن التعريض بالخطبة لمن توفى زوجها، وما زالت في عدتها منه .... ، ورغبة النفوس وميل القلوب من الصعب دفعه ولذلك قيل (وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرّاً إِلا أَنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفاً وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ) (البقرة:235) أي (نكاحاً)
وهذا الجو الذي تملؤه مشاعر متناقضة ورغبات والتزامات تفرضها شريعة غراء، هذا الجو الذي تفلِتُ فيه-دون قصد- مخالفة أو تند عنه-دون عمد- هفوة، أو يرتكب فيه-بغير إرادة- خطأ، كان التعقيب عليه (إن الله غفور حليم).
فالمغفرة هنا متعلقة بأمور يشق على النفوس ضبطها ضبطاً كاملاً، يقول ابن عاشور [لعل المراد من المغفرة هنا التجاوز، لا مغفرة الذنب .. ] لأن الذنب مقصود،ولقد رفع عن أمة محمد e [ الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه].
وعليه يأتي اقتران العفو بالحليم اقتران تهذيب وتربية في أمور ترتبط بما قد يستحي منه، كما يلمح في التذييل باسمه (الحليم) أيضاً أن المغفرة هنا دعوة إلى عدم التعجل ومحاولة ضبط النفس ولذلك قيل (واعلموا) أي: تعلموا وتخلقوا بهذا الخلق.
--------------------
وينتقل التعليم والتربية بصفة الحلم إلى جو آخر، تتعجل فيه النفوس أيضاً خوفاً من الموت، فجاء الدرس:
قال تعالي (إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ) (آل عمران:155)
فالقوم أشيع فيهم أن رسول الله e قد قتل، فحملهم الشيطان على ترك المعركة ثم عادوا وجاهدوا فكانت المغفرة لعودتهم، لكنها مغفرة حليم لم يعجل عليهم بذنبهم، وليست المغفرة هنا إلا الصفح والعفو، وهذا يؤكد أن دلالة (الغفور) لا تعنى ستر الذنب من كل موضع، بل قد تتجاوز إلى الصفح عنه والتجاوز وعدم المؤاخذة.
وهو معنى ملتصق بالستر، فالستر كما سبق بداية المحو وأول العفو، ولقد ورد قبل ذلك في أحاديث نبوية ومنها: [ثلاث من كن فيه ستر الله عليه وأدخله جنته]
ومنها: [حديث أبي موسى رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما ستر الله على عبد ذنباً في الدنيا فعيّره به يوم القيامة]
ومن هنا كانت دلالة (الغفور) تعنى عدم العقاب، وليس عدم التعجيل بالعقاب وعلى ذلك (فالحليم) هنا توكيد للعفو وتعليم للنفس المؤمنة ألا تعجل ولذلك سبق في الآية قوله (ولقد عفا الله عنهم) وكأن هذه الجملة توجه المعني في (غفور) إلى دلالة العفو وليس إلى دلالة الستر ولا شك أن العفو أعلى منزلة من الستر، ولذلك لم يُعَاقَب هؤلاء من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد المعركة؛ لعفو الله عنهم.
التقديم والتأخير بين الاسمين
تناوب اسمه (الغفور) واسمه (الحليم) بين التقديم والتأخير، وقد سبق في تحليل الآيات التي قُدم فيها اسمه (الغفور) أن المراد من هذا الاسم إما ستر الذنب حلماً ليكون ذلك درساً يتعلم منه المؤمنون فلا يعودوا إلى مثل ما فعلوه،وقد يكون المراد من اسمه (الغفور) العفو والصفح فلا مؤاخذة على ما فعلوه وكل ذلك قدم فيه اسمه (الغفور) لا لشيء إلا لأن الذنب هو شاغلهم فقيل بداية: إنه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/319)
(غفور) ثم جاء اسمه الحليم ليوضح علة المغفرة.
لكن هناك سياقات يتقدم فيها اسمه (الحليم) ويتأخر اسمه (الغفور) عنه فيقال (إنه كان حليماً غفوراً) وقد جاء ذلك في موضعين اثنين.
الأول في قوله تعالي: (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً) (الإسراء:44)
والآخر في قوله تعالي:
(إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً) (فاطر:41)
وبداية أود أن أشير إلى عدة نقاط تجمع بين الجملتين وهي:
1 - أن الآيتين في ذكر أمر متعلق بالسماوات والأرض
2 - أن الجملتين بنيتا على التوكيد بـ (إن) ثم مجيء اسمها ضميراً ثم المجيء بجملة (كان) الناسخة لتكون خبراً.
3 - أن اسمي (الغفور والحليم) جاءا نكرتين، وتقدم اسمه (الحليم) على اسمه (الغفور).
والسياق الذي يحيط بالآيتين في سورة الإسراء وسورة فاطر سياق يفوح منه روائح الغضب، لأنه يتحدث عن قوم ادعوا أن مع الله إلاهاً آخر، وادعوا أن الله اصطفاهم بالبنين في الوقت الذي يخضع الكون كله لعظمته إلا هؤلاء!!.
أن الآيات تستنكر فتقول: (أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِنَاثاً إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيماً) (الإسراء:40)
وراجع قراءة قوله (إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيماً) لأنها تولد تهديداً بل رعباً في القلب، ونذراً بالخطر ... ثم يوالي السياق الحديث عن هؤلاء وظلمهم فيقول (لو كان معه آلهة كما يقولون).
ثم تزداد نبرة التهديد بذكر المقابل، والعجيب أن المقابل لهؤلاء هو الكون كله (السماوات والأرض ومن فيهن وكل شيء) هؤلاء جميعاً من جهة وهذه الفئة الضالة في جهة أخرى، الكون كله يسبح، وهؤلاء يقولون قولاً عظيماً.
إن منطق القوة ومنطق الفهم البشري تستدعي على عجل الانتقام من هؤلاء وخسف الأرض بهم، لكن صفات الجمال تحيط بهم وتمهلهم، لعلهم يثوبون، فيغفر لهم.
إذن الأولى بالتقديم صفة الحلم فقيل (إنه كان حليماً غفوراً) وكأن المغفرة مؤجلة حتى يعودوا ومؤخرة حتى يتوبوا.
------------------
فإذا جئ إلى آية فاطر رأيت هذه البسط يختصر اختصاراً، فيقال (فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلا مَقْتاً وَلا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلا خَسَاراً) (فاطر:39)
وإذا كان الكون هناك يسبح والسماوات والأرض تسبح فإن الأمر هنا ليس أمر تسبيح، بل أمر حفظ، حفظ هذه السماوات والأرض من الزوال والانسياح في الكون الذي لا يعلمه إلا الله، ولا شك أن كفر هؤلاء وجعلِهم لله شركاء يستوجب أن يُطوَّح بهم في هذا الكون مع السماء والأرض ولكن يظهر الإمهال مرة أخرى فيقال: (إنه كان حليماً غفوراً) وكأن هذا الإمساك ثمرة من ثمار الحلم فلما أخبر عن إمساكه سبحانه للسماوات والأرض بيَّن أن ذلك سببه هو الحلم ولعلهم يثوبون فيغفر لهم. ولذلك ختمت السورة بقوله (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيراً) (فاطر:45)
ثالثاً: اعتناق العزيز والغفور
يقول ابن فارس: إن (العين والزاء أصل صحيح واحد يدل على شدة وقوة وما ضاهاهما من غلبة وقهر، والعزيز: الذي لا يُقدر عليه.]
[والعزة: حالة مانعة للإنسان من أن يغلب من قولهم: أرض عزاز أي: صلبة .. وقيل: من عز بز: أي من غلب سلب]
[والعزيز: من صفات الله عز وجل، وأسمائه الحسنى، قال الزجاج: وهو الممتنع فلا يغلبه شيء، وقال غيره: هو القوى الغالب كل شيء، وقيل: هو الذي ليس كمثله شيء]
وقد جاء اسمه (العزيز) مع اسمه الغفور مرتين في القرآن الكريم وذلك في سورة فاطر آية 28، وسورة الملك آية 2.
في حين اقترن اسمه الغفار باسمه العزيز ثلاث مرات وذلك في سورة (ص) آية 66 وسورة الزمر آية 5 وسورة غافر آية 42.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/320)
والمواضع الخمسة تقدم فيها اسمه (العزيز) وتأخر اسمه (الغفور) أو (الغفار) ذلك لأن السياقات كلها في شأن بيان القوة، والقهر، والسلطان، والملك، وتلك بعض الأدلة.
في فاطر مثلاً نستشعر ذلك من أول السورة (مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (فاطر:2)
(مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً) (فاطر:10)
(ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ) (فاطر:13)
(أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) (فاطر:15)
(إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ، وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ) (فاطر:16،17)
وهكذا تمتلئ السورة بشواهد القوة والغلبة.
فإذا انتقلنا إلى سورة (ص) نجد أنها تفتتح بهذا الافتتاح (ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ، كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ) (صّ:1 - 3)
ثم تبدأ السورة في بيان وجه العزة ومظاهرها فتقول
(أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ، أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبَابِ) (صّ:9، 10)
إن كل إلا كذب الرسل فحق عقاب ..
حتى إبليس حين أقسم قال (فبعزتك)
وهكذا في سورة الزمر وغافر والملك والتي تبدأ بقوله (تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (الملك:1)
إن سياق القوة والغلبة والقهر تسيطر على السور ولذلك ذُكِر (العزيز) وقدم في الذكر على
(الغفور)
لكن يبقى أن الجمع بين (العزيز) و (الغفور) جمعٌ بين صفة جلال وصفة جمال وما ذلك إلا لأن السور كما أنها في شأن العزة إلا أنها بنيت على هذا التقابل بين أمرين كل منهما في الغالب مضاد للآخر.
ففي فاطر مثلاً يلحظ هذا التقابل:
فهو سبحانه فاطر
السماوات الأرض
ما يفتح ... فلا ممسك له وما يمسك فلا مرسل له
الذين كفروا لهم عذاب شديد والذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة
وما يستوي البحران ... .
هذا عذب فرات وهذا املح أجاج
يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل
أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني
الأعمى والبصير
ولا الظلمات ولا النور
ولا الظل ولا الحرور
وما يستوي
الأحياء ولا الأموات
إن الله يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من في القبور
وفي صورة (ص) يقول السياق أيضاً:
أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض
أم نجعل المتقين كالفجار
وبناء العبارة في السورة قائم على ثنائية ظاهرة من مثل (عزة، وشقاق) – (ساحر، كذاب) – (يسبحن بالعشي، والإشراق) – (خر راكعاً، وأناب) – (زلفى،وحسن مآب ... )
وغير ذلك كثير في السورة.
ومن هنا كان الجمع بين (العزيز) و (الغفار أو الغفور)
ولا يخفي أن وجه اصطفاء صيغة فعال في السور الثلاث (ص – الزمر – غافر) هو أن السياق في شأن تعدد المغفور لهم أو تعدد العمل الصالح، فالسياق في (ص) مثلاً يذكرنا بـ (الذين آمنوا – ثم داود – وسليمان – أيوب – وإبراهيم وإسحاق ويعقوب) وفي كل ذلك يقول (واذكر، واذكر، واذكر) فهذا تعدد للمغفور لهم.
لكن في الزمر يذكرنا السياق بتعدد أعمال هؤلاء فيقول (أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الأخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ ... ) (الزمر: من الآية9) فهذا تعدد في العمل.
فـ (الغفار) أي الذين تتتابع منه المغفرة وتكثر، إما بحسب المغفور لهم،أو بحسب المغفرة لواحد مرة بعد مرة.
أما سورة (فاطر والملك) فإن صيغة (فعول) تشير إلى عظم المغفرة لأنها في غافر (للعلماء) الذين يخشون الله تعالى، وفي الملك لمن أحسن العمل ولا ذكر هنا لتكراره أو تنوعه، بل إحسانه.
وعلى كل فالحديث في السياقات كلها عن (العزيز) والمغفرة فيها مغفرة عزيز، فليس المقام في الصور الخمس مقام ذنب ومغفرة ولكنه مقام اقتدار وقهر؛ فأحيطت العزة بالمغفرة حتى لا تنعكس على الخلق بالعذاب.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/321)
لذلك كله لم تتغير صورة الترتيب بين اسم العزيز واسم (الغفور) فأينما اجتمعا تقدم اسمه (العزيز) بل إن اسم (العزيز) لم يجتمع مع اسم آخر من أسماء الله الحسنى إلا تقدم عليه حيث قيل:
(العزيز الحميد) (العزيز الرحيم) (العزيز الحكيم).
إلا مع اسماً واحد وهو (القوي) ففي جميع السياقات تقدم اسمه (القوي) لأن القوة لا تفيد بعد العزة شيئاً، فالعزة متضمنة لها لكن العزة تعطى للقوة إحاطةً وشمولاً وتفرداً.
رابعاً:اعتناق العفو والغفور
ورد اسمه (الغفور) مرتبطاً باسمه العفو في أربع آيات في القرآن الكريم وهي:
[النساء 99، 43 – الحج 60 – المجادلة 2]
ومادة هذا الاسم هي [العين والفاء والحرف المعتل، ويدل الاسم على معنيين أصليين، أحدهما: ترك الشيء، والآخر: طلبه
فالأول: العفو: ومنه: عفو الله تعالى عن خلقه، وذلك تركه إياهم فلا يعاقبهم فضلاً منه.
قال الخليل وكل من استحق عقوبة فتركته فقد عفوت عنه .....
وقد يكون أن يعفو الإنسان عن الشيء بمعنى الترك]
وقيل: هو [ما جاء بغير تكلف ولا كره]
[وأصل العفو: المحو والطمس .. وفي حديث أبي بكر: سلوا الله العفو والعافية والمعافاة.
فأما العفو فهو محو الله تعالى ذنوب عبده عنه.
وأما العافية: فهو أن يعافيه الله تعالى من سقم أو بلية وهي الصحة ضد المرض.
يقال: عافاه الله وأعفاه أي: وهب له العافية من العلل والبلايا.
وأما المعافاة: فأن يعافيك الله من الناس. ويعافيهم منك. أي يغنيك عنهم: ويغنيهم عنك، ويصرف أذاك عنهم، وأذاهم عنك]
واستعراض الآيات التي ورد فيها الجمع بين الاسمين يلحظ أنها في شأن الرُخص التي توهب للمستضعفين أو أصحاب الأعذار وذلك مثل.
الرخصة للذين لا يقدرون قدرة الأشداء على التكاليف.
والرخصة في شأن التيمم بدلاً من الوضوء عند فقده.
والرخصة في رد العدوان بالمثل لمن حدث عليه اعتداء.
ثم الرخصة في الذنب الذي فُعل قبل نزول الحكم.
ففي شأن المستضعفين قيل (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ ... فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوّاً غَفُورا ً) (النساء: 97:99)
وفي شأن الرخصة في التيمم قيل:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا ... فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طيباً .... ) (النساء:43)
وفي الرخصة بالرد بالمثل قيل (ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ) (الحج:60)
ثم الرخصة فيما مضى من ظهار قبل نزول الحكم وذلك في قوله تعالى:
(الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلا الْلائِى وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ) (المجادلة:2)
فالآيات كلها في شأن المسلمين الذين عرضت لهم أمور أخرجتهم من دائرة العقاب، ومن ميدان الحساب وحتى من ساحة العتاب، لذلك كان العفو مع المغفرة.
------------------
أما تقديم (العفوّ) على (الغفور) دائما، فلأن (العفو) أعم من المغفرة يقول الزركشي [إن العام أشرف من الخاص، ولذلك قدم (العفوّ على الغفور)، أي أنه (عفو) عما لم يؤاخذنا مما نستحقه بذنوبنا، (غفور) لما يؤاخذنا به في الدنيا قبلنا ورجعنا إليه؛ فتقدم (العفو) على (الغفور) لأنه أعم وأخرت المغفرة لأنها أخص.]
كما أن في العفو تعجيل بالمسرة،في شأن هذه الأصناف، وهم في أمس الحاجة لهذا التعجيل
ولم يرد اسمه (العفو) في القرآن الكريم متعانقاً مع اسم آخر إلا مع اسمين أحدهما (الغفور) والآخر (القدير) في سورة النساء أيضاً وهو قوله سبحانه وتعالى (إِنْ تُبْدُوا خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوّاً قَدِيراً) (النساء:149)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/322)
مما يعني أن سورة النساء حازت ثلاث مواضع من ستة في ورود اسمه العفو وهذا يؤكد حاجة المرأة إلى صفتي (العفو) و (المغفرة).
ولا يخفي أيضاً في تقديم (العفو) هنا ما يعتبره العلماء من رعاية للفاصلة، وهذا وإن كان ليس أصلاً لكنه ملحظ لا يمكن إغفاله، وإذا ضممت هذا إلى تشابه الكلمتين في الحروف من حيث وجود العين والغين وهما حرفان متتابعان في النطق وفي المخرج فالعين في أقصى الحلق والغين من أعلاه، ثم تأتي الفاء في كل من الكلمتين في الوسط، ثم تأتي الواو في كل من الكلمتين.
هذا التقارب الشديد كأنه يهدف إلى تكرار نغمة واحدة،لتستوعبها الآذان حق الاستيعاب وتأخذ حقها في قرار العقل، فإذا أضيف إلى كل ذلك هذا القرب في المعنى بين العفو والغفور، إذ كل منها يعني التجاوز والصفح وجدت المعنى يقترب من دلالة أخرى أو يفتح باباً آخر من الدلالة إنه باب التوكيد فكأنك قلت في آخر كل آية:
إن الله غفور غفور ..
أو قلت
إن الله عفو عفو
فلا تخرج من الآية حتى يعاد عليك المعنى وشبيهة أو إن شئت قلت يكرر لك المعنى بالنغم، ليلخص لك المراد من المسامحة والصفح.
خامساً: اعتناق الغفور والشكور
يقوا ابن فارس: [الشين والكاف والراء أصول أربعة:
فالأول: الشكر: الثناء على إنسان بمعروف يوليكه، ويقال إن حقيقة الشكر الرضا باليسير]
[والشكور: فعول من الشكر وأصل الشكر في الكلام هو الظهور ومنه يقال شكير النبت، وشَكَرَ الضرعُ إذا امتلأ، وامتلاؤه: ظهوره، ويقال: دابة شكور: أي: سريعة السمن
فكأن الشكر من الله تعالى هو إثابة الشاكر على شكره، فجعل ثوابه للشكر وقبوله للطاعة: شكراً على طريقة المقابلة.]
[والشكر: عرفان الإحسان ونشره ..... والشكر من الله تعالى: المجازاة والثناء الجميل ..... والشكور: من صفات الله جل اسمه، ومعناه: أنه يزكو عنده القليل من أعمال العباد فيضاعف لهم الجزاء، وشكره لعباده: مغفرته لهم.]
وقد اعتنق الاسمان في القرآن الكريم ثلاث مرات:
الأولى والثانية في سورة فاطر في الآيتين 30، 34
أما المرة الأخيرة فجاءت في سورة الشورى آية 23
في الآية الأولى ورد الاسمان في سياق الحديث (الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا .... سِرّاً وَعَلانِيَةً ........ ) (فاطر:29)
وبعده بقليل كان الجزاء والجزاء (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ َقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ) (فاطر: 33، 34)
فعقب على فعلهم وعبادتهم (إنه غفور شكور)
وعقب على الجزاء من الله بقولهم: (إن ربنا لغفور شكور)
فالشكر متبادل، وهذا يؤكد كلام الزجاج من أن الشكر هو إثابة الشاكر على شكره، فجعل ثوابه للشكر وقبوله للطاعة شكراً على طريقة المقابلة
والموضع الثالث يؤكد هذا وهو ما جاء في سورة الشورى حيث يقول الله تعالى (ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ) (الشورى:23)
فقوله (ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسناً)
يؤكد ما سبق ولذلك عقب بقوله (إن الله غفور شكور)
وكأن المغفرة هنا هي الزيادة على عدم المعاقبة، فعدم المعاقبة هي الجزاء، ثم زيد عليها الستر والمغفرة فكانت المغفرة زيادة؛ ولذلك اقترنت بالشكور ليفهم أنها مغفرة شكور يقول الطاهر بن عاشور- رحمه الله-:
[المقصود بالتعليل هو وصف الشكور، وأما وصف الغفور فقد ذكر للإشارة إلى المقترفين السيئات في الاستغفار والتوبة ليغفر لهم فلا يقنطوا من رحمة الله]
كما أن تقديم الغفور يعني أن هناك شوائب في الطريق ينبغي أن تمحى وتستر أولاً، فسترت ومحيت شكراً من الله تعالى.
وهذا مطلبهم ففي الآية الأولى قيل: (يرجون تجارة لن تبور)
و في الآية الأخرى قيل: (لهم ما يشاءون عند ربهم)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/323)
ولا يتصور أن العبد عند عبادته يطلب شيئاً قبل المغفرة، إنها شغل العباد الشاغل: أن تغفر لهم ذنوبهم، فعجل لهم ذلك، وقدمت المغفرة في جميع المواضع على (الشكور) لأنها مقصود العباد الأول فبشروا به أولاً.
سادساً: اعتناق الغفور والودود
يقول ابن فارس: [الواو والدال كلمة تدل على محبة، وددته: أحببته، وودت أن ذاك كان، إذا تمنيته ... وهو وديد فلان، أي: يحبه]
[والودود: فعول بمعني فاعل، ويجوز أن يكون فعولاً بمعنى مفعول]
ولم يتعانق اسمه (الغفور) مع اسمه (الودود) في القرآن الكريم إلا في موضع واحد وذلك في سورة البروج في قوله تعالي (إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ، إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ، وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ) (البروج:12، 13، 14)
وسياق سورة البروج سياق غضب على هؤلاء الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات وقد امتلأت السورة بأسمائه وصفاته وأفعاله المنذرة المشعرة بالقدرة والهيمنة وذلك نحو [الله – العزيز – الذي له ملك السماوات والأرض – الله على كل شيء شهيد – بطش ربك لشديد – إنه هو يبدئ ويعيد – ذو العرش المجيد – فعال لما يريد – الله من ورائهم محيط.]
كل ذلك نذر من الله تعالي، وفي وسط هذه الأمواج الهادرة، والعواصف الساخطة يوضع قوله (وهو الغفور الودود) ليكون بمثابة النسمة الحانية وسط هذه العواصف أو كما يقول المرحوم سيد قطب [ليظل الباب مفتوحاً لا يغلق في وجه عائد تائب و لو عظم الذنب وكبرت المعصية]
وقد تكون المغفرة هنا للمؤمنين والمؤمنات الذين قدموا أرواحهم فداءً لعقيدتهم لكن المغفرة هنا لها مذاق خاص ........ نعم،
فمن الناس من يغفر لهم رحمةً
ومنهم من يغفر له شكراً
ومنهم من يغفر لهم حلماً
أما هؤلاء الذين جادوا بأرواحهم وأقبلوا على النار تأكلهم، هم وأولادهم فلقد نالوا المغفرة حباً ومودة من الله تعالي.
وكأن دلالة المغفرة قد أحيطت بالحب والود وليس هناك كما أرى أعلى درجة من هؤلاء الذين غفرت لهم ذنوبهم حباً وكرامة من الله تعالي.
يقول المرحوم سيد قطب: [أما الودود – فيتصل بموقف المؤمنين الذين اختاروا ربهم على كل شيء.
وهو الإيناس اللطيف الحلو الكريم حين يرفع الله عباده الذين يؤثرونه ويحبونه إلى مرتبة يتحرج القلم من وصفها، لولا أن فضل الله يجود بها، ... مرتبة الصداقة: الصداقة بين الرب والعبد ..
ودرجة الود من الله لأودائه وأحبائه المقربين.
فماذا تكون الحياة التي ضحوا بها، وهي ذاهبة؟
وما يكون العذاب الذي احتملوه , وهو موقوت؟
ماذا يكون هذا إلى جانب قطرة من هذا الود الحلو؟
وإلى جانب لمحة من هذا الإيناس الحبيب؟ ......
ألا هانت الحياة وهان الألم وهان العذاب
وهان كل غال عزيز، في سبيل لمحة رضى يجود بها
المولي الودود ذو العرش المجيد]
ولعل هذه المعاني التي أفاض الله بها على الشيخ – رحمه الله – تجعلنا نميل إلى أن اسمه (الودود) هو فعول بمعني (فاعل ومفعول) في آن واحد فهو محب ومحبوب، وواد ومودود.
ولعل ذلك أيضاً جعل اسمه الودود يتأخر عن اسمه (الغفور) تبشيراً لهم بالقبول، ثم إيناساً لهم بالودود، فالمغفرة هنا مغفرة محب.
وليس الترتيب هنا ترتيب حدوث – فلا يقال غفر فأحب، ولكنه ترتيب عِلِّيِّه،
أي أنه: أحب فغفر.
خاتمة البحث أسأل الله-تعالى-حسنها
الحمد لله، بنعمته تتم الصالحات – سبحانه – هو الغفور الرحيم، والصلاة والسلام على صاحب الخلق العظيم، وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
فإذا كان العيش في رحاب القرآن جميلاً كله فالعيش مع صفات الله أجمل، ويزداد الجمال بهاءً ونضارة حين تنحصر الدراسة في صفات تبث في النفس الأمل والطمأنينة؛ لأن النفس الإنسانية لقصورها تأنس كثيراً إلى صفات تطمئنها بالغفران، وتبشرها بجميل الإحسان، فما أحلى أن يتحقق الأمل حين يكثر الخطأ والزلل.
ومهما تكلمت عن سعادتي بهذا البحث الذي عشت معه وقتاً من عمري، بتكليف من أساتذتي-أجزل الله لهم المثوبة – فالألفاظ تتضاءل دون الوفاء بحق التعبير عن هذه السعادة، ولم لا؟ والبحث في أسماء الله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/324)
وإن من أجل أسماء الله تعالى و أوصافه: وصفَه بالمغفرة؛ فهي عنوان الكمال، وبرهان الجلال والجمال، فهي ستر للعيوب، وغطاء للذنوب وهي بداية العفو، وبريد الرحمة، ولما تعددت الذنوب، من صغيرة إلي كبيرة، وكثر الناس في الزمان والمكان، وكلهم خطاء تعددت صفة المغفرة فقيل مرة:غافر، ومرة:غفور، ومرة:غفار , ففي غافر بداية، وفي غفار تكرار، وفي غفور عِظَم 0
وهذه الصفات ليست قائمة على المجاز لأنها لا تقبل الزيادة ولا النقصان، وليست قائمة على الادعاء،بل هي قائمة على الحقيقة وما تعددت الصيغ إلا للإشعار بأنها بلغت المنتهى0
وتنوُّع المجىء بها في القرآن الكريم بين التعريف والتنكير إنما كان لتنوع السياقات داخل كل سورة، فسياق يهدف إلى اختصاصه بالمغفرة، وسياق يهدف إلى عمومها،وسياق يبشر، وسياق يحذر، ولكل مايناسبه0
كما أن هذه الأسماء تعددت أماكنها داخل الجملة، لكن أغلبها جاء في الفاصلة، وكأنها نتائج أو تلخيص لما سبقها من معان 0
وأول الأسماء (غافر)، ولم يرد إلا مرة واحدة في القرآن الكريم،وفي سورة كان عنوانها غافر، ولقد جاء هذا الاسم في صحبة جمع من الأسماء تحمل صفات الجلال وتحيط بها ظلال التهديد لمن كذبوا بالقرآن ونزوله على النبي العدنان؛ لذلك كان السياق سياق تهديد حتى يعودوا.
أما اسمه (الغفار) فلقد جاء في خمسة مواضع، وجميعها جاءت في سياق رفع الحرج عن الذنوب المتكررة في أمور الرزق، كما أنه مفتاح لسعته وكثرته إذا لزم الناس الاستغفار.
أما اسمه الغفور فهو أكثر الأسماء شيوعا في القرآن الكريم حيث ورد إحدى وتسعين مرة،وحازت سورة النساء المرتبة الأولى في ذكر هذا الاسم الكريم مما يعكس شدة احتياجهن إلى المغفرة الدائمة من الرجال والتغاضي عن الهنات المتوالية منهن كما وصى ديننا الحنيف.
وقد تنوعت صورة هذا الاسم وصورة الجملة التي ورد فيها، فهو مرة معرفة، ومرة نكرة، وهو حين يكون معرفة يغلب عليه معنى الاختصاص فلا غفور سواه، وإذا جاء نكرة يغلب عليه معنى الشمول للجميع.
أما حركاته الإعرابية فقد جاء مجرورا ًمرة واحدة في القرآن الكريم وقد جاء في سياق تشيع فيه معاني الرقة والقرب كما هو حال المؤمنين عند انتقالهم من دار الفناء إلى دار البقاء فهم حينئذٍ أشد ما يكونون حاجة إلي هذا القرب.
وفي مجيئه مفعولا به معنى آخر وهو أن هذه المغفرة عزيزة غالية ينبغي البحث عنها والسعي الحثيث للحصول عليها.
وحين يكون خبرا لـ "كان" فإن دلالته تكتسب ظلالا أخرى، منها ديمومة هذه المغفرة وعدم تخلفها وبخاصة إذا جعلت "كان" وجملتها خبرا لـ"إن"حيث يجتمع على اسمه "الغفور"حشد من المؤكدات يزيل كل شك من قلب كل عاص، ويرسم له المغفرة على أنها كالشمس، تطلع للجميع.
فإذا وضع بدلا من اسم "الله " الضمير ارتشف المعنى رحيقا آخر، يعود به إلى ما سبق ذكره في الآية من ذنوب ليكون حاضرا أمام العيون عند ذكر المغفرة، وبخاصة الذنوب المستورة، والأسرار المطمورة.
أما وروده مرفوعا فلقد تعددت صوره فهو مرة خبرا لمبتدأ ومرة خبرا لـ"إن" ومرة اسما لـ"كان"الناسخة.
وفي كل ظلال من المعاني لا تكون في الصورة الأخرى، فهو حين يكون خبرا لمبتدأ قد يحمل معنى الإخبار بالصفة لمن يجهلها من الكفار ترغيبا لهم،وهو تارة تبشير لمن هفا وأخطأ مضطرا، وهو تارة تودد للمقربين إذا فعلو خلاف الأولى، وهو قبل كل ذلك وبعده يحمل من الدلالات عظم المغفرة وعمومها، وكمالها.
وحين يفصل بين الاسم والخبر بقوله –من بعدها-، أو- من بعد ذلك – فإن السياق غالبا ما يكون في شأن الذنوب العظيمة التي قد لا يتصورها العقل فيأتي هذا الفاصل لبيان مدى هذه المغفرة وعظمها.
ثم يأتي المبحث الأخير ليبين اعتلاق هذا الاسم الكريم بغيره:
وفيه يظهر جليا الألفة الواضحة بين اسم" الغفور" واسم" الرحيم"،حيث كان جل صحبته معه في عالم القرآن الكريم، وهذه الألفة تعني أن المغفرة بداية العفو والصفح،فهي تمهيد للرحمة وتوطئة للجنة.
والغالب في ورودهما تقديم" الغفور" على" الرحيم" فالمغفرة سلامة والرحمة غنيمة، والسلامة مقدمة على الغنيمة، ولم يتغير ذلك إلا في موضع واحد كان الحديث فيه عن البعث والحساب وهو مقام يستدعي أولا الرحمة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/325)
ثم يأتي اعتلاق اسمه" الغفور" باسمه" الحليم" في سبع آيات ليشير إلى أن المغفرة كانت لذنوب فيها إساءة للأدب مع الله تعالى،كأن يحلف الإنسان بالله استهانة واستخفافا، أو يتجرأ على محارم الله تعالى، ويتسور فوق مناهيه بالتصريح بخطبة المتوفى عنها زوجها، دون مراعاة لحرمة الميّت أو مصاب زوجته.
وقد تكون الإساءة في عدم الثقة في نصر الله يوم التقى الجمعان.
وقد تكون الإساءة بكثرة السؤال للرسول –صلى الله عليه وسلم وكأن الدين قد نقص منه شيء.
كل ذلك إساءة للأدب مع الله تعالى تستدعي حلمه ومغفرته؛ لذلك اقترن اسمه" الغفور" باسمه" الحليم"؛ لأن "الحليم" هو الذي لا يستفزه التقصير.
وقد تقدم في كل ذلك اسمه" الغفور" لأن الحديث كان فيها للمؤمنين.
أما إذا جاء الحديث عن الكافرين فإن الحلم والإمهال هو المقدم لأن الكافر في حاجة إلى إمهال لعله يثوب ويرجع فيحوِّل كفره إلى إيمان فيكون أهلا للمغفرة ليتم هذا النسق .... " كفر فإمهال فإيمان فمغفرة "
أما اعتلاق المغفرة باسمه" العزيز" فقد جاء خمس مرات وكلها لبيان القدرة والغلبة وكأن المغفرة هنا قد أحاطت بالعزة حتى لا تنعكس على الخلق بالعذاب.
أما اسمه" العفو" فقد قرن" بالغفور" عند الحديث عن الرُّخص والأعذار التى تطرأ في حياة المؤمنين فتحاط مخالفاتهم بالعفو والمغفرة تبشيرا بأن الله لايكلف نفسا إلا وسعها.
وفي اعتلاق اسمه" الشكور" معنى آخر وهو ما يشير إليه قوله تعالى "هل جزاء الإحسان إلا الإحسان "فالحديث عن المؤمنين أو عن أعمالهم الصالحة وهذا يعني أن المغفرة لهم مغفرة شكر.
ثم يأتي الاسم الأخير وهو "الودود" وفيه تصل المغفرة إلى أبهى صورها وأعلي درجاتها لأنها مغفرة محب ولم يأت ذلك إلا مرة واحدة، ولقوم استرخصوا أرواحهم، وألقوا بأنفسهم في النار إيمانا بالله رب العالمين؛فكانت المغفرة لهم مغفرة ودود،وتلك أعلى مراتبها.
هذا وإن هذا البحث يوصي أهل البيان بالنظر في توزيع أسماء الله تعالى داخل كل سورة وما في ذلك من هندسة قرآنية عالية تنم عن دلالات لا حصر لها.
كما يوصي بالنظر في وجوه الدلالة الكامنة خلف التعبير عن أسماء الله تعالى مرة بالاسم ومرة بالفعل، وأثر السياق و المقام في ذلك.
وبعد:
فهذا جهد المقل،فإذا كان من صواب فالحمد لله في الأولى والآخرة، و إلا فإني أسأل الله – تعالى – أن تشملني مغفرته ورحمته إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
سعيد جمعة
جامعة الأزهر الشريف
فرع شبين الكوم
ثبت بالمصادر والمراجع
1 - الإتقان في علوم القرآن للإمام جلال الدين السيوطي الشافعي وبهامشه كتاب إعجاز القرآن للباقلاني –دار الفكر –بيروت لبنان.
2 - إرشاد العقل السليم إلي مزايا القرآن الكريم لمحمد بن محمد العمادي أبي السعود ت /951 هـ دار إحياء التراث العربي بيروت.
3 - أساس البلاغة للإمام جار الله أبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري دار الفكر بيروت ط / الثانية 1399 هـ.
4 - أسماء الله الحسني لعبد الله بن صالح بن عبد العزيز الغصن دار الوطن السعودية ط/ الأولي 1417 هـ.
5 - الأسماء والصفات للحافظ أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي ت /458 هـ تحقيق عبد الله الحاشدي السوادي للتوزيع جدة السعودية.
6 - الإيضاح في علوم البلاغة للخطيب القزويني ت /عبد الحميد هنداوي مؤسسة المختار القاهرة ط / الأولي 1419 هـ.
7 - البرهان في علوم القرآن لمحمد بن بهادر الزركشي تحقيق /محمد أبو الفضل إبراهيم دار المعرفة للتراث بيروت.
8 - التبيان في تصريف الأسماء لأحمد حسن كحيل مطبعة السعادة القاهرة الطبعة الرابعة.
9 - التعريفات لعلي بن محمد بن علي الجرجاني ت /816 هـ تحقيق إبراهيم الإبياري دار الكتاب العربي بيروت الطبعة الأولي.
10 - تفسير أسماء الله الحسني لأبي إسحق إبراهيم بن السري الزجاج ت/ 311هـ تحقيق أحمد يوسف الدقاق دار الثقافة العربية دمشق 1974م.
11 - تفسير البحر المحيط لمحمد بن يوسف الشهير بأبي حيان الأندلسي ت /745 هـ دار الكتب العلمية بيروت لبنان.
12 - تفسير البيضاوي ت /791 هـ تحقيق عبد القادر عرفات الحشا حسونة دار الفكر بيروت.
13 - تفسير التحرير والتنوير لمحمد الطاهر بن عاشور دار سحنون للنشر والتوزيع تونس.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/326)
14 - تفسير القرآن العظيم لإسماعيل بن عمر بن كثير الدمشقي أبي الفداء دار الفكر بيروت 1401هـ.
15 - التفسير الكبير للإمام الفخر الرازي دار إحياء التراث العربي بيروت لبنان الطبعة الثالثة.
16 - التوقيف علي مهمات التعاريف لمحمد بن عبد الرؤوف المناوي ت /1031 هـ دار الفكر المعاصر بيروت لبنان تحقيق محمد رضوان الداية.
17 - الجامع لأحكام القرآن لأبي عبد الله محمد بن أحمد القرطبي دار الشعب القاهرة تحقيق البردوني الطبعة الثانية 1372هـ.
18 - دلائل الإعجاز لعبد القاهر الجرجاني تحقيق محمود شاكر مكتبة الخانجي القاهرة.
19 - دلالات التراكيب دراسة بلاغية لمحمد أبي موسى مكتبة وهبة القاهرة الطبعة الثانية 1408هـ.
20 - روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني لمحمود الألوسي أبي الفضل ت /1270 هـ دار إحياء التراث العربي بيروت.
21 - زاد المسير في علم التفسير لعبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي المكتب الإسلامي بيروت ط /الثالثة 1404هـ
22 - شرح أسماء الله الحسني في ضوء الكتاب والسنة لسعيد بن علي بن وهف القحطاني ط/السادسة 1419هـ مطبعة سفير الرياض السعودية.
23 - شرح المفصل لموفق الدين بن يعيش النحوي ت /643 هـ عالم الكتب بيروت ط /الأولي 1413هـ.
24 - صحيح مسلم بن الحجاج أبو الحسين القشيري دار إحياء التراث العربي بيروت تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي.
25 - صحيح البخاري محمد بن إسماعيل أبو عبد الله البخاري الجعفي ت /256 هـ دار ابن كثير اليمامة بيروت ط / الثالثة 1207 هـ تحقيق / مصطفى ديب البغا.
26 - الصرف الواضح لعبد الجبار علوان النايلة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي جامعة الموصل 1408هـ.
27 - الفاصلة في القرآن الكريم لمحمد الحسناوي المكتب الإسلامي بيروت الطبعة الثانية 1406هـ.
28 - فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني دار المعرفة – بيروت ت / محمد فؤاد عبد الباقي.
29 - في ظلال القرآن لسيد قطب دار الشروق الطبعة العاشرة 1402هـ.
30 - كتاب سيبويه أبي بشر عمرو بن عثمان بن قنبر –تحقيق عبد السلام هارون –دار الجيل – بيروت ط/ الأولى.
31 - الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل للزمخشري الخوارزمي ت /538 هـ دار المعرفة بيروت لبنان.
32 - لسان العرب لمحمد بن مكرم بن منظور الأفريقي المصري ت /711 هـ دار صادر بيروت.
33 - المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات والإيضاح عنها لأبي الفتح عثمان بن جني 392هـ تحقيق/ محمد عبد القادر عطا دار الكتب العلمية بيروت1419هـ.
34 - المدونة الكبرى لمالك بن أنس دار صادر بيروت.
35 - مسند البزار أبو بكر أحمد بن عمر – مؤسسة علوم القرآن بيروت ط/ الأولى 1406هـ ت/ محفوظ الرحمن زين الله.
36 - معجم المقاييس في اللغة لأبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريا ت / 395 هـ تحقيق شهاب الدين أبو عمر دار الفكر بيروت 0
37 - المعجم الوجيز إصدار مجمع اللغة العربية مصر 1418هـ.
38 - المفردات في غريب القرآن للراغب الأصفهاني تحقيق محمد سيد كيلاني دار المعرفة بيروت.
39 - مناهل العرفان في علوم القرآن لمحمد عبد العظيم الزرقاني دار الفكر بيروت ط / الأولي 1996م.
40 - نظم الدرر في تناسب الآي والسور للإمام المفسر برهان الدين أبي الحسين إبراهيم بن عمر البقاعي ت/885 هـ ط / الأولي 1394هـ
فهرس العناوين
الصفحة الموضوع
1 افتتاحية البحث
3 منهج البحث
4 خطة البحث
الفصل الأول: الدلالات العامة للمادة والأسماء
6 دلالة غفر في اللغة
9 دلالة غفر في القرآن الكريم
10 الفروق الدلالية بين الصيغ الثلاثة (فاعل –فعال –فعول)
14 هل صفات الله –تعالى – قائمة على المجاز؟
15 الأسماء الثلاثة بين التعريف والتنكير
16 الأسماء الثلاثة بين مجيئها في الفاصلة وتقدمها في الآية
18 الأسماء الثلاثة بين الاعتنناق والتفرد.
الفصل الثاني: تبيان اسم الله –تعالى – (غافر)
21 مدخل
21 إعراب (غافر الذنب) في سورة غافر
22 أثر السياق والمقام في فهم المراد
الفصل الثالث: تبيان اسمه –سبحانه (الغفار)
24 مواضع ذكر هذا الاسم الجليل
25 دلالة اسمه (غفار) بين سورتي (طه و نوح)
27 موضع سورة طه
28 العلاقة بين السحرة وقوله (غفار)
30 دلالة اسمه (غفار) في سورة نوح
33 تبيان اسمه (الغفار)
الفصل الرابع: تبيان اسمه –سبحانه – (الغفور)
37 مدخل
الصفحة الموضوع
38 المبحث الأول: اسمه (الغفور) بين التعريف والتنكير
46 المبحث الثاني: موقع اسمه (الغفور) من الإعراب
47 أولاً: وروده مجرورا بحرف الجر
48 ثانيا: وروده منصوبا – مفعولاً به
50 وروده خبرا لـ"كان" الناقصة
52 تنوع الصورة في جملة " كان "
56 ثالثا: مجيء اسمه الغفور مرفوعاً
56 دلالة (الغفور) في جملة (وهو الغفور الرحيم)
58 وربك الغفور
60 مجيء اسمه الغفور خبرا لـ" إن "
60 إن الله غفور رحيم
66 إن ربك من بعدها لغفور رحيم
68 المبحث الثالث:اسم الغفور بين الاعتناق و التفرد
69 أولاً: اعتناق الغفور و الرحيم
70 التقديم والتأخير بين الاسمين
72 ثانياً: اعتناق الغفور و الحليم
76 التقديم والتأخير بين الاسمين
78 ثالثاً: اعتناق العزيز والغفور
81 رابعا: اعتناق العفو والغفور
84 خامسا: ً اعتناق الغفور والشكور
86 سادساً: اعتناق الغفور و الودود
88 خاتمة البحث
92 ثبت بالمصادر والمراجع
95 فهرس الموضوعات
تبيان اسم الله – تعالي–) الغفور (
} غافر، وغفار، وغفور {
مقاماتها، ودلالاتها
في القرآن الكريم
سعيد جمعة
جامعة الأزهر
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/327)
ـ[أبو محمد الإسناوي]ــــــــ[18 - 12 - 03, 05:17 م]ـ
الشيخ: سعيد: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكرك على مبادرتك بإتاحة الاطلاع على بحثك الطيب هذا لطلاب العلم وآمل أن تعمل على نشر بقية مؤلفاتك ولك الشكر والذكر الحسن
محمود توفيق محمد سعد أستاذ البلاغة والنقد ورئيس القسم في كلية اللغة العربية جامعة الأزهر الشريف شبين الكوم
ـ[عابر سبيل2]ــــــــ[19 - 12 - 03, 02:02 م]ـ
أستاذنا الكبير د/ محمود توفيق
لقد أحببناك في الله دون أن نراك لما سمعناه عن ورعك وتقاك وعلمك الفياض
بارك الله لك وفيك وعليك وسوف نلتقى بإذن الله تعالى على خير والمرجو من فضيلتكم العمل على نشر هذا العلم الذي من الله به عليك ونتمنى أن تتحفنا بشيء عن الإعجاز البلاغي للقرآن بما يتناسب والفهم القاصر الذي مني به العقل العربي في هذه الأيام للبعد عن البلاغة المعتمدة على التذوق الراقي
ولقد سررت بعبوركم على موقع ملتقى أهل التفسير الذي أرجو من فضيلتكم أن تسهموا في إثرائه بحظ وافر وعندما رأيت كتبكم على هذا الموقع استبشرت خيرا وبشرت أخانا سعيد جمعة الذي حدثني عن فضيلتكم بما أنتم أهله فكان سببا في أن أحببناك في الله
شكر الله لكم وبارك الله فيكم
أخوكم الأصغر
أحمد سعد الخطيب
أستاذ التفسير وعلوم القرآن بجامعة الأزهر والمعار للتدريس بالسعودية
ـ[عابر سبيل2]ــــــــ[19 - 12 - 03, 02:11 م]ـ
أستاذنا الكبير د/ محمود توفيق
لقد أحببناك في الله دون أن نراك لما سمعناه عن ورعك وتقاك وعلمك الفياض
بارك الله لك وفيك وعليك وسوف نلتقى بإذن الله تعالى على خير والمرجو من فضيلتكم العمل على نشر هذا العلم الذي من الله به عليك ونتمنى أن تتحفنا بشيء عن الإعجاز البلاغي للقرآن بما يتناسب والفهم القاصر الذي مني به العقل العربي في هذه الأيام للبعد عن البلاغة المعتمدة على التذوق الراقي
ولقد سررت بعبوركم على موقع ملتقى أهل التفسير الذي أرجو من فضيلتكم أن تسهموا في إثرائه بحظ وافر وعندما رأيت كتبكم على هذا الموقع استبشرت خيرا وبشرت أخانا سعيد جمعة الذي حدثني عن فضيلتكم بما أنتم أهله فكان سببا في أن أحببناك في الله
شكر الله لكم وبارك الله فيكم
أخوكم الأصغر
أحمد سعد الخطيب
أستاذ التفسير وعلوم القرآن بجامعة الأزهر والمعار للتدريس بالسعودية
ـ[ابن عبد الوهاب السالمى]ــــــــ[20 - 12 - 03, 04:23 ص]ـ
بارك الله فيك شيخنا الكريم انه لسعادة لنا جميعا ان نلتقي بكم علي هذا المنتدي انتم والشيخ الكريم محمود توفيق
ـ[حياء سلفية]ــــــــ[15 - 06 - 10, 02:48 ص]ـ
أحسن الله إليك
دراسة حقا مهمة جدا
ـ[أمينة زهراء]ــــــــ[27 - 10 - 10, 11:24 م]ـ
بارك الله فيك(6/328)
((الروض الباسم ... )) لابن الوزير، تحقيق العمران ـ تقديم بكر أبو زيد
ـ[خليل بن محمد]ــــــــ[17 - 12 - 03, 11:01 ص]ـ
((الروض الباسم، في الذب عن سنة أبي القاسم)) (- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -)
لامام محمد بن إبراهيم الوزير ــ رحمه الله ــ.
تحقيق الشيخ المحقق: علي العمران.
تقديم الشيخ العلامه: بكر أبو زيد.
وأشكر موقع البرهان .. ( http://www.albrhan.com )
ـ[الطالب الصغير]ــــــــ[17 - 12 - 03, 03:07 م]ـ
بارك الله فيك،،،
ـ[ابن زهران]ــــــــ[17 - 12 - 03, 09:26 م]ـ
جزاك الله خيرا وبارك الله في جهودكم
ـ[ابن زهران]ــــــــ[17 - 12 - 03, 09:57 م]ـ
جزاك الله خيرا وبارك الله في جهودكم
ـ[ sheyyabfiras] ــــــــ[21 - 12 - 03, 03:28 ص]ـ
السلام عليكم ورحمةالله وبركاته وجزاكم الله خيرا
لا أدري هل تفضلون على أخيكم بالكتاب الأصل العواصم والقواصم لابن الوزير حيث إني لم أهتد اليه في الشبكه ولكم جزيل الشكر
أخوكم: فراس
ـ[السنافي]ــــــــ[05 - 05 - 07, 01:59 م]ـ
جزاكم الله خيراً
ـ[مهاجي جمال]ــــــــ[26 - 06 - 08, 11:41 م]ـ
جزاكم الله خيراً وبارك فيكم
هل من نسخة مصورة كاملة بارك الله فيكم؟
ـ[أبو حاتم المهاجر]ــــــــ[29 - 01 - 09, 10:42 ص]ـ
بارك الله فيكم
ـ[صالحي أحمد]ــــــــ[29 - 01 - 09, 10:51 ص]ـ
جزاكم الله خيراً وبارك فيكم و في والديكم
شكرا
ـ[صالحي أحمد]ــــــــ[29 - 01 - 09, 01:41 م]ـ
هل يوجد للشاملة جزاكم الله خير
شكرا(6/329)
كتاب معالم في طريق طلب العلم .. هل اجده على النت؟
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[17 - 12 - 03, 02:55 م]ـ
السلام عليكم
هل أجد كتاب "معالم في طريق طلب العلم" للسدحان على النت؟
ارجو الرد
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[14 - 04 - 08, 03:57 م]ـ
هل قام أحد برفعه؟
أو تفريغه في ملف وورد او بي دي اف؟
ـ[أبو سلمى رشيد]ــــــــ[14 - 04 - 08, 04:11 م]ـ
وجدت لك أشرطة
http://www.islamway.com/?iw_s=Scholar&iw_a=series&series_id=102
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[14 - 04 - 08, 04:25 م]ـ
بارك الله فيك
الكتاب نفسه عندي في مكتبتي
لكنني أريده على النت بصيغة وورد او اي صيغة أخرى استطيع ان انسخ منه
ـ[إسلام بن منصور]ــــــــ[28 - 04 - 09, 05:01 م]ـ
بارك الله فيك
الكتاب نفسه عندي في مكتبتي
لكنني أريده على النت بصيغة وورد او اي صيغة أخرى استطيع ان انسخ منه
للرفع
ـ[صخر]ــــــــ[28 - 04 - 09, 05:08 م]ـ
مشاركة خطأ
ـ[إسلام بن منصور]ــــــــ[28 - 04 - 09, 05:10 م]ـ
عدلتها لتعديل المشاركة قبلها
ـ[ماجد المسلم]ــــــــ[29 - 04 - 09, 12:47 ص]ـ
الكتاب موجود ..
هل أنتم في حاجة له مصوراً pdf؟
ـ[إسلام بن منصور]ــــــــ[29 - 04 - 09, 04:47 ص]ـ
الكتاب موجود ..
هل أنتم في حاجة له مصوراً pdf؟
طبعا. وجزاكم الله خيرا
ـ[أبو معاذ السلفي المصري]ــــــــ[06 - 05 - 09, 02:39 ص]ـ
طبعا. وجزاكم الله خيرا
ـ[ماجد المسلم]ــــــــ[06 - 05 - 09, 09:28 ص]ـ
إذن سأصوره في أقرب وقت إن شاء الله
ـ[آبو يحيى الشآمي]ــــــــ[06 - 05 - 09, 09:47 ص]ـ
نتمنى وجود الكتاب مصورا .. ياخي ماجد ..
ننتظرك بإذن الله ..
ـ[ماجد المسلم]ــــــــ[11 - 05 - 09, 04:55 م]ـ
تم بفضل الله
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=1040616(6/330)
للتحميل بعض مصنفات أ. د. محمود توفيق
ـ[أبو محمد الإسناوي]ــــــــ[17 - 12 - 03, 10:33 م]ـ
تحميل كتاب:الإمام البقاعي: مناجهه في تأويل بلاغة القرآن تأليف اد: محمود توفيق ARIL
ـ[أبو محمد الإسناوي]ــــــــ[17 - 12 - 03, 10:46 م]ـ
المنهج إلى التذوق البلاغي للقصيدة العربية تأليف اد: محمود توفيق محمد سعد أستاذ البلاغة والنقد ورئيس القسم في كلية اللغة العربية جامعة الأزهر الشريف شبين الكوم 18 ARIL
ـ[أبو محمد الإسناوي]ــــــــ[17 - 12 - 03, 10:57 م]ـ
كتاب:إعجاز القرآن الكريم بالصرفة – دراسة ناقدة – تأليف: محمود توفيق محمد سعد أستاذ البلاغة والنقد ورئيس القسم في كلية اللغة العربية جامعة الأزهر الشريف شبين الكوم
ـ[أبو محمد الإسناوي]ــــــــ[18 - 12 - 03, 05:27 م]ـ
تحميل كتاب (شذرات الذهب في بلاغة القرآن الكريم) للدكتور محمود توفيق محمد سعد أستاذ البلاغة والنقد ورئيس القسم في كلية اللغة العربية جامعة الأزهر الشريف شبين الكوم
ـ[سعيد جمعة]ــــــــ[19 - 12 - 03, 08:35 م]ـ
أستاذي العزيز: كم كانت سعادتي حين أنبأني أخي الفاضل الدكتور أحمد سعد بوجود فضيلتكم على هذا الموقع الكريم، ويعلم الله تعالى أني ماحرمت من شيء في هذه الأيام مثل حرماني من الجلوس إليكم والاغتراف من علمكم وفضلكم
جعلكم الله زخرا لهذه الأمة
تلميذكم / سعيد جمعة
ـ[سعيد جمعة]ــــــــ[19 - 12 - 03, 10:46 م]ـ
إلي طلاب العلم
عليكم بهذا العالم الفاضل فهو من البقية الباقية في هذا الزمان الذين قال فيهم المعصوم "صلى الله عليه وسلم " يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله "
نفعكم الله به
تلميذه / سعيد جمعة
الأستاذ المساعد في كليات البنات في
السعودية
ـ[أبو محمد الإسناوي]ــــــــ[20 - 12 - 03, 03:39 ص]ـ
كتاب: العزف على أنوار الذكر
معالم الطريق إلى التدبر الى فقه المعنى القرآني في سياق السورة تأليف: محمود توفيق محمد سعد أستاذ البلاغة والنقد ورئيس القسم في كلية اللغة العربية جامعة الأزهر الشريف شبين الكوم
ـ[ابن عبد الوهاب السالمى]ــــــــ[28 - 12 - 03, 03:23 ص]ـ
بارك الله فيكم فضيلة الدكتور
نرجو منكم ان تسمحو لنا وضع كتابكم الممتع
فقة تغير المنكر
ـ[ابن عبد الوهاب السالمى]ــــــــ[29 - 12 - 03, 05:36 ص]ـ
نرجو منكم شيخنا الكريم لو امكن وضع الحواشي وهوامش ان امكن حيث الكتاب مفقود منه الهوامش وجزاكم الله خير
ـ[أبو محمد الإسناوي]ــــــــ[30 - 12 - 03, 05:32 م]ـ
أخي الكريم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكرك على كريم تفضلك بالتعقيب،وسوف أعمل جاهدًا على إنفاذ ما أمرت به ولك الشكر، وأشكرك جزيلا على ما تتحفنا به من الأسفار،ولي رجاء إذا كان بمقدورك أن تعد تفسير البقاعي (نظم الدرر) كاملا للتحميل فهذا عمل عظيم،وكذلك كتاب (شرح البخاري) لابي سليمان الخطابي) وكذلك رسالته (بيان إعجاز القرآن) فهذه الأسفار ذات نقع جليل،ولو أنَّ لدي من الوقت ما يتسع لقمت إلى ذلك ولكني مزدحم بقضاء حاجات طلاب العلم بالدراسات العليا فعذرًا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
محمود توفيق محمد سعد أستاذ البلاغة والنقد ورئيس القسم في كلية اللغة العربية جامعة الأزهر الشريف شبين الكوم
ـ[فوزان مطلق النجدي]ــــــــ[23 - 11 - 08, 03:15 م]ـ
هل هناك مصنفات أخرى
ـ[شيهان]ــــــــ[26 - 12 - 08, 11:12 م]ـ
سؤال للأخ الإسناوي
د. محمود توفيق سعد
هل سبق له العمل في كلية المعلمين بحائل
أرجو من الأخ التكرّم في الرد على سؤالي.
ـ[أم ساره]ــــــــ[23 - 11 - 09, 12:44 ص]ـ
هل أجد نسخة من كتاب: (دلالات الألفاظ على المعاني عند الأصوليين) لـ د. محمود توفيق محمد سعد.
أقصد نسخة إلكترونية؟
ـ[النجدية]ــــــــ[06 - 07 - 10, 11:24 ص]ـ
جزاك المولى خير ماجزى محسنا على إحسانه؛ على هذه الدرر(6/331)
ابحث عن كتاب الصلاة لابن القيم
ـ[ع. ع]ــــــــ[18 - 12 - 03, 12:56 م]ـ
جزاكم الله خيرا
على ملف وورد لو سمحتم
ـ[هيثم حمدان]ــــــــ[18 - 12 - 03, 01:58 م]ـ
هذا الكتاب في موقع المكتبة الإسلامية:
http://arabic.islamicweb.com/Books/taimiya.asp?book=99&ID=1
ـ[ع. ع]ــــــــ[18 - 12 - 03, 11:36 م]ـ
جزاك الله خيرا اخي الكريم هيثم
لكن طريقة عرضه صعبة للقراءة والطبع
احتاجه على ملف وورد
فهل يعرف احد الاخوة اين اجده للتنزيل؟
ـ[عبد الجبار]ــــــــ[19 - 12 - 03, 12:48 م]ـ
السلام عليكم
ـ[ع. ع]ــــــــ[19 - 12 - 03, 03:28 م]ـ
جزاك الله خيرا(6/332)
تحميل كتاب (فقه تغيير المنكر) للدكتور محمود توفيق محمد سعد أستاذ البلاغة والنقد ورئي
ـ[أبو محمد الإسناوي]ــــــــ[18 - 12 - 03, 05:11 م]ـ
تحميل كتاب (فقه تغيير المنكر) للدكتور محمود توفيق محمد سعد أستاذ البلاغة والنقد ورئيس القسم في كلية اللغة العربية جامعة الأزهر الشريف شبين الكوم
ـ[عصمت الله]ــــــــ[18 - 12 - 03, 06:26 م]ـ
الأخ أبو محمد الإسناوي السلام عليكم و رحمة الله
شكرا لك على هذا الكتاب الطيب فقه تغيير المنكر، و لكن أين الرابط؟؟
ـ[ abo-omar] ــــــــ[08 - 04 - 04, 04:52 ص]ـ
في المشاركة التالية:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?threadid=16458&perpage=15&pagenumber=8
وهذا رابط التحميل ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?postid=87849)
ـ[شهاب الدين]ــــــــ[20 - 04 - 04, 03:19 ص]ـ
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم(6/333)
أبحث عن كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود
ـ[مسك]ــــــــ[18 - 12 - 03, 06:21 م]ـ
أبحث عن كتاب عون المعبود شرح سنن أبي داود
ـ[مسك]ــــــــ[20 - 12 - 03, 06:54 ص]ـ
للرفع والتذكير
ـ[فالح العجمي]ــــــــ[22 - 12 - 03, 11:04 م]ـ
تجده هنا بارك الله فيك
http://hadith.al-islam.com/
على يمين الصفحة
ضع الحديث الذي تريده ويخرج لك شرحه مباشرة
ـ[مسك]ــــــــ[23 - 12 - 03, 02:06 ص]ـ
جزاك الله خيراً أخي الفاضل ..
ولكني اريد الكتاب كاملاً على ملفات ورد ..
ـ[مسك]ــــــــ[25 - 12 - 03, 03:08 ص]ـ
للرفع والتذكير
ـ[مسك]ــــــــ[12 - 01 - 04, 09:38 ص]ـ
للرفع والتذكير(6/334)
القرآن الكريم كاملاً على هاتفك الجوال
ـ[ Aboibrahim] ــــــــ[19 - 12 - 03, 06:51 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يمكنكم الآن تنزيل الأصدار الجديد من برنامج القرآن الكريم كاملاً لجوالات نوكيا الموديلات 3650 * 7650 * 6600
من خلال الرابط http://www.aljawal4arab.com/modules.php?name=Downloads&d_op=getit&lid=8
بالنسبة لجوالات نوكيا الموديلات
6220 - 6800 - 7210 - 7250 - 6610 - 6100 - 5100 - 7250 i
من خلال هذا الرابط
http://www.aljawal4arab.com/aplications/quran_for_cellphone.zip
بالنسبة لجوالات نوكيا الموديل
9210
من خلال الرابط
http://my-symbian.info/9210/download/sendfile.php4?DownloadID=489
.................
هذه المشاركة قامت بها أخت لنا من مجلة المعلم، فبارك الله فيها وجزاها خير الجزاء على هذه المشاركة القيمة. وللأسف جهازي النوكيا ليس من الموديلات المذكورة أعلاه. وإنا لله و إنا إليه راجعون.
ـ[مركز السنة النبوية]ــــــــ[20 - 12 - 03, 06:44 ص]ـ
جزاك الله خيرا أخي المفيد .. أفادك الله تعالى، ولكن:
كيف نصنع عندما نذهب إلى هذا الرابط،
فأرجو أن تتكرم بشرح واف عن كيفية البرمجة،
وجزاك الله خيرا، وأحسن إليك.
ـ[ Aboibrahim] ــــــــ[21 - 12 - 03, 06:39 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
آمين وإياك أخي الكريم
بالنسبة للتحميل على الجهاز بعد تحميله على الحاسب
لابد من وجود وصلة خاصة (انفرارد) للحاسب وهي خاصة في الهاتف ..
يتم من خلال برنامج الهاتف نقلها للهاتف المحمول من الحاسب
بإذن الله تعمل
ـ[أبو أسامة]ــــــــ[28 - 12 - 03, 10:34 م]ـ
جزاكم الله خيرا
كيف أحمله على الجوال؟ عندي البرنامج nokia pc suite 5
و جوالي 6610
أيضا: أين أجد الأذان للجوال؟
أخوكم أبو أسامة
جنوب أفريقيا(6/335)
كتاب منهاج العابدين لامام الغزالي
ـ[ابوحمزة]ــــــــ[19 - 12 - 03, 06:00 م]ـ
السلام عليكم
ما شاء علي هذا منتدي فيه كتب قيمة
ابحث عن كتاب منهاج العابدين لامام الغزالي
الكتاب جيد في معاملات القلوب وليس فيه انتقادات كما في احياء
وانما اريد ان استفيد منه ...
...
ـ[الألمعي]ــــــــ[18 - 11 - 05, 12:50 ص]ـ
ما رأي المشايخ في هذا الكتاب
ـ[أبو سلمى رشيد]ــــــــ[07 - 02 - 10, 09:40 م]ـ
رابط الكتاب PDF
http://www.4shared.com/dir/20499021/6ceb2a15/___.html
ـ[أبو سلمى رشيد]ــــــــ[07 - 02 - 10, 10:11 م]ـ
للأسف التحميل يتوقف قبل الوصول إلى المنتصف
فهل من مساعد؟
ـ[أبو سلمى رشيد]ــــــــ[08 - 02 - 10, 12:21 ص]ـ
تم تحميل الكتاب ورفعة على موقع أرشيف
تفضل رابط التحميل المباشر ( http://ia360935.us.archive.org/attachpdf.php?file=%2F0%2Fitems%2FMinhaj_al_3abidi ne%2FMinhaj-al-3abidine.pdf)
ـ[ابوحمزة]ــــــــ[08 - 02 - 10, 01:36 ص]ـ
جزاك الله خيرا وأحسن الله اليكم
ـ[أبو سلمى رشيد]ــــــــ[08 - 02 - 10, 01:51 ص]ـ
جزاك الله خيرا وأحسن الله اليكم
وجزاكم بمثله أخي
ـ[أبو إبراهيم حسانين]ــــــــ[08 - 02 - 10, 03:46 ص]ـ
تفضل أخى الكريم الكتاب بصيغة الشاملة
http://dc180.4shared.com/download/217235736/9a97d1c/___.rar?tsid=20100207-194534-99968514
ـ[أبو زيد الخير]ــــــــ[09 - 02 - 10, 11:45 ص]ـ
جزاكم الله خيراً و بارك الله فيكم(6/336)
ابحث عن كتاب صفوة الزبد في فقه الشافعي لابن رسلان
ـ[ابوحمزة]ــــــــ[19 - 12 - 03, 06:06 م]ـ
ابحث عن كتاب صفوة الزبد في فقه الشافعي لابن رسلان
امام رسلان هن الذي شرح كتب كثير من سنة وبعضها مخطوطة وسوف تأتي بعد قليل الي عالم المطبوعات
له شرح سنن ابي داود سمعت انه شرح جيد
أما منظومة
هذه منظومة فيها كل فقه الشافعي
فمن يستطيع ان يضعة لنا في منتدي ...
وشكر
ـ[ابوحمزة]ــــــــ[19 - 12 - 03, 06:14 م]ـ
السلام عليكم
وجدتها في هذا الموقع
http://alummah.net/arabic/alfiah_azzoubad.htm
لكن من يستطيع ان يجمعها وان يضعها لنا في هذا الموقع
( word file )
لاني حاولت ان اجمعها من الموقع علي word file
ولكن لا يكون علي رسم الشعر يكون الكلمات في اليمين فوق البعض
وأريد ان اجعلها منظمة علي هيئة الشعر في سطر واحد
مثلا
والعلم اسني سائر الاعمال (********) وهو دليل خير والافضال ...
ويكون فراغ بين كل بيتين(6/337)
هذه الكتب لدي بصيغة (وورد)
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[20 - 12 - 03, 01:06 ص]ـ
الحمد لله وحده ...
فمن أفادني بعدم وجود أحدها على الملتقى , سأقوم بوضعه إن شاء الله ...
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[20 - 12 - 03, 02:03 ص]ـ
التواضع والخمول
الشكر
المرض والكفارات
الورع
الهم والحزن
الاخوة
الإعتبار وأعقاب السرور والأحزان
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[20 - 12 - 03, 02:31 ص]ـ
خلق أفعال العباد
التاريخ الكبير
التاريخ الصغير
الأدب المفرد
الضعفاء الصغير
..
يتبع متى يسر الله ذلك ..
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[21 - 12 - 03, 04:12 ص]ـ
الضعفاء والمتروكين
تسمية فقهاء الأمصار
السنن الكبرى
المجتبى من السنن
تسمية من لم يرو عنه غير رجل واحد
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[21 - 12 - 03, 04:16 ص]ـ
تعجيل المنفعة بزوائد رجال الأئمة الأربعة
تلخيص الحبير في أحاديث الرافعي الكبير.
لسان الميزان
الإصابة
تقريب التهذيب
تهذيب التهذيب
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[21 - 12 - 03, 04:16 ص]ـ
تعجيل المنفعة بزوائد رجال الأئمة الأربعة
تلخيص الحبير في أحاديث الرافعي الكبير.
لسان الميزان
الإصابة
تقريب التهذيب
تهذيب التهذيب.
.
يتبع متى يسر الله.
ـ[مركز السنة النبوية]ــــــــ[21 - 12 - 03, 07:34 ص]ـ
وفقك الله تعالى.
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[21 - 12 - 03, 07:46 ص]ـ
وللترمذي:-
الجامع الصحيح سنن الترمذي
علل الترمذي
.................................................. ........................
وللإمام أحمد:-
العلل ومعرفة الرجال
الأسامي والكنى (رواية ابنه صالح)
.................................................. .........................
ولابن معين:-
تاريخ ابن معين (رواية عثمان الدارمي)
تاريخ ابن معين (رواية الدوري)
.................................................. ........................
ولابن المديني:-
تسمية من روى عنه من أولاد العشرة
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[23 - 12 - 03, 05:42 ص]ـ
المجروحين
الثقات
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[23 - 12 - 03, 05:43 ص]ـ
تاريخ بغداد
الكفاية في علم الرواية
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[23 - 12 - 03, 05:45 ص]ـ
المنفردات والوحدان
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[23 - 12 - 03, 05:47 ص]ـ
الكاشف
تذكرة الحفاظ
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[23 - 12 - 03, 05:48 ص]ـ
تنوير الحوالك شرح موطأ مالك
الديباج على صحيح مسلم
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[23 - 12 - 03, 05:50 ص]ـ
الجرح والتعديل
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[23 - 12 - 03, 05:51 ص]ـ
العلل
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[23 - 12 - 03, 05:57 ص]ـ
المنتخب من مسند عبد بن حميد
.................................................
تهذيب الكمال
.................................................
الكشف الحثيث عمن رمي بوضع الحديث
التبيين لأسماء المدلسين
(كلاهما لسبط ابن العجمي)
................................................
المستدرك للحاكم
.............
يتبع متى يسر الله.
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[23 - 12 - 03, 09:48 ص]ـ
الكواكب النيرات (ابن الكيال)
.................................................. ..
الآحاد والمثاني (ابن أبي عاصم)
.................................................. ..
المنتقى من السنن المسندة (ابن الجارود)
.................................................. ..
علوم الحديث (ابن الصلاح)
.................................................. ..
الجهاد (ابن المبارك)
.................................................. ..
الطبقات الكبرى (ابن سعد)
.................................................. ..
المستدرك (الحاكم)
.................................................. ..
الكامل فى الضعفاء (ابن عدي)
.................................................. ..
الأحاديث الطوال (الطبراني)
.................................................. ..
التعديل والتجريح , لمن خرج له البخاري في الجامع الصحيح (أبو الوليد الباجي)
.................................................. ..
تاريخ جرجان (الجرجاني)
.................................................. ..
الرسالة (الشافعي)
.................................................. .
تأويل مختلف الحديث (ابن قتيبة)
.................................................. .
تاريخ أسماء الثقات (ابن شاهين)
.................................................. .
الرسالة المستطرفة لبيان مشهور كتب السنة المصنفة (الكتاني)
.................................................. .
الإكمال في ذكر من له رواية في مسند الإمام أحمد من الرجال
لـ (شمس الدين الحسيني محمد بن علي بن الحسن)
أهـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/338)
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[23 - 12 - 03, 09:52 ص]ـ
الحمد لله وحده ...
وهذا آخر ما عندي
فإن كانت بعض هذه الكتب ليست على الملتقى فسوف أقوم بوضعها إن شاء الله.
ـ[فالح العجمي]ــــــــ[23 - 12 - 03, 07:46 م]ـ
أظن العلل ومعرفة الرجال
ومسائل صالح للامام احمد غير موجوده
وتهذيب الكمال والعلل للدارقطني ايضا
بارك الله فيكم
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[24 - 12 - 03, 02:37 ص]ـ
الحمد له وحده ...
إذن فليكن الرابط التالي لتحميل الكتب أخي الكريم
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=15126
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[25 - 12 - 03, 08:37 ص]ـ
الحمد لله وحده ...
للرفع(6/339)
عقيدة أهل السنة والجماعة-للشيخ العثيمين-
ـ[الجزائري الأثري]ــــــــ[20 - 12 - 03, 02:05 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الملك الحق المبين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، خاتم النبيين وإمام المتقين، صلى الله عليه، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فإن الله تعالى أرسل رسوله محمداً، صلى الله عليه وسلم، بالهدى ودين الحق، رحمة للعالمين، وقدوة للعاملين، وحجة على العباد أجمعين.
بين به، وبما أنزل عليه من الكتاب والحكمة كل ما فيه صلاح العباد واستقامة أحوالهم، في دينهم ودنياهم: من العقائد الصحيحة، والأعمال القويمة، والأخلاق الفاضلة، والآداب العالية، فترك، صلى الله عليه وسلم، أمته على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك.
فسار على ذلك أمته الذين استجابوا لله ورسوله، وهم خيرة الخلق من الصحابة والتابعين، والذين اتبعوهم بإحسان، فقاموا بشريعته وتمسكوا بسنته، وعضوا عليها بالنواجذ: عقيدة، وعبادة، وخلقاً، وأدباً. فصاروا هم الطائفة الذين لا يزالون على الحق ظاهرين، لا يضرهم من خذلهم، أو خالفهم، حتى يأتي أمر الله تعالى وهم على ذلك.
ونحن ـ ولله الحمد ـ على آثارهم سائرون، وبسيرتهم المؤيدة بالكتاب والسنة مهتدون، نقول ذلك تحدثاً بنعمة الله تعالى وبياناً لما يجب أن يكون عليه كل مؤمن.
ونسأل الله تعالى أن يثبتنا وإخواننا المسلمين بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، وأن يهب لنا منه رحمة، إنه هو الوهاب.
ولأهمية هذا الموضوع، وتفرق أهواء الخلق فيه، أحببت أن أكتب على سبيل الاختصار عقيدتنا، عقيدة أهل السنة والجماعة، وهي: الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره، سائلاً الله تعالى أن يجعل ذلك خالصاً لوجهه، موافقاً لمرضاته نافعاً لعباده.
عقيدتنا
عقيدتنا: الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر: خيره وشره.
فنؤمن بربوبية الله تعالى أي بأنه الرب الخالق، الملك، المدبر لجميع الأمور.
ونؤمن بألوهية الله تعالى، أي بأنه الإله الحق، وكل معبود سواه باطل.
ونؤمن بأسمائه وصفاته، أي بأن له الأسماء الحسنى، والصفات الكاملة العليا.
ونؤمن بوحدانيته في ذلك، أي بأنه لا شريك له في ربوبيته، ولا في ألوهيته، ولا في أسمائه وصفاته، قال الله تعالى:] رب السموات والأرض وما بينهما فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سمياً [(1).
نؤمن بأنه:] الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السموات وما في الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذاًه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السموات والأرض ولا يؤوده حفظهما وهو العلم العظيم [(2).
ونؤمن بأنه:] هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم. هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون. هو الله الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم [(3).
ونؤمن بأن له ملك السموات والأرض:] يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور. أو يزوجهم ذكراناً وإناثاً ويجعل من يشاء عقيماً إنه عليم قدير [(4).
ونؤمن بأنه] ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. له مقاليد السموات والأرض يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنه بكل شيء عليم [(5).
ونؤمن بأنه:] وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين [(6).
ونؤمن بأنه:] وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو و يعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض و لا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين [(1).
ونؤمن بأن الله:] عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير [(2).
ونؤمن بأن الله يتكلم بما شاء، متى شاء، كيف شاء:] وكلم الله موسى تكليماً [(3).] ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه [(4)] وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجياً [(5).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/340)
ونؤمن بأنه:] لو كان البحر مداداً لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي [(6).] ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم [(7).
ونؤمن بأن كلماته أتم الكلمات، صدقاً في الأخبار وعدلاً في الأحكام وحسناً في الحديث قال الله تعالى:] وتمت كلمة ربك صدقاً وعدلاً [(8).] ومن أصدق من الله حديثاً [(9).
ونؤمن بأن القرآن الكريم، كلام الله تعالى تكلم به حقاً وألقاه إلى جبريل فنزل به جبريل على قلب النبي، صلى الله عليه وسلم:] قل نزَّله روح القدس من ربك بالحق [(10).] وإنه لتنزيل رب العالمين. نزل به الروح الأمين. على قلبك لتكون من المنذرين. بلسان عربي مبين [(11).
ونؤمن بأن الله عز وجل علي على خلقه بذاته، وصفاته لقوله تعالى:] وهو العلي العظيم [(12). وقوله:] وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير [(13).
ونؤمن بأنه:] خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يدبر الأمر [(1). واستواؤه على العرش، علوه عليه بذاته، علواً خاصاً، يليق بجلاله وعظمته، لا يعلم كيفيته إلا هو.
ونؤمن بأنه تعالى مع خلقه، وهو على عرشه، يعلم أحوالهم، ويسمع أقوالهم ويرى أفعالهم ويدبر أمورهم، يرزق الفقير ويجبر الكسير، يؤتي الملك من يشاء، وينزع الملك ممن يشاء، ويعز من يشاء، ويذل من يشاء بيده الخير وهو على كل شيء قدير. ومن كان هذا شأنه كان مع خلقه حقيقة، وإن كان فوقهم على عرشه حقيقة (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير [(2).
ولا نقول كما تقول الحلولية، من الجهمية وغيرهم: إنه مع خلقه في الأرض.
ونرى أن من قال ذلك، فهو كافر أو ضال لأنه وصف الله بما لا يليق به من النقائص.
ونؤمن بما أخبر به عنه رسوله، صلى الله عليه وسلم، أنه ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الأخير فيقول: "من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ ".
ونؤمن بأنه سبحانه تعالى يأتي يوم المعاد، للفصل بين العباد لقوله تعالى:] كلا إذا دكت الأرض دكاً دكاً. وجاء ربك والملك صفاً صفاً. وجيء يومئذ بجهنم يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى [(3).
ونؤمن بأنه تعالى:] فعال لما يريد [(4).
ونؤمن بأن إرادته تعالى نوعان:
كونية: يقع بها مراده، ولا يلزم أن يكون محبوباً له، وهي التي بمعنى المشيئة كقوله تعالى:] ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد [(5).] إن كان الله يريد أن يغويكم هو ربكم [(6).
وشرعية: لا يلزم منها وقوع المراد، ولا يكون المراد فيها إلا محبوباً له كقوله تعالى:
] والله يريد أن يتوب عليكم [(1).
ونؤمن بأن مراده الكوني، والشرعي تابع لحكمته، فكل ما قضاه كوناً، أو تعبد به خلقه شرعاً فإنه لحكمة، وعلى وفق الحكمة، سواء علمنا منها ما نعلم، أو تقاصرت عقولنا عن ذلك:] أليس الله بأحكم الحاكمين [(2).] ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون [(3).
ونؤمن بأن الله تعالى يحب أولياءه، وهم يحبونه:] قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله [(4).] فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه [(5).] والله يحب الصابرين [(6).] واقسطوا إن الله يحب المقسطين [(7).] وأحسنوا إن الله يحب المحسنين [(8).
ونؤمن بأن الله تعالى يرضى ما شرعه من الأعمال والأقوال، ويكره ما نهى عنه منها:] إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم [(9).] ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين [(10).
ونؤمن بأن الله تعالى يرضى عن الذين آمنوا وعملوا الصالحات] رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه [(11).
ونؤمن بأن الله تعالى يغضب على من يستحق الغضب، من الكافرين وغيرهم:] الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء وغضب الله عليهم [(12).] ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم [(13).
ونؤمن بأن لله تعالى وجهاً موصوفاً بالجلال والإكرام:] ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام [(1).
ونؤمن بأن لله تعالى يدين كريمتين عظيمتين:] بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء [(2).] وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون [(3).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/341)
ونؤمن بأن لله تعالى عينين اثنتين حقيقيتين لقوله تعالى:] واصنع الفلك بأعيننا ووحينا [(4). وقال النبي، صلى الله عليه وسلم،: "حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه".
وأجمع أهل السنة على أن العينين اثنتان، ويؤيده قول النبي، صلى الله عليه وسلم، في الدجال: "إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور".
ونؤمن بأن الله تعالى] لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير [(5).
ونؤمن بأن المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة:] وجوه يومئذ ناضرة. إلى ربها ناظرة [(6).
ونؤمن بأن الله تعالى لا مثيل له لكمال صفاته] ليس كمثله شيء وهو السميع البصير [(7).
ونؤمن بأنه] لا تأخذه سنة ولا نوم [(8). لكمال حياته وقيوميته.
ونؤمن بأنه لا يظلم أحداً، لكمال عدله.
وبأنه ليس بغافل عن أعمال عباده، لكمال رقابته وإحاطته.
ونؤمن بأنه لا يعجزه شيء في السماوات ولا في الأرض، لكمال علمه وقدرته:] إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون [(9).
وبأنه لا يلحقه تعب، ولا إعياء، لكمال قوته:] ولقد خلقنا السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب [(1) أي من تعب ولا إعياء.
ونؤمن بثبوت كل ما أثبته الله لنفسه، أو أثبته له رسوله، صلى الله عليه وسلم، من الأسماء والصفات، لكننا نتبرأ من محذورين عظيمين هما:
التمثيل: أن يقول بقلبه أو لسانه: صفات الله تعالى كصفات المخلوقين.
والتكييف: أن يقول بقلبه أو لسانه: كيفية صفات الله تعالى كذا وكذا.
ونؤمن بانتفاء كل ما نفاه الله عن نفسه، أو نفاه عنه رسوله، صلى الله عليه وسلم، وأن ذلك النفي يتضمن إثباتاً لكمال ضده.
ونسكت عما سكت الله عنه، ورسوله.
ونرى أن السير على هذا الطريق فرض لابد منه، وذلك لأن ما أثبته الله لنفسه، أو نفاه عنها سبحانه فهو خبر أخبر الله به عن نفسه، وهو سبحانه أعلم بنفسه، وأصدق قيلا، وأحسن حديثاً، والعباد لا يحيطون به علماً.
وما أثبته له رسوله، أو نفاه فهو خبر أخبر به عنه، وهو أعلم الناس بربه، وأنصح الخلق، وأصدقهم وأفصحهم.
ففي كلام الله تعالى ورسوله، صلى الله عليه وسلم، كمال العلم، والصدق، والبيان، فلا عذر في رده، أو التردد في قبوله.
فصل
وكل ما ذكرناه من صفات الله تعالى تفصيلاً أو إجمالاً، إثباتاً أو نفياً، فإننا في ذلك على كتاب ربنا، وسنة نبينا معتمدون، وعلى ما سار عليه سلف الأمة وأئمة الهدى من بعدهم سائرون.
ونرى وجوب إجراء نصوص الكتاب والسنة في ذلك على ظاهرها وحملها على حقيقتها اللائقة بالله عز وجل.
ونتبرأ من طريق المحرفين لها، الذين صرفوها إلى غير ما أراد الله بها ورسوله.
ومن طريق المعطلين لها، الذين عطلوها من مدلولها الذي أراده الله ورسوله.
ومن طريق الغالين فيها الذين حملوها على التمثيل، أو تكلفوا لمدلولها التكييف.
ونعلم علم اليقين أن ما جاء في كتاب الله تعالى أو سنة نبيه، صلى الله عليه وسلم، فهو حق لا يناقض بعضه بعضاً لقوله تعالى:] أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً [(1). ولأن التناقض في الأخبار يستلزم تكذيب بعضها بعضاً، وهذا محال في خبر الله تعالى ورسوله، صلى الله عليه وسلم.
ومن ادعى أن في كتاب الله تعالى أو في سنة رسوله، صلى الله عليه وسلم، أو بينهما تناقضاً، فذلك لسوء قصده، وزيغ قلبه فليتب إلى الله ولينزع عن غيه.
ومن توهم التناقض في كتاب الله تعالى أو في سنة رسوله، صلى الله عليه وسلم، أو بينهما، فذلك إما لقلة علمه، أو قصور فهمه، أو تقصيره في التدبر، فليبحث عن العلم، وليجتهد في التدبر حتى يتبين له الحق، فإن لم يتبين له فليكل الأمر إلى عالمه وليكف عن توهمه، وليقل كما يقول الراسخون في العلم:] آمنا به كل من عند ربنا [(2). وليعلم أن الكتاب والسنة لا تناقض فيهما ولا بينهما ولا اختلاف.
فصل
ونؤمن بملائكة الله تعالى وأنهم:] عباد مكرمون. لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون [(1).خلقهم الله تعالى فقاموا بعبادته، وانقادوا لطاعته] لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون. يسبحون الليل والنهار لا يفترون [(2).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/342)
حجبهم الله عنا، فلا نراهم، وربما كشفهم لبعض عباده، فقد رأى النبي، صلى الله عليه وسلم، جبريل على صورته له ستمائة جناح قد سد الأفق، وتمثل جبريل لمريم بشراً سوياً فخاطبته وخاطبها، وأتى إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، وعنده الصحابة، بصورة رجل لا يعرف ولا يرى عليه أثر السفر، شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، فجلس إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، فأسند ركبتيه إلى ركبتي النبي، صلى الله عليه وسلم، ووضع كفيه على فخذيه وخاطب النبي، صلى الله عليه وسلم، وخاطبه النبي، صلى الله عليه وسلم، وأخبر النبي، صلى الله عليه وسلم، أصحابه أنه جبريل.
ونؤمن بأن للملائكة أعمالاً كلفوا بها.
فمنهم جبريل الموكل بالوحي، ينزل به من عند الله على من يشاء من أنبيائه ورسله.
ومنهم ميكائيل، الموكل بالمطر والنبات. ومنهم إسرافيل الموكل بالنفخ في الصور حين الصعق والنشور. ومنهم ملك الموت، الموكل بقبض الأرواح عند الموت. ومنهم ملك الجبال، الموكل بها. ومنهم مالك خازن النار. ومنهم ملائكة موكلون بالأجنة في الأرحام، وآخرون موكلون بحفظ بني آدم، وآخرون موكلون بكتابة أعمالهم، لكل شخص ملكان:] عن اليمين وعن الشمال قعيد. ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد [(3).وآخرون موكلون بسؤال الميت بعد الانتهاء من تسليمه إلى مثواه، يأتيه ملكان يسألانه عن ربه، ودينه، ونبيه فـ] يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء [(4).ومنهم الملائكة، الموكلون بأهل الجنة:] والملائكة يدخلون عليهم من كل باب. سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار [(5).
وقد أخبر النبي، صلى الله عليه وسلم، أن البيت المعمور في السماء يدخله ـ وفي رواية يصلي فيه ـ كل يوم سبعون ألف ملك ثم لا يعودون إليه آخر ما عليهم.
فصل
ونؤمن بأن الله تعالى أنزل على رسله كتباً حجة على العالمين، ومحجة للعاملين يعلمونهم بها الحكمة، ويزكونهم.
ونؤمن بأن الله تعالى أنزل مع كل رسول كتاباً لقوله تعالى:] لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط [(1).
ونعلم من هذه الكتب:
1.التوراة: التي أنزلها الله تعالى على موسى، صلى الله عليه وسلم، وهي أعظم كتب بني إسرائيل:] فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء [(2).
2.الإنجيل: الذي أنزله الله تعالى على عيسى، صلى الله عليه وسلم، وهو مصدق للتوراة، ومتمم لها:] وآتيناه الإنجيل فيه هدى ونور ومصدقاً لما بين يديه من التوراة وهدى وموعظة للمتقين [(3).] ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم [(4).
3.الزبور: الذي آتاه الله تعالى داود، صلى الله عليه وسلم.
4.صحف إبراهيم وموسى، عليهما الصلاة والسلام.
5.القرآن العظيم: الذي أنزله الله على نبيه، محمد خاتم النبيين] هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان [(5) فكان] مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه [(6). فنسخ الله به جميع الكتب السابقة، وتكفل بحفظه عن عبث العابثين، وزيغ المحرفين] إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون [(7). لأنه سيبقى حجة على الخلق أجمعين، إلى يوم القيامة.
أما الكتب السابقة، فإنها مؤقتة بأمد ينتهي بنزول ما ينسخها، ويبين ما حصل فيها من تحريف وتغيير. ولهذا لم تكن معصومة منه، فقد وقع فيها التحريف والزيادة والنقص.
] من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه [(8).
] فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون [(1).
] قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نوراً وهدى للناس تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيراً [(2).
] وإن منهم لفريقاً يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون. ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عباداً لي من دون الله [(3).
] يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيراً مما كنتم تخفون من الكتاب [إلى قوله:] لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم [(4).
فصل
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/343)
ونؤمن بأن الله تعالى بعث إلى خلقه رسلاً:] مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزاً حكيماً [(1).
ونؤمن بأن أولهم نوح، وآخرهم محمد صلى الله وسلم عليهم أجمعين] إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده [(2).] ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين [(3).
وأن أفضلهم محمد، ثم إبراهيم، ثم موسى، ثم نوح، وعيسى ابن مريم، وهم المخصوصون في قوله تعالى:] وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم ميثاقاً غليظاً [(4).
ونعتقد أن شريعة محمد، صلى الله عليه وسلم، حاوية لفضائل شرائع هؤلاء الرسل المخصوصين بالفضل لقوله تعالى:] شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه [(5).
ونؤمن بأن جميع الرسل بشر مخلوقون، ليس لهم من خصائص الربوبية شيء. قال الله تعالى عن نوح، وهو أولهم:] ولا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول إني ملك [(6). وأمر الله تعالى محمداً، وهو آخرهم أن يقول:] قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك [(7). وأن يقول:] لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله [(8). وأن يقول:] قل إني لا أملك لكم ضراً ولا رشداً. قل إني لن يجيرني من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحدا [(9).
ونؤمن بأنهم عبيد من عباد الله، أكرمهم الله تعالى بالرسالة، ووصفهم بالعبودية في أعلى مقاماتهم، وفي سياق الثناء عليهم، فقال في أولهم نوح:] ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبداً شكوراً [(1). وقال في آخرهم محمد، صلى الله عليه وسلم:] تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً [(2). وقال في رسل آخرين:] واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب أولي الأيدي والأبصار [(3).] واذكر عبدنا داود ذا الأيد إنه أواب [(4).] ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إنه أواب [(5). وقال في عيسى ابن مريم:] إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلاً لبني إسرائيل [(6).
ونؤمن بأن الله تعالى ختم الرسالات برسالة محمد، صلى الله عليه وسلم، وأرسله إلى جميع الناس لقوله تعالى:] قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً الذي له ملك السموات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون [(7).
ونؤمن بأن شريعته، صلى الله عليه وسلم، هي دين الإسلام الذي ارتضاه الله تعالى لعباده، وأن الله تعالى لا يقبل من أحد ديناً سواه لقوله تعالى:] إن الدين عند الله الإسلام [(8)، وقوله:] اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً [(9). وقوله:] ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين [(10).
ونرى أن من زعم اليوم ديناً قائماً مقبولاً عند الله سوى دين الإسلام، من دين اليهودية، أو النصرانية، أو غيرهما، فهو كافر يستتاب فإن تاب وإلا قتل مرتداً، لأنه مكذب للقرآن.
ونرى أن من كفر برسالة محمد، صلى الله عليه وسلم، إلى الناس جميعاً فقد كفر بجميع الرسل، حتى برسوله الذي يزعم أنه مؤمن به، متبع له، لقوله تعالى:] كذبت قوم نوح المرسلين [(11). فجعلهم مكذبين لجميع الرسل مع أنه لم يسبق نوحاً رسول. وقال تعالى:] إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلاً. أولئك هم الكافرون حقاً وأعتدنا للكافرين عذاباً مهيناً [(1).
ونؤمن بأنه لا نبي بعد محمد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ومن ادعى النبوة بعده أو صدق من ادعاها فهو كافر، لأنه مكذب لله، ورسوله، وإجماع المسلمين.
ونؤمن بأن للنبي، صلى الله عليه وسلم، خلفاء راشدين خلفوه في أمته: علماً، ودعوة، وولاية على المؤمنين، وبأن أفضلهم وأحقهم بالخلافة أبو بكر الصديق، ثم عمر بن الخطاب، ثم عثمان بن عفان، ثم علي بن أبي طالب، رضي الله عنهم أجمعين.
وهكذا كانوا في الخلافة قدراً كما كانوا في الفضيلة، وما كان الله تعالى وله الحكمة البالغة ليولي على خير القرون رجلاً، وفيهم من هو خير منه وأجدر بالخلافة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/344)
ونؤمن بأن المفضول من هؤلاء قد يتميز بخصيصة يفوق فيها من هو أفضل منه، لكنه لا يستحق بها الفضل المطلق على من فضله، لأن موجبات الفضل كثيرة متنوعة.
ونؤمن بأن هذه الأمة خير الأمم، وأكرمها على الله عز وجل، لقوله تعالى:] كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله [(2).
ونؤمن بأن خير هذه الأمة الصحابة، ثم التابعون، ثم تابعوهم.
وبأنه لا تزال طائفة من هذه الأمة على الحق ظاهرين، لا يضرهم من خذلهم، أو خالفهم حتى يأتي أمر الله عز وجل.
ونعتقد أن ما جرى بين الصحابة رضي الله عنهم من الفتن، فقد صدر عن تأويل اجتهدوا فيه. فمن كان منهم مصيباً كان له أجران، ومن كان منهم مخطئاً فله أجر واحد، وخطؤه مغفور له.
ونرى أنه يجب أن نكف عن مساوئهم، فلا نذكرهم إلا بما يستحقونه من الثناء الجميل، وأن نطهر قلوبنا من الغل والحقد على أحد منهم، لقوله تعالى فيهم:] لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى [(3). وقول الله تعالى فينا:] والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم [(4).
فصل
ونؤمن باليوم الآخر، وهو يوم القيامة الذي لا يوم بعده، حين يبعث الناس أحياء للبقاء: إما في دار النعيم، وإما في دار العذاب الأليم.
فنؤمن بالبعث وهو إحياء الله تعالى الموتى، حين ينفخ إسرافيل في الصور النفخة الثانية] ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون [(1).
فيقوم الناس من قبورهم لرب العالمين، حفاة بلا نعال، عراة بلا ثياب، غرلاً بلا ختان] كما بدأنا أول خلق نعيده وعداً علينا إنا كنا فاعلين [(2).
ونؤمن بصحائف الأعمال تعطى باليمين، أو من وراء الظهور بالشمال] فأما من أوتى كتابه بيمينه. فسوف يحاسب حساباً يسيراً. وينقلب إلى أهله مسروراً. وأما من أوتي كتابه وراء ظهره. فسوف يدعوا ثبوراً. ويصلى سعيراً [(3).] وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتاباً يلقاه منشوراً. اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً [(4).
ونؤمن بالموازين توضع يوم القيامة فلا تظلم نفس شيئاً] فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره. ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره [(5).] فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون. ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون. تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون [(6).] من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وهم لا يظلمون [(7).
ونؤمن بالشفاعة العظمى لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، خاصة، يشفع عند الله تعالى بإذاًه ليقضي بين عباده، حين يصيبهم من الهم والكرب مالا يطيقون فيذهبون إلى آدم، ثم نوح، ثم إبراهيم، ثم موسى، ثم عيسى حتى تنتهي إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم.
ونؤمن بالشفاعة فيمن دخل النار من المؤمنين أن يخرجوا منها، وهي للنبي، صلى الله عليه وسلم، وغيره من النبيين، والمؤمنين، والملائكة.
وبأن الله تعالى يخرج من النار أقواماً من المؤمنين بغير شفاعة، بل بفضله ورحمته.
ونؤمن بحوض رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ماؤه أشد بياضاً من اللبن، وأحلى من العسل، وأطيب من رائحة المسك، طوله شهر، وعرضه شهر، وآنيته كنجوم السماء حسناً وكثرة، يرده المؤمنون من أمته، من شرب منه لم يظمأ بعد ذلك.
ونؤمن بالصراط المنصوب على جهنم، يمر الناس عليه على قدر أعمالهم، فيمر أولهم كالبرق، ثم كمر الريح، ثم كمر الطير، وأشد الرجال، والنبي، صلى الله عليه وسلم، قائم على الصراط يقول: "يا رب سلم سلم". حتى تعجز أعمال العباد، فيأتي من يزحف، وفي حافتي الصراط كلاليب معلقة مأمورة، تأخذ من أمرت به، فمخدوش ناج، ومكردس في النار.
ونؤمن بكل ما جاء في الكتاب والسنة، من أخبار ذلك اليوم وأهواله، أعاننا الله عليها.
ونؤمن بشفاعة النبي، صلى الله عليه وسلم، لأهل الجنة أن يدخلوها. وهي للنبي، صلى الله عليه وسلم، خاصة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/345)
ونؤمن بالجنة والنار، فالجنة دار النعيم، التي أعدها الله تعالى للمؤمنين المتقين، فيها من النعيم ما لا عين رأت، ولا إذاً سمعت، ولا خطر على قلب بشر] فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون [(1).
والنار دار العذاب، التي أعدها الله تعالى للكافرين الظالمين، فيها من العذاب، والنكال ما لا يخطر على البال] إنا أعتدنا للظالمين ناراً أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقاً [(2).
وهما موجودتان الآن، ولن تفنيا أبد الآبدين] ومن يؤمن بالله ويعمل صالحاً يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً قد أحسن الله له رزقاً [(3).
] إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيراً. خالدين فيها أبداً لا يجدون ولياً ولا نصيراً. يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا [(4).
ونشهد بالجنة لكل من شهد له الكتاب والسنة بالعين، أو بالوصف.
فمن الشهادة بالعين: الشهادة لأبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، ونحوهم ممن عينهم النبي، صلى الله عليه وسلم.
ومن الشهادة بالوصف: الشهادة لكل مؤمن، أو تقي.
ونشهد بالنار لكل من شهد له الكتاب والسنة بالعين، أو بالوصف.
فمن الشهادة بالعين: الشهادة لأبي لهب، وعمرو بن لحي الخزاعي، ونحوهما.
ومن الشهادة بالوصف: الشهادة لكل كافر، أو مشرك شركاً أكبر، أو منافق.
ونؤمن بفتنة القبر، وهي سؤال الميت في قبره عن ربه، ودينه، ونبيه فـ] يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة [(1).
فيقول المؤمن: ربي الله، وديني الإسلام، ونبيي محمد. وأما الكافر والمنافق فيقول: لا أدري سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته.
ونؤمن بنعيم القبر للمؤمنين] الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون [(2).
ونؤمن بعذاب القبر للظالمين الكافرين] ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطو أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون [(3).
والأحاديث في هذا كثيرة معلومة، فعلى المؤمن أن يؤمن بكل ما جاء به الكتاب والسنة من هذه الأمور الغيبية، وأن لا يعارضها بما يشاهد في الدنيا، فإن أمور الآخرة لا تقاس بأمور الدنيا لظهور الفرق الكبير بينهما. والله المستعان.
فصل
ونؤمن بالقدر: خيره وشره، وهو تقدير الله تعالى للكائنات حسبما سبق به علمه، واقتضته حكمته.
وللقدر أربع مراتب:
المرتبة الأولى: العلم، فنؤمن بأن الله تعالى بكل شيء عليم، علم ما كان، وما يكون، وكيف يكون بعلمه الأزلي الأبدي، فلا يتجدد له علم بعد جهل، ولا يلحقه نسيان بعد علم.
المرتبة الثانية: الكتابة، فنؤمن بأن الله تعالى كتب في اللوح المحفوظ، ما هو كائن إلى يوم القيامة:] ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير [(1).
المرتبة الثالثة: المشيئة، فنؤمن بأن الله تعالى قد شاء كل ما في السماوات والأرض، لا يكون شيء إلا بمشيئته. ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن.
المرتبة الرابعة: الخلق، فنؤمن بأن الله تعالى] خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل. له مقاليد السموات والأرض [(2).
وهذه المراتب الأربع شاملة لما يكون من الله تعالى نفسه، ولما يكون من العباد، فكل ما يقوم به العباد من أقوال، أو أفعال أو تروك فهي معلومة لله تعالى، مكتوبة عنده، والله تعالى قد شاءها وخلقها] لمن شاء منكم أن يستقيم. وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين [(3).] ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد [(4).] ولو شاء الله ما فعلوه فذرهم وما يفترون [(5).] والله خلقكم وما تعملون [(6).
ولكننا مع ذلك نؤمن بأن الله تعالى جعل للعبد اختياراً وقدرة بهما يكون الفعل.
والدليل على أن فعل العبد باختياره وقدرته أمور:
الأول: قوله تعالى:] فأتوا حرثكم أنى شئتم [(7). وقوله:] ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة [(8). فأثبت للعبد إتياناً بمشيئته، وإعداداً بإرادته.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/346)
الثاني:توجيه الأمر والنهي إلى العبد، ولو لم يكن له إختيار وقدرة؛ لكان توجيه ذلك إليه من التكليف بما لا يطاق، وهو أمر تاباه حكمة الله تعالى ورحمته وخبره الصادق في قوله:] لا يكلف الله نفساً إلا وسعها [(1).
الثالث: مدح المحسن على إحسانه، وذم المسئ على إساءته وإثابة كل منهما بما يستحق.
ولولا أن فعل العبد يقع بإرادته واختياره، لكان مدح المحسن عبثاً وعقوبة المسئ ظلماً، والله تعالى منزه عن العبث والظلم.
والرابع: أن الله تعالى أرسل الرسل] رسلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل [(2).
ولولا أن فعل العبد يقع بإرادته واختياره، ما بطلت حجته بإرسال الرسل.
الخامس: أن كل فاعل يحس أنه يفعل الشيء، أو يتركه بدون أي شعور بإكراه، فهو يقوم، ويقعد، ويدخل، ويخرج، ويسافر، ويقيم بمحض إرادته، ولا يشعر بأن أحداً يكرهه على ذلك، بل يفرق تفريقاً واقعياً بين أن يفعل الشيء باختياره وبين أن يكرهه عليه مكره. وكذلك فرق الشرع بينهما تفريقاً حكمياً، فلم يؤاخذ الفاعل بما فعله مكرهاً عليه، فيما يتعلق بحق الله تعالى.
ونرى أنه لا حجة للعاصي على معصيته بقدر الله تعالى، لأن العاصي يقدم على المعصية باختياره، من غير أن يعلم أن الله تعالى قدرها عليه، إذ لا يعلم أحد قدر الله تعالى إلا بعد وقوع مقدوره] وما تدري نفس ماذا تكسب غداً [(3) فكيف يصح الاحتجاج بحجة لا يعلمها المحتج بها، حين إقدامه على ما اعتذر بها عنه. وقد أبطل الله تعالى هذه الحجة بقوله:] سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون [(4).
ونقول للعاصي المحتج بالقدر: لماذا لم تقدم على الطاعة مقدراً أن الله تعالى قد كتبها لك؟ فإنه لا فرق بينها وبين المعصية في الجهل بالمقدور قبل صدور الفعل منك. ولهذا لما أخبر النبي، صلى الله عليه وسلم، الصحابة بأن كل واحد قد كتب مقعده من الجنة، ومقعده من النار قالوا: أفلا نتكل وندع العمل. قال: "لا، اعملوا فكل ميسر لما خلق له".
ونقول للعاصي المحتج بالقدر: لو كنت تريد السفر لمكة، وكان لها طريقان، أخبرك الصادق أن أحدهما مخوف صعب، والثاني آمن سهل، فإنك ستسلك الثاني: ولا يمكن أن تسلك الأول وتقول: إنه مقدر علي ولو فعلت لعدك الناس في قسم المجانين.
ونقول له أيضاً: لو عرض عليك وظيفتان إحداهما ذات مرتب أكثر، فإنك سوف تعمل فيها دون الناقصة، فكيف تختار لنفسك في عمل الآخرة ما هو الأدنى ثم تحتج بالقدر؟.
ونقول له أيضاً: نراك إذا أصبت بمرض جسمي، طرقت باب كل طبيب لعلاجك، وصبرت على ما ينالك من ألم عملية الجراحة، وعلى مرارة الدواء، فلماذا لا تفعل مثل ذلك في مرض قلبك بالمعاصي؟
ونؤمن بأن الشر لا ينسب إلى الله تعالى لكمال رحمته وحكمته، قال النبي، صلى الله عليه وسلم،: " والشر ليس إليك" رواه مسلم. فنفس قضاء الله تعالى ليس فيه شراً أبداً، لأنه صادر عن رحمة وحكمة.
وإنما يكون الشر في مقتضياته؛ لقول النبي، صلى الله، في دعاء القنوت الذي علمه الحسن: "وقني شر ما قضيت". فأضاف الشر إلى ما قضاه. ومع هذا فإن الشر في المقضيات ليس شراً خالصاً محضاً، بل هو شر في محله من وجه، خير من وجه، أو شر في محله، خير في محل آخر.
فالفساد في الأرض من: الجدب، والمرض، والفقر، والخوف شر، لكنه خير في محل آخر. قال الله تعالى:] ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون [(1).
وقطع يد السارق، ورجم الزاني شر بالنسبة للسارق والزاني في قطع اليد وإزهاق النفس، لكنه خير لهما من وجه آخر، حيث يكون كفارة لهما، فلا يجمع لهما بين عقوبتي الدنيا والآخرة، وهو أيضاً خير في محل آخر، حيث إن فيه حماية الأموال والأعراض والأنساب.
فصل
هذه العقيدة السامية المتضمنة لهذه الأصول العظيمة، تثمر لمعتقدها ثمرات جليلة كثيرة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/347)
فالإيمان بالله تعالى وأسمائه وصفاته، يثمر للعبد محبة الله وتعظيمه الموجبين للقيام بأمره واجتناب نهيه، والقيام بأمر الله تعالى واجتناب نهيه، يحصل بهما كمال السعادة في الدنيا والآخرة للفرد والمجتمع] من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون [(1).
ومن ثمرات الإيمان بالملائكة:
أولاً: العلم بعظمة خالقهم تبارك وتعالى وقوته وسلطانه.
ثانياً: شكره تعالى على عنايته بعباده، حيث وكل بهم من هؤلاء الملائكة من يقوم بحفظهم وكتابة أعمالهم، وغير ذلك من مصالحهم.
ثالثاً: محبة الملائكة على ما قاموا به من عبادة الله تعالى على الوجه الأكمل واستغفارهم للمؤمنين.
ومن ثمرات الإيمان بالكتب:
أولاً: العلم برحمة الله تعالى وعنايته بخلقه، حيث أنزل لكل قوم كتاباً يهديهم به.
ثانياً: ظهور حكمة الله تعالى، حيث شرع في هذه الكتب لكل أمة ما يناسبها. وكان خاتم هذه الكتب القرآن العظيم، مناسباً لجميع الخلق في كل عصر، ومكان إلى يوم القيامة.
ثالثاً: شكر نعمة الله تعالى على ذلك.
ومن ثمرات الإيمان بالرسل:
أولاً: العلم برحمة الله تعالى وعنايته بخلقه، حيث أرسل إليهم أولئك الرسل الكرام، للهداية والإرشاد.
ثانياً: شكره تعالى على هذه النعمة الكبرى.
ثالثاً: محبة الرسل، وتوقيرهم، والثناء عليهم بما يليق بهم، لأنهم رسل الله تعالى وخلاصة عبيده، قاموا لله بعبادته، وتبليغ رسالته، والنصح لعباده، والصبر على أذاهم.
ومن ثمرات الإيمان باليوم الآخر:
أولاً: الحرص على طاعة الله تعالى رغبة في ثواب ذلك اليوم، والبعد عن معصيته، خوفاً من عقاب ذلك اليوم.
ثانياً: تسلية المؤمن عما يفوته من نعيم الدنيا، ومتاعها بما يرجوه من نعيم الآخرة وثوابها.
ومن ثمرات الإيمان بالقدر:
أولاً: الاعتماد على الله تعالى عند فعل الأسباب، لأن السبب والمسبب كليهما بقضاء الله وقدره.
ثانياً: راحة النفس وطمأنينة القلب، لأنه متى علم أن ذلك بقضاء الله تعالى، وأن المكروه كائن لا محالة، ارتاحت النفس واطمأن القلب ورضي بقضاء الرب، فلا أحد أطيب عيشاً، وأروح نفساً، وأقوى طمأنينة ممن آمن بالقدر.
ثالثاً: طرد الإعجاب بالنفس، عند حصول المراد، لأن حصول ذلك نعمة من الله بما قدره من أسباب الخير والنجاح، فيشكر الله تعالى على ذلك ويدع الإعجاب.
رابعاً: طرد القلق والضجر عند فوات المراد، أو حصول المكروه، لأن ذلك بقضاء الله تعالى الذي له ملك السماوات والأرض، وهو كائن لا محالة، فيصبر على ذلك ويحتسب الأجر.
وإلى هذا يشير الله تعالى بقوله:] ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختالٍ فخور [(1).
فنسأل الله تعالى أن يثبتنا على هذه العقيدة، وأن يحقق لنا ثمراتها ويزيدنا من فضله، وأن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا، وأن يهب لنا منه رحمة، إنه هو الوهاب، والحمد لله رب العالمين.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان.
--------------------------------------------------------------------------------
(1) سورة مريم، الآية: 65.
(2) سورة البقرة، الآية: 255.
(3) سورة الحشر، الآيات: 22 - 24.
(4) سورة الشورى، الآيتان: 49 - 50.
(5) سورة الشورى، الآيتان: 11 - 12.
(6) سورة هود، الآية: 6.
(1) سورة الأنعام، الآية: 59.
(2) سورة لقمان، الآية: 34.
(3) سورة النساء، الآية: 164.
(4) سورة الأعراف، الآية: 143.
(5) سورة مريم، الآية: 52.
(6) سورة الكهف، الآية: 109.
(7) سورة لقمان، الآية: 27.
(8) سورة الأنعام، الآية: 115.
(9) سورة النساء، الآية: 87.
(10) سورة النحل، الآية: 102.
(11) سورة الشعراء، الآيات: 192 - 195.
(12) سورة البقرة، الآية: 255.
(1) سورة يونس، الآية: 3.
13) سورة الأنعام، الآية: 18.
(1) سورة يونس، الآية: 3.
(2) سورة الشورى، الآية: 11.
(3) سورة الفجر، الآيات: 21 - 23.
(4) سورة هود، الآية: 107.
(5) سورة البقرة، الآية: 253.
(6) سورة هود، الآية: 34.
(1) سورة النساء، الآية: 27.
(2) سورة التين، الآية: 8.
(3) سورة المائدة، الآية: 50.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/348)
(4) سورة آل عمران، الآية: 31.
(5) سورة المائدة، الآية: 54.,
(6) سورة آل عمران، الآية: 146.
(7) سورة الحجرات، الآية: 9.
(8) سورة البقرة، الآية: 195.
(9) سورة الزمر، الآية: 7.
(10) سورة التوبة، الآية: 46.
(11) سورة البينة، الآية: 8.
(12) سورة الفتح، الآية: 6.
(13) سورة النحل، الآية: 106.
(1) سورة الرحمن، الآية: 27.
(2) سورة المائدة، الآية: 64.
(3) سورة الزمر، الآية: 67.
(4) سورة هود، الآية: 37.
(5) سورة الأنعام، الآية: 103.
(6) سورة القيامة، الآيتان: 22 - 23.
(7) سورة الشورى، الآية: 11.
(8) سورة البقرة، الآية: 255.
(9) سورة يس، الآية: 82.
(1) سورة ق، الآية: 38.
(1) سورة النساء، الآية: 82.
(2) سورة آل عمران، الآية: 7.
(1) سورة الأنبياء، الآيتان: 26 - 27.
(2) سورة الأنبياء، الآيتان: 19 - 20.
(3) سورة ق، الآيتان: 18 - 19.
(4) سورة إبراهيم، الآية: 27.
(5) سورة الرعد، الآيتان: 23 - 24.
(1) سورة الحديد، الآية: 25.
(2) سورة المائدة، الآية: 44.
(3) سورة المائدة، الآية: 46.
(4) سورة آل عمران، الآية: 50.
(5) سورة البقرة، الآية: 185.
(6) سورة المائدة، الآية: 48.
(7) سورة الحجر، الآية: 9.
(8) سورة النساء، الآية: 46.
(1) سورة البقرة، الآية: 79.
