لقد سقط الكثير من زعماء المسلمين أيام التتار في مستنقع الموالاة لأعداء الأمة، وكان منطقهم في ذلك أنهم يجنبون أنفسهم أساسًا، ثم يجنبون شعوبهم بعد ذلك ويلات الحروب .. فارتكبوا خطأ شرعيًا وعقليًا شنيعًا .. بل ارتكبوا أخطاءً مركبة .. فتجنُّب الجهاد مع الحاجة إليه خطأ، وتربية الشعب على الخنوع لأعدائه خطأ آخر، وموالاة العدو واعتباره صديقًا, والثقة في كلامه وفي عهوده خطأ ثالث ..
وربنا سبحانه وتعالى يقول في كتابه بوضوح: [يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين] {المائدة: 51} ..
وهذا التحذير خطير من رب العالمين .. وكم هو أحمق أو ضعيف الإيمان من يستمع إلى هذا التحذير ثم لا يلتفت إليه ..
لقد أسرع أمراء المسلمين بعقد الاتفاقيات المهينة والمخزية مع التتار لتسهيل ضرب بلاد المسلمين ..
ولم يعقد منكوخان هذه المعاهدات بنفسه؛ لأنه استهان جدًا بهؤلاء الأمراء، فقد كان كل واحد منهم لا يملك سوى بضعة كيلومترات، ومع ذلك يسمِّي نفسه أميرًا، بل ويلقب نفسه بالألقاب الفاخرة مثل: المعظم والأشرف والعزيز والسعيد وغير ذلك ..
وكَّل منكوخان أخاه هولاكو في عقد هذه الاتفاقيات المخزية .. فجاء أمراء المسلمين الضعفاء يسارعون في التتار الأقوياء .. [فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسرُّوا في أنفسهم نادمين] {المائدة: 52} ..
فجاء إلى هولاكو بدرُ الدين لؤلؤ، أمير الموصل ليتحالف معه.
وجاء سلطانا السلاجقة وهما: كيكاوس الثاني وقلج أرسلان الرابع ليتحالفا أيضًا مع هولاكو، وكانا في مكان حساس جدًا، فهما في شمال العراق (تركيا الآن) وتحالفهما يؤدي إلى حصار العراق من الشمال، وقد كان أسلوب كيكاوس الثاني في التزلف إلى التتار مخزيًا إلى الدرجة التي صدمت التتار أنفسهم!!
ورضخ أيضًَا الناصر يوسف أمير حلب ودمشق، ومع كونه حفيد الناصر صلاح الدين الأيوبي رحمه الله بل شبيهه في الاسم واللقب .. إلا أنه لم يكن يشبهه في شيء من الأخلاق أو الروح، بل كان مَهِينًا إلى الدرجة التي أرسل فيها ابنه العزيز لا ليقدم إلى هولاكو فروض الطاعة فقط، بل ليبقى معه في جيشه كأحد أمرائه .. !!
وكذلك جاء الأشرف الأيوبي أمير حمص ليقدم ولاءه لزعيم التتار ..
لقد كانت هذه التحالفات في منتهى الخطورة .. فهي بالإضافة إلى مهانتها وحقارتها قد زادت جدًا من قوة التتار الذين أصبحوا يحاصرون العراق من كل مكان، ويعرفون أخبار البلاد من داخلها، وفوق ذلك فإن هذه التحالفات أدت إلى إحباط شديد عند الشعوب التي رأت حاكمها على هذه الصورة المخزية؛ فضعفت الهمم، وفترت العزائم، وانعدمت الثقة في القادة، ومن ثَمَّ لم يعد لهم طاقة بالوقوف في وجه التتار ..
لقد كانت هذه الاتفاقيات جريمة بكل المقاييس .. !!
قيام دولة المماليك وإشراقة أمل:
بعد سقوط دمشق في أيدي التتار في أواخر صفر سنة 658 هـ , وذلك بعد سنتين تماما من سقوط بغداد , قرر "كتبغا " أن يحتل فلسطين, وباحتلالها يكون التتار قد أسقطوا العراق بكامله ,وأجزاء كبيرة من تركيا , وأسقطوا أيضا سوريا بكاملها وكذلك لبنان وفلسطين , وقد حدث كل ذلك في عامين فقط ووصل التتار في فلسطين إلى غزة , وأصبحوا على مسافة تقل عن خمسة وثلاثين كيلو مترا فقط من سيناء , وبات معلوما للجميع أن الخطوة التالية المباشرة للتتار هي احتلال مصر.
وهذا أمر لا يحتاج إلى كبير ذكاء!! .. فالمتتبع لخط سير التتار سيدرك على وجه اليقين أن مصر ستكون هدفاً رئيسياً لهم، وذلك لعدة أسباب منها:
ـ أولاً: سياسة التتار التوسعية واضحة، وهم لا ينتهون من بلد إلا ويبحثون عن الذي يليه، ومصر هي التي تلي فلسطين مباشرة ..
ـ ثانياً: لم يبقَ في العالم الإسلامي بأسره قوة تستطيع أن تهدد أمن التتار إلا مصر، فقد سقطت كل الممالك والحصون والمدن الإسلامية تقريباً، وبقيت هذه المحطة الأخيرة ..
ـ ثالثاً: مصر ذات موقع استراتيجي في غاية الأهمية، فهي تتوسط العالم القديم، وخطوط التجارة عبر مصر لا تخفى على أحد ..
ـ رابعاً: مصر بوابة أفريقيا، ولو سقطت مصر لفتح التتار شمال أفريقيا بكامله، وشمال أفريقيا لم يكن يمثل أي قوة في ذلك الوقت، لأن وصول التتار إلى الشام كان متزامناً مع سقوط دولة الموحدين بالمغرب سقوطاً كاملاً، وتفكك الشمال الأفريقي المسلم إلى ممالك متعددة صغيرة، ولو سقطت مصر فلا شك أن كل هذه الممالك ستسقط بأقل مجهود ..
ـ خامساً: الكثافة السكانية الكبيرة في مصر، فقد كان سكانها يبلغون أضعاف سكان المناطق الإسلامية الأخرى ..
ـ سادساً: الحمية الدينية والصحوة الإسلامية عند أهل مصر عالية .. بل عالية جداً .. ويخشى التتار أنه لو تولى أحد الصالحين المجاهدين قيادة هذا البلد كثيف العدد، شديد الحمية، المحب للإسلام، والغيور على حرمات الدين، أن تتغير الأوضاع، وتتبدل الأحوال، ويهتز وضع التتار في المنطقة بأسرها ..
لهذه الأسباب ـ وقد يكون لغيرها أيضاً ـ كان التتار يعدون العدة للانتقال من فلسطين إلى مصر، ومع متابعة سرعة انتقال التتار من بلد إلى بلد، فإن المراقبين للأحداث لابد أن يدركوا أن تحرك التتار إلى مصر سيكون قريباً، بل قريباً جداً، حتى لا يعطي التتار الفرصة لمصر للتجهز للحرب الحتمية القادمة ..
( .... منقول .... )
ــــــــ
(1) د. راغب السرجاني: قصة التتار من البداية إلى عين جالوت - الطبعة الأولى 1427 - 2006 مؤسسة اقرأ.
(2) محمود شاكر: الدولة العباسية جـ 5 ص 8، 9.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(145/427)
ـ[أبو حازم المسالم]ــــــــ[11 - 05 - 08, 03:14 م]ـ
ممكن المصدر لو تفضلت؟
ـ[أبو الأشبال عبدالجبار]ــــــــ[11 - 05 - 08, 09:16 م]ـ
للفائدة:
قتال المسلمين للترك
بقلم فراس نور الحق
مدير موقع موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة
http://55a.net/firas/arabic/index.php?page=show_det&id=1428&select_page=1
ممكن المصدر لو تفضلت؟
نعم ممكن تفضل:
http://www.alawazm.com/vb/showthread.php?t=24121&page=7
ـ[أبو حازم المسالم]ــــــــ[17 - 05 - 08, 05:36 ص]ـ
جزاك الله خيرا ..
إنما عنيت النص الأصلي، وقد علمت فيما بعد أنه جزء من كتاب ماتع لراغب السرجاني، وأنزلت ملفاته.
وليتني أراه مطبوعا، ففيه من الفوائد والعبر الكثير.
ومن عنده علم أين طبع فليخبرني مشكورا.
ـ[أبو الأشبال عبدالجبار]ــــــــ[14 - 08 - 08, 08:48 م]ـ
للرفع(145/428)
استفسار عن كلام للشيخ أبو حاتم الشريف
ـ[محمد الشافعي]ــــــــ[11 - 05 - 08, 07:01 ص]ـ
الشيخ الكريم أبو حاتم الشريف
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ذكرت في تعليق سابق لك في هذا المنتدى الكريم ما يلي:
في الحقيقة أصاب الدكتور فيما قاله عن رواية كلاب الحوأب
و موضوع ابن سبأ موضوع مهم للغاية ولي وقفات مع هذا البحث وكنتُ قد عملت دراسة مختصرة عن ابن سبأ لكني فقدتها من جهازي وإذا وجدتها فسوف أنشرها هنا كما عهدني الإخوة
والسؤال مقسم إلى قسمين:
1 - كيف توصلت إلى كون رواية كلاب الحوأب موضوعة؟
2 - ماذا لديك في موضوع عبد الله بن سبأ؟ حيث إنّ لدي كلاماً في هذه الشخصية ليس معتاداً، وأحب قبل أن أطرحه أن أقرأ لك.
ـ[أبوحاتم الشريف]ــــــــ[30 - 05 - 08, 09:03 م]ـ
الأخ الكريم قصة كلاب الحوأب سبق أن تكلمنا عليها باستفاضة وهي رواية صحيحة
وأما الكلام عن ابن سبأ فهناك أكثر من كتاب حول هذا الموضوع ولي كتابة مختصرة عن ابن سبأ كتبتها قديما سوف أبحث عنها في الجهاز والله الميسر
ـ[أبوفاطمة الشمري]ــــــــ[26 - 08 - 10, 06:13 م]ـ
جَمَعْتُ -بفضل الله- طُرُقَ حديثِ (كلاب الحوأب) في جزء مفرد، وبَيِّنْتُ فيه بطلانه بقواعد أئمة الحديث والعلل.
والله الموفق.(145/429)
قبيلة آل زيدان (الزيادنة) - لعبد الله إسماعيل الكسواني
ـ[أبو جمال]ــــــــ[11 - 05 - 08, 07:24 ص]ـ
الكتاب يبحث تاريخ عائلة آل زيدان أو الزيادنة بشكل عام، وتاريخ هذه العائلة في قرية بيت إكْسَا الفلسطينية بشكل خاص.
وبيت اكسا قرية فلسطينية صغيرة تقع إلى الشمال من مدينة القدس، وهي تقع على منطقة جبلية، وبها كروم من العنب والزيتون وبعض الأشجار المثمرة الأخرى.
وتقبلوا خالص تقديري واحترامي
- الكتاب يرفع على الشبكة لأول مرة.(145/430)
الحملة النجدية على حضرموت
ـ[عبد الله الطيب]ــــــــ[11 - 05 - 08, 05:06 م]ـ
أريد مصادر نجدية تتحدث عن الحملة النجدية على حضرموت والتي كانت في حدود سنة 1224هـ.
ـ[أبوعائشة الحضرمي]ــــــــ[11 - 05 - 08, 05:45 م]ـ
أوافق الأخ الكريم على طلبه.
ـ[عبد الله الطيب]ــــــــ[13 - 05 - 08, 11:37 ص]ـ
أبو عائشة الحضرمي ..
جزاك الله خيرا، وأُثَمِّن مرورك وتأييدك.
والذي دعاني لهذا الطلب اختلاف المصادر الحضرمية في إيراد هذه الحادثة.
فمن قائل: إنهم قتلوا ونهبوا وأسروا ...
ومن قائل: إنهم فقط جاؤوا لنشر معتقدهم ودعوة الناس إلى تجريد التوحيد وهدم مظاهر الشرك كالقباب.
ولعلك تفيد إخوانك بما عندك.
ـ[عبد الله الطيب]ــــــــ[20 - 05 - 08, 08:32 م]ـ
هل أسعد بتلبية طلبي؟(145/431)
كتاب الدولة الأموية لعمر العقيلي
ـ[طالب علم الحديث]ــــــــ[12 - 05 - 08, 06:12 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
طاب مساءكم بالخيرات, ومُلئ بالمسرات, ولا أراكم الله المكروهات ..
أحبتي الأكارم أردت منكم طلباً ربما تفيدونني فيه, ألا وهو كتاب تاريخ الدولة الأموية للدكتور/عمر العقيلي (وأظنها رسالة علمية) وهي مطبوعة قررت علينا نحن طلاب الدراسات العليا فبحثت في المكتبات ولم أجدها (في مدينتي) ,فمن كانت عنده الأخبار فليزودنا وله منا الدعوات. وجزاكم الله خيرا
ـ[ابو عبد الرحمن المهاجر]ــــــــ[14 - 05 - 08, 02:00 م]ـ
الحمد لله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخي الحبيب طالب علم جديد بارك الله في عزيمتك لطلب العلم وعلمك ما ينفعك وجدد الله بك وادركك طلبك،
اخي الحبيب اكتب في الجوجل للبحث اسم الكتاب،ان ظهر لك مجاني علي احدي المواقع فبها ونعمه وان ظهر لك في احدي المواقع للبيع،تقدر ان تشتريه الكترونيا ثم يرسل لك بالبريد الي حيث تسكن.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[طالب علم الحديث]ــــــــ[14 - 05 - 08, 10:46 م]ـ
جزاك الله خيراً ..
بحثت عما أرشدتني إليه قبل أن أضع الموضوع فلم أجد بغيتي لكني أظن أن الكتاب من مطبوعات جامعة الملك سعود حيث أن الدكتور العقيلي أستاذا في الجامعة ..
أشكر لك اهتمامك وحرصك, وفقني الله وإياك وسددنا ..(145/432)
من يدلني على كتب في البيت النبوي.
ـ[طوبى امباكي]ــــــــ[12 - 05 - 08, 11:20 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أعزائي الكرام أريد كتبا في السيرة تتعلق بالأسرة والبيت النبوي والعلاقات الاجتماعية في السيرة النبوية، وجزاكم الله خيرا.
ـ[محمود الشويحى]ــــــــ[12 - 05 - 08, 11:34 م]ـ
من كتب مكتبة الاسكندرية على موقع أرشيف تجد تراجم سيدات بيت النبوة للدكتورة بنت الشاطئ(145/433)
ترجمة الشمس السمرقندي
ـ[حماد النقبي]ــــــــ[13 - 05 - 08, 02:24 م]ـ
أخوتي الأحبة:
من يفيدني بترجمة وافية لشمس الدين محمد بن أشرف السمرقندي، أو أي شيء عنه.
مع كل الشكر(145/434)
حصريا- تفاصيل حرب غرناطة الكبرى للأستاذ المنتصر الكتاني رحمه الله
ـ[هشام زليم]ــــــــ[14 - 05 - 08, 03:18 ص]ـ
بسم الله الرحمان الرحيم.
تعتبرمعركة غرناطة الكبرى (1568م-1570) إحدى المعارك الإسلامية الكبرى التي لم تأخذ حقها في كتب التاريخ.
و قد قام الأستاذ المنتصر الكتاني رحمه الله -و هو علم من الأعلام الشامخة التي اهتمت بتاريخ الأندلس خصوصا بعد سقوط غرناطة ردها الله دار إسلام-بتخصيص فصل كامل من كتابه الماتع " انبعاث الإسلام بالأندلس" لمعركة غرناطة الكبرى.
و قد قمت بفضل الله و توفيقه بنقل هذا الفصل.
و تجدر الإشارة أن العناوين ذات اللون الأزرق هي من إنشائي و ليست في الكتاب. و قد استحسنت إضافتها تسهيلا و تبسيطا للقارئ. ما عدا هذه العناوين فكل ما خٌطّ أسفله هو من كتاب "انبعاث الإسلام بالأندلس".
ـ[هشام زليم]ــــــــ[14 - 05 - 08, 03:21 ص]ـ
3 - 1 - تهييئ الثورة
تجاهل للمطالب الأندلسية
لما أعلنت السلطات الإسبانية في 1 - 1 - 1567 م القانون الغاشم الذي استهذف ما تبقى من السمات الحضارية للأمة الأندلسية المسلمة, شرعت بملاحقة المسلمين لتنفيذه في كل أنحاء البلاد. فحاول الأندلسيون أولا تخفيف ما أصابهم بالتفاوض. فرفعوا احتجاجهم إلى الرئيس ديسا, رئيس المجلس الملكي {كورتس} يطلبون منه إلغاء هذا القانون أو على الأقل تأجيل تنفيذه. فتقدم باسمهم وفد يرأسه رئيس جماعتهم مولاي فرانسيسكو نونيز. لكن ديسا قابل الوفد بكل غطرسة و إهانة و إهمال. فأرسل المسلمون انذاك وفدا إلى الملك فيليبي الثاني و إلى وزيره المفتش العام الكاردينال سبينوزا, العدو اللذوذ للمسلمين. ترأس الوفد خوان أنركيز, و هو رجل نصراني يعطف على المسلمين و يدافع عنهم. و تضمن الوفد مسلمين من أعيان الأندلسيين هما خوان فرناندس من غرناطة و فراندو الحبقي من وادي أش. اجتمع الوفد بأعضاء الكرتس و بالكاردينال أسبينوزا, دون فائدة, إذ اجاب الكاردبينال أن الملك مصمم على تنفيذ القانون و أن العرائض يجب تقديمها لديسا على أي حال. و طلب ديسا من جهته من الكاردينال تنفيذ القانون بصرامة و قسوة بصفته المفتش العام.
و تقدم الماركيز دي مندوجر, حاكم غلرناطة, بعريضة إلى الملك أوضح فيها خطورة الموقف لاعتراض المورسكيين على القانون و احتمال ثورتهم بسبب اليأس و طلبهم مساعدة أتراك الجزائر. فلم تات عريضته بنتيجة, وأخذت السلطات الكنسية تنفذ الأحكام الجديدة في المواعيد المخصصة لها بكل شدة.
و تقدم وفد من مسلمي مملكة بلنسية بالتماسات مماثلة إلى الملك, برئاسة زعيمهم كوزمي ابن عامر الذي كان مقربا للملك. فنجح بعض الشيء في التخفيف من تطبيق هذا القانون, إذ تقرر معاملة المتهمين بالردة {عن النصرانية} ببعض الرفق, بعدم نزع ممتلكاتهم بتهمة المروق من الدين, مقابل غرامة سنوية قدرها 2500 مثقال ذهب يقدمها المورسكيون غلى ديوان التفتيش.
المخرج هو الثورة
و لم يعد يفكر أهل غرناطة إلا في الثورة للحفاظ على دينهم الإسلام و الدفاع عن بلدهم الأندلس بعد ان يئسوا من التعايش مع النصارى تحت هذه الأوضاع المأساوية. و اعتصم عدد كبير من مسلمي مملكتي غرناطة و بلنسية و غيرهما بالجبال للإغارة على قوافل الحكومة و قواتها و ضرب مصالحها, و كانوا يسمونهم بالمنفيين. فكانوا أول من ابتدع حرب العصابات ضد الدولة من طرف الشعوب المستضعفة.
تصاعد للممارسات الصليبية ضد الأندلسيين
و حدد قانون 1 - 1 - 1567م نهاية عام 1567 كموعد نهائي لتخلي المسلمين, نساءا و رجالا, عن لباسهم الإسلامي و لغتهم العربية, إلخ ... و الف ديسا قوة من الشرطة لمراقبة المسلمين وألزمهم بنفقاتها. لكن الماركيز مندوجر حل هذه القوة من الشرطة لكسب عطفهم. ثم أمر ديسا بإقصار جميع المورسكيين عن حي البيازين و امر بعقوبات صارمة لكل من يتعاون مع المنفيين في الجبال. ثم أصدر أمرا بتاريخ 1 - 1 - 1568 يقضي بأن يسلم المسلمون أولادهم الذين تتراوح اعمارهم بين 3 و 15 سنة إلى السلطات الكنسية لتعليمهم الدين النصراني و اللغة القشتالية. فأدى هذا القرار الأخير إلى دفع ما تبقى من المؤمنين بحل سلمي إلى التفكير في الثورة.
التحضير للثورة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(145/435)
عمل زعماء المسلمين في غلرناطة حينئذ على إشعال ثورة شاملة تعيد للأندلس دولتها و للمسلمين عقيدتهم. فاجتمعوا سرا أواخر سنة 1567 م في حي البيازين, و توصلوا إلى شرطين أساسيين لإنجاح الثورة, و هما: أولا ضرورة مشاركة جميع مسلمي الدولة الإسبانية في الثورة, إن أمكن , أو جميع مسلمي مملكة غرناطة على الأقل, ثانيا ضرورة الحصول على العون المادي بالسلاح و الرجال و المال من المغرب و الجزائر. و كانت الجزائر انذاك تابعة للدولة العثمانية, و المغرب تحت حكم الدولة السعدية.
ما ينتظره الأندلسيون من العثمانيين
ارتكز أمل الثوار الأندلسيين على الدولة العثمانية, خاصة بعد حصارها لمالطة سنة 973ه {1565}. و كان سلطانها حينذاك سليم الثاني, بويع بعد وفاة والده السلطان سليمان القانوني يوم 20 صفر عام 974 ه {5 - 9 - 1566م}. و كان السلطان سليم في حرب مع الدول الكاثوليكية في البحر الأبيض المتوسط, و أصبح هدفه الأول تحرير قبرص من البندقيين لتأمبن طريق الحج البحرية. و كانت الحرب متواصلة بينه و بين القو ى الصليبية للسيطرة على البحر الأبيض المتوسط, نتجت عنها هزيمة العثمانيين في لبانتو بتاريخ 17 - 10 - 1571م. و كان الإسبان يحتلون مناطق واسعة من الشواطئ المغربية و الجزائرية و التونسية و الليبية بما في ذلك طرابلس و تونس و الجزائر. و أمام الخطر الذي كان يهدد أهل شمال أفريقيا بنفس المصير الذي أل إليه الأندلسيون, استغاثوا بالدولة العثمانية. فحرر العثمانيون الجزائر سنة 1519م و طرابلس سنة 1551م و تونس سنة 1568 م, و عملوا على تحرير الشواطئ الأخرى من الوجود الإسباني. و أصبحت الجزائر منذ ذلك الحين مركزا قويا للوجود الإسلامي بالبحر الأبيض المتوسط, و عاصمة لولاية عثمانية قوية. و أسند السلطان سليم الثاني في ذي الحجة عام 974ه {يونيو 1566 م} , منصب بيلربايالجزائر للرئيس محمد بن صالح محل الرئيس حسن بن خير الدين, و عين هذا الأخير قائدا عاما للأسطول العثماني. ثم خلف الرئيس محمد بن صالح في 14 صفر عام 976ه {18 - 8 - 1568م} , الرئيس العلج علي, و هو مسلم من مواليد كاستل بجنوب إيطاليا.
ـ[هشام زليم]ــــــــ[14 - 05 - 08, 03:23 ص]ـ
ما ينتظره الأندلسيون من المغرب
و كان المغرب يقاوم كذلك الإحتلالين الإسباني لشواطئه المتوسطية و البرتغالي لشواطئه الأطلسية. و كانت تتنازعه الدولتان الوطاسية و السعدية, فانتهى الصراع بينهما بتوحيد المغرب تحت الدولة السعدية في 24 شوال عام 961 ه {22 - 9 - م1554}. و كان أبو عبد الله الغالب, سلطان المغرب من سنة 964 ه إلى سنة 981 ه {1557 - 1574م} , متهما بالتواطئ مع الإسبان و تسليمهم مدينة بادس {بالمغرب} , و بالإنسحاب بدون سبب ظاهر من محاصرة البرتغاليين بالبريجة {الجديدة}. و على أي حال فقد كان المغرب مشغولا بتحرير أرضه و الدفاع عن وجوده مما أدى إلى انتصاره على البرتغال في معركة وادي الخازن سنة 986ه {1578م}.
سوء العلاقة بين المغرب و الدولة العثمانيية
و مما يؤسف له أن العلاقات المغربية العثمانية لم تكن طيبة, و كانت دائما تتسم بالمصلحة العليا للطرفين أمام الغزو الصليبي و مخاطره.
الإتصال بالجيران بالعدوة المغربية و الجزائرية
ثم اتصل منظمو الثورة بالسلطات العثمانيةفي الجزائر و السعدية في المغرب بسرية كاملة, و بالشخصيات الشعبية في البلدين لطلب العون و المساعدة. و قد وصلتنا بعض هذه الرسائل, نأتي بقتطفات من اثنين منها: الرسالة الأولى, و هي على شكل قصيدة, قال فيها كاتبها محمد بن محمد بن داود, أحد زعماء الثورة, بعد أن افتتحها بحمد الله و الثناء عليه و الصلاة على رسوله الكريم: "استمعوا إلى قصة الأندلس المحزنة, و هي تلك الأمة العظيمة التي غدت اليوم ضعيفة متهيضة, يحيط بها الكفرة من كل صوب, و أضحى أبناؤها كالأغنام الذين لا راعي لهم. و في كل يوم نسام سوء العذاب و لا حيلة لنا إلا المصانعة حتى ينقذنا الموت مما هو أشر و أدهى, و قد حكموا فينا اليهود الذين لا عهد لهم ولا ذمة, في كل يوم يبحثون عن ضلالات و أكاذيب و خدع و انتقامات جديدة. و نرغم على مزاولة الشعائر النصرانية و عبادة الصور, و هو مسخ للواحد القهار, و لا يجرؤ أحذ على التذمر أو الكلام. و إذا ما وقع قرع الناقوس ألقى القس عظته بصوت أجش, و فيها يشيد بالنبيذ و لحم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(145/436)
الخنزير, ثم تنحني الجماعة أمام الأوثان دون حياء و لا خجل ... و من عبد الله بلغته قضي عليه بالهلاك, و من ضبط ألقي في السجن و عذب ليل نهار حتى يرضخ لباطلهم" ثم يصف جرائم محاكم التفتيش ضدهم من اعتقال و تعذيب و قتل بالحرق, ثم يقول: "و قد علقوا يوم العيد {ذكرى سقوط غرناطة} في ميدان باب البنود قانونا جديدا و أخذوا يدهمون الناس في نومهم و يفتحون كل باب, يزمعون تجريدنا من ثيابنا و قديم عاداتنا, و يمزقون الثياب و يحطمون الحمامات. ونحن إذ نيأس من عدل البشر نستغيث ب .... معتمدين على ثواب الأخرة, و قد حثنا شيوخنا على الصلاة و الصوم و الاعتصام بالله فهو الذي يرحمنا في نهاية الأمر."
و الرسالة الثانية موجهة من أحد زعماء الثورة في البيازين إلى أحد رؤساء المغرب، يناشد كاتبه إخوانه المغاربة و يستغيث بهم و يصف ما قرره النصارى من '' إرغامهم على ترك اللغة و الشريعة، و كشف الوجوه الحيية المحتشمة, و فتح الأبواب, و ما أنزل بهم من المحن السجن و الأسر و نهب الأملاك" و يطلب أيصال استغاثته للسلطان العثماني. ثم يقول: " لقد غمرتنا الهموم و أعداؤنا يحيطون بنا إحاطة النار المهلكة. إن مصائبنا لأعظم من أن تحتمل, و لقد كتبنا لكم في ليال تفيض بالعذاب و الدمع, و في قلوبنا قبس من الأمل. إذا كانت ثمة بقية من الأمل في أعماق الروح المعذبة".
ردود العثمانيين و المغاربة على الرسائل الأندلسية المطالبة بدعم للثورة
جاءت الأجوبة من الجزائر و المغرب تعد بالمساندة. فقد وعد سلطان المغرب بالنجدة عندما تعلن الثورة ووعد بيلرباي الجزائر بإرسال قوات مساندة تنزل على شواطئ الأندلس إثر إعلان الثورة, و ارسل مع المبعوثين المال و السلاح, و لحق بهم من الجزائر و المغرب بعض المتطوعة للجهاد. فشجعت ردود الفعل هذه منظمي الثورة وقوت عزيمتهم على القتال.
التواصل الداخلي بين أطراف الأندلس تحضيرا للثورة
و في نفس الوقت قام منظمو الثورة بالإتصال بمدن و قرى مملكتي غرناطة و بلنسية بتكتم شديد. و كان المورسكيون قد أسسوا جمعية خيرية صرح لها بجمع المال لبناء مستشفى خارج غرناطة للفقراء المرضى. و لم يكتمل بناء المستشفى, فاقترح منظمو الثورة على رئيس الجمعية أن يبعثوا تحت ستار جمعيته وفودا لجمع المال تعمل في الحقيقة على تنظيم الثورة في المناطق المختلفة, و حصلوا على ترخيص بذلك من الرئيس ديسا. فذهب ثلاثة من زعماء المسلمين لهذه المهمة في وفد عمل على تقصي مستوى مساندة الأندلسيين للثورة بتكتم شديد. و قدروا عند رجوعهم عدد من يمكن أن ينظم إلى الثورة ب45.000 رجل ممن تتراوح أعمارهم بين 20 و 45 سنة. و تبين ان جميع مناطق مملكة غرناطة القديمة تساند الثورة, لكن مسلمي مملكتي مرسية و بلنسية رفضوا المشاركة فيها لعدم ثقتهم بنجاحها و لدوام أملهم في تحرير العثمانيين لهم.
تجاهل الإسبان لإشاعات بقرب ثورة المسلمين
و رغم تستر منظمي الثورة الشديد, فقد أخذت الإشاعات تنطلق بقرب ثورة المسلمين. لكن لا الرئيس ديسا, رئيس الإدارة المدنية , و لا الماركيز دي مندوجر, القائد العام للجيش, صدقا هذه الإشاعات. و لإبعاد الشك, أرسل منظمو الثورة ممثلا عنهم إلى الرئيس ديسا يشتكي من هذه الإشاعات و ادّعى أنها كاذبة, و اقترح باسم المورسكيين تقديم 300 رهينة عنوانا على حسن نيتهم.
تحديد موعد الثورة
ثم اجتمع زعماء الثورة للمرة الثانية في البيازين و درسوا ردود الوفود إلى الأندلس و إلى المغرب و الجزائر. فقرر المجتمعون إعلان الثورة يوم الخميس المقدس {14 - 4 - 1568} , ووزعوا بينهم مسؤوليات إخبار المناطق الأندلسية المختلفة و المغرب و الجزائر.
تأجيل موعد الثورة بعد علم الإسبان به
و لم تسر الخطة حسب ما فقرر لها, إذ قام أحدهم بتبليغ الرئيس ديسا في4 - 5 - 1568, فاضطر المنظمون نأجيل موعد إشعال الثورة. و اعتقل ديسا عددا من وجهاء المسلمين, و ألغى تصاريح اقتناء الأسلحة, كما ذهب القاءد العام إلى حي البيازين يأمر الناس بالهدوء و السكينة و الحفاظ على الأمن. فطمأن بعد ذلك زعماء المسلمين الرئيس ديسا و الماركيز دي مندوجر, ثم حددوا موعدا اخر لإعلان الثورة الذي أجل مرة أخرى.
اجتماع قيادة الجيش الإسلامي و تعيين ابن أمية سلطانا للأندلس
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(145/437)
و في 27 - 9 - 1568 عقد هرناندو بن جهور الصغير, أحد قواد الثورة الذي كان وزيرا في بلدة قديار بالبشرات, جمعا في حي البيازين لقادة الثورة في بيت رجل شماع اسمه عدلت, حظره 26 ممثلا عن المناطق الأندلسية المختلفة. فشرح لهم ضرورة بيعة سلطان الأندلس قبل إعلان الثورة ليجتمع الناس حوله, و رشح لهم ابن أخيه فراندو دي بالور و قرطبة. و كان هرناندو و فراندو ينحدران من الأمويين, خلفاء قرطبة. كان فراندو في الثانية و العشرين من عمره , ذا شجاعة و رجاحة عقل, ولد في بلدة بالور بجبال البشرات و أصله من قرطبة. وكان بعمل ممثلا في بلدية غرناطة. و كان منزوجا من مسلمة اسمها برياندة بريز, ز كانت هي و نساؤ المسلمين من أول وهلة يشاركن في تهيء الثورة بكل كتمان و تشجيع. فبايعه الحاضرون, و حول اسمه إلى محمد بن أمية. ثم نهض و صلى بالحاضرين و أقسم لأمامهم على القيام بالجهاد حتى النصر أو الإستشهاد. و عين السلطان محمد بن أمية عمه هرناندو ابن جهور الصغيرقائدا عاما للثورة.
تحديد موعد جديد للثورة و ووضع خطة الإنطلاق
و اتفق الحاضرون على إعلان الثورة يوم 1 - 1 - 1569م, على النحو التالي:
ينتظم الثوار في حي البيازين إلى ثلاث فرق عند ظهور إشارة محددة واضحة فوق مرتفع جبل قصرالحمراء, الأولى تحمل العلم الأحمر, و الثانية العلم الأصفر, و الثالثة العلم الأزرق. ومن جهة أخرى, يجتمع ألفان من الثولر لتسلق أسوار قصر الحمراء و احتلاله. يحتمل حاملو العلم الأحمر باب فج اللوزة, ثم يتوجهون من باب سري لإلى المستشفى الملكي و يدخلون من باب البيرة لاحتلال محكمة التفتيش لسجن أعضائهاو تحريرسجنائها. و يحتمل حاملو العلم الأصفرساحة باب البنود ثم يتوجهون إلى السجن لتحريرالسجناء. و يأأخذ حاملو العلم الأزرق طريقهم عبر مدخل وادي اش و نهر هدرة, و يتوجهون إلى مركز الرئيس ديسا لقتله. و تلتقي الفرق الثلاثة في ساحة باب الرملة. و حينئذ يتجه 8000 متطوع من أهل مرج غرناطة ووادي الإقليم للدخول إلى المدينة و احتلالها مرتدين ملابس الجند العثماني و المغربي للتمويه على النصارى و جعلهم يعتقدون قدوم الجنود العثمانيين و المغاربة. و يحتل قصر الحمراء ألفان من المنفيين برئاسة القائدين البرطال و الناقص عن طريق وادي شنيل بعد تسلق أسوار الحمراء من ناحية جنة العريف. و هكذا وقع تخطيط الثورة و تحديد مسؤولية كل من حضر.
محاولات الأندلسيين تجاوز الخلافات
من البداية, عمل زعماء الثورة على التغلب على الإنقسامات الأندلسية بين العائلات و بين سكان المناطق المختلفة, التي كان معظمها ممثلا في زعامة الثورة: فرج بن فرج و محمد بن داود و ابن عبو من مدينة غرناطة, و محمد بن أمية و ابن جهور و ميغاللروخاس و هرناندو الحبقي و الرامي و المليح و غيرهم من البشرات. كما حدد الثوار موعد الثورة في الثتاء ووقت انتشار الثلوج لمعرفتهم بالأرض الغرناطية أكثر من النصارى و الجيوش القشتالية.
ـ[هشام زليم]ــــــــ[14 - 05 - 08, 03:26 ص]ـ
3 - 2 إعلان الثورة و بيعة بن أمية.
مصادمات قبل بداية الثورة
ابتدأت الإصطدامات بين الأندلسيين و القشتاليين قبل إعلان الثورة. ففي 23 - 12 - 1568م, خرجت كوكبة من حراس محكمة غرناطة و كتبتها لقرية بقيرة بالبشرات لقضاء أعياد رأس السنة يصحبهم خمسون جنديا مسلحين بالبنادق, فاتجهوا من كرسى مطريل إلى حصن هريرا لحمايته. كانت عادة الجنود الإسبان عند مرورهم بالقرى الأندلسية القيام باعتداءات لا حصر لها من سلب و قتل و اغتصاب. فعندما نزلوا قرب بلدة قديار و أخذوا يعتدون على أهلها, هاجمتهم مجموعة من المنفيين برئاسة استبان البرطال, فأبادتهم و استولت على أسلحتهم, فكانت هذه المعركة هي الشرارة الأولى التي أعلنت الثورة.
السلطان ابن أمية يغادر غرناطة باتجاه البشرات و تغير طارئ على خطة الهجوم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(145/438)
و في ليلة 23 ديسمبر غادر خفية السلطان محمد بن أمية غرناطة متجها إلى البشرات. و في نفس الليل أخبر شخص أحد القسس بأنه يعمل بالحمراء و أنه أعطى بعض المسلمين المعلومات عن مقاييس سلالمها. فأبلغ القسيس فورا الرئيس ديسا و القائد العام دي مندوجر اللذان زادا في عدد الدوريات و الحرس. و لم تستمر الثورة على مخططها الأول إذ هطلت ثلوج غزيرة على جبال شلير فقطعت الطريق إلى غرناطة, فلم يتمكن الثوار من الوصول إلى غرناطة من البشرات في التاريخ المحدد, أي في 24 - 12 - 1568م. لكن بيلرباي الجزائر, علج علي, أرسل حسب الموعد إمدادات نزلت للمجاهدين في جهتي ألمرية و مربلة, ووصلت إلى أماكنها في جبال البشرات.
أهل البيازين يرفضون الإنضمام للثورة
و لم يحسب فرج بن فرج للثلج حسابا. فتحرك من البشرات على رأس 180 مجاهد, و نفذ إلى حي البيازين ليلا, و حاول إقناع أهله بالثورة و تنفيد الخطة التي اتفق عليها ووعد بوصول الرجال. غير أن أهل البيازين رفضوا نصرته عندما رأوا قلة أعداد المجاهدين الذين معه. و اضطر فرج بن فرج, بعد محاولات يائسة طول الليل, الرجوع إلى البشرات و انضمت إليه جموع المجاهدين. و كان خذلان أهل حاضرة غرناطة للثورة أول نكسة لها. لكنها لم تفت في عزيمة المجاهدين الذين ركزوا عملياتهم بعد ذلك على جبال البشرات.
تجديد بيعة ابن أمية و تعيين قواد الجيش الإسلامي
و توجه محمد بن أمية إلى وادي الإقليم حيث جددت بيعته يوم 29 - 12 - 1568م ملكا للأندلس و رئيسا للثورة في بلدة برذنار. فأعاد تعيين عمه رئيس للجيش و فرج بن فرج رئيسا للوزراء. و أرسل الوفود لكل الطاعات (محافظات) البشرات الإثنى عشرو فبايعته جميعها. ثم توجه محمد بن أمية إلى البشرات, و استقر في لوشر حيث اتخذ عاصمته المؤقتة. و لم تدخل سنة 1569م حتى احتل المجاهدون جميع جبال البشرات و وادي الإقليم بعد طرد الحاميات القشتالية و الإرساليات النصرانية أو القضاء عليها.
وأخذ السلطان محمد بن أمية في تعيين قواد المناطق و مستشاريه العسكريين. فعين شعبان ميكيل دي غرناطة قائدا لوادي الإقليم, و ماركوس الزمار قائدا لمنطقة قولجر, و ماتيو الرامي قائدا لمنطقة المرية, و فراندو الغري قائدا لوادي المنصورة, و فرانسيسكو بوركرير بن مكنون قائدا للمنطقة الشرقية, و جرنيمو بن المليح قائدا لمنطقة وادي اش, و مارتين قائدا قائدا لمنطقة عذرة, إلخ ... و اختار ثلاثة من المجاهدين مستشارين عسكريين له, هم الناقص و الرنداتي و الأرشذوني.
انسحاب فرج ابن فرج من الثورة و استمراره في الجهاد بشكل فردي
و منذ بداية الثورة, أخذ فرج بن فرج يقوم بعمليات انفرادية بين شواطئ بيرة شرق شمال المرية و جبل طارق دون تنسيق مع القيادة, فأزاحه محمد بن أمية و عين مكانه عمه ابن جهور. و كان في انسحاب هذا القائد الفذ من الثورة في أولها نكسة ثانية لها, و لكنها مرت بسلام و دون انشقاق في صفوف المجاهدين. و تابع فرج بن فرج جهاده دون رئاسة مما يدل على إخلاصه و حسن طويته.
بداية الجهاد
أخذ بن أمية يدعو المجاهدين و الأهالي للرجوع إلى الأصالة الإسلامية , و نبذ الألقاب و الأسماء النصرانية المفروضة, و إعادة الألقاب و الأسماء الإسلامية, و الإهتمام بالصلوات الخمس و بإحياء المساجد. ووقعت نقمة الثوار على الكنيسة و ممثليها من قسس و رهبان و على موظفي الحكومة الذين أذاقوا المسلمين شر العذاب. فانقض عليهم الثوار و مزقوهم شر تمزيق, وقتلوا القسس و قضاة محاكم التفتيش و عمال الحكومة. و عمل محمد بن أمية على منع المجاهدين من الإنتقام و قتل الأبرياء.
ثم أرسل بن أمية البعثات للعالم الإسلامي يطلب العون و المساندة. فأرسل أخاه عبد الله بن أمية إلى الجزائر, و فراندو الحبقي إلى المغرب. و صادر أموال الكنائس و قدمها غنيمة لمصاريف الجهاد.
رد الفعل الإسباني
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(145/439)
جاء رد فعل الدولة الإسبانية في فوضى ناتجة عن نزاع قواد الجيش, و إطلاق العنان للجنود و الأهالي النصارى للإنتقام من المسلمين العزل الذين يقعون في يدهم, من أطفال و نساء, لنهبهم و قتلهم و تشريدهم بكل شراسة. و كان بين الرئيس ديسا والماركيز دي مندوجر, القائد العام للجيش, عداوة ثابتة. كان ديسا و أعوانه يشتكون للملك بمندوجر, و يتهمونه بشتى التهم, فعمد, نكاية في مندوجر, إلى إجراءين: أولهما تأليف حرس وطني تحت رئاسة أحد ضباط البلدية الذين ينتمون إلى عائلة معادية لعائلة مندوجر؛ ثانيهما إرسال كتاب إلى الملك يطلب منه فيه تكليف ماركيز بلش, قائد منطقة مرسية, بمهاجمة البشرات من المنطقة الشرقية, و ينتمي هذا الماركيز هو كذلك لعائلة معادية لعائلة مندوجر. و هكذا تكون جيشان معاديان: أحدهما تحت قيادة دي منوجر لينطلق من غرناطة في اتجاه البشرات شرقا؛ و الثاني تحت قسادة ماركيز بلش لينطلق من مرسية في اتجاه البشرات غربا. فانطلق الجيش الثاني في 1 - 4 - 1569م و مر على ألمرية ثم وصل إلى سفح جبال البشرات, فقطع الصلة بين ثوار وادي المنصورة و مناطق ولاية ألمرية الأخرى و ثوار البشرات. و في 11 - 1 - 1569م تلقى ماركيز بلس أمر الملك بتعيينه قائدا عاما فوق العادة لمنطقة ألمرية. و خرج جيش مندوجر من غرناطة بتاريخ 2 - 1 - 1569م يصحبه عدد من القواد من أصل إسلامي كلويس دي قرطبة و ألونسو دي غرناطة بنيغش. و طلب الملك مساعدات لإنهاء الثورة من الممالك النصرانية خاصة لومبارديا و نابل و صقلية.
اتجه مندوجر بجيشه نحو وادي الإقليم و عسكر في البذول. فواجه المسلمون برئاسة شعبان في وادي الإقليم. و في 4 - 1 - 1569م و جه نحوه السلطان محمد بن أمية جيشا برئاسة (شابا) , عسكر في بقيرة و منها أخذ يهاجم طلائع جيش الماركيز مندوجر في دورقال. و في 9 - 1 - 1569م زحف جيش مندوجر إلى جسر طبلانة الذي دمره الثوار المسلمن احتياطا. فوقعت أول معركة كبرى بين المسلمين و جيش مندوجر عند هذا الجسر, نجح بعدها القشتاليون في عبور الجسر و متابعة تقدمهم نحو لانجرون, ثم أرجبة, ثم بقيرة حيث تمركز جيش الثوار برئاسة السلطان محمد بن أمية في حاضرتها بوبين. و هناك جرت المعركة الثانية بين الثوار و جيش مندوجر اضطر بعدها محمد بن أمية إلى الإنسحاب, فقام الجيش الإسباني بجرائم لا تخطر على بال من قتل و سبي العزل من النساء و الأطفال و نهب الممتلكات.
و في 17 - 1 - 1569م وصل جيش مندوجر إلى بلدة جبيلش, فاستسلمت قلعتها, و كان بها حوالي 300 مجاهد, و تقول الروايات إن صهر (والد زوجه) محمد بن أمية أخذ يفاوض مندوجر على الإستسلام مقابل ضمانات كافة له و لأتباعه, كما تتهم الروايات ابن جهور بالضعف و بأنه عرض على مندوجر في جبيلش الإستسلام مقابل العفو عنه و عن أتباعه. و لم يستطع مندوجر البت في الامر قبل مراجعة الملك.
ـ[هشام زليم]ــــــــ[14 - 05 - 08, 03:29 ص]ـ
جريمة صليبية شنيعة
و في ليلة 18 - 1 - 1569م سجن الماركيز دي مندوجر داخل كنيسة جبيلش و حولها جميع الأهالي المسلمين الذين وجدهم في البلددة, و عددهم حوالي 2400 طفل و امرأة و 300 رجل مسن. و في الليل, انقض عليهم النصارى قتلا حتى أتوا عليهم جميعا. فكانت مذبحة مروعة دامت حتى الصباح, و فتحت سجلا جديدا من المذابح التي سيتعرض لها المسلمون في هذه الحرب.
يد تدعو للتفاوض و يد تبطش
و عند وصول هذه الأخبار إلى الملك, أرسل فرانسيسكو دي قرطبة إلى ألمرية بصفته قائدا عاما, و أرسل دييكو دي مندوسة للإطلاع على الأوضاع في جبيلش.
و ترك مندوجر جبيلش بجيشه يوم 23 - 1 - 1569م مطاردا الثوار في بسيط أجيجر. و كان محمد بن أمية معسكرا بجيشه في أندرش. فطلب مندوجر من ألونسو دي غرناطة بنيغش, و هو من أصل إسلامي, التوسط لدى محمد بن أمية ليستسلم و يسلم أسلحته مقابل العفو العام على جميع الثوار, و في نفس الوقت تابع مندوجر تحرشاته بالمجاهدين إذ اشتبك معهم قرب بطرنة يوم 27 - 1 - 1569م. ثم احتل الجيش القشتالي بطرنة و اعتقل مئات من المسلمات بمن فيهن والدة محمد بن أمية و شقيقتاه, و تابع الجيش سيره إلى أن احتل أندرش, ناشرا النهب و الرقة و الخراب و الموت في طريقه.
اعتقال القائد المجاهد الزماررحمه الله و قتله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(145/440)
ثم رجع جيش مندوجر إلى اجيجر و بقي بها خمسة أيام يجهز حملته على مناطق شلوبانية و المنكب و جبل واجر للقضاء على قوة من المجاهدين أعلاه تحت قيادة الزمار. ففي يوم 11 - 2 - 1569 م قام جيش مندوجر بثلاث هجمات لاحتلال ذلك الجبل الوعر, فقاومه المجاهدون في قلعة واجرش إلى ان هزموا, و قبض الإسبان على القائد الزمار و ابنته واقتادوه إلى غرناطة و قتلوه و مثلوا به شر تمثيل بعد أن عذبوه شر عذاب. و قتل جنود مندوجر كل من وقع بأيديهم من أهل المجاهدين, نساء و أطفالا و شيوخا, و انتشروا في البلدة يسرقون و ينهبون.
ملاحقة الإسبان لإبن أمية
و اعتقد مندوجر أن القضاء على الثورة أصبح وشيكا و أراد القبض على محمد بن امية. فلاحقه بجيشه على رؤوس الجبال, و قد علم من جواسيسه أن ابن امية يقضي الليل في بيت محمد بن عبو في بلدة مشينة. فهجم الجيش على بيت ابن عبو, لكن ابن أمية تمكن من الإفلات.
جيش من اللصوص و القتلة
و كان فراندو الغرمي, قائد المجاهدين في الجبهة الشرقية, قد عسكر في بلدة جسيقة على وادي أندرش. فتوجه جيش المركيز دي بلش على رأس جيش قوامه خمسة ألاف رجل و ثلاثمائة فارس, وصفهم المؤرخون الإسبان أنهم كانوا جميعا لصوصا و قتلة, لا يهمهم إلا السلب و النهب و إزهاق أرواح العزل. فوصل الجيش إلى جسيقة يوم 12 - 1 - 1569م و اشتبك في أكبر معركة له مع المجاهدين, اضطر فيها الثوار إلى الإنسحاب إلى أندرش. فلحقهم الجيش, لكن فرقة من المجاهدين اتجهت نحو ألمرية بقيادة ابن مكنون, و استقرت بضواحيها في بلدة فليش. فتحول نحوها جيش دي بلش خوفا على سقوط المرية في يد المسلمين. فاشتبك الجيش مع فرقة ابن مكنون في 18 - 1 - 1569م أرغمها على الإنسحاب بعد أن استبسلت في الدفاع على الحصن في معركة شارك فيها النساء و الأطفال. وقد قتل جيش دي بلش في هذه المعركة عدة ألاف من المسلمين و أسر نحو 2.000 من النساء و الأطفال و باعهم كعبيد, من بينهم إبن و أختان للقائد ابن مكنون. ثم اتجه الجيش نحو أندرش و أوهانش.
الوضع في نهاية 1569م
هكذا كان وضع الثورة الأندلسية في أواخر شهر فبراير عام 1569م: حرب غير كتكافئة, لا هوادة فيها, يدافع فيها المسلمون بأسلحة بالية دون تدريب عسكري مسبق ضد جيشين كبيرين لأقوى دولة أنذاك في أوروبا. و للتغلب على حرب العصابات التي مهر فيها المسلمون عمل جيش النصارى على قتل عائلاتهم من نساء و أطفال و سبيهم و بيعهم رقيقا في الأسواق. و لم ينج المسلمون الذين رفضوا الإنضمام إلى الثورة, كأهل غرناطة, من هذه المعاملة, إذ تابعهم النصارى النصارى بمضايقات لا حدود لها كانت أفظعها مذبحة سجن غرناطة.
مذبحة سجن غرناطة و الحكم على القتلى بعد موتهم
في مارس عام 1569م انتشرت إشاعات مفادها أن ابن أمية سيحتل غرناطة على رأس قوة من المجاهدين. فهجم حرس السجن في 17 - 3 - 1569م على السجناء يذبحونهم دون سابق إنذار, ثم فتحوا أبواب السجن لعامة النصارى, و مضوا الليل جميعا قتلا في المسلمين العزل حتى أتوا على ما لا يقل عت 150 سجينا من أعيان غرناطة الذي احتفظ بهم الإسبان رهائن للضغط على المجاهدين. و لم ينج من هذه المذبحة الشنيعة سوى والد محمد بن انية أنطونيو دي بالور و أخيه فرنسسكو. ثم بعد هذه المذبحة قامت محاكم التفتيش بالحكم على القتلى بمصادرة أموالهم.
انتفاضة سكان غرناطة بعد هذه الجريمة الصليبية
و لما علم أهل مملكة غرناطة بهذه الجريمة , ثاروا في عدة مدن, كطرش و عذرة, ضد الجيش و قتلوا عددا من الجنود و الضباط. بينما قضى جيشا دي مندوجر و دي بلش معظم شهر مارس في القتل و السلب و النهب, و شتتا المجاهدين على أعالي الجبال بعد ان كبدوا النصارى خسائر كبيرة في الأرواح. و مان مصير من استسلم من المجتهدين الغسترقاق. غير ان شراسة النصارى ضد المسلمين, المسالمين منهم و المحاربين, أدت بالمسلمين إلى تفضيل الموت في معركة الدفاع عن الدين و الشرف على الموت دون سبب, مما أذكى روح الجهاد من جديد.
الدعم الإسلامي و رسالة السلطان العثماني لأهل الأندلس
و لم يلتحق بالمجاهدين من الدول الإسلامية إلا بعض المتطوعة المغاربة و الجزائريين و الأتراك, و قليل من المال و العتاد من الجزائر. و هذا نص رسالة جوابية من السلطان سليم للمجاهدين الأندلسيين في هذه الفترة:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(145/441)
"مهمة دفتري رقم 14 حكم رقم 231 بتاريخ 24 شوال عام 977ه موافق 20 - 1 - 1569م, أعطي إلى خليل جاوخي في 10 ذي القعدة. حكم إلى اهالي الأندلس".
"وصل إلى استانة سعادتنا عرض حالكم الذي جاء فيه أن الكفارة, دمرهم الله و أضلهم, قد سلبوكم أسلحتكم و منعوكم من التحدث بالعربية, و أنهم يتعرضون انسائكم و يمارسون كل أنواع الظلم و التعدي عليكم. و تعلمون أنه يوجد حاليا لديكم عشرون ألف رجل مسلم كما أن هناك مائة ألف رجل قادر على حمل السلاح. و علمنا باستلامكم مقدارا من السلاح من الجزائر, و أن ذلك قد ربط على قلوبكم, و تمكنتم بذلك من تكبيد الكفار العديد من الخسائر. فالحمد لله على نصر أهل الإسلام, و ليكتب لهم الفوز الدائم على الكفار, أضلهم الله. وقد عرض بالتفصيل كل ما جاء في عرض حالكم من تحريرات و تقريرات على سرير سعادتنا, و أحاط علمي الشريف الملوكي و شمل كل ما يتعلق بأحوالكم و أخباركم, و أن أنظاري منصرفة دائما نحوكم".
" و لكن كفرة جزيرة قبرص القريبة من ممالكي المحروسة, و التي كانت على العهد و الامان منذ زمان اجدادي العظام, أنار الله براهينهم, نقضوا تلك العهود و أخذوا بالتعدي على التجار و أهل الإسلام و المسافرين بحرا لطواف بيت الله الحرام و زيارة تربة حضرة سيد الأنام عليه أفضل الصلاة و السلام بخلوص النية و صفاء الطوية. و بذلك فإنهم مصرون على العصيان و الطغيان. لذا بعد التوكل و الإعتماد على علو عناية الحق سبحانه و تعالى و التوسل و الإسناذ إلى المعجزات كثير البركات لفخر الموجودات صلوات الله عليه و سلامه. و كذلك بالإستمداد بالأرواح الطاهرة لسائر الصحابة الكرام, عليهم رضوان الله تعالى أجمعين, (أقول هذا لا يجوز. فالتوسل, و الإعتماد و التوكل لا يكون إلا على الله وحده عز وجل. و لا أحد يستطيع لنا نفعا و لا ضرا إلا الله و لو كان ملكا مقربا أو نبيا مرسلا أوصحابيا جليلا أو وليا صالحا. و عجبي بمن يٌعرض عن الله و يدعو غيره من الاموات و الأحياء لكشف ضر أو شفاء مرض.) , فقد استقرت نيتنا الملوكية على فتح و تسخير الجزيرة المزمورة في الربيع الأخر القادم. و نضرع إلى عتبة حضرة الحق جل وعلا أن ييسر لنا فتح و تسخير تلك الجزيرة و أن يبسط أيدينا عليها حتى تؤهل لأهل الإسلام, كما كانت عليه, و كي تقام فيها شعائر الشرع الشريف, و حتى يأمن التجار في غدوهم و رواحهم, و ينصرفوا للدعاء بثبات و مجد و رفعة دولة".
" و بما ان الوضع على هذا الحال, فإن إرسال الأسطول الهمايوني المظفر احمايتكم سيتأخر ريثما يتم إيصال المراكب للعساكر المنصورة للجزيرة المزبورة. و سيتم ذلك إثر إنهاء الأسطول لمهمته بعناية الحق. و قد أرسل أمري الهمايوني المؤكد إلى امير أمراء الجزائر الذي تتجه أنظاره و أفئدته نحوكم لإرسال النجدة و المعونة لكم, إما بإرسال العساكر المظفرة أو بإرسال العدة و العتاد, و بموجب أمري الشريف فإن أمير أمراء الجزائر سيكون خير معين و ظهير لكم".
" كما أننا نتوخى من خلال حميتكم الإسلامية المتأصلة في حلبتكم عدم التراخي عن إظهار غيرتكم على الدين المتين, فلتظهروا أنواع أخدامكم و أصناف اهتمامكم في الحرب و القتال و الجدال ضد الكفار الاذلاء. و المأمول ألا يضن علماء و صلحاء و سائر أهل الإسلام في تلك الديار بالدعاء ليل نهار بتيسير الفتح و النصر للغزوة المظفرة. و لا تتوانوا عن إعلامنا باستمرار عن أحوال و أوضاع تلك الديار".
ـ[هشام زليم]ــــــــ[14 - 05 - 08, 03:32 ص]ـ
3 - 3/ انتشار الثورة و استشهاد بن أمية.
قلق الملك الإسباني من تصاعد انتفاضة المسلمين و إرساله لخوان النمساوي
قرر الملك فليبي الثاني الإتجاه إلى البشرات لإخضاعها بنفسه, عندما رأى صعوبة القضاء على الثورة, أسوة بسلفه الملكين الكاثوليكيين. فاقترح عليه الكاردينال اسبينوزا بدل ذلك, إرسال أخيه غير الشرعي, دون خوان النمساويو على رأس جيش جديد. فعينه الملك في 17 - 3 - 1569م ووضع تحت إمرته مجلسا حربيا. ثم أرسل إلى دي مندوجر يخيره بين البقاء تحت إمرة دون خوان او الإنتقال غلى المجلس العسكري في غرناطة كأحد أعضائه. ففضل مندوجر الإنتقال إلى غرناطة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(145/442)
و في 6 - 4 - 1569م ودع دون خوان أخاه الملك و توجه غلى غرناطة التي وصلها في 13 - 4 - 1569م فاستقبله نصارى غرناطة مستصخبين أيتامهم وثكلاهم و أراملهم تحريضا له على إخراج المسلمين. و في 14 - 4 - 1569م اجتمع بزعماء الأندلسيين الذين اشتكوا إليه من سوء المعاملة و الإحتقار و نزع الممتلكات و إزهاق الأرواح بدون سبب, فوعدهم بحماية كل من خلص منهم للنصرانية.
تأسيس المجلس الحربي الإسباني لمواجهة الثورة
وفي 22 - 4 - 1569م عقد دون خوان مجلسا حربيا لتخطيط القضاء على الثورة, حضره الماركيز مندوجر و الرئيس ديسا. و اختلفت الأراء في المجلس, فصوت دي مندوجر إلى جانب الذين فضلوا الهدنة و المفاوضة مع المجاهدين, بينما صوت ديسا و معظم أعضاء المجلس الأخرين على تهجير الأندلسيين من حي البيازين و من مرج غرناطة و نقلهم إلى قشتالة. و رغم أن دون خوان لم يدل بصوته فقد ابدى ارتياحه للحل الثاني.
ارتفاع الروح المعنوية للمجاهدين
وأمام هذه المخاطر الجديدة التي تهدد الأندلسيين, و الأعمال الهمجية التي قام بها العسكر القشتالي ضد المجاهدين و عائلاتهم, و التجاوزات المتناهية ضد كل أندلسي من طرف رعاع النصارى و خاصة المجزرة الرهيبة التي كان ضحيتها رهائن سجن غرناطة, فقد أخذت أفواج المتطوعين تنظم إلى المجاهدين مفضلة الموت و السلاح في يدها على العبودية أو الموت في الشوارع و البيوت. و انزرعت بذلك في الجهاد روح جيدة من الحماس و القوة.
ملك إسبانيا يستنجد بالممالك الأوربية و تقاطر المتطوعين الصليبيين على إسبانيا
و طلب ملك إسبانيا العون من الممالك النصرانية, فتقاطر عليه المتطوعون و المرتزقة في كل اطراف أوروبا: جاء دون لويس دي ريكسنس من إيطاليا على رأس قوة بحرية تتكون من 24 سفينة نزلت على شاطئ البشرات و اشتبكت مع الثوار المسلمين في 28 - 4 - 1569م. فهزمت القوة و خسرت كثيرا من قوادها قبل ان ترتد إلى فرجليانة. و في 13 - 5 - 1569م سمح نائب الملك في مقاطعة قطلونية للمتطوعين بالإلتحاق بالجيش الغسباني لمحاربة المجاهدين, كما سهل في 18 - 5 - 1569م على الجنود الفرنسيين الإتجاه للبشرات. و هكذا اشترك ألاف المتطوعين النصارى من كل أنحاء اوربا في حرب صليبية حاقدة ضد الأندلسيين, و تقاطروا على مملكة غرناطة برا و بحرا.
انتصارات المجاهدين الأندلسيين
كان ابن امية يقيم في طاعة أجيجير بالبشرات و خطط مع قواته الهجوم على جيش النصارى محاولا الحفاظ على المبادرة بالإستفادة من المعارك السؤيعة المباغثة و تجنب المعارك المكشوفة. ووزع المجاهدون فرقهم المقاتلة في ضواحي المرية ووادي منصورة ووادي أش ووادي شنيل و مرج غرناطة ووادي الغقليم وجبال البشرات و جبال ابن طوميز شرق مالقة و منطقة رندة, أي كل نواحي مملكة غرناطة القديمة, حتى قيل إن بعض فرق المجاهدين دخلت حاضرة غرناطة نفسها.
وأخذ المجاهدون المبادرة في كثير من الاحيان: فاجأ المجاهدون كتيبة من 400 جندي تحت إمرة حاكم وادي أش الذي تحرك بأمر من ماركيز دي بلش لاحتلال مضيق رياحة, فهزموها و قضوا عليها. ثم شتت المجاهدون قوة تحت إمرة حاكم بلش أرادت أن تحتل صخرة فرجليانة, فهزموها و تابعوها إلى بلش. و بقيت فرجليانة في يد المسلمين إلى ان احتلها قوة دي ركسنس المتطوعة في 11 - 6 - 1569م. فأابادت حاميتها التي استبسلت في الدفاع عنها بمشاركة النساء و الشيوخ. هكذا حرر المجاهدون في ظرف أسابيع المئات من الحصون و القرى و المدن في كل أنحاء مملكة غرناطة.
معركة برجة و توالي انتصارات المجاهدين
تقدم جيش الماركيز دي بلش إلى برجة, فزحف إليه ابن أمية في أوائل يونيو عام 1569م على رأس عدة الاف من المجاهدين منهم حوالي 400 متطوع مغربي. وكان قائد المعركة المجاهد مشكر. فاشتعلت في برجة أول معركة كبيرة في هذه المرحلة من الجهاد, اضطر ابن امية على إثرها إلى الإنسحاب إلى قديار بعد ان حمل جيش دي بلش خسائر فادحة. وقد ادعى كل من المجاهدين و النصارى النصر في معركة برجة التي استشهد فيها حوالي 1500 مجاهد.
و في 1569م انضمت منطقتا الحامة و رندة و جبال بني طوميز شرق مالقة إلى الثورة, فطرد مجاهدو تلك المناطق الحاميات القشتالية بقوات تحت قيادة الشريران و فراندو الدرة, و ردوا هجوما شنه حاكم المرية عليهم و اضطر إلى الإلتجاء إلى بلش ملقة و لم يعد يخرج منها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(145/443)
و سيطر مجاهدو وادي المنصورة, شرق االمريةو على سلسلة من الحصون و القرى. و حاصروا قلعة صيرون, أكبر تلك الحصون و أمنعها, منذ 10 - 6 - 1569م, إلى أن حرروها في 11 - 7 - 1569م بعد أن هزموا قون قشتالية برئاسة حاكم بسطة حاولت إنقاذها. كما حرر المجاهدون قصور أرية, ثم حاصروا بيرة في سبتمبر و أرجبة في أكتوبر,
و فاة أحد قادة الجهاد رحمه الله و أوامر ملكية بتهجير الأندلسيين
و في شهر يوليوز توفي أحد قواد الجهاد محمد ابن جهور الصغير, عم محمد بن امية.
