فليعلمن أن المنتصرين للجوائب أكثر من المنتصرين للجنان و اليازجي. وأن هذه المناقشة لا تلبث أن تغري بعض الأدباء بتخطئة مقامات الشيخ ناصيف من أوّلها إلى آخرها [كما فعل الشيخ يوسف الأسير في كتابه إرشاد الورى إلى جوف الفرا].
عَجباً لمجترئٍ عليَّ وما له عند البراز سوى عناد هرائهِ
فكأنه الظربان معتمداً على دفع المُلمّ به بريح فسائه
[الجوائب، العدد 538 (30/ 8/1871)، ص 1 - 2].
-
رد الشيخ إبراهيم اليازجي على أحمد أفندي فارس الشدياق
الجنان، السنة 2، الجزء 21 (1/ 11/1871) ص 732 - 740
شبلي: الشدياق و اليازجي، ص 83 - 97
قد علم الأكثرون ما وقع بيني وبين أحمد أفندي فارس الشدياق، بسبب ما أورده في صحيفة الجوائب من الاعتراض على أبي، رحمه الله، في مسألة الفِحَطْل و المرابض،وما أجبته به غذ ذاك في الجزء الثاني عشر من صحيفة الجنان. فكأنما أوغر ذلك صدره وكبُر عليه أمر تخطئتي له في ما اعترض به وتنبيهي على بعض ما رأيته من الخطأ في كتابه سر الليال مما أوردته في ردّي المشار إليه. فأخذ من العيد و التنديد مرة بعد الأخرى حتى ورد منه الجواب في العدد 538 من صحيفته المذكورة، وإذا به عدل إلى المسافهة و المهاترة وصرّح بما لا يليق ذكره. فعجبت أو ما عجبت من ارتكابه هذه الخطة المنكرة لأننا كنا في أول الأمر قد دخلنا من باب المناظرة الأدبية ولم نكن في شيء من قصد المهاجاة و المشاتمة ولا كان عندي أنه إذا دعت الحال إلى مثل هذا يتنازل إلى المواطأة عليه ويرضى به لنفسه.
ولقد كنت أحسب أن تمادي الأيام قد حان له أن يهذب من أخلاقه ويمكّن عنده أسباب الحلم و الدماثة و الصبر على المكروه أكثر مما أرى من نفسه هذه المرة. فإذا دمه لم يزل على حرارته المعهودة أيام كانت تلك النار تُقرى بفحم الشباب، فكأنما كان ثلج المشيب أدعى إلى المبالغة في إيقادها فما زاد على أن أثار شواظها فإذا هو هي.
وقد علمت َ أنني لم أكن مبادئاَ له في هذه المناقشة ولا سبق بيني وبينه عهدٌ في أمر من الأمور إنما كان هو المتدني المعتدي، ولا سيما أنه ألمّ بأبي المرحوم وخطّأه عَبَثاً فلم يكن يسعني و الحالة هذه إلاّ ردّة وفاء بحق من أنا مندوب في كل شرع أن أرادأ عنه كل عابثٍ بحقه. وبالتالي إظهاراً للحقيقة التي لا أحسب أني أكون معذوراً إذا سكت عن إبرازها – مع معرفتي لها وعدم تمكني من الإغضاء عنها كما لا يخفى.
وكنت أود لو استمرت هذه المناقشة مجردةّ إلى البحث في المسائل الأدبية و الحقائق العلمية دون ما يُسمع كل يوم من غلمان الأزقة وسفهاء الناس وأجلافهم السفلة. ولو كان في ذلك فضل لكان الفضل لمثل هؤلاء لأن فيهم من له اليد الطولى في هذا الباب. و لعمري هذا ما طالما أشرت إليه في ردّي السابق وعرّضت في غير موضع بحب اجتناب هذا الرجل حذر انبعاثه عليّ بمثله سامحه الله. على أنه لو شاء أن يقابلني بأحسن منه لكان أقدر عليه وكان أجمل به. وما أخاله يجهل أن من يبذل نفسه في مجال كهذا إنما يتعرض لأن يشرب بلكأس التي عاطى بها، فهل يسوغ عنده ذلك. ولئن ساغ عنده، ما فعلت أبداً، وأبى الله أن أجري إلا على ما أدّبتُ عليه من الرزانة و النزاهة.
ولعمري ما كنت لأقتحم موقفاً كهذا أكون فيه عرضة لملامة الحليم وهزء السفيه. وبناء على ذلك كان الأولى أن أقتصر عن الإجابة، لأن المناظرة من شرطها التكافؤ بين الجانبين، ولا تكافؤ بيننا لرجحانه عليّ بهذا المعنى. ولكن لئلا تُتَوهّم بي ظِنّ’ القصور لم أجد بداً من أن أجيبه هذه المرّة مقتصراً على ما نحن في شأنه أو ما هو من شأننا وأخلصه رداً علمياً كما يليق بالأديب المهذّب، أو بالأولى بالشيخ الكامل وليكن آخر ما يصدر قِبَلي في هذا الباب.
فأقول:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/232)
مما أنكره عليّ صاحب الجوائب قولي في الرد السابق: ((ولا أدري ما ضرَّه عدم التصريح باسمه وليس في القصيدة مدحٌ له إنما هي حكمٌ وأمثال)) إلى آخره. فزعم أن أبي ن رحمه الله، صرَّح بمدحه في قصيدته الهمزية و القصيدة العاطلة اللتين ذكرهما قبل قصيدة التعزية هذه وأني أغفلتهما واقتصرت عليها مواربة وتمويهاً. ولعمري ما أظن أحداً له أدنى إلمام بفهم المعاني يلتبس عليه مثل هذا ويحتمل عنده نزاعاً. وأعجب كيف فاته إدراك ما كتبه بيده حتى جاء الآن بهذا الاعتراض وحاول أن يتعسّف بنفسه وبي إلى هذه الغاية. ولا بد ّ قبل أن أجيبه عن كلامه هذا أن أورد نصّه الذي نحن في صدده لينظر فيه أولو البصيرة فلعل هناك ما لم أكاشف به من أسرار المعاني. وهو هذا بحروفه قال: ((ولما كنت في مالطة جرت بيننا مراسلات أدبية فأرسل إليّ قصيدة من الجناس العاطل مطلعها:
لأهل الدهر آمالٌ طولُ وأطماعٌ ولو طال المطالُ
وهي مطبوعة في أول جزءٍ من ديوانه صفحة 22 وأجابني أيضاً عن قصيدة بأبيات مطلعها:
هوى في القلب يعذُب وهو داء كذا الدنيا وما فيها رياءُ
وهي في صفحة 25 وفيها يقول:
تقطعت الزيارة منك عنا إلى أن كاد ينقطع الرجاءُ
لم يكُ بيننا نارٌ ولكن تعرّض بيننا كالنار ماء
وهو كلامٌ في غاية الرقّة. ثُم أرسل إليّ قصيدة أخرى عنوانها: وقال يعزّي صديقاً له بأنسباء له قد توفوا، بعث بها إليه في بلاد المغرب:
لا تبك ميتاً ولا تفرح بمولود فالميت للدود و المولود للدود
وهي في الصفحة 29. ولا أدري ما منه من التصريح باسمي مع صفاء الحب بيننا انتهى.
فقد رأيت أنه ذكر القصيدة العاطلة و القصيدة الهمزية ولم يورد هناك ما يُشعر بأنه صرح باسمه أو لم يصرح باسمه به أصلاً حتى انتهى إلى قصيدة التعزية فأورد عنوانها ثم قفّى على أثره بالاعتراض. فهل يتأتى و الحالة هذه أن يكون المراد بقوله: ولا أدري ما منعه من التصريح باسمي، إلا العنوان المذكور. وهل الإشارة بذلك إلا قوله فيه يعزي صديقاً له؟ فما باله جاء يقول الآن أن أبي صرّح بمدحه في القصيدة الهمزية و القصيدة العاطلة. وأين هما ممن نحن فيه؟ وقد أعجبني بعد كل ذلك قوله: ((فهل ذلك إلا من العمى أو التعامي)). فتأمل واحكم والله خير الحاكمين.
ثم ما لبث أن كذّب قولي أن الفِحَطْل غلط طبع واستدل على ذلك بورود المطل بعدها يعني وقوع كل واحدة منهما فاصلة. فما أدري كيف ورود المطل بعدها أوجب عنده تأخير الطاء كأنه لا يجيز أن تكون إحدى الفاصلتين المطل و الأخرى الفِطَحْل، مع أن الفِحَطْل على رويٍ واحدٍ ووزن ٍ واحدٍ أيضاً، وماذا تقتضي الفاصلة غير ذلك. ولعله يحسب التزام حرفٍ قبل الروي من الأمور الواجبة في السجع ولذلك لم يُجز مع المطل إلا الفِحَطْل. و الصحيح أن ذلك جناس من البديع يسمّونه التزام ما لا يلزم وفي تسميته أكبر دليل.وقد تصفحت في سجعه فلم أجده يلتزم ذلك. وإذا كان في ريب من علمه ففي القرآن وفي مقامات الحريري وغيرها من أفصح الكتب المفصّلة ما يأتيه بالبرهان الفاصل ويتكفل بجلاء المسألة بأوضح بيان.
ثم اعترض على قولي: أما وجه الانتقاد على اللفظة المذكورة فهو أن ((الحاء)) منها مقدّمة على ((الطاء)) في الواقع و الحق العكس، إلى آخره. قال: ((فقوله في الواقع. صوابه في المقامات فإن الواقع هو تقديم ((الطاء)) على ((الحاء)) انتهى. ولم يبين وجه اعتراضه ولا أدري ما عنّ له. و الظاهر من عبارته، أنه توهّم في لفظة الواقع معنى الصواب أو الصحيح فأنكرها وحسبك بهذا دليلاً على إمعانه في اللغة. لله درّه.
ومن ذلك قوله: ((فزعم أنه يلزمني أن أقول وفَطْحَل بفتح ((الفاء)) وسكون ((الطاء)) وفتح ((الحاء)) لأنه يقول إن قرائن كلامي لا تقتضي بقاء ما سوى ((الفاء)) على حاله)) إلى آخره.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/233)
قلت وهذا من الغرابة بمكان قصيَّ، فإنه ينكر عليّ إلزامي له أن يقول ((فَطْحَل)) على الوجه الذي ذكره، يعني على وزن جَعْفَر، مع أني لم ألزمه بهذا الوزن ولا تعرّضت له به، وإنما هو ألزم نفسه به وأورده نقلاً عن الأيّمة وما أظن عربياً ينكره فما باله يتبرأ منه. وليس مرادي كذلك، وإذا ألزمتهُ نفسه أن يقول فَطَحْل بفتح ((الفاء)) و ((الطاء)) وسكون ((الحاء)) حسب مقتضى نصّه وهو هذا بحروفه: ((وقال في الصحاح و الفطحل على وزن هِزَبْر. زمن لم يُخلق فيه الناس بعد. قال الجرميّ: سألت عُبيدة عنه فقال: الأعراب تقول إنه زمن كانت الحجارة فيه رطبة، وأنشد للحجّاج:
وقد أتانا زمن الفِطَحْل و الصخر مبتل ٌ كطين الوحلٍ
و ((فطحل بفتح ((الفاء)) اسم رجل)) انتهى.
فقوله وفَطحل بفتح ((الفاء)) بعد ذكر الفِطَحْل على وزان الهِزَبْر أي بفتح الطاء وسكون الحاء يقتضي بقاء ((الطاء)) على فتحها و ((الحاء)) على سكونها، لأنه ضبط ((الفاء)) على خصوصها ولم يتعرّض لهما ففهُم بقاؤها على ما كانتا عليه بالضرورة. وهذه قرائن كلامه التي أشرت إليها هناك والأمر ظاهر.
ثمّ ما زاد عن أن قال: ((فإنه إذا قال أحدٌ وفَطحل بفتح ((الفاء)) لم يُفهم منه سوى وزان جعفر إذ ليس للرباعي المفتوح ((الفاء)) سوى هذا الوزن)) انتهى.
فقد رأيت هنا أنه أقرّ بنقص عبارته ووكل تكميلها إلى فهم القارئ. وقد ذهب عنه أن من شرط حدود وما يجري مجراها أن تستوفي جميع جهاتها ولو كانت معلومة بحيث ينبغي أن تكون مستقلة بمفهومها مع صرف النظر عن كلّ جهةٍ خارجية إلا ما جرى عليه الاصطلاح فلا مشاحّة. فهل في عبارته شيء من الأمرين؟ ولا ريب أن كل إنسان إنما يطلَب بقدر ما عنده أو قدر ما يُري من نفسه. ومثل الإمام لا يُسامح بهذا ولا سيما أنه قد نصب نفسه نقّاداً على أهل العلم وجعل يأخذ عليهم كلّ مأخذ. فكان ينبغي أن يحرّر عبارته ولا يترك عليه سبيلاً. على أن إنكاره مجيء الرباعي المفتوح ((الفاء)) على غير وزن جعفر وهمٌ ز فقد جاء الكرَفس و الكَرنب وغيرهما على خلاف زعمه. فتأمّل.
قلت وورد في هذه العبارة ما يُؤيد دعواي بأن ((الفحطل)) غلط طبع في المقامات.
فقد وقعت لصاحبنا في أثناء ردّه على الوجه عينه أي بتقديم ((الحاء)) على ((الطاء)).
(أنظر الجوائب، عدد 538، صحيفة 2، عمود 1، سطر 7) وهذا من الغريب الاتفاق.
ومما طال عنده تعجبي و استغرابي قوله بعد كل ذلك (ثمّ إنه بعد أن خلط في فطحل اسم رجل انتقل إلى الاعتراض)) إلى آخره. فلا جَرم إن قوله هذا مما يقضي به بالبراعة و السبق المبين. فإنه أخذ يتخطى ويتمطى ويتلمظ ويتعظعظ ويهيط مرّة ويميط طوراً ويفكر تارة ويقدّر حيناً. ثم أخرج الحكم بإثبات غلطه، وحسبك بإقرار المعترف مغنياً عن البينات. وهو يحسب أنه قد خطأني وأوقعني في حيص بيص و العياذ بالله من كلّ زلة فاضحة. وقد مرّت بك عبارته التي نقلتُها قبيل هذا بحيث يقول: وفَطحل بفتح الفاء اسم رجل. وهي التي جاءت الآن يخطئني بها، مع أن ما خطأته به في ردّي السابق وهي التي جرّت عليه هناك حديث الفاصلة و الانتقاد على سر الليال وكان لها شأن كبير. ومن كان هذا مقدار فهمه فليقُل ما شاء ولا حَرج. وليته توهم في سائر أغلاطه ما توهّمه هنا فكفاني وإياه هذا النزاع الكريه.
ثم خطأني في اعتراضي على قوله الوجه القبيح المبرقع. قال: ((فإن القبيح قد يكون مبرقعاً كما أن المبرقع قد يكون قبيحاً فلا تضاد بين هاتين الحالتين فمن أين جاء الالتواء.
وقد قال أبو الطيب:
قبحاً لوجهك يا زمان فإنه وجهٌ له من كل قبحٍ برقعُ
فما الفرق بين الكلامين)). انتهى.
قلت: أمّا قوله إن القبيح قد يكون مبرقعاً و المبرقع قد يكون قبيحاً فلا تضاد بين هاتين الحالتين، فهو تمويه لا طائل تحته. لأنني لم أدخل في مبحث الإمكان و الامتناع ولا كان اعتراض من هذه الحيثية. ولكن ما زال هذا دأبه، أصلحه الله، فإن كلامي كان موجّهاً هناك إلى فساد المعنى الذي قصده في نفسه لا في استحالة الجمع بين الوجه و البرقع. وذلك أنه في مقدمة سر الليال لما انتهى إلى الكلام عن لغات الأعاجم أخذ يصفهنّ بكل نوع ٍ من أنواع القباحة وشَّبههن بالوجه القبيح المبرقع إرادة أنهنَّ قد بلغن من القبح كلَّ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/234)
غاية. فإن كان من لوازم البرقع أن يكون قبح المبرقع به صحَّ كلامه واستقام لأن ذلك يفيد المعنى زيادة في المبالغة فيكون قد حصل المقصود. وإلا لزم أن تبقى قباحة الوجه مستورة فلم يبدُ للعين إلا البرقع وضاع التشبيه جزافاً.
وأما قول الطيب المتنبي الذي أشار إليه وأيّد به كلامه فقد أخطأ منه الغرض، لأن المتنبي أراد أن يكون القبح هو عين البرقع على سبيل المبالغة. وهذا هو المعروف عند البديعيين بالتجريد وإلا فما معنى من الداخلة على كل. وهذا هو الفرق بين الكلامين، فتأمل بعين ٍ بصيرة.
ثم ما لبث أن أنكر عليّ اعتراضي على خلله في أحكام الفاصلة، فزعم أن إنكاري ذلك من غير دليل بشيء، وأنه كما يصح أن يقال مثلاً عظم جدّه وطال جهده كذلك يصح أن يقال جادّة و جاهدة. اهـ.
قلتُ: إنني لم أورد على ذلك دليلاً لضيق المقام و لظني أن مثل هذا لا يغرب عن علمه الدقيق فكنت أعدّه من غلط السهو. أما الدليل فإنه لا بدّ في القوافل المؤسّسة من موافقة بعضها لبعض في التأسيس و الإشباع مُطلقاً فحينما وقع التأسيس وقع القيد هناك من جهة الإشباع أيضاً وهذا النوع هو من أدقّ أنواع القوافي. أما التأسيس فهو ألف يقع بينها وبين الروي حرفٌ واحد يسمّى بالدخل كألف جاهدة. والإشباع هو حركة الدخيل ككسرة الهاء من جاهدة. وهذه الحركة قد استقصوا فيها حتى أنكر أكثرهم الجمع بين الضمّة و الكسرة كما في قول الشاعر:
وكنا كغصنيّ بانةٍ ليس واحدٌ يزول على الحالات عن رأي واحد
تبدلَّ بي خلاّ فخاللتُ غيرهُ وخلّيته لما أراد تباعُدي
وأما الجمع بين إحداهما و الفتحة فهو منكرٌ بالإجماع وهو عيبٌ في القافية يعرف بسناد الإشباع كقوله:
يا مَن لهُ النِعم التي بالشكر ليس تُقابَلُ
لم يُعرِضوا جهلاً بها لكنّ ذاك تجاهُلُ
وقول الآخر:
يا نخلُ ذات السرو و الجداول تطاوَلي ما شئتِ أن تطاوَلي
ومنشأ هذا السناد إنما هو اختلاف هيئة اللفظ بين قافية وأخرى وقباحته مرتبة على مراتب هذا الاختلاف فكلما بعُد كان مكروهاً ولذلك كان الجمع بين الضمّة و الكسرة أيسر منه بين إحداهما و الفتحة. وأنت ترى أن ما بعد ألف التأسيس من قوله جاهِدة وهو الهاء مكسور وما بعد ألف التأسيس من قول جادّة وهو الدال المُدغمة ساكن. فإذا كان الجمع بين حركةٍ وأختها قبيحاً مرفوضاً كما علمتَ و الحرف مع كلتيهما إنما يكون متحركاً فلا يكون الفرق إلا من حيثيّة هيئَة الحركة فقط. فما القول فيما إذا وجدت الحركة مرّة وفُقِدت مرّة من أصلها. لا جرَم أنه من أقبح العيوب.
وقد ذكرتُ هناك أن للقاعدة حكم القافية فهي تجري مجراها. قال الإمام السكاكيّ: السجع في النثر كالقافية في الشعر. وبسط الإمام التفتازانيّ في كتابه المطوّل على التخليص قال: وإنما أراد السكاكيّ بالأسجاع حيث قال إنما هي في النثر كالقوافي في الشعر الألفاظ المتواطأ عليها في أواخر الفِقر وهي التي يقال لها فواصل. وقال في هذا الباب: ((والأسجاع مبنية على سكون الإعجاز)). أي أواخر فواصل القرائن لأن الغرض من السجع أن يزاوج بينا الفواصل. ولا يتمّ ذلك في كل صورة إلا بالوقف و البناء على السكون كقولهم: ((ما أبعد ما فات وما أقرب ما هو آت)).فإنه اعتبر الحركة لفات السجع لأن التاء من فاتَ مفتوحة ومن آت مكسورة منوّنة. وهذا غير جائز في القوافي ولا وافٍ بالغرض أعني تزاوج الفواصل. إلى أن يقول: ((ومنه)) أي من اللفظي، ((الموازنة وهي تساوي الفاصلتين)) أي الكلمتين الأخيرتين من الفقرتين أو من المصراعين ((في الوزن دون التقفيه نحو ونمارق مصفوفة وزرابّي مبثوثة)) فلفظاً مصفوفة ومبثوثة متساويان في اللفظ لا في التقفيه، لأن الأولى على الفاء و الثانية على الثاء إذ لا عبرة بتاء التأنيث على ما بُيّن في علم القوافي. إلى آخر ما قال على هذا النمط. فأنت ترى أنه في كل هذا قد قرن بين أحكام الفواصل وأحكام القوافل وراعى هنا ما يُراعَى هناك ولاءم بين الجانبين ملاءمة تامة وقاس بين الواحد والآخر، وبالجملة لم يعتبر الفاصلة إلا قافية. وعليه جرى جميع الأئمة بلا خلاف. على أنك إذا تفرست في السجع لم تجده إلا مفرّعاً عن الشعر بأن تركوا منه الوزن وأبقوا التقفيه فأصبح السجع شعراً غير موزون، و الدليل على هذا التفريع أن الشعر شائع مستفيض بين
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/235)
الأعاجم كما هو عند العرب ولا وجود للسجع عندهم فما ظنك به.
قال صاحبنا في مقدّمة سر الليال صفحة 3: ((وللعربية مزايا أُخرى فاقت بها غيرها فضلاً وقدراً وشأناً وفخراً، منها السجع وما أدراك ما السجع كلم متناسقة يعلقها الطبع ويعشقها السمع)). إلى أن يقول: ((فتلك هي المعجزة التي لا يمكن لأحد من الأعاجم أن يتحداها، أو يقارب حدّ ذراها، وهي الراح التي تُسكر كل ذي ذوق سليم، من دون تأثيم. فمن أين لسائر اللغات مثل ما للغة العرب، وأيّها يجاريها في حلبة الأدب. وقد فاتها هذا الأسلوب الأشرف،و النوع الألطف)). إلى آخر ما قال.
فإذا ثبت ما تقدم الكلام عليه أفلا تكون الفاصلة هي عين القافية وحكمها حكمها؟ ولقائل هنا أن يعترض بأن نحو المادة لا يصح أن يقع قافية فكيف يصح وقوعه فاصلة وهما في حكم واحد؟ فأقول: إن امتناع وقوعها قافية إنما هو وارد من قبيل أحكام العروض لا من قبيل أحكام القافية، لأن الشعر مقيّد بوزن هي لا تنطبق عليه لاجتماع ساكنين فيها ليس آخرهما آخرها وليس في النثر شيء من ذلك. فتأمل. والأغرب من كل ذلك قوله: ((إنه كما يصح أن يقال عظم جده وطال جهده، كذلك يصح أن يقال جادة وجاهدة. فما أبعد هذا المقاس! وكأنه اعتبر الاشتقاق بين الجدّ و الجادّة و الجهد و الجاهدة فظنَّ أن هذا من ذاك. وليس بشيء لأن المسألة من قبيل علم القافية ولسنا في شيء من أمر الصرف. ولعله ذهب وهمه إلى ذلك لكثرة اشتغاله بتفريع الألفاظ واشتقاقاتها. وكيفما انقلب الحال فالمسألة غريبة. لأنه ما هي المناسبة بين الجانبين، وأين التأسيس والإشباع في جدهُ وجهدهُ، وهل فيهما شيء من كل ما ذكرناه؟ وأغرب منه أنه أجاز وقوع جدّهُ وجهده فاصلتين مع أنه لم يجز وقوع الفَطَحْل مع المطل كما مر بك. وأغرب من الجميع أنه جعل كل واحد من حكم الامتناع هناك و الجواز هنا حجّة في موضعه. فتأمل في كل ذلك وتعجّب.
وأما قوله: ((فمن أين علم أني مقيّد بالسجع في جميع هذه الفِقَر)) فما أدري مراده بهذا الإنكار أنه لم يقصد السجع في شيء منها أصلاً أم سجّع بعضها دون بعض فوقع اعتراضي على غير المسجّع؟ وكيف كان الحال فلا بدّ لي من أن أثقّل على القارئ بإيراد جانب كبير من الصفحة التي أخذت منها تلك الفقَرات يكفي للدلالة على وجود السجع هناك في جميع الفِقَر بأسرها. وهذا نصّه على ما أَشرت:
فما زال المتأخرون يستدركون فيها على المتقدّمين، والراوون عنها يقولون بالحَدس و التخمين. ويجملون في وصفها ويفصلون بما لا يعلمون. حتى كسوها ثوباً غير ما لاق بها، وكادوا يحلئون الظامي إلى مشربها. ولو أنهم قصروا عليها اشتياقهم، ولم يخلبهم من غيرها ما شاقهم وتذللوا لها حرصاً على معرفة مكنونها، وتاقوا إليها كلفاً بإدراك شؤونها، لأطلعتهم على ما عناني إطلاعه، فحبذا الحظّ ونعم الحِظَة. لكنهم عدلوا عن هذه الجادّة، إلى جادّة أُخرى جاهدة، ستراً لقصورهم، وتكفراً عن عثارهم بعثورهم. فتراهم مثلاً يقولون إنَّ باع الشيء يأتي بمعنى باعه، وبمعنى اشتراه. ولم يبينوا لنا سبب هذا ولا أصل معنى البيع ولا مغزاه. ومن دون معرفة السبب، وإدراك الأرب، لا يلذ للإنسان أن يعرف أن لفظة واحدة تأتي لمعنيين متضادين، ومغزيين متباينين. إذ ظاهر ذلك من دون تعليل، مخالف للحكمة التي بُنيَ عليها هذا اللسان الأصيل. فلهذا كان أقصى همّي، وأوفى حظي وغنمي، أن أغوص في بحر هذه اللغة الزاخر، على دراري أسباب هذه الألفاظ المتضادة في الظاهر. فأدنيتها للعيان، ووشحتُها بالبرهان. فظهرت أسارير حسنها، وتباشير فنها، وحكمة وضعها، وبهجة مطلعها.
((ثمّ معما ذكرت من الشغف الذي شفّني حباً بهذه اللغة الباهرة، التي هي وسيلة لجميع علوم الدنيا والآخرة. فإن الحق و الإنصاف قضيا عليّ بأن أنظر فيما يعترض عليه من أساليبها، ولا أقول إنه من عيوبها. ولكن باعتبار اللغات الأخرى، يظهر في بادئ الرأي أنه لم يكن من النوع الأحرى، فمن ذلك الجمع المكسر، فإنه فيها أكثر من أن يُحصر. وربما كان للاسم الواحد عدّة جموع كالناقة و العبد، مما يقضي بالعناء و الجهد. وربما جُهل جمع لفظٍ غريب المبنى أو كان لتعريبه قد شذّ وزناً كجمع البك والأفندي وموسيو وسنيور، وغير ذلك مما صار
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/236)
كاللفظ العربي المشهور. مع أن الجمع في لغة العجم له علامة واحدة، وإشارة غير شاذة ولا نادرة. لا تختلف بكثرة حروفها وقلّتها، ولا بمبناها وصيغتها. ومن ذلك النسبة و التصغير، فإن قواعدهما تفوت ذكر كل ذكير.
((أما الاشتقاق وسائر الأساليب الأخرى، فليس لسائر اللغات كما العربية فمن ينظرهنَّ بها فقد جاء نُكرا، فهي بذلك أفضلهنّ، وأشرفهنّ وأكملهن. فهنّ الفقيرات وهي الغنيّة، وهنّ المتشاكسات وهي السويّة. كيف لا وفي غيرها ترى الفاعل من مصدر، واسم المفعول من آخر. فما مَثَلُهنّ إلا مثَل الثوب المرقع، و الوجه القبيح المبرقع. وما مثل العربية إلا مَثل دوحةٍ ذات أفنان، في كل فننٍ منها أفنان)). [أدناه ص 399].
وهكذا جرى إلى آخر ما قال في هذا الصدد معتمداً على السجع في جميع كلامه. ولم يعدل عنه إلا عند قوله: له علامة واحدة. وإشارة غير شاذة ولا نادرة. فإن الفاصلة الأولى على ((الدال)) و الثانية على ((الراء)) وما ارتأيته من أن ((الراء)) في نادره من المطبعة. وأن الأصل ناده بإسقاط ((الراء)) وتشديد ((الدال)) حتى تلحق بجادة وجاهدة لم يسلم به فاضرب عنه صفحاً. وإذا تقرر ذلك فقد وقع هناك الأكفاء، وهو أن يُقرن الرويّ بما يقاربه في المخرج كالدال و ((الراء)) هنا. وهذا من أقبح عيوب القوافي، لله دره.
فقد ظهر لك بأجلى بيان أنه كان مقيّداً بالسجع وقد تجشّم له أشد النصب كما يظهر مما ارتكبه فيه من الحشو والركاكة و التعقيد في أكثر الفِقر لأجل إقامة الفاصلة. ومن الأدلة القاطعة على أنه قصده الفصل بين كل فقرةٍ وأُخرى بأنه ترك هناك فسحة تُشعر بالوقف. ومنه رسم ((تاء)) التأنيث في الفاصلة غير منّقطة كما ترى مما نقلته وقد تحرَّيت مطابقته للأصل من جميع الوجوه. وما أرى له بعد كل هذا سبيلاً إلى الدعوى بأنه لم يقيّد بالسجع، أو أن فقراته جاءت مسجّعة كلها بغير قصده ولا علمه. وإن فعل فتكون المسألة أغرب.
وعلى فرض ذلك فقد وقع له من عيوب الفاصلة حيث لا تتأتى له هذه الدعوى شيءٌ كثير وذهب في أنواع السناد كلَّ مذهبٍ. وها أنا أورد لك شيئاً من مقاماته الأربع التي ضمّنها كتابه الساق على الساق وقد صرَّح هناك بما قاساه في تسجيعها من المشقة وأنه عارض بها مقامات الحريريّ إلى غير ذلك. فمما جاء في المقامة الأولى قوله في صفحة 84 (إذا امتثل خوداً يداعيها وتداعبُه، هزّته نشوة طرب مال سريره ومركبُه)) فقد وقع هنا سناد التأسيس وهو التزامه في قوله تداعبه، وتركه في قوله مركبه.
ومثله قوله بعد ذلك في الصفحة عينها: ((لما تصوَّرت الشخص المتهوّم، و الناعس و المتثائب وأنا متناوم)). وفيه ما في الأول. وفي المقامة الثانية قوله في صفحة 235: ((ثمَّ إنّ أنين الثكلى، وقال وإني أزيد على ما قاله الإمّعة قولا)). وفيه سناد الردف وهو حرف اللين قبل الرويّ فإنه مفقود في إحدى الفاصلتين، أو موجود في إحدى الفاصلتين: وفي الثالثة قوله في صفحة 467: ((ثمّ مالت إليّ الثانية عشره. وكانت قصيرة حادره. تارّةً حارّه)). فقد وقع هنا سنادان أحدهما سناد التأسيس بين عشره وما يليها. والثاني سناد الإشباع بين حادره وحارّه على ما مرّ في الجادّة وجاهدة.
وفي الرابعة قوله في صفحة 607: ((وإن شاء داعَب ولاعَب. وإن أبى إلا الجدّ فالجدّ طوع له كما أحبّ)) وفيه سناد التأسيس أيضاً. ولو فرضنا نزع التأسيس من لاعب لم يُمن جانب التشديد في أحبّ فإنها مشَّددة هناك بالرسم أيضا ًومن هذا الباب قوله في صفحة 88: ((علمت أن قوله هو الأسدّ. وأن قول غيره هذيان وفَنَد)) بتشديد ((الدال)) من الأسدّ و العبارة من المقامة الأولى.
ولا سبيل إلى الدعوى بغلط الطبع، فقد أثبت في آخر كتابه هذا ما نصه (من عادة الأساتيذ المزبورين [يريد بعض علماء الأعاجم] ومن أشبههم ممن ألف في العربية شيئاً أن يعتذروا عن أغلاطهم الفاضحة بالتورّك على الطبّاع أو على صفّاف الحروف بأن يقولوا إن وقوع الغلط إنما ينشأ عن جهلهما باللغة. قال، وهو عذر أقبح من ذنب: فإن الصفّاف كيفما وجّهته اتجه ومهما ترسم له يمتثله.ألا ترى أن مسيو بيرو مع كونه لم يعرف من العربية شيئاً فقد امتثل كل ما رسمنا له في كتابنا هذا من التصحيح حتى جاء بحمد الله أحسا ما طُبع
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/237)
بلغتنا في البلاد الإفرنجية)).
(تنبيه) في مسألة الدراري. لم يكن القصور من صفَاف الحروف لأنه كيفما وجّهته اتجه ومهما ترسم له يمتثله.فإن قيل لك غير ذلك فلا تصدق فإنما هو مجرد اعتذار، وإن تقرَّر أمامك إنه عذر أقبح من ذنب.
(تنبيه آخر) قد وضع المؤلف لهذا الكتاب إصلاح غلط في آخره فاعرف ذلك.
قلت ُوربما حملت أغلاطه في المقامات المذكورة على ارتباك القريحة، لأن من عادة الشاعر أو الناثر إذا عمد إلى شيء من ذلك وأكثر فيه العناية قَصْدَ أن يأتي نفيساً جمدت بادرته فجاء متكلفاً بارداً وربما سقط ولم يدر. وقد تقدم أن صاحبنا كان من قصده معارضة الحريري في مقاماته، ولا يخفى ما هناك من صعوبة المرتَقَى. فلا بأس أن أردف ما أوردته منها بشيء من غيرها ما ثبت عندي قصده التسجيع فيه لتعلم أن كلّ المراقي في جنب همتّه سواءٌ. فمن ذلك قوله في صفحة 49 من هذا الكتاب: ((يتنازعون كأس البحث و المناظرة. ويخوضون في أمور الدنيا والآخرة)). وفيه سناد الإشباع. وفي صفحة 54: ((فإن هذه الحالة لا يمكن كونها دائمة. فتكون غبطتها غير تامّة)) وفيه ما في الجادّة وجاهدة. وفيها: ((هذا وإن أكله المرازمَة. وثيابه الناعمة)) وفيه سناد الإشباع أيضاً. وفي صفحة 58: ((فإنها تغتنم أنس زائرها وماله. وتتبّله بحبها حتى يرى ذلهُ فيها عزاً له)) وفيه سناد الردف. وفي صفحة 344: ((في تحصيل أسباب المعاش ساعون. وفي التظاهر باللباس و الزينة معنَّون)) وفيه سند الحَذْو وهو حركة ما قبل الردف. وفيها: ((ذوي طلعةٍ ناضره وشمائل سارّة)) وهو لاحقٌ بالجادّة وجاهدة. وفي صفحة 357: ((لكلّ منهم من العناء و الجهد و اللوعة. ما يكفيه وآخرين مَعه)) وفيه سناد الردف. واجتزئ بهذا عن غيره من هذا القبيل مما لو وسعني المقام أتيت منه بما لا يحصى.
ـ[أبو الطيب أحمد بن طراد]ــــــــ[26 - 06 - 10, 07:21 ص]ـ
معركة الشدياق الصحفية مع الأديب رزق الله حسون
الرد على كتابي حسر اللثام عن الإسلام والنفثات
الجوائب، العدد 337 (28/ 4/1868)، ص 2 - 3؛ والعدد 338 (5/ 5/1868)، ص 2؛
والعدد 339 (12/ 5/1868)، ص3؛ والعدد 340 (19/ 5/1868)، ص 2 - 3
والعدد 341 (26/ 5/1868)، ص 3؛ والعدد 243 (2/ 6/1868)، ص 3.
[يذكر مؤرخ الصحافة العربية فيليب دي طرازي أن صاحب جريدة مرآة الأحوال اللندنية، رزق الله حسون، ((كان قد أصدر مجلة عربية عنوانها رجوم غساق إلى فارس الشدياق نشر منها عددين في لندن: الأولى في 4/ 5/ 1868 في 14 صفحة صغيرة والثاني في 5/ 5/ 1868] تاريخ الصحافة العربية، ج 1، ص 108.
العجب أولاً من ذلك العلامة المطلع على سر الحرف فيما زعمه رزق الله أنه لم يعلم أنه لا يجوز للمؤمن أن يكفر أخاه من دون إقامة البينة عليه.
فقد ورد في الحديث الشريف: من كفر أخاه فقد باء بها أحدهما، أو نحو ذلك، يعني إذا كفر أحد أخاه من دون بينة فإن أحدهما يرجع بالكفر. ومن المعلوم أن من نسب كاتب الجوائب إلى الكفر لا بينة له على ذلك فالنتيجة أن المدعي هو الكافر وكذلك لا بينة له على أن صاحب الجوائب يأكل الخنزير ويشرب الخمر. وإنما هو ظن أثم به المدعي على نفسه فنتج من ذلك أنه كافر أثيم عتل زنيم. وإنما ادعى رزق الله بوجود ذلك الرجل لأنه لما لم يجد ما يغيب به صاحب الجوائب وطن نفسه على أن يعيبه بهذين الاثمين على لسان واحد من المسلمين أياً كان إذ أكل الخنزير وشرب الخمر ليس بإثم عند النصارى ولا بعيب مع أن رزق الله لم يؤاكل صاحب الجوائب ولم يشاربه قط وإنما آكله وشاربه العلماء و الفضلاء وذوو الصلاح و الهدى وهم أدرى بأحواله فإذا كان رزق الله يقول من عند نفسه في شيء لم يره فهو كاذب مفتر. ثم العجب ثانياً من ذلك العلامة أنه لم يستخرج من حروف ر ز ق ال ل ه ح س س و ن أن المسمى بها كان ألف كتاباً طعن فيه على الإسلام والقرآن أشنع الطعن وسماه حسر اللثام عن الإسلام. وكان مما قاله فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتلقى علم القرون الأولى من راهب اسمه نسطورس فجمع القرآن منه حتى زعم أنه رأى في بعض خزائن الكتب في مساجد الآستانة مصحفا بخط سيدنا علي، كرِّم الله وجهه، وكان مكتوباً في أوائل سوره: قال محمد سورة كذا. فانظر كيف يصح هذا التقول على سيدنا علي وهو أرسخ المؤمنين قدماً
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/238)
في الإسلام. والظاهر أن رزق الله وجد في إحدى هذه الخزائن كتاب الكندي الذي كان في عهد المأمون. فنقل منه ما نقل ثم زاد عليه أشياء من عنده من جملتها أنه غلط كلام الله تعالى في قوله {ذَوَاتَآ أَفُنَانٍ} [سورة الرحمن رقم 55 الآية 48] فقال الصواب ((ذاتا أفنان)) مع أن هذا الغبي لو فكر في أن مثنى ((ذو)) ((ذوا)) لعلم أن مثنى ((ذات)) لا يكون في حالة الرفع إلا ((ذواتا)). ويقال أيضاً {مُهطِعِنَ}
[سورة ابراهيم رقم 14 الأية 43] لفظ مستهجن وغير ذلك من الافتراء. وهذا التأليف أعني حسر اللثام رآه صاحب الجوائب عند رزق الله ولكن لم يتصفحه وإنما سمع منه هذين الاعتراضين مشافهة. وقال إنه عقد باباً طويلاً في الكتاب لأمثالهما. فعلل له صاحب الجوائب ذواتا فلم يفهمها. فإن الرجل لا يدري الصرف كما ستعلمه من شواهد كلامه.
ثم إن رزق الله صدر هذا الكتاب بقصيدة دالية ضاهى بها قول أبي الطيب ((أهلاً بدار سباك أغيدها)) وخصصها بمدح جناب أمبراطور الروسية إذ كان يمني نفسه إلى بطرسبورغ ويتخذ هذا الكتاب وسيلة إلى تحصيل وظيفة له هناك. ثم اتفق أنه اجتمع بأحد المطارنة في الآستانة فأخبره المطران بأنه عازم على السفر على بطرسبورغ فزين له شراء الكتاب زاعماً بأنه لم يسبقه إليه أحد فاشتراه منه بقصد أن يهديه على وزير المعارف في المدينة المذكورة. وهذا الأمر مشهور عند كثير من معارف رزق الله فإنه كان يتبجح عندهم بما فعله. وهذا المطران قد رجع الآن من الروسية. وعندنا علم باسمه ومقره ولكن ليس علينا ذكرهما. فاسألوا أيها المسلمون رزق الله عن تأليف هذا الكتاب أقر بتأليفه فأنتم أدرى بجزائه وإن أنكر فلعنة الله على الكاذبين. ثم العجب ثالثاً من ذلك العلامة كيف أنه خفي عليه أن رزق الله حسون كان مستخدماً في ديوان جمرك الدخان فخان الدولة واختلس منها مبلغاً عظيماً فحبس فيه. ثم فر من الحبس وسار على بطرسبورغ ثم إلى لندرة وها هو ينفق الآن من المال الذي اختلسه. فعين سفره وعين وجوده الآن بلندرة دليل على أنه مختلس وإلا فمن أين له أن ينفق هذه النفقات الجزيلة في تنقله في البلاد. فإن أجرته الشهرية التي كان ينالها من ديوان الجمرك لم تزد على خمسة أكياس وهذا المقدار وإن يكن إحساناً عظيماً من لدن الدولة العلية على أمثاله إذ كان إعطاؤه لأحد الأمناء من النصارى أو المسلمين أولى إلا أنه غير كاف في الإعانة على السفر وعلى طبع الكتب فيا للعجب من الأيام كيف لا وقد صرنا نرى فيها من يختلس مال الدولة ثم يطبع من مالها كتاباً ويهجوها فيه. [الجوائب، العدد 337].
ثم العجب ثالثاً [ثالثاً مكرر] من ذلك العلامة الذي يعلم سر الحرف كيف خفي على دقيق فهمه وغزير علمه أن رزق الله حسون كان في خدمة السيد الجليل الجنرال محمود بن عياد بمنزلة كاتب. فظن السيد محمود أولاً أنه قد ظفر برجل أمين يعرف ما يجب عليه من حقوق الخدمة كما كان الخواجة روفائيل كحلا عنده في باريس فإنه كان أمين سره والقائم بمصالحه أتم قيام. وإذا برزق الله أبان له: أن ما كل سوداء تمرة ولا كل ذات نقاب حرة. فكفر صنيعه وخانه خيانة شنيعة لم تزل أحدوثة الناس في الأصباح والأغلاس. وذلك أن السيد محموداً، المشار إليه، كان قد سلم إليه هدية من الماس الفاخر ليقدمها إلى حضرة ذي السيادة والدولة الشريف عبد الله باشا شريف مكة المكرمة حين كان مقيماً بالآستانة وأعطاه مبلغاً من المال ليفرقه على خدمة الأمراء والوزراء الذين زارهم في الأعياد. وكان يظن أن رزق الله قد أدى الأمانة إلى أهلها. حتى إذا خامره الريب في استقامته لبعض أمور أنكرها عليه في داره. خطر بباله أن يسأل عن الهدية فسأل عنها من حاشية الشريف المشار غليه فعلم وقتئذ أنها لم تصل إليه فأحضر رزق الله وتهدده فأقر بأنه تصرف في الهدية لفقره واضطراره.فألزمه أن يكتب له سنداً بثمنها وقدره فيما نعلم خمسة وعشرون ألف قرش فكتبه له. ولم يزل السند بيد السيد محمود إلى هذا اليوم.وعند ذلك طرد هذا الخائن من خدمته. لا جرم إن من كان معروفاً عند الناس بهذه المثالب و المعايب كان الأليق به أن يتستر عن عيون الناس لئلا يشيروا إليه بالأصابع ويجددوا ذكر ما عرف به من الفظائع لا أن يلغ في أعراض الناس ويبحث عن هفواتهم. ثم العجب رابعاً
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/239)
من ذلك العلامة النقاب أنه لم يدر أن رزق الله كان سابقاً في خدمة الخواجة يوسف الحجار فلم يلبث عنده غير طويل حتى كشف له عما هو منطو عليه من فساد الجبلة ورداءة الأخلاق. فطرده الخواجة يوسف من عنده. فما كان من رزق الله إلا أن اتخذ صورته مطبوعة على الحجر، وكتب تحتها قصيدة طويلة هجاه فيها أبلغ الهجو وجعل يرسل منها نسخاً إلى جميع الأقطار بل وضع منها أيضاً نسخاً في طرق الآستانة. فشكاه الخواجة يوسف إلى الضبطية فقبضوا عليه وهموا بحسبه لولا أن توسط في خلاصه المرحوم الحاج بكر القباقيبي وذلك لكرم نفسه وعظم مروءته فإن رزق الله كان في خدمته أولاً قبل أن دخل في خدمة الخواجة يوسف وأساء إليه فخرج من عنده مذؤوماً مدحوراً. فهذه مرة أخرى أنفق فيها رزق الله مال المحسن إليه في هجوه وسبه. ثم العجب خامساً من ذلك العلامة أنه خفي عليه أمر رزق الله حين سافر إلى الديار الشامية بصحبة سعادتلو فرانقوا أفندي عند حادثة الشام المشهورة. وذلك أن حضرة ذي الأبهة و الدولة فؤاد باشا لما كان مهتماً بإصلاح ذات البين عقب تلك الحادثة أمر رزق الله بأن يتوجه إلى دمشق لشراء مقدار من الخشب مما لزم لتجديد بناء البيوت التي أحرقت. فلما وصل إلى دمشق وشعر بأن للسيد الجليل الشيخ عبيد الله أفندي الحلبي بساتين ناضرة وكان قد وسوس إليها الخناس أيضاً أن الشيخ المشار إليه ملوم ببعض اللوم بسبب تلك الحادثة أخذ في قطع أشجار بساتينه أصلاً وفرعاً حتى غادرها قاعاً صفصفاً. ويومئذ عمل على أذى عزتلو خليل أيوب أفندي فوشى به وتجنى عليه ويومئذ دخل الجامع الأموي واختلس منه كتباً وما كفاه هذا حتى جعل يتبجح بما اختلسه بعد رجوعه إلى الآستانة. وتبجح أيضاً بأنه سرق كتباً قديمة من أديار الرهبان في الجبل فأسالوه يا قيمي الجامع ويا أيها الرهبان عن هذه الكتب. فإن أقر بسرقتها فأنتم أدرى بجزائه وإلا فلعنة الله على الكاذبين. وفي الحقيقة فإن وجود رزق الله في الديار الشامية بعد تلك الحادثة كان حادثة أخرى فإنه لم تعن له فرصة للأذى و الفتنة و التحريش والإغراء إلا وانتهزها وأخص ذلك وشايته بحضرة بطرك الموارنة وحضرة المطران طوبيا مطران بيروت المحترمين. وقضية قطع أشجار البساتين سمعناها من حضرة النبيه الفاضل الشيخ محمد أفندي أخي الشيخ عبد الله أفندي ولا مراء في قوله ثم العجب سادساً من ذلك العلامة أنه خفي عليه شناعة رزق الله وترهاته وتزويره وبهتانه حين كان يكتب مرآة الأحوال فإنه اتخذ هذه الصحيفة للطعن في أعراض الكرماء الأفاضل من رجال الدولة العلية حتى هجا الشيخ الجابي من مشاهير فضلا ء الشام. وأخبرني غير واحد أن النسخ التي كان يوزعها من مرآة الأحوال في الأستانة كانت بغير عبارة النسخ التي كان يرسلها إلى الخارج. فلما صار معلوماً لدى حضرة دولتلو سامي باشا وكان وقتئذ ناظراً على المعارف العمومية أن تلك الصحيفة صارت وسيلة للفساد والمعرة أمر بإبطالها مع أن المشار إليه لم يسيء إلى أحد في عمره قط، وأحب شيء إليه إسداء الخير والإحسان لجميع الناس. وما كفى رزق الله ما افتراه على الكرماء الفضلاء حتى افتخر بأنهم يخشون شرة لسانه وبذاءته فيرشونه حتى يسكت عنهم. فأشهد أن هذه الأخلاق لا تكاد توجد في أحد من بني آدم، بل إبليس نفسه لا يستطيع أن يتلبس بها كلها في صورة واحدة. ولقد سمعنا عن كثير من السراق واللصوص والهجائين والسبابين والمفسدين والمرتشين والناقضين لعهودهم والحانثين في إيمانهم والعاملين على أذى الناس وقطع أرزاقهم ولكن ما سمعنا عن أحد منهم أنه يفتخر بقبائحه ورذائله كما يفتخر رزق الله حسون بسيئاته. فيا له من سفيه قد أعيى الأطباء علاته وأعجز الشيطان محاكاته. [الجوائب، العدد 338].
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/240)
ثم العجب سابعاً من ذلك العلامة الذي يعلم سر الحرف كيف أنه خفي عليه باطن رزق الله الفاسد وما تسول إليه نفسه من تحدي القرآن الشريف في كتابه النفثات. وكيف أنه عمل على إفساد لغتنا الشريفة التي لولاها لم يكن لبني آدم هدى ولا رشاد ولا صلاح في المعاش والمعاد. فقد غير أساليبها وانتهك حرمة صيغها ولم يبال بما وضعه لها الواضع. فنراه يسكن المتحرك من ألفاظها ويحرك الساكن ويزيد فيها وينقص منها كيف شاء. وهي لعمري جريرة يعاقب عليها كجريرة السرقة من بيت المسلمين. ألا لعن الله كل من حاول أن يغير شيئاً من أوضاع اللغة العربية ودمر بيته وأيتم أولاده وقطع أسباب معاشه. فإن سبحانه وتعالى رضي بأن يكون كلامه القديم مبلغاً بها، وجميع الأحكام الدينية والعلوم الدنياوية قد أودعت فيها. وهي كانت الوسيلة في تمدين العالم وإصلاح بني آدم. فكل من تعمد تغييرها وتبديل شيء منها فقد وجب على زعماء الأمة تنكيله وتعذيبه. وإنما قلنا تمدين العالم لأنه من المعلوم أن التمدن الذي وصل إلى بلاد أوروبا لم يكن إلا بواسطة اللغة العربية. وسواء قلنا إن العرب هم الذين أحدثوا علم الحساب وسائر العلوم الرياضية، أو كانوا قد عربوها من لغات أخرى كما يزعم بعض،فوصول هذه الفوائد إلى أوروبا لم يكن إلا بواسطة لغتنا. فمن ثم يحق لنا أن نقول إنها هي سبب في إصلاح الأمور المعاشية والمعادية معاً. فهل يتأى والحالة هذه لحر مسلم أن يغضي النظر عمن يقصد إفساد أمور دنياه وآخراً عامداً متعمداً؟ بل هي يتأتى لأحد من النصارى العارفين بأساليب اللغة العربية كالشيخ ناصيف اليازجي ومن حذا حذوه أن يتحمل تشدق رزق الله وتبلتعه فيما جاء به نظماً ونثراً: لا جرم أن من لم يغر على هذه اللغة المصونة فما هو بذي غيرة على دينه ولا على إمرأته، ولا سيما إن هذا السفيه قد أشعر إشعاراً ظاهراً بأنه قادر على تحدي القرآن وهو أعجب شيء من جنونه وهوسه. فيا ليت شعري أي عالم من علماء المسلمين كاتب هذا الأهوج أو شهد له بالعلم حتى تهوس للنظم والنثر وكيف سولت له نفسه أن يهدي كتابه هذا الخسيس إلى ساحة العالم العلامة عمدة المحققين في هذا العصر، أعني الأمير عبد القادر، فإن الأمير المشار إليه من أروع العلماء وأتقاهم فلا يرضى بأن نصرانياً متشدقاً معتوهاً يعارض كلام القرآن في قوله، فتوقل ثم السدرة الكبرى ويلتبط أمواجاً تارة يربو جبالاً وطوراً يغور فجاجاً وفي قوله أيضاً: فأجاب الجرو لائمه وقد سفهه كثيراً ما أحطت بما أريد علماً ولا كنت بسبب النباح خبيراً. وغير ذلك من الكلام الغث الذي يدل دلالة صريحة على أن المتشدق بهذه الفقر معتقداً غاية الاعتقاد بأن في وسعه معارضة فواصل القرآن مع إصراره على إفساد اللغة وتغيير مبانيها. وما كفاه ذلك حتى أهدى هذيانه إلى إمام في العربية. وذلك من غرائب الأمور ومثل هذا الأمر غرابة هو أن دولتلو سوروس باشا سفير الدولة العلية في لندرة وبولس غضبان أفندي قنصلها مع علمهما بأن رزق الله قد اختلس مال الدولة وفر من سجنها وأنه هجاها ووصفها بالظلم والعدوان ووصف بلادها بالخراب والدمار فقد استصوبا أن يخالطاه ويعاشراه. فهو يتردد عليهما ويستأنس بهما في غربته. فإن قيل إنهما لا علم لهما بما اختلسه رزق الله قلنا إن قضيته شهرت في جميع جرنالات الآستانة فكان من الضرورة أنهما يعلمان حاله فيعلمان الدولة العلية بوجوده. هذا ما تقضيه أصول السياسة والصداقة. فأما إذا كان هنالك أصول أخرى فهو مما يفوتنا إدراكه.ثم أن قيل أيضاً أن رزق الله لم يخرج فيما قاله نظماً ونثراً عن أصول العربية فإنه إنما ارتكب من الضرورات الشعرية ما يرتكبه غيره. قلنا أولاًُ لا نسلم بأن رزق الله شاعر حتى يجوز له ارتكاب هذه الضرورات إذ هو لا يدري ميزان الشعر وحسبك دليلاً على ذلك قوله في الصفحة التاسعة:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/241)
ولست أعلم أنى استحصلوا لهم كل الأدوات للألحان والرغب حتى الكتاب الكبير والموسيقي لكي يخوضوا في فنه استكشاف مدرب.إلى أن قال: ينعون مركزهم في دست مجلسهم لاختلافات أهواء من الأرب.فهذه ثلثة أبيات من قصيدة واحدة لا يمكن استقامة وزنها أو تستقيم طباع ملفقها، وقس على ذلك سائر نظمه. فهو إذاً زجال لا شاعر فلا يجوز له ما يجوز للشعراء. وقد حان الآن أن نظهر جهله باللغة والصرف والنحو وغير ذلك ليعلم فيما قصده من تحدي القرآن أنه مجنون جنوناًُ مطبقاً ولكن لا بد لذلك من إيراد مقدمة لا تخلو من الفوائد لمن تعلق بأهداب الأدب ونظم في لغة العرب فنقول: [الجوائب، العدد 339].
لا يخفى أن العرب كانت قبائل وشعوباً كثيرة ولانتشارها وتفرقها في أقطار شاسعة كانت لهجة بعضها تخالف لهجة بعض كما نراه الآن في جميع الأمم. إذ لا يتأتي لأمة كبيرة متبوئة بسيطاً من الأرض أن يكون لها لهجة واحدة وكلام واحد، وإن تكن أمة متمدنة. ولهذا كان في العرب الفصيح و غير الفصيح، ولكن لا ينبغي أن نفهم من هذا أن غير الفصيح كان جامعاً لكل ما هو مذموم من اللغات، وإنما كان لكل قبيلة شيء منه على وجه الشذوذ فكان في ربيعة ومضر ((الكشكشة)) يجعلون بعد ((كاف)) الخطاب في المؤنث ((شيناً)) فيقولون: رايتكش وبكش وعليكش.فمنهم من يثبتها حالة الوقف فقط وهو الأشهر، ومنهم من يثبتها في الوصل أيضاً،ومنهم من يجعلها مكان ((الكاف)) ويكسرها في الوصل ويسكنها في الوصل، فيقول: منش وعليش ومن ذلك. ((الكسكسة)) وهي في ربيعة ومضر أيضاً يجعلون بعد ((الكاف)) أو مكانها في المذكر ((سينا)) على ما تقدم. وقصدوا بذلك الفرق بينهما. ومن ذلك ((العنعنة)) وهي في كثير من العرب في لغة قيس وتميم تجعل ((الهمزة)) المبدوء بها ((عيناً)) فيقولون: في إنك عنك، وفي أسلم عسلم، وفي إذن عذن. ومن ذلك ((الفحفحة)) في لغة هذيل يجعلون ((الحاء)) ((عيناً)) ومن ذلك ((الوكم)) في لغة ربيعة، وهم قوم من كلب يقولون عليكم وبكم حيث كان قبل الكاف ياء أو كسرة. ومن ذلك ((الوهم)) في لغة كلب يقولون منهم وعنهم وبينهم، وإن لم يكن فبل ((الهاء)) ياء ولا كسرة. ومن ذلك ((العجعجة)) في لغة قضاعة يجعلون ((الياء)) المشدودة ((جيماً)) يقولون في تميمي تميمج. ومن ذلك ((الاستنطاء)) في لغة سعد بن بكر وهذيل والأزد وقيس والأنصار تجعل ((العين)) الساكنة ((نوناً)) إذا جاورت ((الطاء)) كانطى في أعطى. ومن ذلك ((الوتم)) في لغة أيمن تجعل ((السين)) ثاء كالناث في الناس ومن ذلك ((الشنشنة)) في لغة اليمن أيضاً تجعل ((الكاف)) ((شيناً)) مطلقاً كلبيش اللهم لبيش، أي لبيك. ومن العرب من يجعل ((الكاف)) ((جيماً)) كالجعبة يريد ((الكعبة)) كما في المزهر، ولم يذكر قلب ((الحاء)) ((هاء)) كما في المدح و المده و المليح و المليه. وفي درة الغواص حكى الأصمعي أن معاوية قال يوماً لجلسائه: من أفصح الناس؟ فقام رجل من السماط (أي من الصف) وقال: قوم تباعدوا عن عنعنة تميم وتلتلة بهرا وكشكشة ربيعة وكسكسة بكر ليس فيهم غمغمة قضاعة ولا طمطمانية حمير فقال: من أولئك؟ قال: قومك يا أمير المؤمنين. قال الإمام الخفاجي في شرح الدرة في كامل المبرد قال معاوية يوماً: من أفصح الناس؟ فقام رجل من السماط فقال قوم تباعدوا عن فراتية العراق وتيامنوا عن كشكشة تميم وتياسروا عن كسكسة بكر ليس فيهم غمغمة قضاعة ولا طمطمانية حمير. فقال معاوية: من أولئك؟ قال قومي يا أمير المؤمنين. قال: من أنت؟ قال: رجل من جرم وجرم من أفصح الناس، اه. وهم من أيمن لكنهم جاوروا مضر. ثم قال: وبكر تتلف في الكسكسة فقوم منهم يبدلون من ((الكاف)) سيناًكما فعل التميميون في ((الشين))، وقوم منهم يثبتون حركة ((الكاف)) ويزيدون بعدها ((سيناً)). وبنو عمرو بن تميم إذا ذكروا ((كاف)) المؤنث ووقفوا عليها أبدلوا منها ((شيناً)) لقرب ((الشين)) من ((الكاف)) في المخرج لأنها مهموسة مثلها. فأرادوا البيان في الوقف لأن في ((الشين)) تفشياً و التي يدرجونها يدعونها ((كافاً)) وربما أبدلوا ((الكاف)) الأصلية المكسورة ((شيناً)) فقالوا في ((ديك)) ((دي)) كما قاله ابن السيد. وروى بدل قوله:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/242)
فراتية لخلخانية العراق اللخلخانية اللكنة من قولهم لخ في كلامه إذا جاء به ملتبساً. وفي فقه اللغة تعرض اللخلخانية في لغة إعراب الشحر وعمان كقولهم في ما شاء الله مشا الله. و الغمغمة أن لا تبين الكلام، و الطمطمانية العجمة يقال رجل طمطماني وطمطم. قلت: قد عرفها الإمام السيوطي بأنها لغة حمير كقولهم طاب أمهواء أي طاب الهوى. وقد أجمع العلماء ورواة أشعار العرب وأيامها أن قريشاً أفصح العرب ألسنة وأصفاهم لغة لأن الله تعالى اختارهم من جميع العرب حيث اختار منهم نبي الرحمة وجعلهم سكان حرمه وجيران بيت الحرام وولاته. وكانت قبائل العرب يفدون إلى مكة المكرمة للحج و للمحاكمة في أمورهم إلى قريش. وكانت قريش تعلمهم مناسكهم وتحكم بينهم ولم تزل العرب تعرف لقريش فضلها وتسميهم أهل الله لأنهم الصريح من ولد إسماعيل عليه السلام، لم تشبهم شائبة ولم تنقلهم عن مناسبهم ناقلة تفضيلاً من الله وتشريفاً إذ جعلهم رهط نبيه الآذنين وعشيرته الصالحين. [الجوائب، العدد 340].
وكانت قريش على فصاحتها وحسن لغتها ورقة ألسنتها، إذا جاءتهم وفود العرب تخيروا من كلامهم وأشعارهم أحسن لغاتهم وأصفى كلماتهم. واجتمع ما تخيروه من تلك اللغات إلى سلائقهم التي طبعوا عليها فصاروا بذلك أفصح العرب ثم يليهم في الفصاحة الست من القبائل وهم: مس من هوازن يقال لهم: عليا هوازن، وسعد بن بكر، وجشم بن بكر، ونصر بن معاوية، وثقيف، ثم سفلي تميم. قال أبو عبيدة: وأفصح هؤلاء بنو سعد بن بكر ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: أنا أفصح العرب بيد أني من قريش وأني نشأت في بني سعد بن بكر، وكان مسترضعاً فيهم. وبهذا فسر ابن عباس الحديث: أنزل القرآن على سبعة أحرف، اه. وأورد الإمام السيوطي في المزهر نبذة من الكلام الرديء المذموم من لغات العرب فقال في الجمهرة: الطعسنة لغة مرغوب عنها يقال: مريطعسف في الأرض إذا مر يخبطها. وفي الغريب المصنف يقال حفرت البئر حتى أمهت وأموهت، وإن شئت أمهيت، وهي أبعد اللغات فيها. و المعنى حتى انتهيت إلى الماء. وفي الجمهرة: تدخدخ الرجل إذ انقبض لغة مرغوب عنها. ورضبت الشاة لغة مرغوب عنها، و الفصيح ربضت. وفي أدب الكاتب لابن قتيبة يقال: فلان أحول من فلان من الحيلة لأن أصل ((الياء)) فيها ((واو)) من الحول. ويقال أحيل وهي رديئة. وفي ديوان الأدب الفارابي: الفص بالكسر لغة في الفص (بالفتح) وهي أردأ اللغتين، وأشغله لغة في شغله وهي رديئة واندخل أي دخل وليس بجيد.
والدجاج بالكسر لغة في الدجاج (بالفتح) وهي لغة رديئة. و الوحل بالسكون لغة في الوحل (بفتحتين) وهي أردأ اللغتين و الوتد بفتح ((التاء)) لغة في الوتد (بكسرها) وهي أردأ اللغتين و اليسار بالكسر لغة في اليسار (بالفتح) وهي أردأهما. ويقال هو أخير منه، في لغة رديئة، والشائع هو خير منه بلا همز. وفي الصحاح قال الخليل: أفلطني لغة تميمية قبيحة في أفلتني. وفي نوادر البريدي يقال: ألقت الدواة الاقة ولقتها ليقا رديئة، وتقول أقلته البيع إقالة وقلته قبلاً رديئة. وأنتن اللحم فهو منتن وقد يقال له منتن بالكسر وهي رديئة خبيثة: وتقول في كل لغة هذا ملاك الأمر وفكاك الرقاب بالكسر، وقد جاء عن بعض العرب أنه فتح هذين الحروفين، وهي رديئة وحثيت التراب أحثيه وفي لغة أخرى احثوه، وهي رديئة. وتقول رابني الرجل وأما أرابني فإنها لغة رديئة. وفي شرح الفصيح للبطليوسي الرنز لغة في الأرز وهي رديئة وقال ابن السكبت في الإصلاح يقال: في الإشارة تلك بفتح ((التاء)) وهي لغة رديئة. وقال ابن خالويه في شرح الفصيح: قال أبو عمرو وأكثر العرب تقول لك وتيك، لا خير فيها. ويقال: تطاللت بمنى تطاولت لغة سوء. وتميم تقول: الحمد الله بكسر ((الدال)) ولا خير فيها. وفي الصحاح أوقفت الدابة لغة رديئة. وفيه أعقت الفرس أي حملت فهي عقوق، ولا يقال معق إلا في لغة رديئة وهو من النوادر وفيه غلقت الباب غلقاً لغة رديئة متروكة. وفيه يقال: محقة الله وأمحقه لغة فيه رديئة وفيه: لا يقال ماء مالح إلا في لغة رديئة (يعني أن الفصيح ماء مالح ويفهم من كلام بعضهم أنه يقال ماء ملح مالح). وفي الأفعال لابن القوطبة: حدرت السفينة و القراءة و الرباعي لغة رديئة (
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/243)
انتهى مع بعض حذف). و الظاهر أن الإمام السيوطي لم يقصد استقصاء هذا النوع فإن ما ذكره قليل جداً بالنسبة إلى سعة اللغة العربية وكثرة قبائل العرب، حتى لو كان في اللغة قدر ما أورده ألف مرة لما شانها، ولا سيما إذا تأملت أنه قد مضى دهر طويل على العرب من قبل أن عرفوا الكتابة و القراءة، ولهذا وقع الاختلاف في رواية أشعارهم. أما ما وقع في شعرهم من الضرورات فأعظم أسبابها عندي هو أن إنشادهم للشعر كان في الغالب ارتجالاً. [الجوائب، العدد 341].
وكيفما كان من أصل هذه الضرورات الشعرية فلا ينبغي للناظم أن يكثر منها فإنها تفسد شعره، كما أشار إليه ابن نباتة المصري سلطان المتأدبين. بل ينبغي له أن يتجنبها غاية ما يكون ولا سيما القبيح منها. وذلك كتخفيف المشدد، وتشديد المخفف، وفك الإدغام، وتذكير المؤنث، وتأنيث المذكر، وتحريك الساكن، وتسكين المتحرك، وغير ذلك مما تقرر في بابه وعرف أصحابه. فارتكاب مثل ذلك دليل على قصر باع الناظم في العربية لا محالة فغاية ما يقال في شعر بأنه شعر فاسد. واعلم هنا أن الغلط على نوعين: غلط جهل وهو ظاهر، وغلط سهو وهو أن يذهب وهم الناظم إلى لفظة مكان لفظة تقاربها، كقول بعضهم ((مرابض الخيل)) في ((مرابط الخيل)). فهذا النوع مصفوح عنه للشاعر البليغ فأما لغير البليغ فلا. والآن قد انتهينا إلى ذكر أغلاط رزق الله حسون في كتاب النفثات وهي من النوع الأول. ولكن ينبغي أن نمر عليها مراً خفيفاً فإنها لكثرتها تقضي بمدة طويلة ولا سيما إذا أردنا تعليلها. ولسنا نريد أن نضيع الوقت في مثل هذا العمل الخبيث وإنما المقصود بيان جهل هذا المدعي بالعربية، وإشعار الناس بأن معارضته للقرآن الشريف مع هذا الجهل أقوى دليل على أنه مجنون. فمن ذلك قوله في أول صفحة ((إلى ذي الهمة العلياء)) وصوابها القصر لأن الممدودة اسم بمعنى المكان العالي و المقصور نعت تأنيث أعلى. ومن ذلك قوله في صفحة 5 و ((جدائل جري)) و الصواب وجداول. فإن الجدائل جمع جديلة وهي بمعنى الشاكلة و القبيلة. وقوله: لم يكلبها مخلبي عدى كلب بنفسه وهو خطأ. وقوله في صفحة 6 و ((الهرج)) حركها لتكون سجعة لنسج وهي ساكنة. وقوله: ((قف تسمع كلامي المفتهم)) ضبط ((قف)) بالفتح وهو بالكسر كما تقول ((غد)). وضبط ((المفتهم)) بفتح ((التاء)) ولم يرد في اللغة المفتهم بمعنى فهم. وقوله في صفحة 7 ((بالصوت الشجي)) يعني المطرب وهي لفظة عامية. فإن الشجي في اللغة معناه الحزين. وقوله: تصعيد أنفاسه من أصعد و الصواب مصعد بالتنقل. وقوله: ((شخصت باهتة)) وهو أيضاً من كلام العامة و الصواب مبهوتة، نص عليه في القاموس. وقوله في صفحة 8: ((وترى فوق الكلاء البهما)) ضبط البهما بضمتين وصوابه البهم بفتح فسكون وإذا حرك لكان حرف الحق قيل أبهم على وزن قمر وقوله: ((الكلا)) ممدوداً غلط فإنها مقصورة على وزان الملأ. وقوله: ((مشغف القلب)) من أشغف و الصواب مشغوف. وقوله في صفحة 9: ((الكبير الموسيقي)) وصوابه الموسيقوي كما تقول عيسوي وموسوي. وقوله: و ((الكل مجتهد أعمال آلته)) والصواب في أعمال آلته. وقوله قبلها الطبب: لا معنى له، وكذا الديب محركة لا معنى له هنا،فإن معناه في اللغة الزغب.وقوله: ((ما دام لسنا قعوداً)) وهو تركيب فاسد و الصواب ما دمنا غي قاعدين. وقوله (واقعد إلى جنب)) محركة و الصواب تسكينها وقوله: ((النؤب)) صوابه بغير همز.وقوله: ((هيا إذا نهق الأتان يسكتهم)) لا يستقيم الوزن إلا بمد الآتان وهي غير ممدودة. وقوله في صفحة 10 (أتيت الأهل بالرحب) ضبطها بفتح ((الراء)) و ((الحاء)) وهي بالضم و السكون وقوله ((وكلما احتيج)) و الصواب وكل ما احتيج إليه. ومثل هذا الحذف لا يجوز إلا مع أن وقوله: (عذب) محركة وهي مسكنة وقوله: (على يديكم) و الصواب على أيديكم. وأغرب من ذلك أنه ضبط الصل، وهو اسمه، في عدة مواضع بالضم وهو بالكسر فأغرب بمن يجهل اسمه. وقوله: ((ودنيا معاً)) و الصواب دنوا. وقس على ذلك سائر كلامه. فقد جمع جميع أنواع الغلط كما جمعت طباعه جميع أنواع الرذائل. أما قوله: إن ((إن)) تنصب الجزئين و استشهاده على ذلك بقول امرء القيس: إذا جن جنح الليل فلتأت ولتكن خطاك خفافاً إن حراسنا أسداً. فرواية صاحب القاموس وابن هشام إذا اسود جنح الليل لكن رزق الله اختار الجنون وعبارة ابن هشام في المغني إن المكسورة المشددة على وجهين أحدهما أن تكون حرف توكيد ينصب الاسم ويرفع الخبر. قيل وقد تنصبهما في لغة كقوله: إذا اسود جنح الليل (البيت). وفي الحديث أن قعر جهنم سبعين خريفاً وخرج البيت على الحالية وأن الخبر محذوف أي تلقاهم و الحديث على أن القعر مصدر قعرت البئر إذا بلغت قعرها وسبعين ظرف أي أن بلوغ قعرها يكون في سبعين عاماً، إلخ. فأنت ترى أنها مسألة خلافية فلا يقاس عليها قول رزق الله في صفحة 8: إن للألحان تأثير السرور مبدياً في كل نفس أثراً. فإن ((تأثير)) اسم إن و ((للألحان)) متعلق بخبرها. كما تقول إن في الدار زيداً. و ((مبدياً)) حال.
وأما إصرار رزق الله على وجوب مسألة مبحوثة عنها فعلماء العربية بحمد الله كثيرون في جميع الأمصار فهم يتكلمون فيها. أما نحن فلم يبق لنا كلام مع هذا السفيه لأنه لا يخشى الله ولا يستحي من الناس. وحسبك أنه يتحدى القرآن ويفتخر بأنه انتصر على الدولة العلية بفراره من سجنها. فإذا سبنا أو شتمنا قابلناه بقول الشاعر:
ولقد أمر على اللئيم يسبني فأعف ثم أقول لا يعنيني
وما كان لضفدع ينق على شاطئ التامس أن يكدر عيش أحد في دار الخلافة فنقيقه إنما يعود وبالاً عليه: وسيعلم الظالمون (أَىَّ مُنقَلًبٍ ينَقَلِبُونَ)
[سورة الشعراء رقم 26 الآية 227. [الجوائب، العدد 342].
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/244)
ـ[أبو الطيب أحمد بن طراد]ــــــــ[26 - 06 - 10, 07:22 ص]ـ
معركة فارس الشدياق
الصحفية مع إبراهيم اليازجي
(2)
مفرد الفطاحل
الجنان، السنة 2، الجزء 22 (15/ 11/1871)
ص 765 - 776. شبلي 97 – 116.
ثم أخذ فعارضني في قولي إن أهل بيروت لا يستعملون مفرد الفطاحل واستشهد بما أورده له سليم أفندي نوفل في كتاب أرسله إليه من بطرسبرغ من أنه وجدها غير مرّة في رسائل قسَّ من أهل بيروت إلى آخر ما روى عنه. قلتُ: إن صاحب الجوائب في أثناء ما أورده في اعتراضه على الفِحَطْل قال: ((وأهل بيروت يقولون للرجل المحنَّك فحطل على وزن جعفر)).وأوردها هناك بتقديم ((الحاء)) على ((الطاء)) أو بتأخير ((الطاء)) على ((الحاء)). والذي رواه الآن عن سليم أفندي نوفل عكس ذلك. فحكاية الأفندي المشار إليه أولى أن تكون تخطئةً له من أن تؤيد كلامه. وهنا أيضاً صحّح اعتراضي عليه بالتحريف على ما ذكرت في الردّ السابقّ. ولا يخفى أن قصده بإيرادها هناك التعريض بأن أبي رحمه الله، إنما ذكرها في المقامات على وجهها في نسخة الطبع وأنه أخذها عن لفظ عامّة أهل بيروت. فما لبث الآن أن خطّأ نفسه بحجّة. اللهمّ إلا أن يكون ورودها هناك بتقديم ((الحاء)) على ((الطاء)) غلط طبع كما في المقامات. وإن صاحبنا أراد أن يقول وأهل بيروت يقولون فطحل بتأخير ((الحاء)) فيكون ذلك غفلةً من صفّاف الحروف سامحه الله. على فرض أنه يمكن أن يغلط ولا يمتثل أحياناً ما ترسم له سهواً. أو يكون مكراً منه، قاتله الله على إبطال هذا الفرض وفاقاً لمعتقد صاحبنا العصمة عنده فيكون قد حرّفها عمداً لمقصدِ من المقاصد و الله أعلم. ويكون مراد صاحبنا بإيرادها مجرّد الاستشهاد بكلام عامّة بيروت تأييداً لما استشهد به من كلام الأئمة قبل ذلك، وتلك عادته غالباً. فإني رأيت له في سرّ الليال من كلام العامّة في مقام الاستشهاد شيئاً كثيراً حتى أنه قلما تخلو منه مادّة. ويجري هذا المجرى استشهاده بكلام الأعاجم فقد رأيت ألفاظاً كثيرة من اللغة الفرنسية و الإنكليزية وغيرهما حتى صار يسوغ أن يقال إن جانباً كبيراً من الكتاب أعجميٌ، وناهيك ما هناك من الفائدة للعرب. أثابه الله. ولولا خوفي أن يسقط شأن هذا المؤلف ويضيع افتخار صاحبه، زاده الله فخراً، لصرّحت لك بأنه أحياناً يورد ألفاظاً من لغة أهل مالطة. فهل كل ذلك إلا دليل فضل ٍ واسع وعلم باهر.
وأمّا احتجاجهُ بأن ذلك القس البيروتي أوردها بلفظ المفرد خلافاً لما رويته فلا تمسّك له به لأته يحتمل أن يكون قد تصرّف بها فردّها إلى المفرد.
وإنما تُورد هذه الحجّة في ما إذا قيل إن بناء مفردها غير ممكن ولو تدبّر كلامي كلامه لظهر له فساد حجته لأنني قلت إن مفردها لم يجر على ألسنتهم. فتأمّل. و بالتالي من أين علم أن ذلك المفرد ينبغي أن يكون على وزن جعفر، فربما إذا كلفنا ذلك القس أو غيره أن ينطق به، أورده بالضم أو بالكسر لأن هذين الوزنين معروفان عندهم وربما أورده بالفتح أيضاً كما ذُكر فالحكم على كل الوجوه لا يخلو من الشطط.
وأمّا مسألة المرابض التي لم يزل مصرّاً على رأيه فيها وزعمه أنه إذا ثبت الاشتراك في فعل الربوض لم يُستنتج منه الاشتراك في اسم الموضع منه، فغايةٌ في الغرابة. ولعمري لم نرَ أحداً من علماء الصرف أ, اللغة نبّه على أن اسم المكان يُبنى من الفعل في أحد معانيه دون سائرها، أو يُقيّد بفريق من أصحاب المعنى الواحد وإنما القوم أطلقوا القياس من غير تمييز ٍ ولا استثناء. ولا ورد عن أحدٍ منهم أن الاشتقاق يغيّر المعنى فينقله من الإطلاق إلى التقييد أو بالعكس، وإنما المشهور أن الاشتقاق إنما يغيّر هيئة مورد المعنى في الخارج دون أن يمس حقيقته. فإن الضرب مثلاً وضرب ويضرب وأضرب و الضارب و المضروب وهلمّ جرّاً كلها من معنى واحد وإنما طرأ عليه بالاشتقاق إن كان في أحدها مجرداً فورد في غيره مقترناً بزمن أ دالاً على الواقع منه أو عليه أو فيه إلى غير ذلك. وحقيقته في الكلّ واحدة وما زالت كلها تتناول ما يتناوله المعنى الأصليّ في المصدر بلا خلاف. فما أدري من الذي قال له ذلك وأيّ الأئمة نصّ عليه. وما اكتفى بما زعمه حتى أن يثبته من كلام العرب فكان غلطاً مركباً.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/245)
قال (فإن العرب كثيراً ما تفرد اسم المكان بمعنىّ مخصوص من معاني الفعل المتعددة وذلك لكثرة استعمالها لهُ. فمن ذلك لفظة ((المحافل)) فإنها لا تُستعمل عند الإطلاق إلا بمعنى المجالس التي يحفل فيها القوم أي يجتمعون، مع أنه يقال حفل الماء و اللبن كما يقال حفل القوم)) إلى آخر ما ذكر. و الصحيح أن ما توهّمه في لفظة ((المحافل)) على خصوصها إنما هو في مادَّة الحفل بأسرها من المصدر و الفعل وسائر المشتقات على وجه العموم.
وذلك أن الحفل في الإنسان أشهر وأكثر استعمالاً منه في الماء و اللبن ولذلك كان عند الإطلاق لا يتناول غيره، وهكذا كل ما اشتقَّ منه. كما أن المرابض يُفهم بها عند الإطلاق مواضع ربوض الدابّة دون الإنسان، لأن الربوض في الدابة أشهر. فإن نُصبت القرينة على إرادة غير المشهور لم يُفَهم إلا ما أشعرت به القرينة. فيقال محفل الماء ومربض الرجل بلا خلاف. و العجب هنا أنه أجاز في كلامه محفل الماء ولم يُجز مربض الرجل وما أدري ما الفرق بينهما. وهذا مثل ما مرَّ بك من إجازته جدّهُ في الفاصلة ومنعهِ الفِطَحْل و المطل. فتأمل.
قلت: وما تقدَّم الكلام عليه من مبحث تغليب بعض معاني المادّة على سائرها كثيرٌ شائعٌ في أكثر مواد اللغة، فقلما ترى لفظةً متعددة المعاني إلا ترى بعضها قد غلب في الاستعمال وهذا أشهر من أن يُنبّه عليه. وليس ذلك خاصاً باسم ٍ ولا فعل ٍ ولا جامدٍ ولا مشتق ٍ ولكنه ذاهبُ في ألفاظ اللغة كل مذهب. ومن هنا نشأ ما يسميه البديعيون نوع الاشتراك وهو عندهم أن يورد المتكلم لفظة تشترك بين معنيين يسبق ذهن السامع إلى غير المراد منهما فيأتي المتكلم بما يصرفها إلى مراده. مثال ذلك قوله: (وَاَلنَّجَمُ وَاَلشَجَرُ يَسَجُدَان ِ) [سورة الرحمن، رقم 55، الآية 6]. فإن ذهن السامع يسبق عند ذكر ((النجم)) إلى إرادة الكوكب لأنه أشهر في معناه وهو الغالب في الاستعمال. فلما قفّى على أثره بذكر ((الشجر)) انصرف المعنى إلى النبات لقيام القرينة عليه. وقال كثير عزَّة:
وأنتِ التي حبّبتِ كلَّ قصيرةٍ إليَّ ولم تعلم بذاك القصائرُ
ثمَّ فسّر فقال:
أردتُ قصيرات الحِجال ولم أرِد قصار الخُطَى شرّ النساء البحايرُ
وقس عليه، وهذه الغلبة إنما تُعتبر عند الإطلاق فيُعدل إليها بالمفهوم كما علمتَ، فإذا نُصبت القرينة انتفت الغلبة واستوى المشهور وغيره لتقتّد المعنى حينئذ بجهة معلومة. ولما كان الفعل لا يستقلّ بلا فاعله ومتى اقترن بالفاعل تقيّد به فلم يتناول غيره، كمنت فيه مظنّة التغليب لقيام القرينة على المراد منه أبداً مشهوراً كان ذلك المراد في معناه كحفل القومُ، أو غير مشهورٍ كحفل الماء مطلقاً. ولذلك كان يُتوهّم في بادئ الرأي أن مراتب معانيه في الشهرة سواء. ولما كان اسم الموضع يَرِدُ على حالة الإطلاق لاستغنائه ذاتياً عمّا يقيَّد به خلافاً للفعل وكان الإطلاق علّة ظهور هذا التغليب كما مرَّ بك لُمِح فيه ما كان مستتراً في الفعل فتُوهّم أن التغليب خاص به وأن العرب أفردته بمعنى مخصوص كما زعم صاحبنا.
وهنا أعجب من تخصيصه اسم المكان مع أن ذلك إذا دققت النظر وجدته يتأتى في غيره أيضاً وهذا مما يدلّك على سعة علمه. فمن ذلك المصدر في نحو قوله: طال الوقوف على رسوم المعهد. وقد جمع الأمرين. ومثله اسم الزمان واسم الآلة. وبالجملة يقع ذلك على اسم الحدث وكل ما شاركه من أسماء الأعيان مُطلقاً. لأن اسم الحدث يدل على معنى مجرَّد يعدل به المتكلم حيث شاء فلا يلزمه القيد بجهة معلومة. وأسماء الأعيان تدل على ذوات يُنسب إليها الحَدَث على وجهٍ من الوجوه كأن تكون ظرفاً لوقوعه أو آلة له بحيث لا يكون بينها وبين مورد هذا الحدث علاقةٌ ذاتية.
فإذا قلت ((المربض)) مثلاً فإنما تريد موضع الربوض دون اعتبار الرابض فيه، فرساً كان أو ثوراً أو غير ذلك، كما لا يخفى .. وكذا ما جرى مجراه فإنه على حده من هذا القبيل. وكذلك الفعل يشاركه في لزوم التقييد اسم الفاعل و الصفة المشبهة به و اسم التفضيل، وبالجملة كلّ وصف شاركه في الاشتقاق معلوماً. وذلك لافتقار كل واحد من الفعل و الوصف إلى صاحبه فاعلاً أو موصوفاً لدلالته على معنى قائم بغيره فلا يستقل بنفسه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/246)
ويخرج عن المصدر ما وُصف به منه، وعن الوصف ما غلب على الذات وكلاهما في الشاهد العدل وقس عليه. و السبب الظاهر. ويخرج عن الفعل ما صيغ منه للمجهول لأنه قد اجتزأ بالنائب عن الفاعل. ويلحق به اسم المفعول لأنهما من جهةٍ واحدة وقد تقدَّمت الإشارة إلى إخراج كليهما هذا في ما يناسب ما نحن فيه فتأمل. والله أعلم بالصواب.
وأما النصوص التي أوردها دلائل على صحة دعواه فلا تغني عنه شيئاً بل إنما تؤذن بصحة كلامي وليست أول مرَّة فعلها. لأن عبارة الحديث: ((صلوا في مرابض الغنم ولا تصلوا في أعطان الإبل))، لا تنفي إطلاق المرابض على سائر الدابة إلا كما تنفي القيام عن عمروٍ مثلاً بقولك: قام زيدٌ. لأن إثبات الحكم لواحد لا ينتج منه نفيه عن غيره كما لا يخفى. على أن الأعطان لا تختص بالإبل كما صرَّحت كتب اللغة. قال في القاموس: العَطَن محرَّكة وطن الإبل ومبركها حول الحوض ومربض الغنم حول الماء ((ج)) أعطان كالمعطن ((ج)) معاطن. وفي الصحاح قال ابن السكيت: وكذلك تقول هذا عَطَن الغنم ومعطنها لمربضها حول الماء. وفي المصباح: وعطن الغنم ومعطنها أيضاً مربضها حول الماء. اهـ وبهذا كفاية.
وكذلك ما جاء في العباب و لسان العرب و الصحاح من قولهم: ((المرابض للغنم كالمعاطن للإبل)) فإنه جار مجرى عبارة الحديث فلا ينتج منه ما أراده. ولعلّ الذي أوهمه التخصيص قولهم: ((كالمعاطن للإبل)) مع اعتقاده أنها خاصّة بها ففهم أن المراد أن المرابض خاصّة بالغنم كما أ، المعاطن خاصّة بالإبل. وعلى فرض صحّة هذا التأويل فقد علمت أن المعاطن تتناول غير الإبل، فأين التخصيص. على أن المراد من هذا التعريف أنه كما تُستعمل المعاطن لأوطان الإبل ومباركها حوا الحياض، تُستعمل المرابض للغنم بمعناها أي لمواضعها في المآوي وحول الماء.
وذلك من اصطلاحاتهم في كتب اللغة يقصدون به الهرب من التطويل غالباً بذكر التعريف بتمامه ولهم في مثل هذا شيءٌ كثير. منه ما مرّ في هذا التعريف. ومنه اقتصارهم على ذكر واحدٍ من الأمثال كقولهم: ((المرابض للغنم وهي تتناول غيرها))،وإنما ذكروا واحداً من جماعة هي سواءٌ في ذلك الحكم إذ لا يسعهم تعديدها بأفرادها كما لا يخفى. ومنها الوزن فإنهم قلما يصرّحون به إنما يقولون مثلاً: الكَرْنب كَسمنْد، بذكر ما يوازنه فقط وما أشبه ذلك. وعلى ذلك جروا في تعريف الربوض وربض.
قال فيالصحاح: وربوض الغنم و البقر و المعزى و الفرس و الكلب مثل بروك الإبل وجثوم الطير. وفي القاموس: ربضت الشاة كبركت في الإبل. وفي المصباح: ربضت الدابّة وهو مثل بروك الإبل. انتهى. مع تصرّفٍ في الأخيرين. فكان ينبغي أن يحكم بالتخصيص هنا أيضاً لأنه لا فرق بين التعريفين. فما أدري من أين جاءت هذه الضدّية.
وأما اتفاق النصوص على صورةٍ واحدة حيث قيل في الكل مرابض الغنم، فكثيراً ما وقع لهم ذلك وتابعوا بعضهم بعضاً في التعريف حتى جاء واحداً كما يشهد الاستقراء. فيُظنّ و الحالة هذه أن الاستعمال مقصورٌ على تلك الصورة. مثال ذلك قول صاحب الصحاح: غَلَت القِدر تغلي غلياً وغلياناً. وجاءَ في القاموس: غَلَت القدر تغلي غلياً وغلياناً. وفي المصباح: غلت القدر غلياً وغلياناً. فلم يذكر أحداٌ منهم غير القِدر في هذا المعنى ولا أطلق استعمال الفعل فكان ذلك يوهم التقييد. وليس كذلك فقد ورد في القاموس: جاش البحر والقِدر وغيرهما يجيش جيشاً وجيوشاً وجَيشاناً: غَلَى. فترى أنه أطلق الغليان هنا مع أنه قيّده في موضعه. وقس عليه كثيراً من الموادّ.
وبقي هنا مما استشهدَ به عبارة صاحب القاموس وهي تصرّح ببطلان دعواه.
قال: ((ربضت الشاة تربض ربضاً وربضة وربوضاً وربضة حسنة بالكسر كبركت في الإبل. ومواضعها مرابض)) انتهى. فقوله ومواضعها مرابض يعني به مواضع الشاة التي ذكرها لأن الضمير راجعٌ إليها. وقد مرّ تفسير الشاة في الردّ السابق من عبارة صاحب القاموس عينه حيث يصرّح بأنها تتناول جماعةً كثيرة من أنواع الدابّة عدّدتها هناك فلا حاجة إلى تكرارها. فتعيّن هنا أن المرابض غير خاصّةٍ بالغنم وأنها تتناوله الفعل من غير تمييز كما يفيد نصّ العبارة فتأمّله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/247)
وإن كان كلّ هذا لا يُقنعه أوردت له شيئاً من سرّ الليال لأن كلامه يعجبه. قال (ثمّ ربضت الشاة تربض ربضاً وربضة وربوضاً كبركت في الإبل ومواضعها مرابض وهو مستغنى عنه)). انتهى. وهي عبارة صاحب القاموس. غير أنه أسقط منها الربضة لهيئة الربوض.وتدارك على المرابض بأنه يُستغنى عن ذكرها. والإشارة في الموضعين إلى أن مثل هذا يتناول بالاشتقاق فيُستغنى عنه بقواعد الصرف كما صرَّح في المقدمة فرجع إلى ما قرَّرته من الأخذ بالاشتقاق. ولا ريب أن المشتق لا يكون إلا بعض المشتق منه كما تقدَّم فانطبقت المرابض على معنى الربوض. وإلا لزم أن يقرّرها ويستدرك عليه أنه لم يقيّدها بالغنم وفاقاً لاعتقاده.
وقال بعد ذلك: ((وعبارة المصباح ربضت الدابّة ربضاً وربوضاً وهو مثل بروك الإبل. والرَبَض محرَّكة و المربض كمجلس للغنم مأواها. اهـ.)) مع تصرّفٍ. فأطلق في الأول وقيّد في الثاني. وفي فقه اللغة في تقسيم الجلوس: جلس الإنسان. برك البعير. ربضت الشاة، إلخ. ولم يذكر المربض في تقسيم الأماكن. انتهى كلامه.فقد رأيت أنه أنكر على صاحب القاموس ذكر المرابض كما أشرت آنفاً.
ثمَّ أنكر على صاحب المصباح الإطلاق في الأول و التقييد في الثاني، يعني إطلاق الفعل و تقييد الظرف مع أنه عين ما يحاوله الآن. وصرح بأن صاحب فقه اللغة لم يذكر المربض في تقسيم الأماكن. فمن قال له بعد كل هذا إنها خاصّة بالغَنَم. لا جَرم أن هذا هو عين المكابرة و العناد. ويجري هذا المجرى تخصيصه المرابط بالخيل هناك و الظاهر أنه لا يعرف منشأ هذا التخصيص ولا كيفيته ولا مواقعه وذلك من مثله غريب. وهو إنما يقع أحياناً في المترادفات فيفرّق بينها على هذا الأسلوب تفريقاً اعتبارياً تحسن معرفته ولا تجب مراعاته دائماً.قال الإمام الثعالبي في تقسيم الأماكن: وطن الناس، مراح الإبل، اصطبل الدواب، زرب الغنم، هلمّ جرّاً. ولكن أئمة اللغة قد تصرَّفوا في هذه المختصات حتى في تعريفها في كتب اللغة.
فإن الوطن مما ذُكر يطلق على غير الناس أيضاً، ومنه ما مرَّ بك في تفسير العَطَن حيث قيل هو وطن الإبل وقالوا أوطان الغنم أيضاً مرابضها. وغير ذلك، وفسّر بعضهم المُراح قال: هو حيث تأوي الماشية بالليل. وقال الآخر. حيث تأوي الإبل و الغنم. وقس على ما ذُكر ما لم يُذكر. وعلى ذلك جرى صاحب فقه اللغة عينه في نفس كتابه الذي جمع فيه هذه القيود فاستباح ما نصّ على تقييده. ألا تراه يقول مثلاً: فصلٌ في تقسيم النسج. ثمَّ يقول نَسَج الثوب. رَمَل الحصير. سفَّ الخُوض، إلى آخره. فصلٌ في تقسيم الخياطة. ثم خاط الثوب. خَرَز الخفَّ. خَصَفَ النعل إلى آخره. فصلٌ في تقسيم الرعدة: ثمَّ الرعدة للخائف و المحموم. الرِعشة للشيخ الكبير و المدمن للخمر. القرقفة لمن يجد البرد الشديد إلى آخره. ومثل هذا كثيرٌ في كتابه أفنعدّه خطأ منه. وقال بِشر ابن أبي حازم:
يخرجنَ من خلل الغبار عوابساً خَبَبَ السباع بكل أكلف ضغيم
وفي فقه اللغة وغيره أن الخَبب للخيل. وهذا من باب المرابض للغنم. وقال النابغة الذبيانيّ:
إذا استنزلوا للطعن عنهن أرقلوا إلى الموت إرقالَ الجمال المصاعبِ
أطلق الإرقال على الرجال، وفي فقه اللغة أنه للجمال كما صرَّح في عجز البيت. وقال عمرو بن كلثوم:
متى نعقد قرينتنا بحبل تجذّ الحبلَ أو تَقِص ِ القرينا
و الذي في فقه اللغة حَذَق الحبل. وأمثال كل ذلك لا تُحصى. والأظهر أن من قال بالتقييد إنما يريد إظهار أصل الوضع فقط وإلا لزم الحكم بخطأ من لا يُسّلم بخطئه. فتأمل.
وعلى فرض أن المربض هما من هذا الباب فقد علمت أن القوم لم يعتدّوا بشيءٍ من ذلك. على أنه شتّان بين الجانبين، لأن المربض مشتقٌ من ربط الشيء بمعنى شدّه فهو يدل على موضع الربض. وإذا قلنا المربض فإنما نريد موضع الربوض فكلّ منهما يُستعمل بما يراد من معناه الوضعيّ. وقد تقرّر بتسليم صاحبنا أن الربوض يتناول الخيل كما يناول غيرها، فإن لم نعبّر عن موضع ربوضها بالمربض فماذا يريد هذا البارع أن يقول.
قلت ُ: وهذه المسألة أشبه بما وقع لبعضهم قال: لا يقال الراكب إلا لراكب البعير خاصّة. فردّ بقول امرئ القيس الكنديّ:
كأنيَ لم أركب جواداً ولم أقل لِخيليَ كرّي كرّة بعد إجفال
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/248)
وكأني بهذه المسألة لو وقعت لصاحبنا لم يسلّم بها ولماحك فيها ما شاء الله أو يُورَد له شاهدٌ على لفظة الراكب بصيغتها و العياذ بالله من كل أمر ٍ مريب.
ولعمري إنني لأستغرب كثيراً مشاحنتهُ في هذه اللفظة على ما رأيت. وهو الذي يقول في كتابه الساق على الساق صفحة 201: ((ومن خصائصها أن البغاث بها يستنسر و الناقة تستبعر)). كأنه يريد طباق قولهم استنوق الجمل. مع أن البعير يُستعمل للذكر و الأنثى فالتوى عليه الطباق وفسد المعنى. قال في الصحاح: البعير من الإبل بمنزلة الإنسان من الناس، يقال للجمل بعير و للناقة بعير. وفي القاموس: البعير الجَمل البازل أو الجَذع وقد يكون للأنثى. وفي المصباح المنير: البعير مثل الإنسان يقع على الذكر و الأنثى يقال حلبتُ بعيري. والجمل بمنزلة الرجل يختصّ بالذكر. و الناقة بمنزلة المرأة تختص بالأنثى.انتهى.
وأكثره مما انطوى عليه سر الليال. وهو الذي يقول في هذا الكتاب صفحة 45: فأجمعا رأيهما على أن يستبضعا. فزيادة ((رأيهما)) غلط ٌ بيّن و الصواب تركه أو جعله فاعلاً للإجماع بأن يقال فأجمع رأيهما. قال في الصحاح: قال الكسائي يقال أجمعت الأمر وعلى الأمر إذا عزمت عليه. وفي المصباح: وأجمعت المسير والأمر، وأجمعت عليه يتعدّى بنفسه. و بالحرف عزمت عليه. وفي حديثٍ: ((مَن لم يُجمِع الصيام قبل الفجر فلا صيام له))، أي من لم يعزم عليه فينويه. وأجمعوا على الأمر اتفقوا عليه. وفي القاموس: والإجماع الاتفاق، و العزم على الأمر أجمعت الأمر وعليه.اهـ. وفي هذا الأخير تصرفٌ وكله واردٌ في سر الليال. وربما احتج بأن رأيهما في العبارة هو المعزوم أو المتفق عليه لأن الإجماع يتعدى بنفسه، و المعنى أنهما عزما على هذا الرأي. ولكن ذلك مردودٌ بقوله: على أن يستبضعا. فإن الرأي لا يُعدّى بعلى فتعيّن أن تكون من صلة الإجماع. وكيفما توجّهت المسألة فأحد الموضعين خطأ لا مفرَّ منه.
وهو الذي يقول في صفحة 16 من هذا الكتاب (إلى أن تصيروا كَهْلاً ثم شيوخاً)). و ((كهْلاً)) مضبوطة بفتح ((الكاف)) وسكون ((الهاء)). والصواب ((كهولاً)) أو ((كهّلاً)) بضم ((الكاف)) وتشديد ((الهاء)) مفتوحةً فيستقيم. وقد تصفّحت في ما وضعه من إصلاح الغلط لهذا الكتاب فلم أجد لها تصحيحاً. ولا أرى له عذراً فيه بعد أن قال إن كتابه خال ٍ من غلط الطبع ثم علق عليه إصلاحاً. فلم يبق شبهة في أن هذه اللفظة مرَّت على نظره أو أن نظره مرَّ على هذه اللفظة ووثق بها. وقد حان لي أن أرجع إلى ما كنت عليه فأقول: ثمَّ أنكر عليَّ توجيه مأخذ الربوض من الرَبَض للأمعاءَ كما عللت هناك وجزم بالعكس. قال: ((إذ القاعدة أن الأشياء الظاهرةِ تكون أصلاً للباطنة)). وأطال الكلام في هذا المعنى على غير طائل.
قلت إنني في توجيهي المشار إليه إنما اعتمدت على ما ورد في كتب اللغة من أقوال العلماء الذين لا أجد لي بداً من التسليم بصحّة ما أجمعوا عليه فبنيت كلامي على ما رأيته من كلامهم في مثل هذه اللفظة لاعتقادي أنه يصحّ أن يقاس على ما قرَّره. فإن وافق حكمي حكمهم كنت مصيباً بالنسبة إليهم على ما أرى وإن كنت مخطئاً بالنسبة إليه ووقف الحكم بيني وبينه على الحكم بين صحّة رأيه أو رأي العلماء. فتبصر، وإن كانت المسألة مشكلة. وهذا الذي أشرت إليه.
قال في الصحاح: وركَ يَرِك وروكاً وضع وركه على الأرض. وتورَّك على الدابّة أي ثنى رجله ووضع إحدى وركيه في السرج وكذلك التوريك. وتورَّكت المرأة الصبي إذا حملته على وركها. وفي المصباح: قعد متوركاً أي متكئاً على إحدى وركيه. وفي القاموس: ورك يرك وركاً وتورّك وتوارك اعتمد على وركه. وقال: في المغرب: البروك للبعير كالجثوم للطائر و الجلوس للإنسان، وهو أن يُلصِق بَرْكه بالأرض. وفي الصحاح: وابترك الرجل أي ألقى بركه. وابتركته إذا صرعته وجعلته تحت بركك. وفي المصباح: برك البعير بروكاً من باب قعد، وقع على بركه وهو صدره. وقد أشرت إليه هناك. وقال في المصباح: والضَبْع بالسكون العَضُد. وضبعت الإبل و الخيل تضبع بفتحتين مدَّت أضباعها في سيرها وهي أعضادها. واضطبع من الضبع وهو العضد. وهو أن يدخل ثوبه من تحت إبطه اليمين ويُلقيَه على عاتقه الأيسر. وجاء في الصحاح
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/249)
: وضبعت الرجل مددتُ إليه ضَبْعي للضرب.وضَبَعَت الخيل والإبل تضبع ضَبعاً، إذا مدَّت أضباعها في سيرها وهي أعضادها. وفي القاموس: وضبعه كمنعه مد إليه ضبعه للضرب.والخيل والإبل ضبعاً وضبوعاً ضبعاناً محرَّكة، مدَّت أضباعها في سيرها كضبعت تضبيعاً وهي ناقة ضابع. والبعير أسرع أو مشى فحرَّك ضبعيه. واضطباع المُحرم أن يُدخل الرداء من تحت إبطه اليمن ويرد طرفه على يساره ويُبدي منكبه الأيمن ويغطي الأيسر سُمي به لإبداء أحد الضَبْعين.
وقال في الصحاح: وتأبط الشيء أي جعله تحت إبطهِ. وفي القاموس: بعد تعريف الإبط: وتأبطه وضعه تحته. وفي المصباح: وتأبط الشيء جعله تحت إبطه. وفي الصحاح: الضِبن بالكسر ما بين الإبط و الكشح. وأول الجنب الإبط ثمّ الضِبن ثمّ الحضن. وأضبنت الشيء وأضطبنته جعلتهُ في ضبْي. وفي القاموس: الضبن ما بين الكشح والإبط. وأضبن الشيء جعله في ضبنه كأضطبنهُ. وفي الصحاح: الحِضن ما دون الإبط إلى الكشح. وحَضَن الطائر بيضه يحضنه إذا ضمه إلى نفسه تحت جناحه، وكذلك المرأة إذا حضنت ولدها. واحتضنت الشيء جعلته في حضني. وفي القاموس: الحِضن بالكسر ما دون الإبط إلى الكشح أو الصدر و العضدان وما بينهما. وحَضَن الصبيّ حَضناً وحِضانةً بالكسر جعله في حضنه أو رباه كاحتضنهُ. وفي المصباح: والحضن ما دون الإبط إلى الكشح. واحتضنت الشيء جعلته في حضني.اهـ. وفي أكثرها تصرفٌ وأمثال هذه كثيرةٌ لا تحصى فاقتصر منها على ما ذكرته ولعله يكفي دليلاً على صحة ما قرَّرته.
نعم، إنني لم أقف على نص يصرح بأن الربوض مأخوذٌ من الرَبَض كما ذهبت، ولكن القياس في بعض الأحوال لا يُنكَر، ولا سيما أن صاحبنا يعتقد أن اللغة بأسرها جارية على القياس و القاعدة، وعليه عوَّل في كتابه سر الليال. وسيأتي الكلام على هذا المبحث. فما الفرق و الحالة هذه بين كل ما ذُكر وبين قولنا: ربض اعتمد على رَبضهِ مثلاً؟ وما يمنع كون الربوض مأخوذاً من الربَض جرياً على ما مرَّ بك مما نصَّ العلماء على مأخذه على هذا الأسلوب؟ فإن صحَّ كل ذلك صحَّ هذا أيضاً. وإن حكمنا بفساد هذا لزم الحكم بفساد جميع هذه النصوص وتخطئة أئمة اللغة دون تصحيح مذهب صاحبنا أعزَّه الله، وكل غال ٍ في جنب مثله مُرتخص. كيف لا وهو في كتابه المذكور قد سطا على أكثر علماء اللغة، رحمهم الله، ولا سيما الإمام الفيروزابادي صاحب القاموس الذي بنى عليه هذا الكتاب. فإنه خطّأه في مسائل لا تحصى فكأنما بنى الكتاب على تخطئته. ومنه ألمَّ ببقية العلماء وتطاول على كل واحدٍ منهم، فغلّط ما شاء وصحّح ما شاء وذهب في تشويه مصنفاتهم كلَّ مذهب. وبين ذلك تراه تارة يختال بنفسه عُجْباً بأنه قد كوشٍف بسر لم يُكاشَف به أحدٌ من العالمين وأدرك من أوضاع هذه اللغة ومبانيها وأسرارها ما لم تدركه كبار الأئمة ولا خطر على قلب أحد من العلماء الأقدمين. ثم ينثني على نفسه بالثناء والإطراء، ويقترح على أولي الفضل أن يكبروا صنعه هذا ويعظّموهُ ويفضلوه على كل ما سبق في ماضي الأعصار. ثمَّ يرجع على العلماء و المصنّفين باللوم و التفنيذ ويأخذ عليهم ما يخال أنه يضمن له قصب السبق في يده البيضاء. إلى غير ذلك وقد صرَّح في مقدَّمة سر الليال بكتاب وضعه في تخطئة قاموس الفيروزاباديّ سماه الجاسوس على القاموس. ولم أقف عليه ولعله لم يطبعه بعد. وأما ما خطّأه به في سر الليال فقد رأيت منه ما قضى عندي بالعجب، ولولا ضيق المقام لأوردت منه شيئاً كثيراً.
وأغرب ما هناك أنه أنكر على صاحب القاموس أنه يعيب على صاحب الصحاح شيئاً ثمَّ يتابعهُ عليه. وهو عين ما فعله في مواضع كثيرة من سر الليال، فتابع صاحب القاموس على ما خطّأه به. فمن ذلك ما خطّه بقلمه الكريم ونشره في صحيفة الجوائب حيث يقول: إنه أنكر على صاحب القاموس خلطه الأفعال الرباعية و الخماسية و السداسية بالفعل الثلاثي. وهو عين ما وقع به في سرّ الليال كما قرَّر عن نفسه. بارك الله فيه. وأما اعتذاره هناك بأن الفرصة لم تمكنه من تهذيبه كما أراد، وأنه كان يحرّر سر الليال كما كان يحرر الجوائب، يعني صفحةً صفحة وكلما نُجزت صفحة سلّمها إلى المرتّب. فهذا سأذكر جوابه في موضعه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/250)
ومن ذلك إنكاره على صاحب القاموس أنه لا يحافظ على ترتيب المواد و المشتقات قال: ففي كدى وصلى وقهى وطمى وغبى وغطى وغشى. أورد ((اليائي)) قبل ((الواويّ)). وهو في سر الليال أورد ((الأب)) بعد ((أبى)) وقد صرّح بأن ((الأب)) واويّ حيث قال: وأصله أبوٌ محركة كما في القاموس. على أن في نفس هذا الاعتراض اعتراضاً عليه. فإنه أورد فيه كدى قبل صلى وقهى قبل طمى وغطى قبل غشى فتأمل.
ومن ذلك إنكاره عليه أنه يقيّد في تعاريفه ما هو مطلق كقوله: بكأت الناقة قلَّ لبنها. وهو يقول في سرّ الليال: وبَتِع الفرس فهو بَتيع ككتف وهي بتعة طالت عنقه مع شدَّة مغرزها. وعبارة القاموس في هذه المادة، وبالتحريك طول العنق مع شدَّة مغرزها. بَتِع الفرس كَفَرِح فهو بَتِع ككَتِف وهي بَتِعة، انتهى. فأنت ترى أن صاحب القاموس عينه قد أطلق في التعريف ثمَّ ذكر الفرس بعد ذلك مثالاً لقصد بيان الفعل كما جرى اصطلاحهم، وصاحبنا قيّد المادة بالفرس رأساً. وأمثال هذه كثيرة. وأما المسائل التي خطّأه فيها وكان هو المخطئ وتعنّته عليه أحياناً في ما لا حرج فيه إلى غير ذلك فشيء يطول الكلام عليه. وأعود الآن إلى ما كنت في صدده.
وأما قوله: إذ القاعدة أن الأشياء الظاهرة تكون أصلاً للباطنة على ما ورد في لسان العرب، وزعمهُ أن الرَبَض للأمعاء هو من هذه الأشياء الباطنة، فلزم أن يكون مأخوذاً من الربوض لأن الربوض ظاهر. فهذا هو التشدق بعينه.المراد بالأشياء الظاهرة في عبارة صاحب اللسان: الأشياء المحسوسة وهي التي تُدرك بالحواس الظاهرة وخلافها الباطنة، والمراد بها الأشياء المعقولة التي لا تُدرك إلا بالمشاعر الباطنة. فأين الرقمتان من وادي الغضا؟ والظاهر أنه يفهم بالأشياء الباطنة ما كانت مستورةً عن العيان وخلافها عند الظاهرة، ولذلك عدَّ الرَبَض باطناً وتكلف التعبير عن العَبَث في هذا التأويل لا يكون إلا من العَبَث فنتركه لأولي العلم ينظرون فيه. بل قد ورد في سرّ الليال صفحة 11 [أدناه ص 412] ما نصه: ((إن أهل اللغة جميعاً قد أجمعوا على أن المهذَّب للرجل الكامل مأخوذ من تهذيب الشجرة بناءً على أن الأمور المعنوية أو العقلية مأخوذة من الأشياء الحسية، وذلك موجود في جميع اللغات ضرورة. أن الحواس الظاهرة هي التي تبعث الحواس الباطنة على التفكر والتخيّل. فإن من لم يَرَ الأسد مثلاً قط ولم يسمع به لم يخطر بباله أن يشبه به رجلاً شجاعاً وهذا كما يُحكى عن ابن المعتز، رحمه الله، من أنه كان ينظر إلى آنية بيته ويشبّه بها. وتقرير ذلك أن العقل مأخوذ من عقلت البعير، ومثله لفظة الحجْر اشتقاقاً ومعنى. والحِكمة من حَكَمَة اللجام، والذكاء لتوقد الذهن من ذكاء النار. ومثله الألمعي و الثاقب)). إلى آخر ما فصّل بالصواب.
وهنا كلّ العجب وما أدري ما الذي حمله على أن يعدل إلى الجهل بعد المعرفة ويحاول أن يخطّئ نفسه في ما أصاب به. ولا أعلم و الحالة هذه بماذا أعبر عن مثل هذه الخُلق فهو يشبه البله ولكنه ليس منه. ويشبه الخَرَق ولكنه ليس منه. وفيه طَرَفٌ من شبه الحمق والله وأعلم. اللهم إلا أن يكون قد نسي ما قرَّره في سر الليال مما تقدَّم نصه فلا يشبه شيئاً من ذلك إنما تكون المسألة من باب المعاندة. ولكن لا يصح هذا الفرض لأنه قد ذكره في ردّه ودلَّ على موضعه وأورد منه شيئاً، فهل يكون النسيان في الذكر؟ لا جرم أن ذلك يكون من خوارق الطبع. فتبصر والأمر مشكل.
قلت وإنما أخذَت الأشياء الباطنة من الأشياء الظاهرة، لأن الأشياء الباطنة لا وجود لها في الخارج فسّموها بما يناسبها في المعنى من تلك. وذلك أما من مفاعيلها كما في العقل والحِجْر بالكسر وقد ذكرهما والحِجى بكسر ٍ ففتح ِ والنُهى بضم ففتح وكلها بمعنى. فإن الأول مأخوذ من عَقل البعير أي شدّة بالعقال، و الثاني من الحَجْر بالفتح أي المنع، و الثالث من قولهم أن جحا فلاناً أي منعه، و الرابع من النهي بالفتح أي الزجر أو المنع. كأن المراد أن يعقل صاحبه أو يحجره أو يحجوه أو ينهاه عن التجاوز إلى المحظورات. وإما من حيث هيئتها المتوّهمة في الذهن كالتصور العقلي فإنه مأخوذ من التصوير العملي بجامع إبراز الهيئة وتشخيصها فشُبه به. أو غير ذلك من الوجوه التي تُعتبر في مثل هذا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/251)
وربما أخذ الظاهر من الظاهر على هذا التشبيه ككوكب العين لنقطة بيضاء تحدث في سوادها فإنه مأخوذ من الكوكب بمعنى النجم بجامع الهيئة بينهما. وهذا كثيرٌ. وورد الضِلع بمعنى العود فيه عِرَضٌ فإنه مأخوذ من ضِلَع الحيوان على التشبيه أيضاً. وعلى مذهب صاحبنا الآن ينبغي أن يكون هو أصلاً لضِلَع الحيوان لأنه يعد ضلع الحيوان من الأشياء الباطنة وهو أظهر من أن يتكلف له البرهان. وورد حبل الوريد لعرق في العنق وهو من باب إضافة الشيء إلى نفسه. فإنه مأخوذ من الحبل المعروف. وهو عكس ما تقدَّم. وجاء الرئة و الحرقدة مما يتوهمه باطناً، و الفهم و الفطنة والبَله مما هو باطن حقاً وغيرها وليس في مادّتها ما يتأتى مأخذها منه. وقس على كل ذلك. وأقرب ما أراه في مأخذ الرَبَض للأمعاء أنه من الرَبَض لحبل الرحل على التشبيه به. وأنت تدري أن العرب كانت كيفما انقلبت فالرحال بين أيديها ونصب أعينها في الحَضَر و السفَر وفي جميع أحوالها. فالمظنون أن هذا التشبيه أقرب ما يخطر لها. والله أعلم بالصواب.
وأما يكون رَبَض مأخوذاً من رب على ما زعم وأن اللغة جارية بأسرها هذا المجرى فكل مادةٍ ترجع إلى أصل يُحكم بأخذها منه على وجه الاطراد و القياس كما عوَّل في كتابه سر الليال، فشيء بينه و بين المحال نسبةٌ أقرب مما بينه وبين أن يصدّقه عاقل. ولقد خطر لي الآن ما لو خطر له لما باشر تأليف هذا الكتاب، ولا تجشّم لأجله عناء السهر وكدّ القريحة في غير شيء. قال في أول كتابه الساق على الساق في ما عنوانه تنبيه من المؤلف: ((ومنه إيراد ألفاظٍ كثيرة متقاربة اللفظ و المعنى من حرفٍ واحدٍ من حروف المعجم نحو الغطش و الغمش و البهز و البحز و البغز و الحفز تنبيهاً على أن كل حرف يختص بمعنى من المعاني دون غيره وهو من أسرار اللغة العربية التي قلَّ من تنبّه لها. وقد وضعتُ لهذا كتاباً مخصوصاً سمّيته منتهى العجب في خصائص لغة العرب. فمن خصائص حرف ((الحاء)) السعة و الانبساط نحو الابتحاح و البداح و البراح والأبطح ولأبلنداح و الجح و الرحرح و المرتدح و الرَوح و التركح و التسطيح و المسفوح و المسمح في قولهم: إن فيه لمسمحاً أي متسعاً، و الساحة و الانسياح إلى آخره. ومن خصائص حرف ((الدال)) الين و النعومة والغضاضة نحو البراخدة و التيد و الثأد و الثعد و المثمعدّ و المثمغدّ و الثوهد و الثهمد و الخبنداة، إلخ ويلحق به الأمور المعنوية الرغد و السرهدة والجد وغير ذلك. وربما عادلوا في بعض الحروف أي راعوا فيها الإكثار من النقيض. فإن حرف ((الدال)) يشتمل أيضاً على ألفاظٍ كثيرة تدل على الصلابة و القوَّة و الشدة وذلك نحو التأدد و التأكيد و التأييد و الجلعد و الجامد)) إلى آخر ما قال على هذا النسق.
و الحاصل أنه عوَّل هنا في تناسب معاني الألفاظ على الحرف الأخير منها دون اعتبار ما قبله. فكل طائفة منها خُتمت بحرف من حروف المعجم كانت مختصة بمعنى واحد يردُ في جميعها ولا يشاركها فيه غيرها مما ختم بغير هذا الحرف. والذي جزم به في سر الليال أن تناسب معاني الألفاظ إنما هو منوطٌ بالحرفين الأولين منها دون اعتبار ما بعدهما. فكل طائفة منها بُدئت بحرفين من حروف المُعجم كانت مختصة بمعنى واحد يردُ في جميعها ولا يشاركها فيه غيرها مما بُدئ بغير هذين الحرفين. وربما شرك بينها مجانسة الحرفين في بعض المواد للحرفين في غيرها. وبالجملة لا علاقة للحرف الثالث فما يليه بأمر المعنى أصلاً. فهو يقول على هذا: ((إن آب وأَبأ وأبت وأَبث والأبج وابد وابر وابز وابس وابش وابص وابض وأبط وابق وابك وابل وابن وابه وابى وما يشاركها في موادّها كلها مأخوذةٌ من موضع واحد وهي أب وهي متواطئة على معناهُ بأسرها. وأصل معناها في الهمزة و الباء، وما يليهما لا عبرة له في الدلالة على المعنى)) وإذا رجعت إلى قوله الأول وجدت أن آب مثلاً راجعةٌ في المعنى إلى أبَّ وأتب وأدب وأرب وأزب وأسب وهلم جرَّا وأبا لاحقة بأجأ وبأبأ وبدأ وبذأ وبرأ وبسأ وهلم جرَّا في الجميع. فيكون قد تنازع هذه الألفاظ تسعة عشر موضعاً على عدد الحروف المختومة بها وكل واحدٍ منها قد تواطأ مع طائفته على معنى مختص به دون غيره، وأصل هذا المعنى في الحرف الأخير.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/252)
فإذا تفرست في المذهبين وتدبّرت القولين لم تجد بينهما نسبة أقرب مما بين النقيض و نقيضه. والظاهر أنه عندما خطر له أسلوب سر الليال كان قد نسي ما بثّه وذهب إليه في كتابه المذكور. على أن ما حتم به مردودٌ في الموضعين جميعاً كما لا يخفى على كل ذي بصيرة. وإنما قد يتفق تناسب بعض المواد في أحد الرأيين، والحكم بالاطراد لا يكون إلا من باب العَبَث. ولولا ذلك لما اضطرَّ صاحبنا في سر الليال أن يتكلف لبعض الألفاظ تأويلاً سخيفاً وتارة فاسداً ويسكت أحياناً عن التأويل رأساً، مع أنه قطع في المقدمة بأن ذلك قاعدة راهنة. فمن ذلك تأويل معنى حبّ وأحبَّ. قال إن له فيه آراءً أحدها أن يكون من حبّة القلب فمعنى حبّه أصاب حبّة قلبه. اهـ. وفي هذا التأويل إلتواءٌ بيّن. فإنه على فرض كون الحبّ في القلب كما يقال وإليه ذهبت العرب، فإن المحب هو الذي تكون أُصيبت حبّة قلبه. و المحبوب معافى سليمٌ من بوارح مُحبّه. لا يهمه إلا ما اعتاده من التيه و الدلال. و التمتع بما أُوثِر به من عزَّة الجمال. وما برحت من ذلك في قلوب العاشقين حزازاتٌ لا تبرأ ويودّون أن لا تبرأ. وعند المعشوقين لذَّة تباع دونها أنفس العشاق وتُشرى. فما شكا محب ما به من الألم و البُرحاء إلا لطّفه بذكر صدّ محبوبه، وهم يعتقدون أن الداء يشفى بالداء. وذلك من أسرار الصبابة التي دقَّت فخفيت عن أوهام الحكماء. والله ما قال الحاجري.
كذا من حاز في الحسن الكمالا يصول على محبّيهِ دلالا
اعاتبه فيُعرض عن عياني كأني قد ذكرتُ لهُ الوصولا
ملولٌ كلما أرخصتُ دمعي لديه رغبةً فيه تغالى
وقول الآخر:
أشكو الذين أذاقوني مودّتهم حتى إذا أيقظوني للهوى رقدوا
واستنهضوني فلما قمتُ منتصباً بثقل ما حمّلوني منهمُ قعدوا
وما أرقّ ما قال أبو نواس:
صليتُ من حبّها نارين واحدةً في وجنتيها وأخرى بين أحشائي
يا ويح أهلي يروني بين أعينهم على الفراش ولا يدرون ما دائي
لو أنّ زهدك في الدنيا كزهدك في وصلي مشيت بلا شكَّ على الماء
على أن بحثنا ليس في هذا الصدد، فعلىَّ هنا أن ألاحظ أمر اللغة فقط وأمّا ما أخلَّ به من أصول المحبَّ وتعدّيه على أحكامها ولا سيما ما ارتكبه من الجناية في حق المحبوب، فأفوّض إلى محكمة العشاق النظر في أمرهِ و الاحتكام في جزائه. والله خير المنصفين.
وأغرب منهُ قوله بعد ذلك: ((وهو على حد قولهم شغفه حباً أي أصاب شغافه وهو غلافه أو حبّته)). اهـ. وفيه تأييدٌ لما اعترضت به، لأن المحبوب يكون هو الشاغف و المحبّ المشغوف فانعكست المسألة بخلاف ما تقدّم في الحب كما لا يخفى. ولذلك صدقت القضيّة هنا وكذبت هناك، وما أدري كيف اعتبرهما سواءً. وهذا يقابل منعهُ الفِطَحْل مع المطل وأجازته جدّه مع جهدُهُ، لأنه فرّق هناك بين حكمين هما سواءٌ وسوّى هنا بين حكمين هما ضدّان. فتأمل.
ويجري هذا المجرى قوله: ((بحدل أسرع في المشي ومثله بهدل. وبحدل أيضاً مالت كتفه وكأنه مسبب عن المشي)). اهـ. وهو من التأويلات الغريبة.
ومن ذلك قوله: ((البَهَق محركةّ بياض رقيق ظاهر البشرة ومعنى البياض في بهر لكنه قبحٌ هنا بإلحاق القاف به)). اهـ. وفيه نظر من أوجهٍ: أحدها أنه لم يذكر في تعريف البَهق أنه يكون قبيحاً. ومنها أنه جعل إلحاق القاف منشأ القبح. وهو أظهر من أن يُبيّن. ومنها تعبيره بالإلحاق وإنما هو إبدال. لأنه لو كان إلحاقاً لزم أن تكون اللفظة بهرق كما لا يخفى. ومن الغريب عدوله هنا إلى الإلحاق، مع أن كتابه مبنيٌ على القلب و الإبدال.
وقال بعد ذلك: ((ثمّ البهلق كزبرج وجَعفَر وعُصفُر: المرأة الحمراء جداً فجاء لون البهَق مصبوغاً بالحمرة))، اهـ. ومقتضاه أن الحمرة نشأت من اللام هنا نشأ القبح من القاف هناك. وإذا صحّ هذا حُسب له اختراعاً لم يسبقه إليه أحدٌ وشفع في أغلاط الكتاب بأسرها. على أن قوله: فجاء لون البهق مصبوغاً بالحمرة، خللاً وفساداً. لأن البهق لون و الحمرة لون، فإذا وُجد أحدهما انتفى الآخر. فأنى جاءهُ هذا الدليل؟ وأمثال ذلك لا تُحصى كما يظهر لمن حمل نفسه على تصفّح هذا السِفر، فاقتصر على ما ذكرته مراعاةً للمقام.
[في الدراري]
الجنان، السنة 2، الجزء 23 (1/ 12/1871) ص 806 – 811
شبلي: الشدياق و اليازجي، ص 116 - 125
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/253)
وأمّا اعتذاره عن الدراري بأنها غلط طبع، وقوله بعد ذلك: ((وليكن معلوماً هنا أني كنت أحرّر هذا السفر، أي سرّ الليال، كما كنت أحرر الجوائب، أعني صفحةً صفحة وكلما نجزت صفحة سلمتها إلى المرتب فلم تمكني الفرصة من تهذيبه كما أردت))، إلى آخر ما قال. فكلّ ذلك لا صحّة له، وما أكذّبه إلا من عين كلامه.
قال في صفحة 6 من سرّ الليال ما نصّه (ثم بعد أن صيغ هذا الكتاب على هذا المثال ونُسج على هذا المنوال نوهّت به في الجوائب لقصد أن يتصدَّى لطبعه أحدٌ ممن يؤثرون صحف الأدب على صحاف المآدب فمضى على ذلك مدّة من دون أن أرى من احدٍ نجدة)). إلى أن يقول من كتابٍ بعث به إليه رشيد بك الدحداح (إني بعد وصولي إلى تونس بأيام ٍ، وصل إليها أيضاً نجلكم المكرّم سليم أفندي فسررت باجتماعي به غاية السرور وأخذت أستقصي الأخبار منه عن ذاتكم وعن حركاتكم وسكناتكم فأخبرني بتأليفكم سرّ الليال في القلب والإبدال وأنكم مشتاقون إلى نشره. وأتحفني ببعض صحفٍ من الجوائب تشتمل على نبذٍ من الكتاب)) [أدناه ص 404] إلى آخر ما روى منه.
فقد صرّح هنا بما لا يحتمل التأويل ولا المغالطة أن الكتاب كان مصوغاً منسوجاً قبل أن يباشر طبعه بزمنٍ أقلّ ما يُفَرض منهُ الحالة تلك يكفي لتهذيبه وتكذيب مدّعى صاحبنا. وقد نوّه به مراراً في الجوائب ونشر فيها نبذاً منه، إلى غير ذلك مما مرّ بك. فما باله الآن يقول إنه كان يحرّره صفحةً صفحة وكلما نجزت صفحة سلمها إلى المرتب؟ وهل كان ما نشره في الجوائب وسيّره في الآفاق وهماً مكنوناً ونيّة مضمرة؟ لا جَرم إن صاحبنا أصبح شديد النسيان كثير الغفلات، وقاتل الله الكِبر.
ولما فرغ من كلّ ذلك انتقل إلى تخطئتي في عبارة الرد السابق، فأورد أشياء ليست بأقل دلالة على غور علمه مما تقدّم. وكأني بهذه المناقشة قد كشفت بيننا سرّاً طالما كان مرصوداً بزخرفة المقال وحلَّت طلاسم لُمِح وراءها بدر المقنّع متهافتاً إلى الأفول. وما كان أغنى أحدنا عن التعرّض و الفضول وإنما كان ذلك قدرَاً مقدوراً ولله في خلقه شؤون.
ـ[أبو الطيب أحمد بن طراد]ــــــــ[26 - 06 - 10, 07:24 ص]ـ
معركة فارس الشدياق
الصحفية مع إبراهيم اليازجي
(3)
[في مظنة الانفراد و الذّمة]
فمما خطّأني به قولي: مظنة الانفراد. وقد وردت في الطبع بفتح ((الظاء)). ومن هذا القبيل قولي الذّمة و الذَمم بضم ((الذال فيهما)). والصواب الكسر في الكل. فزعم أن ذلك خطأ مني وأخذ يتشدّق ويتمطّق بما لا طائل تحته. فقال: ((إن أجهل العامة في بيروت ولبنان يقول عند الحَلف على ذمّتي بالكسر)). وبالمُوجَب أقول إن أبلغهم أيضاً يلفظها بالدال المُهمَلة مع تسكين الميم المشدّدة. فما رأي الإمام، أَيصحّ أن نجري على لفظهم؟ وهذا مثل قوله: وأهل بيروت يقولون فحطل أو فطحل على تقدير غلط الطبع. والإنكليز يقولون بابي [ Baby ] بإمالة الألف، بمعنى الطفل. وأهل مالطة يقولون الحب بمعنى الجَيب (نقلاً عن سرّ الليال). وما أشبه ذلك مما يطول شرحه.
وعلى فرض أني علّقت هذه الحركات بيدي ورآها بخطّ قلمي. فأي غلطٍ جسيم ارتكبته هنا؟ وأية قاعدة خالفتها؟ وما المعنى الذي فسد بهذا التغيير؟. ولعمري إن كل هذا أدنى إلى أن يكون غلط طبع ٍ من قوله ((الدراري))، وهو أيسر كثيراً لأن غلطة ((الدراري)) تقتضي بهبوط النجم إلى قعر البحر و العياذ بالله. ولا عجب لأن فيها زيادة ألفٍ وياءِ. وأنت تدري شأن هذين الحرفين اللذين لا يُكنى بهما إلا عن كل أمر جسيم. فأين هذا في المظنة و الذمم؟ على أن اعتراضه على الذمم هو عين الاعتراض عليه و الشاهد بقصوره. فإنهم قد أجازوا الضمّ في جمع المكسور أيضاً كالذُمم و الحُلى، جمع الحِلية بالكسر. و العكس في العكس كالصِورَ، جمع الصورة بالضمّ. فتذكّر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/254)
ثم خطأني في قولي: على أن تصديّ، بتشديد الياء. قال: و الصواب تصديي بلا تشديد. فلا ريب إن هذه إحدى آياته وكُبرى معجزاته. وأنت تدري أن لكل شيء طرفين بينهما حدّ الاعتدال فكلاهما منحطان عنه ونسبته إلى كليهما سواء. ألا ترى أن الإنسان إذا تناهى في الشيخوخة تخلّق تارةً بأخلاق الأحداث وربما تجاوز فعمّ الشبه. ولذلك قيل: إذا شاب المرء شبّ فيه خلّتان، الحرص وطول الأمل. والظاهر أن هذا من ذاك. وقال الشاعر:
إن البدر أَوَّله هلالٌ وآخره يعود إلى الهلال ِ
وكذا من تناهَى في العلم وأسراره فقد يلتبس عليه ما لا يلتبس على الأغبياء، ولذلك ينبغي أنك كلما رأيت صاحبنا قد أوغل في ارتكاب الغلط تتخذ هناك دليلاً على شدة تعمقه في المباحث العلميّة، وعليه يجب أن تُحمل هذه المسألة. وإن كانت لا تعجبك هذه الفتوى فدونك ورأيك. وما أظنك تحتاج أن أصرّح لك بأني عندما انتهيت إلى هذه المسألة هممتُ مراراً بترك الجواب أصلاً، لا استخفافاً بقدر الإمام شرّفه الله، ولكن لأن أشغالي لا تأذن لي في التفرّغ لمثل هذه المباحث مما يتطارحه غلمان المكاتب. وشهد الله إنه لم يكن يخطر ببالي أن مثل مولاي يغرب عنه أمرٌ كهذا ثمّ لا يلبث أن يخطئني به. فسأحمل نفسي مع ذلك على إيضاح هذه المسألة لئلا تبقى حاجة في نفس يعقوب، وما أوضحُها له إلا من نصوص الأئمة. رحمهم الله. قال الإمام ابن مالك في أرجوزته المشهورة:
آخِرَ ما أضيف لليا اكسُر إذا لم يَك معتّلاً كرام ٍ وقَذَى
أو يكُ كابنَين وزيدينَ فذي جميعها اليا بعدُ فتحُها احتُذِى
وتُدغَم اليا فيه و الواو وان ما قبلَ واو ٍ ضُمّ فاكسره يهِن
وفي شرحها لابن المصنف رحمهما الله: يجب كسر آخر المضاف إلى ياء المتكلم إلا أن يكون مقصوراً أو منقوصاً أو مثنى أو مجموعاً على حدّه إلى أن يقول: وأما المقصور و المنقوص و المثنى و المجموع على حدّه فإذا أضيف شيء منها إلى ياء المتكلم وجب فتح ((الياء))، وأن يُدغم فيها ما وليته إلا ((الألف)) فإنها لا تُدغم ولا يُدغم فيها. فالياء تُدغم ولا يغيّر ما قبلها من كسرةٍ أو فتحةٍ فيقال في نحو قاض ٍ ومسلمين: هذا قاضيّ ورأيت مسامِيّ. إلى آخرهِ.
وفيه لابن عقيل: يُكسر آخر المضاف إلى ياء المتكلم إن لم يكن مقصوراً ولا منقوصاً ولا مثنىً ولا مجموعاً جمع سلامة لمذكر. كالمفرد وجمع التكسير الصحيحين وجمع السلامة للمؤنث و المعتلّ الجاري مجرى الصحيح نحو غلامي وغلماني وفتياتي وظبيي ودلوي. وإن يكن معتلاً فإمّا أن يكون مقصوراً أو منقوصاً. فإن كان منقوصاً أُدغِمت ياؤه في ياء المتكلم وتُفتح ياء المتكلم فتقول قاضِيَّ رفعاً ونصباً وجرّاً. إلى آخره.
وفي الرسالة الوافية للإمام عمرو بن الحاجب: اعلم أن الاسم إمّا أن يكون صحيحاً أو ملحقاً به، أو لا يكون صحيحاً ولا ملحقاً به. وقد مرّ حكم الأولين. وإن لم يكن أحد الأخيرين فلا يخلو من أن يكون في آخره ((ألفٌ)) أو ((واوٌ)) أو ((ياءٌ)). إلى أن يقول: وإن كان آخره ياءً أُدغِمت في ((الياء)) فيقال في الرامي و الغازي: الراميَّ و الغازيّ. فإن كانت الياء محذوفة للتنوين رُدَّت وأدغمت في ياء الإضافة، إلى آخره.
وفي حاشية الصبّان على الأشموني، قوله: ((فتقول هذا راميّ))، فرامي مرفوع بضمة مقّدرة على ما قبل ياء المتكلم، منع من ظهورها اشتغال المحل بالسكون الواجب لأجل الإدغام. إلى آخره.
وفي هذا غنىً عن غيره من هذا القبيل وإن كانت المسألة لا تحتاج بياناً. على أن أجهل العامّة في مصر و الشام، وربما في مالطة أيضاً، يشدد في مثل هذا جارياً على الصواب. وما أحسن ما قال أبو الطيب المتنبي:
وليس يصحّ في الإفهام شيءٌ إذا احتاج النهار إلى دليل
وقد خطر لي هنا ما رأيته مرة في كتاب لبعض الدمشقيين من أهل القرن الماضي خطّأ فيه ديوان أبي الطيب المذكور، فكان من جملة ما أخذ عليه قولهُ في مديح عَضُد الدولة:
وقد رأيتُ الملوك قاطبةً وسرتُ حتى رأيتُ مولاها
فما زاد هذا المنتقد على أن قال: فمن أعلمه أن الملوك عابسة الوجوه وذلك أنه لم يفهم معنى قوله: قاطبةً، فظنهُ من القطوب بمعنى العبوس فأنكره وحكم على المتنبي بالعبث، فذكرتُ قول المتنبي أيضاً:
وكم من عائبٍ قلاً صحيحاً وآفته من الفهم السقيم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/255)
وإنما أراد في البيت أنه رأى الملوك جميعاً فذهب وهمُ المعترض إلى الخلاف. قال الشيخ أبو العلاء المعري في شرحه: إن سيف الدولة أنشد هذه القصيدة فلما انتهى إلى هذا البيت قال: ترى هل نحن في الجملة. اهـ.
قلتُ: وتلك صفةٌ يتزيّى بها كثيرون من أمثال هذا المعترض وهم أقوامٌ من المسفسفين قل خلاقهم من الأدب وطمحت أطماعهم إلى مباراة أهل الفضل فإذا تأزلت صدورهم وقصرت هممهم عدلوا إلى تخطئة أقوال العلماء وشوهوا عرائس كلماتهم اعتقاد أن ذلك يكون دليلاً على سعة العلم وغزارة المادة. لأنه قد تقرر عند مثل هؤلاء أن من أدرك زلة لعالم ٍ كأنما أدرك علمه، وربما سولت لهُ نفسهً أنه قد أسقط فضله واستقلَّ به. ورحم الله أبا تمام حيث يقول:
وإذا أراد الله نشر فضيلة طُويَت أتاح لها لسان حَسود
لولا اشتعال النار في ما جاورت ما كان يُعرف طيب عرف العود
وأما صاحبنا حياهُ الله، فقد ذكرتُ له بمسألة تصدَّيَّ و الإدغام مسائل شتّى ثبت عندي بها أنه يجهل قوانين هذا الباب ولا يعرف أحكامه. فمن ذلك قوله في كتاب الساق على الساق صفحة 52: ((لا يَغْررنكمُ كثير جموعهم)). فكّ الإدغام في يغررنّ في الموضعين وهو واجبٌ لأن حركة الراء الثانية فيهما لازمة لبناء الفعل عليها مع نون التوكيد. ولعلّ الذي ذهب بوهمه إلى جواز الفكّ أن الفعل واقعٌ بعد جازم ٍ، فحسب أن الجزم واقعٌ على لفظة وأن الحركة فيه عارضة كما في قوله: (وَمَن يُضَلِل ِ اَللهُ فَمَا لَهُ مِنَ هَادٍ) [سورة الرعد، رقم 13، الآية 33]. وهو وهمٌ بعيدٌ، لأن حركة اللام الثانية من يضلل في الآية إنما أتي بها دفعاً لالتقاء الساكنين، فهي في حكم السكون فلا يجب معها الإدغام بخلاف ما هناك كما تقرّر، وعليه قوله: (لاَ يَغُرَّنَكَ تَقَلُّبُ اُلَّذِينَ كَفَرُواْ) [سورة آل عمران، رقم 3، الآية 196]. وقال الشاعر:
لايَغُرَّن امرءاً عيشهُ كلّ عيش ٍ صائرٌ للزوال
وهو مستغن عن البيان. ولعله يحتجّ بضرورة الوزن كما في قول بعضهم: الحمد الله العلي الأجلل. على أنه ما زال عرضة للانتقاد ومثالاً عند الصرفيين للشذوذ و عند البيانيين للخروج عن الفصاحة يحذّرون من ارتكاب مثله. فلا بأس أن أورد له شيئاً من ذلك في النثر أيضاً. فمنه قوله في صفحة 200 من هذا الكتاب: ((إن قوماً من الهُككاء)) والصواب الأهكاء كالصحيح و الأصحاء، لأن صيغة فُعلاء لا تُستَعمَل في المضاعَف. وقوله في صفحة 221: ((ويتطالل إلى بعض استعارات باردة)). مع أن الفعل منصوب. وفي صفحة 550: ((وإذا تطالل واشرأبّ)) وأمثاله كثيرة، وكلّ ذلك مقرّر في علم الصرف ولكنه لم يدخل في علمه. ومن كان هذا مبلغ ما عنده فلينتدب لتخطئة العلماء ومعارضة أولي الفضل، بل ليعتمد على القذف و التنديد في موضع الحجّة و البرهان. فيا لله.
ومما خطّأني به قولي: وشهد الله أني مذ اليوم لم أكن أتوقّع مثل ذلك قال: والصواب إلى هذا اليوم، انتهى. وكأني به لو وقعت له هذه المسألة لم يفتر أن يورد عليها عبارة صاحب القاموس في أثناء الكلام على منذ ومذ حيث يقول: ويليها اسمٌ مرفوع كمنذ يومان وحينئذٍ مبتدآن ما بعدهما خبر. ومعناهما الأمد في الحاضر و المعدود وأول المدة في الماضي. انتهى.
ومثلها عبارة الكليات و المغني وغيرهما. فإن ثبت أن اليوم حاضرٌ كانت مُذ أمداً لمتعلقها، أي غاية له. ولم يكن في العبارة خطأ سوى سوء الفهم أو التعنت في غير محله. والظاهر أن صاحبنا يذهب إلى أن ما وافق ومفهومه كان صحيحاً، وما ليس كذلك فهو خطأ وإن نصّت عليه العلماء. والذي عندي أن متابعة آرائهم أَولى من متابعة رأيه وإن كان ذلك يوجب غيظه مني.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/256)
ومن ذلك قولي: فإنه قد حفظ له ذلك زمناً ينيف عن ستين سنة. قال: و الصواب على ستين، انتهى. وهنا تعسّف أيضاً وأشطّ. فإن قصره الصواب على تعدية الفعل بعلى خطأ. والصواب سواغية كليهما جميعاً لأنك إن أردت معنى الاستعلاء استعملت ((على)) أو المجاوزة استعملتَ ((عن)) بلا لاف، وكلاهما محتملان هنا كما لا يخفى. على أن ((عن)) قد تأتي لمعنى الاستعلاء أيضاً نحو فقال إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي، أي عليه كما في قوله: (فَاَسَتَحَبُّواْ اَلَعَمَى عَلَى اَلَهُدَى) [سورة فصلت، رقم 41، الآية 17].
وجاء في كليّات أبي البقاء رحمه الله: و ((الزيادة تلزم وقد تتعدّى بعن كما تتعدّى بعلى لأن نقَص يتعدَّى به وهو نظيره))،اهـ. فحمل زاد على نقص وهما نقيضان فما رأيك في أناف وزاد وهما نظيران مترادفان. ولعمري، ما يعترض في مثل هذا مَن له إلمامٌ بالعربية واطّلاع على ما ورد في أسفارها. وإنما صاحبنا يرى عبارة في أحد التعريفات فيستمسك بها ويظنّ أن اللغة مقصورةٌ هناك. ولو كانت كتب متن اللغة مستغرقة لجميع أحكامها مغنيةً عن غيرها لاقتصر القوم عليها ولكان كلّ من حصل منها على كلمات يعيها في صدره أو يكتبها إمامه قد ملك عنان العربيّة وعرف جميع ضوابطها ودقائقها وما يظنّ ذلك إلا القوم الغافلون.
واعلم أن هذا الباب، أي باب التعدية بالحرف، هو من أدقّ الأبواب. فطالما ترى الكتّاب يغلطون فيه فيبدلون بين حرفٍ وآخر على غير هُدًى، وربما عُدّيَ فعلٌ بحرفين أو أكثر على اعتبارات هناك فخلطوا بينها فما لبث أن جاء المعنى مختلطاً. وقد وقع الأمران لصاحبنا كما سترى.
فمن الأول نحو قوله في كتابه الساق على الساق صفحة 90: ((فهل سول إليك الخنّاس أن تتغزَّل)). والصواب ((سوّل لك)) كما في قوله: (اَلشَيَطَنُ سَوَلَ لَهُمَ وَأَملَى لَهُم) [سورة محمد،رقم 47، الآية 25]. وفي صفحة 110: ((وصحو بالي واستعداده إلى ما يروق)).
والصواب ((لما يروق)). وهو كثيرٌ.ومن الثاني قوله في صدر هذا الكتاب تحت العنوان:
ودرس ثورين قد شُدّا إلى قَرَن ٍ أقنى وأنفع من تدريس حبرَين
و الصواب أن يقال: ((شُدّا بقرَن ٍ)) وهو ما يُجمع به بينهما من حبل ونحوه فهما يُشدّان به لا إليه وإنما بعضهما يُشدّ إلى الآخر أو كلاهما إلى عود النير مثلاً ونحو ذلك. والعجب أن يخفى هذا على مثل صاحبنا. وإذا احتجّ بضرورة الوزن فهي لا تبيح شيئاً إلا بشرط بقاء المعنى صحيحاً، فإن أدّى ذلك إلى فساده كان مردوداً عند العلماء وعُدّ غلطاً قبيحاً. على أن البيت كله سخيفٌ. وفي قوله: ((أقنى))، ما لا يخفى على كل ذي بصيرةٍ.
وأما تخطئته لي في قولي: ((على أن غلط الوهم لا يخلو منه أحد كما أشار))، وزعمه أن الصواب أن يقال: ((كما أشار إليه))، فما لم أسمع به إلا منه ولا خطر لي وجه الخطأ في عبارتي ولا الصحّة في عبارته. و الظاهر أن الأمرين لا وجود لهما في الموضعين. وهذه إحدى خطرات وساوسه المعهودة. لأن مرادي في العبارة مجرّد الإشارة فقط دون قصد المشار إليه بها، إنما ينبغي أن يُعقد الكلام على قدر الحاجة فإن تجاوزها كان مخلاً كما تقرّر في علم البيان. و العبارة على حدّ قوله: (فَاَدَعُ وَاَستَقِم كَمَآ أُمِرتَ) [سورة الشورى، رقم 42، الآية 15] اقتصر على ذكر الأمر دون المأمور به لأنه هو المراد مجَّرداً. ومثله قوله: (لَيَستَخلِفَنَّهُم فى ِ الأَرض ِ كَمَا اَستَخلَف الَّذِينَ مِن قَبلِهِم) [سورة النور رقم 24، الآية 55].
وقوله: (مَا يَعبُدُونَ إِلاَّ كَمَا يَعبُدُ ءَابَآؤُهُم مِّن قَبلُ) [سورة هود رقم 11، الآية 109].
وقوله: (قُل لَّو كَانَ مَعَهُ ءَالهِةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذَا لاَّبتَغَواْ إِلَى ذِى العَرش ِ سَبِيلاً) [سورة الإسراء رقم 17، الآية 42]. وهو كثيرٌ مستفيض وما نرى له من نكير. فإن قُصد المتعلَّق هناك أو كان المعنى لا يستقلّ بدونه، وجب ذكره كقوله (وَأَحسِن كَمَآ أَحسَنَ اللهُ إِلَيكَ) [سورة القصص رقم 28، الآية 77]. وقد جمع الأمرين كما ترى.
وقوله: (وَيُتِمُّ نِعمَتَهُ عَلَيكَ وَعَلَى ءَال ِ يَعقُوبَ كَمَاَ أَتَمَّهَا عَلَى أَبَويكَ) [سورة يوسف رقم 12، الآية 6].ونحو ذلك فتأمل.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/257)
وبقي هذا النظر في ما وقع من الخطأ في عبارة ردّه. فمن ذلك قوله: ((كما يصحّ أن يقال مثلاً عظم جدّه وطال جهده. كذلك يصح أن يقال جادّة وجاهدة)). فقوله كذلك بعد قوله كما، زيادةٌ مخلّة وهي أشبه بالوجه القبيح المبرقع. لأن قولك مثلاً، ((كما تزورني كذلك أزورك)) يكون تقديره ((أزورك كما تزورني كذلك)) فتأمّله.
ومثل هذه العبارة قوله في كتابه سر الليال صفحة 11: ((وكما جاءت الهمزةُ بهذا المعنى كذلك جاء التشديد)). وقوله في صفحة 67 منه ((وكما أنه يتوهم في البعثقة زيادة ((العين ((كذلك يتوهم)). وفي صفحة 83: ((كما توافق المُبهم و المُصمَت كذلك جاء المُصمَت)) وهو كثيرٌ.
ومن ذلك قوله: ((ولا عجب من أن هذا المتبلتع يقول مثل [هذا] الكلام)). وهو أوضح من أن ينبَّه عليه ولعله غلط طبع إن كان يسلّم بأن صفاف الحروف يغلط.
ومن أغلاطه الفاضحة قوله (ولم يكن لي همّ سوى في إظهار أصل معاني الألفاظ)) إلى آخره. وهو من التراكيب الغريبة و لعله ناشئ عن شدّة التعمق في العلم، على أنه تجاوز الحدّ وأفرط. و الصواب أن يُقال: لم يكن لي همٌ في سوى إظهار. أو إلا في إظهار. لأن إقحام في ما بين سوى وما يليها وهما متضايفان خطأ قبيح كما قرّرت النحاة. والظاهر أنه يتوهم الحرفيّة في ((سوى)) فيجريها مجرى ((إلا)) وهو لا يفرق بينهما. وأنت ترى أنهم في كتبهم يفردون ((إلا)) في باب الاستثناء فيعطونها حكمها ثم ينتقلون إلى ((سوى)) و ((غير)) فيجعلونها في حكم آخر. وفي باب الإضافة يدرجون ((سوى)) و ((غير)) بين الأسماء الملازمة للإضافة. وفي كتب اللغة يفسّرون ((سوى)) بغير، وربما صرّحوا باسميتها أيضاً. على أن مراده في العبارة الحصر وإلا نصٌ فيه، بخلاف ((سوى)) كما لا يخفى، فعدوله إليها معيبٌ لفظاً ومعنى. قلت و مقتضى قوله هذا أنه كان مهتماً بإظهار أصل معاني الألفاظ فقط وترك سائر الأحكام لإغضاء المطالع وتساهله لو ترك لذلك سبيلاً. ومثل هذه العبارة قوله في سر الليال صفحة 13 (لم يكن له همّ سوى بمجرّد جمع الألفاظ)). وينبغي أن تنتبه هنا إلى أنه جرّ ما بعد ((سوى)) بالباء، وهناك جرّه بفي و التركيب في الموضعين واحد. وقوله في الساق على الساق صفحة 42: ((ما الفرق بينهم و بين البهائم سوى اللحى)). وفي هذا ما يغني عن أمثاله فقس عليه.
[في تخطئة اليازجي لكتاب الساق على الساق]
الجنان، السنة 2، الجزء 24 (15/ 12/1871) ص835 - 842
شبلي: الشدياق اليازجي، ص125 - 140
ومن أغلاطه في هذا الرد قوله: ((ما من شاعر قال شعراً إلا وأُخذ عليه)) والصواب إلا أخذ بترك ((الواو)) على مذهب الجمهور. وأقبح من زيادتها هنا زيادتها في قوله في الساق على الساق صفحة 213: ((ولا بد وأن يكون عنده كاتب)) ومثله قوله في صفحة 216 (ولا بد وأن يكون هناك شيء)). وفي صفحة 235: ((ولا بدَّ وأن يكون النثر أيضاً مثله)). وفي صفحة 237: ((فلا بدّ وأن يمشي معه اثنان)). وهذا أكثر من أن يُحصى. وشهد الله لو استعمل هذا أجهل الأغبياء لعُدّ منه قبيحاً.
ومن زياداته المخلة قوله في الساق على الساق صفحة 40: ((تنبّه الغافلين أن وراءها لقولاً شديداً)) فإقحام ((اللام)) على اسم ((إن)) هنا خطأ شنيع لأنها واقعة في موضع الجرّ بالأداة المحذوفة بعد تنبّه كما لا يخفى، وذلك يوجب فتح همزتها على أنها مفتوحة هناك بالرسم أيضاً. و ((اللام)) تقضي بتعليق العامل عنها لأنها من ذوات الصدر فالتبس الأمر واختلط. وعلى حدّه قوله في صفحة 214 منه: ((والذي يظهر لي أن في الهنات و الجليدات لضرراً عظيماً)) وهي واقعة في خبر المبتدأ. وأمثالها كثيرة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/258)
ومن ذلك قوله في صفحة 43: ((وإنهم وإن يكونوا سيّئي الأدب على الطعام فهم متأدبون)). فإدخال ((الواو)) على أن يُشعر بأنها الوصليّة، وإدخال ((الفاء)) على جملة الجواب يشعر بأنها الشرطيّة، وضاع خبر ((إن)). فإحدى الزيادتين خطأ. والصواب إما إسقاط ((الواو)) فيكون الشرط وجوابهُ خبراً، وإما إسقاط ((الفاء)) فيؤخذ الخبر مما يليها ويتعيّن كون ((إن)) وصلية وجوابها محذوفٌ للاستغناء عنه بالخبر كما تقرّر في علم النحو. ومثله قوله في صفحة 237 (وهما وإن أظهرا له الخضوع ففي قلوبهما منه حزازات)). وأقبح منه قوله في صفحة 327: ((فإنه وإن يكن مقامه بين الناس كريماً إلا أنه لا يمكنه)). وقوله في صفحة 125: ((إني وإن كنت بشراً مثلك لكني وكيل)). فما أدري كيف صحّ عنده هذا التركيب. ويجري هذا المجرى قوله في صفحة679:
((فإذا رضيت فكل سخطٍ هيّنٌ وإذا وصلت فلم أبال بهاجر ِ))
فربطُ جواب ((إذا)) الثانية بالفاء خطأ مُفسِد لأنها تقضي بانفصال ما بعدها عما قبلها وجعله خبراً لمحذوفٍ لا جواباً، ويكون التقدير فإنا لم أبال فتمحّض المضيّ في الفعل وهو عكس المراد لأنه مرتب على ما قبله في المعنى. والصواب إسقاط ((الفاء)) فينصرف الفعل إلى لإستقبال لتسلط أداة الشرط عليه حينئذٍ كما لا يخفى. ألا ترى ما قال بعد هذا البيت:
((وإذا بقربك كنت يوماً نافعي لم أخشَ شيئاً بعد ذلك ضائري))
فالمعنى هنا صحيح لأن الفعل المتحوّل إلى المضيّ بلم قد تحول إلى الاستقبال لوقوعه في الجواب مباشراً، بخلاف الأول لأنه واقعُ في البر لا في الجواب كما علمت.
ويقابل الزيادة عنده النقص أحياناً، أعني نقص حرف أو كلمة لا شيئاً آخر. وذلك كقوله في صفحة 526 من كتاب: ((قلت أتعنيهم أم تعنيهنّ)). حذف ((نون)) الرفع وهو خطاب للأنثى. ومثله قوله:
((ألم تفقهوا لابن الحُسين مقالةً تقيكم عنا غماء فيها تخاطروا))
وفيه حذف ((النون)) أيضاً. وقوله:
((فلم يبقَ إلا من درى سوء رأيكم به وبدا من أمركم ما تحاذروا))
وبين كل ذلك من سخافة التركيب وفساد المعاني في مواضيع كثيرة وتعقيد العبارات إلى غير ذلك ما لا يخفى على أولي الذوق السليم.
ولقد أعجبني قوله وهو يعرّض بأبي رحمه الله: ((ومن شأن الشاعر إذا تعمّد إيراد لفظة غريبة أن يتروّى فيها ولا يوردها مجازفةً)) انتهى. ومقتضاه أن الناثر لا يجري عليه هذا الحكم. على أنه يشير بهذا إلى لفظة ((الفحطل)) وهي إنما جاءت في النثر لا في الشعر، فما أدري ما الذي جاء بذكر الشاعر. و الظاهر أنه لا يفهم المراد من إطلاق لفظة الشاعر فيظن أنه إذا نثر أيضاً سمي شاعراً. ومن كان هذا مبلغ فهمه لم ينكر عليه أن يتفتّح في كلامه بأبلغ من ذلك.
ولعمري، وإن أجهل الأغبياء لا يقول كما قال في كتابه الساق على الساق صفحة 664: ((فإما غيره من التراجمين)) أراد جمع الترجمان فأحوج إلى ترجمان. وهو من الجموع التي لم يسبق إليها لسان عربيّ، فما أدري أنّى استفاده. والصواب تراجم كزعفران وزعافر على ما ورد من كتب الأئمة. فيا ليت شعري أتراه تروَّى في هذه اللفظة لما ذكرها أم أوردها مجازفة؟ ألا وهو الذي يقول في صفحة 31 من هذا الكتاب: ((تتعقّبني بزلة قلم وبغير زلة)).
أراد وبزلة غيرها،ونحوه فإلتوى عليه المراد،وإن هي إلا زلة. وهذا يقرب من قول القائل: ((صدارة عظمى الملك إن أفل البدر)) أراد صدارة المُلك العُظمَى. فلما قدَّم الوصف اختل التركيب وفسد المعنى كما لا يخفى، وعلى حدّ عبارته التي مرّ ذكرها قوله بعد ذلك في حديث ((المرابض)): ((فإن أراد الشاعر الرجوع إلى أصل الفعل كان لا بُدّ له من التقييد كأن يقول مثلاً محافل الماء)). انتهى. وفيها ما في التي سبقت من نقص التعبير على أنها وحدها كافية لنقض جميع ما ماحك به في لفظة ((المرابض)). فإنه يشير بها إلى أنه يصحّ أن تُستعمل ((المرابض)) للخيل ولكن بشرط التقييد كأن يقال ((مرابض الخيل)) حذراً من الالتباس. وهو عين المصرَّح به في البيت الذي أُخذ عليه هذا الاعتراض حيث قيل: تكثر الخيل في المرابض إن عدَّت. إلى آخره. فتأمل.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/259)
ومن ذلك قوله: ((إني ذكرتُ في آخر سر الليال أني سأبيّن الغلط الذي وقع فيه في جدول ٍ مخصوص بعد ختام الكتاب بأسره))، انتهى. وهنا إلتوى عليه المعنى أيضاً، فإنه يقول إنه ذكر ذلك في آخر سر الليال، ثم يقول: إنه سيبين أغلاطه بعد ختامه. فعبارته الأولى تُشعر بأن الكتاب انتهى وأتى على آخره. وعبارته الثانية تُشعر بأن نهايته منتظرة فتدافع القولان. والصحيح أنه ذكر ذلك في آخر الجزء الأول من الكتاب لا في آخر الكتاب. اللهم إلا أن يكون سرّ الليال أسماً للجزء الأول من الكتاب فقط فلا يكون في المعنى إلتواء. ولكن يستدل به على سمو قيمة هذا المؤلف بأن وضع له أسماءً كثيرة فجعل لكل جزء منه اسماً مخصوصاً. ويحتمل أن يكون أشار بذلك إلى غرابة الكتاب فدلّ عليها بغرابة التسمية، والله وأعلم.
ومن ذلك قوله: ((إني لما أوردت ((الفطحل)) و ((المربط)) نسبتهما إلى غلط السهو))، انتهى.
ومقتضى نصه أن ((الفطحل)) و ((المربط)) غلط، مع أنه شاحن وماحك جهده لينسب إليهما الصحة، لا لينسبهما إلى الغلط فعاد هنا إلى تخطئة نفسه. وأمثال ما ذُكر كثيرةٌ في كلامه، فإنك إذا تأمّلته تأمل المنتقد وجدت فيه ما يحملك على العجب من غباوته ومن تهافته مع ذلك على المعارضة و السجال. ورحم الله القائل:
ومن عجب الأيام أنك لا تدري وأنك لا تدري بأنك لا تدري
ومما أعجبني في هذا الرد قوله: ((فأما قول اليازجي أن قصدي بإيراد هذه اللفظة ظاهر، فالأظهر أن يقال إنه ندب أضرابه من أهل بيروت للتحزّب معه عليّ))، انتهى. فلا جَرَم أنه من التأويلات المُضحكة، وما أدري كيف استنتجه لله درّه.
ولعمري، ما أرى في هذا الموقف ما يستحقّ أن يُنَدب إليه أحد ولكن ما زال هذا معظم خوف صاحبنا ومسند أمله. فكثيراً ما عّرض به في هذا الرّد فنكب عني وحزّب إليه، وهو يظنّ المسألة قائمة بكثرة المتحزّبين حتى بعثته صفاقة وجهه على أن صرّح في أواخر ردّة فقال: ((فليعلمنَ أن المنتصرين للجوائب أكثر من المنتصرين للجنان و لليازجي)). فلا ريب إنه كلام أولى أن يزجّه في قعر دواته ويخجل من ذكره. وما أظن عاقلاً إلا يعذله عليه ويلومه. بل الأظهر أنه يريد بكلامه هذا أن يبعث الفتنة ويبني على هذه المناقشة أموراً درست منذ زمنٍ مديد وأصبحت هباءً منثوراً. وهيهات ما يتمنى. فإن تلك الأحاديث قد أصبحت في خبر كان وعناية دولتنا العليّة في آثارها يوماً فيوماً. فإنها أيّدها الله بعد أن نشرت ما نشرت من ألوية التمدن و العرفان في ممالكها المحروسة وبثّت ما بثّت من نوايا السلام والإلفة بين رعاياها قد أصبح ذلك أمراً لا مطمع فيه. ولعمري، ما أرانا في ساحة حربٍ تزدحم فيها الحوافر و الأقدام حتى تقتضي كثرة المدّد. ولا أرى الناس في يدي، ولا أظنهم في يده يندبهم حيث شاء. وإنما نحن في مقام جَدَليّ تزدحم فيه الأفكار ولا ينفع فيه اصطدام الأقلام و كثرتها. وآية الاستظهار بيننا إنما هي نصوص الأئمة رحمهم الله، و البراهين العلمية فمن ظفر منا بشيء من ذلك فنعمّا وإلا فما يغني عنه إلا السكوت، فما الموجب لهذا القول الذميم؟
ومن غريب ما جاء في كلامه زعمه أنني خطّأته لأنه رثى أبي رحمه الله. أو كما عبّر ندّدت به. وهو يحسب التخطئة تنديداً وفيه اعتبارٌ ما. فلا ريب أن هذه كانت أولى حُظيّاته مما أشرت إليه كأنه يريد أن يحمل عليّ أولي الفضل بأنني أتيت مثل ذلك في وجه من بادأني بالجميل. غير أن ذلك قد فاته بظهور كلام الفريقين، ومن وقف على القالين علم الحقيقة وأنصف بيننا وأغناني عن الاعتذار. بل الأولى أن يقال إنه لم يتلقّني بما تلقّاني به هذه المرّة إلا مكافأة لي على احترامي له وحفظي كرامة شيخوخته وعهد صداقته مع أبي رحمه الله، كما تلقّى أبي بالانتقاد عليه بعد وفاته مكافأةً له على ما تكلفه من مدحه. وبالجملة أرى له أن لا يفتح على نفسه هذا الباب أي باب الحقوق الأدبية لأنه قلما يُحمَد فيه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/260)
وأما زعمه أني أدّعي العصمة لأبي رحمه الله، فذلك ما لم تسبق إليه مني إشارة وأستغفر الله من هذه الدعوى لبشر ٍ، فإن الإنسان ما زال موضع الخطأ و التفريط. بل إذا وصفته بأنه قابلٌ الغلط كنت كأنك وصفته بأنه قابل العلم مثلاً، لأن كلا الأمرين من لوازم الإنسانية. غير أني أقول إنه مع ذلك قد تعبث به الخيلاءُ حجاب الكبر فيتوهم في نفسه العصمة جهلاً وسفهاً، ثمّ لا يفتر أن يأخذ على الناس سقطاتهم ويترقب هفواتهم. فَمَثله مَثل الأعمى يعيّر الأعمى بأنه لا يبصِر، وربّما عيّر البصير بذلك أيضاً لاستواء الكل في عينيه حرسهما الله. ومن كان كذلك وجب تنبيهه إلى معرفة نفسه وإظهار عجزه عن إدراك غلطه فضلاً عن غلط الآخرين، لكي يعلم أنه من الضعف فوق ما يرى في نفسه من القوّة وإن في غيره بقيّة من فضل الله و الله لا يذخر فضله عن أحد.
ومن غريب هذيانه في هذا الردّ زعمه أنه يريد أن يحامي عن حقوق العربيّة. وإنه لا يخشى في حبّها لومة لائم، إلى غير ذلك من الأقوال المضحكة. فأما محاماته عن حقوق العربية فما أدري مَن الذي سلمه مقاليدها وأقامه زعيماً على أهلها حتى يدّعي لنفسه مثل هذه الدعوى؟ وكأني به قد نسي أنه دخيلٌ فيها متطفلٌ على موائد أربابها. بل لعلهم رأوا فيه من العلم و الفضل ما لم يروا في غيره من علماء العصر ففوّضوا إليه أمرها.والله الأمر ولا حول ولا قوّة إلا بالله.
وأما زعمه أنه من محبّي العربيّة، فقاتل الله هذا الحبّ الذي جلب عليها تعفير وجهها وتشويه حسنها وهتك أستارها. وما كان أبّره بها لو أنه لها عدوٌ خصيم. ولله قول أبي الطيّب:
ومن العداوة ما ينالك نفعهُ ومن الصداقة ما يضرّ ويؤلم
وكأني بما ذهب إليه في سرّ الليال من أن معنى أحبهُ أصاب حبّة قلبه، قد صدق هنا فإنه كذلك أحب هذه اللغة. أجارها الله من كلّ محبٍ مثله. وما أحسن ما قاله الآخر:
أحبابه لِمَ تفعلون بقلبه ما ليس تفعله به أعداؤهُ
والظاهر أنه يذهب في الحبّ إلى ما ذهب إليه ديك الجنّ الحمصي ولا شريك له سواه. قيل إنه كان عنده جارية وغلام يهواهما وكان شديد الكلف بها. فسوّلت له الغيرة، أو شيءٌ آخر يشتق من اسمه، أنه ربما مات قبلهما فاستأثر بهما غيره من بعده. فعمد إليهما ليلةً فقتلهما ثمَّ أحرقهما فجعل من رماد كلّ واحدٍ منهما باطية ً للخمر.فكان بعد ذلك إذا اشتاق إلى الجارية قبّل الباطية المصوغة من رمادها وملأ منها كأسأً ثمَّ بكى وأنشد:
يا طلعةً طلع الحِمامُ عليها وَجنى لها ثمر الردى بيدَيها
روّيتُ من دمها التراب وطالما روّى الهوى شفّتي من شفتيها
وأجلتُ سيفي في مجال خناقها ومدامعي تجري على خدّيها
فوحقُ نعليها وما وطئ الثرى شيء أعز عليَّ من نعليها
ما كان قتلِيها لأني لم أكن أبكي إذا سقط البعوض عليها
لكن بخلتُ على سواي بحسنها وأنفت من نظر العيون إليها
وإذا اشتاق إلى الغلام فعل كذلك بباطيته وأنشد:
أشفقتُ أن يَرِدَ الزمان بغدره أو أُبتلى بعد الوصال بهجره
قمرٌ أنا استخرجته من دجنه لبليتي وأثرته من خدره
فقتلته وله عليّ كرامةٌ فليَ الحشى وله الفؤاد بأسره
عهدي به ميتاً كأحسن نائم ٍ و الطرف يسفح دمعتي في نحره
لو كان يدري الميت ماذا بعده بالحيّ منه بكى له في قبره
غُصصٌ تكاد تفيض منها نفسه ويكاد يخرج قلبهُ من صدرهِ
نعوذ بالله وإياه نحتسب. ومما حَسُن عندي موقعه قوله في هذا الردّ:
((أما قوله إنه كان يلزمني إشعار أبيه باختلال لفظة ((الفحطل)) على ما يقتضيه عهد المودّة فهو لا يلزمني، لأن لهذه اللفظة أخواتٍ كثيرة في المقامات فلو اختصصت منها بالذكر لفظة ((الفحطل)) لما كنت مصيباً ولأني كنت مترقباً إصلاحها منه، فلما بقيت على الخطأ نبّهتُ عليها قياماً بحق اللغة فإني لا أخشى في حبّها لومة لائم)).اهـ.
قلت ُ: إن العبارة التي بنى عليها كلّ هذا لم تَرد في كلامي على هذا الوجه أصلاً، فما أدري مَن الذي وسوس إليه بها. وما أحسن ما اعتذر به من قوله: فلو اختصصت منها بالذكر لفظة ((الفحطل)) لما كنت مصيباً. ولا أدري ما كان يمنعه من أن يذكرها له جميعاً. وما الذي كان يُلزمه بأن يختصّ منها لفظة ((الفحطل)) فقط حتى يكون غير مصيبٍ. وأحسن منه قوله:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/261)
((إنه كان مترقباً إصلاحها منه. فما أدري كيف كان يرغب أن يقف على إصلاحها لأن الكتاب لم يُطبع مرّة ثانية بعد. بل ربّما سوّلت له نفسه أنه كان من الواجب على أبي رحمه الله، أن يُشعِره باختلالها بناءً على أنه يعتدّ نفسه إماماً للعربية وزعيماً لأهلها، وصبرٌ جميل. وأبدع منه تعليله بأن الذي أوجب عليه أن ينبّه عليها قيامه بحق اللغة لأنه يخشى في حبّها لومة لائم ٍ. وهو يقول: إن لهذه اللفظة أخواتٍ كثيرة في المقامات، فكان يجب عليه أن ينبّه على جميعها قياماً بما أخذه على نفسه من حق اللغة. وإلا فقد وقع تحت ملام اللائم، وما عُدّ إلا خائناً في حق اللغة لأنه لم يَقُم به حق القيام فكان مسخوطاً من الجانبين. وإذا كان يحسب أن ذلك عليه حق واجب وأن كلَّ غلطةٍ في اللغة إنما يكون هو المُطالب بها فذلك هو عين الحمقى. ولعمري لم يَقُلها قبله قائل. وشهد الله لو ادّعى لنفسه هذه الدعوى جبريل عليه السلام لنازعه فيها الملئكة المقرّبون. وإذا كان الأمر كذلك فهو أوّل من يحاكم بهذه السُنّة التي وضعها. وقد بينت لك في هذا الردّ من أغلاطه ما لا يكاد يسقط به أغبى الجهلاء، وإن هو إلا شيءٌ أو بعض شيءٍ من أشياء. فمن تراه يطالب بأغلاطه الكثيرة الفاضحة وكيف توفى اللغة حقها منه؟
وأعظمُ شاهدٍ على ذلك أنه رحمه الله، كان قد استدرك فيها ما فاته في الطبعة الأولى من غلط الطبع وغيره كعسفان بالفتح والخَجُوجيّ كدَجُوجيّ والإناءة بالمدّ، وغير ذلك فنبّه عليه على هامش إحدى النُسخ لكي يُراعى في الطبعة الثانية. وكذلك فعل بسائر كتبه المطبوعة، وتبارك من اعتصم بالكمال. وقد أشار إلى ذلك رحمه الله، في الكتاب الذي بعث به إلى صاحبنا حينما بلغه أن بعض أهل الآستانة يريد طبع المقامات وهو الذي كان فاتحة هذه المناقشة. وليس ذلك من الأمور المستغربة بالنسبة إلى الإنسان ولا هو مما يُعاب به، وقد قيل: كفى المرء نُبلاً أن تعد معايبه.
وقد وضع بعضهم في تخطئة مقامات الحريري المشهورة كتاباً برأسه، وبعضهم في تخطئة ديوان أبي الطيب المتنبي وغيرهما في غيرهما من أكابر العلماء و المدّققين. وما برح ذلك دأب العلماء و المصنفين في كل فنّ وزمن، فمنهم من أخطأ ومنهم من خطّأ ومنهم من جمع الأمرين وهو أشأمهم. غير أن صاحبنا لما انتدب للتخطئة في مقام الرثاء، أطال الله بقاءه، وكان ما خطّأه به في غير موضعه لأن ((الفحطل)) ليست إلا غلط طبع كما تقرّر، و ((المرابض)) قد تقدّم من الكلام عليها ما يكفي لإقناع كل ممار عنيد، ولا سيما أنك قد عرفت منزلة هذا المعترض بين نَقَدة الكلام، رأيت أن أُجيب عن ذلك لقصد بيان ما ذكر لا لقصد الدعوى بالعصمة كما زعم، فإنني لا أدّعي بأن أبي، رحمه الله، كان منزهاً عن الغلط، كما لا أسلم بأن صاحبنا يخلو من الإصابة أحياناً وإن قال به جماعةٌ من المتعنتين. فما لبث، حيَّاه الله، أن قابلني بالعنف ورماني بسوء المقال وذهب مذهباً لا يليق بالعلماء و بالحري من قام زعيماً بينهم وهو قد تعمم بالمشيب و التثم. فما الرأي أَأَستبيح حرمة من كان كذلك؟ أم أطرح بنفسي في هذا المجال وألتطخ بما أكره أن أرى غيري ملطوخاً به؟ بل أجلّ شأن أولي الفضل الذين سيُلقى كلامي هذا بين أيديهم عن أن اقتحمهم بشيء من ذلك. وكنت أحبّ أن أرى سيّدي مواطئاً لي على هذا الرأي عينه، ولكن الظاهر أن الذي حمَله على تلك الخطة هو أهمّ مما حملني على تركها واجتنابها لأنه يقول إنه يريد أن يُرضي العلماء. وشهد الله أن هذا أبلغ ما يمكن أن يقال في حقهم، وهم أجلّ من ذلك وأرفع شأناً. سامحه الله وأصلحه.
وأما قوله ((فليستعن بصاحب الجنان [المعلم بطرس البستاني] على تنقيح كلامه))، وزعمه أن صاحب الجنان ظهيرٌ لي في مناقشته، فهذيان لا غاية بعده وهو لعمري أصغر مما يزعم وأدنى كثيراً. بل مَن تراه يجسر على نقد الكلام وتنقيح خلله في جنب الأستاذ أعزَّه الله، وهو إمام العربية وزعيمها و المحامي عن حقوقها فهو أولى من نظر في سديد القول ومختله وفرَّق بين صحيحه وفاسده. وهو أجدر بأن أفوّض إليه أمري و النظر في تنقيح كلامي وقد فعل أثابه الله. ألا تراه سدّد فقال (ينبغي أن يُحكم بأن الرَبض بفتحتين مأخوذ من الربوض، لأن الربض هو من الأشياء
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/262)
الباطنة ولا يصحّ العكس)).
وأن يقال: ((تصديي بياءين مخففتين ومن شَدَّد عليه)). وإن قال: ((أناف عليه ومن قال أناف عنه فقد أخطأ)) إلى غير ذلك مما مرّ بيانه. فما حاجتي بعد كل هذا بالمنقحين وسيدي الإمام متصدّر في مجلس العلماء تُرفع أقوالهم إلى مسامعه الشريفة فيخطّئ بعلمه كلَّ صحيح ويقتصّ منهم لحق اللغة. والأمر لله والله خير المنصفين.
و العجب إنه قبل ذلك قد لام صاحب الجنان على نشره كلامي في جريدته على ما فيه من الخلل، فما أدري كيف يكون هو المنقح لكلامي وكيف يلام بعد ذلك على نشره له في الجنان مختلاً. لأنه إن ثبت أنه قد نقحه فقد ثبتت عنده صحّته فلم يبق عليه للملام سبيل. وإن ثبت أنه قد عرف أغلاطه كما عرفها الأستاذ ونشره في الحنان على غلطه فكيف يّدعي أنه قد نقّحه. ولكن ما زال ذلك شأن المولى فقلما تراه بتَّ حكماً إلا تراه بعد حين بتّ عكسه فتدافعا فأسقط أحدهما الآخر. ولله درّه.
وأما ذلك الأديب الذي أشار إليه وقال: ((إن هذه المناقشة لا تلبث أن تغريه بتخطئة المقامات من أولها إلى آخرها)). فليشفعنّ في جنايته كلها إذا كان ذلك يتمّ عن يده. لأنني عازمٌ إن شاء الله على إعادة طبعها، فلعلّ أبي رحمه الله قد فاته شيءٌ من ذلك فينبهني كل ذي علم عليم، ويحق له عليّ الثناء الجميل. والمأمول أنه إذا تعمد ذلك يعاملني باللطف و الرفق كما يليق بمثله،لا كما فعل صاحب المناقشة وبذلك يُخلص إحسانه وما على المحسنين من سبيل.
هذا وإنني لأعلم أن المطالع قد ضجر مني وربّما تغيّظ لسبب هذه الإطالة فأقول هنا إن الرد قد آذن بالنهاية، و الحمد لله لا ينتهي. وأسأله الإغضاء عما لعله طغى به القلم. وإن أذن لي أطرفته بشيء آخر أحسبه لا يخلو من فكاهةٍ لعلها تشفع في ما أشرتُ إليه، وأظن أني إن لم أفعل الآن ربما فاتتني وإياه. وذلك إنه قد خرجت في هذه الأثناء قصيدة من نظم صاحبنا في وقائع الحرب الأخيرة، نشرها في العدد 558 من الجوائب. ولما كان هذا الباب لم يزل مفتوحاً ولا أحبّ أن أقرعه بعد أن يُغلق كما علمت، وكان لا يغرب عنك أن لكلّ جديد طلاوة، لم أجد بداً من أن أُلحق بهذا الرد شيئاً منها لكي تعلم أن الإمام لم يزل مراعياً لحقوق العربية كما ذكر في رده وأنه لا يضيع مثقال ذرةٍ منها إن شاء الله. فمن ذلك قوله نفعنا الله به:
فهذه جيوشي وهو فيها محكّمٌ رئيسٌ عليها آمرٌ أمر مزيال ِ
((المزيال)) الخفيف الظريف فهو منافٍ أو مباعد للمقام، و المعنى يقتضي نحو الحاذق أو المحنك ولا محل فيه للخفة و الظرافة فتأمّله. وقوله:
وأكثرهم صخباً وشغباً وأحنةً غرامون شيخٌ ذو هياج وتصهال ِ
فقوله ((صخباً)) يقتضي الوزن إسكان ((خائه)) و اللغة تقتضي تحريكها فكل واحدةٍ من الحالتين خطأ من وجهٍ. وقوله ((تصهال)) الأظهر فيه أنه من قولهم رجل ذو صاهل، أي شديد الصيال و الهياج. ولكنهم قالوا ذو صاهل ولم يسمع ذو تصهال. وسائر معاني المادة لا يناسب المقام. وقوله:
ويا يوم فلّوا في بروت وأدبروا شماطيط فلا عز عن كل منوال ِ
فقوله ((عزّ عن كلّ منوال)) لا معنى له. وقوله:
وسار إلى حصن ٍ يسمّى بفردن ٍ يظنّ به أمناً وإرجاء إفشال
ففي قوله ((إرجاء إفشال)) نظر والأظهر أنه يريد بالإفشال أن يكون مصدراً من معنى الفشل، وبالإرجاء التأخير. إلا أن ((أَفشَل)) الرباعي لا يأتي بمعنى الثلاثي. وقوله:
وأكثر من هذا إبادتهم الوغى وذلك من بعد اقتحام وقيتال ِ
ولا يخفى ما في قوله ((قيتال))، من الكراهة و الغرابة وإن أجازه القياس. وقوله:
وقد حصلا في كفّ جرمانيا معاً كمثل لجام ٍ للفرنسيس تلاّل ِ
الأظهر هنا أنه يربد بقوله ((تلاّل))، أن يكون فعّالاً من قولهم: أتلّ الدابّة. إذا ارتبطها وقادها. جعله صفةً للّجام وفيه نظر. على أن في صيغته خطأ فاحشاً لأن فعله رباعي لا ثلاثي كما تستعمله العامة فيقال أتلَّ الدابّة كما تقدّم ولا يقال تلّها. وصيغة فعّال لا تبنَى من أفعَل الرباعيّ إلا في ألفاظ شاذّة تسمَع ولا يقاس عليها، على إنها في غاية الندور. قال الشيخ أبو زكرياء التبريزيّ في شرح ديوان الحماسة لأبي تمام الطائي رحمهما الله: ليس في الكلام أَفعَل فهو فعّال إلا أحرف يسيرة وهي أسأر فهو سأار وأدرك فهو درّاك وأجبر فلاناً
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/263)
على كذا فهو جبّار، وأقصر عن الشيء فهو قصّار. اهـ.
وقوله:
فإن جيوش الإمبراطور أعتقت من الأسر بعد الصلح من دون إقلال ِ
فقوله: ((من دون إقلال)) لا معنىً له في هذا الموضع ولكن ساقته القافية.
وقوله:
ومن عوز القوت الذي سدَّ بابه عليهم معادوهم ولا سدّ إدحال ِ
((الإدحال)) جمع دحل. قال صاحب القاموس: وهو نقبٌ ضيّق فمه متّسع أسفله حتى يُمشى فيه. أو مدخلٌ تحت الجُرف أو في عرض خشب البئر في أسفلها أو خرقٌ في بيوت العرب يُجعل لتدله المرأة إذا دخل داخلٌ. و المصنع يجمع الماء.ا هـ. وفي ذلك ما يُوصَف بالضيق وليس في الكل ما يوصف بالسدّ فتأمّل.
وقوله:
إذا كان فعل المرء شاهد عقله فمن هذه الأفعال إشهاد إخبال ِ
وأفوّض إليك النظر في قوله (إشهاد إخبال)) لعله يُخرّج على وجهٍ سديد. وقوله:
وقام بأمر الجمهورية ناهضاً تيار ومعه أهلُ شُورى وأنقال
تقطيعه:
وَقَامَ بِأَمْرِلْجَمْ هُوْرِيْيَ تِناهِضَنْ
فَعُوْلُ مَفَعِيْلُنْ مَفْعُوْلُ. مَفَاعِلُنْ
تِيَارُ وَمَعْهْوْأَهْ لُشُوْرَا وَأَنْقَالِي
فَعُوْلُ مَفَاعِيْلُنْ فَعُوْلُنْ مَفَاعِيْلُنْ
فوزن المصراع الأول لم يحكه الخليل ولا روته علماء العَروض.
و الظاهر أنه لاحقٌ بأمثاله من مخترعات أخفش هذا العصر.
على أن في سائر القصيدة من الركاكة و التعقيد وعدم الانسجام مع استعمال كثير ٍ من الألفاظ الحوشية النافرة، إلى غير ذلك ما لا يخفى على الشعراء و العلماء فاقتصرتُ هنا على ما ذكرته منها خوف الإطالة. هذا وإني في كل ذلك لم أتعرّض لعبارة الجوائب على ما فيها من الخلل الفاضح لاحتمال أن يتعذر فيها بالعَجلة، وإن كان هذا العذر لا يليق بمثل الإمام.
على أنه اعتذر به في سرّ الليال فما ظنك به في الجوائب. وأمّا هذه القصيدة فلما كانت ما اقتضى سهراً طويلاً وكدّاً عنيفاً وترسّلاً ملياً. وقد استدرك ما فاته من إصلاحها في العدد 559 من الجوائب لم يبق فيها احتمالٌ للاعتذار بشيء من ذلك.
وهنا لا بدّ أن أقول إن هذه المناقشة كلها لم تكن مني عن رغبةٍ ورضىً ولا أنا ممّن يتهافتون إلى التخطئة و الانتقاد لغرض ٍ ما. وكان بودّي استئصال هذا العِرق من بيننا لو وافقني عليه و المحافظة على عهده مع أبي رحمه الله وكرامته فوق ذلك بالنظر إلى سنّه فضلاً عن عدم التعرّض له بما يكرهه. ولكن قُدَّر فكان، و الفضل للمتقدم.
وهنا يحسن ذكر ما وقع من الاتفاقات الغريبة في هذا الصدد، وذلك إني بينما كنت يوماً مع صاحب لي ممن ينتسبون إلى المولى وقد أخذنا في الحديث، جرى بيننا ذكر الصحائف و الجرائد فسألني أن أكتب شيئاً في تخطئة عبارة ((الجنان)) وأبعث به إلى الجوائب ليُنشر فيها. فقلتُ: ليس ذلك من دأبي ولا غرض فيه، و الحازم من اشتغل بالنظر في عيوبه عن عيوب غيره فإن وثق بعصمته فليفعل ما شاء.
فلما يئس مني قال: فعبارة أدبيّة أو سياسية أو شيئاً آخر يؤثره عني. قلتُ: أنا دون أن أفعل، مع اعتدادي أن مثل ذلك إنما يكون ضرباً من التطاول على شي كبير يعدّونه من العلماء المتبحرين فإني أهاب أن أتحرَّش به. فأخذ يَصِف لي من مودّته وحبه لأبي رحمه الله وخلوص صداقته ما لم أنكره وقتئذٍ، وألحّ عليّ بمطارحته وتجديد ذلك العهد معه حتى أن أكتب إليه رسالة حبيّة وأشفعها بلغز من نظمي يكون به الإفصاح عن نوايا الودّ و المصافاة. فلم يمض ِ على هذا الحديث ثلثة أيام حتى وردت الجوائب وفيها الانتقاد على أبي رحمه الله، فكانت فاتحة المكاتبة بيننا. بيّض الله وجهه.
[في فائدة المباحث و المطارحات]
وشهد الله إني ما كنتُ لأكره الخوض في هذه المطارحات و المباحث الدقيقة فإنها لا تخلو من فائدة لي أو له لو أنه حافظ على شأني وشأنه ولم يتجاوز إلى أمر الهجاء، فإني شديد الكراهة له. ولقد طال اعتباري عند قوله في رثاء أبي رحمه الله.
ما كان يهجو ولا يُهجَى ولا حجبت ذُكا قريحته احلاك حدثان ِ
وقوله أيضاً فيه:
فلم يُضِع ساعة من عمره عَبثاً ولم يَضَع قوله في غير إحسان
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/264)
فأمّا الآن وقد عدل إلى ما عدل إليه، وقد بيّنت للواقف على هذه المناقشة مبلغ ما عندهُ من العلم فلا يلزمني بعدها مساجلته ومناظرته و التعرض لسهام قذفه، لأن آدابي ليست كآدابه وأطواري ليست كأطواره، ولا أرى له بعدها حقاً في الدخول إلى مجلس المساجلين، ولا رأي لي في مواطأته على ما ذهب إليه. ومعاذ الله فذلك من قِبَلي باب مُحكم التوصيد.
ليس الوقيعة من شأني فإن عَرَضت أَعرضتُ عنها بوجهٍ بالحياء نَدِي
إني أَضنّ بعرضي أن يُلِمَّ بهِ غيري فهل أتولى خرقه بيدي
انتهى
ابراهيم اليازجي
ـ[أبو الطيب أحمد بن طراد]ــــــــ[26 - 06 - 10, 07:30 ص]ـ
معركة فارس الشدياق
الصحفية مع إبراهيم اليازجي
(3)
[في مظنة الانفراد و الذّمة]
فمما خطّأني به قولي: مظنة الانفراد. وقد وردت في الطبع بفتح ((الظاء)). ومن هذا القبيل قولي الذّمة و الذَمم بضم ((الذال فيهما)). والصواب الكسر في الكل. فزعم أن ذلك خطأ مني وأخذ يتشدّق ويتمطّق بما لا طائل تحته. فقال: ((إن أجهل العامة في بيروت ولبنان يقول عند الحَلف على ذمّتي بالكسر)). وبالمُوجَب أقول إن أبلغهم أيضاً يلفظها بالدال المُهمَلة مع تسكين الميم المشدّدة. فما رأي الإمام، أَيصحّ أن نجري على لفظهم؟ وهذا مثل قوله: وأهل بيروت يقولون فحطل أو فطحل على تقدير غلط الطبع. والإنكليز يقولون بابي [ Baby ] بإمالة الألف، بمعنى الطفل. وأهل مالطة يقولون الحب بمعنى الجَيب (نقلاً عن سرّ الليال). وما أشبه ذلك مما يطول شرحه.
وعلى فرض أني علّقت هذه الحركات بيدي ورآها بخطّ قلمي. فأي غلطٍ جسيم ارتكبته هنا؟ وأية قاعدة خالفتها؟ وما المعنى الذي فسد بهذا التغيير؟. ولعمري إن كل هذا أدنى إلى أن يكون غلط طبع ٍ من قوله ((الدراري))، وهو أيسر كثيراً لأن غلطة ((الدراري)) تقتضي بهبوط النجم إلى قعر البحر و العياذ بالله. ولا عجب لأن فيها زيادة ألفٍ وياءِ. وأنت تدري شأن هذين الحرفين اللذين لا يُكنى بهما إلا عن كل أمر جسيم. فأين هذا في المظنة و الذمم؟ على أن اعتراضه على الذمم هو عين الاعتراض عليه و الشاهد بقصوره. فإنهم قد أجازوا الضمّ في جمع المكسور أيضاً كالذُمم و الحُلى، جمع الحِلية بالكسر. و العكس في العكس كالصِورَ، جمع الصورة بالضمّ. فتذكّر.
ثم خطأني في قولي: على أن تصديّ، بتشديد الياء. قال: و الصواب تصديي بلا تشديد. فلا ريب إن هذه إحدى آياته وكُبرى معجزاته. وأنت تدري أن لكل شيء طرفين بينهما حدّ الاعتدال فكلاهما منحطان عنه ونسبته إلى كليهما سواء. ألا ترى أن الإنسان إذا تناهى في الشيخوخة تخلّق تارةً بأخلاق الأحداث وربما تجاوز فعمّ الشبه. ولذلك قيل: إذا شاب المرء شبّ فيه خلّتان، الحرص وطول الأمل. والظاهر أن هذا من ذاك. وقال الشاعر:
إن البدر أَوَّله هلالٌ وآخره يعود إلى الهلال ِ
وكذا من تناهَى في العلم وأسراره فقد يلتبس عليه ما لا يلتبس على الأغبياء، ولذلك ينبغي أنك كلما رأيت صاحبنا قد أوغل في ارتكاب الغلط تتخذ هناك دليلاً على شدة تعمقه في المباحث العلميّة، وعليه يجب أن تُحمل هذه المسألة. وإن كانت لا تعجبك هذه الفتوى فدونك ورأيك. وما أظنك تحتاج أن أصرّح لك بأني عندما انتهيت إلى هذه المسألة هممتُ مراراً بترك الجواب أصلاً، لا استخفافاً بقدر الإمام شرّفه الله، ولكن لأن أشغالي لا تأذن لي في التفرّغ لمثل هذه المباحث مما يتطارحه غلمان المكاتب. وشهد الله إنه لم يكن يخطر ببالي أن مثل مولاي يغرب عنه أمرٌ كهذا ثمّ لا يلبث أن يخطئني به. فسأحمل نفسي مع ذلك على إيضاح هذه المسألة لئلا تبقى حاجة في نفس يعقوب، وما أوضحُها له إلا من نصوص الأئمة. رحمهم الله. قال الإمام ابن مالك في أرجوزته المشهورة:
آخِرَ ما أضيف لليا اكسُر إذا لم يَك معتّلاً كرام ٍ وقَذَى
أو يكُ كابنَين وزيدينَ فذي جميعها اليا بعدُ فتحُها احتُذِى
وتُدغَم اليا فيه و الواو وان ما قبلَ واو ٍ ضُمّ فاكسره يهِن
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/265)
وفي شرحها لابن المصنف رحمهما الله: يجب كسر آخر المضاف إلى ياء المتكلم إلا أن يكون مقصوراً أو منقوصاً أو مثنى أو مجموعاً على حدّه إلى أن يقول: وأما المقصور و المنقوص و المثنى و المجموع على حدّه فإذا أضيف شيء منها إلى ياء المتكلم وجب فتح ((الياء))، وأن يُدغم فيها ما وليته إلا ((الألف)) فإنها لا تُدغم ولا يُدغم فيها. فالياء تُدغم ولا يغيّر ما قبلها من كسرةٍ أو فتحةٍ فيقال في نحو قاض ٍ ومسلمين: هذا قاضيّ ورأيت مسامِيّ. إلى آخرهِ.
وفيه لابن عقيل: يُكسر آخر المضاف إلى ياء المتكلم إن لم يكن مقصوراً ولا منقوصاً ولا مثنىً ولا مجموعاً جمع سلامة لمذكر. كالمفرد وجمع التكسير الصحيحين وجمع السلامة للمؤنث و المعتلّ الجاري مجرى الصحيح نحو غلامي وغلماني وفتياتي وظبيي ودلوي. وإن يكن معتلاً فإمّا أن يكون مقصوراً أو منقوصاً. فإن كان منقوصاً أُدغِمت ياؤه في ياء المتكلم وتُفتح ياء المتكلم فتقول قاضِيَّ رفعاً ونصباً وجرّاً. إلى آخره.
وفي الرسالة الوافية للإمام عمرو بن الحاجب: اعلم أن الاسم إمّا أن يكون صحيحاً أو ملحقاً به، أو لا يكون صحيحاً ولا ملحقاً به. وقد مرّ حكم الأولين. وإن لم يكن أحد الأخيرين فلا يخلو من أن يكون في آخره ((ألفٌ)) أو ((واوٌ)) أو ((ياءٌ)). إلى أن يقول: وإن كان آخره ياءً أُدغِمت في ((الياء)) فيقال في الرامي و الغازي: الراميَّ و الغازيّ. فإن كانت الياء محذوفة للتنوين رُدَّت وأدغمت في ياء الإضافة، إلى آخره.
وفي حاشية الصبّان على الأشموني، قوله: ((فتقول هذا راميّ))، فرامي مرفوع بضمة مقّدرة على ما قبل ياء المتكلم، منع من ظهورها اشتغال المحل بالسكون الواجب لأجل الإدغام. إلى آخره.
وفي هذا غنىً عن غيره من هذا القبيل وإن كانت المسألة لا تحتاج بياناً. على أن أجهل العامّة في مصر و الشام، وربما في مالطة أيضاً، يشدد في مثل هذا جارياً على الصواب. وما أحسن ما قال أبو الطيب المتنبي:
وليس يصحّ في الإفهام شيءٌ إذا احتاج النهار إلى دليل
وقد خطر لي هنا ما رأيته مرة في كتاب لبعض الدمشقيين من أهل القرن الماضي خطّأ فيه ديوان أبي الطيب المذكور، فكان من جملة ما أخذ عليه قولهُ في مديح عَضُد الدولة:
وقد رأيتُ الملوك قاطبةً وسرتُ حتى رأيتُ مولاها
فما زاد هذا المنتقد على أن قال: فمن أعلمه أن الملوك عابسة الوجوه وذلك أنه لم يفهم معنى قوله: قاطبةً، فظنهُ من القطوب بمعنى العبوس فأنكره وحكم على المتنبي بالعبث، فذكرتُ قول المتنبي أيضاً:
وكم من عائبٍ قلاً صحيحاً وآفته من الفهم السقيم
وإنما أراد في البيت أنه رأى الملوك جميعاً فذهب وهمُ المعترض إلى الخلاف. قال الشيخ أبو العلاء المعري في شرحه: إن سيف الدولة أنشد هذه القصيدة فلما انتهى إلى هذا البيت قال: ترى هل نحن في الجملة. اهـ.
قلتُ: وتلك صفةٌ يتزيّى بها كثيرون من أمثال هذا المعترض وهم أقوامٌ من المسفسفين قل خلاقهم من الأدب وطمحت أطماعهم إلى مباراة أهل الفضل فإذا تأزلت صدورهم وقصرت هممهم عدلوا إلى تخطئة أقوال العلماء وشوهوا عرائس كلماتهم اعتقاد أن ذلك يكون دليلاً على سعة العلم وغزارة المادة. لأنه قد تقرر عند مثل هؤلاء أن من أدرك زلة لعالم ٍ كأنما أدرك علمه، وربما سولت لهُ نفسهً أنه قد أسقط فضله واستقلَّ به. ورحم الله أبا تمام حيث يقول:
وإذا أراد الله نشر فضيلة طُويَت أتاح لها لسان حَسود
لولا اشتعال النار في ما جاورت ما كان يُعرف طيب عرف العود
وأما صاحبنا حياهُ الله، فقد ذكرتُ له بمسألة تصدَّيَّ و الإدغام مسائل شتّى ثبت عندي بها أنه يجهل قوانين هذا الباب ولا يعرف أحكامه. فمن ذلك قوله في كتاب الساق على الساق صفحة 52: ((لا يَغْررنكمُ كثير جموعهم)). فكّ الإدغام في يغررنّ في الموضعين وهو واجبٌ لأن حركة الراء الثانية فيهما لازمة لبناء الفعل عليها مع نون التوكيد. ولعلّ الذي ذهب بوهمه إلى جواز الفكّ أن الفعل واقعٌ بعد جازم ٍ، فحسب أن الجزم واقعٌ على لفظة وأن الحركة فيه عارضة كما في قوله: (وَمَن يُضَلِل ِ اَللهُ فَمَا لَهُ مِنَ هَادٍ) [سورة الرعد، رقم 13، الآية 33]. وهو وهمٌ بعيدٌ، لأن حركة اللام الثانية من يضلل في الآية إنما أتي بها دفعاً لالتقاء الساكنين، فهي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/266)
في حكم السكون فلا يجب معها الإدغام بخلاف ما هناك كما تقرّر، وعليه قوله: (لاَ يَغُرَّنَكَ تَقَلُّبُ اُلَّذِينَ كَفَرُواْ) [سورة آل عمران، رقم 3، الآية 196]. وقال الشاعر:
لايَغُرَّن امرءاً عيشهُ كلّ عيش ٍ صائرٌ للزوال
وهو مستغن عن البيان. ولعله يحتجّ بضرورة الوزن كما في قول بعضهم: الحمد الله العلي الأجلل. على أنه ما زال عرضة للانتقاد ومثالاً عند الصرفيين للشذوذ و عند البيانيين للخروج عن الفصاحة يحذّرون من ارتكاب مثله. فلا بأس أن أورد له شيئاً من ذلك في النثر أيضاً. فمنه قوله في صفحة 200 من هذا الكتاب: ((إن قوماً من الهُككاء)) والصواب الأهكاء كالصحيح و الأصحاء، لأن صيغة فُعلاء لا تُستَعمَل في المضاعَف. وقوله في صفحة 221: ((ويتطالل إلى بعض استعارات باردة)). مع أن الفعل منصوب. وفي صفحة 550: ((وإذا تطالل واشرأبّ)) وأمثاله كثيرة، وكلّ ذلك مقرّر في علم الصرف ولكنه لم يدخل في علمه. ومن كان هذا مبلغ ما عنده فلينتدب لتخطئة العلماء ومعارضة أولي الفضل، بل ليعتمد على القذف و التنديد في موضع الحجّة و البرهان. فيا لله.