(2) سورة الأنعام، الآية: 91.
(3) سورة آل عمران، الآية: 78 - 79.
(4) سورة المائدة، الآيات: 15 - 17.
(1) سورة النساء، الآية:.165
(2) سورة النساء، الآية: 163.
(3) سورة الأحزاب، الآية: 40.
(4) سورة الأحزاب، الآية: 7
(5) سورة الشورى، الآية: 13.
(6) سورة هود، الآية: 31.
(7) سورة الأنعام، الآية: 50.
(8) سورة الأعراف، الآية: 188.
(9) سورة الجن، الآيتان: 21 - 22.
(1) سورة الإسراء، الآية: 3.
(2) سورة الفرقان، الآية: 1.
(3) سورة ص، الآية: 45.
(4) سورة ص، الآية: 17.
(5) سورة ص، الآية: 30.
(6) سورة الزخرف، الآية: 59.
(7) سورة الأعراف، الآية: 158.
(8) سورة آل عمران، الآية: 19.
(9) سورة المائدة، الآية: 3.
(10) سورة آل عمران، الآية: 85.
(11) سورة الشعراء، الآية: 105.
(1) سورة النساء، الآيتان: 150 –151.
(2) سورة آل عمران، الآية: 110.
(3) سورة الحديد، الآية: 10.
(4) سورة الحشر، الآية: 10.
(1) سورة الزمر، الآية: 68.
(2) سورة الأنبياء، الآية: 104.
(3) سورة الانشقاق، الآيات: 7 - 12.
(4) سورة الإسراء، الآيات: 13 - 14.
(5) سورة الزلزلة، الآيتان: 7 - 8.
(6) سورة المؤمنون، الآيات: 102 - 104.
(7) سورة الأنعام، الآية: 160.
(1) سورة السجدة، الآية: 17.
(2) سورة الكهف، الآية: 29.
(3) سورة الطلاق، الآية: 11.
(4) سورة الأحزاب، الآيات: 64 - 66.
(1) سورة إبراهيم، الآية: 27.
(2) سورة النحل، الآية: 32.
(3) سورة الأنعام، الآية: 93.
(1) سورة الحج، الآية: 70.
(2) سورة الزمر، الآيتان: 62 - 63.
(3) سورة التكوير، الآيتان: 28 - 29.
(4) سورة البقرة، الآية: 253.
(5) سورة الأنعام، الآية: 137.
(6) سورة الصافات، الآية: 96.
(7) سورة البقرة، الآية: 223.
(8) سورة التوبة، الآية: 46.
(1) سورة البقرة، الآية: 286.
(2) سورة النساء، الآية: 165.
(3) سورة لقمان، الآية: 34.
(4) سورة الأنعام، الآية: 148.
(1) سورة الروم، الآية: 41.
(1) سورة النحل، الآية: 97.
(1) سورة الحديد، الآيتان: 22 - 23.(6/349)
كوّن موسوعتك الخاصة من الكتب الإلكترونية بخصائص البحث المتقدمة!!
ـ[وسائل الدعوة]ــــــــ[20 - 12 - 03, 05:08 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
((لمشاهدة الشرح بصورة أفضل حمل ملف pdf المرفق لمشاهدة التنسيق الصحيح))
طريقة تجهيز الكتب الإلكترونية وإضافتها لبرنامج المحدث، للاستفادة من خدمة البحث في الكتب والرسائل العلمية الحديثة والمقالات التي يتم جمعها وتنزيلها من الإنترنت
برنامج المحدث
http://www.muhaddith.org/pub/gohad901.exe
http://www.muhaddith.org/a_downloads_free_islamic_software_books.html
علماً أن البرنامج لا بأس به، إلا أني لا أزكي القائمين على موقعه، ولا أقول أنهم على منهج أهل السنة والجماعة.
• الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله ومصطفاه وآله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فهذا شرح موجز لطريقة إضافة ما شئت من الكتب أو المقالات أو البحوث والرسائل العلمية إلى برنامج المحدث (الإصدار 9.01)، لتستفيد من خدمة البحث السريع فيها والوصول إلى ما شئت من المعلومات والفوائد والمسائل داخلها بسرعة وبكل يسر وسهولة، ولتكوّن وتنشئ موسوعتك المعرفية الخاصة بالكتب والمقالات التي تهمك وتنفعك في دينك ودنياك.
* واعلم أخي أنه يلزمك أن تقوم بتحويل نوعية الملفات الموجودة لديك إلى صيغة ملفات نصية مبسطة بامتداد. txt التي يدعمها برنامج المفكرة في الويندوز.
• يجب أن يكون الكتاب على هيئة ملف. txt ويفضل أن يكون اسمه مكون من خمسة أحرف إنجليزية كبيرة مثل: A
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
WST.txt أو على الأقل أول حرف يكون كبيراً
• ويوضع الملف الجديد داخل مجلد البرنامج الرئيس C:\HAD ليتعرف البرنامج عليه
• أما المجلد C:\HAD\txt فهو مخصص لكتب برنامج المحدث الأصلية الكتب التي تأتي أصلاً مع البرنامج أو التي تسحبها من موقع البرنامج على الإنترنت http://www.muhaddith.org وأسماء الملفات التي توضع فيه هي أصلاً مخزنة في البرنامج ومفهرسة في الملف C:\HAD\FileNams.txt .
• يجب كتابة الترويسة (وهي كلمات إنجليزية مع رموز تكتب في أسطر قبل وبعد نص الكتاب) داخل كل ملف لكتاب ترغب في إضافته للبرنامج - وسأوضح شرحها بعد الأسطر القادمة - وتضاف للترويسة بيانات الكتاب الأساسية ونص الكتاب ليتعرف البرنامج على الملف ضمن الكتب، ما عدا الكتب التي تأتي أصلاً مع برنامج المحدث أو تنزّل من موقع فإنها جاهزة بالترويسة.
بعد الانتهاء من إعداد الملف بصورة سليمة وكتابة (الترويسة) داخله ووضعه في المكان الصحيح .. إبدأ تشغيل البرنامج وعندما يسألك هل تريد فهرسة الملف، وافق على ذلك؛ حيث سيقرأ البرنامج نصوص الملف ويقوم بإنشاء ملفات فهارس للكتاب مجموع أحجامها يساوي تقريباً حجم الملف الأصلي، وهي تساعد البرنامج على سرعة البحث في الكتاب بصورة كبيرة جداً، وتكون الملفات بنفس اسم الملف النصي للكتاب بأرقام تسلسلية وامتدادها خاص بالبرنامج، ويضعها البرنامج في نفس المجلد مع الكتاب المضاف، ما عدا الكتب الأصلية لبرنامج المحدث فإن فهارسها تخزن في مجلد الفهارس C:\HAD\indexes .
ملاحظة: سوف يضيف البرنامج لاحقاً - بعد فهرسة الكتاب المضاف - عبارة في آخر الملف النصي للكتاب وهي: (هذا الملف مخالف للمواصفات)، ولكن ذلك لا يؤثر في صلاحيته.
ملاحظة هامة: يلزم التقيد حرفيا بالهجاء الإنكليزي.
مصطلحات "ترويسة" الكتب
فيما يلي مصطلحات "ترويسة" الكتب، ومنها يستخرج برنامج المحدث معلومات "البطاقة":
* BOOK*( حقل مطلوب) اسم الكتاب والإصدار، بإيجاز، مثال: الجامع الصغير، الإصدار 1.01
* AUTHOR*( حقل مطلوب) اسم المؤلف، بإيجاز، مثال: للإمام السيوطي
* STAMP*( حقل مطلوب) ويترك فارغا من قبلكم
** EXEVER09 ( حقل مطلوب) ويترك فارغا من قبلكم
* TYPING*( غير ضروري) معلومات إضافية، مثال: اسم الكتاب مطولا و/أو اسم الكاتب مطولا، مثال: وهو كتاب الجامع الغير، للإمام جلال الدين السيوطي
ويكون هذا الحقل في ذلك الحال، مباشرة بعد الختم و: EXEVER،
فيكون رابع سطر في الملف
ولإضافة معلومات إضافية متنوعة، يمكن وجود هذا الحقل أو تكراره
في أي مكان أدناه
* TITLE* ( محفوظ) حقل محفوظ لاستعمال المبرمجين فقط، يرجى عدم إضافته
* BIRTH*( حقل مستحسن) ولادته
* DEATH*( حقل مستحسن) وفاته
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/350)
* COUNTRY*( حقل مستحسن) بلده
* BENEFITS*( حقل مستحسن) فوائد الكتاب
* RELATED*( حقل مستحسن) أعمال حول الكتاب
* TYPING*( غير ضروري) معلومات إضافية، يمكن تكرار هذا الحقل، بشرط عدم تجاوز خمسين سطرا، بما في ذلك جميع أسطر "الترويسة"
* VOLUMES*( حقل مستحسن) عدد الأجزاء
* PAGES*( حقل مستحسن) عدد الصفحات
* PUBLISHER*( حقل مستحسن) الناشر
* YEAR*( حقل مستحسن) تاريخ الطبعة
* TYPIST*( حقل مستحسن) المنضد، لمشروع المحدث
* VERIFIER*( حقل مستحسن) المدقق، لمشروع المحدث
* AUTHEN*( حقل مستحسن) المحقق، لمشروع المحدث
* COPYRIGHTS*( حقل مستحسن) معلومات عن حقوق الطبع
* END*( حقل مطلوب) يلزم وجود هذا الحقل كآخر سطر في الترويسة، قبل بدء نص الكتاب
*1*مقدمة المؤلف
@ (رمز مطلوب) يكتب نص الكتاب مباشرة بعد الرمز السابق في أول هذا السطر ....
… نص الكتاب هنا
… نص الكتاب هنا
… نص الكتاب هنا
… نص الكتاب هنا
… نص الكتاب هنا
*1*نهاية الكتاب
@انتهى الكتاب ولله الحمد
* EOF*( حقل مطلوب) سطر فارغ: يلزم وجوده كآخر سطر في الملف
- طريقة تقسيم نص الكتاب إلى فصول ليسهل استعراض فصول الكتاب وتصفحه مباشرة من إي فصل:
لتقسيم الكتاب حسب فصول للاستفادة من عرض عناوين فصوله وتصفحه بطريقة التشجير والتفريع في البرنامج؛ فإننا في الخانة التي يكتب فيها نص الكتاب نضع الرمز *1* في بداية سطر جديد ونكتب بعده عنوان الفصل مباشرة بدون فراغ، ثم نضيف سطراً جديداً تحته نبدأه بالرمز @ وبعده مباشرة نكتب نص الفصل كاملاً .. وهكذا.
مثال:
*1*فصل في بطلان التأويل
@لإثبات بطلان التأويل وجوه عدة، أولها ... إلخ.
*1*فصل في بطلان التشبيه
@لإثبات بطلان التشبيه وجوه عدة، أولها ... إلخ.
مثال للتوضيح (ترويسة لكتاب العقيدة الواسطية):
* BOOK* العقيدة الواسطية، الإصدار 1.05
* AUTHOR* للإمام ابن تيمية
* STAMP*
09*EXEVER*
*TYPING* وهو شيخ الإسلام تقي الدين أبي العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية الحراني المتوفى سنة 728 هـ بدمشق رحمه الله تعالى
* TYPING* راجعها وقدمها خادم العلم عبد الله بن إبراهيم الأنصاري، وحققها الشيخ محمد بن عبد العزيز بن مانع
* TYPING* وراجع الملف لمشروع "المحدث": الدكتور محمد حبش، مدير مركز الدراسات الإسلامية في مجمع أبي النور، وعرفان الرباط من دار الحديث النبوي الشريف بدمشق، وتمت الإشارة إلى تعليقاتهما بعبارة: مشروع المحدث]
* TYPING* الكتاب موافق لطبعة إدارة إحياء التراث الإسلامي بدولة قطر، أما تسمية الفصول فإنها من عندنا لعدم وجودها في الكتاب
* END*
*1* مقدمة المُراجع
@الحمد لله الذي ليس كمثله شيء، الذي شهد كل شيء بربوبيته، وأذعنت له بالعبودية جميع مخلوقاته ومصنوعاته و ... إلى آخر الكتاب.
*1*نهاية الكتاب
@انتهى الكتاب والحمد لله تعالى
* EOF*
مثال آخر لترويسة مبسطة جداً وجاهزة يمكنك استخدامها وملئ الأماكن المطلوب ملؤها (الكلمات والرموز باللون الأحمر أساسية لا تغيرها):
اكتب هنا اسم الكتاب، الإصدار 1.01* BOOK*
اكتب هنا اسم المؤلف* AUTHOR*
*STAMP*
09*EXEVER*
*END*
عنوان مقدمة الكتاب*1*
اكتب هنا نص الكتاب كاملاً ويمكن تقسيم نص الكتاب على شكل فصول لمن أراد سهولة@ الوصول إلى فصل معين فيه أثناء تصفحه في البرنامج ومعرفة محتوياته كما وضحنا في طريقة إعداد تقسيم الفصول
نهاية الكتاب*1*
تم والحمد لله رب العالمين@
* EOF*
ملاحظة: أنا شخصياً مع الإصدار التاسع للبرنامج أُفَضِّل أن تنسخ هذه العبارة:
* STAMP*THIS FILE NOT ACCORDING TO SPECIFICATIONS. Please contact us for an original copy++
وتضعها في الترويسة بدلاً من السطر:
* STAMP*
حتى يتعرف البرنامج على ملفاتك الخاصة بدون مشاكل وبسرعة، وهذا من تجربتي الخاصة، لأني وجدت البرنامج في إصداره التاسع يكتب هذه العبارة في الملفات التي أضيفها إليه بعد مشقة من رسائله الكثيرة بأن في الملف أخطاء، لكن عندما صرت أكتب هذه العبارة قبل إضافة الملف للبرنامج صار البرنامج يتقبل الملفات الجديدة بسرعة وبصدر رحب دون تلك الرسائل المزعجة.
ملاحظات:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/351)
ملاحظة: ينصح بشدة بعدم تغيير دليل البرنامج C:\HAD ، بمعنى أن المجلد الرئيس للبرنامج C:\HAD يجب أن يكون في القرص الصلب مباشرة ولا يتم تغيير اسمه أو مكانه.
ملاحظة: إذا أضفت كتاباً جديداً للبرنامج سوف يظهر في قائمة (مراجعي)، ولكي يظهر اسم الكتاب ضمن التقسيمات المصنفة داخل البرنامج مثل: علوم القرآن أو الفقه والعقيدة ... فيلزم وضع اسم الملف الجديد وعنوان الكتاب الذي بداخله (اسم الملف بالإنجليزي مثل: A
[تعليق مُعِدّ الكتاب للشاملة]
WST وعنوان الكتاب مثل: العقيدة الواسطية) داخل أماكن مصنفة تجدها في الملف FileNams.txt الموجود داخل المجلد الرئيس للبرنامج C:\HAD .
وتوجد ضمن هذا الملف أسماء محجوزة مسبقاً للكتب التي تأتي مع البرنامج في القرص الضوئي؛ فإذا كان اسم الكتاب ضمنها فيجب التقيد بتسمية الملف بنفس الاسم ووضعه في المجلد المخصص لكتب البرنامج C:\HAD\txt ، كما يوجد في الملف FileNams.txt أسماء شاغرة لكتب يمكن إضافتها ضمن بعض الأقسام.
ملاحظة: البرنامج يأخذ وقتاً يطول أحياناً لفهرسة الكتاب الواحد، لذا عند إضافتك لمجموعة كتب لأول مرة ليتعرف عليها البرنامج وينشئ فهارسها؛ يفضل أن تضيفها واحداً تلو الآخر، أو تضيف مجموعة بسيطة، لكن لو وضعت مجموعة كبيرة وأراد البرنامج إنشاء الفهارس لجميع الكتب فهذا يأخذ وقتاً طويلاً بالساعات، ويمكنك عمل ذلك في وقت لا تحتاج للعمل على الكمبيوتر أثناءه.
ملاحظة: الرقم 09 في سطر الترويسة الرابع 09* EXEVER* يرمز إلى رقم الإصدار، فإذا كان لديك إصدار أقدم فضع رقمه مثل: 08* EXEVER* للإصدار الثامن، وإذا لم تضع الرقم فإن البرنامج أحياناً يضعه وأحياناً لا يفهرس الملف، لذلك أنصح بوضع الرقم، خاصة للإصدار التاسع.
ملاحظة: الكتب التي تأتي مع البرنامج والتي يتم تنزيلها من موقع البرنامج على الإنترنت هي جميعها مشفرة حالياً ولا يمكن قراءتها إلا بواسطة البرنامج، وكانت سابقاً غير مشفرة ويمكن قراءتها ببرنامج المفكرة والوورد ونسخ أي شيئ منها بدون البرنامج، وفي الواقع هناك مواقع عديدة توفر مثل تلك الكتب - غير المشفرة - على شكل ملفات وورد وغيرها، ومن أراد المساعدة في الحصول على كتاب معين أو الدلالة على مواقع الكتب العلمية الشرعية فيمكنني مساعدته بالدلالة على مكانه وسبل إيصاله إليه قدر الإمكان بإذن الله تعالى.
وأخيراً أرجو أن أكون وفقت لشرح ما يتعلق بإضافة الكتب لهذا البرنامج الجيّد، ولا شك أن التقصير والخطأ وارد، لكن ألتمس منك أخي القارئ الدعاء لي ولوالديّ .. عسى الله أن يدخلنا في رحمته جميعاً.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
أبو يوسف
14/ 10/1424هـ
ja22@gawab.com
ـ[وسائل الدعوة]ــــــــ[04 - 02 - 05, 01:48 م]ـ
وهنا موضوع آخر في نفس المجال وباستخدام برنامج آخر ..
إنشئ مكتبك الإلكترونية الشخصية وقل وداعاً لملفات الوورد:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=26306(6/352)
المناهي اللفظية-لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين-
ـ[الجزائري الأثري]ــــــــ[20 - 12 - 03, 05:54 ص]ـ
سئل فضيلة الشيخ: عما يقوله بعض الناس من أن تصحيح الألفاظ غير مهم مع سلامة القلب؟
فأجاب بقوله: إن أراد بتصحيح الألفاظ إجراءها على اللغة العربية فهذا صحيح فإنه لا يهم ـ من جهة سلامة العقيدة ـ أن تكون الألفاظ غير جارية على اللغة العربية ما دام المعنى مفهوماً وسليماً.
أما إذا أراد بتصحيح الألفاظ ترك الألفاظ التي تدل على الكفر والشرك فكلامه غير صحيح بل تصحيحها مهم، ولا يمكن أن نقول للإنسان: أطلق لسانك في قول كل شيء ما دامت النية صحيحة بل نقول: الكلمات مقيدة بما جاءت به الشريعة الإسلامية.
(413) سئل فضيلة الشيخ: عن هذه الأسماء وهي: أبرار ـ ملاك ـ إيمان ـ جبريل ـ جنى؟
فأجاب بقوله: لا يتسمى بأسماء أبرار، وملاك، وإيمان، وجبريل أما جنى ([1]) فلا أدري معناها.
(414) سئل فضيلته: عن صحة هذه العبارة "اجعل بينك وبين الله صلة، واجعل بينك وبين الرسول، صلى الله عليه وسلم، صلة"؟
فأجاب قائلاً: الذي يقول: اجعل بينك وبين الله صلة أي بالتعبد له واجعل بينك وبين الرسول، صلى الله عليه وسلم، صلة أي باتباعه فهذا حق.
أما إذا أراد بقوله: اجعل بينك وبين الرسول، صلى الله عليه وسلم، صلة أي اجعله هو ملجأك عند الشدائد ومستغاثك عند الكربات فإن هذا محرم بل هو شرك أكبر مخرج عن الملة.
(415) سئل فضيلة الشيخ: عن هذا القول: "أحبائي في رسول الله"؟
فأجاب فضيلته قائلاً: هذا القول وإن كان صاحبه فيما يظهر يريد معنى صحيحاً، يعني: اجتمع أنا وإياكم في محبة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ولكن هذا التعبير خلاف ما جاءت به السنة، فإن الحديث "من أحب في الله، وأبغض في الله"، فالذي ينبغي أن يقول: أحبائي في الله - عز وجل - ولأن هذا القول الذي يقوله فيه عدول عما كان يقوله السلف، ولأنه ربما يوجب الغلو في رسول الله، صلى الله عليه وسلم، والغفلة عن الله، والمعروف عن علمائنا وعن أهل الخير هو أن يقول: أحبك في الله.
(416) وسئل فضيلة الشيخ: إذا كتب الإنسان رسالة وقال فيها: "إلى والدي العزيز" أو "إلى أخي الكريم" فهل في هذا شيء؟
فأجاب بقوله: هذا ليس فيه شيء بل هو من الجائز قال الله تعالى:] لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ماعنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم [(1). وقال تعالى:] ولها عرش عظيم [(2). وقال النبي، صلى الله عليه وسلم: "إن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف". فهذا دليل على أن مثل هذه الأوصاف تصح لله تعالى ولغيره ولكن اتصاف الله بها لا يماثله شيء من اتصاف المخلوق بها، فإن صفات الخالق تليق به وصفات المخلوق تليق به.
وقول القائل لأبيه أو أمه أو صديقه: "العزيز" يعني أنك عزيز علي غالٍ عندي وما أشبه ذلك، ولا يقصد بها أبداً الصفة التي تكون لله وهي العزة التي لا يقهره بها أحد، وإنما يريد أنك عزيز علي وغالٍ عندي وما أشبه ذلك.
(417) وسئل: عن عبارة "أدام الله أيامك"؟
فأجاب بقوله: قول: "أدام الله أيامك" من الاعتداء في الدعاء لأن دوام الأيام محال مناف لقوله تعالى:] كل من عليها فان. ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام [(3). وقوله ـ تعالى:] وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون [(4).
(418) وسئل: ما رأي فضيلتكم في هذه الألفاظ: جلالة وصاحب الجلالة، وصاحب السمو؟ وأرجو وآمل؟
فأجاب بقوله: لا بأس بها إذا كانت المقولة فيه أهلا لذلك، ولم يخش منه الترفع والإعجاب بالنفس، وكذلك أرجو وآمل.
(419) سئل فضيلة الشيخ: عن هذه الألفاظ: "أرجوك"، و"تحياتي"، و"أنعم صباحاً"، و"أنعم مساءً"؟.
فأجاب قائلاً: لا بأس أن تقول لفلان: "أرجوك" في شيء يستطيع أن يحقق رجاءك به.
وكذلك "تحياتي لك". و"لك مني التحية". وما أشبه ذلك لقوله تعالى:] وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها [(5). وكذلك: "أنعم صباحاً" و"أنعم مساءً" لا بأس به، ولكن بشرط ألا تتخذ بديلاً عن السلام الشرعي.
(420) وسئل فضيلة الشيخ: عمن يسأل بوجه الله فيقول: أسألك بوجه الله كذا وكذا فما الحكم في هذا القول؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/353)
فأجاب قائلاً: وجه الله أعظم من أن يسأل به الإنسان شيئاً من الدنيا ويجعل سؤاله بوجه الله - عز وجل - كالوسيلة التي يتوسل بها إلى حصول مقصوده من هذا الرجل الذي توسل إليه بذلك، فلا يُقْدِمَنَّ أحد على مثل هذا السؤال، أي لا يقل: وجه الله عليك أو أسألك بوجه الله أو ما أشبه ذلك.
(421) وسئل الشيخ حفظه الله: ما رأيكم فيمن يقول: "آمنت بالله، وتوكلت على الله، واعتصمت بالله، واستجرت برسول الله، صلى الله عليه وسلم"؟.
فأجاب بقوله: أما قول القائل: "آمنت بالله، وتوكلت على الله واعتصمت بالله" فهذا ليس فيه بأس وهذه حال كل مؤمن أن يكون متوكلاً على الله، مؤمناً به، معتصماً به.
وأما قوله "واستجرت برسول الله، صلى الله عليه وسلم" فإنها كلمة منكرة والاستجارة بالنبي، صلى الله عليه وسلم، بعد موته لا تجوز، أما الاستجارة به في حياته في أمر يقدر عليه فهي جائزة قال الله تعالى:] وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله [(1). فالاستجارة بالرسول، صلى الله عليه وسلم، بعد موته شرك أكبر وعلى من سمع أحداً يقول مثل هذا الكلام أن ينصحه، لأنه قد يكون سمعه من بعض الناس وهو لا يدري ما معناها وأنت "يا أخي" إذا أخبرته وبينت له أن هذا شرك فلعل الله أن ينفعه على يدك. والله الموفق.
(422) سئل فضيلة الشيخ: ما حكم قول: "أطال الله بقاءك" "طال عمرك"؟.
فأجاب قائلاً: لا ينبغي أن يطلق القول بطول البقاء، لأن طول البقاء قد يكون خيراً وقد يكون شراً، فإن شر الناس من طال عمره وساء عمله، وعلى هذا فلو قال: أطال الله بقاءك على طاعته ونحوه فلا بأس بذلك.
(423) سئل فضيلة الشيخ: عن قول أحد الخطباء في كلامه حول غزوة بدر: "التقى إله وشيطان". فقد قال بعض العلماء: إن هذه العبارة كفر صريح، لأن ظاهر العبارة إثبات الحركة لله - عز وجل - نرجو من فضيلتكم توضيح ذلك؟.
فأجاب بقوله: لا شك أن هذه العبارة لا تنبغي، وإن كان قائلها قد أراد التجوز فإن التجوز إنما يسوغ إذا لم يوهم معنى فاسداً لا يليق به. والمعنى الذي لا يليق هنا أن يجعل الشيطان قبيلاً لله تعالى، ونداً له، وقرناً يواجهه، كما يواجه المرء قرنه، وهذا حرام، ولا يجوز.
ولو أراد الناطق به تنقص الله تعالىوتنزيله إلى هذا الحد لكان كافراً، ولكنه حيث لم يرد ذلك نقول له: هذا التعبير حرام، ثم إن تعبيره به ظاناً أنه جائز بالتأويل الذي قصده فإنه لا يأثم بذلك لجهله، ولكن عليه ألا يعود لمثل ذلك.
وأما قوله بعض العلماء الذي نقلت: "إن هذه العبارة كفر صريح" فليس بجيد على إطلاقه، وقد علمت التفصيل فيه.
وأما تعليل القائل لحكمه بكفر هذا الخطيب أن ظاهر عبارته إثبات الحركة لله - عز وجل - فهذا التعليل يقتضي امتناع الحركة لله، وأن إثباتها كفر، وفيه نظر ظاهر، فقد أثبت الله تعالىلنفسه في كتابه أنه يفعل، وأنه يجيء يوم القيامة، وأنه استوى على العرش، أي علا عليه علواً يليق بجلاله، وأثبت نبيه، صلى الله عليه وسلم، أنه ينزل إلى السماء الدنيا في كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول:من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ واتفق أهل السنة على القول بمقتضى ما دل عليه الكتاب والسنة من ذلك غير خائضين فيه، ولا محرفين للكلم عن مواضعه، ولا معطلين له عن دلائله. وهذه النصوص في إثبات الفعل، والمجيء، والاستواء، والنزول إلى السماء الدنيا إن كانت تستلزم الحركة لله فالحركة له حق ثابت بمقتضى هذه النصوص ولازمها، وإن كنا لا نعقل كيفية هذه الحركة، ولهذا أجاب الإمام مالك من سأله عن قوله تعالى:] الرحمن على العرش استوى [(1). كيف استوى؟ فقال: "الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة". وإن كانت هذه النصوص لا تستلزم الحركة لله تعالىلم يكن لنا إثبات الحركة له بهذه النصوص، وليس لنا أيضاً أن ننفيها عنه بمقتضى استبعاد عقولنا لها، أو توهمنا أنها تستلزم إثبات النقص، وذلك أن صفات الله تعالىتوقيفية، يتوقف إثباتها ونفيها على ما جاء به الكتاب والسنة، لامتناع القياس في حقه تعالى، فإنه لا مثل له ولا ند، وليس في الكتاب والسنة إثبات لفظ الحركة أو نفيه، فالقول بإثبات لفظه أو نفيه قول على الله بلا علم. وقد قال الله تعالى:] قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/354)
منها ومابطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله مالم ينزل به سلطاناً وأن تقولوا على الله مالا تعلمون [(2). وقال تعالى:] ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً" (3). فإذا كان مقتضى النصوص السكوت عن إثبات الحركة لله تعالى أو نفيها عنه، فكيف نكفر من تكلم بكلام يثبت ظاهره ـ حسب زعم هذا العالم ـ التحرك لله تعالى؟! وتكفير المسلم ليس بالأمر الهين، فإنّ من دعا رجلاً بالكفر فقد باء بها أحدهما، فإن كان المدعو كافراً باء بها، وإلا باء بها الداعي.
وقد تكلم شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في كثير من رسائله في الصفات على مسألة الحركة، وبين أقوال الناس فيها، وماهو الحق من ذلك، وأن من الناس من جزم بإثباتها، ومنهم من توقف، ومنهم من جزم بنفيها.
والصواب في ذلك: أن مادل عليه الكتاب والسنة من أفعال الله تعالى، ولوازمها فهو حق ثابت يجب الإيمان به، وليس فيه نقص ولا مشابهة للخلق، فعليك بهذا الأصل فإنه يفيدك، وأعرض عما كان عليه أهل الكلام من الأقيسة الفاسدة التي يحاولون صرف نصوص الكتاب والسنة إليها ليحرفوا بها الكلم عن مواضعه، سواء عن نية صالحة أو سيئة.
(424) وسئل فضيلته: يستعمل بعض الناس عند أداء التحية عبارات عديدة منها: "مساك الله بالخير". و"الله بالخير". و"صبحك الله بالخير". بدلاً من لفظة التحية الواردة، وهل يجوز البدء بالسلام بلفظ: "عليك السلام"؟
فأجاب قائلاً: السلام الوارد هو أن يقول الإنسان: "السلام عليك"، أو "سلام عليك"، ثم يقول بعد ذلك ماشاء من أنواع التحيات، وأما "مساك الله بالخير". و"صبحك الله بالخير"، أو "الله بالخير". وما أشبه ذلك فهذه تقال بعد السلام المشروع. وأما تبديل هذا بالسلام المشروع فهو خطأ.
وأما البداءة بالسلام بلفظ: "عليك السلام" فهو خلاف المشروع لأن هذا اللفظ للرد لا للبداءة.
(425) وسئل: عن هذه الكلمة "الله غير مادي"؟.
فأجاب: القول بأن الله غير مادي قول منكر، لأن الخوض في مثل هذا بدعة منكرة، فالله تعالىليس كمثله شيء، وهو الأول الخالق لكل شيء وهذا شبيه بسؤال المشركين للنبي، عليه الصلاة والسلام، هل الله من ذهب أو من فضة أو من كذا وكذا؟ وكل هذا حرام لا يجوز السؤال عنه وجوابه في كتاب الله:] قل هو الله أحد. الله الصمد. لم يلد ولم يولد. ولم يكن له كفواً أحد [. فكف عن هذا، مالك ولهذا السؤال.
(426) سئل فضيلته: عن قول بعض الناس إذا انتقم الله من الظالم:"الله ما يضرب بعصا"؟.
فأجاب بقوله: لا يجوز أن يقول الإنسان مثل هذا التعبير بالنسبة لله ـ عز وجل ـ، ولكن له أن يقول: إن الله ـ سبحانه وتعالى ـ، حكم لا يظلم أحداً، وإنه ينتقم من الظالم، وما أشبه هذه الكلمات التي جاءت بها النصوص الشرعية، أما الكلمة التي أشار إليها السائل فلا أرى أنها جائزة.
(427) سئل فضيلة الشيخ: كثيراً ما نرى على الجدران كتابة لفظ الجلالة "الله"، وبجانبها لفظة محمد، صلى الله عليه وسلم، أو نجد ذلك على الرقاع، أو على الكتب، أو على بعض المصاحف، فهل موضعها هذا صحيح؟.
فأجاب قائلاً: موضعها ليس بصحيح لأن هذا يجعل النبي، صلى الله عليه وسلم، نداً لله مساوياً له، ولو أن أحداً رأى هذه الكتابة وهو لا يدري من المسمى بهما لأيقن يقيناً أنهما متساويان متماثلان، فيجب إزالة اسم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ويبقى النظر في كتابة: "الله" وحدها، فإنها كلمة يقولها الصوفية، ويجعلونها بدلاً عن الذكر، يقولون: "الله الله الله"، وعلى هذا فتلغى أيضاً، فلا يكتب "الله"، ولا "محمد" على الجدران، ولا في الرقاع ولا في غيره.
(428) سئل فضيلة الشيخ: كيف نجمع بين قول الصحابة: " الله ورسوله أعلم" بالعطف بالواو وإقرارهم على ذلك وإنكاره، صلى الله عليه وسلم، على من قال: "ما شاء الله وشئت"؟
فأجاب بقوله: قوله: "الله ورسوله أعلم" جائز. وذلك لأن علم الرسول من علم الله، فالله تعالىهو الذي يعلمه مالا يدركه البشر ولهذا أتى بالواو.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/355)
وكذلك في المسائل الشرعية يقال: "الله ورسوله أعلم "، لأنه، صلى الله عليه وسلم، أعلم الخلق بشريعة الله، وعلمه بها من علم الله الذي علمه كما قال الله تعالى:] وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم [(1). وليس هذا كقوله: "ماشاء الله وشئت" لأن هذا في باب القدرة والمشيئة، ولا يمكن أن يجعل الرسول، صلى الله عليه وسلم، مشاركاً لله فيها.
ففي الأمور الشرعية يقال: "الله ورسوله أعلم" وفي الأمور الكونية لا يقال ذلك.
ومن هنا نعرف خطأ وجهل من يكتب الآن على بعض الأعمال] وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله [(2). لأن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لا يرى العمل بعد موته.
(429) سئل فضيلة الشيخ: عن هذه العبارة "أعطني الله لا يهينك"؟.
فأجاب فضيلته بقوله: هذه العبارة صحيحة، والله ـ سبحانه وتعالى ـ قد يهين العبد ويذله، وقد قال الله تعالى في عذاب الكفا: إنهم يجزون عذاب الهون بما كانوا يستكبرون في الأرض، فأذاقهم الله الهوان والذل بكبريائهم واستكبارهم في الأرض بغير الحق. وقال:] ومن يهن الله فما له من مكرم [(3) والإنسان إذا أمرك فقد تشعر بأن هذا إذلال وهوان لك فيقول: "الله لا يهينك".
(430) وسئل فضيلة الشيخ: عن هذه العبارة "الله يسأل عن حالك"؟.
فأجاب بقوله: هذه العبارة: "الله يسأل عن حالك" لا تجوز لأنها توهم أن الله تعالى يجهل الأمر فيحتاج إلى أن يسأل، وهذا من المعلوم أنه أمر منكر عظيم، والقائل لا يريد هذا في الواقع لا يريد أن الله يخفى عليه شيء، ويحتاج إلى سؤال، لكن هذه العبارة قد تفيد هذا المعنى، أو توهم هذا المعنى، فالواجب العدول عنها، واستبدالها بأن تقول: "أسأل الله أن يحتفي بك"، و"أن يلطف بك"، وما أشبهها.
(431) وسئل: هل يجوز للإنسان أن يقسم على الله؟
فأجاب بقوله: الإقسام على الله أن يقول الإنسان: والله لا يكون كذا وكذا، أو والله لا يفعل الله كذا وكذا والإقسام على الله نوعان:
أحدهما: أن يكون الحامل عليه قوة ثقة المقسم بالله ـ عزوجل ـ وقوة إيمانه به مع اعترافه بضعفه وعدم إلزامه الله بشيء فهذا جائز ودليله قوله، صلى الله عليه وسلم: "رب أشعث أغبر مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره" ودليل آخر واقعي وهو حديث أنس بن النضر حينما كسرت أخته الربيع سناً لجارية من الأنصار، فطالب أهلها بالقصاص فطلبوا إليهم العفو فأبوا، فعرضوا الأرش فأبوا، فأتوا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فأبوا إلا القصاص، فأمر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بالقصاص فقال أنس بن النضر: أتكسر ثنية الربيع؟ لا والذي بعثك بالحق لا تكسر ثنيتها فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "يا أنس كتاب الله القصاص" فرضي القوم فعفوا فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره" وهو - رضي الله عنه -لم يقسم اعتراضاً على الحكم وإباءً لتنفيذه فجعل الله الرحمة في قلوب أولياء المرأة التي كسرت سنها فعفوا عفواً مطلقاً عند ذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره"، فهذا النوع من الإقسام لا بأس به.
النوع الثاني: من الإقسام على الله: ماكان الحامل عليه الغرور والإعجاب بالنفس وأنه يستحق على الله كذا وكذا، فهذا والعياذ بالله محرم، وقد يكون محبطاً للعمل، ودليل ذلك أن رجلاً كان عابداً وكان يمر بشخص عاصٍ لله، وكلما مر به نهاه فلم ينته، فقال ذات يوم: والله لا يغفر الله لفلان ـ نسأل الله العافيةـ فهذا تحجر رحمة الله، لأنه مغرور بنفسه فقال الله ـ عزوجل ـ: "من ذا الذي يتألى علي ألا أغفر لفلان قد غفرت له وأحبطت عملك" قال أبوهريرة: "تكلم بكلمة أوبقت دنياه وآخرته". ومن هذا نأخذ أن من أضر ما يكون على الإنسان اللسان كما قال النبي، صلى الله عليه وسلم، لمعاذ بن جبل ـ رضي الله عنه ـ: "ألا أخبرك بملاك ذلك كله"، قلت: بلى يا رسول الله، فأخذ النبي، صلى الله عليه وسلم، بلسانه فقال: كف عليك هذا، فقال: يا رسول الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟، فقال: "ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم - أو قال - على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم". والله الموفق والهادي إلى سواء الصراط.
(432) وسئل فضيلة الشيخ: عن التسمي بالإمام؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/356)
فأجاب قائلاً: التسمي بالإمام أهون بكثير من التسمي بشيخ الإسلام لأن النبي، صلى الله عليه وسلم، سمى إمام المسجد إماماً ولو لم يكن معه إلا واحد، لكن ينبغي أن لا يتسامح في إطلاق كلمة "إمام" إلا على من كان قدوة وله أتباع كالإمام أحمد وغيره ممن له أثر في الإسلام، ووصف الإنسان بما لا يستحقه هضم للأمة، لأن الإنسان إذا تصور أن هذا إمام وهذا إمام ممن لم يبلغ منزلة الإمامة هان الإمام الحق في عينه.
(433) سئل فضيلة الشيخ: عن إطلاق بعض الأزواج على زوجاتهم وصف أم المؤمنين؟
فأجاب فضيلته بقوله: هذا حرام، ولا يحل لأحد أن يسمي زوجته أم المؤمنين، لأن مقتضاه أن يكون هو نبيّاً، لأن الذي يوصف بأمهات المؤمنين هن زوجات النبي، عليه الصلاة والسلام، وهل هو يريد أن يتبوأ مكان النبوة وأن يدعو نفسه بعد بالنبي؟ بل الواجب على الإنسان أن يتجنب مثل هذه الكلمات، وأن يستغفر الله تعالىمما جرى منه.
(434) سئل فضيلة الشيخ: ما حكم قول: "ياعبدي" و "يا أمتي"؟
فأجاب: قول القائل: "يا عبدي"، "يا أمتي"، ونحوه له صورتان:
الصورة الأولى: أن يقع بصيغة النداء مثل: يا عبدي، يا أمتي، فهذا لا يجوز للنهي عنه في قوله، صلى الله عليه وسلم: "لا يقل أحدكم عبدي وأمتي".
الصورة الثانية: أن يكون بصيغة الخبر وهذا على قسمين:
القسم الأول: إن قاله بغيبة العبد، أو الأمة فلا بأس فيه.
القسم الثاني: إن قاله في حضرة العبد أو الأمة، فإن ترتب عليه مفسدة تتعلق بالعبد أو السيد منع وإلا فلا، لأن القائل بذلك لا يقصد العبودية التي هي الذل، وإنما يقصد أنه مملوك له وإلى هذا التفصيل الذي ذكرناه أشار في (تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد) في باب لا يقول: عبدي وأمتي. وذكره صاحب فتح الباري عن مالك.
(435) وسئل فضيلة الشيخ: عن قول الإنسان: "أنا حر"؟
فأجاب بقوله: إذا قال ذلك رجل حر وأراد أنه حر من رق الخلق، فنعم هو حر من رق الخلق، وأما إن أراد أنه حر من رق العبودية لله - عز وجل - فقد أساء في فهم العبودية، ولم يعرف معنى الحرية، لأن العبودية لغير الله هي الرق أما عبودية المرء لربه - عز وجل - فهي الحرية، فإنه إن لم يذل لله ذل لغير الله، فيكون هنا خادعاً نفسه إذا قال: إنه حر يعني إنه متجرد من طاعة الله، ولن يقوم بها.
(436) سئل فضيلة الشيخ: عن قول العاصي عند الإنكار عليه: " أنا حر في تصرفاتي"؟
فأجاب بقوله: هذا خطأ، نقول: لست حراً في معصية الله، بل إنك إذا عصيت ربك فقد خرجت من الرق الذي تدعيه في عبودية الله إلى رق الشيطان والهوى.
(437) سئل فضيلة الشيخ عن قول الإنسان: "إن الله على ما يشاء قدير" عند ختم الدعاء ونحوه؟
فأجاب بقوله: هذا لا ينبغي لوجوه:
الأول: أن الله تعالىإذا ذكر وصف نفسه بالقدرة لم يقيد ذلك بالمشيئة في قوله تعالى:] ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء قدير [(1) وقوله]:ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير [(2) وقوله] ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض [(3) فعمم في القدرة كما عمم في الملك وقوله:] ولله ملك السموات والأرض وما بينهما يخلق ما يشاء والله على كل شيء قدير [(4) فعمم في الملك والقدرة، وخص الخلق بالمشيئة لأن الخلق فعل، والفعل لا يكون إلا بالمشيئة، أما القدرة فصفة أزلية أبدية شاملة لما شاء وما لم يشأه، لكن ما شاءه سبحانه وقع وما لم يشأه لم يقع والآيات في ذلك كثيرة.
الثاني: أن تقييد القدرة بالمشيئة خلاف ما كان عليه النبي، صلى الله عليه وسلم، وأتباعه فقد قال الله عنهم:] يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شيء قدير [(5) ولم يقولوا: "إنك على ما تشاء قدير"، وخير الطريق طريق الأنبياء وأتباعهم فإنهم أهدى علماً وأقوم عملاً.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/357)
الثالث: أن تقييد القدرة بالمشيئة يوهم اختصاصها بما يشاؤه الله تعالىفقط، لا سيما وأن ذلك التقييد يؤتى به في الغالب سابقاً حيث يقال: "على ما يشاء قدير" وتقديم المعمول يفيد الحصر كما يعلم ذلك في تقرير علماء البلاغة وشواهده من الكتاب والسنة واللغة، وإذا خصت قدرة الله تعالىبما يشاؤه كان ذلك نقصاً في مدلولها وقصراً لها عن عمومها فتكون قدرة الله تعالىناقصة حيث انحصرت فيما يشاؤه، وهو خلاف الواقع فإن قدرة الله تعالىعامة فيما يشاؤه وما لم يشأه، لكن ما شاءه فلابد من وقوعه، وما لم يشأه فلا يمكن وقوعه.
فإذا تبين أن وصف الله تعالىبالقدرة لا يُقيد بالمشيئة بل يطلق كما أطلقه الله تعالىلنفسه فإن ذلك لا يعارضه قول الله ـ تعالى-:] وهو على جمعهم إذا يشاء قدير [(1) فإن المقيد هنا بالمشيئة هو الجمع لا القدرة، والجمع فعل لا يقع إلا بالمشيئة ولذلك قيد بها فمعنى الآية أن الله تعالى قادر على جمعهم متى شاء وليس بعاجز عنه كما يدعيه من ينكره ويقيده بالمشيئة رد لقول المشركين الذين قال الله تعالىعنهم:] وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات ما كان حجتهم إلا أن قالوا ائتوا بآبائنا إن كنتم صادقين. قل الله يحييكم ثم يميتكم ثم يجمعكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ولكن أكثر الناس لا يعلمون [(2) فلما طلبوا الإتيان بآبائهم تحدياً وإنكاراً لما يجب الإيمان به من البعث، بين الله تعالىأن ذلك الجمع الكائن في يوم القيامة لا يقع إلا بمشيئته ولا يوجب وقوعه تحدي هؤلاء وإنكارهم كما قال الله تعالى-:] زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم وذلك على الله يسير. فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا والله بما تعملون خبير. يوم يجمعكم ليوم الجمع ذلك يوم التغابن [(3) والحاصل أن قوله تعالى:] وهو على جمعهم إذا يشاء قدير [. لا يعارض ما قررناه من قبل لأن القيد بالمشيئة ليس عائداً إلى القدرة وإنما يعود إلى الجمع. وكذلك لا يعارضه ما ثبت في صحيح مسلم في كتاب "الإيمان" في "باب آخر أهل النار خروجاً" من حديث ابن مسعود، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "آخر من يدخل الجنة رجل" فذكر الحديث وفيه أن الله تعالى قال للرجل: "إني لا أستهزئ منك ولكني على ما أشاء قادر" وذلك لأن القدرة في هذا الحديث ذكرت لتقرير أمر واقع والأمر الواقع لا يكون إلا بعد المشيئة، وليس المراد بها ذكر الصفة المطلقة التي هي وصف الله تعالىأزلاً وأبداً، ولذلك عبر عنها باسم الفاعل "قادر" دون الصفة المشبهة "قدير" وعلى هذا فإذا وقع أمر عظيم يستغربه المرء أو يستبعده فقيل له في تقريره: إن الله على ما يشاء قادر فلا حرج في ذلك، وما زال الناس يعبرون بمثل هذا في مثل ذلك، فإذا وقع أمر عظيم يستغرب أو يستبعد قالوا: قادر على ما يشاء، فيجب أن يعرف الفرق بين ذكر القدرة على أنها صفة لله تعالى فلا تقيد بالمشيئة، وبين ذكرها لتقرير أمر واقع فلا مانع من تقييدها بالمشيئة لأن الواقع لا يقع الا بالمشيئة، والقدرة هنا ذكرت لإثبات ذلك الواقع وتقرير وقوعه، والله سبحانهأعلم.
(438) سئل فضيلة الشيخ: عن حكم قول الإنسان: "أنا مؤمن إن شاء الله"؟
فأجاب بقوله: قول القائل: "أنا مؤمن إن شاء الله، يسمى عند العلماء (مسألة الاستثناء في الإيمان). وفيه تفصيل:
أولاً: إن كان الاستثناء صادراً عن شك في وجود أصل الإيمان فهذا محرم بل كفر، لأن الإيمان جزم والشك ينافيه.
ثانياً: إن كان صادراً عن خوف تزكية النفس والشهادة لها بتحقيق الإيمان قولاً وعملاً واعتقاداً، فهذا واجب خوفاً من هذا المحذور.
ثالثاً: إن كان المقصود من الاستثناء التبرك بذكر المشيئة، أو بيان التعليل وأن ما قام بقلبه من الإيمان بمشيئة الله، فهذا جائز والتعليق على هذا الوجه ـ أعني بيان التعليل ـ لا ينافي تحقق المعلق فإنه قد ورد التعليق على هذا الوجه في الأمور المحققة كقوله تعالى:] لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رءوسكم ومقصرين لا تخافون [(1) والدعاء في زيارة القبور "وإنا إن شاء الله بكم لاحقون" وبهذا عرف أنه لا يصح إطلاق الحكم على الاستثناء في الإيمان بل لابد من التفصيل السابق.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/358)
(439) سئل فضيلة الشيخ: عن قول: "فلان المرحوم". و "تغمده الله برحمته" و "انتقل إلى رحمة الله"؟.
فأجاب بقوله: قول: "فلان المرحوم"، أو "تغمده الله برحمته" لا بأس بها، لأن قولهم: "المرحوم" من باب التفاؤل والرجاء، وليس من باب الخبر، وإذا كان من باب التفاؤل والرجاء فلا بأس به.
وأما "انتقل إلى رحمة الله"، فهو كذلك فيما يظهر لي أنه من باب التفاؤل، وليس من باب الخبر، لأن مثل هذا من أمور الغيب ولا يمكن الجزم به، وكذلك لا يقال: "انتقل إلى الرفيق الأعلى".
(440) سئل فضيلة الشيخ: عن عبارة "لكم تحياتنا" وعبارة "أهدي لكم تحياتي"؟
فأجاب قائلاً: عبارة "لكم تحياتنا، وأهدي لكم تحياتي" ونحوهما من العبارات لا بأس بها قال الله تعالى:] وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها [(2). فالتحية من شخص لآخر جائزة، وأما التحيات المطلقة العامة فهي لله، كما أن الحمد لله، والشكر لله، ومع هذا فيصح أن نقول: حمدت فلاناً على كذا، وشكرته على كذا قال الله- تعالى-:] أن اشكر لي ولوالديك [(3).
(441) وسئل فضيلة الشيخ: يقول بعض الناس: "أوجد الله كذا"، فما مدى صحتها؟ وما الفرق بينها وبين: "خلق الله كذا" أو "صور الله كذا"؟
فأجاب بقوله: أوجد وخلق ليس بينهما فرق، فلو قال: أوجد الله كذا كانت بمعنى خلق الله كذا، وأما صور فتختلف لأن التصوير عائد إلى الكيفية لا إلى الإيجاد.
(442) سئل فضيلة الشيخ: عن حكم التسمي بإيمان؟.
فأجاب بقوله: الذي أرى أن اسم إيمان فيه تزكية وقد صح عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه غير اسم "برة" خوفاً من التزكية ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن زينب كان اسمها برة فقيل:تزكي نفسها فسماها رسول الله، صلى الله عليه وسلم، زينب 10/ 575 فتح، وفي صحيح مسلم 3/ 1687 عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كانت جويرية اسمها برة فحول النبي صلى الله عليه وسلم اسمها جويرية وكان يكره أن يقال: خرج من عند برة، وفيه أيضاً ص1688 عن محمد بن عمرو بن عطاء قال: سميت ابنتي برة فقالت لي زينب بنت أبي سلمة: إن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، نهى عن هذا الاسم وسميت برة فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: "لا تزكوا أنفسكم الله أعلم بأهل البر منكم" فقالوا: بم نسميها؟ قال: "سموها زينب" فبين النبي، صلى الله عليه وسلم، وجه الكراهة للاسم الذي فيه التزكية وأنها من وجهين:
الأول: أنه يقال: خرج من عند برة وكذلك يقال: خرج من برة.
الثاني: التزكية والله أعلم منا بمن هو أهل للتزكية.
وعلى هذا ينبغي تغيير اسم إيمان لأن النبي، صلى الله عليه وسلم، نهى عما فيه تزكية، ولا سيما إذا كان اسماً لامرأة لأنه للذكور أقرب منه للإناث لأن كلمة (إيمان) مذكرة.
(443) وسئل فضيلته: عن التسمي بإيمان؟
فأجاب بقوله: اسم إيمان يحمل نوعاً من التزكية ولهذا لا تنبغي التسمية به لأن النبي، صلى الله عليه وسلم، غير اسم برة لكونه دالاً على التزكية، والمخاطب في ذلك هم الأولياء الذين يسمون أولادهم بمثل هذه الأسماء التي تحمل التزكية لمن تسمى بها، أما ما كان علماً مجرداً لا يفهم منه التزكية فهذا لا بأس به ولهذا نسمي بصالح وعلي وما أشبههما من الأعلام المجردة التي لا تحمل معنى التزكية.
(444) سئل فضيلة الشيخ: ما حكم هذه الألقاب "حجة الله" "حجة الإسلام" "آية الله"؟
فأجاب بقوله: هذه الألقاب "حجة الله" "حجة الإسلام" ألقاب حادثة لا تنبغي لأنه لا حجة لله على عباده إلا الرسل.
وأما "آية الله" فإن أريد المعنى الأعم فهو يدخل فيه كل شيء:
وفي كل شيء له آية .. تدل على أنه واحد
وإن أريد أنه آية خارقة فهذا لا يكون إلا على أيدي الرسل، لكن يقال:عالم، مفتٍ، قاضي، حاكم، إمام لمن كان مستحقاً لذلك.
(445) سئل الشيخ: عن هذه العبارات: "باسم الوطن، باسم الشعب، باسم العروبة"؟
فأجاب قائلاً: هذه العبارات إذا كان الإنسان يقصد بذلك أنه يعبر عن العرب أو يعبر عن أهل البلد فهذا لا بأس به، وإن قصد التبرك والاستعانة فهو نوع من الشرك، وقد يكون شركاً أكبر بحسب مايقوم في قلب صاحبه من التعظيم بما استعان به.
(446) وسئل فضيلته: هل هذه العبارة صحيحة "بفضل فلان تغير هذا الأمر، أو بجهدي صار كذا"؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/359)
فأجاب الشيخ بقوله: هذه العبارة صحيحة، إذا كان للمذكور أثر في حصوله، فإن الإنسان له فضل على أخيه إذا أحسن إليه، فإذا كان للإنسان في هذا الأمر أثر حقيقي فلا بأس أن يقال: هذا بفضل فلان، أو بجهود فلان، أو ما أشبه ذلك، لأن إضافة الشيء إلى سببه المعلوم جائزة شرعاً وحساً، ففي صحيح مسلم أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال في عمه أبي طالب: "لولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار". وكان أبوطالب يعذب في نار جهنم في ضحضاح من نار، وعليه نعلان يغلي منهما دماغه، وهو أهون أهل النار عذاباً ـ والعياذ بالله ـ فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: "لولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار".
أما إذا أضاف الشيء إلى سبب وليس بصحيح فإن هذا لا يجوز، وقد يكون شركاً، كما لو أضاف حدوث أمر لا يحدثه إلا الله إلى أحد من المخلوقين، أو أضاف شيئاً إلى أحدٍ من الأموات أنه هو الذي جلبه له فإن هذا من الشرك في الربوبية.
(447) سئل فضيلة الشيخ: عن حكم قول: "البقية في حياتك"، عند التعزية ورد أهل الميت بقولهم: "حياتك الباقية"؟
فأجاب فضيلته بقوله: لا أرى فيها مانعاً إذا قال الإنسان:"البقية في حياتك" لا أرى فيها مانعاً، ولكن الأولى أن يقال: إن في الله خلفاً من كل هالك، أحسن من أن يقال: "البقية في حياتك"، كذلك الرد عليه إذا غير المعزي هذا الأسلوب فسوف يتغير الرد.
(448) وسئل حفظه الله تعالى: عن حكم ثناء الإنسان على الله تعالى بهذه العبارة "بيده الخير والشر"؟
فأجاب بقوله: أفضل ما يثني به العبد على ربه هو ما أثنى به سبحانه على نفسه أو أثنى به عليه أعلم الناس به نبيه محمد، صلى الله عليه وسلم، والله - عز وجل - لم يثن على نفسه وهو يتحدث عن عموم ملكه وتمام سلطانه وتصرفه أن بيده الشر كما في قوله –تعالى-:] قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير [(1). فأثنى سبحانه على نفسه بأن بيده الخير في هذا المقام الذي قد يكون شراً بالنسبة لمحله وهو الإنسان المقدر عليه الذل، ولكنه خير بالنسبة إلى فعل الله لصدوره عن حكمة بالغة، ولذلك أعقبه بقوله:] بيدك الخير [وهكذا كل ما يقدره الله من شرور في مخلوقاته هي شرور بالنسبة لمحالها، أما بالنسبة لفعل الله تعالىلها وإيجاده فهي خير لصدورها عن حكمة بالغة، فهناك فرق بين فعل الله تعالىالذي هو فعله كله خير، وبين مفعولاته ومخلوقاته البائنة عنه ففيها الخير والشر، ويزيد الأمر وضوحاً أن النبي، صلى الله عليه وسلم، أثنى على ربه تبارك وتعالى بأن الخير بيده ونفى نسبة الشر إليه كما في حديث علي، رضي الله عنه، الذي رواه مسلم وغيره مطولاً وفيه أنه، صلى الله عليه وسلم، كان يقول إذا قام إلى الصلاة: "وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض" إلى أن قال: "لبيك وسعديك، والخير كله في يديك، والشر ليس إليك" فنفى، صلى الله عليه وسلم، أن يكون الشر إلى الله تعالى، لأن أفعاله وإن كانت شراً بالنسبة إلى محالها ومن قامت به، فليست شراً بالنسبة إليه تعالىلصدورها عن حكمة بالغة تتضمن الخير، وبهذا تبين أن الأولى بل الأوجب في الثناء على الله أن نقتصر على ما أثنى به على نفسه وأثنى به عليه رسوله، صلى الله عليه وسلم، لأنه –تعالى- أعلم بنفسه، ورسوله محمد، صلى الله عليه وسلم، أعلم الخلق به فنقول: بيده الخير ونقتصر على ذلك كما هو في القرآن الكريم والسنة.
(449) سئل فضيلة الشيخ: عن قول العامة: "تباركت علينا؟ " "زارتنا البركة؟ ".
فأجاب قائلاً: قول العامة "تباركت علينا" لا يريدون بهذا ما يريدونه بالنسبة إلى الله - عز وجل - وإنما يريدون أصابنا بركة من مجيئك والبركة يصح إضافتها إلى الإنسان، قال أسيد بن حضير لما نزلت اية التيمم بسبب عقد عائشة الذي ضاع منها قال: "ما هذه بأول بركتكم يا آل أبي بكر".
وطلب البركة لا يخلو من أمرين:
الأمر الأول: أن يكون طلب البركة بأمر شرعي معلوم مثل القرآن الكريم قال الله تعالى:] وهذا كتاب أنزلناه مبارك [(2) فمن بركته أن من أخذ به وجاهد به حصل له الفتح، فأنقذ الله به أمماً كثيرة من الشرك، ومن بركته أن الحرف الواحد بعشر حسنات وهذه توفر للإنسان الجهد والوقت.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/360)
الأمر الثاني: أن يكون طلب البركة بأمر حسي معلوم، مثل العلم فهذا الرجل يتبرك به بعلمه ودعوته إلى الخير، قال أسيد بن حضير: "ما هذه بأول بركتكم يا آل أبي بكر" فإن الله قد يجري على أيدي بعض الناس من أمور الخير مالا يجريه على يد الآخر.
وهناك بركات موهومة باطلة مثل ما يزعمه الدجالون أن فلاناً الميت الذي يزعمون أنه ولي أنزل عليكم من بركته وما أشبه ذلك، فهذه بركة باطلة لا أثر لها، وقد يكون للشيطان أثر في هذا الأمر لكنها لا تعدو أن تكون آثاراً حسية بحيث إن الشيطان يخدم هذا الشيخ فيكون في ذلك فتنة.
أما كيفية معرفة هل هذه من البركات الباطلة أو الصحيحة؟
فيعرف ذلك بحال الشخص، فإن كان من أولياء الله المتقين المتبعين للسنة المبتعدين عن البدعة فإن الله قد يجعل على يديه من الخير والبركة مالا يحصل لغيره، أما إن كان مخالفاً للكتاب والسنة، أو يدعو إلى باطل فإن بركته موهومة، وقد تضعها الشياطين له مساعدة على باطله.
(450) سئل فضيلة الشيخ: عن إطلاق عبارة: "كتب التراث" على كتب السلف؟
فأجاب بقوله: الظاهر أنه صحيح، لأن معناه الكتب الموروثة عمن سبق، ولا أعلم في هذا مانعاً.
(451) وسئل فضيلة الشيخ: هل في الإسلام تجديد تشريع؟.
فأجاب بقوله: من قال: إن في الإسلام تجديد تشريع فالواقع خلافه، فالإسلام كمل بوفاة النبي، صلى الله عليه وسلم، والتشريع انتهى بها. نعم الحوادث والوقائع تتجدد، ويحدث في كل عصرٍ ومكانٍ ما لا يحدث في غيره، ثم ينظر فيها بتشريع، ويحكم عليها على ضوء الكتاب والسنة. ويكون هذا الحكم من التشريع الإسلامي الأول، ولا ينبغي أن يسمى تشريعاً جديداً، لأنه هضم للإسلام، ومخالف للواقع، ولا ينبغي أيضاً أن يسمى تغييراً للتشريع، لما فيه من كسر سياج حرمة الشريعة، وهيبتها في النفوس، أو تعريضها لتغيير لا يسير على ضوء الكتاب والسنة، ولا يرضاه أحد من أهل العلم والإيمان.
أما إذا كان الحكم على الحادثة ليس على ضوء الكتاب والسنة، فهو تشريع باطل، لا يدخل تحت التقسيم في التشريع الإسلامي.
ولا يرد على ما قلت إمضاء عمر - رضي الله عنه -للطلاق الثلاث، مع أنه كان واحدة لمدة سنتين من خلافته، ومدة عهد النبي، صلى الله عليه وسلم، وعهد أبي بكر رضي الله عنه، لأن هذا من باب التعزير بإلزام المرء ما التزمه ولذا قال عمر ـ رضي الله عنه ـ: "أرى الناس قد تعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم". فأمضاه عليهم، وباب التعزير واسع في الشريعة، لأن المقصود به التقويم والتأديب.
(452) وسئل عن حكم قولهم: تدخل القدر؟ وتدخلت عناية الله؟.
فأجاب قائلاً: قولهم: "تدخل القدر" لا يصلح لأنه يعني أن القدر اعتدى بالتدخل وأنه كالمتطفل على الأمر، مع أنه أي القدر هو الأصل فكيف يقال: تدخل؟ والأصح أن يقال: ولكن نزل القضاء والقدر أو غلب القدر ونحو ذلك، ومثل ذلك "تدخلت عناية الله" الأولى أن يبد بها كلمة حصلت عناية الله، أو اقتضت عناية الله.
(453) وسئل: عن حكم التسمي بأسماء الله مثل كريم، وعزيز ونحوهما؟
فأجاب بقوله: التسمي بأسماء الله - عز وجل - يكون على وجهين:
الوجه الأول: وهو على قسمين:
القسم الأول: أن يحلى بـ"ال" ففي هذه الحال لا يسمى به غير الله ـ عز وجل ـ (1) كما لو سميت أحداً بالعزيز، والسيد، والحكيم وما أشبه ذلك فإن هذا لا يسمى به غير الله لأن "ال" هذه تدل على لمح الأصل وهو المعنى الذي تضمنه هذا الاسم.
القسم الثاني: إذا قصد بالاسم معنى الصفة وليس محلى بـ"ال" فإنه لا يسمى به ولهذا غير النبي، صلى الله عليه وسلم، كنية أبي الحكم التي تكنى بها، لأن أصحابه يتحاكمون إليه فقال النبي، عليه الصلاة والسلام:"إن الله هو الحكم وإليه الحكم" ثم كناه بأكبر أولاده شريح فدل ذلك على أنه إذا تسمى أحد باسم من أسماء الله ملاحظاً بذلك معنى الصفة التي تضمنها هذا الاسم فإنه يمنع لأن هذه التسمية تكون مطابقة تماماً لأسماء الله ـ سبحانه وتعالى ـ فإن أسماء الله تعالىأعلام وأوصاف لدلالتها على المعنى الذي تضمنه الاسم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/361)
الوجه الثاني: أن يتسمى بالاسم غير محلى بـ"ال" وليس المقصود به معنى الصفة فهذا لا بأس به مثل حكيم ومن أسماء بعض الصحابة حكيم بن حزام الذي قال له النبي، عليه الصلاة والسلام: "لا تبع ما ليس عندك" وهذا دليل على أنه إذا لم يقصد بالاسم معنى الصفة فإنه لا بأس به.
لكن في مثل "جبار" لا ينبغي أن يتسمى به وإن كان لم يلاحظ الصفة وذلك لأنه قد يؤثر في نفس المسمى فيكون معه جبروت وغلو واستكبار على الخلق فمثل هذه الأشياء التي قد تؤثر على صاحبها ينبغي للإنسان أن يتجنبها. والله أعلم.
(454) وسئل: عن حكم التسمي بأسماء الله تعالى مثل الرحيم والحكيم؟
فأجاب بقوله: يجوز أن يسمي الإنسان بهذه الأسماء بشرط ألا يلاحظ فيها المعنى الذي اشتقت منه بأن تكون مجرد علم فقط، ومن أسماء الصحابة الحكم، وحكيم بن حزام وكذلك اشتهر بين الناس اسم عادل وليس بمنكر، أما إذا لوحظ فيه المعنى الذي اشتقت منه هذه الأسماء فإن الظاهر أنه لا يجوز لأن النبي، صلى الله عليه وسلم، غير اسم أبي الحكم الذي تكنى به، لكون قومه يتحاكمون إليه وقال النبي، صلى الله عليه وسلم: "إن الله هو الحكم وإليه الحكم" ثم كناه بأكبر أولاده شريح وقال له: "أنت أبو شريح" وذلك أن هذه الكنية التي تكنى بها هذا الرجل لوحظ فيها معنى الاسم فكان هذا مماثلاً لأسماء الله ـ سبحانه وتعالى ـ لأن أسماء الله - عز وجل - ليست مجرد أعلام بل هي أعلام من حيث دلالتها على ذات الله ـ سبحانه وتعالى ـ وأوصاف من حيث دلالتها على المعنى الذي تتضمنه، وأما أسماء غيره ـ سبحانه وتعالى ـ فإنها مجرد أعلام إلا أسماء النبي، صلى الله عليه وسلم، فإنها أعلام وأوصاف، وكذلك أسماء كتب الله - عز وجل - فهي أعلام وأوصاف أيضاً.
(455) وسئل فضيلة الشيخ: عن حكم ثناء الإنسان على نفسه؟
فأجاب قائلاً: الثناء على النفس إن أراد به الإنسان التحدث بنعمة الله - عز وجل - أو أن يتأسى به غيره من أقرانه ونظرائه فهذا لا بأس به، وإن أراد به الإنسان تزكية نفسه وإدلاله بعمله على ربه -عزوجل -فإن هذا فيه شيء من المنة فلا يجوز وقد قال الله تعالى:] يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي اسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين [(1).
وإن أراد به مجرد الخبر فلا بأس به لكن الأولى تركه.
فالأحوال إذاً في مثل هذا الكلام الذي فيه ثناء المرء على نفسه أربع:
الحال الأولى: أن يريد بذلك التحدث بنعمة الله عليه فيما حباه به من الإيمان والثبات.
الحال الثانية: أن يريد بذلك تنشيط أمثاله ونظرائه على مثل ما كان عليه.
فهاتان الحالان محمودتان لما تشتملان عليه من هذه النية الطيبة.
الحال الثالثة: أن يريد بذلك الفخر والتباهي والإدلال على الله - عز وجل - بما هو عليه من الإيمان والثبات وهذا غير جائز لما ذكرنا من الآية.
الحال الرابعة: أن يريد بذلك مجرد الخبر عن نفسه بما هو عليه من الإيمان والثبات فهذا جائز ولكن الأولى تركه.
(456) سئل فضيلة الشيخ: عن قول "ياحاج"، و "السيد فلان"؟
فأجاب بقوله: قول: "حاج" يعني أدى الحج لا شيء فيها.
وأما السيد فينظر إن كان صحيحاً أنه ذو سيادة فيقال: هو سيد بدون أل فلا بأس به، بشرط ألا يكون فاسقاً ولا كافراً، فإن كان فاسقاً أو كافراً فإنه لا يجوز إطلاق لفظ سيد إلا مضافاً إلى قومه، مثل سيد بني فلان، أو سيد الشعب الفلاني ونحو ذلك.
(457) وسئل أيضاً: عن حكم ما درج على ألسنة بعض الناس من قولهم: "حرام عليك أن تفعل كذا وكذا"؟
فأجاب بقوله: هذا الذي وصفوه بالتحريم إما أن يكون مما حرمه الله كما لو قالوا حرام أن يعتدي الرجل على أخيه وما أشبه ذلك فإن وصف هذا الشيء بالحرام صحيح مطابق لما جاء به الشرع.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/362)
وأما إذا كان الشيء غير محرم فإنه لا يجوز أن يوصف بالتحريم ولو لفظاً، لأن ذلك قد يوهم تحريم ما أحل الله - عز وجل - أو يوهم الحجر على الله - عز وجل - في قضائه وقدره بحيث يقصدون بالتحريم التحريم القدري، لأن التحريم يكون قدرياً ويكون شرعياً فما يتعلق بفعل الله - عز وجل - فإنه يكون تحريماً قدرياً، وما يتعلق بشرعه فإنه يكون تحريماً شرعياً وعلى هذا فينهى هؤلاء عن إطلاق مثل هذه الكلمة ولو كانوا لا يريدون بها التحريم الشرعي، لأن التحريم القدري ليس إليهم أيضاً بل هو إلى الله - عز وجل - هو الذي يفعل ما يشاء فيحدث ما شاء أن يحدث ويمنع ما شاء أن يمنعه، فالمهم أن الذي أرى أنهم يتنزهون عن هذه الكلمة وأن يبتعدوا عنها وإن كان قصدهم في ذلك شيئاً صحيحاً. والله الموفق.
(458) سئل فضيلة الشيخ: قلتم في الفتوى رقم "457":إن التحريم يكون قدرياً ويكون شرعياً فنأمل من فضيلتكم التكرم ببيان بعض الأمثلة؟.
فأجاب بقوله: سؤالكم عما ورد في جوابنا رقم "457" من أن التحريم يكون قدرياً ويكون شرعياً وطلبكم أمثلة لذلك فإليكم ما طلبتم:
فمن التحريم القدري قوله تعالىفي موسى:] وحرمنا عليه المراضع من قبل [(1). وقوله تعالى:] وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون [(2). ومن التحريم الشرعي قوله تعالى:] حرمت عليكم أمهاتكم [(3). وقوله تعالى:] قل لا أجد فيما أوحي إلى محرماً على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة [(4) الآية.
(459) وسئل فضيلة الشيخ: نسمع ونقرأ كلمة، "حرية الفكر"، وهي دعوة إلى حرية الاعتقاد، فما تعليقكم على ذلك؟.
فأجاب بقوله: تعليقنا على ذلك أن الذي يجيز أن يكون الإنسان حر الاعتقاد، يعتقد ما شاء من الأديان فإنه كافر، لأن كل من اعتقد أن أحداً يسوغ له أن يتدين بغير دين محمد، صلى الله عليه وسلم، فإنه كافر بالله - عز وجل - يستتاب، فإن تاب وإلا وجب قتله.
والأديان ليست أفكاراً، ولكنها وحي من الله - عز وجل - ينزله على رسله، ليسير عباده عليه، وهذه الكلمة ـ أعني كلمة فكر ـ التي يقصد بها الدين: يجب أن تحذف من قواميس الكتب الإسلامية، لأنها تؤدي إلى هذا المعنى الفاسد، وهو أن يقال عن الإسلام: فكر، والنصرانية فكر، واليهودية فكر ـ وأعني بالنصرانية التي يسميها أهلها بالمسيحية ـ فيؤدي إلى أن تكون هذه الشرائع مجرد أفكار أرضية يعتنقها من شاء من الناس، والواقع أن الأديان السماوية أديان سماوية من عند الله - عز وجل - يعتقدها الإنسان على أنها وحي من الله تعبد بها عباده، ولا يجوز أن يطلق عليها "فكر".
وخلاصة الجواب: أن من اعتقد أنه يجوز لأحد أن يتدين بما شاء وأنه حر فيما يتدين به فإنه كافر بالله - عز وجل - لأن الله تعالىيقول:] ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه [(1). ويقول:] إن الدين عند الله الإسلام [(2). فلا يجوز لأحد أن يعتقد أن ديناً سوى الإسلام جائز يجوز للإنسان أن يتعبد به بل إذا اعتقد هذا فقد صرح أهل العلم بأنه كافر كفراً مخرجاً عن الملة.
(460) سئل فضيلة الشيخ: هل يجوز أن يقول الإنسان للمفتي: ما حكم الإسلام في كذا وكذا؟ أو ما رأي الإسلام؟
فأجاب بقوله: لا ينبغي أن يقال:"ما حكم الإسلام في كذا"، أو "ما رأي الإسلام في كذا" فإنه قد يخطئ فلا يكون ما قاله حكم الإسلام، لكن لو كان الحكم نصاً صريحاً فلا بأس مثل أن يقول: ما حكم الإسلام في أكل الميتة؟ فنقول: حكم الإسلام في أكل الميتة أنها حرام.
(461) سئل فضيلة الشيخ: عن وصف الإنسان بأنه حيوان ناطق؟
فأجاب بقوله: الحيوان الناطق يطلق على الإنسان كما ذكره أهل المنطق، وليس فيه عندهم عيب، لأنه تعريف بحقيقة الإنسان، لكنه في العرف قول يعتبر قدحاً في الإنسان، ولهذا إذا خاطب الإنسان به عاميا فإن العامي سيعتقد أن هذا قدحٌ فيه، وحينئذ لا يجوز أن يخاطب به العامي، لأن كل شيء يسيء إلى المسلم فهو حرام، أما إذا خوطب به من يفهم الأمر على حسب اصطلاح المناطقة، فإن هذا لا حرج فيه، لأن الإنسان لا شك أنه حيوان باعتبار أنه فيه حياة، وأن الفصل الذي يميزه عن غيره من بقية الحيوانات هو النطق. ولهذا قالوا: إن كلمة "حيوان" جنس، وكلمة "ناطق" فصل، والجنس يعم المعرف وغيره، والفصل يميز المعرف عن غيره.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/363)
(462) سئل فضيلة الشيخ: عن قول بعض الناس: "خسرت في الحج كذا، وخسرت في العمرة كذا، وخسرت في الجهاد كذا، وكذا"؟.
فأجاب قائلاً: هذه العبارات غير صحيحة، لأن مابذل في طاعة الله ليس بخسارة، بل هو الربح الحقيقي، وإنما الخسارة ما صرف في معصية، أو في ما لافائدة فيه، وأما مافيه فائدة دنيوية أو دينية فإنه ليس بخسارة.
(463) سئل فضيلة الشيخ: عن قول الإنسان لرجل: "أنت يا فلان خليفة الله في أرضه"؟
فأجاب بقوله: إذا كان ذلك صدقاً بأن كان هذا الرجل خليفة يعني ذا سلطان تام على البلد، وهو ذو السلطة العليا على أهل هذا البلد، فإن هذا لا بأس به، ومعنى قولنا: " خليفة الله " أن الله استخلفه على العباد في تنفيذ شرعهلا، لأن الله - تعالى-ستخلفه على الأرض، والله ـ سبحانه وتعالى ـ مستخلفنا في الأرض جميعاً وناظر ما كنا نعمل، وليس يراد بهذه الكلمة أن الله تعالىيحتاج إلى أحد يخلفه في خلقه أو يعينه على تدبير شؤونهم ولكن الله جعله خليفة يخلف من سبقه، ويقوم بأعباء ماكلفه الله.
(464) وسئل فضيلته: يستخدم بعض الناس عبارة "راعني" ويقصدون بها انظرني، فما صحة هذه الكلمة؟
فأجاب قائلاً: الذي أعرف أن كلمة: "راعني" يعني من المراعاة أي أنزل لنا في السعر مثلاً، وانظر إلى ما أريد، ووافقني عليه، وما أشبه ذلك، وهذه لا شيء فيها. وأما قول الله تعالى:] يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا [(1).
فهذا كان اليهود يقولون: "راعنا"، من الرعونة فينادون بذلك الرسول، عليه الصلاة والسلام، يريدون الدعاء عليه، فلهذا قال الله لهم:] وقولوا انظرنا [. وأما "راعني"، فليست مثل "راعنا"، لأن راعنا منصوبة بالألف وليست بالياء.
(465) وسئل حفظه الله: ما حكم قول: "رب البيت"؟ "رب المنزل"؟
فأجاب: قولهم: رب البيت ونحوه ينقسم أقساماً أربعة:
القسم الأول: أن تكون الإضافة إلى ضمير المخاطب في معنى لا يليق بالله - عز وجل - مثل أن يقول: "أطعم ربك" فهذا منهي عنه لوجهين:
الوجه الأول: من جهة الصيغة لأنه يوهم معنى فاسداً بالنسبة لكلمة رب، لأن الرب من أسمائه سبحانه، وهو سبحانه يُطعِم ولا يطعَم، وإن كان لا شك أن الرب هنا غير الرب الذي يطعم ولا يطعم.
الوجه الثاني: من جهة أنك تشعر العبد أو الأمة بالذل لأنه إذا كان السيد ربّاً كان العبد مربوباً والأمة مربوبة.
وأما إذا كان في معنى يليق بالله تعالىمثل أطع ربك كان النهي عنه من أجل الوجه الثاني.
القسم الثاني: أن تكون الإضافة إلى ضمير الغائب مثل ربه، وربها، فإن كان في معنى لا يليق بالله كان من الأدب اجتنابه، مثل أطعم العبد ربه أو أطعمت الأمة ربها، لئلا يتبادر منه إلى الذهن معنى لا يليق بالله.
وإن كان في معنى يليق بالله مثل أطاع العبد ربه وأطاعت الأمة ربها فلا بأس بذلك لانتفاء المحذور.
ودليل ذلك قوله، صلى الله عليه وسلم، في حديث اللقطة في ضالة الإبل وهو حديث متفق عليه: "حتى يجدها ربها" وقال بعض أهل العلم: إن حديث اللقطة في بهيمة لا تتعبد ولا تتذلل كالإنسان، والصحيح عدم الفارق لأن البهيمة تعبد الله عبادة خاصة بها. قال تعالى:] ألم تر أن الله يسجد له من في السموات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب [(1) وقال في العباد:] وكثير من الناس [(2) ليس جميعهم] وكثير حق عليه العذاب [(3).
القسم الثالث: أن تكون الإضافة إلى ضمير المتكلم فقد يقول قائل بالجواز لقوله تعالى حكاية عن يوسف:] إنه ربي أحسن مثواي [(4) أي سيدي، وإن المحذور هو الذي يقتضي الإذلال وهذا منتفٍ لأن هذا من العبد لسيده.
القسم الرابع: أن يضاف إلى الاسم الظاهر فيقال: هذا رب الغلام فظاهر الحديث الجواز وهو كذلك مالم يوجد محذور فيمنع كما لو ظن السامع أن السيد رب حقيقي خالق لمملوكه.
(466) سئل فضيلة الشيخ: عن قول من يقول: إن الإنسان يتكون من عنصرين عنصر من التراب وهو الجسد، وعنصر من الله وهو الروح؟
فأجاب بقوله: هذا الكلام يحتمل معنيين:
أحدهما: أن الروح جزء من الله.
والثاني: أن الروح من الله خلقاً.
وأظهرهما أنه أراد أن الروح جزء من الله لأنه لو أراد أن الروح من الله خلقاً لم يكن بينها وبين الجسد فرق إذ الكل من الله تعالىخلقاً وإيجاداً.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/364)
والجواب على قوله: أن نقول: لا شك أن الله أضاف روح آدم إليه في قوله –تعالى-:] فإذا سويته ونفخت فيه من روحي [(1). وأضاف روح عيسى إليه فقال:] ومريم ابنت عمران التي أحصنت فرجها فننفخنا فيه من روحنا [(2).وأضاف بعض مخلوقات أخرى إليه كقوله:] وطهر بيتي للطائفين والقائمين [(3). وقوله:] وسخر لكم مافي السموات ومافي الأرض جميعاً منه [(4). وقوله عن رسوله صالح:] فقال لهم رسول الله ناقة الله وسقياها [(5) ولكن المضاف إلى الله نوعان:
أحدهما: ما يكون منفصلاً بائناً عنه، قائماً بنفسه أو قائماً بغيره، فإضافته إلى الله تعالى إضافة خلق وتكوين، ولا يكون ذلك إلا فيما يقصد به تشريف المضاف أو بيان عظمة الله تعالى، لعظم المضاف، فهذا النوع لا يمكن أن يكون من ذات الله، ولا من صفاته، أما كونه لا يمكن أن يكون من ذات الله تعالى، فلأن ذات الله تعالى واحدة لا يمكن أن تتجزأ أو تتفرق، وأما كونه لا يمكن أن يكون من صفات الله فلأن الصفة معنى في الموصوف لا يمكن أن تنفصل عنه، كالحياة، والعلم، والقدرة، والقوة، والسمع، والبصر وغيرها. فإن هذه الصفات صفات لا تباين موصوفها، ومن هذا النوع إضافة الله تعالىروح آدم وعيسى إليه، وإضافة البيت وما في السموات والأرض إليه، وإضافة الناقة إليه، فروح آدم، وعيسى قائمة بهما، وليست من ذات الله تعالى، ولا من صفاته قطعاً، والبيت ومافي السموات والأرض، والناقة أعيان قائمة بنفسها، وليست من ذات الله ولا من صفاته، وإذا كان لا يمكن لأحد أن يقول: إن بيت الله، وناقة الله من ذاته ولا من صفاته فكذلك الروح التي أضافها إليه ليست من ذاته ولا من صفاته، ولا فرق بينهما إذ الكل بائن منفصل عن الله - عز وجل - وكما أن البيت والناقة من الأجسام فكذلك الروح جسم تحل بدن الحي بإذاً الله، يتوفاها الله حين موتها، ويمسك التي قضى عليها الموت، ويتبعها بصر الميت حين تقبض، لكنها جسم من جنس آخر.
النوع الثاني: من المضاف إلى الله: ما لا يكون منفصلاً عن الله بل هو من صفاته الذاتية أو الفعلية، كوجهه، ويده، وسمعه، وبصره، واستوائه على عرشه، ونزوله إلى السماء الدنيا، ونحو ذلك، فإضافته إلى الله تعالىمن باب إضافة الصفة إلى موصوفها، وليس من باب إضافة المخلوق والمملوك إلى مالكه وخالقه.
وقول المتكلم:"إن الروح من الله" يحتمل معنى آخر غير ماقلنا: إنه الأظهر، وهو أن البدن مادته معلومة، وهي التراب، أما الروح فمادتها غير معلومة، وهذا المعنى صحيح. كما قال الله تعالى:] ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً [(1). وهذه ـ والله أعلم ـ من الحكمة في إضافتها إليه أنها أمر لا يمكن أن يصل إليه علم البشر بل هي مما استأثر الله بعلمه كسائر العلوم العظيمة الكثيرة التي لم نؤت منها إلا القليل، ولا نحيط بشيء من هذا القليل إلا بما شاء الله ـ تبارك وتعالى ـ.
فنسأل الله تعالى، أن يفتح علينا من رحمته وعلمه مابه صلاحنا، وفلاحنا في الدنيا والآخرة.
(467) سئل فضيلة الشيخ: عن المراد بالروح والنفس؟ والفرق بينهما؟
فأجاب قائلاً: الروح في الغالب تطلق على ما به الحياة سواء كان ذلك حساً أو معنى، فالقرآن يسمى روحاً قال الله تعالى:] وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا [(2) لأن به حياة القلوب بالعلم والإيمان، والروح التي يحيا بها البدن تسمى روحاً كما قال الله –تعالى-:] ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي [(3).
أما النفس فتطلق على ما تطلق عليه الروح كثيراً كما في قوله تعالى:] الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى [(4).
وقد تطلق النفس على الإنسان نفسه، فيقال: جاء فلان نفسه، فتكون بمعنى الذات، فهما يفترقان أحياناً، ويتفقان أحياناً، بحسب السياق.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/365)
وينبغي بهذه المناسبة أن يعلم أن الكلمات إنما يتحدد معناها بسياقها فقد تكون الكلمة الواحدة لها معنى في سياق، ومعنى آخر في سياق، فالقرية مثلاً تطلق أحياناً على نفس المساكن، وتطلق أحياناً على الساكن نفسه ففي قوله تعالىعن الملائكة الذين جاءوا إبراهيم:] قالوا إنا مهلكوا أهل هذه القرية [(1) المراد بالقرية هنا المساكن، وفي قوله –تعالى-:] وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها عذاباً شديداً [(2) المراد بها الساكن، وفي قوله –تعالى-:] أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها [(3) المراد بها المساكن، وفي قوله:] واسأل القرية التي كنا فيها [(4) المراد بها الساكن، فالمهم أن الكلمات إنما يتحدد معناها بسياقها وبحسب ما تضاف إليه، وبهذه القاعدة المفيدة المهمة يتبين لنا رجحان ما ذهب إليه كثير من أهل العلم من أن القرآن الكريم ليس فيه مجاز وأن جميع الكلمات التي في القرآن كلها حقيقة لأن الحقيقة هي ما يدل عليه سياق الكلام بأي صيغة كان، فإذا كان الأمر كذلك تبين لنا بطلان قول من يقول: إن في القرآن مجازاً، وقد كتب في هذا أهل العلم وبينوه، ومن أبين ما يجعل هذا القول صواباً أن من علامات المجاز صحة نفيه بمعنى أنه يصح أن تنفيه فإذا قال: فلان أسد، صح لك نفيه، وهذا لا يمكن أن يكون في القرآن، فلا يمكن لأحد أن ينفي شيئاً مما ذكره الله تعالىفي القرآن الكريم.
(468) سئل فضيلة الشيخ: عن حكم إطلاق لفظ "السيد" على غير الله تعالى؟
فأجاب بقوله: إطلاق السيد على غير الله تعالى إن كان يقصد معناه وهي السيادة المطلقة فهذا لا يجوز، وإن كان يقصد به مجرد الإكرام فإن كان المخاطب به أهلاً للإكرام فلا بأس به. ولكن لا يقول: السيد بل يقول ياسيد، أو نحو ذلك، وإن كان لا يقصد به السيادة والإكرام وإنما هو مجرد اسم فهذا لا بأس به.
(469) سئل فضيلة الشيخ: من الذي يستحق أن يوصف بالسيادة؟
فأجاب بقوله: لا يستحق أحد أن يوصف بالسيادة المطلقة إلا الله - عز وجل - فالله تعالى هو السيد الكامل السؤدد، أما غيره فيوصف بسيادة مقيدة مثل سيد ولد آدم، لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، والسيادة قد تكون بالنسب، وقد تكون بالعلم، وقد تكون بالكرم، وقد تكون بالشجاعة، وقد تكون بالملك، كسيد المملوك، وقد تكون بغير ذلك من الأمور التي يكون بها الإنسان سيداً، وقد يقال للزوج: سيد بالنسبة لزوجته، كما في قوله تعالى:] وألفيا سيدها لدا الباب [(5).
فأما السيد في النسب فالظاهر أن المراد به من كان من نسل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وهم أولاد فاطمة ـ رضي الله عنها ـ أي ذريتها من بنين وبنات، وكذلك الشريف، وربما يراد بالشريف من كان هاشمياً وأيّاً كان الرجل أو المرأة سيداً أو شريفاً فإنه لا يمتنع شرعاً أن يتزوج من غير السيد والشريف، فهذا سيد بني آدم وأشرفهم، محمد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قد زوج ابنتيه رقية وأم كلثوم عثمان بن عفان، وليس هاشمياً، وزوج ابنته زينب أبا العاص بن الربيع وليس هاشمياً.
(470) وسئل فضيلته عن الجمع بين حديث عبدالله بن الشخير رضي الله عنه قال: "انطلقت في وفد بني عامر إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقلنا: أنت سيدنا فقال: (السيد الله تبارك وتعالى). وما جاء في التشهد "اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد". وحديث "أنا سيد ولد آدم"؟
فأجاب قائلاً: لا يرتاب عاقل أن محمداً، صلى الله عليه وسلم، سيد ولد آدم فإن كل عاقل مؤمن يؤمن بذلك، والسيد هو ذو الشرف والطاعة والإمرة، وطاعة النبي، صلى الله عليه وسلم، من طاعة الله ـ سبحانه وتعالى ـ:] من يطع الرسول فقد أطاع الله [(1) ونحن وغيرنا من المؤمنين لا نشك أن نبينا، صلى الله عليه وسلم، سيدنا، وخيرنا، وأفضلنا عند الله ـ سبحانه وتعالى ـ وأنه المطاع فيما يأمر به، صلوات الله وسلامه عليه، ومن مقتضى اعتقادنا أنه السيد المطاع، عليه الصلاة والسلام، أن لا نتجاوز ما شرع لنا من قول أو فعل أو عقيدة ومما شرعه لنا في كيفية الصلاة عليه في التشهد "أن نقول: اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد" أو نحوها من الصفات الواردة في كيفية الصلاة عليه، صلى الله عليه وسلم، ولا أعلم أن صفة وردت بالصيغة التي ذكرها السائل
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/366)
وهي "اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد" وإذا لم ترد هذه الصيغة عن النبي، عليه الصلاة والسلام، فإن الأفضل ألا نصلي على النبي، صلى الله عليه وسلم، بها، وإنما نصلي عليه بالصيغة التي علمنا إياها.
وبهذه المناسبة أود أن أنبه إلى أن كل إنسان يؤمن بأن محمداً، صلى الله عليه وسلم، سيدنا فإن مقتضى هذا الإيمان أن لا يتجاوز الإنسان ما شرعه، وأن لا ينقص عنه، فلا يبتدع في دين الله ما ليس منه، ولا ينقص من دين الله ما هو منه، فإن هذا هو حقيقة السيادة التي هي من حق النبي، صلى الله عليه وسلم، علينا.
وعلى هذا فإن أولئكم المبتدعين لأذكار أو صلوات على النبي، صلى الله عليه وسلم، لم يأت بها شرع الله على لسان رسوله محمد، صلى الله عليه وسلم، تنافي دعوى أن هذا الذي ابتدع يعتقد أن محمداً، صلى الله عليه وسلم، سيد، لأن مقتضى هذه العقيدة أن لا يتجاوز ما شرع وأن لا ينقص منه، فليتأمل الإنسان وليتدبر ما يعنيه بقوله حتى يتضح له الأمر ويعرف أنه تابع لا مشرع.
وقد ثبت عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: "أنا سيد ولد آدم" والجمع بينه وبين قوله: "السيد الله" أن السيادة المطلقة لا تكون إلا لله وحده فإنه تعالى هو الذي له الأمر كله فهو الآمر وغيره مأمور، وهو الحاكم وغيره محكوم، وأما غيره فسيادته نسبية إضافية تكون في شيء محدود، وفي زمن محدود، ومكان محدود، وعلى قوم دون قوم، أو نوع من الخلائق دون نوع.
(471) وسئل فضيلته: عن هذه العبارة "السيدة عائشة رضي الله عنها"؟.
فأجاب قائلاً: لا شك أن عائشة ـ رضي الله عنها ـ من سيدات نساء الأمة، ولكن إطلاق "السيدة" على المرأة و"السيدات" على النساء هذه الكلمة متلقاة فيما أظن من الغرب حيث يسمون كل امرأة سيدة وإن كانت من أوضع النساء، لأنهم يسودون النساء أي يجعلونهن سيدات مطلقاً، والحقيقة أن المرأة امرأة، وأن الرجل رجل، وتسمية المرأة بالسيدة على الإطلاق ليس بصحيح، نعم من كانت منهن سيدة لشرفها في دينها أو جاهها أو غير ذلك من الأمور المقصودة فلنا أن نسميها سيدة، ولكن ليس مقتضى ذلك أننا نسمي كل امرأة سيدة.
كما أن التعبير بالسيدة عائشة، والسيدة خديجة، والسيدة فاطمة وما أشبه ذلك لم يكن معروفاً عند السلف بل كانوا يقولون: أم المؤمنين عائشة أم المؤمنين خديجة، فاطمة بنت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم، ونحو ذلك.
(472) سئل فضيلة الشيخ: عن الجمع بين قول النبي، صلى الله عليه وسلم:"السيد الله تبارك وتعالى" وقوله، صلى الله عليه وسلم:"أنا سيد ولد آدم" وقوله: "قوموا إلى سيدكم" وقوله في الرقيق: "وليقل: سيدي"؟
فأجاب بقوله: اختلف في ذلك على أقوال:
القول الأول: أن النهي على سبيل الأدب، والإباحة على سبيل الجواز، فالنهي ليس للتحريم حتى يعارض الجواز.
القول الثاني: أن النهي حيث يخشى منه المفسدة وهي التدرج إلى الغلو، والإباحة إذا لم يكن هناك محذور.
القول الثالث: أن النهي بالخطاب أي أن تخاطب الغير بقولك:"سيدي أو سيدنا" لأنه ربما يكون في نفسه عجب وغلو إذا دعي بذلك، ولأن فيه شيئاً آخر وهو خضوع هذا المتسيد له وإذلال نفسه له، بخلاف إذا جاء على غير هذا الوجه مثل "قوموا إلى سيدكم" و "أنا سيد ولد آدم".
لكن هذا يرد عليه إباحته صلى الله عليه وسلم، للرقيق أن يقول لمالكه: "سيدي"؟
لكن يجاب عن هذا بأن قول الرقيق لمالكه:"سيدي" أمر معلوم لا غضاضة فيه، ولهذا يحرم عليه أن يمتنع مما يجب عليه نحو سيده والذي يظهر لي ـ والله أعلم ـ أن هذا جائز لكن بشرط أن يكون الموجه إليه السيادة أهلاً لذلك، وأن لا يخشى محذور من إعجاب المخاطب وخنوع المتكلم، أما إذا لم يكن أهلاً، كما لو كان فاسقاً أو زنديقاً فلا يقال له ذلك حتى ولو فرض أنه أعلى منه مرتبة أو جاهاً، وقد جاء في الحديث "لا تقولوا للمنافق: سيد فإنكم إذا قلتم ذلك أغضبتم الله" وكذلك لا يقال إذا خشي محذور من إعجاب المخاطب أو خنوع المتكلم.
(473) وسئل فضيلة الشيخ: عن قول: "شاءت الظروف أن يحصل كذا وكذا"، "وشاءت الأقدار كذا وكذا"؟.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/367)
فأجاب قائلاً: قول: "شاءت الأقدار"، و "شاءت الظروف" ألفاظ منكرة، لأن الظروف جمع ظرف وهو الزمن، والزمن لا مشيئة له، وكذلك الأقدار جمع قدر، والقدر لا مشيئة له، وإنما الذي يشاء هو الله - عز وجل - نعم لو قال الإنسان: "اقتضى قدر الله كذا وكذا". فلا بأس به. أما المشيئة فلا يجوز أن تضاف للأقدار لأن المشيئة هي الإرادة، ولا إرادة للوصف، إنما الإرادة للموصوف.
(474) وسئل فضيلته: عن حكم قول: "وشاءت قدرة الله" و"شاء القدر"؟
فأجاب بقوله: لا يصح أن نقول: " شاءت قدرة الله" لأن المشيئة إرادة، والقدرة معنى، والمعنى لا إرادة له، وإنما الإرادة للمريد، والمشيئة لمن يشاء، ولكننا نقول:اقتضت حكمة الله كذا وكذا، أو نقول عن الشيء إذا وقع: هذه قدرة الله أي مقدوره كما تقول: هذا خلق الله أي مخلوقه. وأما أن نضيف أمراً يقتضي الفعل الاختياري إلى القدرة فإن هذا لا يجوز.
ومثل ذلك قولهم: "شاء القدر كذا وكذا" وهذا لا يجوز لأن القدر والقدرة أمران معنويان ولا مشيئة لهما، وإنما المشيئة لمن هو قادر ولمن هو مقدّر. والله أعلم.
(475) وسئل فضيلته: هل يجوز إطلاق "شهيد" على شخص بعينه فيقال: الشهيد فلان؟
فأجاب بقوله: لا يجوز لنا أن نشهد لشخص بعينه أنه شهيد، حتى لو قتل مظلوماً، أو قتل وهو يدافع عن الحق، فإنه لا يجوز أن نقول: فلان شهيد وهذا خلاف لما عليه الناس اليوم حيث رخصوا هذه الشهادة وجعلوا كل من قتل حتى ولو كان مقتولاً في عصبية جاهلية يسمونه شهيداً، وهذا حرام لأن قولك عن شخص قتل: هو شهيد يعتبر شهادة سوف تسأل عنها يوم القيامة، سوف يقال لك: هل عندك علم أنه قتل شهيداً؟ ولهذا لما قال النبي، صلى الله عليه وسلم:"ما من مكلوم يكلم في سبيل الله والله أعلم بمن يكلم في سبيله إلا جاء يوم القيامة وكلمه يثعب دماً، اللون لون الدم، والريح ريح المسك" فتأمل قول النبي، صلى الله عليه وسلم: "والله أعلم بمن يكلم في سبيله" ـ يكلم: يعني يجرح ـ فإن بعض الناس قد يكون ظاهره أنه يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا ولكن الله يعلم ما في قلبه، وأنه خلاف ما يظهر من فعله، ولهذا بوب البخاري رحمه الله على هذه المسألة في صحيحه فقال: "باب لا يقال: فلان شهيد" لأن مدار الشهادة على القلب، ولا يعلم ما في القلب إلا الله - عز وجل - فأمر النية أمر عظيم، وكم من رجلين يقومان بأمر واحد يكون بينهما كما بين السماء والأرض وذلك من أجل النية فقد قال النبي، صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه" والله أعلم.
(476) سئل فضيلة الشيخ: عن حكم قول: فلان شهيد؟.
فأجاب بقوله: الجواب على ذلك أن الشهادة لأحد بأنه شهيد تكون على وجهين:
أحدهما: أن تقيد بوصف مثل أن يقال: كل من قتل في سبيل الله فهو شهيد، ومن قتل دون ماله فهو شهيد، ومن مات بالطاعون فهو شهيد، ونحو ذلك، فهذا جائز كما جاءت به النصوص، لأنك تشهد بما أخبر به رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ونعني بقولنا:ـ جائز ـ أنه غير ممنوع وإن كانت الشهادة بذلك واجبة تصديقاً لخبر رسول الله، صلى الله عليه وسلم.
الثاني: أن تقيد الشهادة بشخص معين مثل أن تقول لشخص بعينه: إنه شهيد، فهذا لا يجوز إلا لمن شهد له النبي، صلى الله عليه وسلم، أو اتفقت الأمة على الشهادة له بذلك وقد ترجم البخاري - رحمه الله - لهذا بقوله: "باب لا يقال: فلان شهيد" قال في الفتح 90/ 6: "أي على سبيل القطع بذلك إلا إن كان بالوحي وكأنه أشار إلى حديث عمر أنه خطب فقال: تقولون في مغازيكم: فلان شهيد، ومات فلان شهيداً ولعله قد يكون قد أوقر راحلته، ألا لا تقولوا ذلكم ولكن قولوا كما قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: من مات في سبيل الله، أو قُتل فهو شهيد وهو حديث حسن أخرجه أحمد وسعيد بن منصور وغيرهما من طريق محمد بن سيرين عن أبي العجفاء عن عمر" ا. هـ. كلامه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/368)
ولأن الشهادة بالشيء لا تكون إلا عن علم به، وشرط كون الإنسان شهيداً أن يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا وهي نية باطنة لا سبيل إلى العلم بها، ولهذا قال النبي، صلى الله عليه وسلم، مشيراً إلى ذلك: "مثل المجاهد في سبيل الله والله أعلم بمن يجاهد في سبيله". وقال: "والذي نفسي بيده لا يكلم أحد في سبيل الله، والله أعلم بمن يكلم في سبيله إلا جاء يوم القيامة وكلمه يثعب دماً اللون لون الدم، والريح ريح المسك".
رواهما البخاري من حديث أبي هريرة، ولكن من كان ظاهره الصلاح فإننا نرجو له ذلك، ولا نشهد له به ولا نسيء به الظن. والرجاء مرتبة بين المرتبتين، ولكننا نعامله في الدنيا بأحكام الشهداء فإذا كان مقتولاً في الجهاد في سبيل الله دفن بدمه في ثيابه من غير صلاة عليه، وإن كان من الشهداء الآخرين فإنه يغسل ويكفن ويصلى عليه.
ولأننا لو شهدنا لأحد بعينه أنه شهيد لزم من تلك الشهادة أن نشهد له بالجنة وهذا خلاف ما كان عليه أهل السنة فإنهم لا يشهدون بالجنة إلا لمن شهد له النبي، صلى الله عليه وسلم، بالوصف أو بالشخص، وذهب آخرون منهم إلى جواز الشهادة بذلك لمن اتفقت الأمة على الثناء عليه وإلى هذا ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله تعالى ـ.
وبهذا تبين أنه لا يجوز أن نشهد لشخص بعينه أنه شهيد إلا بنص أو اتفاق، لكن من كان ظاهره الصلاح فإننا نرجو له ذلك كما سبق، وهذا كاف في منقبته، وعلمه عند خالقه ـ سبحانه وتعالى ـ.
(477) سئل فضيلة الشيخ: عن لقب "شيخ الإسلام" هل يجوز؟
فأجاب بقوله: لقب شيخ الإسلام عند الإطلاق لا يجوز، أي إن الشيخ المطلق الذي يرجع إليه الإسلام لا يجوز أن يوصف به شخص، لأنه لا يعصم أحد من الخطأ فيما يقول في الإسلام إلا الرسل.
أما إذا قصد بشيخ الإسلام أنه شيخ كبير له قدم صدق في الإسلام فإنه لا بأس بوصف الشيخ به وتلقيبه به.
(478) وسئل: ما رأي فضيلتكم في استعمال كلمة "صدفة"؟.
فأجاب بقوله: رأينا في هذا القول أنه لا بأس به وهذا أمر متعارف وأظن أن فيه أحاديث بهذا التعبير صادفْنا رسول الله صادفَنا رسول الله "لكن لا يحضرني الآن حديث معين في هذا الخصوص".
والمصادفة والصدفة بالنسبة لفعل الإنسان أمر واقع، لأن الإنسان لا يعلم الغيب فقد يصادفه الشيء من غير شعور به ومن غير مقدمات له ولا توقع له، ولكن بالنسبة لفعل الله لا يقع هذا، فإن كل شيء عند الله معلوم وكل شيء عنده بمقدار وهو ـ سبحانه وتعالى ـ لا تقع الأشياء بالنسبة إليه صدفة أبداً، لكن بالنسبة لي أنا وأنت نتقابل بدون ميعاد وبدون شعور وبدون مقدمات فهذا يقال له: صدفة، ولا حرج فيه، وأما بالنسبة لفعل الله فهذا أمر ممتنع ولا يجوز.
(479) سئل فضيلة الشيخ: عن تسمية بعض الزهور بـ "عباد الشمس" لأنه يستقبل الشمس عند الشروق والغروب؟.
فأجاب بقوله: هذا لا يجوز لأن الأشجار لا تعبد الشمس، إنما تعبد الله - عز وجل - كما قال الله تعالى:] ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس [(1). وإنما يقال عبارة أخرى ليس فيها ذكر العبودية كمراقبة الشمس، ونحو ذلك من العبارات.
(480) وسئل فضيلة الشيخ: لماذا كان التسمي بعبد الحارث من الشرك مع أن الله هو الحارث؟
فأجاب قائلاً: التسمي بعبد الحارث فيه نسبة العبودية لغير الله - عز وجل - فإن الحارث هو الإنسان كما قال النبي، صلى الله عليه وسلم: "كلكم حارث وكلكم همام" فإذا أضاف الإنسان العبودية إلى المخلوق كان هذا نوعاً من الشرك، لكنه لا يصل إلى درجة الشرك الأكبر، ولهذا لو سمي رجل بهذا الاسم لوجب أن يغيره فيضاف إلى اسم الله ـ سبحانه وتعالى ـ أو يسمى باسم آخر غير مضاف وقد ثبت عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: "أحب الأسماء إلى الله عبدالله وعبدالرحمن" وما اشتهر عند العامة من قولهم: خير الأسماء ما حمد وعبد ونسبتهم ذلك إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فليس ذلك بصحيح أي ليس نسبته إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، صحيحة فإنه لم يرد عن النبي، صلى الله عليه وسلم، بهذا اللفظ وإنما ورد "أحب الأسماء إلى الله عبدالله وعبدالرحمن".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/369)
أما قول السائل في سؤاله: "مع أن الله هو الحارث" فلا أعلم اسماً لله تعالى بهذا اللفظ، وإنما يوصف - عز وجل - بأنه الزارع ولا يسمى به كما في قوله تعالى:] أفرأيتم ما تحرثون. أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون [(2).
(481) سئل فضيلة الشيخ عن هذه العبارة: "العصمة لله وحده"، مع أن العصمة لا بد فيها من عاصم؟.
فأجاب قائلاً: هذه العبارة قد يقولها من يقولها يريد بذلك أن كلام الله - عز وجل - وحكمه كله صواب، وليس فيه خطأ وهي بهذا المعنى صحيحة، لكن لفظها مستنكر ومستكره، لأنه كما قال السائل قد يوحي بأن هناك عاصماً عصم الله - عز وجل - والله ـ سبحانه وتعالى ـ هو الخالق، وما سواه مخلوق، فالأولى أن لا يعبر الإنسان بمثل هذا التعبير، بل يقول: الصواب في كلام الله، وكلام رسوله، صلى الله عليه وسلم.
(482) وسئل فضيلة الشيخ: عن قول: "على هواك" وقول بعض الناس في مثل مشهور: "العين وماترى والنفس وما تشتهي"؟
فأجاب بقوله: هذه الألفاظ ليس فيها بأس إلا أنها تقيد بما يكون غير مخالف للشرع، فليس الإنسان على هواه في كل شيء، وليست العين في كل شيء تراه، المهم أن هذه العبارة من حيث هي لا بأس بها لكنها مقيدة بما لا يخالف الشرع.
(483) وسئل فضيلة الشيخ: عن عبارة: "فال الله ولا فالك"؟
فأجاب قائلاً: هذا التعبير صحيح، لأن المراد الفأل الذي هو من الله، وهو أني أتفاءل بالخير دونما أتفاءل بما قلت، هذا هو معنى العبارة، وهو معنى صحيح أن الإنسان يتمنى الفأل الكلمة الطيبة من الله ـ سبحانه وتعالى ـ دون أن يتفاءل بما سمعه من هذا الشخص الذي تشاءم من كلامه.
(484) سئل فضيلة الشيخ: عن مصطلح "فكر إسلامي" و "مفكر إسلامي"؟
فأجاب قائلاً: كلمة "فكر إسلامي" من الألفاظ التي يحذر عنها، إذ مقتضاها أننا جعلنا الإسلام عبارة عن أفكار قابلة للأخذ والرد، وهذا خطر عظيم أدخله علينا أعداء الإسلام من حيث لا نشعر.
أما "مفكر إسلامي" فلا أعلم فيه بأساً لأنه وصف للرجل المسلم والرجل المسلم يكون مفكراً.
(485) سئل فضيلة الشيخ: جاء في الفتوى رقم "484" أن كلمة الفكر الإسلامي كلمة لا تجوز لأنها تعني أن الإسلام قد يكون عبارة عن أفكار قد تصح أو لا تصح وهكذا، بينما قلتم: إن إطلاق كلمة (المفكر الإسلامي) تجوز لأن فكر الشخص يتغير وقد يكون صحيحاً أو العكس، ولكن الأشخاص الذين يستخدمون مصطلح (الفكر الإسلامي) يقولون: إننا نقصد فكر الأشخاص ولا نتكلم عن الإسلام ككل أو عن الشريعة الإسلامية بالتحديد فهل هذا المصطلح (الفكر الإسلامي) جائز بهذا التفسير أم لا وما هو البديل؟
فأجاب فضيلته بقوله: ثبت عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: "إنما أقضي بنحو ما أسمع" ونحن لا نحكم على الأفراد إلا بما يظهر منهم فإذا قيل: (الفكر الإسلامي) فهذا يعني أن الإسلام فكر، وإذا كان القائل بهذا التعبير يريد فكر الرجل الإسلامي فليقل: (فكر الرجل الإسلامي) أو (المفكر الإسلامي) وبدلاً من أن نقول: (الفكر الإسلامي) نقول: (الحكم الإسلامي) لأن الإسلام حكم والقرآن الكريم إما خبر وإما حكم كما قال تعالى:] وتمت كلمة ربك صدقاً وعدلاً لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم [(1).
(486) سئل فضيلة الشيخ: عن قول بعض الناس إذا شاهد من أسرف على نفسه بالذنوب: "فلان بعيد عن الهداية، أو عن الجنة، أو عن مغفرة الله" فما حكم ذلك؟.
فأجاب بقوله: هذا لا يجوز لأنه من باب التألي على الله - عز وجل - وقد ثبت في الصحيح أن رجلاً كان مسرفاً على نفسه، وكان يمر به رجل آخر فيقول: والله لا يغفر الله لفلان، فقال الله - عز وجل -: "من ذا الذي يتألى علي أن لا أغفر لفلان قد غفرت له، وأحبطت عملك". ولا يجوز للإنسان أن يستبعد رحمة الله ـ عز وجل ـ، كم من إنسان قد بلغ في الكفر مبلغاً عظيماً، ثم هداه الله فصار من الأئمة الذين يهدون بأمر الله ـ عز وجل ـ، والواجب على من قال ذلك أن يتوب إلى الله، حيث يندم على ما فعل، ويعزم على أن لا يعود في المستقبل.
(487) وسئل فضيلته: عن قول الإنسان إذا سئل عن شخص قد توفاه الله قريباً قال: "فلان ربنا افتكره"؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/370)
فأجاب فضيلته بقوله: إذا كان مراده بذلك أن الله تذكر ثم أماته فهذه كلمة كفر، لأنه يقتضي أن الله - عز وجل - ينسى، والله ـ سبحانه وتعالى ـ لا ينسى، كما قال موسى، عليه الصلاة والسلام، لما سأله فرعون:] فما بال القرون الأولى. قال علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى [(1). فإذا كان هذا هو قصد المجيب وكان يعلم ويدري معنى ما يقول فهذا كفر.
أما إذا كان جاهلاً ولا يدري ويريد بقوله: "إن الله افتكره" يعني أخذه فقط فهذا لا يكفر، لكن يجب أن يطهر لسانه عن هذا الكلام، لأنه كلام موهم لنقص رب العالمين - عز وجل - ويجيب بقوله: "توفاه الله أو نحو ذلك".
(488) سئل فضيلة الشيخ: عن حكم التسمي بقاضي القضاة؟
فأجاب قائلاً: قاضي القضاة بهذا المعنى الشامل العام لا يصلح إلا لله - عز وجل - فمن تسمى بذلك فقد جعل نفسه شريكاً لله - عز وجل - فيما لا يستحقه إلا الله ـ عز وجل ـ، وهو القاضي فوق كل قاضٍ. والحكم وإليه يرجع الحكم كله، وإن قيد بزمان أو مكان فهذا جائز، لكن الأفضل أن لا يفعل، لأنه قد يؤدي إلى الإعجاب بالنفس والغرور حتى لا يقبل الحق إذا خالف قوله، وإنما جاز هذا لأن قضاء الله لا يتقيد، فلا يكون فيه مشاركة لله - عز وجل - وذلك مثل قاضي قضاة العراق، أو قاضي قضاة الشام، أو قاضي قضاة عصره.