بينما كان المجاهدون ينتشرون في كل انحاء مملكة غرناطة تواجههم قوات دي بلش و فرق المتطوعة النصارى تحت قيادة حكام المناطق, كان دون خوان النمساوي مقيما في حاضرة غرناطة منشغلا عن المعارك بحضور جلسات المجلس العسكري بأمر من أخيه الملك. فوصلته أوامر بتهجير المورسكيين من حاضرة غرناطة في 23 - 6 - 1569م. وأيد هذا القرار جميع أعضاء المجلس, بما فيهم دي مندوجر, فانتشر الجيش القشتالي في حاضرة غرناطة و مرجها, و بعد فجر ذلك اليوم مباشرة خرج المنادون على أصوات الطبول يعلنون وجوب التحاق المورسكيين بالكنائس, و منح الرئيس ديسا الأمان لكل من يطيع الامر. فأذعن أهل غرناطة دون مقاومة, و تجمعوا في الكنائس و قضوا يومهم و ليلتهم تحت الحراسة. و في الصباح فرق الجنود النساء عن الرجال, ثم فرقوا الرجال ما بين الذين تقل أعمارهم من عشر سنين أو تزيد على الستين و بين الأخرين, و أخذوا هؤلاء بين صفين من الجنود غلى المستشفى الملكي خارج المدينة. ثم انتقوا منهم بعض الصناع و المهرة من العمال الذين سمحوا لهم بالمكوث في غرناطة. و أخذوا الجميع إلى قشتالة, بما فيها مناطق الأندلس التي احتلت قديما و منطقة بطليوس. و عومل المهجرون في الطريق أسوأ معاملة من نهب و قتل, بينما صودرت منازلهم و أملاكهم و أموالهم التي تركوها في غرناطة. و يقدر عدد المهجرين ب7000 امراة و 3.500 رجل لم تصل منهم إلى المناطق المهينة لهم إلا أعداد قليلة, بينما قتل الباقون أو ماتوا جوعا و مرضا و تعبا, أو بيعوا في اسواق النخاسة كعبيد.
و زادت هذه الجريمة النكراء على جرائم النصارى في حق اهل الأندلس مستوى جديدا, و زادت من كره الأندلسيين للقشتاليين النصارى. و انضمت للمجاهدين بسببها أعداد جديدة من المتطوعين الأندلسيين. و في 3 - 8 - 1569م تمكنت قوة من المجاهدين بقيادة الناقص من القضاء على قوة قشتالية في وادي الإقليم كانت متجهة إلى أرجبة بالمؤن, و أباد المجاهدون كتيبة قشتالية كانت تحرس جسر الطبلات. و ضاعف الارشذوني هجماته على الحصون التي لازالت بيد الجيش الإسباني, و شدد ابن المليح قائد منطقة وادي منصورة هجماته على مدينة أرية, و أصبح المجاهدون على أبواب مدينة ألمرية.
ثم تحرك جيش دي بلش بأمر من دون خوان غرناطة من ميناء عذرة الذي أخذه من يد المجاهدين, و توجه إلى أشيجر. فأمر محمد بن أمية بيدرو مندوسة الحسين, أحد قواده, باعتراض الجيش المهاجم, فلم يستطع. و في 3 - 8 - 1569م سار جيش دي بلش نحو بالور حيث تجمعت قوات المجاهدين تحت قيادة ابن أمية. فقامت بين الطرفين معركة ضارية ارغمت المجاهدين على الإنسحاب, و احرق الجيش بيت ابن أمية في بالور.
ـ[هشام زليم]ــــــــ[14 - 05 - 08, 03:33 ص]ـ
ابن أمية يطلب الدعم من العثمانيين بالجزائر
و في غشت عام 1569م أرسل ابن امية هرناندو الحبقي إلى أمير أمراء الجزائر, علي باشا, مستغيثا و طالبا منه مد المجاهدين بالمال و الرجال و السلاح فأذاع علي باشا بيانا يطلب فيه التطوع, فاستجابت له أعداد كبيرة من الجزائريين, اختار منهم 400 رجل سلحهم بالبنادق و أرسلهم في ست سفن مع هرناندو الحبقي تحت قيادة ضابط تركي اسمه حسين, وأرسل معهم كمية مهمة من الذخائر و الأسلحة. بينما ذهب علي باشا بباقي المتطوعين لتحرير تونس من الإسبان. و طاف القائد حسين, عند وصوله الأندلس, على تجمعات المجاهدين, و أخبرهم أنه يدرس حاجياتهم, فشد ذلك من عزائمهم. و في نفس الوقت وصل للمجاهدين متطوعون بالأسلحة و المؤن من المغرب, خاصة من منطقة تطوان.
خلافات بمجلس الحرب الإسباني و الإتفاق على إنهاء الثورة بالقوة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(145/444)
و في حاضرة غرناطة انتشرت الخلافات في المجلس العسكري لدرجة أدت إلى إيقاف العمليات الحربية ضد المجاهدين. فدعا الملك فيليبي الثاني الماركيز دي مندوجر لمقابلته, و لم يعد بعد ذلك غلى غرناطة. ثم اختار المجلس العسكري الحرب ضد المجاهدين كحل وحيد لإنهاء الثورة.
مؤامرة خطيرة أدت إلى مقتل ابن أمية رحمه الله
و بينما كانت المبادرة في يد المجاهدين وقع قوادهم في مؤامرة خطيرة أدت إلى انكسارهم. و هي أن الإسبان عندما قاموا بمذبحة سجن غرناطة الرهيبة حقنوا دم والد و أخ ابن أمية للضغط على سلطان الأندلس و قائد ثورتها, فسلموهما لمحاكم التفتيش لتعذيبهما. فأرسل ابن أمية رسالة إلى خوان النمساوي يعرص فيها عليه تسليمهما له مقابل ثمانين أسيرا من النصارى, و غلا انتقم من النصارى الذين تحت سلطته. فاتفق المجلس الحربي في غرناطة على عدم الإجابة, و أرغموا والدابن أمية بالكتابة لابنه ناهيا إياه عن متابعة الثورة و نافيا أية إساءة أو تعذيب.
فاغتنم ذلك بعض المتعاملين مع العدو الناقمين على ابن أمية للعمل على قتله, على رأسهم دييكو الوزير, و هو أخ زوجة ابن أمية. فأخذوا يبثون الشك بين ابن أمية و المتطوعين القادمين من الجزائر. فطلب ابن أمية من قريبه و قائده محمد بن عبو (و اسمه الإسباني دييغو لوبيز) ضم الأتراك إلى قوته و السير بهم إلى البنيول و لينتظر هناك أوامره. و كانت غاية بن أمية تحرير ميناء مطريل دون أن يتسرب خبر اتجاه قوة المجاهدين, للحفاظ على المبادرة. فمر حامل الرسالة على أجيجر, فعلم الوزير منه مضمونها, فتامر مع كاتب ابن أمية في تزوير رسالة أخرىو امر بقتل حامل الرسالة الأولى. فوصلت الرسالة المزورة إلى ابن عبو هذا الأمر, و امن بالشائعات التي نشرها العدو حول ابن امية بأنه يريد مهادنة الإسبان لتحرير والده و أخيه. و اعتقد المتطوعون أن ابن أمية قد خان, فقرروا عزله و إعدامه دفاعا عن الثورة.
و سار ابن عبو و المتطوعة الأتراك إلى مقر ابن أمية في لوشر, فقبضوا عليه وواجهوه بالتهم التي يتهمونه بها, و أطلعوه على الرسالة التي بيدهم. فتبرأ ابن امية من التهم الموجهة ضده, وأكد لهم أن الرسالة مزورة و لم يأمر بكتابتها قط, و أنه ما خان أمته و لا دينه ابدا. فلم يفده دفاعه عن نفسه, فسجنوه في غرفة, و كلفوا بحراسته دييكو الوزير, كبير المتأمرين عليه, ودييكو أركش, كاتبه. و في ليل 20 - 10 - 1569م قتله هاذان الخائنان خنقا.
و هكذا استشهد قائد ثورة الأندلس ضحية الدسائس و الغدر, على يد أبناء أمته, تلك الأمة التي ضحى في سبيلها بالغالي و الرخيص و التي بسببها شرد أهله و قتلت أمه و أخوته و زوجته و سجن أبوه و أخوه و ما وهن و لا استكان, و أجره عند الله. و كان قتله, و المبادرة في يد المجاهدين, انتكاسة كبيرة للثورة.
بيعة ابن عبو كخليفة لابن أمية رحمه الله
و اقترح قواد الثورة بعد اغتيال ابن أمية, بيعة أحد قائدي المتطوعين , حسين أو أخيه. فرفضا و اقترحا مبايعة ابن عبو شرط أن يوافق أمير امراء الجزائر على ذلك. فوصلت موافقة هذا الأخير مع بعض التعزيزات العسكرية بعد ثلاثة شهور. فنصب ابن عبو سلطانا للأندلس تحت اسم عبد الله محمد بن عبو. وقد استاء بعض قواد الثورة, كابن مكنون و الأرشذوني, من اغتيال ابن أمية, فانسحبوا من الجهاد و اختاروا الهجرة إلى أرض الإسلام, و قد انظم إلى الثورة في أوجها ما يقارب ثلاثين ألف مقاتل, منهم حوالي 5.000 من المتطوعين الأتراك و الجزائريين و المغاربة.
ـ[هشام زليم]ــــــــ[14 - 05 - 08, 03:34 ص]ـ
3 - 4 - مراحل الثورة تحت قيادة ابن عبو:
إعاد تنظيم الثورة و فتح أرجبة
أعاد إبن عبو فور مبايعته, تنظيم جيش المجاهدين. فعين ابن المليح قائدا على وادي المنصورة و منطقة بسطة, و الشعيبي على البشرات و جبال شلير, و بولود على منطقة ألمرية. و استقدم السلاح و الذخيرة من موانئ المغرب و الجزائر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(145/445)
ثم نظم ابن عبو جيشا, قوامه عشرة ألاف مجاهد, ثم اتجه بهم لحصار مدينة أرجبة و قلعتها أواخر شهر أكتوبر سنة 1569م, بعد محاولات فاشلة لاقتحام أسوارها. فطلب قائد حاميتها النجدة من خوان النمساوي في غرناطة, فأنجده بقوة تحت قيادة دوق دي سياسة. فلم تفلح هذه القوة في فك حصار المجاهدين الذين قطعوا الطريق إليها في لاجرون. فنجح المسلمون في تحرير أرجبة, ثم حرروا غليرةو و هي قلعة ذات موقع استراتيجي رفيع. فأتت من أشكر قوات مساندة لجيش دوق دي سياسة فهزمهم المجاهدون في معركة عنيفة.
و استتبت وحدة المجاهدين حول ابن عبو الذي انتشر سلطانه إلى مناطق مالقة و رندة و كثرت هجماته على مرج غرناطة. و في أوائل نوفمبر عام 1569م, حررت قوة من المجاهدين بقيادة خريمينو بن المليح حصن أرية بعد معركة عنيفة, إذ كانت حامية أرية النصرانية تغير على قرى المسلمين المجاورة لها, خاصة منتربة.
بعد انهزام الإسبان في معركة تونس أمام العثمانيين, الإسبان يركزون جهودهم على وأد الجهاد الأندلسي
وفي هذه الاثناء كانت المعارك مشتعلة بين الدولة العثمانية و إسبانيا على الشواطئ التونسية و الجزائرية. وفي 19 - 1 - 1570م أفلح أمير أمراء الجزائر, علي باشا, في تحرير مدينة تونس من يد الإسبان و القضاء على ما تبقى من الدولة الحفصية التي أصبحت تحت حماية الإسبان. لذا جمع ملك إسبانيا أقصى ما يمكن من قواته للقضاء على الثورة الأندلسية. فجهز ثلاثة جيوش: أكبرها تحت قيادة أخيه خوان النمساوي, و ثانيها تحت قيادة دوق دس سياسةو وثالثها تحت قيادة انطونيو دي لونا. و نجحت هذه الجيوش الثلاثة في أخذ المبادرة من يد المجاهدين, و قد تزعزعت وحدتهم بعد مقتل ابن أمية, وقلت الإمدادات التي كانت تصلهم. وقرر الملك حسم الموقف مهما كان الثمن خوفا من أن ينظم مسلمو بلنسية و مرسية إلى المجاهدين.
فأمر الملك في أواخر ديسمبر عام 1569م, جيش خوان النمساوي بالتحرك. فانطلق الجيش من غرناطة إلى حصن أبشر, ومنه إلى وادي أش, ووصل إلى بسطة في 29 - 12 - 1569م حيث أقام بضعة أيام لتنظيم خطته. ثم اتجه خوان النمساوي بقوة تعدادها 12.000 جندي إلى حصن غليرة, و احتل في طريقه من يد المسلمين حصن غولجر. و كان يدافع على غليرة حوالي 3.000 من المجاهدين , من بينهم فرقة من المتطوعين العثمانيين, وساهم في الدفاع عنها النساء الأندلسيات بأسلحتهن. و كان ماركيز دي بلش قد حاصر غليرة مدة طويلة, و عجز عن احتلالها فأقاله خوان النمساوي في ديسمبر عام 1569م.
حصار الصليبيين لغليرة و اقتحامهم لها و إبادتهم لأهلها
قاوم المدافعون عن غليرة جيش خوان النمساوي مقاومة عنيفة, و منعوه من اقتحام الحصن و البلدة. فحفر الجيش خندقا حول البلدة, و استعمل المدفعية ضد حصنها, ثم حاصرها حصارا طويلا تكبد فيه مئات القتلى و الجرحى. و في 10 - 2 - 1570م انهارت مقاومة المجاهدين و دخل الجيش البلدة في حمى جنونية من القتل و السلب. و امر خوان النمساوي بقتل جميع الأسرى من رجال و نساء و اطفال, قتل منهم 1.400 بحضوره, و خربت البلدةو و شتت الملح على أرضها.
مقتل دون كيخادا الصليبي
و في نفس الشهر توجه جيش خوان النمساوي شرقا, و زحف على بلدة صيرون, فتوجهت إليه قوة تعدادها حوالي ستة الاف مجاهد بقيادة الحبقي و ابن المليح. ووقعت معركة طاحنة حول البلدة, قتل فيها المجاهدون عددا كبيرا من الجنود و الضباط الإسبان على راسهم دون لويس كيخادا, مربي خوان النمساوي قائد الجيش, و كان يعده في رتبة والده, كما كان كيخادا صديقا مقربا للملك شارل الخامس. فهزم المجاهدون جيش خوان النمساوي و شتتوه و كادوا أن يقتلوا قائده.
استمرار الزحف الصليبي
ثم وصلت تعزيزات جديدة للجيش الإسباني فعاد إلى حصار صيرون, ونجح في 5 - 3 - 1570 م في اقتحام البلدة. فنجا الحبقي مع قلة من المجاهدين, بينما فشا القتل و السلب و النهب و الإسترقاق فيمن وقع في يد الجيش.
ثم توجه جيش دون خوان النمساوي غربا, فاحتل حصن نجولة و استرق فيه 400 طفل و امرأة, ودمره. ثم احتل على التوالي حصون برشانة و كنتورية و تهالي. و في أواخر أبريل وصل الجيش إلى سهل البدول بالبشرات, و انتطر قدوم جيش دوق دي سياسة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(145/446)
خرج جيش دوق دي سياسة من غرناطة في شهر فبراير و عبر جبال البشرات من الغرب إلى الشرق ينشر القتل و الرعب و الدمار في طريقه إلى أن وصل في أواخر شهر أبريل إلى سهل البدول بالبشرات حيث التقى بالجيش الأول.
و خرج جيش أنطونيو دي لونا من أنتقيرة, فوصل في أوائل شهر مارس إلى جبال بني طوميز شرق مالقة لإخضاعها.
و في 14 - 3 - 1570, أمر خوان النمساوي باقي المسلمين في حاضرة غرناطة و مرجها بالخروج منها إلى قشتالة.
و في 19 مارس جمعمهم الجيش في قوافل ووزعهم على قرى قشتالة النائية, و قد مات أكثرهم في الطريق مرضا او قتلا, و بيع عدد كبير منهم في أسواق النخاسة.
نداء أندلسي أخير لتقديم الدعم لجهادهم
و أمام هذا الوضع الحرج أخذ السلطان ابن عبو يستغيث بالدولة العثمانية من جديد. فأرسل كتابا إلى امير أمراء الجزائر, علي باشا, وأخر إلى مفتي القسطنطينية مؤرخا ب11 شعبان عام 977 ه (11 - 2 - 1570م-) هذا نصه:
"بسم الله الرحمان الرحيم, العزة لله, من عبد الله المتوكل على الله, الحي بفضله و قدرته, المجاهد في سبيله, أمير المؤمنين, المستمسك بشريعة الله, مبيد الكفار و قاهر جيوش العاصين لله, مولاي عبد الله محمد بن عبو, بارك الله مسعاه, وسدد خطاه ليسترد عزة الأندلس, و يجدد نهضتها, نصرها الله القدير, و هو القادر على كل شيء, إلى صديقنا و حبيبنا الخاص, السيد العظيمو و الشريف الكريم, السامي المتقدم , العامل المحسن, الخائف من الله, أنعم الله عليه بنعمة الغفران"
" أما بعد فسلام الله عامة على دولتنا العلية, و نعمته و بركاته الوفيرة. أيها الأخ العزيز, لقد بلغتنا أنباء دولتكم العلية, و شخص السلطان الكريمو وما صدر عنه العطف على التعساء البائسين, و أنه سأل عنا, مهتما لمعرفة ما يجري لدينا, وأنه اهتم و تألم لما أصابنا من ضنك و نصب على أيدي أولائك النصارى, و أن صاحب الجلالة و العظمة السلطان قد أرسل إلينا كتابا مختوما بخاتمه يعدنا فيه بالنصرة بعدد وافر من الرجال المسلمين, و بما نحتاج إليه من العون و العدد التي تسمح لنا بالحفاظ على هذه الأرض".
" و بما أننا نقاسي المتاعب الشديدة في هذه الأزمة المريرة, فإننا نلجأ من جديد إلى الباب العالي, نطلب النجدة و المعونة و النصر عن يدكم. فالنجدة النجدة, بالله القاهر فوق الناس جميعا. ونرجو من سيادتكم إعلام السلطان القادر بأحوالنا و إخباره بأخبارنا, بالحرب الكبرى التي نخوضها, وقولوا لعظمنه إنه إذا أراد أن يشملنا برعايته و عطفه فليبادر إلى إنجادنا بسرعة قبل أن تهلك, فهناك جيشان قويان يتجهان إلينا لمهاجمتنا من جهتين. و إننا إذا مااندحرنا في المعركة, فإن الله سبحانه سيحاسبه على ذلك حسابا عسيرا يوم القيامة, يوم لا تنفع القوة في الحجة. و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته. حرر يوم الثلاثاء في الحادي عشر من شهر شعبان 977ه. مولاي عبد الله محمد بن عبو".
ـ[هشام زليم]ــــــــ[14 - 05 - 08, 03:36 ص]ـ
لماذا لم يكن الدعم الإسلامي للجهاد الأندلسي كافيا؟
و خذل العالم الإسلامي مرة أخرى الأمة الأندلسية. ففي هذه الثورة الأخيرة التي ضحى فيها الأندلسيون تضحية لم يضحها شعب في التاريخ قبلهم, للحفاظ على دينهم الإسلام و لغتهم العربية و حضارتهم , لم تبعث الدولتان الإسلاميتان في البحر الأبيض المتوسط حينذاك , العثمانية و السعدية, إلا بمساعدات ضئيلة و متأخرة. و معظم من انظم إلى المجاهدين الأنلسيين من أتراك و جزائريين و مغاربة إنما تطوعوا للجهاد في سبيل الله و طلب الإستشهاد و فد استبسلوا في القتال و استشهدوا بالألاف.
كانت الدولة العثمانية أكثر قوة من الدولة السعدية و مقدرة على مناصرة الأندلسيين. فلماذا لم تفعل؟ يظهر أن أمير أمر اء الجزائر اهتم أكثر باستعمال ثورة الأندلسيين لتحرير تونس و الشواطئ الجزائرية و التونسية من الإسبان من أن يساعد الأندلسيين على النصر. فهل نوى العثمانيون فعلا مساعدة الأندلسيين على تحرير أرضهم, أم أنهم أرادوا فقط الضغط على إسبانيا لتحسن أوضاعهم, أو استعمالهم لكسب مكاسب ضد إسبانيا خارج الأندلس؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(145/447)
كانت الحكومة العثمانية عارفة بأوضاع الثورة الأندلسية معرفة جيدة, و على صلة وثيقة و متواصلة مع زعمائها. لكنها كانت مجزأة بين فكرتين: مساعدة الثورة الأندلسية حتى تنتصر, أم فتح فاعدة البندفيين, جزيرة قبرص , التي كانت تسبب متاعب جمة للدولة. كان الصدر الأعظم, محمد الصقلي, من أنصار الهجوم على إسبانيا و تحرير الأندلس, و اقترح على السلطان سليم الثاني تأجيل فتح فبرص. بينما كانت بطانة السلطان تؤيد استخلاص قبرص أولا من البندفية, إذ بدا لها فتح قبرص أسهل من تحرير الأندلس. و كان سليم الثاني يأمل في التحالف ضد الإسبان مع ملك فرنسا, شارل التاسع. و حيث ظهر تردد ملك فرنسا في قبول هذا التحالف تحت ضغط الكنيسة, فقد رجح السلطان راي الذين فضلوا البداية بفتح قبرص. و فعلا فتحت الدولة العثمانية قبرص في غشت عام 1571م بعد أن انهزمت الثورة الأندلسية و انقضى امرها.
كان سلطان المغرب أبو عبد محمد عبد الله الغالب السعدي متهما من طرف الأندلسييين بالتواطؤ مع الإسبان مخافة توسع الدولة العثمانية. فربما لم يكن يرى بعين الرضى قيام دولة أندلسية شمال المغرب تحت النفود العثماني. و فد سبق له سنة 970ه (1563) أن أدخل بالقوة 14.000 مهاجر أندلسي في الجيش و أسكنهم حي رياض الزيتون بمراكش. فأصبح بذلك الغالب بالله مكروها لدى جميع الأندلسيين, إذ اعتبروا تجنيدهم بالقوة استرقاقا لهم. و لما قامت الثورة الأندلسية, أرسل قائدها, ابن أمية, سفارة برئاسة فراندو الحبقي إلى السلطان السعدي.
و أشار إلى هذه السفارة المؤرخ الجنابي قائلا: " وأرسل هؤلاء (يعني المجاهدين الأندلسيين) إلى الشريف مولاي عبد الله يستمدونه فلم يمدهم بسبب قلة الأغربة و المراكب عنده و لعلة أخرى".
و كان صاحب "تاريخ الدولة السعدية" , الكاتب الاندلسي المجهول, أكثر وضوحا إذ قال عن المجاهدين الأندلسيين: " فصاروا يكتبون إلى ملوك المسلمين شرقا و غربا و هم يناشدونهم الله في الإغاثة, و أكثركتبهم إلى مولاي عبد الله لأنه هو القريب إلى أرضهم, و كان قد قوي سلطانه و صحت أركانه و جندت أجناده و كثرت أعداده. فأمرهم غشا منه بأن يقوموا على النصارى ليثق بهم في قولهم بظهور فعلهم. فلما قاموا على النصارى تراخى عمّا وعدهم به من الإغاثة, كذب عليهم غشا منه لهم و لدين الله عز و جل, من أجل مصلحة ملكه الزائل ... و كانت بينه و بين النصارى مكاتبات في ذلك و مراسلات و أنه استشار معهم, و أشار عليهم أن يخرجوا أهل الأندلس إلى ناحية المغرب. و قصده بذلك تعمير سواحله, و يكون له منهم بمدينتي فاس و مراكش جيش عظيم ينتفع به في مصالح ملكه.
فلما قاموا على النصارى عن إذنه و انشغلوا معهم بالقتال, أرسلوا رِستءهم و كبراءهم و ذوي شأنهم إلى العدوة ليستغيثوا بالسلطان و بجماعة المسلمين في الإعانة, و تركوا أهل الأندلس كلهم متمنعين في جبال غرناطة و هن يقاتلون النصارى. فلما وصلوا إليه تراخى عنهم و طول عليهم مقامهم. لإاتتهم المكاتبة من أهلهم بأنهم اطلعوا على مكاتبات بين السلطان و بين النصارى و مصادقة تدبير على المسلمين. فصح عنهم ذلم, و ظهر بالإمارات الدالة عليه من كثرة قعودهم و مرور الأيام عليهم بلا فائدة, فأمرهم أن يصطلحوا مع النصارى على أن يتركوهم يجوزوا لهذه العدوة."
هذا هو وضع المساندة التي كان يتوقفها الأندلسيون من إخوانهم, و بسببه غامروا بحياتهم ووجودهم. و في أبريل سنة 1570م, أصبح هذا الوضع واضحا لقواد المجاهدين. فأخذت العزائم تخور, و الأمل بالنصر يضعف, و الشعور بخذلان العالم الإسلامي ينتشر.
ـ[هشام زليم]ــــــــ[14 - 05 - 08, 03:37 ص]ـ
3 - 5 - الإنهزام و الإستسلام
افتراق كلمة المجاهدين أمام بطش الصليبيين و قلة الدعم الإسلامي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(145/448)
بعد التقاء جيشي خوان النمساوي و دوق دي سياسة في سهل البدول, اتجها جنوبا إبى أندرش حيث و صلا في شهر مايو. و توجهت من أندرش كتائب بقيادة دوق دي سياسة لإخضاع حصون كمبيتة و مارو و نرجة و برجة و قمارش و كوثر و بني مرغوشة, فاحتلوها و نقلوا أهلها الذين سلموا من القتل و الإسترقاق إلى قشتالة. و تتابعت المعارك في منطقة رندة غربا, و حرر المجاهدون حصن الحصينة و قصر بنيرة, و حاصروا أربوطو في الجبل الأحمر. فتوجه إليهم جيش يقيادة دوق دي أركش دخل معهم في معارك أدت إلى انهزامهم و استسلامهم في 20 - 9 - 1570م.
و أمام هذه الإنهزامات المتواصلة, و يأس المجاهدين من أي عون فعال من العثمانيين و السعديين, افترق المجاهدون بين ثلاثة أراء: منهم من اثر الجهاد إلى الإستشهاد, مفضلا ذلك عن الإستسلام و ما يتبعه من تنصير و استرقاق أو الموت ذلا تحت سلكة الأعداء, و كان ابن عبو على رأس هذا الفريق. و منه ممن رأى عدم جدوى متابعة الجهاد و رجح التفاوض مع النصارى للإستسلام بأفضل الشروط الممكنة, و كان فراندو الحبقي على رأس هذا الفريق. و منهم من اثر الهجرة بنفسه و أهله إلى السواحل الجزائرية و المغربية و الخروج من الجحيم الذي هم فيه, فعبر البحر منهم عدد كبير منذ فبراير 1570م.
تفاوض الحبقي مع الملك الإسباني
و في 5 - 2 - 1570م اجتمع في مرتفعات جبل شلير هرناندو برادة, أحد و جوه وادي أش الأندلسيين, بالحبقي الذي أصبح قائدا عاما لجيوش المجاهدين بعد استشهاد ابن المليح في غليرة. دخل برادة وسيطا بين الإسبان و المجاهدين بموافقة خوان النمساوي, و عرض على الحبقي إنهاء القتال مقابل العفو العام عن المجاهدين. و تتابعت المفاوضات , فاقترح الحبقي على خوان النمساوي إفناع ابن عبو و باقي زعماء الأندلسيين بالإحتفاظ بالبشرات و التخلي عن جميع ما بيدهم من مناطق خارجها, بما فيها وادي المنصورة, و إعلان الهدنة, مقابل إعطاء الأمان على أرواح جميع المجاهدين. وافق خوان النمساوي مبدئيا على ذلك, و استصدر أمرا ملكيا بالعفو عمن يسلم سلاحه من الأندلسيين في ظرف عشرين يوما من إعلانه, شرط أن يكون عمره بين الخامسةة عشرة و الخمسين عاما, و أن يمضوي تحت قيادة و طاعة الملك فيليبيالثاني.
و يسمح القرار لكل من يستسلم بتقديم شكواه و يعد ببحثها بعناية. كما وعد القرار بإعطاء جائزة لكل من يستسلم, و إطلاق سراح شخصين من عائلته. و خكم القرار بالإعدام على من يرفض الإستسلام, عدا النساء و الاطفال دون الخامسة عشرة. و عين القرار مراكز للإستسلام تابعة لخوان النمساوي و الدوق دي سياسة. ووزعت بين الأندلسيين مناشير مزورة باسم أحد الفقهاء تدعو المجاهدين إلى الإستسلام "تخلصا من المصائب التي جرها عليهم ابن عبو". و في نفس الوقت تابع خوان النمساوي القتل و السبي بين الأندلسيين مسالمين كانوا أو محاربين.
و في هذا الجو القاتم تتابعت المفاوضات. و رفض معظم المجاهدين الإستجابة لنداء خوان النمساوي لعدم ثقتهم بوعود النصارى. و مال ابن عبو إلى التفاوض للحصول على أحسن ظروف للإستسلام, عندما عجز عن الدفاع عن قومه و تخليصهم مما أصابهم.
السلطان ابن عبو يرفض الإستسلام
أمر خوان النمساوي دون ألونسو دي غرناطة بنيغش, أحد زعماء الأندلسيين, بالكتابة إلى صديقه ابن عبو لحثه عل الإستسلام. فكتب له رسالة بتاريخ 18 - 4 - 1570م حاول فيها إقناعه بإنهاء "هذه الحروب المشؤومة", و يطلب منه إرسال وفد باسمه للتفاوض على شروط الإستسلام و المصالحة. فرد ابن عبو رسالة بتاريخ 24 - 4 - 1570م يرمي فيها مسؤولية إشعال الثورة و مأسي الحرب على القشتاليين بسبب اضطهادهم للأندلسيين و إرغامهم على التنكر لدينهم, و أكد في رسالته عدالة الجهاد, و رفض الإستسلام بدون شرط. ثم طلب ابن عبو من بنيغش الحصول على أمان من الملك للحبقي ليتفاوض مع القشتاليين باسم المجاهدين لإنهاء الحرب. و هكذا عين ابن عبو الحبقي مفاوضا رسميا باسم الثورة الأندلسية, و جعله ممثلة المؤتمن.
اتفاق الحبقي مع الإسبان على الإستسلام
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(145/449)
و تتابعت المفاوضات بين الإسبان و الحبقي عن طريق هرناندو برادة و ألونسو بنيغش. ثم اجتمع الحبقي مع مندوبي الملك عدة مرات. و في 13 - 5 - 1570م اقترح الحبقي على بنيغش في فندون أندرش شروط الإستسلام. فنقلها بنيغش إلى خوان النمساوي الذي جمع المجلس العسكري. فطلب المجلس أن يأتي الحبقي بتفويض من قادة المجاهدين بتمثيلهم. فعاد الحبقي إلى فوندون أندرش يوم 19 - 5 - 1570م بتفويض من ابن عبو, و تم الإتفاق مع ممثلي الإسبان على أن ذهب باسم ابن عبو و باقي قواد الجهاد إلى الأمير خوان النمساوي و يسلم إليه السلاح و العلم و يطلب الصفح و الرحمة. و بعد ذلك يعفو عنه الأمير باسم الملك, و يصدر العفو العام عن الأندلسيين, ويضمن لهم حياتهم و أملاكهم, و يؤمنهم من الإعتداء عليهم, و يسمح لهم بإقامة العلاقات الإجتماعية فيما بينهم من زواج إلى أخره ... و يرسل المحاربين المستسلمين مع نسائهم و أطفالهم إلى الأماكن التي تحدد لهم على أن تخلى جبال البشرات منهم. و قبل الحبقي الشروط جميعها.
و تنفيدا للإتفاق , تقدم الحبقي في 22 - 5 - 1570م على رأس 300 مجاهد إلى خيمة خوان النمساوي في أندرش, و سلمه سيفه و علم الإستسلام باسم عبو. فقبله الأمير, و أرجع له سيفه, و منحه الأمان بألا يتعدى عليه و لا يزعج و لا يلاحق و لا ينهب, و سمح للمستسلمين بالإقامة أينما أرادوا في مملكة غرناطة خارج البشرات.
ابن عبو ينكر على الحبقي موافقته على الإستسلام
ثم عاد الحبقي إلى ابن عبو ليخبره بما تم, و أرسل معه خوان النمساوي مندوبين لقبول الإستسلام من ابن عبو. فلما اطلع ابن عبو على الشروط التي وافق عليها الحبقي اتهمه بتجاوز التفويض الذي أعطاه إياه, و اتهمه بالغدر و الخيانة, إذ لم يحصل للأندلسيين على شيئ, كإلغاء قرارات التنصير و محو اللغة العربية. و فوق كل ذلك, وافق الحبقي على تهجير الأندلسيين من البشرات. فلم الجهاد؟ و لما التضحيات؟
السلطان ابن عبو يتهم الحبقي بالخيانة و يقوم بإعدامه
و في 25 - 5 - 1570م عاد الحبقي إلى معسكر خوان النمساوي و أخبره بمعارضة ابن عبو للإتفاقية, ثم اقترح عليه تنفيذها دون ابن عبو, و أن يأتي به موثوقا. فوافق خوان النمساوي, و أرسل في نفس الوقت ممثلا عنه إلى ابن عبو يوم 28 - 5 - 1570م يحاول إقناعه بالإستسلام, فلم يفلح. و ساند المتطوعون موقف ابن عبو, فعمل الحبقي على إرجاعهم إلى بلدانهم, وأخذ يروج للإستسلام. فتوجه على رأس قوة للقبض على ابن عبو, لكن المجاهدين هزموه و قبضوا عليه و سلموه موثوقا لابن عبو الذي اتهمه بالخيانة و أمر بإعدامه. فأعدم الحبقي و أخفي ابن عبوموته لمدة ثلاثين يوما. و تابع ابن عبو المفاوضات مع خوان النمساوي على شروط أفضل بواسطة هرناندو برادة, و تابع في نفس الوقت جهوده في إعادة بعث الثورة, فأرسل رسله إلى المناطق المختلفة يحثون الأندلسيين على متابعة الجهاد. وقد احتفظ التاريخ برسالة جوابية مؤثرة من ابن عبو إلى برادة بتاريخ 3 - 7 - 1570م, و هي بالدارجة الغرناطية, و هي أخر وثيقة عربية أتت من الأندلس, هذا نصها:
" الحمد لله وحده قبل الكلم, أسلم مكرمو على من كرمهو سيدي و حبيب و عز من عندي دن هرنتدو, و ني نعلم حرمتكم ين. أكن أنت تقول تجي عندي, تجي عند أخكم و حبيبك, و تجي مطمئن, و كل ميجكم فملي و ذيمتي. و كن أنت تريد تترطل فذى المبركم مين سلح, كل متعمل تعملو معي, و ني نعمل معك كل متريد بحق وبل غدر. و دهر لي من الحبقي بن أشمكن يعمل معلمن و لطلعن ي على حق. و ذهر لي يذ اسم للمطلب يرحو و ينسو و تسحبو و بعد رعي. و ديب أني نعرف حرمتك بهذا الشيئ و كرمتك, اعمل الذي يذهر لكم عمل ميسلح بصرر. و يذ و عسي يقذيا الله خير بينين, و تكن حرمتكم أسبب فهذا شيئ و محملن مفدتكم بل أش كن معي من يكتيلي يل كنكن كتبلكم أكثر. و سلم و عليكم و رحمتو الله و بركتو الله. كتيب الكتب يوم الثليث فشهر أليو فعم 70"
السلطان ابن عبو يرفض الإستسلام و لو ظل مجاهدا لوحده
و في 30 - 7 - 1570م أرسل خوان النمساوي مبعوثا ليتفاوض مع ابن عبو و عرض الإستسلام عليه مقابل عروض مغرية لشخصه. فأجاب ابن عبو بأنه يشهد الله أنه لا يرغب في الملك, و حيث إن الأمة الأندلسية انتخلته سلطانا
عليها فإنه لن يستسلم و لو ظل مجاهدا وحده في البشرات, و أن لديه ما يكفي من الغذاء و الماء لمدة ست سنوات, و إذا انتهت مؤونته فهو يفضل عبور البحر لأرض المسلمين على الإستسلام.
محاصرة الجيوش اللإسبانية لقوات بن عبو
و عندما رأى خوان النمساوي هذا الموقف من ابن عبو, و علم مقتل الحبقي, قرر إنهاء الثورة بالقوة. فحاول ابن عبو تنظيم المقاومة من جديد في البشرات و أرسل أخاه غالب إلى منطقة رندة لقيادة الجهاد فيها. بينما اتجه خوان النمساوي بقواته إلى وادي أش حيث التقى بقوات دوق دي سياسة. و خرج من غرناطة جيش ثالث بقيادة دوق دي ريطصانص في اتجاه البشرات. وسار جيش رابع بقيادة دوق دي أركش إلى بسائط رندة و جبالها فقضى على المجاهدين في تلك المنطقة في 20 - 9 - 1570م. و في نفس الشهر شن دون ريكصانص هجومه الشامل على البشرات, فقتل و حرق و حطم و أباد الشيوخ و الأطفال و النساء, ووزع على الجنود كعبيد من نجا من نساء و أطفال المسلمين من الموت.
ومن أفعاله الشنيعة إشعال النيران على مداخل الكهوف لخنق المختبئين فيها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(145/450)
ـ[هشام زليم]ــــــــ[14 - 05 - 08, 03:39 ص]ـ
انهيار المقاومة الإسلامية الأندلسية
و أمام هذه الهجمة الجديدة لم يبق للجهاد قوة تذكر للدفاع عن الأندلس. فأخذت جيوش قشتالة تمزق كل السرايا المقاومة فانهارت المقاومة, و امتلأت الشواطئ المغربية و الجزائرية باللاجئين الفارين بدينهم و أرواحهم.
السلطان ابن عبو يواصل الجهاد
و تابع ابن عبو المقاومة في أعلى و أوعرمنطقة من البشرات, و لم يبق معه سوى 400 مجاهد, من بينهم برناردينو ابن عامر, و كونسالفو الشنيش.
مؤامرة قتل ابن عبو
و ضاقت رقعة المجاهدين بين برشول و ترفلش, فأوعز الإسبان إلى الشنيش بقتل ابن عبو مقابل عفوهم عليه. و كان الشنيش يحقد على ابن عبو لأنه منعه من عبور البحر إلى المغرب. و كان الإسبان قد قبضوا عليه و أطلقوا سراحه و منحوه الأمان و وعدوا بتسليمه زوجته و ابنتيه الأسيرات مقابل الإتيان بابن عبو حيّا أو ميتا.
نجاح المؤامرة و مقتل ابن عبو رحمه الله
و في 13 - 3 - 1571م نجحت المؤامرة إذ هجم الشنيش و ستة من أتباعه على ابن عبو في الكهف الذي كان مختيئا فيه, فقاوم حتى استشهد.
جريمة صليبية حاقدة بحق جثمان ابن عبو رحمه الله و أسكنه فسيح جنانه
فسلم الخونة جثمانه للإسبان الذين حملوه إلى غرناطة, و أدخلوه المدينة في حفل ضخم, ووضعوه في قفص حديدي بعد أن ألبسوه لباسا كاملا و كأن صاحبه حي, ثم حملوه على فرس, و قطعوا به المدينة تتبعه أفواج من أسرى الأندلسيين. ثم حمل الجثمان إلى النطع. و أجرى فيه حكم الإعدام, فقطعوا الرأس و سحلوا الجسم في الشوارع فمزق أطرافا ثم أحرق في أكبر ساحات غرناطة بهمجية لا تضاهى. ووضعوا الرأس في قفص من حديد فوق باب المدينة باتجاه البشرات حيث بقي معلقا لمدة ثلاثين سنة.
نهاية ثورة غرناطة
و لم تنته الثورة تماما إلا سنة 1573م باستسلام مناطق غليرة و صيرون و برشانة و مناطق وادي المنصورة في ولاية المرية.
وابتدأت بعد انهيار ثورة غرناطة الكبرى مأساة جديدة لم ير الشعب الأندلسي مثيلا لها من قبل, إذ أعلن الملك فيليبي الثاني في 28 - 10 - 1570م, قبل استشهاد ابن عبو, فرارا بنفي الأندلسيين من مملكة غرناطة إلى مختلف مناطق قشتالة و ليون.
خصائص ثورة غرناطة
و قبل إنهاء هذا الفصل , لنر خصائص هذه الثورة الفريدة في الإستماتة و التنظيم و الشجاعة ضد أقوى جيش في أوربا أنذاك, بأقل الإمكانيات و أقل مساندة خارجية. استعمل المجاهدون الأندلسيون تضاريس الجبال و معرفتهم بالبلاد أحسن استعمال, فكانوا يضربون العدو ضربات سريعة ينتقلون بعدهابسرعة من جبل إلى أخر و يتحاشون المعارك الطويلة, فكانوا مبدعين حتى في محنتهم , إذ اخترعوا حرب العصابات و أتقنوها. فخارت في أول الأمر معنويات الجيش الإسباني الذس كان يخوض حربا كلاسيكية, خاصة بعد أن عمل المجاهدون على تجويعه بحرق المحاصيل الزراعية. ثم تحول الجنود الإسبان إلى مجرمين بقتل و استبعاد جميع من يقع في يدهم من أسر المجاهدين, من أطفال و شيوخ و نساء للقضاء على معنوياتهم.
و من ناحية أخرى, لم يستطع زعماء الجهاد التغلب على نزاعاتهم الجانبية بين أهل حاضرة غرناطة مثلا و أهل البشرات. و ربما مانت تلك النزعات هي سبب تقاعس قاعدة غرناطة و مرسية عن الإنضمام إلى الثورة في أول أمرها. و لم يكن الجانب الإسباني موحدا كذلك, إذ كانت العداوة قوية بين ديسا و مندوجر, وبين سياسة و بلش.
و كانت القوات المتحاربة ضخمة بالنسبة لمجموع عدد السكان, إذ مان عدد المجاهدين في أول الثورة حوالي 4.000 مجاهد , ووصل إلى 30.000 مجاهد في قمتها. و تدل هذه الأرقام على المجهود الضخم الذي قام به الأندلسيون لتحرير بلدهم, كما يدل على إجماعهم على المقاومة. و لم يقل عدد القوات النظامية التي جابهتهم عن ثلاثين ألفا, مسلحة بسلاح أفضل بكثير. ووقع ضحية هذه الثورة عشرات الألاف من الأندلسيين, خاصة النساء و الأطفال, كما قتل عدة ألاف من الإسبان.
و لقد انضمت للثورة جميع أراضي مملكة غرناطة عدا المدن الكبيرة كحاضرة غرناطة و المرية ووادي أش و بسطة و أشقر و مطريل.
انتهى النقل.
تم بحمد الله و توفيقه
من كتاب انبعاث الإسلام بالأندلس للأستاذ المنتصر الكتاني رحمه الله س92 - 122
و سأقوم قريبا بإذن الله بنقل المصادر التي اعتمد عليها المؤلف في اثبات وثائع معركة غرناطة.
لا تنسونا من صالح دعائكم.
أخوكم تاشفين المرابطي
ـ[ابن وهب]ــــــــ[14 - 05 - 08, 03:47 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[هشام زليم]ــــــــ[28 - 05 - 08, 06:39 م]ـ
----------(145/451)
كتاب الإستبصار في نسب الصحابة الأخيار
ـ[مصعب الجهني]ــــــــ[16 - 05 - 08, 04:33 ص]ـ
كتاب: الإستبصار في نسب الصحابة الأنصار
تأليف: موفّق الدين عبداللّه ابن قدامة المقدسي (ت:620هـ)
تحقيق: علي نويهض
طبعة: دار الفكر - بيروت -
الطبعة الأولى, سنة 1391هـ
هذا الكتاب اين أجده في مكتاب المملكة العربية السعودية العامره؟؟(145/452)
((أين أجد)) كتاب الإستبصار في نسب الصحابة الأنصار
ـ[مصعب الجهني]ــــــــ[16 - 05 - 08, 04:37 ص]ـ
كتاب: الإستبصار في نسب الصحابة الأنصار
تأليف: موفّق الدين عبداللّه ابن قدامة المقدسي (ت:620هـ)
تحقيق: علي نويهض
طبعة: دار الفكر - بيروت -
الطبعة الأولى, سنة 1391هـ
هذا الكتاب اين أجده في مكتاب المملكة العربية السعودية العامره؟؟
ـ[مصعب الجهني]ــــــــ[17 - 05 - 08, 02:08 م]ـ
للرفع ..
فلا غنى عنكم
ـ[مصعب الجهني]ــــــــ[20 - 05 - 08, 08:02 م]ـ
للرفع .......
ـ[مصعب الجهني]ــــــــ[12 - 06 - 08, 02:30 م]ـ
للرفع فساعدونا يا إخوان
فكلما سألت بائع كتب يقول: (لم أسمع به!!)
ـ[مصعب الجهني]ــــــــ[24 - 06 - 08, 12:36 ص]ـ
للرفع ... لعل وعسى أن نجد نبأ.
ـ[معاد الجزائري]ــــــــ[26 - 06 - 08, 12:24 ص]ـ
شكرا لك
ـ[مصعب الجهني]ــــــــ[13 - 07 - 08, 09:51 ص]ـ
للرفع
مع العسر يأتي الفرج ولعلنا نجد كريماً,, كما حدث مع أخينا الطيماوي هنا ( .... !
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=141415
ـ[أبوحاتم الشريف]ــــــــ[13 - 07 - 08, 04:12 م]ـ
الكتاب يوجد نسخة خطية منه في مكتبة عارف حكمت والله أعلم
ـ[مصعب الجهني]ــــــــ[08 - 08 - 08, 05:27 م]ـ
قمت بمراسلة مركز بحوث ودراسات المدينة المنورة لطلب تصوير الكتاب
وبحمد الله قد تحصلت على نسخة مصورة منه,,, ولكنني أتمنى أن أحصل على الكتاب مطبوعاً مغلفاً
فمن وجده يباع في أي مكتبة فليخبرنا مشكوراً,,, وكم نتمنى أن نراه مصوراً على ملتقى أهل الحديث!!
ـ[موسى بن نصير]ــــــــ[09 - 08 - 08, 07:15 م]ـ
للكتاب طبعة اصدرتها دار إحياء التراث العربي في بيروت ولا اعلم تاريخها
ـ[ابوسعيد النجدي]ــــــــ[12 - 08 - 08, 01:24 م]ـ
نت فد عثرت على عدد كبير من النسخ في مكتبة المنهاج للكتاب المستعمل في الرياض لعل لديهم بقية منها
ـ[مصعب الجهني]ــــــــ[13 - 08 - 08, 03:31 م]ـ
الله يجزاك بالخير يا أبو سعيد على المشاركة ... في أي فروع مكتبة المنهاج وجدته؟
ـ[مصعب الجهني]ــــــــ[10 - 12 - 08, 05:16 م]ـ
يرفع؛؛ لأخواني لعل أحدهم يرفع لهم الكتاب.
ـ[مصعب الجهني]ــــــــ[20 - 05 - 09, 01:31 م]ـ
للفائده؛؛؛؛؛(145/453)
سؤال عن نهاية الأرب وقيمته التاريخية؟
ـ[ليث الحجري]ــــــــ[16 - 05 - 08, 06:24 ص]ـ
السلام عليكم
سؤالي لمن يعلم عن كتاب نهاية الأرب للنويري وقد طبع منه أكثر من ثلاثين مجلد
وهو موسوعة مشهورة في الأدب والتاريخ قسمه على أكثر من فن
فجاء الفن الخامس منه عن التاريخ واستمر حتى نهاية الكتاب على ماأعلم في هذا المنوال
فما قيمة كتابه من الناحية التاريخية؟
وماقيمة كتابه بأكمله
أرجوا من المختصين ومن بحث أو قرأ الكتاب الإفاده شاكرا لكم
ـ[محمد أبو عمر]ــــــــ[18 - 05 - 08, 12:22 ص]ـ
الذي أعلمه أنه يفيد من يبحث في تاريخ المماليك خاصة لأنه يعتبر معاصراً لتلك الحقبة (677 ـ 733هـ ـ 1279 ـ 1333م)،ويفيد في تفسير المصطلحات التي وردت في هذا العصر.
وهذا الموضوع للفائدة
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=26098(145/454)
ما هي قبائل اليمن؟
ـ[صالح بن علي]ــــــــ[16 - 05 - 08, 11:49 ص]ـ
ما هي قبائل اليمن وما صحبة مقولة أن الأزد هم اليمن فمرة يعبر عنهم بالأزد ومرة باليمن وهل صحيح أن من مدينة الطائف إلى عدن أبين كلهم يمن
وأحدايث أهل اليمن عندما قال عنهم النبي صلى الله عليه وسلم جائكم أهل اليمن هم أرق قلوبا ووو
هل هم أهل اليمن بقبائلهم أم أهل اليمن هم معنيون يعيشون في صنعاء مثلا وما حولها
أرجو الجواب على الإشكال وجزاكم الله خيرا
ـ[صالح بن علي]ــــــــ[19 - 05 - 08, 08:36 ص]ـ
؟ اين الجواب
ـ[عبدالمحسن المطوع]ــــــــ[19 - 05 - 08, 03:38 م]ـ
إذا قيل اليمانية فيراد بهم القحطانية، ولا يشترط قطونهم في اليمن، وعلى هذا: فقبائل طيء التي سكنت بجوار أجا وسلمى في شمال نجد تعتبر يمانية، والغساسنة في الشام من اليمانية ولخم وجذام في العراق إلى الشام يمانيون .. لماذا؟ لأنهم قحطانيون.
وكذلك الأوس والخزرج هم يمانيون مع كونهم في الحجاز في طيبة، ولذا لما حالفهم جد حذيفة رضي الله عنه سموه اليمان مع كونه عبسي النسب لكنه لما حالفهم وسكن معهم سموه اليماني.
فكل القبائل القحطانية يمانية سواء كانوا في اليمن أو نجد أو العراق أو الشام أو فارس أو الأندلس والمغرب الأقصى.
وأما اليمن فما وراء الطائف إلى منتهى الجنوب.
والله أعلم
ـ[صالح بن علي]ــــــــ[22 - 05 - 08, 04:04 م]ـ
جزاك الله خير ولكني اطمع في المزيد
ـ[أبو طلحة العتيبي]ــــــــ[04 - 11 - 09, 08:56 ص]ـ
بكيل، حاشد، قضاعة، مذحج. كندة. حمير (ومن حمير ومذحج وهمدان وقريش وكنده قبيله العوالق وتعد العمود الفقري لقبائل الجنوب اليمني ومن أهم قبائل اليمن).
كما توجد في اليمن العديد من الأسر الهاشمية
ـ[أبو الأشعث الجنبي]ــــــــ[07 - 11 - 09, 12:52 ص]ـ
حياكم الله.
قبائل اليمن كثيرة، تلتقي جميعا إلى الجد العربي القديم قحطان.
ومن أشهرها: حمير وفيهم الملك وقبائل مذحج مثل بني الحارث بن كعب والنخع وجنب وزبيد وجعفي وسعد العشيرة وغيرهم،وقبائل همدان من بكيل وحاشد،و قبائل قضاعة كجهينة وبلي ونهد وخولان وكلب وغيرهم، وكندة ومنهم آكل المرار الذي ملك بنوه بعض قبائل معد، وطيء وقبائل الأزد كالأنصار والغساسنة ملوك الشام وغيرهم، وخثعم ولخم ومنهم ملوك الحيرة المناذرة وجذام وبجيلة والأشعرون وحضرموت.
....(145/455)
الأندلس .. درس لم نستوعبه
ـ[ريم صباح]ــــــــ[16 - 05 - 08, 07:50 م]ـ
الأندلس .. درس لم نستوعبه</ SPAN>
في ثنايا التاريخ الإسلامي في أوربا، كانت وقفة مع جنة الله في أرضة .. تلك الجنة الغناء، والبساتين الخضراء، والجداول والأنهار التي ما عرَف العالمُ في ذلك الوقت بقعةً على وجه الأرض أجمل منها.
هي لم تكن طبيعة فقط، بل كانت منارة العلم يقصدُها طلابُ العلم في جميع أرجاء المعمورة في جميع مناحي العلوم.
العلوم الشرعية والطبيعية وفن العمارة (وهذه آية من آيات الحضارة البشرية)، وكذلك المصانع الحربية التي تخرج الآلات الثقيلة والمعدات العسكرية الفائقة التطور ذلك الوقت.
ثم في الزراعة لها شأن آخر وحكاية أخرى.
والتجارة التي كانت في أوج ازدهارها، والأسواق العالمية بمفهوم هذا الزمان لا تنتهي إلى ذلك العالم الذي يغرق في سوداوية الجهل والظلام.
إنك لن تصدقني إن قلتُ لك إن أوربا كانت في قرونها المظلمة (القرون الوسطى) ولكنَّ أبناءها لم يقفوا مكتوفي الأيدي أمام تلك الحضارة، ولكنهم نهلوا من معينها الصافي ومائها النمير، أخذوا يتوافدون إليها من كل حدب وصوب، يطلبون العلم والحضارة، وأساليب التطور والرقي، لم يقتنعوا بما هم عليه.
وتأكدَتْ قاعدةُ ابن خلدون النظرية (إن الأمم المغلوبة تسعى جاهدة إلى تقليد الأمم الغالبة).
ما أشبهَ الليلةَ بالبارحة.
ثم ماذا؟ ولا تسأل بعد ثم، إن سنن الله الكونية لا تتغير ولا تتبدل، ليأخذ الناس العظة والعبرة ممن سبقهم حتى ينجوا مع الناجين.
فإذا تقاعس المسلمون وتخاذلوا كانت النتيجة السقوط، مثل الدراسة في المدارس، وكذلك جميع جوانب الحياة؛ للنجاح أسباب وللإخفاق كذلك.
لقد كان تاريخُ الأندلس عبرة لمن يعتبر؛ ثمانمائة سنة من العلو والانخفاض والصعود والهبوط، تعاقب على الأندلس أمراء وولاة عهد وخلفاء وملوك طوائف، وكل هذا التراث الهائل من المنجزات والتطورات أصبح في أيدي النصارى الصليبيين الذين صاحبوا السهر ورافقوا التعب والشدة حتى وصلوا إلى ما يريدون.
لا أريد هنا أن أعدّد أسباب سقوط الأندلس لأنها معروفة عند كل أحد. ولكني أجدني في حيرة من أمري لا أعرف ما فعل الله بهؤلاء الأقوام الذين بُدلوا من بعد نعمة خوفًا.
إنني كأي مسلم حر يبكي على مجد أسلافه المسلمين الذي أراقوا دماءهم زكية على ثرى الأندلس؛ لقد عطروا ذكرهم في صفحات التاريخ بتلك التضحيات التي لم يكن يعرف العالم مثلَها في زمن من الأزمان، ثم نحن بعدُ نعيد سيرةَ من هدم بناء المسلمين، أولئك الملوك الأقزام آمالهم الحقيرة التي لا تتعدى مواطئ أقدامهم، كيف يطيب لنا الطعام وأجزاء من بلاد الإسلام تتجرع غصص الاستحلال والمذابح الجماعية والقتل أو التهجير.
كل ذلك على مرأى من العالم ومسمع، وأصحاب الكراسي ممسكون بكراسيهم خوفًا من انكسارها، ولسوف تنكسر فلا تسأل عن حالهم بعد الإنكسار.
إن الأندلس لم تذهب من أيدينا بين يوم وليلة، إنها قرون حتى سقطت، وهذا يدل على طول نفس أولئك الأعداء الذين ما فتئوا يزعزعون كيان الدولة حتى تساوت مع التراب.
وكذلك يجب علينا أن نكون أكثر واقعية .. أن نراقب الساحة، فإذا جاءت ساعة الصفر انطلقنا إلى مكاننا الأصلي فوق القمة لنحكم العالم وفق شرع الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-.
وآلمني وآلَمَ كلَّ حر سؤالُ الدهر أين المسلمونا؟
الكاتب: فيصل الرحيمي</ SPAN>
ـ[أبو عمر الفاروقي]ــــــــ[17 - 05 - 08, 02:44 ص]ـ
ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم
ـ[ابونصرالمازري]ــــــــ[17 - 05 - 08, 03:02 ص]ـ
ليتك اخي تثري الموضوع اكثر فاننا بحاجة الى ايقاظ النفوس والى دفع هذا التغافل الحاصل خاصة عند المغاربة
ـ[السيد عاطف]ــــــــ[27 - 05 - 08, 02:27 م]ـ
بارك الله فيك يا أخي
ـ[أبو عبد البر المالكي]ــــــــ[27 - 05 - 08, 08:33 م]ـ
ليتك اخي تثري الموضوع اكثر فاننا بحاجة الى ايقاظ النفوس والى دفع هذا التغافل الحاصل خاصة عند المغاربة
جزاكم الله خيرا كبيرا(145/456)
مورسكي معروف فر من إسبانيا:"رحلة الشهاب إلى لقاء الأحباب" لعبد الله عنان
ـ[هشام زليم]ــــــــ[17 - 05 - 08, 07:08 م]ـ
قصة كاتب مورسكي
بقلم محمد عبد الله عنان
من الشخصيات البارزة في الأدب المورسكي. شخصية كاتب يمتاز بحياته الغريبة, المشجية, و إنتاجه الأدبي القديم.
من هم المورسكيون
و لا بد لنا أن نعرف المورسكيين: هم العرب المتنصرون من بقايا الأمة الأندلسية المغلوبة, و هم الذين عاشوا تحت الحكم الإسباني , بعد إرغامهم على التنصر زهاء قرن من الزمان, منذ سقطت غرناطة أخر حواضر الإسلام بالأندلس في أيدي الإسبان سنة 1492, حتى أصدرت إسباني قرارها الشهير بنفيهم من أراضيها في سنة 1609م. و في خلال هذه الحقبة الطويلة عانى أولئك المورسكيون, ألوانا مروعة من الإضطهاد المدني و الديني, و من مطاردة ديوان التحقيق الإسباني , و أرغموا على ترك لغتهم العربية, واتخاذ القشتالية لغة للتخاطب و التعامل, و اتحذوا لهم لغة سرية خاصة هي لغة "الألخميادو" الشهيرة و هي القشتالية المحرفة تكتب بحروف عربية, ليستطيعوا أن يحتفظوا بتراثهم الديني القديم.
و لهؤلاء المورسكيين أو العرب المتنصرين أدب خاص بهم, "بالقشتالية و الألخميادو" و منهم من استطاع أن يحتفظ خلال الإضطهاد الغامر كذلك بلغته العربية القديمة.
هو أحمد ابن القاسم, المعروف بالشهاب الحجري
و من هؤلاء كاتب لا نعرف اسمه المورسكي النصراني, و لكنه يتقدم إلينا باسمه الأندلسي, وهو أحمد ابن القاسم ابن أحمد الفقيه قاسم ابن الشيخ الحجري و يعرف بالشهاب الحجري, و يعرف كذلك بأفوقاي, وهو مورسكي من أحواز غرناطة, استطاع أن يغادر الأندلس حسبما يحدثنا في سنة 1007ه, (1598م) أعني قبل النفي بأحد عشر عاما. و قد كانت مغادرة المورسكيين لإسبانيا يومئذ من الأمور الصعبة الخطرة. و كانت السلطات الإسبانية تتخذ كثيرا من إجراءات الحراسة المشددة للثغور و الشواطئ تحوطا من فرار المورسكيين إلى الشواطئ المغربية. و من ثم فقد كان فرار الشهاب الحجري من إسبانيا مغامرة مثيرة. و من حسن الحظ أن الشهاب قد حكى لنا قصة فراره في كتابه الذي سماه " رحلة الشهاب إلى لقاء الأحباب". و الأحباب هنا هم فيما يبدو إخوانه المسلمون فيما وراء البحر في عدوة المغرب .. ولكن هذه الرحلة لم تصل إلينا مع الأسف, و لم يصل إلينا منها سوى شذور يسيرة نقلها بعض الكتاب المغاربة المتأخرين, و من هذه الشذور قصة فراره, نقلهاإلينا لحسن الحظ كاتب مغربي متأخر في كتاب مخطوط عنوانه " زهرة البستان في نسب أخوال سيدنا المولى زيدان" و هي التي ننقلها فيما يلي. و من المحقق أن رحلة الشهاب المفقودة هذه كانت تحتوي على معلومات هامة و نفيسة عن أحوال مواطنيه العرب المتنصرين و لعل البحث يظفر بها يوما ما.
استعد الشهاب سنين طويلة للفرار من إسبانيا
و قبل أن ننقل قصة فرار الشهاب إلى المغرب, يجدر بنا أن ننقل أولا ما يقصه علينا عن كيفية استعداده لهذا الفرار مدى أعوام طويلة خلال إقامته في إسبانيا. و هو يقص علينا ذلك في خاتمة كتابه المخطوط " العز و المنافع" الذي سوف نتحدّث عنه فيما بعد و ذلك على النحو الأتي:
" و أقول اعلم أن أول ما تكلمت به ببلاد الأندلس كان بالعربية و كانت النصارى .. تتحكم فيمن يجدون يقرأ العربية. فتعلمت القراءة الأعجمية للأخذ و اللأعطى- ثم ألهمني الله سبحانه أن أخرج من تلك البلاد إلى بلاد المسلمين لما تحققت أن ... كانوا في الثغور, يبحثون عن كل من يرد عليهم لعلهم يجدونه أندلسيا مخفيا ليحكموا فيه, لأنهم كانوا منعوهم من الثغور لئلا يهربوا إلى بلاد المسلمين. فجلست سنين لتعلم الكلام و الأخذ في كتبهم ليحسبوا أني منهم, - إذ أمشي إلى بلادهم للخروج منها لبلاد الإسلام. و لما أن جئت إلى البلاد التي هي على حاشية البحر, حيث هو الحرس الشديد, و جلست بينهم, فلم يشكو فيّ بما رأوا مني من الكلام و الحال و الكتابة, و جئت من بينهم إلى بلاد المسلمين. و بهذه النية تعلمت و بلغت في كتبهم و لكل امرئ ما نوى. ثم رأيت أن بسبب التعليم أنه كان بنية القرب من الله ببلاد المسلمين, فتح بدلك العلم المنهي عنه بيبان الملوك المسدود عن كثير من الناس".