ومما خطّأني به قولي: وشهد الله أني مذ اليوم لم أكن أتوقّع مثل ذلك قال: والصواب إلى هذا اليوم، انتهى. وكأني به لو وقعت له هذه المسألة لم يفتر أن يورد عليها عبارة صاحب القاموس في أثناء الكلام على منذ ومذ حيث يقول: ويليها اسمٌ مرفوع كمنذ يومان وحينئذٍ مبتدآن ما بعدهما خبر. ومعناهما الأمد في الحاضر و المعدود وأول المدة في الماضي. انتهى.
ومثلها عبارة الكليات و المغني وغيرهما. فإن ثبت أن اليوم حاضرٌ كانت مُذ أمداً لمتعلقها، أي غاية له. ولم يكن في العبارة خطأ سوى سوء الفهم أو التعنت في غير محله. والظاهر أن صاحبنا يذهب إلى أن ما وافق ومفهومه كان صحيحاً، وما ليس كذلك فهو خطأ وإن نصّت عليه العلماء. والذي عندي أن متابعة آرائهم أَولى من متابعة رأيه وإن كان ذلك يوجب غيظه مني.
ومن ذلك قولي: فإنه قد حفظ له ذلك زمناً ينيف عن ستين سنة. قال: و الصواب على ستين، انتهى. وهنا تعسّف أيضاً وأشطّ. فإن قصره الصواب على تعدية الفعل بعلى خطأ. والصواب سواغية كليهما جميعاً لأنك إن أردت معنى الاستعلاء استعملت ((على)) أو المجاوزة استعملتَ ((عن)) بلا لاف، وكلاهما محتملان هنا كما لا يخفى. على أن ((عن)) قد تأتي لمعنى الاستعلاء أيضاً نحو فقال إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي، أي عليه كما في قوله: (فَاَسَتَحَبُّواْ اَلَعَمَى عَلَى اَلَهُدَى) [سورة فصلت، رقم 41، الآية 17].
وجاء في كليّات أبي البقاء رحمه الله: و ((الزيادة تلزم وقد تتعدّى بعن كما تتعدّى بعلى لأن نقَص يتعدَّى به وهو نظيره))،اهـ. فحمل زاد على نقص وهما نقيضان فما رأيك في أناف وزاد وهما نظيران مترادفان. ولعمري، ما يعترض في مثل هذا مَن له إلمامٌ بالعربية واطّلاع على ما ورد في أسفارها. وإنما صاحبنا يرى عبارة في أحد التعريفات فيستمسك بها ويظنّ أن اللغة مقصورةٌ هناك. ولو كانت كتب متن اللغة مستغرقة لجميع أحكامها مغنيةً عن غيرها لاقتصر القوم عليها ولكان كلّ من حصل منها على كلمات يعيها في صدره أو يكتبها إمامه قد ملك عنان العربيّة وعرف جميع ضوابطها ودقائقها وما يظنّ ذلك إلا القوم الغافلون.
واعلم أن هذا الباب، أي باب التعدية بالحرف، هو من أدقّ الأبواب. فطالما ترى الكتّاب يغلطون فيه فيبدلون بين حرفٍ وآخر على غير هُدًى، وربما عُدّيَ فعلٌ بحرفين أو أكثر على اعتبارات هناك فخلطوا بينها فما لبث أن جاء المعنى مختلطاً. وقد وقع الأمران لصاحبنا كما سترى.
فمن الأول نحو قوله في كتابه الساق على الساق صفحة 90: ((فهل سول إليك الخنّاس أن تتغزَّل)). والصواب ((سوّل لك)) كما في قوله: (اَلشَيَطَنُ سَوَلَ لَهُمَ وَأَملَى لَهُم) [سورة محمد،رقم 47، الآية 25]. وفي صفحة 110: ((وصحو بالي واستعداده إلى ما يروق)).
والصواب ((لما يروق)). وهو كثيرٌ.ومن الثاني قوله في صدر هذا الكتاب تحت العنوان:
ودرس ثورين قد شُدّا إلى قَرَن ٍ أقنى وأنفع من تدريس حبرَين
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/267)
و الصواب أن يقال: ((شُدّا بقرَن ٍ)) وهو ما يُجمع به بينهما من حبل ونحوه فهما يُشدّان به لا إليه وإنما بعضهما يُشدّ إلى الآخر أو كلاهما إلى عود النير مثلاً ونحو ذلك. والعجب أن يخفى هذا على مثل صاحبنا. وإذا احتجّ بضرورة الوزن فهي لا تبيح شيئاً إلا بشرط بقاء المعنى صحيحاً، فإن أدّى ذلك إلى فساده كان مردوداً عند العلماء وعُدّ غلطاً قبيحاً. على أن البيت كله سخيفٌ. وفي قوله: ((أقنى))، ما لا يخفى على كل ذي بصيرةٍ.
وأما تخطئته لي في قولي: ((على أن غلط الوهم لا يخلو منه أحد كما أشار))، وزعمه أن الصواب أن يقال: ((كما أشار إليه))، فما لم أسمع به إلا منه ولا خطر لي وجه الخطأ في عبارتي ولا الصحّة في عبارته. و الظاهر أن الأمرين لا وجود لهما في الموضعين. وهذه إحدى خطرات وساوسه المعهودة. لأن مرادي في العبارة مجرّد الإشارة فقط دون قصد المشار إليه بها، إنما ينبغي أن يُعقد الكلام على قدر الحاجة فإن تجاوزها كان مخلاً كما تقرّر في علم البيان. و العبارة على حدّ قوله: (فَاَدَعُ وَاَستَقِم كَمَآ أُمِرتَ) [سورة الشورى، رقم 42، الآية 15] اقتصر على ذكر الأمر دون المأمور به لأنه هو المراد مجَّرداً. ومثله قوله: (لَيَستَخلِفَنَّهُم فى ِ الأَرض ِ كَمَا اَستَخلَف الَّذِينَ مِن قَبلِهِم) [سورة النور رقم 24، الآية 55].
وقوله: (مَا يَعبُدُونَ إِلاَّ كَمَا يَعبُدُ ءَابَآؤُهُم مِّن قَبلُ) [سورة هود رقم 11، الآية 109].
وقوله: (قُل لَّو كَانَ مَعَهُ ءَالهِةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذَا لاَّبتَغَواْ إِلَى ذِى العَرش ِ سَبِيلاً) [سورة الإسراء رقم 17، الآية 42]. وهو كثيرٌ مستفيض وما نرى له من نكير. فإن قُصد المتعلَّق هناك أو كان المعنى لا يستقلّ بدونه، وجب ذكره كقوله (وَأَحسِن كَمَآ أَحسَنَ اللهُ إِلَيكَ) [سورة القصص رقم 28، الآية 77]. وقد جمع الأمرين كما ترى.
وقوله: (وَيُتِمُّ نِعمَتَهُ عَلَيكَ وَعَلَى ءَال ِ يَعقُوبَ كَمَاَ أَتَمَّهَا عَلَى أَبَويكَ) [سورة يوسف رقم 12، الآية 6].ونحو ذلك فتأمل.
وبقي هذا النظر في ما وقع من الخطأ في عبارة ردّه. فمن ذلك قوله: ((كما يصحّ أن يقال مثلاً عظم جدّه وطال جهده. كذلك يصح أن يقال جادّة وجاهدة)). فقوله كذلك بعد قوله كما، زيادةٌ مخلّة وهي أشبه بالوجه القبيح المبرقع. لأن قولك مثلاً، ((كما تزورني كذلك أزورك)) يكون تقديره ((أزورك كما تزورني كذلك)) فتأمّله.
ومثل هذه العبارة قوله في كتابه سر الليال صفحة 11: ((وكما جاءت الهمزةُ بهذا المعنى كذلك جاء التشديد)). وقوله في صفحة 67 منه ((وكما أنه يتوهم في البعثقة زيادة ((العين ((كذلك يتوهم)). وفي صفحة 83: ((كما توافق المُبهم و المُصمَت كذلك جاء المُصمَت)) وهو كثيرٌ.
ومن ذلك قوله: ((ولا عجب من أن هذا المتبلتع يقول مثل [هذا] الكلام)). وهو أوضح من أن ينبَّه عليه ولعله غلط طبع إن كان يسلّم بأن صفاف الحروف يغلط.
ومن أغلاطه الفاضحة قوله (ولم يكن لي همّ سوى في إظهار أصل معاني الألفاظ)) إلى آخره. وهو من التراكيب الغريبة و لعله ناشئ عن شدّة التعمق في العلم، على أنه تجاوز الحدّ وأفرط. و الصواب أن يُقال: لم يكن لي همٌ في سوى إظهار. أو إلا في إظهار. لأن إقحام في ما بين سوى وما يليها وهما متضايفان خطأ قبيح كما قرّرت النحاة. والظاهر أنه يتوهم الحرفيّة في ((سوى)) فيجريها مجرى ((إلا)) وهو لا يفرق بينهما. وأنت ترى أنهم في كتبهم يفردون ((إلا)) في باب الاستثناء فيعطونها حكمها ثم ينتقلون إلى ((سوى)) و ((غير)) فيجعلونها في حكم آخر. وفي باب الإضافة يدرجون ((سوى)) و ((غير)) بين الأسماء الملازمة للإضافة. وفي كتب اللغة يفسّرون ((سوى)) بغير، وربما صرّحوا باسميتها أيضاً. على أن مراده في العبارة الحصر وإلا نصٌ فيه، بخلاف ((سوى)) كما لا يخفى، فعدوله إليها معيبٌ لفظاً ومعنى. قلت و مقتضى قوله هذا أنه كان مهتماً بإظهار أصل معاني الألفاظ فقط وترك سائر الأحكام لإغضاء المطالع وتساهله لو ترك لذلك سبيلاً. ومثل هذه العبارة قوله في سر الليال صفحة 13 (لم يكن له همّ سوى بمجرّد جمع الألفاظ)). وينبغي أن تنتبه هنا إلى أنه جرّ ما بعد ((سوى))
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/268)
بالباء، وهناك جرّه بفي و التركيب في الموضعين واحد. وقوله في الساق على الساق صفحة 42: ((ما الفرق بينهم و بين البهائم سوى اللحى)). وفي هذا ما يغني عن أمثاله فقس عليه.
[في تخطئة اليازجي لكتاب الساق على الساق]
الجنان، السنة 2، الجزء 24 (15/ 12/1871) ص835 - 842
شبلي: الشدياق اليازجي، ص125 - 140
ومن أغلاطه في هذا الرد قوله: ((ما من شاعر قال شعراً إلا وأُخذ عليه)) والصواب إلا أخذ بترك ((الواو)) على مذهب الجمهور. وأقبح من زيادتها هنا زيادتها في قوله في الساق على الساق صفحة 213: ((ولا بد وأن يكون عنده كاتب)) ومثله قوله في صفحة 216 (ولا بد وأن يكون هناك شيء)). وفي صفحة 235: ((ولا بدَّ وأن يكون النثر أيضاً مثله)). وفي صفحة 237: ((فلا بدّ وأن يمشي معه اثنان)). وهذا أكثر من أن يُحصى. وشهد الله لو استعمل هذا أجهل الأغبياء لعُدّ منه قبيحاً.
ومن زياداته المخلة قوله في الساق على الساق صفحة 40: ((تنبّه الغافلين أن وراءها لقولاً شديداً)) فإقحام ((اللام)) على اسم ((إن)) هنا خطأ شنيع لأنها واقعة في موضع الجرّ بالأداة المحذوفة بعد تنبّه كما لا يخفى، وذلك يوجب فتح همزتها على أنها مفتوحة هناك بالرسم أيضاً. و ((اللام)) تقضي بتعليق العامل عنها لأنها من ذوات الصدر فالتبس الأمر واختلط. وعلى حدّه قوله في صفحة 214 منه: ((والذي يظهر لي أن في الهنات و الجليدات لضرراً عظيماً)) وهي واقعة في خبر المبتدأ. وأمثالها كثيرة.
ومن ذلك قوله في صفحة 43: ((وإنهم وإن يكونوا سيّئي الأدب على الطعام فهم متأدبون)). فإدخال ((الواو)) على أن يُشعر بأنها الوصليّة، وإدخال ((الفاء)) على جملة الجواب يشعر بأنها الشرطيّة، وضاع خبر ((إن)). فإحدى الزيادتين خطأ. والصواب إما إسقاط ((الواو)) فيكون الشرط وجوابهُ خبراً، وإما إسقاط ((الفاء)) فيؤخذ الخبر مما يليها ويتعيّن كون ((إن)) وصلية وجوابها محذوفٌ للاستغناء عنه بالخبر كما تقرّر في علم النحو. ومثله قوله في صفحة 237 (وهما وإن أظهرا له الخضوع ففي قلوبهما منه حزازات)). وأقبح منه قوله في صفحة 327: ((فإنه وإن يكن مقامه بين الناس كريماً إلا أنه لا يمكنه)). وقوله في صفحة 125: ((إني وإن كنت بشراً مثلك لكني وكيل)). فما أدري كيف صحّ عنده هذا التركيب. ويجري هذا المجرى قوله في صفحة679:
((فإذا رضيت فكل سخطٍ هيّنٌ وإذا وصلت فلم أبال بهاجر ِ))
فربطُ جواب ((إذا)) الثانية بالفاء خطأ مُفسِد لأنها تقضي بانفصال ما بعدها عما قبلها وجعله خبراً لمحذوفٍ لا جواباً، ويكون التقدير فإنا لم أبال فتمحّض المضيّ في الفعل وهو عكس المراد لأنه مرتب على ما قبله في المعنى. والصواب إسقاط ((الفاء)) فينصرف الفعل إلى لإستقبال لتسلط أداة الشرط عليه حينئذٍ كما لا يخفى. ألا ترى ما قال بعد هذا البيت:
((وإذا بقربك كنت يوماً نافعي لم أخشَ شيئاً بعد ذلك ضائري))
فالمعنى هنا صحيح لأن الفعل المتحوّل إلى المضيّ بلم قد تحول إلى الاستقبال لوقوعه في الجواب مباشراً، بخلاف الأول لأنه واقعُ في البر لا في الجواب كما علمت.
ويقابل الزيادة عنده النقص أحياناً، أعني نقص حرف أو كلمة لا شيئاً آخر. وذلك كقوله في صفحة 526 من كتاب: ((قلت أتعنيهم أم تعنيهنّ)). حذف ((نون)) الرفع وهو خطاب للأنثى. ومثله قوله:
((ألم تفقهوا لابن الحُسين مقالةً تقيكم عنا غماء فيها تخاطروا))
وفيه حذف ((النون)) أيضاً. وقوله:
((فلم يبقَ إلا من درى سوء رأيكم به وبدا من أمركم ما تحاذروا))
وبين كل ذلك من سخافة التركيب وفساد المعاني في مواضيع كثيرة وتعقيد العبارات إلى غير ذلك ما لا يخفى على أولي الذوق السليم.
ولقد أعجبني قوله وهو يعرّض بأبي رحمه الله: ((ومن شأن الشاعر إذا تعمّد إيراد لفظة غريبة أن يتروّى فيها ولا يوردها مجازفةً)) انتهى. ومقتضاه أن الناثر لا يجري عليه هذا الحكم. على أنه يشير بهذا إلى لفظة ((الفحطل)) وهي إنما جاءت في النثر لا في الشعر، فما أدري ما الذي جاء بذكر الشاعر. و الظاهر أنه لا يفهم المراد من إطلاق لفظة الشاعر فيظن أنه إذا نثر أيضاً سمي شاعراً. ومن كان هذا مبلغ فهمه لم ينكر عليه أن يتفتّح في كلامه بأبلغ من ذلك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/269)
ولعمري، وإن أجهل الأغبياء لا يقول كما قال في كتابه الساق على الساق صفحة 664: ((فإما غيره من التراجمين)) أراد جمع الترجمان فأحوج إلى ترجمان. وهو من الجموع التي لم يسبق إليها لسان عربيّ، فما أدري أنّى استفاده. والصواب تراجم كزعفران وزعافر على ما ورد من كتب الأئمة. فيا ليت شعري أتراه تروَّى في هذه اللفظة لما ذكرها أم أوردها مجازفة؟ ألا وهو الذي يقول في صفحة 31 من هذا الكتاب: ((تتعقّبني بزلة قلم وبغير زلة)).
أراد وبزلة غيرها،ونحوه فإلتوى عليه المراد،وإن هي إلا زلة. وهذا يقرب من قول القائل: ((صدارة عظمى الملك إن أفل البدر)) أراد صدارة المُلك العُظمَى. فلما قدَّم الوصف اختل التركيب وفسد المعنى كما لا يخفى، وعلى حدّ عبارته التي مرّ ذكرها قوله بعد ذلك في حديث ((المرابض)): ((فإن أراد الشاعر الرجوع إلى أصل الفعل كان لا بُدّ له من التقييد كأن يقول مثلاً محافل الماء)). انتهى. وفيها ما في التي سبقت من نقص التعبير على أنها وحدها كافية لنقض جميع ما ماحك به في لفظة ((المرابض)). فإنه يشير بها إلى أنه يصحّ أن تُستعمل ((المرابض)) للخيل ولكن بشرط التقييد كأن يقال ((مرابض الخيل)) حذراً من الالتباس. وهو عين المصرَّح به في البيت الذي أُخذ عليه هذا الاعتراض حيث قيل: تكثر الخيل في المرابض إن عدَّت. إلى آخره. فتأمل.
ومن ذلك قوله: ((إني ذكرتُ في آخر سر الليال أني سأبيّن الغلط الذي وقع فيه في جدول ٍ مخصوص بعد ختام الكتاب بأسره))، انتهى. وهنا إلتوى عليه المعنى أيضاً، فإنه يقول إنه ذكر ذلك في آخر سر الليال، ثم يقول: إنه سيبين أغلاطه بعد ختامه. فعبارته الأولى تُشعر بأن الكتاب انتهى وأتى على آخره. وعبارته الثانية تُشعر بأن نهايته منتظرة فتدافع القولان. والصحيح أنه ذكر ذلك في آخر الجزء الأول من الكتاب لا في آخر الكتاب. اللهم إلا أن يكون سرّ الليال أسماً للجزء الأول من الكتاب فقط فلا يكون في المعنى إلتواء. ولكن يستدل به على سمو قيمة هذا المؤلف بأن وضع له أسماءً كثيرة فجعل لكل جزء منه اسماً مخصوصاً. ويحتمل أن يكون أشار بذلك إلى غرابة الكتاب فدلّ عليها بغرابة التسمية، والله وأعلم.
ومن ذلك قوله: ((إني لما أوردت ((الفطحل)) و ((المربط)) نسبتهما إلى غلط السهو))، انتهى.
ومقتضى نصه أن ((الفطحل)) و ((المربط)) غلط، مع أنه شاحن وماحك جهده لينسب إليهما الصحة، لا لينسبهما إلى الغلط فعاد هنا إلى تخطئة نفسه. وأمثال ما ذُكر كثيرةٌ في كلامه، فإنك إذا تأمّلته تأمل المنتقد وجدت فيه ما يحملك على العجب من غباوته ومن تهافته مع ذلك على المعارضة و السجال. ورحم الله القائل:
ومن عجب الأيام أنك لا تدري وأنك لا تدري بأنك لا تدري
ومما أعجبني في هذا الرد قوله: ((فأما قول اليازجي أن قصدي بإيراد هذه اللفظة ظاهر، فالأظهر أن يقال إنه ندب أضرابه من أهل بيروت للتحزّب معه عليّ))، انتهى. فلا جَرَم أنه من التأويلات المُضحكة، وما أدري كيف استنتجه لله درّه.
ولعمري، ما أرى في هذا الموقف ما يستحقّ أن يُنَدب إليه أحد ولكن ما زال هذا معظم خوف صاحبنا ومسند أمله. فكثيراً ما عّرض به في هذا الرّد فنكب عني وحزّب إليه، وهو يظنّ المسألة قائمة بكثرة المتحزّبين حتى بعثته صفاقة وجهه على أن صرّح في أواخر ردّة فقال: ((فليعلمنَ أن المنتصرين للجوائب أكثر من المنتصرين للجنان و لليازجي)). فلا ريب إنه كلام أولى أن يزجّه في قعر دواته ويخجل من ذكره. وما أظن عاقلاً إلا يعذله عليه ويلومه. بل الأظهر أنه يريد بكلامه هذا أن يبعث الفتنة ويبني على هذه المناقشة أموراً درست منذ زمنٍ مديد وأصبحت هباءً منثوراً. وهيهات ما يتمنى. فإن تلك الأحاديث قد أصبحت في خبر كان وعناية دولتنا العليّة في آثارها يوماً فيوماً. فإنها أيّدها الله بعد أن نشرت ما نشرت من ألوية التمدن و العرفان في ممالكها المحروسة وبثّت ما بثّت من نوايا السلام والإلفة بين رعاياها قد أصبح ذلك أمراً لا مطمع فيه. ولعمري، ما أرانا في ساحة حربٍ تزدحم فيها الحوافر و الأقدام حتى تقتضي كثرة المدّد. ولا أرى الناس في يدي، ولا أظنهم في يده يندبهم حيث شاء. وإنما نحن في مقام جَدَليّ تزدحم فيه الأفكار ولا ينفع
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/270)
فيه اصطدام الأقلام و كثرتها. وآية الاستظهار بيننا إنما هي نصوص الأئمة رحمهم الله، و البراهين العلمية فمن ظفر منا بشيء من ذلك فنعمّا وإلا فما يغني عنه إلا السكوت، فما الموجب لهذا القول الذميم؟
ومن غريب ما جاء في كلامه زعمه أنني خطّأته لأنه رثى أبي رحمه الله. أو كما عبّر ندّدت به. وهو يحسب التخطئة تنديداً وفيه اعتبارٌ ما. فلا ريب أن هذه كانت أولى حُظيّاته مما أشرت إليه كأنه يريد أن يحمل عليّ أولي الفضل بأنني أتيت مثل ذلك في وجه من بادأني بالجميل. غير أن ذلك قد فاته بظهور كلام الفريقين، ومن وقف على القالين علم الحقيقة وأنصف بيننا وأغناني عن الاعتذار. بل الأولى أن يقال إنه لم يتلقّني بما تلقّاني به هذه المرّة إلا مكافأة لي على احترامي له وحفظي كرامة شيخوخته وعهد صداقته مع أبي رحمه الله، كما تلقّى أبي بالانتقاد عليه بعد وفاته مكافأةً له على ما تكلفه من مدحه. وبالجملة أرى له أن لا يفتح على نفسه هذا الباب أي باب الحقوق الأدبية لأنه قلما يُحمَد فيه.
وأما زعمه أني أدّعي العصمة لأبي رحمه الله، فذلك ما لم تسبق إليه مني إشارة وأستغفر الله من هذه الدعوى لبشر ٍ، فإن الإنسان ما زال موضع الخطأ و التفريط. بل إذا وصفته بأنه قابلٌ الغلط كنت كأنك وصفته بأنه قابل العلم مثلاً، لأن كلا الأمرين من لوازم الإنسانية. غير أني أقول إنه مع ذلك قد تعبث به الخيلاءُ حجاب الكبر فيتوهم في نفسه العصمة جهلاً وسفهاً، ثمّ لا يفتر أن يأخذ على الناس سقطاتهم ويترقب هفواتهم. فَمَثله مَثل الأعمى يعيّر الأعمى بأنه لا يبصِر، وربّما عيّر البصير بذلك أيضاً لاستواء الكل في عينيه حرسهما الله. ومن كان كذلك وجب تنبيهه إلى معرفة نفسه وإظهار عجزه عن إدراك غلطه فضلاً عن غلط الآخرين، لكي يعلم أنه من الضعف فوق ما يرى في نفسه من القوّة وإن في غيره بقيّة من فضل الله و الله لا يذخر فضله عن أحد.
ومن غريب هذيانه في هذا الردّ زعمه أنه يريد أن يحامي عن حقوق العربيّة. وإنه لا يخشى في حبّها لومة لائم، إلى غير ذلك من الأقوال المضحكة. فأما محاماته عن حقوق العربية فما أدري مَن الذي سلمه مقاليدها وأقامه زعيماً على أهلها حتى يدّعي لنفسه مثل هذه الدعوى؟ وكأني به قد نسي أنه دخيلٌ فيها متطفلٌ على موائد أربابها. بل لعلهم رأوا فيه من العلم و الفضل ما لم يروا في غيره من علماء العصر ففوّضوا إليه أمرها.والله الأمر ولا حول ولا قوّة إلا بالله.
وأما زعمه أنه من محبّي العربيّة، فقاتل الله هذا الحبّ الذي جلب عليها تعفير وجهها وتشويه حسنها وهتك أستارها. وما كان أبّره بها لو أنه لها عدوٌ خصيم. ولله قول أبي الطيّب:
ومن العداوة ما ينالك نفعهُ ومن الصداقة ما يضرّ ويؤلم
وكأني بما ذهب إليه في سرّ الليال من أن معنى أحبهُ أصاب حبّة قلبه، قد صدق هنا فإنه كذلك أحب هذه اللغة. أجارها الله من كلّ محبٍ مثله. وما أحسن ما قاله الآخر:
أحبابه لِمَ تفعلون بقلبه ما ليس تفعله به أعداؤهُ
والظاهر أنه يذهب في الحبّ إلى ما ذهب إليه ديك الجنّ الحمصي ولا شريك له سواه. قيل إنه كان عنده جارية وغلام يهواهما وكان شديد الكلف بها. فسوّلت له الغيرة، أو شيءٌ آخر يشتق من اسمه، أنه ربما مات قبلهما فاستأثر بهما غيره من بعده. فعمد إليهما ليلةً فقتلهما ثمَّ أحرقهما فجعل من رماد كلّ واحدٍ منهما باطية ً للخمر.فكان بعد ذلك إذا اشتاق إلى الجارية قبّل الباطية المصوغة من رمادها وملأ منها كأسأً ثمَّ بكى وأنشد:
يا طلعةً طلع الحِمامُ عليها وَجنى لها ثمر الردى بيدَيها
روّيتُ من دمها التراب وطالما روّى الهوى شفّتي من شفتيها
وأجلتُ سيفي في مجال خناقها ومدامعي تجري على خدّيها
فوحقُ نعليها وما وطئ الثرى شيء أعز عليَّ من نعليها
ما كان قتلِيها لأني لم أكن أبكي إذا سقط البعوض عليها
لكن بخلتُ على سواي بحسنها وأنفت من نظر العيون إليها
وإذا اشتاق إلى الغلام فعل كذلك بباطيته وأنشد:
أشفقتُ أن يَرِدَ الزمان بغدره أو أُبتلى بعد الوصال بهجره
قمرٌ أنا استخرجته من دجنه لبليتي وأثرته من خدره
فقتلته وله عليّ كرامةٌ فليَ الحشى وله الفؤاد بأسره
عهدي به ميتاً كأحسن نائم ٍ و الطرف يسفح دمعتي في نحره
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/271)
لو كان يدري الميت ماذا بعده بالحيّ منه بكى له في قبره
غُصصٌ تكاد تفيض منها نفسه ويكاد يخرج قلبهُ من صدرهِ
نعوذ بالله وإياه نحتسب. ومما حَسُن عندي موقعه قوله في هذا الردّ:
((أما قوله إنه كان يلزمني إشعار أبيه باختلال لفظة ((الفحطل)) على ما يقتضيه عهد المودّة فهو لا يلزمني، لأن لهذه اللفظة أخواتٍ كثيرة في المقامات فلو اختصصت منها بالذكر لفظة ((الفحطل)) لما كنت مصيباً ولأني كنت مترقباً إصلاحها منه، فلما بقيت على الخطأ نبّهتُ عليها قياماً بحق اللغة فإني لا أخشى في حبّها لومة لائم)).اهـ.
قلت ُ: إن العبارة التي بنى عليها كلّ هذا لم تَرد في كلامي على هذا الوجه أصلاً، فما أدري مَن الذي وسوس إليه بها. وما أحسن ما اعتذر به من قوله: فلو اختصصت منها بالذكر لفظة ((الفحطل)) لما كنت مصيباً. ولا أدري ما كان يمنعه من أن يذكرها له جميعاً. وما الذي كان يُلزمه بأن يختصّ منها لفظة ((الفحطل)) فقط حتى يكون غير مصيبٍ. وأحسن منه قوله:
((إنه كان مترقباً إصلاحها منه. فما أدري كيف كان يرغب أن يقف على إصلاحها لأن الكتاب لم يُطبع مرّة ثانية بعد. بل ربّما سوّلت له نفسه أنه كان من الواجب على أبي رحمه الله، أن يُشعِره باختلالها بناءً على أنه يعتدّ نفسه إماماً للعربية وزعيماً لأهلها، وصبرٌ جميل. وأبدع منه تعليله بأن الذي أوجب عليه أن ينبّه عليها قيامه بحق اللغة لأنه يخشى في حبّها لومة لائم ٍ. وهو يقول: إن لهذه اللفظة أخواتٍ كثيرة في المقامات، فكان يجب عليه أن ينبّه على جميعها قياماً بما أخذه على نفسه من حق اللغة. وإلا فقد وقع تحت ملام اللائم، وما عُدّ إلا خائناً في حق اللغة لأنه لم يَقُم به حق القيام فكان مسخوطاً من الجانبين. وإذا كان يحسب أن ذلك عليه حق واجب وأن كلَّ غلطةٍ في اللغة إنما يكون هو المُطالب بها فذلك هو عين الحمقى. ولعمري لم يَقُلها قبله قائل. وشهد الله لو ادّعى لنفسه هذه الدعوى جبريل عليه السلام لنازعه فيها الملئكة المقرّبون. وإذا كان الأمر كذلك فهو أوّل من يحاكم بهذه السُنّة التي وضعها. وقد بينت لك في هذا الردّ من أغلاطه ما لا يكاد يسقط به أغبى الجهلاء، وإن هو إلا شيءٌ أو بعض شيءٍ من أشياء. فمن تراه يطالب بأغلاطه الكثيرة الفاضحة وكيف توفى اللغة حقها منه؟
وأعظمُ شاهدٍ على ذلك أنه رحمه الله، كان قد استدرك فيها ما فاته في الطبعة الأولى من غلط الطبع وغيره كعسفان بالفتح والخَجُوجيّ كدَجُوجيّ والإناءة بالمدّ، وغير ذلك فنبّه عليه على هامش إحدى النُسخ لكي يُراعى في الطبعة الثانية. وكذلك فعل بسائر كتبه المطبوعة، وتبارك من اعتصم بالكمال. وقد أشار إلى ذلك رحمه الله، في الكتاب الذي بعث به إلى صاحبنا حينما بلغه أن بعض أهل الآستانة يريد طبع المقامات وهو الذي كان فاتحة هذه المناقشة. وليس ذلك من الأمور المستغربة بالنسبة إلى الإنسان ولا هو مما يُعاب به، وقد قيل: كفى المرء نُبلاً أن تعد معايبه.
وقد وضع بعضهم في تخطئة مقامات الحريري المشهورة كتاباً برأسه، وبعضهم في تخطئة ديوان أبي الطيب المتنبي وغيرهما في غيرهما من أكابر العلماء و المدّققين. وما برح ذلك دأب العلماء و المصنفين في كل فنّ وزمن، فمنهم من أخطأ ومنهم من خطّأ ومنهم من جمع الأمرين وهو أشأمهم. غير أن صاحبنا لما انتدب للتخطئة في مقام الرثاء، أطال الله بقاءه، وكان ما خطّأه به في غير موضعه لأن ((الفحطل)) ليست إلا غلط طبع كما تقرّر، و ((المرابض)) قد تقدّم من الكلام عليها ما يكفي لإقناع كل ممار عنيد، ولا سيما أنك قد عرفت منزلة هذا المعترض بين نَقَدة الكلام، رأيت أن أُجيب عن ذلك لقصد بيان ما ذكر لا لقصد الدعوى بالعصمة كما زعم، فإنني لا أدّعي بأن أبي، رحمه الله، كان منزهاً عن الغلط، كما لا أسلم بأن صاحبنا يخلو من الإصابة أحياناً وإن قال به جماعةٌ من المتعنتين. فما لبث، حيَّاه الله، أن قابلني بالعنف ورماني بسوء المقال وذهب مذهباً لا يليق بالعلماء و بالحري من قام زعيماً بينهم وهو قد تعمم بالمشيب و التثم. فما الرأي أَأَستبيح حرمة من كان كذلك؟ أم أطرح بنفسي في هذا المجال وألتطخ بما أكره أن أرى غيري ملطوخاً به؟ بل أجلّ شأن أولي الفضل الذين سيُلقى كلامي هذا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/272)
بين أيديهم عن أن اقتحمهم بشيء من ذلك. وكنت أحبّ أن أرى سيّدي مواطئاً لي على هذا الرأي عينه، ولكن الظاهر أن الذي حمَله على تلك الخطة هو أهمّ مما حملني على تركها واجتنابها لأنه يقول إنه يريد أن يُرضي العلماء. وشهد الله أن هذا أبلغ ما يمكن أن يقال في حقهم، وهم أجلّ من ذلك وأرفع شأناً. سامحه الله وأصلحه.
وأما قوله ((فليستعن بصاحب الجنان [المعلم بطرس البستاني] على تنقيح كلامه))، وزعمه أن صاحب الجنان ظهيرٌ لي في مناقشته، فهذيان لا غاية بعده وهو لعمري أصغر مما يزعم وأدنى كثيراً. بل مَن تراه يجسر على نقد الكلام وتنقيح خلله في جنب الأستاذ أعزَّه الله، وهو إمام العربية وزعيمها و المحامي عن حقوقها فهو أولى من نظر في سديد القول ومختله وفرَّق بين صحيحه وفاسده. وهو أجدر بأن أفوّض إليه أمري و النظر في تنقيح كلامي وقد فعل أثابه الله. ألا تراه سدّد فقال (ينبغي أن يُحكم بأن الرَبض بفتحتين مأخوذ من الربوض، لأن الربض هو من الأشياء الباطنة ولا يصحّ العكس)).
وأن يقال: ((تصديي بياءين مخففتين ومن شَدَّد عليه)). وإن قال: ((أناف عليه ومن قال أناف عنه فقد أخطأ)) إلى غير ذلك مما مرّ بيانه. فما حاجتي بعد كل هذا بالمنقحين وسيدي الإمام متصدّر في مجلس العلماء تُرفع أقوالهم إلى مسامعه الشريفة فيخطّئ بعلمه كلَّ صحيح ويقتصّ منهم لحق اللغة. والأمر لله والله خير المنصفين.
و العجب إنه قبل ذلك قد لام صاحب الجنان على نشره كلامي في جريدته على ما فيه من الخلل، فما أدري كيف يكون هو المنقح لكلامي وكيف يلام بعد ذلك على نشره له في الجنان مختلاً. لأنه إن ثبت أنه قد نقحه فقد ثبتت عنده صحّته فلم يبق عليه للملام سبيل. وإن ثبت أنه قد عرف أغلاطه كما عرفها الأستاذ ونشره في الحنان على غلطه فكيف يّدعي أنه قد نقّحه. ولكن ما زال ذلك شأن المولى فقلما تراه بتَّ حكماً إلا تراه بعد حين بتّ عكسه فتدافعا فأسقط أحدهما الآخر. ولله درّه.
وأما ذلك الأديب الذي أشار إليه وقال: ((إن هذه المناقشة لا تلبث أن تغريه بتخطئة المقامات من أولها إلى آخرها)). فليشفعنّ في جنايته كلها إذا كان ذلك يتمّ عن يده. لأنني عازمٌ إن شاء الله على إعادة طبعها، فلعلّ أبي رحمه الله قد فاته شيءٌ من ذلك فينبهني كل ذي علم عليم، ويحق له عليّ الثناء الجميل. والمأمول أنه إذا تعمد ذلك يعاملني باللطف و الرفق كما يليق بمثله،لا كما فعل صاحب المناقشة وبذلك يُخلص إحسانه وما على المحسنين من سبيل.
هذا وإنني لأعلم أن المطالع قد ضجر مني وربّما تغيّظ لسبب هذه الإطالة فأقول هنا إن الرد قد آذن بالنهاية، و الحمد لله لا ينتهي. وأسأله الإغضاء عما لعله طغى به القلم. وإن أذن لي أطرفته بشيء آخر أحسبه لا يخلو من فكاهةٍ لعلها تشفع في ما أشرتُ إليه، وأظن أني إن لم أفعل الآن ربما فاتتني وإياه. وذلك إنه قد خرجت في هذه الأثناء قصيدة من نظم صاحبنا في وقائع الحرب الأخيرة، نشرها في العدد 558 من الجوائب. ولما كان هذا الباب لم يزل مفتوحاً ولا أحبّ أن أقرعه بعد أن يُغلق كما علمت، وكان لا يغرب عنك أن لكلّ جديد طلاوة، لم أجد بداً من أن أُلحق بهذا الرد شيئاً منها لكي تعلم أن الإمام لم يزل مراعياً لحقوق العربية كما ذكر في رده وأنه لا يضيع مثقال ذرةٍ منها إن شاء الله. فمن ذلك قوله نفعنا الله به:
فهذه جيوشي وهو فيها محكّمٌ رئيسٌ عليها آمرٌ أمر مزيال ِ
((المزيال)) الخفيف الظريف فهو منافٍ أو مباعد للمقام، و المعنى يقتضي نحو الحاذق أو المحنك ولا محل فيه للخفة و الظرافة فتأمّله. وقوله:
وأكثرهم صخباً وشغباً وأحنةً غرامون شيخٌ ذو هياج وتصهال ِ
فقوله ((صخباً)) يقتضي الوزن إسكان ((خائه)) و اللغة تقتضي تحريكها فكل واحدةٍ من الحالتين خطأ من وجهٍ. وقوله ((تصهال)) الأظهر فيه أنه من قولهم رجل ذو صاهل، أي شديد الصيال و الهياج. ولكنهم قالوا ذو صاهل ولم يسمع ذو تصهال. وسائر معاني المادة لا يناسب المقام. وقوله:
ويا يوم فلّوا في بروت وأدبروا شماطيط فلا عز عن كل منوال ِ
فقوله ((عزّ عن كلّ منوال)) لا معنى له. وقوله:
وسار إلى حصن ٍ يسمّى بفردن ٍ يظنّ به أمناً وإرجاء إفشال
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/273)
ففي قوله ((إرجاء إفشال)) نظر والأظهر أنه يريد بالإفشال أن يكون مصدراً من معنى الفشل، وبالإرجاء التأخير. إلا أن ((أَفشَل)) الرباعي لا يأتي بمعنى الثلاثي. وقوله:
وأكثر من هذا إبادتهم الوغى وذلك من بعد اقتحام وقيتال ِ
ولا يخفى ما في قوله ((قيتال))، من الكراهة و الغرابة وإن أجازه القياس. وقوله:
وقد حصلا في كفّ جرمانيا معاً كمثل لجام ٍ للفرنسيس تلاّل ِ
الأظهر هنا أنه يربد بقوله ((تلاّل))، أن يكون فعّالاً من قولهم: أتلّ الدابّة. إذا ارتبطها وقادها. جعله صفةً للّجام وفيه نظر. على أن في صيغته خطأ فاحشاً لأن فعله رباعي لا ثلاثي كما تستعمله العامة فيقال أتلَّ الدابّة كما تقدّم ولا يقال تلّها. وصيغة فعّال لا تبنَى من أفعَل الرباعيّ إلا في ألفاظ شاذّة تسمَع ولا يقاس عليها، على إنها في غاية الندور. قال الشيخ أبو زكرياء التبريزيّ في شرح ديوان الحماسة لأبي تمام الطائي رحمهما الله: ليس في الكلام أَفعَل فهو فعّال إلا أحرف يسيرة وهي أسأر فهو سأار وأدرك فهو درّاك وأجبر فلاناً على كذا فهو جبّار، وأقصر عن الشيء فهو قصّار. اهـ.
وقوله:
فإن جيوش الإمبراطور أعتقت من الأسر بعد الصلح من دون إقلال ِ
فقوله: ((من دون إقلال)) لا معنىً له في هذا الموضع ولكن ساقته القافية.
وقوله:
ومن عوز القوت الذي سدَّ بابه عليهم معادوهم ولا سدّ إدحال ِ
((الإدحال)) جمع دحل. قال صاحب القاموس: وهو نقبٌ ضيّق فمه متّسع أسفله حتى يُمشى فيه. أو مدخلٌ تحت الجُرف أو في عرض خشب البئر في أسفلها أو خرقٌ في بيوت العرب يُجعل لتدله المرأة إذا دخل داخلٌ. و المصنع يجمع الماء.ا هـ. وفي ذلك ما يُوصَف بالضيق وليس في الكل ما يوصف بالسدّ فتأمّل.
وقوله:
إذا كان فعل المرء شاهد عقله فمن هذه الأفعال إشهاد إخبال ِ
وأفوّض إليك النظر في قوله (إشهاد إخبال)) لعله يُخرّج على وجهٍ سديد. وقوله:
وقام بأمر الجمهورية ناهضاً تيار ومعه أهلُ شُورى وأنقال
تقطيعه:
وَقَامَ بِأَمْرِلْجَمْ هُوْرِيْيَ تِناهِضَنْ
فَعُوْلُ مَفَعِيْلُنْ مَفْعُوْلُ. مَفَاعِلُنْ
تِيَارُ وَمَعْهْوْأَهْ لُشُوْرَا وَأَنْقَالِي
فَعُوْلُ مَفَاعِيْلُنْ فَعُوْلُنْ مَفَاعِيْلُنْ
فوزن المصراع الأول لم يحكه الخليل ولا روته علماء العَروض.
و الظاهر أنه لاحقٌ بأمثاله من مخترعات أخفش هذا العصر.
على أن في سائر القصيدة من الركاكة و التعقيد وعدم الانسجام مع استعمال كثير ٍ من الألفاظ الحوشية النافرة، إلى غير ذلك ما لا يخفى على الشعراء و العلماء فاقتصرتُ هنا على ما ذكرته منها خوف الإطالة. هذا وإني في كل ذلك لم أتعرّض لعبارة الجوائب على ما فيها من الخلل الفاضح لاحتمال أن يتعذر فيها بالعَجلة، وإن كان هذا العذر لا يليق بمثل الإمام.
على أنه اعتذر به في سرّ الليال فما ظنك به في الجوائب. وأمّا هذه القصيدة فلما كانت ما اقتضى سهراً طويلاً وكدّاً عنيفاً وترسّلاً ملياً. وقد استدرك ما فاته من إصلاحها في العدد 559 من الجوائب لم يبق فيها احتمالٌ للاعتذار بشيء من ذلك.
وهنا لا بدّ أن أقول إن هذه المناقشة كلها لم تكن مني عن رغبةٍ ورضىً ولا أنا ممّن يتهافتون إلى التخطئة و الانتقاد لغرض ٍ ما. وكان بودّي استئصال هذا العِرق من بيننا لو وافقني عليه و المحافظة على عهده مع أبي رحمه الله وكرامته فوق ذلك بالنظر إلى سنّه فضلاً عن عدم التعرّض له بما يكرهه. ولكن قُدَّر فكان، و الفضل للمتقدم.
وهنا يحسن ذكر ما وقع من الاتفاقات الغريبة في هذا الصدد، وذلك إني بينما كنت يوماً مع صاحب لي ممن ينتسبون إلى المولى وقد أخذنا في الحديث، جرى بيننا ذكر الصحائف و الجرائد فسألني أن أكتب شيئاً في تخطئة عبارة ((الجنان)) وأبعث به إلى الجوائب ليُنشر فيها. فقلتُ: ليس ذلك من دأبي ولا غرض فيه، و الحازم من اشتغل بالنظر في عيوبه عن عيوب غيره فإن وثق بعصمته فليفعل ما شاء.
فلما يئس مني قال: فعبارة أدبيّة أو سياسية أو شيئاً آخر يؤثره عني. قلتُ: أنا دون أن أفعل، مع اعتدادي أن مثل ذلك إنما يكون ضرباً من التطاول على شي كبير يعدّونه من العلماء المتبحرين فإني أهاب أن أتحرَّش به. فأخذ يَصِف لي من مودّته وحبه لأبي رحمه الله وخلوص صداقته ما لم أنكره وقتئذٍ، وألحّ عليّ بمطارحته وتجديد ذلك العهد معه حتى أن أكتب إليه رسالة حبيّة وأشفعها بلغز من نظمي يكون به الإفصاح عن نوايا الودّ و المصافاة. فلم يمض ِ على هذا الحديث ثلثة أيام حتى وردت الجوائب وفيها الانتقاد على أبي رحمه الله، فكانت فاتحة المكاتبة بيننا. بيّض الله وجهه.
[في فائدة المباحث و المطارحات]
وشهد الله إني ما كنتُ لأكره الخوض في هذه المطارحات و المباحث الدقيقة فإنها لا تخلو من فائدة لي أو له لو أنه حافظ على شأني وشأنه ولم يتجاوز إلى أمر الهجاء، فإني شديد الكراهة له. ولقد طال اعتباري عند قوله في رثاء أبي رحمه الله.
ما كان يهجو ولا يُهجَى ولا حجبت ذُكا قريحته احلاك حدثان ِ
وقوله أيضاً فيه:
فلم يُضِع ساعة من عمره عَبثاً ولم يَضَع قوله في غير إحسان
فأمّا الآن وقد عدل إلى ما عدل إليه، وقد بيّنت للواقف على هذه المناقشة مبلغ ما عندهُ من العلم فلا يلزمني بعدها مساجلته ومناظرته و التعرض لسهام قذفه، لأن آدابي ليست كآدابه وأطواري ليست كأطواره، ولا أرى له بعدها حقاً في الدخول إلى مجلس المساجلين، ولا رأي لي في مواطأته على ما ذهب إليه. ومعاذ الله فذلك من قِبَلي باب مُحكم التوصيد.
ليس الوقيعة من شأني فإن عَرَضت أَعرضتُ عنها بوجهٍ بالحياء نَدِي
إني أَضنّ بعرضي أن يُلِمَّ بهِ غيري فهل أتولى خرقه بيدي
انتهى
ابراهيم اليازجي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/274)
ـ[أبو الطيب أحمد بن طراد]ــــــــ[26 - 06 - 10, 07:30 ص]ـ
مراجع البحث
- آصاف،يوسف. هو الباقي. القاهرة: مطبعة جريدة القاهرة الحرة 1305هـ /1887 م.
– الأبياري، عبد الهادي نجا. النجم الثاقب في المحاكمة بين البرجيس و الجوائب: وضع للفصل بين أحمد فارس الشدياق وسليمان الحريري التونسي، رئيس تحرير برجيس باريس. القاهرة: طبع حجر، 1279هـ / 1863 م، 100 ص.
–الأحدب، إبراهيم. رد السهم عن التصويب وإبعاده عن مرمى الصواب بالتقريب. الآستانة: مطبعة الجوائب، 1291 هـ /1874 م، 46 ص.
- الأسير، يوسف (الشيخ). رد الشهم للسهم. الآستانة: مطبعة الجوائب، 1291 هـ / 1874 م، 56ص.
– حبيب، توفيق. ((أشهر المعارك الصحفية: بين الشدياق و اليازجي)). الهلال ج77 (1929)، ص30 - 306.
- داغر، يوسف أسعد. مصادر الدراسة الأدبية. بيروت: منشورات أهل القلم، 1955، ج2، ص 471 - 478.
- زيدان، جرجي. تراجم مشاهير الشرق. القاهرة: مطبعة الهلال، 1907، ج2، ص101 - 114.
- سركيس، يوسف إليان. المطبوعات العربية و المعربة. القاهرة: مطبعة سركيس، 1928، عمود 1104 – 1106.
- مختارات من أدب أحمد فارس شدياق – يوسف. ق. خوري
- شبلي، أنطونيوس (الأب) الشدياق واليازجي: مناقشة علمية وأدبية سنة 1871. جونيه، 1950.
– الشرتوني، سعيد. السهم الصائب في تخطئة غنية الطالب. بيروت: 1874، 86 ص.
– الصلح، عماد. أحمد فارس الشدياق: آثاره وعصره. بيروت: شركة المطبوعات للتوزيع، 1987، ص270.
– طرابلسي، فواز. وعزيز العظمة. سلسلة الأعمال المجهولة: أحمد فارس الشدياق. بيروت: رياض الريس للكتب و النشر 1995،ص 420.
– طرازي، فيليب دي. تاريخ الصحافة العربية. بيروت: المطبعة الأدبية 1913. ج1. ص 61 - 64، ص 96 - 99.
- عبد السيد، مخايل. سلوان الشجي في الرد على إبراهيم اليازجي. الآستانة: مطبعة الجوائب، 1872،ص 110.
– مسعد، بولس. فارس الشدياق. القاهرة: مطبعة الإخاء، 1934، 49 ص.
– المكشوف. العدد 170 تاريخ 17/ 10/1938، عدد خاص عن أحمد فارس الشدياق. تحرير مارون عبود.
- نجم، محمد يوسف. أديب القرن التاسع عشر أحمد فارس الشدياق. رسالة ماجستير الجامعة الأميركية في بيروت، 1948،308 ص.
– يزبك، يوسف إبراهيم. ((أثر لبناني: فارس الشدياق في رسائله إلى أهله)). أوراق لبنانية. ج1 (1955) ص39 - 41: 94 - 96: 147 – 149: 325 – 327: 432 – 435: 583 – 585.
المصدر: http://www.bohemea.com/mag/index.*******.sk=view&id=354
ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[27 - 06 - 10, 09:14 ص]ـ
جزاك الله خيراً يا أخي أحمد،
أمتعتنا بنقولاتك في التراجم والأدب،
و ....
إن الكلام لفي الفؤاد وانما
جُعل اللسانُ على الفؤاد دليلا(146/275)
ترجمة شيخ تقي نقي خفي، محمد الرضواني رحمه الله
ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[21 - 06 - 08, 08:45 ص]ـ
قال اللواء محمود شيت خطاب رحمه الله (ت 1998م) في "الوسيط في رسالة المسجد العسكرية" (ص 293 - 295):
سأذكر لمحات عن الشيخ محمد الرضواني الذي عرفته شخصيًّا، وتوفي بالموصل قبل سنوات (كتب اللواء محمود مقدمة مؤلَّفه سنة 1978م)، عليه رحمة الله ورضوانه.
فقد كان تاجراً ذا ثراء عريض، وكان يُنفق على الفقراء والمحتاجين والتلاميذ والطلاب والعلماء إنفاق مَن لا يخشى الفقر، لأن ماله كان في يده لا في قلبه.
وكان شيخ علماء الموصل علماً وورعاً وسلوكاً ومعاملة وخلقاً.
وكان يدرِّس قبل الفجر بساعتين، فإذا انتهى من تدريس وجبة طلاب قبل الفجر، أدّى فريضة الفجر، ثم بدأ تدريس وجبة طلاب بعد الفجر حتى يرتفع الضحى، ويتوجه بعد ذلك إلى متجره، ويزاول أعماله التي كان معظمها توزيع المال على الفقراء والقضاء بين المتخاصمين وحلّ مشاكل الناس، فيصلّي الظهر والعصر في مسجد الأغوات الواقع بين الجسرين قريباً من النهر، ثم يعود إلى مدرسته فيدرّس طلبة العصر حتى صلاة المغرب، وبعد صلاة المغرب يتوجّه إلى منزله القريب، ويبقى فيه حتى يسمع صوت المؤذن لصلاة العِشاء، فيحضر مسجده ومدرسته ويعلِّم الطلاب إلى الهزيع الأول من الليل.
كان هذا دأبه في التعليم كل أيام الأسبوع، وهذا دأبه في مزاولة أعماله التجارية سائر أيام الأسبوع عدا يوم الجمعة، حيث يمكث في مسجده ومدرسته.
وكان ممّن ابتلاه الله بوفاة أطفاله الذكور، فكان يخفي على الطلاب وغيرهم موتهم، وطالما أكمل وجبة تدريس الطلبة قبل الفجر، فإذا حانت الصلاة صلاّها وصلّى على ابنه المتوفّى وحمله إلى مأواه الأخير (قال أبو معاوية البيروتي: لا يجوز تسمية القبر "مأواه الأخير"، لأن المأوى الأخير هو إمّا الجنة أو النار، غفر الله للواء محمود زلّته)، وحينذاك يعرف الطلاب أن الشيخ قد فقد ولده!!
وحدّثني والدي عليه رحمة الله - وكان أحد طلابه الذين يأخذون عليه العلم -، فذكر أن الملك فيصل الأول ملك العراق زار الموصل في أواخر العشرينات، فزاره من زاره من رجالات الموصل، وتخلّف الشيخ الرضواني عن زيارته فيمن تخلّف، لا تكبّراً ورياءً، بل لأنه لا يملك الوقت لإنفاقه في الزيارات والمجاملات، ولأنه كان يبتعد عن أصحاب السلطة ولا يحب مخالطتهم ولا معرفتهم.
وقصده الملك فيصل وسعى لزيارته، ومن الصدف أنه وصل مدرسته ومسجده في يوم من أيام الجمعة عصراً، فما كاد يدخل غرفة الشيخ تسبقه جماعة وتسير معه جماعة أخرى، حتى تعالى صوت المؤذن لصلاة العصر، فنهض الشيخ ليصلّي، فالتقى بالملك فيصل على عتبة غرفته، فقال له:" فيصل أفندي! الصلاة "، ومضى إلى حرم المسجد للصلاة.
وكان الشيخ يحسب أن لقب (أفندي) أعلى لقب يمكن أن يُطلَق على إنسان، لأنهم كانوا يطلقون هذا اللقب على أعلى الشيوخ مقاماً في العلم والورع، فظن الشيخ الرضواني أن هذا اللقب أرفع الألقاب دون استثناء.
وأدّى الشيخ صلاة كاملة كما يؤديها المتمهل، ثم تريّث في المسجد يسبّح الله ويذكره، والملك فيصل ينتظره في غرفته خارج حرم المسجد، حتى عاد الشيخ إلى الغرفة، فحدّثه الملك حديثاً متشعّباً، والشيخ صامت يذكر الله، فقال له الملك:"أحب أن تتولى رئاسة محكمة التمييز الشرعية"، فقال الشيخ:"لم أدخل دار الحكومة في حياتي، فلا أدخلها اليوم".
وعاد الملك أدراجه، وعكف الشيخ على التدريس وإفتاء الناس وقضاء مصالحهم.
ومات الشيخ، فشيّعه أهل الموصل من المسلمين وغير المسلمين، ويومذاك ظهر الفقر على مئتي عائلة، لم يكن الناس يدرون من أي مصدر كانوا ينفقون!
لقد كان الشيخ يُنفق على طلابه الفقراء، ويُنفق على من يعولون ليتفرغوا للعلم، ويشتري لهم الكتب الدراسية من ماله الخاص، ويشتري لهم الكتب القيمة، ويطعمهم ويكسوهم، ويعودهم إذا مرضوا، ويزورهم في الأفراح، ويواسيهم في الأتراح، ويقدّم لهم الهدايا بالمناسبات، ولكنه كان لا يؤجِّز (أي يعطي إجازة) غير المستحق، ولا يسامح المتكاسل، ولا يسكت عن المتغيّب، ويحاسب المتهاون في أمور العلم والدين، لذلك تخرّج من مدرسته علماء أعلام كالشيخ عبد الله النعمة. انتهى.(146/276)
علماء في ذاكرة الأمة (الشيخ البشير الإبراهيمي) رحمه الله تعالى
ـ[محمد بن عبد المجيد المصري]ــــــــ[21 - 06 - 08, 03:45 م]ـ
الشيخ البشير الإبراهيمي رحمه الله تعالى
مجلة البيان العدد13
زميل ابن باديس في قيادة الحركة الإصلاحية، ونائبه في رئاسة جمعية العلماء، ورفيق نضاله لتحرير عقل المسلم من الخرافات والبدع.
ولد عام 1889م في قرية (سيدي عبد الله) من نواحي (سطيف) التابعة لمدينة قسنطينة.
تلقى تعليمه الأوَّلي على والده وعمه؛ فحفظ القرآن ودرس بعض المتون في الفقه واللغة.
غادر الجزائر عام 1911 ملتحقاً بوالده الذي كان قد سبقه إلى الحجاز، وتابع تعليمه في المدينة، وتعرف على الشيخ ابن باديس عندما زار المدينة عام 1913، غادر الحجاز عام 1916 قاصداً دمشق، حيث اشتغل بالتدريس، وشارك في تأسيس المجمع العلمي الذي كان من غاياته تعريب الإدارات الحكومية، وهناك التقى بعلماء دمشق وأدبائها، ويتذكرهم بعد ثلاثين سنة من عودته إلى الجزائر فيكتب في (البصائر) العدد 64 عام 1949: (ولقد أقمت بين أولئك الصحب الكرام أربع سنين إلا قليلاً، فأشهد صادقاً أنها هي الواحة الخضراء في حياتي المجدبة، وأنها هي الجزء العامر في عمري الغامر، ولا أكذب الله، فأنا قرير العين بأعمالي العلمية بهذا الوطن (الجزائر) ولكن ... مَن لي فيه بصدر رحب، وصحب كأولئك الصحب؛ ويا رعى الله عهد دمشق الفيحاء وجادتها الهوامع وسقت، وأفرغت فيها ما وسقت، فكم كانت لنا فيها من مجالس نتناقل فيها الأدب، ونتجاذب أطراف الأحاديث العلمية ... ).
فى عام 1920 غادر الإبراهيمي دمشق إلى الجزائر، وبدأ بدعوته إلى الإصلاح ونشر العلم في مدينة (سطيف)، حيث دعا إلى إقامة مسجد حر (غير تابع للإدارة الحكومية) وفي عام 1924 زاره ابن باديس وعرض عليه فكرة إقامة جمعية العلماء، وبعد تأسيس الجمعية اُختِير الإبراهيمي نائباً لرئيسها، وانتدب من قِبل الجمعية لأصعب مهمة وهى نشر الإصلاح في غرب الجزائر وفى مدينة وهران وهي المعقل الحصين للصوفية الطرقيين، فبادر إلى ذلك وبدأ ببناء المدارس الحرة، وكان يحاضر في كل مكان يصل إليه، وهو الأديب البارع والمتكلم المفوَّه، وامتد نشاطه إلى تلمسان وهى واحة الثقافة العربية في غرب الجزائر وقامت قيامة الفئات المعادية من السياسيين والصوفيين وقدموا العرائض للوالي الفرنسي؛ يلتمسون فيها إبعاد الشيخ الإبراهيمي، ولكن الشيخ استمر في نشاطه، وبرزت المدارس العربية في وهران.
وفي عام 1939 كتب مقالاً في جريدة (الإصلاح)؛ فنفته فرنسا إلى بلدة (أفلو) الصحراوية، وبعد وفاة ابن باديس انتخب رئيساً لجمعية العلماء وهو لا يزال في المنفى ولم يُفرج عنه إلا عام 1943، ثم اعتقل مرة ثانية عام 1945 وأفرج عنه بعد سنة.
وفى عام 1947 عادت مجلة (البصائر) للصدور، وكانت مقالات الإبراهيمي فيها في الذروة العليا من البلاغة ومن الصراحة والنقد القاسي لفرنسا وعملاء فرنسا.
يقول عن زعماء الأحزاب السياسية: (ومن خصومها (أي الجمعية) رجال الأحزاب السياسية من قومنا من أفراد وأحزاب يضادّونها كلما جروا مع الأهواء فلم توافقهم، وكلما أرادوا احتكار الزعامة في الأمة فلم تسمح لهم، وكلما طالبوا تأييد الجمعية لهم في الصغائر - كالانتخابات - فلم تستجب لهم، وكلما أرادوا تضليل الأمة وابتزاز أموالها فعارضتهم) [1].
ودافع في (البصائر) عن اللغة العربية دفاعاً حاراً: (اللغة العربية في القطر الجزائري ليست غريبة، ولا دخيلة، بل هي في دارها وبين حماتها وأنصارها، وهي ممتدة الجذور مع الماضي مشتدة الأواصر مع الحاضر، طويلة الأفنان في المستقبل) [2].
واهتمت (البصائر) بالدفاع عن قضية فلسطين؛ فكتب فيها الإبراهيمي مقالات رائعة.
عاش الإبراهيمى حتى استقلت الجزائر، وأمّ المصلين في مسجد (كتشاوة) الذي كان قد حُوّل إلى كنيسة، ولكنه لم يكن راضياً عن الاتجاه الذي بدأت تتجه إليه الدولة بعد الاستقلال؛ فأصدر عام 1964 بياناً ذكر فيه: " إن الأسس النظرية التي يقيمون عليها أعمالهم يجب أن تنبعث من صميم جذورنا العربية الإسلامية لا من مذاهب أجنبية ".
تُوفي - رحمه الله - يوم الخميس في العشرين من أيار (مايو) عام 1965.
بعد أن عاش حياة كلها كفاح لإعادة المسلمين إلى دينهم القويم؛ فجزاه الله خيراً عن الإسلام والمسلمين.
________________________
(1) د الخطيب: جمعية العلماء، ص155.
(2) المصدر السابق، ص156.(146/277)
العلامة شيخ النحو و رائد النظم فيه يحي بن عبد المعطي
ـ[ابو مريم الجزائري]ــــــــ[21 - 06 - 08, 07:01 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
هذه ترجمة لأحد علماء الجزائر الأفذاذ، إمام عصره في النحو واللغة،
ورائد نظم المسائل اللغوية و النحوية، تُعد ألفيته " الدرة الألفية " أول مؤلف في النحو صيغ بقالب شعري، أشتهر بغزارة العلم و سعة المعرفة، فقد ألف وحقق الكثير من الكتب، ولم يقتصر على علم واحد أو نهج معين كما تدل على ذلك مصنفاته الكثيرة، وقد شهد له العلماء و الأدباء بأصالته و عمق فكره، ويكفيه فخرا ما وصفه به مؤرخ الإسلام الإمام الذهبي في (سير أعلام النبلاء ج 22 ص 324) بأنه العلامة وشيخ النحو و الفقيه، فيقول عنه حرفيا في الترجمة رقم 196: " العلامة شيخ النحو زين الدين أبو الحسين يحيى بن عبد المعطي بن عبد النور الزواوي المغربي النحوي الفقيه الحنفي مولده سنة أربع وستين وخمس مئة وسمع من القاسم بن عساكر وصنف الألفية والفصول وله النظم والنثر وتخرج به أئمة بمصر وبدمشق".
كنيته و نسبه و مولده:
يحيى بن عبد المعطي بن عبد النور الزواوي،زين الدين، يكنى بأبي الحسين، و بأبي زكريا، أما شهرته في المشرق و المغرب فهي " ابن المعطي و ابن معط".
ويقال أنه لقب بزين الدين لقوله:
قالوا تلقب زين الدين فهو له ** نعت جميل به قد زين الأمنا
فقلت لا تعذلوه إن ذا لقب ** وقف على كل بخس والدليل أنا
و ينتسب ابن المعطي إلى منطقة زواوة التابعة لمدينة بجاية الناصرية (الشرق الجزائري)، حيث ولد بظاهرة بجاية سنة 564 هـ.
عصره:
عاصر ابن معطي بداية ظهور الدولة الموحدية، و ما صاحبها من اضطرابات سياسية و حروب عسكرية لتثبيت أركان الدولة، ولم تؤثر هذه الاضطرابات على النواحي العلمية و الفكرية، فقد شهدت دولة الموحدين نهضة علمية كبيرة، فيلاحظ الاهتمام الكبير بالعلم و الأدب و الفكر و الثقافة، ولذلك ازدهرت العلوم الشرعية وعلوم العربية من نحو و لغة و عروض وتاريخ و سير، كما شهد المشرق العربي انتصارات صلاح الدين الأيوبي و خلفاؤه، و سحقهم للصّليبين، و تطهيرهم للأراضي الإسلامية من دنسهم، وإخراجهم مدحورين مهزومين، يجرون ذيول الخيبة و العار، وكذلك بقضائهم على الدولة الفاطمية الرافضية فقد شجعوا بطريقة مباشرة و غير مباشرة النشاط العلمي، و برزت نتائجه في كتب نفيسة أثرت المكتبة العربية في كل فن، وبرز علماء أجلاء في العالم الاسلامي، كالإمام المحدث الفقيه الأديب أبو محمد عبد الله الاشيري، والعلامة المحدث محمد بن عبد الرحمن بن علي بن محمد بن سليمان التجيبي التلمساني، في الجزائر و المغرب، أما في المشرق فقد برز الإمام الحافظ ابن عساكر صاحب تاريخ دمشق و غيرهم، أما في علوم العربية فقد طلع فيها نجم علماء عباقرة منهم الجزولي و السهيلى و الشلوبين وابن خروف و ابن عصفور و ابن مضاء و غيرهم، فأصبح كل عالم من هؤلاء مدرسة قائمة برأسها فانتشرت انتشرت المدارس النحوية، وصار الطلاب ينتقلون بين المدارس يطلبون علوم العربية من بلاغة و نحو و صرف التي عمت و انتشرت، و تشعبت موضوعاتها و أبوابها.
رحلاته في طلب العلم وشيوخه:
لمّا أضحى المغرب العربي معجبًا بالمشرق خطر لابن معط أن يرحل إلى المشرق. وذهب إلى دمشق حيث الدولة الأيوبية التي كانت مهتمة بالعلم والأدب، وبإعداد الجيوش للدفاع عن أرض الإسلام والمسلمين. جاء ابن معط إلى هذا الجو الجديد ونشأ فيه، وأقام بدمشق واستقبله سلطانها استقبال عالم لعالم؛ فقد كان الملك عيسى بن محمد الأيوبي محبا للعلم، عالما بفقه الحنفية وبالعربية، ولذا، فقد عرف قدر ابن معط، وأكرم وفادته وولاّه النظر في مصالح المساجد. وجلس يقرئ الناس اللغة والأدب. وعندما توفي الملك عيسى الأيوبي سنة 624هـ، تولى الحكم الملك الكامل الذي كان، كسابقه، محبًا للعلم والأدب، فولاه إقراء الناس الأدب والنحو بجامع عمرو بن العاص، عندما سافر مع الملك الكامل إلى مصر. وجلس يؤدي واجبه في نشر العلم و تدريس النحو و الصرف الى وفاته رحمه الله بمصر، وقد أخذ العلوم الشرعية من تفسير و علوم الحديث الشريف و الفقه، و العربية على يد علماء أجلاء اشتهروا بسعة العلم و التبحر كل في ميدان اختصاصه و سأقتصر على ذكر ترجمة قصيرة لأربعة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/278)
منهم، كان لهم الأثر القوي في تكوينه و هم:
1 - الجزولي: الامام النحوي، عيسى بن عبد العزيز بن يللبخت بن عيسى أبو موسى (ت 616 أو 617 هـ) الجزولي نسبة إلى جُزُولة، و هي بطن من اليزدكتن في مراكش الجنوبية.
" الامام الخطيب النحوي، العالم بالقراءات، بعد أن أتم دراسته الأولى في مراكش، لزم دروس الفقيه القاضي اللغوي المشهور أبي محمد عبد الله بن بري بمصر لما حج وعاد، الذي قيد عنه الجزولية في العربية، كما درس هناك صحيح البخاري على أبي محمد بن عبيد الله، و بعد مصر رجع إلى المغرب، و أقام ببجاية زمنا انصرف فيه إلى تدريس النحو [و قد استفاد من هذه الدروس مترجمنا]،كما ألف أثناءها المقدمة المشهورة بالجزولية، وهي حواش على الجمل للزجاجي، و تسمى ب: "رسالة القانون" أيضا.
ثم تصدر للإقراء بالمرية (الأندلس)،ودرس فيها النحو مدة من الزمن ثم رجع إلى مراكش حيث عيّن خطيبا بمسجدها الجامع، و توفي بازمور من ناحية بمراكش سنة ست أو سبع عشرة وستمائة.
و من أهم مصنفاته:
- المقدمة التي ذكرتها سابقا
- شرح أصول ابن السراج
- مختصر لشرح ابن جني أبو موسى عيسى بن عبد العزيز لديوان المتنبي.
- آمال في النحو.
و من أشهر تلامذته ابن المعطي، و أبو على الشلوبين".
2 - ابن عساكر: " الإمام المحدث الحافظ العالم الرئيس بهاء الدين أبو محمد القاسم بن الحافظ الكبير محدث العصر ثقة الدين أبي القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الدمشقي الشافعي المعروف بإبن عساكر (ت سنة 600 هـ) أجاز له الفراوي وزاهر وقاضي المارستان والحسين بن عبد الملك وعبد المنعم بن القشيري وابن السمر قندي وهبة الله بن الطبر ومحمد بن إسماعيل الفارسي ... و قد سمع من أبيه الكثير و شاركه في أكثر مشايخه سماعا فأجازه، و صنّف عدة مصنفات و خلف أباه في إسماع الحديث في الجامع الأموي و دار الحديث النورية،وكتب ما لا يوصف كثرة بخطه العديم الجودة وأملى وصنف ونعت بالحفظ والفهم".
ومن أهم مصنفاته:
- تاريخ دمشق.
- الجامع المستقصي في فضائل الأقصى.
- فضل المدينة.
- الموافقات.
- الأطراف الأربعة.
- الجهاد.
-مجالس إملاء
و قد سمع عنه ابن معطي الحديث، و رحل إلى الحجاز ومصر و أسمع بهما و كانت وفاته يوم الخميس ثامن صفر و دفن بعد العصر".
3 - زيد بن الحسن بن زيد بن الحسن بن زيد بن الحسن [تكرار اسم الحسن و زيد ثلاث مرات] ابن سعيد ابن عصمة بن حمير بن الحارث الأصغر، تاج الدين أبو اليمن الكندي النحوي اللغوي الحافظ المحدّث (ت سنة 597 هـ): " حفظ القرآن وهو ابن سبع سنين وأكمل القراآت العشر وهو ابن عشر، وكان أعلى أهل الأرض إسناداً في القرآات، قال الشيخ شمس الدين: فإنّي لا أعلم أحداً من الأمّة عاش بعد ما قرأ القرآن ثلاثاً وثمانين سنةً غيرَه، هذا مع أنّه قرأ على أسند شيوخ العصر بالعراق، وقرأ النحو على ابن الشجري وابن الخشّاب وشيخِه أبي محمّد سبط الخيّاط، وأخذ اللغة عن موهوب الجواليقي. وقدم دمشق في شبيبة وسمع بها من المشائخ وبمصره، وسكن دمشق حيث كان يدرس في مسجدها الجامع و يحضر مجلسه فيه جميع المتصدرين من العلماء أمثال أبى الحسن السخاوي و يحيى بن معطي ثم سافر بصحبته إلى مصر أين أكرمه الملك الكامل و أغدق عليه. ونال بها الحشمة الوافرة والتقدّم، وازدحم الطلبةُ عليه"
و كانت له خزانة كتب جليلة في جامع بني أمية، له مشيخة في أربعة أجزاء خرّجها له أبو القاسم ابن عساكر، و له تعليقات على ديوان المتنبي
" ولمّا مات خامس ساعة يوم الاثنين سادس شوّال في التأريخ المقدّم صلىّ عليه العصر بجامع دمشق، ودُفن بتربته بسفح قاسيون، وعقد العزاء له تحت النسر يومين، وانقطع بموته إسناد عظيم."
4 - مملوك الكندي: إياس، هو أبو الجود وأبو الفتح، مولى الشيخ تاج الدين الكندي (ت 656 هـ) مشرف الجامع الأموي المتكلم في بسطه وحصره.، حدث عن معتقه وروى عنه الدمياطي.
تلامذته:
تصدّر الإمام ابن معطي للإقراء بالجامع الكبير في دمشق، وكذا في الجامع العتيق و في جامع عمرو بن العاص في القاهرة، كما جلس محاضرا و مقرءا في مجالس الأمراء و الحكام، وقد أستفاد من علمه و أدبه جمع غفير من الناس، وسأذكر بعضا من أشهر تلامذته الذين لازموه و أجازهم و منهم:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/279)
1 - أبو بكر بن عمر بن علي بن سالم الإمام رضي الدين القسنطيني النحوي (ت سنة 695هـ). قال الصلاح الصفدي: " ولد سنة سبع وستمائة، ونشأ بالقدس، وأخذ العربية عن ابن معط وابن الحاجب بالقاهرة، وتزوج ابنة معط، وكان من كبار أئمة العربية بالقاهرة. سمع الحديث من ابن عوف الزهري وجماعة. وكان له معرفة تامة بالفقه ومشاركة في الحديث، صالحا خيرا دينا متواضعا ساكنا ناسكا. سمع من جماعة كثيرة، وأضر بآخر عمره، أخذ عنه أبو حيان وغيره".
2 - إبراهيم بن محمد بن طرخان الحكيم عز الدين أبو إسحاق الأنصاري، الشهير ب:" السويدي الحكيم " (ت سنة 695 هـ)، وهو من ولد سعد بن معاذ الأوسي رضي الله عنه، " ولد سنة ست مائة بدمشق وسمع من ابن ملاعب وأحمد بن عبد الله السلمي وعلي بن عبد الوهاب،والحسين بن إبراهيم بن سلمة وزين الأمناء الحافظ ابن عساكر، وقرأ لولده البدر محمد على مكي بن علان والرشيد العراقي واستنسخ له الأجزاء، وقرأ المقامات سنة تسع عشرة على التقي خزعل النحوي وأخبره بها، وقرأ كتباً في الأدب والنحو على ابن معط وعلى النجيب يعقوب الكندي، وأخذ الطب عن الدخوار وغيره وبرع في الطب وصنف فيه ونظر في علم الطب وله شعر وفضائل وكتب بخطه الكثير وكان مليح الكتابة كتب القانون لابن سينا ثلاث مرات وكان أبوه تاجراً من السويداء بحران"، قال عنه ابن أبي أصيبعة في طبقاته: " وهو أسرع الناس بديهةً في قول الشعر وأحسنهم إنشاداً وكنت أنا وهو في المكتب، وله الباهر في الجواهر. والتذكرة الهادية في الطب، روى عنه ابن الخباز والبرزالي وطائفة، ومات سنة تسعين وست مائة ودفن بتربته إلى جانب الخانقاه الشبلية".
3 - إبراهيم بن أبي عبد الله بن إبراهيم بن محمد بن يوسف أبو إسحاق الأنصاري الإسكندري الكاتب (ت 649 هـ)،عرف بابن العطار " ولد سنة خمس وتسعين وخمس مائة وتأدب على أبي زكريا يحيى بن معطي النحوي جال فى بلاد الهند واليمن والشام والعراق والروم قال منصور بن سليم فى تاريخ الإسكندرية مات سنة تسع وأربعين وست مائة فيما بلغني بالقاهرة رحمه الله تعالى قال منصور ورأيته بالموصل وبغداد ".
4 - تاج الدين الصرخدي (ت سنة 674 هـ)، جمال الدين محمود بن عابد بن حسين بن محمد بن علي تاج الدين أبو الثناء التميمي الصرخدي الفقيه الخطيب،النحوي الشاعر، ترجم له محمد بن شاكر الكتبي في (فوات الوفيات 4/ 121) فقال عنه: " ... ولد بصرخد سنة ثمان وتسعين وخمسمائة، وكان فقيهاً صالحاً، نحوياً بارعاً، شاعراً محسناً ماهراً، متففاً خيراً متواضعاً دمث الأخلاق، كبير القدر وافر الحرمة. وكان سكنه بالمدرسة النورية." مات ليلة الخميس خامس عشرى ربيع الآخر سنة أربع وسبعين وستمائة.
من مؤلفاته: " تشنيف الاسماع باحكام السماع"
إجازة ابن معطي لتاج الدين الصرخدي:
هذه صورة إجازة إقراء منحها ابن معطي لتلميذه و صديقه تاج الدين الصرخدي:
" {الله الموفق لما يحبه و يرضاه}
استخرت الله تعالى و أذنت لسيدنا الفقيه العالم تاج الدين أبي محمد محمود ابن عابدين بن حسين التميمي الصرخدي، أمده الله و سدده أن يقرأ هذا القسم الملقب بالمشترك من كتاب "المفصّل" لأبي القاسم محمود فخر خوارزم، ثقة مني بعلمه و تنقيبه عن التحقيق و نهج الصواب حسب ما سمعه مني وقت قراءته إياه على، مستسرحا و باحثا عن النكت التصريفية و اللطائف الموزعة فيه، والجوالة في تحري الصواب على ذهنه الثاقب و رأيه الصائب، إن شاء الله تعالى. و كتب يحيى بن عبد المعطي النحوي الحنفي، بالقاهرة المحروسة، أدام الله أيام ملك مالكها، و ذلك في شهر ربيع الآخر سنة سبع و عشرين و ستمائة ".
مؤلفاته و آثاره:
ذكرت المصادر التي ترجمت لابن معطي عددا كبيرا من مؤلفاته، مما يدل على غزارة علمه، وقوة فهمه، وجودة طبعه، وفصاحة نظمه، وعبقريته، و مما وقفت عليه من مؤلفاته وآثاره:
1 - الألفية في النحو: و هي منظومة جمعت علم النحو والصرف من بحرين هما السريع و الرجز وقد سماها " بالدرة الالفية" و طبعت باعتناء المستشرق زترتشين زمعها ترجمة هولندية وتعليقات سنة 1317 هـ / 1900م، تحت عنوان " " الدرة الالفية في علم العربية " أولها:
يقول راجى ربه الغفور ... يحيى بن معط بن عبد النور
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/280)
كما قام بتحقيقها و شرحها الدكتور علي موسى الشوملي - الرياض: مكتبة الخريجي - الطبعة الأولى 1405هـ - 1985م.
بدأ ابن معطي في تأليفها سنة 593 هـ وأتمها سنة 595 هـ، وقد نسج على منواله الإمام محمد بن عبد الله بن مالك المتوفى سنة 672 علامة النحو واللغة في تأليفه لمنظومته الألفية الشهيرة في علم النحو " ألفية ابن مالك " قال المقري في (نفح الطيب ج1 ص432): " تبع فيها ابن معطي قالوا: ونظمه اجمع وأوعب، ونظم ابن معطي أسلس وأعذب"
وقد أهتم بها العلماء، و المختصين في اللغة و النحو، فكثرت شروحهم عليها و اختصاراتهم و النظم على شاكلتها، و من شروحها:
- شرح محمد ابن احمد [بن محمد الاندلسي البكري] الشريشى المتوفى سنة 685 هـ في مجلدين، سماه " بالتعليقات الوفية".
- شرح شمس الدين احمد بن الحسين ابن الخباز الاربلي المتوفى سنة 673 هـ سماه " الغرة المخفية في شرح الدرة الالفية".
- شرح بدر الدين محمد بن يعقوب الدمشقي المتوفى سنة 718 هـ.
- شرح شهاب الدين احمد بن محمد القدسي الحنبلى المتوفى سنة 728 هـ.
- شرح عبدالمطلب بن المرتضى الجزرى المتوفى سنة 735 هـ. و سماه " ضوء الدرر في شرح الفية ابن معطي في النحو".
- شرح الشيخ زين الدين عمر بن مظفر ابن الوردى المتوفى سنة 749 هـ، وسماه " ضوء الدرة على ألفية ابن معطى"
- شرح الشيخ محمد بن محمود بن أحمد البابرتي الشيخ أكمل الدين الحنفي المتوفي سنة 752 هـ، ألفه سنة 741 هـ وسماه " بالصدفة الملية بالدرة الالفية"
- شرح الشيخ محمد بن أحمد بن علي بن جابر الاندلسي الهواري، المالكي، الضرير، ويعرف بشمس الدين بن جابر، المتوفى سنة 780 هـ في ثمانى مجلدات.
- يوسف بن الحسن بن محمد بن الحسن ابن مسعود بن علي بن عبد الله الحموي، الشافعي، ويعرف بابن خطيب المنصورية (ت 809 هـ).
و غيرها من الشروح التي لا تعد و لا تحصى.
2 - كتاب الفصول: وهو كتاب حسن وتعليقات على أبواب الجزولية وأمثله لمسائلها وغير ذلك مسائل متفرقة في أبواب العربية.
3 - شرح المقدمة الجزولية: لشيخه الجزولي في النحو وقد سبق ذكرها في ترجمتهن وهي مقدمة " لا يفهم حقيقتها إلا أفاضل البلغاء وأكثر النحاة يعترفون بقصور أفهامهم عن إدراك مراد مؤلفها منها فإنها رموز وإشارات " ولما رأى ابن معطى بأنها عسيرة المنال، غامضة الكلام، يصعب فهمها، لدقة معانيها وغرابة تعاريفها، قام بشرحها و تبسيطها، و قد نقل عن هذا الشرح السيوطي في كتابه: الأشباه و النظائر.
4 - البديع في علم البديع: منظومة في البلاغة وصناعة الشعر، وقد اشتمل على واحد و خمسين محسنا بديعا، بدأه بعد حمد الله و الصلاة و التسليم على الرسول صلى الله عليه وسلم، هكذا:
يقول ابن معطي قلت لا متعاطيا** مقالة من يرجو الرضى و التعاطيا
بدأت بحمد الله نظمي مسلما ** على أحمد الهادي إلى الله داعيا
و بعد فإني ذاكر لمن ارتضي ** بنظمي العروض المجتلي والقوافيا
أتيت بأبيات البديع شواهدا ** أضم إليها في نظمي الأساميا
5 - شرح الجمل في النحو للزجاجي.
6 - نظم كتاب الجمهرة لابن دريد.
7 - المثلث في النحو.
8 - شرح أبيات سيبويه ـ (نَظْم).
9 - حواشي: على أصول ابن السراج في النحو.
10 - ديوان خطب.
11 - ديوان شعر.
12 - العقود و القوانين في النحو.
13 - قصيدة في العروض.
14 - أرجوزة في القراءات السبع.
15 - نظم كتاب الصحاح للجوهري: توفى قبل إتمامه.
16 - الفصول الخمسون: طبع ونشر في القاهرة سنة 1977م، بتحقيق الأستاذ محمود الطناحي.
و غيرها مما لم أقف عليه، و نحن نتأسف لضياع أكثر مؤلفاته، و ما بقي منها فهو حبيس المكتبات، لم ينشر ولم يحقق ما عدا الألفية و الفصول الخمسين و البديع في علم البديع.
وفاته:
توفي رحمه الله بمصر يوم الاثنين سنة 628 هـ، وقد أخطأ ابن كثير وابن العماد الحنبلي رحمهما الله عندما أرخا لوفاته بسنة 629 هـ و الصحيح ما ذهب إليه أبو شامة المؤرخ - و هو أصدق لأنه شهد جنازته بمصر- فهو يذكر وفاته و جنازته في حوادث سنة 628 هـ: " و فيها أي سنة 628 هـ في مستهل ذي الحجة توفي الزين النحوي يحيى بن معطي الزواوي رحمه الله بالقاهرة، و صلّى عليه بجنب القلعة عند سوق الدوابّ، و حضر الصلاة عليه السلطان الكامل ابن العادل، و دفن بالقرافة في طريق قبة الشافعي رحمه الله على يسار المار إليها على حافة الطريق، محاذيا لقبر ابي إبراهيم المزني رحمه الله، حضرت دفنه و الصلاة عليه، و كان آية في حفظ كلام النحويين ".
المصادر:
- بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة للحافظ جلال الدين عبد الرحمن السيوطي. تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم - الناشر المكتبة العصرية - صيدا / لبنان.
- كشف الظنون عن اسامى الكتب والفنون لحاجي خليفة، الطبعة الثالثة طهران (إيران) سنة 1378هـ ..
- سير أعلام النبلاء الامام الذهبي. تحقيق شعيب الأرناؤوط , محمد نعيم العرقسوسي - نشر مؤسسة الرسالة - الطبعة التاسعة 1413 هـ.
- فوات الوفيات لمحمد بن شاكر الكتبي. تحقيق: إحسان عباس - دار صادر / بيروت،الطبعة الأولى سنة 1973 م.
- البداية و النهاية لابن كثير تحقيق وتدقيق علي شيري - دار إحياء التراث العربي - الطبعة الاولى 1408 هـ/ 1988 م.
- شذرات الذهب في أخبار من ذهب. لابن عماد الحنبلي، دار المسرية، بيروت، طبعة ثانية سنة 1979م.
- الجواهر المضية في طبقات الحنفية لعبد القادر بن أبي الوفاء، تحقيق الناشر مير محمد كتب خانه كراتشي/باكستان (بدون تاريخ).
- طبقات الشافعية لابن قاضى شهبة، تحقيق: د. الحافظ عبد العليم خان - الطبعة الأولى، دار النشر: عالم الكتب - بيروت - 1407 هـ.
- الاعلام لخير الدين الزركلي. دار العلم للملايين – بيروت/ لبنان الطبعة الخامسة أيار (مايو) 1980م.
- مقال بعنوان: " قراءة في مخطوطة البديع في علم البديع لابن معطي" للدكتور عبد الرحمن خربوش أستاذ بجامعة تلمسان / الجزائر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/281)
ـ[عبدالرحمن المشد]ــــــــ[21 - 06 - 08, 09:24 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[محمد بن سمير بن عمر الجزائري]ــــــــ[04 - 11 - 09, 12:55 ص]ـ
أحسن الله إليكم وبارك الله فيكم وجزاكم الله خير الجزاء
ـ[أبو عبد البر المالكي]ــــــــ[19 - 12 - 09, 11:31 ص]ـ
للرفع
ـ[أبو أسامة القحطاني]ــــــــ[23 - 12 - 09, 09:24 م]ـ
جزاك الله خيراً
تُعد ألفيته " الدرة الألفية " أول مؤلف في النحو صيغ بقالب شعري،. [/ FONT][/RIGHT]
ليس هو أول من صاغ النحو بقالب شعري , بل سبقه علماء منهم الخليل بن أحمد الفراهيدي ـ إن صحت نسبتها إليه ـ.
ولعلهم يقصدون بهذه الأولية من نظم النحو في ألفية شاملة لأكثر أبواب النحو.
والله أعلم.(146/282)
هل صحيح ان بيبرس قتل قطز بعد عين جالوت؟
ـ[ابو حمدان]ــــــــ[22 - 06 - 08, 02:45 م]ـ
هل صحيح ان بيبرس قتل قطز بعد عين جالوت؟
ـ[السدوسي]ــــــــ[22 - 06 - 08, 03:22 م]ـ
البداية والنهاية [جزء 13 - صفحة 222]
ذكر سلطنة الملك الظاهر بيبرس البندقداري وهو الاسد الضاري وذلك أن السلطان الملك المظفر قطز لما عاد قاصدا مصر وصل إلى ما بين الغزالي والصالحية عدا عليه الامراء فقتلوه هنالك وقد كان رجلا صالحا كثير الصلاة في الجماعة ولا يتعاطى المسكر ولا شيئا مما يتعاطاه الملوك وكانت مدة ملكه من حين عزل ابن استاذه المنصور علي بن المعز التركماني إلى هذه المدة وهي اواخر ذي القعدة نحوا من سنة رحمه الله وجزاه عن الاسلام وأهله خيرا وكان الامير ركن الدين بيبرس البندقداري قداتفق مع جماعة من الامراء على قتله فلم وصل إلى هذه المنزلة ضرب دهليزه وساق خلف ارنب وساق معه أولئك الأمراء فشفع عنده ركن الدين بيبرس في شئ فشفعه فأخذ يده ليقبلها فأمسكها وحمل عليه أولئك الامراء بالسيوف فضربوه بها وألقوه عن فرسه ورشقوه بالنشاب حتى قتلوه رحمه الله ثم كرو راجعين إلى المخيم وبأيديهم السيوف مصلتة فأخبروا من هناك بالخبر فقال بعضم من قتله فقالوا ركن الدين بيبرس فقالوا أنت قتلته فقال نعم فقالوا أنت الملك إذا وقيل لما قتل حار الامراء بينهم فيمن يولون الملك وصار كل واحد منهم يخشى غائلة ذلك ان يصيبه ما أصاب غيره سريعا فاتفقت كلمتهم على ان بايعوا بيبرس البندقداري ولم يكن هو من أكابر المقدمين ولكن أرادوا اان يجربوا فيه ولقبوه الملك الظاهر.
تاريخ الخلفاء [جزء 1 - صفحة 403]
ثم دخلت سنة ثمان و خمسين و الوقت أيضا بلا خليفة
و فيها قطع التتار الفرات و وصلوا إلى حلب و بذلوا السيف فيها ثم وصلوا إلى دمشق و خرج المصريون في شعبان متوجهين إلى الشام لقتال التتار فأقبل المظفر بالجيوش و شاليشه ركن الدين بيبرس البندقداري فالتقوا هم و التتار عند عين جالوت و وقع المصاف و ذلك يوم الجمعة خامس عشر رمضان فهزم التتار شر هزيمة و انتصر المسلمون و لله الحمد و قتل من التتار مقتلة عظيمة و ولوا الأدبار و طمع الناس فيهم يتخطفونهم و ينهبونهم و جاء كتاب المظفر إلى دمشق بالنصر فطار لناس فرحا ثم دخل المظفر إلى دمشق مؤيدا منصورا و أحبه الخلق غاية المحبة و ساق بيبرس وراء التتار إلى بلاد حلب و طردهم عن البلاد و وعده السلطان بحلب ثم رجع عن ذلك فتأثر بيبرس من ذلك و كان ذلك مبدأ الوحشة و كان المظفر عزم على التوجه إلى حلب لينظف آثار البلاد من التتار فبلغه أن بيبرس تنكر له و عمل عليه فصرف وجهه عن ذلك و رجع إلى مصر و قد أضمر الشر لبيبرس و أسر ذلك لبعض خواصه فأطلع على ذلك بيبرس فساروا إلى مصر و كل منهما محترس من صاحبه فاتفق بيبرس و جماعة من الأمراء على قتل المظفر فقتلوه في الطريق في ثالث عشر شهر ذي القعدة و تسلطن بيبرس و لقب الملك القاهر و دخل مصر و أزال عن أهلها ما كان المظفر قد أحدثه عليهم من المظالم و أشار عليه الوزير زين الملة و الدين ابن الزبير بأن يغير هذا اللقب و قال: ما لقب به أحد فأفلح: لقب به القاهر بن المعتضد فخلع بعد قليل و سمل و لقب به القاهر ابن صاحب الموصل فسم فأبطل السلطان هذا اللقب و تلقب بالملك الظاهر.
ـ[البشير مالك]ــــــــ[06 - 07 - 08, 08:28 ص]ـ
الأخ السدوسي السلام عليكم وبعد أين قال ابن حزم كلمته التي ذيلت بها مقالك السالف وجزاك الله خيرا(146/283)
إحسان إلهي ظهير، العالم المجاهد الذي بقي صادعاً بالحقِّ حتى اغتياله
ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[23 - 06 - 08, 08:26 ص]ـ
ولد الشيخ المجاهد إحسان إلهي ظهير بن ظهور إلهي في مدينة سالكوت بباكستان سنة 1945م - كما ذكر الشيخ بنفسه رحمه الله -، وهو من أسرة عريقة اشتهرت بالعلم والفضل والصلاح والجهاد في سبيل الله، ومنذ صغره وجّهه أبوه لطلب العلم، قال الشيخ إحسان:"طالبني والدي بأن أكون طالب علم فقط وأوقفني في سبيل الله، وحثّني على الاتجاه إلى الدعوة إلى الله ".
وأخذ الشيخ بوصيّة والده، فحفظ القرآن بأكمله عند بلوغه سن التاسعة، وأنهى دراسته الابتدائية والمتوسطة في مدرسة بمدينته سالكوت، ثم انتقل إلى الجامعة الإسلامية بمدينة ججرانوالة، وهي من الجامعات السلفية الكبيرة بباكستان، وتخرّج منها سنة 1961م "تخصص شريعة ودراسات إسلامية عامة"، وبعد تخرّجه ذهب إلى مدينة فيصل آباد لكي يدرس هناك في الجامعة السلفية، ثم سافر إلى المدينة النبوية والتحق بالجامعة الإسلامية في المدينة سنة 1963م، وتخرّج منها بعد أربع سنوات بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى - وذلك بنسبة 92.5 % - سنة 1967.
حصل الشيخ إحسان رحمه الله على عدّة شهادات ماجيستير في:
1 - اللغة العربية.
2 - اللغة الفارسية.
3 - اللغة الأُردية.
4 - اللغة الانجليزية.
5 - الفلسفة.
6 - الشريعة والعلوم الإسلامية.
7 - القانون والسياسة (من كلية الحقوق في جامعة البنجاب).
انطلق الشيخ في الدعوة إلى الله عزّ وجلّ، فكان خطيباً مفوّهاً بلسان قومه، جريئاً مندفعاً لا يهاب المخاطر ولا يُفَكِّر بالعواقب، سخَّر علمه لمقارعة أعداء الملَّة والدين من المبتدعة والزنادقة والملحدين والمنافقين، فألَّف وصنَّف وخاطب وحاضر، كاشفاً الستور والحُجُب عن خبث الروافض والإسماعيلية والبهائية والبابية والقاديانية والبريليوية وغيرهم، وامتازت مؤلفاته بغزارة المعلومات وكثرة المصادر، حتى مصادر كتب الفِرق التي يردّ عليها (هذه الفقرة من كلام الدكتور عبد العزيز القارئ)، ومن أشهر مؤلّفاته (في العربية): "الشيعة والسنة"، "الشيعة وأهل البيت"، "الشيعة والتشيّع"، "الإسماعيلية"، "البابية"، "البهائية"، "القاديانية"، "البريليوية".
حارب الشيخ إحسان الطوائف الضالة وذلك بشدّة، حتى أنهم هددوه مراراً وتكراراً، وكاد أن يُقتل في أميركا، وكان يُهَدَّد كتابيًّا وهاتفيًّا، وأُهدِرَ دمه مراراً؛ فمرّة أُهدِرَ دمه من قِبَل الخميني وقال: من يأتي برأس إحسان فله مئتا ألف دولار، وهناك الكثير من أعدائه قال: من يأتي برأس إحسان فهو شهيد، وكان الأعداء يهدِّدونه ويقولون له: إذا مشيت في الشارع فسنصب عليك مادة حارقة، فكان يمشي رحمه الله ولا يأبه لهم ولا يخاف إلاّ الله.
وقد تعرَّض الشيخ للموت مرّات كثيرة، وأطلق عليه الأعداء رصاصاً، يقول الشيخ عبد القادر شيبة الحمد:"وقد زرته في باكستان مرّة وهو مصاب، وقد هُدِّد مرات ومرات من قِبَل أهل الأهواء، فهم ما رأوا أحداً من المعاصرين بعد محب الدين الخطيب أشدَّ منه"، وقال عبد العزيز القارئ:"ويبدو أن أسلوبه كان شديد النِّكاية بالرافضة إلى درجة أنهم آثروا قتله مع ما في ذلك من عواقب وخيمة".
وبقي الشيخ إحسان في جهاد ضد الفِرق، وفي الدعوة إلى الله تعالى، وفي نشر العلم، إلى أن جاء قدر الله، إلى أن جاء ذلك اليوم "الذي جلس فيه ذلك العالم المجاهد في ندوة العلماء التي كانت تعقدها جمعية أهل الحديث بلاهور، وكان الشيخ إحسان يلقي محاضرته في ذلك اليوم (23/ 7/1407 هجرية) وتحديداً الساعة الحادية عشرة ليلاً، وقع الانفجار المدوي بانفجار قنبلة تحت المنصة التي يُدار منها الاجتماع، وكان الحاضرون في هذه الندوة ألفين من المسلمين، قُتِل منهم ثمانية عشر شخصاً وجُرِح مئة وأربعة عشر، وتم تسجيل الحادث بالفيديو، ورمى الانفجار الشيخ إحسان مسافة عشرين أو ثلاثين متراً، ومات تسعة في الحال، أما الشيخ إحسان فقد ذهب ثلث جسده ولم يفقد وعيه، وكان يُصَبِّر من حوله على الاستمرار في الدعوة إلى الدين ورفع راية الكتاب والسنة.
وبناءً على طلب الشيخ ابن باز رحمه الله مفتي المملكة العربية السعودية تمّت الإجراءات اللازمة لنقل الشيخ إحسان إلى المستشفى العسكري في الرياض، ووصل الشيخ إلى المملكة - تحت حراسة مشددة - مع مجموعة من الأقارب والأطباء على نفقة المملكة وأُدخِل إلى المستشفى العسكري وعولج، وفي يوم الاثنين الأول من شعبان سنة 1407 الموافق 30/ 3/1987م في تمام الساعة الرابعة من صباح ذلك اليوم وكان قبيل الفجر، فاضت روح الشيخ العالم المجاهد إحسان إلهي ظهير إلى بارئها قبل أن يستكمل العلاج، فغُسِّل هناك وصُلِّي عليه بالمسجد النبوي ودُفِنَ بمقبرة البقيع، رحمه الله رحمةً واسعة وحشره مع النبيّين والصّدّيقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً.
انتهى ملخّصاً من كتاب "الشيخ إحسان إلهي ظهير منهجه وجهوده في تقرير العقيدة والرد على الفرق المخالفة"، تأليف الدكتور علي الزهراني، دار المسلم/الرياض، ط. 1425/ 2004م.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/284)
ـ[أبو عبدالعزيز الحنبلي]ــــــــ[09 - 07 - 08, 10:03 ص]ـ
رحم الله الشيخ،،
والله إن الإمة لتفختر بمثل أمثال هؤلاء الرجال الأفذاذ.
جعلنا الله من أنصار دينه.
ـ[أم جمال الدين]ــــــــ[09 - 07 - 08, 10:25 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما شاء الله سيرة جميلة جملنا الله بالإيمان، بارك الله فيكم وجزى الله خيراً هذا الشيخ الفاضل ..
وتم تسجيل الحادث بالفيديو
فهل هذا الفيديو موجود على الشبكة؟
ـ[علي الغامدي]ــــــــ[13 - 07 - 08, 04:20 م]ـ
الله اكبر
هل من معتبر لفضل الله على هذا الرجل
الحمد لله من اتكل على الله وحده فهو حسبه
ـ[أبو جابر الجزائري]ــــــــ[13 - 07 - 08, 04:43 م]ـ
رحم الله الشيخ
فقد امتازت كتبه بأسلوب وطرح علمي رصين لا مثيل له. فهو لا يستدل في كتبه المؤلفة عن الشيعة مثلا، إلا من أمهات كتبهم المعتبرة، إبلاغا في الحجة.
ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[15 - 05 - 10, 05:14 م]ـ
رحم الله الشيخ إحسان وأورثه الفردوس الأعلى.
ـ[فلاح حسن البغدادي]ــــــــ[19 - 05 - 10, 12:05 ص]ـ
ستبقى إن شاء الله كتب الشيخ شوكة في عيون السبئية المشركين فرحم الله الشيخ وحفظ الله المشايخ عدنان العرعور وطه الدليمي وعثمان الخميس وسدد خطاهم ووفقهم لإيقاف الثورة الخمينية السبئية
ـ[أم نور الدين]ــــــــ[23 - 05 - 10, 10:34 م]ـ
رحمه الله رحمة واسعة، وحفظ الله شيخنا العرعور شوكة في حلوق الروافض
ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[23 - 11 - 10, 11:29 ص]ـ
قال الشيخ عابد إلهي ظهير: كان الشيخ إحسان إذا ألّف كتاباً ضد الفرق يرسل منه نسخاً إلى العلماء المشهورين، حتى إنه يرسل إلى أعدائه من الرافضة وغيرهم، أما الرافضة فكانوا يؤلِّفون ضدّه ويردّون عليه ولا يرسلون إليه البتّة، بل إنهم يرمزون لأسمائهم ولا يصرِّحون بها في كتبهم، أما هو فكان يرسل ويكتب عنوانه كاملاً ورقم هاتفه.
وكان يذهب لمناظرة الفرق الضالة في عقر دارهم وفي محافلهم.
" الشيخ إحسان إلهي ظهير، منهجه وجهوده في تقرير العقيدة والرد على الفرق المخالفة " (ط. دار المسلم / الرياض) لد. علي الزهراني
ـ[العوضي]ــــــــ[23 - 11 - 10, 12:15 م]ـ
رحم الله المجاهد الشيخ / إحسان إلهي وساكنه الفردوس الأعلى
ولد الشيخ المجاهد إحسان إلهي ظهير بن ظهور إلهي في مدينة سالكوت بباكستان سنة.
تصحيحاً لاسم المدينة فاسمها: سيالكوت
ـ[عبدالله المُجَمّعِي]ــــــــ[23 - 11 - 10, 01:03 م]ـ
الفاروق / ذو النورين / علي / وعامة الصحابة / الإمام أحمد / شيخ الإسلام ابن تيمية / ابن القيم / محمد بن عبد الوهاب / ابن إبراهيم / ابن حميد / ابن باز / ابن عثيمين / إحسان إلهي ظهير / أحمد ديدات .. سطروا ثم رحلوا. وغيرهم الكثير من علماء المسلمين، صلى الله على رسوله وسلم ورضي عن أصحابة ورحم أئمة الهدى ومصابيح الدجى. "بهم قام الإسلام وعليهم أتكى "
ولا زالت الأمة مليئة بأمثالهم ممن جمعوا بين العلم والعمل والجهاد لأعداء الله والملة السمحاء.
ـ[أبو الحسن الرفاتي]ــــــــ[24 - 11 - 10, 10:29 ص]ـ
رحم الله الشيخ،،
والله إن الإمة لتفختر بمثل أمثال هؤلاء الرجال الأفذاذ.
جعلنا الله من أنصار دينه.
صدقت؛ رحم الله الشيخ رحمة واسعة!(146/285)
((الأندلسيون بالحجاز))
ـ[هشام زليم]ــــــــ[23 - 06 - 08, 03:33 م]ـ
هذا البحث البسيط عن الوجود الأندلسي بأرض الحجاز مقتطف من" كتاب انبعاث الإسلام بالأندلس" للدكتور علي الكتاني رحمه الله. ص 409 - 410.
" توجهت الهجرة الأندلسية إلى أرض الحجاز منذ القدم, إذ كان معظم المثقفين الأندلسيين يتوجهون للحج, ومنهم من يستقر للتدريس. ومنهم مفرج بن حماد المعافري (من قرطبة) , جد ابن مفرج صاحب كتاب "الإحتفال بعلم الرجال" كان من الصالحين, صحب ابن وضاح في رحلته الثانية و استقر بمكة المكرمة إلى أن توفي بها. و منهم الفقيه الزاهد محمد بن يحي الليثي, خرج حاجا و لقي سحنون و رجالا من أصحاب الإمام مالكو فسكع منهم, وجاور بمكة إلى أن توفي بها. ومنهم الأستاذ الورع أبو القاسم ابن الإمام القاضي أبي الوليد الباجي (من باجة) , خلف والده بعد موته في حلقته, وترك تأليف منها "العقيدة في المذاهب السديدة", توفي في جدة بعد حجة سنة 493ه و منهم أبو بكر عبد الله بن طلحة اليابري (من يابرة) , ذو معرفة بالنحو و الأصول و الفقه وحفظ التفسير و القيام عليه, كان أحد الأئمة بجامع العديس بأشبيلية, ورحل إلى الشرق و استوطن مصر مدة, ثم رحل إلى مكة و بها توفي حوالي سنة 530ه. و منهم أبو محمد طارق بن موسى بن يعيش المخزومي (من المنصف من أعمال بلنسية) , أدى الفريضة و استقر بمكة, كان شيخا صالحا ثقة عالي الرواية, توفي بمكة عن سن عالية سنة 549ه.
و من أندلسيي القرن السابع و الثامن الذين استقروا بالحجاز الحافظ أبو المكارم جمال الدين بن مسدي (من الجزيرة الخضراء) , شيخ السنة و حامل رايتها و إمام اللغة العربية, كان خطيب الحرم الشريف بمكة, ومات مقتولا بها سنة 663ه عن 65 سنة. ومنهم الفقيه أبو محمد عبد الحق بن سبعين (من مرسية) , درس العربية و الأدب في الأندلس, و كتب كتبا عدة, وانتقل إلى سبتة و انتحل التصوف و عكف عليه مدة, ثم رحل إلى المشرق و شاع صيته و كثر أشياعه و استقر بمكة و تتلمذ له أميرها, وتوفي بها سنة 669 ه عن 55 سنة. ومنهم الكاتب أبو القاسم خلف بن عبد العزيزالغافقي (من إشبيلية) , كان له باع مديد في التوسل مع التقوى, انتقل إلى الحجاز و استقر بالمدينة المنورة حيث توفي سنة 704ه عن 49 سنة. و منهم الفاضل الأديب الشاعر المجيد أبو عبد الله بن علي بن يحي (من غرناطة) , هاجر إلى المدينة المنورة و بها توفي سنة 715ه و دفن بالبقيع. ومنهم الأديب الشاعر أبو عبد الله محمد بن قاسم بن رمان الفهري (من غرناطة) , هاجر إلى القاهرة ثم استقر بالمدينة المنورة, و بها توفي سنة 729ه.
و بعد سقوط غرناطة, هاجر بعض الأندلسيين إلى الحجاز, معظمهم من المغرب و بلاد الشام, و توجد اليوم بالحجاز خاصة, و المملكة العربية السعودية عامة, عائلات من أصول أندلسية منها الألشى و الدبا, أشراف الأدارسة و برادة و غيرهم. و يستحق الوجود الأندلسي المعاصر في المملكة العربية السعودية أن يدرس."(146/286)
قتال المسلمين للترك
ـ[أبو القعاع]ــــــــ[25 - 06 - 08, 01:25 ص]ـ
قتال المسلمين للترك
بقلم فراس نور الحق
مدير موقع موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة
http://www.55a.net/firas/ar_photo/php/bag.jpg صورة للوحة قديمة تظهر حصار بغداد من قبل المغول المصدر: www.search.com
تمهيد:
بسم الله الرحمن الرحيم وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله أجمعين سوف نتحدث اليوم عن الإعجاز الغيبي لبعض الأحاديث النبوية الشريفة والتي تحدثت عن أحداث مهمة سوف تحدث بعد وفات النبي صلى الله عليه وسلم وهو قتال الترك (التتر والمغول) للمسلمين وإن شاء الله تعالى سوف نتناول هذه الأحاديث بشرح مختصر ونعلق عليها.
الأحاديث النبوية:
* عن أبي سعيد الخدري قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوماً صغار الأعين عراض الوجوه كأن أعينهم حدق الجراد كأن وجوههم المجان المطرقة ينتعلون الشعر ويتخذون الدرق حتى يربطوا خيولهم بالنخل) زيارة الجامع الصغير للسيوطي.
حدثنا سليمان بن حرب حدثنا جرير بن حازم سمعت الحسن يقول حدثنا عمرو بن تغلب قال (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بين يدي الساعة تقاتلون قوماً ينتعلون الشعر وتقاتلون قوما كأن وجوههم المجان المطرقة) صحيح البخاري (3325).
حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب حدثنا أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوماً نعالهم الشعر وحتى تقاتلوا الترك صغار الأعين حمر الوجوه ذلف الأنوف كأن وجوههم المجان المطرقة وتجدون من خير الناس أشدهم كراهية لهذا الأمر حتى يقع فيه والناس معادن خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام وليأتين على أحدكم زمان لأن يراني أحب إليه من أن يكون له مثل أهله وماله) صحيح البخاري.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: (لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ التُّرْكَ قَوْمًا كَأَنَّ وُجُوهَهُمْ الْمَجَانُّ الْمُطْرَقَةُ, يَلْبَسُونَ الشَّعْرَ , وَيَمْشُونَ فِي الشَّعْر) صحيح مسلم.
شرح الكلمات الصعبة:
http://www.55a.net/firas/ar_photo/php/Resize%20of%20ae_siege1.jpg صورة للوحة قديمة تظهر أدوات الحصار التي أستعملها المغول في اقتحام بعداد المصدر www.allempires.com
( الْمَجَانّ): جمع مجن وهو التُّرْس.
(الْمُطْرَقَة) بِالتَّخْفِيفِ اِسْم مَفْعُول مِنْ الْإِطْرَاق وَالتُّرْس الْمُطْرَق الَّذِي جُعِلَ عَلَى ظَهْره طِرَاق وَالطِّرَاق بِالْكَسْرِ جِلْد يُقْطَع عَلَى مِقْدَار التُّرْس فَيُلْصَق عَلَى ظَهْره أي شَبَّهَ وُجُوههمْ بِالتُّرْسِ لِبَسْطِهَا وَتَدْوِيرهَا وَبِالْمِطْرَقَةِ لِغِلَظِهَا وَكَثْرَة لَحْمهَا.
(ذُلْف الْأُنُوف): (الذَّلَفُ بالتحريك قِصَرُ الأَنفِ وصِغَرُه وقيل قصر القصَبة وصغر الأَرْنبة) لسان العرب، (صِغرُ الأََنْفِ واسْتِوَاءُ الأَرْنَبَةِ) تاج العروس، (قِصرُ الأنف وإنْبِطاحُه) ابن الأثير.
حدق الجراد: أعين الجراد.
الدَّرَقُ (ضرب (أي نوع) من التِّرَسةِ الواحدة دَرَقة تتخذ من الجلود) لسان العرب، أي أنه نوع من التروس تتخذ من الجلود.
التتر وعلاقتهم مع المغول:
مم لا شكل فيه ولا خلاف بين المؤرخين أن التتر هم قبائل تركية وهم جزء لا يتجزأ من الأمة التركية يتكلمون اللغة التركية، قسم منهم شكلوا دولة مستقلة تسمى تترستان في جبال الآورال ورد ذكرهم في نقوش الأرخون (بضم الألف مع الهمزة وضم الخاء) التركية التي ترجع إلى القرن الثاني الهجري (الثامن الميلادي)، كما أطلق هذا الاسم على المغول عامة أو على فريق منهم خاصة.
وفي جميع الفتوحات المغولية التي وقعت في القرن السابع الهجري كان الفاتحون يسمون التتر في كل مكان نزلوا فيه، سواء أكان في الصين أم في البلاد الإسلامية أم في بلاد روسيا وغرب أوروبا.
http://www.55a.net/firas/ar_photo/11864169640710yumi.jpg
صورة لرجل مغولي يرمي بالقوس لاحظ حمرة وجهه
ويسمى ابن الأثير جنكيز خان التتري، وهم التتر الأوائل.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/287)
ولم يظهر اسم المغول على صفحات التاريخ حتى القرن الرابع الهجري (العاشر الميلادي). ومن المرجح أنه أطلق على تلك العشائر التي انضوت تحت لواء زعيم إحدى قبائلهم كان يحمل ذلك الاسم. ثم بسط ذلك الزعيم سلطانه على سائر العشائر المتحالفة، ومن ثم أطلق عليهم اسم المغول من باب إطلاق اسم البعض على الكل.
وقد استبدلت كلمة تتر بعد جنكيزخان في بلاد منغوليا وأواسط آسيا بكلمة مغل (بضم الميم والغين)، ولا يزال هذا اللقب مستعملاً إلى اليوم في بلاد الأفغان بين أعقاب المغول الذين لا يزالون يحتفظون بلغتهم حتى الآن.
وقد أدخل جنكيز خان تلك التسمية رسمياً في بلاده، على أن كلمة Mongol لم تسد قط في معظم البقاع الغربية) (1).
أما الأتراك الذين يعيشون في الأناضول أو آسيا الصغرى (الجمهورية التركية حاليا) فهم بقايا هجرات بعض القبائل التركية في النصف الثاني من القرن السادس الميلادي والذين هاجروا من بلاد الترك الممتدة من هضبة منغوليا، وشمال الصين شرقاً إلى بحر الخزر (بحر قزوين) غرباً والتي تسمى حاليا (تركستان)، لأسباب اقتصادية كالحاجة إلى الكلأ والمراعي أو بسبب خلافاتهم مع قبائل تركية أخرى حدث بينهم خلافات معها (الدولة العثمانية الدكتور علي الصلابي).
لغة المغول: يتكلم المغول اللغة المغولية والتي لها نفس أصول اللغة التركية وتنتمي تنتميان إلى عائلة اللغات التي تسمى. Altaic
وبعض علماء اللغات يرى أن اللغة المغولية هي جزء من اللغات التركية وذلك للتشابه فيما بينها.
الخلاصة: المهم من الصعب الفصل بين التتار والمغول فإما هم من أصول تركية وهو الرأي الراجح أو أنهم انصهروا أيام جنكيزخان وأصبحوا امة واحدة نتيجة توحيد القبائل التترية والمغولية.
http://www.55a.net/firas/ar_photo/118641707513.jpg
استعمل المغول جزم جلدية ثقيلة لها ملمس الجوارب على الأقدام وأثناء الشتاء كانوا يلبسون عدة طبقات من الصوف على أجسامهم وكان يرتدون من الخارج معطف من الفراء أو جلد الغنم وقبعة فراء لها أغطية للأذن ومن الأعلى مترسة بالحديد
المصدر متحف التاريخ المغولي في منغوليا
http://www.nationalmuseum.mnl (http://www.nationalmuseum.mn/col/mn12-19/oyukha/o-13.html)
http://www.55a.net/firas/ar_photo/1186417035mongol.jpg
لوحة زيتية لمقاتلين مغول وفي أيديهم الدرق (التروس المصنوعة من الجلد)
http://www.55a.net/firas/ar_photo/1186416998476853934_3f8a095093.jpg
رجل مغولي يرتدي الزي المغولي التقليدي وبيده الدرق (7)
http://www.55a.net/firas/ar_photo/1186417317_41873416_ap_onwards416.jpg
مغول يرتدون الزي المغولي التقليدي وبأيديهم الدرق التي أشار إليها النبي صلى الله عليه وسلم (7)
شرح مختصر شامل للأحاديث:
ينبه النبي صلى الله عليه وسلم إلى حدث عظيم سوف يعصف بالأمة الإسلامية بعد وفاته محذراً إياهم حتى لا يتفاجؤا ويجزعوا، أما الحدث فهو غزو الترك للعالم الإسلامي ولقد وصفهم لأمته وصفاً دقيقاً كأنه يشاهدهم رأي العين.
اجتياح المغول الترك للبلاد الإسلامية
نجح جنكيز خان الذي تزعم القبائل المغولية (2) في إقامة إمبراطورية كبيرة ضمن أقاليم الصين الشمالية، واستولت على العاصمة بكين، ثم اصطدم بالدولة الخوارزمية التي كانت تجاوره بسبب سوء تصرف حاكمها "محمد خوارزم شاه". وانتهى الحال بأن سقطت الدولة وحواضرها المعروفة مثل: "بخارى"، "وسمرقند"، و"نيسابور" في يد المغول بعد أن قتلوا كل من فيها من الأحياء، ودمروا كل معالمها الحضارية، وتوفي جنكيز خان سنة (624هـ = 1223م) بعد أن سيطرت دولته على كل المنطقة الشرقية من العالم الإسلامي.
بعد سلسلة من الصراعات على تولي السلطة بين أمراء البيت الحاكم تولى منكوخان بن تولوي بن جنكيز خان عرش المغول في (ذي الحجة 648هـ = إبريل 1250م).
وبعد أن نجح في إقرار الأمن وإعادة الاستقرار في بلاده اتجه إلى غزو البلاد التي لم يتيسر فتحها من قبل، فأرسل أخاه الأوسط "قوبيلاي" على رأس حملة كبيرة للسيطرة على جنوب الصين ومنطقة جنوب شرق آسيا، وأرسل أخاه الأصغر هولاكو لغزو إيران وبقية بلاد العالم الإسلامي، وعهد إليه بالقضاء على طائفة الإسماعيلية وإخضاع الخلافة العباسية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/288)
خرج هولاكو على رأس جيش كبير يبلغ 120 ألف جندي من خيرة جنود المغول المدربين تدريبا عالياً على فنون القتال والنزال ومزودين بأسلحة الحرب وأدوات الحصار، وتحرك من "قراقورم" عاصمة المغول سنة (651هـ = 1253م) متجها نحو الغرب تسبقه سمعة جنوده في التوغل والاقتحام، وبأسهم الشديد في القتال، وفظائعهم في الحرب التي تزرع الهلع والخوف في النفوس، ووحشيتهم في إنزال الخراب والدمار في أي مكان يحلون به.
قام هولاكو بمهاجمة عاصمة دولة الخلافة العباسية في بغداد وقتل الخليفة وكان سقوط بغداد على أيدي المغول الترك في 656هـ بعد أن قتل 800,000 من سكان بغداد"
ثم اجتاحوا بلاد الشام و دخلوا دمشق (في مارس 1260م = 658هـ)، وهنا يصل بالبريد خبر موت الخاقان الأعظم للمغول (منكوخان) في قراقورم ويُستدعى أولاد وأحفاد جنكيز خان إلى مجلس الشورى المغولي (الكوريل تاي
قال الشيخ الألباني :
uriltai) لانتخاب الخان الأعظم الجديد للإمبراطورية؛ فيرجع هولاكو (وهو أخو منكو خان، وأحد المؤهّلين للعرش) بمعظم جيشه إلى فارس، ليتابع أمور العاصمة المغولية (قراقوروم بمنغوليا) عن كثب، وترك قسماً من جيشه في بلاد الشام بقيادة أحد أبرز ضباطه واسمه كتبغا.
لينهزم ذلك الجيش على يد المماليك في معركة عين جالوت، بقيادة السلطان المظفر قطز وبذلك يتحقق وعد النبي صلى الله عليه وسلم بقتال الترك.
http://www.55a.net/firas/ar_photo/1202808227gur-e-amir-samarkand-br75011.jpg
صورة لأحد المساجد في بخارى التي بناها المسلمون المغول التي تعد من أجمل مساجد العالم الإسلامي
http://www.55a.net/firas/ar_photo/12032762920000011413-35121-1179700-7781.jpg
صورة للوحة زيتية قديمة تبين الجنود المغول أثناء مرور بنهر يظهر في اللوحة استعمالهم للخيل في تنقلاتهم
http://www.55a.net/firas/ar_photo/1203275763417px-genghis-khan_2.jpg
صورة للوحة زيتية قديمة لجنكيز خان ( Genghis
قال الشيخ الألباني :
han) مؤسسة الإمبراطورية المغولية (المصدر متحف التاريخ المغولي في منغوليا)
http://www.55a.net/firas/ar_photo/php/ae_kubilaiport.jpg صورة للإمبراطور قبلاي خان المغولي تظهر عليه الحمرة التي أخبر عنها النبي (المصدر متحف التاريخ المغولي في منغوليا)
http://www.55a.net/firas/ar_photo/php/Emperor_Chengzong_of_Yuan_China.jpg صورة للإمبراطور ( Tomor Olziit
قال الشيخ الألباني :
haan ) تومور أولزيت خان أحد ملوك المغول (المصدر متحف التاريخ المغولي في منغوليا)
http://www.55a.net/firas/ar_photo/php/Mongol_warrior.jpg صورة لرجل مغولي يرتدي الزي التقليدي للمقاتل المغولي لاحظ فراء القندس الذي يرتديه على رأسه
http://www.55a.net/firas/ar_photo/php/moomongol_ordu.jpg صورة للوحة قديمة تظهر مقاتل مغولي لاحظ أنه يلبس حذاء من الفراء في قدميه
تحليل الأحاديث الشريفة:
· (صغار الأعين) أي عيونهم صغيرة وهذا ينطبق تماماً على المغول.
· (عراض الوجوه) أي شكل الوجه مدور (كأن وجوههم المجان المطرقة) إشارة إلى كثرة اللحمفالحديث شبه وجوهم بالتروس في تدويرها وبالمطرقة من كثرة لحمها وهذا ينطبق تماماً على السلالة المغولية (3).
· (كأن أعينهم حدق الجراد) حيث شبه عيونهم بأنها تشبه عيون الجراد وكما هو معلوم فإن عيون الجراد جاحظة، يقول الدكتور علي الجباوي في كتابه جغرافية السلالات البشرية (4) (الشكل المنتفخ (أي الجاحظة) للعين يتلاءم مع العين ذات الفتحة الضيقة والموزية الشكل، وتعتبر هذه الصفة صفة سلالية لأفراد المجموعة المغزلية المنتشرة في شرق وجنوب وشمال شرق آسيا وفي وسطها) أنهى
وفي مكان آخر في نفس الكتاب (ومن المعروف أنه عندما ينحف الإنسان تغور عيناه في الحجاج وهذا يلاحظ بعد التجويع وبالعكس عندما تزداد سمنة الشخص فإن العين تجنح للبروز بسبب زيادة الدهن الموجود في تجويف الحجاج، ويتفاوت قطر الحجاج العيني من منطقة جغرافية إلى أخرى إذ يبلغ أقصى طول له عند الشعوب الآسيوية والهنود الحمر في القارة الأمريكية والكل ينتمون إلى المجموعة السلالية المغولية).
· (وحتى تقاتلوا الترك صغار الأعين حمر الوجوه) أي لون الوجه أحمروهذا ينطبق عن الأتراك المغول الذين يعيشون في شمال الصين وسيبريا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/289)
· (يَلْبَسُونَ الشَّعْرَ, وَيَمْشُونَ فِي الشَّعْر) إشارة إلى أنهم رعاة للمواشي ويقتاتون على الصيد وفعلاً التتار والمغول قبائل ترعى الأغنام والماعز وتعيش على الصيد.
· (يَلْبَسُونَ الشَّعْرَ, وَيَمْشُونَ فِي الشَّعْر) في هذا إشارة إلى أنهم يسكنون في أماكن باردة (الإشارة إلى لبس الشعر وانتعال الشعر، ولون الوجه الأحمر الذي سببه البرد حيث يتجه الدم بكثرة إلى الوجه ليؤمن له الدفء في الأماكن البادرة، كما أن كثرة لحم الوجه هي صفة للبشر الذين يعيشون في الأماكن الباردة ومنهم الترك المغول الذين يعيشون في شمال الصين وسيبريا).
يقول الدكتور حسن إبراهيم حسن في كتابه تاريخ الإسلام (5): (كان المغول قبائل من البدو الرحل تطوف في ذلك الصقع الواقع شمالي صحراء جوبي. وهم قبائل الفرسان الرحالة الذين يعيشون في الخيام، غذاؤهم الرئيسي لحوم الخيل ومنتجات ألبانها، كما كانوا يحترفون رعي الأغنام والصيد في وقت السلم، وحمل السلاح في زمن الحرب، كما هو الشأن في حياة الأمم البدوية. وكانوا ينزحون إلى الجهات الشمالية ابتغاء مراعي الصيف، إذا ما ذابت الثلوج، ويبرحون إلى الجنوب سعياً وراء الشتاء كما هي عادة الرحل من سكان السهول الفسيحة. وكانوا يسعون وراء الربح من تبادل الجلود والدواب).
· (ذلف الأنوف): أي قصرها وصغرها واستوائها وهي صفة السلالة المغولية (6)
· قوماً: فهم يقاتلون بنزعة قومية وليس بدافع دينيفالدين عندهم يكاد لا يكون له تأثير في حياتهم سوى بعض الطقوس.
يقول الدكتور حسن إبراهيم حسن في كتابه تاريخ الإسلام: (وقد أحتفظ المغول بديانتهم وعاداتهم الأولى التي هي من أهم مميزاتهم البارزة، فقد كانت حياتهم رعوية ونظامهم قبلياً، مع طاعة لرؤسائهم وحب للحرب والسلب والنهب، وكانت ديانتهم عبادة الكواكب يسجدون للشمس عند طلوعها ولا يحرّمون شيئاً، فكانوا يأكلون جميع الدواب حتى الكلاب والخنازير. وكانوا حتى الحين لا يعرف الولد منهم أباه وكانت الشامانية ٍ Shamanism الديانة القديمة للمغول الذين كانوا، برغم اعترافهم بإله عظيم قادر، لا يؤدون له الصلاة، ولا يلقون إليه بالمودة، يعبدون عدداً من الآلهة المنحطة، وبخاصة تلك الحيوانات الشريرة التي كانوا يقدمون إليها القرابين والضحايا لما كانوا يعتقدونه فيها من السلطان والقدرة على إيذائهم. كما كانوا يعبدون أرواح أجدادهم القدامى التي كانوا يعتبرونها ذات سلطان عظيم على حياة أعقابهم.
ولم تكن ديانة المغول معدودة ضمن تلك الأديان التي تستطيع أن تقاوم جهود الأديان الكثيرة الأتباع والأنصار ذات اللاهوت المنظم الذي يملك قوة الإقناع وسد حاجات العقل وذات الهيئات المنظمة للمعلِّمين الدينيين، تلك التي كانت تحيط بالمغول من اليهود والمسيحية والإسلام).
أما القانون المنظم لحياة المغول فهو قانون الياسة الذي وضعه جنكيز خان للإدارة شؤون المغول الترك.
خلاصة القول: فإن الشعور القبلي هو الذي كان سائداً وطاعة زعمائهم القبليين مقدمة حتى على الدين.
· (يربطوا خيولهم بالنخل):إشارة أن البلاد التي سوف يغزونها يكثر فيها النخل ولعل أهم حاضرة تمت مهاجمتها من قبل المغول التتار هي بغداد عاصمة الدولة العباسية وأنهم سوف يعتمدون على الخيل في حربهم وليس مثلا على الجمال أو الفيلة، وهذا حدث تماما حديث أن سلاح الخيالة هو السلاح الضارب الرئيسي في الجيش المغولي والذي يعده المؤرخون من أهم أسباب أنتصاراتهم.
· ويتخذون الدرق: لقد أشتهر الجيش المغولي باتخاذ التروس المصنوعة من الجلد السميك يظهر هذا في الصور التاريخية الموجود في متحف التاريخ المغولي أو في أثناء الإستعراضات الفلكلورية.
· (وتجدون من خير الناس أشدهم كراهية لهذا الأمر حتى يقع فيه والناس معادن خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام) ولقد لمح النبي صلى الله عليه وسلم إلى إسلام الترك الغزاة وأنه سوف يحسن إسلامهم، وهذا تحقق حيث أنهم أسلموا في أواخر الدولة العباسية وأسسوا مملكة إسلامية اسمها القبيلة الذهبية" Golden Horde ( نسبة إلى لون مخيماتها) وقد سماها القلقشندي "مملكة توران خوارزم والقبشاق ".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/290)
وكان أول إمبراطور لهم يعتنق الإسلام هو بركة خان الذي كانت تربطه علاقات طيبة بالظاهر بيبرس ملك مصر حيث حرص سلطان مصر الظاهر بيبرس على محالفة هذه الدولة الإسلامية المغولية، فتبادل مع عاهلها "بركة خان" البعوث والهدايا (0 66 هـ/ 26 أم- 662 هـ/1263 م)، كما تزوج ابنته، وأمر بالدعاء له على منابر القاهرة والقدس ومكة والمدينة.
كما حرص المغول المسلمون على علاقة طيبة مع الدولة العثمانية حيث تحالفوا مع العثمانيين ضد القياصرة لسنوات طويلة، ولقد أهتم المغول المسلمون ببناء المساجد التي تعد تحف معمارية وقاموا ببناء أجمل المساجد والتي من أجملها المساجد التي بنيت في مدينة بخارى وسمرقند والتي تعتبر تحف معمارية ليس لها نظير على مستوى العالم.
· وعرف منهم علماء كبار قصدهم طلبة العلم من أنحاء العالم الإسلامي مثل " قطب الدين محمد الرازي "، و " سعد الدين التفتازاني ".
ولقد أنشد الشاعر الباكستاني محمد إقبال قصيدة رائعة تحدث فيها عن إسلام المغول بعد أن كانوا عباد للأصنام فقال:
بغت أمم التتار فأدركتها من الإيمان عاقبة الأمان
وأصبح عابدو الأصنام قدماً حماة الحجر والركن اليمان
الإعجاز الغيبي والعلمي في حديث رسول الله
1. تنبأ النبي صلى الله عليه وسلم بقتال المسلمين للترك.
2. وصف النبي صلى الله عليهم وسلم الترك المغول بأوصاف شكلية تنطبق عليهم على الرغم أنه لم يراهم.
3. الإشارة إليهم على أنهم قوم (قوماً) أي أنهم يقاتلون المسلمين على أساس قبلي وقومي وعرقي وليس على أساس ديني مثل اليهود.
4. وصف النبي صلى الله الترك الغزاة بأوصاف ومعاير متعمدة علمياً في التصنيف السلالي بحسب علم السلالات البشرية وهو (شكل الوجه، العيون، الأنف، لون البشرة).
5. الإشارة إليهم إلى أنهم قوم يعيشون في مناطق باردة من خلال قوله يلبسون الشعر ويمشون على الشعر.
6. كما أنهم يعتمدون على الرعي والمواشي والصيد لكسب الرزق للأعتمادهم في لباسهم على الشعر.
7. الإشارة إلى أنهم سوف يغزون أماكن يكثر فيها النخيل وهي أرض العراق.
8. الإشارة إلى أنهم سوف يغزون على الخيول التي سوف تكون سلاحهم الضارب.
9. الإشارة الخفية للنبي إلى أنهم سوف يسلمون ويحسن إسلامهم.
ونحن في انتظار تعليقاتكم على المقالة على الإيميل التالي
مع تحيات المؤلف
فراس نور الحق
مدير موقع موسوعة الإعجازالعلمي في القرآن والسنة
quranmiracles@gmail.com
المراجع:
< LI dir=rtl> متحف التاريخ المغولي http://www.nationalmuseum.mn (http://www.nationalmuseum.mn/col/mn12-19/oyukha/o-13.html)
<LI dir=rtl> كتاب تاريخ الإسلام تأليف الدكتور حسن إبراهيم حسن
< LI dir=rtl> جغرافيا السلالات البشرية تأليف الدكتور علي الجبالي مدرس في قسم الجغرافيا جامعة دمشق ـ طباعة مطابع مؤسسة الوحدة 1980م.
< LI dir=rtl> موسوعة الوكي بيديا.
< LI dir=rtl> كتب الحديث الشريف
< LI dir=rtl> لسان العرب
< LI dir=rtl> تاج العروس
< LI dir=rtl> بعض كتب التفسير
< LI dir=rtl> تاريخ ابن الأثير
< LI dir=rtl> Lane –poole, The Muhammadan Dynasites .pp.228-229.
جنكيز خان والمغول ( http://www.fsmitha.com/h3/h11mon.htm)
امبرطورية المغول ( http://www.allempires.com/article/index.php?q=The_Mongol_Empire)
المغول ( http://www.accd.edu/sac/history/keller/Mongols/intro.html)
السيرة الذاتية لجنكيز خان ( http://www.leader-values.com/*******/detail.asp?*******DetailID=799)
المغول بتاريخ العالم ( http://afe.easia.columbia.edu/mongols)
الإمبرطورية المغولية للدارسين ( http://sd71.bc.ca/sd71/school/courtmid/Library/subject_resources/socials/mogolempire.htm)
صفحات من تاريخ المغول ( http://www.paradoxplace.com/Insights/Civilizations/Mongols/Mongols.htm)
غزو المغول للروس (صور) ( http://steppes.proboards23.com/index.cgi?board=board18&action=print&thread=1167258099)
خريطة الإمبرطورية المغولية على جوجل الأرض ( http://bbs.keyhole.com/ubb/download.php?Number=758258)
اللغة المغولية
http://www.ethnologue.com/show_family.asp?subid=90009
الهوامش:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/291)
(1). نقلا عن كتاب تاريخ الإسلام تأليف الدكتور حسن إبراهيم حسن (مدير جامعة أسيوط ـ وأستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة القاهرة وأستاذ الدراسات الإسلامية وتاريخ الشرق الأدنى بجامعات بنسلفينيا وكاليفورنيا والرباط سابقا) الجزء الرابع طباعة دار الجيل بيروت ـ القاهرة ـ تونس ـ ومكتبة النهضة المصرية القاهرة.
(2). موسوعة الوكي بيديا.
(3). نقلا عن كتاب تاريخ الإسلام الجزء الرابع تأليف الدكتور حسن إبراهيم حسن.
(4). جغرافيا السلالات البشرية تأليف الدكتور علي الجبالي مدرس في قسم الجغرافيا جامعة دمشق ـ طباعة مطابع مؤسسة الوحدة 1980م.
(5). كتاب تاريخ الإسلام المجلد الرابع تأليف الدكتور حسن إبراهيم حسن طباعة مكتبة النهضة المصرية القاهرة.
(6). جغرافيا السلالات البشرية تأليف الدكتور علي الجبالي مدرس في قسم الجغرافيا جامعة دمشق ـ طباعة مطابع مؤسسة الوحدة 1980م.
(7). http://news.bbc.co.uk/2/hi/in_pictures/5168702.stm
http://www.publishersdiary.com/ (http://www.publishersdiary.com/2006/09/22/genghis-khan-the-pazyryk-carpet-and-the-east-india-company/)
http://www.55a.net/firas/images/back.gifhttp://www.55a.net/firas/images/send.gifhttp://www.55a.net/firas/images/print.gif (http://www.55a.net/firas/arabic/print_details.php?page=show_det&id=1428)
http://www.55a.net/firas/arabic/images/spacer.gifhttp://www.55a.net/firas/arabic/images/right_01.gif (http://www.55a.net/firas/arabic/index.php?page=mix&select_page=admin) صفحة رئيسية ( http://www.55a.net/firas/arabic/index.php)
الإعجاز الغيبي والتاريخي ( http://www.55a.net/firas/arabic/index.php?page=show&select_page=1)
http://www.55a.net/firas/arabic/images/btn1_02.gif الإعجاز في جسم الإنسان ( http://www.55a.net/firas/arabic/index.php?page=show&select_page=2)
http://www.55a.net/firas/arabic/images/btn1_02.gif الإعجاز الطبي والدوائي ( http://www.55a.net/firas/arabic/index.php?page=show&select_page=3)
http://www.55a.net/firas/arabic/images/btn1_02.gif الإعجاز في الكائنات الحية ( http://www.55a.net/firas/arabic/index.php?page=show&select_page=5)
http://www.55a.net/firas/arabic/images/btn1_02.gif الإعجاز في النبات ( http://www.55a.net/firas/arabic/index.php?page=show&select_page=7)
http://www.55a.net/firas/arabic/images/btn1_02.gif الإعجاز التشريعي ( http://www.55a.net/firas/arabic/index.php?page=show&select_page=8)
http://www.55a.net/firas/arabic/images/btn1_02.gif الإعجاز اللغوي والبياني ( http://www.55a.net/firas/arabic/index.php?page=show&select_page=9)
http://www.55a.net/firas/arabic/images/btn1_02.gif الإعجاز في علوم الأرض ( http://www.55a.net/firas/arabic/index.php?page=show&select_page=10)
http://www.55a.net/firas/arabic/images/btn1_02.gif الإعجاز في الكون ( http://www.55a.net/firas/arabic/index.php?page=show&select_page=12)
http://www.55a.net/firas/arabic/images/btn1_02.gif آيات الله في الآفاق ( http://www.55a.net/firas/arabic/index.php?page=show&select_page=13)
http://www.55a.net/firas/arabic/images/btn1_02.gif لم أسلم هؤلاء ( http://www.55a.net/firas/arabic/index.php?page=show&select_page=14)
http://www.55a.net/firas/arabic/images/btn1_02.gif الهدي العلمي النبوي ( http://www.55a.net/firas/arabic/index.php?page=show&select_page=15)
http://www.55a.net/firas/arabic/images/btn1_02.gif مقالات إسلامية متنوعة ( http://www.55a.net/firas/arabic/index.php?page=show&select_page=17)
http://www.55a.net/firas/arabic/images/btn1_02.gif إبداعات إسلامية ( http://www.55a.net/firas/arabic/index.php?page=show&select_page=18)
http://www.55a.net/firas/arabic/images/btn1_02.gif قصص للعبرة ( http://www.55a.net/firas/arabic/index.php?page=show&select_page=20)
http://www.55a.net/firas/arabic/images/btn1_02.gif شبهات وردود ( http://www.55a.net/firas/arabic/index.php?page=show&select_page=23)
http://www.55a.net/firas/arabic/images/btn1_02.gif
روابط فرعية
إذاعة الإعجاز العلمي ( http://www.55a.net/sounds/index/index.php)
http://www.55a.net/firas/arabic/images/btn1_02.gif سير العلماء والمشرفين ( http://www.55a.net/firas/arabic/index.php?page=list_alem&select_page=allem)
http://www.55a.net/firas/arabic/images/btn1_02.gif من روائع الإسلام ( http://www.55a.net/firas/arabic/index.php?page=show_bottom&select_page=islam)
http://www.55a.net/firas/arabic/images/btn1_02.gif كتب مجانية ( http://www.55a.net/firas/arabic/index.php?page=m_o)
http://www.55a.net/firas/arabic/images/btn1_02.gif انضم لفريق الترجمة ( http://www.55a.net/firas/arabic/index.php?page=mix&select_page=group)
http://www.55a.net/firas/arabic/images/btn1_02.gif
إعلانات
http://www.55a.net/firas/paner/list44068.gif (http://www.55a.net/firas/arabic/?page=list)(146/292)
من هو أحمد الفاتح؟!
ـ[أبو الأشبال عبدالجبار]ــــــــ[26 - 06 - 08, 05:59 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
ابن خليفة (000 - 1209 ه = 000 - 1794 م)
أحمد بن محمد بن خليفة العتبي
العنزي الاسدي: مؤسس إمارة البحرين، من آل خليفة.
كانت إقامته في الزبارة (على الساحل المقابل لجزيرة البحرين) مع أخيه خليفة بن محمد (شيخ الزبارة) وذهب أخوه للحج فقام مقامه، فنشبت فتنة بين أهل البحرين (وكان فيهم كثير من الشيعة الإيرانيين) وبين أهل الزبارة وفي مقدمتهم صاحب الترجمة، وبعد معركة على أبواب الزبارة انتصر أهلها واستولى أحمد على البحرين (سنة 1197 هـ) فلقب
بأحمد الفاتح.
وجاء النبأ من مكة بوفاة أخيه خليفة، فتولى الإمارة أصالة.
وجعل يتنقل بين البحرين والزبارة، وقوي شأنه واستمر إلى أن توفي.
ودفن في المنامة.
وتولى بعده ابنه سليمان.
ينظر: الأعلام، للزركلي.(146/293)
سؤال عن وثيقة المدينة: ثبوتها وبعض فقهها خاصة أهميتها في بناء الدولة الناشئة ?
ـ[أبو عمر الفاروقي]ــــــــ[26 - 06 - 08, 04:25 م]ـ
إخوتي الكرام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أسألكم عن الوثيقة التي كتبها النبي حال قدومه المدينة ,هل هي ثابتة وأسأل عن مدى أهميتها وبعض فقهها?(146/294)
سؤال: متى جاء أبو ذر إلى المدينة, بعد غزوة أحد أم الخندق?
ـ[أبو عمر الفاروقي]ــــــــ[26 - 06 - 08, 04:33 م]ـ
متى دخل أبو ذر وقومه المدينة ?بعد أحد أم الخندق'على التحقيق أو التقريب ?وجزاكم الله خيرا.
ـ[صقر بن حسن]ــــــــ[26 - 06 - 08, 06:22 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هاجر أبو ذر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بالمدينة النبوية في السنة الخامسة الهجرية بعد معركة الخندق.
أما قومه فلم يكونوا معه حينما هاجر، ولم يهاجروا من بلدهم، بل رجع إليهم أبو ذر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - ودعاه إلى الإسلام فأسلموا.
بدليل ما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه: عن أبي ذر الغفاري 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - قال: " خرجنا من قومنا غفار وهم يحلون الشهر الحرام، وخرجت أنا وأخي أنيس وأمنا، فنزلنا على خال لنا، فأكرمنا خالنا وأحسن إلينا، فحسدنا قومه فقالوا: إنك إذا خرجت عن أهلك خالف إليهم أنيس، فجاء خالنا فنثى علينا الذي قيل له، فقلت له: أما ما مضى من معروفك فقد كدرته، ولا جماع لك فيما بعد، فقربنا صِرمتنا، فاحتملنا عليها، فتركنا خالنا وسرنا فتغطى خالنا ثوبه فجعل يبكي، فانطلقنا حتى نزلنا بحضرة مكة، فنافر أنيس 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - عن صرمتنا وعن مثلها، فأتيا الكاهنة فخيّر أنيساً، فأتانا أنيس بصرمتنا ومثلها معها، قال أبو ذر للراوي عنه عبدالله بن الصامت: وقد صليت يا ابن أخي قبل أن ألقى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بثلاث سنين قلت - يعني عبدالله بن الصامت -: لمن؟ قلت: لله. قلت: فأين توجهت؟ قلت: أتوجه حيث يوجهني ربي أصلي عشاءاً حتى إذا كان من آخر الليل ألقيت كأني خفاء حتى تعلوني الشمس، قال أبو ذر: فقال لنا أخي أنيس 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -: إن لي حاجة بمكة فاكفني مع أمي حتى اذهب وأرجع فانطلق أنيس 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - حتى أتى مكة فراث علي، ثمّ جاء فقلت ما صنعت قال: لقيت بمكة رجلاً على دينك يزعم أن الله أرسله قال أبو ذر: فقلت: فما يقول الناس؟ قال: يقولون شاعر كاهن ساحر وكان أنيس أحد الشعراء قال أنيس: لقد سمعت قول الكهنة فما هو بقولهم ولقد وضعت قوله على أقراء الشعر، فما يلتئم على لسان أحد بعدي أنه شعر، والله إنه لصادق وإنهم لكاذبون قال أبو ذر: قلت لأنيس: فاكفني حتى أذهب فأنظر فأتيت مكة فتضعّفت رجلاً منهم، فقلت: أين هذا الذي تدعونه الصابئ، فأشار إليّ وقال: الصابئ، الصابئ، فمال علي أهل الوادي بكل مدرة وعظم،، حتى خررت مغشياً عليّ من الضرب فارتفعت حين ارتفعت كأني نصب أحمر، فأتيت زمزم فغسلت عني الدماء وشربت من مائها، ولقد لبثت يا ابن أخي ثلاثين بين ليلة ويوم ما كان لي طعام إلا ماء زمزم، فسمنت حتى تكسرت عكن بطني، وما وجدت على كبدي سُخفة جوع، فبينا أهل مكة في ليلة قمراء أضحيان، إذ ضُرب على أصمختهم، فما يطوف بالبيت أحد، و امرأتين تدعوان إسافاً ونائلة، فأتتا عليّ وهما في طوافهما فقلت أنكحا أحدهما الآخر، فما تناهتا عن قولهما ثمّ انطلقتا تولولان وتقولان لو كان هاهنا أحد من أنفارنا، فاستقبلهما رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وأبو بكر وهما هابطان قال: {ما لكما؟} قالتا الصابئ بين الكعبة وأستارها قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: {ما قال لكما؟} قالا: إنه قال لنا كلمة تملأ الفم، فجاء رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حتى استلم الحجر وطاف بالبيت هو وصاحبه ثمّ صلى فلما قضى صلاته صلوات الله وسلامه عليه فكنت أنا أول من حياه بتحية الإسلام، فقلت له: " السلام عليك يا رسول الله " فقال: {وعليك ورحمة الله}، ثمّ قال: {من أنت؟} قلت: من غفار، قال: فأهوى بيده فوضع أصابعه على جبهته، فقلت في نفسي: " كره أن انتميت إلى غفار " فذهبت آخذ بيده، عن جبهته فقدعني صاحبه، وكان أعلم به مني، ثمّ رفع رأسه ثمّ قال: {متى كنت هاهنا؟} قلت قد كنت هاهنا منذ ثلاثين بين ليلة ويوم، قال: {فمن كان يطعمك؟} قلت ما كان لي طعام إلا ماء زمزم فسمنت حتى تكسرت عُكن بطني وما أجد على كبدي سُخفة جوع، فقال له النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: {إنها مباركة إنها طعام طعم}، فقال أبو بكر: " يا رسول الله ائذن لي في إطعامه الليلة "، فانطلق رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وأبو بكر وانطلقت معهما، ففتح أبو بكر باباً فجعل يقبض لنا من زبيب الطائف، وكان ذلك أول طعام أكلته بها ثمّ غَبَرْتُ، ثمّ أتيت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فقال: {إني قد وجهت لي أرض ذات نخل لا أراها إلا يثرب، أهاجر إليها، فهل أنت مبلّغ عني قومك؟ عسى الله أن ينفعهم بك ويأجرك فيهم} فأتيت أنيساً 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - فقال لي: ما صنعت؟ قلت: صنعت أني قد أسلمت وصدقت، قال: ما بي رغبة عن دينك فإني قد أسلمت وصدقت، فأتيت أمنا فقالت: ما بي رغبة عن دينكما فإني قد أسلمت وصدقت، فاحتملنا حتى أتينا قومنا غفارا فأسلم نصفهم وكان يؤمهم إماء بن رحضة الغفاري وكان سيدهم وقال نصفهم: إذا قدم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - المدينة أسلمنا فقدم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - المدينة فأسلم نصفهم الباقي كلّها، يقول: وجاءت أسلم، فقالوا: يا رسول الله إخوتنا نسلم على الذي أسلموا عليه، فأسلموا فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: {غفار غفر الله لها وأسلم سالمها الله}.(146/295)
امرأة عربية تقود النضال دفاعاً عن الدعوة السلفية
ـ[العوضي]ــــــــ[28 - 06 - 08, 05:02 م]ـ
امرأة عربية تقود النضال دفاعاً عن الدعوة السلفية
د. عبد المنعم إبراهيم الدسوقي الجميعي
الباحث في تاريخ المرأة العربية دائماً يتجشم المشقة في بحثه، ويتعرض للعقبات الكأْداء التي لا يذللها إلا التنقيب في بطون الأسفار، سواء أكانت المطبوعة أم المخطوطة لعله يصل إلى حاجته.
وتاريخ غالية البقميّة [1] تلك المرأة العربية التي خرجت في وقت المحن، تثير حَمِيَّة الرجال المدافعين عن وطنها، وتنفق الغالي والنفيس من أجل مواجهة قوات محمد علي الغازية لبلادها، لدرجة أنها كانت تثير الرعب والخوف بين صفوف هذه القوات عند سماعهم باسمها [2] هذا التاريخ لهو جدير حقاً بالتعريف به، وإبراز دور صاحبته حتى يتعرف أبناء هذه الأمة حقيقة البطولات الضخمة والمواقف الحاسمة التي لم تقتصر على الرجال بل شملت النساء أيضاً.
وللتعريف بتلك السيدة نقول: إنها من عرب البقوم، من بادية ما بين الحجاز ونجد، كانت أرملة رجل من أثرياء البقوم، وأحد مشايخ سبيع [3] الذين كانوا أسبق أهل الحجاز إلى موالاة نجد، ومساندة للدعوة الإصلاحية التي قادها الشيخ محمد بن عبد الوهاب والذين كانت لهم مواقف معروفة في أثناء محاربة العثمانيين وقوات محمد علي للدعوة ورجالاتها [4].
وكانت غالية من سراة قومها أوتيت من الثروة حظاً كبيراً فكان لديها من الثروة ما يفوق ما لدى أسرة عربية في منطقتها، واشتهرت بالكرم حيث كان بيتها مقصداً للمحتاجين، فكانت توزع نقوداً ومؤناً على فقراء قبيلتها الذين كانوا على استعداد لقتال الغزاة الطامعين في بلادها. كما كان بَيْتُها مَلْجأً لكل رجالات الدعوة المخلصين الذين يعقد زعماؤهم مجالسهم في بيتها [5].
وكانت هذه السيدة سديدة الرأي نافذة البصيرة، على معرفة بأمور القبائل المحيطة بها.
وبالرغم من أن البقوم كان لهم زعيم رسمي اسمه ابن جرشان [6] فقد كان صوت (غالية) مسموعاً في كافة المجالس تشارك أبناء وطنها في تصريف الأمور، كما كان لها في معظم الأحوال الكلمة العليا والرأي المطاع [7] لدرجة أن بَالَغَ أبناءُ بلدتها في تقديرها فَنَعَتُوها بالأميرة [8]، كما بالغ الأعداءُ في التَّشْهير بها فوصفوها بالساحرة الذين أصبح قادة الدعوة بفضل وسائلها لا يغلبون [9].
وعن قصة بطولة هذه السيدة نقول: إن اسمها ذاع في معظم أنحاء الجزيرة العربية بعد أنْ أنفذ طوسون باشا جيشاً بقيادة مصطفى بك أحد قواده لمهاجمة رجالات الدعوة الذين اتخذوا من تُربة [10] معسكراً لهم، وأحاطوها بالخنادق [11] وشاركت هذه السيدة المدافعين في الدفاع عن بلدتها [12] وضَاعَفتْ من هِمَمِهِمْ وأثارتْ فيهم الحمية والحماسة [13] وألهبتْ فيهم روح الانتقام من الغزاة مما زاد من مخاوف الجنود الأتراك، وثَبْط من هممهم، وزادت من ثقة الأهالي بأنفسهم [14] وانْتَهى الأمر بهزيمة قوات مصطفى باشا وقتل معظم أفرادها، وارتداد الباقين منهم على أعقابهم [15] بعد أن تركوا مدافعهم وذخيرتهم [16].
ونتيجة لفشل هذه الحملة صمم محمد علي على قِيام قواته بهجوم آخر في ذي الحجة 1228هـ/ نوفمبر 1813م فأرسل ابنه طوسون على رأس قوة مؤلفة من ألفي جُنْدِيٍّ من أجل الاستيلاء على تربة [17]، وغسل عار الهزيمة التي لحقتْ بقواته ولكنه لم يتمكن من ذلك بل مُنِيَتْ قواتُه بأفدح الخسائر.
وعن هذه الواقعة نعرض لما ذكره بعض المؤرخين. يقول المؤرخ النجدي عثمان بن بشر: "أقبل طوسون ومن معه من العساكر والجموع، ونازلوا أهل بلدة تُرَبة وحاصروها نحو أربعة أيام، ونَصبوا على قُصورها المدافع والقنابر، ورموها رَمْياً كثيراً فلم يؤثر فيها شيئاً، وأنزل الله الرعب فيه وفي عساكره، ورحل عنها بعدما قتل من قومه قتلى كثيرة" [18].
ويقول المؤرخ المصري عبد الرحمن الجبرتي: "إن طوسون باشا وعابدين بك ركبوا بعساكرهم على ناحية تربة التي بها المرأة التي يقال لها غالية، فَوقَعتْ بينهم حروب ثمانية أيام ثم رجعوا منهزمين، ولم يظفروا بطائل" [19].
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/296)
ويقول محمود فهمي المهندس: "ففي أوائل نوفمبر 1813م (ذي الحجة 1228هـ) سافر طوسون من الطائف ومعه ألفا نَفْسٍ، للغارة على تربة وأمر عساكره بالهجوم. وكان العرب محافظين على أسوار المدينة بشجاعة ومستبشرين بوجود (غالية) معهم وهي المقدمة عليهم فَصَدُّوا طوسون وعساكره، واضطر هؤلاء إلى ترك خيامهم وسلاحهم وقتل منهم في ارتدادهم نحو سبع مَئة نفس، ومات كثيرون جوعاً وعطشاً" [20].
أما عن الرحالة السويسري بوركهارت فيقول: "إن طوسون أمر جنوده بمهاجمة البلدة فَوْراً، ولكن العرب دافعوا عن أسوارها ببسالة تشجعهم جهود غالية" [21].
ولما أصدر طوسون أوامره بإعادة الهجوم على تربة مرة أخرى أعلن جنوده صراحة أنهم يرفُضون محاربة غالية كما أعربوا عن خشيتهم من الهزيمة مرة أخرى، وحثوه على الانسحاب إلى الطائف.
وخلال انسحاب قوات طوسون خرج البدو الذين شعروا بالوضع الحرج للقوات المهاجمة، وهاجموها بِعُنْفٍ، واستولوا على الممرات التي في طريقها لدرجة أن هذه القوات اضطرت في نهاية الأمر إلى الهرب تاركة أمْتِعَتَها وخيامها وأقواتها ومدافعها [22].
ونتيجة لذلك أَرسل طوسون إلى أبيه يطلب النجدة فاعتزم محمد علي أن يسير بنفسه إلى الحجاز لمتابعة القتَال، وكان أول ما فعله أن اعْتَقَل الشريف غالب أمير مكة لارتيابه في اخلاصه، وعهد إلى ابنه طوسون أن يتخذ من الطائف مقرًّا لقيادته.
وعلى كل حال فإنه نتيجة للهزائم المتكررة التي لحقت بقوات محمد علي في تربة أرسل زعماء هذه المنطقة برسالة إلى محمد علي يتهكمون عليه ومضمونها: إنَّ أعقل خطة له هو أن يعود إلى مصر، ويتمتع بِماء النيل، أما إذا رأى أن يعاود الكرة معهم مرة أخرى فينبغي عليه أن يأتي بجنود أفضل من أولئك الذين يقودهم الآن [23].
واستمر انتصارُ أهالي تُرَبة أَمام قوات محمد علي ماثلاً للعيان، وحافزاً لأهالي الجزيرة العربية على المقاومة والنضال حتى تمكنَتْ قواتُ محمد علي من الانْتصار في بِسْل [24] والوصول إلى تربة، ونتيجة لذلك لجأت (غالية) إلى البدو ولما كان محمد علي يطمع في القبض عليها وإرسالها إلى عاصمة الدولة العثمانية تذكاراً لانتصاره، فقد حاول إقناعها بالعودة إلى بلدتها، وبذل لها الوعود والأماني ولكنها لم تثق فيها عرض عليها من وعود [25]، وظَلَّتْ بعيدة عن أنظار محمد علي وقواته.
ومما سبق يتّضِحُ أن غالية البقمية قد نجحت في إثارة الحمية والحماسة في أبناء وطنها حتى نجحوا في رَدَّ مطامع القوات الغازية لبلادها، ورَدَّ كيدها إلى نحورها. فقد خرجتْ في وقت المحنة تثير حمية الرجال، معرضة نفسها للموت، ولا سبيل أمامها سوى النّصر أو الشهادة، مستعذبة في ذلك كل المشاق والمتَاعب.
ــــــــــــــــــــ
[1] البقوم من القبائل العربية الكبيرة مقرها جبل حضن وأطرافه حتى تربة والخرمة وأصل البقوم من الأزد، وهم أهل قوة وبأس.
انظر. فؤاد حمزة: في بلاد عسير، القاهرة، دار الكتاب العربي 1951 ص26.
[2] جامعة الرياض: دراسات تاريخ الجزيرة العربية مصادر تاريخ الجزيرة العربية جـ2، الرياض، مطابع جامعة الرياض 1399هـ/ 1979م ص460.
[3] بيير كرابيتيس: إبراهيم باشا ترجمة محمد بدران القاهرة، لجنة التأليف والترجمة والنشر 1937 ص21 22.
[4] عمر رضا كحالة: أعلام النساء في عالمي العرب والإسلام، بيروت، الرسالة، الطبعة الخامسة 1404هـ/1984م، جـ4 (العرب: كيف يكون من البقوم وشيخاً لقبيلة سبيع؟!).
[5] جوهان لودفيج بوركهارت: مواد التاريخ الوهابيين ترجمة د. عبدالله الصالح العثيمين، الرياض، الطبعة الأولى 1405هـ/1985م ص141.
[6] نفسه.
[7] كرابيتيس: المرجع السابق ص22.
[8] خير الدين الزركلي: الأعلام قاموس تراجم، المجلد الخامس بيروت، دار العلم للملايين ص115.
[9] بوركهارت: المرجع السابق ص141.
[10] على مسافة 80 ميلاً من الطائف، وتعتبر مفتاح نجد إلى الشرق واليمن إلى الجنوب.
[11] عبدالرحمن الرافعي: ((عصر محمد علي))، القاهرة، النهضة المصرية الطبعة الثالثة 1370هـ/1951م ص139.
[12] كرابيتيس: المرجع السابق ص21 22.
[13] عبدالرحمن زكي: ((التاريخ الحربي لعصر محمد علي))، القاهرة، دار المعارف 1950م ص50.
[14] بوركهارت: المرجع السابق ص141.
[15] للتفاصيل انظر، عبدالرحمن الجبرتي: ((عجائب الآثار في التراجم والأخبار)) جـ3، بيروت، دار الجبل، حوادث شهر صفر يوم الأحد 1229هـ ص447.
[16] الرافعي: المرجع السابق ص140.
[17] بوركهارت: المرجع السابق ص142.
[18] انظر ((عنوان المجد في تاريخ نجد)) جـ1، الرياض، الطبعة الثالثة 1385هـ ص201.
[19] الجبرتي: المصدر السابق جـ3 حوادث شهر جمادى الأولى 1299هـ ص453.
[20] انظر ((البحر الزاخر في تاريخ العالم وأخبار الأوائل والأواخر)) جـ1 ص183.
[21] بوركهارت: المرجع السابق ص142.
[22] نفسه.
[23] بوركهارت: المرجع السابق ص166.
[24] تقع بين الطائف وتربةَ، وقد تمكنت قوات محمد علي من احتلالها في 28 من محرم 1230هـ الموافق 10 يناير 1815م وذلك بعد معركة عنيفة مع قوات الأمير فيصل بن سعود. لتفاصيل ذلك انظر، عبدالرحمن الرافعي: المرجع السابق ص112.
[25] بوركهارت: المرجع السابق ص176، ويذكر محمود فهمي المهندس أن محمد علي تكدر كثيراً من هرب غالية ونجاتها من يده لأنه في اشتياق زائد لإرسالها إلى القسطنطينية انظر ((البحر الزاخر)) وأيضاً مجلة ((العرب)) س15 رمضان شوال 1400هـ ص263.
8/ 1/1428 هـ
27/ 01/2007 م
http://www.islamselect.com/mat/57863
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/297)
ـ[علي الغامدي]ــــــــ[28 - 06 - 08, 06:02 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكرا لك أخي الكريم ومع ان الموضوع مبتور ولم يستوفي كافة جوانب المرحله وهذا ليس عن علم ولكنه واضح من السرد الا انك أثرت الفضول للبحث وحسب علمي ان محمد علي لم يكن يعترف بولاء للدوله العثمانيه واتمنى ان يكون بين الاخوه من يعلم مراجع موثوقه للمرحله
ـ[العوضي]ــــــــ[17 - 07 - 08, 05:22 م]ـ
العفو أخي الكريم , ولكن عنوان الموضوع شدني وأحببت أن أضعه للاخوة هنا لكي يستفيدوا منه
ـ[صخر]ــــــــ[17 - 07 - 08, 06:42 م]ـ
رحمها الله ...
ـ[العوضي]ــــــــ[17 - 07 - 08, 07:02 م]ـ
رحمها الله ...
آمين آمين ..
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[28 - 01 - 09, 07:26 ص]ـ
واتمنى ان يكون بين الاخوه من يعلم مراجع موثوقه للمرحله
أعتقد أن أفضل مرجع لهذه المرحلة
تاريخ عجائب الآثار في التراجم والأخبار المعروف بتاريخ الجبرتى
لعبد الرحمن بن حسن الجبرتي
ـ[م ع بايعقوب باعشن]ــــــــ[28 - 01 - 09, 02:05 م]ـ
موضوع جميل
ومأخذي على عبارة (أبناء وطنها)
كأن المسألة مسألة وطن وليس دين(146/298)
أثبات نفى أشتراك النبى صلى الله عليه وسلم فى حرب الفجار
ـ[محمد بن حجاج]ــــــــ[30 - 06 - 08, 09:21 ص]ـ
الحمد لله الذى رفع الحق بالحجج النيرات, ورفع المتمسكين به بأعلى الدرجات, واثبت الحق لدينه بالآيات البينات, واشهد ان لا هو مع اثبات الاسماء والصفات, واشهد ان محمد عبده ورسوله المبعوث بالآيات المحكمات, فصلوات الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم إلى يوم الدين بدون زيادات.
اما بعد:
فقد كثرت الاخبار فى كتب السير على أثبات أشترك النبى صلى الله عليه وسلم فى حرب" الفجار",وإنما سميت بذلك لانها كانت فى الشهر الحرام ففجرو فيها جميعاً, فلما بحثت فى تلك الأدلة وجدتها لا تصلح بأن تكون دليلاً لضعفٍ فى السند او المتن, فأستعنت بالله وتوكلت عليه لأثبات نفى ذلك والله المستعان.
وقد قسمت بحثى هذا إلى ثلاثة أقسام لبيان ضعف هذه القصة:
(أ) حرب الفجار
(ب) الضعف من حيث السند
(جـ) الضعف من حيث المتن
(أولا) حرب الفجار:
قامت بين قبيلة بنى كنانة وقبيلة قيس عيلان, وكان السبب فى ذلك ان البراض بن قيس من بنى كنانة قتل عروة الرحال بن عتبة وذلك فى الشهر الحرام, قال السهيلى: الفجار بكسر الفاء بمعنى المفاجرة كالقتال والمقاتلة وذلك لأنه كان قتالاً فى الشهر الحرام ففجروا فيه جميعا فسمى الفجار (أ. هـ) ,وقال بن إسحاق: إنما سمى بيوم "الفجار"بما استحل هذان الحيان, كنانة وقيس عيلان, فيه من المحارم بينهم (أ. هـ).
(ثانياً) الضعف من حيث السند:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم"كنت أنَبَل على أعمامى فى يوم الفجار"أى أرد عليهم نبل عدوهم إذا رموهم بها وقيل أجهز لهم النبل.
السيرة لابن هشام (1/ 140) ,وبن سعد فى الطبقات (1/ 126) ,وذكرها بن كثير فى البداية والنهاية (2/ 292) ,وذكره بن الأثير فى غريب الحديث (5/ 10).
وكل هذه الطرق مدارها على محمد بن عمر بن واقد الواقدى, وقد حدث بأربعة طرق وهى:
(1) قال: حدثنى الضحاك عن إبرهيم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن ربيعة.
(2) قال: أخبرنا موسى بن محمد بن أبرهيم التيمى عن أبيه.
(3) قال: حدثنا عبد الله بن يزيد الهذلى عن يعقوب بن عتبة الأخنس.
(4) قال: حدثنى الضحاك بن عثمان عن عبدالله بن عروة عن حكيم بن حزام.
ونبين ضعف هذه الأسانيد كالتالى:
(أولاً) الذى مدار الأسانيد عليه هو محمد بن عمر بن واقد الواقدى المشهور بالترك بين علماء الحديث.
(ثانياً) موسى بن محمد بن إبرهيم التيمى: قال البخاري عنده مناكير, وقال أبو زرعة منكر الحديث, وقال والنسائي وأبو أحمد الحاكم منكر الحديث وقال الدارقطني متروك.
(ثالثاً):عبد الله بن يزيد الهذلى المدنى بن قنطش وقيل قنطس, ذكره بن حجر فى اللسان وذكر قول البخارى فيه "متهم بالزندقة" وقوله فى موضع أخر "يتهم بأمر عظيم",وقول النسائى "ليس بثقة" اما احمد ويحيى فقد وثقاه بألفاظ مختلفة فهو ثقة عندهم.
والجمع بين هذه الأقوال كالتالى ان الجرح المفسر يقدم على التعديل حيث ان البخارى رحمه الله ذكر أنه كان زنديق وفى موضع اخر بأمر عظيم, وكما نعلم ان البخارى رحمه الله لطيف الألفاظ فلما يذكر جرحا قوياً فأعلم أنه خارج عن حدود الضبط والعدالة.
(ثالثاً) الضعف من حيث المتن:
رُوى عن النبى صلى الله عليه وسلم انه ما كان يحب الحرب بين تلك الفرقتين وانه كان يريد الصلح لما رواه البخارى فى الآدب المفرد بسند صحيح من حديث عبد الرحمن بن عوف رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم"شهدت مع عمومتى حلف المطيبين فما أحب ان انكثه وان لى حمر النعم"
يقصد بحلف المطيبين حلف الفضول الذى عُقد بين الفرقتين اللتين حصل بينهم الشقاق, وهو صلح ينافى العصبية الجاهلية وكان النبى صلى الله عليه وسلم يحب هذ الصلح ففى رواية بسند صحيح عن النبى صلى الله عليه وسلم قال"لو أدعى به فى الأسلام لأجبت"يقصد هذا الصلح فيدل على رفضه للحرب.
وحديث الفجار أطول مما ذكرت, وانما منعنى من استقصائه قدر الشاهد فى نفى أشتراك النبى صلى الله عليه وسلم والله المستعان.
ونسأل الله أن يوفقنا جميعا لما يرضيه وأن يهدينا وجميع المسلمين صراطه المستقيم إنه سميع قريب،وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
ـ[محمد بن حجاج]ــــــــ[30 - 06 - 08, 07:37 م]ـ
وجزاكم الله الخير(146/299)
متى توفي الدكتور أحمد شلبي المؤرخ المصري؟
ـ[حسين العسقلاني]ــــــــ[30 - 06 - 08, 03:11 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أبحث عن تاريخ وفاة المؤرخ المصري الدكتور أحمد شلبي صاحب موسوعات التاريخ المعروفة .. وفي ظني أنه خلال الخمس سنوات الماضية .. فهل يفيدني أحد الأخوة وجزاكم الله خيرًا(146/300)
أقلام مسمومة تشوه تاريخ الأندلس-حسون و النقشبندي مثلا
ـ[هشام زليم]ــــــــ[02 - 07 - 08, 03:09 ص]ـ
بسم الله الرحمان الرحيم.
برزت في الأونة الأخيرة كتابات و تصريحات لشخصيات للأسف من العالم الإسلامي تدّعي أن فتح الأندلس لم يكن فتحا و إنما غزوا و احتلالا و أن الذين جاهدوا لفتح الأندلس لم يجاهدوا في سبيل الله و إنما كان للهوى و إرضاءا للملوك و الأمراء. ودليل القوم هو ما كان فتحا في سبيل الله فقد بقي بيد المسلمين و ما كان غزوا لإرضاء الملوك فقد طُرد منه المسلمون. و هذا القول يحتاج إلى دليل و إلا فهو الهوى و ما قيل إلا إرضاءا لأمراء و أيات قم.
قبل أن أورد الأقوال التي تفوّه بها هؤلاء في حق التاريخ الإسلامي الناصع الطاهرو خاصة بلاد الأندلس العزيزة, وجب معرفة بعض النقاط التاريخية المهمة للغاية و التي ستساعدنا إن شاء الله على معرفة خلفية أقوال هؤلاء المفترين.
فقد فنحت الأندلس سنة 92 هجرية على يد طارق بن زياد و موسى بن نصير رحمهما الله و ذلك خلال فترة حكم الوليد بن عبد الملك. ففتح الأندلسي إذن هو منقبة لبني أمية. بل و قد ارتبط تاريخ الأندلس أشد الإرتباط بالأمويين خصوصا بعد وصول عبد الرحمان بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم المعروف بعبد الرحمان الداخل أو صقر قريش إلى الندلس حيث وضع الأساس لحضارة إسلامية ستنير كل أوربا وستُضرب إلى قرطبته و جامعتها أكباد الإبل لتعلم العلوم الشرعية و الدنيوية من كل أنحاء العالم أنذاك. و بعده جاء أموي أخر هو عبد الركمان الناصر و ما أدراك كن عبد الرحمان الناصر الأموي. هذا الرجل هابه ملوك النصارى و بعثوا له ببناتهم لطلب وده و اتقاء بطشه. و الناصر رحمه الله له الفضل علينا نحن المغاربة -بعد فضل الله عز وجل-فهو الذي حارب و قض مضجع الدولة العبيدية الفاطمية الشيعية بالمغرب و منعها من بث دعوتها الفاسدة إلى إلى بلاد الأندلس التي ظلت سنية حتى خرج الإسلام منها.
بل وحتى بعد سقوط غرناطة ظل للأمويين تواجد و لعل أعظم مثال على ذلك حصل عند ثورة غرناطة الكبرى سنة 1568م (أي 76 سنة على سقوط غرناطة بيد النصارى) و قد كان قائد هذه الثورة هو فرناندو دي بالور و اسمه الإسلامي محمد بن أمية بما أنه حفيد للأمويين. وقد قتل رحمه الله خلال هذه الثورة.
و هكذا إذا عٌرف السبب بطُل العجب. فلا ننتظر من الروافض و لا من تأثر بهم أن يشده الحنين إلى أرض الأندلس و إلا فقطعا سيترحمون على فاتحيها و من شيد حضلرتها من الأمويين و هذا مستحيل في دين الروافض المبني على لعن بني أمية بسبب أو بغير سبب.
و إن كنت لا أتهم بالتشيع من تفوه بهذه الأقوال في حق الأندلس فإني لا أستبعد أن يكون يعمل لصالح المشروع الشيعي الذي من بين أولوياته تشويه التاريخ الإسلامي و تصوير الأبطال و الأخيار كخونة و جبناء (كما فعلوا مع الصحابة رضوان الله عليهم).
في حديث خص به مفتي سوريا العام أحمد بدر الدين حسون موقع العربية-نت و هو ذلك الحوار الشهير الذي اعتبر فيه نفسه شيعي و سني و سلفي و صوفي. شن حسون هجوما عنيفا على الأندلس و فاتحيها معتبرا هذا الفتح في سبيل الملوك و الأمراء حيث قالت العربية:
"في سياق متصل، أكد الشيخ أكد الشيخ حسون أنه تحدث عن الفتوحات الاسلامية. ونقلت عنه وسائل إعلام ألمانية "ونفى حسون وجود ما يسمى بالحرب المقدسة في الكتب السماوية"، مشيرا في هذا السياق إلى "أن الحروب الصليبية والفتوحات الإسلامية لم تكن من أجل الدين، بل من أجل مصالح الملوك والأمراء".
إلا أن الشيخ حسون أكّد لـ"العربية. نت" أنه لم يقل "كل الفتوحات". وأوضح " لم تكن كل الفتوحات اسلامية وإنما كان يدخل عليها بعض الأهواء، وعلينا إعادة قراءة الفتوحات الاسلامية فما كان فتحا فهو فتح وما كان للملوك والأمراء لنضعه لهم ".
وأضاف " مثلا فتح الأندلس نسميه فتحا، وهو ليس كذلك، ولذلك أُخرجوا من هذا الفتح. والذي كان فتحا لم يُخرجوا منه والذي كان غزوا أُخروجوا منه. وكل فتح حقيقي لم يكن من أجل الدنيا، ولم يكن من أجل قتل الناس ولا قُتل فيه أُناس، فقد فتح بلادا وصارت اسلامية".
طبعا فهو يقصد بالملوك و الأمراء بني أمية إن لم يكن يقصد الصحابة بعينهم: فبما أن ما هو فتح لم يأخذ من يد المسلمين و ما هو في سبيل الملوك أُخد من يدهم فإن فتح فلسطين -و هي سليبة اليوم كالأندلس- هو في سبيل الملوك و نعلم جميعا أن فاتح فلسطين هو الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
و هناك شخصية أخرى حاولت الطعن في فتح الاندلس لكن هذه الشخصية ليست لها الجرأة التي لحسون الذي أعلنها صراحة. فالتجأ إلى تأليف رواية و التحدث بلسان شخصية في الرواية عما يجول في ذهنه. إنه الكاتب و الروائي السعودي هاني النقشبندي الذي أنقل لكم ما تفوه به عبر روايته (المسماة "احتلال الأندلس") كما جاءت في موقع العربية:
"وفوق ما في القصر (قصر الحمراء) من لعنة، أصر سلاّم على اعتباره رمز احتلال عربي بربري للأندلس، مؤكدا أن فتحا إسلاميا للتلك البلاد لم يكن أكثر من وهم سقط مبرره الأخلاقي بابتعاد العرب عن نشر ثقافتهم الدينية وتسامحهم طوال تسعة عقود من الزمن، ليخرجوا من البلاد كما دخلوها، وليصبحوا هم النصاري بعد أن عجزوا أن يدفعوا بأهل البلاد الأصليين ليصبحوا مسلمين، الأندلس كانت الاستثناء الوحيد في التاريخ العربي والإسلامي التي يطرد منها العرب ودينهم دفعة واحدة.
هكذا يرى سلاّم أن إعادة بناء الحمراء واستنساخها، بما تنطوي عليه غايات الأمير إن هي إلا محاولة لتكريس صدام بدأه العرب باحتلال أرض ليست من حقهم، وينبغي لهذا الصدام أن يتوقف، أن يتحول إلى حوار .. أن يتحول إلى حب."(146/301)
ترجمة محدِّث بيروت الشيخ محمد الحوت (1209 - 1276هـ)
ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[03 - 07 - 08, 07:26 ص]ـ
ولد الشيخ المحدِّث أبو عبد الله محمد بن درويش بن محمد الحوت البيروتي الشافعي في مدينة بيروت سنة تسع بعد المئتين والألف من الهجرة، نبغ صغيراً وحفظ القرآن وجوّده على الشيخ علي الفاخوري؛ والد مفتي ولاية بيروت الشيخ عبد الباسط الفاخوري، ثم تولّع في طلب العلوم والفنون، فحفظ الألفيّة وغالب المتون، وبأثنائها قَدِم من الديار المصرية الشيخ محمد الإسكندراني فلازمه الحوت وأخذ عنه بعض العلوم.
ثم سافر الحوت إلى دمشق الشام سنة ثمان وعشرين وقرأ فيها على جملة من العلماء الأفاضل؛ منهم الشيخ محمد ابن عابدين صاحب الفتاوى المشهورة، وأخذ عن الشيخ عبد الرحمن الطيبي الشهير بالشافعي الصغير، والشيخ عبد الرحمن الكزبري، كما أنه أدرك مسند الديار الشامية الشيخ محمد الكزبري وأخذ عنه.
وبعد عودته إلى بيروت سنة إحدى وثلاثين اشتغل بما يتعلّق بالكتاب والسنة واستقام مشتغلاً وحده بالمطالعة إلى سنة ست وثلاثين، وأشار عليه الشيخ علي الفاخوري أن يدرّس في الجامع العمري الكبير في بيروت رغبةً بنفع العام والخاص، فظهرت شموس علومه وغرّدت بلابل الفنون في رياض مؤلفاته.
وله مؤلّفات مفيدة ومصنفات فريدة في كافة العلوم والفنون، منها:
1 - أسماء رجال البخاري مرتبة على حروف الهجاء.
2 - رسالة في ذكر رتبة الأحاديث التي جرّدها الإمام عبد الرحمن اليمني من البخاري.
3 - أسنى المطالب في أحاديث مختلفة المراتب (نقل منه العلاّمة الألباني في السلسلة الصحيحة 2/ 620).
4 - الوضّاعون وما وضعوا.
5 - رسالة في بيان الضعيف من أحاديث الجامع الصغير.
6 - رسالة اشتملت على أحاديث موضوعة.
7 - حاشية ابن حجر للأربعين.
8 - شرح قصيدة بانت سعاد (مطوّل).
9 - رسالة في أمر يزيد بن معاوية.
10 - رسالة في الحساب.
11 - رسالة في علم الفلك.
12 - رسالة في شرخ الأخضري للسلم.
13 - رسالة في تاريخ الصحابة.
14 - رسالة بخلق الأفعال.
توفّي الشيخ محمد بن درويش الحوت رحمه الله لثمانٍ خلت من ذي الحجّة سنة ست وسبعين ومئتين وألف، ودُفِنِ في مقبرة الباشورة في بيروت، بعد أن مرض برهة يسيرة.
مصدر الترجمة: مقالان لاثنين من تلاميذه، عبد الباسط الفاخوري وقاسم الكستي، أُودعتا في مقدمة كتاب الشيخ محمد الحوت "أسنى المطالب" - طبعة دار الكتاب العربي/بيروت -، وصنّف سليم الحوت كتاباً مفرداً في سيرة الشيخ محمد الحوت سمّاه "شيخ بيروت الإمام العلاّمة محمد الحوت"، وطُبِع في دار النهار/بيروت.
ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[16 - 11 - 08, 09:37 ص]ـ
أما عقيدة الشيخ رحمه الله، فللأسف جانَبَ عقيدة السلف الصالح أهل الحديث، إذ يقول في رسالته " الدرة الوضيّة في توحيد رب البرية " (ص 30 / ط. عالم الكتب) - بعد أن ذكر استواء الرحمن على العرش وعلوّه ومعيّته:
فإن كنت واسع القلب فسيح الصدر عظيم الذوق والإدراك رددت جميع ذلك له تعالى ونزّهته عن المعنى الحسّي المفهوم من ظاهر الرأي كما كان عليه قرن الصحابة ومن تبعهم بإحسان، وهذا المذهب الأسلم والطريق الأقوم، وإن كنت لست من فرسان هذا الميدان فارجع إلى التأويل كما عليه أئمة معتبرون، وهم من جاء بعد القرون الثلاثة تقريباً لفهم القاصر وتطميناً لقلبه دفعاً للخواطر، وقد أوّل الخلف الاستواء بالقهر والاستيلاء على العرش وما دونه من الخلق كلهم، فهو منزّه عن الاستقرار والجلوس ونحوهما.
وقال (ص 32): والتأويل ليس ممنوعاً، فإنه جرى عليه كثير من أهل السنة من المذاهب الأربعة، مع أن الأئمة كلهم من السلف لا من الخلف، ومذهب السلف أسلم ومذهب الخلف أحكم.
وذكر أبا الحسن الأشعري وأبا المنصور الماتريدي (ص 77 - 78) ثم قال: وهما إماما أهل السنة والجماعة، والحنابلة أثرية لأنهم يتبعون النصوص من دون تأويل، وأصحاب داود الظاهري يتبعون ظاهر النصوص حتى في الفقه، وهؤلاء كلّهم على خير إن شاء الله. اهـ.
ـ[أبو حسن الشامي]ــــــــ[16 - 11 - 08, 10:12 ص]ـ
وصنّف سليم الحوت كتاباً مفرداً في سيرة الشيخ محمد الحوت سمّاه "شيخ بيروت الإمام العلاّمة محمد الحوت"، وطُبِع في دار النهار/بيروت.
بارك الله بكم أخانا أبا معاوية على هذا النقل
الكتاب المذكور سألت عنه دار النهار في معرض الشارقة للكتاب فلم يعرفوه ... فهل هو مطبوع حديثا أم قديما؟
وهل طبع شيء من كتب الشيخ؟
ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[16 - 11 - 08, 04:44 م]ـ
[ quote= أبو حسن الشامي;930027] بارك الله بكم أخانا أبا معاوية على هذا النقل
الكتاب المذكور سألت عنه دار النهار في معرض الشارقة للكتاب فلم يعرفوه ... فهل هو مطبوع حديثا أم قديما؟
وهل طبع شيء من كتب الشيخ؟
أظنه طُبع منذ عشرين سنة أو أكثر، وقد استعرته ونقلتُ منه قديماً، وليس بين يديّ الآن لأفيدك.
وأما باقي كتب الشيخ، فلم يُطبع منها إلاّ القليل، وتجد بعض الرسائل مطبوعة في عالم الكتب/ بيروت.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/302)
ـ[العوضي]ــــــــ[28 - 11 - 08, 07:03 م]ـ
شيخ بيروت العلاّمة الإمام محمد الحوت
المؤلف: محمود الحوت
عدد الاجزاء: 1
سنة النشر: 1994
الطبعة رقم: 1
الناشر: دار النهار
صفحة: 342
القياس: 17 X24cm
ISBN: 2-84289-209-7
سعرنا: $ 6.00
عرف اللبنانيّون والبيروتيّون خصوصا محمد الحوت ولكن فات معظمهم أن محمد الحوت كان شيخا وإماما وعالما ذا فكر خلاّق ومتطوّر ومنفتح على علماء القرن الماضي في العالمين العربي والإسلامي. ويسعى الباحث في هذا الكتاب الى رسم صورة عن شيخ بيروت ويتناول سيرته ومؤلّفاته ومواقفه الفكريّة المهمّة.
ـ[محمود غنام المرداوي]ــــــــ[28 - 11 - 08, 07:06 م]ـ
يارك الله عليكم جميعا
ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[15 - 12 - 08, 05:26 م]ـ
ذهبتُ اليوم لزيارة قبر والدي رحمه الله - الذي توفي الأسبوع الفائت - في مقبرة الباشورة في بيروت، فاكتشفتُ أن القبر الذي بجانبه هو قبر الشيخ محمد الحوت رحمه الله، وقد كُتِبَ على شاهد قبره التالي:
هذا ضريح لا يعادل رمسه .......... مسك ولا حصباء ولا ياقوت
فيه الوليّ محمد الحوت الذي .......... بجميع أوصاف الهدى منعوت
دار النعيم له تَبَسَّم ثغرها .......... وبكت لفقد علومه بيروت
مولى جليل القدر نشر حديثه .......... للنفس عند ذوي المعارف قوت
شهد العوالم أرخوه بيمنه .......... وزها برونق سرّه الملكوت
1276 هـ - 1860 م
ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[05 - 01 - 09, 02:31 م]ـ
وقد رُزِقَ الشيخ محمد الحوت رحمه الله ثلاثة أولاد، وهم عبد الله وعبد الرحمن ومحمد (كما جاء في ترجمة الشيخ عبد الرحمن الحوت في كتاب "الأوقاف الإسلامية في لبنان ")، وكان عبد الرحمن ومحمد من أهل العلم.
أما عبد الرحمن، فولد في بيروت سنة 1846 م وتوفي سنة 1916 م، وتولى مركز مفتي بيروت بالوكالة مدة ثلاث سنوات من سنة 1324 هـ / 1905 م لغاية سنة 1326 هـ / 1907 م، وولي مجلس أوقاف بيروت، وكان والي بيروت خليل باشا طلب إليه ذلك، لقطع دابر الخلافات والفتنة التي حدثت في بيروت، وهو نقيب السادة الأشراف. (الأوقاف الإسلامية في لبنان / ص 53).
وترجم له عمر كحالة في " معجم المؤلفين " (2/ 88 / ط. الرسالة) فقال: واعظ، له " مراقي السعادات في الحث على أداء الصلوات في أول الأوقات والزجر عن التهاون بها وتأخيرها " طبعة بولاق سنة 1313 هـ، كان حيًّا سنة 1313 هـ. اهـ.
وأمس، أثناء زيارتي لقبر والدي رحمه الله، تأمّلت ببعض القبور القريبة، فرأيتُ قبرَي عبد الرحمن ومحمد ابنَي الشيخ محمد درويش الحوت على مقربة من قبر والدهما،
وقد كُتِبَ على شاهد قبر الشيخ عبد الرحمن رحمه الله: (الشيخ عبد الرحمن بن محمد الحوت، نقيب السادة الأشراف، 1263 - 1336 هـ، 1846 - 1916 م).
وكُتِبَ على شاهد قبر الشيخ محمد رحمه الله: (العلاّمة الشيخ محمد بن الشيخ محمد الحوت الكبير، 12 ذو الحجة 1328 هـ، 11 تشرين الثاني 1910 م).
ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[20 - 06 - 10, 07:05 ص]ـ
وقال محمود سليم الحوت في كتابه " شيخ بيروت العلامة محمد الحوت " (ص 103 / ط. دار النهار) تحت فصل (ذرّيته):
كان سيدنا الشيخ الإمام قبل وفاته عام 1860 – رحمه الله وطيّب ثراه – قد أعقب ذرية كريمة صالحة، ذكر لي بعض العارفين من رجال الأسرة في بيروت أسماء شيوخ مشهورين منها:
- كالشيخ سليم
- والشيخ جميل
- والشيخ محمد (ذلك الفلكي الفقيه العلاّمة الذي سمّاه والده الإمام باسمه هو واسم جدّه)
- والشيخ عبد الرحمن
وكان الإمام نفسه معروفاً بأبي عبد الله.
والمشهور أن تلك الذرية الكريمة قد اقتفت آثار والدها، ونهجت منهجه القويم، بالعلم والعمل الصالح والتعفّف والوعظ والإرشاد في الجامع العمري الكبير، والتفاني في خدمة المجتمع الإسلامي والإنساني على حد سواء، والقيان بأمر التدريس والدعوة الجاهدة إلى نشر مكارم الأخلاق. اهـ.
ثم ذكر المؤلف أن للشيخ محمد الحوت بنات تزوجن من أسر بيروتية عريقة،
- فمفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ توفيق خالد
- والشيخ توفيق الهبري
يعتزّان أن " نقيب الأشراف قائمقامي " الشيخ عبد الرحمن الحوت خالهما.
- ومحمد باشا حسن المخزومي (1868 – 1931) عضو مجلس إدارة بيروت، الذي أنشأ في عام 1888 مجلة " الرياض المصرية " بالقاهرة مشاركاً لخاله الإمام الشيخ عبد الرحمن الحوت. اهـ.(146/303)
أريد معرفة أقوال العلماء في كتاب رجال حول الرسول
ـ[أم قتيبه]ــــــــ[03 - 07 - 08, 08:05 ص]ـ
أخوتي في الله أتمنى أن أجد الجواب عن سؤالي
مارايكم وراي العلماء إن كان موجودا في كتاب رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم للكاتب: خالد محمد خالد
أتمنى أن تجيبوني
جمعنا الله واياكم في جنات النعيم
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[03 - 07 - 08, 08:59 ص]ـ
راجعي كتاب ((كتب حذر منها العلماء)) للشيخ مشهور آل سلمان
قد تكلم فيه عن كتاب رجال حول الرسول
ـ[أم قتيبه]ــــــــ[03 - 07 - 08, 07:29 م]ـ
عذرا أخي هل تستطيع وضع رقم الصفحه لان الكتاب كبير جدا
فأرجو ذكر رقم الصفحة
وإن كان هذا الكتاب غير جيد فما هي البدائل لهذا الكتاب
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[06 - 07 - 08, 03:03 ص]ـ
راجعي التحذير في المجلد الأول صفحة
368
وهناك أكثر من كتاب كبديل يغنيكي عن هذا الكتاب
ومنها كتاب صور حياة لعبدالرحمن رأفت باشا
كذلك الرحيق المختوم للمباركفوري
وكذلك زاد المعاد لابن القيم
والسيرة النبوية لابن كثير
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[06 - 07 - 08, 06:33 ص]ـ
لعل هذا يفيدك
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=23957
ـ[أم قتيبه]ــــــــ[06 - 07 - 08, 02:24 م]ـ
جزاكم الله الجنه فعلا استفدت
بارك الله بكم أخوتي(146/304)
ترجمة عزيزة لأبي ذر الذي انتخب له والده الإمام الطبراني جزءاً
ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[03 - 07 - 08, 03:26 م]ـ
يوجد مخطوط "ما انتخبه الطبراني لابنه أبي ذر" في المكتبة الظاهرية (مجموع 105/من ورقة 228 - 236)، وقد عثرتُ على ترجمة عزيزة لأبي ذر في كتاب "جزء فيه ذكر أبي القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني" للحافظ ابن منده (ت 511 هـ)، ولهذا الجزء طبعتان؛ الأولى أودعها الشيخ حمدي السلفي في آخر المجلد (25) من معجم الطبراني الكبير، والأخرى طبعها الشيخ إبراهيم الهاشمي في مؤسسة الريان في بيروت.
قال ابن منده: للطبراني ابن يُسَمّى محمداً ويُكنّى أبا ذر، يروي عن أبي علي الورّاق وأبي عمرو بن حكيم وعبد الله بن جعفر بانتخاب والده رحمة الله عليه، مات في رجب سنة تسع وتسعين وثلاث مئة، ودُفِن بجنب والده رحمهما الله، ..... ودُفِن الطبراني بباب مدينة جي المعروف بتيره بجنب حممة بن أبي حممة 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - ". ا هـ.
وذكر الذهبي في سير أعلام النبلاء (16/ 127) أن أبا ذر احتفظ بكتب أبيه في بيته، ونقل في آخر الترجمة عن الحافظ أبي نعيم أنه قال: (مات ابن الطبراني أبو ذر في سنة تسع وتسعين وثلاث مئة عن نيِّف وستين سنة).لكن لم أعثر على هذا الكلام في ترجمة الطبراني المذكورة في كتاب أبي نعيم "ذكر أخبار أصبهان"، فلعلّ الذهبي نقلها من كتاب آخر.
ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[03 - 06 - 10, 10:17 ص]ـ
وجاء في " ترجمة الطبراني " لابن منده:
قال للطبراني يوماً الحسن العطّار تلميذه يمتحن بصره: من هذا الآتي؟
قال الإمام الطبراني: أبو ذر - ابنه -، وليس بالغفاري. اهـ.
ـ[أبو صهيب عدلان الجزائري]ــــــــ[03 - 06 - 10, 04:09 م]ـ
جزاك الله خيرا أبا معاوية
وهذا الجزء رفعه بعض الإخوة وأوله
الفتح الرباني
في
تحقيق منتخب الإمام الطبراني
أبو حفص الأزهري
صلاح بن أحمد بن فراج
ماجستير شريعة
الجامعة الأمريكية المفتوحة
بسم الله الرحمن الرحيم
جزء فيه ما انتخبه أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني لابنه أبي ذر قرأه على أبي محمد عبد الله بن جعفر بن فارس رواية أبي نعيم أحمد عنه رواية أبي علي الحداد عنه رواية أبي المكارم أحمد اللبان عنه رواية الشيخ الإمام العالم الحافظ أبي الطاهير إسماعيل بن ظفر النابلسي عنه.
1 - قال أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد ثنا عبد الله بن جعفر بن فارس قراءة عليه ثنا أسيد بن عاصم ثنا عامر بن إبراهيم ثنا مبارك بن فضالة عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال:قال رسول الله - - صلى الله عليه وسلم -- الضيافة ثلاثة أيام،فما فوق ذلك،فهو صدقة
ولي سؤال مهم لمن ينسب هذا الجزء عند العزو
ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[13 - 07 - 10, 08:27 ص]ـ
وهنا فائدة،
وهي أن الإمام الطبراني بكّر بإسماع ابنه أبي ذر الحديث،
حيث أن ابنه توفي سنة 399 هـ،
وعمره - كما أشار الذهبي - نيّف وستين سنة،
والنيّف في اللغة من واحد إلى ثلاثة،
وابن فارس الذي يروي عنه أبو ذر بانتخاب أبيه الإمام الطبراني توفي سنة 345 أو 346 هـ،
فيكون الإمام الطبراني قد أسمع ابنه الحديث قبل بلوغه سن العاشرة،
والحمد لله رب العالمين.(146/305)
كتاب فكري ثمين لشاهد عصره
ـ[سامي التوني]ــــــــ[05 - 07 - 08, 12:34 ص]ـ
كثيرا ما تراودني الحيرة حين أقف أمام بعض الشخصيات التي كانت ملء السمع والبصر وهي في حقيقة أمرها زيف زيفه الأعداء ليضلوا الأمة عن سواء السبيل، هنالك أجدني أردد في نفسي: تلك مؤامرة قديمة أرسيت قواعدها في النصف الأول من القرن الميلادي الماضي (وأواخر ما قبله الميلادي أيضا) وهي أيام لم نشهدها والحكم العادل عليها يقتضي منا القرب من الحدث والإحاطة بأبعاده ثم يأتي الحكم المنصف ... نعم كثيرا ما تراودني هذه الخواطر، ثم تنجلي عني حين ألتفت فأرى الأستاذ أنور الجندي - المجاهد الفذ - قد شهد تلكم الأحداث، راقبها عن قرب، وكتب عنها بإنصاف وميزان إسلامي دقيق، عندئذ أقول: جزاه الله خيرا لقد كفانا المؤنة.
وهذا تعريف بكتاب هام من مؤلفاته - وكلها هام - يكشف النقاب عن معارك القرن الماضي، فيكشف حقيقة القوم، كما يكشف لنا أنه كان آنذاك للإسلام رجال قائمون يجاهدون في الله حق جهاده ... لا أطيل عليكم، هذا هو كتاب:
المُسَاجَلات والمَعَارك الأدَبِيَّة في مجَال الفِكْر والتَّاريخ والحَضَارَة (تصـ) / أنور الجُنديّ (1) (- 1422هـ / 2002م) يَرْصُدُ كتاب "المُسَاجَلات والمَعارك الأدبية في مَجَال الفِكْرِ والتَّارِيْخِ والحَضَارَة" للأستاذ أنور الجندي أبرز المُسَاجَلات والمَعَارِك الأدبية التي قَامت في مواجهة دعاة التغريب والغزو الثقافي في مصر في الدَّوريات والمَطبوعات المختلفة في النِّصف الأول من القرن العشرين (العقد الثالث إلى الثامن من القرن 14 هـ) في المجالات الثلاثة: "الفكر والتاريخ والحضارة".
تُعد مرحلة ما بين الحربين العالميتين الأولى والثانية من أخطر المراحل في تاريخ العالم الإسلامي المعاصر، حيث تمت فيها سيطرة الاستعمار الغربي على مختلف أجزاء العالم العربي بعد أن أُلْغِيَت الخلافة الإسلامية ممثلة في الدولة العثمانية وسقطت الدول العربية جميعا تحت النفوذ الغربي استعمارا عسكريا (بالاحتلال) وسياسيا (بالمعاهدات) وثقافيا (بالتغريب)، وكان عام 1918 نهاية مرحلة وبداية مرحلة أخرى .. نهاية مرحلة الاستعمار وبداية مرحلة التغريب والغزو الثقافي لتحويل الأمة الإسلامية والفكر الإسلامي والثقافة العربية الإسلامية عن قِيَمِهِا ومفاهيمها وإخضاعها للفكر الغربي والعمل على احتوائه وتذويبه في الأممية والعالمية وإخراجه عن مقوماته الأساسية وطابعه الذاتي.