وأما إن قيد بفن من الفنون فبمقتضى التقييد يكون جائزاً، لكن إن قيد بالفقه بأن قيل: عالم العلماء في الفقه سواء قلنا بأن الفقه يشمل أصول الدين وفروعه على حد قوله، صلى الله عليه وسلم: "من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين" أو قلنا بأن الفقه معرفة الأحكام الشرعية العملية كما هو المعروف عند الأصوليين صار فيه عموم واسع مقتضاه أن مرجع الناس كلهم في الشرع إليه فأنا أشك في جوازه والأولى التنزه عنه. وكذلك إن قيد بقبيلة فهو جائز ولكن يجب مع الجواز مراعاة جانب الموصوف حتى لا يغتر ويعجب بنفسه ولهذا قال النبي، صلى الله عليه وسلم، للمادح: "قطعت عنق صاحبك".
(489) وسئل فضيلة الشيخ: عن تقسيم الدين إلى قشور ولب، (مثل اللحية)؟
فأجاب فضيلته بقوله: تقسيم الدين إلى قشور ولب، تقسيم خاطئ، وباطل، فالدين كله لب، وكله نافع للعبد، وكله يقربه لله - عز وجل - وكله يثاب عليه المرء، وكله ينتفع به المرء، بزيادة إيمانه وإخباته لربه - عز وجل - حتى المسائل المتعلقة باللباس والهيئات، وما أشبهها، كلها إذا فعلها الإنسان تقرباً إلى الله - عز وجل - واتباعاً لرسوله، صلى الله عليه وسلم، فإنه يثاب على ذلك، والقشور كما نعلم لا ينتفع بها، بل ترمى، وليس في الدين الإسلامي والشريعة الإسلامية ما هذا شأنه، بل كل الشريعة الإسلامية لب ينتفع به المرء إذا أخلص النية لله، وأحسن في اتباعه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وعلى الذين يروجون هذه المقالة، أن يفكروا في الأمر تفكيراً جدياً، حتى يعرفوا الحق والصواب، ثم عليهم أن يتبعوه، وأن يدعوا مثل هذه التعبيرات، صحيح أن الدين الإسلامي فيه أمور مهمة كبيرة عظيمة، كأركان الإسلام الخمسة، التي بينها الرسول، صلى الله عليه وسلم، بقوله: "بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام". وفيه أشياء دون ذلك، لكنه ليس فيه قشور لا ينتفع بها الإنسان، بل يرميها ويطرحها.
وأما بالنسبة لمسألة اللحية: فلا ريب أن إعفاءها عبادة، لأن النبي، صلى الله عليه وسلم، أمر به، وكل ما أمر به النبي، صلى الله عليه وسلم، فهو عبادة يتقرب بها الإنسان إلى ربه، بامتثاله أمر نبيه، صلى الله عليه وسلم، بل إنها من هدي النبي، صلى الله عليه وسلم، وسائر إخوانه المرسلين، كما قال الله تعالىعن هارون: أنه قال لموسى:] يبنؤم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي [(1). وثبت عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أن إعفاء اللحية من الفطرة التي فطر الناس عليها، فإعفاؤها من العبادة، وليس من العادة، وليس من القشور كما يزعمه من يزعمه.
(490) سئل فضيلة الشيخ: عن عبارة "كل عام وأنتم بخير"؟
فأجاب بقوله: قول: "كل عام وأنتم بخير" جائز إذا قصد به الدعاء بالخير.
(491) سئل فضيلة الشيخ: عن حكم لعن الشيطان؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/371)
فأجاب بقوله: الإنسان لم يؤمر بلعن الشيطان، وإنما أمر بالاستعاذة منه كما قال الله تعالى:] وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم [(1) وقال تعالىفي سورة فصلت:] وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم [(2).
(492) وسئل فضيلة الشيخ: عن قول الإنسان متسخطاً: "لو أني فعلت كذا لكان كذا"، أو يقول: "لعنة الله على المرض هو الذي أعاقني"؟
فأجاب بقوله: إذا قال: "لو فعلت كذا لكان كذا" ندماً وسخطاً على القدر، فإن هذا محرم ولا يجوز للإنسان أن يقوله، لقول النبي، عليه الصلاة والسلام: "احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجز، فإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت لكان كذا وكذا، فإن لو تفتح عمل الشيطان، ولكن قل: قد قدر الله وما شاء فعل" (3). وهذا هو الواجب على الإنسان أن يفعل المأمور وأن يستسلم للمقدور، فإنه ماشاء الله كان، ومالم يشأ لم يكن.
وأما من يلعن المرض وما أصابه من فعل الله - عز وجل - فهذا من أعظم القبائح ـ والعياذ بالله ـ لأن لعنه للمرض الذي هو من تقدير الله تعالىبمنزلة سب الله ـ سبحانه وتعالى ـ فعلى من قال مثل هذه الكلمة أن يتوب إلى الله، وأن يرجع إلى دينه، وأن يعلم أن المرض بتقدير الله، وأن ما أصابه من مصيبة فهو بما كسبت يده، وما ظلمه الله، ولكن كان هو الظالم لنفسه.
(493) وسئل: عن قول: "لك الله"؟
فأجاب بقوله: لفظ "لك الله" الظاهر أنه من جنس "لله درك" وإذا كان من جنس هذا فإن هذا اللفظ جائز، ومستعمل عند أهل العلم وغيرهم، والأصل في هذا وشبهه الحل إلا ما قام الدليل على تحريمه، والواجب التحرز عن التحريم فيما الأصل فيه الحل.
(494) سئل فضيلة الشيخ: عن عبارة لم تسمح لي الظروف؟ أو لم يسمح لي الوقت؟
فأجاب قائلاً: إن كان القصد أنه لم يحصل وقت يتمكن فيه من المقصود فلا بأس به، وإن كان القصد أن للوقت تأثيراً فلا يجوز.
(495) وسئل فضيلة الشيخ: عن حكم استعمال "لو"؟
فأجاب بقوله: استعمال "لو" فيه تفصيل على الوجوه التالية:
الوجه الأول: أن يكون المراد بها مجرد الخبر فهذه لا بأس بها مثل أن يقول الإنسان لشخص: لو زرتني لأكرمتك، أو لو علمت بك لجئت إليك.
الوجه الثاني: أن يقصد بها التمني فهذه على حسب ما تمناه إن تمنى بها خيراً فهو مأجور بنيته، وإن تمنى بها سوى ذلك فهو بحسبه، ولهذا قال النبي، صلى الله عليه وسلم، في الرجل الذي له مال ينفقه في سبيل الله وفي وجوه الخير ورجل آخر ليس عنده مال، قال: لو أن لي مثل مال فلان لعملت فيه مثل عمل فلان فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم،: "هما في الأجر سواء" والثاني رجل ذو مال لكنه ينفقه في غير وجوه الخير فقال رجل آخر: لو أن لي مثل مال فلان لعملت فيه مثل عمل فلان فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "هما في الوزر سواء" فهي إذا جاءت للتمني تكون بحسب ما تمناه العبد إن تمنى خيراً فهي خير، وإن تمنى سوى ذلك فله ما تمنى.
الوجه الثالث: أن يراد بها التحسر على ما مضى فهذه منهي عنها، لأنها لا تفيد شيئاً وإنما تفتح الأحزان والندم وفي هذه يقول الرسول، صلى الله عليه وسلم: "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت لكان كذا، فإن لو تفتح عمل الشيطان". وحقيقة أنه لا فائدة منها في هذا المقام لأن الإنسان عمل ما هو مأمور به من السعي لما ينفعه ولكن القضاء والقدر كان بخلاف ما يريد فكلمة "لو" في هذا المقام إنما تفتح باب الندم والحزن، ولهذا نهى عنها رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لأن الإسلام لا يريد من الإنسان أن يكون محزوناً ومهموماً بل يريد منه أن يكون منشرح الصدر وأن يكون مسروراً طليق الوجه، ونبه الله المؤمنين لهذه النقطة بقوله:] إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئاً إلا بإذاً الله [(1). وكذلك في الأحلام المكروهة التي يراها النائم في منامه فإن الرسول عليه الصلاة والسلام أرشد المرء إلى أن يتفل عن يساره ثلاث مرات، وأن يستعيذ بالله من شرها ومن شر الشيطان، وأن ينقلب إلى الجنب الآخر، وألا يحدث بها أحداً لأجل أن ينساها ولا تطرأ على باله قال: "فإن ذلك لا يضره".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/372)
والمهم أن الشرع يحب من المرء أن يكون دائماً في سرور، ودائماً في فرح ليكون متقبلاً لما يأتيه من أوامر الشرع، لأن الرجل إذا كان في ندم وهم وفي غم وحزن لا شك أنه يضيق ذرعاً بما يلقى عليه من أمور الشرع وغيرها، ولهذا يقول الله تعالىلرسوله دائماً:] ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون [(2)] لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين [(3) وهذه النقطة بالذات تجد بعض الغيورين على دينهم إذا رأوا من الناس ما يكرهون تجدهم يؤثر ذلك عليهم، حتى على عبادتهم الخاصة ولكن الذي ينبغي أن يتلقوا ذلك بحزم وقوة ونشاط فيقوموا بما أوجب الله عليهم من الدعوة إلى الله على بصيرة، ثم إنه لا يضرهم من خالفهم.
(496) سئل الشيخ رحمه الله تعالى: عن هذه العبارة "لولا الله وفلان"؟
فأجاب قائلاً: قرن غير الله بالله في الأمور القدرية بما يفيد الاشتراك وعدم الفرق أمر لا يجوز، ففي المشيئة مثلاً لا يجوز أن تقول: "ما شاء الله وشئت" لأن هذا قرن لمشيئة الله بمشيئة المخلوق بحرف يقتضي التسوية وهو نوع من الشرك، لكن لابد أن تأتي بـ"ثم" فتقول "ما شاء الله ثم شئت" كذلك أيضاً إضافة الشيء إلى سببه مقروناً بالله بحرف يقتضي التسوية ممنوع فلا تقول: "لولا الله وفلان أنقذني لغرقت" فهذا حرام ولا يجوز لأنك جعلت السبب المخلوق مساوياً لخالق السبب. وهذا نوع من الشرك، ولكن يجوز أن تضيف الشيء إلى سببه بدون قرن مع الله فتقول: "لولا فلان لغرقت" إذا كان السبب صحيحاً وواقعاً ولهذا قال الرسول، عليه الصلاة والسلام، في أبي طالب حين أخبر أن عليه نعلين يغلي منهما دماغه قال: "ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار" فلم يقل: لولا الله ثم أنا مع أنه ما كان في هذه الحال من العذاب إلا بمشيئة الله، فإضافة الِشيء إلى سببه المعلوم شرعاً أو حساً جائز وإن لم يذكر معة الله - عز وجل - وإضافته إلى الله وإلى سببه المعلوم شرعاً أو حساً جائز بشرط أن يكون بحرف لا يقتضي التسوية كـ"ثم" وإضافته إلى الله وإلى سببه المعلوم شرعاً أو حسّاً بحرف يقتضي التسوية كـ"الواو" حرام ونوع من الشرك، وإضافة الشيء إلى سبب موهوم غير معلوم حرام ولا يجوز وهو نوع من الشرك مثل العقد والتمائم وما أشبهها فإضافة الشيء إليها خطأ محض، ونوع من الشرك لأن إثبات سبب من الأسباب لم يجعله الله سبباً نوع من الإشراك به، فكأنك أنت جعلت هذا الشيء سبباً والله تعالى لم يجعله فلذلك صار نوعاً من الشرك بهذا الاعتبار.
(497) وسئل فضيلة الشيخ عن قولهم: "المادة لا تفنى ولا تزول ولم تخلق من عدم"؟
فأجاب قائلاً: القول بأن المادة لا تفنى وأنها لم تخلق من عدم كفر لا يمكن أن يقوله مؤمن، فكل شيء في السماوات والأرض سوى الله فهو مخلوق من عدم كما قال الله –تعالى-:] الله خالق كل شيء [(1) وليس هناك شيء أزلي أبدي سوى الله.
وأما كونها لا تفنى فإن عنى بذلك أن كل شيء لا يفنى لذاته فهذا أيضاً خطأ وليس بصواب، لأن كل شيء موجود فهو قابل للفناء، وإن أراد به أن من مخلوقات الله مالا يفنى بإرادة الله فهذا حق، فالجنة لا تفنى وما فيها من نعيم لا يفنى، وأهل الجنة لا يفنون، وأهل النار لا يفنون. لكن هذه الكلمة المطلقة "المادة ليس لها أصل في الوجود وليس لها أصل في البقاء" هذه على إطلاقها كلمة إلحادية فتقول: المادة مخلوقة من عدم، فكل شيء سوى الله فالأصل فيه العدم.
أما مسألة الفناء فقد تقدم التفصيل فيها. والله الموفق.
(498) سئل فضيلة الشيخ: ماحكم قول: "شاءت قدرة الله"، وإذا كان الجواب بعدمه فلماذا؟ مع أن الصفة تتبع موصوفها، والصفة لا تنفك عن ذات الله؟
فأجاب قائلاً: لا يصح أن نقول: "شاءت قدرة الله"، لأن المشيئة إرادة، والقدرة معنى، والمعنى لا إرادة له، وإنما الإرادة للمريد، والمشيئة للشائي ولكننا نقول: اقتضت حكمة الله كذا وكذا، أو نقول عن الشيء إذا وقع: هذه قدرة الله، كما نقول: هذا خلق الله، وأما إضافة أمر يقتضي الفعل الاختياري إلى القدرة فإن هذا لا يجوز.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/373)
وأما قول السائل: "إن الصفة تتبع الموصوف" فنقول: نعم، وكونها تابعة للموصوف تدل على أنه لا يمكن أن نسند إليها شيئاً يستقل به الموصوف، وهي دارجة على لسان كثير من الناس، يقول: شاءت قدرة الله كذا وكذا، شاء القدر كذا وكذا، وهذا لا يجوز، لأن القدر والقدرة أمران معنويان ولا مشيئة لهما، وإنما المشيئة لمن هو قادر ولمن هو مقدر.
(499) سئل فضيلة الشيخ عن هذه العبارة: "ما صدقت على الله أن يكون كذا وكذا"؟
فأجاب قائلاً: يقول الناس:ما صدقت على الله أن يكون كذا وكذا، ويعنون ما توقعت وما ظننت أن يكون هكذا، وليس المعنى ما صدقت أن الله يفعل لعجزه عنه مثلاً، فالمعنى أنه ما كان يقع في ذهني هذا الأمر، هذا هو المراد بهذا التعبير، فالمعنى إذاً صحيح لكن اللفظ فيه إيهام، وعلى هذا يكون تجنب هذا اللفظ أحسن لأنه موهم، ولكن التحريم صعب أن نقول: حرام مع وضوح المعنى وأنه لا يقصد به إلا ذلك.
(500) سئل فضيلة الشيخ: عن قول الإنسان إذا شاهد جنازة: "من المتوفي" بالياء؟
فأجاب بقوله: الأحسن أن يقال:من المتوفى؟ وإذا قال من المتوفي؟ فلها معنى في اللغة العربية، لأن هذا الرجل توفى حياته وأنهاها.
(501) سئل فضيلة الشيخ: عن قول: "إن فلاناً له المثل الأعلى"، أو" فلان كان المثل الأعلى"؟.
فأجاب بقوله: هذا لا يجوز على سبيل الإطلاق، إلا لله ـ سبحانه وتعالى ـ فهو الذي له المثل الأعلى، وأما إذا قال: "فلان كان المثل الأعلى في كذا كذا"، وقيده فهذا لا بأس به.
(502) سئل فضيلة الشيخ: ما حكم قولهم: "دفن في مثواه الأخير"؟
فأجاب قائلاً: قول القائل: "دفن في مثواه الأخير" حرام ولا يجوز لأنك إذا قلت: في مثواه الأخير فمقتضاه أن القبر آخر شيء له، وهذا يتضمن إنكار البعث، ومن المعلوم لعامة المسلمين أن القبر ليس آخر شي، إلا عند الذين لا يؤمنون باليوم الآخر، فالقبر آخر شيء عندهم، أما المسلم فليس آخر شيء عنده القبر وقد سمع أعرابي رجلاً يقرأ قوله تعالى:] ألهاكم التكاثر. حتى زرتم المقابر [(1) فقال: "والله ما الزائر بمقيم" لأن الذي يزور يمشي فلابد من بعث وهذا صحيح.
لهذا يجب تجنب هذه العبارة فلا يقال عن القبر: إنه المثوى الأخير، لأن المثوى الأخير إما الجنة، وإما النار في يوم القيامة.
(503) وسئل: عن قول: "مسيجيد، مصيحيف"؟
فأجاب قائلاً: الأولى أن يقال: المسجد والمصحف بلفظ التكبير لا بلفظ التصغير، لأنه قد يوهم الاستهانة به.
(504) سئل فضيلة الشيخ: عن إطلاق المسيحية على النصرانية؟ والمسيحي على النصراني؟
فأجاب بقوله: لا شك أن انتساب النصارى إلى المسيح بعد بعثة النبي، صلى الله عليه وسلم، انتساب غير صحيح لأنه لو كان صحيحاً لآمنوا بمحمد، صلى الله عليه وسلم، فإن إيمانهم بمحمد، صلى الله عليه وسلم، إيمان بالمسيح عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام، لأن الله تعالىقال:] وإذ قال عيسى ابن مريم يابني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقاً لما بين يدي من التوراة ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين [(2) ولم يبشرهم المسيح عيسى ابن مريم بمحمد، صلى الله عليه وسلم، إلا من أجل أن يقبلوا ما جاء به لأن البشارة بما لا ينفع لغو من القول لا يمكن أن تأتي من أدنى الناس عقلاً، فضلاً عن أن تكون صدرت من عند أحد الرسل الكرام أولي العزم عيسى ابن مريم، عليه الصلاة والسلام، وهذا الذي بشر به عيسى ابن مريم بني إسرائيل هو محمد، صلى الله عليه وسلم، وقوله:] فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين [. وهذا يدل على أن الرسول الذي بشر به قد جاء ولكنهم كفروا به وقالوا:هذا سحر مبين، فإذا كفروا بمحمد، صلى الله عليه وسلم، فإن هذا كفر بعيسى ابن مريم الذي بشرهم بمحمد، صلى الله عليه وسلم، وحينئذ لا يصح أن ينتسبوا إليه فيقولوا: إنهم مسيحيون، إذ لو كانوا مسيحيين حقيقة لآمنوا بما بشر به المسيح ابن مريم لأن عيسى ابن مريم وغيره من الرسل قد أخذ الله عليهم العهد والميثاق أن يؤمنوا بمحمد، صلى الله عليه وسلم، كما قال الله ـ تعالى ـ:] وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه. قال: أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين [(1) والذي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/374)
جاء مصدقا لما معهم هو محمد، صلى الله عليه وسلم، لقوله ـ تعالىـ:] وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم [(3).
وخلاصة القول أن نسبة النصارى إلى المسيح عيسى ابن مريم نسبة يكذبها الواقع، لأنهم كفروا ببشارة المسيح عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام وهو محمد، صلى الله عليه وسلم، وكفرهم به كفر بعيسى ابن مريم، عليه الصلاة والسلام.
(505) سئل فضيلة الشيخ: عن حكم قول: "فلان المغفور له"، "فلان المرحوم"؟.
فأجاب بقوله: بعض الناس ينكر قول القائل: "فلان المغفور له، فلان المرحوم" ويقولون: إننا لا نعلم هل هذا الميت من المرحومين المغفور لهم أو ليس منهم؟ وهذا الإنكار في محله إذا كان الإنسان يخبر خبراً أن هذا الميت قد رحم أو غفر له، لأنه لا يجوز أن نخبر أن هذا الميت قد رحم، أو غفر له بدون علم قال الله تعالى:] ولا تقف ما ليس لك به علم [(4) لكن الناس لا يريدون بذلك الإخبار قطعاً، فالإنسان الذي يقول: المرحوم الوالد، المرحومة الوالدة ونحو ذلك لا يريد بهذا الجزم أو الإخبار بأنهم مرحومون، وإنما يريد بذلك الدعاء أن الله تعالىقد رحمهم والرجاء، وفرق بين الدعاء والخبر، ولهذا نحن نقول: فلان رحمه الله، فلان غفر الله له، فلان عفا الله عنه، ولا فرق من حيث اللغة العربية بين قولنا: "فلان المرحوم" و"فلان رحمه الله" لأن جملة "رحمه الله" جملة خبرية، والمرحوم بمعنى الذي رحم فهي أيضاً خبرية، فلا فرق بينهما أي بين مدلوليهما في اللغة العربية فمن منع "فلان المرحوم" يجب أن يمنع "فلان رحمه الله".
على كل حال نقول " لا إنكار في هذه الجملة أي في قولنا: "فلان المرحوم، فلان المغفور له" وما أشبه ذلك لأننا لسنا نخبر بذلك خبراً ونقول: إن الله قد رحمه، وإن الله قد غفر له، ولكننا نسأل الله ونرجوه فهو من باب الرجاء والدعاء وليس من باب الإخبار، وفرق بين هذا وهذا.
(506) وسئل فضيلة الشيخ: عن هذه العبارة: "المكتوب على الجبين لا بد أن تراه العين"؟
فأجاب بقوله: هذا وردت فيه آثار أنه يكتب على الجبين مايكون على الإنسان، لكن الآثار هذه ليست إلى ذلك في الصحة، بحيث يعتقد الإنسان مدلولها، فالأحاديث الصحيحة أن الإنسان يكتب عليه في بطن أمه أجله، وعمله، ورزقه، وشقي أم سعيد.
(507) سئل فضيلة الشيخ: عن قول الإنسان إذا خاطب ملكاً: "يامولاي"؟
فأجاب بقوله: الولاية تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول: ولاية مطلقة وهذه لله عز وجل كالسيادة المطلقة، وولاية الله بالمعنى العام شاملة لكل أحد قال الله تعالى:] ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين [(1) فجعل له سبحانه الولاية على هؤلاء المفترين، وهذه ولاية عامة، وأما بالمعنى الخاص فهي خاصة بالمؤمنين المتقين قال الله تعالى:] ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم [(2) وقال الله تعالى:] ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. الذين آمنوا وكانوا يتقون [(3) وهذه ولاية خاصة.
القسم الثاني: ولاية مقيدة مضافة، فهذه تكون لغير الله، ولها في اللغة معان كثيرة منها الناصر، والمتولي للأمور، والسيد، قال الله تعالى:] وان تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين [(4) وقال، صلى الله عليه وسلم:"من كنت مولاه فعلي مولاه" وقال، صلى الله عليه وسلم:"إنما الولاء لمن أعتق".
وعلى هذا فلا بأس أن يقول القائل للملك: مولاي بمعنى سيدي مالم يخش من ذلك محذور.
(508) وسئل فضيلة الشيخ: يحتج بعض الناس إذا نهي عن أمر مخالف للشريعة أو الآداب الإسلامية بقوله: "الناس يفعلون كذا"؟
فأجاب بقوله: هذا ليس بحجة لقوله تعالى:] وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله [(5). ولقوله:] وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين [(6). والحجة فيما قاله الله ورسوله، صلى الله عليه وسلم، أو كان عليه السلف الصالح.
(509وسئل فضيلة الشيخ: عن قول الإنسان لضيفه: "وجه الله إلا أن تأكل"؟
فأجاب بقوله: لا يجوز لأحد أن يستشفع بالله - عز وجل - إلى أحد من الخلق، فإن الله أعظم وأجل من أن يستشفع به إلى خلقه، وذلك لأن مرتبة المشفوع إليه أعلى من مرتبة الشافع والمشفوع له، فكيف يصح أن يجعل الله تعالىشافعاً عند أحد؟ .
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/375)
(510) سئل الشيخ: عن قولهم: "هذا نوء محمود"؟
فأجاب بقوله: هذا لا يجوز وهو يشبه قول القائل: مطرنا بنوء كذا وكذا الذي قال فيه النبي، صلى الله عليه وسلم، فيما يرويه عن الله ـ عز وجل ـ: "من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا فهو كافر بي مؤمن بالكوكب".
والأنواء ما هي إلا أوقات لا تحمد ولا تذم، وما يكون فيها من النعم والرخاء فهو من الله تعالىوهو الذي له الحمد أولاً وآخراً، وله الحمد على كل حال.
(511) وسئل فضيلة الشيخ ـ حفظه الله ـ: عن قول: "لا حول الله"؟
فأجاب قائلاً: قول "لا حول الله"، ما سمعت أحداً يقولها وكأنهم يريدون "لا حول ولا قوة إلا بالله"، فيكون الخطأ فيها في التعبير، والواجب أن تعدل على الوجه الذي يراد بها، فيقال: "لا حول ولا قوة إلا بالله".
(512) سئل فضيلة الشيخ: ما رأيكم في هذه العبارة "لا سمح الله"؟
فأجاب قائلاً: أكره أن يقول القائل: "لا سمح الله" لأن قوله:"لا سمح الله" ربما توهم أن أحداً يجبر الله على شيء فيقول "لا سمح الله" والله - عز وجل - كما قال الرسول، صلى الله عليه وسلم، "لا مكره له". قال الرسول، صلى الله عليه وسلم:"لا يقول أحدكم: اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت، ولكن ليعزم المسألة، وليعظم الرغبة فإن الله لا مكره له، ولا يتعاظمه شيء أعطاه" والأولى أن يقول: "لا قدر الله" بدلاً من قوله: "لا سمح الله" لأنه أبعد عن توهم مالا يجوز في حق الله تعالى.
(513) سئل فضيلة الشيخ غفر الله له: ما حكم قول: "لا قدر الله"؟
فأجاب بقوله: "لا قدر الله" معناه الدعاء بأن الله لا يقدر ذلك، والدعاء بأن الله لا يقدر هذا جائز، وقول: "لا قدر الله" ليس معناه نفي أن يقدر الله ذلك، إذ إن الحكم لله يقدر ما يشاء، لكنه نفي بمعنى الطلب فهو خبر بمعنى الطلب بلاشك، فكأنه حين يقول: "لا قدر الله" أي أسأل الله أن لا يقدره، واستعمال النفي بمعنى الطلب شائع كثير في اللغة العربية وعلى هذا فلا بأس بهذه العبارة.
(514) سئل فضيلة الشيخ: عن قول بعض الناس إذا مات شخص:] يا أيتها النفس المطمئنة. ارجعي إلى ربك راضية مرضية [؟
فأجاب بقوله: هذا لا يجوز أن يطلق على شخص بعينه، لأن هذه شهادة بأنه من هذا الصنف.
(515) سئل فضيلة الشيخ: ما رأيكم في قول بعض الناس: "يا هادي، يادليل"؟
فأجاب بقوله: "يا هادي، يا دليل" لا أعلمها من أسماء الله، فإن قصد به الإنسان الصفة فلا بأس كما يقول: اللهم يا مجري السحاب، يا منزل الكتاب وما أشبه ذلك، فإن الله يهدي من يشاء و"الدليل" هنا بمعنى الهادي.
(516) وسئل غفر الله له: عن قول بعض الناس:"يعلم الله كذا وكذا"؟
فأجاب بقوله: قول: "يعلم الله" هذه مسألة خطيرة، حتى رأيت في كتب الحنفية أن من قال عن شيء: يعلم الله والأمر بخلافه صار كافراً خارجاً عن الملة، فإذا قلت: "يعلم الله أني ما فعلت هذا" وأنت فاعله فمقتضى ذلك أن الله يجهل الأمر، "يعلم الله أني ما زرت فلاناً" وأنت زائره صار الله لا يعلم بما يقع، ومعلوم أن من نفى عن الله العلم فقد كفر، ولهذا قال الشافعي - رحمه الله - في القدرية قال: "جادلوهم بالعلم فإن أنكروه كفروا، وإن أقروا به خصموا" أ. هـ. والحاصل أن قول القائل: "يعلم الله" إذا قالها والأمر على خلاف ما قال فإن ذلك خطير جداً وهو حرام بلا شك.
أما إذا كان مصيباً، والأمر على وفق ما قال فلا بأس بذلك، لأنه صادق في قوله ولأن الله بكل شيء عليم كما قالت الرسل في سورة يس:] قالوا ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون [(1).
--------------------------------------------------------------------------------
(1) (وجنى الجنتين دان)
(1) سورة التوبة، الآية "128".
(2) سورة النمل، الآية "23".
(3) سورة الرحمن، الآيتان "26 - 27".
(4) سورة الأنبياء، الآية "34".
(5) سورة النساء، الآية "86".
(1) سورة التوبة، الآية "6".
(1) سورة طه، الآية "5".
(2) سورة الأعراف، الآية "33".
(3) سورة الإسراء، الآية "36".
(1) سورة النساء، الآية "113".
(2) سورة التوبة، الآية "105".
(3) سورة الحج، الآية "18".
(1) سورة البقرة، الآية "20".
(2) سورة البقرة، الآية "106".
(3) سورة البقرة، الآية "107".
(4) سورة المائدة، الآية "17".
(5) سورة التحريم، الآية "8".
(1) الشورى، الآية "29".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/376)
(2) سورة الجاثية، الآيتان "25 - 26"
(3) سورة التغابن، الآيات "7 - 9"
(1) سورة الفتح، الآية "27".
(2) سورة النساء، الآية "86".
(3) سورة لقمان، "الآية "14".
(1) سورة آل عمران، الآية "26"
(2) سورة الأنعام، الآية "92".
(1) راجع الفتوى رقم (103) حيث إنه يشترط أن يلاحظ معنى الصفة.
(1) سورة الحجرات، الآية "17".
(1) سورة القصص، الآية "12".
(2) سورة الأنبياء، الآية "95".
(3) سورة النساء، الآية "23".
(4) سورة الأنعام، الآية "145".
(1) سورة آل عمران، الآية "85".
(2) سورة آل عمران، الآية "19".
(1) سورة البقرة، الآية "104".
(1) سورة الحج، الآية "18".
(2) سورة الحج، الآية "18".
(3) سورة الحج، الآية "18".
(4) سورة يوسف، الآية "23".
(1) سورة الحجر، الآية "29".
(2) سورة التحريم، الآية "12".
(3) سورة الحج، الآية "26".
(4) سورة الجاثية، الآية "13".
(5) سورة الشمس، الآية "13".
(1) سورة الإسراء، الآية "85".
(2) سورة الشورى، الآية "52".
(3) سورة الإسراء، الآية "85".
(4) سورة الزمر، الآية "42".
(1) سورة العنكبوت، الآية "31".
(2) سورة الإسراء، الآية "58".
(3) سورة البقرة، الآية "259".
(4) سورة يوسف، الآية "82".
(5) سورة يوسف، الآية "25".
(1) سورة النساء، الآية "80".
(1) سورة الحج، الآية "18".
(2) سورة الواقعة، الآيتان "63 - 64"
(1) سورة الأنعام، الآية "115".
(1) سورة طه، الآيتان "51 - 52".
(1) سورة طه، الآية "94".
(1) سورة الأعراف، الآية "200".
(2) سورة فصلت، الآية "36".
(3) رواه مسلم.
(1) سورة المجادلة، الآية "10".
(2) سورة النحل، الآية "127".
(3) سورة الشعراء، الآية "3".
(1) سورة الزمر، الآية "62".
(1) سورة التكاثر، الآيتان "1 - 2".
(2) سورة الصف، الآية "6".
(2) سورة آل عمران، الآية "81".
(3) سورة المائدة، الآية "48".
(4) سورة الإسراء، الآية "36".
(1) سورة الأنعام، الآية "62".
(2) سورة محمد، الآية "11".
(3) سورة يونس، الآيتان "62 - 63".
(4) سورة التحريم، الآية "4".
(5) سورة الأنعام، الآية "116".
(6) سورة يوسف، الآية "103".
(1) سورة يس، الآية "16".(6/377)
من هم أهل السنة والجماعة؟
ـ[الجزائري الأثري]ــــــــ[20 - 12 - 03, 06:06 ص]ـ
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أهل السنة والجماعة هم الذين هداهم الله تعالى لما اختلف فيه من الحق بإذاًه، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم، وكلنا نعلم أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بعث بالهدى ودين الحق، الهدى: الذي ليس فيه ضلالة، ودين الحق: الذي ليس فيه غواية، وبقي الناس في عهده على هذا المنهاج السليم القويم، وكذلك عامة زمن خلفائه الراشدين، ولكن الأمة بعد ذلك تفرقت تفرقاً عظيماً متبايناً، حتى كانوا على ثلاث وسبعين وفرقة كلها في النار إلا واحدة، وهي ما كان عليه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأصحابه، بهذا نقول: إن هذه الفرقة هي فرقة أهل السنة والجماعة وهذا الوصف لا يحتاج إلى شرح في بيان أنهم هم الذين على الحق، لأنهم أهل السنة المتمسكون بها، وأهل الجماعة المجتمعون عليها ولا تكاد ترى طائفة سواهم إلا وهم بعيدون عن السنة بقدر ما ابتدعوا في دين الله سبحانه وتعالى، ولا تجد فرقة غيرهم إلا وجدتهم فرقة متفرقين فيما هم عليه من النحلة.
وقد قال سبحانه وتعالى لرسوله عليه الصلاة والسلام:] إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون [(1).
إذاً لا حاجة لنا إلى التطويل بتعريف أهل السنة والجماعة. لأن هذا اللقب يبرهن على معناه برهاناً كاملاً وأنهم المتمسكون بالسنة المجتمعون عليها ونحن نلخص الكلام في نقاط رئيسية هي:
أولاً: بيان طريق أهل السنة والجماعة في أسماء الله تعالى وصفاته مع أمثلة توضح تلك الطريقة:
أهل السنة والجماعة طريقتهم في أسماء الله وصفاته أنهم يعتبرون أن ما ثبت من أسماء الله وصفاته في كتاب الله، أو فيما صح عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، هو حق على حقيقته يراد به ظاهره ولا يحتاج إلى تحريف المحرفين وذلك لأن تحريف المحرفين مبني على سوء فهم، أو سوء قصد حيث ظنوا أنهم إذا أثبتوا تلك النصوص، أو تلك الأسماء والصفات على ظاهرها ظنوا أن ذلك إثبات للتمثيل ولهذا صاروا يحرفون الكلم عن مواضعه وقد يكونون ممن لم يفهموا هذا الفهم ولكن لهم سوء قصد في تفريق هذه الأمة الإسلامية شيعاً كل حزب بما لديهم فرحون.
وأهل السنة والجماعة يؤمنون بأن ما سمى الله به نفسه وما وصف الله به نفسه في كتابه، أو على لسان رسوله، صلى الله عليه وسلم، فهو حق على حقيقته وعلى ظاهره، ولا يحتاج إلى تحريف المحرفين بل هو أبعد ما يكون عن ذلك، وهو أيضاً لا يمكن أن يفهم منه مالا يليق بالله عز وجل من صفات النقص أو المماثلة بالمخلوقين، بهذه الطريقة المثلى يسلمون من الزيغ والإلحاد في أسماء الله وصفاته، فلا يثبتون لله إلا ما أثبته لنفسه، أو أثبته له رسوله، صلى الله عليه وسلم، غير زائدين في ذلك ولا ناقصين عنه، ولهذا كانت طريقتهم أن أسماء الله وصفاته توقيفية لا يمكن لأحد أن يسمي الله بما لم يسم به نفسه، أو أن يصف الله بما لم يصف به نفسه.
فإن أي إنسان يقول إن من أسماء الله كذا، أو ليس من أسماء الله، أو أن من صفات الله كذا، أو ليس من صفات الله بلا دليل لا شك أنه قول على الله بلا علم وقد قال الله سبحانه وتعالى:] قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله مالم ينزل به سلطاناً وأن تقولوا على الله مالا تعلمون [(1).
وقال تعالى:] ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً [(2).
ثم إن طريقتهم في أسماء الله تعالى أن ما سمى الله به نفسه فإن كان من الأسماء المتعدية فإنهم يرون من شرط تحقيق الإيمان به ما يلي:
1 - أن يؤمن المرء بذلك الاسم اسماً له عز وجل.
2 - أن يؤمن بما دل عليه من الصفة سواء كانت الدلالة تضمناً أو التزاماً.
3 - أن يؤمن بأثر ذلك الاسم الذي كان مما دل عليه الاسم من الصفة ونحن هنا نضرب مثلاً:
من أسماء الله تعالى: "السميع" يجب على طريق أهل السنة والجماعة أن يثبت هذا الاسم من أسماء الله فيدعى الله به ويعبد به فيقال مثلاً: عبد السميع ويقال: يا سميع يا عليم وما أشبه ذلك لأن الله تعالى يقول:] ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها [(3).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/378)
وكذلك أيضاً يثبت ما دل عليه هذا الاسم من الصفة وهي السمع فنثبت لله سمعاً عاماً شاملاً لا يخفى عليه أي صوت وإن ضعف.
كما نثبت أيضاً أثر هذه الصفة وهي أن الله تبارك وتعالى يسمع كل شيء وبهذا ننتفع انتفاعاً كبيراً من أسماء الله لأنه يلزم من هذه الأمور الثلاثة التي أثبتناها في الاسم إذا كان متعدياً أن نتعبد الله بها فنحقق قول الله عز وجل:] ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها [(4).
فأنت إذا آمنت بأن الله يسمع فإنك لن تسمع ربك ما يغضبه عليك لن تسمعه إلا ما يكون به راضياً عنك لأنك تؤمن أنك مهما قلت من قول سواء كان سراً أم علناً فإن الله تبارك وتعالى يسمعه، وسوف ينبئك بما كنت تقول في يوم القيامة، وسوف يحاسبك على ذلك على حسب ما تقتضيه حكمته في كيفية من يحاسبهم تبارك وتعالى، إذاً القاعدة عند أهل السنة والجماعة أن الاسم من أسماء الله إذا كان متعدياً فإنه لا يمكن تحقيق الإيمان به إلا بالإيمان بهذه الأمور الثلاثة:
1 - أن نؤمن به اسماً من أسماء الله فنثبته من أسمائه.
2 - أن نؤمن بما دل عليه من صفة.
3 - أن نؤمن بما يترتب على تلك الصفة من الأثر.
وبهذا يتحقق الإيمان بأسماء الله تبارك وتعالى المتعدية.
أما إذا كان الاسم لازماً فإنهم يثبتون هذا الاسم من أسماء الله، ويسمون الله به ويدعون الله به، ويثبتون ما دل عليه الاسم من صفة على الوجه الأكمل اللائق بالله تعالى، ولكن هنا لا يكون أثر، لأن هذا الاسم مشتق من شيء لا يتعدى موصوفه فلذلك لا يكون له أثر، ونضرب مثلاً بـ"الحي" فإن الحي من أسماء الله عز وجل، نثبته اسماً لله فنقول: من أسماء الله تعالى: "الحي" وندعو الله به فنقول: "يا حي، يا قيوم".
ونؤمن بما دل عليه من صفة، سواء كان ذلك تضمناً، أو التزاماً وهي الحياة الكاملة التي تتضمن كل ما يكون من صفات الكمال في الحي من علم، وقدرة، وسمع، وبصر، وكلام وغير ذلك، فعلى هذا نقول: إذا كان الاسم من أسماء الله غير متعد فإن تحقيق الإيمان به يكون بأمرين.
أحدهما: إثباته اسماً من أسماء الله.
والثاني: إثبات ما دل عليه من الصفة على وجه الكمال اللائق بالله تبارك وتعالى.
أما الصفات فإننا لا نصف الله إلا بما وصف به نفسه سواء ذكر الصفة وحدها بدون أن يتسمى بما دلت عليه، أو كانت هذه الصفة مما دلت عليها أسماؤه، فإنه يجب علينا أن نؤمن بهذه الصفة على حقيقتها مثال ذلك: أثبت الله تبارك وتعالى لنفسه أنه استوى على عرشه. وهو يخاطبنا بالقرآن النازل باللسان العربي المبين وكل الناس الذين لهم ذوق في اللغة العربية يعلمون معنى استوى في اللغة العربية ولهذا قال الإمام مالك رحمه الله تعالى وقد سئل عن قوله تعالى:] الرحمن على العرش استوى [(1) كيف استوى؟ فقال: "الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة". هذا هو اللفظ المشهور عنه واللفظ الذي نقل عنه بالسند قال: "الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة". وهذا اللفظ أدق من اللفظ الذي سقناه قبل، لأن كلمة "الكيف غير معقول" تدل على أنه إذا انتفى عنه الدليلان النقلي والعقلي فإنه لا يمكن التكلم به.
هذه الصفة من صفات الله لم يرد اسم من أسماء الله مشتق منها فلم يرد من أسمائه المستوي، ولكننا نقول: إنه استوى على العرش ونؤمن بهذه الصفة على الوجه اللائق به ونعلم أن معنى الاستواء هو العلو، فهو علو خاص بالعرش، ليس العلو المطلق على جميع المخلوقات، بل هو علو خاص ولهذا نقول في قوله تعالى:] استوى على العرش [(1): أي علا واستقر على وجه يليق بجلاله وعظمته، وليس كاستواء الإنسان على البعير والكرسي مثلاً لأن استواء الإنسان على البعير والكرسي استواء مفتقر إلى مكانه الذي يستوي عليه، أما استواء الله جل ذكره فإنه ليس استواء مفتقر، بل إن الله تبارك وتعالى غني عن كل شيء، كل شيء مفتقر إلى الله، والله تبارك وتعالى غني عنه.
ومن زعم أنه بحاجة إلى عرش يقله فقد أساء الظن؟ بربه عز وجل فهو سبحانه وتعالى غير مفتقر إلى شيء من مخلوقاته، بل جميع مخلوقاته مفتقرة إليه، كذلك النزول إلى سماء الدنيا حينما يبقى ثلث الليل الآخر نؤمن به على أنه نزول حقيقي، لكنه يليق بالله عز وجل لا يشبه نزول المخلوقين، ومن هنا نقول إنه يجب على المؤمن أن يتحاشى أمراً يلقيه الشيطان في باله أمراً خطيراً للغاية ـ وهو أمر حمل أهل البدع على تحريف النصوص من أجل هذا الأمر الذي يجعله الشيطان في قلوب الناس ـ ألا وهو تخيل كيفية صفة من صفات الله، أو تخيل كيفية ذات الله عز وجل.
فاعلم أنه لا يجوز أبداً أن يتخيل كيفية ذات الله، أو كيفية صفة من صفاته، واعلم أنك إن تخيلت أو حاولت التخيل فإنك لابد أن تقع في أحد محذورين:
إما التحريف والتعطيل، وإما التمثيل والتشبيه ولهذا يجب عليكم أيها الإخوة أن لا تتخيلوا أي شيء من كيفية صفات الله عز وجل، لا أقول: لا تثبتوا المعنى لأن المعنى يجب أن يثبت لكن تخيل كيفية تلك الصفة لا يمكن أن تتخيلها وعلى أي مقياس تقيس هذا التخيل.
لا يمكن أبداً أن تتخيل كيفية صفات الله عز وجل لا بالتقدير ولا بالقول يجب عليك أن تتجنب هذا لأنك تحاول ما لا يمكن الوصول إليه بل تحاول ما يخشى أن يوقعك في أمر عظيم لا تستطيع الخلاص منه إلا بسلوك التمثيل والتعطيل وذلك لأن الرب جلت عظمته لا يمكن لأحد أن يتخيله على كيفية معينة لأنه إن فعل ذلك فقد قفا ما ليس له به علم وقد قال الله تعالى:] ولا تقف ما ليس لك به علم [(2).
وإن تخيله على وصف مقارب بمثيل فقد مثل الله والله سبحانه وتعالى يقول:] ليس كمثله شيء وهو السميع البصير [(1).
وبهذا نعلم أن من أنكر صفات الله أنكرها لأنه تخيل أولاً، ثم قالوا: هذا التخيل يلزم منه التمثيل ثم حرفوا، ولهذا نقول: إن كل معطل ومنكر للصفات فإنه ممثل سبق تمثيله تعطيله. مثل أولاً وعطل ثانياً ولو أنه قدر الله حق قدره ولم يتعرض لتخيل صفاته سبحانه ما احتاج إلى هذا الإنكار وإلى هذا التعطيل.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/379)
ـ[ابو سفيان اليونسى]ــــــــ[30 - 12 - 03, 01:47 م]ـ
جزاك الله خيرا اخ خالد ونفع بك(6/380)
مختصر التبيان في آداب حملة القرآن
ـ[ولد الدمام]ــــــــ[20 - 12 - 03, 12:25 م]ـ
مختصر التبيان في آداب حملة القرآن
للإمام النووي -رحمه الله-
بِسْمِ اللهِ الرَّحَمنِ الرَّحِيم، وَبِهِ نَسْتَعِين.
الحمد للهِ الكريم المان ذيِ الطول، والفضل، والإحسان، الذي هدانا للإيمان، وفضل ديننا على سائر الأديان، ومنَّ عَلينا بإرسالهِ إلينا خيرَ خَلقهِ، مُحمَّد صلى الله عليه وسلم، فمحا به عبادة الأوثان، وأكرمه صلى الله عليه وسلم، وأبانا بالقُرآنِ المُعجِزة المُستَمرة عَلى تَعاقبُ الأَزمَان التي يتحد بها الجنُّ، والإنسُ، بأَجمَعهم، وأقْحَمَ بِها جميعَ أهلِ الزيغ والطُغيان، وَجَعلهُ رَبيعاً لِقُلوبِ أهلِ البصائر والعِرفان، ولا يخلق عن كَثْرةَ الردِّ، وتغَاير الأَحيان، وَيسَرهُ حتى استظهره صَغائرُ الولدان، وضعَّف الأجرَ في تلاوتهِ، وأعظمَ بهِ في الامتنان.
أَحمدهُ أَبْلغَ الحمد على ذلك، وغيره من نِعمهِ التي أَسْبَغَها علينا في كُل حينٍ وأوان، وأسألهُ المِنَّة عليَّ، وَعلى جَميع أحبَّائي بالرّضوان.
وأَشهد أنْ لا إله إلاَّ الله، شَهادة مُحصّلة للغُفْران، مُنقِذة صاحبها مِنَ النِّيران، مُوصلةً لَه إلى سُكنى الجِنان.
أمَّا بعد .. فإنَّ الله سُبحانه وَتعالى منَّ على هذه الأمَّة، وزادها شرفاً بالدينِ الذي ارتضاه لنفسهِ دين الإسلام، وإرساله إليها خيرته مِن خلقهِ، مُحمَّداً سيد الأنام عليه منه أفضل الصلوات، والبركات، والسّلام وأكرمهما بكتابهِ القُرآن أفضلَ الكلام، وجمع فيه جميع ما يحتاج إليه من أخبار الأولين، والآخرين، والمواعظ، والأمثال، والآداب، وأصناف الأحكام والحُجج القطعيات، الظَّاهرات في الدلالات على وحدانيته، وغيرها مما جاءت به رسله، صلوات الله وسلامه عليهم، الدامغات لأهل الإلحاد الضُّلال الطُغام، وحثَّ على تلاوته، والاعتناء به، ولإعظام وملازمة الآداب، وبذل الوسع في الاحترام، ورأيت بتلاوة القُرآن العزيز تعلُّماً وتعليماً، ودراسة في جماعات، وفُرادى مجتهدين في ذلك بالليالي، والأيام، وزادهم الله حرصاً عليه، وعلى سائر الطّاعات مُريدين به وجه اللهِ، ذي الجلال والإكرام، فدعاني ذلك إلى جمع مختصر في آداب حملته، وأوصاني حُفاظه وطلبته فجمعتُ ذلك وأوضحتهُ، وبيَّنتهُ وأتقنته، وسميته "كتابُ التِبيان في آداب حملة القُرآن" وذكرت فيه نفائس يحتاج حافظه إلى معرفتها، ويقبُح بهِ جهلها، وتفويت خبرتها، ثُمَّ رأيت المصلحة في اختصاره تسهيلاً لحفظه وانتشاره فَشَرعتُ في ذلك قاصداً المبالغة في الاختصار، معَ إيضاحِ العبارة، والرّمز للأدلة، وبعض الأحكام التي يَحصُل الفهم منها بالإشارة، فمن أُشكل عليه شيء مِمَّا أذكره هُنا، وأَراد زِيادة في بسطه فليطلبه من"التبيان" يجده إِنْ شاء الله تعالى واضِحاً في حُكْمِهِ وضبطِهِ، وعلى الله الكريم الاعتماد، وإليه التفويضُ والاستناد، وحسبي اللهُ ونعم الوكيل، وهذه فهرستُ أبوابه:
الباب الأول
في أطراف من فضيلة تلاوة القُرآن وحَمَلتهِ
· قَالَ الله عَز وجلَّ: ((إِنّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ وَأقاموا الصَّلاَة وَانْفَقوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرَّاً وَعَلاَنِية يَرْجُونَ تِجَارةً لَنْ تَبُور لِيُوَفِيّهُمْ أُجُورَهمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ)) [غافر 29، 30].
· وَثبتَ في صحيحي البُخاريُّ ومُسلم رحمهم الله عن عثمان رضي الله عنه عن رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: (خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَه).
· وفي الصحيحين، عن عائشة ـ رضي الله عنها قالت: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ وَيَتَتَعْتَعُ فِيهِ، وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌ، لَهُ أَجْرَانِ).
· وفي الصحيحين، أن رسُول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لأَنْ يَهْدِيَ اللهُ بِكَ رَجُلاً وَاحِداً خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَم).
· وفي الصحيحينِ عنِ بْنِ عُمر رضي اللهُ عنْهُمَا، عَن النَّبِيِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لاَ حَسَدَ إِلاَّ في اثْنَتَيْنِ، رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ القُرْآن؛ فَهُوَ يَقُومُ بِهِ آَنَاءَ اللَيْلِ، وَأَنَاءَ النَّهَار، وَرَجُلٌ آَتَاهُ اللهُ مَالٌ فَهُوَ يُنْفقهُ أَنَاءَ اللَيْلِ وَأَنَاءَ النَّهَار).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/381)
· وَرَوَياهُ في الصَّحِيحينِ من رِوَاية عَبدِ الله بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: (لاَ حَسَدَ إِلاَّ في اثْنَتَيْنِ، رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ مَالاً فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتهِ في الحَقِّ، وَرَجُلاً آَتَاهُ حِكْمَةُ فَهُوَ يَقْضِي بِهَاَ وَيُعَلِّمهَاَ).
· وفي صَحِيحِ مسلمٍ عَنْ أَبي أُمَامَة رضي الله عنه، عَنْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (اقْرَءوا القُرْآن؛ فَإنَّهُ يَأْتِيَ يَوْمَ القِيَامَةِ شَفِيعَاً لأَصْحَابَهِ).
· وفيهِ عنِ ابْنِ عُمَر رضي الله عنه، أَنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم قَال: (إنَّ اللهَ يَرْفَعُ بِهَذَاَ الكِتَابِ أَقْوَامَاً، وَيَضَعُ بِهِ آخَرِين).
· وفي كِتاب التِّرمذيُّ، عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم (الَّذي لَيْسَ في جَوْفِهِ شَيءٌ مِنَ القُرْآنِ كَالبَيْتِ الخَرِب) قال الترمذيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صحيح.
الباب الثاني
في ترجيح القراءة والقاريء على غيرهما
· ثبتَ في صحيح مسلمٍ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: (يَؤُمُّ القَوْمَ أَقْرَأَهُمْ لِكِتَابِ اللهِ).
· وفي صحيحِ البُخَاريُّ عَنْ ابن عَبَّاس رضي الله عنه: كَاَنَ القُراء أَصْحَاب مَجْلِس عُمَر رضي الله عنه، ومُشاوريه كُهُولاً كَانوا أو شُبانا
· وفيه أنَّه صلى الله عليه وسلم، كَاَنَ يَأَمرُ في قَتلا أُحد أَنْ يُقَدَّم إلى القِبْلَة أَقْرَاَهُمْ، وَأَعْلَم
· إنَّ المَذْهبَ المُخْتَار الَّذي عَلَيْهِ الشّافعيُّ، وَمن لا يُحصَى سُنن العُلماء، أَنَّ قِرَاءة القُرْآنِ أَفْضَلَ مِن سَائِرِ الأَذْكَار، وَقَد تَظَاهَرت الأَدِلَّة عَلَى ذَلِك
الباب الثالث
في إكرام أهل القرآن، والنهي عن إيذاءَهُمْ
· قال الله تعالى: ((وَمَنْ يُعَظِّم شَعَائِرَ الله فَإِنَّهَأَ مِنْ تَقْوَى القُلُوب)) [الحج:32] وقال تعالى: ((وَمَنْ يُعَظِّم حُرُمَاتِ اللهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّه)) [الحج:30]. وقال الله سبحانه وتعالى: ((وَالَّذِين يُؤْذُونَ المُؤمِنِينَ والمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَاَ اكْتَسَبوا فَقَدْ احتَمَلوا بُهْتَانَاً وَإثْمَاً مُبِيْناً)) [الأحزاب:58].
· وفي الباب الأحاديث السابقة في الباب قبله.
· وعنْ أَبي مُوسى الأَشْعَرِيُّ ـ رضي الله عنه قَال: قَالَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم: (مِنْ إِجْلاَلِ الرُّفْقة إِكْرَامِ ذِي الشَيْبَة المُسْلِمْ، وَحَامِلِ القُرْآن، غَيْرِ الغَالي فِيهِ، والجَافِي عَنْهُ، وإِكْرَامِ ذِي السُّلْطَان) رواهُ أبو داود وهو حديثٌ حسن.
· وفي صَحيح البُخاريُّ عَنهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الله عزوجل قال: (مَنْ عَادَى لِي وَلِيَّاً فَقَدْ آذَنَنِي بِالحَرْبِ)
· وَقال الإمَامَان الجَلِيلاَنِ: أَبو حَنِيفة، وَالشّافِعيُّ رحِمَهُمَاَ الله: إِنْ لَمْ يَكُن العُلَمَاء أَوْلِياءُ الله فَلَيْسَ للهِ وَلِيّ.
·
الباب الرابع
في آداب مُعلِّم القُرآن، ومُتعَلمه
· ينبغي لكل واحدٍ منهما أن يقصد به رضا الله تعالى لقوله تعالى: ((وَمَاَ أُمِروا إلاَّ لِيَعْبدو اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء .. الآية)) [البينة:5].
· وفي الصَّحِيحَينِ عَن عُمَر بْنِ الخَطَّاب رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: (إِنَّمَاَ الأَعْمَالُ بِالنِّيَاتِ، وَإِنَّمَاَ لِكُلِّ امْرِيءٍ مَاَ نَوَى .. )
· وَرَوَينَاَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّمَاَ يحفظُ الرَّجل على قَدر نِيَّتِه
· قال العارِفون: الإخلاص: تصفية الفِعل عن مُلاَحَظةِ المخلوقات، وقيِل هُو استواء أفعَال العبد ظاهراً، وباطنه
· فصل
· ولا يقصد بتعلمه، ولا تعليمه توصّلاً إلى غرض من أغراض الدنيا، من مال، أو رياسة، أو وجاهة، أو ارتفاع على أقرانه، أو ثناء عِند الناس، أو صرف وجوه النَّاسِ إلَيه، أو نحو ذلك قال الله تعالى: ((ومَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرثَ الدُنياَ نُؤْتِهِ مِنْهَاَ وَمَاَ لهُ في الآخِرة مِنْ نَصِيب)) [الشورى:20]، وقال تعالى: ((مَنْ كَانَ يُرِيدُ العَاجِلَةَ عَجَّلْنَاَ لَهُ فِيهَاَ مَاَ نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيد ثُمَّ جَعَلْنَاَ لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاَهَاَ مَذْمُومَاً مَدْحُورَاً)) [الإسراء:18].
· فصل
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/382)
· ولا يُشين المقريء إقراؤه بطمع في رفق يحصُل له من بعض مَن يَقرأ عليه سواء كان الرفق مالاً أو خدمة، وإن قلَّ، وإن كان على صُورة الهدية التي لولاَ قرائته عليه لما أهداها إليه، وليحذر كل الحذر مِن قصده التكثر بكثرة المشتغلين عليه، والمترددين إليه، وليحذر مِن كراهته قراءة أصحابه على غيره، ممن ينتفعو بقرائتهم عليه، وهذه معصية يُبتلى بها بعض المعلمين، الجاهلين، وهي دلالة بينة من فاعلها على سوء نيته، وفساد طويته وعدم إرادته بتعليمه وجه الله الكريم.
· وقد روينا في مسند الدارميُّ عَنْ عليّ رضي الله عنه قال: (ياَ حَملَة العِلمِ اعملوا به، فَإنَّما العالم من عَمِل بعلمِهِ، ووافق علمه عمله، وسيكونُ أقوام يَحْمِلون العلم لا يُجاوزُ تَراقِيهم يخالف عملهم علمهم، ويُخالف سرِيرتهم علاَنِيهم يجلسون حلقاً يُباهي بعضهم بعضاً، حتى أن الرَّجل ليَغُضُّ على جليسهِ أن يجلس إلى غيره، ويدعه أولئك لا يتَصَعَّد أَعمالهُم في مَجالسهم تلكَ إلى الله تعالى) [إسناده ضعبف جداً]
· فصل
· وينبغي للمُعلم أن يتخلق بآدابِ الشرع من الخلال الحميدة، والشيم المرضية، والزهادة في الدنيا، والتقللِ منها، وعدمِ الإلتفات إليها، وإلى أهلها، والسخاء والجود، ومكارم الأخلاق، وطلاقة الوجه، والحلم والصبر، والتنَزّه عن دنيء الإكتساب ومُلازمة الورع، والخشوع، والسكينة، والوقار، والتواضع، والخضوع، واجتناب الضحك والإكثارِ من المزْح، وليعْتني بالتنَظُّف بإزالة الأوساخ، والشعور التي ورد الشرع بإزالتها، كقص الشارب، وتقليم الأظفار، وتسريح اللحية، وإزالة الروائح الكريهة، والملابس المكروهة، ويراقب الله تعالى في جميع تقلباته في سره وعلانيتِهِ.
· فصل
· وليحذر كل الحذر من أمراض القلوب كالحسد، والعجب، والرياء، واحتقار الناس والإرتفاع عليهم، وإن كانوا دونه، وعليه أن لا يرى نفسهُ خيراً من أحد
· فصل
· وينبغي أن يُرفق بالذين يقرؤن عليه، ويرحب بهم، ويُحسن إليهم بحسب حاله وحالهم ويبذل لهم النَّصيحة ما استطاع، فإن نصيحة غيرهم واجبة فهم أولى ولا يتعظَّم عليهم، وأن يكون سمحاً بتعليمهم برفق وتطلف، ويحرضهم على التعلم، ويتألفهم عليه ويُعرّفهم أنَّ العلماء ورثة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم ويحنق عليهم، ويعتني بمصالحهم كاعتنائه بمصالح نفسه وولده ويجري المتعلم منه مجرى ولده في الشفقة عليه والإهتمام بمصالحه، والصبر على جنابه وسؤاديه، ويعذره في قلة أدبه في بعض الأحيان ويعرفه قبح ذلك؛ بتلطفٍ لئلا يعود إلى مثله، وينبغي أن يحب له من الخير ما يحب لنفسه، ويكره له من النقص ما يكره لنفسه
·
· فصل
· وينبغي أن يذكر للمتعلم فضيلة التعلم ليكون سبباً لنشاطه وزيادة رغبته ويزهده في الدنيا ويرغبه في التأهب للآخرة، ويكون حريصاً على تعليهم، مؤْثراً لهم على مصالح نفسه الدنيوية التي ليست بضرورية ويكون حريصاً على تفهيمهم، وأن يعطي كل إنسان منهم ما يليق به فلا يكثر على شيء لا يحتمل الإكثار، ولا يغتفر لمن يحمل الزيادة ويفرغ قلبه في حال جلوسه عن الأسباب الشاغلة كلها وهي كثيرة معروفة.
· فصل
· وينبغي أن يكون مُؤدِّباً لهم على التدريج بالآداب السُّنية، والشِّيم المرضِية، ورياضة النَّفس بالدّقائق الخفيّة، ويعودهم الصِّيانة في جميع أمورهم الباطنية والجلية، ويحرضهم بأقواله، وأفعاله المتكررات على الإخلاص، والصِّدق، وحُسنِ النِّيات ومُراقبة الله تعالى في جميع اللحظات، ويُعرّفهم أن بذلك تتفتحُ عليهم أنوار المعارف، وتنشرح صدورهم، وتتفجر من قلوبهم ينابيع الحكم واللطائف، ويُبارك لهم في علمهم، وأحوالهم ويُوفقون في أفعالهم وأقوالهم.
·
· فصل
· ويأخذهم في إعادة محفوظاتهم، ويُثني على من ظهرت نجابته ما لم يخشى عليه فتنةً بإعجابٍ ونحوه، ويُعنَّف من قَصَّر تعنيفاً لطيفاً ما لم يخشى تنفيره، ويُقدم في تعليمهم إذا ازدحموا، الأول فالأول، ولا يُمَكَّن السَّابق من إيثاره بتوبته إلا لمصلحة شرعية، فإن الإيثار في القرب مكروه. وينبغي أن يتفقد أحوالهم، ويسأل عمن غاب منهم، ولا يمتنع من تعليم أحد لكونه غير صحيح النِّية، فقد قال سُفيان وغيره: طلبهم للعلم نيِّة.
·
· فصل
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/383)
· ويصون يديه حال اقراء عن العبث، وعينيه عن تفريق النَّظر من غير حاجة شرعية، وأُذنيه عن الاستماع لغير القارئ، ويقعد على طهارة مستقبلاً القبلة بوقار في ثياب بيض نظيفة، وإذا وصل إلى موضع جلوسه صلى ركعتين قيل الجلوس، سواء كان الوضع مسجداً أو غيره، فإن كان مسجداً كان آكد فإنه يكره الجلوس فيه قبل الصلاة، ويجلس متربعاً إن شاء أو غيره متربع ولو جلس جاثياً على ركبته كما روى عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، كان حسناً ويكون مجلسه واسعاً يمكن جلساؤه فيه.
· وممَّا يتأكد الاعتناء به أن لا يذل العلم فيذهب إلى موضع يُنسب إلى من يتعلم ليُعلّمه فيه، وإن كان المتعلم خليفة فمن دونه، بل يصونه عن ذلك كما صانه السلف رضي الله عنهم.
·
· فصل
· تعليم المتعلمين فرض كفاية، فإن لم يكن من يصلح له إلا واحد تعيّن عليه، وإن كان هناك جماعة يحصل التعليم ببعضهم، فقام به بعضهم سقط الحرج عن الباقين وإن امتنعوا كلهم أثموا إن لم يكن لهم عُذر شرعي.
· فصل
· في آداب المتعلم جميع ما ذكرناه من آداب المعلم في نفسه آداب للمتعلم، ومن آدابه أن يجتنب الأسباب الشاغلة عن تحصيل كمال إلا سبباً لابد منه للحاجة، وينبغي أن يُطهر قبله من الأدناس ليصلح لقبول القرآن، واستثماره، ويتواضع للعلم، فبتواضعه يدركه وقد قالوا: العلم حرب للمتعالي كما أَنّ السيل حرب للمكان العالي، ويتواضع لعلمه ويتواضع معه وإن كان أصغر سناً منه، وأقلَّ شُهرةً وَنسباً وصلاحاً وغير ذلك وينقاد له، ويشاوره في أموره ويقل قول كالمريض العاقل يقبل قول الطبيب النَّاصح الحاذق، وهذا أولى.
·
· فصل
· ولا يتعلم إلا ممن كملت أهليته وظهرت ديانته، وتحققت معرفته، واشتهرت صيانته، فقد قال السلف: (هذا العم دين فانظروا عمن تأخذوا دينكم).
· وعليه أن ينظر معلمه بعين الاحترام، ويعتقد كمال أهليته، ورجحانه على طبقته، ويدخل عليه كامل الحال متنظفاً بما ذكرناه في المعلم متطهراً مستعملاً للسواك، فارغ القلب من الأمور الشاغلة، ولا يدخل بغير استئذان إلاَّ إذا كان المعلم في موضع لا يحتاج فيه إلى استئذان، ويسلم على الحاضرين إذا دخل، ويخصه بزيادة وتودد، ويسلم عليه وعليهم إذا انصرف ولا يتخطى رقاب النَّاس؛ بل يجلس حتى ينتهي به المجلس، إلا أن يأذن له المعلم في التقدم، ويعلم من حالهم إيثار ذلك، ولا يُقيم أحداً من موضعه، ولا يجلس بين صاحبين بغير إذنهما، فإن فسحا له قعد وضمَّ نفسه.
· وروينا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: (من حق العالم عليك أن تُسلم على النَّاس عامة، وتخصّه دونهم بالتحية، ون تجلس أمامه، ولا تُشيرن عنده بيدك، ولا تغمزنَّ بعينيك، ولا تقولنَّ: قال فلان خلاف لقوله، ولا تغتابنَّ عنده أحد، ولا تسارّ في مجلسه، ولا تأخذن بثوبه، ولا تُلح عليه إذا كسل، ولا تُعرض ولا تشبع أي من طول صُحبته و عليه أن يرد غيبة شيخه إن قدر فإن تعذّر عليه ردها فارق ذلك المجلس).
· فصل
· وينبغي أن يتأدب مع رفقته، وحاضري مجلس شيخه، فإن ذلك أدب مع شيخه، وصيانة لمجلسه، ويقعد بين يديّ الشيخ قعدة المتعلمين، ولا يرفع صوته رفعاً بليغاً من غير حاجة ولا يضحك ولا يكثر الكلام من غير حاجة، ولا يعبث بيده ولا غيرها، ولا يلتفت يميناً وشمالاً من غير حاجة؛ بل يكون متوجّهاً إلى الشيخ مصغياً إلى كلامه، ولا يقرأ عليه في حال شُغل طلب الشيخ وملله واستنفاره، وغمِّه، وفرحه، وجوعه، وعطشه، ونُعاسه، وقلقه ونحو ذلك مما يشق عليه أو يمنعه من كمال حضور القلب، والنشاط ويغتنم أوقات نشاطه، ويتحمل جفوة الشيخ، وسوء خُلقه، ولا يصده ذلك عن ملازمته، واعتقاد كماله، ويتأول لأقواله، وأفعاله المنكرة في الظاهر تأويلات صحيحة، وإذا جفاه الشيخ ابتدأه هو بالاعتذار، وإظهار الذنب له، والعتب عليه.
·
· فصل
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/384)
· ومن آدابه المتأكدة أن يكون حريصاً على التعلم مواظباً عليه في جميع الأوقات التي يتمكن منه فيها، ولا يقنع بالقليل مع تمكنه من الكثير، ولا يُحمِّل نفسه ما لا يطيق مخافة من الملل، وضياع ما حصَّل، وهذا يختلف باختلاف النَّاس، والأحوال، وإذا جاء إلى مجلس الشيخ ولم يجده انتظره ولازم بابه، ولا يفوت وظيفته إلا أن يخاف كراهة الشيخ لذلك بأن يعلم من حاله الإقراء في وقت بعينه، وأنه لا يقرأ في غيره، وإذا وجد الشيخ نائماً أو مشغولاً انتظره، ولا يزعجه بالاستئذان وينبغي أن يأخذ نفسه بالاجتهاد في التحصيل وقت الفراغ، والنشاط، وقوة البدن ونباهة الخاطر، وقلة الشاغلات قبل عوارض البطالة وارتفاع السن والمنزلة وينبغي أن يُبكر بأخذ وظيفتة أول النهار لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: (اللَّهُمَّ بَارِك لأُمَّتي في بُكُورِهَا).
· وقد قدّمنا أنَّهُ يُكره الإيثار بنوبتهِ؛ فإنْ رأى الشيخ الإيثار في بعض الأوقات لمعنىً شرعي فأشار عليه به امتثل أمره.
· فصل
· وممَّا يجب ويتأكد الاعتناء به أن لا يسد أحداً من رفقته أو غيرهم، ولا يعجب بما حصله، ولا يُرائي به، وطريقه في نفي العُجب أن يذكر نفسه أنه لم يُحصِّل ما معه بحوله وقوته؛ وإنما هو فضل من الله تعالى أودعه فيه فلا ينبغي أن يفتخر بما لم يصنعه، وطريقه في نفي الحسد أن يعلم أن حكمة الله تعالى اقتضت جعل هذه الفضيلة في هذا فلا يُعترض عليها، ولا يكره ما أراده الله تعالى ولم يكرهه، وطريقه في نفي الرياء أن يعلم أن بالرياء يُذهب ما معه في الآخرة، وتذهب بركته في الدنيا، ويستحق الذم، فلا يبقى معه في التحقيق شيء يُرائي به عافانا الله من سخطاته، ووفقنا لمرضاته.
·
·
الباب الخامس
في آداب حامل القُرآن
· قد تقدم جُملٌ منهُ في الباب الرابع، من آدابه أن يكون على أكمل الأحوال، وأكرم الشمائل، وأن يرفع نفسه عن كل ما نهى القُرآن عنه، وأن يكون متصوِّنَاً عن دنيء الاكتساب، شريف النَّفس، مُتَرَفِّعاً عن الجبَابِرة، والجُفاة من أهل الدنيا متواضعاً للصالحين، وأهل الخير والمساكين، وأن يكون مُتخشِّعَاً ذا سكينةٍ ووقار.
· فقد جاء عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: "ينبغي لحامل القُرآن أن يُعرف بليلهِ إذا النَّاس نائمون، وبنهاره إذا النَّاس مفطرون، وبحزنه إذا النَّاس يفرحون، وببكائهِ إذا النَّاس يضحكون، وبصمتهِ إذا النَّاس يخوضون، وبخشوعه إذا النَّاس يختالون ".
· وعن الحسن البصريُّ رحمه الله قال: إن من كَان قبلكم رأوا القُرآن رسائل من ربهم فكانوا يتدبرونها بالليل، وينفذونها بالنهار.
· وعن الفضيل بن عياض رحمه الله قال: "حامل القُرآن حامل راية الإسلام لا ينبغي أن يلهوا مع من يلهوا، ولا يسهو مع من يسهوا، ولا يلغوا مع من يلغوا تعظيماً لحق القرآن".
·
· فصل
· ومن أهم ما يُؤمرُ به أن يحذر كل الحذر من اتخاذ القرآن عيشة يكتسب بها، فقد جاء في النهي عن ذلك أشياء كثيرة مشهورة من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، وأقاويل الصحابة، والسَّلف، وأما أخذ الأجرة على تعليم القرآن فقد اختلف العلماء في جوازه، فجوزه عطاء، ومالك والشافعي، وآخرون إذا استأجره إجارة صحيحة. ومنعه الزُّهريّ، وأبو حنيفة، وآخرون.
· والأحاديث الصحيحة تقتضي الجواز.
· أمَّا الحديث الوارد بالمنع، فعنه جوابان أوضحتهما مع غيرهما.
·
· فصل
· وينبغي أن يُحافظ على تلاوته، ويُكثر منها، وقد كانت للسَّلف رضي الله عنهم عادات في قدر ما يختمون فيه، فمنهم من كان يختم في كل شهرين ختمة، ومنهم من كان يختم في كل شهرين ختمة، ومنهم من كان يختم في كل شهر، وكان بعضهم يختم في عشر ليالٍ، وبعضهم في ثمان ليالٍ، وبعضهم في سبعٍ، وبعضهم في ستٍ، وبعضهم في خمس، وبعضهم في أربع، وبعضهم كل ليلة، وختم بعضهم في كل يوم وليلة ختمتين، وبعضهم في كل يوم وليلة ثلاث ختمات، وأربع في النهار، وكان أكثرهم يختم في كل سبع ليال، وكثيرون في كل ثلاث، وقد بينت من كل فرقة من هؤلاء جماعة في "التبيان" وذكرت دلائلهم، والمختار أن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص، فمن كان يظهر له بدقيق الفكر لطائف ومعارف فليقتصر على قدر ما يُحصل له معه كمال فهم ما يقرأه، وكذا من كان مشغولاً بنشر العلم، والحُكم بين المسلمين أو غير ذلك من مهمات الدِّين والمصالح العامة؛
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/385)
فليقتصر على قدر لا يحصل بسببه إخلال بما هو مرصداً له، أو لا تفويت وإن لم يكن من هؤلاء المذكورين فليستكثر ما أمكنه من غير خروج إلى حد يحصل به الملل والهذرمة في القرآن.
· فصل
· وأمَّا وقت الختم فالأفضل أن يكون أول النَّهار أو الليل وقيل الأفضل أن يختتم ختمة أول النَّهار وأخرى أول الليل، وإنَّهُ إن كان أول النَّهار ختم في ركعتين الفجر أو بعدهما، وإن كان أول الليل ففي ركعتي سنة المغرب على من ختم أول النَّهار حتى يُمسي، وعلى من ختم أول الليل حتى يصبح
· فصل
· في المحافظة على قراءة القُرآن بالليل
· ينبغي أن يحافظ على قراءة القُرآن في الليل، ويكون إعتناؤه بها فيه أكثر وفي صلاة الليل أكثر؛ لأن الليل أجمع للقلب، وأبعد من الشاغلات والملهيات والتصرف في الحاجات وأصون من تطرق الرياء، وغيره من المحبطات مع ما جاء في الشرع من إيجاد الخيرات في الليل كل إسراء، وحديث النُّزول، وحديث: في الليل ساعة مستجاب فيها الدعاء كل ليلة
· وقد تظاهرة نصوص القُرآن والسُّنّة وإجماع الأمَّة على فضيلة القراءة والقيام بالليل، والحث عليه، وذلك يحصل بالكثير، والقليل، وما كثر أفضل إلا أن يستوعب الليل كله؛فإنه يُكره الدَّوام عليه، وكذا يُكره إن أضرَّ بنفسه ما دون الجميع
· وقد روى أبو داود في "سننه" أنَّ رسُول الله صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ قَامَ بِعَشْرِ آياتٍ لَمْ يُكْتَب مِنَ الغَافلِين، وَمَنْ قَامَ بِمائَةِ آيَة كُتِبَ مِنَ القَانِتِين، وَمَنْ قَامَ بَأَلْفِ آية كُتِبَ مِنَ المُقَنْطَرِين)
· فإن فاتتهُ وظيفته بالليل فليحرص على قِراءتها في أول النَّهار.
· ففي صحيح مسلم عن عُمر بن الخطَّاب رضي الله عنهُ قَال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ نَامَ عَنْ حِزبِهِ مِنَ اللَّيْلِ، أَوْ عَنْ شَيءٍ مِنهُ فَقَرَأَهُ بَيْنَ صَلاَةِ الفَجْر، وَصَلاَةِ الظُّهر، كُتِبَ كَأَنَّمَاَ قَرَأَ مِنَ اللَّيْلِ)
· فصل
· وليحذر كل الحذر من نسيانه، أو نسيان بعضه، ومن تعريضه للنسيان
· فقد روى أبو داود وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (عُرِضَتْ عَليَّ ذُنوبُ أُمَّتي فَلَمْ أَرى ذَنبَاً أَعْظَمَ مِنْ سُورةِ القُرْآن، أَوْ آية أُوتِيهَاَ رَجُلٌ، ثُمَّ نَسِيهَاَ).
· وأنَّهُ صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ قَرَأَ القُرْآنَ ثُمَّ نَسِيَهُ لَقِيَ الله تَعَالَى يَوْمَ القِياَمَ أَجْذَم). [إسنادهُ ضعيف]
·
الباب السادس
في آداب قراءة القرآن
· أول ذلك أنَّهُ يجب على القارئ الإخلاص كما قدمناه، ومراعاة الأدب مع القرآن، وينبغي أن يستحضر في ذهنه أنه يناجي الله عز وجل ويقرأ على حال من يرى الله تعالى.
·
· فصل
· ينبغي إذا أراد القراءة أن يُنظِّف فمه بالسّواك وغيره، ويختار في السِّواك الأراك، ويجوز بكل ما يُنظِّف كالخرقة الخشنة والآشنان، ولا يحصل بالأصابع الخشنة على الأصح، وقيل يحصل إن لم يجد غيرها، ويستاك عرضاً مبتدياً بالجانب الأيمن من فمه، وينوي الإتيان بالسُّنة، ويمر بالسواك على ظاهر الأسنان، وباطنها، ويمر على سقف حلقه إمراراً لطيفاً، ويستاك بعود متوسط بين اليابس والرطّب، ولا بأس باستعمال سواك غيره بإذنه!، فإن كان فمه نجساً فينبغي أن يغسله، فإن قرأ القُرآن قبل غسله فهو مكروه وفي تحريمه وجهان.
· فصل
· يُستحب أن يقرأ مُتطهراً، فإن قرأ مُحدِثاً جاز بإجماع المسلمين ولا له مكروه، ويقال تارك الأفضل، فإن لم يجد الماء تيمم، والمستحاضة في الزمن المحكوم بأنَّه طهر حكمها حكم المحدث، وأما الجنب والحائض فيحرم عليهما قراءة القرآن سواء كان آية أو أقل منها، ويجوز لهما إجراء القرآن على قلوبهما من غير لفظ، ويجوز لهما النظر في المصحف، وإمراره على القلب، وأجمع المسملون على جواز التسبيح، والتهليل، والتحميد والتكبير والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وغير ذلك من الأذكار للجنب والحائض
· قال أصحابنا يجوز أن يقول لغيره ((خُذِ الكِتابَ بِقٌوة)). وكذا ما أشبهه إذا لم يقصد القرآن، وكذا يقول عند ركوب الدَّابة: ((سُبْحان الَّذِي سَخّرَ لَنَاَ هَذَاَ وَمَاَ كُنَّاَ لَهُ مُقْرِنِين))، وعند الدُّعاء ((رَبَّنَاَ آتِنَاَ في الدُّنياَ حَسَنَةً وَفي الآخِرةِ حَسَنَةً وَقِنَاَ عَذَابَ النَّار)).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/386)
· ويجوز أن يقول "بسم الله، والحمدُ لله " إذا لم يقصد القراءة، فإن قصدها في شيء من هذا أثم، ويجوز للجُنب والحائضِ قراءة ما نُسخت تلاوته كالشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما
· فصل
· إذا لم يجد الجنب أو الحائض ماءً تيمم وتُباح له القراءة والصلاة وغيرها، فإن أحدث حُرمت عليه الصلاة ولم تُحرم القراءة، سواء تيمم في الحضر أو في السَّفر، وقيل إن تيمم في الحضر لم تحل له القراءة خارج الصلاة، والصواب من القراءة وجميع ما يحرم على الجنب حتى يغتسل.
· أما إذا لم يجد ماء ولا تراب فيُصلي وتُحرم عليه القراءة خارج الصلاة، ويحرم أن يقرأ في الصلاة ما زاد على الفاتحة، ويجب قراءة الفاتحة على المذهب الصحيح المختار، وقيل يحرم؛ بل يأتي بدلها بالأذكار، والصواب الأول.
· فصل
· يُستحب أن تكون القراءة في مكان نظيف، واستحب العلماء القراءة في المسجد لكونه جامعاً للنظافة وشرف البقعة ومحصلاً لفضيلة أخرى وهو الاعتكاف فإنه ينبغي لكل جالسٍ في المسجد أن ينوي الاعتكاف سواء قلَّ لبثه أو قلَّ، وينبغي أن ينويه أول دخوله. وأما القراءة في الحمام فليست مكروهة عند أصحابنا، وبه قال عطاء والنخعي ومالك، وذهب أبو حنيفة وطائفة من العلماء إلى كراهتها.
· وقال الشّعبي تُكره قراءة القُرآن في ثلاث مواضع: الحمام، وبيت الحش، وبيت الرحا وهي تدور.
· وأما القراءة في الطريق فالمختار أنها ليست مكروهة إذا لم يلته صاحبها، وروى نحو هذا عن أبي الدرداء، وعمر بن عبد العزيز وكرهها مالك.
· فصل
· يُستحب للقارئ في غير الصلاة أن يستقبل القبلة، ويجلس متخشعاً بسكينة ووقار مُطرقاً رأسه، ويكون جُلوسهُ وحده في تحسين أدبه كجلوسه بين يدي معلمه، فهذا هو الأكمل ولو قرأ قائماً أو مضطجعاً أو في فراشه أو على غير ذلك من الأحوال جاز، وله أجر ذلك دون الأول، ودلائل هذا كله في الكتاب والسُّنة مشهورة.
· فصل
· إذا أراد القراءة استعاذ فقال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، فإن قال أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم فلا بأس به، ولكن المختار الذي عليه الجمهور هو الأول.
· والتعوذ ليس بواجب؛ بل هو مستحب لكل قارئ سواء كان في الصلاة أو خارجها، ويُستحب في الصلاة في كل ركعة على الأصح، وقيل إنَّما يُستحب في الأول، فعلى هذا لمن تركه في الأولى أتى به في الثانية، ويُستحب التعوذ عقب التكبيرة الأولى من صلاة الجنازة على الأصح، ويُجهر بالتعوذ إذا قرأ خارج الصلاة!، وهل يجهر به في الصَّلاة التي يُجهر بها في القراءة فيه وجهان.
· فصل
· وينبغي أن يحافظ على قراءة بسم الله الرحمن الرحيم في أولى كل سورة، سوى براءة فإن أكثر العلماء قالوا أنها آية حيث كتبت، وقد كُتبت في المصحف في أوائل السور سواء براءة، فإن قرأها كان متقناً قراءة الختمة أو السورة التي قرأها، وإذا تركها كان تاركاً بعض القرآن عند الأكثرين، وإن كانت القراءة في وظيفة عليها جعل كالأسباع والأجزاء التي عليها أوقاف كان الاعتناء بالبسملة أشد ليستحق ما يأخذه يقيناً؛ فإنه إذا أخلَّ بها لم يستحق شيئاً من الوقف عند القائلين بأنَّها آية، وهم الأكثرون، وهذه دقيقة يتساهل فيها الناس فينبغي الاعتناء بها وإشاعتها.
· فصل
· فإذا شرع في القراءة فليكن شأنه الخشوع والتدبر والخضوع فهو المقصود والمطلوب، وبه تنشرح الصدور، وتستنير القلوب قال تعالى: ((كتابٌ أنزلناَهُ إليَكَ مُباركٌ لِيدَّبروا آياته .. )).
· وقال تعالى: ((أفلا يَتَدَبَّرون القُرآن)).
· والأحاديث والآثار في هذه كثيرة، وقد كان من السَّلف خلائق لا يُحصون يبيت أحدهم يردد الآية جميع الليل أو معظمه للتدبر، وقد صُعق جماعات من السَّلف عند قراءة القرآن، ومات جماعات منهم بسبب القراءة، وقد ذكرت في التبيان جُملة من أخبار هؤلاء رضي الله عنهم.
· وقد قال إبراهيم الخواص: دواء خمسة أشياء: قراءة القرآن بالتدبر، وخلاء البطن، وقيام الليل، والتضرع عند السَّحر، ومجالسة الصالحين.
· فصل
· اعلم أن البكاء عند قراءة القرآن مستحب وهو صفة العارفين، وشعار عباد الله الصالحين، قال الله تعالى: ((ويخرون للأذقانِ يَبْكُون ويزيدهم خُشوعاً))
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/387)
· والأحاديث والآثار فيه كثيرة أشرت إلى بعضها في "التبيان" وطريقه في تحصيل البكاء أن يتأمل ما يقرأه من التهديد والوعيد والوثائق والعهود، ثم يُفكر في تقصيره فيها، فإن لم يحضره حزن وبكاء، فليبك على فقد ذلك؛ فإنَّهُ من المصائب.
· فصل
· ينبغي أن يرتل قراءته، وقد اتفق العلماء على استحباب الترتيل، قال الله تعالى: ((ورَتّلِ القُرآنَ تَرْتِيلاً)).
· وثبت في الأحاديث الصحيحة أن قراءة النَّبي صلى الله عليه وسلمكانت مُرتلة مفسرة، وكذا قراءة السَّلف، وقد نهى عن الإفراط في الإسراع ويسمى الهذّ.
· قالوا وقراءة جزء بترتيل أفضل من جزأين في ذلك الزمن بغير ترتيل.
· قال العلماء: والترتيل مستحب للتدبر؛ ولكنه أقرب إلى الإجلال والتوقير، وأشد تأثيراً في القلب.
· ولهذا يُستحب الترتيل للعجمي الذي لا يفهم معناه.
· فصل
· ويُستحب إذا مر بآية رحمة أن يسأل الله تعالى من فضله، وإذا مر بآية عذاب أن يستعيذ من العذاب أو من الشر أو يقول: اللهم إني أسألك العافية، أو نحو ذلك، وإذا مر بآية تنزيه لله تعالى نزهه فقال: سبحانه وتعالى، أو تبارك وتعالى، أو جلَّت عظمة ربنا، وهذا مستحب لكل قارئ سواء كان في الصلاة أو خارجاً، وسواء فيه الإمام والمأموم والمنفرد، وقد ثبت ذلك في صحيح مسلم من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
· فصل
· لا تجوز قراءة القرآن بالعجمية سواء أحسن العربية أم لم يُحسنها، وسواء كان في الصلاة أو خارجاً عنها، فإن قرأ بها في الصلاة لم تصح صلاته، هذا مذهب مالك، والشافعي، وأحمد، وداود، وجوزها أبو حنيفة وجوزها صاحباه أبو يوسف، ومحمد لمن لم يحسن العربية.
· وتجوز القراءة بالقراءات السبع المشهورة المجمع عليها، ولا يجوز القراءة بغير السبع، ولا بالروايات الشاذة المنقولة عن القراء السبعة، فإن قرأ بالشاذ في الصلاة بطلت إن كان عالماً، فإن كان جاهلاً لم تبطل، ولم تحسب قراءته، وإذا ابتدأ القارئ القُرآن على قراءة أحد السبعة؛ فينبغي أن يدوم عليه ما دام الكلام مرتبطاً، فإذا انقضى ارتباطه فله أن يقرأ بقراءة آخر من السبعة، والأولى، دوامه على القراءة الأولى في هذا المجلس.
· فصل
· قال العلماء رحمهم الله الاختيار أن يقرأ على ترتيب المصحف، فيقرأ الفاتحة، ثم البقرة ثم آل عمران، ثم النساء إلى أن يختم بـ ((قُلْ أَعوذ بربِ النَّاس)) سواء قرأ في الصلاة أم خارجاً عنها، ويستحب أيضاً إذا قرأ سورة أن يقرأ بعدها السورة التي تليها، ولو قرأ في الركعة الأولى: ((قُلْ أَعوذ بربِ النَّاس)) يقرأ في الثانية من البقرة، ودليل هذا الفصل أن ترتيب المصحف لحكمة، فينبغي أن يحافظ عليها إلا فيما ورد الشرع باستثناء كصلاة الصبح يوم الجمعة يقرأ في الركعة الأولى ((ألم تَنزيل)) وفي الثانية ((هَلْ آتَى)) وصلاة العيدين قاف واقتربت وغير هذا مما سيأتي في الباب الثامن إن شاء الله تعالى.
· ولو خالف الترتيب فقرأ سورة ثم قرأ التي قبلها أو خالف المولاة فقرأ قبلها ما لا يليها جاز وكان تاركاً للأفضل، وأما قراءة السورة من آخرها إلى أولها فمتفقٌ على منعه وذمِّه؛ فإنه يُذهب بعض أنواع الإعجاز، ويزيل حِكمة الترتيب.
· وأمَّا تعلم الصِّبيان من آخر المصحف إلى أوله فحسنٌ ليسَ من هذا الباب لتفاصلها في أيام.
· فصل
· القراءة من المصحف أفضل من القراءة على ظهر القلب؛ لأنها تجمع القراءة والنظر في المصحف، وهو عبادة قاله أصحابنا، والسَّلف، ولم أر فيه خلافاً؛ ولعلهم أرادوا بذلك في حق من يستوي خشوعه، وحضوره في حالتي القراءة في المصحف، وعن ظهر القلب، أما من يزيد خشوعه وتدبره، وينجمع فكره بالقراءة عن ظهر القلب فهي أفضل في حقه.
· فصل
· في استحباب قراءة الجماعة مجتمعين، وفضل جامعهم لذلك، وحاضري مجلس القراءة من القارئين والسامعين
· اعلم أن قراءة المجتمعين مستحبة، وكذلك حضور حلقهم،
· وأما المتسبب في جمعهم لذلك فأجره عظيم، وفضله جسيم، وهو من الساعين في نصحة كتاب الله تعالى والقيام بحق من حقوقه، وكل هذا ثابت بالدلائل.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/388)
· عَنِ النَّبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قَالَ: (مَاَ اجْتَمَعَ قَومٌ في بَيْتٍ مِنْ بُيوتِ الله يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ تَعَالى وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُم إلاَّ نَزَلَت عَلَيْهِمُ السَّكِينَة وَغَشِيتُهمُ الرَّحمة، وَحَفّتهُمُ المَلاَئِكَة، وَذَكَرَهُمُ فِيمَنْ عِنْدَه).
· وقد ذكرت في "التبيان" جملة من الأحاديث والآثار في هذا الفصل ثم لهم في القراءة مجتمعين طريقان حسنان:
· إحداهما: أن يقرءوا كلهم دفعة واحدة.
· الثانية: أن يقرأ بعضهم جزء، أو غيره، ويسكت بعضهم مستمعين، ثم يقرأ الساكتون جزءاً ويستمع الأولون ويسمى هذا الإدارة.
· فصل
· في آداب القُراء مجتمعين
· الآداب التي يحتاجون إليها كثيرة لا يمكن حصرها في هذا الموضع، ولكن نشير إلى بعضها تبييناً على الباقي، فجميع آداب القارئ وحده آداب المجتمعين، ونزيد في آدابهم أشياء مما يتساهل فيه بعض الجاهلين، فمن ذلك أن يتغنَّى لهم أن يتجنبوا الضحك، واللغط، والحديث في حالة القراءة، إلا كلاماً يضطر إليه، ومن ذلك العبث باليد وغيرها، والنظر إلى ما يُلهي، أو يُبدد الذِّهن، وأقبح من هذا كُله النَّظر ما لا يجوز النَّظر إليه، كالأمرد وغيره، فإن النَّظر إلى الأمرد الحسن حرام سواء كان بشهوة أو بغيرها، وسواء أمن الفتنة أم لم يأمنها، هذا هو المذهب الصحيح المختار عند المحققين من العلماء، وقد نصَّ على تحريمه الإمام الشّافعيّ، ومن لا يُحصى من العلماء، قال تعالى: ((قُل للمؤمنين يَغضّوا من أبْصارهِم ويحفظوا فُروجَهُم))؛ لأنه في معنى المرأة؛ بل كثير منهم أحسن من كثير من النساء، ويَسهل من طُرق الشَّر في حقهم ما لايُتسهل في النساء فهم بالتحريم أولى، وأقاويل السلف في التنفير منهم أكثر من أن تُحصى.
· واعلم أنه يجب على كل حاضر مجلس القراءة أن ينكر ما يراه من هذه المنكرات وغيرها فينكر بيده؛ فإن لم يستطع فبلسانه؛ فإن لم يستطع فلينكره بقلبه.
· فصل
· في رفع الصوت بالقراءة
· هذا فصلٌ مهم ينبغي الاعتناء به. اعلم أنَّهُ جاءت أحاديث كثيرة في الصَّحيحين وغيرهما دالة على استحباب الصوت بالقراءة، وجاءت أحاديث دالةٌ على الآثار دالة على استحباب الإخفاء وخفض الصوت وكان في السلف رضي الله عنهم من يختار الإخفاء وفيهم من يختار الجهر.
· قال العلماء وطريق الجمع بين الآثار المختلفة في هذا الفصل أن الإسرار أبعد من الرياء، فهو أفضل في حق من يخاف الرياء، فإن لم يخفه فالجهر، ورفع الصوت أفضل؛ لأن العمل فيه أكثر ولأن فائدته تتعدى إلى غيره، والنفع المتعدي أفضل من اللازم ولأنه يوقظ قلب القارئ، ويجمع همَّه إلى الفكر فيه ويصون سمعه إليه ويطرد النوم ويزيد في النشاط، ويوقظ غيره من نائمٍ، أو غافلٍ وينشطه قالوا فمهما حضره شيء من هذه النِّيات فالجهر أفضل، فإن جمُعت كلها تضاعف الأجر، هذا إذا لم يخف رياءً ولا إعجاباً، ولا غيرهما من القبائح، ولم يؤذ جماعة يلبس صلاتهم، وتخليطها عليهم؛ فإن كانت القراءة من جماعة مجتمعين تأكد استحباب الجهر وقد ذكرت في "التبيان" جُملة من الأحاديث والآثار الواردة في هذا الباب.
· فصل
· في تحسين الصوت بالقراءة
· أجمع العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم على استحباب تحسين الصوت بالقراءة وأقوالهم، وأفعالهم في هذا مشهورة، والأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مستفيضة عند الخاصة والعامة.
· قال العلماء: يُستحب تحسين القراءة وتزينها بما لم يخرج عن حد القراءة بالتمطيط؛ فإن أفرط حتى زاد حرفاً، أو إخفائه أو مد ما لا يجوز مده فحرام على فاعله، وسامعه إن تمكَّن من إنكاره، ولم ينكره لأنه عدل به، نهجه القويم إلى الاعوجاج والله تعالى يقول: ((قُرآناً عربياً غير ذي عِوج)).
· من هذا النوع ما يقرأه بعض الجهلة على الجنائز وفي مجال الوعاظ وغيرها، وهي بدعة محرمة ظاهرة، نسأل الله الكريم تعجيل زوالها بخير للمسلمين.
· قال الشّافعي وغيره: أفضل القراءة ما كان حدراً وتحزيناً، فالحدر درج القراءة والتحزين القراءة بالترقيق.
· وقرأ أبو هريرة رضي الله عنه تحزيناً شبه لرثاء.
· وإذا لم يكن القارئ حسن الصوت حسنه ما استطاع.
· فصل
· في استحباب القراءة من حسن الصوت
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/389)
· اعلم أن جماعات من السلف رضي الله عنهم كانوا يطلبون من القارئ الحسن الصوت أن يقرأ عليهم وهم يستمعون، وهذا متفق على استحبابه، وهو عادة الأخيار والمتعبدين، وعباد الله الصالحين، وهو سُنَّة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
· ففي الصَّحِيحين أنَّهُ صلى الله عليه وسلم قال لعبد الله بن مسعود: (اقْرأ عَليَّ القُرْآن، فَإِنِّي أُحبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي) فقرأ عليْهِ من سُورة النِّساء حتّى بلغ قوله: ((فَكَيفَ إِذاَ جِئنَاَ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَاَ بِكَ عَلى هَؤلاء شَهِيدا))، قال: (حَسْبُكَ الآن). فالتفتُ إليه فَإِذَاَ عَيْنَاهُ تَذْرِفَان. رواه البخاريُّ ومسلم.
· والآثار في هذا كثيرة ومشهورة. وقد مات جماعة من الصَّالحين بسبب قراءة من سألوه القراءة، واستحب العلماء افتتاح مجلس حديث النبي وختمه بقراءة قارئ حسن الصوت، ما تيسر من القُرآن، وينبغي أن يكون القارئ في هذه المواطن ما يتعلق بالمجلس، ويناسب الحال، وأن يكون قراءته في آيات المواعظ والزُهد، والترغيب والترهيب وقصر الأمل ومكارم الأخلاق.
· فصل
· >
· ينبغي للقارئ إذا ابتدأ من وسط السورة أو وقف على غير آخرها أن يبتدئ من الكلام المرتبط بعضه ببعض، وأن يقف على انتهاء المرتبط، ولا يتقيد بالأعشار، والأجزاء فإنها قد تكون في وسط الكلام المرتبط الجزء في قوله تعالى: ((والمُحصنَاتُ مِنَ النِّساء)) وفي قوله تعالى: ((وَمَاَ أُبَرِئُ نَفسي)) وفي قوله تعالى: ((إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلمُ السّاعة)) وفي قوله تعالى: ((فَمَاَ خَطْبُكُم أَيُّهَاَ المُرْسَلُون)).
· وما أشبهه ينبغي ألاَّ يُوقف عليه ولا يُبتدأ به، ولا يُغترَ بكثرةِ الفاعِلين له، ولهذا قال العلماء: قراءة سورة قصيرة أفضل من قراءة بعض سورة بقدر القصيرة فإنه قد يخفى الارتباط، وكان السَّلف رضي الله عنهم يكرهون قراءة بعض الآية والله أعلم.
· فصل
· في أحوال تُكره فيها القراءة
· اعلم أن القراءة محبوبة على الإطلاق إلا في أحوال مخصوصة جاء الشرع ببيانها وأنا أُشير إلى ما حضرني الآن منها فتكره في حالة الركوع والسجود والتشهد وغيرها من أحوال الصلاة، سواء القيام، وتُكره في حال القعود في الخلاء، وفي حالة النعاس وإذا استعجم عليه القرآن، وفي حالة الخطبة لمن سمعها ولا يُكره لمن لم يسمعها بل تستحب له على المذهب الصحيح المختار، ويُكره للمأموم قراءة ما زاد على الفاتحة في الصلاة الجهرية إذا سمع قراءة الإمام، ويستحبُ له إذا لم يمسمعها، ولا يُكره في حال الطواف.
· وقد تقدم بيان القراءة في الحمام، والطريق، وقراءة من فمه نجس.
· فصل
· ومن البدع المنكرة ما يفعله جهلة المصلين بالنَّاس بالتراويح من قراءة سورة الأنعام بكمالها في الركعة الأخيرة في الليلة الرابعة معتقدين استحبابها، فيجمعون بهذا أنواع منكرة بينتها في "التبيان" ومن البدع المشابهة لهذه قراءة يعض جهلتهم في الصبح يوم الجمعة سجدة غير سجدة
· ((ألم)) قاصداً ذلك، وإنَّما السُّنة قراءة سجدة ((ألم تَنْزِيل)) بكمالها في الركعة الأولى، و ((هل أتى)) في الثانية.
· فصل
· في آداب تدعوا الحاجة إليها
· منها أنَّه إذا كان يقرأ فعرضت له ريح فينبغي أن يُمسك عند القراءة حتى يتكامل خروجها، ثم يعود إلى القراءة.
· ومنها أنه إذا تثاءب أمسك عن القراءة حتى ينقضي التثاؤب ثم يقرأ.
· ومنها أنَّه إذا قرأ قوله تعالى: ((وقالت اليهود عُزَيرٌ ابْنُ الله. وقالَت النَّصارَى المَسِيحُ ابْنُ الله))، ((وَقالت اليَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولة))، ((وَقَالوا اتخذَ الرحمنُ وَلَداً)) ونحو هذا من الآيات يستحب له أن يخفض بها صوته كذا كان إبراهيم النخعي يفعل.
· ومنها إذا قرأ قوله تعالى: ((إنَّ الله ومَلاَئِكَتِهِ يُصلونَ عَلى النَّبي)) صلى الله عليه وسلم ـ الآية، يستحب له أن يقول: صلى الله عليه وسلم تسليماً.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/390)
· ومنها إذا قرأ أليسَ الله بَأحكمِ الحَاكِمين)) ((أَليسَ ذَلِكَ بقَادرٍ عَلى أنْ يُحيي الموْتَى)) يُستحب أن يقول: بلى وأنا على ذلك من الشاهدين، وإذا قرأ: ((فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُون)) قال: آمنت بالله. وإذا قرأ ((سَبِّحِ اسم رَبِّكَ الأعلى)) وإذا قرأ: ((وَقُلِ الحَمدُ لله الَّذيِ لَمْ يَتَّخِذ وَلَدَاً)) وهذا كله مستحب أن يقوله القاري في الصلاة وغيرها.
· فصل
· اختلفوا في كراهة قراءة القرآن يراد بها الكلام، وأما إذا استأذن المصلي على إنسان فقال المصلي ((أُدْخُلوها سَلاَم آمنين)) فقال أصحابنا إن أراد التلاوة الأذن لم تبطل صلاته وإن أراد الأذن أو لم تحضره نية بطلت صلاته.
· فصل
· إذا كان يقرأ ماشياً على قوم سلم عليهم ثم رجع إلى القراءة، ولو أعاد التعوذ كان حسناً، ولو قرأ جالساً فمر عليه غيره فالأظهر أنه يستحب له أن يسلم عليه، ويجب على القارئ الرد باللفظ. وقال الإمام الواحدي من أصحابنا: الأولى ترك السلام، وقال: فإن سلم عليه رد بالإشارة، أما إذا عطس حال القراءة يستحب أن يقول الحمد لله، وكذا لو كان في الصلاة قال: الحمدلله.
· يستحب للقارئ أن يقول: يرحمك الله، ولو سمع المؤذن أو المقيم قطع القراءة وتابعه، ولو طلبت منه حاجة وأمكن الجواب بالإشارة لفهمه وعلم أنه لا يشق ذلك على السائل استُحبَّ أن نجيبه بالإشارة، ولا يقطع القراءة فإن قطعها جاز، وإذا ورد عليه من له فضيلة بعلم أو صلاح أو شرف أو سن أو ولادة، أو ولاية فلا بأس بالقيام له للاحترام والإعظام.
· فصل
· لا بأس بالجمع بين سور في ركعة واحدة ويستحب للإمام في الصلاة الجهرية أن يسكت في القيام أربع سكتات:
· أحدها: بعد تكبيرة الإحرام بقراءة وعام التوجه، وليحرم المأمومون.
· والثانية: سكتة لطيفة جداً بين آخر الفاتحة وآمين لئلا يُتوهم أن آمين من القُرآن.
· والثالثة: بعد آمين سكته طويلة بحيث يقرأ المأمومون الفاتحة.
· والرابعة: بعد الفراغ من السورة يفصل بها بين القراءة وتكبيرة الركوع.
· فصل
· لكل قارئ في الصلاة أو غيرها أن يقول عقب الفاتحة آمين وفيها لغات أربع:
· المد والقصر مع التخفيف فيهما.
· والثالثة: المد مع الإمالة حكاها الواحدي عن حمزة والكسائي.
· والرابعة: المد مع تشديد الميم حكاها الواحدي عن الحسن البصري، والحسين بن الفضل، وأنكر الجمهور التشديد ثم أن النون في آخرها ساكنة فإن وصلت بمن بعدها فتحت. مثل أين وكيف وفي معناها قريباً من خمسة عشر قولاً، أشهرها وأظهرها معناه.
· اللَّهُمَّ استجب ويستحب التأمين في الصلاة للإمام والمأموم، والمنفرد، ويجهر المأموم، ويستحب أن يكون تأمين المأموم مع تأمين الإمام لا قبله ولا بعده.
· فصل
· في سجود التلاوة
· وهو مما يتأكد الاعتناء به. فقد أجمع العلماء على الأمر به وإنما اختلفوا في أنَّه إيجاب أم استحباب.
· فقال أبو حنيفة هو واجب.
· وقال عمر الخطاب وابن عبَّاس، وسلمان الفارسي، وعمران بن الحصين، والأوزاعي، ومالك، والشافعي وأحمد، وإسحق، وأبو ثور، وداود وغيرهم. وهو سنة ليس بواجب.
· فصل
· وسجدات التلاوة أربعة عشر في "الأعراف"،"والرعد"،"والنحل"، "وسبحان"، "ومربم"، "والحج سجدتان"، "والنجم"، و ((إذا السماء انشقت))، "واقرأ".
· فهذه عزائم السجود، وأما سجدة "ص" فسجدة شكر ليست من عزائم السجود أي متأكداته.
· ومحل هذه السجاد معروف، ولا خلاف في شيء منها إلا في التي في {حم} فإن مذهب أبي حنيفة والشافعي، وأحمد، وجماعات من السلف أنها عقيب قوله ((وهم لا يسأمون)).
· ومذهب مالك وجماعات من السلف منهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنها عقيب قوله تعالى: ((إن كُنتم إياه تعبدون)).
· وهو وجه لبعض أصحاب الشَّافعيّ والصحيح الأول، وهو أحوط.
· وأما سجدة "النمل" فالصواب المشهور المعروف أنها عقيب قوله ((رب العرش العظيم)).
· وقال العبدرى من أصحابنا هي عقيب قوله تعالى ((ويعلم ما يخفون وما يعلنون)) وأدعى أن هذا يعلم مذهبنا، ومذهب أكثر الفقهاء، وليس كما قال والصواب ما قدمناه.
· فصل
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/391)
· إذا قرأ سجدة ((ص)) خارج الصلاة استحب له السجود، وإن قرأها في صلاة ام يسجد فإن خالف فسجد وهو جاهل أو ناس لم تبطل صلاته، ولكنه يسجد للسهو، وإن كان عالماً بطلت صلاته على الصحيح من الوجهين ول اتبطل فى الوجه الثاني. ولو سجد أمامه فى ((ص)) لكونه "يعتقدها" من العزايم والمأموم لا يعتقدها فلا يتابعه بل يفارقه أو ينتظره قائما.
· فصل
· حكم سجود التلاوة وحكم صلاة النفل فيشترط فيها الطهارة عن الحدث والنجس واستقبال القبلة وستر العورة.
· فصل
· مسائل مختلفة من سجود التلاوة
· أحدها: لا يقوم الركوع مقام سجود التلاوة في حال الاختيار عند الشافعي والجماهير. وقال أبو حنيفة يقوم.
· الثانية: إذا قرأ السجدة على دابته في السفر سجد بالإيماء لو كان في الحضر لم يجز الإيماء.
· الثالثة: لو قرأ السجدة بالفارسية لم يسجد، وقال أبو حنيفة يسجد.
· الرابعة: لا يُكره سجود التلاوة في الأوقات التي نهى عن صلاة النافلة فيها.
· الخامسة: إذا سجد المستمع مع القارئ لا يرتبط به ولا ينوي الاقتداء به، بل له الرفع قبله.
· السادسة: لا تُكره عندنا السجدة للإمام في الصلاة الجهرية، ولا في السرية.
· وقال مالك: يُكره. وقال أبو حنيفة تُكره في السرية.
· السابعة: إذا قرأ آية السجدة في الصلاة قبل الفاتحة سجد بخلاف ما لو قرأها بالركوع أو السجود، فإنه لا يجوز أن يسجد لأن القيام محل القراءة، ولو قرأ السجدة فهوى ليسجد ثم شك هل قرأ الفاتحة فإنه يسجد للتلاوة ثم يعود إلى القيام فيقرأ الفاتحة.
· الثامنة: اختلفوا في اختصار السجود وهو أن يقرأ آية أو آيتين ثم يسجد.
· حكى ابن المنذر عن الشعبي والحسن البصري، ومحمد بن سيرين، والنخعي، وأحمد بن حنبل، وإسحق أنهم كرهوا ذلك، وعن أبي حنيفة، ومحمد، وأبي ثور أنه لا بأس به وهو مقتضى مذهبنا.
· فصل
· فيمن يُسنُّ له سجود التلاوة
· اعلم أنه يُسنُّ للقارئ المتطهر بالماء أو التراب حيث يجوز سواء كان في الصلاة أو خارجها، ويسن للمستمع، ويُسن أيضاً للسامع غير المستمع، وسواء كان القارئ في الصلاة أو خارجاً، وسواء سجد أم لم يسجد يسن لمستمعه وسامعه السجود. وقيل لا يسجد السامع أصلاً.
· وقيل لا يسجد السامع ولا المستمع إلا أن يسجد القارئ وقيل لا يسجدان لقراءة من في الصلاة.
· والصواب ما قدمناه، سواء كان الرجل مسلماً بالغاً متطهراً رجلاً أو كافراً أو صبياً أو محدثاً أو امرأة، وقيل لا يسجد لقراءة هؤلاء، وبهذا قال بعض أصحابنا في غير المرأة، والصواب الأول.
· في وقت سجود التلاوة.
· فصل
· في وقت سجود التلاوة
· قال العلماء ينبغي أن يقع عقيب قراءة السجدة التي قرأها أو سمعها، فإن آخر ولم يطل الفصل سجد وإن طال فات السجود، والمشهور أنه لا يقضي كما لا يقضى صلاة الكسوف.
· وقيل يقضي كما يقضي سنن الصلوات على الأصح.
· ولو كان حال القراءة محدثاً ثم تطهر على القرب سجد وإن طال الفصل لم يسجد على الصحيح المشهور، وقيل يسجد، ولا اعتبار في طول الفصل بالمعروف على المختار.
· فصل
· وإذا قرأ سجدات سجد لكل واحدة بلا خلاف فإن كرر آية السجدة الواحدة في مجلس سجد لكل مرة بلا خلاف، وإن كررها في مجلس واحد مراراً نظر إن لم يسجد عن المرة الآخيرة كفاه عن الجميع سجدة، وإن سجد للأولى فهل يسجد للثانية وما بعدها فيه ثلاثة أوجه: الأصح أن يسجد لكل مرة.
· الثاني: لا يسجد لما عدا الأولى.
· والثالث: إن طال الفصل وإلا فلا، لو كرر السجدة الواحدة في الصلاة إن كان في ركعات فهي كالمجالس يسجد لكل مرة بلا خلاف، وإن كان في ركعة كالمجلس الواحد ففيه الأوجه الثلاثة.
· فصل
· إذا كان مصلياً منفرداً سجد لقراءة نفسه فلو ترك سجود التلاوة وركع ثم أراد أن يسجد للتلاوة لم يجز، فإن فعل مع العلم بالتحريم بطلت صلاته، وإن كان قد هوى إلى الركوع ولم يصل إلى حد الراكعين جاز أن يسجد للتلاوة، ولو هوى لسجود التلاوة ثم بدا له، ورجع إلى القيام جاز، ولو أصغى المنفرد لقراءة غيره لم يجز أن يسجد، فإن فعل مع العلم بطلت صلاته.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/392)
· أما المصلي في جماعة فإن كان إماماً فهو منفرد، وإذا سجد الإمام لقراءة نفسه وجب على المأموم أن يسجد معه، فإن تخلف بطلت صلاته، لكن يستحب إذا فرغ من الصلاة ولا يتأكد، ولو سجد الإمام ولم يعلم المأموم رأسه من السجود فهو معذور في تخلفه، ولا يجوز أن يسجد ولو علم الإمام بعد السجود، فلو هوى يسجد فرفع الإمام وهو في الهوي رفعه معه، ولم يجز أن يسجد وكذا الضعيف الذي هو مع الإمام فرفع الإمام قبل بلوغ الضعيف السجود يرجع مع الإمام، ولا يجوز له السجود، وأما المأموم فلا يجوز أن يسجد لقراءة نفسه، ولا غير إمامه، فإن سجد بطلت صلاته، ويكره له قراءة السجدة والإصغاء إلى غير إمامه.
· فصل
· في صفة سجود التلاوة
· هذا الفصل أحكامه كثيرة جداً ولكني أرمز إلى أصولها وأُبالغ في اختصارها مع إيضاحها.
· اعلم أن الساجد للتلاوة له حالان:
· أحدهما: أن يكون خارج الصلاة.
· الثاني: أن يكون فيها.
· أما الأول: فإذا أراد السجود نوى سجود التلاوة وكبر للإحرام، ورفع يديه حذو منكبيه كما يفعل في تكبيرة الإحرام في الصلاة ثم يكبر أخرى للهوي إلى السجود ولا يرفع فيها اليد وهذه التكبيرة الثانية مستحبة ليست بشرط.
· أما الأولى ففيها ثلاثة أوجه:
· الصحيح وقول جمهور أصحابنا أنها ركن لا يصح السجود إلا بها.
· الثاني: أنها مستحبة ويصح السجود بدونها.