قصة فرار الشهاب من إسبانيا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(145/457)
و الأن فلننقل قصة فرار الشهاب من إسبانيا إلى المغرب حسبما نقلها إلينا من رحلته صاحب " زهر البستان" في أواخر كتابه قال:
" ففي رحلة شهاب الدين الحجري المعروف بأفوقاي قال: لما تغلب العدو على جزيرة الأندلس و استولى على من بها من المسلمين و بقوا تحت عقد النصارى, و فتنوهم في دينهم, خرج متخفيا مجاهدا بدينه يطلب النجاة من بلاد النصارى إلى بلاد المسلمين, و ذكر ما جرى في طريقه إلى أن ركب في سفينة بمرسى شنتمري (بالبرتغال) جاءت بالزرع للبريجة فرحل إليها. قال وصلنا إلى البريجة في يومين.
قال , دخلنا عند القبطان, و سألنا من أين جئتم. و أخبروه بأنهم من نصارى أشبيلية, و أنهم وقع لهم ما أوجب الخوف على رقابهم فهربوا إلى البريجة (مدينة الجديدة بالمغرب حاليا) قال , و طلبنا منه الإذن في الرجوع إلى بلادنا متى أردنا ذلك, و كنا عزمنا على الهروب منها لبلاد المسلمين – و هنا نود أن نلاحظ أن قول الشهاب أنهم وصلوا من شنتمرية إلى البريجة في يومين هو قول لا يعتد به لأن المسافة بين البلدين لا تقل عن 600 كيلومتر في البحر, وهذه المسافة يقتضي لقطعها بالسفيتة البطيئة أسبوعين على الأقل لا يومين, و لا بد أن هناك تحريفا في النص-.
يقول الشهاب: " فلما رأينا منعتها " أي البريجة", بالسور الذي عرضه ثلاثة عشر ذراعا و البحر دايرها من جهتين, و خندقوا عليها من الجانبين الأخرين, قال استعملنا الحيلة في التخلص منها , بقينا في استعمال الحيلة من الإقامة بها حتى جاءت سفينة من بلاد الأندلس و عزمت على الرجوع و قلت للقبطان , أحب أن أرجع إلى بلادي في هذه السفينة, و إذا احتجت شيئا في بلاد الأندلس, أعطني زماما أبعث به إليها, قال فخرجت مع صاحباي عشية النهار بجميع ما نحتاج إليه من الطعام في السفر, ووجدنا قاربا صغيرا بالمرسى ينتظر من يركب فيه ليمشي إلى الفينة, فأعطيته الطعام و حوايج اللباس, و بقينا ننتظر التاجر صاحب السفينة إلى أن خرج من البريجة ستة من النصارى عيونا يتجسسون ليلا .. و يرجعون صبحا, فمروا بنا و مضوا إلى سبيلهم, و نحن ننتظر التاجر حتى أظلم الليل, فصلينا العشاء و قلت لصاحبي هذا وقت خير, ننجو فيه بأنفسنا, من .... إلى بلاد المسلمين, فعدلنا عن الطريق التي نمشي فيها لأزمور مخافة أن تلحقنا خيل النصارى, إذا أحسوا بهروبنا, و مشينا على حاشية البحر من جهة اليمين. ثم رأينا صومعة بلاد المسلمين في رابطة تسمى طيط خالية من أهلها.
و لما بدأ انشقاق الفجر أخلوا في البريجة النفض الكبير, و خرج النصارى عن أخرهم في طلبنا, فدخلنا شجرة من الدروا, وظللنا النهار كله حتى رجعوا, و بقينا يوما نسمع حس البارود, حتى أيسوا منا. و لما سمع قايد أزمور, وهو القائد محمد بن القايد ابراهيم الشعياني حس النفض الكبير, علم أنه حدث في البريجة شيء عند النصارى, وأمر الفكاك أن يمشي عندهم ليتكلم في بعض الأسارى, و يعرف ما حدث عندهم. فلقيهم بالفحص و سألوه عن نصرانيين هربا من إشبيلية إلى البريجة ثم هربا من البريجة إلى بلاد المسلمين فقال لهم الفكاك بلغوا عندنا صبحا. و إنما قال لهم الفكاك ذلك ليقنطهم .. و بقينا في الشجر إلى الليل و سرنا قاصدين أزمور, و بسبب الغيم لم نر نجوما نهتدي بها بجهة أزمور و بقينا جل الليل سايرين في الفحص إلى أن وصلنا عين ماء و شربنا منها, و جلسنا هناك إلى أن صلينا الصبح.
ثم سرنا لجهة أزمور, و بسبب الغيم لم نر الشمس إلى أن كانت في وسط السماء. و كنا نطلب الماء من شدة الحر, فوجدنا هنالك أبارا يابسة, و رأينا شجرة كبيرة, فمشينا إليها, وصلينا العصر, و استرحنا بظلها من حرحرة الشمس. فلما استرحنا سمعنا موج البحر ففرحنا, لأنا إذا كنا في حاشيته, نعرف الطريق, فوصلنا إليه عند المغرب, و علمنا أننا بين طيط و البريجة.
فقال لي صاحبي نمشي إلى طيط لنشرب من أبارها, فقفلت إن مشينا إلى طيط لم تبق لنا القوة على المشي من هناك, لما لحقنا من الجوع فخالفني ثم رجع إلى رأيي , وولينا على طيط ووجدنا طريقا متسعة, وصرنا إلى نصف الليل, فتحققنا أنها طريق البريجة. ووقفنا على الموضع الذي تقف فيه طلائع النصارى. و جزنا من ذلك الموضع و تركنا البريجة عن شمالنا, ووصلنا إلى حاشية البحر, و مشينا إلى جهة أزمور و طلعنا جبل راينا المسلمين مشغولين فيه بالحصاد.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(145/458)
عند المسلمين
و لما رأونا جاؤا إلينا فقلنا لهم نحن مسلمون. ففرحوا بنا و أعطونا الماء و الخبز. و كان عهدنا به منذ ثلاثة أيام, و مشينا معهم لأزمور فأدخلونا على القايد محمد بن إبراهيم الشعياني ففرح بنا و أكرمنا. و قال لنا أين كنتم هذه ثلاثة أيام, فقد بعثنا في طلبكما, و لم نر منكم خبرا, و تكلم معنا في أمور الديانات فأجبته عنها. و كتب للسلكان مولاي أحمد الذهبي رحمه الله بذلك, و أخبره بحالنا, فأجابه السلطان أن يستصحبنا معه في حضور العيد مع السلطان.
و كان عيد الأضحى من سنة 1007 ه قرب , فخرجنا مع القايد محمد, متوجها إلى مراكش, لحضور العيد مع السلطان مولاي أحمد رحمه الله, فنزلنا من موضع فيه سوق بدكالة, فقال القايد محمد لبعض أصحابه أركب معهما إلى أن يراهما أهل السوق, فكان السوقة يتركون بيعهم و شراءعم و يأتون إلينا, يتعجبون منا, و يسألون عن حالنا, يحسبوننا نصارى فيقولون لنا اشهدوا شهادة الحق, فسكتنا عنهم حتى أكثروا علينا, فقلت أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أن محمدا عبده و رسوله, قالوا و الله إنه قالها خيرا منا, فمشوا عنا مسرعين, ثم رجعوا إلينا بالتمر و الخبز و الدراهم. فقلنا لهم لا نأخذ لكم شيئا, فلما رجعنا إلى القايد محمد بن إبراهيم قال لنا ما ظهر لكما في سوق المسلمين قلت خيرا و الحمد لله.
" ثم وصلنا إلى محلة السلطان مولاي أحمد الذهبي, و هي مخيمة بتانسيفت بسبب وباء كان بالمدينة, وكان استصحبنا في طريقنا إلى مراكش مع القايد محمد بن إبراهيم أكثر من ألف فارس من سفيان بثياب بالية رثة خلقة. و لما قربنا من محلة السلطان أمر القايد المذكور بإعطاء كل فارس قنباز و ملف و عمامة, و ذلك كله بالزمام, فخرجوا يوم العيد كأنهم شقائق النعمان, و كل قايد من قواد مولاي أحمد أعطى لأصحابه يوم العيد مثل ما أعطى القايد محمد بن إبراهيم لأصحابه فتبدلت علينا أحوالهم. و ظهر لنا منهم ما لم نكن نعرفه قبل. و عندما تكتّبت كتايب المسلمين يوم العيد, و تجندت الأجناد, جاء من عند السلطان مولاي أحمد الذهبي رحمه الله كاتب يحسب على كل قايد و أصحابه. يعملهم في ديوان و يعرضهم على السلطان. فسألت الكاتب عن نهاية ما بلغ في العدد, فقال لي تسع و عشرون ألفا, فقلت لو أن السلطان ذهب بمن معه من الجيش لاستنفذ بلاد الأندلس من يد النصارى".
السلطان أحمد المنصور الذهبي
كان ملك المغرب يومئذ هو حسبما تقدم السلطان أحمد المنصور. و كان قد و لي الملك في جمادى الأولى سنة 986م (أغسطس سنة 1578م) عقب موقعة القصر الشهيرة, و هي التي لقي فيها البرتغاليون على يد المغاربة هزيمتهم الساحقة و قتل ملكهم سبستيان و كان أخوه السلطان عبد الملك قد توفي قبيل المعركة بقليل, فبويع مكانه السلطانأحمد , و لقب بالمنصور تيمنا بالنصر العظيم الذي أحرزته جيوش المغرب المجاهدة, على جسوش الإستعماريين المعتدية
و كان المنصور ملكا عظيما وافر الهمة و العزم, و كان عصره من أعظم عصور المغرب عزة و قوة و رخاء. و كان حينما وفد عليه الشهاب الحجري قد قطع في الملك أكثر من عشرين عاما. فلما قدّم إليه قائده محمد بن إبراهيم الشعياني و كان أثيرا لديه و موضع ثقته و تقديره لما أبداه في حكم منطقة أزمور من حزم و بر اعة أشاعت فيها النظام و الأمن, لمّا قدم إليه هذا الأندلسي الفار, ووقف على قصته و ما يتمتع به من كفايات أدبية و لغوية, أولاه عطفه, و أمر بتعيينه مترجما للبلاط و كان هذا أقصى ما يطمع إليه الشهاب. و أبدى الشهاب براعة في أ‘مال الترجمة من العربية إلى الإسبانية و من الإسبانية إلى العربية, و أسبغ عليه لقب "ترجمان سلاطين مراكش". و كان السلطان فوق ذلك يستعمله للسفارة عنه في بعض البلاد الأوروبية. و لما توفي السلطان أحمد المنصور في سنة 1012ه (1603م) استمر الشهاب في عمله بالبلاط المغربي خلال الحرب الأهلية التي تلت وفاة المنصور ثم مدة أخرى في ظل ولده السلطان مولاي زيدان.
الشهاب في تونس
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(145/459)
و رحل الشهاب في أواخر حياته إلى الشرق و أدى فريضة الحج و لما عاد نزل بتونس و قرّبه أميرها يومئذ و هو الداي مراد. و هنالك توثقت أواصر الصداقة بينه و بين زميل مورسكي مهاجر يسمى باسمه الأندلسي الرئيس إبراهيم بن أحمد بن غانم بن محمد بن زكريا الأندلسي و هكذا نرى من حالة الشهاب و ابن غانم أن المورسكيين أو العرب المتنصرين لم ينزلوا عن أسمائهم الأندلسية العربية الصميمة, و أنهم كانوا يحتفظون بها سرا, حتى تتاح لهم فرصة الفرار من إسبانيا فيعودوا إلى الإسلام و يتسموا بها على الفور. و كان الرئيس ابن غانم هذا فيما يبدو من زعماء الجند, و قد ألف بالإسبانية (أو الأعجمية) كتاباغريبا في فن الجهاد بالمدافع: فقام الشهاب الحجري بترجمته إلى العربية و سماه"كتاب العز و الرفعة و المنافع للمجاهدين في سبيل الله بالمدافع". و قد انتهى هذا الكتاب الفريد إلينا. و توجد منه عدة نسخ مخطوطة بالمغرب و القاهرة. و قد ذكر في صفحة عنوانه " أنه من تأليف الرئيس إبراهيم بن أحمد ابن غانم بن محمد بن زكريا. كتبه بالأعجمية و ترجمه له بالعربية ترجمان سلاطين كراكش أحمد بن قاسم بن أحمد الحجري الأندلسي". و هو كتاب ضخم يحتوي على خمسين بابا في وصف البارود و الألات الحربية القاذفة, حسبما كانت معروفة حتى أواخر القرن السادس عشر, و طريقة تركيب المدافع و اختلاف أصنافها ووصف أجزائها و أدواتها, و طرق تعميرها و الرمي بها إلى غير ذلك من التفاصيل الفنية و العسكرية. و يتخلل ذلك عدة رسوم توضيحية جيدة لمختلف أجزاء المدفع و مختلف نماذجه.
قوة اللغة العربية عند المورسكيين
و يبدو من الأسلوب الذي ترجم به الشهاب هذا الكتاب و الذي قدمنا منه نموذجا فيما نقلناه منه في بداية هذا البحث, أن العربية كانت ما تزال قوية عند المورسكيين المثقفين, و ذلك بالرغم من كل ما فعلته إسبانيا, و فعله ديوان التحقيق الإسباني , لقتل العربية و التراث الأندلسي العربي. و يشير الشهاب في كتابه المذكور إلى المقري مؤرخ الأندلس وإلى كتابه الجامع " نفح الطيب" في قوله" و قد صحّ من كتب التواريخ التي جنعها العلامة الشيخ أحمد المقري في كتابه بمصر في الكتاب الجامع للتواريخ على بلاد الأندلس أعادها الله إلى الإسلام".
وقد عاش الرجلان في نفس العصر. و الظاهر أن الشهاب الحجري قد لقى المقري بمصر خلال مروره بها في طريقه إلى الحج أو خلال العودة منه, وذلك في نحو سنة 1040ه (1631م) قبيل وفاة المقري بقليل.
رأي الشهاب في استرداد الأندلس
و قد أشرنا من قبل إلى الرحلة التي كتبها الشهاب الحجري بعنوان " رحلة الشهاب إلى لقاء الأحباب". و الأحباب همن فيما يرجح أنهم إخوانه المسلمون فيما وراء البحر أي في عدوة المغرب, التي لجأ إليها و قضى بها بقية حياته, و قلنا أن هذه الرحلة لم تصل إاينا و لم يصل إلينا منها سوى شذور يسيرة, نقلها إلينا بعض الكتاب المتأخرين, و منها قصة فراره من إسبانيا و هي التي نقلنا فيما تقدم عن كتاب "زهرة البستان". و مما يلفت النظر أيضا من أقوال الشهاب عن أحوال إسبانيا يومئذ ما نقله إلينا صاحب كتاب "نزهة الحادي", من الرحلة المذكورة و هو: " أن جزيرة الأندلس استردادها ....... سهل, و استرجاعها ..... قريب. و لما دخلت في أيام المنصور مراكش وجدت عنده من الخيل نحو ستة و عشرين ألفا, فلو تحركت هذه لفتحها و استولت عليها في الحين".
هذه هي قصة الشهاب الحجري الأندلسي, و هي نموذج لهذه الطائفة الغربية من كتاب الأندلس المغلوبة التي أرغمت على نبذ دينها و لغتها, و كل تراثها القديم, و مع ذلك فقد استطاعت بالرغم من قرن كامل من الإضطهاد المطبق و القمع الذريع, أن تحتفظ بقبس أخير من لغة الأباء و الأجداد, و أن تكوّن لها أدبا خاصا هو الأدب المورسكي.
انتهى.
بقلم محمد عبد الله عنان
مجلة العربي-العدد 131 أكتوبر 1969.
ـ[أبو عبد البر المالكي]ــــــــ[17 - 05 - 08, 09:10 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي أبا تاشفين ..........
ـ[محمد أبو عمر]ــــــــ[18 - 05 - 08, 12:06 ص]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[هشام زليم]ــــــــ[20 - 05 - 08, 06:24 م]ـ
http://www.personal.us.es/alporu/Images/sevillahist/texto_aljamiado.jpg
جزء من ترجمة القرآن العظيم بالألخميادو ـاللغة القشتالية بحروف عربيةـ
هكذا بقي الأندلسيون متشبتين بالعربية رغم اضطهاد النصارى لهم و لعقيدتهم و لثقافتهم.
ـ[مكتب زهير الشاويش]ــــــــ[20 - 05 - 08, 06:32 م]ـ
ومن الكتب الهامة في هذا الموضوع كتاب (تاريخ مسلمي الاندلس الموريسكيون) وقد ترجم للعربية ونشره المكتب الاسلامي.(145/460)
الحافظ، المقرئ، الفقيه أبو عبد الله محمد بن محمد بن أبي جمعة ثم الوهراني
ـ[ابو مريم الجزائري]ــــــــ[19 - 05 - 08, 08:31 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله
مولده و كنيته:
الحافظ، المقرئ، الفقيه أبو عبد الله محمد بن محمد بن أبي جمعة ثم الوهراني، المغراوي نسبة الى قبيلة مغراوة، المشهور بشقرون، وابن أبي جمعة (ابو جمعة)، عرف بشقرون لأنه كان أشقر اللون أحمر العينين، ولد سنة ولد سنة 879 هـ.
والده هو: العالم المقرئ الأديب، أبو العباس احمد بن جمعة المغراوي الوهراني (ت 920 هـ / 1514 م) صاحب الفتوى الشهيرة الى الموريسكيين من أهلنا بالأندلس و " جامع جوامع الاختصار و البيان فيما يعرض للمعلمين و آباء الصبيان " في تربية الأولاد و تعليمهم، و هو أول أساتذته حيث حفظ على يديه القرآن الكريم، وتعلم القراءات، و حفظ المتون، واللغة والبيان، قبل ان ينتقل الى فاس حاضرة العلم و القراءة.
شيوخه:
ظهرت حركة علمية ناهضة في فاس وتلمسان و غيرها من حواضر المغرب العربي في عصر مترجمنا، و تلاقحت هذه النهضة بين مختلف مدارس الأقطاب وامتداداتها في المغرب وإفريقية والأندلس، فاشتهر و نبغ علماء اجلاء تركوا لنا تراثا علميا يدل على نبوغهم وامتلاكهم لناصية الإجادة في مختلف العلوم ورسوخ قدمهم فيه، و في هذا الجو العلمي الطافح، تلقى مترجمنا العلوم على يد مشايخ و علماء منهم:
- الإمام الكبير شيخ الجماعة أبو عبد الله محمد بن أحمد بن غازي (ت 951 هـ):
أحد اعلام المدارس الأدائية في قرءاة نافع، و صاحب الفهرس المسمى ب:" التعلل برسوم الاسناد بعد ذهاب أهل المنزل والناد" و " إرشاد اللبيب إلى مقاصد حديث الحبيب " و"وإنشاد الشريد من ضوال القصيد " [حاشية على الشاطبية]، و لما توفي رحمه الله وثاه تلميذه محمد بن أبي جمعة الوهراني بقصيدة عصماء وهي كما قال الدكتور حميتو – حفظه الله – " مثل فريد في الوفاء".
- أحمد بن محمد بن يوسف الصنهاجي، أبو العباس، المعروف بالدقون (ت 921 هـ / 1515 م) الفقيه المحدث، خطيب جامع القرويين، ولد ونشأ بغرناطة، وانتقل مع أبيه إلى فاس، وقد ذكر إجازته لمحمد شقرون الوهراني
بمروياته عن الإمام المواق (أبو عبد الله محمد بن يوسف العبدري الاندلسي، الغرناطي المالكي، عالم غرناطة وإمامها وصالحها في وقته ت 897 هـ) بقوله:
أجاز لك الدقون يا نجل سيدي * * * أبي جمعة المغراوي كل الذي روى
فحدث بما استدعيت فيه إجازة * * * وسلم على من خالف النفس والهوى
- الإمام العلامة المؤرخ المتفنن شيخ الجماعة، ومفتي فاس وخطيب جامع القرويين أبو الحسن علي بن موسي بن علي ابن موسى بن هارون (ت 951 هـ) المطغري - مطغرة تلمسان –، ذكر من ترجموا لابي جمعة الوهراني أنه عارضه القرءان الكريم نحو عشرين ختمة بعد ختمة السبع، ومن قبلها سبع: ثلاث لورش، وثلاث لقالون، والسابعة بالطرق العشرة، ومن كتب الحديث "صحيح البخاري" و " صحيح مسلم " و " الموطأ " كما قرئ معه المدونة،والعمدة والتفسير ومختصر خليل والعربية والحساب والفرائض وغيرها من المتون.
- المقرئ العالم، الإمام محمد بن محمد بن العباس التلمساني الشهير بأبي عبد الله (كان حيا بعد 920هـ) وهو من أصحاب الشيخ أبي عبد الله بن غازي المكناسي، له من المؤلفات "شرح المسائل المشكلات في مورد الظمآن".
- صفاته:
وصفه معاصروه بأنه طويل القامة، ممتلئ الجسم، أشقر اللون، أحمر العينين، أشتهر بصوته الجهير، و أدبه في المناقشة و حسن المجادلة،دمث الأخلاق يحنو على طلبته و يشرف على مصالحهم،وفيا لشيوخه مبجلا لهم، كما عرف عنه أنه صاحب حافظة قوية، و بأنه ضابط عدل من الفقهاء الأعلام.
آثاره و مؤلفاته:
أبو جمعة الوهراني من العلماء الذين ظهرت عليهم علامات النجابة و النبوغ في سن مبكرة، فقد تفتقت مواهبه وتراد عطاؤه العلمي و هو في مقتبل العمر يدل على ذلك تاليفة لرائعته منظومة " تقريب المنافع في الطرق العشر لنافع " وهو نظم في القراءات بيّن فيه الطرق العشر إلى نافع في ثلاثمائة بيت (300)، وذكر انه الفها و هو في سن العشرين سنة 899هـ[نسخة منها بالمرفقات].
- " الجيش و الكمين، لقتال من كفّر عامة المسلمين " (انظر التعليق).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(145/461)
- مجموعة تقاييد عن شيخه ابن غازي،توجد منها نسخة بالخزانة الحسنية بالرباط برقم 4497 بعنوان "تقييد طرر مورد الظمآن" متلقاة من شيوخ مدينة فاس.
- " تقييد على مورد الظمآن أو طرر متلقاة من شيوخ مدينة فاس " ويبدو أن محمد الوهراني قد شرح هذه القصيدة بعد ذلك في رسالة مبتورة، لا تزال مخطوطة بالمكتبة الوطنية بباريس إلى يومنا هذا (أبو القاسم سعد الله ج1، ص: 115)، و توجد منها (مخطوطة بالخزانة الحسنية بالرباط برقم 4497 مجموع) و مخطوطة (ودار الكتب المصرية برقم 213 (فهرس الخزانة التيمورية بمصر قسم التفسير 1/ 187)
أول التقييد قوله: "الحمد لله الكريم الوهاب، الرحيم التواب ... وآخره قوله: "ولا يتقدم شيء من الصلة على الموصول، انتهى ما قيد على الخراز".
- فهرست، في مروياته عن شيوخه.
- قصيدة طويلة في رثاء شيخه ابن غازي المكناسي، منها نسخة بالمكتبة الناصرية بتمكروت.
اللامية " تقريب المنافع في الطرق العشر لنافع ":
وقد خص د. عبد الهادي حميتو في بحثه الماتع " قراءة الإمام نافع عند المغاربة من رواية أبي سعيد ورش" هذه القصيدة بشرح شامل في الجزء الرابع (4 / من صفحة 342 الى صفحة 356) جزاه الله بكل خير، و ها أنا انقل لكم بعض ماجاء في بحثه _ حفظه الله – بتصرف يسير:
" ابو جمعة الوهراني إمام جليل راسخ القدم في رواية العشر الصغير، وهو صاحب القصيدة اللامية "تقريب المنافع" - الآنفة الذكر - التي ضاهى بها "تحفة الأليف" للصفار، ولامية العامري.
- تعريف بالقصيدة ورموزه فيها واصطلاحه:
وتعتبر هذه القصيدة نموذجا من نماذج النظم التعليمي الذي برع فيه المغاربة بوجه خاص في هذه القراءة - قراءة الإمام نافع- وأشتهروا فيه شهرة كبيرة وقد ألفها متأثرا بقصيدة الإمام المقرئ أبي عبد الله محمد بن إبراهيم بن الصفار، و هي تقع في ثلاثمائة بيت، وقد نظمها و هو في العشرين من عمره.
و هي بعنوان " " تقريب المنافع في الطرق العشر لنافع " [أما إسماعيل باشا البغدادي فقد سماها " تقريب النافع " كما ورد في "إيضاح المكنون" 1/ 314 (ذيل كشف الظنون)] وهو الموافق لموضوعها، واكتفي في بعض الفهارس بتسميتها "التقريب في القراءات" إستنادا إلى قوله في مقدمتها:
"وسميته" التقريب "عن قربة به ... أنال مع الآباء في جنة العلا"
وقد حدا فيها حذو الشاطبي في استعمال الرموز، إلا أنه حولها للدلالة على الطرق العشرة المروية عن نافع، كما أنه خالف بها النمط المتبع الآن عند القراء في الرمز، وعكس الاصطلاح الذي درج عليه قبله العامري الذي رمز برموز "أبج" لإسماعيل الأنصاري وطريقيه، و"دهز" لإسحاق المسيبي وطريقيه، ثم بالأحرف "حطيك" لقالون وطرقه الثلاثة، و"لمنص" لورش والأزرق والعتقي والإصبهاني على التوالي.
أما الوهراني فقد اعتبر الرمز الأول "أبجد" للقراءة الرسمية السائدة، فجعل الألف لورش، والباء للأزرق، والجيم لعبد الصمد العتقي، والدال للأصبهاني.
ورمز لقالون وطرقه الثلاثة برمز "هزحط" فجعل الهاء لقالون والزاي للمروزي أبي نشيط، والحاء والطاء للباقيين، ورمز لإسماعيل الأنصاري برمز "يكل" ولإسحاق المسيبي برمز "منص" وزاد في طرق الحلواني عن قالون الرمز "جع" يعني بالجيم الجمال، وبالعين أباعون الواسطي.
ميزات القصيدة وأهميتها:
توسع الوهراني في بسط مسائل الخلاف أكثر مما فعل الصفار في تحفة الأليف والعامري في قصيدته إذ اعتنى بعزو مسائل الخلاف الخاصة لبعض نقلتها وخاصة لأبي عمرو الداني وشيخيه ابن خاقان وفارس بن أحمد، كما ذكر بعض مذاهب مكي بن أبي طالب والأهوازي وابن شريح والشاطبي وابن بري وشرح الخراز عليه.
ويضاف إلى توسعه في مسائل الخلاف مزجه بين المدرستين "الأثرية" "والقياسية" القيروانية، وخاصة في باب "الراءات" حيث تعرض لما نقله ابن سفيان ومكي والمهدوي والحصري وغيرهم من أئمة المدرسة القيروانية من الأحكام الخاصة التي انفردوا بنقلها في مذهب ورش من طريق المصريين كما تقدم مما سكت عنه الشاطبي مكتفيا في الإشارة إليه بقوله:
و"في الراء عن ورش سوى ما ذكرته ... مذاهب شذت في الأداء توقلا".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(145/462)
وهذا ينبه على انتماء الإمام الوهراني إلى الاتجاه العام الذي عبرنا عنه ب"المدرسة التوفيقية"، وهي التي لاءمت بين المدرستين: القياسية والأثرية، واعتمدت الوجوه المقروء بها واعتبرتها في اختلافات الأداء.
تلك هي قصيدة تقريب المنافع لابن أبي جمعة محمد بن محمد الوهراني المغراوي أحد كبار أصحاب أبي عبد الله بن غازي .... ولعله من خلال قصيدة التقريب وأبياتها الثلاثمائة قد لاحظ القارئ معنا مستوى النضج عند الإمام الوهراني على صغر السن، إذ نظمها وهو في العشرين من عمره كما ذكره في أولها.
وقد لاحظ القارئ معنا أيضا هذا الحذق الذي عرض به مادة الخلاف بين الرواة عن نافع والطرق عنهم، وكيف كان يتصرف في النظم تصرف الماهر المتمكن ويتنقل بين المسائل مسألة مسألة ممتلكا لزمام النظم ومستوليا على الأمد في عرض الخلافيات، محتذيا في ذلك حذو سلفه أبي عبد الله الصفار في تحفة الأليف، وسالكا سبيل الإمام العامري أيضا في مثل ذلك، ومستفيدا إلى جانب ذلك من أقوال طائفة من الأئمة ومصنفاتهم في الفن.
وهذه المزية قد فاق بها في قصيدة التقريب كلا من الصفار والعامري، وذلك أنه زاد عليهما بالإشارة إلى الخلافيات بين أئمة الأداء، والتنصيص على المشهور منها، وذكر حجج الأحكام الأدائية المستفادة منها بحسب ما يسمح به النظم، دون أن يقتصر على ما اقتصرا عليه من ذكر خلافيات الرواة الأربعة عن نافع والطرق العشرة المباشرة عنهم.
وبهذا كان عمل الشيخ الوهراني هذا متمما لجهود من تقدموه من أئمة مدرسة العشر الصغرى في قراءة نافع، وليس مجرد تكرار أو إعادة صياغة وإخراج وتكريس على آثار المتقدمين.
إلا أن هذه المزايا لا تخرج بقصيدته "التقريب" عن أن تعد في موضوعها ومباحثها امتدادا علميا ناضجا لإشعاع مدرسة أبي عبد الله الصفار في أواسط المائة الثامنة على عهد دولة المرينيين المغربية، واستمرارا لطريقته التي ظلت منذ زمنه إلى اليوم معتمدة في القراءات العشر الصغرى، وخاصة في استعمال طريقة الرمز لضبط مسائل الخلاف.
- " الجيش و الكمين، لقتال من كفّر عامة المسلمين ": كتاب ماتع، فريد من نوعه يعرض للحائر دليل الرشاد و السكينة، فهو يعرض للقارئ مسائل فقهية هامة و جليلة، طالما أرقت العلماء و الباحثين، و هي من أخطر قضايا العصر، و هي تكفير العوام من المسلمين، أو بالأحرى تكفير إيمان المقلد، و ما أثير حولها من شبهات و جدال.
و الاسم الصحيح للكتاب هو ما ذكرته انشاء الله، و ليس كما ورد في معجم أعلام الجزائر لعادل نويهض: " الجيش الكمين، في الكر على من يكفر عوام المسلمين " أو كما ذكر في معجم المؤلفين لرضا كحالة:" الجيين الكمين، في الرد على من يكفر عوام المسلمين".
وذلك حسب النسخة المخطوطة الموجودة في دار الكتب المصرية تحت رقم: 940 مجاميع، و هي التي أعتمدتها دار الصحابة للتراث بطنطا 1992 م، لأن ناسخها ذكر انه كتبها سنة 930 هـ، أي بعد سنة من وفاة مؤلفها، و هي النسخة الرابعة للمؤلف كما سيأتي:
افتتح ابو جمعة الوهراني كتابه هكذا:
" صلى الله على سيدنا محمد [صلى الله عليه وسلم]
يقول عبيد الله: محمد شقرون بن أحمد بن بوجمعة ثم الوهراني لطف الله به، الحمد لله رافع الحق و معليه و مذل الباطل و أهليه القائل بقول حاذق: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ} [الأنبياء: 18]. و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و على آله و صحبه الذين اظهروا الدين و أزالوا عنه شبه الملحدين و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم.
أما بعد:
فقد سألني جماعة من إخواني المسلمين و جماعة كثيرة من عوام المسلمين على مسألة المقلد في العقايد [كذا] و من لا يعرف الدلائل و البراهين و ينزه الله و رسوله [صلى الله عليه وسلم] و ينطق بالشهادتين لا زائد، هل إيمانه صحيح أم هو كافر و إيمانه فاسد؟ "
ثم يواصل قائلا:
" ... و طلبوا مني وفقهم الله صريح الجواب و إظهار الصواب و بيان المسألة لأولي الألباب .... فبادرت إلى إسعافهم في الجواب عن هذا السؤال موضحا إنشاء الله بأحسن مقال بنقل نصوص الأئمة من محالها لدفع هذه الشبهة و زوالها، متبرئا من القوة و الحول و مستعينا بذي العزة و الطول، و سميت هذا الجواب بالجيش و الكمين، لقتال من كفّر عامة المسلمين، و ها أنا أقول بالحق أصول و الله سبحانه المبلغ للمأمول ... "
و قد جاء في آخر المخطوطة:
" نجز هذا السؤال المذكور بحمد الله و حسن عونه على يد كاتبه أفقر الورى و أحوجهم لرحمة ربه و مغفرته الحاج حمزة بم محمد الصغير دعي بالمة الأندلسي التونسي منشأ و موطنا غفر الله له و لوالديه و لمن علمه خيرا في يوم ستة عشر في شهر الله الحرام محرم فاتح شهور سنة 930 و تاريخ مؤلفها أوائل رجب عام تسعمائة و عشرين، و هذه النسخة رابعة لخط المؤلف".
وفاته: توفي رحمه الله بفاس سنة 929 هـ / 1532 م
-------------------
المصادر و المراجع:
- " تاريخ الجزائر الثقافي " الدكتور أبو القاسم سعد الله - دار الغرب الإسلامي، بيروت، 1998م.
- "دراسات في تاريخ الغرب الإسلامي" الدكتور محمد الأمين بلغيث دار التنوير للنشر و التوزيع 1426 هـ / 2006 م.
- " البستان في ذكر الأولياء والعلماء بتلمسان" ابن مريم أبو عبد الله محمد. ديوان المطبوعات الجامعية - الجزائر: 1986م.
- "قراءة الإمام نافع عند المغاربة" رسالة ذكتوراه للدكتور عبد الهادي حميتو.
- " التعلل برسوم الإسناد بعد انتقال أهل المنزل والناد " فهرس ابن غازي، تحقيق محمد الزاهي- الدار البيضاء: 1399هـ - 1979م.
- " فهرس الفهارس " عبد الحي الكتاني تحقيق د. إحسان عباس - دار الغرب الإسلامي
بيروت – لبنان الطبعة الثانية 1402ه - 1982م
- محاضرة للأستاذ المحقق المهدي بوعبدلي – رحمه الله - بعنوان:
'' مقتطفات من اهتمام علماء الجزائر بالقراءات'' نشرت بمجلة المسجد العدد: 8 من موقع وزارة الشؤون الدينية الجزائرية.
ملاحظة: المنظومة اللامية في المرفقات(145/463)
طلب: بحث مجمل يوضح تسلسل التاريخ والخلافة والدويلات الإسلامية
ـ[محمد االعنزي]ــــــــ[20 - 05 - 08, 06:13 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أيها الأحبة: أحتاج بحثا أو مرجعا تاريخيا مختصرا يجمل تسلسل التاريخ الإسلامي ويربط بين الدول الإسلامية الكبرى، ويوضح الدول التي ظهرت بعد الخلافة العباسية وخلالها حتى ظهور الخلافة العثمانية.
أعرف أن مثل هذا الموضوع يحتاج مجلدات ومجلدات لكنني أريد شيئا مجملا ولو كان رؤوس أقلام وجزيتم الخير والبر.
ـ[محمد االعنزي]ــــــــ[22 - 05 - 08, 12:22 ص]ـ
رفع للأهمية
ـ[ابن المهلهل]ــــــــ[12 - 07 - 08, 03:23 ص]ـ
رأيت ملصقا كبيرا يوضح الدول والملوك بالسنوات العباسيون السلاجقة العبيديون .......
اسأل عنه في المكتبات الكبيرة علك تجده
ـ[أبو زكريا الخالدي]ــــــــ[12 - 07 - 08, 07:02 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
قد يفيدك موقع التاريخ
http://www.altareekh.com/new/doc/index1.php
ـ[أبو سليمان العسيلي]ــــــــ[22 - 07 - 08, 12:03 ص]ـ
او قد يفيدك موقع الحكام و السلالات الحاكمة و ادخل الى مسرد الخرائط:
http://www.hukam.net/
مسرد الخرائط:
http://www.hukam.net/maps_index.php?sel=1
ـ[إبن بوعلام]ــــــــ[22 - 07 - 08, 12:50 ص]ـ
جداول الدول الإسلامية
عهد النبوة
1 - 11 هـ
محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم
الخلافة الراشدة على منهاج النبوة (11 - 40 هـ)
ملاحظات
مدة الحكم
الخليفة
11 - 13
أبو بكر الصديق بن أبي قحافة رضي الله عنه
قتل شهيداً
13 - 23
عمر بن الخطاب رضي الله عنه
قتل شهيداً مظلوماً
23 - 36
عثمان بن عفان رضي الله عنه
قتل شهيداً
36 - 40
علي بن أبي طالب رضي الله عنه
حكم ستة أشهر ثم سلّم الخلافة لمعاوية بن أبي سفيان
40
الحسن بن علي رضي الله عنه
الملك العضوض (132 - 1342 هـ)
خلفاء الدولة الأموية في دمشق (40 - 132 هـ)
نسب الخلفاء الأمويين
الفرع السفياني: بدأ بمعاوية بن أبي سفيان بن حرب –رضي الله عنهما- وانتهى بابنه يزيد.
الفرع المرواني: بدأ بعبد الملك بن مروان بن الحكم وانتهى بمروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية.
ملاحظات
مدة الحكم
الحاكم
الفرع السفياني من بني أمية
41 - 60
معاوية بن أبي سفيان
60 - 64
يزيد بن معاوية بن أبي سفيان
(خلافة عبد الله بن الزبير
من 64 إلى 73)
الفرع المرواني من بني أمية
73 - 86
عبد الملك بن مروان بن الحكم
86 - 96
الوليد بن عبد الملك بن مروان
96 - 99
سليمان بن عبد الملك بن مروان
99 - 101
عمر بن عبد العزيز بن مروان
101 - 105
يزيد بن عبد الملك
105 - 125
هشام بن عبد الملك
125 - 126
الوليد بن يزيد بن عبد الملك
126 - 126
يزيد بن الوليد بن عبد الملك
126 - 127
إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك
127 - 132
مروان بن محمد بن مروان بن الحكم
خلفاء الدولة العباسية في بغداد (132 - 656 هـ)
ينتهي نسب الخلفاء العباسيين إلى العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه، عمّ النبي صلى الله عليه وسلم. فأول ملوك بني العباس في بغداد كان السفاح عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، وآخرهم المستعصم عبد الله بن منصور الذي قتله التتار في بغداد عام 656 هـ.
ينقسم العصر العباسي إلى قسمين:
الأول: عصر الخلفاء الأقوياء، وقد كانوا الحكام الفعليين للدولة.
الثاني: عصر سيطرة العسكريين من الجنود الأتراك والفرس، وهو عصر ضعف، حيث كان يحكم السلطان بدل الخليفة، وحيث انفصلت دول وإمارات عن الخلافة العباسية. وسنتسعرض أسماء وحكام هذه الإمارات فيما بعد.
خلفاء بني العباس (في بغداد)
ملاحظات
مدة الحكم
اللقب
الخليفة
132 - 136
أبو العباس السفّاح
عبد الله بن محمد بن علي
136 - 158
أبو جعفر المنصور
عبد الله بن محمد
158 - 169
المهدي
محمد بن عبد الله المنصور
169 - 170
الهادي
موسى بن محمد المهدي
170 - 193
الرشيد
هارون بن محمد المهدي
193 - 198
الأمين
محمد بن هارون الرشيد
198 - 218
المأمون
عبد الله بن هارون الرشيد
218 - 227
المعتصم
محمد بن هارون الرشيد
227 - 232
الواثق
هارون بن محمد المعتصم
232 - 247
المتوكّل
جعفر بن محمد المعتصم
حكام العباسيين في دور سيطرة العسكريين
عصر سيطرة العسكريين الأتراك
(247 - 334)
274 - 248
المنتصر بالله
محمد بن جعفر المتوكل [1]
248 - 252
المستعين بالله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(145/464)
أحمد بن محمد المعتصم
252 - 255
المعتز بالله
محمد بن جعفر المتوكل [2]
255 - 256
المهتدي بالله
محمد بن هارون ا لواثق
256 - 279
المعتمد على الله
أحمد بن جعفر المتوكل
279 - 289
المعتضد بالله
أحمد بن طلحة بن جعفر المتوكل
289 - 295
المكتفي بالله
علي بن أحمد المعتضد
295 - 320
المقتدر بالله
جعفر بن أحمد المعتضد
320 - 322
القاهر بالله
محمد بن أحمد المعتضد
322 - 329
الراضي بالله
محمد بن جعفر المقتدر
329 - 333
المتقي لله
إبراهيم بن جعفر المقتدر
333 - 334
المستكفي بالله
عبد الله بن علي المكتفي
عصر سيطرة الفرس البويهيين الشيعة
(334 - 447)
334 - 363
المطيع لله
الفضل بن جعفر المقتدر
363 - 381
الطائع لله
عبد الكريم بن الفضل المطيع
381 - 422
القادر بالله
أحمد بن إسحاق بن جعفر المقتدر
422 - 467
القائم بأمر الله
عبد الله بن أحمد القادر
عصر سيطرة السلاجقة الأتراك
(447 - 656)
467 - 487
المقتدي بأمر الله
عبد الله بن محمد بن عبد الله القائم
487 - 512
المستظهر بالله
أحمد بن عبد الله المقتدي
512 - 529
المسترشد بالله
الفضل بن أحمد المستظهر
529 - 530
الراشد بالله
منصور بن الفضل المسترشد
530 - 555
المقتفي لأمر الله
محمد بن أحمد المستظهر
555 - 566
المستنجد بالله
يوسف بن محمد المقتفي
566 - 575
المستضيء بأمر الله
الحسن بن يوسف المستنجد
575 - 622
الناصر لدين الله
أحمد بن الحسن المستضيء
622 - 623
الظاهر بأمر الله
محمد بن أحمد الناصر لدين الله
623 - 640
المستنصر بأمر الله
منصور بن محمد الظاهر بأمر الله
640 - 656
المستعصم بالله
عبد الله بن منصور المستنصر بالله
--------------------------------------------------------------------------------
[1] ولد عام 222 هـ بسامراء، من أم ولد رومية تدعى» حبشية «.
[2] الابن الآخر للمتوكل من أم ولد رومية تدعى» قبيحة «، ولد عام 232 هـ بسامراء.
ـ[إبن بوعلام]ــــــــ[22 - 07 - 08, 12:52 ص]ـ
جداول الدول الإسلامية
(2)
الإمارات في الدولة العباسية
إمارة الأدارسة (في المغرب): 172 - 312 هـ
ملاحظات
مدة الحكم
الحاكم
172 - 177
إدريس بن عبد الله بن المحض بن الحسن الثاني بن الحسن بن علي
177 - 213
إدريس الثاني بن إدريس
213 - 221
محمد بن إدريس بن إدريس
221 - 234
علي بن محمد بن إدريس
234 - 234
يحيى الأول بن علي بن محمد
وهو عم يحيى الأول
234 - 250
يحيى الثاني بن محمد بن إدريس
250 - 265
علي بن عمر بن إدريس الثاني
265 - 292
يحيى الثالث بن القاسم بن إدريس الثاني
292 - 310
يحيى الرابع بن إدريس بن عمر بن إدريس الثاني
خلفهم العبيديون 310 - 312
الحسن بن محمد بن القاسم بن إدريس الثاني
الأغالبة (في شمال إفريقية): 196 - 296 هـ (خلفهم العبيديون)
مدة الحكم
الحاكم
184 - 196
إبراهيم بن الأغلب بن سالم
196 - 201
عبد الله الأول بن إبراهيم
201 - 223
زيادة الله الأول بن إبراهيم
223 - 226
الأغلب أبو عفان بن إبراهيم
226 - 242
محمد الأول أبو العباس بن الأغلب أبي عفان
242 - 249
أحمد بن محمد الأول أبي العباس
249 - 250
زيادة الله الثاني بن أبي العباس
250 - 261
محمد الثاني بن أحمد بن أبي العباس
261 - 289
إبراهيم الثاني بن أحمد بن أبي العباس
289 - 290
عبد الله الثاني بن إبراهيم الثاني
290 - 296
زيادة الله الثالث بن عبد الله الثاني
الصفاريون (في خراسان): 254 - 298 هـ (خلفهم السامانيون)
254 - 265
يعقوب بن الليث
265 - 287
عمرو بن الليث
287 - 296
طاهر بن محمد بن عمرو بن الليث
الطولونيون (في مصر): 254 - 292 هـ
ملاحظات
مدة الحكم
الحاكم
254 - 270
أحمد بن طولون
270 - 282
خمارويه بن أحمد بن طولون
خرج عليه عمه ربيعة بن أحمد عام 283 ومات تحت التعذيب
282 - 283
جيش أبو العساكر بن خمارويه بن أحمد
283 - 292
هارون بن خمارويه بن أحمد
عم أبي العساكر وهارون، وبه انتهت الدولة الطولونية. ورجعت مصر تحت حكم العباسيين.
292
شيبان بن أحمد بن طولون
الإخشيديون (في مصر): 323 - 358 هـ
مدة الحكم
الحاكم
323 - 334
محمد بن طغج بن الإخشيد
334 - 349
أنوجور بن محمد الإخشيد
349 - 355
علي بن طغج
355 - 357
كافور الإخشيدي
357 - 358
أحمد بن علي بن طغج
الخوارج الأباضية الرستمية (شمال إفريقية): 162 - 297 هـ
ملاحظات
مدة الحكم
الحاكم
162 - 171
عبد الرحمن بن رستم
171 - 208
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(145/465)
عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم
208 - 258
أفلح بن عبد الوهاب
258 - 260
أبو بكر بن أفلح
260 - 281
محمد أبو اليقظان بن أفلح
281 - 282
يوسف أبو حاتم بن محمد أبي اليقظان
282 - 286
يعقوب بن أفلح
للمرة الثانية
286 - 294
يوسف أبو حاتم بن محمد أبي اليقظان
خلفهم العبيديون
294 - 297
يقظان بن محمد أبي اليقظان بن أفلح
الحمدانيون (في الموصل): 317 - 391 هـ، (في حلب): 333 - 394 هـ
ملاحظات
مدة الحكم
اللقب
الحاكم
في
الموصل
(317 - 391 هـ)
317 - 358
ناصر الدولة
الحسن عبد الله أبي الهيجاء
358 - 379
عدة الدولة
الغضنفر أبو تغلب بن الحسن ناصر الدولة
شاركا في الحكم معاً:379 - 391
أبو عبد الله الحسين بن الحسن ناصر الدولة
أبو طاهر إبراهيم بن الحسن ناصر الدولة
في
حلب (333 - 392)
333 - 356
سيف الدولة
علي بن عبد الله أبي الهيجاء
356 - 381
سعد الدولة
شريف الأول بن علي سيف الدولة
381 - 392
سعيد الدولة
سعيد بن شريف الأول بن علي
392 - 394
--
علي أبو الحسن بن سعيد بن شريف الأول
بنو زياد (في اليمن – زبيد): 204 - 407 هـ
بنو نجاح (في اليمن – زبيد): 412 - 554 هـ
الصليحيون (في اليمن – صنعاء): 429 - 534 هـ
بنو مهدي (في اليمن – زبيد): 554 - 569 هـ
بنو زريع (في اليمن – عدن): 467 - 569 هـ
الغوريون (في الهند): 543 - 612 هـ
الغزنويون (في أفغانستان وما وراء النهر): 351 - 582 هـ
السامانيون (في إيران): 204 - 395
مدة الحكم الحاكم
204 - 250
أحمد الأول بن أسد بن سامان
250 - 279
نصر الأول بن أحمد
279 - 295
إسماعيل الأول بن أحمد
295 - 301
أحمد بن إسماعيل
301 - 331
الأمير السعيد نصر الثاني
331 - 343
الأمير الحميد نوح الأول
343 - 350
الأمير المؤيد عبد الملك الأول
350 - 365
الأمير السديد منصور الأول
365 - 387
الأمير الرضا نوح الثاني
387 - 389
منصور الثاني
389 - 390
عبد الملك الثاني
390 - 395
إسماعيل الثاني المنتصر
البويهيون (في العراق وفارس):322 - 454 هـ
مدة الحكم
اللقب
الاسم
322 - 338
عماد الدولة
علي بن بويه أبي شجاع
338 - 372
عضد الدولة
فناخسرو بن الحسن بن بويه
372 - 379
شرف الدولة
أبو الفوارس بن فناخسرو
379 - 388
صمصام الدولة
أبو كاليجار المرزبان بن فناخسرو
388 - 403
بهاء الدولة
أبو نصر فيروز بن فناخسرو
403 - 415
سلطان الدولة
أبو شجاع بن فيروز
415 - 440
--
المرزبان أبو كاليجار بن أبي شجاع
440 - 447
الملك الرحيم
خسرو فيروز بن المرزبان
447 - 454
فولاستون
أبو منصور بن المرزبان
447 - 448
--
أبو سعيد خسروشاه بن المرزيان
454
اسفنديار بن المرزبان
العبيديون [1] (شمال إفريقية، مصر، الشام، الحجاز .. ): 322 - 567 هـ
ملاحظات
مدة الحكم
اللقب
الحاكم
297 - 322
المهدي
عبيد الله
322 - 334
القائم
نزار بن عبيد الله
334 - 341
المنصور
إسماعيل بن نزار
انتقل من تونس إلى مصر سنة 362 هـ
341 - 365
المعز
معد بن إسماعيل
365 - 386
العزيز
نزار بن المعز
386 - 411
الحاكم
المنصور بن نزار
411 - 427
الظاهر
علي بن المنصور الحاكم
تولى الملك في السابعة من عمره! وفي زمنه اتسعت رقعة الدولة العبيدية.
427 - 487
المستنصر
معد بن علي بن الحاكم
انفصلت هنا النزارية عن الإسماعيلية. وفي زمنه أخذ الصليبيون بيت المقدس عام 492 هـ
487 - 495
المستعلي
أحمد بن معد
قتل على يد الباطنية النزارية
495 - 524
الآمر
المنصور بن أحمد بن معد
هو ابن عم الآمر المنصور بن أحمد
524 - 544
الحافظ
عبد المجيد بن محمد بن معد المستنصر
544 - 549
الظافر
إسماعيل بن عبد المجيد
تولى الملك ولمّا يتجاوز الخامسة
549 - 555
الفائز
عيسى بن إسماعيل
بموته انتهت دولة العبيديين، وملكَ بنو أيوب مصر والشام
555 - 567
العاضد
عبد الله بن يوسف بن عبد المجيد الحافظ
السلاجقة [2] (خراسان، فارس، العراق، الشام .. ): 429 - 552 هـ
مدة الحكم
السلطان
429 - 455
طغرل بك بن ميكائيل بن سلجوق
455 - 465
ألب أرسلان بن جغري بك بن ميكائيل
465 - 485
ملكشاه بن ألب أرسلان
485 - 487
محمود بن ملكشاه
487 - 498
بركيارق بن ملكشاه
498
ملكشاه بن بركيارق بن ملكشاه
498 - 511
محمد بن ملكشاه
511 - 552
سنجار بن ملكشاه
الأيوبيون [3]: (مصر والشام، الحجاز، اليمن .. ): 567 - 648 هـ
ملاحظات
مدة الحكم
اللقب
السلطان
ولد سنة 532 في قلعة تكريت
564 - 589
الناصر صلاح الدين
يوسف بن أيوب بن شادي
589 - 595
العزيز عماد الدين
عثمان بن يوسف
595 - 597
المنصور
محمد بن عثمان
أخو صلاح الدين
597 - 615
العادل سيف الدين
محمد بن أيوب شادي
615 - 635
الكامل
محمد بن محمد بن أيوب
636 - 637
العادل
محمد بن محمد بن محمد بن أيوب
638 - 647
الملك الصالح نجم الدين
أيوب بن محمد بن أيوب
647 - 648
توران شاه بن أيوب بن محمد
المرابطون (في المغرب): 448 - 541 هـ
الموحدون (في المغرب): 524 - 667 هـ
--------------------------------------------------------------------------------
[1] انظر:» لمحة سريعة عن الدولة العبيدية «الفسطاط
[2] سلجوق بن تقتاق هو الجد الأكبر للبيت السلجوقي. وكان له ولدان هما: أرسلان وميكائيل، ومن أولاد الأخير جاءت سلاطين السلاجقة الذين حكموا من بغداد وكان أولهم طغرل بك بن ميكائيل بن سلجوق. وهناك فرع من البيت السلجوقي جاهد البيزنطيين وأسس دولة في آسيا الصغرى، وكانت عاصمتهم قونية، وكانوا يسمون بسلاجقة الروم، تمييزاً لهم عن سلاجقة العراق والشام، وحكموا من سنة 470 إلى 707 هـ
[3] ينتمي البيت الأيوبي إلى نجم الدين أيوب بن شادي وهو من الأكراد الروادية من بلدة صغيرة تدعى دوين في بلاد العجم في آخر حدود أذربيجان بالقرب من تفليس. وكان لأيوب أخ يدعى أسد الدين شيركوه بن شادي. قدم بهما والدهما شادي إلى بلاد العراق وخدما مجاهد الدين بهروز الخادم شحنة بغداد، حيث ولى بهروز شادي تكريت. ثم لحق بزنكي عماد الدين في الموصل، ثم ولاه زنكي قلعة بعلبك حيث ترعرع صلاح الدين فيها واختصه فيما بعد محمود نور الدين بن زنكي، وكان منه ما كان في حروبه ضد الصليبيين وفتح بيت المقدس وجهاده إلى أن توفاه الله تعالى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(145/466)
ـ[إبن بوعلام]ــــــــ[22 - 07 - 08, 12:55 ص]ـ
جداول الدول الإسلامية
(3)
خلفاء بني العباس في القاهرة (659 - 923 هـ)
أيام حكام المماليك
ملاحظات
مدة الحكم
اللقب
الخليفة
659 - 660
المستنصر بالله
أحمد بن محمد الظاهر
661 - 701
الحاكم بأمر الله (الأول)
أحمد بن الحسن
701 - 736
المستكفي بالله (الأول)
سليمان بن أحمد الحاكم بالله
736 - 742
الواثق بالله (الأول)
إبراهيم بن محمد بن أحمد الحاكم بالله
742 - 753
الحاكم بأمر الله (الثاني)
أحمد بن سليمان المستكفي بالله
753 - 763
المعتضد بالله (الأول)
أبو بكر بن سليمان المستكفي بالله
للمرة الأولى
763 - 785
المتوكل على الله» الأول «
محمد بن أبي بكر المعتضد بالله
785 - 788
الواثق بالله» الثاني «
عمر بن إبراهيم الواثق بالله» الأول «
788 - 791
المستعصم
زكريا بن إبراهيم -الواثق بالله» الأول «
للمرة الثانية
791 - 808
المتوكل على الله» الأول «
محمد بن أبي بكر
808 - 815
المستعين بالله
العباس بن محمد المتوكل على الله» الأول «
815 - 845
المعتضد بالله» الثاني «
داود بن محمد المتوكل
845 - 854
المستكفي بالله» الثاني «
سليمان بن محمد المتوكل
854 - 859
القائم بأمر الله
حمزة بن محمد المتوكل
859 - 884
المستنجد بالله
يوسف بن محمد المتوكل
884 - 893
المتوكل على الله» الثاني «
عبد العزيز بن يعقوب
893 - 914
المتمسك بالله
يعقوب بن عبد العزيز
تنازل عن الخلافة للسلطان سليم الثاني آل عثمان، وتوفي سنة 950 هـ
914 - 923
المتوكل على الله» الثالث «
محمد بن يعقوب بن عبد العزيز
المماليك (الشام، مصر، الحجاز .. ): 648 - 923 هـ
أولاً: عصر المماليك البحرية: 648 - 792 هـ
ملاحظات
مدة الحكم
السلطان
ثمانون يوماً / 648 - 648
شجرة الدر
قتل
7 سنوات / 648 - 655
عز الدين أيبك
خلع
سنتان / 655 - 657
نور الدين علي بن أيبك
قتل
سنة واحدة / 657 - 658
سيف الدين قطز
توفي
18 سنة / 658 - 676
الظاهر بيبرس
خلع
سنتان / 676 - 678
السعيد بركة بن بيبرس
خلع
أقل من سنة / 678 - 678
العادل بدر الدين بن بيبرس
توفي
11 سنة / 678 - 689
المنصور قلاوون
قتل
4 سنوات / 689 - 693
الأشرف خليل بن قلاوون
خلع
سنة واحدة / 693 - 694
الناصر محمد بن قلاوون
سنتان / 694 - 696
العادل كتبغا
قتل
سنتان / 696 - 698
المنصور لاجين
أعيد ثم اعتزل
10 سنوات / 698 - 708
الناصر محمد بن قلاوون
قتل
سنة واحدة / 708 - 709
المظفر بيبرس أبي شنكير
توفي
32 سنة / 709 - 741
الناصر محمد بن قلاوون
خلع
أقل من سنة / 741 - 742
المنصور أبو بكر بن محمد بن قلاوون
خلع
أقل من سنة / 742 - 742
الأشرف كجك بن محمد بن قلاوون
خلع
أقل من سنة / 742 - 743
الناصر أحمد بن محمد بن قلاوون
توفي
ثلاث سنوات / 743 - 746
الصالح إسماعيل بن محمد بن قلاوون
قتل
أقل من سنة / 746 - 747
الكامل شعبان بن محمد بن قلاوون
قتل
أقل من سنة / 747 - 748
المظفر أمير حاج بن محمد بن قلاوون
خلع
4 سنوات / 748 - 752
الناصر حسن بن محمد بن قلاوون
خلع
3 سنوات / 752 - 755
الصالح صالح بن محمد بن قلاوون
أعيد ثم قتل
7 سنوات / 755 - 762
الناصر حسن بن محمد بن قلاوون
خلع
سنتان / 762 - 764
المنصور محمد بن المظفر أمير حاج
قتل
14 سنة / 764 - 778
الأشرف شعبان بن حسين بن محمد بن قلاوون
توفي
5 سنوات / 778 - 783
المنصور علي بن الأشرف شعبان
خلع
سنة واحدة / 783 - 784
الصالح حاجي بن الأشرف شعبان
خلع وسجن
سبع سنوات / 784 - 791
برقوق [1]
خلع
أقل من سنة / 791 - 792
الصالح حاجي بن الأشرف شعبان
ثانياً: عصر المماليك الجراكسة» البرجية «: 792 - 923 هـ
ملاحظات
مدة الحكم
السلطان
للمرة الثانية / توفي
9 سنوات / 792 - 801
الظاهر برقوق
خلع
7 سنوات / 801 - 808
الناصر فرج بن برقوق
خلع
ثلاثة أشهر / 808 - 808
المنصور عبد العزيز بن برقوق
للمرة الثانية / قتل
7 سنوات / 808 - 815
الناصر فرج بن برقوق
حكم خمسة أشهر 815 - 815
الخليفة العباسي: المستعين بالله العباس بن المتوكل على الله (808 - 815)
توفي
9 سنوات / 818 - 824
المؤيد شيخ الاصطبل
خلع
عدة أشهر / 824 - 824
المظفر أحمد بن المؤيد
توفي
عدة أشهر / 824 - 824
الظاهر ططر
خلع
عدة أشهر / 824 - 825
الصالح محمد بن الظاهر ططر
توفي
16 سنة / 825 - 841
الأشرف برسباي
خلع
عدة أشهر / 841 - 842
العزيز يوسف بن برسباي
توفي
15 سنة / 842 - 857
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(145/467)
الظاهر جقمق
خلع
أقل من شهر ونصف/857 - 857
المنصور عثمان بن الظاهر جقمق
توفي
7 سنوات / 857 - 865
الأشرف إينال
خلع
أقل منسنة 865 - 865
المؤيد أحمد بن الأشرف إينال
توفي
7 سنوات / 865 - 872
الظاهر خشقدم
خلع
شهران / 872 - 872
الظاهر بلباي
خلع
شهران / 872 - 872
الظاهر تمربغا
خلع
ليلة واحدة / 872
خير بك
توفي
29 سنة / 872 - 901
الأشرف قايتباي
خلع
سنة واحدة / 901 - 902
الناصر محمد بن الأشرف قايتباي
قتل
902 - 903
قانصوه
أعيد ثم قتل
903 - 904
الناصر محمد بن الأشرف قايتباي
خلع
904 - 905
الظاهر قانصوه
قتل
905 - 906
جانبلاط
قتل
عدة أشهر / 906 - 906
العادل طوماي باي
قتل
17 سنة / 906 - 922
الأشرف قانصوه الغوري
قتل، ودالت دولة المماليك.
أقل من سنة / 922 - 923
طوماي باي
خلفاء العثمانيين في القسطنطينية (إستانبول): 923 - 1342هـ
ملاحظات مدة الحكم الخليفة
كان سلطاناً للدولة منذ 918 هـ
923 - 926
سليم الأول بن بايزيد
926 - 974
سليمان القانوني بن سليم
974 - 982
سليم الثاني بن سليمان
982 - 1003
مراد الثالث بن سليم الثاني
1003 - 1012
محمد الثالث بن مراد الثالث
1012 - 1026
أحمد الأول بن محمد الثالث
للمرة الأولى
1026 - 1027
مصطفى الأول بن محمد الثالث
1027 - 1031
عثمان الثاني بن أحمد الأول
للمرة الثانية
1031 - 1032
مصطفى الأول بن محمد الثالث
1032 - 1049
مراد الرابع بن أحمد الأول
1049 - 1058
إبراهيم الأول بن أحمد الأول
1058 - 1099
محمد الرابع بن إبراهيم الأول
1099 - 1102
سليمان الثاني بن إبراهيم الأول
1102 - 1106
أحمد الثاني بن إبراهيم الأول
1106 - 1115
مصطفى الثاني بن محمد الرابع
1115 - 1143
أحمد الثالث بن محمد الرابع
1143 - 1168
محمود الأول بن مصطفى الثاني
1168 - 1171
عثمان الثالث بن مصطفى الثاني
1171 - 1187
مصطفى الثالث بن أحمد الثالث
1187 - 1203
عبد الحميد الأول بن أحمد الثالث
1203 - 1222
سليم الثالث بن مصطفى الثالث
1222 - 1223
مصطفى الرابع بن عبد الحميد الأول
1223 - 1255
محمود الثاني بن عبد الحميد الأول
1255 - 1277
عبد المجيد بن محمود الثاني
1277 - 1293
عبد العزيز بن محمود الثاني
1293 - 1293
مراد الخامس بن عبد المجيد
1293 - 1328
عبد الحميد الثاني بن عبد المجيد
1328 - 1337
محمد الخامس رشاد بن عبد المجيد
1337 - 1340
محمد السادس وحيد الدين بن عبد المجيد
1340 - 1342
عبد المجيد الثاني بن عبد العزيز
دولة الصفويين في إيران: (907 - 1148 هـ)
ملاحظات
مدة الحكم
الحاكم
907 - 930
إسماعيل بن حيدر
930 - 984
طهماسب بن إسماعيل
984 - 985
إسماعيل الثاني بن طهماسب
985 - 995
محمد خدابنده بن طهماسب
995 - 1037
عباس الأول بن طهماسب
1037 - 1052
صفي الأول بن صفي بن عباس الأول
1052 - 1077
عباس الثاني بن صفي الأول
ويدعى سليمان الأول أيضاً
1077 - 1105
صفي الثاني بن عباس الثاني
1105 - 1135
حسين الأول بن عباس الثاني
1135 - 1144
طهماسب الثاني بن صفي الثاني
1144 - 1148
عباس الثالث بن طهماسب الثالث
دولة محمد علي باشا وأولاده (مصر .. ): 1220 - 1372 هـ
ملاحظات مدة الحكم الحاكم
1220 - 1264 محمد علي باشا
1264 - 1264 إبراهيم باشا بن محمد علي
1264 - 1270 عباس باشا بن
1270 - 1280 سعيد باشا
1280 - 1296 إسماعيل باشا
1296 - 1309 توفيق
1309 - 1333 عباس الثاني حلمي
سلطان 1333 - 1335 حسين كامل (سلطان)
ملك من 1340 1335 - 1355 الملك أحمد فؤاد
1355 - 1371 فاروق
1371 - 1372 فؤاد الثاني
الملك الجبري
يتبع ...