ولقد كان مجال الثقافة من خلال الصحافة - ثم الكتب المطبوعة – ساحة معركة شرسة في مواجهة دعاة التغريب (والمُضَلَّلِيْن) الذين حفلت كتاباتهم بمختلف الاتجاهات والدعوات والأهواء، وحيث كانت حملاتهم لا تتوقف على القرآن الكريم واللغة العربية ورسول الإسلام – صلى الله عليه وسلم – والإسلام نفسه والتاريخ والحضارة الإسلامية وعلى اللغة العربية وعلى أعلامها وأبطالها وقادتها " (2) " وحيث جرت أقلامٌ بإعلاء شأن الزنادقة من الشعراء وهي تحاول في الوقت نفسه أن تنتقص الأعلام أمثال المتنبي وابن خلدون وتنكر وجود عبد الله بن سبأ، وهي في نفس الوقت الذي تنكر فيه وجود إبراهيم (عليه السلام) وتهده أكذوبة لا وجود له في عالم الحقيقة – وإن ذكره القرآن الكريم! - تحاول أن تدافع عن أرسطو وأفلاطون، وهي بين تزييف السيرة النبوية بالأساطير تتزيد فيها تجدها تنكر أن الإسلام أثَّر في المصريين وتنسبهم إلى اليونان وأوربا، ...
"ولقد وقف في جانب الاتهام والتحدي كثيرون في مقدمتهم: شبلي شميل، وسلامة موسى، وحسين مؤنس، وسامي الكيالي، ولطفي السيد، وتوفيق الحكيم، ولويس شيخو، وعبد العزيز فهمي، وأصحاب قاموس "المُنْجِد" وكُتَّاب "دائرة المعارف الإسلامية" من المستشرقين، وإسماعيل أدهم، ومحمد أحمد خلف الله.
ووقف في جانب الدفاع ودحض الاتهام وكشف الزَّيْف عمالقة في مقدمتهم: أحمد زكي باشا، ومحمد فريد وجدي، وحسين الهراوي، ومصطفى صادق الرافعي، ورشيد رضا، ومحب الدين الخطيب، ومحمد أحمد الغمراوي، ومحمود محمد شاكر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/306)
كما شارك فيها أعلام امتلأ إهابهم إيمانا ورصانة منهم: أحمد الحَوْفِيّ، والخَضِر حُسَيْن، ومحمد تقي الدين الهلالي، والعقاد، وعبد المتعال الصعيدي، وعبد الفتاح بَدوي، وعبد العزيز محمد الزكي، ومصطفى عبد الرَّازِق، والدكتور محمد حسين هَيْكَل.
وهُنَاك كُتَّابٌ كانت لهم مواقف إلى جانب الحق بالرغم مما شاب بعض مواقفهم، أمثال: زكي مبارك الذي وقف إلى جانب اللغة العربية ... " (3).
ولقد اهتم الأستاذ أنور الجندي برصد تلكم المعارك في مؤلَّفَيْن حَافِلَيْن عُدَّا مصدرًا أساسيَّا في هذا المجال، الأول خَصَّه بالمعارك المتعلقة بالشِّعْرِ والنَّثْرِ، وذلك في كتابه: "المعارك الأدبية في مصر منذ 1914 – 1939م" (4)، وخَصَّ الثاني بما يتعلق بالفكر والتاريخ والحضارة (أو لِنَقُل: بما عدا الشعر والنثر من معارك)، وذلك في كتاب: "المُسَاجَلات والمَعارك الأدبية في مَجَال الفِكْرِ والتَّارِيْخِ والحَضَارَة".
يغطي كتاب "المُسَاجَلات والمَعارك الأدبية ... " زمنيا النصف الأول من القرن العشرين (تقريبا) (العقد الثالث إلى الثامن من القرن 14 هـ) (5)، ويعالج موضوعه من خلال سبعة أبواب: ثناولت على الترتيب: معارك اللغة العربية، معارك الأدب العربي، معارك التاريخ الإسلامي، معارك الأمة العربية، معارك التراجم، معارك الفكر والحضارة، معارك القِصَّة.
** تناول في الباب الأول: (معارك اللغة العربية) (6) المعارك في ثمانية ميادين:
- الأول: في مناقشة كتاب " البلاغة العصرية واللغة العربية " لسلامة موسى (الصادر سنة 1945م)، والذي تضمن الدعوة إلى إلغاء كلمات "الحَرَم" و"العِرْض" من اللغة والدعوة إلى إدخال الكلمات الأعجمية دون قَيْد، وإلى كتابة العربية بالحروف اللاتينية. وأثبت فيه رد: د. أحمد الحوفي، والعقاد.
- الثاني: في الرد على سلامة موسى الذي نشر مقالا (في جريدة البلاغ 30/ 12 / 1934م) بعنوان "اللغة لخدمتنا ولسنا نحن لخدمتها"، دعا فيه لعدم التقيد بقواعد اللغة "فإن كثيرا من قواعد اللغة يمكن تنقيحه والاستغناء عنه من الآن" – كما قال. وفيه رد: زكي مبارك حيث رَدَّ فيه على هذا المفهوم وتطرق إلى ما ذكره سلامة موسى في شأن ذاتية الأدب على إطلاقها. ثم أورد رد سلامة موسى على زكي مبارك، وتعقيب زكي مبارك عليه.
- الثالث: في الرد على الدعوة التي أذاعها عبد العزيز فهمي سنة 1944م لكتابة اللغة العربية بالحروف اللاتينية مهاجما العربية ونحوها وكتابتها. وفيه رد: محب الدين الخطيب، وأحمد محمد شاكر، وأسعد طلس
- الرابع: في الرد على دعوة جميل صدقي الزهاوي (في مقاله في جريدة المؤيد 9/ 8 / 1910م) أن تكون اللغة المَحَلِّيَّة (العامية) هي لغة الكتابة. وفيه رد: علي يوسف (صاحب المؤيد)، ومحمد رشيد رضا، ومحمد فريد وجدي.
- الخامس: في الرد على طه حسين (فيما نشر في صحيفة الجمهورية 1956) في دعوته إلى كتابة اللغة العربية كما يُنْطَقُ بها. وفيه رد: العقاد.
- السادس: في الرد على أحمد لطفي السيد (فيما نشر في جريدة الجريدة في عدة مقالات سنة 1912م) في دعوته إلى تقريب الفصحى من العامية وتقريب العامية من الفصحى. ورَدّ: مصطفى صادق الرافعي
- السابع: في الرد على ما ورد في كتاب صدر متضمنا مقررات "المؤتمر الأول للمجامع اللغوية" في دمشق سنة 1956م، كشف – كما يقول أنور الجندي – عن خطة خطيرة في مواجهة اللغة العربية وتتجه نحو القضاء على الفصحى وفصلها عن التراث. وفيه رَدّ: محمد محمد حسين.
- الثامن: في الرد على تقرير مجمع اللغة العربية (المصري) الذي نشره سنة 1947 بعنوان: "موقف العامية من اللغة العربية الفصحى"، وتضمن – كما يقول الأستاذ الجندي – تُهَمًا موجهة إلى الفصحى أهمها أنها فَقَدَت كثيرا من المرونة الضرورية لتطور اللغات. ورَدّ: محب الدين الخطيب.
** وتناول البابُ الثاني: (معارك الأدب العربي) (7) اثني عشر مساجلة ومعركة، أبرزها:
- الرد على نظرية الإقليمية في الأدب العربي التي ظهرت في كتابات د. أحمد ضيف ثم أمين الخولي، وفيه يزعم أن الأدب العربي كان إقليميا اختلف من إقليم إلى إقليم، وهو لا يزال كذلك، وأنه يجب أن يبقى إقليميا يساير خصائص كل إقليم من الأقاليم. فيه رَدّ: ساطع الحصري
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/307)
- والرد على ما ورد في كتاب "النَّثْر الفَنِّيّ" لزكي مبارك، أورد فيه رد: محمد أحمد الغمراوي في مبحث هام، ذكر فيه الغمراوي أن زكي مبارك خرج في كتابه على الإجماع في أمر القرآن، وأنَّ في مقدمة الكتاب ينعي المؤلف على نُقَّاد القرآن الكريم أنهم ذكروا محاسنه دون عيوبه وكأنه يرى أن في القرآن عيوبا، وفيه يجزم زكي مبارك أن القرآن أَثَر جاهلي.
وقد وجه الغمراوي في المقال لزكي مبارك ثلاثة اتهامات من واقع الكتاب: 1 - أنه يدعو إلى نَقْد القرآن 2 - أنه يُنْكِر إعجاز القرآن 3 - أنه يكاد يصرح بأن القرآن من كلام البشر.
- والرد على قول طه حسين في كتاب "حديث الأربعاء": "إن القرن الثاني الهجري كان عصر شك واستهتار ومجون". وفيه رد: محمد عرفة، وزكي مبارك، ومحمد أحمد الغمراوي، ود. عبد الحميد سعيد.
وفيه وَصف د. عبد الحميد سعيد الكتاب بقوله: "أما حديث الأربعاء ففيه العَجَب العُجَاب إذ تتمثل فيه الرَّذِيْلَة بأشنع مَظَاهِرِهَا، وتظهر فيه نَفسية الرَّجُل – (أي طَه حُسين) – بما يشرحه بعناية خَاصة وإطناب مِن قَصَص المُجُون والفُجُور بأسلوبٍ جَذَّاب وطريقة خَلابة ... " (8)
- ونقد كِتَابَي طه حُسَيْن: "في الشعر الجاهلي" (الصادر سنة 1926م)، و"في الأدب الجاهلي" (الصادر سنة 1927). وفيه ردود: عبد المتعال الصعيدي، محمد طاهر نور، وتقرير محمد حسين الغمراوي وأحمد العوامري ومحمد عبد المطلب، وتقرير محمد حسين الغمراوي وعبد الحميد حسن وأحمد أمين، ورد: فؤاد أفرام البستاني، عبد الحميد سعيد، محب الدين الخطيب
- والرد على دعوة طه حسين إلى تحرير اللغة العربية والأدب العربي من سلطان الدِّيْن. وقد تضمن رد: محمد أحمد الغمراوي، ود. علي العناني.
- ونَقْد زكي مبارك لأطروحته الجامعية "الأخلاق عند الغزالي"، وحيث يعلن رجوعه عما كتبه فيه من انتقاص للغزالي.
- والرد على د. محمد مندور في مقالاته (التي نشرها في مجلة الثقافة _ ولم يذكر الأستاذ الجندي التاريخ) عن الأدب المهموس والأدب الصادق ودعا إلى أخذ بالأدب المهموس في أدبنا العربي.
- وفي بعض ما وُجِّهَ إلى أدب جبران خليل جبران من نقد، بقلم: أمين خالد، ولويس شيخو.
- ومقال محمد أحمد الغمراوي التي حسم بها معركة (بين القديم والجديد) التي احتدمت بعد وفاة الرافعي بين أدبي الرافعي والعقاد.
- وفي الرد علي كتاب "شعراء النصرانية في الجاهلية" للويس شيخو.
** وتضمن الباب الثالث: (معارك التاريخ الإسلامي) معركتين تتعلقان بكتابي طه حسين "الفتنة الكبرى" و"على هامش السيرة"، حيث أورد رد: محمود محمد شاكر، سعد محمد حسن، محب الدين الخطيب، زكي مبارك، محمد حسين هيكل، إسماعيل أدهم أحمد.
** واشتمل الباب الرابع: (معارك الأمة العربية) على ستة مساجلات:
- في الرد على دعوة سلامة موسى (في مقال له في مجلة الحديث سنة 1928) إلى قطيعة الماضي واصفا ماضينا (ماضي المسلمين) بأنه كله سخافات وجهالات لا يصح الافتخار به.
- وفي الرد على حسين مؤنس الذي نشر مقالا (في مجلة الثقافة سنة 1951) يقول فيه أن تاريخنا الإسلامي تاريخ منقطع غير مترابط.
- ورد على أحمد أمين في كتابه " فجر الإسلام " في مزاعمه المتعلقة بالعقلية العربية.
- والرد على طه حسين الذي ادعى (في مقال له في مجلة المكشوف البيروتية سنة 1938) أن الفرعونية متأصلة في نفوس المصريين وستبقى كذلك.
- ومباحث ثمينة لأحمد زكي باشا (الملقب بشيخ العروبة) في الرد على رضا نور في كتاب " تورك تاريخي " حيث زعم أن أصل الفراعنة أتراك، وفي بَحث أن لفظ (فينيقية) و (فينيقيون) لا أصل له من اختراع اليونانيين ولا ينطبق على شعب محدد ولا أمة من الأمم، وفيه بيان أصل هذا اللفظ وطرف من تاريخهم , وأصلهم.
** أما الباب الخامس: (معارك التراجم)، فمما تضمنه:
- الرد على طه حسين في دعواه في كتابه "قادة الفكر" أن الثقافة اليونانية هي مصدر الثقافة الإنسانية.
- نقد كتاب "مع المتنبي" لطه حسين بقلم محمود محمد شاكر.
- الرد على لويس عوض (لم يحدد الأستاذ الجندي في أي مصدر) في هجومه على ابن خلدون مدعيا أن أصول ثقافته إغريقية ولاتينية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/308)
- تقويم محب الدين الخطيب لكتاب "الصديق أبو بكر" لمحمد حسين هيكل حيث أثنى على الكتاب وأخذ عليه قلة مصادره، وللومه على أخذه من كتاب "الإمامة والسياسة" (المنحول على ابن قتيبة)، كما أخذ عليه عدم العزو للمصادر المهمة، ويرى أنه تعجل في الحكم على عهد عثمان رضي الله عنه.
** وقد حفل الباب السادس: (معارك الفكر والحضارة) بواحد وعشرين معركة، أبرزها:
- الرد على طه حسين في قوله: "الدِّيْن ظاهرة كغيره من الظواهر الاجتماعية خرج من الأرض ولم ينزل من السماء" (نُشِرَ في مجلة السياسة الأسبوعية 17/ 7 / 1926)
- الرد على كتابي "مستقبل الثقافة في مصر" و"فلسفة ابن خلدون الاجتماعية" لطه حسين، والرد على كتاب "تحرير المرأة " لقاسم أمين
- مساجلات في بيان خطر نشر "دائرة المعارف الإسلامية" (الاستشراقية)، وبيان الأخطاء العلمية الواقعة فيها في مادة (إجماع)، وفي نقد قاموس "المُنْجِد"
- ثم مساجلات في نقد (النظرية المادية)، و (الاستشراق وموقف الفكر الإسلامي منه)، وبحث أهمية (التراث اليوناني) ودوره في الفكر الإسلامي، تعليق محمود محمد شاكر على محاضرة (الغذاء العقلي والروحي للشباب) التي ألقاها طه حسين، وبيان حقيقة القانون الذي وضعه السَّنهوري وأنه مخالف للشريعة الإسلامية، والرد على مقولة توفيق الحكيم (التي كتبها في صحيفة الأهرام): "إذا لم يكن هناك شرق فعلينا أن نأخذ الحضارة الغربية وننتهي" حيث أورد رد محب الدين الخطيب في بيان أن المراد: هل بقي شيء من الإسلام؟ وبيان ماذا يصلح أن يؤخذ من حضارة الغرب.
** وفي الباب السابع: (معارك القصة):
- بحث جيد لحسين الهراوي في حقيقة وأهداف الفن القصص الغربي، وبيان طبيعة ما يحتاجه المسلمون من هذا الفن.
- والرد على طه حسين في مقال له شكك فيه في قيمة الأدب الحديث في مصر.
- والرد على كتاب "الفن القصصي في القرآن" لمحمد أحمد خلف الله
- وبحث أثر القصة اليونانية في الثقافة العربية، وذلك بمناسبة صدور قصة "الملك أُوديب" لتوفيق الحكيم.
** وفي خاتمة الكتاب مقال لنازك الملائكة في بيان خطر الغزو الفكري على أمتنا.
اشتمل كتاب "المُسَاجَلات والمَعارك الأدبية ... " على خمس وسبعين معركة ومُسَاجَلَة، جرى فيها الرد على خمس وثلاثين شخصية ()، وفيها رد على تسع وعشرين كتابا، وقد تضمن الكتاب رد اثنين وستين شخصية (10).
ولقد جاء طه حسين على رأس قائمة الشخصيات التي استحقت الرد، حيث تضمن الكتاب خمس عشرة معركة متعلقة به، ثم يأتي بعده سلامة موسى الذي اختص بأربع معارك ثم زكي مبارك الذي وُجِهَ بمعركتين، ومن بعدهم يأتي: عبد العزيز فهمي، جميل صدقي الزهاوي، أحمد لطفي السيد، أحمد ضيف، أمين الخولي، محمد مندور، جبران خليل جبران، لويس شيخو، حسين مؤنس، أحمد أمين، لويس عوض، محمد حسين هيكل، فيليب حِتِّي، مجد الدين ناصف، توفيق الحكيم، سامي الكيالي، روم لاندو، إسماعيل أدهم، قاسم أمين، محمد أحمد خلف الله حيث اختص كلٌ منهم بمعركة واحدة.
وتأتي مؤلفات طه حسين على رأس المؤلفات التي استحقت الرد، حيث اختصت تسعة منها بمعارك، وهي: "حديث الأربعاء"، "في الأدب الجاهلي"، "في الشعر الجاهلي"، "الفتنة الكبرى"، "على هامش السيرة"، "قَادة الفِكر"، "مع المتنبي"، "مستقبل الثقافة في مصر"، "فلسفة ابن خلدون الاجتماعية"، ثم يليها مؤلفان لزكي مبارك هما "النثر الفني" و"الأخلاق عند الغزالي"، ثم يلي ذلك مؤلفات اختص كل منها بمعركة، وهي: "فجر الإسلام" لأحمد أمين، "لماذا أنا ملحد" لإسماعيل أدهم، "نساء النبي" لبنت الشاطئ، "الملك أوديب" لتوفيق الحكيم، "دائرة المعارف الإسلامية" (الاستشراقية)، "الفكر العربي بين ماضيه وحاضره" لسامي الكيالي، "البلاغة العصرية واللغة العربية" لسلامة موسى، "تحرير المرأة" لقاسم أمين، "شعراء النصرانية في الجاهلية" للويس شيخو، قاموس "المُنجد"، "الفن القصصي في القرآن" لمحمد أحمد خلف الله، "الصديق أبو بكر" لمحمد حسين هيكل، ... إلخ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/309)
والكتاب لا يقصد مؤلفه أن يكون سجلا لتلكم المعارك والمساجلات يحصر ما كَتَبَ المشاركون فيها من كلا الجبهتين يجمعه بين دفتيه، بل ينتقي رَدًّا أو ردودا يراها مقنعة شافية في رد الشبهات وكشف زيف التضليل والخداع، وقد لا يسوق الرد بطوله بل يجتزئ منه على المراد، والمؤلف يقتصر على ذلك دون تدخل أو تعليق منه، وهو يقتصر على إثبات نص الرد ولا يثبت نص الشبهة بل يشير إليها بعبارة وجيزة، وكأنه قصد بذلك أن لا يُسِْهِمَ في انتشار الشبهة، أو خوفا على القارئ أن يقرأها ثم لا يقرأ الرد فيُضِرُّ به.
والحَقُّ أن الأستاذ أنور الجندي حين وضع كتابه "المساجلات والمعارك الأدبية" كان يقصد بكتابه رصد ذلك في إطار دراسة شاملة قام بها للأدب العربي المعاصر شكلت موسوعته "موسوعة معالم الأدب العربي المعاصر" والتي تجاوزت عشرين جزءًا تناولت (النثر، الشعر، القصة، أدب المرأة، الترجمة، الصحافة، اللغة، المعارك الأدبية، الفكر، أدب المقاومة والتجمع)، لذا فقد قال في مقدمة الكتاب:
"هذه محاولة لدراسة الأدب العربي المعاصر من خلال معاركه ومساجلاته وقضاياه في هذه الفترة الخصبة الحافلة، وهي فترة ما بعد الحرب العالمية الأولى وما اتصل بها في مجالات اللغة العربية والتاريخ سس والأمة العربية والتراجم والقصة والفكر والحضارة" (11)
إلا أن الرجل بعد إتمامه لموسوعة الأدب العربي المعاصر أحس أنه لم يكن يقصد إلى هذا العمل بالذات وإنما العمل الحقيقي الذي كان يختفي خلفه والذي برز بعد هو مواجهة الشبهات والتحديات التي طرحها التغريب والاستشراق والتبشير والغزو الثقافي في أفق الفكر الإسلامي" (12)، وهو ما تفصح عنه صفحات هذا الكتاب.
والحق أن كتاب "المساجلات والمعارك الأدبية" ينتقل بنا إلى بداية القرن الميلادي الماضي حيث الاحتلال الإنجليزي، وحيث كانت المعارك محتدمة للهجوم على معاقل الإسلام (القرآن – الرسول والسيرة النبوية – اللغة العربية – التاريخ الإسلامي – أعلام الإسلام)، محاولين تحطيم هذه المعاقل أو توهين قوتها، وهو ينقل إلينا – أو ينتقل بنا – إلى ساحة المعركة حيث نراقب مغالطات وخداع وشبه وأكاذيب مازال أكثرها يردد على مسامعنا إلى اليوم، حيث يكتشف القارئ أن خطة الأمس مازالت تستخدم اليوم.
والقارئ يرى هنا بداية قصة ما انتهينا إليه من تشرذم وهوان وجهل وضعف، حيث سيجد سبب ذلك في هذا الكتاب.
والكتاب هو واحد من درر الأستاذ أنور الجندي حيث وقف يفصح عن الحقيقة التي جرفها طوفان الإعلام والدعاية التغريبية، والرجل في هذا الكتاب لا يسجل رأيه وإنما ينقل أقوال وردود، واجهت الزيف.
وللكتاب – فيما نعلم – طبعة وحيدة – صدرت عن دار المعرفة، بالقاهرة (13)، قبل سنة 1962م (14)، في 438 صفحة، من القطع الكبير.
** الحواشي:
(1) هو أحمد أنور بن سَيِّد الجُنْدِيّ، المعروف بأَنْوَر الجُنْدِيّ (1334 أو 1335 هـ / 1916 أو 1917م – 1422هـ / 2002م): مفكر إسلامي، مؤرخ، أديب، وهو الأدب الروحي للصحوة الإسلامي المعاصرة فكريًّا والمُنَظِّر الأول لها، والمجدد للفكر الإسلامي وباعثه في أصالته على رأس القرن الخامس عشر.
غزير الإنتاج (من مؤلفات وبحوث ومقالات)، عميق الفكرة، خَصَّصَ بحوثه ودراساته حول تصحيح المفاهيم وتحرير القِيَم في سبيل بناء المجتمع الإسلامي على منهج القرآن الكريم.
واجه بقلمه تيارات الغزو الفكري المحيط بالعالم الإسلامي وجعل هَمَّهُ الوصول إلى (الأصالة الفكرية الإسلامية).
تدرج فكريا في بحوثه ومؤلفاته حتى بلغ غايته بتحقيق صورة متكاملة للأصالة الفكرية والمنهج الفكري الإسلامي المتكامل، وقد جمع خلاصة بحوثه في موسوعته الهامة "مُقَدِّمَات العلوم والمَنَاهِج" (6307 صفحة من القطع الكبير، في 10 أجزاء كبار). أما كتاباته المبكرة فقد عَبَّرَ في بعضها عن اهتمامات أدبية أو قومية (بالمعنى الواسع) أو ما قبل النضج الفكري وهو ما لا يُعَبِّر عن إسلاميته الفكرية (مثل كتاب: الأعلام الألْف).
وقد سجَّل طرفا من سيرته في كتابه: "شهادة العصر والتاريخ".
ولأبي الفداء سامي التوني: "أنور الجندي حياة مضيئة وثمرة فِكْر"، "أنور الجندي: مجَاهِد الكَلِمَة ودَاعِيَة الأصَالة الفكرية" (لم يتم).
(2) أنور الجندي: المساجلات والمعارك الأدبية ص 11 _ بتصرف.
(3) السابق ص 11: 12 _ بتصرف.
(4) المعارك الأدبية في مصر منذ 1914 – 1939 م (تصـ) / أنور الجندي. ط. مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، 1983 م، 728 صفحة، قطع متوسط.
(5) من الصعب تحديد مجال بحث الكتاب بدقة، وذلك لأن أكثر المعارك التي ذكرها لم يؤرخ لها بتاريخ محدد، وبيان ذلك أن الأستاذ ذكر في الكتاب 57 معركة، ذكر منها تواريخ 17 معركة فحسب، وهذه المعارك منحصرة بين عامي (1910م – 1956م). والظن أن بقية المعارك في هذا النطاق تقريبا. والله أعلم.
(6) ص 17: 88
(7) ص 89: 175
(8) ص 120
(9) بعضها شخصيات اعتبارية مثل مجمع اللغة العربية,
(10) بعضها مبهم الاسم، وبعضهما ممن كان مردودا عليه في مساجلات أخرى مثل زكي مبارك.
(11) ص 9
(12) شهادة العصر والتاريخ ص 25
(13) 15 ش صبري أبو علم)، القاهرة
(14) النسخة غير مؤرخة!(146/310)
هل يجوز للهاشمي أن يضع في آخر بطاقته الشخصية (الغامدي) أو (الزهراني)
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[05 - 07 - 08, 02:15 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الشيوخ الأفاضل وطلبة العلم المتقدمين المتمكنين من الموضوع
حدث خلاف بين بعض الإخوة في أحد المنتديات الخاصة بقبيلتنا (غامد)، حول انتساب بعض الأسر (من آل البيت) _ التي استوطنت منطقتنا من 300 إلى 600 سنة تقريبا _ إلى غامد أو زهران، حيث إن بعضهم يضع في آخر بطاقته الشخصيَّة (الغامدي) أو (الزهراني).
والمطلوب بعد قراءة هذه المشاركة بيان الحكم في الأمر.
هل يجوز لأفراد الأسر الهاشميَّة أن يضعوا في آخر نسبهم (الغامدي) أو (الزهراني)، سواء من باب الانتساب للمنطقة التي يعيشون فيها، أو من باب الحلف، أو غيره.
وأرجو من الأعضاء غير المتمكنين أن لا يشاركوا في الموضوع إلا من باب نقل كلام أحد أهل العلم الخاص بهذه المسألة فقط.
وجزاكم الله خيرا
وعدت بطرح موضوع عن حكم الانتماء إلى قبيلة غير قبيلة الإنسان، و سأحاول نقل قول بعض أهل العلم في هذا الموضوع المهم جدا. ولا مانع أثناء ذلك من طرح قناعتي الشخصية.
ولبيان التفريق بين الانتماء إلى بلد والانتساب إلى قبيلة.
فإن الانتماء إلى بلد غير بلد الولادة معروف عند أهل العلم سابقا ولاحقا فتجد مثلا في ترجمة ابن كثير (الدمشقي) مع أنه ولد في بصرى وهو قرشي النسب وقد أشار هو إلى هذا ......... مقدمة كتاب البداية والنهاية.
وفي ترجمة عطاء في نزهة الفضلاء (أبو محمد القرشي مولاهم) ليتضح أنه قرشي بالولاء وليس بالنسب.
وإليك هذا المثال محمد بن علان بن إبراهيم بن محمد بن علان البكري الصديقي الشافعي الأشعري المكي. وهو شارح كتاب رياض الصالحين المسمى (دليل الفالحين). فنرى هنا اجتماع القبيلة والمذهب والمعتقد ومكان الولادة.
أما اجتماع الانتساب إلى قبيلتين فهذا غير وارد أو قل أن علمي القاصر لم يحط بذلك (ولا زال البحث جاريا). و من المحال الانتما إلى أمرين متناقضين فيقال هو (فوق تحت) أو (حنبلي شافعي) أو (شيعي سني) أو (غامدي زهراني) إلا إذا كان هناك مسوغ في بعض الحالات مثل الانتماء إلى نقيضين لاعتبارين مختلفين فيقال الأشعري سابقا السلفي الآن.
وقد ورد جملة من الأحاديث تحرم انتساب المرء إلى غير أبيه منها الحديث الصحيح عن واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " إن من أعظم الفرى أن يدعى الرجل إلى غير أبيه، أو يرى عينه مالم تر، أو يقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم مالم يقل ". (صحيح البخاري مع الفتح ك المناقب (6/ 540) حديث – (3509)). وجاء عن أبي ذر رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر بالله، ومن ادعى قوماً ليس له فيهم نسب فليتبوأ مقعده من النار" (البخاري (6/ 539) واللفظ له، وصحيح مسلم ك الإيمان باب بيان حال إيمان من رغب عن أبيه وهو يعلم (1/ 79) حديث (112)).
وعن سعد بن أبي وقاص قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام" (صحيح البخاري مع الفتح ك الفرائض باب من ادعى إلى غير أبيه (12/ 54) حديث (6766) وصحيح مسلم ك الإيمان (1/ 80) حديث (114)).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لاترغبوا عن آبائكم فمن رغب عن أبيه فهو كفر" (صحيح البخاري مع الفتح ك الفرائض (12/ 54) حديث (6768) وصيح مسلم ك الإيمان (1/ 80) حديث (113)).
قال الحافظ ابن حجر في شرح البخاري [5]: "وفي الحديث تحريم الانتفاء من النسب المعروف والادعاء إلى غيره، وقيد في الحديث بالعلم ولا بد منه في الحالتين إثباتًا ونفيًا".
قال الحافظ السخاوي في الأجوبة المرضية: "وروى أبو مصعب عن مالك بن أنس رحمه الله قال: "من انتسب إلى بيت النبي صلى الله عليه وسلم – يعني بالباطل - يضرب ضربًا وجيعًا ويشهر ويحبس طويلاً حتى تظهر توبته "
يقول الشيخ محمد المنجد: ولا يحل لإنسان أن ينتسب إلى غير أبيه، لأنه يترتب عليه الكذب، ويترتب عليه الميراث، ويترتب عليه المحرمية، ويترتب عليه كل ما يترتب على النسب.
وفي مكان آخر يقول: انتساب الإنسان إلى غير أبيه أو إلى قوم ليس هو منهم؛ حرام.
ثم سرد بعض الأدلة السابقة.
ويقول الدكتور: عبد الله بن عمر الدميجي عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى: أما أن ينتسب الرجل إلى غير قبيلته وهو يعلم أنه ليس منهم فهذا لا يجوز. وهو داخل في عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من انتسب إلى غير أبيه أو تولى غير مواليه فعليه لعنة الله وملائكته والناس أجمعين". وقوله صلى الله عليه وسلم: "من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام" والقبيلة هي الأب الأبعد للرجل. انتهى
ولفظة: أبيه في الحديث عام يشمل الأب القريب، والأب البعيد، فإن الله عز وجل قال في كتابه: (مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ) فسماه أباً مع بعده، والشواهد على ذلك كثيرة.
ويؤكد هذا أن البخاري -رحمه الله- روى هذا الحديث في صحيحه بعد باب من أبواب كتابه قال فيه: باب نسبة اليمن إلى إسماعيل. وفي الباب الثاني روى هذا الحديث.
قال شارح البخاري الحافظ ابن حجر رحمه الله:
ووجه تعلقه به ظاهر، وهو الزجر عن الادعاء إلى غير الأب الحقيقي، لأن اليمن إذا ثبت نسبهم إلى إسماعيل، فلا ينبغي لهم أن ينسبوا إلى غيره.
والخلاصة: أن ادعاء الرجل إلى أب غير أبيه كبيرة من كبائر الذنوب، سواء كان هذا الأب قريباً أو بعيداً
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/311)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[05 - 07 - 08, 04:42 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
لست من شرطكم
ولكني أتعقب كلام الأخ الغيث
(أما اجتماع الانتساب إلى قبيلتين فهذا غير وارد) أو قل أن علمي القاصر لم يحط بذلك (ولا زال البحث جاريا)
فهذا الكلام محل نظر
لأن هناك انتساب حلف وولاء
وقوله
(في ترجمة عطاء في نزهة الفضلاء (أبو محمد القرشي مولاهم) ليتضح أنه قرشي بالولاء وليس بالنسب)
هذا كلام الذهبي
أما في النسبة فلم يكونوا يقولون فلان مولاهم هكذا
بل فلان الفلاني ثم يعرفون فلان بأنه مولى فلان
مثال
قال ابن خزيمة
(نا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب القرشي حدثنا عمي)
قال ابن خزيمة
(نا الربيع بن سليمان المرادي)
وهذا معروف متواتر وكثير
ولا يقولون فلان الفلاني المولى أو مولى فلان في كل موضع بل قد لا يعرف البعض أن انتسابه انتساب ولاء أو انتساب حقيقي
أو حلف
ومثال في الجمع
في شرح النووي
(وأما قوله قوله أبو الربيع العتكى فهو بفتح العين والتاء وهو أبو الربيع الزهراني الذي يكرره مسلم في مواضع كثيرة واسمه سليمان بن داود قال القاضي عياض نسبه مسلم مرة زهرانيا ومرة عتكيا ومرة جمع له النسبين ولا يجتمعان بوجه وكلاهما يرجع إلى الازد الا أن يكون للجمع سبب من جوارأو حلف والله أعلم)
وللحديث بقية
ثم هناك قضية جانبية هناك من في نسبته إلى بني هاشم خلاف
ـ[ابن وهب]ــــــــ[05 - 07 - 08, 05:13 ص]ـ
وحيث أن الكلام هنا عن القرشي والهاشمي
فهذا مثال من صحيح البخاري
(حدثني خلف بن خالد القرشي حدثنا أبو بكر بن مضر عن جعفر بن ربيعة عن عراك بن مالك عن عبيد الله بن عبد الله بن مسعود عن ابن عباس رضي الله عنهما
: أن القمر انشق في زمان النبي صلى الله عليه وسلم
)
وخلف مولى قريش
ومثال الهاشمي
قال الترمذي
(حدثنا عبد الله بن الصباح الهاشمي حدثنا أبو قتيبة عن الجراح عن سماك عن جابر بن سمرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم اتبع جنازة أبي الدحداح ماشيا ورجع على فرس
)
وعبد الله بن الصباح مولى
والأمثلة كثيرة جدا وفي طبقة أعلى من هذه الطبقة في طبقة التابعين وأتباع التابعين
مثال
قال مسلم
(وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن المثنى وابن بشار قالوا حدثنا عبدالأعلى عن سعيد عن قتادة عن أبي الخليل أن أبا علقمة الهاشمي حدث أن أبا سعيد الخدري حدثهم أن نبي الله صلى الله عليه وسلم بعث يوم حنين سرية بمعنى حديث يزيد بن زريع غير أنه قال إلا ما ملكت أيمانكم منهن فحلال لكم ولم يذكر إذا انقضت عدتهن)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[05 - 07 - 08, 06:37 ص]ـ
وفي فتح الباري لابن حجر
(8\ 634)
قوله كنت امرأ من قريش أي بالحلف لقوله بعد ذلك ولم أكن من أنفسهم
((كُنْت اِمْرَأً مِنْ قُرَيْش وَلَمْ أَكُنْ مِنْ أَنْفُسهمْ)
لَيْسَ هَذَا تَنَاقُضًا، بَلْ أَرَادَ أَنَّهُ مِنْهُمْ بِمَعْنَى أَنَّهُ حَلِيفهمْ، وَقَدْ ثَبَتَ حَدِيث " حَلِيف الْقَوْم مِنْهُمْ " وَعَبَّرَ بِقَوْلِهِ " وَلَمْ أَكُنْ مِنْ أَنْفُسهمْ " لِإِثْبَاتِ الْمَجَاز
)
انتهى
ـ[ابن وهب]ــــــــ[05 - 07 - 08, 06:49 ص]ـ
وفي مشارق الأنوار للقاضي عياض
(المقداد بن عمرو البهراني بفتح الباء وسكون الهاء وفتح الراء وبعد الألف نون منسوب إلى بهراء ممدود من قضاعة وهو نسبته حقيقة ويقال له ابن الأسود بن عبد يغوث تبناه في الجاهلية ويقال له الكندي وقد جاء نسبه بالوجهين جميعا في الصحيحين وكندة وبهراء لا يرجع إحداهما إلى الأخرى وإنما يجتمعان في حمير لمن جعل قضاعة منها أو فيما فوق ذلك لمن نسب قضاعة من معد ولعله مع كونه بهرانيا صليبة كنديا بالحلف والجوار)
(وفي باب الخطبة على المنبر نا يعقوب بن عبد الرحمان ومحمد بن عبد الله بن عبد القاري القرشي كذا لبعض رواة البخاري وسقط القرشي للأصيلي وكلاهما صحيح هو قاري النسب حليف بني زهرة من قريش)
(وفي كتاب الشروط فجاءه أبو بصير رجل من قريش كذا جاء هنا وهو وهم إنما هو ثقفي حليف لقريش وفي آخر الحديث صوابه ونسبته ثقيفا مبينا)
(ي حديث القوار يرى عن أبي الخليل عن أبي علقمة الهاشمي وأبو علقمة هذا لا يوقف على اسمه قيل هو حليف لهم وقيل مولى لابن عباس)
(وذكر مسلم أبا الربيع الزهراني وكذا يعرف بفتح الزاي وسكون الهاء وبعد الألف نون وياء النسبة ونسبه مرة العتكي ومرة جمع له النسبين ومرة اختلف رواته في نسبيه هذين وهما لا يجتمعان إنما يرجعان إلى الازدلان العتيك وزهران ابنا عم جدهما عمران بن عمرو مزيقيا إلا أن يكون أصله من أحدهما وله نسب من جوار أو حلف من الآخر والله أعلم)
ـ[مختار الديرة]ــــــــ[05 - 07 - 08, 06:58 ص]ـ
وهذا جواب الشيخ يحيى بن علي الحجوري
http://www.partagez.info/file/filerar.php?id=751017
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[05 - 07 - 08, 02:08 م]ـ
بارك الله فيكما ونفع بكما
بعض هذه الأسر _ التي أضافت الغامدي او الزهراني _ لا تنفي نسبها إلى آل البيت، ولديها شجرة نسب بذلك، لكنها وجدت بعض أجدادها ممن رحل إلى زبيد وطلب العلم يكتب اسمه " السيد فلان بن فلان الغامدي "
أقول أنا خالد الفقيه: لعل جدهم كان يطلق ذلك على نفسه من باب التعريف بالمنطقة التي تقيم فيها أسرته وهي بلاد غامد، أمَّا فعلهم الآن ففيه إشكال، حيث إن القبائل المذكورة في البطاقات تكون من باب النَّسب، وليس لانتسابهم لغامد فائدة، حيث إن نسبهم الشريف أرفع من نسبهم إلى غامد، وأملاكهم محفوظة وبيوتهم معروفة، ولا يضرهم البقاء بنسبهم الصحيح في أي أمر من الأمور.
وأنا سألت عن هذا الأمر حتَّى نجد لهم مخرجا من هذا الأمر، أو ننصحهم وننبههم.
فهل يصح تلقُّبهم بالغامدي مع علمهم بأنهم من آل البيت، وليس هناك ضغوطا سياسية أو غيرها مما كان يقع عليهم سابقا، أم يجب عليهم حذف لقب الغامدي والاكتفاء بنسبهم لآل البيت؟.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/312)
ـ[مختار الديرة]ــــــــ[05 - 07 - 08, 06:11 م]ـ
قال ابن رجب رحمه الله في الذيل على طبقات الحنابلة
مج2ص401الترجمة 205طبعة العبيكان بتحقيق الدكتور عبدالرحمن العثيمين: ((
طغدي بن ختلع بن عبدالله الأميري المسترشدي نسبة إلى ولاء بعض الأمراءمن ولد المسترشد))
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[06 - 07 - 08, 06:38 ص]ـ
بارك الله فيك
لا زال السؤال محتاجا إلى جواب حفظكم الله
وليت المهتمين بالأنساب يفيدونا عن الأمر
ـ[مصعب الجهني]ــــــــ[06 - 07 - 08, 08:30 م]ـ
من الناحية الشرعية لا بأس بذلك مطلقا
بل هناك عدد من الصحابة والتابعين تحالفوا مع قبائل أخرى فنسي نسبهم القديم وأصبحوا لا يعرفوا إلا بنسب الولاء أو الحلف
,,,, والأمثلة على ذلك كثيرة ..
ـ[محمد أبو عُمر]ــــــــ[06 - 07 - 08, 09:07 م]ـ
من الناحية الشرعية لا بأس بذلك مطلقا
بل هناك عدد من الصحابة والتابعين تحالفوا مع قبائل أخرى فنسي نسبهم القديم وأصبحوا لا يعرفوا إلا بنسب الولاء أو الحلف
,,,, والأمثلة على ذلك كثيرة ..
بارك الله فيك أخي مصعب
لكن الأخ خالد يقول أن هؤلاء لم ينسوا نسبهم الشريف؟؟
ـ[مختار الديرة]ــــــــ[06 - 07 - 08, 10:29 م]ـ
من الناحية الشرعية لا بأس بذلك مطلقا بل هناك عدد من الصحابة والتابعين تحالفوا مع قبائل أخرى فنسي نسبهم القديم وأصبحوا لا يعرفوا إلا بنسب الولاء أو الحلف
,,,, والأمثلة على ذلك كثيرة ..
رعاك الله التعميم هكذا بمطلقا يحتاج وقفة تامل و فيه نظر
ـ[مصعب الجهني]ــــــــ[06 - 07 - 08, 11:15 م]ـ
بارك الله فيك أخي مصعب
لكن الأخ خالد يقول أن هؤلاء لم ينسوا نسبهم الشريف؟؟
رعاك الله أخي أبو عمر
أنا أتكلم في العموم وليس في هذه المسألة خاصةٍ, وأقول: حتى لو لم ينسوه فإنه لا بأس بالأنتساب إلى الأحلاف أو الموالي, وكان بعضهم قديماً يخرج من هذا الخلاف ويجمع بين النسبين معاً فيقول: فلان ابن فلان (ويذكر قبيلته الأولى) ثم (يذكر قبيلته بالحلف أو المولاة) , كأن يقول الجهني ثم الأنصاري ,,,,,
وبعضهم لا يُعرف ولم يشتهر ولم يترجم له إلا في عداد الأنصار , وهو في الأصل جهني النسب!! فمثلُ هذا إنتسب إلى مواليه أو أحلافه, وكتب الصحابة والرجال مليئة بالشواهد على ذلك.
وأما في هذه المسألة فليست خاصة بهاتين القبيلتين, فإنا نجد كثير من الحسنيين الأشراف في ينبع قد تصاهروا مع جهينة, وتجد بعضهم يترجم له في كتب الرجال بالجهني وهو في الأصل من آل البيت رضي الله عنهم , والأشراف من أشد الناس عناية بالنسب ومشجرات نسبهم إلى النبي صلى الله عليه عند كل قبائلهم. (1)
ـ[أبو إبراهيم الحائلي]ــــــــ[07 - 07 - 08, 07:53 م]ـ
من الناحية الشرعية لا بأس بذلك مطلقا
حفظك الله وبارك فيك
كيف لا بأس، وأحاديث النهي عن الانتساب إلى قومٍ ليس منهم تخالف هذا؟.
ـ[مختار الديرة]ــــــــ[08 - 07 - 08, 04:59 ص]ـ
الفتوى: 95139
عنوان الفتوى: حكم تغيير اسم القبيلة للحصول على وظيفة
تاريخ الفتوى: 05 ربيع الثاني 1428/ 23 - 04 - 2007
السؤال
هناك قبيلتان في الجزيرة العربية وإحداهما تقدمت في مجال التعلم وشغل الوظائف عند حدوث التطور الجديد وبقيت الأخرى على ما عليه أهل البادية لكونها ترى الوظائف ونحوها لا تتناسب مع طبيعتها ولما استمر التطور احتاجت إلى الانخراط في هذا المجال فكانت تجد صعوبة في الحصول على ذلك فكان الفرد منها ينسب نفسه للقبيلة الأخرى ليحصل على الوظيفة ويسجل ذلك في أوراقه الرسمية كالجواز ولم يكن ذلك رغبة عن قبيلته فهي نسيبة مشهورة وبعد فترة قد يعسر التغيير أحيانا بسبب النظام، فهل من أمكنه ذلك لزمه وإذا لم يفعل هل يكون ملعونا أم أن هذا معفو عنه لكونه حصل من الآباء أو نتيجة الجهل وعدم الرغبة عن القبيلة،
فأرجو أن تشرحوا لنا هذا الموضوع وتفصلوه بدقة مدعما بالأدلة وكلام العلماء لأنه قد ترتب على ذلك الآن اتهام بعض المشايخ لكل من يحمل هذا الجواز بهذه النسبة بأنه ملعون؟ ولكم جزيل الشكر والتقدير.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت نهي الشارع عن ادعاء الإنسان نسباً غير نسبه الأصلي، روى البخاري ومسلم عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من ادعى إلى غير أبيه -وهو يعلم أنه غير أبيه- فالجنة عليه حرام. وروى البخاري ومسلم أيضاً من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا ترغبوا عن آبائكم فمن رغب عن أبيه فهو كفر.
وروى البخاري ومسلم أيضاً من حديث أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر، ومن ادعى قوما ليس له فيهم نسب فليتبوأ مقعده من النار. وقد ورد في بعض روايات الحديث: من ادعى إلى غير أبيه أو تولى غير مواليه رغبة عنهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين .... أي بزيادة عبارة: رغبة عنهم. أخرجه الإمام أحمد والترمذي والدارمي وابن حبان وغيرهم، وصححه الشيخ الألباني.
وهذه الزيادة لم نجد أحداً من أهل العلم تحدث عن مفهومها، مما يدل على أن التعبير بها كان على سبيل الجري على الغالب، أي أن الانتماء إلى غير الأب عادة لا يكون إلا رغبة عن نسب الأب، وقد علمت مما ذكر تحريم هذا الأمر في الشرع، وإذا تقرر ذلك فإن الحرام لا يجوز ارتكابه إلا لضرورة.
وعليه فمن اضطر إلى ما ذكرته من تغيير اسم قبيلته فلا حرج عليه فيه، لأن الضرورات تباح لها المحظورات، ومن لم يضطر فإن ذلك لا يباح له، وإذا فعل أحد في أوراقه مثل هذا التغيير، أو وجده في أوراق آبائه فإنه متى أمكنه إصلاح الخطأ فيه وجب عليه ذلك، ومن ذلك تفهم أن من أمكنه إصلاح مثل هذا الخطأ فإنه إذا لم يفعله يكون داخلاً في الوعيد.
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/313)
ـ[مختار الديرة]ــــــــ[08 - 07 - 08, 05:00 ص]ـ
رقم الفتوى: 46945
عنوان الفتوى: حكم انتماء قبيلة لقبيلة أخرى
تاريخ الفتوى: 23 صفر 1425/ 14 - 04 - 2004
السؤال
أعرض عليكم من خلال رسالتي هذه الموضوع والذي نأمل من جنابكم إعطاءنا الحكم الشرعي حوله.
وهو على النحو الآتي:- (شرح الموضوع)
1. المجتمع الليبي مجتمع قبلي يتكون من مجموعة عشائر وقبائل حسب جذورهم العرقية.
2. كل من يلتحق في مجتمعنا إلى عشيرة لا ينتمي إليها نسباً يحتقرونه ويقللون من شانه ومن قيمته, وخصوصاً إذا كانت له أسرة وعائلة معروفة.
3. وكل عائلة عندنا لها شيخ أو شيخان مقدمان عليها.
4. ونحن ننحدر من عائلة اسمها (اسعيد والقريد) تنحدر بدورها من قبيلة عربية مشهورة اسمها (الجوازى) موفرة لأفرادها كل التكافل الاجتماعي.
5. مع الأسف شيوخ عائلتنا تجار وربطتهم مصالح تجارية مع قبيلة أخرى غريبة عنا ولا ننتمي لها نسباً ولا تربطنا بها سوى رابطة مصاهرة فقط وليسوا من موالينا, فألحقنا كبارنا بهم بالإكراه ونحن غير راضين بما يجري لأن في اعتقادنا أن النسب مقدس والاحتفاظ به واجب.
6. بعد أن ألحقونا بقبيلة الأغراب لم يحترمنا أحد منهم ومارست علينا كل أنواع الاحتقار والإذلال والإحراج.
7. فتخاصمنا واختلفنا على هذا الأمر فطلب الجميع عرض هذا الأمر على الشرع الحكيم , ليقول الشرع كلمته.
والأسئلة:-
1. هل ذكر الدين شيئاً عن الانتماء إلى غير الموالي؟ وهل أجازه الشرع
2. هل يجوز الانتماء إلى صاحب المصلحة المادية دون الانتماء إلى الدم والنسب
3. هل الحالة التي وضعنا فيها كبارنا جائزة شرعا وما حكم مخالفتهم في ذلك؟
4. الحكم؟ إذا خالفناهم وتمسكنا بنسبنا الحقيقي؟
وفى الختام نسأل الله أن يجزيكم عنا خير الجزاء ويوفقكم لخدمة هذه الأمة
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن ما فعله كِبَارُكُم من إلحاق نسبكم بتلك القبيلة التي لستم منها حقيقة أمر محرم شرعاً، ولا تجوز موافقتهم عليه، بل الواجب عليكم تصحيح النسب إلى أبيكم الحقيقي القريب والبعيد، وقد سبق لنا أن أصدرنا عدة فتاوى في بيان تحريم الانتساب إلى غير الأب، وأن ذلك من كبائر الذنوب، فانظر الفتاوى رقم: 35878، ورقم: 1130، ورقم: 32867، وفيها بيان الأدلة على حرمة الانتساب إلى غير الأب.
وننصح أيضاً بمعالجة الأمر بالحكمة وبالحسنى حتى لا يتسبب ذلك في قطع أواصر الرحم بينكم.
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[10 - 07 - 08, 11:14 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم
الشيوخ الأفاضل سلَّمهم الله، لا زلت أكتب وأزيد وأحرر في بحث حول هذه المسألة، ستكون نقاطه على النحو التالي:
1 - أهميَّة حفظ الأنساب وتعلُّمها، وأنَّها من فروض الكفاية
2 - حُرمة الانتساب إلى غير الأب
3 - حرمة الطعن في الأنساب بغير بيِّنَةٍ
4 - وصيَّة النبي صلى الله عليه وسلَّم بأهل بيته، وتحته:
أ - من هم آل البيت
ب - ما هي حقوقهم
ج - فضائلهم ومناقبهم
5 - تفرُّق أسر آل البيت في الجزيرة العربية وخارجها
6 - الأسر الهاشميَّة في بلجرشي، وتحته:
أ - إحصاؤهم وبيان أماكن سكنهم
ب - شجرة أنسابهم
ج - سبب استيطانهم في بلجرشي
د - الحكم في انتسابهم لغامد في بطاقاتهم الشخصيَّة
هـ - أهميَّة معرفة هذه الأسر
7 - خاتمة
وتحرير هذا المكتوب يحتاج وقتا وصبرا، وقد قطعت منه الكثير، ولم يبق إلا القليل إن شاء الله.
وأسأل الله أن يعين على ترتيبه وتحريره، وأن ينفع به بعد تمامه
وهاتان نقطتان من البحث، أحببت أن أُعجِّل بهما، لعل الإخوة يستفيدون منها:
1 - أن لفظة البخاري ((من ادَّعى قوما ليس له فيهم [نسب])) في الصحيح
ولفظة ((من ادعى قوما ليس هو منهم)) في الأدب المفرد له
لا تصح، وهي وهم من الإمام البخاري رحمه الله
واللفظ الصحيح للرِّوَاية هو ((ومن ادعى ما ليس له))
وهي التي اخرجها الإمام مسلم وأحمد وغيرهم كما سترى تفصيله في البحث إن شاء الله
2 - يجوز للانسان أن ينتسب إلى قبيلتين القبيلة الأم والقبيلة الفرعية، أو ينتسب إلى الأم فقط، أو ينتسب إلى الفرعية فقط، بشرط ان لا يجحد القبيلة الأصلية له.
قال القلقشندي رحمه الله في كتابه ((قلائد الجمان في التعريف بقبائل عرب الزمان))
الفصل الخامس
في بيان أمور يحتاج الناظر في علم الأنساب إليها
الرابع: قد ينضم الرجل إلى غير قبيلته بالحلف والموالاة، فينسب إليهم، فيقال: فلان حليف بني فلان، أو مولاهم؛ كما يقال في البخاري: الجُعفي مولاهم، ونحو ذلك.
الخامس: إذا كان الرجل من قبيلة ثم دخل قبيلة أخرى جاز أن ينسب إلى قبيلته الأولى، وأن ينسب إلى قبيلته التي دخل فيها، وأن ينسب إلى القبيلتين جميعاً، مثل أن يقال: التميمي ثم الوائلي، أو الوائلي ثم التميمي، وما أشبه ذلك.
والله الموفق
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/314)
ـ[مختار الديرة]ــــــــ[11 - 07 - 08, 02:56 ص]ـ
السلام عليكم
نفع الله بكم و فتح عليكم
و نحن في شوق لما تخطه
و نتمنى إضافة اهم مراجع علم الأنساب التي يحتاجها طالب العلم
ـ[مختار الديرة]ــــــــ[11 - 07 - 08, 03:25 ص]ـ
ويضاف ايضا ميزان الإسلام في التعامل مع قضية الانساب م حيث ذم التفاخر و غيرها من الضوابط الشرعية
ـ[ابن وهب]ــــــــ[11 - 07 - 08, 04:26 م]ـ
بارك الله فيكم ورفع قدركم ونفعنا بعلمكم
في انتظار البحث
ذكرتم - نفع الله بعلمكم
(- أن لفظة البخاري ((من ادَّعى قوما ليس له فيهم [نسب])) في الصحيح
ولفظة ((من ادعى قوما ليس هو منهم)) في الأدب المفرد له
لا تصح، وهي وهم من الإمام البخاري رحمه الله
واللفظ الصحيح للرِّوَاية هو ((ومن ادعى ما ليس له))
وهي التي اخرجها الإمام مسلم وأحمد وغيرهم كما سترى تفصيله في البحث إن شاء الله)
لعلكم تنظرون في هذا هل اللفظ من البخاري أم من شيخه
فإن ذكرتم - نفع الله بعلمكم - رواية الحاكم في المستخرج على البخاري من طريق مسند عثمان بن سعيد الدارمي عن شيخ البخاري فالجواب أن رواية الدارمي عن شيخ البخاري وعن القواريري
فلا يعرف اللفظ لمن
فالجزم بأن هذا الحرف هو من البخاري يظل محل بحث كما ترون
وأ ما الحرف الزائد في رواية الصحيح فكما لا يخفى عليكم فذلك في رواية واحدة من روايات البخاري
وهي رواية
والله أعلم
ـ[ابن وهب]ــــــــ[11 - 07 - 08, 05:32 م]ـ
قولي
(وأ ما الحرف الزائد في رواية الصحيح فكما لا يخفى عليكم فذلك في رواية واحدة من روايات البخاري)
وقد أشرتم إليه - نفع الله بعلمكم -
بوضعكم الحرف بين معكوفتين
(((من ادَّعى قوما ليس له فيهم [نسب]))
وكان المفترض وضع هذا في المشاركة السابقة إلا أن زمن التعديل كان قد انتهى
فتفصيل ذلك هو في بحث الأستاذ خالد بن عمر - نفع الله به-
وأعتذر من الأستاذ خالد على هذا التدخل والمقصود فقط
لفت نظركم إلى البحث في هذا الحرف
أعني الجملة لا الحرف الزائد فلا نزاع في الحرف الزائد
وإنما الاختلاف في هل الجملة الأولى أعني التي في الصحيح والثانية في كتاب الأدب
من البخاري - رحمه الله - أم من شيخه
والله أعلم
ـ[مصعب الجهني]ــــــــ[11 - 07 - 08, 05:58 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم
الشيوخ الأفاضل سلَّمهم الله، لا زلت أكتب وأزيد وأحرر في بحث حول هذه المسألة، ستكون نقاطه على النحو التالي:
4 - وصيَّة النبي صلى الله عليه وسلَّم بأهل بيته، وتحته:
أ - من هم آل البيت
ب - ما هي حقوقهم
ج - فضائلهم ومناقبهم
5 - تفرُّق أسر آل البيت في الجزيرة العربية وخارجها
6 - الأسر الهاشميَّة في بلجرشي، وتحته:
أ - إحصاؤهم وبيان أماكن سكنهم
ب - شجرة أنسابهم
ج - سبب استيطانهم في بلجرشي
د - الحكم في انتسابهم لغامد في بطاقاتهم الشخصيَّة
هـ - أهميَّة معرفة هذه الأسر
الشيخ الفاضل خالد بن عمر سلمك الله وحفظك
لعلي أحيلك إلى كتاب من أجود ما قرأت عن آل البيت الأشراف وقد قضى مؤلفه في تدوينه أكثر من 25 عاماً
وهو كتاب معجم الأشراف في بلاد الحرمين , ويقع في ثلاثة أجزاء , مع المشجرات.
ولعل أخينا الشريف أبو حاتم وهو مشارك في هذا المنتدى المبارك يفيدنا ويفيدكم حول هذا الموضوع فهو نسابة متمكن, وأهل البيت أدرى بما فيه!
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[11 - 07 - 08, 11:21 م]ـ
الشيخ الفاضل خالد بن عمر سلمك الله وحفظك
لعلي أحيلك إلى كتاب من أجود ما قرأت عن آل البيت الأشراف وقد قضى مؤلفه في تدوينه أكثر من 25 عاماً
وهو كتاب معجم الأشراف في بلاد الحرمين , ويقع في ثلاثة أجزاء , مع المشجرات.
ولعل أخينا الشريف أبو حاتم وهو مشارك في هذا المنتدى المبارك يفيدنا ويفيدكم حول هذا الموضوع فهو نسابة متمكن, وأهل البيت أدرى بما فيه!
بارك الله فيكم
هلا دللتني على مكان بيع هذا الكتاب أخي الفاضل
ـ[مصعب الجهني]ــــــــ[12 - 07 - 08, 11:10 ص]ـ
أبشر بما يسرك يا شيخ خالد بن عمر
الكتاب اشتريته من معرض طيبة الدولي للكتاب لعام 1429هـ, وقيمته 250 ريالاً,, بطبعته الأولى سنة 1426هـ
وهو متوفر في المكتبة العلمية بالمدينة,, وأظنني رأيته عند الحكمي
وأضف إليه يا شيخ خالد كتاب الإشراف على تأريخ الأشراف, تأليف: النسابة عاتق البلادي, ويقع في مجلد ضخم كبير, وهو في مكتبة الحكمي,,, فهذين الكتابين هما من أفضل ما كتب عن تاريخ الأشراف وأنسابهم,,, وإن كنت أرى من وجهة نظري أن أفضل نسابة للاشراف بالمدينة هو عصام بن ناهض الهجاري, ولكنه لم يطبع أي كتاب حتى الآن!!
ـ[محمد البيلى]ــــــــ[12 - 07 - 08, 02:57 م]ـ
هل يوجد كتاب لنسابة معروف يختص بالكلام على أشراف مصر؟
ـ[مختار الديرة]ــــــــ[12 - 07 - 08, 05:46 م]ـ
اسم الكتاب الصحيح
معجم أشراف الحجاز في بلاد الحرمين
تأليف: أحمد ضياء بن محمد قللي العنقاوي الحسني
تقديم: سامي بن محسن العنقاوي - هزاع بن شاكر بن هزاع العبدلي
http://www.neelwafurat.com/images/lb/abookstore/covers/hard/145/145600.gif
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/315)
ـ[أبوحاتم الشريف]ــــــــ[13 - 07 - 08, 12:15 ص]ـ
الشيخ الفاضل خالد بن عمر سلمك الله وحفظك
لعلي أحيلك إلى كتاب من أجود ما قرأت عن آل البيت الأشراف وقد قضى مؤلفه في تدوينه أكثر من 25 عاماً
وهو كتاب معجم الأشراف في بلاد الحرمين , ويقع في ثلاثة أجزاء , مع المشجرات.
ولعل أخينا الشريف أبو حاتم وهو مشارك في هذا المنتدى المبارك يفيدنا ويفيدكم حول هذا الموضوع فهو نسابة متمكن, وأهل البيت أدرى بما فيه!
حياك الله وبياك أخي الكريم مصعب وأرجو أن نكون عند حسن الظن والله يرعاك
ودخول بعض بطون الأشراف في القبائل العربية غير مستبعد في الشمال كعنزة وشمر والجنوب كغامد وزهران وقحطان وفي الحجاز كحرب وجهينة وفي الشرق كقبائل عبد القيس.
ولا شك أن الجزيرة العربية مرت بفترة مجهولة ضاعت فيها كثير من الأنساب و، هناك من حافظ على نسبه بالرغم من دخوله مع القبائل ومنهم لم يحافظ على نسبه وذاب مع تلك القبيلة.
وإذا كان لدى أي شخص ما يفيد انتسابه للدوحة الهاشمية والسلالة النبوية فأنصحه بالتريث وسؤال المختصين والمعتنين بأنساب الأشراف الذين لديهم عناية بالمشجرات وعمود النسب
والسلاسل الصحيحة وغير الصحيحة. وإذا أحب الأخ الكريم الاتصال بي فلا مانع لدي وعلى الرحب والسعة.وسوف ندله على مالدينا من بضاعة قليلة في هذا المجال والله الهادي إلى سبيل الرشاد.
ـ[مصعب الجهني]ــــــــ[13 - 07 - 08, 09:34 ص]ـ
اسم الكتاب الصحيح
معجم أشراف الحجاز في بلاد الحرمين
تأليف: أحمد ضياء بن محمد قللي العنقاوي الحسني
تقديم: سامي بن محسن العنقاوي - هزاع بن شاكر بن هزاع العبدلي
http://www.neelwafurat.com/images/lb/abookstore/covers/hard/145/145600.gif
نعم أخي الكريم مختار هذا الاسم الصحيح لعنوان الكتاب
وأنا أكتب إعتماداً على الذاكرة, ولست بقريب من كتبي إنما تركتها بالمدينة شرفها الله(146/316)
شنقوا أختكم الغرناطية و حرقوها بتهمة اتباع دين محمد
ـ[هشام زليم]ــــــــ[05 - 07 - 08, 03:48 ص]ـ
بسم الله الرحمان الرحيم. و السماء ذات البروج. و اليوم الموعود. و شاهد و مشهود. قتل أصحاب الاخدود. النار ذات الوقود. إذ هم عليها شهود. و هم على ما يفعلون بالمومنين شهود. وما نقموا منهم إلا أن يومنوا بالله العزيز الحميد) اية 1 - 8 .. سورة البروج.
استحضرت هذه الأية القرأنية المباركة و أنا أقرأ في أحد الكتب عما حدث لامرأة غرناطية مسلمة على يد النصارى أيام محاكم التفتيش بإسبانيا. هذه المؤسسة المتوحشة التي كان يطلق عليها المورسكيون المسلمون "محاكم الشيطان ومحاكم الذئاب المفترسة و حيث يحكم الشيطان الذي اتخذ من الخذيعة والتضليل مستشارين له".
نعم لم تكن لهذه المؤسسات الإرهابية رأفة و لا شفقة بالمسلمين الذين غلبوا على أمرهم و بقوا في الأندلس بعد زوال الحكم الإسلامي بغرناطة سنة 1492م. فقد نصّروهم بالقوة و أجبروهم على تغيير أزيائهم و أسمائهم الإسلامية و حرّموا عليهم التخاطب بالعربية, يعني باختصار التنكر لجميع مظاهر الدين الإسلامي و إن كانت بسيطة كالإغتسال و اللباس النظيف.
فاضطر الأندلسيون أمام هذا الوضع إلى اخفاء إسلامهم و التظاهر بالنصرانية خصوصا و أنهم مُنعوا من الهجرة من إسبانيا فقد كانوا من خيرة الصناع و المزارعين بالبلاد و هجرتهم ستٌضعف اقتصاد إسبانيا النصرانية. و قد كان إخفاء الإسلام محور الفتوى التي أرسلها مفتي وهران بوجمعة المغراوي رحمه الله إلى القابضين على الجمر ببلاد الأندلس بعد سقوط غرناطة حيث دعاهم إلى الحفاظ على الإسلام باطنا والتظاهر بالنصرانية حفاظا على أرواحهم و نسلهم و عملا بالأية اكريمة (إلا من أُكره و قلبه مطمئن بالإيمان) إلى أن يأتي فرج قريب من عند الله.
و هكذا عاش الاندلسيون حياة مزدوجة فخارج البيت نصارى ظاهرا أما بالبيت فالتعاليم الإسلامية هي السائدة, و هذا ما اضطر النصارى إلى فرض قانون يُلزم الأندلسيين بترك منازلهم مفتوحة حتى يمكن لمحاكم التفتيش مباغثتهم في أي و قت و التأكد من عدم قيامهم بالشعائر الإسلامية سرا.
هذه الإجراءات المتعصبة ضد الإسلام صوّرها أحد المورسكيين المسلمين الذين عايشوا تلك الأحداث الرهيبة إلى التصريح في مخطوطة ذكرها الفرنسي لوي كاردياك في كتابه "المورسكيون الأندلسيون و المسيحيون" و هذا التصريح يختصر لنا ماهية محاكم التفتيش , حيث يقول هذا المورسكي في المخطوط:"إن حكام دواوين محاكم التفتيش الكفار بفضل أسلوبهم الشيطاني , و حيث دفعوا من طرفه, فقد أرادوا أن يصبحوا حكاما على الأرواح, وقد دفعوا غيرهم بالقوة إلى أن يتبعوا دينهم اللعين الذي لا يتمتع بأي أساس"
و نعود إلى أختنا الغرناطية رحمها الله التي لم تستطع إخفاء الإسلام فكانت تظهر عليها علامته ما دفع محاكم التفتيش إلى اعتقالها ثم عفوا عنها ثم عادوا و اعتقلوها لإظهارها مظاهر إسلامية و قاموا بشنقها ثم حرقها و هي ميتة رحمها الله. فانظروا رحمكم الله إلى هذه الجريمة البشعة التي ارتكبت في حق امرأة مسلمة أيام استأسد النصارى على الأندلسيين المسلمين ...
يقول الفرنسي كاردياك في كتابه السالف الذكر " من ذلك أن محكمة لوقورنو أحرقت مورسكية سنة 1576م, بعد أن تم تنفيذ عقاب العار فيها وهو الشنق. إن هذه السيدة كانت قد أعفي عنها سنة 1571, لأنها تعد إحدى مورسكيات غرناطة التي استفادت من العفو العام الذي أعلن عنه بعد حرب البشرات. و أسقف كالاهورا من جهته, فرض عليها توبة سرية. أما الأن فقد أصبحت " من المرتدين إلى دين محمد" و هو السبب الذي من أجله سلمت إلى السلطة المدنية و تم إحراقها" المصدر Llorente; HISTORICA: CRITICA....op.cit t IV; P 229
انظروا كيف قتلوا نساءنا بل شنقوهن و حرّقوهن و كانت جريمتهن اتباع تعاليم محمد عليه الصلاة و السلام ... انظروا كيف قلبوا الطاولة علينا اليوم و اتهمونا بذلك نحن و التاريخ يحكي أنهم هم الإرهابيون المجرمون , قتلوا النساء باسم الدين المسيحي و رمونا بدائهم و انسلوا. أما نحن فديننا لا يُجبر غير المسلم على اعتناق الإسلام و قاعدتنا هي الأية الكريمة (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي). والإسبان يعلمون اليوم هذا جيدا , فالإسلام فتح الأندلس و لم يُجبر أهلها على اعتناقه بل تركوا لهم كنائسهم و دور عبادتهم حتى باعوها للمسلمين عن طيب خاطرفأقاموا مكانها مساجد؛ بل لما اعتنقوا الإسلام حولوها بأنفسهم لمساجد. فبالرحمة و التسامح دخل الإسبان في دين الله أفواجا و لما سقطت دولة الإسلام بالأندلس أرادوا الإنتقام لدينهم فاتخذوا الإرهاب وسيلة لإدخال المسلمين في عقيدة الثالوث أفواجا.
لكن بعد 120 عاما على محاولات التنصير يئس القساوسة و الرهبان من المورسكيين و استيقنوا أنهم لن يدخلوا أبدا في دين النصرانية مهما قتّلوهم و عذبوهم و حرّقوهم فالإسلام قد تمكن من قلوبهم و لا مكان فيه لدين غيره. فقاموا بطردهم من إسبانيا إلى بلاد الإسلام بشمال إفريقيا و تركيا سنة 1609م.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/317)
ـ[أبو عمر الفاروقي]ــــــــ[05 - 07 - 08, 10:12 م]ـ
أهل الإسلام فلن نيأس اليوم لهم ولنا غده
نطوي الأيام وننشرها ونقيم الدهر ونقعده
وسننعم بالنصر قريبا وقديم العهد نجدده
ـ[موسى بن نصير]ــــــــ[10 - 07 - 08, 06:32 م]ـ
أهل الإسلام فلن نيأس اليوم لهم ولنا غده
نطوي الأيام وننشرها ونقيم الدهر ونقعده
وسننعم بالنصر قريبا وقديم العهد نجدده
لمن هذه الابيات
===================
اخي أبو تاشفين المغربي هل الكتاب المذكور مترجم الي العربية
ـ[أبو عمر الفاروقي]ــــــــ[21 - 07 - 08, 11:25 م]ـ
السلام عليكم أخي موسى
هذه محاولة شعرية كتبها أخوك منذ فترة
كنت أعارض فيها قصيدة ساطع الحصري"ياليل الصب"
نطوي الأيام .. بيت استعرته من أحدهم, سآتيك باسمه قريبا-بإذن ربي-
أعتذر عن التأخير في الرد ,لم أر رسالتك إلا الحين.
دمت موفقا.
ملحوظة:أريد دراسة "علم العروض"لكي أكتب الشعر. لأني لم أدرسه, لكن قرأت فيه.
وللأسف لاأحفظ ما أكتب"صدرا أو كتابا"إلا النادر, لأني غير متقن للشعر.
ـ[موسى بن نصير]ــــــــ[09 - 08 - 08, 07:40 م]ـ
السلام عليكم أخي موسى
هذه محاولة شعرية كتبها أخوك منذ فترة
كنت أعارض فيها قصيدة ساطع الحصري"ياليل الصب"
نطوي الأيام .. بيت استعرته من أحدهم, سآتيك باسمه قريبا-بإذن ربي-
أعتذر عن التأخير في الرد ,لم أر رسالتك إلا الحين.
دمت موفقا.
ملحوظة:أريد دراسة "علم العروض"لكي أكتب الشعر. لأني لم أدرسه, لكن قرأت فيه.
وللأسف لاأحفظ ما أكتب"صدرا أو كتابا"إلا النادر, لأني غير متقن للشعر.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته اخي الكريم
محاولتك طيبة والابيات تحمل معاني جميله
ولو سمحت لي البيت الثالث ادخلت عليه بعض التعديل:
أهل الإسلام فلن نيأس ... اليوم لهم ولنا غده
نطوي الأيام وننشرها ... ونقيم الدهر ونقعده
وباالنصر ستنعم امتنا ... وقديم العهد نجدده
عليك فقط بالاستمرار والقراءه وحفظ قصائد لفحول الشعراء المتقدمين منهم والمتأخرين
باانتظار اسم صاحب البيت .. دمت بخير
=======================
اخي أبو تاشفين المغربي هل الكتاب المذكور مترجم الي العربية .. اتمنى منك اجابة على سؤالي اخي ابو تاشفين .. بارك الله فيك
ـ[هشام زليم]ــــــــ[09 - 08 - 08, 08:10 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته اخي الكريم
اخي أبو تاشفين المغربي هل الكتاب المذكور مترجم الي العربية .. اتمنى منك اجابة على سؤالي اخي ابو تاشفين .. بارك الله فيك
. نعم أخي الفاضل هو مترجم إلى العربية وقد ترجمه الدكتور عبد الجليل التميمي.
ـ[أبو عمر الفاروقي]ــــــــ[12 - 08 - 08, 08:42 م]ـ
الكريم موسى بن نصير
السلام عليكم
جزاك الله الفردوس
شاكر لك النصح
وقريبا يكون لديك الاسم(146/318)
معلومات عن (سياحتنا مهء حدود)
ـ[محمد العواد]ــــــــ[05 - 07 - 08, 09:57 ص]ـ
بعض كتب الأنساب التي أطلعت عليها تعزوا إلى موسوعة سياحتنا مهء حدود، فما هي هذه الموسوعة وهل يمكن الحصول عليها لأني تعبت في البحث عنها في المكتبات وفي الشبكة ولم أجد شيئا.
أرجو من الإخوة الذين لديهم علم عن هذه الموسوعة معلومات عنها أو حتى لديهم رابط للتحميل التكرم باضافته ..
ـ[أبو إبراهيم الحائلي]ــــــــ[07 - 07 - 08, 07:48 م]ـ
أخي الكريم ..
حسب ما أعرفه فإن هذه الموسوعة من الموسوعات التركية.
أيضاً هذا الاسم (سياحة نامة) اسم متكرر لقوائم الأحداث والتقويمات العثمانية التي كانت تصدر أيام الدولة العثمانية وفيها رصد الميزانيات وأخبار الأيالات والأقاليم التابعة للولايات العثمانية.
فلذا تجد بعض الباحثين يعتمد في بعض كتب التاريخ عليها كمصادر لبعض الأحداث، ولا أظن أنها موجودة على الشبكة.
ـ[محمد العواد]ــــــــ[07 - 07 - 08, 11:56 م]ـ
جزاك الله خيرا أبا إبراهيم على ما تكرمت باضافته ..(146/319)
ترجمة مستفيضة للشيخ الحميدي بن فرحان بن صفوق الشمري ?
ـ[أبوصالح]ــــــــ[05 - 07 - 08, 05:08 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
تحية طيبة لكم جميعاً إخواني الكرام ..
هل توجد ترجمة مستفيضة للشيخ الحميدي بن فرحان بن صفوق الشمري عن حياته ودوره في العراق خصوصاً دعوته لقومه وعشيرته، وقفت في كتاب العزاوي (عشائر العراق) أنه كان داعياً إلى السلف في وسط عشيرته القرن المنصرم، فأحببت أن أستزيد من خبره، ففي المنتدى أفاضل لهم عناية بالتاريخ المعاصر فلو تنصحونا بمرجع نستفيد منه، جعلكم الله من أهل الخير والهدى.(146/320)
سؤال في الأنساب
ـ[أبو سليمان العسيلي]ــــــــ[05 - 07 - 08, 05:50 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اخوتي في الله
لدي سؤال: كيف أستطيع أن أبحث في نسب سامة بن لؤي و في أي الكتب أبحث و هل هي متوفرة على النت و كيف أجدها .............
و جزاكم الله خيراً و وفقكم لما يحبه و يرضاه
ـ[يحيى صالح]ــــــــ[05 - 07 - 08, 06:09 م]ـ
أخي الفاضل
(سامة بن لؤي) هذا جاء فيه كلام كثير جدًا أكثر من أن يُستوعب، على سبيل المثال:
"سامة بن لؤى بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة، وولده خلق كثير * ومن ولده سامة بن عمرو بن المجزم بن بكر بن عمرو بن عون بن عباد بن لؤى بن الحارث بن سامة بن لؤى * ومنهم سامة بن عوف بن بكر بن عمرو بن عوف بن عباد بن لؤى بن الحارث بن سامة بن لؤى" من إكمال الكمال.
و في "الأنساب" للسمعاني:
"أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر الشحامي قراءة عليه بنيسابور أنا أبو محمد عبد الحميد بن عبد الرحمن بن محمد البحيري أنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن البيع أنا أبو محمد عبد العزيز بن عبد الرحمن الدباس بمكة ثنا أبو محمد عبد الرحمن بن إسحاق الكاتب ثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي حدثني محمد بن فليح عن أبيه عن إسماعيل بن محمد بن سعد عن أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة قال: جاء عبد الرحمن بن الحارث بن هشام إلى سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل ونحن عنده بالعقيق فسأله عن سامة بن لؤي فقال سعيد سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا: يا رسول الله! سامة منا أم نحن منه؟ فقال: " بل هو منا، ألم تسمعوا قول شاعر الناقة "، قال ابن إسحاق: فظننت أنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد بقوله قول شاعر الناقة: أبلغا عامرا وسعدا رسولا * ن نفسي إليكما مشتاقة إن تكن في عمان داري فإني * ماجد ما خرجت من غير فاقه رب كأس هرقت بابن لؤي * حذر الموت لم يكن مهراقه لا أرى مثل سامة بن لؤي * يوم حلوا به قتيل الناقه"
و في "جمهرة النسب" لابن الكلبي:
"وولد سامة بن لؤي: الحارث، وأمه هند بنت تيم بن غالب، وغالب بن سامة، وأمه ناجية بنت جرم بن ربان من قضاعة.
فهلك غالب بعد أبيه مهم ابن أثنى عشرة سنة.
فولد الحارث بن سآمة: لؤيا وعبيد وربيعة وسعدا، وأمهم سلمى بنت تيم بن شيبان بن محارب بن فهر وعبد البيت، وأمه ناجية بنت جرم بن ربان، خلف عليها بعد أبيه، نكاح مقت، فهم الذين قتلهم العلي بن أبي طالب " رضي الله عنه ".
فولد لؤي بن الحارث بن سآمة عبادا ومالكا وعبيد الله، وزائدة، وهو رهط منصور بن منجاب صاحب الدرب ببغداد عند الصيارفة بقرب باب الكرخ.
فولد عباد: عوفا. فولد عوف: عاداة وكعبا، وعمرا. فولد عاداة: الحارث، فولد الحارث: حماما وذهلا، فولد حمام: العتك، وولد ذهل بن الحارث هرأبا وحييا. وولد كعب بن عوف: الحارث وجابرا ومالكا، وولد عمرو بن عوف بكرا، فولد بكر المجزم وعوفا. وولد المجزم الحارث وعمرا وعوفا منهم العقيم ابن زياد، ويقال: العقيم بن ذهل بن عوف بن المجزم، قتل يوم الجمل مع عائشة " رضي الله عنها ".
وكانت ابنة الحارث بن قطيعة بن عوف بن ذهل بن عوف بن المجزم: امرأة عمرو بن العاص.
وولد مالك بن لؤي ابن الحارث بن سآمة: الشط، وعمرا وذهلا وحكالة وهو عوف، فولد وشاسا فولد وهب بن سعد: وثقا وجذعا. فمن بني مالك بن لؤي بن الحارث عبد الله بن نعام، كان شريفا.
وولد عبد الله بن لؤي: بن الحارث بن سآمة: مطيرة وأصبح ووائلا. فولد مطيرة: ربيعة، وولد أصبح: غصنا وجابر ز وولد وائل بكر ويزيد. وولد زائدة بن لؤي بن الحارث بن سآمة: كعبا وتيما وسالما وضفرا. وولد عبيد بن الحارث بن سآمة: سعدا وماكا وعمرو، فولد سعد ابن عبيد: مالك وسواة فمن بني مالك بن سعد: سيف بن أحكام وقد رأس.
وولد مالك بن عبيدة: داجية ومالكا وذهلا. فولد داجية: أحزم وبكرا.
منهم سمان وضوء ابنا الرشيد، رأسا وعباد بن المنصور الناجي قاضي البصرة في خلافة أبي جعفر المنصور.
وولد عمرو بن عبيدة: عوفا وسعدا فولد عوف بن عمرو: بكر بن عوف، منهم قبيصة بن عمرو بن حمزة بن عمرو بن سعد بن عمرو بن عبيدة، كان شريفا، وجعفر بن يعمر، وهو أبو زهير بن زهير بن طلق بن مجاهد بن القريح بن المنخل بن ربيعة بن قبيصة بن عمرو بن حمزة، صاحب سيف فارس ومنهم خالد بن ربيعة بن قطفة بن قريح الخارجي، قتله شيخ بن عميرة، أيام أبي جعغر أمير المؤمنين المنصور.
وولد عبد البيت بن الحارث بن سآمة: ساعدة فولد ساعدة: الحارث فولد الحارث: جابرا وقطية.
منهم الجهم بن بدر بن الجهم بن مسعود بن أسيد بن أذينة بن كزاز بن كعب بن جابر بن مالك بن عتبة بن الحارث بن عبد بيت بن الحارث بن سآمة بن لؤي، أبو علي بن الجهم الشاعر.
وولد ربيعة بن الحارث بن سآمة: جشم بن ربيعة ومازن بن ربيعة وحمامي وهو حمام، منهم أسلم بن كرب بن سفيان بن سهم، وهو أخو الهيثم التي يقول لها الفرزدق:
يا أُخت ناجية بن سآمة إِنني ... أَخشى عليك بَنيّ إن طلبو دمي"
فالكلام في هذه المسألة كثير و النقل يطول، فلو حددتَ طلبك من النسب، لربما كان أيسر على إخوانك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/321)
ـ[أبو سليمان العسيلي]ــــــــ[08 - 07 - 08, 02:26 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
مشكور أخي يحيى صالح - جعل الله حياتك كلها صلاح -
أخي:
وجدت على الشبكة مايلي:
العُسيليّ: بضم العين، وفتح السين المهملتين، بعدهما الياء آخر الحروف، وفي آخرها اللام.
و هذه النسبة موصولة إلى "عُسيل" وهو بطن من سامة بن لؤي.
هكذا ذكره أبو عبد الله أحمد بن الهيثم عن عمه أبو فراس محمد بن فراس بن محمد بن عطاء بن شعيث الشعيثي في كتابه " نسب سامة بن لؤي".
وهو عُسيل بن عقبة بن صمعة بن عاصم بن مالك بن قيس بن مالك بن حيي بن صبرة بن عتبة بن أبي بن سعد بن الشطن بن مالك بن لؤي بن الحارث بن سامة بن لؤي بن غالب بن فهر وهو الملقب بقريش بن مالك بن النضر و اسمه قيس بن كنانة بن خزيمة بن مدركة و اسمه عامر بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
ذكره السمعاني في أنسابه (ج 3 / ص 332)
قلت عسيل بن عقبة: بطن من سامة بن لؤي، من العدنانية. منهم بقية ببيت المقدس و الشام وريف مصر (تاج العروس للزبيدي ج 8 / ص 19).
وذكره الأمير الحافظ ابن ماكولا المتوفى (سنة 475 ه = 1082 م) في كتابه: الإكمال في رفع الارتياب عن المؤتلف والمختلف في الأسماء والكنى والأنساب (الجزء السادس) باب عسيل (9/ 206).
و بما أن شجرة عائلتنا ضاعت في عهد والد جدي فكنت أحاول أن أبحث عن تفريعات و أماكن و جود بطون سامة بن لؤي لعلي أهتدي الى شيء ما. (مثل ما ذكر في تاج العروس).
اذا كان أحد لديه أي معلومة فاليتفضل مشكوراً غير مأمور.
ـ[يحيى صالح]ــــــــ[09 - 07 - 08, 09:33 م]ـ
أكرمك الله تعالى
هل تبحث عن اسم "عُسيل بن عقبة " بالتحديد؟
إن كان الأمر كذلك ربما أستطيع أن أقرب لك الأمر.
ـ[أبو سليمان العسيلي]ــــــــ[09 - 07 - 08, 09:43 م]ـ
أخي في الله
جزاك الله أخي، تكون قد تفضلت عليّ.
كما أرجوا منك إذا كان لديك أي معلومات عن أماكن تواجد السلالات المنتمية الى عُسيل بن عقبة.
و ذلك كي أستطيع تحديد الأماكن التي باستطاعتي البحث فيها و من خلالها عن أصولنا.
أخوك: أبو سليمان
ـ[يحيى صالح]ــــــــ[18 - 07 - 08, 09:45 م]ـ
هذا - أخي الكريم - ما وقفتُ عليه:
قال في "تاج العروس":
"عُسَيْلُ بنُ عُقْبَةَ بنِ صَمْعَةَ ابنِ عاصِمِ بنِ مَالِكِ بنِ قَيْسِ بنِ مالِكٍ بَطْنٌ مِنْ سَامَةَ بنِ لُؤَيٍّ. قلتُ: ومنهم بَقِيَّةٌ بِبَيْتِ المَقْدِسِ والشَّامِ ورِيفِ مِصْرَ منهم البُرْهَانُ إِبراهيمُ بنُ يُوسُفَ بنِ سُلَيْمَانَ الْمُنَاوِيُّ المَنْزِلِ العُسَيْلِيُّ مِنْ أَصْحَابِ الشيخِ محمدٍ الغَمْرِيِّ تُوُفِّيَ سنة 886، ووَلَدُهُ الشَّمْسُ محمدُ بنُ إبراهيمَ وُلِدَ بِمُنْيَةِ سلسيل سنة 856، وتَمَيَّزَ بالفَضِيلَةِ وأُشِيرَ إِلَيْهِ أَجازَهُ الشَّادِيُّ والخَيْضَرِيُّ والدِّيَمِيُّ."
و قال في "معجم قبائل العرب ":
"عسيل بن عقبة: بطن من سامة بن لؤي، من العدنانية.
كانت منه بقية ببيت المقدس، وريف مصر."
و هذا الرابط به ما أظن أن ينفعك الله به:
http://www.reefnet.gov.sy/phpBB2/viewtopic.php?t=67606&sid=1c659a923f5277b1f3d8c513b1afef25
و هذا الرابط أيضًا:
http://www.daralhayat.com/society/10-2007/Item-20071008-80970c66-c0a8-10ed-00c3-e8c453e2d9e9/story.html
موفق بإذن الله تعالى.
ـ[أبو سليمان العسيلي]ــــــــ[19 - 07 - 08, 04:35 ص]ـ
العسيلي و العسيليون
العُسيليّ:
بضم العين، وفتح السين المهملتين، بعدهما الياء آخر الحروف، وفي آخرها اللام.
و هذه النسبة موصولة إلى "عُسيل" وهو بطن من سامة بن لؤي.
هكذا ذكره أبو عبد الله أحمد بن الهيثم عن عمه أبو فراس محمد بن فراس بن محمد بن عطاء بن شعيث الشعيثي في كتابه " نسب سامة بن لؤي".
وهو عُسيل بن عقبة بن صمعة بن عاصم بن مالك بن قيس بن مالك بن حيي بن صبرة بن عتبة بن أبي بن سعد بن الشطن بن مالك بن لؤي بن الحارث بن سامة بن لؤي بن غالب بن فهر وهو الملقب بقريش بن مالك بن النضر و اسمه قيس بن كنانة بن خزيمة بن مدركة و اسمه عامر بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
ذكره السمعاني في أنسابه (ج 3 / ص 332)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/322)
قلت عسيل بن عقبة: بطن من سامة بن لؤي، من العدنانية. منهم بقية ببيت المقدس و الشام وريف مصر (تاج العروس للزبيدي ج 8 / ص 19).
وذكره الأمير الحافظ ابن ماكولا المتوفى (سنة 475 ه = 1082 م) في كتابه: الإكمال في رفع الارتياب عن المؤتلف والمختلف في الأسماء والكنى والأنساب (الجزء السادس) باب عسيل (9/ 206).
ومن العلماء المشهورين المنتسبين إلى هذه العائلة:
* البرهان إبراهيم بن يوسف بن سليمان المناوي المنزل العسيلي النسب من أصحاب الشيخ محمد الغمري توفي سنة 886هـ، و ولده الشمس محمد بن إبراهيم ولد بمنية سلسيل سنة 856هـ، و تميز بالفضيلة و أُشير إليه بالعلم كما أجازه كل من الشَّادِيُّ و الخَيْضَرِيُّ و الدِّيَمِيُّ و السخاوي حيث ذكره في كتابه الضوء اللامع 5: 350 مشيراً إليه بقوله (محمد بن إبراهيم بن يوسف بن سليمان العسيلي أحد الفضلاء الآخذين عني).
* محمد بن موسى بن علاء الدين العسيلي المقدسي: (000 - 1031 هـ) (000 - 1622 م): ينتهي نسبه إلى الشيخ أبو عبد الله عبد الرحمن الصنابحي العسيلي الذي ذكره ابن قيم الجوزية في صفة الصفوة.
كان رحمه الله من كبار الفضلاء أصحاب التصانيف، أخذ العلم والتصوف عن شيوخه في القدس ومصر وغيرهم، وأخذ الفرائض عن الولي البركة الشيخ محمد الدجاني وأجازه وأخذ الفقه والحديث عن الشيخ يحيى ابن قاضي الصلت القدسي الإمام بالمسجد الأقصى والتصوف والعقائد عن الشيخ محمد العلمي وكان حافظاً لعلمه وقارئ درسه وأخذ المعاني والبيان عن شيخ الإسلام رضى الدين اللطفي والشيخ محمود البيلوني وقرأ البيضاوي بتمامه على المنلا علي الكردي وأجازه شيخ الإسلام التمرتاشي الغزي صاحب التنوير رحمه الله تعالى بماله من مروياته نظماً ووقفت على الإجازة وأرسل له النور الزيادي إجازة من مصر لما سأله عن أسئلة عديدة وطلب منه الإجازة فأجازه ولم يره.
ومن مؤلفاته: حاشية على الفاكهي، وقطعة كبيرة على الجلالين وافاه الأجل قبل إكمالها، ونظم القطر وشرحه، ونظم خصائص النبي صلى الله عليه وسلم، وشرح
النظم شرحاً لطيفاً لم يسبق إليه مع زيادات على أنموذج اللبيب في خصائص الحبيب وسماه النظم القريب في خصائص الحبيب.
وكانت وفاته في سنة إحدى وثلاثين وألف ودفن بمأمن الله (ماملا) - بمعنى ماء من الله أو بركة من الله ـ في ظاهر بيت المقدس.
ذكره الزركلي في الأعلام 7: 119، و عمر كحالة في معجم المؤلفين 12: 65، الباباني في هدية العرفين باب اللام، واسماعيل باشا البغدادي في ايضاح المكنون الجزء 2: 660.
- تعليق:
مأمن الله: هي أقدم وأكبر مقبرة إسلامية في القدس ضمت بين أحضانها رفات بعض صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين وعظماء وعلماء اضاؤوا بعلمهم مشارق الدنيا ومغاربها. تقع غربي مدينة القدس القديمة وعلى بعد مئات الأمتار من باب الخليل أحد أبواب سور البلدة القديمة في القدس، وهي من أكبر المقابر الإسلامية مساحة في بيت المقدس وتقدر مساحتها بـ "200" دونم وبقيت عائلة العسيلي المقدسية تقوم بدفن موتاها فيها حتى 1948م و للمزيد عن الإعتداءات و التدنيس التي تتعرض لها المقبرة من اليهود يرجى زيارة الرابط:
http://www.islamic-aqsa.com/ar/modules.php?name=News&file=article&sid=942
و ولده محمد بن محمد بن موسى بن علاء الدين أبو اليسر الملقب كمال الدين العسيلي المقدسي: كان عالماً محدثاً حافظاً لكتاب الله تعالى محباً للفقراء والصالحين محسناً إليهم أجازه الشيخ ابن قاضي الصلت الإمام بالمسجد الأقصى بحديث الأولية وكان عمره إذ ذاك اثنتي عشرة سنة ورحل إلى مصر في سنة خمس وخمسين وألف هو وأخوه يوسف بن محمد العسيلي وأخذ بها الحديث عن المعمر الشيخ إسماعيل بن ماضي بن يونس بن إسماعيل ابن خطاب السنجيدي الشافعي خطيب جامع الحاكم وله إجازات جمة من علماء الأزهر منهم الشيخ عبد الرحمن اليمني أجازه في القراآت السبع ومنهم البرهان اللقاني والشيخ إبراهيم البيجوري شيخ القراء بمقام الإمام الشافعي وكان مواظباً لزيارته في كل ليلة سبت والقراءة معه في المقرأ الكبير وولي الإمامة بالمسجد الأقصى وحج ثلاث مرات وأخذ بمكة عن ابن علان الصديقي واجتمع بالشيخ أحمد الرفاعي الكبير بمكة في المرة الثالثة ودعا له بحسن
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/323)
الخاتمة فجاء من الحج في تلك السنة وهي سنة سبع وثمانين وألف (1087 هـ) متوعكاً وتوفي في شهر ربيع الأول من تلك السنة.
وولده يوسف بن محمد بن موسى بن علاء الدين العسيلي المقدسي: أخذ العلم عن مجموعة من العلماء منهم:
الشيخ محمد بن أحمد بن محمد الاَنصاري غرس الدين الخليلي المقدسي ثم المدني ( ..... /1057 هـ) الذي درس بالقدس على الشيخ محمد الدجاني، ويحيى بن قاضي الصلت ثم رحل إلى القاهرة، وحضر دروس سالم السنهوري، وزين العابدين البكري.
* شرف الدين العسيلي المقدسي:كان من الأدباء أهل النادرة واتفق له أنه سافر إلى الروملي والتقى المولى عبد الرحيم بن محمد الذي صار آخر أمره مفتيا في الدولة العثمانية قاضي العساكر بأناضولى فكان من تأويله له أنه يرسل الملك خلفه ويوليه الإفتاء وأخبرهم بذلك فلما وقع له ما قاله أحسن إليه وقربه وولاه قضاء شبشير من اقليم مصر فذهب إليها وعاد إلى الروم فأعطاه قضاء المنزلة فاختار منه المنية (منطقة معروفة في مصر) قبل ضبطها (إحصائها) وكان له شعر رأيت له هذه القصيدة كتب بها إلى مفتي الحنفية بالقدس الشيخ هبة الله بن عبد الغفار بن جمال الدين بن محمد المقدسي الحنفي المعروف بابن العجمي (1023 - 1077 هـ) ملغزاً وهي قوله:
سليل المعالي فرع أصل الفواضل ... وبدر العلى يا شمس أفق الأفاضل
ويا واحدا في الدهر ما بين أهله ... وإنسان عين الفضل روح لكامل
ويا هبة الله الجليل جماله ... وواسطة العقد الفريد المماثل
أفدني رفيع الشان يا واحد العلى ... منيع الذرى قطبا بصدر المحافل
فما اسم به شيء لطيف مصحف ... كذا فيه معنى القرب يبدو لواصل
تصرف بقلب ثم حرف مصحفا ... ترى صنعتي ضدا حوتها معاولي
وفيه بقلب اسم فاضل عصره ... وثانيه وردى من ثغور المناهل
نتيجة هذا الاسم روحي فداؤها ... هي الشمس أن تبدو وضحى في الأصائل
غرامي به نام وإن دام هاجري ... بصد وبعد فهو لا شك قاتلي
تصرف وبين يا بديع بدائعي ... وميز بحال منك نعت العوامل
فلا زلت كشافا لكل عويصة ... همام المعالي قرم صدر الجحافل
مدى الدهر ما صاغ العسيلي قلائدا ... من الدر يبديها كشكل المسائل
فأجابه بقوله:
أروض حوى الأزهار رطب الخمائل ... أم الغادة الحسناء حلت منازلي
أم الأغيد الوسنان وفي بعهده ... وانعم لي بعد القلى بالتوصل
وما ذاك إلا نظم مفرد عصره ... هو الشرف المفضال رب الفضائل
بلاغته في النظم لا شيء فوقها ... فصاحته أزرت بسحبان وائل
فيافذ هذا الدهر قد جاء منكم ... إلى نحونا لغز رفيع المنازل
فسحبان نصف اللغز يا عين أهله ... وتاليه وردى من ثغور المناهل
نتيجته أني أعيذ محبه ... بيوسف والإخلاص من كل عاذل
فسامح ضعيف النظم مولاي إنه ... إذا رامه يلقاه صعب التناول
فلا زلت بالآداب تتحف صاحبا ... وتبدى اللآلى في نظام الرسائل
* الحسين بن شرف الدين بن زين العابدين العسيلي: المنتهي نسبه إلى أحمد بن عبد الله المعروف بأبي ثور. ولد ونشأ ببيت المقدس.
أخذ العلم عن شيوخه في دمشق ومصر ثم جاور بالرحمين وأخيراً سافر إلى استانبول واتخذها داراً له وسكنها ومات عام 1195 هـ.
* رجب بن أحمد بن علي بن عمر الزين أبو البركات السنهوري المالكي ويعرف بابن العسيلي، ممن أخذ القراءات عن بلديه جعفر.
* نور الدين علي بن محمد العسيلي، المصري، الشافعي ( ..... ــ 994 هـ) ( ..... ــ 1585 م): وورد في هدية العارفين: علي بن عبد الله العسلي.
الشيخ العلامة، الأديب (نور الدين) العسيلي المصري، الشافعي، المفنن في العلوم النقلية، والعقلية، له حاشية على كتاب المغني في النحو وله يد طولى في الكلام، والعقائد،
ذكره الغزي في الكواكب السائرة 157 وابن العماد في شذرات الذهب 8: 434، 435، والبغدادي في هدية العارفين 1: 748، و حاجي خليفة في كشف الظنون ص 124، 1754.
وكان رحمه الله من شعراء الريحانية، وذكره الإمام عبد الوهاب الشعراوي فأثنى عليه بالخشية، والبكاء عند سماع القرآن، والتهجد فإن الغالب عليه أحوال الملامتية، وأن غالب أعماله قلبية، وذكره ابن الحنبلي في تاريخ حلب، وذلك أنه سافر إلى بلاد الروم في حدود سنة أربع وثلاثين، فدخل بلاد الشام واجتمع به ابن الحنبلي، إذ ذاك، وأورد له من نظمه نبذة منها قوله محاجياً في صباح:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/324)
أيا مولى له عن ... مقام الفضل غيبة
أبن قول المحاجي ... يقول بئراً بطيبة.
وأنشد له مطلع قصيدة:
رعى الله ليلة وصل خلت ... خلوت بها وضجيعي القمر
صفت عن رقيب وعن عاذل ... فلم تك إلا كلمح البصر
وقد قصرت بعد طول النوى ... وما قصرت مع ذاك القصر
ومن محاسن قوله في عبد له اسمه فرج:
لكل ضيق إذا استبطأته فرج ... وكل ضيق أراه فهو من فرج
كان رحمه الله من الشيوخ الذين أخذ عنهم العلامة الشيخ أحمد بن محمد بن علي الملقب شهاب الدين بن شمس الدين بن نور الدين المعروف بالغنيمي الأنصاري الخزرجي الحنفي المصري.
قدم حلب برفقة الشيخ عبد الرؤوف اليعمري المصري الأزهري أحد شعراء مصر و نزلا بالمدرسة الشرفية.
وكان الشيخ نور الدين من أخص الناس، بالشيخ محمد بن أبي الحسن البكري، ولما ورد شيخ الإسلام الوالد (البدر الغزي ولد سنة 904 هـ ومات سنة 984 هـ) القاهرة، سنة اثنتين وخمسين وتسعمائة ذاهباً منها إلى الحج أضافه تلميذه الأستاذ محمد البكري، فاتفق للشيخ الوالد أنه اجتمع به في الضيافة الشيخ نور الدين العسيلي فجرى في المجلس ذكر الخادم للزركشي. فقال: الشيخ نور الدين اختصر بعضهم في كتاب سماه تحرير الخادم فأخذ يطنب في استحسان هذه التسمية قال شيخ الإسلام: وهي في الحقيقة تسمية حسنة، لكن عن على اللسان ما نظمته بديهة فقلت:
تعجب نور الدين من صنع بعضهم ... يلقب تصنيفاً بتحرير خادم
فقلت له لا حسن فيه لأنه ... بتحريره لا نفع فيه لعالم
فمع رقه استخدامه متحتم ... ومع عتقه استخدامه غير لازم
تأخرت وفاته عن وفاة الشيخ عبد الوهاب الشعراني رحمهما الله تعالى.
و الكلام السابق للنجم الغزي الدمشقي ولد سنة وعاش 84 سنة ومات سنة 1061هـ.
* الشيخ عثمان بن أحمد بن عثمان بن علي العسيلي الأروادي:
ولد و نشأ في جزيرة أرواد من ساحل الشام عام 1276هـ/1860م كان إمام أهل السنة و الجماعة والتي تعتبر طائفتها الوحيدة.
كان والده من كبار تجار أرواد في الوقت الذي كانت فيه أرواد هي المركز التجاري لجزء كبير من الساحل السوري و ما ورائه لأنها مجمع السفن.
و كان جده لأبيه من مشايخ الجزيرة و كذلك والد جده أما والدته فمن آل حمود الذين توارثوا العلم الشرعي و تتالوا على الدراسة في الجامع الأزهر و من هنا كان اتجاه الشيخ في طريق العلم تأثراً بمسلك أسرتيه الكريمتين.
حفظ القرآن الكريم في كتّاب أحد شيوخ جزيرة أرواد ثم أقبل على مبادئ العربية و العلوم الدينية يتلقاها على أحد أجداده لأمه من آل حمود و لما بلغ السن التي تساعده على الاغتراب ذهب إلى مصر ليلتحق بالأزهر الشريف ويأخذ العلم الشرعي على يد علمائه لكنه ما لبث عاد إلى أرواد بعد فترة ليست بالطويلة مع ثقل التبعات التي كان عليه أن يتحملها بعد وفاة والده الذي ترك له عائلة هو أكبر المسئولين فيها ومع ذلك لم يستطع الانصراف عن العلوم الشرعية التي استهوته و استقطبت مواهبه فمضى بمتابعتها بنشاط لم تلبث آثاره أن برزت في دروسه و خطبه و عمله في القضاء الشرعي و كان ذو ثقافة دينية و أدبية و تاريخية واسعة.
قضى الشيخ عثمان أحمد العسيلي معظم عمره المديد في ظل الخلافة الإسلامية العثمانية قبل أن تفاجئ أرواد ببعض قطع الأسطول الفرنسي سنة 1915م بقيادة أميرال الاحتلال (كرنديج دي فرنة) يحيط بها ولم يكن فيها أي قوة عسكرية وبعد حصار دام أشهر تفرض عليها سيطرتها وينزل الكومندان (ترابو) (أصبح في ما بعد حاكم بيروت وسمى فيها شارع باسم أرواد) من ظهر البارجة جان دارك حاكماً عليها وذلك بعد مفاوضات مع وجهاء الجزيرة وأقصد أعضاء المجلس البلدي و المختار و شيخ الجزيرة:
أعضاء المجلس البلدي: (عبد الله أحمد العسيلي - رئيس المجلس - و محمد عبد الرزاق سليمان - عضو - و حسين الجندي - عضو وكاتب -)، المختار: (محمد أحمد العسيلي)، شيخ الجزيرة: (عثمان أحمد العسيلي).
ثم لتتخذ منها فرنسا قاعدة انطلاق تغير منها على الساحل الذي ظل في قبضة الجيش العثماني حتى نهاية الحرب العالمية الأولى فكان أن أسست فيها دولة دعتها دولة أرواد فأصبحت كل معاملاتها تمهر بخاتم حكومة أرواد وأصدرت طوابع و جوازت سفر و بطاقات شخصية إلى أن ضُمت إلى سوريا بعد اكتمال احتلالها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/325)
و بذلك أتيح للشيخ رحمه الله أن يلمس طلائع التحول الذي طرأ على حياة الناس في سائر البلاد التي كانت من نصيب الفرنسيين تنفيذاً لمؤامرة سايكس بيكو.
و قد أثرت أجواء الجزيرة المحافظة في أخلاق الشيخ عثمان العسيلي و سائر تصرفاته إذ كان كثير الوقار طويل الأناة لطيف المعشر لا يمنعه خلق الجد من التبسط مع تلاميذه و أصدقاءه إلى الحد المعقول و ربما نظم بعض مزاحه لهؤلاء في أبيات يتسابقون لحفظها.
- وبتعيين الفرنسيين للكومندان (ترابو) حاكماً عسكرياً لجزيرة أرواد فوجئ بحسن أدب سكان الجزيرة و تمسكهم بالشريعة الإسلامية فقرر استقدام بعض العملاء إلى الجزيرة من الساحل السوري وأوعز للوافدين بالتهتك و الإساءة إلى سكان الجزيرة فتصدى الشيخ عثمان أحمد العسيلي لقوات الإحتلال و للطابور الخامس من العملاء المحليين الذين يدّعون التقدمية و الثورية بانتهاك الأخلاق التي نعتوها بالرجعية، و كان الشيخ عثمان قاضياً شرعياً في جزيرة أرواد كما كان مستشاراً في المحكمة المدنية ومع ذلك لم يصغ إليه الحاكم العسكري الفرنسي فرفع شكوى إلى الجنرال (بيوت) في بور سعيد حيث القيادة الفرنسية للمستعمرات في الشرق الأوسط ولكن (ترابو) استعان بالعملاء المنحطين فرفعوا عريضة طالبوا فيها بتأمين الترفيه و التحرر من الأخلاق الإسلامية في جزيرة أرواد.
ولما زار الجنرال جزيرة أرواد حاول الحاكم (ترابو) الحيلولة بين الشيخ و الجنرال و لكن الشيخ حضر و معه رئيس البلدية و أخبره ما يحاول الحاكم نشره من فساد أخلاقي هو وعملائه فما كان من الجنرال إلا أن قدر الشيخ عثمان العسيلي و رئيس البلدية و أصدر أمره إلى الحاكم بصيانة الأخلاق وفق ما يراه الشيخ القاضي عثمان أحمد العسيلي.
ولم يقتصر دور الشيخ على إصلاح الأخلاق و بل حول الجامع الغربي في الجزيرة إلى مدرسة عامة يدرس فيها علوم القرآن الكريم وعلوم الحديث النبوي الشريف وعلوم اللغة العربية و إلى جانب التعليم فقد ألف الرسائل المفيدة في الرد على المبشرين الفرانسيسكان كما ألف كتباً في قواعد اللغة العربية باعتبارها حصن الأمة المنيع في وجه قوات الإحتلال و ومحاولات الفرنسة التي كان يقوم بها.
ولقد كان لرسالته فضائح المبشرين صداً طيباً في سوريا، كما كان من مؤلفات الشيخ رحمه الله رسالة (المسيح و المرأة الفينيقية) و العديد من الرسائل التي كانت تنشر على صفحات الجرائد في بيروت و سواها، ومن كتبه أيضاً كتاب (بغية المشتاق لتهذيب الأخلاق) طباعة مطبعة جريدة بيروت 230ص (دون تاريخ)،} ذكره يوسف اليان سركيس في كتابه معجم المطبوعات الجزء الثاني الصفحة 1329 و الموافق طباعته سنة 1919 م {.
- وبعد حياة مليئة بالجهاد و العطاء العلمي و الإسلامي رحل شيخ جزيرة أرواد عثمان بن أحمد العسيلي رحمه الله سنة 1369هـ /1950م
ورد ذكره رحمه الله ضمن سلسة (أعلام المسلمين في القرن العشرين) للدكتور محمود السيد الدغيم والذي عرض في اذاعة mbcfm في شهر رمضان لعام 1999م.
المحاضرة موجودة ضمن موقع الدكتور http://dr-mahmoud.com قسم مكتبة الصوتيات الإذاعية – أعلام القرن العشرين – القسم الخامس.
http://www.dr-mahmoud.com/images/stories/audios/Aalam-23-27.ram
رابط صفحة الشيخ:
http://dr-mahmoud.com/index.php?option=com_*******&task=view&id=878&Itemid=40
رابط المقال عن الشيخ في جريدة الحياة اللندنية:
http://www.daralhayat.com/society/10-2007/Item-20071008-80970c66-c0a8-10ed-00c3-e8c453e2d9e9/story.html
كتبه الفقير إلى عفو ربه القدير
أبو سليمان العسيلي
عفا الله عنه
آمين(146/326)
هل مات الرسول مسموما؟
ـ[ليث الحجري]ــــــــ[06 - 07 - 08, 08:02 م]ـ
عن أنس "رضي الله عنه" قال: أن يهودية أتت النبي "صلى الله عليه وسلم" بشاة مسمومة ليأكل منها فجيء بها إلى النبي "صلى الله عليه وسلم" فسألها عن ذلك؟ فقالت: أردت قتلك، فقال "صلى الله عليه وسلم" ما كان الله ليسلطك على ذلك. أو قال: على كل مسلم. قالوا: أفلا تقتلها؟ قال لا. متفق عليه.
وقد ذكر بعض كتاب السيرة عن موت الرسول مسموما
وذكر محمد بن حبيب في أسماء المغتالين "ضمن نوادر المخطوطات لعبد السلام هارون" ذلك
فما وجه الجمع والتعارض بينهم
أرشدكم الله إلى الحق؟
ـ[محمد بن فهد]ــــــــ[07 - 07 - 08, 12:38 ص]ـ
عن أنس "رضي الله عنه" قال: أن يهودية أتت النبي "صلى الله عليه وسلم" بشاة مسمومة ليأكل منها فجيء بها إلى النبي "صلى الله عليه وسلم" فسألها عن ذلك؟ فقالت: أردت قتلك، فقال "صلى الله عليه وسلم" ما كان الله ليسلطك على ذلك. أو قال: على كل مسلم. قالوا: أفلا تقتلها؟ قال لا. متفق عليه.
وقد ذكر بعض كتاب السيرة عن موت الرسول مسموما
وذكر محمد بن حبيب في أسماء المغتالين "ضمن نوادر المخطوطات لعبد السلام هارون" ذلك
فما وجه الجمع والتعارض بينهم
أرشدكم الله إلى الحق؟
وفقك الباري لما يحب ويرضى
قال ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد:
فصل
فى هَدْيه صلى الله عليه وسلم فى علاج السُّمِّ الذى أصابه بخَيْبَر من اليهود
ذكر عبد الرزَّاق، عن معمر، عن الزُّهْرىِّ، عن عبد الرحمن بن كعب ابن مالك: أنَّ امرأةً يهوديةً أهدَتْ إلى النبىِّ صلى الله عليه وسلم شاةً مَصْلِيَّةً بِخَيْبَر، فقال: ((ما هذه))؟ قالتْ: هَديَّةٌ، وحَذِرَتْ أن تقولَ: مِنَ الصَّدَقة، فلا يأكلُ منها، فأكل النبِىُّ صلى الله عليه وسلم، وأكل الصحابةُ، ثُم قال: ((أمسِكُوا))، ثم قال للمرأة: ((هل سَمَمْتِ هذه الشَّاة))؟ قالتْ: مَن أخبَرَك بهذا؟ قال: ((هذا العظمُ لساقها))، وهو فى يده، قالتْ: نعمْ. قال: ((لِمَ))؟ قالتْ: أردتُ إن كنتَ كاذباً أن يَستريحَ منك النَّاسُ، وإن كنتَ نبيّاً لم يَضرَّك، قال: فاحتَجَم النبىُّ صلى الله عليه وسلم ثلاثةً على الكاهِلِ، وأمَرَ أصحابَه أن يَحتجِمُوا؛ فاحتَجَموا، فمات بعضُهم.
وفى طريق أُخرى: ((واحتَجَمَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على كاهِلِه مِنْ أجْل الذى أكَلَ من الشَّاة، حَجَمَه أبو هِندٍ بالقَرْنِ والشَّفْرة، وهو مولىً لبنى بَيَاضَةَ من الأنصار، وبقى بعد ذلك ثلاثَ سنين حتى كان وجعُه الذى تُوفى فيه، فقال: ((ما زِلْتُ أجِدُ من الأُكْلَةِ التى أكَلْتُ مِن الشَّاةِ يومَ خَيْبَرَ حتى كان هذا أوانَ انْقِطَاعِ الأَبْهَرِ مِنِّى))، فتُوفى رسول الله صلى الله عليه وسلم شهيداً، قاله موسى بن عُقبةَ. 4/ 72
ـ[نضال دويكات]ــــــــ[07 - 07 - 08, 12:58 ص]ـ
قرأت لبعض العلماء أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين مقام النبوة والرسالة والشهادة
لكن لا أذكر أين قرأت ذلك!!!!!
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[03 - 02 - 09, 06:57 ص]ـ
في "الفتح" ذُكِر القول بأنه -صلى الله عليه وسلم- توفي شهيداً.
ـ[عمرو الأحمري]ــــــــ[03 - 02 - 09, 09:14 م]ـ
جزاك الله خير
هل يتفضل أحد ويزيد في المسألة
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[03 - 02 - 09, 10:41 م]ـ
ضعف بعض العلماء ذلك، وقالوا مقام النبوة أعلى من مقام الشهادة
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[03 - 02 - 09, 11:50 م]ـ
ويرى بعضهم أن الجمع بين المقامين أعلى من الانفراد بأحدهما. والمسألة محل أخذ ورد.
ـ[أبو الوليد الهاشمي]ــــــــ[08 - 02 - 09, 09:18 م]ـ
قد اكتشف نوع السم الذي مات منه النبي صلى الله عليه وسلم
وهو إن لم نسيت مصنوع من الزرنيخ، وذلك أن هذا النوع يقطع الأبهر، وهو عرق في الظهر مرتبط بالقلب مباشرة وممن اشتهر باستعمال هذا النوع من السموم اليهود.
قال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة: إني لأجد أثر السم الذي أكلت بخيبر وهذا أوان انقطاع الأبهر مني
بأبي وأمي أنت يا رسول الله.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[08 - 02 - 09, 10:39 م]ـ
لكن كيف يعرف المرء أن الأبهر قد انقطع؟
هذا إن صح هذا القول عنه
ـ[أبو الوليد الهاشمي]ــــــــ[10 - 02 - 09, 12:03 ص]ـ
لكن كيف يعرف المرء أن الأبهر قد انقطع؟
هذا إن صح هذا القول عنه
كيف يعرف؟؟؟
يجرب فيعرف هل انقطع أم لا (ابتسامة)
النبي صلى الله عليه وسلم يوحى إليه.
والحديث مختلف في صحته وحسنه الشيخ الألباني إن كنت أذكر.
ـ[أحمد عبد المعبود]ــــــــ[10 - 02 - 09, 07:42 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فكيف يمكن الجمع بين هذا وبين قول الله عز وجل والله يعصمك من الناس
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[11 - 02 - 09, 04:20 ص]ـ
يجمع بينهما -بادي الرأي- بأن الآية تقول: {يا أيها الرسول بلغ ما أُنزِل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغتَ رسالته والله يعصمك من الناس}
فالعصمة من أن يصاب بالقتل أو الأذى الجسدي المانع من التبليغ، ونحو ذلك .. كما ذكر ذلك ابن عطية في تفسيره: " المحرر الوجيز ".
فالعصمة إنما هي مما يقطع التبليغ، أما أذى القول ونحو ذلك فلم يعصم منه لأنه غير مانع منه .. ولذا حبس السم في جسده الشريف طيلة هذه السنين، فلما أدى الأمانة وبلغ الرسالة وجاء نصر الله والفتح، ودخل الناس في دين الله أفواجاً أصابه ذلك وأثر في جسده -عليه الصلاة والسلام. والله أعلم.
والمسألة محل خلاف، وتحتاج لمزيد بحث، ولكن هذا أقرب ما رأيت للجمع بين النصوص والتأليف بينها، ويفيده صدر الآية، وواقع الأمر وسبب النزول. وبالله التوفيق.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/327)
ـ[عبدالرحمن الناصر]ــــــــ[11 - 02 - 09, 07:14 ص]ـ
النبي عليه الصلاة والسلام أكل من الشاة المسمومة قبل 3 أو 4 سنوات من وفاته ..
فهل يموت الإنسان من السم بعد 4 سنوات!!
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[11 - 02 - 09, 07:28 ص]ـ
الأصح أن الحديث لم يصح، فلا حاجة لتأويله، والله أعلم
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[11 - 02 - 09, 12:10 م]ـ
لم يصح!! أي حديث؟! بل هي أحاديث. ومنها ما هو في الصحيح، فلا حاجة إلى التعليق حول صحته أو عدمها.
الأخ الناصر .. هذه معجزة، وقد أخبر النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- أمَّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- وهو في مرضه أنه يجد أثر الأكلة التي أكلها بخيبر.
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[11 - 02 - 09, 02:31 م]ـ
الجمع بين آية (والله يعصمك من الناس) وموته صلى الله عليه وسلم بالسم
سؤال:
كيف نوفق بين الآية (والله يعصمك من الناس) أي: من القتل، وبين الحديث الذي ترويه عائشة في صحيح البخاري (يا عائشة، ما أزال أجد الم الطعام الذي أكلت بخيبر، فهذا أوان انقطاع أبهري من ذلك السم)؟
الجواب:
الحمد لله
أولاً:
نص الآية: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) المائدة/ 67.
نص الحديث:
قالت عَائِشَةُ رضى الله عنها: كَانَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِى مَرَضِهِ الَّذِى مَاتَ فِيهِ: يَا عَائِشَةُ، مَا أَزَالُ أَجِدُ أَلَمَ الطَّعَامِ الَّذِى أَكَلْتُ بِخَيْبَرَ، فَهَذَا أَوَانُ وَجَدْتُ انْقِطَاعَ أَبْهَرِى مِنْ ذَلِكَ السَّمِّ. رواه البخاري (4165).
" الطعام ": هو الشاة المسمومة.
" أوان ": وقت، وحين.
" أبهَري ": عرق مرتبط بالقلب، إذا انقطع مات الإنسان.
وأصل القصة:
عَنْ أَنَسٍ أَنَّ امْرَأَةً يَهُودِيَّةً أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَاةٍ مَسْمُومَةٍ، فَأَكَلَ مِنْهَا، فَجِيءَ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهَا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَتْ: أَرَدْتُ لأَقْتُلَكَ، قَالَ: مَا كَانَ اللَّهُ لِيُسَلِّطَكِ عَلَى ذَاكِ. رواه البخاري (2474) ومسلم (2190).
ثانياً:
يجب أن يَعلم المسلم أنه ليس ثمة تعارض بين نصوص الوحي، وما يظنه بعض الناس من وجود تعارض بين نصوص الوحي بعضها مع بعض: فهو تعارض في ظاهر الأمر بالنسبة له، وليس تعارضاً في واقع الأمر، ولذا فإن علماء الإسلام الراسخين لا يعجزهم – بفضل الله وتوفيقه – من بيان أوجه التوفيق بين ما ظاهره التعارض بالنسبة لمن يرى ذلك ممن يخفى عليه وجه الجمع بين تلك النصوص.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -:
لا يجوز أن يوجد في الشرع خبران متعارضان من جميع الوجوه، وليس مع أحدهما ترجيح يقدم به.
" المسودة " (306).
وقال ابن القيم - رحمه الله -:
وأما حديثان صحيحان صريحان متناقضان من كل وجه ليس أحدهما ناسخاً للآخر: فهذا لا يوجد أصلاً، ومعاذ الله أن يوجد في كلام الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم الذي لا يخرج من بين شفتيه إلا الحق.
" زاد المعاد " (4/ 149).
وقال ابن القيم - رحمه الله – أيضاً -:
فصلوات الله وسلامه على مَن يصدّق كلامُه بعضه بعضاً، ويشهد بعضه لبعض، فالاختلاف، والإشكال، والاشتباه إنما هو في الأفهام، لا فيما خرج من بين شفتيه من الكلام، والواجب على كل مؤمن أن يَكِلَ ما أشكل عليه إلى أصدق قائل، ويعلم أن فوق كل ذي علم عليم.
" مفتاح دار السعادة " (3/ 383).
وقال الشاطبي – رحمه الله -:
كل مَن تحقق بأصول الشريعة: فأدلتها عنده لا تكاد تتعارض، كما أن كل مَن حقق مناط المسائل: فلا يكاد يقف في متشابه؛ لأن الشريعة لا تعارض فيها البتة، فالمتحقق بها متحقق بما في الأمر، فيلزم أن لا يكون عنده تعارض، ولذلك لا تجد ألبتة دليلين أجمع المسلمون على تعارضهما بحيث وجب عليهم الوقوف، لكن لما كان أفراد المجتهدين غير معصومين من الخطأ: أمكن التعارض بين الأدلة عندهم.
" الموافقات " (4/ 294).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/328)
وقد برز طوائف من العلماء يتحدون من يزعم وجود تعارض بين نصوص الوحي؛ ومنهم الإمام ابن خزيمة رحمه الله حيث كان يقول – كما في " تدريب الراوي " (2/ 176) -: " لا أعرف حديثين متضادين، فمن كان عنده فليأتني به لأؤلف بينهما ".
ثالثاً:
ما ذكره الأخ السائل مما ظاهره التعارض بين قوله تعالى (والله يعصمك من الناس) مع قوله صلى الله عليه وسلم (وهذا أوان انقطاع أبهري) وأنه مات بالسم الذي وضعه له اليهود: فليس بينهما تعارض – بتوفيق الله -؛ لأن " العصمة " في الآية هي: العصمة من الفتنة، ومن الضلال، ومن القتل قبل تبليغ الرسالة، وكل ذلك قد تحقق له صلى الله عليه وسلم، وقد عصمه ربه تعالى من كل ذلك، ولم يمت صلى الله عليه وسلم إلا بعد أن أبلغ رسالة ربه تعالى، وقد قال تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِيناً) المائدة/ من الآية 3، وقد ذكر بعض العلماء معنى لطيفاً ها هنا، وهو أن الله تعالى أبى إلا أن يجمع لنبينا صلى الله عليه وسلم بين النبوة والشهادة.
وقد عصم الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم من كفار قريش عندما أرادوا قتله في مكة، وعصمه ربه من القتل في المدينة فيما حضره من غزوات، بل وحتى محاولة اليهود قتله بالسم: فإن الله تعالى قد عصمه منها، فأخبرته الشاة أنها مسمومة، ومات الصحابي الذي كان معه، وأكل منها – وهو بِشْر بْن الْبَرَاء بْن مَعْرُور - ولم يمت صلى الله عليه وسلم، ولا يخالف هذا وجوده أثر ذلك السم، واعتقاده أنه سيموت بسببه، وما قاله صلى الله عليه وسلم ليس فيه أن السم هو سبب موته، بل فيه أنه يشعر به، وأنه قد يكون هذا هو الموافق لانتهاء أجله.
وبكل حال: فإن العصمة من القتل هي فيما كان قبل تبليغ رسالة ربه، ولم يمت صلى الله عليه وسلم إلا وقد أبلغها على أكمل وجه، وسياق الآية يدل على ذلك، حيث أمره ربه تعالى بتبليغ الرسالة، وأخبره أنه يعصمه من الناس.
ومما يدل على ذلك أيضاً: قوله صلى الله عليه وسلم لليهودية (مَا كَانَ اللَّهُ لِيُسَلِّطَكِ عَلَى ذَاكِ) بعد أن أخبرته أنها أرادت قتله، وهو نص إما في عصمته من القتل بالسم حتى فارق الدنيا، أو هو نص في ذلك قبل تبليغ الرسالة.
وخلاصة الكلام: أنه إما أن يُقال بأن النبي صلى الله عليه سلم عُصم من القتل بالسم – كما سيأتي في كلام ابن كثير والنووي وغيرهما -، وقد أوحى الله بوجود السم فيها، وهذا من عصمته له، أو يقال: إن العصمة هي في أثناء التبليغ لرسالة الإسلام، ولا ينافي ذلك وقوع القتل بعد التبليغ لها – كما سيأتي في كلام القرطبي وابن حجر والعثيمين -، وأن الله تعالى جمع بذلك القتل لنبينا صلى الله عليه وسلم بين النبوة والشهادة، وجعل ذلك تذكيراً لنا على الدوام بعداوة اليهود لنا ولديننا.
وهذه بعض أقوال علماء الأمة فيما ذكرناه، وهو يوضح المقصود إن شاء الله.
1. قال ابن كثير – رحمه الله -:
ومِن عصمة الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم: حفْظُه له من أهل مكة، وصناديدها، وحسَّادها، ومُعَانديها، ومترفيها، مع شدة العداوة، والبِغْضة، ونصب المحاربة له ليلاً، ونهاراً، بما يخلقه الله تعالى من الأسباب العظيمة بقَدَره، وحكمته العظيمة، فصانه في ابتداء الرسالة بعمه أبي طالب، إذ كان رئيساً مطاعاً كبيراً في قريش، وخلق الله في قلبه محبة طبيعية لرسول الله صلى الله عليه وسلم، لا شرعيَّة، ولو كان أسلم لاجترأ عليه كفارها وكبارها، ولكن لما كان بينه وبينهم قدر مشترك في الكفر، هابوه، واحترموه، فلما مات أبو طالب نال منه المشركون أذى يسيراً، ثم قيض الله عز وجل له الأنصار، فبايعوه على الإسلام، وعلى أن يتحول إلى دارهم - وهي المدينة -، فلما صار إليها حَمَوه من الأحمر والأسود، فكلما همَّ أحد من المشركين وأهل الكتاب بسوء: كاده الله، ورد كيده عليه، لما كاده اليهود بالسحر: حماه الله منهم، وأنزل عليه سورتي المعوذتين دواء لذلك الداء، ولما سم اليهود في ذراع تلك الشاة بخيبر: أعلمه الله به، وحماه الله منه؛ ولهذا أشباه كثيرة جدّاً، يطول ذِكْرها.
" تفسير ابن كثير " (3/ 154).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/329)
2. وقال النووي – في شرحه لحديث الشاة المسمومة -:
فيه بيان عصمته صلى الله عليه و سلم من الناس كلهم، كما قال الله: (والله يعصمك من الناس) وهي معجزة لرسول الله صلى الله عليه وسلم في سلامته مِن السم المهلك لغيره، وفي إعلام الله تعالى له بأنها مسمومة، وكلام عضو منه له، فقد جاء في غير مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال: (إن الذراع تخبرني أنها مسمومة).
" شرح مسلم " (14 / ص 179).
3. وقال ابن الجوزي – رحمه الله –:
قوله تعالى: (والله يعصمك من الناس) قال ابن قتيبة: أي: يمنعك منهم، وعصمة الله: منعه للعبد من المعاصي، ويقال: طعام لا يعصم، أي: لا يمنع من الجوع.
فان قيل: فأين ضمان العصمة وقد شُجَّ جبينه، وكسِرت رَباعيته، وبولغ في أذاه؟: فعنه جوابان:
أحدهما: أنه عصمه من القتل، والأسرِ، وتلفِ الجملة، فأمّا عوارض الأذى: فلا تمنع عصمة الجملة.
والثاني: أن هذه الآية نزلت بعدما جرى عليه ذلك؛ لأن " المائدة " من أواخر ما نزل.
" زاد المسير " (2/ 397).
4. وقال الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله -:
أما ما يصيب الرسل من أنواع البلاء: فإنه لم يُعصم منه عليه الصلاة والسلام , بل أصابه شيء من ذلك , فقد جُرح يوم أحد , وكُسرت البيضة على رأسه , ودخلت في وجنتيه بعض حلقات المغفر , وسقط في بعض الحفر التي كانت هناك , وقد ضيقوا عليه في مكة تضييقاً شديداً , فقد أصابه شيء مما أصاب من قبله من الرسل , ومما كتبه الله عليه , ورفع الله به درجاته , وأعلى به مقامه , وضاعف به حسناته , ولكن الله عصمه منهم فلم يستطيعوا قتله، ولا منعه من تبليغ الرسالة , ولم يحولوا بينه وبين ما يجب عليه من البلاغ، فقد بلغ الرسالة وأدى الأمانة صلى الله عليه وسلم.
" فتاوى الشيخ ابن باز " (8 / ص 150).
5. وقال القرطبي - رحمه الله -:
ليس في الآية ما ينافي الحراسة، كما أن إعلام الله نصر دينه وإظهاره، ما يمنع الأمر بالقتال، وإعداد العدد.
" المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم " (6/ 280).
6. وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله - بعد أن ساق كلام القرطبي هذا -:
وعلى هذا فالمراد: العصمة من الفتنة، والإِضلال، أو إزهاق الروح، والله أعلم.
" فتح الباري " (6/ 82).
رابعاً:
من الشواهد العملية على عصمته صلى الله عليه وسلم من القتل قبل تبليغ الرسالة:
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزْوَةً قِبَلَ نَجْدٍ فَأَدْرَكَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَادٍ كَثِيرِ الْعِضَاهِ فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْتَ شَجَرَةٍ فَعَلَّقَ سَيْفَهُ بِغُصْنٍ مِنْ أَغْصَانِهَا، قَالَ: وَتَفَرَّقَ النَّاسُ فِي الْوَادِي يَسْتَظِلُّونَ بِالشَّجَرِ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ رَجُلاً أَتَانِي وَأَنَا نَائِمٌ فَأَخَذَ السَّيْفَ فَاسْتَيْقَظْتُ وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِي فَلَمْ أَشْعُرْ إِلا وَالسَّيْفُ صَلْتًا فِي يَدِهِ، فَقَالَ لِي: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قَالَ: قُلْتُ: اللَّهُ، ثُمَّ قَالَ فِي الثَّانِيَةِ: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قَالَ: قُلْتُ: اللَّهُ، قَالَ: فَشَامَ السَّيْفَ فَهَا هُوَ ذَا جَالِسٌ ثُمَّ لَمْ يَعْرِضْ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
رواه البخاري (2753) ومسلم (843).
وفي رواية: فقال: يا محمد من يمنعك مني؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الله يمنعني منك، ضع السيف، فوضعه.
قال النووي:
ففيه بيان توكل النبي صلى الله عليه وسلم على الله، وعصمة الله تعالى له من الناس، كما قال الله تعالى (والله يعصمك من الناس).
" شرح مسلم " (15/ 44).
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
http://www.islam-qa.com/index.php?ref=104825&ln=ara (http://www.islam-qa.com/index.php?ref=104825&ln=ara)
والتعليقات هنا، فقد سبق طرح الموضوع
www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=112433 (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=112433)
ـ[عبدالرحمن الناصر]ــــــــ[11 - 02 - 09, 03:26 م]ـ
الأخ الناصر .. هذه معجزة، وقد أخبر النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- أمَّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- وهو في مرضه أنه يجد أثر الأكلة التي أكلها بخيبر.
حيا الله الشيخ الحبيب.
بارك الله فيك، والرد كتبته عندما قرأت أن الرواية ضعفها بعض أهل العلم ..
ولو علمت أنها صحيحة لما كتبت ..
حفظكم الله.
ـ[أبو الوليد الهاشمي]ــــــــ[11 - 02 - 09, 03:59 م]ـ
نريد تخريجا لحديث وهذا أوان انقطاع الأبهر مني
لنرى أيصح أم لأأ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/330)
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[11 - 02 - 09, 07:40 م]ـ
نريد تخريجا لحديث وهذا أوان انقطاع الأبهر مني
لنرى أيصح أم لأأ
سبحان الله
جزى اللهُ خيراً الشيخ المفضال إحسان على ما أتحفنا به، وبارك له في علمه وعمله وعقبه.
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[11 - 02 - 09, 08:58 م]ـ
آمين
ولك مثله
وجزاك الله خيراً
ـ[محمد أسامة علي]ــــــــ[11 - 02 - 09, 09:14 م]ـ
النبي عليه الصلاة والسلام أكل من الشاة المسمومة قبل 3 أو 4 سنوات من وفاته ..
فهل يموت الإنسان من السم بعد 4 سنوات!!
لعل السبب هو العصمة كما أفاد أبو يوسف التواب جزاه الله خيرا
ـ[ابو العز النجدي]ــــــــ[12 - 02 - 09, 12:22 ص]ـ
تنبيه حديث
((فَهَذَا أَوَانُ وَجَدْتُ انْقِطَاعَ أَبْهَرِي مِنْ ذَلِكَ السُّمِّ))
لم يره البخاري موصولا وإنما ذكره معلقا خلافا لما يردده البعض ويجزم بصحته
يظنه موصولا ويُنكِر على من يسأل عن صحته!!
فقال البخاري
وَقَالَ يُونُسُ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ عُرْوَةُ قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ يَا عَائِشَةُ مَا أَزَالُ أَجِدُ أَلَمَ الطَّعَامِ الَّذِي أَكَلْتُ بِخَيْبَرَ فَهَذَا أَوَانُ وَجَدْتُ انْقِطَاعَ أَبْهَرِي مِنْ ذَلِكَ السُّمِّ
قال الحافظ في الفتح
وَهَذَا قَدْ وَصَلَهُ الْبَزَّار وَالْحَاكِم وَالْإِسْمَاعِيلِيّ مِنْ طَرِيق عَنْبَسَةَ بْن خَالِد عَنْ يُونُس بِهَذَا الْإِسْنَاد. وَقَالَ الْبَزَّار: تَفَرَّدَ بِهِ عَنْبَسَةُ عَنْ يُونُس، أَيْ بِوَصْلِهِ، وَإِلَّا فَقَدْ رَوَاهُ مُوسَى بْن عُقْبَة فِي الْمَغَازِي عَنْ الزُّهْرِيّ لَكِنَّهُ أَرْسَلَهُ، وَلَهُ شَاهِدَانِ مُرْسَلَانِ أَيْضًا أَخْرَجَهُمَا إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ فِي " غَرَائِب الْحَدِيث " لَهُ أَحَدهمَا مِنْ طَرِيق يَزِيد بْن رُومَان وَالْآخَر مِنْ رِوَايَة أَبِي جَعْفَر الْبَاقِر، وَلِلْحَاكِمِ مَوْصُول مِنْ حَدِيث أُمّ مُبَشِّر قَالَتْ: " قُلْت: يَا رَسُول اللَّه مَا تَتَّهِم بِنَفْسِك؟ فَإِنِّي لَا أَتَّهِم بِابْنِي إِلَّا الطَّعَام الَّذِي أَكَلَ بِخَيْبَر؛ وَكَانَ اِبْنهَا بِشْر بْن الْبَرَاء بْن مَعْرُور مَاتَ، فَقَالَ: وَأَنَا لَا أَتَّهِم غَيْرهَا. وَهَذَا أَوَان اِنْقِطَاع أَبْهَرِي "
وَرَوَى اِبْن سَعْد عَنْ شَيْخه الْوَاقِدِيِّ بِأَسَانِيد مُتَعَدِّدَة فِي قِصَّة الشَّاة الَّتِي سُمَّتْ لَهُ بِخَيْبَر، فَقَالَ فِي آخِر ذَلِكَ: " وَعَاشَ بَعْد ذَلِكَ ثَلَاث سِنِينَ حَتَّى كَانَ وَجَعه الَّذِي قُبِضَ فِيهِ. وَجَعَلَ يَقُول: مَا زِلْت أَجِد أَلَم الْأَكْلَة الَّتِي أَكَلْتهَا بِخَيْبَر عِدَادًا حَتَّى كَانَ هَذَا أَوَان اِنْقِطَاع أَبْهَرِي " عِرْق فِي الظَّهْر وَتُوُفِّيَ شَهِيدًا اِنْتَهَى
وَقَوْله: " عِرْق فِي الظَّهْر " مِنْ كَلَام الرَّاوِي، وَكَذَا قَوْله: " وَتُوُفِّيَ شَهِيدًا "
انتهى كلامه رحمه
وللحديث طرق أخرى موصولة ومرسلة تركت ذكرها خشية الإطالة =لا تخلو من علةٍ=
ومجموعها يدل على أن للحديث أصلا
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[12 - 02 - 09, 03:06 ص]ـ
الحديث ضعيف بكل طرقه.
وهنا موضوع مطابق:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=112433
ـ[أبو الوليد الهاشمي]ــــــــ[12 - 02 - 09, 07:17 ص]ـ
تنبيه حديث
((فَهَذَا أَوَانُ وَجَدْتُ انْقِطَاعَ أَبْهَرِي مِنْ ذَلِكَ السُّمِّ))
لم يروه البخاري موصولا وإنما ذكره معلقا خلافا لما يردده البعض ويجزم بصحته
يظنه موصولا ويُنكِر على من يسأل عن صحته!!
لا فض فوك
وأقول سبحان الله
يظنون أننا نضعف ما في البخاري!!!
لو رواه البخاري على شرطه ما جادلنا ولا ناقشنا
ولكنه كما نرى معلقا
على كل نريد تخريجا دقيقا من المحدثين الكرام مع نقل واسع عن العلماء
وما سبب تحسينهم له
ايتونا بكلام الحفاظ يا معشر الإخوة
نريد تحقيقا .... لا تعليقات
ـ[ابو العز النجدي]ــــــــ[12 - 02 - 09, 11:41 ص]ـ
لا فض فوك
وأقول سبحان الله
يظنون أننا نضعف ما في البخاري!!!
لو رواه البخاري على شرطه ما جادلنا ولا ناقشنا
ولكنه كما نرى معلقا
وفاك يا شيخ أبا الوليد
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[12 - 02 - 09, 12:43 م]ـ
جزيت خيراً أبا العز، وأحسنت قيلاً .. وإنما اغتررت بقول بعضهم: رواه البخاري.
وكان الصواب بيان كونه معلقاً.
ويبقى الحديث صحيحاً
فالبخاري إذا علق الحديث بصيغة الجزم إلى بعض رواته فهو صحيح منه إلى من سماه، وهو يونس هنا .. وهذا أمر شائع في الصحيح.
إضافة إلى أن الحديث قد وصله غيره بحمد الله .. فصحته ظاهرة، والله أعلم.
ـ[أبو القاسم الحائلي]ــــــــ[16 - 03 - 09, 09:25 م]ـ
ماذا عن لفظة (قتلتني يهود) هل هي صحيحة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/331)
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[16 - 03 - 09, 11:37 م]ـ
قال البزار: لا نعلم رواه عن يونس إلا عنبسة. فهذه علة الحديث، والله أعلم.
وقد اختلف فيه عن الزهري كذلك. فقد روي عن معمر عن الزهري عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك عن أمه عن أم مبشر رضي الله عنها.
وقيل الصواب: عبد الرحمن عن أبيه، وأمه مجهولة.
رواه موسى بن عقبة في المغازي عن الزهري مرسلاً.
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[17 - 03 - 09, 10:37 ص]ـ
قال البزار: لا نعلم رواه عن يونس إلا عنبسة. فهذه علة الحديث، والله أعلم.
وقد اختلف فيه عن الزهري كذلك. فقد روي عن معمر عن الزهري عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك عن أمه عن أم مبشر رضي الله عنها.
وقيل الصواب: عبد الرحمن عن أبيه، وأمه مجهولة.
رواه موسى بن عقبة في المغازي عن الزهري مرسلاً.
أهذه علة تقدح؟! بارك الله فيك
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[18 - 03 - 09, 04:09 ص]ـ
أما في الأصل فلا، وإن كانت تكفي لأن لا يكون الحديث من شرط الشيخين ... لكن إذا المحدث وجد في الحديث نكارة فقد يعله بعلة ليست في الأصل قادحة، والله أعلم.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[18 - 03 - 09, 04:42 ص]ـ
ولتوضيح العلة فقد اختلف عن الزهري في ثلاث طرق:
فرواه عنبسة عن يونس عن الزهري: عن عروة عن أمنا عائشة. وظاهر أن هذا ضعيف لأن عنبسة ليس بذاك، ولا يحتمل التفرد بإسناد كذلك. يعني أن يتفرد الزهري عن عروة بهذا ممكن، وإن مستغربا قليلا، لكنه ممكن. ثم يتفرد يونس عن الزهري بهذا فهو أغرب. ويونس بن يزيد ليس من الحفاظ لكن كتابه صحيح. ولم يأت هذا الحديث عن أحد ممن ثبت أنه أخذ كتابه. وعنبسة بن خالد نفسه ليس من الحفاظ، ولا يحتمل التفرد عن يونس فكيف وقد خولف يونس؟ لا شك أنه مردود. والله أعلم.
ورواه موسى بن عقبة عن الزهري مرسلاً. وموسى ثقة لكنه ليس أوثق أصحاب الزهري.
ورواه معمر عن الزهري مرسلا -وكذلك عن عبد الرحمن عن أمه أو عن أبيه- عن أم مبشر. ومعمر من أوثق أصحاب الزهري.
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[18 - 03 - 09, 09:49 ص]ـ
أما في الأصل فلا، وإن كانت تكفي لأن لا يكون الحديث من شرط الشيخين ... لكن إذا المحدث وجد في الحديث نكارة فقد يعله بعلة ليست في الأصل قادحة، والله أعلم.
إذن .. أعللته بالعقل المحض.
أليس كذلك؟
ـ[أحمد الأقطش]ــــــــ[08 - 06 - 09, 11:26 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على مَن لا نبيّ بعده، وعلى آله وصحبه ومَن اتبع هديه،،
... وبعد،،
فقد تكلّم العلماء في وفاته صلى الله عليه وسلم وأنه مات مسموماً استناداً إلى عدد من الروايات. وقد بحثتُ عمَّن تناول هذه الأحاديث وحكم عليها، فلم أظفر بما يروي الغليل. وعمدة مَن يقول بهذا الرأي هو الحديث الذي أخرجه البخاري عن أم المؤمنين عائشة، وله شاهد مِمَّا يُروى عن أم مبشر، وشاهد مِمَّا يُروى عن أم سلمة. وإليك البيان:
= = = = = = = = = = = = = =
أولاً: حديث عائشة
((كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في مرضه الذي مات فيه: "يا عائشة، ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلتُ بخيبر، فهذا أوان وجدتُ انقطاع أبهري من ذلك السم")).
التخريج
- أخرجه البخاري (4165) تعليقاً، فقال: "وقال يونس، عن الزهري: قال عروة: قالت عائشة رضي الله عنها".
- وأخرجه الإسماعيلي (تغليق التعليق 2/ 431) عن محمد بن أحمد بن سعيد البزاز، والبزار (تغليق التعليق 2/ 432) عن أحمد بن منصور، والحاكم (المستدرك 4393) من طريق يوسف بن موسى المروزي، وابن حجر (تغليق التعليق 2/ 431) من طريق أبي بكر بن أبي داود.
أربعتهم (البزاز، وابن منصور، وابن موسى، وابن أبي داود): عن أحمد بن صالح، عن عنبسة بن خالد، عن يونس بن يزيد.
- وأخرجه موسى بن عقبة في المغازي (تغليق التعليق 2/ 432).
وكلاهما (يونس، وموسى): عن ابن شهاب الزهري. إلا أن يونس أسنده فقال: "عن ابن شهاب قال: قال عروة: كانت عائشة تقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول"، وأرسله موسى فقال: "عن ابن شهاب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم".
نقد الحديث
** رواية البخاري ليست على شرطه في الصحيح، بل هي من المعلَّقات. وقد أوردها البخاري استئناساً لا احتجاجاً. ويا ليت أنّ المشايخ حفظهم الله أشاروا إلى ذلك.
** وهذا الحديث معلول بأربع علل:
(1) تعارُض الوصل والإرسال: فقد رواه عن الزهري اثنان: يونس بن يزيد، وموسى بن عقبة. واختلفا: فوصل يونسُ السندَ، وأرسله موسى.
(2) تفرُّد عنبسة بن خالد: وهذا الراوي كما قال ابن حجر (تقريب التهذيب 1/ 432): "صدوق"، والبخاري لا يُخرج له منفرداً. قال ابن حجر (تهذيب التهذيب 277، 8/ 137): ((أخرج له البخاري مقروناً بغيره)). اهـ قال أحمد بن حنبل: ((ما لنا ولعنبسة! أي شيء خرج علينا من عنبسة! مَن روى عنه غير أحمد بن صالح؟)). اهـ وقال الساجي: ((رَوى عن يونس أحاديث انفرد بها عنه)). وهذا الحديث من جملتها، وقد حمَلَ البزّارُ وصْلَ الحديثِ على تفرُّد عنبسة.
(3) تدليس الزهري: وقد ذكره ابن أبي حاتم في كتاب المدلسين (60)، ووضعه ابن حجر (طبقات المدلسين 102) في المرتبة الثالثة من المدلسين، وهم الذين لا يُقبل حديثهم إلاّ إذا صرّحوا بالسماع. وهو هنا لم يصرّح، بل قال: "قال عروة".
(4) الانقطاع بين عروة وعائشة: فقد قال: "كانت عائشة تقول"، وعند البخاري: "قالت عائشة". وهذه الصيغة لا تدل على السماع، وقد نبّه الإمامُ أحمد إلى هذه العلة الدقيقة. فقد قيل له (الكفاية في علم الرواية 2/ 484): إن رجلاً قال: "عن عروة: قالت عائشة: يا رسول الله" و "عن عروة، عن عائشة" سواء. قال: ((كيف هذا سواء؟ ليس هذا بسواء)). هـ
وقال ابن رجب (شرح علل الترمذي 1/ 380): ((وأما رواية عروة "عن عائشة عن النبي"، وعروة "أن عائشة قالت للنبي"، فهذا هو القسم الثاني وهو الذي أنكر أحمد التسوية بينهما. والحفاظ كثيراً ما يذكرون مثل هذا ويعدونه اختلافاً في إرسال الحديث واتصاله، وهو موجود كثيراً في كلام أحمد وأبي زرعة وأبي حاتم والدارقطني، وغيرهم من الأئمة)). اهـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/332)
ـ[أحمد الأقطش]ــــــــ[08 - 06 - 09, 11:31 ص]ـ
ثانياً: حديث أم مبشر
((أن أم مبشر قالت للنبي صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه: ما يتهم بك يا رسول الله؟ فإني لا أتهم بابني شيئاً إلا الشاة المسمومة التي أكل معك بخيبر. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "وأنا لا أتهم بنفسي إلا ذلك، فهذا أوان قطعت أبهري")).
التخريج
- أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (19815)، وأخرجه أبو داود (4515) عن مخلد بن خالد عنه.
- وأخرجه أبو داود (4516) وكذلك الحاكم (المستدرك 4966) من طريق رباح بن زيد.
كلاهما (عبد الرزاق، ورباح): عن معمر بن راشد، عن الزهري.
واختُلف عن الزهري على أربعة أقوال:
• عن الزهري، عن ابن كعب بن مالك مرسلاً: (عبد الرزاق في مصنفه).
• عن الزهري، عن ابن كعب بن مالك، عن أبيه: (مخلد بن خالد عند أبي داود).
• عن الزهري، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أمه: (أحمد بن حنبل من طريق رباح عند أبي داود).
• عن الزهري، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبيه، عن أم مبشر: (أحمد بن جعفر من طريق ابن حنبل عند الحاكم).
نقد الحديث
** هذا السند اضطرب فيه الرواة، فلم يضبطوه مِن الزهري فما فوق. قال أبو داود: ((وربما حدَّث عبد الرزاق بهذا الحديث مرسلاً: عن معمر، عن الزهري، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وربما حدث به عن الزهري، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك. وذكر عبد الرزاق أن معمراً كان يحدثهم بالحديث مرة مرسلاً فيكتبونه، ويحدثهم مرة به فيسنده فيكتبونه، وكلٌّ صحيح عندنا. قال عبد الرزاق: فلما قدم ابن المبارك على معمر، أسند له معمر أحاديث كان يوقفها)). اهـ
قلتُ: أرجع أبو داود هذا الاختلاف إلى صنيع معمر نفسه، ولكن يظهر أن الرواة أيضاً مشتركون في هذا الاضطراب. فقد خالف رباحٌ عبدَ الرزاق: ففي رواية عبد الرزاق عن معمر أن شيخ الزهري هو ابن كعب، بينما في رواية رباح عن معمر أنه حفيد كعب وليس ابنه. ثم في رواية رباح عند أبي داود "عن أمه" يعني زوجة عبد الله بن كعب، وعند الحاكم "عن أبيه" يعني عبد الله بن كعب وليس كعباً نفسه! ثم عند عبد الرزاق وأبي داود من طريقه ومن طريق رباح أيضاً: "أن أم مبشر" هكذا مرسلاً. لكنه عند الحاكم موصول: "عن أبيه عن أم مبشر".
فهذا الحديث وقع فيه أيضاً (تعارض الوصل والإرسال)، وهو بطريقيه (عبد الرزاق، ورباح) لا يصحّ.
* فأما رواية عبد الرزاق: فمعلولة بثلاث علل:
(1) تدليس الزهري: فقد عنعن وقال: ((عن ابن كعب)).
(2) الانقطاع بين الزهري وابن كعب: فقد قال أحمد بن صالح المصري (جامع التحصيل في أحكام المراسيل ص269): ((لم يسمع من عبد الرحمن بن كعب بن مالك شيئاً، والذي يروي عنه هو عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك)). اهـ فهو يروي عن حفيد كعب لا ابنه.
(3) الانقطاع بين ابن كعب وأم مبشر: فقد جاءت الرواية مرسلة: ((عن ابن كعب بن مالك: أن أم مبشر قالت)). وقد مرّ عليك أن ابن كعب المقصود هو حفيد كعب بن مالك، وهو لم يدرك أم مبشر ولم يسمع منها.
** وأما رواية رباح: فمعلولة بثلاث علل:
(1) تدليس الزهري.
(2) جهالة أم عبد الرحمن: جاء السند عند أبي داود ((عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أمه)). قال ابن الأعرابي: ((كذا قال "عن أمه"، والصواب "عن أبيه عن أم مبشر")). اهـ قلتُ: فقوله "كذا قال" دالٌّ على أن هذا هو السند كما ثبت في سنن أبي داود، وأن التعديل جاء في الإسناد النازل.
(3) الانقطاع بين أم عبد الرحمن وأم مبشر: فقد جاء السند هكذا ((عن أمه أن أم مبشر دخَلَت)) ولم تعاصر أم عبد الرحمن هذه الواقعة ولا سمعتها من أم مبشر.
** أم مبشر ليست أم بشر
.. تبقى علة أخرى تكشف بطلان هذه القصة وهو ما يتعلق بهذه الصحابية، لأن أم مبشر ليست هي أم الصحابي بشر بن البراء الذي مات من سُمّ الشاة، ولا علاقة لها به .. بل هي زوجة زيد بن حارثة!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/333)
ذكرها ابن حبان (الثقات 1541، 3/ 459) فقال: ((أم مبشر: امرأة زيد بن حارثة)). اهـ ويوضح لك ابن حجر سبب اللبس فيقول (تهذيب التهذيب 2986، 12/ 505): ((أم مبشر الأنصارية: امرأة زيد بن حارثة .. زعم الدمياطي أن اسمها "جهينة بنت صيفي بن صخر"، وأنها زوجة البراء بن معرور أم ولديه بشر ومبشر. قال: وخلف عليها بعده زيد بن حارثة، كذا قال. وقد ذكر أبو جعفر الطبري وأبو علي بن السكن: أن اسم أم بشر بن البراء "خليدة بنت قيس بن ثابت بن مالك الأشجعية". وقال ابن عبد البر: أم بشر بنت البراء بن معرور، ويقال لها أم مبشر، اسمها "خليدة"، كذا قال. وكأنه أراد أن يكتب أم بشر بن البراء، ولعله من طغيان القلم. وقد اعترض عليه ابن فتحون. وذكر خليفة بن خياط: أن للبراء بن معرور بنتاً تسمى أم قيس، فالله تعالى أعلم)). اهـ
قلتُ: فسبب اللبس لديهم بين "أم مبشر" و "أم بشر" هو أن المرأة التي وردت في حديثنا هذا دعاها الزهري "أم مبشر" وجعلها أم بشر بن البراء. في حين أن "أم مبشر" هي زوجة زيد بن حارثة، فأرادوا التوفيق بين هذه وتلك!
وإنما التبس عليهم الأمر لأن هناك مرأة من آل البراء بن معرور اسمها "أم بشر"، فظنوا أنها زوجته أم بشر ابنه. ولكن "أم بشر" هي بنت البراء وليست زوجته، أي أنها أخت بشر لا أمه. ذكرها ابن حبان (الثقات 1540، 3/ 459) فقال: ((أم بشر بنت البراء بن معرور)). اهـ وقال ابن حجر (الإصابة 11907، 8/ 175): ((أم بشر: بنت البراء بن معرور. تقدم نسبها في ترجمة والدها وفي ترجمة أخيها بشر)). اهـ
** القصة في مرض كعب لا مرض الرسول
وهم الزهري فأدخل قصة مرض كعب بن مالك في قصة مرض النبي صلى الله عليه وسلم! وقد روى الزهري مرض كعب بذات الإسناد.
وأصل القصة ذكرها ابن حجر فقال (الإصابة 11907، 8/ 175): ((روى الزهري، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبيه قال: "لما حضرت كعباً الوفاة، أتته أم بشر بنت البراء بن معرور قالت: يا أبا عبد الرحمن، إن لقيت أبي فاقرأه مني السلام. فقال: لعمر الله يا أم بشر، لنحن أشغل من ذلك! فقالت: أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (إن أرواح المؤمنين نسمة تسرح في الجنة حيث تشاء وإن نسمة الفاجر في سجين؟) قال: بلى. قالت: هو ذاك". أخرجه ابن منده، من رواية الحارث بن فضيل، عن الزهري عنه، قال: رواه يونس والزبيدي، عن الزهري فقال: أبو مبشر. وقال أبو نعيم: اختلف أصحاب بن إسحاق عن الزهري عنه، فمنهم من قال "أم بشر" ومنهم من قال "أم مبشر")). اهـ
فأنت ترى أن هذا الحديث معلول لا يصحّ:
- فسنده منقطع بتدليس الزهري
- والرواة فوق الزهري مختلف فيهم
- وأم عبد الرحمن مجهولة الحال
- وهناك انقطاع بينها وبين أم مبشر
- وأم مبشر هي زوجة زيد بن حارثة وليست زوجة البراء بن معرور
- وأن القصة وقعت مع كعب بن مالك لا النبي صلى الله عليه وسلم.
= = = = = = = = = = = = = =
ثالثاً: حديث أم سلمة:
((يا رسول الله لا يزال يصيبك كل عام وجع من الشاة المسمومة التي أكلت. قال: "ما أصابني شيء منها إلا وهو مكتوب عليَّ وآدم في طينته")).
التخريج
- أخرجه ابن ماجه (3546) والطبراني (مسند الشاميين 1507) من طريق يحيى بن عثمان.
- وأخرجه الفريابي (القدر 377) عن مالك بن سليمان.
كلاهما (يحيى، ومالك): عن بقية بن الوليد، عن أبي بكر العنسي، عن يزيد بن أبي حبيب ومحمد بن يزيد، عن نافع، عن ابن عمر قال: قالت أم سلمة.
نقد الحديث
هذا الإسناد لا يصحّ وهو معلول بثلاث علل:
(1) تدليس بقية بن الوليد: بقية بن الوليد مدلّس مشهور ذكره ابن حجر في المرتبة الرابعة من المدلسين (117) وقال: ((وكان كثير التدليس عن الضعفاء والمجهولين)). اهـ وهو يروي أحاديث مناكير عن الثقات، فكيف بالضعفاء! روى الترمذي في سننه (السنن 2203) عن الإمام البخاري، عن أحمد بن الحسن، عن أحمد بن حنبل قال: ((لبقية أحاديث مناكير عن الثقات)). اهـ
(2) جهالة أبي بكر العنسي: شيخ بقية في هذا الحديث هو أبو بكر العنسي. قال ابن عدي (تهذيب الكمال 7264، 33/ 154): ((مجهول، له أحاديث مناكير عن الثقات)). وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: ((ضعيف)).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/334)
(3) الانقطاع بين ابن عمر وأم سلمة: فالسند مرسَل ففيه ((عن ابن عمر قال: قالت أم سلمة)). وقد مرَّ عليك في الحديث الأول ((قال عروة: قالت عائشة)) كيف أن الإمام أحمد لم يحكم لهذه الصيغة بالاتصال.
ـ[أحمد الأقطش]ــــــــ[08 - 06 - 09, 12:07 م]ـ
مخالفة كتاب الله
هذه الأحاديث على ما بها من علل، تخالف قوله تعالى: ((يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) [المائدة 67].
قال الطبري: ((ويعني بقوله "والله يعصمك من الناس": يمنعك من أن ينالوك بسوء)). اهـ وقال الزمخشري: ((المراد: أنه يعصمه من القتل)). اهـ وقال الرازي: ((المراد: يعصمه من القتل)). اهـ وقال ابن كثير: ((ومن عصمة الله لرسوله: حفظه له من أهل مكة وصناديدها ... وكلما هَمَّ أحد من المشركين وأهل الكتاب بسوء، كاده الله وردَّ كيده عليه .. ولمَّا سمه اليهود في ذراع تلك الشاة بخيبر، أعلمه الله به وحماه منه)). اهـ
وهنا سؤال: إن كانت العصمة المرادة في الآية هي العصمة من القتل، فكيف ورَد إمكان قتله عليه الصلاة والسلام في قوله تعالى (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ) [آل عمران: 144]؟
والجواب: أن آية آل عمران إنما نزلت في غزوة أحد بإجماع المفسرين، بينما آية المائدة من أواخر ما نزل من القرآن.
قال ابن كثير في تفسير آية المائدة: ((والصحيح أن هذه الآية مدنية، بل هي مِن أواخر ما نزل بها)). اهـ
وقال الفخر الرازي: ((سؤال: وهو أنه كيف يجمع بين ذلك وبين ما رُوي أنه عليه الصلاة والسلام شج وجهه يوم أحُد وكسرت رباعيته؟ والجواب من وجيهن:
0 أحدهما: أن المراد يعصمه من القتل، وفيه التنبيه على أنه يجب عليه أن يحتمل كل ما دون النفس من أنواع البلاء، فما أشد تكليف الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
0 وثانيها: أنها نزلت بعد يوم أحد)). اهـ
الخلاصة
يتضح أن قوله تعالى (أفإن مات أو قتل) كان في أوائل القرآن المدني، وأما قوله تعالى (والله يعصمك من الناس) كان في أواخره. وبالتالي، فآية العصمة قطعية الثبوت والدلالة في عصمته صلى الله عليه وسلم من القتل.
= = = = = = = = = = = = =
مخالفة صحيح السنة
هذه الأحاديث لم تخالف فقط القرآن، بل خالفت أيضاً الأحاديث الصحيحة التي وردت في قصة الشاة المسمومة يوم خيبر، وهي الأحاديث التي اتفق البخاري ومسلم على صحتها.
(*) ففي حديث أبي هريرة الذي أخرجه البخاري (5441) والنسائي (11355) وأحمد (9826) والبيهقي (الدلائل 1609) وغيرهم، أن الرسول صلى الله عليه وسلم سأل اليهود: (("هل جعلتم في هذه الشاة سماً؟ " فقالوا: نعم. فقال: "ما حملكم على ذلك؟ " فقالوا: أردنا إن كنتَ كذاباً نستريح منك، وإن كنت نبياً لم يضرك)). اهـ
(*) وفي حديث أنس بن مالك الذي أخرجه البخاري (2474) ومسلم (2190) وأبو داود (4508) والبيهقي (السنن 15785) وغيرهم، أن النبي لما سأل المرأة اليهودية قالت: (("أردتُ لأقتلك". قال: "ما كان الله ليسلطك على ذاك")). اهـ
فأكل - بأبي هو وأمّي - من هذه الشاة، فلم يضرّه شيء، وأخبر المرأة أن الله حفظه من القتل. وهكذا ردّ الله كيد اليهود وعصم نبيّه صلوات الله عليه. فكيف يُترَك قطعيُّ القرآن وصحيحُ السنة، ويُحتجّ بأحاديث غير صحيحة؟ ناهيكَ عن أن الفترة بين هذه الوليمة بخيبر وبين وفاة النبي قرابة الثلاث سنين، فأيُّ سُمّ ذاك الذي يفتك بصاحبه بعد هذه المدة البعيدة!
قال النووي في شرح مسلم (14/ 179): ((وقوله صلى الله عليه وسلم: "ما كان الله ليسلطك على ذاك" أو قال: "عليَّ"، فيه بيان عصمته صلى الله عليه وسلم من الناس كلهم كما قال الله: "والله يعصمك من الناس". وهي معجزة لرسول الله صلى الله عليه وسلم في سلامته من السم المهلك لغيره)). اهـ
- وقال ابن كثير في تفسيره (المائدة 67): ((ولمَّا سمه اليهود في ذراع تلك الشاة بخيبر، أعلمه الله به وحماه منه)). اهـ
والله تعالى أعلى وأعلم
ـ[أبو المظفر السِّنَّاري]ــــــــ[12 - 03 - 10, 10:07 م]ـ
ينظر للرد على الأخ الأقطش هذا الرابط:
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=52445
ـ[علي ابن جابر]ــــــــ[12 - 03 - 10, 10:24 م]ـ
الخلاصة القول بأن الرسول صلي الله عليه وسلم مات شهيدا مخالف للقرآن و لو تقول علينا بعض الأقاويل ......
و جاء في التوراة إن قتل هذا الرسول فهو كذاب .. ز
ـ[اسلام سلامة علي جابر]ــــــــ[12 - 03 - 10, 11:02 م]ـ
من الناحية الطبية والعلمية ففي مؤتمر الإعجاز العلمي على ما أذكر سنة 2006 ميلادي تم عمل بحث علمي
عن السم المستخدم في الشاه وعن آثاره الجانبية
وكان الزرنيخ هو السم
ومن آثاره أن يترك علامة في اللثة وهذه فيها حديث صحيح عن أنس رضي الله عنه
ومن آثاره قطع وشق الأبهري وهو عرق قريب من القلب إذا قطع يسبب الوفاة
والموت من الزرنيخ (الجرعة البسيطة) يكون بعد فترة كبيرة ويسبب أعراض تشبه الحمى قبل الوفاة
هذا من الناحية العلمية ومن ذاكرتي أما من الناحية الشرعية فالله أعلم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/335)
ـ[محمد أحمد الغمري]ــــــــ[23 - 03 - 10, 12:33 ص]ـ
آمين
ولك مثله
وجزاك الله خيراً
أسال الله أن يرفع قدرك في الدنيا والأخرة ويصلح ذريتك وذريتنا
ـ[أحمد السيد محمد حسن]ــــــــ[11 - 11 - 10, 11:08 ص]ـ
والله انا لا اعرف صحة ذلك
لكن اعتقد ان الرسول بشر مثلنا ... مثل سيدنا يحيى و غير من انبياء بني اسرائيل الذين قتلوا على ايدي اليهود ... فهم بشر. و قد قال ص في حديث فيما معناه (اشد الناس عذابا من قتله نبي او قتل نبيا)
كما ذكر الله تعالى اليهود بالقرآن انهم قتلة الانبياء(146/336)
إسبان يخفون إسلامهم
ـ[هشام زليم]ــــــــ[09 - 07 - 08, 02:29 م]ـ
بسم الله الر حمان الرحيم:
فهذا جواب متواضع لأخينا -مسلم 2000 - أحببت إفراده في هذا الموضوع الخاص حتى تعم الفائدة و لا تختلط المواضيع فتضيع الفوائد.
كان سؤال الأخ هو:"قرأت اخي الكريم بأن الكثير من الشعب الاسباني في وقتنا الحاضر بدأ يبحث عن جذوره الاسلامية والكثير من هؤلاء الباحثين رجع الى اصل اجداده واعتنق الاسلام ... وقرأت ان ردة هؤلاء من المسيحية الى الاسلام بدأ يقض مضاجع الكفرة هناك ... لا أدري اخي عن مدى صحة ما قرأت ... هل هناك فعلا حالات رجوع الى الاسلام من قبل الشعب الاسباني؟ وجزاك الله خيرا ... "
أقول بعد التوكل على الله:
هم أصلا, أخي الحبيب، لم يفقدوا صلتهم بالإسلام حتى يبحثوا عنه. فأغلب الأندلسيين الذين يعيشون في منطقة أندلوسيا جذورهم إسلامية. فرغم طرد المسلمين من الأندلس سنة 1609 عاد البعض إليها و اختبأ البعض الأخر أثناء الطرد حتى هدأت الحملة ثم ظهر كمسيحي تقية. و قبل أن أسرد إليك بعض الأدلة على ما أقول أريد إثارة نقطة مهمة: إن الأندلسيين المسلمين الذين مكثوا في الأندلس تربوا على حفظ الإسلام باطنا و إظهار المسيحية حفاظا على حياتهم فصار عندهم هذا الكتمان ركنا من أركان وجودهم. و هكذا فهم إلى اليوم لا يثقون في النصارى و لا يؤمنون في حرية التدين التي أقرها القانون الإسباني خلال السبعينيات من القرن الماضي و يعتقدون أنه في أي لحظة يمكن أن تخرج إلى الوجود محكمة للتفتيش فتحاسبهم إن هم أعلنوا إسلامهم اليوم. لهذا فهم يفضلون البقاء كنصارى ظاهرا و الحفاظ على إسلامهم. ففي عدة حالات صرّح أندلسيون إسبان لأصدقاء مسلمين لهم أنهم مسلمون لكن لا يستطعون إعلان ذلك. و هذا لا يمنع من أن يجهر بعضهم بالإسلام علانية.
و لا تنسى أخي أن الحكومة الإسبانية اعترفت بالقومية الأندلسية كقومية مختلفة عن الإسبان لهذا أعطتهم الحكم الذاتي. و قد طالب الأاندلسيون بالإستقلال كلية عن إسبانيا لكن مطالبهم جوبهت بالرفض.
و لعلني أذكر لك الأن بعض المبشرات عن انبعاث الإسلام بين الإسبان.
1 - فقد ذكر الدكتور علي الكتاني رحمه الله –وهومغربي من مؤسسي الجماعة الإسلامية بالأندلس اليوم- أن عجوزا مسيحية إسبانية تنحذر من أسرة حاكم نصراني سابق لمنطقة الأندلس و كانت هذه العجوز تملك قصرا يعود إلى ايام جدها الحاكم.
يقول علي الكتاني في محاضرة عن "الوجود الإسلامي بالأمريكيتين" عن هذه الحالة:
"دوق مدينة سيدونيا، والذي كان الحاكم باسم ملك إسبانيا على منطقة الأندلس. فكيف دوق مدينة سيدونيا الذي يمثل السلطة النصرانية (المسيحية) على الأندلس يقوم بمؤامرة من أجل تحرير الأندلس؟. لم أفهم ذلك!!!.
فلما التقيت الدوقة الحالية لمدينة سيدونيا استدعتني في شاطوها (قصرها) قرب مدينة سان لوقا دو باراميدا، قرب مصب الوادي الكبير، فقلت لها: "ما سبب ذلك؟! ". وإذا بجوابها كان أغرب مما كنت أتوقع، حيث أجابتني: "بديهي؛ لأن أصلنا – عائلة دوق مدينة سيدونيا – مسلمون، بل أكثر من ذلك أننا كنا مسلمين سرا". وقالت لي: "تعال أريك في قصرنا؛ كنت أدق حائطا وعندما أسقطته وجدت أسفله مسجدا داخل القصر"، وفعلا صليت – أنا المحاضر – في ذلك المسجد داخل القصر. فإذن؛ هذا الدوق - رحمه الله - قام بمجهود كبير لتحرير الأندلس.
والأهمية في دوقة مدينة سيدونيا؛ أن عندها مكتبة فاخرة مليئة بالوثائق منذ ثلاثمائة وأربعمائة وخمسمائة عام، من ضمنها وثائق مسلمي أميركا الجنوبية!، والبرهان على الوجود الإسلامي في أميريكا قبل أربعمائة عام من كريستوف كولومب. وأخبرتني أنها خائفة من أنها إذا ماتت – وهي تبلغ حوالي سبعين عاما – من أن تسرق وثائقها وتعدم، لأنها تقول بأنه: "لا ثقة في نصارى إسبانيا إلى يومنا هذا"، وهي تقول بأنه: "إلى يومنا هذا يعدمون الوثائق التاريخية المضادة لخرافاتهم التاريخية التي يحبون إقناع الناس بها".
2 - و هذه شهادات و روايات اقتطفتها من مقدمة للشيخ إبراهيم بن أحمد الكتاني رحمه الله لكتاب انبعاث الإسلام بالأندلس للدكتور علي المنتصر الكتاني رحمه الله. حيث يحكي:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/337)
"و حدّثني صديقنا الأديب الكبير خير الدين الزركلي رحمه الله أنه كان مرة في زيارة للأشبونة و استدعاه أحد و جهائها, و اثناء الحديث قال له: ’’إننا ما نزال مسلمين نتوارثه عن جدودنا منذ العهد الإسلامي’’.
و اخبرني الدكتور محمد الناصري, أستاذ الجغرافيا بكلية الأداب بجامعة حمد الخامس بالرباط, أن شابين سلاويين أخبراه أنّهما كانا في إسبانيا, فلقيهما رجل في إحدى المدن فسلم عليهما و سألهما عن بلدهما. فلما عرف أنهما مغربيان استدعاهما لتناول طعام الفطور عنده و أعطاهما عنوانه. فلما ذهبا وجدا دارا نظيفة مثل دور المسلمين, و رحبت بهما العائلة المحتشمة, و قالوا لهما: {إننا مسلمون نخفي إسلامنا}. و لم يفهم الشابان معنى لهذا ...
و أخبرتني الدكتورة أمنة اللوه أنها كانت في الأندلس صحبة زوجها, صديقنا الأستاذ إبراهيم الألغي رحمه الله, فالتقيا في الطريق بأسرة أندلسية لاحظا أن نساءها يرتدين ثيابا محتشمة, فتعارفا, و أخبرتهما أنهم مسلمون يخفون إسلامهم.
.و قرأت في جريدة النور الإسلامية التي تصدر بتطوان مقالا بقلم مديرها صديقنا الدكتور إسماعيل الخطيب يتحدّث فيه عن حظوره أول صلاة للعيد أقامها المسلمون بمدينة غرناطة بعد إعلان الحرية الدينية بإسبانيا, و ذكر أن من بين الذين حظروا الصلاة شخص كان يحمل حقيبة أخرج منها ثوبا إسلاميا لبسه بعد أن نزع ثوبه النصراني, و أنه من المسلمين الذين كانوا يخفون إسلامهم. و قد اهتز كياني و اقشعرّ جلدي و أنا أقرأ هذا الخبر, و أسفت أسفا شديدا أن الدكتور لم يتصل بهذا الرجل و يسأله عن شعوره في هذه المناسبة , و عن تجاربه الإسلامية في المرحلة السابقة.
و بهذه المناسبة أشيرإلى ان المكتبة الأندلسية, و الإسلامية على العموم, في حاجة أكيدة إلى معلومات وافية يُدلي بها هؤلاء الذين عاشوا هذه الحياة المزدوجة بين النصرانية في العلن والإسلام في السر. لإإن استمرار جماعة من المسلمين الأندلسيين, يعيشون مدة خمسة قرون حياة مزدوجة , يتظاهرون فيها بالنصرانية و يسرون الإسلام, متعرضين في ذلك لمختلف الأخطار و الأهوال التي تحدث عنها الكتاب ليعتبرظاهرة فريدة في المجتمع البشري, و خارقة للعادة بكل المقاييس, تبين بكل وضوح أن الدين الإسلامي هو دين الفطرة التي فطر الناس عليها, كما قال الله سبحانه, و هو أصدق القائلين, و أنه استطاع أن يمتزج بأرواح و شغاف قلوب أفراد هذا الشعب الأندلسي النبيل, رجالا و نساءا و أطفالا , بدوا و حضرا , و يكون منهم أمة إسلامية حقيقية استطاعت أن تحقق للإسلام هذه المعجزة العظمى , فتصمد في ميدان التحدي خمسة قرون, لا سلام لها إلا إيمانها الذي يغلب.
لقد تبيّن بما لم يبق معه شك و لا لبس و لا إبهام , أن جماعة من مسلمي الأندلس الذين لم يغادروا الأندلس عندما استولى الصليبيون عليها, قد تنصروا ظاهرامرغمين, و استمروا مسلمين مختفين , إلى أن انبعث الإسلام بالأندلس من جديد, فأظهروا ما كانوا يخفون. و تمثلت هذه الظاهرة الخارقة في ذلك المؤمن الأندلسي المجهول الذي شاهده الدكتور إسماعيل الخطيب يحضر صلاة العيد في غرناطة حاملا حقيبته التي فيها ثوبه الذي يصلي به. و استمر المسلمون الأندلسين يخفون إسلامهم 500 عام إلى أن عادت الحرية الدينية لإسبانيا, و اعترفت حكومتها بالدين الإسلامي و بالقومية الأندلسية المتميزة التي جذورها الإسلام و العربية حسبما قرربطلها في العصر الحديث الشهيد –بإذن الله- بلاس انفانتي تغمده الله بواسع رحمته. فنؤكد أن التعرف على هؤلاء و التعريف بهم أمر شديد الأهمية لدرجة قصوى سواء من لا يزال حيا لحد الان أو من أدركه أجله منذ انبعاث الإسلام بالأندلس و كذلك كل من عرف أنه كان مسلما أيام "" التقية"".
ص 10 - 11 - 12 كتاب انبعاث الإسلام بالأندلس
كما رأيت أخي الحبيب فهم لازالوا يعيشون كابوس محاكم التفتيش النصرانية و لا يثقون في أي محاولات للتقرب منهم حيث يعتبرون تلك المحاولات وسيلة للتجسس عليهم. رغم ذلك فإذا اطمأنوا للشخص و تيقنوا من أنه مسلم ففي هذه الحالة يعترفون له بإسلامهم و يستأمنونه على ذلك.
و هؤلاء الإخوة في حاجة ماسة لدعم العالم الإسلامي لهم و تحسيسهم بتضامنهم معهم على أساس الأخوة الإسلامية ووحدة المصير و أنهم لن يتم تسليمهم في أي حال من الأحوال لمحاكم التفتيش إن هي عادت و حاولت محاسبتهم.
ـ[أبو حازم المسالم]ــــــــ[10 - 07 - 08, 01:22 م]ـ
والأهمية في دوقة مدينة سيدونيا؛ أن عندها مكتبة فاخرة مليئة بالوثائق منذ ثلاثمائة وأربعمائة وخمسمائة عام، من ضمنها وثائق مسلمي أميركا الجنوبية!، والبرهان على الوجود الإسلامي في أميريكا قبل أربعمائة عام من كريستوف كولومبوس.
وأخبرتني أنها خائفة من أنها إذا ماتت – وهي تبلغ حوالي سبعين عاما – من أن تسرق وثائقها وتعدم، لأنها تقول بأنه: "لا ثقة في نصارى إسبانيا إلى يومنا هذا"، وهي تقول بأنه: "إلى يومنا هذا يعدمون الوثائق التاريخية المضادة لخرافاتهم التاريخية التي يحبون إقناع الناس بها".
هلاّ قام أحدهم بتصويرها رقميا؟
فبذا نستطيع حفظها ونشرها للآفاق ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/338)
ـ[موسى بن نصير]ــــــــ[10 - 07 - 08, 06:25 م]ـ
شكرآ لك اخي الكريم ... وهل للدكتور علي الكتاني رحمه الله مؤلفات مطبوعة واين يمكن الحصول عليها
ـ[أبو زكريا الخالدي]ــــــــ[10 - 07 - 08, 08:43 م]ـ
http://www.biblioislam.net/Elibrary/Arabic/library/searchResult.asp?docBA=1&docAA=2&docRA=3&docTA=4&skey2=9061&skey1Txt=%D8%B9%D9%84%D9%8A%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D 9%86%D8%AA%D8%B5%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%AA% D8%A7%D9%86%D9%8A&extSrch=ON
ـ[موسى بن نصير]ــــــــ[09 - 08 - 08, 07:32 م]ـ
http://www.biblioislam.net/Elibrary/Arabic/library/searchResult.asp?docBA=1&docAA=2&docRA=3&docTA=4&skey2=9061&skey1Txt=%D8%B9%D9%84%D9%8A%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D 9%86%D8%AA%D8%B5%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%AA% D8%A7%D9%86%D9%8A&extSrch=ON
كل الشكر والتقدير للاخ ابو زكريا الخالدي .. والشكر موصول للاخ
أبو تاشفين المغربي(146/339)
جواب شيخ الإسلام عن سر العمود في دمشق الموضوع لعسر بول الدواب
ـ[عبد الباسط بن يوسف الغريب]ــــــــ[09 - 07 - 08, 05:02 م]ـ
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم:
قال ابن كثير رحمه الله: فمن ذلك العمود الذي في رأسه مثل الكرة في سوق الشعير عند قنطرة أم حكيم وهذا المكان يعرف اليوم بالعلبين ذكر أهل دمشق أنه من وضع اليونان لعسر بول الحيوان فإذا داروا بالحيوان حول هذا العمود ثلاث دورات انطلق باطنه فبال وذلك مجرب من عهد اليونان.
قال ابن تيمية عن هذا العمود: إن تحته مدفون جبار عنيد كافر يعذب فإذا داروا بالحيوان حوله سمع العذاب فراث وبال من الخوف.
قال: ولهذا يذهبون بالدواب إلى قبور النصارى واليهود والكفار فإذا سمعت أصوات المعذبين انطلق بولها والعمود المشار إليه ليس له سر ومن اعتقد أن فيه منفعة أو مضرة فقد أخطأ خطأ فاحشا.
البداية والنهاية (10|157)
ـ[صلاح السعيد]ــــــــ[16 - 07 - 08, 01:29 ص]ـ
بهائم تقود بهائم، ولا حول ولا قوة إلا بالله
ـ[عبد الباسط بن يوسف الغريب]ــــــــ[26 - 07 - 08, 12:46 ص]ـ
جزاك الله خيرا على المرور(146/340)
رحلته بقي بن مخلد من الأندلس إلى العراق للقاء الإمام أحمد وتنكره في زي متسول للرواية
ـ[أبو سلمى المغربي]ــــــــ[09 - 07 - 08, 08:29 م]ـ
السلام عليكم ورحمة اله وبركاته
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسول الله وأله وصحبه
قال الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء في ترجمة بقي بن مخلد:
وَنَقَلَ بَعْضُ العُلَمَاءِ مِنْ كِتَابٍ لِحَفِيْدِ بَقِيٍّ؛ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَحْمَدَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: رَحَل أَبِي مِنْ مَكَّةَ إِلَى بَغْدَادَ، وَكَانَ رَجُلاً بُغْيَتُهُ مُلاَقَاةُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ.
قَالَ: فَلَمَّا قَرُبْتُ بَلَغَتْنِي المِحْنَةُ، وَأَنَّهُ مَمْنُوْعٌ، فَاغتَمَمْتُ غَمّاً شَدِيْداً، فَاحتَلَلْتُ بَغْدَادَ، وَاكتَرَيْتُ بَيْتاً فِي فُنْدُقٍ، ثُمَّ أَتَيْتُ الجَامِعَ وَأَنَا أُرِيْدُ أَنْ أَجْلِسَ إِلَى النَّاسِ، فدُفِعْتُ إِلَى حَلْقَةٍ نَبِيْلَةٍ، فَإِذَا بِرَجُلٍ يَتَكَلَّمُ فِي الرِّجَالِ، فَقِيْلَ لِي: هَذَا يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ. (13/ 293) فَفُرِجَتْ لِي فُرْجَةً، فَقُمْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا زَكَرِيَّا: - رَحِمَكَ اللهُ - رَجُلٌ غَرِيْبٌ نَاءٍ عَنْ وَطَنِهِ، يُحِبُّ السُّؤَالَ، فَلاَ تَسْتَجْفِنِي. فَقَالَ: قُلْ. فَسَأَلْتُ عَنْ بَعْضِ مَنْ لَقِيْتُهُ، فَبَعْضاً زَكَّى، وَبَعْضاً جَرَحَ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ هِشَامِ بنِ عَمَّارٍ.
فَقَالَ لِي: أَبُو الوَلِيْدِ، صَاحِبُ صَلاَةِ دِمَشْقَ، ثِقَةٌ، وَفَوْق الثِّقَةِ، لَوْ كَانَ تَحْتَ رِدَائِهِ كِبْرٌ، أَوْ مُتَقَلِّداً كِبْراً، مَا ضَرَّهُ شَيْئاً لِخَيْرِهِ وَفَضْلِهِ، فَصَاحَ أَصْحَابُ الحَلْقَةِ: يَكْفِيْكَ - رَحِمَكَ اللهُ - غَيْرُكَ لَهُ سُؤَالٌ. فَقُلْتُ: وَأَنَا وَاقِفٌ عَلَى قَدَمٍ: اكشِفْ عَنْ رَجُلٍ وَاحِدٍ: أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ، فَنَظَرَ إِليَّ كَالمُتَعَجِّبِ، فَقَالَ لِي: وَمِثْلُنَا، نَحْنُ نَكْشفُ عَنْ أَحْمَدَ؟! ذَاكَ إِمَامُ المُسْلِمِيْنَ، وَخَيْرُهُم وَفَاضِلُهُم. فَخَرَجْتُ أَستَدِلُّ عَلَى مَنْزِلِ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، فَدُلِلْتُ عَلَيْهِ، فَقَرَعْتُ بَابَهُ، فَخَرَجَ إِليَّ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ رَجُلٌ غَرِيْبٌ، نَائِي الدَّارِ، هَذَا أَوَّلُ دُخُوْلِي هَذَا البَلَد، وَأَنَا طَالِبُ حَدِيْثٍ، وَمُقَيِّدُ سُنَّةٍ، وَلَمْ تَكُنْ رِحْلَتِي إِلاَّ إِلَيْكَ. فَقَالَ: ادْخُلِ الأَصطوَانَ وَلاَ يَقَعُ عَلَيْكَ عَيْنٌ.
فَدَخَلْتُ، فَقَالَ لِي: وَأَيْنَ مَوْضِعُكَ؟ قُلْتُ: المَغْرِبُ الأَقْصَى. فَقَالَ: إِفْرِيْقِيَّة؟ قُلْتُ: أَبْعَدُ مِنْ إِفْرِيْقِيَّةَ، أَجُوْزُ مِنْ بَلَدِي البَحْرَ إِلَى إِفْرِيْقِيَّةَ، بَلَدِي الأَنْدَلُسَ. قَالَ: إِنَّ مَوْضِعَكَ لَبَعِيْدٌ، وَمَا كَانَ شَيْءٌ أَحَبُّ إليَّ مِنْ أَنْ أُحْسِنَ عَوْنَ مِثْلِكَ، غَيْرَ أَنِّي مُمْتَحَنٌ بِمَا لَعَلَّهُ قَدْ بَلَغَكَ. فَقُلْتُ: بَلَى، قَدْ بَلَغَنِي، وَهَذَا أَوَّلُ دُخُولِي، وَأَنَا مَجْهُوْلُ العَيْن عِنْدَكُم، فِإِنْ أَذِنْتَ لِي أَنْ آتِيَ كُلَّ يَوْمٍ فِي زَيِّ السُّؤَّالِ، فَأَقُولُ عِنْدَ البَابِ مَا يَقُوْلُهُ السُّؤَّالُ، فَتَخْرُجُ إِلى هَذَا المَوْضِعِ، فَلَو لَمْ تُحَدِّثْنِي كُلَّ يَوْمٍ إِلاَّ بِحَدِيْثٍ وَاحِدٍ، لَكَانَ لِي فِيْهِ كِفَايَةً. فَقَالَ لِي: نَعَمْ، عَلَى شَرْطِ أَنْ لا تَظْهَرَ فِي الخَلْقِ، وَلا عِنْدَ المُحَدِّثِيْنَ. (13/ 294)
فَقُلْتُ: لَكَ شَرْطُكَ، فَكُنْتُ آخُذُ عَصاً بِيَدِي، وَأَلُفُّ رَأْسِي بِخِرْقَةٍ مُدَنَّسَةٍ، وَآتِي بَابَهُ فَأَصِيْحُ: الأَجْرَ - رَحِمَكَ اللهُ - وَالسُّؤَّالُ هُنَاكَ كَذَلِكَ، فَيَخْرُجُ إِليَّ، وَيُغْلِقُ، وَيُحَدِّثُنِي بِالحَدِيْثَيْنِ وَالثَّلاثَةِ وَالأَكْثَر، فَالْتَزَمْتُ ذَلِكَ حَتَّى مَاتَ المُمْتَحِنُ لَهُ، وَوُلِّيَ بَعْدَهُ مَنْ كَانَ عَلَى مَذْهَبِ السُّنَّةِ، فَظَهَرَ أَحْمَدُ، وَعَلَتْ إِمَامَتُهُ، وَكَانَتْ تُضَرَبُ إِلَيْهِ آباطُ الإِبلِ، فَكَانَ يَعْرِفُ لِي حَقَّ صَبْرِي، فَكُنْتُ إِذَا أَتَيْتُ حَلْقَتَهُ فَسَحَ لِي، وَيَقُصُّ عَلَى أَصْحَابِ الحَدِيْثِ قِصَّتِي مَعَهُ، فَكَانَ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/341)
يُنَاوِلُنِي الحَدِيْثَ مُنَاوَلَةً، وَيَقْرَؤُهُ عَلَيَّ، وَأَقرَؤُهُ عَلَيْهِ، وَاعتَلَلْتُ فِي خَلْقٍ مَعَهُ. ذَكَرَ الحِكَايَةَ بِطُوْلِهَا. نَقَلَهَا القَاسِمُ بنُ بَشْكُوَالَ فِي بَعْضِ تَآلِيْفِهِ، وَنَقَلْتُهَا أَنَا مِنْ خَطِّ شَيْخِنَا؛ أَبِي الوَلِيْدِ بنِ الحَاج، وَهِيَ مُنْكَرَةٌ، وَمَا وَصَلَ ابْنُ مَخْلَدٍ إِلى الإِمَامِ أَحْمَدَ إِلاَّ بَعْدَ الثَّلاثِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَكَانَ قَدْ قَطَعَ الحَدِيْثَ مِنْ أَثْنَاءِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ، وَمَا رَوَى بَعْدَ ذَلِكَ وَلاَ حَدِيْثاً وَاحِداً، إِلَى أَنْ مَاتَ، وَلَمَّا زَالَتِ المِحْنَةُ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِيْنَ، وَهَلَكَ الوَاثِقُ، وَاسْتُخْلِفَ المُتَوَكِّلُ، وَأَمَرَ المُحَدِّثِيْنَ بِنَشْرِ أحَادِيْثَ الرُّؤْيَةِ وَغَيْرِهَا، امتَنَعَ الإِمَامُ أَحْمَدُ مِنَ التَّحْدِيْثِ، وَصَمَّمَ عَلَى ذَلِكَ، مَا عَمِلَ شَيْئاً غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ يُذَاكِرُ بِالعِلْمِ وَالأَثَرِ، وَأَسْمَاءِ الرِّجَالِ وَالفِقْهِ، ثُمَّ لَوْ كَانَ بَقِيٌّ سَمِعَ مِنْهُ ثَلاثَ مائَةِ حَدِيْثٍ، لكَانَ طَرَّزَ بِهَا (مُسْنَدَهُ) وَافتَخَرَ بِالرِّوَايَةِ عَنْهُ.
-------------------------------------
وهذه ترجمته منقوله من سير أعلام النبلاء
ترجمة بَقِيُّ بنُ مَخْلَدِ
الكتاب: سير أعلام النبلاء
المؤلف: شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد الذَهَبي المجلد 25 الصفحة 285
بَقِيُّ بنُ مَخْلَدِ بنِ يَزِيْدَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْدَلُسِيُّ الإِمَامُ، القُدْوَةُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْدَلُسِيُّ، القُرْطُبِيُّ، الحَافِظُ، صَاحِبُ (التَّفْسِيْرِ) وَ (المُسْنَدِ) اللَّذَيْنِ لاَ نَظِيْرَ لَهُمَا. وُلِدَ: فِي حُدُوْدِ سَنَةِ مائَتَيْنِ، أَوْ قَبْلَهَا بِقَلِيْلٍ. وَسَمِعَ مِنْ: يَحْيَى بنِ يَحْيَى اللَّيْثِيِّ، ويَحيَى بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ بُكَيْرٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى الأَعْشَى، وَأَبِي مُصْعَبٍ الزُّهْرِيِّ، وَصَفْوَانَ بنِ صَالِحٍ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ المُنْذِرِ الحِزَامِيِّ، وَهِشَامِ بنِ عَمَّارٍ، وَزُهَيْرِ بنِ عَبَّادٍ الرُّؤَاسِيِّ، وَيَحْيَى بنِ عَبْدِ الحَمِيْدِ الحِمَّانِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ، وَأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ - مَسَائِلَ وَفَوَائِدَ - وَلَمْ يَرْوِ لَهُ شَيْئاً مُسْنَداً، لِكَوْنِهِ كَانَ قَدْ قَطَعَ الحَدِيْثَ. (13/ 286) وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، فَأَكْثَرَ، وَمِنْ: جُبَارَةَ بنِ المُغَلَّسِ، وَيَحْيَى بنِ بِشْرٍ الحَرِيْرِي، وَشَيْبَانَ بنِ فَرُّوْخٍ، وَسُوَيْدِ بنِ سَعِيْدٍ، وَهُدْبَةَ بنِ خَالِدٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ رُمْحٍ، وَدَاوُدَ بنِ رُشَيْدٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَبَانٍ الوَاسِطِيِّ، وَحَرْمَلَةَ بنِ يَحْيَى، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ عُبَيْدٍ الحَرَّانِيِّ، وَيَعْقُوْبَ بنِ حُمَيْدِ بنِ كَاسِبٍ، وَعِيْسَى بنِ حَمَّادٍ زُغْبَةَ، وَسَحْنُوْنَ بنِ سَعِيْدٍ الفَقِيْهِ، وَهُرَيْمِ بنِ عَبْدِ الأَعْلَى، وَمِنْجَابِ بنِ الحَارِثِ، وَعُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَعُبَيْدِ اللهِ القَوَارِيْرِيِّ، وَأَبِي كُرَيْبٍ، وَبُنْدَارٍ، وَهَنَّادٍ، وَالفَلاَّسِ، وَكَثِيْرِ بنِ عُبَيْدٍ، وَخَلْقٍ. وعُنِي بِهَذَا الشَّأْنِ عِنَايَةً لاَ مَزِيْدَ عَلَيْهَا، وَأَدْخَلَ جَزِيْرَةَ الأَنْدَلُسِ عِلْماً جَمّاً، وَبِهِ وَبِمُحَمَّدِ بنِ وَضَّاحٍ صَارَتْ تِلْكَ النَّاحِيَةَ دَارَ حَدِيْثٍ، وَعِدَّةُ مَشْيَخَتِهِ الَّذِيْنَ حَمَلَ عَنْهُم مائَتَانِ وَأَرْبَعَةٌ وَثَمَانُوْنَ رَجُلاً. حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ؛ أَحْمَدُ، وَأَيُّوْبُ بنُ سُلَيْمَانَ المُرِّيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأُمَوِيُّ، وَأَسْلَمُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَمُحَمَّدُ بنُ وَزِيْرٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ لُبَابَةَ، وَالحَسَنُ بنُ سَعْدٍ الكِنَانِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ يُوْنُسَ المُرَادِيُّ القبْرِي، وَعَبْدُ الوَاحِدِ بنُ حَمْدُوْنَ، وَهِشَامُ بنُ الوَلِيْدِ الغَافِقيُّ، وَآخَرُوْنَ. وَكَانَ إِمَاماً مُجْتَهِداً صَالِحاً، رَبَّانِيّاً صَادِقاً
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/342)
مُخْلِصاً، رَأْساً فِي العِلْمِ وَالعَمَلِ، عَدِيْمَ المَثَلِ، مُنْقَطِعَ القَرِيْنِ، يُفْتِي بِالأَثَرِ، وَلاَ يُقَلِّدُ أَحَداً. وَقَدْ تَفَقَّهَ بِإِفْرِيْقِيَّةَ عَلَى سَحْنُوْنَ بنِ سَعِيْدٍ. ذَكَرَهُ أَحْمَدُ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، فَقَالَ: مَا كُنَّا نُسَمِّيْهِ إِلاَّ المِكْنَسَة، وَهَلْ احْتَاجَ بَلَدٌ فِيْهِ بَقِيٌّ إِلَى أَنْ يَرْحَلَ إِلَى هَا هُنَا مِنْهُ أَحَدٌ؟! (13/ 287) قَالَ طَاهِرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ الأَنْدَلُسِيُّ: حَمَلْتُ مَعِي جُزْءاً مِنْ (مُسْنَدِ) بَقِيِّ بنِ مَخْلَدٍ إِلَى المَشْرِقِ، فَأَرَيْتُهُ مُحَمَّدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ الصَّائِغَ، فَقَالَ: مَا اغْتَرَفَ هَذَا إِلاَّ مِنْ بَحْرٍ، وَعَجِبَ مِنْ كَثْرَةِ عِلْمِهِ. وَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ حَيُّوْنَ، عَنْ بَقِيِّ بنِ مَخْلَدٍ، قَالَ: لَمَّا رَجَعْتُ مِنَ العِرَاقِ، أَجْلَسَنِي يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ إِلَى جَنْبِهِ، وَسَمِعَ مِنِّي سَبْعَةَ أَحَادِيْثَ. وَقَالَ أَبُو الوَلِيْدِ بنِ الفَرَضِيِّ فِي (تَارِيْخِهِ): مَلأَ بَقِيُّ بنُ مَخْلَدٍ الأَنْدَلُسَ حَدِيْثاً، فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ الأَنْدَلُسِيُّوْنَ: أَحْمَدُ بنُ خَالِدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ الحَارِثِ، وَأَبُو زَيْدٍ، مَا أَدْخَلَهُ مِنْ كُتُبِ الاختِلاَفِ، وَغَرَائِبِ الحَدِيْثِ، فَأَغْرُوا بِهِ السُّلْطَانَ وَأَخَافُوهُ بِهِ، ثُمَّ إِنَّ اللهَ أَظْهَرَهُ عَلَيْهِم، وَعَصَمَهُ مِنْهُم، فَنَشَر حَدِيْثَهُ وَقَرَأَ لِلنَّاسِ رِوَايَتَهُ. ثُمَّ تَلاَهُ ابْنُ وَضَّاحٍ، فَصَارَتِ الأَنْدَلُسُ دَارَ حَدِيْثٍ وَإِسْنَادٍ.