· الثالث: ليست مستحبة ثم إن المريد للسجود قائماً كبر للإحرام في قيامه، ثم كبر للسجود في انحطاطه إلى السجود، وإن كان قاعداً فهل يستحب له القيام، يسجد من قيام فيه وجهان:
· أحدهما: يستحب وبه قطع جماعات من أئمة أصحابنا منهم الشيخ أبو محمد الجُوَيني، والقاضي حسين وصاحباه، صاحب التهذيب، والتتمة، والإمام المحقق أبو القاسم الرَّافعيّ.
· والوجه الثاني: لا يستحب وهذا اختيار إمام الحرمين وهو ظاهر إطلاق الأكثرين، ولم يثبت في القيام هنا شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عمن يُقتدى به، والله أعلم.
· ثم إذا سجد ينبغي أن يراعي أدب السجود في الهيئة والتسبيح.
· أما الهيئة فيضع يديه حذو منكبيه على الأرض ويضم أصابعها وينشرها جهة القبلة ويخرجها من كميه ويباشر بها وبجبهته موضع السجود، ويجافي مرفقيه عن جنبيه ويرفع بطنه عن فخذيه إن كان رجلاً، وإن كانت امرأة أو خشي لم يجاف، ويرفع الساجد أسافله على رأسه ويمكن جبهته وأنفه من موضع السجود، ويطمئن.
· وأما التسبيح فأي شيء يسبح به حصل أصل التسبيح، ولو ترك التسبيح صح السجود ولكن يفوته الكمال.
· قال العلماء: ويسبح تسبيحات السجود في الصلاة وبغيرها فيقول ثلاث مرات: سبحان ربي الأعلى، ثم يقول: اللهم لك سجدت ولك أسلمت وبك آمنت سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره بحوله وقوته تبارك الله أحسن الخالقين.
· ويقول: سُبّوُحٌ قدوسٌ ربِّ الملائكة والروح.
· ويقول: اللهم اكتب لي بها عند أجراً واجعلها لي عندك زُخراً، وضع عني بها وزراً واقبلها مني كما قبلتها من عبدك داود صلى الله عليه وسلم.
· ويقول: ((سُبْحانَ رَبِّنَاَ إنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَاَ لَمفعُولاً)) فيُستحب أن يُجمع بين هذه الأذكار كلها ويدعوا معها بما شاء من أمور الآخرة والدنيا، ثم إذا فرغ من التسبيح رفع رأسه مكبراً، وهل يفتقر إلى السلام؟ فيه قولان للشافعيّ: أصحهما عند جماهير أصحابه أن يفتقر.
· والثاني: لا يفتقر فعلى الأول هل يفتقر إلى التشهد فيه وجهان:
· ــ الصحيح أنه لا يفتقر هذا كله في السجود خارج الصلاة.
· ــ الحال الثاني: السجود في الصلاة فلا يكبر للإحرام، ويستحب أن يكبر للسجود، ولا يرفع يديه، ويكبر للرفع من السجود، هذا هو الصحيح المشهور، وقيل لا يكبر للسجود، ولا للرفع.
· وأما آداب السجود من الهيئة والتسبيح فكما تقدم إى أنه إذا كان إماماً فلا يطول إلا برضى المأمومين، ثم إذا رفع من السجود قام ولا يجلس للاستراحة بلا خلاف، ثم رفع رأسه من سجود التلاوة فلا بد من الانتصاب قائماً، والمستحب إذا انتصب أن يقرأ شيئاً ثم يركع فإن انتصب فركع من غير قراءة جاز.
· فصل
· في الأوقات المختارة للقراءة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/393)
· أفضلها ما كان في الصلاة، ومذهب الشافعيُّ وغيره. أن تطويل القيام في الصلاة من تطويل السجود، وأفضل الأوقات الليل والنصف الأخير، وأفضل القراءة بين المغرب والعشاء محبوبة، وأما قراءة النهار فأفضلها بعد الصبح، ولا كراهة في شيء منها.
· ونقل عن بعض السَّلف كراهة القراءة بعد العصر وليس هذا بشيء ولا أصل له.
· ويختار من الأيام الجمعة والاثنين والخميس ويوم عرفة، ومن الأعشار العشر الأخير من رمضان، والأول من ذي الحجة ومن الشهور رمضان.
· فصل
· وإذا وقف القارئ فلم يدري ما بعد الموضع الذي انتهى إليه وأراد أن يسأل عنه غيره فيستحب أن يتأدب بما قاله عبد الله بن مسعود وغيره من السلف وهو يقول: طيف يقرأ كذا وكذا بل يقرأ قبل مقصوده ثم يقول: أي شيء بعد هذا، وإذا أراد أن يستدل بآية فله أن يقول: قال الله تعالى، وله أن يقول: الله تعالى يقول كذا ولا كراهة في شيء من هذا.
· هذا هو الصواب الذي عليه عمل السلف والخلف، وجاءت به الآثار، وروى عن مطرف كراهة الثاني وليس بشيء.
· فصل
· في آداب الختم
· قد تقدم أنه يستحب أن يكون الختم أول النهار أو أول الليل وأنه يستحب أن يكون ختمه أول النهار، وأخرى آخره وأنه إذا كان يقرأ وحده يستحب أن يختم في الصلاة، واستحب السلف صيام الختم، فقد كان السلف من الصحابة وغيرهم يوصون عليه ويقولون يستجاب الدعاء عند الختم ويقولون تنزل الرحمة عند الختم، وكان أنس رضي الله عنه إذا أراد الختم استحباباً متأكداً، فقد جاءت فيه أثار، وينبغي أن يُلح في الدعاء، وأن يدعوا بالأمور المهمة، وأن يكثر من ذلك في صلاح المسلمين وصلاح سلطانهم وسائر ولاتهم ويختار الدعوات الجامعة ويكون فيها من دعوات الرسول صلى الله عليه وسلم.
· وقد جمعت دعوات مختصرة جامعة في "التبيان"، ويستحب إذا ختم أن يشرع في ختمة أخرى عقيب الختم، فقد استحبه السلف لحديث ورد فيه والله أعلم. [الحديث المذكور ضعيف جداً]
·
الباب السابع
في أداب الناس كُلهم مع القرآن
· 23 - ثبت في صحيح مسلم عن تميم الداري رضي الله عنه أن النبي قال صلى الله عليه وسلم: (الدِّينُ النَّصِيحة، قُلنا: لمن؟ قال لله وَلِكِتَابهِ وَلرسُوله، ولأئمَّةِ المُسْلمِينَ وَعَامَّتِهمْ).
· قال العلماء: النَّصيحة لكتاب الله تعالى هي الإيمان بأنه كلام الله تعالى وتنزيهه لا يشبهه شيء من كلام الخلق، ولا يقدر الخلق على مثله، وتعظيمه وتلاوته حق تلاوته وتحسينها والخشوع عندها، وإقامة حروفه بالتلاوة والذب عنه لتأويل المحرِّفين وتعرّض الملحدين والتصديق بما فيه والوقوف مع أحكامه وتفهم علومه، وأمثاله، واعتبار بمواعظه، والتفكر في عجائبه والعمل بمحكمه، والتسليم لمتشابهه، والبحث عن عمومه وخصوصه، وناسخه ومنسوخه، ونشر علومه والدعاء إليه، وإلى جميع ما ذكرنا من نصيحة.
· فصل
· أجمع المسلمون على وجوب تعظيم القرآن على الإطلاق، وتنزيهه وصيانته، وأجمعوا على أن من جحد حرفاً مجمعاً عليه أو زاد حرفاً لم يقرأ به أحد وهو عالم بذلك فهو كافر، واجمعوا على أن من استخف بالقرآن أو شيء منه أو بالمصحف، أو ألقاه في القاذورة أو كذب بشيء مما جاء به من حكم أو خبر، أو نفى ما أثبته أو أثبت ما نفاه وهو عالم أو شك في شيء من ذلك فهو كافر، وكذلك إن جحد شيئاً من كتب الله تعالى كالتوراة والإنجيل وأنكر أصله فهو كافر.
· فصل
· ويحرم تفسيره بغير علم والكلام في معناه لمن ليس من أهله، وهذا مجمع عليه، وإما تفسيره بغير علم، وللعلماء جائز حسن بالإجماع، ويحرم المراء فيه والجدال بغير حق، ومن ذلك أن يظهر له دلالة هي للآية على شيء يخالف مذهبه فيصير إلى خلاف ظاهرها إتباعا لهواه ومذهبه، ويناظر عليه وأما من لا يظهر له ذلك فمعذور.
· فصل
· يُكره أن يقول نسيت آية كذا؛ بل يقول أُنسيتها أو أسقطتها، ويجوز أن يقول: هذه سورة البقرة، وسورة آل عمران، وسورة النِّساء، وكذا الباقي، ولا كراهة في شيء من هذا، والأحاديث الصحيحة في هذا كثيرة جداً، وكان بعض السلف يكره هذا ويقولون إنما يُقال السورة التي فيها البقرة، وكذا ما أشبهها، والصواب أنه لا يُكره، ولا يُكره أن يُقال قراءة حمزة.
· وأبي عمرو وقرأه حمزة وغيرهما وكره ذلك بعض السلف والصواب الأول، وعليه عمل السلف والخلف.
· فصل
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/394)
· لا يُكره النفث مع القراءة للرقية وهو نفخ لطيف بلا ريق.
· وقال جماعة من السلف يُكره وهو مذهب أبي جحيفة الصحابي، والحسن البصري، والنخعي رضي الله عنهم.
· والمختار الأول فقد ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك.
· ويُكره نقش الحيطان والثياب بكتب القرآن في قبلة المسجد، ولو كتب القرآن على حلواء أو طعام فلا بأس بأكلها، ولو كان على خشبة كره إحراقها، ولو كتبه في إناء ثم غسله وسقاه المريض.
· فقال الحسن ومجاهد وأبو قلابة والأوزاعي: لا بأس به وكرهه النخعي.
· أما الحروز المكتوبة من القرآن وغيره إذا جعلت في قصبة حديد أو جلد أو نحو ذلك فلا يحرم كتابتها وفي كراهتها خلاف.
· فصل
· لا يمنع الكافر من سماع القرآن، ويمنع من مس المصحف.
· وهل يمنع من تعلم القرآن فيه وجهان:
· لا يجوز تعليمه القرآن إن كان لا يرجى إسلامه وإن رجى فوجهان: أصحهما جوازه.
الباب الثامن في الآيات والسُور المستحبة في أوقات وأحوال مخصوصة
· اعلم أن هذا الباب واسع جداً لا يمكن حصره لكثرة ما جاء فيه، ولكني أشير إلى كثير منه بعبارات وجيزة فمن ذلك السُّنة كثيرة الاعتناء بتلاوة القرآن في شهر رمضان، وفي العشر الأخير آكد وفي أوتاره، وفي عشر ذي الحجة ويوم عرفة ويوم الجمعة وفي الليل، وبعد الصبح، ويحافظ على يس، والواقعة، وتبارك. الملك، و ((قُلْ هُوَ اللهُ أحَدْ))، و المعوذتين، وآية الكرسي، ويقرأ الكهف يوم الجمعة وليلتها، وقيل يقرأ يوم الجمعة أيضاً سورة آل عمران، و هود ويقرأ بعد الفاتحة في ركعتي الفجر سنة الصبح في الأولى بـ سَبِّح، وفي الثانية: ((قُل يَاأيُّها الكافرون))، وفي الثالثة: ((قُلْ هُوَ اللهُ أحَدْ))، و والمعوذتين، ويقرأ في صلاة الجمعة سورة {الجمعة} وفي الثانية {المنافقين} وفي العيد (ق) و اقتربت وإن شاء قرأ في الجمعة والعيد بـ سبِّح، و ((هَلْ أتَاكَ حَدِيث الغَاشِية)) فجلاهما صحيح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
· فصل
· ويُستحب الإكثار من آية الكرسي في كل موطن، ويقرأها كل ليلة إذا أوى إلى فراشه، ويقرأ المعوذتين عقيب كل صلاة، ويقرأ عند النوم آية الكرسي مع آخر البقرة ((أمنَ الرسولُ)) إلى آخرها و ((قلْ هُوَ اللهُ أحد))، و المعوذتين وإن أمكنه قراءة بني إسرائيل و الزمر فليفعل. فقد صحَّ أنَّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم كان لا ينام حتى يقرأها.
· والسُّنّة إذا استيقظ من النوم أن يقرأ آخر آل عمران ((إِنَّ في خَلْقِ السَّمَواتِ .. )) إلى آخر آل عمران، ويقرأ عند المريض الفاتحة، و ((قُلْ هُوَ الله أحَد))، و المعوذتين مع النّفث في اليدين ومسحهما.
· فقد ثبت ذلك في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقرأ عند المبيت يس.
· وجاء عن الشعبي أن الأنصار كانوا يقرأون عند المبيت سورة البقرة.
الباب التاسعفى كتابة القرءان وإكرام المصحف
· هذا الباب منتشر جداً وقد ذكرت في التبيان مقاصده، وأنا أختصرها هاهنا بأوجز العبارات الواضحات.
· أجمع العلماء على صيانة المصحف واحترامه، وأنه لو ألقاه في القاذروة والعياذ بالله كفر ويحرم توسده، بل توسد جميع كثيرة كتب العلم، ويستحب أن يقوم للمصحف إذا قُدِّم به عليه.
· واتفق العلماء على استحباب كتابة المصاحف وتحسين كتابتها وتبينها وإيضاحها، وتحقيق الخط دون مشقة وتعليقه، ويستحب نقط المصحف وشكله فإنها صيانة من اللَّحن والتحريف، ولا يجوز كتابته بشيء بخس، ويحرم المسافرة بالمصحف إلى أرض العدو، أو خيف وقوعه في أيديهم، ويحرم بيع المصحف من الذمي فإن باعه ففي صحته قولان:
· أصحهما: لا يصح.
· الثاني: يصحّ ويُؤمر في الحال بإزالة الملك عنه ويمنع المجنون والسكران والصبي الذي لا يميز من حمل المصحف مخافة انتهاك حرمته.
· فصل
· يحرم على المُحدث مس المصحف وحمله سواء حمله بعلاقة أو بغيرها سواء مس نفس المكتوب أو الورق أو الجلد أو الصندوق أو الغلاف أو لخريطة إذا كان فيهن المصحف.
· وقيل لا تحرم هذه الثلاثة. والصحيح الأول.
· ولو كُتب القرآن في اللوح فحكمه حكم المصحف سواء قل المكتوب أو كثر حتى لو كتب بعض آيو للدراسة حُرِّم مس اللوح، ولو تصفح المحدث أو الجنب أو الحائض أوراق المصحف بعود ونحوه ففيه وجهان:
· أصحها يجوز.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/395)
· والثاني: لا يجوز. ولو لف كمه على يده وتصفح بها قال الجمهور حرم بلا خلاف وقيل لا يحرم وهو غلط، ولو كتب المُحدث أو الجنب مصحفاً إن كان يحمل الورقة أو يمسها حال الكتابة فهو حرام، وإن لم يحملها وبم يمسها ففيه ثلاثة أوجه:
· أصحها يجوز. والثاني: لا يجوز. والثالث: يجوز للمحدث دون الجنب.
· فصل
· إذا مس المُحدث أو الجنب أو الحائض أو حامل كتاباً من كتب الفقه أو غيره من العلوم وفيه آيات من القرآن أو ثوباً مطرزاً بالقرآن أو دراهم أو دنانير منقوشة أو حمل متاعاً في جملته مصحف أو لمس الجدار أو الحلوى أو الخبز المنقوش بالقرآن فالمذهب الصحيح جواز هذا أكله لأنه ليس بمصحف وفيه وجه أنه حرام، وقيل إن كانت عمامة أو ثوباً حرم لبسهما. والصواب الجواز.
· أما كتب التفسير فإن كان القرآن أكثر حرم مسها وحملها وإن كان التفسير أكثر ففيه ثلاثة أوجه:
· ــ أصحها لا يحرم.
· ــ الثاني: يحرم.
· الثالث: إن كان القرآن متميز بخط غليظ أو حمرة أو نحوها حرم وإلا فلا.
· وكتب الحديث إن كان فيها قرآن فهي ككتب الفقه، وإن لم يكن جاز مسها.
· والأولى أن يتطهر لها ولا يحرم مس ما نسخت تلاوته، كـ {الشيخ والشيخة} والتوراة والإنجيل.
· فصل
· إذا كان على موضع من بدنه نجاسة غير معفو عنها حرم مس المصحف لموضع النجاسة بلا خلاف ولا يحرم بغيره على الصحيح المشهور.
· وقيل يحرم وليس بشيء.
· فصل
· ومن لم يجد الماء فتيمم يجوز له مس المصحف سواء تيمم للصلاة أو لغيرها، ومن لم يجد ماءً ولا تراباً يُصلي على حاله ولا يمس المصحف ولو كان معه مصحف ولم يجد من يودعه إياه وعجز عن الوضوء جاز له حمله للضرورة.
· قال القاضي أبو الطيب رحمه الله لا يلزمه التيمم. وفيما قاله نظر وينبغي أن يلزمه، ولو خاف على المصحف من حرق أو غرق أو نجاسة أو كافراً مع أخذه مع الحدث للضرورة.
· فصل
· هل يجوز على المعلم والولي تكليف الصبي المميز الطهارة للمصحف واللوح الذَّين يقرأ فيهما فيه وجهان: أصحهما لا يلزمه.
· فصل
· لا يحرم عندنا بيع المصحف ولا شراؤه.
· وقال بعض السلف يكرهان.
· وقال بعضهم يُكره البيع دون الشراء ونص الشافعي على كراهة البيع ووافقه بعض أصحابنا.
· وقال بعض: لا يُكره.
·
·
· فهذا آخر ما قصدناه في هذا المختصر، والله الكريم أسأله
· أن يجعل النفع به من العام الدائم المنتشر، وحسبي الله
· ونعم الوكيل، والحمد لله رب العالمين وصلاته
· وسلامه الأكملان على سيدنا محمد
· وعلى آله وأصحابه
· إلى يوم الدين
ـ[محمد عبدالكريم محمد]ــــــــ[29 - 01 - 08, 04:23 م]ـ
جزاك الله خيراً وبارك فيك وأكرمك باختصار كتب أئمة العلم الآخرين ليكون لك قصب السبق(6/396)
نظم السلم المنورق للأخضري (للتحميل)
ـ[أبوتميم الرائد]ــــــــ[20 - 12 - 03, 11:42 م]ـ
حمل نظم العلامة الأخضري في علم المنطق المسمى (السلم المنورق)
ـ[الدرعمى]ــــــــ[28 - 06 - 04, 09:07 م]ـ
هل لديكم كتب أخرى بصيغة الورد فى المنطق بارك الله فيكم(6/397)
نداء إلى الأخ أمين علي
ـ[ابن أحمد المدني]ــــــــ[21 - 12 - 03, 01:37 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الكريم:
أرجو كتابة كلمة حول سبب تأخرك عن انزال بقية الملفات وكم بقي من الكتاب حيث أنني في أمس الحاجة إلى بقية الكتاب وقد قمت بمراجعته وتدقيق فيه وتنسيقه.
ولك جزيل الشكر.(6/398)
النهج السديد في تخريج احاديث تيسير العزيز الحميد
ـ[الحنابلة]ــــــــ[21 - 12 - 03, 02:28 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اريد كتاب النهج السديد في تخريج احاديث تيسير العزيز الحميد هل اجده على ملف وورد على الشبكه العنكبوتية وهو من تأليف جاسم الفهيد الدوسري0
ـ[محمد الأخضراني]ــــــــ[22 - 03 - 08, 08:13 م]ـ
هذا هو الكتاب على هذا الرابط تفضل:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=130997(6/399)
الرد المفحم
ـ[الحنابلة]ــــــــ[21 - 12 - 03, 08:15 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اريد كتاب (الرد المفحم) للإمام الألباني رحمه الله
الرجاء وضع الرابط واذا كان مضغوطاً او على ملف وورد فياحبذا فارجوا ان يوضع الملف هنا ليتمكن طلاب العلم من تحميله والإستفادة منه وارجو التحرر من التعصب لأن الكتاب يحمل علما جما 0
ـ[حفيد البنا]ــــــــ[27 - 12 - 03, 12:36 ص]ـ
http://arabic.islamicweb.com/sunni/rad_muf7im.htm
http://www.amer68.com/albany/index.php
http://albaney.topcities.com/index.htm
ـ[الحنابلة]ــــــــ[27 - 12 - 03, 05:44 م]ـ
جزاك الله خيراً أريد نفس الكتاب الأصلي على ملف وورد او أكروبات فمن لديه فليضعه للتحميل هنا ليستفيد الجميع فالكل يريد الكتاب الأصلي مضغوطاً على ملف وورد أو أكروبات لنتمكن من تحميله وحفظه والإستغادة منه وجزاكم الله خيراً0
ـ[أبو حفص العكاري]ــــــــ[28 - 12 - 03, 12:43 م]ـ
تفضل يا أخي الكتاب المطلوب على ملف وورد مضغوط
و رحم الله محدث عصرنا الألباني و أسكنه فسيح جناته
أبو حفص العكاري
ـ[الحنابلة]ــــــــ[29 - 12 - 03, 12:28 ص]ـ
جزاك الله خير الجزاء وجعل الله جميع ما تقوم به من خدمة لطلاب العلم في ميزان حسناتك وجزاك الله الجنة وجعلك في اعلى عليين والفردوس الأعلى من الجنة مع محمد بن عبدالله خاتم الأنبياء والمرسلين وإمام المتقين جعلك الله من المتقين وكفاك شر خلقه أجمعين وحفظ الله لك الدنيا والدين والذريه الى يوم الدين اللهم آمين0(6/400)
احتاج للمساعدة يا اخوتي واخواتي
ـ[أبو عبد الله نضال المقدسي]ــــــــ[21 - 12 - 03, 03:35 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الى الاخوة الافاضل في ملتقى اهل الحديث
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا اخفي عليكم فرحتي الكبيرة بعد ان ارشدت الى هذا الملتقى.
اخواني
هل يمكن لاحدكم ارشادي اين اجد كتاب (المعجم الكبير) للطبراني بتحقيق الشيخ حمدي عبد المجيد السلفي؟
بارك الله فيكم وجزاكم الله خير
واسال الله التوفيق والسعادة للجميع في الدنيا والاخرة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخوكم
ابو عبد الله نضال المقدسي
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[21 - 12 - 03, 05:19 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
حياك الله أخي الكريم
المعجم الكبير
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=11395&highlight=%C7%E1%E3%DA%CC%E3+%C7%E1%DF%C8%ED%D1
ـ[أبو عبد الله نضال المقدسي]ــــــــ[22 - 12 - 03, 12:01 م]ـ
اخي بارك الله الله فيك هل هذه النسخة من المعجم الكبير بتحقيق الشيخ حمدي عبد المجيد السلفي؟(6/401)
هل يمكنكم مساعدتي في ايجاد هذه الكتب؟
ـ[أبو عبد الله نضال المقدسي]ــــــــ[21 - 12 - 03, 04:57 م]ـ
الروضة الندية / صديق خان
المختلف فيهم / لابن شاهين
الباعث الحثيث بتعليقات الالباني
كتاب (الوضع في الحديث) لا اذكر اسم الؤلف لكني رايته من قديم في ثلاث مجلدات
والسلسلتين الصحيحة والضعيفة متنا لا اختصارا.
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[21 - 12 - 03, 05:17 م]ـ
حياك الله أخي الكريم
تجد هنا
الروضة الندية
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=9844&highlight=%C7%E1%D1%E6%D6%C9+%C7%E1%E4%CF%ED%C9
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[21 - 12 - 03, 06:15 م]ـ
ذكر من اختلف العلماء ونقاد الحديث فيه لابن شاهين
من هنا
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=15018
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[21 - 12 - 03, 06:17 م]ـ
الباعث الحثيث للشيخ أحمد شاكر بدون تعليقات الشيخ الألباني
هنا
كتاب الباعث الحثيث هدية لإخواننا في الملتقى ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=3523)(6/402)
المعاملات الماليه المعاصره للشيخ؟ خالد المشيقح
ـ[ابو عمر ال غياد]ــــــــ[21 - 12 - 03, 05:02 م]ـ
الاخوه الكرام
كنت قد قرأت قبل رمضان شيئا من المذكره التي كتبت من القاء فضيلة الشيخ الدكتور/ خالد المشيقح متعه الله بالصحه و العافيه و نفع بعلمه
في المعاملات الماليه المعاصره
هل تم انزال المذكره كامله في الموقع؟
اذا كان الجواب لا
المذكره موجوده لدي وتتكون من حواي 100 صفحه ,و لا أعرف كيفية انزالها في الموقع.
من من الاخوه يتبرع بوضع المذكره في الموقع؟
سوف أرسل له نسخه على بريده
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[21 - 12 - 03, 05:55 م]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=11218
ـ[المسيطير]ــــــــ[22 - 12 - 03, 04:05 ص]ـ
الاخ ابا عمر وفقه وفقهه الله
اين اجد هذه المذكرة في بريدة؟ هل هي في مركز تصوير معين؟
وهل هناك امكانية لوضعها في احدى مراكز التصوير في الرياض عن طريق احد الاخوة القادمين الى الرياض؟
ـ[ابو عمر ال غياد]ــــــــ[22 - 12 - 03, 03:29 م]ـ
الاخ المسيطير حفظه الله
المذكرة موجودة في مكتبة يحيى ,الفايزيه ,شارع الثلاثين
بالنسبه لوضعها في أحد مراكز التصوير في الرياض, أرسل لي عنوانك البريدي وسوف أرسلها لك اليوم
وبارك الله فيك
ـ[المسيطير]ــــــــ[23 - 12 - 03, 01:59 ص]ـ
جزاك الله خير الجزاء اخي الفاضل.
اسأل تعالى ان يكتب لك ماتقدم في ميزان حسناتك.
العنوان على البريد الخاص.
ـ[ابو عمر ال غياد]ــــــــ[23 - 12 - 03, 04:19 ص]ـ
الاخ /المسيطير
أرسلت المذكره هذا اليوم الاثنين, تصلك قريبا انشاء الله
ـ[المسيطير]ــــــــ[31 - 08 - 04, 11:43 م]ـ
الأخ الكريم / عمر آل غياد وفقه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فقد وصلتني المذكرة وقرأتها ولله الحمد، وقد استفدت منها كثيرا كثيرا، أسأل الله تعالى أن يجعل ذلك في ميزان حسناتك.
والمذكرة للفائدة تحوي مايلي:
- تعريف المعاملات المعاصرة.
-بعض الضوابط التي تبنى عليها أحكام هذه المعاملات:
1 - الأصل في المعاملات الحل.
2 - الأصل في الشروط في المعاملات الحل.
3 - منع الظلم.
4 - منع الغرر.
5 - منع الربا.
6 - منع الميسر.
7 - الصدق والأمانة.
8 - سد الذرائع.
المعاملات المالية المعاصرة:
اولا: بيع التقسيط.
ثانيا: بيع المرابحة للآمر بالشراء.
ثالثا: جمعية الموظفين.
رابعا: الجوائز التي يبذلها أصحاب المحلات التجارية.
خامسا: البطاقات التخفيظية.
سادسا: المسابقات والألعاب.
سابعا: المسابقات العلمية.
ثامنا: عقد التأجير المنتهي بالتمليك.
تاسعا: الودائع المصرفية (البنكية).
عاشرا: خطاب الضمان (الكفالات المصرفية).
حادي عشر: الأسهم والسندات.
جزى الله الشيخ / خالد المشيقح خير الجزاء.
وجزى الله أخانا اباعمر خير الجزاء.
والحمد لله.
ـ[خالد العمري]ــــــــ[02 - 09 - 04, 04:33 م]ـ
الشرح على ملف وورد
ـ[شهاب الدين]ــــــــ[02 - 09 - 04, 08:32 م]ـ
السلام عليكم
بارك الله فيكم
ـ[خالد العمري]ــــــــ[03 - 09 - 04, 03:05 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وفيكم بارك الله
ـ[عيسى الحوراني]ــــــــ[02 - 07 - 05, 05:19 م]ـ
جزا الله تعالى الاخوة خير الجزاء على هذا النقل الطيب المبارك الجميل المسهب في توضيح بعض المسائل وإلتي هي من اهم المسائل المالية إلتي تعرض للأنسان في هذه الايام وبأعتقادي أن كل مسلم بحاجة أن يقرأ هذه المسائل ويفهمها جيداً.
وجعل الله تعالى هذا العمل في ميزان حسناتكم يوم القيامة هو ولي ذلك والقادر عليه
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(6/403)
ذكر من اختلف العلماء ونقاد الحديث فيه للحافظ ابن شاهين
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[21 - 12 - 03, 06:13 م]ـ
ذكر من اختلف العلماء ونقاد الحديث فيه
ـ[الخالدية]ــــــــ[02 - 03 - 06, 10:42 م]ـ
جزاكم الله خيراً(6/404)
حمل كتاب في نظرية النظم الجرجانية
ـ[أبو محمد الإسناوي]ــــــــ[21 - 12 - 03, 07:06 م]ـ
نظرية النظم وقراءة الشعر عند عبد القاهر
ـ[حسام العقيدة]ــــــــ[21 - 12 - 03, 07:33 م]ـ
أين الكتاب أخي في الله
ـ[عبده علي مريش]ــــــــ[18 - 06 - 07, 07:57 م]ـ
نظرية النظم وقراءة الشعر عند عبد القاهر
شكرا جزيلا وجزاكم الله خيرا عن العلم وأهله
ـ[عبده علي مريش]ــــــــ[18 - 06 - 07, 07:59 م]ـ
لوتكرمتم نريد الكتاب للتحميل(6/405)
ابحث عن كتاب في المنطق للعلامة الشنقيطي
ـ[ابن الشاطيء]ــــــــ[21 - 12 - 03, 09:05 م]ـ
ابحث عن كتاب في المنطق للعلامة الشنقيطي او غيره رحمه الله
وجزاكم الله خيرا
ـ[ابو الأشبال الدرعمي]ــــــــ[26 - 12 - 03, 11:53 ص]ـ
يوجد كتاب في المنطق للشيخ الشنقيطي عنوانه اداب البحث و المناظرة و يوجد سلم الاخضري بشرحه للاخضري و الدمنهوري و حاشية الباجوري و يوجد شرح القطب علي الشمسية و كتاب الشيخ الشنقيطي طبعة ابن تيمية و باقي الكتب في مصطفي الحلبي
ـ[ابن الشاطيء]ــــــــ[26 - 12 - 03, 12:08 م]ـ
بارك الله فيك اخي امدنا بما هو متوفر عندك من هذه الكتب لاني في حاجة اليها(6/406)
أريد كتاب ابن الوزير العواصم والقواصم فهل من يساعدني
ـ[ sheyyabfiras] ــــــــ[21 - 12 - 03, 10:07 م]ـ
السلام عليكم
أرجو ممن لديه كتاب العواصم والقواصم لابن الوزير أن يفيدنا به بإنزاله أو وضع رابطه مع بيان بياناته من دار النشر وسنتها إن أمكن
مع جزيل الشكر
أخوكم: فراس
ـ[ابو شادي]ــــــــ[22 - 12 - 03, 04:05 م]ـ
اخي فراس
ارجو ان يكون هذا هو المطلوب
وقل ربي زدني علما
ـ[الحاوي الكبير]ــــــــ[23 - 12 - 03, 03:17 ص]ـ
لا ياأخي الكريم ليس هذا هو المطلوب الاخ يطلب كتاب
العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم ... تصنيف الامام العلامة النطار المجتهد محمد بن ابراهيم الزير اليماني
ـ[ sheyyabfiras] ــــــــ[28 - 12 - 03, 03:33 ص]ـ
السلام عليكم
جزاكم الله خيرا،فأنا أبحث عن الواصم والقواصم لابن الوزير وليس العواصم من القواصم لابن العربي
ولا زلت أبحث مع جزيل الشكر فمن يجده فأرجو أن يداني عليه
كما أبحث عن كتاب الدكتور القرضاوي الصحوة الاسلامية بين الاختلاف المشروع والتفرق المذموم على صيغة وورد إن أمكن
فهو موجود على صفحته ولكن ليس للتحميل
ـ[سعود السليمان]ــــــــ[02 - 12 - 05, 04:23 ص]ـ
كذلك أخوكم أريده،
فأرجو ممن لديه كتاب العواصم والقواصم لابن الوزير أن يفيدنا به بإنزاله أو وضع رابطه ... ؟
أخوكم أبو سليمان
ـ[عمارمالعاني]ــــــــ[25 - 02 - 06, 05:49 م]ـ
هناك موقع صيد الفوائد فيه مجموعه من الكتب فعسى ان تجده هناك
وهناك موقع اليمن فيه جل علماء اليمن ومنههم ابن الوزير ولكن لم يضافكياب العواصم لحد الان
واعتقد انه سيضاف في القريب العاجل ان شاء الله
ـ[محمد الجبالي]ــــــــ[26 - 02 - 06, 10:00 ص]ـ
أخي في الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا هو كتاب: الصحوة الإسلامية بين الاختلاف المشروع والتفرق المذموم
ومعه كتابان آخران عن الصحوة للشيخ القرضاوي
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته(6/407)
التعليقات المختصرة على متن العقيدة الطحاوية
ـ[ولد الدمام]ــــــــ[22 - 12 - 03, 11:03 ص]ـ
التعليقات المختصرة على متن العقيدة الطحاوية
تأليف فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان
[متن العقيدة الطحاوية]
قال العلامة حجة الإسلام أبو جعفر الوراق الطحاوي بمصر –رحمه الله-:
(1) هذا ذكر بيان عقيدة أهل السنة والجماعة على مذهب فقهاء الملة: أبي حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي، وأبي يوسف يعقوب بن إبراهيم الأنصاري، وأبي عبد الله محمد بن الحسن الشيباني رضوان الله عليهم أجمعين، وما يعتقدون من أصول الدين ويدينون به رب العالمين.
(2) نقول في توحيد الله معتقدين بتوفيق الله: إن الله واحد لا شريك له.
(3) ولا شيء مثله.
(4) ولا شيء يعجزه.
(5) ولا إله غيره.
(6) قديم بلا ابتداء، دائم بلا انتهاء.
(7) لا يفنى ولا يبيد.
(8) ولا يكون إلا ما يريد.
(9) لا تبلغه الأوهام.
(10) ولا تدركه الأفهام، ولا يشبه الأنام.
(11) حيٌّ لا يموت.
(12) قيوم لا ينام.
(13) خالق بلا حاجة، رازق بلا مؤنة.
(14) مميت بلا مخافة.
(15) باعث بلا مشقة.
(16) ما زال بصفاته قديماً قبل خلقه.
(17) لم يزدد بكونهم شيئاً، لم يكن قبلهم من صفته.
(18) وكما كان بصفاته أزلياً، كذلك لا يزال عليها أبدياً.
(19) ليس بعد خلق الخالق استفاد اسم ((الخالق))
(20) ولا بإحداث البرية استفاد اسم ((الباري)).
(21) له معنى الربوبية ولا مربوب، ومعنى الخالق ولا مخلوق.
(22) وكما أنه محيي الموتى بعدما أحيا، استحق هذا الاسم قبل إحيائهم، كذلك استحق اسم الخالق قبل إنشائهم.
(23) ذلك بأنه على كل شيء قدير.
(24) وكل شيء إليه فقير.
(25) وكل أمر عليه يسير.
(26) لا يحتاج إلى شيء.
(27) (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير).
(28) خلق الخلق بعلمه.
(29) وقدر لهم أقداراً.
(30) وضرب لهم آجالاً.
(31) ولم يخف عليه شيء قبل أن يخلقهم.
(32) وعلم ما هم عاملون قبل أن يخلقهم.
(33) وأمرهم بطاعته، ونهاهم عن معصيته.
(34) وكل شيء يجري بتقديره.
(35) ومشيئته تنفذ، لا مشيئة للعباد إلا ما شاء لهم، فما شاء لهم كان، وما لم يشأ لم يكن.
(36) يهدي من يشاء، ويعصم ويعافي فضلاً، ويضل من يشاء ويخذل ويبتلي عدلاً.
(37) وكلهم يتقلبون في مشيئته بين فضله وعدله.
(38) وهو متعال عن الأضداد والأنداد.
(39) لا راد لقضائه، ولا معقب لحكمه، ولا غالب لأمره.
(40) آمنّا بذلك كله، وأيقنا أن كلا من عنده.
(41) وأن محمداً عبده المصطفى، ونبيه المجتبى، ورسوله المرتضى.
(42) وأنه خاتم الأنبياء وإمام الأتقياء، وسيد المرسلين وحبيب رب العالمين.
(43) وكل دعوى النبوة بعده فغي وهوى.
(44) وهو المبعوث إلى عامة الجن وكافة الورى بالحق والهدى، وبالنور والضياء.
(45) وأن القرآن كلام الله.
(46) منه بدأ بلا كيفية قولاً، وأنزله على رسوله وحياً.
(47) وصدقه المؤمنون على ذلك حقاً.
(48) وأيقنوا أنه كلام الله تعالى بالحقيقة.
(49) ليس بمخلوق ككلام البرية.
(50) فمن سمعه فزعم أنه كلام البشر، فقد كفر.
(51) وقد ذمه الله وعابه وأوعده بسقر، حيث قال تعالى: (سأصليه سقر) [المدثر: 26].
(52) فلما أوعد الله بسقر لمن قال: (إن هذا إلا قول البشر). علمنا وأيقنا أنه قول خالق البشر.
(53) ولا يشبه قول البشر.
(54) ومن وصف الله بمعنى من معاني البشر، فقد كفر.
(55) فمن أبصر هذا اعتبر.
(56) وعن مثل قول الكفار انزجر.
(57) وعلم أنه بصفاته ليس كالبشر.
(58) والرؤية حق لأهل الجنة، بغير إحاطة ولا كيفية.
(59) كما نطق به كتاب ربنا: (وجوه يومئذ ناضرة* إلى ربها ناظرة).
(60) وتفسيره على ما أراده الله تعالى وعلمه.
(61) وكل ما جاء في ذلك من الحديث الصحيح عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فهو كما قال.
(62) ومعناه على ما أراد.
(63) لا ندخل في ذلك متأولين بآرائنا، ولا متوهمين بأهوائنا.
(64) فإنه ما سلم في دينه إلا من سلم لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وآله وسلم.
(65) وردَّ علم ما اشتبه عليه إلى عالمه.
(66) ولا تثبت قدم الإسلام إلا على ظهر التسليم والاستسلام.
(67) فمن رام علم ما حظر عنه علمه، ولم يقنع بالتسليم فهمه، حجبه مرامه عن خالص التوحيد، وصافي المعرفة، وصحيح الإيمان.
(68) فيتذبذب بين الكفر والإيمان، والتصديق والتكذيب، والإقرار والإنكار.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/408)
(69) موسوساً تائهاً، شاكاً، لا مؤمناً مصدقاً، ولا جاحداً مكذباً.
(70) ولا يصح الإيمان بالرؤية لأهل دار السلام لمن اعتبرها منهم بوهم أو تأولها بفهم.
(71) إذ كان تأويل الرؤية وتأويل كل معنى يضاف إلى الربوبية بترك التأويل ولزوم التسليم.
(72) وعليه دين المسلمين.
(73) ومن لم يتوق النفي والتشبيه، زل ولم يصب التنزيه.
(74) فإن ربنا جل وعلا موصوف بصفات الوحدانية.
(75) منعوت بنعوت الفردانية. ليس في معناه أحد من البرية.
(76) وتعالى عن الحدود والغايات، والأركان والأعضاء والأدوات.
(77) لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات.
(78) والمعراج حق، وقد أُسري بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم.
(79) وعرج بشخصه في اليقظة إلى السماء.
(80) ثم إلى حيث شاء الله من العلا. وأكرمه الله بما شاء.
(81) وأوحى إليه ما أوحى (ما كذب الفؤاد ما رأى).
(82) فصلى الله عليه وسلم في الآخرة والأولى.
(83) والحوض الذي أكرمه الله تعالى به –غياثاً لأمته- حق.
(84) والشفاعة التي ادخرها لهم حق، كما روي في الأخبار.
(85) والميثاق الذي أخذه الله تعالى من آدم وذريته حق.
(86) وقد علم الله تعالى فيما لم يزل عدد من يدخل الجنة، وعدد من يدخل النار جملة واحدة، فلا يزداد في ذلك العدد، ولا ينقص منه.
(87) وكذلك أفعالهم فيما علم منهم أن يفعلوه.
(88) وكل ميسر لما خُلق له.
(89) والأعمال بالخواتيم.
(90) والسعيد من سعد بقضاء الله، والشقي من شقي بقضاء الله.
(91) وأصل القدر سر الله تعالى في خلقه.
(92) لم يطلع على ذلك ملك مقرب ولا نبي مرسل.
(93) والتعمق والنظر في ذلك ذريعة الخذلان، وسلم الحرمان، ودرجة الطغيان.
(94) فالحذر كل الحذر من ذلك نظراً وفكراً ووسوسة.
(95) فإن الله تعالى طوى علم القدر عن أنامه.
(96) ونهاهم عن مرامه.
(97) كما قال تعالى في كتابه: (لا يسأل عما يفعل وهم يسألون).
(98) فمن سأل: لم فعل؟ فقد رد حكم الكتاب.
(99) ومن رد حكم الكتاب كان من الكافرين.
(100) فهذا جملة ما يحتاج إليه من هو منور قلبه من أولياء الله تعالى.
(101) وهي درجة الراسخين في العلم.
(102) لأن العلم علمان: علم في الخلق موجود، وعلم في الخلق مفقود.
(103) فإنكار العلم الموجود كفر، وادعاء العلم المفقود كفر.
(104) ولا يثبت الإيمان إلا بقبول العلم الموجود، وترك طلب العلم المفقود.
(105) ونؤمن باللوح والقلم وبجميع ما فيه قد رُقم.
(106) فلو اجتمع الخلق كلهم على شيء كتبه الله تعالى فيه أنه كائنٌ، ليجعلوه غير كائن –لم يقدروا عليه. ولو اجتمعوا كلهم على شيء لم يكتبه الله تعالى فيه، ليجعلوه كائناً لم يقدروا عليه.
(107) جف القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة، وما أخطأ العبد لم يكن ليصيبه، وما أصابه لم يكن ليخطئه.
(108) وعلى العبد أن يعلم أن الله قد سبق علمه في كل كائن من خلقه.
(109) فقدر ذلك تقديراً محكماً مبرماً.
(110) ليس فيه ناقض، ولا معقب، ولا مزيل، ولا مغير، ولا ناقص ولا زائد من خلقه في سماواته وأرضه.
(111) وذلك من عقد الإيمان، وأصول المعرفة.
(112) والاعتراف بتوحيد الله تعالى وربوبيته، كما قال تعالى في كتابه: (وخلق كل شيء فقدره تقديراً)، وقال تعالى: (وكان أمر الله قدراً مقدوراً).
(113) فويل لمن صار لله تعالى في القدر خصيماً.
(114) وأحضر للنظر فيه قلباً سقيماً.
(115) لقد التمس بوهمه في فحص الغيب سراً كتيماً.
(116) وعاد بما قال فيه أفاكاً أثيماً.
(117) والعرش والكرسي حق.
(118) وهو مستغن عن العرش وما دونه.
(119) محيط بكل شيء وفوقه.
(120) وقد أعجز عن الإحاطة خلقه.
(121) ونقول: إن الله اتخذ إبراهيم خليلاً، وكلم الله موسى تكليماً، إيماناً وتصديقاً وتسليماً.
(122) ونؤمن بالملائكة والنبيين.
(123) والكتب المنزلة على المرسلين ونشهد أنهم كانوا على الحق المبين.
(124) ونسمي أهل قبلتنا مسلمين مؤمنين.
(125) ما داموا بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم معترفين، وله بكل ما قاله وأخبر مصدقين.
(126) ولا نخوض في الله، ولا نماري في دين الله.
(127) ولا نجادل في القرآن، ونشهد أنه كلام رب العالمين.
(128) نزل به الروح الأمين، فعلمه سيد المرسلين محمداً صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
(129) وهو كلام الله تعالى لا يساويه شيء من كلام المخلوقين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/409)
(130) ولا نقول بخلقه، ولا نخالف جماعة المسلمين.
(131) ولا نكفر أحداً من أهل القبلة بذنب، ما لم يستحله.
(132) ولا نقول: لا يضر مع الإيمان ذنب لمن عمله.
(133) ونرجو للمحسنين من المؤمنين أن يعفو عنهم ويدخلهم الجنة برحمته، ولا نأمن عليهم، ولا نشهد لهم بالجنة.
(134) ونستغفر لمسيئهم، ونخاف عليهم، ولا نقنطهم.
(135) والأمن والإياس ينقلان عن ملة الإسلام.
(136) وسبيل الحق بينهما لأهل القبلة.
(137) ولا يخرج العبد من الإيمان إلا بجحود ما أدخله فيه.
(138) والإيمان: هو الإقرار باللسان، والتصديق بالجنان.
(139) وجميع ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من الشرع والبيان كله حق.
(140) والإيمان واحد.
(141) وأهله في أصله سواء، والتفاضل بينهم بالخشية والتقى، ومخالفة الهوى، وملازمة الأولى.
(142) والمؤمنون كلهم أولياء الرحمن، وأكرمهم عند الله أطوعهم وأتبعهم للقرآن.
(143) والإيمان: هو الإيمان بالله، وملائكته، ورسله، واليوم الآخر، والقدر: خيره وشره، وحلوه ومره، من الله تعالى.
(144) ونحن مؤمنون بذلك كله
(145) لا نفرق بين أحد من رسله، ونصدقهم كلهم على ما جاءوا به.
(146) وأهل الكبائر من أمة محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم في النار لا يخلدون، إذا ماتوا وهم موحدون.
(147) وإن لم يكونوا تائبين، بعد أن لقوا الله عارفين "مؤمنين" وهم في مشيئته وحكمه، إن شاء غفر لهم عفا عنهم بفضله، كما ذكر عز وجل في كتابه: (ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) وإن شاء عذبهم في النار بعدله.
(148) ثم يخرجهم منها برحمته وشفاعة الشافعين من أهل طاعته.
(149) ثم يبعثهم إلى جنته.
(150) وذلك بأن الله تعالى تولى أهل معرفته، ولم يجعلهم في الدارين كأهل نكرته، الذين خابوا من هدايته، ولم ينالوا من ولايته.
(151) اللهم يا وليّ الإسلام وأهله، ثبتنا على الإسلام حتى نلقاك به.
(152) ونرى الصلاة خلف كل برٍّ وفاجر من أهل القبلة وعلى من مات منهم.
(153) ولا ننزل أحداً منهم جنة ولا ناراً.
(154) ولا نشهد عليهم بكفر ولا بشرك ولا بنفاق، ما لم يظهر منهم شيء من ذلك.
(155) ونذر سرائرهم إلى الله تعالى.
(156) ولا نرى السيف على أحد من أمة محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلا من وجب عليه السيف.
(157) ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمورنا.
(158) وإن جاروا.
(159) ولا ندعو عليهم.
(160) ولا ننزع يداً من طاعتهم.
(161) ونرى طاعتهم من طاعة الله عز وجل فريضة، ما لم يأمروا بمعصية.
(162) وندعو لهم بالصلاح والمعافاة.
(163) ونتبع السنة والجماعة، ونجتنب الشذوذ والخلاف والفرقة.
(164) ونحب أهل العدل والأمانة، ونبغض أهل الجور والخيانة.
(165) ونقول: الله أعلم، فيما اشتبه علينا علمه.
(166) ونرى المسح على الخفين، في السفر والحضر، كما جاء في الأثر.
(167) والحج والجهاد ماضيان مع أولي الأمر من المسلمين: برهم وفاجرهم، إلى قيام الساعة، لا يبطلهما شيء ولا ينقضهما.
(168) ونؤمن بالكرام الكاتبين، فإن الله قد جعلهم علينا حافظين.
(169) ونؤمن بملك الموت، الموكل بقبض أرواح العالمين.
(170) وبعذاب القبر لمن كان له أهلاً، وسؤال منكر ونكير في قبره عن ربه ودينه ونبيه، على ما جاءت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وعن الصحابة رضوان الله عليهم.
(171) والقبر روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النيران.
(172) ونؤمن بالبعث وجزاء الأعمال يوم القيامة، والعرض والحساب، وقراءة الكتاب، والثواب والعقاب، والصراط والميزان.
(173) والجنة والنار مخلوقتان، لا تفنيان أبداً ولا تبيدان.
(174) وأن الله تعالى خلق الجنة والنار قبل الخلق، وخلق لهما أهلاً.
(175) فمن شاء منهم إلى الجنة فضلاً منه. ومن شاء منهم إلى النار عدلاً منه.
(176) وكل يعمل لما قد فرغ له، وصائر إلى ما خلق له.
(177) والخير والشر مقدران على العباد.
(178) والاستطاعة التي يجب بها الفعل، من نحو التوفيق الذي لا يجوز أن يوصف المخلوق به –فهي مع الفعل، وأما الاستطاعة من جهة الصحة والوسع، والتمكن وسلامة الآلات –فهي قبل الفعل، وبها يتعلق الخطاب، وهو كما قال تعالى: (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها).
(179) وأفعال العباد خلق الله، وكسب من العباد.
(180) ولم يكلفهم الله تعالى إلا ما يطيقون.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/410)
(181) ولا يطيقون إلا ما كلفهم.
(182) وهو تفسير: "لا حول ولا قوة إلا بالله". نقول: لا حيلة لأحد، ولا حركة لأحد ولا تحول لأحد عن معصية الله إلا بمعونة الله، ولا قوة لأحد على إقامة طاعة الله والثبات عليها إلا بتوفيق الله.
(183) وكل شيء يجري بمشيئة الله تعالى وعلمه وقضائه وقدره.
(184) غلبت مشيئته المشيئات كلها.
(185) وغلب قضاؤه الحيل كلها.
(186) يفعل ما يشاء وهو غير ظالم أبداً، تقدس عن كل سوء وحين، وتنزه عن كل عيب وشين.
(187) (لا يسأل عما يفعل وهم يسألون).
(188) وفي دعاء الأحياء وصدقاتهم منفعة للأموات.
(189) والله تعالى يستجيب الدعوات، ويقضي الحاجات.
(190) ويملك كل شيء، ولا يملكه شيء.
(191) ولا غنى عن الله تعالى طرفة عين.
(192) ومن استغنى عن الله طرفة عين، فقد كفر وصار من أهل الحين.
(193) والله يغضب ويرضى، لا كأحد من الورى.
(194) ونحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
(195) ولا نفرط في حب أحد منهم.
(196) ولا نتبرأ من أحد منهم.
(197) ونبغض من يبغضهم.
(198) وبغير الخير يذكرهم، ولا نذكرهم إلا بخير.
(199) وحبهم دين وإيمان وإحسان، وبغضهم كفر ونفاق وطغيان.
(200) ونثبت الخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: أولاً لأبي بكر الصديق رضي الله عنه، تفضيلاً له وتقديماً على جميع الأمة، ثم لعمر بن الخطاب رضي الله عنه، ثم لعثمان رضي الله عنه، ثم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهم الخلفاء الراشدون والأئمة المهتدون.
(201) وأن العشرة الذين سماهم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وبشرهم بالجنة، على ما شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وقوله الحق، وهم: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وسعد، وسعيد، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو عبيدة بن الجراح وهو أمين هذه الأمة، رضي الله عنهم أجمعين.
(202) ومن أحسن القول في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وأزواجه الطاهرات من كل دنس، وذرياته المقدسين من كل رجس؛ فقد برئ من النفاق.
(203) وعلماء السلف من السابقين، ومن بعدهم من التابعين –أهل الخير والأثر، وأهل الفقه والنظر- لا يذكرون إلا بالجميل، ومن ذكرهم بسوء فهو على غير السبيل.
(204) ولا نفضل أحداً من الأولياء على أحد من الأنبياء عليهم السلام، ونقول: نبي واحد أفضل من جميع الأولياء.
(205) ونؤمن بما جاء من كراماتهم، وصح عن الثقات من رواياتهم.
(206) ونؤمن بأشراط الساعة: من خروج الدجال.
(207) ونزول عيسى ابن مريم عليه السلام من السماء.
(208) ونؤمن بطلوع الشمس من مغربها.
(209) وخروج دابة الأرض من موضعها.
(210) ولا نصدق كاهناً ولا عرافاً.
(211) ولا من يدعي شيئاً يخالف الكتاب والسنة وإجماع الأمة.
(212) ونرى الجماعة حقاً وصواباً، والفرقة زيغاً وعذاباً.
(213) ودين الله في الأرض والسماء واحد، وهو دين الإسلام.
(214) قال الله تعالى: (إن الدين عند الله الإسلام) وقال تعالى (ورضيت لكم الإسلام ديناً).
(215) وهو بين الغلو والتقصير.
(216) وبين التشبيه والتعطيل.
(217) وبين الجبر والقدر.
(218) وبين الأمن والإياس.
(219) فهذا دينناً واعتقادناً ظاهراً وباطناً. ونحن براء إلى الله من كل من خالف الذي ذكرناه وبيناه.
(220) ونسأل الله تعالى أن يثبتنا على الإيمان، ويختم لنا به.
(221) ويعصمنا من الأهواء المختلفة، والآراء المتفرقة.
(222) والمذاهب الردية.
(223) مثل المشبهة.
(224) والمعتزلة، والجهمية.
(225) والجبرية.
(226) والقدرية.
(227) وغيرهم، من الذين خالفوا السنة والجماعة، وحالفوا الضلالة.
(228) ونحن منهم براء، وهم عندنا ضلال وأردياء. وبالله العصمة والتوفيق.
ـ[ولد الدمام]ــــــــ[23 - 12 - 03, 11:26 ص]ـ
قال العلامة حجة الإسلام أبو جعفر الوراق الطحاوي –بمصر- رحمه الله:
(1) هذا ذكر بيان عقيدة أهل السنة والجماعة على مذهب فقهاء الملة: أبي حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي، وأبي يوسف يعقوب بن إبراهيم الأنصاري، وأبي عبدالله محمد بن الحسن الشيباني رضوان الله عليهم أجمعين، وما يعتقدون من أصول الدين ويدينون به رب العالمين.
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/411)
فإن العقيدة هي أساس الدين، وهي مضمون شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، والركن الأول من أركان الإسلام ()، فيجب الاهتمام بها والعناية بها ومعرفتها، ومعرفة ما يخل بها، حتى يكون الإنسان على بصيرة، وعلى عقيدة صحيحة؛ لأنه إذا قام الدين على أساس صحيح صار ديناً قيماً مقبولاً عند الله، وإذا قام على عقيدة مهزوزة ومضطربة، أو عقيدة فاسدة، صار الدين غير صحيح، وعلى غير أساس، ومن ثم كان العلماء –رحمهم الله- يهتمون بأمر العقيدة ولا يفترون في بيانها في الدروس وفي المناسبات، ويرويها المتأخر عن المتقدم.
كان الصحابة –رضي الله عنهم- ليس عندهم أي شك فيما جاء به القرآن وما جاءت به سنة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فكانت عقيدتهم مبنية على كتاب الله وسنة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ولا يعتريهم في ذلك شك ولا توقف، فما قاله الله وقاله رسوله صلى الله عليه وسلم اعتقدوه ودانوا به، ولم يحتاجوا إلى كتابة تأليف؛ لأن هذا مسلّم به عندهم ومقطوع به وكانت عقيدتهم الكتاب والسنة، ثم درج على ذلك تلاميذهم من التابعين الذين أخذوا عنهم، فلم يكن هناك أخذ وردّ في العقيدة، كانت قضية مسلمة، وكان مرجعهم الكتاب والسنة.
فلما ظهرت الفرق والاختلافات، ودخل في الدين من لم ترسخ العقيدة في قلبه، أو دخل في الإسلام وهو يحمل بعض الأفكار المنحرفة، ونشأ في الإسلام من لم يرجع إلى الكتاب ولا إلى السنة في العقيدة، وإنما يرجع إلى قواعد ومناهج أصلها أهل الضلال من عند أنفسهم، عند هذا احتاج أئمة الإسلام إلى بيان العقيدة الصحيحة وتحريرها وكتابتها وروايتها عن علماء الأمة، فدونوا كتب العقائد، واعتنوا بها، وصارت مرجعاً لمن يأتي بعدهم من الأمة إلى أن تقوم الساعة.
وهذا من حفظ الله تعالى لهذا الدين، وعنايته بهذا الدين، أن قيض له حملة أمناء يبلغونه كما جاء عن الله وعن رسوله، ويردون تأويل المبطلين وتشبيه المشبهين، وصاروا يتوارثون هذه العقيدة خلفاً عن السلف.
ومن جملة السلف الصالح الذين كانوا على الاعتقاد الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين، من جملتهم الأئمة الأربعة الإمام أبو حنيفة، والإمام مالك، والإمام الشافعي، والإمام أحمد، وغيرهم من الأئمة الذين قاموا بالدفاع عن العقيدة وتحريرها، وبيانها وتعليمها للطلاب.
وكان أتباع الأئمة الأربعة يعتنون بهذه العقيدة، ويتدارسونها ويحفظونها لتلاميذهم، وكتبوا فيها الكتب الكثيرة على منهج الكتاب والسنة، وما كان عليه المصطفى، صلى الله عليه وسلم، وأصحابه رضي الله عنهم والتابعون، وردوا العقائد الباطلة والمنحرفة، وبينوا زيفها وباطلها، وكذلك أئمة الحديث: كإسحاق بن راهويه، والبخاري، ومسلم والإمام ابن خزيمة، والإمام ابن قتيبة، ومن أئمة التفسير: كالإمام الطبري، والإمام ابن كثير، والإمام البغوي، وغيرهم من أئمة التفسير.
وألفوا في هذا مؤلفات يسمونها بكتب السنة، مثل كتاب السنة لابن أبي عاصم، وكتاب السنة لعبد الله بن أحمد بن حنبل، والسنة للخلال، والشريعة للآجري، وغير ذلك.
ومن جملة هؤلاء الأئمة الذين كتبوا في عقيدة السلف: الإمام أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الأزدي الطحاوي ()، من علماء القرن الثالث بمصر، وسمي بالطحاوي نسبة لبلدة في مصر، فكتب هذه العقيدة المختصرة النافعة المفيدة.
وكتبت عليها شروح، حوالي سبعة شروح، ولكن لا تخلو من أخطاء؛ لأن الذين ألفوها كانوا على منهج المتأخرين، فلم تخل شروحهم من ملاحظات ومخالفة لما في عقيدة الطحاوي، إلا شرحاً واحداً فيما نعلم، وهو شرح العز بن أبي العز رحمه الله ()، المشتهر بشرح الطحاوية، وهذا من تلاميذ ابن كثير فيما يظهر، وقد ضمن شرحه هذا منقولات من كتب شيح الإسلام ابن تيمية، ومن كتب ابن القيم، ومن كتب الأئمة، فهو شرح حافل، وكان العلماء يعتمدون عليه ويعتنون به؛ لنقاوته وصحة معلوماته، فهو مرجع عظيم من مراجع العقيدة، والمؤلف –كما ذكر- ألف هذه العقيدة على مذهب أهل السنة عموماً، ومنهم الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي، فهو أقدم الأئمة الأربعة وأدرك التابعين وروى عنهم.
وكذلك صاحباه أبو يوسف، ومحمد الشيباني، وأئمة المذهب الحنفي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/412)
ذكر عقيدتهم، وأنها موافقة لمذهب أهل السنة والجماعة، وفي هذا ردٌ على المنتسبين إلى الحنفية في الوقت الحاضر أو في العصور المتأخرة، ينتسبون إلى الحنفية ويخالفون أبا حنيفة في العقيدة، فهم يمشون على مذهبه في الفقه فقط، ويخالفونه في العقيدة، فيأخذون عقيدة أهل الكلام والمنطق، وكذلك حدث في الشافعية المتأخرين منهم يخالفون الإمام الشافعي في العقيدة، وإنما ينتسبون إليه في الفقه، كذلك كثير من المالكية المتأخرين ليسوا على عقيدة الإمام مالك، لكنهم يأخذون من مذهب مالك في الفقه فقط، أما العقيدة فهم أصحاب طرق وأصحاب مذاهب متأخرة.
ففي هذه العقدية ردٌ على هؤلاء وأمثالهم ممن ينتسبون إلى الأئمة، ويتمذهبون بمذاهب الأئمة الأربعة، ويخالفونهم في العقيدة، كالأشاعرة: ينتسبون إلى الإمام أبي الحسن الأشعري في مذهبه الأول، ويتركون ما تقرر واستقر عليه أخيراً من مذهب أهل السنة والجماعة، فهذا انتساب غير صحيح؛ لأنهم لو كانوا على مذهب الأئمة لكانوا على عقيدتهم.
(2) نقول في توحيد الله معتقدين بتوفيق الله: إن الله واحدٌ لا شريك له.
نقول، أي؛ نعتقد في توحيد الله عز وجل.
والتوحيد لغة: مصدر وحّد: إذا جعل الشيء واحداً.
وشرعاً: إفراد الله سبحانه وتعالى بالعبادة، وترك عبادة ما سواه.
وأقسامه ثلاثة بالاستقراء من كتاب الله وسنة رسوله، صلى الله عليه وسلم، وهذا ما تقرر عليه مذهب أهل السنة والجماعة، فمن زاد قسماً رابعاً أو خامساً فهو زيادة من عنده؛ لأن الأئمة قسّموا التوحيد إلى أقسام ثلاثة من الكتاب والسنة.
فكل آيات القرآن والأحاديث في العقيدة لا تخرج عن هذه الأقسام الثلاثة.
الأول: توحيد الربوبية: وهو توحيد الله تعالى وإفراده بأفعاله: كالخلق، والرزق، والإحياء والإماتة، وتدبير الكون، فليس هناك رب سواه سبحانه وتعالى، رب العالمين.
القسم الثاني: توحيد الألوهية أو توحيد العبادة؛ لأن الألوهية معناها عبادة الله عز وجل بمحبته وخوفه ورجائه، وطاعة أمره، وترك ما نهى عنه فهو إفراد الله تعالى بأفعال العباد التي شرعها لهم.
القسم الثالث: توحيد الأسماء والصفات: وهو إثبات ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء والصفات، وتنزيهه عما نزّه عنه نفسه، ونزّهه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم من العيوب والنقائص.
فكل الآيات التي تتحدث عن أفعال الله فإنها في توحيد الربوبية، وكل الآيات التي تتحدث عن العبادة والأمر بها والدعوة إليها فإنها في توحيد الألوهية.
وكل الآيات التي تتحدث عن الأسماء والصفات لله عز وجل فإنها في توحيد الأسماء والصفات.
وهذه الأقسام الثلاثة المطلوب منها هو توحيد الألوهية؛ لأنه هو الذي دعت إليه الرسل، ونزلت به الكتب، وقام من أجله الجهاد في سبيل الله، حتى يُعبد الله وحده، وتُترك عبادة ما سواه.
وأما توحيد الربوبية ومنه توحيد الأسماء والصفات فلم ينكره أحد من الخلق، وذكر الله سبحانه وتعالى ذلك في آيات كثيرة، ذكر أن الكفار مُقرُّون بأن الله هو الخالق الرازق، المحيي المميت، والمدبر، فهم لا يخالفون فيه. وهذا النوع إذا اقتصر عليه الإنسان لا يدخله ذلك في الإسلام؛ لأن النبي، صلى الله عليه وسلم، قاتل الناس وهم يقرون بتوحيد الربوبية، واستحل دمائهم وأموالهم.
ولو كان توحيد الربوبية كافياً لما قاتلهم الرسول عليه الصلاة والسلام، بل ما كان هناك حاجة إلى بعثة الرسل، فدل على أن المقصود والمطلوب هو توحيد الألوهية، أما توحيد الربوبية فإنه دليل عليه، وآية له، ولذلك إذا أمر الله بعبادته ذكر خلقه للسموات والأرض، وقيامه سبحانه بشؤون خلقه، برهاناً على توحيد الألوهية، وإلزاماً للكفار والمشركين، الذين يعترفون بالربوبية وينكرون الألوهية، ولما قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: "قولوا: لا إله إلا الله" قالوا: (أجعل الآلهة إلهاً واحداً إن هذا لشيء عجاب) () [ص:5]، وقال سبحانه وتعالى: (وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون) [الزمر: 45]، وقال تعالى: (إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون * ويقولون أئنا لتاركوا ءالهتنا لشاعر مجنون) [الصافات: 35:36]
فهم لا يريدون توحيد الألوهية، بل يريدون أن تكون الآلهة متعددة، وكلٌ يعبد ما يريد.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/413)
فيجب أن يُعلم هذا، فإن كل أصحاب الفرق الضالة الحديثة والقديمة، يركزون على توحيد الربوبية، فإنه إذا أقر العبد عندهم بأن الله هو الخالق الرازق، قالوا: هذا مسلم، وكتبوا بذلك عقائدهم، فكل عقائد المتكلمين لا تخرج عن تحقيق توحيد الربوبية والأدلة عليه.
وهذا لا يكفي، بل لابد من الألوهية، قال تعالى: (ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت) [النحل: 36] يأمرون الناس بعبادة الله وهي توحيد الألوهية.
(وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون) [الأنبياء:25]،. (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً) [النساء: 36].
كل الآيات تأمر بتوحيد الألوهية وتدعو إليه، وجميع الرسل دعوا إلى توحيد الألوهية وأمروا به أممهم، ونهوهم عن الشرك، هذا هو المطلوب والغاية والقصد من التوحيد، وأما توحيد الأسماء والصفات فأنكره المبتدعة من الجهمية والمعتزلة والأشاعرة، على تفاوت بينهم في ذلك.
وقوله نقول: -أي يقول معشر أهل السنة والجماعة- في توحيد الله، معتقدين بتوفيق الله: إن الله واحد لا شريك له.
العقيدة والتوحيد بمعنى واحد. سواء سُميت عقيدة أو توحيداً أو إيماناً، فالمعنى واحد وإن اختلفت الأسماء.
وقوله: "بتوفيق الله" هذا تسليم لله عز وجل، وتضرّع إلى الله، وتبرؤ من الحول والقوة، فالإنسان لا يزكي نفسه، وإنما يقول: بتوفيق الله، بمشيئة الله، بحول الله، هذا أدب العلماء رحمهم الله. "إن الله واحد لا شريك له" هذا هو التوحيد؛ واحد في ربوبيته، واحد في ألوهيته، وواحد في أسماءه وصفاته.
(3) ولا شيء مثله:
مأخوذ من قوله تعالى: (ليس كمثله شيءٌ) [الشورى:11]، وقوله تعالى: (ولم يكن له كفواً أحد) [الإخلاص: 4]، وقوله تعالى: (فلا تجعلوا لله أنداداً) [البقرة: 22]، أي شبهاء ونظراء.
وقوله تعالى: (هل تعلم له سمياً) [مريم: 65]، أي: مماثل يساميه سبحانه وتعالى، فالتمثيل والتشبيه منفيان عن الله عز وجل.
لا يشبهه أحد من خلقه، وهذا هو الواجب أن نثبت ما أثبته الله لنفسه ونعتقده ولا نشبهه بأحد من خلقه، ولا نمثّله بخلقه سبحانه وتعالى، وهذا فيه رد على المشبهة الذين يعتقدون أن الله مثل خلقه، ولا يُفرقون بين الخالق والمخلوق، وهو مذهب باطل.
وفي مقابله مذهب المعطلة؛ الذين غلوا في التنزيه حتى نفوا عن الله ما أثبته من الأسماء والصفات، فراراً من التشبيه بزعمهم.
فكلا الطائفتين غلت، المعطلة غلوا في التنزيه ونفي المماثلة، والمشبهة غلوا في الإثبات، وأهل السنة والجماعة توسّطوا؛ فأثبتوا ما أثبته الله لنفسه على ما يليق بجلاله، من غير تشبيه ولا تعطيل على حد قوله تعالى (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) [الشوى:11] فقوله: (ليس كمثله شيء) نفي للتشبيه، وقوله: (وهو السميع البصير) نفي للتعطيل، وهذا المذهب الذي يسير عليه أهل السنة والجماعة.
ولهذا يُقال: المعطل يعبد عدماً، والمشبه يعبد صنماً، والموحد يعبد إلهاً واحداً فرداً صمداً.
(4) ولا شيء يعجزه:
هذا إثبات لكمال قدرته:
قال تعالى: (وهو على كل شيء قدير) [المائدة: 120].
وقال تعالى: (وكان الله على كل شيء مقتدراً) [الكهف: 45].
وقال تعالى: (إنه كان عليماً قديراً) [فاطر: 44].
والقدير معناه: المبالغ في القدرة، فقدرته سبحانه وتعالى لا يعجزها شيء، إذا أراد شيئاً فإنما يقول له: كن فيكون.
-فهذا فيه إثبات قدرة الله عز وجل، وإثبات شمولها، وعمومها لكل شيء.
-أما العبارة التي يقولها بعض المؤلفين: إنه على ما يشاء قدير. فهذه غلط؛ لأن الله لم يقيد قدرته بالمشيئة، بل قال: على كل شيء قدير، فقل ما قاله الله سبحانه وتعالى. إنما هذه وردت في قوله تعالى: (وهو على جمعهم إذا يشاء قدير) [الشورى: 29]؛ لأن الجمع له وقت محدد في المستقبل، وهو قادر على جمعهم في ذلك الوقت، أي أهل السماوات وأهل الأرض، قال تعالى: (ومن آياته خلق السموات والأرض وما بث فيهما من دآبة وهو على جمعهم إذا يشاء قدير) [الشورى:29].
(5) ولا إله غيره:
هذا هو توحيد الألوهية. لا إله، أي: لا معبود بحق غيره.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/414)
أما إذا قلت: لا معبود إلا هو؛ أو لا معبود سواه، فهذا باطل؛ لأن المعبودات كثيرة من دون الله عز وجل، فإذا قلت: لا معبود إلا الله، فقد جعلت كل المعبودات هي الله، وهذا مذهب أهل وحدة الوجود، فإذا كان قائل ذلك يعتقد هذا فهو من أصحاب أهل وحدة الوجود، وأما إن كان لا يعتقد هذا، إنما يقوله تقليداً أو سمعه من أحد، فهذا غلط، ويجب عليه تصحيح ذلك. وبعض الناس يستفتح بهذا في الصلاة فيقول: ولا معبود غيرك، والله معبود بحق، وما سواه فإنه معبود بالباطل، قال تعالى: (ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير) [الحج: 62].
(6) قديم بلا ابتداء، دائم بلا انتهاء:
كما دل عليه قوله تعالى: (هو الأول والآخر) [الحديد:3]، وقوله عليه الصلاة والسلام: "أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء" ().
لكن كلمة "قديم" لا تُطلق على الله عز وجل إلا من باب الخبر، أما من جهة التسمية فليس من أسمائه: القديم، وإنما من أسمائه: الأول. والأول ليس مثل القديم؛ لأن القديم قد يكون قبله شيء، أما الأول فليس قبله شيء، قال عليه الصلاة والسلام: "أنت الأول فليس قبلك شيء".
لكن المؤلف رحمه الله احتاط فقال: "قديم بلا ابتداء"، أما لو قال: "قديم" وسكت، فهذا ليس بصحيح في المعنى.
(7) لا يفنى ولا يبيد:
الفناء والبيد بمعنى واحد، فالله سبحانه وتعالى موصوف بالحياة الباقية الدائمة، قال تعالى: (وتوكل على الحي الذي لا يموت) [الفرقان: 58].
فالله لا يأتي عليه الفناء، قال سبحانه وتعالى: (كل شيء هالك إلا وجهه) [القصص:88]، وقال سبحانه وتعالى: (كل من عليها فان * ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام) [الرحمن:26،27].
فله البقاء سبحانه وتعالى، والخلق يموتون ثم يبعثون، وكانوا في الأول عدماً ثم خلقهم الله، ثم يموتون ثم يبعثهم الله عز وجل.
فالله سبحانه وتعالى ليس له بداية وليس له نهاية.
(8) ولا يكون إلا ما يريد:
هذا فيه إثبات القدر وإثبات الإرادة، فلا يكون في ملكه ولا يحصل في خلقه من الحوادث والكائنات إلا ما أراده سبحانه وتعالى بالإرادة الكونية: (إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون) [يس:82]، فكل خير وكل شر فهو بإرادة الله الكونية، فلا يخرج عن إرادته شيء، وهذا فيه رد على القدرية الذين ينفون القدر، ويزعمون أن العبد هو الذي يخلق فعل نفسه ويوجد فعل نفسه، تعالى الله عما يقولون، وهذا تعجيز لله، وأنه يكون في خلقه ما لا يريده سبحانه وتعالى، فهذا وصف له بالنقص، فجميع ما يكون في الكون من خير وشر فإنه بإرادته، فيخلق الخير لحكمة، ويخلق الشر لحكمة، فهو من جهة خلقه له ليس بشر؛ لأنه لحكمة عظيمة، ولغاية عظيمة، وهي الابتلاء والامتحان، وتمييز الخبيث من الطيب، والجزاء على الأعمال الصالحة، والجزاء على الأعمال السيئة، له الحكمة في ذلك سبحانه وتعالى، لم يخلق ذلك عبثاً.
(9) لا تبلغه الأوهام ولا تدركه الأفهام:
فالله سبحانه وتعالى لا يُحاط به، فالله أعظم من كل شيء سبحانه وتعالى (يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علماً) [طه:110]، فالله سبحانه يُعلم ولكن لا يُحاط به، فالله أعظم من كل شيء، فلا يتخيله الفكر، ولا يجوز لإنسان أن يقول في الله إلا ما قاله سبحانه عن نفسه، أو قاله عنه رسوله عليه الصلاة والسلام.
(10) ولا يشبه الأنام:
هذه مثل العبارة التي مضت، ولا شيء مثله، والأنام معناه: الخلق، فالله سبحانه وتعالى منزه عن مشابهة الخلق: (ليس كمثله شيءٌ وهو السميع البصير) [الشورى:11]، (ولم يكن له كفواً أحداً) [الإخلاص:4] فهو سبحانه منزه عن مشابهة خلقه، وإن كان له أسماء وصفات تشترك مع أسماء وصفات الخلق في اللفظ والمعنى، لكن في الحقيقة والكيفية لا تشابه بينهما.
(11) حي لا يموت:
حياته كاملة لا يعتريها نقص ولا نوم (الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم) [البقرة:255]، (وتوكل على الحي الذي لا يموت) [الفرقان:58] فنفي عن نفسه السِّنة، وهي النوم الخفيف والنوم المستغرق ()، ونفى عن نفسه الموت لكمال حياته سبحانه (). والنوم والنعاس والموت نقص في الحياة، وهذه من صفة المخلوق، وحياة المخلوق ناقصة فهو ينام ويموت.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/415)
فالنوم كمال في حق المخلوق، نقص في حق الخالق؛ لأن المخلوق الذي لا ينام معتل الصحة، فهذا يدل على الفرق بين صفات الخالق وصفات المخلوق، والحي والقيوم: هاتان الصفتان مأخوذتان من قوله تعالى: (الله لا إله إلا هو الحي القيوم) الحي الذي له الحياة الكاملة، والقيوم صيغة مبالغة.
(12) قيوم لا ينام:
القيوم هو: القائم بنفسه والمقيم لغيره، القائم بنفسه فلا يحتاج إلى شيء، وغني عن كل شيء، المقيم لغيره، كل شيء فقير إليه يحتاج إلى إقامته له سبحانه وتعالى، فلولا إقامة الله للسموات والأرض والمخلوقات لتدمرت وفنيت، ولكن الله يقيمها ويحفظها ويمدها بما يصلحها.
فجميع الخلق في حاجة إليه (إن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده) [فاطر: 41].
(13) خالق بلا حاجة، رازق بلا مؤنة:
هو الذي خلق الخلق وهو ليس بحاجة إليهم، إنما خلقهم لعبادته (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) [الذاريات:56]، فخلقهم لا لحاجة إليهم بأن ينصروه أو ليعينوه أو ليساعدوه –سبحانه- أو يحموه، إنما خلقهم لعبادته، وهم المحتاجون للعبادة؛ لتصلهم بالله وتربطهم بربهم، فالعبادة صلة بين العبد وربه، فتقربه من الله، ويحصل بها من الله على الثواب والجزاء، فالعبادة حاجة للخلق وليست بحاجة لله عز وجل (إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعاً فإن الله لغني حميد) [إبراهيم:8] (إن تكفروا فإن الله غني عنكم) [الزمر:7]. وقوله: (رازق بلا مؤنة) أي هو القائم بأرزاق عباده ولا ينقص ذلك مما عنده.
(14) مميت بلا مخافة:
أي: يميت الأحياء إذا كملت آجالهم، لا لأنه خائف منهم ولكن ذلك لحكمته سبحانه وتعالى؛ لأن الحياة في الدنيا لها نهاية، وأما الآخرة فليس للحياة فيها نهاية، فإماتتهم ليس خوفاً منهم أو ليستريح منهم، ولو كانوا يكفرون به فإنه لا يتضرر بكفرهم، وإنما يضرون أنفسهم، لكنه هو يفرح بتوبتهم؛ لأنه يحب –ويريد- لهم الخير، فهو يفرح بتوبتهم وهو ليس في حاجة إليهم، إنما ذلك لطفه وإحسانه.
(15) باعث بلا مشقة:
هذا من عجائب قدرته، أنه يميت الخلق ويفنيهم حتى يتلاشوا ويصيروا تراباً ورفاتاً. حتى يقول الجاهل: لا يمكن أن يعودوا ولكن الله عز وجل يبعثهم من جديد ويعيد خلقهم من جديد، وليس عليه في ذلك مشقة، كما قال سبحانه وتعالى: (ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة) [لقمان:28]. (وهو الذي يبدؤا الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه وله المثل الأعلى في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم) [الروم:27].
فالمشركون أنكروا البعث استبعاداً منهم كما ذكر الله ذلك عنهم: (قال من يحي العظام وهي رميم) [يس:78]، قال سبحانه وتعالى: (قل يحييها الذي أنشأها أول مرة) [يس:79].
أول مرة، ليس لها وجود أصلاً، فأوجدها من العدم سبحانه وتعالى، فالذي خلقها من العدم: أليس بقادر على إعادتها من باب أولى؟ هذا في نظر العقول، وإلا فإن الله سبحانه لا يُقاس بخلقه، إنما ذلك لضرب المثل: (وله المثل الأعلى) [الروم:27].
فهذا ردٌ على هذا الجاحد، قال تعالى: (ونسي خلقه) [يس:78]، نسي أنه في الأول كان لا شيء ولا وجود له (هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً) [الإنسان:1]، نسي أن الله أوجده من عدم.
فهو يجمع هذه العظام المتفرقة، واللحوم الممزقة، والتراب الذي تحلل، وهذه الشعور المتبعثرة يعيدها كما كانت، (ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا انتم تخرجون) [الروم:25] (ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون) [الزمر:68] وهي نفخة البعث.
فالأولى نفخة الصعق والموت، والثانية نفخة البعث.
(ونفخ في الصور فإذا هم من الأجداث) [يس:51] أي: القبور: (إلى ربهم ينسلون * قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون) [يس:51:52].
فالله قادر على كل شيء، وهذا رد على الكفار الذين يُعجزون الله عن إحياء الموتى وإعادتهم كما كانوا.
قال تعالى: (أيحسب الإنسان ألن نجمع عظامه * بلى قادرين على أن نسوي بنانه) [القيامة:3،4]. (يوم يخرجون من الأجداث سراعاً كأنهم إلى نصب يوفضون) [المعارج:43].
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/416)
هذه قدرة الله وإرادته ومشيئته، لا يعجزه شيء، لكن بعض المخلوقين يقيس الله بخلقه فيستبعد البعث؛ لأنه في نظره مستحيل، ولا ينظر إلى قدرة الله، ولم يقدر الله حق قدره، وهذا من الجهل بالله عز وجل.
(16) ما زال بصفاته قديماً قبل خلقه:
تقدم قول المصنف: "قديم بلا ابتداء"، فهو سبحانه وتعالى ليس قبله شيء، ومعنى ذلك: أنه متصف بصفات الكمال، فصفاته تكون أزلاً وأبداً، فكما أنه أول بلا بداية، فكذلك صفاته، فإنها تكون تابعة له سبحانه، فهي أولية بأولية الله سبحانه وتعالى، فلم يكن أولاً بلا صفات ثم حدثت له الصفات بعد ذلك كما يقوله أهل الضلال، الذين يقولون: لم تكن له صفات في الأزل ثم كانت له صفات؛ لئلا يلزم على ذلك تعدد الآلهة –كما يزعمون- أو تعدد القدماء، وتكون الأسماء والصفات شريكة لله في أوليته. فنقول: يا سبحان الله! هذا يلزم عليه أن يكون الله ناقصاً –تعالى الله- في فترة، ثم حدثت له الصفات وكمل بها، تعالى عما يقولون، ولا يلزم من قدم الصفات قدم الأرباب؛ لأن الصفات ليست شيئاً غير الموصوف في الخارج، إنما هي معان قائمة بالموصوف، ليست شيئاً مستقلاً عن الموصوف، فإذا قلت مثلاً: "فلان سميع بصير، عالم فقيه، لغوي نحوي" فهل معنى هذا أن الإنسان صار عدداً من الأشخاص، فلا يلزم من تعدد الصفات تعدد الموصوف، كما يقوله أصحاب الضلال.
فالله سبحانه وتعالى ليس لصفاته بداية كما أنه ليس لذاته بداية، فيوصف بأنه الخالق دائماً وأبداً.
وأما أفعاله سبحانه، فهي قديمة النوع حادثة الآحاد.
فالله سبحانه وتعالى متكلم قبل أن يصدر منه الكلام، وخالق قبل أن يصدر منه الخلق. وأما أنه يتكلم ويخلق، فهذه أفعال متجددة وهكذا.
(17) لم يزدد بكونهم شيئاً، لم يكن قبلهم من صفته:
أي: خلق الخلق. ولا نقول: لم يصر خالقاً إلا بعد أن خلقهم، بل هو يسمى خالقاً من الأزل، لا بداية لذلك، أما خلقه إنما هو متجدد.
(18) وكما كان بصفاته أزلياً، كذلك لا يزال عليها أبدياً:
كما أنه موصوف بصفاته أزلياً، يعني: لا بداية لذلك، كذلك صفاته تلازمه –سبحانه- في المستقبل، فهو بصفاته أبدي لا نهاية له (أنت الآخر فلا بعدك شيء) باسمك وصفاتك، ولا يقال: إن هذه الصفات تنقطع عنه في المستقبل، بل هي ملازمة له سبحانه وتعالى.
(19) ليس بعد خلق الخلق استفاد اسم (الخالق)
هذا توضيح وتكرار لما سبق.
(20) ولا بإحداث البرية استفاد اسم (الباري):
من أسماء الله عز وجل: الباري، يعني: الخالق، برى الخلق، يعني: خلقهم، فهو الباري، وهذا الاسم ملازم لذاته ليس له بداية.
(21) له معنى الربوبية ولا مربوب، ومعنى الخالق ولا مخلوق:
كذلك هو رب قبل أن توجد المربوبات، والرب معناه: المالك والمتصرف والمصلح والسيد، وهذه الصفات لازمة لذاته، يوصف بالربوبية بلا بداية ولا نهاية، قبل وجود المربوبات وبعد فناء المربوبات.
(22) وكما أنه محيي الموتى بعدما أحيا، استحق هذا الاسم قبل إحيائهم، كذلك استحق اسم الخالق قبل إنشائهم:
كما أنه –سبحانه- يوصف بكونه محيي الموتى في الأزل، وبأنه يحيي ويميت، ولا يكون هذا الوصف معدوماً حتى يكون أحيا الموتى، وإنما هذا له من القديم والأزل، وأما إحياء الموتى فهذا متجدد، أحيا ويحيي سبحانه إذا شاء.
(23) ذلك بأنه على كل شيء قدير:
هذا وصف أزلي، لا يقال بأنه ما استفاد القدرة إلا بعد أن خلق وأوجد المخلوقات، بل القدرة صفة أزلية، وإنما كونه أوجد المخلوقات فهذا أثر ناتج من كونه على كل شيء قدير.
والله هو الذي وصف نفسه بأنه على كل شيء قدير من الموجودات ومن المعدومات، لم يقيد قدرته بشيء معين، لا يعجزه شيء، ولا يجوز التقييد بأنه قدير على كذا، ولا يقال: إنه على ما يشاء قدير، إنما هذا خاص بجمع الله سبحانه وتعالى لأهل السموات والأرض: (ومن آياته خلق السموات والأرض وما بث فيهما من دابة وهو على جمعهم إذا يشاء قدير) [الشورى:29] وهذه قضية معينة.
(24) وكل شيء إليه فقير:
لا شيء يمكن أن يستغني عن الله لا من الملائكة ولا السماوات والأرض ولا الجن ولا الإنس، ولا الجامدات من الجبال ولا البحار، كل شيء فقير إلى الله: (يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد) [فاطر:15].
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/417)
فكل شيء إليه فقير، لا الأولياء ولا السماوات، ومن يقول: إن الأولياء لهم قدرة غير البشر وإنهم يتصرفون في الكون، وإنهم ينفعون ويضرون من دون الله، فذلك من قول الكفرة والمشركين، فليس للأولياء والرسل والملائكة غنى عن الله ولا تصرف من دونه.
وهذا مما يبطل عبادة غير الله من الأصنام ونحوها، كيف تعبد أشياء فقيرة وتنسى الذي بيده ملكوت كل شيء؟ ولهذا لما قال بعض علماء القبورية لعامي من أهل التوحيد: أنتم تقولون: إن الأولياء لا ينفعون ولا يضرون، قال: نقول: إنهم لا ينفعون ولا يضرون، قال: أليس الله تعالى يقول: (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون) [آل عمران:169]. قال: وهل الله قال: يُرزقون، أو يَرزقون؟ قال: بل قال: (يُرزقون) بضم الياء، قال: إذن أنا أسأل الذي يرزقهم ولا أسألهم. فانخصم ذلك العالم بحجة العامي الذي هو على الفطرة.
(25) وكل أمر عليه يسير:
(إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون) [يس:82].
فهو يحيي ويميت، ويخلق ويرزق، ويعطي ويمنع، ويحيي الموتى بعد فنائهم، وذلك يسير عليه سبحانه وتعالى، لا يكلفه شيئاً ولا يشق عليه، خلاف المخلوق، فإنه يتكلف بفعل الأشياء، أو يعجز عنها، أما الله فليس شيء عليه صعباً، (ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة) [لقمان:28].
(26) لا يحتاج إلى شيء:
الله سبحانه غني عن كل شيء، فالله ليس بحاجة إلى الخلق؛ لأنه هو الغني، فهو الذي يعطي الخلق سبحانه.
(27) (ليس كمثله شيءٌ وهو السميع البصير):
هذا نفي للتشبيه عن الله سبحانه، والكاف لتأكيد النفي، مثل: (وكفى بالله عليماً) [النساء:70] الأصل: وكفى الله عليماً، ولكن جاءت الباء للتأكيد.
وليس يشبهه شيء من الأشياء، لا الملائكة ولا الأنبياء والرسل ولا الأولياء ولا أي مخلوق (وهو السميع البصير) [الشورى: 11] فسمى نفسه السميع البصير.
فالآية في أولها رد على المشبهة، وفي آخرها رد على المعطلة، ودلت على أنه لا يلزم من إثبات الأسماء والصفات التشبيه بالمخلوقات، فسمع وبصر المخلوقات لا يشبه سمع ولا بصر الله عز وجل.
(28) خلق الخلق بعلمه:
قال سبحانه: (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير) [تبارك: 14]. فخلقه دليل على علمه سبحانه وتعالى وقدرته كما قال تعالى (وما كان الله ليعجزه من شيء في السموات ولا في الأرض إنه كان عليماً قديراً)
(29) وقدر لهم أقداراً:
قدر الله جل وعلا المقادير، ولم يوجد هذه الأشياء بدون تقدير (وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم) [الحجر:21] فكل شيء قدره الله بمقادير وكيفيات لا تختلف ولا تتغير، فالإنسان قدر الله جسمه وحواسه وأعضاءه وتركيبه وأوزانه، حتى صار إنساناً معتدلاً يمشي ويقف ولو اختل شيء من أعضاء هذا الإنسان أو من تراكيبه اختل الجسم، وكذلك سائر الكائنات (وكل شيء عنده بمقدار) [الرعد:8] فلكل شيء مقادير ينضبط بها، ولكل شيء مقادير تختلف عن مقادير الآخر.
(30) وضرب لهم آجالاً:
المخلوقات لها آجال ولها نهاية، قال سبحانه (كل من عليها فان * ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام). [الرحمن:26:27]، وقال سبحانه: (كل شيء هالك إلا وجهه) [القصص:88].
كل شيء له عمر محدود، حدده الله –سبحانه- إما قصير وإما طويل، قال سبحانه، (وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب إن ذلك على الله يسير) [فاطر:11]، فالأعمار بيده سبحانه وتعالى، وهذا يدل على كمال ربوبيته وكمال قدرته، فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن.
(31) ولم يخف عليه شيء قبل أن يخلقهم:
بل هو عالم بالأشياء قبل أن توجد، لا أنه لا يعلمها إلا بعد أن وُجدت.
(32) وعلم ما هم عاملون قبل أن يخلقهم:
علم ما يعمل العباد قبل خلقهم، أن هذا من أهل الطاعة وهذا من أهل المعصية.
(33) وأمرهم بطاعته، ونهاهم عن معصيته:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/418)
كما في قوله تعالى: (وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون) [الذاريات:56]، خلقهم أولاً، ثم أمرهم بعبادته سبحانه وتعالى، فهو سبحانه أمرهم بطاعته، مع أنه يعلم ما هم عاملون من قبل، ولكن الجزاء لا يترتب على العلم، وإنما الجزاء يترتب على العمل، فالله لا يعذب العبد بحسب العلم، إلا إذا وقع منه الذنب، ولا يكرم المحسن حتى يقع منه الفعل، فالجزاء مرتب على العمل، لا على العلم ولا على القدر، ففرق بين العلم وبين الجزاء، ولذلك أمرهم الله ونهاهم، فمن أطاع الأوامر وترك النواهي حصل على الثواب، ومن خالف الأوامر وارتكب النواهي حصل على العقاب بأفعاله هو لا بأفعال الله سبحانه، فالعبد هو المصلي والمزكي والحاج والمجاهد، فالأعمال تنسب إليه لا إلى الله، إلا من جهة الخلق والعلم والتقدير والتوفيق.
(34) وكل شيء يجري بتقديره:
لا شك أن كل شيء بتقديره لا يخرج عن تقدير الله من الخير والشر، والطاعة والمعصية، والكفر والإيمان، والمرض والصحة، والغنى والفقر، والعلم والجهل، كل شيء يجري بتقديره، وليس في ملكه شيء لم يقدره ولا يريده.
(35) ومشيئته تنفذ، لا مشيئة للعباد إلا ما شاء لهم، فما شاء لهم كان، وما لم يشأ لم يكن:
الله سبحانه وتعالى له مشيئة، والعباد لهم مشيئة، ولكن مشيئة العباد مرتبة على مشيئة الله، وليست مستقلة، ولهذا قال سبحانه: (وما تشاءون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليماً حكيماً) [الإنسان:30] وقال سبحانه: (وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين) [التكوير:29] فجعل لنفسه مشيئة هي من صفاته، وجعل لعباده مشيئة هي من صفاتهم، وربط مشيئتهم بمشيئته سبحانه، وفي هذا رد على القدرية والجبرية: فالقدرية ينفون مشيئة الله لأفعال العباد، ويجعلون للعبد مشيئة مطلقة، وأن العبد مستقل بأفعاله وإرادته ومشيئته، هذا مذهب القدرية من المعتزلة وغيرهم. والجبرية يقولون: العبد ليس له مشيئة، وإنما المشيئة لله فقط، والعبد يتحرك بدون اختياره ولا إرادته، مثل ما تحرك الآلة. فطائفة غلت في إثبات مشيئة الله وطائفة غلت في إثبات مشيئة العبد.
وأما أهل السنة والجماعة: فأثبتوا المشيئتين، وجعلوا مشيئة العبد مربوطة بمشيئة الله، أخذاً من الآيتين السابقتين فقوله: (وما تشاءون) فيه إثبات مشيئة العباد، وقوله: (إلا أن يشاء الله) فيه إثبات مشيئة الله عز وجل، وفي الآية أن مشيئة العبد ليست مستقلة، وإنما هي مربوطة بمشيئة الله؛ لأنه خلق من خلق الله، خلقه وخلق مشيئته وخلق إرادته، ولهذا لما قال بعض الناس للنبي صلى الله عليه وسلم: ما شاء الله وشئت، قال عليه الصلاة والسلام: "أجعلتني لله نداً؟ " أي: شريكاً في المشيئة "قل: ماشاء الله وحده" (). ولما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن قوماً يقولون: ما شاء الله وشاء محمد، أنكر ذلك وقال: "قولوا؛ ما شاء الله ثم شاء محمد"، فجعل مشيئته مرتبة على مشيئة الله "بثم" التي تفيد الترتيب والتراخي، لا بالواو؛ لأنها تقتضي التشريك.
(36) يهدي من يشاء، ويعصم ويعافي فضلاً، ويضل من يشاء ويخذل ويبتلي عدلاً:
الله سبحانه يهدي من يشاء، ويضل من يشاء، وهذا بقضاء الله وقدره، ولكنه يهدي من يعلم أنه يصلح للهداية، ويهدي من يحرص على طلب الهداية ويُقبل عليها، فإن الله ييسره لليسرى، ويضل من يشاء بسبب إعراضه عن طلب الهداية والخير، فيضله الله عقوبة له على إعراضه وعدم رغبته في الخير، يوضح ذلك قوله تعالى: (فأما من أعطى وأتقى * وصدق بالحسنى * فسنيسره لليسرى) [الليل:5 - 7] فصار السبب من العبد، والقدر من جهة الله سبحانه: (وأما من بخل واستغنى * وكذب بالحسنى * فسنيسره للعسرى) [الليل:8 - 10] فصار السبب من العبد والقدر من الله عز وجل، ولكن قدره الله عقوبة له.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/419)
فقدر الله الهداية فضلاً من الله عز وجل، وتكرم على الشخص الذي يريد الخير ويريد الهداية، فييسره الله للخير ولفعله، وهذا لمصلحته، لا مصلحة لله عز وجل، وأما إضلال الضالين فعدل منه سبحانه وتعالى، جزاءً لهم على إعراضهم وعدم إقبالهم على الخير وعلى طاعة الله عز وجل، لم يظلمهم شيئاً، ولهذا نجد في الآيات (والله لا يهدي القوم الظالمين) [البقرة:258] (والله لا يهدي القوم الكافرين) [البقرة:264]، (والله لا يهدي القوم الفاسقين) [المائدة:108] فجعل الظلم، والكفر، والفسق، أسباب لعدم الهداية، وهذه من أفعال العباد جازاهم عليها، عدلاً منه سبحانه وتعالى لا ظلماً (وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) [النحل:33]، فلا يليق به سبحانه أن يكرم من هذا وصفه وأيضاً لا يليق به سبحانه وتعالى أن يُضيع عمل العاملين، قال سبحانه: (أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون) [الجاثية:21] (وخلق الله السموات والأرض بالحق ولتجزى كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون) [الجاثية:22]، (أفنجعل المسلمين كالمجرمين * ما لكم كيف تحكمون) [القلم:35،36] هذا جور ينزه الله عنه، ويقول سبحانه وتعالى: (أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار) [ص:28].
فالله سبحانه وتعالى لا يُضيع أجر من عمل صالحاً، ولا يجازي أحداً بغير فعله، وبغير كسبه (وما تجزون إلا ما كنتم تعملون) [الصافات:39] فالعمل كله للعبد من الخير والشر، والمجازاة من الله فضلاً وعدلاً.
(37) وكلهم يتقلبون في مشيئة بين فضله وعدله:
وكل العباد لا يخرجون عن التقلب في مشيئة الله بين فضلة على أهل الطاعة وأهل الخير، وعدله مع أهل الكفر والشرك، وهذا هو اللائق بحكمته وعظمته سبحانه، فلا يجمع بين المتضادات والمختلفات، بل ينزل الأشياء في منازلها، ولهذا من أسمائه: الحكيم، ومن صفاته: الحكمة، الحكيم الذي يضع الأشياء في مواضعها، فيضع الفضل في أهل الطاعة، ويضع العذاب في أهل الكفر والمعاصي، هذا فضله سبحانه وعدله.
(38) وهو متعال عن الأضداد والأنداد:
(متعال) أي: مرتفع بذاته وقدره وقهره عن الأضداد والأنداد، فالأنداد: هم الأمثال والشبهاء والنظراء، فالله سبحانه وتعالى ليس له نظير، وليس له مثيل ولا شبيه، فلا أحد يشارك الله ولا يشابهه ولا يساويه جل وعلا، وهذا من علو قدره وقهره وهو العلي بذاته فوق مخلوقاته. أما الأضداد: فهم المعارضون له، فالله ليس له معارض، ولا يضاده أحد من خلقه، فإنه إذا أراد أمراً فلا يمكن لأحد أن يعترض ويمنع أمره سبحانه وتعالى، وإذا أراد إعطاء فلا أحد يمنع، وإذا أراد منعاً لشيء فلا أحد يعطيه (لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت) ().
قال تعالى: (ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم) [فاطر:2].
فلا ند لله ولا ضد له فيما يأمر به وينهى عنه، خلاف المخلوقين فيوجد من ينازعهم ويقف ضد تنفيذ أوامرهم، فالمخلوقات كلها لها مشارك، فالخلق يتشابهون في العلم والاسم وفي كل شيء، في الأجساد والصفات، ويشتركون في الأفعال والأملاك والله سبحانه لا يشبهه أحد ولا يشاركه أحد.
(39) لا راد لقضائه، ولا معقب لحكمه، ولا غالب لأمره:
فالله (إذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون) [مريم:35] (لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب) [الرعد:41] فالله عز وجل إذا قضى أمراً فلا يستطيع أحد أن ينقضه أو يرده، بخلاف المخلوق فقد يعطل تنفيذ حكمه وقد يُنقض.
(ولا غالب لأمره): وإذا أمر بالشيء لا أحد يغلب أوامره الكونية، أما أوامره الشرعية فقد تُعطل وقد تُخالف، وهذه للابتلاء والامتحان. ليترتب على ذلك الثواب أو العقاب.
(40) آمنا بذلك كله، وأيقنا أن كلا من عنده:
كل ما سبق ذكره من أول العقيدة إلى آخرها، ندين لله به، وليس مجرد كلام بألسنتنا، بل هو من قلوبنا.
(41) وأن محمداً عبده المصطفى، ونبيه المجتبى، ورسوله:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/420)
لما بين الشيخ –رحمه الله- في أول كلامه ما يجب من معرفة الله سبحانه، واعتقاد أنه الرب المستحق للعبادة دون ما سواه، وأنه متصف بصفات الكمال ونعوت الجلال التي هو متصف بها أزلاً وأبداً، لما بين هذا ووضحه، انتقل إلى ما يجب اعتقاده في الرسول عليه الصلاة والسلام. وقوله: "وإن محمداً عبده المصطفى .. " هذا عطف على أول الكلام: "نقول في توحيد الله، معتقدين بتوفيق الله إن الله واحد لا شريك له…." إلى آخره، ثم قال: "وإن محمداً…." إلى آخره، فلابد من اعتقاد هذا، كما نشهد لله بالألوهية، كذلك نشهد للرسول صلى الله عليه وسلم بالرسالة، ولذلك فالشهادتان دائماً متلازمتان.
"وأن محمداً" هذا اسمه عليه الصلاة والسلام المشهور به، وقد جاء في القرآن: (ما كان محمدٌ أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله) [الأحزاب:40]، وفي قوله: (وآمنوا بما نُزل على محمد وهو الحق من ربهم كفّر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم) [محمد:2]، وفي قوله تعالى (محمد رسول الله والذين معه) [الفتح:29]، وجاء أحمد في القرآن في قوله تعالى عن عيسى عليه السلام: (يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقاً لما بين يديّ من التوراة ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد) [الصف:6].
وله أسماء جاءت في السنة، ذكرها ابن القيم في كتابه: "جلاء الأفهام".
والتعرف على الرسول صلى الله عليه وسلم من واجبات الدين ومن أصول الإسلام، وقد قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب في "ثلاثة الأصول": "الأصل الأول: معرفة الله، والثاني: معرفة نبيه، والثالث: معرفة دين الإسلام بالأدلة"، كما يجب عليك معرفة الله، كذلك يجب عليك معرفة نبيه صلى الله عليه وسلم، ومعرفة دين الإسلام بالأدلة. هذه أصول ثلاثة، وهي التي يسأل عنها الميت إذا وضع في قبره.
وقوله: (عبده) فهو عبدالله عز وجل، وليس له من الألوهية شيء، ولا من الربوبية شيء، وإنما هو عبد الله ورسوله، مؤتمر بأوامره، منتهٍ عن نواهيه، مبلغ عن الله عز وجل، وهذا فيه رد على الغلو فيه عليه الصلاة والسلام؛ لأن هناك من يغلون في الرسول عليه الصلاة والسلام، ويجعلون له شيئاً من الربوبية أو الألوهية، ويدعونه مع الله، وهذا غلو –والعياذ بالله- كما غلت النصارى في المسيح عيسى ابن مريم، وقالوا إنه ابن الله أو الله أو ثالث ثلاثة. ففي قوله: (عبده المصطفى) فيه ردٌ للغلو، فهو عبد، وكل من في الأرض والسموات عبيد لله عز وجل، قال سبحانه (إن كل من في السموات والأرض إلا آتي الرحمن عبداً) [مريم:93]، فالملائكة عبيد (بل عباد مكرمون * لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون) [الأنبيا:26،27]، والأنبياء والرسل عبيد كما قال سبحانه في نوح عليه السلام: (كان عبداً شكوراً) [الإسراء:3]، وقال عز وجل: (فكذبوا عبدنا) [القمر:9]، وقال في داود: (واذكر عبدنا داود ذا الأيد إنه أواب) [ص:17]، وقال في سليمان: (نعم العبد إنه أواب) [ص:30]، وقال في أيوب: (واذكر عبدنا أيوب) [ص:41]، وقال في عيسى: (إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلاً لبني إسرائيل) [الزخرف: 59]، فإذا كان الأنبياء والرسل والملائكة عبيد لله، وهم أشرف الخلق، فغيرهم من الأولياء والصالحين من باب أولى.
وأفضلهم محمد صلى الله عليه وسلم، وهو آخر الأنبياء، وسماه الله عبداً في قوله: (وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا) [البقرة: 23] يعني: رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال تعالى: (تبارك الذي نزل الفرقان على عبده) [الفرقان:1] (سبحان الذي أسرى بعبده) [الإسراء:1]، ومقام العبودية هو أعلى المقامات، ولا شيء أشرف من العبودية لله عز وجل.
قال عليه الصلاة والسلام: "لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم، إنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله" ().
ومعنى المصطفى: المختار، من الاصطفاء، وهو الاختيار، قال تعالى: (واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب أولي الأيدي والأبصار*إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار*وإنهم عندنا لمن المصطفين الأخيار) [ص:45،47] المصطفين: جمع مصطفى، وهو المختار، أصله مصتفى، ثم أُبدلت التاء طاء فصارت مصطفى؛ ليسهل النطق بها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/421)
فالمصطفى هو المختار؛ لأن الله سبحانه اختار محمداً عليه الصلاة والسلام للرسالة من بين قومه، والله أعلم حيث يجعل رسالته، فلا يختار إلا من يعلم أنه يستحق الاختيار، وأنه يقوم بالمهمة؛ لأن هذه المهمة صعبة وعظيمة، فلا يختار الله إلا من هو لها أهل، قال سبحانه: (الله أعلم حيث يجعل رسالته) [الأنعام:124]. و (المجتبى) بمعنى المصطفى.
والنبي: من أوحى إليه الله بشرع ولم يُؤمر بتبليغه، والرسول: من أوحي إليه بشرع وأمر بتبليغه، وهذا أشهر ما قيل في الفرق بين النبي والرسول، ومعنى: أمر بتبليغه، أي: أمر بإلزام الناس وأن يقاتلهم على ما جاء به.
وكذلك النبي، يُوحى إليه ويدعو إلى الله عز وجل، ولكن يتبع من قبله من الأنبياء ويمشي على طريق من قبله، ولا ينفرد بشريعة خاصة، مثل أنبياء بني إسرائيل، جاءوا بالتوراة ودعوا إلى التوراة التي أنزلها الله على موسى عليه السلام.
و (المرتضى) بمعنى المجتبى والمصطفى، فالمرتضى بمعنى: أن الله ارتضاه.
(42) وأنه خاتم الأنبياء، وإمام الأتقياء، وسيد المرسلين وحبيب رب العالمين:
هذه من صفاته عليه الصلاة والسلام.
خاتم الأنبياء، ومعنى (خاتم) الذي لا يأتي بعده نبي، وختام الشيء هو: الذي يُجعل عليه حتى لا يزاد عليه ولا ينقص منه، فالله ختم الرسالات بمحمد صلى الله عليه وسلم، قال جل في علاه: (ما كان محمداً أباً أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين) [الأحزاب:40]، فلا حاجة لمجيء نبي بعده؛ لأن القرآن موجود، والسنة النبوية موجودة، والعلماء الربانيون موجودون، يدعون إلى الله ويبصرون الناس؛ فدين محمد باقٍ إلى قيام الساعة لا يبدل ولا ينسخ ولا يغير؛ لأن الله سبحانه جعله صالحاً لكل زمان ولكل مكان، أما شرائع الأنبياء السابقين فتكون مؤقتة لأممهم في فترة من الفترات، ثم ينسخ الله تلك الشريعة بشريعة أخرى تتناسب مع الأمة الأخرى (لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً) [المائدة:48]. كما قال تعالى: (لكل أجل كتاب) أي لكل كتاب أجل.
فدين الإسلام كامل لا يحتاج بعد محمد صلى الله عليه وسلم إلى رسول، والعلماء ورثة الأنبياء، فمن اعتقد أنه يأتي بعد محمد صلى الله عليه وسلم نبي فهو كافر بالله خارج من الملة، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه يأتي كذبة يدعون النبوة من بعده، قال عليه الصلاة والسلام: "سيأتي بعدي كذابون ثلاثون، كلهم يدعي أنه نبي، وأنا خاتم الأنبياء لا نبي بعدي" ().
فمن ادعى النبوة أو ادعيت له النبوة ومن اتبعهم، فكلهم كفرة، وقد قاتلهم المسلمون وكفّروهم، وآخر من ادعى النبوة في الوقت الحاضر: القادياني الباكستاني الذي ادّعى النبوة له أتباعه القاديانية، ويُسمون بالأحمدية نسبة إلى اسمه؛ لأن اسمه أحمد القادياني، وقد كفره العلماء وطردوه من البلاد الإسلامية، وكفَّروا أتباعه؛ لأن هذا تكذيب لله ولرسوله، وتكفيرهم بإجماع المسلمين، لم يخالف في هذا أحد.
فلابد للمسلم أن يعتقد أنه عليه الصلاة والسلام خاتم الأنبياء والمرسلين، وإمام الأتقياء؛ يعني القدوة الوحيد للأتقياء الذين يتقون الله عز وجل: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر) [الأحزاب:21]
أما غير النبي صلى الله عليه وسلم فيقتدى به إن كان يقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم، أما من خالف الرسول عليه الصلاة والسلام فلا يجوز الاقتداء به: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم) [آل عمران:31]، فلا طريق إلى الله إلا باتباع الرسول عليه الصلاة والسلام والاقتداء به.
"وسيد المرسلين" هو عليه الصلاة والسلام سيد ولد آدم، كما قال عليه الصلاة والسلام: "أنا سيد ولد آدم ولا فخر" () أخبر الأمة بذلك من باب الشكر لله عز وجل، ولتشكر الأمة ربها عز وجل على هذه النعمة: أن جعل رسولها سيد الرسل.
و"سيد" معناه: المقدم والإمام، فهو أفضل الرسل عليه الصلاة والسلام، وإمامهم ومقدمهم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/422)
و"حبيب رب العالمين" هذه العبارة فيها مؤاخذة؛ لأنه لا يكفي قوله: حبيب، بل هو خليل رب العالمين؛ والخلة أفضل من مطلق المحبة؛ فالمحبة درجات، أعلاها الخلة، وهي خالص المحبة، ولم تحصل هذه المرتبة إلا لاثنين من الخلق إبراهيم عليه الصلاة والسلام (واتخذ الله إبراهيم خليلاً) [النسا:125]، ونبينا عليه الصلاة والسلام، فقد أخبر بذلك فقال: "إن الله اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً" (). فلا يقال: حبيب الله؛ لأن هذا يصلح لكل مؤمن، فلا يكون للنبي صلى الله عليه وسلم في هذا ميزة، أما الخلة فلا أحد يلحقه فيها.
(43) وكل دعوى النبوة بعده فغي وهوى:
هذا سبق في معنى أنه خاتم النبيين، فكل دعوى للنبوة بعده فباطله وكفر؛ لأنه لا يأتي بعد نبينا عليه الصلاة والسلام نبي، وعيسى عليه الصلاة والسلام لما ينزل آخر الزمان فإنه لا يأتي على أنه نبي ورسول أو يأتي بشريعة جديدة، إنما يأتي على أنه مجدد لدين رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومتبع لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ويحكم بالشريعة الإسلامية.
(44) وهو المبعوث إلى عامة الجن وكافة الورى بالحق والهدى، وبالنور والضياء:
كذلك، هذا ما يجب اعتقاده في النبي صلى الله عليه وسلم، لا يكفي أن نعتقد أنه رسول الله فقط، بل أنه رسول إلى الناس عامة، بل إلى الجن والإنس، قال سبحانه: (وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً) [سبأ:28]، وقال له: (قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً) [الأعراف: 158] فرسالته إلى الناس عامة، وهذا من خصائصه عليه الصلاة والسلام، فهو رسول للناس عامة، ووجبت طاعته على جميع الخلق، عربهم وعجمهم، وأسودهم وأبيضهم، وإنسهم وجنهم، فكل من بلغته دعوة الرسول عليه الصلاة والسلام وجب أن يطيعه وأن يتبعه، فمن أقر أنه رسول الله للعرب خاصة، كما يقوله طائفة من النصارى، أنه رسول الله للعرب خاصة، وينكرون نبوته لغيرهم، فهذا كفر بالله عز وجل، وتكذيب لله عز وجل ولرسوله، فالله يقول: (وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً) [سبأ:28]، ويقول سبحانه: (تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً) [الفرقان:1] فرسالته عالمية.
وقال عليه الصلاة والسلام: "كان النبي يُبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة" (). وكاتب رسول الله صلى الله عليه وسلم ملوك الأرض يدعوهم إلى الإسلام، فدل على أنه مرسل إلى أهل الأرض كلهم، وأمر بالجهاد حتى يدخل الناس في الإسلام، فدل على عموم رسالته عليه الصلاة والسلام، فيجب اعتقاد هذا.