--------------------------------------------------------------------------------
[1] السلطان برقوق هو من المماليك الجراكسة خلع الصالح حاجي، ثم خلع وسُجِنَ، وأعيد الصالح حاجي، ثم خرج برقوق من السجن وأنهى سلطان المماليك البحرية، وبه بدأ عهد المماليك الجراكسة أو البرجية.
ـ[إبن بوعلام]ــــــــ[22 - 07 - 08, 12:56 ص]ـ
وإن شاء الله الموضوع يعجبك أخي الكريم ويفيدك(145/468)
سيرة بن هشام
ـ[السيد زكي]ــــــــ[20 - 05 - 08, 06:46 م]ـ
ما افضل تحقيق لسيرة ابن هشام(145/469)
الداعية المصلح محمد بن عبد الكريم بن محمد المغيلي
ـ[ابو مريم الجزائري]ــــــــ[20 - 05 - 08, 08:40 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله
هذه ترجمة الداعية المصلح محمد بن عبد الكريم بن محمد المغيلي،الذي وصل الى مملكة سنغاي بالنيجر، مرورا ببلاد التكرور بالسودان الاعلى، و كانو و نيجيريا بعد أن أنتقل منتلمسان إلى واحات ادرار، تمنطيط، توات و غيرها من القصور بالصحراء الإفريقيةالشاسعة مجاهدا في سبيل نشر الدعوة و تنقية الإسلام مما علق به من شوائب البدع والخزعبلات.
كنيته و مولده و نشأته:
أبو عبد الله، محمد بن عبد الكريم بن محمد المغيلي التلمساني، [و المغيلي: بفتح الميم نسبة إلى مغيلة قبيلة من البربر استوطنت تلمسان ووهران و المغرب الأقصى، وهي فرع من قبيلة صنهاجة كبرى شعوب الأفارقة البيض (انظر وصف إفريقيا 1/ 36،38)] ولد في مدينة تلمسان سنة 790 هـ / 1425 م، من عائلة راقية النسب، و مشهورة بالعلم و الدين و الشجاعة في الحروب و هو يعتبر العالم رقم عشرين في سلالة المغيليين التي تبتدأ بإلياس المغيلي [و هو ذلك العالم البربري الذي اعتنق الاسلام، وحمل لواء الجهاد فكان له شرف المشاركة مع طارق بن زياد في فتح الأندلس]، والده عبد الكريم اشتهر بالعلم و الصلاح، كما أن أمه اشتهرت بأنها سيدة فاضلة تحب الفقراء و المساكين و تنفق عليهم بسخاء، و قد قام هذان الوالدان بتربيته و تنشئته تنشئة حسنة.
طلبه العلم و شيوخه:
حفظ القرآن الكريم على يد والده و الذي علمه أيضا مبادئ العربية من نحو و صرف و بيان كما قرأ عليه أيضا موطأ الامام مالك و كتاب ابن الحاجب الاصلي، انتقل بعدها ليدرس عند الإمام الفقيه محمد بن أحمد بن عيسى المغيلي الشهير بالجلاب التلمساني (ت سنة 875 هـ)، و الذي أخذ عنه بعض التفسير و القراءات، ولقنه الفقه المالكي، فقد ذكر المغيلي انه ختم عليه المدونة مرتين، و مختصر خليل و الفرائض من مختصر ابن الحاجب، و الرسالة.
كما تلقى العلم عن علماء و شيوخ تلمسان منهم:
- عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن علي بن يحيى الحسني أبو يحيى التلمساني (826 و قيل 825 هـ)، عالم بالتفسير حافظ محدث من أكابر فقهاء المالكية، قال عنه أحمد بابا في [نيل الابتهاج ص 171]: " بلغ الغاية في العلم والنهاية في المعارف الإلهية وارتقى مراقي الزلفى ورسخ قدمه في العلم وناهيك بكلامه في أول سورة الفتح ولما وقف عليه أخوه عبد الله كتب عليه: وقفت على ما أولتموه وفهمت ما أردتموه فألفيته مبنيا على قواعد التحقيق والإيقان، مؤديا صحيح المعنى بوجه الإبداع والإتقان بعد مطالعة كلام المفسرين ومراجعة الأفاضل المتأخرين".
- محمد بن إبراهيم [بن يحي حسب الونشريسي في المعيار] بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله ابن الإمام أبو الفضل التلمساني (ت 845 هـ) " عالم بالتفسير والفقه مشارك في علوم الأدب والطب والتصوف من أهل تلمسان،
قال عنه السخاوي في (الضوء اللامع 10/ 740): " ارتحل في سنة عشر وثمانمائة فأقام بتونس شهرين ثم قدم القاهرة فحج منها وعاد إليها ثم سافر إلى الشام فزار القدس وتزاحم عليه الناس بدمشق حين علموا فضله وأجلوه."
انتقل بعدها الى بجاية حيث أخذ عن علمائها التفسير و الحديث الشريف، و الفقه و كانت بجاية حينئذ احدى حواضر العلم و الثقافة العربية الإسلامية، و كيف لا يقصدها و قد اصبحت قبلة العلم والعلماء، إذا كانت هذه الحاضرة قد استعانت بعلماء المشرق في نشر العلم، ثم سرعان ما أنجبت وخرجت علماء كثيرين سار بذكرهم الركبان ليس فقط في المغرب الأوسط أو المغرب الكبير بل وذاع صيتهم في المشرق العربي حيث تولى بعضهم التدريس والقضاء في الشام وبغداد و مصر
انكب المغيلي على الدراسة في بجاية، تلقى خلالها علوم جمة على يد علماء أجلاء أمثال:
- الشيخ أحمد بن إبراهيم البجائي (ت سنة 840هـ/1434م)، امام جليل، اشتهر بالتفسير و الفقه، تتلمذ له المفسر المشهور الثعالبي.
- منصور بن علي عثمان - أبو علي الزواوي المنجلاتي، من فقهاء و علماء بجاية، و من ذوي العصبية و القوة فيها، و كان من أصحاب الرأي و التدخل في الأحداث السياسية لمكانته المرموقة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(145/470)
قال عنه السخاوي في الضوء اللامع: " رأيت من قال انه الزواوي العالم الشهير، و انه مات بتونس 846 هـ "
كما أخذ عن غيرهم من العلماء منهم يحيى بن نذير بن عتيق أبو زكريا، التدلسي: " القاضي، من كبار فقهاء المالكية، من أهل تدلِّس، تعلم بتلمسان وولي القضاء بتوات، أخذ عنه محمد بن عبد الكريم المغيلي " [تعريف الخلف 1: 196] و ابي العباس الوغليسي، و يذكر المغيلي: " أنه قرأ الصحيحين، و السنن و موطأ الإمام مالك، و الفقه المالكي، و لم يكتف عبد الكريم المغيلي بما تحصل عليه من علوم في تلمسان و بجاية بل راح يبحث الاستزادة من رحيق المعرفة، فتوجه مباشرة إلى الجزائر أين اتصل بالمفسر المشهور - عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف بن طلحة الثعالبي صاحب التفسير المشهور (الجواهر الحسان)، و لازمه ملازمة لصيقة، و قد أعجب الإمام الثعالبي بالطالب المغيلي و بفطنته و ذكائه، فزوجه ابنته اعترافا منه بعلمه و فقهه و أدبه.
العلماء في عصر المغيلي:
عاش الامام المغيلي في فترة شهدت بروز العديد من المفسرين و العلماء و الفقهاء و المؤرخين و الادباء و الشعراء، الكثير منهم خالطه و اجتمع به و تبادل معه مجالس العلم و الادب نذكر منهم العلامة قاسم بن سعيد بن محمد العقباني المتوفي سنة 837 هـ، و العلامة محمد بن أحمد بن مرزوق المتوفي سنة 842 هـ، و العالم الصوفي ابراهيم التازي المتوفي سنة 866 هـ، و العلامة الفقيه محمد بن يحي التلمساني المعروف بابن الحابك المتوفي سنة 867 هـ، و العلامة محمد بن ابي القاسم بن محمد بن يوسف بن عمرو بن شعيب السنوسي المتوفي سنة 895 هـ، و العلامة احمد بن زكري التلمساني المتوفي سنة 899 هـ، و ابن مرزوق الكفيف المتوفي سنة 901 هـ، و العلامة احمد ين يحي الونشريسي المتوفي 914 هـ و غيرهم، مما جعله يستفيد فائدة عظيمة من علمهم و نصائحهم و إرشاداتهم التي سنرى أثرها في دعوته فيما بعد.
يشبهه الكثير من المؤرخين و المترجمين الذين كتبوا عنه و عن جهاده و دفاعه لنشر الإسلام الصحيح و محاربة البدع و المنكرات بشيخ الإسلام ابن تيمية نفسه الذي تأثر به و بأفكاره و كتبه و رسائله التي كانت تصل إلى الشطر الغربي من العالم الإسلامي، و (يقال انه كانت بينهما مراسلات و هو ما أجاب عنه الدكتور عمار هلال في مقالة له نشرها بجريدة المجاهد الجزائرية بتاريخ 20/ 06 / 1985 م حيث ذكر أنه: " في المؤلفات الجزائرية التي لها علاقة بالعلوم الإسلامية: فقه و تفسير و حديث ... الخ في القرن الخامس عشر الميلادي، هل نجد أي إشارة إلى ابن تيمية أو إلى أعماله؟ ليس من السهل الإجابة عن هذا السؤال، و لكن ما يسمح لنا بالاعتقاد هو أن المغيلي نفى نفسه إلى الصحراء الجزائرية حيث كانت المواصلات حينئذ من الصعوبة بمكان و مع هذا فان فتاتا من المعلومات التي وصلتنا من تلك المنطقة الواسعة للشرق الاوسط تجعلنا نفكر بان ابن تيمية قد تمنى كثيرا أن يعرف ابن عبد الكريم المغيلي، المهم هو أن كلاً منهما قد قام بعمله بدافع حماسته للإسلام حتى لو أنهما لم يلتقيا، و المهم كذلك هو أن الرسالة التي أرادا نقلها وصلت تماما إلى الذين أرادا استقطابهم ليصبحوا مؤمنين صالحين " كما كانت له مراسلات و مناظرات مع الإمام السيوطي، نقلها ابن مريم في كتابه " البستان في ذكر الأولياء والعلماء بتلمسان " أثناء ترجمته للمغيلي.
الإمام المصلح و نازلة توات:
نقم الإمام المغيلي و انزعج من سلوك سلاطين تلك الفترة الذين كانوا يحكمون مملكة تلمسان و بجاية، و بعد سخطه على أفعالهم و خاصة على الكيفية التي يعالجون بها رعاياهم، و بعد أن اثر فيه سكوت أو تغاضي المثقفين و رجال العلم، هاجر الإمام إلى منطقة تمنطيط بتوات أدرار، وكان لومه على السلاطين بسبب '' عدم امتثالهم لا في حياتهم الشخصية و لا في كيفية حكمهم الى قواعد الاسلام ''.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(145/471)
إن قصور توات وتيكرارين تمنطيط و أسملال و أولف و زاوية كونتة و فتوغيل، كلها أسماء تشهد لهذا الإمام دهاده و دعوته، هذه المناطق التي زارها صال و جال فيها يقوم بمهمة الدعوة إلى الله و الإصلاح، و نشر المبادئ الإسلامية الصحيحة النقية كما عرفها السلف الصالح رضوان الله عليهم، و قد احتضنته القبيلة العربية الأصيلة بني سعيد، حيث عاش بينهم كواحد منهم يحترمونه و يبجلونه و يستمعون إلى دروسه و يتبعون دعوته حتى بدأ يكتشف دسائس اليهود الذين كانوا يعيشون في المنطقة منذ زمن بعيد، وكانوا يستحوذون على السلطة الاقتصادية و الموارد المالية وأفسدوا الأخلاق والذمم - كما هي عادتهم دائما عليهم لعنة الله – حيث أنهم كانوا يتحكمون في اكبر كنز في الصحراء ألا و هو: الماء، كما أنهم قاموا ببناء معبد لهم في واحة تمنطيط خارقين بذلك العهود التي بينهم و بين المسلمين، وقد شن عليهم المغيلي حربا شعواء لا هوادة فيها لوضع حد نهائي لتجاوزاتهم و استهانتهم بالدين الإسلامي، لقد ضيق عليهم الخناق و بذلك ظهرت ما يسمى "بنازلة توات".
((وأصل المشكلة التي طرحت على الفقيه الإمام المغيلي، هو أن بعض المسلمين من "توات"، تلك الناحية المتواجدة في وسط الصحراء الجزائرية، والتي تضم عددا من الواحات أو القصور كما يسميها سكان الجنوب، وأهمها في القديم واحة "تمنطيط"، وهي لا تزال موجودة إلى يومنا هذا، وقد تفوقت عليها في العصر الحاضر مدينة أدرار، وتمنطيط هي اليوم ضمن ولاية أدرار. قلت إن بعض المسلمين من توات، قد أنكروا على اليهود القاطنين في المنطقة، سلوكهم، ومخالفتهم للقوانين، وللتراتيب التي حددها لهم الفقهاء المسلمون، على مر العصور. وتفاقمت الأزمة بعد أن شيد أولئك السكان من اليهود، كنيسة جديدة لهم في "تمنطيط". وقد أثار هذا الخبر ثائرة المسلمين، الذين اعتبروا تشييد معبد جديد، مخالفة صريحة للشريعة التي تسمح للذميين بإصلاح معابدهم القديمة فقط، وتحظر عليهم بناء معابد جديدة، غير أن بعض العلماء المحليين، وعلى رأسهم قاضي المدينة، خالفوا أولئك النفر من المسلمين وقالوا: إن اليهود ذميون، لهم ما لأهل الذمة من الحقوق المنصوص عليها في كتب الفقه. وقد احتج كل فريق بآيات قرآنية كريمة و بأحاديث نبوية شريفة، وبأقوال السلف من الأئمة والفقهاء، غير أن كلا الفريقين لم يقو على فرض آرائه، وعلى استمالة عامة الناس إليه. وكان في مقدمة الناقمين على اليهود، العالم الكبير محمد بن عبد الكريم المغيلي. وقد اشتهر هذا الفقيه بنشاطه، وبحيويته في الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وفي نشر تعاليم الإسلام و محاربة البدع و الخرافات خاصة ببلاد الزنوج – كما سنرى – حيث اصدر فتوى أكد من خلالها: " أن سيطرة اليهود على عموم نواحي الحياة في تلك الديار، وبخاصة النواحي الاقتصادية، يتنافى مع مبدأ الذلة والصغار التي اشترطها الإسلام مقابل حمايتهم وعيشهم بين ظهراني المسلمين، وعليه فإن هذا التفوق لليهود وإمساكهم بزمام السلطة من خلال سيطرتهم على التجارة، يستوجب - في نظر هذا العالم - محاربتهم وهدم كنائسهم وكسر شوكتهم ليعودوا إلى الذل والصغار". وقد أثارت هذه الفتوى، من قبل الإمام المغيلي، ردود فعل كثيرة في أوساط معاصريه من العلماء بين مؤيد ومعارض. ولما حمي الوطيس بين الفريق المناصر لمحمد بن عبد الكريم المغيلي، والفريق المعارض له، واشتد الخلاف بين المسلمين، راسل كلا الفريقين أكبر علماء العصر في تلمسان، وفي فاس، وفي تونس، وكانت المدن الثلاث العواصم السياسية، والدينية، والثقافية للأجزاء الثلاثة من المغرب الإسلامي. قلت راسل الفريقان كبار علماء العصر، يستفتيانهم في القضية، وكان كل فريق يأمل تأييد موقفه ضد موقف الفريق الآخر، المتهم بمخالفة تعاليم الشريعة.
وقد أورد الإمام الفقيه أحمد الونشريسي في موسوعته الفقهية المعيارالمعرب، مختلف الفتاوى التي تلقاها الفريقان، فكان ممن عارضوا المغيلي علماء من تلمسان و فاس، وعلى رأسهم الفقيه عبد الرحمن بن يحيى بن محمد بن صالح العصنوني المعروف بشرحه على التلمسانية، و قاضي توات أبو محمد عبد الله بن أبي بكر الاسنوني.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(145/472)
أما العلماء المؤيدين فقد كان على رأسهم الأئمة الأعلام محمد بن عبد الله بن عبد الجليل التنسي مؤلف الكتاب في ضبط القرآن الكريم "الطراز على ضبط الخراز"، و محمد بن يوسف السنوسي، أبو عبد الله التلمساني الحسني عالم تلمسان و صالحها، و أحمد بن محمد بن زكري المانوي أبو العباس المغراوي التلمساني مفتي تلمسان في زمنه.
ويقول المؤرخون: " ... إنه فور وصول جواب هؤلاء العلماء لواحة تمنطيط، حمل المغيلي وأنصاره السلاح، وانقضوا على كنائس اليهود، فهدموها دون تأخير".
رحلة دعوة و إصلاح و تأليف في الصحراء:
بعد انتصاره على اليهود كما رأينا، قام [كما جاء في بحث بعنوان: " ملامح من التأثير المغربيّ في الحركة الإصلاحية في النيجر - للدكتور عبد العلي الودغيري رئيس الجامعة الإسلامية بالنيجر] " هذا الداعية الكبير برحلته الطويلة إلى مناطق السودان الغربي، وظل مشتغلاَ بالدعوة والوعظ والتدريس والقضاء والفُتْيا وبَذَل النصح لأمرائها وأولي الأمر فيها. وطاف بعدد من عواصمها وأقاليمها فزار كانوا وكَشنَة في شمال نيجيريا، وكاغو (أو جاو) (الواقعة في مالي حالياً) وتَكَدَّة من منطقة أهير (التابعة للنيجر حالياً)، وغيرها من البلاد الواقعة بين نهري السنغال والنيجر، ويقول بول مارتي:» ونحن نعلم ـ حسبما هو متداول من معلومات ـ أن الإسلام دخل إلى بلاد الجرما والبلاد المجاورة إلى تساوة ( Tessaoua)، وزندر ( Zinder) بواسطة الشريف الكبير محمد بن عبد الكريم المغيلي، أو بالأحرى بواسطة تلاميذه المباشرين في القرن الخامس عشر «، إلى أن يقول:» لقد هبط المغيلي مع نهر النيجر إلى ناحية ساي ( Saye)(1) [ منطقة "ساي" هذه هي التي توجد بها الجامعة الإسلامية بالنيجر حالياً، وتبعد عن نيامي بحوالي 50 كلم.]
ريضيف قائلا: " وأرسل بعثات من قبله إلى بلاد جرما جندا ( Djermagenda)، وربما إلى الشرق أيضاً ... وقد استُقبلتْ وفادة المغيلي إلى هذه المناطق بحفاوة بالغة، وقربه أمراؤها وملوكها وجعلوا منه مستشارهم الخاص ومرجعهم الفقهي الأعلى، وكتب لهم رسائل ووصايا وفتاوى في أمور الحكم والدولة والسياسة الشرعية منها:
... أ) " مجموعة في أمور الإمارة وسياسة الدولة " التي ألفها لأمير كانوا محمد ابن يعقوب المعروف بَرمْفت، وهي التي طبعت بعنوان مخترع: "تاج الدين فيما يجب على الملوك والسلاطين " [طبعت هذه المجموعة طبعات متعددة وترجمت إلى الإنجليزية، وآخر طبعاتها صدرت سنة 1994 م، عن دار ابن حزم (بيروت)، بتحقيق محمد خير رمضان يوسف]. وقد سلك فيها مسلك أسلافه من علماء المسلمين الذين ألفوا كتباً في نصح الملوك، وإرشاد السلاطين مثل أبي بكر الطرطوشي في "سراج الملوك"، والماوردي في الكتاب المنسوب إليه باسم: "نصيحة الملوك"، وكتابه المشهور "الأحكام السلطانية"، والغزالي في كتابه "التبر المسبوك في نصيحة الملوك"، وابن الأزرق الأندلسي في: "بدائع السلك في طبائع الملك"، والحميدي في "الذهب المسبوك في وعظ الملوك" وغيرها مما هو معروف.
ب) ثم كتب للأمير رَمْفَا محمد بن يعقوب لأمير كانو وصية أخرى في " ما يجوز للحكام في ردع الناس عن الحرام " [ترجمها ريشار بلمر ( R. Palmer) إلى الأنجليزية سنة 1914 م، ثم نشرها الألوري في كتابه "الإسلام في نيجيريا"، وضمنت أيضاً في كتاب "ضياء السياسات" لعبد الله بن فودي الذي نشره د. أحمد كاني سنة 1988م].
ج) ثم مكث مدة عند السلطان محمد بن أبي بكر التوري المعروف بالحاج أسكيا أمير مملكة سنغاي، وألف له أجوية عن أسئلة كثيرة وجهها إليه، وهي المجموعة التي عرفت باسم: "أسئلة أسكيا وأجوبة المغيلي" [" أسئلة الأسكيا (كذا) و أجوبة المغيلي "، تقديم و تحقيق الأستاذ عبد القادر زبادية، سلسلة ذخائر المغرب العربي، مطبعة الشركة الوطنية للنشر و التوزيع الجزائر سنة 1974 م]؛ فكانت بمثابة الحجة الشرعية الدامغة التي استعملها أسكيا في توطيد دعائم ملكه ومواجهة خصومه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(145/473)
.. وكان المغيلي بجانب ثقافته الدينية الواسعة وقيامه بأمور الوعظ والإرشاد، ومعرفته بأمور السياسة الشرعية، يحترم رجال الطرق الصوفية خاصة منهم أولائك الذين يبتعدون عن الدروشة و الخزعبلات،. وكثير من الباحثين يعتقدون أن له دور كبير في التعريف بالطريقة القادرية؟؟؟ التي كان يحترم شيوخها، ومنهم أستاذه و صهره المفسر الثعالبي الذي عرفه عليها، و يدعوا لهم بالنصر و النجاح، ولذلك انتشرت في السودان.
صدى هذه الدعوة في الصحراء:
إن المتفق عليه بين جميع الدارسين الذين تناولوا شخصية المغيلي من القدامى والمحدثين ومن العرب والغربيين، هو أن الرجل كان له تأثير قوي وملموس جداً ظل صداه يتردد بعده قروناً طويلة. وهذا يلخصه الشيخ الأمين محمد عوض الله بقوله في كتابه:" العلاقات بين المغرب الأقصى والسودان الغربي في عهد السلطنتين الإسلاميتين مالي وسنغاي" جدة، 1970، ص: 192" ما نصه:
" ..... ونستطيع أن نؤكد من النصوص السابقة، أن الدور الذي قام به العالم الجليل المغيلي لا يدانيه أي دور قام به عالم مغربي في السودان الغربي. فقد ترك أثراً إسلامياً كبيراً، وقام بتصحيح مفاهيم كثيرة كانت مغلوطة في أذهان العامة والسلاطين".
ويقول الدكتور شيخو أحمد سعيد غلادنثي، وهو أحد ابرز المثقفين و المهتمين بالتراث الاسلامي في نيجيريا، ومن أبناء مدينة كانو بالذات، متحدثاً عن زيارة المغيلي لمدينته في كتابه:" حركة اللغة العربية وآدابها بنيجيريا، ط, 2، الرياض، 1993 م، ص: 42 ويذكر هذا المؤلف أن أحفاد المغيلي في كانو ما يزالون إلى اليوم يحضرون مجلس أمير كانو، ويكونون في حاشيته.:" ... ولقد كان لهذه الزيارة التي قام بها المغيلي إلى كانو صدى كبير، ونتائج عظيمة تركت أثراً واضحاً لا في كانو فحسب، ولكن في ولايات الهوسا جميعاً، لأن انتشار الإسلام في كانو أدى إلى انتشاره في الولايات الأخرى [من نيجريا]. ومن ذلك الوقت نستطيع أن نقول إن ولاية كانو أصبحت ولاية إسلامية حقاً، وبدأت بعدئذ تلعب دوراً هائلاً في خدمة الثقافة الإسلامية في الولايات الأخرى".
ويذكر هذا المؤلف اضافة الى ذلك بأن أحفاد المغيلي في كانو ما يزالون إلى اليوم [1993 م] يحضرون مجلس أمير كانو، ويكونون في حاشيته.
و لما أرخ المرحوم الشيخ آدم الألوري لحركة الأدب واللغة العربيين في نيجيريا في كتابه الذي سماه: ["مصباح الدراسات الأدبية في الديار النيجيرية" ط 2، 1992، (دون ذكر المكان)، ص: 18 ـ 19] أشاد بدور الإمام المغيلي الفعال في ترقية العلوم العربية والثقافية الإسلامية، و اعترف بتأثيره الكبير في هذه الناحية، مما جعله يسمى قسما من الخمسة ادوار التي عرفتها عصور الأدب العربي في نيجيريا منذ قيام هذا الأدب فيها إلى العصر الحاضر، قلت يسميه بعصر المغيلي،و هذه الأدوار رتبها كالتالي:
1 ـ العصر البرناوي (عصر ظهور الإسلام في نيجيريا، من القرن الخامس إلى السابع الهجري؛
.. 2 ـ العصر الونغري (من القرن السابع إلى القرن التاسع)؛
.. 3 ـ عصر المغيلي (من القرن التاسع إلى القرن الحادي عشر الهجري)؛
4 ـ العصر الفلاني (يبدأ بظهور ابن فودي وقيام دولته إلى سقوطها في بداية القرن الحالي)؛
.. 5 ـ العصر الأنجليزي (في القرن العشرين).
ثم يجعل من نص بعض فتاوى المغيلي الواردة في أجوبته لأسئلة أسكيا، نموذجاً لأسلوب الكتابة العربية في هذا العصر الأدبي الذي سماه بالعصر المغيلي.
... وأخيراً يختم المرحوم الألوري في كتابه المشار إليه شهادته في حق المغيلي بالقول: " ... فقد استفادت البلاد منه كثيراً، وآثاره كثيرة في ميادين عديدة واضحة ملموسة لكل صغير وكبير، في الحكم والسياسة والعلم والأدب ... ولقد تعلم منه الكثيرون، والكثيرون من علماء هذه البلاد؛ واتصل بسلاطين كانو وكَشِنَة وأكذر وتَكَدَّ؛ ووضع لهم وصايا سياسية على القواعد الشرعية، وهي محفوظة في الدوائر الحكومية ومعمول بها في الأوساط الرسمية".
تأثيره في الحركات الإصلاحية و الدعوية:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(145/474)
لقد أنجزت أبحاث تاريخية عن تأثير هذا الإمام في الحركات الإصلاحية و الدعوية في الصحراء خاصة بعد إنشاء مركز أحمد بابا سنة 1973 م، و هو يحتوى على الكثير من آثاره و مخطوطاته، و كانت هذه المخطوطات و الرسائل موضوع رسالة دكتوراه قدمها في جامعة لندن النيجيري حسن إبراهيم كوارزو سنة 1972 م بلندن - دكتور حاليا و أستاذ كرسي بغانا – تحت إشراف البروفيسور الانجليزي جوهن هوناك الذي اصبح رئيسا لمركز الدراسات الإفريقية في مدينة وسترن الجديدة بالولايات المتحدة الامريكية. تحت عنوان:
" The Life and Teaching of Al-Maghali "
لقد ظل تأثير المغيلي هذا الذي تحدثنا عنه محفوظاً في ذاكرة الأجيال من أبناء السودان الغربيّ عموماً ونيجيريا على الخصوص، وظلت أعماله وآثاره المكتوبة والروايات الشفوية المنقولة عنه يحفظها العلماء ويتداولها أهل الإصلاح والسياسة ورجال الدعوة جيلاً بعد آخر .... حتى إننا لا نكاد نجد مؤلفاً من مؤلفات علماء السودان و النيجر و نيجيريا والقائمين بالدعوة و الإرشاد في هذه البلدان، والمؤرخين للحركات الإسلامية فيها، يخلو من الإشارة للإمام المغيلي والنقل عنه والرجوع إلى وصاياه وفتاواه ورسائله، والاحتجاج بأقواله وآرائه في تدعيم دعوتهم وإسناد الأفكار التي تضمنتها حركتهم الجهادية والإصلاحية والدعوية، حيث كانوا يواجهون خصومهم و ما يقيمونه في وجههم من حملات التشكيك والتشويش في العديد من القضايا الدينية والدنيوية بفتاوى الإمام المغيلي وكتاباته بما لها في نفوس الجميع من الإجلال والإكبار هي الحجة الدامغة من بين الحجج التي يتْأكون عليها و يسوقونها للاحتجاج عليهم ومجادلتهم في مجالس المناظرات والمناقشات والمطارحات السياسية والدينية.
على أن تأثير المغيلي في علماء و فقهاء و دعاة افريقيا الغربية و الشرقية لا يمكن حصره في مجرد النقول الكثيرة التي نجدها تتردد في جل كتاباتهم، بل لقد تجاوز ذلك إلى إقتدائهم بسيرته وطريقته في ردع البدع ومنهجه في الدعوة، وإلى العمل بآرائه والاقتداء بأفكاره واستعمالها في تدعيم مواقفهم و مجادلة خصومهم. وكثيرٌ من الفصول والرسائل التي كتبها هؤلاء العلماء و الدعاة ما هي إلا تكرار أو شرح أو تلخيص أو تعليق أو إعادة إنتاج لأفكار المغيلي وكتاباته وترداد لمقولاته وآرائه.
و قد تعدى تأثير الإمام المغيلي إلى الحركات الإصلاحية و الدعوية حتى أواسط إفريقيا من خلال آثاره وفتاواه ورسائله ووصاياه التي ورثها من ملوك و علماء السودان، ومن خلال غيرته على الإسلام والدفاع عن بيضته باللسان ثم باليد ثم بشهر السلاح.
مؤلفاته و آثاره:
إلى جانب الكتب و الرسائل التي ذكرها الدكتورعبد العلي الودغيري رئيس الجامعة الإسلامية بالنيجر و هي:
- "تاج الدين فيما يجب على الملوك والسلاطين "
- " ما يجوز للحكام في ردع الناس عن الحرام "
- "أسئلة أسكيا وأجوبة المغيلي"
فهناك من المؤرخين من أوصل مؤلفات الإمام المغيلي إلى أكثر من ثلاثين كتابا و رسالة اذكر منها:
- "البدر المنير في علوم التفسير".
- " تفسير سورة الفاتحة ".
- "مصباح الأرواح في أصول الفلاح " و هي التي ضمنها فتاويه، و منها فتواه في نازلة توات [و قد حققها ونشرها الأستاذ رابح بونار – رحمه الله – في سلسلة دخائر المغرب العربي، طبعة الشركة الوطنية للنشر و التوزيع - الجزائر سنة 1968م]، وعرفت في بعض المصادر باسم: "تأليف فيما يجب على المسلمين من اجتناب الكفار".
- " التعريف بما يجب على الملوك "
- " أحكام أهل الذمة "
- " تنبيه الغافلين عن مكر الملابسين بدعاوي مقامات العارفين"
- " شرح مختصر خليل سماه مغني النبيل "
- " مختصر تلخيص المفاتيح "
- " شرح بيوع الاجل من كتاب ابن الحاجب"
- " كتاب فتح المتين "
- " مفتاح النظر" في علم الحديث و وهو شرح و إضافة لما كتبه الإمام النووي في كتابه " التقريب " انظر:"معجم أعلام الجزائر" ص 308.
- "منح الوهاب في رد الفكر إلى الصواب " منظومة في المنطق، له شرح عليها سماه:
- " إمناح الأحباب من منح الوهاب ".
- "مناظرة بينه و بين الشيخ السنوسي محمد بن يوسف" في التوحيد – مخطوط رقم: 22 ضمن مجموع بخزانة القرويين.
- " حاشية على خليل"
- " شرح على جمل الخونجي".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(145/475)
- وله نظم، منه قصيدة عارض بها البردة، وغير ذلك.
رحلته الى الحج و عودته الى توات ووفاته:
قام الامام المغيلي بأداء فريضة الحج، عاد بعدها ليستقر بمدينة توات خاصة بعد ان قتل اليهود ولده البكر عبد الجبار انتقاما من والده الذي ضيق عليهم و قهرهم و أذلهم، بعد عودته إلى توات قصده طلاب العلم و العلماء فلم يبخل عليهم بعلمه و فقهه رغم كبر سنه و بقي وفيا لرسالته في الدعوة و الإصلاح إلى وفاته رحمه الله سنة 909 هـ، و سنة الوفاة هذه يشك فيها بعض المؤرخين، و الله أعلم، و دفن في بلدية زاوية كونتة في ادرار رحمه الله تعالى و جزاه بكل خير.
ويقال:" إن بعض ملاعين اليهود مشى لقبرهفبال عليه فعمي مكانه"
أوردها أحمد باب التنبكي فينيل الابتهاج ص331، و ابن مريم في البستان ص 246،
ملاحظة: أتذكر أن مدينة أدرار أقامت سنة 1985 م أول مهرجان ثقافي للتعريف بتاريخ المنطقة، و ألقيت فيه محاضرات قيمة منها محاضرة للمحقق الشيخ المهدي بوعبدلي - رحمه الله - و نشرتها مجلة الأصالة ترجمت للإمام المغيلي فلعل احدهم ينشرها هنا أو يفيدنا بها جزاه الله خيرا.
المصادر و المراجع:
- " الأعلام " خير الدين الزركلي - دار العلم للملايين - بيروت لبنان- الطبعة الخامسة أيار (مايو) 1980 م.
- " تاريخ الجزائر الثقافي" الدكتور أبو القاسم سعد الله، دار الغرب الإسلامي، بيروت، 1998م.
- " الجزائر أرض عقيدة و ثقافة" (باللغة الفرنسية)
Algerie, Terre De Foi Et De Culture تأليف الوزير و السفير السابق كمال بوشامة – طبع دار هومة للطباعة و النشر و التوزيع – الجزائر 2007 م.
-" البستان في ذكر الأولياء والعلماء بتلمسان"، لابن مريم محمد بن أحمد: نشر محمد بن أبي شنب، تقديم عبد الرحمن طالب، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1988 م.
- "تعريف الخلف برجال السلف" الحفناوي، أبو القاسم محمد - مؤسسة الرسالة، الطبعة الثانية 1985 م.
- " الإمام المغيلي وآثاره في الحكومة الإسلامية في القرون الوسطى في نيجيريا" آدم عبد الله الألوري، ط 1، مصر، 1974 م.
- بحث بعنوان " ملامح من التأثير المغربيّ في الحركة الإصلاحية في النيجر" للدكتور عبد العلي الودغيري - رئيس الجامعة الإسلامية بالنيجر منشور في مجلة التاريخ العربي (النسخة التي عندي ينقصها التاريخ).(145/476)
راوي عرف بالحنَّاط ثم الخياط ثم الخبَّاط
ـ[أبو جابر الجزائري]ــــــــ[21 - 05 - 08, 06:28 م]ـ
هو عيسى بن أبي عيسى ميسرةَ المدني الحنَّاط ثم الخياط ثم الخبَّاط نسب في الثلاثة له عن أنس ضعفه الدارقطني وقال أحمد لا يساوي شيئاً
المغني في الضعفاء 2/ 500
ـ[أبو جابر الجزائري]ــــــــ[10 - 07 - 08, 02:02 م]ـ
رفع ـ للفائدة ـ
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[10 - 07 - 08, 02:45 م]ـ
أحسن الله إليك
وكذلك مسلم بن أبي مسلم؛ قال الحافظ العراقي:
ووصفوا حناطا او خباطا ........................ عيسى ومسلما كذا خياطا
ـ[أبو جابر الجزائري]ــــــــ[10 - 07 - 08, 02:54 م]ـ
بارك الله فيك على الفائدة
ـ[أبو عبدالكريم الملاح]ــــــــ[11 - 07 - 08, 12:03 ص]ـ
عيسى بن أبي عيسى ميسرة بن حيان الحباط الحناط الخياط الغفاري القرشي الكوفي المدني المديني أبو محمد وأبو موسى هو أبو محمد وأبو موسى الحباط الحناط الخياط الغفاري القرشي الكوفي المدني المديني تهذيب 8/ 224، 235، تقريب 2/ 100، 102، خلاصة 257، ميزان 3/ 320، مغني 500، تجريد 332، مجروحين 2/ 117، ضعخ 86، ضعن 77، جرح 6/ 289، 290، تخ 6/ 404، ((405))، تخص 2/ 104، مديني 146، عجلي 380، قط 135، ضعج2/ 240.(145/477)
هل قولهم: كما تكونوا يُولى عليكم قاعدة مطردة
ـ[أبو عبد الله الزاوي]ــــــــ[22 - 05 - 08, 07:43 م]ـ
هل قولهم: كما تكونوا يُولى عليكم قاعدة مطردة قال بعضهم: هي قاعدة سلطانية مطردة فهل هذا صحيح يشهد التاريخ لهذا الاطراد أم هناك أزمنة كان الأمر على عكس ما
ذُكِر بارك الله فيكم
ـ[أبو عبد الله الزاوي]ــــــــ[21 - 06 - 08, 06:56 م]ـ
وهل تجتمع أم تتنافر مع مقولة الناس على دين ملوكهم.
ـ[أبو عبد الله الزاوي]ــــــــ[25 - 06 - 08, 03:36 م]ـ
أفيدونا بوركتم.
ـ[أبو عبدالرحمن عبد القادر]ــــــــ[27 - 11 - 08, 10:33 م]ـ
هناك رسالة جد نافعة بهذا الخصوص للشيخ عبد المالك رمضاني
كَمَا تَكُونُوا يُولَّى عَلَيْكُم
أثرٌ عن الحسن البصري:
قال السخاوي في المقاصد الحسنة عند حرف الكاف:
وعند الطبراني معناه من طريق عمر وكعب الأحبار والحسن فإنه سمع رجلاً يدعو على الحجاج فقال له: لا تفعل إنكم من أنفسكم أتيتم، إنا نخاف إن عزل الحجاج أو مات أن يستولي عليكم القردة والخنازير، فقد روي أن أعمالكم عمالكم، وكما تكونون يولى عليكم.
وقد بحثت عنه في معاجم الطبراني بهذا اللفظ فلم أجده.
فوائدُ في ثنايا البحث:
- الفائدة الأولى:
قال العجلوني في كشف الخفاء (2/ 166): وفي فتاوى ابن حجر: وقال النجم: روى ابن ابي شيبة، عن منصور بن أبي الأسود، قال سألت الأعمش عن قوله تعالى: " وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا " [الأنعام: 129] ما سمعتهم يقولون فيه؟ قال: سمعتهم إذا الناس أمر عليهم شرارهم.
وروى البيهقي عن كعب قال: إن لكل زمان ملكا يبعثه الله على نحو قلوب أهله؛ فإذا أراد صلاحهم بعث عليهم مصلحا، وإذا أراد هلاكهم بعث عليهم مترفيهم.ا. هـ.
أما أثر الأعمش فقد رواه أيضا أبو نعيم في الحلية (5/ 51).
- الفائدة الثانية:
قال العلامة الألباني في الضعيفة (320) بعد تخريجه للحديث:
ثم أن الحديث معناه غير صحيح على إطلاقه عندي، فقد حدثنا التاريخ تولي رجل صالح عقب أمير غير صالح والشعب هو هو.ا. هـ.
- الفائدة الثالثة:
قال الطرطوشي في سراج الملوك (ص 197):
الباب الحادي والأربعون في " كما تكونوا يولى عليكم ".
لم أزل أسمع الناس يقولون: " أعمالكم عمالكم كما تكونوا يولى عليكم " إلى أن ظفرت بهذا المعنى في القرآن قال الله تعالى: " وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا " [الأنعام: 129]، وكان يقال: ما أنكرت من زمانك فإنما أفسده عليك عملك.
وقال عبد الملك بن مروان: ما أنصفتمونا يا معشر الرعية، تريدونا منا سيرة أبي بكر وعمر ولا تسيرون فينا ولا في أنفسكم ..... ا. هـ.
- الفائدة الرابعة:
استدل بعض أهل اللغة بلفظ هذا الحديث على فائدة لغوية ذكرها ابن هشام في المغني، وسأنقل هذه الفائدة من " مختصر مغني اللبيب عن كتب الأعاريب لابن هشام الأنصاري " للشيخ محمد بن صالح بن عثيمين – رحمه الله – (ص 110 – 111):
القاعدة الحادية عشرة:
من ملح كلامهم تقارض اللفظين في الأحكام، ولذلك أمثلة منها: إعطاء كلمة (غير) حكم (إلا) في الاستثناء، وإعطاء حكم (إلا) حكم (غير)، ومنها إعطاء (أن) حكم (ما) المصدرية المهملة في الإهمال وبالعكس، ومُثِّل له بقوله صلى الله عليه وسلم: " كما تكونوا يولى عليكم " ذكره ابن الحاجب، والمعروف: " كما تكونون " ... ا. هـ.
انتهي هذا البحث الذي أرجو أن يكون فيه النفع والفائدة. آمين.
رابط الموضوع ( http://alsaha.fares.net/sahat?14@23.PzqlaGzw1a5^0@.ef0df5a)
عبد الله زقيل
ـ[أبو عبد الوهاب الجزائري]ــــــــ[29 - 11 - 08, 02:43 ص]ـ
بارك الله فيكم
ـ[أبو عبد الله الزاوي]ــــــــ[15 - 12 - 08, 01:00 م]ـ
[ quote= أبو عبد الله الزاوي;845374] وهل تجتمع أم تتنافر مع مقولة الناس على دين ملوكهم. [/
بارك الله فيكم على الفائدة بقي الجواب عن هذا السؤال بارك الله فيكم.(145/478)
((أين أجد)) المستدرك على البلاذري في أنساب الأشراف (12 جزاء) Pdf
ـ[مصعب الجهني]ــــــــ[23 - 05 - 08, 01:25 ص]ـ
كتاب: المستدرك على البلاذري في أنساب الأشراف بـ 12 جزاءٍ Pdf
تأليف: محمد فردوس العظم
طبعة: مكتبة اليقظة العربية - دمشق -
الطبعة الأولى
سنة: 2004 م
هل بالإمكان الحصول عليه بصيغة وورد أو الشاملة أو مصوراً؟
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[23 - 05 - 08, 03:07 ص]ـ
رحم الله المنفلوطي
كتب في النظرات مقالة بعنوان:
خداع العناوين!
ـ[تامر الجبالي]ــــــــ[25 - 05 - 08, 07:58 ص]ـ
رحم الله المنفلوطي
كتب في النظرات مقالة بعنوان:
خداع العناوين!
أحسن الله إليك
فهذا هو الخداع، ولن يكلف كثيرًا زيادة كلمة في العنوان: (طلب: ... )
ـ[مصعب الجهني]ــــــــ[25 - 05 - 08, 05:29 م]ـ
أحسن الله إليك
فهذا هو الخداع، ولن يكلف كثيرًا زيادة كلمة في العنوان: (طلب: ... )
شكراً لكُما على الرفع ...
وأرجو الله العلي أن يغفر لي خداعكما!!
ـ[فيصل الصاعدي]ــــــــ[03 - 06 - 08, 04:56 م]ـ
رايت كتاب للبلاذري على هيئة pdf في موقع منزل باجزائه
دمت بود
ـ[محمد المبارك]ــــــــ[13 - 06 - 08, 03:37 م]ـ
الأديب المبدع محمد فردوس العظم مدرسة في علم التحقيق
لاسيما تحقيقه لكتاب الانساب لابن الكلبي
ـ[مصعب الجهني]ــــــــ[14 - 06 - 08, 02:03 ص]ـ
الأديب المبدع محمد فردوس العظم مدرسة في علم التحقيق
لاسيما تحقيقه لكتاب الانساب لابن الكلبي
نعم الآمر كما قلت أخي المبارك
فقد سلك المحقق البارع فردوس العظم طريقة في نشر الكتب, وذلك بنشرها بخط يده الجميل وبالتشكيل والضبط للكلمات, فعندما ترى الكتاب تظنه المخطوطة الأصل .. وله بهذه الطريقة:
1 - كتاب جمهرة الأنساب , للكلبي 2 - كتاب نسب معد واليمن الكبير , للكلبي 3 - مختصر جمهرة النسب للكلبي, لياقوت الحموي
ـ[أبو حسن المدني]ــــــــ[24 - 10 - 10, 11:28 م]ـ
الأخ النسابة مصعب الجهني
شكرا بورك في جهودك العظيمه وجهينة أهل وفاء وخير جوار ..(145/479)
الشيخ مصطفى أحمد ناجي (ت 1423هـ)
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[23 - 05 - 08, 05:10 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين , الرحمن الرحيم , مالك يوم الدين
اللهم صلّ وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
الشيخ مصطفى أحمد ناجي، من أعلام الدعوة السلفية، ونائب رئيس جماعة أنصار السنة المحمدية في السودان، ولد بمدينة سواكن في السودان عام 1334هـ، وتلقى العلم على يد الشيخ أبو طاهر السواكني، أحد علماء الأزهر المعروفين، وفي عام 1945م كوَّن الشيخ ناجي مجموعة للدعوة أطلق عليها اسم (جماعة التوحيد)، ولما سمع بجماعة أنصار السنة في أم درمان بادر بالانضمام إليها، وعمل في صفوفها، وتولى إمامة مسجد المركز العام للجماعة ولمدة تزيد على ثلاثة عقود، وأصبح بذلك خطيبَ أهم مسجد للجماعة، تميز -رحمه الله- بغزارة علمه، وكان له أسلوبه المتميز في تدريس أبواب التوحيد والعبادات وتناول القضايا العامة وتحليل الأحداث، وكان من المهتمين بالعلم والتعليم، واستطاع أن يستقطب الكثير من الشباب إلى الدعوة إلى السلفية من خلال الدروس والمحاضرات التي كان يلقيها بالمركز العام للجماعة، وقد تخرج على يديه المئات منهم، وكان له أثر بارز في إعداد الكثير من الدعاة وخطباء الجمعة.
ابتُلِي وامتحن في سبيل دعوته، وكان حكيمًا مع خصومه وكسب الكثير منهم، أنفق بسخاء في سبيل نصرة الدعوة الإسلامية، توفي رحمه الله في التاسع من شهر شوال عام 1423هـ.
المصادر:
1 - مجلة التوحيد (مصر) - العدد (11)، شهر ذي القعدة، 1423هـ.
2 - موقع جماعة أنصار السنة المحمدية بالسودان.
الرابط ( http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?ArticleID=2739)(145/480)
الأندلسيون في تونس
ـ[هشام زليم]ــــــــ[24 - 05 - 08, 12:21 ص]ـ
من كتاب انبعاث الإسلام بالأندلس للأستاذ علي المنتصر الكتاني رحمه الله. الصفحة 395 - 400.
"اتجه الأندلسيون إلى تونس من شرق الأندلس بنفس الكثافة التي اتجهوا بها إلى المغرب من غربه, واستقر عدد منهم في العاصمة و منطقتها. و ظل الأندلسيون التونسيون يحتفظون بشخصية مميزة أيام الحكم العثماني الذي أعطاهم الحكم الذاتي تحت زعيم ينتخبونه يسمى شيخ الأندلس. و لم تضع الجاليات الأندلسية, التي حافظت على لغاتها العجمية (القطلانية و القشتالية) إلى القرن التاسع عشر, هويتها إلا منذ بداية الإستعمار الفرنسي. و يمكن تقديرعدد التونسيين المنحدرين من أصل أندلسي الأن بحوالي مليون نسمة من مجموع سبعة ملايين, لم يعد يتذكر أصله الأندلسي منهم سوى نسبة ضئيلة, أو حوالي خمسون ألف شخص.
عمل جو العاصمة على صهر السكان أكثر من باقي المناطق التونسية, و لم تحتفظ فيها بذكراها الأندلسية اليوم سوى بعض العائلات العلمية الكبيرة, من أهمها عائلة ابن عاشور التي أعطت لتونس عددا من العلماء و الكتاب و فقهاء المذهب المالكي. فالشيخ محمد الفاضل بن عاشور (1909 - 1970م) , الذي عمل قاضيا للعاصمة و مفتيا للجمهورية و عميدا لكلية الشريعة بجامعة الزيتونة, هو ابن الشيخ محمد الطاهر (1879 - 1973م) الذي كان كذلك قاضيا و أستاذا بالزيتونة, و من أهم إنتاجه العلمي "تفسير التقرير و التنوير" للقرأن الكريم, و كان أول فقيه مالكي اعتلى منصب شيخ الإسلام سنة 1932م الذي كان مقتصرا على فقهاءا لمذهب الحنفي, ابن محمد (1860 - 1920م) , رئيس إدارة الأحباس, إبن الشيخ محمد الطاهر (1815 - 1868م) , أستاذ الفقه و الأداب بجامعة الزيتونة, و في سنة 1851 م عينه أحمد باي قاضيا مالكيا للعاصمة, ثم مفتيا بعد سنة 1861م , ابن العدل محمد بن الشاذلي ابن الشيخ عبد القادر, شيخ طريقة له زاوية في العاصمة, ابن الشيخ محمد بنعاشور (1620 - 1698م) أول قادم من سلا بالمغرب إلى تونس, و مؤسس عائلة ابن عاشور بها.
ولد الشيخ محمد بن عاشور سنة 1030ه (1620م) لوالدين هاجرا إلى سلاك (لا شك سلا الجديدة أي الرباط) من فرنجوش (مقاطعة استرامادورا) , وقد ظل أقرباء له بالعاصمة المغربية حيث توجد عائلة عاشور إلى اليوم. و ذهب محمد بن عاشور إلى الحج, ثم رجع إلى تونس حيث استقر و تزوج و عمل لكسب عيشه في صناعة الشواشي و انضم إلى الطريقة الشاذلية حيث كان يقصد زاويتها المسماة بزاوية الزواوي خارج باب المنارة, و أصبح مريدا للشيخ محمد القجيري. و اشتهر الشيخ محمد بن عاشور بدينه و عفته و حسن أخلاقه, فأصبح شيخا للزاوية بعد وفاة الشيخ الزواوي دون عقب.
اشتهرت في العاصمة التونسية في القرن الثامن عشر شخصيات أندلسية منهامحمد خزندار, المتوفى سنة 1762م, رئيس وزراء الباي حسين بن علي, و قد ذكر مناقبه الرحالة الإسباني فرنسيسكو خيمنيس, كما ذكر أخاه محمد السريري. و لا يعرف اليوم اسم العائلة المنحدرة منهما, غير أن أصلهما من سرقسطة (أراغون القديمة). و منهم الشريف سليمان القسطلي, أصله من قلعة النهر (مقاطعة مجريط اليوم) حيث كانت تسمى عائلته كنطريراش, و قد التقى به خيمنيس. كان من كبار مجاهدي البحر, له مستشفيات في العاصمة و نفوذ كبير. و منهم علي بن عياد و علي قطلينا اللذان كانا من أكبر أغنياء العاصمة. و اجتمع الرحالة خيمنيس بالشيخ عبد القادر بن عاشور و ذكره في رحلته كشيخ طريقة صوفية. و ذكر خيمنيس شخصيات أندلسية أخرى لا زال حفدتها موجودين, منها الحاج مصطفى الباي و علي برغيت و محمد الوزير (مات سنة 1819م) و محمد المشاط (مات سنة 1834م) و علي الشريف (مات سنة 1849م) شيخ الطريقة العيساوية, و غيرهم كبني الحداد و قسطلي و قريذو و التومي و العروصي و سيدا. و تدل هذه الأسماء أن كثيرا من العائلات الأندلسية اتخذت أسماء عربية أو تركية بعد إقامتها في تونس, من بينها اليوم عائلة كشك التي تنتمي إليها عدة تجار و رجال أعمال.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(145/481)
ترجم المؤرخ ابن ضياف ل21 أندلسي من بين 407 شخصية تونسية في القرن التاسع عشر, منهم 19 شخصية توفيت بين 1815 و 1872م, منهم اثنان من بيت الحداد: أحمد (المتوفى سنة1817م) و علي (1856م) و ستة من بيت الوزير: محمد (1818م) و حسن (1827م) و حسونة 1832) م و محمد (1856م) و أحمد (1868م) , و محمد قريذو (1819م) و محمد المشاط (1832م) و محمد العروصي (1837م) و محمد التومي (1840م) و محمد قسطلي 1849م و محمد شلبي 1842م و حمدان سيدا (1846م) و محمد ماظور (1848م) و علي الشريف (1849م) و اثنين من بيت العصفوري: محمد (1856م) و محمد الشاذلي (1868م). و هكذا نرى أن من بين العائلات ال12 المذكورة, 4 فقط لها أسماء أندلسية عجمية واضحة (قريذو و قسطلي و ماظور و سيدا).
تنحدر عائلة لاخوا La joa التونسية من بني السراج الغرناطيين. كان جدهم, موسى لاخوا, ضحية محاكم التفتيش بغرناطة حوالي سنة 1727م, التي حكمت عليه بالسجن أربع سنوات, فهرب مع إخوته إلى أزمير (بتركيا اليوم) , و كتب إلى الشريف القسطلي يطلب المساعدة للإنتقال لتونس, فساعدهم الشريف على ذلك. وأثمرت عائلة لاخوا اليوم جماعة من المثقفين و الأطباء و المهندسين و رجال الأعمال.
و من أهم مواطن التواجد الأندلسي الوطن القبلي, حيث مدينة سليمان التي تأسست سنة 1610م على أنقاض كسولة القديمة, و في سنة 1731م, كان سكانها حسب خيمينس حوالي 4.500 نسمة, ثلثهم, أو حوالي 1.500 نسمة, أندلسيين, و في سنة 1862م, كانت أحوال البلدة قد ساءت بسبب هجوم الأعراب المتكرر , حتى أصبح عدد سكانها700 شخص, أكثرهم غير إسبانيين. و اليوم , انقرضت جل عائلات سليمان, إما بسبب الهجرة أو بنسيان تاريخها أو بعدم الولادة. و من هذه العائلات المنقرضة, اللونقو, و المسنيكو, و بلانكو, و تنداليكو, و باتسانا, و روجو, و بونيو, و الركلي و قشتاليو, و قرال, و غيرها0 و لم يبق اليوم من مجموع 20.000 نسمة سوى حوالي700 أندلسي موزعين على 11 عائلة هي: الريشيكو Rey Chico و ماظور Amador و بن إسماعيل و بشكوال و الري و الأسبرسو و البنديكو و جحا و مريمو و سكالين و ابن الحاج.
و تنتسب عائلة الرشيكو إلى أبي عبد الله أخر ملوك غرناطة. و من أبرز أعضائها أخونا المهندس في المياه رضوان الرشيكو (ولد سنة1960م). و هو ابن معلم الأجيال المتوفى يوم 10 رجب عام 1410ه (1990 - 2 - 6) رحمه الله, ابن محمود بن مصطفى بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد, المهاجر من فاس إلى سليمان, بن محمد بن أحمد بن يوسف بن أبي عبد الله الرشيكو الذي هاجر إلى فاس من غرناطة. و عدد أفراد هذه العائلة في سليمان اليوم حوالي 30 شخصا, و لهم بها مقبرة خاصة. و أنجبت عائلة ماظور علماء أجلاء و أئمة, منهم القاضي الشيخ مصطفى ماظور المتوفى سنة 1848م, ابن القاضي محمد بن منظور التيمي. و قد حفظت عائلات سليمان الأندلسية الباقية على عاداتها في اللهجة و المأكل و الملبس و في الإعتزاز بالإنتماء إلى الأندلس.
و يكاد الوجود الأندلسي ينقرض من مدن الوطن القبلي الأخرى, كتركة و نيانو و بلي و قرمبلية, رغم أن معظمها كان من تأسيس الأندلسيين الذي بقيت نسبهم فيها مرتفعة إلى القرن الثامن عشر حسب خمينيس, حيث قال إن قرمبلية من إنشاء مصطفى قردناش و إن بها حوالي 150 نسمة, معظمهم أندلسيون, منهم عائلة ورفالة الموجودين في مناطق أخرى كذلك. و قال عن بلى بأن بها حوالي 1500 نسمة, كثير منهم أندلسيون. وقد استقطبت مدن الوطن القبلي الكبيرة, كنابل و منزل بوزلفي, عدة عائلات أندلسية, كعائلة مورو, و منها الشيخ عبد الفتاح مورو, أحد زعماء الإتجاه الإسلامي بتونس.
و أسس زغوان, و هي امتداد للوطن القبلي, الأندلسيون الحاج علي كتالينا و علي بن عياد و شيخ الأندلس الشريف القسطلي. و في سنة 1276ه (1859) , كانت تدفع فيها الضرائب حوالي 178 عائلة (790نسمة) , منها 25 عائلة (125 نسمة) أندلسية, (14 في المائة من السكان) , منها عائلة محفوظ التي كان لأفرادها مسؤولية توزيع مياه البلدة على الأهالي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(145/482)
و في القرن السابع عشر أسس الأندلسيون تستور, أهم مدينة أندلسية في وادي المجردة, و عمروها. و في سنة 1631م, قدر عددهم طوماس داركوس بحوالي 7.500 نسمة. و في سنة 1731م, اصبح عددهم, حسب خيمنيس, حوالي 4.000 نسمة, معظمهم أندلسيين, بماا فيهم عاملها الحاج أحمد أريسا. و كانوا لا زالوا يتكلمون اللغة العجمية (قطلانية غالبا و قشتالية كذلك).
و في سنة 1276ه (1859م) , كانت تدفع ضرائب تستور 177 غائلة فقط, ثلثهم أندلسيون. و اليوم, فعدد سكان تستور حوالي 10.000 نسمة, وهي تضيع بسرعة خواصها الأندلسية. و توجد بها حوالي 100 عائلة ذات أصول أندلسية محققة, أي حوالي عدة ألاف من الأشخاص, منها: برفينو و برتيلة و بلنسين Valenciano و بلانكو Blanco و بكيل و بومست و زبيس و الحورشي و رمتانة و كامش و كاشيمي و لكانتي Alicante و مركيكو و مورشكو Morisco و مدينة و ساكنة و هنديلي و هشيش و ماركو Marco و باتيس و الكوندي Conde و سريسو و فليبو Philipo, إلخ ...
و تمتاز الأسر الأندلسية في تستور كما في باقي المدن و القرى التونسية, بمستوى حضاري رفيع و باختفاضها على العادات الأندلسية في المأكل و المشرب. وقد هاجر منهم عدد كبير إلى العاصمة حيث انصهر مع باقي السكان وضاعت هويته الأندلسية. و من أبناء أندلسيي تستور المعاصرين السيد سليمان مصطفى زبيس, الكاتب التونسي المختص في الدراسات الأندلسية و العضو المراسل للمجمع الملكي للتاريخ بمجريط.
و من أهم مدن وادي المجردة طبرية, التي حافظت بعض الشيء على ثراتها الأندلسي في المسكن و المأكل و العادات. و بها كثير من العائلات الأندلسية منها من انقرض: بشكوال وكندوير و لوصانو و جيليشكة و مانس و ابن النجار, أو انتقل إلى العاصمة أو غيرها: برزون و الجورشي و الطبائري و الحداد أو (الزنايدي) , أو تغيير اسمه فضاعت هويته الأندلسية. ومن العائلات الباقية في طبرية: تينسة و مانية و البطيري و مندرانو و بيشالبي و فتوح و ابن عاشور و ابن رمضان و ابن براهم و كبير و الزين و ابن الحاج سالم و ابن عيسى ووحمة الأندلسي.
كان القرن التاسع عشر شاقا على المدن الأندلسية بسبب هجمات الأعراب التي قضت على الأمن و بالتالي على اقتصاد المدن و القرى. فانتشرت الأوبئة, وفر عدد كبير من الأهالي الأندلسيين إلى المدن الكبرى خاصة العاصمة, حيث تشتتوا و ضاعت هويتهم. فلم يبق من مؤسسي سليمان ال10.000 سوى 700, و هجر الجديدة و تفرق سكانها, و انهار المستوى الديمغرافي في كل قرى وادي المجردة و الوطن القبلي الأندلسية لدرجة مأساوية. و تابع الإستعمار الفرنسي سياسة تشتيت الأندلسيين و إدماجهم. و في سنة 1271ه (1855م) , قطع باي تونس الإمتياز الذي كانت تعطيه الدولة للأندلسيين بإلغاء منصب شيخ الأندلس في وقت تزامن مع هجمات الأعراب. فكان بذلك نهاية معاملتهم كمجموعة حضارية قائمة بنفسها.
و توجد اليوم أعداد مهمة من العائلات الأندلسية في كل مدن تونس الكبرى, كبنزرت و سوسة و منستير (حيث بيت قديرة الأندلسي) و صفاقس, خارج مناطقهجرتهم الأولى, وبقيت الأندلس ذكرى فقط و عادات يتوارثها الأبناء عن الأباء. ومن العائلات الأندلسية التي يمكن التعرف عليها في المدن التونسية المختلفة: كونكة Cuenca و مانوشو و الصوردو Sordo و مرياح و صندسد و كراندي Grande و حجاج و عمروسي و الوافي كعاك و السراج و كبادو و كبادي و كراباكا Caravaca و بسطي (نسبة إلى بسطة) و الريكلي و درمول و نوباينة Novaina و داوود و رحال و السباعي و ابن زكري و شبيل و حرميلو و الحشايشي و الشريف و الكاهية, إلخ .... "(145/483)
((الأندلسيون في مصر))
ـ[هشام زليم]ــــــــ[24 - 05 - 08, 03:42 م]ـ
من كتاب "انبعاث الإسلام بالأندلس" للأستاذ علي المنتصر الكتاني رحمه الله. الصفحة 400 - 404.
"انتقل إلى مصر جم غفير من الأندلسيين, عبر العصور, ترجم المقري في "نفح الطيب" لحوالي 37 عالما و فقيها و أديبا من أشهرهم. منهم في القرنين الرابع و الخامس الهجري, الوليد بن هشام, المعروف بأبي ركوة, الذي هاجر إلى برقة (بليبيا اليوم) فثار على الحاكم العبيدي و جمع الناس حوله, فغلبته عساكر الحاكم و أتت به إلى القاهرة حيث أعدم في 13 رجب عام 399 ه, و قد خلف أبو ركوة أشعارا كثيرة. و منهم عبد الله بن رشيق (من قرطبة) , كان أديبا شاعرا عفيفا خيرا, رحل أولا إلى القيروان ثم حج و رجع إلى القاهرة حيث توفي سنة 419ه. و منهم أبو محمد عبد العزيز بن أحمد بن السيد ابن المغلس القيسي (من بلنسية) , كان عالما باللغة العربية, انتقل في البلاد ثم استوطن مصر حيث توفي سنة 427ه.