وَمِمَّا انْفَرَدَ بِهِ، وَلَمْ يُدْخِلْهُ سِوَاهُ (مُصَنَّفُ) أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ بِتَمَامِهِ، وَكِتَابُ (الفِقْهِ) لِلشَافِعِيِّ بِكَمَالِهِ -يَعْنِي: (الأَمّ) - وَ (تَارِيْخُ) خَلِيْفَة، وَ (طَبَقَاتُ) خَلِيْفَة، وَكِتَابُ (سِيْرَةِ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ)، لأَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الدَّوْرَقِيِّ ... وَلَيْسَ لأَحَدٍ مِثْلَ (مُسْنَدِهِ). وَكَانَ وَرِعاً فَاضِلاً زَاهِداً ... قَدْ ظَهَرَتْ لَهُ إِجَابَاتُ الدَّعْوَةِ فِي غَيْرِ مَا شَيء. (13/ 288) قَالَ: وَكَانَ المَشَاهِيْرُ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ وَضَّاحٍ لاَ يَسْمَعُوْنَ مِنْهُ، لِلَّذِي بَيْنَهُمَا مِنَ الوَحْشَةِ ... وُلِدَ: فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ إِحْدَى وَمائَتَيْنِ. وَقَالَ الحَافِظُ أَبُو القَاسِمِ الدِّمَشْقِيُّ: لَمْ يَقَعْ إِلِيَّ حَدِيْثٌ مُسْنَدٌ مِنْ حَدِيْثِ بَقِيٍّ. قُلْتُ: عَمِلَ لَهُ تَرْجَمَةً حَسَنَةً فِي (تَارِيْخِهِ).قَالَ الإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ حَزْمٍ الظَّاهِرِيُّ: أَقْطَعُ أَنَّهُ لَمْ يُؤَلَّفْ فِي الإِسْلاَمِ مِثْلُ (تَفْسِيْرِ) بَقِيٍّ، لاَ (تَفْسِيْرِ) مُحَمَّدِ بنِ جَرِيْرٍ، وَلاَ غَيْرِهِ. قَالَ: وَكَانَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأُموِيُّ صَاحِبُ الأَنْدَلُس مُحِبّاً للعُلُوْمِ عَارِفاً، فَلَمَّا دَخَلَ بَقِيٌّ الأَنْدَلُسَ (بِمُصَنَّفِ) أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَقُرِئ عَلَيْهِ، أَنْكَرَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الرَّأْي مَا فِيْهِ مِنَ الخِلاَفِ، وَاسْتَبْشَعُوهُ وَنَشَّطُوا العَامَّةَ عَلَيْهِ، وَمَنَعُوهُ مِنْ قِرَاءَتِهِ، فَاسْتَحْضَرَهُ صَاحِبُ الأَنْدَلُسِ مُحَمَّدٌ وَإِيَّاهُم، وَتَصَفَّحَ الكِتَابَ كُلَّهُ جُزْءاً جُزْءاً، حَتَّى أَتَى عَلَى آخِرِهِ، ثُمَّ قَالَ لخَازِنِ الكُتُبِ: هَذَا كِتَابٌ لاَ تَسْتغْنِي خِزَانَتُنَا عَنْهُ، فَانْظُرْ فِي نَسْخِهِ لَنَا. ثُمَّ قَالَ لَبَقِيٍّ: انشُرْ عِلْمَكَ وَاروِ مَا عِنْدَكَ. وَنَهَاهُم أَنْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ.
قَالَ أَسْلَمُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: حَدَّثَنَا بَقِيُّ بنُ مَخْلَدٍ، قَالَ: لَمَّا وَضعْتُ (مُسْنَدِي)، جَاءنِي عُبَيْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بنِ يَحْيَى، وَأَخُوْهُ؛ إِسْحَاقُ، فَقَالاَ:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/343)
بَلَغنَا أَنَّكَ وَضَعْتَ (مُسْنَداً)، قَدَّمْتَ فِيْهِ أَبَا مُصْعَبٍ الزُّهْرِيَّ، وَيَحْيَى بنَ بُكَيْرٍ، وَأَخَّرْتَ أَبَانَا؟ فَقَالَ: أَمَّا تَقْدِيْمِي أَبَا مُصْعبٍ، فَلِقَوْلِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدِّمُوا قُرَيْشاً، وَلاَ تَقَدَّمُوْهَا). (13/ 289) وَأَمَّا تَقْدِيْمِي ابْنَ بُكَيْرٍ، فَلِقُوْلِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (كَبِّرْ كَبِّرْ) - يُرِيْدُ السِّنَّ - وَمَعَ أَنَّهُ سَمِعَ (المُوَطَّأَ) مِنْ مَالِكٍ سَبْعَ عَشْرَةَ مَرَّةً، وَأَبُوْكُمَا لَمْ يَسْمَعْهُ إِلاَّ مَرَّةً وَاحِدَةً. قُلْتُ: وَلَهُ فِيْهِ فَوْتٌ مَعْرُوْفٌ. قَالَ: فَخَرَجَا وَلَمْ يَعُودَا، وَخَرَجَا إِلَى حَدِّ العَدَاوَةِ. (13/ 290 وَأَلَّفَ أَبُو عَبْدِ المَلِكِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ البَرِّ القُرْطُبِيُّ، المَيِّتُ فِي عَامِ ثَمَانِيَةٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ كِتَاباً فِي أَخْبَارِ عُلَمَاءِ قُرْطُبَةَ، ذَكَرَ فِيْهِ بَقِيَّ بنَ مَخْلَدٍ، فَقَالَ: كَانَ فَاضِلاً تَقِيّاً، صَوَّاماً قَوَّاماً مُتَبَتِّلاً، مُنْقَطِعَ القَرِيْنِ فِي عَصْرِهِ، مُنْفَرِداً عَنِ النَّظِيْرِ فِي مِصْرِهِ، كَانَ أَوَّلُ طَلَبِهِ عِنْدَ مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى الأَعْشَى، ثُمَّ رَحَلَ، فَحَمَلَ عَنْ أَهْلِ الحَرَمَيْنِ، وَمِصْرَ، وَالشَّامِ، وَالجَزِيْرَةِ، وَخُلْوَانَ، وَالبَصْرَةِ، وَالكُوْفَةِ، وَوَاسِطَ، وَبَغْدَادَ، وَخُرَاسَانَ - كَذَا قَالَ، فَغَلِطَ، لَمْ يَصِلْ إِلَى خُرَاسَانَ، بَلْ وَلاَ إِلَى هَمَذَانَ، وَمَا أَدْرِي هَلْ دَخَلَ الجَزِيْرَةَ أَمْ لاَ؟ وَيَظْهَرُ ذَلِكَ لِمَنْ تَأَمَّلَ شُيُوْخَهُ - ثُمَّ قَالَ: وَعَدَنَ وَالقَيْرَوَانَ - قُلْتُ: وَمَا دَخَلَ الرَّجُلُ إِلَى اليَمَنِ -.قَالَ: وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَحْمَدَ، عَنْ أَبِيْهِ: أَنَّ امْرَأَةً جَاءت إِلَى بَقِيٍّ، فَقَالَتْ: إِنَّ ابْنِي فِي الأَسْرِ، وَلاَ حِيْلَةَ لِي، فَلَو أَشَرْتَ إِلَى مَنْ يَفْدِيهِ، فَإِنَّنِي وَالِهَةٌ. قَالَ: نَعَمْ، انصَرِفِي حَتَّى أَنْظُرَ فِي أَمْرِهِ. ثُمَّ أَطْرَقَ، وَحَرَّكَ شَفَتَيْهِ، ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ جَاءتِ المَرْأَةُ بَابْنِهَا، فَقَالَ: كُنْتُ فِي يَدِ مَلِكٍ، فَبَيْنَا أَنَا فِي العَمَلِ، سَقَطَ قَيْدِي. قَالَ: فَذَكَرَ اليَوْمَ وَالسَّاعَةَ، فَوَافَقَ وَقْتَ دُعَاءِ الشَّيْخِ. قَالَ: فَصَاحَ عَلَى المُرَسَّم بِنَا، ثُمَّ نَظَرَ وَتَحَيَّرَ، ثُمَّ أَحْضَرَ الحَدَّادَ وَقَيَّدَنِي، فَلَمَّا فرغه وَمَشَيْتُ سَقَطَ القَيْدُ، فَبُهِتُوا، وَدَعُوا رُهْبَانَهُم، فَقَالُوا: أَلَكَ وَالِدَةٌ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالُوا: وَافَقَ دُعَاءهَا الإِجَابَةُ. هَذِهِ الوَاقِعَةُ حَدَّثَ بِهَا الحَافِظُ حَمْزَةُ السَّهْمِيُّ، عَنْ أَبِي الفَتْحِ نَصْرِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ المَلِكِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا أَبِي .... فَذَكَرَهَا، وَفِيْهَا: ثُمَّ قَالُوا: قَدْ أَطلَقَكَ اللهُ، فَلاَ يُمْكِنُنَا أَن نُقَيِّدَكَ، فَزَوَّدُونِي، وَبَعَثَوا بِي. قَالَ: وَكَانَ بَقِيٌّ أَوَّلَ مَنْ كَثَّرَ الحَدِيْثَ بِالأَنْدَلُسِ وَنَشَرَهُ، وَهَاجَمَ بِهِ شُيُوْخَ الأَنْدَلُسِ، فَثَارُوا عَلَيْهِ، لأَنَّهُم كَانَ عِلْمُهُم بِالمَسَائِلِ وَمَذْهَبِ مَالِكٍ، وَكَانَ بَقِيٌّ يُفْتِي بِالأَثَرِ، فَشَذَّ عَنْهُم شُذُوذاً عَظِيْماً، فَعَقَدُوا عَلَيْهِ الشَّهَادَات، وَبَدَّعُوهُ، وَنَسَبُوا إِلَيْهِ الزَّنْدَقَة، وَأَشيَاء نَزَّهَهُ اللهُ مِنْهَا. (13/ 291)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/344)
وَكَانَ بَقِيٌّ يَقُوْلُ: لَقَدْ غَرَسْتُ لَهُم بِالأَنْدَلُسِ غَرْساً لاَ يُقْلَعُ إِلاَّ بِخُرُوْجِ الدَّجَّالِ. قَالَ: وَقَالَ بَقِيٌّ: أَتَيْتُ العِرَاقَ، وَقَدْ مُنِعَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ مِنَ الحَدِيْثِ، فَسَأَلْتُهُ أَنْ يُحَدِّثَنِي، وَكَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ خُلَّةٌ، فَكَانَ يُحَدِّثُنِي بِالحَدِيْثِ فِي زِيِّ السُّؤَالِ، وَنَحْنُ خلوَةٌ، حَتَّى اجْتَمَعَ لِي عَنْهُ نَحْوٌ مِنْ ثَلاَثِ مائَةِ حَدِيْثٍ. قُلْتُ: هَذِهِ حِكَايَةٌ مُنْقَطِعَةٌ. قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: وَ (مُسْنَدُ) بَقِيٍّ رَوَى فِيْهِ عَنْ أَلفٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ صَاحِبٍ وَنَيِّفٍ، وَرَتَّبَ حَدِيْثَ كُلِّ صَاحِبٍ عَلَى أَبْوَابِ الفِقْهِ، فَهُوَ مُسْنَدٌ وَمُصَنَّفٌ، وَمَا أَعْلَمُ هَذِهِ الرُّتْبَةَ لأَحَدٍ قَبْلَهُ، مَعَ ثِقَتِهِ وَضَبْطِهِ، وَإتقَانِهِ وَاحتِفَالِهِ فِي الحَدِيْثِ. وَلَهُ مُصَنَّفٌ فِي فَتَاوَى الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِيْنَ فَمَنْ دُوْنَهُم، الَّذِي قَدْ أَرْبَى فِيْهِ عَلَى (مُصَنَّفِ) ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَلَى (مُصَنَّفِ) عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَعَلَى (مُصَنَّفِ) سَعِيْدِ بنِ مَنْصُوْرٍ ... ثُمَّ إِنَّهُ نَوَّهُ بِذِكْرِ (تَفْسِيْرِهِ)، وَقَالَ: فَصَارَتْ تَصَانِيْفُ هَذَا الإِمَامِ الفَاضِلِ قَوَاعِدَ الإِسْلاَمِ، لاَ نَظِيْرَ لَهَا، وَكَانَ مُتَخَيِّراً لاَ يُقَلِّدُ أَحَداً، وَكَانَ ذَا خَاصَّةٍ مِنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَجَارِياً فِي مِضْمَارِ البُخَارِيِّ، وَمُسْلِمٍ، وَالنَّسَائِيِّ. (13/ 292) وَقَالَ أَبُو عَبْدِ المَلِكِ المَذْكُوْرُ فِي (تَارِيْخِهِ): كَانَ بَقِيُّ طُوَالاً أَقْنَى، ذَا لِحْيَةٍ مُضَبَّراً قَوِيّاً جَلْداً عَلَى المَشِي، لَمْ يُرَ رَاكِباً دَابَّةً قَطُّ، وَكَانَ مُلاَزِماً لِحُضُوْرِ الجَنَائِزِ، مُتَوَاضِعاً، وَكَانَ يَقُوْلُ: إِنِّيْ لأَعْرِفُ رَجُلاً، كَانَ تَمْضِي عَلَيْهِ الأَيَّامُ فِي وَقْتِ طَلَبِهِ العِلْم، لَيْسَ لَهُ عَيْشٌ إِلاَّ وَرَقُ الكُرُنْبِ الَّذِي يُرْمَى، وَسَمِعْتُ مِنْ كُلِّ مَنْ سَمِعْتُ مِنْهُ فِي البُلْدَانِ مَاشِياً إِلَيْهِم عَلَى قَدَمِي. قَالَ ابْنُ لُبَابَةَ الحَافِظُ: كَانَ بَقِيٌّ مِنْ عُقَلاَءِ النَّاسِ وَأَفَاضِلِهِم، وَكَانَ أَسْلَمُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ يُقَدِّمُهُ عَلَى جَمِيْعِ مَنْ لَقِيَهُ بِالمَشْرِقِ، وَيَصِفُ زُهْدَهُ، وَيَقُوْلُ: رُبَّمَا كُنْتُ أَمْشِي مَعَهُ فِي أَزِقَّةِ قُرْطُبَةَ، فَإِذَا نَظَرَ فِي مَوْضِعٍ خَالٍ إِلَى ضَعِيْفٍ مُحْتَاجٍ أَعطَاهُ أَحَدَ ثَوْبَيْهِ. وَذَكَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ صَاحِبُ القِبْلَةِ، قَالَ: كَانَ بَقِيٌّ يَخْتِم القُرْآنَ كُلَّ لَيْلَةٍ، فِي ثلاَثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، وَكَانَ يُصَلِّي بِالنَّهَارِ مائَةِ رَكْعَةٍ، وَيَصُوْمُ الدَّهْرَ. وَكَانَ كَثِيْرَ الجِهَادِ، فَاضِلاً، يُذْكَرُ عَنْهُ أَنَّهُ رَابَطَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ غَزْوَةً.
------------------------
فَعِنْدِي مُجَلَدَانِ مِنْ (مُسْنَدِهِ)، وَمَا فِيْهِمَا عَنْ أَحْمَدَ كَلِمَةً. (13/ 295)
ثُمَّ بَعْدَهَا حِكَايَةٌ أَنْكَرُ مِنْهَا، فَقَالَ: نَقَلْتُ مِنْ خَطِّ حَفِيْدِهِ؛ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَحْمَدَ بنِ بَقِيٍّ، حَدَّثَنِي أَبِي، أَخْبَرَتْنِي أُمِّي أَنَّهَا رَأَتْ أَبِي مَعَ رَجُلٍ طُوَالٍ جِدّاً، فَسَأَلَتْهُ عَنْهُ، فَقَالَ: أَرْجُو أَنْ تَكُوْنِي امْرَأَةً صَالِحَةً، ذَاكَ الخَضِرُ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ-.وَنَقَلَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ هَذَا عَنْ جَدِّهِ أَشْيَاءً، اللهُ أَعْلَمُ بِصِحَّتِهَا، ثُمَّ قَالَ: كَانَ جَدِّي قَدْ قَسَّمَ أَيَّامَهُ عَلَى أَعْمَالِ البِرِّ: فَكَانَ إِذَا صَلَّى الصُّبْحَ قَرَأَ حِزْبَهُ مِنَ القُرْآنِ فِي المُصْحَفِ، سُدْسَ القُرْآنِ، وَكَانَ أَيْضاً يَخْتِمُ القُرْآنَ فِي الصَّلاَةِ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وَيَخْرُجُ كُلَّ لَيْلَةٍ فِي الثُّلُثِ الأَخِيْرِ إِلَى مَسْجِدِهِ، فَيَخْتِمُ قُرْبَ انصِدَاعِ الفَجْرِ، وَكَانَ يُصَلِّي بَعْدَ حِزْبِهِ مِنَ المُصْحَفِ صَلاَةً طَوِيْلَةً جِدّاً، ثُمَّ يَنْقَلِبُ إِلَى دَارِهِ - وَقَدِ اجتَمَع فِي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/345)
مَسْجِدِهِ الطَّلَبَةُ - فَيُجَدِّدُ الوُضُوْءَ، وَيَخْرُجُ إِلَيْهِم، فَإِذَا انقَضَتِ الدُّولُ، صَارَ إِلَى صَوْمَعَةِ المَسْجَدِ، فَيُصَلِّي إِلَى الظُّهْرِ، ثُمَّ يَكُوْنُ هُوَ المُبْتَدِئ بِالأَذَانِ، ثُمَّ يَهْبِطُ ثُمَّ يُسمِعُ إِلَى العَصْرِ، وَيُصَلِّي وَيُسمِعُ، وَرُبَّمَا خَرَجَ فِي بَقِيَّةِ النَّهَارِ، فَيَقْعُدُ بَيْنَ القُبُوْرِ يَبْكِي وَيَعْتَبِرُ، فَإِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ أَتَى مَسْجِدَهُ، ثُمَّ يُصَلِّي، وَيَرْجِعُ إِلَى بَيْتِهِ فيُفْطِرُ، وَكَانَ يَسْرُدُ الصَّوْمَ إِلاَّ يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَيَخْرُجُ إِلَى المَسْجَدِ، فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ جِيْرَانُهُ، فَيَتَكَلَّمُ مَعَهُم فِي دِيْنِهِم وَدُنيَاهُم، ثُمَّ يُصَلِّي العِشَاءَ، وَيَدْخُلُ بَيْتَهُ، فيُحَدِّثُ أَهلَهُ، ثُمَّ يَنَامُ نَوْمَةً قَدْ أَخَذَتْهَا نَفْسُهُ، ثُمَّ يَقُومُ، هَذَا دَأْبُهُ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ. وَكَانَ جَلداً، قَوِيّاً عَلَى المَشْيِ، قَدْ مَشَى مَعَ ضَعِيْفٍ فِي مَظْلَمَةٍ إِلَى إِشْبِيلِيَةَ، وَمَشَى مَعَ آخَرَ إِلَى إِلْبِيْرَةَ، وَمَعَ امْرَأَةٍ ضَعِيْفَةٍ إِلَى جَيَّانَ. (13/ 296) قُلْتُ: وَهِمَ بَعْضُ النَّاسِ، وَقَالَ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ. بَلِ الصَّوَابُ أَنَّهُ تُوُفِّيَ: لِلَيْلَتَيْنِ بَقَيَتَا مِنْ جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ. وَرَّخَهُ: عَبْدُ اللهِ بنُ يُوْنُسَ، وَغَيْرُهُ. وَمِنْ مَنَاقِبِهِ أَنَّهُ كَانَ مِنْ كِبَارِ المُجَاهِدِيْنَ فِي سَبِيْلِ اللهِ، يُقَالُ: شَهِدَ سَبْعِيْنَ غَزْوَةً. وَمِنْ حَدِيْثِهِ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بنُ عَطَاءِ اللهِ بِالإِسْكَنْدَرِيَّةِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَكِّيٍّ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَة، أَنْبَأَنَا خَلَفُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ عَتَّابٍ، أَخْبَرَنَا الحَافِظُ أَبُو عُمَرَ النَّمَرِي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ يُوْنُسَ، حَدَّثَنَا بَقِيُّ بنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا هَانئُ بنُ المُتَوَكِّلِ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بنَ صَالِحٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: لَوْلاَ أَنِّي أَنْسَى ذِكْرَ اللهِ، مَا تَقَرَّبْتُ إِلَى اللهِ إِلاَّ بِالصَّلاَةِ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (قَالَ جِبْرِيْلُ: يَا مُحَمَّدُ! إِنَّ اللهَ يَقُوْلُ: مَنْ صَلَّى عَلَيْكَ عَشْرَ مَرَّاتٍ اسْتَوْجَبَ الأَمَانَ مِنْ سَخَطِهِ). (13/ 297)
الكتاب: سير أعلام النبلاء
المؤلف: شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد الذَهَبي
المجلد 25 الصفحة 285
ـ[نايف أبو محمد]ــــــــ[10 - 07 - 08, 05:25 ص]ـ
فيها عبر وفيه دروس لطلاب العلم على الصبر في طلب العلم.
ـ[أبو سلمى المغربي]ــــــــ[10 - 07 - 08, 04:11 م]ـ
نعم أخي الكريم صدقت
ـ[أبا قتيبة]ــــــــ[11 - 07 - 08, 02:07 ص]ـ
بوركت اخى المغربى
رحمه الله ..
قال الشيخ ابو اسحاق الحوينى .. سار بقي بن مخلد من الاندلس الى بغداد مشيا على الاقدام لم يركب دابه قط ...
لله درك(146/346)
الشريف حسين بن علي
ـ[أبو سليمان العسيلي]ــــــــ[09 - 07 - 08, 09:44 م]ـ
الشريف حسين بن علي
http://www4.0zz0.com/2008/07/07/22/523622820.jpg (http://www.0zz0.com)
هو الحسين بن علي بن محمد بن عبد المعين بن عون، من أحفاد أبي نمي ابن بركات الحسنيُّ الهاشمي: أول من قام في الحجاز باستقلال العرب عن الترك، و آخر من حكم مكة من الأشراف الهاشميين. ولد في الآستانة سنة 1270هـ ـ 1854م، وكان أبوه منفياً بها. وانتقل معه إلى مكة , وعمره ثلاث سنوات.
فتأدب و تفقه و نظم الشعر الملحون، و مارس ركوب الخيل و صيد الضواري.
و أحبه عمه الشريف عبد الله باشا، أمير مكة، فوجهه في المهمات، فدخل نجداً، و أحكم صلته بالقبائل. ومات أبوه وعمه، و آلت إمارة مكة إلى عمه الثاني عون الرفيق، فلم يتحمل عمه هذا تدخله في شئون الإمارة، و كانت تابعة للدولة العثمانية، فطلب إبعاده من الحجاز، فنفي إلى الآستانة سنة 1309هـ، و جعل من أعضاء مجلس شورى الدولة، و أقام إلى أن توفي عون الرفيق، ثم عمه الثالث عبد الإله،فعين أميراً لمكة سنة 1326 هـ، فعاد إليها و قاد حملة إلى بلاد عسير، نجدة للعثمانيين، فقاتل صاحبها يومئذ الإدريسي.
ونشبت الحرب العالمية الأولى سنة 1332هـ ـ 1914 م، و نمت روح النقمة على العثمانيين في بلاد الشام و العراق و الحجاز، و انتهز البريطانيون الفرصة، وهم في حرب مع دولة آل عثمان و الألمان، فاتصلوا بالشريف حسين من مصر، ووعدوه و مَنَّوه بملك عريض إن هو عاونهم و ثار على العثمانيين (الترك)، فأعلن الثورة، وأطلق رصاصته الأولى بمكة في 9 شعبان 1334هـ ـ 1916م،وحاصر من كان في بلاد الحجاز من العثمانيين، و أمده حلفاءه الإنجليز بالمال و السلاح، و نُعِت َ بالملك المنقذ، ووجه ابنه فيصلاً إلى سورية فدخلها مع الجيش البريطاني فاتحاً. و بانتهاء الحرب سنة 1918م تم استيلاء الحسين على الحجاز كله. و أرسل ابنه الثاني عبد الله بجيش كبير لإخضاع واحتي تَرَبَة و الخُرمة في شرقي الطائف، وكانتا مواليتين لابن سعود، الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن، زعيم نجد في ذلك الحين، فعسكر بينهما. وباغته بعض رجال الواحتين يقودهم بعض الموالين لابن سعود سنة 1337هـ ـ 1919م، فانهزم عبد الله بن الشريف حسين وفر بفلول قليلة من عساكره.
http://www4.0zz0.com/2008/07/07/22/778448007.jpg (http://www.0zz0.com)
و أضاع الحسين في هذه الحملة أكبر قوة جمعها. و أخرج الفرنسيين ابنه فيصلاً من سورية بعد معركة ميسلون سنة 1920م واحتلوها، فاستنجد بعض زعمائها بالحسين، فوجه عبد الله ليثأر لأخيه، أو ليجمع على حدود سورية قوة تكون نواة لجيش يقلق المحتل.و اقترب منها عبد الله و نزل ببلدة عمَّان و دعاه الإنجليز إلى القدس فاتفقوا معه على أن تكون له إمارة شرقي الأردن، فأقام بعمَّان، وتناسى ما جاء من أجله. واستفحلت ثورة العراق على الإنجليز، فساعدوا فيصلاً على تولي العرش ببغداد، فتولاه. و أصبح للحسين وهو بالحجاز جناحان قويان:فيصل في شمال الجزيرة العربية و عبد الله في شمالها الغربي. وبادره ابن سعود راغباً في مصافاته، فاستهان به الحسين. وزار عمَّان سنة 1924م فبايعه أناس بالخلافة وعاد إلى مكة ملقباً بأمير المؤمنين. و أراد أهل نجد الحج فلم يأذن بدخولهم الحجاز. واشتد التوتر بينه وبين ابن سعود، فأقبلت جموع من نجد وتَرَبَة و الخُرمة إلى مدينة الطائف، و مزقوا جيش الحسين المرابط فيها، و احتلتها. و سرى الذعر إلى مكة، فاتصل بالقنصل البريطاني في جدة فأجابه هذا بأن حكومته قررت الحياد. واجتمع بجدة بعض ذوي الرأي من أهلها ونصحوا الحسين بالتخلي عن العرش لأكبر أبنائه
(علي) ففعل. وانتقل من مكة إلى جدة سنة 1343هـ ـ 1924م، فركب البحر إلى العقبة، آخر حدود الحجاز في الشمال، وكانت ولاية ابنه عبد الله. وأقام عدة أشهر. ثم أخبره ابنه بأن البريطانيين يرون أن بقاءه فيها (العقبة) قد يحمل ابن سعود على مهاجمتها. و تلقى إنذاراً بريطانياً بوجوب رحيله عنها. ووصلت إلى مينائها مدرَّعة بريطانية، ركبها} وهو ساخط {إلى جزيرة قبرص سنة 1925م، وأقام فيها ست سنين، ثم إنه مرض فأذن له الإنجليز بالعودة إلى عمَّان. وجاءه ولداه فيصل و عبد الله، فصحباه إليها. فمكث معتلاً ستة أشهر و أياماً، ووافته المنية سنة 1350هـ ـ 1931م، فحمل إلى القدس و دفن فيها .................................................. ..
http://www7.0zz0.com/2008/07/07/22/295525779.jpg (http://www.0zz0.com)
يقف الشريف حسين إلى يمين الخطيب ومعه الوالي العثماني على الحجاز ومنير باشا إلى يسار الخطيب بمناسبة تولية الشريف حسين بن علي أميراً على مكة والمدينة، أيلول 1908م، المصدر مجموعة الجيش الأردني.
http://www4.0zz0.com/2008/07/09/17/625459445.jpg (http://www.0zz0.com)
الشريف حسين بن علي اثناء زيارته إلى عمّان، على يمين الشريف حسين يقف حسن خالد أبو الهدى (رئيس الوزراء)، الشريف حسين بن ناصر، بيك باشا (قائد الجيش العربي)، وفي أقصى يسار الصورة المغفور له الملك عبد الله، تاريخ 1924م.
http://www4.0zz0.com/2008/07/09/17/207315033.jpg (http://www.0zz0.com)
قوات الأمير فيصل بن الحسين لدى تقدمها من مناطق الحجاز إلى بلاد الشام عبر ممر وادي السرحان في سنة 1917م.(146/347)
سيرة ابن أبي زيد القيرواني
ـ[أبو أمين الزبير]ــــــــ[10 - 07 - 08, 02:54 ص]ـ
أجمع ترجمة وافية للعلامة أبن أبي زيد القيرواني المالكي فهل من مساعد؟ وأطلب من الإخوة توثيق ترجمته من الرسالة الفقهية ص 9 - 62, شجرة النور الزكية 1/ 96, الديباج المذهب1/ 427, شذرات الذهب3/ 131, السير 17/ 10, ترتيب المدارك 2/ 141, و للشيخ محمد الحبيب ابن الخوجة بحث في نفس الموضوع منشور في احدى الدوريات كما أخبر بذلك الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله فهل من همم عالية تجمع لي هذه النقولات من مضانها ولكم دعوة بالسحر إن شاء الله.
ـ[أبو أمين الزبير]ــــــــ[13 - 07 - 08, 10:56 م]ـ
خمسة وثلاثون مشاهدة ولاأحد يرد , هل أخطأت العنوان؟
ـ[بلال اسباع الجزائري]ــــــــ[14 - 07 - 08, 12:00 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، لم أفهم قصدك جيدا ولكن عندي ترجمة للقيرواني بقلم أحمد نصر شيخ السادة المالكية بالديار المصرية في مقدمة الرسالة الفقهية طبع المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية وحدة الرغاية 1987 - الجزائر - ولعلك قصدت نقل ترجمته رحمه الله من الكتب التي ذكرتها؟ خير إن شاء الله.
ـ[أبو أمين الزبير]ــــــــ[14 - 07 - 08, 04:00 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله أخي بلال اسباع الجزائري هذا ما أريده: ترجمة موسعة مفصلة لابن أبي زيد وجزاك الله خيرا وجعل ذلك في موازين حسناتك آمين
ـ[أبو عبد البر المالكي]ــــــــ[16 - 07 - 08, 02:22 م]ـ
سلام الله عليكم اخوتنا الافاضل و بعد فمن أوسع التراجم للشيخ ترجمة الدكتور الهادي حمو و الدكتور محمد أبو الاجفان في تحقيقهما لكتاب غرر المقالة في شرح ألفاظ الرسالة لابن حمامة المغربي -طبعة دار الغرب - فهي ترجمة واسعة و ماتعة بحق تناولت جوانب شتى من حياة الامام رحمه الله -نشأته و الحياة الاجتماعية و السياسيةو غير ذلك - فلعل الاخوة يرفعونها لك و الله الموفق ..........
ـ[أبو أمين الزبير]ــــــــ[17 - 07 - 08, 02:53 ص]ـ
أخي ابا عبد البرالمالكي هلا تكرمت علينا بغرر المقالة وخصوصا جزء الترجمة جزاك الله كل خير ونفع بك وجعل كل ذلك في ميزان حسناتك.
ـ[أبو سلمى المغربي]ــــــــ[17 - 07 - 08, 04:51 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الكريم تفضل هذه ترجمه الإمام الحجة أبو محمد عبد الله بن أبي زيد القيرواني المالكي رحمه الله من سبعة مصادر من كتب التراجم والطبقات والتاريخ, البحث قمت به بواسطة برنامج المكتبة الشاملة
1 - الكتاب: ترتيب المدارك وتقريب المسالك
المؤلف: القاضي عياض
أبو محمد عبد الله بن أبي زيد، رضي الله عنه وغفر الله له واسم أبي زيد عبد الرحمن. كذا قال الأمير ابن ماكولا. والقاضي ابن الحذاء. وهو نفزي النسب، قاله الأمير. سكن القيروان.
ذكر مكانه من العلم وثناء الجلّة عليه
وكان أبو محمد رحمه الله، إمام المالكية في وقته، وقدوتهم. وجامع مذهب مالك، وشارح أقواله. وكان واسع العلم كثير الحفظ والرواية. وكتبه تشهد له بذلك. فصيح القلم ذا بيان ومعرفة بما يقوله. ذابّاً عن مذهب مالك، قائماً بالحجة عليه، بصيراً بالرد على أهل الأهواء. يقول الشعر، ويجيده، ويجمع الى ذلك صلاحاً تاماً، وورعاً وعفة. وحاز رئاسة الدين والدنيا. وإليه كانت الرحلة من الأقطار، ونجب أصحابه، وكثر الآخذون عنه. وهو الذي لخص المذهب، وضم كسره، وذبّ عنه. وملأت البلاد تواليفه. عارض كثير من الناس أكثرها. فلم يبلغوا مداه، مع فضل السبق، وصعوبة المبتدأ، وعرف قدره الأكابر. قال الشيرازي: وكان يعرف بمالك الصغير. وذكره أبو الحسن القابسي، فقال: إمام موثوق به، في درايته، وروايته. وقال أبو الحسن علي بن عبد الله القطان: ما قلدت أبا محمد بن أبي زيد، حتى رأيت السبائي يقلده. وذكره أبو بكر بن الطيب في كتابه، فعظم قدره. وشيّخه. وكذلك هو وغيره من أهل المشرق، واستجازه ابن مجاهد البغدادي، وغيره من أصحابه البغداديين. قال أبو عبد الله الميورقي: اجتمع فيه العلم، والورع، والفضل، والعقل. شهرته تغني عن ذكره. قال الداودي: وكان سريع الانقياد الى الحق. تفقه بفقهاء بلده. وسمع من شيوخه. وعوّل على أبي بكر ابن اللباد، وأبي الفضل الممسي، وأخذ أيضاً عن محمد بن مسرور العسّال، والحجام. وعبيد الله بن مسرور بن الحجام، والقطان والإبياني، وزياد بن موسى، وسعدون الخولاني، وأبي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/348)
العرب، وأحمد ابن أبي سعيد، وحبيب مولى ابن أبي سليمان في آخرين. ورحل فحجّ، وسمع من ابن الأعرابي، وابراهيم بن محمد بن المنذر، وأبي علي بن أبي هلال، وأحمد بن ابراهيم بن حماد القاضي. وسمع أيضاً من الحسن بن بدر، ومحمد بن الفتح، والحسن بن نصر السوسي، ودرّاس بن اسماعيل، وعثمان بن سعيد الغرابلي، وحبيب بن أبي حبيب الجزولي، وغيرهم. واستجاز ابن شعبان، والأبهري، والمروزي. وسمع منه خلق كثير. وتفقه عنده جلة. فمن أصحابه القرويين: أبو بكر بن عبد الرحمن، وأبو القاسم البرادعي، واللبيدي، وابنا الأجدابي. وأبو عبد الله الخواص، وأبو محمد مكي المقري. ومن أهل الأندلس: أبو بكر بن موهب المقبري، وابن عابد، وأبو عبد الله ابن الحذاء، وأبو مروان القنازعي. ومن أهل سبته: أبو عبد الله ابن العجوز، وأبو محمد بن غالب، وخلف بن ناصر، ومن أهل المغرب: ابن أمدكنو السجلماسي.
له كتاب النوادر والزيادات على المدونة، مشهور. أزيد من مائة جزء. وكتاب مختصر المدونة، مشهور، على كتابيه هذين المعوَّل بالمغرب في التفقه. وكتاب الاقتداء بأهل السنّة، وكتاب الذبّ عن مذهب مالك، وكتاب الرسالة، مشهور، وكتاب التنبيه على القول في أولاد المرتدين ومسألة الحبس على ولد الأعيان، وكتاب تفسير أوقات الصلوات، وكتاب الثقة بالله، والتوكل على الله سبحانه. وكتاب المعرفة واليقين. وكتاب المضمون من الرزق، وكتاب المناسك، ورسالة فيمن تأخذه عند قراءة القرآن والذكر حركة، وكتاب رد المسائل، وكتاب حماية عرض المؤمن، وكتاب البيان عن إعجاز القرآن، وكتاب الوساوس، ورسالة إعطاء القرابة من الزكاة، ورسالة النهي عن الجدال، ورسالة في الرد على القدرية، ومناقضة رسالة البغدادي المعتزلي، وكتاب الاستظهار في الردّ على الفكرية، وكتاب كشف التلبيس في مثله، ورسالة الموعظة والنصيحة، ورسالة طلب العلم، وكتاب فضل قيام رمضان، ورسالة الموعظة الحسنة لأهل الصدق، ورسالة الى أهل سجلماسة في تلاوة القرآن، ورسالة في أصول التوحيد، وجملة تواليفه كلها مفيدة بديعة، غزيرة العلم. وذكر أنه دخل يوماً على أبي سعيد بن أخي هشام يزوره، فوجد مجلسه محتفلاً. فقال له: بلغني عنك أنك ألفت كتباً. فقال له: نعم أصلحك الله. فقال له: اسمع مسألة؟ قال له أبو محمد: أذكر أصلحك الله، فإن أصبتْ أخبرتنا، وإن أخطأتُ علمتَنا. فسكت أبو سعيد. ولم يعاوده.
بقية أخباره رضي الله عنه
كان أبو محمد بن أبي زيد، رحمه الله من أهل الصلاح والورع والفضل. ذكر أنه رحمه الله، قام ذات ليلة للوضوء فصبّ الماء من القلة في الإناء فانهرق، ثم صبّه ثانية فانهرق، ثم جرى له ذلك ثلاثاً، فاستراب. وقال: تتمردون علينا؟ فسمع من يقول له، ولا يراه: إن الصبيّ بال، فرشّ على القلة، فكرهنا وضوءك منها. ولما ألّف كتبه، على الفكرية، ونقض كتاب عبد الرحيم الصقلي، بتأليفه الكشف وكتاب الاستظهار، ورد كثيراً مما تقلده من خارق العادات، على ما قدره في كتابه. شنّع المتصوفة، وكثير من أصحاب الحديث عليه ذلك. وأشاعوا أنه نفى الكرامات. وهو رضي الله عنه، لم يفعل، بل مَن طالع كتابه، عرف مقصده. فردّ عليه جماعة من أهل الأندلس، ومن أهل المشرق، وألفوا عليه تواليف معروفة، ككتاب أبي الحسن بن جهضم الهمداني. وكتاب أبي بكر الباقلاني. وأبي عبد الله ابن شق الليل. وأبو عمر الطلمنكي في آخرين. وكان أرشدهم في ذلك وأعرفهم بغرضه ومقداره، إمام وقته القاضي أبو بكر بن الخطيب الباقلاني. فإنه بيّن مقصوده. قال الطلمنكي: كانت تلك من أبي محمد نادرة لها أسباب، أوجبها التناظر الذي يقع بين العلماء، صحّ عندنا رجوعه عنها. ولم يزل في ظاهر أمره، إلا محض السوء في ابن الأمير، إلا أن حمل الكرامات، فيما بلغنا عن طبقات عندهم، على مجالس، لأكل أموال الناس، ودرسوها بالموافقة. وقد روى منها وأملى كثيراً. قال الأجدابي: كنت جالساً عند أبي محمد، وعنده أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد المؤمن المتكلم. فسألهما إنسان عن الخضر عليه السلام، هل يقال إنه باق في الدنيا، مع هذه القرون؟ ثم يموت لقيام الساعة؟ أو هل يرد هذا لقوله تعالى: " وما جعلْنا لبشرٍ منْ قبلِك الخُلد " فأجابا معاً: إن ذلك ممكن جائز، وأن يبقى الخضر عليه السلام، الى النفخ في الصور، وأن الخلود إنما هو اتصال بقائه ببقاء الآخرة. وإن
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/349)
البقاء الى النفخ، ليس بخلود. ألا ترى أن إبليس، لعنه الله، لا يسمى خالداً. وإن كان من المنظرين الى يوم الوقت المعلوم، ويذكر أن أبا محمد رحمه الله تعالى كتب الى أبي بكر الأبهري رضي الله عنه
تأبى قلوبٌ قلوبَ قوم ... وما لها عندها ذنوب
وتصطفي أنفس نفوساً ... وما لها عندها نصيب
ما ذاك إلا لمضمرات ... أضمرها الشاهد الرّقيب
قال أبو القاسم اللبيدي: اجتمع عيسى بن ثابت العابد، بالشيخ أبي محمد، فجرى بينهما بكاء عظيم وذكر، فلما أراد فراقه، قال له عيسى: أريد أن تكتب اسمي في البساط الذي تحتك، فإذا رأيته دعوت لي. فبكى أبو محمد، وقال: قال الله تعالى: " إليه يصعدُ الكلِمُ الطيّبُ والعملُ الصالح يرفعه ". فهَبْني دعوت لك. فأين عمل صالح يرفعه؟
وفاته رضي الله عنه
وتوفي أبو محمد رحمه الله، وغفر له، سنة ست وثمانين وثلاثماية. ورثاه كثير من أدباء القيروان، بمراث مشجية. فمن قول أبي الخواص الكفيف:
هذا لعبد الله أول مرع **** تُرزا به الدنيا وآخر مصرع
كادت تميد الأرض خاشعة الرُبى **** وتمور أفلاك النجوم الطُلّع
عجباً أيدري الحاملون لنعشه **** كيف استطاعت حمل بحر مترع
علماً وحكماً كاملاً وبراعة **** وتُقى وحسن سكينة وتورع
وسعَتْ فجاج الأرض سعياً حوله **** من راغب في سعيه متبرع
يبكونه ولكل باك منهم **** ذلّ الأسير وحرقة المتوجع
وقال أبو علي ابن سفيان في قصيدة:
غصت فجاج الأرض حتى ما تُرى**** أرض ولا علم ولا بطحاء
ما زلت تقدم جمعهم هرباً لهم **** في مركب حفت به النجباء
وذكر أن أبا محمد بن أبي زيد، رحمه الله. رؤي في مجلسه تحت فكرة وكآبة. فسئل عن سبب ذلك؟ قال: رأيت باب داري سقط، وقد قال فيه الكرماني، إنه يدل على موت صاحب الدار. فقيل له: الكرماني مالك في علمه؟ قال: نعم. هو مالك في علمه، أو كأنه مالك في علمه. فلم يقم إلا يسيراً. ثم مات رحمه الله.
-------- انتهت الترجمة من كتاب ترتيب المدارك وتقريب المسالك ---------
2 - الكتاب: سير أعلام النبلاء. المؤلف: شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد الذَهَبي
المحقق: مجموعة محققين بإشراف شعيب الأرناؤوط
الناشر: مؤسسة الرسالة
الصفحة: 10 المجلد: 17
ابْنُ أَبِي زَيْدٍ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ القَيْرَوَانِيُّ المَالِكِيُّ الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، القُدْوَةُ، الفَقِيْهُ، عَالِمُ أَهْلِ المَغْرِبِ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي زَيْدٍ القَيْرَوَانِيُّ، المَالِكِيُّ، وَيُقَالُ لَهُ: مَالِكٌ الصَّغِيْرُ. وَكَانَ أَحَدَ مَنْ بَرَّزَ فِي العِلْمِ وَالعملِ. قَالَ القَاضِي عِيَاضٌ: حَازَ رِئاسَةَ الدِّينِ وَالدُّنْيَا، وَرُحَلَ إِلَيْهِ مِنَ الأَقطَار وَنَجُبَ أَصْحَابُهُ، وَكَثُر الآخذُوْنَ عَنْهُ، وَهُوَ الَّذِي لَخَّصَ المَذْهَب، وَمَلأَ البِلاَدَ مِنْ تَوَالِيفِهِ، تَفَقَّهَ بِفُقَهَاء القَيْرَوَان، وَعوَّلَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ بنِ اللَّبَّادِ. وَأَخَذَ عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ مَسرُورٍ الحجَّام، وَالعَسَّال، وَحَجّ، فَسَمِعَ مِنْ أَبِي سَعِيْدٍ بنِ الأَعْرَابِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ الفَتْحِ، وَالحَسَنِ بن نَصْرٍ السُّوسِيِّ، وَدرَّاسِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ، وَغَيْرهِم. سَمِعَ مِنْهُ خَلقٌ كَثِيْر، مِنْهُم: الفَقِيْه عَبْد الرَّحِيْمِ بن العَجُوز السَّبْتِي، وَالفَقِيْه عَبْد اللهِ بن غَالِب السَّبْتِي، وَعَبْد اللهِ بن الوَلِيْدِ بنِ سَعْد الأَنْصَارِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الخَوْلاَنِيّ. صَنّف كِتَابَ (النَّوَادرِ وَالزِّيَادَاتِ) فِي نَحْوِ المائَة جُزْء، وَاختصر (المُدَوَّنَةَ)، وَعَلَى هَذَينِ الكِتَابَيْنِ المُعَوَّلُ فِي الفُتْيَا بِالمَغْرِب، وَصَنَّفَ كِتَاب (العتَبِيَّة) عَلَى الأَبْوَابِ، وَكِتَاب (الاقتدَاءِ بِمَذْهَبِ مَالِكٍ)، وَكِتَابَ (الرِّسَالَةِ)، وَكِتَاب (الثِّقَةِ بِاللهِ وَالتَّوَكُّلِ عَلَى اللهِ)، وَكِتَاب (المَعرِفَةِ وَالتَّفْسِيْر)، وَكِتَاب (إِعجَاز القُرْآنِ)، وَكِتَاب (النَّهْي عَنِ الجِدَالِ)، وَرسَالته فِي الرَّدِّ عَلَى القَدَريَّةِ، وَرِسَالته فِي التَّوحيدِ، وَكِتَاب (مَنْ تَحَرَّكَ عِنْدَ القِرَاءةِ).وَقِيْلَ: إِنَّهُ صنع (رِسَالتَه) المَشْهُوْرَة وَلَهُ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً. وَكَانَ مَعَ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/350)
عظمتِهِ فِي العِلْمِ وَالعملِ ذَا برٍّ وَإِيثَارٍ وَإِنفَاقٍ عَلَى الطّلبَةِ وَإِحسَان. وَقِيْلَ: إِنَّهُ نفّذ إِلَى القَاضِي عَبْدِ الوَهَّابِ بن نَصْرٍ المَالِكِيّ أَلفَ دِيْنَار، وَهَذَا فِيْهِ بُعْدٌ، فَإِنَّ عَبْد الوَهَّابِ لَمْ يشتهر إِلاَّ بَعْدَ زَمَانِ أَبِي مُحَمَّدٍ. نَعم، قَدْ وَصلَ الفَقِيْهَ يَحْيَى بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ العُمَرِيَّ حِيْنَ قَدِمَ القَيْرَوَانَ بِمائَةٍ وَخَمْسِيْنَ دِيْنَاراً، وَجُهّزتْ بِنْتُ الشَّيْخِ َبِي الحَسَنِ القَابسِي بِأَرْبَع مائَة دِيْنَارٍ مِنْ مَالِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ. وَقِيْلَ: إِنَّ مُحرِزاً التُّوْنُسِيّ أُتِيَ بِابنَةِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَهِيَ زَمِنَةٌ، فَدَعَا لَهَا، فَقَامَتْ، فَعَجِبُوا وَسَبَّحُوا اللهَ، فَقَالَ: وَاللهِ مَا قُلْتُ إِلاَّ: بِحُرْمَةِ وَالدِهَا عِنْدَكَ اكشِفْ مَا بِهَا، فَشفَاهَا اللهُ. قُلْتُ: وَكَانَ - رَحِمَهُ اللهُ - عَلَى طَريقَةِ السَّلَفِ فِي الأُصُوْلِ، لاَ يَدْرِي الكَلاَمَ، وَلاَ يتَأَوَّلُ، فَنسأَلُ اللهَ التَّوفيق. وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ بِالسِّيْرَة النَّبويَةِ (تَهْذِيْبِ ابْنِ هِشَام) عَبْدُ اللهِ بنُ الوَلِيْدِ بِسَمَاعِهِ مِنْ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرِ بن الوردِ، لقِيَهُ بِمِصْرَ. وَلَمَّا تُوُفِّيَ رَثَاهُ عِدَّةٌ مِنَ الشُّعَرَاء.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الحَبَّالُ: مَاتَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ لِنِصْفِ شَعْبَانَ، سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَكَذَا أَرَّخَهُ أَبُو القَاسِمِ بنُ مَنْدَة، وَأَرَّخ مَوْتَه القَاضِي عِيَاض وَغَيْرهُ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ. (17/ 13)
----------------------------------------------
3 - كتاب الوفيات.
المؤلف: أبي العباس أحمد بن حسن بن علي بن الخطيب
وتوفي الفقيه الشيخ أبو محمد عبد الله بن أبي زيد القيرواني سنة ست وثمانين وثلاثمائة ودفن بداره بالقيروان وفي هذه السنة توفي أبو سعيد ابن أخي هشام بن شهاب
----------------------------------------------
4 - شذرات الذهب في أخبار من ذهب
المؤلف: عبد الحي بن أحمد العكري الدمشقي
أبو محمد بن أبي زيد القيرواني المالكي عبد الله بن أبي زيد شيخ المغرب أبيه انتهت رياسة المذهب قال القاضي عياض حاز رياسة الدين والدنيا ورحل إليه من الأقطار ونجب أصحابه وكثر الآخذون عنه وهو الذي لخص المذهب وملأ البلاد من تآليفه حج وسمع من أبي سعيد بن الأعرابي وغيره وكان يسمى مالكا الأصغر قال الحبال توفي للنصف من شعبان
----------------------------------------------
5 - الكتاب: تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام. تأليف: شمس الدين الذهبي.
دار النشر: دار الكتاب العربي لبنان
الصفحة: 183 الجزء: 27
عبد الله بن أبي زيد الفقيه القيرواني، أبو محمد شيخ المالكية بالمغرب. اسم أبيه عبد)
الرحمن، وكان أبو محمد قد جمع مذهب مالك، وشرح أقواله، كان واسع العلم، كثير الحفظ، ذا صلاح وورع. وعنه قال القاضي عياض: حاز رئاسة الدين والدنيا، ورحل إليه من الأقطار، ونخب أصحابه، وكثر الآخذون عنه. وهو الذي لخص المذهب، وملأ البلاد من تواليفه. تفقه بفقهاء بلده، وعول على أبي بكر بن اللباد، وأخذ عن محمد بن مسرور الحجام، والغسال، فسمع من أبي سعيد بن الأعرابي، ومحمد بن الفتح، والحسن بن نصر السوسي، ودارس بن إسماعيل. سمع منه خلق كثير من جميع الآفاق، منهم: الفقيه عبد الرحيم بن العجوز السبتي، والفقيه عبد الله بن غالب السبتي، وعبد الله بن الوليد بن سعد الأنصاري، وأبو بكر أحمد بن عبد الرحمن الخولاني القيرواني، وخلق سواهم من علماء المغرب. وكان يسمى مالكاً الصغير، وصنف كتاب النوادر والزيادات نحو
المائة جزء، واختصر المدونة. وعلى هذين الكتابين المعول في الدنيا بالمغرب، وصنف كتاب العتيبة على الأبواب، وكتاب الاقتداء بمذهب مالك وكتاب الرسالة وهو مشهور
----------------------------------------------
6 - الكتاب: مرآة الجنان وعبرة اليقظان في معرفة حوادث الزمان
المؤلف: اليافعي
فيها توفي الإمام الكبير الشهير أبو محمد عبد الله بن أبي زيد القيرواني المالكي، شيخ المغرب، وإليه انتهت رئاسة المذهب. قال القاضي عياض: حاز رئاسة الدين والدنيا، رحل إليه من الأقطار، ونجب أصحابه، وكثر الآخذون عنه، وهو الذي لخص المذهب وملأ البلاد من تآليفه، وكان يسمى مالكاً الأصغر.
----------------------------------------------
7 - الكتاب: النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة
المؤلف: ابن تغري بردي
وفيها توفي عبد الله بن أبي زيد عبد الرحمن، الفقيه أبو محمد القيرواني شيخ المالكية بالمغرب. جمع مذهب الإمام مالك رضي الله عنه وشرح أقواله. وكان واسع العلم كثير الحفظ ذا صلاح وعفة وورع. قال القاضي عياض بن موسى بن عياض: حاز رياسة الدين والدنيا، ورحل إليه من الأمصار.
------------ مصادر أخرى ---------------
* الفهرست لابن النديم 253، طبقات الفقهاء للشيرازي: 135، ترتيب المدارك 4/ 492 - 497، فهرست ابن خير 244، تاريخ الاسلام 4/ 75 / 2، دول الاسلام 1/ 335، العبر 3/ 43، 44، عيون التواريخ 12/ 245 / 2، مرآة الجنان 2/ 441، الديباج المذهب 1/ 427 - 430، النجوم الزاهرة 4/ 200، شذرات الذهب 3/ 131، هدية العارفين 1/ 447، 448، شجرة النور 1/ 96، تكميل الصلحاء والاعيان لمعالم الايمان لابن ناجي: 306، وانظر " تاريخ التراث العربي " لسزكين 2/ 154 - 160.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/351)
ـ[أبو أمين الزبير]ــــــــ[17 - 07 - 08, 02:43 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي على مجهودك وجعل ذلك في ميزان حسناتك ونفع بك الاسلام والمسلمين
ـ[بلال اسباع الجزائري]ــــــــ[21 - 07 - 08, 10:23 ص]ـ
أخي ابا عبد البرالمالكي هلا تكرمت علينا بغرر المقالة وخصوصا جزء الترجمة جزاك الله كل خير ونفع بك وجعل كل ذلك في ميزان حسناتك.
السلام عليكم ورحمة الله،
أرفع تدريجيا إن شاء الله صور الترجمة التي ذكرها الأخ أبو عبد البر المالكي، وهي مصورة من نسخته فلا تنسوه من دعائكم.
ـ[بلال اسباع الجزائري]ــــــــ[21 - 07 - 08, 10:25 ص]ـ
......
ـ[أبو أمين الزبير]ــــــــ[21 - 07 - 08, 09:54 م]ـ
جزاك الله كل خير اخي بلال وجمعنا واياك في مستقر رحمته ونفع بك الاسلام والمسلمين آمين
ـ[بلال اسباع الجزائري]ــــــــ[22 - 07 - 08, 01:49 م]ـ
جزاك الله كل خير اخي بلال وجمعنا واياك في مستقر رحمته ونفع بك الاسلام والمسلمين آمين
آمين وإياك أخي الفاضل.
ـ[بلال اسباع الجزائري]ــــــــ[22 - 07 - 08, 04:16 م]ـ
.....
ـ[أبو أمين الزبير]ــــــــ[24 - 07 - 08, 09:25 م]ـ
جزيت الجنة اخي بلال.(146/352)
الشيخ المجاهد البطل / أحمد ديدات
ـ[تلميذة الأصول]ــــــــ[10 - 07 - 08, 04:45 ص]ـ
الشيخ المجاهدالبطل / أحمد ديدات
--------------------------------------------------------------------------------
بسمالله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والآه، ومن اقتفى أثره ودافع عن دينه، وجاهد في سبيله .. وبعد ..
المجاهد الشيخ / أحمد ديدات
{{مولدهونشأته}}
ولد الشيخ الفقيد أحمد حسين ديدات في مدينة سيرات بالهند عام 1918, وقدهاجر والده إلى دولة جنوب أفريقيا بعد وقت قصير من ولادته، وعندما بلغ الصغير تسعسنوات ماتت والدته فلحق بأبيه إلى جنوب أفريقيا حيث عاش هناك بقية عمره
في جنوبإفريقيا برع أحمد في دراسته وفاق أقرانه رغم اختلاف اللغة وبدت عليه علامات التفوقوالنبوغ .. لكن الفقر حال دونه والعلم والقراءة الذين شغف بهما، وخرج ديدات الصغيرمن المرحلة المتوسطة ليبحث عن مصدر رزق يتقوت منه
{{مواجهات مبكرة}}
عملديدات في عدة أعمال، وعندما بلغ الثامنة عشرة في حدود عام 1936، عمل في دكان يمتلكهأحد المسلمين، يقع في منطقة نائية في ساحل جنوب إقليم ناتال بجانب إرسالية مسيحية، وكان طلبة الإرسالية يأتون إلى الدكان الذي يعمل به ديدات ومعه مسلمون آخرون، ويكيلون الإهانات لهم عبر الإساءة للدين الإسلامي والطعن في النبي صلى الله عليهوسلم .. وعن هذا يقول الشيخ ديدات: "لم أكن أعلم شيئًا عما يقولون، كل ما كنت أعلمهأنني مسلم .. اسمي أحمد .. أصلي كما رأيت أبي يصلي .. وأصوم كما كان يفعل، ولا آكل لحمالخنزير ولاأشرب الخمور، وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.
{{إظهارالحق}}
يقول الشيخ ديدات: "كانت الشهادة بالنسبة لي مثل الجملة السحرية التيأعلم أنني إن نطقت بها نجوت، ولم أكن أدرك غير ذلك، ولكن نهمي الطبيعي وحبي للقراءةوضعا يدي على بداية الطريق، فلم أكن أكتفي بالجرائد التي كنت أقرؤها بالكامل، وأظلأفتش في الأكوام بحثًا عن المزيد مثل المجلات أو الدوريات، وذات مرة وأثناء هذاالبحث عثرت على كتاب كان عنوانه بحروف اللاتينية izharulhaq ( إظهار الحق)، وقلبتهلأجد العنوان بالإنجليزية " Truth Revealed"، جلست على الأرض لأقرأ فوجدته كتبخصيصًا للرد على اتهامات وافتراءات المنصِّرين في الهند، وكان الاحتلال هناك قد وجدفي المسلمين خطورة، فكان من بين الحلول محاولات تنصيرهم لتستقر في أذهانهم عقيدة "من ضربك على خدك الأيمن فأدر له خدك الأيسر"، فلا يواجه بمقاومة أكبر من المسلمين، وبذلك تعرض المسلمون هناك لحملات منظمة للتنصير، وكان الكتاب يشرح تكنيك وأساليبوخبرات توضح طريقة البداية، وطرح السؤال، وأساليب الإجابة لدى نقاش هؤلاء المنصرين، بما جعل المسلمين في الهند ينجحون في قلب الطاولة ضدهم، وبالأخص عن طريق فكرة عقدالمناظرات
{{عودة إلى طلاب الإرسالية}}
لقد حملت تهكمات طلبة الإرساليةالنصرانية ديدات على البحث؛ فاشترى أول نسخة من الإنجيل وبدأ يقرأ ويعي، ثم قامبشراء نسخ من الأناجيل المتنوعة، وانهمك في قراءتها ثم المقارنة بين ما جاء فيهافاكتشف تناقضات غريبة وأخذ يسأل نفسه: أي من الأناجيل هذه أصح؟ وواصل وضع يده علىالتناقضات وتسجيلها لطرحها أمام أولئك الذين يناقشونه بحدة كل يوم في الحانوت.
وفي اللقاء الثاني بطلاب الإرسالية كان على استعداد لمناقشتهم، بل ودعوتهمللمناظرات، وحينما لم يصمدوا أمام حججه قام بشكل شخصي بدعوة أساتذتهم من الرهبان فيالمناطق المختلفة، وشيئًا فشيئًا تحول الاهتمام والهواية إلى مهمة وطريق واضحللدعوة بدأه الشيخ واستمر فيه، فكان له من الجولات والنجاحات الكثير، واستمر في ذلكطيلة ثلاثة عقود قدّم خلالها المئات من المحاضرات والمناظرات مع القساوسة، كما وضععددًا من الكتب يزيد على عشرين كتابا من بينها الاختيار The Choice وهو مجلد متعددالأجزاء، هل الإنجيل كلمة الله؟، القرآن معجزة المعجزات، المسيح في الإسلام، العربوإسرائيل صراع أم وفاق؟، مسألة صلب المسيح…
{{ديدات تاون؟!!}}
لقد قيض اللهلأحمد ديدات رجلين كان لهما أكبر الأثر في حياته ودعوته ووصوله إلى العالمية فيالدعوة:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/353)
أولهما: غلام حسن فنكا" شاب من جنوب أفريقيا حاصل على الليسانس فيالقانون ويعمل في تجارة الأحذية، جمعت بينه وبين ديدات: رقة المشاعر والاهتمامبقضايا الإسلام.
التقى "غلام" مع ديدات في رحلة البحث والدراسة والقراءةالمتعمقة في مقارنات الأديان، وساعد ديدات كثيراً في التحصيل العلمي وصقل الذات. وجابا معا مدنا وقرى صغيرة داخل جنوب أفريقيا، وفي عام 1956 قرر "غلام" التفرغتماماً للدعوة، وأسس الرجلان "مكتب الدعوة" في شقة متواضعة بمدينة ديربان، ومنهانطلقا إلى الكنائس والمدارس المسيحية داخل جنوب أفريقيا حيث قام أحمد ديداتبمناظراته المبهرة والمفحمة.
وأما الرجل الثاني: فهو "صالح محمد" وهو من كباررجال الأعمال المسلمين، كان يعيش في مدينة كيب تاون، التي كانت تتميز بكثافةإسلامية، وسيطرة وهيمنة نصرانية، كما أنها تتميز بمكانتها الاقتصادية والسياسية فيذات الوقت؛ ومن ثم قام "صالح محمد" بدعوة "ديدات" لزيارة المدينة، حيث رتب له أكثرمن مناظرة مع القساوسة هناك، ولكثرة عددهم ورغبتهم في المناظرة أصبحت إقامة ديداتفي كيب تاون شبه دائمة، وتمكن ديدات من خلال مناظراته أن يحظى بمكانة كبيرة بينسكانها جميعاً الذين تدفقوا على مناظراته حتى أصبح يطلق على "كيب تاون" .. ديداتتاون!!
لقد جاب ديدات البلاد بطولها وعرضها ومعه رفيقا دربه وأحدثت مناظراتهاضطرابًا في الوسط الكنسي ومن ثم المجتمع كله، وهز مفاهيم ومعتقدات كانت راسخةومقدسة واستطاع تغييرها، وأحدث ثغرة داخل الكنيسة بعد أن تحول المئات بإرادتهم إلىالإسلام إثر حضور مناظراته أو بعد زيارته في مكتبه الذي تحول إلى منتدى للزائرينوالوافدين من كل مكان.
{{الانتقال للعالمية}}
ومن جنوب أفريقيا خرج ديدات إلىالعالم في أول مناظرة عالمية عام 1977 بقاعة ألبرت هول في لندن .. وناظر ديدات كباررجال الدين النصراني أمثال: كلارك – جيمي سواجارت – أنيس شروش، وغيرهم. وأحدثتمناظراته دويا في الغرب لاتزال أصداؤه تتردد فيه حتى يومنا هذا. فحديثه عن تناقضاتالأناجيل الأربعة دفع الكنيسة ومراكز الدراسات التابعة لها والعديد من الجامعات فيالغرب لتخصيص قسم خاص من مكتباتها لمناظرات ديدات وكتبه وإخضاعها للبحث والدراسةسعيا لإبطال مفعولها، وسعيا لمنعها وعدم انتشارها
{{جهوده ومؤلفاته}}
د
ظلالشيخ ديدات يدعو للإسلام وينافح عنه ويدافع ويناظر ويؤلف وكانت له جهود كبيرة فيالدعوة منها:
تأسيس معهد السلام لتخريج الدعاة، والمركز الدولي للدعوةالإسلامية بمدينة [ديربان] بجنوب أفريقيا.
تأليف ما يزيد عن عشرين كتابًا، كانمن أشهرها كتاب "الاختيار The Choice" وهو كتاب متعدد الأجزاء، و"هل الإنجيل كلمةالله؟ "، و"القرآن معجزة المعجزات"، و"المسيح في الإسلام"، و"العرب وإسرائيل صراع أموفاق"، و"مسألة صلب المسيح". وكتب آخرى طبع الملايين منها لتوزع بالمجان بخلافالمناظرات التي طبع بعضها، وقام بإلقاء آلاف المحاضرات في جميع أنحاء العالم .. وكانيقول:" "لئن سمحت لي الموارد فسأملأ العالم بالكتيبات الإسلامية، وخاصة كتب معانيالقرآن الكريم باللغة الإنجليزية".
وقد مُنح الشيخ ديدات جائزة الملك فيصلالعالمية لخدمة الإسلام عام 1986 نظرا لمجهوداته الضخمة وأعطي درجة 'أستاذ'
{{دعوة حتى آخر رمق}}
وفي عام 1996 أصيب ديدات بالشلل التام ومنحينها ظل طريح الفراش، ولكنه لم يتوقف لحظة عن الدعوة فكان يعبر عما يريد عن طريقعينين لا تتوقفان عن الحركة والإشارة والتعبير، وعبرهما يتحاور الشيخ ويتواصل معزائريه ومرافقيه بل ومحاوريه بواسطة لغة خاصة تشبه النظام الحاسوبي, فكان يحركجفونه سريعا وفقا لجدول أبجدي يختار منه الحروف، ويكون بها الكلمات، ومن ثَم يكونالجمل ويترجم مراد الشيخ ولده يوسف الذي كان يرافقه في مرضه. والعجيب أنه كان يصلإلى الشيخ في مرضه هذا كل يوم قرابة الخمسمائة رسالة فلم يتوقف عن الدعوة حتى وافتهالمنية مجاهدا داعيا وصابرا محتسبا
في يوم الإثنين الثامن من أغسطس 2005 ودعتالأمة الإسلامية علما بارزا من أعلامها وجبلا شامخا من جبال دعوتها ألا وهو الشيخالمناضل والداعية المجاهد الشيخ أحمد ديدات .. ذلك الجبل الأشم والطود العظيموالعلامة الفارقة في تاريخ الدعوة إلى الله رب العالمين. تلك الدعوة التي تمثلتلتصوغ رجلا من نوع يختلف عن كثيرمن الرجال كما أنها دعوة تختلف في أسلوبها عن كثيرمن أساليب الدعوة وطرقها المعروفة.
لقد اختار الرجل طريقا وعرًا لا يسلكها إلاالأفذاذ من الرجال، فاختار مقارعة أهل الكتاب في عقر دارهم وإفحامهم من خلال كتبهموإظهار عوارها وبيان اختلافها وأن مثلها لا يصلح أن يكون كلمة الرب التي أنزلها علىرسله وأن دين الحق هو دين الإسلام الخاتم .. كل ذلك من خلال المناظرة بالحكمةوالموعظة الحسنة مما كان له كبير الأثر في عودة الآلاف منهم إلى الدين الحق دينالإسلام.
لقد عاش ديدات حياته يناضل في هذا الجانب، ومات وهو لا يزال يؤديرسالته من على فراش المرض، ثم ودعنا بعد حياة حافلة تحتاج أن يدرسها كل مسلم ليأخذمنها عبرا وعظات .. وهانحن نقتطف منها ملخصا لا يغني عن التمام
نسأل الله تعالىأن يسكنه فسيح جناته، ويجمعنا به مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسنأولئك رفيقا
الموقع الرسمي لشيخ أحمد ديدات
موقعالشيخ أحمد ديدات - Sheikh Ahmed Deedat Web site
وفي النهاية اشكر الشبكةالاسلامية وهي التي نقلت منها كامل المقالة (أحمد ديدات دعوة حتى آخر رمق)،،
وأنا اشكر بعد الله من نقل لنا المقالة ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/354)
ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[13 - 07 - 08, 08:20 ص]ـ
بارك الله فيكِ.
هل عقيدة أحمد ديدات سلفيّة؟
ـ[تلميذة الأصول]ــــــــ[14 - 07 - 08, 01:55 ص]ـ
بارك الله فيكِ.
هل عقيدة أحمد ديدات سلفيّة؟
باااارك الله فيك،، على تأدبك مع الداعية الكبير -رحمه الله- فهكذا يكون السؤال ...
جزاك الله خيراً ...
وهكذااا يكون الجواب .. وهو موجود في هذا الملتقى المبارك (ان شاء الله)
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=112958&highlight=%CF%ED%CF%C7%CA
ـ[نضال دويكات]ــــــــ[14 - 07 - 08, 02:04 ص]ـ
بارك الله فيك ورحم الله رحمة واسعة
ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[14 - 07 - 08, 07:50 م]ـ
جزاكِ الله خيراً.
قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -:" التأنّي من الله، والعجلة من الشيطان ". (صحيح الجامع الصغير).
فلا أريد ذكر إشاعة أو طرح حكم ظنِّي عن الشيخ رحمه الله، وعملتُ بقوله تعالى: {فتبيّنوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتُصبحوا على ما فعلتم نادمين} (الحجرات، 6).
ـ[نضال دويكات]ــــــــ[14 - 07 - 08, 08:25 م]ـ
جزاكِ الله خيراً.
قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -:" التأنّي من الله، والعجلة من الشيطان ". (صحيح الجامع الصغير).
فلا أريد ذكر إشاعة أو طرح حكم ظنِّي عن الشيخ رحمه الله، وعملتُ بقوله تعالى: {فتبيّنوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتُصبحوا على ما فعلتم نادمين} (الحجرات، 6).
لا بد للمنصف ان يبدأ دائما بذكر الحسنات والإيجابيات وللشيخ منها الكثير ولا نزكيه على الله
أما الجانب الآخر فنحن من البشر والكل معرض للخطأ وبارك الله فيك ورحم الله الشيخ رحمة واسعة فقد ذب عن حياض الاسلام الكثير الكثير(146/355)
النص التاريخي الموثق لغزوة الأحزاب
ـ[محمد أبو عمر]ــــــــ[10 - 07 - 08, 04:07 م]ـ
النص التاريخي الموثق لغزوة الأحزاب
انتشر الإسلام بعد الهجرة في المدينة،وتعززت مكانة المسلمين وقوتهم خلال السنوات الخمسة الأولى، فاشتد حنق خصومهم من اليهود والمشركين؛ وخاصة بعد طرد يهود بني النضير من المدينة واستمرار المسلمين في تهديد طرق قريش التجارية.
فطاف عدد من سادة بني النضير منهم حيي بن أخطب وسلام بن أبي الحقيق وهوذة بن قيس الوائلي وكنانة بن الربيع بن أبي الحقيق على زعماء قريش وغطفان والقبائل المجاورة لهما يستنهضونهم لغزو المدينة واستئصال شأفة المسلمين فيها، (1) ووعدوهم بتأليب يهود بني قريظة الذين ما زالوا في المدينة، ووعدوا قبيلة غطفان بنصف تمر خيبر (2)، فالتقت أحقاد قريش وبني النضير وأطماع غطفان، واتفقت هذه القبائل (3) على مهاجمة المدينة، وبدأت تزحف إليها في أوائل شوال من السنة الخامسة للهجرة.
وصلت الأنباء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستشار وجوه المهاجرين والأنصار، فأشار عليه سلمان الفارسي رضي الله عنه بحفر خندق حول المدينة وقال: يا رسول الله إنا كنا بأرض فارس إذا تخوفنا الخيل خندقناعلينا (4).
فأعجب الرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمون بهذا الرأي، وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فرسه في نفر من أصحابه (5) لاختيار المكان المناسب لحفر الخندق.
والمعروف أن المدينة محاطة بالحرار من ثلاث جهات، ومشبكة بالبنيان والنخيل (6) لا يستطيع جيش كبير دخولها والقتال في مساحات واسعة إلا من جهة واحدة هي الجهة الشمالية الغربية، فخط النبي صلى الله عليه وسلمالخندق في تلك الجهة، من طرف الحرة الشرقية عند أجم الشيخين (7) إلى طرف الحرة الغربية عند أطم المذاد (8).
ثم خرج صلى الله عليه وسلم بالمسلمين إلى تلك الجهة من المدينة، فعسكر عند سفح جبل سلع (9) وضربت له قبة على جبل ذباب (10)، وندب الناس وأعلمهم بدنو عدوهم وبخطورة الوضع وبضرورة الجد والنشاط في حفر الخندق حتى يتم قبل وصول المشركين (11)، و قسم العمل بينهم فأوكل للمهاجرين الحفر من جبل ذباب إلى ناحية راتج، وأوكل للأنصار أن يحفروا من ذباب إلى جبل بني عبيد (12) وأوكل لبني عبد الأشهل أن يوصلوا الخندق من راتج إلى طرف الحرة الشرقية عند أجم الشيخين، كما أوكل لبني دينار أن يحفروا خندقاً فرعياً متصلاً بالخندق الرئيسي من الجهة الغربية ويمدوه جنوباً إلى غربي المصلى حيث اجتماع وادي بطحان مع رانوناء (13).
بلغ عدد المسلمين المشاركين في الحفر ثلاثة آلاف (14)،
فخص النبي صلى الله عليه وسلم كل عشرة بأربعين ذراعاً (15)، وبدأوا يحفرون بجد ونشاط في ظروف صعبة (16)، فقد كانت السنة جدباء، والمؤن شحيحة، والفصل شتاء قارساً، والوقت اللازم لإنجاز الخندق قبل أن تصل الجموع الزاحفة إلى المدينة قصيراً.
روى البخاري عن أنس رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الخندق فإذا المهاجرون والأنصار يحفرون في غداة باردة، فلم يكن لهم عبيد يعملون ذلك لهم، فلما رأى ما بهم من النصب والجوع قال:
اللهم إن العيش عيش الآخرة ... فاغفر للأنصار والمهاجرة
فقالوا مجيبين له:
نحن الذين بايعوا محمداً ... على الجهاد ما بقينا أبدا (17)
وروى بسنده عن أنس قال: كان أهل الخندق يؤتون بملء كفي من الشعير فيصنع لهم بإهالة سنخة (18) توضع بين يدي القوم، والقوم جياع، وهي بشعة في الحلق، ولها ريح منتن (19).
وكان صلى الله عليه وسلم يشاركهم العمل والجوع، فقد روى البخاري عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: لما كان يوم الأحزاب وخندق رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيته ينقل من تراب الخندق حتى وارى عني الغبار جلدة بطنه وكان كثير الشعر، فسمعته يرتجز بشعر ابن رواحة وهو ينقل التراب ويقول:
اللهم لولا أنت ما اهتدينا ... ولا تصدقنا ولا صلينا
فأنزلن سكينة علينا ... وثبت الأقدام إن لاقينا
إن الألى قد بغوا علينا ... إذا أرادوا فتنة أبينا
قال: ثم يمد بها صوته بآخرها (20).
وروى الترمذي عن أبي طلحة قال: شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجوع فرفعنا عن بطوننا عن حجر حجر، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حجرين (21).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/356)
وكان لمشاركة النبي صلى الله عليه وسلم أثر بالغ في نشاط المسلمين وإنجازهم، وكانواإذارأوامن الرجل فتورا ًضحكوا منه (22).
وكان مع المسلمين عدد من المنافقين تململوا من العمل، وتسلل بعضهم إلى أهله دون أن يستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم (23)، فيما ضاعف بعض المسلمين جهودهم كسلمان الفارسي رضي الله عنه، ولذا تنافس عليه المهاجرون والأنصار كل يقول: سلمان منا، ونحن أحق به فقال لهم الرسول صلى الله عليه وسلم: سلمان منا أهل البيت (24).
وفي غمرة العمل ظهرت معجزات عدة للنبي صلى الله عليه وسلم، منها: ما رواه البخاري بسنده عن جابر رضي الله عنه قال: إنا يوم الخندق نحفر فعرضت كدية شديدة، فجاؤوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: هذه كدية عرضت في الخندق، فقال: أنا نازل، ثم قام وبطنه معصوب بحجر ــ ولبثنا ثلاثة لا نذوق ذواقاً ــ فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم المعول فضرب فعاد كثيباً أهيل أو أهيم (25).
وفي رواية الإمام أحمد: "ثم هبط إلى الصخرة فأخذ المعول فقال: بسم الله، فضرب ضربة فكسر ثلث الحجر وقال: الله أكبر أعطيت مفاتيح الشام، والله إني لأبصر قصورها الحمر من مكاني هذا، ثم قال:
بسم الله، وضرب أخرى فكسر ثلث الحجر، فقال: الله أكير أعطيت مفاتيح فارس، والله إني لأبصر المدائن، وأبصر قصرها الأبيض من مكاني هذا، ثم قال: بسم الله،
وضرب ضربة أخرى، فقلع بقية الحجر، فقال: الله أكبر أعطيت مفاتيح اليمن، والله إني لأبصر أبواب صنعاء من مكاني هذا" (26).
ومنها ما رواه ابن إسحاق أن أخت النعمان بن بشير أرسلتها أمها بحفنة من تمر ليتغدى بها أبوه بشير بن سعد وخاله عبد الله بن رواحة وهما في الخندق فمرت برسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ منها التمر وبسطه فوق ثوب ثم دعا أهل الخندق فجعلوا يأكلون منه وهو يزيد حتى صدر أهل الخندق عنه وإنه ليسقط من أطراف الثوب (27).
ومنها أن جابر بن عبد الله رضي الله عنه لما رأى آثار الجوع الشديد على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ذهب إلى بيته فذبح عنزة صغيرة، وأمر امرأته فطحنت صاعاً من شعير، ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: طُعيِّم لي فقم أنت يا رسول الله ورجل أو رجلان وفوجئ جابر رضي الله عنه بدعوة النبي صلى الله عليه وسلم لأهل الخندق جميعاً، فأكلوا من ذلك الطعام وشبعوا، وبقيت برمة اللحم تغط به كما هي، وبقي العجين يخبز كما هو (28).
وخلال فترة وجيزة (29)، وقبل وصول المشركين إلى المدينة، أنجز المسلمون حفر الخندق، ويقدر طوله بخمسة آلاف ذراع (30)، وعرضه حوالي تسعة أذرع تقل قليلاً في الأماكن الصخرية، وعمقه يتراوح ما بين سبعة إلى عشرة أذرع، (31).وجعلوا له ممرات للخروج إلى الطرف الآخر عند الضرورة (32).
ثم أمر النبي صلى الله عليه وسلم برفع النساء والذراري في الآطام (33)، وعقد الألوية فدفع لواء المهاجرين لزيد بن حارثة، ولواء الأنصار لسعد بن عبادة (34)، واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم وخرج بالمسلمين إلى سلع فجعله خلف ظهره (35).
ثم استعرض الجيش فرد من لم يبلغ الخامسة عشرة من عمره وأجاز من بلغها ومن هؤلاء عبد الله بن عمر بن الخطاب، وزيد بن ثابت، وأبو سعيد الخدري والبراء بن عازب رضي الله عنهم أجمعين (36) ثم قسم الجيش إلى مجموعات ووزعها على طول الخندق لصد أي هجوم يقوم به المشركون، وقال لهم: إن بُيتم فإن دعواكم (حم لا ينصرون). (37)
وضُرب لرسول الله صلى الله عليه وسلم قبة من أدم على مرتفع بأصل جبل سلع من الجهة الغربية (38) وكان يعقب فيها بين نسائه عائشة وزينب بنت جحش وأم سلمة (39).
وفي شوال من السنة الخامسة من الهجرة (40)، وصلت جموع المشركين (41) أطراف المدينة، فنزلت قريش ومن تابعها من بني كنانة وأهل تهامة بمجتمع الأسيال من رومة بين الجرف وزغابة (42)،وكانوا بقيادة أبي سفيان بن حرب (43) ونزلت غطفان ومن تبعها من أهل نجد بذنب وادي نقمي إلى جانب أحد (44).وكانوا بقيادة عيينة بن حصن الفزاري. (45)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/357)
وتسلل على الفور رأس الفتنة اليهودي حيي بن أخطب إلى بني قريظة وهي القبيلة اليهودية الوحيدة التي بقيت في المدينة إلى ذلك الوقت، (46) وكان بينها وبين المسلمين حلف يقضي بالنصرة حال الحرب (47)، ولما علم زعيم بني قريظة كعب بن أسد بقدوم حيي بن أخطب أمر بإقفال باب حصنه في وجهه، وطلب منه مغادرة الديار (48)، وقال له: ارجع عنا فإنك إنما تريد هلاكي وهلاك قومي، وإني عاقدت محمداً وعاهدته فلم نر منه إلا صدقاً، والله ما أخفر لنا ذمة، ولا هتك لنا ستراً، ولقد أحسن جوارنا (49).
لكن حيي بن أخطب أبى أن يرجع وظل يحاور كعباً وعدداً من سادة بني قريظة حتى استجابوا لطلبه ووافقوا على نقض العهد مع المسلمين والانضمام إلى جيوش الأحزاب؛ شريطة أن يبقى حيي معهم في حصونهم ليصيبه ما أصابهم إذا انسحبت الأحزاب دون أن تقضي على المسلمين (50).
ولقي هذا القرار معارضة عدد قليل من اليهود على رأسهم عمرو بن سعدى، وكان موقفهم هذا سبباً في نجاتهم فيما بعد.
عاد حيي بن أخطب إلى زعماء الأحزاب بخبر نقض بني قريظة العهد مع المسلمين، فقرروا مهاجمة المدينة لكنهم فوجئوا بالخندق، وقالوا: إن هذه لمكيدة ما كانت العرب تكيدها، وساروا على امتداد الخندق يبحثون عن معبر يمرون منه فلم يجدوه، وكان المسلمون يتابعون تحركاتهم من الطرف الآخر للخندق، وكلما اقتربت مجموعة من المشركين من جهة من جهات الخندق تصدى لها المسلمون،وحاول بعض الفرسان اقتحام الخندق فردهم المسلمون بالنبل والحجارة، واستمرت المواجهات عبر الخندق طوال النهار، فلما غربت الشمس عاد المشركون إلى معسكراتهم.
واضطر بعض المسلمين إلى تأخير بعض الصلوات عن أوقاتها، فعن جابر رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب جاء يوم الخندق بعد ما غربت الشمس جعل يسب كفار قريش وقال: يا رسول الله ما كدت أن أصلي حتى كادت الشمس أن تغرب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "والله ما صليتها" فنزلنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بطحان فتوضأ للصلاة وتوضأنا لها فصلى العصر بعدما غربت الشمس ثم صلى بعدها المغرب (51).
وبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاء حيي بن أخطب ببني قريظة، فأرسل الزبير بن العوام يستطلع الأمر، فرجع فقال: يا رسول الله رأيتهم يصلحون حصونهم ويدربون طرقهم وقد جمعوا ما شيتهم. (52) فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عدداً من الصحابة فيهم سيد الأوس سعد بن معاذ وسيد الخزرج سعد بن عبادة، وقال لهم: ((انطلقوا حتى تنظروا أحق ما بلغنا عن هؤلاء القوم أم لا؟ فإن كان حقاً فالحنوا لي لحناً أعرفه ولا تفتوا في أعضاد الناس، وإن كانوا على الوفاء فيما بيننا وبينهم فاجهروا به للناس (53).
فلما ذهبوا إليهم جاهروهم بالعداوة وقالوا: مَن رسول الله؟ لا عهد بيننا وبين محمد ولا عقد، وتشاتموا مع الوفد، فرجع الوفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: عضل والقارة أي: كغدر عضل والقارة بأصحاب الرجيع، فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: أبشروا يا معشر المسلمين بنصر الله وعونه (54).
وتكررت محاولات المشركين اقتحام الخندق، وتصدى لهم المسلمون، واستمر التراشق بالسهام والحجارة، وظهرت بوادر غدر اليهود، وأخذ بعضهم يطوف بالحصون التي وضع
فيها المسلمون النساء والأطفال والشيوخ، فأحس المسلمون بالبلاء، ونجم النفاق في ضعفاء الإيمان، وجهر به بعضهم، وقالوا: كان محمد يعدنا أن نأكل كنوز كسرى وقيصر،وأحدنا اليوم لا يأمن على نفسه أن يذهب إلى الغائط (55)، وطلب بعضهم أن يرجع إلى داره بحجة أنها قريبة من العدو (56).
وشاع خبر بأن بني قريظة تريد أن تغير على الذراري والنساء ليلاً وأنهم طلبوا من حيي بن أخطب أن يأتيهم بألف من قريش وألف من غطفان ليهاجموهم من داخل المدينة (57)، فاشتد البلاء على المسلمين، وبلغ الخوف ذروته، وصاروا كما قال سبحانه: ((إذ جاؤوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا، هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالاً شديداً)) (58)، ولمجابهة هذا الأمر أرسل النبي صلى الله عليه وسلم مجموعتين من الصحابة بقيادة سلمة بن أسلم بن خريش الأشهلي وزيد بن حارثة يطوفون بالمدينة ويظهرون التكبير في أرجائها حتى الصباح. (59)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/358)
وكلف النساء في الحصون إذا شعرن بالخطر أن يرفعن السيوف من فوق الحصون ليراهاالمسلمون ويحضروالنجدتهن (60).
وتكررت محاولات المشركين اقتحام الخندق أياماً عديدة، وكان زعماء المشركين يتناوبون قيادة الهجوم، فيغدو أبو سفيان يوماً وهبيرة بن وهب يوماً وعكرمة بن أبي جهل يوماً وضرار بن الخطاب يوماً (61)،وكانت المناوشات تستمر في بعض الأيام طوال النهار وجزءاًمن الليل فقد روى الإمام أحمد (62) والنسائي (63) أن المشركين شغلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً عن صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء فصلاهن جميعاً.
ومرة تمكّن عدد من فرسان المشركين من اجتياز الخندق فيهم عمرو بن عبد ود وعكرمة بن أبي جهل وضرار بن الخطاب ونوفل بن عبد الله المخزومي، وجالوا في السبخة بين الخندق وسلع، فتصدى لهم علي بن أبي طالب في نفر من المسلمين، وطلب عمرو المبارزة فبارزه علي بن أبي طالب رضي الله عنه وقتله، وحمل الزبير على نوفل بن عبد الله بالسيف فقتله (64)، وفرّ الباقون (65).
فطلبت بنو مخزوم من النبي صلى الله عليه وسلم أن يبيعهم جثته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا حاجة لنا في جسده ولا بثمنه، فخلى بينهم وبينه (66)
وبدأ بعض اليهود التحرش بحصون المسلمين، فاقترب رجل من بني ثعلبة بن سعد يقال له: نجدان من حصن بني حارثة ووقف على فرسه أسفل الحصن وجعل يقول للنساء: انزلن خير لكن، فحركن السيوف فأبصرها بعض المسلمين وأسرعوا إليهم، وانقض عليه ظهير بن رافع فقتله وأخذ رأسه إلى النبي صلى الله عليه وسلم (67).
وطاف بعض اليهود بحصن فارع، وحاول أحدهم تسلقه، وكان فيه بعض زوجات النبي صلى الله عليه وسلم وعمته صفية بنت عبد المطلب، وعدد من نساء الصحابة، فضربته صفية رضي الله عنهابعمود على رأسه فقتلته، وألقت برأسه إلى أصحابه خارج الحصن، فذعروا وانسحبوا وهم يقولون: قد علمنا أن محمداً لم يكن ليترك أهله خلوفاً ليس معهن أحد (68).
وشدد المسلمون المراقبة على أطراف الخندق ليلاً ونهاراً، وخاصة في الأماكن التي يمكن أن تقفزها الخيل القوية، وشارك الرسول صلى الله عليه وسلم في الحراسة قرب القبة التي ضربت له، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يختلف إلى ثلمة في الخندق يحرسها حتى إذا آذاه البرد جاءني فأدفأته في حضني فإذا دفئ خرج إلى تلك الثلمة يحرسها ويقول: ما أخشى أن يؤتى الناس إلا منها، فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في حضني قد دفئ وهو يقول: ليت رجلاً صالحاً يحرسني قالت: إلى أن سمعت صوت السلاح وقعقعة الحديد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا؟ فقال: سعد بن أبي وقاص، قال: عليك بهذه الثلمة فاحرسها، قالت ونام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سمعت غطيطه (69).
ولتخفيف الضغط على المسلمين أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يصالح غطفان على ثلث ثمار المدينة على أن يرجعوا عن قتال المسلمين، فاستشار زعيمي الأوس والخزرج سعد بن معاذ وسعد بن عبادة فقالا: يا رسول الله أمراً تحبه فتصنعه أم شيئاً أمرك الله به لا بد لنا من العمل به، أم شيئاً تصنعه لنا؟ قال: بل شيء أصنعه لكم، والله ما أصنع ذلك إلا لأنني رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة وكالبوكم من كل جانب فأردت أن أكسر عنكم من شوكتهم إلى أمر ما، فقال سعد بن معاذ: يارسول الله قد كنا نحن وهؤلاء القوم على الشرك بالله وعبادة الأوثان لا نعبد الله ولا نعرفه وهم لا يطمعون أن يأكلوا منها تمرة إلا قرى أو بيعاً، أفحين أكرمنا الله بالإسلام وهدانا له وأعزنا بك نعطيهم أموالنا؟ والله لا نعطيهم إلا السيف حتى يحكم الله بيننا وبينهم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فأنت وذاك (70)، وترك مصالحة غطفان.
ومرت أيام والحصار على حاله، يحاول بعض المشركين اجتياز الخندق فيتصدى لهم المسلمون، ويتراشق الطرفان بالنبل والحجارة، وقد أصيب في إحدى المرات سعد بن معاذ بسهم في أكحله وأخذ يعاني منه، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتطبيبه في المسجد النبوي، في خيمة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/359)
امرأة من أسلم يقال لها رفيدة حتى يعوده من قريب (71)، واستشهد في المناوشات خمسة من الصحابة كلهم من الأنصار وهم: أنس بن أوس وعبد الله بن سهل الأشهليان، والطفيل بن النعمان وثعلبة بن غنمة السلميان، وكعب بن زيد وهو من بني دينار النجاري (72).
وأصيب من المشركين ثلاثة هم: نوفل بن عبد الله وعمرو بن عبد ود، وعثمان بن منبه بن أمية أصابه سهم فمات منه بمكة (73).
ولما طال الحال على المسلمين شكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يعانونه من خوف وجهد وجوع، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو ويلح بالدعاء ويقول كما يروي الإمام البخاري: "اللهم منزل الكتاب، سريع الحساب، اهزم الأحزاب، اللهم اهزمهم وزلزلهم " (74).
ويروي ابن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا في المكان الذي ضربت فيه قبته - والذي صار فيما بعد مسجداً يسمى مسجد الفتح - يومي الاثنين والثلاثاء والأربعاء فاستجيب له في اليوم الأخير.
وكان المشركون أيضاً يعانون من برودة الطقس، وخاصة مشركو مكة الذين اعتادوا الطقس الدافئ شتاء، وبدؤوا يتململون من طول الوقت وعدم تحقيق أي نتيجة.
ويورد ابن سعد خبراً بروايات عدة أن نعيم بن مسعود الغطفاني قدم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلماً وقال: يا رسول الله إني قد أسلمت، وإن قومي لم يعلموا بإسلامي فمرني بما شئت، فقال صلى الله عليه وسلم: إنما أنت رجل واحد فخذل عنا إن استطعت فإن الحرب خدعة. فخرج من فوره إلى بني قريظة ـ وكان نديماً لهم في الجاهلية ـ فقال: يا بني قريظة قد عرفتم ودّي لكم وخاصة ما بين وبينكم، وإن قريشاً وغطفان ليسوا كأنتم: البلد بلدكم فيه أموالكم وأبناؤكم ونساؤكم لا تقدرون أن تحولوا منه إلى غيره، وإن قريشاً وغطفان قد جاؤوا لحرب محمد وأصحابه فإن رأوا نهزة أصابوها وإلا لحقوا ببلادهم وخلوا بينكم وبينهم، ولا طاقة لكم به، فلا تقاتلوه حتى يعطوكم منهم رهائن يكونون بأيديكم، قالوا: لقد أشرت بالرأي، ثم أتى أبا سفيان ومن معه من أشراف قريش فقال لهم: قد عرفتم ودي لكم، وإن اليهود قد ندموا على نقض العهد مع محمد وقد راسلوه بأن يأخذوا من أشرافكم رهائن يدفعونها إليه ثم يكونون معه عليكم، ثم ذهب إلى غطفان، فقال لهم مثل ذلك.
وفي ليلة سبت من ليال شوال أرسل أبو سفيان عكرمة بن أبي جهل في نفر من قريش وغطفان إلى بني قريظة فقالوا لهم: إنا لسنا بدار مقام، وقد هلك الخف والحافر فأعدوا للقتال حتى نناجز محمداً ونفرغ لما بيننا وبينه، فقالت اليهود: إن اليوم سبت وهو يوم لا نعمل فيه، ولسنا مع ذلك نقاتل معكم حتى تعطونا رهائن، لأننا نخشى إن ضرستكم الحرب واشتد عليكم القتال أن تتركونا.
فلما رجعت الرسل قالت قريش وغطفان صدقكم والله نعيم
وبعثوا إلى اليهود: إنا والله لا نرسل إليكم رجلاً واحداً فإن كنتم تريدون القتال فاخرجوا فقاتلوا؛ فقالت قريظة: إن الذي ذكر لكم نعيم لحق، ونجح نعيم في زرع الشك بين الأحزاب وبني قريظة، وفي منع هجومهم على المسلمين من داخل المدينة وخارجها في وقت واحد (75)، فتخاذل الفريقان، ودبت الفرقة بين صفوفهم.
واستجاب الله سبحانه لدعاء رسوله صلى الله عليه وسلم فأرسل عليهم ريحاً شديدة فجعلت تكفأ قدورهم، وتطرح خيامهم، فاجتمع في نفوسهم عجزهم عن اقتحام الخندق والوصول إلى المسلمين، والشك في صدق بني قريظة بمهاجمة المسلمين من خلفهم، والبرد القارس والريح العاتية، فقرر زعيمهم أبو سفيان الانسحاب إلى مكة.
وأرسل النبي صلى الله عليه وسلم حذيفة بن اليمان رضي الله عنه ليأتيه بخبر المشركين، فتسلل حذيفة إلى جمعهم فسمع أبا سفيان يخطب فيهم قائلاً: يا معشر قريش إنكم والله ما أصبحتم بدار مقام، لقد هلك الكراع والخف وأخلفتنا بنو قريظة، وبلغنا عنهم ما نكره، ولقينا من شدة الريح ما ترون، ما تطمئن لنا قدر، ولا تقوم لنا نار، ولا يستمسك لنا بناء، فارتحلوا فإني مرتحل ()، فتهيؤا للرحيل.
فرجع حذيفة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قائم يصلي في مرط لبعض نسائه قال حذيفة: فلما رآني أدخلني إلى رجليه وطرح عليَّ طرف المرط، ثم ركع وسجد وإني لفيه، فلما سلم أخبرته الخبر (76).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/360)
وفي تلك الليلة جمعت قريش ومن معها متاعهم وانسحبوا عائدين إلى ديارهم، ورأت غطفان ما فعلت قريش فانسحبت هي الأخرى إلى ديارها بعد حصار دام بضعاً وعشرين يوماً (77).
وطلع النهار على المدينة وقد أبعد الله عنها الغزاة، وحفظ المسلمين، وألقى في قلوب أعدائهم اليأس والرعب، وأذن النبي صلى الله عليه وسلم لجيشه بالعودة إلى المدينة، فرجعوا فرحين بنصر الله وتوفيقه.
وصارت هذه الغزوة نقطة تحول كبير في تاريخ المسلمين، نقلتهم من الدفاع إلى الهجوم كما قال صلى الله عليه وسلم:"الآن نغزوهم ولا يغزوننا نحن نسير إليهم" (78).
(ملاحظة):
سوف يعقد المركز ملتقى علمياً خاصاً بغزوة بني قريظة، من أجل تقديم نص موثق لها، كما فعل مع الغزوات المذكورة (بدر، أحد، الأحزاب) ... إن شاء الله تعالى.
وأنزل الله في غزوة الأحزاب آيات تتلى إلى يوم الدين في صدر سورة سميت باسمها "الأحزاب" عرضت جوانب من أحداث الغزوة، ومواقف المؤمنين والمنافقين واليهود، وأثر ذلك كله في أحداث الغزوة ونتائجها، والعبر الكبيرة التي تحملها،
قال تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا {9} إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا {10} هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا {11} وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا {12} وَإِذْ قَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا {13} وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِم مِّنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا {14} وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِن قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْؤُولًا {15} قُل لَّن يَنفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِن فَرَرْتُم مِّنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَّا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا {16} قُلْ مَن ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُم مِّنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلَايَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا {17} قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا {18} أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاء الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةًعَلَى الْخَيْرِ أُوْلَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا {19} يَحْسَبُونَ الْأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِن يَأْتِ الْأَحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُم بَادُونَ فِي الْأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنبَائِكُمْ وَلَوْ كَانُوا فِيكُم مَّا قَاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا {20} لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا {21} وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا {22} مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا {23} لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِن شَاء أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/361)
غَفُورًا رَّحِيمًا {24} وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا {25}}.
الهوامش
(1) الواقدي 2/ 441 - 442، السيرة النبوية 3/ 1024
(2) نقله الحافظ في الفتح 7/ 393 عن مغازي موسى بن عقبة، وعند الواقدي 2/ 443 جعلوا لغطفان تمر خيبر سنة.
(3) يذكر الإمام السيوطي في الخصائص 1/ 565 أن الأحزاب هم: قريش وغطفان وبنو سليم وبنو أسد وفزارة وأشجع وبنو مرة.
(4) الواقدي 1/ 445، والطبري 2/ 566، قال ابن هشام 3/ 1034: ويقال إن سلمان الفارسي أشار به على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(5) الواقدي 1/ 445.
(6) ابن سعد 2/ 66 والسمهودي 4/ 267.
(7) تاريخ الطبري 3/ 45 ودلاائل النبوة للبيهقي 3/ 419، وورد عند البيهقي في الدلائل 3/ 418: أن بداية الخندق من الأجم الأسمر، وفي تفسير الطبري 21/ 133: من أحمر الشيخين. قال العياشي ص348: "وكل هذا ينطبق على الأطمين المذكورين". ثم حدد مكانهما في طرف حرة بني حارثة عند القلعة التي تتوسط طريق سيد الشهداء. ومكانهما الآن داخل بستان يقع بين شارع الملك فهد وشارع أبي ذر.
(8) جاء في بعض الروايات تحديد نهاية الخندق بـ المذابح، وفي بعضها بـ المداحج والجمهور على ما أثبتناه.انظر المراجع السابقة و شرح المواهب اللدنية للزرقاني 2/ 102، ومرويات غزوة الخندق للمدخلي ص196.والمذاد: مكان (بستان أو موضع أو حصن) بطرف منازل بني سلمة مما يلي مساجد الفتح وجبل بني عبيد. انظر السمهودي 4/ 266.
(9) الواقدي 445.
(10) السمهودي 4/ 269.
(11) الواقدي 445.
(12) ابن سعد 2/ 66 وعند الواقدي 2/ 450 "وكان للأنصار ما بين ذباب إلى خربى"
(13) الواقدي 1/ 450 - 451، وابن سعد 2/ 66، والسمهودي 4/ 266.
(14) وإلى هذا ذهب جمهور أهل العلم منهم: ابن إسحاق وابن سعد والطبري والبيهقي وابن عبد البر وابن الأثير وابن سيد الناس وابن كثير وغيرهم انظر مرويات غزوة بدر ص 224،ورجح ابن حزم في كتابه جوامع السيرة ص 187 أن جيش المسلمين لم يزد في هذه الغزوة على تسعمائة، وقال: وهو الصحيح الذي لاشك فيه. وروى البيهقي في الدلائل 3/ 394 بسنده عن قتادة أنهم كانوا ألفاً، قال ابن القيم: 3/ 371: إنهم كانوا ثلاثة آلاف. ثم قال: وقال ابن إسحاق خرج في سبعمائة. قال ابن القيم: "وهذا غلط من خروجه يوم أحد"، وقال القسطلاني 1/ 111: وكانوا ثلاثة آلاف، ثم قال: قال الشافعي: ووهم من قال كانوا سبعمائة.
(15) ابن سعد 4/ 82 والمعجم الكبير للطبراني 6/ 260، ودلائل النبوة للبيهقي 3/ 418
(16) ويذكر الواقدي 445 أن المسلمين استعاروا من بني قريظة - - آلة كثيرة من مساحي وكرازين ومكاتل ليعملوا بها،?وكانوا يومئذ سِلْم لرسول الله ونقل ذلك السمهودي 4/ 268 عن الثعلبي في تفسيره الكشف والبيان.
(17) البخاري كتاب المغازي - باب غزوة الخندق 5/ 137.
(18) الإهالة: ما يؤتدم به من سمن أو زيت أو شحم: وسنخة: أي تغير طعمها ولونها من قدمها.
(19). البخاري كتاب المغازي - باب غزوة الخندق 5/ 138 (20) البخاري كتاب المغازي - باب غزوة الخندق 5/ 140
(21)، 4/ 585.?سنن الترمذي، باب ما جاء في معيشة أصحاب النبي
(22) الواقدي 2/ 446، ودلائل النبوة للبيهقي 3/ 399.
(23) ابن هشام 3/ 1025 - 1026
(24) الواقدي 2/ 446، وابن هشام 3/ 1034، والمستدرك للحاكم 3/ 598
(25) البخاري كتاب المغازي - باب غزوة الخندق 5/ 138
(26) مسند الإمام أحمد 4/ 303، وأخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 6/ 130، وأبو نعيم في دلائل النبوة 2/ 639، والبيهقي في دلائله 3/ 421.
(27) ابن هشام 3/ 1027 - 1028 بتصرف.
(28) انظر صحيح البخاري كتاب المغازي - باب غزوة الخندق 5/ 138 - 139
(29) اختلف العلماء في مدة حفر الخندق، فهي عند الواقدي أربعً وعشرون ليلة، وعند ابن عقبة قريب من عشرين ليلة، وذكر النووي في الروضة أنها خمس عشرة ليلة، وذكر ابن القيم في الهدي النبوي أن المدة استغرقت شهراً كاملاً، انظر فتح الباري 15/ 280.، قال ابن سعد 2/ 67 وابن الجوزي في كتابه الوفا 693: وفرغوا من حفره في ستة أيام. وإلى هذا مال عدد من المعاصرين منهم محمد محمد أبو شهبة في كتابه السيرة النبوية 2/ 229
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/362)
(30) انظر فتح الباري لابن حجر 15/ 2850. ويرى بعض المعاصرين أن الخندق امتد اثني عشر ألف ذراع، أي ما يعادل ستة كيلو مترات تقريباً. انظر مرويات غزوة الخندق ص202 و203.
(31) فتح الباري 15/ 2850.
(32) الواقدي 2/ 452
(33) ابن سعد 2/ 67 والآطام: جمع أطم وهي الحصون، وكانت منتشرة بكثرة في المدينة، ومن أشهر الآطام التي رفع فيها النساء يومئذ أطم بني حارثة انظر الواقدي 2/ 451 - 454. والمعجم الكبير للطبراني4/ 318، ومجمع الزوائد كلهن فيه، وقيل: كن في المسير أطم في بني?للهيتمي 6/ 133، وقيل: كانت نساء النبي زريق، انظر الواقدي 2/ 451 - 454. ويقال: كان بعضهن في فارع وهو الأطم الذي كانت فيه. انظر الواقدي 2/ 451 - 454. وصحيح مسلم 4/ 1879 ومسند الإمام أحمد?صفية عمة النبي 1/ 166.
(34) ابن سعد 2/ 67
(35) ابن هشام 3/ 1029
(36) الواقدي 2/ 453
(37) الطبقات الكبرى لابن سعد 2/ 72 وانظر ابن هشام 3/ 1037،
(38) قبته عليه في هذه الغزوة بني عليه فيما بعد مسجد سمي مسجد?المكان الذي ضرب النبي الفتح ولا يزال معروفاً حتى اليوم.
(39) الواقدي 2/ 454
(40) وردت روايات أخرى تدل على أن غزوة الأحزاب وقعت في السنة الرابعة، نقل ذلك عن الزهري، والإمام مالك ونقله البخاري في صحيحه عن موسى ابن عقبة، وإليه مال،.وتابعهم ابن قتيبة وابن حزم وابن خلدون وغيرهم. إلا أن جماهير أهل العلم ذهبت إلى أنها حدثت في السنة الخامسة من الهجرة، وهذا الذي رجحه الذهبي و ابن القيم في زاد المعاد 3/ 269، وابن كثير في البداية والنهاية4/ 94، وغيرهم انظر المواهب اللدنية للقسطلاني 2/ 103. وحاول البيهقي في الدلائل 3/ 395 الجمع بين الأقوال فقال: .... فمن قال أربع سنين أراد بعد أربع سنين وقبل بلوغ الخامس، ومن قال سنة خمس أراد بعد الدخول في السنة الخامسة وقبل انقضائها والله أعلم.".
(41) بلغ عددها عشرة آلاف مقاتل. ابن هشام 3/ 1029،و جامع البيان 21/ 129، وزاد المعاد 3/ 271.
(42) ابن هشام 3/ 1029،وكذا عند الطبري إلا أنه قال: "بين الجرف والغابة".انظر جامع البيان 21/ 129
(43) انظر الطبقات الكبرى لابن سعد 2/ 5 وزاد المعاد 3/ 271.
(44) ابن هشام 3/ 1029
(45) زاد المعاد 3/ 271، وقد فصلت بعض المصادر أسماء قواد كل قبيلة. انظر مرويات غزوة بدر ص209 - 216.
(46) كانت بنو قريظة تسكن الجهة الجنوبية الشرقية من المدينة على وادي مهزور، مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم ص319 ..
(47) دلائل النبوة للبيهقي 3/ 400 ..
(48) المرجع السابق نفسه، والخبر في ابن هشام 3/ 1029 ...
(49) الواقدي 2/ 455، والخبر في ابن هشام 3/ 1030 .. ، دلائل النبوة للبيهقي 3/ 400
(50) الواقدي 454 - 456، وابن هشام 3/ 1030 - 1031.
(51) رواه البخاري 1/ 155، كتاب الصلاة – باب من صلى بالناس جماعة بعد ذهاب الوقت، وباب قضاء الصلوات الأولى فالأولى، ... ومسلم 1/ 438، كتاب المساجد ومواضع الصلاة – باب الدليل لمن قال الصلاة الوسطى هي صلاة العصر ...
(52) عندها قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن لكل نبي حوارياً وإن حواريَّ الزبير. الواقدي 2/ 457، وأصل الخبر في صحيح البخاري 5/ 142، كتاب المغازي - باب غزوة الخندق و .. في مسلم 4/ 1879، كتاب فضائل الصحابة - باب من فضائل طلحة والزبير رضي الله عنهما وغيرهما.
(53) ابن هشام .. 3/ 1031، والخبر في سنن البيهقي 9/ 232،،وفي دلائله 3/ 403، 429.
(54) ابن هشام 3/ 1031 - 1032 والواقدي 2/ 458 - 4549 بتصرف.
(55) ابن هشام 3/ 1032 والواقدي 2/ 459 - 460
(56) ابن هشام 3/ 1032
(57) الواقدي 2/ 460
(58) الأحزاب آية 11. وانظر طبقات ابن سعد 2/ 67.
(59) الواقدي 2/ 460
(60) انظر المعجم الكبير للطبراني 4/ 318، ومجمع الزوائد للهيتمي 6/ 133. .
(61) الواقدي 2/ 468.
(62) مسند الإمام أحمد 1/ 375.
(63) سنن النسائي 1/ 297 باب المواقيت - كيف يقضي الفائت من الصلاة.
(64) الطبقات الكبرى لابن سعد 2/ 68.، ودلائل النبوة للبيهقي 3/ 437 وقيل إن قاتله علي وقيل غير ذلك والراجح ما أثبتناه. انظر مرويات غزوة الخندق ص301 - 305.
(65) ابن هشام 3/ 1035.، والمستدرك 3/ 32
(66) ابن هشام 3/ 1064.، والخبر في سنن البيهقي 9/ 133، وهو أيضاً في مسند الإمام أحمد 1/ 248، وسنن الترمذي 4/ 214 كتاب الجهاد - باب ما جاء لا تفادى جيفة الأسير وقال حديث حسن غريب. بدون التصريح باسمه. لكن رواه الحاكم 3/ 32 بسنده عن ابن عباس وفيه:"فطلبوا أن يواروه، حتى أعطوه الدية". والصحيح الذي ذهب إليه العلماء عدم جواز بيع?فأبى سول الله جيفة الكافر أو أخذ ديته، وضعفوا حديث الحاكم. انظر مرويات غزوة الخندق ص311.
(67) انظر المعجم الكبير للطبراني 4/ 318، ومجمع الزوائد للهيتمي 6/ 133. .
(68) الحديث رواه الحاكم في المستدرك 4/ 50، والهيثمي في مجمع الزوائد 6/ 133 وغيرهما. وانظر ابن هشام 3/ 1039.
(69) الواقدي 2/ 463،وقد روى البخاري والترمذي ما يقويه ولكن دون التصريح بالخندق .. مرويات غزوة الخندق ص229 - 230.
(70) ابن هشام 1033 - 1034
(71) انظر صحيح البخاري 5/ 144 كتاب المغازي - باب غزوة الخندق، ومسلم 3/ 1389 كتاب الجهاد والسير - باب إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب. و ابن هشام 3/ 1050
(72) ابن هشام 3/ 273.
(73) ابن هشام 3/ 173
(74) البخاري 5/ 142، المغازي - باب غزوة الخندق.
(75) قصة نعيم بن مسعود لم ترد في روايات المحدثين ولكنها وردت عن عدد من مؤرخي السيرة النبوية منهم: الواقدي 2/ 480 وابن سعد 2/ 56 باستفاضة، وابن هشام 3/ 1040 ..
(76) ابن هشام 3/ 1044
(77) المرجع السابق نفسه.، وانظر صحيح مسلم 3/ 1414 كتاب الجهاد والسير - باب غزوة الأحزاب، والمستدرك 3/ 31. وغيرها.
(78) صحيح الإمام البخاري 5/ 141 كتاب المغازي - باب غزوة الخندق.
************
منقول(146/363)
تنبيه بشأن: "لب اللّباب" للسيوطي ...
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[11 - 07 - 08, 11:22 ص]ـ
"لب اللّباب" للسيوطي (النسخة المطبوعة والاليكترونيّة)، قد أُلحِقَ به كتاب "مختصر فتح رب الأرباب بما أُهمل في لب اللباب" لعباس المدني، فعند البحث في النسخة الاليكترونيّة ينبغي التريّث والتأكّد أن الكلام للسيوطي وليس للمدني، والله أعلم.
ـ[تامر الجبالي]ــــــــ[11 - 07 - 08, 11:42 ص]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[أبو سليمان العسيلي]ــــــــ[20 - 07 - 08, 12:14 م]ـ
جزاك الله خيراً و نفع بعلمك(146/364)
فائدة منهجية: من المرجّحات عند الاختلاف في تعيين النسبة مراعاة:
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[11 - 07 - 08, 11:47 ص]ـ
قال الإمام أبو سعد السَّمعاني (ت: 562) في "الأنساب (11/ 351):
(المِصّيصي: بكسر الميم (والياء المنقوطة باثنتين من تحتها) بين الصّادين المهملتين، الأولى: مشدّدة، هذه النّسبة إلى: بلدةٍ كبيرة على ساحل بحر الشام، يُقال لها: المِصّيصة .. واختلف في اسمها، والصّحيح "الصّواب" (1): المشدّدة، بكسر الميم.
ولمّا أمليت ببخارى: حدّثنا عن أبي القاسم علي بن محمد بن أبي العلاء المِصّيصي ثمّ الدّمشقيّ، حضر المجلس: الأديب الفاضل أبو تراب عليّ بن طاهر الكرمينيّ التّميميّ، فلما فرغت من الإملاء، قال لي: "المَصِيصي" بفتح الميم من غير تشديد،
فقلت: كان شيخنا وأستاذنا: إسماعيل بن محمّد بن الفضل الحافظ يَروي لنا كذا كما تقول في هذه النّسبة، ولكن ما وافقه أحدٌ على هذا. ورأيتُ في كتب القدماء: بالتّشديد والكسر، وكذلك سمعت شيوخي بالشّام: خصوصًا فقيه أهل الشّام: أبا الفتح نصر الله بن محمّد بن عبد القويّ المِصّيصي.
فأخرج الأديب الكرمينيُّ "ديوان الأدب" للفارابي، وفيه: "المصيصة بلاد"،
فقلت: لا أقبل منه؛ فإنّ الفارابي من أهل بلادكم، والمِصّيصة بساحل الشّام، ولعله غلط. وأهل تلك البلاد لا يذكرونها إلا بالتّشديد، وكسر الميم).اهـ.
___________
(1) كذا في "المطبوع"، والأليق بالسياق: (والصّحيح: "الصَّاد" ... ). إلخ
ـ[صلاح السعيد]ــــــــ[15 - 07 - 08, 03:25 م]ـ
جزاك الله خيرا على هذه الفائدة.(146/365)
طلب المساعدة في تراجم هؤلاء العلماء
ـ[حسان المكي]ــــــــ[11 - 07 - 08, 03:35 م]ـ
السلام عليكم
يقوم أخ لي بتحقيق كتاب ثمر الثمام في آداب الفهم والإفهام للطحلاوي وقد ذكر المؤلف في أثناء الكتاب اسم شيخه نور الدين علي بن أحمد بن مكرم الله الصعيدي العدوي المنسفيسي، ولد سنة 1112هـ، ثم شرع بذكر مشايخ العدوي
وقد عثر المحقق على ترجمة لبعضهم، ولم يستطع ترجمة الباقي.
فالمرجو التكرم بالمساعدة في ترجمة العلماء التالية أسماؤهم مع ذكر المصدر. وجزاكم الله خيراً
الشيخ عبد الوهاب الملوي
الشيخ عبد الله المغربي
الشيخ محمد بن سيف
السيد علي الحنفي
ـ[حسان المكي]ــــــــ[13 - 07 - 08, 03:34 م]ـ
أين الهمة
ـ[أبوعبدالله وابنه]ــــــــ[15 - 07 - 08, 10:08 م]ـ
المرجو التأكد من صحة أسماء المذكورين
وبالجملة فإن عامة الموجود من تراجم أهل تلك الحقبة من المصريين ومن له بهم اتصال موجود في المعجم المختص للزبيدي، وفي تاريخ تلميذه الجبرتي، وكلاهما مطبوعان ميسران والحمد لله.
ـ[حسان المكي]ــــــــ[16 - 07 - 08, 06:40 ص]ـ
الأسماء دقيقة وصحيحة وهي هكذا في المعجم المختص
ولم أقف على تاريخ تلميذ الجبرتي
فلعلك تعود له وتنقل لنا ترجمة هؤلاء
ـ[حسان المكي]ــــــــ[18 - 07 - 08, 02:12 ص]ـ
للرفع
ـ[حسان المكي]ــــــــ[23 - 07 - 08, 09:48 م]ـ
ما هذا أين الهمم(146/366)
رحلة بقي بن مخلد من الأندلس إلى العراق مشيا على الأقدام للقاء الإمام أحمد في زي متسول
ـ[أبو سلمى المغربي]ــــــــ[11 - 07 - 08, 07:13 م]ـ
السلام عليكم ورحمة اله وبركاته
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسول الله وأله وصحبه
قال الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء في ترجمة بقي بن مخلد:
وَنَقَلَ بَعْضُ العُلَمَاءِ مِنْ كِتَابٍ لِحَفِيْدِ بَقِيٍّ؛ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَحْمَدَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: رَحَل أَبِي مِنْ مَكَّةَ إِلَى بَغْدَادَ، وَكَانَ رَجُلاً بُغْيَتُهُ مُلاَقَاةُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ. قَالَ: فَلَمَّا قَرُبْتُ بَلَغَتْنِي المِحْنَةُ، وَأَنَّهُ مَمْنُوْعٌ، فَاغتَمَمْتُ غَمّاً شَدِيْداً، فَاحتَلَلْتُ بَغْدَادَ، وَاكتَرَيْتُ بَيْتاً فِي فُنْدُقٍ، ثُمَّ أَتَيْتُ الجَامِعَ وَأَنَا أُرِيْدُ أَنْ أَجْلِسَ إِلَى النَّاسِ، فدُفِعْتُ إِلَى حَلْقَةٍ نَبِيْلَةٍ، فَإِذَا بِرَجُلٍ يَتَكَلَّمُ فِي الرِّجَالِ، فَقِيْلَ لِي: هَذَا يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ. (13/ 293) فَفُرِجَتْ لِي فُرْجَةً، فَقُمْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا زَكَرِيَّا: - رَحِمَكَ اللهُ - رَجُلٌ غَرِيْبٌ نَاءٍ عَنْ وَطَنِهِ، يُحِبُّ السُّؤَالَ، فَلاَ تَسْتَجْفِنِي. فَقَالَ: قُلْ. فَسَأَلْتُ عَنْ بَعْضِ مَنْ لَقِيْتُهُ، فَبَعْضاً زَكَّى، وَبَعْضاً جَرَحَ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ هِشَامِ بنِ عَمَّارٍ. فَقَالَ لِي: أَبُو الوَلِيْدِ، صَاحِبُ صَلاَةِ دِمَشْقَ، ثِقَةٌ، وَفَوْق الثِّقَةِ، لَوْ كَانَ تَحْتَ رِدَائِهِ كِبْرٌ، أَوْ مُتَقَلِّداً كِبْراً، مَا ضَرَّهُ شَيْئاً لِخَيْرِهِ وَفَضْلِهِ، فَصَاحَ أَصْحَابُ الحَلْقَةِ: يَكْفِيْكَ - رَحِمَكَ اللهُ - غَيْرُكَ لَهُ سُؤَالٌ. فَقُلْتُ: وَأَنَا وَاقِفٌ عَلَى قَدَمٍ: اكشِفْ عَنْ رَجُلٍ وَاحِدٍ: أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ، فَنَظَرَ إِليَّ كَالمُتَعَجِّبِ، فَقَالَ لِي: وَمِثْلُنَا، نَحْنُ نَكْشفُ عَنْ أَحْمَدَ؟! ذَاكَ إِمَامُ المُسْلِمِيْنَ، وَخَيْرُهُم وَفَاضِلُهُم. فَخَرَجْتُ أَستَدِلُّ عَلَى مَنْزِلِ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، فَدُلِلْتُ عَلَيْهِ، فَقَرَعْتُ بَابَهُ، فَخَرَجَ إِليَّ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ رَجُلٌ غَرِيْبٌ، نَائِي الدَّارِ، هَذَا أَوَّلُ دُخُوْلِي هَذَا البَلَد، وَأَنَا طَالِبُ حَدِيْثٍ، وَمُقَيِّدُ سُنَّةٍ، وَلَمْ تَكُنْ رِحْلَتِي إِلاَّ إِلَيْكَ. فَقَالَ: ادْخُلِ الأَصطوَانَ وَلاَ يَقَعُ عَلَيْكَ عَيْنٌ. فَدَخَلْتُ، فَقَالَ لِي: وَأَيْنَ مَوْضِعُكَ؟ قُلْتُ: المَغْرِبُ الأَقْصَى. فَقَالَ: إِفْرِيْقِيَّة؟ قُلْتُ: أَبْعَدُ مِنْ إِفْرِيْقِيَّةَ، أَجُوْزُ مِنْ بَلَدِي البَحْرَ إِلَى إِفْرِيْقِيَّةَ، بَلَدِي الأَنْدَلُسَ. قَالَ: إِنَّ مَوْضِعَكَ لَبَعِيْدٌ، وَمَا كَانَ شَيْءٌ أَحَبُّ إليَّ مِنْ أَنْ أُحْسِنَ عَوْنَ مِثْلِكَ، غَيْرَ أَنِّي مُمْتَحَنٌ بِمَا لَعَلَّهُ قَدْ بَلَغَكَ. فَقُلْتُ: بَلَى، قَدْ بَلَغَنِي، وَهَذَا أَوَّلُ دُخُولِي، وَأَنَا مَجْهُوْلُ العَيْن عِنْدَكُم، فِإِنْ أَذِنْتَ لِي أَنْ آتِيَ كُلَّ يَوْمٍ فِي زَيِّ السُّؤَّالِ، فَأَقُولُ عِنْدَ البَابِ مَا يَقُوْلُهُ السُّؤَّالُ، فَتَخْرُجُ إِلى هَذَا المَوْضِعِ، فَلَو لَمْ تُحَدِّثْنِي كُلَّ يَوْمٍ إِلاَّ بِحَدِيْثٍ وَاحِدٍ، لَكَانَ لِي فِيْهِ كِفَايَةً. فَقَالَ لِي: نَعَمْ، عَلَى شَرْطِ أَنْ لا تَظْهَرَ فِي الخَلْقِ، وَلا عِنْدَ المُحَدِّثِيْنَ. (13/ 294) فَقُلْتُ: لَكَ شَرْطُكَ، فَكُنْتُ آخُذُ عَصاً بِيَدِي، وَأَلُفُّ رَأْسِي بِخِرْقَةٍ مُدَنَّسَةٍ، وَآتِي بَابَهُ فَأَصِيْحُ: الأَجْرَ - رَحِمَكَ اللهُ - وَالسُّؤَّالُ هُنَاكَ كَذَلِكَ، فَيَخْرُجُ إِليَّ، وَيُغْلِقُ، وَيُحَدِّثُنِي بِالحَدِيْثَيْنِ وَالثَّلاثَةِ وَالأَكْثَر، فَالْتَزَمْتُ ذَلِكَ حَتَّى مَاتَ المُمْتَحِنُ لَهُ، وَوُلِّيَ بَعْدَهُ مَنْ كَانَ عَلَى مَذْهَبِ السُّنَّةِ، فَظَهَرَ أَحْمَدُ، وَعَلَتْ إِمَامَتُهُ، وَكَانَتْ تُضَرَبُ إِلَيْهِ آباطُ الإِبلِ، فَكَانَ يَعْرِفُ لِي حَقَّ صَبْرِي، فَكُنْتُ إِذَا أَتَيْتُ حَلْقَتَهُ فَسَحَ لِي، وَيَقُصُّ عَلَى أَصْحَابِ الحَدِيْثِ قِصَّتِي مَعَهُ، فَكَانَ يُنَاوِلُنِي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/367)
الحَدِيْثَ مُنَاوَلَةً، وَيَقْرَؤُهُ عَلَيَّ، وَأَقرَؤُهُ عَلَيْهِ، وَاعتَلَلْتُ فِي خَلْقٍ مَعَهُ. ذَكَرَ الحِكَايَةَ بِطُوْلِهَا. نَقَلَهَا القَاسِمُ بنُ بَشْكُوَالَ فِي بَعْضِ تَآلِيْفِهِ، وَنَقَلْتُهَا أَنَا مِنْ خَطِّ شَيْخِنَا؛ أَبِي الوَلِيْدِ بنِ الحَاج، وَهِيَ مُنْكَرَةٌ، وَمَا وَصَلَ ابْنُ مَخْلَدٍ إِلى الإِمَامِ أَحْمَدَ إِلاَّ بَعْدَ الثَّلاثِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَكَانَ قَدْ قَطَعَ الحَدِيْثَ مِنْ أَثْنَاءِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ، وَمَا رَوَى بَعْدَ ذَلِكَ وَلاَ حَدِيْثاً وَاحِداً، إِلَى أَنْ مَاتَ، وَلَمَّا زَالَتِ المِحْنَةُ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِيْنَ، وَهَلَكَ الوَاثِقُ، وَاسْتُخْلِفَ المُتَوَكِّلُ، وَأَمَرَ المُحَدِّثِيْنَ بِنَشْرِ أحَادِيْثَ الرُّؤْيَةِ وَغَيْرِهَا، امتَنَعَ الإِمَامُ أَحْمَدُ مِنَ التَّحْدِيْثِ، وَصَمَّمَ عَلَى ذَلِكَ، مَا عَمِلَ شَيْئاً غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ يُذَاكِرُ بِالعِلْمِ وَالأَثَرِ، وَأَسْمَاءِ الرِّجَالِ وَالفِقْهِ، ثُمَّ لَوْ كَانَ بَقِيٌّ سَمِعَ مِنْهُ ثَلاثَ مائَةِ حَدِيْثٍ، لكَانَ طَرَّزَ بِهَا (مُسْنَدَهُ) وَافتَخَرَ بِالرِّوَايَةِ عَنْهُ.
-------------------------------------
وهذه ترجمته منقوله من سير أعلام النبلاء
ترجمة بَقِيُّ بنُ مَخْلَدِ
الكتاب: سير أعلام النبلاء
المؤلف: شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد الذَهَبي المجلد 25 الصفحة 285
بَقِيُّ بنُ مَخْلَدِ بنِ يَزِيْدَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْدَلُسِيُّ الإِمَامُ، القُدْوَةُ، شَيْخُ الإِسْلاَمِ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْدَلُسِيُّ، القُرْطُبِيُّ، الحَافِظُ، صَاحِبُ (التَّفْسِيْرِ) وَ (المُسْنَدِ) اللَّذَيْنِ لاَ نَظِيْرَ لَهُمَا. وُلِدَ: فِي حُدُوْدِ سَنَةِ مائَتَيْنِ، أَوْ قَبْلَهَا بِقَلِيْلٍ. وَسَمِعَ مِنْ: يَحْيَى بنِ يَحْيَى اللَّيْثِيِّ، ويَحيَى بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ بُكَيْرٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى الأَعْشَى، وَأَبِي مُصْعَبٍ الزُّهْرِيِّ، وَصَفْوَانَ بنِ صَالِحٍ، وَإِبْرَاهِيْمَ بنِ المُنْذِرِ الحِزَامِيِّ، وَهِشَامِ بنِ عَمَّارٍ، وَزُهَيْرِ بنِ عَبَّادٍ الرُّؤَاسِيِّ، وَيَحْيَى بنِ عَبْدِ الحَمِيْدِ الحِمَّانِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ، وَأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ - مَسَائِلَ وَفَوَائِدَ - وَلَمْ يَرْوِ لَهُ شَيْئاً مُسْنَداً، لِكَوْنِهِ كَانَ قَدْ قَطَعَ الحَدِيْثَ. (13/ 286) وَسَمِعَ مِنْ: أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، فَأَكْثَرَ، وَمِنْ: جُبَارَةَ بنِ المُغَلَّسِ، وَيَحْيَى بنِ بِشْرٍ الحَرِيْرِي، وَشَيْبَانَ بنِ فَرُّوْخٍ، وَسُوَيْدِ بنِ سَعِيْدٍ، وَهُدْبَةَ بنِ خَالِدٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ رُمْحٍ، وَدَاوُدَ بنِ رُشَيْدٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ أَبَانٍ الوَاسِطِيِّ، وَحَرْمَلَةَ بنِ يَحْيَى، وَإِسْمَاعِيْلَ بنِ عُبَيْدٍ الحَرَّانِيِّ، وَيَعْقُوْبَ بنِ حُمَيْدِ بنِ كَاسِبٍ، وَعِيْسَى بنِ حَمَّادٍ زُغْبَةَ، وَسَحْنُوْنَ بنِ سَعِيْدٍ الفَقِيْهِ، وَهُرَيْمِ بنِ عَبْدِ الأَعْلَى، وَمِنْجَابِ بنِ الحَارِثِ، وَعُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَعُبَيْدِ اللهِ القَوَارِيْرِيِّ، وَأَبِي كُرَيْبٍ، وَبُنْدَارٍ، وَهَنَّادٍ، وَالفَلاَّسِ، وَكَثِيْرِ بنِ عُبَيْدٍ، وَخَلْقٍ. وعُنِي بِهَذَا الشَّأْنِ عِنَايَةً لاَ مَزِيْدَ عَلَيْهَا، وَأَدْخَلَ جَزِيْرَةَ الأَنْدَلُسِ عِلْماً جَمّاً، وَبِهِ وَبِمُحَمَّدِ بنِ وَضَّاحٍ صَارَتْ تِلْكَ النَّاحِيَةَ دَارَ حَدِيْثٍ، وَعِدَّةُ مَشْيَخَتِهِ الَّذِيْنَ حَمَلَ عَنْهُم مائَتَانِ وَأَرْبَعَةٌ وَثَمَانُوْنَ رَجُلاً. حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ؛ أَحْمَدُ، وَأَيُّوْبُ بنُ سُلَيْمَانَ المُرِّيُّ، وَأَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأُمَوِيُّ، وَأَسْلَمُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَمُحَمَّدُ بنُ وَزِيْرٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ لُبَابَةَ، وَالحَسَنُ بنُ سَعْدٍ الكِنَانِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ يُوْنُسَ المُرَادِيُّ القبْرِي، وَعَبْدُ الوَاحِدِ بنُ حَمْدُوْنَ، وَهِشَامُ بنُ الوَلِيْدِ الغَافِقيُّ، وَآخَرُوْنَ. وَكَانَ إِمَاماً مُجْتَهِداً صَالِحاً، رَبَّانِيّاً صَادِقاً مُخْلِصاً، رَأْساً
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/368)
فِي العِلْمِ وَالعَمَلِ، عَدِيْمَ المَثَلِ، مُنْقَطِعَ القَرِيْنِ، يُفْتِي بِالأَثَرِ، وَلاَ يُقَلِّدُ أَحَداً. وَقَدْ تَفَقَّهَ بِإِفْرِيْقِيَّةَ عَلَى سَحْنُوْنَ بنِ سَعِيْدٍ. ذَكَرَهُ أَحْمَدُ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، فَقَالَ: مَا كُنَّا نُسَمِّيْهِ إِلاَّ المِكْنَسَة، وَهَلْ احْتَاجَ بَلَدٌ فِيْهِ بَقِيٌّ إِلَى أَنْ يَرْحَلَ إِلَى هَا هُنَا مِنْهُ أَحَدٌ؟! (13/ 287) قَالَ طَاهِرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ الأَنْدَلُسِيُّ: حَمَلْتُ مَعِي جُزْءاً مِنْ (مُسْنَدِ) بَقِيِّ بنِ مَخْلَدٍ إِلَى المَشْرِقِ، فَأَرَيْتُهُ مُحَمَّدَ بنَ إِسْمَاعِيْلَ الصَّائِغَ، فَقَالَ: مَا اغْتَرَفَ هَذَا إِلاَّ مِنْ بَحْرٍ، وَعَجِبَ مِنْ كَثْرَةِ عِلْمِهِ. وَقَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ حَيُّوْنَ، عَنْ بَقِيِّ بنِ مَخْلَدٍ، قَالَ: لَمَّا رَجَعْتُ مِنَ العِرَاقِ، أَجْلَسَنِي يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ إِلَى جَنْبِهِ، وَسَمِعَ مِنِّي سَبْعَةَ أَحَادِيْثَ. وَقَالَ أَبُو الوَلِيْدِ بنِ الفَرَضِيِّ فِي (تَارِيْخِهِ): مَلأَ بَقِيُّ بنُ مَخْلَدٍ الأَنْدَلُسَ حَدِيْثاً، فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ الأَنْدَلُسِيُّوْنَ: أَحْمَدُ بنُ خَالِدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ الحَارِثِ، وَأَبُو زَيْدٍ، مَا أَدْخَلَهُ مِنْ كُتُبِ الاختِلاَفِ، وَغَرَائِبِ الحَدِيْثِ، فَأَغْرُوا بِهِ السُّلْطَانَ وَأَخَافُوهُ بِهِ، ثُمَّ إِنَّ اللهَ أَظْهَرَهُ عَلَيْهِم، وَعَصَمَهُ مِنْهُم، فَنَشَر حَدِيْثَهُ وَقَرَأَ لِلنَّاسِ رِوَايَتَهُ. ثُمَّ تَلاَهُ ابْنُ وَضَّاحٍ، فَصَارَتِ الأَنْدَلُسُ دَارَ حَدِيْثٍ وَإِسْنَادٍ.
وَمِمَّا انْفَرَدَ بِهِ، وَلَمْ يُدْخِلْهُ سِوَاهُ (مُصَنَّفُ) أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ بِتَمَامِهِ، وَكِتَابُ (الفِقْهِ) لِلشَافِعِيِّ بِكَمَالِهِ -يَعْنِي: (الأَمّ) - وَ (تَارِيْخُ) خَلِيْفَة، وَ (طَبَقَاتُ) خَلِيْفَة، وَكِتَابُ (سِيْرَةِ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ)، لأَحْمَدَ بنِ إِبْرَاهِيْمَ الدَّوْرَقِيِّ ... وَلَيْسَ لأَحَدٍ مِثْلَ (مُسْنَدِهِ). وَكَانَ وَرِعاً فَاضِلاً زَاهِداً ... قَدْ ظَهَرَتْ لَهُ إِجَابَاتُ الدَّعْوَةِ فِي غَيْرِ مَا شَيء. (13/ 288) قَالَ: وَكَانَ المَشَاهِيْرُ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ وَضَّاحٍ لاَ يَسْمَعُوْنَ مِنْهُ، لِلَّذِي بَيْنَهُمَا مِنَ الوَحْشَةِ ... وُلِدَ: فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ إِحْدَى وَمائَتَيْنِ. وَقَالَ الحَافِظُ أَبُو القَاسِمِ الدِّمَشْقِيُّ: لَمْ يَقَعْ إِلِيَّ حَدِيْثٌ مُسْنَدٌ مِنْ حَدِيْثِ بَقِيٍّ. قُلْتُ: عَمِلَ لَهُ تَرْجَمَةً حَسَنَةً فِي (تَارِيْخِهِ).قَالَ الإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ حَزْمٍ الظَّاهِرِيُّ: أَقْطَعُ أَنَّهُ لَمْ يُؤَلَّفْ فِي الإِسْلاَمِ مِثْلُ (تَفْسِيْرِ) بَقِيٍّ، لاَ (تَفْسِيْرِ) مُحَمَّدِ بنِ جَرِيْرٍ، وَلاَ غَيْرِهِ. قَالَ: وَكَانَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأُموِيُّ صَاحِبُ الأَنْدَلُس مُحِبّاً للعُلُوْمِ عَارِفاً، فَلَمَّا دَخَلَ بَقِيٌّ الأَنْدَلُسَ (بِمُصَنَّفِ) أَبِي بَكْرٍ بنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَقُرِئ عَلَيْهِ، أَنْكَرَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الرَّأْي مَا فِيْهِ مِنَ الخِلاَفِ، وَاسْتَبْشَعُوهُ وَنَشَّطُوا العَامَّةَ عَلَيْهِ، وَمَنَعُوهُ مِنْ قِرَاءَتِهِ، فَاسْتَحْضَرَهُ صَاحِبُ الأَنْدَلُسِ مُحَمَّدٌ وَإِيَّاهُم، وَتَصَفَّحَ الكِتَابَ كُلَّهُ جُزْءاً جُزْءاً، حَتَّى أَتَى عَلَى آخِرِهِ، ثُمَّ قَالَ لخَازِنِ الكُتُبِ: هَذَا كِتَابٌ لاَ تَسْتغْنِي خِزَانَتُنَا عَنْهُ، فَانْظُرْ فِي نَسْخِهِ لَنَا. ثُمَّ قَالَ لَبَقِيٍّ: انشُرْ عِلْمَكَ وَاروِ مَا عِنْدَكَ. وَنَهَاهُم أَنْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ. قَالَ أَسْلَمُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: حَدَّثَنَا بَقِيُّ بنُ مَخْلَدٍ، قَالَ: لَمَّا وَضعْتُ (مُسْنَدِي)، جَاءنِي عُبَيْدُ اللهِ بنُ يَحْيَى بنِ يَحْيَى، وَأَخُوْهُ؛ إِسْحَاقُ، فَقَالاَ: بَلَغنَا أَنَّكَ وَضَعْتَ (مُسْنَداً)، قَدَّمْتَ فِيْهِ أَبَا مُصْعَبٍ الزُّهْرِيَّ، وَيَحْيَى بنَ بُكَيْرٍ، وَأَخَّرْتَ أَبَانَا؟ فَقَالَ: أَمَّا تَقْدِيْمِي أَبَا مُصْعبٍ، فَلِقَوْلِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدِّمُوا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/369)
قُرَيْشاً، وَلاَ تَقَدَّمُوْهَا). (13/ 289) وَأَمَّا تَقْدِيْمِي ابْنَ بُكَيْرٍ، فَلِقُوْلِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (كَبِّرْ كَبِّرْ) - يُرِيْدُ السِّنَّ - وَمَعَ أَنَّهُ سَمِعَ (المُوَطَّأَ) مِنْ مَالِكٍ سَبْعَ عَشْرَةَ مَرَّةً، وَأَبُوْكُمَا لَمْ يَسْمَعْهُ إِلاَّ مَرَّةً وَاحِدَةً. قُلْتُ: وَلَهُ فِيْهِ فَوْتٌ مَعْرُوْفٌ. قَالَ: فَخَرَجَا وَلَمْ يَعُودَا، وَخَرَجَا إِلَى حَدِّ العَدَاوَةِ. (13/ 290 وَأَلَّفَ أَبُو عَبْدِ المَلِكِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ البَرِّ القُرْطُبِيُّ، المَيِّتُ فِي عَامِ ثَمَانِيَةٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ كِتَاباً فِي أَخْبَارِ عُلَمَاءِ قُرْطُبَةَ، ذَكَرَ فِيْهِ بَقِيَّ بنَ مَخْلَدٍ، فَقَالَ: كَانَ فَاضِلاً تَقِيّاً، صَوَّاماً قَوَّاماً مُتَبَتِّلاً، مُنْقَطِعَ القَرِيْنِ فِي عَصْرِهِ، مُنْفَرِداً عَنِ النَّظِيْرِ فِي مِصْرِهِ، كَانَ أَوَّلُ طَلَبِهِ عِنْدَ مُحَمَّدِ بنِ عِيْسَى الأَعْشَى، ثُمَّ رَحَلَ، فَحَمَلَ عَنْ أَهْلِ الحَرَمَيْنِ، وَمِصْرَ، وَالشَّامِ، وَالجَزِيْرَةِ، وَخُلْوَانَ، وَالبَصْرَةِ، وَالكُوْفَةِ، وَوَاسِطَ، وَبَغْدَادَ، وَخُرَاسَانَ - كَذَا قَالَ، فَغَلِطَ، لَمْ يَصِلْ إِلَى خُرَاسَانَ، بَلْ وَلاَ إِلَى هَمَذَانَ، وَمَا أَدْرِي هَلْ دَخَلَ الجَزِيْرَةَ أَمْ لاَ؟ وَيَظْهَرُ ذَلِكَ لِمَنْ تَأَمَّلَ شُيُوْخَهُ - ثُمَّ قَالَ: وَعَدَنَ وَالقَيْرَوَانَ - قُلْتُ: وَمَا دَخَلَ الرَّجُلُ إِلَى اليَمَنِ -.قَالَ: وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَحْمَدَ، عَنْ أَبِيْهِ: أَنَّ امْرَأَةً جَاءت إِلَى بَقِيٍّ، فَقَالَتْ: إِنَّ ابْنِي فِي الأَسْرِ، وَلاَ حِيْلَةَ لِي، فَلَو أَشَرْتَ إِلَى مَنْ يَفْدِيهِ، فَإِنَّنِي وَالِهَةٌ. قَالَ: نَعَمْ، انصَرِفِي حَتَّى أَنْظُرَ فِي أَمْرِهِ. ثُمَّ أَطْرَقَ، وَحَرَّكَ شَفَتَيْهِ، ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ جَاءتِ المَرْأَةُ بَابْنِهَا، فَقَالَ: كُنْتُ فِي يَدِ مَلِكٍ، فَبَيْنَا أَنَا فِي العَمَلِ، سَقَطَ قَيْدِي. قَالَ: فَذَكَرَ اليَوْمَ وَالسَّاعَةَ، فَوَافَقَ وَقْتَ دُعَاءِ الشَّيْخِ. قَالَ: فَصَاحَ عَلَى المُرَسَّم بِنَا، ثُمَّ نَظَرَ وَتَحَيَّرَ، ثُمَّ أَحْضَرَ الحَدَّادَ وَقَيَّدَنِي، فَلَمَّا فرغه وَمَشَيْتُ سَقَطَ القَيْدُ، فَبُهِتُوا، وَدَعُوا رُهْبَانَهُم، فَقَالُوا: أَلَكَ وَالِدَةٌ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالُوا: وَافَقَ دُعَاءهَا الإِجَابَةُ. هَذِهِ الوَاقِعَةُ حَدَّثَ بِهَا الحَافِظُ حَمْزَةُ السَّهْمِيُّ، عَنْ أَبِي الفَتْحِ نَصْرِ بنِ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ المَلِكِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا أَبِي .... فَذَكَرَهَا، وَفِيْهَا: ثُمَّ قَالُوا: قَدْ أَطلَقَكَ اللهُ، فَلاَ يُمْكِنُنَا أَن نُقَيِّدَكَ، فَزَوَّدُونِي، وَبَعَثَوا بِي. قَالَ: وَكَانَ بَقِيٌّ أَوَّلَ مَنْ كَثَّرَ الحَدِيْثَ بِالأَنْدَلُسِ وَنَشَرَهُ، وَهَاجَمَ بِهِ شُيُوْخَ الأَنْدَلُسِ، فَثَارُوا عَلَيْهِ، لأَنَّهُم كَانَ عِلْمُهُم بِالمَسَائِلِ وَمَذْهَبِ مَالِكٍ، وَكَانَ بَقِيٌّ يُفْتِي بِالأَثَرِ، فَشَذَّ عَنْهُم شُذُوذاً عَظِيْماً، فَعَقَدُوا عَلَيْهِ الشَّهَادَات، وَبَدَّعُوهُ، وَنَسَبُوا إِلَيْهِ الزَّنْدَقَة، وَأَشيَاء نَزَّهَهُ اللهُ مِنْهَا. (13/ 291)
وَكَانَ بَقِيٌّ يَقُوْلُ: لَقَدْ غَرَسْتُ لَهُم بِالأَنْدَلُسِ غَرْساً لاَ يُقْلَعُ إِلاَّ بِخُرُوْجِ الدَّجَّالِ. قَالَ: وَقَالَ بَقِيٌّ: أَتَيْتُ العِرَاقَ، وَقَدْ مُنِعَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ مِنَ الحَدِيْثِ، فَسَأَلْتُهُ أَنْ يُحَدِّثَنِي، وَكَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ خُلَّةٌ، فَكَانَ يُحَدِّثُنِي بِالحَدِيْثِ فِي زِيِّ السُّؤَالِ، وَنَحْنُ خلوَةٌ، حَتَّى اجْتَمَعَ لِي عَنْهُ نَحْوٌ مِنْ ثَلاَثِ مائَةِ حَدِيْثٍ. قُلْتُ: هَذِهِ حِكَايَةٌ مُنْقَطِعَةٌ. قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: وَ (مُسْنَدُ) بَقِيٍّ رَوَى فِيْهِ عَنْ أَلفٍ وَثَلاَثِ مائَةٍ صَاحِبٍ وَنَيِّفٍ، وَرَتَّبَ حَدِيْثَ كُلِّ صَاحِبٍ عَلَى أَبْوَابِ الفِقْهِ، فَهُوَ مُسْنَدٌ وَمُصَنَّفٌ، وَمَا أَعْلَمُ هَذِهِ الرُّتْبَةَ لأَحَدٍ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/370)
قَبْلَهُ، مَعَ ثِقَتِهِ وَضَبْطِهِ، وَإتقَانِهِ وَاحتِفَالِهِ فِي الحَدِيْثِ. وَلَهُ مُصَنَّفٌ فِي فَتَاوَى الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِيْنَ فَمَنْ دُوْنَهُم، الَّذِي قَدْ أَرْبَى فِيْهِ عَلَى (مُصَنَّفِ) ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَلَى (مُصَنَّفِ) عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَعَلَى (مُصَنَّفِ) سَعِيْدِ بنِ مَنْصُوْرٍ ... ثُمَّ إِنَّهُ نَوَّهُ بِذِكْرِ (تَفْسِيْرِهِ)، وَقَالَ: فَصَارَتْ تَصَانِيْفُ هَذَا الإِمَامِ الفَاضِلِ قَوَاعِدَ الإِسْلاَمِ، لاَ نَظِيْرَ لَهَا، وَكَانَ مُتَخَيِّراً لاَ يُقَلِّدُ أَحَداً، وَكَانَ ذَا خَاصَّةٍ مِنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وَجَارِياً فِي مِضْمَارِ البُخَارِيِّ، وَمُسْلِمٍ، وَالنَّسَائِيِّ. (13/ 292) وَقَالَ أَبُو عَبْدِ المَلِكِ المَذْكُوْرُ فِي (تَارِيْخِهِ): كَانَ بَقِيُّ طُوَالاً أَقْنَى، ذَا لِحْيَةٍ مُضَبَّراً قَوِيّاً جَلْداً عَلَى المَشِي، لَمْ يُرَ رَاكِباً دَابَّةً قَطُّ، وَكَانَ مُلاَزِماً لِحُضُوْرِ الجَنَائِزِ، مُتَوَاضِعاً، وَكَانَ يَقُوْلُ: إِنِّيْ لأَعْرِفُ رَجُلاً، كَانَ تَمْضِي عَلَيْهِ الأَيَّامُ فِي وَقْتِ طَلَبِهِ العِلْم، لَيْسَ لَهُ عَيْشٌ إِلاَّ وَرَقُ الكُرُنْبِ الَّذِي يُرْمَى، وَسَمِعْتُ مِنْ كُلِّ مَنْ سَمِعْتُ مِنْهُ فِي البُلْدَانِ مَاشِياً إِلَيْهِم عَلَى قَدَمِي. قَالَ ابْنُ لُبَابَةَ الحَافِظُ: كَانَ بَقِيٌّ مِنْ عُقَلاَءِ النَّاسِ وَأَفَاضِلِهِم، وَكَانَ أَسْلَمُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ يُقَدِّمُهُ عَلَى جَمِيْعِ مَنْ لَقِيَهُ بِالمَشْرِقِ، وَيَصِفُ زُهْدَهُ، وَيَقُوْلُ: رُبَّمَا كُنْتُ أَمْشِي مَعَهُ فِي أَزِقَّةِ قُرْطُبَةَ، فَإِذَا نَظَرَ فِي مَوْضِعٍ خَالٍ إِلَى ضَعِيْفٍ مُحْتَاجٍ أَعطَاهُ أَحَدَ ثَوْبَيْهِ. وَذَكَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ صَاحِبُ القِبْلَةِ، قَالَ: كَانَ بَقِيٌّ يَخْتِم القُرْآنَ كُلَّ لَيْلَةٍ، فِي ثلاَثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، وَكَانَ يُصَلِّي بِالنَّهَارِ مائَةِ رَكْعَةٍ، وَيَصُوْمُ الدَّهْرَ. وَكَانَ كَثِيْرَ الجِهَادِ، فَاضِلاً، يُذْكَرُ عَنْهُ أَنَّهُ رَابَطَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِيْنَ غَزْوَةً.
------------------------
فَعِنْدِي مُجَلَدَانِ مِنْ (مُسْنَدِهِ)، وَمَا فِيْهِمَا عَنْ أَحْمَدَ كَلِمَةً. (13/ 295)
ثُمَّ بَعْدَهَا حِكَايَةٌ أَنْكَرُ مِنْهَا، فَقَالَ: نَقَلْتُ مِنْ خَطِّ حَفِيْدِهِ؛ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَحْمَدَ بنِ بَقِيٍّ، حَدَّثَنِي أَبِي، أَخْبَرَتْنِي أُمِّي أَنَّهَا رَأَتْ أَبِي مَعَ رَجُلٍ طُوَالٍ جِدّاً، فَسَأَلَتْهُ عَنْهُ، فَقَالَ: أَرْجُو أَنْ تَكُوْنِي امْرَأَةً صَالِحَةً، ذَاكَ الخَضِرُ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ-.وَنَقَلَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ هَذَا عَنْ جَدِّهِ أَشْيَاءً، اللهُ أَعْلَمُ بِصِحَّتِهَا، ثُمَّ قَالَ: كَانَ جَدِّي قَدْ قَسَّمَ أَيَّامَهُ عَلَى أَعْمَالِ البِرِّ: فَكَانَ إِذَا صَلَّى الصُّبْحَ قَرَأَ حِزْبَهُ مِنَ القُرْآنِ فِي المُصْحَفِ، سُدْسَ القُرْآنِ، وَكَانَ أَيْضاً يَخْتِمُ القُرْآنَ فِي الصَّلاَةِ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وَيَخْرُجُ كُلَّ لَيْلَةٍ فِي الثُّلُثِ الأَخِيْرِ إِلَى مَسْجِدِهِ، فَيَخْتِمُ قُرْبَ انصِدَاعِ الفَجْرِ، وَكَانَ يُصَلِّي بَعْدَ حِزْبِهِ مِنَ المُصْحَفِ صَلاَةً طَوِيْلَةً جِدّاً، ثُمَّ يَنْقَلِبُ إِلَى دَارِهِ - وَقَدِ اجتَمَع فِي مَسْجِدِهِ الطَّلَبَةُ - فَيُجَدِّدُ الوُضُوْءَ، وَيَخْرُجُ إِلَيْهِم، فَإِذَا انقَضَتِ الدُّولُ، صَارَ إِلَى صَوْمَعَةِ المَسْجَدِ، فَيُصَلِّي إِلَى الظُّهْرِ، ثُمَّ يَكُوْنُ هُوَ المُبْتَدِئ بِالأَذَانِ، ثُمَّ يَهْبِطُ ثُمَّ يُسمِعُ إِلَى العَصْرِ، وَيُصَلِّي وَيُسمِعُ، وَرُبَّمَا خَرَجَ فِي بَقِيَّةِ النَّهَارِ، فَيَقْعُدُ بَيْنَ القُبُوْرِ يَبْكِي وَيَعْتَبِرُ، فَإِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ أَتَى مَسْجِدَهُ، ثُمَّ يُصَلِّي، وَيَرْجِعُ إِلَى بَيْتِهِ فيُفْطِرُ، وَكَانَ يَسْرُدُ الصَّوْمَ إِلاَّ يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَيَخْرُجُ إِلَى المَسْجَدِ، فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ جِيْرَانُهُ، فَيَتَكَلَّمُ مَعَهُم فِي دِيْنِهِم وَدُنيَاهُم، ثُمَّ يُصَلِّي العِشَاءَ، وَيَدْخُلُ بَيْتَهُ، فيُحَدِّثُ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/371)
أَهلَهُ، ثُمَّ يَنَامُ نَوْمَةً قَدْ أَخَذَتْهَا نَفْسُهُ، ثُمَّ يَقُومُ، هَذَا دَأْبُهُ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ. وَكَانَ جَلداً، قَوِيّاً عَلَى المَشْيِ، قَدْ مَشَى مَعَ ضَعِيْفٍ فِي مَظْلَمَةٍ إِلَى إِشْبِيلِيَةَ، وَمَشَى مَعَ آخَرَ إِلَى إِلْبِيْرَةَ، وَمَعَ امْرَأَةٍ ضَعِيْفَةٍ إِلَى جَيَّانَ. (13/ 296) قُلْتُ: وَهِمَ بَعْضُ النَّاسِ، وَقَالَ: مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ. بَلِ الصَّوَابُ أَنَّهُ تُوُفِّيَ: لِلَيْلَتَيْنِ بَقَيَتَا مِنْ جُمَادَى الآخِرَةِ، سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ. وَرَّخَهُ: عَبْدُ اللهِ بنُ يُوْنُسَ، وَغَيْرُهُ. وَمِنْ مَنَاقِبِهِ أَنَّهُ كَانَ مِنْ كِبَارِ المُجَاهِدِيْنَ فِي سَبِيْلِ اللهِ، يُقَالُ: شَهِدَ سَبْعِيْنَ غَزْوَةً. وَمِنْ حَدِيْثِهِ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بنُ عَطَاءِ اللهِ بِالإِسْكَنْدَرِيَّةِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَكِّيٍّ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَأَرْبَعِيْنَ وَسِتِّ مائَة، أَنْبَأَنَا خَلَفُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ عَتَّابٍ، أَخْبَرَنَا الحَافِظُ أَبُو عُمَرَ النَّمَرِي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ يُوْنُسَ، حَدَّثَنَا بَقِيُّ بنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا هَانئُ بنُ المُتَوَكِّلِ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بنَ صَالِحٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: لَوْلاَ أَنِّي أَنْسَى ذِكْرَ اللهِ، مَا تَقَرَّبْتُ إِلَى اللهِ إِلاَّ بِالصَّلاَةِ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (قَالَ جِبْرِيْلُ: يَا مُحَمَّدُ! إِنَّ اللهَ يَقُوْلُ: مَنْ صَلَّى عَلَيْكَ عَشْرَ مَرَّاتٍ اسْتَوْجَبَ الأَمَانَ مِنْ سَخَطِهِ). (13/ 297)
الكتاب: سير أعلام النبلاء
المؤلف: شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد الذَهَبي
المجلد 25 الصفحة 285
بوركت اخى المغربى
رحمه الله ..
قال الشيخ ابو اسحاق الحوينى .. سار بقي بن مخلد من الاندلس الى بغداد مشيا على الاقدام لم يركب دابه قط ...
لله درك
ـ[أبو سلمى المغربي]ــــــــ[16 - 07 - 08, 12:22 م]ـ
رفع لتعميم الفائدة
ـ[أبو سلمى المغربي]ــــــــ[16 - 07 - 08, 01:56 م]ـ
رفع لتعميم الفائدة
ـ[أبو سلمى المغربي]ــــــــ[17 - 07 - 08, 02:10 ص]ـ
للرفع
ـ[عزالدين المعيار الإدريسي]ــــــــ[17 - 07 - 08, 02:55 ص]ـ
من المعروف أن كثيرا من العلماء المشارقة ربما يقع لهم الغلط في تاريخ أهل المغرب لبعد الديار وغير ذلك مما لا يخفى على من مارس التاريخ على حد تعبير المقري في ابن خلكان بسبب ما أسقطه من عمود نسب القاضي عياض
يقول الحافظ الذهبي في معرض حديثه عن الحافظ أبي عمر أحمد بن محمد ابن الحذاء الأندلسي:" حدث عنه الحافظ أبو علي الغساني وجماعة ممن أعرفهم أو لا أعرفهم وكذا غالب مشايخ الأندلس لا اعتناء لنا بمعرفتهم لأن روايتهم لا تقع لنا "
لكن مع ذلك فإن الإمامين الحافظين الناقدين الذهبي وابن حجر كانا يحرصان على الرجوع إلى مصادر الرجال بالغرب الإسلامي مما قلل من أغلاطهم في ذلك
لهذا سأحاول من خلال هذه المشاركة الرجوع بما نقله الحافظ الدهبي عن الإمام الحافظ الحجة بقي بن مخلد إلى مصادره قدر الإمكان
يتبع
ـ[أبو سلمى المغربي]ــــــــ[18 - 07 - 08, 01:14 ص]ـ
جزاك الله خيرا أخي الكريم عزالدين المعيار الإدريسي
ـ[عزالدين المعيار الإدريسي]ــــــــ[18 - 07 - 08, 03:32 م]ـ
من أقدم الكتب التي ترجمت للحافظ بقي بن مخلد كتاب "أخبار الفقهاء والمحدثين " لمحمد بن حارث الخشني والقصة التي أوردها الحافظ الذهبي في " سير أعلام النبلاء " لا تختلف كثيرا عما عند الخشني إلا في أمور أهمها:
1 - أن الخشني يروي القصة مباشرة بالسماع من عبد الرحمن بن أحمد بن بقي عن أبيه عن جده، في حين اعتمد الحافظ الذهبي الوجادة حيث نقلها من خط شيخه أبي الوليد بن الحاج و لا يخفى الفرق بين الروايتين مع ما في الأولى من علو السند
2 - قال الحافظ الذهبي في النص المنقول – هنا – عن سير أعلام النبلاء:" ذَكَرَ الحِكَايَةَ بِطُوْلِهَا. نَقَلَهَا القَاسِمُ بنُ بَشْكُوَالَ فِي بَعْضِتَآلِيْفِهِ، وَنَقَلْتُهَا أَنَا مِنْ خَطِّ شَيْخِنَا؛ أَبِي الوَلِيْدِ بنِالحَاج" والصواب: أبو القاسم بن بشكوال واسمه خلف بن عبد الملك [ت578هـ]
يتبع
ـ[أبو سلمى المغربي]ــــــــ[18 - 07 - 08, 03:36 م]ـ
بوركت أخي الكريم
ـ[أبو سلمى المغربي]ــــــــ[18 - 07 - 08, 09:11 م]ـ
بوركت أخي الكريم
ـ[أبو سلمى المغربي]ــــــــ[24 - 07 - 08, 03:58 ص]ـ
لعموم الفائدة(146/372)
قطز قاهر التتار (حقائق ايمانيه لأسباب النصر)
ـ[علي الغامدي]ــــــــ[14 - 07 - 08, 01:27 م]ـ
قطز قاهر التتار
في معركة عين جالوت
بقلم اللواء الركن: محمود شيت خطاب
السلطان
الملك المظفر قطز قاهر التتار هو السلطان الملك المظفر سيف الدين قطز بن عبد الله المعزي، تسلطن بعد أن خلع الملك المنصور علي ابن الملك المعز أيبك في يوم السبت 17من ذي القعدة سنة 657 هـ- 1959م، بعد أن تفاقم خطر التتار، وأصبحت مصر مهددة بغزوهم الوشيك.
وكانت مصر على إثر وفاة ملكها الصالح، ومقتل ولده الملك المعظم قد رفعت على عرشها امرأة هي: شجرة الدر -أرملة الملك الصالح-، فكانت أول ملكة، كما كانت آخر ملكة اعتلت عرش مصر الإسلامية. وأقيم للسلطنة نائب قوي، هو الأمير عز الدين أيبك -كبير المماليك البحرية-، ليعاون شجرة الدر في تدبير الأمور، وبالرغم مما أبدته شجرة الدر من حزم وبراعة في تسيير أمور الدولة، وتصفية الموقف مع الصليبيين وإجلائهم عن مصر فقد كان جلوس امرأة على عرش مصر نذيرًا بوقوع الفتن والاضطرابات، حيث أبى معظم الأمراء أن يحلفوا يمين الطاعة للملكة الجديدة، لذلك رأت شجرة الدر أن تتزوج من الأمير عز الدين أيبك، فلما لم تفلح هذه الخطوة في تهدئة الأمور رأت أن تتنازل عن العرش لزوجها، فتولى الأمير عز الدين أيبك عرش مصر باسم الملك المعز، وذلك في آخر ربيع الثاني سنة 648 هـ 1250م، وحكم مصر زهاء سبع سنين.
وكانت شجرة الدر وراء زوجها تعينه في تصريف الأمور، حتى دب الخلاف بين الزوجين، لاعتزام المعز الزواج ثانية، فدبرت شجرة الدر مؤامرة لاغتياله، ونفذتها في بيتها يوم الثلاثاء 23 من ربيع الأول من سنة 655 هـ - 1257م.
وتولى الملك المنصور علي ابن الملك المعز أيبك، المُلْكَ يوم الخميس 25 من ربيع الأول من سنة 655 هـ 1257م، وكان عمره 15 سنة، فلم يكن قادرًا على تحمل أعباء الملك في ظروف حرجة للغاية؛ إذ كانت البلاد مهددة بالغزو التتري، لذلك خلعه قطز، وتولى الملك مكانه سنة 657 هـ - 1259م، وكان هدفه: حرب التتار، وإنقاذ مصر خاصة والبلاد العربية عامة من خطر غزوهم الكاسح.
الموقف العام
ولعل في عرض الموقف العام العصيب التي كانت مصر والبلاد العربية تجتازه من جراء الغزو التتري الجارف ما يبرز مبلغ التضحية التي بذلها قطز في قبوله تحمل المسؤولية حينذاك، في بلد مهدد بغزو خارجي ماحق، وارتباك داخلي فظيع، وقد كان بإمكانه أن يستمتع بالسلطة الفعلية بالرغم من بقاء الملك المنصور في الحكم دون أن يكون المسؤول الأول في مثل تلك الظروف الحرجة، ولكنه آثر المصلحة العامة على مصلحته الشخصية، فقضى أولاً على الارتباك الداخلي، ووضع الأمور في نصابها، ثم وجه همه إلى العدو الخارجي، فاستطاع بأعجوبة خارقة حقًا إحراز النصر وإنقاذ مصر والبلاد العربية من التتار وقواتهم الضاربة.
ففي سنة أربع وخمسين وستمائة هجرية 1256م، مَلَكَ التتار سائر بلاد الروم بالسيف، فلما فرغوا من ذلك، نزل هولاكو بن طولوي بن جنكيز خان كالإعصار على بغداد في صفر من سنة ست وخمسين وستمائة هجرية 1285م، ودخلوها دخول الضواري المفترسة، وقتلوا مئات الآلاف من أهلها، ونهبوا خزائنها وذخائرها، وقضوا على الخلافة العباسية، وعلى معالم الحضارة الإسلامية، ثم قتلوا الخليفة المستعصم بالله وأفراد أسرته وأكابر دولته ..
وتقدم التتار إلى بلاد الجزيرة، واستولوا على "حران" و"الرُّها" و"ديار بكر" في سنة سبع وخمسين وستمائة هجرية 1259م، ثم جاوزا الفرات، ونزلوا على "حلب" في سنة ثمان وخمسين وستمائة هجرية 1260م، واستولوا عليها وجرت الدماء في الأزقة أنهارًا.
ووصل التتار إلى "دمشق"، وسلطانها الناصر يوسف بن أيوب، فخرج هاربًا ومعه أهل اليسار، ودخل التتار دمشق، وتسلموها بالأمان، ثم غدروا بأهلها وفتكوا بهم، ونهبوا وسلبوا ودمروا.
وتعدوا دمشق، فوصلوا إلى "نابلس"، ثم إلى "الكرك" وبيت المقدس، وتقدموا إلى "غزة" دون أن يلقوا مقاومة تذكر، واضطر هولاكو فجأة إلى مغادرة سورية، بعد أن جاءته الأخبار بوفاة أخيه الأكبر "منكوقاآن" في الصين، وبتنازع أخويه الآخرين "قوبيلاي" و"أريق بوكا" ولاية العرش.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/373)
وقد استثمر التتار حرب الصاعقة، التي تعتمد على سرعة الحركة، كما استثمروا حرب الأعصاب إلى أقصى مدى، فنشروا الذعر والخوف في كل مكان، وحيثما اتجهت قواتهم كانت تسبقهم الأقاصيص عن طغيانهم وقسوتهم ومذابحهم.
موقف أوروبا
فرحت أوروبا النصرانية بانتصار التتار على المسلمين، فقد كانوا من أصدقاء النصارى وفيهم بعض النصارى، ولهولاكو نفسه زوجة نصرانية، فضلاً عن أن القائد الذي ولي أمر سورية عندما غادرها هولاكو كان نصرانيًا، كل هذا جعل البابوات وحكام غرب أوروبا ينظرون إلى التتار وكأنهم حلفاؤهم في قتال المسلمين.
والواقع أن فكرة تكوين حلف من الأوروبيين والتتار لتدمير البلاد الإسلامية، كانت موضع تفكير البابوات في عصور متتالية، وكانت سياسية هؤلاء تهدف إلى نشر الدين النصراني بين التتار، وقد تبادل التتار وحكام أوروبا البعوث، وعلى سبيل المثال: فقد دعا لويس التاسع قسمًا من رجال أمير التتار إلى فرنسا، حيث فاوضهم على عقد اتفاقية عسكرية، تنص على أن يقوم طرفاها بعمليات حربية على المسلمين، يكون فيها دور التتار غزو العراق وتدمير بغداد والقضاء على الخلافة الإسلامية، ويكون دور الصليبيين حماية هذا الغزو التتري من الجيوش المصرية, وتجريد جيوشهم لمنع نجدة القوات المصرية للمسلمين في آسيا، وبالأحرى تقوم بعزل مصر عزلاً تامًا عن سائر البلاد العربية.
ولم يكفّ لويس التاسع عن العمل لاستمالة التتار، وتسخير قوتهم المدمرة لضرب الإسلام، ففي السابع عشر من يناير سنة 1249م سنة 646هـ أرسل إلى أمير التتار هدايا ثمينة حملها إلى الأمير وفد على رأسه الراهب الدومنيكي "أندريه دي لونجيمو"، ومما يذكر أنه كان من بين هذه الهدايا قطعة من الصليب المقدس وصورة للسيدة العذراء، ومختلف النماذج الصغيرة لعديد من الكنائس.
ويقول الأسقف "دي مسنيل Du Masnil" - نائب مدير البعثات التبشيرية في روما- في كتابه عن الكنيسة والحملات الصليبة: "اشتهر هولاكو بميله إلى النصارى النسطوريين، وكانت حاشيته تضم عددًا كبيرًا منهم، من بينهم قائدهم الأكبر "كتبغا" وهو تركي الجنس نصراني نسطوري، كما كانت الأميرة "دوكس خاتون" زوجة هولاكو نصرانية أيضًا.
ولقد لعب نفوذ هذه الأميرة على زوجها دورًا خطيرًا، تفخر به الكنيسة في تجنيب أوربا النصرانية أهوال الغزو التتري، وتوجيه غزوهم إلى العرب المسلمين في الشرق العربي، حيث ذبحت قوات التتار العرب المسلمين في مذابح بغداد، في الوقت الذي أبقت فيه على النصارى في تلك المدينة، فلم تمسهم في أرواحهم أو أموالهم بأذى، كما لعبت الأميرة دورًا في إغراء زوجها باحتلال سورية الإسلامية.
ويصف الأسقف حملة التتار فيقول: "لقد كانت الحملة التترية على الإسلام والعرب حملة صليبية بالمعنى الكامل لها، حملة نصرانية نسطورية، وقد هلل لها الغرب وارتقب الخلاص على يد "هولاكو" وقائده النصراني "كتبغا" الذي تعلق أمل الغرب في جيشهما، ليحقق له القضاء على المسلمين، وهو الهدف الذي أخفقت في تحقيقه الجيوش الصليبية، ولم يعد للغرب أمل في بلوغه إلا على أيدي التتار خصوم العرب والمسلمين.
وقد بادر "هاتون الأول" -ملك إرمينية - و"بوهومونت السادس" - أمير طرابلس -، وأمراء الإفرنج "صور" و"عكا" و"قبرص" بادر هؤلاء جميعًا إلى عقد حلف مع التتار، يقوم على أساس القضاء على المسلمين كافة في آسيا، وتسليم هؤلاء الأمراء بيت المقدس.
ويقول "دي مسنيل" في كتابه عن تاريخ التبشير: "إن النصارى هم الذين حرضوا "هولاكو" على الرحيل عن سورية إلى بلاده، ومحاربة أخيه هناك، بسبب موالاته للإسلام".
وأخيرًا انتهى أمل الصليبيين بدخول التتار في الإسلام، وفي ذلك يقول الأسقف "دي مسنيل" واصفًا هذه الخاتمة: "وهكذا نرى الإسلام الذي كان قد أشرفت قوته على الزوال، يسترد مكانته، ويستعيد قوته، ويصبح أشد خطرًا من ذي قبل".
لقد كانت مهمة قطز صعبة جداً، لأنه كان عليه أن يواجه الخطر الداخلي المتمثل بالارتباك والفوضى في نظام الحكم والصراع على السلطة، وفي الوقت نفسه كان عليه أن يواجه الخطر الخارجي المتمثل بالغزو التتري الداهم المتحالف مع الصليبيين في الغرب والشرق معًا.
زحف التتار
قبل مغادرة "هولاكو" سورية أرسل رسولاً من رجاله وبرفقته أربعون رجلاً من الأتباع إلى قطز يحملون إليه رسالة منه جاء فيها:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/374)
"من ملك الملوك شرقًا وغربًا القائد الأعظم: باسمك اللهم، باسط الأرض، ورافع السماء، يعلم الملك المظفر قطز الذي هو من جنس المماليك الذين هربوا من سيوفنا إلى هذا الإقليم، يتنعمون بأنعامه، ويقتلون من كان بسلطانه بعد ذلك، يعلم الملك المظفر قطز وسائر أمراء دولته وأهل مملكته بالديار المصرية وما حولها من الأعمال، إنا نحن جند الله في أرضه، خلقنا من سخطه، وسلطنا على مَن حَلَّ به غضبه، فلكم بجميع البلاد معتبر، وعن عزمنا مزدجر، فاتعظوا بغيركم وأسلموا لنا أمركم. قبل أن ينكشف الغطاء، فتندموا ويعود عليكم الخطأ، فنحن ما نرحم من بكى، ولا نرقّ لمن شكر، وقد سمعتم أننا قد فتحنا البلاد، وطهرنا الأرض من الفساد، وقتلنا معظم العباد، فعليكم بالهرب، وعلينا الطلب، فأي أرض تؤويكم، وأي طريق تنجيكم، وأي بلاد تحميكم؟! فما لكم من سيوفنا خلاص، ولا من مهابتنا مناص، فخيولنا سوابق، وسهامنا خوارق، وسيوفنا صواعق، وقلوبنا كالجبال، وعددنا كالرمال، فالحصون عندنا لا تمنع، والعساكر لقتالنا لا تنفع، ودعاؤكم علينا لا يُسمع، فإنكم أكلتم الحرام، ولا تعفُّون عند كلام، وخنتم العهود والأيمان، وفشا فيكم العقوق والعصيان، فأبشروا بالمذلة والهوان، فاليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تستكبرون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تفسقون، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون، فمن طلب حربنا ندم، ومن قصد أماننا سلم، فإن أنتم لشرطنا وأمرنا أطعتم، فلكم ما لنا وعليكم ما علينا، وإن خالفتم هلكتم، فلا تهلكوا نفوسكم بأيديكم، فقد حذّر من أنذر. وقد ثبت عندكم أنا نحن الكفرة، وقد ثبت عندنا أنكم الفجرة، وقد سَلَّطَنا عليكم من له الأمور المقدّرة، والأحكام المدبرة، فكبيركم عندنا قليل، وعزيزكم عندنا ذليل، فلا تطيلوا الخطاب، وأسرعوا برد الجواب، قبل أن تضرم الحرب نارها، وترمي نحوكم شرارها، فلا تجدون منا جاهاً ولا عزًا، ولا كافيًا ولا حرزًا، وتدهون منا بأعظم داهية، وتصبح بلادكم منكم خالية، فقد أنصفناكم إذ راسلناكم، وأيقظناكم إذ حذرناكم، فما بقي لنا مقصد سواكم، والسلام علينا وعليكم، وعلى من أطاع الهدى، وخشي عواقب الردى، وأطاع الملك الأعلى".
وكان ذلك في سنة ثمان وخمسين وستمائة هجرية "أوائل سنة 1260م".
فلما سمع قطز ما في هذا الكتاب جمع الأمراء، واتفقوا على قتل رُسُل هولاكو، فقبض عليهم، واعتقلوا، وأمر بإعدامهم فأعدموا توسيطًا-أي: ضربوا بالسيف في وسطهم ليشطروا شطرين -، كل مجموعة منهم أمام باب من أبواب القاهرة، وعُلقت رؤوسهم على باب "زويلة". لقد عقد قطز العزم على حرب التتار، وكان قراره نهائيًا لا رجعة عنه؛ إذ هو المسوغ الوحيد لاستيلائه على السلطة، وتواترت المعلومات الموثوق بها عن زحف التتار باتجاه مصر، كما علم المصريون باستيلاء التتار على سورية وفلسطين، كما وصل إلى القاهرة كمال الدين عمر بن العديم أحد العلماء الأعلام رسولاً من الملك الناصر صلاح الدين يوسف صاحب حلب والشام يطلب من قطز النجدة على قتال التتار.
وجمع قطز القضاة والفقهاء والأعيان لمشاورتهم فيما يعتمد عليه من أمر التتار، وأن يؤخذ من الناس ما يستعان به على جهادهم، وحضر أصحاب الرأي في دار السلطنة بقلعة الجبل، وحضر الشيخ عز الدين بن عبد السلام، والقاضي بدر الدين السنجاري -قاضي الديار المصرية-، وأفاضوا الحديث، فكان الاعتماد على ما يقوله ابن عبد السلام، وخلاصة ما قال: "إنه إذا طرق العدو بلاد الإسلام وجب على العالم قتالهم، وجاز لكم أن تأخذوا من الرعية ما تستعينون به على جهادكم، بشرط ألا يبقى في بيت المال شيء، وتبيعوا مالكم من الحوائص-أي: حزام الرجل وحزام الدابة- المذهبة والآلات النفيسة، ويقتصر كل الجند على مركوبه وسلاحه، ويتساووا هم والعامة، وأما أخذ الأموال من العامة، مع بقايا في أيدي الجند من الأموال والآلات الفاخرة فلا يجوز".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/375)
وانفض المجلس على ذلك، ولم يتكلم السلطان، وهو الملك المنصور علي ابن الملك المعز أيبك، لعدم معرفته بالأمور ولصغر سنه، فلهج الناس بخلع السلطان وتولية قطز حتى يقوم بهذا الأمر المهم. فقد علم قطز أنه لا بد من خروجه من مصر على رأس قواته العسكرية لقتال التتار، ولكنه لا يستطيع أن يفعل ما يريد، لأن الآراء مغلولة لصغر سن السلطان، ولأن الكلمة مختلفة، فجمع قطز الأمراء والعلماء من أصحاب الرأي، وعرفهم أن الملك المنصور هذا صبي لا يحسن التدبير في مثل هذا الوقت الصعب، ولا بد من أن يقوم بأمر الملك رجل شهم يطيعه كل أحد، وينتصب للجهاد في التتار، فأجابه الجميع: ليس لها غيرك.
لقد كان الجواب على رسالة هولاكو هو: القتال، ولا شيء غير القتال. وكان هذا القرار متفقًا عليه من الجميع قبل وصول وفد هولاكو، وقبل وصول رسالته إلى القاهرة.
ولم يكن إعدام الوفد إلا حافزًا جديدًا لقطز وقواته على القتال، دون أن يتركوا الباب مفتوحًا لحل آخر غير القتال.
وهذا موقف لقطز في مثل تلك الظروف التي كانت تحيط به، موقف يُحمد عليه، لأنه انتزع آخر أمل من نفوس المترددين والانهزاميين في احتمال رضوخ قطز إلى مطالب التتار، فقال قطز قولته الحاسمة: "إن الرأي عندي هو أن نتوجه جميعًا إلى القتال، فإذا ظفرنا فهو المراد، وإلا فلن نكون مسلمين أمام الخلق".
الحشد
خرج قطز يوم الإثنين الخامس عشر من شعبان سنة 658 هـ - 1260م بجميع عسكر مصر ومن انضم إليهم من عساكر الشام ومن العرب والتركمان وغيرهم من قلعة الجبل في القاهرة، يريد معسكر الصالحية، معسكر مصر الكبير في شرق الدلتا.
وقبل ذلك، وفي اليوم نفسه، أحضر قطز رسل "هولاكو" وأعدمهم، ليضع قواته المسلحة أمام الأمر الواقع: لا مفر من القتال.
ونودي في القاهرة والفُسطاط وسائر أقاليم مصر بالخروج إلى الجهاد، وتقدم قطز إلى جميع الولاة يحث الأجناد للخروج إلى القتال، وسار حتى وصل إلى الصالحية، وتكامل حشد قواته، فجمع الأمراء وكلمهم بالرحيل، فأبوا كلهم عليه وامتنعوا عن الرحيل، فقال لهم: "يا أمراء المسلمين، لكم زمان تأكلون أموال بيت المال، وأنتم للغزاة كارهون، وأنا متوجه، فمن اختار الجهاد يصحبني، ومن لم يختر ذلك يرجع إلى بيته، فإن الله مطلع عليه، وخطيئة حريم المسلمين في رقاب المتأخرين".
وتكلم الأمراء الذين اختارهم وحلّفهم مؤيدين له في المسير، فلم يسع البقية غير الموافقة. لقد جمع قطز قادته قبل المسير، وشرح لهم خطورة الموقف، وذكرهم بما وقع من التتار في البلاد التي غزوها من شنيع السفك والتخريب، وما ينتظر مصر وأهلها من مصير مروع إذا انتصر التتار، وحثهم وهو يبكي على بذل أرواحهم في سبيل إنقاذ الإسلام والمسلمين من هذا الخطر الداهم، فضج القادة بالبكاء، ووعدوا ألا يدخروا وسعًا في سبيل مقاتلة التتار، وإنقاذ مصر والإسلام من شرهم.
ولكن لماذا خاف قادة قطز التتار؟
كان هولاكو في خلق لا يحصيهم إلا الله، ولم يكونوا من حين قدومهم على بلاد المسلمين سنة 616 هـ - 1219م يلقاهم عسكر إلا فلّوه، وكانوا يقتلون الرجال ويسبون النساء ويستاقون الأسرى وينهبون الأموال، لذلك آثر قادة قطز بعد إكمال حشد قواتهم حماية مصر لا غير، لكثرة عدد التتار واستيلائهم على معظم بلاد المسلمين، لأن التتار لم يقصدوا إقليمًا إلا فتحوه، ولا عسكرًا إلا هزموه، ولم يبق خارج حكمهم إلا مصر والحجاز واليمن، وقد هرب جماعة من المغاربة الذين كانوا بمصر إلى المغرب، لقد كانت المعنويات منهارة، فلا عجب أن يبذل قطز كل جهده لرفع معنويات قادته ورجاله خاصة، والشعب المصري عامة، وأن يستحث القادرين على حمل السلاح للجهاد بأرواحهم، والقادرين على تقديم الأموال للجهاد بأموالهم، وأن يحشد كل طاقاته المادية والمعنوية للحرب، فلا يعلو صوت على صوت المعركة، ولا يُقبل عذر من أحد قادر على الجهاد بماله وروحه، وقد قدم قطز مثالاً شخصيًا رائعًا في الجهاد بماله وروحه في سبيل الله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/376)
كما أن قطز صمّم على لقاء التتار خارج مصر، وألا ينتظرهم في مصر للدفاع عنها على الأرض المصرية، حتى يجنب مصر ويلات الحرب أولاً، ويرفع معنويات رجاله ومعنويات المصريين ثانيًا، ويوحي للتتار بأنه لا يخافهم فيؤثر ذلك على معنوياتهم ثالثًا، ولأن المدافع لا ينتصر مطلقًا إلا في نطاق ضيق محدود بعكس المهاجم الذي يؤدي انتصاره إلى كارثة تحيق بعدوه رابعًا، ولأن الهجوم أنجح وسائل الدفاع خامسًا وأخيرًا.
إن تصميم قطز على قبول المعركة خارج مصر، كان قرارًا عسكريًا فذًا.
المعركة
وخرج قطز من مصر في الجحافل الشامية والمصرية، في شهر رمضان من سنة 658 هـ- 1260م وغادر معسكر الصالحية بجيشه، ووصل مدينه "غزة" والقلوب وجلة، وكان في "غزة" جمع التتار بقيادة "بيدر"، وكان بيدر هذا قد أخبر قائده "كتبغا نوين" الذي كان في سهل "البقاع" بالقرب من مدينة "بعلبك" بزحف جيش قطز، فرد عليه: "قف مكانك وانتظر". ولكن قطز داهم "بيدر" قبل وصول "كتبغا نوين" فاستعاد غزة من التتار، وأقام بها يومًا واحدًا، ثم غادرها شمالاً باتجاه التتار.
وكان "كتبغا" مقدم التتار على جيش "هولاكو" لما بلغه خروج قطز، وكان في سهل البقاع قد عقد مجلسًا استشاريًا، واستشار ذوي الرأي في ذلك، فمنهم من أشار بعدم لقاء جيش قطز في معركة، والانتظار حتى يجيئه مدد من "هولاكو" ليقوى على مصاولة جيش المسلمين، ومعنى هذا مشاغلة جيش قطز بالقوات المتيسرة لديه ريثما ترده النجدات التي تضمن له النصر، ومنهم من أشار بغير ذلك -قبل المعركة- اعتمادًا على قوات التتار التي لا تقهر، وهكذا تفرقت الآراء، وكان رأي "كتبغا نوين" قبول المعركة ومواجهة جيش قطز، فتوجه من فوره جنوبًا باتجاه القوات المصرية.
وكان أول الوهن اختلاف الآراء وظهور رأي يحبذ الانسحاب، ورأي يحبذ عدم الانسحاب وقتال قطز.
وبعث قطز طلائع قواته بقيادة الأمير ركن الدين بيبرس البندقداري لمناوشة التتار واختبار قواتهم، واستحصال المعلومات المفصلة عن تنظيمهم وتسليحهم وقيادتهم، فالتقى بيبرس بطلائع التتار في مكان يقع بين "بيسان" و"نابلس" يدعي: "عين جالوت" في "الغور" غور الأردن، وشاغل التتار حتى وافاه قطز على رأس القوات الأصلية من جيشه، وفي يوم الجمعة 25 رمضان سنة 658هـ- 6 سبتمبر1260م نشبت بين الجيشين المتقابلين معركة حاسمة، وكان التتار يحتلون مرتفعات "عين جالوت"، فانقضوا على جيش قطز تطبيقًا لحرب الصاعقة التي دأب التتار على ممارستها في حروبهم، تلك الحرب التي تعتمد سرعة الحركة بالفرسان، وكان القتال شديدًا لم يُر مثله، حتى قتل من الجانبين جماعة كثيرة.
وتغلغل التتار عميقًا، واخترقوا ميسرة قطز، فانكسرت تلك الميسرة كسرة شنيعة، ولكن قطز حمل بنفسه في طائفة من جنده، وأسرع لنجدة الميسرة، حتى استعادت مواقعها.
واستأنف قطز الهجوم المضاد بقوات "القلب" التي كانت بقيادته المباشرة، وكان يتقدم جنوده وهو يصيح: "واإسلاماه .. واإسلاماه .. " واقتحم قطز القتال، وباشر بنفسه، وأبلى في ذلك اليوم أعظم البلاء، وكانت قوات "القلب" مؤلفة من المتطوعين المجاهدين من الذين خرجوا يطلبون الشهادة، ويدافعون عن الإسلام بإيمان، فكان قطز يشجع أصحابه، ويحسّن لهم الموت، ويضرب لهم المثل بما يفعله من إقدام ويبديه من استبسال.
وكان قطز قد أخفى معظم قواته النظامية المؤلفة من المماليك في شعب التلال، لتكون كمائن، وبعد أن كر بالمجاهدين كرة بعد كرة حتى زعزع جناح التتار، برز المماليك من كمائنهم وأداموا زخم الهجوم بشدة وعنف.
وكان قطز أمام جيشه يصرخ: "واإسلاماه .. واإسلاماه .. يا الله انصر عبدك قطز على التتار"، وكان جيشه يتبعه مقتديًا بإقدامه وبسالته، فقتل فرس قطز من تحته، وكاد يعرض للقتل لولا أن أسعفه أحد فرسانه، فنزل له عن فرسه.
وسارع قطز إلى قيادة رجاله متغلغلاً في صفوف أعدائه، حتى ارتبكت صفوف التتار، وشاع أن قائدهم "كتبغا نوين" قد قُتل، فولوا الأدبار لا يلوون على شيء.
وكان "كتبغا نوين" يضرب يمينًا وشمالاً غيرة وحمية، وكان يكر على المسلمين، فرغَّبه جماعة من أتباعه في الهرب، ولكنه لم يستمع إليهم وقال: "لا مفر من الموت هنا، فالموت مع العزة والشرف خير من الهرب مع الذل والهوان".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/377)
ورغم أن جنوده تركوه وهربوا فقد ظل يقاتل حتى قُتل، وفي رواية أخرى أن جواده كبا به، فأسره المسلمون، والرواية الأولى أصح.
وكانت هناك مزرعة للقصب بالقرب من ساحة القتال، فاختفى فيها فوج من التتار، فأمر قطز جنوده أن يضرموا النار في تلك المزرعة، وأحرقوا فوج التتار جميعًا.
وبدأ المسلمون فورًا بمطاردة التتار، كما طاردهم المسلمون الذين لم يكونوا من جيش قطز، حتى دخل قطز دمشق في أواخر شهر رمضان المبارك، فاستقبله أهلها بالابتهاج.
وامتدت المطاردة السريعة إلى قرب مدينة حلب، فلما شعر التتار باقتراب المسلمين منهم تركوا ما كان بأيديهم من أسارى المسلمين، ورموا أولادهم، فتخطفهم الناس، وقاسوا من البلاء ما يستحقونه.
أسباب النصر
يجدر بنا أن نتوقف قليلاً لمعرفة أسباب انتصار قطز على التتار.
إن كل الحسابات العسكرية تجعل النصر إلى جانب التتار بدون أدنى شك، ولكن الواقع يناقض كل تلك الحسابات، فقد انتصر قطز، وانهزم التتار.
فقد كان لقادة التتار تجارب طويلة في الحروب، ولم يكن لقطز وقادته مثل تجارب قادة التتار ولا ما يقاربها، والقائد المجرب أفضل من القائد غير المجرب قطعًا، وكذلك الجيش المجرب أفضل من الجيش الذي لا تجربة له.
وكانت معنويات التتار قادة وجنودًا عالية جدًا، لأنهم تقدموا من نصر إلى نصر، ولم تهزم لهم راية من قبل أبدًا، وكانت معنويات قادة قطز وجنوده منهارة، وقد خرج أكثر القادة إلى القتال كرهًا.
وقد انتصر التتار في حرب الأعصاب، فكانوا ينتصرون بالرعب، مما يؤثر في معنويات أعدائهم أسوأ الأثر، والجيش الذي يتحلى بالمعنويات العالية ينتصر على الجيش الذي تكون معنوياته منهارة.
وكانت كفاية جيش التتار متفوقة على كفاية جيش قطز فواقًا كاسحًا، لأن جيش التتار خاض معارك كثيرة، لذلك كانت تجربته العملية على فنون القتال باهرة إلى أبعد الحدود، أما جيش قطز، فقليل التجربة العملية قليل التدريب.
والجيش الذي يتحلى بالكفاية -خاصة في ميدان التدريب العملي- ينتصر على الجيش الذي لا كفاية عملية لديه.
وكان جيش التتار متفوقًا على جيش قطز عَددًا وعُددًا، وقد ازداد تعداد جيش التتار بالذين التحقوا به من الموالين والمرتزقة والصليبيين، بعد احتلاله أرض الشام، والتفوق العَددي والعُددي من عوامل إحراز النصر.
وكان جيش التتار يتمتع بمزية فرسانه المتدربين، وكان تعداد فرسانه كبيرًا، مما ييسر له سرعة الحركة، ويؤدي إلى تطبيق حرب الصاعقة التي كانت من سمات حرب التتار، والجيش الذي يتحلى بسرعة الحركة يتغلب عل الجيش الذي لا يتحلى بهذه الميزة.
وكانت مواضع جيش التتار في عين جالوت أفضل من مواضع جيش قطز، لأن تلك المواضع كانت محتلة من التتار قبل وصول جيش قطز إلى المنطقة التي كانت تحت سيطرة التتار.
وللأرض أثر عظيم في إحراز النصر
وكان جيش التتار متفوقًا على جيش قطز في قضاياه الإدارية؛ إذ كان يستند على قواعده القريبة في أرض الشام، وهي التي استولى عليها واستثمر خيراتها، بينما كانت قواعد جيش قطز بعيدة عنه، لأنه كان يعتمد على مصر وحدها في إعاشته، والمسافة بين مصر وعين جالوت طويلة؛ خاصة في تلك الأيام التي كانت القضايا الإدارية تنقل على الدواب والجمال مخترقة الصحاري والوديان والقفار.
هذا التفوق الساحق الذي بجانب التتار في سبع مزايا حيوية:
التجربة العملية، والمعنويات العالية، والكفاية القتالية، والعدد والعدة، وسرعة الحركة، والأرض، والقضايا الإدارية، هذا التفوق له نتيجة متوقعة واحدة، هي: إحراز النصر على قطز وجيشه أسوة بانتصاراتهم الباهرة على الروم والفرس والعرب والأمم الأخرى في زحفهم المظفر الطويل.
ولكن الواقع أن الجيش المصري انتصر على جيش التتار، فكيف حدث ذلك؟
أولاً: قدّم شيوخ مصر، وعلى رأسهم الشيخ العز بن عبد السلام إرشاداتهم الدينية لقطز، فأخذ بها ونفذها على نفسه وعلى رجاله بكل أمانة وإخلاص، وأمر رجاله بالمعروف ونهاهم عن المنكر، فخرج الجيش من مصر تائبًا منيبًا طاهرًا من الذنوب.
وكان على رأس المجاهدين جميع القادرين من شيوخ مصر على السفر وحمل السلاح وتحمل أعباء الجهاد.
ثانيًا: قيادة قطز الذي كان يتحلى بإرادة القتال بأجلى مظاهرها، فكان مصممًا على قتال التتار مهما تحمل من مشاق، وبذل من تضحيات، ولاقى من صعاب.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/378)
ولعل إصراره على مهاجمة التتار خارج مصر، وعدم بقائه في مصر، واختياره الهجوم دون الدفاع، واستبعاده خطة الدفاع المستكن، هو الذي جعل رجاله قادة وجنودًا في موقف لا يؤدي إلا إلى الموت أو النصر، مما جعلهم يستقتلون في الحرب، لأنه لم يكن أمامهم في حالة الهزيمة غير الإبادة والإفناء.
إن قطز لم يجاهد ليتولى السلطة، بل تولى السلطة من أجل الجهاد.
ثالثًا: إيمان قطز بالله واعتماده عليه، وإيمان المتطوعين في جيشه من المجاهدين الصادقين الذين خرجوا طلبًا للشهادة، كان له أثر عظيم في إحراز النصر.
إن أثر قطز والمجاهدين معه في معركة عين جالوت كان عظيمًا، وحين اطمأن قطز إلى نصر الله ترجل عن فرسه، ومرغ وجهه في التراب تواضعًا، وسجد لله شكرًا على نصره، وحمد الله كثيرًا وأثنى عليه ثناءً عاطرًا.
لقد كان انتصار المسلمين في "عين جالوت" على التتار انتصار عقيدة لا مراء.
الشهيد
لم تمض أسابيع قلائل، حتى طُهرت بلاد الشام كلها من فلول التتار، فرتب قطز أمور البلاد، واستناب على دمشق أحد رجاله، ثم خرج من دمشق عائدًا إلى مصر، إلى أن وصل إلى "القصير"، وبقي بينه وبين الصالحية المعسكر الذي حشد فيه قواته قبل الحركة لقتال التتار مرحلة واحدة، ورحلت قواته إلى جهة الصالحية، فانقض عليه عدد من الأمراء وقتلوه على مقربة من خيمته، ذلك يوم السبت 16 من ذي القعدة سنة 658 هـ- أكتوبر- 1260م، ولم يمض يومان على قتله حتى حلّ "بيبرس" مكانه باسم الملك الظاهر.
وقد دفن قطز في موضع قتله، وكثر أسف الناس وحزنهم عليه، وكان قبره يُقصد دائمًا للزيارة ..
وكانت سلطنة قطز سنة إلا يومًا واحدًا.
وكان قطز بطلاً شجاعًا مقدامًا حسن التدبير، يرجع إلى دين وإسلام وخير، كما قال فيه الذهبي، وله اليد البيضاء في جهاد التتار، فعوض الله شبابه بالجنة ورضي عنه.
لقد كان قطز صادقًا عزيز النفس، كريم الأخلاق، مجاهدًا من الطراز الأول.
قُتل قاهر التتار مظلومًا، فخسر روحه وربح الدنيا والآخرة، وسجله التاريخ في أنصع صفحاته - رضي الله عنه وأرضاه-، وجعله قدوة صالحة لقادة العرب والمسلمين، فما أشبه غزو التتار بغزو الصهاينة، وما أشبه دعم الصليبيين القدامى للتتار بدعم الصليبيين الجدد للصهاينة، وما أحوجنا اليوم إلى مثله قائدًا يتخذ الهجوم مبدأ، ولا يكتفي بالدفاع، ويتخذ العمل منهجًا ولا يكتفي بالكلام، ويقاتل العدو الصهيوني في الأرض المحتلة، ولا ينتظر أن يقاتله في أرضه، ويطلب الموت لتوهب له الحياة
ـ[مصطفى جعفر]ــــــــ[26 - 07 - 09, 08:07 ص]ـ
جزاكم الله خيرًا على المعلومات القيمة
ونفع بكم
ـ[أبو عبد الرحمان القسنطيني الجزائري]ــــــــ[26 - 07 - 09, 09:34 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[أبو عيسى الأندلسي]ــــــــ[26 - 07 - 09, 04:32 م]ـ
مقال رائع , بارك الله فيكم
ـ[طويلبة علم]ــــــــ[29 - 07 - 09, 04:48 م]ـ
جزاك الله خيراً
رغم شراسة التتار بقيادة كتبغا نوين وهزيمتهم لجميع البلاد الإسلامية التى غزوها فقتلوا الرجال واحرقوا البلاد
واسروا النساء والأطفال
ورغم جبروتهم وتفوقهم العسكري في القتال وشجاعة فرسانهم الا أنهم هزموا أمام جيش قطز في عين جالوت التى كانت المعركة الحاسمة التى جعلت التتار يفرون من موت محقق
وكانت بدايات النصر عندما قتل قطز جميع رسل هولاكو فكانت تلك رسالة للتتار أننا لن نقبل الإستسلام
وأننا سوف نقاتلكم حتى الموت
وكذلك خروج قطز والمسلمين من مصر وإتخاذ سياسة الهجوم نيابة عن الدفاع
ووقوف العلماء والناس جميعا وتبرع الناس بما يملكون لتجهيز هذا الجيش
ووجود الكثير من كان همهم الموت في سبيل الله والشهادة دون غيرها ومبايعة قطز لجيشه على الموت وقد بداء بنفسه
فكانت معركة شديدة وبتوفيق من الله قبل كل شيء كان النصر وهزم التتار شر هزيمة ...(146/379)
هل من كتاب طبقات أو تراجم يختص بفقهاء الظاهريّة؟
ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[14 - 07 - 08, 08:01 م]ـ
وإن وجِد، هل هو مطبوع؟
ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[20 - 07 - 08, 09:59 ص]ـ
بعد البحث الطويل في هذا المنتدى ثم البحث في منتدى "دارة أهل الظاهر"، وقفتُ على ذكر لكتاب "إمتاع الناظر بتراجم أهل الظاهر" لابن تميم
http://www.aldahereyah.net/forums/showthread.php?t=1860
لكن ذُكِر أنه لم يُطبع بعد.