فتجب في حقه هذه الاعتقادات:
أولاً: أنه عبد الله ورسوله.
ثانياً: أنه خاتم النبيين لا نبي بعده.
ثالثاً: أن رسالته عامة للإنس والجن.
ودليل عمومها للإنس: كما سبق من الآيات ومكاتبة النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما عمومها للجن: فلقوله تعالى: (وإذ صرفنا إليك نفراً من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا انصتوا فلما قُضي ولوا إلى قومهم منذرين*قالوا ياقومنا إنا سمعنا كتاباً أنزل من بعد موسى مصدقاً لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم*يا قومنا أجيبوا داعي الله) [الأحقاف:29،31] يعنون: محمداً عليه الصلاة والسلام.
وفي قوله تعالى: (قل أوحي إليّ أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرءاناً عجباً*يهدي إلى الرشد فآمنا به) [الجن:1،2]، فدل على عموم رسالته للجن، فالنبي صلى الله عليه وسلم بعث لأهل الأرض كلهم، إنسهم وجنهم، فمن آمن به دخل الجنة، ومن لم يؤمن به دخل النار، من الإنس والجن. وقوله: (وبالنور والضياء) هما بمعنى واحد وقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم بهما. قال تعالى: (يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً*وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً) [الأحزاب: 45،46].
(45) وأن القرآن كلام الله:
بعد أن تؤمن بالله عز وجل، وتؤمن برسوله صلى الله عليه وسلم، تؤمن أن القرآن كلام الله؛ لأن هذا هو الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، وأنزل الله عليه القرآن، وهذا القرآن ليس من كلام محمد صلى الله عليه وسلم ولا من كلام جبريل، إنما هو كلام الله عز وجل، تكلم الله به، وتلقاه جبريل من الله، وتلقاه النبي عليه الصلاة والسلام من جبريل عليه السلام، وتلقته الأمة من النبي صلى الله عليه وسلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/423)
فهو كلام الله، منه بدأ سبحانه، لم يأخذه جبريل من اللوح المحفوظ كما يقوله أهل الضلال، ولم يكن من كلام جبريل ولا محمد، إنما هو من كلام رب العالمين. وأما جبريل ومحمد عليهما الصلاة والسلام فهما مبلغان عن الله عز وجل، فالكلام إنما يقال ويضاف لمن قاله مبتدأ، لا من قاله مبلغاً ومؤدياً.
فمن قال: إن جبريل أخذه من اللوح المحفوظ، أو: إن الله خلقه في شيء وأخذه جبريل من ذلك الشيء، فهو كافر بالله عز وجل كفراً مخرجاً من الملة، كما تقوله الجهمية والمعتزلة ومن نحا نحوهم، فهو كلام الله، حروفه ومعانيه، تكلم الله به كيف شاء، فنحن نصف الله بأنه يتكلم، والكلام من صفاته الفعلية، والكيفية التي تكلم بها نقول: الله أعلم بها، هذه كسائر صفاته، نؤمن بها ولا نعلم كيفيتها، فالمعنى معروف، وأما الكيفية فهي مجهولة لنا.
(46) منه بدأ بلا كيفية قولاً، وأنزله على رسوله وحياً:
أي: أن القرآن نزل من الله، تكلم الله به وأنزله، لم ينزل من غيره ولم يبدأ من غيره، ليس كما يقولون: إنه بدأ من جبريل، أو من اللوح، أو من الهواء، إنما بدايته من الله، وسمعه جبريل وبلغه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وحياً، والنبي عليه الصلاة والسلام بلغه للناس، ولو كان هذا القرآن من كلام البشر لاستطاع أحد من الناس أن يأتي بسورة من مثله، فلما عجزوا عن ذلك دل على أنه من كلام الله عز وجل، قال تعالى: (وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهدائكم من دون الله إن كنتم صادقين) [البقرة:23]، وقال سبحانه وتعالى: (أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سورٍ مثله مفتريات) [هود: 13] فعجزهم الله بذلك، مع أنهم عرب فصحاء، والقرآن بلغة العرب، وبالحروف التي يتكلمون بها، وهم يحرصون على معاندة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولو كان باستطاعتهم أن يعارضوا هذا القرآن، لما ادخروا وسعاً في ذلك، فلما عجزوا عن ذلك دل على أنه كلام الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
(47) وصدّقه المؤمنون على ذلك حقاً:
فالمؤمنون بالله ورسوله يصدقون بأن القرآن كلام الله عز وجل، وأن محمداً صلى الله عليه وسلم إنما هو مبلغ عن الله.
وأما قول الله عز وجل: (إنه لقول رسول كريم*ذي قوةٍ عند ذي العرش مكين) [التكوير: 19،20] فالمراد بإسناده إلى جبريل هو من باب التبليغ؛ لأنه لا يمكن أن يكون القرآن من كلام الله ومن كلام جبريل، الكلام لا يكون إلا من واحد، فلا يمكن وصفه بأنه كلام أكثر من واحد، ونسبته إلى الله حقيقية، وأما نسبته لجبريل فمن باب التبليغ. وفي الآية الأخرى: (إنه لقول رسول كريم*وما هو بقول شاعر قليلاً ما تؤمنون) [الحاقة:40،41] يعني: محمداً صلى الله عليه وسلم، فالإضافة إليه إضافة تبليغ. وقد أضافة سبحانه تارة إلى نفسه وتارة إلى جبريل وتارة إلى محمداً، والكلام الواحد لا يمكن أن يتكلم به أكثر من واحد. فتكون إضافة إلى الله إضافة ابتداء وهو كلامه وإضافته إلى جبريل ومحمد إضافة تبليغ.
(48) وأيقنوا أنه كلام الله تعالى بالحقيقة:
ليس بالمجاز كما يقوله الجهمية والمعتزلة، هم يقولون: كلام الله، ولكن نسبته إلى الله مجاز؛ لأن الله خالقه، فإضافته إلى الله إضافة مخلوق إلى خالقه.
فنقول: كذبتم؛ لأن الإضافة إلى الله على نوعين: إضافة معانٍ، وإضافة أعيان:
النوع الأول: إضافة المعاني إلى الله مثل الكلام، فإضافة المعاني إلى الله إضافة صفة إلى موصوف، فالكلام والسمع والبصر والقدرة والإرادة إضافة صفة إلى موصوف؛ لأن هذه معانٍ لا تقوم بنفسها وإنما تقوم بالموصوف بها.
النوع الثاني: إضافة أعيان، مثل: بيت الله، ناقة الله، عبد الله. هذه إضافة مخلوق إلى خالقه، وفائدة الإضافة هنا التشريف والتكريم.
(49) ليس بمخلوق ككلام البرية:
أي كلام الله ليس بمخلوق. رداً على الجهمية والمعتزلة الذين يقولون: إن القرآن مخلوق؛ لأن الله عندهم لا يتكلم، على منهجهم في نفي الصفات كلها، فراراً –بزعمهم- من التشبيه؛ لأنهم لم يفرقوا بين صفات الخالق وصفات المخلوق ففروا من التشبيه الموهوم ووقعوا في التعطيل المذموم وهو شر منه، كالمستجير من الرمضاء بالنار.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/424)
ولو أنهم أثبتوا ما أثبته الله لنفسه، وعرفوا أن هناك فرقاً بين صفات الخالق وصفات المخلوق، لأصابوا عين الحق واستراحوا وأراحوا الناس، ولكنهم في ضلال.
(50) فمن سمعه فزعم أنه كلام البشر، فقد كفر:
فمن سمع كلام الله وزعم أنه كلام البشر فقد كفر؛ لأنه جحد كلام الله عز وجل، فإذا لم يكن لله كلام ينزله على عباده فبم تقوم الحجة عليهم؟ فقصدهم بقولهم هذا هدم الشرائع، فإذا كان ليس في الكون كلام لله لا في التوراة ولا في الإنجيل ولا القرآن، فمعنى ذلك أنه ما قامت على الناس الحجة من الله، وهذا من أعظم الكفر وأعظم الضلال.
يتبع
ـ[ولد الدمام]ــــــــ[23 - 12 - 03, 11:29 ص]ـ
(51) وقد ذمه الله وعابه وأوعده بسقر، حيث قال تعالى: (سأصليه سقر) [المدثر:26].
وقد ذم الله عز وجل من قال هذه المقالة، فجعل القرآن كلام البشر، كما قال الوليد بن المغيرة المخزومي، وهو من أكابر كفار مكة ومن عظمائهم وكانوا يسمونه: زهرة مكة؛ لشرفه فيهم، فلما سمع القرآن من الرسول صلى الله عليه وسلم أعجبه وعلم أنه ليس من كلام البشر، ومدح القرآن فقال: ليس بالشعر وليس بالسحر، أنا أعرف ضروب الشعر، وأعرف أنواع السحر، وأعرف الكهانة، وأعرف وأعرف…. فليس القرآن من هذه الأمور. فعند ذلك توجه إليه قومه الكفار بالتوبيخ والتعنيف؛ لأن معنى هذا أنه اعترف للرسول عليه الصلاة والسلام بالرسالة، فلما رأى ذلك انحرف –والعياذ بالله- بالكلام فقال: (إن هذا إلا قول البشر) [المدثر: 25] فأنزل الله عز وجل: (إنه فكر وقدر*فقتل كيف قدر*ثم قتل كيف قدر*ثم نظر*ثم عبس وبسر* ثم أدبر واستكبر*فقال إن هذا إلا سحر يؤثر*إن هذا إلا قول البشر) [المدثر:18،25] قال عز وجل: (سأصليه سقر) [المدثر:26]، وهي النار.
(52) فلما أوعد الله بسقر لمن قال: (إن هذا إلا قول البشر) علمنا وأيقنا أنه قول خالق البشر:
فمن قال: إن القرآن ليس كلام الله وإنه كلام البشر، أو الملك، فهو مثل الوليد بن المغيرة، فما الفرق بين هذا وهذا إلا أنه ادعى الإسلام والوليد لم يدع الإسلام؟ فدعوى الإسلام لا تكفي، فإنه إن كفر بالقرآن لم ينفعه ادعاء الإسلام؛ لأن هذا ردة –والعياذ بالله-. فتبين بهذا أنه لابد من الاعتراف بأن القرآن كلام الله حقيقة.
(53) ولا يشبه قول البشر:
لو كان الكلام من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم فلا لوم على الوليد ابن المغيرة إن قال إن القرآن من كلام محمد صلى الله عليه وسلم، فكيف يتوعده الله بهذا الوعيد الشديد؟ فدل على أنه قال مقاله عظيمة وفظيعة –حيث نسب القرآن لغير الله، وكل من سار على هذا المذهب وهذا المنهج فإنه مثل الوليد بن المغيرة، يكون في النار خالداً فيها.
(54) ومن وصف الله بمعنى من معاني البشر، فقد كفر:
يعني: من شبه الله بمعنىً من معاني البشر فقد كفر لأنه تنقص الله عز وجل.
(55) فمن أبصر هذا اعتبر:
لأن هناك فرقاً واضحاً بين صفات الخالق وصفات المخلوق، وإن اشتركت في الاسم والمعنى، ولكن تختلف في الحقيقة وتختلف في الواقع والخارج، فلا تشابه بين كلام الله وكلام البشر، ولا تشابه بين سمع الله وسمع البشر، ولا تشابه بين بصر الله وبصر البشر، ولا علم الله وعلم البشر، ولا مشيئة وإرادة الله ومشيئة وإرادة البشر. ففرق بين صفات الله وصفات المخلوق، فمن لم يفرق بينهما صار كافراً.
(56) وعن مثل قول الكفار انزجر:
من تدبر الآيات القرآنية التي أنزلها الله في الوليد بن المغيرة، من تدبرها عرف بطلان أقوال هذه الفرق الضالة في كلام الله عز وجل.
(57) وعلم أنه بصفاته ليس كالبشر.
وصفاته من الكلام وغيره ليست كصفات البشر للفرق بين صفات الخالق وصفات المخلوق.
(58) والرؤية حق لأهل الجنة، بغير إحاطة ولا كيفية:
الرؤية: أي: رؤية المؤمنين لربهم سبحانه وتعالى، فإن المؤمنين يرون ربهم سبحانه وتعالى في الآخرة، يرونه عياناً بأبصارهم كما يرون القمر ليلة البدر، وكما يرون الشمس صحواً ليس دونها سحاب، كما أخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم بذلك في الأحاديث الصحيحة المتواترة عنه عليه الصلاة والسلام ()، ولذلك قال المصنف: الرؤية حق، أي: ثابتة بالكتاب والسنة وإجماع أهل السنة والجماعة من السلف والخلف، ولم يخالف فيها إلا المبتدعة وأصحاب المذاهب المنحرفة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/425)
فالمؤمنون يرون ربهم سبحانه وتعالى كما قال سبحانه: (وجوه يومئذٍ ناضرة*إلى ربها ناظرة) [القيامة: 22،23]، وهي وجوه المؤمنين (ناضره) يعني من النضرة وهي: البهاء والحسن (تعرف في وجوههم نضرة النعيم) [المطففين:24] وأما (ناظرة) فمعناها: المعاينة بالأبصار، تقول: نظرت إلى كذا، أي: أبصرته، فالنظر له استعمالات في كتاب الله عز وجل، إذا عُدّي بـ (إلى) فمعناه المعاينة بالأبصار، (أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خُلقت*وإلى السماء كيف رُفعت…) [الغاشية:17،18]، أي: ألم ينظروا بأبصارهم إلى هذه المخلوقات العجيبة الدالة على قدرة الله عز وجل. وفي هذه الآية: (إلى ربها ناظرة) [القيامة:22،23] معداة بـ (إلى).
وإذا عُدي النظر بنفسه وبدون واسطة فمعناه التوقف والانتظار: (يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم) [الحديد:13]، (انظرونا) أي: انتظرونا من أجل أن نستضيء بنوركم؛ لأن المنافقين ينطفئ نورهم والعياذ بالله، فيبقون في ظلمة، فيطلبون من المؤمنين أن ينتظروهم حتى يقتبسوا من نورهم. وقوله تعالى: (هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله) [البقر:210] أي: ما ينتظرون إلا مجيء الرب يوم القيامة لفصل القضاء بين عباده.
وإذا عُدي النظر بفي فمعناه التفكر والاعتبار، كما قال تعالى: (أولم ينظروا في ملكوت السموات والأرض) [الأعراف:185]، أي: يتفكروا في مخلوقات الله العلوية والسفلية، ويستدلون بها على قدرة الله الخالق سبحانه وتعالى واستحقاقه للعبادة.
الحاصل: أن النظر هنا عُدي بـ (إلى) ومعناه: الرؤية والمعاينة.
وقال سبحانه وتعالى: (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) [يونس:26] فسر النبي صلى الله عليه وسلم (الحسنى) بأنها الجنة، وفسر (الزيادة) بأنها النظر إلى وجه الله الكريم، وهذا في صحيح مسلم ().
وقال تعالى: (لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد) [ق:35] المزيد: هو النظر إلى وجه الله الكريم.
وقال تعالى عن الكفار: (كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون) [المطففين:15] فإذا كان الكفار محجوبون عن الله، أي: لا يرونه؛ لأنهم كفروا به في الدنيا فهم حجوبون عن النظر إليه يوم القيامة، وهذا أعظم حرمان وأعظم عذاب، والعياذ بالله، فدلت الآية على أن المؤمنين ليسوا محجوبين عن الله يوم القيامة، وأنهم يرونه بالنظر إليه في الآخرة؛ لأنهم آمنوا به في الدنيا ولم يروه، وإنما استدلوا عليه سبحانه بآياته ورسالاته، فالله أكرمهم بالنظر إليه يوم القيامة.
والنظر إلى وجه الله عز وجل أعظم نعيم في الجنة.
هذا مذهب أهل السنة والجماعة، وهذه بعض أدلتهم من القرآن
وأما أدلتهم من السنة فكثيرة جداً بلغت حد التواتر، كما قال العلامة ابن القيم في كتابه القيم "حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح"، وساق الأحاديث الواردة في الرؤية وقد بلغت حد التواتر.
منها: قوله عليه الصلاة والسلام: "إنكم سترون ربكم يوم القيامة، كما ترون القمر ليلة البدر، وكما ترون الشمس صحواً ليس دونها سحاب، لا تُضامون في رؤيته –أو: لا تَضامُّون في رؤيته-" (). يعني: لا تزدحمون على رؤية الله عز وجل؛ لأن كل واحد يرى الرب وهو في مكانه من غير زحام كما أن الناس يرون الشمس والقمر من غير زحام؛ لأن العادة إذا كان الشيء في الأرض وخفي يزدحمون على رؤيته ولكن إذا كان الشيء مرتفعاً كالشمس والقمر فإنهم لا يزدحمون على رؤيته، كلٌ يراه وهو في مكانه، إذا كان هذا في المخلوق الشمس والقمر، فكيف في الخالق سبحانه وتعالى؟
ولم ينكر الرؤية إلا أهل البدع كالجهمية والمعتزلة الذين ينفون الرؤية، يقولون: يلزم من إثبات الرؤية أن يكون الله في جهة، والله عندهم ليس في جهة، وهو عندهم لا داخل العالم ولا خارجه، ولا فوق ولا تحت، ولا يمنه ولا يسرة، ليس في جهة، وهذا معناه أنه معدوم، تعالى الله عما يقولون، فنفوا الرؤية من أجل هذا الرأي الباطل.
وأما الأشاعرة: لما لم يمكنهم إنكار الأدلة من الكتاب والسنة أثبوا الرؤية وقالوا: يُرى ولكن ليس في جهة، وهذا من التناقض العجيب! ليس هناك شيء يُرى وهو ليس في جهة، ولذلك رد عليهم المعتزلة؛ لأن هذا من المستحيل. وأهل السنة يقولون: يُرى سبحانه وتعالى وهو في جهة العلو من فوقهم، فالجهة إن أريد بها الجهة المخلوقة فالله ليس في جهة؛ لأنه ليس بحال في خلقه سبحانه وتعالى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/426)
وإن أريد بها العلو فوق المخلوقات فهذا ثابت لله عز وجل، فالله في العلو فوق السماوات، فالجهة لم يرد إثباتها أو نفيها في كتاب الله، ولكن يقال فيها على التفصيل السابق.
ومعنى: "بغير إحاطة ولا كيفية" أنهم لا يحيطون بالله عز وجل، ويرونه سبحانه بغير إحاطة، والله عظيم لا يمكن الإحاطة به، قال سبحانه: (ولا يحيطون به علماً) [طه:110]، وقال جل وعلا: (لا تدركه الأبصار) [الأنعام:103] يعني: لا تحيط به، وليس معناه: لا تراه؛ لأن الله سبحانه وتعالى لم يقل: لا تراه الأبصار، إنما قال: (لا تدركه الأبصار) فالإدراك شيء والرؤية شيء آخر، فهي تراه سبحانه بدون إحاطة، وفي هذا رد على من استدل بهذه الآية على نفي الرؤية وقال: الرؤية لا تمكن؛ لأن الله قال: (لا تدركه الأبصار). فنقول لهم: أنتم لا تعرفون معنى (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار).
(لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار)، معناها: لا تحيط به، وليس معناه: لا تراه، ولم يقل سبحانه: لا تراه الأبصار.
واستدلوا أيضاً فقالوا: موسى عليه السلام قال: (رب أرني أنظر إليك قال لن تراني) [الأعراف:143] هذا دليل على نفي الرؤية.
نقول لهم: هذا في الدنيا، لأن موسى سأل ذلك في الدنيا، ولا أحد يرى الله في الدنيا لا الأنبياء ولا غيرهم، وأما في الآخرة فيرى المؤمنون ربهم، وحال الدنيا ليست كحال الآخرة، فالناس في الدنيا ضعاف في أجسامهم وفي مداركهم، لا تستطيع أن ترى الله عز وجل، وأما في الآخرة فإن الله يعطيهم قوة يستطيعون بها أن يروا ربهم –جل وعلا- إكراماً لهم.
ولهذا لما سأل موسى ربه في هذه الآية: (قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكاً) [الأعراف:143] الجبل اندك وصار تراباً، والجبل أصم صلب، فكيف بالمخلوق المكون من لحم ودم وعظام؟ فهو لا يستطيع رؤية الله في الدنيا.
وسؤال موسى رؤية الله دليل على جواز الرؤية وإمكانها؛ لأن موسى لا يسأل ربه شيئاً لا يجوز، إنما سأله شيئاً يجوز، ولكن لا يكون هذا في الدنيا، فالله سبحانه قال: (لن تراني) ولم يقل: إني لا أرى.
فالله يُرى في الآخرة ()، وأولى الناس بهذه الرؤية الأنبياء.
وقوله: "ولا كيفية" أي: لا يقال: كيف يرون الله؟ لأن هذا كسائر صفات الله عز وجل لا نعرف كيفيتها، فنحن نؤمن به ونعرف معناها ونثبتها، ولكن الكيفية مجهولة ولا نعرفها، فالله أعلم بها سبحانه.
(59) كما نطق به كتاب ربنا: (وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة):
هذا صريح أنه نظر إلى الله بالأبصار حيث عُدّي بإلى، فمعناه الرؤية بالأبصار، قالت المعتزلة: (إلى ربها) (إلى) جمع بمعنى: نِعَم. أي إلى نِعَم ربها ناظرة. وهذا تخريف يضحك منه العقلاء، لأن الحرف لا يحول إلى جمع.
(60) وتفسيره على ما أراده الله تعالى وعلمه:
أي تفسير (إلى ربها ناظرة) [القيامة: 23] أي: على ما أراده الله جل وعلا، وهو المعاينة بالأبصار، لا على ما أراده المبتدعة.
(61) وكل ما جاء في ذلك من الحديث الصحيح عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فهو كما قال:
كل ما جاء عن الرسول عليه الصلاة والسلام في إثبات الرؤية فهو حق على حقيقته، مثل ما جاء في القرآن سواء، يجب الإيمان به؛ لأن كلام الرسول صلى الله عليه وسلم وحي من الله (وما ينطق عن الهوى*إن هو إلا وحي يوحى) [النجم:3،4]، ويسمى بالوحي الثاني، ولقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة متواترة أن المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة، فيجب الإيمان بذلك من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تمثيل ولا تكييف.
(62) ومعناه على ما أراد:
أي ما أراد الرسول صلى الله عليه وسلم، لا على ما أراده المبتدعة والمحرفة.
(63) لا ندخل في ذلك متأولين بآرائنا، ولا متوهمين بأهوائنا:
كما يفعله الجهمية والمعتزلة ومن تتلمذ عليهم وأخذ برأيهم من التأويل الباطل.
بل الواجب علينا أن نتبع الكتاب والسنة، ولا نتدخل بعقولنا وأفكارنا ونحكمها على ما جاء في الكتاب والسنة، الواجب أن الكتاب والسنة يحكمان على العقول والأفكار ().
(64) فإنه ما سَلِمَ في دينه إلا من سلّم لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/427)
ومعنى (سلَّم) أي: قَبِلَ ما جاء عن الله، وعن رسوله صلى الله عليه وسلم وآمن به على ما جاء، من غير أن يتدخل بتحريفه وتأويله، هذا معنى التسليم.
قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى: "آمنت بالله وبما جاء في كتاب الله على مراد الله، وآمنت برسول الله وبما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم" أي: لا على الهوى والتحريف وأقوال الناس ().
من سَلَّم وانقاد وردّ ما اشتبه عليه، ولم يعرف معناه أول لم يعرف كيفيته، رده إلى عالمه، وهو الله، سبحانه وتعالى، فالذي يشكل عليه شيء يرجع إلى أهل العلم وفوق كل ذي علم عليم، فإن لم يكن عند العلماء علم بهذا فإنه يجب تفويضه إلى الله جل وعلا.
(65) ورد علم ما اشتبه عليه إلى عالمه:
ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سأل أصحابه عن بعض الأشياء التي لا يعرفونها قالوا: الله ورسوله أعلم. فلا يدخلون في المتاهات ويتخرصون.
فإن وجدت عالماً موثوقاً يبين لك فالحمد لله، وإلا فابق على تسليمك واعتقادك أنه حق وأن له معنى، ولكن لم يتبين لك.
(66) ولا تثبت قدم الإسلام إلا على ظهر التسليم والاستسلام:
لا يثبت الإسلام الصحيح إلا بالتسليم لله عز وجل، قال سبحانه: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً) [النساء:65].
والاستسلام هو: الانقياد والطاعة لما جاء عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
(67) فمن رام علم ما حظر عنه علمه، ولم يقنع بالتسليم فهمه، حجبه مرامه عن خالص التوحيد، وصافي المعرفة، وصحيح الإيمان:
من لم يؤمن بما حجب عنه علمه، مثل علم الكيفية، فالواجب علينا الإيمان بها وردها، أي: رد علمها إلى الله عز وجل (فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلاً) [البقرة:26].
وقال عز وجل: (هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله) [آل عمران:7]، حجب الله علمه عن الخلق فلا تتعب نفسك، ثم قال: (والراسخون في العلم يقولون آمنا به كلٌ من عند ربنا) [آل عمران:7]. يسلّمون ويستسلمون، ولا يمنعهم عدم معرفة معناه من الإيمان به والتسليم له. أو أن المعنى أنهم يردون المتشابه من كتاب الله إلى المحكم منه ليفسروه ويتضح معناه ويقولون: (كل من عند ربنا).
(68) فيتذبذب بين الكفر والإيمان، والتصديق التكذيب، والإقرار والإنكار:
من لم يُسلِّم لله ولا إلى الرسول، فإنه يحجب عن معرفة الله ومعرفة الحق، فيكون في متاهات وضلالات ().
وهذه حال المنافقين الذين يتذبذبون، تارة مع المسلمين وتارة مع المنافقين، وتارة يصدقون وتارة يكذبون (كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا) [البقر:20]. أما أهل الإيمان فما عرفوا قالوا به، وما لم يعرفوا وكلوا علمه إلى الله جل وعلا، ولا يكلفون أنفسهم شيئاً لا يعرفونه، أو يقولون على الله ما لا يعلمون –فالقول على الله بغير علم هو عديل الشرك، بل هو أعظم من الشرك، قال تعالى: (قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون) [الأعراف:33]. فجعل القول على الله بغير علم فوق الشرك بالله، مما يدل على خطورة القول على الله بغير علم.
(69) موسوساً تائهاً شاكاً، لا مؤمناً مصدقاً، ولا جاحداً مكذباً:
هذه حالة أهل التردد والنفاق، دائماً شاكين، دائماً مترددين ومتذبذبين؛ لأنه ما ثبتت قدم أحدهم في الإسلام ولم يسلم لله ولا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
كما ذكر الله عن المنافقين أنهم (مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء) [النساء:143].، (وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزءون*الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون) [البقرة:14،15].
(70) ولا يصح الإيمان بالرؤية لأهل دار السلام لمن اعتبرها منهم بوهم أو تأولها بفهم:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/428)
دار السلام هي الجنة، فلا يصح الإيمان بالرؤية أي رؤية الله فيها لمن يتوهم ويتأول فيها وينفي حقيقتها، ولم يسلم لله ولا إلى رسوله صلى الله عليه وسلم، ويتدخل فيها بفكره وفهمه.
(71) إذا كان تأويل الرؤية وتأويل كل معنى يُضاف إلى الربوبية بترك التأويل ولزوم التسليم:
كل هذا تأكيد لما سبق في أنه يجب التسليم لما جاء عن الله وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك الرؤية، لا نتدخل فيها كما تدخل أهل البدع، بل نثبتها كما جاءت ونؤمن بها، ونثبت أن المؤمنين يرون ربهم في عرصات يوم القيامة قبل دخول الجنة، وبعد دخولهم الجنة يرونه أيضاً، إكراماً لهم حيث آمنوا به في الدنيا ولم يروه.
(72) وعليه دين المسلمين:
وهذا الأمر عليه دين المسلمين، وهو الإيمان والتسليم لما جاء عن الله ورسوله، وعدم التدخل في ذلك بالأفهام والأوهام والتأويلات الباطلة، والتحريفات الضالة، هذا دين الإسلام، بخلاف غير المسلمين، فإنهم يتدخلون فيما جاء عن الله وعن رسوله عليه الصلاة والسلام، ويحرفون الكلم عن مواضعه.
(73) ومن لم يتوق النفي والتشبيه، زل ولم يصب التنزيه:
لابد كما سبق من الوسط بين التعطيل وبين التشبيه، فلا يبالغ ويغلو في تنزيه الله حتى يعطل الله من صفاته كما فعل المعطلة، ولا يُثبت إثباتاً فيه غلو حتى يشبه الله بخلقه، بل يعتدل فيُثبت لله ما ثبته لنفسه له رسوله، من غير تشبيه ولا تمثيل، ومن غير تعطيل ولا تكييف، هذا هو الصراط المستقيم المعتدل.
فالله سبحانه وتعالى لا شبيه له، ولا مثيل ولا عديل له، سبحانه وتعالى.
(74) فإن ربنا جل وعلا موصوف بصفات الوحدانية:
صفات الوحدانية بأن الله واحد لا شريك له، لا في ربوبيته ولا في ألوهيته، ولا في أسمائه وصفاته، فهو واحد في كل هذه الحقائق.
(75) منعوت بنعوت الفردانية. ليس في معناه أحد من البرية:
منعوت، أي: موصوف بصفات الكمال، ونعوت الجلال، التي لا يشبهه فيها أحد من خلقه، بل أسماؤه وصفاته خاصة به ولائقة به، وصفات المخلوقين وأسماء المخلوقين خاصة بهم ولائقة بهم، وبهذا يتضح لك الحق والصواب، وتبرأ من طريقة المعطلة ومن طريقة المشبهة.
(76) وتعالى عن الحدود والغايات، والأركان والأعضاء والأدوات:
هذا فيه إجمال: إن كان يريد الحدود المخلوقة فالله منزه عن الحدود والحلول في المخلوقات، وإن كان يريد بالحدود: الحدود غير المخلوقة، وهي جهة العلو، فهذا ثابت لله جل وعلا وتعالى، فالله لا ينزه عن العلو، لأنه حق، فليس هذا من باب الحدود ولا من باب الجهات المخلوقة.
والغايات فيها إجمال أيضاً، فهي تحتمل حقاً وتحتمل باطلاً، فإن كان المراد بالغاية: الحكمة من خلق المخلوقات، وأنه خلقها لحكمة، فهذا حق، ولكن يقال: حكمة، لا يقال: غاية، قال تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) [الذاريات:56].
وإن أريد بالغاية: الحاجة إلى المخلوقات، فنعم، هذا نفي صحيح، فالله عز وجل لم يخلق الخلق لحاجته وفقره إليهم، فإنه غني عن العالمين.
(والأركان، والأعضاء، والأدوات) فيها إجمال أيضاً، إن أُريد بالأركان والأعضاء والأدوات: الصفات الذاتية مثل الوجه، واليدين، فهذا حق، ونفيه باطل. وإن أُريد نفي الأعضاء التي تشابه أعضاء المخلوقين وأدوات المخلوقين فالله سبحانه منزه عن ذلك، فالأبعاض والأعضاء فالحاصل أن هذا فيه تفصيل:
أولاً: إذا أُريد بذلك نفي الصفات الذاتية عن الله تعالى من الوجه واليدين، وما ثبت له سبحانه وتعالى من صفاته الذاتية، فهذا باطل.
ثانياً: أما إن أُريد بذلك أن الله منزه عن مشابهة أبعاض المخلوقين وأعضاء المخلوقين وأدوات المخلوقين، فنعم، الله منزه عن ذلك؛ لأنه لا يشبهه أحد من خلقه، لا في ذاته ولا في أسمائه ولا في صفاته.
الحاصل: أن هذه الألفاظ التي ساقها المصنف فيها إجمال ولكن يحمل كلامه على الحق؛ لأنه –رحمه الله تعالى- من أهل السنة والجماعة، ولأنه من أئمة المحدثين، فلا يمكن أن يقصد المعاني السيئة، ولكنه يقصد المعاني الصحيحة، وليته فصّل ذلك وبيّنه ولم يجمل هذا الإجمال.
(77) لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/429)
نقول: هذا فيه إجمال، إن أُريد الجهات المخلوقة، فالله منزّه عن ذلك، لا يحويه شيء من مخلوقاته، وإن أُريد جهة العلو وأنه فوق المخلوقات كلها، فهذا حق ونفيه باطل، ولعل قصد المؤلف بالجهات الست، أي: الجهات المخلوقة؛ لا جهة العلو لأنه مثبت للعلو –رحمه الله-، ومثبت للاستواء.
(78) والمعراج حق، وقد أُسري بالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:
معنى الإسراء هو السير ليلاً، فقد أُسري بالنبي صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى في ليلة واحدة.
أسرى به جبريل بأمر من الله تعالى قال تعالى (سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصا) [الإسراء:1] ..
وهذا من معجزاته عليه الصلاة والسلام؛ لأن هذه المسافة كانت تقطع في شهر أو أكثر، وقطعها النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة واحدة.
وأما المعراج: فهو آله الصعود وعرج، يعني صعد (تعرج الملائكة والروح إليه) [المعارج:4]. يعني: تصعد، فالعروج معناه: الصعود، والمعراج آلة الصعود التي يصعد بها.
وكلاهما ثابت للنبي صلى الله عليه وسلم ().
فالإسراء من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، وأما المعراج فمن الأرض إلى السماء، وكل هذا حصل في ليلة واحدة، أُسري به إلى بيت المقدس وصلى فيه بالأنبياء، ثم عرج به إلى السماء وجاوز السبع الطباق، وأراه الله من آياته ما أراه من آياته الكبرى، ثم نزل إلى الأرض، ثم جاء به جبريل إلى المكان الذي أُسري به منه في ليلة واحدة.
فالإسراء مذكور في سورة الإسراء، والمعراج مذكور في سورة النجم (والنجم إذا هوى*ما ضل صاحبكم وما غوى*وما ينطق عن الهوى*إن هو إلا وحي يوحى* علمه شديد القوى) [النجم:1،5] يعني: جبريل (ذو مرة فاستوى*وهو بالأفق الأعلى) [النجم: 6،7] هذا العروج، (ثم دنا) من ربه سبحانه وتعالى أو أن جبريل دنا من الرسول صلى الله عليه وسلم: (فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى * فأوحى إلى عبده ما أوحى) [النجم:8،10].
فالإسراء والمعراج حق، ومن أنكرهما واستبعدهما فهو كافر بالله عز وجل، ومن تأولهما فهو ضال، ولم ينكره إلا المشركون، فمن يقول: أُسري بروحه دون جسده، أو كان ذلك مناماً لا يقظة، فهذا ضلال؛ لأن الله قال: (أسرى بعبده) والعبد اسم للروح والبدن، لا يقال للروح إنها عبد، وكان الإسراء في حال اليقظة ولم يكن مناماً؛ لأن المنام ليس فيه عبرة، كل الناس يرون الرؤيا ويرون عجائب، وليست خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم.
(79) وعرج بشخصه في اليقظة إلى السماء:
عرج بشخصه، رد على الذين يقولون: عرج بروحه، بل عرج بشخصه –والشخص اسم للروح والجسم، والله يقول: (أسرى بعبده).
(80) ثم إلى حيث شاء الله من العلا. وأكرمه الله بما شاء:
هذا المعراج إلى السماء
(81) وأوحى إليه ما أوحى (ما كذب الفؤاد ما رأى):
أوحى الله إليه بذلك المكان ما أوحى، وكلمه الله سبحانه ولم ير الله؛ لأن الله لا يُرى في الدنيا.
هذا المعراج المذكور في سورة النجم.
(82) فصلى الله عليه وسلم في الآخرة والأولى:
هذا من حقوقه عليه الصلاة والسلام: أن يصلى عليه ويسلم عند ذكره (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً) [الأحزاب:56].
ولما أصبح النبي صلى الله عليه وسلم في مكة وأخبر المشركين بهذه الحادثة اشتد كفرهم وتكذيبهم بهذه المناسبة؛ من أجل أن يشوهوا الرسول صلى الله عليه وسلم. ويقولون: نحن نمشي إلى فلسطين مدة شهر فأكثر، وهو يقول: في ليلة واحدة! فارتد بعض ضعاف الإيمان بسبب هذه الحادثة، وأما أهل الإيمان الصحيح فثبتوا وصدقوا، ولهذا لما قالوا لأبي بكر رضي الله عنه: أما ترى صاحبك كيف يقول؟ قال: وماذا يقول؟ قالوا: إنه يقول: إنه ذهب إلى بيت المقدس وجاء في ليلة واحدة، قال: فإن كان قاله فهو كما قال. لأنه لا ينطق عن الهوى. وقال: أنا أصدقه بخبر السماء –أي الوحي- أفلا أصدقه في هذا!؟ هذا هو الإيمان الثابت الراسخ الذي لا يتزعزع.
(83) والحوض الذي أكرمه الله تعالى به –غياثاً لأمته- حق:
من جملة ما يعتقده أهل السنة والجماعة ما صح فيه الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمور يوم القيامة، وما يحدث في يوم القيامة من أمور، فمن ذلك:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/430)
الحوض: فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا أن له حوضاً () في يوم القيامة في المحشر يرده أتباعه الذين آمنوا به واتبعوه، فيشربون منه، فإذا شربوا منه شربة واحدة لم يظمؤوا بعدها أبداً، وذلك لأن يوم القيامة يوم شديد وعصيب وفيه حر شديد.
فيحصل الظمأ الشديد، فجعل الله هذا الحوض غياثاً لأمة محمد صلى الله عليه وسلم يغيثهم به، ومعلوم أن الغيث الذي ينزله الله من السماء تحيا به الأرض وتحيا به النفوس، فكذلك الحوض فإنه غياثٌ يغيث الله به العباد عند شدة حاجتهم إلى الماء.
والحوض هو مجمع الماء، وقد وصفه عليه الصلاة والسلام بأنه حوض عظيم طوله شهر وعرضه شهر، وآنيته عدد نجوم السماء، وأن من يشرب منه شربة لا يظمأ بعدها أبداً، ماؤه أبيض من اللبن وأحلى من العسل ().
وأخبر عليه الصلاة والسلام أنه يرده أقوامٌ ثم يذادون ويمنعون من الشرب منه، فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "يارب، أمتي، أمتي" فيقول الله عز وجل: "إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك" فيقول عليه الصلاة والسلام: "سُحقاً وبُعداً لمن بدّل وغير" ()، ويمنع من وروده أهل البدع المضلة المخالفون لرسول الله صلى الله عليه وسلم الذين كفروا وارتدوا على أعقابهم، تاركين السنة، وذاهبين بأهوائهم وآرائهم المذاهب المنحرفة، هؤلاء يمنعون من حوض النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنهم بدلوا وغيروا من هدي النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يرده إلا من كان متبعاً لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قولاً وعملاً واعتقاداً، وبعض العلماء يرى أن الكوثر المذكور في قوله تعالى: (إنا أعطيناك الكوثر) [الكوثر:1] هو الحوض، وبعض العلماء يرى أن معنى الكوثر: الخير الكثير، ولا شك أن الحوض يدخل في هذا الخير الكثير؛ لأنه خير لهذه الأمة ()، فهذا هو حوض النبي صلى الله عليه وسلم، فيجب الإيمان به واعتقاده، وأن يتمسك الإنسان بالسنة، حتى يرد هذا الحوض، ولا يُردّ عنه يوم القيامة.
(84) والشفاعة التي ادخرها لهم حق، كما رُوي في الأخبار:
الشفاعة أيضاً من مسائل العقيدة المهمة ()؛ لأنه قد ضل في إثباتها أناس، وغلا في إثباتها أناس، وتوسط فيها أناس.
فالشفاعة يوم القيامة الناس فيها على ثلاثة أقسام:
قوم غلوا في إثباتها حتى طلبوها من الأموات ومن القبور ومن الأصنام والأشجار والأحجار (ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله) [يونس:18]، (ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى) [الزمر:3].
وطائفة غلت في نفي الشفاعة كالمعتزلة والخوارج، فإنهم نفوا الشفاعة في أهل الكبائر، وخالفوا ما تواترت به الأدلة من الكتاب والسنة في إثبات الشفاعة.
وأهل السنة والجماعة توسطوا فأثبتوا الشفاعة على الوجه الذي ذكره الله ورسوله، وآمنوا بها من غير إفراط ولا تفريط.
والشفاعة في اللغة مأخوذة من الشفع، وهو ضد الوتر، فالوتر هو الفرد الواحد. والشفع هو أكثر من واحد، اثنين أو أربعة أو ستة، وهو ما يسمى بالعدد الزوجي.
وشرعاً: الوساطة في قضاء الحاجات، وساطة بين من عنده الحاجة وصاحب الحاجة، وهي على قسمين: شفاعة عند الله، وشفاعة عند الخلق.
فالشفاعة عند الخلق على قسمين:
شفاعة حسنة، وهي الأمور الحسنة النافعة المباحة، تتوسط عند من عنده حاجات الناس من أجل أن يقضيها لهم، قال سبحانه: (من يشفع شفاعةً حسنة يكن له نصيب منها) [النساء:85]، وقال عليه الصلاة والسلام: "اشفعوا تؤجروا، ويقضي الله على لسان رسوله ما شاء" (). هذه شفاعة حسنة وفيها أجر؛ لأن فيها نفعاً للمسلمين في قضاء حاجاتهم وحصولهم على مطلوبهم الذي فيه نفع لهم، وليس فيها تعدّ على أحد أو ظلمٌ لأحد.
والقسم الثاني: شفاعة سيئة، وهي التوسط في أمور محرمة، كالشفاعة في إسقاط الحدود إذا وجبت، وهذا يدخل فيمن لعنه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: "لعن الله من آوى محدثاً" (). والشفاعة أيضاً في أخذ حقوق الآخرين وإعطائها لغير مستحقها، قال تعالى: (ومن يشفع شفعة سيئة يكن له كفلٌ منها) [النساء:85].
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/431)
أما الشفاعة عند الله فليست كالشفاعة عند المخلوق، فالشفاعة عند الخالق: أن يكرم الله جل وعلا بعض عباده في أن يدعو لأحد المسلمين المستحقين للعذاب بسبب كبيرة ارتكبها، فيشفع عنده الشافع في أن يعفو عنه ولا يعذبه؛ لأنه مؤمن موحد، فيشفع الشافع عند الله جل وعلا بأن يعفو عنه، أو فيمن دخل النار في معصية فيشفع الشافع عند الله في أن يخرج ويرفع عنه العذاب، وهي ما تسمى بالشفاعة في أهل الكبائر.
لكن الشفاعة عند الله يشترط لها شرطان:
الشرط الأول: أن تكون بإذن الله، فلا أحد يشفع عند الله إلا بإذن، فهو الذي يأذن للشافع أن يشفع، أما من قبل أن يأذن فلا أحد يتقدم إلى الله عز وجل: (من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه) [البقرة: 255]، وليس كالمخلوق الذي يتقدم الناس للشفاعة عنده وإن لم يأذن، فالله جل وعلا لا يشفع أحد عنده إلا بإذنه.
الشرط الثاني: أن يكون المشفوع فيه من أهل التوحيد وأهل الإيمان، ممن يرضى الله عنهم قولهم وعملهم، (ولا يشفعون إلا لمن ارتضى) [الأنبياء:28]، أي: رضي الله قوله وعمله، وجاء الشرطان في قوله تعالى: (إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى) [النجم:26]. أن يأذن الله هذا الشرط الأول، ويرضى هذا الشرط الثاني.
أما الكافر فإنه لا تنفعه الشفاعة (فما تنفعهم شفاعة الشافعين) [المدثر:48]، (ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع) [غافر:18] فالشفاعة في القرآن شفاعتان؛ شفاعة منفية وهي التي انتفت شروطها، وشفاعة مثبتة وهي التي تحققت شروطها.
فالكافر لا تنفعه الشفاعة؛ لو شفع فيه أهل السماوات وأهل الأرض ما قبل الله فيه شفاعتهم؛ لأنه مشرك كافر بالله عز وجل، لا يرضى الله قوله ولا عمله، إلا ما جاء في شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم في عمه أبي طالب، فهي شفاعة خاصة، وأيضاً ليست شفاعة من أجل خروجه من النار، إنما هي شفاعة من أجل تخفيف العذاب عن هذا الرجل؛ لما حصل منه من مؤازرة النبي صلى الله عليه وسلم وحمايته له –عليه الصلاة والسلام- والمدافعة عنه، فالنبي صلى الله عليه وسلم يشفع في تخفيف العذاب عنه فقط.
هذه هي الشفاعة الثابتة بشروطها، وهي أنواع:
منها أنواع خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم، وأنواع مشتركة بينه وبين غيره من الأنبياء، والملائكة والصالحين والأفراط الذين ماتوا قبل البلوغ، كل هؤلاء يشفعون عند الله سبحانه وتعالى.
وأما الشفاعة الخاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم فهي أنواع:
أولها: شفاعته عليه الصلاة والسلام في أهل الموقف إذا طال الموقف يوم القيامة، واشتد الكرب، واشتد الزحام، ودنت الشمس من الرؤوس، وحصل الكرب العظيم، أهل المحشر يريدون من يشفع لهم لفصل القضاء بينهم وصرفهم من هذا الموقف: إما إلى جنة وإما إلى نار؛ فيذهبون إلى آدم عليه السلام فيعتذر لهيبة المقام وجلالته، ثم يذهبون إلى نوح عليه السلام أول الرسل فيعتذر، ثم يذهبون إلى موسى كليم الله فيعتذر، ثم يذهبون إلى عيسى عليه السلام فيعتذر أيضاً، ثم يذهبون إلى محمد صلى الله عليه وسلم فيقول: "أنا لها، أنا لها" ثم يأتي فيخر ساجداً بين يدي الله عز وجل، ويحمده ويثني عليه ويدعوه حتى يقال له: "ارفع رأسك، وسل تُعطه، واشفع تشفع" () بعد الدعاء والاستئذان، لا يشفع مباشرة، بل يسجد ويدعو ويثني على الله ويتوسل إليه بأسمائه وصفاته، ثم يؤذن له بالشفاعة، ثم يشفع للفصل بين الخلائق فيقبل الله شفاعته، ويأتي سبحانه وتعالى لفصل القضاء بين عباده، قال سبحانه: (كلا إذا دكت الأرض دكاً دكاً* وجاء ربك والملك صفاً صفاً) [الفجر:21،22] وقال سبحانه: (هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الأمر) [البقرة:210].
هذه شفاعته عليه الصلاة والسلام في الفصل بين الخلائق، وهي مقام عظيم شرّف الله به النبي صلى الله عليه وسلم، وهي المقام المحمود الذي قال الله سبحانه فيه: (ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً) [الإسراء:79]؛ لأنه يحمده عليه الأولون والآخرون، ويظهر فضله عليه الصلاة والسلام في هذا الموقف العظيم.
الشفاعة الثانية: الخاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم: شفاعته في أهل الجنة أن يدخلوا الجنة ()، فأول من يستفتح باب الجنة هو محمد صلى الله عليه وسلم، وهو أول من يدخلها ()، وأول من يدخلها من الأمم أمته عليه الصلاة والسلام.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/432)
الشفاعة الثالثة: الخاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم: شفاعته لأهل الجنة بأن يرفع الله منازلهم ودرجاتهم، فيشفع في أناس في أن يرفع الله درجاتهم في الجنة، فيرفعهم الله بشفاعته عليه الصلاة والسلام.
الشفاعة الرابعة: -وهي مشتركة- الشفاعة في أهل الكبائر من المؤمنين فيمن استحق دخول النار أن لا يدخلها، وفي من دخلها أن يخرج منها، وهذه هي محط الخلاف بين الفرق؛ فالجهمية والخوارج وأضرابهم أنكروها وقالوا: من دخل النار لا يخرج منها، وأهل السنة والجماعة أثبتوها كما جاءت واعتقدوها، ويجب على المسلم أن يعتقدها ويؤمن بها، وأن يسأل الله أن يُشفع فيه نبيه عليه الصلاة والسلام؛ لأنه بحاجة إليها.
الشفاعة الخامسة: وهي خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم، وهي شفاعته في عمه أبي طالب، أبو طالب مات على الشرك وعلى دين عبد المطلب المشرك، قال: هو على ملة عبد المطلب، ومات على ذلك، فصار من أهل النار الخالدين فيها. ولكن الله عز وجل يشفع رسوله عليه الصلاة والسلام في تخفيف العذاب عنه، فيكون في ضحضاح من نار، ما يرى أن أحداً أشد منه عذاباً، مع أنه أهون أهل النار عذاباً ().
والشفاعة في أهل الكبائر مشتركة، فالملائكة يشفعون، والأنبياء يشفعون، والأولياء والصالحون يشفعون ()، والأفراط يشفعون لآبائهم.
(85) والميثاق الذي أخذه الله تعالى من آدم وذريته حق:
الميثاق الذي أخذه الله تعالى من آدم وذريته أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً حق، كما جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا أن الله استخرج ذرية آدم من ظهره كأمثال الذر، وأشهدهم على أنفسهم بالوحدانية، وأخذ عليهم الميثاق أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً ()، فنحن نؤمن بذلك، وهذا العهد والميثاق لا يكفي، بل لابد معه من إرسال الرسل، ولذلك أرسل الله الرسل، ولو كان هذا يكفي وحده لما أرسل الله الرسل، ولكن أرسل الرسل من أجل أن تذكر به وتدعو الناس إلى ما تضمنه.
وأما قوله تعالى: (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم) [الأعراف:172] فذهب بعض المفسرين إلى أن هذا هو العهد الذي أخذه الله على ذرية آدم والميثاق، وليس كذلك، بل هذا شيء آخر، والله يقول: (من ظهورهم) ولم يقل: من ظهر آدم، وتكملة الآية: (وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى)، وقال بعض العلماء: معنى ذلك: الفطرة التي فطرهم الله عليها، والآيات الكونية التي نصبها الله لهم؛ ليعرفوا منها ربهم.
فالله سبحانه فطرهم على التوحيد وعلى الإسلام () (فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرت الله التي فطر الناس عليها) [الروم: 30] وهي دين الإسلام ودين التوحيد، فالإسلام معناه التوحيد الذي جاءت به الرسل، ومعناه: عبادة الله وحده لا شريك له، هذا هو الدين القيم.
ومع هذا نصب الأدلة على ربوبيته فيما يشاهدونه في أنفسهم من خلقهم العجيب، وما فيهم من الآيات العجيبة التي تدل على الخالق سبحانه وتعالى، وكذلك ما نصبه أمامهم من السماوات والأرض والمخلوقات التي تدل على الخالق، إن هذه المخلوقات لابد لها من خالق، لم توجد صدفة أو توجد بدون خالق (أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون * أم خلقوا السموات والأرض بل لا يوقنون) [الطور:35،36].
فيا عجباً كيف يعصى الإله أم كيف يجحده الجاحد
وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد
كل ما أمامك يدل على وحدانية الله، ويشهد لله بالانفراد في خلق هذه المخلوقات (إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذباباً ولو اجتمعوا له) [الحج:73] فالخالق الله سبحانه، ولا أحد يخلق معه، فكيف يُعبد غيره ممن لا يخلق ولا يرزق ولا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً؟! فمعنى الآية (وإذ أخذ ربك…) [الأعراف: 172] شهادة الفطرة وشهادة الكائنات على وحدانية الله سبحانه وتعالى، وليس لأحد أن يعتذر يوم القيامة ويقول: (إنا كنا عن هذا غافلين) [الأعراف:172]. فالاحتجاج بالتقليد لا يصلح أمام البراهين القاطعة والأدلة الساطعة.
(86) وقد علم الله تعالى فيما لم يزل عدد من يدخل الجنة، وعدد من يدخل النار جملة واحدة، فلا يزداد في ذلك العدد، ولا ينقص منه:
هذا الكلام وما بعده من كلام الشيخ –رحمه الله- كله في موضوع القضاء والقدر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/433)
والإيمان بالقضاء والقدر هو أحد أركان الإيمان الستة، كما قال عليه الصلاة والسلام: "الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره" ()، وفي القرآن قوله جل وعلا: (إنا كل شيء خلقناه بقدر) [القمر:49] وقوله: (وخلق كل شيء فقدره تقديراً) [الفرقان:2].
فليس هناك شيء بدون تقدير، أو أن هناك أشياء تقع صدفة، أو أن الأمر أُنف؛ إن كل شيء يحدث فإنه مقدر ومكتوب.
والإيمان بالقضاء والقدر يتضمن أربع درجات، نلخصها فيما يلي:
المرتبة الأولى: الإيمان بعلم الله الشامل المحيط بكل شيء، وأن الله علم الأشياء أزلاً، علم ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف يكون، لا يخفى على علمه شيء سبحانه وتعالى.
وهي الكتابة العامة الشاملة لكل شيء، وفي الحديث: "إن أول ما خلق الله القلم، قال: أكتب، قال: ما أكتب؟ قال: أكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة" () فجرى القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة.
المرتبة الثانية: أن الله جلا وعلا كتب في اللوح المحفوظ مقادير الخلائق، بعد أن علمها سبحانه.
المرتبة الثالثة: مرتبة المشيئة، لا يكون في هذا الكون شيء إلا بإرادة الله ومشيئته مما هو في اللوح المحفوظ، وفي علمه سبحانه وتعالى، لا يحدث شيء بدون إرادته، ولا يكون في ملكه ما لا يريد سبحانه، (إن الله يفعل ما يريد) [الحج:14]، (كذلك الله يفعل ما يشاء) [آل عمران:40]، فما يحدث في هذا الكون من حياة وموت، وغنىً وفقر، وإيمان وكفر، كل ذلك شاءه الله وأراده، شاء الخير وشاء الشر، وشاء الإيمان وشاء الكفر، فدخل في مشيئته كل شيء، ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن.
المرتبة الرابعة: مرتبة الخلق والإيجاد، فما شاءه وأراده فإنه يوجده ويخلقه (الله خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل) [الزمر:62] (ألا له الخلق والأمر) [الأعراف:54]، (ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها) [الحديد: 22].
وأدلة العلم أدلة كثيرة جداً.
ومن جملة الذي وصف الله به نفسه، العلم، فإنه سبحانه وتعالى يعلم عدد من يدخل الجنة ومن يدخل النار، وذلك في علمه الأزلي.
وأن ما قدره الله تعالى، لا يزاد فيه ولا ينقص، ومن ذلك: أنه يعلم أهل الجنة وأهل النار، ويعلم ما هم عاملون، نؤمن بذلك ونتجه إلى العمل، ولا نتناقش في القضاء والقدر: كيف؟ ولماذا؟ وكيف يُحاسبُ على شيء قد قدره؟ إلى آخر الهذيانات وإضاعة الأوقات، والاعتراض على الله عز وجل.
الواجب عليك فعل الطاعات واجتناب المعاصي، فليس شأن العبد التفتيش في سر الله عز وجل ومخاصمة الرب جل وعلا، إنما شأنه العمل، ولذلك لما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أن ما منهم من أحد إلا مكتوب مقعده من الجنة أو مقعده من النار، قالوا: يا رسول الله، ألا نتكل على كتابنا ونترك العمل؟ قال: "لا، اعملوا فكل ميسر لما خُلق له" ()، قال تعالى: (إن سعيكم لشتى *فأما من أعطى وأتقى * وصدق بالحسنى * فسنيسره لليسرى) [الليل:4،7] السبب من العبد نفسه، إما أن يسعد وإما أن يشقى (وأما من بخل واستغنى*وكذب بالحسنى * فسنيسره للعسرى) [الليل:8،10] فالمطلوب منا العمل الصالح وترك العمل السيئ
أما الاحتجاج بالقضاء والقدر فليس بعذر، فإن الله عز وجل قد بين لنا الخير والشر فليس هناك عذر، فالناس يقعون في مشاكل بسبب دخولهم في أشياء ليست من اختصاصهم، فيقول: إن كان الله قد كتب لي أن أدخل الجنة دخلتها، وإن كان قد كتب لي أن أدخل النار دخلتها، ولا يعمل شيئاً.
فيقال له: أنت لا تقول بهذا في نفسك، هل تقعد في البيت وتترك طلب الرزق وتقول: إن كان الله قد كتب لي رزقاً فسييسره لي؟ أو تخرج وتسعى وتطلب الرزق؟ البهائم والطيور لا تقعد في أوكارها، بل تخرج وتطلب الرزق، وجاء في الحديث: "لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصاً وتروح بطاناً " () فالله فطرها على طلب الرزق، وعلى فعل الأسباب، وهي بهائم، وأنت رجل عاقل!.
وأيضاً: لو أن أحداً سرق منك شيئاً، هل تقول: هذا قضاء وقدر، أم تشتكيه؟ بل تشتكيه وتطلب وتخاصم، ولا تحتج بالقضاء والقدر!
(87) وكذلك أفعالهم فيما علم منهم أن يفعلوه:
أي: علم أفعالهم في الأزل
(88) وكلٌ ميسرٌ لما خُلق له:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/434)
قال تعالى: (فأما من أعطى وأتقى * وصدق بالحسنى* فسنيسره لليسرى* وأما من بخل واستغنى* وكذب بالحسنى * فسنيسره للعسرى) [الليل:5،10].
(89) والأعمال بالخواتيم:
(والأعمال بالخواتيم): الإنسان لا يغتر بعمله وإن كان أصلح الصالحين، بل يخاف من سوء العاقبة، ولا يحكم على أحد بأنه من أهل النار بموجب أفعاله؛ لأنه لا يدري بماذا يختم له، ويوضح ذلك حديث النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ابن مسعود: "إن أحدكم ليجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح، ويؤمر بأربع كلمات: بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها" ().
فالإنسان يخاف من سوء الخاتمة، ولا يحكم على أحد بسوء الخاتمة؛ لأنه لا يدري بما يختم له. فالتوبة تجبُّ ما قبلها: (قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف …) [الأنفال: 38].
فالأعمال بالخواتيم، ولكن من لطف الله عز وجل بعباده أن من عاش على الخير فإنه يختم له بالخير، ومن عاش على الشر فإنه يختم له بالشر، فالإنسان يعمل الأسباب ويحسن الظن بالله عز وجل.
وبعض الناس يقول: أتوب قبل الموت، فنقول له: وهل تدري متى تموت؟ يمكن أن تموت في لحظة لا يمكن معها التوبة، ولا تدري هل التوبة مقبولة أم لا؛ لأن التوبة لها شروط.
(90) والسعيد من سعد بقضاء الله، والشقي من شقي بقضاء الله:
لا يشقى بقضاء الله عز وجل، إنما يشقى بعمله الذي قدره الله له. من قدر الله أنه يشقى أو يسعد فسييسره له.
(91) وأصل القدر سر الله تعالى في خلقه:
أي: لن تصل إلى سره، مهما حاولت التفتيش في القضاء والقدر. فلا تكلف نفسك، ولكن آمن بالقضاء والقدر، واعمل الأعمال الصالحة واجتنب الأعمال السيئة، وأما أن تبحث عن أسرار القدر فهذا ليس من اختصاصك، ولا هو من شأنك، وما كلفت به.
(92) لم يطلع على ذلك ملك مقرب ولا نبي مرسل:
هذا من شأن الله عز وجل، ومن الغيب الذي لا يعلمه إلا الله، ولا يعلمه غيره، لا الملائكة ولا الأنبياء ولا غيرهم، وأفضل الرسل يقول: (ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير) [الأعراف:188].
(93) والتعمق والنظر في ذلك ذريعة الخذلان، وسلّم الحرمان، ودرجة الطغيان:
هذا كلام عظيم، أي التعمق في القضاء والقدر ومسائله، وإشغال الوقت والنفس والقلب، مما يورث الشكوك ويخذل عن العمل، فهذا من اللعب والخذلان.
إذا خذل الله العبد شغله في هذه الأمور، وإذا أكرم الله العبد شغله في طاعته، واغتنام وقته.
فنحن لنا حدود لا نتعداها، فالله ما كلفنا بالبحث في القضاء والقدر، ولكن كلفنا باعتقاد ذلك بالعمل الصالح وترك العمل السيئ.
(94) فالحذر كل الحذر من ذلك نظراً وفكراً ووسوسة:
أي احذر من هذه الأمور، والنظر في هذه الأمور، والتفكير فيها، والوسوسة وهي: التردد والشك، اترك هذه الأمور، وسد هذا الباب أصلاً.
(95) فإن الله تعالى طوى علم القدر عن أنامه:
هذا تأكيد لما سبق "القدر سر الله تعالى" ومعنى طوى: أخفى، فطوى الله هذه المعلومات عن خلقه؛ لأنه ليس لهم فيها مصلحة.
(96) ونهاهم عن مرامه:
عن مرام القدر أن يبحثوا فيه، والنبي صلى الله عليه وسلم غضب لما رأى الصحابة يتساءلون في هذا فقال: "أبهذا أُمرتم؟ أم لهذا خُلقتم؟ " ().
(97) كما قال تعالى في كتابه: (لا يُسأل عما يفعل وهم يسألون):
أنت لا تسأل الله ولا تناقشه عن أفعاله وعن قضائه وقدره، تأدب مع الله؛ لأنك عبد، فلا تتدخل في شؤونه جل وعلا، فالله لا يسأل عما يفعل؛ لأن الله لا يفعل شيئاً إلا لحكمة، والحكمة قد تظهر وقد تخفى علينا، فنؤمن بأن الله لا يفعل شيئاً عبثاً؛ إنما يفعله لحكمة، سواءً ظهرت لنا أو لم تظهر.
فالإنسان مسؤول عن عمله، ليس مسؤولاً عن أعمال الله عز وجل، فاعتن بما أنت مسؤول عنه يوم القيامة، وهو عملك، فعلى العبد التسليم لله.
(98) فمن سأل: لِمَ فعل؟ فقد رد حكم الكتاب:
أي قال: لم فعل الله كذا؟ لم قدّر الله كذا وكذا؟ فمن قال هذا، فقد رد حكم الكتاب؛ لأن الله يقول: (لا يسأل عما يفعل) [الأنبياء:23].
(99) ومن رد حكم الكتاب كان من الكافرين:
فمن رد حكم الكتاب والسنة، واعترض على ذلك، وذهب إلى العقل والتفكير صار من الكافرين ()؛ لأن الإيمان بالكتاب والسنة هما ركنان من أركان الإيمان.
(100) فهذا جملة ما يحتاج إليه من هو منّور قلبه من أولياء الله تعالى:
أي يحتاجه في أمور القضاء والقدر، فأنت تؤمن بالقدر ومراتبه الأربع؛ تؤمن بتفاصيلها التي جاءت في الكتاب والسنة، ولا تدخل في المناقشات والاعتراضات، بل تعمل العمل الصالح والأسباب المناسبة.
يتبع(6/435)
حوار مجلة البيان مع الدكتور أحمد عبد الكريم معبد
ـ[خليل بن محمد]ــــــــ[22 - 12 - 03, 11:54 ص]ـ
أجرى الحوار: وائل عبد الغني
ضيفنا اليوم علم من أعلام السنة .. رعاه الله حين مات أبوه وكان عمره ثلاثة أشهر، وأكرمه بأم شفوق محتسبة وهبته للعلم منذ نعومة أظفاره، وصبرت على فراقه رغم حاجتها إليه فقد كان وحيداً، وحباه الله عزيمة وجَلَداً وحباً للعلم، واستعمله في إحياء السنة، تحقيقاً وتعليماً وإشرافاً ونصحاً، أشرف على عشرات الرسائل العلمية في جامعتي الأزهر بالقاهرة والإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، وله عناية فائقة ومعرفة كبيرة بالمخطوطات، ويعدّ مرجعاً رئيساً فيها، فأهلاً به ضيفاً كريماً على صفحات البيان.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?s=&postid=58895(6/436)
انا بحاجة الى هذه الكتب ان امكن؟
ـ[أبو عبد الله نضال المقدسي]ــــــــ[22 - 12 - 03, 01:39 م]ـ
موارد الطمآن وهو كتاب في الحديث
مشكاة المصابيح ان امكن بتخريج الامام الالباني رحمه الله
شرح السنة للامام البغوي
كتب للشيخ مقبل
وجزاكم الله خير(6/437)
فتاوي سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز عليه رحمة الله
ـ[البلقيني]ــــــــ[22 - 12 - 03, 02:25 م]ـ
فتاوي سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز عليه رحمة الله
ـ[البلقيني]ــــــــ[22 - 12 - 03, 02:27 م]ـ
فتاوي ابن باز 7 - 13
-علما أن هذا الكتاب من موقع مكتبة سحاب
ـ[أحمد أبو زيد]ــــــــ[26 - 12 - 03, 05:54 م]ـ
هل مجموع فتاوى الشيخ 13 مجلد فقط أم له تمام
ـ[مسك]ــــــــ[26 - 12 - 03, 05:56 م]ـ
مجموع فتاوى ومقالات ورسائل الشيخ بن باز (كامل) أضغط هنا ( http://www.almeshkat.net/books/open.php?cat=15&book=598)
ـ[أحمد أبو زيد]ــــــــ[13 - 02 - 04, 07:46 م]ـ
حسنا كم مجلد هو
فقد أنزلت فتاوى اللجنة من المشكاة وكان مكتوب أنها كامله وبعد أن أنزلتها وجدتها ناقصة كما هي
وجزاك الله خيرا على تعاونك
ـ[بلال خنفر]ــــــــ[23 - 02 - 06, 09:52 م]ـ
اكمال للعمل ... نرفع المجلدات 16 و 17 و 18 من فتاوى الشيخ رحمه الله
ـ[أبو راسيل]ــــــــ[24 - 02 - 06, 03:17 م]ـ
أخي الحبيب / احمد أبو زيد
وصلت فتاوى الشيخ رحمه الله قبل شهرين وصلت (28) ولعل هناك غيرها صدر الأن والله أعلم والفتاوى أخي الحبيب يعتبر أن إنتهت بالمجلد (27) كتاب الدعوة إلى الله وسوف يكون ما يلحقها من مجدات عبارة عن ملاحق لما سبق من موضوعات فالمجلد (28) هو عبارة عن ملحق للعقيدة
والله أعلم وأحكم(6/438)
اريد كتاب موعظة المتقين لشيخ احمد القطان
ـ[ abdulha] ــــــــ[22 - 12 - 03, 05:57 م]ـ
جزاكم الله خيرا(6/439)
ابحث وتصفح في كل موسوعات "حرف" مجانا
ـ[أبو عثمان999]ــــــــ[22 - 12 - 03, 06:12 م]ـ
ابحث وتصفح مجانا في كل موسوعات حرف بكل حرية وبإذن الشركة نفسها:
القرآن الكريم ( http://quran.al-islam.com/arb/)
موسوعة الحديث الشريف ( http://hadith.al-islam.com/)
جامع الفقه الإسلامي ( http://feqh.al-islam.com/)
وبقية الاصدارت موجودة على الشريط الأخضر أعلى الصفحة فقط اختر وابحث.
جزاهم الله عنا كل خير ...(6/440)
روايات حديث معاذ بن جبل
ـ[ابو العيال]ــــــــ[23 - 12 - 03, 05:56 ص]ـ
الاخوة الكرام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد
نود أن نلقى عليكم السؤال التالي لحاجتنا الماسة في الاجابة عليه والتي ظللت ابحث عنها لفترة طويلة، وسؤالى هو ما هى روايات حديث معاذ بن جبل لما بعثه النبي إلى أهل اليمن؟
ـ[محمود شعبان]ــــــــ[23 - 03 - 05, 12:01 م]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=7894&highlight=%E3%DA%C7%D0
ـ[شهاب الدين]ــــــــ[03 - 04 - 05, 06:16 م]ـ
السلام عليكم
جزاكم الله عنا كل الخير(6/441)
للأخ رضوان عامر وفقه الله
ـ[ابن أحمد المدني]ــــــــ[23 - 12 - 03, 06:35 م]ـ
أخي الكريم كلنا شوق للمحلى فنرجو أن تخبرنا ما هي أخبره واين وصلت ولك جزيل الشكر(6/442)
مساعده من عنده هذا الكتاب
ـ[ abdulha] ــــــــ[23 - 12 - 03, 07:10 م]ـ
المنار المنيف في الصحيح والضعيف لإبن القيم الجوزية
وجزاء الله خير
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[23 - 12 - 03, 07:15 م]ـ
حمله من هنا
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=13945(6/443)
حمّل الملخص الفقهي للشيخ الفوزان
ـ[مسك]ــــــــ[23 - 12 - 03, 10:29 م]ـ
السلام عليكم
من هنا ( http://www.almeshkat.net/books/open.php?cat=11&book=639)
أو من الملف المرفق:
ـ[أبوروضة الليبي]ــــــــ[07 - 11 - 10, 07:01 م]ـ
كتاب قيم حفظكم الله(6/444)
تلخيص الحبير
ـ[ mmmm] ــــــــ[23 - 12 - 03, 11:50 م]ـ
عم يتكلمتلخيص الحبير؟
ـ[مسك]ــــــــ[24 - 12 - 03, 01:25 ص]ـ
اعتقد الكتاب للحافظ ابن حجر رحمه الله
وهو عبارة عن كتاب تخريج ويفهم هذا من عنوان الكتاب:
التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير
ـ[السني]ــــــــ[24 - 12 - 03, 02:06 ص]ـ
بسم الله، والحمدلله ...
أود في هذه العجالة أن أنوِّه أن كتاب الحافظ ابن حجر هو تلخيص الحبير، وليس التلخيص الحبير.
أي أن تلخيصه هو تلخيص الحبير، والحبير قال الليث: الحبير من السحاب ما يُرى فيه التنمير من كثرة الماء. (تهذيب اللغة للأزهري)
والله أعلم.
ـ[ abo-omar] ــــــــ[24 - 12 - 03, 02:07 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
وجزاكم الله خيرا إخواني على الفوائد والعوائد التي ملأتم بها جنبات هذا الملتقى النافع المفيد إن شاء الله تعالى.
صدقت أخي " مسك "
وإليكم ما سطره الإمام الحافظ في مطلع كتابه هذا بعد حمد الله تعالى والثناء الجميل عليه سبحانه:
" أما بعد فقد وقفت على تخريج أحاديث شرح الوجيز للإمام أبي القاسم الرافعي شكر لله سعيه لجماعة من المتأخرين منهم القاضي عز الدين بن جماعة والإمام أبو أمامة بن النقاش والعلامة سراج الدين عمر بن علي الأنصاري والمفتي بدر الدين محمد بن عبد الله الزركشي وعند كل منهم ما ليس عند الآخر من الفوائد والزوائد وأوسعها عبارة وأخلصها إشارة كتاب شيخنا سراج الدين إلا أنه أطاله بالتكرار فجاء في سبع مجلدات ثم رأيته لخصه في مجلدة لطيفة أخل فيها بكثير من مقاصد المطول وتنبيهاته فرأيت تلخيصه في قدر ثلث حجمه مع الالتزام بتحصيل مقاصده فمن الله بذلك ثم تتبعت عليه الفوائد الزوائد من تخاريج المذكورين معه ومن تخريج أحاديث الهداية في فقه الحنفية للإمام جمال الدين الزيلعي لأنه ينبه فيه على ما يحتج به مخالفوه وأرجو الله إن تم هذا التتبع أن يكون حاويا لجل ما يستدل به الفقهاء في مصنفاتهم في الفروع وهذا مقصد جليل والله تعالى المسئول أن ينفعنا بما علمنا ويعلمنا ما ينفعنا وأن يزيدنا علما وأن يعيذنا من حال أهل النار وله الحمد على كل حال ".
ـ[مسك]ــــــــ[24 - 12 - 03, 03:46 ص]ـ
التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير ( http://www.almeshkat.net/books/open.php?cat=9&book=460)
ـ[الداعية إلى الخير]ــــــــ[25 - 12 - 03, 06:10 ص]ـ
سمعت من بعض مشايخي أن الصحيح هو
التلخيص الحبير، وليس تلخيص الحبير و فرق بين العبارتين
فالاولى وصف للكتاب بأنه حبير، والثانية و صف لنفسه بأنه حبير و هذه الثانية فيها ما فيها من التزكية.(6/445)
مختصر الخرقي
ـ[الحنابلة]ــــــــ[24 - 12 - 03, 12:31 ص]ـ
لدي مختصر الخرقي على ملف وورد كاملاً و أريد من الإ خوة المشرفين على الملتقى والمتواجدين في الملتقى وزواره معرفة الآتي:
1_ كيف اقوم بضغطه بواسطة برنامج الونزيب (الطريقة مفصلة خطوه خطوه0
2_ كيف اقوم بإنزاله في الملتقى هنا على هذه الصفحه المباركه وهذا الملتقى المبارك (الطريقة مفصلة خطوة خطوة)
3_ كيف أقوم بطريقة إنزاله كملف وورد على هذه الصفحة في الملتقى ليستفيد الجميع 0 (الطريقه مفصلة خطوة خطوة) 0(6/446)
هذه الكتب للتحميل بصيغة (وورد)
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[24 - 12 - 03, 02:26 ص]ـ
كتاب العلل ومعرفة الرجال للإمام أحمد ...
الجزء الأول:
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[24 - 12 - 03, 02:29 ص]ـ
كتاب العلل ومعرفة الرجال للإمام أحمد ...
الجزء الثاني:
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[24 - 12 - 03, 02:32 ص]ـ
كتاب العلل ومعرفة الرجال للإمام أحمد ...
الجزء الثالث والأخير:
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[24 - 12 - 03, 02:35 ص]ـ
كتاب:
الأسامي والكنى للإمام أحمد بن حنبل (رواية ابنه صالح)
كاملا:
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[25 - 12 - 03, 06:11 ص]ـ
الحمد لله وحده ...
ثم
علل الدارقطني
معلومات عن النشرة التي تم العزو إليها:
دار النشر: دار طيبة
مراجعة: د. محفوظ الرحمن زين الله السلفي
بلد النشر: الرياض
س. النشر: 1985م-1405هـ
عدد الأجزاء: 9
..
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[25 - 12 - 03, 06:20 ص]ـ
علل الدارقطني الجزء الأول:
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[25 - 12 - 03, 06:25 ص]ـ
علل الدارقطني الجزء الثاني:
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[25 - 12 - 03, 06:29 ص]ـ
علل الدارقطني الجزء الثالث:
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[25 - 12 - 03, 06:32 ص]ـ
علل الدارقطني الجزء الرابع:
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[25 - 12 - 03, 06:35 ص]ـ
علل الدارقطني الجزء الخامس:
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[25 - 12 - 03, 06:36 ص]ـ
علل الدارقطني الجزء السادس:
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[25 - 12 - 03, 06:37 ص]ـ
علل الدارقطني الجزء السابع:
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[25 - 12 - 03, 06:39 ص]ـ
علل الدارقطني الجزء الثامن:
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[25 - 12 - 03, 06:40 ص]ـ
علل الدارقطني الجزء التاسع والأخير:
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[25 - 12 - 03, 06:47 ص]ـ
الحمد لله وحده ...
ثم قريبا إن شاء الله:
تهذيب الكمال للمزي (!)
معلومات عن النشرة التي سيتم العزو إليها:
دار النشر: مؤسسة الرسالة
مراجعة: د. بشار عواد معروف
بلد النشر: بيروت
س. النشر: 1980م-1400هـ
عدد الأجزاء: 35
...
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[25 - 12 - 03, 09:22 ص]ـ
الحمد لله وحده ...
تهذيب الكمال للمزي الجزء 1:
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[25 - 12 - 03, 09:23 ص]ـ
تهذيب الكمال للمزي الجزء 2:
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[25 - 12 - 03, 09:24 ص]ـ
تهذيب الكمال للمزي الجزء 3:
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[25 - 12 - 03, 09:25 ص]ـ
تهذيب الكمال للمزي الجزء 4:
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[26 - 12 - 03, 04:12 ص]ـ
تهذيب الكمال للمزي الجزء 5:
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[26 - 12 - 03, 04:13 ص]ـ
تهذيب الكمال للمزي الجزء 6:
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[26 - 12 - 03, 04:14 ص]ـ
تهذيب الكمال للمزي الجزء 7:
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[26 - 12 - 03, 04:34 ص]ـ
تهذيب الكمال للمزي الجزء 7:
ـ[احمد زينهم يوسف]ــــــــ[02 - 03 - 06, 12:02 م]ـ
الاخ العزيز هل اجد لديك كتاب نفحة البشام في رحلة الشام
تاليف محمد عبد الجواد القاياتي
جزاك الله خيرا
صديقك احمد زينهم
ـ[مازن الصماري]ــــــــ[02 - 03 - 06, 03:59 م]ـ
بارك الله فيك
بارك الله لك
بارك الله حواليك
اللهم اجعل له بكل خرف حسنة وأنت تضاعف ما تشاء لمن تريد
ـ[حمراني]ــــــــ[02 - 03 - 06, 05:00 م]ـ
بارك الله فيك
ـ[ياسر ابو صهيب]ــــــــ[03 - 03 - 06, 10:44 ص]ـ
أسأل الله أن يجعله فى ميزان حسناتك يوم لا ينفع مال ولا بنون
ـ[محمد علي قنديل]ــــــــ[05 - 01 - 07, 11:47 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[هاني يوسف الجليس]ــــــــ[17 - 03 - 07, 06:29 م]ـ
اريد تحميل علل الارقطني كاملا واريد عناوين عن منهجه في العلل(6/447)
تحميل كتاب في نظرية النظم عند عبد القاهر وقراءة الشعر
ـ[أبو محمد الإسناوي]ــــــــ[24 - 12 - 03, 05:21 م]ـ
كتاب نظرية النظم عند عبد القاهر وقراءة الشعر
تأليف: محمود توفيق محمد سعد أستاذ البلاغة والنقد ورئيس القسم في كلية اللغة العربية جامعة الأزهر الشريف(6/448)
هل يوجد شرح للاجرومية (على الانترنت)
ـ[ع. ع]ــــــــ[24 - 12 - 03, 06:36 م]ـ
السلام عليكم
هل يوجد شرح للاجرومية او نظمها على النت؟
ويفضل لو كان على ملف وورد
وجزاكم الله خيرا
ـ[مسك]ــــــــ[24 - 12 - 03, 10:10 م]ـ
لعلك تقصد هذه ( http://www.almeshkat.net/books/open.php?cat=16&book=278)
ـ[ع. ع]ــــــــ[24 - 12 - 03, 10:49 م]ـ
جزاكم الله خيرا
انا ابحث عن شرح لهذا المتن
ـ[مهداوي]ــــــــ[25 - 12 - 03, 12:23 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا شرح ممتاز للشيخ صالح الأسمري:
شرح الآجرومية ( http://www.albaserah.net/alom/agromeeh.htm)
وتجد على موقع العلامة ابن عثيمين شرحا صوتيا لها وأظنه على نظم العمريطي.
ـ[البلقيني]ــــــــ[28 - 12 - 03, 09:45 ص]ـ
شرح الآجرومية-محمد الفاضل. zip
من موقع جامع شيخ الإسلام ابن تيمية
ـ[مهداوي]ــــــــ[29 - 12 - 03, 10:43 م]ـ
الأخ البلقيني، هناك مشكلة في الملف الذي وضعته.
هذا شرح الأسمري على ملف وورد منسق ومضغوط لمن أراده.
ـ[البلقيني]ــــــــ[29 - 12 - 03, 11:56 م]ـ
هذا الشرح مرّة أخرى(6/449)
أريد تحميل هذا الكتاب للأهمية
ـ[طارق]ــــــــ[25 - 12 - 03, 07:04 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ابحث عن كتاب
أحكام تمني الموت
للشيخ محمد بن عبد الوهاب
للأهمية
وجزاكم الله خيراً
ـ[طارق]ــــــــ[25 - 12 - 03, 07:37 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرجو زيارة هذا الرابط
http://www.alfuzan.net/islamLib/viewchp.asp?BID=358&CID=7#s1
للأهمية القصوى
وجزاكم الله خيراً
إبطال نسبة كتاب " أحكام تمني الموت " إلى الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله
اعتراف محققي الكتاب بعدم صحة نسبته إلى الشيخ محمد بن عبد الوهاب:
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. . وبعد:
فقد نسبنا كتاب " أحكام تمني الموت " إلى شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله – بناء على ما توهمناه من أن إحالته إلينا من قبل القائمين على استيعاب مؤلفات الشيخ وإعدادها للنشر، تعني غلبة الظن بنسبته إليه.
وحيث قام فضيلة الشيخ صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان – مشكورا – ببيان عدم صحة نسبته إلى الشيخ، وأوضح ذلك إيضاحا تاما، فإننا نؤيد ما توصل إليه، ونعتبر ما وقع من قبيل الخطأ، وأنه لا صحة لنسبة هذا الكتاب إلى الشيخ محمد بن عبد الوهاب.
ونسأل الله أن يغفر لنا خطايانا، إنه هو الغفور الرحيم.
عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين
عبد الرحمن بن محمد السدحان
تقديم معالي مدير الجامعة الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحابته والتابعين له بإحسان إلى يوم الدين. . وبعد:
عندما عقدت الجامعة العزم على إقامة ندوة علمية موسعه عن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، كان الهدف منها إيضاح حقيقة هذه الدعوة على مستوى العالم الإسلامي، وكشف الشبهات التي أثيرت حولها في بعض البلدان الإسلامية وفي ظل ظروف تاريخية معينة.
وفي سبيل تحقيق هذا الهدف سعت الأمانة العامة للندوة إلي:
(1) التقصي العلمي لكل ما كتبه الشيخ.
(2) مراجعة إنتاجه على يد جماعة من العلماء الثقات.
(3) تصنيف هذا الإنتاج وطبعه وتوزيعه.
وقد قامت الأمانة بالبحث عن مؤلفات الشيخ ورسائله المطبوعة والمخطوطة، مستخدمة الوسائل الممكنة في كبريات المكتبات في الداخل والخارج وعند أفراد أسرة الشيخ، وبعض الأشخاص الذين لهم اهتمام خاص به وبدعوته ومؤلفاته فجمعت ما تيسر لها من ذلك.
وكونت من بين أعضائها لجنة لتصنيف هذه المؤلفات والرسائل، قامت بجهود طيبة في إعدادها لطبعها وتوزيعها على المشاركين في الندوة قبل انعقادها بوقت كاف، خاصة من لا تتوافر لديهم مؤلفات الشيخ وآثاره العلمية، ذلك أن وضع ما كتبه الشيخ رحمه الله تحت أيدي الأخوة الباحثين الذين سيشتركون في الندوة أمر ضروري حتى تكون أبحاثهم مبنية على دراسة لآراء الشيخ وآثاره العلمية.
وكان هذا أحد الأسباب التي عجلت بطباعة آثاره العلمية في أحد عشر مجلدا، وبتزويد المشاركين في الندوة بهذه الحصيلة الوافرة أمكنهم التعرف على حياة الشيخ العلمية وحقيقة دعوته. فكانت بحوثهم ذات صبغة علمية موضوعية ومتزنة.
وقد تلقت الجامعة مجموعة من الملحوظات المتصلة بمؤلفاته رحمه الله، ومن بينها أن رسالة: " أحكام تمني الموت " المنشورة في المجلد الثاني من قسم الفقه ليست من تأليف الشيخ لتعارضها مع مؤلفاته الأخرى ورسائله وأجوبته، وأن نسبتها إليه حدثت بطريق الخطأ.
وقد أولت الجامعة هذه الملحوظات جل عنايتها، بل لقد أعطت لمؤلفات الشيخ رحمه الله اهتماما خاصا تمثل في دراستها في اللقاء العلمي المشار إليه، وما صاحب ذلك من جمع ما توافر من مؤلفاته ورسائله، ثم طبع مختارات من بحوث ذلك اللقاء وتوزيعها على مختلف الجهات العلمية.
وكان من نتائج توصيات الندوة، وخلاصة الآراء والمقترحات التي قدمت عن مؤلفات الشيخ رحمه الله، أن اتجهت الجامعة إلي إعادة تحقيق مؤلفات الشيخ وتمحيصها، وحددت الخطوات الآتية:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/450)
1 - تكوين لجنة خاصة في عمادة البحث العلمي لدراسة مؤلفات الشيخ ورسائله، وذلك لإعادة تحقيقها من قبل محققين أكفاء يستطيعون الإفادة من كل الإيجابيات التي حصلت، وتلافي بعض الملحوظات والسلبيات الطفيفة التي صاحبت الطبعة الأولى التي قل أن يخلو منها أي عمل علمي خاصة إذا كان بهذا الحجم الكبير، وتم إعداده وطبعه في مدة وجيزة.
2 - كانت نية الجامعة أن تعالج موضوع كتاب " أحكام تمني الموت " ضمن خطتها الخاصة بإعادة تحقيق تراث الشيخ بوجه عام، ولكن ما لحظته الجامعة من طباعة متكررة لهذا الكتاب من بعض المكتبات التجارية منسوبة إلى الشيخ ومستلة من مؤلفاته التي أصدرتها دون إذن منها جعلها تعجل بمعالجة هذا الموضوع قبل سواه، وتدرس الأسباب التي أدت إلى الاهتمام بهذه الرسالة دون غيرها.
3 - كلفت الجامعة فضيلة الدكتور صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان، الأستاذ بالمعهد العالي للقضاء وعضو هيئة كبار العلماء في المملكة، بدراسة موضوع نسبة الرسالة إلى الشيخ، فتقصى فضيلته هذا الموضوع وكتب دراسة قيمة أثبت فيها عدم صحة نسبة هذا الكتاب إلى الشيخ، وأن ما حدث كان مرده الخطأ، وسببه ما ورد على ظهر المخطوطة بأنها كتبت بخط محمد بن عبد الوهاب، فالتبس الأمر على القائمين على هذا العمل، وجل من لا يخطئ، والله يعفو عن الخطأ والنسيان.
وقد بادرت الجامعة بإصدار هذه الدراسة التي تثبت عدم صحة نسبة كتاب: " أحكام تمني الموت " لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، ليكون فيها البيان الواضح والجواب الكافي لإزالة أي شك، وليعرف الجميع أن هذا الكتاب ليس من مؤلفات الشيخ، وأن الجامعة لا تسمح لأحد بطباعته أو توزيعه.
4 - ستتابع الجامعة موضوع إعادة تحقيق مؤلفات الشيخ ورسائله، وهي تدعو كل من لديه أي معلومات مفيدة سواء أكان لما سبق طبعه أم لما لم يصل إلى الجامعة أن يبادر بالاتصال بها ويسلمها ما لديه من معلومات جزاه الله خيرًا، ليخرج العمل متكاملا يفيد منه طلاب العلم والدعاة إلى الله في عالمنا الإسلامي الواسع.
وفي هذا المقام نذكر بالثناء والتقدير والشكر جهود خادم الحرمين الشريفين وولي العهد الأمين وأركان حكومته الرشيدة في مجال الدعوة الإسلامية، ونشر الآثار العلمية وتشجيع العلم والعلماء وطلاب العلم، لما له من الآثار الطيبة بين المسلمين.
وفق الله الجميع لصالح الأعمال ونفع الله بهذا الجهد وأجزل الأجر والثواب لكل من أسهم فيه، إنه قريب مجيب.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحابته والتابعين له بإحسان إلى يوم الدين، والحمد لله رب العالمين.
إبطال نسبة الكتاب إلى الشيخ محمد بن عبد الوهاب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. . . وبعد:
فإن جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية قد قامت مشكورة بتحقيق مؤلفات شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وطباعتها، واستقطبت لهذا العمل الجليل مجموعة من الأساتذة والباحثين للقيام بجمع مؤلفات الشيخ المطبوعة والمخطوطة، وتصنيفها حسب الفنون، ومقابلة نسخها، وتخريج نصوصها، وتصحيح تجارب طباعتها، ثم إخراجها بالمظهر المناسب؛ من حسن التجليد وجودة الورق وصحة النص ووضوحه، وهو عمل جليل يليق بمؤلفات الشيخ وآثاره. . .
ولكن لما كان عمل الإنسان مهما بذل فيه من العناية عرضة للنقص والخطأ، فقد وقع في هذا العمل شيء من الخطأ وهو نسبة كتاب " أحكام تمني الموت " إلى الشيخ وهو ليس له. . .
ولعل السبب الذي أوقع في هذا الخطأ عدة أمور:
الأمر الأول: الحرص التام على استيفاء مؤلفات الشيخ.
الأمر الثاني: قد يكون في المجموعة الذين وكل إليهم تولي هذا العمل من ليس له إلمام بمؤلفات الشيخ ومنهجه العلمي ممن لم يدرس عقيدة الشيخ ومؤلفاته.
الأمر الثالث: ما كتب على ظهر مصورة مخطوطة هذا الكتاب أنه بخط محمد بن عبد الوهاب، فأوهم ذلك أن المراد بهذا الاسم هو الشيخ محمد بن عبد الوهاب نتيجة لاتفاق الاسم.
وقد استغل هذا الخطأ غير المقصود بعض أهل الأهواء والمقاصد السيئة، فاستلوا هذا الكتاب من مطبوعات الجامعة دون استئذانها، مخالفين بذلك أنظمة الطباعة، وطبعوه بكميات هائلة، وقاموا بتوزيعه بقصد التشويش، وفي طليعة هؤلاء المكتبة الإمدادية بمكة المكرمة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/451)
ومما يدل على سوء قصدهم، أنهم اختصوا هذا الكتاب المشبوه والمدسوس واهتموا بنشره، لأنه يوافق أهواءهم، وتركوا كتب الشيخ الصحيحة والثابتة نسبتها إليه، لأن مضامينها لا تتناسب مع مقاصدهم السيئة، بل ترد عليها، ولكن كذب ظنهم، وضل سعيهم، وخاب أملهم، فهذا الكتاب نقطع أنه ليس للشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب، ونجزم بذلك لعدة أدلة:
الدليل الأول:
أن الذين نسبوه إلى الشيخ لم يعتمدوا على أصل مصحح موثق، وإنما اعتمدوا على مصورة غير واضحة، وفيها طموس وكلمات غير واضحة، ولا شك أن قواعد التحقيق تقتضي إحضار الأصل والتثبت منه، ولا يكتفى بالمصورة، لا سيما وهي غير واضحة.
الدليل الثاني:
أن الكتابة الموجودة على غلاف المصورة لها عبارتان:
العبارة الأولى: تقول: هذا الكتاب في أحكام تمني الموت وما يجوز وما يمنع، بخط محمد بن عبد الوهاب.
العبارة الثانية: تقول: ما في هذا خط الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وفوق هذه العبارة كلمة منطمسة لا تمكن قراءتها، ولا شك أن هذا الطمس لا يمكن معه قراءة هذه العبارة قراءة صحيحة، كما يلاحظ على هاتين العبارتين ما يلي:
أولاً: جهالة الكاتب لهما، وجهالة الكاتب تبطل اعتماد ما كتب.
ثانيا: أنه لا يتعين أن يكون المقصود بمحمد بن عبد الوهاب المذكور في العبارتين هو الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب إمام الدعوة السلفية، بل يكون غيره، ويترجح أنه غيره بما يأتي من الأدلة.
ثالثا: تقول إحدى العبارتين: أحكام تمني الموت وما يجوز وما يمنع. . . فلو فرض أن هذا الكتاب للشيخ محمد بن عبد الوهاب فهذه العبارة تدل على أنه لا يرى جواز كل ما جاء فيه، مما يخالف الأدلة الصحيحة والاعتقاد السليم.
رابعاً: لو فرض أن المراد بالمسمى في هاتين العبارتين هو الشيخ محمد بن عبد الوهاب الإمام المشهور وأن هذا الكتاب بخطه فعلا، فمجرد كونه بخطه لا يدل على أنه من تأليفه، بل يكون من تأليف غيره وقد نسخه ليرد عليه، أو يحذر مما فيه، أو لغير ذلك من الأغراض، فما كل ما وجد بخط العالم يكون من تأليفه أو يكون قد ارتضى ما فيه.
ومما يرجح هذا أمران:
الأمر الأول: أنه ليس فيه للشيخ كلام، وإنما هو مجرد سرد نصوص من أوله إلى آخره.
الأمر الثاني: أن بعض مضامينه، وكثيرا من الأحاديث الواردة فيه، توافق ما في كتاب السيوطي " شرح الصدور بشرح حال الموتى والقبور "، مما يدل على أن غالبه مستل من هذا الكتاب.
الدليل الثالث:
أن هذا الكتاب يشتمل على أشياء تتعارض مع دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وذلك مثل الكلام في الروح، وتلقين الميت بعد الدفن، والقراءة على القبور، حيث إن الشيخ وتلاميذه وأتباعه يعتبرون هذه الأشياء من البدع المحرمة. . . انظر: " الدرر السنية في الأجوية النجدية " (3/ 249 , 279).
وسننقل فيما يأتي بعض عباراتهم في ذلك.
الدليل الرابع:
أن الكتاب يشتمل على أحاديث غير ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا يليق بالشيخ أن يرتضيها أو يستدل بها، وهو المعروف بالتثبت واليقظة والمدافعة عن السنة والتحذير من مثل هذه الأحاديث، والأمر بالاقتصار على ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن هذه الأحاديث حديث التلقين بعد الدفن، وقد ورد ذكره في هذا الكتاب (ص19)، ونصه:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا مات أحد من إخوانكم فسويتم التراب عليه فليقم أحدكم على رأس قبره، ثم يقول: يا فلان بن فلانة فإنه يسمعه ولا يجيب، ثم ليقل يا فلان بن فلانة فإنه يستوي قاعدا، ثم يقول: يا فلان بن فلانة فإنه يقول أرشدنا رحمك الله، ولكن لا تشعرون، فليقل اذكر ما خرجت عليه من الدنيا، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وأنك رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا وبالقرآن إماما، فإن منكرا ونكيرا يأخذ كل واحد منهما بيد صاحبه ويقول انطلق، ما نقعد عند من لقنا حجته، فيكون الله حجيجه دونهما).
قال رجل: فإن لم يعرف أمه؟ قال: ينسبه إلى حواء، يا فلان بن حواء. . . انتهى.
وهذا الحديث مما ينكره الشيخ محمد بن عبد الوهاب وتلاميذه. . .
جاء في " الدرر السنية في الأجوبة النجدية " (3/ 250) ما نصه:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/452)
" هذا حديث لا يصح رفعه، فهذا التلقين لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أنكر المسلمون ذلك في زمننا والله أعلم. . . ".
ومما جاء في الكتاب في (ص 75): " من دخل المقابر ثم قرأ فاتحة الكتاب، وقل هو الله أحد، وألهاكم التكاثر، ثم قال: إني جعلت ثواب ما قرأت من كلامك لأهل المقابر من المؤمنين والمؤمنات كانوا شفعاء له إلى الله تعالى ". . .
وعن أنس مرفوعا: (من دخل المقابر فقرأ سورة يس، خفف الله عنهم وكان له بعدد من فيها حسنات) انتهى.
وهذا أيضا مما ينكره الشيخ محمد بن عبد الوهاب وتلاميذه، جاء في " الدرر السنية " (3/ 279 - 280): " إن القراءة عند القبور، وحمل المصاحف إلى المقبور كما يفعله بعض الناس يجلسون سبعة أيام ويسمونها الشدة، وكذلك اجتماع الناس عند أهل الميت سبعة أيام ويقرءون فاتحة الكتاب، ويرفعون أيديهم بالدعاء للميت فكل هذا من البدع والمنكرات المحدثة التي يجب إزالتها، والحديث المروي في قراءة سورة يس في المقبرة لم يعز إلى شيء من كتب الحديث المعروفة، والظاهر عدم صحته، انتهى.
وجاء أيضا في الكتاب حكايات كثيرة في أحوال الموتى والأرواح وأنواع العذاب في القبور، لا تجوز كتابتها ولا قراءتها، لأن أحوال البرزخ من علم الغيب الذي لا يجوز الكلام فيه إلا بدليل صحيح من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذا من أصول العقيدة عند الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وعند غيره من أهل السنة.
قال الشيخ محمد رحمه الله في بيان عقيدته لما سئل عنها:
" واعتقد الإيمان بكل ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم مما يكون بعد الموت، فأؤمن بفتنة القبر ونعيمه " انتهى من " الدرر السنية " (1/ 29).
ومن هذه الحكايات ما جاء في صفحة (47 - 51) في تكلم الأموات بعد موتهم، وذلك ما ينزه الشيخ محمد عن كتابته، فضلا عن الاستدلال به، لأن الشيخ إمام جليل لا يجمع ما هب ودب دون تمحيص ودراية، ومن قرأ كتبه ورسائله عرف أن هذا الكتاب يتعارض مع منهجه وأنه لا يليق به، لأنه شديد التمسك بالكتاب والسنة وما عليه الأئمة بعيد كل البعد عن اقتناص الروايات الضعيفة والحكايات الهزيلة من أمثال ما يشتمل عليه هذا الكتاب. . .
يقول رحمه الله في بيان منهجه في معرض إجابته لبعض من سأله عما هو عليه وما يدعو الناس إليه:
" أما ما نحن عليه من الدين فعلى دين الإسلام الذي قال الله فيه: {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}. . . وأما ما دعونا الناس إليه فندعوهم إلى التوحيد الذي قال الله فيه خطابا لنبيه صلى الله عليه وسلم: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}، وقال تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا}. . .
وأما ما نهينا الناس عنه فنهيناهم عن الشرك الذي قال الله فيه: {إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ}. . . إلى أن قال: وأما ما ذكرتم من حقيقة الاجتهاد فنحن مقلدون الكتاب والسنة وصالح سلف الأمة وما عليه الاعتماد من أقوال الأئمة الأربعة: أبي حنيفة النعمان بن ثابت ومالك بن أنس، ومحمد بن إدريس، وأحمد بن حنبل، رحمهم الله تعالى. . . إلى أن قال رحمه الله: وما جئنا بشيء يخالف النقل ولا ينكره العقل، انظر: " الدرر السنية " (1/ 62 – 64). . .
وقال أيضا: وأخبرك أني ولله الحمد متبع لست بمبتدع، عقيدتي وديني الذي أدين الله به هو مذهب أهل السنة والجماعة الذي عليه أئمة المسلمين مثل الأئمة الأربعة وأتباعهم إلى يوم القيامة، " الدرر السنية " (1/ 54).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/453)
هذا منهجه رحمه الله، فإذا عرضت هذا الكتاب عليه وجدته لا يتناسب معه، لما يشتمل عليه من روايات واهية وحكايات غريبة وبدع مخالفة للسنة، من أمثال تلقين الميت بعد دفنه والقراءة على المقابر وغير ذلك، ومن قرأ هذا الكتاب جزم أنه ليس من مؤلفات شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، ولكن المغرضين أرادوا أن يتخذوه حجة لهم في الطعن على الشيخ , أو التبرير لما هم عليه من البدع أو غير ذلك من الأغراض، ولكنها والحمد لله حجة داحضة وكرة خاسرة.
الدليل الخامس:
على بطلان نسبة هذا الكتاب إلى الشيخ ما فيه من الخلل والقصور في فن التأليف , فموضوعه يخالف عنوانه، فلا يتطابق مما جاء فيه مع العنوان إلا أحاديث يسيرة في أول الصفحة الأولى، وبقية الكتاب خارجة عن الموضوع.
ثم هو مجرد سرد أحاديث من غير بيان لدرجتها ومن غير تبويب لموضوعاتها، وفيه من الركاكة وضعف التأليف دلالة واضحة على بطلان نسبته إلى الشيخ إذا قورن بمؤلفاته المعروفة - والله أعلم -.
الدليل السادس:
أن هذا الكتاب يختلف محتواه عن طريقة الشيخ في تعليم الناس، لأنه رحمه الله كان يرى وجوب الاهتمام بشأن العقيدة وتصحيحها، ومعرفة ما يضادها أو يخل بها، وكان ما يكتبه أو يختاره من الكتب يدور حول هذا الموضوع، ويركز على ما فيه نفع للناس، ويكره الاشتغال بالكتب التي تشوش على الناس في أمر دينهم أو يقل نفعها لهم، قال حفيده الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمه الله، في كتابه " فتح المجيد " صفحة (420)، في شرح قول علي رضي الله عنه: حدثوا الناس بما يعرفون، قال: وقد كان شيخنا المصنف رحمه الله لا يحب أن يقرأ على الناس إلا ما ينفعهم في أصل دينهم وعباداتهم ومعاملاتهم الذي لا غنى لهم عن معرفته , وينهاهم عن القراءة في مثل كتب ابن الجوزي ك- " المنعش " و " المرعش " و " التبصرة " , لما في ذلك من الإعراض عما هو أوجب وأنفع , وفيها ما الله به أعلم مما لا ينبغي اعتقاده , والمعصوم من عصمه الله. . .
وكان أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان ينهى القصاص عن القصص , لما في قصصهم من الغرائب والتساهل في النقل وغير ذلك , ويقول: " لا يقص إلا أمير أو مأمور " , وكل هذا محافظة على لزوم الثبات على الصراط المستقيم علما وعملا ونية وقصدا , وترك كل ما كان وسيلة إلى الخروج عنه من البدع ووسائلها والله الموفق للصواب ولا قوة إلا بالله. . . انتهى.
فإذا كانت هذه طريقة الشيخ فيما ينبغي أن يقرأ من الكتب , وما ينبغي أن يترك مما يؤثر على عقائد الناس , فكيف يؤلف كتابا من هذا القبيل مشحونا بالروايات الواهية والحكايات الغريبة , ولا سيما في موضوع حال البرزخ التي هي من علم الغيب الذي لا يجوز الكلام فيه إلا بما ثبت عن الله ورسوله , ولا يجوز الاعتماد فيه على الأحاديث الضعيفة والمعلومة والحكايات والمنامات , مما يشمل عليه هذا الكتاب المشبوه.
إن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب أبعد ما يكون عن موضوع هذا الكتاب , وكل من قرأ كتبه وعرف منهجه العلمي والعملي يجزم بنفي هذا الكتاب عنه وبراءته منه , وكل يعلم أنه لا يكفى في نسبة الكتاب إلى شخص ما وجوده بخطه لو فرضنا أن هذا الكتاب بخط الشيخ , فقد ينسخ العالم مؤلفا لغيره وهو لا يرتضيه , إما للرد عليه والتحذير منه أو لغير ذلك من الأغراض , وكان أهل العلم ينسبون الكتب إلى مؤلفيها عن طريق الرواية بالسند المتصل إليهم أو عن طريق الاستفاضة التي تغني عن السند مع مطابقة تلك الكتب لمنهجهم العلمي , أما أن ينسب كتاب إلى شخص لمجرد توهم أنه بخطه فليس هذا من التحقيق العلمي في شيء , ولا هو من منهج العلماء. . .
الدليل السابع:
أن هذا الكتاب لم يرد ذكره في مؤلفات الشيخ , فكل الذين كتبوا عن الشيخ قديما وحديثا وذكروا مؤلفاته لم يذكروا هذا الكتاب منها ومن أوثق هؤلاء وأقدمهم الشيخ حسين بن غنام , وهو من تلاميذ الشيخ الذين أخذوا العلم عنه , وأرخ لدعوته وسيرته في كتابه المشهور " روضة الأفكار والأفهام " , وذكر مؤلفات الشيخ ورسائله ولم يذكر هذا الكتاب منها , وقد عاش بعد الشيخ وأرخ لوفاته ورثاه لما مات , حتى لا يقال لعل كتابة ابن غنام متقدمة، وهذا الكتاب جاء بعده. . .
وكذلك الشيخ عبد الرحمن بن قاسم لم يذكر هذا الكتاب في مؤلفات الشيخ لما ترجم له في كتاب " الدرر السنية " وذكر مؤلفاته، وقد قرأ هذا الكتاب وهذه الترجمة على أكابر نجد من ذرية الشيخ وغيرهم، وهم الشيخ محمد بن عبد اللطيف، والشيخ محمد بن إبراهيم، والشيخ سعد بن حمد بن عتيق، والشيخ عبد العزيز العنقري، وكتبوا عليه تقريظات، ولو كان هذا الكتاب: " أحكام تمني الموت " من مؤلفات الشيخ لاستدركوه عليه وأمروه بذكره، فهذا دليل قاطع على أنه ليس منها.
الدليل الثامن:
أن مجرد وضع اسم شخص على كتاب لا يدل على أنه من تأليفه، بل قد يوضع خطأ أو دسا عليه، في حين أن الذي وضع اسم محمد بن عبد الوهاب على هذا الكتاب لم يقل إنه من تأليفه، وإنما قال هذا الكتاب بخطه.
والعنوان الذي جاء على ظهر المطبوعة وهو: " أحكام تمني الموت " تأليف شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، إنما هو من تصرف المصححين أو المشرفين على الطباعة من غير تثبت ولا برهان، وقد أخطئوا في هذا خطأ واضحا وخالفوا قواعد التحقيق العلمي وجاءوا بتعبير من عند أنفسهم ليس موجودا على ظهر المصورة التي اعتمدوا عليها.
ولا أظن أنه بعد هذا البيان يبقى أدنى شك عند من يريدون الحقيقة أن هذا الكتاب ليس من تأليف شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب.
أما الذين يريدون المغالطة ويتصيدون الشبهات فلا سبيل إلى إقناعهم، لأنهم لا يريدون الحق ومن لا يريد الحق فلن تستطيع هدايته إليه.
{وَمَن يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا}، ولا حول ولا قوة إلا بالله وحسبنا الله ونعم الوكيل، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين. . .
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/454)
ـ[الدعاء .. الدعاء]ــــــــ[20 - 05 - 04, 09:02 م]ـ
الكتاب منشور في بعض المنتديات ولم أقرأه وإن كان لأحد من الإخوة به حاجة فعندي رابطه
ـ[طارق]ــــــــ[24 - 05 - 04, 08:09 ص]ـ
السلام عليكم
جزاكم الله خيراً يا أخي الكريم
وأعتقد أن الرد السابق عن أن الكتاب موضوع على الشيخ يغني عن قراءته إلا لبيان ما فيه
ـ[شهاب الدين]ــــــــ[28 - 05 - 04, 02:41 ص]ـ
بارك الله فيكم
ـ[طارق]ــــــــ[03 - 06 - 04, 12:35 م]ـ
وفيكم
ـ[شهاب الدين]ــــــــ[04 - 06 - 04, 02:42 ص]ـ
بارك الله فيكم(6/455)
أين أجد تخريج لأحاديث رياض الصالحين إخواني في الله؟!
ـ[المصري السلفي]ــــــــ[25 - 12 - 03, 11:32 ص]ـ
إخواني في الله ...
هل يستطيع أحدكم أن يرشدني إلى تخريج لأحاديث كتاب رياض الصالحين للإمام النووي -رحمه الله- ... وحبذ لو كان للعلامة الألباني؟
وجزى الله من دلني عليه خير الجزاء
ـ[أحمد سامي]ــــــــ[29 - 12 - 03, 07:40 م]ـ
أبشر،هناك طبعة للرياض محققة بتحقيق الشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله طبع المكتب الإسلامي وبما أنك من المنصورة فستجد نسخة منه في دار ابن رجب شارع الأتوبيس القديم إن شاء الله.
ـ[ابن أبي عبدالتسميني]ــــــــ[23 - 03 - 06, 08:11 ص]ـ
هل صحيح أن الشيخ حذف أكثر من أربعين حديثا في التحقيق؟
ـ[بلال خنفر]ــــــــ[23 - 03 - 06, 10:17 ص]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=75897(6/456)
حمل كتاب مسائل في الإيمان للشيخ صالح الفوزان
ـ[ابن زهران]ــــــــ[25 - 12 - 03, 10:04 م]ـ
حمل كتاب مسائل في الإيمان لفضيلة الشيخ صالح الفوزان(6/457)
حكم تهنئة النصارى بعيد الكريسماس (رأس السنة الميلادية)
ـ[المصري السلفي]ــــــــ[26 - 12 - 03, 10:29 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
*ما هو حكم تهنئة غير المسلمين بأعيادهم كعيد الكريسمس و غيره، مع العلم أنهم هم يهنئوننا بمناسبة العيدين.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
(تهنئة الكفار بعيد الكريسمس او غيره من اعيادهم الدينية حرام بالاتفاق كما نقل ذلك ابن القيم رحمه الله في كتابه: احكام اهل الذمة، حيث قال: ((وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق، مثل ان يهنئهم بأعيادهم وصومهم فيقول: عيد مبارك عليك، أو تهنا بهذا العيد ونحوه، فهذا ان سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات، وهو بمنزلة ان تهنئه بسجوده للصليب بل ذلك أعظم إثما عند الله واشد مقتا من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس وارتكاب الفرج الحرام ونحوه. وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك ولا يدري قبح ما فعل، فمن هنأ عبدا بمعصية أو بدعة أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه)) انتهى كلام ابن القيم رحمه الله.
وإنما كانت تهنئة الكفار بأعيادهم حراما وبهذه المثابة التي ذكرها ابن القيم لأن فيها إقرارا لما هم عليه من شعائر الكفر ورضى به لهم، وان كان هو لا يرضى بهذا الكفر لنفسه، لكن يحرم على المسلم ان يرضى بشعائر الكفر أو يهنيء بها غيره لأن الله تعالى لا يرضى بذلك كما قال تعالى: (إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم)). وقال تعالى: (اليوم اكملت لكم دينكم ورضيت لكم الإسلام دينا).
وتهنئتهم بذلك حرام سواء كانوا مشاركين للشخص في العمل أم لا.
وإذا هنئونا بأعيادهم فإننا لا نجيبهم على ذلك، لأنها ليست بأعياد لنا ولا يرضاها الله تعالى، لأنها إما مبتدعة في دينهم وإما مشروعة لكن نسخت بدين الاسلام الذي بعث الله به محمدا صلى الله عليه وسلم الى جميع الخلق وقال فيه: (ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين).
وإجابة المسلم دعوتهم بهذه المناسبة حرام، لأن هذا أعظم من تهنئتهم بها لما في ذلك من مشاركتهم فيها.
وكذلك يحرم على المسلمين التشبه بالكفار بإقامة الحفلات بهذه المناسبة أو تبادل الهدايا أو توزيع الحلوى او اطباق الطعام أو تعطيل الاعمال ونحو ذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من تشبه بقوم فهو منهم) .. ومن فعل شيئا من ذلك فهو آثم سواء فعله مجاملة أو توددا أو حياء أو لغير ذلك من الاسباب، لأنه من المداهنة في دين الله ومن اسباب تقوية نفوس الكفار وفخرهم بدينهم. والله المسئول ان يعز المسلمين بدينهم ويرزقهم الثبات عليه وينصرهم على اعدائهم إنه قوي عزيز.) انتهى من مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين.
وكونهم يهنئوننا بأعيادنا المشروعة لا يلزم منه ان نهنئهم بأعيادهم الباطلة، فليست القضية قضية مجاملة او معاملة بالمثل، الا ترى انهم يبدؤن بالسلام فنجيبهم، وان كنا نحن لا نبدؤهم بالسلام! ((الشيخ ابن عثيمين)).