و من أندلسيي القرن السادس الذين استوطنوا مصر أبو بكر محمد بن الوليد المعروف بابن أبي رندقة (من طرطوشة) , صاحب "سراج الملوك" , انتقل إلى الإسكندرية و بها توفي سنة 520ه. و منهم أبو عبد الله محمد بن أحمد الأموي المعروف بالنقاش (من طليطلة) , نزل مصر و قعد للإقراء في مسجد عمرو بن العاص إلى أن توفي بها سنة 529ه. و منهم أبو زهر ثابت بن فرج الخثعمي (من بلنسية) , كان شاعرا أديبا, استقر بمصر و بها توفي في رجب سنة 545ه ومنهم أبو بكرمحمد بن عبد الملك بن السراج "من شنتمرية الغرب'' , كان من أئمة اللغة العربية المبرزين و من أشهر النحويين, قدم القاهرة سنة515 ه و جلس لتعليم النحو في جامعها الأزهر, و بها توفي في رمضان سنة 549ه. و منهم أبو العباس أحمد بن معد بن وكيل (من أقليش) , رحل من مولده دانية إلى بلنسية حبث أخذ العربية و الأداب و الحديث, ثم إلى المشرق سنة 542ه, ثم استقر بمكة المكرمة, ثم قفل راجعا إلى مصر حيث توفي بمدينة قوص سنة 550ه. ومنهم أبو يحي اليسع بن عيسى الغافقي (من جيان) , صاحب كتاب " المعرب في أخبار محاسن أهل المغرب" الذي جمعه للسلطان صلاح الدين الأيوبي, انتقل إلى مصر سنة 560ه, و توفي بها سنة 575ه. ومنهم أبو عبد الله محمد بن عبد الملك الخزرجي (من قرطبة) , من أشياخ ابن بشكوال, استوطن مصر و توفي بها سنة 588ه. و منهم الإمام العلامة أبو القاسم بن خيرة الشاطبي (من شاطبة) صاحب "حرز الأماني" و "العقبة" و غيرهما, كان فقيها حافظا, دخل مصر سنة 572 ه و توفي بالقاهرة يوم الأحد 28 جمادى الأخرة سنة 590 ه, و دفن بالتربة الفاضلية بسفح المقطم.
و من أندلسيي القرن السابع الذين استوطنوا مصر أبو بكر محمد بن عبد الله بن العربي (من إشبيلية) , حفيد القاضي الحافظ أبي بكر بن العربي, حج و رحل إلى الشام و العراق, ثم رجع إلى إشبيلية للتدريس, و في سنة 612ه تصوف و تعبد و انتقل إلى الإسكندرية, حيث توفي سنة 617ه. و منهم الحافظ أبو الخطاب بن دحية (من دانية) , كان من أعلام اللغة العربية و الحديث, صنّف كتبا كثيرة منها " التنوير في مولد السراج المنير", رحل إلى تونس سنة 595ه و عمره 55 سنة, ثم عاد و حج إلى مصر فاستأدبه الملك العادل لولده و أسكنه القاهرة, و بها توفي سنة 633ه. و منهم أخوه الأكبر أبو عمرو عثمان بن الحسين (من دانية) , كان حافظ للغة العربية, انتقل إلى القاهرة و رتبه الملك الكامل مكان أخيه أبي الخطاب في دار الحديث الكاملية, و بقي بها إلى أن توفي سنة 634ه. و منهم أبو الربيع سليمان بن إبراهيم بن صافي (من قيسانة من عمل غرناطة) , فقيه مالكي قدم القاهرة و ناب في الحسبة, توفي بها سنة 634ه عن سبعين سنة. و منهم أبو مروان محمد بن أحمد اللخمي (من إشبيلية) , و لي القضاؤ بإشبيلية, ثم رحل إلى المشرق فحج و زار الشام, ثم استقر بالقاهرة حيث توفي سنة 635ه عن 71 سنة. ومنهم أبو القاسم بن حاضر (من جزيرة شقر) كان عالما بصناعة التوريق, قدم قوص و استوطنها و توفي بها سنة 639ه. و منهم موسى بن سعيد العنسي (من قلعة يحصب) , والد أبي الحسن علي متمم كتابه " المغرب في أخبار المغرب", كان أديبا مفكرا راجح العقل, انتقل بولده إلى مصر و توفي بالإسكندرية سنة 640ه بعد أن أوصاه بالرجوع إلى الأندلس. و منهم الشاعر أبو محمد
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(145/484)
القرطبي (من قرطبة) , انتقل إلى القاهرة و بها توفي سنة 643ه. ومنهم الطبيب أبو عبد الله بن البيطار (من مالقة) , ترك كتبا هامة في الأدوية المفردة, جال في الأرض يبحث عن الأعشاب ثم استقر في مصر و جعله الكامل رئيسا على جميع العشابين و أصحاب البسطات, ثم خدم ولده الملك الصالح إلى أن توفي في شعبان سنة 646ه.
و من أندلسيي القرن السابع الذين استوطنوا مصر أيو بكر محمد بن أحمد الخزرجي (من مالقة) , من الزهاد الورعين المتقين, انتقل إلى القاهرة و بها توفي سنة 651ه و دفن بقرافتها. و منهم أبو بكر حميد بن أبي محمد الأنصاري (من قرطبة) , نزل مالقة ثم انتقل إلى القاهرة, كان من الزهاد الصالحين, توفي سنة 652ه عن 46 سنة و دفن بسفح المقطم. ومنهم أبو عبد الله التجيبي الدهان (من غرناطة) و كان تاجرا عدلا فاضلا, و مات بقوص سنة 653ه. و منهم أبو عبد الله محمد بن عبد الله السلمي (من مرسية) , مفسر فقيه جال بلاد الإسلام من المغرب إلى خراسان و استقربمصر, مات قرب العريش سنة 655ه عن 85سنة. و منهم أبو العباس أحمد بن عمر القرطبي (من قرطبة) صاحب " المفهم في شرح مسلم", فقيه محدث مدرسو ولد بقرطبة سنة 5479ه و سمع بها, ثم انتقل إلى المشرق و قدم مصر و اختصر بها الصحيحين, توفي بالأسكندرية سنة 656ه. و منهم الطبيب أبو عبد الله محمد اللوشي (من لوشة) , استقر بمصر و بها توفي سنة 660ه. و منهم المحدث أبو عبد الله محمد بن سراقة (من شاطبة) , انتقل فى طلب العلم إلى الشام و العراق, و استقر بمصر حيث تولى مشيخة دار الحديث الكاملية سنة 643ه إلى أن توفي في شعبان سنة662ه. و منهم أبو جعفر محمد بن بندار القيسي (من مالقة) , كان دينا خيرا فاضلا له مشاركة في عدة علوم, توفي بالقاهرة سنة 662ه عن 37 سنة. و منهم الصوفي الشهير أبو الحسن عبي الششتري (من ششتر من عمل وادي أش) , كان مجودا للقرأن قائما عليه عارفا بمعانيه, جال الأفاق و اثر التجرد للعبادات و صنف الكتب الكثيرة في التصوف, و له ديوان شعر, توفي في دمياط في 17 صفر عام 668ه. و منهم أبو عبد الله محمد بن فرح (من قرطبة) , كان من الصالحين و العلماء العارفين الورعين, له تاليف عدة في التفسير و التصوف, توفي بمنية ابن خصيب سنة 671ه. و منهم أبو عبد الله محمد سليمان لمعافري المعروف بابن الربيع (من شاطبة) , من أهل التصوف الأولياء الصالحين, استقر بالأسكندرية و بها توفي سنة 672ه. و منهم أبو عبد الله محمد بن يوسف الأنصاري (من شاطبة) , له تصانيف جيدة و شعرا, توفي بالقاهرة سنة 684ه. و منهم الولي الشهيرسيدي أبو العباس المرسي (من مرسية) , انتقل إلى الإسكندرية و توفي بها سنة 686ه, لأهل مصر فيه اعتقاد كبير حتى أصبح اسم " المرسي" شائعا إلى يومنا هذا بين أهل مصر. و منهم الشاعر الأديب أبو القاسم التجيبي (من بلش) , استوطن القاهرة و توفي بها سنة 695 ه عن 72 سنة. منهم أبو سلمة البياسي (من بياسة) كان عارفا بعلم الحديث ظاهري المذهب, استوطن القاهرة و بها توفي سنة 703 ه.
و من أهل القرن الثامن الذين استقروا بمصر أبو عبد الله الراعي (من غرناطة) , كان فقيها أصوليا, هاجر إلى مصر و بها توفي سنة 853 ه عن 71 سنة.
و هاجر بعد ذلك إلى مصر عدد من الأندلسيين, خاصة بعد سقوط غرناطة و بعد سنة 1609م, استقر كثيرون منهم في الأسكندرية التي أصبحت مركزا مهما لهم, أتوا إليها في غالب الأحيان عن طريق تونس, و توجد أسماء أندلسية كثيرة في وثائق المحكمة الشرعية بالأسكندرية في العقود التجارية و البيع و الشراء و الزواج و الميراث. و كان الأندلسيون يكتبون دائما أسماءهم متبوعة بلقب أندلسي أو النسبة إلى البلدة التي أتوا منها في الأندلس. كما استقر عدد من الأندلسيين في مدن مصر الأخرى كالقاهرة و دمياط و رشيد و السويس و المنصورة و أسيوط.
و انتقل إليها عدد من البيوتات الأندلسية المغربية في القرنين الأخيرين كبيت برادة و غيره. و يقتضي استقصاء الوجود الأندلسي المعاصر في مصر بحثا في الوثائق الشرعية و بين العائلات المغربية, ومنها الأندلسية."
ـ[ابن مسعود العتيبي]ــــــــ[24 - 05 - 08, 04:03 م]ـ
أخي الكريم: وفقه الله لكل خير
منذ زمن وأنا أبحث عن التراث الأندلسي فهلا دللتموني على ذلك وخصوصا (نشأة علم التفيبر والقراءات في الأندلس) وفقك الله لكل خير.
ـ[ابن مسعود العتيبي]ــــــــ[24 - 05 - 08, 04:06 م]ـ
أخي الكريم: وفقه الله لكل خير
منذ زمن وأنا أبحث عن التراث الأندلسي فهلا دللتموني على ذلك وخصوصا (نشأة علم التفيبر والقراءات في الأندلس) وفقك الله لكل خير.
عفوا (نشأة علم التفسير والقراءات في الأندلس)
ـ[هشام زليم]ــــــــ[24 - 05 - 08, 04:19 م]ـ
أخي الحبيب العتيبي لقد تعرض الثرات الإسلامي الأندلسي لأبشع جرائم الإبادة و التحريق. فأغلب المؤلفات نقرأ عنها في الكتب لكن لا أثر لها. فبمجرد ما غادر المسلمون طليطلة و قرطبة حتى حُرّقت كتبهم.
لكن وصل إلينا النذر اليسير و الحمد لله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(145/485)
ـ[ابن مسعود العتيبي]ــــــــ[24 - 05 - 08, 04:43 م]ـ
بارك الله فيك أخي المبارك ولكن هل من سبيل إلى مابقي أو ممن له اعتناء بهذا المصر المبارك
ـ[هشام زليم]ــــــــ[24 - 05 - 08, 05:16 م]ـ
لو وقفت على شيء في علم التفسير و القراءات و نشأته ببلاد الأندلس فسأنقله لك بإذن الله.
ـ[جمال عبد الرحمن]ــــــــ[25 - 05 - 08, 01:35 ص]ـ
هناك بالفعل دراسات لباحثين مصريين وإسبان عن التراث الأندلسى فى مصر، ونحاول فى الوقت الحاضر تجميعها فى كتاب يصدر باللغتين العربية والاسبانية. أذكر الآن دراسة الدكتور محمود على مكى التى نشرها فى مجلة المعهد المصرى للدراسات الإسلامية بمدريد. أذكر أيضا كتب المرحوم الدكتور عبد الرحيم عبد الرحمن عن المغاربة فى مصر من خلال وثائق المحكمة الشرعية (وقد صدرت الكتب فى تونس)
أما عن القراءات فربما أحصل قريبا على بحث كامل عن إسهام الأندلسيين المقيمين بمصر فى هذا المجال.
ـ[ابن مسعود العتيبي]ــــــــ[25 - 05 - 08, 04:07 م]ـ
جزاكم الله خيرا أيها الكرام واسأل الله لي ولكم التوفيق والسداد
وقد أخبرت أن الجامعات في المغرب العربي تناولت مثل هذه المواضيع إلا أنه أعياني الوصول إليها والله المستعان(145/486)
((الأندلسيون في المغرب))
ـ[هشام زليم]ــــــــ[24 - 05 - 08, 04:26 م]ـ
بسم الله الرحمان الرحيم. و صلى الله و سلم و بارك على محمد و على أله و صحبه أجمعين و من اهتدى بهديهم إلى يوم القيامة و الدين.
أما بعد.
يقول ابن أبي زرع في روض القرطاس الصفحة 53 و 54 عن سبب التسمية بفاس:" اختلف الناس في السبب الذي سميت من أجله فاس، فقيل إن إدريس رضي الله عنه لما شرع في بنائها كان يعمل فيها بيديه مع الصناع و الفعلة و البنائين تواضعا منه لله تعالى و رجاء الأجر و الثواب، فصنع له بعض خدمته فاسا من ذهب و فضة، فكان إدريس رضي الله عنه يمسكه بيده و يبتدئ به الحفر و يختط به الأساسات للفعلة، فكثر عند ذلك ذكر الفأس على ألسنتهم في طول مدة البناء، فكان الفعلة يقولون هاتوا الفاس، خذوا الفاس، احفروا بالفاس، فسميت مدينة فاس لأجل ذلك، قاله صاحب كتاب (الإستبصار في عجائب الأمصار).
و يقال أيضا إنه لما شرع في حفر أساسها في جهة القبلة وُجد في الحفير فاس كبير طوله أربعة أشبار، و سعته شبر، و زنته ستين رطلا، وسميت المدينة به و أضيفت إليه، وقيل إن إدريس رضي الله عنه لماشرع في بنائها قال له خاصته أيها الأمير كيف نسميها؟ قال: سموها باسم أول رجل يطلع عليكم، فمر بهم رجل فسألوه عن إسمه وكان ألثغ، فقال اسمي فارس، فأُسقط الراء من لفظه لأجل اللثغة، فقال الإمام إدريس سموها كما نطق بها فقالو فاس، و قيل سميت فاس لأن قوما من الفرس نزلوا مع إدريس رضي الله عنه حين أسسها، فسقط عليهم جرف، فماتوا من حينهم و لم ينج منهم إلا قليل، فسميت مدينة الفرس، ثم خفف الناس الإسم فقالوا مدينة فارس، ثم أسقطوا الراء من اللفظ اختصارا فقالوا مدينة فاس، و قيل لما تمّت البناء قيل لإدريس رضي الله عنه كيف نسميها؟ قال نسميها باسم المدينة التي كانت قبلها في موضعها الذي أخبرني الراهب أنه كان هنا مدينة أزلية من بنيان الأوائل فخربت قبل الإسلام بألف و سبعمئة سنة، و كان اسمها مدينة ساف ولكن اقلبوا اسمها الأول و سموها , فقلبوه فأتى منه فاس فسميت مدينة فاس و هذا أصح ما يكون في تسميتها, و الله أعلم
و يقول الأستاذ علي الكتاني رحمه الله في كتابه "انبعاث الإسلام بالأندلس ص 389و 390:" أما فاس فقد أسسها مولاي إدريس الأول من بلدتين, إحداهما لإيواء المهاجرين القرطبيين , من حي الربض الذي ثار على الخليفة الأموي , و الثانية لإيواء مهاجري القيروان. و كانت المدينة الاولى تسمى ب"الأندلس" و الثانية ب"القرويين", و هما يحملان هذا الإسم إلى اليوم, و في كل حي من الحيين مسجده الأعظم المسمى به.
وظلت فاس نستقطب نخبة المهاجرين الأندلسيين, قبل سقوط غرناطة و بعدها, مباشرة أو عن طريق مدن أخرى. و أصبحت للعائلات الأندلسية الفاسية الدور الهام و الرائد في المجالات العلمية و المالية و السياسية و الثقافية و الحرفية. و توجد اليوم بفاس مئات العائلات الأندلسية, منها من حافظ على اسمه العجمي, و منها من تغير اسمه, و منها من نسب إلى مدن الأندلس و قراه. و يبين الجدول التالي لعض أشهر هذه العائلات و تاريخ انتقالها إلى فاس, و موطنها بالاندلس, و نسبتها المعروفة بها هناك:
-الإسم الحالي للعائلة: الدباغ
-تاريخ الهجرة إلى فاس (بالهجري) 690.
-موطنها بالأندلس: غرناطة.
-النسبة بالأندلس: الإدريسي.
-الإسم الحالي للعائلة: ابن عاشر
-تاريخ الهجرة إلى فاس (بالهجري) 750.
-موطنها بالأندلس: شمينة.
-الإسم الحالي للعائلة: السراج
-تاريخ الهجرة إلى فاس (بالهجري) 750.
-موطنها بالأندلس: رندة.
-الإسم الحالي للعائلة: ابن سودة
-تاريخ الهجرة إلى فاس (بالهجري) 754.
-موطنها بالأندلس: غرناطة.
-النسبة بالأندلس: المري.
-الإسم الحالي للعائلة: الفاسي
-تاريخ الهجرة إلى فاس (بالهجري) 880.
-موطنها بالأندلس: مالقة.
-النسبة بالأندلس: ابن جد الفهري.
-الإسم الحالي للعائلة: القادري
-تاريخ الهجرة إلى فاس (بالهجري) 890.
-موطنها بالأندلس: وادي أش.
-النسبة بالأندلس: الشريف الحسني.
-الإسم الحالي للعائلة: صفيرة
-تاريخ الهجرة إلى فاس (بالهجري) 993.
-موطنها بالأندلس: غرناطة.
-النسبة بالأندلس: صفري.
-الإسم الحالي للعائلة: ابن الحاج
-تاريخ الهجرة إلى فاس (بالهجري) 1020.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(145/487)
-موطنها بالأندلس: بلفيق.
-النسبة بالأندلس: السلمي.
و كان لعائلات أندلسية كثيرة دور هام في التاريخ المغربي, منها من انقرض, و منها من لازال قائما. منها من ينتسب إلى قرى و مدن مناطق أندلسية: الإبريني (أبرينة) و الأرجبي (أرجبة) و الأندرشي (أندرش) و الأندلسي (الأندلس) و الإشبيلي (إشبيلية) و ابن سليمان الغرناطي (غرناطة) و الباجي (باجة) و البرجي (برجة) و البلجي (بلج) و القرموني (قرمونة) و الأطريري (أطريرة) و القمارشي (قمارش) و البلنسي (بلنسية) و البيجري (البيجر) و البيري (البيرة) و الجرندي (جرندة) و الرندي (رندة) و النريدة (ناردة) و الطرياني (طريانة) و الطيطلي (طليطلة) و المارسي (لمارس) و اللوشي (لوشة) و الليريني (ليرنة) و الماروري (مورور) و المالقي (مالقة) و المرسي (مرسية) و الشقوري (شقورة) و القرطبي (قرطبة) و الشاطبي (شاطبة) و الشرفي (الشرف) و صالاج (صالاص) , و برادة , إلخ ...
و تحمل عدة عائلات أسماء عجمية أندلسية: باسو, بردلة, البسة, التماو, تيميرو, الطرون , اللب, اللرول, المنطرش, فنجيرو, الغندوش, قزمان, قلمون, سنكليو, إلخ ...
و حافظت بعض العائلات على الأسماء التي كانت تعرف بها في الأندلس: الأحمر و الأبار و الأزرق و الأموي و ابن الأمين و البلاج و البزار و البواب و البيارو البيطار و الجنان و الدراج وابن عزمون و ابن شقرون و ابن حيون و ابن جلونو ابن المليح و الكوي و المدجن و الكاتب و الغرسيس و ابن فرحون و ابن وعدون, إلخ ...
و من بين الشخصيات الأندلسية في المجتمع المغربي المعاصر الأستاذ علال الفاسي الفهري رحمه الله فهو علال بن عبد الواحد بن عبد السلام جد سيدنا الجد الشيخ عبد السلام بن عبد الله الفاسي. و للأستاذ علال الفاسي دور معروف و مشكور في الحركة الوطنية المغربية. و منهم الأستاذ أحمد بنسودة -توفي يوم السبت الماضي - مستشار الديوان الملكي الذي له دور هام في الحركة الوطنية و الإدارة المغربية بعد الإستقلال."
ـ[هشام زليم]ــــــــ[24 - 05 - 08, 04:27 م]ـ
الرباط عاصمة المغرب الحالية. سميت بهذا الإسم لما كانت أرضا متاخمة لقبائل برغواطة المنحرفة عن الإسلام. فكان المجاهدون المغاربة يرابطون بها لمواجهة خطر هذه القبائل. و تسمى رباط الخير.
ذكر الأستاذ علي الكتاني في كتابه الرائع "انبعاث الإسلام بالأندلس" الصفحة391 إلى 393:
عمل يعقوب المنصور منذ تأسيسه للرباط على تسهيل استيطان الأندلسيين بها. غير أن معظم أندلسيي الرباط اليوم ينحدرون من هجرة سنة 1609م. و قد تفوقت من بين أندلسيي الرباط شخصيات علمية و إدارية و مالية و عسكرية. و تنتسب كثير من العائلات الرباطية إلى مدن اندلسية: باينة (بيانة) , و دينية (دانية) و الرندة (رندة) و اللوشي (لوشة) و فنجيرو (فوانخرولا: سهيل) و الدغمي (بني دغم) و القرطبي (قرطبة) و القسطالي (قسطلة) و القصري (القصر) و قوريا (قورية) و المغراوي (الماغرو) و البريجي (البريجة) و البليدي (البليدة) و بيسير (بشر) و طريدانو (طليطلة) و الساهلي (السهلة) و المدور (المدور) و سنتياك (شنت ياقو) و البابوري (يابورة) , و غيرها من البيوتات.
و لازالت تحتفظ كثير من البيوتات الرباطية باسمها العجمي: بلانكو BLANCO; و برادو PRADO و بركاش VARGAS و بربيش BARBES و بلافريج PALAFREN و بلامينو PALOMINO و باليسيو PALACIO و بريس PEREZ و بيرو PILO و بونو BONO و تكيتو CHIQUITO و تمورو CHAMORRO و جوريو O SORIO و كديرة GODERIA و دياس DIAZ و رودياس RODRIGUEZ و كسوس JESUS والدك DUQUE و الرينكة RIENGA و روان ROAN و كراكشو CARRASCO و كريسبو CRESPO و كليطو QUERIDO و الكمرا CAMARRA و لوباريس OLIVARES و لزارو LAZARO و لاميروو ROMERO مرسيل MARCELO و ملين MOLINA و مورينو MARENO و مولاطو MORATO و مراس MIRAS و صندال SANDALIO و فرشادو FARCHADO و فلوريش FLORES و قريون CARRION و قمرادة CAMARADA و سباطة ZAPATA و ساكالانطو ESCALANT و غيرها من الأسماء.
و لبعض بيوتات الرباط الاندلسية اسماء عربية احتفظت بها من الاندلس, أو حدثت بعد انتقالها, منها الابيض, بنطاهر و بندهاق و بنطوجة و بندورو و بلفقيه و بنقدور و بنعمرو و بلكاهية و التونسي و الحداد و الزبدي و الزهراء و زطوط و طيفور و متجنوس و مدون و ضاكة و عاشور و العماني و غنام و فرج (بفتح الراء) و غيرها.
و من بين العائبلت الرباطية التي لها دور مهم في تاريخ الرباط عائلة مرينو, فمنهم الفقيه الأديب أحمد حجي بن محمد مرينو, عامل الرباط, و منهم القاضي الأديب العالم الحاج محمد بن محمد مرينو, ترك أشعارا لو جمعت لكونت ديوانا كاملا, و منهم الفقيه القاضي محمد المهدي ابن القاضي محمد مرينو, من اعلام القرن الثاني عشر الهجري, و منهم الفقيه الحيسوبي الموقت الحاج محمد المسناوي بن محمد مرينو المتوفى في ذي الحجة عام 1207ه, و منهم القاضي العلامة عبد القادر بن المهدي مرينو المتوفى حوالي سنة 1240 ه. و منهم الفقيه العدل المعطي بن المهدي مرينو, و غيرهم.
و منها عائلة بركاش, فمنهم القائد الحاج عبد الله ابن الحاج علي بركاش, كان قائد الرباط في أواخر القرن الثاني عشر. و منهم الفقيه القاضي حجي بن الغازي بركاش, المتوفى في 21 رجب عام 1294ه و منهم النائب السلطاني محمد ابن الرئيس المجاهد الحاج عبد الرحمان بركاش, المتوفى في 17 محرم عام 1336ه. و منهم أبناؤه الحاج العباس و الحاج محمد و الحاج عبد الحميد و الصديق الذين كان لهم جميعا دور مهم في الإدارة المغربية, و غيرهم.
ومن الشخصيات الأندلسية الرباطية التي لها دور عام في أحداث المغرب المعاصرة الحاج أحمد بلافريج, أمين عام حزب الإستقلال و المناضل المغربي المعروف رحمه الله. و منهم الاستاذ أحمد رضا قديرة مستشار في الديوان الملكي. و منهم الحاج علال كراكشو المقاول الرباطي. و غيرهم كثيرون في مجالات السياسة و القضاء و العلوم و الصحافة و المال و الجيش, حيث برعوا و ناضلوا من أجل تقدم المغرب.") انتهى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(145/488)
ـ[هشام زليم]ــــــــ[24 - 05 - 08, 04:28 م]ـ
مكناس مدينة مغربية تقع في الوسط الشمالي للمملكة. أسسها السلطان العلوي مولاي إسماعيل في القرن 17 الميلادي. و اختلف في سبب تسميتها بهذا الإسم لقولين: نسبة إلى قبيلة مكناسة البربرية أو لكثرة الزيتون فيها حيث سميت بمكنسة الزيتون حيث كانوا اهل مكناس يكنسون اي يجمعون الزيتون. و القول الأول أرجح. و بها عاش العلامة محمد تقي الدين الهلالي رحمه الله.
يقول الأستاذ علي المنتصر الكتاني رحمه الله في الصفحة 394 من كتابه الماتع"انبعاث الإسلام في الأندلس".
"و بمكناس عائلات أندلسية, منها: الوقاد, قدمت إلى فاس من إشبيلية في منتصف القرن السابع الهجري ثم انتقلت إلى مكناس؛ و البجيري, اشتهر من بين أفرادها عدة علماء؛ و غريط, استوزر الملوك العلويون عدة أفراد منها و أنتجت عدة شعراء مجيدين؛ و عائلات أخرى ذكرت في ديوان خاص بأمر من السلطان مولاي إسماعيل: ابن إبراهيم و ابن حليمة و ابن الحاج و ابن عبد الكريم (من مالقة) و أبو الرخا (من غرناطة) و أزويزر و أنفاع و الأزرق (من إشبيلية) و أمسامح و أصقال و الأشقر و البجيري و بوراس و الباروا و البتولي و البياني و برقوق و البياض (من بلش مالقة) و جابر و الحزماوي و الدقيوق و الزناتي و طوجة و كديش و اللمتوني و المسطاسي و الصفار و صفندلة و الغرناطي و الغماري و الفخار و فيدقة و القرلص و القلفط و القبري و القباب و القصري و شبليون و هارون و الوقاد و غيرهم."
ـ[هشام زليم]ــــــــ[24 - 05 - 08, 04:30 م]ـ
يعرف العلامة محمد تقي الدين الهلالي الحسيني المغربي رحمه الله مدينة تطوان فيقول في الصفحة 81 من كتابه الماتع " الدعوة إلى الله في أقطار مختلفة": كلمة تطوان محرفة عن (تطاون) –بكسر التاء و تشديد الطاء و كسر الواو- وهي كلمة بربرية معناها العيون, و لا يزال جزء من تطوان إلى الأن بسمى بالعيون. و لم يكن لها شأن سذكر قبل هجرة أهل الأندلس إليها في أواخر القرن التاسع الهجري حين استولى النصارى على مابقي من الأندلس و أجبروا المسلمين على التنصر أو الهجرة. و لما جاء الأندلسيون إلى تطوان –و كان عندهم من الحضارة و المدنية ما لم يكن عند المغاربة- أسسوا مدينة تطوان على النحو الأندلسي و استنبطوا المياه و جلبوها من الجبال المجاورة إلى المدينة و غرسوا فيها الجنات الجميلة.
و يقول الأستاذ علي المنتصر الكتاني رحمه الله في الصفحتين 393و 394 من كتابه الرائع "انبعاث الإسلام بالأندلس":
كانت تطوان شبيهة بفاس في كثير من مظاهرها. و كما قال الفقيه داود:" كانت تطوان نسخة من أخريات المدن الإسلامية العربية في بلاد الأندلس". وقد ذكر الفقيه الرهوني 475 اسم لعائلة تطوانية عريقة منها 355 عائلة لازالت قائمة و قد ذكر أصول 251 من هذه العائلات منها 75 عائلة أندلسية.
و من بين أندلسيي تطوان عائلات تحمل أسماء عجمية: البانزي Ponce, و بايص Paez و الرويز Ruiz و غارسيا Garcia و مارتيل Martine و لوقاش Lucas إلخ ...
و منها ما هو نسبة إلى بلدة أو منطقة الأندلسي و اللبادي (أبدة) و المنظري و راغون (أراغون) و الركاينة و الرندي, و الغرناطي (غرناطة) و القرطبي (قرطبة) قشتيليو و قبريرة و مدينة و مندوصة و مراريش و صالاس و بورطو و الطريس و مولينا و الرينة, إلخ ...
و منها ماهو نعوت: اللب و مولاطو و مرينو و السوردو و السكيرج (ُ Esquiles) ; و الراندو و الدليرو , إلخ ...
و منها ماهو عربي: ابن الأحمر و التبين و الرزيني و زكري و الخضري و الخطيب و داود و الرفاعي و غيلان و الفخار و الموفق و نصر و العطار و القطان و القيسي و الوزير و السراج و قريش ...
و منها ما هو أمازيغي: أجزول و أشعاش و أفوقاي , إلخ ...
و قد مرت علينا في أحداث القرنين الخامس عشر و السادس عشر كثير من الأسماء التي لا زالت الأن موجودة بتطوان و فاس و الرباط, كأجزول و الخطيب و الوزير و داود و ابن المليح (زعماء ثورة البشرات) و قشتيليو (أحد مترجمي الحاكم ديزا أيام محاكم التفتيش). كما تذكرنا بعائلات غرناطية شهيرة أسماء الأحمر و زكري و العطار و السراج و فرج و الأبار, إلخ ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(145/489)
و قد نبغ عدد كبير من أندلسيي تطوان المعاصرين, منهم الأستاذ عبد الخالق الطريس, الرجل الوطني المعروف , و الفقيه محمد داود صاحب التاريخ و غيرهما. أما في القرون الماضية فنذكر الفقيه أبا عبد الله الرزيني المتوفى سنة 934ه , قاضي تطوان, و الأديب محمد بن عبد الرحمان الكراسي المتوفى سنة 964ه, و الفقيه القاضي أحمد بن محمد طانية المتوفى سنة 1063ه, و الأديب علي مندوصة من رجال القرن الحادي عشر, و غيرهم."
ـ[هشام زليم]ــــــــ[24 - 05 - 08, 04:32 م]ـ
"و انتشر الوجود الأندلسي إلى جل مدن المغرب و بواديه. فمن أهم البيوتات الأندلسية بمدينة سلا: زنيبر, أهل علم ووجاهة, قدموا إليها من غرناطة بعد سقوطها, و فنيش, ذوو دور قيادي في تاريخ المدينة, و حصار, قدموا من غرناطة, و ابن عطية, قدموا في القرن التاسع الهجري من إشبيلية إلى الرباط, و الأبيض أو بلانكو, هم بالرباط كذلك, و حمدون, كان منهم عدد من رؤساء البحر, و العطار, و غيرهم.
و استقر بمراكش عدد من العائلات الأندلسية, اندمج معظمهم في المجتمع المغربي و نسي أصله. و أسس شفشاون الشرفاء العلميون بالتعاون مع الأندلسيين, وقد بقي فيها اليوم بعض العائلات الأندلسية, كالمفرج و البيطار و العاقل و غيرها. و استقرت أسر أندلسية بأسفي, منها اليوم باجدوب و الركوش (نسبة إلى أركش) و مرحبو و ميته و الغمار القلعي و الشقوري و غيرهم.
كما استقرت عائلات أندلسية في البوادي المغربية, منها رابون في بني مدان, و أرياش في مرتيل, و أوجدة في ابن قريش, و أروين في بني صالح, و كرابيلا في المزمة (الحسيمة) , و مارسو في واد لاو, و مراليش في باب تازة, و غارسيا في جبل حبيب, و بايزا في بوأحمد, و أراغون في الجبهة, و مرسية في تارغيست, و ابن الصديق في غمارة و هم علماء طنجة المعروفون اليوم, و أيت الناظر و بركاش في وادي سوس, و الوقاد في بني ملال, إلخ ...
و يمكن تقدير عدد المغاربة, من أصل أندلسي بحوالي عشر سكان المغرب أو 2.5 مليون نسمة على الأقل, معظمهم نسي أصله الأندلسي, و لم يزل يتذكرها منهم سوى عشرهم, أو حوالي 250.000 نسمة على أقل تقدير."
انبعاث الإسلام بالأندلس ص 394 - 395
ـ[هيثم العبيدي]ــــــــ[29 - 08 - 09, 06:18 ص]ـ
الاخ هشام هل من مواضيع عن تاريخ الموريسكييم وهجرة الاندلسيون بعد سقوط غلرناطة لان الموضوع يمس بحثي في الكلية او ان كان عندك شيء فاتصل بي على الاميل
ـ[محمد الكناني]ــــــــ[31 - 08 - 09, 08:43 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[جمال عبد الرحمن]ــــــــ[03 - 09 - 09, 11:05 م]ـ
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته
لمزيد من المعلومات حول الموريسكيين فى بلاد المغرب العربى يمكن مراجعة:
ميكيل دى إيبالثا: "الموريسكيون فى إسبانيا وفى المنفى"، ترجمة وتقديم جمال عبد الرحمن، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة
غييرمو غوثالبيس بوستو:" "المنظرى الغرناطى مؤسس تطوان"، ترجمة ممدوح البستاوى، مراجعة وتقديم جمال عبد الرحمن، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة
غييرمو غوثالبيس بوستو: "الموريسكيون فى المغرب"ترجمة مروة محمد ابراهيم، مراجعة وتقديم جمال عبد الرحمن، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة
ـ[جابر بن محمد العرجاني]ــــــــ[08 - 09 - 09, 04:53 م]ـ
محاكم التفتيش والموريسكيون" ترجمة خالد عباس، مراجعة وتقديم جمال عبد الرحمن، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة
انظر الموسوعة العامة لتاريخ المغرب والاندلس
هذا هو الكتاب الثانى للزميلة الدكتورة مرثيديس غارثيا أرينال الذى يترجم إلى لغتنا العربية. كان الكتاب الأول بعنوان "الموريسكيون الأندلسيون" -- وقد نشر فى إطار المشروع القومى للترجمة الذى يصدر عن المجلس الأعلى للثقافة— وهو عبارة عن مجموعة من الوثائق لا يستغنى عنها من يريد التعرف على جوانب المحنة التى تعرض لها مسلمى الأندلس بعد سقوط دولة الإسلام فى غرناطة.(145/490)
مناظرة مبنية على الدليل بين قاض مسلم وملك نصراني
ـ[أحمد يخلف]ــــــــ[24 - 05 - 08, 11:19 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه مناظرة للقاضي أبي بكر الباقلاني مع ملك النصارى، كما أوردها القاضي عياض في كتابه ترتيب المدارك و ترتيب المسالك، وهي تبين مدى وسع مدارك ومعارف علماء المسلمين وحججهم القوية في دحض أباطيل المبطلين.
فقد وجه عضد الدولة في بعض سفراته، الى ملك الروم الأعظم، القاضي أبا بكر ابن الطيب، واختصه بذلك، ليظهر رفعة الإسلام، ويغض من النصرانية.
فلما تهيأ للخروج، قال للقاضي، وزير عضد الدولة: الطالع خروجاً؟ فسأله القاضي أبو بكر. فلما فسر مراده، قال: لا أقول بهذا.
لأن السعد والنحس كله، والشر والخير كله، بيد الله عز وجلّ. ليس للكواكب هاهنا مثقال ذرة من القدرة. وإنما وضعت كتب المنجمين ليتمعش بها الجاهلون، بين العامة. ولا حقيقة لها.
فقال الوزير: احضروا لي ابن الصدفي، ليست المناظرة من شأني. ولا أنا قائم بها، وإنما أنا أحفظ علم النجوم، وأقول إذا كان من النجوم كذا كان كذا. وأما تعليله، فهو من علم المنطق. فأحضر وهم بمكالمة القاضي، فقال له أبو سليمان: هذا القاضي يقول: إن الباري سبحانه، قادر على أن يركب عشرة أنفس في ذلك المركب الذي في دجلة، فإذا وصلوا الى الجانب الآخر يكون الله قد زاد فيهم آخر فيكونون أحد عشر. ويكون الحادي عشر من خلقه الله في ذلك الوقت. ولو قلت أنا لا يقدر على ذلك أو هذا محال، قطعوا لساني وقتلوني، وإن أحسنوا إليّ كتفوني، ورموني في الدجلة. وإذا كان الأمر كما ذكرت لم يكن لمناظرتي معه معنى. فالتفت الوزير الى القاضي وقال: ما تقول أيها القاضي؟ فقلت: ليس كلامنا هاهنا في قدرة الباري تعالى، والباري تعالى قادر على كل شيء. وإن جحده هذا الجاهل، وإنما كلامنا في تأثيرات هذه الكواكب، فانتقل الى ما ذكر لعجزه وقلة معرفته، وإلا فأي تعلق للكلام في قدرة الباري، عز وجلّ، في مسألتنا؟ وأنا وإن قلت إن القديم تعالى قادر على ذلكم، ما أقول إنه يخرق العادة، وبفعل هذا. لأنه لا يجوز عندنا أن يخلق اليوم إنساناً من غير أبوين، فإذا كان كذلك فقد علم الوزير أن هذا فرار من الزحف. فقال هو كما ذكرت. فقال المنطقي: المناظرات دربة وتجربة، وأنا لا أعرف مناظرات هؤلاء القوم، وهم لا يعرفون مواضعتنا وعبارتنا، ولا تجمل المناظرة بين قوم هذا حالهم. فقال له الوزير: قبلنا اعتذارك والحق أبلج.
قال القاضي: ومال إليّ بوجهه، وقال: سر في دعة الله. فخرجت. فدخلنا بلاد الروم، حتى وصلت الى ملك الروم بالقسطنطينية، وأخبر الملك بقدومنا. فأرسل إلينا من تلقانا، وقال: لا تدخلوا على الملك بعمائمكم، حتى تنزعوها. إلا أن تكون مناديل لطاف، وحتى تنزعوا أخفافكم. فقلت: لا أفعل، ولا أدخل، إلا بما أنا عليه من الزي، واللباس. فإن رضيتم، وإلا فخذوا الكتب تقرأونها، وأرسلوا بجوابها وأعود به. فأخبر بذلك الملك، فقال: أريد معرفة سبب هذا وامتناعه عما مضى عليه رسمي مع الرسل.
فسئل القاضي عن ذلك. فقال: أنا رجل من علماء المسلمين، وما تحبونه من ذلّ وصغار، والله تعالى قد رفعنا بالإسلام وأعزّنا بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
وأيضاً فإن من شأن الملوك، إذا بعثوا رسلهم الى ملك آخر، رفع أقدارهم، لا إذلالهم. سيما إذا كان الرسول من أهل العلم. ووضع قدره انهدام جانبه، عند الله تعالى، وعند المسلمين.
فعرّف الترجمان الملك بذلك، فقال: دعوه يدخل ومن معه كما يشاؤون. ندخل بها على سلطاننا الأكرم، الذي هو تحت يد أمير المؤمنين، وأدخل بها على سلطاننا الأكرم الذي أمرنا الله تعالى ورسوله، بطاعته. فما تنكرون عليّ هذا، وأنا رجل من علماء المسلمين؟
فإن دخلت بغير هيئتي ورجعت الى حكمك، أهنت العلم ونفسي، وذهب عند المسلمين جاهي. فقال للترجمان: قل له قد قبلنا عذرك، ورفعنا منزلتك، وليس محلك عندنا محل سائر الرسل، وإنما محلك عندنا محل الأبرار الأخيار، وقد أخبرنا صاحبكم في كتبه: إنك لسان المسلمين والمناظر عنهم، وأنا أشتهي أن أعرف ذلك وأسمعه منك، كما ذكروه عنك.
قلت: إذا أذن الملك، فقال: أنزلوا حيث أعددت لكم، ويكون بعد هذا الاجتمال.
قال القاضي: فنهضنا الى موضع أُعدّ لنا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(145/491)
وذكر أبو بكر البغدادي الحافظ: أن القاضي، لما وصل الى مدينة الطاغية، وعرّف به وبمحله من العلم، أفكر الطاغية في أمره، وعلم أنه لا يكفر له إذا دخل عليه - كما جرى رسم الرعية أن يقبل الأرض بين يدي ملوكها - فرأى أن يضع سريره، وراء باب لطيف، لا يمكن أن يدخل أحد منه إلا راكعاً، ليدخل القاضي من ذلك الباب. فلما رآه القاضي، تفكّر وأدار رأسه، وحنى رأسه راكعاً، ودخل من الباب يمشي مستقبلاً الملك بدبره، حتى صار بين يديه. ثم رفع رأسه، ونصب ظهره. ثم أدار وجهه الى الملك حينئذ، فعجب من فطنته، ووقعت له الهيبة في قلبه.
قال غيره: قال القاضي: فلما كان يوم الأحد، بعث الملك في طلبي، وقال: من شأن الرسول حضور مائدة الملك. فنحب أن تجيب الى طعامنا ولا تنقض كل رسومنا. فقلت لرسوله: أنا من علماء المسلمين، ولست كالرسل من الجند وغيرهم، الذين لا يعرفون ما يجب عليهم في هذا الموطن. والملك يعلم أن العلماء لا يقدرون أن يدخلوا هذه الأشياء، وهم يعلمون، وأخشى أن يكون على مائدته من لحوم الخنازير، وما حرمه الله تعالى على رسوله، وعلى المسلمين!!!
فذهب الترجمان، وعاد إليّ وقال: يقول لك الملك: ليس على مائدتي، ولا في طعامي شيء تكرهه. وقد استحسنت ما أتيت به، وما أنت عندنا كسائر الرسل، بل أعظم، وما كرهت من لحوم الخنزير، إنما هو خارج من حضرتي بيني وبينه حجاب. فنهضت على كل حال. وجلست وقدّم الطعام، ومددت يدي وأوهمت الأكل، ولم آكل منه شيئاً مع أني لم أرَ على مائدته ما يكره. فلما فرغ من الطعام، بخّر المجلس وعطّره، ثم قال: هذا الذي تدعونه في معجزات نبيّكم من انشقاق القمر، كيف هو عندكم؟
قلت: هو صحيح عندنا، وانشقّ القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى رأى الناس ذلك. وإنما رآه الحضور، ومن اتفق نظره إليه في تلك الحال.
فقال الملك: وكيف لم يره جميع الناس؟
قلت: لأن الناس لم يكونوا على أهبة ووعد لشقوقه وحضوره.
فقال: وهذا القمر بينكم وبينه نسبة وقرابة؟ لأي شيء لم تعرفه الروم وغيرها من سائر الناس، وإنما رأيتموه أنتم خاصة؟
قلت: فهذه المائدة بينكم وبينها نسبة؟ وأنتم رأيتموها دون اليهود، والمجوس والبراهمة، وأهل الإلحاد، وخاصة يونان جيرانكم، فإنهم كلهم منكرون لهذا الشأن، وأنتم رأيتموها دون غيركم. فتحيّر الملك وقال بكلامه: سبحان الله. وأمر بإحضار فلان القسيس ليكلمني.
وقال: نحن لا نطيقه. لأن صاحبه قال: ما في مملكتي مثله، ولا للمسلمين في عصره مثله.
فلم أشعر إذ جاؤوا برجل كالذئب أشقر الشعر مسبله، فقعد، وحكيت له المسألة فقال: الذي قاله المسلم لازم، هو الحق لا أعرف له جواباً إلا ما ذكره.
فقلت له: أتقول إن الكسوف إذا كان، يراه جميع أهل الأرض أم يراه أهل الإقليم الذي بمحاذاته؟
قال: لا يراه إلا من كان في محاذاته.
قلت: فما أنكرت من انشقاق القمر، إذا كان في ناحية لا يراه إلا أهل تلك الناحية، ومن تأهب للنظر له
فأما من أعرض عنه، وكان في الأمكنة التي لا يرى القمر منها فلا يراه. فقال: هو كما قلت. ما يدفعك عنه دافع. وإنما الكلام في الرواة الذين نقلوه. وأما الطعن في غير هذا الوجه، فليس بصحيح.
فقال الملك: وكيف يطعن في النقلة؟
فقال النصراني: شبه هذا من الآيات، إذا صح، وجب أن ينقله الجم الغفير، الى الجم الغفير، حتى يتصل بنا العلم الضروري به، ولو كان كذلك، لوقع إلينا العلم الضروري به. فلما لم يقع لنا العلم الضروري به، دلّ أن الخبر مفتعل باطل.
فالتفت الملك إليّ وقال: الجواب. قلت: يلزمه في نزول المائدة، ما يلزمني في انشقاق القمر، ويقال له لو كان نزول المائدة صحيحاً، لوجب أن ينقله العدد الكثير، فلا يبقى يهودي ولا نصراني ولا ثنوي إلا ويعلم هذا بالضرورة. ولما لم يعلموا ذلك بالضرورة، دلّ أن الخبر كذب. فبهت النصراني والملك، ومن ضمه المجلس. وانفض المجلس على هذا.
قال القاضي: ثم سألني الملك في مجلس ثانٍ، فقال: ما تقولون في المسيح عيسى بن مريم عليه السلام؟
قلت روح الله، وكلمته، وعبده، ونبيه، ورسوله. كمثل آدم خلقه من تراب، ثم قال له: كن، فيكون. وتلوت عليه النص.
فقال: يا مسلم تقولون: المسيح عبد، فقلت: نعم، كذا نقول، وبه ندين. قال: ولا تقولون إنه ابن الله؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(145/492)
قلت: معاذ الله، "ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله" الآيتان. إنكم لتقولون قولاً عظيماً. فإذا جعلتم المسيح ابن الله، فمن أبوه وأخوه وجده وعم وخاله. وعددت عليه الأقارب، فتحيّر.
وقال: يا مسلم، العبد يخلق، ويحيي ويميت ويبرئ الأكمه والأبرص؟
قلت: لا يقدر العبد على ذلك وإنما ذلك كله من فعل الله عز وجلّ.
قال: وكيف يكون المسيح عبداً لله وخلقاً من خلقه، وقد أتى بهذه الآيات، وفعل ذلك كله؟
قلت: معاذ الله ما أحيى المسيح الموتى ولا أبرأ الأكمه والأبرص. فتحيّر وقلّ صبره.
وقال: يا مسلم، تنكر هذا مع اشتهاره في الخلق، وأخذ الناس له بالقبول؟
فقلت: ما قال أحد من أهل الفقه والمعرفة، إن الأنبياء عليهم السلام، يفعلون المعجزات من ذاتهم. وإنما هو شيء يفعله الله تعالى على أيديهم، تصديقاً لهم، يجري مجرى الشهادة.
فقال: قد حضر عندي جماعة من أولاد نبيّكم، وأهل دينكم المشهورين فيكم، وقالوا، إن ذلك في كتابكم.
فقلت: أيها الملك، في كتابنا أن ذلك كله بإذن الله، وتلوت عليه منصوص القرآن في المسيح: "بإذن الله" وقلت: إنما فعل ذلك كله بإذن الله وحده لا شريك له، لا من ذات المسيح. ولو كان المسيح يحيي الموتى ويبرئ الأكمه والأبرص من ذاته، لجاز أن يقال: موسى، فلق البحر، وأخرج يده بيضاء من غير سوء من ذاته. وليست معجزات الأنبياء عليهم السلام من ذاتهم وأفعالهم، دون إرادة الخالق. فلما لم يجز هذا، لم يجز أن تسند المعجزات التي ظهرت على يد المسيح إليه.
فقال الملك: وسائر الأنبياء كلهم من آدم، الى من بعده كانوا يتضرّعون للمسيح، حتى يفعل ما يطلبون.
قلت: أوَفي لسان اليهود عظم، لا يقدرون أن يقولوا إن المسيح كان يتضرّع الى موسى!!!
وكل صاحب نبي يقول: إن المسيح كان يتضرع الى نبيه، فلا فرق بين الموضعين في الدعوى.
قال القاضي رحمه الله: ثم تكلمنا في مجلس ثالث فقلت له: أتحد اللهوت بالناسوت؟
قال: أراد أن ينجي الناس من الهلاك.
قلت له: درى بأنه يقتل ويصلب ويفعل به كذا ولم يؤمن به اليهود؟
فإن قلت إنه لا يدري ما أراد اليهود به، بطل أن يكون إلهاً. وإذا بطل أن يكون إلهاً، بطل أن يكون ابناً، وإن قلت قد درى ودخل في هذا الأمر على بصيرة، فليس بحكيم، لأن الحكمة تمنع من التعرض للبلاء. فبهت. وكان آخر مجلس كان لي معه.
وذكر ابن حيّان عمن حدثه أن الطاغية، وعد القاضي أبا بكر بالاجتماع معه في محفل من محافل النصرانية ليوم سمّاه. فحضر أبو بكر وقد احتفل المجلس، وبولغ في زينته، فأدناه الملك وألطف سؤاله، وأجلسه على كرسيه، دون سريره بقليل. والملك في أبهته وخاصته، عليه التاج، والذرية ورجال مملكته، على مراتبهم. وجاء البطرك قيم ديانتهم، وقد أوعد الملك إليه في التيقظ، وقال له: إن (فناخسرو) ملك الفرس، الذي سمعت بدهائه وبكرامته، لا ينفذ إلا من يشبهه في رحلته وحيلته. فتحفظ منه. وأظهر دينك. فلعلك تتعلق منه بسقطة، أو تعثر منه على زلة تقضي بفضلنا عليه.
فجاء البطرك قيم الديانة، وولي النِّحلة. فسلم القاضي عليه أحفل سلام. وسأله أحفى سؤال، وقال له: كيف الأهل والولد؟
فعظم قوله هذا عليه، وعلى جميعهم وتغيروا له، وصلبوا على وجوههم، وأنكروا قول أبي بكر عليه، فقال: يا هؤلاء تستعظمون لهذا الإنسان اتخاذ الصاحبة والولد، وتربون به عن ذلك، ولا تستعظمونه لربكم، عزّ وجهه، فتضيفون ذلك إليه؟
سوءة لهذا الرأي ما أبين غلطه.
فسقط في أيديهم، ولم يردوا جواباً. وتداخلتهم له هيبة عظيمة، وانكسروا، ثم قال الملك للبطرك: ما ترى في أمر هذا الشيطان. قال: تقضي حاجته، وتلاطف صاحبه، وتبعث بالهدايا إليه، وتخرج العراقي عن بلدك من يومك إن قدرت. وإلا لم آمن الفتنة منه على النصرانية. ففعل الملك ذلك وأحسن جواب عضد الدولة، وهداياه، وعجل تسريحه، ومعه عدة من أسارى المسلمين والمصاحف. ووكل بالقاضي من جنده من يحفظه، حتى وصل الى مأمنه. قال غيره: وكان سير القاضي الى ملك الروم، سنة نيف وثمانين وثلاثمائة.
و الله ولي التوفيق.
yekhlef-ahmed@hotmail.com
ـ[الشيشاني]ــــــــ[25 - 05 - 08, 02:31 ص]ـ
جزاك الله خيرا.
جاء في "البداية والنهاية" لابن كثير (11\ 43):
"ذكر الخطيب وغيره عنه أن عضد الدولة بعثه في رسالة إلى ملك الروم، فلما انتهى إليه إذا هو لا يدخل عليه أحد إلا من باب قصيرة كهية الراكع، ففهم الباقلاني أن مراده أن ينحني الداخل عليه له كهيئة الراكع لله عز وجل، فدار إسته إلى الملك ودخل الباب بظهره يمشي إليه القهقرا، فلما وصل إليه انفتل فسلم عليه، فعرف الملك ذكاءه ومكانه من العلم والفهم، فعظمه
ويقال إن الملك أحضر بين يديه آلة الطرب المسماة بالارغل، ليستفز عقله بها، فلما سمعها الباقلاني خاف على نفسه أن يظهر منه حركة ناقصة بحضرة الملك، فجعل لا يألوا جهدا أن جرح رجله حتى خرج منها الدم الكثير، فاشتغل بالالم عن الطرب، ولم يظهر عليه شئ من النقص والخفة، فعجب الملك من ذلك، ثم إن الملك استكشف الامر فإذا هو قد جرح نفسه بما أشغله عن الطرب، فتحقق الملك وفور همته وعلو عزيمته، فإن هذه الآلة لا يسمعها أحد إلا طرب شاء أم أبى.
وقد سأله بعض الاساقفة بحضرة ملكهم فقال: ما فعلت زوجة نبيكم؟ وما كان من أمرها بما رميت به من الافك؟ فقال الباقلاني مجيبا له على البديهة: هما امرأتان ذكرتا بسوء: مريم وعائشة، فبرأهما الله عز وجل، وكانت عائشة ذات زوج ولم يأت بولد، وأتت مريم بولد ولم يكن لها زوج - يعني أن عائشة أولى بالبراءة من مريم - وكلاهما بريئة مما قيل فيها، فإن تطرق في الذهن الفاسد احتمال ريبة إلى هذه فهو إلى تلك أسرع، وهما بحمد الله منزهتان مبرأتان من السماء بوحي الله عز وجل، عليهما السلام."
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(145/493)
ـ[أحمد يخلف]ــــــــ[25 - 05 - 08, 08:00 ص]ـ
وإياك أخي الكريم وجوزيت على الإضافة
ـ[أحمد يخلف]ــــــــ[25 - 05 - 08, 08:01 ص]ـ
........
ـ[تامر الجبالي]ــــــــ[25 - 05 - 08, 08:12 ص]ـ
......
....... وقال: لا تدخلوا على الملك بعمائمكم، حتى تنزعوها. إلا أن تكون مناديل لطاف، وحتى تنزعوا أخفافكم. فقلت: لا أفعل، ولا أدخل، إلا بما أنا عليه من الزي، واللباس. فإن رضيتم، وإلا فخذوا الكتب تقرأونها، وأرسلوا بجوابها وأعود به ......
.......
yekhlef-ahmed@hotmail.com
لله دره، بعض أصحاب المناصب الدينية الآن - ولا أقول علماء - يحلقون لحاهم ويلبسون الكرافتات، بل والجينز؛ حتى يقال إنهم متطورون، ولينفوا عن أنفسهم التشدد، فلا يزال دينهم في تطور، وشذوذ القرضاوي في فتوى بناء معابد الكفر مثال جيد على ذلك
ـ[أحمد يخلف]ــــــــ[25 - 05 - 08, 08:25 ص]ـ
وهذه فتاوى في هذا الشأن تبين بطلان هذه الفتوى:
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده .. وبعد:
فقد اطّلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على ما ورد إلى سماحة المفتي العام من عدد من المستفتين المقيدة استفتاءاتهم في الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء برقم (86) وتاريخ 5/ 1/1421 هـ. ورقم (1326 - 1327 - 1328) وتاريخ 2/ 3/1421 هـ. بشأن حكم بناء المعابد الكفرية في جزيرة العرب مثل: بناء الكنائس للنصارى، والمعابد لليهود وغيرهم من الكفرة، أو أن يخصّص صاحب شركة أو مؤسسة مكاناً للعمالة الكافرة لديه يؤدون فيه عباداتهم الكفرية .. إلخ.
وبعد دراسة اللجنة لهذه الاستفتاءات أجابت بما يلي:
كل دين غير دين الإسلام فهو كفر وضلال، وكل مكان يعدّ للعبادة على غير دين الإسلام فهو بيت كفر وضلال، إذ لا تجوز عبادة الله إلا بما شرع الله سبحانه في الإسلام، وشريعة الإسلام خاتمة الشرائع، عامة للثقلين الجن والإنس وناسخة لما قبلها، وهذا مُجمع عليه بحمد الله تعالى.
ومن زعم أن اليهود على حق، أو النصارى على حق سواء كان منهم أو من غيرهم فهو مكّذب لكتاب الله تعالى وسنة رسوله محمد وإجماع الأمة، وهو مرتد عن الإسلام إن كان يدّعي الإسلام بعد إقامة الحُجة عليه إن كان مثله ممن يخفى عليه ذلك، قال الله تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً [سبأ:28]، وقال عز شأنه: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً [الأعراف:158]، وقال سبحانه: إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ [آل عمران:19]، وقال جل وعلا: وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ [آل عمران:85]، وقال سبحانه: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ [البينة:6]، وثبت في الصحيحين وغيرهما أن النبي قال: {كان النبي يُبْعَث إلى قومه خاصة، وبُعثْتُ إلى الناس عامة}.
ولهذا صار من ضروريات الدين: تحريم الكفر الذي يقتضي تحريم التعبد لله على خلاف ما جاء في شريعة الإسلام، ومنه تحريم بناء معابد وفق شرائع منسوخة يهودية أو نصرانية أو غيرهما؛ لأن تلك المعابد سواء كانت كنيسة أو غيرها تعتبر معابد كفرية؛ لأن العبادات التي تُؤدى فيها على خلاف شريعة الإسلام الناسخة لجميع الشرائع قبلها والمبطلة لها، والله تعالى يقول عن الكفار وأعمالهم: وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُوراً [الفرقان:23].
ولهذا أجمع العلماء على تحريم بناء المعابد الكفرية مثل: الكنائس في بلاد المسلمين، وأنه لا يجوز اجتماع قبلتين في بلد واحد من بلاد الإسلام، وألا يكون فيها شيء من شعائر الكفار لا كنائس ولا غيرها، وأجمعوا على وجوب هدم الكنائس وغيرها من المعابد الكفرية إذا أُحدثت في الإسلام، ولا تجوز معارضة ولي الأمر في هدمها بل تجب طاعته.
وأجمع العلماء رحمهم الله تعالى على أن بناء المعابد الكفرية ومنها: الكنائس في جزيرة العرب أشد إثماً وأعظم جرماً، للأحاديث الصحيحة الصريحة بخصوص النهي عن اجتماع دينين في جزيرة العرب، منها قول النبي: {لا يجتمع دينان في جزيرة العرب} [رواه الإمام مالك وغيره وأصله في الصحيحين].
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(145/494)
فجزيرة العرب: حرمُ الإسلام وقاعدته التي لا يجوز السماح أو الإذن لكافر باختراقها، ولا التجنس بجنسيتها، ولا التملك فيها، فضلاً عن إقامة كنيسة فيها لعبّاد الصليب، فلا يجتمع فيها دينان إلا ديناً واحداً هو دين الإسلام الذي بَعَثَ الله به نبيه ورسوله محمداً، ولا يكون فيها قبلتان إلا قبلة واحدة هي قبلة المسلمين إلى البيت العتيق، والحمد لله الذي الذي وفّق ولاة أمر هذه البلاد إلى صدّ هذه المعابد الكفرية عن هذه الأرض الإسلامية الطاهرة.
وإلى الله المشتكى مما جلبه أعداء الإسلام من المعابد الكفرية من الكنائس وغيرها في كثير من بلاد المسلمين، نسأل الله أن يحفظ الإسلام من كيدهم ومكرهم.
وبهذا يُعلم أن السماح والرضا بإنشاء المعابد الكفرية مثل الكنائس، أو تخصيص مكان لها في أي بلد من بلاد الإسلام من أعظم الإعانة على الكفر وإظهار شعائره، والله عز شأنه يقول: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [المائدة:2].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: (من اعتقد أن الكنائس بيوت الله، وأن الله يُعبد فيها، أو أن ما يفعله اليهود والنصارى عبَادة لله وطاعة لرسوله، أو أنه يحب ذلك أو يرضاه، أو أعانهم على فتحها وإقامة دينهم، وأن ذلك قربة أو طاعة فهو كافر).
وقال أيضاً: (من اعتقد أن زيارة أهل الذمة في كنائسهم قربة إلى الله فهو مرتد، وإن جهل أن ذلك محرّم عُرّف ذلك، فإن أصرّ صار مرتداً). انتهى.
عائذين بالله من الحور بعد الكور، ومن الضلالة بعد الهداية، وليحذر المسلم أن يكون له نصيب من قول الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ (25) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ (26) فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ (27) ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ [محمد:25 - 28]، وبالله التوفيق.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء:
الرئيس / عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ.
عضو / عبدالله بن عبدالرحمن الغديان.
عضو / بكر بن عبدالله أبو زيد.
عضو / صالح بن فوزان الفوزان.
فتوى للشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فضيلة الشيخ سألني بعض الإخوة عن سبب منع بناء الكنائس في البلدان الإسلامية، حيث يقول: إنهم؛ الكفرة يأذنون في بناء المساجد في بلدانهم، فلم لا نوفر ذلك لهم. فكيف يكون الرد عليه أحسن الله إليكم.
الجواب يجب الإيمان بأن دين الإسلام هو الدين الحق وحده، وكل دين سواه باطل، ونحن في محنة من الجهل بهذه الحقيقة.
إن الإسلام يعلو ولا يُعلى عليه، ودين الإسلام هو دين الله الذي لا يقبل من أحد ديناً سواه، واليهود والنصارى هم اليوم كفار، وإن رغمت أنوف المداهنين لهم، وإن رغمت أنوف الجاهلين، هم كفار بنص كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذا أمر معلوم من الدين بالضرورة، ومن لم يعتقد كفر اليهود والنصارى وأن دينهم الذي يتدينون به اليوم باطل منسوخ فهو كافر لأن مقتضى هذا أن محمداً ليس رسولاً إليهم، ومن لم يؤمن بمحمد ولم يتبعه فليس بمسلم بل كافر يعامل معاملة الكفار، وللكفار أحكام في دين الإسلام.
والمساجد بيوت الله يعبد الله فيها ويذكر اسم الله فيها، أما الكنائس فهي دور عبادة الكفار وفيها يكفر بالله ويعبد معه غيره، يعبدون المسيح وأمه ويألهونهما، فكيف نستشكل أنا لا نعاملهم في كنائسهم كما يعاملوننا في مساجدنا.
إن رضوا منا بإقامة المساجد في بلادهم وإظهار شعائر الإسلام وإلاّ وجب رحيل المسلمين عن بلادهم، وإن منعوا المسلمين العاجزين عن الهجرة من إقامة المساجد فليصلوا في بيوتهم والحمد لله.