وقد راسلت الشيخ إبراهيم الهاشمي حفظه الله، فأفادني أنه يوجد كتاب لمعاصر جمع فيه تراجم فقهاء الظاهرية، لكن الشيخ لم يستحضر اسمه، فهل هو نفس الكتاب المذكور أعلاه أم غيره؟
ـ[الديولي]ــــــــ[20 - 07 - 08, 10:44 ص]ـ
[وقد راسلت الشيخ إبراهيم الهاشمي حفظه الله، فأفادني أنه يوجد كتاب لمعاصر جمع فيه تراجم فقهاء الظاهرية، لكن الشيخ لم يستحضر اسمه، فهل هو نفس الكتاب المذكور أعلاه أم غيره؟ [/
السلام عليكم
الكتاب مطبوع في مكتبة دار ابن حزم، وأنا نسيت أسمه وهو مجلد كبير , وإن شاء الله إذا ذهبت إلى مكتبتي سوف أحضر لك أسمه
ـ[الديولي]ــــــــ[20 - 07 - 08, 10:45 ص]ـ
وقد راسلت الشيخ إبراهيم الهاشمي حفظه الله، فأفادني أنه يوجد كتاب لمعاصر جمع فيه تراجم فقهاء الظاهرية، لكن الشيخ لم يستحضر اسمه، فهل هو نفس الكتاب المذكور أعلاه أم غيره السلام عليكم
الكتاب مطبوع في مكتبة دار ابن حزم، وأنا نسيت أسمه وهو مجلد كبير , وإن شاء الله إذا ذهبت إلى مكتبتي سوف أحضر لك أسمه
ـ[ابن السائح]ــــــــ[20 - 07 - 08, 11:39 ص]ـ
السلام عليكم
الكتاب مطبوع في مكتبة دار ابن حزم، وأنا نسيت أسمه وهو مجلد كبير , وإن شاء الله إذا ذهبت إلى مكتبتي سوف أحضر لك أسمه
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
هو كتاب المدرسة الظاهرية بالمغرب والأندلس (نشأتها ـ أعلامها ـ أصولها ـ وأثرها) لتوفيق الغلبزوري
صدر عن دار ابن حزم بالرياض
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=94504&highlight=%C7%E1%DB%E1%C8%D2%E6%D1%ED
ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[21 - 07 - 08, 06:51 ص]ـ
جزاكم الله خيراً.
أفهم أن الكتاب يترجم لفقهاء الظاهرية في المغرب والأندلس فقط وليس في جميع البلدان.
ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[24 - 08 - 08, 07:51 ص]ـ
الحمد لله،
وأخيراً! وقفتُ على ذكرٍ لكتاب ألّفه أحد القدماء يتكلّم فيه عن تراجم أهل الظاهر، وهو " أخبار أهل الظاهر " لأبي بكر ابن الأخضر (ت 429 هـ)، لكن لا أعلم إذا كان يوجَد له مخطوط، فلو يفيدنا أحد الإخوة.
قال الشيرازي (ت 476 هـ) في كتابه " طبقات الفقهاء " (ص 179):
" وذكر القاضي أبو بكر ابن الأخضر في " أخبار أهل الظاهر " أن أبا نصر يوسف بن عمر بن محمد بن يوسف انتقل من مذهب مالك إلى مذهب داود وتقدّم فيه، وتمّم كتاب " الإيجاز " لمحمد بن داود، ومولده سنة خمسٍ وثلاث مئة، ووفاته سنة ست وخمسين وثلاث مئة، وقد ذكرته في أصحاب مالك (رضي الله عنهم أجمعين) ". اهـ.
ونقل هذا النص أيضاً القاضي عياض في " ترتيب المدارك ".
وأما ابن الأخضر، فقال الذهبي في تاريخ الإسلام (وفيات 421 - 430 هـ / ص 268):
" محمد بن عمر بن محمد القاضي، أبو بكر بن الأخضر الداوديّ الفقيه.
بغدادي ثقة إمام.
سمع أبا الحسن بن لؤلؤ، وأبا الحسين بن المظفّر، وجماعة.
وثّقه الخطيب وروى عنه.
عاش ستًّا وسبعين سنة. " اهـ.(146/380)
من أحب الغلمان للرسول؟
ـ[النعيمية]ــــــــ[14 - 07 - 08, 11:26 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وربركاته ..
لدي سؤال ألاوهو من أحب الغلمان لرسول الله؟
ـ[صلاح السعيد]ــــــــ[15 - 07 - 08, 03:19 م]ـ
حفيداه الحسن والحسين وأسامة ابن زيد وعبدالله ابن عباس رضي الله عنهم أجمعين، وغيرهم كثير.
ـ[النعيمية]ــــــــ[15 - 07 - 08, 11:50 م]ـ
حفيداه الحسن والحسين وأسامة ابن زيد وعبدالله ابن عباس رضي الله عنهم أجمعين، وغيرهم كثير.
جزاك الله خيرا .. وزيد بن حارثة؟
ـ[صلاح السعيد]ــــــــ[16 - 07 - 08, 01:45 ص]ـ
ذكرت ابنه أسامة لأن زيدا كبيرا حينها!!
ـ[النعيمية]ــــــــ[16 - 07 - 08, 09:44 م]ـ
ذكرت ابنه أسامة لأن زيدا كبيرا حينها!!
نعم .. جزاك الله خيرا لكنه لما كان غلاما كان ظمن من ذكرت أليس كذلك؟ فنحن لم نحدد الفترة ..
بارك الله فيكم أستاذنا وأجزل لكم العطاء ورضي عنكم وأدخلكم الجنان ..(146/381)
من لديه كتب للانساب فليتحفنا بها
ـ[الشريف حسن]ــــــــ[15 - 07 - 08, 08:37 ص]ـ
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
اخوانى اين اجد كتب الانساب وخاصه الحديث منها
ومن وجد عنده فليتفضل علينا بها وجزاكم الله خيرا(146/382)
أريد توثيقًا من كتاب: المشجر الكشاف للنجفي، مع استدراكات الزبيدي عليه
ـ[تامر الجبالي]ــــــــ[15 - 07 - 08, 10:52 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الإخوة الكرام، أريد توثيق معلومة من استدراكات مرتضى الزَّبيدي على "المشجر الكشاف لتحقيق أصول السادة الأشراف" لمحمد النجفي (ت بعد927هـ)
والكتاب مع الاستدراكات مطبوع في دار الكنان 1422هـ
فمن لديه الكتاب فليخبرني، بارك الله فيكم
ـ[أبوحاتم الشريف]ــــــــ[26 - 07 - 08, 12:05 ص]ـ
الكتاب عندي وأبشر بما تطلب(146/383)
التسعة الذين قتلوا يوم الفتح
ـ[فيصل الحربي]ــــــــ[16 - 07 - 08, 02:37 م]ـ
لما استقر الفتح أمن رسول الله صلى الله عليه و سلم الناس كلهم إلا تسعة نفر فإنه أمر بقتلهم وإن وجدوا تحت أستار الكعبة وهم عبد الله بن سعد بن أبي سرح وعكرمة بن أبي جهل وعبد العزى بن خطل والحارث بن نفيل بن وهب ومقيس بن صبابة وهبار بن الأسود وقينتان لابن خطل كانتا تغنيان بهجاء رسول الله صلى الله عليه و سلم وسارة مولاة لبعض بني عبد المطلب
فأما ابن أبي سرح فأسلم فجاء به عثمان بن عفان فاستأمن له رسول الله صلى الله عليه و سلم فقبل منه بعد أن أمسك عنه رجاء أن يقوم إليه بعض الصحابة فيقتله وكان قد أسلم قبل ذلك وهاجر ثم ارتد ورجع إلى مكة
وأما عكرمة بن أبي جهل فاستأمنت له أمرأته بعد أن فر فأمنه النبي صلى الله عليه و سلم فقدم وأسلم وحسن إسلامه
وأما ابن خطل والحارث ومقيس وإحدى القينتين فقتلوا وكان مقيس قد أسلم ثم ارتد وقتل ولحق بالمشركين وأما هبار بن الأسود فهو الذي عرض لزينب بنت رسول الله صلى الله عليه و سلم حين هاجرت فنخس بها حتى سقطت على صخرة وأسقطت جنينها ففر ثم أسلم وحسن إسلامه
واستؤمن رسول الله صلى الله عليه و سلم لسارة ولإحدى القينتين فأمنهما فأسلمتا(146/384)
ترجمة وافية عن حياة الشيخ محمد بلكبير رحمه الله
ـ[إبراهيم الجزائري]ــــــــ[16 - 07 - 08, 03:12 م]ـ
بحث وافٍ عن الشيخ محمد بلكبير – رحمه الله –
هي موضوع رسالة تخرج لأحد الإخوة أرجو الدعاء له بالتوفيق
نسبه:
هو الشيخ محمد بلكبير بن محمد عبد الله بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الله ... ينتهي نسبه إلى ثالث الخلفاء الراشدين، الصحابي الجليل، عثمان بن عفان - رضي الله عنه -
مولده:
ولد الشيخ محمد بلكبير سنة 1911م/1330هـ، من أبوين كريمين هما السيد عبد الله بن محمد، والسيدة أمباركة رحموني - رحمهما الله - بقصر من قصور بودة، أحد قرى الغمارة الواقعة في الجنوب الغربي من مدينة أدرار على بعد 25 كلم.
ولقد فارقته أمه إلى مثواها الأخير وهو لم يتجاوز من العمر ثلاث سنوات تاركة إياه مع إخوته: عبدالقادر وأمحمد وعبد الرحمان وأحمد، في كنف والده عبد الله.
وتجدر الإشارة إلىأن إخوته أمحمد وعبد الرحمان وأحمد قد ماتوا صغارا رحمهم الله.
نشأته:
نشأ الشيخ مقبلا على طلب العلم وتحصيله، فتلقى مبادئ العلوم بمسجد القرية بالغمارة، هذا الخير الذي دخله وهو لا يتجاوز سن الخامسة من عمره؛ حيث تعلم على يد إمام المسجد آنذاك الشيخ محمد بن عبدالرحمان.
ومما ساعده في تحصيله وتفوقه ظروف نشأته الأسرية، حيث ترعرع في وسط علمي مشهود، فكان أبوه عبد الله من حملة كتاب الله، وكان عمه أيضا إماما ومعلما بمسجد القرية، بينما كان خاله المهدي فقيها وصوفيا من أعيان عصره بقصر بني "اللو" ببودة، وفي هاته الفترة القصيرة جدا من عمره تمكن من متون الفقه والنحو والتوحيد كالرسالة والألفية.
ولقد كان لكل ذلك الأثر الكبير في نشأته المتميزة، وتربيته الكريمة وإعداده للصبر، والمثابرة في طلب العلم، مما هيأه لتحمل الغربة، ومفارقة الأهل في سبيل التعليم.
وفي نشأته يقول الشاعر أحمد بن عبد القادر الطلحاوي:
ترعرع الشيخ ما بين العلماء ... من أجل ذا نشأ شابا عليما
والده اصطفاه ربنا الكريم ... لحفظ دينه والقرءان العظيم
وعمه كان إمامابالقرية ... يعلم الناس الدروس الدينية
وخاله كان فقيها ورعا ... ما بين هؤلاء قد ترعرعا
حفظ القرءان في سن مبكر عن عمه (قبل الثامنة عشر).
ـ[إبراهيم الجزائري]ــــــــ[16 - 07 - 08, 03:28 م]ـ
رحلاته في طلب العلم:
من المعروف أن العلم لا يؤخذ بالتمني، بل يؤخذ بمجالسة العلماء والفقهاء ومغالبة الرجال والمجتهدين، بل وقطع الفيافي والبوادي من أجل التعلم والتحصيل.
وهو الأمر الذي دفع بالشيخ محمد بلكبير منذ أن بلغ ريعان شبابه أن ينتقل من مسقط رأسه باحثا عن المزيد من العلوم، ومتعرفا على شيوخ زمانه، الذين كان لهم السبق آنذاك في شتى علوم الدين والدنيا، ومن ثمة وصل إلى مدن العلم وحواضره.
الشيخ في تمنطيط:
لقد كانت تمنطيط ولا زالت عاصمة للعلم في إقليم "توات"، بل ومنبعا لا ينضب وهو الأمر الذي دفع عبد الله والد الشيخ محمد بلكبير إلى إرساله برفقة خاله محمد بن المهدي إليها، هذا الخيِّر الذي قال له عند توديعه: "يا بني إذا كنت للعلم طالبا، وللخير سائلا، فليس لك بدٌ من الوقوف والجلوس عند بحر البحور، والنزول عند عالم الأعلام، تستفيد من معارفه وتغرف من كمالاته".
وقد كان يقصد بكلامه الشيخ أحمد ديدي – فقيه زمانه - الذي تولى تعليم محمد بلكبير بتمنطيط.
ولما دخل الشيخ محمد بلكبير الزاوية البكرية افتتح مختصر خليل وجعل فيه وقفتين، الأولى في البداية، والثانية في باب البيوع.
ومع ذلك لم يتمكن من حفظه في سنة واحدة - كما أشار عليه والده - فعاد واستأذن والده رحمه الله، فأذن له بسنتين إضافيتين لأن المختصر (مختصر خليل) كان يحفظ في ذلك الوقت في أربع سنوات.
وفي هذه الفترة يقول الشيخ رحمه الله: أن الشيخ أحمد كان يحبه، وكان يجلسه بجواره، ويضع ركبتيه عليه دوما أثناء التدريس.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/385)
تلقى الشيخ بتمنطيط ما قدر الله له من العلوم الشرعية والعربية، من توحيد وفقه وحديث وتصوف وتفسير وآداب ونحو ولغة وصرف على يد العلامة الشيخ أحمد ديدي عالم وقته ومصباح زمانه، حيث مكث عنده ثلاث سنوات، كانت بأيامها ولياليها ميدانا فسيحا للعمل المتواصل، تقدر حصيلتها بثلاثين سنة – فيما بعد - لأن مواهب الإله لا توزن بمقاييس ولا تقدر بأزمان؛ حيث انتهى الشيخ في هذه المدة الوجيزة من دراسة الفقه المالكي بالأمهات، والتوحيد بالأدلة والبراهين، والنحو والصرف، واللغة مع سرد وشرح صحيح البخاري.
وأثناء هذه المرحلة كانت له اتصالات متعددة بعلماء وقضاة المنطقة مثل: عبد الكريم الفقيه البلبالي (بني تامر)، والشيخ بوعلام (ملوكة) والشيخ القاضي (محمد بن عبد الكريم البكري ابن عم الشيخ أحمد ديدي)، وغيرهم من علماء الإقليم للمذاكرة معهم والاستفادة منهم والبحث في المشكلات العلمية التي قد لا يتمكن من مراجعة الشيخ أحمد فيها، مما وسع معارفه وجعله على دراية واسعة بالنوازل والفتاوى التي وقعت في الإقليم إلى أن صار متمكنا راسخا، طوداشامخا.
وفي رحلته إلى تمنطيط يقول الشاعر أحمد بن عبد القادر الطلحاوي:
وعند ما بلغ الشيخ سن الرشاد ... خرج صحبةخاله من البلاد
واتجه نحو ديار تمنطيط ... وكانت قبلة للعلم والتخطيط
لشيخه سيدناأحمد بن ديدي ... شيخ تمنطيط بلا تردد
منه تعلم ثلاث سنوات ... لكنها كانت لهكالعشرات
الشيخ في تلمسان:
بعد ثلاث سنوات من الجد والكد في تحصيل المعرفة، عاد بلكبير إلى أبيه ليستأذنه في الذهاب إلى فاس ليتم دراسته في جامع القرويين، فلم يأذن له ولكنه أذن له في الذهاب إلى تلمسان للأخذ من الشيخ عبدالرحمان بن بوفلجة، هذا الأخير الذي كان عالما زاهدا ورعا، عارفا بعلوم الشريعة.
ونذكر هنا أن الشيخ محمد بلكبير لم يكن لديه المبلغ الكافي ليذهب به إلى تلمسان إلا ما جاد به عليه شيخه أحمد ديدي، والمتمثل في 150 سنتيم (30 دورو)، وهو المبلغ الذي استعمل جله للوصول إلى تلمسان، ولم يبق منه إلا 20 سنتيم أهداها إلى شيخه عبد الرحمان بن بوفلجة.
ولقد كان للشيخ محمد بلكبير اتصالات بعلماء تلمسان، كما كانت له رحلة إلى المغرب الأقصى، زار فيها جامع القرويين بفاس، واتصل بعلمائه واستفاد منهم.
وبعد أن أخذ بغيته من الشيخ بوفلجة، واشتهر أمره بالمنطقة طلب منه أن يشتغل بالتعليم القرءاني، والإرشاد بناحية العريشة ثم بالمشرية.
وبقي محمد بلكبير ما بين تلمسان والعريشة والمشرية خمس سنوات، تزوج خلالها وأنجب بنتا ماتت وهي طفلة.
وقد تخرج على يديه في تلك الفترة أئمة وفقهاء ومعلمين وغيرهم.
وفي رحلته إلى تلمسان يقول الشيخ أحمدبن عبد القادر الطلحاوي:
واتجه نحو ديار تلمسان ... لأجل التزود بتفاسيرالقرءان
والتقى بالشيخ سيدي عبد الرحمان ... بن بوفلجة شيخ ديار تلمسان
من دريةالشيخ سيدي أحمد بن موسى ... وكان للشيخ جليسا أنيسا
ومعه راجع شرح خليل ... كذاالتفاسير بالنص والدليل
ـ[إبراهيم الجزائري]ــــــــ[16 - 07 - 08, 03:37 م]ـ
الشيخ في تيميمون:
عاد الشيخ من تلمسان إلى مسقط رأسه "بودة" استجابة لدعوة والده الذي بعث في طلبه بعد أن أحس بالتعب والوهن.
وما إن استقر محمد بلكبير في بودة حتى علم به بعض أعيان تيميمون فطلبوه ليكون معلما عندهم للقرءان والفقه والعلوم الشرعية، وذلك سنة 1943م.
فكان يلقي الدرس ضحى لأعيان المنطقة، ثم بعدها يلقي درسا آخر للصغار، وقد اتبع في ذلك خطوات للتدريس وهي: قراءة القرءان في الألواح - قراءة القرءان الكريم جماعة - (الحزب الراتب) بعد صلاة المغرب- تدريس علم التجويد وعلم الضبط - تدريس علم التفسير - إلقاء دروس في السيرة النبوية - قراءة المتون في الألواح وجماعة يوم الأربعاء - إلقاء دروس الفقه للتجار والطلبة الصغار الداخليين.
ومن المتون التي كان الشيخ يلقي بها دروسه وكان يحث طلبته على حفظها:
- متون التوحيد: السنوسية – الجوهرة - الأوجلي- إضاءة الدجنة في اعتقاد أهل السنة (وكلها على معتقد الأشاعرة).
- متون الفقه: المرشد المعين – العبقري - أسهل المسالك - رسالة ابن أبي زيد القيرواني - مختصرخليل (وكلها في الفقه المالكي).
- متون اللغة: الأجرومية - مُلحة الإعراب - ألفية ابن مالك.
- متون الأدب: سراج طلاب العلوم - نصيحة الهلالي - نصيحة الشباب والهدية. وغيرها
ومن بين الطلبة الذين درسوا على يد الشيخ في مدرسة تيميمون:
عمار أقاسم - والحاج سالم بن إبراهيم (الخليفة الروحي للشيخ ومؤسس مدرسة للتعليم الشرعي بآدرار وعضو المجلس الإسلامي الأعلى) والحاج عبد القادر أخ الشيخ بلكبيروغيرهم.
وقد مكث الشيخ في تيميمون حتى أواخر سنة 1948م، وما عرفه أهل المنطقة إلا رجلا ورعا زاهدا عما في أيدي الناس، محبا وأخا كريما ومدرسا ومفتيا، ومصلحا بين الناس، لا يمل ولا يكل في الاجتهاد وطلب العلم.
ونذكر هنا أن مدرسة تيميمون قد تم غلقها بدفع من السلطات الفرنسية سنة 1948م، والتي ساهمت في خلق شقاق بين الشيخ محمد بلكبير من جهة وأعيان منطقة تيميمون من جهة أخرى، بعد أن تمت مقاضاة أحد مساعدي الشيخ بلكبير - ظلما - من طرف السلطات الفرنسية في قضية مشهورة.
وهو الأمر الذي جعل الشيخ يقسم ألا يبقى في بلد يسجن فيه العلماء فعاد إلى بودة (لغمارة) في أواخر سنة 1948م وعاد معه الطلبة الذين درسوا عنده في مدرسة تيميمون، نذكر منهم على الخصوص لا الحصر: أخوه الحاج عبد القادر والحاج سالم بن إبراهيم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/386)
ـ[إبراهيم الجزائري]ــــــــ[16 - 07 - 08, 03:51 م]ـ
شخصيته:
إن الحديث عن الشيخ بلكبير هوحديث عن شخصية فذة وفريدة من نوعها وكأن الله قد خلقه لأمر عظيم وهيأه لخطب جسيم، فأولع في نفسه حب العلم والتعلم وأهلهما.
وقد كان آية في الحفظ والأخذ عن المشايخ، حتى فتح الله له أبواب العلم والمعرفة، ويسر له خزائنها، فكانت بين يديه مفاتيح علوم شتى من علوم الدين والدنيا.
ملامحه:
كان الشيخ رحمه الله له من المهابة والشموخ ما يجعل منه طودًا لا تزحزحه الرياح، حتى أنه ليخيل لمراقبه تلك العظمة المشرقة والمتزينة بأنوار الزهد والعطاء.
فكان رحمه الله أبيض اللون يشوب بحمرة ربعة، لا هو بالطويل ولا بالقصير - وهو إلى القصر أقرب - أبيض الشعر، جميل المنظر، عذب الكلام، ثاقب البصيرة، سريع الفهم، هادئ الطبع، قوي الشكيمة لايخاف في الله لومة لائم.
مذهبه في الفقه:
لقد عرف على أهل المغرب العربي أنهم مالكية المذهب، وذلك منذ عصر المرابطين أين انتشر هذا المذهب في مختلف ربوع بلاد المغرب، وهو ما جعله يتأصل بين الفقهاء وعلماء المنطقة الذين بادروا إلى تعليمه وشرحه بل والإفاضة فيه بالكتب والمخطوطات والتفاسير والمتون.
وهو الأمر الذي جعل الشيخ يبادر إلى دراسة هذا المذهب منذ نعومة أظافره، وذلك على يد معلمين ومربيين من شيوخ المنطقة التواتية.
ولهذا فالشيخ كان مالكي المذهب، درس الفقه المالكي وتبحر فيه حتى أفاض على طلابه بزبدة هذا المذهب من شروح وتفاسير في مختلف الأمور الفقهية.
لكنه لم يغفل عن دراسة بقية المذاهب، بحكم الاجتهاد والبحث والتقصي مما مكنه من الوقوف على أهم مشكلات عصره وزمانه في المسائل الدينية ذات الاتجاه الفقهي، بل وكانت له فتاوى واجتهادات شخصية تجعله في مصاف العلماء.
ومن الأمثلة على تلك الفتاوى، ما قاله عندما سئل عن السدل والقبض:
"ينبغي ألا ينكر السادل على القابض ولا القابض على السادل، وإذا وجد القابض جماعة يسدلون سدل، وإذا وجد السادل جماعة يقبضون قبض حتى لا يلفت أنظار الناس إليه، ولا توضع له علامة استفهام، ولا ينبغي للمسلمين أن يختلفوا ويتجادلوا في مسألة مثل هذه، ومن العار والفضيحة أن يقتتل المسلمون أو يتقاطعوا أو يتدابروا من أجل سنة أو مندوب؛ فالسنة سنة والمندوب مندوب والفتنة حرام وعواقبها وخيمة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الفتنة نائمة ملعون من أيقظها".
أخلاقه:
لقد اجتمعت الآراء واتفقت على أن أخلاق الشيخ محمدبلكبير رحمه الله كانت مستمدة من أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم، وهو ما أكده لنا الشيخ أحمد حفاري بقوله: "إن أخلاق الشيخ كانت مستمدة من أخلاق النبي صلى الله عليهوسلم، من حلم وكرم وعلم وعمل ووقار وخشية لله عز وجل وزهد".
بينما يقول الشيخ الحاج المهدي رابح: "كان الشيخ محمد بلكبير متخلقا بخلق القرءان والسنة".
ونلتمس ذلك من خلال تلك الآثار التي كانت تشاهد عليه من ورع وتواضع وزهد.
وتلك آثارنا تدل علينا ... فاستدلوا علينا بالآثار
في أحد الأيام كان الشيخ محمد بلكبير رحمه الله جالسا كعادته مع الضيوف والزائرين فدخل عليه زائر بيده 10 ألف دينار جزائري، فأهداها له بيده اليمنى، ولما أخذها الشيخ أهداها بدوره إلى شخص كان بجانبه من المتوسلين بدون أن يعلم كم هو المبلغ الذي كان قد قدمه له الزائر، وهناك تتجسد أخلاقه المستمدة من القرءان الكريم والسنة مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم: "ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما أنفقت يمينه".
ومن هذا وذاك كان رحمه الله عالما زاهدا صاحب عزيمة وشكيمة، شهما هماما، محترما، منصرفا عن ما لا يعنيه إلى ما يعنيه، صاحب سماحة، وأخلاق عالية، ورحب الصدر، لا يؤخذ بالذنب ولا يعاتب لا باللسان ولا بالقلب، مفرجا على من سأله الكرب، ضحوكا بشوشا غنيا بإيمانه قويا بحلمه سيدا مهابا، ناطقا بالحكمة والصواب، يحترمه الكل، هكذا عاش وعلى هذا مات.
وخيرمثال على جوده وكرمه ما قاله الشيخ أحمد بن عبد القادر الطلحاوي:
كرم الشيخ ليس له نظير ... في عصرنا فاسأل الخبير
فكل من أتى إليه يطلب ... شيئا من الدنيا تراه يعجب
لأنه يعطيهم بلا حساب ... ولا يرد سائلا على عقاب
فيده اليمنى تعطي بلا حساب ... ودنيانا عن قلبه لها حجاب
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/387)
وطالب العلم معفى من الإنفاق ... وشيخنا يزيده من الأنفاق
ما يشتري به مطالب الحياة ... من اللباس والكتب والأدوات
إنفاقه في اليوم يفوق كل تقدير ... عناية الله تعم أهل الخير
يتبع
ـ[إبراهيم الجزائري]ــــــــ[19 - 07 - 08, 07:18 م]ـ
أرجو من المشرف - إن أمكن - أن يجعل العنوان: "ترجمة وافية عن حياة الشيخ محمد بلكبير رحمه الله"
ـ[إبراهيم الجزائري]ــــــــ[19 - 07 - 08, 07:28 م]ـ
نشاطاته وأعماله الإصلاحية:
مما لا شك فيه أن الله قد خلق الإنس والجن لعبادته، وحسن طاعته بدليل قوله تعالى: "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون". وهو الأمر الذي جعل الإنسان بصفته سيدا للمخلوقات، مسخر العبادة لخالقه، سواء بتأدية الواجبات، والامتثال للأوامر والنواهي الإلهية، أوعن طريق العمل من أجل فائدة المجتمع والإنسانية. أي بمعنى آخر الإسهام الايجابي في المجتمع بواسطة ما يقدمه هذا الفرد من نتاج مادي أو فكري أو عملي لمجتمعه الذي يعيش فيه.
وعليه سوف نتناول في هذا الفصل تلك النشطات والأعمال والإصلاحات التي قدمها الشيخ محمد بلكبير للمجتمع التواتي بشكل خاص وللمجتمع الجزائري بشكل عام.
مساهمته في الجزائر ما قبل الاستقلال:
أ- بناء المسجد الكبير:
عاد الشيخ محمد بلكبير إلى مسقط رأسه بودة، قافلا من مدينة تيميمون بعد حادثة غلق المدرسة التي تناولاها سابقا وذلك سنة 1948م ومن ثمة واصل من قلب بيته مسيرته الجهادية ضد الجهل والتخلف رفقة أتباعه من رواد العلم والمعرفة، وبعد سنتين من ذلك تحديدا سنة 1950م اِنتبه له بعض المحسنين من أعيان مدينة أدرار، وفكروا في بعث مدرسته من جديد، وهذه المرة في قلب الإقليم التواتي "أدرار".
ويتحقق الحلم، وتنتقل الجماعة لاستشارة شيخه أحمد ديدي بتمنطيط في أمر تنقله إلى مدينة أدرار، وتتم الموافقة بينهم أخيرا لينتقل الشيخ إلى تلك المدينة، ويؤسس بها مدرسة قرءانية في المنطقة والتي سيكون لها بعدا تاريخيا ومعرفيا مجيدا وذلك سنة 1950م.
ومن المعروف خلال هذه الفترة أنه قد خضع إنشاء المساجد إلى رقابة كبيرة من طرف السلطات الاستدمارية الفرنسية، نظرا لأهميتها في بعث روح الثروة والجهاد ضد الفرنسيين.
وقد ارتبط المسجد منذ إنشائه بالزاوية حيث كان مركزا حيويا بالقصر كما هو الشأن بالمدينة الإسلامية، حيث يعتبر مدرسة تدرس بها العلوم الدينية والدنيوية، ويعتبر أيضا جزءًا من الزاوية التي تهتم بالشؤون التنظيمية والاجتماعية بالنسبة لسكان القصر.
وهو الأمر الذي جعل مسجد محمد بلكبير بعاصمة الولاية أدرار من أعظم المساجد والمعالم التي أسست بتوات؛ حيث كان المسجد الكبير بأدرار يقع بالقرب من قصبة القائد، وهو بذلك يأخذ موقعا استراتيجيا.
وقد عمل الشيخ محمد بلكبير مؤسس الزاوية التي يعتبر المسجد الجزء المهم منها على تطويرها، وما هي إلا فترة زمنية قصيرة حتى أصبحت الزاوية ذات تأثير قوي، وتعدى بعدها حدود المنطقة والوطن، وتجدر الإشارة إلى أن الشيخ تولى الخطابة والإمامة، وتعليم القرءان الكريم، وكان السيد الحاج عبد القادر والحاج سالم بن إبراهيم من أوائل الطلبة الذين افتتحت بهم مدرسة أدرار الجديدة، وهم من الطلبة القدماء.
وابتدأ الشيخ مرحلة جديدة من حياته في عالم تحفه المخاطر والصعوبات معتمدا على الواحد القهار، لا يملك ضياعا ولا بساتين ولا أموالا ولا شيء، إنما كان يملك الثقة بالله والتوكل عليه، والأنس به، فأمده الله بالمال والبنين، وحفظه من شر وكيد حساده وأعدائه لا سيما وأن البداية كانت في وقت الاستدمار الفرنسي، لكن عناية الله كانت أقوىوأقدر.
وإذا العناية لحظتك عيونها ... نم فالمخاوف كلهن أمان
ومن الأعيان الذين كان لهم الفضل في إنشاء المسجد الكبير ومدرسة الشيخ محمد بلكبير بأدرار نذكر منهم على سبيل الذكر لا الحصر: محمد أقاسم والحاج كبويا ومولاي المهدي.
وفي إنشاء مدرسة الشيخ محمد بلكبير بأدرار يقول الشيخ أحمد بن عبد القادر الطلحاوي:
وهكذا انتقل الشيخ لأدرار ... وفتح المدرسة دونما انتظار
وقدم الطلاب من كل الجهات ... وخاصة من تيميمون وتوات
بـ- موقفه إلى جانب المجاهدين:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/388)
كان الشيخ يعمل على نصرة المجاهدين وزرع روح الثقة والنصر والثبات ويحثهم على الصبر وتحمل المشاق والصعاب، كما كان يطعم موفدهم، بل إن جميع المجاهدين الذين كانوا يقدمون إلى أدرار كان بيته مأوى لهم، وهم ضيوف عنده طوال مدة إقامتهم بالولاية، وقد كان أغلبية الوافدين من الولايتين السادسة والخامسة، ليس هذا فحسب بل إن الشيخ كان عضوا في المجلس الشوري للمجاهدين.
ومن المجاهدين الذين قدموا إليه "الشريف بن مسعدية" رحمه الله و"الدراية أحمد"، وكان تنظيم الشيخ مقتصرا على منطقة الجنوب القائمة على الحدود التي كانت قيادتها في مالي.
ومن أبرز المناضلين آنذاك في مدينة أدرار نجد: "مولاي الطيب"!؟ هذا الرجل الذي أعان المجاهدين بأمواله ونفسه، كان صاحب فضل ومزايا كبيرة رحمه الله، ومن المجاهدين أيضا الحاج "أحمد أقاسم، الحاج أحمد كبويا، الحاج قريدة والحاج الشيخ بن عامر السويسي".
ونذكر هنا أن الحاج "أحمد أقاسم" كان له دور كبير في المنطقة، حيث كان يدفع الاشتراك – ضرائب على الرقاب - عن المسلمين ويحميهم، كما كان معينا لذوي الحاجة منهم وهذا إلى جانب مولاي الطيب.
وكان الشيخ محمد بلكبير يربي في مدرسته الأجيال الصاعدة، تلك الأجيال التي تؤثر الموت على الحياة، بل وتحمل راية الإسلام والعروبة ضاربة بعرض الحائط ثقافة الفرنسيين ولغتهم. ومن ثمة فهؤلاء كانوا يحملون لغة القرءان ودين القرءان، وثقافة القرءان التي حاول الشيخ وعلى مدى سنوات أن يغذي بها طلبته.
وكذلك لا يمكننا إهمال الدور الذي لعبه الشيخ في تغذية المجاهدين بالعلم والحكمة والصبر وكان دوما كريما معهم فيما يحتاجونه. كما كان الشيخ يعمل على عدم إعطاء الفرصة لغلق المدرسة الدينية من طرف المستدمر الفرنسي.
وفي الحقيقة لم يكن يداهن ولا يماري معهم، بل كان رجلا صادقا مع الله صلبا في دينه، يحمل شجاعة الأبطال من الرجال، فهو يرى نفسه في ميدان حرب مع أعداء شتى، ولا بد من سلاح نافذ قادر على تحطيم قوى أعدائه، فكان سلاحه تقوى الله عز وجل مصداقا لقوله تعالى: "ومن يتقِ الله يجعلم خرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب، ومن يتوكل على الله فهو حسبه، إن الله بالغ أمرَه، قدجعل الله لكل شيء قدرا"
ومن هنا فقد قيض الله له "الشرطي" الهاشمي دينار الذي كان يأتيه بالأخبار ويرد عنه كيد المستعمر، ويحميه ويحمي المدرسة من التفتيش والغلق، ومع ذلك فقد قامت السلطات الاستعمارية باعتقال الشيخ في إحدى المرات، وأُجري له استنطاق إلا أنه أطلق سراحه بعد تجمع الأهالي حول الثكنة العسكرية التي كان يستجوب فيها.
ـ[إبراهيم الجزائري]ــــــــ[24 - 07 - 08, 01:27 م]ـ
مساهمته في الجزائر المستقلة:
بعد سنة 1962م تمكن الشيخ من توسيع نضاله ومواصلة جهاده، حيث لم يخلد للراحة كغيره من المجاهدين، ولم يبحث عن المناصب في جهاز الدولة، بل كان يرى أن الجهاد متواصلا مادام على ظهر البسيطة، وأنه قد خرج من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر، وبذلك اتسع نطاق المدرسة وزاد عدد الطلاب وتعدد المعلمون والمدرسون، وكثرت المرافق والمراقد والمحاضر، وأنشأت بيوت خاصة للضيوف حتى علا شأن المدرسة بين الخاص والعام وغدا من كان مصدر أذية له بالأمس القريب من المبادرين الأوائل في محبته والذود عنه.
ونحن عندما نتحدث عن مدرسة الشيخ نتحدث عن بيت زاره الرؤساء والأمراء والوزراء، وغيرهم من الحكام وأرباب المال والأعمال، وحتى السياسيون ورؤساء الأحزاب وساسة البلاد، بل وتوافد الناس إليه من كل حدب وصوب لكلٍّ غرضه ونيته فينزل كلاً بمنزلته ومكانته.
وهنا لابد من التأكيد على أنه كان للفقراء والمساكين مكانة خاصة في قلب الشيخ.
أ-الشيخ وطلبة العلم:
قال تعالى: "إنما يخشى الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور" الآية 28 من سورةفاطر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/389)
وبهذا قد كان من أحب الخلق إلى الشيخ طلبة العلم، هؤلاء الذين لم يكن يرضَ أن ينطق فيهم بكلمة سوء؛ حيث يُروى عنه أنه جاءه رجل فقال له: يا سيدي إن الطلبة كثر عددهم، فاتخذ عليهم حراسا يحرسونهم. فقال له الشيخ: هل أحصيت كم عددهم؟ فقال الرجل: نعم، فقال له: كم؟، فأجاب: 400 طالب أو يزيدون. فقال له الشيخ: أيمكن أن يصلح وينجح منهم أربعة؟!!! قال الرجل: نعم. فقال الشيخ: إن صلح من كل مئة طالب، طالبا واحدا يكفيني ذلك. فسكت الرجل.
وجاء غيره إلى الشيخ وقال: يا سيدي إني وجدت بعض الطلبة في مواطن السوء، فكان رد الشيخ بكل حنكة وحكمة بقوله وأنت ماذا كنت تصنع هناك.
وهو ما يفسر تلك المحبة التي كانت تجمع الشيخ بطلبة العلم حتى قيل أن الشيخ محمد بلكبير كان يعتبر طلبة العلم "مثل أبنائه أو أعز من ذلك".
حيث يروى أن شخصا جاء بسيارة فخمة إلى الشيخ بلكبير فقدمها له [كهدية] وهو يدرس تلاميذته، فقال لهم: من يريد منكم سيارة وها هو مفتاحها. فاستحيا التلاميذ من ذلك، فرفع أحد الأشخاص أصبعه وظن أن الشيخ يمزح معه فقط، فقال له الشيخ محمد بلكبير: خذها فهي لك مباركة طيبة.
ومن أهم الوصايا التي كان يوصي بها الشيخ تلامذته أنه كثيرا ما كان يحذرهم من الإمعة والانسلاخ من الذات، وكثيرا ما كان يردد "العربي زينته العمامة ... وشَعر الوجه له علامة"، وكان يحث على التمسك بالدين والتضحية في سبيله ونشره، ويحذر من كل ما من شأنه أن يجعل المسلم أو الشاب بعيدا عن دينه. [وسنفرد مبحثا لأهم وصاياه رحمه الله]
بـ- رئاسته للمعهد الإسلامي بأدرار:
في سنة 1964م اقترح مفتش وزارة الأوقاف السيد قصيبة - وكان حينها مفتشا بولاية الأغواط - على الوزارة إنشاء معهد إسلامي يكون مقره مدرسة الشيخ، والشيخ بلكبير مديرا له، هذا ماحدث بالفعل عندما نصب الشيخ مديرا للمعهد، وجيء بالأساتذة من مصر [الحبيبة] وبعض الأقطار العربية. ومع هذا كله فقد بقيت نفقة الطلبة من مأوى ومأكل على حساب الشيخ، ومن بين الأساتذة الذين ساعدوا الشيخ في إدارة المعهد نجد الأستاذ "حساني حسان" السوري الأصل الذي كان متجها في بادئ الأمر إلى دولة مالي، إلا أن الشيخ محمد بلكبير ارتأى أن يبقى معه معينا له في إدارة المعهد والتدريس، مقابل أن يصرف له الأجرة التي يطلبها، وهو ما تم فعلا بعد موافقة الأستاذ.
جـ- إصلاحاته:
إنه مما لاشك فيه أن المستدمر الفرنسي عمل على طمس هوية المجتمع الجزائري بل وانسلاخه من قيمه وتقاليده المقتبسة من الإسلام والعروبة، وذلك عن طريق زرع بعض الأفكار والشوائب التي ما أنزل الله بها من سلطان، والتي انتشرت في المجتمع التواتي كما ينتشر المرض المعدي في البيت الواحد؛ نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: انتشار الأضرحة العالية والتمييز العنصري والابتعاد عن بعض قيم الإسلام الحنيف.
وهو ما دفع الشيخ إلى محاربة هذه الآفات، ومعالجة هذه الأمراض داخل المجتمع التواتي بشكل خاص والمجتمع الجزائري بشكل عام.
جـ-1 - في الجانب الديني:
ـ[إبراهيم الجزائري]ــــــــ[26 - 07 - 08, 03:18 م]ـ
جـ-1 - في الجانب الديني:
مما لا يخفى على أحد أن الجانب الديني يشمل علوم الدين من فقه وعبادات ومعاملات، إلى جانب مدى امتثال واهتمام أفراد المجتمع بأمور دينهم. ومن هنا فقد كانت إصلاحات الشيخ في علوم الدين تتمثل في تدريسها بطريقة سلسة مارّة إلى الفهم، وأبعد ما تكون عن تلك الألغاز المقفلة.
كما كان الإصلاح الديني للمجتمع التواتي ضرورة تفرضها ظروف الزمن والمكان، وهو ما تجسد في تلك المجموعات من الطلبة الذين تخرجوا من مدرسة الشيخ محمدبلكبير متجهين إلى مختلف مناطق القطر الجزائري، وإقليم توات خاصة، حيث أن المجتمع التواتي يعج بكثير من البدع والخرافات نتيجة للجهل المنتشر.
وهنا ركز الشيخ على الإرشاد وتعليم المجتمع، من أجل ترك جل الموروثات الجاهلية التي كانت جزءا منكيانه، بتزويد المنطقة بقدرات وكفاءات تعمل على تثبيت دعائم الدين الإسلامي الحنيف، وتبعث عن الطمأنينة والاستقرار، وهنا نضرب مثالا على ذلك في "قصر المطارفة" [وهي قرية صغيرة جدًا] يوجد بها أكثر من 20 طالبا "إماما" تخرجوا على يد الشيخ محمد بلكبير.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/390)
أما على المستوى الوطني فقد أثرت هذه الكفاءات في المحيطات الموجودة بها بحيث حفظت للشعب الجزائري الملتف حولها المرجعية الدينية المتمثلة في المذهب المالكي.
جـ-2 - في الجانب الاجتماعي:
لقد كان من بين الأهداف والغايات الكبرى للشيخ أن يسهم في بناء مجتمع ملؤه الإسلام وفكره الإسلام ولغته العروبة، مبني على المحبة والمساواة والأخوة، إلا أن ذلك لم يتسنّ له إلا بالعمل الدؤوب والإرادة القوية من أجل الإصلاح والبناء، ومن ثمة فقد عمل الشيخ على إصلاح المجتمع التواتي عن طريق:
1 - لم شمل القبائل المتنافرة: حيث كان المجتمع عبارة عن شتات من القبائل كل واحدة متمسكة بمبادئها ولا تكاد تنفتح على غيرها من القبائل الموجودة حولها. إلا أن الشيخ عملعلى جعل هذه القبائل في بوتقة واحدة متعاونين متحابين.
2 - محاربة التمييز العنصري والتسوية بين المسلمين: فقد كان من بين المخلفات التي تركها الاستدمار زرع الشقاق بين أفراد المجتمع الواحد عن طريق عدم التسوية بينهم وتفضيل بعضهم على بعض من خلال تفضيل الأبيض عن الأسود، وهنا كان عمل الشيخ ينصب على التسوية بين الناس من خلال التوعية الدينية وتعليم الأجيال وتثقيفهم بتعاليم القرءان الكريم والسنة النبوية.
3 - محاربة البدع والخرافات: التي كانت موصلة بالإنسان إلى الشرك مثل الطلب من الأولياء وتقديسهم وإعطائهم أكثر مما أوجب الله علينا اتجاههم والذبح لهم، حيث كان الناس يذهبون إلى أضرحة الأولياء ويرجون منهم الرزق والصلاح والفلاح أي يجعلونهم واسطة بينهم وبين الله عز وجل.
وهنا عمل الشيخ على إرشاد وتوعية المجتمع من خلال تعليمه لعقائد الدين الحنيف وتوجيه المجتمع إلى نبذ تلك الأفكار والمعتقدات الغريبة عن الإسلام والمسلمين.
4 - محاربة أشكال الفساد: مثل شرب الخمر والزنا والسرقة. وهنا عمل الشيخ على التوعية والموعظة والتنبيه بمخاطر هذه الآفات على المجتمع وتبين عواقبها الدنيوية والأخروية، كما عمل على غلق محلات الفساد وبيع الخمور بشتى الوسائل والطرق، حيث لا يزال إقليم توات ومن ورائه ولاية أدرار لا يحوي على محل واحد لبيع الخمور [والحمد لله].
وهنا نذكر أن الشيخ قد وقف أمام أحد المشاريع الذي يقضي بإقامة محل لبيع الخمور بقصر "أولاد إبراهيم"واستعمل نفوذه في منع ذلك وهو ما تم فعلا.
5 - الدعوة عن طريق الموعظة الحسنة: وهو ما أكسبه حب المجتمع التواتي بكل شرائحه حيث اقتبس ذلك من القرءان الكريم والسنة النبوية الشريفة، قال تعالى: {أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين}
ويتضح ذلك جليا في تلك الرواية التي تروي قصة أفراد فرقة غنائية تعودوا على إقامة حفلاتهم بالقرب من مدرسة الشيخ، الأمر الذي كان يشكل مصدر إزعاج لطلبة المدرسة، فطلب التلاميذ من الشيخ محمد بلكبير أن يدعو عليهم بالسوء فكان رده أن قال لهم: "اِرفعوا أيديكم" ودعا لأفراد الفرقة بعكس ما كان ينتظرونه منه؛ أي دعا لهم بالخير، فكان رد هؤلاء أي أعضاء الفرقة بعد سماعهم ما حدث أن تركوا تلك الأفعال الطائشة وأصبحوا من رواد حلقة الدرس في مجلس الشيخ ومن عمار بيت الله.
6 - محاربة الجهل والأمية: لقد كان المجتمع بعد بزوغ فجر الاستقلال أميا بدرجة كبيرة تنتشر فيه أشكال الجهل والأمية، وذلك نظرا لتلك السياسة التي انتهجها المستدمر الفرنسي في الجزائر والقائمة على ضرورة تجهيل المجتمع الجزائري وطمس شخصيته العربية والإسلامية.
ومن ثمة فقد عمل الشيخ محمد بلكبير على نشر العلم والمعرفة وتعليم شرائح المجتمع بديهيات الكتابة واللغة العربية، بل وتزويدهم بمعارف تعود عليهم بالفائدة في الدنيا والآخرة، وذلك عن طريق الصرح العظيم المتمثل في مدرسة "الشيخ بلكبير" التي انتشر صيتها داخل إقليم توات وخارجه منذ إنشاءها.
وقد عملت هذه المدرسة على تعليم الصغار والكبار معا، تحت شعار "العلم نور والجهل ظلام"، وهو ما عاد على المجتمع التواتي بالخير والرقي والازدهار خاصة وأنها مفتوحة لكل طبقات المجتمع من فقيرهم إلى غنيهم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/391)
7 - تكوين جملة من الكفاءات والأئمة والخطباء: يعملون على تربية المجتمع وإصلاحه وتوجيهه نحو وجهة الإسلام والعروبة، وهو ما تجسد في تلك الدفعات التي تخرجت على يد الشيخ محمد بلكبير والتي انتشرت في كافة أرجاء القطر الجزائري إن لم نقل تعدت الحدود إلى مختلف بقاع العالم. وهو ما نستخلصه عندما سأل باحث مصري الشيخ محمد بلكبير بقوله: لماذا لم تؤلف كتبا بالرغم من شهرتك وقدرتك العلمية؟ فأجاب الشيخ: "لقد كنا مشتغلين بتأليف العقول عن تأليف الكتب"
؛ فهو – رحمه الله - يرى أن تربية العقول وإصلاحها وإعدادها لتحمل الرسالة الاجتماعية والعلمية أولى وأهم من تأليف الكتب.
8 - محاربة التغريب والانسلاخ من الذات: لقد كانت من نتائج التطور الحاصل في وسائل الإعلام والاتصال أن تفتح المجتمع الجزائري عامة، ومن ورائه مجتمع إقليم توات على أفكار الغرب بحلوها ومرها، فابتعد عن شخصيته الجزائرية والعربية الإسلامية: نزع العمامة والعباءة والحجاب، ولبس الموضات الغربية، وتعدى ذلك إلى التقليد الأعمى والانبهار بالغير والانسلاخ من الذات.
وهو الأمر الذي دفع الشيخ إلى تركيز جهوده من أجل المحافظة على ثوابت الأمة من دين ولغة وعادات وتقاليد وذلك عن طريق الوعظ والإرشاد والتذكير بمخاطر الانجراف نحو التقليد. وهو ما يتجسد في تلك المقولة التي طالما كان يرددها: "العربي زينته العمامة ... وشَعْر الوجه له علامة".
9 - محاربة أشكال الظلم والتطرف: مما هو معروف أنه لا يخلو مجتمع من أشكال الظلم الحسي والمعنوي والتطرف الفكري والديني، كما أن الإنسان بطبيعته يميل إلى التسلط وحب الذات وإلى إشباع ميولاته ورغباته وغرائزه بشتى الوسائل والطرق.
وهو الأمر الذي دفع الشيخ إلى العمل المتواصل من أجل محاربة كل أشكال الظلم في المجتمع التواتي، من خلال التربية وإرشاد الغافلين ونصرة المظلومين، بل وحتى التوسط لهم في المصالح المختصة من أجل أخذ حقوقهم إذا انتهكت.
كما عُرف عنه أنه لا يخاف في الله لومة لائم إذا ما انتهكت حقوق العباد من طرف المسؤولين أو أرباب المال والأعمال.
أما التطرف الفكري أو الديني فقد كان نتاج تلك التعصبات المذهبية، وهو ما عانت منه الجزائر في أزمة التسعينات "العشرية السوداء".
وهنا عمل الشيخ على تبيين منهجه المبني على الاعتدال ونبذ التطرف بكل أشكاله، ومن ثمة فقد كان يدعو الشيخ إلى معالجة القضايا السياسية بالحوار والتفاهم وليس بالاقتتال بين أبناء البلد والأمة الواحدة، وهو ما يدعو إليه القرءان والسنة النبوية الشريفة؛ حيث حرم الله عز وجل قتل المؤمن لأخيه المؤمن بقوله تعالى: {ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنمخالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً} الآية 93 من سورةالنساء.
وبذلك فقد عايش الأزمة الجزائرية كما عايشها غيره من أهل الصلاح والورع، حيارى لا يدرون ما يفعلون من غير الدعوة إلى الحوار ونبذ العنف بكل أشكاله.
3 - مكانته العلمية:
ـ[إبراهيم الجزائري]ــــــــ[27 - 07 - 08, 02:44 م]ـ
مكانته العلمية:
لقد تربع الشيخ محمد بلكبير على عرش العلماء في إقليم توات بدون منازع وانتهت إليه رياسة العلم فيه بعد وفاة شيخه أحمد ديدي رحمه الله، وقد برز الشيخ بلكبير في العلوم الشرعية من فقه وتفسير وحديث ... إلى جانب علوم اللغة والأدب العربي من نحو وصرف وبلاغة.
وهو بذلك بحر لا يجارى وإماماً لا يمارى في عصره، بين أئمة وعلماء توات، وقد تميز رحمه الله بقدرته الفكرية وملكاته الذهنية حيث كان يلقي دروسه باسترسال ومن دون إحضار أي كتاب أو النظر فيه وذلك من غير تردد أو تلعثم، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على سعة اطلاعه وغزارة علمه.
حتى أن كبر سنه في أيامه الأخيرة لم يؤثر في ذهنه ولم يعطل من طاقته، فكان بالرغم من ذلك يجيب عن المسائل العويصة بالإجابة الدقيقة التي تشفي العليل وتروي الغليل.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/392)
ومن بين الأمور التي تدل على ذكائه وسعة اطلاعه أنه لما ذهب إلى الحج في حجته الأولى سنة 1953م على متن الحافلة مر على مصر وزار الأزهر الشريف وبقي فيه أسبوعا. وقد التقى الشيخ فيها - أي مصر - بأهل العلم من علماء ومتعلمين والتف حوله طلبة العلم لما رأوا فيه من سيمات العلم البادية، حتى أنهم طلبوا منه درسا وألحوا على أن يكون في شرح (الاخبار بالذي والألف واللام من ألفية ابن مالك)، وهذا الباب معروف بباب امتحان الطالب لصعوبته، إلا أن الشيخ أفاض فيه وأسهل وأفاد.
وهو الأمر الذي جعل علماء مصرَ يحترمون الشيخ بلكبير ويسألون عن أخباره، ومن الأمثلة على ذلك أن الشيخ عبد الحميد كشك كان يسأل كل من زاره [من أهل المغرب] عن الشيخ محمد بلكبير وعن طلبته، حتى أنه أي الشيخ عبد الحميد كشك قد رد بعض الطلبة ممن كانوا يقصدونه للدراسة - وهم من مدينة المنيعة بغرداية - وأمرهم بالرجوع إلى الشيخ محمد بلكبير للدراسة عنده وهو ما تم فعلا.
ومن بين الأمور كذلك التي تدل على بعد نظره، واتساع فهمه، أنه دخل في مناظرة مع أستاذ من الأزهر عن كتب الفقه؛
قال الأستاذ: كتب الفقه كخليل والرسالة التي تدرسونها في بلاد المغرب كلها باطلة ومضيعة للوقت ولستُ ممن يعيرها أي اهتمام، وإنما العلم لا بد أن يكون من الكتاب والسنة النبوية فقط.
فقال الشيخ رحمه الله: إن أعطيتني مسألة واحدة من القرءان والحديث الشريف فقط، من دون الرجوع إلى حافظتك، وإلى كلام الفقهاء، سلمت لك فيما تقول، وأعرضت عن تدريس كتب الفقه هذه وعدت إلى الأخذ من القرءان والحديث النبوي الشريف فقط، فسكت الأستاذ وبهت ولم يزد على ذلك بكلمة واحدة.
ولم تكن هذه المناظرة أول ولا آخر المناظرات، بل كان بلكبير مناظرا بارعا، مدافعا عن كتاب الله وسنة نبيه، بعيدا كل البعد عن الغلو والتشدد في دين الله محبا للعلم والمجتهدين.
ومن أهم التشريفات والمناصب التي تقلدها الشيخ محمد بلكبير رحمه الله نجد:
أ- مشيحة المدرسة: منذ نشأتها سنة 1950م إلى وفاته سنة 2000م، تخرج على يده منها ما يزيد على20 ألف طالب يجوبون بقاع المعمورة كدعاة وأئمة ومعلمين.
بـ- إمام أستاذ ثم رئيس المعهد الإسلامي بأدرار منذ سنة 1964م.
جـ- شهادة تقديرية (ليسانس من وزارة الأوقاف تحت رئاسة أحمد توفيق المدني).
د- شهادة ليسانس أخرى في سنة 1991م.
هـ- شهادة دكتوراه فخرية من جامعة وهران سنة 1997م.
ـ[إبراهيم الجزائري]ــــــــ[27 - 07 - 08, 02:58 م]ـ
خلاصة:
إن الإنسان لا يعرف إلا بمقدار ما يقدمه إلى مجتمعه، أو ما يسهم به داخل هذا المجتمع من أعمال وأدوار ونشاطات، تعود بالفائدة على أفراد هذا المجتمع.
ومن ثمة فقد ساهم الشيخ محمد بلكبير بالنفس والنفيس، من أجل بعث حياة أفضل في المجتمع الذي يعيش فيه ويتأثر به، وذلك من خلال تلك الإسهامات المتناسبة مع المسار الزمني لحياته؛ حيث كانت الانطلاقة في مرحلة الاستدمار الفرنسي ببناء المسجد الكبير الذي انبعثت من جنباته ومن حلقاته أفكار النضال والمقاومة بل والحفاظ على مقدسات الأمة التي حاول المستدمر الفرنسي طمسها والقضاء عليها.
حتى إن الشيخ قد جعل من الجهاد واجبا مقدسا يحتم عليه الوقوف إلى جانب الثورة التحريرية والمجاهدين، بل وتقديم الدعم المادي والمعنوي لأفراد جيش وجبهة التحرير الوطني.
أما في مرحلة ما بعد الاستقلال فقد واصل الشيخ واجبه الجهادي من أجل بناء مجتمع ملؤه الأخوة والمساواة، النابعين من روح الإسلام والعروبة، وذلك من خلال تلك الإصلاحات التي مست الجانبين الديني والاجتماعي، والتي حاول الشيخ أن يجسدها في المجتمع التواتي لما كان يسوده من مفارقات ومخالفات تولدت عن الحقبة الاستدمارية.
وقد ركز الشيخ على الإصلاحات الاجتماعية لما لها من أهمية في بناء شخصية المجتمع وتربيته وتوجيهه، وهو الأمر الذي أكسبه إلى جانب حب الخاص والعام مكانة علمية مرموقة مشهود لها، تؤكدها تلك المواقف والتشريفات التي نالها الشيخ في حياته، وحتى بعد مماته.
بعض مأثوراته:
ـ[إبراهيم الجزائري]ــــــــ[05 - 02 - 09, 01:02 ص]ـ
أخذت مادة البحث أعلاه من موقع ميراث توات ( http://www.taouat.net/home.htm)
ـ[إبراهيم الجزائري]ــــــــ[05 - 02 - 09, 01:08 ص]ـ
أما بعد:
لا بأس أن نعرض أسانيد علم الشيخ رحمه الله ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/393)
سند الفقه:
أخذ الشيخ رحمه الله عن جماعة من الفقهاء والمشايخ، أهمهم الشيخ أحمد ديدي البكري التمنطيطي، عن شيخه عبد الله البلبالي الكسامي، عن الشيخ أحمد الحبيب بن محمد البلبالي الملوكي، عن شيخه عبد العزيز بن محمد بلبالي، عن شيخه محمد بن عبد الرحمن البلبالي الملوكي، عن شيخه عبد الرحمن بن عمر وشيخه محمد بن عبد الله الأدغاغي ثم الوناقالي، عن شيخه عبد الرحمن بن عمر التنيلالي، عن شيخه إبراهيم الجنتوري، عن شيخه أحمد بن عبد السلطان، عن شيخه أبي عبد الله محمد بن عبد العالي، عن شيخه محمد عبد الرحمن، عن شيخه محمد بن أحمد عبد السلطان، عن شيخه محمد بن علي النحوي، عن شيخه عبد الكريم بن محمد التمنطيطي والد الشيخ البكري، عن الشيخ سعيد قدورة الجزائري، عن الشيخ عبد الحكم، عن والده الشيخ عبد الكريم، عن المحقق الشيخ محمد بن عبد الله الدقاق الفاسي، عن الشيخ أحمد الفاتوح، عن الإمام المنوي، عن شيخه أبي بكر بن صرفة، عن شمس الدين محمد بن محمد الغماري، عن الشيخ الشهير العلامة خليل بن إسحاق صاحب المختصر، عن شيخه أبي عبد الله المنوفي، عن الشيخ زين الدين محمد بن محمد بن عبد الرحمن، عن الشيخ يحيى بن الفرج، عن العلامة ابن خلدون، عن الإمام ابن عبد السلام، عن ابن هارون، عن ابن قاسم أمد بن يزيد، عن محمد بن عبد الرحمن، عن أبي عبد الله بن فرج، عن أبي طالب المكي، عن الإمام الشهير شارح مذهب الإمام مالك وجامعه أبي محمد عبد الله بن أبي زيد القيرواني، عن أصبغ بن الفرج، عن أشهب عبد العزيز، عن عبد الرحمن بن القاسم بن خالد العتقي، عن الإمام مالك بن أنس رضي الله عنه ورحمه، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن وعن نافع، وأخذ ربيعة عن أنس بن مالك، وأخذ نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وكلاهما عن سيد المرسلين وإمام المتقين الحبيب الأعظم، سيدنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب عليه من ربه أزكى صلاة وسلام وعلى آله وصحبه.
وكما يظهر لكل ذي عينين أن رجال السلسلة على مذهب إمام دار الهجرة رحمه الله.
سند القرآن الكريم:
أخذ الشيخ القرآن الكريم عن شيخه أحمد ديدي، عن شيخه عبد الله البلبالي، عن شيخه أحمد الحبيب بن محمد البلبالي، عن شيخه عبد العزيز بن محمد البلبالي، عن شيخه محمد بن عبد الرحمن البلبالي، عن شيخه عبد الرحمن بن عمر التنيلالي قال: رويت القرآن العظيم عن الشيخ المقرئ صالح بن محمد السجلماسي ثم اللمطي برواية ورش وقالون؛ إجازة وسماعا للعشرة الأحزاب الأولى برواية قالون بواسطة والده الشيخ محمد المكي، وسماعا منه لبعض الأحزاب برواية ورش أيضا، قال: فأنا أرويه قراءة وإجازة عن أخينا شقيقنا أحمد الحبيب بن محمد اللمطي، عن الشيخ إبراهيم المسكوري، عن الشيخ عبد الرحمن بن القاضي، عن أبي زيد عبد الرحمن الفيلالي، عن الشيخ الشريف المديني، عن الشيخ قاسم بن إبراهيم، عن بن غازي، عن الأستاذ الصغير، عن أبي الحسن بن سليمان، عن أبي جعفر بن الزبير، عن أبي العطار، عن ابن سحنون، عن ابن باقي، عن ابن العرجاء، عن الطبري، عن ابن نفيس، عن ابن سيف عن الأزرق، عن ورش، عن نافع، عن ابن هرمز عن ابن هريرة رضي الله عنه، عن أبي بن كعب، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن جبريل عليه السلام.
فهذه إذن إجازة الشيخ رحمه الله في رواية ورش وقالون عن نافع.
سند الحديث:
أي صحيح البخاري الذي أجازه به شيخه أحمد بن ديدي رحمهما الله:
يقول كاتبنا محمد بن محمد بن محمد الجزولي، أخبرنا بصحيح الإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم البخاري شيخنا أبو محمد عبد الله بن أبي العباس سيد أحمد الحبيب البلبالي، قال أجازنيه والدنا المذكور، قال أجازنيه شيخنا القاضي أبو فارس محمد عبد العزيز بن الشيخ القاضي محمد بن عبد العزيز البلبالي، قال أخبرنا به شيخنا أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن عمر عن شيخه أبي العباس أحمد بن عبد العزيز الهلالي السجلماسي، قال أجازنيه الفقيه العلامة محمد بن عبد السلام البناني الفاسي والشيخ محمد أحمد بن محمد بن عبد القادر الفاسي، كلاهما عن والد الثاني، عن أبي القاسم محمد بن أحمد الفاسي، عن القصار، عن التسولي، عن الدقاق، عن المواق، عن المنتورلي، عن ابن جزي، عن أبيه، عن ابن الزبير، عن أحمد بن راجب، عن أبي عبد الله بن سعادة، عن عمه أبي عمران موسى بن سعادة، عن الإمام أبي علي الصدفي، عن أبي الوليد البراحي، عن أبي ذر الهروي، عن القسبلي والمحمودي والكشميهني، عن الفربري، عن البخاري رحمه الله تعالى.
ملاحظة: لا تخلو الأسماء من أخطاء لكثرة الأخطاء المطبعية في الكتاب الذي استقيت منه، أعني "الضوء المستنير .. " للشيخ مولاي التهامي، وعليه لا بد من تحقيقها وضبطها، وهي دعوة للإخوة والمشايخ أهل الذكر حفظهم الله.
ـ[أبو الوليد الهاشمي]ــــــــ[08 - 02 - 09, 08:35 م]ـ
لا أدري إن كان الإخوة يعلمون أن الشيخ عفا الله عنه هو من أرسى دعائم الصوفية في الجزائر
الطرقية ليس لها سند إلا من طريقه
وقبره الآن وثن من الأوثان يعبد وهو مدفون في مسجده!!!
الله يصلح الحال ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/394)
ـ[إبراهيم الجزائري]ــــــــ[09 - 02 - 09, 04:34 ص]ـ
بارك الله فيكم
نبحث سيرته كما يتباحثها العلماء
نبدأ بالخير المحض، ثم الخير المشوب بدخن، ثم الشر المحض إن وجد
لا طعن ولا شتم ولا سب ولا تعريض
ـ[أبو الوليد الهاشمي]ــــــــ[09 - 02 - 09, 02:29 م]ـ
بارك الله فيكم
لا طعن ولا شتم ولا سب ولا تعريض
وفيك بارك الله
أنا لم أطعن ولم أشتم ولم أسب ولا عرضت به ولا بك إلى الآن ...
ومن قال إن المقلد عالم؟؟؟
وهل كان دينهم سوى التقليد لخليل بن إسحاق الصوفي الذي يعتقد ان الكعبة تطير إلى شيخه لتطوف حوله
قال ابن عبد البر في جامع بيان العلم: أجمع العلماء على أن المقلد ليس بعالم
تقول له فضل في الدعوة؟؟
وهل الدعوة إلى التصوف دعوة؟؟
الدعوة إلى الضلالة دعوة؟؟
أم أن التصوف في الجزائر ليس بضلال؟؟
هذا ما أنزهك عن اعتقاده.
فكر الشيخ أفيون من أفيونات الشعوب.
هل علمت أن أدرار لم يكن فيها ثورة ضد الاستعمار بسبب التصوف؟؟
تقول إنه يحفظ القرآن للناس
أقول أهو أفضل أم الحجاج؟؟
الأمة جميعا تسب الحجاج رغم فضله في الحفاظ على كتاب الله
راجع نفسك ولا تشهر بمن ليسوا بأهل للشهرة
نزه نفسك أن تكون داعية إلى مذهب الشيخ
ولا تلمني
فقد كان الشيخ محمد حامد الفقي رحمه الله أشد شيء على الصوفية لأنه كان منهم
وأنا كنت منهم كنت من تلاميذ تلاميذ بلكبير
درست في أدرار ورأيت بها من الشرك الأمر العجيب
كنا نتوسل بالأموات
دخلت على الشيخ بلكبير ورأيت الناس يركعون له
لا تقل ليس بركوع
هو جالس والناس واقفون يقبلون يده!!!
ليس هكذا أيها الأخ الفاضل
ننزهك عن نشر محاسن أهل البدع
ـ[إبراهيم الجزائري]ــــــــ[10 - 02 - 09, 05:12 ص]ـ
يا أبا الوليد الهاشمي حفظك الله
بنيت كلامك على مقدمة غير صحيحة
أولا: لم أقصدك بقولي الطعن والشتم ... والله يعلم
ثانيا: إقليم توات خاصة والصحراء عامة لم تكن بها ثورة لأن مؤتمر الصومام (1956م) أراد ذلك حتى تكون مهدا للدعم "اللوجستيكي"، ولا أنكر أثر التصوف المخدر، لكن لا تجعل مقالتك سببا في الرد عليك إذ كثير من مشايخ التصوف من قادوا الثورات ضد المستدمر ...
ثالثا: أما أنا فلم أعتقد يوما بمثل اعتقادهم، ولست داعيا لهم، ولا عاملا بمقتضى عملهم، كما أني لا أدعو عليهم، ولا أحمد الله على موتهم ولا أفرح لها
رابعا: لا أعرف الشيخ بلكبير ولا التقيته، لكن تلاميذه نعم؛ وأبلغ ما علمت منهم أنه كان شيخا لطريقتين صوفيتين، وأنه لم يكن داعيا إليهما، ولم يلزم أحدا من تلامذته بهما، كما أنه لم يكن من أهل الضبابيات، ولا من دعاة الكرامة، ولا من أهل الشطح والردح، ولا ممن يحدثه قلبه عن ربه، ولا من أهل أحلام اليقظة ... وربما تكون أعلم به مني
خامسا: الكثير الكثير من "السلفيين" من كانوا يدرسون عليه، ومنهم من أقام بزاويته السنين الطوال، درسوا علوم القرآن، والفقه وأصوله، وعلوم اللغة، والفرائض، والآداب ... ولم يمنعهم هذا من ذكره بمحاسنه ولا جحدوا فضله، ولا أكون مبالغا إن قلت إن نصف حفظة القرآن في الجزائر تخرجوا من مدرسته
سادسا: إذا وصفته بأنه من العلماء فلقصرٍ في فهمي، فلا أعدم نصيحة هنا أو هناك خاصة ممن تتلمذوا عليه وعرفوه عن قرب
سابعا: إنما مثل هذا الموضوع في مقابل مواضيع أهل الجرح والتجريح أعاذني الله وإياك منهم؛ فلا تخرجه عن سياقه، ولتنظر إليه من هذا المنظور
أنتظر ردك مشكورا مأجورا
ـ[أبو الوليد الهاشمي]ــــــــ[10 - 02 - 09, 06:25 ص]ـ
أخي إبراهيم
رفع الله قدرك
هل زرت أدرار؟؟؟
من زار أدرار وكانت له غيرة على التوحيد
علم أن الشيطان قد جعلها مرتعا له
هل تعلم أنهم علمونا أن دعوة الشيخ محمد عبد الوهاب دعوة كافرة
هل تعلم أنهم يكفرون شيخ الإسلام وابن القيم
هل تعلم أن ابن باز كافر عندهم
قد تقول لي ليس كلهم يقولون هذا
فمن أين أخذوه؟؟؟
ثم تقول السلفيين يدرسون عنده؟؟؟
أنزه الموحد أن يتخرج من معاهد البدعة
السلفيون يذهبون إلى الشيخ باي بالعالم
وهو من الموحدين ليس بصوفي وشتان بين الفريقين ...
حدثني عمي وهو من الأفاضل: قال قال لي الشيخ باي: أهل توات في ضلال
أقول لك أنا كنت هناك ... أتدري ما هناك
كان شيخي وهو ابن عم الشيخ بلكبير يُركع له
لا يقوم أحد فيعطيه ظهره حتى ينصرف
من أين تعلم هذا؟؟
أما أهل الجرح والتجريح فلا أدري من تقصد بهم؟؟
لسنا من الغلاة ولا المجحفين
نحن ندافع عن التوحيد وأهله أينما كانوا
اللهم هذا ما أقدر عليه
أخي إبراهيم
لا تستأ مني فقد نختلف لكن أعيذك بالله أن يحسب عملك هذا في ميزان ما لاتحب
أرجو أن تتوقف
وفقك الله
ـ[إبراهيم الجزائري]ــــــــ[10 - 02 - 09, 06:57 ص]ـ
بل يوجد من درس على الشيخ بلكبير من الموحدين الكثير، ولا تلجئني إلى ذكر الأسماء رعاك الله
أما تضليل العلماء؛ فلتكن دقيقا - ونحن في مقام التمحيص - هل قاله بلكبير أم تلامذته؟
ليسوا سواء، بل أبشرك؛ أخطرهم لسانا وأشدهم فتكا "المغيلي"، وهو من تلامذة الشيخ، لان بعد شدة، واعترف بعد إنكار، أتعرف لماذا؟ جالسه طلبة علم مشكورين بأدب وافر، خاولوه بالحجة والدليل، وساءلوه بالبرهان والتمثيل، لم يجد تجاههم بدا إلا الفبول والتسليم؛ وما كان الرفق في شيء إلا زانه ...
لست ممن يستاء خاصة من أخ حميم، وإجابة لقولك سأفرد ما بقي في موضوع جديد إن شاء الله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/395)
ـ[محمد مصطفى العنبري الحنبلي]ــــــــ[21 - 04 - 09, 12:36 م]ـ
أخي أبا الوليد أصبت في نقدك حتى يردّ الحق إلى نصابه
يترجم لمن كانت هذه حاله من توحيد الله نعم الشيخ احمد باي بلعالم وفقه الله يثنون عليه خيرا و ذكر لي غير واحد أنه يجلس و يتباحث مع الشيخ عبد المحسن العباد إذا حلّ بالمدينة أما بلكبير فالمنكرات الحاصلة في زاويته لا يعلمها الا الله و لا أدل على فساد معتقد الزاوية هناك ما فعله احد طلبتها و هو امام مسجد في منطقتنا حيث طعن في شيخ الإسلام ابن تيمية علنا و الله المستعان.
ـ[إبراهيم الجزائري]ــــــــ[23 - 04 - 09, 02:01 م]ـ
بارك الله فيك يا أخي الحنبلي
يرجى عدم رفع الموضوع مجددا
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[23 - 04 - 09, 05:22 م]ـ
... ... ....
ليسوا سواء، بل أبشرك؛ أخطرهم لسانا وأشدهم فتكا "المغيلي"، وهو من تلامذة الشيخ، لان بعد شدة، واعترف بعد إنكار، أتعرف لماذا؟ جالسه طلبة علم مشكورين بأدب وافر، خاولوه بالحجة والدليل، وساءلوه بالبرهان والتمثيل، لم يجد تجاههم بدا إلا الفبول والتسليم؛ وما كان الرفق في شيء إلا زانه ...
.... .... ...
بمثل هذا ينصلح الحال بإذن الملك المتعال ... أما أهل الشطح والنطح فما دخلوا شيئا إلا أفسدوه ... وقد رأيت من بركة استعمال الرفق ... وانزال الناس منازلهم ... وحسن الدعوة ... والقوة العلمية ... مع القدرة على البيان واقامة الحجة ... أثرا طيبا محمودا على كثير من طلبة العلم ومحصليه ممن نشأ في مثل بيئة المذكورين هنا رحم الله ميتهم وبارك في الأحياء منهم ... وهدانا الله وإياهم صراطه المستقيم ...
ـ[إبراهيم الجزائري]ــــــــ[25 - 04 - 09, 12:40 م]ـ
الحمد لله على نعمة الفهم الصحيح(146/396)
أول من غزا في البحر في الإسلام
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[16 - 07 - 08, 09:19 م]ـ
المشهور أن أول من غزا في البحر في الإسلام هو معاوية في خلافة عثمان سنة 28. لكن ألم يفعل ذلك العلاء الحضرمي قبله أثناء خلافة عمر، حيث عَبَر الخليج العربي منطلقاً من البحرين إلى بلاد فارس؟
ـ[علي الغامدي]ــــــــ[18 - 07 - 08, 05:16 ص]ـ
العلاء بن الحضرمي
رضي الله عنه
العلاء بن الحضرمي عبدالله بن ضماد اليمني ,من حضرموت. اسلم قديما وابوه كان حليف حرب بني أميه
سيرته في عهد النبي صلى الله عليه وسلم
بعثه النبي صلى الله عليه وسلم الى المنذر بن ساوي العبدي بالبحرين وكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم الى المنذر كتابا يدعوه فيه الى الاسلام وأمر العلاء بجباية الزكاه وقد كتب له كتابا فيه فرائض الزكاه في الابل والبقر والغنم والثمار والاموال مصادقة له على ذلك وأمره ان يأخذ الزكاة من أغنيائهم فيردها الى فقرائهم وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم معه نفرا فيهم ابوهريره وقال له (استوص به خيرا) ثم عزله عن البحرين وبعث ابان بن سعيد عاملا فيها
سيرته في عهد ابو بكر رضي الله عنه
فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتد بيعة بالبحرين وأقبل أبان بن سعيد الى المدينه وترك عمله فجمع ابو بكر بعثة العلاء بن الحضرمي ودعاه وقال له اني وجدتك من عمال رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين ولَى فرأيت ان اوليك ماكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ولاك فعليك بتقوى الله فخرج ابو العلاء الحضرمي في ستة عشر راكبا ومعه فرات بن حيان العجلي دليلا وكتب ابو بكر كتابا للعلاء بأن ينفر معه كل من مر به من المسلمين الى عدوهم فسار العلاء فيمن تبعه حتى نزل بحصن جواثا فقاتلهم _ولم يفلت منهم احد_ ثم أتى القطيف وبها جمع من العجم فقاتلهم فأصاب منهم طرفا وانهزموا فانضمت الأعاجم الى الزاره ,فأتاهم العلاء فنزل الخط على ساحل البحر فقاتلهم وحاصرهم الى ان توفي ابو بكر رضي الله عنه.
سيرته في عهد عمر رضي الله عنه
ولي عمر بن الخطاب أمر المسلمين وطلب اهل الزارة الصلح ,فصالحهم العلاء ثم عبر الى أهل دارين فقاتلهم فقتل المقاتله وحوى الذراري , وبعث العلاء عرفجه بن هرثمه الى أسياف فارس فقطع في السفن فكان أول من فتح جزيرة من أرض فارس واتخذ فيها مسجدا وأغار على باريخان والأسياف وذلك سنة أربع عشره.
دعائه
كان العلاء بن الحضرمي من سادات الصحابه العلماء العباد ,مجابي الدعوه اتفق له انه في غزو أهل الرده في البحرين انه نزل منزلا فلما استقر الناس على الأرض نفرت الابل بماعليها من زاد الجيش وخيامهم وشرابهم وبقوا على الأرض ليس معهم شيء سوى ثيابهم عليهم ولم يلحقوا منها على بعير واحد ,فركب الناس من الهم والغم مالايحد ولايوصف وجعل بعضهم يوصي على بعض وقد ضنوا الهلاك ,فنادى منادي العلاء فاجتمع الناس فخرج اليهم وقال ايها الناس الستم مسلمين. ألستم في سبيل الله. ألستم أنصار الله قالوا بلى فقال ابشروا فوالله لايخذل الله من كان مثل حالكم ونودي بصلاة الفجر فصلى بالناس فلما قضى الصلاة جثى على ركبتيه وجثا ورائه جيشه وأخذ يدعو والجيش من ورائه حتى طلعت الشمس والناس ينظرون الى سراب الشمس يلمع مرة بعد اخرى وهو يجتهد بالدعاء فلما توقف اذا قد خلق الله الى جانبهم غديرا عظيما من الماء القراح فمشوا اليه فشربوا واغتسلوا فلما تعالى النهار اذا بالأبل قد أقبلت من كل فج ولم يفقد الجيش من متاعهم شيئا عليها فسقوها وقد أوشكوا اليأس منها ولما أقترب الجيش المؤمن بالله من المرتدين نزل العلاء وباتوا متجاورين معهم وبينما هم في الليل اذا هم يسمعون أصواتا عاليه عند اعدائهم فأرسل العلاء عبدالله بن حذف يأتيه بخبرهم فلما أتاهم وجدهم سكارى لايعقلون فرجع الي قائده وأخبره فركب العلاء من فوره والجيش معه فقتلوهم جميعهم واستولوا على أموالهم وحواصلهم وأثقالهم فكانت غنيمه عظيمه
ركوب البحر
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/397)
وذهب مَنْ فرَّ أو أكثرهم في البحر إلى دارين، ركبوا إليها السُّفن، فقال العلاء بن الحضرمي اذهبوا بنا إلى دارين لنغزوَ مَنْ بها من الأعداء) 000فأجابوه إلى ذلك سريعاً، فسار بهم حتى أتى ساحل البحر ليركبوا في السفن، فرأى أن الشُّقّة بعيدة لا يصلون إليها في السفن حتى يذهب أعداء الله، فاقتحم البحر بفرسِه وهو يقول يا أرحم الراحمين!! يا حكيم يا كريم!! يا أحد يا صمد!! يا حيُّ يا مُحيي!! يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام!! لا إله إلا أنت يا ربّنا!!) 000
وأمر الجيش أن يقولوا ذلك ويقتحموا، ففعلوا ذلك، فأجاز بهم الخليج بإذن الله تعالى يمشون على مثل رملةٍ دَمِثةٍ فوقها ماءٌ لا يغمر أخفاف الإبل، ولا يصل إلى ركب الخيل، ومسيرته للسفن يوم وليلة، فقطعه إلى الساحل الآخر، فقاتل عدوّه وقهرهم، واحتاز غنائمهم000ثم رجع فقطعه إلى الجانب الآخر فعاد إلى موضعه الأول، وذلك كله في يوم، ولم يترك من العدو مخبراً، ولم يفقد المسلمون في البحر شيئاً سوى عليقة فرس لرجل من المسلمين ومع هذا رجع العلاء فجاءه بها!! 000
وقد قال عفيف بن المنذر في مرورهم في البحر
ألَمْ تَرَ أنّ الله ذَلّلَ بَحْرَهُ ***** وأنزلَ بالكُفّارِ إحدى الجلائلِ
دَعُوْناَ إلى شقِّ البحارِ فجاءنا ***** بأعْجَبَ مِنْ فَلْقِ البحار الأوائلِ
وقد كان مع المسلمين رجل من أهل هجر، (راهب) فأسلم حينئذ، فقيل له ما دعاك إلى الإسلام؟) 000فقال خشيتُ إن لم أفعل أن يمسخني الله، لما شاهدت من الآيات!! وقد سمعت في الهواء قبل السَّحر دعاءً {اللهم أنت الرحمن الرحيم، لا إله إلا أنت، ولا إله غيرك، والبديع الذي ليس قبلك شيء، والدائم غير الغافل، والذي لا يموت، وخالق ما يُرى وما لا يُرى، وكل يوم أنت في شأن، وعلمت اللهم كل شيئاً علماً} فعلمتُ أن القوم لم يُعانوا بالملائكة إلا وهم على أمر الله) 000فحسُنَ إسلامه وكان الصحابة يسمعون منه000
كتاب عمر
كتب عمر بن الخطاب إلى العلاء بن الحضرمي وهو بالبحرين أن سِرْ إلى عُتبة بن غزوان فقد وَلّيتُك عملهُ، واعلم أنّك تقدم على رجل من المهاجرين الأوّليين الذين سبقت لهم من الله الحُسْنَى، لم أعزِلْهُ إلا أن يكون عفيفاً صليباً شديد البأس، ولكنّي ظننتُ أنّك أغنى عن المسلمين في تلك الناحية منه فاعرف له حقّه، وقد ولّيتُ قبلك رجلاً فمات قبل أن يصلي، فإن يُرد الله أن تَليَ وَليتَ وإن يُرد الله أن يَليَ عُتبة، فالخلق والأمر لله رب العالمين، واعلم أن أمر الله محفوظ بحفظه الذي أنزله، فانظر الذي خُلِقْتَ له فاكْدَح له ودَعْ ما سواه، فإن الدنيا أمدٌ والآخرة مدَدٌ، فلا يشغلنّك شيءٌ مُدْبِرٌ خيره عن شيءٍ باقٍ شرّه، واهرب إلى الله من سخطه، فإن الله يجمع لمن شاء الفضيلة في حُكمه وعلمه، نسأل الله لنا ولك العونَ على طاعته والنّجاة من عذابه) 000
فخرج العلاء بن الحضرمي من البحرين في رهط منهم أبو هريرة وأبو بكرة، فلمّا كانوا بلِياسٍ قريباً من الصِّعاب، وهي من أرض بني تميم مات العلاء بن الحضرمي، فرجع أبو هريرة إلى البحرين، وقدم أبو بكرة إلى البصرة000
أبوهريرة
قال أبوهريرة -رضي الله عنه-: بعثني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مع العلاء بن الحضرمي، وأوصاه بي خيراً، فلما فصلنا قال لي إنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد أوصاني بك خيراً، فانظُرْ ماذا تحبّ؟) 000فقلتُ تجعلني أوذّن لك، ولا تسبقني بأمين) 000فأعطاه ذلك000
كان أبو هريرة -رضي الله عنه- يقول رأيتُ من العلاء بن الحضرمي ثلاثة أشياء لا أزال أحبّه أبداً، رأيته قطع البحر على فرسه يوم دارين!! 000 وقدم من المدينة يريد البحرين فلمّا كان بالدَّهناء نفِدَ ماؤهم، فدعا الله تعالى لهم، فنبع لهم من تحت رَمْلَةٍ فارتَوَوْا وارتحلوا، وأُنْسِيَ رجلٌ منهم بعض متاعه، فرجع فأخذه ولم يجد الماء!! 000
وخرجتُ معه من البحرين إلى صفّ البصرة، فلمّا كنّا بلياس مات، ونحن على غير ماءٍ، فأبدى الله لنا سحابةً فمُطرنا، فغسّلناه وحفرنا له بسيوفِنَا، ولم نُلحِد له ودفنّاه ومضينا، فقال رجل من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دفنّاه ولم نلحد له) 000فرجعنا لِنُلْحِد له فلم نجد موضع قبره، وقدم أبو بكرة البصرة بوفاة العلاء الحضرمي) 000
منقول(146/398)
ترجمة مالك الصغير ابن أبي زيد القيرواني من سبعة مصادر من كتب التراجم والطبقات لمن طلبها
ـ[أبو سلمى المغربي]ــــــــ[17 - 07 - 08, 05:07 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الكريم أبو أمين الزبير تفضل هذه ترجمه الإمام الحجة أبو محمد عبد الله بن أبي زيد القيرواني المالكي رحمه الله من سبعة مصادر من كتب التراجم والطبقات والتاريخ, البحث قمت به بواسطة برنامج المكتبة الشاملة
1 - الكتاب: ترتيب المدارك وتقريب المسالك
المؤلف: القاضي عياض
أبو محمد عبد الله بن أبي زيد، رضي الله عنه وغفر الله له واسم أبي زيد عبد الرحمن. كذا قال الأمير ابن ماكولا. والقاضي ابن الحذاء. وهو نفزي النسب، قاله الأمير. سكن القيروان.
ذكر مكانه من العلم وثناء الجلّة عليه
وكان أبو محمد رحمه الله، إمام المالكية في وقته، وقدوتهم. وجامع مذهب مالك، وشارح أقواله. وكان واسع العلم كثير الحفظ والرواية. وكتبه تشهد له بذلك. فصيح القلم ذا بيان ومعرفة بما يقوله. ذابّاً عن مذهب مالك، قائماً بالحجة عليه، بصيراً بالرد على أهل الأهواء. يقول الشعر، ويجيده، ويجمع الى ذلك صلاحاً تاماً، وورعاً وعفة. وحاز رئاسة الدين والدنيا. وإليه كانت الرحلة من الأقطار، ونجب أصحابه، وكثر الآخذون عنه. وهو الذي لخص المذهب، وضم كسره، وذبّ عنه. وملأت البلاد تواليفه. عارض كثير من الناس أكثرها. فلم يبلغوا مداه، مع فضل السبق، وصعوبة المبتدأ، وعرف قدره الأكابر. قال الشيرازي: وكان يعرف بمالك الصغير. وذكره أبو الحسن القابسي، فقال: إمام موثوق به، في درايته، وروايته. وقال أبو الحسن علي بن عبد الله القطان: ما قلدت أبا محمد بن أبي زيد، حتى رأيت السبائي يقلده. وذكره أبو بكر بن الطيب في كتابه، فعظم قدره. وشيّخه. وكذلك هو وغيره من أهل المشرق، واستجازه ابن مجاهد البغدادي، وغيره من أصحابه البغداديين. قال أبو عبد الله الميورقي: اجتمع فيه العلم، والورع، والفضل، والعقل. شهرته تغني عن ذكره. قال الداودي: وكان سريع الانقياد الى الحق. تفقه بفقهاء بلده. وسمع من شيوخه. وعوّل على أبي بكر ابن اللباد، وأبي الفضل الممسي، وأخذ أيضاً عن محمد بن مسرور العسّال، والحجام. وعبيد الله بن مسرور بن الحجام، والقطان والإبياني، وزياد بن موسى، وسعدون الخولاني، وأبي العرب، وأحمد ابن أبي سعيد، وحبيب مولى ابن أبي سليمان في آخرين. ورحل فحجّ، وسمع من ابن الأعرابي، وابراهيم بن محمد بن المنذر، وأبي علي بن أبي هلال، وأحمد بن ابراهيم بن حماد القاضي. وسمع أيضاً من الحسن بن بدر، ومحمد بن الفتح، والحسن بن نصر السوسي، ودرّاس بن اسماعيل، وعثمان بن سعيد الغرابلي، وحبيب بن أبي حبيب الجزولي، وغيرهم. واستجاز ابن شعبان، والأبهري، والمروزي. وسمع منه خلق كثير. وتفقه عنده جلة. فمن أصحابه القرويين: أبو بكر بن عبد الرحمن، وأبو القاسم البرادعي، واللبيدي، وابنا الأجدابي. وأبو عبد الله الخواص، وأبو محمد مكي المقري. ومن أهل الأندلس: أبو بكر بن موهب المقبري، وابن عابد، وأبو عبد الله ابن الحذاء، وأبو مروان القنازعي. ومن أهل سبته: أبو عبد الله ابن العجوز، وأبو محمد بن غالب، وخلف بن ناصر، ومن أهل المغرب: ابن أمدكنو السجلماسي.
له كتاب النوادر والزيادات على المدونة، مشهور. أزيد من مائة جزء. وكتاب مختصر المدونة، مشهور، على كتابيه هذين المعوَّل بالمغرب في التفقه. وكتاب الاقتداء بأهل السنّة، وكتاب الذبّ عن مذهب مالك، وكتاب الرسالة، مشهور، وكتاب التنبيه على القول في أولاد المرتدين ومسألة الحبس على ولد الأعيان، وكتاب تفسير أوقات الصلوات، وكتاب الثقة بالله، والتوكل على الله سبحانه. وكتاب المعرفة واليقين. وكتاب المضمون من الرزق، وكتاب المناسك، ورسالة فيمن تأخذه عند قراءة القرآن والذكر حركة، وكتاب رد المسائل، وكتاب حماية عرض المؤمن، وكتاب البيان عن إعجاز القرآن، وكتاب الوساوس، ورسالة إعطاء القرابة من الزكاة، ورسالة النهي عن الجدال، ورسالة في الرد على القدرية، ومناقضة رسالة البغدادي المعتزلي، وكتاب الاستظهار في الردّ على الفكرية، وكتاب كشف التلبيس في مثله، ورسالة الموعظة والنصيحة، ورسالة طلب العلم، وكتاب فضل قيام رمضان، ورسالة الموعظة الحسنة لأهل الصدق، ورسالة الى أهل سجلماسة في تلاوة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/399)
القرآن، ورسالة في أصول التوحيد، وجملة تواليفه كلها مفيدة بديعة، غزيرة العلم. وذكر أنه دخل يوماً على أبي سعيد بن أخي هشام يزوره، فوجد مجلسه محتفلاً. فقال له: بلغني عنك أنك ألفت كتباً. فقال له: نعم أصلحك الله. فقال له: اسمع مسألة؟ قال له أبو محمد: أذكر أصلحك الله، فإن أصبتْ أخبرتنا، وإن أخطأتُ علمتَنا. فسكت أبو سعيد. ولم يعاوده.
بقية أخباره رضي الله عنه
كان أبو محمد بن أبي زيد، رحمه الله من أهل الصلاح والورع والفضل. ذكر أنه رحمه الله، قام ذات ليلة للوضوء فصبّ الماء من القلة في الإناء فانهرق، ثم صبّه ثانية فانهرق، ثم جرى له ذلك ثلاثاً، فاستراب. وقال: تتمردون علينا؟ فسمع من يقول له، ولا يراه: إن الصبيّ بال، فرشّ على القلة، فكرهنا وضوءك منها. ولما ألّف كتبه، على الفكرية، ونقض كتاب عبد الرحيم الصقلي، بتأليفه الكشف وكتاب الاستظهار، ورد كثيراً مما تقلده من خارق العادات، على ما قدره في كتابه. شنّع المتصوفة، وكثير من أصحاب الحديث عليه ذلك. وأشاعوا أنه نفى الكرامات. وهو رضي الله عنه، لم يفعل، بل مَن طالع كتابه، عرف مقصده. فردّ عليه جماعة من أهل الأندلس، ومن أهل المشرق، وألفوا عليه تواليف معروفة، ككتاب أبي الحسن بن جهضم الهمداني. وكتاب أبي بكر الباقلاني. وأبي عبد الله ابن شق الليل. وأبو عمر الطلمنكي في آخرين. وكان أرشدهم في ذلك وأعرفهم بغرضه ومقداره، إمام وقته القاضي أبو بكر بن الخطيب الباقلاني. فإنه بيّن مقصوده. قال الطلمنكي: كانت تلك من أبي محمد نادرة لها أسباب، أوجبها التناظر الذي يقع بين العلماء، صحّ عندنا رجوعه عنها. ولم يزل في ظاهر أمره، إلا محض السوء في ابن الأمير، إلا أن حمل الكرامات، فيما بلغنا عن طبقات عندهم، على مجالس، لأكل أموال الناس، ودرسوها بالموافقة. وقد روى منها وأملى كثيراً. قال الأجدابي: كنت جالساً عند أبي محمد، وعنده أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد المؤمن المتكلم. فسألهما إنسان عن الخضر عليه السلام، هل يقال إنه باق في الدنيا، مع هذه القرون؟ ثم يموت لقيام الساعة؟ أو هل يرد هذا لقوله تعالى: " وما جعلْنا لبشرٍ منْ قبلِك الخُلد " فأجابا معاً: إن ذلك ممكن جائز، وأن يبقى الخضر عليه السلام، الى النفخ في الصور، وأن الخلود إنما هو اتصال بقائه ببقاء الآخرة. وإن البقاء الى النفخ، ليس بخلود. ألا ترى أن إبليس، لعنه الله، لا يسمى خالداً. وإن كان من المنظرين الى يوم الوقت المعلوم، ويذكر أن أبا محمد رحمه الله تعالى كتب الى أبي بكر الأبهري رضي الله عنه
تأبى قلوبٌ قلوبَ قوم ... وما لها عندها ذنوب
وتصطفي أنفس نفوساً ... وما لها عندها نصيب
ما ذاك إلا لمضمرات ... أضمرها الشاهد الرّقيب
قال أبو القاسم اللبيدي: اجتمع عيسى بن ثابت العابد، بالشيخ أبي محمد، فجرى بينهما بكاء عظيم وذكر، فلما أراد فراقه، قال له عيسى: أريد أن تكتب اسمي في البساط الذي تحتك، فإذا رأيته دعوت لي. فبكى أبو محمد، وقال: قال الله تعالى: " إليه يصعدُ الكلِمُ الطيّبُ والعملُ الصالح يرفعه ". فهَبْني دعوت لك. فأين عمل صالح يرفعه؟
وفاته رضي الله عنه
وتوفي أبو محمد رحمه الله، وغفر له، سنة ست وثمانين وثلاثماية. ورثاه كثير من أدباء القيروان، بمراث مشجية. فمن قول أبي الخواص الكفيف:
هذا لعبد الله أول مرع **** تُرزا به الدنيا وآخر مصرع
كادت تميد الأرض خاشعة الرُبى **** وتمور أفلاك النجوم الطُلّع
عجباً أيدري الحاملون لنعشه **** كيف استطاعت حمل بحر مترع
علماً وحكماً كاملاً وبراعة **** وتُقى وحسن سكينة وتورع
وسعَتْ فجاج الأرض سعياً حوله **** من راغب في سعيه متبرع
يبكونه ولكل باك منهم **** ذلّ الأسير وحرقة المتوجع
وقال أبو علي ابن سفيان في قصيدة:
غصت فجاج الأرض حتى ما تُرى**** أرض ولا علم ولا بطحاء
ما زلت تقدم جمعهم هرباً لهم **** في مركب حفت به النجباء
وذكر أن أبا محمد بن أبي زيد، رحمه الله. رؤي في مجلسه تحت فكرة وكآبة. فسئل عن سبب ذلك؟ قال: رأيت باب داري سقط، وقد قال فيه الكرماني، إنه يدل على موت صاحب الدار. فقيل له: الكرماني مالك في علمه؟ قال: نعم. هو مالك في علمه، أو كأنه مالك في علمه. فلم يقم إلا يسيراً. ثم مات رحمه الله.
-------- انتهت الترجمة من كتاب ترتيب المدارك وتقريب المسالك ---------
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/400)
2 - الكتاب: سير أعلام النبلاء. المؤلف: شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد الذَهَبي
المحقق: مجموعة محققين بإشراف شعيب الأرناؤوط
الناشر: مؤسسة الرسالة
الصفحة: 10 المجلد: 17
ابْنُ أَبِي زَيْدٍ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ القَيْرَوَانِيُّ المَالِكِيُّ الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، القُدْوَةُ، الفَقِيْهُ، عَالِمُ أَهْلِ المَغْرِبِ، أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي زَيْدٍ القَيْرَوَانِيُّ، المَالِكِيُّ، وَيُقَالُ لَهُ: مَالِكٌ الصَّغِيْرُ. وَكَانَ أَحَدَ مَنْ بَرَّزَ فِي العِلْمِ وَالعملِ. قَالَ القَاضِي عِيَاضٌ: حَازَ رِئاسَةَ الدِّينِ وَالدُّنْيَا، وَرُحَلَ إِلَيْهِ مِنَ الأَقطَار وَنَجُبَ أَصْحَابُهُ، وَكَثُر الآخذُوْنَ عَنْهُ، وَهُوَ الَّذِي لَخَّصَ المَذْهَب، وَمَلأَ البِلاَدَ مِنْ تَوَالِيفِهِ، تَفَقَّهَ بِفُقَهَاء القَيْرَوَان، وَعوَّلَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ بنِ اللَّبَّادِ. وَأَخَذَ عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ مَسرُورٍ الحجَّام، وَالعَسَّال، وَحَجّ، فَسَمِعَ مِنْ أَبِي سَعِيْدٍ بنِ الأَعْرَابِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ الفَتْحِ، وَالحَسَنِ بن نَصْرٍ السُّوسِيِّ، وَدرَّاسِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ، وَغَيْرهِم. سَمِعَ مِنْهُ خَلقٌ كَثِيْر، مِنْهُم: الفَقِيْه عَبْد الرَّحِيْمِ بن العَجُوز السَّبْتِي، وَالفَقِيْه عَبْد اللهِ بن غَالِب السَّبْتِي، وَعَبْد اللهِ بن الوَلِيْدِ بنِ سَعْد الأَنْصَارِيّ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الخَوْلاَنِيّ. صَنّف كِتَابَ (النَّوَادرِ وَالزِّيَادَاتِ) فِي نَحْوِ المائَة جُزْء، وَاختصر (المُدَوَّنَةَ)، وَعَلَى هَذَينِ الكِتَابَيْنِ المُعَوَّلُ فِي الفُتْيَا بِالمَغْرِب، وَصَنَّفَ كِتَاب (العتَبِيَّة) عَلَى الأَبْوَابِ، وَكِتَاب (الاقتدَاءِ بِمَذْهَبِ مَالِكٍ)، وَكِتَابَ (الرِّسَالَةِ)، وَكِتَاب (الثِّقَةِ بِاللهِ وَالتَّوَكُّلِ عَلَى اللهِ)، وَكِتَاب (المَعرِفَةِ وَالتَّفْسِيْر)، وَكِتَاب (إِعجَاز القُرْآنِ)، وَكِتَاب (النَّهْي عَنِ الجِدَالِ)، وَرسَالته فِي الرَّدِّ عَلَى القَدَريَّةِ، وَرِسَالته فِي التَّوحيدِ، وَكِتَاب (مَنْ تَحَرَّكَ عِنْدَ القِرَاءةِ).وَقِيْلَ: إِنَّهُ صنع (رِسَالتَه) المَشْهُوْرَة وَلَهُ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً. وَكَانَ مَعَ عظمتِهِ فِي العِلْمِ وَالعملِ ذَا برٍّ وَإِيثَارٍ وَإِنفَاقٍ عَلَى الطّلبَةِ وَإِحسَان. وَقِيْلَ: إِنَّهُ نفّذ إِلَى القَاضِي عَبْدِ الوَهَّابِ بن نَصْرٍ المَالِكِيّ أَلفَ دِيْنَار، وَهَذَا فِيْهِ بُعْدٌ، فَإِنَّ عَبْد الوَهَّابِ لَمْ يشتهر إِلاَّ بَعْدَ زَمَانِ أَبِي مُحَمَّدٍ. نَعم، قَدْ وَصلَ الفَقِيْهَ يَحْيَى بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ العُمَرِيَّ حِيْنَ قَدِمَ القَيْرَوَانَ بِمائَةٍ وَخَمْسِيْنَ دِيْنَاراً، وَجُهّزتْ بِنْتُ الشَّيْخِ َبِي الحَسَنِ القَابسِي بِأَرْبَع مائَة دِيْنَارٍ مِنْ مَالِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ. وَقِيْلَ: إِنَّ مُحرِزاً التُّوْنُسِيّ أُتِيَ بِابنَةِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَهِيَ زَمِنَةٌ، فَدَعَا لَهَا، فَقَامَتْ، فَعَجِبُوا وَسَبَّحُوا اللهَ، فَقَالَ: وَاللهِ مَا قُلْتُ إِلاَّ: بِحُرْمَةِ وَالدِهَا عِنْدَكَ اكشِفْ مَا بِهَا، فَشفَاهَا اللهُ. قُلْتُ: وَكَانَ - رَحِمَهُ اللهُ - عَلَى طَريقَةِ السَّلَفِ فِي الأُصُوْلِ، لاَ يَدْرِي الكَلاَمَ، وَلاَ يتَأَوَّلُ، فَنسأَلُ اللهَ التَّوفيق. وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ بِالسِّيْرَة النَّبويَةِ (تَهْذِيْبِ ابْنِ هِشَام) عَبْدُ اللهِ بنُ الوَلِيْدِ بِسَمَاعِهِ مِنْ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرِ بن الوردِ، لقِيَهُ بِمِصْرَ. وَلَمَّا تُوُفِّيَ رَثَاهُ عِدَّةٌ مِنَ الشُّعَرَاء.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الحَبَّالُ: مَاتَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ لِنِصْفِ شَعْبَانَ، سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَكَذَا أَرَّخَهُ أَبُو القَاسِمِ بنُ مَنْدَة، وَأَرَّخ مَوْتَه القَاضِي عِيَاض وَغَيْرهُ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ. (17/ 13)
----------------------------------------------
3 - كتاب الوفيات.
المؤلف: أبي العباس أحمد بن حسن بن علي بن الخطيب
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/401)
وتوفي الفقيه الشيخ أبو محمد عبد الله بن أبي زيد القيرواني سنة ست وثمانين وثلاثمائة ودفن بداره بالقيروان وفي هذه السنة توفي أبو سعيد ابن أخي هشام بن شهاب
----------------------------------------------
4 - شذرات الذهب في أخبار من ذهب
المؤلف: عبد الحي بن أحمد العكري الدمشقي
أبو محمد بن أبي زيد القيرواني المالكي عبد الله بن أبي زيد شيخ المغرب أبيه انتهت رياسة المذهب قال القاضي عياض حاز رياسة الدين والدنيا ورحل إليه من الأقطار ونجب أصحابه وكثر الآخذون عنه وهو الذي لخص المذهب وملأ البلاد من تآليفه حج وسمع من أبي سعيد بن الأعرابي وغيره وكان يسمى مالكا الأصغر قال الحبال توفي للنصف من شعبان
----------------------------------------------
5 - الكتاب: تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام. تأليف: شمس الدين الذهبي.
دار النشر: دار الكتاب العربي لبنان
الصفحة: 183 الجزء: 27
عبد الله بن أبي زيد الفقيه القيرواني، أبو محمد شيخ المالكية بالمغرب. اسم أبيه عبد)
الرحمن، وكان أبو محمد قد جمع مذهب مالك، وشرح أقواله، كان واسع العلم، كثير الحفظ، ذا صلاح وورع. وعنه قال القاضي عياض: حاز رئاسة الدين والدنيا، ورحل إليه من الأقطار، ونخب أصحابه، وكثر الآخذون عنه. وهو الذي لخص المذهب، وملأ البلاد من تواليفه. تفقه بفقهاء بلده، وعول على أبي بكر بن اللباد، وأخذ عن محمد بن مسرور الحجام، والغسال، فسمع من أبي سعيد بن الأعرابي، ومحمد بن الفتح، والحسن بن نصر السوسي، ودارس بن إسماعيل. سمع منه خلق كثير من جميع الآفاق، منهم: الفقيه عبد الرحيم بن العجوز السبتي، والفقيه عبد الله بن غالب السبتي، وعبد الله بن الوليد بن سعد الأنصاري، وأبو بكر أحمد بن عبد الرحمن الخولاني القيرواني، وخلق سواهم من علماء المغرب. وكان يسمى مالكاً الصغير، وصنف كتاب النوادر والزيادات نحو
المائة جزء، واختصر المدونة. وعلى هذين الكتابين المعول في الدنيا بالمغرب، وصنف كتاب العتيبة على الأبواب، وكتاب الاقتداء بمذهب مالك وكتاب الرسالة وهو مشهور
----------------------------------------------
6 - الكتاب: مرآة الجنان وعبرة اليقظان في معرفة حوادث الزمان
المؤلف: اليافعي
فيها توفي الإمام الكبير الشهير أبو محمد عبد الله بن أبي زيد القيرواني المالكي، شيخ المغرب، وإليه انتهت رئاسة المذهب. قال القاضي عياض: حاز رئاسة الدين والدنيا، رحل إليه من الأقطار، ونجب أصحابه، وكثر الآخذون عنه، وهو الذي لخص المذهب وملأ البلاد من تآليفه، وكان يسمى مالكاً الأصغر.
----------------------------------------------
7 - الكتاب: النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة
المؤلف: ابن تغري بردي
وفيها توفي عبد الله بن أبي زيد عبد الرحمن، الفقيه أبو محمد القيرواني شيخ المالكية بالمغرب. جمع مذهب الإمام مالك رضي الله عنه وشرح أقواله. وكان واسع العلم كثير الحفظ ذا صلاح وعفة وورع. قال القاضي عياض بن موسى بن عياض: حاز رياسة الدين والدنيا، ورحل إليه من الأمصار.
------------ مصادر أخرى ---------------
* الفهرست لابن النديم 253، طبقات الفقهاء للشيرازي: 135، ترتيب المدارك 4/ 492 - 497، فهرست ابن خير 244، تاريخ الاسلام 4/ 75 / 2، دول الاسلام 1/ 335، العبر 3/ 43، 44، عيون التواريخ 12/ 245 / 2، مرآة الجنان 2/ 441، الديباج المذهب 1/ 427 - 430، النجوم الزاهرة 4/ 200، شذرات الذهب 3/ 131، هدية العارفين 1/ 447، 448، شجرة النور 1/ 96، تكميل الصلحاء والاعيان لمعالم الايمان لابن ناجي: 306، وانظر " تاريخ التراث العربي " لسزكين 2/ 154 - 160.
ـ[أبو أمين الزبير]ــــــــ[17 - 07 - 08, 02:41 م]ـ
بوركت وسلمت يدك أبا سلمى المغربي جعل الله ماقمت به في موازن حسناتك ونفع بك آمين
ـ[أبو سلمى المغربي]ــــــــ[17 - 07 - 08, 08:36 م]ـ
آمين أخي الكريم وإياك
ـ[أبو سلمى المغربي]ــــــــ[18 - 07 - 08, 01:12 ص]ـ
لعموم الفائدة
ـ[أبو سلمى المغربي]ــــــــ[18 - 07 - 08, 09:22 م]ـ
لعموم الفائدة
ـ[أبو سلمى المغربي]ــــــــ[24 - 07 - 08, 04:00 ص]ـ
لعموم الفائدة
ـ[بلال اسباع الجزائري]ــــــــ[10 - 08 - 08, 05:10 م]ـ
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا.
ـ[أبو سلمى المغربي]ــــــــ[14 - 08 - 08, 03:37 م]ـ
وفيك بارك الله
ـ[أبو سليمان المغربي]ــــــــ[09 - 11 - 10, 04:01 م]ـ
مشكور أخي اكريم جزاك الله خيرا على هذه الترجمة و أحسن إليك(146/402)
محمد بن أبي شنب .. يقاوم بلغة المحتل
ـ[أبو أمينة]ــــــــ[18 - 07 - 08, 02:59 م]ـ
من أعلام الجزائر
محمد بن أبي شنب .. يقاوم بلغة المحتل
(في ذكرى مولده: 10 من رجب 1286هـ)
أحمد تمام
وقعت الجزائر في قبضة الاحتلال الفرنسي سنة (1246هـ -1830م) بعد أن ظلت هدفًا للقوى الغربية عدة قرون، ولولا جهود الدولة العثمانية في حمايتها والدفاع عنها لسقطت قبل ذلك التاريخ بسنوات طويلة.
ولم يكن المحتل الفرنسي يهدف إلى السيطرة على البلاد ونهب ثرواتها والتسلط على أهلها فحسب مثلما يفعل غيره، بل كان يرمي -إضافة لذلك- إلى اقتلاع التاريخ وطمس الهوية والقضاء على الشخصية ومحاربة الدين واستبدال لغته باللغة العربية وثقافته بثقافتها.
واستخدم في تحقيق ذلك كل ما يملك من وسائل وإمكانات، منذ أن وطئت أقدامه أرض الجزائر؛ فاستولى على معظم معاهد التعليم الجزائرية وحولها إلى ثكنات عسكرية أو معاهد فرنسية أو مراكز تبشيرية لنشر المسيحية بين أهالي البلاد المسلمين، ثم استولى على الأوقاف التي كانت تنفق على هذه المؤسسات التعليمية حتى يقضي عليها تماما، وقام بفرنسة جميع مراحل التعليم حتى يبعد اللغة العربية عن معاهد العلم، وبفرنسة الإدارة حتى تصبغ الحياة الجزائرية بطابعها الفرنسي.
ولكي يقطع المستعمر صلة الجزائر بتاريخها العربي الإسلامي عمد إلى تشويه التاريخ الجزائري فحرم الجزائريين من دراسة تاريخهم دراسة سليمة ووافية في الوقت الذي كانوا يدرسون فيه التاريخ الفرنسي كاملا في جميع المدارس، ومنع المدارس العربية التي سلمت من أيدي الاحتلال -ومعها المساجد- من تدريس التاريخ الإسلامي، وعدّ الفتح العربي الذي نشر الإسلام في الجزائر ودام نحو 13 قرنا احتلالا عربيًا، وأنه جاء ليخلص الجزائر من هذا الاحتلال!
وكادت هذه الأساليب الماكرة تؤتي ثمارها لولا مقاومة الجزائريين وجهود الغيورين من أبنائها في الوقوف أمام هذه المخططات التي أفسدت الحياة الثقافية وأوشكت أن تقطع الصلة بين الأمة ولغتها وتاريخها، ومن هؤلاء الغيورين محمد بن أبي شنب الذي ما كان أحد يظن أن تخرج هذه الأرض المحتلة رجلاً مثله يتقن الفرنسية ولا يغفل عن الأخذ من علوم العرب والإسلام.
تكوين ..
في قرية "المدية" بجنوب الجزائر التي تبعد عن العاصمة بنحو 90 كيلومترًا ولد محمد بن العربي بن محمد بن أبي شنب يوم الثلاثاء الموافق (10 من رجب 1286 هـ= 26 من أكتوبر 1869م)، ونشأ في أسرة تعود جذورها إلى مدينة "بروسة" التركية وكانت على جانب من الغنى واليسار وتعمل بالزراعة.
وقد عنيت هذه الأسرة بتربية ابنها وتعليمه؛ فحفظ شيئا من القرآن وتعلم مبادئ القراءة والكتابة، ثم التحق بالمدارس المدنية التي أنشأتها فرنسا وفق خطتها في نشر ثقافتها؛ فتعلم الفرنسية وقرأ آدابها وتاريخها، وبعد أن أنهى تعليمه الثانوي التحق بمدرسة دار المعلمين الفرنسية بـ"أبي زريعة" بالقرب من الجزائر، وقضى بها عامًا للدراسة تخرج بعدها مجازًا بتعليم اللغة الفرنسية وآدابها في المدارس الابتدائية.
مدرس ..
وعقب تخرجه عمل بالتدريس في المدارس الابتدائية إلى جانب دراسة علوم العربية وشيء من الفقه والتوحيد، ثم نجح في الحصول على شهادة مدرسة الآداب العليا، فعين مدرسا للأدب العربي في مدرسة قسطنطينية سنة (1316هـ= 1898م)، ثم نقل إلى مدرسة الجزائر سنة (1319 هـ=1901م)، وظل يعمل بها 14 عاما، ثم رُقي إلى القسم الأعلى من هذه المدرسة حيث قام بتدريس النحو والأدب وعلوم البلاغة والمنطق.
ولم تنقطع صلته طوال هذه الفترة عن طلب العلم؛ فهو طالب ومعلم معا، حتى كلل جهوده بنيل درجة الدكتوراة من القسم الأدبي بكلية الآداب بالجزائر بعد أن قدم رسالتين وضعهما بالفرنسية، الأولى عن حياة الشاعر العباسي أبي دلامة، والأخرى بعنوان الألقاب الفارسية والتركية الباقية في لغة العامة بالجزائر، وعلى إثر حصوله على درجة الدكتوراة انتقل سنة (1343 هـ=1924م) مدرسًا إلى كلية الآداب.
نشاط ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/403)
اقتصر نشاط محمد بن أبي شنب على الدراسات الأدبية واللغوية والتاريخية وتحقيق الكتب، وهو بذلك أقرب إلى العلماء المحققين منه إلى الكتاب والأدباء، ولم يكن يعنى بجمال الأسلوب أو بلاغة العبارة، ولما سئل عن ذلك أجاب بقوله: "خذ العلم، وماذا يعنيك أكان بأسلوب طلي أم كان بأسلوب غير طلي، وحسبك أنك فهمت عني ما أريد، ولا تغرنكم زخارف الألفاظ وتزويقاتها، وهل اللغة وأساليبها إلا أداة للفهم والتفهيم؟! ".
وكان ابن أبي شنب عالما بالعربية، متبحرًا في علومها وآدابها، يحفظ كثيرًا من نصوصها ومفرادتها حتى وصف بأنه "معجم يمشي على الأرض" لكثرة محفوظه من مفردات اللغة المدونة بالمعاجم العربية، وكانت له عناية بجمع الكلمات الكثيرة والتراكيب اللغوية التي تجري على ألسنة الأدباء في القديم والحديث ولم تدون في المعاجم ثم يقوم بدارستها درسا وافيا ويحاول ردها إلى أصولها العربية، ولم تكن مثل هذه المهمة سهلة بل تحتاج إلى معرفة تامة بالقديم وبصر دقيق بالحديث حتى يستطيع التوفيق بينهما في سهولة ويسر ودون تعسف أو تلفيق.
وأداه حرصه على العربية إلى أنه كان يرى تجنب استعمال اللفظ الدخيل في اللغة والاجتهاد في اجتنابه ولو بالاستعاضة عنه بغريب اللغة المهمل الذي بطل استعماله.
وكانت أبحاثه في اللغة والأدب مبتكرة طريفة، وله مقالات علمية نشرت في الدوريات العربية والأجنبية، وله دراسة قيمة نشرت في كتاب سنة (1341هـ= 1922م) بعنوان "رموز الاختصار العربية" ضمنه نحو 100 كلمة من الكلمات المستعملة في كتب مؤلفي العرب، في الفقه والحديث والفلسفة، وذكر أمام كل كلمة طريقة اختصارها، أي الحروف التي تؤخذ منها لتدل عليها، وكان يترجم كل كلمة إلى الفرنسية مع إضافات للشرح والتفصيل في بعض الكلمات.
وقال ابن أبي شنب في مقدمة بحثه الطريف: إنه وقف في أثناء مطالعاته على كثير من هذه الاختصارات العربية فرأى أنه من المفيد نشرها، وإن كان لا يعلم إن كان أحد قد سبقه إلى جمعها على هذه الصورة أم لا. ومن نماذج هذه الاختصارات:
"رح": ويعني رحمه الله.
"رضه": ويعني رضي الله عنه.
"المص": ويعني المصنف.
"التس": ويعني التسلسل.
"هـ": ويعني هذا الرمز كلمة انتهى.
ثقافتان ..
جمع محمد بن أبي شنب إلى جانب ثقافته العربية الأصلية ثقافة الغرب، فقد نهل منها منذ الصغر، وتربى في المدارس التي كانت فرنسا تتولى إنشاءها وإعدادها بهدف تخريج أجيال مفرغة من الثقافة العربية والإسلامية، ولكن ابن أبي شنب تفلت منها ونجح في تحصين نفسه بثقافة عربية واسعة.
وكان يعرف من اللغات اللاتينية والإنجليزية والأسبانية والألمانية والفارسية والتركية، بالإضافة إلى الفرنسية التي كان يتقنها ويخطب بها وكتب بعض بحوثه بها.
شاهده العلامة محمد كرد علي في مؤتمر المستشرقين في أكسفورد وهو يلقي أحد بحوثه، فقال: "شهدته يخطب بالفرنسية في مؤتمر المستشرقين وهو في لباسه الوطني: عمامة صفراء ضخمة، وزنار عريض، وسراويل مسترسلة، ومعطف من صنع بلاده، فأخذت بسحر بيانه واتساعه في بحثه، وظننتني أستمع عالما من أكبر علماء فرنسا وأدبائها في روح عربي وثقافة إسلامية، أو عالما من علماء السلف جمع الله له بلاغة القلم وبلاغة اللسان ووفر له قسطا من العلم والبصيرة، وقد فطر على ذكاء وفضل غرام بالتحصيل، وقيض له أن يجمع بين ثقافتين ينبغ ويفصح في كل لغة بمعانيها".
حضور ..
سافر محمد بن أبي شنب إلى أوروبا لحضور مؤتمرات المستشرقين وغيرهم، وأتاحت له هذه الزيارات أن يتصل بكبار العلماء في الغرب ومصر والشام، وارتبط بصداقات علمية مع بعض أعلام عصره وراسل كثيرا منهم، مثل الأستاذ أحمد تيمور باشا، وحسن حسني عبد الوهاب باشا، ومحمد كرد علي، ونشر كثيرا من بحوثه في مجلة المجمع العلمي العربي بدمشق، وكان المجمع قد اختاره عضوا مراسلا به.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/404)
وكان العلامة محمد بن أبي شنب ينتدب في جميع الامتحانات العالية في شمال أفريقيا ويترأس لجنة من لجانها التي تتألف من كبار العلماء الفرنسيين، ويروي تلميذه محمد سعيد الزاهري أنه التقى به في لجنة الامتحان في تونس سنة (1341 هـ= 1922م) في الكلية الزيتونية مع العلماء الفرنسيين فوجده عالما جزائريا غير متجنس بالفرنسية، ورئيسا مشرفا على لجنة علمية فرنسية يرأس جلساتها بزيه الجزائري، وحين حضرت صلاة العصر أوقف الجلسة للاستراحة وقام فصلى.
تراث ..
جمع ابن أبي شنب بين التأليف بالعربية والفرنسية، ونشر الكتب القديمة التي يراها ضرورية لأبناء وطنه في وثبته ونهضته.
أما الكتب التي ألفها بالعربية فهي:
- تحفة الأدب في ميزان أشعار العرب، ونشره بالجزائر سنة (1336هـ = 1908م).
- تاريخ الرجال الذين رووا صحيح البخاري وبلغوه الجزائر.
-معجم بأسماء ما نشر في المغرب الأقصى ونقدها.
-فهرس خزانة الكتب المخطوطة بالجامع الكبير والجامع الصغير بالجزائر.
ومن الكتب التي ألفها بالفرنسية:
-مجموع أمثال العوام بأرض الجزائر والمغرب، وطبع في باريس في ثلاثة أجزاء.
-الألفاظ التركية والفارسية الباقية في اللهجة الجزائرية.
- ما أخذه دانتي من الأصول الإسلامية في كتابه ديفينا كوميديا، أي في كتابه الكوميديا الإلهية، ويعد هذا الكتاب من أوائل الكتب التي التفتت إلى التأثير الإسلامي في هذا العمل الإبداعي الكبير.
أما الكتب التي قام بنشرها وتحقيقها، فمنها:
- البستان في علماء تلمسان لابن مريم، ونشر بالجزائر سنة 1908م.
- عنوان الدراية في علماء بجاية، ونشر بالجزائر سنة 1910م.
- طبقات علماء أفريقية لأبي ذر الخشني مع ترجمة فرنسية.
- الذخيرة السنية في تاريخ الدول المرينية، ونشر بالجزائر سنة 1921م.
وفاة ..
كان محمد بن أبي شنب صورة الأديب والعالم المسلم الذي عرف كيف يطلع على الأساليب الأوروبية في العمل دون أن يفقد شيئا من صفاته وعاداته، وأورثته سعة علمه زهدا وتواضعا ورغبة في تلبية كل طالب علم قصده في مسألة أو قضية.
ولم ينقطع ابن أبي شنب عن الدراسة والتحقيق وإلقاء المحاضرات في قاعات الدرس حتى لقي ربه في (شعبان 1347 هـ=1929م)، ودفن في مقبرة سيدي عبد الرحمن الثعالبي بالجزائر.
نقلا عن: إسلام أون لاين نت
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أنور الجندي – الفكر والثقافة المعاصرة في شمال أفريقيا – الدار القومية للطباعة والنشر – القاهرة – 1385 هـ= 1965.
زكي محمد مجاهد – الأعلام الشرقية في المائة الرابعة عشرة الهجرية – دار الغرب – بيروت – 1994م.
محمد كرد علي – المعاصرون – دار صادر – بيروت – 1413هـ= 1993م.
خير الدين الزركلي – الأعلام – دار العلم للملايين ـ بيروت – 1986م.
يوسف إليان سركيس – معجم المطبوعات العربية والمعربة – مكتبة الثقافة الدينية ـ القاهرة ـ بدون تاريخ.
محمد السعيد الزاهري – محمد بن أبي شنب – مجلة المقتطف – نوفمبر 1929م.(146/405)
نقد الشوكاني لابن حجر والسخاوي لإهمالهم تراجم ملوك وعلماء الروم
ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[19 - 07 - 08, 09:39 ص]ـ
قال محمد بن علي الشوكاني (ت 1250 هـ) في كتابه "البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع" (عند ترجمته للسلطان العثماني مُراد خان - ت 855 هـ -):
وقد أهمل الحافظ ابن حجر ذكر ملوك الروم في "الدرر الكامنة في أهل المئة الثامنة" فلم يذكر من كان فيها منهم، وكذلك السخاوي أهمل بعضاً ممّن كان منهم في المئة التاسعة وذكر بعضاً، وهذا عجيب! فإنهما يترجمان لجماعة من أهل سائر الديار هم معدودون من صغار الملوك والأمراء الكائنين بالأندلس واليمن والهند وسائر الديار، وهكذا أهملا غالب علماء الروم ولم يذكرا إلاّ شيئاً يسيراً منهم، مع أنهما يترجمان لمن هو أبعد منهم داراً وأحقر قدراً، فالله أعلم بالسبب المقتضي لذلك، وقد ذكرنا في هذا الكتاب كثيراً ممّن أهملاه.
ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[22 - 09 - 10, 06:26 م]ـ
يُرفَع للمباحثة ...
ـ[محمود المنصور]ــــــــ[23 - 09 - 10, 05:21 ص]ـ
يرحم الله الشوكاني وابن حجر والسخاوي وجزاهم عن الإسلام والمسلمين خيرا
للعلم: ترجم ابن حجر رحمه الله فى انباء الغمر للسلطان بايزيد الأول (أبو يزيد بن عثمان) وأثنى عليه ثناءا عطرا رحمه الله
اما السخاوي فقد ترجم كذلك لبعض ملوك العثمانيين كالسلطان محمد الفاتح وغيره رحمهم الله
ربما لم يتوسعا فى ذكر تراجم سلاطين الروم لسبب ربما يكون صحيحا وهو والله أعلم:-
الحالة السياسية في مصر!! , فلم يكن هناك ود بين المماليك والعثمانيين , وكلنا يعلم الخلاف بين محمد الفاتح والأشرف قايتباي رحمهما الله , ثم دخول العثمانيين مصر والشام.
هذا بإيجاز شديد , ولي عودة ان شاء الله للتفصيل(146/406)
المصاهرات بين الصحابة و آل البيت
ـ[معاد الجزائري]ــــــــ[19 - 07 - 08, 05:44 م]ـ
الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على أشرف المرسلين , نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ,,
من أكبر الشواهد على الحب المتبادل , والتقدير بين الصحابة وال البيت رضوان الله عليهم , المصاهرات الكثيرة جدا , فالمرء يستغرب من كذبة العداوة بين ال البيت والصحابة , والتي تنتشر كثيرا بين الشيعة , مع ان التاريخ يشهد بالعلاقة الحميمة بين الطرفين , كما قال الامام القحطاني رحمه الله:
فكأنما آل النبي وصحبه******* روح يضم جميعها جسدان
و اليكم اخوتي جانبا من هذه المصاهرات:
اولا:
المصاهرات بين أهل البيت وآل الصديق من بني تيم:
- النبي محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم وهو سيد بني هاشم تزوج عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما.
- موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب تزوج أم سلمة بنت محمد بن طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق.
- إسحاق بن جعفر بن أبي طالب تزوج أم حكيم بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر.
- محمد الباقر بن زين العابدين تزوج أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق.
- الحسن بن علي بن أبي طالب تزوج حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر.
ثانيا:
المصاهرات بين أهل النبي صلى الله عليه وسلم وآل الزبير:
- صفية بنت عبد المطلب عمة النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها العوام بن خويلد, وولدت له الزبير أحد العشرة المبشرين بالجنة.
- أم الحسن بنت الحسين بن علي بن أبي طالب تزوجها عبد الله بن الزبير بن العوام.
- رقية بنت الحسن بن علي بن أبي طالب تزوجها عمرو بن الزبير بن العوام.
- مليكة بنت الحسن بن علي بن أبي طالب تزوجها جعفر بن مصعب بن الزبير.
- موسى بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب تزوج عبيدة بنت الزبير بن هشام بن عروة بن الزبير بن العوام.
- سكينة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب تزوجها مصعب بن الزبير بن العوام, وغير ذلك الكثير.
ثالثا:
المصاهرات بين أهل البيت وآل الخطاب من بني عدي:
- تزوج النبي صلى الله عليه وسلم حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنها وعن أبيها.
- تزوج عمر بن الخطاب رضي الله عنه من أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
- الحسن الأفطس بن علي بن علي زين العابدين تزوج من بنت خالد بن أبي بكر بن عبد الله بن عمر بن الخطاب.
- الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن أبي طالب تزوج رملة بنت سعيد بن زيد بن نفيل.
رابعا:
المصاهرات بين أهل البيت وبني تيم:
- الحسن بن علي بن أبي طالب تزوج أم إسحاق بن عبيد الله التيمي.
- الحسين بن علي بن أبي طالب تزوج أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله, وقد أوصاه أخوه الحسن بنكاحها قبل موته, وولدت له فاطمة بنت الحسين.
خامسا:
المصاهرات بين أهل البيت وبني أمية:
- رقية وأم كلثوم بنتي رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجهما عثمان بن عفان رضي الله عنه وبذلك لقب بذي النورين.
- زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجها أبو العاص بن الربيع, وهو ابن خالتها, فأمه هالة بنت خويلد, وولدت له زينب بنتاً هي أمامة, وقد تزوجها علي بن أبي طالب بعد وفاة فاطمة رضي الله عنها.
- خديجة بنت علي بن أبي طالب تزوجها عبد الرحمن بن عامر بن كريز الأموي.
- رملة بنت علي بن أبي طالب تزوجها معاوية بن مروان بن الحكم.
- زينب بنت الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن أبي طالب تزوجها الوليد بن عبد الملك بن مروان.
- فاطمة بنت الحسين الشهيد بن علي بن أبي طالب تزوجها عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان, وغير ذلك الكثير.
سادسا:
المصاهرات بين أهل البيت العلويين وأبناء عمومتهم من أهل البيت العباسيين:
- محمد الجواد بن علي الرضا تزوج أم حبيبة بنت المأمون العباسي.
- فاطمة بنت محمد بن علي النقي بن محمد الجواد تزوجها الخليفة هارون الرشيد.
- عبيد الله بن محمد بن عمر الأطرف بن علي بن أبي طالب تزوج عمة أبي جعفر المنصور.
أسماء أعلام أهل البيت الذين تسموا بأسماء الصحابة رضوان الله عليهم:
الذين تسموا باسم ابوبكر الصديق رضي الله عنه:
أبو بكر بن علي بن أبي طالب , أبو بكر بن الحسن بن علي بن أبي طالب , أبو بكر علي زين العابدين , أبو بكر علي بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق , أبو بكر محمد المهدي المنتظر بن الحسن العسكري , أبو بكر بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب.
الذين تسموا باسم عمر الفاروق رضي الله عنه:
عمر بن الأطرف بن علي بن أبي طالب , عمر بن الحسن بن علي بن أبي طالب , عمر الأشرف بن علي زين العابدين بن الحسين , عمر بن يحيى بن الحسين بن زيد الشهيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب , عمر بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق.
الذين تسموا باسم عثمان ذوالنورين رضي الله عنه:
عثمان بن علي بن أبي طالب , عثمان بن عقيل بن أبي طالب.
من تسمين باسم عائشة ام المؤمنين رضي الله عنها:
عائشة بنت موسى الكاظم بن جعفر الصادق , عائشة بنت جعفر بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق , عائشة بنت علي الرضا بن موسى الكاظم , عائشة بنت علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا.
من تسمى باسم طلحة الشهيد رضي الله عنه:
طلحة بن الحسن بن علي بن أبي طالب.
من تسمى باسم معاوية خال المؤمنين رضي الله عنه:
معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب
المصادر: عمدة الطالب لابن عنبة , الأنوار النعمانية للجزائري , الإرشاد للشيخ المفيد , تراجم أعلام النساء لمحمد الحائري , منتهى الآمال للقمي , تاريخ اليعقوبي , سر السلسلة العلوية لأبي نصر البخاري
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/407)
ـ[شتا العربي]ــــــــ[19 - 07 - 08, 06:52 م]ـ
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم
ـ[إبراهيم الجزائري]ــــــــ[21 - 07 - 08, 03:05 م]ـ
بارك الله فيكم
الشيعة تعاموا عن مثل هذا لفرط الران على قلوبهم والحجب على عيونهم، واللهُ الهادي ..
ـ[أبو ساره الغطفاني]ــــــــ[10 - 10 - 09, 06:27 ص]ـ
يرفع لأهميته(146/408)
حمل كتاب: الدر الثمين بصيغة pdf
ـ[صقر بن حسن]ــــــــ[20 - 07 - 08, 06:30 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وجدت كتابا تاريخيا عنوانه الدر الثمين لمؤلفه حسن بن أحمد اليمني وهو أحد تلاميذ الشوكاني رحمهم الله تعالى.
http://www.asirnet.net/up//folder1/asirnet_1qWfNpwmFj.jpg
اضغط هنا للتحميل ( http://www.asirnet.net/vb/attachment.php?attachmentid=171&d=1210028077)
ـ[عمر الدراوى]ــــــــ[20 - 07 - 08, 06:36 م]ـ
جزاكم الله خيرا وجارى التحميل
ـ[عمر الدراوى]ــــــــ[09 - 02 - 09, 11:31 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد حملت هذا الكتاب قديما ولكن للأسف ضاع من عندى مع ما ضاع بسبب الفايروسات
وحاولت تحميله مجددا
ولكن للأسف
لقد حددت ملف مرفق خاطئ. إذا إتبعت رابط صحيح, الرجاء راسل الإدارة.
فهل أجده عند أحد الأخوة
وبارك الله فيكم
ـ[صقر بن حسن]ــــــــ[09 - 02 - 09, 11:55 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
تفضل أخي الكتاب بالمرفقات
ولا تنساني من صالح دعاك وفقك الله لكل خير
ـ[العوضي]ــــــــ[09 - 02 - 09, 08:03 م]ـ
بارك الله فيك أخي الكريم
ـ[أبو عبد البر المالكي]ــــــــ[09 - 02 - 09, 10:47 م]ـ
جزاكم الله خيرا ...
ـ[عمر الدراوى]ــــــــ[10 - 02 - 09, 11:25 ص]ـ
جزاكم الله خيرا ونفع الله بكم
ـ[أبو سليمان العسيلي]ــــــــ[08 - 03 - 09, 12:48 ص]ـ
جزاك الله كل خير
ـ[مسعود بوكرن]ــــــــ[26 - 03 - 09, 03:56 ص]ـ
بارك الله فيك أخي الكريم
ـ[قيس بن سعد]ــــــــ[26 - 03 - 09, 05:44 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[صقر بن حسن]ــــــــ[26 - 03 - 09, 11:31 م]ـ
وإياكم إخواني الكرام جزاكم الله خيرا وبارك فيكم(146/409)
مهذَّب عبدالقادر بدران، لتاريخ دمشق: (لا يُعتمَد عليه في الدراسات العلميَّة).
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[22 - 07 - 08, 10:12 ص]ـ
(اختصر «تاريخ دمشق» مؤلفون معروفون، منهم:
القاسم ابن عساكر [بهاء الدِّين ت: 600].
وكرم بن عبدالواحد الصفار.
وأبوشامة المقدسي.
وأحمد بن عبد الدائم المقدسي.
وابن منظور.
والشمس الذهبي.
وابن قاضي شهبة.
والعيني.
والسيوطي.
وأبوالفتح الخطيب.
وعبدالقادر بدران (ت1346/ 1927).
وقد لاحظ الأستاذ صلاح الدين المنجد أن مهذَّب عبدالقادر بدران لا يُعتمَد عليه في الدراسات العلمية؛ لأنه كان يحذف ما عسرت عليه قراءته عليه من الأصل، ويضع من عنده بدلا منه). انتهى، قاله د. هاني العمد، «دراسات في كتب التراجم والسير» ص100، وينظر: "موارد ابن عساكر في تاريخ دمشق" 1/ 92 - 95.
أقول: ويبقى المهذّب يُنتفَع به في المجالس .. أما في باب المقابلة ونحوها، فلا يمكن الاعتماد عليه في هذا الباب .. اللهم إلا على سبيل الاستئناس .. أو محاولة معايشة تلك اللحظات التي عايشها عبدالقادر، وقد تعسَّر عليه قراءة الأصل، والتأمل في صنيعه في انتقاء الألفاظ البديلة لِمَا قد عسر عليه، وهل راعى انتقاء الألفاظ التي سار عليها ابن عساكر في مواطن أخرى، أم أن ألفاظه جاءت ألفاظ عصره، ومن ثم يسهل كشفها دون مراجعة الأصل، وهل كان يراجع مصادر ابن عساكر لمحاولة إثبات ما قد عسر عليه أم لا .. وهكذا (والله أعلم).
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[22 - 07 - 08, 03:53 م]ـ
جزاك الله خيرا شيخنا الفاضل
ولو طردنا هذه القاعدة لما صح الاعتماد على كثير من المطبوعات التي بين أيدينا؛ لأن كثيرا من المحققين يضعون ألفاظا من عندهم لما تعسر عليهم قراءته.
ولو طردنا هذه القاعدة لما صح الاعتماد على كثير من المخطوطات؛ لأن كثيرا من الناسخين يغيرون ما تعسر عليهم قراءته.
انظر إلى هذا التحريف العجيب في أحد كتب السنة:
(سمعت ابن عمر يقول: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في البيت، وإذا ابن عباس جالس، وسيأتي عن منهال مثل ذلك)
وصواب العبارة:
(سمعت ابن عمر يقول: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في البيت، وسيأتي من ينهاك عنه وتسمع منه. وإذا ابن عباس جالس).
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[23 - 07 - 08, 12:08 ص]ـ
أخي الجليل: (أبو مالك العوضي)، جزاك الله تعالى كل خير، ثم إني أقول وبالله تعالى التوفيق:
يبدو أنّ الأستاذ الجليل صلاح الدّين المُنَجِّد اطلع على علّة رد "مهذب ابن بدران" في (الدراسات العلميّة)، وهي: أن ابن بدران: "يُغَيِّر ولا يُبَيِّن" ... والله تعالى أعلم.
وبالنسبة لهذه اللطيفة:
((سمعت ابن عمر يقول: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في البيت، وإذا ابن عباس جالس، وسيأتي عن منهال مثل ذلك).
أقول: لعل الأقرب إلى المراد:
(سمعت ابن عمر يقول: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في البيت - وإذا ابن عباس جالس -، وسيأتي من ينهاك عن ذلك). والله أعلم.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[23 - 07 - 08, 12:12 ص]ـ
أخي العزيز الحبيب
أنا لم أقدم أو أؤخر من رأسي، وإنما هذا هو نص المصدر الأصلي للكتاب.
والمحقق هو الذي قدم وأخر من رأسه؛ لأنه لما قرأ الكلام محرفا استشكل الترتيب.
وفقك الله وسدد خطاك.
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[23 - 07 - 08, 12:20 ص]ـ
بارك الله فيكم
ظننت أن التصويب منكم - وهو ظاهر عبارتكم - .. هل تدلّني على المصدر الذي نقلتم عنه لأنظر عن قرب ...
ـ[مسلمه مصريه]ــــــــ[23 - 07 - 08, 03:22 ص]ـ
بارك الله فيكم
انظر إلى هذا التحريف العجيب في أحد كتب السنة:
(سمعت ابن عمر يقول: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في البيت، وإذا ابن عباس جالس، وسيأتي عن منهال مثل ذلك)
وصواب العبارة:
(سمعت ابن عمر يقول: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في البيت، وسيأتي من ينهاك عنه وتسمع منه. وإذا ابن عباس جالس).
الحديث للفائدة:
حدثنا علي بن الجعد حدثنا شعبة عن سماك الحنفي قال
(سمعت ابن عمر يقول: صلى رسول الله صلى الله عليه و سلم في البيت وسيأتي من ينهاك عن ذلك.-و ابن عباس جالس إلى جنبه-.) [مسند أبي يعلى]
[وفي سنن البيهقي]:
(اخبرنا) أبو بكر بن فورك انبأ عبد الله بن جعفر بن احمد ثنا يونس بن حبيب ثنا أبو داود الطيالسي ثنا شعبة عن سمالك الحنفي قال
(سمعت ابن عمر يقول:صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكعبة وسيأتى من ينهاك عن ذلك فلا تطعه.- يعني ابن عباس-)
من الشاملة ...
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[23 - 07 - 08, 05:20 ص]ـ
أخي العزيز الحبيب
أنا لم أقدم أو أؤخر من رأسي، وإنما هذا هو نص المصدر الأصلي للكتاب.
والمحقق هو الذي قدم وأخر من رأسه؛ لأنه لما قرأ الكلام محرفا استشكل الترتيب.
وفقك الله وسدد خطاك.
معذرة أخي الجليل!
قد أبطأت في فَهْم مرادك من المثال الذي أوردتَه على الوجه الذي تريد ..
أنت تريد التدليل - بهذا المثال - على أنّ البعض قد يُغيّر في الأصل من عند نفسه، عندما يعسر عليه قراءة الأصل ... والمثال الذي أوردته على وجه التعيين يدل دلالة واضحة على ضعف هذا المحقق (في هذا الموطن)، أقول هذا بناء على النص المحرَّف الذي أوردتَه وعمل المحقق عليه .. ولكن إنْ بيّن في الحاشية مثلا أنه قد عسر عليه قراءة الأصل، فقام بكذا وكذا .. فالخطب هنا أيسر إن شاء الله ...
وأورد هذه الفائدة لمناسبتها للموضوع:
يقول العلامة محمود الطّناحي في "مدخل إلى تاريخ نشر التراث العربي" ص12:
(أَطْلعتُ شيخي الجليل محمود محمد شاكر، ذات يوم، على تصحفٍ وقع لي في بعض ما أحقّقه، فقال لي: "إنّك لم تُحسِن قراءة المكتوب أمامك فتصحّف عليك". وهذا هو مفتاح القضيّة: أنّ كثيرا مما يتصحّف إنما يأتي نتيجة للغفلة، أو الجهل بتاريخ أمّتنا، وتاريخ رجالها، وعلومها، وكل ما أبدعته وأنتجته).اهـ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/410)
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[23 - 07 - 08, 09:16 ص]ـ
راجع الخاص يا شيخنا الفاضل(146/411)
هل ورد أن شيخ الإسلام بصق في وجه بعض العلماء
ـ[ابن خليفة]ــــــــ[25 - 07 - 08, 01:01 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
اخواني هل ورد أن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كان يحث ويحرض أهل العلم للتصدي لغزو التتار وعندما لم يستجب البعض بصق في وجوههم؟
ارجو ذكر ذلك مع المصدر إن وجد
ـ[ابن خليفة]ــــــــ[26 - 07 - 08, 12:46 ص]ـ
وهل ورد عنه رحمه الله أنه قال
عن الذي يترك الجهاد في زمن وجوبه يهجر كما يهجر اللوطي
ارجو ذكر ذلك مع المصدر إن وجد
ـ[الخزرجي]ــــــــ[27 - 07 - 08, 10:37 م]ـ
من يجيب وجزاه الله خيرا؟
ـ[أبو عبد الرحمن المصري]ــــــــ[28 - 07 - 08, 02:19 م]ـ
إليك هذا النقل عن هجر تاركي الجهاد من مجموع الفتاوى: 15/ 311 - 312:
"وجماع الهجرة هى هجرة السيئات وأهلها، وكذلك هجران الدعاة إلى البدع، وهجران الفساق، وهجران من يخالط هؤلاء كلهم أو يعاونهم، وكذلك من يترك الجهاد الذى لا مصلحة لهم بدونه، فإنه يعاقب بهجرهم له لما لم يعاونهم على البر والتقوى، فالزناة واللوطية وتارك الجهاد وأهل البدع وشربة الخمر هؤلاء كلهم ومخالطتهم مضرة على دين الإسلام، وليس فيهم معاونة لا على بر ولا على تقوى، فمن لم يهجرهم كان تاركا للمأمور فاعلا للمحظور. فهذا ترك المأمور من الاجتماع، وذلك فعل المحظور منه، فعوقب كل منهما بما يناسب جرمه، فإن العقوبة إنما تكون على ترك مأمور أو فعل محظور".
أما البصق في وجه من لم ير جهاد التتار في زمنه فلا أظن أن ذلك يحدث من شيخ الإسلام وبخاصة مع من ينتسب للعلم، وأظنه لو كان في عصرنا ورأى وسمع بعض المنتسبين للعلم ممن يفتي بقتال المسلم مع الكافرين لأخيه المسلم فإن الحلم وحسن الخلق الذي عرف بهما شيخ الإسلام لن يمنعانه من البصق على هؤلاء المفتين، وسيكون أقل تعزير منه لهم.
ـ[أبو الأشبال البريطاني]ــــــــ[29 - 07 - 08, 10:45 م]ـ
ما أذكره والذاكرة كليلة أن هذا الموقف حدث لما ذهب شيخ الاسلام بصحبة بعض الكلماء الى احد الأمراء ودار حوارا بينهما وكان مما قاله ذلك الأمير أنك تطمع أو طامع في ملكي فأجابه شيخ الإسلا أن ملكك وملك أبيك لايساوي عندي هذه وبصق على الأرض
قرأتها منذ 20 سنة فإن أخطأت في التقل أستغفر الله ولعلي نشطت ذكرة أحد الإخوة فيدلنا عليها
ـ[ابن خليفة]ــــــــ[07 - 08 - 08, 11:18 م]ـ
بارك الله فيكم اخواني(146/412)
تعدد أئمة الصلوات في الحرمين!!
ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[27 - 07 - 08, 09:07 ص]ـ
تكلّم الرحّالة ابن جبير في رحلته سنة 578 هـ عند مروره بمكة (رحلته/ ص 84 - 85) عن وجود أربعة أئمة سنّية للحرم، فأوّلهم إمامة الشافعي (وذكر الحافظ السِّلَفي المتوفّى سنة 576 هـ في معجم السفر ص 141 أن الإمام الشافعي كان إمام مقام إبراهيم وأوّل من يصلّي من أئمة الحرم) ويصلي خلف مقام إبراهيم، ثم المالكي ويصلي قِبالة الركن اليماني، ثم الحنفي ويصلّي قِبالة الميزاب، ثم الحنبلي - وصلاته مع المالكي في حينٍ واحدٍ - وموضع صلاته يقابل ما بين الحجر الأسود والركن اليماني.
وقال: " إلاّ صلاة المغرب فإن الأربعة الأئمة يصلّونها في وقتٍ واحدٍ مجتمعين لضيق وقتها، يبدأ مؤذّن الشافعي بالإقامة، ثم يقيم مؤذّنو سائر الأئمة، وربما دخل في هذه الصلاة على المصلّين سهو وغفلة لاجتماع التكبير فيها من كل جهة، فربّما ركع المالكي بركوع الشافعي أو الحنفي، أو سلّم أحدهم بغير سلام إمامه، فترى كلّ أذنٍ مصيخة لصوت إمامها أو صوت مؤذّنه مخافة السهو، ومع هذا فيحدث السهو على كثيرٍ من الناس ". اهـ.
قال الدكتور صالح معتوق في كتابه "علم الحديث في مكة المكرمة" (ص 25 - 26): ولم تُعرَف السنة التي أُحدِثَت فيها هذه المقامات، وتعدّدت فيها الجماعات بعد أن كان الناس يصلّون جماعة واحدة وراء إمام واحد، والذي ظهر لصاحب تاريخ عمارة المسجد الحرام حسين باسلامة بعد البحث والتنقيب أنها أُحدِثَت في القرن الرابع أو القرن الخامس، لأن ابن عبد ربه - صاحب العقد الفريد المتوفّى سنة 328 هـ - لم يذكر هذه المقامات عندما وصف المسجد الحرام، وذكرها ابن جبير في رحلته سنة 578 هـ، وقد وافقه على ذلك الأستاذ أحمد السباعي رحمه الله في "تاريخ مكة". اهـ.
ورجّح الدكتور صالح أن بداية حدوث هذه المقامات كانت بين سنة 442 و 497 هـ، لأن ناصر خسرو عندما حج سنة 442 هـ لم يذكر هذه المقامات، وذكر الفاسي في شفاء الغرام أن مقامات الحنفية والمالكية والزيدية كانت موجودة في سنة 497 هـ.
ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[27 - 07 - 08, 09:35 ص]ـ
أمّا عن الحرم المدني، فينقل الشيخ عطيّة سالم رحمه الله (ت 1420 هـ) في كتابه "التراويح؛ أكثر من ألف عام في مسجد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " (ص 74) - عند كلامه على القرن الثاني عشر الهجري - من رحلة الشيخ النابلسي قوله:
" للحرم الشريف خمسة عشر إماماً منهم الحنفيّون ومنهم الشافعيّون، وله واحد وعشرون خطيباً، منهم اثنا عشر خطيباً حنفيّون، وثمانية خطباء شافعيّون، وخطيب واحد مالكي، فالأئمة يصلّون بالنوبة في كل يوم إمام واحد من الحنفيّة وإمام من الشافعية، فيبتدئون من الظهر إلى الصبح، والإمام الشافعي يصلّي أولاً، ثم الإمام الحنفي، إلاّ في المغرب، فيتقدّم الحنفي لكراهة تأخير المغرب عنده، ويصلّي الإمام الحنفي يوماً في محراب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الذي في الروضة الشريفة، فيصلّي الإمام الشافعي ذلك اليوم في المحراب الذي هو خلف المنبر، ثم في ثاني يوم يصلّي الإمام الشافعي كذلك، ويصلّي الحنفي مثل ما صلّى هو أول يوم ". اهـ.
وقال الشيخ عطيّة (ص 88): وقد زال هذا التعدّد بوجود العهد السعودي، وأمّا وجوده فكان طارئاً على المدينة، لم يحدث إلاّ بعد القرن السابع، وكانت المدينة طيلة سبعة قرون تصلّي الصلوات كلّها بإمامٍ واحدٍ ولا تتعدّد فيها الجماعة لفريضة واحدة، بل إن مالكاً رحمه الله - وهو إمام دار الهجرة - ممن يكره تعدّد الجماعة في المسجد الواحد للفريضة الواحدة ..... (ثم) تعدّدت الأئمة في الصلوات الخمس، ثم جاء العهد السعودي فتوحّدت فيه الجماعة في المسجد النبوي وفي المسجد الحرام للصلوات الخمس وللتراويح، وعادت فيه حالة الإمامة إلى أصلها موحّدة منتظمة. اهـ.
وقال (ص 90): والجدير بالذكر أن من أعظم نعم الله على الأمّة أن تتوحّد في الصلوات كلّها في جماعة واحدة وعلى إمامٍ واحدٍ، أيًّا كان مذهبه من المذاهب الأربعة التي لم تخرج عن كتاب الله وسنّة رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. اهـ.
ـ[محمد ابن الحربي]ــــــــ[24 - 08 - 08, 09:47 ص]ـ
السلام عليكم
من خلال هذه الصفحه المظلمه كما سميتها سوال يطرح نفسه الاوهو
هل الاءئمة الاربعه جميعهم على صواب اي من الفرقه الناجيه الوحيده الذي اخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم ام انهم اتبعوا السبل فتفرقت بهم عن سبيله؟
ـ[أبو سارة السبيعي]ــــــــ[25 - 08 - 08, 05:21 ص]ـ
إن يسمعوا ريبة طاروا بها فرحاً ....... مني وما سمعوا من صالح دفنوا
ـ[محمد بن عبدالله العبدالله]ــــــــ[11 - 02 - 09, 01:12 ص]ـ
إنا لله وإنا إليه راجعون
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
اليوم يستطيع مكبر الصوت أن يبلغ آفاق الأقطار، ترى ذلك العصر ما الحل الأمثل لبلوغ الصوت للجم الغفير؟؟؟؟؟؟!!!!!!!
فائدة:
لا تحكم على العصور السالفة بما تعودت عليه يومَك!!!.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/413)
ـ[أبو محمد النورسي]ــــــــ[15 - 02 - 09, 10:53 م]ـ
يمكن أن نأخذ من هذا التاريخ فائدة وهي
إذا كانت مقاصد الشريعة في بعض جوانبها قد غابت عن علماء ذلك الزمان في أمر شديد الوضوح والبداهة فعلينا أن نعيد النظر في كثير من الأحكام الاجتهادية التي صدرت عنهم ونحاول أن نفهمها في ضوء الكتاب والسنة وبما يناسب عصر العولمة والانفتاح العالمي والله أعلم
ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[16 - 08 - 09, 09:01 ص]ـ
قال الإمام الألباني في "أصل صفة الصلاة" (2/ 622):
لقد كانت هذه المسألة وأمثالها مثار فتن عظيمة بين الحنفية والشافعية، حتى لقد دفعتهم إلى وضع القاعدة المشهورة عند الفريقين: (وتكره الصلاة وراء المخالف في المذهب)! وهي كراهة تحريم عند علمائنا (يقصد الشيخ الأحناف)،
ولا تزال آثار هذه القاعدة بادية في مساجدنا! ففيها المحاريب الأربعة، وترى فيها ناسا يصلون مع الإمام، وآخرين ينتظرون إمام مذهبهم!
حتى لقد قلت مرة لبعض هؤلاء: حي على الصلاة; فإنها أقيمت. فكان جوابه أن قال: " إنها لم تقم لنا; إنها للشافعية "!!!
ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[29 - 08 - 09, 09:09 ص]ـ
قال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في تعليقه على " سنن الترمذي " (1/ 432):
بل قد بلغنا أن هذا المنكر كان في الحرم المكي، وأنه كان يصلي فيه أربعة أئمة، يزعمونهم للمذاهب الأربعة، لكننا لم نَرَ ذلك، إذ أننا لم ندرك هذا العهد بتمامه، وإنما حججنا في عهد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود حفظه الله، وسمعنا أنه أبطل هذه البدعة، وجمع الناس في في الحرم على إمام واحد راتب، ونرجو أن يوفّق الله علماء الإسلام لإبطال هذه البدعة في جميع المساجد في البلدان، بفضل الله وعونه، إنه سميع الدعاء.
ـ[عبدالله ابوحسان]ــــــــ[02 - 09 - 09, 07:20 م]ـ
جزاك الله كل خير أخي الكريم و نفع بك
ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[21 - 09 - 09, 11:24 م]ـ
قال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في تعليقه على " سنن الترمذي " (1/ 431):
فشت بدعة منكرة في الجوامع العامة، مثل الجامع الأزهر والمسجد المنسوب للحسين رضي الله عنه وغيرهما بمصر، ومثل غيرهما في بلاد أخرى، فجعلوا في المسجد الواحد إمامين راتبين أو أكثر، ففي الجامع الأزهر - مثلاً - إمام للقبلة القديمة، وآخر للقبلة الجديدة،
ونحو ذلك في مسجد الحسين، وقد رأينا فيه أن الشافعية لهم إمام يصلّي بهم الفجر في الغلس، والحنفيّون لهم إمام يصلّي الفجر بإسفار، ورأينا كثيراً من الحنفيين - من علماء وطلاّب وغيرهم - ينتظرون إمامهم ليصلّي بهم الفجر، ولا يصلّون مع إمام الشافعيين، والصلاة قائمة، والجماعة حاضرة،
ورأينا فيهما وفي غيرهما جماعاتٍ تُقام متعدّدة في وقتٍ واحدٍ،
وكلّهم آثمون، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً!!!
ـ[أبو إبراهيم الحربي]ــــــــ[21 - 09 - 09, 11:39 م]ـ
تكلم عن هذه المسألة صاحب كتاب فتح الجليل شرح مختصر خليل 2/ 437 - 439
فقال: ((فرع: مهم اختلف في جمع الأئمة الأربعة بالمسجد الحرام في مقاماتهم المعهودة هل هو من باب إعادة الجماعة بعد الإمام الراتب فيكون الإمام الراتب هو الذي يصلي في مقام إبراهيم, وهو الأول ومن بعده حكمه حكم إعادة الجماعة بعد الإمام الراتب أو أشد من ذلك في الكراهة بل ربما انتهى إلى المنع لما سيأتي, أو صلاتهم جائزة لا كراهة فيها ومقاماتهم كمساجد متعددة فذكر ابن فرحون في مناسكه عن جماعة من شيوخ المذهب أنهم أفتوا بأن صلاتهم على الوجه المذكور جائزة لا كراهة فيها إذ مقاماتهم كمساجد متعددة لأمر الإمام بذلك وإذا أمر الإمام بذلك فقد زالت العلة التي لأجلها كره أن تصلي جماعة بعد جماعة, وذكر أجوبتهم بلفظها وهم العلامة عبد الكريم بن عطاء الله شارح المدونة والإمام أبو العباس أحمد بن عمر القرطبي صاحب المفهم في شرح مسلم والإمام العلامة أبو عبد الله سعيد الربعي أحد قضاة الإسكندرية وقاضي قضاة الإسكندرية محمد بن الحسن بن رشيق, قال وكان ممن جمع بين العلم والعمل والورع والتقوى, والشيخ أحمد بن سليمان المرجاني والشيخ حسن بن عثمان بن علي والشيخ عبد الرحمن بن يوسف بن المخيلي, وكان الاستفتاء المذكور في المائة السابعة ثم قال ابن فرحون: ووقفت بثغر الإسكندرية على تأليف يخالف ما أفتى به
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/414)
الجماعة وأن الإمام الراتب هو إمام المقام ولا أثر لأمر الخليفة في رفع الكراهة الحاصلة في جمع جماعة بعد جماعة واستدل على ذلك بأدلة كثيرة وألف في ذلك تأليفا, ولم يحضرني الآن اسم مؤلفه - رحم الله الجميع - انتهى.
قلت: قد وقفت على تأليفين في هذه المسألة: أحدهما - للشيخ الإمام أبي القاسم عبد الرحمن بن الحسين بن عبد الله بن الحباب السعدي المالكي, والثاني منهما للشيخ الإمام أبي إبراهيم الغساني المالكي فأما الإمام العلامة أبو القاسم عبد الرحمن بن الحسين بن الحباب فذكر أنه أفتى في سنة خمسين وخمسمائة بمنع الصلاة بأئمة متعددة وجماعات مترتبة بالمسجد الحرام على مذاهب العلماء الأربعة. وذكر أن بعض علماء الإسكندرية أفتى بخلاف ذلك وهم شداد بن المقدم وعبد السلام بن عتيق وأبو الطاهر بن عوف ثم رد عليهم وبالغ في الرد عليهم, وذكر أن بعضهم رجع عما أفتى به لما وقف على كلامه, وقال في الرد عليهم: قولهم " إن هذه الصلاة جائزة لا كراهة فيها " خلاف الإجماع فإن الأمة مجمعة على أن هذه الصلاة لا تجوز, وإن أقل أحوالها أن تكون مكروهة ; لأن الذي اختلف العلماء فيه إنما هو في مسجد ليس له إمام راتب أو له إمام راتب وأقيمت الصلاة فيه جماعة ثم جاء آخرون فأرادوا إقامة تلك الصلاة جماعة فهذا موضع الخلاف فأما حضور جماعتين أو أكثر في مسجد واحد ثم تقام الصلاة فيتقدم الإمام الراتب فيصلي وأولئك عكوف من غير ضرورة تدعوهم إلى ذلك تاركون لإقامة الصلاة مع الإمام الراتب متشاغلون بالنوافل والحديث حتى تنقضي صلاة الأول. ثم يقوم الذي يليه وتبقى الجماعة الأخرى على نحو ما ذكرنا ثم يصلون أو تحضر الصلاة الواحدة كالمغرب فيقيم كل إمام الصلاة جهرا يسمعها الكافة ووجوههم مترائية والمقتدون بهم مختلطون في الصفوف ويسمع كل واحد من الأئمة قراءة الآخرين ويركعون ويسجدون فيكون أحدهم في الركوع والآخر في الرفع منه والآخر في السجود فالأمة مجمعة على أن هذه الصلاة لا تجوز وأقل أحوالها أن تكون مكروهة فقول القائل إنها جائزة ولا كراهة فيها " خرق لإجماع الصحابة والقرن الثاني والثالث والرابع والخامس والسادس إلى حين ظهور هذه البدعة, ثم قال في موضع آخر بعد أن تكلم على المسألة: وإنها ممنوعة على مذهب مالك وغيره, ورد على من أفتى بخلافه. فأما أحمد فكفانا في المسألة مهمة فإنه منع من إقامة صلاة واحدة بجماعتين في المسجد الحرام الذي الكلام فيه ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم وقد حكي لك أن مذهب مالك والشافعي وأصحاب الرأي الذين منهم أبو حنيفة إنهم لا يرون إقامة صلاة بإمامين في مسجد واحد, فأما إقامة صلاة واحدة بإمامين راتبين يحضر كل واحد من الإمامين فيتقدم أحدهما, وهو الذي رتب ليصلي أول وتجلس الجماعة الأخرى وإمامهم عكوفا حتى يفرغ الأول ثم يقيمون صلاتهم فهذا مما لم يقل به أحد. ولا يمكن أحد أن يحكي مثل هذا القول عن أحد من الفقهاء لا فعلا ولا قولا فكيف بإمامين يقيمان الصلاة في وقت واحد يقول كل واحد منهما حي على الصلاة ويكبر كل واحد منهما وأهل القدوة مختلطون ويسمع كل واحد قراءة الآخر فهؤلاء زادوا على الخلاف الذي لسلف الأمة وخلفها ومخالفة قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن" (1) والله لم يرض هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم لمتنفلين تنفلا في المسجد, بل لم يرضه لمقتد اقتدى به فصلى خلفه فكيف يرضى ذلك لإمامين منفردين هذا مما لا نعلم له نظيرا في قديم ولا حديث.
ثم قال في موضع آخر: فأما إقامة صلاة المغرب وصلاة العشاء في شهر رمضان في وقت واحد فلم يستحسنها أحد من العلماء بل استقبحها كل من سئل عنها ومنهم من بادر بالإنكار من غير سؤال, ثم قال: وأما إذن الإمام في ذلك فلا يصيره جائزا كما لو أذن الإمام للمالكي في بيع النبيذ أو التوضؤ به أو في أن يؤم قوما ولا يقرأ " الحمد لله رب العالمين " أو في النكاح بغير ولي وأطال في ذلك, وذكر أن الشيخ أبا بكر الطرطوشي والشيخ يحيى الزناتي أنكرا هذه الصلاة, وإنهما لم يصليا خلف إمام المالكية في الحرم الشريف ركعة واحدة, قال وكان إمام المالكية في ذلك الوقت غير مغموص عليه بوجه من وجوه الفساد, وهو رزين في أيام الزناتي والقابسي في أيام الطرطوشي, ثم قال وحال هذين الرجلين مشهور عن أقراننا ومن قبلنا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/415)
بيسير, ثم ذكر عن جماعة من علماء وردوا إلى مكة في سنة إحدى وخمسين وخمسمائة, وإنهم أنكروا صلاة الأئمة الأربعة مترتبين على الصفة المعهودة, وإنه عرض ما أملاه في عدم جواز هذه الصلاة وأنكر إقامتها على جماعة من العلماء, وإنهم وافقوه على أن المنع من ذلك هو مذهب مالك والشافعي وأبي حنيفة انتهى مختصرا غالبه بالمعنى وقال الشيخ أبو إبراهيم الغساني: إن افتراق الجماعة عند الإقامة على أئمة متعددة: إمام ساجد وإمام راكع وإمام يقول سمع الله لمن حمده لم يوجد من ذكره من الأئمة ولا أذن به أحد بعد الرسول عليه الصلاة والسلام لا من صحت عقيدته ولا من فسدت لا في سفر ولا في حضر ولا عند تلاحم السيوف وتضام الصفوف في سبيل الله ولا يوجد في ذلك أثر لمن تقدم فيكون له به أسوة انتهى.
وسئل القاضي جمال الدين بن ظهيرة عن إقامة الأئمة الأربعة لصلاة المغرب في وقت واحد, وقال القائل في السؤال: إن ذلك لم يكن في زمن النبوة ولا الخلفاء الراشدين ولا في زمن الأئمة الأربعة وعن قول بعض فقهاء الإسكندرية: إن المسجد الحرام كأربعة مساجد, وإن ذلك مخالف لقول الله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} (الاسراء: من الآية1) ولقول الرسول صلى الله عليه وسلم صلاة في مسجدي هذا خير من ألف
صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام (1) ولم يقل المساجد الحرام "فأجاب" بأن صلاة الأئمة الأربعة المغرب دفعة واحدة من البدع الفظيعة والأمور الشنيعة التي لم تزل العلماء ينكرونها في الحديث والقديم ويردونها على مخترعها القادم منهم والمقيم, ثم ذكر بعض كلام ابن الحباب الذي ذكرناه وكلام الغساني, ثم قال: وقد كفانا هذان الرجلان في هذه المسألة وفيما نقله الأول منهما من إجماع الأمة وكلام الأئمة كفاية, قال: وقد أخبرني بعض أهل العلم أنه اجتمع بالشيخ الإمام العالم العلامة عالم المغرب في وقته المجمع على علمه ودينه وفضيلته أبي عبد الله بن عرفة في حجته سنة اثنين وتسعين وسبعمائة بالمسجد الحرام فإنه لما رأى اجتماع الأئمة الأربعة في صلاة المغرب أنكر ذلك, وقال إن ذلك لا يجوز بإجماع المسلمين لا أعلم بينهم في ذلك اختلافا انتهى, ثم قال وهذا صحيح لا شك فيه, وبشاعة ذلك وشناعته ظاهرة لمن ألهم رشده ولم تمل به عصبية. ودلائل المنع من ذلك من السنة الشريفة أكثر من أن تحصر وأشهر من أن تذكر, وقد يحصل من ذلك من الضرر في الموسم على المصلين ما لا مزيد عليه وتبطل صلاة كثير منهم للاشتباه, وجميع البلاد التي تقام فيها هذه الجماعات يجتمعون في صلاة المغرب على إمام واحد, وهو الشافعي الراتب الأول كبيت المقدس ودمشق وغيرهما وعلى الجملة فذلك من البدع التي يجب إنكارها والسعي لله تعالى في خفض منارها وإزالة شعارها واجتماع الناس على إمام واحد وهو الإمام الراتب, ويثاب ولي الأمر على إزالة هذا المنكر وينال به عند الله الدرجات العالية ويؤجر, وكل من قام في ذلك فله الأجر الوافر والخير العظيم المتكاثر, وأما قول من قال من فقهاء الإسكندرية بأن المسجد الحرام كأربعة مساجد فهو قول باطل سخيف, وهو أقل من أن يتعرض له برد لمخالفته المحسوس والأدلة الظاهرة المتكاثرة من الكتاب والسنة انتهى.
قلت: وما قاله هؤلاء الأئمة ظاهر لا شك فيه إذ لا يشك عاقل في أن هذا الفعل المذكور مناقض لمقصود الشارع من مشروعية صلاة الجماعة, وهو اجتماع المسلمين وأن تعود بركة بعضهم على بعض وأن لا يؤدي ذلك إلى تفرق الكلمة ولم يسمح الشارع بتفريق الجماعة بإمامين عند الضرورة الشديدة وهي حضور القتال مع عدو الدين بل أمر بقسم الجماعة وصلاتهم بإمام واحد, وقد أمر الله - سبحانه وتعالى - رسوله بهدم مسجد الضرار لما اتخذ لتفريق الجماعة, ولقد أخبرني والدي - رحمه الله تعالى - عن بعض شيوخه أنه كان يقول: فعل هؤلاء الأئمة في تفريق الجماعة يشبه فعل مسجد أهل الضرار, وهذا كله في غير المغرب, وأما ما كان يفعل في المغرب فلا يشك عاقل في حرمته مع أنه لم نر في الزمن الذي أدركناه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/416)
جتماع الأئمة الأربعة فيها, وإنما كان يصليها الشافعي والحنفي, وكان سيدي الوالد - رحمه الله تعالى - ينكر ذلك غاية الإنكار وأجاب لما سئل عن ذلك في سنة اثنين وثلاثين وتسعمائة بما صورته: أما اجتماع إمامين بجماعتين في صلاة واحدة في وقت واحد في مسجد واحد فهذا لا يجوز, وقد نقل الإجماع على عدم جواز ذلك الشيخ أبو القاسم بن الحباب والشيخ أبو إبراهيم الغساني والقاضي جمال الدين بن ظهيرة الشافعي في جواب سؤال سأله عنه الشيخ موسى المناوي, وقال إن ذلك من البدع الفظيعة والأمور الشنيعة التي لم يزل العلماء ينكرونها في الحديث والقديم ويردونها على مخترعها القادم منهم والمقيم ونقل عن ابن عرفة أنه لما حج في سنة اثنين وتسعين وسبعمائة ورأى اجتماع الأئمة في صلاة المغرب أنكر ذلك, وقال إن ذلك لا يجوز بإجماع المسلمين لا أعلم بينهم في ذلك اختلافا قال القاضي جمال الدين بن ظهيرة, وهذا صحيح لا شك فيه, وبشاعة ذلك وشناعته ظاهرة لمن ألهم رشده ولم تمل به عصبية ودلائل ذلك من السنة الشريفة النبوية أكثر من أن تحصر وأشهر من أن تذكر, ولقد يحصل من ذلك من الضرر على المصلين في الموسم ما لا مزيد عليه وتبطل صلاة كثير منهم بسبب ذلك ويجب على ولي الأمر إزالة هذه البدعة القبيحة الشنيعة وعلى كل من بسطت يده, ويثاب ولي الأمر سدده الله ووفقه على إزالة هذا المنكر وينال به عند الله الدرجات العلية ويؤجر, وكل من قام في ذلك فله الأجر الوافر ولا يجوز لمن علم هذه البدعة السكوت عليها, بل ولا على أقل منها لقوله صلى الله عليه وسلم: "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده, فإن لم يستطع فبلسانه, فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان" ومن امتنع من طاعة ولي الأمر في ذلك فهو عاص لله ولرسوله وذلك جرحة في شهادته وقادح في إمامته فلما أجاب سيدي الوالد - رحمه الله تعالى - بهذا الجواب في سنة اثنين وثلاثين وتسعمائة اجتمع القضاة الأربعة ونائب جدة وملك النجار وأئمة في الحطيم واتفق أمرهم على أن الحنفي يشرع في الصلاة قبل الشافعي وإذا قام الحنفي لركعته الثالثة من صلاة المغرب شرع الشافعية في إقامة الصلاة والإحرام, ويطيل الشافعي القراءة حتى لا يركع في الأول إلا بعد سلام الحنفي واستمر الأمر على ذلك سنة خمس وأربعين وتسعمائة فيما أظن أو سنة ست, ثم أمر بعض نواب جدة أئمة الشافعية ألا يقيموا الصلاة ولا يشرعوا في الإقامة حتى يسلم الحنفي من صلاة المغرب, ولم يمكن مخالفته فخفت البدعة بسبب ذلك ولله الحمد على ذلك واستمر على ذلك إلى وقتنا هذا في سنة خمسين وتسعمائة.
تنبيه: قال ابن ناجي في شرح المدونة: وجمعهم في المسجد الحرام لأربع جهات كل جهة بإمام واضح ; لأنها صارت كل جهة كأنها مسجد لاختصاص إمام بها, ومسجد المدينة لا يصلي فيه إلا إمام واحد, وما ذكره شيخنا - حفظه الله - يعني البرزلي غير هذا فقد وهم فظاهر الكتاب المنع, ولو أذن الإمام, وهو الذي شاهدت شيخنا يفتي به انتهى.
قلت: والعجب منه - رحمه الله تعالى - حيث يقول هذا الكلام ومالك - رحمه الله تعالى - يقول في المدونة: من وجد مسجدا قد جمع أهله, فإن طمع في إدراك جماعة في مسجد خرج, فإن كانوا جماعة فلا بأس أن يخرجوا من المسجد فيجمعوا إلا أن يكون المسجد الحرام أو مسجد النبي صلى الله عليه وسلم أو مسجد بيت المقدس فليصلوا فيه أفذاذا انتهى. ولم يقل مالك - رحمه الله تعالى-: إنهم يتحولون إلى غير جهة الإمام ويصلون جماعة, ولا يقال: إن جمعهم الآن بإذن الإمام وتقريره فيجوز ; لأنه على تقدير تسليم إذ الإمام في ذلك لا يفيد كما تقدم أن إذن الإمام في المكروه أو الحرام لا يبيحه, والله تعالى أعلم وهو الموفق.
فروع: الأول: لو صلى جماعتان بإمامين في مسجد واحد أساءوا وصحت صلاتهم قاله في التوضيح في فصل الاستخلاف, والله أعلم.
الثاني: قال في رسم الصلاة الثاني من سماع أشهب من كتاب الصلاة وسئل عن القوم يكونون في السفينة فينزل بعضهم ويبقى بعضهم فيقيم الذين بقوا في السفينة الصلاة فيصلون, ثم يجيء الذين كانوا نزلوا يجمعون تلك الصلاة في السفينة فقال برأسه لا, فروجع فيها فقال: إنما مثال الجمع فيها مرتين, ثم قال برأسه لا, قال القاضي, وهذا أبين ; لأن الجماعة إذا كانت بموضع فلا يجوز لها أن تفترق في طائفتين فتصلي كل جماعة منها بإمام على حدة لقول الله عز وجل: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ} (التوبة: من الآية107) ألا ترى أن الله تعالى لم يبح ذلك للغزاة مع شدة الخوف وشرع لهم أن يجمعوا على إمام واحد, وكذلك أهل السفينة لا يجوز لهم أن يفترقوا على طائفتين في الصلاة فلما كان ذلك لا يجوز لهم كره للذين نزلوا إذا جاءوا أن يجمعوا الصلاة لأنفسهم إذا كان الذين بقوا قد جمعوا تلك الصلاة لئلا يكون ذلك ذريعة إلى ما لا يجوز من تفرق الجماعة لا سيما إن كان الذين بقوا إنما جمع بهم إمام راتب لهم وأجاز في المدونة أن يصلي الذين فوق سقف السفينة بإمام والذين تحته بإمام ; لأنهما موضعان فليس بخلاف لهذه الرواية والله أعلم انتهى بلفظه.
الثالث: قال البرزلي في مسائل الصلاة في سؤال قصر المسير وجواب أبي محمد لأهله فمن جملة ذلك: وأما الذين يصلون في وقت واحد بإمامين ويتبع كل إمام طائفة وهما متقاربان فيشكل على كل طائفة هل يتبعون إمامهم أو غيره فيما يسمعون من التكبير وغيره فهذا لا يجوز وصلاة من صلى ممن صار في شك هل اتبع إمامه أو غيره فاسدة, ولو أيقن أنه اتبع إمامه إلا أنه في شغل عن مراعاة ذلك قد شغله التكلف فيه فهذا لا ينبغي, ولكل إمام أن يتحرج من هذا إن تعين بفعله في فساده لصلاة الناس ولكن يقدم أحدهما فيصلي قبل الآخر, ثم يصلي الآخر إن كان في الوقت سعة وإن كان في الوقت ضيق مثل
صلاة المغرب, وكان يشكل عليهم ذلك فلا ينبغي ذلك ولينضموا إلى إمام واحد وينحاشوا إلى المسجد الكبير القديم ولا تدخل نفسك فيما تشك انتهى, وهذا في غير المسجد الذي له إمام راتب, والله أعلم.))
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/417)
ـ[ابو العز النجدي]ــــــــ[22 - 09 - 09, 01:36 ص]ـ
هذه صور المقامات
http://lamine2000.jeeran.com/images/new/mak3.jpg
http://www.lovely0smile.com/g-img/mkah/010.jpg
http://www.alfalaq.com/images/mak25.jpg(146/418)
التعريف بآل الصحابي أبي الدرداء رضي الله عنهم
ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[27 - 07 - 08, 11:50 ص]ـ
أبو الدرداء رضي الله عنه – واسمه عويمر – من قرّاء الصحابة الذين حثَّ النبي صلّى الله عليه وسلّم على أخذ القرآن منهم، وقد توفي لسنتين بقيتا من خلافة عثمان رضي الله عنه، وتزوّج امرأتين:
الأولى: أم الدرداء الكبرى الصحابية رضي الله عنها.
وهي خيرة بنت أبي حدرد، ماتت قبل أبي الدرداء، ولها في مسند أحمد (6/ 361 و 452) أحاديث مرفوعة، والغريب أن الحافظ ابن حجر لم يترجم لها في كتابه "تعجيل المنفعة بزوائد رجال الأئمّة الأربعة"، وترجم لها في "الإصابة" (4/ 295/ ط. المغرب).
الثانية: أم الدرداء الصغرى التابعية.
وهي هجيمة بنت حيي الوصابية، مات أبو الدرداء عنها، فلم تتزوّج بعده، وترجم لها المزّي في تهذيب الكمال (8569)، وذكر أنها كانت يتيمة في حِجر أبي الدرداء، ولها ترجمة مطوّلة في تاريخ دمشق، ونقل ابن عساكر عن التاريخ الأوسط للبخاري أنها حجّت سنة إحدى وثمانين وأنها كانت فقيهة، وذكر ابن حجر في تقريب التهذيب (8728) أنها ماتت سنة إحدى وثمانين.
ولأبي الدرداء من أم الدرداء الكبرى الصحابية:
- ابنه بلال، روى عن أبيه أحاديث، وكان قاضياً، ترجم له المزِّي في تهذيب الكمال (768)، وهو أسنّ من أم الدرداء الصغرى، وتوفي سنة ثلاث وتسعين، وله عقب.
- ابنته الدرداء، روت عن أبيها حديثاً مرفوعاً؛ أخرجه البزار (2198 – مختصر زوائده لابن حجر)، ولها ترجمة في تاريخ يحيى بن معين (3/ 124/ ت: أحمد نور سيف)، وتوفّيت قبل أم الدرداء الصغرى، وذكر مسلم في صحيحه (2733) أن زوجها هو صفوان بن عبد الله بن صفوان (وهو من الرواة عن أبي الدرداء).
ـ[صلاح السعيد]ــــــــ[03 - 08 - 08, 06:27 م]ـ
اللهم ارضى عن أبي الدرداء وآله
ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[01 - 03 - 10, 05:50 م]ـ
اللهم ارضى عن أبي الدرداء وآله
آمين، وحشرنا وإياهم مع النبيين والصدّيقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً.
ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[14 - 04 - 10, 07:52 ص]ـ
ابنه بلال، روى عن أبيه أحاديث، وكان قاضياً، ترجم له المزِّي في تهذيب الكمال (768)، وهو أسنّ من أم الدرداء الصغرى، وتوفي سنة ثلاث وتسعين، وله عقب.
ولبلال ابن أبي الدرداء ابن اسمه سليمان،
أسند عنه الحافظ ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (مختصر بدران 6/ 248).
ولسليمان بن بلال ابن أبي الدرداء ابن اسمه محمد،
ترجم له ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (7/ 267) فقال:
أبو سليمان، روى عن أمه عن جدتها عن النبي صلى الله عليه وسلّم، روى عنه سليمان بن شرحبيل وهشام بن عمّار، سمعت أبي يقول ذلك، حدثنا عبد الرحمن قال: وسألتُ أبي عنه فقال: ما بحديثه بأس.
ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[13 - 05 - 10, 12:00 م]ـ
ولبلال بن أبي الدرداء ابن اسمه سليمان وابنة اسمها عثامة،
- سليمان بن بلال بن أبي الدرداء
ترجم له ابن عساكر في " تاريخ دمشق " وقال: روى عن جدته أم الدرداء وأبيه بلال روى عنه ابنه محمد بن سليمان وأيوب بن مدرك الحنفي
- عثامة بنت بلال بن أبي الدرداء
ترجم لها ابن عساكر في " تاريخ دمشق " فقال: امرأة متعبدة ذكر أبو العباس أحمد بن محمد بن مسروق الطوسي نا محمد بن الحسين أبو شيخ الترجماني حدثني الحسن بن عبد العزيز بن الوزير الجذامي حدثني عبد الله بن يوسف الدمشقي أن عثامة بنت بلال بن أبي الدرداء كف بصرها وكانت متعبدة، فدخل عليها ابنها يوماً وقد صلى، فقالت: أصليتم أي بني؟ قال: نعم، فقالت:
عثام ما لك لاهيه * حلت بدارك داهيه
أبكي الصلاة لوقتها * إن كنت يوما باكيه
وأبكي القرآن إذا تلي * قد كنت يوما تاليه
تتلينه بتفكر * ودموع عينك جاريه
لهفي عليك صبابة * ما عشت طول حياتيه *
ولسليمان بن بلال ابن أبي الدرداء ابنان: محمد والحسين،
فأما محمد بن سليمان بن بلال بن أبي الدرداء
فترجم له ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (7/ 267) فقال:
أبو سليمان، روى عن أمه عن جدتها عن النبي صلى الله عليه وسلّم، روى عنه سليمان بن شرحبيل وهشام بن عمّار، سمعت أبي يقول ذلك، حدثنا عبد الرحمن قال: وسألتُ أبي عنه فقال: ما بحديثه بأس.
وأما ابنه الآخر الحسين، فسأؤجِّل الكلام عنه حتى يتجمّع عندي مزيدمن المعلومات، ولكن أكتفي الآن بالقول أن اسمه ذُكِرَ في ترجمة حفيده محمد بن سليمان بن الحسين بن سليمان بن بلال بن أبي الدرداء
ولمحمد بن سليمان بن بلال بن أبي الدرداء ابنان، إبراهيم وعبد العزيز،
- إبراهيم بن محمد بن سليمان بن بلال ابن أبي الدرداء، أبو إسحاق
ترجم له ابن عساكر في " تاريخ دمشق " وقال: روى عن أبيه روى عنه محمد بن الفيض ... قال أبو الحسن محمد بن الفيض توفي إبراهيم بن محمد بن سليمان سنة اثنتين وثلاثين ومئتين. اهـ.
- عبد العزيز بن محمد بن سليمان بن بلال بن أبي الدرداء أبو الأصبغ الأنصاري:
ترجم له ابن عساكر في " تاريخ دمشق " وقال: من أهل دمشق حدث بمصر روى عنه سعيد بن كثير بن عفير كتب إلي أبو زكريا يحيى بن عبد الوهاب بن منده وحدثني أبو بكر اللفتواني عنه أنا عمي أبو القاسم عن أبيه أبي عبد الله قال قال لنا أبو سعيد بن يونس عبد العزيز بن محمد بن سليمان بن بلال بن أبي الدرداء صاحب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يكنى أبا الأصبغ من أهل دمشق قدم مصر وحدث بها روى عنه سعيد بن عفير.
ولإبراهيم بن محمد بن سليمان بن بلال ابن أبي الدرداء ابن اسمه إسحاق
- إسحاق بن إبراهيم بن محمد ابن سليمان بن بلال بن أبي الدرداء أبو يعقوب
ترجم له ابن عساكر في " تاريخ دمشق " وقال: أبو يعقوب، ويقال أبو الأصبغ الأنصاري حدث بمصر عن أبي الجماهر محمد بن عثمان التنوخي روى عنه سعيد بن كثير بن عفير وأبو بشر الدولابي.
.... وقال أبو سعيد بن يونس: إسحاق بن إبراهيم بن محمد بن سليمان بن بلال بن أبي الدرداء الأنصاري صاحب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يكنى أبا الأصبغ دمشقي قدم إلى مصر روى عنه سعيد بن عفير. اهـ.(146/419)
هذه هي عائشة الحرة و هذه دارها لازالت شامخة في قلب البيازين بغرناطة
ـ[هشام زليم]ــــــــ[29 - 07 - 08, 04:40 ص]ـ
بسم الله الرحمان الرحيم.
فهذا موضوع بسيط للتعريف بعلم من الأعلام التي أضاءت ببلاد الأندلس في وقت كانت فيه الأنوار تخبو بتلك البلاد السليبة.
إنها عائشة الحرة والدة أخر ملوك الأاندلس أبو عبد الله الذي اشتهر بكونه أخر ملم مسلم ببلاد الأندلس.
لقد لعبت هذه المرأة دورا مهما في إنقاد عرش غرناطة من مؤامرات الثريا الرومية وثبات الغرناطيين أمام النصارى و خاصة في بعث روح المقاومة لدى ابنها الملك أبو عبد الله الصغير.
ولقد احتفظ الإسبان إلى يومنا هذا باحترام و تقدير لهذه المرأة و ألفوا حولها القصص و الأساطير و حافظوا على منزلها في حي البيازين الشهير بغرناطة المعروف اليوم ب"دار الحرة".
يقول مؤرخ الأندلس المعاصرالأستاذ عبد الله عنان رحمه الله في كتابه "نهاية الأندلس" ص184و186 عن عائشة الحرة:
"و تحتل شخصية عائشة الحرة في حوادث سقوط غرناطة مكانة بارزة. و ليس ثمة في تاريخ تلك الفترة الأخيرة من المأساة الأندلسية شخصية تثير من الإعجاب و الإحترام, و من الأسى و الشجن, قدر ما يثير ذكر هذه الأميرة النبيلة الساحرة, التي تذكرنا خلالها البديعة, و مواقفها الباهرة, وشجاعتها المثلى إبان الخطوب المدلهمة, بما تقرأه في أساطير البطولة القديمة من روائع السير و المواقف.
و الواقع أن حياة السلطانة "الحرة" , تبدو لنا خلال الحوادث و الخطوب, كأنها صفحة من القصص المشجى, أكثر مما تبدو كصفحة من التاريخ الحق, وهذا اللون القصصي لا يرجع فقط إلى كونها أميرة أو امرأة, تشترك في تدبير الملك, وتدبير الشؤون و الحوادث, و لكن يرجع بالأخص إلى شخصيتها القوية, وإلى سمو روحها و رفيع مثلها, وإلى جنانها الجرئ يواجه كل خطر, و يسمو فوق كل خطب و مصاب. و الواية القشتالية ذاتها – و هي تسميها عائشة حسبما قدمنا- لا تضن عليها بالتنويه و التقدير, و هي التي تسبغ على شخصيتها و حياتها كثيرا من هذا اللون القصصي المشجي.
كانت عائشة "الحرة" ملكة غرناطة في ظل ملك يحتضر, و مجد يشع بضوئه الأخير ليخبو و يغيض. و قد رزقت من زوجها الأمير أبي الحسن بولدين هما: أبو عبد الله محمد و أبو الحجاج يوسف. وكانت روح العزم و التفاؤل, التي سرت في بداية هذا العهد إلى غرناطة, تذكي بقية من الأمل في إنقاذ هذا الملك التالد. و كانت عائشة ترى من الطبيعي أن يؤول الملك إلى ولدها, و لكن حدث بعد ذلك ما يهدد هذا الأمل المشروع. ذلك أن الأمير أبا الحسن ركن في أواخر أيامه إلى حياة الدعة, و استرسل في أهوائه و ملاذه, و اقترن للمرة الثانية بفتاة نصرانية رائعة الحسن, تعرفها الرواية الإسلامية باسم "الثريا" الرومية. و تقول الرواية الإسبانية إن ثريا هذه و اسمها النصراني إيسابيلا, وتعرفها الرواية أيضا باسم "زريدة", كانت ابنة عظيم من عظماء إسبانيا و هو القائد "سانشو خمنيس دي سوليس" و أنهاأخذت أسيرة في بعض المعارك, وهي صبية فتية, وألحقت وصيفة بقصر الحمراء, فاعتنقت الإسلام, وتسمت باسم ثريا أو كوكب الصباح, فهام بها الأمير أبو الحسن, ولم يلبث أن تزوجها, و اصطفاها على زوجه الأميرة عائشة, التي عرفت عندئذ "بالحرة" تمييزا لها من الجارية الرومية, أو إشادة بطهرها و رفيع خلالها. و يقول لنا المؤرخ المعاصر هرناندو دي بياثا, إن السلطان أبا الحسن كان يقيم يومئذ مع زوجه الفتية الحسناء في جناح الحمراء الكبير أو قصر قمارش, وذلك بينما كانت تقيم الحرة و أولادها في جناح بهو السباع.
...
"و كان الأميرأبو الحسن قد شاخ يومئذ و أثقلته السنون, و غدا أداة سهلة في يد زوجه الفتية الحسناء. وكانت ثريا فضلا عن حسنها الرائع فتاة كثيرة الدهاء و الأطماع, و كان وجود هذه الأميرة الأجنبية في قصر غرناطة, واستئثارها بالسلطان و النفوذ في هذه الظروف العصيبة, التي تجوزها المملكة الإسلامية, عاملا جديدا في إذكاءعوامل الخصومة والتنافس الخطرة. و كانت ثريا في الواقع تتطلع إلى أبعد من السيطرة على الملك الشيخ. ذلك أنها أنجبت من الأمير أبي الحسن كخصيمتها عائشة ولدين, هما سعد و نصر, ومانت ترجو أن يكون الملك لأحدهما. و قد بذلت كل ما استطاعت من صنوف الدس و الإغراء لإبعاد خصيمتها
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/420)
الأميرة عائشة عن كل نفوذ و حظوة, وحرمان ولديها محمد و يوسف من كل حق في الملك, وكان أكبرهما محمد أبو عبد الله ولي العهد المرشح للعرش, و كان أشراف غرناطة يؤثرون ترشيح سليل بيت الملك, على عقب الجارية النصرانية. و لكن ثريا لم تيأس و لم تفتر همتها, فما زالت بأبي الحسن حتى نزل عند تحريضها و رغبتها. و أقصى عائشة وولديها عن كل عطف و رعاية, ثم ضاعفت ثريا سعيها و دسها حتى أمر السلطان باعتقالها, وزجت عائشة مع ولديها إلى برج قمارش, أمنع أبراج الحمراء, وشدد في الحجر عليهم, وعوملوا بمنتهى الشدة و القسوة .... و ذهبت ثريا في طغيانها إلى أبعد حد فحرضت الملك الشيخ على إزهاق ولده أبي عبد الله عثرة أمالها.
"و كانت الأميرة عائشةامرأة وافرة العزم و الشجاعة, فلم تستسلم إلى قدرها الجائر, بل عمدت إلى الإتصال بعصبتها و أنصارها, وفي مقدمتهم بنو سراج أقوى أسر غرناطة, وأخذت تدبر معهم و سائل الفرارو المقاومة. و لما وقفت الأميرة عائشة من أصدقائها على نية أبي الحسن قررت أن تبادر بالعمل, وأن تغادر قصر الحمراء مع ولديها بأية وسيلة. و في ليلة من ليالي جمادى الثانية سنة 887 هجرية (1482م) استطاعت الأميرة أن تفر مع ولديها محمد و يوسف بمعاونة بعض الأصدقاء المخلصين. و الرواية الإسلامية تشير إلى فرار الأميرين فقط دون أمهما"
و هكذا ظهر ابن عائشة أبو عبد الله الصغيرفي وادي أش و ثار على أبيه و خلعه عن الحكم. و قامت حرب أهلية بين الإبن و الأب الذي التجأ إلى أخيه الزغل حاكم مالقة.
و بعد و فاة أبي الحسن اشتدت الحرب بين أبي عبد الله الصغير و عمه الزغل و قسموا المملكة المسلمة إلى شطرين. و قد استغل العدو النصراني الفرصة وانقض أولا على ما بيد الزغل من أراضي فاستسلم هذا الأخير ودخل تحت لواء فرديناند و أيسابيلا. وبقي ما بيد ابي عبد الله الصغير و قد اعتقد النصارى أنه سيسلم لهم مفاتيح البلاد دون مقاومة. لكن هنا ظهر الدور الكبير لعائشة الحرة التي حرّضت ابنها على المقاومة و ساعدها على إذكاء روح المقاومة رجل قلّما ذكره التاريخ و هو موسى بن أبي الغسان الذي أسكت كل الأصوات الداعية إلى الإستسلام. و فعلا استجاب أبو عبد الله الصغيرللتحريض و ظهرت منه بطولات محترمة في جهاد الصليبيين لكن هذا لم يمنع من الإستسلام أخيرا للقوة الصليبية.
بعد هذا الإستسلام وخروج أبي عبد الله متحسرا باكيا من غرناطة و حمرائها قالت عائشة الحرة جملتها الشهيرة:
" أجل فلتبك كالنساء, ملكا لم تستطع أن تدافع عنه كالرجال".
و هذه صورة لدار الحرة بحي البيازين و هو المنزل الذي سكنت به بعد خروجها من قصر الحمراء مع ولديها.
http://www.vivagranada.com/images/daralhorra.jpg
و هذه صورة أخرى تظهر فيها "دار الحرة" في أول الصورة إلى اليسار وخلفهاالقصرالضخم لأيسابيلا الكاثوليكية الذي أنشأته الملكة الكاثوليكية بعد سقوط غرناطة بيدها. و قد تم ترميم "دار الحرة" في بدايات القرن العشرين.
http://www.vivagranada.com/images/sancristobaldetail.jpg
تلك أثارنا تدل علينا****فانظروا بعدنا إلى الأثار
ـ[أبو عبدالله الخليلي]ــــــــ[29 - 07 - 08, 08:35 ص]ـ
إنا لله وإنا إليه راجعون ..
هل من مصدر للسطور السابقة يتكلم بصورة أوسع عن الأندلس؟
جزاك الله كل خير
ـ[أبو المنهال الأبيضي]ــــــــ[29 - 07 - 08, 11:27 ص]ـ
دولة الإسلام في الأندلس، لمحمد عبد الله عنان (1896_1986 م)، في ستة أجزاء، وما نقل منه الأستاذ المغربي جزء من هذه السلسلة، وقد استغرق هذا الكتاب من مؤلفه 25 عامًا، صدر عن مكتبة الخانجي، ثم نشرته مكتبة الأسرة.
الجزء الأول: من الفتح إلى بداية عهد الناصر.
الجزء الثاني: الخلافة الأموية والدولة العامرية.
الجزء الثالث: دول الطوائف منذ قيامها حتى الفتح المرابطي.
الجزء الرابع: عصر المرابطين وبداية الدولة الموحدية.
الجزء الخامس: عصر الموحدين وانهيار الأندلس الكبرى.
الجزء السادس: نهاية الأندلس وتاريخ العرب المتنصرين.
وينظر هذا الرابط للفائدة:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=131066(146/421)
الجلالقة والسلاجقة
ـ[شعيب عمر عباس]ــــــــ[29 - 07 - 08, 08:59 ص]ـ
السلام عليكم
هل لكم بارك الله بكم أن تبينوا لنا من هم الجلالقة؟؟ حبذا بشئ من التفصيل ان أمكن
أم أنهم نفس السلاجقة
ـ[عبدالله حمود سعيد النيادي]ــــــــ[29 - 08 - 08, 02:54 م]ـ
السلام عليكم اخي الكريم.
هناك كبير فرق بين الطاثفتين.
الجلالقة هم من نصارى القوط وينسبون إلى جليقية في الأندلس والذي اسس هذه الدولة هو بلاي. انظر كتاب تاريخ الأندلس لامحمد عبدالله عنان.
والسلاجقة هم حماة الإسلام اصحاب عقيدة سليمة اتوا من تركستان واستقروا في آسيا الصغرى وحاربوا نصارى المشرق وانتصروا عليهم في عدة مواقع واشهرها ملاذكرد تحت قيادة آب ارسلان, وورث ملكهم بعد ذلك العثمانيون الكرام بعد انهيارها على يد المغول.
ـ[شعيب عمر عباس]ــــــــ[10 - 09 - 08, 07:17 ص]ـ
شكرا لك أخي الكريم وجزلك الله خيرا(146/422)
الفقيه العلامة المصلح الشيخ السعيد ابهلول الورتلاني
ـ[ابو مريم الجزائري]ــــــــ[29 - 07 - 08, 02:59 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
نترجم اليوم للفقيه العلامة المصلح الشيخ السعيد ابهلول الورتلاني رفض الوظيفة و زهد في جاهه العريض، وسخر حياته من أجل محاربة البدع والدفاع عن الدين الإسلامي كما ساهم بجهوده في المجال التعليمي والتربوي الذي رابط فيه زهاء 60 سنة من عمره المديد (86 سنة)، كما ساهم في تنوير مجتمعه بتعاليم الإسلام السمحة، وكان المرجع في بلاد زواوة في المسائل و الإفتاء، فهو القاضي و المفتي الشعبي في المساجد و الأسواق و التجمعات.
مقدمة:
لقد كانت لحالة الجزائريين المرضية في القرن 19 للميلاد من انتشار للضلالات وأسباب الغواية والانحراف ومحاولة الاستدمار طمس الشخصية ونشر الإلحاد والتنصير فبرز علماء جزائريون حاولوا بكل جهدهم تنوير قومهم، و تعليمهم مبادئ الدين الإسلامي الحنيف، بعيدا عن الخزعبلات و البدع التي انتشرت بسبب الجهل و الاستدمار، و من بين هؤلاء الرجال مترجمنا الذي عمل جاهدا مع ثلة من العلماء يتقدمهم الشيخين عبد الحميد بن باديس والإبراهيمي الذين عملوا على التصدي ومحاصرة هذه الأمراض التي فككت أواصر هذه الأمة، و بذلوا الغالي و النفيس في سبيل تصحيح المفاهيم و إعداد الشعب الجزائري للعودة إلى منابع الإسلام القرآن الكريم و السنة النبوية الشريفة.