بسم الله الرحمن الرحيم(6/458)
حمل كتاب (المعيار .. لعلم الغزالي في كتابه السنة النبوية)
ـ[المصري السلفي]ــــــــ[26 - 12 - 03, 04:57 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
فأهدي هذا الكتاب لفضيلة الشيخ "صالح بن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ" لأخواني في الله، لتحذيرهم من المغالطات والافتراءات التي وقعت في كتاب (السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث) للشيخ الغزالي (عفا الله عنا وعنه).(6/459)
حمل برنامج (قالون) للبحث في آي القرآن الكريم
ـ[المصري السلفي]ــــــــ[26 - 12 - 03, 05:21 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
برنامج (قالون) برنامج رائع للبحث في آي القرآن بتشكيلها بسرعة وسهولة النسخ منه وصغر حجمه .. جزى الله خيراً من صممه
ـ[أبو حازم المسالم]ــــــــ[26 - 12 - 03, 10:43 م]ـ
أصلحك الله .. لو جعلت اسم البرنامج في عنوان موضوعك كان أنفع لإخوانك الذين يستخدمون البحث.
ـ[محمد أمين الهاشمي]ــــــــ[29 - 10 - 10, 06:52 م]ـ
جزاكم الله خيرا برنامج جميل جدا(6/460)
عقيدتنا ........
ـ[سامي الأثري]ــــــــ[27 - 12 - 03, 07:58 ص]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد ... فهذه عقيدة أهل السنة والجماعة (السلفيين) فصلها شيخنا محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-
عقيدتنا: الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر: خيره وشره.
فنؤمن بربوبية الله تعالى أي بأنه الرب الخالق، الملك، المدبر لجميع الأمور.
ونؤمن بألوهية الله تعالى، أي بأنه الإله الحق، وكل معبود سواه باطل.
ونؤمن بأسمائه وصفاته، أي بأن له الأسماء الحسنى، والصفات الكاملة العليا.
ونؤمن بوحدانيته في ذلك، أي بأنه لا شريك له في ربوبيته، ولا في ألوهيته، ولا في أسمائه وصفاته، قال الله تعالى:] رب السموات والأرض وما بينهما فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سمياً [(1).
نؤمن بأنه:] الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السموات وما في الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذاًه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السموات والأرض ولا يؤوده حفظهما وهو العلم العظيم [(2).
ونؤمن بأنه:] هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم. هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون. هو الله الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى يسبح له ما في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم [(3).
ونؤمن بأن له ملك السموات والأرض:] يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور. أو يزوجهم ذكراناً وإناثاً ويجعل من يشاء عقيماً إنه عليم قدير [(4).
ونؤمن بأنه] ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. له مقاليد السموات والأرض يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنه بكل شيء عليم [(5).
ونؤمن بأنه:] وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين [(6).
ونؤمن بأنه:] وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو و يعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض و لا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين [(1).
ونؤمن بأن الله:] عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير [(2).
ونؤمن بأن الله يتكلم بما شاء، متى شاء، كيف شاء:] وكلم الله موسى تكليماً [(3).] ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه [(4)] وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجياً [(5).
ونؤمن بأنه:] لو كان البحر مداداً لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي [(6).] ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم [(7).
ونؤمن بأن كلماته أتم الكلمات، صدقاً في الأخبار وعدلاً في الأحكام وحسناً في الحديث قال الله تعالى:] وتمت كلمة ربك صدقاً وعدلاً [(8).] ومن أصدق من الله حديثاً [(9).
ونؤمن بأن القرآن الكريم، كلام الله تعالى تكلم به حقاً وألقاه إلى جبريل فنزل به جبريل على قلب النبي، صلى الله عليه وسلم:] قل نزَّله روح القدس من ربك بالحق [(10).] وإنه لتنزيل رب العالمين. نزل به الروح الأمين. على قلبك لتكون من المنذرين. بلسان عربي مبين [(11).
ونؤمن بأن الله عز وجل علي على خلقه بذاته، وصفاته لقوله تعالى:] وهو العلي العظيم [(12). وقوله:] وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير [(13).
ونؤمن بأنه:] خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يدبر الأمر [(1). واستواؤه على العرش، علوه عليه بذاته، علواً خاصاً، يليق بجلاله وعظمته، لا يعلم كيفيته إلا هو.
ونؤمن بأنه تعالى مع خلقه، وهو على عرشه، يعلم أحوالهم، ويسمع أقوالهم ويرى أفعالهم ويدبر أمورهم، يرزق الفقير ويجبر الكسير، يؤتي الملك من يشاء، وينزع الملك ممن يشاء، ويعز من يشاء، ويذل من يشاء بيده الخير وهو على كل شيء قدير. ومن كان هذا شأنه كان مع خلقه حقيقة، وإن كان فوقهم على عرشه حقيقة (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير [(2).
ولا نقول كما تقول الحلولية، من الجهمية وغيرهم: إنه مع خلقه في الأرض.
ونرى أن من قال ذلك، فهو كافر أو ضال لأنه وصف الله بما لا يليق به من النقائص.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/461)
ونؤمن بما أخبر به عنه رسوله، صلى الله عليه وسلم، أنه ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الأخير فيقول: "من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ ".
ونؤمن بأنه سبحانه تعالى يأتي يوم المعاد، للفصل بين العباد لقوله تعالى:] كلا إذا دكت الأرض دكاً دكاً. وجاء ربك والملك صفاً صفاً. وجيء يومئذ بجهنم يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى [(3).
ونؤمن بأنه تعالى:] فعال لما يريد [(4).
ونؤمن بأن إرادته تعالى نوعان:
كونية: يقع بها مراده، ولا يلزم أن يكون محبوباً له، وهي التي بمعنى المشيئة كقوله تعالى:] ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد [(5).] إن كان الله يريد أن يغويكم هو ربكم [(6).
وشرعية: لا يلزم منها وقوع المراد، ولا يكون المراد فيها إلا محبوباً له كقوله تعالى:
] والله يريد أن يتوب عليكم [(1).
ونؤمن بأن مراده الكوني، والشرعي تابع لحكمته، فكل ما قضاه كوناً، أو تعبد به خلقه شرعاً فإنه لحكمة، وعلى وفق الحكمة، سواء علمنا منها ما نعلم، أو تقاصرت عقولنا عن ذلك:] أليس الله بأحكم الحاكمين [(2).] ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون [(3).
ونؤمن بأن الله تعالى يحب أولياءه، وهم يحبونه:] قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله [(4).] فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه [(5).] والله يحب الصابرين [(6).] واقسطوا إن الله يحب المقسطين [(7).] وأحسنوا إن الله يحب المحسنين [(8).
ونؤمن بأن الله تعالى يرضى ما شرعه من الأعمال والأقوال، ويكره ما نهى عنه منها:] إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم [(9).] ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين [(10).
ونؤمن بأن الله تعالى يرضى عن الذين آمنوا وعملوا الصالحات] رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه [(11).
ونؤمن بأن الله تعالى يغضب على من يستحق الغضب، من الكافرين وغيرهم:] الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء وغضب الله عليهم [(12).] ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم [(13).
ونؤمن بأن لله تعالى وجهاً موصوفاً بالجلال والإكرام:] ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام [(1).
ونؤمن بأن لله تعالى يدين كريمتين عظيمتين:] بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء [(2).] وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون [(3).
ونؤمن بأن لله تعالى عينين اثنتين حقيقيتين لقوله تعالى:] واصنع الفلك بأعيننا ووحينا [(4). وقال النبي، صلى الله عليه وسلم،: "حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه".
وأجمع أهل السنة على أن العينين اثنتان، ويؤيده قول النبي، صلى الله عليه وسلم، في الدجال: "إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور".
ونؤمن بأن الله تعالى] لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير [(5).
ونؤمن بأن المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة:] وجوه يومئذ ناضرة. إلى ربها ناظرة [(6).
ونؤمن بأن الله تعالى لا مثيل له لكمال صفاته] ليس كمثله شيء وهو السميع البصير [(7).
ونؤمن بأنه] لا تأخذه سنة ولا نوم [(8). لكمال حياته وقيوميته.
ونؤمن بأنه لا يظلم أحداً، لكمال عدله.
وبأنه ليس بغافل عن أعمال عباده، لكمال رقابته وإحاطته.
ونؤمن بأنه لا يعجزه شيء في السماوات ولا في الأرض، لكمال علمه وقدرته:] إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون [(9).
وبأنه لا يلحقه تعب، ولا إعياء، لكمال قوته:] ولقد خلقنا السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب [(1) أي من تعب ولا إعياء.
ونؤمن بثبوت كل ما أثبته الله لنفسه، أو أثبته له رسوله، صلى الله عليه وسلم، من الأسماء والصفات، لكننا نتبرأ من محذورين عظيمين هما:
التمثيل: أن يقول بقلبه أو لسانه: صفات الله تعالى كصفات المخلوقين.
والتكييف: أن يقول بقلبه أو لسانه: كيفية صفات الله تعالى كذا وكذا.
ونؤمن بانتفاء كل ما نفاه الله عن نفسه، أو نفاه عنه رسوله، صلى الله عليه وسلم، وأن ذلك النفي يتضمن إثباتاً لكمال ضده.
ونسكت عما سكت الله عنه، ورسوله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/462)
ونرى أن السير على هذا الطريق فرض لابد منه، وذلك لأن ما أثبته الله لنفسه، أو نفاه عنها سبحانه فهو خبر أخبر الله به عن نفسه، وهو سبحانه أعلم بنفسه، وأصدق قيلا، وأحسن حديثاً، والعباد لا يحيطون به علماً.
وما أثبته له رسوله، أو نفاه فهو خبر أخبر به عنه، وهو أعلم الناس بربه، وأنصح الخلق، وأصدقهم وأفصحهم.
ففي كلام الله تعالى ورسوله، صلى الله عليه وسلم، كمال العلم، والصدق، والبيان، فلا عذر في رده، أو التردد في قبوله.
فصل
وكل ما ذكرناه من صفات الله تعالى تفصيلاً أو إجمالاً، إثباتاً أو نفياً، فإننا في ذلك على كتاب ربنا، وسنة نبينا معتمدون، وعلى ما سار عليه سلف الأمة وأئمة الهدى من بعدهم سائرون.
ونرى وجوب إجراء نصوص الكتاب والسنة في ذلك على ظاهرها وحملها على حقيقتها اللائقة بالله عز وجل.
ونتبرأ من طريق المحرفين لها، الذين صرفوها إلى غير ما أراد الله بها ورسوله.
ومن طريق المعطلين لها، الذين عطلوها من مدلولها الذي أراده الله ورسوله.
ومن طريق الغالين فيها الذين حملوها على التمثيل، أو تكلفوا لمدلولها التكييف.
ونعلم علم اليقين أن ما جاء في كتاب الله تعالى أو سنة نبيه، صلى الله عليه وسلم، فهو حق لا يناقض بعضه بعضاً لقوله تعالى:] أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً [(1). ولأن التناقض في الأخبار يستلزم تكذيب بعضها بعضاً، وهذا محال في خبر الله تعالى ورسوله، صلى الله عليه وسلم.
ومن ادعى أن في كتاب الله تعالى أو في سنة رسوله، صلى الله عليه وسلم، أو بينهما تناقضاً، فذلك لسوء قصده، وزيغ قلبه فليتب إلى الله ولينزع عن غيه.
ومن توهم التناقض في كتاب الله تعالى أو في سنة رسوله، صلى الله عليه وسلم، أو بينهما، فذلك إما لقلة علمه، أو قصور فهمه، أو تقصيره في التدبر، فليبحث عن العلم، وليجتهد في التدبر حتى يتبين له الحق، فإن لم يتبين له فليكل الأمر إلى عالمه وليكف عن توهمه، وليقل كما يقول الراسخون في العلم:] آمنا به كل من عند ربنا [(2). وليعلم أن الكتاب والسنة لا تناقض فيهما ولا بينهما ولا اختلاف.
فصل
ونؤمن بملائكة الله تعالى وأنهم:] عباد مكرمون. لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون [(1).خلقهم الله تعالى فقاموا بعبادته، وانقادوا لطاعته] لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون. يسبحون الليل والنهار لا يفترون [(2).
حجبهم الله عنا، فلا نراهم، وربما كشفهم لبعض عباده، فقد رأى النبي، صلى الله عليه وسلم، جبريل على صورته له ستمائة جناح قد سد الأفق، وتمثل جبريل لمريم بشراً سوياً فخاطبته وخاطبها، وأتى إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، وعنده الصحابة، بصورة رجل لا يعرف ولا يرى عليه أثر السفر، شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، فجلس إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، فأسند ركبتيه إلى ركبتي النبي، صلى الله عليه وسلم، ووضع كفيه على فخذيه وخاطب النبي، صلى الله عليه وسلم، وخاطبه النبي، صلى الله عليه وسلم، وأخبر النبي، صلى الله عليه وسلم، أصحابه أنه جبريل.
ونؤمن بأن للملائكة أعمالاً كلفوا بها.
فمنهم جبريل الموكل بالوحي، ينزل به من عند الله على من يشاء من أنبيائه ورسله.
ومنهم ميكائيل، الموكل بالمطر والنبات. ومنهم إسرافيل الموكل بالنفخ في الصور حين الصعق والنشور. ومنهم ملك الموت، الموكل بقبض الأرواح عند الموت. ومنهم ملك الجبال، الموكل بها. ومنهم مالك خازن النار. ومنهم ملائكة موكلون بالأجنة في الأرحام، وآخرون موكلون بحفظ بني آدم، وآخرون موكلون بكتابة أعمالهم، لكل شخص ملكان:] عن اليمين وعن الشمال قعيد. ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد [(3).وآخرون موكلون بسؤال الميت بعد الانتهاء من تسليمه إلى مثواه، يأتيه ملكان يسألانه عن ربه، ودينه، ونبيه فـ] يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء [(4).ومنهم الملائكة، الموكلون بأهل الجنة:] والملائكة يدخلون عليهم من كل باب. سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار [(5).
وقد أخبر النبي، صلى الله عليه وسلم، أن البيت المعمور في السماء يدخله ـ وفي رواية يصلي فيه ـ كل يوم سبعون ألف ملك ثم لا يعودون إليه آخر ما عليهم.
فصل
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/463)
ونؤمن بأن الله تعالى أنزل على رسله كتباً حجة على العالمين، ومحجة للعاملين يعلمونهم بها الحكمة، ويزكونهم.
ونؤمن بأن الله تعالى أنزل مع كل رسول كتاباً لقوله تعالى:] لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط [(1).
ونعلم من هذه الكتب:
1.التوراة: التي أنزلها الله تعالى على موسى، صلى الله عليه وسلم، وهي أعظم كتب بني إسرائيل:] فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء [(2).
2.الإنجيل: الذي أنزله الله تعالى على عيسى، صلى الله عليه وسلم، وهو مصدق للتوراة، ومتمم لها:] وآتيناه الإنجيل فيه هدى ونور ومصدقاً لما بين يديه من التوراة وهدى وموعظة للمتقين [(3).] ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم [(4).
3.الزبور: الذي آتاه الله تعالى داود، صلى الله عليه وسلم.
4.صحف إبراهيم وموسى، عليهما الصلاة والسلام.
5.القرآن العظيم: الذي أنزله الله على نبيه، محمد خاتم النبيين] هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان [(5) فكان] مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه [(6). فنسخ الله به جميع الكتب السابقة، وتكفل بحفظه عن عبث العابثين، وزيغ المحرفين] إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون [(7). لأنه سيبقى حجة على الخلق أجمعين، إلى يوم القيامة.
أما الكتب السابقة، فإنها مؤقتة بأمد ينتهي بنزول ما ينسخها، ويبين ما حصل فيها من تحريف وتغيير. ولهذا لم تكن معصومة منه، فقد وقع فيها التحريف والزيادة والنقص.
] من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه [(8).
] فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون [(1).
] قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نوراً وهدى للناس تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيراً [(2).
] وإن منهم لفريقاً يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون. ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عباداً لي من دون الله [(3).
] يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيراً مما كنتم تخفون من الكتاب [إلى قوله:] لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم [(4).
فصل
ونؤمن بأن الله تعالى بعث إلى خلقه رسلاً:] مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزاً حكيماً [(1).
ونؤمن بأن أولهم نوح، وآخرهم محمد صلى الله وسلم عليهم أجمعين] إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده [(2).] ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين [(3).
وأن أفضلهم محمد، ثم إبراهيم، ثم موسى، ثم نوح، وعيسى ابن مريم، وهم المخصوصون في قوله تعالى:] وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم ميثاقاً غليظاً [(4).
ونعتقد أن شريعة محمد، صلى الله عليه وسلم، حاوية لفضائل شرائع هؤلاء الرسل المخصوصين بالفضل لقوله تعالى:] شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه [(5).
ونؤمن بأن جميع الرسل بشر مخلوقون، ليس لهم من خصائص الربوبية شيء. قال الله تعالى عن نوح، وهو أولهم:] ولا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول إني ملك [(6). وأمر الله تعالى محمداً، وهو آخرهم أن يقول:] قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك [(7). وأن يقول:] لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله [(8). وأن يقول:] قل إني لا أملك لكم ضراً ولا رشداً. قل إني لن يجيرني من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحدا [(9).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/464)
ونؤمن بأنهم عبيد من عباد الله، أكرمهم الله تعالى بالرسالة، ووصفهم بالعبودية في أعلى مقاماتهم، وفي سياق الثناء عليهم، فقال في أولهم نوح:] ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبداً شكوراً [(1). وقال في آخرهم محمد، صلى الله عليه وسلم:] تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً [(2). وقال في رسل آخرين:] واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب أولي الأيدي والأبصار [(3).] واذكر عبدنا داود ذا الأيد إنه أواب [(4).] ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إنه أواب [(5). وقال في عيسى ابن مريم:] إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلاً لبني إسرائيل [(6).
ونؤمن بأن الله تعالى ختم الرسالات برسالة محمد، صلى الله عليه وسلم، وأرسله إلى جميع الناس لقوله تعالى:] قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً الذي له ملك السموات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون [(7).
ونؤمن بأن شريعته، صلى الله عليه وسلم، هي دين الإسلام الذي ارتضاه الله تعالى لعباده، وأن الله تعالى لا يقبل من أحد ديناً سواه لقوله تعالى:] إن الدين عند الله الإسلام [(8)، وقوله:] اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً [(9). وقوله:] ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين [(10).
ونرى أن من زعم اليوم ديناً قائماً مقبولاً عند الله سوى دين الإسلام، من دين اليهودية، أو النصرانية، أو غيرهما، فهو كافر يستتاب فإن تاب وإلا قتل مرتداً، لأنه مكذب للقرآن.
ونرى أن من كفر برسالة محمد، صلى الله عليه وسلم، إلى الناس جميعاً فقد كفر بجميع الرسل، حتى برسوله الذي يزعم أنه مؤمن به، متبع له، لقوله تعالى:] كذبت قوم نوح المرسلين [(11). فجعلهم مكذبين لجميع الرسل مع أنه لم يسبق نوحاً رسول. وقال تعالى:] إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلاً. أولئك هم الكافرون حقاً وأعتدنا للكافرين عذاباً مهيناً [(1).
ونؤمن بأنه لا نبي بعد محمد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ومن ادعى النبوة بعده أو صدق من ادعاها فهو كافر، لأنه مكذب لله، ورسوله، وإجماع المسلمين.
ونؤمن بأن للنبي، صلى الله عليه وسلم، خلفاء راشدين خلفوه في أمته: علماً، ودعوة، وولاية على المؤمنين، وبأن أفضلهم وأحقهم بالخلافة أبو بكر الصديق، ثم عمر بن الخطاب، ثم عثمان بن عفان، ثم علي بن أبي طالب، رضي الله عنهم أجمعين.
وهكذا كانوا في الخلافة قدراً كما كانوا في الفضيلة، وما كان الله تعالى وله الحكمة البالغة ليولي على خير القرون رجلاً، وفيهم من هو خير منه وأجدر بالخلافة.
ونؤمن بأن المفضول من هؤلاء قد يتميز بخصيصة يفوق فيها من هو أفضل منه، لكنه لا يستحق بها الفضل المطلق على من فضله، لأن موجبات الفضل كثيرة متنوعة.
ونؤمن بأن هذه الأمة خير الأمم، وأكرمها على الله عز وجل، لقوله تعالى:] كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله [(2).
ونؤمن بأن خير هذه الأمة الصحابة، ثم التابعون، ثم تابعوهم.
وبأنه لا تزال طائفة من هذه الأمة على الحق ظاهرين، لا يضرهم من خذلهم، أو خالفهم حتى يأتي أمر الله عز وجل.
ونعتقد أن ما جرى بين الصحابة رضي الله عنهم من الفتن، فقد صدر عن تأويل اجتهدوا فيه. فمن كان منهم مصيباً كان له أجران، ومن كان منهم مخطئاً فله أجر واحد، وخطؤه مغفور له.
ونرى أنه يجب أن نكف عن مساوئهم، فلا نذكرهم إلا بما يستحقونه من الثناء الجميل، وأن نطهر قلوبنا من الغل والحقد على أحد منهم، لقوله تعالى فيهم:] لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى [(3). وقول الله تعالى فينا:] والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم [(4).
فصل
ونؤمن باليوم الآخر، وهو يوم القيامة الذي لا يوم بعده، حين يبعث الناس أحياء للبقاء: إما في دار النعيم، وإما في دار العذاب الأليم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/465)
فنؤمن بالبعث وهو إحياء الله تعالى الموتى، حين ينفخ إسرافيل في الصور النفخة الثانية] ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون [(1).
فيقوم الناس من قبورهم لرب العالمين، حفاة بلا نعال، عراة بلا ثياب، غرلاً بلا ختان] كما بدأنا أول خلق نعيده وعداً علينا إنا كنا فاعلين [(2).
ونؤمن بصحائف الأعمال تعطى باليمين، أو من وراء الظهور بالشمال] فأما من أوتى كتابه بيمينه. فسوف يحاسب حساباً يسيراً. وينقلب إلى أهله مسروراً. وأما من أوتي كتابه وراء ظهره. فسوف يدعوا ثبوراً. ويصلى سعيراً [(3).] وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتاباً يلقاه منشوراً. اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً [(4).
ونؤمن بالموازين توضع يوم القيامة فلا تظلم نفس شيئاً] فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره. ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره [(5).] فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون. ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون. تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون [(6).] من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وهم لا يظلمون [(7).
ونؤمن بالشفاعة العظمى لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، خاصة، يشفع عند الله تعالى بإذاًه ليقضي بين عباده، حين يصيبهم من الهم والكرب مالا يطيقون فيذهبون إلى آدم، ثم نوح، ثم إبراهيم، ثم موسى، ثم عيسى حتى تنتهي إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم.
ونؤمن بالشفاعة فيمن دخل النار من المؤمنين أن يخرجوا منها، وهي للنبي، صلى الله عليه وسلم، وغيره من النبيين، والمؤمنين، والملائكة.
وبأن الله تعالى يخرج من النار أقواماً من المؤمنين بغير شفاعة، بل بفضله ورحمته.
ونؤمن بحوض رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ماؤه أشد بياضاً من اللبن، وأحلى من العسل، وأطيب من رائحة المسك، طوله شهر، وعرضه شهر، وآنيته كنجوم السماء حسناً وكثرة، يرده المؤمنون من أمته، من شرب منه لم يظمأ بعد ذلك.
ونؤمن بالصراط المنصوب على جهنم، يمر الناس عليه على قدر أعمالهم، فيمر أولهم كالبرق، ثم كمر الريح، ثم كمر الطير، وأشد الرجال، والنبي، صلى الله عليه وسلم، قائم على الصراط يقول: "يا رب سلم سلم". حتى تعجز أعمال العباد، فيأتي من يزحف، وفي حافتي الصراط كلاليب معلقة مأمورة، تأخذ من أمرت به، فمخدوش ناج، ومكردس في النار.
ونؤمن بكل ما جاء في الكتاب والسنة، من أخبار ذلك اليوم وأهواله، أعاننا الله عليها.
ونؤمن بشفاعة النبي، صلى الله عليه وسلم، لأهل الجنة أن يدخلوها. وهي للنبي، صلى الله عليه وسلم، خاصة.
ونؤمن بالجنة والنار، فالجنة دار النعيم، التي أعدها الله تعالى للمؤمنين المتقين، فيها من النعيم ما لا عين رأت، ولا إذاً سمعت، ولا خطر على قلب بشر] فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون [(1).
والنار دار العذاب، التي أعدها الله تعالى للكافرين الظالمين، فيها من العذاب، والنكال ما لا يخطر على البال] إنا أعتدنا للظالمين ناراً أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقاً [(2).
وهما موجودتان الآن، ولن تفنيا أبد الآبدين] ومن يؤمن بالله ويعمل صالحاً يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً قد أحسن الله له رزقاً [(3).
] إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيراً. خالدين فيها أبداً لا يجدون ولياً ولا نصيراً. يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا [(4).
ونشهد بالجنة لكل من شهد له الكتاب والسنة بالعين، أو بالوصف.
فمن الشهادة بالعين: الشهادة لأبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، ونحوهم ممن عينهم النبي، صلى الله عليه وسلم.
ومن الشهادة بالوصف: الشهادة لكل مؤمن، أو تقي.
ونشهد بالنار لكل من شهد له الكتاب والسنة بالعين، أو بالوصف.
فمن الشهادة بالعين: الشهادة لأبي لهب، وعمرو بن لحي الخزاعي، ونحوهما.
ومن الشهادة بالوصف: الشهادة لكل كافر، أو مشرك شركاً أكبر، أو منافق.
ونؤمن بفتنة القبر، وهي سؤال الميت في قبره عن ربه، ودينه، ونبيه فـ] يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة [(1).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/466)
فيقول المؤمن: ربي الله، وديني الإسلام، ونبيي محمد. وأما الكافر والمنافق فيقول: لا أدري سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته.
ونؤمن بنعيم القبر للمؤمنين] الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون [(2).
ونؤمن بعذاب القبر للظالمين الكافرين] ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطو أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون [(3).
والأحاديث في هذا كثيرة معلومة، فعلى المؤمن أن يؤمن بكل ما جاء به الكتاب والسنة من هذه الأمور الغيبية، وأن لا يعارضها بما يشاهد في الدنيا، فإن أمور الآخرة لا تقاس بأمور الدنيا لظهور الفرق الكبير بينهما. والله المستعان.
فصل
ونؤمن بالقدر: خيره وشره، وهو تقدير الله تعالى للكائنات حسبما سبق به علمه، واقتضته حكمته.
وللقدر أربع مراتب:
المرتبة الأولى: العلم، فنؤمن بأن الله تعالى بكل شيء عليم، علم ما كان، وما يكون، وكيف يكون بعلمه الأزلي الأبدي، فلا يتجدد له علم بعد جهل، ولا يلحقه نسيان بعد علم.
المرتبة الثانية: الكتابة، فنؤمن بأن الله تعالى كتب في اللوح المحفوظ، ما هو كائن إلى يوم القيامة:] ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير [(1).
المرتبة الثالثة: المشيئة، فنؤمن بأن الله تعالى قد شاء كل ما في السماوات والأرض، لا يكون شيء إلا بمشيئته. ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن.
المرتبة الرابعة: الخلق، فنؤمن بأن الله تعالى] خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل. له مقاليد السموات والأرض [(2).
وهذه المراتب الأربع شاملة لما يكون من الله تعالى نفسه، ولما يكون من العباد، فكل ما يقوم به العباد من أقوال، أو أفعال أو تروك فهي معلومة لله تعالى، مكتوبة عنده، والله تعالى قد شاءها وخلقها] لمن شاء منكم أن يستقيم. وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين [(3).] ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد [(4).] ولو شاء الله ما فعلوه فذرهم وما يفترون [(5).] والله خلقكم وما تعملون [(6).
ولكننا مع ذلك نؤمن بأن الله تعالى جعل للعبد اختياراً وقدرة بهما يكون الفعل.
والدليل على أن فعل العبد باختياره وقدرته أمور:
الأول: قوله تعالى:] فأتوا حرثكم أنى شئتم [(7). وقوله:] ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة [(8). فأثبت للعبد إتياناً بمشيئته، وإعداداً بإرادته.
الثاني:توجيه الأمر والنهي إلى العبد، ولو لم يكن له إختيار وقدرة؛ لكان توجيه ذلك إليه من التكليف بما لا يطاق، وهو أمر تاباه حكمة الله تعالى ورحمته وخبره الصادق في قوله:] لا يكلف الله نفساً إلا وسعها [(1).
الثالث: مدح المحسن على إحسانه، وذم المسئ على إساءته وإثابة كل منهما بما يستحق.
ولولا أن فعل العبد يقع بإرادته واختياره، لكان مدح المحسن عبثاً وعقوبة المسئ ظلماً، والله تعالى منزه عن العبث والظلم.
والرابع: أن الله تعالى أرسل الرسل] رسلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل [(2).
ولولا أن فعل العبد يقع بإرادته واختياره، ما بطلت حجته بإرسال الرسل.
الخامس: أن كل فاعل يحس أنه يفعل الشيء، أو يتركه بدون أي شعور بإكراه، فهو يقوم، ويقعد، ويدخل، ويخرج، ويسافر، ويقيم بمحض إرادته، ولا يشعر بأن أحداً يكرهه على ذلك، بل يفرق تفريقاً واقعياً بين أن يفعل الشيء باختياره وبين أن يكرهه عليه مكره. وكذلك فرق الشرع بينهما تفريقاً حكمياً، فلم يؤاخذ الفاعل بما فعله مكرهاً عليه، فيما يتعلق بحق الله تعالى.
ونرى أنه لا حجة للعاصي على معصيته بقدر الله تعالى، لأن العاصي يقدم على المعصية باختياره، من غير أن يعلم أن الله تعالى قدرها عليه، إذ لا يعلم أحد قدر الله تعالى إلا بعد وقوع مقدوره] وما تدري نفس ماذا تكسب غداً [(3) فكيف يصح الاحتجاج بحجة لا يعلمها المحتج بها، حين إقدامه على ما اعتذر بها عنه. وقد أبطل الله تعالى هذه الحجة بقوله:] سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون [(4).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/467)
ونقول للعاصي المحتج بالقدر: لماذا لم تقدم على الطاعة مقدراً أن الله تعالى قد كتبها لك؟ فإنه لا فرق بينها وبين المعصية في الجهل بالمقدور قبل صدور الفعل منك. ولهذا لما أخبر النبي، صلى الله عليه وسلم، الصحابة بأن كل واحد قد كتب مقعده من الجنة، ومقعده من النار قالوا: أفلا نتكل وندع العمل. قال: "لا، اعملوا فكل ميسر لما خلق له".
ونقول للعاصي المحتج بالقدر: لو كنت تريد السفر لمكة، وكان لها طريقان، أخبرك الصادق أن أحدهما مخوف صعب، والثاني آمن سهل، فإنك ستسلك الثاني: ولا يمكن أن تسلك الأول وتقول: إنه مقدر علي ولو فعلت لعدك الناس في قسم المجانين.
ونقول له أيضاً: لو عرض عليك وظيفتان إحداهما ذات مرتب أكثر، فإنك سوف تعمل فيها دون الناقصة، فكيف تختار لنفسك في عمل الآخرة ما هو الأدنى ثم تحتج بالقدر؟.
ونقول له أيضاً: نراك إذا أصبت بمرض جسمي، طرقت باب كل طبيب لعلاجك، وصبرت على ما ينالك من ألم عملية الجراحة، وعلى مرارة الدواء، فلماذا لا تفعل مثل ذلك في مرض قلبك بالمعاصي؟
ونؤمن بأن الشر لا ينسب إلى الله تعالى لكمال رحمته وحكمته، قال النبي، صلى الله عليه وسلم،: " والشر ليس إليك" رواه مسلم. فنفس قضاء الله تعالى ليس فيه شراً أبداً، لأنه صادر عن رحمة وحكمة.
وإنما يكون الشر في مقتضياته؛ لقول النبي، صلى الله، في دعاء القنوت الذي علمه الحسن: "وقني شر ما قضيت". فأضاف الشر إلى ما قضاه. ومع هذا فإن الشر في المقضيات ليس شراً خالصاً محضاً، بل هو شر في محله من وجه، خير من وجه، أو شر في محله، خير في محل آخر.
فالفساد في الأرض من: الجدب، والمرض، والفقر، والخوف شر، لكنه خير في محل آخر. قال الله تعالى:] ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون [(1).
وقطع يد السارق، ورجم الزاني شر بالنسبة للسارق والزاني في قطع اليد وإزهاق النفس، لكنه خير لهما من وجه آخر، حيث يكون كفارة لهما، فلا يجمع لهما بين عقوبتي الدنيا والآخرة، وهو أيضاً خير في محل آخر، حيث إن فيه حماية الأموال والأعراض والأنساب.
فصل
هذه العقيدة السامية المتضمنة لهذه الأصول العظيمة، تثمر لمعتقدها ثمرات جليلة كثيرة.
فالإيمان بالله تعالى وأسمائه وصفاته، يثمر للعبد محبة الله وتعظيمه الموجبين للقيام بأمره واجتناب نهيه، والقيام بأمر الله تعالى واجتناب نهيه، يحصل بهما كمال السعادة في الدنيا والآخرة للفرد والمجتمع] من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون [(1).
ومن ثمرات الإيمان بالملائكة:
أولاً: العلم بعظمة خالقهم تبارك وتعالى وقوته وسلطانه.
ثانياً: شكره تعالى على عنايته بعباده، حيث وكل بهم من هؤلاء الملائكة من يقوم بحفظهم وكتابة أعمالهم، وغير ذلك من مصالحهم.
ثالثاً: محبة الملائكة على ما قاموا به من عبادة الله تعالى على الوجه الأكمل واستغفارهم للمؤمنين.
ومن ثمرات الإيمان بالكتب:
أولاً: العلم برحمة الله تعالى وعنايته بخلقه، حيث أنزل لكل قوم كتاباً يهديهم به.
ثانياً: ظهور حكمة الله تعالى، حيث شرع في هذه الكتب لكل أمة ما يناسبها. وكان خاتم هذه الكتب القرآن العظيم، مناسباً لجميع الخلق في كل عصر، ومكان إلى يوم القيامة.
ثالثاً: شكر نعمة الله تعالى على ذلك.
ومن ثمرات الإيمان بالرسل:
أولاً: العلم برحمة الله تعالى وعنايته بخلقه، حيث أرسل إليهم أولئك الرسل الكرام، للهداية والإرشاد.
ثانياً: شكره تعالى على هذه النعمة الكبرى.
ثالثاً: محبة الرسل، وتوقيرهم، والثناء عليهم بما يليق بهم، لأنهم رسل الله تعالى وخلاصة عبيده، قاموا لله بعبادته، وتبليغ رسالته، والنصح لعباده، والصبر على أذاهم.
ومن ثمرات الإيمان باليوم الآخر:
أولاً: الحرص على طاعة الله تعالى رغبة في ثواب ذلك اليوم، والبعد عن معصيته، خوفاً من عقاب ذلك اليوم.
ثانياً: تسلية المؤمن عما يفوته من نعيم الدنيا، ومتاعها بما يرجوه من نعيم الآخرة وثوابها.
ومن ثمرات الإيمان بالقدر:
أولاً: الاعتماد على الله تعالى عند فعل الأسباب، لأن السبب والمسبب كليهما بقضاء الله وقدره.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/468)
ثانياً: راحة النفس وطمأنينة القلب، لأنه متى علم أن ذلك بقضاء الله تعالى، وأن المكروه كائن لا محالة، ارتاحت النفس واطمأن القلب ورضي بقضاء الرب، فلا أحد أطيب عيشاً، وأروح نفساً، وأقوى طمأنينة ممن آمن بالقدر.
ثالثاً: طرد الإعجاب بالنفس، عند حصول المراد، لأن حصول ذلك نعمة من الله بما قدره من أسباب الخير والنجاح، فيشكر الله تعالى على ذلك ويدع الإعجاب.
رابعاً: طرد القلق والضجر عند فوات المراد، أو حصول المكروه، لأن ذلك بقضاء الله تعالى الذي له ملك السماوات والأرض، وهو كائن لا محالة، فيصبر على ذلك ويحتسب الأجر.
وإلى هذا يشير الله تعالى بقوله:] ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختالٍ فخور [(1).
فنسأل الله تعالى أن يثبتنا على هذه العقيدة، وأن يحقق لنا ثمراتها ويزيدنا من فضله، وأن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا، وأن يهب لنا منه رحمة، إنه هو الوهاب، والحمد لله رب العالمين.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان.
تمت في 30/ 10/1404هـ
--------------------------------------------------------------------------------
(1) سورة مريم، الآية: 65.
(2) سورة البقرة، الآية: 255.
(3) سورة الحشر، الآيات: 22 - 24.
(4) سورة الشورى، الآيتان: 49 - 50.
(5) سورة الشورى، الآيتان: 11 - 12.
(6) سورة هود، الآية: 6.
(1) سورة الأنعام، الآية: 59.
(2) سورة لقمان، الآية: 34.
(3) سورة النساء، الآية: 164.
(4) سورة الأعراف، الآية: 143.
(5) سورة مريم، الآية: 52.
(6) سورة الكهف، الآية: 109.
(7) سورة لقمان، الآية: 27.
(8) سورة الأنعام، الآية: 115.
(9) سورة النساء، الآية: 87.
(10) سورة النحل، الآية: 102.
(11) سورة الشعراء، الآيات: 192 - 195.
(12) سورة البقرة، الآية: 255.
(1) سورة يونس، الآية: 3.
13) سورة الأنعام، الآية: 18.
(1) سورة يونس، الآية: 3.
(2) سورة الشورى، الآية: 11.
(3) سورة الفجر، الآيات: 21 - 23.
(4) سورة هود، الآية: 107.
(5) سورة البقرة، الآية: 253.
(6) سورة هود، الآية: 34.
(1) سورة النساء، الآية: 27.
(2) سورة التين، الآية: 8.
(3) سورة المائدة، الآية: 50.
(4) سورة آل عمران، الآية: 31.
(5) سورة المائدة، الآية: 54.,
(6) سورة آل عمران، الآية: 146.
(7) سورة الحجرات، الآية: 9.
(8) سورة البقرة، الآية: 195.
(9) سورة الزمر، الآية: 7.
(10) سورة التوبة، الآية: 46.
(11) سورة البينة، الآية: 8.
(12) سورة الفتح، الآية: 6.
(13) سورة النحل، الآية: 106.
(1) سورة الرحمن، الآية: 27.
(2) سورة المائدة، الآية: 64.
(3) سورة الزمر، الآية: 67.
(4) سورة هود، الآية: 37.
(5) سورة الأنعام، الآية: 103.
(6) سورة القيامة، الآيتان: 22 - 23.
(7) سورة الشورى، الآية: 11.
(8) سورة البقرة، الآية: 255.
(9) سورة يس، الآية: 82.
(1) سورة ق، الآية: 38.
(1) سورة النساء، الآية: 82.
(2) سورة آل عمران، الآية: 7.
(1) سورة الأنبياء، الآيتان: 26 - 27.
(2) سورة الأنبياء، الآيتان: 19 - 20.
(3) سورة ق، الآيتان: 18 - 19.
(4) سورة إبراهيم، الآية: 27.
(5) سورة الرعد، الآيتان: 23 - 24.
(1) سورة الحديد، الآية: 25.
(2) سورة المائدة، الآية: 44.
(3) سورة المائدة، الآية: 46.
(4) سورة آل عمران، الآية: 50.
(5) سورة البقرة، الآية: 185.
(6) سورة المائدة، الآية: 48.
(7) سورة الحجر، الآية: 9.
(8) سورة النساء، الآية: 46.
(1) سورة البقرة، الآية: 79.
(2) سورة الأنعام، الآية: 91.
(3) سورة آل عمران، الآية: 78 - 79.
(4) سورة المائدة، الآيات: 15 - 17.
(1) سورة النساء، الآية:.165
(2) سورة النساء، الآية: 163.
(3) سورة الأحزاب، الآية: 40.
(4) سورة الأحزاب، الآية: 7
(5) سورة الشورى، الآية: 13.
(6) سورة هود، الآية: 31.
(7) سورة الأنعام، الآية: 50.
(8) سورة الأعراف، الآية: 188.
(9) سورة الجن، الآيتان: 21 - 22.
(1) سورة الإسراء، الآية: 3.
(2) سورة الفرقان، الآية: 1.
(3) سورة ص، الآية: 45.
(4) سورة ص، الآية: 17.
(5) سورة ص، الآية: 30.
(6) سورة الزخرف، الآية: 59.
(7) سورة الأعراف، الآية: 158.
(8) سورة آل عمران، الآية: 19.
(9) سورة المائدة، الآية: 3.
(10) سورة آل عمران، الآية: 85.
(11) سورة الشعراء، الآية: 105.
(1) سورة النساء، الآيتان: 150 –151.
(2) سورة آل عمران، الآية: 110.
(3) سورة الحديد، الآية: 10.
(4) سورة الحشر، الآية: 10.
(1) سورة الزمر، الآية: 68.
(2) سورة الأنبياء، الآية: 104.
(3) سورة الانشقاق، الآيات: 7 - 12.
(4) سورة الإسراء، الآيات: 13 - 14.
(5) سورة الزلزلة، الآيتان: 7 - 8.
(6) سورة المؤمنون، الآيات: 102 - 104.
(7) سورة الأنعام، الآية: 160.
(1) سورة السجدة، الآية: 17.
(2) سورة الكهف، الآية: 29.
(3) سورة الطلاق، الآية: 11.
(4) سورة الأحزاب، الآيات: 64 - 66.
(1) سورة إبراهيم، الآية: 27.
(2) سورة النحل، الآية: 32.
(3) سورة الأنعام، الآية: 93.
(1) سورة الحج، الآية: 70.
(2) سورة الزمر، الآيتان: 62 - 63.
(3) سورة التكوير، الآيتان: 28 - 29.
(4) سورة البقرة، الآية: 253.
(5) سورة الأنعام، الآية: 137.
(6) سورة الصافات، الآية: 96.
(7) سورة البقرة، الآية: 223.
(8) سورة التوبة، الآية: 46.
(1) سورة البقرة، الآية: 286.
(2) سورة النساء، الآية: 165.
(3) سورة لقمان، الآية: 34.
(4) سورة الأنعام، الآية: 148.
(1) سورة الروم، الآية: 41.
(1) سورة النحل، الآية: 97.
(1) سورة الحديد، الآيتان: 22 - 23.(6/469)
حمل برنامج (قالون) برنامج رائع للبحث في آي القرآن بتشكيلها بسرعة وسهولة النسخ منه
ـ[المصري السلفي]ــــــــ[27 - 12 - 03, 10:49 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم(6/470)
حمل كتاب (شرح السيوطي على سنن النسائي)
ـ[المصري السلفي]ــــــــ[27 - 12 - 03, 11:55 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا كتاب شرح السيوطي على سنن النسائي لطلبة العلم المحدثين داعيا الله ان ينفع به من يقرأه.(6/471)
عمل اليوم والليلة لابن السني
ـ[المنتفض]ــــــــ[27 - 12 - 03, 06:50 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أريد عمل اليوم والليلة لابن السني مكتوبا على الوورد
هل من معين؟(6/472)
جزء من حديث وفوائد أبي يعلى الخليلي
ـ[خليل بن محمد]ــــــــ[28 - 12 - 03, 01:30 م]ـ
تحقيق وتخريج
د. محمد إسحاق محمد إبراهيم
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[28 - 12 - 03, 05:01 م]ـ
الحمد لله وحده ...
جزاك الله خير الجزاء أخي الشيخ خليل
لكن الملفين ما عملا عندي
لا أدري ما السبب.
ـ[المصري السلفي]ــــــــ[28 - 12 - 03, 05:21 م]ـ
لماذا أشارك بموضوعات ولا أجدها قد نشرت؟!!!!!!!!
لقد قمت بأكثر من مشاركة هامة في هذا المنتدى وفجأة لا أجدها موجودة .. لماذا هذا؟؟؟؟
ليس بها لا شيء خارج ولا حتى داخل؟
أفيدوني أثابكم الله على وجه السرعة؟ ما الخطأ؟!!!(6/473)
أبحث عن كتاب الاذكياء لابن الجوزى
ـ[حسنين]ــــــــ[29 - 12 - 03, 07:48 ص]ـ
الاخوة الكرام
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أرجو ممن لديه الكتاب على شكل ملف وورد أو pdf أن يتكرم بوضعه هنا للتحميل
و جزاكم الله خيرا
ـ[حسنين]ــــــــ[29 - 12 - 03, 07:50 ص]ـ
كذلك اذا كان موجود على الشبكة ان يتكرم بوضع الرابط
ـ[ابو شادي]ــــــــ[29 - 12 - 03, 04:04 م]ـ
تفضل اخي الكتاب المطلوب
وتكرم عيونك
ـ[الطالب الصغير]ــــــــ[29 - 12 - 03, 06:07 م]ـ
جزيت خيرا أبو شادي
ـ[حسنين]ــــــــ[29 - 12 - 03, 07:53 م]ـ
بارك الله فيك أخى الكريم أبو شادى و جزاك الله خيرا.(6/474)
حمل المغني لابن قدامة المقدسي
ـ[ Aboibrahim] ــــــــ[29 - 12 - 03, 12:43 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الحمد لله حمداً كثيراً طيباً كما يحب ربنا ويرضي و الصلاة و السلام على الرسول الأمين محمد ابن عبد الله عليه أفضل الصلاة و التسليم. أما بعد
أخي الحبيب ابن الشاطىء أفلح وجهك و جزاك الله خيراً أن كنت سبباً في تعرفي بهذا الكتاب القيم، و أتمنى أن أجد شرح الكتاب لأحد الشيوخ الثقات، فمن يجده فلا يبخل علينا بالرابط. لقد وجدت الكتاب مجموعاً في ملف، و كان على شكل صفحات HTML غير مرقمة و غير مرتبة فاضطريت إلى ترقيمها و ترتيبها، ثم وجدت أن حجم الباب الواحد من الكتاب كبيراً جداً ففضلت أن أنسخه و أنقله على الوورد ثم انزله في المنتدى فيكون أصغر حجما، ولم أنته من نقله كله بعد على الوورد، لكن بالتدريج سأفعل إن شاء الله تعالى.
مؤلف الكتابب هو الإمام الزاهد المجاهد شيخ الإسلام وأحد الأعلام موفق الدين أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة وينتهي نسبه إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ولد ببلدة جماعيل من أعمال نابلس بفلسطين في شعبان سنة 541هـ. لمزيد من المعلومات عن المؤلف http://links.islammemo.cc/historydb/one_news.asp?IDnews=320
حمل باب الطهارة و الصلاة و الجنائز:
ـ[ Aboibrahim] ــــــــ[29 - 12 - 03, 12:49 م]ـ
عفواً لقد تعذر انزال كتاب الصلاة و الجنائز لكبر حجمهما.
حمل كتاب الصلاة و الجنائز
ـ[ Aboibrahim] ــــــــ[29 - 12 - 03, 12:55 م]ـ
كتاب: الزكاة، الصيام، الاعتكاف، الحج
يتبع إن شاء الله.
ـ[ w_salah] ــــــــ[30 - 12 - 03, 10:49 م]ـ
أعتذر لك أخي الكريم
فقد سبق وأن وضعت الكتاب كاملا للتحميل كملفات ورد
فحتى لا تهدر وقتك هذا هو الرابط
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=9772
وعلك تنشط لنسخ أحد الكتب التي لم يسبق وضعها في هذا المنتدى المبارك
تحياتي لك وأعتذر مرة أخرى
ـ[ Aboibrahim] ــــــــ[31 - 12 - 03, 09:01 م]ـ
ماشاء الله، جزاك الله خيرا أخي الكريم لقد وفرت علي وقت طويلا ولا شيء أثمن من الوفت، فجزاك الله عنى خيرا, للعلم لقد كنت قد بحثت في المنتدى عن الكتاب أكثر من مرة ولم أجده والله المستعان.
ـ[ابو هاشم المصرى]ــــــــ[05 - 03 - 05, 06:45 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا قمت بتحويل كتاب المغني الضخم من صيغة الور إلي صيغة ال html
ـ[ابو هاشم المصرى]ــــــــ[05 - 03 - 05, 06:46 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حياكم الله جميعاً
أنا قمت بتحويل كتاب المغني الضخم من صيغة الور إلي صيغة ال html وقمت بتربيط صفحة البداية بكل كتاب من الكتب وقمت بتربيط عناوين كتاب الطهارة بالفقرات ولكن الوقت لم يُسعفني لتربيط شئ آخر إلا قليل من كتاب الصلاة ولكن للأسف لم أتمكن من إرفاقه علماً أن الحجم 6.5ميجا للكتاب كله كله مضغوط html ومن يمكنه حل هذه المشكلة يمكن أان يبعث لي علي الإيميل muslemman88@yahoo.com
ـ[شهاب الدين]ــــــــ[10 - 03 - 05, 01:55 ص]ـ
السلام عليكم
جزاكم الله عنا كل الخير
ـ[ w_salah] ــــــــ[10 - 03 - 05, 04:16 م]ـ
تحياتي للجميع
ـ[ابو هاشم المصرى]ــــــــ[14 - 03 - 05, 12:11 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قمت بتجميع بعض الأحاديث الخاصة بالإزار في هذا المستند نفعنا الله وإياكم
لمن أراد التحميل من المرفقات
ـ[عمر ابن أبي عمر]ــــــــ[22 - 03 - 05, 06:44 م]ـ
جزاك الله خيرا(6/475)
حمل كتاب (لسان الميزان) للحافظ ابن حجر العسقلاني
ـ[المصري السلفي]ــــــــ[29 - 12 - 03, 02:34 م]ـ
بسم الله الرحم الرحيم
الجزء الأول
ـ[المصري السلفي]ــــــــ[29 - 12 - 03, 02:49 م]ـ
الجزء الثاني
ـ[المصري السلفي]ــــــــ[29 - 12 - 03, 02:57 م]ـ
الجزء الثالث
ـ[المصري السلفي]ــــــــ[29 - 12 - 03, 03:08 م]ـ
الجزء الرابع
ـ[المصري السلفي]ــــــــ[29 - 12 - 03, 03:24 م]ـ
الجزء الخامس
ـ[المصري السلفي]ــــــــ[29 - 12 - 03, 03:36 م]ـ
الجزء السادس
ـ[المصري السلفي]ــــــــ[29 - 12 - 03, 03:49 م]ـ
الجزء السابع والأخير
نفعكم الله به
ـ[المصري السلفي]ــــــــ[29 - 12 - 03, 04:35 م]ـ
الجزء السابع والأخير
نفعكم الله به
ـ[أبو عبد الله بن سعيد]ــــــــ[01 - 01 - 04, 06:08 ص]ـ
أخي الكريم
المصري السلفي
جزاك الله خيرا على تعاونك معنا على الخير
وأحسن إليك وزادك حرصا على طلب العلم ونشره
وأخبرك بأني أقيم في بلدة منية سمنود عند الشيخ الفاضل / مصطفى العدوي
فإن كنت تقيم قريبا من المنية فأرسل لي عنوانك أو تليفونك حتى نتعاون أكثر
راسلني على هذا المنتدى أو على هذا الإيميل
t2000r7@yahoo.com(6/476)
حمل برنامج تفسير الأحلام لابن سيرين!!
ـ[المصري السلفي]ــــــــ[29 - 12 - 03, 05:30 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
برنامج رائع يحتوي على تأويل الأحلام عن طريق البحث بالكلمة
و ... أحلاماً سعيدة
ـ[أحمد سامي]ــــــــ[29 - 12 - 03, 07:49 م]ـ
جزاك الله خيراً على هذا البرنامج الرائع وأسأل الله أن يوفقك في الإمتحانات.لكن ... وجب التنبيه أنه للأسف الشديد من المشهور عند عامة الناس أن للإمام محمد بن سيرين كتاب في تفسير الأحلام وهذا خطأ محض بل إشتهر الإمام بتأويل الرؤى ولم يصنف أي كتباً في ذلك
نبه على هذا الشيخ أبو إسحاق الحويني حفظه الله في كتابه الماتع الرائع " بذل الإحسان"2/ 74.والله أعلى وأعلم
ـ[ابن سيريين الوهابي]ــــــــ[06 - 01 - 04, 05:52 م]ـ
علمون يربع اشلون يشتغل بعد التحميل
ـ[طالب النصح]ــــــــ[06 - 02 - 04, 10:21 ص]ـ
هل أجد لديكم أو يمكنكم تزويدي بكتاب تعظير ألأنام في تفسير الأحلام لعبدالغني النابلسي على هذه الطريقة ..
وهو من ضمن برنامج المحدث ..
وفد حملت كتاب ابن سيرين وهو مفيد وسهل الاستعمال ... لكن كتاب تعطير الأنام أكثر وأوسع من هذا فهلا فعلت يا حفظك الله ...
وجزاك الله خيراً
ـ[المصري السلفي]ــــــــ[07 - 02 - 04, 09:30 ص]ـ
للأسف لا أملك ما تريد أخي!
خاصة وقد حدث لجهازي كله FORMAT !!
ـ[شهاب الدين]ــــــــ[10 - 02 - 04, 10:44 ص]ـ
كيف يعمل البرنامج ايها الاخوة؟
هل هناك متطلبات لتشغيله؟ كوجود الكتاب مثلاً؟
ـ[أبو إسحاق التطواني]ــــــــ[10 - 02 - 04, 05:12 م]ـ
الصواب أنه كتاب تعبير الرؤيا أو الرؤيا لأبي سعد عبد الملك بن محمد الخركوشي النيسابوري، وقد بين ذلك بتفصيل محقق الكتاب: (عبد الحق التركماني) في تحقيقه الجديد الذي طبع بدار ابن حزم - بيروت ..
والله أعلم ..(6/477)
حمل برنامج (السيرة النبوية)
ـ[المصري السلفي]ــــــــ[29 - 12 - 03, 05:54 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
برنامج (السيرة النبوية) سيرة أشرف الخلق أجمعين النبي المصطفى محمد بن عبد الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم(6/478)
التنبيه على المخالفات العقدية في فتح الباري
ـ[المصري السلفي]ــــــــ[29 - 12 - 03, 06:30 م]ـ
التنبيه على
المخالفات العقدية
في
فتح الباري
تقريظ لكبار العلماء
عبد العزيز بن باز صالح الفوزان
عبد الله بن عقيل عبد الله بن منيع
عبد الله الغنيمان
وهو إكمال لما بدأه سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز
على الفتح بإشارته ومتابعته ومراجعته وقراءته
كتبه
علي بن عبد العزيز بن علي الشبل
عفا الله عنه وعن والديه ومشايخه والمسلمين آمين
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم تسليما.
أما بعد:
فإن الأمة قد أجمعت على صحة صحيح الإمام الموفق أبي عبد الله البخاري وعلى جلالته، ورفع درجته، وكان من أعظم الشروح عليه شرح الحافظ أحمد بن حجر العسقلاني الذي سماه "فتح الباري بشرح صحيح البخاري"؛ فقد أبدع فيه، ووفق لجمع المتفرق من كلام العلماء السابقين في موضع واحد، حتى صار شرحه مُعول العلماء ومرجعَ الطلاب ومقصد الباحثين.
ولم يعكر صفو ذلك سوى بعض المخالفات العقدية التي عظمت من مثل الحافظ الكبير ابن حجر العسقلاني، وأشغب بها عليه بعض الأغمار فطرحوا سفره النفيس هذا، وأهملوه وربما أهانوه، إلا أن كثيراً منها هي نقول ينقلها الحافظ عمن قبله من الشُرَّاح وغيرهم، هذا مع تنوع بحوث الكتاب وتشعبها والاستطراد فيها، وعلى كل حال فالله أسأل أن يعفو عنه وأن يبدل سيئاته حسنات ويعظم له المثوبة والأجر، ويرفع درجته ويمحو حوبته آمين.
ولما كان سماحة شيخنا الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز قد نبَّه على بعض تلك المؤاخذات في المجلدات الثلاثة الأولى، فزينت تعقباته حواشي الفتح؛ فحققت تمام الإفادة من شرح الحافظ الحافل، مع عدم الانسياق وراء تلك الاختيارات المخالفة لصحيح عقيدة أهل السنة والجماعة.
وتكرر الطلب مراراً على سماحته باستئناف ما بدأه من ذلك، ولكن كثرة الشواغل والصوارف منعته من ذلك.
وقد رغبت إلى سماحته بذلك مراراً، فأشار عليَّ بالشروع في ذلك، والعزم عليه، ثم عرض العمل على سماحته لينظر فيه، ولكنني هبتُ ذلك وأحجمتُ عنه في أول الأمر؛ لعظم الفتح وجلالته، ومكانة الحافظ وعلمه، ولكن شرح الله صدري لذلك بعد أمر سماحة الشيخ ثم الاستخارة؛ حتى عزمت على السير على منوال سماحة الشيخ في حواشيه بالاقتصار على موضع الملاحظة وبيان الخطأ فيها، دون التوسع بجلب الأدلة وتحرير الدلالة منها على المقصود، وتنويع الدلائل عليها، إذ مظنة ذلك مطولات كتب العقيدة والردود على مخالفي منهج أهل السنة والجماعة وهي معروفة، متداولة، مشهورة.
أيضاً وليكون العمل على نسق واحد مع تعليقات سماحة شيخنا على المجلدات الثلاثة الأولى. فإن وفقت لذلك فذا هو المقصود، وهو محض توفيق الله وهدايته وتسديده، وإن كانت الثانية فمن نفسي والشيطان، وأعوذ بالله منه ومن شر نفسي، وأستغفر الله من ذلك وأتوب إليه وأرجو ألا أعدم أحد الأجرين.
هذا وأسأل المولى جل وعلا أن يجعله لوجهه خالصاً، وللزلفى لديه مقرباً، ولمرضاته محققاً، ويعظم للأئمة: البخاري وابن حجر وسماحة شيخنا آجراً، ويرفع لنا ولهم في الدارين ذكراً، ويورثنا معهم المنازل العلى من الجنة إنه ولي ذلك، ولي ولوالديَّ ومشايخي والمسلمين، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله.
الفقير إلى مولاه الأجلَِّ
علي بن عبد العزيز بن علي الشبل
في 10/ 8/1419هـ
الرياض 11415 ص ب 63128
فاكس 2270010
شكر وتنويه
هذا وإني أحمد الله حمداً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، فالحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات.
وأصلي وأسلم على رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، وأترضى عن صحابته وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، والشكر والدعاء لسماحة شيخنا: الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الذي أشار بهذا العمل وتابعه وراجعه واهتم به، وفَرَّغ له من وقته مجالس لقراءته وتسديده، ثم أوصى بطبعه، مصاحباً ذلك بدعائه ونصحه، جزاه الله عنا خير الجزاء وأنزله عليين.
والشكر متوجه لأصحاب المعالي والفضيلة:
- الشيخ د. صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/479)
- والشيخ عبد الله بن سليمان بن منيع.
- والشيخ عبد الله بن عبد العزيز بن عقيل.
- والشيخ عبد الله بن محمد الغنيمان.
- والشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي.
حيث قرأوا – وفقهم الله – التعليقات ماحضين لي فيها النصح والتوجيه.
والشكر موصول لأصحاب المعالي والفضيلة:
- الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ – المفتي العام للمملكة-.
- الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين.
- والشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك.
والذين كنت أرجع إليهما في المسائل المشكلة، وإيضاحها من تلكم التعليقات ولكل من كان له سهم في هذا العمل المبارك من محض نصح وحسن توجيه في مختلف مراحله.
فجزى الله الجميع خيراً، وضاعف لهم المثوبة، وبارك لهم في أعمارهم وأعمالهم، وثقَّل موازينهم ومحا ذنوبهم، وأورثنا وإياهم العلم النافع والعمل الصالح والفردوس الأعلى من الجنة، إنه سبحانه سميع قريب مجيب الدعاء.
مكانة الحافظ ابن حجر وكتابه "فتح الباري":
إن الكلام عن الحافظ الكبير أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (773 - 852) هـ وترجمته الذاتية والعلمية يضيق عنها هذا الموضع جداً، كيف وقد جعلت ترجمته بكتب طوال ككتاب تلميذه السخاوي "الجواهر والدرر في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر" وقد طبع! وغيره من الكتب.
لقد تميز الحافظ ابن حجر في طلبه العلم حتى فاق أقرانه، وحاز على إعجاب مشايخه على كثرتهم، فمنهم من درس عليه، وأكثرهم أجازه لنبوغه وتحصيله، وسعة علمه وجودة تصنيفه.
كما أعجب به وبعلومه العلماء بعد ذلك لما عرفوا قدره في العلم والتحقيق من خلال تصانيفه المحررة، ومؤلفاته الماتعه، وتحقيقاته المفيدة، والتي أبرزت علومه وسعة اطلاعه، واستيعابه ودقة نظره، وتوفيق الله له.
هذا وبجانب عنايته – رحمه الله – وهمته في علم حديث النبي صلى الله عليه وسلم وسنته دراية ورواية، فكانت لآثاره العلمية فيها قصب السبق، وعليها المعول في رجال الحديث ورواة الآثار جرحاً وتعديلاً، أو في تخريج حديث النبي صلى الله عليه وسلم وتميزه صحيحاً وضعيفاً، أو كان في فقه الحديث النبوي استنباطاً وتعليلاً.
ولقد كان من أعظم كتب الحافظ قدراً، وأعمقها علوماً، وأحظاها لدى المسلمين: شرحه على الجامع الصحيح – الذي اتفق المسلمون على أنه أصح كتاب بعد كتاب الله – وهو صحيح الإمام البخاري (256) هـ الذي سمَّاه "فتح الباري بشرح صحيح البخاري" والذي يُعَّد بحق أحد دواوين الإسلام المعتبرة، ومصادره العلمية المهمة، فلا يستغني عنه طالب علم ولا فقيه؛ بل ولا مفتٍ ولا مجتهد، فجاء الشرح سفراً ضخماً جليلاً. أخذ في جمعه وتأليفه وإملائه وتنقيحه أكثر من خمس وعشرين سنة، حيث ابتدأه في أوائل سنة 817هـ، وعمره آنذاك 44 سنة، وفرغ منه في غرة رجب من سنة 842هـ فجمع فيه شروح من قبله على صحيح البخاري، باسطاً فيه إيضاح الصحيح وبيان مشكلاته، وحكاية مسائل الإجماع، وبسط الخلاف في الفقه والتصحيح والتضعيف واللغة والقراءات، مع العناية الواضحة بضبط الصحيح. صحيح البخاري ورواياته والتنويه على الفروق فيها، مع فوائد كثيرة وفرائد نادرة واستطرادات نافعة … إلخ حتى زادت موارد الحافظ فيه على (1200) كتاباً من مؤلفات السابقين له.
وغدا كتابه هذا أعجوبة الزمان، ومفخرة العلماء، تقاصرت همة من بعده من العلماء عن مثل عمله أو السير على منواله فيه، حتى قال الشيخ الشوكاني لما طُلب منه شرح صحيح البخاري قولته المشهورة، المتجانسة مع حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "لا هجرة بعد الفتح".
فرحم الله الحافظ ابن حجر ورفع درجته، وأعلى في الدارين ذكره، وثقل موازينه، وجزاه عن الإسلام وأهله أفضل الجزاء وأوفاه على نصحه وبذله وخدمته لسنة النبي صلى الله عليه وسلم آمين.
* * *
طريقة جمع المؤاخذات والتعليق عليها:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/480)
وتم ذلك – بتيسير الله وعونه – لما سمعت من غيري من الطلبة جلَّ صحيح البخاري على سماحة الشيخ ابن باز في دروسه المتعددة صباحاً ومساءً في الرياض بالجامع الكبير وجامع سارة، وفجراً بجامع سماحته في الطائف بقراءات متعددة من الصحيح عليه من سنة 1407هـ، حيث كنت أقيد الملاحظات العلمية وفيها مؤاخذات العقيدة على الحافظ ابن حجر رحمه الله منبهاً عليها في حواشي الفتح الجانبية، لأنني كنت أصحب في درس البخاري نسخة الفتح فأستفيد من مطالعة شروحه على الأحاديث المقروءة، ثم لما بعث الله الهمة مرة أخرى لجمع تلك الأخطاء والتعليق عليها، أعدت النظر في مظان أحاديث العقيدة ولا سيما ما يتعلق بالصفات والقدر من فتح الباري حتى تجمعت لي هذه المؤاخذات، وكان جلها من نقول ينقلها الحافظ ابن حجر عن علماء وشرَّاح متقدمين عليه، وبعضها من ابتداء كلامه هو.
فلما توجه العزم على جمع المؤاخذات والتعليق عليها، صورت الصفحات ذات العلاقة بالموضوع من نسختي من الفتح، وأشرت على موضع الخطأ، وكتبت التعليق المناسب بورقة خارجية أرفقتها بمصورة الفتح حتى أعرض الأمرين على سماحة شيخنا: صورة الفتح، والتعليق، وهو ما أيده واستحسنه سماحته. حتى إذا انتهيت من الجميع والتعليق آذنت سماحة شيخنا فخصص لي جلسات بعد صلاة الظهر في دار سماحته، ابتدأت من أواخر شهر المحرم من سنة 1419هـ بالطائف، ثم واصلت مع سماحته البقية لما عاد إلى الرياض، فكان آخرها في مجلس ظهر الخميس انسلاخ شهر رجب الحرام من هذه السنة 1419هـ، فأشار الشيخ بطبعه مفرداً ليستفيد منه من عندهم الفتح جم غفير، وتلا ذلك تبييض الكتاب وإعداده للطبع، ومشاورة سماحة شيخنا في مسمى عنوان، وإن كان له ثمة تعليق بعد ذلك على الكتاب أو بعض منه، فلم ير سماحته حاجة في التعليق بعد ذلك، وكان موقفه – جزاه اله خيراً – من التعاليق لا يخرج عن ثلاثة مواقف:
الأول: إمضاء التعليق بدون إضافة أو نقص، وهو جلُّ التعاليق في الكتاب.
الثاني: الزيادة على التعليق بإضافة عبارات أو تعديل صياغة يمليها هو عليَّ في ما كتبها، ثم أعيد قراءتها عليه في الموضع المنتقد زيادة في التأكد.
الثالث: اختصار التعليق بما يسد الحاجة، ويحقق المقصود، وهما في الواقع في مواضع ليست بالكثيرة.
هذا وأحب التنبيه على أمور هي:
1 - تكرر التأويل لبعض الصفات كاليدين والاستواء ونحوها في مواضع كثيرة، فاكتفينا بالتنبيه على بعضها تعليقاً، وعلى بعضها إشارة وإحالة، وأغفلنا بعض المواضع لحصول المقصود.
2 - الطبعة المحال عليها من فتح الباري هي طبعة المكتبة السلفية ط 1 عام 1407هـ، وما صُوِّر عليها؛ لكونها الأشهر بين أهل وقتنا.
3 - هذه التنبيهات هي في الأصل حواشي الفتح على هيئة تعليقات طرداً لعمل سماحة شيخنا في الأجزاء الثلاثة الأولى، ولكنها جُردت هنا في كتاب مستقل؛ فكانت بهذه الصورة.
4 - وقع التنبيه على مواضع من مقدمة الفتح والمجلد الأول والثالث لم ينبه شيخنا عليها فيما سبق.
تنبيه وتحذير!
وعطف على ما سبق من بيان حول مكانة الحافظ أحمد بن حجر، الذي يُعدُّ بحقٍ من كبار علماء الإسلام، وحول كتابه "فتح الباري" الذي هو أحد دواوين الإسلام المعتبرة، وما يسَّره الله من التنبيه على هنَّات وقعت فيه!
فإنه لا يجوز ديناً ولا مروءةً أن يُنال بذلك من مكانة الحافظ ابن حجر العلمية أو الانتقاص من عمله وقدره؛ فإن الرجل مجتهدٌ، باذلٌ وسعه، ولن يعدم برحمة الله أحد الأجرين، وحسناته في كتابه تغمر أغلاطه وتُكفِّرها. والحافظ حبيب علينا ولكن الحق والعقيدة أحب إلينا، وهي معقد الولاء والبراء.
هذا وقد أوتي – رحمه الله – من كثرة بحوثه وتنوعها، وضخامة كتبه، وجلالة المهمة، إلاَّ أنه كان ينقل كثيراً عن الشرَّاح عباراتهم بما فيها من أخطاء في العقيدة دونما تعليق إلا قليلاً. .، وعلى كل فأبرأ إلى الله عز وجل أن أظن فيه أنه قصد مخالفة الحق أو اتباع ضده من الباطل، وهذا قدر الله وما شاء فعل، و {الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ}.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/481)
وعليه فأعلن أني لا أبيح أحداً اتخذ من هذه التنبيهات مطعناً على الحافظ، أو أنقص بها من دينه وقدره، أو سخرها سهماً في تكفيره أو تبديعه. وأنا بحمد الله وتوفيقه لم أقصد منها ذلك ولا التقليل من شأنه، وما هي إلا نصح للحافظ وكتابه، ولله ورسوله، وللمسلمين وتتميماً للإفادة وغيرة على العقيدة وذباً عنها. والله حسبنا وهو نعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
* * *
تقريظ سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز
المفتي العام، ورئيس هيئة كبار العلماء
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته…
بعده، لا أرى حاجة إلى التعليق عليها لأن الحق بحمد الله واضح. وقد أحسنتم فيما فعلتم، وأرى أن تطبعوها بأحد العناوين التي ذكرتم، رجاء أن ينفع الله بها المسلمين.
شكر الله سعيكم وجعلنا وإياكم وسائر إخواننا من دعاة الهدى وأنصار الحق، إنه سميع قريب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
تقريظ معالي الشيخ صالح بن فوزان الفوزان
عضو اللجنة الدائمة للإفتاء، وعضو هيئة كبار العلماء
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين – وبعد:
فقد اطلعت على الاستدراكات التي وضعها الشيخ: علي بن عبد العزيز الشبل على كتاب: فتح الباري شرح صحيح البخاري للحافظ أحمد بن حجر العسقلاني متمماً بذلك الاستدراكات التي بدأها سماحة الشيخ العلامة الإمام الجليل: عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله، وسائراً على منواله من أجل تنبيه القراء على تلك الأخطاء وبيان الصواب فيها حتى لا يحتج أحد بوجودها في ذلك الكتاب النفيس الذي أصبح مرجعاً أساسياً بيد كل طالب علم من غير تعليق وإيضاح حتى يصفو هذا الكتاب من كل كدر. ويصبح مورداً عذباً نميراً بدون ضرر. وقد وجدت تلك الاستدراكات جيدة مفيدة منصفة – فجزى الله الشيخ علياً عما قام به من هذا المجهود العلمي خير الجزاء ونفع بتلك الاستدراكات من كان هدفه الحق والصواب. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
كتبه:
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
6/ 9/1420هـ
تقريظ معالي الشيخ عبد الله بن سليمان المنيع
عضو هيئة كبار العلماء
الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق وأظهره على الدين كله ولو كره المشركون، هدانا للإيمان وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، أحمده حمداً كثيراً كما هو أهله وأشكره شكر من يستزيده ويتضرع إليه وحده، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ربوبيته وألوهيته وكمال ذاته وصفاته وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين ومن اهتدى بهديهم واستن بسنتهم إلى يوم الدين وبعد.
فلقد سعدت بقراءة تعليقات لطيفة قيِّمة على "فتح الباري شرح صحيح البخاري" اقتداءً وإتماماً للنهج الذي نهجه سماحة شيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله فيما يتعلق بالأخطاء الواقعة في الشرح فيما يتعلق بأسماء الله وصفاته وبيان الصراط المستقيم في الاعتقاد السليم في أسماء الله وصفاته مما هو معتقد أهل السنة والجماعة والسلف الصالح من الصحابة والتابعين وتابعيهم إلى يوم الدين، الفرقة الناجية من النار ممن كانوا على مثل ما عليه صلى الله عليه وعلى أصحابه، فجزى الله فضيلة الشيخ علي خير جزاء وأتمه وجعله مباركاً أينما كان وأسعده في الدنيا وفي الآخرة وثقل بهذا موازين حسناته يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم والله المستعان.
كتب هذا
عبد الله بن سليمان المنيع
5/ 5/1420هـ
تقريظ معالي الشيخ عبد الله بن عقيل
رئيس الهيئة الدائمة بمجلس القضاء الأعلى سابقاً
الحمد لله وحده وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/482)
وبعد: فبما أن صحيح الإمام البخاري 194 - 256هـ هو أصح كتاب وضع في الحديث باتفاق أئمة الحديث ومن أجمع شروحه كتاب فتح الباري للحافظ أحمد بن علي بن حجر 773 - 852هـ لهذا اعتنى الأئمة بدراسته والتعليق عليه لما تميز به من الفوائد والاستنباطات وغيرها إلا أن المؤلف رحمه الله نظراً لتوسعه في كتابه وتشعب البحوث عليه مما ينسي بعضه بعضاً وقع في هنات ومخالفات وأغلاط فيما يتعلق بفن الحديث وعلومه وكذا البحوث اللغوية وأهم من ذلك مسائل العقيدة السلفية وأحاديث من الصفات، والسبب والله أعلم أنه نشأ في مجتمع اختلطت فيه المفاهيم وصار للأشاعرة ومن شاكلهم نفوذ ولمذاهبهم رواج، ومع أن بحوث الأسماء والصفات دقيقة وحساسة قل من يتخلص منها إلا من أخذ عن عالم سلفي.
وقد اهتم كثير من أهل العلم بما تضمنه هذان الكتابان ونبهوا على كثير مما وقع في الشرح، كل حسب وسعه، وإن أبرز من كتب في ذلك شيخنا العلامة أبو عبد الله عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله المتوفى في 27/ 1/1420هـ، فقد قرئ عليه فتح الباري حينما أشرف على طبعته الصادرة من المطبعة السلفية بالقاهرة عام 1380هـ وتتبع ما فيه مما يخالف مذهب السلف ونبه عليه من أوله إلى آخر الجزء الثالث بنهاية كتاب الجنائز وطبعت تلك التعليقات بهوامش الأجزاء الثلاثة من فتح الباري، ثم انشغل عنه وطبعت الأجزاء الباقية دون تعليق، وأخيراً عزم سماحته على مواصلة العمل وأوعز بتتبع ذلك إلى أخص تلاميذه وهو فضيلة الشيخ علي بن عبد العزيز الشبل الأستاذ في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية فتتبع التلميذ ما ورد في بقية أجزاء الكتاب وعلق عليه وبين مذهب السلف في ذلك، فلما كمل الكتاب عرضه على شيخه فاستحسنه وأذن له بطبعه ونشره،
وهذا عمل جليل نسأل الله أن ينفع به ويثيب العاملين عليه إنه جواد كريم.
وكتبه الفقير إلى الله
عبد الله عبد العزيز بن عقيل
رئيس الهيئة الدائمة بمجلس القضاء الأعلى سابقاً
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
تقريظ فضيلة الشيخ عبد الله بن محمد الغنيمان
رئيس قسم الدراسات العليا، والمدرس بالمسجد النبوي سابقاً
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد أفضل المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد: فإن من أصح الكتب المصنفة في الإسلام وأجمعها وأحسنها تبويباً واستنتاجاً كتاب الإمام البخاري، وقد عرف بشدة تمسكه بكتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وترسمه طريقة الصحابة رضوان الله عليهم واتباعهم، فلم يضع في كتابه ما يخالف نهجهم.
وقد اعتنى العلماء بشرح كتابه وتقريبه وبيان ما اشتمل عليه من العلم والفوائد، وأعظم شروحه وأكثرها فوائد شرح الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني رحمه الله، وهذا معلوم لدى أهل العلم، غير أنه أدخل فيه من مسائل المتكلمين وتأويلاتهم لصفات رب العالمين ما شان كتابه.
نسأل الله تعالى أن يعفوَ عنه ويثيبه على اجتهاده، فإنَّا نعتقد أنه يطلب الحق ولم يقصد الباطل.
وقد قام الأخ الفاضل علي بن عبد العزيز الشبل بتتبع المواضع التي أخطأ فيها الحافظ وبيَّن الصواب في ذلك، وقد قرأت تتبعاته هذه فوجدته قد تبين فيها الصواب الذي هو مذهب أهل السنة.
والأخ علي عُرِفَ بسعة اطلاعه وكثرة بحوثه وملازمته للعلماء الذين يقتدى بهم.
أسأل الله تعالى أن يثيبه ويزيده علماً نافعاً وسداداً في القول والعمل.
وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه.
قاله
عبد الله بن محمد الغنيمان
في 15/ 9/1420هـ
التنبيه على
المخالفات العقدية
في
فتح الباري
قال الحافظ في هدي الساري 143: "قوله (استوى على العرش) هو من المتشابه الذي يفوض علمه إلى الله تعالى، ووقع تفسيره في الأصل". اهـ.
ت: هذا ليس صحيحاً؛ إذ نصوص الصفات ومنها آيات الاستواء من النصوص المحكمة المعلومة المعنى والمعقولة المراد، وإنما يُفوض إلى الله تعالى كيفياتها وحقائقها التي هي عليه، كما هو مذهب سلف الأمة رحمهم الله، قال الإمام مالك رحمه الله: "الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة"؛ فالاستواء معلوم المعنى وهو العلو والاستقرار. هذا وليس المتشابه من القرآن ما لا يعلم معناه إلا الله، كما يقوله أهل التفويض من النفاة، وجرى عليه الحافظ ابن حجر هنا. والله أعلم.
* * *
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/483)
قال الحافظ في الهدي 219: "قوله: (أطولهم يداً) أي أسمحهن، ووقع ذكر اليد في القرآن والحديث مضافاً إلى الله تعالى، واتفق أهل السنة والجماعة على أنه ليس المراد باليد الجارحة التي هي من صفات المحدثات. وأثبتوا ما جاء من ذلك وآمنوا به؛ فمنهم من وقف ولم يتأول، ومنهم من حمل كل لفظ منها على المعنى الذي ظهر له، وهكذا عملوا في جميع ما جاء من أمثال ذلك". اهـ.
ت: الواجب إثبات اليدين حقيقة على الوجه اللائق بالله عز وجل حقيقة من غير تكييف ولا تمثيل، ومن غير تحريف ولا تعطيل، وعلى هذا اتفق أهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح.
أما التوقف عن الإثبات والتأويل بالتفويض، أو الجنوح للتأويل فمسلكا المؤولة والمفوضة من الأشاعرة والماتريدية في باب الصفات، وأهل السنة والجماعة منه براء. والله أعلم.
* * *
قال الحافظ في الفتح 1/ 61: "قوله: (وهو) أي الإيمان (قول وفعل يزيد وينقص) …
والمعتزلة قالوا: هو العمل والنطق والاعتقاد. والفارق بينهم وبين السلف أنهم جعلوا الأعمال شرطاً في صحته، والسلف جعلوها شرطاً في كماله". أهـ.
ت: الصواب أن الأعمال عند السلف الصالح: قد تكون شرطاً في صحة الإيمان، أي أنها من حقيقة الإيمان قد ينتفي الإيمان بانتفائها، كالصلاة.
وقد تكون شرطاً في كماله الواجب فينقص الإيمان بانتفائها كبقية الأعمال التي تركها فسق ومعصية، وليس كفراً. فهذا التفصيل لابد منه لفهم قول السلف الصالح وعدم خلطه بقول الوعيدية. مع أن العمل عند أهل السنة والجماعة ركن من أركان الإيمان الثلاثة: قول وعمل واعتقاد، والإيمان عندهم يزيد وينقص. خلافاً للخوارج والمعتزلة. والله ولي التوفيق.
* * *
قال الحافظ في الفتح 1/ 147: " (تنبيه): دل سياق الحديث على أن رؤية الله في الدنيا بالأبصار غير واقعة، وأما رؤية النبي صلى الله عليه وسلم فذاك لدليل آخر".
ت: الصواب أنه صلى الله عليه وسلم لم يَرَ ربَّه في الدنيا في أرجح أقوال العلماء؛ لأن رؤية الله محجوبة في الدنيا عن كل أحد، ولم يأت مخصص صحيح في ثبوتها لأحد لا النبي صلى الله عليه وسلم ولا لغيره، فيبقى النفي على عمومه، وصح في الحديث "واعلموا أنه لن يرى أحد منكم ربه حتى يموت" أخرجه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه. وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال لما سُئل: هل رأيت ربك؟ فقال: "نور أنى أراه" وفي لفظ قال: "رأيت نوراً" أخرجهما مسلم. وانظر التعليق على حديث (4155) من كتاب التفسير. والله أعلم.
...
قال الحافظ في الفتح 1/ 164: "وأما الإيمان بمعنى التصديق فلا يحتاج إلى نية كسائر أعمال القلوب – من خشية الله وعظمته ومحبته والتقرب إليه – لأنها متميزة لله تعالى فلا تحتاج لنية تميزها. . "اهـ.
ت: هذا القول متعقب؛ إذ هو قول الأشاعرة، لأن الإيمان في اللغة ليس مجرد التصديق؛ بل هو التصديق وزيادة الإقرار، فهو لغة مشتق من الأمن. وقد نبَّه على هذا أبو العباس ابنُ تيمية في كتابه الإيمان الكبير 7/ 289 - 293 ضمن الفتاوى أما في الشرع فالإيمان؛ الاعتقاد بالقلب والإقرار باللسان والعمل بالجوارح والأركان.
* * *
قال الحافظ في الفتح 1/ 189: "قوله: (فاستحيا الله منه) أي رحمه ولم يعاقبه.
قوله: (فأعرض الله عنه) أي سخط عليه، وهو محمول على من ذهب معرضاً لا لعذر، هذا إن كان مسلماً ويحتمل أن يكون منافقاً. . "اهـ.
ت: يوصف ربنا سبحانه وتعالى بالاستحياء والإعراض كما في النصوص الشرعية على وجه لا نقص فيه؛ بل على الوجه اللائق من غير تكييف ولا تعطيل ولا تحريف ولا تمثيل. ولا يجوز تأويلهما بغير معناهما الظاهر من لوازمها وغير ذلك، بل الواجب إثباتهما لله عز وجل على الوجه اللائق بجلاله وكماله من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل. وانظر التعليق على حديث (282) باب 22 من كتاب. الغسل. والله أعلم.
* * *
قال الحافظ في الفتح 1/ 276: "قوله: (إن الله لا يستحيي من الحق) أي لا يأمر بالحياء في الحق"اهـ.
ت: الواجب إثبات الحياء لله عز وجل على وجه لا نقص فيه وعلى الوجه اللائق به سبحانه حقيقة من غير تحريف ولا تكييف ولا تعطيل ولا تمثيل، كسائر الصفات عند أهل السنة والجماعة. وكونه سبحانه لا يأمر بالحياء في الدين حقٌ أيضاً، لكن ليس هو معنى صفة الاستحياء لله عز وجل، بل هو من آثارها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/484)
وانظر التعليق على حديث (282) باب 22 من كتاب الغسل. والله أعلم.
* * *
قال الحافظ في الفتح 1/ 419: "والمراد باليد هنا القدرة".
ت: هذا تأويل غير صحيح؛ بل اليد ثابتة لله عز وجل على حقيقتها، وهي صفة ذاتية من صفاته تعالى، فالواجب إثبات هذه الصفة على حقيقتها كما يليق بجلال الله وعظمته من غير تحريف ولا تكييف ولا تعطيل ولا تمثيل كسائر الصفات. فكما أن لله قدرة لا تشبهها قدرة المخلوقين، فكذلك له يد لا تشبه أيدي المخلوقين، وله صفات لا تشبه صفاتهم، وإلا كان ذلك تفريقاً بين المتماثلات.
وصح في الحديث الصحيح: أن"قلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن". نسأل الله الثبات على دينه آمين. والله أعلم.
* * *
قال الحافظ في الفتح 1/ 605: "والمراد بالمناجاة من قبل العبد حقيقة النجوى، ومن قبل الرب لازم ذلك فيكون مجازاً، والمعنى إقباله عليه بالرحمة والرضوان".
ت: دعوى المجاز في المناجاة من الله باطلة، وهو من ادعاء المجاز في نصوص الصفات، الذي هو باب تعطيلها، والواجب اللائق هنا إثبات المناجاة من الله لعبده حقيقة كما هي للعبد حقيقة من غير تكييف ولا تمثيل، ومن غير تحريف ولا تعطيل، ولا يجوز تأويلها بإقبال الله عليه بالرحمة والرضا؛ ولا سيما وقد صحت المناجاة في القرآن من الله لموسى صلى الله عليه وسلم في سورة مريم {وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ الطُّورِ الأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا}، والله أعلم.
* * *
قال الحافظ في الفتح 1/ 612: "ويستفاد منه أن التحسين والتقبيح إنما هو بالشرع…".
ت: الصواب أن التحسين والتقبيح يكونان بالعقل كما يكونان بالشرع، وذلك أننا نعقل بعقولنا قبح الشر وحسن الخير … وقول الحافظ هنا يتمشى على مذهب الأشاعرة والله أعلم.
وانظر التعليق على حديث (122) باب 22 من كتاب العلم.
* * *
قال الحافظ في الفتح 1/ 613: "لأن الحق عند أهل السنة أن الرؤية لا يشترط لها عقلاً عضو مخصوص ولا مقابلة ولا قرب …".
ت: بل رؤية الباري سبحانه في الدار الآخرة حقيقة بمقابلة ولقاء ورؤية وهو في علوه سبحانه وتعالى كما قال: {تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ}، مع قطع الاستشراف عن كيفية تلك الرؤية، أو تشبيه المرئي بالمخلوق. ونفي المقابلة والقرب بلا دليل صحيح – ما فيه من الإجمال – خطأ وباطل، والله أعلم.
* * *
قال الحافظ في الفتح 1/ 650: قوله: (بنى الله) إسناد البناء إلى الله مجاز … ".
ت: بل إسناد البناء لله عز وجل حقيقة على ظاهره اللائق بالله عز وجل عظمة وجلالاً، وهو صفة فعلية، ولا داعي لدعوى المجاز هاهنا، كسائر الصفات، فلا نكيف بناءه، ولا نمثله، ولا نحرفه، ولا نعطله، هذا هو الواجب على المسلمين في أسماء الله وصفاته.
وذلك أن بناء الله كخلق الله، هل يتطرق إليه المجاز؟ بل هو في الجميع على الحقيقة اللائقة بالله وهكذا القول في سائر الأسماء والصفات، والله أعلم.
* * *
قال الحافظ في الفتح 3/ 188: "وفي هذا الحديث من الفوائد-غير ما تقدم- جواز استحضار ذوي الفضل للمحتضر لرجاء بركتهم ودعائهم. . ".
ت: التبرك بالصالحين ممنوع إلا بالنبي صلى الله عليه وسلم في حياته خاصة، ولا يجوز أن يُقاس غيره عليه عليه الصلاة والسلام. وأما التبرك بدعائهم لعموم النصوص في ذلك فنعم.
ومضى قريباً التعليق على التبرك بالصالحين وآثارهم من سماحة شيخنا غير مرة، وسيأتي له نظائر في هذا المجلد "وهو الثالث".
* * *
قال الحافظ في الفتح 3/ 541: "ومعاذ الله أن يكون لله جارحة. . ".
ت: نفي الجارحة عن الله من النفي المجمل الذي لم يرد به دليل شرعي، والاستفصال فيه أن يُقال:
أ- إن كان المراد بالجارحة، كما للمخلوق من أعضاء؛ فالنفي حق ويُعبَّر عنه بما في القرآن {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}.
ب – وإن كان المراد بنفي الجارحة نفي اليد عن الله أو نفي الصفات، فالنفي والحالة هذه باطل، ولابد. ففي باب النفي لابد من التوقيف فلا تنفي عن الله إلا ما نفاه عن نفسه أو نفاه عن رسوله صلى الله عليه وسلم كما في باب الإثبات، والله أعلم.
* * *
قال الحافظ في الفتح 4/ 112: "ومن بعد ذلك لزيارة قبره صلى الله عليه وسلم والصلاة في مسجده والتبرك بمشاهدة آثاره وآثار أصحابه".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/485)
ت: زيارة القبر إذا احتاجت إلى سفر مشروعة تبعاً لا استقلالاً، فلا يجوز السَّفر لقصد زيارة القبر، وإنما تشد الرحال لزيارة المساجد الثلاثة فقط.
والتبرك بالمشاهد والآثار بدعة منكرة، ووسيلة إلى الشرك، ومضى في المجلد الأول والثالث التعليق على هذا في مواضع من سماحة شيخنا ابن باز.
* * *
قال الحافظ في الفتح 4/ 127: "قوله: (أطيب عند الله من ريح المسك) اختلف في كون الخلوف أطيب عند الله من ريح المسك – مع أنه سبحانه وتعالى منزه عن استطابة الروائح، إذ ذاك من صفات الحيوان، ومع أنه يعلم الشيء على ما هو عليه – على أوجه. قال المازري: هو مجاز لأنه جرت العادة بتقريب الروائح الطيبة منا فاستعير ذلك للصوم لتقريبه من الله، فالمعنى أنه أطيب عند الله من ريح المسك عندكم، أي يقرب إليه أكثر من تقريب المسك إليكم، وإلى ذلك أشار ابن عبد البر، وقيل: المراد أن ذلك في حق الملائكة وأنهم يستطيبون ريح الخلوف أكثر مما تستطيبون ريح المسك.
وقيل: المعنى أن حكم الخلوف والمسك عند الله على ضد ما هو عندكم، وهو قريب من الأول. وقيل: المراد أن الله تعالى يجزيه في الآخرة فتكون نكهته أطيب من ريح المسك كما يأتي المكلوم وريح جرحه تفوح مسكاً. وقيل: المراد أن صاحبه ينال من الثواب ما هو أفضل من ريح المسك لاسيما بالإضافة إلى الخلوف، حكاهما عياض.
وقال الداودي وجماعة: المعنى أن الخلوف أكثر ثواباً من المسك المندوب إليه في الجمع ومجالس الذكر، ورجح النووي هذا الأخير، وحاصله حمل معنى الطيب على القبول والرضا، فحصلنا على ستة أوجه".
ت: هذا وما قبله تأويلات متكلفة لا مبرر لها، وخروج باللفظ عن حقيقته. والاستطابة لرائحة خلوف فم الصائم من جنس سائر الصفات العلى يجب الإيمان بها مع عدم مماثلة صفات المخلوقين، ومع عدم التكلف بتأويلها بآراء العقول ومستبعدات النقول، والذي يفضي بها إلى تعطيلها عن الله.
فالواجب الإيمان بها كسائر الصفات على الوجه اللائق بالله من غير تكييف ولا تمثيل، ومن غير تحريف ولا تعطيل، كما قال سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} وقال: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} وقال: {وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ}. والله أعلم.
* * *
قال الحافظ في الفتح 4/ 298: "والتحقيق أنها إن كانت مما تندرج تحت مستحسن في الشرع فهي حسنة، وإن كانت مما تندرج تحت مستقبح في الشرع فهي مستقبحة، وإلا فهي من قسم المباح، وقد تنقسم إلى الأحكام الخمسة".
ت: البدعة في اللغة هي ما كان على غير مثال سابق، وتكون حسنة وسيئة، أما البدع في الشرع فكلها مذمومة مستقبحة لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة"، وهذا عموم من قول النبي صلى الله عليه وسلم لا مخصص له، فلا يجوز تخصيص قوله بأقوال الناس كائناً من كان. كما لا يصح أن تندرج البدعة شرعاً تحت الأحكام الخمسة. والله أعلم.
وانظر التعليق على حديث (7277) في كتاب الاعتصام بالسنة. باب (2) من المجلد 13.
* * *
قال الحافظ في الفتح 5/ 217: "وقد قال المازري: غلط ابن قتيبة فأجرى هذا الحديث على ظاهره وقال: صورة لا كالصورة. انتهى…
وقد أخرج البخاري في "الأدب المفرد" وأحمد من طريق ابن عجلان عن سعيد عن أبي هريرة مرفوعاً "لا تقولن: قبح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك؛ فإن الله خلق آدم على صورته"، وهو ظاهر في عود الضمير على المقول له ذلك. . ".
ت: أحسن الحافظ بذكر هذا التعليل في النهي عن ضرب الوجه، وهو أحسن من التعليل الأول وأصرح، كما أحسن بتخريجه زيادة: "على صورة الرحمن".
وقد غلط المازري بتغليطه ابن قتيبة، كما وهم الحافظ بجعله عود الضمير على المقول له ذلك.
والصواب أن يقال: إن لله صورة تليق به سبحانه، ولآدم وذريته صور تليق بهم، من غير تكييف ولا تمثيل ولا تحريف ولا تعطيل لصورة الله ولا صفاته؛ مع الفارق بين صفات المخلوق وصفات الخالق.
هذا، وإن نفي الصورة عن الله قول الجهمية، كما قال الإمام أحمد وغيره. وقد بسط الشيخ ابن تيمية الكلام في المسألة في آخر بيان تلبيس الجهمية بسطاً شافياً.
* * *
قال الحافظ في الفتح 5/ 345: "قوله (أحدث الأخبار بالله) أي أقربها نزولاً إليكم من عند الله عز وجل، فالحديث بالنسبة إلى المنزول إليهم، وهو في نفسه قديم".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/486)
ت: هذا الموضع فيه إيهام يتعلق بصفة الكلام لله عز وجل، ويحتاج إلى تفصيل:
أ - فإن كان المراد أنه معنى قديم نفسي، فهذا قول الأشاعرة بأن القرآن معنى نفسي قائم بالله.
ب - وإن كان جبريل لم يسمعه من الله وإنما تلقاه من غيره: من اللوح أو الهواء أو اللطيفة فهو باطل أيضاً. وهو قول الأشاعرة والمتكلمين لينفوا أن يكون الكلام مسموعاً. وهو راجع إلى الاحتمال الأول: بأن الكلام معنىً قديمٌ نفسيٌّ.
جـ – وإن أراد أنه قديم بمعنى أن الله كتبه في اللوح المحفوظ وسبق به علمه سبحانه ثم أنزله منجماً حسب الحوادث، وسمعه جبريل من الله. فهذا حق وصواب.
وبالتفصيل يتبين الأمر؛ لأن كلام الله قديم النوع حادث الآحاد، كسائر أفعال الرب جلَّ وعلا. والله أعلم.
وانظر التعليق على باب (42) من كتاب التوحيد.
* * *
قال الحافظ في الفتح 5/ 395: "ووقع للمهلب استبعاد جواز هذه الكلمة – وهي "حابس الفيل" – على الله تعالى، فقال: المراد حبسها أمر الله عز وجل، وتعقب بأنه يجوز إطلاق ذلك في حق الله فيقال: حبسها الله حابس الفيل، وإنما الذي يمكن أن يمنع تسميته سبحانه وتعالى حابس الفيل ونحوه، كذا أجاب ابن المنير، وهو مبني على الصحيح من أن الأسماء توقيفية …".
ت: هذه قاعدة سديدة مسددة في باب الأسماء والصفات أن مبناهما على التوقيف. وإطلاق حابس الفيل على الله ليس من باب التسمية، وإنما من باب الإخبار والإطلاق، وهو على كل حال أوسع من باب التسمية والوصف. ولا يكفي فقط ألا يكون ذلك الاسم مشعراً بنقص؛ بل لابد أن يكون توقيفياً.
والحبس هاهنا فعلٌ يليق بالله عز وجل لا يشبه حبس المخلوقين كسائر الصفات والله ولي التوفيق.
* * *
قال الحافظ في الفتح 5/ 402: "وفيه طهارة النخامة والشعر المنفصل والتبرك بفضلات الصالحين الطاهرة. . ".
ت: هذا ليس على إطلاقه، بل هو خاص بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ولا يجوز لغيره؛ لكونه لم يرد، ولكونه وسيلة إلى الشرك. ومضى في المجلدين الأول والثالث مواضع عديدة علق عليها سماحة شيخنا بما يكفي، والله أعلم.
* * *
قال الحافظ في الفتح 5/ 413 - 414: "وفي رواية موسى بن عقبة عن الزهري: فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بصير، فقدم كتابه وأبو بصير يموت، فمات وكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده، فدفنه أبو جندل مكانه، وجعل عند قبره مسجداً…".
ت: هذا مخالف لما صح في الأحاديث الصحيحة المحذرة من اتخاذ القبور مساجد، وهذا إن صح! كيف وهو من مراسيل الزهري، وهي من أضعف المراسيل؛ فيكون الأثر غير صحيح. والله أعلم.
* * *
قال الحافظ في الفتح 6/ 48: "قوله: (يضحك الله إلى رجلين) قال الخطابي: الضحك الذي يعتري البشر عندما يستخفهم الفرح أو الطرب غير جائز على الله تعالى، وإنما هذه مثل ضرب لهذا الصنيع الذي يحل محل الإعجاب عند البشر فإذا رأوه أضحكهم، ومعناه الإخبار عن رضا الله بفعل أحدهما وقبوله للآخر ومجازاتهما على صنيعهما بالجنة مع اختلاف حاليهما، قال: وقد تأول البخاري الضحك في موضع آخر على معنى الرحمة، وهو قريب، وتأويله على معنى الرضا أقرب، فإن الضحك يدل على الرضا والقبول".
ت: هذا الكلام وما بعده غير صحيح؛ لأنه مذهب أهل التأويل ومذهب أهل التفويض وكلا المذهبين باطل.
ونفي الضحك عن الله، واعتبار نصوصه المثبتة له من ضرب المثل، وتأويله بصفة أخرى كالرضا أو إرادته، ليس بسديد، بل هو نفي لحقيقة ما وصف النبي صلى الله عليه وسلم ربه، فالواجب إثبات صفة الضحك لله على الوجه اللائق به من غير تشبيه بضحك المخلوقات، ولا تعطيل لحقيقة ما له سبحانه من كمال الصفات، ولا تكييف ولا تحريف.
هذا؛ ولم أرَ البخاري رحمه الله تأول ذلك، وهو بعيد جداً عنه، لاسيما وقد قال الحافظ عفا الله عنه على حديث (4889) من كتاب التفسير: "قال الخطابي: وقال أبو عبد الله: معنى الضحك هنا الرحمة. قلت: ولم أرَ ذلك في النسخ التي وقعت لنا من البخاري" اهـ. والله أعلم.
* * *
قال الحافظ في الفتح 6/ 138: "ويحتمل أن يكون معنى قوله: (رحمة من الله) أي كانت الشجرة موضع رحمة الله ومحل رضوانه لنزول الرضا عن المؤمنين عندها…".
ت: هذا احتمال بعيد، فليست الشجرة موضع رحمة الله ومحل رضوانه لنزول الرضا عن المؤمنين عندها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/487)
ولو كانت كذلك لما جاز قطعها، وإنما هي شجرة سَمُرة كغيرها، والوصف بالرضوان تعلق بما حصل عندها لا بها. والصواب الأول أن خفاءها رحمة من الله حتى لا يغلو فيها أحد، ولهذا قطعها عمر رضي الله عنه لما رأى بعض الناس يذهبون إليها. والله أعلم.
* * *
قال الحافظ في الفتح 6/ 158: "فناسب تنزيه الله عن صفات الانخفاض كما ناسب تكبيره عند الأماكن المرتفعة، ولا يلزم من كون جهتي العلو والسفل محال على الله ألا يوصف بالعلو؛ لأن وصفه بالعلو من جهة المعنى، والمستحيل كون ذلك من جهة الحس. . . ".
ت: هذا جنوح إلى القول بعلو القهر وعلو الشرف. وهو الوصف بالعلو من جهة المعنى، دون علو الذات الذي أحاله الحافظ حساً، والحق أن لله العلو التام ذاتاً وقدراً وقهراً، وهو ما تواترت به نصوص الشريعة تواتراً قطعياً من وجوه كثيرة جداً تفوق الحصر، والله أعلم.
* * *
قال الحافظ في الفتح 6/ 165: "هذا كله في تعليق التمائم وغيرها مما ليس فيه قرآن ونحوه، فأما ما فيه ذكر الله فلا نهي فيه، فإنه إنما يجعل للتبرك به والتعوذ بأسمائه وذكره …".
ت: الصواب النهي عن ذلك كله ألبته، فيُنهى عن تعليق التمائم مطلقاً، ولو كان بشيء فيه ذكر الله؛ لئلا يُمتهن، ولعموم النهي عن التمائم، ولا مخصص للعموم، وسداً لذريعة تعليق التمائم الشركية.
والتبرك بذكر الله من الأدعية والحروز الشرعية يكون بقراءتها والتلفظ بها والتعبد لله بها لا بتعليقها، والله أعلم.
* * *
قال الحافظ في الفتح 6/ 168: "وقد تقدم توجيه العجب في حق الله في أوائل الجهاد وأن معناه الرضا ونحو ذلك…".
ت: هذا تأويل باطل للعجب المسند إلى الله بصفة أخرى وهي الرضا، وكما أن لله رضا يليق به فكذلك له عجب لائق به أيضاً. والله أعلم.
وانظر التعليق على حديث (4889) من المجلد الثامن – تفسير آية الحشر.
* * *
قال الحافظ في الفتح 6/ 336: "قوله: (كتب في كتابه) أي أمر القلم أن يكتب في اللوح المحفوظ…".
ت: لا مانع أن يكون كتبه سبحانه بنفسه كسائر ما أضافه إلى نفسه من صفاته وأفعاله على الوجه اللائق من غير تكييف ولا تمثيل ولا تحريف ولا تعطيل كسائر صفاته عز وجل. كما ورد أن الله تعالى كتب التوراة لموسى بيده.
والذي يظهر من سياق الحديث أن هذه الكتابة غير كتابة المقادير التي أمر الله سبحانه القلم بها، ويجوز أن يكون هذا الكتاب كذلك غير اللوح المحفوظ؛ فجزُمُ الحافظ أنه اللوح المحفوظ لم يذكر عليه دليلاً. وأبعد من هذا قوله – عفا الله عنه -: "ويحتمل أن يكون المراد. . إلخ، وما استشهد به لا يتعين فيه المعنى الذي ذكره؛ بل الأظهر أن هذا الحكم مكتوب في كتاب. والله أعلم.
* * *
قال الحافظ في الفتح6/ 337: "قوله: (فهو عنده فوق العرش)؛ قيل: معناه دون العرش. ويحتمل أن يكون المراد بقوله: "فهو عنده" أي ذكره أو علمه، فلا تكون العندية مكانية بل هي إشارة إلى كمال كونه مخفياً عن الخلق مرفوعاً عن حيز إدراكهم…".
ت: بل الواجب إمراره على ظاهره، ولا حاجة إلى هذا التأويل، فهو كتاب عند الله فوق عرشه مع قطع الاستشراف عن كيفية ذلك. والله أعلم.
* * *
قال الحافظ في الفتح 6/ 337: "والمراد من الغضب لازمه وهو إرادة إيصال العذاب إلى من يقع عليه الغضب…".
ت: هذا تأويل لصفة الغضب إلى إرادة إيصال العقوبة. والواجب إثبات الغضب وسائر الصفات على الوجه اللائق بالله على الحقيقة من غير تكييف ولا تمثيل ولا تحريف ولا تعطيل. وقد كثر تأويل الحافظ – عفا الله عنه – لصفتي الرحمة والغضب بإرادتي الثواب والعقاب، وهو في الحقيقة طرد لمذهب الأشاعرة فيهما. والله أعلم.
* * *
قال الحافظ في الفتح 6/ 345: " قال ابن العربي: أنكر قوم سجودها وهو صحيح ممكن، وتأوله قوم على ما هي عليه من التسخير الدائم، ولا مانع أن تخرج عن مجراها فتسجد ثم ترجع. قلت: إن أراد بالخروج الوقوف فواضح، وإلا فلا دليل على الخروج، ويحتمل أن يكون المراد بالسجود سجود من هو موكل بها من الملائكة، أو تسجد بصورة فيكون عبارة عن الزيادة في الانقياد والخضوع في ذلك الحين".
ت: هذا تأويل لسجود الشمس لله عز وجل، وذلك السجود حق كما صح في الحديث لكن الله أعلم بكيفيته، فلا نخوض فيه بعقولنا متأولين أو مكيفين، ولكن سجودها حق على ظاهره، والله أعلم به.
* * *
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/488)
قال الحافظ في الفتح 6/ 406: "ويؤخذ منه استحباب الدعاء عند حضور الصالحين تبركاً بهم…".
ت: التبرك بذوات الصالحين أو بجاههم أو بحقهم كل ذلك لا يجوز والصواب التبرك بدعائهم لا بذواتهم؛ لأن التبرك بذوات الصالحين أو بجاههم أو بحقهم كل ذلك لا يجوز وهو دائر بين الشرك الأكبر والأصغر فيُحذر منه. والتبرك بالذات خاص بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم فيما انفصل عن جسمه في حياته فقط لا بعد موته والله أعلم.
* * *
قال الحافظ في الفتح 6/ 422: "وهذه الرواية تؤيد قول من قال: إن الضمير لآدم، والمعنى أن الله تعالى أوجده على الهيئة التي خلقه عليها…".
ت: الصواب عود الضمير على الرحمن كما جاء مصرحاً به في روايات صحيحة، والمقصود إثبات الصورة لله ولآدم كلٌ على ما يليق به. وقد بسط الكلام على المسألة وبيان عود الضمير على الله أبو العباس ابن تيمية في بيات تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية بسطاً شافياً. ومضى نحوه في التعليق على حديث (2559) باب (20) من كتاب العتق، والله أعلم.
* * *
قال الحافظ في الفتح 6/ 448: "وأما إطلاقه في حق الله تعالى فعلى سبيل المقابلة، وقيل: الخلة أصلها الاستصفاء، وسُمي بذلك لأنه يوالي ويعادي في الله تعالى، وخلة الله له نصره وجعله إماماً…".
ت: إطلاق الخلة وهي أعلى درجات المحبة على الله صحيح وعلى الحقيقة اللائقة بالله، كما في صريح القرآن والسنة. وهي صفة ثابتة لائقة بالله لا تستلزم تشبيهاً ولا تمثيلاً، بل لله خلة لائقة به كما أن له سمعاً وبصراً وحياة تليق به. ونفي الخلة عن الله هو قول الجهمية عن الجعد، كما قال ابن القيم:
ولأجل ذا ضحى بجعد خالدُ الـ
إذا قال إبراهيمُ ليس خليله
شكر الضحية كلُّ صاحب سنة
قسريُّ يوم ذبائح القربان
كلا ولا موسى الكليم الداني
لله درك من أخي قربان
والله أعلم.
* * *
قال الحافظ في الفتح 6/ 502: "وروى البيهقي من طريق الحجاج بن قرافصة أن رجلين …".
ت: صوابه: الحجاج بن فُرافِصة بفاءين؛ الأولى مضمومة والثانية مكسورة بعدها صاد مهملة، الباهلي البصري، صدوق عابد، يهم، من السادسة. والله أعلم.
* * *
قال الحافظ في الفتح 6/ 502: "قال: وكانوا يرون أنه الخضر".
ت: أطال الحافظ رحمه في تعمير الخضر، وعلى كل حال لو عُمر فإنه لن يُخلد.
والتحقيق أنه مات، ولو عاش لشمله حديث ابن عمر رضي الله عنهما في الصحيح يرفعه: "أرأيتكم ليلتكم هذه فإنه على رأس مائة سنة لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر الأرض أحد". وأهل البدع ينسجون على الخضر أساطير وخرافات لا تحصى.
والصواب أن الخضر عليه السلام قد مات قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه نبي – على الصحيح-، ومحمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين لا نبي بعده، والقول بأنه موجود في حياة النبي أو بعدها قول باطل مخالف للأدلة الشرعية. والله ولي التوفيق.
* * *
قال الحافظ في الفتح 6/ 512: "لأن الأنبياء أحياء عند الله وإن كانوا في صورة الأموات بالنسبة إلى أهل الدنيا …".
ت: هذا إطلاق مبهم، والصواب التصريح بأن حياة الأنبياء برزخية ليست كحياتي الدنيا والآخرة، ولكن الله أعلم بحقيقتها، وأن حياتهم في القبور أكمل من حياة الشهداء.
والحافظ رحمه الله فصَّل ذلك وأبان عنه في مواضع من المجلد السابع على حديث (3649) و (3887) و (4042) بما أزال الإبهام هاهنا، فجزاه الله خيراً.
* * *
قال الحافظ في الفتح 6/ 562: "فدل ذلك على حياتهم. قلت: وإذا ثبت أنهم أحياء من حيث النقل فإنه يقويه من حيث النظر كون الشهداء أحياء بنص القرآن، والأنبياء أفضل من الشهداء …".
ت: مضى بيان أن حياة الأنبياء في قبورهم حياة برزخية لا نعلم حقيقتها، وأنها أكمل من حياة الشهداء على حديث (3410) من هذا المجلد السادس. والله أعلم.
* * *
قال الحافظ في الفتح 6/ 695: "وفيه التبرك بطعام الأولياء والصلحاء …".
ت: هذا الإطلاق ليس بسديد، والصواب تخصيصه بالنبي صلى الله عليه وسلم، وما انفصل عن جسمه في حياته فقط!، ومضى له نظائر كثيرة في المجلد الأول والثالث.
* * *
قال الحافظ في الفتح 7/ 28: "… أما خلة الله للعبد فبمعنى نصره له ومعاونته …".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/489)
ت: الواجب إثبات صفة الخلة لله على ما يليق به، والنصرة والمعونة من آثارها وكذلك الإحاطة وهي صفات أخرى تليق بالله لا يشابهه بها خلقه، ولأن الخلة هي أعلى درجات المحبة. ومضى لهذا نظير في المجلد السادس على حديث (3359) من كتاب أحاديث الأنبياء. والله أعلم.
* * *
قال الحافظ في الفتح 7/ 36: "والأنبياء أحياء في قبورهم…".
ت: مضى غير مرة بيان أن حياة الأنبياء في قبورهم حياة برزخية الله أعلم بحقيقتها، وهي أكمل من حياة الشهداء، انظر التعليق على حديث (3410) من المجلد السادس.
* * *
قال الحافظ في الفتح 7/ 156: "وليس العرش بموضع استقرار الله …".
ت: بل الصواب أن الله سبحانه قد استوى على العرش، ومن معاني الاستواء: الاستقرار والارتفاع والعلو والصعود على الوجه اللائق به سبحانه من غير تكييف ولا تمثيل ولا تحريف ولا تعطيل كسائر صفات الله عز وجل، كما نظمها ابن القيم في النونية:
ولهم عبارات عليها أربعٌ
وهي استقر وقد علا وكذلك ار
وكذلك قد صعد الذي هو رابع
يختار هذا القول في تفسيره
قد حُصَّلت للفارس الطَّعان
تفع الذي ما فيه من نكران
وأبو عبيدة صاحب الشيباني
أدرى من الجهمي بالقرآن
ولا يعني هذا المعنى السائغ لغة وشرعاً حاجته سبحانه أو افتقاره إلى عرشه، فهو الغني عما سواه، وكلٌ إليه محتاج فقير. والله أعلم.
* * *
قال الحافظ في الفتح 7/ 156: "ومع ذلك فمعتقد سلف الأئمة وعلماء السنة من الخلف أن الله منزه عن الحركة والتحول والحلول ليس كمثله شيء …".