ومما يؤسف له أن بعض المسلمين استجابوا للكفار في بناء الكنائس، فهاهي بعض البلاد الإسلامية في أطراف الجزيرة العربية؛ جزيرة الإسلام هاهم أذنوا للنصارى في بناء معابدهم، وقد جاء في الحديث لا تكون في أرض قبلتان، فلا تجتمع قبلة اليهود والنصارى مع قبلة المسلمين، واقرأوا رسالة قيمة للإمام ابن تيمية في هذا الشأن، وهي موجودة في مجموع.(145/495)
سؤال: هل هناك كتب حول تاريخ النهضة الاوربية .. ؟
ـ[اسامة الشامخ]ــــــــ[25 - 05 - 08, 02:54 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
لي اهتمام حول الحضارة الغربية و ما أحاط بها من عوامل
النهضة، والتغير السريع الذي طرأ على سير الحياة بشكل
عام و بجميع جوانبها الدينية والاجتماعية و السياسية .. الخ
وأحب من الاخوة أن يذكروا لي ما كتب حول هذه الحضارة
ـ[اسامة الشامخ]ــــــــ[08 - 04 - 10, 11:06 م]ـ
للرفع
ـ[حسين بن حيدر]ــــــــ[09 - 04 - 10, 04:14 م]ـ
لعل هذا المنتدى يفيدك
http://forums.2dab.org/forumdisplay.php?f=4
http://forums.2dab.org/forumdisplay.php?f=11
ـ[حسين بن حيدر]ــــــــ[09 - 04 - 10, 04:15 م]ـ
وابحث عن كتب للدكتور نور الدين حاطوم
تجدها في النت
ـ[اسامة الشامخ]ــــــــ[10 - 04 - 10, 06:51 م]ـ
الاخ الكريم / حسين حيدر
جزاك الله خيراً .. لكن - مع الأسف - الروابط لا تعمل(145/496)
من أهم الكتب في معرفةالتاريخ الأندلسي. (للمناقشة)
ـ[العدناني]ــــــــ[26 - 05 - 08, 04:03 ص]ـ
كتاب:
تاريخ دولة الإسلام في الأندلس
تأليف الأستاذ الكبير العلامة محمد عبدالله عنان رحمه الله تعالى
و هو كتاب رائع ماتع بذل فيه مؤلفه جهد 25 عاما قضاها في التنقل و الترحال لزيارة بلاد الأندلس و المغرب العربي كما زار العديد من المكتبات و مراكز البحث العلمي و التقى بكثير من الباحثين و المستشرقين و أساتذة الجامعات في أسبانيا و غيرها من البلاد كما قام بجولات ميدانية كثيرة و ساعده أيضا إتقانه للغات أوربية عديدة يسرت له الاطلاع على الوثائق المتعلقة بعلاقة الأندلس مع دول الجوار الأوربي كفرنسا و ألمانيا و غيرها من البلدان ....
و يتكون الكتاب المذكور من سبع مجلدات تناول في:
الجزء الأول: تكلم فيه عن بداية الفتح الإسلامي إلى بداية عصر الناصر
الجزء الثاني: و كان عن الخلافة الأموية و الدولة العامرية
الجزء الثالث: تكلم فيه عن دول الطوائف منذ قيامها حتى الفتح المرابطي
الجزء الرابع: عصر المرابطين و بداية الدولة الموحدية
الجزء الخامس: عصر الموحدين و انهيار الأندلس الكبرى
الجزء السادس: نهاية الأندلس و تاريخ العرب المتنصرين
الجزء السابع: فكان عن الآثار الأندلسية الباقية في أسبانيا و البرتغال دراسة تاريخية أثرية
ناشر الكتاب: مكتبة الخانجي بالقاهرة.
ـ[ابو عبدالرحمن العكروش]ــــــــ[28 - 06 - 08, 12:57 ص]ـ
أضيف ها هنا كتباً أخرى:
- التاريخ الأندلسي: للدكتور عبدالرحمن الحجي.
- البيان المُغرِب في أخبار الأندلس والمغرب: لابن عذارى المراكشي.
- الإحاطة في أخبار غرناطة: للسان الدين بن الخطيب.
واستمع كذلك لسلسلتي الدعيج والسويدان في تاريخ الأندلس، وقد ذكر الدعيج مراجعه التي رجع إليها في عرضه لتاريخ الأندلس والمغرب.
ـ[ابن المهلهل]ــــــــ[12 - 07 - 08, 02:48 ص]ـ
أضيف ها هنا كتباً أخرى:
- التاريخ الأندلسي: للدكتور عبدالرحمن الحجي.
- البيان المُغرِب في أخبار الأندلس والمغرب: لابن عذارى المراكشي.
- الإحاطة في أخبار غرناطة: للسان الدين بن الخطيب.
واستمع كذلك لسلسلتي الدعيج والسويدان في تاريخ الأندلس، وقد ذكر الدعيج مراجعه التي رجع إليها في عرضه لتاريخ الأندلس والمغرب.
ليتك تتحفنا بها
أو أحد الأخوة
ـ[صلاح السعيد]ــــــــ[14 - 07 - 08, 10:50 م]ـ
ذكر الدكتور أحمد الدعيج ـوفقه الله ـأهم مصادره في تاريخ المغرب والأندلس وهي على الترتيب كالآتي:
1ـأمهات كتب التاريخ (الطبري، ابن كثير، ابن الأثير، ابن خلدون وغيرها).
2ـدولة الإسلام في المغرب والأندلس ل دـ. محمد عبدالله عنان. وأشاد به أيما إشادة.
3ـالحلل السندسية في الأخبار والآثار الأندلسية/الأمير شكيب أرسلان.
4ـالبيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب/ابن عذارى المراكشي.
5ـتاريخ المغرب في العصر الإسلامي/د. السيد عبد العزيز سالم.
6ـتاريخ المغرب والأندلس/د. أحمد مختار العبادي.
7ـتاريخ المسلمين وآثارهم في المغرب والأندلس/د. السيد عبد العزيز سالم.
8ـرحلة الأندلس/د. حسين مؤنس.
9ـتاريخ المغرب والأندلس في عصر المرابطين/د. حمدي عبد المنعم.
10ـالدولة العربية في أسبانيا/د. إبراهيم بيضون.
11ـالتاريخ الأندلسي/د. عبد الرحمن الحجي.
12ـتاريخ مسلمي الأندلس/أنطونيو دومنجر هورتس، برنارد بلثنتس (مترجم للعربية)
في قطر، وفيه وثائق عن ماجرى للمسلمين بعد سقوط الأندلس.
13ـالمهدي بن تومرت/د. عبد المجيد النجار.
14ـالسلطنة الحفصية/محمد العروسي.
15ـالدولة الأغلبية/محمد الطالبي.
16ـالإسماعيلية/إحسان إاهي ظهير.
ورجع إلى الكثير من الكتيبات في مواضيع متفرقة.
وعذرا على التقصير.
ملاحظة:لم يذكر الدكتور أي شيء عن طبعات الكتب المذكورة!!
ـ[الغدير]ــــــــ[15 - 07 - 08, 01:33 ص]ـ
غريب أن لا أرى هنا ذكراً لأشهر مؤرخي الأندلس ابن حيان وكتابه المقتبس؟
وكذلك لأشهر مؤرخي الأندلس في العصر الحاضر وهو حسين مؤنس وكتابه فجر الأندلس؟
ـ[معمر الشرقي]ــــــــ[15 - 07 - 08, 06:26 ص]ـ
السلام عليكم وزرحمه الله وبركاته
كتاب
نفح الطيب من غصن الاندلس الرطيب وذكر وزيرها لسان الدين بن الخطيب
للشيخ احمد بن المقري التلمساني 1041 هـ
ـ[أبو سليمان العسيلي]ــــــــ[18 - 07 - 08, 01:58 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اخوتي في الله بإمكانكم زيارة هذا المقال (المكتبة الأندلسية pdf ) :
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=131066
أو رابط الموضوع على منتديات الكتب المصورة: (أشمل)
http://www.pdfbooks.net/vb/showthread.php?t=4565
ـ[صلاح السعيد]ــــــــ[03 - 08 - 08, 05:29 م]ـ
نفع الله بك أبا سليمان(145/497)
((الأندلسيون في الجزائر))
ـ[هشام زليم]ــــــــ[26 - 05 - 08, 01:39 م]ـ
من كتاب "انبعاث الإسلام بالأندلس" للأستاذ علي المنتصر الكتاني رحمه الله. الصفحة 400 - 401.
"وصلت إلى الجزائر أعداد كبيرة من الأندلسيين عبر العصور, لا تقل عن الأعداد التي نزحت إلى المغرب و تونس. انتقل منهم أيام صولة الإسلام بالأندلس, قبل سقوط غرناطة, عدد كبير من العلماء, منهم أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمان بن عبي النجيبي, من أهل إشبيلية, تجول بلاد الأندلس ثم حج ثم استقر بتلمسان حيث توفي بها في جمادى الأولى سنة 611 ه, و له تأليف كثيرة. و منهم أبو بكر محمد الزهري, المعروف بابن محرز, ولد ببلنسية سنة 539ه, ثم هاجر إلى مصر, وبرع في الفقه و الأدب و الشعر ثم قدم بجاية حيث استقر بها, و غيرهما كثير, ووصلت إلى الجزائر أعداد كبيرة من الأندلسيين بعد سقوط غرناطة, و بعد طرد سنة 1609م, منهم غارسيا دياس (من طليطلة) و ربدان رودريكز (كان راهبا بأركش بإسبانيا و تابعته محاكم التفتيش) و لويس الأستجي (من أستجة) , و غيرهم كثير.
و يمكن تقدير عدد الجزائريين من أصل أندلسي بعشر السكان على الأقل, او مليونان و نصف جزائري, لازال الكثير منهم يتذكر أصوله الأندلسية, خاصة في العاصمة و تلمسان ووهران و بجاية و بليدة و عنابة و غيرها من المدن. و كان للحقبة الإستعمارية الفرنسية التي عملت على القضاء التراث الجزائري, أثر سيئ على التراث الأندلسي الجزائري. و تنتمي اليوم شخصيات جزائرية مؤثرة إلى أصول أندلسية, منها الشيخ أحمد المدني مثلا الذي أجاب الأمير شكيب أرسلان سنة 1930 م عن سؤال مماثل لهذا بقوله إن بعض العائلات الجزائرية لازالت تحافظ على أصولها الأندلسية, ذكر من بينها عائلة الشيخ أحمد بن أبي الركايب المنبثقة عن عائلة ابن عمر التي هي في الحقيقة عائلة المدني نفسة باسمها القديم. ومن بين هذه العائلات كذلك ابن سوسان و المسرار و السيستي و غيرها.
و يحتاج الوجود الأندلسي المعاصر في الجزائر إلى دراسة معمقة. فهناك كثير من العائلات التي تنتمي إلى عائلات أندلسية شهيرة, بما فيها بنو الأحمر, ملوك غرناطة. كما أن الهجرة الأندلسية إلى الجزائر تركت أثارا واضحة في اللباس و الطبخ و اللهجة, خاصة في تلمسان و المدن المجاورة لها."
ـ[ابونصرالمازري]ــــــــ[26 - 05 - 08, 02:21 م]ـ
ماشاء الله لو ذكرت المزيد اخهي لكان اخي
ـ[ابونصرالمازري]ــــــــ[26 - 05 - 08, 02:26 م]ـ
تصحيح
ماشاء الله اخي الكريم، لو ذكرت المزيد عن اندلسيي الجزائر لكان خيرا ونحن لك من الشاكرين
وفقك الله
ـ[جمال عبد الرحمن]ــــــــ[28 - 05 - 08, 02:43 ص]ـ
هناك دراسات متفرقة باللغة العربية عن الأندلسيين فى الجزائر ودول المغرب العربى عموما. أما عن الدراسات الأجنبية، فقد ترجمنا من الاسبانية كتاب "الموريسكيون فى إسبانيا وفى المنفى"،تأليف ميكيل دى إيبالثا، وقد كتبنا نبذة عن الكتاب فى هذا المنتدى
ـ[هشام زليم]ــــــــ[31 - 05 - 08, 12:46 ص]ـ
هناك دراسات متفرقة باللغة العربية عن الأندلسيين فى الجزائر ودول المغرب العربى عموما. أما عن الدراسات الأجنبية، فقد ترجمنا من الاسبانية كتاب "الموريسكيون فى إسبانيا وفى المنفى"،تأليف ميكيل دى إيبالثا، وقد كتبنا نبذة عن الكتاب فى هذا المنتدى
لو تسمح لي يا دكتور جمال بالنقل من بعض الكتب القيمة التي ترجمتها. و جزاك الله خيرا.
ـ[هشام زليم]ــــــــ[31 - 05 - 08, 12:56 ص]ـ
سنة 1609م قام الإسبان بطرد الأندلسيين بعد ما تيقنوا من أن جهود التنصير التي دامت 120سنة باءت بالفشل, و أنهم يتظاهرون بالتنصر و يضمرون الإسلام و بغض النصرانية. فبدأت مرحلة أخرى من المعاناة لا تقل عن جرائم محاكم التفتيش: مئات الألاف من الأندلسيين يغادرون ديارهم نحو المجهول.
و قد كانت الجزائر وجهة بعض هؤلاء المساكين رحمهم الله و جزاهم الفردوس الأعلى على صبرهم و حفاظهم على الإسلام رغم ما تعرضوا الله.
يقول الأستاذ علي الكتاني رحمه الله في كتابه" انبعاث الإسلام بالأندلس" الصفحة 179 - 180.
"أما الجزائر, فيقدر عدد من هاجر إليها في هذه الفترة من الأندلسيين بحوالي 65.000 أندلسي. استقر حوالي 25.000 أندلسي منهم في الجزائر العاصمة وحدها, وتوزع عدد منهم على المدن المجاورة لها, كالبليدة. ودخل حوالي 22.000 أندلسي الأراضي الجزائرية عبر ميناء وهران, الذي كان مستعمرة إسبانية حينذاك, فانتقلوا إلى المدن الجزائرية المجاورة, خاصة تلمسان و مستغانم. ويقدر بحوالي 18.000 أندلسي عدد الذين هاجروا إلى السواحل الجزائرية الأخرى, كبجاية و شرشال و بونة (عنابة) و غيرها. وقدم معظم الأندلسيين الذين توجهوا إلى الجزائر من مملكتي بلنسية و أراغون القديمة, وقدم بعضهم من مملكة مرسية.
استقبلت الدولة العثمانية في الجزائر المهاجرين الأندلسييين استقبالا جيدا, و يسرت لهم سبل الإستيطان. ووجد المهاجرون الإستقبال الرحب من طرف الأهالي في المدن الجزائرية الكبيرة, كالجزائر العاصمة و تلمسان و بجاية و مستغانم و غيرها. لكن المهاجرين الأندلسيين عوملوا من طرف الأعراب في بوادي الجزائر, خاصة عند انتقالهم من مستعمرة وهران إلى الأراضي العثمانية أسوأ معاملة. فقد قتل الأعراب منهم عددا كبيرا, ونهبوا قوافلهم و سلبوها, كما وصف ذلك المقري قائلا: "فتسلط عليهم الأعراب و من لا يخشى الله تعالى في الطرقات, ونهب أموالهم". و زاد البوعبدلي قائلا:" وقد انتهى بهم (أي الأعراب) الأمر إلى قتلهم (أي الأندلسيين) و بقر بطونهم مما يظنون ابتلاع الجوهر".
و قاومت السلطات العثمانية في الجزائر العاصمة هذه الجرائم أشد مقاومة, كما تصدى لها العلماء. ودافعت بعض القبائل الواعية عن الأندلسيين, كما فعلت مثلا قبيلة سويد التي قامت لمقاتلة الفبائل المعتدية على الأندلسيين, كقلبيلة هبرة, على جرائمها.
و قد أثرت هذه الهجرة على الجزائر تأتيرا دائما, خاصة في الزراعة و الفنون العسكرية و الإدارية. كما قام الأندلسيون المستقرون في شواطئ الجزائر بتنظيم الجهاد البحري ضد المصالح الإسبانية في البحر الأبيض المتوسط."
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(145/498)
ـ[بلال اسباع الجزائري]ــــــــ[31 - 05 - 08, 01:35 ص]ـ
بارك الله فيكم، هل من مزيد؟
ـ[جمال عبد الرحمن]ــــــــ[31 - 05 - 08, 04:23 م]ـ
كتاب "الموريسكيون فى إسبانيا وفى المنفى" الذى وضعه ميكيل دى إيبالثا بالاسبانية وترجمناه إلى العربية منذ سنوات، يتحدث عن مسلمى الأندلس ومعاناتهم فى إسبانيا قبل طردهم منها، ثم يتحدث عن هجرتهم إلى بلاد مختلفة فى أوروبا وآسيا وإفريقيا، ويفرد فصلا كاملا للحديث عن الجزائر. والحديث عن علاقة الجزائر بالأندلسين بعد غروب شمس الإسلام عن إسبانيا يمكن أن يتناول وجوها عديدة: من اعتماد الأندلسيين على علماء الجزائر فى أمور الفتوى، إلى المساعدات التى كان الجزائريون يقدمونها لإخوانهم فى الدين أثناء ثورة البشرات، والمساعدة فى ترحيل الأسر الأندلسية إلى الجزائر، ثم استقبال الأندلسيين بعد طردهم النهائى من إسبانيا.(145/499)
فهد المارك و القضية الفلسطينية!
ـ[محمد المبارك]ــــــــ[26 - 05 - 08, 06:41 م]ـ
فهد المارك المؤرخ و الباحث و الكاتب الاجتماعي والشعبي.
يعرفه الكثير منا.
و لكن في نفس الوقت لا نعرفه!!
فنحن نعرف مؤلَّفه الشهير:"من شيم العرب"
ولكن لا نعرف الكثير عن ترجمته.
ولد فهد المارك في مدينة حائل عام 1910، والتحق بدار التوحيد بالطائف عام 1940،
فهد المارك و القضية الفلسطينية!
تطوع فهد المارك مع المجاهدين العرب في فلسطين عام 1948.
كما شارك مشاركة فعالة في معارك المالكية شمال فلسطين ونال عدة أوسمة تقديرية لمواقفه العسكرية والحربية.
وقد عينه الملك عبد العزيز عام 1950 ملحقاً دبلوماسياً في سفارة السعودية بدمشق، كما كان أول مندوب سعودي لمكتب مقاطعة اسرائيل في مقره الرئيسي بدمشق.
ألف عدة مؤلفات عن القضية الفلسطينية
بعد ذلك، عمل في عدد من السفارات السعودية في الخارج، وعينه الملك فيصل ممثلاً متفرغاً له في الاتصال مع حركة فتح الفلسطينية منذ بداية انطلاقتها عام 1965 واستمر متفرغاً ومكرساً كل حياته لهذا العمل حتى وفاته عام 1978.
ومن مؤلفاته المطبوعة:
من شيم العرب،
"من شيم الملك عبدالعزيز"
فهد بن سعد ومعرفة ثلاثين عاماً،
هكذا يكون الاصلاح، هكذا نصلح أوضاعنا الاجتماعية،
التطور الفكري في جزيرة العرب في القرن العشرين،
كتاب الهدامون والبناؤون.
أما كتبه تحت الطبع فهي:
كتاب جهاد فيصل الصامت وجانب من عظمته
تاريخ جيل في حياة رجل «محمد العوني»،
كتاب من الطفولة إلى الكهولة،
والجزء الخامس من كتاب من شيم العرب
=============
ألف عدة مؤلفات عن القضية الفلسطينية
المطبوع منها:
كيف ننتصر على اسرائيل.
سجل الشرف.
افتراها الصهاينة وصدقها مغفلو العرب
==========================
أمَّا ما كان تحت الطبع:
من تاريخ الثورة الفلسطينية.
كيف هزمنا
جيل يتهم جيلا
لن نهزم اسرائيل عسكرياً قبل أن نهزمها اعلامياً.
رحم الله فهد المارك.
ـ[أبو الحسن الأثري]ــــــــ[27 - 05 - 08, 12:53 ص]ـ
جزاك الله خيرا أخي محمد
وهنا فائدة لا تجدها في كتاب
فقد سمعت الشيخ الألباني رحمه الله يذكر أنه قد حج مع فهد المارك رحمه الله في أحد أشرطته
و لا تطالبني برقم الشريط:)
ـ[محمد المبارك]ــــــــ[28 - 05 - 08, 05:48 م]ـ
بارك الله فيكم ياشيخنا العزيز
ولعل احد الاخوة اطلع على هذا الشريط
فيطلعنا جميعا على كلام الشيخ رحمه الله.
ـ[أبو معطي]ــــــــ[28 - 05 - 08, 06:25 م]ـ
أخي الفاضل محمد المبارك بارك الله فيك على هذه الدرر لا عدمنا جهودك
ورحم الله فهد المارك وغفر له ورفع قدره
ـ[السلامي]ــــــــ[29 - 05 - 08, 02:53 م]ـ
هل كتاب العوني سيطبع حقا أم لا ومن أين أخي الكريم مصدر المعلومة ....
ـ[محمد المبارك]ــــــــ[29 - 05 - 08, 08:37 م]ـ
انظر الرابط
www.hyil.com/vb/showthread.php?p=810048 - 111k -
ـ[عبدالعزيز بن سعد]ــــــــ[07 - 06 - 08, 03:15 م]ـ
أحسنت، وجزاك الله خيراً
ـ[محمد المبارك]ــــــــ[16 - 07 - 08, 01:48 ص]ـ
واياكم شيخنا الفاضل
بارك الله فيك(145/500)
دراسة مفصلة عن نسب العبيديين
ـ[أبوحاتم الشريف]ــــــــ[27 - 05 - 08, 12:47 ص]ـ
دراسة عن نسب الدولة العبيدية (الفاطمية) وأشهر أقوال النسابين
دراسة عن نسب العبيديين (الدولة الفاطمية)
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على النبي المصطفى أمالا بعد فهذه دراسة قديمة كتبتها عن نسب الفاطميين
والله الميسر
إسماعيل بن جعفر الصادق
قال الذهبي: وله (جعفر الصادق) عدة أولاد أقدمهم إسماعيل بن جعفر ومات شابا في حياة أبيه سنة ثمان وثلاثين ومئة (138).
قال رزام وسمعت جعفر بن محمد بعد وفاة ابنه إسماعيل يقول تعاهدوا جواري إسماعيل حتى يغنين ما ينفلت ما في أيديهن [1]
ذرية إسماعيل بن جعفر
قال الذهبي:خلف (إسماعيل) محمدا وعليا وفاطمة فكان لمحمد من الولد جعفر وإسماعيل فقط [2]
قال العقيقي (277): والعقب من ولد إسماعيل بن جعفر من محمد و علي والعقب
من ولد محمد بن إسماعيل من جعفر وإسماعيل وأمهما أم ولد والعقب من ولد علي بن إسماعيل من محمد بن علي وإسماعيل بن علي. [3]
قال أبو نصر البخاري: أولاد إسماعيل بن محمد بن إسماعيل لاشك في نسبهم، وجعفر بن محمد بن إسماعيل أنا متوقف في بقاء عقبه اليوم وينتسب إليه قوم من أهل الشام وهؤلاء أمراء مصر ينتسبون إلى علي بن محمد بن جعفر بن إسماعيل. [4]
قال العمري النسابة: إسماعيل بن جعفر الصادق مات في حياة أبيه وقبره بالبقيع وكان أبوه يحبه حبا شديدا وفيه روت الشيعة خبر البداء عن أبيه فممن رواه محمد بن بكير وزرارة بن أعين وابن أبي عمير [5]
قال ابن دينار الأسدي الكوفي (ت في القرن الرابع):لم يعقب علي بن محمد بن جعفر بن إسماعيل بن جعفر الصادق. [6]
[1] تاريخ دمشق (18/ 137)
[2] سير أعلام النبلاء ج6/ص270 ومن عقبه: المحدث المشهور النسيب علي بن إبراهيم بن العباس بن الحسن بن العباس ابن الحسن بن الحسين وهو أبو الجن بن علي ابن محمد بن علي بن إسماعيل ابن جعفر الصادق أبو القاسم بن أبي الحسين بن أبي علي بن أبي محمد الحسيني
خطيب دمشق في أيام المصريين قرأ القرآن العظيم بحرف أبي عمرو بن العلاء. تاريخ دمشق. المجدي
[3] كتاب المعقبين (85) سر السلسلة العلوية (35)
[4] سر السلسلة العلوية (36)
[5] المجدي في أنساب الطالبيين (99)
[6] المرجع السابق
========
أقوال العلماء في نسب عبيدالله المهدي (مؤسس الدولة العبيدية)
قال الذهبي (748):عبيد الله أبو محمد أول من قام من الخلفاء الخوارج العبيدية الباطنية الذين قلبوا الإسلام وأعلنوا بالرفض وأبطنوا مذهب الإسماعيلية وبثوا الدعاة يستغوون الجبلية والجهلة
وادعى هذا المدبر أنه فاطمي من ذرية جعفر الصادق فقال أنا عبيد الله بن محمد بن عبد الله بن ميمون بن محمد بن إسماعيل بن جعفر ابن محمد
وقيل بل قال أنا عبيد الله بن أحمد بن إسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق وقيل لم يكن اسمه عبيد الله بل إنما هو سعيد بن أحمد وقيل سعيد بن الحسين وقيل كان أبوه يهوديا وقيل من أولاد ديصان الذي ألف في الزندقة
وقيل لما رأى اليسع صاحب سجلماسة الغلبة دخل فذبح المهدي فدخل أبو عبد الله الشيعي فرآه قتيلا وعنده خادم له فأبرز الخادم وقال للناس هذا إمامكم
والمحققون على أنه دعي بحيث إن المعز منهم لما سأله السيد ابن طباطبا عن نسبه قال غدا أخرجه لك ثم أصبح وقد ألقى عرمة من الذهب ثم جذب نصف سيفه من غمده فقال هذا نسبي وأمرهم بنهب الذهب وقال هذا حسبي وقد صنف ابن الباقلاني وغيره من الأئمة في هتك مقالات العبيدية وبطلان نسبهم فهذا نسبهم وهذه نحلتهم
قال ابن الأثير (ت630): ذكر القدح في نسب العلويين والمصريين
في هذه السنة (402) كتب ببغداد محضر يتضمن القدح في نسب العلويين خلفاء مصر وكتب فيه المرتضى وأخوه الرضي وابن البطحاوي العلوي وابن الأزرق الموسوي والزكي أبو يعلى عمر بن محمد ومن القضاة والعلماء ابن الأكفاني وابن الخرزي وأبو العباس الأبيوردي وأبو حامد الاسفرايني والكشفلي والقدوري والصيمري وأبو عبد الله بن البيضاوي وأبو الفضل النسوي وأبو عبد الله بن النعمان فقيه الشيعة وغيرهم [1]
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/1)
في سنة (444) عمل محضر ببغداد يتضمن القدح في نسب العلويين أصحاب مصر وأنهم كاذبون في أدعائهم النسب إلى علي عليه السلام وغرهم فيه الديصانية من المجوس والقداحية من اليهود وكتب فيه العلويين والعباسيون والفقهاء والقضاة والشهود وعمل به عدة نسخ وسير في البلاد وشيع بين الحاضر والباد
وللحديث بقية
[1] الكامل في التاريخ ج8/ص73
========
قال السخاوي (ت902):والعجب أن صاحبنا المقريزي كان يفرط في تعظيم ابن خلدون لكونه كان يجزم بصحة نسب بني عبيد الذين كانوا خلفاء بمصر وشهروا بالفاطميين إلى علي ويخالف غيره في ذلك ويدفع ما نقل عن الأئمة من الطعن في نسبهم ويقول إنما كتبوا ذلك المحضر مراعاة للخليفة العباسي وكان صاحبنا ينتمي إلى الفاطميين فأحب ابن خلدون لكونه أثبت نسبهم وغفل عن مراد ابن خلدون فإنه كان لانحرافه عن آل علي يثبت نسب الفاطميين إليهم لما اشتهر من سوء معتقد الفاطميين وكون بعضهم نسب إلى الزندقة وادعى الالهية كالحاكم وبعضهم في الغاية من التعصب لمذهب الرفض حتى قتل في زمانهم جمع من أهل السنة وكان يصرح بسبب الصحابة في جوامعهم ومجامعهم فإذا كانوا بهذه المثابة وصح أنهم من آل علي حقيقة التصق بآل علي العيب وكان ذلك من أسباب النفرة عنهم [1]
قال ابن كثير (774):وكتب في ذلك جماعة من العلماء والقضاة والأشراف والعدول والصالحين والفقهاء والمحدثين وشهدوا جميعا أن الحاكم بمصر هو منصور بن نزار الملقب بالحاكم حكم الله عليه بالبوار والخزي والدمار ابن معد بن إسماعيل بن عبدالله بن سعيد لا أسعده الله فإنه لما صار إلى بلاد المغرب تسمى بعبيدالله وتلقب بالمهدي وأن من تقدم من سلفه أدعياء خوارج لا نسب لهم في ولد علي بن أبي طالب ولا يتعلقون بسبب وأنه منزه عن باطلهم وأن الذي ادعوه إليه باطل وزور وأنهم لا يعلمون أحدا من أهل بيوتات
علي بن أبي طالب توقف عن إطلاق القول في أنهم خوارج كذبة وقد كان هذا الإنكار لباطلهم شائعا في الحرمين وفي أول أمرهم بالمغرب منتشرا انتشارا يمنع أن يدلس أمرهم على أحد أو يذهب وهم إلى تصديقهم فيما ادعوه وأن هذا الحاكم بمصر هو وسلفه كفار فساق فجار ملحدون زنادقة معطلون وللإسلام جاحدون ولمذهب المجوسية والثنوية معتقدون قد عطلوا الحدود وأباحوا الفروج وأحلوا الخمر وسفكوا الدماء وسبوا الأنبياء ولعنوا السلف وادعوا الربوبية [2]
قال ابن تيمية (728):أئمة الباطنية، كبني عبيد بن ميمون القدَّاح الذين ادعوا أنهم من ولد محمد ابن إسماعيل بن جعفر، ولم يكونوا من أولاده، بل كان جدهم يهوديًا ربيبيًا لمجوسي، وأظهروا التشيع. ولم يكونوا في الحقيقة على دين واحد من الشيعة لا الإمامية، ولا الزيدية، بل ولا الغالية الذين يعتقدون إلهية علي، أو نبوته، بل كانوا شرًا من هؤلاء كلهم.
ولهذا كثر تصانيف علماء المسلمين في كشف أسرارهم وهتك أستارهم، وكثر غزو المسلمين لهم. وقصصهم معروفة.
وقال أيضا: وأما الكذب على العِتْرَة النبوية فأكثر من أن يوصف. فبنوا عبيد ـ الذين يسمون القداح ـ الذين كانوا يقولون: إنهم فاطميون، وبنوا القاهرة، وبقوا ملوكًا، يدعون أنهم علويون، نحو مائتى سنة، وغلبوا على نصف مملكة الإسلام حتى غلبوا في بعض الأوقات على بغداد، وكانوا كما قالوا فيهم أبو حامد الغزالى: ظاهر مذهبهم الرفض وباطنه الكفر المحض. وقد صنف القاضى أبو بكر بن الطيب كتابه الذى سماه [كشف الأسرار، وهتك الأستار] في كشف أحوالهم. وكذلك ما شاء الله من علماء المسلمين، كالقاضى أبي يعلى، وأبي عبد الله محمد بن عبد الكريم الشهرستانى.
وأهل العلم كلهم يعلمون أنهم لم يكونوا من ولد فاطمة، بل كانوا من ذرية المجوس، وقيل: من ذرية يهودى، وكانوا من أبعد الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنته ودينه، باطن دينهم مركب من دين المجوس والصابئين. وما يظهرون من دين المسلمين هو دين الرافضة. فخيار المتدينين منهم هم الرافضة. وهم جهالهم وعوامهم، وكل من دخل معهم يظن أنه مسلم، ويعتقد أن دين الإسلام حق وأما خواصهم من ملوكهم وعلمائهم فيعلمون أنهم خارجون من دين الملل كلهم، من دين المسلمين، واليهود، والنصارى، وأقرب الناس إليهم الفلاسفة؛ وإن لم يكونوا ـ أيضًا ـ على قاعدة فيلسوف معين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/2)
ولهذا انتسب إليهم طوائف المتفلسفة، فابن سينا، وأهل بيته من أتباعهم، وابن الهيثم وأمثاله من أتباعهم، ومُبَشِّر بن فاتك ونحوه من أتباعهم، وأصحاب [رسائل إخوان الصفا] صنفوا الرسائل على نحو من طريقتهم، ومنهم الإسماعيلية، وأهل دار الدعوة في بلاد الإسلام. ووصف حالهم ليس هذا موضعه.
وإنما القصد أنهم كانوا من أكذب الناس، وأعظمهم شركًا، وأنهم يكذبون في النسب وغير النسب؛ ولذلك تجد أكثر المشهدية الذين يدعون النسب العلوى كذابين؛ إما أن يكون أحدهم مولى لبنى هاشم، أو لا يكون بينه وبينهم لا نسب ولا ولاء، ولكن يقول: أنا علوى، وينوى علوى المذهب، ويجعل عليا ـ رضي الله عنه، وعن أهل بيته الطاهرين كان دينهم دين الرافضة، فلا يكفيه هذا الطعن في على حتى يظهر أنه من أهل بيته أيضًا، فالكذب فيما يتعلق بالقبور أكثر من أن يمكن سطره في هذه الفتوى.
[1] الضوء اللامع ج4/ص147
[2] البداية والنهاية ج11/ص345
=========
قال ابن خلكان (681):وفي مبادي ولاية العزيز المذكور صعد المنبر يوم الجمعة فوجد هناك ورقة فيها مكتوب
إنا سمعنا نسبا منكرا ... يتلى على المنبر في الجامع
إن كنت فيما تدعي صادقا ... فاذكر أبا بعد الأب الرابع
وإن ترد تحقيق ما قلته ... فانسب لنا نفسك كالطائع
أو لا دع الأنساب مستورة ... وادخل بنا في النسب الواسع
فإن أنساب بني هاشم ... يقصر عنها طمع الطامع
وإنما قال فانسب لنا نفسك كالطائع لأن هذه القضية جرت في خلافة الطائع لله خليفة بغداد [1]
قلت: والكلام في نسب الدولة العبيدية يطول والخلاصة أن نسبهم غير صحيح عند أكثر المؤرخين والنسابة [2]
والفرقة الإسماعيلية جماعة من الباطنية ينتسبون إلى محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق لانتساب زعيمهم المغربي إلى محمد بن إسماعيل [3]
قال ابن خلدون (804): وأما الإسماعيلية فزعموا أن الإمام بعد جعفر الصادق ابنه إسمعيل وتوفي قبل أبيه وكان أبو جعفر المنصور طلبه فشهد له عامل المدينة بأنه مات
وفائدة النص عندهم على إسمعيل وإن كان مات قبل أبيه بقاء الإمامة في ولده كما نص موسى على هارون صلوات الله عليهما ومات قبله والنص عندهم لا مرجع وراءه لأن البداء على الله محال.ويقولون في ابنه محمد أنه السابع التام من الأئمة الظاهرين وهو أول الأئمة المستورين عندهم الذين يستترون ويظهرون الدعاة وعددهم ثلاثة ولن تخلوا الأرض منهم عن إمام إما ظاهر بذاته أو مستور فلا بد من ظهور حجته ودعاته
والأئمة يدور عددها عندهم على سبعة عدد أيام الاسبوع والسموات والكواكب والنقباء تدور عندهم على ا ثنى عشر وهم يغلطون الأئمة حيث جعلوا عدد النقباء للأئمة
وأول الأئمة المستورين عندهم:محمد بن إسمعيل وهو محمد المكتوم ثم ابنه جعفر المصدق ثم ابنه محمد الحبيب ثم ابنه عبيدالله المهدي صاحب الدولة بأفريقية والمغرب التى قام بها أبو عبد الله الشيعي بكتامة وكان من هؤلاء الإسماعيلية القرامطة واستقرت لهم دولة بالبحرين في أبي سعيد الجنابي وبنيه أبي القاسم الحسين بن فروخ بن حوشب الكوفي داعي اليمن لمحمد الحبيب ثم ابنه عبد الله ويسمى بالمنصور وكان من الاثني عشرية أولا فلما بطل ما في أيديهم رجع إلى رأي الإسماعيلية [4]
قال الزركلي: محمد بن إسماعيل (المكتوم) أول الأئمة المكتومين ويليه ابنه جعفر ثم محمد ولد بالمدينة وتوفي ببغداد ت198 والقرامطة تعده من أولي العزم وهم سبعة وهو عند الدروز أول الأئمة السبعة المستورين ويطلقون عليه الناطق السابع ويقال لاعقب له. [5]
[1] وفيات الأعيان لابن خلكان (5/ 373)
[2] وقد توسع الشيخ إحسان إلهي ظهير في عرض هذه المسألة بتوسع وإنصاف في كتابه (الإسماعيلية ص211) فراجعه وممن أثبت نسبهم ابن عنبة في عمدة الطالب (336)
[3] سير أعلام النبلاء (15/ 141)
[4] مقدمة ابن خلدون () 4/ 138) راجع كتاب (الملل والنحل للشهرستاني ومقالات الإسلاميين لأبي الحسن الأشعري والموسوعة الميسرة في المذاهب المعاصرة والشيعة والتشيع لإحسان إلهي ظهير وكتاب لإسماعيلية له وغيرها من الكتب
[5] الأعلام (6/ 34)
راجع هذا الرابط
http://alhijariyah.com/vb/showthread.php?t=61
ـ[السيد عاطف]ــــــــ[27 - 05 - 08, 02:27 م]ـ
بارك الله فيك يا أخي
ـ[أم مصعب بن عمير]ــــــــ[01 - 03 - 09, 01:36 ص]ـ
جزاكِ الله خيرا
لاحرمكِ الله الأجر
ـ[ابوسعيد النجدي]ــــــــ[02 - 03 - 09, 10:24 م]ـ
اخي الفاضل اباحاتم لعل ماكتبه ابن حزم عن بطلان نسبهم في جمهرة انساب العرب غاب عنك
ـ[أبوحاتم الشريف]ــــــــ[06 - 03 - 09, 03:53 م]ـ
أشكر الأخ الكريم السيد عاطف والأخت الكريمة أم مصعب والأخ الكريم النجدي
وأما كلام ابن حزم فغير خاف علي وقد أشار إليه إحسان في كتاب الإسماعيلية وبورك فيك
وللحديث بقية
ـ[يحيى الأول]ــــــــ[24 - 08 - 09, 07:29 ص]ـ
لكن ابن خلدون صحح نسبهم وتبعه المقريزي وقد تهكم عليهم السخاوي في الضوء.(146/3)
مما ذكره الأسلاف عن قديم الأحلاف (تأملات في أحلاف قبائل العرب القديمة)
ـ[أبو معطي]ــــــــ[27 - 05 - 08, 08:35 م]ـ
مما ذكره الأسلاف عن قديم الأحلاف
(تأملات في أحلاف قبائل العرب القديمة: مفهومها، أنواعها، أسبابها)
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
وبعد .. فإنه من المعروف أن الحلف أمر شائع بين القبائل منذ القدم، وقد تناوله علماء التاريخ والأنساب، سواء أكانوا المتقدمين منهم كالكلبي، وابن حزم، والهجري وغيرهم، أو المتأخرين منهم كالنويري، والمقريزي، والقلقشندي، وغيرهم، بل وحتى المعاصرين في المؤلفات الحديثة تعرضوا لذكره.
وفي هذا البحث سأتحدث عن ماهية الحلف في القبائل القديمة، وبعض من أنواعه وصوره، وأسبابه ودوافعه، مع أمثلة عليه
تعريف الحلف:
قال الجوهري في الصحاح: (والحلف بالكسر: العهد يكون بين القوم، وقد حالفه أي عاهده، وتحالفوا أي تعاهدوا) انتهى.
وقال الفيروزبادي في القاموس المحيط: (والحلف بالكسر: العهد بين القوم والصداقة، والصديق يحلف لصاحبه ألا يغدر به، والجمع أحلاف) انتهى.
وفي المعجم الوسيط: (حالفه محالفة وحِلافاً: عاهده، ويُقال حالف بينهما: آخى) وفي موضع آخر في المعجم: (الحِلف المعاهدة على التعاضد والتساعد والاتفاق، والجمع أحلاف).
وقال أيضاً: (الحليف، المتعاهد على التناصر، والجمع أحلاف)
مع ملاحظة ما ذكر في معاجم اللغة عن معنى الحلف نجد أن كلمة الحلف يدور معناها بين: المعاهدة والصداقة، والنصرة والحماية، والتعاضد والتساعد والاتفاق، وما في هذه المعاني.
فنستطيع أن نقول بأن معنى الحِلف اللغوي تقريباً هو: التعاهد والاتفاق على التعاضد والتناصر والحماية، هذا في مصطلح أهل اللغة. (1)
أما معنى الحِلف في مصطلح المؤرخين والنسابين فليس هناك معنى محدد، ولكن نستطيع أن نقول - من خلال استقراء ما كتبه النسّابون والإخباريّون عن الحلف - بأن الحلف هو: أنظمة وعهود اجتماعية وسياسية تجمع بين عشيرتين، أو قبيلتين فأكثر يلتزمون فيها بينهم على التعاضد والتناصر والحماية ... وقد تزيد هذه العلاقة حتى يصبح المتحالفون قبيلة واحدة، وكياناً واحداً (أي ليس حلفاً مؤقتاً فقط)، كما سيتضح ذلك عند الكلام عن أنواع الحلف وصوره.
إلا أن التعريف السابق ربما يتناسب مع بعض أنواع الأحلاف أكثر من أنواع أخرى، كما سيأتي ذلك في أنواع الأحلاف وصوره وأقسامه.
وعند الرجوع إلى كتب المعاجم مرة أخرى، نجد أن العرب كانوا يطلقون اسم (الحليفان) على بني أسد وطيء، وكانوا يطلقون نفس الاسم أيضاً على أسد وفزارة (أو غطفان) - كما سيأتي في أنواع الأحلاف - ويطلقون مصطلح (الأحلاف) على ستة بطون من قريش وهي: عبد الدار، وكعب، وجمح، وسهم، ومخزوم، وعدي، كما أطلق أيضاً مصطلح (الأحلاف) على قوم من ثقيف .... وغيرهم أيضاً. (2)
- أنواع الحلف:
من يستقرئ ويرصد الأحلاف القديمة بين العرب يجد أنها أنواع بينها اختلاف، ومن خلال ذلك نستطيع تقسيم أنواع الأحلاف تقسيماً اجتهادياً إلى:
1 - حلف مؤقت (وربما يتكرر):
الهدف منه هو النصرة والاحتماء والاستعانة لمصلحة مشتركة بين الحليفين، كخوض حرب مثلاً أو غير ذلك، فإذا انتهى الحدث انتهى الحلف بانتهاء الحدث، وقد يتكرر ذلك عند تكرار هذا الحدث (مثلاً قد يتكرر عند حصول أكثر من حرب لنفس القبائل المتحالفة)، فمعنى ذلك أن هذا النوع من الأحلاف إنما هو لسبب معيّن مؤقت وليس حلفاً كاملاً سواء تكرر هذا السبب أم كان مجرد حادثة منفردة، ومن أمثلة ذلك أن العرب تسمى طيء وأسد بالحليفين، وأطلق هذا اللفظ على أسد وغطفان أو فزارة، وفيهم قال زهير بن أبي سلمى:
ألا أبلغ الأحلاف عنّي رسالة
وذبيان هل أقسمتم كل مقسم
وقال:
تداركتما الأحلاف قد ثل عرشها
وذبيان قد زلت بأقدامها النعل (3)
نلحظ في هذا الحلف أنه لم تدخل قبيلة تحت مسمى قبيلة أخرى، وإنما أُطلق لفظ يشمل القبيلتين بسبب التآزر بينهما، لمصلحة معينة ومحددة تشترك فيها القبائل المتحالفة وربما يتكرر.
2 - حلف كامل (قبائل وكيانات تكوّنت من الأحلاف):
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/4)
كأن تجتمع عدة قبائل وأفخاذ لا يجمعها جد واحد، بل ربما يصل الأمر أن يكون بعضها قحطانية، وبعضها عدنانية، فتجتمع في اسم جديد، وكيان جديد مؤلف من عدة قبائل مختلفة لا يجمعها جد واحد، والغالب في هذه الأحلاف أن يكون سبب حلفها، هو اجتماعها في مكان واحد، أو اشتراكها في أحداث ووقائع معيَّنة، بل قد تُسمى على هذا المكان أو على صفته، ونلحظ على هذا النوع أنه غير مربوط بواقعة مؤقتة وينتهي (كالحلف المؤقت).ومثال ذلك قبائل: تنوخ، والعتق، وغسان، فهذه القبائل قائمة على الأحلاف لا يجمعها جد واحد، قال ابن حزم (وجميع قبائل العرب فهي راجعة إلى أب واحد حاشى ثلاث قبائل وهي تنوخ والعتق وغسان)، وقال بعد الكلام عن هذه القبائل (فهم من بطون شتى) (4)، ويقصد بقوله جميع القبائل راجعة إلى أب واحد أي في الجملة والغالب، وإلا قد يدخل بعض القبائل أفخاذ من قبائل أخرى، ولكنها في جملتها ترجع إلى أب واحد، بخلاف هذه القبائل الثلاث فإنها مجتمعة من عدة بطون من قبائل شتى كوّنت هذه الكيانات.
3 - دخول فخذ أو عشيرة أو فرد في قبيلة أخرى:
وهذا النوع الأكثر حصولاً من أنواع الأحلاف، وفي هذا النوع يُعتبر الفرع الذي دخل في القبيلة (سواء كان هذا الفرع فخذاً، أو عشيرة، أو أسرة، أو شخصاً) جزءاً لا يتجزأ من القبيلة التي دخل فيها، فيتسمى باسمها وينضوي تحت إمرتها، ويحارب معها مثله مثل من ينتسب أصالة إلى هذه القبيلة، وقد يحصل بعد زمن أن يرجع هذا الفخذ، أو العشيرة إلى محاولة الانتساب إلى نسبه الأصلي لأسباب مختلفة.
وأمثلة هذا النوع كثيرة جداً في كتب النسب، فلما تحدث ابن حزم عن ذرية الإخوة أسلم ومالك وملكان أبناء أفصى بن عامر بن قمعة بن إلياس بن مضر، قال وهؤلاء الثلاثة ممن تخزَّع، يعني دخلوا في خزاعة (5)، ولما تحدث عن بني وادعة بن عمرو مزيقياء بن عامر ماء السماء بن حارثة الغطريف بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد (وهم أبناء عمومة للأوس والخزرج) ذكر أنهم دخلوا في همدان (6) ... وغير ذلك كثير جداً في كتب النسب ويصعب استقصاؤه.
من أسباب الحلف:
الحلف ينشأ غالباً لأسباب سياسية كاختلاف التكوينات والقوى في المنطقة، أو لأسباب اجتماعية كضعف القبيلة، أو قلتها، أو هجرة أغلبها من المنطقة، أو لسبب جغرافي مثل الجوار، فمن تلك الأسباب:
1 - عند قيام قبيلة أو عشيرة بحرب قبيلة أكبر منها، أو ردّهم فإنهم قد يضطرون إلى الاعتضاد والتقوّي بعشائر أخرى لمواجهة هذه الحرب، وقد يستمر هذا الحلف، وقد ينتهي بانتهاء الحدث، وقد يحصل ذلك من الطرفين، ومن الأمثلة على هذا السبب كحلف مؤقت ما حصل يوم الهذيل عندما أغار الهذيل بن هبيرة التغلبي على ضبَّة والرّباب فأنجدهما بنو سعد بن زيد مناة بن تميم، فقال سلامة بن جندل:
وتغلب إذ حربها لافح
تشب وتسعر نيرانها
غداة أتانا صريخ الرباب
ولم يكُ يصلح خذلانها
صريخ لضبّة يوم الهذيل
وضبّة تردف نسوانها
تداركهم والضحى غدوة
خناذيذ تشعل أعطانها
بأسد من الفزر غلب الرّقاب
مصاليت لم يُخش إدهانها (7)
وقد دعا عمرو بن معد يكرب الزبيدي إلى تجمع بطون مذحج لمواجهة بطون معد بن عدنان، عندما قال:
وأود ناصري وبنو زبيد
ومن بالخيف من حكم بن سعد
لعمرك لو تجرّد من مراد
عرانين على دهم وجُرد
ومن عنس مغامرة طحون
مدربة ومن علة بن جلد
ومن سعدٍ كتائب معلمات
على ما كان من قرب وبعد
ومن جنب مجنّبة ضروب
لهام القوم بالأبطال تردي
وتجمع مذحجّ فيرأسوني
لأبرأتُ المناهل من صعد (8)
المثالان السابقان ينطبقان على الأحلاف المؤقتة التي حصلت بسبب الاستعداد لحصول حرب، وغير هذه الأمثلة كثير، وقد يكون حلفا خندف وشبابة مثال على ذلك أيضاً فهما حلفان أُسسا بسبب توازن القوى وهي أحلاف مؤقتة لسبب معين.
2 - عند هزيمة قبيلة أو كيان قبلي في حرب أو حروب متوالية، فقد تحصل هزيمة قاصمة تحمل هذه القبيلة المهزومة إلى الرحيل فيبقى منهم بقية ضعيفة تحتاج إلى الاحتماء والتقوّي فتضطر إلى الدخول في قبيلة أكبر منها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/5)
وقد تدخل قبيلة أو عشيرة في قبيلة أخرى اتقاء لسطوتها وإغارتها، كأن تغير قبيلة أو كيان قوي على مناطق تعيش فيها قبائل ضعيفة لا تستطيع مقاومتها، فتنضوي تحت لوائها، وتأتمر بإمرتها لكفّ ضررها عليهم، ولا شك أن في هذا الأمر مصلحة للقبيلة القويّة، لأن دخول هؤلاء وغيرهم في كيانهم سيكثر من عددهم وسيزيد من قوتهم.
قال البكريّ (فلما رأت القبائل ما وقع بينها من الاختلاف والفرقة، وتنافس الناس في الماء والكلأ، والتماسهم المعيش في المتسع، وغلبة بعضهم بعضاً على البلاد والمعاش، واستضعاف القوي الضعيف، انضم الذليل منهم إلى العزيز، وحالف القليل منهم الكثير، وتباين القوم في ديارهم ومحالهم، وانتشر كل قوم فيما يليهم) (9)
3 - قد يحصل الحلف لسبب جغرافي واقتصادي في آن واحد، وذلك عند نزول عدة عشائر، أو أفخاذ على منطقة واحدة فتجمعهم المنطقة فيتكوَّن كيان باسم جديد .. مثال ذلك أحلاف تنوخ وغسّان وغيرهما، فقد تحدث ابن حزم عن سبب تسمية قبيلة تنوخ فقال (سموا تنوخاً لأن التنوخ الإقامة، فتحالفوا على الإقامة بموضعهم بالشام، وهم من بطون شتى) وقال عن غسّان (طوائف نزلوا بماء يقال له غسّان فنسبوا إليه) (10)
ومن ذلك أيضاً هجرة القبيلة أو العشيرة من مكان إلى مكان، ونزولها في مكان تسيطر عليه قبيلة أخرى فيحصل بينهم التداخل والحلف، ويشابه ذلك أيضاً الجوار قد يكون سبباً للحلف.
4 - قلة عدد العشيرة أو القبيلة في ظل تلك العصور القاسية التي تعتمد فيها بعض القبائل على الحرب والسلب، فلا شك أن قلة عددها سيجعلها تذوب في كيانات أخرى، ويحصل هذا كثيراً بين أبناء العمومة القريبين، فتجد الإخوة إذا اشتهر فيهم رجل قد يُنسب إليه فيما بعد أبناء إخوته لشهرته ولقلة عدد ذرية إخوته كما هو الحال في البراجم من بني تميم، وهم ذرية عمرو والظليم وقيس وكلفة وغالب أبناء حنظلة (جد البطن) بن مالك بن زيد مناة بن تميم، ذرية هؤلاء الخمسة كانوا قلة، فقال لهم رجل منهم وهو: حارثة بن عامر بن عمرو بن حنظلة (أيتها القبائل التي ذهب عددها تعالوا فلنجتمع، فنكن كبراجم كفي هذه)، ففعلوا فسُموا البراجم، وهم مع بني عبد الله بن دارم بن مالك بن حنظلة. (11)
5 - قد يحصل خلاف داخلي بين القبيلة الواحدة يُلجئ أغلب القبيلة إلى طرد القسم الآخر من نفس القبيلة، مما يجعلها تنتقل عن المكان وتحالف كياناً آخر، وهذا الخلاف قد يحصل لأسباب كثيرة، إما لسبب دم أو مصاهرة لقبيلة أقل منهم شأناً، أو امتهان بعضهم لمهنة أقل مما اعتادوا عليه، أو شحناء أو غير ذلك.
كما أن القسمين قد يكونان متقاربين في العدد والقوة، وقد يكونان غير متكافئين، بل قد يحصل أن رجلاً واحداً فقط تغضب عليه قبيلته، فيخرج منها لسبب من الأسباب السابقة، أو غيرها فيدخل في قبيلة أخرى، فيكون بذلك جداً لأسرة أو عشيرة، وكتب الأوائل مليئة بأخبار الخلاف والتنازع بين أبناء القبيلة الواحدة كحرب البسوس، وداحس والغبراء ويوم البُعاث وغيرها من الأيام الشهيرة.
ومن ذلك أيضاً ما ذكره البكريّ عن تكاثر بطون جرم ونهد القضاعيتين وفصائلهم فتلاحقوا واقتتلوا وتفرقوا وتشتت أمرهم ووقع الشر بينهم، ثم قال (فلحقت نهد بن زيد ببني الحارث بن كعب - من مذحج -، فحالفوهم وجامعوهم، ولحقت جرم بن ربان ببني زبيد - من مذحج - فحالفوهم وصاروا معهم، فنسبت كل قبيلة مع حلفائها، يغزون معهم ويحاربون من حاربهم). (12)
هذه من أبرز الأسباب .. هناك غيرها أيضاً وأتوقع أن استقصاء كل الأسباب يحتاج إلى مزيد من العناية، ولكن هذه إشارات ولفتات حول مفهوم الحلف وأنواعه وأسبابه، مع أملي أن يكون هناك مزيد من الاهتمام من الإخوة الباحثين حول هذه الموضوعات الهامة من تاريخ العرب وتراثهم القديم، والله المستعان.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش:
(1) انظر مادة ح ل ف في: الصحاح للجوهري، القاموس المحيط، المعجم الوسيط.
(2) انظر الصحاح للجوهري، القاموس المحيط مادة ح ل ف
(3) الصحاح للجوهري مادة ح ل ف
(4) جمهرة أنساب العرب لابن حزم، دار المعارف، تحقيق عبد السلام هارون 2 - 461، 462.
(5) جمهرة أنساب العرب لابن حزم 1 - 240.
(6) الجمهرة لابن حزم 2 - 331.
(7) ديوان سلامة بن جندل
(8) شعر عمرو بن معد يكرب، جمع وتحقيق مطاع الطرابيشي ص 78، 79 والأسماء المذكورة في الأبيات بطون من مذحج.
(9) معجم ما استعجم للبكري، دار الكتب العلميّة، تحقيق جمال طلبة 1 - 51.
(10) جمهرة أنساب العرب لابن حزم 2 - 462.
(11) جمهرة النسب للكلبي، عالم الكتب، تحقيق ناجي حسن 1 - 194.
(12) معجم ما استعجم للبكري 1 - 41
كتبه: زكي بن سعد بن إبراهيم أبومعطي
http://www.mkalat.com/wordpress/?p=17
نشر في صحيفة الجزيرة (صفحة الوراق) يوم الأحد 17/ 2 / 1426
http://www.suhuf.net.sa/2005jaz/mar/27/wo3.htm
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/6)
ـ[مصعب الجهني]ــــــــ[27 - 05 - 08, 10:42 م]ـ
مقال جيد يا أستاذ أبو معطي:
ومن أنواع الحلف اليوم عند البادية ما يسمى: بـ (الدخيل) فيقال: دخيل بنو فلان.
(11) جمهرة النسب للكلبي، عالم الكتب، تحقيق ناجي حسن 1 - 194.
أرَ يا أبو معطي أن هذه النسخه لا يعتمد عليه لكثرة الأخطاء التي بها, وأفضل منها
الطبعة التي نشرها المحقق البارع محمد فردوس العظم بخط يده
ـ[أبو أسامة القحطاني]ــــــــ[28 - 05 - 08, 12:52 ص]ـ
بارك الله فيك يا أبا معطي
مقال مفيد جداً
وياليتك تدلنا على بحوث تناولت أحلاف القبائل المعاصرة.
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[28 - 05 - 08, 01:41 ص]ـ
بارك الله فيك
ولي ملاحظات:
1 - الحلف ليس مصطلحاً علمياً كالمبتدأ والخبر، فلا داعي للتفريق بين معناه في اللغة والاصطلاح
2 - التفريق بين أنواع الأحلاف غير دقيق، فالحلف المؤقت لخوض معركة تدوم بضعة أيام لا أظنه يسمى حلفاً، وحلف أسد وطيء وغطفان لا يصلح مثالاً للحلف المؤقت لأنه حلف استمر عشرات السنين، ويشهد لذلك إطلاق العرب لقب الحليفين، ولذلك نجد هذا القبائل الثلاث ارتدت مع طليحة الأسدي الذي تعتبره كلها رجلاً منها.
3 - لا فرق في الحقيقة بين تحالف رجل وقبيلة، وقبيلة صغيرة مع قبيلة كبيرة، وقبيلتين كبيرتين، فكلها فروق في الكم لا في الكيف.
ـ[أبو معطي]ــــــــ[28 - 05 - 08, 12:45 م]ـ
مقال جيد يا أستاذ أبو معطي:
ومن أنواع الحلف اليوم عند البادية ما يسمى: بـ (الدخيل) فيقال: دخيل بنو فلان.
أرَ يا أبو معطي أن هذه النسخه لا يعتمد عليه لكثرة الأخطاء التي بها, وأفضل منها
الطبعة التي نشرها المحقق البارع محمد فردوس العظم بخط يده
الأستاذ الكريم مصعب الجهني بارك الله فيك وجزاك الله خيراً على ما تفضلت به من إفادة
هل تقصد أخي الكريم مختصر الجمهرة تحقيق محمد فردوس العظم في مجلدين؟؟
ـ[أبو معطي]ــــــــ[28 - 05 - 08, 06:32 م]ـ
بارك الله فيك يا أبا معطي
مقال مفيد جداً
وياليتك تدلنا على بحوث تناولت أحلاف القبائل المعاصرة.
وبارك فيك أخي الفاضل وجزاك خيراً
لا أذكر الآن بحثاً مستقلاً ولكن قد تجد كلاماً هاماً عن الأحلاف في ثنايا الكتب
كتب الأوائل مليئة بالإشارة الى الأحلاف مثل الجمهرة للكلبي والجمهرة لابن حزم وغيرها
حتى بعض كتب المعاصرين لا تخلو من الإشارة إلى بعض الأحلاف، وفي الرابط التالي أشار
الأخوة بارك الله فيهم إلى بعض المصادر التي تناولت مثل هذا الموضوع
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=130860
مع جزيل الشكر سلمك الله
ـ[أبو الحارث البقمي]ــــــــ[28 - 05 - 08, 06:33 م]ـ
جزاكم الله خيراً يا شيخ زكي , وبارك الله فيكم وفي قلمكم ..
ـ[أبو معطي]ــــــــ[29 - 05 - 08, 01:21 ص]ـ
بارك الله فيك
ولي ملاحظات:
1 - الحلف ليس مصطلحاً علمياً كالمبتدأ والخبر، فلا داعي للتفريق بين معناه في اللغة والاصطلاح
2 - التفريق بين أنواع الأحلاف غير دقيق، فالحلف المؤقت لخوض معركة تدوم بضعة أيام لا أظنه يسمى حلفاً، وحلف أسد وطيء وغطفان لا يصلح مثالاً للحلف المؤقت لأنه حلف استمر عشرات السنين، ويشهد لذلك إطلاق العرب لقب الحليفين، ولذلك نجد هذا القبائل الثلاث ارتدت مع طليحة الأسدي الذي تعتبره كلها رجلاً منها.
3 - لا فرق في الحقيقة بين تحالف رجل وقبيلة، وقبيلة صغيرة مع قبيلة كبيرة، وقبيلتين كبيرتين، فكلها فروق في الكم لا في الكيف.
الأستاذ الكريم خزانة الأدب سلمك الله
أشكرك على مرورك الكريم وعلى ملاحظاتك المهمة بارك الله فيك وجزاك خيراً
أردت من التفريق بين اللغة والاصطلاح في التعريف أن يكون التعريف الاصطلاحي أشمل ويتناول ما يقصده أهل النسب من مصطلح (الحلف) لأن التعريف اللغوي موجز وقد لا يدخل فيه بعض صور الحلف وأنواعه
لو تلاحظ الحلف المذكور بين أسد وطيء أو أسد وغطفان أو غيرها تجد أنه يختلف عن صورة الحلف التي دخلت فيها عشيرة - مثلاً - تحت مسمى قبيلة وحملت اسمها، فلم تدخل واحدة منها تحت راية الأخرى ولكن بينهما تحالف في مصالح مشتركة مثل غزو أو جوار أو غير ذلك، ولذلك أضفت عند جملة الحلف المؤقت عبارة (وربما يتكرر) أي ربما يحصل أكثر من مرة و يدوم التحالف لسنين
ومع ذلك هذا التقسيم ليس إلا اجتهاد مني - أو وجهة نظر - و عرضةً للخطأ أو عدم الدقة أو التكرار أو الزيادة والنقص، ولعل إن شاء الله أن تكون هناك دراسات للموضوع أقوى وأشمل بحثاً ممن هم أكفأ مني في هذه الجوانب
أوافقك سلمك الله بأنه لا فرق بين تحالف رجل وقبيلة، وقبيلة صغيرة مع قبيلة كبيرة، وقبيلتين كبيرتين، ولذلك جعلتها كلها في نوع واحد ولم أفرق بينها
أكرر شكري لك بارك الله فيك ورفع قدرك
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[29 - 05 - 08, 02:08 ص]ـ
بارك الله فيك
لم تدخل واحدة منها تحت راية الأخرى لأنها قبائل كبيرة، لا لأن الحلف مؤقت أو غير مؤقت
الرجل إذا حالف قبيلة دخل فيها وربما انتسب إليها
والقبيلة الصغيرة تدخل ضمن القبيلة الكبيرة وربما تنتسب إليها
وأما القبيلة الكبيرة فحجمها يجعلها تحتفظ بهويتها
وهذا هو ما قلناه من أن الفروق في الكم لا في الكيف
ملاحظتان:
1 - الأحلاف موجودة في عصرنا في قبائل جزيرة العرب
2 - الحليف قد يتزعم القبيلة، وهناك أمثلة كثيرة من الماضي والحاضر، لعل من أبرزها سجاح التميمية التي انتقل آباؤها إلى العراق ودخلوا في حلف تغلب، فجاءت إلى جزيرة العرب تقود قبائل ربيعة لغزو بني تميم، فتحالف معها مالك بن نويرة التميمي وقبيلته لأن له غرضاً في مقاتلة فرع آخر من بني تميم. وقد غفل كثير من الناس عن إدراك طبيعة هذه العلاقة، وظنوا أنها ارتدت بقبيلتها الأصلية بني تميم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/7)
ـ[محمد المبارك]ــــــــ[29 - 05 - 08, 02:10 ص]ـ
استاذي العزيزابو معطي
شكرا على هذا البحث القيم
لا عدمنا فوائدكم
ـ[أبوحاتم الشريف]ــــــــ[29 - 05 - 08, 05:15 ص]ـ
نشكر االأخ الكريم أبا معطي على هذا المجهود وللعبد الفقير مشاركة متواضعة عن موضوع الأحلاف وهي متممة لمشاركة الأخ الكريم
وللعلم فإن الأخ الكريم البقمي هو السبب الذي جعلني أكتب هذا البحث المتواضع فجزاه الله خيرا وكنت قد كتبته من أشهر وهناك زيادات سوف نأتي عليها قريبا إن شاء الله
راجعه على هذا الرابط: http://alhijariyah.com/vb/showthread.php?t=63
ـ[مصعب الجهني]ــــــــ[29 - 05 - 08, 02:29 م]ـ
من أمثلة التحالفات بين القبائل قالو مثلاً عن جهينة ثلاثة أقسام:
الجُهَني, والجُهَني, والجُهَني,:
1 - أما الاول: من جُهَيْنة بن زيد بن ليث بن سود بن أسلم بن الحاف بن قضاعة, منهم عقبة بن عامر ابنُ عبس الجهني, لهُ صحبة، وعبد الله بن عُكيم أبو معبد الجهني، وزيد بن وهب أبو سليمان الهَمْداني الجهني من قُضاعة أدركا زمان النبي صلى الله عليه وسلم ولم يرياه, وغيرهم.