مولده و أسرته:
ولد في قرية ألموثن ببني ورتيلان، ولاية سطيف حاليا سنة 1276 هـ (1859 م)، و قد كتب والده في مجلد مخطوط بخط يده ما يلي: " .... في اليوم الثامن من رجب أحد شهور الله الحرم من عام 1276 هـ سنة ست و سبعين و مائتين وألف، جعل الله البركة في عمره و أنبته نباتا حسنا و رزقه العلم النافع و القلب الخاشع و الرزق الواسع و العمل المتقبل، و حفظه مما يخشى منه و جعله بارا لربه مع والديه و حشرنا و إياه مع أبائنا في زمرة مؤلفي هذا الكتاب و تغمدنا برحمته آمين".
ينتمي إلى أسرة " المرابطين الشرفاء " [وأخيكم أبو مريم منهم] الذين ينتسبون – و الناس مصدقون في أنسابهم – إلى الدوحة النبوية الشريفة، و بقوا محافظين على هذا الشرف حتى حين امتزجوا بمختلف الأسر البربرية بالمصاهرة، فيسبق اسمهم " بسيدي فلان"، أما الأنثى فتدعى ب: " للا ".
و هذه الأسرة اشتهرت بالعلم و الدين، فعائلة أبهلول (البهاليل: الشجعان الصناديد) لا يخلو جيل منها من عالم قرآني أو محدث أو فقيه أو أديب.
طلبه العلم و شيوخه:
أول شيوخه هو والده الشيخ الطاهر بن احمد ابهلول و قد عرف بعلمه وفقهه، كما كان من حفاظ القرآن الكريم، فعلمه مبادئ العربية و رسم الكتابة، و لما بلغ الخامسة من عمره بدأ في تحفيظه القرآن الكريم، كما قام بتأديبه و تربته أحسن تربيه فلقته تعاليم الإسلام القويم، و قد طال العمر بالوالد حتى رأى ابنه عالما و مدرسا لا يشق له غبار.
و حفظ مترجمنا عن ظهر قلب بعض الأراجيز في القراءات و التوحيد و مبادئ الفقه و اللغة، أثناء حفظه للقرآن الكريم الذي ختمه ثلاث ختمات متتالية، ثم قرأ مختصر خليل في الفقه و ألفية ابن مالك، و حفظ المتون المعروفة في وقته و استوعب النص و شروحه، مما جعله مرجعا حجة في القضاء و الفتوى لا يجاري و لا يضاهي بإجماع علماء وقته ومشايخه.
بعد هذه المرحلة انتقل لطلب العلم عند علماء وشيوخ المعاهد و الزوايا المعروفين و منهم:
- الشيخ يحي حمودي امام و مدرس مسجد اولموتن ببني ورتيلان حتى وفاته، اخذ عنه علوم الشريعة و الدين و قد أجازه بما لديه من مرويات و كتب بعد ان لمس بنفسه سعة علمه و أهليته لتلقي العلوم الشرعية.
- الشيخ عبد الله حمودي ابن الشيخ يحي حمودي و خليفته بعد وفاته و اخذ عنه علوم العربية و النحو و الصرف و البلاغة و البيان، و قد أجازه هو الأخر كوالده لما تأكد له ضلوعه في العلوم المدروسة.
- الشيخ السعيد بن الحريزي العيدلي و عنه اخذ اصول الفقه و علوم اللسان و البلاغة و العروض.
- الشيخ محمد القاضي الصدوقي من قرية ثقاعت بلدة صدوق و لاية بجاية و عنه اخذ الفقه و التصوف و التفسير.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/423)
- الشيخ احمد رحاب المجاهد الذي شارك في ثورة الشريف المقراني سنة 1871م، و عنه اخذ فنون المنطق و التاريخ الإسلامي عبر مؤلفات سعيد قدورة الازهري.
كما اخذ علوم التفسير و الحديث الشريف و الفقه عن الأساتذة:
- الشيخ حمدان لونيسي دفين المدينة النبوية طيبة المطيبة،الأستاذ الكبير و الأب الروحي للإمام عبد الحميد بن باديس، حيث تتلمذ له مترجمنا لما كان يزور مدينة قسنطينة، كما كان يراسله يطلب رأيه في الفتاوي التي تعرض عليه، و كان مترجمنا حين يخاطبه يحليه هكذا: " حضرة ذي المعارف الربانية و النفحات الرحمانية، وارث علم الأولين، ونخبة العلماء العاملين، إمام التحقيق، و علم التحرير و التدقيق، العلامة الجليل، الدراكة النبيل ... ".
- العالم المفكر العامل بعلمه، الأستاذ المربي المعلم عبد القادر المجاوي القسنطيني المغربي (ت سنة1332) المدرس بجامع الكتاني والمدرسة الكتانية بقسنطينة، ثم بالمدرسة الثعالبية بالجزائر العاصمة، من مؤلفات الكثيرة: " إرشاد المتعلمين"، و" المرصاد في مسائل الاقتصاد" , و " شرح منظومة في إنكار البدع والمفاسد الاجتماعية " للمفتي الشيخ المولود بن الموهوب.
- الشيخ صالح بن مهنا القسنطيني الأزهري، أحد رجال الإصلاح في الجزائر الذين مع الأسف لا يعرفهم الكثير، وقد كان المفكر الراحل مالك بن نبي رحمه الله يعتبره رمز الإصلاح في الجزائر وينوه بذكره في كتبه و مقالاته و مجالسه و مذكراته، درس بجامع الزيتونة المعمور، و بالأزهر الشريف، و عين إماما خطيبا بالجامع الكبير بقسنطينة بعد عودته إلى أرض الوطن، كما شارك في التعليم و التدريس، و التأليف أيضا حيث ترك مؤلفات منها " البدر الأسمى في بيان معاني نظم الأسماء الحسنى " و " كتاب شرح ابن عاشر "
و " تنبيه المغترين والرد على إخوان الشياطين " و " مختصر الترغيب والترهيب " و غيرها.
- الشيخ الفقيه الأديب الأريب، عاشور الحنفي البسكري.
التدريس:
انتصب للتدريس و هو دون الثلاثين من عمره، و استمر فيه أكثر من ستين سنة، و كانت له طريقة في التعليم يستعمل فيها مختلف الطرق منها إيراد الأقوال و الأمثال و الحكم و الأشعار، و قد استقبل الطلبة القادمين من مختلف جهات الوطن، و كان يوزعهم على محسني القرية للتكفل بهم، الى جانب هذا كان ينتقل إلى أماكن النزاع بنفسه للإصلاح بين المتنازعين، و قد اشتهرت فتاويه حتى اعتمدها القضاة و راسله الكثير منهم في شأنها، و قد علق على فتاويه و أعجب بها و رضي بما فيه شيخه حمدان لونيسي، كما قرضها الشيخ عبد الحميد بن باديس.
علم في نواحي عين البيضاء (أم البواقي)، وادي زناتي (ولاية قالمة)،
زاوية بوقشابية (عنابة) حيث درس مختصر خليل و السنوسية في التوحيد و الاجرومية في النحو و غيرها
معهد زاوية فريحة الساحلية ببني ورتيلان و له تلاميذ نجباء خلفوه في التدريس منهم التلميذ الوفي الشيخ صالح الفريحي
مسجد الشيخ الرحالة الشريف الحسين الورتيلاني ومن تلامذته فيه الشيخ الداعية الفضيل الورتيلاني و غيره من الطلبة الذين انتقلوا إلى قسنطينة للالتحاق بمعهد ابن باديس (الجامع الاخضر) و أصبحوا قادة الحركات الإصلاحية و العلمية و الوطنية و استشهد غالبهم في الثورة التحريرية المباركة في سن متقدمة
معهد الزاوية الزورقية بمشارف بني وغليس شمال وادي الصومام، و هي تنسب الى الشيخ احمد زروق البرنوسي.
معهد زاوية سيدي موسى بني وغليس في سفح جبال جرجرة شمال وادي الصومام الذي يصب قرب ميناء بجاية الحمادية، و هو معهد مشهور في بلاد القبائل الصغرى و الكبرى لما له من أوقاف و شيوخ حيث يؤمه مئات الطلبة من جهات القطر الجزائري، و قد اشتهر بتخريج أئمة الصلوات و الخطباء، فحفظة القرآن الكريم منه يعدون بالمئات من خراطة عين الكبيرة نقاوس باتنه الزاب و غيرها.
مسجد سيدي عيش (بجاية) حيث كان الشيخ ينزل كل يوم أربعاء، و هو يوم تنعقد فيه سوق عمومية مزدهرة و مشهورة يقصدها الناس بكثرة من القرى و المداشر المجاورة، فكان يعقد مجلس فتوى و قضاء يفتى فيه الناس ـ، يتلوه دروسا للشيخ في الفقه و النحو و كتاب السلم في المنطق للشيخ الاخضري.
تلامذته:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/424)
تخرج على يدي الشيخ خلق و أمم لا تعد و لا تحصى، و قد رأينا كثرة المعاهد و الزوايا التي درس و علم فيها، و كيف كان من المجددين في الحركة الاصلاحية، و من أشهر تلامذته:
أبناؤه:
- شهيد الثورة التحريرية المباركة،الأستاذ المربي الأديب الشاعر عبد الملك فضلاء (1920 – 1957 م).
- العالم الأديب المسرحي محمد الطاهر فضلاء رحمه الله (30/ 03 / 1918 م - 19/ 07 / 2005 م).
- الأديب المسرحي محمد الباهي فضلاء حفظه الله.
و العلماء و المشايخ:
- الشيخ المصلح الرحالة الفضيل الورتيلاني.
- الهادي الزروقي مؤسس الحركة الاصلاحية ببجاية
- العربي الشريف امام مسجد سيدي عيش و شهيد الثورة التحريرية
- يحي الحافظي امام حر و مدرس
- محمد الطاهر شرفاوي امام و مدرس
- محمد الشريف شرفاء امام و مدرس و صهر الشيخ السعيد.
- احمد بلعياضي امام بأولاد أبراهم بلد الشيخ الإبراهيمي و لاية برج بوعريريج. وعشرات غيرهم.
مؤلفاته:
ترك رسائل كثيرة منها:
رسالة في الرد على القائلين من الطرقيين بوجوب تلقين الأوراد للعوام من المريدين و هي الرسالة التي طبعت سنة 1928 م بمطبعة رودوسي، و قد قرضها و أثنى عليها عدد من العلماء آنذاك منهم الشيخ البشير الإبراهيمي الذي كتب إليه رسالة مطولة بخصوصها أنقلها هنا:
" الحمد لله
جناب العلامة الاديب أخينا سيدي محمد السعيد البهلولي أطال الله بقاءه و رزقنا لقاءه
السلام عليكم و رحمة الله:
وفاء للثناء الذي أنتم أهله، و كفاء للفضل الذي أنتم قراراته و محله ...
نقدم لكم تهانينا القلبية بهذا العيد، راجين أن يكون طليعة خير و فأل يمن لجميع المسلمين.
و ننهي لأخوتكم الكاملة، إني اتصلت في أثناء السنة الماضية، بواسطة الأخ محمد السعيد بن الشيخ الحسن برسالة من وضعكم، و ابلغني اقتراحا من فضيلتكم على هذا الحقير، أن يلقي عليها نظرة، و يعطي فكرة فيما تضمنته، ثم يرشد إلى طبعها إن رآها صالحة.
هزتني أريحية الثناء على جنابكم أولا لكمال إنصافكم و حسن ظنكم في هذا العاجز و أكبرت صنيعكم في ذلك.
ثم تأملت الرسالة، فإذا انتم ترمون عن قوس فكرتي، و ترودون مراد انتجاعي، فحمدت الله، و أيقنت أن ذلك نتيجة التعارف الروحي.
المسألة التي كتبتم فيها هي المسألة الشاغلة لأفكار دعاة الإصلاح الديني في الشرق ... و لأخيكم الضعيف في هذا الميدان جولة ظهرت آثارها في الشرق مؤيدة بجند الله و البرهان العقلي، و سلاح الأصلين الأصيلين: كتاب الله و ما صح من سنن نبيه [صلى الله عليه و على آله وسلم] القولية و الفعلية ... بيد أن حالة الشرق غير حالة بلادنا، فالأنصار في الشرق متوافرون، و فكرة الإصلاح قد تسربت الى نفوس كثير من الطبقات، و تشربتها و خالطتها بشاشتها، و شعر الجمهور بفظاعة الحالة الحاضرة ووجوب التزحزح عنها ...
لذلك تضاعف فرحي و ابتهاجي حين طلعت على فكركم في هذه المسألة و أنا أعدكم من أنصار هذه الحركة المباركة – حركة الإصلاح الديني – و أقوى ظهرانينا في هذه البلاد المنكوبة التي ابتليت بجدب العقول و قحط الرجال.
مولاي
نحن في فوضى دينية لا يدرك لها غور، و من كتم داءه قتله، و نهج السلامة واضح، و ما هو إلا الرجوع إلى الحق و الخضوع لسلطانه، و ما الحق إلا ما كان عليه سلفنا الصالح تحققا و اتصافا ثم تبليغا و إرشادا " الكتاب و السنة، منهما المبدأ و اليهما المرجع"
قامت علينا الحجة بقوله تعالى: " و أن هذا صراطي مستقيما فأتبعوه " الآية.
فخالفناه و اتبعنا السبل، فتفرقت بنا عن سبيل الله ... و بقوله تعالى: " , أن أقيموا الدين و لا تتفرقوا فيه "، و تبرأ منا نبينا صلى الله عليه و على آله وسلم كما علمه سبحانه و تعالى: " إن الذين فرقوا دينهم و كانوا شيعا لست منهم".
إن الباحثين في أحوال الإسلام وبنيه و المنقبين عن عللهم الاجتماعية كانوا يحصرون أسباب انحطاطهم بعد ذلك الصعود، و ذلهم بعد تلك العزة القعساء في سبب واحد هو ما نحن فيه: خلاف في الدين و مكابرة في اليقين، و أهواء مطاعة على غير بينة، و لا هدى و لا كتاب منير ...
... و إنني أهنئ نفسي بوجودكم، و حسن ذوقكم، وأتوسم فيكم على بعد الدار – عضدا للإصلاح الذي ننشده، و أن الله لمع الصابرين "
محمد البشير الإبراهيمي
في 4 شوال 1346 هـ[أفريل 1928م].
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/425)
- رسالة بعنوان " الدين النصيحة "
كما كان الشيخ ينسخ المصاحف و الكتب، و قد قال بنفسه بأنه ينسخ مصحفا كاملا في اقل من نصف شهر، ثم يبيعه ليشتري بثمنه الكتب التي يفتقدها مطبوعة كانت أم منسوخة اثراءا لمكتبه و دعما لطلبته و غيرهم من المهتمين، وكان لا يكل و لا يمل فقد نسخ المئات من الكتب و المخطوطات و المجلدات
و كان خطه مغربيا أصيلا جميلا سهل القراءة لا اعوجاج في سطروه و لا انحناء و كأنه خط مطبعي.
انتقاله إلى بني اشبانة:
انتقل بعد وفاة أبيه و نشوب خلاف بينه و بين قائد دوار بني ورتيلان الى قرية بني شبانة حيث استقر بها إلى غاية وفاته رحمه الله.
مع العلم انه قبل هذه الفترة جرت عملية تلقيب العائلات الجزائرية (الألقاب العائلية حتى تستطيع السلطات الإستدمارية الفرنسية و التحكم في الهجرة و التنقل) فاختير له لقب " فضلاء " عوض لقب ابهلول الذي بقيت بعض أبناء عمومته يلقبون به.
وفاته:
ذكر إبنه محمد الطاهر فضلاء رحمه الله سنة وفاته و كيفيتها فقال: " اجتمع بطلبته في دروسه التي لم ينقطع عنها يوم الأربعاء 21 جانفي (يناير) 1945 م بقاعة الدرس في معهد زاوية سيدي موسى الوغليسي و كان موضوع درسه الحديث القدسي " أنا عند حسن ظن عبدي بي ... " وقد جلس نحو الساعتين يحلل و يشرح و يعلق، أحس إثرها بصداع حاد اجبره على التوقف و مغادرة القاعة، مرفوقا ببعض طلبته إلى منزله الذي لا يبعد إلا أمتارا قليلة عن المعهد، و بمجرد وصوله إلى البيت استلقى على الفراش فداهمته حمى قوية و أليمة ظل بها أربعة أيام فما تخف تارة الا لتشتد تارة أخرى، و في يوم الأحد 21 صفر 1346 هـ الموافق ل 4 فيفري 1945 م على الساعة السابعة صباحا اسلم الروح إلى بارئها رحمه الله، و دفن في ضريح سيدي موسى الوغليسي.
من صفاته و أخلاقه:
كان عالي الهمة و عاش عزيزا كريما، شجاعا صادقا، دعا الناس إلى نبذ الخرافات لأنها عين الجمود و الاستكانة و كان سلاحه الإيمان بالله و حجته الكتاب و السنة و أقوال العلماء من السلف الصالح.
رفض إلا أن يكون عالم دين حر فتفرغ كليا لنشر الدين الحنيف و العلم الصحيح، كان رغم ظروف عصره الذي استفحلت فيه الشعوذة و انتشر فيه التدجيل اقرب ما يكون من العلماء المجددين بحكم توسع علمه ووعيه فكان – و في غير هذا – من الأعلام الممهدين للحركة الإصلاحية الباديسية و من المرحبين بها.
وقد وجهت له دعوة للانضمام الى الحركة الإصلاحية الناشئة فرد مؤيدا لها معتذرا عن الانضمام لها لأسباب صحية نظرا لتقدم سنه.
و مما جاء في رده:
" بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله لا رب غيره، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد نور الخلق و خيره [صلى الله عليه و على آله وسلم]
إلى إخواننا في الله، سلام عليكم و رحمة الله و بركاته ما دامت روحات اليوم و غدواته
أما بعد:
فان مكتوبكم اتصل بأيدينا و فيه أنكم رغبتم في موافقتنا لما تحاولونه من انشاء اجتماع علماء الوطن لنهج لنهج الطريق الإسلامي لمن يهتدي عملا بقوله تعالى: " ادع إلى سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة" الآية.
وقوله تعالى: " و تعاونوا على البر و التقوى" الآية
هذا و إن ما يقتضيه غرضكم، و أردتم صرف الهمة نحوه من اكبر الطاعات على ظاهر الحال عملا بقوله صلى الله عليه و سلم " لان يهدي الله على يديك رجلا خير ... "
فان ظهر لكم موافقة ما تحاولونه لما تقتضيه شريعة الإسلام، باجتماع الكلمة من الجميع و انتفاع السامعين، فَنِعم السعي سعيكم، أعانكم الله على ذلك، فنحن معكم بالدعاء، لان السعي في إصلاح الدين من اكبر الطاعات كما تقدم في الحديث، لا سيما أهل هذا الوطن في وقتنا هذا، و أما قدومي إليكم فمتعذر علي لكبر سني و عدم طاقتي و السلام من العبد الفقير خديم العلم و اهله السعيد بن الطاهر البهلولي."
عرف عنه تقديره لعلماء التصوف الحقيقيين المخلصين، أما شطحات الصوفية فقد اعتبرها ظاهرة دخيلة على الإسلام و منافية للطبيعة و الفطرة لأنها تبنت فهما خاصا للكون و الحياة و الإنسان لا تتماشى في شطحاتها و غلوها مع تعاليم الإسلام السمحة البسيطة المعتدلة، الذين تجردوا من علائقهم النفسية، و قد سجل عبارة " لله در القائل " فوق هذين البيتين:
و الروض و الصراخ و التصفيق ... عمدا بذكر الله لا يليق
و إنما المطلوب في الاذكار ... الذكر بالخشوع و الوقار.
كما كان يستمتع بترديد هذه الأبيات:
إن لله عبادا فطنا ... طلقوا الدنيا و عافوا الفتنا
فكروا فيها فلما علموا ... إنها ليست لحيِ وطنا
جعلوها لَجة و اتخذوا ... صالح الأعمال فيها سفنا
المراجع:
- الشيخ السعيد ابهلول الورتيلاني في مجموعة من رسائله و مجالسه و فتاويه.
لمحمد الطاهر فضلاء، نشر دار هومة – 2004.
- تاريخ الجزائر الثقافي، أبو القاسم سعد الله، المؤسسة الوطنية للكتابة، الجزائر،1985.
- مقال بعنوان " جهود أمازيغية في خدمة العربية " لمحمد ارزقي فراد.(146/426)
الفقيه العلامة المصلح الشيخ السعيد ابهلول الورتلاني
ـ[ابو مريم الجزائري]ــــــــ[29 - 07 - 08, 03:03 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
السعيد بن الطاهر بن احمد ابهلول
الفقيه العلامة المصلح الشيخ السعيد ابهلول الورتلاني رفض الوظيفة و زهد في جاهه العريض، وسخر حياته من أجل محاربة البدع والدفاع عن الدين الإسلامي كما ساهم بجهوده في المجال التعليمي والتربوي الذي رابط فيه زهاء 60 سنة من عمره المديد (86 سنة)، كما ساهم في تنوير مجتمعه بتعاليم الإسلام السمحة، وكان المرجع في بلاد زواوة في المسائل و الإفتاء، فهو القاضي و المفتي الشعبي في المساجد و الأسواق و التجمعات.
مقدمة:
لقد كانت لحالة الجزائريين المرضية في القرن 19 للميلاد من انتشار للضلالات وأسباب الغواية والانحراف ومحاولة الاستدمار طمس الشخصية ونشر الإلحاد والتنصير فبرز علماء جزائريون حاولوا بكل جهدهم تنوير قومهم، و تعليمهم مبادئ الدين الإسلامي الحنيف، بعيدا عن الخزعبلات و البدع التي انتشرت بسبب الجهل و الاستدمار، و من بين هؤلاء الرجال مترجمنا الذي عمل جاهدا مع ثلة من العلماء يتقدمهم الشيخين عبد الحميد بن باديس والإبراهيمي الذين عملوا على التصدي ومحاصرة هذه الأمراض التي فككت أواصر هذه الأمة، و بذلوا الغالي و النفيس في سبيل تصحيح المفاهيم و إعداد الشعب الجزائري للعودة إلى منابع الإسلام القرآن الكريم و السنة النبوية الشريفة.
مولده و أسرته:
ولد في قرية ألموثن ببني ورتيلان، ولاية سطيف حاليا سنة 1276 هـ (1859 م)، و قد كتب والده في مجلد مخطوط بخط يده ما يلي: " .... في اليوم الثامن من رجب أحد شهور الله الحرم من عام 1276 هـ سنة ست و سبعين و مائتين وألف، جعل الله البركة في عمره و أنبته نباتا حسنا و رزقه العلم النافع و القلب الخاشع و الرزق الواسع و العمل المتقبل، و حفظه مما يخشى منه و جعله بارا لربه مع والديه و حشرنا و إياه مع أبائنا في زمرة مؤلفي هذا الكتاب و تغمدنا برحمته آمين".
ينتمي إلى أسرة " المرابطين الشرفاء " [وأخيكم أبو مريم منهم] الذين ينتسبون – و الناس مصدقون في أنسابهم – إلى الدوحة النبوية الشريفة، و بقوا محافظين على هذا الشرف حتى حين امتزجوا بمختلف الأسر البربرية بالمصاهرة، فيسبق اسمهم " بسيدي فلان"، أما الأنثى فتدعى ب: " للا ".
و هذه الأسرة اشتهرت بالعلم و الدين، فعائلة أبهلول (البهاليل: الشجعان الصناديد) لا يخلو جيل منها من عالم قرآني أو محدث أو فقيه أو أديب.
طلبه العلم و شيوخه:
أول شيوخه هو والده الشيخ الطاهر بن احمد ابهلول و قد عرف بعلمه وفقهه، كما كان من حفاظ القرآن الكريم، فعلمه مبادئ العربية و رسم الكتابة، و لما بلغ الخامسة من عمره بدأ في تحفيظه القرآن الكريم، كما قام بتأديبه و تربته أحسن تربيه فلقته تعاليم الإسلام القويم، و قد طال العمر بالوالد حتى رأى ابنه عالما و مدرسا لا يشق له غبار.
و حفظ مترجمنا عن ظهر قلب بعض الأراجيز في القراءات و التوحيد و مبادئ الفقه و اللغة، أثناء حفظه للقرآن الكريم الذي ختمه ثلاث ختمات متتالية، ثم قرأ مختصر خليل في الفقه و ألفية ابن مالك، و حفظ المتون المعروفة في وقته و استوعب النص و شروحه، مما جعله مرجعا حجة في القضاء و الفتوى لا يجاري و لا يضاهي بإجماع علماء وقته ومشايخه.
بعد هذه المرحلة انتقل لطلب العلم عند علماء وشيوخ المعاهد و الزوايا المعروفين و منهم:
- الشيخ يحي حمودي امام و مدرس مسجد اولموتن ببني ورتيلان حتى وفاته، اخذ عنه علوم الشريعة و الدين و قد أجازه بما لديه من مرويات و كتب بعد ان لمس بنفسه سعة علمه و أهليته لتلقي العلوم الشرعية.
- الشيخ عبد الله حمودي ابن الشيخ يحي حمودي و خليفته بعد وفاته و اخذ عنه علوم العربية و النحو و الصرف و البلاغة و البيان، و قد أجازه هو الأخر كوالده لما تأكد له ضلوعه في العلوم المدروسة.
- الشيخ السعيد بن الحريزي العيدلي و عنه اخذ اصول الفقه و علوم اللسان و البلاغة و العروض.
- الشيخ محمد القاضي الصدوقي من قرية ثقاعت بلدة صدوق و لاية بجاية و عنه اخذ الفقه و التصوف و التفسير.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/427)
- الشيخ احمد رحاب المجاهد الذي شارك في ثورة الشريف المقراني سنة 1871م، و عنه اخذ فنون المنطق و التاريخ الإسلامي عبر مؤلفات سعيد قدورة الازهري.
كما اخذ علوم التفسير و الحديث الشريف و الفقه عن الأساتذة:
- الشيخ حمدان لونيسي دفين المدينة النبوية طيبة المطيبة،الأستاذ الكبير و الأب الروحي للإمام عبد الحميد بن باديس، حيث تتلمذ له مترجمنا لما كان يزور مدينة قسنطينة، كما كان يراسله يطلب رأيه في الفتاوي التي تعرض عليه، و كان مترجمنا حين يخاطبه يحليه هكذا: " حضرة ذي المعارف الربانية و النفحات الرحمانية، وارث علم الأولين، ونخبة العلماء العاملين، إمام التحقيق، و علم التحرير و التدقيق، العلامة الجليل، الدراكة النبيل ... ".
- العالم المفكر العامل بعلمه، الأستاذ المربي المعلم عبد القادر المجاوي القسنطيني المغربي (ت سنة1332) المدرس بجامع الكتاني والمدرسة الكتانية بقسنطينة، ثم بالمدرسة الثعالبية بالجزائر العاصمة، من مؤلفات الكثيرة: " إرشاد المتعلمين"، و" المرصاد في مسائل الاقتصاد" , و " شرح منظومة في إنكار البدع والمفاسد الاجتماعية " للمفتي الشيخ المولود بن الموهوب.
- الشيخ صالح بن مهنا القسنطيني الأزهري، أحد رجال الإصلاح في الجزائر الذين مع الأسف لا يعرفهم الكثير، وقد كان المفكر الراحل مالك بن نبي رحمه الله يعتبره رمز الإصلاح في الجزائر وينوه بذكره في كتبه و مقالاته و مجالسه و مذكراته، درس بجامع الزيتونة المعمور، و بالأزهر الشريف، و عين إماما خطيبا بالجامع الكبير بقسنطينة بعد عودته إلى أرض الوطن، كما شارك في التعليم و التدريس، و التأليف أيضا حيث ترك مؤلفات منها " البدر الأسمى في بيان معاني نظم الأسماء الحسنى " و " كتاب شرح ابن عاشر "
و " تنبيه المغترين والرد على إخوان الشياطين " و " مختصر الترغيب والترهيب " و غيرها.
- الشيخ الفقيه الأديب الأريب، عاشور الحنفي البسكري.
التدريس:
انتصب للتدريس و هو دون الثلاثين من عمره، و استمر فيه أكثر من ستين سنة، و كانت له طريقة في التعليم يستعمل فيها مختلف الطرق منها إيراد الأقوال و الأمثال و الحكم و الأشعار، و قد استقبل الطلبة القادمين من مختلف جهات الوطن، و كان يوزعهم على محسني القرية للتكفل بهم، الى جانب هذا كان ينتقل إلى أماكن النزاع بنفسه للإصلاح بين المتنازعين، و قد اشتهرت فتاويه حتى اعتمدها القضاة و راسله الكثير منهم في شأنها، و قد علق على فتاويه و أعجب بها و رضي بما فيه شيخه حمدان لونيسي، كما قرضها الشيخ عبد الحميد بن باديس.
علم في نواحي عين البيضاء (أم البواقي)، وادي زناتي (ولاية قالمة)،
زاوية بوقشابية (عنابة) حيث درس مختصر خليل و السنوسية في التوحيد و الاجرومية في النحو و غيرها
معهد زاوية فريحة الساحلية ببني ورتيلان و له تلاميذ نجباء خلفوه في التدريس منهم التلميذ الوفي الشيخ صالح الفريحي
مسجد الشيخ الرحالة الشريف الحسين الورتيلاني ومن تلامذته فيه الشيخ الداعية الفضيل الورتيلاني و غيره من الطلبة الذين انتقلوا إلى قسنطينة للالتحاق بمعهد ابن باديس (الجامع الاخضر) و أصبحوا قادة الحركات الإصلاحية و العلمية و الوطنية و استشهد غالبهم في الثورة التحريرية المباركة في سن متقدمة
معهد الزاوية الزورقية بمشارف بني وغليس شمال وادي الصومام، و هي تنسب الى الشيخ احمد زروق البرنوسي.
معهد زاوية سيدي موسى بني وغليس في سفح جبال جرجرة شمال وادي الصومام الذي يصب قرب ميناء بجاية الحمادية، و هو معهد مشهور في بلاد القبائل الصغرى و الكبرى لما له من أوقاف و شيوخ حيث يؤمه مئات الطلبة من جهات القطر الجزائري، و قد اشتهر بتخريج أئمة الصلوات و الخطباء، فحفظة القرآن الكريم منه يعدون بالمئات من خراطة عين الكبيرة نقاوس باتنه الزاب و غيرها.
مسجد سيدي عيش (بجاية) حيث كان الشيخ ينزل كل يوم أربعاء، و هو يوم تنعقد فيه سوق عمومية مزدهرة و مشهورة يقصدها الناس بكثرة من القرى و المداشر المجاورة، فكان يعقد مجلس فتوى و قضاء يفتى فيه الناس ـ، يتلوه دروسا للشيخ في الفقه و النحو و كتاب السلم في المنطق للشيخ الاخضري.
تلامذته:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/428)
تخرج على يدي الشيخ خلق و أمم لا تعد و لا تحصى، و قد رأينا كثرة المعاهد و الزوايا التي درس و علم فيها، و كيف كان من المجددين في الحركة الاصلاحية، و من أشهر تلامذته:
أبناؤه:
- شهيد الثورة التحريرية المباركة،الأستاذ المربي الأديب الشاعر عبد الملك فضلاء (1920 – 1957 م).
- العالم الأديب المسرحي محمد الطاهر فضلاء رحمه الله (30/ 03 / 1918 م - 19/ 07 / 2005 م).
- الأديب المسرحي محمد الباهي فضلاء حفظه الله.
و العلماء و المشايخ:
- الشيخ المصلح الرحالة الفضيل الورتيلاني.
- الهادي الزروقي مؤسس الحركة الاصلاحية ببجاية
- العربي الشريف امام مسجد سيدي عيش و شهيد الثورة التحريرية
- يحي الحافظي امام حر و مدرس
- محمد الطاهر شرفاوي امام و مدرس
- محمد الشريف شرفاء امام و مدرس و صهر الشيخ السعيد.
- احمد بلعياضي امام بأولاد أبراهم بلد الشيخ الإبراهيمي و لاية برج بوعريريج. وعشرات غيرهم.
مؤلفاته:
ترك رسائل كثيرة منها:
رسالة في الرد على القائلين من الطرقيين بوجوب تلقين الأوراد للعوام من المريدين و هي الرسالة التي طبعت سنة 1928 م بمطبعة رودوسي، و قد قرضها و أثنى عليها عدد من العلماء آنذاك منهم الشيخ البشير الإبراهيمي الذي كتب إليه رسالة مطولة بخصوصها أنقلها هنا:
" الحمد لله
جناب العلامة الاديب أخينا سيدي محمد السعيد البهلولي أطال الله بقاءه و رزقنا لقاءه
السلام عليكم و رحمة الله:
وفاء للثناء الذي أنتم أهله، و كفاء للفضل الذي أنتم قراراته و محله ...
نقدم لكم تهانينا القلبية بهذا العيد، راجين أن يكون طليعة خير و فأل يمن لجميع المسلمين.
و ننهي لأخوتكم الكاملة، إني اتصلت في أثناء السنة الماضية، بواسطة الأخ محمد السعيد بن الشيخ الحسن برسالة من وضعكم، و ابلغني اقتراحا من فضيلتكم على هذا الحقير، أن يلقي عليها نظرة، و يعطي فكرة فيما تضمنته، ثم يرشد إلى طبعها إن رآها صالحة.
هزتني أريحية الثناء على جنابكم أولا لكمال إنصافكم و حسن ظنكم في هذا العاجز و أكبرت صنيعكم في ذلك.
ثم تأملت الرسالة، فإذا انتم ترمون عن قوس فكرتي، و ترودون مراد انتجاعي، فحمدت الله، و أيقنت أن ذلك نتيجة التعارف الروحي.
المسألة التي كتبتم فيها هي المسألة الشاغلة لأفكار دعاة الإصلاح الديني في الشرق ... و لأخيكم الضعيف في هذا الميدان جولة ظهرت آثارها في الشرق مؤيدة بجند الله و البرهان العقلي، و سلاح الأصلين الأصيلين: كتاب الله و ما صح من سنن نبيه [صلى الله عليه و على آله وسلم] القولية و الفعلية ... بيد أن حالة الشرق غير حالة بلادنا، فالأنصار في الشرق متوافرون، و فكرة الإصلاح قد تسربت الى نفوس كثير من الطبقات، و تشربتها و خالطتها بشاشتها، و شعر الجمهور بفظاعة الحالة الحاضرة ووجوب التزحزح عنها ...
لذلك تضاعف فرحي و ابتهاجي حين طلعت على فكركم في هذه المسألة و أنا أعدكم من أنصار هذه الحركة المباركة – حركة الإصلاح الديني – و أقوى ظهرانينا في هذه البلاد المنكوبة التي ابتليت بجدب العقول و قحط الرجال.
مولاي
نحن في فوضى دينية لا يدرك لها غور، و من كتم داءه قتله، و نهج السلامة واضح، و ما هو إلا الرجوع إلى الحق و الخضوع لسلطانه، و ما الحق إلا ما كان عليه سلفنا الصالح تحققا و اتصافا ثم تبليغا و إرشادا " الكتاب و السنة، منهما المبدأ و اليهما المرجع"
قامت علينا الحجة بقوله تعالى: " و أن هذا صراطي مستقيما فأتبعوه " الآية.
فخالفناه و اتبعنا السبل، فتفرقت بنا عن سبيل الله ... و بقوله تعالى: " , أن أقيموا الدين و لا تتفرقوا فيه "، و تبرأ منا نبينا صلى الله عليه و على آله وسلم كما علمه سبحانه و تعالى: " إن الذين فرقوا دينهم و كانوا شيعا لست منهم".
إن الباحثين في أحوال الإسلام وبنيه و المنقبين عن عللهم الاجتماعية كانوا يحصرون أسباب انحطاطهم بعد ذلك الصعود، و ذلهم بعد تلك العزة القعساء في سبب واحد هو ما نحن فيه: خلاف في الدين و مكابرة في اليقين، و أهواء مطاعة على غير بينة، و لا هدى و لا كتاب منير ...
... و إنني أهنئ نفسي بوجودكم، و حسن ذوقكم، وأتوسم فيكم على بعد الدار – عضدا للإصلاح الذي ننشده، و أن الله لمع الصابرين "
محمد البشير الإبراهيمي
في 4 شوال 1346 هـ[أفريل 1928م].
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/429)
- رسالة بعنوان " الدين النصيحة "
كما كان الشيخ ينسخ المصاحف و الكتب، و قد قال بنفسه بأنه ينسخ مصحفا كاملا في اقل من نصف شهر، ثم يبيعه ليشتري بثمنه الكتب التي يفتقدها مطبوعة كانت أم منسوخة اثراءا لمكتبه و دعما لطلبته و غيرهم من المهتمين، وكان لا يكل و لا يمل فقد نسخ المئات من الكتب و المخطوطات و المجلدات
و كان خطه مغربيا أصيلا جميلا سهل القراءة لا اعوجاج في سطروه و لا انحناء و كأنه خط مطبعي.
انتقاله إلى بني اشبانة:
انتقل بعد وفاة أبيه و نشوب خلاف بينه و بين قائد دوار بني ورتيلان الى قرية بني شبانة حيث استقر بها إلى غاية وفاته رحمه الله.
مع العلم انه قبل هذه الفترة جرت عملية تلقيب العائلات الجزائرية (الألقاب العائلية حتى تستطيع السلطات الإستدمارية الفرنسية و التحكم في الهجرة و التنقل) فاختير له لقب " فضلاء " عوض لقب ابهلول الذي بقيت بعض أبناء عمومته يلقبون به.
وفاته:
ذكر إبنه محمد الطاهر فضلاء رحمه الله سنة وفاته و كيفيتها فقال: " اجتمع بطلبته في دروسه التي لم ينقطع عنها يوم الأربعاء 21 جانفي (يناير) 1945 م بقاعة الدرس في معهد زاوية سيدي موسى الوغليسي و كان موضوع درسه الحديث القدسي " أنا عند حسن ظن عبدي بي ... " وقد جلس نحو الساعتين يحلل و يشرح و يعلق، أحس إثرها بصداع حاد اجبره على التوقف و مغادرة القاعة، مرفوقا ببعض طلبته إلى منزله الذي لا يبعد إلا أمتارا قليلة عن المعهد، و بمجرد وصوله إلى البيت استلقى على الفراش فداهمته حمى قوية و أليمة ظل بها أربعة أيام فما تخف تارة الا لتشتد تارة أخرى، و في يوم الأحد 21 صفر 1346 هـ الموافق ل 4 فيفري 1945 م على الساعة السابعة صباحا اسلم الروح إلى بارئها رحمه الله، و دفن في ضريح سيدي موسى الوغليسي.
من صفاته و أخلاقه:
كان عالي الهمة و عاش عزيزا كريما، شجاعا صادقا، دعا الناس إلى نبذ الخرافات لأنها عين الجمود و الاستكانة و كان سلاحه الإيمان بالله و حجته الكتاب و السنة و أقوال العلماء من السلف الصالح.
رفض إلا أن يكون عالم دين حر فتفرغ كليا لنشر الدين الحنيف و العلم الصحيح، كان رغم ظروف عصره الذي استفحلت فيه الشعوذة و انتشر فيه التدجيل اقرب ما يكون من العلماء المجددين بحكم توسع علمه ووعيه فكان – و في غير هذا – من الأعلام الممهدين للحركة الإصلاحية الباديسية و من المرحبين بها.
وقد وجهت له دعوة للانضمام الى الحركة الإصلاحية الناشئة فرد مؤيدا لها معتذرا عن الانضمام لها لأسباب صحية نظرا لتقدم سنه.
و مما جاء في رده:
" بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله لا رب غيره، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد نور الخلق و خيره [صلى الله عليه و على آله وسلم]
إلى إخواننا في الله، سلام عليكم و رحمة الله و بركاته ما دامت روحات اليوم و غدواته
أما بعد:
فان مكتوبكم اتصل بأيدينا و فيه أنكم رغبتم في موافقتنا لما تحاولونه من انشاء اجتماع علماء الوطن لنهج لنهج الطريق الإسلامي لمن يهتدي عملا بقوله تعالى: " ادع إلى سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة" الآية.
وقوله تعالى: " و تعاونوا على البر و التقوى" الآية
هذا و إن ما يقتضيه غرضكم، و أردتم صرف الهمة نحوه من اكبر الطاعات على ظاهر الحال عملا بقوله صلى الله عليه و سلم " لان يهدي الله على يديك رجلا خير ... "
فان ظهر لكم موافقة ما تحاولونه لما تقتضيه شريعة الإسلام، باجتماع الكلمة من الجميع و انتفاع السامعين، فَنِعم السعي سعيكم، أعانكم الله على ذلك، فنحن معكم بالدعاء، لان السعي في إصلاح الدين من اكبر الطاعات كما تقدم في الحديث، لا سيما أهل هذا الوطن في وقتنا هذا، و أما قدومي إليكم فمتعذر علي لكبر سني و عدم طاقتي و السلام من العبد الفقير خديم العلم و اهله السعيد بن الطاهر البهلولي."
عرف عنه تقديره لعلماء التصوف الحقيقيين المخلصين، أما شطحات الصوفية فقد اعتبرها ظاهرة دخيلة على الإسلام و منافية للطبيعة و الفطرة لأنها تبنت فهما خاصا للكون و الحياة و الإنسان لا تتماشى في شطحاتها و غلوها مع تعاليم الإسلام السمحة البسيطة المعتدلة، الذين تجردوا من علائقهم النفسية، و قد سجل عبارة " لله در القائل " فوق هذين البيتين:
و الروض و الصراخ و التصفيق ... عمدا بذكر الله لا يليق
و إنما المطلوب في الاذكار ... الذكر بالخشوع و الوقار.
كما كان يستمتع بترديد هذه الأبيات:
إن لله عبادا فطنا ... طلقوا الدنيا و عافوا الفتنا
فكروا فيها فلما علموا ... إنها ليست لحيِ وطنا
جعلوها لَجة و اتخذوا ... صالح الأعمال فيها سفنا
المراجع:
- الشيخ السعيد ابهلول الورتيلاني في مجموعة من رسائله و مجالسه و فتاويه.
لمحمد الطاهر فضلاء، نشر دار هومة – 2004.
- تاريخ الجزائر الثقافي، أبو القاسم سعد الله، المؤسسة الوطنية للكتابة، الجزائر،1985.
- مقال بعنوان " جهود أمازيغية في خدمة العربية " لمحمد ارزقي فراد.(146/430)
شيخ الإسلام وصدر الأئمة الأعلام أبي عثمان سعيد بن ابراهيم الجزائري
ـ[ابو مريم الجزائري]ــــــــ[30 - 07 - 08, 01:13 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
هذه ترجمة لأحد علماء الجزائر الذين كان لهم باع كبير في الحديث الشريف رواية و دراية، و الفتيا و الفقه و الأدب، حتى لقب بشيخ الإسلام، والإمام، هذا الذي حلاه الأفراني صاحب " صفوة من انتشر ": ((بالعالم المتفنن الزاهد الورع الموصوف بالصلاح، وله الفتوى بالجزائر فأحسن فيها)).
ووصفه العالمين المحدثين المسندين الفلاني، و شاه ولي الله الدهلوي " بشيخ الإسلام وصدر الأئمة الأعلام أبي عثمان سعيد بن ابراهيم الجزائري مفتيها عرف بقدورة " [قطف الثمر في رفع أسانيد المصنفات في الفنون والأثر ج1/ ص21].
و أنظر [الإرشاد إلى مهمات علم الإسناد لشاه ولي الله الدهلوي] نشره أبو عبد الرحمن الطاهر – حفظه الله - في موقع أهل الحديث.
أصله و نسبه و مولده:
يرجع أصل أسرة مترجمنا سعيد قدورة إلى مدينة قدورة القريبة من جزيرة جربة على الساحل التونسي، هاجرت أسرته في القرن العاشر الى الجزائر و أستقرت بعاصمتها، إسمه سعيد بن إبراهيم بن عبد الرحمن و شهرته قدورة، و الجزائري، كان يكنى بأبي عثمان و بأبي محمد، ولد بمدينة الجزائر حوالي سنة 979 هـ.
الجزائر في عصر المؤلف:
لقد كانت الجزائر في القرن الحادي عشر الهجري حاضرة للعلم والفقه، ومكانا يقرأ و يحفظ و يدرس فيه القرآن الكريم، و يعتنى فيه بالسنة النبوية الشريفة رواية و دراية و خاصة الصحيحين، وتحفظ فيه تعاليم الإسلام السمحة، و الفقه على المذهبين المالكي و الحنفي، وكانت مدن الجزائر و حواضرها كالعاصمة و قسنطينة و تلمسان و بجاية قبلة للعلم تشد إليها الرحال من داخل الجزائر وخارجها، و الكتب التي كانت تدرس للطلاب يومئذ تمثل معظم جوانب الثقافة الإسلامية، وقسطا كبيرا من العلوم العقلية والنقلية من المنطق والحساب، والنحو والصرف والعروض، والتوحيد، وعلوم القرآن والحديث، وغيرها. أما طرائق التدريس في الجزائر آنذاك، فوصفها المؤرخون بأنها تتمثل في ملازمة الطالب شيوخه سنوات طويلة يحضر الجلسات، يشارك في الحلقات، ويجمع الشارد والوارد ويبرهن على الطاعة والإعجاب ليُتوج في النهاية بالإجازات وهي ما يقابل اليوم الشهادات الجامعية.
طلبه العلم و شيوخه:
أورد الدكتور أبو القاسم سعد الله – حفظه الله – في موسوعته [تاريخ الجزائر الثقافي ج 1]:" ... أنه عثر على أوراق كتبها سعيد قدورة بنفسه ترجم فيها لحياته وقد ذكر فيها انه تلقى العلم على يد الشيخ محمد بن أبي القاسم المطماطي، و ذكر أن هذا الخير سافر إلى الحج مع أبي علي ابهلول المجاجي و هو في سن المراهقة (سنة 993 هـ)، كما ذكر أن والديه توفيا سنة 1001 هـ، و لا يفصل بين تاريخ وفاتهما أكثر من أسبوعين
و أنه سافر بعدها الى زاوية الشيخ " العارف بالله " كما يسميه محمد و اخيه ابي علي بن ابهلول المجاجي الواقعة قرب مدينة تنس، و قد ذكر في أوراقة أن ابني ابهلول (علي و محمد): " كانا شديدي الاعتناء بالعلم و فنونه كالتفسير و الحديث و الأصول و المنطق و البيان والفقه و التوحيد و غيرهما ... ".
و بعد ثلاث سنوات من الدراسة في الزاوية أي سنة 1008 هـ، يقع حادث مؤلم اثر أيما تأثير في حياة مترجمنا إذ قام رجل نقم من فتوى لمحمد ابهلول يحرم فيها عليه الزواج من سيدة غاب زوجها، فطعنه بخنجر ظل حيا بضع ساعات لفظ أنفاسه بعدها بين يدي تلميذه سعيد قدورة، فتأثر كما قلنا من هذا الحادث، فرثى شيخه بقصيدة اعتبره فيها شهيد العلم، تابع بعدها دروسه على يد الأخ الآخر لشيخه علي قبل أن يعود إلى الجزائر ليتصل بشيخه المطماطي الذي عاد من الحجاز يدرس في الجامع الكبير فدرس عليه مختصر خليل و ابن الحاجب في الفقه و الفرائض و التوحيد.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/431)
و نظرا لرغبته الشديدة في الاستزادة من المعارف و العلوم فقد سافر إلى تلمسان حوالي سنة 1012 هـ ليتتلمذ على الشيخ سعيد المقري الذي بلغت شهرته في ذلك الوقت القاصي و الداني و خصوصا في العلوم العقلية، فتتلمذ عليه في الحديث الشريف و الأدب و التاريخ و البلاغة و البيان و غيرهما، و قد أجازه سعيد المقري بتلمسان بسنده في الكتب الستة إلى القاضي عياض رفقة أبوالعباس أحمد المقري الذي نشأت بينهما صداقة و محبة و أخوة، إذ يخبرنا المقري في كتابه ((رحلة المقري إلى المغرب والمشرق، أبوالعباس أحمد المقري، تحقيق: د. محمد بن معمر، مكتبة الرشاد، الجزائر، 2004 - ص 72.)): " ... بأنه نزل بالجزائر العاصمة يوم الخامس والعشرين من ذي الحجة سنة 1027 هـ، حيث خرج إلى رأس تافورة صحبة جماعة من الأعيان منهم مفتي الحنفية الخطيب محمود بن حسين بن قرمان، والشاعر الأديب محمد بن راس العين الذي تبادلت معه نظم الشعر بمناسبة هذا الاجتماع، كما التقيت بعالم الجزائر وفقيهها الأخ في الله سيدي سعيد الشهير بقدورة، الذي كنت قد رافقه في الأخذ عن عمي سعيد المقري."
ويذكر المقري أنه أثناء هذا اللقاء لاغز [من اللغز] سعيد قدورة المؤلف في لفظ القوس نثراً فأجابه، كما لاغزه في لفظ الصنّبر بتسعة أبيات، وأجابه المؤلف بأحد عشر بيتاً في حل هذا اللغز
ومما ذكره حول لغز المفتي سعيد قدورة مايلي: " كتب إلي مفتي الجزائر وعالمها وإمامها وخطيبها الأخ في الله سيدي سعيد الشهير بقدورة - حفظه الله - ملغزاً في القوس:
يا بارعاً أربى على ذوي النهى ... ولامعاً يسمو على نجم السهى
لفظ تراه في كتاب الله ... أتى مثنى يا أخا انتباه
ولم يثن فيه واصطحبه ... في السفر المبرور تستطبه
فأجبته:
الحمد لله الذي ألهما ... لحل مُشْكلٍ عَرَا وأفهما
وصلواته على المُقَرَّبِ ... كقاب قوسين النبيِّ العربي
ثم الرضى عن صحبه وعترتِهْ ... الفائزين بمزايا إثرته
ووارثيه علماء الملة ... السعداء العاملين الجلة
وبعد:
يا صدر الكمال والورع فقد أتانا نظمك الذي عجز عن ألفاظه قاريها، فأسلم القوس إلى باريها، وكيف لا وقد رمى عنها، فلم تحط شريد الفهم .. "
ثم سافر في طلب العلم و ملاقاة الشيوخ و المحدثين للأخذ عنهم الى صحراء فجيج و تافيلالت و سجلماسة وواحة توات، و قد أختير ضمن وفد مدينة تلمسان للذهاب الى سجلمساسة لتهنئة احمد بن عبد الله السجلماسي الشاعر المعروف بابن المحلى الذي استولى عليها [الفقيه أبو العباس أحمد بن عبد الله السجلماسي المعروف بأبي محلي توفي مقتولا في ثورته على السلطان زيدان سنة ثامن رمضان سنة اثنتين وعشرين وألف ... الذي خرج يؤم سجلماسة وكان خليفة زيدان عليها يومئذ يسمى الحاج المير فخرج عامل زيدان لمصادمته وهو في نحو أربعة آلاف وابن أبي محلي في نحو أربعمائة فلما التقى الجمعان كانت الدبرة على جيش زيدان ... ولما دخل سجلماسة أظهر العدل وغير المناكر فأحبته العامة وقدمت عليه وفود أهل تلمسان والراشدية يهنئونه وفيهم الفقيه العلامة أبو عثمان سعيد الجزائري المعروف بقدورة شارح السلم وهو من تلامذة ابن أبي محلي كما ذكره في الأصليت " [كتاب الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى للشيخ أبو العباس الناصري ج1]، ثم سافر إلى فاس و بقي يطلب العلم حتى سنة 1019 هـ حيث دامت غربته اكثر من سبع (07) سنوات قبل ان يعود الى الجزائر.
ومن الشيوخ الذين أخذ عنهم و أجازوه أيضا:
- إبراهيم بن الحسن بن علي اللقاني المالكي المصري (ت سنة 1041 هـ): أبو إسحاق عالم مصر وإمامها أحد الأعلام المشار لهم بسعة الاطلاع في علم الحديث والتبحر في بقية العلوم ومن مؤلفاته " قضاء الوطر في توضيح نخبة الفكر للحافظ ابن حجر" و " إجمال الرسائل وبهجة المحافل في التعريف برواة الشمائل " و جزءا في مشيخته سماه " نشر المآثر فيمن أدرك من أهل القرن العاشر".
عودته الى الجزائر و وظائفه بها:
عاد من غربته ليجد شيخه المطماطي يعاني من المرض الشديد فيعينه خليفة له للتدريس بالجامع الكبير ووكيلا لأوقافه، وبعد اشتهار أمره عين مفتيا للمالكية ابتداء من سنة 1028 هـ، و قد ظل في هذا المنصب المهم و الخطير حتى وفاته سنة 1066 هـ،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/432)
تذكر المصادر أن أوقاف الجامع الكبير كانت من أغنى مصادر الوقف في الجزائر، عرف عن سعيد قدورة انه من أسرة غنية و لذلك ذكرت المصادر التي ترجمت له انه كان يدفع لنوابه الأربع في الخطبة بمساجد العاصمة من ماله الخاص، وانه كان يتاجر بأمواله مع التجار الكبار، و انه يملك أراضي شاسعة تدر عليه أموالا طائلة.
قام سعيد قدورة بالإنفاق على الجامع الكبير فأجرى تحسينات و إضافات و توسعة عليه، كما اشترى مكتبة قيمه تحتوى على أمهات الكتب و المخطوطات أضافها إلى ما يوجد من كتب داخل المسجد، و كذلك شيد زاوية قرب الجامع أصبحت تعرف باسم زاوية الجامع الكبير، و كذلك شيد مدرسة و مأوى لفقراء الطلبة و الغرباء منهم يقدم لهم المأكل و المشرب و الإقامة و المبيت مجانا، كل ذلك من فائض أوقاف الجامع الكبير.
و تصدر لتدريس الصحيحين و الموطأ رواية و دراية فحضر دروسه خلق عظيم من الطلبة و العلماء و المشايخ، و قصده طالبي الإجازات و علو الإسناد من سائر ربوع الجزائر و من خارجها، و اشتهر بعلمه و فتاويه فأحبه الناس، و كبر في عيونهم فهابه الحكام العثمانيين، وقد بلغ من هيبة و قيمة سعيد قدورة أن كان الباشوات - رغم تعددهم و شهرة بعضهم بالبطش و الطغيان و الظلم - يقفون له إجلالا و يقبلون يده، و يقدمونه على المفتى الحنفي - شيخ الإسلام كما يلقبه الحكام الأتراك في الجزائر لأنه يمثل مذهب الحكام - كما أن المجلس العلمي و القضائي الذي كان ينعقد في دار السلطان للنظر في الأمور الهامة، أصبح ينعقد في عصر سعيد قدورة في الجامع الكبير الذي كان يُدَرِسُ فيه (و هو أي المجلس يضم المفتيان المالكي و الحنفي، و قضاة المذهبين و يحضره الباشا أو ممثله و العلماء من الفئتين) و قد بقي هذا التقليد ساريا طيلة العهد العثماني في الجزائر.
تذكر المصادر التي ترجمت له أيضا انه سافر في مهمة إلى اسطنبول و انه التقى بمفتييها سعيد افندي، و قد ذكر هذه السفرية الشاعر احمد المانجلاتي في قصيدة بعث بها إلى مفتى اسطنبول يعرفها فيها بمنزلة و مرتبة سعيد قدورة.
أبناؤه و أحفاده:
خلف سعيد قدورة ولدين هما محمد (تولى الفتوى بعد وفاة والده سنة 1066 هـ، وبقي فيها حتى وفاته هو أيضا سنة 1107هـ)
وهو يعتبر من أكابر العلماء فقد أنابه عنه في الخطابة و الإمامة في حياته،، وهو الذي تتلمذ عليه الرحالة المغربي ابن زاكور و أجازه أثناء إقامته بالجزائر سنة 1093 هـ، و الإجازة مؤرخة في رجب سنة 1094 هـ.
ثم خلفه أخوه أحمد في منصب الإفتاء (من سنة 1107هـ حتى سنة 1118 هـ).
ثم خلفهم في الفتوى حفيد المترجم له سعيد بن احمد قدورة (من سنة 1122هـ إلى سنة 1129 هـ)، ثم تولى الفتوى بعدهم حفيده الآخر و صهر سعيد بن أحمد، كما ضمت إليه نقابة الأشراف أيضا عبد الرحمن المرتضى من سنة 1129 هـ إلى وفاته 1131 هـ).
تلامذته:
اذ كان سعيد قدورة قد تساوى مع غيره من العلماء في المناصب و الوظائف الرسمية التي تولاه، فان تأثيره العلمي و الديني قد تجاوز جيله إلى التأثير في اجيال لاحقة تاثيرا لم يبلغه إلا القليل من العلماء، فقد تخرج على يديه عدد جم من التلاميذ و العلماء سواء في حلقات الدرس أو بالرواية عنه او بالاجازة.
أذكر منهم:
- مسند الدنيا في زمانه العلامة المحدث أبي مهدي عيسى الثعالبي الجزائري أصلا المكي هجرة ومدفنا ثم المالكي الأثري (ت في 24 رجب سنة 1080هـ) قال عنه أبو سالم العياشي في رحلته:" عكف في آخر أمره على سماع الحديث وإسماعه فجمع من الطرق العوالي والأسانيد الغريبة والفوائد العجيبة مالم يجمع غيره وكتب الكثير وسمع وأسمع من المسانيد والمعاجم والأجزاء مالم يتفق لغيره مثل ذلك ولا قريب منه لأهل عصره ".
و قد ذكر شيخه و ترجم له في فهرسته: " كنز الرواية المجموع في درر المجاز ويواقيت المسموع ".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/433)
- المحدث الأديب المعلم أبو زكرياء يحيى بن أبي عبد الله محمد النائلي الملياني الشاوي الجزائري المالكي (ت 1096 هـ / 1685 م) اشتهر برواية الموطأ و شرحه، وانتفع به الطلبة وتفقه به جماعة من الطلبة و الأعيان، " تصدر للإقراء بالأزهر واشتهر بالفضل وحظي عند أكابر الدولة واستمر على القراءة مدة قرأ فيها مختصر خليل وشرح الألفية للمرادي وعقائد السنوسي وشروحها وشرح الجمل للخونجي لابن عرفة في المنطق ثم رحل إلى الروم فمر في طريقه على دمشق وعقد بجامع بني أمية مجلساً اجتمع فيه علماؤها وشهدوا له بالفضل التام وتلقوه بما يجب له ومدحه شعراؤها واستجاز منه نبلاؤها".
- المحدث الرحالة عيسى بن محمد بن محمد بن أحمد بن عامر جار الله أبو مكتوم المغربي الجعفري الثعالبي الهاشمي (ت يوم الأربعاء رابع عشري رجب سنة ثمانين وألف 1080 هـ):" نزيل المدينة المنورة ثم مكة المشرفة، إمام الحرمين وعالم المغربين والمشرقين الإمام العالم العامل الورع الزاهد المفنن في كل العلوم الكثير الإحاطة والتحقيق ولد بمدينة زواوة من أرض المغرب وبها نشأ وحفظ متوناً في العربية والفقه والمنطق والأصلين وغيرها وعرض محفوظاته على شيوخ بلده منهم الشيخ عبد الصادق وعنه أخذ الفقه ثم رحل إلى الجزائر وأخذ بها عن المفتي الكبير الشهير الشيخ سعيد قدورة وحضر دروسه وروى عنه".
- العلامة المحدث المشارك، الحكيم الرياضي، الأديب محمد بن سليمان الفاسي، الروداني (ت 1094 هـ) ثم المكي (أبو عبد الله)، جال في المغرب الاقصى والاوسط، ودخل مصر والشام والقسطنطينية والحجاز واستوطنه، وقلد النظر في أمر الحرمين الشريفين، انتقل إلى دمشق، وتوفي بها.
من آثاره: " الجمع بين الكتب الستة " في الحديث وسماه "جمع الفوائد لجامع الاصول ومجمع الزوائد"، و" صلة الخلف بموصول السلف".
وقد ذكره في فهرسته " صلة الخلف بموصول السلف" ص 21، فقال:
" شيخنا شيخ الاسلام، و صدر ائمة الانام ابي عثمان سعيد بن ابراهيم الجزائري الشهير بقدورة ... "
- الشريف المعمر أبو الجمال محمد بن عبد الكريم الجزائري الذي ترجم له الجبرتي المؤرخ و قال عنه انه كان دائرة معارف في الأدب و التاريخ، [و قد عاش في المغرب أيضا و رحل إلى المشرق و كان مقربا إلى السلطان المولى إسماعيل]
- المحدث والشاعر عمر المانجلاتي المالكي.
- محمد بن احمد الشريف الجزائري، وهو من العلماء الذين هاجروا إلى أزمير و جاوروا بالحرم المكي الشريف و ألفوا هناك و اجازوا.
مؤلفاته:
كانت مساهمة قدورة في الدرس لا في التأليف وباللسان لا بالتعليم، و من كان التعليم و التدريس و تربية الرجال مهمته الأساسية يكثر تلاميذه و تقل تآليفه، و مع ذلك فقد وجدت أن المصادر و المراجع التي ترجمت له ذكرت له هذه التأليف:
- شرح خطبة مختصر خليل في الفقه [خزانة ابن يوسف بمراكش رقم 370].
- حاشية على شرح اللقاني لخطبة خليل [الخزانة العامة بالرباط رقم 2758، و مكتبة تطوان رقم 275 مجموع و زاوية الهبري].
- نوازل تلمسانية [مكتبة تطوان رقم 30 و المكتبة الوطنية].
- رقم الايادي على تصنيف المرادي في النحو، و هو نبذة ذيل بها شرح الخلاصة للمرادي [الخزانة العامة بالرباط رقم 2692].
- شرح المنظومية الخزرجية في النحو [زاوية تنعملت بني ملال - المغرب رقم 299].
- حاشية على شرح الصغرى للسنوسي [الخزانة العامة بالرباط رقم 2832 مجموع].
شرح على السلم المرونق في المنطق [مخطوطات الأزهرية رقم 314477 و 314482، الخزانة العامة بالرباط (المجموع 1066 د)، كما توجد منه نسخ كثيرة في الجزائر و تركيا].
شعره:
كان سعيد قدورة شاعرا و راجزا و شعره يدل على تضلعه في علم العروض، كما كان له مراسلات مع علماء عصره، فكان منهم عبد الكريم الفكون (ذكر ذلك في منشور الهداية)، و قد ذكرنا تلغيزه شعرا مع احمد المقري الذي جاء بطلب منه إلى الجزائر للتدريس بها و كيف امتحنه بلغز سماه (هاج الصنبر)، و قد ترك شعرا كثيرا مبثوثا في مؤلفاته و كراريسه لو جمع لتشكل منه ديوان شعر في مختلف الأغراض.
وفاته:
توفي رحمه الله في سنة 1066 هـ الموافق لسنة 1656 م، و حضر جنازته خلق عظيم يتقدمهم الباشا حاكم الجزائر، و العلماء و المشايخ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/434)
سنده العالي الى موطأ الامام مالك رضي الله عنه:
" شيخ الإسلام وصدر الأئمة الأعلام أبي عثمان سعيد بن إبراهيم الجزائري مفتيها عرف بقدورة [قرأته] على قدوة الأئمة أبي عثمان سعيد بن أحمد المقرئ مفتي تلمسان ستين سنة وهو قرأه كذلك على أبي عبد الله محمد بن محمد بن عبدالله بن عبد الجليل التنيسي وأبي زيد عبد الرحمن بن علي بن أحمد العاصمي الشهير [بسفين] السفياني فالأول عن والده الحافظ محمد بن عبد الله بن عبد الجليل التنيسي قراءة عليه والثاني قراءة على ولي الله تعالى أحمد بن أحمد البرنسي المعروف بزورق قراءة على ولي الله تعالى أبي زيد عبدالرحمن الثعالبي وهو التنيسي قرأه قراءة بحث وتحقيق على العلم النائر والمثل السائر أبي عبد الله محمد بن مرزوق الحفيد وهو قرأه كذلك على أبي عبد الله محمد بن جابر الوادياشي قال حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن هارون الطائي القرطبي وهو آخر من حدث عنه حدثنا القاضي [أبو العباس أحمد بن يزيد بن تقي] القرطبي وهو آخر من حدث عنه حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن عبدالحق القرطبي وهو آخر من حدث عنه حدثنا محمد بن فرج مولى الطلاع القرطبي مؤلف كتاب: " أقضية رسول الله صلى الله عليه وسلم " وهو آخر من حدث عنه حدثنا القاضي أبو الوليد يونس بن مغيث الصفار القرطبي وهو آخر من حدث عنه حدثنا أبو عيسى يحي بن عبيد الله بن يحي بن يحي بن يحي القرطبي وهو آخر من حدث عنه قال أخبرنا يحي بن يحي الليثي القرطبي وهو آخر من حدث عنه قال أخبرنا إمام دار الهجرة أبو عبد الله مالك بن أنس رضي الله عنه سماعاً لجميعه إلاّ الأبواب الثلاثة الأخيرة من كتاب الاعتكاف وهي: (باب خروج المعتكف إلى العيد) و (باب قضاء الاعتكاف) و (باب النكاح في الاعتكاف)، فإني شككت في سماعها فأرويها عن زياد بن عبد الرحمن بن شبطون لأني كنت سمعت جميعه منه قبل الرحلة بسماعه من الإمام مالك رحمه الله تعالى.
قال العلامة صالح الفلاني: وفي هذا السند مع علّوه لطائف: اتصاله بالسماع، وكون رجاله كلهم مالكيين، وكونهم فقهاء، وكونهم مشاهير مصنفين، وكونهم مغاربة، وفي آخره لطيفتان كونهم قرطبيين، وكل واحد آخر من سمع من شيخه."
عن [إتحاف المريد بعالي الأسانيد بما أسنده الشيخ عبد الرحمن بن سعد العيّاف الدوسري الودعاني عن شيخه العلامة المحدث السلفي سليمان بن عبد الرحمن الحمدان (1322 - 1397)]
اعتنى به ودقق أسانيده: بدر بن علي بن طامي العتيبي
الطبعة الثانية، و قد نقلته من موقع أهل الحديث.
المصادر و المراجع:
- " تاريخ الجزائر الثقافي " أبو القاسم سعد الله، بيروت، دار الغرب الإسلامي، 2000 م.
- "فهرس الفهارس و الاثبات " لعبد الحي الكتاني – تحقيق
د. إحسان عباس، دار الغرب الإسلامي لبنان الطبعة 2 سنة 1982م.
- " صلة الخلف بموصول السلف " لمحمد بن سليمان الروداني.
تحقيق الدكتور محمد حجي - دار الغرب الإسلامي، بيروت، لبنان - الطبعة الاولى 1408 هـ / 1988م.
- قطف الثمر في رفع أسانيد المصنفات في الفنون والأثر لصالح بن محمد العمري المسوفي الشهير بـ: الفلاني
تحقيق عامر حسن صبري، دار الشروق - الطبعة الاولى 1405 هـ.
- "مدينة الجزائر: تاريخها، أعلامها " مقال للأستاذ الدكتور سعد بوفلاقة بمجلة بونة للبحوث والدراسات - العدد السادس 2007 م.
- المجلة الافريقية عدد سنة 1866، ص 286 و ما بعدها.
- موقع أهل الحديث (إبتسامة).(146/435)
شيخ الإسلام وصدر الأئمة الأعلام أبي عثمان سعيد بن ابراهيم الجزائري
ـ[ابو مريم الجزائري]ــــــــ[30 - 07 - 08, 01:24 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
هذه ترجمة لأحد علماء الجزائر الذين كان لهم باع كبير في الحديث الشريف رواية و دراية، و الفتيا و الفقه و الأدب، حتى لقب بشيخ الإسلام، والإمام، هذا الذي حلاه الأفراني صاحب " صفوة من انتشر ": ((بالعالم المتفنن الزاهد الورع الموصوف بالصلاح، وله الفتوى بالجزائر فأحسن فيها)).
ووصفه العالمين المحدثين المسندين الفلاني، و شاه ولي الله الدهلوي " بشيخ الإسلام وصدر الأئمة الأعلام أبي عثمان سعيد بن ابراهيم الجزائري مفتيها عرف بقدورة " [قطف الثمر في رفع أسانيد المصنفات في الفنون والأثر ج1/ ص21].
و أنظر [الإرشاد إلى مهمات علم الإسناد لشاه ولي الله الدهلوي] نشره أبو عبد الرحمن الطاهر – حفظه الله - في موقع أهل الحديث.
أصله و نسبه و مولده:
يرجع أصل أسرة مترجمنا سعيد قدورة إلى مدينة قدورة القريبة من جزيرة جربة على الساحل التونسي، هاجرت أسرته في القرن العاشر الى الجزائر و أستقرت بعاصمتها، إسمه سعيد بن إبراهيم بن عبد الرحمن و شهرته قدورة، و الجزائري، كان يكنى بأبي عثمان و بأبي محمد، ولد بمدينة الجزائر حوالي سنة 979 هـ.
الجزائر في عصر المؤلف:
لقد كانت الجزائر في القرن الحادي عشر الهجري حاضرة للعلم والفقه، ومكانا يقرأ و يحفظ و يدرس فيه القرآن الكريم، و يعتنى فيه بالسنة النبوية الشريفة رواية و دراية و خاصة الصحيحين، وتحفظ فيه تعاليم الإسلام السمحة، و الفقه على المذهبين المالكي و الحنفي، وكانت مدن الجزائر و حواضرها كالعاصمة و قسنطينة و تلمسان و بجاية قبلة للعلم تشد إليها الرحال من داخل الجزائر وخارجها، و الكتب التي كانت تدرس للطلاب يومئذ تمثل معظم جوانب الثقافة الإسلامية، وقسطا كبيرا من العلوم العقلية والنقلية من المنطق والحساب، والنحو والصرف والعروض، والتوحيد، وعلوم القرآن والحديث، وغيرها. أما طرائق التدريس في الجزائر آنذاك، فوصفها المؤرخون بأنها تتمثل في ملازمة الطالب شيوخه سنوات طويلة يحضر الجلسات، يشارك في الحلقات، ويجمع الشارد والوارد ويبرهن على الطاعة والإعجاب ليُتوج في النهاية بالإجازات وهي ما يقابل اليوم الشهادات الجامعية.
طلبه العلم و شيوخه:
أورد الدكتور أبو القاسم سعد الله – حفظه الله – في موسوعته [تاريخ الجزائر الثقافي ج 1]:" ... أنه عثر على أوراق كتبها سعيد قدورة بنفسه ترجم فيها لحياته وقد ذكر فيها انه تلقى العلم على يد الشيخ محمد بن أبي القاسم المطماطي، و ذكر أن هذا الخير سافر إلى الحج مع أبي علي ابهلول المجاجي و هو في سن المراهقة (سنة 993 هـ)، كما ذكر أن والديه توفيا سنة 1001 هـ، و لا يفصل بين تاريخ وفاتهما أكثر من أسبوعين
و أنه سافر بعدها الى زاوية الشيخ " العارف بالله " كما يسميه محمد و اخيه ابي علي بن ابهلول المجاجي الواقعة قرب مدينة تنس، و قد ذكر في أوراقة أن ابني ابهلول (علي و محمد): " كانا شديدي الاعتناء بالعلم و فنونه كالتفسير و الحديث و الأصول و المنطق و البيان والفقه و التوحيد و غيرهما ... ".
و بعد ثلاث سنوات من الدراسة في الزاوية أي سنة 1008 هـ، يقع حادث مؤلم اثر أيما تأثير في حياة مترجمنا إذ قام رجل نقم من فتوى لمحمد ابهلول يحرم فيها عليه الزواج من سيدة غاب زوجها، فطعنه بخنجر ظل حيا بضع ساعات لفظ أنفاسه بعدها بين يدي تلميذه سعيد قدورة، فتأثر كما قلنا من هذا الحادث، فرثى شيخه بقصيدة اعتبره فيها شهيد العلم، تابع بعدها دروسه على يد الأخ الآخر لشيخه علي قبل أن يعود إلى الجزائر ليتصل بشيخه المطماطي الذي عاد من الحجاز يدرس في الجامع الكبير فدرس عليه مختصر خليل و ابن الحاجب في الفقه و الفرائض و التوحيد.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/436)
و نظرا لرغبته الشديدة في الاستزادة من المعارف و العلوم فقد سافر إلى تلمسان حوالي سنة 1012 هـ ليتتلمذ على الشيخ سعيد المقري الذي بلغت شهرته في ذلك الوقت القاصي و الداني و خصوصا في العلوم العقلية، فتتلمذ عليه في الحديث الشريف و الأدب و التاريخ و البلاغة و البيان و غيرهما، و قد أجازه سعيد المقري بتلمسان بسنده في الكتب الستة إلى القاضي عياض رفقة أبوالعباس أحمد المقري الذي نشأت بينهما صداقة و محبة و أخوة، إذ يخبرنا المقري في كتابه ((رحلة المقري إلى المغرب والمشرق، أبوالعباس أحمد المقري، تحقيق: د. محمد بن معمر، مكتبة الرشاد، الجزائر، 2004 - ص 72.)): " ... بأنه نزل بالجزائر العاصمة يوم الخامس والعشرين من ذي الحجة سنة 1027 هـ، حيث خرج إلى رأس تافورة صحبة جماعة من الأعيان منهم مفتي الحنفية الخطيب محمود بن حسين بن قرمان، والشاعر الأديب محمد بن راس العين الذي تبادلت معه نظم الشعر بمناسبة هذا الاجتماع، كما التقيت بعالم الجزائر وفقيهها الأخ في الله سيدي سعيد الشهير بقدورة، الذي كنت قد رافقه في الأخذ عن عمي سعيد المقري."
ويذكر المقري أنه أثناء هذا اللقاء لاغز [من اللغز] سعيد قدورة المؤلف في لفظ القوس نثراً فأجابه، كما لاغزه في لفظ الصنّبر بتسعة أبيات، وأجابه المؤلف بأحد عشر بيتاً في حل هذا اللغز
ومما ذكره حول لغز المفتي سعيد قدورة مايلي: " كتب إلي مفتي الجزائر وعالمها وإمامها وخطيبها الأخ في الله سيدي سعيد الشهير بقدورة - حفظه الله - ملغزاً في القوس:
يا بارعاً أربى على ذوي النهى ... ولامعاً يسمو على نجم السهى
لفظ تراه في كتاب الله ... أتى مثنى يا أخا انتباه
ولم يثن فيه واصطحبه ... في السفر المبرور تستطبه
فأجبته:
الحمد لله الذي ألهما ... لحل مُشْكلٍ عَرَا وأفهما
وصلواته على المُقَرَّبِ ... كقاب قوسين النبيِّ العربي
ثم الرضى عن صحبه وعترتِهْ ... الفائزين بمزايا إثرته
ووارثيه علماء الملة ... السعداء العاملين الجلة
وبعد:
يا صدر الكمال والورع فقد أتانا نظمك الذي عجز عن ألفاظه قاريها، فأسلم القوس إلى باريها، وكيف لا وقد رمى عنها، فلم تحط شريد الفهم .. "
ثم سافر في طلب العلم و ملاقاة الشيوخ و المحدثين للأخذ عنهم الى صحراء فجيج و تافيلالت و سجلماسة وواحة توات، و قد أختير ضمن وفد مدينة تلمسان للذهاب الى سجلمساسة لتهنئة احمد بن عبد الله السجلماسي الشاعر المعروف بابن المحلى الذي استولى عليها [الفقيه أبو العباس أحمد بن عبد الله السجلماسي المعروف بأبي محلي توفي مقتولا في ثورته على السلطان زيدان سنة ثامن رمضان سنة اثنتين وعشرين وألف ... الذي خرج يؤم سجلماسة وكان خليفة زيدان عليها يومئذ يسمى الحاج المير فخرج عامل زيدان لمصادمته وهو في نحو أربعة آلاف وابن أبي محلي في نحو أربعمائة فلما التقى الجمعان كانت الدبرة على جيش زيدان ... ولما دخل سجلماسة أظهر العدل وغير المناكر فأحبته العامة وقدمت عليه وفود أهل تلمسان والراشدية يهنئونه وفيهم الفقيه العلامة أبو عثمان سعيد الجزائري المعروف بقدورة شارح السلم وهو من تلامذة ابن أبي محلي كما ذكره في الأصليت " [كتاب الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى للشيخ أبو العباس الناصري ج1]، ثم سافر إلى فاس و بقي يطلب العلم حتى سنة 1019 هـ حيث دامت غربته اكثر من سبع (07) سنوات قبل ان يعود الى الجزائر.
ومن الشيوخ الذين أخذ عنهم و أجازوه أيضا:
- إبراهيم بن الحسن بن علي اللقاني المالكي المصري (ت سنة 1041 هـ): أبو إسحاق عالم مصر وإمامها أحد الأعلام المشار لهم بسعة الاطلاع في علم الحديث والتبحر في بقية العلوم ومن مؤلفاته " قضاء الوطر في توضيح نخبة الفكر للحافظ ابن حجر" و " إجمال الرسائل وبهجة المحافل في التعريف برواة الشمائل " و جزءا في مشيخته سماه " نشر المآثر فيمن أدرك من أهل القرن العاشر".
عودته الى الجزائر و وظائفه بها:
عاد من غربته ليجد شيخه المطماطي يعاني من المرض الشديد فيعينه خليفة له للتدريس بالجامع الكبير ووكيلا لأوقافه، وبعد اشتهار أمره عين مفتيا للمالكية ابتداء من سنة 1028 هـ، و قد ظل في هذا المنصب المهم و الخطير حتى وفاته سنة 1066 هـ،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/437)
تذكر المصادر أن أوقاف الجامع الكبير كانت من أغنى مصادر الوقف في الجزائر، عرف عن سعيد قدورة انه من أسرة غنية و لذلك ذكرت المصادر التي ترجمت له انه كان يدفع لنوابه الأربع في الخطبة بمساجد العاصمة من ماله الخاص، وانه كان يتاجر بأمواله مع التجار الكبار، و انه يملك أراضي شاسعة تدر عليه أموالا طائلة.
قام سعيد قدورة بالإنفاق على الجامع الكبير فأجرى تحسينات و إضافات و توسعة عليه، كما اشترى مكتبة قيمه تحتوى على أمهات الكتب و المخطوطات أضافها إلى ما يوجد من كتب داخل المسجد، و كذلك شيد زاوية قرب الجامع أصبحت تعرف باسم زاوية الجامع الكبير، و كذلك شيد مدرسة و مأوى لفقراء الطلبة و الغرباء منهم يقدم لهم المأكل و المشرب و الإقامة و المبيت مجانا، كل ذلك من فائض أوقاف الجامع الكبير.
و تصدر لتدريس الصحيحين و الموطأ رواية و دراية فحضر دروسه خلق عظيم من الطلبة و العلماء و المشايخ، و قصده طالبي الإجازات و علو الإسناد من سائر ربوع الجزائر و من خارجها، و اشتهر بعلمه و فتاويه فأحبه الناس، و كبر في عيونهم فهابه الحكام العثمانيين، وقد بلغ من هيبة و قيمة سعيد قدورة أن كان الباشوات - رغم تعددهم و شهرة بعضهم بالبطش و الطغيان و الظلم - يقفون له إجلالا و يقبلون يده، و يقدمونه على المفتى الحنفي - شيخ الإسلام كما يلقبه الحكام الأتراك في الجزائر لأنه يمثل مذهب الحكام - كما أن المجلس العلمي و القضائي الذي كان ينعقد في دار السلطان للنظر في الأمور الهامة، أصبح ينعقد في عصر سعيد قدورة في الجامع الكبير الذي كان يُدَرِسُ فيه (و هو أي المجلس يضم المفتيان المالكي و الحنفي، و قضاة المذهبين و يحضره الباشا أو ممثله و العلماء من الفئتين) و قد بقي هذا التقليد ساريا طيلة العهد العثماني في الجزائر.
تذكر المصادر التي ترجمت له أيضا انه سافر في مهمة إلى اسطنبول و انه التقى بمفتييها سعيد افندي، و قد ذكر هذه السفرية الشاعر احمد المانجلاتي في قصيدة بعث بها إلى مفتى اسطنبول يعرفها فيها بمنزلة و مرتبة سعيد قدورة.
أبناؤه و أحفاده:
خلف سعيد قدورة ولدين هما محمد (تولى الفتوى بعد وفاة والده سنة 1066 هـ، وبقي فيها حتى وفاته هو أيضا سنة 1107هـ)
وهو يعتبر من أكابر العلماء فقد أنابه عنه في الخطابة و الإمامة في حياته،، وهو الذي تتلمذ عليه الرحالة المغربي ابن زاكور و أجازه أثناء إقامته بالجزائر سنة 1093 هـ، و الإجازة مؤرخة في رجب سنة 1094 هـ.
ثم خلفه أخوه أحمد في منصب الإفتاء (من سنة 1107هـ حتى سنة 1118 هـ).
ثم خلفهم في الفتوى حفيد المترجم له سعيد بن احمد قدورة (من سنة 1122هـ إلى سنة 1129 هـ)، ثم تولى الفتوى بعدهم حفيده الآخر و صهر سعيد بن أحمد، كما ضمت إليه نقابة الأشراف أيضا عبد الرحمن المرتضى من سنة 1129 هـ إلى وفاته 1131 هـ).
تلامذته:
اذ كان سعيد قدورة قد تساوى مع غيره من العلماء في المناصب و الوظائف الرسمية التي تولاه، فان تأثيره العلمي و الديني قد تجاوز جيله إلى التأثير في اجيال لاحقة تاثيرا لم يبلغه إلا القليل من العلماء، فقد تخرج على يديه عدد جم من التلاميذ و العلماء سواء في حلقات الدرس أو بالرواية عنه او بالاجازة.
أذكر منهم:
- مسند الدنيا في زمانه العلامة المحدث أبي مهدي عيسى الثعالبي الجزائري أصلا المكي هجرة ومدفنا ثم المالكي الأثري (ت في 24 رجب سنة 1080هـ) قال عنه أبو سالم العياشي في رحلته:" عكف في آخر أمره على سماع الحديث وإسماعه فجمع من الطرق العوالي والأسانيد الغريبة والفوائد العجيبة مالم يجمع غيره وكتب الكثير وسمع وأسمع من المسانيد والمعاجم والأجزاء مالم يتفق لغيره مثل ذلك ولا قريب منه لأهل عصره ".
و قد ذكر شيخه و ترجم له في فهرسته: " كنز الرواية المجموع في درر المجاز ويواقيت المسموع ".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/438)
- المحدث الأديب المعلم أبو زكرياء يحيى بن أبي عبد الله محمد النائلي الملياني الشاوي الجزائري المالكي (ت 1096 هـ / 1685 م) اشتهر برواية الموطأ و شرحه، وانتفع به الطلبة وتفقه به جماعة من الطلبة و الأعيان، " تصدر للإقراء بالأزهر واشتهر بالفضل وحظي عند أكابر الدولة واستمر على القراءة مدة قرأ فيها مختصر خليل وشرح الألفية للمرادي وعقائد السنوسي وشروحها وشرح الجمل للخونجي لابن عرفة في المنطق ثم رحل إلى الروم فمر في طريقه على دمشق وعقد بجامع بني أمية مجلساً اجتمع فيه علماؤها وشهدوا له بالفضل التام وتلقوه بما يجب له ومدحه شعراؤها واستجاز منه نبلاؤها".
- المحدث الرحالة عيسى بن محمد بن محمد بن أحمد بن عامر جار الله أبو مكتوم المغربي الجعفري الثعالبي الهاشمي (ت يوم الأربعاء رابع عشري رجب سنة ثمانين وألف 1080 هـ):" نزيل المدينة المنورة ثم مكة المشرفة، إمام الحرمين وعالم المغربين والمشرقين الإمام العالم العامل الورع الزاهد المفنن في كل العلوم الكثير الإحاطة والتحقيق ولد بمدينة زواوة من أرض المغرب وبها نشأ وحفظ متوناً في العربية والفقه والمنطق والأصلين وغيرها وعرض محفوظاته على شيوخ بلده منهم الشيخ عبد الصادق وعنه أخذ الفقه ثم رحل إلى الجزائر وأخذ بها عن المفتي الكبير الشهير الشيخ سعيد قدورة وحضر دروسه وروى عنه".
- العلامة المحدث المشارك، الحكيم الرياضي، الأديب محمد بن سليمان الفاسي، الروداني (ت 1094 هـ) ثم المكي (أبو عبد الله)، جال في المغرب الاقصى والاوسط، ودخل مصر والشام والقسطنطينية والحجاز واستوطنه، وقلد النظر في أمر الحرمين الشريفين، انتقل إلى دمشق، وتوفي بها.
من آثاره: " الجمع بين الكتب الستة " في الحديث وسماه "جمع الفوائد لجامع الاصول ومجمع الزوائد"، و" صلة الخلف بموصول السلف".
وقد ذكره في فهرسته " صلة الخلف بموصول السلف" ص 21، فقال:
" شيخنا شيخ الاسلام، و صدر ائمة الانام ابي عثمان سعيد بن ابراهيم الجزائري الشهير بقدورة ... "
- الشريف المعمر أبو الجمال محمد بن عبد الكريم الجزائري الذي ترجم له الجبرتي المؤرخ و قال عنه انه كان دائرة معارف في الأدب و التاريخ، [و قد عاش في المغرب أيضا و رحل إلى المشرق و كان مقربا إلى السلطان المولى إسماعيل]
- المحدث والشاعر عمر المانجلاتي المالكي.
- محمد بن احمد الشريف الجزائري، وهو من العلماء الذين هاجروا إلى أزمير و جاوروا بالحرم المكي الشريف و ألفوا هناك و اجازوا.
مؤلفاته:
كانت مساهمة قدورة في الدرس لا في التأليف وباللسان لا بالتعليم، و من كان التعليم و التدريس و تربية الرجال مهمته الأساسية يكثر تلاميذه و تقل تآليفه، و مع ذلك فقد وجدت أن المصادر و المراجع التي ترجمت له ذكرت له هذه التأليف:
- شرح خطبة مختصر خليل في الفقه [خزانة ابن يوسف بمراكش رقم 370].
- حاشية على شرح اللقاني لخطبة خليل [الخزانة العامة بالرباط رقم 2758، و مكتبة تطوان رقم 275 مجموع و زاوية الهبري].
- نوازل تلمسانية [مكتبة تطوان رقم 30 و المكتبة الوطنية].
- رقم الايادي على تصنيف المرادي في النحو، و هو نبذة ذيل بها شرح الخلاصة للمرادي [الخزانة العامة بالرباط رقم 2692].
- شرح المنظومية الخزرجية في النحو [زاوية تنعملت بني ملال - المغرب رقم 299].
- حاشية على شرح الصغرى للسنوسي [الخزانة العامة بالرباط رقم 2832 مجموع].
شرح على السلم المرونق في المنطق [مخطوطات الأزهرية رقم 314477 و 314482، الخزانة العامة بالرباط (المجموع 1066 د)، كما توجد منه نسخ كثيرة في الجزائر و تركيا].
شعره:
كان سعيد قدورة شاعرا و راجزا و شعره يدل على تضلعه في علم العروض، كما كان له مراسلات مع علماء عصره، فكان منهم عبد الكريم الفكون (ذكر ذلك في منشور الهداية)، و قد ذكرنا تلغيزه شعرا مع احمد المقري الذي جاء بطلب منه إلى الجزائر للتدريس بها و كيف امتحنه بلغز سماه (هاج الصنبر)، و قد ترك شعرا كثيرا مبثوثا في مؤلفاته و كراريسه لو جمع لتشكل منه ديوان شعر في مختلف الأغراض.
وفاته:
توفي رحمه الله في سنة 1066 هـ الموافق لسنة 1656 م، و حضر جنازته خلق عظيم يتقدمهم الباشا حاكم الجزائر، و العلماء و المشايخ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/439)
سنده العالي الى موطأ الامام مالك رضي الله عنه:
" شيخ الإسلام وصدر الأئمة الأعلام أبي عثمان سعيد بن إبراهيم الجزائري مفتيها عرف بقدورة [قرأته] على قدوة الأئمة أبي عثمان سعيد بن أحمد المقرئ مفتي تلمسان ستين سنة وهو قرأه كذلك على أبي عبد الله محمد بن محمد بن عبدالله بن عبد الجليل التنيسي وأبي زيد عبد الرحمن بن علي بن أحمد العاصمي الشهير [بسفين] السفياني فالأول عن والده الحافظ محمد بن عبد الله بن عبد الجليل التنيسي قراءة عليه والثاني قراءة على ولي الله تعالى أحمد بن أحمد البرنسي المعروف بزورق قراءة على ولي الله تعالى أبي زيد عبدالرحمن الثعالبي وهو التنيسي قرأه قراءة بحث وتحقيق على العلم النائر والمثل السائر أبي عبد الله محمد بن مرزوق الحفيد وهو قرأه كذلك على أبي عبد الله محمد بن جابر الوادياشي قال حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن هارون الطائي القرطبي وهو آخر من حدث عنه حدثنا القاضي [أبو العباس أحمد بن يزيد بن تقي] القرطبي وهو آخر من حدث عنه حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن عبدالحق القرطبي وهو آخر من حدث عنه حدثنا محمد بن فرج مولى الطلاع القرطبي مؤلف كتاب: " أقضية رسول الله صلى الله عليه وسلم " وهو آخر من حدث عنه حدثنا القاضي أبو الوليد يونس بن مغيث الصفار القرطبي وهو آخر من حدث عنه حدثنا أبو عيسى يحي بن عبيد الله بن يحي بن يحي بن يحي القرطبي وهو آخر من حدث عنه قال أخبرنا يحي بن يحي الليثي القرطبي وهو آخر من حدث عنه قال أخبرنا إمام دار الهجرة أبو عبد الله مالك بن أنس رضي الله عنه سماعاً لجميعه إلاّ الأبواب الثلاثة الأخيرة من كتاب الاعتكاف وهي: (باب خروج المعتكف إلى العيد) و (باب قضاء الاعتكاف) و (باب النكاح في الاعتكاف)، فإني شككت في سماعها فأرويها عن زياد بن عبد الرحمن بن شبطون لأني كنت سمعت جميعه منه قبل الرحلة بسماعه من الإمام مالك رحمه الله تعالى.
قال العلامة صالح الفلاني: وفي هذا السند مع علّوه لطائف: اتصاله بالسماع، وكون رجاله كلهم مالكيين، وكونهم فقهاء، وكونهم مشاهير مصنفين، وكونهم مغاربة، وفي آخره لطيفتان كونهم قرطبيين، وكل واحد آخر من سمع من شيخه."
عن [إتحاف المريد بعالي الأسانيد بما أسنده الشيخ عبد الرحمن بن سعد العيّاف الدوسري الودعاني عن شيخه العلامة المحدث السلفي سليمان بن عبد الرحمن الحمدان (1322 - 1397)]
اعتنى به ودقق أسانيده: بدر بن علي بن طامي العتيبي
الطبعة الثانية، و قد نقلته من موقع أهل الحديث.
المصادر و المراجع:
- " تاريخ الجزائر الثقافي " أبو القاسم سعد الله، بيروت، دار الغرب الإسلامي، 2000 م.
- "فهرس الفهارس و الاثبات " لعبد الحي الكتاني – تحقيق
د. إحسان عباس، دار الغرب الإسلامي لبنان الطبعة 2 سنة 1982م.
- " صلة الخلف بموصول السلف " لمحمد بن سليمان الروداني.
تحقيق الدكتور محمد حجي - دار الغرب الإسلامي، بيروت، لبنان - الطبعة الاولى 1408 هـ / 1988م.
- قطف الثمر في رفع أسانيد المصنفات في الفنون والأثر لصالح بن محمد العمري المسوفي الشهير بـ: الفلاني
تحقيق عامر حسن صبري، دار الشروق - الطبعة الاولى 1405 هـ.
- "مدينة الجزائر: تاريخها، أعلامها " مقال للأستاذ الدكتور سعد بوفلاقة بمجلة بونة للبحوث والدراسات - العدد السادس 2007 م.
- المجلة الافريقية عدد سنة 1866، ص 286 و ما بعدها.
- موقع أهل الحديث (إبتسامة).
ـ[محمد ابن الشنقيطي]ــــــــ[22 - 04 - 09, 03:57 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قد ذكر الشيخ محمد الموهوب فتي الجزائر ضمن تلامذة الشيخ قدورة فمن هو
أرجو المساعدة
ـ[محمد ابن الشنقيطي]ــــــــ[22 - 04 - 09, 04:13 م]ـ
من هو الشيخ أبو عبد الله محمد الموهوب مفتي الجزائر
--------------------------------------------------------------------------------
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من هو الشيخ أبو عبد الله محمد الموهوب مفتي الجزائر وهو من الآخذين عن الشيخ أبو عثمان سيدي سعيد قدورة
ـ[أبو عبد البر المالكي]ــــــــ[22 - 04 - 09, 07:28 م]ـ
بارك الله فيكم ...
ـ[بلال اسباع الجزائري]ــــــــ[22 - 04 - 09, 07:38 م]ـ
سبحان الله .. لا ينقطع عجبي من جهلي بعلماء بلدي، بارك الله فيكم ورحم الله الشيخ رحمة واسعة.(146/440)
تحسّر النصارى على تفوق اللغة العربية على اللاتينية ببلاد الأندلس
ـ[هشام زليم]ــــــــ[31 - 07 - 08, 03:30 ص]ـ
بسم الله الرحمان الرحيم.
لما مكّن الله عز وجل للمسلمين في بلاد الأندلس, أقاموا حضارة أضاءت كل بلاد أوربا و نشروا دين الإسلام و لغة العرب بين أبناء البلاد الأندلسية. و قد تلقّ الأريون الموحدون (السكان الأصليون للأندلس) الإسلام و حضارته بفرح و سرور و كانوا يعتبرونه المنقذ من بطش الكنيسة الرومانية التي أجبرتهم على الإعتقاد بالتليث و كما استقبله اليهود بالإستبشار باعتباره أيضا منقذا من معاملة الكنيسة السيئة لهم. وإذا أضفنا سماحة الإسلام و اعتماد الفاتحين على الأسلوب القرأني المعتمد على الحكمة و الموعظة الحسنة و عدم الإجبار على اعتناقه, فإن كل الظروف كانت مواتية ليدخل الناس في دين الله أفواجا.
يروي المؤرخ الفرنسي المعاصر أندري كلوفي كتابه " L’Espagne musulmane" ( إسبانيا المسلمة) كيف كانت قلوب النصارى تنفطر لرؤية انتشار الحضارة الإسلامية في الأندلس بعد سنوات قليلة على الفتح و انبهار إخوانهم في الدين بها.
يقول أندري كلو:
"هذا التشبه السريع, و تبني الأذواق و العادات الإسلامية لم يكن يروق للسلطات المسيحية, البعيدة من هنا. الجهل باللاتينية, لغة الكنيسة, دفعت أسقف إشبيلية إلى ترجمة الإنجيل للعربية حتى يستطيع المسيحيون قراءته.
ألفارو, كاتب مسيحي, عاش خلال تلك الفترة بقرطبة, و كان على رأس مجموعة من المسيحيين المتحمسين لدينهم. يروي هذا الرجل بحزن عميق:"كان المسيحيون يحبون قراءة القصائد و النصوص العربية, و كانوا يدرسون كتابات العلماء و الفلاسفة المسلمين, ليس للرد عليهم و لكن ليتعلموا طريقة الإلقاء و الخطاب العربي الصحيح الأنيق. أين تجد اليوم علمانيا يقرأ التعاليق اللاتينية على الكتب المقدسة؟ مَن بينهم يدرس الأناجيل و سيرة الرسل و الحواريين؟ يا حسرة, كل الشباب المسيحيين المعروفين بمواهبهم لا يعرفون سوى الثقافة و الأدب العربي؛ يقرأون و يتعلمون الكتب العربية بكل شغف, و يشكلون منها مكاتب و خزائن كبيرة. و إذا حدثتهم عن الكتب المسيحية فسيجيبونك بمقت أن هذه الكتب لا تستحق أن يثار إليها الإهتمام. يا للألم, المسيحيون نسوا حتى لغتهم, و بين ألف ستجد بصعوبة واحدا يستطيع أن يكتب رسالة إلى صديقه باللاتينية".
نعم فقد اختار الإسبان الذين فضلوا البقاء مسيحيين (و هم قلة بالنسبة للذين وحّدوا الله و أسلموا) لغة العرب و أبدا لم تُفرض عليهم فرضا و هذا ما اعترف به ألفارو في شهادته أعلاه. و لنُقارن سماحة الإسلام هذه في تعاملها مع غير المسلمين بما فعله الهمج الكاثوليك لما سقطت غرناطة حيث حرّموا على المسلمين التحدّث بالعربية و فرضوا عليهم القشتالية ومن وُجد معه كتاب بالعربية عوقب أشد العقوبة. هذا و قد أحرقوا مئات الألاف من الكتب العربية الشرعية منها و الدنيوية.
ثم مرت القرون و شوّهت الحقائق و أثيرت الشكوك حول المسلَّمات و راح نصارى اليوم ينعتون الإسلام بصفاتهم القبيحة التي عُُرفوا بها من تشدد و ظلم و إرهاب. و المنصف يكفيه أن يعود إلى تاريخ القوم فيجد ما تشيب له الولدان من تعسف و ظلم و طغيان. أما تاريخ المسلمين فهو صفحة بيضاء من العدل و التسامح و حسن الجوار. و قد شهد للمسلمين بذلك المنصفون من النصارى بل و عاش اليهود أزهى أيامهم في ظل المسلمين سواء في إسبانيا أو في بيت المقدس.
لقد كان اليهود يرتحلون أينما ارتحل المسلمون و يخرجون من البلاد متى خرج المسلمون منها. و هذا لعلمهم بما في القرأن المجيد من حض على حسن الجوار و عدم الظلم و العدوان و عدم الإلتجاء إلى العنف إلا بالحق.
ـ[أبو عبد البر المالكي]ــــــــ[31 - 07 - 08, 01:52 م]ـ
جزاكم الله خيرا و فقكم الله لما تصبون اليه(146/441)
دور مدينة سانتافي الصليبية في سقوط غرناطة الإسلامية
ـ[هشام زليم]ــــــــ[01 - 08 - 08, 11:31 ص]ـ
قبل أيام كنت قد طرحت موضوعا حول سيارة "هيونداي سانتافي" و ارتباط الجزء الثاني من اسم هذه السيارة "سانتافي " بمأساة سقوط غرناطة. و قد بينت بالدلائل على أن هذا الإسم اسم إسباني ذو دلالة صليبية حيث أن هذه الكلمة Santa fe تعني بالإسباني" الإيمان المقدس" وبينت من خلال اقتباس من تأريخ العلامة محمد عبد الله عنان لسقوط غرناطة أن هذه المدينة أُسست خصيصا لتشديد الحصار على المسلمين بغرناطة و إرغام أهلها على الإستسلام. ونقلت كلام أحد المؤرخين الغربيين الذي اعتبر مدينة سانتافي المدينة الوحيدة التي لم تطأها قدم مسلم. وقد كنت أعتقد أن هذه الدلائل كافية لإساءة الظن بهذا الإسم. غير أني تفاجأت من أن البعض قد نفوا أي صلة بين اسم سانتافي و سقوط غرناطة و اعتبروه مجرد اسم لمدينة كسان فرانسيسكو و سان دييغو ... يعني اسم لا ينم عن أي عداوة ضد المسلمين. و ما قدّم هؤلاء من دليل غير أنهم اعتبروا أن كوريا منتجة السيارة سانتافي هي دولة بوذية وثنية و ليست صليبية ومحال أن تقصد جرح مشاعر المسلمين و هكذا فهي لا تعلم خلفية هذا الإسم. و أنا أتساءل: لماذا اختاروا هذا الإسم بالذات؟ و هل له معنى أخر غير معاد للمسلمين؟
و ليت هؤلاء الإخوة ما تعللوا بتبرئة كوريا من الصليبية و هي التي أصبحت من الدول المفرّخة للمبشرين بالنصرانية في العالم, و يكفي أن نذكّر هؤلاء باعتقال السلطات الأفغانية العام الماضي لعشرين مبشرا كوريا في أفغانستان و نفس الشيئ في العراق قبل سنوات.
من خلال هذا الموضوع أريد أن أضع النقاط على الحروف و أبين بالدليل التاريخي أن سانتافي لها دور كبير في سقوط غرناطة المسلمة و ذلك بتشديد الحصار عليها و قطع القوت عن أهلها و افتخار النصارى بهذه المدينة التي يعتبرونها "قاهرة المسلمين" و تذكرهم بطرد العرب من إسبانيا. و الدليل الجديد الذي سأذكره هو لتقوية الأدلة السابقة التي ذكرتها.
جاء في كتاب "أخبار سقوط غرناطة" للكاتب الأمريكي الشهير واشنطن إفرينج الذي عاش في القرن التاسع عشرو هو من قلائل المؤرخين الذين اهتموا بذكر أحوال غرناطة المسلمة في الفترة التي سبقت بقليل سقوطها بيد النصارى.
و أنقل بإذن الله أدناه ما جاء في كتاب هذا المؤلف الأمريكي و كيف بوّب لمدينة سانتافي في كتابه.
يقول واشنطن أفرينج:
"الفصل السادس عشر
"بناء مدينة سانتافي و يأس العرب"
أغلق العرب على أنفسهم الأن حصون قلعتهم بكل حزن و أسى, ولم يعد بمقدورهم أن يقوموا بأي خروج جريء من أبوابها, وحتى الموسيقى العسكرية التي كانت تقرع بطبولها و أبواقها بصورة مستمرة من مدينة هؤلاء المقاتلين, صارت تُسمع بالنادر من مواقع القتال فيها و عاش الناس على أمل أن احتراق معسكر العدو سوف يُضعف من معنوياتهم, وبذلك ينتهي هذا الحصار بانتهاء الصائفة كما جرت العادة في الحروب السابقة, فينسحب العدو قبل حلول موسم الأمطار السنوية في الخريف, لكن الإجراءات التي اتخذها "فرناندو و إيزابيلا" ما برحت أن حطمت مثل هذه الأمال, فقد صدر أمريهما ببناء مدينة بدل المخيم و في موقعه, لإقناع العرب بأن الحصار لن يرفع قبل استسلام غرناطة, وتم تكليف تسع بلديات اسبانية للقيام بهذا الأمر, فاندفعوا يتنافسون بحماس لتحقيق هذه القضية التي تخدم قضيتهم, وعلّق "أغاييدا" كعادته على ذلك بقوله:"إنه يبدو وكأن معجزة تحققت لمساعدة أعمال هذه البلديات بظهور هذه المدينة الرائعة بتلك السرعة, بكل أبنيتها القوية المتينة و الجدران حولها, وما يطوقها من أبراج, في الأماكن التي لم يكن يظهر فيها سوى طرقات بين خيام, و قد قطع هذه المدينة طريقان رئيسيان على شكل صليب, بنهاية كل منهما بوابة على مواجهة الجهات الأربعة, ووسط تقاطع هذين الطريقين قامت ساحة كبيرة يمكن لكل الجيش أن يجتمع فيها, و اقترُح أن تسمى هذه المدينة باسم الملكة العزيزة جدا على الجيش و الأمة" و لكن هذه المرأة الأميرة الصالحة - أضاف أغاييدا -:" أعطتها اسم القديسة "في", أي مدينة الأيمان المقدس, لأنها تذكر بالهدف المقدس من هذه الحرب, وظلّت هذه المدينة قائمة بعد الحرب كنصب لهذا العمل الصالح, و لإظهار مجد مُلك الكاثوليك".
و هكذا عمل البناؤون بكل اتجاه معا, وكل يوم كانت قوافل البغال الطويلة تدخل و تحرج من مداخل هذه المدينة, وامتلأت الطرقات بالمتاجر المليئة بكل البضائع الثمينة و الرخيصة, وبدأ الإزدهار التجاري يبدو في هذه المدينة, بينما غرناطة التعيسة مقفلة أبوابها في عزلتها الخانقة.
و نتيجة لكل هذا بدأت المدينة المُحاصرة تشعر بالمجاعة, لأن كل مواد التموين قد قطعت نهائيا عنها, فالمركيز "أوف كاديز" كان يصادر كل مواد تموينية يحملها عرب "البقصارا" إلى المدينة, ويأتي بقوافلهم بكل عنجهية أسرى إلى المعسكر على مرأى من عرب المدينة المحاصرين. وحين جاء الخريف كان لا يوجد شيئ يمكن حصاده, وباقتراب الشتاء, كادت المدينة تخلو من أي مواد تموينية, فصار الناس يتشاءمون كثيرا و من كل شيئ ... "
من كتاب" أخبار سقوط غرناطة" للأمريكي واشنطن إيرفنغ ترجمة هلاني يحي نصري. الصفحة 395و396.
فالله المستعان.(146/442)
آل البيت. .للشيخ/ عثمان الخميس
ـ[بن نصار]ــــــــ[03 - 08 - 08, 03:53 ص]ـ
[ size="3"][b] الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأنبياء وإمام المرسلين – سيدنا وإمامنا وحبيبنا ومولانا وقدوتنا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين. اللهم صل وسلم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد أما بعد:
قال ابن منظور صاحب لسان العرب: أهل البيت سكانه وأهل الرجل أخص الناس به وأهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم أزواجه وبناته وصهره، أعني عليا عليه السلام وقيل نساء النبي والرجال الذين هم آله.
وقال الراغب الأصفهاني: أهل الرجل من يجمعه وإياهم نسب أو دين أو ما يجري مجراهما من صناعة وبيت وولد. وقيل إن أصل كلمة آل: أهل، ثم قُلبت الهاء إلى همزة فصارت أأل ثم خففت بعد ذلك إلى آل. اهـ. فآل وأهل واحد، وآل الرجل هم أزواجه وذريته وأقرباؤه كما ذكر أهل اللغة. قال تبارك وتعالى عن امرأة العزيز أنها قالت لزوجها:] ما جزاء من أراد بأهلك سوءا [يوسف 25 تريد نفسها وقال الله تبارك وتعالى عن موسى:] إذ قال موسى لأهله إني آنست ناراً سآتيكم منها بخبر [. وأهله زوجته التي كانت معه. وقال عن إبراهيم صلوات الله وسلامه عليه وزوجته] رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد [هود 73 أما الأهل والآل في الشرع فعلى أربعة أقوال مشهورة.
القول الأول: إن الآل هم الأزواج والذرية:
واستدلوا على ذلك بآية التطهير، التي ذكرت نساء النبي صلى الله عليه وسلم كما في قول الله تباك وتعالى] يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولاً معروفا، وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً، واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة إن الله كان لطيفاً خبيراً [
[الأحزاب 33 - 34]
فالآيات في أولها تتكلم عن نساء النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك في آخرها عن نساء النبي صلى الله عليه وسلم وقال لهن في وسط هذه الآية] إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا [، وهنا لا مدخل ولا كلام لمن قال بأن الآل – هنا أو الأهل هنا هم غير نساء النبي - صلى الله عليه وسلم لأن هذا يخالف سياق الآية كما ترون فالآية ابتدأت بالنساء وختمت بالكلام عن النساء.
وأما قول من يقول: فلمَ أعرض عن نون النسوة وجاء بدلها بميم الجمع؟
فقال في بداية الآيات:] يا نساء النبي لستن [، ثم قال:] وقرن في بيوتكن [، ثم قال:] واذكرن [، ثم قال] إنما يريد ليذهب عنكم [ولم يقل عنكن، والجواب هو أن الأوامر في البداية هي للنساء خاصة، ثم جاء بميم الجمع لدخول رجل مع النساء وهو النبي صلى الله عليه وسلم فهو سيد البيت – صلوات الله وسلامه عليه، فإذا دخل الرجل مع مجموع النساء انقلبت نون النسوة إلى ميم الجمع وهذا معلوم ظاهر في اللغة، ولذلك قال بعدها مباشرة:] واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة [.
الدليل الثاني: التشهد، وذلك أننا نقول في تشهدنا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد. وجاء في بعض صيغ التشهد عند البخاري تفسير الآل في قوله: اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته. فهذه الصيغة هي تفسير لقوله: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد فحذف الآل، وجاء بدلها بالأزواج والذرية.
وكذلك جاء عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ما شبع آل رسول الله صلى الله عليه وسلم من خبز بُرٍّ. أخرجه الإمامان البخاري ومسلم. وقول عائشة ما شبع آل رسول الله. تريد نفسها وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم وإنما تريد أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اللاتي هن تبع له شرعاً.
القول الثاني: هم من حرمت عليهم الزكاة.
وفيمن حرمت عليهم الزكاة قولان:
1) أن الذين حرمت عليهم الزكاة: بنو هاشم وبنو المطلب، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم يرجع نسبه إلى هاشم. فهو محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم. والمطلب أخو هاشم وهو عم عبد المطلب جد النبي صلى الله عليه وسلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/443)
بل إن عبد المطلب نسبوه إلى عمه وذلك أن اسمه شيبة الحمد ولكنه تربى عند أخواله من بني النجار من أهل المدينة، ولذلك ليقال لهم أخوال النبي صلى الله عليه وسلم، وتوفي هاشم وولده شيبة عند أخواله فذهب عمه المطلب فأخذه إلى مكة فظن الناس أن شيبة الحمد عبدٌ للمطلب، فقالوا: هذا عبد المطلب، فقال لهم المطلب: لا، هذا شيبة ابن أخي هاشم، ولكن غلب عليه اللقب حتى ما صار يعرف في مكة إلا بعبد المطلب. الشاهد أن الذين حرمت عليهم الزكاة على القول الأول بنو هاشم وبنو المطلب.
2): أن الذين حرمت عليهم الزكاة بنو هاشم فقط:
وأما الدليل على أن هؤلاء هم أهل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فحديث زيد بن أرقم رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: أذكركم الله أهل بيتي أذكركم الله أهل بيتي، أذكركم الله أهل بيتي، فقيل لزيد من أهل بيته؟ قال أهل بيته من حرم الصدقة. وهم آل علي وآل عقيل وآل العباس وآل جعفر، فعد هؤلاء الأربعة – أي أقارب النبي - صلى الله عليه وسلم -أخرجه مسلم
وكذلك استدلوا بحديث الحسن بن علي رضي الله عنه أنه أخذ تمرة من الصدقة. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: إنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد. متفق عليه
واستدلوا بحديث عبد المطلب أو المطلب بن ربيعة – على اختلاف في اسمه – والفضل بن العباس أنهما ذهبا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وسألاه أن يستعملهما على الصدقة حتى ينالا الأجر – يعني الأجر المادي – لأنه من الأصناف الذين يستحقون الزكاة.] والعاملين عليها [[التوبة 60] فأراد الفضل بن العباس، وعبد المطلب بن ربيعة أن يكونا من العاملين عليها. فقال لهما النبي - صلى الله عليه وسلم -: إنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد. ومنعهما من ذلك. أخرجه مسلم.
فدل هذا على أن الفضل بن العباس بن عبد المطلب وعبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب لا تحل لهما الزكاة. لأنهما من آل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم -.
القول الثالث: أن آل النبي صلى الله عليه وسلم جميع أمة الاستجابة:
يعني كل مسلم يعتبر من آل النبي - صلى الله عليه وسلم - أي من أتباعه. فآل الرجل أتباعه، فكل من تبع رجلا صار من آله. كما قال الله تبارك وتعالى] أدخلوا آل فرعون أشد العذاب [[غافر 46].
أي فرعون ومن تبعه على دينه وكفره والعياذ بالله، ولذلك لما جاء أبرهة الحبشي ليهدم الكعبة قال عبد المطلب جد النبي صلى الله عليه وسلم أبياتا من الشعر منها:
لا هُمَّ إن العبد يمنع رَحْ لَهُ فامنع رِحالك
لا يَغْلِبَنَّ صليبُهم ومِحا لُهم غدواً مِحالك
وانصر على آل الصَّلي بِ وعابديه اليوم آلك
القول الرابع: علي وفاطمة والحسن والحسين وذريتهما دون غيرهما:
واستدلوا بحديث الكساء وهو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كما روت عائشة رضي الله عنها دخل عليه علي بن أبي طالب – فأدخله تحت كسائه {عبائته} ثم جاءت فاطمة فأدخلها ثم جاء الحسن فأدخله ثم جاء الحسين فأدخله ثم جَلَّلَهم {أي غطاهم} ثم قرأ: إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " أخرجه مسلم.
فدل على أن هؤلاء أهل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم -.
واستدلوا كذلك بآية المباهلة وهي قوله تبارك وتعالى] فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين [. [آل عمران 61]، فقالوا: دعا النبي – صلى الله عليه وسلم - أقرب الناس إليه وهم آله فكانوا عليا وفاطمة والحسن والحسين. أخرجه البخاري ومسلم. والصحيح من هذه الأقوال أن آل النبي - صلى الله عليه وسلم - هم من حرموا الصدقة. والصحيح أن الذين تحرم عليهم هم بنو هاشم فقط، أما بنو المطلب فالصحيح أنه لا تحرم عليهم الزكاة. والله أعلم
وأما نساء النبي فهن من آل البيت بالتبعية لا بالأصالة، وذلك أنهن قبل اقترانهن بالنبي لم يكنَّ من آل البيت.
من هم بنو هاشم بن عبد مناف:
عبد مناف جد النبي - صلى الله عليه وسلم - الخامس له أربعة من الولد كما ذكر أهل العلم. وهم هاشم والمطلب وعبد شمس ونوفل.
عبد شمس ولد له الحكم وأمية والحكم والد مروان وجد عبد الملك مؤسس الدولة المروانية.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/444)
وأمية والد بني أمية: ومنهم عثمان بن عفان وأبو سفيان والد معاوية.
ونوفل من نسله مطعم بن عدي وعبد الله بن جبير بن مطعم بن عدي كان قائد الرماة الذين تركوا مكانهم في غزوة أحد.
والمطلب من نسله: ركانة الذي اشتهر أنه صارع النبي - صلى الله عليه وسلم - فصرعه النبي.
ومن نسله كذلك: مسطح بن أثاثة الذي تكلم في عائشة - رضي الله عنها – في حادثة الإفك. فجلده النبي صلى الله عليه وسلم.
ومن نسله الإمام الشافعي، ولذلك يقال للإمام الشافعي الأمام المطلبي. ولذلك لما تكلم رجل في علي بن أبي طالب رضي الله عنه عند معاوية رضي الله عنه، رد معاوية على الرجل ودافع عن علي. فاستغرب أحد الحاضرين، خاصة مع القتال الذي كان بين معاوية وعلى، فسافر إلى الكوفة وأخبر عليا – رضي الله عنه – بما وقع فقال له علي: أتدري لم فعل معاوية ذلك؟ قال: لا أدري. قال: لأجل المنافية. .يعني لأجل أنه ابن عمي. يلتقي معي في عبد مناف.
وكذا لما خرج أبو سفيان بعد صلح الحديبية إلى الشام والتقى بهرقل هو والذين معه سألهم هرقل: أيكم أقرب الناس نسبا بمحمد؟ قال أبو سفيان: أنا. لأنه كما قلنا يلتقي مع النبي صلى الله عليه وسلم في عبد مناف.
أما هاشم فله ولدان: عبد المطلب الذي هو شيبة الحمد. وأسد وهو والد فاطمة أم علي بن أبي طالب. وله أولاد ذكور ولكن لا يذكر لهم ذرية. والله أعلم
أما عبد المطلب، فقد ذكر أهل التاريخ أن الله رزقه عشرة من الولد. أولاد عبد المطلب:
1) عبد الله: والد النبي صلى الله عليه وسلم وليس له غير النبي صلى الله عليه وسلم
2) حمزة: ولا عقب له.
3) العباس: وهو أكثرهم ذرية، له ثمانية من الولد: عبد الله البحر الحبر وعبيد الله، وعبد الرحمن، وكثير، وتمام، وقثم، ومعبد، والفضل وبه كان يكنى. وهذان اللذان أسلما من أعمام النبي صلى الله عليه وسلم.
4) أبو طالب: وله أربعة من الولد: علي، وعقيل، وجعفر، وطالب الذي كان به يكنى.
5) الزبير: ولم يعقب.
6) أبو لهب. وأبو لهب اسمه: عبد العزى: له ثلاثة من الولد: عتبة، وعتيبة، ومعتب.
7) الحارث: وله أربعة من الولد: ربيعة، وعبد الله، وأمية، وأبو سفيان وأبو سفيان بن الحارث هو الذي هجا النبي صلى الله عليه وسلم ثم بعد ذلك تاب وتابع النبي صلى الله عليه وسلم وكان النبي لا يكلمه حتى بعد إسلامه حتى اشتكى إلى علي بن أبي طالب ابن عمه فقال: ما بال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكلمني؟ قال: أو ما علمت ما قد فعلت. يعني هجوت النبي صلوات الله وسلامه عليه وأنت ابن عمه. ثم قال له: أذهب إليه فقل له كما قال إخوة يوسف ليوسف صلوات الله وسلامه عليه] تالله لقد آثرك الله علينا وان كنا لخاطئين ["يوسف91" فجاء أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب. فقال للنبي:] تالله لقد آثرك الله علينا وان كنا الخاطئين [فقال النبي صلى الله عليه وسلم كما قال أخوه يوسف صلوات الله وسلامه عليه:] لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين [.
8) المقوم 9) الغيداق 10) صفار فهؤلاء ومن جاء من بعدهم من الذرية كلهم آل النبي صلى الله عليه وسلم
فضل آل البيت ومكانتهم وحقهم الذي لهم:
أولا: نستطيع أن نقسم فضائل أهل البيت النبي صلى الله عليه وسلم إلى قسمين:
فضائل عامة، وفضائل خاصة
أما الفضائل العامة فمنها حديث زيد وفيه قول النبي صلى الله عليه وسلم: أذكركم الله أهل بيتي، أذكركم الله أهل بيتي، أذكركم الله أهل بيتي. وهذا عام في كل أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم
ومن الفضائل ما جاء في آية النساء] إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا [وذلك أن نساء النبي من آل البيت كما قدمنا، ودخل علي وفاطمة والحسن والحسين في هذا الفضل بحديث الكساء.
وكذلك حديث الصلاة عليهم في التشهد نقول: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد. وهذا لفضلهم ومكانتهم عند الله تبارك وتعالى.
وكذلك مما يدل على فضلهم حديث زيد بن أرقم، وفيه قول النبي صلى الله عليه وسلم تركت فيكم ما إن تمسكتم فيه فلن تضلوا بعده أبدا كتاب الله وعترتي وفي رواية عترتي أهل بيتي" وهذا الحديث كنت أقول بحسنه فترة من الزمن ولكن بعد سبر أسانيده وإمعان النظر فيها تبين لي أنه ضعيف والله أعلم.
الفضائل الخاصة:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/445)
ـ فرأسهم وسيدهم وأفضلهم علي بن أبي طالب رضي الله وتبارك وتعالى عنه وشهرته أكبر وأظهر من أن ننبه عليها ويكفيه فخرًا قول البني صلى الله عليه وسلم: لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق. متفق عليه
ـ العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم وفيه قول النبي صلى الله عليه وسلم له: عم الرجل صنو أبيه. أي بمكانة أبيه. أخرجه الترمذي
ـ أزواجه وفيهن قول الله تبارك وتعالى] وأزواجه أمهاتهم [.
أي أمهات المؤمنين.
ـ فاطمة رضي الله عنها وقول النبي صلى الله عليه وسلم لها: فاطمة بضعة مني يريبني ما رابها. متفق عليه
ـ الحسن والحسين وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهما: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ". أخرجه الترمذي وهو حديث صحيح.
ـ عبد الله بن العباس رضي الله عنهما ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم له: اللهم علمه التأويل وفقهه في الدين. رواه أحمد بإسناد صحيح.
ـ المهدي وقول النبي صلى الله عليه وسلم: المهدي من عترتي من ولد فاطمة "، وهذا رواه أبو داود وهو حديث صحيح. .
فهذه بعض فضائلهم رضي الله عنهم وأرضاهم.
موقف السلف من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم:
أما موقف السلف الصالح، من الصحابة والتابعين وأتباع التابعين من آل بيت النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – وتعظيمهم لهم وتوقيرهم إياهم، فمن أمثلة ذلك:
ـ قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: ارقبوا محمدًا في أهل بيته. رواه البخاري في صحيحه.
وقال رضي الله عنه: والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إليَّ من أن أصل من قرابتي. أخرجه البخاري كذلك في صحيحه.
ـ وقال الشعبي: صلى زيد بن أرقم على جنازة أمه ثم قربت إليه بغلة ليركبها، فجاء عبد الله بن عباس رضي الله عنهما فأخذ بركابه – أي يمسك ركاب البغلة لزيد بن ثابت رضي الله عنه، فقال له زيد: خلِّ عنه يا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال عبد الله بن عباس: هكذا نفعل بعلمائنا، فنزل زيد من على بغلته وقبل يد عبد الله بن العباس، وقال هكذا أمرنا أن نفعل بآل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم
ـ عن شريك بن عبد الله وهو من أتباع التابعين قال: لو جاءني أبو بكر وعمر وعلي وسألني كل حاجته لقدمت حاجة علي لقربه من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر أفضل من علي عند الله، ولكن قرابة علي من النبي صلى الله عليه وسلم توجب تقديم حاجته على حاجة غيره.
ـ وهذا مالك بن أنس إمام دار الهجرة لما آذاه أبو جعفر المنصور وضربه، قيل له: ألا تدعو عليه. فقال: والله إني لأستحيي أن آتى يوم القيامة فيُعذَّب به هذا الرجل من قرابة النبي صلى الله عليه وسلم بسببي، فتركه لقرابته من النبي صلى الله عليه وسلم
ـ وذكر أن هارون الرشيد جاء إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم ومعه موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، فجاء هارون الرشيد عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم يفتخر على الناس، فقال السلام عليك يا ابن عم. لأنه من نسل العباس بن عبد المطلب. فجاء موسى بن جعفر فقال السلام عليك يا أبت. فالتفت إليه هارون الرشيد وقال: هذا والله الفخر.
وما نقل يبطل قول الجهلة والمغرضين الذين يقولون: إن أهل السنة لا يقومون بحق آل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهذه فرية قديمة ليست اتهم بها الشيخ / محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، حتى قال عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب في الرسالة التي بعثها عام 1218هـ، ورد فيها على من افترى عليه في أنه لا يرى حقاً لأهل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ فأجاب: سبحانك هذا بهتان عظيم. فمن روى عنا شيئاً من ذلك أو نسبه إلينا فقد كذب علينا وافترى.
فهذه هي مكانة آل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - بشكل عام عند أهل السنة والجماعة.
وسأقتصر على ذكر بعض آل بيت النبي – صلى الله عليه وآله وسلم - وهم الأئمة الاثنا عشر عند الشيعة. وهم:
1 - علي بن أبي طالب
2 - الحسن
3 - الحسين
4 - علي بن الحسين {زين العابدين}
5 - ولده محمد {الباقر}
6 - ولده جعفر {الصادق}
7 - ولده موسى {الكاظم}
8 - ولده علي {الرضا}
9 - ولده محمد {الجواد} 10ـ ولده علي {الهادي}
11 - ولده الحسن {العسكري}
12 - ولده محمد {المنتظر}
وهؤلاء يمكن أن نقسمهم إلى أربعة أقسام:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/446)
القسم الأول: الصحابة منهم وهم علي والحسن والحسين.
القسم الثاني: وهم علماء أتقياء من جملة علماء أهل السنة والجماعة وهم ستة:-
1ـ علي بن الحسين 2ـ محمد الباقر
3ـ جعفر الصادق 4ـ موسى الكاظم
5ـ علي الرضا 6ـ محمد الجواد.
القسم الثالث: من جملة المسلمين لم يُعرف له كبير علم ولا طُعن في دينهم فهم مستورون ويكفيهم فخراً نسبهم إلى النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – وهما اثنان:
1 - علي الهادي 2 - الحسن العسكري.
وأنهما ممن يحق لهما أن يأتيا عند قبر النبي – صلى الله عليه وآله وسلم. وأن يقولا: السلام عليك يا أبت.
القسم الرابع: معدوم لم يخلق: وهو واحد وهو المنتظر، محمد بن الحسن.
أما مكانتهم عند أهل السنة والجماعة، أعني القسمين الأول والثاني:
القسم الأول:
ورأسهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فهو ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوج سيدة نساء العالمين فاطمة بن محمد رضي الله عنها، وهو رابع الخلفاء الراشدين وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة.
قال الحسن البصري: قُتل أمير المؤمنين {يعني عثمان بن عفان} مظلوماً، فعمد الناس إلى خيرهم فبايعوه {يعني علي بن أبي طالب}. قال أحمد بن حنبل: من لم يُرَبِّع بعلي {أي بعد أبي بكر وعمر وعثمان} فهو أضل من حمار أهله.
الثاني: الحسن بن علي السبط السيد الإمام ابن الإمام أبو محمد سيد شباب أهل الجنة. قال مساور السعدي: رأيت أبا هريرة قائماً على مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم مات الحسن يبكي وينادي بأعلى صوته ويقول: يأيها الناس مات اليوم حِبُّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فابكوا.
الثالث: الحسين بن علي الشهيد السعيد الإمام ابن الإمام أبو عبد الله سيد شباب أهل الجنة مع أخيه رضي الله عنهما.
القسم الثاني:
أولهم: علي بن الحسين ولقبه زيد العابدين، قال ابن سعد: كان ثقة مأمونا كثير الحديث عالياً ورفيعاً ورعاً.
قال الزهري: ما رأيت قرشياً أفضل من علي بن الحسين.
قال يحي بن سعيد: سمعت على بن الحسين وكان أفضل هاشمي أدركته. قال الذهبي: كان له جلالة عظيمة وحق له والله ذلك، فقد كان أهلاً للإمامة العظمى لشرفه وسؤدده وعلمه وتألهه وكمال عقله.
وقد حج هشام بن عبد الملك قبيل ولايته للخلافة فكان إذا أراد استلام الحجر زحم عليه الناس، فإذا جاء علي بن الحسين ابتعد الناس عن الحجر حتى يأتي ويقبل ثم يكمل باقي الأشواط فغضب هاشم بن عبد الملك نائب الخليفة، وقال: من هذا فما أعرفه؟ وكان بجانبه الشاعر الفرزدق فقال الشاعر:
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته والبيت يعرفه والحل والحرم
هذا ابن خير عباد الله كلهم هذا التقي النقي الطاهر العلم
إذا رأته قريش قال قائلها إلى مكارم هذا ينتهي الكرم
يكاد يمسكه عرفان راحته ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم
يغضي حياءً ويغضى من مهابته فما يكلم إلا حين يبتسم
هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله بجده أنبياء الله قد ختموا
الثاني: محمد بن علي بن الحسين وهو الذي يلقب بالباقر.
قال الإمام الذهبي: شهر بالباقر من بَقَر العلم {أي شقه} فعَرَف أصله وخفيه. ولقد كان أبو جعفر – هذه كنيته – إماما مجتهداً تالياً لكتاب الله كبير الشأن لا نُحابيْه ولا نَحِيف عليه، نُحِبُّه في الله لِما تجَمَّع فيه من صفات الكمال.
وقال ابن كثير: أحد أعلام هذه الأمة علماً وعملاً وسيادةً وشرفاً.
الثالث: جعفر بن محمد، ويلقب بالصادق.
قال الذهبي: الإمام الصادق شيخ بني هاشم أبو عبد الله القرشي الهاشمي العلوي النبوي المدني أحد الأعلام.
وقال أبو حاتم الرازي: لا يُسأل عن مثله.
الرابع: موسى بن جعفر، ويلقب بالكاظم.
قال ابن تيمية: مشهور بالعبادة والنسك.
وقال أبو حاتم الرازي: ثقة صدوق إمام من أئمة المسلمين.
وقال ابن كثير: كان كثير العبادة والمروءة.
الخامس: علي بن موسى ويلقب بالرضا.
قال ابن حِبَّان: من سادات أهل البيت وعقلائهم، وأجل الهاشمين ونبلائهم وقال الذهبي: كان كبير الشأن أهلاً للخلافة.
السادس: محمد بن علي بن موسى، ويلقب بالجواد.
قال ابن تيمية: كان من أعيان بني هاشم وهو معروف بالسخاء والسؤدد ولهذا سُمي بالجواد.
ومما يدل على محبة أهل السنة لآل البيت ومحبتهم لأهل السنة ما وقع بينهم من المصاهرات وتسمية الأولاد.
المصاهرات:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/447)
أولهم رسول الله صلى الله عليه وآلة وسلم:
تزوج عائشة بنت أبي بكر الصديق، وهي من تيم.
وتزوج حفصة بنت عمر بن الخطاب، وهي من بني عدي.
وتزوج أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان، وهي من بني أمية.
وزوَّج ابنته رقية من عثمان بن عفان، وهو من بني أمية.
فلما توفيت زوجه أختها أم كلثوم.
وزوج ابنته زينب للعاص بن الربيع وهو من بني عبد شمس بن عبد مناف.
وعلي بن أبي طالب زوج ابنته أم كلثوم لعمر بن الخطاب. الكافي5/ 346
وتزوج علي أرملة أبي بكر الصديق أسماء بنت عميس. سير أعلام النبلاء
وتزوج علي أيضًا أمامة بنت العاص بن الربيع، بعد أن توفيت خالتها فاطمة.
ومحمد بن علي بن الحسين {الباقر} تزوج أم فروة بنت القاسم بن محمد ابن أبي بكر الصديق، وكان جعفر بن محمد بن علي بن الحسين الصادق يقول: ولدني أبو بكر مرتين، سير أعلام النبلاء6/ 255
وأمه أم فروه بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر، وجدته أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق.
وأبان بن عثمان بن عفان تزوج أم كلثوم بنت عبد الله بن جعفر بن أبي طالب. الشيعة وأهل البيت141.
وسكينة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب تزوجها مصعب بن الزبير بن العوام. طبقات ابن سعد5/ 183. وغير هذا كثير.
تسمية الأولاد:
لعلى بن أبي طالب من الأولاد: أبو بكر وعمر وعثمان. كشف الغمة في معرفة الأئمة 2/ 67.
وللحسن بن علي من الأولاد: أبو بكر. كشف الغمة2/ 198.
ولعلي بن الحسن من الأولاد: عمر. كشف الغمة 2/ 302.
ولموسى بن جعفر من الأولاد: عمر وعائشة. كشف الغمة3/ 29.
وبعد أن عرفنا موقف أهل السنة في عترة النبي صلى الله عليه وآله وسلم. فلننظر إلى موقف الشيعة منهم.
وسأقسم كلامي إلى قسمين:
القسم الأول: عموم عترة النبي – صلى الله عليه وآله وسلم.
القسم الثاني: الأئمة الاثنا عشر أنفسهم وكيف تكلم فيهم الشيعة وطعنوا فيهم وهذا أمر غريب.
القسم الأول:
1 - العباس عم النبي – صلى الله عليه وآله وسلم –
رووا كذبا عن محمد الباقر أنه قال عن العباس عم النبي، وعقيل أخي علي: بقي مع علي {أي بعد موت النبي – صلى الله عليه وآله وسلم –} رجلان ضعيفان ذليلان حديثا عهد بالإسلام، عباس وعقيل. وفي رواية أنه قال: بقيت بين خلَفين خائفين ذليلين حقيرين، عباس وعقيل. الشيعة وأهل البيت267.
وعن علي بن الحسين أنه قرأ:] من كان في هذا أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا [، نزلت في العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم. رجال الكشي52. 2ـ عبد الله بن العباس الحبر البحر ابن عم النبيصلى الله عليه وسلم، وابن عم علي رضي الله عنه لم يسلم منهم أيضا، فماذا قالوا عنه؟؟!
يرون عن أبي عبد الله جعفر الصادق أنه قال: هل تدرون ما أضحكني؟ قالوا: لا. قال: زعم ابن عباس أنه من الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا {وذكر كلاماً طويلاً} ثم قال: فاستضحكت، ثم تركته يومه ذلك لسخافة عقله. الكافي1/ 247.
وعن علي أنه قال: اللهم العن ابني فلان وأعم أبصارهما كما أعميت قلوبهما. رجال الكشي52. قال المحقق في حاشية كتاب الكشي: ابني فلان كناية عن عبد الله وعبيد الله ابني العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم.
وذكروا عن علي أنه قال لابن العباس: فلما أمكنتك الشدة من خيانة أمة محمد أسرعت الوثبة وعجلت العدوة فاختطفت ما قدرت عليه. أما تؤمن بالمعاد، أو ما تخاف من سوء الحساب، أو ما يكبر عليك أن تشتري الإماء وتنكح النساء بأموال الأرامل والمهاجرين. رجال الكشي 58.
3 - أولاد الحسن بن علي بن أبي طالب:
عن أبي عبد الله جعفر الصادق أنه قال: وعندي الجفر الأحمر. فقال له عبد الله بن أبي يعقوب: أصلحك الله أيعرف هذا بنو الحسن؟ قال: إي والله، كما يعرفون الليل أنه ليل والنهار أنه نهار، ولكنهم يحملهم الحسد وطلب الدنيا على الجحود والإنكار. الكافي 1/ 240.
4 - محمد بن علي بن أبي طالب أخو الحسن والحسين والذي يعرف بابن الحنفية لأن أمه من بني حنيفة، فرووا عن علي أنه جمع الناس لإقامة حد الزنا على امرأة، ثم قال: لا يقيم الحد مَنْ لله عليه حد. يعني لا يقيم عليها الحد إلا الطاهرون. قال: فانصرف الناس يومئذ كلهم ما خلا أمير المؤمنين والحسن والحسين. وانصرف فيمن انصرف محمد ابن أمير المؤمنين. الكافي7/ 187.
5 - زيد بن علي بن الحسين، عم جعفر الصادق وأخو محمد الباقر:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/448)
عن حنان بن سدير قال: كنت جالسا عند الحسن بن الحسن، فجاء سعيد بن منصور وكان من رؤساء الزيدية، فقال: ما ترى في النبيذ؟ قال: إن زيدًا كان يشربه عندنا. قال: ما أُصدق على زيد أنه شرب مسكرًا. قال: بلى قد شربه. قال: فإن كان فعل، فإن زيداً ليس بنبي ولا وصي نبي، إنما هو رجل من آل محمد.
6 - عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب:
عن صفوان الجمال أنه قال: وقع بين أبي عبد الله وبين عبد الله بن الحسن كلام، حتى وقعت الضوضاء بينهما واجتمع الناس فتفرقا، {وذكر قصة طويلة} قال المحقق في الحاشية: فيه دلالة على حسن رعاية الرحم وإن كان بهذه المثابة، وإن كان فاسقاً ضالاً. الكافي2/ 155.
7 - إسماعيل بن جعفر الصادق الذي تنتسب إليه الإسماعيلية وهو أخو موسى الكاظم:
يروون عن جعفر الصادق والده أنه قال له: أفعلتها يا فاسق؟ أبشر بالنار الكشي211.
وذكروا عن أبي عبد الله جعفر الصادق أنه قال عن ولده إسماعيل: إنه عاص، لا يشبهني ولا يشبه أحداً من آبائي. بحار الأنوار 47/ 247
8 - موسى بن علي بن موسى أخو محمد بن علي {الجواد}:
عن يعقوب بن المثنى قال: كان المتوكل يقول: أعياني أمر ابن الرضا {يعني محمد بن علي الجواد} أبَى أن يشرب معي. فقالوا له: فإن لم تجد منه، فهذا أخوه موسى قصَّاف، عزَّاف، يأكل، ويشرب، ويتعشق. الكافي1/ 502
9 - جعفر بن علي بن محمد، أخو الحسن العسكري، وعم المهدي المنتظر:
عن أحمد بن عبيد الله بن خاقان أنه سأل أباه عن الحسن العسكري؟ فأطراه وأعلى منزلته. فسأله عن أخيه جعفر؟ فقال: ومن جعفر فتسأل عن خبره؟! أوَ يُقرن بالحسن جعفر؟ معلن الفسق، فاجر، ماجن، شريب للخمور، أقلُّ من رأيتَ من الرجال، وأهتكُهم لنفسه، خفيفٌ، قليلٌ في نفسه. الكافي 1/ 504.
فهل من ينسب هذه الأمور لآل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يحبهم؟؟؟
هذا طعنهم في أقرباء النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
أما أئمتهم الاثنا عشر:
1 - علي بن أبي طالب:
ذكروا عن علي رضي الله عنه أنه كان ينام مع عائشة في فراش واحد ولحاف واحد، والنبي بينهما، ثم يقوم النبي يصلي الليل، وعلي وعائشة في فراش واحد وفي لحاف واحد.بحار الأنوار40/ 2
ثم يذكرون في الكافي 7/ 181، من وُجد مع امرأة في لحاف واحد يقام عليهما حد الزنا،
ويروون عن جعفر الصادق أنه قال: لما خطب عمر إلى علي ابنته أم كلثوم، قال له علي: أنها صبية. فلقي عمر العباس عم النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: ما لي، أبِي بأس؟ قال: وما ذاك؟ قال: خطبت إلى ابن أخيك فردَّني، أما والله لأُعَوِرَنَّ زمزم {يعني أدفنها} ولا أدع لكم مكرمة إلا هدمتها، ولأُقِيمَنَّ عليه شاهدين بأنه سرق فَلَأَقْطَعَنَّ يده. فأتاه العباس {يعني عليا} فأخبره، وسأله أن يجعل الأمر إليه، فجعله إليه فزوجها عمر بن الخطاب.
وفي رواية أن أبا عبد الله قال عن زواج عمر من أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب: إن ذلك فرجا غُصِبناه. الكافي 5/ 336
وهذا لا شك من أعظم الطعن في علي رضي الله عنه، والله إن العربي ليموت دفاعاً عن عرضه، ويشرفه ذلك، ويمدح به، أعلي رضي الله عنه وهو سيد من سادات الشرفاء، وسيد من سادات الأتقياء يقول ذلك فرج غصبناه؟ تُأخذ ابنته غصباً.
هذا لا يمكن أن يكون من أدنى الأشراف منزلة، فكيف يكون من علي رضي الله عنه، ولذلك احتار الشيعة كثيراً في هذا الزواج، وما عرفوا له مخرجاً إلى أن جاء أحدهم فزعم أنه لما جاء عمر يخطب أم كلثوم بنت علي احتار علي في أمره ثم دعا امرأة من الجن فجاءته، فقال لها: إن عمر قد طلب ابنتي أم كلثوم، فتزوجيه أنت. فتشكلت الجنية بشكل أم كلثوم ثم تزوجها عمر. وأخفى علي أم كلثوم طول هذه المدة حتى مات عمر. فلما مات جاءت الجنية فأخذت ميراثها من عمر ثم انصرفت وأخرج علي أم كلثوم.
ولعمر من أم كلثوم من الأولاد زيد وحفصة الصغرى وهي غير حفصة أم المؤمنين، وأم كلثوم رضي الله عنها قتل زوجها عمر في صلاة الفجر، ثم قتل أبوها علي وهو خارج لصلاة الفجر ولذلك كانت تقول: ما لي ولصلاة الغداة {يعني صلاة الفجر} قتل زوجي في صلاة الغداة وقتل أبي في صلاة الغداة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/449)
وكذلك روي عن أبي عبد الله جعفر الصادق أنه قال: أتي عمر بامرأة قد تعلقت برجل من الأنصار كانت تهواه ولم تقدر عليه، فذهبت وأخذت بيضة وصبت البياض على ثيابها وبين فخذيها ثم قالت: زنا بي هذا الرجل. فقال عمر لعلي: ماذا ترى؟ فنظر علي إلى بياض على ثوب المرأة وبين فخذيها، ثم حكم بأنه بياض بيض. أعلي كرم الله وجهه ينظر بين فخذي امرأة غريبة عنه؟ هذا والله أعظم الطعن فيه. بحار الأنوار40/ 303
2 - محمد بن علي {الباقر}:
عن عبيد الله الدابغي قال: دخلت حماماً في المدينة فإذ شيخ كبير وهو قيِّم الحمام {يعني المسؤول عنه والحمام يعني الحمامات العامة}، فقلت: يا شيخ لمن هذا {يعني الحمام}؟ قال: لأبي جعفر؟ قلت: كان يدخله؟ قال: نعم. قلت: كيف كان يصنع؟ قال: كان يدخل فيبدأ فيطلي عانته وما يليها، ثم يلُف على طرف إحليله {يعني الذكر} ويدعوني فأطلي سائر بدنه. فقلت له يوما: الذي تكره أن أراه قد رأيته. فقال: كلا إن النورة سترته الكافي 6/ 497
3 - جعفر الصادق:
عن زرارة قال: والله لو حدثت بكل ما سمعته من أبي عبد الله لانتفخت ذكور الرجال على الخُشب. الكشي123
وعن زرارة قال: سألت أبا عبد الله يعني جعفر الصادق عن التشهد؟ فأجاب. فقال زرارة: فلما خرجت ضرطت في لحيتي وقلت: لا يفلح أبداً الكشي142
عن ابن أبي يعقوب قال: خرجت إلى السواد {العراق} أطلب دراهم للحج ونحن جماعة وفينا أبو بصير المرادي، قلت له: يا أبا بصير اتق الله وحج في مالك فإنك ذو مالٍ كثير. فقال: اسكت، فلو كانت الدنيا وقعت على صاحبك لاشتمل عليها بكسائه {يعني جعفر الصادق}.
وأبو بصير وزرارة هذان من كبار رواة الشيعة.
عن أبي عبد الله قال: زرارة وأبو بصير ومحمد بن مسلم وبريد من الذين قال تعالى:] والسابقون السابقون أولئك المقربون [الكشي124
4 - موسى بن جعفر {الكاظم}:
قال شعيب: دخلت على أبي الحسن {يعني موسى الكاظم} فقلت له: امرأة تزوجت ولها زوج؟ قال: ترجم المرأة ولا شيء على الرجل. قال: فلقيت أبا بصير فقلت له {يعني هذه الفتوى}. فمسح على صدره، وقال: ما أطن صاحبنا تناها حكمه بعد. الكشي153
بعد هذا كله لنا أن نسأل: من هم أتباع آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم؟ ومن هم محبوهم؟
بعض الأحكام التي تخص آل بيت النبي – صلى الله عليه وآله وسلم
1 - تحريم الزكاة:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الزكاة: إنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية والذهبي وابن كثير: إذا منعوا الخمس جازت لهم الزكاة.
وهل تحرم الزكاة على نساء النبيصلى الله عليه وسلم؟
الذي ذهب إليه الإمام أحمد أنها تحرم على نساء النبي صلى الله عليه وسلم.
ولكن بالتبعية لا بالأصالة، لتبعيتهن للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وذلك أنه أخرج البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: مولى القوم من أنفسهم. فظاهر الحديث يدل على أن الصدقة لا تحل لبني هاشم ولا لمواليهم {أي عبيدهم} ومع هذا فهي تحل لموالي نساء النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك بريرة مولاة عائشة تُصدق عليها بلحم، فجاءت وأهدته للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وعائشة. فقال النبي ما هذا؟ قالت: تُصدق به على بريرة فأهدته لنا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هو عليها صدقة ولنا هدية، فأكل منها صلوات الله وسلامه عليه، فلما أجاز التصدق عليها دل على أنها ليست من أهل البيت، ولا تتبع عائشة رضي الله عنها في تحيم الزكاة عليها.
2 - الخمس من الغنيمة والفيء.
الغنيمة: الأموال التي تكون بعد القتال. والفيء: بدون قتال
الغنيمة تقسم خمسة أخماس أربعة أخماس للجنود الذين شاركوا في القتال وخمس يقسم خمسة أخماس: لله ولرسوله ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل
وذوي القربى هم قربى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهذا يكون في الجهاد فقط.
3 - لهم محبة خاصة وإكرام خاص لقرابتهم من النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
لقول النبي صلى الله عليه وسلم: أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي.
هذا ونسأل الله تبارك وتعالى أن يحشرنا وإياكم في زمرة نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وآل بيته الكرام رضي الله تبارك وتعالى عنهم، والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
نقلا عن موقع البرهان(146/450)
اود معرفة افضل من عرض السيرة النبوية - صوتيا -
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[05 - 08 - 08, 04:37 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين , الرحمن الرحيم , مالك يوم الدين
اللهم صلّ وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
لا يخفى عليكم ما لأهمية السيرة النبوية في تقويم حياة المسلم
لذا أحببت ان استشير أخواني في الملتقى عن افضل من عرض السيرة على ألا يكون فيها أيا من المخالفات الشرعيه كما حصل في سلسلة السيرة النبوية لطارق السويدان و غيره
وقد سئلت احد التسجيلات لدينا بجده وقالوا لي ان افضل من عرض السيره النبويه صوتيا
الشيخ عائض القرني
والشيخ نبيل العوضي
فهل هناك غير ذلك
وفقكم الله وبارك لكم
ـ[أبو أنس السندي]ــــــــ[05 - 08 - 08, 05:47 ص]ـ
كنوز السيرة للشيخ عثمان الخميس - جميل وواضح
ـ[عبدالرحمن مجاهد]ــــــــ[05 - 08 - 08, 12:01 م]ـ
كنوز السيرة للشيخ عثمان الخميس ...
ـ[أبو أمين الزبير]ــــــــ[05 - 08 - 08, 02:43 م]ـ
أقترح عليك: " السيرة النبوية" للشيخ زهرات بدار القران بمراكش فقد أجاد وأفاد حفظه الله
ـ[ميسرة الغريب]ــــــــ[05 - 08 - 08, 03:02 م]ـ
السيرة النبوية للدكتور راغب السرجاني
ـ[أبو عبد البر المالكي]ــــــــ[05 - 08 - 08, 03:16 م]ـ
جزاكم الله خيرا و يا حبدا لو تضعون لنا الروابط ان امكنكم جزاكم الله خيرا .....
ـ[أبو سلمى رشيد]ــــــــ[05 - 08 - 08, 03:19 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الكريم
لعلها للشيخ أبي جابر عبد الحليم توميات الجزائري
فإليكم هذه الباقة العطرة مما فتح الله به على الشيخ أبي جابر
* * *
سيرة خير البرية صلّى الله عليه و سلّم
(دروس وعبر)
وهي
سلسلة من الدروس العلمية الماتعة و الهادفة المليئة بالدروس و العبر استعرض فيها الشيخ -حفظه الله- حياة النبي عليه الصلاة والسلام كلها لحظة بلحظة منذ ولادته إلى أن إلتحق بالرفيق الأعلى بل حتى قبل ولادته ومن بعد وفاته عليه الصلاة و السلام.
....
الرابط
http://marebe.net/showthread.php?t=428&highlight=%CA%E6%E3%ED%C7%CA
والشيخ عبد الحليم هو الإمام بمسجد عمر بن الخطاب بمنطقة لافيجي بلدية رايس حميدو بالجزائر العاصمة والغني عن التعريف بخاصة عند طلبة العلم فيالمنطقة الشمالية الوسطى.
ـ[طالبة العلم سارة]ــــــــ[05 - 08 - 08, 03:27 م]ـ
من كنوز السيرة الشيخ عثمان الخميس وقد صدرت قريبا طبعة مفرغة منه ممتازة.
http://www.islamway.com/?iw_s=Scholar&iw_a=series&series_id=149
وطبعا الشيخ عائض القرني مبدع في هذا التخصص ولو رأيتم واجهة الموقع فأغلبها لشروح السيرة بأسلوب ماتع لأستفدتم مما بها كثيرا
http://www.alislamnet.com/articles.aspx?id=50&page_id=0&page_size=20&links=True
ـ[صخر]ــــــــ[05 - 08 - 08, 03:52 م]ـ
سلسلة الشيخ زهرات غالبا مايتكلم فيها باللغة الدارجة (المراكشية) وأظن غير المغاربة يستعصي عليهم فهمها والله أعلم ..
ـ[ميسرة الغريب]ــــــــ[06 - 08 - 08, 12:34 ص]ـ
سلسلة السيرة النبوية للسرجاني على هذا الرابط وهي مقسمة إلى ثلاثة أجزاء
http://www.islamway.com/?iw_s=Scholar&iw_a=lessons&scholar_id=361
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[06 - 08 - 08, 02:26 ص]ـ
بارك الله فيكم
هل من مزيد .. ؟
ـ[رودريقو البرازيلي]ــــــــ[06 - 08 - 08, 04:03 ص]ـ
لا تنسوا
من معين شمائل المحمدية
للشيخ صالح الشامي
هو فريد في بابه
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[06 - 08 - 08, 04:04 ص]ـ
لا تنسوا
من معين شمائل المحمدية
للشيخ صالح الشامي
هو فريد في بابه
أليس هذا كتاب .. ؟
ـ[أبو إبراهيم الحربي]ــــــــ[06 - 08 - 08, 05:50 ص]ـ
قراءة جديدة للسيرة النبوية محمد حسان موجود على موقع إذاعة طريق الإسلام
ـ[أبو ذر الطائفى]ــــــــ[06 - 08 - 08, 07:23 م]ـ
الشيخ ياسر برهامى
http://www.islamway.com/?iw_s=Scholar&iw_a=series&series_id=3199
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[16 - 04 - 09, 10:50 ص]ـ
أحسن الله إليكم وبارك فيكم ونفعكم ونفع بكم ...
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[22 - 04 - 09, 11:37 ص]ـ
للنفع ..
ـ[أبو أويس الأثري الجزائري]ــــــــ[29 - 04 - 09, 03:21 ص]ـ
أرى أن أحدا لم يذكر أخانا بأشرطة الشيخ الفاضل الشيخ صالح بن عواد المغامسي
سلسلة: الأيام النضرة في السيرة العطرة ...
ـ[نادية الجزائرية]ــــــــ[29 - 04 - 09, 07:45 م]ـ
بارك الله فيكم(146/451)
الفارابي وسيف الدولة،قصة غريبة، أضحكهم ثم أبكاهم ثم نومهم ثم خرج.
ـ[محمد محيسن الهلالات]ــــــــ[05 - 08 - 08, 07:37 م]ـ
قال ابن خلكان:
ورأيت في بعض المجاميع أن أبا نصر (الفارابي) لما ورد على سيف الدولة وكان مجلسه مجمع الفضلاء في جميع المعارف فأدخل عليه، وهو بزي الأتراك وكان ذلك دأبه دائماً فوقف.
فقال له سيف الدولة اقعد.
فقال: حيث أنا أم حيث أنت؟
فقال حيث أنت.
فتخطى رقاب الناس حتى انتهى إلى مسند سيف الدولة، وزاحمه فيه، حتى أخرجه عنه.
وكان على رأس سيف الدولة مماليك، ولهم معهم لسان خاص يسارهم به، قل أن يعرفه أحد، فقال لهم بذلك اللسان: أن هذا الشيخ قد أساء الأدب، وإني سائله في أشياء، إن لم يعرف بها فأحرقوا به.
فقال له أبو نصر بذلك اللسان: أيها الأمير، اصبر، فإن الأمور بعواقبها.
فتعجب سيف الدولة،وقال له: أتحسن بهذا اللسان. فقال: نعم، أحسن بأكثر من سبعين لساناً.
فعظم عنده، ثم أخذ يتكلم مع العلماء حاضرين في المجلس في كل فن، فلم يزل كلامه يعلو، وكلامهم يسفل، حتى صمت الكل، وبقي يتكلم وحده. ثم أخذوا يكتبون ما يقوله، وصرفهم سيف الدولة، وخلا به.
فقال:
هل لك أن تأكل؟ قال: لا، قال: فهل تشرب؟ قال: لا، قال: فهل تسمع؟ قال: نعم.
فأمر سيف الدولة بإحضار القيان، فحضر كل من هو من أهل هذه الصناعة بأنواع الملاهي، فلم يحرك أحد منهم آلته إلا وعابه أبو نصر، وقال له: أخطأت.
فقال له سيف الدولة: وهل تحسن في هذه الصنعة شيئاً؟ قال: نعم، ثم أخرج من وسطه خريطة، وفتحها، وأخرج منها عيداناً، فركبها، ثم ضرب بها، فضحك كل من في المجلس، ثم فكها غير تركيبها، وضرب بها، فبكى كل من في المجلس، ثم فكها وركبها تركيباً آخر، وضرب بها فنام من في المجلس حتى البواب، فتركهم نياماً وخرج.
ما رأي الإخوة بهذه القصة التي ذكرها ابن خلكان؟. إذ بدا لي أنها غير صحيحة!!!
ـ[مسعود السعيد]ــــــــ[07 - 08 - 08, 11:17 ص]ـ
اثر السماع عظيم في النفس البشرية
واليوم يستخدم من الموسيقى ما هو محزن ومبكي، او مضحك ... كما شاهدنا جميعا في القنوات التلفزيونية
اما الموسيقى المنيمة، فلا علم لي، ولكنها ليست مستحيلة ...
ـ[محمد محيسن الهلالات]ــــــــ[08 - 08 - 08, 11:16 ص]ـ
جزاكم الله خيرا.
وما رأيكم أنه كان يتقن سبعين لسانا؟!!.
وقد أشار ابن تيمية للقصة في مجموع الفتاوى:
و الفارابى كان بارعا فى الغناء الذى يسمونه الموسيقا وله فيه طريقة عند أهل صناعة الغناء وحكايته مع ابن حمدان مشهورة لما ضرب فأبكاهم ثم أضحكهم ثم نومهم ثم خرج
ـ[مسعود السعيد]ــــــــ[08 - 08 - 08, 01:01 م]ـ
ليست مستحيلة ...
فالمستشرق بروكلمان يعرف ما يقارب الثلاثين ... وفي بعضها متمكن جداً، شعراً ونثراً (راجع قاموس المستشرقين لعبدالرحمن بدوي)
ولعل نظام الحوكمات القديم، كان يوفر فرص كبيرة لتعلم اللغات، فبأمكان العالم السفر لأقاصي العالم شرقاً وغرباُ بلا حدود ولا جوازات ... وكان بامكانه الاقامة بكل بلد ما شاء ... يتعلم فيها اللغات المحلية ...
ان ذكر كل واحد من اعضاء المنتدى اللغات المستعملة في بلده (وهي العالم الاسلامي اليوم)؛ فسيزيد العدد عن السبعين ...
تحياتي
ـ[ابو عمر الهلالي]ــــــــ[06 - 09 - 08, 01:41 م]ـ
في بلدنا اشخاص أميون لكن بعضهم يتقن عشرين لغة (محادثة) , بسبب المخالطة.(146/452)
شوق المورسكيين إلى رمضان
ـ[هشام زليم]ــــــــ[06 - 08 - 08, 11:09 م]ـ
بسم الله الرحمان الرحيم.
بداية فالمورسكيون هم أولئك الأندلسيون الذين بقوا في الأندلس بعد سقوط دولة الإسلام سنة 1492م. و قد أٌجبروا على التنصر و نبذ الإسلام و التخاطب بالقشتالية بعد منع اللغة العربية و إبدال الأسماء و الأزياء الإسلامية بنظيرتها النصرانية. و من خالف عوقب أشد عقوبة و صلت إلى حد الشنق و الحرق.
و أمام هذا الظلم و الإرهاب النصراني عمل الأندلسيون على إخفاء عقيدتهم الإسلامية و أداء الشعائر خفية من أعين محاكم التفتيش. و قد حضي رمضان بقسط وافر من التعظيم حيث حرصوا على صيامه رغم ما قد يتعرضون له إذا اكتشفهم النصارى. بل و قد انتظروا قدوم هذا الشهر المبارك بكل شوق و شغف. و هذا الشوق لدى المورسكيين إلى رمضان هو محور هذا الموضوع المتواضع.
تقول الكاتبة الإسبانية غارسيا ميرثيدس أرينال عن انتظار المورسكيين لرمضان:
"يبدأ الصيام بظهور هلال رمضان الذي كان يدور حوله توقع كبير. و كان هناك قلق عند انتظار الهلال و مراقبته, و كانوا ينقلون خبر ظهوره بين القرى المجاورة و يتناقشون حوله. و تسبب هذا الاهتمام بهلال رمضان في محاكمة عدد ليس بالقليل من المورسكيين. تجدر بالذكر حالة ديثا, ففي عام 1570م (أي بعد 78 سنة على تنصير المسلمين) تم القبض على نصف القرية لأنهم خرجوا إلى أماكن الفضاء لرؤية ظهور هلال رمضان, و لما دار جدل حول ما إذا كان الهلال ظهر أم لا انقسموا إلى جماعات متفرقة و بدأت كل جماعة تدافع عن موقفها بصوت عال, و بالبتالي علمت السلطات و قبضت عليهم. (1)
و الحالات التي يظهر فيها المورسكيين و هم يستطلعون الهلال عديدة: ماريا دي أليخير ( Maria de Aliger) من ديثا- (2): "لشغفها بمعرفة متى سيبدأ شهر رمضان حتى تصوم, قالت لأحد المورسكيين إنها ذهبت لرؤية الهلال في فضاء هذه القرية".
و خيرونيمو, نقاش أركوس, رآه جاره ذات ليلة و هو ينظر إلى الهلال و قال له هذا الشاهد: إلام تنظر و ما الذي جاء بك إلى هنا؟ قال هذا النقاش: إنه جاء لرؤية الهلال, قال الشاهد: تريد أن تصوم؟ قال له النقاش: أجل فهناك في أراغون يصوم الجميع" (3)
(1) أرشيف محاكم التفتيش بكوينكا. ملف 249. رقم3363.
(2) أرشيف محاكم التفتيش بكوينكا. ملف 375. رقم5322.
(3) أرشيف محاكم التفتيش بكوينكا. ملف 237. رقم3072.
و هذه الشهادات نشرت بكتاب "محاكم التفتيش و المورسكيون" لللإسبانية غارسيا مرثيدس أرينال. ترجمة الدكتور جمال عبد الرحمن.(146/453)
والله لا يخزيك الله أبدًا بقلم: محمد مسعد ياقوت
ـ[محمد مسعد ياقوت]ــــــــ[08 - 08 - 08, 02:17 ص]ـ
والله لا يخزيك الله أبدًا بقلم: محمد مسعد ياقوت **
7/ 17/2008
بقلم: محمد مسعد ياقوت **
"كلا، أبشر، فوالله لا يخزيك الله أبدا؛ إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق".
بهذه الكلمات العظيمة تثبت أم المؤمنين خديجة قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم لما حدثها بشأن المَلك الذي نزل عليه بغار حراء، حيث قال لها معبرًا عن خشيته: "لقد خشيتُ على نفسي".
وكان دور المرأة والزوجة الصالحة هو تخفيف حدة الضنك التي لحقت بنبي الرحمة صلى الله عليه وسلم جراء هذه المقابلة الشديدة الصعبة مع "جبريل"، وتؤكد له عناية الله به، مدللة على خصال كريمة يتصف بها المصطفى، وسلوكيات طيبة يمارسها في مجتمعه.
فهي توضح له بكل صراحة أن الله لن يخزيه لعلة واحدة، هي أنه مواظب على جملة من العبادات الاجتماعية .. فلن يخزي الله من وصل الرحم، وصدق الحديث، وحمل الكَل، وأكرم الضيف، وأعان على نوائب الدهر!
إنها تتحدث إلى زوجها كطبيبة نفوس، وكفيلسوفة فكر، وكعالمة في سنن الله ونواميسه في الخليقة ..
إنها بكلماتها تلك تسبق ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صنائع المعروف تقي مصارع السوء، والآفات والهلكات ... " [صحيح، الحاكم، عن أنس].
هذا القلب الكبير الذي يحمل كُل هذا الخير للناس لا يخزيه الله، لن يصل الحُزن إلى قلبه، ولن يصل الخوف من الناس إلى وجدانه، بل ستنعم حياته، وينعم قلبه، ويزهو ويفرح، وينجلي غبار الضنك عن رأسه.
"كلا" ..
لن يحزن قلبك، ما دام يحمل الخير للناس ..
"أبشر" ..
سيندمل الجرح، ويزول الوجع، وستمضي في طريق الحياة بهذا القلب الخيّر، يفيض منه النور إلى البشر، وتسرج به قلوبًا غلفًا، وعيونًا عميا، وآذانًا صما.
"فوالله لا يخزيك الله أبدا" ..
لست أنت بالوجه الذي يرده الله، ولست ولست أنت بالعبد الذي يتخلى عنه ربه، فأنت عبد أكرمت عباده، أشبعت جوعتهم، وأذهبت ظمأتهم، وكسوت عورتهم، ومسحت على رأس اليتيم، فكنت الأب، وعفوت عمن أساء إليك فكنت الأم:
وإذا رحمت فأنت أمٌّ أو أب هذان في الدنيا هما الرحماء
لا يخزيك .. ولم ولن يخزيك الله أبدًا .. فأنعم بحياتك!
"إنك لتصل الرحم"
فمن قطعك وصلته، تغني القريب الفقير، وتقوّي القريب الضعيف، أنت سند أهلك، ووتد أقاربك، لم يسمعوا منك إلا كل خير، ولم يروا منك إلا كل صلاح .. أنت لكبيرهم ابن، ولصغيرهم أب، ولصاحبهم أخ.
"تصدق الحديث"
لا تكذب أبدًا، لا تغش أبدًا، لا تزور شهادة، ولا تدلس مقالة، لم يُعهد عليك كذبة واحدة في حياتك، ولم تتلطخ لحظة واحدة في براثن الكذب.
"تحمل الكَل"
وهو العاجز، لا تُعينه وفقط، بل تحمله! ولا تحمله فقط، بل تحمله وحاجته! لا ينزل عنك إلا وقد قضيت مسألته، ورحمت ذلته، وأسعدت قلبه.
"تقري الضيف"
ما أكرم الناس إذا نزلوا بدارك! وما أعظمهم إذا حلوا بحضرتك! أوقدت القدور، وجهزت النمارق، وقضيت الحاجات، فإن بات الضيف بدارك بات آمنًا عزيزًا، وإن انصرف؛ فمُكرم مسرور.
"تعين على نوائب الدهر"
فمصائب الأيام كثيرة، وجراح الواقع كبيرة، فيأتيك طالب العون فتعينه على نائبته، ويأتيك المكروب فتعينه على كربته .. أنت الظَهر للبائسين، فأنت لجراحهم طبيب، وأنت ليتمهم أب.
والصدّيق كذلك!
و"أبو بكر" تلميذه العظيم! يسير على شرعته، ويمارس صنعته، ويُبتلى، فيخرج مهاجرًا نحو أرض الحبشة، حتى إذا بلغ (برك الغماد) لقيه "ابن الدغنة" وهو سيد (القارة) فقال: "أين تريد يا أبا بكر؟ " فقال أبو بكر: "أخرجني قومي، فأريد أن أسيح في الأرض، فأعبد ربي".
فقال ابن الدغنة: "فإن مثلك يا أبا بكر لا يخرج، ولا يُخرج مثله، إنك تكسب المعدوم، وتصل الرحم، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق، وأنا لك جار، فأرجع فاعبد ربك ببلدك ..
فأصحاب هذه الصنائع الخيرية، ما كان الله ليخزيهم، وما كان ليكلهم إلى بعيد كافر، أو إلى قريب ظالم، هم أحق بالتمكين، وأولى بسعادة الدنيا والآخرة، وكان حقًّا على الله أن يسخر لهم أمثال "ابن الدغنة" .. ينصرهم ويؤازرهم، حتى ينعم صناع الخير في ظلال الله.
فاصنع خيرًا .. يسعد قلبك، ولا يخزيك الله.
[نقلاً عن موقع إسلام أون لاين،بتاريخ 3/ 7/2008] ( http://yakut.blogspot.com/2007/06/blog-post.html)
ـ[أبا قتيبة]ــــــــ[09 - 05 - 09, 10:01 م]ـ
اسأل الله ان يسعد قلبك ولا يخزيك ابدا اخى محمد
وفقك الله
ـ[محمد مسعد ياقوت]ــــــــ[10 - 05 - 09, 04:34 م]ـ
اسأل الله ان يسعد قلبك ولا يخزيك ابدا اخى محمد
وفقك الله
أبا قتيبة! أسعد الله قلبك وقلوب أحبابك(146/454)
القضية الأندلسية
ـ[هشام زليم]ــــــــ[08 - 08 - 08, 12:41 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين محمد و على أله و صحبه أجمعين و من اهتدى بهديه إلى يوم القيامة و الدين.
أما بعد:
تبدأ فصول المأساة الأندلسية بُعيد دخول الملكين الكاثوليكيين فرديناند و إيزابيلا إلى غرناطة في بداية سنة 1492م و ذلك تطبيقا لبنود معاهدة تسليم المدينة المسلمة التي وقعاها مع أخر الملوك المسلمين بالجزيرة الأندلسية أبو عبد الله الزغبي.
تعهد الملكان الكاثوليكيان المتعصبان من خلال المعاهدة بحسن معاملة المسلمين و حمايتهم و الإقتصاص ممن يسيء إليهم و عدم انتهاك حرمات المساجد و أعراض المسلمين بل و التزموا بأن الشريعة الإسلامية هي التي سيُحكم بها فيهم من خلال فقهائهم؛ باختصار سيُمنح المسلمون نوعا من الحكم الذاتي كأقلية مسلمة ضمن الأغلبية الكاثوليكية.
رغم هذه الوعود المعسولة فقد اختارت فئة غير قليلة من الأمة الغرناطية المسلمة الهجرة عن غرناطة إلى بلاد الإسلام بشمال إفريقيا فرارا بدينها، فالأندلس أولا و أخيرا لم تعد دار إسلام.
لنترك من هاجر و نبقى مع من اختار البقاء في الأندلس. فقد اعتقد هؤلاء أن المسألة لا تعدو أن تكون سحابة صيف و سرعان ما ستتلاشى فيستجمع المسلمون قوتهم و يعيدون الكرّة على النصارى و يُرجعوا غرناطة و أحوازها و لما لا قرطبة و إشبيلية و طليطلة و كل بلاد الأندلس؛ ثم إن المغاربة و العثمانيين لن يسمحوا بأن يغتصب النصارى أرض إسلام و لابدّ أن يُرسلوا طارقا أخر يساعد على إرجاع الإسلام لهذه الأرض. هكذا اعتقدوا في البداية، لكن قدّر الله و ما شاء فعل.
يذكر عالم الإجتماع الإسباني خوليو كارو باروخا ما رواه الرحالة الإسباني خيرونيمو منذر الذي زار غرناطة ما بين 1494 و 1495 (أي 3 أعوام على سقوطها بيد النصارى) فشد انتباهه الأذان الذي مازال مسموحا به أنذاك:" كان صوت المؤذن الشجي يرتفع في الأوقات المعتادة. كانت أصوات المؤذنين تخرج من أعالي المأذن، حادة أحيانا، قصيرة أحيانا أخرى. إن الأوربي الذي يسمع صوت المؤذن لأول مرة يشعر بقشعريرة: في هذه الأصوات شيئ من التحذير." (1)
هذه الروح المتسامحة نسبيا مع المسلمين لم تستمر طويلا حيث بدأت بوادر الغدرتظهر:"كان أول الغدر تحويل مسجد الطيبين إلى كنيسة و كذلك مسجد الحمراء، ثم تحويل مسجد غرناطة الأكبر إلى كتدرائية. ثم نظمت الكنيسة في السنين الأولى فرقا تبشيرية من رهبان و راهبات للقيام بنشر النصرانية ... ولما مرّت السنون و لم تأت هذه الفرق بنتيجة تذكر أخذت الكنيسة و الدولة تفكر في تغيير سياستها من اللين إلى العنف، ملغية كل بنود معاهدة التسليم الواحدة تلو الأخرى" (2).
هذا التغيير نحو العنف تمثل في استدعاء الملك فرديناند سنة 1499م لأحد طغاة التاريخ الكاردينال فرانسيسكو خمنيس دي سيسنيروس، مطران طليطلة،"ليعمل على تنصير المسلمين بصرامة أكبر. فوفد على غرناطة في شهر يوليوز من السنة نفسها…فأمر بجمع فقهاء مدينة غرناطة و المدن الأخرى و دعاهم إلى ترك الإسلام و اعتناق النصرانية ليكونوا أسوة لغيرهم، و أغدق المنح على من قبل ذلك و هدد بالوعيد و العقوبة لمن رفض. فضعف بعضهم و قبل التنصير و تبعهم بعض العامة. و تمركز التنصير في حي البيازين من أحياء غرناطة الشعبية، وحوّل جامعها الأكبر إلى كنيسة سان سلباطور" (3)
هذا التحول دفع الأندلسيين للقيام بثورة أشعل فتيلها انتهاك شرطة سيسنيروس لحرمة إحدى المسلمات حيث تجمع الأندلسيون و قتلوا الشرطي و حرروا المرأة و هرب القسس. (4)
لكن نظرا لقلة العدة و العتاد و تعهد الكنيسة بعدم استعمال العنف أُخمدت الثورة و قد نُقضت كل التعهدات مرّة أخرى بعد ذلك حيث استمر التنصير القسري لكل المسلمين.
و انطلاقا من هذا التاريخ بدأت القرارات تتوالى بوجوب تنصير المسلمين و حظر استعمال اللغة العربية و حيازة الكتب المكتوبة بها و منع ارتداء الزي الإسلامي أو التسمي بأسماء عربية أو الإحتفال بالأعياد الخاصة بالمسلمين، باختصار منع أي مظهر من مظاهر الدين الإسلامي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/455)
أمام هذه الفتنة الكبرى انقسم الأندلسيون الغرناطيون إلى ثلاثة أقسام: القسم الأول تنصّر و اندمج في المجتمع المسيحي، القسم الثاني رحل عن الأندلس إلى بلاد الإسلام، و القسم الثالث تظاهر بالنصرانية و حافظ على الإسلام و هؤلاء أطلق عليهم الإسبان" المورسكيون" أو "الموروس" التي تعني –حسب محمد عبد الله عنان رحمه الله - (العرب الأصاغر) تقليلا من شأنهم و تمييزا لهم عن غيرهم.
فلله ذر الكاتب المجهول الذي وضع للأندلسيين وصفا دقيقا مؤثرالهذه المرحلة، إذ يقول:
و قد بُدلت أسماؤنا و تحوّلت****بغير رضاً منا و غير إرادة
فأاه على تبديل دين محمد****بدين كلاب الروم شر البرية
لم تثق الكنيسة في تنصّر هؤلاء فقامت بإنشاء محاكم التفتيش بغرناطة لمراقبتهم ومعاقبة من يتشبث بالإسلام أو تظهر عليه بعض مظاهره. و هكذا أحرقت هذه المؤسسة - التي يسميها الأندلسيون "محكمة الشيطان"- حاكمت الأندلسيين و عذبتهم وصادرت أموالهم و لم يكن للموتى حرمة حيث عمدت لإخراج جثت المتهمين ب"الإسلام" من القبور و ألبستها زي المحاكمة و بعد إصدار الحكم على الميت تقوم بإعدامه و حرقه.
و قد كان الأندلسيون يعملون على تأجيل تطبيق بعض القرارات بدفع فديات مالية باهظة للسلطات المسيحية رغم ذلك فقد بلغ الإضهاد ذروته في الفترة ما بين 1502 و 1568م حيث صدر سنة 1567قرار ملكي لا رجعة فيه و لم تنفع في تأجيله الوساطات و الفديات المالية. قضى هذا القانون ب:
"- حظر اللباس المورسكي على الرجال و النساء و إلزام النساء-بالإضافة إلى ذلك- بكشف الوجه.
- في الزفاف و في كل أنواع الإحتفالات تمنع رقصة السمرة و إقامة الليالي بمصاحبة الألات الغنائية المورسكية حتى لو كانت لا تتضمن شيئا مريبا أو مخالفا للديانة المسيحية.
- يجب أن تظل أبواب البيوت مفتوحة و تمنع النساء من التخضيب بالحناءو يحظر استعمال الأسماء و الألقاب الإسلامية.
-حظر استعمال الحمامات.- يحظر على المورسكيين أن يكون لهم عبيد من المقاتلين الغرباء، وعلى الأحرار من هؤلاء المقاتلين مغادرة غرناطة في غضون ستة أشهر.
- يحظر على المورسكيين كذلك أن يكون لهم عبيد من السود.
كما نرى، لم تكن تلك الإجراءات مجرد وسائل قمع ديني أو سياسي، بل كانت تهدف إلى إلغاء وجود المورسكيين كجماعة مختلفة ثقافيا، و كان المطروح هو ما يسميه برادويل "صراع الحضارات".لم تكن تلك هي المرة الأولى التي يحظر فيها على المورسكيين لغتهم و ملابسهم…إلخ، لكن المورسكيين كانوا يتمكنون-من خلال ثرواتهم- من تأجيل اللحظة التي توضع فيها هذه الإجراءات موضع التنفيذ. و في عام 1567، حين لم يكن هناك مجال للتأجيل، أرسل أحد أعيان المورسكيين- و هو فرانثيسكو نونيث مولاي – إلى محكمة غرناطة مذكرة (المذكرة مودعة في مكتبة مدريد الوطنية-المخطوطة رقم 6176). يضع نونيث في اعتباره أهمية القضية فيحاول تصوير هذه الخصائص على أنها مجرد عادات محلية و يسعى إلى أن يٌقبل اللباس المورسكي كما يقبل الزي الخاص بقشتالة أو أراغون، و أن تقبل اللغة العربية كما تُقبل اللغة الغاليثية أو القطالونية.
لم تحقق المذكرة أدنى درجة من النجاح، و سيكون تنفيذ هذه القرارات هو السبب الرئيسي في ثورة البشرات:" (5).
نعم، ففي يوم 23 - 12 - 1568م اندلعت ثورة غرناطة الكبرى التي تزعمها فرناندو ذي بالور أو محمد بن أمية و بعد مقتله خلفه عبد الله بن عبو رحمهما الله.
كادت هذه الثورة تنجح لكن نظرا لقلة العتاد و عدم الإستعداد و تفرق الكلمة و التنازع فشل الأندلسيون و ذهبت ريحهم و انتهت هذه الثورة نهائيا سنة 1571م وذلك بعد قتل بعض الأندلسيين لإبن عبو و أخذ جثته إلى الأسبان.
يقول الدكتور علي الكتاني رحمه الله عن هذه الحادثة الأليمة:" و في 13 - 3 - 1571م نجحت المؤامرة إذ هجم الشنيش و ستة من أتباعه على ابن عبو في الكهف الذي كان مختبئا فيه، فقاوم حتى استشهد. فسلم الخونة جثمانه للإسبان الذين حملوه إلى غرناطة، و أدخلوه المدينة في حفل ضخم، ووضعوه في قفص حديدي بعد أن ألبسوه لباسا كاملا و كأن صاحبه حي، ثم حملوه على فرس، وقطعوا به المدينة تتبعه أفواج من أسرى الأندلسيين. ثم حمل الجثمان إلى النطع. و أجري فيه حكم الإعدام، فقطعوا الرأس و سحلوا الجسم في الشوارع فتمزق أطرافا ثم أحرق في أكبر ساحات غرناطة بهمجية
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/456)
لا تضاهى. ووضعوا الرأس في قفص من حديد رفع فوق باب المدينة باتجاه البشرات حيث بقي معلقا لمدة ثلاثين سنة" (6)
ردا على هذه الثورة قرر المجلس الملكي الإسباني إقصاء الأندلسيين جميعا من مملكة غرناطة و ترحيلهم إلى مناطق خارجها. و ذلك لإبعادهم عن مركز ثقلهم و تشتيت وحدتهم حتى لا تقوم لهم قائمة.
لكن الغرناطيين كانوا يحملون عبء الدعوة في المناطق التي رحلوا إليها فقد بعثوا الروح الإسلامية في مسلمي المناطق الأخرى كقشتالة و أراغون و بلنسية.
فاضطرت السلطات الإسبانية غير مامرّة لتهجيرهم من منطقة لأخرى.
و استمرّ اضهاد المسلمين بإسبانيا إلى حدود سنة 1608م حيث قرر مجلس الدولة الإسباني بكامل أفراده و بالإجماع على طرد الأندلسيين جميعا من الأراضي الإسبانية لاعتبارهم "كفرة" بالدين النصراني و "خونة" للدولة الإسبانية. و كما قال المثقف اللإسباني رودريغو دو زياس " بإصدار هذا القرار وُلدت أول دولة عنصرية في التاريخ" (7).
بدأت السلطات الإسبانية بتنفيذ القرار ابتداءا من السنة الموالية حيث جهزت سفنا في جميع مرافئ البلاد لحمل الاندلسيين إلى سواحل شمال إفريقيا و فرنسا.
"و قد وصف قوافل المرحلين الأندلسيين شاعر إسباني معاصر بأبيات معبرة:
فرقة من المسلمين و المسلمات
تمشي و هي تسمع من الجميع الشتائم
هم يحملون الثروة و الاموال
و هن يحملن زينتهن و الملابس
و العجائز بأحزان و بكاء
التوى و جههن و شكلهن
محملات بجواهر مزيفة
و أواني الطبخ و مقلات و قرب و قنادل
و عجوز يحمل طفلا بيده
و الأخر على صدر أمه الحنون
و ثالث شاب قوي كالطرياني
لا يتأخر عن حمل أبيه"" (8)
و في الطريق إلى مناطق هجرتهم تعرض الأندلسيون لكل أنواع النصب و الإحتيال و السرقة و القتل حتى. و كانوا فريسة سهلة للبحارة الذين كانوا لا يصلون بهم إلى الساحل و يرمون بهم في وسط البحر بعد أن ينهبوا مالهم و متاعهم.
لكنهم- بفضل الله و منه و كرمه - وصلوا أخيرا إلى بلاد الإسلام بعد أن فروا من الكفر. وصلوا إلى تطوان و الرباط و شفشاون و تلمسان و بجاية و الجزائر و تونس و سليمان و تستور ... و كانوا بحق من خيرة رجالات البلدان التي حلّوا بها في جميع الميادين الشرعية و الإقتصادية (فقد كانوا من أمهر الحرفيين) و العسكرية (خاصة في ساحة الجهاد البحري الذي قض مضاجع الإسبان).
فرحم الله أبناء الأمة الأندلسية الذين قضوا و هم يدافعون عن عقيدتهم ودينهم وسط بطش و إرهاب النصارى.
الهوامش
(1) كتاب "مسلمو مملكة غرناطة" خوايو كارو باروخا. تعريب الأستاذ جمال عبد الرحمان. الصفحة 121.
(2) كتاب "انبعاث الإسلام بالأندلس" علي الكتاني. الصفحة 61.
(3) كتاب "انبعاث الإسلام بالأندلس" علي الكتاني. الصفحة 61.
(4) كتاب "انبعاث الإسلام بالأندلس" علي الكتاني. الصفحة 62
(5) كتاب "الموريسكيون الأندلسيون" للكاتبة الإسبانية مرثيدس غارثيا أرينا. تعريب الأستاذ جمال عبد الرحمان. الصفحة 53 - 54.
(6) كتاب "انبعاث الإسلام بالأندلس" علي الكتاني. الصفحة 119
(7) هو مقال للكاتب الإسباني رودريغو دو زياس نشره في مجلة "العالم الديبلوماسي " الفرنسية عدد مارس 1997. و لأهميته و كشفه عن وثائق جديدة قمت بترجمته إلى العربية.
(8) كتاب "انبعاث الإسلام بالأندلس" علي الكتاني. الصفحة 165.
ـ[هشام زليم]ــــــــ[13 - 08 - 08, 03:39 م]ـ
رابط جديد للموضوع
http://www.islamway.com/?iw_s=Article&iw_a=view&article_id=4201(146/457)
الدكتور محمد عبد القادر أبو فارس
ـ[شهد محروس]ــــــــ[08 - 08 - 08, 03:35 م]ـ
هل يمكن الحصول من النت على كتب الدكتور محمد عبد القادر أبي فارس، وخاصة كتاب السيرة النبوية فهو من الكتب المهمة .......... Question
ـ[أبو معاذ السلفي المصري]ــــــــ[06 - 05 - 10, 06:43 م]ـ
لقد اهداني احد الاخوه كتاب السيرة النبوية دراسة تحليلية
للدكتور/محمد عبدالقادر ابو فارس
لكن لا ادري هل يوجد علي النت ام لا
ـ[كمال بن أحمد]ــــــــ[08 - 05 - 10, 12:48 م]ـ
هل يمكن الحصول من النت على كتب الدكتور محمد عبد القادر أبي فارس، وخاصة كتاب السيرة النبوية فهو من الكتب المهمة .......... Question
بسم الله الرحمن الرحيم
من وجد الكتاب فليدلنا عليه
شكرا(146/458)
الحمّام الوحيد الذي لم يدمّره النصارى في غرناطة (مع صورة له)
ـ[هشام زليم]ــــــــ[09 - 08 - 08, 03:15 ص]ـ
بسم الله الرحمان الرحيم. و صلى الله و سلّم و بارك على محمد و على أله و صحبه أجمعين.
تعتبر الطهارة إحدى خصائص الدين الإسلامي و التي أمر بها الشارع و فرضها كشرط صحة لعبادات تشكل أركان الإسلام. و لهذا حرص المسلمون على التنظف حتى أصبحت النظافة ميزة خاصة بالمسلمين. و مع انتشار الإسلام في الأرض حمل المسلمون معهم حضارتهم إلى البلدان المفتوحة و من أهم معالم هذه الحضارة الحمامات. فمثلا في الأندلس الإسلامية كان لا يخلو بيت من حمام للإغتسال و الوضوء , و لا يخلو شارع من حمام عمومي و طبعا لا يخلو مسجد من موضأة.
يقول العالم الأمريكي الشهير جوزيف ماكيب (المولود في القرن التاسع عشر ميلادي) في كتابه "مدنية المسلمين بإسبانيا" و الذي ترجمه العلامة تقي الدين الهلالي رحمه الله:
"و كانوا - يقصد المسلمين في إسبانيا-يراقبون الطرق المعبدة و الجسور المتينة التي عملها الروم بعناية تامة فيصلحون ما فسد منها فكان للبلاد نظام في المواصلات يليق بصناعتها و تجارتها. و عجلات السيارات الثقيلة اليوم كانت تسير في طليطلة و قرطبة على الجسورالعظيمة التي بناها الروم و جددها المغربيون. و جددوا القنوات و أنشؤوا قنوات جديدة لضمان الماء الكافي لا للسقي فقط بل لتوزيعه في المدن على البيوت. و كانللبريد سرب من الخيل السريعة تبرده في جميع الطرق المهمة في المملكة. و لأجل أن تقدر هذه الأشياء حق قدرها ينبغي أن نتذكر دائما الإختلاف بين هذه البلاد و بقية أقطار أوروبا. فاعلم أن أمهات المدن الأوروبية لم توجد فيها قنوات لصرف المياه القذرة حتى بعد مضي ستمائة سنة من ذلك التاريخ فكانت المياه المنتنة النجسة تجري في طول شوارع باريس و لندن فير المبلطة أو تجنمع فيتكون منها حياض حتى بعدما عملت النهضة في أوربة عملها قرونا طوالا. أما في مدن المغربيين فكانت الشوارع المبلطة منورة قد سويت فيها مجاري المياه أحسن تسوية في أواسط القرن العاشر. قال سكوت: بعض القنوات التي كانت تحت الشوارع لصرف المياه القذرة فيبلنسية تقدر أن تسع سيارة. و أصغر قناة منهن تقدر أن تسع حمارا. و كانت الشوارع مجهزة أحسن تجهيز بالشرطة. و هذا النظام الصحي السامي كانت تعضده النظافة العامة التي يراها الأمريكيون في هذه العصور شيئا واجبا, و لكنها في ذلك الزمان كانت في نظر الأوربيين أعجوبة من أعاجيب الرقي التام. فكانت في قرطبة وحدها تسعمائة حمام عام و كانت الحمامات الخاصة كثيرة في كل مكان, أما في بقية بلاد أوربة فلم يكن فيها و لا حمام واحد. و كان أشراف أوربة رؤساء الإقطاع منهمكين في الرذائل إلى حد يحجم الإنسان عن وصفه. و لم يكن لبس الكتان النظيف معروفا في أوروبة حتى أخذت (مودة) طراز لبس الكتان من المحمديين و لم تكن الزرابي أيضا تصنع هناك. و كان الحشيش (يريد المؤلف ذمهم بكون أرض قصورهم غير مبلطة و لا مكنوسة بل متسخة بالنبات و غيره. المترجم) يغطي أرض قصورالأمراء و مصطبات الخطابة في المدارس و كان الناس و الكلاب ينجسون المحلات إلى حد يعجز عنه الوصف. و لم يكن لأحد منهم منديل في جيبه و في ذلك الوقت لم تكن الحدائق تخطر ببال أحد من أهل الممالك النصرانية, و لكن في إسبانيا العربية كان الناس من جميع الطبقات يبذلون الجهود و الأموال في تجميل حدائقهم العطرة البهية. و كانت الفسقيات تترقرق مياهها صعدا في حصون الدور و القصور و الأماكن العامة. "
نعم ففي هذه الفترة كان النصارى أمة متّسخة تُقدّس القذارة و تتقرب إلى الرب بها -زعموا- و أفضل مثال هو لملكة الإسبان المقدّسة عندهم إيزابيلا التي لم تغتسل إلا مرّة واحدة في حياتها. و لما كانت مدن الإسلام بالأندلس تسقط بيد النصارى, كان أوّل شيئ يفعله النصارى هو تحويل المساجد إلى كنائس و تدمير الحمامات و إجبار المسلمين على عدم التنظف.
و هكذا فعلوا في غرناطة التي سقطت سنة 1492م حيث حوّلوا مساجدها إلى كنائس و خرّبوا حماماتها إلا حماما واحدا ظل صامدا إلى يومنا هذا وكأنه شاهد على نظافة و طهر حظارة مرّت من تلك الأرض.
و هذه صورة لهذا الحمام الموجود بمنطقة كاريرا ديل دارّو بغرناطة و يطلق عليه الإسبان بانييلو:
http://www.vivagranada.com/images/banueloroof.jpg
تلك آثارنا تدل علينا****فانظروا بعدنا إلى الآثار
ـ[ابو هبة]ــــــــ[09 - 08 - 08, 03:59 ص]ـ
بارك الله قيك أبا تاشفين,
وأنا متابع لمشاركاتك الأندلسية المتميزة بيد أنها تدمي القلب!
ـ[أبو صهيب أشرف المصري]ــــــــ[09 - 08 - 08, 01:03 م]ـ
جزاك الله خيرا
ذكرتنا وآلمتنا
في دراستي الجامعية قرأت في الكتاب المقرر علينا في تاريخ الأندلس والمغرب للدكتور طه عبد المقصود قرأت: قال المستشرق الفلاني-نسيت اسمه-في الوقت الذي كان المسلمون يبنون الحمامات كان الأوربيون يرون النظافة هذه رجسا من عمل الشيطان.
أو كما قال
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/459)
ـ[أبو عبد البر المالكي]ــــــــ[09 - 08 - 08, 06:19 م]ـ
جزاك الله خيرا ...(146/460)
شجرة أنساب العرب
ـ[أبو هيثم المكي]ــــــــ[09 - 08 - 08, 06:53 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
شجرة أنساب العرب مرفقة
أرجو ان تستفيدوا منها ..
ـ[منير الجزائري]ــــــــ[11 - 08 - 08, 07:12 ص]ـ
بارك الله فيك
ـ[ابن محمد علي]ــــــــ[11 - 08 - 08, 11:54 ص]ـ
. . .
بعد إذن الأخ المكي - جزاه الله خيرا-
. .
هنا -في المرفقات- الشجرة على ملف Pdf.
. . .
ـ[أبو هيثم المكي]ــــــــ[11 - 08 - 08, 09:57 م]ـ
وفيكم بارك الله ونفع بكم
ـ[أحمد عبدالسلام العمادي]ــــــــ[15 - 08 - 08, 06:48 م]ـ
بارك الله فيكم جميعاً
ـ[إسلام سالم]ــــــــ[18 - 08 - 08, 05:11 م]ـ
عفواً و لكن أعتقد أن النسَّابون قد إختلفوا فى أنساب الكثير أو على الأقل البعض من قبائل العرب
فهل راعيتم ذلك فى رسم تلك الشجرة؟
ياليتنا نجد من يثبت أصح الأقوال فى نسب كل قبيلة مختلف فيها أو شعب من العرب
ـ[أبو هيثم المكي]ــــــــ[18 - 08 - 08, 10:37 م]ـ
عفواً و لكن أعتقد أن النسَّابون قد إختلفوا فى أنساب الكثير أو على الأقل البعض من قبائل العرب
فهل راعيتم ذلك فى رسم تلك الشجرة؟
ياليتنا نجد من يثبت أصح الأقوال فى نسب كل قبيلة مختلف فيها أو شعب من العرب
لعل الإخوة يفيدونا أكثر جزاك الله خيرا على التنبيه
ـ[إسلام سالم]ــــــــ[19 - 08 - 08, 02:44 ص]ـ
لعل الإخوة يفيدونا أكثر جزاك الله خيرا على التنبيه
وجزاكم الله خيراً
ونتمنى من بعض الإخوة إثبات أصح الأقوال فى كل ما إختلف فيه العلماء فى أى علم أو مجال من المعرفة(146/461)
قصة محمد المسكي
ـ[أبو فرحان]ــــــــ[09 - 08 - 08, 11:39 م]ـ
هذه القصة مشهورة، و أذكر أني قرأتها قديما في إحدى المؤلفات القصصية لـ ( .. الحمصي)
ملخصها أن شابا تقيا عفيفا اسمه محمدا، و كان بائعا متجولا و كان حسن الخِلقة، فأرادته إحداهن لنفسها ففتحت الباب ونادته أن يدخل للمنزل لترى البضاعه .. ولما دخل هددته غن لم يفعل لها ما تريد ان تجمع عليه الناس .. فطلب منها أن يدخل الحمام كي يتنظف و يتزين لها، وكانت الحمامات على النمط القديم فما كان منه إلا أن أخذ الغائط ووضعه على جسده و خرج عليها، فلما رأته أخرجته بسرعه فخرج وكان يمر من بين الناس وهو في تلك الحاله و تفوح منه رائحة المسك
و بقيت الرائحة الطيبة إلى ان مات كرامة له من الله، فسمي المسكي لرائحة المسك
لكن لا أعرف مدى صحتها، او على الأقل مصدرها التاريخي.
فهل من فائدة و لكم الشكر
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[10 - 08 - 08, 05:39 ص]ـ
مثلك سمعتها ولا اعرف صحتها
ـ[أبو فرحان]ــــــــ[09 - 09 - 08, 12:24 ص]ـ
القصة ذكرها الشيخ العريفي في إحدى محاضراته و نسبها إلى ابن الجوزي في أحد كتبه
و لكن أي كتاب، إما أن الشيخ لم يذكر أو أنني نسيت؟
ـ[أبو عبدالرحمن التميمي]ــــــــ[13 - 09 - 08, 09:07 ص]ـ
إذ لم تخني الذاكرة فالقصة موجودة في كتاب ذم الهوى , لإبن الجوزي , وهو كتاب رائع خصوصاً إذا قراءة قبله كتاب الداء والدواء وروضة المحبين لإبن القّيم.
ـ[أبو فرحان]ــــــــ[18 - 02 - 10, 06:44 م]ـ
القصة ذكرها الشيخ العريفي في إحدى محاضراته و نسبها إلى ابن الجوزي في أحد كتبه
و لكن أي كتاب، إما أن الشيخ لم يذكر أو أنني نسيت؟
في شريط بعنوان (اعتراف عاشق) ذكرها الشيخ و نسَبَها لابن الجوزي في (المواعظ) و لم أجدها ثَم ..(146/462)
أنس بن مالك الكعبي
ـ[أم الأنس]ــــــــ[10 - 08 - 08, 03:51 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
في كتاب فتاوى ابن باز (فتاوى الزكاة و الصيام)
في الصفحة 207
ذكر سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله تعالى
في إجابة السؤال رقم 31
(وقد دلّ على ذلك أيضا حديث أنس بن مالك الكعبي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة و عن الحبلى و المرضع الصوم " رواه الخمسة
فهل حقا أن الصحابي أنس بن مالك ينتهي نسبه إلى بني كعب (الكعبي)؟
أفيدونا جزاكم الله خيرا؟؟
ـ[أبو عمر خالد]ــــــــ[12 - 08 - 08, 04:15 م]ـ
قال ابن ابن حجر:أنس بن مالك الكعبي القشيري أبو أمية ... روى عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثاً واحداً "إن الله وضع عن المسافر ... "الحديث
فيتبين انه غير الصحابي المعروف ...
ـ[أم الأنس]ــــــــ[13 - 08 - 08, 10:18 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[أبو أنس السندي]ــــــــ[13 - 08 - 08, 12:57 م]ـ
قال ابن حجر في الإصابة (1/ 126 - نسخة جامع التراث 4)
277 (- أنس بن مالك بن النضر بن ضمضم بن زيد بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار أبو حمزة الأنصاري الخزرجي خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحد المكثرين من الرواية عنه ... إلخ) ا. هـ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقال أيضا (1/ 129 - نسخة جامع التراث 4)
(278 - أنس بن مالك الكعبي القشيري أبو أمية وقيل أبو أميمة وقيل أبو مية نزل البصرة وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثا في وضع الصيام عن المسافر وله معه فيه قصة أخرجه أصحاب السنن وأحمد وصححه الترمذي وغيره ووقع فيه عند ابن ماجة أنس بن مالك رجل من بني عبد الأشهل وهو غلط وفي رواية أبي داود عن أنس بن مالك رجل من بني عبد الله بن كعب إخوة قشير وهذا هو الصواب وبذلك جزم البخاري في ترجمته وعلى هذا فهو كعبي لا قشيري لأن قشيرا هو ابن كعب ولكعب ابن اسمه عبد الله فهو من إخوة قشير لا من قشير نفسه وقد تعقب الرشاطي قول ابن عبد البر فيه القشيري ويقال الكعبي وكعب أخو قشير لا من قشير فإن كعبا والد قشير لا أخوه والله أعلم ووقع في رواية البغوي وابن شاهين من طريق عصام بن يحيى عن أبي قلابة عن عبيد الله بن زياد عن أبي أميمة أخي بني جعدة فذكر الحديث) ا. هـ(146/463)
النصب (بغض آل البيت) طريق إلى الزندقة: اليزيدية مثالا
ـ[النذير1]ــــــــ[10 - 08 - 08, 05:04 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه،
اليزيدية فرقة ضالة منحرفة من فرق النواصب غلت في بني أمية كما غلا الرافضة في آل البيت، فكان مآلهم الخروج من الإسلام إلى الكفر، نعوذ بالله من الضلال بعد الهدى، وهذه عاقبة من أبغض الصحابة وآل البيت.