ت: هذا أيضاً من النفي المفصل المحدث الذي لم يدل عليه نصٌ من كتاب الله ولا سنته صلى الله عليه وسلم، بل هذا النفي عند المتكلمين يتضمن نفي صفات ثابتة ولائقة بالله كالنزول والإتيان والمجيء والعلو والاستواء على العرش، وليس الأمر كما قال الحافظ، كما أنه ليس النفي المفصل طريقة الوحيين الكتاب والسنة ولا من هدي السلف، بل هو خلاف ما عليه سلف الأمة وأتباعهم بإحسان، كما بين ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الحموية والتدمرية، والله ولي التوفيق.
* * *
قال الحافظ في الفتح 7/ 179: "والمراد بغضب الله إرادة إيصال العقاب …".
ت: هذا تأويل غير سائغ، حيث أوَّل صفة الغضب بصفة الإرادة، بل لله غضبٌ لائق به كما أن له إرادة لائقة به، بلا تمثيل ولا تشبيه، كذلك بلا تعطيل ولا تحريف ولا تكييف ولا تمثيل، هذا قول أهل السنة والجماعة. والله أعلم.
* * *
قال الحافظ في الفتح 7/ 476: "لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبع أرقعة"وأرقعة بالقاف جمع رقيع وهو من أسماء السماء، قيل: سميت بذلك لأنها رقعت بالنجوم، وهذا كله يدفع ما وقع عن الكرماني (بحكم الملك) بفتح اللام وفسَّره بجبريل؛ لأنه الذي ينزل بالأحكام، قال السهيلي: قوله: "من فوق سبع سموات" معناه أن الحكم نزل من فوق، قال: ومثله قول زينب بنت جحش: "زوجني الله من نبيه من فوق سبع سموات" أي نزل تزويجها من فوق، قال: ولا يستحيل وصفه تعالى بالفوق على المعنى الذي يليق بجلاله، لا على المعنى الذي يسبق إلى الوهم من التحديد الذي يفضي إلى التشبيه …".
ت: إثبات الفوقية لله عز وجل حق، فهو سبحانه فوق العرش وفوق السموات والله أعلم بكيفية ذلك، فلا نحرف فوقيته كما لا نمثلها، ولا نكيفها ولا نتأولها بالتعطيل. كما ذكر سبحانه: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ}. وقال: {يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ}، وكما في حديث الباب أعلاه، والصواب الذي دلت عليه النصوص وقرَّره أهل السنة أن الله موصوف بفوقية الذات، وفوقية القدر وفوقية القهر، كما قال ابن القيم في النونية:
والفوق أنواع ثلاث كلُّها
لله ثابتةٌ بلا نكران
* * *
قال الحافظ 8/ 5: "قوله الرحمن الرحيم اسمان من الرحمة، أي مشتقان من الرحمة والرحمة، لغة (الرقة والانعطاف) وعلى هذا فوصفه به تعالى مجاز عن إنعامه على عباده، وهي صفة فعل لا صفة ذات … ".
ت: ليس في نصوص الصفات مجاز – على اصطلاح المتكلمين – بل الرحمن الرحيم اسمان من الأسماء الحسنى متضمنان صفة الرحمة على المعنى اللائق به سبحانه، فلا حاجة إلى تأويلها بأثر من آثارها – وهو إنعامه على عباده – عند أهل السنة والجماعة، والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 8/ 187: "وتعقبه وابن المنيِّر بأن الإيمان لا يتبعض. وهو كما قال …
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/490)
ت: الصواب الذي عليه أهل السنة والجماعة أن الإيمان يتفاوت بالزيادة والنقصان ويتبعض ويكون بالقلب واللسان والجوارح، وهو يزيد وينقص، ولما كان الإيمان عند الأشاعرة اسماً للتصديق لم يتفاضل ولم يتبعض على ذلك عندهم.
وانظر التعليق على حديث (7) من كتاب الإيمان في المجلد الأول.
وبسط الكلام على هذا ابنُ تيمية في الإيمان الأوسط ضمن الفتاوى 7/ 562 وما بعدها.
* * *
قال الحافظ 8/ 191: "وفيه جواز سؤال الموسر من المال من ترجى بركته شيئاً من ماله لضرورة دينية".
ت: الصواب أن هذا التبرك خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم لا لغيره، فلا يجوز التبرك بأحد غيره ولا به بعد موته، ومضى لهذا نظائر في المجلدين الأول والثالث.
* * *
قال الحافظ 8/ 234: "واختلف المعربون في "لا" فقيل: زائدة، وإلى هذا يشير كلام أبي عبيدة، وتُعقب بأنها لا تزاد إلا في أثناء الكلام، وأجيب بأن القرآن كله كالكلام الواحد …".
ت: الصواب أن كلام الله متعدد ومتنوع يتكلم سبحانه متى شاء وكيف شاء بما شاء فقد تكلم سبحانه بالتوراة والإنجيل والقرآن والزبور. وكونه كالكلام الواحد في أنه بدا من الله حق، لا في استوائه؛ لاسيما وهو متفاضل.
ويُخشى من هذه العبارة تطرق ما عول عليه المتكلمون من الأشاعرة وأمثالهم من كونه معنىً واحداً قائماً في نفس الله ليس بمتعدد، والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 8/ 282: "وحكى ابن التين للداودي في هذا الموضع كلاماً في استشكال نزول الوحي في القضايا الحادثة، مع أن القرآن قديم …".
ت: الحق أن وصف الكلام قديم لأنه صفة ذاتية لله، وأما القرآن فهو متجدد تكلم الله به بعد التوراة والإنجيل فهو آخر الكتب الإلهية، كما قال سبحانه في أول الأنبياء: {مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مَّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلاَّ اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ}. وكونه قديماً كله عند الأشاعرة وغيرهم؛ لأنه عندهم معنى نفسي قائم بالله ليس بحرف ولا صوت مسموع، وهذا باطل ومخالف لمذهب السلف الصالح رحمهم الله، والله أعلم.
وانظر التعليق على باب (4) من كتاب التفسير – لسورة الحجر – من هذا المجلد.
* * *
قال الحافظ 8/ 365: "والمراد بالوجه الذات، والعرب تعبر بالأشرف عن الجملة ... "
ت: والتعبير بالوجه عن الذات أحياناً في اللغة، لا يعني أن الوجه هو الذات في كل حال، بل لله وجه حقيقي يليق به سبحانه هو من ذاته، كما في الحديث: "وما بين القوم وبين أن يروا ربهم تبارك وتعالى إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنات عدن" متفق على صحته عن أبي موسى رضي الله عنه، والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 8/ 413: "والأولى في هذه الأشياء الكف عن التأويل مع اعتقاد التنزيه".
ت: إذا كان يريد بالتأويل صرف اللفظ عن ظاهره فهو حق، وهذه قاعدة سديدة ومهمة في باب الأسماء والصفات ليت الحافظ طردها فيه، ويضاف إليها: بلا كيف.
* * *
قال الحافظ 8/ 413: "فإن كل ما يستلزم النقص من ظاهرها غير مراد".
ت: نصوص الصفات ليس في ظاهرها نقص ألبتة، بل هو وهم يتوهمه المعطل قبل تعطيله؛ حيث يتوهم التشبيه، ثم يدفعه بصريح التأويل الذي هو في واقع الأمر تعطيل، والصواب إثبات ما دلت عليه النصوص من الأسماء والصفات لله سبحانه على الوجه اللائق به، من غير تمثيل ولا تكييف ولا تحريف ولا تعطيل، كما درج على ذلك أهل السنة والجماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهم وأتباعهم بإحسان، كما أوضح ذلك أئمة السنة كالإمام أحمد وابن خزيمة، وقبلهما مالك والأوزاعي والثوري، وبعدهم شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وغيرهما من أئمة السنة، والله ولي التوفيق.
* * *
قال الحافظ 8/ 413: "وقال ابن فورك: يحتمل أن يكون المراد بالإصبع إصبع بعض المخلوقات، وما ورد في بعض طرقه: "أصابع الرحمن" يدل على القدرة والملك".
ت: هذا أيضاً من التأويل، حيث أُولت أصابعُ الرحمن إلى صفتي القدرة والملك، والواجب هو اللائق بإثبات الأصابع لله حقيقة، دون التكييف أو التشبيه أو التعطيل، على ما ورد في الأحاديث الصحيحة، والله أعلم.
* * *
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/491)
قال الحافظ 8/ 444: "قوله (فأخذت) كذا للأكثر بحذف مفعول أخذت، وفي رواية ابن السكن "فأخذت بحقو الرحمن"، وفي رواية الطبري " بحقوي الرحمن" بالتثنية، قال القابسي: أبى أبو زيد المروزي أن يقرأ لنا هذا الحرف لإشكاله … وقال عياض: الحقو معقد الإزار، وهو الموضع الذي يستجار به ويحتزم به على عادة العرب؛ لأنه من أحق ما يحامى عنه ويدفع، كما قالوا: نمنعه مما نمنع منه أزرنا، فاستعير ذلك مجازاً للرحم من استعاذتها بالله من القطيعة. انتهى. وقد يطلق الحقو على الإزار نفسه …
والمعنى على هذا صحيح مع اعتقاد تنزيه الله عن الجارحة. قال الطيبي: هذا القول مبني على الاستعارة التمثيلية؛ كأنه شبه حال الرحم وما هي عليه من الافتقار إلى الصلة والذب عنها بحال مستجير يأخذ بحقو المستجار به، ثم أسند على سبيل الاستعارة التخييلية ما هو لازم للمشبه به من القيام، فيكون قرينة مانعة من إرادة الحقيقة، ثم رشحت الاستعارة بالقول والأخذ وبلفظ الحقو فهو استعارة أخرى، والتثنية فيه للتأكيد؛ لأن الأخذ باليدين آكد في الاستجارة من الأخذ بيد واحدة".
ت: لا حول ولا قوة إلا بالله! الواجب الإيمان بما دل عليه الحديث وإمراره كما جاء على حقيقته كباقي نصوص الصفات، والإيمان بمقتضى الحديث أن لله حقواً، كما أن له سمعاً ووجهاً وقدماً، كل ذلك على الحقيقة اللائقة بالله عز وجل من غير تحريف ولا تمثيل ولا تكييف ولا تعطيل.
أما تنزيه الله عن الجارحة فكلام مجمل لم يصح نفيه عن الله ولا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعليه فلا يجوز نفيه ولا إثباته حتى يُستفصل عن مراد قائله، لأنه يحوي حقاً وباطلاً.
وتكلُّف كونه مجازاً واستعارة مما يفضي إلى التعطيل ونفي الصفات الثابتة لله عز وجل. والواجب إثبات الصفات لله على الوجه اللائق بالله من غير تكييف ولا تمثيل، ومن غير تحريف ولا تعطيل، كما هو قول أهل السنة والجماعة، والله ولي التوفيق.
* * *
قال الحافظ 8/ 461: "وقيل: المراد بالقدم الفرط السابق … وقيل: المراد بالقدم قدم بعض المخلوقين. أو المراد بالقدم الأخير … حتى يضع الرب فيها موضعاً … وأنه يجعل مكان كل واحد منهم واحداً من الكفار بأن يعظم حتى يسد مكانه ومكان الذي خرج، وحينئذ فالقدم سبب للعِظَمِ المذكور … قال: المراد بالقدم قدم إبليس … يكون المراد بالرجل إن كانت محفوظة الجماعة …".
ت: كل هذه التأويلات للقدم غير صحيحة، بل لله قدم أو رجل على ما وردت في الأحاديث الصحيحة على وجه يليق بذات الله المقدسة، من غير تكييف ولا تمثيل ومن غير تحريف ولا تعطيل، وعليه فلا داعي هاهنا إلى التأويل، كما يحرم التمثيل لها بقدم المخلوق، مع القطع بعدم العلم بالكيفية التي عليها هذه الصفة وغيرها. والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 8/ 474: "وعلى هذا يمكن الجمع بين إثبات ابن عباس ونفي عائشة بأن يحمل نفيها على رؤية البصر وإثباته على رؤية القلب …".
ت: هذا هو الصحيح من أقوال السلف، وعليه تتفق الأدلة ولا تفترق، وتجتمع ولا تختلف، فلم ير ربه بعيني رأسه، وإنما بقلبه كما صح.
وفي الصحيح – صحيح مسلم – عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال لما سئل هل رأيت ربك؟ قال: "نور أنَّى أراه" وفي لفظ: "رأيت نوراً"، وفي الصحيح أيضاً أنه قال صلى الله عليه وسلم: "واعلموا أنه لن يرى أحدٌ منكم ربه حتى يموت".
وبذلك يُعلم أن الله سبحانه لا يُرى في الدنيا، وإنما يراه المؤمنون يوم القيامة، وفي الجنة كما تواترت بذلك الآيات والأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهو قول أهل السنة والجماعة. أما الكفار فلا يرونه سبحانه أبداً لا في الدنيا ولا في الآخرة لقوله تعالى: {كَلاَّ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ}، والله ولي التوفيق.
* * *
قال الحافظ 8/ 474 - 475: "وقد رجح القرطبي في "المفهم" قول الوقف في هذه المسألة وعزاه لجماعة من المحققين، وقواه بأنه ليس في الباب دليل قاطع، وغاية ما استدل به للطائفتين ظواهر متعارضة قابلة للتأويل، قال: وليست المسألة من العمليات؛ فيُكتفى فيها بالأدلة الظنية، وإنما هي من المعتقدات فلا يكتفى فيها إلا بالدليل القطعي …".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/492)
ت: المراد بالقطعي على الصحيح: ما صح عن الله أو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لا على اصطلاح المتكلمين بأنه المتواتر فقط. فكل ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم متواتراً أو آحاداً فإنه يُبنى عليه الحكم الاعتقادي أو العملي فهما سيَّان في هذا، ولكن الشأن في ثبوته وصراحة دلالته، والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 8/ 501: "قال الخطابي"إطلاق العجب على الله محال، ومعناه الرضا، فكأنه قال: إن ذلك الصنيع حل من الرضا عند الله حلول العجب عندكم، قال: وقد يكون المراد بالعجب هنا أن الله يعجب ملائكته من صنيعهما لندور ما وقع منهما في العادة. قال: وقال أبو عبد الله: معنى الضحك هنا الرحمة. قلت: ولم أر ذلك في النسخ التي وقعت لنا من البخاري، قال الخطابي: وتأويل الضحك بالرضا أقرب من تأويله بالرحمة، لأن الضحك من الكرام يدل على الرضا فإنهم يوصفون بالبشر عند السؤال …".
ت: هذا كله تأويل لصفتي العجب والضحك الثابتتين لله، وصرف لهما عن ظاهرهما. والواجب إثباتهما حقيقة لله عز وجل من غير تحريف ولا تعطيل، ولا تكييف ولا تمثيل كسائر الأسماء والصفات، وهو قول أهل السنة والجماعة، ومثل ذلك التأويل بعيدٌ جداً عن الإمام البخاري رحمه الله، فلا معول عليه ألبتة.
* * *
قال الحافظ 8/ 532: "لا يظن أن الله ذو أعضاء وجوارح لما في ذلك من مشابهة المخلوقين تعالى الله عن ذلك، ليس كمثله شيء".
ت: نفي الجوارح والأعضاء من النفي المجمل، والذي لم يرد به توقيف النص، فلا يجوز إطلاقه، بل الواجب فيه التفصيل:
أ- فإن قُصد بنفي الجوارح والأعضاء، تلك الصفات المشابهة لجوارح المخلوقين وأعضائهم، فالمعنى صحيح، ويغني عن هذا اللفظ المجمل ما ورد من نصوص شرعية تنفيه كقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}، وقوله {وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ}.
ب- وإن قُصد بنفيها نفي الصفات الذاتية عن الله، كصفة الساق والقدم والأصابع وغيرها مما نطقت به النصوص الصحيحة، فهو من التأويل والتعطيل المذمومين، وهو أيضاً إلحاد في أسماء الله وصفاته.
والواجب إثبات ما جاءت به النصوص من صفات الله عز وجل كاليد والإصبع والقدم والساق وغير ذلك بلا تمثيل ولا تكييف، وبلا تعطيل ولا تحريف، بل على الوجه اللائق به سبحانه، من غير مشابهة لخلقه في شيء من صفاته تعالى وتقدس، لعموم قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}، وغيرها من الآيات الواردة في هذا المعنى، والله سبحانه وتعالى أعلم وأحكم.
* * *
قال الحافظ 8/ 573: ". . وإسناد الاطمئنان إلى الله من مجاز المشاكلة، والمراد به لازمه من إيصال الخير ونحو ذلك …" اهـ.
ت: هذا إعمال للمجاز في نصوص الصفات، ولا يجوز هذا فيها، وإذا ثبتت الصفة فلا كلام عندئذ بالادعاء بتأويلها على أنها مجاز أو تفويضها، فالعبرة على ثبوت الاطمئنان إلى الله، فإن صح أثبتت حقيقة ذلك على ما يليق بالله.
كما نثبت الرضا له سبحانه حقيقة على الوجه اللائق به سبحانه من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تمثيل ولا تكييف. والحسن هو البصري، وهو من سادات التابعين. والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 8/ 687: "وقال القرطبي: أصل الأذن بفتحتين أن المستمع يميل بأذنه إلى جهة من يسمعه، وهذا المعنى في حق الله لا يراد به ظاهره، وإنما هو على سبيل التوسع على ما جرى به عرف المخاطب، والمراد به في حق الله تعالى إكرام القارئ وإجزال ثوابه، لأن ذلك ثمرة الإصغاء … " اهـ.
ت: ولماذا لا يُراد ظاهره وهو الاستماع، على وجهٍ يليق به عز وجل، ولو لم تكن نصوص الصفات مرادٌ لها ظواهرها فمن يعرفها إذن؟!
والواجب على المسلم الإيمان بهذه الصفة وغيرها من صفات الله الذاتية والفعلية على ما يليق بالله من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل كسائر أسمائه وصفاته كما قال سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}، والله أعلم.
* * *
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/493)
قال الحافظ 9/ 231: "قال عياض: ويحتمل أن تكون الغيرة في حق الله الإشارة إلى تغير حال فاعل ذلك، وقيل: الغيرة في الأصل الحمية والأنفة، وهو تفسير بلازم التغير فيرجع إلى الغضب، وقد نسب سبحانه وتعالى إلى نفسه في كتابه الغضب والرضا. وقال ابن العربي: التغير محال على الله بالدلالة القطعية فيجب تأويله بلازمه؛ كالوعيد أو إيقاع العقوبة بالفاعل، ونحو ذلك". اهـ.
ت: كل هذا تمحل وتأويل لا يجوز في حق صفات الله، فما المانع أن يكون لله غيرة لائقة به، لا تشبه ما للخلق من الغيرة كسائر الصفات، مع القطع بعدم العلم بكيفيتها؟ فالواجب أن ما نطقت به النصوص الشرعية من أسماء الله وصفاته أثبتناه، وما نفته عن الله نفيناه، حيث هذا موجب الاستسلام والتسليم لله ورسوله، وهو قول أهل السنة والجماعة، وقولهم أسلم وأعلم وأحكم، والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 10/ 102: " … والتبرك بآثار الصالحين …".
ت: مضى إبطال هذا في مواضع عديدة من المجلد الأول والثالث والسادس وغيرها. والتبرك بذوات الصالحين لا يجوز، بل هو خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم في حياته بذاته، لا بعد موته، والحافظ – عفا الله عنه – توسع في هذا فأدخل عموم الصالحين، والحقُ ما عرفت من خصوصيته بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 10/ 208: " … وفي الحديث التبرك بالرجل الصالح وسائر أعضائه وخصوصاً اليد اليمنى".
ت: مضى لهذا نظائر في المجلد الأول والثالث والسادس والعاشر، والتبرك بالذوات خاص بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم في حياته لا بعد موته، أما غيره فلا يجوز لعدم الدليل، مع وجود السبب في الصحابة الذين هم أفضل الصالحين ولم يكن يُتبرك بهم. ولكونه ذريعة إلى الشرك الأكبر والأصغر، والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 10/ 217: "قوله: (أنت الشافي) يؤخذ منه جواز تسمية الله تعالى بما ليس في القرآن بشرطين: أحدهما: ألا يكون في ذلك ما يوهم نقصاً. والثاني: أن يكون له أصل في القرآن. وهذا من ذاك، فإن في القرآن {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} ".
ت: الصواب أن باب الأسماء والصفات توقيفي، يُقتصر فيه على ما ورد في القرآن والسنة فقط. فلا يُسمَّى الله إلا بما سمَّى به نفسه أو سمَّاه به رسوله صلى الله عليه وسلم، وكذلك لا يُوصف الله إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك الشافي فهو اسم سماه به رسوله صلى الله عليه وسلم، وما خرج عن هذه القاعدة فلا يُسمَّى الله به. والله أعلم.
وانظر التعليق على حديث (2733) من كتاب الشروط في المجلد الخامس.
* * *
قال الحافظ 10/ 244: "وأخرجه الطبري في "التهذيب" من طريق يزيد ابن زريع عن قتادة عن سعيد بن المسيب أنه كان لا يرى بأساً إذا كان بالرجل سحر أن يمشي إلى من يطلق عنه، فقال: هو صلاح. قال قتادة: وكان الحسن يكره ذلك يقول: لا يعلم ذلك إلا ساحر، قال: فقال سعيد بن المسيب: إنما نهى الله عما يضر ولم ينه عما ينفع. وقد أخرج أبو داود في "المراسيل" عن الحسن رفعه: "النشرة من عمل الشيطان" ووصله أحمد وأبو داود بسند حسن عن جابر. قال ابن الجوزي: النشرة حل السحر عن المسحور، ولا يكاد يقدر عليه إلا من يعرف السحر. وقد سئل أحمد عمن يطلق السحر عن المسحور فقال: لا بأس به. وهذا هو المعتمد. ويجاب عن الحديث والأثر بأن قوله: "النشرة من عمل الشيطان" إشارة إلى أصلها، ويختلف الحكم بالقصد، فمن قصد بها خيراً كان خيراً وإلا فهو شر. ثم الحصر المنقول عن الحسن ليس على ظاهره لأنه قد ينحل بالرقى والأدعية والتعويذ، ولكن يحتمل أن تكون النشرة نوعين"اهـ.
ت: النشرة على نوعين:
1 - نشرة بسحر مثله، فهذه لا تجوز على الصحيح من قولي العلماء؛ للحديث المذكور: "النشرة من علم الشيطان"، ولعموم النصوص في تحريم السحر، وكونه من الكفر والشرك بالله.
2 - وتكون النشرة بالأدوية المباحة المجربة والأدعية والتعاويذ الشرعية، وهذه مشروعة بالاتفاق، ومع هذا ما وقع للنبي صلى الله عليه وسلم برقية جبريل عليه السلام له. والحسن هو البصري، وهو من سادات التابعين. والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 10/ 270: "قوله: (لا ينظر الله) أي لا يرحمه، فالنظر إذا أضيف إلى الله كان مجازاً، وإذا أضيف إلى المخلوق كان كناية، ويحتمل أن يكون المراد لا ينظر الله إليه نظر رحمة ….
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/494)
وقال الكرماني: نسبة النظر لمن يجوز عليه النظر كناية؛ لأن من اعتد بالشخص التفت إليه، ثم كثر حتى صار عبارة عن الإحسان وإن لم يكن هناك نظر، ولمن لا يجوز عليه حقيقة النظر وهو تقليب الحدقة، والله منزه عن ذلك، فهو بمعنى الإحسان مجاز عما وقع في حق غيره كناية … ويؤيد ما ذكر من حمل النظر على الرحمة أو المقت … " اهـ.
ت: هذا كله تأويل لصفة نظر الله وصرف لها عن ظاهرها. والواجب في هذا – وغيره من نصوص الصفات – حمله على ظاهره وحقيقته اللائقة بالله عز وجل، من غير تكييف ولا تمثيل ولا تحريف ولا تعطيل، وأن النظر جائز على الله لثبوته في النصوص الصحيحة من الكتاب والسنة. كما يجب عدم تكلف تفسير ذلك بمحض الأدلة العقلية.
وتنزيه الله سبحانه هو بإثبات ما أثبته لنفسه أو أثبته له رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونفي ما نفاه الله عن نفسه أو نفاه عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، والوقوف فيما عدا ذلك، ومقته سبحانه من صفات أفعاله كنظره، والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 10/ 342: "وفيه استعمال آثار الصالحين ولباس ملابسهم على جهة التبرك والتيمن بها"اهـ.
ت: الحق في هذا قصر التبرك على النبي صلى الله عليه وسلم فقط، بذاته في حياته لا بعد موته، لا من الصحابة الذين هم سادات الأولياء ولا من غيرهم. ومضى لهذا نظائر عديدة في المجلد الأول والثالث والسادس والعاشر، والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 10/ 408: "واستدل به على أن أفعال العباد مخلوقة لله تعالى؛ للحوق الوعيد بمن تشبه بالخالق …".
واستدل به على جواز التكليف بما لا يطاق، والجواب ما تقدم. وأيضاً فنفخ الروح في الجماد قد ورد معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم، فهو يمكن وإن كان في وقوعه خرق عادة، والحق أنه خطاب تعجيز لا تكليف كما تقدم، والله أعلم".
ت: إطلاق القول في مسألة التكليف بما لا يطاق من إطلاقات المبتدعة، ويأتي التعليق على مثلها إن شاء الله، وإلا فإنه سبحانه لا يكلف شرعاً ما لا يطاق لقوله عز وجل: {لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} ولقوله سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}، وما ها هنا من باب الوعيد والعذاب، وليس من باب التكليف فتأمله! والله أعلم.
وانظر التعليق على الباب الأول من كتاب القدر، المجلد 11.
* * *
قال الحافظ 10/ 431: "أن المراد بالحجزة هنا قائمة العرش …".
ت: الحُجْزة والحقو من الصفات الذاتية الملازمة لذاته سبحانه يجب الإيمان بهما حقاً، وإمرارها كما جاءت من غير تكليف بتكييفها ولا تمثيلها ولا تحريفها ولا تعطيلها، كسائر الأسماء والصفات، والإيمان بها على الوجه اللائق بالله عظمة وإثباتاً وتنزيهاً، كما هو قول أهل السنة والجماعة في بقية الصفات. والله ولي التوفيق.
وانظر التعليق على حديث (4830) من باب 47 من كتاب التفسير.
* * *
قال الحافظ 10/ 431: "قال ابن أبي جمرة الوصل من الله كناية عن عظيم إحسانه، وإنما خاطب الناس بما يفهمون، ولما كان أعظم ما يعطيه المحبوب لمحبه الوصال، وهو القرب منه، وإسعافه بما يريد، ومساعدته على ما يرضيه، وكانت حقيقة ذلك مستحيلة في حق الله تعالى، عرف أن ذلك كناية عن عظيم إحسانه لعبده. قال: وكذا القول في القطع هو كناية عن حرمان الإحسان …"أهـ.
ت: بل الوصل والقطع فعلان ثابتان لله سبحانه لائقان به من باب المجازاة والمقابلة لمن يستحقها، وهما من الصفات الواجب إثباتهما له سبحانه كسائر الصفات، وليستا بمستحيلين على الله في حقيقتيهما، بل نؤمن بهما بلا تمثيل ولا تكييف ولا تعطيل ولا تحريف كسائر نصوص الأسماء والصفات، والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 10/ 447: "قلت: وحاصل كلامه أن الرحمة رحمتان؛ رحمة من صفة الذات وهي لا تتعدد، ورحمة من صفة الفعل وهي المشار إليهاهنا …"اهـ.
ت: الرحمة لله سبحانه رحمتان:
أ- رحمة موصوف بها سبحانه على الوجه اللائق به سبحانه كسائر صفاته، يجب إثباتهما لله عز وجل من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، كما قال سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}.
ب- والنوع الثاني: رحمة مخلوقة أنزل منها رحمة واحدة يتراحم بها الخلائق، وأمسك عنده تسعاً وتسعين رحمة يرحم الله بها عباده يوم القيامة كما هو نص الحديث، والله أعلم.
* * *
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/495)
قال الحافظ 10/ 477: "والمراد بالقبول في حديث الباب قبول القلوب له بالمحبة والميل إليه والرضا عنه …، والمراد بمحبة الله إرادة الخير …"اهـ.
ت: هذا التأويل للمحبة عين تعطيل الأشاعرة لهذه الصفة الإلهية.
والحق أن الله يوصف بالمحبة والغضب كما يوصف بالسمع والبصر، كما نطقت به نصوص الشرع الحنيف كقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}، وغيرها في الصفات الثابتة في الكتاب والسنة على الوجه اللائق به سبحانه من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، كما تقدم التنبيه على هذا غير مرة، والله ولي التوفيق.
* * *
قال الحافظ 10/ 503: "ويدنو المؤمن من ربه أي يقرب منه قرب كرامة وعلو منزلة"اهـ.
ت: الواجب إثبات الدنو على ظاهره، وأنه تقريب من الله لعبده المؤمن حتى يضع عليه كنفه، والله أعلم بكيفية ذلك، ولا ريب أن هذا التقريب تكريم من الله للمؤمن، والله أعلم.
وانظر التعليق على الأحاديث (7514، 7517، 7536) من كتاب التوحيد.
* * *
قال الحافظ 10/ 503: "قوله: (حتى يضع كنفه) بفتح الكاف والنون بعدها فاء: أي جانبه، والكنف أيضاً الستر وهو المراد هنا، والأول مجاز في حق الله تعالى كما يقال: فلان في كنف فلان أي في حمايته وكلاءته. . "اهـ.
ت: ادعاء المجاز على أن معنى الكنف هو الجانب مردود وباطل، والصواب أن الكنف ثابت لله عز وجل على ما صح في الأحاديث الصحاح ومنها حديث الباب، ومن معاني الكنف عند السلف: الناحية والستر والحجاب. فلا حاجة لادعاء المجاز فيه لنفيه وتعطيله عن الله حقيقة؛ لأن ذلك لا يجوز في حق الله وأسمائه وصفاته، بل يجب إثباته لله على الوجه اللائق بالله من غير تعطيل ولا تحريف، ومن غير تمثيل ولا تكييف كباقي الصفات. والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 11/ 5: "والمراد بالصورة الصفة …"اهـ.
ت: تأويل الصورة في النصوص بالصفة ليس بجيد، بل لله صورة حقيقة لائقة به، كما أن له صفات كاملة حقيقة لائقة به أيضاً، وإثبات الصورة لربنا لا يلزم منه أن تكون مشابهة لصورة المخلوقين، كما أن إثبات وجه له سبحانه لا يلزم منه مُماثلة وجهه سبحانه لوجوه المخلوقين ولا حياته لحياتهم، وهذا باب مطرد في جميع الصفات بل والأسماء، لقوله سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}. ويجب الإيمان بذلك كله من غير تمثيل ولا تعطيل ولا تكييف ولا تحريف للآية المذكورة وغيرها من النصوص وقد بسط شيخ الإسلام ابن تيمية الكلام على مسألة الصورة في آخر بيان تلبيس الجهمية، وتتبع تأويلات المؤولين مبطلاً لها فراجعه فإنه دقيق مفيد. والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 11/ 105: "وقد استشكل وقوع الاستغفار من النبي صلى الله عليه وسلم وهو معصوم، والاستغفار يستدعي وقوع معصية. وأجيب بعدة أجوبة: منها ما تقدم في تفسير الغين، ومنها قول ابن الجوزي: هفوات الطباع البشرية لا يسلم منها أحد، والأنبياء وإن عصموا من الكبائر فلم يعصموا من الصغائر. كذا قال، وهو مفرع على خلاف المختار، والراجح عصمتهم من الصغائر أيضاً…". اهـ.
ت: هذه مسألة اتسع فيها الخلاف، والقول الوسط بين الأقوال هو عصمة الأنبياء من الكبائر وعصمتهم من الإقرار على الصغائر، لا عصمتهم من الصغائر مطلقاً، وهو القول الصواب في المسألة كما دل عليه ظاهر القرآن في تأنيب النبي صلى الله عليه وسلم في الأعمى وغيره. كما أنهم معصومون فيما يبلغون عن الله عز وجل. والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 11/ 109: "قال ابن العربي: كل صفة تقتضي التغير لا يجوز أن يوصف الله بحقيقتها. . "اهـ.
ت: هذا قول باطل؛ إذ ليس فيما وصف الله نفسه نقص ولا تغيير، فكل صفاته كمال، ومن ذلك صفة الفرح والضحك والرضا، بل النقص متصور في صفات المخلوقين، فيجب تنزيه الخالق وصفاته عن أن تماثل صفات خلقه. والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 11/ 109: "وقال ابن أبي جمرة: كنَّى عن إحسان الله للتائب وتجاوزه عنه بالفرح؛ لأن عادة الملك إذا فرح بفعل أحد أن يبالغ في الإحسان إليه …"اهـ.
ت: هذا أيضاً من الباطل بتأويل صفة الفرح بالإحسان والتجاوز، فله سبحانه فرح ثابت ولائق به كما أن له إحساناً وتجاوزاً مناسبين لكماله وقدسيته وحكمته. والله أعلم.
* * *
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/496)
قال الحافظ 11/ 109: "وهذا القول جار في جميع ما أطلقه الله تعالى على صفة من الصفات التي لا تليق به …"اهـ.
ت: ليس فيما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسول الله صلى الله عليه وسلم صفات لا تليق بالله إلا ما نفاه الله عن نفسه أو نفاه عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يجوز تأويل صفاته سبحانه بآثارها وثمارها؛ إذ لازمه نفي حقائق تلك الصفات عن الله، بل يجب إثباتها لله عز وجل على الوجه اللائق به سبحانه من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، كما هو قول أهل السنة والجماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان. والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 11/ 133: "وقال الكرماني …: النزول محال على الله؛ لأن حقيقته الحركة من جهة العلو إلى السفل، وقد دلت البراهين القاطعة على تنزيهه عن ذلك، فليتأول ذلك بأن المراد نزول ملك الرحمة ونحوه، أو يفوض مع اعتقاد التنزيه…"اهـ.
ت: هذا تأويل فاسد لصفة النزول وتحريف لمعناها، وتعطيل لحقيقتها، والواجب إثبات هذه الصفة على الحقيقة اللائقة به سبحانه من غير تكييف ولا تمثيل ولا تحريف ولا تعطيل كسائر نصوص الصفات، هذا هو قول أهل السنة والجماعة.
والذي يُفوض من ذلك هو كيفية النزول، لا تفويض العلم بالمعنى. إذ مسلكا المتكلمين في الصفات: إما تأويل، وهو في الواقع تحريف وتعطيل … وإما تفويض، وهو في الواقع تجهيل. والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 11/ 212: وقوله: "حبيبتان إلى الرحمن" تثنية حبيبة وهي المحبوبة، والمراد أن قائلها محبوب لله، ومحبة الله للعبد إرادة إيصال الخير له والتكريم. . "اهـ.
ت: هذا تأويل لصفة المحبة لله عز وجل بإرادة إيصال الخير، وهذا لا يجوز ولا يليق في حقه سبحانه، والواجب إثبات المحبة لله عز وجل على ما يليق بالله عز وجل من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل كما وردت في نصوص الكتاب والسنة، كسائر صفات الله عز وجل، والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 11/ 226: "واختلف في الأسماء الحسنى هل هي توقيفية بمعنى أنه لا يجوز لأحد أن يشتق من الأفعال الثابتة لله أسماء، إلا إذا ورد نص إما في الكتاب أو السنة، فقال الفخر: المشهور عن أصحابنا أنها توقيفية. وقالت المعتزلة والكرامية: إذ دل العقل على أن معنى اللفظ ثابت في حق الله جاز إطلاقه على الله. وقال القاضي أبو بكر والغزالي: الأسماء توقيفية دون الصفات، قال: وهذا هو المختار …" اهـ.
ت: القاعدة الكلية عند أهل السنة والجماعة: أن أسماء الله وصفاته كلها مبناها على التوقيف من الكتاب والسنة عن الله وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا يجوز أن يُسمى الله ولا يُوصف إلا بما جاء في الكتاب والسنة، وبهذه القاعدة تسلم أسماء الله وصفاته من اجتهاد البشر.
وثمة قاعدة أخرى: هي أنه يؤخذ من الأسماء الحسنى صفات، ولا عكس؛ فلا يشتق من الصفة اسم.
ومعلوم أن باب الإخبار عن الله بمعنى حق في نفسه أوسع عند أهل السنة من بابي الوصف والتسمي، والله أعلم.
وانظر التعليق على حديث (5745) باب 38 من كتاب الطب – المجلد العاشر -.
* * *
قال الحافظ 11/ 230: "ومعنى محبته له أنه أمر به وأثاب عليه…"اهـ.
ت: هذا تأويل لصفة المحبة بأثر من آثارها، والواجب إثبات هذه الصفة حقيقة على الوجه اللائق بالله عز وجل تعظيماً وتقديساً وإثباتاً وتنزيهاً من غير تكييف ولا تمثيل، ومن غير تحريف ولا تعطيل كالواجب في جميع أسماء الله وصفاته سبحانه، والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 11/ 308: "قلت: المراد بالرحمة هنا ما يقع من صفات الفعل كما سأقرره فلا حاجة للتأويل…"اهـ.
ت: الرحمة رحمتان: رحمة صفة من صفاته سبحانه، ورحمة مخلوقة يتراحم بها الخلق في الدنيا ويرحم الله بها عباده يوم القيامة، فالرسول رحمة والمطر رحمة وهكذا… والله أعلم.
ومضى تقرير ذلك على حديث (6000) من المجلد العاشر.
* * *
قال الحافظ 11/ 351: "قوله: يتقرب إليَّ، التقرب طلب القرب قال أبو القاسم القشيري: قرب العبد من ربه يقع أولاً بإيمانه، ثم بإحسانه. وقرب الرب من عبده ما يخصه به في الدنيا من عرفانه، وفي الآخرة من رضوانه، وفيما بين ذلك من وجوه لطفه وامتنانه. ولا يتم قرب العبد من الحق إلا ببعده من الخلق. قال: وقرب الرب بالعلم والقدرة عام للناس، وباللطف والنصرة خاص بالخواص، وبالتأنيس خاص بالأولياء…"اهـ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/497)
ت: هذا تأويل لقرب الله تعالى من عبده، والواجب إثباته لله عز وجل على ما يليق بالله عز وجل من غير تكييف ولا تمثيل، ولا تحريف ولا تعطيل كسائر صفات الله عز وجل؛ فهو سبحانه {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}. والله وفي التوفيق.
وانظر التعليق على حديث (6069) من العاشر مع (7536) من كتاب التوحيد – باب 50 على حديث أنس رضي الله عنه.
* * *
قال الحافظ 11/ 365: "قال العلماء: محبة الله لعبده إرادته الخير له وهدايته إليه وإنعامه عليه، وكراهته له على الضد من ذلك"اهـ.
ت: هذا أيضاً من التأويل المذموم لصفتي المحبة والكره بصفة الإرادة وغيرها، فالحق أنهما صفتان ثابتتان لله حقاً. فالمحبة والكره صفتان حقيقتان لله سبحانه لا يلزم منهما مشابهة محبة وكره للمخلوق، لقوله سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}، وما جاء في معناها من الآيات والأحاديث، والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 11/ 411: "ومعنى قوله: {لاَ يَرْضَى} أي لا يشكره لهم ولا يثيبهم عليه، فعلى هذا فهي صفة فعل. وقيل: معنى الرضا أنه لا يرضاه ديناً مشروعاً لهم، وقيل: الرضا صفة وراء الإرادة، وقيل: الإرادة تطلق بإزاء شيئين: إرادة تقدير، وإرادة رضا، والثانية أخص من الأولى، والله أعلم. وقيل: الرضا من الله إرادة الخير، كما أن السخط إرادة الشر…" اهـ.
ت: الواجب إثبات هاتين الصفتين: الرضا والسخط كباقي الصفات على الحقيقة اللائقة بالله عز وجل من غير تكييف ولا تمثيل ولا تحريف ولا تعطيل، هذا الواجب في باب الأسماء والصفات جميعاً، كما قال سبحانه وتعالى؛ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}، وقد سد باب التأويل الذي هو في الحقيقة نفي وتعطيل، والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 11/ 449: "وقال عياض: استدل بهذا الحديث من جوَّز الخطايا على الأنبياء … واختلفوا فيما عدا ذلك كله من الصغائر؛ فذهب جماعة من أهل النظر إلى عصمتهم منها مطلقا…"اهـ.
ت: مضى أن الأنبياء – على القول الراجح – معصومون فيما يبلغون عن الله ومن الكبائر والمداومة على الصغائر، لا أنهم معصومون عن الصغائر مطلقاً، وهذا القول الراجح هو الذي عليه جمهور أهل العلم، والله أعلم.
وانظر التعليق على حديث (3607) من كتاب الدعوات في هذا المجلد.
* * *
قال الحافظ 11/ 449: "وفيه جواز إطلاق الغضب على الله؛ والمراد به ما يظهر من انتقامه ممن عصاه، وما يشاهده أهل الموقف من الأهوال التي لم يكن مثالها ولا يكون، كذا قرره النووي. وقال غيره: المراد بالغضب لازمه وهو إرادة إيصال السوء للبعض…" اهـ.
ت: كلا هذين القولين تأويل لصفة الغضب لله عن حقيقتها. والواجب إثبات صفة الغضب لله حقيقة على ما يليق به من غير تمثيل ولا تكييف ولا تعطيل ولا تحريف، كبقية صفاته من سمعه وبصره وقدرته وعلمه وغيرها، لقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}،. والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 11/ 452: "وقوله: {اللَّهُ يَسْتَهْزِىءُ بِهِم} أي ينزل بهم جزاء سخريتهم واستهزائهم. . "اهـ.
ت: استهزاء الله بالمنافقين ونحوهم وسخريته بهم من صفات الله التي يقابل بها من يستحقونها، وهي على الحقيقة اللائقة بالله عز وجل لا يجوز تأويلها، بل الواجب الإيمان بها من غير تعطيل ولا تحريف، ومن غير تكييف ولا تمثيل، كبقية الصفات، وإنزال الجزاء بهم من استحقاقهم لذلك، وليس هو معنى سخرية الله بهم أو استهزائه بهم. والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 11/ 452: "قال البيضاوي: نسبة الضحك إلى الله تعالى مجاز بمعنى الرضا…" اهـ.
ت: ليس هذا صحيحاً، بل الضحك صفة فعلية ثابتة لله سبحانه وتعالى متعلقة بمشيئته، كالرضا، فلا يجوز تأويلها بالرضا، بل الواجب الإيمان بها من غير تمثيل ولا تكييف ولا تعطيل ولا تحريف {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} كسائر صفاته سبحانه، والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 11/ 455: "معناه بفتح أوله لا تضامون في رؤيته بالاجتماع من جهة، …فإنكم ترونه في جهاتكم كلها وهو متعال عن الجهة" اهـ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/498)
ت: نفي الجهة في رؤية الله هو قول الأشاعرة والماتريدية ونفاة العلو عن الله، فالله سبحانه يُرى في الآخرة ويراه المؤمنون من فوقهم، وهو في علوه الذاتي الذي أثبته لنفسه وأثبته له رسول الله صلى الله عليه وسلم في نصوص كثيرة، والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 11/ 458: "وقيل: الإتيان فعل من أفعال الله تعالى يجب الإيمان به مع تنزيهه سبحانه وتعالى عن سمات الحدوث. وقيل: فيه حذف، تقديره: يأتيهم بعض ملائكة الله، ورجحه عياض. قال: ولعل هذا الملك جاءهم في صورة أنكروها لما رأوا فيها من سمة الحدوث الظاهرة على الملك؛ لأنه مخلوق …"اهـ.
ت: هذا تأويل لإتيان الله عز وجل، وهي صفة فعلية ثابتة لله عز وجل بالكتاب والسنة على الحقيقة اللائقة به سبحانه، من غير تعطيل ولا تمثيل ولا تحريف ولا تكييف. هذا هو حقيقة تنزيه الله عن النقائص ومشابهة المخلوقين، لا أن تنفي عنه ما ثبت له من صفات الكمال، كما أن الصورة ثابتة لله على ما يليق به سبحانه إثباتاً بلا تمثيل وتنزيهاً بلا تعطيل، فلا يشبه في ذلك خلقه لا في ذاته ولا في صفاته وأفعاله {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}، والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 11/ 459: "وعبر عن الصفة بالصورة … بقوله: "يكشف عن ساق" أي عن شدة … اهـ.
ت: هذا ليس بسديد، فالصفة غير الصورة، وكلاهما ثابتان لله، فله صفات تليق به، كما له صورة حقيقية كاملة كمال ذاته.
* * *
قال الحافظ 11/ 459: "ومعنى كشف الساق زوال الخوف والهول …"اهـ.
ت: هذا من التأويل القبيح، ونفي للساق عنه سبحانه، بل لله صفة الساق كما ورد في الحديث الصحيح، وهي صفة ذاتية حقيقية لله، لائقة به، لا تماثل صفات الخلق، ولا يجوز تأويلها أو تعطيلها عن الله، كسائر الصفات الثابتة في الكتاب والسنة، والله أعلم.
وراجع التعليق على حديث (4830) في تفسير سورة محمد من المجلد الثامن.
* * *
قال الحافظ 11/ 498: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} فمن لم يشرك فهو داخل في المشيئة. واستدل به الأشعري في تجويزه تكليف ما لا يطاق؛ لأنه دل على أن الله كلف العباد كلهم بالإيمان مع أنه قدر على بعضهم أن يموت على الكفر…"اهـ.
ت: إطلاق القول بالتكليف بما لا يطاق من البدع المحدثة من المتكلمين في أصولي الدين والفقه، والقول به من بدع المتكلمين، والحق فيه التفصيل.
أ- فتكليف ما لا يطاق لعجز العبد عنه كالمشي على القفا وعلى الرأس وغيره فغير موجود في الشريعة البتة، أو كان لعدم استطاعة المكلف الإتيان به لعجزه عنه، فهو أيضاً مما لم يكلفه، كما قال سبحانه: {لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا}، وقال في آيات قبلها: {لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا}، وقال سبحانه في غير آية: {لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا}، وقال سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}، فهو مما رفعه الله عنا من الحرج فخفف على عباده {وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}.
ب- أما تكليف ما لا يطاق لا للعجز عنه بل للاشتغال بضده من الكفر والفسوق والعصيان، فهذا مما جاءت الشريعة به أمراً ونهياً. وتسميته "ما لا يُطاق" خطأ، ولم يرد بها الشرع الحنيف.
انظر في هذا التفصيل: مجموع الفتاوى لابن تيمية 8/ 269 وما بعدها، ودرء التعارض 1/ 65.
* * *
قال الحافظ 11/ 499: "وللعبد قدرة غير مؤثرة في المقدور، وأثبت بعضهم أن لها تأثيراً لكنه يسمى كسباً، وبسط أدلتهم يطول … "اهـ.
ت: هذا تقرير من المؤلف لكسب الأشاعرة في باب القضاء والقدر، والحق أن قدرة العبد ينشأ عنها فعله، ولهذا هو محاسب ومؤاخذ عليها، وهي على كل حال لا تخرج عن قدرة الله ومشيئته بحال والله تعالى خلق العبد وخلق قدرته، والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 11/ 516: "… وإضافة الله خلق آدم إلى يده في الآية إضافة تشريف …" اهـ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/499)
ت: الصواب أن هذه الإضافة على ما يليق بالله سبحانه إثباتاً وتنزيهاً؛ فقد خلقه سبحانه بيديه، فالواجب إثبات اليدين لله على ما يليق به سبحانه من غير تمثيل ولا تعطيل ولا تكييف ولا تحريف. وكون الإضافة حقيقة يستفاد منها – مع إثبات اليدين – تكريم وتشريف آدم وذريته بخلق الله له بيديه، والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 11/ 535: "وفيه جواز تسمية الله تعالى بما ثبت من صفاته على الوجه الذي يليق به…"اهـ.
ت: مضى غير مرة أن القاعدة في الأسماء الحسنى والصفات العلى هي التوقيف على ثبوت النص فيهما. وأنه يشتق من الأسماء الحسنى صفات، ولا عكس؛ فلا يؤخذ من الصفة اسم، والله أعلم.
وانظر التعليق على حديث (6410) من آخر الدعوات في المجلد الحادي عشر.
* * *
قال الحافظ 11/ 571: "وقوله: "ولا ينظر الله إليه"قال في الكشاف: هو كناية عن عدم الإحسان إليه عند من يجوز عليه النظر، مجاز عند من لا يجوزه، والمراد بترك التزكية ترك الثناء عليه، وبالغضب إيصال الشر إليه …" اهـ.
ت: هذه من اعتزاليات الزمخشري صاحب الكشاف، والنص صريح في عدم النظر إلى هؤلاء احتقاراً لهم وتعذيباً وتبكيتاً، والنظر جائز على الله سبحانه؛ لأنه أثبته سبحانه لنفسه وأثبته له رسول الله صلى الله عليه وسلم، والقول بأنه مجاز طريق لباب التعطيل والنفي في هذه الصفة.
أما غضبه سبحانه فهو غضب حقيقي كسائر صفاته سبحانه، يكون بمشيئته عز وجل، من غير تكييف ولا تمثيل ولا تحريف ولا تعطيل، نؤمن بذلك كله، والواجب الوقوف مع النصوص الصحيحة أينما دارت، والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 12/ 447: "وقال المهلب في قوله: كلف أن يعقد بين شعيرتين" حجة للأشعرية في تجويزهم تكليف ما لا يطاق، ومثله في قوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ}. وأجاب من منع ذلك بقوله تعالى: {لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا}، أو حملوه على أمور الدنيا، وحملوا الآية والحديث المذكورين على أمور الآخرة.
انتهى ملخصاً. والمسألة مشهورة فلا نطيل بها" اهـ.
ت: مضى القول بأن إطلاق القول بتكليف ما لا يطاق من الإطلاقات الحادثة للمتكلمين، ومن بدعهم في باب القدر من أصول الدين وفي أصول الفقه، ومضى التفصيل في مثل هذه الإطلاقات المبتدعة، لكن يجب أن يُعلم أن التكليف في النصوص ها هنا إنما هو من باب العقوبة والوعيد والزيادة في النكال والتعجيز والتعذيب، كما أشار إليه الحافظ رحمه الله بعد ذلك، والله أعلم.
وانظر التعليق على أول باب من كتاب القدر – في آخره – من المجلد الحادي عشر.
* * *
قال الحافظ 13/ 103: "ولا يرد على ذلك رؤية النبي صلى الله عليه وسلم له ليلة الإسراء؛ لأن ذلك من خصائصه صلى الله عليه وسلم، فأعطاه الله تعالى في الدنيا القوة التي ينعم بها على المؤمنين في الآخرة.
ت: مضى غير مرة أن الصحيح فيه أنه صلى الله عليه وسلم لم ير ربه ليلة المعراج، ولا في الدنيا رأي عين، وإنما سمع صوته سبحانه، وكلمه ربه، أما الرؤية بالبصر فلا تكون إلا بعد الموت كما دل عليه حديث أبي هريرة عند مسلم وغيره، والله أعلم.
وانظر التعليق على حديث (4855) من كتاب التفسير في المجلد الثامن.
* * *
قال الحافظ 13/ 112: "وقال ابن العربي: سمعت من يقول: إن الذي يقتله الدجال هو الخضر، وهذه دعوى لا برهان لها…"اهـ.
ت: صدق رحمه الله؛ لأن الخضر عليه السلام ميت بنص حديث ابن عمر رضي الله عنهما، "أرأيتكم ليلتكم هذه فإنه على رأس مائة سنة لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر الأرض أحد" وقد مات قبل النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه نبي، ونبينا صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين لا نبي بعده، والله أعلم.
انظر التعليق على حديث (3402) من كتاب أحاديث الأنبياء، باب 27، المجلد السادس.
* * *
قال الحافظ 13/ 215: "ومعنى لا ينظر إليهم: يعرض عنهم. ومعنى نظره لعباده: رحمته لهم ولطفه بهم…"اهـ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(6/500)
ت: هذا تأويل لنظر الله إلى الرحمة واللطف. والحق أن الله ينظر إلى من شاء من خلقه ويعرض عمن شاء إكراماً وإهانة، نظراً يليق بجلاله سبحانه، كما أن له عينين حقيقتين لائقتين به سبحانه، نؤمن بهما كسائر صفاته عز وجل من غير تمثيل ولا تكييف، ولا تعطيل ولا تحريف، على حد قوله سبحانه:: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}، والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 13/ 268: "وقال ابن عبد السلام: في أواخر "القواعد": البدعة خمسة أقسام: "فالواجبة": كالاشتغال بالنحو الذي يفهم به كلام الله ورسوله؛ لأن حفظ الشريعة واجب، ولا يتأتى بالنحو الذي يفهم به كلام الله ورسوله؛ لأن حفظ الشريعة واجب، ولا يتأتى إلا بذلك فيكون من مقدمة الواجب، وكذا شرح الغريب، وتدوين أصول الفقه، والتوصيل إلى تمييز الصحيح والسقيم. "والمحرمة": ما رتبه من خالف السنة من القدرية والمرجئة والمشبهة. "والمندوبة": كل إحسان لم يعهد عينه في العهد النبوي كالاجتماع عند التراويح، وبناء المدارس والربط، والكلام في التصوف المحمود، وعقد مجالس المناظرة إن أريد بذلك وجه الله. "والمباحة": كالمصافحة عقب صلاة الصبح والعصر، والتوسع في المستلذات من أكل وشرب وملبس ومسكن. وقد يكن بعض ذلك مكروهاً أو خلاف الأولى، والله أعلم" اهـ.
ت: من قَسَّم البدعة إلى حسنة وسيئة، أو محمودة ومذمومة من الأئمة كالشافعي وغيره فمن ناحية الأصل اللغوي لا المعنى الشرعي.
ففي الشرع كل البدع مذمومة لعموم حديث: "فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة" عموماً لا مُخصص له من جنسه.
كما أن تقسيم البدع إلى الأحكام التكليفية الخمسة تقسيم محدث غير مستوٍ ولا دليل عليه، وعابه جداً الشاطبي في كتابه الاعتصام في آخر الباب الثالث منه.
وانظر التعليق على حديث (2010) من كتاب صلاة التراويح في المجلد الرابع.
* * *
قال الحافظ 13/ 357: "وأما أهل السنة ففسروا التوحيد بنفي التشبيه والتعطيل. قال الجنيد فيما حكاه أبو القاسم القشيري: "والتوحيد إفراد القديم من المحدث … "اهـ.
ت: التوحيد عند أهل السنة والجماعة يقوم على ثلاثة أسس:
1 - توحيد الله بأفعاله، وهو توحيد الربوبية.
2 - توحيد الله بأفعال خلقه من عبيده، وهو توحيد الألوهية.
3 - توحيد الله بالأسماء والصفات: بأن نؤمن بكل ما أثبته الله لنفسه، أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا ننفي عنه إلا ما نفاه عن نفسه أو نفاه عنه له رسوله صلى الله عليه وسلم، كل ذلك من غير تعطيل ولا تحريف ولا تمثيل ولا تكييف على حد قوله عز وجل: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}.
وقول الجنيد قول مجمل، فالمُحقُّ يحمله محملاً حسناً، وغيرُ المحق يُدخل فيه أشياء باطلة، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه الاستقامة 1/ 92، وانظر مدارج السالكين لابن القيم 3/ 412.
* * *
قال الحافظ 13/ 357: "وقال ابن بطال: تضمنت ترجمة الباب أن الله ليس بجسم؛ لأن الجسم مركب من أشياء مؤلفة …" اهـ.
ت: هذا النفي للجسم عن الله نفي محدث بدعي لم تنطق به النصوص الشرعية، ولا يجوز استعماله في حقه سبحانه.
ـ فإن أراد بذلك نفي مشابهة الله لخلقه، فهذا المراد حق لقوله تعالى:: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}، وقوله:: {وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ}. وقوله: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا}.
ـ لكن هذا اللفظ المنفي – وهو نفي الجسم – مبتدع.
ـ وإن أراد بالنفي: نفي الصفات عن الله عز وجل ولا سيما الصفات الاختيارية والخبرية فالنفي باطل، واللفظ المستخدم فيه أيضاً باطل، والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 13/ 370: "قال المازري ومن تبعه: محبة الله لعباده إرادته ثوابهم وتنعيمهم، وقيل: هي نفس الإثابة والتنعيم؛ ومحبتهم له لا يبعد فيها الميل منهم إليه وهو مقدس عن الميل، وقيل: محبتهم له استقامتهم على طاعته، والتحقيق أن الاستقامة ثمرة المحبة، وحقيقة المحبة له ميلهم إليه؛ لاستحقاقه سبحانه المحبة من جميع وجوهها. انتهى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(7/1)
وفيه نظر؛ لما فيه من الإطلاق في موضع التقييد، وقال ابن التين: معنى محبة المخلوقين لله إرادتهم أن ينفعهم وقال القرطبي في المفهم: محبة الله لعبده تقريبه له وإكرامه… فمعنى محبته إكرام من أحبه، ومعنى بغضه إهانته، وأما ما كان من المدح والذم فهو من قوله، وقول من كلامه، وكلامه في صفات ذاته، فيرجع إلى الإرادة، فمحبته الخصال المحمودة، وفاعلها يرجع إلى إرادته إكرامه، وبغضه الخصال المذمومة، وفاعلها يرجع إلى إرادته إهانته" اهـ.
ت: كل هذا من أنواع التمحلات لنفي حقيقة صفة المحبة لله عز وجل، لاعتقادهم مشابهة صفات الله لصفات المخلوقين، والحق أن الله سبحانه يحب حقيقة كما يبغض كذلك، ولا يلزم على هذه الصفات مشابهة ولا يجب فيها تأويل، وإنما غضب ومحبة لائقان بالله كمالاً واستحقاقاً من غير تمثيل ولا تكييف، ومن غير تعطيل ولا تحريف، على حد قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}.
وكلام الله صفة ذاتية فعلية، فهي صفة ذاتية لتعلق هذه الصفة بذات الله وملازمتها له واتصافه بها أزلاً وأبداً، فكان الله وهو متكلم، لا أنه كان غير متكلم ثم أصبح متكلماً، وهي صفة فعلية لتعلقها بمشيئة الله، فالله يتكلم إذا شاء كيف شاء، والله أعلم.
وانظر التعليق على باب 32 من كتاب التوحيد على حديث (7483).
* * *
قال الحافظ 13/ 371: "قال ابن بطال: … والمراد برحمته إرادته نفع من سبق في علمه أن ينفعه … وقيل: يرجعان إلى معنى الإرادة، فرحمته إرادته تنعيم من يرحمه، وقيل: راجعان إلى تركه عقاب من يستحق العقوبة"اهـ.
ت: هذا من التأويل الفاسد، وتعطيل رحمة الله عز وجل بنفي حقيقتها عن الله، وإرجاعها إلى صفة الإرادة، فكما أن لله إرادة لا تشبه إرادة خلقه، فكذلك له محبة ورحمة لا تُشبهان ما للخلق من محبة ورحمة، كذا عند أهل السنة على الوجه اللائق بالله، إذ القول في بعض الصفات كالقول في بعضها الآخر، وإلا لكان ذلك تفريقاً بين المتماثلات بغير ما دليل، وذلك مناقض لصريح الأدلة ومخالف لمذهب أهل السنة والجماعة، والأصل في هذا قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}، وقوله: {فَلاَ تَضْرِبُواْ لِلّهِ الأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ}، وقوله: {وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ}.، والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 13/ 372: "ولو قال من ينسب إلى التجسيم من اليهود: لا إله إلا الذي في السماء لم يكن مؤمناً كذلك، إلا إن كان عامياً لا يفقه معنى التجسيم فيكتفي منه بذلك، كما في قصة الجارية التي سألها النبي صلى الله عليه وسلم: "أنت مؤمنة"، قالت: نعم، قال: "فأين الله"؟ "قالت: في السماء، فقال: "أعتقها فإنها مؤمنة"، وهو حديث صحيح أخرجه مسلم … " اهـ.
ت: ليس في قوله: "إلا الذي في السماء" تجسيماً، بل هو ما وصف الله به نفسه في مثل قوله تعالى: {أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء}، وفي مثل ما صح عن الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث الجارية هذا وغيره. ووصفها النبي صلى الله عليه وسلم بالإيمان لإثباتها العلو، لا لأنها تجهل أن العلو لا يليق بالله كما زعموا.
ولم يقبل النبي صلى الله عليه وسلم منها ذلك مخافة التجسيم أو التعطيل، وإنما لأنه حق وافق الفطرة، وهو ما نفاه ويأباه نفاة العلو، والله أعلم.
وانظر التعليق على حديث (7417) من كتاب التوحيد.
* * *
قال الحافظ 13/ 380: "وفي الحديث إثبات اليمين صفة لله تعالى من صفاته ذاته وليست جارحة، خلافاً للمجسمة. انتهى ملخصاً" اهـ.
ت: الواجب إثبات اليدين لله عز وجل حقيقة على الوجه اللائق به سبحانه إثباتاً بلا تكييف ولا تمثيل، وتنزيهاً بلا تحريف ولا تعطيل، كسائر أسمائه وصفاته تعالى وتقدس.
وقوله: "وليست جارحة" فهي عبارة محدثة مبهمة مجملة لا دليل على إثباتها أو نفيها، وهي تحتمل حقاً وباطلاً. فالواجب الوقوف مع النص الشرعي فيما أثبت لله أو نفي عنه، والسكوت فيما سوى ذلك مما سكت عنه ومن ذلك نفي الجارحة، والله أعلم.
وقد مضى لهذا نظائر على حديث (1597) من المجلد الثالث، وعلى باب (68) من كتاب التفسير من المجلد الثامن. وعلى ما يأتي على حديث (7410)، وعلى باب 19 من كتاب التوحيد من هذا المجلد الثالث عشر.
* * *
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(7/2)
قال الحافظ 13/ 386: "وليس المراد قرب المسافة؛ لأنه منزه عن الحلول كما لا يخفى، ومناسبة الغائب ظاهرة من أجل النهي عن رفع الصوت…" اهـ.
ت: الواجب إثبات القرب لله حقيقة على الوجه اللائق به سبحانه من غير تكييف ولا تمثيل ولا تحريف ولا تعطيل ولا حلول، وترك التنطع في ذلك بتأويل يقتضي التعطيل، أو تفويض يقتضي التجهيل.
وقربه سبحانه لا يقتضي بحال حلوله ولا اتحاده بشيء من مخلوقاته كما توهمه النفاة المعطلة، فطلبوا بنفيه التنزيه – على حد زعمهم -، والله أعلم.
وانظر التعليق على باب 50 من كتاب التوحيد.
* * *
قال الحافظ 13/ 389: "كالإرادة وغيرها بخلق الله تعالى، وهي من الصفات الفعلية، ومرجعها إلى القدرة" اهـ.
ت: الصواب أن صفات الله الفعلية متعلقة بمشيئة الله وإرادته لا إلى قدرته فهو على كل شيء قدير، فصفاته سبحانه الفعلية كالنزول والاستواء والمجيء يفعلها سبحانه متى شاء وأراد سبحانه، والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 13/ 389: "وجواز اشتقاق الاسم له تعالى من الفعل الثابت"اهـ.
ت: مضى أن القاعدة في الأسماء الحسنى والصفات العلى التوقيف عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم. وأنه تؤخذ من الأسماء الحسنى صفات لله، ولا يُشتق من الصفة اسم.
وعليه، فلا يجوز اشتقاق اسم لله تعالى من الفعل الثابت. وأهل السنة والجماعة يخبرون عن الله بالمعنى الحق في باب الإخبار والإطلاق، دون الوصف والتسمي، والله أعلم.
وانظر التعليق على حديث (5742) من كتاب الطب، وحديث (7410) من آخر الدعوات.
* * *
قال الحافظ 13/ 391: قوله: (باب السؤال بأسماء الله والاستعاذة بها) قال ابن بطال: مقصوده بهذه الترجمة تصحيح القول بأن الاسم هو المسمى …" اهـ.
ت: هذا المقصود بعيد عن الإمام البخاري، بل دلالة الترجمة على التعبد لله بأسمائه وصفاته وعبادته بها، سؤالاً واستعاذة.
وأما مسألة الاسم هو المسمى أم غيره، أو لا هو ولا غيره؟ فمن بدع المتكلمة في هذا الباب.
فتارة يراد بالاسم المسمى كقوله تعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} فالمسبَّح هو المُسمَّى وهو الله عز وجل، وكما هاهنا فإن المستعاذ به والمسؤول هو المسمَّى وهو الله عز وجل.
وتارة يراد بالاسم غير المسمى كقوله تعالى: {يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيَى} فاسم يحيى هنا غير ذاته، فليس اسمه هو ذاته والله أعلم.
وانظر فتاوى ابن تيمية 6/ 185 - 212، والتبصير في معالم الدين لابن جرير الطبري 108.
* * *
قال الحافظ 13/ 394: "والفرق بين صفات الذات وصفات الفعل، أن صفات الذات قائمة به، وصفات الفعل ثابتة له بالقدرة، ووجود المفعول بإرادته جل وعلا"اهـ.
ت: اضطرب المتكلمون وأتباعهم في تقسيم الصفات اضطراباً كبيراً، وما ذكره الحافظ من صفات الذات وصفات الفعل حق، لكن:
صفات الذات قائمة بالله أبداً وأزلاً لا تنفك عنه سبحانه بحال؛ كالعلم والحياة والسمع.
وصفات الفعل قائمة بالله، متعلقة بإرادته ومشيئته؛ كالاستواء والنزول والضحك والسخط … ولكنها ليست ملازمة لذاته لا تنفك عنه كملازمة صفاته الذاتية، والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 13/ 395: "والصواب الإمساك عن أمثال هذه المباحث والتفويض إلى الله في جميعها، والاكتفاء بالإيمان بكل ما أوجب الله في كتابه أو على لسان نبيه إثباته أو تنزيهه عنه على الإجمال، وبالله التوفيق"اهـ.
ت: التفويض الواجب في صفات الله هو تفويض العلم بكيفياتها، هذا هو الواجب في صفات الله كما أخبر عنها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم عند أهل السنة، أما معانيها فمعلومة، وهو سبحانه لا يشابه فيها صفات خلقه، كما قال مالك رحمه الله: "الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة".
وهكذا القول في المحبة والرحمة والغضب والرضا والعلم والقدرة والنفس والقدم والأصابع وغير ذلك مما ثبت في النصوص من الكتاب والسنة، والقول في ذلك هو ما قاله مالك رحمه الله وغيره من أهل السنة من أن المعاني معلومة، والكيف مجهول، وهو سبحانه في جميع معاني صفاته لا يشابه خلقه في شيء منها، كما قال عز وجل:، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} وما جاء في معناها من الآيات والأحاديث.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(7/3)
والواجب على كل مؤمن ومؤمنة التمسك بما قاله أهل السنة والجماعة في الأسماء والصفات وغيرها، والحذر من أقوال أهل البدع، والله ولي التوفيق.
* * *
قال الحافظ 13/ 396: "وقيل: إن إضافة النفس هنا إضافة ملك، والمراد بالنفس نفوس عباده. انتهى ملخصاً، ولا يخفى بُعد الأخير وتكلفه"اهـ.
ت: صدق رحمه الله في بعد هذا التأويل وتكلفه، ولا يقل عنه بعداً وتكلفاً ما قبله من القول بأن إضافة النفس إلى الله إضافة ملك.
والصواب أن النفس هنا هي ذاته سبحانه، نؤمن بها على الوجه اللائق بالله إثباتاً وتنزيهاً من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، وقد بيَّن ذلك ابن تيمية في رده على الرازي، في كتابه "بيان تلبيس الجهمية" وفي الفتاوى 9/ 293، والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 13/ 396: "وقيل: غيرة الله كراهة إتيان الفواحش، أي عدم رضاه بها لا التقدير، وقيل: الغضب لازم الغيرة، ولازم الغضب إرادة إيصال العقوبة"اهـ.
ت: هذا تأويل لصفتي الغيرة والغضب عن الله، والواجب إثباتهما على الحقيقة اللائقة به سبحانه كسائر صفاته من غير تكييف ولا تمثيل ولا تحريف ولا تعطيل، كما قال سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}، والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 13/ 397: "والله منزه عن الحلول في المواضع؛ لأن الحلول عرض يفنى، وهو حادث، والحادث لا يليق بالله …
وقال ابن التين: معنى العندية في هذا الحديث العلم بأنه موضوع على العرش"اهـ
ت: هذا تأويل فاسد من ابن التين ومن ابن بطال للعندية، بل هو عند الله على الحقيقة اللائقة بالله. ودعوى تنزيه الله عن المكان مسكوت عنها في النصوص، وهي تحوي حقاً وباطلاً.
-فإن أريد بها نفي حلول به، واختلاطه وامتزاجه به فهو حق؛ لأنه سبحانه فوق كل شيء بائن منه.
وإن أريد به نفي العلو والاستواء على العرش حقيقة فباطل، وسيرد لمثل هذا نظير، والله أعلم.
وانظر التعليق على حديث (3804) باب 12 من المجلد السابع، وحديث (7422) من كتاب التوحيد في هذا المجلد.
* * *
قال الحافظ 13/ 397: "الحديث الثالث: قوله: (يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي) أي قادر على أن أعمل به ما ظن أني عامل به. . " اهـ.
ت: الله سبحانه قادر على كل شيء، ومعنى الحديث أن الله عند ظن عبده به، فيعمل بهذا العبد ما ظن العبد أن الله يعمله به من خيرً أو شرٍ؛ لما روى الإمام أحمد في مسنده 3/ 491 وغيره بسند جيد عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه مرفوعاً: "قال الله عز وجل: أنا عند ظن عبدي بي، فليظن بي ما شاء"، والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 13/ 398: "قوله: "فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي" أي إن ذكرني بالتنزيه والتقديس سراً ذكرته بالثواب والرحمة سراً. وقال ابن أبي جمرة: يحتمل أن يكون مثل قوله تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ}؛ ومعناه اذكروني بالتعظيم أذكركم بالإنعام" اهـ.
ت: كلا هذين التأويلين باطل، والصواب أن الله يذكر عبده في نفسه وفي غيرها على الحقيقة اللائقة به سبحانه؛ إثباتاً بلا تمثيل وتنزيهاً بلا تعطيل.
أما الثواب والرحمة والإنعام فهي من آثار رحمة الله وإحسانه، والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 13/ 400: "وليس بجارحة ولا كالوجوه التي نشاهدها من المخلوقين … ولو كانت صفة من صفات الفعل لشملها الهلاك كما شمل غيرها من الصفات، وهو محال"اهـ.
ت: لله وجه على ما يليق به سبحانه من غير مشابهة لوجوه خلقه، وهو من صفات الله الذاتية. أما صفاته الفعلية فهي بمشيئته وإرادته يفعلها سبحانه إذا شاء؛ كالنزول والاستواء والمحبة والبغض، وعدم فعلها إذا لم يشأ سبحانه لا يلزم منه هلاكها ولا فناؤها. أما نفي الجارحة عنه سبحانه فلفظ مجمل مسكوت عنه في الشريعة، ومضى له نظير، والله أعلم.
وانظر التعليق على حديث (7514) – حديث الحبر – من كتاب التوحيد، باب 19.
* * *
قال الحافظ 13/ 401: "وهو على سبيل التمثيل والتقريب للفهم، لا على معنى إثبات الجارحة" اهـ.
ت: بل الخبر على حقيقته بنفي العور عن الله كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه إثبات لصفة العين لله عز وجل كما في صريح القرآن وحديث النبي صلى الله عليه وسلم، خلافاً لصفة الدجال، والعينان صفة كمال تليق بجلال ذاته سبحانه، ولا تشبه جوارح المخلوقين بحال: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(7/4)
* * *
قال الحافظ: "قال: ولأهل الكلام في هذه الصفات – كالعين والوجه واليد – ثلاثة أقوال: أحدها: أنها صفات ذات أثبتها السمع ولا يهتدي إليها العقل"اهـ.
ت: نعم لا يهتدي العقل إلى كنهها وحقيقتها التي هي عليه، ولكنه في العقل السليم لا ينفيها ولا يحيلها، بل يوافق السمع الصريح في إثباتها. أما أهل الكلام فيزعمون أن عقولهم تنفي هذه الصفات عن الله – تعالى الله عن ذلك-.
وإذا نفينا علمنا بكيفيات الصفات فإن معانيها معلومة وهي ثابتة لله عز وجل على الوجه اللائق بالله، لا يشابه فيها خلقه، هذا قول أهل السنة والجماعة، وهو قول أهل الحق من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم، وأتباعهم بإحسان، فالواجب على كل مسلم ومسلمة التمسك بهذا والحذر مما يخالفها، والله الموفق.
* * *
قال الحافظ 13/ 401 - 402: "والثاني: أن العين كناية عن صفة البصر، واليد كناية عن صفة القدرة، والوجه كناية عن صفة الوجود.
والثالث: إمرارها على ما جاءت مفوضاً معناها إلى الله تعالى" اهـ.
ت: الواجب إثبات صفة العينين واليدين والوجه لله عز وجل على الوجه اللائق به سبحانه كبقية صفاته، بل كإثبات ذاته، فهي ذات لا تماثل الذوات، فكذلك صفاته لا تماثل بقية الصفات، فالقول في الجميع واحد، والواجب على المؤمن الإيمان بذلك كله من غير تكييف ولا تمثيل ولا تحريف ولا تعطيل.
وكما أن الواجب عدم التأويل، فكذلك لا يجوز التفويض في باب الأسماء والصفات إلا الكيفية، لا المعنى لها، والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 13/ 402: "وقد سئلت هل يجوز لقارئ هذا الحديث أن يصنع كما يصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فأجبت وبالله التوفيق: أنه إن حضر عنده من يوافقه على معتقده وكان يعتقد تنزيه الله عن صفات الحدوث وأراد التأسي محضاً جاز، والأولى به الترك خشية أن يدخل على من يراه شبهة التشبيه – تعالى الله عن ذلك -، ولم أر في كلام أحد من الشراح في حمل هذا الحديث على معنى خطر لي فيه إثبات التنزيه، وحسم مادة التشبيه عنه، وهو أن الإشارة إلى عينه صلى الله عليه وسلم إنما هي بالنسبة إلى عين الدجال؛ فإنها كانت صحيحة مثل هذه ثم طرأ عليها العور لزيادة كذبه في دعوى الإلهية، وهو كان صحيح العين مثل هذه فطرأ عليها النقص، ولم يستطع دفع ذلك عن نفسه"اهـ.
ت: قال سماحة شيخنا: الصواب أنه لا حرج في ذلك إذا أراد إثبات العينين لله عز وجل، على الوجه اللائق به سبحانه من غير تكييف ولا تمثيل ولا تحريف ولا تعطيل. فهذا الحديث من أدلة إثبات العينين لله عز وجل من غير مشابهة لخلقه، والله ولي التوفيق.
* * *
قال الحافظ 13/ 405: "باب قول الله تعالى: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} قال ابن بطال: في هذه الآية إثبات يدين لله، وهما صفتان من صفات ذاته وليستا بجارحتين، خلافاً للمشبهة من المثبتة، وللجهمية من المعطلة…"اهـ.
ت: هذا من النفي المسكوت عنه في باب الصفات، والواجب الوقوف فيما نفاه الله ورسوله في باب الأسماء والصفات، كما يجب الوقوف فيه على ما أثبته الله و رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه، والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 13/ 405: "وقال غيره: هذا يساق مساق التمثيل للتقريب؛ لأنه عهد أن من اعتنى بشيء واهتم به باشره بيديه، فيستفاد من ذلك أن العناية بخلق آدم كانت أتم من العناية بخلق غيره…"اهـ.
ت: هذا من التعطيل في باب الصفات الذاتية بتأويل صفة اليدين لله عز وجل إلى العناية والاهتمام، وهذا باطل، والواجب إثبات اليدين على الوجه اللائق بالله عز وجل من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، فنؤمن بأن الله خلق آدم بيديه حقيقة اختصاصاً وتشريفاً، والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 13/ 406: "ووقع فيها بدل يد الله "يمين الله" ويتعقب بها على من فسر اليد هنا بالنعمة، وأبعد منه من فسرها بالخزائن وقال أطلق اليد على الخزائن لتصرفها فيها … " اهـ.
ت: أصاب – رحمه الله – في رفضه ذينك التأويلين، والواجب منع سائر التأويلات في جميع النصوص، وإجراؤها على ظاهرها اللائق بذات الله وصفاته سبحانه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(7/5)
فله سبحانه يدان كما له أصابع وسمع وبصر وحياة وعلم. . وغيرها من الصفات العلى، كما له الأسماء الحسنى. نؤمن بذلك كله إيماناً من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، فإن ذلك هو الواجب والمتعين في هذا الباب العظيم، والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 13/ 409: "وعن ابن فورك: يجوز أن يكون الإصبع خلقاً يخلقه الله فيحمله الله ما يحمل الإصبع، ويحتمل أن يراد به القدرة والسلطان…" اهـ.
ت: كلا القولين باطل وجحود للصفة الذاتية لله سبحانه، وتعطيل لله عن صفة الأصابع حقيقة على ما ورد في الأحاديث الصحيحة، ويتضمنان نفي هذه الصفة عن الله، والواجب إثباتها حقيقة لله عز وجل بلا تكييف ولا تمثيل ولا تحريف ولا تعطيل، وقطع الاستشراف عن حقيقتها وكيفيتها، والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 13/ 409: "وقد تقرر أن اليد ليست بجارحة … "اهـ.
ت: هذا من النفي المجمل المسكوت عنه، وهو يتضمن حقاً وباطلاً:
أ- فإن أريد به نفي مشابهة أيدي المخلوقين فهذا حق، لكن يعبر بالنفي الصحيح.
ب- وإن أريد به نفي حقيقة يدي الله اللائقة به فهو باطل بلا شك.
والواجب السكوت عما سكتت عنه النصوص في بابي النفي والإثبات للأسماء والصفات، والله أعلم.
وانظر التعليق على باب 19 على حديث (7410) من كتاب التوحيد في هذا المجلد.
* * *
قال الحافظ 13/ 410: "ولعل ذكر الأصابع من تخليط اليهودي، فإن اليهود مشبهة ويما يدعونه من التوراة ألفاظ تدخل في باب التشبيه ولا تدخل في مذاهب المسلمين، وأما ضحكه صلى الله عليه وسلم من قول الحبر فيحتمل الرضا والإنكار، وأما قول الراوي"تصديقاً له" فظن منه وحسبان، وقد جاء الحديث من عدة طرق ليس فيها هذه الزيادة، وعلى تقدير صحتها فقد يستدل بحمرة الوجه على الخجل، وبصفرته على الوجل، ويكون الأمر بخلاف ذلك، فقد تكون الحمرة لأمر حدث في البدن كثوران الدم، والصفرة، لثوران خلط من مرار وغيره، وعلى تقدير أن يكون ذلك محفوظاً فهو محمول على تأويل. . .
وقد تعقب بعضهم إنكار ورود الأصابع لوروده في عدة أحاديث كالحديث الذي أخرجه مسلم: "إن قلب ابن آدم بين إصبعين من أصابع الرحمن"ولا يرد عليه لأنه إنما نفى القطع، هذا كله قول اليهودي وهم يعتقدون التجسيم وأن الله شخص ذو جوارح كما يعتقده غلاة المشبهة من هذه الأمة، وضحك النبي صلى الله عليه وسلم إنما هو للتعجب من جهل اليهودي. . .
وأما من زاد: "وتصديقاً له" فليست بشيء فإنها من قول الراوي وهي باطلة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يصدق المحال وهذه الأوصاف في حق الله محال؛ إذ لو كان ذا يد وأصابع وجوارح كان كواحد منا فكان يجب له من الافتقار والحدوث والنقص والعجز ما يجب لنا، ولو كان كذلك لاستحال أن يكون إلهاً؛ إذ لو جازت الإلهية لمن هذه صفته لصحت للدجال وهو محال، فالمفضي إليه كذب، فقول اليهودي كذب ومحال، ولذلك أنزل الله في الرد عليه: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} وإنما تعجب النبي صلى الله عليه وسلم من جهله فظن الراوي أن ذلك التعجب تصديق وليس كذلك.
فإن قيل: قد صح حديث: "إن قلوب بني آدم بين إصبعين من أصابع الرحمن"فالجواب أنه إذا جاءنا مثل هذا الكلام الصادق تأولناه أو توقفنا فيه إلى أن يتبين وجهه مع القطع باستحالة ظاهره لضرورة صدق من دلت المعجزة على صدقه، وأما إذا جاء على لسان من يجوز عليه الكذب بل على لسان من أخبر الصادق عن نوعه بالكذب والتحريف كذبناه وقبحناه، ثم لم سلمنا أن النبي صلى الله عليه وسلم صرح بتصديقه لم يكن ذلك تصديقاً في المعنى بل في اللفظ الذي نقله من كتابه عن نبيه، ونقطع بأن ظاهره غير مراد. انتهى ملخصاً. وهذا الذي نحا إليه أخيراً أولى مما ابتدأ به لما فيه من الطعن على ثقات الرواة ورد الأخبار الثابتة" اهـ.
ت: هذا وما بعده من الباطل البين، وتجرؤ على نفي النصوص بمولدات العقول وشبه الضلال، وتعطيل لله عما استحقه من الصفات التي كلها كمال وحق فيه سبحانه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(7/6)
فإن الواجب إثبات الصفات لله عز وجل، ومن ذلك الأصابع على الحقيقة اللائقة بالله، كما أن له سبحانه حياة وعلماً وقدرة ووجهاً كل ذلك على ما يليق به سبحانه من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، فننزهه سبحانه عن مشابهة خلقه في شيء من ذاته أو صفاته أو أفعاله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}. وهو سبحانه {وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ}، {لَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}. وضحكه صلى الله عليه وسلم تصديقاً وإقراراً لقول الحبر؛ لأنه في مقام التبليغ والبيان، ولا يجوز عليه الكتمان، فنعوذ بالله من التقول على الله وعلى رسوله بلا علم، أو الفرية بجهل وظلم. والله أعلم.
وانظر التعليق على حديث (7514) من هذا المجلد.
* * *
قال الحافظ 13/ 411: "قال ابن دقيق العيد: المنزهون لله إما ساكت عن التأويل وإما مؤول، والثاني يقول: المراد بالغيرة المنع من الشيء والحماية، وهما من لوازم الغيرة فأطلقت على سبيل المجاز كالملازمة، وغيرها من الأوجه الشائعة في لسان العرب" اهـ.
ت: هذا قول باطل، وهو حكاية لمسلكي الأشاعرة تجاه النصوص: إمّا بالتفويض، أو التأويل.
أما المنزهون لله حقيقة، فهم المثبتون لله ما أثبته لنفسه، وما أثبته له رسول الله صلى الله عليه وسلم – ومن ذلك صفة الغيرة – كسائر الصفات على ما يليق بالله عز وجل من غير تمثيل ولا تعطيل ولا تكييف ولا تحريف. ويعتقد المؤولة أن المجاز يتطرق إلى الصفات الإلهية، والصواب أن الصفات كلها على الحقيقة اللائقة بالله عظمة وجلالاً، وأنه لا مجاز في القرآن والسنة على اصطلاح المتكلمين.
والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 13/ 412: "قال ابن بطال: أجمعت الأمة على أن الله تعالى لا يجوز أن يوصف بأنه شخص؛ لأن التوقيف لم يرد به. . . فقال: إطلاق الشخص في صفات الله تعالى غير جائز؛ لأن الشخص لا يكون إلا جسماً مؤلفاً، فخليق أن لا تكون هذه اللفظة صحيحة وأن تكون تصحيفاً من الراوي. . . "اهـ.
ت: دعوى الإجماع باطلة، ولا يجوز نفي وصف الله بالشخص، كما صح ذلك في حديث الباب، ولا محذور في ذلك على ما توهمته المؤولة، فإن الشخص في اللغة ما ارتفع وشخص وظهر، ولا أعظم من الله ولا أظهر، ولا أرفع ولا أكبر منه سبحانه. والله أعلم.
والشخص كالشيء {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ}، وكالأحد "لا أحد أغير من الله"، فالواجب على المؤمن الإيمان بما جاء في الكتاب والسنة إثباتاً وإطلاقاً ونفياً، والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 13/ 413: "ثم قال ابن فورك: وإنما منعنا من إطلاق لفظ الشخص أمور؛ أحدها: أن اللفظ لم يثبت من طريق السمع، والثاني: الإجماع على المنع منه، والثالث: أن معناه الجسم المؤلف المركب، ثم قال: ومعنى الغيرة الزجر والتحريم" اهـ.
ت: ما ذكره ابن فورك وغيره من المؤولة من منع إطلاق الشخص على الله ووصفه بالغيرة، تعطيل لله عن هاتين الصفتين، والواجب الوقوف مع النص وإثبات ما أثبته الله لنفسه وما أثبته له رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعدم الخوض في ذلك بآراء العقول وتخرصات الأقيسة.
فلله غيرة تليق به، وهو شخص على ما يليق به كسائر صفاته وأسمائه، نؤمن بذلك من غير تكييف ولا تمثيل ولا تحريف ولا تعطيل، كما هو مذهب أهل السنة والجماعة، والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 13/ 413: "ثم قال الكرماني: لا حاجة لتخطئة الرواة الثقات، بل حكم هذا حكم سائر المتشابهات، إما التفويض، وإما التأويل"اهـ.
ت: قول الكرماني – عفا الله عنه – باطل؛ لأن نصوص الصفات من المحكمات وليست من المتشابهات، وطريقا التفويض والتأويل في باب الصفات مسلكان باطلان، أما أهل السنة والجماعة فيقابلون نصوص الأسماء والصفات بالإيمان بها والتسليم والإثبات والتنزيه على الكمال اللائق بالله. والله أعلم.
* * *
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(7/7)
قال الحافظ 13/ 413: "وكأن لفظ الشخص أطلق مبالغة في إثبات إيمان من يتعذر على فهمه موجود لا يشبه شيئاً من الموجودات، لئلا يفضي به ذلك إلى النفي والتعطيل، وهو نحو قوله صلى الله عليه وسلم للجارية: "أين الله؟ قالت: في السماء. فحكم بإيمانها مخافة أن تقع في التعطيل لقصور فهمها عما ينبغي له من تنزيهه مما يقتضي التشبيه، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً" اهـ.
ت: لفظ الشخص صح في الحديث الصحيح إطلاقة على الله، فلا محذور فيه على ما يليق به سبحانه، ولا وجه لقوله: إنه أطلق على الله مبالغة في إثبات إيمان من يتعذر. . . إلخ.
وقوله: فحكم بإيمانها مخافة. . . إلخ، قول خطأ، بل حكم بإيمانها لأنها أثبتت لله الكمال في علوه، بأنه في السماء، وليس في ذلك مخافة التعطيل! ولو كان فيه محذور لبيَّنه الرسول صلى الله عليه وسلم ولسددها، إذ تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز في حقه صلى الله عليه وسلم، هذا في غير مسائل أصول الدين، فما بالك في مسائل الإيمان بالله وأصول الدين فهي من باب أولى. والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 13/ 414: "والمراد بالوجه الذات، وتوجيهه أنه عبر عن الجملة بأشهر ما فيها"اهـ.
ت: الصواب أن الوجه صفة حقيقة لائقة بالله، وهو من الصفات الذاتية لله، فكما أن له ذاتاً لا تشبه الذوات، فكذلك له وجه لا يشبه غيره، كما قال عز وجل: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ}.
* * *
ثم قال الحافظ: "ويحتمل أن يراد بالوجه ما يعمل لأجل الله أو الجاه".
ت: هذا في الواقع نفي لصفة الوجه، وتأويل فاسد، وعليه فالاحتمال باطل، والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 13/ 416: "وقالت الجسمية: معناه الاستقرار"اهـ.
ت: هذا المعنى للاستواء صحيح لغة وشرعاً من غير حاجة الله للمخلوق، ونسبة القول للجسمية من إسفاف القول بأهل السنة، ونبذهم بالألقاب الشنيعة تهويلاً وتنقيصاً.
والصواب أن الاستواء له معانٍ أربع عند أهل السنة والجماعة، هي: العلو والارتفاع والاستقرار والصعود.
وينبغي أن يُعلم أن الاستواء على العرش من صفات الأفعال التي تكون بمشيئة الله، أما علوه سبحانه فهو صفة ذاتية ملازمة لذاته عز وجل أزلاً وأبداً لا تنفك عنه بحال، والله أعلم.
وانظر التعليق على حديث (3804) من المجلد السابع في مناقب الأنصار، باب 12.
* * *
نقل الحافظ 13/ 418: "وذهب أئمة السلف إلى الانكفاف عن التأويل، وإجراء الظاهر على مواردها، وتفويض معانيها إلى الله تعالى. . . " اهـ.
ت: نسبة تفويض معاني الصفات للسلف الصالح خطأ بالغ، وتجهيل لهم، وتقوّل عليهم بما لم يعتقدوه وإنما مذهبهم إثبات معاني الصفات وفهمها ومعرفتها، وتفويض كيفياتها، كما قاله إمام دار الهجرة الإمام مالك في الاستواء بأنه: معلوم والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عن كيفيته بدعة. وهكذا قال غيره من أئمة السلف كالثوري والأوزاعي وربيعة وغيرهم. وقد ظن إمام الحرمين في الرسالة النظامية أن التفويض للمعنى والحقيقة جميعاً هو قول السلف، وليس هو كذلك، والله أعلم.
* * *
ثم نقل الحافظ 13/ 418: "أحدهما يقول: لا نؤول شيئاً منها، بل نقول: الله أعلم بمراده، والآخر يؤول فيقول – مثلاً – معنى الاستواء الاستيلاء، واليد القدرة، ونحو ذلك. . . " اهـ.
ت: هذا هو مذهب الأشاعرة في باب صفات الله بالتردد بين التفويض المطلق، أو التأويل الفاسد، الذي هو في واقع الأمر تعطيل، والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 13/ 421: "قوله: (كان الله ولم يكن شيء قبله) تقدم في بدء الخلق بلفظ: "ولم يكن شيء غيره"، وفي رواية أبي معاوية: "كان الله قبل كل شيء"، وهو بمعنى"كان الله ولا شيء معه"، وهي أصرح في الرد على من أثبت حوادث لا أول لها من رواية الباب، وهي من مستشنع المسائل المنسوبة لابن تيمية، ووقفت في كلام له على هذا الحديث يرجح الرواية التي في هذا الباب على غيرها. . " اهـ.
ت: كلام ابن تيمية رحمه الله تجده في شرحه حديث عمران بن الحصين رضي الله عنهما ضمن مجموع الفتاوى 18/ 210 - 244؛ حيث سلك رحمه الله مسلك الترجيح بين الروايات.
وإنكار حوادث لا أول لها هو قول الأشاعرة ومن وافقهم، وهو مبني على أصل لهم هو: أن القول بحوادث لا أول لها يُفضي إلى القول بقدم العالم، الذي زعمته فلاسفة اليونان، فلذلك نفوه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(7/8)
والصواب أن كل ما سوى الله فهو مخلوق، وهو شامل لجميع الحوادث ولا يفضي ذلك إلى القول بقدم العالم مادام وصفها أنها مخلوقة بعد أن لم تكن، والواجب الوقوف مع النصوص أينما دارت نفياً وإثباتاً كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "كان الله ولم يكن شيء قبله".
وقد أطال على هذا الموضع – على مسألة "إنكار حوادث لا أول لها" – ابنُ تيمية في درء تعارض العقل والنقل مبيناً ما حوته المسألة من تضاعيف ولوازم فاسدة، فراجعه إن شئت.
والحاصل أن صفات الله من الخلق والرزق وغيرها من صفات الأفعال ليس لها بداية كما أن ذاته سبحانه ليس لها بداية. وأما أعيان الحوادث فلها بداية من وقت حدوثها، والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 13/ 423: "قال الكرماني: قوله: "في السماء" ظاهره غير مراد؛ إذ الله منزه عن الحلول في المكان، لكن لما كانت جهة العلو أشرف من غيرها أضافها إليه إشارة إلى علو الذات والصفات"اهـ.
ت: هذا الظاهر مراد فالله مستوٍ على عرشه وعالٍ على خلقه، فلله علو الذات والصفات، كما له علو الحقيقة، فهو فوق عباده حقيقة كما قال سبحانه: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ}، وقوله: {يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ}، وقال: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}، فهو سبحانه مستوٍ على عرشه، لا تخفى عليه من عباده خافية.
وكونه في السماء يراد بها معنيان متنوعان غير متضادين، هما:
1 - الله في السماء أي عليها؛ فيكون حرف الجر (في) بمعنى (على)، كقوله تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ} الآية؛ أي عليها.
2 - ويراد بالسماء العلو، كما في اللسان العربي الفصيح؛ فكونه في السماء أي في العلو؛ فتكون (في) ظرفية، وهذا هو الأصل في السماء أن يُراد بها العلو.
ولا يلزم من ذلك كله حلوله سبحانه بالمخلوقات بالعرش أو السماء أو غيرها، فهذا لازم من قام التشبيه في خاطره فدفعه بالتأويل والنفي، وأهل الحق لا يلزم من ذلك تمثيل عندهم ولا تكييف ولا تعطيل ولا تحريف، بل هو سبحانه في العلو وفوق العرش، وقد استوى عليه استواء يليق بجلاله، لا يشابه خلقه في شيء من صفاته، والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 13/ 424: "ويكون معنى "فهو عنده فوق العرش" أي ذكره وعلمه، وكل ذلك جائز في التخريج. . . {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} أي ما شاءه من قدرته، وهو كتابه الذي وضعه فوق العرش" اهـ.
ت: هذا من التناقض؛ فمرة يُؤول عندية الكتاب إلى ذكره وعلمه، ومرة تؤول صفة الاستواء إلى القدرة مع إثبات الكتاب بالذي وضعه الله سبحانه فوق العرش. والتأويلان باطلان، والصواب ما دلّ عليه الحديث الصحيح من كون الكتاب عند الله فوق العرش، والحق الواجب اعتقاده إثبات عندية اللوح المحفوظ فوق العرش، واستواء الله على عرشه حقيقة لائقة بالله، فلا مسوغ للنفي والتأويل أو التعطيل والتمثيل، والله المستعان.
وانظر: الحاشية على حديث (3804)، باب 12 من المجلد السابع.
* * *
قال الحافظ 13/ 427: "قال البيهقي: صعود الكلام الطيب والصدقة الطيبة عبارة عن القبول، وعروج الملائكة هو إلى منازلهم في السماء، وأما ما وقع من التعبير في ذلك بقوله: "إلى الله" فهو على ما تقدم عن السلف في التفويض، وعن الأئمة بعدهم في التأويل" اهـ.
ت: مضى قريباً تبرئة السلف عن التفويض المطلق، وتحقيق أن تفويضهم هو للكيفية ليس إلا، كما روي عن الإمام مالك وغيره من الأئمة.
* * *
قال الحافظ 13/ 427: "وقال ابن بطال: غرض البخاري في هذا الباب الرد على الجهمية المجسمة في تعلقها بهذه الظواهر، وقد تقرر أن الله ليس بجسم فلا يحتاج إلى مكان يستقر فيه فقد كان ولا مكان، وإنما أضاف المعارج إليه إضافة تشريف، ومعنى الارتفاع إليه اعتلاؤه مع تنزيهه عن المكان. انتهى"اهـ.
ت: هذا النقل عن ابن بطال – عفا الله عنه – فيه منكرات:
أ- منها نفي الجسمية والاستقرار في مكان عن الله، وهو نفي لم يرد في الكتاب والسنة، وإنما يتوصل به إلى نفي الصفات والاستواء على العرش.
ب- ومنها قوله: "أضاف المعارج إليه إضافة تشريف"، والصواب أنه إضافة معان وصفات، لأن المعارج: العلو.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(7/9)
جـ- ودعوى تنزيه الله عن المكان، يُرمى منها نفي استواء الله على العرش، وهو ليس بسديد، بل الله مستوٍ على العرش حقيقة كما ذكر الله وذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم، من غير تمثيل ولا تكييف ولا تعطيل ولا تحريف كما قاله سلف الأمة، والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 13/ 429: "وقِدَمه يحيل وصفه بالتحيز فيها، والله أعلم"اهـ.
ت: يزعم النفاة والمؤولة أن الله لا داخل العالم ولا خارجه؛ فإن هذا يلزم عنه نفيه سبحانه وعدم وجوده، فإن الذي لا داخل العالم ولا خارجه لا وجود له، وهو رفع للنقيضين، وهذا ممتنعٌ كالجمع بين النقيضين، كما يزعمون أنه ليس متحيزاً في مكان، ومع ما في هذا النفي من المحاذير، حيث إنه نفي لم يرد في الوحيين الشريفين، فهو يتضمن سلب الله بعض صفات الكمال كالعلو والاستواء على العرش. فالله في العلو وإن قيل إنه جهة، وهو مباين للعالم باستوائه على العرش وعلوه عليه، والعرش سقف المخلوقات. والأشاعرة وغيرهم ينفون ويعطلون صفتي العلو والاستواء. وقولهم باطل، والصواب إثبات استوائه سبحانه على العرش استواء يليق بجلاله، لا يشابه خلقه في ذلك، ولا يعلم كيفيته إلا هو سبحانه، كما قال مالك وربيعة رحمهما الله وغيرهما من أهل السنة والجماعة والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 13/ 435: "ومنع جمهور المعتزلة من الرؤية، متمسكين بأن من شرط المرئى أن يكون في جهة، والله منزه عن الجهة، واتفقوا على أنه يرى عباده، فهو راء لا من جهة، واختلف من أثبت الرؤية في معناها؛ فقال قوم: يحصل للرائي العلم بالله تعالى برؤية العين كما في غيره من المرئيات، وهو على وفق قوله في حديث الباب: "كما ترون القمر"، إلا أنه منزه عن الجهة والكيفية"اهـ.
ت: الحق أن الله عز وجل يُرى في الآخرة بالأبصار، يراه المؤمنون في جنان الأبرار، خلافاً للجهمية والمعتزلة وأضرابهم.
ونفي الجهة في الرؤية باطل؛ إذ لا رؤية إلا في جهة، وهو سبحانه يرى وهو في علوه يرونه من فوقهم كما نرى الشمس والقمر من فوقنا، فالتشبيه للرؤية بالرؤية لا المرئي بالمرئي فافطن! ويراه المؤمنون بلا كيف؛ بل الله أعلم بكيفيتها، رزقنا الله لذة النظر إليه مع والدينا ومشايخنا والمسلمين، والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 13/ 436: "وقال البيهقي: سمعت الشيخ الإمام أبا الطيب سهل بن محمد الصعلوكي يقول في إملائه في قوله: "لا تضامون في رؤيته": بالضم والتشديد معناه لا تجتمعون لرؤيته في جهة ولا يضم بعضكم إلى بعض، ومعناه بفتح التاء كذلك، والأصل: لا تتضامون في رؤيته باجتماع في جهة. وبالتخفيف من الضيم، ومعناه لا تظلمون فيه برؤية بعضكم دون بعض؛ فإنكم ترونه في جهاتكم كلها، وهو متعالي عن الجهة"اهـ.
ت: نفي الجهة في هذا التقرير مبني على نفي المؤولة من الأشاعرة والماتريدية للعلو، وهم ها هنا يزعمون إثبات رؤية الله مع نفي أن تكون في جهة، فوقعوا في التناقض والمحال.
والحق أنه سبحانه يُرى في الدار الآخرة حقيقة كما وصف بذلك نفسه في غير ما آية، كقوله في القيامة: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ}، وكما وصفه بذلك نبيه وأعرف الخلق به في غير ما حديث، ورؤيته حق وهو سبحانه في علوٍ كذا عند أهل السنة والجماعة، والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 13/ 437: "وقال ابن بطال: تمسك به المجسمة فأثبتوا لله صورة. . . "اهـ.
ت: هذا تمحلٌ من ابن بطال ونبزٌ لأهل السنة والجماعة وللسلف الصالح بالتجسيم؛ لأنهم يثبتون لله عز وجل صورة حقيقية تليق بجلاله وعظمته، لا تقتضي مماثلة صور المخلوقين ألبتة كما وصفه بذلك رسوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث وغيره، كحديث معاذ عند أهل السنة "رأيت ربي في أحسن صورة"، فهل يكون الرسول بهذا الوصف مجسماً؟! والصواب إثبات الصورة على الوجه اللائق به سبحانه من غير تحريف ولا تعطيل، ولا تكييف ولا تمثيل كذا عند أهل السنة والجماعة، والله ولي التوفيق.
* * *
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(7/10)
قال الحافظ 13/ 437: "وقال الخطابي: تهيب كثير من الشيوخ الخوض في معنى الساق، ومعنى قول ابن عباس أن الله يكشف عن قدرته التي تظهر بها الشدة، وأسند البيهقي الأثر المذكور عن ابن عباس بسندين كل منهما حسن، وزاد: إذا خفي عليكم شيء من القرآن فأتبعوه من الشعر، وذكر الرجز المشار إليه، وأنشد الخطابي في إطلاق الساق على الأمر الشديد "في سنة قد كشفت عن ساقها. . . "اهـ.
ت: وهذا أيضاً تأويل فاسد من الخطابي لصفة الساق لربنا عز وجل والتي صحت صراحة في أحاديث صحيحة، والواجب إثبات هذه الصفة كسائر الصفات اللائقة بالله عز وجل من غير تكييف ولا تمثيل، ومن غير تحريف ولا تعطيل، والله أعلم.
وراجع التعليق على حديث (4919) من المجلد الثامن، وحديث (1574) من الحادي عشر.
* * *
قال الحافظ 13/ 438: "قال: ومثله من التبكيت ما يقال لهم بعد ذلك: {ارْجِعُوا وَرَاءكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا}. وليس في هذا تكليف ما لا يطاق، بل إظهار خزيهم، ومثله "كلف أن يعقد شعيرة" فإنها للزيادة في التوبيخ والعقوبة. انتهى. ولم يجب عن قصة أبي لهب. وقد ادعى بعضهم أن مسألة تكليف ما لا يطاق لم تقع إلا بالإيمان فقط، وهي مسألة طويلة الذيل ليس هذا موضع ذكرها" اهـ.
ت: بل هذه المسألة من الإطلاقات الحادثة في العقيدة وأصول الفقه، ومضى التفصيل فيها. وهذه الآية وما في معناها هي من باب الوعيد والعقوبات والتعذيب والتعجيز، لا من باب التكليف، والله أعلم.
وانظر التفصيل في التعليق على أواخر الباب الأول من كتاب القدر من المجلد الحادي عشر.
* * *
قال الحافظ 13/ 439: "وقوله فأستأذن على ربي في داره فيؤذن لي عليه". قال الخطابي هذا يوهم المكان والله منزه عن ذلك، وإنما معناه في داره، الذي اتخذها لأوليائه وهي الجنة، وهي دار السلام، وأضيفت إليه إضافة تشريف مثل بيت الله وحرم الله" اهـ
ت: توهم الخطابي لا مبرر له؛ لأن الحديث لا يفيد أن الدار مكانه، فهو سبحانه فوق كل شيء مستوٍ على العرش الذي هو أعلى المخلوقات، وليس حالاً في شيء من مخلوقاته ألبتة.
والتنزيه الواجب في حقه سبحانه هو تنزيهه عن كل نقص، كما أنه سبحانه وتعالى له الكمال الذي لا نقص فيه بوجه من الوجوه، وهكذا جميع أسمائه وصفاته المثبتة والمنفية في الكتاب والسنة. والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 13/ 440: "فإن ظاهره ليس مراداً قطعاً، فهي استعارة جزماً. وقد يكون المراد بالحجاب في بعض الأحاديث الحجاب الحسي، لكنه بالنسبة للمخلوقين، والعلم عند الله تعالى"اهـ.
ت: بل ظاهره مراد بإثبات رداء الكبرياء على وجهه سبحانه وتعالى وحجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه، فهو حجاب حقيقي، وليس ذلك مجازاً ولا استعارة، بل على الحقيقة اللائقة به سبحانه من غير تكييف ولا تمثيل ولا تحريف ولا تعطيل كسائر الصفات عند أهل السنة والجماعة، طردً لهذه القاعدة في عموم نصوص الأسماء والصفات، فلابد من اعتبار ذلك وإعماله لقوله سبحانه وتعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}، والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 13/ 441: "قال المازري:. . . ومن لم يفهم ذلك تاه، فمن أجرى الكلام على ظاهره أفضى به الأمر إلى التجسيم، ومن لم يتضح له وعلم أن الله منزه عن الذي يقتضيه ظاهرها إما أن يكذب نقلتها وإما أن يؤولها. . .، وقال الكرماني: هذا الحديث من المتشابهات فإما مفوض، وإما متأول بأن المراد بالوجه الذات. . . " اهـ.
ت: هذا خطأ، فمن أجرى النص على ظاهره على الوجه اللائق بالله عز وجل فقد سلك جادة أهل السنة والجماعة، وليس مقتضى ذلك النقص أو التشبيه. وهذه المسالك: إما تكذيب نقلتها، أو تأويل الصفة، أو تفويضها لا تصح في هذا الباب، بل هي طريقة من شرق بمثل هذه الصفة، وأبت قلوبهم إثباتها وأمثالها على الحقيقة اللائقة بالله.
وفساد آخر في تفسير الوجه بالذات، فالواجب الإيمان بوجهه سبحانه على ما يليق به، كما أن له ذاتاً تليق به من غير تكييف ولا تمثيل ولا تحريف ولا تعطيل في جميع الأسماء والصفات، والله أعلم.
* * *
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(7/11)
قال الحافظ 13/ 422: "وقال القرطبي في المفهم: الرداء استعارة كنى بها عن العظمة، كما في الحديث الآخر "الكبرياء ردائي والعظمة إزاري". وليس المراد الثياب المحسوسة، لكن المناسبة أن الرداء والإزار لما كانا متلازمين للمخاطب من العرب عبّر عن العظمة والكبرياء بهما. . .
قوله: (في جنة عدن) قال ابن بطال: لا تعلق للمجسمة في إثبات المكان، لما ثبت من استحالة أن يكون سبحانه جسماً أو حالاً في مكان، فيكون تأويل الرداء: الآفة الموجودة لأبصارهم المانعة لهم من رؤيته، وإزالتها فعل من أفعال يفعله في محل رؤيتهم، فلا يرونه مادام ذلك المانع موجوداً"اهـ.
ت: ادعاء القرطبي أن الرداء استعارة باطل، وكذا تأويل ابن بطال للرداء، فيه نفي لألفاظ لم يرد النص الشريف بنفيها عن الله كالجسم والمكان. وهذه الألفاظ مجملة تحوي حقاً وباطلاً، ولا يصح نفي المجمل حتى يُستفصل عن المراد بها ليتبين الحق من الباطل، ومضى للاستفصال فيها وفي أمثالها مواضع سابقة عديدة.
والواجب إثبات رداء الكبرياء وإزار العظمة على حقيقته اللائقة بالله عظمة وجلالاً وتنزيهاً من غير تعطيل ولا تحريف ولا تمثيل ولا تكييف، وهذه قاعدة مسددة ومطردة في باب الأسماء والصفات، من التزمها وفق لحقيقة الإيمان بهذا التوحيد، والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 13/ 444: "قوله: (باب ما جاء في قول الله تعالى: {إِنَّ رَحْمةََ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ}. قال ابن بطال: الرحمة تنقسم إلى صفة ذات وإلى صفة فعل، وهنا يحتمل أن تكون صفة ذات، فيكون معناها إرادة إثابة الطائعين، ويحتمل أن تكون صفة فعل فيكون معناها أن فضل الله بسوق السحاب وإنزال المطر قريب من المحسنين، فكان ذلك رحمة لهم لكونه بقدرته وإرادته. . . " اهـ.
ت: الواجب إثبات رحمة الله على الحقيقة اللائقة بذات الله عز وجل كمالاً وجلالاً، وعدم الخوض فيها بأنواع التأويل الذي هو في الواقع تعطيل. فلله عز وجل رحمة تليق به كما له إرادة تليق به، وهذا مطرد في جميع الأسماء الحسنى والصفات العلى، والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 13/ 445: " قال ابن بطال عن المهلب: يجوز أن يكون هذا الخصام حقيقة بأن يخلق الله فيهما حياة وفهماً وكلاماً والله قادر على كل شيء، ويجوز أن يكون هذا مجازاً كقولهم: "املأ الحوض وقال قطنى"والحوض لا يتكلم وإنما ذلك عبارة عن امتلائه وأنه لو كان ممن ينطق لقال ذلك، وكذا في النار: {هَلْ مِن مَّزِيدٍ}. . . " اهـ.
ت: الاختصام وكلام الجنة والنار وقع حقيقة، وهو المتعين، لكن على كيفية الله أعلم بها فلا داعي للتأويل أو اعتبار ذلك مجازاً، لا سيما وقد وردت رواية في كتاب التفسير من هذا الصحيح بلفظ "تحاجت"، وفي مسلم بلفظ "احتجت" كما أشار الحافظ، وكلها من أفعال الاشتراك، فالواجب الإيمان بما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم من اختصامهما حقيقة. وكذا يُقال أيضاً في قول النار: {هَلْ مِن مَّزِيدٍ} والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 13/ 449: "وتصرف البخاري في هذا الموضع يقتضي موافقة القول الأول، والصائر إليه يسلم من الوقوع في مسألة حوادث لا أول لها، وبالله التوفيق"اهـ.
ت: ليس هذا مؤدَّى كلام البخاري، وإنما هو قول المتكلمين، والصواب أن أفعال الله تعالى قديمة النوع متجددة الآحاد حسب ما تقتضيه مشيئته سبحانه. فقد كان الله بذاته وصفاته وأفعاله ولم يكن قبله شيء كما صح في حديث عمران بن الحصين رضي الله عنه.
أما مراد البخاري رحمه الله فهو التفريق بين الفعل والمفعول، والرد على من لم يفرق بينهما، كما هو بين من ترجمته، لا ما أشار إليه ابن بطال.
وانظر التعليق على حديث عمران (7418) في باب (22) من كتاب التوحيد.
* * *
قال الحافظ 13/ 450: "وأشار به إلى ترجيح القول بأن الرحمة من صفات الذات. . . من قال: المراد بالرحمة إرادة إيصال الثواب، وبالغضب إرادة إيصال العقوبة. . . " اهـ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(7/12)
ت: الحافظ – عفا الله عنه – في أول كلامه يثبت صفة الرحمة ثم يُؤولها بعد ذلك إلى صفة الإرادة بإرادة الثواب، وهو باطل، فإن الرحمة صفة حقيقة لائقة بالله، ومن آثارها إيصال الثواب وإكرام الطائعين، وهذا أيضاً يرد على إثبات صفة الغضب، فهو كذلك، يجب إثباتهما لله على الوجه اللائق بالله سبحانه من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، بل على حد قوله سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}، وقوله عز وجل: {وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ} والله الموفق، وقد مر له نظائر.