2 - الثاني من جهينة الأنصار: وهم حُلفاء, وأصلهم من جهينة بن زيد, منهم عبد الله بن أُنيْس الجهني الأنصاري من بني خيثمة بن الحرث بن الخزرج, يكنى أبا يحيى, له صحبة، وأنس والد مُعاذ بن أنس الجهني الأنصاري أيضا, وهم أحلاف الأنصار, وليسوا من جهينة الأوَل.
3 - الثالث من نزل في جُهينة بالكوفة وليس منهم, فنُسب إليهم منهم أبو فروة مسلم بن سالم الجُهني, ويقال: النَّهْدي, نزل في جهينة فعرف بهم سمع عبد الله بن عكيم روى عنه سفيان بن عيينة.
ـ[أبو معطي]ــــــــ[29 - 05 - 08, 06:51 م]ـ
جزاكم الله خيراً يا شيخ زكي , وبارك الله فيكم وفي قلمكم ..
وجزاكم خير الجزاء شيخنا أبا الحارث وبارك الله فيكم
استفساركم دفعني ودفع الأخوة الكرام للمشاركة فاستفدنا منهم سلمك الله
ـ[أبو معطي]ــــــــ[29 - 05 - 08, 06:53 م]ـ
بارك الله فيك
لم تدخل واحدة منها تحت راية الأخرى لأنها قبائل كبيرة، لا لأن الحلف مؤقت أو غير مؤقت
الرجل إذا حالف قبيلة دخل فيها وربما انتسب إليها
والقبيلة الصغيرة تدخل ضمن القبيلة الكبيرة وربما تنتسب إليها
وأما القبيلة الكبيرة فحجمها يجعلها تحتفظ بهويتها
وهذا هو ما قلناه من أن الفروق في الكم لا في الكيف
ملاحظتان:
1 - الأحلاف موجودة في عصرنا في قبائل جزيرة العرب
2 - الحليف قد يتزعم القبيلة، وهناك أمثلة كثيرة من الماضي والحاضر، لعل من أبرزها سجاح التميمية التي انتقل آباؤها إلى العراق ودخلوا في حلف تغلب، فجاءت إلى جزيرة العرب تقود قبائل ربيعة لغزو بني تميم، فتحالف معها مالك بن نويرة التميمي وقبيلته لأن له غرضاً في مقاتلة فرع آخر من بني تميم. وقد غفل كثير من الناس عن إدراك طبيعة هذه العلاقة، وظنوا أنها ارتدت بقبيلتها الأصلية بني تميم.
بارك الله فيك أخي الفاضل
ملاحظات مهمة وإضافة جميلة جزاك الله خيراً
ـ[مصعب الجهني]ــــــــ[29 - 05 - 08, 09:44 م]ـ
الأستاذ الكريم مصعب الجهني بارك الله فيك وجزاك الله خيراً على ما تفضلت به من إفادة
هل تقصد أخي الكريم مختصر الجمهرة تحقيق محمد فردوس العظم في مجلدين؟؟
لا يا أخي إنما مقصدي تجده هُنا:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=138902
ـ[أبو معطي]ــــــــ[31 - 05 - 08, 02:48 ص]ـ
استاذي العزيزابو معطي
شكرا على هذا البحث القيم
لا عدمنا فوائدكم
شيخنا الفاضل محمد المبارك .. العفو ومنكم نستفيد
بارك الله في جهودكم .. ورفع قدركم .. وجزاكم خيراً
ـ[أبو معطي]ــــــــ[31 - 05 - 08, 02:53 ص]ـ
نشكر االأخ الكريم أبا معطي على هذا المجهود وللعبد الفقير مشاركة متواضعة عن موضوع الأحلاف وهي متممة لمشاركة الأخ الكريم
وللعلم فإن الأخ الكريم البقمي هو السبب الذي جعلني أكتب هذا البحث المتواضع فجزاه الله خيرا وكنت قد كتبته من أشهر وهناك زيادات سوف نأتي عليها قريبا إن شاء الله
راجعه على هذا الرابط: http://alhijariyah.com/vb/showthread.php?t=63
الأستاذ الفاضل أبو حاتم الشريف سلمك الله
العفو وشرفني مرورك الكريم، وجزاك الله يا أخي خير الجزاء
على مشاركتكم القيّمة لا عدمنا فوائدكم، بارك الله فيك ورفع قدرك
ـ[عبدالمحسن المطوع]ــــــــ[31 - 05 - 08, 03:23 ص]ـ
والشيء بالشيء يذكر، سأذكر بعض البيوتات التي دخلت في حلف:
1 - آل جحش من بني أسد بن خزيمة ودخلوا حلفا مع بني أمية، وقد تزوج عمة النبي صلى الله عليه وسلم.
2 - محمد بن مسلمة ومحمود بن مسلمة دخلوا حلفا مع بني عبدالأشهل من الأوس مع أنهم من بني حارثة من الأوس.
3 - صفوان بن أمية السلمي حليف بني أسد بن خزيمة، استشهد في اليمامة.
4 - حذيفة بن اليمان العبسي حليف بني عبدالأشهل.
5 - الأخنس بن شريق الثقفي دخل مع بني زهرة بن كلاب.
6 - عامر بن ربيعة من السابقين الأولين من قبيلة عنزة وهو حليف لآل الخطاب من بني عدي.
7 - خباب بن الأرت من خزاعة وهو حليف بني زهرة.
8 - عبدالله بن مسعود الهذلي وهو حليف بني زهرة.
9 - عمار بن ياسر من بني عنس من مذحج وهو حليف لبني مخزوم.
ومن تأمل وجد أكثر من ذلك، والله أعلم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/8)
ـ[أبو معطي]ــــــــ[31 - 05 - 08, 10:38 م]ـ
من أمثلة التحالفات بين القبائل قالو مثلاً عن جهينة ثلاثة أقسام:
الجُهَني, والجُهَني, والجُهَني,:
1 - أما الاول: من جُهَيْنة بن زيد بن ليث بن سود بن أسلم بن الحاف بن قضاعة, منهم عقبة بن عامر ابنُ عبس الجهني, لهُ صحبة، وعبد الله بن عُكيم أبو معبد الجهني، وزيد بن وهب أبو سليمان الهَمْداني الجهني من قُضاعة أدركا زمان النبي صلى الله عليه وسلم ولم يرياه, وغيرهم.
2 - الثاني من جهينة الأنصار: وهم حُلفاء, وأصلهم من جهينة بن زيد, منهم عبد الله بن أُنيْس الجهني الأنصاري من بني خيثمة بن الحرث بن الخزرج, يكنى أبا يحيى, له صحبة، وأنس والد مُعاذ بن أنس الجهني الأنصاري أيضا, وهم أحلاف الأنصار, وليسوا من جهينة الأوَل.
3 - الثالث من نزل في جُهينة بالكوفة وليس منهم, فنُسب إليهم منهم أبو فروة مسلم بن سالم الجُهني, ويقال: النَّهْدي, نزل في جهينة فعرف بهم سمع عبد الله بن عكيم روى عنه سفيان بن عيينة.
إضافة قيمة منك أخي الفاضل مصعب الجهني بارك الله فيك وجزاك خيراً ونفع بك
ـ[أبو معطي]ــــــــ[31 - 05 - 08, 11:25 م]ـ
لا يا أخي إنما مقصدي تجده هُنا:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=138902
بارك الله فيك وجزاك خيراً، والروابط الموجودة في الموضوع بعضها لكتاب (نسب معد واليمن الكبير) وبعضها لكتاب (جمهرة النسب) وكلها مفيدة جزى الله الأخوة كل خير، خرج أيضاً لمحمد فردوس العظم تحقيق لكتاب مختصر جمهرة النسب للغساني في مجلدين قبل حوالي اربع سنوات تقريباً
هناك سؤال هام أذكر أن أحد الأخوة في الملتقى طرحه قبل فترة حول صلة كتاب (جمهرة النسب) بكتاب (نسب معد واليمن الكبير)، وهل هما كتاب واحد أم لا؟ وكان من ضمن الموضوع مشاركة للأستاذ عبدالعزيز بن سعد الدغيثر ومشاركات أخرى أيضاً لا أذكر لمن من الأخوة، من لديه رابط الموضوع فليسعفنا به مشكوراً
رفع الله قدركم
ـ[أبو معطي]ــــــــ[02 - 06 - 08, 03:09 ص]ـ
والشيء بالشيء يذكر، سأذكر بعض البيوتات التي دخلت في حلف:
1 - آل جحش من بني أسد بن خزيمة ودخلوا حلفا مع بني أمية، وقد تزوج عمة النبي صلى الله عليه وسلم.
2 - محمد بن مسلمة ومحمود بن مسلمة دخلوا حلفا مع بني عبدالأشهل من الأوس مع أنهم من بني حارثة من الأوس.
3 - صفوان بن أمية السلمي حليف بني أسد بن خزيمة، استشهد في اليمامة.
4 - حذيفة بن اليمان العبسي حليف بني عبدالأشهل.
5 - الأخنس بن شريق الثقفي دخل مع بني زهرة بن كلاب.
6 - عامر بن ربيعة من السابقين الأولين من قبيلة عنزة وهو حليف لآل الخطاب من بني عدي.
7 - خباب بن الأرت من خزاعة وهو حليف بني زهرة.
8 - عبدالله بن مسعود الهذلي وهو حليف بني زهرة.
9 - عمار بن ياسر من بني عنس من مذحج وهو حليف لبني مخزوم.
ومن تأمل وجد أكثر من ذلك، والله أعلم
الأستاذ الكريم عبدالمحسن المطوع سلمك الله
إضافة رائعة ومفيدة للغاية بارك الله فيك وجزاك خيراً ورفع قدرك
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[02 - 06 - 08, 03:10 م]ـ
قال الطبري:
حدثنا محمد بن حميد قال حدثنا سلمة عن ابن إسحاق قال:
لما انتهت إلى عمر بن الخطاب مصيبة أصحاب الجسر وقدم عليه فلهم قدم عليه جرير بن عبدالله البجلي من اليمن في ركب من بجيلة وعرفجة بن هرثمة وكان عرفجة يومئذ سيد بجيلة وكان حليفا لهم من الأزد فكلمهم عمر فقال لهم إنكم قد علمتم ما كان من المصيبة في إخوانكم بالعراق فسيروا إليهم وأنا أخرج إليكم من كان منكم في قبائل العرب فأجمعهم إليكم قالوا نفعل يا أمير المؤمنين فأخرج لهم قيس كبة وسحمة وعرينة وكانوا في قبائل بني عامر بن صعصعة وأمر عليهم عرفجة بن هرثمة فغضب من ذلك جرير بن عبدالله البجلي فقال لبجيلة كلموا أمير المؤمنين فقالوا له استعملت علينا رجلا ليس منا فأرسل إلى عرفجة فقال ما يقول هؤلاء قال صدقوا يا أمير المؤمنين لست منهم ولكني رجل من الأزد كنا أصبنا في الجاهلية دما في قومنا فلحقنا بجيلة فبلغنا فيهم من السؤدد ما بلغك فقال له عمر فاثبت على منزلتك ودافعهم كما يدافعونك قال لست فاعلا ولا سائرا معهم فسار عرفجة إلى البصرة بعد أن نزلت وترك بجيلة وأمر عمر على بجيلة جرير بن عبدالله فسار بهم مكانه إلى الكوفة وضم إليه عمر قومه من بجيلة
ـ[أبو معطي]ــــــــ[03 - 06 - 08, 08:26 م]ـ
قال الطبري:
حدثنا محمد بن حميد قال حدثنا سلمة عن ابن إسحاق قال:
لما انتهت إلى عمر بن الخطاب مصيبة أصحاب الجسر وقدم عليه فلهم قدم عليه جرير بن عبدالله البجلي من اليمن في ركب من بجيلة وعرفجة بن هرثمة وكان عرفجة يومئذ سيد بجيلة وكان حليفا لهم من الأزد فكلمهم عمر فقال لهم إنكم قد علمتم ما كان من المصيبة في إخوانكم بالعراق فسيروا إليهم وأنا أخرج إليكم من كان منكم في قبائل العرب فأجمعهم إليكم قالوا نفعل يا أمير المؤمنين فأخرج لهم قيس كبة وسحمة وعرينة وكانوا في قبائل بني عامر بن صعصعة وأمر عليهم عرفجة بن هرثمة فغضب من ذلك جرير بن عبدالله البجلي فقال لبجيلة كلموا أمير المؤمنين فقالوا له استعملت علينا رجلا ليس منا فأرسل إلى عرفجة فقال ما يقول هؤلاء قال صدقوا يا أمير المؤمنين لست منهم ولكني رجل من الأزد كنا أصبنا في الجاهلية دما في قومنا فلحقنا بجيلة فبلغنا فيهم من السؤدد ما بلغك فقال له عمر فاثبت على منزلتك ودافعهم كما يدافعونك قال لست فاعلا ولا سائرا معهم فسار عرفجة إلى البصرة بعد أن نزلت وترك بجيلة وأمر عمر على بجيلة جرير بن عبدالله فسار بهم مكانه إلى الكوفة وضم إليه عمر قومه من بجيلة
بارك الله فيك أخي الفاضل خزانة الأدب على هذه الإضافة القيمة ونفع بك
الحقيقة أن الأخوة الكرام جزاهم الله خيراً أضافوا درر وفوائد رائعة على الموضوع
بارك الله في جهودهم، ونطمع في الاستفادة والاستزادة منهم ومن غيرهم أيضاً
رفع الله قدركم جميعاً
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/9)
ـ[مصعب الجهني]ــــــــ[09 - 08 - 08, 03:33 م]ـ
تعريف الحلفاء:
هم قوم من العرب نزحوا من مكان إلى مكان آخر, واستقروا مع قوم من قبيلة آخرى غير قبيلتهم, فحالفوهم ونزلوا عندهم فصاروا منهم.
ومن هؤلاء الحلفاء على سبيل المثال:
حذيفة بن اليمان العبسي, ونسبة معلوم في بني عبس, أصاب أبوه دماً في قومه, فنزح إلى المدينة, وكان اسمه: حسيلاً, وقيل: جروة, فحالف بن عبد الأشهل, فسماه قومه اليمان, لأنه حالف اليمانية, وقد تزوج منهم الرباب بنت كعب من بني عبد الأشهل, فولدت له حذيفة, وكانا في بني عبد الأشهل: لهما ما لأحدهم, وعليهما ما على أي منهم.
ـ[السمرقنديه]ــــــــ[29 - 08 - 08, 05:36 ص]ـ
موضوع رائع جزاك الله خيرا على طرحه وقد تولد عندي سؤال
بعض الاحلاف تنتسب بالإسم إلى الحليف
ألا يُعتبر هذا من قبيل الانتساب الى غير الأب؟
ـ[أبو معطي]ــــــــ[12 - 08 - 09, 07:07 م]ـ
تعريف الحلفاء:
هم قوم من العرب نزحوا من مكان إلى مكان آخر, واستقروا مع قوم من قبيلة آخرى غير قبيلتهم, فحالفوهم ونزلوا عندهم فصاروا منهم.
ومن هؤلاء الحلفاء على سبيل المثال:
حذيفة بن اليمان العبسي, ونسبة معلوم في بني عبس, أصاب أبوه دماً في قومه, فنزح إلى المدينة, وكان اسمه: حسيلاً, وقيل: جروة, فحالف بن عبد الأشهل, فسماه قومه اليمان, لأنه حالف اليمانية, وقد تزوج منهم الرباب بنت كعب من بني عبد الأشهل, فولدت له حذيفة, وكانا في بني عبد الأشهل: لهما ما لأحدهم, وعليهما ما على أي منهم.
بارك الله فيك أخي الفاضل مصعب وجزاك خيراً
ـ[احمد المزني المدني]ــــــــ[14 - 08 - 09, 10:13 ص]ـ
موضوع رائع جزاك الله خيرا على طرحه وقد تولد عندي سؤال
بعض الاحلاف تنتسب بالإسم إلى الحليف
ألا يُعتبر هذا من قبيل الانتساب الى غير الأب؟
ارجعي اختي الى كتاب سبائك الذهب في معرفة قبائل العرب فهو يتعرض لهذه المسألة
وبعضهم يقول يذكر قبيلته الام اولا ثم يذكر قبيلته الحلف ثانيا
وعوما علماء الانساب تعرضوا لهذه المسألة وسانقل لكم بعض كلامهم ان سنحت فرصة لذلك
وجزاكم الله خيرا
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[04 - 09 - 09, 05:30 ص]ـ
موضوع رائع جزاك الله خيرا على طرحه وقد تولد عندي سؤال
بعض الاحلاف تنتسب بالإسم إلى الحليف
ألا يُعتبر هذا من قبيل الانتساب الى غير الأب؟
لا يُعتبر كذلك، لأن المقصود هو الانتساب إلى القبيلة لا إلى الرجل
ومثاله في عصرنا كلمة (سعودي)(146/10)
العالم الاستاذ المشارك الاصولي ابو علي منصور بن علي بن عبد الله الزواوي
ـ[ابو مريم الجزائري]ــــــــ[27 - 05 - 08, 11:00 م]ـ
هذه ترجمة عالم من علماء زواوة، و من تلاميذ العلامة منصور ناصر الدين المشدالي، الذي جاب حواضر العالم الاسلامي طالبا للعلم ثانيا الركب في مجالس العلم و المعرفة، فعرف العلماء قدره و فضله، ووصل به الأمر الى تعيينه استاذا في ارقى جامعة اندلسية هي الجامعة النصرية بغرناطة.
كنيته و مولده و نشأته:
ابو علي منصور بن علي بن عبد الله الزواوي البجائي التلمساني، نسبة الى احدى قرى زواوة بناحية بجاية التي ولد بها حوالي سنة 710 هـ، و قد اختار له والديه اسم منصور تيمنا باسم علامة بجاية في عصره منصور ناصر الدين المشدالي، حتى يكون وارثه في العلم و الشهرة العلمية.
كان والده أول أساتذته، فحفظ على يديه القرآن الكريم، و علمه ما كان ملما به من العلوم الدينية و الآداب العربية.
طلبه العلم و شيوخه:
ذكر مترجمنا شيوخه و من بينهم والده في البيان الذي قدمه لصديقه لسان الدين الخطيب الذي أورده بنصه في كتابه " الإحاطة في أخبار غرناطة " ج 1 ص 458 – 459، و الذي سنستفيد منه في ترجمتنا هذه، قال متحدثا عن شيوخه: " فمنهم، مولاى الوالد علي بن عبد الله - لقاه الله، الروح والريحان، وأوسعه الرضا والغفران- قرأت عليه القرآن، وبعض ما يتعلق به من الإعراب والضبط " ثم ينتقل ساردا بقية الشيوخ فيقول:
" ثم بعثني [يقصد والده] إلى شيخنا المجتهد الإمام، علم العلماء، وقطب الفقها، قدوة النظار، وإمام الأمصار، منصور بن أحمد المشدالي رحمه الله وقدس روحه، فوجدته قد بلغ السن به غاية أوجبت جلوسه في داره، إلا أنه يفيد بفوايده بعض زواره. فقرأت من أوائل ابن الحاجب عليه لإشارة والدي بذلك إله، وذلك أول محرم عام سبعة وعشرين وسبعماية [721 هـ]. واشتد الحصار ببجاية لسماعنا أن السلطان العبد الوادي ينزل علينا بنفسه، فأمرني بالخروج رحمه الله، فعاقني عايق عن الرجوع إله لأتمم قراءة ابن الحاجب عليه. ثم مات رحمه الله عام أحد وثلاثين وسبعماية، فخص مصابه البلاد وعم، ولف ساير الطلبة وضم، إلا أنه ملأ بجاية وأنظارها بالعلوم النظرية وقساها، وأنظارها بالفهوم النقلية والعقلية "
و أنا هنا افتح قوسا لأعلق على هذا الكلام فأقول، أنظروا يرحمكم الله الى هذا العالم المجاهد منصور بن أحمد المشدالي الذي يعتبر أول من استحضر معه من المشرق كتاب أستاذه الفقيه المالكي ابن الحاجب المسمى بمختصر ابن الحاجب، و قد اثبت له هذه المزية المؤرخ الكبير ابن خلدون هذا أولا، أما ثانيا فهو أن هذا العالم بقي في خدمة الدين الإسلامي و رسالة التدريس و نشر العلم حتى حين قعد به العجز في شيخوخته عن التصدير في حلق الدرس و العلم في المساجد و المعاهد اذ كان يبلغ من العمر نحوا من ست و تسعين سنة (96 سنة) حسب الجملة التي أوردها مترجمنا " واشتد الحصار ببجاية لسماعنا أن السلطان العبد الوادي ينزل علينا بنفسه، فأمرني بالخروج رحمه الله" حيث أن حصار بجاية كان سنة 727 هـ.
إضافة إلى هذا فان كلمات هذا العالم و نصيحته لتلميذه بمغادرة المدينة أثناء الحصار، تشعرنا بأنه كانت بينهما علاقة لا تفرق فيها بين الوالد البيولوجي (إن صح التعبير)، و الوالد المربي رغم تفاوت السن الذي يبلغ الثمانين أو يكاد.
و لنعود الى بقية شيوخه، الاستاذ الثاني الذي أخذ عنه هو و محمد بن يحي الباهلي (ت 743 هـ): من اكبر تلامذة المشدالي في الفقه و الاصول و فنون العربية و غير ذلك، الا انه فاق استاذه في البيان و الاسلوب و الشاعرية و الانشغال بالتأليف، ذكره مترجمنا فقال عنه: " شيخنا المعظم، ومفيدنا المقدم أبو عبد الله محمد بن يحيى الباهلي المعروف بالمفسر رحمه الله، بالطريقة الحاجبية، والكتابة الشرعية والأدبية، مع فضل السن وتقرير حسن، إلى معارف تحلاها، ومحاسن اشتمل حلاها، أخذت عنه جمله من العلوم، وافردني بقراءة الإرشاد "
و من شيوخه أيضا ببجاية:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/11)
- محمد بن يعقوب بن يوسف - ابو عبد الله المنجلاتي الزواوي البجائي (ت سنة 730 هـ): قاضي الجماعة ببجاية، من العلماء العاملين المشاركين، تصدر للإفادة و التدريس، ثم تولى السفارة لأمير بجاية الحفصي إلى صاحب المرية بالأندلس، فينال الحظوة لدى أهلها و طلبتها، و يكتبون عنه منوهين به و بعلمه.
- أبو العباس أحمد بن عمران الساوي اليانيول (لم أعثر على تاريخ وفاته): الإمام الفقيه، محدث بجاية و خطيبها.
بعد وفاة الشيخ المشدالي و الاضطرابات التي حدثت في مدينة بجاية شد مترجمنا الرحال الى مدينة تلمسان ليتلقى العلم و يتتلمذ على نخبة من رجالاتها و قد ذكر رحلته وشيوخه بتلمسان في البيان الذي ذكرناه سابقا
- أبو محمد عبد المهيمن الحضرمي السبتي (ت سنة 747 هـ) بتونس: إمام المحدثين وعلم المسندين وسيد النحاة، وعنه أخذ ابن خلدون وحلاه في تاريخه ج 7 ص 385 قائلا: " امام المحدثين أبو محمد عبد المهيمن الحضرمي لازمته وأخذت عنه سماعا واجازة الامهات وكتاب الموطا والسير لابن اسحق وكتاب ابن الصلاح في الحديث وكتبا كثيرة سرت عن حفظى، وكانت بضاعته في الحديث والفقه والعربية والادب والمعقول وسائر الفنون مضبوطة كلها مقابلة ولا يخلو ديوان منها عن ضبط بخط بعض شيوخه المعروفين في سنده إلى مؤلفة حتى الفقه والعربية الغريبة الاسناد إلى مؤلفها في هذه العصور "
و غيرهم من الشيوخ الذين ذكرهم مترجمنا في البيان المذكور سابقا قال: " ... ثم ثنيت العنان بتوجهي إلى تلمسان، راغباً في علوم العربية، والفهوم الهندسية والحسابية، فأول من لقيت شيخنا الذي علمت في الدنيا جلالته وإمامته، وعرفت في أقاصي البلاد سيادته وزعامته رئيس الكتاب العالم الفاضل أبا محمد عبد المهيمن الحضرمي، والمحدث البقية أبا العباس بن يربوع، والقاضي أبا إسحق بن أبي يحيى، وقرأت شيئاً من مبادئ العربية على الأستاذ أبي عبد الله الرندي"
انبقل بعدها الى غرناطة بالاندلس اين التقى بذي الوزارتين لسان الدين بن الخطيب الذي نشأت بيهما صداقة، و قد خلدها ابن الخطيب بترجمة لصاحبنا ابا علي منصور الزواوي في كتابه الاحاطة من خلال البيان الذي كتبه له صاحب الترجمة و الذي ننقل منه، كما استفاد من علماء الاندلس قال ابن الخطيب: " ولقى بالأندلس جلة. فممن قرأ عليه إمام الصنعة العربية شيخنا أبو عبد الله بن الفخار الشيهر بالبيري، ولازمه إلى حين وفاته، وكتب له بالإجازة والإذن له في التحليق بوضع قعوده من المدرسة بعده. وقاضى الجماعة الشريف أبو القاسم محمد بن أحمد الحسيني، نسيج وحده، ولازمه، وأخذ عنه تواليفه، وقرأ عليه تسهيل الفوايد لابن مالك، وقيد عليه وروى عن شيخنا إمام البقية أبي البركات بن الحاج، وعن الخطيب المحدث أبي جعفر الطنجالي. "
تدريسه بالجامعة النصرية بغرناطة:
لقد استنتج الدكتور عبد الله عنان – رحمه الله – من كلمة الخطيب " قعوده من المدرسة بعده " ان المدرسة المرادة هي المدرسة النصرية او جامعة غرناطة الشهيرة التي أنشأها يوسف أبو الحجاج سنة 750 هـ / 1349 م، و على هذا فان علماء الاندلس قد اعترفوا لمترجمنا بالفضل و اقروا له بوفرة التحصيل و رفعوا من قيمته حين شرفوه بهذه الاستاذية في الجامعة النصرية، فكان له فيها شأن و اعظم به من شأن في خدمة العلم و المعرفة، حيث اختاره العلامة الموسوعي الالبيري (ت 754 هـ) ليحل محله و يشغل كرسيه في الجامعة، اعترافا و امتيازا له، و قد درس كما قال ابن الخطيب " الفروع الفقهية و التفسير كما تصدر للفتيا " لكن هناك علوما أخرى درسها و لم يذكرها ابن الخطيب و لست ادري كيف غفل عنها و هي الحديث الشريف و النحو و الصرف و البلاغة و المنطق و حتى الرياضيات و غيرها.
محنته في الاندلس:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/12)
إن أهم حدث صادمه في حياته أثناء تأديته لرسالة التعليم و نشر المعرفة بالجامعة النصرية بغرناطة في عهد ملوك بني الأحمر، هو تكالب مجموعة من الحساد و الطامعين في المناصب لأغراض دنيوية حيث انه أفتى في رجل سب الرسول صلى الله عليه وسلم بفتوى لم تعجب هؤلاء المتربصين المغرضين فألبوا عليه السلطان و العامة، فلم يغير من فتواه و استمسك برأيه و لم يتنازل قيد أنملة عما رآه الحق، فتقرر نفيه بعد قضائه لاثني عشرة سنة في التدريس و الفتيا معززا مكرما، ظل يؤدي فيها رسالته العلمية و ينشر الدعوة، ويقوم بالوعظ و الارشاد، و كان ذلك سنة 765 هـ، فعاد الى موطنه الجزائر ليختار الاقامة في تلمسان مواصلا مسيرة التعليم و نشر المعرفة حتى وفاته رحمه الله.
و قد ذكر هذه المحنة بالتفصيل صديقه ابن الخطيب في الاحاطة، مع العلم أن هذا الأخير ذكر انه ظلم في هذه المحنة، و قد شهد انه على الحق كما اعترف بأنه استفاد منه و من علمه كثيرا، و انه طلب منه ان يجيزه بما لديه من مرويات و كتب، فكتب له مترجمنا اجازة جاء في آخرها: " ... في رابطة العقاب في [كذا]، أجزت صاحبنا الفقيه المعظم، أبا عبد الله بن الخطيب وأولاده الثلاثة عبد الله، ومحمداً، وعلياً، أسعدهم الله، جميع ما يجوز لي وعني روايته، و كتب الشيخ الأستاذ أبو علي منصور بن علي الزواوي".أ. هـ.
وفاته:
يذكر مترجموه انه بعد عودته من أداء فريضة الحج و زيارة البقاع المقدسة في سنة 770 هـ، توفي بعدها بقليل في مدينة تلمسان و دفن بها- رحمه الله رحمة واسعة-.
اقوال العلماء و معاصريه فيه:
يقول عنه ابن الخطيب في كتابه " الاحاطة في اخبار غرناطة ج 1 ص 458 ": هذا الرجل طرف في الخير والسلامة، وحسن العهد، والصون والطهارة والعفة، قليل التصنع، مؤثرر للاقتصاد، منقبض عن الناس، مكفوف اللسان واليد، مشتغل بشأنه، عاكف على ما يعنيه، مستقيم الظاهر، ساذج الباطن، منصف في المذاكرة، موجب لحق الخصم، حريص على الإفادة والاستفادة، مثار على تعلم العلم وتعليمه غير أنف عن حمله عمن دونهن جملة من جمل السذاجة والرجولة وحسن المعاملة، صدر من صدور الطلبة، له مشاركة حسنة في كثير من العلوم العقلية والنقلة، واطلاع تقييد، ونظر في الأصول والمنطق وعلم الكلام، ودعوى في الحساب والهندسة والآلات. يكتب الشعر فلا يعدو الإجادة والسداد.
قدم الأندلس في عام ثلاثة وخمسين وسبعماية، فلقى رحباً، وعرف قدره، فتقدم مقرئا بالمدرسة تحت جراية نبيهة، وحلق للناس متكلماً على الفروع الفقهية والتفسير. وتصدر للفتيا، وحضر بالدار السلطانية مع مثله. جربت وصحبته، فبلوت منه ديناً ونصفة، وحسن عشرة."
يقول عنه تلميذه الشيخ يحي السراج في فهرسته كتاب البستان: " شيخنا الفقيه الجليل المقرئ المدرس الأصولي النحوي، أبو علي منصور كان شيخا فاضلا فقيها نظارا معدودا في أهل الشورى، له مشاركة في كثير من العلوم العقلية و النقلية و اطلاع و تقييد و نظر في الأصول و المنطق و علم الكلام حريصا على الافادة و الاستفادة مثابرا على تعلم العلم و تعليمه، و عنه أخذ الامام ابو الحسن الشاطبي المتوفي سنة 790 هـ "
يكفي مترجمنا فخرا ان يكون الامام الشاطبي صاحب الكتاب الشهير " الإعتصام و الموافقات " من تلاميذه.
آثاره:
مع الأسف الشديد لم تذكر كتب التراجم أي أثر لهذا العالم المشارك،رغم أن الونشريسي في موسوعته المعيار المعرب قد أحتفظ لنا ببعضا من فتاويه، التي تدل على سعة علمه، و كثره اطلاعه و حسن استباطاته، كما ان بعض كتب التراجم قد أحتفظت لنا بنماذج من نثره و شعره، و هي تبين عن مدى تمكنه في علوم اللغة و بيانها، و بلاغته و فصاحته، و منها البيان الذي نقله لنا لسان الدين بن الخطيب في الاحاطة، و من أشعاره:
لما رأيناك بعد الشيب يا رجل ... لا تستقيم وأمر النفس تمتثل
زدنا يقينا بما كنا نصدقه ... عند المشيب يشب الحرص والأمل
و قوله ايضا:
يحييك عن بعض المنازل صاحب ... صديق غدت تهدى إليك رسائله
مقدمة حفظ الوداد وسيلة ... ولا ود إلا أن تصح وسائله
يسايل عنك الدارين ولم يكن ... تغيب لبعد الدار عنك مسائله
المصادر و المراجع:
- لسان الدين الخطيب - " الإحاطة في أخبار غرناطة ".
- ابن مريم – " البستان في ذكر العلماء و الأولياء بتلمسان".
- مجلة الثقافة الجزائرية العدد 107/ 108، مارس / أفريل 1995 م. السنة العشرون.
ـ[ابونصرالمازري]ــــــــ[27 - 05 - 08, 11:14 م]ـ
بارك الله فيك اخي ابامريم، ليت عرفت بعلماء بلادنا المتقدمين طبقة ابن ابي زيد القيرواني وتلاميذه رحمهم الله
ـ[أبو إسحاق المالكي]ــــــــ[30 - 05 - 08, 10:40 م]ـ
أحسن الله إليك أبا مريم،،،
ورحم الله علماءنا المتقدمين منهم والمتأخرين،،،
ـ[ابونصرالمازري]ــــــــ[21 - 07 - 09, 11:24 م]ـ
للرفع(146/13)
((الأندلسيون في مالي))
ـ[هشام زليم]ــــــــ[28 - 05 - 08, 01:19 ص]ـ
من كتاب "انبعاث الإسلام بالأندلس " للأستاذ علي المنتصر الكتاني رحمه الله. ص 404 - 406.
"كانت علاقة ملوك "كاو" بالأندلس وثيقة منذ أيام الدولة الأموية. وقد انتقل إلى مدنها, خاصة تنبكتو, عدد من علماء الأندلس أيام الدولة النصرية, منهم أبو إسحاق الساحلي, المعروف بالطويجن, كان عالما مشهورا و شاعرا و صالحا. و هو من بيت صلاح و ثروة و علم بغرناطة, كان والده أمين العطارين بها. و قد ارتحل أبو إسحاق من بلده إلى الحج, ثم انتقل إلى مملكة السونغاي بالسودان الغربي, فاستوطنها و أصبح له الجاه المكين عند سلطانها, وبنى المساجد الكثيرة بها, منها مسجد جنكورايبر بتنبكتو بين سنتي 1325 و 1130م. و توفي بتنبكتو في يوم الإثنين 27 جمادى الثانية عام 747 ه.
لكن الوجود الأندلسي المعاصر على ضفاف نهر النيجر من تنبكتو إلى كاو يعود إلى الحملة التي أرسلها المنصور الذهبي عبر الصحراء الكبرى في أكتوبر سنة 1590م برئاسة جودر, و هو أندلسي من وادي المنصورة بمقاطعة المرية. عبر جودر الصحراء على رأس 5.600 رجل , أندلسيين و مغاربة, يصحبهم 8.000 جمل و ألف فرس لاحتلال مملكة سونغاي, مات منهم في الطريق كثيرون و لم يصل إلى مملكة السونغاي سنة 1591م سوى حوالي 3.000 رجل. فتحصن ضدهم الأسكية (السلطان) إسحاق الثاني في عاصمته كاو, على نهر النيجر, بينما كانت تنبكتو مركز المملكة الثقافي و التجاري مرسى قوافل الصحراء من سجلماسة. وفي 14 - 3 - 1591م وقعت معركة حاسمة في تونديبي بين جنود الأسكية المسلحة بالرماح و الأسلحة البيضاء و عددها 40.000 رجل و الجيش المغربي المكون من 3.000 رجل مسلح بالأسلحة النارية التي لم يكن يعرفها أهل السونغاي, انهزم أثرها الأسكية و استقر جيش جودر في البلاد التي ضمها إلى المغرب.
استقر الأندلسيون و المغاربة على ضفاف نهر النيجر و تزوجوا من نساء البلاد و كونوا الطبقة الحاكمة إلى سنة 1660م , و جعلوا من تنبكتوا عاصمة حكمهم. و كون الأندلسيون طبقة ثقافية مميزة, و أصبحوا يتزاوجون مع بعضهم, ونتشرت لغة السونغاي بينهم, واحتفظوا بثقافتهم الأندلسية. و بعد أن هجمت قبائل الطوارق على تنبكتو في القرن التاسع عشر الميلادي, طردوا منها معظم الأندلسيين فكونوا في منطقتها قبيلة اسمها "الأرما" (أو الجيش باللغة العجمية الأندلسية و الإسبانية). ومع السنين ضاع نفوذ قبيلة الأرمافي المنطقة, لكنها حافظت على كثير من عاداتها الأندلسية في المأكل و المشرب و المسكن و دخلت لغتهم السونغية كثير من الكلمات الإسبانية عدت بحوالي أربعين.
و عند دخول الإستعمار الفرنسي إلى المنطقة ركزت قبيلة الأرما على الزراعة على ضفاف نهر النيجر و على تربية المواشي. و رجع كثير منهم إلى تنبكتو حيث تعلموا في المدارس العصرية و تخرجوا في كثير من الفنون. و بعد استقلال مالي سنة 1960م, تنوسيت منطقة تنبكتو مرة ثانية, وهاجر كثير من مثقفي الأرما إبى العاصمة باماكو. ثم جاء الجفاف و المجاعة فأضر ضررا كبيرا بالأرما. و يقدر اليوم عدد الأرما المنحدرين من أصول أندلسية و مغربية بحوالي 80.000 شخص منهم حوالي الثلثان من أصول أندلسية و هم يعيشون في المدن و القرى المنتشرة بين تنبكتو و كاو.
و يوجد اليوم من الأرما في مدينة تنبكتو حوالي ألفان من مجموع 20.000 نسمة, أي حوالي عشر سكان المدينة. استقروا, منذ القرن الثامن عشر, في حي خاص بهم, توزعوا فيه حسب فيالقهم العسكرية التي أتوا معها. فالزايويون, و هم فرقة مراكش, يسكنون في حي جنكرايبر حيث يوجد المسجد العتيق الذي بناه الساحلي, المهندس الغرناطي, و جماعة مبارك الدرعيين, وهم فرقة وادي درعة, يسكنون حي سراكينا, و التورقينيون, وهم فرقة فاس, الذين اضطروا إلى مغادرة تنبكتو سنة 1800م, يسكنون حي الفاسيين كوندا حول مسجد سيدي يحي, حيث توجد مقابر باشاوات تنبكتو الذين خلفوا الرئيس جدودر. و من الشخصيات "الأرما" المعروفة اليوم بابا أحمد حساية, رئيس مكتب التراث الثقافي بتنبكتو, و كذلك إسماعيل دياديا, الباحث في مركز الدراسات الأندلسية التابع "للجماعة الإسلامية بالأندلس" في قرطبة, و الذي له الدور الهام في التعريف بالسلالة الأندلسية في مالي.
و قد أخذت الأوساط الأندلسية في الأندلس اليوم تهتم بأندلسيي مالي. فقد أرسلت " الجمعية الثقافية الحرة لسنة 2020", وهي جمعية إسبانية غير حكومية , بعثة إبى مالي سنة 1986م, و اقترحت على مسؤوليهابرنامج تعاون للحفاظ على التراث الأندلسي في مالي. و يحتوي هذا البرنامج على ترميم مسجد جنكورايبر الذي بناه الساحلي, وقد بدأت وزارة الثقافة الإسبانية و اليونيسكو اهتماما بهذا المشروع, و على إرسال أدوية لأطفال تنبكتو و منطقتها بالتعاون مع الصليب الأحمر الإسباني. (1)
و عبر السنين , انتقل كثير من الأندلسيين التنبكتيين إلى البلدان المجاورة, خاصة النيجر و السينغال و موريطانيا, حيث توجد بعض العائلات الأندلسية, منها التي لم تضع ذكراها بعد, كما هاجر عدد من الأندلسيين من مصر و من المغرب إلى السودان. وتستحق كل هذه الهجرات دراسة مستفيضة للتعرف على أثارها السكانية المعاصرة."
أقول
(1) هكذا تعمل الجمعيات النصرانية على نشر عقيدة الشرك و التثليت بين المسلمين في البلاد الإسلامية. إما بحجة مساعدة الفقراء أو ترميم المأثر أو رعاية المرضى. و يعد مالي من الدول الإسلامية التي نجحت فيها جمعيات التنصير في الإيقاع بالمسلمين و إخراجهم من عقيدة التوحيد الصفية النقية إلى أوحال الأقانيم و الصلبان و الحماقات الثالوتية.
فلاحول و لا قوة إلا بالله.(146/14)
فضلا/من لديه البداية والنهاية تحقيق عبد الله التركي للتوثق من نص
ـ[أبو أحمد العجمي]ــــــــ[28 - 05 - 08, 06:59 ص]ـ
بارك الله فيكم
ـ[أبو الحسن الأثري]ــــــــ[28 - 05 - 08, 08:44 ص]ـ
نعم في الخدمة بارك الله فيك
ـ[أبو أحمد العجمي]ــــــــ[28 - 05 - 08, 08:48 ص]ـ
شكر الله لك أخي العزيز أبا الحسن وأمدك بعون منه
آمل وفقك الله أن تنظر في أحداث سنة 88 في هذه الرواية هل ذكر المحقق عليها أي تعليق
(((وذكر ابن جرير: أنه في شهر ربيع الاول من هذه السنة قدم كتاب الوليد على عمر بن عبد العزيز يأمره بهدم المسجد النبوي وإضافة حجر أزواج رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وأن يوسعه من قبلته وسائر نواحيه، حتى يكون مائتي ذراع في مائتي ذراع، فمن باعك ملكه فاشتره منه وإلا فقومه له قيمة عدل ثم اهدمه وادفع إليهم أثمان بيوتهم، فإن لك في ذلك سلف صدق عمر وعثمان.
فجمع عمر بن عبد العزيز وجوه الناس والفقهاء العشرة وأهل المدينة وقرأ عليهم كتاب أمير المؤمنين الوليد، فشق عليهم ذلك وقالوا: هذه حجر قصيرة السقوف، وسقوفها من جريد النخل، وحيطانها من اللبن، وعلى أبوابها المسوح، وتركها على حالها أولى لينظر إليها الحجاج والزوار والمسافرون، وإلى بيوت النبي (صلى الله عليه وسلم) فينتفعوا بذلك ويعتبروا به، ويكون ذلك أدعى لهم إلى الزهد في الدنيا، فلا يعمرون فيها إلا بقدر الحاجة وهو ما يستر ويكن، ويعرفون أن هذا البنيان العالي إنما هو من أفعال
الفراعنة والاكاسرة، وكل طويل الامل راغب في الدنيا وفي الخلود فيها.
فعند ذلك كتب عمر بن عبد العزيز إلى الوليد بما أجمع عليه الفقهاء العشرة المتقدم ذكرهم، فأرسل إليه يأمره بالخراب وبناء المسجد على ما ذكر، وأن يعلي سقوفه،.
فلم يجد عمر بدا من هدمها، ولما شرعوا في الهدم صاح الاشراف ووجوه الناس من بني هاشم وغيرهم، وتباكوا مثل يوم مات النبي (صلى الله عليه وسلم)، وأجاب من له ملك متاخم للمجسد للبيع فاشترى منهم، وشرع في بنائه وشمر عن إزاره واجتهد في ذلك، وأرسل الوليد إليه فعولا كثيرة، فأدخل فيه الحجرة النبوية - حجرة عائشة - فدخل القبر في المسجد،)))
مع الشكر الأتم الأكمل
ـ[أبو الحسن الأثري]ــــــــ[28 - 05 - 08, 08:55 ص]ـ
_ (12/ 413)
لم يذكر تعليقا سوى عزوها إلى تاريخ الطبري بالجزء والصفحة
ـ[أبو أحمد العجمي]ــــــــ[28 - 05 - 08, 08:58 ص]ـ
مباردة طيبة فأدعو الله أن يجزيك عني خير الجزاء
ليتك أخي ذكرت الجزء والصفحة من الطبري
شكر الله لك سعيك
ـ[أبو الحسن الأثري]ــــــــ[28 - 05 - 08, 09:16 ص]ـ
6/ 435 طبعة محمد أبو الفضل إبراهيم
ـ[أبو أحمد العجمي]ــــــــ[28 - 05 - 08, 09:24 ص]ـ
شكر الله لكم واثابكم
ماذا ترون في مظنة هذه الرواية في الكتب المسندة
ـ[أبو الحسن الأثري]ــــــــ[28 - 05 - 08, 09:31 ص]ـ
ترون!!!
انا رجلٌ واحد فإن كان الجمع للتعظيم فلست استحقه وإن كان للتقدير والاحترام فجزاك الله خيرا فالأمر أيسر من ذلك!
أما أين تجده فالله أعلم .... أبحث في كتب تاريخ المدينة النبوية على صاحبها الصلاة والسلام
ـ[أبو أحمد العجمي]ــــــــ[28 - 05 - 08, 09:32 ص]ـ
بارك الله فيك وأحسن إليك(146/15)
أسئلة حول الخضر عليه السلام
ـ[ريم صباح]ــــــــ[28 - 05 - 08, 09:35 م]ـ
السؤال:
هل الخضر نبي أو رجل صالح؟
الجواب:
الصحيح: أن الخضر عليه السلام نبي؛ لما ذكره الله تعالى في سورة الكهف من قصته مع موسى عليهما السلام فإن فيها أنه خرق سفينة كانت لمساكين يعملون في البحر، وقتل غلامًا لم يرتكب جريمة، وأقام جدارًا ليتيمين بلا أجر في قرية أبى أهلها إطعامهما، وأنكر موسى عليه السلام كل ذلك عليه فبين له السبب أخيرًا، ثم ختمت القصة بأن كل ذلك كان منه بوحي من الله؛ وذلك فيما أخبر الله عنه من قوله: {وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا} [الكهف: 82].
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم
ـ[محمد احمد الحقاني الافغاني]ــــــــ[28 - 05 - 08, 09:39 م]ـ
جزاكم الله تعالي خيرا(146/16)
((الأندلسيون في أمريكا اللاتينية))
ـ[هشام زليم]ــــــــ[29 - 05 - 08, 12:24 ص]ـ
من كتاب "انبعاث الإسلام بالأندلس" للأستاذ علي الكتاني رحمه الله. الصفحة 418 - 420.
"الأندلسيون هم الذين اكتشفوا القارة الأأمريكية, حسب الشريف الإدريسي في قصة الشبان المغرورين الذين أبحروا من الأشبونة عبر "بحر الظلمات" إلى جزر وصفوها, أرجعهم عنها ملكها. لولا الأندلسيون لما وصل كولمب إلى القار ة الجديدة. و بعد سقوط غرناطة و اكتشافها, هاجر إليها الأندلسيون المسلمون مع الجيوش الغازية هروبا من محاكم التفتيش. لكنهم وجدوا محاكم مماثلة تنتظرهم في القارة الأمريكية. و أول من وصل إلى شمال أمريكا من المورسكيين رودريكو دي لوبي, زميل كولمب’ الذي أعلن إسلامه بعد رجوعه إلى إسبانيا, و استبانيكو دي أزمور, الجنرال الإسباني الذي احتل أريزونا, وهو في الحقيقة مورسكي.
و ظلت إلى يومنا هذا الأثار الأندلسية قائمة في كل جنوب أمريكا. فبقي التأتير الإسلامي الأندلسي في التراث الفنزويلي المكتوب يظهر من وقت لأخر, أهمه إنتاج الكاتب الفنزويلي دون رفائيل دونقالس إي مندس (ولد سنة1878م) الذي اعتز بجذوره الإسلامية في مؤلفاته. و لازال كثير من الفنزويليين يفخرون بأصولهم الأندلسية الإسلامية.
و يعتز كذلك الكولومبيون بالتأتير الأندلسي الإسلامي. و نبغ في القرن التاسع عشر أخصائيون كولمبيون في الحضارة الإسلامية, منهم الدون أزكيال أوريكواشا. و عندما ضعفت قبضة الكنيسة على البلاد بعد استقلالها, وصلت الشجاعة ببعض الكتاب إلى الإفتخار بالإسلام وحضارته, منهم من تعلم اللغة العربية و أدابها, أشهرهم دون روفينو خوزي كوارفو.
و دخل التراث الأندلسي الإسلامي إلى العمارة في البيرو و الأكوادور, كما أثر على كتابهما, كقصة كاتب البيرو الكبير دون ريكاردو بلما التب نشرها تحت عنوان "افعل الخير و لا تبال", حيث اتخذ حياة الأمير أبراهيم جد الأمير الأموي مروان الثاني أساسا. و القصة مبنية على عظمة التسامح و الكرم اللذين أديا إلى أن يسامح الرجل ضيفه رغم اكتشافه أنه قاتل ابنه. و يوجد بالبيرو اليوم عطف على الإسلام, و كذلك الحال في بوليفيا.
و أثرت الحضارة الأندلسية الإسلامية في أدب الشيلي, كما يظهر, مثلا , في تراث الكاتب الشيلاني دون بدرو برادو الذي طبق القافية العربية على الشعر الإسباني, و نشر سنة 1921م ديوانا باسم أفغاني مستعار هو "رضائي روشان", كما أصبحت عدة قصص عربية جزءا من التراث الشعبي الشيلاني.
و منع البرتغاليون هجرة الأندلسيين المسلمين إلى البرازيل عندما احتلوها في القرن السادس عشر. و رغم المنع, وصل كثير من البحارة الأندلسيين إلى البرازيل لمعرفتهم بالبحار و الملاحة فيها, كما هاجر إليها سرا أندلسيون من منطقة الغرب (جنوب البرتغال) , فأقامت الحكومة محاكما للتفتيش ضدهم. و في سنة 1594م, أخرجت محكمة بهية للتفتبش منشورا توضح فيه علامات المخفي للإسلام, منها: الغسل و النظافة خاصة أيام الجمعة, و القيام الباكر, و الصيام و نظافة الملابس. وحرقت تلك المحاكم كثير من الضحايا بتهمة الإسلام. و توجد اليوم في البرازيل عائلات يعتز أفرادها بأصولهم الأندلسية, و يحتفظون في بيوتهم بمصاحف توارثوها عن أجدادهم جيلا بعد جيل. و منهم من اعتنق الإسلام, وقد كون هؤلاء جماعات إسلامية, خاصة في ساو باولو.
و هاجر الأندلسيون إلى مناطق أرجنتين اليوم, بسبب اضطهاد الكنيسة و الدولة, لم يبق من إسلامهم إلا ذكرى يفتخرون بها. كما فعل كاتب أواخر القرن التاسع عشر دومنغو سارميانتو الذي كان يفتخر بأصله الإسلامي كسليل بني الرزين في شرق الأندلس. و يعتقد الكثيرون أن رعاة القاوشو في بوادي الأرجنتين هم من السلالات الأندلسية, و حافظو على الكثير من القيم الإسلامية العريقة. و أثرت الحضارة الأندلسية على كثير من الأدباء الأرجنتنيين كأنريكي لاريتا الذي كتب عن حياة الأندلسيين أيام الملك فيلبي الثاني في كتابه "انتصار الدون روميرو", و الكاتب قونسالس بالنسية في قصته "علامة الأسد", و غيرهما.
و حصلت اليوم صحوة إسلامية أندلسية في الأرجنتين حيث أسس الأأندلسيون الأرجنتنيون جماعة إسلامية, يتكون مكتبها الأول من:يوسف محمد على قرطيش (الرئيس) و محمد بارسيا (الأمين العام) , و من أهم أعضائها أحد أعضاء عائلة "مولاي" سليلة بني الأأحمر الذين احتفظوا بإسلامهم جيلا بعد جيل في الأندلسو و هاجروا إلى أمريكا الجنوبية, ثم أعلنوا إسلامهم."(146/17)
متى أسلم أهل العراق والشام وفارس؟
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[29 - 05 - 08, 08:54 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
بحثت طويلاً جداً في مصادر كثيرة عن إجابة هذا السؤال؟ متى أسلم الناس؟ تاريخ إسلام الناس في جزيرة العرب، معروف بالتفصيل الدقيق. لكن لِمَ تجاهل المؤرخون باقي البلاد؟ متى تحول الناس في الشام ومصر من النصرانية إلى الإسلام؟ متى أسلم أهل فارس والعراق؟ ومتى صار المسلمون هم الأكثرية في مصر؟
البلد الوحيدة التي وجدت إجابة على سؤالي هي شمال إفريقيا حيث ذكر المؤرخون أن أهلها أسلموا وثبتوا على الإسلام أيام عمر بن عبد العزيز.
فهل وقع لأحد الإخوة أي مصدر قديم أم حديث يتحدث عن تلك المسألة؟
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[29 - 05 - 08, 09:18 ص]ـ
سبب اهتمامي الشديد بهذه المسألة أن المستشرقين يتفقون على أن التحول للإسلام كان بطيئا جدا وأن تحول الغالبية للإسلام كانت بالقوة بعد الحروب الصليبية. وعنهم يأخذ عامة المؤرخين من غير العرب.
وفي المقابل نجد إهمالاً شديداً في المراجع الإسلامية لهذه المسألة.
ـ[أبا قتيبة]ــــــــ[29 - 05 - 08, 10:37 ص]ـ
اعتقد ان سبب تركيز المستشرقين على جزيرة العرب لانها مركز الدعوة وبها مكه والمدينه
اما وقت اسلام اهل العراق والشام وباقى الدول اغلبها كان ايام الفتوحات الاسلاميه
والله اعلم
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[08 - 06 - 08, 06:26 م]ـ
لا أشك فيما ذكرت لكني أحتاج لمصادر بل لمصدر واحد على الأقل يذكر إسلام الناس وقت الفتوحات(146/18)
التعريف بكتاب المعرفة والتاريخ
ـ[أبوحاتم الشريف]ــــــــ[30 - 05 - 08, 09:16 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على النبي المضري الأمين وعلى آله وأصحابه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد:
اللهم إنا نعوذ بك من فتنة القول، كما نعوذ بك من فتنة العمل، ونعوذ بك من التكلُّف لما لا نحسن، كما نعوذ بك من العُجب بما نُحسن.
هذه نبذة مختصرة عن كتاب المعرفة والتاريخ للمحدث يعقوب بن سفيان
اسمه ونسبه ونسبته
يعقوب بن سفيان بن جوان (بفتح الجيم والواو المثقلة آخره نون) الفارسي أبو يوسف الفسوي (، بالفاء والمهملة المفتوحتين ثم واو) ويقال البسوي قال السمعاني: الفسوي: بفتح الفاء والسين.
هذه النسبة إلى فسا وهي بلدة من بلاد فارس يقال لها بسا خرج منها جماعة كثيرة من العلماء والرحالين، منهم: أبو يوسف يعقوب بن سفيان بن جوان الفسوي الفارسي كان من الائمة الكبار ممن جمع ورحل من المشرق إلى المغرب وصنف أكثر من الورع والنسك والصلابة في السنة رحل إلى العراق والحجاز والشام والجزائر وديار مصر
ولادته:
ولد في حدود سنة 191 ه
رحلاته:
قال الرامهرمزي:، يعقوب بن سفيان جمع بين العراق والجزيرة ومصر والشام. المحدث الفاصل
قال ابن حبان:ممن جمع ورحل من المشرق إلى المغرب وصنف أكثر من الورع والنسك والصلابة في السنة رحل إلى العراق والحجاز والشام والجزائر وديار مصر
.
وقال يعقوب أيضا: أقمت في الرحلة ثلاثين سنة
وقال أبو زرعة: الدمشقي قدم علينا رجلان من نبلاء الناس أحدهما و أرحلهما يعقوب ابن سفيان يعجز أهل العراق أن يروا مثله.
ومن أقواله في كتاب المعرفة:
وصدرت من سنة إحدى وأربعين إلى فلسطين، وقدمت عسقلان في عشرين ليلة.
قال الخطيب البغدادي:ومن عناية الله بهذا الأمام في طلبه للحديث هذا الحديث الذي أخبر به عن نفسه نسوقه عبرة لطلاب العلم
قال محمد بن يزيد العطار سمعت يعقوب بن سفيان يقول كنت في رحلتي فقلت نفقتي فكنت أدمن الكتابة ليلا وأقرأ نهارا فلما كان ذات ليلة كنت جالسا أنسخ في السراج وكان شتاء فنزل
الماء في عيني فلم أبصر شيئا فبكيت على نفسي لانقطاعي عن بلدي وعلى ما فاتني من العلم فغلبتني عيناي فنمت فرأيت النبي صلى الله عليه و سلم في النوم فناداني يا يعقوب لم أنت بكيت فقلت يا رسول الله ذهب بصري فتحسرت على ما فاتني فقال لي أدن مني فدنوت منه فأمر يده على عيني كأنه يقرأ عليهما ثم استيقظت فأبصرت فأخذت نسخي وقعدت أكتب
الرحلة في طلب الحديث للخطيب البغدادي
شيوخه:
عن عبد الله بن إسحاق النهاوندي قال: سمعت يعقوب بن سفيان يقول كتبت عن ألف شيخ حجتي فيما بيني وبين الله رجلان قيل له يا أبا يوسف من حجتك وقد كتبت عن الأنصاري وحبان بن هلال والأجلة فقال: حجتي أحمد بن حنبل ’و أحمد بن صالح المصري.
من شيوخه:
1) الإمام أبو بكر الحميدي المكي عبد الله بن الزبير القرشي الأسدي
2) سليمان بن حرب
3) أحمد بن حنبل
4) أحمد بن صالح المصري
تلاميذه:
1) محمد بن عيسى الترمذي
2) أحمد بن شعيب بن علي النسائي
3) وابن خزيمة محمد بن إسحاق
4) و ابن ابى حاتم عبد الرحمن بن محمد الرازي
5) وأبو عوانة يعقوب بن إسحاق الإسفراييني
6) وعبد الله بن جعفر بن درستويه
ـ[أبوحاتم الشريف]ــــــــ[30 - 05 - 08, 09:19 م]ـ
له من الحديث في سنن الترمذي في موضع واحد
قال الترمذي:وروى ابن أبي أويس عن أبيه عن العلاء بن عبد الرحمن قال حدثني أبي و أبو السائب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا
أخبرنا بذلك محمد بن يحيى و يعقوب بن سفيان الفارسي قالا حدثنا إسماعيل بن أبي أويس عن أبيه عن العلاء بن عبد الرحمن حدثني أبي و أبو السائب مولى هشام بن زهرة وكانا جليسين لأبي هريرة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج غير تمام)
قال:وليس في حديث إسماعيل بن أبي أويس أكثر من هذا وسألت أبا زرعة عن هذا الحديث قال: كلا الحديثين صحيح واحتج بحديث ابن أبي أويس عن أبيه عن العلاء.
وله من الحديث في السنن الصغرى للنسائي موضع واحد
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/19)
قال النسائي:أخبرنا يعقوب بن سفيان قال حدثنا سليمان بن حرب قال حدثنا حماد بن زيد عن جابر بن المفضل بن المهلب عن أبيه قال سمعت النعمان بن بشير يخطب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اعدلوا بين أبنائكم اعدلوا بين أبنائكم.)
سنن النسائي
وفي السنن الكبرى له أكثر من حديث
عقيدته:
كان رحمه الله من أهل الحديث على عقيدة السلف ورمي بالتشيع ولا يصح ذلك
قال الحافظ أبو ذر: سمعت أبا بكر أحمد بن عبدان يقول: قدم يعقوب بن الليث الصفار صاحب خراسان إلى فارس , فأخبر أن هناك رجلا يتكلم في عثمان بن عفان وأراد بالرجل يعقوب الفسوي فإنه كان يتشيع فأمر بإحضاره من فسا إلى شيراز , فلما أن قدم علم الوزير ما وقع في قلب السلطان , فقال: أيها الملك إن هذا الرجل قد قدم ولا يتكلم في أبي محمد عثمان بن عفان شيخنا- يريد بشيخه السجزي - وإنما يتكلم في عثمان بن عفان صاحب النبي (فلما سمع ذلك قال: مالي ولأصحاب النبي (توهمت أنه يتكلم في عثمان بن عفان السجزي فلم يعرض له.
قال الذهبي: قلت هذه حكاية منقطعة فالله أعلم , وما علمت يعقوب الفسوي إلا سلفياً وقد صنف كتابا صغيرا في السنة.
ومن أقواله في ا"لإيمان قال الإمام يعقوب بن يوسف الفسوي رحمه الله (ت 277هـ):
(الإيمان عند أهل السنة: الإخلاص لله بالقلوب والألسنة والجوارح، وهو قول وعمل؛ يزيد وينقص، على ذلك وجدنا كل من أدركنا من عصرنا بمكة والمدينة والشام والبصرة والكوفة) ثم ذكر منهم ثلاثين ونيفا) ().
وذكره الفراء في طبقات الحنابلة ممن روى عن الإمام أحمد
قال:يعقوب بن سفيان أبو يوسف سمع من إمامنا أشياء:
روى ابن ثابت عن عبد الله بن إسحاق النهاوندي قال: سمعت يعقوب بن سفيان يقول كتبت عن ألف شيخ حجتي فيما بيني وبين الله رجلان قيل له يا أبا يوسف من حجتك وقد كتبت عن الأنصاري وحبان بن هلال والأجلة فقال: حجتي أحمد بن حنبل و أحمد بن صالح المصري.
ثناء العلماء عليه
قال ابن حبان: كان ممن جمع وصنف وأكثر مع الورع والنسك والصلابة في السنة. الثقات
قال المزي في تهذيب الكمال: الحافظ صاحب التصانيف المشهورة
قال الذهبي: [ت، س] (1) الامام، الحافظ، الحجة، الرحال، محدث إقليم فارس،
.سير أعلام النبلاء
وهو من القراء الكبار جاء في غاية القراء لابن الجزري
يعقوب بن سفيان أبو يوسف الفسوي الحافظ، روى حروف أهل مكة عن أصحاب إبراهيم بن أبي حية وغيره، روى عنه الحروف أبو بكر ابن أبي داود، ومات سنة سبع وسبعين ومائتين.
منزلته عند علماء الجرح والتعديل
قال النسائي لا بأس به
وذكره بن حبان في كتاب الثقات وقال كان ممن جمع وصنف وأكثر مع الورع والنسك والصلابة في السنة
وقال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل: يعقوب بن سفيان بن جوان الفارسي مات سنة سبع وسبعين ومائتين روى عن أبى عاصم النبيل ومكي بن إبراهيم وسليمان بن حرب ومحمد بن كثير.