اليزيدية (منقول)
إعداد الندوة العالمية للشباب الإسلامي
التعريف:
اليزيدية: فرقة منحرفة نشأت سنة 132هـ إثر انهيار الدولة الأموية. كانت في بدايتها حركة (*) سياسية لإعادة مجد بني أمية ولكن الظروف البيئية وعوامل الجهل انحرفت بها فأوصلتها إلى تقديس يزيد بن معاوية وإبليس الذي يطلقون علية اسم (طاووس ملك) وعزازيل.
التأسيس وأبرز الشخصيات:
• البداية: عندما انهارت الدولة الأموية في معركة الزاب الكبرى شمال العراق سنة 132هـ هرب الأمير إبراهيم بن حرب بن خالد بن يزيد إلى شمال العراق وجمع فلول الأمويين داعياً إلى أحقية يزيد في الخلافة (*) والولاية، وأنه السفياني المنتظر الذي سيعود إلى الأرض ليملأها عدلاً كما ملئت جوراً.
ويرجع سبب اختيارهم لمنطقة الأكراد ملجأ لهم إلى أن أم مروان الثاني ـ الذي سقطت في عهده الدولة الأموية ـ كانت من الأكراد.
• عدي بن مسافر: كان في مقدمة الهاربين من السلطة العباسية، فقد رحل من لبنان إلى الحكارية من أعمال كردستان، وينتهي نسبه إلى مروان بن الحكم، ولقبه شرف الدين أبو الفضائل. لقي الشيخ عبد القادر الجيلاني وأخذ عنه التصوف، ولد سنة 1073 م أو 1078م وتوفي بعد حياة مدتها تسعون سنة ودفن في لالش في منطقة الشيخان في العراق.
• صخر بن صخر بن مسافر: المعروف بالشيخ أبو البركات رافق عمه عدياً وكان خليفته ولما مات دفن بجانب قبر عمه في لالش.
• عدي بن أبي البركات: الملقب بأبي المفاخر المشهور بالكردي، توفي سنة 615 هـ / 1217 م.
• خلفه ابنه شمس الدين أبو محمد المعروف بالشيخ حسن: المولود سنة 591هـ /1154م وعلى يديه انحرفت الطائفة اليزيدية من حب عدي ويزيد بن مسافر إلى تقديسهما والشيطان إبليس، وتوفي سنة 644هـ / 1246م بعد أن ألف كتاب الجلوة لأصحاب الخلوة وكتاب محك الإيمان وكتاب هداية الأصحاب وقد أدخل اسمه في الشهادة كما نجدها اليوم عند بعض اليزيدية.
• الشيخ فخر الدين أخو الشيخ حسن: انحصرت في ذريته الرئاسة الدينية والفتوى.
• شرف الدين محمد الشيخ فخر الدين: قتل عام 655هـ / 1257م وهو في طريقه إلى السلطان عز الدين السلجوقي.
• زين الدين يوسف بن شرف الدين محمد: الذي سافر إلى مصر وانقطع إلى طلب العلم والتعبد فمات في التكية العدوية بالقاهرة سنة 725هـ.
• بعد ذلك أصبح تاريخهم غامضاً بسبب المعارك بينهم وبين المغول والسلاجقة وبين الفاطميين.
• ظهر خلال ذلك الشيخ زين الدين أبو المحاسن: الذي يرتقي بنسبه إلى شقيق أبي البركات، عين أميراً لليزيدية على الشام ثم اعتقله الملك سيف الدولة قلاوون بعد أن أصبح خطراً لكثرة مؤيديه، ومات في سجنه.
• جاء بعده ابنه الشيخ عز الدين، وكان مقره في الشام، ولقب بلقب أمير الأمراء، وأراد أن يقوم بثورة (*) أموية فقبض عليه عام 731ه ومات في سجنه أيضاً.
• استمرت دعوتهم في اضطهاد من الحكام وبقيت منطقة الشيخان في العراق محط أنظار اليزيديين، وكان كتمان السر من أهم ما تميزت به هذه الفرقة.
• استطاع آخر رئيس للطائفة الأمير بايزيد الأموي أن يحصل على ترخيص بافتتاح مكتب للدعوة اليزيدية في بغداد سنة 1969م بشارع الرشيد بهدف إحياء عروبة الطائفة الأموية اليزيدية ووسيلتهم إلى ذلك نشر الدعوة القومية مدعمة بالحقائق الروحية والزمنية وشعارهم عرب أموي القومية، يزيديي العقيدة.
• وآخر رئيس لهم هو الأمير تحسين بن سعد أمير الشيخان.
• ونستطيع أن نجمل القول بأن الحركة قد مرّت بعدة أدوار هي:
ـ الدور الأول: حركة أموية سياسية، تتبلور في حب يزيد بن معاوية.
ـ الدور الثاني: تحول الحركة إلى طريقة عدوية أيام الشيخ عدي بن مسافر الأموي.
ـ الدور الثالث: انقطاع الشيخ حسن ست سنوات، ثم خروجه بكتبه مخالفاً فيها تعاليم الدين الإسلامي الحنيف.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/464)
ـ الدور الرابع: خروجهم التام من الإسلام وتحريم القراءة والكتابة ودخول المعتقدات الفاسدة والباطلة في تعاليمهم.
الأفكار والمعتقدات:
أولاً: مقدمة لفهم المعتقد اليزيدي:
• حدثت معركة كربلاء في عهد يزيد بن معاوية وقتل فيها الحسين بن علي رضي الله عنه وكثيرون من آل البيت ـ رضوان الله عنهم جميعاً.
• أخذ الشيعة يلعنون يزيداً و يتهمونه بالزندقة (*) وشرب الخمر.
• بعد زوال الدولة الأموية بدأت اليزيدية على شكل حركة (*) سياسية.
• أحب اليزيديون يزيد واستنكروا لعنه بخاصة.
• ثم استنكروا اللعن بعامة.
• وقفوا أمام مشكلة لعن إبليس في القرآن فاستنكروا ذلك أيضاً وعكفوا على كتاب الله يطمسون بالشمع كل كلمة فيها لعن أو لعنة أو شيطان أو استعاذة بحجة أن ذلك لم يكن موجوداً في أصل القرآن وأن ذلك زيادة من صنع المسلمين.
• ثم أخذوا يقدسون إبليس الملعون في القرآن، وترجع فلسفة هذا التقديس لديهم إلى أمور هي:
ـ لأنه لم يسجد لآدم فإنه بذلك ـ في نظرهم ـ يعتبر الموحد الأول الذي لم ينس وصية الرب بعدم السجود لغيره في حين نسيها الملائكة فسجدوا، إن أمر السجود لآدم كان مجرد اختبار، وقد نجح إبليس في هذا الاختبار فهو بذلك أول الموحدين، وقد كافأه الله على ذلك بأن جعله طاووس الملائكة، ورئيساً عليهم!!.
ـ ويقدسونه كذلك خوفاً منه لأنه قوي إلى درجة أنه تصدى للإله (*) وتجرأ على رفض أوامره !!.
ـ ويقدسونه كذلك تمجيداً لبطولته في العصيان والتمرد!!.
• أغوى إبليس آدم بأن يأكل من الشجرة المحرمة فانتفخت بطنه فأخرجه الله من الجنة.
• إن إبليس لم يطرد من الجنة، بل إنه نزل من أجل رعاية الطائفة اليزيدية على وجه الأرض!!.
ثانياً: معتقداتهم:
• جرَّهم اعتبار إبليس طاووس الملائكة إلى تقديس تمثال طاووس من النحاس على شكل ديك بحجم الكفِّ المضمومة وهم يطوفون بهذا التمثال على القرى لجمع الأموال.
• وادي لالش في العراق: مكان مقدس يقع وسط جبال شاهقة تسمى بيت عذري، مكسوة بأشجار من البلوط والجوز.
• المرجة في وادي لالش: تعتبر بقعة مقدسة، واسمها مأخوذ من مرجة الشام، والجزء الشرقي منها فيه ـ على حد قولهم ـ جبل عرفات ونبع زمزم.
• لديهم مصحف رش (أي الكتاب الأسود) فيه تعاليم الطائفة ومعتقداتها.
• الشهادة: أشهد واحد الله، سلطان يزيد حبيب الله.
• الصوم: يصومون ثلاثة أيام من كل سنة في شهر كانون الأول وهي تصادف عيد ميلاد يزيد بن معاوية.
• الزكاة: تجمع بواسطة الطاووس ويقوم بذلك القوالون وتجبى إلى رئاسة الطائفة.
• الحج: يقفون يوم العاشر من ذي الحجة من كل عام على جبل عرفات في المرجة النورانية في لالش بالعراق.
• الصلاة: يصلون في ليلة منتصف شعبان، يزعمون أنها تعوضهم عن صلاة سنة كاملة.
• الحشر والنشر بعد الموت: سيكون في قرية باطط في جبل سنجار، حيث توضع الموازين بين يدي الشيخ عدي الذي سيحاسب الناس، وسوف يأخذ جماعته ويدخلهم الجنة.
• يقسمون بأشياء باطلة ومن جملتها القسم بطوق سلطان يزيد وهو طرف الثوب.
• يترددون على المراقد والأضرحة كمرقد الشيخ عدي والشيخ شمس الدين، والشيخ حسن وعبد القادر الجيلاني، ولكل مرقد خدم، وهم يستخدمون الزيت والشموع في إضاءتها.
• يحرمون التزاوج بين الطبقات، ويجوز لليزيدي أن يعدد في الزواج إلى ست زوجات.
• الزواج يكون عن طريق خطف العروس أولاً من قبل العريس ثم يأتي الأهل لتسوية الأمر.
• يحرمون اللون الأزرق لأنه من أبرز ألوان الطاووس.
• يحرمون أكل الخس والملفوف (الكرنب) والقرع والفاصوليا ولحوم الديكة وكذلك لحم الطاووس المقدس عندهم لأنه نظير لإبليس طاووس الملائكة في زعمهم، ولحوم الدجاج والسمك والغزلان ولحم الخنزير.
• يحرمون حلق الشارب، بل يرسلونه طويلاً وبشكل ملحوظ.
• إذا رسمت دائرة على الأرض حول اليزيدي فإنه لا يخرج من هذه الدائرة حتى تمحو قسماً منها اعتقاداً منه بأن الشيطان هو الذي أمرك بذلك.
• يحرمون القراءة والكتابة تحريماً دينياً لأنهم يعتمدون على علم الصدر فأدى ذلك إلى انتشار الجهل والأمية بينهم مما زاد في انحرافهم ومغالاتهم بيزيد وعدي وإبليس.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/465)
• لديهم كتابان مقدسان هما: الجلوة الذي يتحدث عن صفات الإله (*) ووصاياه والآخر مصحف رش أو الكتاب الأسود الذي يتحدث عن خلق الكون والملائكة وتاريخ نشوء اليزيدية وعقيدتهم.
• يعتقدون أن الرجل الذي يحتضن ولد اليزيدي أثناء ختانه يصبح أخاً لأم هذا الصغير وعلى الزوج أن يحميه ويدافع عنه حتى الموت.
• اليزيدي يدعو متوجهاً نحو الشمس عند شروقها وعند غروبها ثم يلثم الأرض ويعفر بها وجهه، وله دعاء قبل النوم.
• لهم أعياد خاصة كعيد رأس السنة الميلادية وعيد المربعانية وعيد القربان وعيد الجماعة وعيد يزيد وعيد خضر إلياس وعيد بلندة ولهم ليلة تسمى الليلة السوداء (شفرشك) حيث يطفئون الأنوار ويستحلون فيها المحارم والخمور.
• يقولون في كتبهم: (أطيعوا وأصغوا إلى خدامي بما يلقنونكم به ولا تبيحوا به قدام الأجانب كاليهود والنصارى وأهل الإسلام لأنهم لا يدرون ماهيته، ولا تعطوهم من كتبكم لئلا يغيروها عليكم وأنتم لا تعلمون).
الجذور الفكرية والعقائد:
• اتصل عدي بن مسافر بالشيخ عبد القادر الجيلاني المتصوف، وقالوا بالحلول والتناسخ ووحدة الوجود، وقولهم في إبليس يشبه قول الحلاج الذي اعتبره إمام الموحدين.
• يحترمون الدين (*) النصراني، حتى إنهم يقبلون أيدي القسس (*) ويتناولون معهم العشاء الرباني (*)، ويعتقدون بأن الخمرة هي دم المسيح (*) الحقيقي، وعند شربها لا يسمحون بسقوط قطرة واحدة منها على الأرض أو أن تمس لحية شاربها.
• أخذوا عن النصارى (التعميد) (*) حيث يؤخذ الطفل إلى عين ماء تسمى (عين البيضاء) ليعمد فيها، وبعد أن يبلغ أسبوعاً يؤتى به إلى مرقد الشيخ عدي حيث زمزم فيوضع في الماء وينطقون اسمه عالياً طالبين منه أن يكون يزيدياً ومؤمناً (بطاووس ملك) أي إبليس.
• عندما دخل الإسلام منطقة كردستان كان معظم السكان يدينون بالزرادشتية فانتقلت بعض تعاليم هذه العقيدة إلى اليزيدية.
• داخلتهم عقائد المجوس (*) والوثنية (*) فقد رفعوا يزيد إلى مرتبة الألوهية، والتنظيم عندهم (الله ـ يزيد ـ عدي).
• (طاووس ملك) رمز وثني لإبليس يحتل تقديراً فائقاً لديهم. · أخذوا عن الشيعة (البراءة) وهي كرة مصنوعة من تراب مأخوذة من زاوية الشيخ عدي يحملها كل يزيدي في جيبه للتبرك بها، وذلك على غرر التربة التي يحملها أفراد الشيعة الجعفرية. وإذا مات اليزيدي توضع في فمه هذه التربة وإلا مات كافراً.
• عموماً: إن المنطقة التي انتشروا بها تعج بالديانات المختلفة كالزرادشتية وعبدة الأوثان، وعبدة القوى الطبيعية، واليهودية، والنصرانية، وبعضهم مرتبط بآلهة آشور وبابل وسومر، والصوفية من أهل الخطوة، وقد أثرت هذه الديانات في عقيدة اليزيدية بدرجات متفاوتة وذلك بسبب جهلهم وأميتهم مما زاد في درجة انحرافهم عن الإسلام الصحيح.
الانتشار ومواقع النفوذ:
• تنتشر هذه الطائفة التي تقدس الشيطان في سوريا وتركيا وإيران وروسيا والعراق ولهم جاليات قليلة العدد نسبياً في لبنان وألمانيا الغربية ـ سابقاً ـ وبلجيكا.
• ويبلغ تعدادهم حوالي 120 ألف نسمة، منهم سبعون ألفًا في العراق والباقي في الأقطار الأخرى، وهم مرتبطون جميعاً برئاسة البيت الأموي.
• هم من الأكراد، إلا أن بعضهم من أصل عربي.
• لغتهم هي اللغة الكردية وبها كتبهم وأدعيتهم وتواشيحهم الدينية. · ولهم مكتب رسمي مصرح به وهو المكتب الأموي للدعوة العربية في شارع الرشيد ببغداد.
ويتضح مما سبق:
أن اليزيدية فرقة منحرفة ضالة، قدست يزيد بن معاوية وإبليس وعزرائيل، ويترددون على المراقد والأضرحة ولهم عقيدة خاصة في كل ركن من أركان الإسلام، ولهم أعياد خاصة كعيد رأس السنة الميلادية، ويجيزون لليزيدي أن يعدد في الزوجات حتى ست إلى غير ذلك من الأقوال الكفرية.
-----------------------------------------------------------
مراجع للتوسع:
ـ اليزيدية، تأليف سعيد الديوه جي.
ـ اليزيديون في حاضرهم وماضيهم، تأليف عبد الرزاق الحسني.
ـ اليزيدية، أحوالهم ومعتقداتهم، تأليف الدكتور سامي سعيد الأحمد.
ـ اليزيدية وأصل عقيدتهم، تأليف عباس الغزَّاوي.
ـ اليزيدية ومنشأ نحلتهم، تأليف أحمد تيمور.
ـ اليزيدية، تأليف صديق الدملوجي.
ـ اليزيديون، تأليف هاشم البناء.
ـ ما هي اليزيدية؟ ومن هم اليزيديون؟ تأليف محمود الجندي ـ مطبعة التضامن ط1 ـ بغداد 1976م.
ـ كرد وترك وعرب، تأليف ادموندز ـ ترجمة جرجس فتح الله.
ـ مباحث عراقية، تأليف يعقوب سركيس.
ـ الأكراد، تأليف باسيل نيكتن.
ـ مجموعة الرسائل والمسائل، تأليف شيخ الإسلام ابن تيمية.
ـ رحلتي إلى العراق، تأليف جيمس بكنغهام ـ رجمة سليم طه التكريتي.
ـ جريدة التآخي العراقية، بغداد 16/ 9/1974م.
ـ العراق الشمالي، تأليف الدكتور شاكر خصباك.
ـ تاريخ الموصل، تأليف سليمان الصايغ.
ـ[النذير1]ــــــــ[10 - 08 - 08, 06:49 م]ـ
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لاَ يُبْغِضُنَا أَهْلَ الْبَيْتِ رَجُلٌ إِلاَّ أَدْخَلَهُ اللَّهُ النَّارَ).
صحيح ابن حبان - (ج 15 / ص 435) (6978) صحيح
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/466)
ـ[ابن سفران الشريفي]ــــــــ[12 - 08 - 08, 12:13 ص]ـ
هذا وقد اعترض أحد نوابهم في البرلمان العراقي على استعاذة رئيس الوزراء في بداية كلمته من الشيطان الرجيم، وطلب احترام معتقداتهم!
http://www.alriyadh.com/2005/08/11/article86833.html
صحيفة الرياض الخميس 6 رجب 1426هـ - 11 أغسطس 2005م - العدد 13562
بغداد - (أ. ف. ب):
طالب نائب يزيدي من الجمعية الوطنية العراقية (البرلمان) أمس من رئيس الوزراء العراقي إبراهيم الجعفري والوزراء العراقيين بعدم تكرار لفظ التعويذة (اعوذ بالله من الشيطان الرجيم) (!!).
وقال النائب اليزيدي كامران خيري سعيد من قائمة التحالف الكردستاني موجهاً كلامه إلى الجعفري «السيد رئيس الوزراء والسادة الوزراء ربما تكون مداخلتي غريبة نوعاً ما ولكن بما انكم نفذتم بنا هذه الكلمة واعني كلمة - اعوذ بالله (من الشيطان الرجيم) - في مقدمة خطاباتكم وبياناتكم علماً اننا لا نؤمن بهذه الكلمة ولانشعر بالنقص إزاءها ولكن عند ذكرها من قبل مسؤول ينظر إلينا زملاؤنا وكأننا معنيون بها». وأضاف أن «هناك 600 إلى 700 الف كردي يزيدي يشعرون عند ذكر هذه الكلمة بعدم احترام لمشاعرهم لذلك نطالب منكم ومن كل المسؤولين العراقيين أخذ هذه الملاحظة بعين الاعتبار».
ومن جانبه، أكد رئيس الوزراء إبراهيم الجعفري أن «قول هذه الكلمات ليس مقصوداً به استفزاز لأي واحد أو أي طائفة معينة». واليزيدية عقيدة تقوم في الأساس على الغلو في يزيد بن معاوية وعلى تقديس الشيطان.
ـ[النذير1]ــــــــ[23 - 08 - 08, 01:28 ص]ـ
جزاك الله خيرا
فهؤلاء بدأوا ببغض آل البيت وانتهوا إلى عبادة الشيطان وصدق رسول الله القائل:
(وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لاَ يُبْغِضُنَا أَهْلَ الْبَيْتِ رَجُلٌ إِلاَّ أَدْخَلَهُ اللَّهُ النَّارَ).
ـ[صلاح الدين الشريف]ــــــــ[30 - 08 - 08, 03:13 ص]ـ
جزاكما الله خيرا
نعوذ بالله من الشيطان الرجيم
ونعوذ بالله من شياطين الإنس والجن
قال عطاء بن مسلم، قلت لسفيان الثوري:
رجل يقدم أبا بكر وعمر وعثمان إلا أنه يجد لعلي في قلبه ما لا يجد لهم!
قال: ذاك يريد أن يسقى شربة دواء حتى يسهله.
تاريخ دمشق (39/ 505)
ـ[حسين بن حيدر]ــــــــ[06 - 09 - 08, 11:25 م]ـ
لقد راجعت بعض مواقعهم على الشبكة، ووجدتهم يناشدون الناس على ألا يربطوا بينهم وبين شيعة بني أمية، وأنهم قد وجدت ديانتهم قبل بني أمية بأكثر من ألف عام، وأنهم يدعون بالأزيدية وليس اليزيدية، والله أعلم، وهم يؤمنون بثانوية؛ أي بوجود إله خير، وإله آخر خالق للشر، وأن هذين الإلهين ندان، أي متماثلان في الصفات وفي القدم، وأنهما متضادان، أي أن هذا يدعوا إلى الخير وهو خالقه، والآخر يدعو إلى الشر وهو خالقه .. ، وهم إنما يعبدون الشيطان الذي هو إله الشر لأجل أن يسلموا من شره، هذا فكرهم!!، فيتحالفون مع الشر لأجل الهروب من الشر! ... يمكن مراجعة مواقعهم للطلاع أكثر على فكرهم .. والحمد لله على العافية
ـ[النذير1]ــــــــ[11 - 09 - 08, 01:06 ص]ـ
الأخ الفاضل حسين بن حيدر،
أما أنهم أصحاب ملة قديمة فمعروف ولكنهم ادعوا الإسلام ثم غلوا في بني أمية، وهم من شيعة بني أمية، وشيخهم عدي بن مسافر أموي النسب وهو شيخ صالح كما ذكر ابن تيمية، ولكن من خلفه بالغ في الغلو بني أمية حتى وصلوا لهذا الدرك الأسفل،
وليتك تقرأ الموضوع المنقول أعلاه عن موسوعة الأديان والفرق التي أعدتها الندوة العالمية للشباب الإسلامي ليتبين لك أمرهم.(146/467)
الرفض (بغض الصحابة) طريق إلى الزندقة: النصيرية مثالا
ـ[النذير1]ــــــــ[10 - 08 - 08, 05:10 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه،
النصيرية فرقة ضالة منحرفة من فرق الراوفض غلت في آل البيت كما غلا النواصب اليزيدية في بني أمية، فكان مآلهم الخروج من الإسلام إلى الكفر، نعوذ بالله من الضلال بعد الهدى، وهذه عاقبة من أبغض الصحابة وآل البيت.
النصيرية (منقول)
إعداد الندوة العالمية للشباب الإسلامي
التعريف:
النصيرية حركة (*) باطنية ظهرت في القرن الثالث للهجرة، أصحابها يعدُّون من غلاة الشيعة الذين زعموا وجوداً إلهيًّا في علي وألهوه به، مقصدهم هدم الإسلام ونقض عراه، وهم مع كل غاز لأرض المسلمين، ولقد أطلق عليهم الاستعمار (*) الفرنسي لسوريا اسم العلويين تمويهاً وتغطية لحقيقتهم الرافضية (*) والباطنية (*).
التأسيس وأبرز الشخصيات:
• مؤسس هذه الفرقة أبو شعيب محمد بن نصير البصري النميري (ت 270ه (عاصر ثلاثة من أئمة الشيعة وهم علي الهادي (العاشر) والحسن العسكري (الحادي عشر) ومحمد المهدي (الموهوم) (الثاني عشر).
ـ زعم أنه البابُ إلى الإمام الحسن العسكري، وأنه وارثُ علمه، والحجة والمرجع للشيعة من بعده، وأن صفة المرجعية والبابية بقيت معه بعد غيبة الإمام المهدي.
ـ ادعى النبوة (*) والرسالة (*)، وغلا في حق الأئمة إذ نسبهم إلى مقام الألوهية.
• خلفه على رئاسة الطائفة محمد بن جندب.
• ثم أبو محمد عبد الله بن محمد الجنان الجنبلاني 235 ـ 287 ه من جنبلا بفارس، وكنيته العابد والزاهد والفارسي، سافر إلى مصر، وهناك عرض دعوته إلى الخصيبي.
• حسين بن علي بن الحسين بن حمدان الخصيبي: المولود سنة 260 ه مصري الأصل جاء مع أستاذه عبد الله بن محمد الجُنبلاني من مصر إلى جنبلا، وخلفه في رئاسة الطائفة، وعاش في كنف الدولة الحمدانية بحلب كما أنشأ للنصيرية مركزين أولهما في حلب ورئيسه محمد علي الجلي والآخر في بغداد ورئيسه علي الجسري.
ـ وقد توفي في حلب وقبره معروف بها وله مؤلفات في المذهب (*) وأشعار في مدح آل البيت وكان يقول بالتناسخ (*) والحلول (*).
• انقرض مركز بغداد بعد حملة هولاكو عليها.
• انتقل مركز حلب إلى اللاذقية وصار رئيسه أبو سعد الميمون سرور بن قاسم الطبراني 358 ـ 427 ه.
• اشتدت هجمات الأكراد والأتراك عليهم مما دعاهم إلى الاستنجاد بالأمير حسن المكزون السنجاري 583 ـ 638ه ومداهمة المنطقة مرتين. فشل في حملته الأولى ونجح في الثانية حيث أرسى قواعد المذهب (*) النصيري في جبال اللاذقية.
• ظهر فيهم عصمة الدولة حاتم الطوبان حوالي 700ه/1300م وهو كاتب الرسالة القبرصية.
• وظهر حسن عجرد من منطقة أعنا، وقد توفي في اللاذقية سنة 836 هـ/ 1432م.
• نجد بعد ذلك رؤساء تجمعات نصيرية كتلك التي أنشأها الشاعر القمري محمد بن يونس كلاذي 1011ه/1602م قرب أنطاكية، وعلي الماخوس وناصر نصيفي ويوسف عبيدي.
• سليمان أفندي الأذني: ولد في أنطاكية سنة 1250ه وتلقى تعاليم الطائفة، لكنه تنصر على يد أحد المبشرين وهرب إلى بيروت حيث أصدر كتابه الباكورة السليمانية يكشف فيه أسرار هذه الطائفة، استدرجه النصيريون بعد ذلك وطمأنوه فلما عاد وثبوا عليه وخنقوه واحرقوا جثته في إحدى ساحات اللاذقية.
• عرفوا تاريخياً باسم النصيرية، وهو اسمهم الأصلي ولكن عندما شُكِّل حزب (*) سياسي في سوريا باسم (الكتلة الوطنية) أراد الحزب أن يقرِّب النصيرية إليه ليكتسبهم فأطلق عليهم اسم العلويين وصادف هذا هوى في نفوسهم وهم يحرصون عليه الآن. هذا وقد أقامت فرنسا لهم دولة أطلقت عليها اسم (دولة العلويين) وقد استمرت هذه الدولة من سنة 1920م إلى سنة 1936م.
• محمد أمين غالب الطويل: شخصية نصيرية، كان أحد قادتهم أيام الاحتلال الفرنسي لسوريا، ألف كتاب تاريخ العلويين يتحدث فيه عن جذور هذه الفرقة.
• سليمان الأحمد: شغل منصباً دينيًّا في دولة العلويين عام 1920م.
• سليمان المرشد: كان راعي بقر، لكن الفرنسيين احتضنوه وأعانوه على ادعاء الربوبية، كما اتخذ له رسولاً (سليمان الميده) وهو راعي غنم، ولقد قضت عليه حكومة الاستقلال وأعدمته شنقاً عام 1946 م.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/468)
جاء بعده ابنه مجيب، وادعى الألوهية، لكنه قتل أيضاً على يد رئيس المخابرات السورية آنذاك سنة 1951م، وما تزال فرقة (المواخسة) النصيرية يذكرون اسمه على ذبائحهم.
• ويقال بأن الابن الثاني لسليمان المرشد اسمه (مغيث) وقد ورث الربوبية المزعومة عن أبيه. · واستطاع العلويون (النصيريون) أن يتسللوا إلى التجمعات الوطنية في سوريا، واشتد نفوذهم في الحكم السوري منذ سنة 1965 م بواجهة سُنية ثم قام تجمع القوى التقدمية من الشيوعيين والقوميين والبعثيين بحركته الثورية في 12 مارس 1971 م وتولى الحكم العلويون رئاسة الجمهورية بقيادة حافظ الأسد ثم ابنه بشار.
الأفكار والمعتقدات:
• جعل النصيرية علياً إلهاً (*)، وقالوا بأن ظهوره الروحاني بالجسد الجسماني الفاني كظهور جبريل في صورة بعض الأشخاص.
• لم يكن ظهور (الإله علي) في صورة الناسوت (*) إلا إيناساً لخلقه وعبيده.
• يحبون (عبد الرحمن بن ملجم) قاتل الإمام علي ويترضون عنه لزعمهم بأنه قد خلص اللاهوت (*) من الناسوت (*)، ويخطِّئون من يلعنه.
• يعتقد بعضهم أن علياً يسكن السحاب بعد تخلصه من الجسد الذي كان يقيده وإذا مر بهم السحاب قالوا: السلام عليك يا أبا الحسن، ويقولون إن الرعد صوته والبرق سوطه.
• يعتقدون أن علياً خلق محمد صلى الله عليه وسلم وأن محمداً خلق سلمان الفارسي وأن سلمان الفارسي قد خلق الأيتام الخمسة الذين هم:
ـ المقداد بن الأسود: ويعدونه رب الناس وخالقهم والموكل بالرعود.
ـ أبو ذر الغفاري: الموكل بدوران الكواكب والنجوم.
ـ عبد الله بن رواحة: الموكل بالرياح وقبض أرواح البشر.
ـ عثمان بن مظعون: الموكل بالمعدة وحرارة الجسد وأمراض الإنسان.
ـ قنبر بن كادان: الموكل بنفخ الأرواح في الأجسام.
• لهم ليلة يختلط فيهم الحابل بالنابل كشأن بعض الفرق الباطنية.
• يعظمون الخمرة، ويحتسونها، ويعظمون شجرة العنب لذلك، ويستفظعون قلعها أو قطعها لأنها هي أصل الخمرة التي يسمُّونها (النور).
• يصلون في اليوم خمس مرات لكنها صلاة تختلف في عدد الركعات ولا تشتمل على سجود وإن كان فيها نوع من ركوع أحيانا. ً
ـ لا يصلون الجمعة ولا يتمسكون بالطهارة من وضوء ورفع جنابة قبل أداء الصلاة.
ـ ليس لهم مساجد عامة، بل يصلون في بيوتهم، وصلاتهم تكون مصحوبة بتلاوة الخرافات.
• لهم قدَّاسات شبيهة بقداسات النصارى من مثل:
ـ قداس الطيب لك أخ حبيب.
ـ قداس البخور في روح ما يدور في محل الفرح والسرور.
ـ قداس الأذان وبالله المستعان.
• لا يعترفون بالحج، ويقولون بأن الحج إلى مكة إنما هو كفر (*) وعبادة أصنام!!.
• لا يعترفون بالزكاة الشرعية المعروفة لدينا ـ نحن المسلمين ـ وإنما يدفعون ضريبة إلى مشايخهم زاعمين بأن مقدارها خمس ما يملكون.
• الصيام لديهم هو الامتناع عن معاشرة النساء طيلة شهر رمضان.
• يبغضون الصحابة بغضاً شديداً، ويلعنون أبا بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم أجمعين.
• يزعمون بأن للعقيدة باطناً وظاهراً وأنهم وحدهم العالمون ببواطن الأسرار، ومن ذلك:
ـ الجنابة: هي موالاة الأضداد والجهل بالعلم الباطني.
ـ الطهارة: هي معاداة الأضداد ومعرفة العلم الباطني.
ـ الصيام: هو حفظ السر المتعلق بثلاثين رجلاً وثلاثين امرأة.
ـ الزكاة: يرمز لها بشخصية سلمان.
ـ الجهاد: هو صب اللعنات على الخصوم وفُشاة الأسرار.
ـ الولاية: هي الإخلاص للأسرة النصيرية وكراهية خصومها.
ـ الشهادة: هي أن تشير إلى صيغة (ع. م. س).
ـ القرآن: هو مدخل لتعليم الإخلاص لعلي، وقد قام سلمان (تحت اسم جبريل) بتعليم القرآن لمحمد.
ـ الصلاة: عبارة عن خمس أسماء هي: علي وحسن وحسين ومحسن وفاطمة، و (محسن) هذا هو (السر الخفي) إذ يزعمون بأنه سقْطٌ طرحته فاطمة، وذكر هذه الأسماء يجزئ عن الغسل والجنابة والوضوء.
• اتفق علماء المسلمين على أن هؤلاء النصيريين لا تجوز مناكحتهم، ولا تباح ذبائحهم، ولا يُصلى على من مات منهم ولا يدفن في مقابر المسلمين، ولا يجوز استخدامهم في الثغور والحصون.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/469)
• يقول ابن تيمية: (هؤلاء القوم المسمَّون بالنصيرية ـ هم وسائر أصناف القرامطة الباطنية ـ أكفر من اليهود والنصارى، بل وأكفر من كثير من المشركين، وضررهم أعظم من ضرر الكفار المحاربين مثل التتار والفرنج وغيرهم .. وهم دائماً مع كل عدو للمسلمين، فهم مع النصارى على المسلمين، ومن أعظم المصائب عندهم انتصار المسلمين على التتار، ثم إن التتار ما دخلوا بلاد الإسلام وقتلوا خليفة بغداد وغيره من ملوك المسلمين إلا بمعاونتهم ومؤازرتهم).
• الأعياد: لهم أعياد كثيرة تدل على مجمل العقائد التي تشتمل عليها عقيدتهم ومن ذلك:
ـ عيد النَّيروز: في اليوم الرابع من نيسان، وهو أول أيام سنة الفرس.
ـ عيد الغدير، وعيد الفراش، وزيارة يوم عاشوراء في العاشر من المحرم ذكرى استشهاد الحسين في كربلاء.
ـ يوم المباهلة أو يوم الكساء: في التاسع من ربيع الأول ذكرى دعوة النبي صلى الله عليه وسلم لنصارى نجران للمباهلة.
ـ عيد الأضحى: ويكون لديهم في اليوم الثاني عشر من شهر ذي الحجة.
ـ يحتفلون بأعياد النصارى كعيد الغطاس، وعيد العنصرة، وعيد القديسة بربارة، وعيد الميلاد، وعيد الصليب الذي يتخذونه تاريخاً لبدء الزراعة وقطف الثمار وبداية المعاملات التجارية وعقود الإيجار والاستئجار.
ـ يحتفلون بيوم (دلام) وهو اليوم التاسع من ربيع الأول ويقصدون به مقتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فرحاً بمقتله وشماتة به.
الجذور الفكرية والعقائدية:
• استمدوا معتقداتهم من الوثنية (*) القديمة، وقدسوا الكواكب والنجوم وجعلوها مسكناً للإمام علي.
• تأثروا بالأفلاطونية الحديثة، ونقلوا عنهم نظرية الفيض (*) النوراني على الأشياء.
• بنوا معتقداتهم على مذاهب (*) الفلاسفة المجوس (*).
• أخذوا عن النصرانية، ونقلوا عن الغنوصية (*) النصرانية، وتمسكوا بما لديهم من التثليث (*) والقداسات وإباحة الخمور.
• نقلوا فكرة التناسخ (*) والحلول عن المعتقدات الهندية والآسيوية الشرقية.
• هم من غلاة الشيعة مما جعل فكرهم يتسم بكثير من المعتقدات الشيعية وبالذات تلك المعتقدات التي قالت بها الرافضة (*) بعامة والسبئية (*) (جماعة عبد الله بن سبأ اليهودي) بخاصة.
الانتشار ومواقع النفوذ:
• يستوطن النصيريون منطقة جبال النصيريين في اللاذقية، ولقد انتشروا مؤخراً في المدن السورية المجاورة لهم.
• يوجد عدد كبير منهم أيضاً في غربي الأناضول ويعرفون باسم (التختجية والحطابون) فيما يطلق عليهم شرقي الأناضول اسم (القزل باشيه).
• ويعرفون في أجزاء أخرى من تركيا وألبانيا باسم (البكتاشية).
• هناك عدد منهم في فارس وتركستان ويعرفون باسم (العلي إلهية).
• وعدد منهم يعيشون في لبنان وفلسطين.
ويتضح مما سبق:
أن النصيرية فرقة باطنية (*) ظهرت في القرن الثالث للهجرة، وهي فرقة غالية، خلعت ربقة الإسلام، وطرحت معانيه، ولم تستبق لنفسها منه سوى الاسم، ويعتبرهم أهل السنة (*) خارجين عن الإسلام، ولا يصح أن يعاملوا معاملة المسلمين، بسبب أفكارهم الغالية وآرائهم المتطرفة ومن ذلك آراؤهم التي تهدم أركان الإسلام فهم لا يصلون الجمعة ولا يتمسكون بالطهارة ولهم قداسات شبيهة بقداسات النصارى ولا يعترفون بالحج أو الزكاة الشرعية المعروفة في الإسلام.
--------------------------------------------------------------
مراجع للتوسع:
ـ الجذور التاريخية للنصيرية العلوية، الحسيني عبد الله ـ دار الاعتصام ـ القاهرة 1400هـ / 1980م.
ـ الملل والنحل، أبو الفتح الشهرستاني.
ـ شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد ـ دار الكتب العربية ـ القاهرة.
ـ رسائل ابن تيمية، رسالة في الرد على النصيرية.
ـ الباكورة السليمانية في كشف أسرار الديانة النصيرية، سليمان أفندي الأذني. بيروت، 1864م.
ـ تاريخ العلويين، محمد أمين غالب الطويل ـ طبع في اللاذقية عاصمة دولة العلويين عام 1924م.
ـ خطط الشام، محمد كرد علي ـ ط دمشق 1925م ـ ج 3/ 265 ـ 268 ج 6/ 107 ـ 109.
ـ دائرة المعارف الإسلامية، مادة نصيري.
ـ إسلام بلا مذاهب، د. مصطفى الشكعة ـ ط دار القلم ـ القاهرة ـ 1961م.
ـ تاريخ العقيدة النصيرية، المستشرق رينيه دوسو ـ نشرته مكتبة أميل ليون وبداخله كتاب المجموعة بنصه العربي.
ـ الأعلام للزركلي، 2/ 254 بيروت ـ 1956م.
ـ تاريخ الأدب العربي لبروكلمان، 3/ 357 ـ ط دار المعارف ـ 1962م.
ـ الحركات الباطنية في العالم الإسلامي، د. أحمد محمد الخطيب، مكتب الأقصى، عمان.
ـ دراسات في الفرق، د. صابر طعيمة ـ مكتبة المعارف ـ الرياض 1401هـ / 1981م.(146/470)
قاتل عمار وسالبه
ـ[النذير1]ــــــــ[10 - 08 - 08, 07:02 م]ـ
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَتَى عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَجُلانِ يَخْتَصِمَانِ فِي أَمْرِ عَمَّارٍ وَسَلَبِهِ، فَقَالَ: خَلِّيَاهُ وَاتْرُكَاهُ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: اللَّهُمَّ أُولِعَتْ قُرَيْشٌ بِعَمَّارٍ، قَاتِلُ عَمَّارٍ وَسَالِبُهُ فِي النَّارِ".
الآحاد والمثاني (803) صحيح لغيره
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ رَجُلَيْنِ أَتَيَا عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ يَخْتَصِمَانِ فِي دَمِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ وَسَلَبِهِ، فَقَالَ عَمْرٌو: خَلِّيَا عَنْهُ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: اللَّهُمَّ أُولِعَتْ قُرَيْشٌ بِعَمَّارٍ، إِنَّ قَاتِلَ عَمَّارٍ وَسَالِبَهُ فِي النَّارِ ".
المستدرك للحاكم (5661) صحيح
وَعَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ خُوَيْلِدٍ الْعَنْبَرِيِّ قَالَ: بَيْنَا أَنَا عِنْدَ مُعَاوِيَةَ إِذْ جَاءَهُ رَجُلَانِ يَخْتَصِمَانِ فِي رَأْسِ عَمَّارٍ، يَقُولُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: أَنَا قَتَلْتُهُ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: لِيَطِبْ بِهِ أَحَدُكُمَا نَفْسًا لِصَاحِبِهِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: " تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ ". فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: فَمَا بَالُكَ مَعَنَا؟ قَالَ: إِنَّ أَبِي شَكَانِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- قَالَ: " أَطِعْ أَبَاكَ مَا دَامَ حَيًّا وَلَا تَعْصِهِ "، فَأَنَا مَعَكُمْ وَلَسْتُ أُقَاتِلُ. رَوَاهُ أَحْمَدُ.
مسند أحمد (6695) حسن
وَعَنْ أَبِي غَادِيَةَ قَالَ: قُتِلَ عَمَّارٌ، فَأُخْبِرَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: " إِنَّ قَاتِلَهُ وَسَالِبَهُ فِي النَّارِ ". فَقِيلَ لِعَمْرٍو: فَإِنَّكَ هُوَ ذَا تُقَاتِلُهُ؟ قَالَ: إِنَّمَا قَالَ: " قَاتِلُهُ وَسَالِبُهُ ". رَوَاهُ أَحْمَدُ
مسند أحمد (18250) صحيح
منقول: المصدر كتاب الخِصالُ الموجِبَةُ لِدخولِ النَّارِ في القُرآن والسُّنَّةِ
إعدادُ: علي بن نايف الشحود
ـ[ابن سفران الشريفي]ــــــــ[12 - 08 - 08, 10:32 ص]ـ
قال البخاري في صحيحه (428): حدثنا مسدد قال حدثنا عبد العزيز بن مختار قال حدثنا خالد الحذاء عن عكرمة قال لي ابن عباس ولابنه علي انطلقا إلى أبي سعيد
فاسمعا من حديثه فانطلقنا فإذا هو في حائط يصلحه فأخذ رداءه فاحتبى ثم أنشأ يحدثنا حتى أتى ذكر بناء المسجد فقال كنا نحمل لبنة لبنة وعمار لبنتين لبنتين فرآه النبي صلى الله عليه وسلم فينفض التراب عنه ويقول ويح عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار قال يقول عمار أعوذ بالله من الفتن
وقال (2601): حدثنا إبراهيم بن موسى أخبرنا عبد الوهاب حدثنا خالد عن عكرمة أن ابن عباس قال له ولعلي بن عبد الله ائتيا أبا سعيد فاسمعا من حديثه فأتيناه وهو وأخوه في حائط لهما يسقيانه فلما رآنا جاء فاحتبى وجلس فقال
كنا ننقل لبن المسجد لبنة لبنة وكان عمار ينقل لبنتين لبنتين فمر به النبي صلى الله عليه وسلم ومسح عن رأسه الغبار وقال ويح عمار تقتله الفئة الباغية عمار يدعوهم إلى الله ويدعونه إلى النار
ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[12 - 08 - 08, 10:47 ص]ـ
أبو الغادية الجهني 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - هو قاتل عمّار 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -، وللشيخ الألباني رحمه الله جزء لم يُطبَع عن أبي الغادية 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -، وللاستفادة انظر:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=100518&highlight=%C7%E1%DB%C7%CF%ED%C9+%DA%E3%C7%D1
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=21392&highlight=%C7%E1%DB%C7%CF%ED%C9+%DA%E3%C7%D1(146/471)
شريح القاضي: يا شعبي عليك بنساء بني تميم
ـ[أبو سلمى المغربي]ــــــــ[11 - 08 - 08, 01:16 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شريح القاضي: يا شعبي عليك بنساء بني تميم
وردت القصة في كتاب تاريخ دمشق لابن عساكر مع زيادة, وفي كتاب العقد الفريد لابن عبد ربه الأندلسي وأيضا في كتاب الأغاني لأبي نعيم وفي كتاب طبائع النساء وما جاء فيها من عجائب وأخبار وأسرار لأحمد بن محمد بن عبد ربه الأندلسي
قال الشعبي: لقيني شريح فقال: يا شعبي، عليك بنساء بني تميم، فإني رأيت لهن عقولا. قال: وما رأيت من عقولهن؟ قال: أقبلت من جنازة ظهرا، فمررت بدورهم، فإذا أنا بعجوز على باب دار، وإلى جنبها جارية كأحسن ما رأيت من الجواري، فعدلت فاستسقيت، وما بي عطش. فقالت: أي الشراب أحب إليك؟ فقلت: ما تيسر، قال: ويحك، يا جارية إيتيه بلبن، فإني أظن الرجل غريباً، قلت: من هذه الجارية؟ قالت: هذه زينب بنت جرير إحدى نساء بني حنظلة، قلت: فارغة هي أم مشغولة؟ قالت: بل فارغة. قلت: زوجينيها. قالت: إن كنت لها كفواً، وهي لغة تميم. فمضيت إلى المنزل، فذهبت لأقيل. فامتنعت مني القائلة، فلما صليت الظهر أخذت بأيدي إخواني من القراء الأشراف: علقمة، والأسود، والمسيب، وموسى بن عرفطة، ومضيت أريد عمها. فاستقبل فقال: يا أبا أمية، حاجتك؟ قلت: زينب بنت أخيك، قال: ما بها رغبة عنك. فأنكحنيها. فلما صارت في حبالي ندمت، وقلت: أي شيء صنعت بنساء بني تميم؟ وذكرت غلظ قلوبهن، فقلت: أطلقها، ثم قلت: لا، ولكن أضمها إلي، فإن رأيت ما أحب وإلا كان ذلك. فلو رأيتني يا شعبي وقد أقبل نساؤهم يهدينها حتى أدخلت علي، فقلت: إن من السنة إذا دخلت المرأة على زوجها أن يقوم فيصلي ركعتين، فيسأل الله من خيرها ويعوذ به من شرها، فصليت وسلمت، فإذا هي من خلفي تصلي بصلاتي، فلما قضيت صلاتي أتتني جواريها، فأخذن ثيابي وألبسنني ملحفة قد صبغت في عكر العصفر، فلما خلا البيت دنوت منها، فمددت يدي إلى ناصيتها فقالت: على رسلك أبا أمية كما أنت، ثم قالت: الحمد لله، أحمده وأستعينه، وأصلي على محمد وآله، إني امرأةٌ غريبة لا علم لي بأخلاقك، فبين لي ما تحب فآتيه، وما تكره فأزدجر عنه. وقالت: إنه قد كان لك في قومك منكح،. وفي قومي مثل ذلك، ولكني إذا قضى الله أمراً كان، وقد ملكت فاصنع ما أمرك الله به: " إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان " أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولك. قال: فأخرجتني والله يا شعبي إلى الخطبة في ذلك الموضع، فقلت: الحمد لله، احمده وأستعينه، وأصلي على النبي وآله وسلم. وبعد، فإنك قد قلت كلاماً إن تثبتي عليه يكن ذلك حظك، وإن تدعيه يكن حجة عليك، أحب كذا وأكره كذا، ونحن جميع فلا تفرقي، وما رأيت من حسنة فانشريها وما رأيت من سيئة فاستريها؛ وقالت شيئاً لم أذكره: كيف محبتك لزيارة الأهل؟ قلت: ما أحب أن يملني أصهاري. قالت: فمن تحب من جيرانك أن يدخل دارك آذن له، ومن تكرهه أمنعه؟ قلت: بنو فلان قوم صالحون وبنو فلان قوم سوء. قال: فبت يا شعبي بأنعم ليلة، ومكثت معي حولاً لا أرى إلا ما أحب. فلما كان رأس الحول جئت من مجلس القضاء، فإذا بعجوز تأمر وتنهى في الدار. فقلت: من هذه؟ قالوا: فلانة ختنتك، فسري عني ما كنت أجد، فلما جلست أقبلت العجوز، فقالت: السلام عليك أبا أمية. قلت: وعليك السلام، من أنت؟ قالت: أنا فلانة ختنتك، قلت: قربك الله، قالت: كيف رأيت زوجتك؟ قلت: خير زوجة، فقالت لي: أبا أمية، إن المرأة لا تكون أسوأ حالاً منها في حالين، إذا ولدت غلاماً أو حظيت عند زوجها، فإن ربك ريبٌ فعليك بالسوط، فوالله ما حاز الرجال في بيوتهم شرا من المرأة المدللة. قلت: أما والله لقد أدبت فأحسنت الأدب، ورضت فأحسنت الرياضة. قالت: تحب أن يزورك أختامك؟ قلت: متى شاؤوا. قال: فكانت تأتيني في رأس كل حول توصيني تلك الوصية، فمكثت معي عشرين سنة لم أعتب عليها في شيء إلا مرة واحدة، وكنت لها ظالماً، أخذ المؤذن في الإقامة بعدما صليت ركعتي الفجر، وكنت إمام الحي، فإذا بعقرب تدب، فأخذت الإناء فأكفأته عليها، ثم قلت: يا زينب، لا تحركي الإناء حتى أتي. فلو شهدتني يا شعبي، وقد صليت ورجعت فإذا أنا بالعقرب قد ضربتها. فدعوت بالقسط والملح، فجعلت أمغث إصبعها و؟ أقرأ عليها بالحمد والمعوذتين. وكان لي جار من كندة يقرع امرأته ويضربها، فقلت في ذلك:
رأيت رجالاً يضربون نساءهم ... فشلت يميني حين أضرب زينبا
أأضربها في غير ذنب أتت به ... فما العدل مني ضرب من ليس مذنبا
فزينب شمس والنساء كواكب ... إذا طلعت لم تبد منهن كوكبا
ـ[أبو سلمى المغربي]ــــــــ[11 - 08 - 08, 03:31 ص]ـ
رفع لعموم الفائدة
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[11 - 08 - 08, 04:06 ص]ـ
بارك الله فيك
وهذا من جميل اخلاق أسلافنا التي تكتب بماء الذهب
ـ[ابو عبد الرحمن المكي]ــــــــ[11 - 08 - 08, 11:51 ص]ـ
قصة جميلة
جزاك الله خيرا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/472)
ـ[أبو سلمى المغربي]ــــــــ[11 - 08 - 08, 02:04 م]ـ
بارك الله فيكما
ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما
ـ[أبو المقداد]ــــــــ[11 - 08 - 08, 07:22 م]ـ
تجد القصة بسند عال في (الموفقيات) للزبير بن بكار.
ـ[أبو سلمى المغربي]ــــــــ[11 - 08 - 08, 07:34 م]ـ
جزاك الله خيرا أبا القداد
ـ[أبو مسلم السلفي]ــــــــ[11 - 08 - 08, 10:11 م]ـ
تجد القصة بسند عال في (الموفقيات) للزبير بن بكار.
أريد رابط هذا الكتاب بارك الله فيك
وكذا كتاب الفكاهة له أيضا
ـ[أبو سلمى المغربي]ــــــــ[12 - 08 - 08, 04:56 م]ـ
بارك الله فيكم جميعا
ـ[أبو المقداد]ــــــــ[12 - 08 - 08, 08:15 م]ـ
أريد رابط هذا الكتاب بارك الله فيك
وكذا كتاب الفكاهة له أيضا
أما "الموفقيات" فإن وجده مطبوعا فعض عليه بالنواجذ!
وأما الفكاهة، فهو مفقود حسب علمي، وقد مال العلامة حمد الجاسر في بحث له في مصنفات الزبير بن بكار أنه هو ذاته كتاب " مزاح النبي صلى الله عليه وسلم".
وفقك الله!
ـ[أبو سلمى المغربي]ــــــــ[12 - 08 - 08, 08:26 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[أبي عبدالله]ــــــــ[18 - 03 - 09, 12:21 ص]ـ
أبا سلمى ...
كيف الطريق للحصول على المكتبة الشاملة لجهاز الهاتف النقال من نوع (نوكيا)؟؟؟
هل هذا من الممكن؟
غفر الله لك.
ـ[أبو سلمى المغربي]ــــــــ[19 - 03 - 09, 10:49 م]ـ
أبا سلمى ...
كيف الطريق للحصول على المكتبة الشاملة لجهاز الهاتف النقال من نوع (نوكيا)؟؟؟
هل هذا من الممكن؟
غفر الله لك.
أولا بد أن تعرف اي نوع من نوكيا وبأي نظام يشتغل ثم ادخل هنا لتجد التفاصيل
http://www.ce4arab.com/vb7/showthread.php?t=110699
ـ[محمد عبدالعزيز المسلم]ــــــــ[19 - 03 - 09, 11:00 م]ـ
جزاك الله خيرا ابا سلمى على إختيارك لهذا الموضوع الجميل والمحبب لدى الجميع فالمرأة الصالحة خير متاع المؤمن وحين يجتمع الدين مع النسب والخلق والجمال ورجاحة العقل فهنيئا لمن يحضى بها.
ـ[حمد الغامدي]ــــــــ[19 - 03 - 09, 11:16 م]ـ
بنو تميم هم الان في الرياض وما جاورها
فهل نساء الرياض بهذه الأخلاق؟؟؟؟
وعند جهينة الخبر اليقين
ـ[محمد عبدالعزيز المسلم]ــــــــ[25 - 03 - 09, 01:39 م]ـ
الأخ الكريم حمد ينبغي ان ترتفع بطرحك وتدع عنك الهمز واللمز فالرياض فيه من قبائل تميم وغيرهم وأريد ان أخبرك أن قبيلة تميم المباركة تمتد من حوطة بني تميم جنوبا حتى الجوف شمالا هذا غير المنطة الشرقية والغربية وقطر والكويت والعراق واليمن وغيرها ...
ولن أقابل الإسائة بمثلها فليست تلك اخلاقي وكل قبيلة فيها من الخير ما فيها، وفيها من الشر والفساد ما فيها ... فياليتك تقل خيرا او تصمت.
ـ[حمد الغامدي]ــــــــ[28 - 03 - 09, 10:32 م]ـ
اخي الكريم
لم اقصد لمزا ولا همزا ولاغمزا
بل اهل الرياض اهلي واقاربي وارحامي
ولكنني أقول: أين تلك الصفات؟؟؟؟
ولم أسئ إليك أبدا
وإذا فهمتها أنها إساءة فمسحوبة
واعتذر عنها
ـ[سامح رضا]ــــــــ[10 - 04 - 09, 05:51 م]ـ
الأخ الكريم حمد ينبغي ان ترتفع بطرحك وتدع عنك الهمز واللمز فالرياض فيه من قبائل تميم وغيرهم وأريد ان أخبرك أن قبيلة تميم المباركة تمتد من حوطة بني تميم جنوبا حتى الجوف شمالا هذا غير المنطة الشرقية والغربية وقطر والكويت والعراق واليمن وغيرها ...
.....
وفي مصر أيضاً.
ـ[خالد السيناوي]ــــــــ[28 - 01 - 10, 03:05 ص]ـ
أين هم في مصر
ـ[في رحاب الله]ــــــــ[02 - 02 - 10, 10:45 ص]ـ
بارك الله فيكم ..
ونسااء بني تميم في الحاضر هنّ مثل أسلافهم في الماضي إلاماندر ...
وأنّا أتكلم من واقع فهنّ ينجبنّ النجبااء
ولله الحمد والمنّه وفي كلن خير
ـ[ابومجاهد التميمي]ــــــــ[25 - 02 - 10, 07:49 ص]ـ
بنو تميم هم الان في الرياض وما جاورها
فهل نساء الرياض بهذه الأخلاق؟؟؟؟
وعند جهينة الخبر اليقين
بنو تميم ارضهم في نجد و ينتشرون في غيرها من البقاع.
ولا تعدهم من نساء الرياض سامحك الله بهذه الفريه
نساء تميم اكرم ممن ذكرت يا حمد الغامدي
ولا فخر كفاهم مناقب رجالهم و الثناء على نسائهم
عتبي عليك كبير، سيدنا محمد عليه السلام يقول: لا تقل لبني تميم الا خيرا.
ونحن اكرم من ان نرد بالاساءة(146/473)
العلامة المصلح الشيخ الرزقي الشرفاوي الأزهري
ـ[ابو مريم الجزائري]ــــــــ[11 - 08 - 08, 10:41 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
نترجم اليوم لعالم من علماء الجزائر كانت حياته كلها كفاحا متواصلا و جهادا مضنيا، مما جعله مثار إعجاب الأقارب و الأباعد، و الأصدقاء و الأعداء على حد سواء، كفاح و صمود في سبيل طلب العلم و المعرفة و جهاد للدفاع عن دين الله الإسلام الصحيح و نشر الإصلاح و محاربة الطرقية و عباد القبور، و ناشري الخرافات و الخزعبلات، لقد انتقل و هو صغير بمجهوده الخاص على متن باخرة لنقل الحيوانات من الجزائر إلى مصر، ليلتحق بالجامع الأزهر الشريف و ينقطع عن أهله و بلده في غربة دامت سبع و عشرين سنة حتى أصبح من شيوخ الأزهر و مدرسيه، و بعد عودته إلى ارض الوطن وجد دعاة الطرقية و أصحاب بعض الزوايا أدعياء الدين له بالمرصاد فأعلنوها حربا لا هوادة فيها ضد هذا الأزهري – المارق في نظرهم – لكنه صبر و احتسب و بقي صامدا بعزيمة فولاذية إلى آخر يوم في حياته رحمه الله.
إسمه و مولده و أسرته:
محمد الرزقي بن محمد وعلي الشرفاوي، ينحدر من عائلة ابن القاضي التي كانت تحكم إمارة كوكو بجبال جرجرة، و لد سنة 1302 هـ / 1880 م بشرفة بهلول، و هي قرية لا تبعد كثيرا عن مدينة اعزازقة (تيزي وزو).
ولد لأسرة تمتهن الفلاحة كغيرها من أسر بلاد زواوة الساكنة على سفوح جبال جرجرة الأشم.
نشأته و طلبه العلم:
نشأ وسط أسرة كبيرة العدد تمتهن الفلاحة كما قلنا، أدخله والده زاوية قريتهم شرفة بهلول لحفظ القرآن الكريم، انتقل بعدها الى زاوية احمد الإدريسي البجائي [العالم الفقيه الأصولي أستاذ العلامة ابن خلدون ت 760هـ] فانتظم في سلك طلبتها حيث تعلم العربية وعلومها، و حفظ بعض المتون في الفقه و التوحيد، و أتقن القرآن الكريم حفظا و رسما و تجويدا.
انتقل بعدها الى الجزائر العاصمة ليدرس بالمدرسة الثعالبية و هي من المدارس الرسمية لكنها محافظة على منهج التعليم الديني الإسلامي العربي، الذي لم يتأثر بسياسة الاستعمار الثقافية، وفي هذه المدرسة حضر دروس العلامة الشيخ عبد القادر المجاوي الذي تأثر به و بدروسه و افكاره، و هو الذي شجعه على الكتابة في مجلة التلميذ التي كانت تصدرها المدرسة الثعالبية، كما واظب على حضور دروسه الخارجية.
رحلته إلى مصر:
كان التلميذ الشرفاوي يسمع ثناء أساتذته عن علماء الأزهر الشريف و ينوهون و يستشهدون بأقوالهم و بأفكارهم، فتأثر أيما تأثر و تمنى ان يلتحق بهذا الجامع الشريف ليتخرج منه عالما يشار له بالبنان، و رسخت هذه الفكرة في رأسه فجمع مبلغا من المال، و يذكر لمن عرفه أنه سافر على ظهر باخرة من ميناء الجزائر العاصمة في رحلة – انتحارية - شاقة و مضنية كاد يهلك فيها، لأنه كان راكبا في الجزء المخصص للحيوانات، و لم يصل إلى الإسكندرية إلا بعد أن تقيأ مرات و كرات و لاقى من المصاعب التي أنهكت قواه و ألزمته الفراش أياما، انتقل بعدها إلى القاهرة ليلتحق بمساعدة بعض الطلبة المغاربة بدروس الأزهر الشريف، " ... وقد التزم بعهد قطعه على نفسه [مع بداية الدراسة في الأزهر]، وهو أن لا يكاتب أهله و لا يقرأ رسالة ترد عليه منهم حتى ينتهي من دراسته، فعل ذلك خشية أن يكون في تلك الرسائل ما يثير حنينه إليهم، و يشغله عن مواصلة الدراسة، و المثير في كل هذا انه وفى بهذا العهد الذي ابرمه على نفسه، و قضى قرابة أربعة عشر سنة دون أن يقرأ رسالة واحدة من الرسائل التي وردت عليه من الجزائر.
و كم كانت الفاجعة أليمة عندما أنهى دراسته بإحرازه على شهادة العالمية، و فتح رزمة الرسائل التي اجتمعت لديه طيلة كل هذه السنوات، فوجد واحدة تنعي إليه والدته، وأخرى تنعي إليه والده و ثالثة تنعى أخته، و رابعة تنعى إليه الأخ الأكبر، و خامسة تنعى إليه اخوين آخرين، و لا يمكننا تخيل وقع هذه الفواجع في نفسه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/474)
وقد ذكر في أوراقه انه تردد طويلا في قراءاتها أو إحراقها خوفا من الصدمة النفسية و ظل ينظر إليها بقلب خافق، و نفس مضطربة و أخيرا تكلف من التجلد و الشجاعة ما لا بد منه، فما كاد ينتهي من قراءتها حتى اغبر لون الوجود في عينيه، ... و لا عجب فان أقاربه هؤلاء، و إن ماتوا في فترات متباعدة، و لكنهم بالنسبة إليه ماتوا في وقت واحد".
وقد التقى لما كان بالأزهر الشريف رفقة مجموعة من الطلبة الجزائريين الإمام عبد الحميد بن باديس عندما رجع الإمام من أداء فريضة الحج و عرج على الأزهر عام 1332 هـ/ 1914م.
اشتغاله بالتدريس في الأزهر:
بعد كد سنوات التحصيل، و متابعة و إتقان لكل ما يدرس في الأزهر من مختلف الفنون و العلوم ينال الشيخ الشرفاوي شهادة العالمية و تجيزه هيئتة إجازة عامة في التدريس و التعليم و ذلك سنة 1339 هـ / 1921 م [يذكر الشيخ لطلبته احتفاء الطلبة المغاربة بنجاحه و فرحهم به، و يذكر كيف أن بعضهم بكى من شدة فرحه بهذا النجاح]، ثم يرشح للتدريس بالأزهر فقدم دروسا انتفع بها طلبة العلم لمدة احد عشر سنة، كما كان يتردد على المكتبات العامة بالقاهرة يعكف على المطالعة و دراسة التراث الإسلامي و العربي، و يشارك بين الفينة و الأخرى في كتابة مقالات في مجلة الأزهر و غيرها.
عودته إلى الجزائر:
عاد سنة 1351 هـ / 1933م بعد أن أدى فريضة الحج حيث التقى ببعض أقاربه فأهاجوا أشواقه إلى الجزائر و حن إليها حنين الإلف فارقه القرين، فأثاروا فيه الذكريات، فأرسل رسالة الى أهله يعلمهم باعتزامه العودة إلى الجزائر بصفه نهائية، و ما ان بلغهم الخبر حتى اهتزوا فرحا، و رأوا أن عودة العالم الذي قضى في الشرق أمدا طويلا يدرس العلم حتى صار قمة شامخة سوف تفتح لهم بهذا العالم صفحة مشرقة في حياة المنطقة، و سوف يكون لهم به عز و أي عز و مكانة و أي مكانة، لا شك انه وسام شرفهم و عنوان مجدهم، فما كان إلا أن اجتمع أعيان قرية شرفة بهلول، و قرروا أن يجمعوا له مبلغا من المال و هو ما كان و أرسلوه إليه عن طريق حوالة بريدية على عنوانه بمصر، كما قرروا بناء منزل يليق بمقامه بجوار زاوية الشرفة، و قد سرى خبر عودته الى الجزائر حتى بلغ مسامع القرى و المدن المجاورة ووصل إلى علماء الجزائر، و لذلك ما إن وصلت الباخرة التي كانت تقله إلى ميناء العاصمة حتى وجد في استقباله جمعا غفيرا من العلماء و طلبة العلم و الأعيان و الأقارب في مقدمتهم احمد بن زكري مدير المدرسة الثعالبية و الشيخ الطيب واعمر شيخ زاوية احمد الإدريسي البجائي،
و زاره بعدها بأيام كل من العالمين الجليلين الأستاذ عبد الحميد بن باديس و الشيخ الطيب العقبي و عرضا عليه الانضمام الإقامة في العاصمة للعمل معهم في صف جمعية العلماء المسلمين و يقوم بواجبه في الإصلاح و التعليم، لكنه اعتذر منهما، واعلمهما بأنه وعد الشيخ الطيب واعمارة شيخ زاوية احمد الإدريسي البجائي بأنه سيقوم بمهمة التدريس في المعهد اليلولي، و اخبرهما بأنه سيكون إلى جانب رجال الجمعية في عملهم الإصلاحي، و هذا ما كان حيث أنه لم ينقطع عن جمعية العلماء المسلمين فكان يمد صحفها بالمقالات و الدراسات، و لقاء زملائه العلماء من حين لأخر للتشاور و تبادل الرأي بالعاصمة.
تدريسه بالمعهد اليلولي:
بدأ الشيخ التدريس في المعهد اليلولي بعد راحة قصيرة، وقد فرح به الطلبة فرحا شديدا، و تسامع الناس به، فأقبلوا يسجلون أبنائهم مهللين فرحين، بل بلغ الأمر ببعض الطلبة القدامى الذين انهوا دراستهم و اخذوا يباشرون أعمالا مختلفة في مناطقهم بعد أن سمعوا به أن عادوا إلى مقاعد الدراسة، و هناك من التحق بدروسه و قد جاوز الخمسين من العمر.
وكانت الدروس التي برمجها في تلك السنة و ظل على اغلبها طوال إقامته بالمعهد لمدة عشر سنين هي:
- التفسير و كان يعتمد على تفسير (روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني) لمؤلِّفه محمود الآلوسي البغدادي، أبو الثناء شهاب الدين، لأنه يرى أنه تفسيراً جامعاً، لآراء السلف رواية ودراية، ومشتملاً على أقوال الخلف بكل أمانة وعناية.
- الفقه بمتن خليل و شرح الخرشي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/475)
- الحديث الشريف و كان يدرسه من ((سبل السلام، شرح بلوغ المرام من جمع أدلة الأحكام)) لمحمد بن إسماعيل الصنعاني، (ت 1182هـ).
- علوم اللغة العربية من بلاغة و نحو و صرف.
- الرياضيات و الحساب و المنطق و التاريخ.
" ... و مثار العجب أو الدهشة، أن الشيخ يقوم بهذه الدروس كلها وحده بحيث يبدأ بالحديث إثر صلاة الصبح، و ينتهي بعد صلاة العشاء بدرس الفقه، و ليس له في اليوم إلا راحتان بعد الغذاء و قبيل المغرب، وحتى هذه الأخيرة لا يرتاح فيها إلا قليلا جدا لأنه يستقبل فيها السائلين و المفتين من الطلبة و المواطنين فلا يكاد ينتهي من إجاباتهم إلا مع قرب آذان المغرب.
كان الشيخ منضبطا كل الانضباط حريصا جد الحرص على وقت الدرس و كثيرا ما يزوره شخص ذو قيمة علمية أو مكانة اجتماعية فيظن الطلبة أنها فرصة للراحة و يستبشرون خيرا، و لكن ما يروعهم إلا أن يروا الشيخ يستعد للدرس أو يدخل إلى القاعة و قد خلف للزائر من يؤنسه.
و قد ذكر الشيخ المهدي بوعبدلى – رحمه الله – انه جاءه زائرا مع قاضي بجاية و كان وقت الدرس قد آن، فظن انه لن يتركهما و يلتحق بدرسه، و لكن بعد أن رحب بهما اعتذر منهما و اقبل على درسه تاركا معهما احد الطلبة الكبار.
حاول الاستعمار الفرنسي ان يضيق عليه الخناق لأنه كان يندد به و يهاجمه و يهاجم أذنابه من الخونة و المرتدين الذين باعوا دينهم ووطنهم بأبخس الأثمان، و تنكرهم لأصالتهم و أمجاد وطنهم.
لكن الله سبحانه و تعالى قيض له رجل هو صديقه الأستاذ احمد بن زكري – رحمه الله – مدير المدرسة الثعالبية الرسمية الذي كان يدافع عنه، فما ان يبلغ مسامعه ان هناك من يريد به شرا أو يحوم حوله حتى يحول بينه و بين الشيخ الشرفاوي و ذلك لما له من مكانة عند السلطات الفرنسية نظرا للمنصب المرموق و المنزلة العلمية اللتان يتمتع بهما.
أعلنت الزوايا و الطرقية حربا شعواء ضده، فقد لاقى منهم مقاومة و مغالطة و جحود، فراحوا يشيعون عنه الأكاذيب و انه يفتي بما لم يفتي احد من العالمين و يتهمونه بالجهل بقضايا الدين و بأنه يسب الأولياء و الصالحين و غيرها من الأباطيل.
و هكذا عانى و يعاني رجال العلم و الإصلاح في كل زمان و مكان.
شيوخه و أساتذته:
من الشيوخ الذين اثروا كثيرا في حياة مترجمنا نذكر:
1 - الشيخ عبد القادر المجاوي (ت سنة1332هـ/ 1914م): " كان عالما مفكرا عاملا بعلمه، يقوم بتطبيق ما يراه من مناهج الإصلاح وأساليب التربية والتعليم، ابتدأ التدريس في مدينة قسنطينة سنة 1286مدرسا متطوعا، ثم عين مدرسا بجامع الكتاني سنة1290. وتولى التدريس بالمدرسة الكتانية سنة 1295، ثم أبعدته الحكومة الفرنسية من قسنطينة إلى مدينة إلى الجزائر سنة 1316 فدرس في المدرسة الثعالبية، ونالت دروسه إقبال الناس، وأحبوا فيه صدق اللهجة وصفاء السريرة، وظل يخاطب القلوب ويربي النفوس إلى إن أدركته الوفاة، وله مؤلفات كثيرة منها:
- إرشاد المتعلمين
- المرصاد في مسائل الاقتصاد
- شرح منظومة في إنكار البدع والمفاسد الاجتماعية.
- رسالة في التربية و التعليم
- رسالة في علم الكلام سماها القواعد الكلامية.
2 - الإمام الفقيه الموسوعي، الشيخ محمد بخيت المطيعي الحنفي الذي كان يلقب بالأستاذ الأكبر (ت 1354 هـ/ 1935 م) مفتي الديار المصرية، ومن كبار فقهائها، لم ينقطع عن التدريس، و يذكر الأستاذ الشرفاوي ان شيخه لم ينقطع أبدا عن التدريس و إفادة الطلبة بالإرشاد و التوجيه و إجابة المستفتين من مختلف أرجاء العالم الإسلامي نيفا و ستين سنة.
من مؤلفاته:
- إرشاد الامة إلى أحكام أهل الذمة
- أحسن الكلام فيما يتعلق بالسنة والبدع من الاحكام
- حسن البيان في دفع ما ورد من الشبه على القرآن
- الكلمات الحسان في الاحرف السبعة وجمع القرآن
- القول المفيد في علم التوحيد
و غيرها.
3 - الأستاذ يوسف الدجوي (ت سنة 1365 هـ/ 1946 م) من هيئة كبار علماء الأزهر، و المحرر في مجلة نور الاسلام، كف بصره في غرة طفولته و رغم هذه العاهة فقد جد في طلب العلوم و المعارف حتى صار قمة شامخة في الفتوى رغم بعض المآخذ التي كان سجلها عليه معاصروه، من مؤلفاته:
- رسائل السلام ووسائل الاسلام.
- الجواب المنيف في الرد على مدعي التحريف في الكتاب الشريف.
- تنبيه المؤمنين لمحاسن الدين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/476)
- الرد على كتاب الإسلام و أصول الحكم لمصطفى عبد الرزاق.
و مما يروي عنه الشيخ الشرفاوي حرصه الشديد على التحدث بالعربية الفصحى حيث يرى أن للأمة العربية شخصيتها التاريخية العظيمة و لا سبيل إلى التعرف عليها إلا بواسطة هذه اللغة.
تلامذته:
كان عدد الطلبة الذين تخرجوا على يديه بالمعهد اليلولي خلال عشرة أعوام – و هي المدة التي قضاها فيه – لا يعد و لا يحصى، إذ وصل عددهم في بعض السنوات الى 300 طالب من مختلف ارجاء الوطن، استفادوا من علمه و طريقته في التربية و التعليم، يذكر تلميذه محمد الصالح الصديق منهم:
- الأستاذ الأديب نعماني المكي
- الأستاذ الشيخ احمد حسين الطالب بجامع الزيتونة الذي كان يلتحق بالمعهد اليلولي في العطل الصيفية لان عطلة الزيتونة طويلة، و قد تولى التدريس بمعهد الامام ابن باديس، ثمة مديرا للشؤون الدينية، ثم عضوا بالمجلس الإسلامي، و كان رحمه الله يقول عن أستاذه الشرفاوي: " عرفت الشرفاوي بمعرفة أساتذة الزيتونة المشاهير فهو لا يقل عنهم و يفوق بعضهم.
- الأديب الأستاذ العربي بن عيسى الذي لقبه ابن باديس بالقمقوم لتضلعه في اللغة العربية، و قد التحق بالمعهد بعد الدراسة على عبد الحميد بن باديس في أوائل الأربعينات، و كان يعينه بإلقاء الدروس في اللغة و الأدب و القواعد.
- الأستاذ العربي سعدوني – رحمه الله – الذي تولى وزارة الاوقاف خلال الستينات، و كان الشيخ يحبه و يرأف عليه.
- صديقي الطيب المجاهد الكبير الذي ترقى أثناء الثورة التحريرية حتى وصل الى رتبة رائد، و هو الآن عضو الأمانة الوطنية للمجاهدين.
و غيرهم ممن أفادوا قومه و رفعوا لواء الإسلام و العربية في ربوع الجزائر الطاهرة.
وفاته:
توفي رحمه الله زوال يوم الاربعاء 11 محرم 1364 هـ، بعد مرض اصابه اثر نزلة برد، و شيعت جنازته في مشهد رهيب حضره العلماء و الاعيان و الطلبة و جمهور كبير، و صلى عليه و ابنه تلميذه الأستاذ العربي بن عيسى الملقب بقمقوم في زاوية شرفة بهلول.
مؤلفاته:
أترك المجال لتلميذه الشيخ محمد الصالح الصديق ليحدثنا عن مؤلفات الشيخ:
" ... ألف كتبا كثيرة قيمة في مختلف الفنون، و لكنها مع الاسف الشديد ضاعت معظمها خلال الثورة التحريرية، و منها ما نهبه الناهبون الذين طمس الله على قلوبهم فعليها غباوة و على أعينهم غشاوة و على ضمائرهم كدرة، منها:
1 - كتاب ((الخلاصة المختارة في فضلاء زواوة))
و قصارى ما يمكن قوله عن هذا الكتاب استنادا الى صفحات عثرنا عليها بعد ضياعه انه [ضم تراجم] عن علماء زواوة و مشاهيرها، رتب المؤلف التراجم على حروف الهجاء و اورد فيها اخبارا اخبارا و نوادر و مواقف، و يبدو من هذه الصفحات أن [المكتبة الإسلامية على العموم] و الجزائرية على الخصوص قد خسرت بضياعه كتابا قيما لا غنى عنه لكل من يهتم بتاريخ العلماء و الفضلاء في المنطقة.
2 - كتاب ((إرشاد الطلاب إلى ما في الآيات من الإعراب))
و الكتاب كما ترشدنا أوراق منه اطلعنا عليها عند طلبة الشيخ ... انه يعنى بالقرآن [الكريم] من حيث اللغة و الإعراب، فهو يشرح الكلمة الغامضة ثم يعربها أو يعرب كامل الجملة مع ايراد ما يوافق ذلك من كلام العرب الفصيح، و قد يدير حول الآية سؤالا و يثيرا استشكالا ثم يعالج تاويلها و توجيهها بطريقة الباحث البصير و الناقد الخبير ... و الكتاب – حسب هذه الاوراق – ينطق بقوة النظر، و عمق التفكير، و دقة الاستنتاج و حسن التصرف و طول الباع.
3 - كتاب ((الدروس الانشائية لطلبة زوايا الزواوية)): اطلعنا على هذا الكتاب عند احد ائمة المساجد بالعاصمة و هو الحاج محمد السعيد الشرفاوي – رحمه الله – و ما يزال الكتاب عند ولده، اطلعنا على هذا الكتاب فوجدناه يسلك منهج القدامى في التبويب و عرض المادة ... و هو الكتاب الوحيد بين كتب الشيخ الذي نعرف مصيره و مكانه و لعل من المفيد ان ندع الشيخ يحدثنا عن كتابه هذا و عن الدوافع التي دفعته لتأليفه حيث يقول:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/477)
" اما بعد فقد كنت مدرسا بمعهد سيدي عبد الرحمن اليلولي فطلب مني الطلبة ان ادرس لهم الانشاء فاجبت طلبهم بعد الالحاح ثم فكرت في اختيار المادة التي تعود عليهم بالنجاح، فلم اجد من بين الكتب المتداولة بغيتهم، و ما يناسب احوالهم، و خصوصا ان هذا العلم احدث في هذا المعهد وليدا جديدا ينبغي ان اسلك بهم لاجل ذلك طريقا مفيدا، لذلك لم ار بدا من رجوعي الى ما كتبته من الدروس حين تلقيت هذا العلم عن مشايخي بالازهر الشريف، و ضممت الى تلك الدروس ما رايته صالحا لافادة الطلبة فالقيت ذلك عليهم دروسا مفرقة ثم جمعتها ... فجاءت بحمد الله تزهو بمحاسنها بين الرسائل، و الله هو المسؤول ان يجعلها في هذا لافن من خير الوسائل".
ثم يعرف الانشاء فيقول عنه: " فن جليل المقدار، جميل الاثار، روضته وريقة الأفنان، أنيقة الاغصان ذكبة الروح و الريحان، فيها من كل فاكهة زوجان، به ارتفعت الاقلام الى مناصب الوزارة، و مراتب الصدارة و الامارة، فكانوا اهل الحل و العقد، بيدهم زمام الصرف و العقد، و لهم هيمنة على الاعمال، و السيطرة على العمال ... الخ"
4 - كتاب: ((بغية الطلاب في علم الآداب))
هذا الكتاب صغير الحجم – فيما يبدو – كبير الفائدة، رأيته عند الشيخ في صغري ثم رأيت اوراقا منه عند بعض الطلبة، و هو يعرف الأدب بانه ثمرة من ثمار قريحة الانسان و عقله و نفسه.
5 - ((الرسالة الفتحية في الاعمال الجيبية)) و لم نعثر من هذا الكتاب الا على ورقة عند شيخ يناهز عمره المائة سنة، و كان بالورقة ضنينا لانه يتبرك بها – حسب قوله – و لم يسمح بتصويرها الا بعد محاضرة طويلة القيناها عليه فيما ينتظره من الاجر العظيم عند الله تبارك و تعالى اذا سمح بها و ضممناها الى الكتاب".أ. هـ.
مقالاته:
يتعذر استقصاء ما نشره في الصحف المصرية او الجزائرية لقلة المراجع (منها النجاح، الصديق، مجلة الاسلام الازهرية، الثبات، الامة لابي اليقضان).
اما أكثر المقالات فقد نشرها في البصائر لسان حال جمعية العلماء المسلمين ففي سنة 1936 م نشر سلسلة من المقالات حول اثبات هلال ومضان بالطريقتين الشرعية و الفلكية.
وفي سنة 1938 م نشر سلسلة مقالات اختار لها عنوانا هذه الآية الكريمة من قوله تعالى: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} النحل125.
بين فيها شروط الدعوة إلى الإصلاح، و أن للإصلاح فروعا كثيرة و مسالك متشعبة – و هي مقالات رائعة ماتعة سأنقل لكم مقتطفات منها إن شاء الله -
شخصيته و صفاته:
عرفنا من خلال سردنا لترجمة الشيخ الشرفاوي - رحمه الله - قوة العزيمة و الصمود و الكفاح من اجل طلب العلم و المعرفة منذ صغره، و أفسح المجال مرة ثانية لتلميذه محمد الصالح الصديق – حفظه الله – يحدثنا عن شخصية شيخه فيقول: (( ... كان رحمه الله ثابت العقيدة لا يتذبذب، صادق الإيمان لا يشك، رزين الطبع لا يستخفه طرب، و لا يستفزه غضب، عفيف لا يفتح فمه لهجر، و لا أذنه للغو ... وكانت حياته منذ الطفولة سلسلة متصلة الحلقات من متاعب و مشاق و حرمان
و حتى بعد عودته من مصر إلى الجزائر و استقراره بمسقط رأسه بين أهله و خلانه لم يذق طعم الحياة أو طعم الراحة النفسية، اذ كان أعداء العلم و الإصلاح يكدرون عليه صفو حياته، فعوض ان يقابلوه بالتكريم و التقدير و الاعتزاز و يحاولون أن ينتفعوا بعلمه قابلوه بالجحود و التنكر و بالإعراض و الهجران، و بالمكائد و الدسائس و ما كل ذلك لم يهن عزمه، و لم تلن قناته، و لم يضعف يوما او يتخل عن نضاله الفكري و الإصلاحي و دعوته إلى الكتاب و السنة و لسان خاله يقول:
مناي من الدنيا علوم أبثها ... و انشرها في كل باد و حاضر
دعاء إلى الكتاب و السنة التي ... تناسى رجال ذكرها في المحاضر
يراه من لا يعرفه فيهابه لأول وهلة و يحسبه خشن الطبع مما يوحي به مظهره من المهابة و الجلال، و ينطق به وجهه من التحدي، و لكنه لا يلبث أن يغير رأيه فيه عندما يفاتحه بالحديث فيجده طيب النفس، رقيق المزاح، مرهف الحس، متدفق الشعور، يعجب بالخبر الطريف، و يرتاح للفكاهة المسلية، و يميل إلى النوادر الحلوة، كما يهتز للبطولة، و يطرب للمنظر الجميل، و يرتاع للمشهد البائس
و كان درسه لا يمل بالرغم من مستوى الطلبة العلمي لأنه كلما أحس بفتور يغزو أو يهدد حلقة الدرس استأنس بنادرة من نوادر الظرفاء، أو طرفة من طرف النبلاء، فتنشط العقول و تنتعش النفوس، فتعود إلى مواكبة الدرس بعزيمة و عناية، و قد لاحظ فيه هذا الطبع حتى حساده و الذين عجزوا عن ملاحقته فذكروه و سجلوه، يضاف إلى ذلك كله ذوقه في ميدان التقى و الورع، فهو يواظب على تلاوة القرآن الكريم بقلب خاشع و نفس متهدلة، و عقل بصير، و تدمع عيناه إذا مرت به آية في عظمة الله تعالى او في رحمته و عذابه حتى تخضل الدموع ثوبه و كان في شهر رمضان يعني بالقرآن الكريم عناية خاصة و يتوافر توافرا جديا على تدبر معانيه، و استنتاج أسراره و الغوص على جواهره ... و تذكر زوجته أنها إذا طهت طعاما خاصا في مناسبة او في موسم أوصاها أن تكثر منه و تذيق الجيران الفقراء و كان يقول لها ما معناه ومؤداه: " للمسلم عيد يوم الجمعة و للنصراني يوم الأحد و لليهودي يوم السبت، أما عيد الفقير فهو يوم يسرُ فيه."
و إذا أرسلت إليه هدية مما يؤكل أوصى زوجته بأن لا تنس الجيران)).
المصادر و المراجع:
- " الشيخ الرزقي الشرفاوي حياة و آثار، شهادات و مواقف " لمحمد الصالح الصديق - دار الأمة، الطبعة الأولى 1998م [و من هذا الكتاب كانت معظم مادة هذه الترجمة].
- " اعلام من منطقة القبائل " لمحمد الصالح الصديق - ديوان المطبوعات الجامعية طبعة 2007م.
- " الأعلام " خير الدين الزركلي - دار العلم للملايين - بيروت لبنان- الطبعة الخامسة أيار (مايو) 1980 م.
- " الجزائر أرض عقيدة و ثقافة" (باللغة الفرنسية) تأليف الوزير السابق كمال بوشامة – طبع دار هومة للطباعة و النشر و التوزيع – الجزائر 2007 م.
- مجلة الثقافة الجزائرية - العدد 22 – شهر سبتمبر 1996م.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/478)
ـ[ابو مريم الجزائري]ــــــــ[17 - 08 - 08, 06:56 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
في سنة 1938 م نشر سلسلة مقالات اختار لها عنوانا هذه الآية الكريمة من قوله تعالى: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} النحل125.
بين فيها شروط الدعوة إلى الإصلاح، و أن للإصلاح فروعا كثيرة و مسالك متشعبة، و مما جاء فيها:
" .... و قد كثر الادعياء فانكروا علينا كثيرا من الاحكام هي صريح كتاب الله تعالى و صريح السنة الصحيحة، او هي عمل الصحابة و التابعين، جاهرنا بها و لم نخش في ذلك لومة لائم فلم ينكروها علينا و ينتقدوها علينا بدليل من الادلة المعتبرة، و انما يقولون مضى فلان و فلان لم يفعلها و لم يحصل منه ذلك، هذا منتهى دليلهم، او يقولون لم تجر العادة بها في بلدنا، فقل لي بربك ايها القارئ هل يلتفت الى استدلالهم بذلك؟ و هل كلفنا الله باتباع الرجال فيما خالفوا فيه صريح الأدلة الشرعية. و هل يصح ان نترك حكما بدليل من تلك الادلة لعادة جارية؟ كلا بل هذا عين الضلال، و انما كلفنا ان نعمل بكتابه و سنة رسوله [صلى الله عليه وسلم] و ما اجمعت عليه الامة ... "
ثم يضيف قائلا: " و لو اشتغل الادعياء بتفهيم القرآن و السنة و عملوا ما فيهما من الاحكام و الحكم لابرزوا الدين في اجمل صورة، و لكن للاسف تركوا ذلك فانتشرت بينهم الخرافات، اذ الخرافات من اكبر عوارض جهل الامم، فتسلط عليهم الوهم و الخيال فعدوا الحق باطلا و الباطل حقا، فابرزوا الدين في ابشع الصور و شوهوا حقيقته بالخزعبلات و تنازع البقاء، و يا لبتهم قصروا ذلك على انفسهم و لكن ظلموا غيرهم مع انفسهم و غروهم بما اشتغلوا به من قشور العلم و الصور المفككة من الفقه و النحو و التهيؤ بهيئة العلماء، و مما زاد الطين بلة ان يتعرضوا لمن ربي على العلم الصحيح و الاعتقاد الحق، بالطعن بالفسق و الزندقة و الكفر اذا خالفهم في عوائدهم و هيئاتهم ظنا منهم ان ذلك هو الدين، و لو كان المخالف ممتلئ القلب ايمانا و حكمة، اللهم ان هذا بهتان، فادرك عبادك بلطفك الخفي انك على كل شئ قدير"
البصائر العدد 104 - 16 محرم 1351 هـ/ 18 مارس 1938 م.
---------------------------------------------------------------------------
كما نشر سلسلة بعنوان " كيف يكون العالم الديني "
استهلها بوصف الاوضاع السيئة التي يعيشها المسلمون في عصره نتيجة الاعراض عن القرآن الكريم و السنة الشريفة و ما كان عليه الصحابة الكرام و السلف الصالح من حسن السلوك و كرم الاخلاق و صنع الجميل و يضيف قائلا:
" .... انعي على العامة ما علق باذهانهم من ان كل ما يذكر في الكتب المؤلفه فهو صحيح، و لذلك نجدهم على سيل جارف من الاعتقادات الباطلة و غرائب القصص الاسرائيلية و دسائس الزنادقة و المحالات العقلية، نراهم يعتقدون في الاحجار و الاشجار و الاكام يشدون اليها الرحيل و يقربون اليها القربان، و هذا كله جار و اهل العلم في غفلة عن ارشادهم الى الاعتقاد الصحيح، بل تركوهم حتى تفاقم امرهم بحيث لو اراد من ربي على الاعتقادات الحقة ان ينهاهم عن ذلك بادية للواجب و امتثالا لنصائح كان عليه اسلافهم، لما استجابوا لذلك اعتقادا منهم ان تلك المنكرات و العبث بنظام العبادات جهلا او سعيا وراء الشهوات هي الايمان و التقوى، و ليس الايمان بالله كلمة يلوكها الناس بافواههم، و انما هو عقيدة واسخة في نفوس المؤمنين يتفرع منها تقوى الله وحده و العمل الصالح "
ثم تحدث عن كتاب الله فقال:
" ... و قد جاء كتاب الله يشرح للمسلمين العقائد و قواعد الئرائع و فلسفة الاداب و سياسة الشعوب يخبرهم عن الماضي و الاتي و يحكي لهم مخبآت الضمائر و ما تكنه الصدور و يرشدهم الى الاعتبار بانواع المخلوقات، و يصف لهم الكائنات بانواعها من حيوان و نبات و جماد و ما فيها من ضروب الحكم و انواع الاعتبار و هو يؤيد بعضه بعضا {لا ياتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه} الآية، يبين لهم سنن الاجتماع و نواميس العمران و طبائع العلل موافقا للفطرة في اوامره و نواهيه متفقا مع المصلحة العامة في تعاليمه يتصافح مع العلم و يتآخى مع الدليل و يتعانق مع المدينة في كل مكان و زمان، و بالجملة انك لا ترى مسألة اخلاقية بين علماء العمران و علماء الاجتماع و مقرري الآيات و العادات و علماء الاقتصاد الا وجدت كتاب الله اتى على آخر راي فيها مما رجعوا اليه بعد الاختلاف و طول المطاف، و من اطلع على ما قدمه علماء الاجتماع و الاطباء لحكوماتهم في اوروبا من التقارير في شأن الطلاق و المضاربات في تحريم الخمر و الخنزير علم ما قلناه "
اما عن السنة الشريفة فقال:
" و اما السنة ففيها كثير من المؤلفات التي اطبق على صحتها اهل المشرق و المغرب من علماء المسلمين فابيح النظر فيها لكل أحد من علماء الدين و الاعتماد عليها و الاستدلال بما فيها، و ذلك كصحيح البخاري و صحيح مسلم سنن ابي داود و النسائي و الترميذي و ابن ماجة و مسانيد الائمة الاربعة، فهذه العشرة هي الاصول للاحكام عند اهل السنة، و كذلك صحيح ابن حبان و صحيح ابن خزيمة و سنن البيهقي و الدارقطني و البزار و غيرذلك من كتب المتقدمين الذين شمروا عن ساعد الجد فميزوا صحيح الاخبار من سقيمها و يسر امرها ائمة الدين و جعلوها في متناول اليد، لكل انسان ان ينظر فيها و يعتمد على روايتها، فمن لم يمكنه الزمان و المكان من دراسته كتب المتقدمين، و اراد تعليم الفقه في كتب المتأخرين المختصرة المجردة عن ادلة الاحكام، فليقف على الاقل على الكتب المؤلفة في أدلة الاحكام الحديثة و ادلة الاحكام القرانية، و على الكتب المؤلفة في علم الخلاف، و كل ذلك متوفر سهل الحصول، فيمكنه بذلك ان يعلم ماخذ امامه و ليكن عارفا بفن التعارض و الترجيح، و بفن الجرح و التعديل حتى ادا تعارضت عنده الادلة امكنه الخروج عن ذلك بطريق من الطرق المقررة في هذين الفنين "
جريدة الامة الجزائرية لصاحبها أبو اليقضان عدد 55 تاريخ 17 ديسمبر 1935م.(146/479)
هل قال بهذا الكلام أحد من المؤرخين المسلمين؟
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[12 - 08 - 08, 08:50 م]ـ
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد.
يقول واشنطن إرفنج في كتابه حياة محمد - صلى الله عليه وسلم -:
" يروى المؤرخون العرب الكثير عن قوة هذا الطفل البدنية والروحية، في هذه السن المبكرة، فقد استطاع أن يقف على قدميه وعمره ثلاثة أشهر، واستطاع العدو حينما أتم سبعة أشهر، حتى إذا أتم عشرة شهور استطاع أن يشارك الأطفال الآخرين في رياضتهم واستخدام القوس والسهم، واستطاع الكلام والفهم وعمره ثمانية أشهر، وبعد شهر تكلم بطلاق وحكمة أدهشت الآخرين ".
والسؤال هل قال أحد من مؤرخي العرب هذا الكلام بنصه؟
نعم روى ابن إسحاق عن حليمة السعدية أنها قالت:
وَكَانَ يَشِبّ شَبَابًا لَا يَشِبّهُ الْغِلْمَانُ فَلَمْ يَبْلُغْ سَنَتَيْهِ حَتّى كَانَ غُلَامًا جَفْرًا
وقال الصالحي في سبل الهدي والرشاد:
الباب التاسع في مناغاته صلى الله عليه وسلم للقمر في مهده وكلامه فيه
روى الطبراني والبيهقي عن العباس بن عبد المطلب رضي الله تعالى عنه قال: قلت يا رسول الله دعاني إلى الدخول في دينك أمارة لنبوتك، رأيتك في المهد تناغي القمر وتشير إليه بإصبعك فحيث ما أشرت إليه مال.
قال: " كنت أحدثه ويحدثني ويلهيني عن البكاء وأسمع وجبته حين يسجد تحت العرش ".
قال الإمام أبو عثمان الصابوني رحمه الله تعالى في كتاب المائتين: هذا حديث غريب الإسناد والمتن في المعجزات حسن.
المناغاة: المحادثة.
وناغت الأم صبيها لاطفته وشاغلته بالمحادثة والملاعبة.
قال الحافظ في الفتح وفي سير الواقدي أن النبي صلى الله عليه وسلم تكلم في المهد أوائل ما ولد.
وذكر ابن سبع رحمه الله تعالى في الخصائص أن مهده صلى الله عليه وسلم كان يتحرك بتحريك الملائكة له.
وأن أول كلام تكلم به أن قال: " الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا ".
فائدة: تكلم في المهد جماعة نظم شيخنا رحمه الله تعالى أسماءهم في كتابه قلائد الفوائد فقال: تكلم في المهد النبي محمد * * وموسى وعيسى والخليل ومريم ومبرئ جريج ثم شاهد يوسف * * وطفل لدى الأخدود يرويه مسلم وطفل عليه مر بالأمة التي * * يقال لها تزني ولا تتكلم وماشطة في عهد فرعون طفلها * * وفي زمن الهادي المبارك يختم والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.
لكن هل وردت هذه التفصيلات التي ذكرها إرفنج في كلام المؤرخين المسلمين؟؟
أرجو الإجابة للأهمية.
ـ[أبو سلمى المغربي]ــــــــ[12 - 08 - 08, 10:02 م]ـ
الكاتب من الأقارب الأبعدين لأجداد جورج بوش أخزاه الله
لا يخفى عليك أن المستشرفين الذين كتبوا في سيرة نبينا صلى الله عليه وسلم هم أصناف. منهم صنف يختلق الأكاذيب ويحرف الكلم أو يهول من شأن الروايات الغثة الغير المعتمد عندنا
مثلا: عندي كتاب مطبوع وهو مجلد ضخم بعنوان: (حضارة العرب) لعلامة المستشرقين الفرنسيين الدكتور رغوستاف لوبون ترجمه عادل زعيتر, الكاتب أنصف العرب والحضارة العربية لذلك تجد عدد من الكتاب والباحثين يثنون عليه وعلى كتابه متناسين أنه لم ينصف نبينا صلى الله عليه وسلم بل كذب عليه ودلس وحرف الرواية التي عندنا في السيرة, فكتب: المستشرق محرفا مدلسا تحت عنوان:فتوة محمد الصفحة 130:
قال الكذاب: (وتقول القصة إن محمدا سافر مرة مع عمه إلى سورية فتعرف في بصرى براهب نسطوري في دَيْر نصراني فتلقى منه علم التوراة) فتأمل كيف حرف قصة سفره صلى الله عليه وسلم مع عمه إلى بلاد الشام التي وردت في سيرة ابن إسحاق وفي عدد من كتب السير
أما واشنطن إرفنج حاطب الليل صاحب كتاب: (حياة محمد مؤسس الدين الاسلامي والامبراطورية الاسلاميي)
فهو من أقارب وفصيلة أجداد الرئيس بوش الحالي أخزاه الله فلا ينتظر منه غير ذلك.
الكتاب رفعه الأقباط بصيغة pdf باللغة الإنجليزية وأشادوا به لما يتضمنه من طعون في الإسلام والمسلمين
مما جعل الإدارة الأمركية في موقعها الرسمي تنفي أن يكون هو الجد المباشر لجورج بوش بل من أقارب أجداده, إليك الخبر المنقول: من بعض المصادر الإخبارية:
وقالت وكالة الصحافة الفرنسية ان واشنطن نفت ان يكون الكاتب القس جورج بوش على علاقة قرابة مع الرئيس الامريكي، وذكرت واشنطن في نفي رسمي نشر في العام 2004 على موقع الانترنت واعيد نشره في العام 2005 "ان جد الرئيس بوش هو السناتور بريسكوت بوش الذي ولد في 1895 وتوفي في 1972".
واوضحت واشنطن في الوقت نفسه ان كاتب حياة محمد مؤسس الدين الاسلامي والامبراطورية الاسلامية كان " قريبا بعيدا جدا لأحد اجداد الرئيس بوش" واكدت الادارة الامريكية على موقع الحكومة "ان القس جورج بوش (1796 - 1859) كتب بالفعل كتابا بعنوان (حياة محمد) في 1830 لكن الكاتب ليس جد الرئيس الحالي ولا احد اجداده المباشرين".
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[13 - 08 - 08, 04:13 م]ـ
جزاكم الله خيرًا أخي الحبيب وبارك فيكم.
وشكرًا على هذه المعلومات القيمة.
لكن يبقى السؤال مطروحًا.(146/480)
قصة إسلام السموأل العلامة المغربي الطيب الرياضي الذي كان يهوديا فأسلم وكتابه إفحام اليهود
ـ[أبو سلمى المغربي]ــــــــ[13 - 08 - 08, 01:44 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه قصة إسلام السموأل العلامة المغربي الطيب الرياضي الذي كان يهوديا فأسلم وكتابه إفحام اليهود,
وقصة وقوفه على نبوءة في التوارة بشأن النبي من بني إسماعيل:
(أُقِيمُ لَهُمْ نَبِيًّا مِنْ وَسَطِ إِخْوَتِهِمْ مِثْلَكَ، وَأَجْعَلُ كَلاَمِي فِي فَمِهِ، فَيُكَلِّمُهُمْ بِكُلِّ مَا أُوصِيهِ بِهِ) سفر التثنية: 18
قبل أن نبدأ بقراءة قصة إسلامه بقلمه من كتابه إفحام اليهود نقرأ ترجمة موجزة عنه من بعض كتب التراجم
هو السموأل بن يحيى بن عباس المعروف بالمغربي. عالم بالرياضة والطب من أصل مغربي واشتغل بالعلم بالمشرق الاسلامي في القرن السادس الهجري / الثاني عشر الميلادي.
ترعرع السموأل في فاس في أسرة يهودية، ثم انتقل مع أسرته إلى الشطر الشرقي من الدولة الإسلامية، واستقر ببغداد. لكن استقراره في بغداد لم يطل كثيرا، إذ انتقل إلى مراغة بأذربيجان حيث قضى بقية عمره، إلى أن توفي في مراغة حوالي 570 هـ / 1175 م، بعدما أشهر اسلامه وكتب في إنتقاد اليهودية ونقض دعاواها. كان السموأل من العلماء المسلمين القلائل ذوي الأصل اليهودي، كما انه نموذج للعلاقات العلمية والثقافية بين المغرب وبلاد المشرق الاسلامي. فهو من أصل مغربي، ولد وتعلم بفاس وهاجر الى الشرق الاسلامي حيث تفتحت قريحته العلمية وأثرى بعطائه التقليد الرياضي الاسلامي. خلف السموأل مصنفات كثيرة بلغت 85 مصنفا ما بين كتاب ورسالة ومقالة في شتى المجالات، منها "كتاب إعجاز المهندسين"، و"كتاب الباهر في الجبر" و"كتاب في الحساب الهندي" و"كتاب في المياه" و"كتاب الموجز في الحساب"، و"كتاب المفيد الأوسط في الطب"، و"كتاب غاية المقصود في الرد على النصارى واليهود" وغير ذلك. كان السموأل حاذق الذهن، بلغ في الجبر والمقابلة الغاية القصوى. درس في بغداد كتاب الأصول لأقليدس، وكذلك جبر أبي كامل شجاع، و جبر الكرجي حتى بدأ يكون آراءه الخاصة في الرياضيات وهو في سن الثامنة عشر من عمره. وبدأ تأليف كتابه الشهير الباهر في الجبر وهو في سن التاسعة عشر من عمره. عرف السموأل أنه من العلماء الموسوعيين واسعي الاطلاع، فلم يكن من الذين يقصرون جهودهم على الموضوع الواحد ولا يقنعهم التخصص الضيق بل اجتهد في كافة العلوم. ولقد أحاط بالعلوم الرياضية في عصره حتى صار حجة في علمي الجبر والحساب. كما درس الطب حتى أصبح طبيبا ماهرا. ولقد طور السموأل المغربي الطريقة التحليلية في علم الجبر، واستطاع وبكل جدارة أن يوسع مفهوم العدد بمحاولات غير مباشرة. لذا بلور فكرة استقلال العمليات الجبرية عن التمثيل والتصور الهندسي الذي كان سائدا في ذلك الوقت، وكان هذا الاكتشاف تقدما مهما في الفكر الرياضي وممهدا لاكتشاف الجبر الحديث، في وقت كان أكثر العلماء في الرياضيات يهتمون بالحلول الهندسية لمعظم المسائل الجبرية.
- الأعلام للزركلي، 3، 205. - المرجع: طبقات الأطباء لأبن أبي أصيبعة، ص. 471
قصة إسلامه بقلمه من مقدمة كتابه إفحام اليهود
المصدر: كتاب إفحام اليهود وقصة إسلام السموأل ورؤياه النبي صلى الله عليه وسلم
المؤلف: السموأل بن يحيى بن عباس المغربي
الناشر: دار الجيل - بيروت
الطبعة الثالثة، 1990
تحقيق: د. محمد عبد الله الشرقاوي
بسم الله الرحمن الرحيم رب يسر وأعن يا الله
قال السموأل بعد حمد الله والصلاة على نبيه محمد المصطفى إن العناية الإلهية لتسوقه من تسبق في علم الله هدايته حتى يوجد منه الاهتداء في الوقت الذي سبق في علم الله تعالى وجوده منه فيه وأنا أذكر سبب ما وفقنى الله له من الهداية وكيف انساقت بي الحال منذ نشأت إلي انتقالى عن مذهب اليهود ليكون عبرة وموعظة لمن يقع إليه وليعلم متأمله أن اللطف الإلهي أخفى من أن يحاط بكنهه فإن الله يخص بفضله من يشاء ويؤتى الحكمة من يشاء ويهديه صراطا مستقيما وذلك أن أبى كان يقال له الرآب يهوذا بن آبون من مدينة فاس التي بأقصى المغرب والرآب لقب وليس باسم وتفسيره الحبر وكان أعلم أهل زمانه بعلوم التوراة وأقدرهم على التوسع في الإنشاء والإعجاز والارتجال لمنظوم العبراني ومنثوره وكان
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/481)
اسمه المدعو به بين أهل العربية أبا البقاء يحيى بن عباس المغربي وذلك أن أكثر متخصصيهم يكون له اسم عربي غير اسمه العبري أو مشتق منه كما جعلت العرب الاسم غير الكنية وكان اتصاله بأمي ببغداد وأصلها من البصرة وهي إحدى الأخوات الثلاث المنجبات في علوم التوراة والكتابة بالقلم العبرى وهن بنات إسحاق بن إبراهيم البصري الليوى أعني من سبط ليوي وهو سبط مضبوط النسب لأن منه كان موسى عليه السلام وكان إسحاق هذا ذا علوم يدرسها ببغداد وكانت أمهن نفيسة بنت أبي نصر الداوودى وهذا من رؤسائهم المشاهير وذريته إلى الآن بمصر وكان اسم أمي باسم أم شموائيل النبي عليه السلام وكان هذا النبي قد ولد بعد أن مكثت أمه عاقرا لا ترزق ولدا ولا تحمل عدة سنين حتى دعت ربها في طلب ولد يكون ناسكا لله ودعا لها رجل صالح من الأئمة يقال له عيلى فرزقت شموائيل النبي وذلك كله مشروح في أوائل سفر شموائيل النبي فمكثت أمي عند أبي مدة لا ترزق ولدا حتى استشعرت العقم فرأت في منامها أنها تتلو مناجاة حنة أم شموائيل لربها فنذرت أنها إن رزقت ولدا ذكرا تسميه شموائيل لأن اسمها كان باسم ام شموائيل فاتفق أنها بعد ذلك اشتملت علي وحين رزقتني دعتني شموائيل وهو إذا عرب السموأل وكناني أبي أبا نصر وهي كنية جدي وشغلنى أبي بالكتابة بالقلم العبري ثم بعلوم التوراة وتفاسيرها حتى أحكمت علم ذلك عند كمال السنة الثالثة عشرة من مولدي فشغلني حينئذ بتعلم الحساب الهندي وحل الزيجات عند الشيخ الأستاذ أبي الحسن بن الدسكري وقراءة علم الطب على الفيلسوف أبي البركات هبة الله بن على والتأمل في علاج الأمراض ومشاهدة ما يتفق من الأعمال الصناعية في الطب والمعالجات التي يعالجها خالي أبو الفتح بن البصري فأما الحساب الهندي والزيج فإني أحكمت علمهما في أقل من سنة وذلك حين كمل لي أربع عشرة سنة وأنا في خلال ذلك لا أقطع القراءة في الطب ومشاهدة علاج الأمراض ثم قرأت الحساب الديواني وعلم المساحة على الشيخ أبي المظفر الشهرزوري وقرأت الجبر والمقابلة أيضا عليه وترددت إلى الأستاذ أبي الحسن بن الدسكري وأبي الحسن بن النقاش لقراءة الهندسة حتى حللت المقالات التي كانا يحلانها من إقليدس وأنا في خلال ذلك متشاغل بالطب حتى استوعبت ما عند من ذكرته من الاستاذين من هذه العلوم وبقى بعض كتاب إقليدس وكتاب الواسطى في الحساب وكتاب البديع في الجبر والمقابلة للكرخى لا أجد من يعرف منه شيئا وغير ذلك من العلوم الرياضية مثل كتاب شجاع بن أسلم في الجبر والمقابلة وغيره وكان بي من الشغف بهذه العلوم والعشق لها ما يلهيني عن المطعم والمشرب إذا فكرت في بعضها فخلوت بنفسي في بيت مدة وحللت جميع تلك الكتب وشرحتها ورددت على من أخطأ من واضعيها وأظهرت أغلاط مصنفيها وعزمت على ماعجزوا عن تصحيحه وتحقيقه وأزريت على إقليدس في ترتيب أشكال كتابه بحيث أمكنني إذا غيرت نظام أشكاله أن استغنى عن عدة منها لا يبقى إليها حاجة بعد أن كان كتاب إقليدس معجزا لسائر المهندسين إذ لم يحدثوا أنفسهم بتغيير نظام أشكاله ولا بالاستغناء عن بعضها كل ذلك في هذه السنة أعنى الثامنة عشرة من مولدي واتصلت تصانيفي في هذه العلوم منذ تلك السنة وإلى الآن وفتح الله علي كثيرا مما ارتج على من سبقني من الحكماء المبرزين فدونت ذلك لينتفع به من يقع إليه وفي خلال ذلك ليس لي مكسب إلا بصناعة الطب وكان لي منها أوفر حظ إذا أعطاني الله من التأييد فيها ما عرفت به كل مرض يقبل العلاج من الأمراض التي لا علاج لها فما عالجت مريضا إلا وعوفي وما كرهت علاج مريض إلا وعجز عن علاجه سائر الأطباء وكفوا عن تدبيره فالحمد لله على جزيل نعمته وعظيم فضله واتضح لي بعد مطالعة ما طالعته من الكتب التي بالعراق والشام وآذربيجان وكوهستان الطريق إلى استخراج علوم كثيرة واختراع أدوية لم أعرف أني سبقت إليها مثل الدرقاق الذي وسمته بالمخلص ذي القوة النافذة وهو يبرئ من عدة أمراض عسيرة في بعض يوم وغيره من الأدوية التي ركبتها مما فيه منافع وشفاء للناس بإذن الله تعالى وقد كنت قبل اشتغالي بهذه العلوم وذلك في السنة الثانية عشرة والثالثة عشرة مشغوفا بالأخبار والحكايات شديد الحرص على الاطلاع على ما كان في الزمان القديم والمعرفة بما جرى في القرون الخالية فاطلعت على التصانيف
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/482)
المؤلفة في الحكايات والنوادر على اختلاف فنونها ثم انتقلت من ذلك إلى محبة الأسمار والخرافات الطوال ثم إلى الدواوين الكبار مثل ديوان أخبار عنتر وديوان ذى الهمه والبطال والبطال وأخبار الإسكندر ذي القرنين وأخبار
العنقاء وأخبار الطرف بن لوذان وغير ذلك ثم إني لما طالعت ذلك اتضح لي أن أكثره من تأليف المؤرخين فطلبت الأخبار الصحيحة فمالت همتي إلى التواريخ فقرأت كتاب أبي على بن مسكويه الذي سماه تجارب الأمم وطالعت تاريخ الطبري وغيرهما من التواريخ فكانت تمر بي في هذه التواريخ أخبار النبي وغزواته وما أظهر الله له من المعجزات وما خصه به من الكرامات وحباه به من النصر والتأييد في غزوة بدر وغزوة خيبر وغيرهما وقصة منشئه في اليتم والضعف ومعاداة أهله له وإقامته فيما بين أعدائه يجاهدهم بإنكار دينهم عليهم والدعوة إلى دينه مدة طويلة وسنين كثيرة إلى أن أذن الله له في الهجرة إلى دار غيرها وما جرى للأعداء الذين جاهدوه من النكبات ومصرعهم بين يديه بسيوف أوليائه ببدر وغيرها وظهور الآية العجيبة في هزيمة الفرس ورستم الجبار معهم في ألوف كثيرة على غاية من الحشد والقوة بين يدى سعد بن أبي وقاص وهم في فئة يسيرة على حال من الضعف ومدائن كسرى أنو شروان وانكسار الروم وهلاك عساكرهم على يدي أبي عبيدة بن الجراح رحمة الله عليه ثم سياسة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وعدلهما وزهدهما ذلك فإني كنت لكثرة شغفي بأخبار الوزراء والكتاب قد أكتسبت بكثرة مطالعتي لحكاياتهم وأخبارهم وكلامهم قوة في البلاغة ومعرفة بالفصاحة وكان لي في ذلك ما حمده الفصحاء وتعجب به البلغاء وقد يعلم ذلك مني من تأمل كلامي في بعض الكتب التي ألفتها في أحد الفنون العلمية فشاهدت المعجزة التي لاتباريها الفصاحة الآدمية في القرآن فعلمت صحة إعجازة ثم إني لما هذبت خاطري بالعلوم الرياضية ولاسيما الهندسية وبراهينها راجعت نفسي في اختلاف الناس في الأديان والمذاهب وكان أبر المحركات لي في البحث عن ذلك مطالعتي كتاب برذويه الطيب من كتاب كليلة ودمنة وما وجدت فيه فعلمت أن العقل حاكم يجب تحكيمه على كليات أمور عالمنا هذا إذا لولا أن العقل أرشدنا إلى اتباع الأنبياء والرسل وتصديق المشايخ والسلف لما صدقناهم في سائر ما تلقيناه عنهم وعلمت أنه إذا كان اصل التمسك بالمذاهب الموروثة عن السلف وأصل اتباع الأنبياء مما أدى إليه العقل فإن تحكيم العقل على كليات جميع ذلك واجب وإذا نحن حكمنا العقل على ما نقلناه عن الآباء والأجداد علمنا أن النقل عن السلف ليس يوجب العقل قبوله من غير امتحان لصحته بل بمجرد كونه مأخوذا عن السلف لكن من أجل أنه يكون أمرا ذا حقيقة في ذاته والحجة موجودة بصحته فأما الأبوة والسلفية وحدهما فليستا بحجة إذ لو كانتا حجة لكانتا أيضا حجة لسائر الخصوم الكفار كالنصارى فإنهم نقلوا عن أسلافهم أن عيسى ابن الله وأنه الرازق المانع الضار النافع فإن كان تقليد الآباء والأسلاف يدل على صحة ما نقل عنهم فإن ذلك يلزم منه الإقرار بصحة مقالة النصارى ومقالة المجوس
وإن كان هذا التقليد لأسلاف اليهود خاصة دون غيرهم من الأمم فلا يقبل منه ذلك إلا أن يأتوا بدليل على أن آباءهم كانوا أعقل من آباء الأمم وأسلافهم فإن اليهود ادعت ذلك في حق آبائها وأسلافها فجميع أخبار أسلافهم ناطقة بتكذيبهم في ذلك وإذا تركنا التعصب لهم فنحن نجعل لآبائهم أسوة بسائر آباء غيرهم من الأمم فإذا كانت آباء النصارى وغيرهم قد نقلو عن آبائهم الكفر والضلال الذي تهرب العقول منه وتنفر الطباع السليمة عنه فليس بممتنع أن يكون ما نقله اليهود عن آبائهم أيضا بهذه الصفة فلما علمت أن اليهود لهم أسوة بغيرهم فيما نقلوه عن الآباء والأسلاف علمت أنه ليس بأيديهم حجة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/483)
صحيحة بنبوة موسى إلا شهادة التواتر وهذا التواتر موجود لعيسى ومحمد كوجوده لموسى عليهم السلام أجمعين فإن كان التواتر يفيد تصديقا فالثلاثة صادقون ونبوتهم معا صحيحة وعلمت أيضا أني لم أر موسى بعيني ولم أشاهد معجزاته ولا معجزات غيره من الأنبياء عليهم السلام ولولا النقل وتقليد الناقلين لما عرفنا شيئا من ذلك فعلمت أنه لا يجوز للعاقل أن يصدق بواحد ويكذب بواحد من هؤلاء الأنبياء عليهم السلام لأنه لم ير أحدهم ولا شاهد أحواله إلا بالنقل وشهادة التواتر موجودة لثلاثتهم فليس من العقل ولا من الحكمة أن يصدق أحدهم ويكذب الباقون بل الواجب عقلا إما تصديق الكل وإما تكذيب الكل فأما تكذيب الكل فإن العقل لا يوجبه أيضا لأنا إنما نجدهم قد أتوا بمكارم الأخلاق وندبوا إلى الفضائل ونهوا عن الرذائل ولأنا نجدهم ساسوا العالم بسياسة بها صلاح حال أهله فصح عندي بالدليل القاطع نبوة المسيح والمصطفى وآمنت بهما فمكثت برهة أعتقد ذلك من غير أن التزم الفرائض الإسلامية مراقبة لأبي وذلك أنه كان شديد الحب لي قليل الصبر عني كثير البر بي وكان قد أحسن تربيتي إذا شغلني منذ أول حداثتي بالعلوم البرهانية وربي ذهني وخاطري في الحساب والهندسة العلمين اللذين مدح أفلاطون عقل من يتربى ذهنه في النظر فيهما فمكثت مدة طويلة لا يفتح على وجه الهداية ولا تنحل عني هذه الشبهة وهي مراقبة أبي إلى أن حالت الأسفار بيني وبينه وبعدت داري عن داره وأنا مقيم على مراقبته والتذمم من أن أفجعه بنفسي وحان وقت الهداية وجاءتني الموعظة الإلهية برؤيتي للنبي في المنام ليلة الجمعة تاسع ذي الحجة سنه ثمان وخمسين وخمسائة وكان ذلك بمراغة من آذربيجان وهذا شرح ما رأيت:
المنام الأول
رأيت كأني في صحراء فيحاء مخضرة الأرجاء يلوح من شرقيها شجرة عظيمة والناس يهرعون إلى تلك الشجرة فسألت بعضهم عن حال الناس فقال إن تحت الشجرة شموائيل النبي جالس والناس يسلمون عليه فسررت بما سمعته وقصدت الشجرة فوجدت في ظلها شيخا جسيما بهيا وقورا شديد بياض الشعر عظيم الهيبة بيده كتاب ينظر فيه فسلمت عليه وقلت بلسان عربي السلام عليك يانبي الله فالتفت إلى مبتسما وهش إلي وقال وعليك السلام يا شريكنا في الاسم اجلس لنعرض عليك أمرا فجلست بين يديه فدفع إلي الكتاب الذي بيده وقال اقرأ ما تجده بين يديك فوجدت بين يدي هذه الآية من التوراة: (نابي أقيم لاهيم مقارب أحيهم كاموخا إيلاويشماعون) تفسيره نبيا أقيم لهم من وسط أخوتهم مثلك به فليؤمنوا
-------------------------------------------------------------
(ما بين السطرين زيادة من عندي: قمت البحث عن هذه النبوءة في كتاب المقدس المعتمد عند النصارى والذي يضم العهد القديم والجديد فوجدت هذه النبوءة في سفر التثنية كما في توراة اليهود مع اختلاف طفيف في الترتيب)
(أُقِيمُ لَهُمْ نَبِيًّا مِنْ وَسَطِ إِخْوَتِهِمْ مِثْلَكَ، وَأَجْعَلُ كَلاَمِي فِي فَمِهِ، فَيُكَلِّمُهُمْ بِكُلِّ مَا أُوصِيهِ بِهِ سفر التثنية: 18)
-------------نكمل مع قصة السموأل بقلمه--------------
وهذه مناجاة من الله عز و جل لموسى وكنت أعرف أن اليهود يقولون إن هذه الآية نزلت في حق شموائيل النبي لأنه كان مثل موسى يعنون أنه كان من سبط ليوى وهو السبط الذي كان منه موسى فلما وجدت بين يدي هذا الآية من التوراة قرأتها وظننت أنه يذهب إلى الافتخار بأن الله تعالى ذكره في التوراة وبشر به موسى عليه السلام فقلت هنيئا لك يا نبي الله ما خصك الله به من هذه المنزلة فنظر إلي مغضبا وقال أو إياي أراد الله بهذا يا ذكيا ما أفادتك إذا البراهين الهندسية فقلت يا نبي الله فمن أراد الله بهذا
قال الذي أراد به في قوله هو فيع ميهار فاران وتفسيره إشارة إلى نبوة وعد بنزولها على جبال فاران فلما قال لي ذلك عرفت أنه يعني المصطفى لأنه المبعوث من جبال فاران وهي جبال مكة لأن التوراة ناطقة نصا بأن فاران مسكن آل إسماعيل وذلك قول التوراة ويشب بمد نار فاران تفسيره وأقام في برية فاران يعني إسماعيل ولد إبراهيم الخليل عليهما السلام ثم إنه عاد والتفت إلى وقال وأما علمت أن الله لم يبعثنى بنسخ شيء من التوراة وإنما بعثنى لأذكرهم بها وأحيي شرائعها وأخلصهم من أهل فلسطين
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/484)
فقلت بلى يا نبي الله قال فأي حاجة لهم إلى أن يوصيهم ربهم باتباع من لم ينسخ دينهم ولم يغير شريعتهم أرأيتهم احتاجوا إلى أن يوصيهم بقبول نبوة دانيال أو أرميا أو حزقيل فقلت لا لعمري لم يحتج إلى ذلك
ثم أخذ المصحف من يدي وانصرف مغضبا فارتعت لغضبه وازدجرت لموعظته واستيقظت مذعورا فجلست وكان وقت السحر والمصباح يقد في غاية استنارته فتذكرت المنام جميعه فإذا أنا قد تخيلته لا يذهب علي منه شيء فعلمت أن ذلك لطف من الله سبحانه وتعالى وموعظة لإزالة الشبهة التي كانت تمنعني من إعلان كلمة الحق والتظاهر بالإسلام فتبت إلى الله من ذلك واستغفرته وأكثرت من الصلاة على رسول الله المصطفى.
وأسبغت الوضوء وصليت عدة ركعات لله عز و جل وأنا شديد الفرح والسرور بما قد انكشف لي من الهداية ثم جلست مفكرا فغلب على النوم عند تفكري ونمت
المنام الثاني
فرأيت كأني جالس في سكة عامرة لا أعرفها إذ أتاني آت عليه ثياب المتصوفة وزي الفقراء فلم يسلم علي لكنه قال أجب رسول الله فهبته وقمت معه مسرورا مسرعا مستبشرا بلقاء النبي فسار بين يدي وأنا من ورائه حتى انتهى إلى باب دار فدخله واستدخلني فدخلت وراءه وسرت خلفه في دهليز طويل قليل الظلمة إلا أنه مظلم فلما انتهيت إلى طرف الدهليز وعلمت أنه قد حان إشراف النبي هبت لقاءه هيبة شديدة فأخذت في الاستعداد للقائه وسلامه وذكرت أني كنت قد قرأت في أخباره أنه كان إذا لقي في جماعة قيل سلام عليكم ورحمة الله وبركاته وإذا لقي وحده قيل السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته فعزمت على أني أسلم عليه سلاما عاما لتدخل الجماعة في السلام لأني رأيت ذلك كأنه الأولى والأليق
ثم أشرفت على صحن الدار وكان مقابل الدهليز مجلس طويل وعن يسرة الداخل مجلس آخر وليس في الدار غير هذين المجلسين وفي كل واحد من المجلسين رجلان لا أحقق الآن صور أولئك الرجل إلا أني أظن أكثرهم كانوا شبانا لكنهم كانوا كالمتهيئين للسفر فمنعهم من يلبس ثيابا للسفر وأسلحتهم قريبة منهم ورأيت رسول الله قائما فيما بين المجلسين أعني في الزاوية التي في ذلك الركن من أركان الصحن وكأنه قد كان في شغل وقد فرغ منه وانقلب عنه ليشرع في غيره ففجأته بالدخول عليه قبل شروعه في غيره وكان لا بسا ثيابا بيضا وعمامته معتدلة اللطافة وعلى عنقه رداء أبيض حول عنقه وهو معتدل القامة نبيل جسيم معتدل اللون بين البياض والحمرة واليسير من السمرة أسود الحاجبين والعينين وشعر محاسنه نصف كأنه شعره وشعره ومحاسنه أيضا معتدلة بين الطول والقصر ولما دخلت عليه ورأيته التفت إلى ورآني فأقبل علي مبتسما وهش إلى جدا فذهلت لهيبته عما كنت قد عزمت عليه من السلام فسلمت سلاما خاصا فقلت السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته وألغيت الجماعة فلم ألتفت ببصري وقلبي إلا إليه فقال وعليك السلام ورحمة الله وبركاته ولم يكن بين تسليمي عليه وبين سعيي إليه توقف ولازمان بل جريت إليه مسرعا وأهويت بيدي إلي يده ومد يده الكريمة إلي فأمسكتها بيدي وقلت أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله وذلك أنه خطر بقلبي أن النجاة منهم من زعم أن الأسماء الأعلام هي أعرف المعارف ومنهم من يقول إن الأسماء المضمرة هي أعرف المعارف وهو الصحيح لأن الكاف من قولي أنك لا يشارك المخاطب فيه أحد لأنها لا تقع إلا عليه وحده فرأيته قد ملئ ابتهاجا ثم جلس في الزاوية التي بين المجلسين وجلست بين يديه وقال تأهب للمسير معنا إلى غمدان للغزاة
فلما قال ذلك وقع في نفسي أنه يعني المدينة العظمى التي هي كرسي ملك وأن الإسلام لم يستول عليها بعد وكنت قد قرأت قبل ذلك أن الطريق الأقرب المسلوك إلى الصين في البحر الأخضر وهو أشد البحار أهوالا وأعظمها أخطارا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/485)
فلما سمعت ذلك القول من النبي خفت من ركوب البحر وقلت في نفسي إن الحكماء لا يركبون البحار فكيف أركب البحر ثم قلت في نفسي أيضا من غير توقف يا سبحان الله أنا قد آمنت بهذا النبي وبايعته أفيأمرني بأمر ولا أتابعه فإذا أي مبايعة تكون مبايعتي له وعزمت على السمع والطاعة ثم وقع لي خاطر آخر وقلت إذا كان معنا رسول الله وأصحابه فإن البر والبحر يكونان مسخرين لنا ولا خوف علينا من سائر الأخطار وطاب قلبي بذلك وحسن يقيني وقبولي وأنا أذكر أن هذه الأفكار والخواطر ظهرت لي وأنا بين يدي النبي في غير زمان أعنى من غير توقف يستبطئني به عن إجابته فما كان بأسرع من ان قلت له سمعا وطاعة يا رسول الله فقال على خيرة الله تعالى فقمت بين يديه وخرجت فما وجدت في الدهليز الظلمة التي كانت فيه عند الدخول فلما خرجت من الدار ومشيت قليلا وجدت كأني في سوق مراغة فيما بين الصيارف وبين المدرسة القضوية وكأني أرى ثلاثة نفر عليهم زي المتصوفة وثياب الزهاد
ومنهم من على بدنه صدرة صوف خشن أسود وعلى رأسه مئزر من جنسها وبيده قوس ملفوفة في لباد خلق وبيده الأخرى حربة نصابها من سعف النخل والآخر متقلد سيفا غمده من خوص النخل لأنه كان قد انطبع في خيالي منذ كنت صغيرا حين قرأت أخبار ظهور دولة الإسلام كيف كان أصحاب النبي ضعفاء فقراء وليس لهم من الآلات إلا شبيها بما ذكرنا وأنهم كانوا مع ذلك ينصرون على الجيوش الكثيفة والخيول العديدة ذوى الشوكة القوية فلما رأيت النفر الثلاثة قلت هؤلاء هم المجاهدون والغزاة هؤلاء أصحاب النبي مع هؤلاء أسافر وأغزو وكانت الدمعة تبدر من عيني في النوم لفرط سروري بهم وغبطني إياهم ثم استيقظت والصبح لم يسفر بعد فأسبغت الوضوء وصليت الفجر وأنا شديد الحرص على إشهار كلمة الحق وإعلان الانتقال إلى دين الإسلام وكنت حينئذ بمراغة من آذربيجان في ضيافة الصاحب الأمجد فخر الدين عبد العزيز بن محمود بن سعد بن علي بن حميد المضرى رحمة الله عليه
وكان قد ابتلى بمرض قد عافاه الله منه ولى به أنس متقدم فدخلت إليه في أوائل نهار الجمعة المذكور يومئذ وعرفته أن الله قد رفع الحجاب عني وهداني فما أعظم استبشاره يومئذ بذلك وقال الله إن هذا الأمر مازلت أتمناه وأترجاه وطالما قد حاورت قاضي القضاة صدر الدين في ذلك وكنا جميعا نتأسف على علومك وفضائلك أن لا تكون إسلامية فالحمد لله على ما ألهمك به من صلاح وهداية وعلى استجابته دعاءنا في ذلك فقل لي كيف فتح الله ذلك عليك وسهله بعد إرتاجه وامتناعه فقلت ذلك أمر أوقعه الله في نفسي بالإلهام والفكر ودليله العقلي وبرهانه قد كنت قديما أعرفه ودليله في التوراه إلا أني كنت أراقب أبي وأكره أن أفجعه بنفسي تذمما من الله تعالى والآن قد زالت عني هذه الشبهة مد يدك فأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله فقام الصاحب لفرط سروره قائما واهتز فرحا وكان قبل ذلك لا يقوم إلا بالتكلف وغاب عني واستجلسني إلى عودته وأفاض علي من الملابس أجلها وحملني من المراكب على أنبلها وأمر خواصه بالسعي إلى الجامع بين يدي وكان الصاحب قد تقدم إلى الخطيب وأمره بالتأخير والتوقف إلى وقت حضوري في المسجد لأن الوقت ضاق إلى أن فرغ الخياطون من خياطة الجبة التي أمر الصاحب بتفصيلها فسرت إلى الجامع والجماعة في انتظاري وارتفع التكبير من جماعة أهل المسجد حيف أشرفت عليهم وارتج المسجد الجامع من صلاتهم على رسول الله ثم رقى الخطيب المنبر ووعظ الناس القاضي صدر الدين ملك الوعاظ أبو بكر محمد بن عبد الله ابن عبد الرحيم بن لل وأطنب في مدحي وإحماد ما أيدني الله به من التيقظ والهداية وبالغ في ذلك مبالغة تجاوز حد الوصف وكان أكثر المجلس متعلقا بي وفي عشية ذلك اليوم أعني عيد النحر ابتدأت بتحرير الحجج المفحمة لليهود وألفتها في كتاب وسميته بإفحام اليهود واشتهر ذلك الكتاب وطار خبره وانتسخ مني في عدة بقاع نسخ كثيرة بالموصل وأعمالها وديار بكر والعراق وبلد العجم ثم أضفت إليه بعد وقت فصولا كثيرة من الاحتجاج على اليهود من التوراة حتى صار كتابا بديعا لم يعمل في الإسلام مثله في مناظرة اليهود البتة وأما المنام الأول والمنام الثاني فإني لم أذكرهما للصاحب ولا لغيره من أهل مراغة إلى انقضاء أربع سنين من أوان رؤيتهما.
وكان ذلك لشيئين أحدهما أني كرهت أن أذكر أمرا لا يقوم عليه البرهان فربما يسرع خاطر من يسمعه إلى تكذيبه لأنه أمر نادر قليلا ما يتفق إذا كان العاقل يكره أن يعرض كلامه للتكذيب سرا أو علانية
والثاني أني كرهت أن يصل خبر المنامين إلى من يحسدني في البلاد على ما فضلني الله به من العلم والحرمة فيجعل ذلك طريقا إلى التشنيع علي والإزراء على مذهبي فيقول إن فلانا ترك دينه لمنام رآه وانخدع لأضغاث أحلام فأخفيت ذلك إلى أن اشتهر كتاب إفحام اليهود وكثرت نسخه وقرأه على جماعة كثيرة من الناس فلما تحقق الناس أعني أن التقالي من مذهب اليهود إنما كان بدليل وبرهان وحجج قطعية قطعية عرفتها وأني كنت أخفي ذلك ولا أبوح به مدة مراقبة لأبي وبرا به فحينئذ أظهرت قصة المنامين وأوضحت أنهما كانا موعظة من الله تعالى وتنبيها على ما يجب تقديمه ولا يحل لي تأخيره بسبب والد أو غيره وكتبت كتابا إلى أبي إلى حلب وأنا يومئذ بحصن كيفا وأوضحت له في ذلك الكتاب عدة حجج وبراهين مما أعلم أنه لا ينكره ولا يقدر على إبطاله وأخبرته أيضا بخبر المنامين فانحدر إلى الموصل ليلقاني وفاجأه مرض جاءه بالموصل فهلك فيه فليعلم الآن من يقرأ هذه الأوراق أن المنام لم يكن باعثا على ترك المذهب الأول فأن العاقل لا يجوز أن ينخدع عن أحواله بالمنامات والأحلام من غير برهان ولا دليل
لكنني كنت قد عرفت قبل ذلك بزمان طويل الحجج والبراهين والأدلة على نبوة سيدنا محمد فتلك الحجج والبراهين هي سبب الانتقال والهداية وأما المنام فإنما كانت فائدته الانتباه والازدجار من التمادي في الغفلة والتربص بإعلان كلمة الحق بعد هذا ارتقابا لموت أبي فالحمد لله على الإسلام وكلمة الحق ونور الإيمان ونور الهداية وأسأله الإرشاد لما يرضيه بمحمد وصحبه وسلم تسليما كثيرا
انتهى كلامه من مقدمة إفحام اليهود
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/486)
ـ[إسماعيل سعد]ــــــــ[13 - 08 - 08, 12:57 م]ـ
جزاكم الله خيراً أخي الكريم، ونفع الله بك، فلقد أفادت هذه القصة إفادة عظيمة، ولعلي قد أخذت منها بعض الدروس.
ـ[إسماعيل سعد]ــــــــ[13 - 08 - 08, 01:29 م]ـ
وأستأذنكم في أن أنقل الموضوع إلى منتدى آخر لتعم الفائدة، وسوف أنسبه إليكم وأنقله بحرفيته.
ـ[أبو عبد البر المالكي]ــــــــ[13 - 08 - 08, 06:36 م]ـ
جزاكم الله خيرا ...
ـ[أبو سلمى المغربي]ــــــــ[13 - 08 - 08, 07:34 م]ـ
وأستأذنكم في أن أنقل الموضوع إلى منتدى آخر لتعم الفائدة، وسوف أنسبه إليكم وأنقله بحرفيته.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, بارك الله فيك وأحسن الله إليك أخي الحبيب.
ليس شرطا أن تستأذنني ولا أن تذكر اسمي فما أنا إلا ناقل من كتاب إفحام اليهود, يكفيك أن أن تذكر مصدر القصة وهي في مقدمة كتاب إفحام اليهود فحسب, وليكن في علمك أن بعض الطبعات من كتاب إفحام اليهود لا تجد في مقدمتها قصة إسلامه كما عندي في كتاب مطبوع
وإنما القصة موجود في مقدمة طبعة: دار الجيل - بيروت الطبعة الثالثة 1990. تحقيق: د. محمد عبد الله الشرقاوي
-------------------------------------------------------
تأمل قصة تسمية أمه له بشموائيل الذي كان نبيا من بني إسرائيل (تعريبه سموائيل) وهناك عدة صيغ لتعريب الاسم في كتب التفسير.
وحسب ما رجحه بعض المفسرين فإن شموائيل النبي هو المقصود في سورة البقرة في قول الله تعالى:
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ}
كما في تفسير ابن كثير عن مجاهد: هو شمويل عليه السلام وفي تفسير الآلوسي: قال أبو عبيدة: هو أشمويل بن حنة
----------------------قال شموائيل بن يحيى------------------------
وكان اسم أمي باسم أم شموائيل النبي عليه السلام وكان هذا النبي قد ولد بعد أن مكثت أمه عاقرا لا ترزق ولدا ولا تحمل عدة سنين حتى دعت ربها في طلب ولد يكون ناسكا لله ودعا لها رجل صالح من الأئمة يقال له عيلى فرزقت شموائيل النبي وذلك كله مشروح في أوائل سفر شموائيل النبي فمكثت أمي عند أبي مدة لا ترزق ولدا حتى استشعرت العقم فرأت في منامها أنها تتلو مناجاة حنة أم شموائيل لربها فنذرت أنها إن رزقت ولدا ذكرا تسميه شموائيل لأن اسمها كان باسم ام شموائيل فاتفق أنها بعد ذلك اشتملت علي وحين رزقتني دعتني شموائيل وهو إذا عرب السموأل وكناني أبي أبا نصر وهي كنية جدي وشغلنى أبي بالكتابة بالقلم العبري ثم بعلوم التوراة وتفاسيرها حتى أحكمت علم ذلك عند كمال السنة الثالثة عشرة
----------------------------------------------------------------------
ـ[إسماعيل سعد]ــــــــ[14 - 08 - 08, 01:39 م]ـ
جزاكم الله خيراً وأحسن إليكم.
ـ[أبو سلمى المغربي]ــــــــ[14 - 08 - 08, 04:20 م]ـ
وإياك أخي الكريم
ـ[صخر]ــــــــ[14 - 08 - 08, 04:46 م]ـ
جزاك الله خيرا .. شكرا أخي الحبيب ..
ـ[أبو حفص ماحية عبد القادر]ــــــــ[27 - 08 - 08, 11:08 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .............. بارك الله فيك و جزاك الحسنى و ختم لك بالصالحات.
قصة مفيدة.
لكن هل لك أن تفيدنا بهذا الكتاب أو بملخصات له إن أمكنك.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
ـ[أبو سلمى المغربي]ــــــــ[20 - 10 - 08, 03:38 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .............. بارك الله فيك و جزاك الحسنى و ختم لك بالصالحات.
قصة مفيدة. لكن هل لك أن تفيدنا بهذا الكتاب أو بملخصات له إن أمكنك.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
تفضل أخي حمله من هنا بضيغة الشاملة
http://islamport.com/isp_eBooks/aqd/e-Books/2493.rar
ـ[أبو سلمى المغربي]ــــــــ[31 - 10 - 08, 12:41 م]ـ
للرفع(146/487)
سمعتكم قديماً طيّبة يا أهل نابلس، أما زلتم تحافظون على هذا الهدي النبوي؟
ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[13 - 08 - 08, 06:31 م]ـ
قال ابن العربي المالكي (ت 543 هـ) في أحكام القرآن (3/ 1535/ سورة الأحزاب-آية 33):
ولقد دخلتُ نيّفاً على ألف قرية من البرّيّة، فما رأيتُ نساءً أصون عيالاً، ولا أعف نساءً من نساء نابلس التي رُمِي فيها الخليل - عليه السلام - بالنار، فإني أقمتُ فيها أشهراً، فما رأيتُ امرأةً في طريق، نهاراً، إلاّ يوم الجمعة، فإنهنّ يخرجن إليها حتى يمتلئ المسجد منهنّ، فإذا قُضِيَت الصلاة، وانقلبن إلى منازلهن، لم تقع عيني على واحدة منهن إلى الجمعة الأخرى، وسائر القرى تُرى نساؤها متبرّجات بزينة وعطلة، متفرّقات في كلّ فتنة وعُطلة. اهـ.
نقله الشيخ مشهور سلمان في "قصص لا تثبت" (9/ 107)، وقال: ونقله عنه القرطبي في "أحكام القرآن" (14/ 181).
فسمعة نسائكم قديماً طيّبة يا أهل نابلس، أما زلن يحافظن على هذا الهدي النبوي؟
ـ[محمد براء]ــــــــ[19 - 08 - 08, 04:51 م]ـ
جزاك الله خيراً
نساء نابلس، ودرس بليغ في الستر: ( http://http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=84994)
ـ[أم جمال الدين]ــــــــ[19 - 08 - 08, 05:06 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لستُ من نساء نابلس (للأسف)
ولكن أظنّ أن الأخ (المرداوي) يستطيع أن يخبرنا بشأنهنّ فهو من قرى نابلس ..
وأظنّ أنّ نابلس حظيت بما لم تحظَ به طبريّا ... فتلكَ قيل عنها كلام لو قرأه العاقل، لما آثر الخروج إليها على البقاء في البيت!!
ـ[العوضي]ــــــــ[19 - 08 - 08, 11:06 م]ـ
بارك الله فيك أخي الكريم على هذا النقل
وحقيقة اتمنى زيارة فلسطين والصلاة في المسجد الأقصى , أسأل الله أن يحررها من اليهود
ـ[محمود غنام المرداوي]ــــــــ[19 - 08 - 08, 11:47 م]ـ
أخوتي اعلموا يا رعاكم الله أن حال نابلس اليوم يختلف عن سالفه، مع طيب أهلها حتى الآن، فأهلها يكرمون الضيف، و يعطون كل ذي حق حقه، و يحبون أهل الدين و الصلاح، الا اللمم منهم، و ما أكثرهم!!! و أما عن التبرج، فقد ملأ أرض نابلس، و الفتن قد هاجت و ماجت فيها من بداية الستينات من القرن المنصرم، فيحدثني أحد كبار السن، و لا يزال على قيد الحياة أن والدته رحمها الله لم تكن تكشف وجهها على أخيها، الا أن الحال الآن يختلف، و هناك الكثير من الأخوات محافظات على الحجاب، و هناك ما يزيد عن ألف حافظة لكتاب الله من على أرض نابلس، و ان دل ذلك فانما يدل على الخير العظيم الذي يقيم فيها، و سأوافيكم بأخبار اخرى عندما يسمح لنا الوقت بذلك ان شاء الله، هذا و الله الموفق.
محمود غنام المرداوي
ـ[محمود غنام المرداوي]ــــــــ[21 - 08 - 08, 01:24 ص]ـ
قال ابن العربي المالكي (ت 543 هـ) في أحكام القرآن (3/ 1535/ سورة الأحزاب-آية 33):
ولقد دخلتُ نيّفاً على ألف قرية من البرّيّة، فما رأيتُ نساءً أصون عيالاً، ولا أعف نساءً من نساء نابلس التي رُمِي فيها الخليل - عليه السلام - بالنار، فإني أقمتُ فيها أشهراً، فما رأيتُ امرأةً في طريق، نهاراً، إلاّ يوم الجمعة، فإنهنّ يخرجن إليها حتى يمتلئ المسجد منهنّ، فإذا قُضِيَت الصلاة، وانقلبن إلى منازلهن، لم تقع عيني على واحدة منهن إلى الجمعة الأخرى، وسائر القرى تُرى نساؤها متبرّجات بزينة وعطلة، متفرّقات في كلّ فتنة وعُطلة. اهـ.
نقله الشيخ مشهور سلمان في "قصص لا تثبت" (9/ 107)، وقال: ونقله عنه القرطبي في "أحكام القرآن" (14/ 181).
فسمعة نسائكم قديماً طيّبة يا أهل نابلس، أما زلن يحافظن على هذا الهدي النبوي؟
سمعتنا طيبة نحن أهل نابلس و لله الحمد.
ـ[أبو هداية]ــــــــ[22 - 08 - 08, 01:35 ص]ـ
أسأل الله عزوجل أن يؤلف بين قلوب المسلمين
ـ[النذير1]ــــــــ[23 - 08 - 08, 01:37 ص]ـ
الصحيح أن نساء نابلس المستقيمات العفيفات وهن كثيرات من خير النساء لأزواجهن وخاصة من جهة حسن التبعل، وإعفاف الزوج
ـ[نضال دويكات]ــــــــ[23 - 08 - 08, 02:06 ص]ـ
نابلس مدينتي الحبيبة اعيش في طرف من اطرافها وادرس اليوم في مدارسها ودرست سابقا فيها
وعن حالها اليوم ففيها طرفي النقيض كما يقولون فمن جهة
إزداد الوعي الإسلامي فيها عن فترة الثمانينيات حيث كان ينتشر الفكر الشيوعي
فهي اليوم تعتبر من معاقل الإسلام والمجاهدين وفيها المئات من حفظة كتاب الله من الجنسين
وتنتشر فيها دور القران في كل مساجدها وفيها عشرات الوعاظ والواعظات وأزاد فيها عدد المحجبات والمنقبات الى حد كبير والحمد لله وقدمت مئات الشهداء والاسرى في جهادها ضد المحتل الغاصب
ومن جهة أخرى يظهر لمن يزورها وخاصة نهارا أثناء التجول في الأسواق والشوارع العامة العدد الكبير من المتبرجات اللواتي يحضرن للتبضع من أسواق نابلس الشهيرة والمعروفة(146/488)
زكي المحاسني .. المربِّي الأديب والشَّاعر النَّاقد
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[14 - 08 - 08, 12:30 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين , الرحمن الرحيم , مالك يوم الدين
اللهم صلّ وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
زكي المحاسني .. المربِّي الأديب والشَّاعر النَّاقد
إعداد: أحمد بن محمود الداهن
لمحاتٌ من حياته:
مولده ونشأته:
ولد زكي المحاسني في دمشق سنة 1909م، وكان والدُه شكري المحاسني من كتَّاب المحكمة الشَّرعية بدمشق، وقد توفي وعُمْرُ ولدِه زكي سنتان، فأخذت الوالدة السَّيدة (سارة البحيري) ولدَها إلى دار أهلها، وبقي معها إلى أن بلغ الرَّابعة من عمره، فجيء به إلى دار عمِّه (رفيق المحاسني) الذي كفله وربَّاه، وكانت أمُّه تبكِّر إلى باب مدرسته لتراه وتطمئنَّ عليه بعد أن مُنعت من المجيء للقائه في دار عمِّه.
ولما سعت زوجةُ عمِّه في حرمانه من المدرسة ليعمل في دكَّان أحد التُّجار، لجأت أمُّه إلى عمِّه (محمد المحاسني) وكان يعمل قاضياً بدمشق، وشكت له أمر الفتى، فطيَّب خاطرها، وأمر بإدخاله مدرسة التَّجهيز التي كانت تسمى (مكتب عنبر).
انتظم الطَّالب زكي المحاسني في الدِّراسة في الصَّف السَّابع –أول الصُّفوف الثَّانوية في مكتب عنبر- ومضت سنوات الدِّراسة ولم يعرف فيها تقاعساً، فكان يرتقي من صفٍّ إلى صفٍّ أعلى بدرجاتٍ متفوِّقة، حتى اجتاز امتحان البكالورية سنة 1928م، وكان الأوَّلَ على البلاد السُّورية جمعاء، وتهيأ على إثرها لدخول المرحلة الجامعية.
اختار المحاسني كلِّية الحقوق، فقد كان الكثيرون من أسرته من القضاة والمحامين، وحصل على الإجازة الجامعية من كلِّية الحقوق بدمشق، وكان عمرُه اثنتين وعشرين سنة، وفوجئ بوفاة أمِّه ولم تتجاوز الخمسين إلا بقليل، وتأثَّر لذلك شديد التَّأثر، وظلَّ وفياً لذكراها، إذ يقول: "عشت بعدها باكياً عليها في شعري، وكانت حنوناً رؤوماً، ولن أستطيع أن أنساها حتى أموت، وإنِّي لأحيا كلَّ يومٍ ناظراً إلى محيَّاها الباسم من وراء الغروب".
حبُّه للمعرفة والثَّقافة:
أحبَّ المحاسني القراءة، وشغف بمطالعة الكتب، فكان في أثناء دراسته يبحث عن المعرفة، ويقرأ حتى يرتوي ويتبع هذا بكتابة بعض الخواطر.
وكان له اجتماع مع أقرانه من الطلاب النَّابهين في (مكتب عنبر) في منزل أحدهم -وهو مسلم بن العلامة الشيخ جمال القاسمي- إذ كان لدى والده مكتبة قيِّمة.
كما كان كثيرَ الذَّهاب إلى دار الكتب الظَّاهرية بدمشق لينهل مما تضمَّنته من كتب في الأدب والشِّعر.
شهاداته العلمية وعمله:
تخرَّج المحاسني في (مكتب عنبر) سنة 1927م، وكانت من أعظم المدارس في الشَّام، وقد تخرَّج فيها عددٌ من روَّاد الفكر العربي، ونوابغ العلم والأدب.
درس بعد ذلك في الجامعة السُّورية في كلِّيتي الآداب والحقوق، ونال شهادتي الإجازة منها في سنة 1936م، وتابع تحصيلَه العلمي، ففاز بشهادة الماجستير في الآداب من الجامعة المصرية.
وكان أوَّلَ سوريٍّ يحصل على دكتوراه الدَّولة في الآداب من جامعة القاهرة -فؤاد الأول في ذلك الوقت- وكانت أطروحته بعنوان (شعر الحرب في أدب العرب) سنة 1947م.
أما حياته العملية، فقد بدأها بالعمل في التَّدريس أستاذًا للُّغة العربية وأدبها في التَّجهيز بأنطاكية سنة 1932م، ثم في تجهيز البنين بدمشق سنة 1935، وظلَّ يعمل في التَّدريس الثانوي حتى أوفد إلى مصر لمتابعة دراسته العالية.
وفي عام 1947م، عُيِّن أستاذاً مساعداً في كلية الآداب في الجامعة السُّورية، وبقي فها حتى سنة 1952م، حين عُيِّن ملحقاً ثقافياً في السّفارة السُّورية في مصر، ومندوباً في الجامعة العربية للشُّؤون الثَّقافية.
عاد إلى دمشق سنة 1956م وشغل منصب مدير دارة التُّراث القديم والمخطوطات بوزارة الثَّقافة والإرشاد القومي حتى عام 1965م.
أُوفد بعد ذلك أستاذاً معاراً إلى الجامعة السُّعودية قسم اللُّغة العربية في مكَّة المكرَّمة وبقي حتى عام 1966م.
وبعد عودته عمل أستاذاً في الجامعة اللُّبنانية حتى سنة 1969م.
وقد كان المحاسني في مطلع حياته العملية يعمل في المحاماة بعد تخرُّجه في كلِّية الحقوق إلا أنَّ حبَّه للأدب دفعه إلى الانصراف إلى التَّدريس الجامعي والتَّأليف.
شخصيَّته:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/489)
اتَّسمت شخصيَّة المحاسني بالتَّواضع والنَّقاء والاعتزاز بالنَّفس، مع ميلٍ إلى الطَّرافة والتَّواصل الاجتماعي.
وكان صدرُه يتَّسع للكثيرين، فكان يستقبلُ في داره بالمزرعة الأصدقاءَ وغير الأصدقاء، ويبادلهم الحديث، وينصتون إلى حديثه الجذاب الذي ينمُّ عن أفقٍ واسع، وثقافةٍ عريضةٍ أصيلة، واطِّلاع كبيرٍ على الثَّقافات والآداب العالمية.
وفي بيته كان مثالاً يُحتذى للوالد الجليل الذي يعامل أولادَ أسرته بكل حنان وأبوَّة، ويتبادل معهم الآراء والأفكار.
وشخصيته السَّمحة هذه انعكست على أدبه و كتاباته، فلا تجد أيَّ أثرٍ لطعم الهجاء، بمعناه الفني، فيما خطَّ نثراً وشعراً، كما شهد بذلك الشَّاعر اللُّبناني الكبير الدكتور فوزي عطوي.
أسلوبه:
يجمع أسلوب المحاسني في الكتابة بين الجزالة وقوَّة التَّعبير والبلاغة العربية، ويتفنَّن في الأسلوب والمعنى، وقد ظهرت نفسيَّته الشَّفافة النَّقية على أسلوبه الذي اتَّسم بالوضوح في كلِّ مؤلفاته، وابتعد عن التَّصنُّع والتَّكلُّف في شعره ونثره.
يصف الباحث الأستاذ ظافرٌ القاسمي أسلوبَ المحاسني فيقول: "أقبل على الشِّعر فجوَّد فيه، وكان من فرسانه، ولو أنَّ ديوانه بين يديَّ لأيَّدت أقوالي بالكثير من روائعه، وأقبل على النَّثر فإذا هو من فحوله: أسلوبٌ قرشيٌّ صافٍ مشرق، لا ترى فيه عوجاً ولا أمتاً".
ويقول الأستاذ أنور الجندي صاحب (الموسوعة الكبرى في الأدب المعاصر) عن المحاسني ولغته: "المحاسني شاعرٌ بكلِّ معنى الكلمة، حتَّى لو كتب النَّثر أو ألَّف في الدِّراسات العقلية".
ولغة المحاسني في التَّعبير الأدبي تنمُّ عن امتلاكه موهبة الكتابة، وتمسُّكه باللُّغة العربية الفصحى.
بل إنَّ رسائله كانت أيضاً تنمُّ عن جمالٍ في اللَّفظ، وغنىً في اللُّغة، وقدرةٍ في التَّعبير بصدقٍ وأمانة.
عضويَّته في المجامع والهيئات الأدبية:
انتُخب المحاسني عضواً عاملاً في الجمعية الملكية للدِّراسات التَّاريخية بالقاهرة سنة 1952م، وكان في هذه المدة يشغل منصب الملحق الثَّقافي لسفارة الجمهورية السُّورية في مصر.
كما تمَّ تعيينه عضواً في مجمع اللُّغة العربية في القاهرة سنة 1972م تقديراً من المجمع لعلمٍ من أعلام الأدب العربي المعاصر.
وانتخب أيضاً عضواً مراسلاً في المجمع الملكي الإسباني في إسبانية سنة 1970م لعنايته بالدِّراسات الأدبية العربية ومشاركاته الشِّعرية والنَّثرية في الأدب الأندلسي.
عنايته بالتُّراث العربي:
تتجلَّى عنايته بالتُّراث العربيِّ في عمله بالتَّحقيق، وحبِّه لهذا العمل، من خلال تحقيق ديوان (الشَّريف العقيلي).
كما عمل المحاسني مديراً لإحياء التُّراث والمخطوطات في وزارة الثَّقافة السُّورية.
وقد عُني في شعره ونثره بتراثنا العربي، واهتمَّ بقضية نشره وتحقيقه على أسس علمية صحيحة، وقدَّم دراسةً وافية لتحقيق الأستاذ حسن كامل الصَّيرفي لديوان البحتري أثنى عليه فيها.
المحاسني شاعراً:
بدأ المحاسني في نظم الشِّعر وهو طالبٌ في مدرسة التَّجهيز بدمشق، وكان قد حفظ الكثير من القصائد لشعراء قدماء ومعاصرين، فأخذت تدفعُه إلى الكتابة الشِّعرية تأمُّلاتٌ فكرية وسوانح عاطفية، كانت تنبع من داخله، ومؤثِّرات خارجية تركت في نفسه أثراً.
ويعبِّر هو عن رأيه في الشِّعر فيقول: "إنَّ الشُّعور ذو عمرٍ يرافق صاحبه، فما كنت أحسُّ به وأنا في ميعة الصِّبا هو غير ما أحسُّ به الآن، ووفاق ذلك يكون دافع الشِّعر، وقد أراني مؤمناً بالتَّطور الذَّاتي، فالشَّاعر مثل النَّبات؛ ينمو ثم يزدهر ويثمر خلال هذا العمر في الصِّبا والكهولة، ويجود بما يجود به الزَّهر في الرَّبيع .. ".
وكان المحاسني مغرماً بالشِّعر العربي القديم، ومعجباً بالشَّاعر الكبير أبي الطَّيب المتنبي، كما أنَّ له عنايةً بالشِّعر الحديث وأعظم شعرائه أحمد شوقي.
ويُعدُّ المحاسني من أخصب شعراء الشَّام قريحةً وإنتاجاً، يرتجل الشِّعر أحياناً، ويقوله على البديهة والموهبة، فإذا واتاه الإلهامُ فاضت على لسانه قصائدُ بديعة، تتدفَّق بالمعاني والصُّور التي تموج بالألوان والظِّلال، بلغةٍ فصيحةٍ تضاهي قديم الشِّعر العربي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/490)
وقد نظم المحاسني في هموم الأمَّة العربية وقضاياها، وفي الملاحم، وقد بلغت قصائده من الشَّعر الملحمي إحدى وعشرين قصيدة، وفي الإخوانيات، وهي الأبيات التي تبادلها مع أصدقائه من الأدباء والشُّعراء.
ومن شعره إثر نكبة فلسطين:
ما هُزمنا لكي نموت ونفنى ونبكّي الحياةَ إنْ نحن عشنا
نحن قومٌ ما نام فينا على الضَّيـ ـم أبيٌّ ولا على الدَّهر هُنَّا
كفكف الشِّعر عن مراثي فلسطـ ـين فشعر الدِّماء أبقى وأغنى
غدُنا المرتجى كما رمتُ آتٍ بنضالٍ سيغسل العار عنَّا
ويمتاز شعر المحاسني بالنَّبرة الصَّادقة، والصِّدق في التَّعبير دونما تكلُّف أو تصنُّع في صياغة العبارة واختيار الألفاظ، يقول في قصيدته (نسيم لبنان):
يا نسمة الصُّبح من لبنان ما صنعتْ لك الشَّوامخ من شفَّاف أبرادِ؟
مررتُ بالعطر فاهتاجت مباسمُه وراح في الرَّكب لا دربٌ ولا حادي
ويكشف شعرُ المحاسني عن أسلوبٍ مشرقٍ؛ ينمُّ عن رصانة الطَّبع وصفاء النفس وشرف الخلُق، فضلاً عن الرَّزانة، يقول في قصيدة (أنطلياس):
أبيتاً بدا في قمَّة الصَّوت، غنِّني مغانيكَ ضمَّتْ كلَّ لحنٍ مرقرقِ
وقفتُ على نبعيْكَ ظمآنَ من غدٍ سيملؤني شوقاً لحلمٍ مزوَّقِ
وقد حالت ظروفٌ قاهرةٌ دون طبع ديوان المحاسني، وتوزَّع إنتاجه الشِّعري على صفحات عددٍ كبيرٍ من المجلات والصُّحف البارزة، وكان على رأس تلك الظُّروف مرض زوجته الأديبة وداد سكاكيني، ويسعى أبناؤه لإنجاز هذا العمل ليوضع ديوان المحاسني بين أيدي الباحثين والدَّارسين.
المحاسني ناثراً:
بدأ المحاسني بكتابة المقال منذ أن كان مدرِّساً في مدرسة التَّجهيز الأولى بدمشق، وفازت إحدى مقالاته حينئذ بالجائزة الأولى في مسابقة نظمتها مجلة (الحديث) السورية سنة 1936م، وكانت بعنوان (من هو أكبر أديب عربي معاصر).
واستمرَّ المحاسني في كتابة المقال وهو يدرِّس في كلية الآداب بالجامعة السُّورية.
وقد نُشرت مقالاته في عددٍ من المجلاَّت والصُّحف العربية، ومنها: مجلَّة (الحديث) الحلبية، مجلَّة (الأمالي) البيروتية، مجلَّة (الأديب) البيروتية، مجلَّة (المجلَّة) المصرية، مجلَّة (المعلم العربي) السُّورية، مجلَّة (الرِّسالة) اللُّبنانية، مجلَّة (المعرفة) السُّورية، مجلَّة (قافلة الزيت) السُّعودية، مجلَّة (الكتاب) المصرية، مجلَّة (دعوة الحق) المغربية، مجلَّة (الأقلام) العراقية، مجلَّة (رابطة العالم الإسلامي) التي تصدر عن رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة، جريدة (الصباح) اللُّبنانية، جريدة (الأحد) اللُّبنانية، جريدة (المدينة المنورة) السُّعودية.
وفاته:
توفي المحاسني يوم الخميس الثالث والعشرين من آذار سنة 1972م، وهو لم يتجاوز الثالثة والسِّتين من عمره، وقد رثاه الأدباء والشُّعراء ورجال العلم والفكر، وعبَّروا عن حزنهم لفقد علمٍ من أعلام الأدب المعاصر في الوطن العربي.
وتقديراً لفضله على الجيل كأديبٍ ومربٍّ، قرَّرت محافظة دمشق تسمية السَّاحة المجاورة لجامع الإيمان في حي المزرعة بمدينة دمشق باسم الدكتور زكي المحاسني.
تعريف بمؤلَّفاته:
فيما يلي مسردٌ بأهمِّ أعمال الدكتور زكي المحاسني مع تاريخ النَّشر:
1 - أبو العلاء المعري ناقد المجتمع، 1945م.
2 - شعر الحرب في أدب العرب في العصرين الأموي و العباسي إلى عهد سيف الدَّولة، 1947م.
3 - النُّواسي شاعرٌ من عبقر، 1970م.
4 - ديوان (الشَّريف العقيلي) تعليق وتحقيق لمخطوط، 1965م.
5 - المتنبي، 1956م، 1968م، 1970م.
6 - إبراهيم طوقان شاعر فلسطين، 1959م، 1962م.
7 - دراسات في تاريخ النَّهضة العربية المعاصرة، بالاشتراك مع شفيق غربال وأحمد عزَّت عبد الكريم، وبديع شريف، 1958.
8 - نظراتٌ في أدبنا المعاصر، 1962م.
9 - أحمد أمين، 1963م.
10 - عبد الوهاب عزَّام، 1968.
11 - الأدب الديني، 1970م، 1988م.
12 - أساطير ملهمة، 1971م.
13 - الشَّاب الظَّريف، 1973م.
14 - عباقرة الأدب عند العرب، 1995م.
15 - أقاصيص العرب، 2000م.
16 - الأدب العربي المعاصر،1960م. كتاب مدرسي.
17 - في التَّراجم والنقد،1960م. كتاب مدرسي.
18 - قراءاتٌ أدبيةٌ مدرسيٌة وتحليلية،1960م. كتاب مدرسي.
19 - ديوان شعره، تحت الطبع.
20 - دراساتٌ في اللُّغة العربية والمعاجم، تحت الطبع.
21 - نشيد الإنشاد، تحت الطبع.
المرجع:
كتاب (زكي المحاسني، المربِّي الأديب والشَّعر النَّاقد)، تأليف: سناء زكي المحاسني، وهو الكتاب رقم (23) في سلسلة: (علماء ومفكرون معاصرون، لمحات من حياتهم وتعريف بمؤلفاتهم) التي تصدرها دار القلم بدمشق، الطبعة الأولى، 1425هـ - 2004م.
الرابط ( http://www.alukah.net/articles/1/3259.aspx)(146/491)
الشيخ أبو بكر جومي (ت 1413هـ)
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[14 - 08 - 08, 12:34 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين , الرحمن الرحيم , مالك يوم الدين
اللهم صلّ وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
الشيخ أبو بكر جومي (ت 1413هـ)
ولد الشيخ أبو بكر محمود جومي عام 1341هـ في بلدة جومي بولاية سكوتو في نيجيريا، درس القرآن الكريم على يد أبيه، ثم التحق بالمدارس النظامية وتخرج في كلية الشريعة، ثم واصل تعليمه في السودان حيث حصل على دبلوم عال في اللغة العربية، وبعد عودته إلى نيجيريا أرسلته الحكومةُ الفيدرالية النيجيرية كمسئول عن بعثة الحج إلى السعودية، ثم تدرج في المناصب حيث عين مساعدًا لرئيس القضاء الأعلى في محكمة الاستئناف الشرعية العليا، ثم أصبح رئيس القضاء في الإقليم الشمالي من البلاد، وفي عام 1396هـ عين مفتي البلاد الأكبر، إلى جانب ذلك كان الشيخ أبو بكر المستشار والساعد الأيمن للحاج أحمدو بللو (ت 1966م) وشاركه في إنشاء (جماعة نصر الإسلام) التي قام من خلالها بجهود كبيرة في الدعوة الإسلامية ومحاربة البدع والخرافات، ثم أسس بعد ذلك (جماعة إزالة البدعة وإقامة السنة) حتى أصبح الشيخ أبو بكر جومي زعيم الحركة الإصلاحية المناهضة للصوفية في غرب إفريقيا في القرن العشرين، وكان -رحمه الله- عضوًا في المجلس الأعلى العالمي لشؤون المساجد، والمجمع الفقهي بمكة، ومجمع البحوث الإسلامية في القاهرة، والمجلس الأعلى للجامعة الإسلامية في القاهرة، وهو عضو مؤسس لرابطة العالم الإسلامي بمكة، وجماعة أحمدو بللو، ومجلس كبار العلماء في نيجيريا، أما آخر منصب تولاه فهو رئاسته لمجلس مركز التعليم في بلاده.
له كتاب (العقيدة الصحيحة بموافقة الشريعة)، وكتاب (رد الأذهان إلى معاني القرآن) وهو في التفسير، كما ترجم معاني القرآن الكريم إلى لغة الهوسا، وأشرف على ترجمة عدد من الكتب التي ألفها علماء نيجيريون باللغة العربية إلى لغة الهوسا، وكان له نشاط كبير في الإذاعة والصحف والمجلات، نال جائزة الملك فيصل رحمه الله العالمية لخدمة الإسلام عام 1407 هـ.
المصادر:
1 - كتاب: جائزة الملك فيصل العالمية في خمسة وعشرين عاما، ص 74 - 75.
2 - موقع إسلام أون لاين.
الرابط ( http://www.alukah.net/articles/1/3275.aspx)
ـ[مكتب زهير الشاويش]ــــــــ[14 - 08 - 08, 03:54 م]ـ
وللشيخ رحمة الله عليه جهود كبيرة في طباعة وتوزيع المصاحف الشريفة والكتب النافعة بعد ان تترجم لعدة لغات افريقية ومنها الهاوسا. وتم توزيع كل ذلك في نيجيريا وما جاورها. وأعان الشيخ في ذلك الاستاذ سعيد العبار رحمه الله وهوصاحب الدار العربية للنشر.(146/492)
هل بايع ابن سلول تحت الشجرة؟
ـ[طيف بدر]ــــــــ[15 - 08 - 08, 08:27 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
في ظل هذا الزمان الذي يموج بالفتن و علا فيه صوت الباطنيون و المنافقون و الحاقدون على هذا الدين من بني جلدتنا أصبح لزاما على كل مسلم يخاف على دينه ان يأوي إلى كهف العلم و العلماء.
هل حقا قد ورد في السيرة الحلبية أن ابن سلول قد بايع رسول الله تحت الشجرة؟
من الصحاب الذين ثبت مبايعتهم لرسول الله طبقا لقوة الروايات من الأقوى إلى الأضعف؟
و جزاكم الله خيرا كثيرا
ـ[ابن وهب]ــــــــ[15 - 08 - 08, 09:16 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
في السيرة الحلبية وعند الصالحي في الهدى والرشاد
وهو في مغازي الواقدي
قال الواقدي
(وحدثني الهيثم بن واقد، عن عطاء بن أبي مروان، عن أبيه، قال: حدثني رجلٌ من أسلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن ناجية بن الأعجم - وكان ناجية بن الأعجم يحدث - يقول: دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم حين شكى إليه قلة الماء، فأخرج سهماً من كنانته ودفعه إلي ودعاني بدلوٍ من ماء البئر، فجئته به فتوضأ، فقال: مضمض فاه، ثم مج في الدلو، والناس في حرٍّ شديدٍ وإنما هي بئر واحدة، وقد سبق المشركون إلى بلدح فغلبوا على مياهه، فقال: انزل بالماء فصبه في البئر وأثر ماءها بالسهم. ففعلت، فوالذي بعثه بالحق ما كنت أخرج حتى كاد يغمرني، وفارت كما تفور القدر حتى طمت، واستوى بشفيرها يغترفون ماء جانبها حتى نهلوا من آخرهم. قال: وعلى الماء يومئذ نفرٌ من المنافقين؛ الجد بن قيس، وأوس، وعبد الله بن أبي، وهم جلوسٌ ينظرون إلى الماء، والبئر تجيش بالرواء وهم جلوسٌ على شفيرها. فقال أوس بن خولي: ويحك يا أبا الحباب! أما آن لك أن تبصر ما أنت عليه؟ أبعد هذا شيءٌ؟ وردنا بئراً يتبرض ماؤها - يتبرض: يخرج في القعب جرعة ماءٍ - فتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ومضمض فاه في الدلو، ثم أفرغ الدلو فيها ونزل بالسهم فحثحثها فجاشت بالرواء. قال: يقول ابن أبي: قد رأيت مثل هذا. فقال أوس: قبحك الله وقبح رأيك! فيقبل ابن أبي يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي أبا الحباب، أين رأيت مثل ما رأيت اليوم؟ فقال: ما رأيت مثله قط. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلم قلت ما قلت؟ قال ابن أبي: أستغفر الله! قال ابنه: يا رسول الله، استغفر له! فاستغفر له رسول الله صلى الله عليه وسلم.
)
انتهى
وهذا مع ضعف إسناده ليس فيه مبايعة عبد الله بن أبي
ثم إن هذه القصة وردت في غزوة المريسيع
كما عند الواقدي في المغازي
(قالوا: فبينا المسلمون على ماء المريسيع قد انقطعت الحرب، وهو ماءٌ ظنون، إنما يخرج في الدلو نصفه، أقبل سنان بن وبر الجهني - وهو حليفٌ في بني سالم - ومعه فتيان من بني سالم يستقون، فيجدون على الماء جمعاً من العسكر من المهاجرين والأنصار؛ وكان جهجا بن سعيد الغفاري أجيراً لعمر بن الخطاب رضي الله عنه، فأدلى سنان وأدلى جهجا دلوه، وكان جهجا أقرب السقاء إلى سنان بن وبر، فالتبست دلو سنان ودلو جهجا، فخرجت إحدى الدلوين وهي دلو سنان بن وبر. قال سنان: فقلت: دلوي. فقال جهجا: والله، ما هي إلا دلوي. فتنازعا إلى أن رفع جهجا يده فضرب سناناً فسال الدم، فنادى: يا آل خزرج! وثارت الرجال. قال سنان: وأعجزني جهجا هرباً وأعجز أصحابي، وجعل ينادي في العسكر: يا آل قريش! يا آل كنانة! فأقبلت إليه قريشٌ سراعاً. قال سنان: فلما رأيت ما رأيت ناديت بالأنصار. قال: فأقبلت الأوس والخزرج، وشهروا السلاح حتى خشيت أن تكون فتنةٌ عظيمة، حتى جاءني ناسٌ من المهاجرين يقولون: اترك حقك! قال سنان: وإذا ضربته لم يضررني شيئاً. قال سنان: فجعلت لا أستطيع أفتات على حلفائي بالعفو لكلام المهاجرين، وقومي يأبون أن أعفو إلا بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أقتص من جهجا. ثم إن المهاجرين كلموا حلفائي، فكلموا عبادة بن الصامت وناساً من حلفائي، فكلمني حلفائي فتركت ذلك ولم أرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/493)
وكان ابن أبي جالساً في عشرة من المنافقين: ابن أبي، ومالك، وداعس، وسويد، وأوس بن قيظي، ومعتب بن قشير، وزيد بن اللصيت، وعبد الله بن نبتل - وفي القوم زيد بن أرقم، غلام لم يبلغ أو قد بلغ - فبلغه صياح جهجا: يا آل قريش! فغضب ابن أبي غضباً شديداً، وكان مما ظهر من كلامه وسمع منه أن قال: والله، ما رأيت كاليوم مذلة! والله، إن كنت لكارهاً لوجهي هذا ولكن قومي غلبوني! قد فعلوها، قد نافرونا وكاثرونا في بلدنا، وأنكروا منتنا. والله، ما صرنا وجلابيب قريش هذه إلا كما قال القائل " سمن كلبك يأكلك ". والله، لقد ظننت أني سأموت قبل أن أسمع هاتفاً يهتف بما هتف به جهجا وأنا حاضر، لا يكون لذلك مني غيرٌ. والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل! ثم أقبل على من حضر من قومه فقال: هذا ما فعلتم بأنفسكم؛ أحللتموهم بلادكم فنزلوا منازلكم، وآسيتموهم في أموالكم حتى استغنوا! أما والله، لو أمسكتم بأيديكم لتحولوا إلى غير بلادكم، ثم لم يرضوا بما فعلتم حتى جعلتم أنفسكم أغراضاً للمنايا، فقتلتم دونه، فأيتمتم أولادكم وققلتم وكثروا فقام زيد بن أرقم بهذا الحديث كله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيجد عنده نفراً من أصحابه من المهاجرين والأنصار - أبا بكر، وعثمان، وسعداً، ومحمد بن مسلمة، وأوس بن خولي، وعباد بن بشر - فأخبره الخبر. فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبره وتغير وجهه، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا غلام، لعلك غضبت عليه! قال: لا والله، لقد سمعته منه. قال: لعله أخطأ سمعك! قال: لا يا نبي الله! قال: لعله شبه عليك! قال: لا والله، لقد سمعته منه يا رسول الله! وشاع في العسكر ما قال ابن أبي، وليس للناس حديثٌ إلا ما قال ابن أبي، وجعل الرهط من الأنصار يؤنبون الغلام ويقولون: عمدت إلى سيد قومك تقول عليه ما لم يقل، وقد ظلمت وقطعت الرحم! فقال زيد: والله لقد سمعت منه! قال: ووالله، ما كان في الخزرج رجلٌ واحدٌ أحب إلي من عبد الله بن أبي؛ والله، لو سمعت هذه المقالة من أبي لنقلتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإني لأرجو أن ينزل الله تعالى على نبيه حتى يعلموا أنا كاذبٌ أم غيري، أو يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم تصديق قولي. وجعل زيد يقول: اللهم، أنزل على نبيك ما يصدق حديثي! فقال قائل: يا رسول الله، مر عباد بن بشر فليأتك برأسه. فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه المقالة. ويقال قال: قل لمحمد بن مسلمة، يأتك برأسه. فقال النبي صلى الله عليه وسلم، وأعرض عنه: لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه. وقام النفر من الأنصار الذين سمعوا قول النبي صلى الله عليه وسلم ورده على الغلام، فجاءوا إلى ابن أبي فأخبروه، وقال أوس بن خولي: يا أبا الحباب، إن كنت قلته فأخبر النبي يستغفر لك، ولا تجحده فينزل ما يكذبك. وإن كنت لم تقله فأت رسول الله فاعتذر إليه واحلف لرسول الله ما قلته. فحلف بالله العظيم ما قال من ذلك شيئاً. ثم إن ابن أبي أتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا ابن أبي، إن كانت سلفت منك مقالة فتب. فجعل يحلف بالله: ما قلت ما قال زيد، ولا تكلمت به! وكان في قومه شريفاً، فكان يظن أنه قد صدق، وكان يظن به سوء الظن.
فحدثني هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر بن الخطاب، قال: لما كان من قول ابن أبي ما كان أسرع رسول الله صلى الله عليه وسلم السير، وأسرعت معه؛ وكان معي أجيرٌ استأجرته يقوم على فرسي، فاحتبس علي فوقفت له على الطريق أنتظره حتى جاء، فلما جاء ورأى ما بي من الغضب أشفق أن أقع به، فقال: أيها الرجل، على رسلك، فإنه قد كان في الناس أمرٌ من بعدك، فحدثني بمقالة ابن أبي. قال عمر: فأقبلت حتى جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في فيء شجرة، عنده غليمٌ أسيود يغمز ظهره، فقلت: يا رسول الله، كأنك تشتكي ظهرك. فقال: تقحمت بي الناقة الليلة. فقلت: يا رسول الله، إيذن لي أن أضرب عنق ابن أبي في مقالته. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أو كنت فاعلاً؟ قال: نعم، والذي بعثك بالحق! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذاً لأرعدت له آنفٌ بيثرب كثيرة؛ لو أمرتهم بقتله قتلوه. قلت: يا رسول الله، فمر محمد بن مسلمة يقتله. قال: لا يتحدث الناس أن محمداً قتل أصحابه. قال، فقلت: فمر الناس
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/494)
بالرحيل. قال: نعم. فأذنت بالرحيل في الناس.
ويقال: لم يشعر أهل العسكر إلا برسول الله صلى الله عليه وسلم قد طلع على راحلته القصواء، وكانوا في حرٍ شديد، وكان لا يروح حتى يبرد، إلا أنه لما جاءه خبر ابن أبي رحل في تلك الساعة. فكان أول من لقيه سعد بن عبادة، فقال: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وعليك السلام! فقال: يا رسول الله، قد رحلت في ساعةٍ منكرةٍ ما كنت ترحل فيها! ويقال لقيه أسيد بن حضير - قال ابن واقد: وهو أثبت عندنا - فقال: يا رسول الله، خرجت في ساعةٍ منكرةٍ ما كنت تروح فيها! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أو لم يبلغكم ما قال صاحبكم؟ قال: أي صاحب يا رسول الله؟ قال: ابن أبي، زعم أنه إن رجع إلى المدينة أخرج الأعز منها الأذل! قال: فأنت يا رسول الله تخرجه إن شئت، فهو الأذل وأنت الأعز، والعزة لله ولك وللمؤمنين. ثم قال: يا رسول الله، ارفق به فوالله لقد جاء الله بك؛ وإن قومه لينظمون له الخرز، ما بقيت عليهم إلا خرزةٌ واحدةٌ عند يوشع اليهودي، قد أرب بهم فيها لمعرفته بحاجتهم إليها ليتوجوه، فجاء الله بك على هذا الحديث، فما يرى إلا قد سلبته ملكه.
قال: فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير من يومه ذلك، وزيد ابن أرقم يعارض النبي صلى الله عليه وسلم براحلته، يريه وجهه في المسير، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يستحث راحلته فهو مغذٌّ في السير، إذ نزل عليه الوحي. قال زيد بن أرقم: فما هو إلا أن رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم تأخذه البرحاء ويعرق جبينه، وتثقل يدا راحلته حتى ما كاد ينقلها، عرفت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوحى إليه، ورجوت أن يكون ينزل عليه تصديق خبري. قال زيد بن أرقم: فسري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ بأذني وأنا على راحلتي حتى ارتفعت من مقعدي ويرفعها إلى السماء، وهو يقول: وفت أذنك يا غلام، وصدق الله حديثك! ونزل في ابن أبي السورة من أولها إلى آخرها وحده " إذا جاءك المنافقون ... " فحدثني عبيد الله بن الهرير، عن أبيه، عن رافع بن خديج، قال: سمعت عبادة بن الصامت يقول يومئذٍ لابن أبي قبل أن ينزل فيه القرآن: إيت رسول الله، يستغفر لك. قال: فرأيته يلوي رأسه معرضاً. يقول عبادة: أما والله لينزلن في لي رأسك قرآنٌ يصلى به.
وحدثني يونس بن محمد الظفري، عن أبيه، عن عبادة بن الوليد ابن عبادة بن الصامت، قال: مر عبادة بن الصامت بعبد الله بن أبي عشية راح النبي صلى الله عليه وسلم من المريسيع، وقد نزل على النبي صلى الله عليه وسلم سورة المنافقون فلم يسلم عليه، ثم مر أوس بن خولي فلم يسلم عليه، فقال ابن أبي: إن هذا الأمر قد تمالأتما عليه. فرجعا إليه فأنباه وبكتاه بما صنع، وبما نزل من القرآن إكذاباً لحديثه، وجعل أوس بن خولي يقول: لا أكذب عنك أبداً حتى أعلم أن قد تركت ما أنت عليه وتبت إلى الله، إنا أقبلنا على زيد بن أرقم نلومه ونقول له " كذبت على رجل من قومك " حتى نزل القرآن بتصديق حديث زيد وإكذاب حديثك. وجعل ابن أبي يقول: لا أعود أبداً! وبلغ ابنه عبد الله ابن عبد الله بن أبي مقالة عمر بن الخطاب رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم " مر محمد بن مسلمة يأتك برأسه " فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إن كنت تريد أن تقتل أبي فيما بلغك عنه فمرني، فوالله لأحملن إليك رأسه قبل أن تقوم من مجلسك هذا. والله، لقد علمت الخزرج ما كان فيها رجل أبر بوالدٍ مني، وما أكل طعاماً منذ كذا وكذا من الدهر، ولا يشرب شراباً إلا بيدي، وإني لأخشى يا رسول الله أن تأمر غيري فيقتله، فلا تدعني نفسي أنظر إلى قاتل أبي يمشي في الناس، فأقتله فأدخل النار، وعفوك أفضل، ومنك أعظم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عبد الله، ما أردت قتله وما أمرت به، ولنحسنن صحبته ما كان بين أظهرنا. فقال عبد الله: يا رسول الله، إن أبي كانت هذه البحرة قد اتسقوا عليه ليتوجوه عليهم، فجاء الله بك، فوضعه الله ورفعنا بك، ومعه قومٌ يطيفون به ويذكرون أموراً قد غلب الله عليها. قال: فلما انصرف من عند النبي صلى الله عليه وسلم وعرف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تركه ولم يأمر بقتله، قال:
ألا إنما الدنيا حوادث تنتظر ... ومن أعجب الأحداث ما قاله عمر
يشير على من عنده الوحي هكذا ... ولم يستشره بالتي تحلق الشعر
ولو كان للخطاب ذنبٌ كذنبه ... فقلت له ما قال في والدي كشر
غداة يقول ابعث إليه محمداً ... ليقتله بئس لعمرك ما أمر
فقلت رسول الله إن كنت فاعلاً ... كفيتك عبد الله لمحك بالبصر
تساعدني كفٌّ ونفسٌ سخيةٌ ... وقلبٌ على البلوى أشد من الحجر
وفي ذاك ما فيه والأخرى غضاضةٌ ... وفي العين مني نحو صاحبها عور
فقال ألا لا يقتل المرء طائعاً ... أباه وقد كادت تطير بها مضر
أنشدنيها إسماعيل بن مصعب بن إسماعيل بن زيد بن ثابت، قال: أخذتها في الكتاب. وإبراهيم بن جعفر بن محمود، عن محمد بن مسلمة.
)(146/495)
أبخازيا
ـ[ابن وهب]ــــــــ[16 - 08 - 08, 12:13 ص]ـ
وجدت هذا الموضوع في الشبكة
أبخازيا
جنة الله في الأرض
أبخازيا أو (اّّبسني) كما يحب أهلها تسميتها جمهورية تقع على الساحل الشمالي الشرقي للبحر الأسود تبلغ مساحتها 3300 ميلا مربعا أي مايعادل 8600 من الكيلومترات المربعة دون حساب مساحة اقليم سوتشي الذي سلخ عن وطنه الأم وضم لأراضي روسيا بعد إبادة ساكنيه من شعب الوَبّخ وهو أحد شعوب الأديغة وأحد مكوني مملكة اّشّوي القديمة والتي تشكلت من ثلاث قبائل هي:
الاّبسوا "الأبخاز" وتعني "روح الشعب"
الأبازين " اّشيا (شخاريا) "
الوَبّخ " تواخا "
تشكل جبال القفقاس الحدود الشمالية والشرقية لها مع كل من جمهورية قرتشاي شركيسيا وروسيا من الشمال وجورجيا من الشرق و متوسط ارتفاع هذه الجبال يبلغ حوالي 9500 قدم (2850 متر) عن سطح البحر.
تقول الأسطورة أنه عندما وزعت الأرض على الشعوب وصل الأبخاز متأخرين وذلك لانشغالهم بتكريم الضيوف (بعض الروايات قالت أن الضيوف كانوا من النارتيين الذين أتوا لزيارة إخوتهم الأبخاز) ولم يكن من اللائق ترك الضيوف والذهاب إلى حيث توزع الأراضي , وإكراما لهم جمع الله لهم عددا من صخور الجنة وصنع منها أبخازيا
فأبخازيا .... جنة الله في الأرض.
طبقاً للمعلومات التاريخية فان الأبخاز والذين أطلقت عليهم الشعوب اسم " ساوزا " والتي تعني في اللغة الأبخازية سكان الجبال العالية
هم أقدم شعوب غرب القفقاس والسلالة المباشرة للقبائل القديمة والمسماة
" الخاتسكو أبخازو- أديغية "
وكان هذا الشعوب يطلق على نفسه أسم " أدزيغه" والتي وجدت مكتوبة على لوح أثري من البرونز عثر عليه في منطقة قريبة من نهر حابسّه في العاصمة الأبخازية سوخومي مع كلمة أخرى هي " واّّ اّّكوا" والتي تعني في اللغة الأبخازية (أكوا لك) و" أكوا " هو الأسم القديم لمدينة سوخومي.
هذا اللوح عائد للألف الثالث قبل الميلاد أيام حكم مملكة " اّّشّوي " هذه الكلمة أي " أدزيغه" مع مرور الوقت تحورت الى " أديغة " الحالية.
يعد الأبخاز أحد أهم أركان حضارة مملكة " اّشوي " القديمة والتي امتد حكمها حوالي الألف سنة تقريبا وضمت تحت حكمها منطقة كامل القفقاس الغربي حتى بحر أزروف.
ومن أشهر المدن التي كانت من المراكز الحضارية لتلك المملكة العظيمة مدينة "أكوا" (سوخومي) وكذلك " نيقوافا " (مايكوب) وأيضاً مدينة " لاخا " (ليخني) المقدسة في جمهورية أبخازيا وهي مسقط رأس سلالة ملوك " اّشّوي " والذين ينتمون الى عائلة " أتشبا " التي تعني في اللغة الأبخازية " الحصان "
تفرعت عن " الخاتسكو أبخازو- أديغية " عدة قبائل كانت الأصل لكل شعوب الأديغة ومنهم الأبخاز.
ومن القبائل التي ظهرت في القرنين الثاني والثالث قبل الميلاد وعاشت فوق أرض "الاّّبسني" والمسماة حاليا أبخازيا:
" أبيشليتسي – أبيسلاس – كاشكي "
من هذه القبائل ظهرت قبائل أخرى في القرون الميلادية القديمة والوسطى هي:
أبشيلوف – أبسيلوف – أبازكوف – أباسكوف – سانيكوف – ميسيميان وعدة قبائل أخرى.
إن اسم قبيلة الأبسيلوف قد تم حفظه حتى يومنا هذا حيث يطلق الشعب الأبخازي على نفسه أسم " اّّبسوا " وعلى الأرض الأبخازية اسم " اّّبسني "
وأيضا اسم قبيلة الأبخازوف قد تم حفظه حتى الاّن وهذا واضح في اسم الجمهورية الحالية " أبخازيا "
وكذلك اسم قبيلة أبازكوف لايزال موجودا حتى الاّن فالشركس في القفقاس والمهجر يطلقون اسم " أباظه " على الشعب الأبخازي.
عدد سكان أبخازيا وفق بعض الغير رسمية الإحصائيات (500 – 600) ألف نسمة ربعهم تقريبا من الأبخاز أما الباقون فهم من الروس والكرج (الجورجيين) والأتراك والأرمن واليونانيين.
(يبلغ عدد الأبخاز في تركيا 100 ألف نسمة تقريبا وعدد القرى الأبخازية فيها 200 قرية)
هذه القوميات استوطنت في أبخازيا بعد تهجير الشعب الأبخازي مع أشقائهم من الشعوب الشركسية الأخرى في شمال القفقاس.
وهذه القوميات تعيش بسلام بين الأبخاز باستثناء الجورجيين الذين يحاولون ابتلاع الأرض الأبخازية والقضاء على شعبها وتحقيق أحلامهم الواهية "جورجيا الكبرى".
رئيس الجمهورية وكبارموظفي الحكومة هم من الأبخاز و اللغة الرسمية في الجمهورية هي الأبخازية والروسية.
أهم المدن في الجمهورية هي:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/496)
-سوخومي " أكوا " العاصمة وسكانها حوالي 200 ألف نسمة.
-تكفارتشيلي والتي تعتبر المركز الصناعي للجمهورية.
وهناك عدة مدن أخرى أصغر وهي:
غاغرا , غوداأوتا , أوتشامتشيرا , كالي , بيتسوندا , تسيبيلده , غانديادي , كولريبش.
إضافة إلى ما يقارب 575 قرية منها:
غوميستا , اّتشاندارا , أوتابي , اّمارا , لخني , دروريش , ميرخولي ,دوربيش , اّتاتزي , أتارا , دراندا , خودور , جغردا , اّبسني , أبخازسكايا , سينابلي, بارانوفكي , سوليفو , أتشماردا , أخشتير , نيجنايا اشيرا.
يوجد في الجمهورية عدد كبير من الأنهار أهمها:
(أنغور , بزيب , كومي , خوستا , شاخه , زيلينتشوك , حابسه)
يقسم الشعب الأبخازي الحالي إلى قسمين:
الأبازين في الشمال
الأبسوا في الجنوب
هذا التقسيم شكلي وفق المناطق فقط فهاتين القبيلتين لهما أصل واحد وتشكلان معا الشعب الأبخازي.
قبل الحديث عن تاريخ أبخازيا لابد من معرفة الخلفية التاريخية للقفقاس الشمالي
تسمية (شركس أو جركس) لقب أطلقته الشعوب المختلفة على سكان المنطقة الواقعة شمال جبال القوقاز والمحصورة ما بين البحر الأسود في الغرب وبحر قزوين شرقا
وهذه الشعوب هي:
--الاديغة:
وتتألف من عدة كيانات وهي:
1 - الأبخاز:
وهم سكان جمهورية أبخازيا بفرعيهم (الأبسوا - الأبازين) الواقعة على ساحل البحر الأسود وهناك قسم من الأبخاز (الأبازين) موجودون في قرتشاي تشيركيسيا التابع لروسيا الاتحادية
2 - الوَبّخ:
أبيد هذا الشعب على يد الروس في القرن التاسع عشر
وكانوا يقطنون في شمال أبخازيا وبالتحديد في إقليم سوتشي الذي تم سلخه عن الوطن الأم أبخازيا وضمه إلى روسيا.
3 - القبرداي:
يعيشون ضمن جمهورية قبردينا بلقاريا ذات الحكم الذاتي والتابعة لروسيا الاتحادية والتي سلخت منها عدة أجزاء وهي:
مزدك – بسلني – بسه كوابا التي حول الروس اسمها إلى بتياغورسك وكذلك جبل مشوقة تحول اسمه إلى جبل بتياغورسك
سكان هذه الجمهورية بشكل رئيسي من القبرداي بالإضافة إلى شعب البلقار.
4 - جمهورية القرتشاي تشركيسيا:
جمهورية ذات حكم ذاتي تابعة لروسيا الأتحادية يسكنها كل من
الأبازين وهم فرع من الأبخاز وكذلك البسلني وهم فرع من
القبرداي بالإضافة إلى شعبي النوغاي والقرتشاي.
5 - جمهورية الأديغى:
جمهورية ذات حكم ذاتي تابعة لروسيا الأتحادية ويسكنها بشكل أساسي كل من الأبزاخ والبجدوغ.
6 - منطقة مزدك:
والتابعة حاليا إلى جمهورية اوسيتيا الشمالية وسكانها من القبرداي.
7 - عدة تجمعات من قبائل الشابسوغ على سواحل البحر الأسود وقد كانت مناطقهم قبل الاحتلال الروسي تمتد من حدود منطقة الوَبّخ (سوتشي) وحتى ميناء أنابه على البحر الأسود.
--الأساتين (القشحة):
وهما حاليا جمهوريتين:
اوسيتيا الشمالية ذات حكم ذاتي تابعة لروسيا الأتحادية.
اوسيتيا الجنوبية ذات حكم ذاتي تابعة لجورجيا.
--الشيشان انغوش:
نفصلت إلى جمهوريتين:
-جمهورية الشيشان والتي أعلنت انفصالها عن روسيا عام 1991
وتم القضاء على استقلالها بالقوة وحاليا هي جمهورية ذات حكم
ذاتي تابعة لروسيا الاتحادية.
-جمهورية انغوشيتي (الأنغوش) ذات حكم ذاتي تابعة لروسيا الاتحادية.
--الداغستان:
وهي جمهورية ذات حكم ذاتي تابعة لروسيا الاتحادية وتضم أكثر من مئة قومية لكل منها لغتها الخاصة لذلك سميت بجبل الألسن.
وبالتالي فان تسمية الشركس تطلق على الشعوب التي تم ذكرها أي السكان الأصليين للجمهوريات التسعة التالية:
1 - جمهورية قبردينا بلقاريا.
2 - جمهورية أبخازيا.
3 - جمهورية قرتشاي تشركيسيا.
4 - جمهورية الأديغى.
5 - جمهورية اوسيتيا الشمالية.
6 - جمهورية اوسيتيا الجنوبية.
7 - جمهورية الشيشان.
8 - جمهورية الانغوش.
9 - جمهورية داغستان.
أما تسمية الأديغة فهي لاتعني كما يظنها القسم الأعظم من الشركس (شركس المهجر) أنها الشعوب القاطنة ضمن جمهورية الأديغى (أبزاخ – بجدوغ) فقط وقد بينت ذلك سابقا.
أبخازيا التاريخية:
تقول الأساطير القوقازية القديمة أن الأبخاز ينحدرون من سلالة عمالقة عاشوا على الأرض الأبخازية منذ ما لا يقل عن ثلاثة اّلاف عام قبل الميلاد.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/497)
وتشير الروايات الاغريقية (اليونانية) القديمة أن الاغريق أقاموا مركزين تجاريين هما مدينتي" سيباسنوبوليس "ومدينة" ديوسكوريا " (على أنقاضها بنيت سوخومي) على سواحل البحر الأسود في منطقة ذكروا أن اسمها " أبزغي " أي " اّبسني " وهي الاسم القديم لأبخازيا.
وقد عرفت الأمة الشركسية ومنهم الأبخاز الكتابة في الألف الثالث قبل الميلاد أيام حكم مملكة اّّشّوي القديمة والقطع الاّثرية التي تم العثور عليها في كل من سوخومي و ليخني ومايكوب تدل على ذلك وهذا ما أكده عالم الاّثار الروسي "تورتشانينوف" في كتابه "أكتشاف وفك رموز الكتابات القديمة في القفقاس" وكانت لهم حضارة عظيمة بينما الجورجيون الذين يدعون أن حضارتهم هي الأصل لحضارات الشركس وخاصة الأبخاز لم يعرفوا الكتابة وكذلك الأرمن إلا في القرن الرابع الميلادي أما الروس ذاك الشعب ذو الحضارة العريقة كما يدعّون لم يعرف كيف يكتب إلا في القرن العاشر الميلادي أي الفارق في اكتشاف الكتابة فقط حوالي أربعة اّلاف عام فأي مقارنة بينهم!!!
وقد ورد ذكر الشركس في الأساطير اليونانية القديمة وان دل ذلك علي شيء فإنما يدل على أن الحضارة الشركسية تعد من الحضارات القديمة جدا.
وفي القرن الأول قبل الميلاد قام الرومان بتحصين مدينة " أكوا " (سوخومي)
أول المحاولات التي قامت لاحتلال أبخازيا في القرون الميلادية الأولى كانت عام 581 ميلادي عندما حاول ملك " خيوة " السيطرة على الأرض الأبخازية فقاد جيوشه الجرارة لتحقيق ذلك فاستقبله الأبخاز و رحبوا به أجمل ترحيب حيث أبيد جيشه ووقع هو بالأسر ثم قام الابخاز بقطع رأسه ووضعه في صندوق كُتبَ عليه
(هذا جزاء الغاصب لبلاد غيره)
وفي الفترة الواقعة ما بين القرنين الخامس والسادس الميلاديان أصبحت أبخازيا مملكة تابعة للامبرطورية البيزنطية والتي فرضت الديانة المسيحية بالقوة على الشعب الأبخازي.
في هذه الفترة كانت أبخازيا تحكم من قبل " اّخ " أي أمير أبخازيا.
في القرن السادس وحتى أواخر القرن السابع ناضل الشعب الأبخازي من أجل الأستقلال والحرية و صد عدة حملات قام بها البيزنطيون والفرس.
وفي الفترة الواقعة مابين عام (780 – 978) ميلادي قامت مملكة أبخازيا المستقلة والتي امتدت أراضيها على جميع المناطق الواقعة إلى الغرب من جورجيا الحالية وعلى امتداد السواحل الشمالية للبحر الأسود وحتى سواحل بحر " أزروف ".
وقد ورد ذكر مملكة أبخازيا في كتاب المروج الذهبية لأحد الرحالة العرب ويدعى أبو الحسن علي ابن الحسين ابن علي والذي زار القوقاز في احدى رحلاته عام 921 ميلادي
حيث تحدث عن جبال "
قال الشيخ الألباني :
abakh " ( جبال القفقاس كما يسميها العرب) وعن مملكة كانت موجودة في تلك المنطقة اسمها أبخازيا.