* * *
قال الحافظ 13/ 457: ". . . فمن قدر عليه بالمعصية كان ذلك علامة على أنه قدر عليه بالعقاب إلا أن يشاء أن يغفر له من غير المشركين، ومن قدر عليه بالطاعة كان ذلك علامة على أنه قدر عليه بالثواب، وحرف المسئلة أن المعتزلة قاسواالخالق على المخلوق؛ وهو باطل. . "اهـ.
ت: يفهم من هذا القول نفي الأسباب، وهو باطل؛ لأنه تقرر في العقيدة والشريعة أن المعصية سبب للعقاب، وأن الطاعة سبب للثواب.
والله عز وجل قدَّر الجميع، وترك لعبده المشيئة في الاختيار، وإلا فـ {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا} , {وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} والله تعالى أعلم.
* * *
قال الحافظ 13/ 462: "قال ابن بطال: استدل البخاري بهذا على أن قول الله قديم لذاته قائم بصفاته لم يزل موجوداً به. . . وملخص ذلك قال البيهقي في "كتاب الاعتقاد": القرآن كلام الله، وكلام الله صفة من صفات ذاته. . . "اهـ.
ت: هذا تقريرلقول الأشاعرة في كلام الله، ويُراد به عندهم ذلكم المعنى النفسي القائم بذات الله، والصواب أن كلام الله تعالى صفة من صفات كماله، ونوعه قديم لكن آحاده متجدد لارتباطه بمشيئته، فهو يتكلم متى شاء، بما شاء، كيف شاء سبحانه لا إله إلا هو كذا لدى أهل السنة والجماعة، ويُنزَّه البخاري عن هذا الاعتقاد الفاسد، والله أعلم.
وانظر التعليق على حديث (2685) من كتاب الشهادات، باب 29 من المجلد الخامس.
* * *
قال الحافظ 13/ 466: "قال: فسمّاه كلاماً قبل التكلم به، قال: فإن كان المتكلم ذا مخارج سمع كلامه ذا حروف وأصوات، وإن كان غير ذي مخارج فهو بخلاف ذلك، والباري عز وجل ليس بذي مخارج، فلا يكون كلامه بحروف وأصوات. . . "اهـ.
ت: هذا باطل ونفي لحقيقة الكلام الإلهي، ليقرروا أن كلام الله هو المعنى النفسي ليس إلا، وهو على هذا ليس بحرف ولا صوت. ويرده ما صح في الكتاب والسنة، ومن ذلك ما ساقه البخاري من أن كلام الله يسمع وبكل حرف منه أجر، كما قال سبحانه: {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ}. ولا يسمى الكلام في اللغة كلاماً إلا إذا كان بحروف وأصوات. كما صحَّ الكلام نداء بصوت مرتفع، ومناجاة بصوت منخفض، وكلاهما وقع لموسى صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى: {وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ الطُّورِ الأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا}، فكلامه سبحانه بحرف وصوت، ولا يشابه كلام الخلق لعموم قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}، والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 13/ 466: "وإذا ثبت ذكر الصوت بهذه الأحاديث الصحيحة وجب الإيمان به، ثمّ: إما التفويض، وإما التأويل، وبالله التوفيق"اهـ.
ت: هذا – كما مرّ مثله – طرد لمسلكي الأشاعرة في نصوص الصفات، وكان اللائق بالحافظ وغيره أنه إذا ثبتت الصفة في الأحاديث الصحيحة تُلقيت بالقبول والتسليم على الوجه اللائق بالله عز وجل، إثباتاً بلا تمثيل ولا تكييف ولا تعطيل ولا تحريف.
وأما التفويض والتأويل فباطلان عند أهل السنة والجماعة، والله الموفق.
* * *
قال الحافظ 13/ 468: "قوله: (فينادي بصوت: إن الله يأمرك أن تخرج من ذريتك بعثاً إلى النار) هذا آخر ما أورد منه من هذه الطريق، وقد أخرجه بتمامه في تفسير سورة الحج بالسند المذكور هنا، ووقع "فينادي" مضبوطاً للأكثر بكسر الدال، وفي رواية أبي ذر بفتحها على البناء للمجهول، ولا محذور في رواية الجمهور؛ فإن قرينة قوله: "إن الله يأمرك" تدل ظاهراً على أن المنادي ملك يأمره الله بأن ينادي بذلك. . . "اهـ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(7/13)
ت: الصواب أن المنادي هو الله عز وجل كما عليه رواية الأكثر، ولا حرج في ذلك لثبوت المناداة لله عز وجل في صريح القرآن في آيات كثيرة كقوله: {وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ. . .} الآية. ونفي المناداة عن الله لازم مذهب الأشاعرة والماتريدية الكلابية في كلام الله من أنه معنى نفسي لا يسمع وليس بحرف. . . والصواب ما عليه أهل السنة والجماعة من إثبات النداء والكلام على الوجه اللائق به سبحانه من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، كما هو الحق عند أهل السنة من الصحابة رضي الله عنهم وأتباعهم بإحسان، والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 13/ 469: "وأثبتت الحنابلة أن الله متكلم بحرف وصوت. . . "اهـ.
ت: ليس إثبات الحرف والصوت من مفردات الحنابلة في كلام الله، بل هو قول أتباع السلف الصالح من أهل السنة والجماعة قاطبة، ولله الحمد.
* * *
قال الحافظ 13/ 470: "قال الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة: في تعبيره عن كثرة الإحسان بالحب تأنيس العباد وإدخال المسرة عليهم. . . "اهـ.
ت: الواجب إثبات صفة الحب لله على ما يليق به، سبحانه عظمة وتنزيهاً وإيماناً، كما أن له إحساناً يليق به، وكذلك له حب وبغض على الوجه اللائق بجلال الله وكماله، نؤمن بذلك وببقية أسمائه وصفاته سبحانه من غير أن نكيف أو نمثل، أو نحرف أو نعطل، والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 13/ 475: "قوله: (باب قول الله تعالى: {يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ} كذا للجميع، زاد أبو ذر "الآية". قال ابن بطال: أراد بهذه الترجمة وأحاديثها ما أراد في الأبواب قبلها أن كلام الله تعالى صفة قائمة به، وأنه لم يزل متكلماً ولا يزال"اهـ.
ت: فيه محذور؛ لأنه قد يُراد به الموافقة لقول الأشاعرة بأن القرآن معنى نفسيٌ قائم بالله. والصواب أن القرآن من كلام الله حقيقة، وكلام الله صفة ذاتية فعلية من صفاته عز وجل، نؤمن بذلك إثباتاً بلا تمثيل وتنزيهاً بلا تعطيل، والله أعلم.
وانظر التعليق على باب 32 من كتاب التوحيد.
* * *
قال الحافظ 13/ 476: "وهو ظاهر في المراد سواء كان المنادي به ملكاً بأمره أو لا، لأن المراد إثبات نسبة القول إليه وهو حاصلة على كل من الحالتين، وقد نبهت على من أخرج الزيادة المصرحة – بأن الله يأمر ملكاً فينادي – في "كتاب التهجد" اهـ.
ت: تلكم الزيادة رواها النسائي في عمل اليوم والليلة ص 340 من طريق أبي إسحاق السبيعي، وهو قد اختلط وشاخ ونسي، فتركوه لأجل ذلك، ولا تعارض روايته ما استفاض وتواتر في حديث أبي هريرة في الباب أعلاه كما نص عليه الحافظ ابن عبد البر وغيره، وبسط الكلام على هذا الشيخ أبو العباس ابن تيمية في شرحه لحديث النزول.
فالواجب إثبات ذلك على الوجه اللائق بالله عز وجل من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، والله أعلم.
* * *
ثم قال الحافظ 13/ 476: "وتأول ابن حزم النزول بأنه فعل يفعله الله في سماء الدنيا. . . "اهـ.
ت: تأويل ابن حزم للنزول باطل، كتأويل متقدمي المتكلمين للاستواء بأنه فعل يفعله الله في العرش. والواجب الإيمان بإثبات الصفات لله على حقائقها اللائقة بجلال الله، من غير تعطيل ولا تحريف، ومن غير تمثيل ولا تكييف، فالله ينزل حقيقة وقد استوى على عرشه حقيقة، كما يجيء ويأتي، ويغضب ويرضى، ويحب ويسخط حقيقة، ندرك معنى ذلك ولا نحيط بكيفيته، والله أعلم.
* * *
ثم قال الحافظ 13/ 476: "فكما قبل النزول التأويل لا يمنع قبول الصعود التأويل، والتسليم أسلم كما تقدم، والله أعلم" اهـ.
ت: ولا يجوز تأويل النزول والعلو على غير حقيقتهما اللائقتين بالله، والاستسلام والانقياد لما جاء عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم هو الواجب على المؤمنين، وهو الإيمان بمعنى ذلك وتفويض كيفيته إلى الله لا تفويض الجميع بدعوى التسليم!! فالواجب تفويض الكيفية لا تفويض المعنى، والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 13/ 485: "ثم قال: والظاهر أن هذا من تخليط اليهود وتحريفهم، وأن ضحكه عليه الصلاة والسلام إنما كان على معنى التعجب والنكير له، والعلم عند الله تعالى"اهـ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(7/14)
ت: هذا من الباطل البيّن البطلان، فالنبي صلى الله عليه وسلم ضحك في الحديث تعجباً وتصديقاً لقول الحبر فكيف يكون ذلك نكيراً؟ ولو كان من تحريف اليهود وتخليطهم لرد عليهم النبي صلى الله عليه وسلم وبيّن ذلك أوضح البيان! وإنما التحريف ها هنا من أولئك المعطلة لمخالفته أصولهم في هذا الباب، والواجب إثبات ما دل عليه الحديث من إثبات الأصابع على الوجه اللائق به سبحانه من غير مشابهة لخلقه، والله أعلم.
وانظر التعليق على حديث (7415) باب 19 من كتاب التوحيد.
* * *
قال الحافظ 13/ 485: "قوله: (يدنو أحدكم من ربه) قال ابن التين: يعني يقرب من رحمته، وهو سائغ في اللغة يقال: فلان قريب من فلان ويراد الرتبة"اهـ.
ت: هذا تأويل باطل من ابن التين لصفة الدنو من الله عز وجل، والواجب إثباتهما على ما يليق بالله عز وجل من غير تعطيل ولا تمثيل، وعلى حقيقتها وأنها دنوٌ وقربٌ من الله، لا أنها قرب من رحمته، والله أعلم.
وانظر التعليق على حديث (7517) بعد قليل، وحديث (7536).
* * *
قال الحافظ 13/ 493: "وقد أزال العلماء إشكاله؛ فقال القاضي عياض في الشفاء: إضافة الدنو والقرب إلى الله تعالى أو من الله ليس دنو مكان ولا قرب زمان، وإنما هو بالنسبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم إبانة لعظيم منزلته وشريف رتبته، وبالنسبة إلى الله عز وجل تأنيس لنبيه وإكرام له، ويتأول فيه ما قالوه في حديث: "ينزل ربنا إلى السماء"، وكذا في حديث: "من تقرب مني شبراً تقربت منه ذراعاً"، وقال غيره: الدنو مجاز عن القرب المعنوي لإظهار عظيم منزلته عند ربه تعالى"اهـ.
ت: ما نقله الحافظ عن القاضي عياض وغيره ليس بجيد، والصواب الإيمان بدنو الله وقربه، وهما من صفات أفعاله سبحانه التي يفعلها متى شاء كيفما شاء على ما يليق به سبحانه.
والدنو والتدلي في آية النجم يُغاير ما هاهنا، لأنه دنو ذلك المعلم الشديد القوي وهو جبريل كما يدل عليه السياق والأحاديث الصحيحة، وما رُوي عن بعض الصحابة كعائشة وابن مسعود وغيرهما رضي الله عنهم، والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 13/ 500: "والمذهب الحق أن لا جبر ولا قدر"اهـ.
ت: قال سماحة شيخنا: والمذهب الحق أن لا جبر ولا نفي للقدر. اهـ.
* * *
قال الحافظ 13/ 500: "فالجواب أن يقال: بل للعبد قدرة يفرق بها بين النازل من المنارة والساقط منها، ولكن لا تأثير لها، بل فعله ذلك واقع بقدرة الله تعالى، فتأثير قدرته فيه بعد قدرة العبد عليه، وهذا هو المسمى بالكسب"اهـ.
ت: قول الأشاعرة بالكسب مما ليس له حقيقة، وهو من آثار قول الجبرية في القدر، إذ لا يعتقدون للعبد تأثيراً في فعله فأشبه المكره أو المجبور، وصورته التقريبية أن القطع حصل عند السكين لا بها.
والصواب أن العبد له قدرة بها يفعل الشيء أو يتركه، والله خالقه وخالق قدرته، ولكن فعله وقدرته على كل حال لا تخرج عن تقدير الله وقضائه وقدره، والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 13/ 502: "والخامس: أنه كلام الله غيرمخلوق، أنه لم يزل يتكلم إذا شاء، نص على ذلك أحمد في كتاب الرد على الجهمية، وافترق أصحابه فرقتين: منهم من قال: هو لازم لذاته والحروف والأصوات مقترنة لا متعاقبة. . . "اهـ.
ت: هذا هو قول السالمية، المذكورين في القول الثالث، ونسبهم الحافظ لأصحاب أحمد، لأن متكلم السالمية ومنظرهم أبو الحسن ابن الزاغوني الحنبلي (527هـ)، وهم الاقترانية لقولهم بأن حروف الكلام، وعلاماته وقعت مقترنة لم يسبق بعضها بعضاً، وهو قول باطل. والحق ما ذهب إليه عامة أصحاب أحمد بما يوافق قول أهل السنة والجماعة من أن كلام الله بحرف وصوت يُسمع حقيقة على ما يليق بالله، والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 13/ 502: "فمرادهم الكلام النفسي القائم بالذات المقدسة فهو من الصفات الموجودة القديمة، وأما الحروف فإن كانت حركات أدوات كاللسان والشفتين فهي أعراض، وإن كانت كتابة فهي أجسام، وقيام الأجسام والأعراض بذات الله تعالى محال"اهـ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(7/15)
ت: هذا من النفي الذي لم يرد في الكتاب والسنة في باب الصفات، ويُتوصَّل بهذا النفي إلى تعطيل الصفات الذاتية كالوجه والقدم والأصابع، والصفات الفعلية كتجدد كلام الله لمن شاء، ونزوله واستوائه وغضبه عن الله تعالى بدعوى لزومها للجسمية أو قيام الأعراض بالله. والواجب إثبات ما أثبته الله لنفسه وما أثبته له رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير تعطيل ولا تحريف ولا تمثيل ولا تكييف، وكذلك نفي ما نفاه الله عن نفسه وما نفاه عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير زيادة ولا نقصان، والله أعلم.
وانظر التعليق على أول كتاب التوحيد من هذا المجلد.
* * *
قال الحافظ 13/ 505: "وهذا ينفصل عنه من ذهب إلى أن الكلام صفة قائمة بذاته"اهـ.
ت: وهم المتكلمون من الكلابية والأشاعرة والماتريدية، والحق أن الله يتكلم بكلامه الشرعي والقدري متى شاء، كما شاء، على ما يشاء، سبحانه وتعالى وتقدس، لا شبيه له في ذلك ولا يعلم كيفيته إلا هو سبحانه، هذا هو قول أهل السنة والجماعة، والله ولي التوفيق.
وانظر التعليق على الباب 32 من كتاب التوحيد.
* * *
قال الحافظ 13/ 506: "فإذا لم يجز وصف كلامه القائم بذاته تعالى بأنه مخلوق لم يجز وصفه بأنه محدث. . .
قلت: والاحتمال الأخير أقرب إلى مراد البخاري؛ لما قدمت قبل أن مبنى هذه التراجم عنده على إثبات أن أفعال العباد مخلوقة، ومراده هنا الحدث بالنسبة للإنزال"اهـ.
ت: هذا تحريف لمعنى كون الذكر من الله محدثاً، والحق ما دلت عليه لغة العرب من كونه محدثاً أي متجدداً على ما يليق بالله لا يماثل كلام المخلوقين. أي أن الله يتكلم بما يشاؤه في أي وقت يشاؤه، لا أن الله كان متكلماً ثم لم يكن كذلك، فكلامه سبحانه لآدم سابق لكلامه لإبراهيم، ثم موسى ثم عيسى ثم محمد صلى الله عليه وسلم، والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 13/ 507: "فقال ابن التين أيضاً: هذا من الداودي عظيم؛ لأنه يلزم منه أن يكون الله تعالى متكلماً بكلام حادث فتحل فيه"اهـ.
ت: إلزام ابن التين ليس بلازم؛ لأن معنى الحدوث هو التجدد، وليس معناه أنه مخلوق أو مصنوع. لأنه سبحانه تكلم بكلامه المتجدد في وقت شاءه هو سبحانه، وإن كان قبله لم يكن متكلماً بذلك الكلام، وإنما بكلام غيره، وهذا معنى ارتباط كلامه بمشيئته سبحانه عز وجل.
وهو سبحانه لم يزل متكلماً إذا شاء على الوجه اللائق به سبحانه، من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل عند أهل السنة والجماعة، والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 13/ 509: "وقال الكرماني: المعية هنا معية الرحمة"اهـ.
ت: هذا تأويل باطل من الكرماني، بل المعية في الحديث معية خاصة من الله لأوليائه من عباده تقتضي – مع علمه المحيط بهم – قربه منهم ونصره وتأييده لهم ومن آثار ذلك رحمته بهم، ولا تعني بحال حلوله أو مخالطته أو اتحاده بهم كما تزعمه زنادقة الصوفية وغيرهم. وهناك المعية العامة لعموم عباده بعلمه واطلاعه عليهم، فهي معية لائقة بكمال الله وعلوه على مخلوقاته، وأنه فوق سماواته مستوٍ على عرشه جلّ وعلا، والله أعلم.
هذا قول أهل السنة والجماعة، وهو الحق، والله ولي التوفيق.
* * *
قال الحافظ 13/ 509: "ففيه بيان لكل ما أشكل من كل فعل ينسب إلى الله تعالى مما لا يليق به فعله من المجيء والنزول ونحو ذلك. انتهى" اهـ.
ت: وهذا من الباطل أيضاً المقتضي نفي الصفات الفعلية من المجيء والنزول أو الصفات الذاتية كالعلو عن الله تعالى بسبب ما قام في عقول أولئك من تصور التشبيه أو التمثيل في صفات الله، ومن ثم اعتقاد عدم لياقته بالله.
والواجب تنزيه الله وصفاته وأفعاله وذاته عن كل تمثيل، وإثباتها على وجه الكمال والحقيقة له عز وجل إثباتاً بلا تمثيل، وتنزيهاً بلا تحريف ولا تعطيل، والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 13/ 510: قوله: (باب قول الله تعالى: {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ} أشار بهذه الآية إلى أن القول أعم من أن يكون بالقرآن أو بغيره، فإن كان بالقرآن فالقرآن كلام الله وهو من صفات ذاته"اهـ.
ت: القرآن من كلام الله، وكلام الله صفة ذاتية فعلية، فهو صفة ذاتية لأن الله كان ولا يزال متكلماً، والكلام ملازم لذاته أبداً، وهو صفة فعلية لأنه سبحانه يتكلم متى شاء، كيف شاء، بما شاء، فبتعلق الكلام بالمشيئة والإرادة صار صفة فعلية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(7/16)
أما عند جمهور المتكلمين من الأشاعرة وغيرهم فالكلام معنى نفسي قائم بالله، وهو بذلك صفة ذاتية فقط ليس بصفة فعلية، كما أنه ليس بحرف ولا صوت عندهم، والله أعلم.
وانظر التعليق على باب 32 من كتاب التوحيد، وحديث (4731) من كتاب التفسير من الثامن، وغيرهما.
* * *
قال الحافظ 13/ 522: "قوله: (ذراعاً تقربت منه باعاً، وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة). لم يقع "وإذا أتاني. . . " إلخ في رواية الطيالسي، قال ابن بطال: وصف سبحانه نفسه بأنه يتقرب إلى عبده، ووصف العبد بالتقرب إليه، ووصفه بالإتيان والهرولة كل ذلك يحتمل الحقيقة والمجاز، فحملها على الحقيقةيقتضي قطع المسافات وتداني الأجسام وذلك في حقه تعالى محال، فلما استحالت الحقيقة تعين المجاز لشهرته في كلام العرب، فيكون وصف العبد بالتقرب إليه شبراً وذراعاً وإتيانه ومشيه معناه التقرب إليه بطاعته وأداء مفترضاته ونوافله، ويكون تقربه سبحانه من عبده وإتيانه والمشي عبارة عن إثابته على طاعته وتقربه من رحمته، ويكون قوله: أتيته هرولة أي أتاه ثوابي مسرعاً. . فإن المراد به قرب الرتبة وتوفير الكرامة. والهرولة كناية عن سرعة الرحمة إليه ورضا الله عن العبد وتضعيف الأجر، قال: والهرولة ضرب من المشي السريع وهي دون العدو، وقال صاحب المشارق: المراد بما جاء في هذا الحديث سرعة قبول توبة الله للعبد أو تيسير طاعته وتقويته عليها وتمام هدايته وتوفيقه، والله أعلم بمراده"اهـ.
ت: الواجب إثبات ذلك كله على الحقيقة اللائقة بالله عز وجل، وقطع الاستشراف في التنطع في صورها وكيفياتها، فنؤمن بما جاء عن الله من صفات الله على مراد الله، وما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنؤمن بقرب الله ودنوه من عبده مع علوه فوق سماواته، ونكل حقيقته إلى عالمه سبحانه؛ لأن عقولنا تقصر عن إدراك ذلك، بل تحار فيما فيما دون ذلك، والله أعلم.
والواجب في هذا وأمثاله الإيمان بذلك وإثباته بلا تمثيل ولا تشبيه، وتنزيه الله عن مشابهة خلقه في كل شيء؛ لأنه سبحانه أعلم بنفسه وأعلم بصفاته، ولا يجوز لأحد أن يعطلها بسبب فهمه السيء، والله ولي التوفيق.
* * *
قال الحافظ 13/ 527: "المراد منه كما قال البيهقي فيه دليل على أن أهل الكتاب إن صدقوا فيما فسروا من كتابهم بالعربية كان ذلك مما أنزل إليهم على طريق التعبير عما أنزل، وكلام الله واحد لا يختلف باختلاف اللغات، فبأي لسان قرئ فهو كلام الله"اهـ.
ت: كلام الله متعدد ليس واحداً، فليست التوراة هي الإنجيل وليست هي القرآن، كما هو مذهب الأشاعرة؛ إذ عندهم الكلام كله معنى واحد وأن الأمر عين النهي والخبر والاستفهام.
والحق أن كلام الله متنوع؛ فكلام الله لآدم غير كلامه لموسى ولمحمد صلى الله عليه وسلم، وأن التوراة غير الإنجيل وغير القرآن، ولكن الجميع كلام الله حقيقة، وإن تليت بأي لسان؛ فالمتلو كلام الله الذي تكلم به وأنزله على رسله، والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 13/ 538: "قال الكرماني:. . . ويسند إلى الله تعالى من حيث إن وجوده إنما هو بتأثير قدرته، وله وجهتان: جهة تنفي القدر، وجهة تنفي الجبر، فهو مسند إلى الله حقيقة وإلى العبد عادة، وهي صفة يترتب عليها الأمر والنهي والفعل والترك، فكل ما أسند من أفعال العباد إلى الله تعالى فهو بالنظر إلى تأثير القدرة، ويقال له: الخلق: وما أسند إلى العبد يحصل بتقدير الله تعالى، ويقال له: الكسب"اهـ.
ت: الصواب أن نسبة الفعل إلى العبد نسبة لائقة به من حيث حقيقة فعله له مختاراً طائعاً، وفعله وقدرته لا تخرج عن قدرة الله وتقديره بحال. وعلى فعله يقع الثواب والعقاب.
أما عقيدة الأشاعرة في الكسب فإنه ثمرة لجبر الجهمية، ليس تحته فعل حقيقي للعبد يؤاخذ أو يثاب عليه، والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 13/ 541: "وقال تعالى: {أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ} فسلب عنهم هذه الأفعال وأثبتها لنفسه ليدل بذلك على أن المؤثر فيها حتى صارت موجودة بعد العدم هو خلقه، وأن الذي يقع من الناس إنما هو مباشرة تلك الأفعال بقدرة حادثة أحدثها على ما أراد، فهي من الله تعالى خلق بمعنى الاختراع بقدرته القديمة، ومن العباد كسب على معنى تعلق قدرة حادثة بمباشرتهم التي هي كسبهم. . . "اهـ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(7/17)
ت: ليس هذا مناط كسبهم فحسب، بتعلق القدرة المخلوقة بمباشرتهم، وإنما باجتماع قدرتهم على الفعل مع حقيقة وقوع الفعل منهم، ليحصل لهم بذلك الثواب على فعلهم أو العقاب.
وذا أيضاً جنوح من المؤلف إلى كسب الأشعرية، وهذا ليس بسديد، والله سبحانه هو خالقهم وخالق أفعالهم، وهو الذي يسّر لهم صلاح الزرع وسلامته. والله أعلم.
* * *
قال الحافظ 13/ 544: "وقال الكرماني: أسند الخلق إليهم صريحاً، وهو خلاف الترجمة، لكن المراد كسبهم. . . ثم قال الكرماني: هذه الأحاديث تدل على أن العمل منسوب إلى العبد؛ لأن معنى الكسب اعتبار الجهتين فيستفاد المطلوب منها. . . "اهـ.
ت: مضى قريباً بيان أن مثل هذا جنوح إلى مذهب الأشاعرة في القول بالكسب، والحق أن كسب الأشاعرة لا حقيقة له في الواقع، والحق أن العبد له فعل حقيقة، حاصل بقدرته وفعله، وواقع عليه ثوابه أو عقابه، وهو على كل حال لا يخرج بفعله عن تقدير الله وخلقه وإرادته، كما أنه لا يخرج عن علمه به وكتابته، والله أعلم.
وانظر التعليق على باب 56 من كتاب التوحيد في هذا المجلد.
* * *
قال الحافظ 13/ 548: "وتعقب أنه مجاز عن حقارة قدره، ولا يلزم منه عدم الوزن، وحكى القرطبي في صفة وزن عمل الكافر وجهين؛ أحدهما: أن كفره يوضع في الكفة ولا يجد له حسنة يضعها في الأخرى فتطيش التي لا شيء فيها، قال: وهذا ظاهر الآية؛ لأنه وصف الميزان بالخفة لا الموزون. . . والصحيح أن الأعمال هي التي توزن" اهـ.
ت: نعم، الغالب في النصوص الشرعية وزن الأعمال، ولكن وردت نصوص تدل على وزن العاملين؛ كحديث ابن مسعود رضي الله عنه: "أتعجبون من دقة ساقي عبد الله، لهي أثقل في الميزان من جبل أحد" رواه أحمد وغيره بسند جيد، وحديث أبي هريرة: "إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة، واقرأوا إن شئتم {فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا} متفق عليه، والله تعالى أعلم.
* * *
حمل الموضوع في ملف وورد
ـ[أبو أحمد اليماني]ــــــــ[28 - 02 - 04, 07:12 ص]ـ
جزاك الله خيراً أخي وكتب الله لك الأجر.
ـ[رمضان عوف]ــــــــ[25 - 12 - 05, 09:47 ص]ـ
ولمزيد من التنبهات تراجع تعليقات الشيخ البراك على طبعة فتح الباري الجديدة بتحقيق الأخ نظر الفريابي طبعة دار طيبة فإنها مفيدة كما قال الشيخ عبد العزيز الراجحي أثابه الله
ـ[سليمان التويجري]ــــــــ[30 - 12 - 05, 09:52 ص]ـ
بارك الله فيك ونفع بك ..
ـ[ابو عبد الله المنصورى]ــــــــ[09 - 09 - 06, 02:36 م]ـ
جزاك الله خيرا فقد كنت ابحث عن مثل هذا الكتاب
ـ[حسن باحكيم]ــــــــ[30 - 11 - 06, 10:18 م]ـ
جزاكم الله خيراً
ـ[عمار احمد المغربي]ــــــــ[19 - 05 - 07, 06:46 م]ـ
جزاك الله كل خير
ـ[محمد بن سليمان الجزائري]ــــــــ[19 - 05 - 07, 11:25 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[نضال دويكات]ــــــــ[19 - 05 - 07, 11:32 م]ـ
جزاك الله خيرا(7/18)
** آداب طالب الحديث **
ـ[المصري السلفي]ــــــــ[29 - 12 - 03, 06:34 م]ـ
آداب طالب الحديث
ذكر أهل العلم آداباً ينبغي أن يراعيها من يشتغل بهذا العلم الشريف، وهذه الآداب منها ما يتعلق بالمُحَدِّث، وقد سبقت الإشارة إلى شيء منها في مقال مستقل، ومنها ما يتعلق بالطالب، فطالب الحديث يشترك مع المُحَدِّث فيما ينبغي أن يتحلى به من تصحيح النية والإخلاص لله تعالى في طلب الحديث، والحذر من أن تكون الغاية من طلبه التوصل إلى أغراض الدنيا فقد روىأبو داود عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله عز وجل، لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا، لم يجد عرف الجنة يوم القيامة - يعني ريحها -)، وقالحماد بن سلمة: " من طلب الحديث لغير الله مُكر به ".
ويختص الطالب بجملة من الآداب منها: أنه ينبغي له إذا عزم على سماع الحديث، أن يقدم السؤال لله تعالى بأن يوفقه ويسدده وييسر له ما عزم عليه من ضبط الحديث وفهمه، ثم يفرغ نفسه لهذا الشرف، ويبذل غاية جهده ووسعه في تحصيله، فإن العلم لا ينال براحة الجسد، وقد قال الشافعيرحمه الله: " لا يطلب هذا العلم من يطلبه بالتملل وغنى النفس فيفلح، ولكن من طلبه بذلة النفس، وضيق العيش وخدمة العلم أفلح ".
وينبغي له أن يتخلق بالأخلاق الفاضلة والآداب الحسنة التي تليق بطالب حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال أبو عاصم النبيل: " من طلب هذا الحديث فقد طلب أعلى أمور الدين، فيجب أن يكون خير الناس ".
ثم يبادر إلى السماع بعد ذلك، من غير توقف ولا تأخير، فيبدأ بأرجح شيوخ بلده إسناداً وعلماً وشهرة وديناً، فإذا فرغ من مُهِمَّاتِهِم ارتحل إلى البلاد الأخرى، للقاء الشيوخ والرواة، والاستفادة من مذاكرتهم ومجالستهم، كعادة الحفاظ المبرزين، وقد رحل جابر بن عبد الله رضي الله عنه إلى عبد الله بن أُنيسشهراً كاملاً في طلب حديث واحد.
وينبغي لطالب الحديث أن يعمل بما سمعه من أحاديث، فإن ذلك زكاة ما جمع من الحديث، وهو من أعظم أسباب حفظه وعدم نسيانه، قال بشر الحافي: " يا أصحاب الحديث أدوا زكاة الحديث، اعملوا من كل مائتي حديث بخمسة أحاديث "، وقال وكيع: " إذا أردت أن تحفظ الحديث فاعمل به ".
ومن أدب الطالب أن يعظم شيخه ومن يسمع منه، فذلك من إجلال العلم، ومن أسباب الانتفاع بالشيخ، فيتحرى رضاه ويحذر من سخطه، ولا يطول عليه بحيث يضجره، بل يقنع بما يحدثه به، ويستشيره في أموره التي تعرض له، وما هو العلم الذي يشتغل به وكيفية ذلك، وعليه أن يصبر على جفوة شيخه إن بدر منه شيء من ذلك، قال الأصمعي: من لم يتحمل ذل العلم ساعة بقي في ذل الجهل أبدا.
وينبغي له أن يعتني بالأهم قبل المهم، وأن يراعي التدرج في ذلك، فإن من طلب العلم جملة فاته ه جمله، وألا يضيع وقته في الاستكثار من الشيوخ لمجرد اسم الكثرة وصيتها.
وعليه أن يرشد إخوانه وزملاءه في الطلب إلى ما ظفر به من فوائد ولا يكتمها عنهم، فإن كتمان الفائدة عن الإخوان لؤم يحرم المرء من الانتفاع بالعلم، ومن بركة الحديث والعلم إفادته ونشره، قالابن المبارك رحمه الله: من بخل بالعلم ابتلي بثلاث: " إما أن يموت فيذهب علمه، أو ينسى، أو يتبع السلطان ".
وليحذر كل الحذر من أن يمنعه الحياء أو الكبر من السعي في السماع والتحصيل وأخذ العلم ولو ممن هو دونه في السّن أو المنزلة، فقد قال مجاهد رحمه الله: " لا ينال العلم مستحي ولا مستكبر "، وقال وكيع: " لا ينبل الرجل من أصحاب الحديث حتى يكتب عمن هو فوقه وعمن هو مثله وعمن هو دونه ".
وينبغي أن يذاكر محفوظاته على الدوام، ويباحث بها أهل المعرفة، وبذلك يحفظ العلم من النسيان، يقول عليرضي الله عنه: " تذاكروا هذا الحديث، إنْ لا تفعلوا يدْرُس " أي يذهب ويضيع، وقال ابن مسعود: " تذاكروا الحديث فان حياته مذاكرة ".
ولا ينبغي للطالب أن يقتصر على سماع الحديث وكتابته من غير تفهم له، ومعرفة بصحته من ضعفه، ومعرفة بمعانيه ولغته وإعرابه وأسماء رجاله، فإن ذلك من آكد الأمور وأولاها.
هذه هي أهم الآداب التي يذكرها أهل العلم في هذا الباب، ومعظمها آداب لا تختص بطالب الحديث وحده بل تعم كل دارس لأي فن أو علم، وبالجملة فالواجب كما قال - الخطيب البغدادي- رحمه الله " أن يكون طلبة الحديث أكمل الناس أدباً، وأشد الخَلْق تواضعاً، وأعظمهم نزاهة وتديناً، وأقلهم طيشاً وغضباً، لدوام قرع أسماعهم بالأخبار المشتملة على محاسن أخلاق الرسول - صلى الله عليه وسلم - وآدابه، وسيرة السلف الأخيار من أهل بيته وأصحابه، وطرائق المحدثين، ومآثر الماضين، فيأخذوا بأجملها وأحسنها، ويصدفوا عن أرذلها.
وصلى اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم(7/19)
للشيخ محمد بن صالح العثيمين (مفيد ان شاء الله)
ـ[الجزائري الأثري]ــــــــ[30 - 12 - 03, 02:26 ص]ـ
منهاج أهل السنة والجماعة في العقيدة والعمل
الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله الله تعالى بين يدي الساعة بشيراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذاًه وسراجاً منيراً، فبلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، فصلوات الله وسلامه عليه، وعلى آله، وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فإن الله تعالى يقول:] يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً [(1).
] يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً. يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً [(2).
المراد بأهل السنة والجماعة وبيان طريقهم
أهل السنة والجماعة هم الذين هداهم الله تعالى لما اختلف فيه من الحق بإذاًه، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم، وكلنا نعلم أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بعث بالهدى ودين الحق، الهدى: الذي ليس فيه ضلالة، ودين الحق: الذي ليس فيه غواية، وبقي الناس في عهده على هذا المنهاج السليم القويم، وكذلك عامة زمن خلفائه الراشدين، ولكن الأمة بعد ذلك تفرقت تفرقاً عظيماً متبايناً، حتى كانوا على ثلاث وسبعين وفرقة كلها في النار إلا واحدة، وهي ما كان عليه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأصحابه، بهذا نقول: إن هذه الفرقة هي فرقة أهل السنة والجماعة وهذا الوصف لا يحتاج إلى شرح في بيان أنهم هم الذين على الحق، لأنهم أهل السنة المتمسكون بها، وأهل الجماعة المجتمعون عليها ولا تكاد ترى طائفة سواهم إلا وهم بعيدون عن السنة بقدر ما ابتدعوا في دين الله سبحانه وتعالى، ولا تجد فرقة غيرهم إلا وجدتهم فرقة متفرقين فيما هم عليه من النحلة.
وقد قال سبحانه وتعالى لرسوله عليه الصلاة والسلام:] إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون [(1).
إذاً لا حاجة لنا إلى التطويل بتعريف أهل السنة والجماعة. لأن هذا اللقب يبرهن على معناه برهاناً كاملاً وأنهم المتمسكون بالسنة المجتمعون عليها ونحن نلخص الكلام في نقاط رئيسية هي:
أولاً: بيان طريق أهل السنة والجماعة في أسماء الله تعالى وصفاته مع أمثلة توضح تلك الطريقة:
أهل السنة والجماعة طريقتهم في أسماء الله وصفاته أنهم يعتبرون أن ما ثبت من أسماء الله وصفاته في كتاب الله، أو فيما صح عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، هو حق على حقيقته يراد به ظاهره ولا يحتاج إلى تحريف المحرفين وذلك لأن تحريف المحرفين مبني على سوء فهم، أو سوء قصد حيث ظنوا أنهم إذا أثبتوا تلك النصوص، أو تلك الأسماء والصفات على ظاهرها ظنوا أن ذلك إثبات للتمثيل ولهذا صاروا يحرفون الكلم عن مواضعه وقد يكونون ممن لم يفهموا هذا الفهم ولكن لهم سوء قصد في تفريق هذه الأمة الإسلامية شيعاً كل حزب بما لديهم فرحون.
وأهل السنة والجماعة يؤمنون بأن ما سمى الله به نفسه وما وصف الله به نفسه في كتابه، أو على لسان رسوله، صلى الله عليه وسلم، فهو حق على حقيقته وعلى ظاهره، ولا يحتاج إلى تحريف المحرفين بل هو أبعد ما يكون عن ذلك، وهو أيضاً لا يمكن أن يفهم منه مالا يليق بالله عز وجل من صفات النقص أو المماثلة بالمخلوقين، بهذه الطريقة المثلى يسلمون من الزيغ والإلحاد في أسماء الله وصفاته، فلا يثبتون لله إلا ما أثبته لنفسه، أو أثبته له رسوله، صلى الله عليه وسلم، غير زائدين في ذلك ولا ناقصين عنه، ولهذا كانت طريقتهم أن أسماء الله وصفاته توقيفية لا يمكن لأحد أن يسمي الله بما لم يسم به نفسه، أو أن يصف الله بما لم يصف به نفسه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(7/20)
فإن أي إنسان يقول إن من أسماء الله كذا، أو ليس من أسماء الله، أو أن من صفات الله كذا، أو ليس من صفات الله بلا دليل لا شك أنه قول على الله بلا علم وقد قال الله سبحانه وتعالى:] قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله مالم ينزل به سلطاناً وأن تقولوا على الله مالا تعلمون [(1).
وقال تعالى:] ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً [(2).
ثم إن طريقتهم في أسماء الله تعالى أن ما سمى الله به نفسه فإن كان من الأسماء المتعدية فإنهم يرون من شرط تحقيق الإيمان به ما يلي:
1 - أن يؤمن المرء بذلك الاسم اسماً له عز وجل.
2 - أن يؤمن بما دل عليه من الصفة سواء كانت الدلالة تضمناً أو التزاماً.
3 - أن يؤمن بأثر ذلك الاسم الذي كان مما دل عليه الاسم من الصفة ونحن هنا نضرب مثلاً:
من أسماء الله تعالى: "السميع" يجب على طريق أهل السنة والجماعة أن يثبت هذا الاسم من أسماء الله فيدعى الله به ويعبد به فيقال مثلاً: عبد السميع ويقال: يا سميع يا عليم وما أشبه ذلك لأن الله تعالى يقول:] ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها [(3).
وكذلك أيضاً يثبت ما دل عليه هذا الاسم من الصفة وهي السمع فنثبت لله سمعاً عاماً شاملاً لا يخفى عليه أي صوت وإن ضعف.
كما نثبت أيضاً أثر هذه الصفة وهي أن الله تبارك وتعالى يسمع كل شيء وبهذا ننتفع انتفاعاً كبيراً من أسماء الله لأنه يلزم من هذه الأمور الثلاثة التي أثبتناها في الاسم إذا كان متعدياً أن نتعبد الله بها فنحقق قول الله عز وجل:] ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها [(4).
فأنت إذا آمنت بأن الله يسمع فإنك لن تسمع ربك ما يغضبه عليك لن تسمعه إلا ما يكون به راضياً عنك لأنك تؤمن أنك مهما قلت من قول سواء كان سراً أم علناً فإن الله تبارك وتعالى يسمعه، وسوف ينبئك بما كنت تقول في يوم القيامة، وسوف يحاسبك على ذلك على حسب ما تقتضيه حكمته في كيفية من يحاسبهم تبارك وتعالى، إذاً القاعدة عند أهل السنة والجماعة أن الاسم من أسماء الله إذا كان متعدياً فإنه لا يمكن تحقيق الإيمان به إلا بالإيمان بهذه الأمور الثلاثة:
1 - أن نؤمن به اسماً من أسماء الله فنثبته من أسمائه.
2 - أن نؤمن بما دل عليه من صفة.
3 - أن نؤمن بما يترتب على تلك الصفة من الأثر.
وبهذا يتحقق الإيمان بأسماء الله تبارك وتعالى المتعدية.
أما إذا كان الاسم لازماً فإنهم يثبتون هذا الاسم من أسماء الله، ويسمون الله به ويدعون الله به، ويثبتون ما دل عليه الاسم من صفة على الوجه الأكمل اللائق بالله تعالى، ولكن هنا لا يكون أثر، لأن هذا الاسم مشتق من شيء لا يتعدى موصوفه فلذلك لا يكون له أثر، ونضرب مثلاً بـ"الحي" فإن الحي من أسماء الله عز وجل، نثبته اسماً لله فنقول: من أسماء الله تعالى: "الحي" وندعو الله به فنقول: "يا حي، يا قيوم".
ونؤمن بما دل عليه من صفة، سواء كان ذلك تضمناً، أو التزاماً وهي الحياة الكاملة التي تتضمن كل ما يكون من صفات الكمال في الحي من علم، وقدرة، وسمع، وبصر، وكلام وغير ذلك، فعلى هذا نقول: إذا كان الاسم من أسماء الله غير متعد فإن تحقيق الإيمان به يكون بأمرين.
أحدهما: إثباته اسماً من أسماء الله.
والثاني: إثبات ما دل عليه من الصفة على وجه الكمال اللائق بالله تبارك وتعالى.
أما الصفات فإننا لا نصف الله إلا بما وصف به نفسه سواء ذكر الصفة وحدها بدون أن يتسمى بما دلت عليه، أو كانت هذه الصفة مما دلت عليها أسماؤه، فإنه يجب علينا أن نؤمن بهذه الصفة على حقيقتها مثال ذلك: أثبت الله تبارك وتعالى لنفسه أنه استوى على عرشه. وهو يخاطبنا بالقرآن النازل باللسان العربي المبين وكل الناس الذين لهم ذوق في اللغة العربية يعلمون معنى استوى في اللغة العربية ولهذا قال الإمام مالك رحمه الله تعالى وقد سئل عن قوله تعالى:] الرحمن على العرش استوى [(1) كيف استوى؟ فقال: "الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة". هذا هو اللفظ المشهور عنه واللفظ الذي نقل عنه بالسند قال: "الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة". وهذا اللفظ أدق من اللفظ الذي سقناه قبل، لأن كلمة "الكيف غير معقول" تدل على أنه إذا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(7/21)
انتفى عنه الدليلان النقلي والعقلي فإنه لا يمكن التكلم به.
هذه الصفة من صفات الله لم يرد اسم من أسماء الله مشتق منها فلم يرد من أسمائه المستوي، ولكننا نقول: إنه استوى على العرش ونؤمن بهذه الصفة على الوجه اللائق به ونعلم أن معنى الاستواء هو العلو، فهو علو خاص بالعرش، ليس العلو المطلق على جميع المخلوقات، بل هو علو خاص ولهذا نقول في قوله تعالى:] استوى على العرش [(1): أي علا واستقر على وجه يليق بجلاله وعظمته، وليس كاستواء الإنسان على البعير والكرسي مثلاً لأن استواء الإنسان على البعير والكرسي استواء مفتقر إلى مكانه الذي يستوي عليه، أما استواء الله جل ذكره فإنه ليس استواء مفتقر، بل إن الله تبارك وتعالى غني عن كل شيء، كل شيء مفتقر إلى الله، والله تبارك وتعالى غني عنه.
ومن زعم أنه بحاجة إلى عرش يقله فقد أساء الظن؟ بربه عز وجل فهو سبحانه وتعالى غير مفتقر إلى شيء من مخلوقاته، بل جميع مخلوقاته مفتقرة إليه، كذلك النزول إلى سماء الدنيا حينما يبقى ثلث الليل الآخر نؤمن به على أنه نزول حقيقي، لكنه يليق بالله عز وجل لا يشبه نزول المخلوقين، ومن هنا نقول إنه يجب على المؤمن أن يتحاشى أمراً يلقيه الشيطان في باله أمراً خطيراً للغاية ـ وهو أمر حمل أهل البدع على تحريف النصوص من أجل هذا الأمر الذي يجعله الشيطان في قلوب الناس ـ ألا وهو تخيل كيفية صفة من صفات الله، أو تخيل كيفية ذات الله عز وجل.
فاعلم أنه لا يجوز أبداً أن يتخيل كيفية ذات الله، أو كيفية صفة من صفاته، واعلم أنك إن تخيلت أو حاولت التخيل فإنك لابد أن تقع في أحد محذورين:
إما التحريف والتعطيل، وإما التمثيل والتشبيه ولهذا يجب عليكم أيها الإخوة أن لا تتخيلوا أي شيء من كيفية صفات الله عز وجل، لا أقول: لا تثبتوا المعنى لأن المعنى يجب أن يثبت لكن تخيل كيفية تلك الصفة لا يمكن أن تتخيلها وعلى أي مقياس تقيس هذا التخيل.
لا يمكن أبداً أن تتخيل كيفية صفات الله عز وجل لا بالتقدير ولا بالقول يجب عليك أن تتجنب هذا لأنك تحاول ما لا يمكن الوصول إليه بل تحاول ما يخشى أن يوقعك في أمر عظيم لا تستطيع الخلاص منه إلا بسلوك التمثيل والتعطيل وذلك لأن الرب جلت عظمته لا يمكن لأحد أن يتخيله على كيفية معينة لأنه إن فعل ذلك فقد قفا ما ليس له به علم وقد قال الله تعالى:] ولا تقف ما ليس لك به علم [(2).
وإن تخيله على وصف مقارب بمثيل فقد مثل الله والله سبحانه وتعالى يقول:] ليس كمثله شيء وهو السميع البصير [(1).
وبهذا نعلم أن من أنكر صفات الله أنكرها لأنه تخيل أولاً، ثم قالوا: هذا التخيل يلزم منه التمثيل ثم حرفوا، ولهذا نقول: إن كل معطل ومنكر للصفات فإنه ممثل سبق تمثيله تعطيله. مثل أولاً وعطل ثانياً ولو أنه قدر الله حق قدره ولم يتعرض لتخيل صفاته سبحانه ما احتاج إلى هذا الإنكار وإلى هذا التعطيل.
ثانياً: طريقة أهل السنة والجماعة في عبادة الله
طريقتهم أنهم يعبدون الله، لله، وبالله، وفي الله.
أما كونهم يعبدون الله لله فمعنى ذلك الإخلاص يخلصون لله عز وجل لا يريدون بعبادتهم إلا ربهم لا يتقربون إلى أحد سواه، إنما يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه، ما يعبدون الله لأن فلاناً يراهم، وما يعبدون الله لأنهم يعظمون بين الناس، ولا يعبدون الله لأنهم يلقبون بلقب العابد لكن يعبدون الله لله.
وأما كونهم يعبدون الله بالله.
أي مستعينين به لا يمكن أن يفخروا بأنفسهم، أو أن يروا أنهم مستقلون بعبادتهم عن الله، بل هم محققون لقول الله تعالى:] إياك نعبد وإياك نستعين [(1).] فإياك نعبد [(2) يعبدون الله لله،] وإياك نستعين [(3) يعبدون الله بالله، فيستعينونه على عبادته تبارك وتعالى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(7/22)
وأما كونهم يعبدون الله في الله أي في دين الله، في الدين الذي شرعه على ألسنة رسله، وهم -أهل السنة والجماعة - في هذه الأمة يعبدون الله بما شرعه على لسان رسوله محمد، صلى الله عليه وسلم، لا يزيدون فيه ولا ينقصون منه، فهم يعبدون الله في الله في شريعته في دينه لا يخرجون عنه لا زيادة ولا نقصاً لذلك كانت عبادتهم هي العبادة الحقة السالمة من شوائب الشرك والبدع، لأن من قصد غير الله بعبادته فقد أشرك به، ومن تعبد الله بغير شريعته فقد ابتدع في دينه والله سبحانه وتعالى يقول:] وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة [(4).
فعبادتهم لله في دين الله لا يبتدعون ما تستحسنه أهواؤهم لا أقول:ما تستحسنه عقولهم لأن العقول الصحيحة لا تستحسن الخروج عن شريعة الله لأن لزوم شريعة الله مقتضى العقل الصريح، ولهذا كان الله سبحانه وتعالى ينعي على المكذبين لرسوله عقولهم ويقول:] بل أكثرهم لا يعقلون [.
لو كنا نتعبد لله بما تهواه نفوسنا وعلى حسب أهوائنا لكنا فرقاً وشيعاً كل يستحسن ما يريد فيتعبد لله به وحينئذ لا يتحقق فينا وصف الله سبحانه وتعالى في قوله:] وإن هذه أمتكم أمة واحدة [(5).
ولننظر إلى هؤلاء الذين يتعبدون لله بالبدع التي ما إذاً الله بها ولا أنزل بها من سلطان، كيف كانوا فرقاً يكفر بعضهم بعضاً ويفسق بعضهم بعضاً، وهم يقولون: إنهم مسلمون لقد كفر بعض الناس بعضاً في أمور لا تخرج الإنسان إلى الكفر ولكن الهوى أصمهم وأعمى أبصارهم.
نحن نقول إننا إذا سرنا على هذا الخط لا نعبد الله إلا في دين الله فإننا سوف نكون أمة واحدة، لو عبدنا الله تعالى بشرعه وهداه لا بهوانا لكنا أمة واحدة فشريعة الله هي الهدى وليست الهوى.
إذاً لو أن أحداً من أهل البدع ابتدع طريقة عقدية (أي تعود للعقيدة) أو عملية (تعود إلى العمل) من قول أو فعل، ثم قال: إن هذه حسنة. والنبي، صلى الله عليه وسلم، يقول: "من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة". قلنا له بكل بساطة: هذا الحسن الذي ادعيت أنه ثابت في هذه البدعة هل كان خافياً لدى الرسول، عليه الصلاة والسلام، أو كان معلوماً عنده لكنه كتمه ولم يطلع عليه أحد من سلف الأمة حتى ادخر لك علمه؟!
والجواب: إن قال بالأول فشر وإن قال بالثاني فأطم وأشر.
فإن قال: إن الرسول، عليه الصلاة والسلام لا يعلم حسن هذه البدعة ولذلك لم يشرعها.
قلنا: رميت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بأمر عظيم حيث جهلته في دين الله وشريعته.
وإن قال:إنه يعلم ولكن كتمه عن الخلق.
قلنا له: وهذه أدهى وأمر لأنك وصفت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، الذي هو الأمين الكريم وصفته بالخيانة وعدم الجود بعلمه، وهذا أشر من وصفه بعدم الجود بماله، مع أنه، صلى الله عليه وسلم، كان أجود الناس، وهنا شر قد يكون احتمالاً ثالثاً بأن الرسول، صلى الله عليه وسلم، علمها وبلغها ولكن لم تصل إلينا، فنقول له:وحينئذ طعنت في كلام الله عز وجل لأن الله تعالى يقول:] إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون [(1) وإذا ضاعت شريعة من شريعة الذكر فمعنى ذلك أن الله لم يقم بحفظه بل نقص من حفظه إياه بقدر ما فات من هذه الشريعة التي نزل من أجلها هذا الذكر.
وعلى كل حال فإن كل إنسان يبتدع ما يتقرب به إلى ربه من عقيدة أو عمل قولي أو فعلي فإنه ضال لقول رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "كل بدعة ضلالة" وهذه كلية عامة لا يستثنى منها شيء إطلاقاً فكل بدعة في دين الله فإنها ضلالة وليس فيها من الحق شيء فإن الله تعالى يقول:] فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون [(2).
ثم نقول: إن الحديث لا يدل على كل بدعة بل قال: "من سن في الإسلام" وما خرج عن شريعة الرسول ليس من الإسلام بل قد قال: "من سن في الإسلام سنة حسنة" وبهذا نعرف أنه لابد أن تكون هذه السنة مما أثبته الإسلام وإلا ليست سنة في الإسلام ومن علم سبب الحديث الذي ذكرناه علم أن المراد بالسنة المبادرة بالعمل أو السبق إلى تنفيذ سنة كان أسبق الناس بها لأن سبب الحديث معلوم وهو أن جماعة جاؤوا إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، وكانوا فقراء فحث المسلمين على التصدق عليهم فأتى رجل من الأنصار بصرة قد أثقلت يده فوضعها بين يديه، صلى الله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(7/23)
عليه وسلم، فقال: "من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها". وبهذا عرفنا المراد أن من سنها ليس من شرعها لكن من عمل بها أولاً لأنه بذلك أي بعمله أولاً يكون هو إماماً للناس فيها فيكون قدوة خير وحسنة فيكون له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة.
ولا يرد على ذلك ما ابتدع من الوسائل الموصلة إلى الأمور المشروعة فإن هذه وإن تلجلج بها أهل البدع وقعدوا بها بدعهم فإنه لا نصيب لهم منها، إلا أن يكون الراقم على الماء له نصيب من الحروف بارزة في الماء.
أقول:إن بعض الناس يستدلون على تحسين بدعهم التي ابتدعوها في دين الله والتي يلزم منها ما سبق ذكره بما أحدث من الوسائل لغايات محمودة.
احتجوا على ذلك بجمع القرآن، وبتوحيده في مصحف واحد وبالتأليف، وببناء دور العلم وغير ذلك مما هو وسائل لا غايات، فهناك فرق بين الشيء الذي يكون وسيلة إلى غاية محمودة مثبتة شرعاً لكنها لا تتحقق إلا بفعل هذه الوسيلة فهذه الوسيلة طبعاً تتجدد بتجدد الزمن وتختلف باختلاف العصور، ها هو قوله عز وجل:] وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة [(1) وإعداد القوة على عهده عليه الصلاة والسلام غير إعداد القوة في زمننا هذا فإذا ما أحدثنا عملاً معيناً نتوصل به إلى إعداد القوة فإن هذه بدعة وسيلة وليست بدعة غاية يتقرب بها إلى الله ولكنها بدعة وسيلة، ومن القواعد المقررة عند أهل العلم أن للوسائل أحكام المقاصد وبهذا نعرف أن ما تلجلج به مبتدع الحوادث في دين الله باستدلالهم بمثل هذه القضايا أنه ليس لهم فيها دليل أبداً لأن كل ما حصل فهو وسائل لغايات محمودة.
فجمع القرآن والتصنيف وما أشبه ذلك كله وسائل لغايات هي مشروعة في نفسها فيجب على الإنسان أن يفرق بين الغاية والوسيلة فما قصد لذاته فقد تم تشريعه من عند الرسول عليه الصلاة والسلام بما أوحاه الله إليه من الكتاب العظيم ومن السنة المطهرة ولدينا ولله الحمد آية نتلوها في كتاب الله. وهي قوله تعالى:] اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً [(1) فلو كان في المحدثات ما يكمل به الدين لكانت قد شرعت وبينت وبلغت وحفظت، ولكن ليس فيها شيء يكون فيه كمال الدين بل نقص في دين الله.
قد يقول بعض الناس: إننا نجد في هذه الحوادث نجد عاطفة دينية ورقة قلبية واجتماعاً عليها فنقول:إن الله تعالى أخبر عن الشيطان أنه قال:] ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم [(2) يزينها الشيطان في قلب الإنسان ليصده عما خلق له، عن عبادة الله التي شرع فترضخ النفس بواسطة تسلط الشيطان على المرء حتى يصده عن دين الحق، وقد أخبر الرسول، صلى الله عليه وسلم، بأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، بل في القرآن قبل ذلك. قال الله تعالى:] إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون. إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون [(3) فجعل الله للشيطان سلطاناً على من تولاه وأشرك به أي جعل لله شريكاً به بواسطة الشيطان وكل من جعل له متبوعاً في بدعة من دين الله فقد أشرك بالله عز وجل وجعل هذا المتبوع شريكاً لله تعالى في الحكم.
وحكم الله الشرعي والقدري لا شريك له فيه أبداً] إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه [(4) وركزت على هذا الأمر لكي يعلم أهل الإحداث المحدثون أنه لا حجة لهم فيما أحدثوه، واعلم رحمك الله أنه لا طريق إلى الوصول إلى الله عز وجل وإلى دار كرامته إلا من الطريق الذي وضعه هو سبحانه وتعالى على لسان رسوله، صلى الله عليه وسلم.
] لله المثل الأعلى [لو أن ملكاً من الملوك فتح باباً للدخول عليه وقال: من أراد أن يصل إلي فليدخل من هذا الباب فما ظنكم بمن ذهب إلى أبواب أخرى هل يصل إليه. كلا بالطبع.
والملك العظيم، ملك الملوك، وخالق الخلق جعل طريقاً إليه خاصاً بما جاءه به رسله وعلى رأسهم خاتمهم محمد، صلى الله عليه وسلم، الذي بعد بعثه لا يمكن لأي بشر أن ينال السعادة إلا من طريقه، صلى الله عليه وسلم.
والحقيقة أن تعظيم الرسول، صلى الله عليه وسلم، وأن الأدب مع الرسول، صلى الله عليه وسلم، أن نسلك ما سلك، ونذر ما ترك، وأن لا نتقدم بين يديه فنقول في دينه ما لم يقل، أو نحدث في دينه ما لم يشرع.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(7/24)
هل من محبة الرسول عليه الصلاة والسلام وتعظيمه أن نحدث في دينه شيئاً يقول هو عنه: "كل بدعة ضلالة". ويقول: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد". هل هذا من محبة الرسول؟! هل هذا من محبة الله عز وجل؟! أن تشرع في دين الله مالم يشرع؟] قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم [(1)
ثالثاً: طريقة أهل السنة والجماعة في حق الرسول صلى الله عليه وسلم
من المعلوم أنه لا يتم الإسلام إلا بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، والشهادة لا تتحقق إلا بثلاثة أمور:
1 - عقيدة في القلب.
2 - نطق في اللسان.
3 - عمل في الأركان.
ولهذا يقول المنافقون للرسول عليه الصلاة والسلام إذا جاؤوه: نشهد إنك لرسول الله. ويقول الباري جل ذكره فيهم:] والله يشهد إن المنافقين لكاذبون [(1) لماذا؟ لأن هذه الشهادة فقد منها أعظم ركن فيها وهو العقيدة فهم يقولون بألسنتهم ما لا يعتقدونه في قلوبهم، فمن قال: أشهد أن محمداً رسول الله ولكن قلبه خال من هذه الشهادة فإنه لم يحقق شهادة أن محمداً رسول الله.
ومن اعتقد ذلك ولم يقله بلسانه فإنه لم يحقق شهادة أن محمداً رسول الله.
ومن قال ذلك لكن لم يتبعه في شريعته فإنه لم يحقق شهادة أن محمداً رسول الله. وكيف تخالفه وأنت تعتقد بأنه رسول رب العالمين وأن شريعة الله هو ما جاء به؟ .
كيف تقول: إنك شهدت أن محمداً رسول الله على وجه التحقيق. لهذا نعتقد أن كل من عصى الله ورسوله فإنه لم يحقق شهادة أن محمداً رسول الله.
لست أقول: إنه ما يشهد ولكنه لم يحقق وقد نقص من تحقيقه إياه بقدر ما حصل منه من مخالفة.
إذاً طريقة أهل السنة والجماعة في حق رسول الله عليه الصلاة والسلام الشهادة له بقلوبهم، وألسنتهم، وأعمالهم أنه رسول الله كذلك أيضاً يحبونه حب تقدير وتعظيم حباً تابعاً لمحبة الله عز وجل.
وليسوا يحبونه من باب التعبد له بمحبته لأن الرسول عليه الصلاة والسلام يتعبد لله به ـ أي بشرعه ـ ولكنه لا يعبد هو.
فهم يحبون الرسول عليه الصلاة والسلام لأنه رسول رب العالمين. ومحبتهم له من محبة الله تبارك وتعالى، ولولا أن الله أرسل محمد بن عبدالله القرشي الهاشمي لكان رجلاً من بني هاشم لا يستحق هذه المرتبة التي استحقها بالرسالة.
إذاً نحن نحبه ونعظمه لأننا نحب الله ونعظمه فمن أجل أنه رسول الله وأن الله تبارك وتعالى هدى به الأمة حينئذ نحبه فالرسول عليه الصلاة والسلام عند أهل السنة والجماعة محبوب، لأنه رسول رب العالمين، ولا شك أنه أحق الناس، بل أحق الخلق وأجدرهم بتحمل هذه الرسالة العظيمة عليه الصلاة والسلام.
كذلك أيضاً يعظمون الرسول عليه الصلاة والسلام حق التعظيم ويرون أنه أعظم الناس قدراً عند الله عز وجل.
لكن مع ذلك لا ينزلونه فوق منزلته التي أنزله الله، يقولون: إنه عبد الله، بل هو أعبد الناس لله عز وجل حتى إنه يقوم حتى تتورم قدماه فيقال: كيف ذلك وقد غفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر فيقول: "أفلا أحب أن أكون عبداً شكوراً".
من يحقق العبادة كتحقيق الرسول عليه الصلاة والسلام ولهذا قال: "إني والله أخشاكم لله وأعلمكم بما أتقى". فهو بلا شك أعظم العابدين عبادة وأشدهم تحقيقاً لها صلى الله عليه وسلم، ولهذا حين تحدث عن البصل والكراث قال المسلمون: حرمت فقال: "أيها الناس إنه ليس لي تحريم ما أحل الله".
انظروا إلى هذا الأدب مع الله عز وجل هكذا العبودية، ولهذا هم يقولون: إن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عبد من عباد الله، وهو أكمل الناس في عبوديته لله.
ويؤمنون أيضاً بأن الرسول، صلى الله عليه وسلم، لا يعلم الغيب إلا ما أطلعه الله عليه لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً ولا لغيره والله تعالى قد أمره أن يبلغ ذلك إلى الأمة فقال:] قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك [(1).
وما هي وظيفته] إن أتبع إلا ما يوحى إلي [. ومن زعم أن الرسول عليه الصلاة والسلام يعلم شيئاً من الغيب غير ما أطلعه الله عليه فهو كافر بالله ورسوله، لأنه مكذب لله ورسوله.
فإن الرسول أمر أن يقول وقال، قال قولاً يتلى إلى يوم القيامة قوله:] قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك [.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(7/25)
وبمناسبة هذه الآية الكريمة أود أن أقول: إن القرآن الكريم أحياناً تصدر الأخبار فيه بكلمة
] قل [وكل شيء صدر بهذه الكلمة معناه أن الله سبحانه وتعالى اعتنى به عناية خاصة لأن الرسول، عليه الصلاة والسلام، قد أمر أن يقول كل القرآن.] يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك [(2) لكن هذا الذي خص بكلمة] قل [فيه عناية خاصة استحق أن يصدر بالأمر بالتبليغ على وجه الخصوص، مثل هذه الآية ومثلها في الأحكام] قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم [(1)] وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن [(2) والأمثلة كثيرة في القرآن. إذاً الرسول، عليه الصلاة والسلام لا يعلم الغيب إلا ما أطلعه الله ولا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً بل ولا لغيره أيضاً] قل إني لا أملك لكم ضراً ولا رشدا ً [(3).] قل إني لن يجيرني من الله أحد [(4) لو أراد الله بي شيئاً ما أجارني أحد منه ولن أجد من دونه ملتحداً.
ويعتقدون أن الرسول عليه الصلاة والسلام، بشر ليس له من شؤون الربوبية شيء ولا يعلم الغيب إلا ما أطلعه الله عليه حتى إنه عليه الصلاة والسلام يسأل أحياناً عن شيء من الأحكام الشرعية فيتوقف حتى يأتيه الوحي، حتى إنه أحياناً يصدر القول فيأتيه الاستثناء أو الاستدراك من عند الله عز وجل فقد سئل عليه الصلاة والسلام عن الشهادة هل تكفر كل شيء؟ فقال: "نعم". ثم قال: "أين السائل؟ " فقال: "إلا الدين أخبرني بذلك جبريل آنفاً". أحياناً يجتهد عليه الصلاة والسلام ولكن يأتيه الوحي من الله عز وجل بأن الخير في كذا وكذا خلاف ما اجتهد فيه صلى الله عليه وسلم. إذاً الرسول عليه الصلاة والسلام عبد عابد لله عز وجل وليس له من شؤون الربوبية شيء هذا هو قول أهل السنة والجماعة في رسول الله صلى الله عليه وسلم.
يعتقد أهل السنة والجماعة أيضاً أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بشر تجوز عليه كل الخصائص البشرية والجسدية فينام، ويأكل، ويشرب، ويمرض، ويتألم، ويحزن، ويرضى، ويغضب عليه الصلاة والسلام، ويموت كما يموت الناس.] إنك ميت وإنهم ميتون. ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون [(5)] وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً [(6) ولا ريب أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قد مات ميتة جسدية فارقت روحه جسده فيها، وقام أهله وأصحابه بما يقومون به في غيره من شؤون الموتى، سوى أنه عليه الصلاة والسلام لم يجرد عند تغسيله والمعروف أنه لم يصل عليه جماعة إنما كان الناس يصلون عليه أفراداً لأنه الإمام عليه الصلاة والسلام.
ومن زعم أنه حي في قبره حياة جسدية لا حياة برزخية وأنه يصلي ويصوم ويحج وأنه يعلم ما تقوله الأمة وتفعله فإنه قد قال قولاً بلا علم.
فالرسول عليه الصلاة والسلام انقطع عمله بموته كما قال هو نفسه: "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له".
فعمله الذي يعمله بنفسه انقطع بموته ولكن لا شك أن كل علم علمناه من شريعة الله فإنه بواسطته عليه الصلاة والسلام وحينئذ فيكون منتفعاً من كل هذه العلوم التي علمناها بعد موته صلى الله عليه وسلم،وكذلك الأعمال الصالحة التي نعملها كانت بدلالته صلى الله عليه وسلم، فيكون له مثل أجر العاملين.
رابعاً: طريقة أهل السنة والجماعة في حق الصحابة رضي الله عنهم
أهل السنة والجماعة يعرفون للصحابة قدرهم، وأنهم خير القرون بشهادة النبي، صلى الله عليه وسلم، فإنه صلى الله عليه وسلم، قال فيما ثبت عنه من حديث عمران بن حصين: "خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم" فالصحابة خير هذه الأمة بلا شك ولكنهم على مراتب بعضهم أفضل من بعض.
قال الله تعالى:] لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلاً وعد الله الحسنى [(1) وقال الله تعالى:] لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم [(2).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(7/26)
ولكن هذه المراتب وهذه الفضائل يجب أن نعرف أن الواحد فيهم له مرتبة على الإطلاق وله مرتبة خاصة. أي أنه قد يكون أفضل من غيره على سبيل العموم والإطلاق ويكون في غيره خصلة هو أفضل منه فيها وأهل السنة والجماعة يقولون: إن أفضل الصحابة الخلفاء الأربعة، وأفضلهم أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي يرتبونهم في الفضل حسب ترتيبهم في الخلافة، ولكن لا يلزم من كون أبي بكر أفضل الصحابة ألا يتميز أحد من الصحابة عن أبي بكر بمنقبة خاصة.
وقد يكون لعلي بن أبي طالب منقبة ليست لأبي بكر، وقد يكون لعمر منقبة ليست لأبي بكر، كذلك قد يكون لعثمان، ولكن الكلام على الفضل المطلق والمرتبة الكلية العامة فإن مراتب الصحابة تختلف اختلافاً اتفق عليه أهل السنة والجماعة وهو دلالة القرآن، ودلالة السنة أيضاً.
فإن خالد بن الوليد وعبد الرحمن بن عوف تنازعا في أمر فقال النبي، صلى الله عليه وسلم، لخالد: "لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه".
كذلك أيضاً أهل السنة والجماعة يقولون: إن بعض الصحابة له مزية ليست لغيرهم فيجب أن ننزلهم في منازلهم، فإذا كان الصحابي من آل بيت الرسول عليه الصلاة والسلام كعلي بن أبي طالب، وحمزة، والعباس، وابن عباس وغيرهم فإننا نحبه أكثر من غيره من حيث قربه من الرسول عليه الصلاة والسلام، لا على سبيل الإطلاق. فنعرف له حقه بقرابته من رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ولكنه لا يلزم من ذلك أن نفضله على غيره تفضيلاً مطلقاً ممن له قدم راسخ في الإسلام أكثر من هذا القريب من الرسول صلى الله عليه وسلم، لأن المراتب والفضائل هي صفات يتميز الإنسان بصفة منها لا يتميز بها الآخر.
وأهل السنة والجماعة في آل البيت لا يغلون غلو الروافض، ولا ينصبون العداوة لهم نصب النواصب، ولكنهم وسط بين طرفين، يعرفون لهم حقهم بقرابتهم من الرسول عليه الصلاة والسلام، ولكنهم لا يتجاوزون بهم منزلتهم.
خامساً: طريقة أهل السنة والجماعة في حق الأولياء والأئمة
أئمة هذه الشريعة الإسلامية ولله الحمد أئمة مشهورون أثنت عليهم الأمة وعرفت لهم قدرهم، ولكنها لا تعتقد فيهم العصمة، فليس عند أهل السنة والجماعة أحد معصوم من الخطأ ولا من الإقرار على الخطأ. إلا الرسول عليه الصلاة والسلام فإنه معصوم من الإقرار على الخطأ. أما غيره مهما بلغت إمامته فإنه ليس معصوماً أبداً، كل يخطئ وكل يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، الذي أمرنا الله تعالى بطاعته على الإطلاق.
فهم يقولون لا شك أن في هذه الأمة أئمة، ولا شك أن فيها أولياء ولكننا لا نريد بذلك أن نثبت العصمة لأحد من هؤلاء الأئمة، ولا أن نثبت لأحد من الأولياء أنه يعلم الغيب أو يتصرف في الكون، وهم أيضاً لا يجعلون الولي من قال عن نفسه: إنه ولي أو أتى بالدعايات الباطلة لأجل أن يجلب الناس إليه يقولون: إن الولي بينه الله تعالى بقوله:
] ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. الذين آمنوا وكان يتقون [(1) هؤلاء الأولياء: الذين آمنوا، وكانوا يتقون. فالإيمان: العقيدة. والتقوى: العمل قولاً كان أو فعلاً، وأخذ شيخ الإسلام من هذه الآية عبارة طيبة وهي قوله: "من كان مؤمناً تقياً كان لله ولياً". هذا الولي حقيقة، لا الولي الذي يجلب الناس إليه، ويجمع الحاشية ويقول: أنا أفعل ويستعين بالشياطين على معرفة الخفي، ثم يبهر الناس بما يقول فيقولون: هذا ولي. لا لأن الولاية تكون باتباع الرسول عليه الصلاة والسلام، وبإيمانه وتقواه. فإن كان مؤمناً تقياً فهو ولي.
ولكن هؤلاء الأولياء أيضاً لا يلزم في كل ولي أن يجعل الله له كرامة فما أكثر الأولياء الذين لا كرامة لهم، لأن الكرامة في الغالب لا تأتي إلا لنصر حق أو دفع باطل لا لتثبيت شخص بعينه فلا يلزم إذاً أن يكون لكل ولي كرامة. قد يحيا الولي ويموت وليس له كرامة وقد يكون له كرامات متعددة وهذه الكرامات كما قال أهل العلم كل كرامة لولي فإنها آية للنبي الذي اتبعه، ولا أقول: "معجزة" لأن الأولى أن تسمى آية، لأن هذا التعبير القرآني والآية أبلغ من المعجزة لأن الآية معناها العلامة على صدق ما جاء به هذا الرسول، والمعجزة قد تكون على يد مشعوذ أو على يد إنسان قوي يفعل ما يعجز عنه غيره، لكن التعبير
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(7/27)
بـ"الآية" أبلغ وأدق وهي التعبير القرآني فنسمي المعجزات بالآيات هذا هو الصواب.
يوجد أناس حسب ما نسمع في هذه الأمة يدعون أنهم أولياء ولكن من تأمل حالهم وجد أنهم بعيدون عن الولاية، وأنه لا حظ لهم فيها لكن لهم شياطين يعينونهم على ما يريدون فيخدعون بذلك البسطاء من الناس.
سادساً: طريقة أهل السنة والجماعة في
إصلاح المجتمع
يرى أهل السنة والجماعة أن المجتمع الإسلامي لا يكمل صلاحه إلا إذا تمشى مع ما شرعه الله سبحانه وتعالى له، ولهذا يرون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والمعروف: كل ما عرفه الشرع وأقره، والمنكر: كل ما أنكره الشرع وحرمه فهم يرون أن المجتمع الإسلامي لا يصلح إلا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. لأننا لو فقدنا هذا المقوم لحصل التفرق، كما يشير إليه قول الله عز وجل:] ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون. ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم [(1).
وهذا المقوم وللأسف في هذا الوقت ضاع أو كاد لأنك لا تجد شخصاً يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر حتى في المحيط القليل المحصور إلا ما ندر.
وإذا ترك الناس هكذا كل إنسان يعمل ما يريد تفرق الناس ولكن إذا تآمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكرصاروا أمة واحدة ولكن لا يلزم إذا رأيت أمراً معروفاً أن يكون معروفاً عند غيرك، إلا في شيء لا مجال للاجتهاد فيه إنما ما للاجتهاد فيه مجال فقد أرى أن هذا من المعروف ويرى الآخر أنه ليس منه وحينئذ يكون المرجع في ذلك كتاب الله وسنة رسوله، صلى الله عليه وسلم.
] فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر [(2) ولكن طريقة أهل السنة والجماعة في هذا الباب العظيم الذي فضلت فيه هذه الأمة على غيرها أنهم يرون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من مقومات المجتمع الإسلامي ولكنه يحتاج إلى أمور:
أولاً: أن يكون الإنسان عالماً بالحكم بحيث يعرف أن هذا معروف وأن هذا منكر، أما أن يأتي عن جهل ثم يأمر بشيء يراه معروفاً في ظنه وهو ليس بمعروف فهذا قد يكون ضره أكبر من نفعه، لذلك لو فرضنا شخصاً تربى في مجتمع يرون أن هذه البدعة معروف ثم يأتي إلى مجتمع جديد غيره يجدهم لا يفعلونها فيقوم وينكر عليهم عدم الفعل ويأمرهم بها فهذا خطأ، فلا تأمر بشيء إلا حيث تعرف أنه معروف في شريعة الله، ليس بعقيدتك أنت وما نشأت عليه فلابد من معرفة الحكم وأن هذا معروف حتى تأمر به وكذلك المنكر.
ثانياً: لابد أن تعلم أن هذا المعروف لم يفعل، وأن هذا المنكر قد فعل، وكم من إنسان أمر شخصاً بمعروف فإذا هو فاعله فيكون في هذا الأمر عبئاً على غيره وربما يضع ذلك من قدره بين الناس.
وإذا رأينا هدي النبي، صلى الله عليه وسلم، وجدنا أن هذه طريقته دخل رجل يوم الجمعة والنبي، صلى الله عليه وسلم، يخطب وجلس فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: "أصليت؟ " قال: لا. قال: "فقم فصل ركعتين" صلاة الركعتين لداخل المسجد من المعروف ولا شك ولكن الرسول، عليه الصلاة والسلام ما أمره به مباشرة حتى علم أنه لم يفعله فأنت قد تأمر هذا الرجل أن يفعل شيئاً، وإذا هو قد فعله فتتسبب إلى التعجل وعدم التريث وتحط من قدرك ولكن اسأل وتحقق إذا لم يفعل حينئذ تأمر به.
وكذلك أيضاً بالنسبة للمعاصي فبعض الناس قد ينهى شخصاً عما يراه منكراً وليس بمنكر.
مثال ذلك:
رأيت رجلاً يصلي الفريضة وهو جالس فنهيته بأنه ليس له حق أن يصلي وهو جالس. فهذا غير صحيح لكن اسأل أولاً لماذا جلس، قد يكون له عذر في جلوسه وأنت لا تعلم حينئذ تكون متسرعاً ويكون ذلك ناقصاً من قدرك، هذا أمر أيضاً لابد منه: أن تعرف الحكم الشرعي، وأن تعرف الحال التي عليها المأمور والمنهي حتى تكون على بصيرة من أمرك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(7/28)
ثالثاً: أن لا يترتب على فعل المعروف ما هو منكر أعظم مفسدة من منفعة المعروف، فإن ترتب على فعل المعروف منكر هو أشد ضرراً من المنفعة الحاصلة بهذا المعروف فإن درء المفاسد أولى من جلب المصالح، وهذه الكلمة المعروفة هي القاعدة التي دل عليها القرآن ليست أيضاً على إطلاقها أي إنه ليست كل مفسدة درؤها أولى من جلب مصلحة، بل إذا تكافأت مع المصلحة فدرء المفسدة أولى، وإذا كانت أعظم من المصلحة فدرء المفسدة أولى، والله سبحانه وتعالى يقول:] ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم [(1) فسب آلهة المشركين كل يعلم أنه مصلحة وأن فيه خيراً لكن إذا تضمنت هذه المصلحة ما هو أنكر ـ وأنكر من باب التفاضل الذي ليس في الطرف الآخر منه شيء ـ إذا تضمن مفسدة عظيمة فإنها تترك، لأننا إذا سببنا آلهتهم ونحن نسبها بحق سبوا الله عدواً بغير علم.
فهذه نقطة ينبغي أن نتفطن لها عند الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أما إذا كانت المفسدة تنغمر في جانب المصلحة، فإننا نفضل المصلحة ولا يهمنا وهذا عليه شيء كثير من أحكام الله الشرعية والكونية.
فمثلاً هذا المطر الذي ينزل وفيه مصلحة عامة لكن فيه ضرراً على إنسان بنى سقفه الآن وجاء المطر فأفسده لكن هذه المفسدة القليلة منغمرة في جانب المصلحة العامة. وهكذا أيضاً الأحكام الشرعية كالأحكام الكونية وهذا أمر ينبغي التنبه له، وهو أننا قد لا يكون من المصلحة أن ننهى عن هذا المنكر لأنه يتضمن مفسدة أكبر ولكننا نتريث حتى تتم الأمور.
ولهذا جاءت الشريعة الإسلامية بالتدرج في التشريع حتى يقبلها الناس شيئاً فشيئاً، وهكذا المنكر لابد أن نأخذ الناس فيه بالمعالجة حتى يتم الأمر هذه هي الثلاثة الأمور:
1 - العلم بالحكم.
2 - العلم بالحال.
3 - أن لا يترتب على فعل المعروف منكر أعظم مفسدة.
سابعاً: قول أهل السنة والجماعة في الإيمان
الإيمان حقيقته عند أهل السنة والجماعة هي: "اعتقاد القلب، وقول اللسان، وعمل الجوارح". ويستدلون لقولهم هذا بقول النبي، صلى الله عليه وسلم: "إن الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان". فالقول قول اللسان: "لا إله إلا الله" وعمل الجوارح وعمل القلب "الحياء" "وإماطة الأذى عن الطريق".
أما عقيدة القلب فقوله، صلى الله عليه وسلم: "الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره".
وهم أيضاً يقولون: إن الإيمان يزيد وينقص، فالقرآن قد دل على زيادته والضرورة العقلية تقتضي أن كل ما ثبت أنه يزيد فهو ينقص إذ لا تعقل الزيادة بدون نقص] ويزداد الذين آمنوا إيماناً [(1)] فأما الذين آمنوا فزادتهم إيماناً [(2) ولا شك في ذلك، ومتى قلنا: إن الإيمان قول وعمل فإنه لا شك أن الأقوال تختلف فليس من قال: "سبحان الله والحمد لله، والله أكبر" مرة كمن قالها أكثر، وكذلك أيضاً نقول: إن الإيمان الذي هو عقيدة القلب يختلف قوة وضعفاً وقد قال إبراهيم عليه الصلاة والسلام:] رب أرني كيف تحيي الموتى قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي [(3) فإنه ليس الخبر كالمعاينة والمشاهدة.
رجل أخبر بخبر أخبره رجل واحد حصل عنده شيء من هذا الخبر فإذا جاء ثان ازداد قوة فيه، وإذا جاءه الثالث ازداد قوة وهلم، وعليه نقول: الإيمان يزيد وينقص حتى في عقيدة القلب وهذا أمر يعلمه كل إنسان من نفسه، وأما من أنكر زيادته ونقصانه فإنه مخالف للشرع والواقع. فهو يزيد وينقص.
وبهذا تم ما أردنا الكلام عليه، والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
--------------------------------------------------------------------------------
(1) سورة النساء، الآية: 1.
(2) سورة الأحزاب، الآيتان: 70 - 71.
(1) سورة الأنعام، الآية: 159.
(1) سورة الأعراف، الآية: 33.
(2) سورة الإسراء، الآية: 36.
(3) سورة الأعراف، الآية: 180.
(4) سورة الأعراف، الآية: 180.
(1) سورة طه، الآية: 5.
(1) سورة الأعراف، الآية: 54.
(2) سورة الإسراء، الآية: 36.
(1) سورة الشورى، الآية: 11.
(1) سورة الفاتحة، الآية: 5.
(2) سورة الفاتحة، الآية: 5.
(3) سورة الفاتحة، الآية: 5.
(4) سورة البينة، الآية: 5.
(5) سورة المؤمنون، الآية: 52.
(1) سورة الحجر، الآية: 9.
(2) سورة يونس، الآية: 32.
(1) سورة الأنفال، الآية: 60.
(1) سورة المائدة، الآية: 3.
(2) سورة الأعراف، الآية: 17.
(3) سورة النحل، الآيتان: 99 - 100.
(4) سورة يوسف، الآية: 40.
(1) سورة آل عمران، الآية: 31.
(1) سورة المنافقون، الآية: 1.
(1) سورة الأنعام، الآية: 50.
(2) سورة المائدة، الآية: 67.
(1) سورة النور، الآية: 30.
(2) سورة النور، الآية: 31.
(3) سورة الجن، الآية: 21.
(4) سورة الجن، الآية: 22.
(5) سورة الزمر، الآيتان: 30 - 31.
(6) سورة آل عمران، الآية: 144.
(1) سورة الحديد، الآية: 10.
(2) سورة النساء، الآية: 95.
(1) سورة يونس، الآيتان: 62 - 63.
(1) سورة آل عمران، الآيتان: 104 - 105.
(2) سورة النساء، الآية: 59.
(1) سورة الأنعام، الآية: 108.
(1) سورة المدثر، الآية: 31.
(2) سورة التوبة، الآية: 124.
(3) سورة البقرة، الآية: 260.(7/29)
يا اخوان كتاب شرح السنة للبغوي
ـ[أبو عبد الله نضال المقدسي]ــــــــ[30 - 12 - 03, 03:02 م]ـ
يا ريت نجد عندكم هذا الكتاب(7/30)
شرح سنن ابن ماجه للدهلوي والسيوطي والكنكوهي
ـ[ w_salah] ــــــــ[30 - 12 - 03, 07:57 م]ـ
شرح سنن ابن ماجه
الدهلوي + السيوطي + الكنكوهي
ملاحظة: يحتوي على ثلاثة شروح
من مكتبة مشكاة الإسلامية
جزاهم الله خيراً
ونفعكم الله به
ـ[مركز السنة النبوية]ــــــــ[30 - 12 - 03, 10:03 م]ـ
جزاكم الله تعالى خيرا .. أنت وموقع المشكاة.
وأتمنى أن يغير العنوان إلى:
حمل شرح سنن ابن ماجه للدهلوي والسيوطي والكنكوهي
فإن هذا العنوان يلفت نظر القارئ لبقية الشروح؛ إذ إن أكثرهم حمل أو اقتنى شرح السيوطي والسندي، وصياغة العنوان هكذا تظهر بقية الشروح.
وإذا عجزت عن التصحيح؛ فاتصل بالمشرف. بارك الله فيك.(7/31)
فهرس شامل للخزانة (إالى 31 - 12 - 2003) الرجاء الاطلاع عليه قبل إضافة أي كتاب جديد
ـ[البحر الأحمر]ــــــــ[31 - 12 - 03, 08:46 ص]ـ
لقاء مع فضيلة الشيخ المحدّث: الشريف حاتم العوني ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=266)
الإجابة على الأسئلة الواردة من ملتقى أهل الحديث (المجموعة الأولى والثانية) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=1264)
لإجابة على الأسئلة الواردة من ملتقى أهل الحديث (المجموعة الأولى والثانية) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=463)
مذكرة في التخريج للشيخ الطواري ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=1463)
بحث في أحاديث المعازف: حجيتها وأثرها في الفقه الإسلامي ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=1464)
شبهات في مصطلح الحديث ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=1562)
مصطلح رواه الجماعة عند الحنابلة ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=1563)
الآثار المروية في صفة المعية ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=1564)
لباب الإعراب المانع من اللحن ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=1568)
تهمة الرواة بعض الشعراء الأعراب ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=1569)
جزء فيه حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=1570)
البيان والتبيين لضوابط ووسائل تمييز الرواة المهملين ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=1571)
فضل أبو بكر رضي الله عنه لإبن تيمية ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=1643)
حديث لا نكاح إلا بولي رواية و دراية ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=1645)
أحكام السواك ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=1692)
فقه الطلب ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=1735)
من آخر ماكتبه الدكتور عمر السبيل رحمة الله عليه ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=1739)
الوجور ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=1738)
حكم نقض الوضوء بأكل لحم الأبل ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=1646)
الإجابة على الأسئلة الواردة من ملتقى أهل الحديث ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=5466)
حكم تضمين الطبيب ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=1792)
العلامة مرعي الحنبلي ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=1794)
مسائل في الميراث ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=1795)
السلطة السياسية في التشريع الاسلامي ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=1827)
مرض القلوب و شفاؤها عند ابن تيمية و ابن القيم ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=1828)
إزالة الإشكال في صلاة الركعتين ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=1830)
الترخص بمسائل الخلاف ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=1832)
اللموع فيما يختاف الرجال و النساء في أحكام البيوع ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=1833)
التفريق بين الزوجين للغيبة ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=1834)
منهج مالك بن أنس في العمل السياسي ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=1836)
أثر الأيمان في الأخلاق ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=1837)
نحو علم لغة خاص بالعلوم الشرعية ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=1960)
الحجج البينات في تفسير بعض الايات ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=1966)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(7/32)
الروح القدس في عقيدة النصارى ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=1967)
القياس و مكانته في المنطق اليوناني ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=1968)
الكفر الأكبر ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=1969)
المباحث الغيبية ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=1970)
المباحث الفقهية المتعلقة بالمغتربين ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=1971)
حياة القائد بين القدوة و الاقتداء ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=1972)
دعاوى النصارى في مجيئ المسيح ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=1973)
قاعدة الايلام يعلو و لا يعلى ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=1974)
قول الفلاسفة المنتسبين للإسلام ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=1975)
هدي الصحابة ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=1976)
حديث أحفظ الله يحفظك دراسة عقدية ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=1993)
مقالات ومقدمات حول [منهج المتقدمين والمتأخرين في الصناعة الحديثية] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=2122)
أحاديث الأسراء و المعراج عرض و تحليل ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=2101)
أصول الحديث عند أبي حنيفة ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=2102)
الحكمة من رواية البخاري الحديث بالأسناد النازل ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=2103)
فلسفة المال عند الغزالي ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=2107)
الأدلة الشرعية لأثبات مس الشيطان للإنسان و الرد على المنكرين ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=2104)
ـ[البحر الأحمر]ــــــــ[31 - 12 - 03, 09:13 ص]ـ
الصوائف ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=2119)
المقامةالحديثية في منهج المتقدّمين ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=2194)
الأنوار الكاشفة للمعلمي ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=2220)
لقاء الملتقى بالشيخ الشريف حاتم العوني (صيغة وورد) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=2275)
كتاب الصلاة للإمام أحمد ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=2332)
اقرأوا هذا الكتاب الجديد الغريب ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=2333)
مقابلة مع الشيخ علي العمران في إذاعة القرآن الكريم ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=2335)
لقاء الملتقى بفضيلة الشيخ المحدّث عبدالله السعد (الأسئلة والأجوبة كاملة) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=2270)
لقاء الملتقى بالشيخ عبدالله السعد (صيغة وورد) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=2400)
دراسة هامة حول موقف الإمام الذهبي من الدولة العبيدية نسباً ومعتقداً ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=2392)
شرح القواعد المثلى ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=2464)
حراسة الفضيلة للشيخ بكر أبو زيد ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=2469)
الكرة بين المصالح والمفاسد لمشهور سلمان ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=2470)
متن الآجرومية ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=2471)
نونية القحطاني ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=2472)
بهجة قلوب الأبرار للشيخ عبدالرحمن السعدي ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=2474)
بهجة قلوب الأبرار للشيخ عبدالرحمن السعدي ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=2475)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(7/33)
شرح الطحاوية للشيخ صالح الفوزان ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=2480)
مصادر الحافظ ابن الفرضي ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=1567)
تفرد الثقة بالحديث بين المتقدمين والمتأخرين لـ د/ إبراهيم اللاحم ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=2447)
قواعد مهمة في أنكار المنكر من الكتاب و السنة ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=1644)
حكم الدين في عادة التدخين دراسة شرعية طبية ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=2608)
بعض أحكام المعوقين في الشريعة الإسلامية ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=2609)
وطء المرأة في الموضع الممنوع منه شرعاً دراسة حديثية فقهية طبية ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=2397)
لقاء المنتدى بفضيلة الشيخ محمد بن الأمين بوخبزة الحسني -حفظه الله- ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=3246)
موقف الطوائف من توحيد الاسماء و الصفات ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=2692)
زيادة الثقة ومايتصل بها من أنواع الحديث بقلم شيخنا حمزة بن عبدالله المليباري ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=2696)
" زيادة الثقة" بقلم الشيخ المليباري (صيغة وورد) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=2730)
تفضّل بأخذ نسختك من لقاء الملتقى بالشيخ الطريفي (صيغة وورد) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=2650)
شرح الممتع ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=2486)
موسوعة رواة الحديث (((حملها وانشرها))) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=2673)
كيف تخرج حديثا .. للدكتور محمد الخضير ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=2767)
اختصار علوم الحديث لابن كثير ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=2814)
سالة في الرد على الرافضة لمحمد بن عبدالوهاب ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=2816)
القواعد الفقهية نظم ابن عثيمين ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=2817)
ظم القواعد الفقهية للشيخ عبدالرحمن السعدي ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=2818)
كتاب كيف تشرح حديثا هام للدعاة الشيخ محمد الخضير ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=2843)
اخصر المختصرات لابن بلبان فقه حنبلي ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=2815)
ذكر من قال فيه البخاري (فيه نظر) بصيغة وورد ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=1479)
لقاء الملتقى بفضيلة الشيخ علي العمران (صيغة وورد) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=2891)
الأمالي أو المجلس لابن بابويه الرافضي ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=2901)
مخطوط حديثي نادر ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=2396)
حمل هذا الشرح الرائع المليء بالدرر لكشف الشبهات ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=2527)
كتاب الإيمان من فتح الباري لابن رجب الحنبلي ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=2903)
فرائد الفوائد والقواعد ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=2969)
شيوخ أبي داود ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=2971)
شيوخ بقي بن مخلد الأندلسي ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=2974)
المُسْتَخْرَجات ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=1565)
كليمات .. في منهج الموازنات ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=2990)
ـ[البحر الأحمر]ــــــــ[31 - 12 - 03, 09:56 ص]ـ
هل للتأليف الشرعي حق مالي؟ [ملف وورد] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?threadid=3022)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(7/34)
من هو محاور الإمام الشافعي في الأم؟ ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?threadid=3021)
كتاب رائع حمله ((منهج التلقي ... )) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?threadid=3053)
المقبول في مصطلح الحديث ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?threadid=2973)
تسع فوائد نفيسة في زيادات الثقات ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?threadid=3061)
لغات القبائل الواردة في القرآن الكريم (صيغة وورد) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?threadid=3067)
الصحيح في اسم كتاب ابن الصلاح ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?threadid=3072)
جوهرة نفيسة رواية الأرغياني لكتاب أسباب نزول القرآن ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?threadid=3088)
الفكر الإسلامي بين الإغتيال والنهوض ... بقلم: بنت الصالحين ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?threadid=2983)
على صدره: دراسة حديثية فقهية ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?threadid=3116)
حديث المسح على الجوربين دراسة نقدية ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?threadid=3139)
تحفة أقدمها لرواد المنتدى - جواب لابن تيمية لم ينشر من قبل ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?threadid=3117)
أمالي ابن فنجويه في فضل رمضان جزء لم يطبع خذه هدية ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?threadid=3130)
حديث المسح على الجوربين دراسة نقدية ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?threadid=3128)
أرجوزة تحفة الملا في مواضع كلا ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?threadid=3160)
كتاب / الشهادتان،، معناهما، وما تستلزمه كل منهما للشيخ (الجبرين) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?threadid=3192)
الذكر الجماعي بين الاتباع والابتداع ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?threadid=1572)
وفيات المؤلفين من المحدثين، هام جداً لمن يعمل بالتخريج ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?threadid=3241)
ها هي مقالتي بين أيديكم!! أرجو القراءة منكم ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?threadid=2992)
لقاء الملتقى بفضيلة الشيخ محمّد بوخبزة (صيغة وورد) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?threadid=3281)
دراسات تجديدية في أصول الحديث: التفرد ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?threadid=3242)
دراسة عروضية لمنظومة العراقي " التبصرة والتذكرة " ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?threadid=3345)
الآحاديث و الآثار الواردة في التسليم ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?threadid=3347)
إزالة الاشكال ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?threadid=3348)
الآحاديث الواردة في قنوت الفجر ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?threadid=3349)
الأحاديث و الآثار الواردة في سنة الجمعة القبلية ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?threadid=3350)
الأوقاف في العصر الحاضر كيف نوجهها ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?threadid=3351)
دراسة تحليلية لسيرة الحافظ العراقي ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?threadid=3373)
مصادر الواحدي في كتابه " أسباب نزول القرآن " ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?threadid=3376)
منظومة مباني الفقه المالكي ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?threadid=3387)
الجزرية في التجويد ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?threadid=3392)
( المنهج السليم في دراسة الحديث المُعَلّ) للدكتور علي الصيّاح ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?threadid=3433)
مناقشة الشيخ [حمزة المليباري] لأحد الأفاضل ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?threadid=3438)
كتاب [التبيان شرح نواقض الإسلام] للشيخ العلاّمة [سليمان العلوان] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?threadid=3455)
رفع الالتباس عن تنازع الوصي والعباس ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?threadid=2003)
دراسات تجديدية في أصول الحديث: الاضطراب والاختلاف ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?threadid=3471)
حكم التدليس وحكم من عرف به ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?threadid=3489)
حديث إدراك الجمعة: دراسة حديثية فقهية ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?threadid=3492)
شرح العقيدة الأصفهانية على ملف وورد ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?threadid=3359)
جلاء البصائر في الرد على كتابي شفاء الفؤاد والذخائر " للشيخ سمير المالكي ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?threadid=3512)
حديث النظر إلى الفرج: دراسة نقدية ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?threadid=3493)
" المداد المبرورة " ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?threadid=3520)
حديث وضع الخاتم دراسة نقدية ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?threadid=3490)
السخاوية في متشابهات الآيات القرآنية ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?threadid=3544)
تسمية من روي عنه من أولاد العشرة لابن المديني ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?threadid=3564)
عقد الدرر نظم نخبة الفكر ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?threadid=3545)
اعتقاد أهل السنه للإسماعيلي ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?threadid=3576)
شرح ((اختصار علوم الحديث))،، للشيخ المحدّث إبراهيم اللاحم ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?threadid=3579)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(7/35)
ـ[البحر الأحمر]ــــــــ[31 - 12 - 03, 10:25 ص]ـ
(زيادة الثقة) في كتب مصطلح الحديث،، للشيخ المحدّث (حمزة المليباري) حفظه الله ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?threadid=3603)
لقاءات الملتقى بالمشايخ الكرام بصيغة وورد ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=3609)
( المغني عن حمل الأسفار) للعراقي 1 - 6 ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=3570)
زيادة لفظة " وبركاته " في التسليم من الصلاة للشيخ سعيد المري القطري ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=3615)
قواعد مهمة في الأمر بالمعروف و انهي عن المنكر ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=3635)
رد خبر الواحد بما يسمى بالأنقطاع الباطن ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=3636)
من سب الصحابة و معاوية فأمه هاوية ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=3637)
حكم مس المصحف ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=3646)
أحكام السواك ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=3647)
أحاديث الاسراء و المعراج ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=3648)
اسئلة الكفر و الايمان ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=3649)
الترخص في مسائل الخلاف ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=3650)
تذكرة في منهج السلف ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=3672)
كتاب (النبوات) لشيخ الإسلام ابن تيميّة ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=15332)
مقالات ومقدمات حول [منهج المتقدمين والمتأخرين في الصناعة الحديثية] بصيغة وورد ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=2870)
مجمع الزوائد للحافظ الهيثمي رحمه الله 1 - 10 ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=3710)
الولاء والبراء في الإسلام للشيخ الدكتور محمد سعيد القحطاني ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=3762)
شرح الاصول الثلاثة للشيخ ابن عثيمين على ملف وورد ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=3763)
[ تفسير سورة الفاتحة والإخلاص والمعوذتين] للإمام محمد بن عبد الوهاب ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=3782)
صحة أصول مذهب أهل المدينة لابن تيمية ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=3805)
تعريف موجز بمكتبة كوبيرلي (كوبيرلو) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=3827)
نماذج من تحقيقي أسباب نزول القرآن للواحدي رواية الأرغياني ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=3760)
حوار مع الشيخ ممدوح الحربى عن الرافضة ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=3829)
ترجمة العلامة محمود شاكر ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=3872)
العلم الأصيل و المزاحم الدخيل ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=3852)
كتاب مختصر جلباب المرأة المسلمة ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=3504)
: ( تعريف موجز بمكتبة الأسكوريال) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=3899)
المواقع المهمه لمعرفة اعداء الامه ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=3694)
حقيبة طالب العلم ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=1737)
: ( تعريف موجز بمكتبة بودلي)! ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=3926)
منظومة حجر المخلاة في مجالس المحاجاة ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4077)
حديث المسبوق في الصلاة: دراسة حديثية فقهية نقدية تفصيلية ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4088)
مقتضى الحال ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4110)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(7/36)
الموسوعة الفقهية الكويتية! ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4129)
بحوث رائعة بمعنى الكلمة ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4140)
كتاب ((كشف الكربة في وصف أهل الغربة)) للحافظ ابن رجب ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4106)
دراسة الأحاديث التي حذفها بشار عواد من سنن الترمذي ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4145)
كتاب ((الرسالة التبوكية)) للإمام ابن القيّم ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4120)
كتاب ((منهج ودراسات لآيات الأسماء والصفات)) للعلاّمة الأمين الشنقيطي ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4148)
مصطلح رواه الجماعة عند الحنابلة ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=3933)
أحكام النعل و الانتعال ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4204)
حديث الافطار في رمضان: دراسة نقدية تفصيلية ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4227)
كتاب تقريب التهذيب - الجزء الأول ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4236)
حقيقة شركات التأمين ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4244)
طاش ما طاش ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4245)
المتون العلمية الهامة ..... ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=3738)
الكتب:
1 - نخبة الفكر
2 - متن الرحبية فى علم الفرائض (المواريث)
3 - منظومة الناسخ والمنسوخ للسيوطى
4 - العقيدة الطحاوية
5 - العقيدة الواسطية
6 - نونية القحطانية
7 - متن الأربعين النووية مع زيادة ابن رجب
8 - منظومةالبيقوني فى علوم الحديث للمبتدئين
9 - بلوغ المرام من أدلة الأحكام للحافظ ابن حجر العسقلاني
10 - عقد الدرر فى نظم نخبة الفكر
11 - متن الجزرية فى علم التجويد
12 - سلم الوصول للشيخ حافظ حكمي
13 - السخاوية في متشابهات الآيات القرآنية
الموسوعة القرآنية ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4157)
حديث النضح من فرج الصبي والغسل من بول الجارية: دراسة حديثية نقدية تفصيلية ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4261)
ـ[البحر الأحمر]ــــــــ[31 - 12 - 03, 01:48 م]ـ
أهمية معرفة الإختلافات في المتون والأسانيد ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4274)
حديث ((لا وضوء إلا من صوت أو ريح)) وأثر اختصار الحديث فيه ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4275)
حديث سترة المصلي ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4278)
الأخبار التي عزاها محقّق (المشيخة الكبرى) إلى كتب ليست في (الموسوعة الألفية) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=3459)
شرحٌ رائع لكتاب الصوم من الزاد للشنقيطي ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4213)
البحث عن نص بصيغة الوورد لكتاب المفهم ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4392)
حلقات: مزالق في التحقيق ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=3508)
تهذيب الكمال للحافظ المزي .. ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=3994)
كتب حديثية على الوورد ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4420)
الكشف عن الاختلافات في المتون والأسانيد ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4276)
المقدمة ....... في الإطلاق والعموم ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4434)
أخطاء المحررين في نص التقريب ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4436)
توثيق ابن حبان من خلال نقد مقدمة التحرير ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4437)
مدلول مصطلح" لا يحتج به " عند أبي حاتم ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4432)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(7/37)
تقريب الحافظ ابن حجر ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4438)
77 فائدة من حديث واحد ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4461)
حسن المقصد في فضائل الحجر الأسود ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4463)
حكم التدخين ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4465)
منهج الدراية وميزان الرواية في الحديث الشريف
سوء الظن ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4469)
دور المرأة في نقد الروايات ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4464)
قطف الأزهار من آداب الأسفار ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4483)
القول الثبت في صيام يوم السبت ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4484)
اللقطات فيما يباح و يحرم من الأطعمة و المشروبات ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4485)
شرح العقيدة السفارينية للشيخ ابن عثيمين ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4510)
كتاب ((الحِكَم الجديرة بالإذاعة ... )) للحافظ ابن رجب الحنبلي ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4516)
كتاب نفيس يوسم بـ (النحو إلى أصول النحو) فحمله ولا تفرط ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4520)
جديد مكتبة سحاب من كتب علوم الحديث ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4578)
20 ضمانة لحماية جزيرة العرب: للشيخ بكر أبو زيد ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4588)
قنوت الوتر ما له و ما عليه ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4632)
عقد الدرر في أخبار المنتظر _ للسلمي ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4637)
هدية وعيدية - الشيخ الألباني رحمه الله ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4697)
عيدكم مبارك وكل عام وأنتم بخير، وهدية لطلبة العلم في الكويت في الداخل ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4714)
رسالة في تضعيف قصيدة (بانت سعاد) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4704)
كتاب ((الآداب الشرعية ... )) للشيخ عمرو عبد المنعم سليم. ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4741)
موارد موسوعة المسند المحيط المعلل الأساسية ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4772)
المصلي عِنْدَ نزوله من الركوع إلى السجود، هل يَكُوْن عَلَى يديه أم ركبتيه؟ ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4783)
اختلاف الحديث بسبب خطأ الراوي ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4813)
اختلاف الضعيف مع الثقات ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4832)
نبذة مختصرة عن الشيخ عبد الله السعد (جديد) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4731)
كتاب ((تطهير الاعتقاد من أدران الإلحاد)) للصنعاني ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4499)
لا تشاركو النصارى أعيادهم ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4864)
كتاب ((الولاء والبراء في الإسلام)) للشيخ الفوزان ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4874)
تلخيص وتهذيب كتاب (الناسخ والمنسوخ) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4446)
منظومة (مشاهد من عبث المصلين في الصلاة) للحكمي (كاملة) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4906)
اختلاف الثقة مع الثقات ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4876)
ألفيّة السيوطي ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4621)
ـ[البحر الأحمر]ــــــــ[31 - 12 - 03, 02:11 م]ـ
نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4949)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(7/38)
كتاب ((المنهج القويم في اختصار اقتضاء الصراط المستقيم)) >>> للبعلي الحنبلي ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=5018)
الإدراج ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=5023)
أسباب الإدراج ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=5024)
طرق الكشف عن الإدراج ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=5052)
الإضطراب في المتن ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=5055)
(( مصادر التفسير)) للشيخ د. مساعد الطيّار ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=5058)
التفسير بالرأي .. للشيخ د. مساعد الطيار ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=5061)
زيادة رجل في أحد الأسانيد ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=5054)
المضطرب ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=5086)
المقلوب ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=5087)
مثال لاختلاف الضعيف مع الثقات ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=5088)
نموذج لمضطرب المتن ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=5089)
النصيحة في صفات الرب جل وعلا ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=5130)
تعارض الوقف والرفع ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=5142)
تعارض الإتصال والإنقطاع ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=5153)
التفسير بالمأثور .. نقد للمصطلح وتأصيل .. للشيخ الدكتور. مساعد الطيار ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=5060)
العصرانية قنطرة العلمانية كتاب للشيخ الخراشي ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=5074)
وقوع الإدراج في السند دون المتن ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=5179)
التصحيف والتحريف ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=5180)
مثال حديثي مهم ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=5181)
الاختلاف في اسم الراوي ونسبه إذا كان متردداً بين ثقة وضعيف ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=5182)
أسباب القلب ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=5183)
أن يروي الحديث قوم ..... ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=5184)
تحذير أهل الإيمان من التقارب بين الأديان ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=5225)
الفتح للحافظ رحمه الله 1 - 48 ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=3796)
سؤالات أبي عبدالله بن بكير وغيره للدارقطني ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=5298)
الإعلام بتخبير المصلي بمكان وضع اليدين بعد تكبيرة الإحرام ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=5591)
التوحيدية في كشف اللحيدية ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4693)
كتاب ((كلمة التوحيد)) للحافظ ابن رجب الحنبلي. ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=5317)
نصب الراية للحافظ الزيلعي رحمه الله 1 - 9 ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=3623)
لقاء ملتقى أهل الحديث بالشيخ المحقق علي بن محمد العمران (الأسئلة والأجوبة) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=2451)
( من حدث من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- عن تابعي) فصل من تاريخ ابن أبي خيثمة ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=5497)
من هنا .. يمكنك تحميل 1000 كتاب ومقال ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=4662)
صفحات من حياة الشيخ العلامة العلوان ــ حفظه الله ــ. ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=5546)
شرح كتاب الحج من عمدة الفقه للدكتور محمد سعد اليوبي حفظه الله ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=5613)
في السيرة النبوية قراءة في جانب الحذر و الحماية ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=5631)
إبراهيم بن محمد بن سفيان ((وزياداته)) على صحيح مسلم ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=5697)
هذه هديتي لأحبتي في هذا المنتدى .. ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=5695)
تخريج أثر ابن عباس في قوله (تعالى): "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون" ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=3143)
الأسئلة الحديثية للشيخ/سليمان العلوان ... ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=5765)
كتاب [جلاء البصائر في الرد على كتابي شفاء الفؤاد والذخائر] للشيخ/ سمير المالكي. ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=5713)
جزء للحافظ ابن هامل - لم يطبع - تحفة أقدمها لرواد المنتدى ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=1140)
الحيدة والاعتذار في الرد على من قال بخلق القرآن، للإمام عبد العزيز بن يحيى الكناني ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=5787)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(7/39)
ـ[البحر الأحمر]ــــــــ[01 - 01 - 04, 12:33 ص]ـ
الزواج المبكر ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=5798)
كتاب ((شرح العقيدة الواسطية من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية)) للشيخ: خالد المصلح. ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=5699)
الهدف من دراسة السيرة ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=5799)
دراسة عن الصوفية للشيخ سفر الحوالي متعه الله بالعافية ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=5800)
أصول و ضوابط في دراسة السيرة ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=5801)
حمّل كتاب "آداب الزفاف" ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=5826)
فهرس السلسله الصحيحه ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=5847)
سنن الدارمي ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=5879)
الآن حمل فهارس السلسله الصحيحه الهجائيه ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=5895)
قِرى الضيافة على حديث لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة للدكتور عمر دولة ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=5949)
التقارب الديني .. آثاره - مراحله- خطره (مختصر ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=5950)
[ شرح بلوغ المرام]،، للشيخ الفاضل: عبد العزيز الطريفي ــ حفظه الله ــ. ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=5715)
حمل (المجلد الثاني) من ((نكت الحافظ بن حجر)) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=5963)
هدية من مكتبة أهل الحديث كتاب ((المشوّق إلى القراءة وطلب العلم)) للشيخ/ علي العمران ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=6127)
لقاء ملتقى أهل الحديث مع مسؤول مركز التراث للبرمجيات ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=5692)
أحكام و أحاديث الختان للدكتور الصباغ ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=6224)
فهارس مجلة الحكمة ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=5636)
طرق الفلاح في بيان أحكام دعاء الاستفتاح ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=6262)
كتاب مختصر الأحكام الفقهية لعبدالسلام العضيب تقيم الشيخ عبدالعزيز الطريفي ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=6379)
كتاب ((غارة الفصل على المعتدين على كتب العلل))، ردّ الشيخ مقبل الوادعي على (علي رضا) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=6394)
تخريج موسع لحديث: (سعيت قبل أن أطوف). ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=6496)
بحوث جديدة ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=6510)
شروح أحاديث للشيخ القريوتي ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=6523)
مكتبة امهات الكتب ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=3547)
متن الأرجوزة الوليدية المتممة للرحبية في الرد وتوريث ذوي الأرحام ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=6688)
كتاب ((المشوّق إلى القراءة وطلب العلم)) للشيخ/ علي العمران ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=6133)
محاضرات في علوم السنة للشيخ الطرهوني ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=6521)
مطلع البدرين،، للسيوطي ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=6614)
شرح حديث جابر في الحج للشيخ عبدالعزيز الطريفي ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=7061)
(( مزالق في التحقيق)) بقلم الشيخ/ عبد الله الشمراني ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=5822)
الدليل إلى المتون العلمية (منسق بصيغة html ) (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=7042)
(( ... كنوز العلم .. ثروة هائلة .. على شبكة المعلومات ... )) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=5819)
منهج التلقي والاستدلال بين أهل السنة والمبتدعة ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=7306)
كتاب: (المدخل إلى الإكليل) للحاكم ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=5291)
مسألة ابتداء وقت الرمي لجمرة العقبة ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=6081)
كتاب عن حزب البعث في العراق ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=7588)
كتاب محمد كأنك تراه ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=7589)
نزل القصيدة النونية كاملة لابن القيم ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=7590)
المجلد الثامن من الدرر السنية كتاب الجهاد ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=7602)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(7/40)