لكن بعد المصاهرة التي قامت بين العائلتين المالكتين في أبخازيا وجورجيا (المصاهرة المشئومة) قامت عدة محاولات جورجية للسيطرة على أبخازيا وإقامة ما أسموه جورجيا الكبرى.
(يجب التنويه هنا إلى أن جورجيا الحالية قامت بعد توحيد ثلاث ممالك كانت مستقلة عن بعضها وتعيش في حالة حروب دائمة مع بعضها البعض وهذه الممالك هي: غوريا – امريتيا – المنغريل)
وفي عام 1578 دخلت الجيوش العثمانية إلى أبخازيا وأجزاء كبيرة من جورجيا وانتشر الدين الإسلامي في المنطقة بعد دخول القسم الأكبر من الأبخاز إلى هذا الدين الحنيف.
وقد قامت بعد ذلك تحالفات عديدة بين الجورجيين وعدة قبائل أبخازية كانت ترى أن الأتراك العثمانيون عدو تجب محاربته وقد نجحوا عام 1771 في إخراج العثمانيين.
وفي بداية القرن التاسع عشر طلبت جورجيا حماية القيصر الروسي طوعاً.
وفي عام 1810 أصبحت أبخازيا دولة شبه مستقلة وجزءا من الامبراطورية الروسية بعد أن طلب أميرها حين ذاك " فيليتش بي شاشبا " الحماية الروسية رغم المعارضة الشديدة التي أبداها الشعب الأبخازي الذي يأبى التبعية والوصاية ولا يرضى إلا بالحرية والاستقلال.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/498)
ومع بداية الاحتلال القيصري للقوقاز والذي حشد الروس له عشرات الألوف من الجنود (حوالي 120 ألف جندي نظامي + الجيش الذي تم تحويله من جبهة القرم والجبهة الأوربية إلى القفقاس والبالغ تعداده 280 ألف جندي) ومئات من خيرة القادة بالإضافة إلى اّلاف من المرتزقة القوزاق وغيرهم لم تستطع روسيا السيطرة على القفقاس الشمالي بسبب بسالة المقاتلين الشركس وشراستهم المنقطعة النظير في الدفاع عن بلادهم وحريتهم واستقلالهم واستمرت هذه المقاومة لمدة 125عام فشلت خلالها العديد من الحملات الكبرى وكانت آخر المعارك البطولية للشعب الشركسي الصامد بالقرب من مدينة مايكوب عاصمة جمهورية الأديغى في منطقتي" أخجب " ووادي" خوذز " حيث لبست النساء لباس الفرسان وحملن السلاح وقاتلوا إلى جانب الرجال في تلك المعركة الغير متكافئة والتي تحولت إلى مذبحة بكل ما تحمله الكلمة من معنى وبعدها سيطر الروس على الجزء الأكبر من القفقاس الشمالي ومن ثم أتموا احتلال باقي أراضي الأبخاز التي كانت ماتزال تحاول البقاء صامدة حتى اّخر قطرة دم وقد تم لها ذلك حيث قام الروس بإبادة سكان تلك المناطق الصامدة عن اّخرهم وخاصة سكان اقليم "سوتشي ".
وقد خسر الروس في هذه الحملات أكثر من ربع جيشهم حيث دفن الروس في شمال القفقاس مايزيد على مليون ونصف المليون من جنوده خلال الفترة الواقعة مابين (1762 - 1864).
بعد أن تم للروس ما أرادوا قاموا بتوطين شعوب لم يكن لها أرض ولا حضارة مكان الشعب الشركسي صاحب التاريخ والحضارة فجاءوا بعشرات الألوف من القوزاق والأرمن واليهود والمنغريل (قسم من الجورجيين) وكل من هب ودب ليوطنوهم فوق أرض امتزج ترابها بدماء أبنائها الأبرار الذين لم يرتضوا الذل والهوان.
بالعودة إلى أبخازيا والتي فقدت أكثر من نصف سكانها نتيجة القتل والتهجير ففي عام 1917 انضم الأبخاز إلى جمهورية شمال القفقاس والتي تأسست في العام نفسه
وفي عام 1918 قام الجورجيون بضم أبخازيا تحت حكم جورجيا.
وفي 20 كانون الثاني عام 1920 ألغيت جمهورية شمال القفقاس وشكلت بدلاً عنها الجمهورية الجبلية الاشتراكية السوفيتية وعاصمتها فلادي قفقاس.
وفي آذار من عام 1921 اسقط الشيوعيون ***** جورجيا وعادت أبخازيا جمهورية مستقلة بقيادة " نيستر لوكوبا "
في عام 1922 انضمت أبخازيا إلى الاتحاد السوفيتي كدولة مستقلة ذات سيادة.
وفي عام 1925 صدر أول دستور لجمهورية أبخازيا المستقلة.
وبعد تسلم جوزيف ستالين وهو جورجي الأصل لرئاسة الاتحاد السوفيتي استغل دخول الألمان إلى شمال القفقاس أثناء الحرب العالمية الثانية للقيام بأعمال لم يسبق لأحد اّخر القيام بها عبر التاريخ فقد قام عام 1931 بتخفيض رتبة أبخازيا من جمهورية مستقلة ذات سيادة إلى جمهورية ذات حكم ذاتي تابعة لجورجيا وكان هذا التاريخ بداية قصة كفاح الشعب الأبخازي في العصر الحديث والذي مايزال مستمرا حتى الاّن.
ثم قام بنفي جماعي لشعب القرتشاي في أواخر عام 1943 وبعد ذلك وفي شهر اّذار من عام 1944 قام بتهجير الشيشان والأنغوش إلى سيبرية و كذلك عدد كبير من شعب القبرداي إلى كزخستان وبعدها بشهر واحد فقط أي في شهر نيسان من نفس العام قام بتهجير شعب البلقار إلى اّسيا الوسطى.
وفي شهر تشرين الأول عام 1944 تم تهجير شعب المسخيت والبالغ عددهم حوالي 200 ألف وهم من المسلمين من أرضه الواقعة مابين أرمينيا وجورجيا وجزء من أدجاريا والمسماة مسخيتيا إلى كزخستان ولم يعادوا إلى أرضهم التي استولت عليها جورجيا حتى الاّن ..
في تلك الفترة قام " بيريا " والذي كان رئيسا لجورجيا بإجراء كامل الاستعدادات لترحيل الشعب الأبخازي وضم أبخازيا إلى جورجيا منتظرا إشارة من ستالين الذي تذكر أيام التجائه إلى أبخازيا عندما كان ملاحقا من السلطات القيصرية وكيف أنه عاش بين الأبخاز الذين حموه و أخفوه عن عيون السلطات القيصرية فلم يأمر بتهجير الأبخاز بل أكتفى بتصفية قادتهم وزعمائهم فقط .. (انظر إلى الوفاء)!!!
بعد هذا النفي والتهجير الجماعي لشعوب القفقاس قام استالين بتقسيم اوسيتيا إلى جمهوريتين شمالية وجنوبية وضم الجزء الجنوبي إلى وطنه الأم جورجيا
وكذلك ألحق الجزء الأكبر من أراضي مقاطعة القرتشاي إلى جورجيا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/499)
وكذلك فعل بأجزاء كبيرة من أراضي مقاطعة بلقاريا بضمها إلى جورجيا أيضا
أما الجزء الباقي من أراضي البلقار فهو حاليا ضمن جمهوري قبردينا بلقاريا
وكذلك ألحق المناطق الجبلية الجنوبية من أراضي الشيشان والأنغوش إلى جورجيا
ثم قام بضم مقاطعة مزدك وهي من أرض القبرداي إلى القسم الشمالي من أوسيتيا
ثم فصل إقليم سوتشي عن الوطن الأم أبخازيا وضمه إلى الأراضي الروسية
وبذلك نرى أن جورجيا ذات المساحة البالغة 69300 من الكيلو مترات المربعة (مع أبخازيا واوسيتيا الجنوبية) أصبحت مساحتها عام 1954 تقدر بحوالي 76400 كيلو متر مربع أي ازدادت مساحتها 7100 كيلو متر مربع بعد أن ضمت أجزاء من أراضي شمال القفقاس لأراضيها.
بداية الأستقلال:
في عام 1989 انعقد المؤتمر الأول لشعوب شمال القفقاس الذي تحول بمبادرة من الأبخاز إلى اتحاد يضم جميع شعوب وجمهوريات القفقاس الشمالي تحت اسم منظمة اتحاد شعوب شمال القفقاس الشركسية واختير السيد "يوري موسى شّّنبه" وهو من القبرداي رئيسا لهذا الاتحاد
بعد ذلك أعلنت كل من اوسيتيا الجنوبية وأبخازيا الأستقلال عن جورجيا وجمهورية الشيشان عن روسيا وأعلنوا الانضمام إلى اتحاد شعوب شمال القفقاس الشركسية
وقد ضم هذا الاتحاد ست عشر شعباً ضمن تسع جمهوريات.
وفي الرابع من اّب من عام 1992 أي بعد يومين فقط من اعتراف الأمم المتحدة رسميا باستقلال جمهورية جورجيا بدأ العدوان الجورجي على أبخازيا بدخول خمسة اّلاف جندي وأكثر من مائة دبابة ومصفحة مدعومين بالطيران والمدفعية وبضوء أخضر من روسيا والغرب.
وبعد أربعة أيام من المعارك البطولية التي خاضها الحرس الوطني الأبخازي قليل العدد والعتاد ومعه عدد من المتطوعين المدنيين الذين هبوا للدفاع عن أرضهم في وجه هذا الغزو أمام الجيش الجورجي المجهز بأحدث الأسلحة والمدعوم روسياً ودولياً سقطت مدينة غاغرا الواقعة على الساحل الشمالي الغربي بأيدي الجورجيين.
مع بداية الغزو الجورجي سارع كل من اتحاد شعوب شمال القفقاس الكومفدرالية الشركسية والذي يتزعمه القائد يوري موسى شّّنبه كذلك كونغرس شعب القبرداي والجمعية الشركسية العالمية والتي مقرها في نالشك إلى إرسال المتطوعين إلى أبخازيا من أجل الدفاع عنها والقتال إلى جانب إخوتهم الأبخاز.
وقد بدأت وحدات من المتطوعين تصل إلى أبخازيا قادمة من جمهوريات شمال القفقاس الشركسية لنصرة أشقائهم الأبخاز في هذه الحرب المقدسة والتي لا تخص الأبخاز وحدهم بل هي حرب أعلنتها جورجيا على كل الشعب الشركسي ودليل ذلك مقالة نشرت عام 1873 في الصحف الجورجية كتبها أحد الكتاب والذي يؤمن كما بقية الجورجيين بحلم جورجيا الكبرى ويدعى " سيرتيلي " قال فيها:
(كامل القفقاس هو أرضنا وهو بلدنا واذا تخيلنا أن قدمنا هي على أرضنا فمعنى ذلك نحن موجودون في بلدنا , سنستوطن في بلاد الشركس حتى داغستان , كل هذه الأراضي هي وطننا)!!!!
وقد أنذر برلمان اتحاد شعوب شمال القفقاس الشركسية في 19/ 8/1992 الحكومة الجورجية بسحب قواتها ودفع تعويضات عن الأضرار التي لحقت بأبخازيا قبل 21/ 8/1992 وإلا سوف يعلن الاتحاد عن البدء بالعمليات العسكرية ضدها.
وتقرر في هذا الاجتماع الطارئ للبرلمان مواصلة تكوين وحدات من المتطوعين من مختلف الجمهوريات في شمال القفقاس وخاصة جمهورية القبرداي والاديغى وجمهورية القرتشاي شركس و الشيشان و اوسيتيا بقسميها.
العدد الأكبر من المتطوعين كان من جمهوريتي القبرداي والأديغى حتى أن أكبر تجمع للمتطوعين في جمهورية قبردينا بلقاريا كان في إحدى الساحات في العاصمة نالشك والتي سميت بساحة أبخازيا.
لم تستجب جورجيا لمطالب الاتحاد وشنت هجوما فاشلا في 29/ 8/1992 على المواقع الشمالية للمقاتلين الأبخاز ومجموعات من المتطوعين استطاعة الوصول إلى مناطق العمليات واستعادة مدينة غاغرا رغم أنف القوات الجورجية
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/500)
وقد نشرت القوات الجورجية قواتها في المعابر الحدودية الجبلية وأغلقتها إلا ان المتطوعين القبرداي بقيادة القائد البطل إبراهيم يغن استطاعت اقتحام تلك المواقع والسيطرة عليها والوصول إلى مواقع على شاطئ مدينة غاغرا قبل عدة دقائق فقط قبل قيام الجورجيين بعملية إنزال كبيرة لاستعادة السيطرة على المدينة وقد وقع الجورجيون في كمين كلفهم عشرات القتلى والجرحى وفرار من بقي حيا منهم وتعد هذه العملية هي أول إعلان عن مدى قوة وبسالة مقاتلي اتحاد شعوب شمال القفقاس الشركسية.
وبعد العديد من المعارك الغير متكافئة سيطر الجورجيين على كامل الأرض الأبخازية عدا مدينتي غوداأوتا وتكفارتشيلي المحاصرتين.
وبدأت جورجيا القيام بعمليات التطهير العرقي ضد الشعب الأبخازي بهدف تخويفه ودفعه إلى الخروج من أبخازيا إلا أن الأبخاز العاشقين لأرض " أبسني " فضلوا الموت على أرضها دفاع عنها.
وقد استمرت الضربات الموجعة التي يقوم بها المقاتلين الأبخاز وأشقائهم متطوعي إتحاد شعوب شمال القفقاس الشركسية والتي زرعت الرعب في قلوب الجورجيين وجعلتهم يعيشون في كابوس لا يعرفون متى ينتهون منه.
في 28/ 9/1992 شنت وحدات من القوات الأبخازية ومتطوعي إتحاد شعوب شمال القفقاس هجوما كاسحا استمر حتى 2/ 10/1992 سحقوا من خلاله القوات الجورجية في غاغرا واستطاعوا تحرير المدينة وغنموا الكثير من الأسلحة التابعة للقوات الجورجية والتي خلفتها ورائها ولاذت بالفرار ثم تم تحرير كل من مدينتي "غانديادي " و " لسيليدزه "
وقد شكر السيد " رؤوف بي أبجنو" رئيس الجبهة الشعبية الأبخازية ومستشار الرئيس الأبخازي " فلاديسلاف أدرازنبا " كل من يمد الجورجيين بالسلاح وقال:
(ان تلك الأسلحة ستؤول إلينا كما حصل في غاغرا)
وقد أثبت الأبخاز ومقاتلوا اتحاد شعوب القفقاس الشركسية في هذه المعارك جدارتهم وقدرتهم العسكرية المعهودة والمعروفة عبر التاريخ.
وقد تم الإعلان في 6/ 10/1992 عن تحرير القسم الشمالي الشرقي من أبخازيا بشكل كامل واستحدثت وزارة للدفاع وعين العقيد " فلاديمير أرجبا " قائماً بمهام وزارة الدفاع والجنرال " سلطان سوسنالييف " وهو من متطوعي اتحاد شعوب القفقاس الشركسية قائدا للأركان وهو من القبرداي وبعد التحرير الكامل لأبخازيا عين وزيرا للدفاع وهذا يدل على أنه لافرق بين الأبخاز والقبرداي وغيرهم من شعوب الأديغة الشركسية فكلهم شعب واحد وان اختلفت قبائلهم ولهجاتهم.
استمرت المعارك الطاحنة في عدة مدن أبخازية تكبد الغزاة خلالها خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد ووقعت عدة اتفاقيات لوقف اطلاق النار بوساطة الأمم المتحدة وروسيا لكنها كانت لإعطاء الوقت للجورجيين لإعادة تجميع قواتهم وانتظار الامدادات التي كانت لا تعد ولا تحصى ثم يقوم الجورجيين في كل مرة وبعد أن يتّّموا استعداداتهم بخرق وقف إطلاق النار
لذلك وفي يوم الاثنين 15/ 3/1993 صدر الأوامر للقوات الأبخازية ببدء العمليات لتحرير العاصمة سوخومي فقد عبرت القوات الأبخازية ومعها وحدات من مقاتلي اتحاد شعوب شمال القفقاس نهر "غومستا " ودخلوا إلى ضواحي سوخومي و قامت طائرات عسكرية أبخازية بقصف المواقع الجورجية داخل العاصمة ثم انسحبت هذه القوات من أطراف سوخومي في 18/ 3/1993 تحت ضغط القصف العنيف من قبل القوات الجورجية المرابطة فوق المرتفعات المحيطة بالمدينة.
وفي 3/ 7/1993 استطاعت القوات الأبخازية من تحرير قرية "تاميش" وقطع الإمداد عن القوات الجورجية داخل سوخومي وإحكام الحصار عليها واستمر القصف المدفعي الأبخازي على مواقع القوات الجورجية داخل العاصمة بشكل مكثف.
وقد تمكنت مجموعة من مقاتلي القبرداي الأبطال يتزعمها القائد مؤيد شورى من التسلل من خلف القوات الجورجية المرابطة على قمة شروما الحصينة واستطاعوا مفاجأة العدو والسيطرة على الموقع الذي كان أشبه بقلعة عسكرية هائلة لاحتوائها على بطاريات صواريخ ومدفعية من مختلف الأنواع والتي أجبرت القوات الأبخازية على التراجع عند محاولة استعادة العاصمة وتم اسر 350 جندي جورجي مع قائدهم وهو برتبة جنرال
وكذلك تقدمت مجموعة من مقاتلي القبرداي ومعهم مجموعات من شراكسة المهجر وسيطرت على مرتفعات "سوخوم غس " و" أخالتشينيي " وأعلى قمة في المنطقة وهي قمة " أخابيوك " وكبدوا العدو 500 قتيل.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(147/1)
وطالب قائد قوات كومفدرالية شعوب شمال القفقاس الجنرال الشيشاني شامل باساييف بسحب القوات الجورجية فورا ودون قيد أو شرط من أبخازيا وإلا ستقوم قوات اتحاد شمال القفقاس فتح جبهة ثالثة على طول خطوط التماس بين جورجيا وجمهوريات القفقاس الشركسية.
استمرت المعارك ليلا نهارا بدون توقف حتى استطاع الأبخاز وإخوتهم من متطوعي اتحاد شعوب شمال القفقاس في 26/ 9/1993 من تحرير العاصمة سوخومي و تم رفع العلم الأبخازي فوق مقر مجلس الوزراء الأبخازي وفر الرئيس الجورجي " ادوارد شفرنادزه " من سوخومي على متن طائرة روسية بعد أن أعلنت وزارة الخارجية الأبخازية أنها ستعطي الرئيس الجورجي فرصة لمغادرة سوخومي.
وقد القي القبض على رئيس الحكومة الموالية لجورجيا وتم إنزال الحكم العادل بهذا الخائن وتم اعدامه في مدينة غوداأوتا.
بعد السيطرة الكاملة على سوخومي وضواحيها تقدمت القوات الأبخازية بدون أي مقاومة تذكر نحو مدينة " كولريبش " مقر القيادة الجنوبية الجورجية وتم تحريرها
وفي 17 جمادى الأولى سنة 1414هجري 1/ 10/1993 ميلادي أعلن وزير الدفاع الأبخازي الجنرال سلطان سوسنالييف عن تحرير كامل الأرض الأبخازية وأن قواته وصلت إلى الحدود الجورجية وتم رفع العلم الأبخازي على ضفاف نهر أنغور الذي يشكل الحدود مع جورجيا
بلغت خسائر القوات الجورجية في هذه الحرب وذلك حسب احصائيات نشرتها صحف جورجية أحد عشر ألف قتيل وعشرة اّلاف جريح في عام واحد من المعارك على الأرض الأبخازية.
بعد ذلك بدأت مفاوضات بين الأبخاز والجورجيين تحت رعاية الأمم المتحدة وقد تم تعليقها في 24/ 2/1994 بعد الفشل في التوصل إلى اتفاق والسبب في ذلك إصرار الجانب الجورجي على إعادة 250 ألف جورجي فقط! نزحوا من أبخازيا أثناء الحرب ورفض الأبخاز ذلك.
(انظر إلى هذا العدد وكأن الحرب كانت في جورجيا حتى خرج هذا العدد الكبير من الجورجيين أو أن عدد سكان أبخازيا عدة ملايين حتى يكون عدد الاجئين الجورجيين فقط بهذا الكم مع العلم أن عدد سكان أبخازيا مابين 500 إلى 600 ألف نسمة)
استمرت بعد ذلك المفاوضات في موسكو في 4/ 4/1994 وتم التوقيع على اتفاق لوقف إطلاق النار ونشر قوات من رابطة الدول المستقلة بعرض 12 كيلو متر في المناطق المحاذية لنهر أنغور والذي يشكل الحد الفاصل بين أبخازيا وجورجيا.
في هذه الفترة فرضت روسيا حظرا اقتصاديا وسياسيا وعسكريا على أبخازيا ولم تسمح لأحد بالأعتراف بهذه الجمهورية المستقلة.
في عام 1998 بدأت جورجيا بإنشاء مجموعات اجرامية وحاولت إرسالها إلى داخل الأراضي الأبخازية وكذلك أرسلت وحدات إضافية من قوات وزارة الداخلية الجورجية إلى الحدود مع أبخازيا في محاولات استفزازية في الوقت الذي كانت أبخازيا تستعد لإجراء الانتخابات الرئاسية وهذا ما أوضحه الرئيس الأبخازي "فلاديسلاف أدرازنبا" في رسالة إلى القيادة الروسية
وفي عام 2007 وبمرسوم رئاسي صدر أول جواز سفر أبخازي.
عند إعلان استقلال إقليم كوسوفو الألباني عن صربيا الحليف الأول للروس وإخوتهم بالعرق وتلامذتهم في الإجرام واعتراف عدد لا بأس به من الدول بهذا الإقليم كجمهورية مستقلة رفعت أبخازيا طلبا يدعوا الأمم المتحدة إلى الاعتراف باستقلالها عن جورجيا أسوة بكوسوفو وكذلك فعلت جمهورية أوسيتيا الجنوبية
وفي 5/ 3/2008 أعلنت روسيا عن رفع الحظر الذي فرضته على أبخازيا منذ ما يزيد على أربعة عشر عاما وقد أثار القرار الروسي استياء جورجيا التي نددت بهذا العمل واعتبرته استفزازيا!!!
وفي 21/ 3/ 2008 أوصى مجلس الدوما الروسي بضرورة الاعتراف باستقلال كل من أبخازيا واوسيتيا الجنوبية.
علم جمهورية أبخازيا:
العلم الأبخازي الجديد الذي تم رفعه على المباني الحكومية في سوخومي والذي تم تبنيه من قبل البرلمان الأبخازي في سوخومي في 23/ 7/1992
الكف الأبيض المرسوم على أرضية حمراء (العلم القديم) هو رمز دولة أبخازيا (مملكة أبخازيا) في القرن الثامن قبل الميلاد وحتى القرن العاشر الميلادي والتي استمرت اثنا عشر قرنا.
الكف الأبيض يرمز إلى الوحدة بين شعوب الأديغة من حيث الأصل والعرق والتاريخ والعادات (الأديغة خابزا) فمن الممكن أن يختلفوا بالشكل واللهجة والاسم والمناطق ولكنهم في الحقيقة شعب واحد ذو أصل واحد
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(147/2)
ويمكن التعبير عن المعنى المراد من هذا الكف الموجود على العلم الأبخازي بقول الشاعر:
أصابع الكف في العد خمسةُ
لكنها في مقبض السيف واحدُ
وهذا ما أكدته الحرب الأبخازية الجورجية التي وحدت الشركس بشكل عام والأديغة بشكل خاص تحت راية واحدة وهدف واحد.
إن هذا العلم مع الكف الأبيض قد رفرف فوق مدينة " ديوسكوريا " والتي أسسها الاغريق القدماء في القرن الخامس قبل الميلاد والتي تقوم عليها حاليا العاصمة الأبخازية سوخومي.
النجوم الخماسية البيضاء السبعة فوق الكف تمثل المقاطعات السبعة لأبخازيا التاريخية وهي:
1 - سادزين " جيغتيا "
2 - بزيب
3 - غوما
4 - أبجو
5 - سامورزكان
6 - دال تسابال
7 - بسخوي أيبغا
(يضاف إلى ذلك أن الرقم " 7 " هو رقم مقدس عند الأبخاز)
الخطوط السبعة (ثلاثة بيضاء وأربعة خضراء) تدل على التسامح الديني والتعايش لشعوب القفقاس فاللون الأبيض يرمز إلى المسيحية واللون الأخضر إلى الاسلام.
وفي النهاية أرجو قبول اعتذاري عن الإطالة ولكني حاولت أن أكون فكرة كاملة لدى القارئ عن شعب الأديغة العظيم من خلال التعريف بنضال أحد شعوبه وهو الشعب الأبخازي الذي مازال وسيبقى صامدا في وجه من يريد له الذل الهوان.
المراجع:
الأبخاز الشراكسة "أزل وأبد" تأليف: أميرة محمد مصطفى قبرطاي " المرجع الأساسي "
الأبخاز "أشهر معمري العالم" تأليف: سولا بينيت , ترجمة: فاضل لقمان
شامل في القفقاس وروسيا تاليف: م. ن.تشيتشاغوفا ترجمة: نبيل حاج علي
اكتشاف وفك رموز الكتابات القديمة في القفقاس تأليف غ. ف. تورتشانينوف ,
ترجمة: د. عمر شابسيغ
القوقاز قي التاريخ تأليف: د. اسماعيل برقوق
بعض مواقع النت ومنها:
www. Abkhazian.com
http://forum.adigastars.com/showthread.php?p=66329
انتهى
منقول
http://forum.adigastars.com/showthread.php?p=66329
المصدر
http://forum.adigastars.com/showthread.php?p=66329
ـ[ابن وهب]ــــــــ[16 - 08 - 08, 12:21 ص]ـ
وفي هذا رد على من زعم أن العرب السابقين سموا الأبخاز أباظة
والعرب عرفوا أبخاز
وقد ذكر ياقوت في معجمه أبخاز
وقد ورد في بعض الكتب أفخاز
ـ[عبد اللطيف الحسيني]ــــــــ[16 - 08 - 08, 01:18 ص]ـ
أحسنت، بارك الله فيك.
هل توجد إحصائيات دقيقة عن نسبة المسلمين ضمن سكان أبخازيا واوستينيا؟
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[16 - 08 - 08, 05:13 ص]ـ
بارك الله بك موضوع رائع
ـ[ابن وهب]ــــــــ[16 - 08 - 08, 07:45 ص]ـ
بارك الله فيكم
لا توجد إحصائية دقيقة عن نسبة المسلمين في أوستيا أو أبخازية
أو حتى في جورجية
فائدة
زوجة شامل باساييف كانت أبخازية
والله أعلم
ـ[العتيق]ــــــــ[16 - 08 - 08, 08:29 ص]ـ
جزاك الله خير على الموضوع
ـ[ابن وهب]ــــــــ[16 - 08 - 08, 08:50 ص]ـ
قال المسعودي في مروج الذهب
الأبخاز
فلنرجِع الآن إلى ذكر جبل القبخ والسور والباب والأبواب؛ إذ كنا قدذكرنا جملاَ من أخبار الأمم القاطنة في هذا الصقع، فمن ذلك أن أمة تلي بلاد اللان يقال لها الأبخاز منقادة إلى دين النصرانية، ولها ملك في هذا الوقت وملك اللان مستظهر عليهم، وهم متصلون بجبل القبخ، ثم يلي ملك الأبخاز ملك الجورية، وهي أمة عظيمة منقادة إلى دين النصرانية تدعى خزران، ولها ملك في هذا الوقت يقال له الطبيعي، وفي مملكة هذا الطبيعي موضع يعرف بمسجد ذي القرنين، وكانت الأبخاز والخزرية تؤدي الجزية إلى صاحب ثغر تفليس منذ تحت تليس وسكنها المسلمون في أيام المتوكل فإنه كان بها رجل يُقال له إسحاق بن إسماعيل، وكان مستظهراً بمن معه من المسلمين على من حوله من الأمم، وهم منقاعون إلى طاعته وأداء الجزية إليه، وعلا أمر مَن هناك من الأمم حتى بعث المتوكل بعثاً نزل على ثغر تفليس، وأقام عليها محارباً حتى افتتحها بالسيف، وقتل إسحاق بن إسماعيل؛ لأن إسحاق بن إسماعيل كان متغلباً على الناحية، وكانت له أخبار يطول ذكرها، وهي مشهورة في أهل ذلك الصقع وغيرهمِ ممن عني بأخبار العالم، وأراه رجلًا من قريش من بني أُمية أو مولى لاحقاَ، فانخرقت هيبة المسلمين من ثغر تفليس من ذلك الوقت إلى هذه الغاية، فامتنع من جاورهم من الممالك من الإِذعان لهم بالطاعة، واقتطعوا الأكثر من ضياع تفليس، وانقطع الوصول من بلاد الِإسلام إلى ثغر تفليس بين هؤلاء الأمم من الكفار؛ إذ كانت محيطة بذلك الثغر، وأهلها ذوو قوة وبأس شديد، وإن كان ما ذكرنا من الممالك محيطاً بهم.
)
انتهى
كذا وليحرر
ـ[ابن وهب]ــــــــ[16 - 08 - 08, 09:20 ص]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=59034&stc=1&d=1218863770
تنبيه: إحصائية عام 2003 مجرد احتمال ويلاحظ هجرة عدد كبير من الكرج من أبخازية
وانخفاض سكان أبخازية وهجرة حوالي 200000 أو أكثر من الكرج
تنبيه: منقول ومترجم
ـ[ابن وهب]ــــــــ[16 - 08 - 08, 10:03 ص]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=59036&stc=1&d=1218866138
أبخازية تسمى جوهرة البحر الأسود
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(147/3)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[16 - 08 - 08, 10:12 ص]ـ
لا حرب ولا سلم في أبخازيا
ماتيلد داموازيل وريجيس جانتي*
Mathilde Damoisel et Régis Genté
كانت تسمى جوهرة البحر الأسود. أبخازيا، المنطقة السياحية المميزة في الزمن السوفياتي بدا وكأن نصيبها العيش في منأى عن الاضطرابات. لكن بعد مضي عشر سنوات على الحرب التي واجهتها مع جورجيا في العامين 1992 ــ 1993، تصمد جنة القوقاز الصغيرة في ظل سلم موقت مدافعةً عن استقلال قائم "بحكم الواقع" لا يحظى باعتراف المجتمع الدولي.
لقد تسببت المعارك بسقوط 000 10 قتيل وبتشريد 000 200 لاجئ جيورجي لا يزالون يقيمون في جورجيا في مراكز استقبال موقتة وبدون أمل حقيقي في العودة. كما أن الجراحات في الجهة الأبخازية لا تزال نازفة، فآثار الحرب بادية في كل مكان ولا تزال البنى التحتية مدمرة. وعلى عدد سكان لا يزيد على 000 180 نسمة هناك 10 في المئة يتكلون على المساعدات الدولية. فبعد عشر سنوات على توقف القتال لم يتم التوصل الى الاتفاق على أي تسوية بين جورجيا وأبخازيا.
في العام 1989، مع ازدهار الدعوات الى الاستقلال المرافقة للبريسترويكا، لم تكن أبخازيا الا جمهورية ذات حكم ذاتي تابعة لجورجيا، وذلك منذ العام 1931 عندما غيّر ستالين من وضعها المساوي حتى ذلك الوقت لوضع جورجيا. وفي 18 آذار/مارس عام 1989 طالبت الحركة الوطنية الأبخازية "ايدجيلارا" (الوحدة) "بالانفصال عن جمهورية جورجيا".
وقد ردت تبيليسي فوراً على محاولة "الانفصال" هذه. ففي الواقع يشكل الجورجيون المجموعة الاتنية الكبرى في المنطقة (1). وبحسب ما يلاحظ جورج شاراتشيدزي ان اعمال العنف من هذا الفريق وذاك تعكس "الحالة المرضية في الوعي التاريخي التي اصابت مجمل شعوب الاتحاد السوفياتي. فالهوس نفسه لازم الجورجيين والأذيريين، وهو استعادة الماضي المدوخ جهاراً، وهو امتياز من شأنه تشريع استبعاد الأقليات الأبخازية والأرمنية المفترض ان تكون أقل تمتعاً بالحقوق في ظل هذا النوع من العلاقات (2). وسرعان ما عمت التظاهرات الداعية الى الاستقلال. وفي 9 نيسان/أبريل فرّقت القوات السوفياتية المتظاهرين بالقوة موقعةً 21 قتيلاً.
وتكرست القطيعة بين جورجيا والجمهورية التابعة لها بسبب تضارب المصالح بينهما. ولم تكف أبخازيا عن المطالبة بسيادتها مع طرحها احتمال إقامة علاقات فيديرالية مع تبيليسي، اما جورجيا فأدرجت تحررها من النظام السوفياتي في إطار الدفاع عن وحدة أراضيها.
في 6 كانون الثاني/يناير عام 1992، اطاح أنقلاب السيد زياد غمساخورديا، الذي أغاظ خطابه القومي والتسلطي المعارضة. وفي آذار/مارس، استدعي الى جورجيا السيد ادوارد شيفاردنادزه، وزير الخارجية سابقاً في عهد السيد غوباتشيف، لترؤس البرلمان الموقت. ومنذ تموز/يوليو قبلت الجمهورية المستقلة في الأمم المتحدة وفي البنك الدولي.
إلا ان المعارك انفجرت في اوسيتيا الجنوبية، الجمهورية الأخرى ذات الحكم الذاتي التابعة لجورجيا، وباتت حركة غمساخورديا تشكل خطراً. وفي ظل هذه الظروف المضطربة عمد مجلس السوفيات الأعلى في ابخازيا، برئاسة السيد فلاديسلاف أردزينبا، وفي غياب النواب الجورجيين، الى إعادة العمل، في 23 تموز/يوليو، بالدستور الأبخازي العائد للعام 1925، مشرعاً العودة الى الوضع الذي كان قائماً في العام 1931.
وقد اندلعت الحرب فعلاً في 14 آب/أغسطس عام 1992. فبذريعة حماية خط السكك الحديد وتحرير الرهائن، دخل الحرس الوطني الجورجي أبخازيا، أما في الواقع فقد كانت الغاية إلغاء دور "الانفصاليين". واستمرت المعارك حتى 27 أيلول/سبتمبر عام 1993. وبدعم متطوعين من اتحاد شعوب شمال القوقاز (بينهم لواء تابع للرئيس الشيشاني شامل باساييف) وخصوصاً من الجيش الروسي الذي أرسل فوجاً من فرقة المظليين 104، استعادت القوات الأبخازية عاصمتها سوخومي. مما حمل غالبية الشعب الجورجي في أبخازيا تقريباً على الفرار.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(147/4)
وقد اضطرت جورجيا الى الرضوخ (3). ففي 9 تشرين الأول/اكتوبر عام 1993، وافق الرئيس شيفاردنادزه على الانضمام الى رابطة الدول المستقلة بدون استشارة البرلمان، وبعد ان تشبث طويلاً بالرفض، وذلك بغية الحصول على الدعم العسكري من روسيا. وقد شكل هذا انتصاراً بالنسبة الى روسيا، فجورجيا المشاكسة انصاعت مجدداً وأخمدت لفترة ما حماستها للتقرب من الغرب والبقاء على مسافة من موسكو.
وهكذا خدمت القضية الابخازية الرغبة الروسية في إبقاء "قريبها الأجنبي" تحت قبضتها. فحتى "وإن لم يكن هناك استراتيجيا روسية فعلية في القوقاز" كما تلاحظ سيلفيا سيررانو من "مركز مراقبة دول ما بعد الاتحاد السوفياتي في المؤسسة الوطنية للغات والحضارات الشرقية" إينالكو Inalco، إلا ان المصالح المتداخلة المنطقية أحياناً، والتوهمية احياناً أخرى، والعائدة الى الوضع الجيوسياسي والأسباب الواهية على حدٍ سواء، قد تضافرت لإبقاء المنطقة تحت الوصاية.
وقد ارادت موسكو، من مدها يد العون بقوة الى الانفصاليين الأبخاز، أن توفر لنفسها وسيلة للضغط على جورجيا، "مفتاح" منطقة القوقاز. فبالنسبة الى بعض السياسيين والعسكريين الروس يعتبر هذا الممر ذا فائدة "حيوية" لأمن البلاد، وشريطاً عازلاً في وجه تركيا وإيران، وباباً مفتوحاً على البحر الأسود.
وقد برهنت روسيا لمرات عديدة منذ ان خضعت ابخازيا لوصايتها في العام 1810 على عدم اهتمامها كثيراً بوضع هذا الشعب الصغير، وهذا ما لم يمكن تناسيه في أبخازيا. لكن الحاجة الى الحماية في وجه جورجيا "التي باتت الحياة معها مستحيلة" بحسب الرأي العام الشامل لغالبية الشعب الأبخازي الذي أذته هذه الحرب، اضطرت الجمهورية التي أعلنت استقلالها من جانب واحد الى الالتفات ناحية روسيا. فوحدها القوات الروسية كانت كفيلة ضمان الأمن العسكري للجمهورية كما تبين في معارك أيار/مايو عام 1998 ومعارك أيلول/سبتمبر وتشرين الأول/أكتوبر عام 2001.
والآن باتت روسيا توطد نفوذها في ابخازيا. فبتشجيع من أرفع المناصب في السلطة السياسية تضاعفت فيها الاستثمارات الروسية، من إنشاء شبكة للهواتف الخيلوية الى شراء البنى التحتية السياحية او استئجارها على مدى طويل، الى زراعة 000 10 هكتار من شجر الكاكاو على يد مصنع كبير للشوكولا ... وفي ربيع العام 2002 نظمت حملة لمنح جوازات سفر روسية الى الابخازيين الذين لا يحملون اوراقاً ثبوتية رسمية، وهي إحدى وسائل ربط مصير الشعب الأبخازي بمصير الشعب الروسي بشكل اوثق. وفي كانون الأول/ديسمبر عام 2002 أعيد فتح خط السكك الحديد بين سوتشي وسوخومي على الرغم من الاعتراضات القوية من تبيليسي.
وهذا ما يوضح كم أن روسيا أصبحت مفتاحاً ضرورياً لأي تسوية محتملة للنزاع. وهذا ما يوضحه سيريل كلواغان، المراقب العسكري السابق للأمم المتحدة في ابخازيا قائلاً إن "مفتاح النزاع هو بما لا يقبل الجدل في موسكو. فيوم يقرر الكرملين التسوية ستنجز في غضون أسابيع بالرغم من أشكال المقاومة الشرسة التي يبديها الأبخاز."
وفي كل الأحوال لا يمكن إساءة تقدير الواقع بين مجتمعين متخاصمين اتخذا وجهة التطرف خلال السنوات العشر الماضية. فعلى ضفتي نهر انغوري تتغذى الأفكار المقولبة الجاهزة. ففي نظر الأبخاز لا تزال جورجيا دولة معتدية، فيما ينكر المجتمع الجورجي كلياً من جهته مطالب الأبخاز الكيانية وبالنتيجة وجود قضية أبخازية جورجية بالمعنى الدقيق للكلمة، فالكلام السائد في تبيليسي يدور حول "خسارة" أراض وضرورة "العودة".
وبحسب ما يشدد باتا زاكاريشفيلي، الفيلسوف الجورجي والفاعلية الرئيسية في الحوار غير الرسمي المعقود بين ممثلي المجتمعين المدنيين الجورجي والأفخازي، "يجب علينا الاقرار بأن النزاع مع ابخازيا ليس محصوراً بحرب العامين 1992 ــ 1993 بل أن له جذوراً أكثر عمقاً بكثير. ولن يكون في الإمكان تحقيق أي حل إذا تمنعنا عن تفهم تطلعات الأبخاز والاقرار بمسؤوليتنا في انفجار هذه الحرب."
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(147/5)
والتاريخ يضغط بعبئه. فقد بقي الأبخاز في وضع الأقلية المهددة كما كانوا عليه في العهد السوفياتي. فدمج جمهوريتهم بجورجيا في العام 1931 وما لحق به من حظر اللغة الأبخازية وقمع ثقافي وإنزال السكان الجورجيين والروس بكثافة في أراضيها لا يزال ماثلاً في الأذهان على أنه عصر فرض "الجورجية". وحتى وإن تكن الستالينية لم تقصر في إعادة التوازن الى الوضع الا ان الأبخاز لم يكفوا عن التعبير عن خشيتهم من أن تنكر هويتهم.
وفي المقابل لا يزال دارجاً التعريف بالأبخاز على أنهم "ضيوف" في جورجيا، أي أنهم ذاك الشعب الجبلي الذي نزل من شمال القوقاز منذ قرون لكي يستثمر ضفاف البحر الأسود. فمن كان هناك اولاً؟ ان العودة الى التاريخ تحمل على تجنب طرح السؤال الحقيقي حول تشكل الدول المستقرة وعلى رفض تسوية حقيقية.
ولا احد يعرف ما سيكون مصير أبخازيا التي تشكل إحدى وسائل الضغط من روسيا على جورجيا المستقلة. فهذا ما يمكن استشفافه من استئناف الشركات الروسية توزيع الطاقة في جورجيا هذا الصيف وخصوصاً من خلال اتفاق الغاز الموقع في 21 تموز/يوليو لمدة 25 سنة تصبح تبيليسي في نهايها مرتبطة مئة في المئة بموسكو (4). لكن وإن خلف السيد شيفاردنادزه في العام 2005 رئيس مقرب من روسيا فان هذا لن يغير شيئاً في طبيعة النزاع. فسيلفيا سيرّانو تشير الى أنه "قد لا تتم تسويته قبل زمن طويل لأن موسكو تحديداً ستكون عاجزة عن ذلك (أو غير راغبة فيه)."
إلا أن هذه الوضع يلائم الأبخازيين، فما بين المطرقة الروسية والسندان الجورجي تفضل سوخومي الاستقلال. وفي العام 2004 لن يكون في إمكان خليفة الرئيس فلاديسلاف أردزينبا، المريض، أن يتقدم بطرح آخر.
ولا ننسينّ أن بنى الدولة في المنطقة تبقى ضعيفة، كما لا يمكن التقليل من أهمية القبائل ولا من شأن الشبكات النافذة الموروثة من الاتحاد السوفياتي السابق. كما أن المصالح المافيوزية تشكل معوقات كبيرة في طريق إيجاد حل للنزاع. فخط الفصل بعد وقف إطلاق النار على نهر إنغوري يشكل منطقة اللاقانون بالنسبة الى المهربين الأبخاز والجورجيين الذين ينشطون بكل حرية وبالتفاهم الجيد في ما بينهم، من تجارة السيارات المسروقة الى تجارة البنزين والسجائر ...
وفي ظل هذه الظروف ماذا يمكن لبعثة المراقبة العسكرية التابعة للأمم المتحدة (مونوغ) Monug ان تفعل؟ وكذلك مجموعة أصدقاء الأمين العام للأمم المتحدة (5)؟ ترى السيدة هايدي تاغليافاني، ممثلة المجموعة المذكورة أنه "إذا كان من الصحيح أنه بعد عشر سنوات على انتهاء النزاع المسلح لم تتم تسوية القضية الأبخازية، الا أن الوضع الآن مستقر وإن يكن مهتزاً، وهذا بفضل دور بعثة الأمم المتحدة."
واستناداً الى وثيقة "بودن" التي تقترح توزيع الامتيازات بين أبخازيا وجورجيا على أساس اتحاد فيديرالي، لا يزال المجتمع الدولي متمسكاً بوحدة الأراضي الجورجية، إلا أن هذا خيار ترفضه سوخومي. وتشدد السيدة تاغليافيني قائلة: "إن الأهم هو الشروع في التفاوض وما هذه الوثيقة سوى نقطة انطلاق."
في 6 و7 آذار/مارس عام 2003، اجتمع الرئيسان فلاديمير بوتين وشيفاردنادزه في سوتشي للبحث في القضية الأبخازية. وقد وقعا اتفاقاً ينص على عودة اللاجئين الجورجيين الى منطقة غالي وإعادة فتح خط سكك حديد سوتشي ـ تبيليسي عبر سوخومي وتحديث المحطة المائية لتوليد الكهرباء على نهر إنغوري. فهذا الاتفاق، الذي صوِّر على أنه خطوة الى الأمام، اكتفى بتكريس الأمر الواقع وخصوصاً في ما يتعلق بلاجئي غالي. وفي الحقيقة أن اتفاق سوتشي يؤكد بشكل أساسي الدور الذي لعبته موسكو على حساب الأمم المتحدة، وعلى الأرجح على حساب تسوية شاملة وسياسية للنزاع.
* هما على التوالي موثّق ومخرج فيلم "سوخومي، الشاطئ الأسود"، Soukhoumi, rive noire حول التاريخ المعاصر لأبخازيا، وصحافي مقيم في تبيليسي.
[1] بنتيجة الاحصاء الذي أجري في العام 1989 قدِّر عدد السكان بـ000 525 نسمة 46 في المئة منهم جورجيون و18 في المئة أبخاز و15 في المئة أرمن و15 في المئة روس و3 في المئة يونان.
[2] راجع:
L'Empire et Babel: les minorités dans la perestroïka, Face aux drapeaux, est-ce le titre exact? Gallimard-Seuil, Paris, 1989
[3] اقرأ:
Philip S. Golub, "Métamorphoses d'une politique impériale", Le Monde diplomatique, mars 2003.
[4] يضاف الى ذلك في 6 آب/أغسطس أن الشركة الروسية Unified Energy System (UES) اشترت حصص شركة AES Telasi الشركة الأميركية التي تملك 75 في المئة من أسهم الشركة، التي تتولى توزيع الكهرباء في العاصمة الجورجية.
[5] مؤلفة من فرنسا وروسيا وألمانيا وبريطانيا والولايات المتحدة.
www.mondiploar.com
جميع الحقوق محفوظة 2003© , العالم الدبلوماسي و مفهوم
http://www.mondiploar.com/oct03/articles/gente.htm
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(147/6)
ـ[النذير1]ــــــــ[16 - 08 - 08, 02:00 م]ـ
مسلمو أوسيتيا الجنوبية ضحايا بالوكالة للحرب الروسية الجورجية
[18:34مكة المكرمة] [09/ 08/2008]
قوات روسية تستعد للتدخل في الحرب
كتب- محمد سعيد:
مع إعلان الرئيس الجورجي ميخائيل سكاشفيلي حالة الحرب، وأن بلاده تواجه حربًا روسية شرسة، أشارت تقارير إلى احتدام المواجهة العسكرية بين روسيا وجورجيا على الأراضي الأوسيتية؛ الأمر الذي ينذر بحرب إقليمية لا تحمد عقباها.
وفي ظل تلك الحرب يتزايد أعداد الضحايا من أبناء أوسيتيا الجنوبية من المسلمين الذين يقومون بدور ضحايا بالوكالة عن الجنود الجورجيين والروس دون الحديث عنهم في وسائل الإعلام العالمية أو اجتماعات مجلس الأمن الدائرة حاليًّا في نيويورك؛ الأمر الذي يثير قلقًا وشكوكًا متزايدة حول تواطؤ المجتمع الدولي.
كانت التقارير الصادرة من أوسيتيا الجنوبية قد أشارت إلى أن العاصمة تسخينافالي قد دُمِّرت تقريبًا، وأن هناك قرى قد مُحِيَت تمامًا، وأن قرابة 2000 شخص قد لقوا حتفهم نتيجة القصف الجورجي الذي وصفته وكالات الأنباء بأنه كان "مفرطًا" وأن 50 ألفًا آخرين قد نزحوا إلى الشمال باتجاه أوسيتيا الشمالية وأبخازيا.
وفي غضون ذلك فشل مجلس الأمن الدولي في الاتفاق على صيغة بيان كان مقرِّرًا أن يدعوَ إلى وقف إطلاق النار، وتقول بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا- وهي الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن- إن العامل الرئيسي وراء انزلاق الوضع نحو الحرب هو الاعتداء الروسي على الأراضي الجورجية، لكن موسكو تحمِّل جورجيا مسئولية تدهور الأوضاع في الإقليم.
وتعارض روسيا طموح جورجيا الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي والحصول على دعم الولايات المتحدة التي تسعى هي الأخرى بدورها إلى تقويض النفوذ الروسي وكذلك السيطرة على الموارد الطبيعية التي تنعم بها تلك البلاد، كما تتهم روسيا جورجيا بحشد قواتها على تخوم الإقليمين (أوسيتيا وأبخازيا)؛ حيث تنتشر قوات حفظ سلام روسية.
كانت حدة التضييقات التي تمارسها الحكومة الجورجية ضد مسلمي إقليمي أوسيتيا وأبخازيا اللذين انفصلا عن جورجيا بشكل أحادي في بداية تسعينيات القرن الماضي قد تزايدت مع استمرار الحملة الأمريكية العالمية ضد ما أسموه حربًا على الإرهاب في ظل تجاهل وتواطؤ دوليين.
وتقع جمهورية أوسيتيا الجنوبية شمال جورجيا؛ حيث تطل على البحر الأسود، وتصل نسبة المسلمين فيها إلى 65% من سكان الإقليم, وعاصمتها مدينة (تسخنفالي)، ويحاول الأوسيتيون الجنوبيون الانفصال عن جورجيا والاتحاد مع مسلمي الشمال.
وأدت حملات الاضطهاد المستمرة ضد أوسيتيا إلى تدهور أحوال المسلمين الذين بقوا أسرى الفقر والتهميش، علاوةً على قلة الوعي الديني لديهم نتيجة افتقادهم للمؤسسات الدينية، وعدم قدرتهم على تشييد مساجد ومراكز إسلامية.
روسيا ردت بقصف العاصمة الجورجية
ويعد الرئيس الجورجي الحالي ميخائيل سكاشفيلي من أبرز المناهضين للإسلام والمسلمين في البلاد؛ حيث شنَّ حربًا على رئيس جمهورية أجاريا المسلمة أصلان آباشدزه في محاولةٍ لأبعاده؛ لأنه كان يسعى إلى دعم مسلمي الإقليم وتدعيم الفكر الاستقلالي.
وعلى الرغم من أنّ الإسلام عرف طريقه في وقت مبكر إلى جورجيا؛ حيث شهدت العلاقات الجورجية تطورًا ملحوظًا مع الدول الإسلامية في العصور الوسطى، خاصةً مع دولة سلاجقة الروم (1077 - 1299م)، ومن بعدها مع الدولة العثمانية (1299 - 1923م)، إلاّ أنّ انهيار روسيا القيصرية بظهور الثورة الشيوعية، ومن بعدها إنشاء الاتحاد السوفيتي (1922 - 1991) ألحق بالإسلام وبالمسلمين أضرارًا بالغة، كان من بينها التهجير القهري داخل أراضي وأطراف الدولة، أو النفي في أصقاع سيبيريا، علاوةً على هدم المساجد، وحرق القرآن وعدم السماح بطباعته، وسَجْن من يُعثر في بيته على نسخة منه؛ وهو ما دفع الكثير من المسلمين إلى الهجرة إلى تركيا وإيران وشبه الجزيرة العربية.
منقول
ـ[النذير1]ــــــــ[16 - 08 - 08, 02:22 م]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(147/7)
ويقدر عدد المسلمين في جورجيا بحوالي 463,062 ويمثلون 9.9% من عدد السكان (إحصائيات 2002)، بينما يؤكد نائب رئيس اتحاد مسلمي جورجيا إسلام سايداييف أن عددهم "لا يقل عن مليون ونصف مليون نسمة (من إجمالي 4 مليون و600 ألف) " أي الثلث. وينتشر المسلمون يجمهورية جورجيا وملحقاتها من المناطق التي تخضع للحكم الذاتي، ويتبع مسلمو جورجيا الإدارة الدينية لمسلمي شمال القفقاس ومركزها بالداغستان
منقول عن موقع ويكيبيديا
ـ[النذير1]ــــــــ[16 - 08 - 08, 02:28 م]ـ
جمهورية أبخازيا
العلم الأبخازي
الموقع الجغرافي
الثقافة و التعليم
المخزون الاقتصادي
العلم الأبخازي
يرمز علم جمهورية أبخازيا الذي رُفع عاليا عام 1991 على المباني الحكومية في العاصمة الأبخازية سوخوم إلى
النجوم السبعة الخماسية فوق الكف تمثل المقاطعات السبعة التاريخية لأبخازيا و هي سادزين أو جيغتيا، بزيب، غوما، أبجوا سامور زكان، دال تسابال و بسخوي أيبغا بالإضافة إلى ذلك فإن الرقم سبعة هو الرقم المقدس عند الأبخاز كما هو الحال لدى شعوب كثيرة
النجمة الخماسية هي نجمة منتشرة عند الأبخاز منذ القدم، و قد كانت منتشرة منذ قديم الزمان عند الأبسيل (أجداد الأبخاز) و تُذكِّر بأجداد الإغريق و الرومان في القرنين الأول و الثاني الميلادي
في نفس الوقت فإن أبعاد العلم و عدد النجوم و الخطوط الخضراء و البيضاء تنسجم مع العلم التاريخي لجمهورية شمال القفقاس المتشكلة بتاريخ 11 أيار 1918
أما الخطوط السبعة و هي عبارة عن ثلاثة بيضاء و أربعة خضراء فتدل على التسامح و التعايش الديني لجميع شعوب شمال القفقاس حيث يرمز اللون الأخضر للإسلام الذي تعايش مع المسيحية و اللون الأبيض للمسيحية. كان نصف الأبخاز في أبخازيا مسلمون و النصف الثاني مسيحيون، أما بعد عودتهم لوطنهم فقد ارتفعت نسبة الإسلام لتصبح 85 %. تبنى علم أبخازيا الحالي البرلمان الأبخازي المُنتخب في سوخوم بتاريخ 23.7.1991. هذا و يرمز العلم الأبخازي لمراحل تطور دولة الشعب الأبخازي
الموقع الجغرافي
تمتد جمهورية أبخازيا من السلسلة الأساسية لجبال القفقاس و حتى الساحل يحدها جنوبا البحر الأسود و غربا نهر بسوف و شرقا نهر أنغور و جورجيا عاصمتها سوخوم و تبلغ مساحتها 8600 كم2. أما تعداد السكان البالغ 535 ألف نسمة فيتوزع (1991) على النحو الآتي
ثلاثة و تسعون ألف أبخاز، ستون ألف جورجيون، مائة و خمس و خمسون ألف ميغيريلار، ستة و سبعون ألف روس، سبع و سبعون ألف أرمن، خمس و عشرون ألف سفان، خمسة عشر ألف أوكرانيون، أربعة عشر ألف روم، عشرة آلاف أتراك، ألف و ثمانمائة أستونيون إلى جانب ألف و ثمانمائة أيضا من شعوب أخرى
الثقافة و التعليم
توجد مدارس أبخازية ابتدائية تبلغ مدة الدراسة فيها أربعة سنوات يتلقى فيها الطلاب علومهم باللغة الأبخازية فقط كما تُدَرَّس اللغة و الآداب الأبخازية في مرحلة التعليم المتوسط و الجامعة الحكومية في سوخوم العاصمة الأبخازية حيث تعطى كافة الدروس باللغة الأبخازية أما بالنسبة لباقي الدروس فهي باللغة الروسية. هذا و توجد هيئات بحث تقني و مدارس و معهد موسيقي و مسرح بالإضافة إلى مطبعة و دور نشر تابعين للدولة يستخدمون جميعهم اللغة الأبخازية و قد ترجمت أعمال الشاعر و الأديب القومي أوليا ديمتري و الأديب الروائي القومي سامسون تشنبا إلى بعض اللغات الأوربية. بالإضافة إلى ذلك توجد فرقة للغناء و الرقص القومي الأبخازي تقدم عروضا فلكلورية و موسيقية ناجحة
المخزون الاقتصادي
تحتل تربية الحيوان و زراعة الفواكه و منتجات الغابة (كالأخشاب على سبيل المثال) و السياحة مكانة الصدارة في موارد أبخازيا. هذا و يدعم تصنيع المواد الكيماوية و استخراج الفحم الصناعات الثقيلة في المنطقة كما تملك الدولة مقدارا وفيرا من المنغنيز و خامات المعادن الأولية و لوازم البناء
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(147/8)
و يتم توليد الطاقة الكهربائية بالاستفادة من مياه الأنهار. أما الصخور المكونة للجبال فهي عبارة عن الغرانيت و الأورفير و كل ما هو متشكل منه حيث يحتل هذان النوعان الدرجة الأولى كما تتوافر المعادن التالية الذهب (بنسبة ضئيلة)، الفضة، الرصاص المفضض، الحديد، المنغنيز، النيكل، النحاس، الزئبق، التشينكو، الزرنيخ، الكبريت، الفحم، عدة أنواع من الرخام بالإضافة إلى ملح الطعام و حجر الشب (و هو حجر متكون من الألمنيوم و سلفات البوتاسيوم) الأمنيت و العديد من أنواع المعادن الأخرى
و من بين كل ما ذكرناه سابقا لا يتم إنتاج و تصدير كميات هامة سوى من النفط و المنغيز و النحاس و الفحم و الكبريت هذا و توجد في جمهورية أبخازيا مصادر غنية للمياه المعدنية و الحمامات المعدنية. و يساهم صيد السمك و أسطول التجارة البحرية في المدن الساحلية و عند المياه الجارية بشكل هام في الاقتصاد الأبخازي. و يعتمد سكان غوداوتا و سوخوم و أوتشامشيرا على إنتاج الشاي و الحمضيات. و قد تطورت زراعة التبغ بشكل خاص. و يُشكل ميناء سوخوم الأبخازي نقطة انفتاح على العالم الخارجي كما يمثل في نفس الوقت صلة وصل مع اسطنبول
يتواجد في القفقاس و تركيا النوع نفسه من التبغ. و يعتبر القسم الجنوبي ملائما من حيث المناخ و التربة لزراعة الزيتون و البرتقال و الليمون و الأوكاليبتوس و الأقاصيا (نوع من النبات المستخدم للزينة) و المالونيا و شجر بلوط الليلاج و كافة أنواع النخيل و قد تم استصلاح الغابات الكثيفة، التي تغطي أبخازيا منذ زمن طويل لزراعة أشجار الفواكه البرية و هكذا احتلت زراعة الفواكه مكانة بارزة في اقتصاد المنطقة كما استصلحت تلك الغابات أيضا لإنتاج خشب البناء و منتجات الغابة الصناعية. بالإضافة إلى كل هذا تم تجهيز سوخوم و ما حولها بعدد كبير من معدات و مستلزمات الشاطئ
إلى جانب جمال المناظر الطبيعية في محافظات بيسوندا و نيوأفون و ريتسا تتوافر هناك أيضا المياه المعدنية و الحمامات المعدنية و أماكن الاستجمام و تلعب تلك المحافظات دورا هاما في دعم اقتصاد المنطقة عن طرق السياحة
ملاحظة: أُخذت هذه المقالة عن "التكوين الاجتماعي والاقتصادي للجمهوريات التركية و الدول الإسلامية أثناء فترة إعادة التكوين" و التي قام بإعدادها "مركز البحوث الاقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط و الدول الإسلامية ـ جامعة مرمرة"
ـ أُخذت فقرة العلم الأبخازي بتصرف عن كتاب "الأبخاز الشراكسة أزل و أبد"، أميرة محمد مصطفى قبرطاي، 1994
منقول عن وقف القفقاس:
http://www.kafkas.org.tr/arabic/BG
قال الشيخ الألباني :
AF
قال الشيخ الألباني :
AS/bugunkukafkasya_abhazya.htm
ـ[النذير1]ــــــــ[16 - 08 - 08, 02:32 م]ـ
مما سبق يتضح أن المسلمين يشكلون غالبية سكان أبخازيا (85%) وغالبية سكان اوسيتيا الجنوبية (65%)
ملاحظة: رئيس جورجيا على علاقة وثيقة باليهود وإسرائيل وهناك وزيران اسرئيليان منهم وزير الدفاع الجورجي ووزير إعادة ضم مناطق الحكم الذاتي وأكرر اسرئيليان يهوديان.
ـ[ابن وهب]ــــــــ[16 - 08 - 08, 03:02 م]ـ
بارك الله فيكم ونفع بكم
هذه النسب تقديرية
وأما أن يكون نسبة المسلمين في أو ستيا الجنوبية 65 % فهذا محل نظر
فالمسلمين أقلية في أوستيا الجنوبية لا أكثرية
نعم قد تأثر أهل الإسلام من الحرب وقتل منهم عددكبير في أوستيا
وقد صلي عليهم صلاة الغائب في عدد من الجوامع في جورجيا
وكنت أود أن أفرد موضوع المسلمين في جورجيا في موضوع مستقل
وهذا عدد المسلمين ونسبتهم في جورجيا ككل
Gürcistan
قال الشيخ الألباني :
afkas ülkelerinden olan Gürcistan'da 650.000 kadar Müslüman ya?amakta ve ülke nüfusunun yakla??k % 11'ini olu?turmaktad?rlar. Gürcistan Müslümanlar?n?n % 47'sini Azeriler, % 20'sini Osetinler, % 14'ünü Abhazlar, % 19'unu da Acar Gürcüler olu?turmaktad?r. Acarlar olarak bilinen Müslüman Gürcüler ço?unlukla Acarya ?zerk b?lgesinde ya??yorlar. Buran?n ba?kenti Türkiye'nin Artvin iliyle s?n?r olan Batum. Müslüman Osetinler de ço?unlukla Güney Osetya ?zerk b?lgesinde ya??yorlar. Daha ?nce Gürcistan'a ba?l? olan Abhazya ?zerk B?lgesi uzun süren bir iç sava?tan sonra 1993'te ba??ms?zl???n? ilan etti. 600 bine yak?n nüfusa sahip olan
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(147/9)
Abhazya'da Müslüman Abhazlar nüfusun % 16's?n? olu?turuyor. Gerek Gürcistan'da ve gerekse Abhazya'da Müslümanlar geçmi?te uygulanan cahille?tirme politikas? dolay?s?yla dinlerini büyük ?lçüde unutmu? ve içinde bulunduklar? toplumun hayat tarzlar?n? alm??lar. Buralarda ?slâmi hayat?n yeniden canland?r?lmas? için etkili bir e?itim ve tebli? faaliyetine ihtiyaç var.
ـ[ابن وهب]ــــــــ[16 - 08 - 08, 03:14 م]ـ
Gürcü Müslümanlar, Rus tehdidinden kurtulmak ve bombard?manlarda ?lenlerin ruhlar?n? ?ad etmek için Allah'a dua etti.
Bugün Gürcistan'daki camilerde k?l?nan Cuma namazlar?n?n, bu ülkedeki Müslümanlar için anlam? daha fazlayd?. Osetya'da ya?anan insanl?k dram? ve masum sivillerin ?lmesi üzerine, Cuma namaz? için camilerde toplanan Gürcü Müslümanlar, Allah'tan ?lenlerin ruhlar?n?n rahmete kavu?mas?n? istedi. Gürcistan'a ba?l? Acara ?zerk B?lgesi'nin ba?kenti Batum'da k?l?nan Cuma namaz?nda da ülkedeki bar???n sa?lanmas? için dua edildi.
Batum merkezindeki 142 y?ll?k Orta Camii'nde k?l?nan Cuma namaz?na yüzlerce Müslüman ak?n etti. Camiyi dolduran Müslümanlar namaz sonras? el açarak ülkedeki kriz durumunun bitmesi için dua etti. Cat??ma ve bombalamalar sonucu ?lenler için fatihalar okundu.
Batum'daki Müslümanlar?n tek ibadet yeri olan Orta Camii, Osmanl? ?mparatorlu?u d?neminden kalma. 1866 y?l?nda yap?lan cami, Sovyetler Birli?i d?neminde ibadete kapat?lm??, Sovyet d?nemin ç?kü?ünün ard?ndan yeniden kullan?ma aç?lm??t?. Resmi olmayan rakamlara g?re Batum halk?n?n yüzde 40'? Müslüman.
GURCU MUFTU: "B?YLE B?R SAVA? H?C B?R D?N?N
قال الشيخ الألباني :
?TABINDA YO
قال الشيخ الألباني :
"
Cuma namaz? sonras? Cihan'a demeç veren Acara ?zerk B?lgesi Müslümanlar? Müftüsü Bekir Bolkvadze, çat??malarda ?lenlere Allah'tan rahmet, kalanlara da selamet dileklerini s?yledi. "Bu ate?in s?nmesini istiyoruz" diyen Gürcü müftü, sava?tan kimseye hay?r gelmeyece?ini, sadece Gürcistan'dakilerin de?il, bütün dünyadaki insanlar?n ?iddet olaylar?ndan uzak kalmas?n? dilediklerini belirtti. Bolkvadze, "Hiçbir din, hiçbir kitap, bu tür ?iddet olaylar?na izin vermiyor. ?n?allah sava??n ?iddeti en k?sa zamanda s?ner" diye konu?tu.
MUFTUDEN TUR
قال الشيخ الألباني :
?YE'YE TE?E
قال الشيخ الألباني :
قال الشيخ الألباني :
UR
Türkiye'ye de te?ekkür eden Gürcü müftü, "Türk medyas?nda g?rüyoruz ki, en erken ve en çok yard?m? Türkiye g?nderiyor. Hastanelerde yaral?lar, anas?z babas?z kalan çocuklar var; onlara da Türkiye yard?m ediyor. Bütün Acaristan Müslümanlar? olarak te?ekkür ediyoruz" diye konu?tu. Bolkvadze, Türkiye'nin hep güçlü olmas? gerekti?ini, bu sayede her zaman ihtiyac? olanlara yard?m edebilece?ini ekledi.
?smini vermek istemeyen bir Gürcü vatanda?? da, "Allah sizlerden raz? olsun, Gürcistan'a selamet getirsin, ?n?allah cenneti kazanmay? nasip etsin" diyerek Cihan ekibine dualar etti.
انتهى
وتأمل
( Rus tehdidinden kurtulmak ve bombard?manlarda ?lenlerin ruhlar?n?)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[16 - 08 - 08, 03:41 م]ـ
وبحسب الكلام المنقول فإن عدد المسلمين في جروجية 650 ألف يشكلون نسبة 11 %
منهم 47 % أتراك من الجنس التركي الأذري
20 % أوستيون
14 % أبخاز
19 % من الكرج المسلمين لعل أغلبهم في جمهورية
Acara
وفي الحقيقة كل هذه النسب تقديرية
وقد اختلف في نسبة المسلمين في Acara
وهذه الجمهورية على الحدود التركية
وفي الحقيقة هناك من يقول أن نسبة المسلمين في جورجيا أكبر من هذه النسبة (11 %)
تصل إلى 16 % أو أكثر
ولكن قول من قال أن نسبة المسلمين في أوستيا الجنوبية 65 % فهذا خطأ محض
والله أعلم
ـ[ابن وهب]ــــــــ[16 - 08 - 08, 05:47 م]ـ
المشاكل العرقية في القفقاس
بقلم: إيرول كارايل
توطئة
أصل المشكلة
داغستان
الشيشان
أنغوشيا
أوسيتيا الشمالية
جمهورية القبردي ـ بلقار
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(147/10)
جمهورية القراشاي ـ شركس
الأديغة
أبخازيا
أوسيتيا الجنوبية
أين الحل؟
توطئة
تفكَّكَ الاتحاد السوفيتي في 21 كانون الأول 1991 بموجب محادثات "المآت" (المآت هي عاصمة كازاخستان). فتشتت ملايين الناس الذين حرموا حريتهم و رضوا بالكفاف سنين طويلة متخلصين من كماشة الاقتصاد المغلق الذي لم تفلح محاولات إنعاشه بأي شكل، منتشرين في أنحاء الأرض. إن شدة هذا التغيير قد هزّت الكيان الروسي بأسره. في هذه الأثناء سارعت خمس عشرة جمهورية كبيرة إلى إعلان استقلالها. أما مناطق الحكم الذاتي والجمهوريات المتبقية فقد شكَّلت تحت ضغط من روسيا "الفدرالية الروسية"
ثم شكلت الجمهوريات المستقلة ـ و بضغط من روسيا أيضا ـ مع "الفدرالية الروسية ما يسمى "برابطة الدول المستقلة"
لقد تشكَّلت الكيانات الجديدة هذه بصورة سقيمة معتلة، لأن التغيير كان أسرع من أن يهضم. مما سبب عدم الاستقرار في الأراضي السوفيتية، و لا سيما في منطقة القفقاس. أما دول ما وراء القفقاس الثلاثة (جورجيا، أذربيجان، أرمينيا) و التي سبق أن أعلنت استقلالها لم تستطع أن تتفادى الحروب التي حرَّضتها روسيا عليها فأجبرت ـ و كما كان متوقعا ـ على الانضمام إلى رابطة الدول المستقلة بقيادة روسيا، حتى تتخلص من شراك الحرب التي دفعت إليها
و هكذا اضطرت أرمينيا أن تسمح بإنشاء ثلاث قواعد عسكرية روسية على أراضيها، و كذلك اضطرت جورجيا هي الأخرى أن تسمح بإنشاء أربع قواعد على أراضيها. إلا أن هذا لم يضع حلولا جذرية لمشاكل بلدان ما وراء القفقاس. و بإسدال روسيا الستار على المنطقة أصدر أمر وقف إطلاق النار، أما بقية المشاكل فقد جمّدت إلى أجل غير مسمى
بينما كان يحدث هذا في ما وراء القفقاس، كان القفقاس قد بدأ بالسخونة و منذ أمد بعيد
أصل المشكلة
ما هو منشأ المشاكل في القفقاس؟ لهذا السؤال الكثير من الإجابات التي يتمم بعضها البعض. إنه لمن المعروف حقا أن سبب الجرح النازف في المنطقة هو روسيا التي لا تستطيع كبح جماح رغباتها اللامتناهية. لطالما شكلت كل من تركيا و إيران عائقا أمام رغبة روسيا الدائمة بالنزول إلى البحار الدافئة منذ عهد "بيترو الأول"
و لطالما اصطدمت روسيا وجها لوجه مع منافسيها التاريخيين تركيا و إيران، إلا أنه في بداية القرن الثامن عشر فقدت كل من تركيا (العثمانيين سابقا) و إيران وزنها السياسي بين دول العالم، و لم تعد تشكل ذلك العائق في وجه تدخلات روسيا في القفقاس. و عندما لم تبد الدول الغربية الممتدة بمحورها الاستراتيجي من الشرق إلى الغرب أي اهتمام بالمنطقة، انفسح المجال أمام روسيا و أقدمت على احتلال القفقاس دون أن يكون هناك أية قوة لتردعها. و بكل بساطة تصف اليوم تلك الأراضي التي أبقتها تحت الاحتلال ما يزيد على 130 سنة بأنها "حديقتي الداخلية"
و هذا حرفيا ما عبّر عنه الرئيس الروسي بوريس يلتسن بصراحة مطلقة في بيان له في المجلس العام للأمم المتحدة بتاريخ 26/ 9 / 1995 ": ينبغي ألا ننسى أبدا أن هدف روسيا سواء في الفترة القيصرية أو في الفترة البلشفية أو ما بعدها لم يتغير ألا و هو: النزول إلى البحار الدافئة ... "
و طالما أن روسيا تحمل تلك المطامع فإنه لا يمكن للقفقاس ـ و هو يمثل الباب المفتوح لروسيا على الجنوب ـ أن يهنأ له عيش. و هناك منشأ آخر للمشاكل و هو ما خلفته روسيا في القفقاس من اقتصاد متداع. كذلك توجد معضلة أخرى تكمن في غنى الأراضي القفقاسية بثرواتها الباطنية من بترول و فحم و غيرها و ثرواتها الظاهرية من ثراء الطبيعة و هي ما يسيل لها اللعاب
لذا تتسابق كل البلدان القريبة من هذه المنطقة لأخذ حصتها من تلك الثروات و لا تود رفع أيديها عنها. لكن إذا ما افترضنا أن كل تلك المشاكل المتشابهة التي ذكرناها و التي لم نذكرها ممكنة الحل، و إذا ما تركناها جانبا فإننا نرى أن أكثر المشاكل عمقا إنما هو البنية العرقية و السكانية للقفقاس
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(147/11)
فإذا ما فصلنا أرمينيا و أذربيحان الواقعتين ما وراء القفقاس (معتبرين كلا من أبخازيا و أوسيتيا الجنوبية من المجموعات العرقية القفقاسية، و هاتين المنطقتين من جورجيا فقط تدخلان ضمن مقالنا هذا) و ألقينا بنظرة إلى تلك البنية العرقية و السكانية لرأينا بوضوح مدى فداحة المشكلة. يعيش في القفقاس أكثر من خمسين مجموعة عرقية، موزعة في تسع جمهوريات و مناطق ذات حكم ذاتي. فمن خلال سياسة التوطين المدورس المتبعة في زمن الشيوعية و خصوصا في فترة حكم ستالين برزت في الجمهوريات الصنعية المتشكّلة تنظيمات سكانية كثيرة إلى الحد الذي جعل من القفقاس "حقل ألغام عرقية". و بتعداد المناطق من الشرق إلى الغرب على التوالي: داغستان، الشيشان، أنغوشيا، أوسيتيا الشمالية، القبردي ـ بلقار، القراشاي ـ شركس، الأديغة، أبخازيا، أوسيتيا الجنوبية يمكننا تلخيص المشاكل العرقية التي تعيشها هذه المناطق القفقاسية كما يلي
داغستان
يعيش في داغستان أكثر من ثلاثين مجموعة عرقية و يبلغ عدد سكانها مليونا و ثمانمائة ألف نسمة، منها 32 % آفار، 15 % دارغين، 11,6 % ليزغي، 4 % تاباساران، 12 % قموق، 8 % نوغواي، 4 % أذربيجان، 3,2 % روس أما ما تبقى فهو من المجموعات الأخرى. و حتى في القرية الداغستانية الواحدة توجد مجموعات عرقية مختلفة. إن غنى داغستان بالغاز الطبيعي لم يشكل مشكلة عرقية إلا أنه يبقى هناك دائما احتمال لحدوثها
إذ أن اقتسام موارد الأراضي الغنية و نيل النفوذ السياسي يحرّض على نزاعات عرقية ما بين الليزغي، القموق، الدارغين، النوغواي، التاباساران. و تقف هذه المجموعات في وجه الآفار ـ الذين هم أكثر الفئات عددا ـ و تطلب "حكما ذاتيا"، كل يدافع عن سياسته القومية. و جميع تلك الفئات من أكبرها إلى أصغرها مسلّح
إن الحصول على سلاح في داغستان أمر سهل، ففي ضيعة خاساف يورت الداغستانية تباع الكلاشينكوف بمائتين و خمسين دولارا و المسدسات بمائة و عشرين دولارا في السوق المفتوح. و ليس غريبا أن تحصل مشادة بين عائلتين مختلفتين في انتمائهما العرقي فتكون مقدمة لنزاع داخلي حاد في داغستان. و المجموعة الوحيدة التي أفصحت عن رغبتها بالانفصال عن الجمهورية هي الليزغي و تتواجد في جنوب داغستان و شمال أذربيجان. فقد شكّل لزغيُّو أذربيجان الذين يريدون الحكم الذاتي منظمة إرهابية تحت اسم "سادورال" يقوم مناصروها بعمليات استفزازية كأعمال التخريب و تفجير القطارات
إن متعقبي الموضوع يبينون أن لروسيا إصبعا في تلك الأحداث ذلك أنها ترى أن عدم الاستقرار في المنطقة يخدم مصالحها. إذ يُراد التضييق على أذربيجان بحرب " قرا باغ " التي دوّختها من جهة، و بالأقلية من الليزغي في الشمال من جهة أخرى، و بحركات تاليش من جهة ثالثة. كل هذا لكي تقبل أن تمنح روسيا قاعدة عسكرية على أراضيها
إن الإسلام هو الدين الغالب في داغستان و له قوة مُوحِّدة قد منعت حتى الآن حدوث ما هو أسوأ من ذلك
الشيشان
قبل حرب عامي 1994 ـ 1996 التي خاضها الشيشانييون ضد روسيا و التي انتهت بنصر مشرّف كان عدد الشيشانييون 735 ألف نسمة. أما القسم الآخر من السكان فهم 200 ألف من الروس، 100 ألف من الأنغوش و اليهود و غيرهم. لكن الحرب قد غيّرت البنية السكانية بشكل كبير، فقد ترك قسم كبير من الروس المنطقة و التجأ عشرات الآلاف من الشيشانيين الذين بقوا بدون بيت و بدون أهل إلى الجمهوريات المجاورة
فالبلد قد أصبحت خرابا من أولها إلى آخرها و توقفت كل النشاطات الاقتصادية و أصبح الناس يعيشون كل يوم بيومه. و حتى وقت قريب لم يُعمل على تشكيل مؤسسات للدولة (يجب التوضيح هنا أن "أصلان مسخدوف" الذي تم انتخابه لرئاسة الدولة قد قام بتوحيد كلمة السلطة في المستويات العليا للدولة و ذلك بضم منافسيه السياسيين في الانتخابات "شامل باساييف" و "موفلادي أودوغوف" إلى الحكومة). الجميع في الشيشان من الصغير إلى الكبير مسلّح و لا يوجد سلام و أمان على الروح
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(147/12)
فالأجانب الذين يأتون إلى الشيشان أو إلى الجمهوريات المجاورة لها يتم خطفهم بتهديد السلاح ثم يُتركون لقاء فدية. و يقوم شيشانيون مُسلحون دوما بهجمات على الجمهوريات المجاورة مستخدمين الترهيب أو طرقا أخرى غير مشروعة لتكوين ثروة الأمر الذي سبَّب كره و نفور الشعوب المجاورة لهم. و كذلك يتم مع الأسف التدبير لعمليات تلقي بظلال سوداء على النصر المظفّر الذي أحرزه الشيشانيون ضد الروس و تهدف لتقويض أركان الاقتصاد
و لكن نأمل أن تتخطى الحكومة هذه المشاكل عبر تعزيز الانسجام القومي في المنطقة. إن علاقات القوزاق الذين يعيشون في قبيلة "ستافروبول كراي" الواقعة على الحدود الشمالية للشيشان باردة مع الشيشانيين. و هناك احتمال أن تتحول المناوشات بين الطرفين إلى نزاعات مسلَّحة
و حتى لو لم يكن هذا الاحتمال قويا إلا أنه موجود. و من جهة أخرى فإن تواجد الشيشانيين بكثرة في قرية "خاساف يورت" الداغستانية قد جعلهم يَدَّعون أنها يجب أن تكون تابعة لأراضيهم، لذلك فهناك مشكلة يحتمل ظهورها في أية لحظة. كذلك فإنه في النزاع الذي حدث بين الأوسيت و الأنغوش ـ بسبب سوء تفاهم سنبينه فيما بعد ـ قد انحاز الشيشانيون فورا إلى صفوف الأنغوش
أنغوشيا
من بين 160 ألف أنغوشي الذين يعيشون في الجمهورية، هناك ما يقارب 100 ألف من الروس و العناصر الأخرى. و قد بلغ عدد الملتجئين القادمين من الشيشان خلال الحرب الشيشانية ـ الروسية حوالي 100 ألف نسمة. و رغم أن الأنغوشيين يتكلمون نفس اللغة الشيشانية إلا أنهم يرون أنفسهم مختلفين عنهم، فقبل حرب الشيشان انفصل الأنغوشيون عن جمهورية الشيشان ـ أنغوشيا ليكونوا جمهورية مستقلة، غير أنهم لم يلقوا الدعم الكافي من حكومة غروزني بسبب انفصالهم و تكوينهم المختلف و مشاكلهم مع الأوسيت. منذ القدم و الأنغوشيون يعيشون على الضفة اليمنى لنهر "التيرك" و الأوسيت على الضفة اليسرى. ثم أنشأت روسيا عام 1874 مدينة فلادي قفقاس كقلعة عسكرية يمر من وسطها نهر "التيرك"، و كان طرفه الأيسر للأوسيت و الأيمن للأنغوش. و أثناء الحرب العالمية الثانية نفي الأنغوشيون إلى سيبيريا فأعطيت المنطقة التي كانوا يشغلونها إلى الأوسيت و يطلق اليوم عليها اسم "بريغورودني رايون". في عام 1957عندما أصدر كروشتشيف العفو عن الأنغوشيين عادوا إلى أوطانهم منادين بأحقيتهم في "بريغورودني رايون" إضافة إلى سبعة قرى كانت أنغوشِّية قديما، إلا أنهم لم يتمكنوا من استرجاعها. و في الفترة الشيوعية كانت تقوم بشكل دائم نزاعات مسلحة و تحصل مذابح ما بين الأسيت و الأنغوش كان آخرها في عام 1992 حيث أخمدت الصعوبات بصعوبة بالغة. و يمكن في أية لحظة أن تحصل نزاعات كبيرة على حدود أوسيتيا الشمالية ـ أنغوشيا
أوسيتيا الشمالية
يبلغ عدد سكان أوسيتيا الشمالية 632 ألف نسمة. منهم 52 % أوسيت، 29 % روس، 5 % أنغوش، 14 % مجموعات أخرى. و قد أوضحنا أعلاه المشكلة ما بين الأوسيت و الأنغوش. إن كون أكثر الأوسيت مسيحيين أرثوذوكسا قد وطد روابط حميمة لهم مع الروس عبر التاريخ. و كان الأوسيت قد استوطنوا هذه المنطقة قبل الروس و لم تقع أرضهم تحت الاحتلال إلا عندما تم الفصل بين شرق القفقاس و غربه. لذا فإن علاقات أوسيتيا و منذ القدم باردة مع بقية شعوب القفقاس، و لم يحدث أبدا أن تدخلت في أي نشاط فعَّال ضمن التنظيمات التي أسسها شعب القفقاس. في الحرب الشيشانية ـ الروسية الأخيرة كان وجود مركز لقاعدة عسكرية في عاصمة أوسيتيا فلادي قفقاس, تشن روسيا منها غارات جوية على الشيشان و تقدم إمدادات عسكرية للجيش, قد أغضب الشيشانيين و أضاف سببا جديدا للنزاع بين الشيشانيين و الأوسيت حتى أنهم كادوا أن يخوضوا حربا ضد الأوسيت. أما سبب الجهود التي تبذَل من أجل توحيد أوسيتيا الشمالية مع أوسيتيا الجنوبية فهو تلك البرودة التي تسود علاقات أوسيتيا الشمالية و جورجيا
جمهورية القبردي ـ بلقار
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(147/13)
يبلغ عدد سكان الجمهورية 753 ألف نسمة منهم 48 % قبردي، 9 % بلقار، 32 % روس، 11 % عناصر أخرى. و لقد نُفي البلقاريون إلى سيبيريا عام 1944 تماما كما حصل لكل من الشيشان و الأنغوش، و لدى عودتهم من المنفى عام 1957 ادَّعُوا أنهم لم يتمكنوا من استرجاع كل أراضيهم و أنهم يعانون من الضغط الثقافي و السياسي للقبردي، فشكلوا منظمة تحت اسم تورية تناضل من أجل استرجاع "حقوقها". و في هذه الأثناء ارتفعت أصوات أعضاء المنظمة عالياً مجاهرة برغبتهم في الانفصال عن جمهورية القبردي ـ بلقار. و يطالب البلقاريون بنصف العاصمة نالتشيك و كذلك بالحدود الجبلية الجنوبية للبلد. و تُقدِّم المنظمات التركية الموجودة ضمن روسيا دعما سياسيا للبلقاريين. إلا أن انقسام الجمهورية ''بالحسنى'' إلى اثنتين ليس بالأمر الهين. يعود ذلك إلى أهمية "مينغيتاف" لدى البلقاريين، و كذلك أهمية "أوشخمافة" لدى القبردي، فقد دخلت في صميم أساطيرهم و ضربت جذور كلا الشعبين عميقا في هذا التراب. و تعمل مجموعات من الطرفين على التسلح المستتر في الخفاء، و الويل كل الويل إذا ما بدأ انفجار الصراع المسلح، فلن تبقى المسألة محلية محدودة في نطاق الجمهورية، بل ستتحول المنطقة بانضمام الآتين من الجمهوريات المجاورة للحرب إلى بحيرة من الدماء. و في نفس الوقت تستمر النزاعات المسلحة بين البلقاريين و جيرانهم الأوسيت في الشرق بسبب الخلاف على تقاسم الأراضي
جمهورية القراشاي ـ شركس
القراشاي هو شعب مؤاخي للبلقار و يبلغ عدد القراشاي في الجمهورية 130 ألف نسمة، منها 31 % قراشاي، 42 % روس،10 % شركس، 7 % أبخاز، 3 % نوغواي، 7 % أوكرانيين و غيرهم. عاش القراشاي في منطقتهم المتمتعة بالحكم الذاتي منذ عام 1926 و حتى الوقت الذي نفوا فيه عام 1944. و عندما صدر العفوعلى المنفيين عام 1957 عادوا إلى أراضيهم السابقة. إلا أنهم لم يُمنحوا الحكم الذاتي مرة أخرى. بل أدخلوا تحت إدارة منطقة القبردي ـ تشركس ذات الحكم الذاتي. و حسب الدعاية المغرضة التي تبثها روسيا فإن العلاقات مقطوعة ما بين القراشاي و كل من الشركس و الأبخاز و الروس و الأوكرانيين الموجودين في الجمهورية. و تعبيرا عن تطلعات القراشاي للانفصال عن منطقة القبردي ـ تشركس و تأسيس جمهورية أخرى خاصة بهم، فقد أقاموا تنظيما باسم "جماغات". و قام تحت رعاية هذه المنظمة مجلس ممثلي شعب القراشاي مجتمعين في 17 تشرين الثاني من عام 1990 بتنظيم مؤتمر أعلن فيه استقلال القراشاي، إلا أن موسكو لم تعترف بهذا القرار. و لقد خلق إعلان القراشاي لاستقلالهم توترا بينهم و بين كل من الشركس و الأباظة و الروس و الأوكرانيين المتواجدين في المنطقة. و يُعبِّر الأبخاز القاطنين في المنطقة عن معاناتهم نتيجة الضغط الذي يمارسه عليهم القراشاي. إذ يسود النفور و التوتر المنطقة بكل معنى الكلمة. و إذا لم يتصرف زعماء المجموعات العرقية بعقلانية فإنه يمكن و بكل لحظة أن يندلع نزاع ما في المنطقة. و من جهة أخرى يتابع القراشاي أخبار البلقاريين عن كثب، و من المؤكد أن البلقاريين سيصدر عنهم نفس ردة الفعل إذا ما سمعوا بنزاع ما في منطقة القراشاي. كذلك علينا أن نذكر أن جمهورية أبخازيا المجاورة لجمهورية القبردي ـ تشركس تتتبع عن كثب أخبار الأبخازيين هناك
الأديغة
يبلغ عدد سكان الأديغة 432 ألف نسمة، منها 22 % أديغة، 68 % روس، 3 % أوكرانيين، 7 % عناصر أخرى. في الأديغة لا يوجد أي نزاع بين الفئات المذكورة. إلا أنهم غير راضين عن وضع الأقلية التي جرى توطينها ضمن أراضيهم. يعمل الأديغة و بالطرق السياسية على اتخاذ التدابير التي تدعم وجودهم و تقوي ثقافتهم. يبلغ عدد الشابسوغ عشرة آلاف و هم يتكلمون نفس لغة الأديغة و يتواجدون على طول شاطئ البحر الأسود و يعمل الأديغة على إكسابهم مكانة بينهم بهدف دمجهم في بوتقتهم
أبخازيا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(147/14)
كانت أبخازيا في فترة الحكم السوفيتي جمهورية ذات حكم ذاتي تابعة لجورجيا. وعند إعلان جورجيا لاستقلالها قامت أبخازيا هي الأخرى أيضا بإعلان استقلالها. و قد قابلت جورجيا هذا القرار برفض عنيف. و في الرابع عشر من آب عام 1992 قام الجيش الجورجي باحتلال أبخازيا. و بعد سنة من الحرب الدامية نجح الأبخاز في طرد الجورجيين من أراضيهم و كان ذلك في 30 أيلول 1993. و عندها حصلت أبخازيا على استقلالها فعليا. طلبت جورجيا مساعدة رويا من أجل ضم أبخازيا مجددا إلى أراضيها. فتدخلت القوات الروسية لمساعدة جورجيا مقابل إعطائها إذنا لتأسيس قاعدة عسكرية روسية ضمن الأراضي الجورجية، و كذلك مقابل دخولها في رابطة الدول المستقلة. و منذ عام 1996 حتى الآن تقوم كل من روسيا و جورجيا بفرض حصار على كل احتياجات الحياة الأساسية. و لا يبدو أن المشكلة وشيكة الحل في الوقت الراهن. لم يؤثر ذلك الحظر مائة بالمائة على الشعب الأبخازي لأن الأراضي الأبخازية فيها من البركة و الخير ما يكفي لتلبية حاجات مواطنيها الغذائية. لا بد أن يعاود رئيس جورجيا " شفردنادزة " الكرة في الهجوم على أبخازيا حين يجد نفسه قويا بما فيه الكفاية. هذا و إن الشعب الأبخازي كله مسلح، إذ تعاني البلد من مشكلة الأمن حيث تقع من وقت لأخر حوادث سلب و نهب و جرائم. يتكون الشعب في أبخازيا اليوم من 100 ألف أبخازي، 90 ألف جورجي، 80 ألف أرمني، 60 ألف روسي، 10 آلاف تركي بالإضافة إلى 50 ألف من عناصر مختلفة.
أوسيتيا الجنوبية
هي عبارة عن منطقة ذات حكم ذاتي تابعة لجورجيا. يبلغ عدد سكانها 100 ألف نسمة 66 % منهم أوسيت. و يعيش في المنطقة 28 ألف جورجي و 6 آلاف من شعوب مختلفة. ارتحل شعب الأوسيت في القرنين الثالث عشر و الرابع عشر الميلادي أثناء اجتياح جيوش المغول للقفقاس متجاوزين سلسلة جبال القفقاس و أتوا إلى جورجيا و استوطنوا فيها منذ ذلك الوقت. و في الفترة السوفيتية تأسست جمهورية أوسيتيا الجنوبية. و عندما أفصحت الجبهة الوطنية في أوسيتيا الجنوبية عام 1989عن رغبتها بالانفصال عن جورجيا و الاتحاد مع أوسيتيا الشمالية لتكوين جمهورية موحدة، قابلت جورجيا هذا الأمر بردة فعل شديدة. و في صيف عام 1989 نشبت نزاعات عنيفة بين الجورجيين و الأوسيت، دخل على إثرها الجيش الجورجي إلى أوسيتيا في أيلول عام 1989. و استمرت النزاعات بشكل متقطع خمسة أشهر. و في نهاية عام 1990 ألغت حكومة "زفياد غامسخورديا" الحكم الذاتي في أوسيتيا الجنوبية. و قد قُتل في نزاعات 1991 حوالي الثلاثين إنسانا. اشتدت النزاعات في الأشهر الأخيرة من نفس العام و دخل الجورجيون القرى. و قد جرت السيطرة على تلك النزاعات عام 1992 بصعوبة جمة. و ما تزال المنطقة تُدار حتى الآن بقانون عرفي. و من الممكن توقع حدوث نزاعات أخرى في أية لحظة
أين الحل؟
إنه لمن الأسباب التي تعرقل حل المشاكل في القفقاس كون الزعماء في المنطقة من أفراد الطاقم الشيوعي القديم. إن هذا الطاقم الماركسي الذي "أصبح ديموقراطيا في ليلة واحدة" لا يعكس إرادة الشعب و لا تطلعاته، بل يدير سياسته بإيعاز من روسيا. و بذلك يصبح من السهل على روسيا تحريكه بأصابعها. لذا لن تجد مشاكل القفقاس طريقها إلى الحل إلا إذا زال النفوذ الروسي من القفقاس
لكي يتحقق هذا ينبغي تنحية من يناصرون الروس عن الحكم. و يجب أن يجتمع كل زعماء المجموعات القفقاسية الذين يتحلون بالعقلانية و يَعُوا حقيقة بئر النار الذي دفعوا إليه حتى يأخذوا احتياطاتهم. و لا بد من الإيضاح أن الإسلام وحده هو الملاط الجامع الذي سيمسك "موزاييك" القفقاس المكون مما يربوا على الخمسين شعبا فقوة الإسلام ـ رغم ضعف الإلمام بمبادئه وعلومه ـ هي التي تحول دون وقوع منازعات بين المِلل الداغستانية المختلفة. و إنه لمن الخطأ الكبير اعتبار المشاكل التاريخية التي كانت قد جرت في القفقاس جذورا للمشاكل الداخلية الموجودة بين الشعوب القفقاسية، إذ ظل الدين عبر التاريخ هو العنصر الفيصل في الحرب، حيث خاضت المجموعات القفقاسية المسلمة ـ على الدوام ـ حروبا مشتركة ضد قوى الاحتلال غير المسلمة، و لم تقع أية حرب بين المجموعات المسلمة في المنطقة قط. و إن ما سمي في الفترة السوفيتية "بحروب القفقاس" قد فهم الجميع حقيقتها على أنها " حروب روسيا ـ القفقاس". فلقد كان الإسلام هو منبع القوة الأساسي الذي زاد من ضراوة المقاومة و شد من أزر الوحدة و التعاون بين القفقاسيين في الحروب التي امتدت طيلة أربعة قرون
و إذا ازدهر الإسلام الأصيل في القفقاس على حقيقته سيدرك سكانه ببساطة زيف المشاكل القائمة بينهم و ستقوى أواصر المحبة في قلوبهم و هذا ما سيجعل العناصر التي تم توطينها فيما بعد تتقبل دين السكان المحليين ألا و هو الإسلام، و بإزالة العدو التاريخي للقفقاس سوف يعيش الجميع في غمار السعادة و الاستقرار، و هذا هو أقصر الطرق لبلوغ الهدف و أكثرها حسما. و ليس هناك أدنى ريب في كون الإسلام خير بيئة لتوحيد سكان القفقاس و أفضل منهج يمكنهم من متابعة حياتهم في جو من السعادة و السلام
من موقع وقف القفقاس
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(147/15)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[16 - 08 - 08, 05:52 م]ـ
تنبيه
حتى موقع وقف القفقاس ينقل المقالات من المجلات والمعلومات تكون قديمة أو هي محل نظر
وانظر مثال على ذلك
أوستيا الجنوبية
http://www.kafkas.org.tr/arabic/BG
قال الشيخ الألباني :
AF
قال الشيخ الألباني :
AS/bugunkukafkasya_southosetia.htm
أخذوا المعلومات عن
ملاحظة: أُخذت هذه المقالة من الموسوعة العلمية السوفيتية لأذربيجان، و قد نُشرت في مكتوبات القفقاس صيف عام 1998، العام الأول، العدد الرابع
فلينتبه لهذا
ـ[ابن وهب]ــــــــ[16 - 08 - 08, 05:56 م]ـ
وحتى قولهم أن نسبة المسلمين في أبخازيا 85 %محل نظر
وانظر جدول التعداد السكاني
في المشاركة
8
وموقع وقف القفقاس نقل ذلك عن
(
ملاحظة: أُخذت هذه المقالة عن "التكوين الاجتماعي والاقتصادي للجمهوريات التركية و الدول الإسلامية أثناء فترة إعادة التكوين" و التي قام بإعدادها "مركز البحوث الاقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط و الدول الإسلامية ـ جامعة مرمرة")
انتهى
ولا أظن هذا الحرف في الدراسة بل لعله من زيادات الموقع على الدراسة
وأما القول بأن نسبة أهل القبلة في أوستيا الجنوبية 65 % فذلك خطأ محض و لم يوجد في موقع القفقاس
بل انفرد بذلك ناقل الخبر محمد سعيد
والله أعلم
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[17 - 08 - 08, 09:17 ص]ـ
ولكن قول من قال أن نسبة المسلمين في أوستيا الجنوبية 65 % فهذا خطأ محض
والله أعلم
الشمالية والجنوبية كلاهما ذات أغلبية نصرانية
ـ[ابن وهب]ــــــــ[17 - 08 - 08, 09:38 ص]ـ
لا الشمالية يمكن يبلغ نسبة المسلمين فيها 53 % بسبب وجود أقليات من أجناس كثيرة غير الاستونيين
وبسبب هجرة الكثير من المناطق المضطربة إلى جمهورية أوستيا الشمالية
كذا قيل وهو محل نظر
هذا الكلام قبل الحرب الأخيرة فليعلم
والله أعلم
قال الشيخ الألباني :
uzey Osetya, tam ad?
قال الشيخ الألباني :
uzey Osetya-Alanya Cumhuriyeti,
قال الشيخ الألباني :
uzey
قال الشيخ الألباني :
afkasya'da Rusya Federasyonu üyesi bir cumhuriyettir. Yüz?lçümü 8.000 km², nüfusu 710.275 (2002), ba?kenti ?invali Nüfusun %62.7'si Oset (445.310), %23.2'si Rus (164.754), %3'ü ?ngu? (21.442), kalan? Ermenidir. Osetlerin ço?unlu?u Ortodoks H?ristiyan, küçük bir b?lümü Sünnî/Hanefî Müslümand?r.
بحسب عام 2002
710000
62% أوستن
23 % روس
الخ
ويقول المقال أن أغلبية الاوستن نصارى ولكن يوجد من اعتنق منهم الإسلام (المذهب الحنفي السني)
وهذا مقال مترجم غير معتمد
وإلا فانظر في المشاركة رقم ستجد أن نسبة 20 % من مسلمي جورجيا من الاوستن
ولا أدري لماذا أهل الإسلام يترجموا ما يذكره الغربيون
فكان الواجب على الأتراك تحري الدقة وكذلك على وقف القفقاس
وكما قلت لا توجد إحصائية دقيقة أبدا
والمصادر الغربية والروسية غير نزيهة
والمسلمين يبالغوا
فيظل الموضوع محل شك وريبة
ـ[ابن وهب]ــــــــ[17 - 08 - 08, 10:29 ص]ـ
-------
ـ[النذير1]ــــــــ[18 - 08 - 08, 12:03 م]ـ
الأربعاء 11 من شعبان1429هـ 13 - 8 - 2008م الساعة 09:46 م مكة المكرمة 06:46 م جرينتش
الصفحة الرئيسة-> تقارير -> تقارير و مقالات 8/ 17/2008 8:49:43 PM
http://www.islammemo.cc/Tkarer/Tkareer/2008/08/13/67992.html
وليد نور
Noor1425@hotmail.com
مفكرة الإسلام: مع تسارع الأحداث التي تشهدها منطقة القوقاز والحرب الدائرة بين جورجيا وروسيا انشغل كثيرون في تحليل الأسباب الروسية لموقفها من جورجيا، والكشف عن الأدوار الأمريكية في هذه الحرب الدائرة، غير أنه يجب علينا ونحن نتابع هذه الأحداث ألا ننسى إخواننا المسلمين الذين يمثلون وجودًا كثيفًا في هذه المنطقة، والتي كانت ذات يوم خاضعة للإسلام قبل أن تجتاح الثورة الشيوعية هذه المناطق، وقبل أن ينزل بها "جوزيف ستالين" (الجورجي الأصل) ما أنزله بالمسلمين من اضطهاد وتهجير وحرب على العقيدة والدين.
في هذا المقال نحاول الكشف عن الوجود الإسلامي في دولة جورجيا وموقعهم في هذا الصراع الدائر.
الإسلام في جورجيا:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(147/16)
قبل ظهور الإسلام، كانت النصرانية هي الديانة الرسمية لأهل جورجيا وذلك منذ عام 533م بعد أن غزاها الرومان ثم البيزنطيين، غير أن الإسلام وصل إلى هذه المناطق مبكرًا جدًا, حيث وصلها المسلمون في عام 25 هجريًا بعد فتح أرمينيا وأطلق عليها المسلمون اسم "بلاد الكرج" أو "كرجستان" ويتضح من الاسم قربه الشديد من الاسم الحالي للبلاد وهو "جورجيا".
وشهدت جورجيا في ظل الإسلام ازدهارًا كبيرًا حتى باتت مدينة "تفليس" (وهي العاصمة الجورجية اليوم والتي تدعى تبليسي) عاصمة لإمارة إسلامية قوية في هذه المنطقة.
وتمتعت بلاد الكرج بصلات وثيقة مع الدول الإسلامية المتعاقبة مثل سلاجقة الروم (1077 - 1299) ومن بعدها الدولة العثمانية (1299 - 1923).
ومع صعود روسيا كقوة إقليمية في عهد القياصرة، بدأ المسلمون يتمركزون في مناطق معينة في جورجيا، كانت أهم هذه المناطق، منطقة "أبخازيا"، و"أجاريا"، وأوسيتيا الشمالية، فضلا عن وجودهم في المناطق الأخرى.
وظلت أبخازيا دولة مستقلة حتى عام 1911م، وفي أعقاب انتصار الثورة البلشفية في روسيا، سمح لينين للمسلمين الأبخاز عام 1921م بإقامة دولة مستقلة لهم سميت وقتها (بلاد الأباظة المسلمة)، واستمرت هذه الجمهورية المستقلة تحكم نفسها بنفسها بواسطة دستورها الخاص لمدة عشر سنوات حتى عام 1931م عندما أمر جوزيف ستالين بضم أبخازيا (المسلمة) لجورجيا (المسيحية) كجمهورية ذات حكم ذاتي تابعة لجورجيا.
مسلمو جورجيا في ظل العهد السوفيتي:
عانى مسلمو جورجيا مثلما عاني بقية المسلمين في أنحاء الاتحاد السوفيتي من سياسات القمع الشيوعية والتي تمثلت في التهجير والنفي والتوطين القسري والذي استخدمه ستالين بقوة ووحشية في الثلاثينيات ضد المسلمين بشكل خاص.
وأدت هذه السياسات إلى هدم خريطة أبخازيا الديموجرافية، وأعادت تشكيلها من جديد فقد دفعت الحكومة المركزية الشيوعية بأعداد كبيرة من الروس والأرمن والجورجيين إلى أبخازيا حيث تم غرسهم في أرض ليست أرضهم في الوقت الذي نفت فيه تلك الحكومة عائلات جمّة من الأبخاز إلى خارج أرضهم وديارهم فتقلص تعداد سكان أبخازيا الأصليين من المسلمين وتدنت نسبتهم وصاروا أقلية في بلادهم بعد أن كانوا الكثرة الغالبة.
فكان الأبخاز يمثلون 85% من السكان في النصف الثاني من القرن التاسع عشر لكنهم بعد عمليات التهجير لهم مقابل عمليات الإحلال لجنسيات أخرى صاروا يشكّلون 17% فقط.
وبلغت السياسات الشيوعية أوجهها حتى اضطر المسلمون معها إلى الهجرة خارج أراضيها، وانتشروا في مصر (وإلى الأبخاز تنتسب عائلة أباظة الشهيرة) والأردن وتركيا وسوريا.
وكما هو المعتاد، فقد تركّزت حملة الإبادة بصفة خاصة على المثقفين من الأبخاز، وإمعانا في طمس الهوية واندثار التاريخ قامت جورجيا من جهتها بإحراق الأرشيف الوطني، ودار المتحف الوطني، ومعهد الأبحاث العلمية واللغوية في محاولة لقطع جذور هذا الشعب من التاريخ.
غير أن المسلمين هبوا أكثر من مرة للمطالبة بحقوقهم ورغم قسوة الحملات الشيوعية التي استهدفت المسلمين فإن ذلك لم يثنيهم عن استمرارهم في المطالبة بالاستقلال.
وفي عهد خروشوف هب المسلمون مرة أخرى للمطالبة بحقهم في الاستقلال لكن السلطات السوفيتية ردت عليهم بحملة وحشية حتى قضت على حركتهم.
وتكررت الثورة الشعبية في سنوات 1978 و1981 وكادت تصل إلى حالة الحرب، واستمرت القلاقل في أبخازيا حتى نهاية عقد الثمانينيات، وهكذا قوبلت أي تحركات للأبخاز على امتداد ستة وستين عاما (1926 - 1992م) للمطالبة بالاستقلال بالقمع الوحشي كما قوبلت أي مطالبة بالحقوق المشروعة بالرفض التام والتهديد بالانتقام.
استقلال أبخازيا:
ومع انهيار الاتحاد السوفيتي، ألغت سلطات جورجيا برئاسة "إدوارد شيفرنادزة" الدستور الجورجي الذي كان يحمي حقوق الأقليات ويسمح بجمهوريات ذات حكم ذاتي، وكان من الطبيعي أن ترد سلطات أبخازيا بإعلان استقلالها وعودتها لدستور عام 1925م، وبالتالي سيادة المسلمين على إقليمهم الذي يُعَدّ أحد الطرق الإستراتيجية الهامة التي يطل منها الاتحاد السوفيتي القديم على موانئ البحر الأسود والمياه الدافئة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(147/17)
رد شيفرنادزة على إعلان المسلمين الاستقلال بإرسال عشرات الآلاف من الجيش الجورجي لاحتلال أبخازيا وعاصمتها سوخومي، واحتج وقتها بحماية الأقليات الجورجية والروسية، واستطاعت القوات الجورجية احتلال العاصمة الأبخازية سوخومي عاصمة الإقليم وبعض المراكز الساحلية الهامة وفرت القوات الأبخازية إلى الشمال على الحدود الروسية.
نجحت القوات الجورجية في إعادة تجميع نفسها وتشكيل جيش قوي نجح في خوض غمار حرب طويلة مع الجيش الجورجي، وانضم إلى القوات الجورجية متطوعو شمال القوقاز وجلهم من الشيشان، ونجحت القوات الأبخارية في حصار وطرد هذه القوات الجورجية، واستعادة سيطرة المسلمين على أراضيهم وبلادهم في سبتمبر 1992م، غير أنه منذ ذلك الوقت لم تعترف دولة واحدة باستقلال أبخازيا.
وعلى الرغم أن هذه الحرب السابقة ألحقت خسائر فادحة بالمسلمين في الأرواح والبنية التحتية إلا إن من أهم مكاسبها هو أن الآلاف من الجورجيين الذين استوطنوا الإقليم تركوه مما أعاد الغلبة في الإقليم للأبخاز المسلمين من جديد.
حجم الوجود الإسلامي في جورجيا وأبخازيا:
تقدر المصادر الجورجية والعالمية حجم المسلمين في منطقة جورجيا وما حولها من جمهوريات بقرابة نصف مليون مسلم، وهي ما يمثل 10% من عدد سكان جورجيا والجمهوريات المحيطة بها، وهذه النسبة نرى أنها أقل من النسبة الحقيقية للمسلمين في المنطقة، ولكن لابد أن نشير إلى أن المسلمين تمركزوا بشكل كبير في ثلاث مناطق أبخازيا وآجاريا وأوسيتيا الشمالية (التابعة لروسيا) وتوجد نسبة كبيرة منهم في أوسيتيا الجنوبية.
وهذه المناطق الأربعة هي الأقاليم الأربعة التي تسعي الحكومة الجورجية إلى استعادتها وإخضاعها لسيادتها.
وإذا كان المسلمون متمركزون في هذه الأقاليم، فإن نسبتهم في جمهورية "آجاريا" الخاضعة حاليا لجورجيا لا تقل عن 90%، بينما تزيد نسبتهم في جمهورية "أبخازيا" عن 50% وليس صحيح ما تذكره بعض المواقع (موقع الجزيرة نت) أن نسبتهم في جمهورية أبخازيا 10% فقط، لأن تلك هي نسبتهم في جمهورية أوسيتيا الجنوبية ذات الوجود النصراني بعكس جمهورية أوسيتيا الشمالية ذات الوجود الإسلامي الكبير.
(يراجع في هذه النقطة: كتاب المسلمون في آسيا الوسطي والقوقاز، مصطفى دسوقي كسبة، وكتابه كذلك عن الشيشان).
موقف القوى الدولية من مسلمي المنطقة:
نشير في هذه النقطة إلى موقف القوى الإقليمية والدولية من مسلمي المنطقة، وهو كما يلي:
1 - جورجيا:
حاربت جورجيا المسلمين قديمًا وعملت على طمس هويتهم ولا تزال تمارس جورجيا هذه الحرب ضد المسلمين، خاصة وأن النظام الجورجي الحالي جوهر مشروعه هو استعادة جورجيا الكبرى بأقاليمها الأربعة (والتي تشمل أبخازيا وأجاريا).
ولابد أن نشير إلى أن النظام الحالي لا يختلف على عن نظام ادوارد شيفرنادزة الذي صرح وزير خارجيته إبان الحرب الجورجية – الأبخازية عن أن بلاده على استعداد للتضحية بـ 100 ألف جورجي لقتل 100 ألف مسلم أبخازي، وترك الأمة الأبخازية المسلمة دون ذرية أو هوية.
كما أن النظام الحالي المدعوم أمريكيًا، استغل الحرب على الإرهاب لاضطهاد وتعذيب المسلمين في شتى الأقاليم المنفصلة عن جورجيا، حيث يبرر الزعماء الجورجيين أمام العالم ما يقومون به بأنه حرب على الإرهاب، وقد أدت حملات الاضطهاد المستمرة إلى تدهور أحوال المسلمين في جورجيا، الذين بقوا أسرى الفقر والتهميش علاوة على قلة الوعي الديني لديهم، نتيجة افتقادهم الواضح للمؤسسات الدينية، وعدم قدرتهم على تشييد مساجد ومراكز إسلامية لزيادة وعي أطفالهم وشبابهم بتعاليم الدين.
ويعد الرئيس الجورجي الحالي ميخائيل سكاشفيلي، من أبرز المناهضين للإسلام والمسلمين في البلاد، فهو الذي شن الحرب على أصلان آباشدزه رئيس جمهورية أجاريا المسلمة؛ لكي يبعده عن جورجيا؛ لأنه كان مسلمًا ويسعى إلى أسلمة الإقليم ويدعم الفكر الاستقلالي.
2 - روسيا:
أما روسيا فإن موقفها من المسلمين في الاتحاد السوفيتي السابق واضح وجلي فهي لا ترضي إلا بمسلمين خاضعين لها ولسلطانها كما هو الحال في الشيشان، أما تأييدها لأبخازيا فإنما ذلك نكاية في جورجيا التي ارتمت في أحضان أمريكا، ونشير هنا إلى أن الرئيس الجورجي السابق شيفرنادزة عندما أراد أن يميل تجاه واشنطن دعمت موسكو أبخازيا وقتها بالأسلحة، غير أنه لما عاد إلى الحظيرة الروسية انقلبت موسكو على أبخازيا ولم تعترف بها دولة مستقلة حتى الآن.
فروسيا لم تدخل هذه الحرب دفاعًا عن المسلمين أو نصرة لهم إنما هي تستغل قضيتهم لتحقق أغراضها وأهدافها.
3 - أمريكا:
أما أمريكا والتي يعتقد البعض أنها تهدف من دعم جورجيا النكاية في روسيا، ولكن هناك هدف آخر هو محاربة الإسلاميين في هذه المنطقة، فالرئيس الأمريكي جورج بوش صرح وهو يدافع عن إرسال قوات إلى الفليبين وجورجيا بأن هدف الأمريكيين الأهم هو محاربة القوى الإسلامية في هذه المنطقة كي لا تتحول إلى أفغانستان أخرى.
كما أن الرئيس الجورجي السابق إدوارد شيفرنادزة الذي فشل في حربه ضد مسلمي أبخازيا سعى لإطلاق تحذير من اتخاذ تنظيم القاعدة لهذه المناطق المحاذية قاعدة جديدة لها؛ لجذب القوات الأمريكية لخوض حرب بالوكالة عنه ضد المسلمين الأبخاز، وعلى نهجه سار سكاشفيلي المدعوم أمريكيًا.
وهكذا نرى أن المسلمين في هذه المنطقة يعانون من حرب جماعية موجهة ضدهم تستغل الصمت الإسلامي والجهل الإعلامي بقضاياهم وظروفهم كما حدث في قضايا ومناطق أخرى كثيرة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(147/18)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[18 - 08 - 08, 12:50 م]ـ
بارك الله فيكم ونفع بكم
(فإن نسبتهم في جمهورية "آجاريا" الخاضعة حاليا لجورجيا لا تقل عن 90%، بينما تزيد نسبتهم في جمهورية "أبخازيا" عن 50% وليس صحيح ما تذكره بعض المواقع (موقع الجزيرة نت) أن نسبتهم في جمهورية أبخازيا 10% فقط، لأن تلك هي نسبتهم في جمهورية أوسيتيا الجنوبية ذات الوجود النصراني بعكس جمهورية أوسيتيا الشمالية ذات الوجود الإسلامي الكبير.
(يراجع في هذه النقطة: كتاب المسلمون في آسيا الوسطي والقوقاز، مصطفى دسوقي كسبة، وكتابه كذلك عن الشيشان).)
انتهى
نسبة المسلمين في acara لا تصل إلى 90 %
ويكفي في الرد على هذا
أن عدد المسلمين في جورجيا 650 ألف (أو يزيد)
منهم
19 % من الكرج ويدخل معهم (اللاز)
وعدد سكان acara
400 ألف تقريبا
فلو كانت نسبة المسلمين فوق 90 %
لكان نسبة المسلمين الكرج من مجموع سكان جورجية أكثر من هذا بكثير
Din [de?i?tir]
Acara ?zerk Cumhuriyeti çokdinli bir yap?ya sahiptir. Gürcü ve Rus Ortodoks kiliselerinin yan? s?ra camiler, sinagog ve
قال الشيخ الألباني :
atolik kilisesi vard?r.
Acarlar 4. yüzy?lda Romal?lar arac?l???yla H?ristiyanl??? kabul ettiler. Fatih Sultan Mehmet ve Yavuz Sultan Selim d?nemlerinde Osmanl?'n?n
قال الشيخ الألباني :
afkasya b?lgesini fethiyle birlikte, 15. yüzy?ldan itibaren halk?n tamam?na yak?n?, Sünnili?in Hanefi mezhebini benimsemi?tir. [19] Halk?n ?nemli bir b?lümü, 1877-1878 Osmanl?-Rus Sava??’n?n ard?ndan b?lgenin Rusya’n?n eline geçmesinden sonra Anadolu’ya g?ç etmek zorunda kald?. Sovyetler Birli?i'nin da??lmas?ndan sonra ba??ms?zl???n? ilan eden Gürcistan'da ?zellikle gençler aras?nda devletin resmi olarak hristiyanla?t?rmay? destekledi?i bir süreç vard?r. [20] Buna ra?men Acara'da ço?unlu?u
قال الشيخ الألباني :
hulo b?lgesinde Sünni Müslümanlar bulunmaktad?r. 2006 Acara ?statistik birimi verilerine g?re yap?lan tahminlerde nüfusun %63'ü Gürcü Ortodoks Hristiyan ve %30'u Müslümand?r,[21] BBC'ye g?re ise günümüzde nüfusun yar?s?n?n ?slam inanc?nda oldu?u aç?klanm??t?r.".[22] Nüfusun geri kalan k?sm?n? %0.8 ile Ermeni Hristiyanlar, %0.8'ini
قال الشيخ الألباني :
atolikler ve %6's?n? ise di?erleri olu?turmaktad?r.[23]
ـ[ابن وهب]ــــــــ[18 - 08 - 08, 12:58 م]ـ
ولا يصح أن نعتمد على إحصائية قديمة <أو على النسب قبل التهجير
فمثلا ????? acara حصل فيها إبادة وتهجير جماعي وهناك أكثر من .... قرية في تركيا للكرج
المسلمين ممن هجروا ديارهم
وهنا أسماء قرى الكرج في تركية
http://tr.wikipedia.org/wiki/T%C3%BCrkiye%27de_G%C3%BCrc%C3%BC_
قال الشيخ الألباني :
%C3%B6y_ve_Maha lleleri#Artvin
ولكن نحن نتكلم عن الواقع
ـ[ابن وهب]ــــــــ[18 - 08 - 08, 02:17 م]ـ
مسجد في عاصمة
????? , acara
http://batumi.ge/en/gallery/img.php?file=1/batumi%20(18).jpg&thumb=0
Batumi عاصمة Adjara
ـ[ابن وهب]ــــــــ[18 - 08 - 08, 02:28 م]ـ
http://www.ajanskafkas.com/uploads/Osetya/vladikavkaz_camii.jpg
مسجد في Vladikavkaz عاصمة أوستيا الشمالية
http://ajanskafkas.com/cache/3baac206b0ad258be0f788b5d16cd161.jpg
ـ[ابن وهب]ــــــــ[18 - 08 - 08, 02:45 م]ـ
مساجد في تفليس عاصمة جورجية
http://farm1.static.flickr.com/27/64328991_b62e06354d_m.jpg
http://farm1.static.flickr.com/15/70652176_f64ac72851.jpg?v=1198091820
http://lh5.ggpht.com/_QQeyjUC_XyI/SCAerkVO
قال الشيخ الألباني :
cI/AAAAAAAAA8I/MHOaHEpaNG8/DSCN0643.jpg
http://lh5.ggpht.com/_QQeyjUC_XyI/SCAeTkVO
قال الشيخ الألباني :
QI/AAAAAAAAA6k/J3UCNbJ2EQY/DSCN0647.jpg
http://www.kitleiletisim.com/assets/images/cami.gif
ـ[ابن وهب]ــــــــ[18 - 08 - 08, 04:15 م]ـ
من مدينة ?????
http://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/5/58/Gagra.jpg
?????
أو غاغرا ( Gagra)
مدينة ساحلية في أبخازية
http://www.snpltd.ru/i/pic/gagra5.jpg
ـ[أبو المقداد]ــــــــ[18 - 08 - 08, 06:44 م]ـ
فائدة
زوجة شامل باساييف كانت أبخازية
والله أعلم
لله درك يا ابن وهب! من أين تأتي بهذه الفوائد؟
أأجد لديك ترجمة مبسوطة للقائد شامل رحمه الله باللغة العربية؟
ـ[ابن وهب]ــــــــ[18 - 08 - 08, 08:50 م]ـ
http://www.altareekh.com/vb/showthread.php?p=259486
http://www.islamway.com/?iw_s=Article&iw_a=view&article_id=1736
تنبيه الأول يختلف عن الثاني
وأيضا
http://209.85.129.104/search?q=cache:u9S11AjAFwYJ:www.moqatel.com/openshare/Behoth/Siasia2/Sheshan/sec08.doc_cvt.htm+%D8%B4%D8%A7%D9%85%D9%84+%D8%A8% D8%A7%D8%B3%D8%A7%D9%8A%D9%8A%D9%81+%D8%A3%D9%86%D 8%AF%D9%8A%D8%B1%D8%A7&hl=en&ct=clnk&cd=1&gl=ca
وأيضا المشاركة الأخيرة
http://www.paldf.net/forum/showthread.php?t=74293
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(147/19)
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[18 - 08 - 08, 09:23 م]ـ
نسبة المسلمين في acara لا تصل إلى 90 %
ويكفي في الرد على هذا
أن عدد المسلمين في جورجيا 650 ألف (أو يزيد)
منهم
19 % من الكرج ويدخل معهم (اللاز)
وعدد سكان acara
400 ألف تقريبا
فلو كانت نسبة المسلمين فوق 90 %
لكان نسبة المسلمين الكرج من مجموع سكان جورجية أكثر من هذا بكثير
لكنك نقلت عن مفتي جورجيا أن عدد المسلمين يبلغ ثلث السكان، فلا يستبعد هذا الرقم.
ثم مقاطعة acara في الأصل هي تجمع لمسلمي الكرج فلا أستبعد أبدا هذا النسبة قبل سيطرة الشيوعيين على الحكم، لكن بعد الحقبة الشيوعية تعرضت لحملة تنصير شرسة بدعم حكومي مستغلة الفراغ الديني، والله أعلم بالنسبة الحالية.
ـ[ابن وهب]ــــــــ[19 - 08 - 08, 07:07 ص]ـ
مكرر ....
ـ[ابن وهب]ــــــــ[19 - 08 - 08, 07:16 ص]ـ
أخي الكريم
بارك الله فيك
النقل السابق نقله الأخ الفاضل النذير - وفقه الله ونفع به - في المشاركة رقم 12
ويقدر عدد المسلمين في جورجيا بحوالي 463,062 ويمثلون 9.9% من عدد السكان (إحصائيات 2002)، بينما يؤكد نائب رئيس اتحاد مسلمي جورجيا إسلام سايداييف أن عددهم "لا يقل عن مليون ونصف مليون نسمة (من إجمالي 4 مليون و600 ألف) " أي الثلث. وينتشر المسلمون يجمهورية جورجيا وملحقاتها من المناطق التي تخضع للحكم الذاتي، ويتبع مسلمو جورجيا الإدارة الدينية لمسلمي شمال القفقاس ومركزها بالداغستان
منقول عن موقع ويكيبيديا
انتهى
ونص كلام الشيخ إسلام بن سايداي
(وفي الوقت الذي تختلف فيه التقديرات بشأن عدد المسلمين في جورجيا، يؤكد نائب رئيس اتحاد مسلمي جورجيا إسلام سايداييف أن عددهم "لا يقل عن مليون ونصف مليون نسمة (من إجمالي 4 مليون و600 ألف) "، مشيرا إلى أن السياسات العنصرية التي مورست ضدهم من قبل السلطات في جورجيا، أجبرت الكثيرين منهم على الرحيل باتجاه تركيا والدول المجاورة؛ مما أدى إلى انخفاض نسبتهم بجورجيا.)
انتهى
وعدد الكرج في تركية 1.500.000
ولكن الذين هاجروا من جورجية ليس فقط الكرج بل أهل الإسلام من قبائل شتى من الشيشان والأنغوش والأتراك
بمختلف طوائفهم
والأبخاز (والشركس) ومن استوطن جورجية أيام العثمانيين من البلقان وغيرهم
وعدد هولاء كثير جدا
ـ[أبو فراس فؤاد]ــــــــ[19 - 08 - 08, 03:43 م]ـ
حزاكم الله خيرا وبارك في جهودكم
لقد ذكرتنا بإخواننا ...
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[19 - 08 - 08, 06:46 م]ـ
تبارك الله رب العالمين يا استاذنا الكريم ابن وهب
أثابك الله وأحسن عملك(147/20)
هل يوجد دراسة عن جهود الشيخ الألباني في الجامعة الإسلامية في المدينة أثناء تدريسه فيها؟
ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[16 - 08 - 08, 09:43 ص]ـ
هل قام أحد طلاّب الجامعة الإسلامية بدراسة حول جهود الشيخ الألباني رحمه الله في الجامعة الإسلامية في المدينة أثناء تعليمه فيها (من سنة 1381 - 1383 هـ)؟ حول جهوده في نشر علم الحديث فيها والدعوة وغيرها، وإن وُجِدَت، فهل هي مطبوعة أو متوفّرة على الشبكة؟
وجزاكم الله خيراً.
ـ[أبو مازن العوضي]ــــــــ[16 - 08 - 08, 10:44 م]ـ
إذا كنت تقصد رسالة جامعية فلا، وأما البحوث العادية فلا أسمع بها و أنا طالب في الكلية نفسها
ـ[جعفر بن مسافر]ــــــــ[08 - 09 - 08, 04:54 ص]ـ
الشيخ رحمه الله وأسكنه فسيح جناته أوصى ان تهدى مكتبته بعد وفاته للجامعة الإسلاميه وقفاً لله تعالى .. وقد قرأت لبعض الأخوة أن مكتبة الشيخ تغمده الله بواسع رحمته في مكتبة الجامعة الإسلاميه ...
يقول الشيخ رحمه الله في وصيته:
وأوصي بمكتبتي -كلها- سواء ما كان منها مطبوعاً، أو تصويراً، أو مخطوطاً -بخطي أو بخط غيري- لمكتبة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، لأن لي فيها ذكريات حسنة في الدعوة للكتاب و السنة، و على منهج السلف الصالح -يوم كنت مدرساً فيها-.
راجياً من الله تعالى أن ينفع بها روادها، كما نفع بصاحبها -يومئذ- طلابها، وأن ينفعني بهم و بإخلاصهم و دعواتهم.
(رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي و على والدي و أن أعمل صالحاً ترضاه و أصلح لي في ذريتي إني تبت إليك و إني من المسلمين).
27 جمادى الأول 1410 هـ
المصدر:
http://www.alalbany.net/albany_serah.php
__________
أتمنى ان اكون افدتك بما اعرفه .. والله اعلم.
ـ[العوضي]ــــــــ[13 - 09 - 08, 05:29 م]ـ
أخي الكريم (العكاري) ليتك تتحفنا بمعلومات عن هذه الرسالة الجامعة في جامعة بيروت الإسلامية
جهود الألبانيين في نشر سنة سيد المرسلين في القرن العشرين
سليمان شريف عثمان الطالب. 2005
المشرف , د. يوسف المرعشلي
http://www.biu.edu.lb/pages/Majors/Masters/thesis/thesis20.htm
ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[22 - 10 - 08, 03:20 م]ـ
أخي الكريم (العكاري) ليتك تتحفنا بمعلومات عن هذه الرسالة الجامعة في جامعة بيروت الإسلامية
جهود الألبانيين في نشر سنة سيد المرسلين في القرن العشرين
سليمان شريف عثمان الطالب. 2005
المشرف , د. يوسف المرعشلي
http://www.biu.edu.lb/pages/Majors/Masters/thesis/thesis20.htm
يجب التأكّد هل تكلّمت الدراسة عن الشيخ الألباني رحمه الله، لأن كثيراً من المشايخ يُعادونه ويحاربونه، والله المستعان!
ولعلها تتكلّم عن الشيخ عبد القادر الأرناؤوط الألباني، وشعيب الأرناؤوط، ووهبي الألباني، وغيرهم.
ـ[منير الجزائري]ــــــــ[28 - 11 - 08, 10:14 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
جزاكم الله خيرا على هذا الموضوع الطيّب، أرجوا من الإخوة الأفاضل و الباحثين في الكليات الشرعية، أن يقوم أحدهم ببحث حول جهود الشيخ محمد ناصر الدين الألباني - رحمه الله - في الدعوة إلى الله، فهو يعتبر مدرسة، وجدير بنا أن نتعلم من هذا الجبل الشامخ - رحمه الله تعالى -
ويكون ذلك بتتبع ما كتبه الشيخ رحمه الله أو ذكره في أشرطته العلمية أو ذكره عنه تلامذته أو ممن إلتقى به أو جالسه، أو سمع عنه ممن يوثق في نقله.
أرجوا من الله أن ييسّر ذلك.
بارك الله في الجميع
ـ[العوضي]ــــــــ[29 - 11 - 08, 02:01 ص]ـ
جهود الألباني في الحديث دراية ورواية
رسالة ماجستير
الطالب: عبدالرحمن محمد صالح العيزري
جامعة صنعاء 2004
ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[02 - 12 - 08, 10:26 ص]ـ
[ quote= منير الجزائري;937439] السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
جزاكم الله خيرا على هذا الموضوع الطيّب، أرجوا من الإخوة الأفاضل و الباحثين في الكليات الشرعية، أن يقوم أحدهم ببحث حول جهود الشيخ محمد ناصر الدين الألباني - رحمه الله - في الدعوة إلى الله
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك، كتبنا حول هذا الموضوع في الرابط المذكور أدناه، فمن وقف على بحثٍ يتعلّق بموضوعنا فليضعه في هذا الرابط،
وجزاكم الله خيراً.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=151308(147/21)
عدد الخسوفات في العهد المدني.
ـ[صالح العقل]ــــــــ[17 - 08 - 08, 01:19 ص]ـ
@ هل يمكن حساب الكسوف والخسوف قبل 1400سنة؟
- بالتأكيد يمكن وليس ذلك غريباً أو مستحيلاً قال شيخ الإسلام رحمه الله (ولهذا يمكن المعرفة بما مضى من الكسوف وما يستقبل كما يمكن المعرفة بما مضى من الأهلة وما يستقبل؛ إذ كل ذلك بحسبان، كما قال تعالى: (جعل الليل سكناً والشمس والقمر حسباناً) وقال تعالى: (والشمس والقمر بحسبان) أ. ه. وحيث إن الفترة الزمنية المطلوب الكشف عنها قديمة جداً فقد تم الاعتماد على أكثر من برنامج فلكي متطور ومقارنة النتائج للوصول لأعلى دقة مستهدفة وجاءت النتائج .... باستنتاج الملاحظات الآتية:
1 أن عدد الكسوفات التي وقعت في العهد المدني (9) كسوفات، بينما بلغ عدد الخسوفات (14) خسوفاً ومجموع الحوادث 23حادثاً.
2 - أن جميع الكسوفات التسعة جزئية وليست كلية، بينما الخسوفات منها الكلي ومنها الجزئي.
3 - نتائج الحساب الفلكي كدليل علمي تتفق مع نتائج النقل كدليل شرعي وذلك في شأن الكسوف الأخير الذي وقع يوم وفاة إبراهيم رضي الله عنه (632/ 1/27م)، وهذا مؤشر صريح ومطمئن لدقة وصحة الحسابات الفلكية المتعلقة بحوادث الكسوف والخسوف، ومؤشر أيضاً إلى سلامة مذهب علماء الهيئة في شأن نظام جريان الأجرام الثلاث (الأرض، القمر، الشمس).
4 - الكسوفات التسعة الواقعة في العهد المدني لا يعني بالضرورة أنه قد تمت مشاهدتها كلها في المدينة المنورة بل بعضها وقع بعد غروب الشمس على المدينة أو قبل شروقها وبالتالي لم ير النبي صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة رضوان الله عليهم الحدث، وهذه الملاحظة تنسحب أيضاً على حوادث الخسوفات فليس كل خسوف ورد في الجدول ممكن مشاهدته في المدينة، ولأهمية هذه النقطة سوف نحلل فقط الحوادث الواردة في الجدول السابق والتي ربما تشاهد في أفق المدينة ولنفصل القول فيها على النحو التالي: في سنة 622م حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم هاجر في 20سبتمبر 622م فإنه في شهر سبتمبر وما بعده (أكتوبر، نوفمبر، ديسمبر) لم يقع أي حدث.
وفي سنة 623م في 17يوليو من العام نفسه وقع خسوف جزئي للقمر من الساعة 5.23عصراً حتى الساعة 7.48ليلاً، علماً أن الشمس غربت يومها في تمام الساعة 7.09بينما يشرق القمر في تمام الساعة 7.08بمعنى أن القمر يشرق والخسوف الجزئي في مراحله الأخيرة، وأشك في احتمال رؤية ذلك الخسوف الجزئي وهو في مراحله الأخيرة وذلك لأسباب: منها وجود الشفق الأحمر في الجو بُعيد الغروب، ومنها كون الجزء المنخسف وقت غروب الشمس ضئيلاً جداً، ومنها أن أي جرم سماوي يعلو الأفق الشرقي أو الغربي مباشرة يتعرض إلى تشويه في الصورة وذلك لاختلاف كثافة الهواء وتلوثه بالغبار خاصة في فصل الصيف لذا يشاهد القمر فوق الأفق باللون الأحمر غالباً، ومن الأسباب أن فترة الخسوف القصيرة ربما لم تمكن الصحابة رضوان الله عليهم في المدينة من رصد الظاهرة، وربما وُجد سحاب صيفي متقطع حال دون رؤية القمر وخسوفه، ومن المحتمل أيضاً وجود حزام من السحب العالية جداً والموجودة في طبقات الجو العليا وهي سحب تعرف عند علماء المناخ بالسحب الفضية المتخلفة عن احتراق الشهب على ارتفاع يصل إلى 80كم من سطح الأرض ويحصل أحياناً عند شروق النيرين أو غروبهما مباشرة رؤية تلك السحب غير الممطرة تحجب قرص الشمس أو القمر كلياً أو جزئياً، فربما تصدق بعض تلك الاحتمالات وبالتالي يُفوت على الصحابة الرؤية والله أعلم.
وسنة 624م في 30نوفمبر من العام نفسه وقع خسوف جزئي للقمر من الساعة 10.14ليلاً حتى الساعة 12.16ليلاً، وعن مدى احتمال رؤية الحدث من قِبل الصحابة في المدينة فالذي اعتقده والله أعلم أن الاحتمال ضعيف لأسباب:
منها أن الخسوف وقع في النصف الأول من الليل وهو وقت ينام فيه الصحابة بعد عناء نهار شاق وطويل، ومنها أن الخسوف جزئي ولم يختفِ من القمر إلا 25% تقريباً وهذا ربما لا يلفت الانتباه إلى حد ما، ومنها أن الخسوف وقع في شهر نوفمبر وهو من أشهر فصل الخريف وفيه تبدأ السحب في الظهور وبالتالي يُحتمل أن يكون القمر قد اختفى خلف ستار من السحب والله أعلم.
وفي سنة 625م (أ):
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(147/22)
في 27مايو من العام نفسه وقع خسوف كلي للقمر من الساعة 6.07عصراً حتى الساعة 9.35ليلاً، علماً أن الشمس غربت يومها في تمام الساعة 7.02بينما أشرق القمر يومها عند الساعة 6.55وهو في حالة خسوف خلا مساحة بسيطة من قرصه ما لبثت أن انخسفت بعد دقائق قليلة من شروقه ليصبح الخسوف كلياً، وأحسب أن الصحابة رضوان الله عليهم قد لاحظوا وشاهدوا الخسوف لوقوعه أول الليل ولكونه خسوف كلي، أيضاً الفترة الزمنية طويلة إذ لم ينته إلا الساعة 9.35وبالتالي قد يكون النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الخسوف هذه.
(ب): في 20نوفمبر من العام نفسه وقع خسوف كلي للقمر من الساعة 2.01ليلاً حتى الساعة 5.42فجراً، وعن مدى احتمال رؤية الحدث من قِبل الصحابة في المدينة فالذي اعتقده أن الاحتمال ضعيف لأسباب: منها أن الخسوف وقع في وقت متأخر ينام فيه معظم الصحابة، ومنها أن آذان الفجر ذلك اليوم في تمام الساعة 5.17وعندها كان الخسوف الكلي قد انتهى وبقي الخسوف الجزئي بنسبة ربما لا تلفت انتباه المراقب فضلاً عن غيره، ومنها أن الخسوف وقع في شهر نوفمبر وهو من أشهر فصل الخريف وفيه تبدأ السحب في الظهور.
وفي سنة 626م في 17مايو من العام نفسه وقع خسوف جزئي للقمر من الساعة 4.34ليلاً حتى الساعة 7.55نهاراً، واحتمالية رؤية الخسوف من قِبل الصحابة ضعيفة لأسباب: منها أن دخول وقت صلاة الفجر يسبق الخسوف حيث يدخل الوقت في تمام الساعة 4.08والخسوف بعده ب 26دقيقة تقريباً وذلك عندما ينتشر ويستطير الشفق الأبيض، وعندما يتعاظم الخسوف يكون متزامناً مع ظهور الشفق الأحمر الأمر الذي يجعل ظاهرة الخسوف الجزئي غير لافتة للانتباه، ومنها أن الخسوف جزئي ووقع في شهر مايو وهو من أشهر فصل الربيع واحتمال وجود سحب حالت دون رؤية الخسوف وارد، ومنها أن القمر وقت الخسوف سيكون فوق الأفق الغربي من المدينة ومن المعلوم أن الجهة الغربية من المدينة فيها جبال عالية مثل جبل سلع وجبل جمة وغيرهما التي قد تحجب ظاهرة الخسوف، ومنها أن لون القمر عند الغروب عندما يكون فوق الأفق الغربي يميل إلى الحمرة وتكون صورته غير صافية بسبب ما في الجو من عوالق صلبة وكذا بسبب اختلاف كثافة الهواء والله اعلم.
وسنة 627م في 21إبريل من العام نفسه وقع كسوف جزئي للشمس من الساعة 11.26نهاراً حتى الساعة 1.32نهاراً، وقد يكون الصحابة رضوان الله عليهم لاحظوا الكسوف سيما أن النسبة المنكسفة من قرص الشمس تبلغ حوالي 20%.
وسنة 628م (أ):
في 25مارس من العام نفسه وقع خسوف جزئي للقمر من الساعة 6.40مساءً حتى الساعة 8.47ليلاً، علماً أن الشمس غربت يومها عند الساعة 6.36بينما أشرق القمر عند الساعة 6.31وتعاظم الخسوف الساعة 7.44حيث اختفى حوالي 20% من قرص القمر فقط، وعن مدى احتمال رؤية الخسوف من قِبل الصحابة فالذي أعتقده والله أعلم أن الاحتمال ضعيف لأسباب: منها أن نسبة الخسوف ضئيلة ربما تصل إلى 20% فقط، ومنها أن الخسوف وقع في وقت لا يزال الشفق الأحمر في السماء الأمر الذي يُضعف من سلطان القمر، ومنها أن الخسوف وقع في شهر مارس وهو من أشهر فصل الربيع واحتمال وجود سحب حالت دون رؤية الخسوف وارد، وما قيل من أسباب في خسوف 623م ينسحب على هذا الخسوف.
(ب): في 3أكتوبر من العام نفسه وقع كسوف جزئي للشمس من الساعة 6.29صباحاً حتى الساعة 7.52صباحاً، وتُشرق الشمس في ذلك اليوم عند الساعة 6.15وبعد أن ترتفع الشمس قيد رمح يبدأ الكسوف الجزئي الذي يحجب ما نسبته 5% تقريباً من قرص الشمس، وعن مدى احتمال مشاهدة الكسوف من قِبل الصحابة رضوان الله عليهم من عدمه، ثمة أسباب ربما تحول دون ذلك: منها أن الجزء المنكسف ضئيل جداً وغير ملفت للانتباه، ومنها أن الكسوف وقع في شهر أكتوبر وهو من أشهر فصل الخريف وفيه تبدأ السحب في الظهور لذا من المحتمل أن تكون الشمس قد اختفت خلفها والله أعلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(147/23)
وسنة 629م في 15مارس من العام نفسه وقع خسوف كلي للقمر من الساعة 2.22ليلاً حتى الساعة 6.01فجراً، ولكون الخسوف كلياً واستمر لفترة زمنية طويلة فاحتمال رؤيته من قِبل الصحابة في المدينة وارد، سيما أن وقت الفجر دخل في ذلك اليوم عند الساعة 5.11وقد بقي 70% من القمر منخسفاً إلا أن يكون في السماء سحاب يحجب القمر عن الرؤية لأن الخسوف وقع في شهر مارس وهو من أشهر فصل الربيع وفيه تكثر السحب.
وسنة 630م في 4مارس من العام نفسه وقع خسوف جزئي للقمر من الساعة 5.18مساءً حتى الساعة 8.02ليلاً، علماً أن الشمس غربت يومها في تمام الساعة 6.27بينما أشرق القمر عند الساعة 6.24وتعاظم الخسوف الساعة 6.40حيث اختفى حوالي 70% من قرص القمر، وعن مدى احتمال رؤية الحدث من قِبل الصحابة في المدينة فالذي أعتقده والله أعلم أن احتمال عدم الرؤية وارد لأسباب: ذكرناها بالتفصيل في خسوف عام 628م.
وفي سنة 632م .. في 27يناير من العام نفسه الموافق 29شوال من السنة العاشرة بعد الهجرة وفي يوم وفاة إبراهيم ابن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وقع كسوف للشمس شاهده النبي والصحابة رضوان الله عليهم وما لبثوا أن فزعوا لصلاة الكسوف حتى انجلى الكسوف، ودونكم تفصيل ما حدث بالنسبة للشمس والقمر في ذلك اليوم المشهود.
وكان شروق القمر في المدينة المنورة ذلك اليوم حوالي الساعة السابعة وأربع دقائق يلي ذلك شروق الشمس وذلك عند الساعة السابعة وسبع دقائق وبعد مضي إحدى وثمانين دقيقة من شروق الشمس بدأ الكسوف من الجهة الجنوبية العلوية (الغربية) من الشمس .. حتى حجب جرم القمر ما نسبته 75% تقريباً من قرص الشمس وذلك في تمام الساعة العاشرة وثلاث دقائق، فأصبحت الشمس على هيئة هلال، وانتقلت المدينة في دقائق معدودة من وضح النهار إلى ما يشبه الفجر الأمر الذي بعث في نفوس الصحابة رضي الله عنهم الذعر والوجل والخوف، وانخفضت درجة الحرارة فازداد الجو برودة سيما وأن الحدث وقع في أبرد الشهور (يناير) واستمر الكسوف حتى الساعة 11.39أي قبل آذان الظهر بساعة، واستغرقت فترة الكسوف ثلاث ساعات واثنتي عشرة دقيقة، هذا ما جادت به المعطيات الحسابية الفلكية لذلك الحدث والله اعلم.
وأخيراً وبعد استعراض مفصل لحوادث الكسوف والخسوف الواقعة في العهد المدني نجد أن الحوادث على ثلاثة أنواع:
أولاً: حوادث وقعت في العهد المدني ولم تُشاهد في المدينة بل في بقاع أخرى من البسيطة.
ثانياً: حوادث وقعت في العهد المدني واحتمال مشاهدتها في المدينة احتمال ضعيف بسبب عوامل ومتغيرات طبيعية بسطها في محلها.
ثالثاً: خسوفان وكسوف واحد مرجحه أن تكون قد شوهدت مع الخسوف الأخير وبالتالي يكون عددها أربع حوادث وهذا يتفق مع عدد صور صلاة الكسوف الواردة في الأحاديث الصحيحة (ركوعان، وثلاث ركوعات، وأربعة ركوعات، وخمس ركوعات) والله أعلم.
@ في نهاية هذا الحوار هل يمكن أن تقدم ملخصاً للأقوال الراجحة في معظم الاختلافات التي ذكرتها؟
- الخلاصة أعتقد أن صلاة الكسوف أديت أربع مرات وعلى أربع صور في العهد المدني وذلك لتكرر الحوادث، وهذا المسلك ينسجم مع حقيقة دورة الكسوف والخسوف الطبيعية، وأيضاً الجمع بين الروايات أسلم من رد الأحاديث الصحيحة! وتخطئة بعض الرواة! سيما أن في المسألة سعة لحمل الروايات على تعدد الوقائع، لذا أميل إلى قول من قال من العلماء أنه يجوز للإمام أن يصلي صلاة الكسوف ركوعين في كل ركعة ركوعان، أو ثلاثة، أو أربعة، أو خمسة كما ثبت في الأحاديث الصحيحة! والله أعلم.
منقول. للمذاكرة.
ـ[أبا قتيبة]ــــــــ[17 - 08 - 08, 03:13 ص]ـ
جاء فى الشرح الممتع للعثيمين رحمه الله
باب صلاه الكسوف المجلد 5 ص 139
ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام: "أنه صلى ثلاث ركوعات في ركعة واحدة"، أخرجه مسلم، لكن هذه الرواية شاذة، ووجه شذوذها: أنها مخالفة لما اتفق عليه البخاري ومسلم من أن النبي صلى الله عليه وسلم: "صلى صلاة الكسوف في كل ركعة ركوعان فقط"، ومن المعلوم بالاتفاق أن الكسوف لم يقع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يصلِّ له إلا مرة واحدة فقط.
وعلى هذا فالمحفوظ أنه صلّى في كل ركعة ركوعين، وما زاد على ذلك فهو شاذ؛ لأن الثقة مخالف فيها لمن هو أرجح.
ولكن ثبت عن علي بن أبي طالب - -: "أنه صلّى في كل ركعة أربع ركوعات"، وعلى هذا فيكون من سنّة الخلفاء الراشدين، وهذا ينبني على طول زمن الكسوف، فإذا علمنا أن زمن الكسوف سيطول فلا حرج من أن نصلي ثلاث ركوعات في كل ركعة، أو أربع ركوعات، كما قال المؤلف، أو خمس ركوعات؛ لأن كل ذلك ورد عن الصحابة - - وهو يرجع إلى زمن الكسوف إن طال زيدت الركوعات، وإن قصر فالاقتصار على ركوعين أولى.
وإن اقتصر على ركوعين وأطال الصلاة إذا علم أن الكسوف سيطول فهو أولى وأفضل، والكلام في الجواز، أما الأفضل فلا شك أن الأفضل ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو أنه يصلي ركوعين في كل ركعة.
والله اعلم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(147/24)
ـ[صالح العقل]ــــــــ[17 - 08 - 08, 03:26 ص]ـ
جاء فى الشرح الممتع للعثيمين رحمه الله
باب صلاه الكسوف المجلد 5 ص 139
... ومن المعلوم بالاتفاق أن الكسوف لم يقع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم
.... إلا مرة واحدة فقط.
، صوابه:
جاء فى الشرح الممتع للعثيمين رحمه الله
باب صلاه الكسوف المجلد 5 ص 139
... ومن المعلوم بالاتفاق أن الكسوف .... لم يصلِّ له إلا مرة واحدة فقط.
ـ[أبا قتيبة]ــــــــ[17 - 08 - 08, 03:42 م]ـ
بوركت اخى العقل
ولو اكملت الجمله لوصلت الى (صوابه)
وفقك الله(147/25)
مواقف تربويّة من هدي الإمام ابن باز رحمه الله مع أسرته وأقاربه
ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[17 - 08 - 08, 09:29 ص]ـ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبيّنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
وبعد، فرحم الله الإمام ابن باز رحمةً واسعةً، وأسكنه فسيح جنّاته، فهو ممّن تميّز بالخلال الحميدة، والخصال الرشيدة، وجميل الأخلاق، وطيب الفعال، وعظيم التواضع، وهو ممّن يُقتدى به في الأدب والعلم والأخلاق، وفي تصرّفاته وسمته وهديه المبني على كتاب الله العظيم وسنّة رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الكريم، وخاصة في زهده وعبادته وأمانته وصدقه وكثرة التجائه وتضرّعه إلى الله عزّ وجلّ، وعظيم خشيته لله، وزكاء فؤاده، وسخاء يده، وطيب معشره، مع اتّباعه للسنّة الغرّاء، وكثرة عبادته، رحمه الله وجعل الفردوس مثواه.
وعبرةً لنفسي ثم لإخواني وأخواتي في الله، سأتكلّم عن هدي الإمام رحمه الله مع أفراد أسرته وأقاربه، وذلك بنقل بعض أقوالهم عنه التي ذُكِرَت في كتاب " موسوعة إمام المسلمين في القرن العشرين " (1/ 24 - 66/ ط. مؤسسة الريّان).
والشيخ رحمه الله توفّي عن زوجتين:
- أم عبد الله (الأولى).
- وأم أحمد (الثانية)، وقد أصرّت زوجته الأولى أن يتزوّج الثانية لعدم مقدرتها على خدمته بعد أن كبر سنّها.
وللشيخ أربعة أولاد:
- عبد الله (وبه يُكنّى) وعبد الرحمن، من زوجته أم عبد الله.
- وأحمد وخالد، من زوجته أم أحمد.
وله ست بنات: سارة، هند، مضاوي، جوهرة، هياء، نوف.
وجميع بناته متزوّجات، وما يُنقل عنه أن أصغر بناته تُسَمّى ندى أو هدى وقد مضى من عمرها عشر سنوات فغير صحيح.
وسأبدأ بذكر بعض أقوال أسرته وأقاربه مستعيناً بالله عزّ وجلّ:
- الابن الأكبر عبد الله
سؤال: رغم انشغال سماحته، كيف كان يختار الوقت المناسب لأفراد أسرته وأبنائه وأحفاده؟
حقيقة، كان رحمه الله يخصّص يومين في الأسبوعين، منه يوم واحد للرجال من أبنائه وأحفاده وعائلته من أسرته رحمه الله، ويوم آخر للنساء من بناته وزوجاته وحفيداته ونساء عائلته، يجلس معهم جميعاً ويحدّثهم في مختلف الأمور الحياتية والعامة وأمور الدين، ويوجّههم لما فيه الخير والصالح العام لأفراد أسرته، وإذا كان هناك عوائق أو مشاكل عند بعض أفراد الأسرة يتم طرحها على سماحته ويأخذ فيها القرار المناسب، يراعي أسرته الصغيرة مثلما يراعي أسرته المسلمة الكبيرة بدون تمييز أو فوارق، وكان يوازن في كلّ الأمور.
- الابن الثاني عبد الرحمن
سؤال: هل كانت له نصائح خاصة يلقيها عليك أو إلى أيٍّ من أبنائه وبناته؟
كان كثير النصيحة لنا مثل كل الذين يقابلونه، وتنصب على الجانب الديني، ويركّز على الاهتمام بالصلاة وطلب العلم للعلم.
سؤال: كيف كان ينظر لتعليم بناته؟
الحمد لله، كل بنات الشيخ وحفيداته حصلن على التعليم الكافي وبعضهن تجاوز المرحلة الجامعيّة، وكان حريصاً على تعليمهنّ.
سؤال: كم مرّة حجّ الوالد؟
(60) مرّة.
- الابن الثالث الشيخ أحمد
سؤال: كيف كنتم ترون سماحة الوالد تجاه أخيه وشقيقه الأكبر الشيخ محمد وأولاده؟
الوالد رحمه كان يزوره وعلى اتصال به، فلا يمر يوم أو يومان إلاّ ويزوره رغم مشاغل الوالد رحمه الله، وإذا لم يتمكّن فإنه يتصل عليه بشكل يومي من أي مكان يكون، وكان بينهما الكثير من المحبّة والتقدير.
سؤال: كان أكثر وقته رحمه الله مع الناس، فهل كان يتناول بعض الوجبات مع العائلة؟
لم يكن يتناول مع العائلة أي وجبات إلاّ وجبة العشاء في بعض الأحيان عندما يجمع العائلة في جلسة أسبوعيّة.
- زوجته أم عبد الله
سؤال: لدى سماحة الشيخ زوجتان ... فكيف كان يعدل بينهما؟ وما الطريقة التي اتّبعها في تجميع قلوب الأبناء؟
كان يحرص رحمه الله على العدل دائماً في كل الأمور سواء في النفقة أو المبيت وجميع الأمور، وكذلك في الحج، فكنت أحج معه سنة وهي سنة وهكذا، أما الأبناء فكان يشجّعهم دائماً على التواصل وزيارة بعضهم بعضاً ويحثهم على ذلك دائماً.
- زوجته أم أحمد
سؤال: في الاجتماع الأسري، هل كان سماحة الوالد يتناول قضايا أسريّة خاصّة أم قضايا اجتماعيّة ودينيّة؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(147/26)
عادة في الاجتماعات الأسريّة، كان يطلب من أولاده قراءة القرآن ثم يشرع في تفسير ما يتيسّر من الآيات، ثم بعد ذلك يعرضون عليه ما يشكل عليهم من أسئلة واستفسارات ونحو ذلك.
- ابنته الكبرى سارة
سؤال: من ضمن المواقف التربوية الكثيرة التي تلقّيتيها من سماحة الوالد، هل تذكرين موقفاً تربويًّا أثّر فيك وتحاولين تطبيقه على أبنائك؟
لا يمكن تحديد موقف تربوي معيّن، حيث إن حياته معنا - غفر الله له - كانت كلّها عبارة عن تربية وتوجيه، لكن من أهم ما يُذكر هنا حرصه على توجيهنا للمحافظة على الصلاة في أوقاتها منذ سن مبكرة، ومداومته على متابعتنا في ذلك والتزامنا به صغاراً وكباراً، وقد حرصتُ على تربية أبنائي على نفس المنهج - ولله الحمد -، وقد تمكّنتُ بفضل الله من ذلك، فأصغر أبنائي عبد العزيز وعمره الآن تسع سنوات لا يفوته بإذن الله فرض منذ سنتين تقريباً.
- ابنته جوهرة
سؤال: ما طريقة سماحة الوالد في أمركن بالصلاة وأنتنّ صغار، ومنذ أي سن يبدأ بإيقاظكن لصلاة الفجر؟
بدأ في سن السابعة، أمر بها باستمرار ويتحدّث عن فضلها ويحذّر دائماً من إهمالها أو تأخيرها، ويقول إذا أخّرتها كأنّي تركتها، أذكر أنني كنتُ صغيرة ونسيتُ أداء صلاتَي الظهر والعصر، فلمّا علم غضب كثيراً وقال لي: (تعوّدي إذا سمعتِ الأذان أن تهبّي لأداء الصلاة، وإن لم تنتبهي للوقت اسألي النساء لتعرفي الوقت).
وإذا صار عمرنا تقريباً تسع سنوات يبدأ بإيقاظنا لصلاة الفجر، يمرُّ علينا كلّنا واحداً واحداً، يوقظنا وهو يردِّد أذكار الاستيقاظ من النوم ويهلِّل ويقول لنا: (قُل كذا وكذا)، فيكرّر على مسامعنا الأذكار، ثم يذهب قليلاً ويرجع مرّة أخرى للتأكّد أننا استيقظنا، ولمّا صار عندنا هاتف فيه توصيل داخلي، أصبح يكلِّم كلّ واحد بغرفته ليوقظه لصلاة الفجر، حتى أخي المتزوّج الذي يسكن بجوارنا يتصل عليه.
سؤال: وماذا عن الحجاب واللباس؟
كنا نلبس العباءات في سنٍّ مبكرة - العاشرة تقريباً - .. وكان يحرص على أن تكون العباءة سميكة ولا تشف، ويذكّرنا بهذا باستمرار، ولمّا كبرنا كان يحذِّرنا دائماً من موديلات العباءات غير الساترة، واللباس كان يحب الثياب الطويلة ذات الأكمام الطويلة، ولمّا كانت والدتي في حالات قليلة تحضر لنا ثياباً أكمامها قصيرة ونحن صغار ينزعج منها ويطلب منها أن تنتبه وتجعل أكمامها طويلة، حتى قبيل وفاته رحمه الله كان أثناء سلامنا عليه أو حينما تمسك إحدانا بيده لتوصيله فكان يلمس يدها ليرى طول كمّها، فإن رآه قصيراً نصحها بالسّتر.
سؤال: في حال صدور ما لا يرضيه من قول أو فعل من أحدكن وأنتنّ صغار، كيف كان يعاقبه على هذا؟
كانت شخصيّته قويّة وكنا نحسب لها حساباً كبيراً فلا نحب فعل أو قول ما يغضبه، فإذا حصل خطأ أتى بالمخطئ فأخبره بما صدر منه وعلّمه ما ينبغي له، وكانت تظهر عليه علامات الغضب في حال كهذا، ولا أذكر أنه ضربنا ألبتة، لم يكن يضرب، بل يعلِّم بالكلام.
سؤال: من ضمن المواقف التربويّة الكثيرة التي تلقّيتيها من سماحة الوالد، هل تذكرين موقفاً تربويًّا أثّر فيكِ وتحاولين تطبيقه على أبنائك؟
من ضمن المواقف التي أذكرها عندما كنتُ صغيرة، كنت أُخطئ في ترتيب طريقة الوضوء للصلاة، واختلفتُ في ذلك مع أحد إخوتي، فأخبر والدي بهذا الموقف، فجمعنا الوالد رحمه الله أنا وأخي وطلب منِّي أن أحضر له أحد كتب الفقه، ثم طلب منِّي أن أفتح على الكتاب على صفة الوضوء، ثم طلب منِّي القراءة، وعندما قرأتُ في الكتاب اتّضح لي خطئي في ترتيب الوضوء، فقال: هل عرفتِ الآن؟ فقلتُ: نعم، فقال: الحمد لله، ثم شرح لي صفة الوضوء زيادة في الإيضاح، وهذا يدل على أنه رحمه الله كان حريصاً على تنبيهنا وتشجيعنا على الاطِّلاع والبحث عن جميع المسائل في الكتب الجيدة.
- ابنته الصغرى نوف
سؤال: في معاملته لأبنائه، هل كان يعامل البنات معاملة خاصة؟
كانت معاملته لأبنائه معاملة واحدة لا يميز فيها أحدنا عن الآخر، ولم يفرد البنات رحمه الله بمعاملة خاصة، بل كان عادلاً بيننا في كلّ شيء.
- حفيدته وفاء (بنت ابنته سارة)
سؤال: وأنتن صغار، هل كنتن تشاهدن التلفزيون عند جدّكن؟
لا يوجد في منزل جدّي أيٌّ من وسائل الترفيه المتداولة مثل التلفزيون وغيره.
سؤال: ماذا عن علاقته بنساء العائلة؟
كان لطيفاً ليِّن الجانب وبشوشاً مع الجميع، لديه روح دعابة محبّبة، وكان يرحِّب بجميع النساء الموجودات في اجتماع العائلة الدوري ويسأل عنهن وعن أحوالهن.
- فاطمة (زوجة حفيده وليد بن عبد الله)
سؤال: هل تذكرين موقفاً حدث لك مع سماحة الوالد؟
بعد زواجي بيومين أتيتُ لزيارته في منزله، وعندما سلَّمتُ عليه أمسك بيدي حتى المرفق وكنتُ ألبس كمًّا قصيراً، فنصحني أن ألبس الكمّ الطويل لأنه أستر لي، ثم دعا لي، فهذا الموقف لن أنساه.
- حفيدته مها (بنت ابنته)
سؤال: هل لكِ أن تنقلي لنا بعض المواقف الطريفة في مداعبة أطفاله أو أحفاده؟
كان رحمه الله لطيفاً في مداعبة أطفاله أو أحفاده وأطفال العائلة عموماً، وكان أكثر ما يسألهم عنه أسئلة معيّنة، مثل: من ربّك؟ من نبيّك؟ ما دينك؟ هل تحفظ شيئاً من القرآن؟ ثم يعلِّمهم الإجابة بعد ذلك إذا لم يعرفوها، ولكن كان وقته قصيراً للجلوس معهم بحكم مشاغله الكثيرة.
رحم الله الإمام ابن باز رحمةً واسعةً، وحشره مع النبيين والصّدّيقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(147/27)
ـ[طالب علم الحديث]ــــــــ[23 - 08 - 08, 07:39 م]ـ
رحم الله الشيخ رحمة واسعه
اللحظات الأخيرة من حياته يرويها ابنه الشيخ أحمد:
http://www.isyoutube.com/musicvideo.php?vid=6d9fe80ba
ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[20 - 07 - 09, 08:39 ص]ـ
جزاك الله خيراً على الإفادة،
ورحم الله الإمام ابن باز رحمة واسعة، وحشره مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين،
وحسن أولئك رفيقاً.
ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[15 - 06 - 10, 10:19 م]ـ
يُرفَع للفائدة.(147/28)
يا أهل السودان من هو الشيخ الدكتور عبدالحي يوسف
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[17 - 08 - 08, 11:33 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين , الرحمن الرحيم , مالك يوم الدين
اللهم صلّ وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
هو الشيخ الدكتور عبدالحي يوسف
رأيته في احدى القنوات الإسلاميه
فتعجبت من قوة إلقائه واسترساله عند إلقائه كلمة كانت في مؤتمر إسلامي
يتحدث عن واقع الأمه او نحوه
وكان يؤكد ان السياسه لا تنفك عن الدين وأن الخطر كل الخطر في التحكيم بغير ما أنزل الله
وينفي تلك المقولات والحكم الباطله التي تقول
دع الحكم لقيصر ووو ..... الخ
فلا تبخلو علينا ياناس السودان بتعريفنا بالشيخ
بارك الله فيكم وجزآكم خيرا
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[17 - 08 - 08, 06:59 م]ـ
من يفيدنا
ـ[ابن وهب]ــــــــ[18 - 08 - 08, 02:56 م]ـ
http://www.meshkat.net/new/home.php
http://www.meshkat.net/new/list.php?catid=4
http://www.meshkat.net/new/list.php?catid=3
( عبد الحي يوسف
الدكتور عبد الحي يوسف
رئيس قسم الثقافة الإسلامية بجامعة الخرطوم
أبو عمر عبد الحي بن يوسف، من مواليد القاهرة عام 1384هـ الموافق 1964م.
تخرج في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة في كلية الشريعة عام 1406 ـ 1407هـ،.
أتم الدراسات العليا في جامعة الخرطوم عام 1418هـ ـ 1998م.
يعمل الآن رئيساً لقسم الثقافة الإسلامية بجامعة الخرطوم.
كما أنه إمام وخطيب مسجد حي الدوحة بالخرطوم.
اشتهر فضيلته بالجرأة والصدع بالحق، وله جهود مشكورة في الدعوة والتربية.
)
http://www.al-mahmoud.net/pro1/arts/author/summary/74
انتهى
ـ[خالد الأزهري]ــــــــ[18 - 08 - 08, 03:13 م]ـ
مواد الشيخ عبد الحي يوسف على شبكة المشكاة
http://www.meshkat.net/new/list.php?catid=4&authid=1
مواد الشيخ على طريق الاسلام
http://www.islamway.com/?iw_s=Scholar&iw_a=lessons&scholar_id=261 (http://www.islamway.com/?iw_s=Scholar&iw_a=lessons&scholar_id=261)
و يبث له الكثير من البرامج على إذاعة طيبة
http://tayba.fm/live.htm
ـ[حارث همام]ــــــــ[08 - 10 - 08, 09:53 م]ـ
الشيخ عبد الحي يوسف من أهل العلم في السودان هو الآن أستاذ مشارك بقسم الثقافة الإسلامية في جامعة الخرطوم، وله مشاريع دعوية كبيرة يشرف عليها، وقد نفع الله به أمماً.
والشيخ وإن لم يكن متقيداً بالمذهب المالكي مقلداً لعلمائه إلاّ أنه يميل إليه ولا سيما في المسائل التي لم يتحرر له بحثها وهذا أقوله جراء ملاحظتي الشخصية.
وله موهبة مميزة في الخطابة والحديث ساعده عليها مِلك حافظة جيدة، واستقامة لسان فقل أن يلحن هذا الشيخ في حرف أثناء ارتجاله الكلام، ولغته فصيحة عالية في الجملة.
وقد حباه الله تواضعاً جماً وأدباً عظيماً ولاسيما مع أهل العلم وبالأخص من يكبره سناً وقد جمع هذا حوله نفراً من الطيبين.
فتح الله عليه في الدعوة وكتب له قبولاً عند قطاع عريض من أهل السودان على اختلاف مشاربهم المذهبية وتياراتهم الإسلامية .. ولعل من أسباب ذلك حكمته في التعامل مع الناس وحسن مداراته لهم فقل أن يكاشح إسلامياً -وإن كان منحرفاً عنده- بالعداء، اللهم إلاّ الرافضة الإثني عشرية ومن كان نحوهم، فله معهم مواقف مشكورة، وله في كل ذلك نظرة أخالها مقدرة ولاسيما لمن يعيش واقعه وبيئته.
وهو في المقابل شديد على الصلبيين وأذنابهم ومنهم العلمانيين والتغريبيين وكذا الشيوعيين ومن لف لف هؤلاء في مكاشحة الدين والكيد له.
والشيخ مستقيم في الجملة على السنة، محب لها، ناصر لها، وتبقى له كغيره اجتهادات وآراء لا يوافقه عليها غيره، غير أني أحسبه -والله حسيبه- مخلصاً مريداً للحق، وقد نفع الله به خلقاً عظيماً.
ـ[أبو عبدالرحمن مصطفي]ــــــــ[09 - 10 - 08, 12:24 م]ـ
الشيخ عبدالحي يوسف (وفقه الله) نعم معروف بشدته علي العلمانيين والشيوعيين والرافضه .. لكن هل هؤلاء النفر هم الغالب علي أهل السودان؟؟؟ .. بالتأكيد الجواب " لا " .. وما عرف عن الشيخ دعوته ضد المتصوفة والصوفيه (إلا قليلاً جداً) .. في بلد غالبية أهله كذلك (هداهم الله) .. وهذا والله من أشد المآخد عليه ..
ـ[محمد عبدالعزيز المسلم]ــــــــ[09 - 10 - 08, 02:25 م]ـ
أسأل الله ان يحفظ الشيخ ويوفقه ويسدده وان ينصره على من عاداه.
ـ[مهدي بن موسى]ــــــــ[31 - 10 - 08, 10:24 ص]ـ
ماعرفنا عن الشيخ إلا دعوته وعمله لخدمة هذا الدين، فاللهم أعنه ووفقه وثبته.
وأما عن ذكر أحد الاخوة أن هناك من (رد عليه) فهذا ليس ببدعاً من القول في من عرف حال الناقد، هدانا الله وإياه، فالأصل أن الشخص يمدح بما فيه من جهوده لخدمة الدين، وبحكم القصور البشري فإنه قد يقع من الرجل الجليل ما لا يوافق عليه (إن صح أن ماوقع منه مأخذاً وخطأً لا يتابع عليه)، وهذا لايوجب إسقاطه، بل يوجب نصحه وتنبيه، وإنا والله لنأسف على مانراه من بعض الناس من العشق في تجريح فلان وتخطأة علان، فهلا سدوا مكانهم، أو كفوا ألسنتهم؟؟
ثم ماهي الفائدة التي سوف نجنيها إن سمعنا قول فلان من الناس عن أخطاء فلان؟
ووالله إنا لو جعلنا هذا منهجاً وطريقةً لنا لما سلم لنا عالماً أو داعيةً أو عاملاً في خدمة هذا الدين،
فاالله الله بالانشغال بماينفع، وترك ما يفرق ولا يجمع.
وياحبذا اتحافنا بترجمة عن الشيخ: عبدالعزيز الريس، وجهوده في خدمة الدين.
بارك الله في الجميع.(147/29)
التاريخ الإسلامى .. بين الحقيقة و الأكاذيب و الأخطاء
ـ[إسلام سالم]ــــــــ[17 - 08 - 08, 05:54 م]ـ
السلام عليكم
أود أن أسأل فى - مستهل كلامى عن هذه المعضلة الأذلية -:
هل من كتاب أو حتى مجموعة كتب أو أبحاث أو رسائل قديمة أو معاصرة قامت بنقد مرويات و أخبار و آثار التاريخ الإسلامى و السيرة؟
كما لا يخفى على المهتمين بالتاريخ أن مصادره هى أهم مكوناته فبها يستطيع الباحث عن الحقيقة معرفة صحة و صدق ماورد بالتاريخ من عدمها
و التاريخ الإسلامى أغلبه يعتمد على الرواية
فهل هناك من نقد لتلك الروايات بأسلوب أشبه بأسلوب المحدثين القدامى فى نقد الحديث: من جمع الطرق و البحث فى الأسانيد و الرواةو طرق تلقى الراوى عمن روى عنه ... إلى آخره QuestionQuestionQuestionQuestionQuestionQuestion !!!!!!!!!!!!
التاريخ هام جداً , والأمر الشديد الخطورة هو ألا نعرف صحيحه من سقيمه , وللأسف لم يهتم العلماء - على حد علمى - لا قديماً ولا حديثاً بنقد مصادره نقداً علمياً مثلما فعلوا بالحديث
و السيرة أيضاً لم تنل من العناية بنقدها ما ناله الحديث
إنه لعار علينا أن نكون خير أمة أخرجت للناس ولا نعرف حقيقة تاريخنا, بينما الغرب لهم أبحاث معتبرة فى تاريخهم ومصادره
و حينما يبحثون فى السيرة و التاريخ الإسلامى يجدون الروايات التى تشوه صورة الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - و الصحابة الكرام دون أن يذكر المصنف الذى أوردها فى كتابه حرفاً واحداً يردها به أو يرد عليها , سواء كانت فى كتب السُنَّة (بما فى ذلك الكتب الستة) أو السير و التاريخ،يتساوى فى ذلك البخاري و الطبري.
كل هذا يستغله أعداء الإسلام فهل أثبت علماء المسلمون بالدليل المادى كذب أو عدم دقة تلك المرويات؟ ,وخير ما يثبتون به ذلك هو منهج نقد الحديث المذكور آنفاً.
أرجوكم من لديه الإجابة التى تمسح تلك الدمعة الشجية التى طالما أرقتنى و أنا أطالع التاريخ و السيرة و التراجم فلا يبخل عليَّ بها و ليجيبنى على ما سبق من تساؤل شكراً
ـ[إسلام سالم]ــــــــ[24 - 08 - 08, 08:36 م]ـ
عفواً و لكن ألا يوجد فى الملتقى كله من يجيبنى على سؤالى؟!!!!!
بارك الله فيكم
ـ[محمد مبروك عبدالله]ــــــــ[25 - 08 - 08, 01:37 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عليك أخي بمؤلفات المؤرخين المعاصرين
من أصحاب المدرسة الإسلامية في قراءة و كتابة وتفسير التاريخ أمثال:
الدكتور جمال عبد الهادي صاحب سلسلة أخطاء يجب أن تصحح في التاريخ -بأجزائها المتعددة-.
مؤلفات الدكتور محمود شاكر أستاذ التاريخ (السوري).
مؤلفات الدكتور الصلابي
مؤلفات الأستاذ أنور الجندي:
من مؤلفاته في التاريخ:
أضواء على تاريخ الإسلام
في سبيل إعادة كتابة تاريخ الإسلام
البطولة في تاريخ الإسلام
التاريخ في مفهوم الإسلام
الخلافة الإسلامية
عقبات في طريق النهضة مراجعة لتاريخ مصر الإسلامية منذ الحملة الفرنسية إلى النكسة 1898 – 1964
تاريخ الإسلام في مواجهة التحديات
من سقوط الخلافة إلى مولد الصحوة
تصحيح أكبر خطأ في تاريخ الإسلام الحديث .. السلطان عبد الحميد والخلافة الإسلامية
الإسلام وحركة التاريخ .. رؤية جديدة في فلسفة تاريخ الإسلام
الدرة المغتصبة بعد ثلاثين عاما .. فلسطين
موقع أنور الجندي
http://anwaralgendi.com/index.html
موقع التاريخ
http://www.altareekh.com/new/doc/index1.php
موقع الفسطاط
http://www.fustat.com/sub/books.shtml
ـ[طالب علم الحديث]ــــــــ[25 - 08 - 08, 02:54 ص]ـ
للأسف ما ذكرته هو عين الحقيقة ومن هنا ينبغي على الباحثين في الدراسات التاريخية من المعاصرين التنبه لهذا وهو ما يعرف بأسلمة التاريخ أما الكتب التي ذكرها الشيخ محمد مبروك فبعضهاًَ أيضاً كذلك لا تخلو من الروايات الضعيفة أو المشبوهة, في حين أننا نرى الدكتور أكرم ضياء العمري وثلة من الباحثين المعاصرين قاموا بمحاولة تطبيق منهج المحدثين على الروايات التاريخية فأحسنوا صنعاً. والله أعلم
ـ[ابوعمر الدغيلبي]ــــــــ[25 - 08 - 08, 03:59 ص]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=145715
ـ[إسلام سالم]ــــــــ[25 - 08 - 08, 04:02 ص]ـ
بارك الله فيك أخى طالب العلم
ولكن هل يمكنك تزويدى بالمزيد من المعلومات مثل أسماء كتب بعينها أو بحوث و رسالات و هل يمكن تحميلها من الشبكة أو كيف أحصل عليها؟
رجاء أخير أى معلومة هامة فى هذا المجال رجاءً لا تضن على أخيك بذكرها فى هذا الموضوع
شكراً
ـ[إسلام سالم]ــــــــ[25 - 08 - 08, 04:10 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عليك أخي بمؤلفات المؤرخين المعاصرين
من أصحاب المدرسة الإسلامية في قراءة و كتابة وتفسير التاريخ
بارك الله فيك أخى محمد مبروك على هذه المشاركة النافعة و أشكرك على سرعة التعاون و أدعوك لمثل ما دعوت به الأخ طالب العلم فى رجائى الأخير له فى الرد السابق
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(147/30)
ـ[إسلام سالم]ــــــــ[25 - 08 - 08, 04:27 ص]ـ
أما الكتب التي ذكرها الشيخ محمد مبروك فبعضهاًَ أيضاً كذلك لا تخلو من الروايات الضعيفة أو المشبوهة,
هل لك أن تذكر لنا ما تلك الكتب حتى نحذر منها ومما فيها من روايات ضعيفة
و هل يمكن ذكر أسماء مؤلفات د. أكرم العمرى و الباحثين التى تفيدنا فى هذا المجال
و شكراً
ـ[طالب علم الحديث]ــــــــ[25 - 08 - 08, 05:04 ص]ـ
بارك الله فيك أخى طالب العلم
ولكن هل يمكنك تزويدى بالمزيد من المعلومات مثل أسماء كتب بعينها أو بحوث و رسالات و هل يمكن تحميلها من الشبكة أو كيف أحصل عليها؟
رجاء أخير أى معلومة هامة فى هذا المجال رجاءً لا تضن على أخيك بذكرها فى هذا الموضوع
شكراً
وفيك بارك الله ..
هناك بالفعل رسائل علمية قيمة في هذا الباب وبعضها يمكن تحميلها فمنها على سبيل المثال لا الحصر:
كتاب مرويات السيرة النبوية بين قواعد المحدثين وروايات الأخباريين, وكتاب عصر الخلافة الراشدة (محاولة لنقد الرواية التاريخية وفق منهج المحدثين) ,وكلاهما للدكتور أكرم ضياء العمري, (والدكتور أكرم أشرف على أكثر من ستين أطروحة ورسالة للدكتوراه والماجستير خلال تدريسه في عدد من جامعات الخليج).
وكتاب مرويات الإمام الزهري في المغازي للدكتور محمد العواجي, وكتاب مرويات غزوة الحديبية جمع وتخريج ودراسة, وكتاب مرويات غزوة الخندق, وكتاب مرويات غزوة حنين وحصار الطائف, وكتاب السرايا والبعوث النبوية حول المدينة ومكة, وكتاب غزوة مؤتة والسرايا والبعوث النبوية الشمالية, وكتاب مرويات غزوة الخندق, وكتاب الواقدي في المغازي منهجه ومصادره .. وغيرها
كل هذه الرسائل العلمية المحكمة-وغيرها-قد اصطبغت بالدراسة العلمية الأصيلة وذلك بجمع أكبر قدر من الروايات التاريخية ومن ثم دراستها وتفنيدها وفق قواعد الجرح والتعديل قدر الإمكان واتبعوا في ذلك المنهج المعروف عند كتابة التاريخ الإسلامي في التعامل مع الروايات التاريخية.
وللإطلاع على جميع الكتب السابقة يمكنك أن تتصفحها على موقع المكتبة الشاملة, والله الموفق
ـ[إسلام سالم]ــــــــ[25 - 08 - 08, 05:12 ص]ـ
أشكرك على سرعة الإستجابة ,بارك الله فيك
ولقد طالعت المكتبة الشاملة منذ شهور و لاحظت فيها بعض ما ذكرت و ربما لم أنتبه لبقية الكتب و الأبحاث المذكورة , فهل حقاً جميع ما ذكرت أجده إن شاء الله فى موقع الشاملة؟
ـ[طالب علم الحديث]ــــــــ[25 - 08 - 08, 05:21 ص]ـ
ستجد أكثرها هنا وكما ذكرت سابقاً هذه الكتب ليست إلا أمثلة, قصدت ذكرها لتوفرها على الشبكة:
http://www.shamela.ws/old_site/list.php?cat=24
http://www.shamela.ws/old_site/list.php?cat=26
ـ[إسلام سالم]ــــــــ[25 - 08 - 08, 05:24 ص]ـ
شكراً بارك الله فيك و نفع بك , ,ارجو منك ذكر البقية حتى غير المتوفرة على الشبكة كلما سنحت لك الفرصة ..
و لا أطالبك بها الآن حتى لا أثقل عليك فلقد أتعبتك معى الليلة .. و سيجعل الله ذلك كله فى ميزان حسناتك إن شاء الله
ـ[إسلام سالم]ــــــــ[25 - 08 - 08, 01:49 م]ـ
أما الكتب التي ذكرها الشيخ محمد مبروك فبعضهاًَ أيضاً كذلك لا تخلو من الروايات الضعيفة أو المشبوهة,
هلا ذكرت تلك الكنب حتى نحذر مما فيها من روايات؟ , و من يدرى ربما قام بعض الأُخوة بالتطوع لتحقيقها فتعم الفائدة
فخير العلم علماً صحيحاً محققاً
ـ[عبد الله دريد حقي]ــــــــ[22 - 02 - 10, 06:35 ص]ـ
للرفع
موضوع هام للغاية
أرجو المزيد من الإهتمام به , و جواب كل ما سبق!
بارك الله فيكم(147/31)
ما هي الكتب التي تحدثت عن حماة وتاريخها
ـ[أبو زرعة حازم]ــــــــ[17 - 08 - 08, 06:52 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما هي الكتب التي تحدثت عن مدينة حماة بالشام وتاريخها وعلمائها أو الكتب التي تحوي مباحث واسعة عنها؟
ـ[احمد ابن صالح]ــــــــ[17 - 08 - 08, 10:15 م]ـ
بغية الطلب في تاريخ حلب لابن العديم
ـ[أبو زرعة حازم]ــــــــ[18 - 08 - 08, 12:47 م]ـ
بارك الله فيك
ـ[أبو زرعة حازم]ــــــــ[26 - 08 - 08, 11:53 ص]ـ
للرفع
ـ[همام النجدي]ــــــــ[04 - 11 - 09, 11:25 ص]ـ
عنوان الكتاب: مفرج الكروب في أخبار بني أيوب
الجزء: 1 رقم الصفحة: 41
الجزء: 2 رقم الصفحة: 74
الجزء: 4 رقم الصفحة: 265
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[05 - 11 - 09, 12:29 ص]ـ
كتابان عن اهلي حلب و حماه الكتاب الأول: مئة أوائل من حلب - حول أعلام مدينة حلب
الناشر: دار القلم العربي ـ حلب 2004
الصفحات: 3000 من القطع الكبير ثلاثة أجزاء - موسوعة
بذل كتاب الباحث (المؤلف عامر رشيد مبيض) جهداً واسعاً دؤوباً، بروح من العمل الأكاديمي والتوثيق المنهجي والاختيار الموفق للشخصيات التي تحدث عنها حيث أستطاع أن يحيط بجوانب الحياة السياسية والفكرية والاجتماعية والاقتصادية والفنية في مدينة حلب من خلال حديثه عن الشخصيات التي اختارها،
فقد تم التركيز على الأعلام الذين لعبوا دوراً في المضمار الوطني، ومن لعبوا دوراً في النشاط الفكري بكافة مجالاته، من خلال اعلام رجال الدين والأدب والتربية والعلم والقانون والفن، وكذلك من مارسوا نشاطاً اقتصادياً بارزاً ذا اثر في حركة المدينة، كما ركز الباحث عامر مبيض على أعلام الحركة التربوية والحركة الفنية والنشاطات في المجال النسائي فكرياً واجتماعياً وتربوياً، وقد اتخذ المؤلف لنفسه معايير دقيقة في اختيار الشخصيات التي قدمها، وهذه المعايير تدل على دقة ومعرفة وحس توثيقي وحرص على المعرفة الدقيقة.
يعتبر كتاب «مئة أوائل من حلب» عمل تأريخي موسع، وهو حصيلة سنوات عديدة من البحث والتنقيب والجمع والترتيب، يضم تراجم مسهبة لرجالات المدينة ولكل اثر قديم او حديث فيها، على امتداد القرن الماضي 1901 - 2001 مما جعل الكتاب لا يقتصر على المئة الأوائل في حلب، بل تعدّاها الى المئات ممن وافتهم المنية او لا يزالون أحياء.
ورأى المؤلف ان يغني موسوعته هذه بالصور التوضيحية النادرة، او بتلك التي التقطها بعدسته للمعالم الأثرية الماثلة ولبعض الأحياء القديمة والحديثة، أو بصور للأعلام المترجم لهم وبنماذج من انتاجهم، وان يستعرض فيها اطرافاً من الوقائع التاريخية الهامة التي جرت في القرن الماضي، كلما مست الحاجة أو اقتضى السياق.
والمتصفح لهذا الانجاز الضخم، سيعجب بما تحلّى به المؤلف الباحث من جد العالم وصبر المجتهد، وهو يتسقط الوثائق الخطية ويجري اللقاءات الشخصية، ويستكتب من يعهد فيهم الثقة في النقل والأمانة في الرواية. بزغت فكرة إعداد هذا المؤلف الضخم (كما يذكر عامر رشيد مبيض) بعد ان احس بفقر المكتبة الحلبية الى المصادر والمراجع العامة الشاملة لتراجم أعلامها،
ويبدو ان تأليف هذا الكتاب كان عملا صعبا تطلب الجهد والمشقة والصبر، وكلفه ذلك أكثر من ثلاثة آلاف مجلة ومئات القصاصات الصحفية التي استفاد منها في جميع فصول الكتاب، الى جانب الصور الوثائقية، والسؤال والجواب عن الأموات والأحياء وبين صفحات الصحف الحلبية القديمة التي تقدر بالأطنان وزيارات لآلاف الأسر الحلبية الى بيوتها ومقابرها لمعرفة تاريخ ولادة أو وفاة والانتظار في مكاتب المهندسين والمحامين واساتذة الجامعات وعيادة الأدباء والرواد والاعلام ووزع المؤلف مئات الاستمارات والملصقات للاعلام عن فكرة الكتاب في جميع المراكز الثقافية والنقابات والدوائر الحكومية والجمعيات والنوادي الرياضية والاجتماعية، والنشر في الصحف عددا من المرات عن فكرة مشروع هذا الكتاب منذ 1998.
يقول المؤلف وهو يصف معاناته: «مئات الساعات أمضيتها بين أقبية البيوت الحلبية القديمة أفتش بعد إذن أصحابها بين أكوام الأوراق والأكياس المهترئة، وقد أحصل على وثيقة مهمة تفيدني في بحثي، أو جريدة قديمة، أو صورة وثائقية، وقد لا أجد شيئا،
كما قطعت آلاف الكليومترات بين المدن السورية، من اجل لقاء مع من يعرف شيئا عن أحد الاعلام الذين عاصرهم في حلب، او لمقابلة عائلة حلبية هاجرت من حلب منذ زمن للحصول على معلومة أو صورة، هكذا عدا عن زياراتي لأكثر من ثلاثة آلاف أسرة في مدينة حلب التي يبلغ عدد سكانها أكثر من ثلاثة ملايين ونصف شخص».
هذا الكتاب الموسوعة اضافة مهمة ونوعية الى الكتب التي تحدثت عن مدينة حلب في شتى مراحل تاريخها وشتى ميادين الحياة فيها، وهذا العمل تكريم للمدينة ولرجالاتها الذين لعبوا أدوارا مختلفة في تكوينها وتطويرها. وهو عمل ذو طابع مؤسساتي، لكن المؤلف بجهده الدؤوب وعشقه وحبه لمدينته، استطاع بمفرده ان يقدم عملا له صفة الموسوعية المؤسساتية، بعد جهد استمر خمس سنوات من العمل المتواصل.
الكتاب الثاني: تاريخ حماه طبع بمطابع حماه عام 1334 هجري تأليف الشيخ أحمد الصابوني
والكتاب الثالث مملكة حماة الايوبية في مواجهة الحملات الصليبية والزحوف المغولية
تأليف عدنان سعد الدين
الناشر: دار الأعلام
منقول(147/32)
تاريخ الزندقة قديما وحديثاً
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[19 - 08 - 08, 01:32 ص]ـ
تاريخ الزندقة قديما وحديثا (منقول)
معنى الزندقة لغة:
اختلف الباحثون في أصل هذه الكلمة "زندقة" لكن أقرب الأقوال إلى هذه الكلمة: "فارسي معرب عن زنديك فإنّ الكلمة كانت تطلق بمعناها الأصلي على المؤمن المخلص من أتباع ماني. ولما كان الزادشتية يعدون المانوية ملحدين خارجين على الزرادشتية، فقد أطلقت عندهم على كل ملحد لا يؤمن بالدين الحق. وفي ذلك يقول "براون" شارحاً له ومدللاً عليه: "كلمة زنديق صفة فارسية معناها متتبع الزند أي الشروح القديمة للأفستا وهو كتاب زرادشت المفضل له على النص المقدس. وقد سمي المانوية زنادقة لميلهم إلى تأويل الكتب المقدسة للديانات الأخرى وشرحها حسب آرائهم وأهوائهم" أقول: والذي يرجح أن أصلها فارسي معرب ما جاء في لسان العربي لابن منظور: الزِّنْدِيقُ القائل ببقاء الدهر , فارسي معرب, وهو بالفارسية: زَنْدِ كِرَايْ , يقول بدوام بقاء الدهر. والزَّنْدَقةُ الضِّيقُ , وقيل: الزِّنْدِيقُ منه لأنه ضيّق على نفسه. التهذيب: الزِّنْدِيقُ معروف, و زَنْدَقَتُه أنه لا يؤمن بالآخرة ووَحْدانيّة الخالق. وقال أحمد بن يحيى: ليس زِنْدِيق ولا فَرْزِين من كلام العرب , ثم قال; ولكن البَياذِقةُ هم الرّجّالة , قال: وليس في كلام العرب زِنْدِيق , وإنما تقول العرب رجل زَنْدَق و زَنْدَقِيّ إذا كان شديد البخل, فإذا أرادت العرب معنى ما تقوله العامة قالوا: مُلْحِد ودَهْرِيّ , فإذا أرادوا معنى السِّنِّ قالوا: دُهْرِيّ , قال: وقال سيبويه الهاء في زَنادِقة وفَرازِنة عوض من الياء في زِنْدِيق وفَرْزِين , وأصله الزَّنادِيق الجوهري: الزِّنْدِيقُ من الثَّنَوِيَّة وهو معرب , والجمع الزَّنادِقة وقد تَزَنْدَقَ والاسم الزَّنْدَقة" وفي مختار الصحاح: "الزنديق م الثنوية وهو فارسي معرب وجمعه زنادقة وقد تزندق والاسم الزندقة." وجاء أيضاً في محيط المحيط: " زندق - تزندق الرجل صار زنديقًا أو تخلق بأخلاق الزّنديق. وقولهم من تمنطق تزندق أي من تعلَّم علم المنطق تهوَّر في الزّندقة لأنهُ يتورَّط في الأقيسة والنتائج بما يُفسد العقائِد الدينيَّة التي مدارها على التسليم .. رجلٌ زَنْدَقٌ وزَنْدَقيٌّ أي شديد البخل الزَّّندقة الاسم تزندق. يقال عندهُ زندقٌة .. الزُّّنْدُوق لغةٌ في الصندوق الزِّّنْدِيق من الثنويَّة أو القائل بالنور والظلمة أو من لا يؤمن بالآخرة وبالربوبيَّة أو من يُبطِن الكفر ويُظهِر الإيمان. ومنهُ قول الشاعر: بغداد دارٌ لأهل المال طيّبةٌ وللمفاليس دار الضنك والضيقِ ظللتُ حيران أمشي في أزِقَّتها كأنني مُصحفٌ في بيت زنديقِ معرَّب زَن دِين أي دِين المرأة ج زناديق زنادِقة. والتاءُ عوض الياء المحذوفة. والزّنادقة في بعض ترجمات العهد الجديد هي تحريف الصدوقيّين نسبةً إلى صدوق الذي أنكر الروح والبعث وغير ذلك. والزّنديق عند العامَّة من لا يراعي حرمةً ولا يحفظ مودَةً " وقد ورد هذا المعنى في قاموس "لاروس": "الزندقة: ابطان الكفر وإظهار الإيمان: مذهب القائلين بدوام الدهر من أصحاب زرادشت" أقول: لكن هذا المعنى تطور ولم يقتصر على أصحاب ماني لذلك يرى بعض المؤرخين أن للزندقة عدة معان تختلف باختلاف العصور .. "فقد كان العرب يطلقون لفظ (زنديق) على من ينفي وجود الله سبحانه، أو يقول إن له شريكاً. وقيل: إن الزنديق مَنْ يبطن الكفر ويظهر الإيمان .. وكان لفظ زنديق يطلق أول الأمر على كل من يتأثر بالفرس في عادتهم ويسرف في العبث والمجون، ثم صار يطلق بعد ذلك على كل من يتخذ عقائد المانوية شعاراً له، ويتمسك بعقيدة الثنوية، وعبادة إلهين اثنين، واتباع تعاليم ماني. ثم توسعوا في العصر العباسي في إطلاق لفظ الزندقة، فأصبح يطلق على من ينكر الألوهية، أو يتظاهر بالظرف" ويرى د. عبد الرحمن بدوي أن: "زنديق" لفظ غامض مشترك قد أطلق على معان عدة، مختلفة فيما بينها على الرغم مما قد يجمع بينها من تشابه، فكان يطلق على من يؤمن بالمانوية ويثبت أصلين أزليين للعالم: هما النور والظلمة. ثم اتسع المعنى من بعد اتساعاً كبيراً حتى أطلق على من يكون مذهبه مخالفاً لمذهب أهل السنة أو حتى من كان يحيا حياة المجون من الشعراء والكتاب ومن إليهم" الزندقة إذن:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(147/33)
"حركة دينية سياسية، ابتغى أصحابها بعث الديانات الثنوية الفارسية، وكان أكثرهم يعتنقون المانوية خاصة، وكان أهل الإباحة منهم يتأثرون المزكية أيضاً. وقد دبروا لطمس العقيدة الإسلامية، ونسف ُمثل الأمة العربية، ليقوضوا الدولة الإسلامية، ويعيدوا الدولة الفارسية الثنوية، وكان الزنادقة مخادعين أذكياء، ودُهاة خبثاء، فتستروا بالإسلام، وأسروا الكفر، إخفاء لعقائدهم، وتغطية لأهدافهم، وتيسيراً لعملهم، وكان رؤساؤهم وأتباعهم من الموالي الفرس، وكان شعراؤهم أهم من جد منهم في إحياء تراثهم الديني ونشره، وأكبر من لجّ منهم في تخريب الإسلام وتهديمه وأشهر من نشط منهم في تشويه الخلق العربي وتحطيمه. واشتط في ذلك منهم الشعراء الموالي الكوفيين أكثر من البصريين، لأن الكوفة سبقت البصرة في الزندقة، وفاقتها في الإباحة. وكان مطيع بن إياس وحماد عجرد .. أخطر الزنادقة من أهل الكوفة، وكان بشار بن برد، وصالح بن عبد القدوس أخطر الزنادقة الموالي من أهل البصرة. وكان بجانبهم مجانّ وفسقة وعصاة من الشعراء من أهل الكوفة مثل أبي دلامة وعلي بن الخليل، ووالبة بن الحباب، ومن أهل البصرة سلم الخاسر وأبان بن عبد الحميد، وأبي نواس .. وقد اتهموا جميعاً بالزندقة الدينية"
التعريف المختار لمعنى كلمة الزندقة:
بعد هذا العرض السابق لتطور معنى الزندقة نرى أن كلمة زنديق تعني من أبطن الكفر وأظهر الإسلام سواء أكان هذا الكفر المانوية أو الفرعونية أو الفينيقية أو البربرية أو النوبية أو العلمانية وغيرها من المذاهب أو النعرات أو القوميات المناهضة والمناقضة للإسلام. فالجامع لهؤلاء هو إبطانهم واخلاصهم له .. ورغم ذلك فإنهم يتمسكون بكلمة الإسلام إما خشية انتقام الأمة منهم وإما خبثاً ليروجوا مذاهبهم وعقائدهم الباطلة تحت عباءة الإسلام .. وعلى أية حال فالزندقة الحديثة أشد خطراً على الإسلام وتعاليمه من الزندقة القديمة إذ كان للمسلمين دولة وخليفة وقضاة يحمون بيضة الإسلام ويخشى سطوتهم الزنادقة قديماً .. أما اليوم فلا يوجد للمسلمين دولة تذود عن عقيدتهم .. ووسائل الإعلام المسعورة تتسابق على نهش الإسلام ونشر غثاء الزنادقة الجدد.
متى وكيف ظهرت الزندقة:
ذكر بعض المؤرخين والباحثين أن تاريخ محاكمة الزنادقة وتتبعهم منذ عهد الخلفاء العباسيين الأول؛ المهدي والهادي والرشيد وسار على نفس الدرب المأمون والمعتصم. وقد حدد المستشرق "فيدا" بداية محاكمة الزنادقة من سنة 163هـ إلى سنة 170هـ أي في السنوات الأخيرة من خلافة المهدي وإبان خلافة الهادي. "ففي سنة 163هـ بدأت حملة المهدي العنيفة على الزنادقة بأن أمر عبد الجبار المحتسب، والذي يلقبه صاحب الأغاني بلقب (صاحب الزنادقة) بالقبض على الزنادقة الموجودين داخل البلاد. فقبض على من استطاع القبض عليه وأتوا به إلى الخليفة الذي كان حينئذ في دابق، وأمر بقتل بعضهم وتمزيق كتبه. واستمر الخليفة في هذا الاضطهاد في السنوات التالية حتى بلغ الاضطهاد غايته في الفترة ما بين 166هـ وسنة 170هـ وكان يقوم على أمر هذا الاضطهاد قضاة مخصوصون، أشهرهم عبد الجبار الذي ذكرناه آنفاً، وعمر الكلوزي الذي عُين في سنة 167هـ، ثم محمد بن عيسى حمدويه الذي خلف عمر" هكذا حدد المستشرق "فيْدا" بداية ظهور الزندقة إلى العلن وذلك بإعلان الخليفة المهدي الجهاد على هؤلاء الزنادقة وكان الإعلان الرسمي للدولة في سنة 163هـ. أقول: لكن لنا تحفظات على ما ورد من استخدام بعض الألفاظ في عبارة المستشرق فيدا: مثل قوله (بدأت حملة المهدي العنيفة) .. وكذا تكرار كلمة (اضطهاد) التي توحي بمعاناة الزنادقة وكأنهم تعرضوا لحملة جور وظلم من قبل دولة الخلافة!! وفيها أيضاً إيحاء بالعطف على هؤلاء الزنادقة .. وكنا نود أن يعترض الدكتور عبد الرحمن بدوي على هذه الألفاظ وخاصة أنه ترجم هذا المقال الذي كتبه فيدا إلى العربية .. فاضطهاد المهدي للزنادقة هو جهاد شرعي، وعنف المهدي مع الزنادقة من باب قوله تعالى (وليجدوا فيكم غلظة) .. ويرى بعض المؤرخين أن ظهور الزندقة كان قبل الخليفة المهدي أي في أواخر الخلافة الأموية .. فابن النديم المتوفى 380هـ ذكر أسماء رؤساء المانوية قبل الخلافة العباسية: "كان الجعد بن درهم الذي ينسب إليه مروان بن محمد، فيقال مروان الجعدي، كان مؤدباً له
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(147/34)