قال مسلمة بن القاسم: لابأس به.
وقال الحاكم أبو عبد الله الحافظ: يعقوب بن سفيان امام أهل الحديث بفارس قدم نيسابور وأقام بها سنين وسمع منه مشايخنا
قال الذهبي في الكاشف: - ثقة مصنف خير صالح مات 277 س ت
قال ابن حجر في التقريب: - يعقوب بن سفيان الفارسي أبو يوسف الفسوي ثقة حافظ من الحادية عشرة مات سنة سبع وسبعين وقيل بعد ذلك ت س
وفاته:
مات سنة سبع وسبعين ومائتين (277) وقيل مات سنة ثمانين أو إحدى وثمانين ومائتين (281)
ـ[أبوحاتم الشريف]ــــــــ[30 - 05 - 08, 09:21 م]ـ
التعريف بالكتاب
اسمه:المعرفة والتاريخ كما هو موجود في آخر الكتاب قال: تم كتاب المعرفة والتاريخ الحمد لله رب العالمين.
ويسمى أحيانا التاريخ الكبير
طريقته ومنهجه:
1) رتب الكتاب على السنين بدءا من سنة خمس وثلاثين ومِئَة (135) كما في النسخة المطبوعة
2) يهتم كثيرا بالوفيات في كل سنة وخاصة ممن كان من العلماء
3) بذكر ولاة مكة والمدينة كثيرا
4) يعتمد على الأسانيد عندما يورد الأحاديث المسندة
5) ويروي بالإسناد ويصدر كلامه بقوله: قال أبو يوسف وأحيانا يقول الراوي عن الفسوي: حدثنا أبو يوسف
6) له أقوال كثيرة في الجرح والتعديل
7) يورد الكثير من الفوائد والنكات الحديثية
من ذلك:قال:
1) ومن كان من أهل العلم ونصح نفسه علم أن كل من وضعه مالك في موطأة وأظهر اسمه ثقة، تقوم به الحجة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/20)
2) وقال:وقد تكلم في كثير (كثير بن عبد الله بن عَمْرو بن عوف المزني) من لو سكت عنه كان أنفع له، وإنما تكلم فيه الجاهلون به وبأسبابه
3) شرط مالك في الموطأ
قال أبو يُوسُف: وقد تحققت من الاستقصاء وذكر الأسامي اسمًا فاسمًا لأن جملة الأمر أن مالك بن انس لم يضع في الموطأ اسنادًا وأظهر اسمًا يحدث عنه إلاَّ وهو ثقةٌ خلا عبد الكريم بن أمية فإنه ضعيف وكان له رأي سوء، وقد كتبت ما انتهى إلينا من مناقبهم وشمائلهم في الجزء الرابع.
4 - وقال يعقوب بن سفيان الفسوى (لاأعلم في جميع الكتب أصح من كتاب عمرو بن حزم كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجعون اليه)
5 - قال يعقوب بن سفيان الفسوي: وحديث سفيان وأبي إسحاق والأعمش ما لم يعلم أنه مدلس يقوم مقام الحجة. المعرفة والتاريخ 2/ 637
9 - رسالة مالك إلى الليث
مصادره وموارده
اعتمد الفسوي على كثير من المحدثين فأغلب مادته العلمية منقولة عن مشايخه
1) فينقل عن الإمام أحمد بن حنبل في أكثر من خمسين موضعا ويروي عنه بواسطة سلمة بن شبيب والفضل بن زياد
2) وعن ابن معين في أكثر من تسعة مواضع
ويقول: بلغني عن ابن معين
3) وعن علي بن المديني في أكثر من أربعين موضعا
ويروي عنه في الغالب بواسطة
4) وعن الحميدي أبو بكر عبد الله بن الزبير بن عيسى وأكثر عنه جدا ويروي عنه بلا واسطة في أكثر من مئتي موضع وغالبها عن سفيان بن عيينة
5) وسعيد بن منصور في أكثر من خمسين موضعا ويروي عنه بلا واسطة
6) ويحيى بن عبد الله بن بكير وأكثر عنه جدا وروى عنه في أكثر من مئة وخمسين موضعا وغالبها عن الليث بن سعد
7) ويروي عن سعيد بن منصور في أكثر من خمسين موضعا
8) ويروي عن قبيصة بن عقبة السوائي في أكثر من تسعين موضعا وغالبها عن سفيان الثوري
المآخذ على الكتاب
أن الكتاب أشبه بكتاب حديثي
أن المؤلف لم يتوسع كثيرا في المباحث التاريخية
أن القسم الأول منه والخاص بالسيرة النبوية مفقود
كتبه ومصنفاته:
من أشهرها كتاب المعرفة والتاريخ
مشيخة يعقوب الفسوي مخطوط
كتاب السنة
كتاب البر والصلة
كتاب الزوال
كتاب المسند
كتاب التفسير ولم يذكره أكرم العمري
راوي الكتاب
7) عبد الله بن جعفر بن درستويه: بضم الدال المهملة والراء وسكون السين المهملة، وضم التاء المثناة من فوقها وسكون الواو وفتح الياء المثناة من تحتها وبعدها هاء ساكنة، هكذا قاله السمعاني، وقال غيره: هو بفتح الدال والراء والواو، وهذا القائل هو ابن ماكولا في كتاب الاكمال.
وقد تكلم عليه البرقاني في روايته عن الفسوي واسنصغروه في الرواية ودافع عنه الأئمة منهم الذهبي
قال ابن خلكان:في وفيات الأعيان
ابن درستويه
أبو محمد عبد الله بن جعفر بن درستويه بن المرزبان الفارسي الفسوي النحوي؛ كان عالماً فاضلاً أخذ فن الأدب عن ابن قتيبة - المقدم ذكره - وعن المبرد وغيرهما ببغداد، وأخذ عنه جماعة من الأفاضل كالدارقطني وغيره. وكانت ولادته في سنة ثمان وخمسين ومائتين، وتوفي يوم الاثنين لتسع (2) بقين من صفر، وقيل لست بقين منه، سنة سبع وأربعين وثلثمائة ببغداد، رحمه الله تعالى. وكان أبوه من كبار المحدثين وأعيانهم
وضعفه اللالكائي هبة الله، وقال: بلغني عنه أنه قيل له: حدث عن عباس الدوري حديثا، ونعطيك درهما ففعل، ولم يكن سمع منه (2).
قال الخطيب: سمعته يقول هذا، وهذه الحكاية باطلة، ابن درستويه كان أرفع قدرا من أن يكذب.
وحدثنا ابن رزقويه عنه بأمالي فيها أحاديث عن عباس.
وسألت البرقاني عنه، فقال: ضعفوه بروايته تاريخ يعقوب عنه، وقالوا: إنما حدث به يعقوب قديما، فمتى سمعه منه؟ قال الخطيب: في هذا نظر، فإن جعفر بن درستويه من كبار المحدثين.
سمع من علي بن المديني وطبقته، فلا يستنكر أن يكون بكر بابنه في السماع، مع أن أبا القاسم الازهري حدثني، قال: رأيت أصل كتاب ابن درستويه بتاريخ يعقوب بن سفيان، ووجدت سماعه فيه صحيحا (3).
قلت: توفي في صفر سنة سبع وأربعين وثلاث مئة، أخذ عن ثعلب والمبرد، وتصانيفه كثيرة.
والراوي عن ابن درستويه
القطان * الشيخ العالم الثقة، المسند، أبو الحسين، محمد بن الحسين ابن محمد بن الفضل، البغدادي القطان (6) الازرق.
خدمة العلماء للكتاب
طبع الكتاب بتحقيق د أكرم ضياء العُمَري واعتمد على نسخة خطية وحيدة مصورة عن الأصل من تركيا وهي ناقصة غير كاملة فقد المجلد الأول من الكتاب من عهد المبتدأ والسيرة النبوية والعهد المدني إلى عصر السفاح الخليفة العباسي والمطبوع من العصر العباسي وفي الطبعة الحالية الكثير من الأخطاء المطبعية فينبغي التنبه لهذا!
الناشر: مؤسسة الرسالة – بيروت سنة النشر: 1401 هـ
عَدد الأجزاء: 4
وطبع طبعة أخرى طبعة الكتب العلمية وربما تكون مسروقة
راجع هذا الرابط
http://alhijariyah.com/vb/showthread.php?p=213#post213
http://alhijariyah.com/vb/showthread.php?p=213#post213(146/21)
مساعدة
ـ[أبو اليسر السماري]ــــــــ[31 - 05 - 08, 02:47 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إخواني الأفاضل في منتديات أهل الحديث أود المساعدة في إيجاد كتاب: (روض النهاة على شرح نظم الغزوات للعالم والسيرى الكبير أحمد البدوي بن محمدا المجلسي الشنقيطي / تأليف حماد بن الامين المجلسي الشنقيطي؛ احقق مادته ونشره محمد محفوظ بن احمد)، للتحميل عن طريق pdf أو غيره، أحتاجه ضروري. جزاكم الله تعالى كل خير. الجزائر(146/22)
الامام الداودي
ـ[ابو مريم الجزائري]ــــــــ[31 - 05 - 08, 07:36 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
نتعرض اليوم الى ترجمة عالم فاضل، كان مضرب المثل في عصاميتة و الاعتماد – بعد الله سبحانه وتعالى – على جهده وذكائه، فلم يتتلمذ لعلماء أو ائمة مشهورين، بل جد و أجتهد حتى اصبح من العلماء الذين يشار لهم بالبنان، واشتهر خاصة في الحديث الشريف حتى أعتبر شرحه لصحيح البخاري أول (أو ثاني) شرح في الاسلام، وكذلك في الفقه، فكانت اجتهاداته وآرائه محل عناية و اهتمام، انه الامام الحافظ الفقيه الأديب ابو جعفر احمد بن نصر الداودي.
كنيته و اسمه ونسبه:
شيخ الإسلام أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ الدَّاوُدِيُّ الْأَسَدِي، الأموي، الطرابلسي، التلمساني المالكي، من أئمة الحديث الشريف و حفاظه، وأحد فقهاء المالكية المشهورين، ويكني بأبي جعفر, [وكناه الزركلي بأبي حفص وهو غير صحيح، كما ان الحاج خليفة صاحب " كشف الظنون " أخطا في اسم والده حيث سماه بسعيد وهو اسم جده فذكره حين سرده لشراح صحيح البخاري في: (ج 1 / ص 546): أبو جعفر: أحمد بن سعيد الداودي]، إلا أنه قد يقع البعض في الخلط بينه وبين أحمد بن نصر الهواري أبو جعفر (ت319 هـ)؛ وذلك للتشابه الكبير بينهما، إذ أن كنيتهما هي أبو جعفر و لهما نفس اسم الأب أحمد بن نصر، إلا أنهما يختلفان في اسم الجد، إذ أن جد مترجمنا اسمه سعيد، وجد الثاني اسمه زياد، وقد نبه إلى هذا التشابه الإمام برهان الدين ابن فرحون أثناء ترجمته للثاني: أبو جعفر أحمد بن نصر بن زياد الهواري في كتابه: " الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب " فقال في 1/ 46: " .... وفي المالكيين من يشتبه به وهو أحمد بن نصر الداودي متأخر يأتي ذكره ".
مولده ونشأته:
لم اعثر في جميع المصادر التي ترجمت للدادوي عن سنة ولادته، إلا أنها أشارت إلى أنه ولد بمدينة المسيلة وقيل ولد بمدينة بسكرة , وهما مدينتان تقعان في الشرق الجزائري، وكل ما نقلته لنا عن نشأته انه كعادة أترابه ولداته في ذلك الوقت حفظ القرآن الكريم و درس علوم العربية من نحو وصرف و بلاغة، ثم دراسة بعض مختصرات كتب الفقه المالكي، كما هو متعارف عليه عند مدرسي تلك العصور، ولم تذكر أي شئ عن اسرته أو مجتمعه، ثم تجدها تنقل لنا سفره لسبب غير معروف – لعله طلب العلم – الى طرابلس الغرب، حيث سكن و استوطن بها.
شيوخه وعصاميته في طلب العلم:
لقد لاحظت في كل المصادر و المراجع التي قرأت فيها عن حياة الداوي، و كذلك لاحظ جميع المترجمين الذين تعرضوا لتتبع حياة الداودي أنه كان عصاميا حيث انه أعتمد في دراساته على مطالعاته، و جهوده وإرادته الشخصية في حب العلم و التعلم، فكلهم ذكروا انه: " كان درسه وحده لم يتفقه في أكثر علمه على إمام مشهور وإنما وصل بإدراكه "، وليس معنى هذا انه لم يتتلمذ على أي شيخ، بل انني وجدت أسماء ثلاث شيوخ تلقى عنهم،وكتب عنهم، وقد اجازوه بمروياتهم ومؤلفاتهم، و لعلهم يقصدون ب: " كان درسه وحده " أن هؤلاء الشيوخ لم يكونوا في مرتبة أو منزلة العلماء البارزين المشهورين، ومما يؤكد صحة ما ذهبت اليه هذه الحادثة التي أوردها القاضي عياض ومفادها: " وبلغني [أحمد بن نصر الداودي] أنه كان ينكر على معاصريه من علماء القيروان سكناهم في مملكة بني عبيد، وبقاؤهم بين أظهرهم، وأنه كتب إليهم مرة بذلك. فأجابوه: ((أسكت لا شيخ لك))، أي لأن درسه كان وحده، ولم يتفقه في أكثر علمه عند إمام مشهور، وإنما وصل الى ما وصل بإدراكه، ويشيرون أنه لو كان له شيخ يفقهه حقيقة الفقه لعلم أن بقاءهم مع من هناك من عامة المسلمين تثبيت لهم على الإسلام، وبقية صالحة للإيمان، وأنهم لو خرج العلماء عن إفريقية لتشرّق من بقي فيها من العامة الألف والآلاف فرجحوا خير الشرين، والله أعلم".
كما نقل الإمام الونشريسي عن القاضي عياض أيضا قوله: "بأن الداودي مقارب المعرفة في العلوم وأن علمه كان بنظره واجتهاده، وغير متلق عن الشيوخ وقد عابه بذلك أهل زمانه"، ولعله يقصد بذلك أهل القيروان الذين سبق ذكر قصتهم مع الداودي.
على كل حال ها هي ترجمة قصيرة لهؤلاء الشيوخ الثلاثة:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/23)
- ابراهيم بن خلف الأندلسي:" سمع أباه ورحل فسمع بكار بن محمد وأبا سعيد بن الأعرابي وغيرهما روى عنه أبو جعفر أحمد بن نصر الداودي ذكر ذلك أبو الوليد هشام بن عبد الرحمن الصابوني في برنامجه وحدث بموطأ مالك رواية أبي المصعب الزهري وعبد الله بن مسلمة القعنبي ويحيى بن يحيى الأندلسي عن الداودي عنه قرأت ذلك بخط محمد بن عياد ".
(ابن الابار البلنسي - التكملة لكتاب الصلة 1/ 116.الترجمة رقم: 336).
- أبو بكر بن عبد الله بن أبي زيد و أخيه عمر بن عبد الله:ولدا الشيخ أبي محمد، كانت له ولأخيه عمر بالقيروان، مكانة جليلة، بأبيهما وتقدمهما. ووليَ قضاء القيروان، قبل الفتنة. ولم يكن فيما بلغني بالمحمود السيرة. وقد رويت عنه كتب أبيه. وكان أدركه صغيراً. وكتب أحمد بن نصر الداودي عنهما.
(القاضي عياض –ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك 7/ 102 - 103).
ثناء العلماء ومعاصريه عليه:
رغم ان الداودي لم يدرس على يد علماء و أئمة مشهورين، الا انه بفضل الله و بعصاميته و جده و اجتهاده، وبإرادته الفولاذية في التحصيل و الاجتهاد، وصل إلى مرتبة جعلت علماء عصره يقرون بإمامته في العلم و الفقه، وببلاغته و حسن بيانه، وبدقة نظره، وثراء تآليفه، ويثنون عليه في ذلك الثناء العطر، فها هو مؤرخ الاسلام و بروفيسور الرجال الإمام الذهبي رحمه الله يقول عنه [(تاريخ الاسلام - للذهبي 6/ 421)]: " أحمد بن نصر: أبو جعفر الأزدي الداودي المالكي الفقيه. كان بأطرابلس المغرب، فأملي بها كتابه في شرح الموطأ، ثم نزل تلمسان. وكان ذا حظ من الفصاحة والجدل".
أما القاضي عياض فقد قال عنه لما ترجم له: "من أئمة المالكية بالمغرب، والمتسعين في العلم المجيدين للتأليف"، وقال عنه الامام ابن فرحون في ترجمته: " من أئمة المالكية بالمغرب كان فقيها فاضلا متقنا مؤلفا مجيدا له حظ من اللسان والحديث والنظر"، وقد عده الفقيه أبو العباس أحمد بن محمد أحمد العرفي من " جملة العلماء المحققين، الثقات، الاثبات "، وقال ابن عبد السلام الهواري في وصفه: "كان فقيهًا فاضلا عالما متيقظًا مجيدًا مؤلفا له حظ في اللسان والجدل"، ووصفه التسولي فقال: "كان إمامًا متقنا متفننا".
و يكفي للدلالة على مكانته و منزلته خاصة في الحديث الشريف و الفقه المالكي، أن جميع شراح صحيح البخاري (باستثناء الإمام أبو سليمان الخطابي) كلهم نقولوا عنه و عن شرحه للصحيح، فهذا الحافظ ابن حجر العسقلاني قد أورد له – حسب إحصائية قمت بها – في " فتح الباري شرح صحيح البخاري ": 479 بين استشهادا و نقلا لفوائد، و أورد الكثير من أقواله، مرجحا بها لرأيه مرة، و مناقشا لها آخرى، و موهما لها تارة و مصححا لها طورا.
أما بدر الدين العيني الحنفي في " عمدة القاري شرح صحيح البخاري " فقد أورد: 636 بين استشهادا و فائدة.
و الإمام أبو الحسن علي بن خلف ابن بطال في " شرح صحيح البخارى ": فقد أورد 25 بين استشهادا و فائدة.
أما في الفقه بصفة عامة والمالكي منه بصفة خاصة، فيكفي أن تلقى نظرة على دواوين و أمهات كتب الفقه المالكي و النوازل لتجدها طافحة بالآراء الفقهية و الاجتهادات المبنية على استنباطات من النصوص الشرعية، أو المنبثقة عن نظر دقيق في الوقائع الحادثة مع مراعاة الظروف المحيطة بها، وقرائن الأحوال التي تلتها، التي تبين عن شخصية العالم المميز، المجد الفاهم لروح الشريعة الإسلامية ومقاصدها، و الملتزم بمراعاة حكمها وأسرارها عند استنباط الأحكام من نصوصها، وتفريع الفروع عليها، وخاصة فيما يتعلق بالضروريات، ولذلك فانه لا يمكن بأي حال إهمال آرائه ولا تغييبها عن مواقع الخلاف الفقهي في المذهب.
و من كتب الفقه والنوازل والقضاء التي احتفظت لنا بهذه الآراء والنوازل والمسائل والفتاوى و الاجتهادات على سبيل المثال فقط:
- " المعيار المعرب عن فتاوى إفريقية والمغرب" للونشريسي.
- " الدرر المكنونة في نوازل مازونة " لأبي زكريا يحي بن موسى المازوني
- " مذاهب الحكام في نوازل الأحكام " للقاضي عياض وولده محمد.
- " درّة عقد الحواشي، على جيد شرحي الزّرقاني والخراشي" و " الأحكام الجوازل، في نُبذ من النّوازل " لأبي راس النّاصري الجزائري.
- " نوازل البرزلي" لأبي القاسم بن احمد بن محمد البرزلي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/24)
- " مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل " لشمس الدين أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن الطرابلسي المغربي، المعروف بالحطاب الرُّعيني.
- " الذخيرة في الفقة المالكي " لشهاب الدين أحمد بن إدريس القرافي.
- " الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني" لأحمَد بن غنيمِ بن سالم النفراوي، الازهري المالكي.
- " جامع الأمهات" لابن الحاجب.
- " تعليق علي المدونة " و" شرح التلقين " و " فتاوى " الإمام محمد بن علي بن عمر بن محمد التميمي المازري.
- فتاوى ابن رشد.
- "الموافقات" لإبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي، الشهير بالشاطبي.
وغيرها من مصادر الفقه المالكي.
تلامذته:
لقد تخرج على يد هذا العالم خلق كثير، حيث انه أملى مؤلفاته في مجالس التدريس وشرحها و أجاز بها الكثير من علماء و مشايخ عصره، وطلبته النجباء الذين صار لهم شأن و أي شأن، و نذكر منهم:
1 - أبو عبد الملك مروان بن علي - أبو محمد - الأسدي القطان البوني، نسبة إلى بونة (مدينة عنابة بالشرق الجزائري ت حوالي سنة 440هـ): " روى عنه أبو القاسم حاتم بن محمد وقال: لقيته بالقيروان وشهد معنا المجالس عند أهل العلم بها، وكان رجلاً حافظاً نافذاً في الفقه والحديث .... ولازم أبا جعفر الداودي لمدة خمس سنوات فأخذ عنه معظم تآليفه وأخذ عنه حاتم الطرابلسي، أبو عمر بن الحذاء قال عنه حاتم: كان رجلا فاضلا حافظًا نافا في الفقه والحديث، وألف في شرح الموطأ كتاباً مشهورا حسنًا رواه عنه الناس." ((الصلة في الرواة لابن بشكوال: (1/ 200).
2 - أبو بكر أحمد أبي عمر أبي محمد بن أبي زيد (ت بعد سنة 460هـ): " الفقيه الإمام الفاضل، العارف بالأحكام والنوازل القاضي العادل، روى التهذيب عن مؤلفه البراذعى، وكان البراذعى يثني عليه كثيرًا، أخذ عن أبي جعفر الداودي وغيره".
3 - هشام بن عبد الرحمن بن عبد الله، يعرف بابن الصابوني: من أهل قرطبة؛ يكنى: أبا الوليد (ت 423 هـ): " ... رحل إلى المشرق فأدى الفريضة وروى هنالك عن أبي الحسن القابسي، وأبي الفضل الهروي، وعن أبي القاسم علي بن إبراهيم التميمي الدهكي البغدادي، وعن أبي جعفر أحمد بن نصر الداودي وغيرهم. وكان خيراً فاضلاً، عفيفاً طيب الطعمة. مخزون اللسان، جيد المعرفة، حسن الشروع في الفقه والحديث. دؤباً على النسخ، جماعاً للكتب، جيد الخط. وله كتاب في تفسير البخاري على حروف المعجم كثير الفائدة".
4 - أحمد بن سعيد بن علي الأنصاري القناطري، المعروف: بابن الحجال، من أهل قادس، يكنى: أبا عمر. (ت سنة 428 هـ): " سمع بقرطبة، ورحل إلى المشرق ولقي أبا محمد بن أبي زيد، وأبا جعفر الداودي، وأكثر عنه وعن غيره".
5 - أحمد بن محمد بن ملاس الفزاري. من أهل إشبيلية، يكنى: أبا القاسم (ت سنة 435 هـ): " له رحلةٌ إلى المشرق لقي فيها أبا الحسن بن جهضم، وأبا جعفر الداودي وأخذ عنهما وعن غيرهما. وسمع بقرطبة: من أبي محمد الأصيلي، وأبي عمر بن المكوي، وابن السندي، وابن العطار وغيرهم،
وكان: متفننا في العلم، بصيراً بالوثائق مع الفضل والتقدم في الخبر. ذكره ابن خزرج وقال: توفي سنة خمسٍ وثلاثين وأربع مائة، ومولده سنة سبعين وثلاث مائة."
6 - أحمد بن محمد بن يحيى القرشي الأموي الزاهد، يعرف: بابن الصقلي سكن القيروان. (ت 431 هـ): " ... ذكره ابن خزرج وقال: كان منقطعاً في الصلاح والفضل. قديم العناية بطلب العلم بالأندلس وغيرها. من شيوخه أبو محمد بن أبي زيد، وأبو جعفر الداودي، وأبو الحسن ابن القابسي، أبو عبد الله محمد بن خراسان النحوي، وعتيق بن إبراهيم وجماعة سواهم."
7 - عبد الرحمن بن عبد الله بن خالص الأموي: من أهل طليطلة، يكنى أبا محمد (ت؟؟): " ... له رحلةٌ إلى المشرق روى فيها عن أبي جعفر الداودي وغيره."
هل الداودي هو أول شارح لصحيح البخاري؟:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/25)
ذكر الشيخ عبد الرحمن الجيلالي - حفظه الله - أن شرحه هذا هو أول شرح لصحيح البخاري، وتبعه في ذلك عادل نويهض في معجمه وغيره من المهتمين، وهذا غير صحيح في نظري، وإن كان فيها من نفسي شئ – و الله أعلم - لأن أول من وضع شرحا على صحيح البخاري هو أبو سليمان حمد بن محمد الخطاب البستي (ت 388) في كتابه (أعلام الحديث أو أعلام السنن)، يأتي بعده شرح مترجمنا الداودي، وان كان بعض الاخوة يشكك في هذه المعلومة ولا يحملها على إطلاقها وذلك لأن أبا جعفر الداودي معاصر للخطابي وتوفي عام 402 (بين وفاتهما 4 سنوات)،فما الذي يجزم أن الخطابي هو صاحب الأولية؟ فما المانع بأن يكون الداودي قد ألفه في نفس الفترة أو قبل تأليف الخطابي؟ زيادة على ذلك فإن علماء السنة عندما تحدثوا عن أول من صنف في السنة ذكروا كوكبة من العلماء منهم الربيع بن صبيح وشعبة ومالك وقالوا إنهم في عصر واحد ولم يجزموا بأولية أحد؟ ومما يزيد في الشك ان الخطابي ألف شرحه للجامع الصحيح في أخريات حياته أي بعد تصنيفه لمعالم السنن لشرح سنن أبي داود، فجعل أعلام الحديث أو أعلام السننمكملاً لما ذكره في معالم السنن، يقول في المقدمة: "وقد تأملت المشكل من أحاديث هذا الكتاب فوجدت بعضها قد وقع ذكره في معالم السنن مع الشرح له والإشباع في تفسيره " وقد يكون بعض العلماء اعتبروه أول شرح للصحيح لشهرة الكتاب و تعدد طبعاته، وشهرة مؤلفه واهتمام العلماء به مقارنة بالداودي رحمهما الله و جزاهما الله خيرا، والسؤال يبقى مطروحا، وقابل للمناقشة.
وما يمكنني الجزم به هو أن الداودي يعتبر أول شارح للجامع الصحيح في الجزائر و المغرب العربي (الغرب الإسلامي).
مؤلفاته وآثاره:
ان مثل هذا العالم الحافظ الذي لقب بشيخ الإسلام، لا بد وانه ترك ثروة علمية كبيرة قيمة، ضمنها في مؤلفاته وآثاره، منها ما وصل إلينا ومنها ما لم يصل، ولكن المصادر التي ترجمت له، و العلماء الذين نقلوا عنه في كتبهم احتفظوا لنا بأسماء بعضها، ومن أهم مؤلفاته:
1 - النصيحة في شرح صحيح البخاري: و يسميه البعض " النصيح " وقد ألف هذا الكتاب الجليل في تلمسان حيث ألف أكثر كتبه بها.
2 - النامي في شرح موطأ الإمام مالك: وهذا الكتاب أصَلَه وأملاه بطرابلس أي في المرحلة الأولى من حياته، وبالتالي يمكن القول إن كتاب النامي من اوائل الكتب التي ألفها الداودي، وهو كتاب جليل حاز به الفضل على غيره من جميع من تقدمه أو تأخر عنه من علماء الإسلام.
ويعتبر هذا الكتاب ثاني شرح للموطأ بعد شرح محمد بن سحنون القيرواني له. وقد ذكر عبد الرحمن الجيلالي أنه توجد نسخة منه بمكتبة القرويين بفاس تحت رقم (527).
وهذين الكتابين هما اللذان اعتمد عليهما الكثير من شراح الحديث الشريف، و نقلوا عنهما كما ذكرت سابقا، فالحافظ ابن حجر العسقلاني في شرحه لصحيح البخاري يذكر انه ينقل عنه في باب الرواية، كما في باب الدراية، كما أن رواية الداودي لصحيح البخاري كانت من ضمن الروايات التي يرويها ابن حجر عن الصحيح، بل هي أعلى الروايات لديه من حيث العدد كما صرح هو بذلك حيث قال: " وأما رواية الداودي فهي أعلى الروايات لنا من حيث العدد". وقال الحافظ ابن حجر أيضا في معجمه: " كتاب شرح الموطأ وكتاب شرح البخاري كلاهما تأليف أبي جعفر أحمد بن نصر الداودي المالكي التلمساني أنبأنا بهما أبو علي الفاضلي عن أحمد بن أبي طالب عن جعفر بن علي عن محمد بن عبد الرحمن الحضرمي عن عبد الرحمن بن محمد بن عتاب عن يوسف بن عبد الله النمري (ابن عبد البر) عنه إجازة ومات سنة اثنتين وأربعمائة".
3 - الأموال: وهو فتاوى وأحكام في الأمور العارضة وفيما جرى عليه الحال في البلدان المفتوحة مثل: صقلية والأندلس و بعض بلدان افريقية الجنوبية، وبعض النوازل الفقهية التي كانت في عصر المؤلف، وتوجد منه نسخة مخطوطة بدار الكتب مصورة عن النسخة الموجودة بالأسكوريال بإسبانيا تحت رقم 1165، وقد قام بتحقيقه الاستاذ رضا محمد سالم شحادة، وطبعه مركز إحياء التراث العربي - الرباط. بالمملكة المغربية الشقيقية.
وتقدم الأستاذ نجيب عبد الوهاب بمناقشة حوله في رسالة (أطروحة دكتوراه) ببريطانيا.
4 - الواعي في الفقه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/26)
5 - الإيضاح في الرد على القدرية: وهو كتاب يرد فيه على إحدى الفرق الكلامية المنحرفة، وهي القدرية.
6 - كتاب الأصول
7 - كتاب البيان
8 - كتاب تفسير القرآن المجيد: وهذا الكتاب لم يذكره إلا عبد الرحمن الجيلالي فيما اطلعت عليه من كتب التراجم وقال: إن المفسر عبد الرحمن الثعالبي قد نقل عنه في كتاب الجواهر الحسان وكذا غيره من المفسرين)
وفاته:
استقر مترجمنا بمدينة تلمسان، حيث ألف معظم كتبه، وفيها توفي وقد اختلف العلماء في سنة وفاته، إلا أن جمهورهم اتفق على أنها كانت سنة 402 هـ
وهي السنة التي رجحها القاضي عياض عند ترجمته للداودي في ((ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك 7/ 102 - 103)).
بقوله: " ... قال حاتم الطرابلسي: توفي بتلمسان سنة اثنتين وأربعماية، وقبره عند باب العقبة، ولم يسمع منه حاتم وكان حياً إذ كان حاتم بالقيروان، وقرأت في بعض التواريخ أن وفاته سنة إحدى عشرة والأول أصحّ ".
أمثلة من أقواله و آرائه و اجتهاداته:
1 - أورد الحافظ ابن حجر العسقلاني في " فتح الباري شرح صحيح البخاري " قولا استحسنه للداودي نقله من شرح صحيح البخارى ـ لابن بطال عند حديثه عن (بَاب فَضْل الْفَقْر) ج 10 ص 168. فقال: " ... وَحَدِيث عَمْرو بْن الْعَاصِ " نِعْمَ الْمَال الصَّالِح لِلرَّجُلِ الصَّالِح " أَخْرَجَهُ مُسْلِم وَغَيْر ذَلِكَ قَالَ: وَأَحْسَن مَا رَأَيْت فِي هَذَا قَوْل أَحْمَد بْن نَصْر الدَاوُدِيِّ: الْفَقْر وَالْغِنَى مِحْنَتَانِ مِنْ اللَّه يَخْتَبِرُ بِهِمَا عِبَاده فِي الشُّكْر وَالصَّبْر كَمَا قَالَ تَعَالَى (إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْض زِينَة لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيّهمْ أَحْسَن عَمَلًا) وَقَالَ تَعَالَى (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْر فِتْنَة)، وَثَبَتَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " كَانَ يَسْتَعِيذ مِنْ شَرّ فِتْنَة الْفَقْر وَمِنْ شَرّ فِتْنَة الْغِنَى " ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامًا طَوِيلًا حَاصِله أَنَّ الْفَقِير وَالْغَنِيَّ مُتَقَابِلَانِ لِمَا يَعْرِض لِكُلٍّ مِنْهُمَا فِي فَقْره وَغِنَاهُ مِنْ الْعَوَارِض فَيُمْدَح أَوْ يُذَم وَالْفَضْل كُلّه فِي الْكَفَاف لِقَوْلِهِ تَعَالَى (وَلَا تَجْعَل يَدك مَغْلُولَة إِلَى عُنُقك وَلَا تَبْسُطهَا كُلّ الْبَسْط) وَقَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " اللَّهُمَّ اِجْعَلْ رِزْق آلِ مُحَمَّد قُوتًا ".
2 – و في " الفتح " لابن حجر ايضا:
" قَوْله: (مَهْ).
قَالَ الْجَوْهَرِيّ: هِيَ كَلِمَة مَبْنِيَّة عَلَى السُّكُون، وَهِيَ اِسْم سُمِّيَ بِهِ الْفِعْل، وَالْمَعْنَى اُكْفُفْ، يُقَال مَهْمَهْته إِذَا زَجَرْته، فَإِنْ وَصَلْت نَوَّنْت فَقُلْت مَهٍ. وَقَالَ الدَّاوُدِيّ: أَصْل هَذِهِ الْكَلِمَة " مَا هَذَا " كَالْإِنْكَارِ فَطَرَحُوا بَعْض اللَّفْظَة فَقَالُوا مَهْ فَصَيَّرُوا الْكَلِمَتَيْنِ كَلِمَة".
3 – خصص الونشريسي في موسوعته الفقهية (" المعيار المعرب عن فتاوى إفريقية والمغرب" 10/ 102 - 103) بابا بعنوان: "إذا لم يكن بالبلد قاض زوج صالحوا البلد من أراد التزويج" و أورد فيه ما يلي بنصه:
" وسئل أبو جعفر أحمد بن نصر الداودي عن امرأة أرادت التزويج وهي ثيب ولا حاكم بالبلد وأولياؤها غيب ترفع أمرها إلى فقهاء البلد فيأمر من يزوجها وكيف إذا لم يكن بالبلد عالم ولا قاض أترفع أمرها إلى عدول البلد في البكر والثيب؟
فأجاب: إذا لم يكن بالبلد قاض فيجتمع صالحوا البلد ويأمرون بتزويجها.
" كل بلد لا سلطان فيه فعدول البلد وأهل العلم يقومون مقامه في إقامة الأحكام"
وسئل أيضا عن بلاد المصامدة ربما لم يكن عندهم سلطان وتجب الحدود على السراق وشربة الخمر وغيرهم من أهل الفساد هل لعدول ذلك الموضع وفقهائه أن يقيموا الحدود إذا لم يكن سلطان وينظرون في أموال اليتامى والغيب والسفهاء؟
فأجاب بأن قال: "ذلك لهم وكل بلد لا سلطان فيه أو فيه سلطان يضيع الحدود أو سلطان غير عدل فعدول الموضع وأهل العلم يقومون في جميع ذلك مقام السلطان".
وسئل أيضا عن بلد لا قاضي فيه ولا سلطان أيجوز فعل عدوله في بيوعهم واشريتهم ونكاحهم؟
فأجاب:"بأن العدول يقومون مقام القاضي والوالي في المكان الذي لا إمام فيه ولا قاضي".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/27)
قال أبو عمران الفاسي: أحكام الجماعة الذين تمتد إليهم الأمور عند عدم السلطان نافذ منها كل ما جرى على الصواب والسداد في كل ما يجوز فيه حكم السلطان وكذلك كل ما حكم فيه عمال المنازل من الصواب ينفذ".
4 – ورد في كتاب: (" منح الجليل مختصر خَلِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْمَالِكِي" لعليش (6/ 191). ما نصه:
" ... مِمَّا خُصَّ بِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الْمُشَاوَرَةِ) لِذَوِي الْأَحْلَامِ مِنْ أَصْحَابِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْآرَاءِ فِي الْحُرُوبِ تَطْبِيبًا لِقُلُوبِهِمْ وَتَأْلِيفًا لَهُمْ لَا يَسْتَفِيدُ مِنْهُمْ عِلْمًا، فَالْخُصُوصِيَّةُ لَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ كَامِلَ الْعَقْلِ وَالْمَعْرِفَةِ، وَتَجِبُ عَلَيْهِ الْمُشَاوَرَةُ.
قَالَ أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ الدَّاوُدِيُّ إنَّمَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُشَاوِرُ فِي الْحُرُوبِ وَفِيمَا لَيْسَ فِيهِ حُكْمٌ بَيْنَ النَّاسِ، وَأَمَّا مَا فِيهِ الْأَحْكَامُ فَلَا يُشَاوِرُ فِيهِ لِأَنَّ الْعِلْمَ بِهَا إنَّمَا يُلْتَمَسُ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَحَدٌ أَعْلَمَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مِنْهُ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَأَنْزَلْنَا إلَيْك الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إلَيْهِمْ} الْآيَةَ.
المصادر و المراجع:
- أبو الحسن علي بن خلف بن عبد الملك بن بطال البكري القرطبي " شرح صحيح البخارى" تحقيق: أبو تميم ياسر بن إبراهيم،، نشر مكتبة الرشد - الرياض السعودية، الطبعة الثانية 1423هـ - 2003م.
- ابن حجر العسقلاني، " فتح الباري في شرح صحيح البخاري " صححه وحققه عبد العزيز عبد الله بن باز، المطبعة السلفية ومكتبتها القاهرة 1380هـ.
- القاضي عياض السبتي: " ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك،، تحقيق مجموعة من الباحثين. الرباط: وزارة الأوقاف المغربية، 1983م.
- إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الغرناطي الشهير بالشاطبي: "الموافقات"، تحقق: أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان، نشر: دار ابن عفان، الطبعة الأولى 1417هـ/ 1997م.
- برهان الدين إبراهيم بن علي بن محمد،ابن فرحون، " الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب"، مطبعة عباس بن عبد السلام بن شقرون مصر الطبعة الأولى سنة 1351 هـ.
- أبو العباس أحمد الونشريشي، " المعيار المعرب والجامع المقرب عن فتاوى علماء إفريقية والأندلس والمغرب"، خرجه جماعة من العلماء بإشراف محمد حاجي - دار الغرب الإسلامي - بيروت - سنة 1401هـ- 1981م.
- خلف بن عبد الملك، ابن بشكوال: " كتاب الصلة ". القاهرة: مكتبة الخانجي، 1994م.
- أبو عبد الله محمد، ابن الأبار: "التكملة لكتاب الصلة"، تحقيق عبد السلام الهراس. الدار البيضاء: دار المعرفة، 1995م.
- محمد بن أحمد (عليش): " منح الجليل شرح مختصر خليل": طبعة بولاق سنة 1294هـ.
- أبو القاسم محمد الحفناوي،" تعريف الخلف برجال السلف"، مؤسسة الرسالة سوريا المكتبة العتيقة تونس الطبعة الأولى 1402هـ- 1982م.
- عبد الرحمن محمد الجيلالي:" تاريخ الجزائر العام"، دار الثقافة ببيروت لبنان. 1400هـ/1980م.
- أبو القاسم سعد الله، تاريخ الجزائر الثقافي، دار الغرب الإسلامي، بيروت، الطبعة الأولى، 2000م.
- الأستاذ عز الدين زغيبة: مقالة بعنوان:" أحمد بن نصر الداودى الطرابلسي التلمساني: حياته وآثاره".
ـ[أبو إسحاق المالكي]ــــــــ[25 - 08 - 08, 03:48 م]ـ
حسن الله إليكم
ـ[أبو إسحاق المالكي]ــــــــ[25 - 08 - 08, 08:59 م]ـ
2 - النامي في شرح موطأ الإمام مالك: وهذا الكتاب أصَلَه وأملاه بطرابلس أي في المرحلة الأولى من حياته، وبالتالي يمكن القول إن كتاب النامي من اوائل الكتب التي ألفها الداودي، وهو كتاب جليل حاز به الفضل على غيره من جميع من تقدمه أو تأخر عنه من علماء الإسلام.
ويعتبر هذا الكتاب ثاني شرح للموطأ بعد شرح محمد بن سحنون القيرواني له. وقد ذكر عبد الرحمن الجيلالي أنه توجد نسخة منه بمكتبة القرويين بفاس تحت رقم (527).
.
أحسن الله إليك،،،
أفاد الشيخ محمد السليماني في مقدمة تحقيق "المسالك" أنَّ نسبة ذلك المخطوط الذي في القرويين للداودي غَلطٌ، والصحيح أنه للبُونِي .. وانظُر تفصيل ذلك في المقدمة ..(146/28)
المسلمون لم يحرقوا كتب الأسكندرية
ـ[هشام زليم]ــــــــ[01 - 06 - 08, 03:29 م]ـ
هذا الموضوع فيه دحض لافتراء ألصقه النصارى بعمرو بن العاص رضي الله عنه بل و بالإسلام.
هذا نص الشبهة من كتابات بعض المفترين:
"بعد احتلال العرب للاسكندريه في 22 ديسمبر عام 640 م. وتدمير أسوار المدينة ونهبها، حدث أن تعرف عمرو بن العاص على عالم لاهوت مسيحي طاعن في السن يدعى يوحنا فيلوبونوس (تلميذ الفيلسوف السكندري امونيوس السابق ذكره، وهو معروف لدى العرب باسم يحيى النحوي، وقد ساهمت كتاباته إلى حد كبير في نقل الثقافة الإغريقية للعرب). وبعد العديد من الجدالات الدينية بين يوحنا وعمرو بخصوص التثليث والتوحيد وألوهية السيد المسيح طلب يوحنا من عمرو الحفاظ على الكتب الموجودة في مكتبة الاسكندريه لأن، حسب قول يوحنا، "بخلاف مخازن وقصور وحدائق المدينة، فإن تلك الكتب ليست ذات فائدة لعمرو أو لرجاله". حينئذ استغرب عمرو وسأل عن أصل تلك الكتب وفائدتها، فسرد له يوحنا قصة مكتبة الاسكندريه منذ تأسيسها على يد بطليموس الثاني. ولكن عمرو بن العاص رد عليه قائلا أنه ليس بإمكانه التصرف دون أخذ مشورة عمر بن الخطاب. فكتب بن العاص خطابا لبن الخطاب يستشيره في أمر المكتبة والكتب. بينما كان يوحنا وعمرو في انتظار الرد، أذن الأخير ليوحنا بزيارة المكتبة برفقة تلميذه الطبيب اليهودي فيلاريتيس (وهو مؤلف كتاب طبي عن النبض وهو الكتاب المنسوب خطأً ليوحنا فيلوبونوس). وبعد عدة أيام أتى رد عمر بن االخطاب والذي قرأه وترجمه عمرو بن العاص على مسمع كلا من يوحنا وفيلاريتيس، وفيه ما معناه: " ... وأما الكتب التي ذكرتها فان كان فيها ما يوافق كتاب الله ففي كتاب الله عنه غنى، وان كان فيها ما يخالف كتاب الله فلا حاجة بنا إليها". وهكذا أمر عمرو بن العاص بتوزيع الكتب على حمامات الاسكندريه لاستخدامها في إيقاد النيران التي تُبقي على دفء الحمامات. "
و جوابا على هذا الإدعاء ارتأيت إيراد ما قاله أحد كبار العلماء الغربيين المعاصرين في هذا الصدد.
يقول العلامة محمد تقي الدين الهلالي رحمه الله عن هذا العالم الغربي" و قد بجله الأمريكيون حتى جعلوه أكبر عالم في الدنيا. وهو يحسن عشر لغات. و قد كتبوا كثيرا في التنويه به. يقول أحد الكتاب البارعين أن مواجهة جوزيف ماك كيب مثل الصدمة الكهربائية"
و قال عنه أيضا "هو العالم الشهير, المصنف الكبير الطائر الصيت في الدنيا كلها جوزف ماك كيب. ولد سنة 1867م"من مقدمة تقي الدين الهلالي رحمه الله لترجمته لكتاب "مدنية المسلمين في إسبانيا" ص19و20.
قال جوزيف ماكيب في الجزء السادس من كتاب "الأخلاق" بصدد البحث في تاريخ المسلمين في مصر (نقلا من ترجمة العلامة تقي الدين الهلالي رحمه الله لكتاب "ّمدنية المسلمين بإسبانيا" ص23 .. " و بعد بضع سنين من فتح المحمديين للإسكندرية ثار أهلها و شقوا عصا الطاعة. فاضطر العرب إلى هدم جانب من تلك البلدة الجميلة و لكن حتى مؤرخو النصارى الحاضرون يعترفون بأنهم لم يقصدوا بذلك تخريبا و انتقاما و إنما ألجأهم إليه المحافظة على البلدة. أما الرواية القائلة بأن العرب وجدوا من بقايا خزانة الإسكندرية كتبا كثيرة فأخذوا يوقدون بها أتاتين الحمامات مدة ستة أشهر فالمؤرخون اليوم يرون ذلك حديث خرافة. و لم توجد هذه الرواية في كلام أي مؤرخ إلا بعد مضي ستة قرون من فتح العرب مصر. و قد بحث أ. ج.بتلر بحثا دقيقا في هذه المسألة في كتابه"فتح العرب مصر ... و ختم كلامه بأن هذه الرواية أسطورة حقيرة. و ليس لها أساس تاريخي البثة. قد ذكر استانلي بول هذا الكلام نفسه في الجزء السادس من كتاب "تاريخ مصر تأليف فليندرس بتري:و ليس هناك بينة على أنه كانت بالإسكندرية خزانة كتب عمومية في ذلك الزمان. و الظاهر أن النصارى كانوا قد أحرقوا جميع الكتب و أتلفوا ما بقي منها تدريجيا في مدة طويلة قبل ذلك بزمان".
ـ[عبدالملك السبيعي]ــــــــ[01 - 08 - 08, 12:57 ص]ـ
للاستزادة
http://www.aljame3.net/ib/index.php?showtopic=231(146/29)
البدر التمام في التعريف بالأحلاف في الجاهلية والإسلام
ـ[أبوحاتم الشريف]ــــــــ[01 - 06 - 08, 07:41 م]ـ
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على النبي المضري الأمين وعلى آله وصحابته ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد:
اللهم إنا نعوذ بك من فتنة القول، كما نعوذ بك من فتنة العمل، ونعوذ بك من التكلُّف لما لا نحسن، كما نعوذ بك من العُجب بما نُحسن.
هذا بحث مختصر عن موضوع الأحلاف في الجاهلية والإسلام
كتبته لطلاب العلم والمهتمين بالأنساب لكي نبين أهمية الأحلاف ودورها في تكوين القبائل وحاولت الاختصار والله الميسر وأشكر الأخ الكريم أبا الحارث البقمي الذي حفزنا للكتابة عن هذا الموضوع والشكر موصول للأخ الكريم أبي معطي الذي افتتح الكتابة عن موضوع الأحلاف
وكنت أود نشره من فترة لكن رغبة مني في إضافة المزيد على هذا البحث المتواضع آثرت تأخيره
لكن نظرا لكثرة الأشغال لم أستطع الزيادة فيه ولعلي أصنع ذلك قريبا إن شاء الله
ومن المعلوم أن من المسائل المهمة في علم الأنساب مسألة الأحلاف بين القبائل وقد مرت الجزيرة العربية بفترة ركود وجهل وتعادي وتنافر بين القبائل مما أدى إلى أن القبائل المتجاورة تتحالف وتتناصر مع بعضها البعض فيكونوا قبيلة أخرى
وكثير من القبائل العربية المعاصرة إنما هي عبارة عن قبائل متحالفة تتفق وتجتمع تحت مسمى واحد قد يجمعهم جد معين وقد لايجمعهم أي شيء من ذلك
ومع مرور السنين تجهل هذه النسبة مع أن بعض العامة يعرفون أن هذا الفرع إنما هو داخل في القبيلة حلفا وليس أصلا في القبيلة وأحيانا توجد وثائق تقطع النزاع وأحيانا لا يوجد شيء وإنما هو أقوال للعامة قد يكون صحيحا وقد يكون غير ذلك
قال جواد علي في كتابه المفصل:
وأقرب تفسير إلى أنساب العرب في نظري هو إن النسب، ليس بالشكل المفهوم المعروف من الكلمة، و إنما هو كناية عن "حلف" يجمع قبائل توحدت مصالحها، واشتركت منافعها، فاتفقت على عقد حلف فيما بينها، فانضم بعضها إلى بعض، واحتمى الضعيف منها بالقوي، وتولدت من المجموع قوة ووحدة، وبذلك حافظت تلك القبائل المتحالفة على مصالحا وحقوقها. قال البكري: "فلما رأت القبائل ما وقع بينها من الاختلاف والفرقة، وتنافس الناس في الماء والكلأ، والتماسهم المعاش في المتسع، وغلبة بعضهم بعضاً على البلاد والمعاش، واستضاف القوي الضعيف، انضم الذليل منهم إلى العزيز، وحالف القليل منهم الكثير، وتباين القوم في ديارهم ومحالّهم، و انتشر كل قوم فيما يليهم".
وقال أيضا: وطالما دفعت الحروب القبائل المغلوبة على الخضوع لسيادة القبائل الغالبة وقد تتحالف معها وتدخل في جوارها، و إذا دام ذلك طويلاً، فقد يتحول الحلف و الجوار إلى نسب.
قال ابن فارس: (حلف) الحاء واللام والفاء أصلٌ واحد، وهو الملازمة. يقال حالف فلانٌ فلانا، إذا لازَمَه. ومن الباب الحَلِفُ؛ يقال حَلَف يحلِفُ حَلِفاً؛ وذلك أنّ الإنسان يلزمه الثّبات عليها. ومصدره الحَلِف والمحلُوف أيضاً. ويقال هذا شيء مُحْلِفٌ إذا كان يُشَكُّ فيه فيُتَحالف عليه. معجم مقاييس اللغة
قال ابن الأثير في كتاب النهاية:
أصل الحِلْف: المُعاقَدةُ والمعاهدة على التَّعاضُد والتَّساعُد والاتّفاق
وفي مختار الصحاح: ح ل ف حَلَف يَحْلِف بالكسر حَلِفاً بكسر اللام ومَحْلوفاً وهو أحد ما جاء من المصادر على مَفْعول وأحْلَفَه وحَلَّفه واسْتَحْلَفَه كُلُّه بمعنًى.
والحِلْف بوَزْن الحِقْف العَهْد يكون بين القوم وقد حَالَفه أي عَاهَده وتَحَالَفُوا تَعَاهَدُوا. وفي الحديث (أنه حَالَفَ بين قُرَيشٍ والأَنْصار) يعني آخَى بَيْنَهم لأَنّه لاَ حِلْفَ في الإِسلام. والحَلِيف المُحَالِف والموْلَى.
وفي كتاب تهذيب اللغة:
قال اللَّيْثُ: يُقَال: حَالَفَ فُلانٌ فُلاناً فهو حَلِيفَهٌ وبينهما حِلْفٌ لأَنَّهما تحالَفَا بالأَيْمَانِ أَن يكونَ أَمْرُهما وَاحِداً بالْوَفَاءِ فلَمَّ لَزِمَ ذلك عندَهم في الأَحْلاَفِ التي في العَشَائِرِ والقَبَائِلِ صار كلُّ شَيْءٍ لَزِمَ سَبَباً فلم يُفَارِقْهُ فهو حَلِيفُهُ حتى يُقَالَ: فُلانٌ حَلِيفُ الجَودِ وحَلِيفُ الإِكْثَارِ وحَلِيفُ الإِقْلالِ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/30)
وفي كتاب المفصل: في كلمة الحلف شيء من الدلالة على الشعائر والأيمان والمعاني الدينية، ولذلك قيل للحلف اليمين، لأن من عادتهم عند عقد الحلف بسط أيمانهم إذا حلفوا وتحالفوا وتعاقدوا وتبايعوا. وكانوا ينظرون إليها على إن لها قداسة خاصة وحرمة، والحانث بيمينه ينظر إليه بأشد أنواع التحقير والازدراء. ويُعد الحنث باليمين من الموبقات ومن الكبائر التي لا يغتفر صدورها من شخص في شريعة الجاهليين. وقد أمر الإسلام بالوفاء بالعهد.
و "العهد" بمعنى الحلف أيضاً وقيل: العهد كل ما عوهد عليه، وكل ما بين الناس من المواثيق. وهو أيضاً الموثق واليمين. و لذلك ورد: "على عهد الله" و "أخذت عليه عهد الله"، و "ولي العهد"، لأنه وليّ الميثاق الذي يؤخذ على من يابع الخليفة. وعلى من يعطي العهد الوفاء به: "وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم". "وما وجدنا لأكثرهم من عهد"، أي من وفاء. ووردت لفظة "عاهدتم" بمعنى التحالف والتعاقد في مواضع من كتاب الله.
يرد "الميثاق" بمعنى العهد. و المواثقة المعاهدة. و أما "التواثق"،، فالتحالف والتعاهد. وفي القرآن الكريم:) الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق (7)
{والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه}
(. وقد قال العلماء في الميثاق إنه: عقد مؤكد بيمين وعهد. والحلف الذي نتحدث عنه هو "ميثاق"، لأنه عهد يؤخذ بحلف مؤكد بيمين.
و تكون بين المتحالفين مواثيق على الوفاء بالالتزامات التي نص عليها، واتفق الطرفان المتعاقدان أو الأطراف المتعاقدة على الوفاء بها كاملة غير منقوصة.
قال البكري: "فلما رأت القبائل ما وقع بينها من الاختلاف والفرقة، وتنافس الناس في الماء والكلأ، والتماسهم المعاش في المتسع، وغلبة بعضهم بعضاً على البلاد والمعاش، واستضعاف القوي للضعيف، انضم الذليل منهم إلى العزيز وحالف القليلُ منهم الكثير، وتباين القوم في ديارهم ومحالِّهم، وانتشر كل قوم فيما يليهم".
وقد جاءت السنة النبوية في الحض على الحلف والتأكيد عليه وفي نصوص أخرى النهي عنه وعند ذلك اختلف العلماء في توجيه هذه النصوص
أقسام الحلف
1 - يكون الحلف بين الأفراد كما حصل بين بعض الصحابة رضوان الله عليهم
2 - وبين فرد وقبيلة ككثير من الصحابة الذين أتوا مكة من غير قريش كالمقداد بن الأسود حليف بني زهرة وإنما نسب إلى الأسود بن عبد يغوث بن وهب بن عبد مناف بن زهرة لأنه تبناه وحالفه.
3 - ويكون بين قبيلة صغيرة وقبيلة كبيرة ويعبر أحيانا بالمولى للأضعف وهو غير مولى العتاقة كبعض القبائل الصغيرة التي جاءت مكة وانضوت في حلف قريش
كالأصبحي من حمير قوم مالك بن أنس رضي الله عنه تحالف مع التيميين وبعضهم يذكره في التحالف بين الأفراد
4 - وبين عدة قبائل متجاورة تتحالف لمناصرة بعضها ضد العدو كالبراجم من تميم والنسبة إليه البرجمي: بضم الباء المنقوطة بواحدة وسكون الراء وضم الجيم، هذه النسبة إلى البراجم وهي قبيلة من تميم بن مر
ذكر ابن الكلبي في الالقاب، قال: إنما سموا البراجم من
بني حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم وهم خمسة: عمرو والظليم وقيس وكلفة وغالب بنو حنظلة لانه قال لهم رجل منهم يقال له حارثة بن عامر بن عمرو بن حنظلة: أيتها القبائل التي قد ذهب عددها تعالوا فلنجتمع فلنكن مثل براجم يدي هذه، ففعلوا، فسموا البراجم
والتنوخي: بفتح التاء المنقوطة من فوقها باثنتين وضم النون المخففة وفي آخرها الخاء المعجمة، هذه النسبة إلى تنوخ وهو اسم لعدة قبائل اجتمعوا قديما بالبحرين وتحالفوا على التآرز والتناصر وأقاموا هناك فسمعوا تنوخا، والتنوخ الاقامة،. الأنساب للسمعاني
ومن أشهر الأحلاف في مكة
حلف الأحابيش والمطيبين وحلف الفضول وسيأتينا الكلام عنها
أول حلف في مكة حلف الأحابيش
والأحابيش بنو الحارث بن عبد مناة بن كنانة، وبنو المصطلق من خزاعة، وبنو الهون بن خزيمة. وغيرهم كانوا مع قريش. ويقال أحابيش قريش، لأن قريشاً حالفت بني الحارث بن عبد مناة بن كنانة وغيرهم على بكر بن عبد مناة؛ فهم وأحلافهم حلفاء قريش
سبب حلف الأحابيش
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/31)
وَذَكَرَ عُمَر بْن شَبَّة أَنَّ أَوَّل حِلْف كَانَ بِمَكَّة حِلْف الْأَحَابِيش أَنَّ اِمْرَأَة مِنْ بَنِي مَخْزُوم شَكَتْ لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي الْحَارِث بْن عَبْد مَنَاة بْن كِنَانَة تَسَلُّط بَنِي بَكْر بْن عَبْد مَنَاة بْن كِنَانَة عَلَيْهِمْ، فَأَتَى قَوْمه فَقَالَ لَهُمْ: ذَلَّتْ قُرَيْش لِبَنِي بَكْر فَانْصُرُوا إِخْوَانكُمْ، فَرَكِبُوا إِلَى بَنِي الْمُصْطَلِق مِنْ خُزَاعَة، فَسَمِعَتْ بِهِمْ بَنُو الْهَوْن اِبْن خُزَيْمَةَ بْن مُدْرِكَة فَاجْتَمَعُوا بِذَنْبِ حَبش - بِفَتْحِ الْمُهْمَلَة وَسُكُون الْمُوَحَّدَة بَعْدهَا مُعْجَمَة - وَهُوَ جَبَل بِأَسْفَل مَكَّة، فَتَحَالَفُوا: إِنَّا لَيَدٌ عَلَى غَيْرنَا مَا رَسَا حَبش مَكَانه، وَكَانَ هَذَا مَبْدَأ الْأَحَابِيش.
قَالَ عَبْد الْعَزِيز بْن عُمَر: إِنَّمَا سُمُّوا الْأَحَابِيش لِتَحَالُفِهِمْ عِنْد حَبش، ثُمَّ أَسْنَدَ عَنْ عَائِشَة أَنَّهُ عَلَى عَشَرَة أَمْيَال مِنْ مَكَّة.فتح الباري لابن حجر
وقيل الأحابيش الذين تحبشوا واجتمعوا
وفي صحيح البخاري: خرج النبي صلى الله عليه و سلم عام الحديبية في بضع عشرة مائة من أصحابه فلما أتى ذا الحليفة قلد الهدي وأشعره وأحرم منها بعمرة وبعث عينا له من خزاعة وسار النبي صلى الله عليه و سلم حتى كان بغدير الأشطاط أتاه عينه قال إن قريشا جمعوا لك جموعا وقد جمعوا لك الأحابيش وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت ومانعوك.
والمراد هنا حلف الأحابيش
نص حلف خزاعة مع بني هاشم
وكانت نسخة كتابهم: باسمك اللهم، هذا ما تحالف عليه عبد المطلب بن هاشم ورجالات عمرو بن ربيعة من خزاعة ومن معهم من أسلم ومالك ابني أفصى بن حارثة تحالفوا على التناصر والمؤاساة ما بل بحر صوفه، حلفاً جامعاً غير مفرق الاشياخ على الاشياخ والاصاغر على الأصاغر والشاهد على الغائب. وتعاهدوا وتعاقدوا أوكد عهد، وأوثق عقد، ولا ينقض ولا ينكث ما شرقت شمس على ثبير، وحن بفلاة بعير، وما قام الأخشبان، وعمر بمكة إنسان، حلف أبد، لطول أمد، يزيده طلوع الشمس شداً، وظلام الليل سداً، وإن عبد المطلب وولده ومن معهم دون سائر بني النضر بن كنانة، ورجال خزاعة متكافئون، متضافرون، متعاونون. فعلى عبد المطلب النصرة لهم ممن تابعه على كل طالب وتر، في بر أو بحر، أو سهل أو وعر. وعلى خزاعة النصرة لعبد المطلب وولده ومن معهم على جميع العرب، في شرق أو غرب، أو حزن أو سهب. وجعلوا الله على ذلك كفيلاً، وكفى به حميلا.
وكان عبد المطلب وصى ابنه الزبير. ثم أوصى الزبير إلى أبي طالب، ثم أوصى أبو طالب إلى العباس. وقال ابن الكلبي: هذا الحلف هو الذي عناه عمرو بن سالم الخزاعي حين قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم:
لاهم إني ناشد محمداً ... حلف أبينا وأبيه الأتلدا. أنساب الأشراف للبلاذري
وسبب الأبيات
لما تظاهرت بنو بكر وقريش على خزاعة ونقضوا ما كان بينهم وبين رسول الله {صلى الله عليه وسلم} من العهد والميثاق بما استحلوا منهم وكانوا في عقده وعهده خرج عمرو بن سالم الخزاعي الكعبي حتى قدم على رسول الله {صلى الله عليه وسلم} المدينة فوقف عليه وهو جالس في المسجد بين ظهري الناس فقال
الأبيات التالية المشهورة في السيرة النبوية:
يَا رَبّ إنّي نَاشِدٌ مُحَمّدًا ... حِلْفَ أَبِينَا وَأَبِيهِ الْأَتْلَدَا
قَدْ كُنْتُمْ وُلْدًا وَكُنّا وَالِدًا ... ثُمّتَ أَسْلَمْنَا فَلَمْ نَنْزِعْ يَدَا
فَانْصُرْ هَدَاك اللّهُ نَصْرًا أَعْتَدَا ... وَادْعُ عِبَادَ اللّهِ يَأْتُوا مَدَدَا
فِيهِمْ رَسُولُ اللّهِ قَدْ تَجَرّدَا ... إنْ سِيمَ خَسْفًا وَجْهُهُ تَرَبّدَا
فِي فَيْلَقٍ كَالْبَحْرِ يَجْرِي مُزْبِدًا ... إنّ قُرَيْشًا أَخْلَفُوك الْمَوْعِدَا
وَنَقَضُوا مِيثَاقَك الْمُوَكّدَا ... وَجَعَلُوا لِي فِي كَدَاءٍ رُصّدَا
وَزَعَمُوا أَنْ لَسْت أَدْعُو أَحَدًا ... وَهُمْ أَذَلّ وَأَقَلّ عَدَدَا
هُمْ بَيّتُونَا بِالْوَتِيرِ هُجّدًا ... وَقَتَلُونَا رُكّعًا وَسُجّدَا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/32)
قال السهيلي: وَذَكَرَ أَبْيَاتِ عَمْرِو بْنِ سَالِمٍ وَفِيهَا: قَدْ كُنْتُمْ وُلْدًا وَكُنّا وَالِدًا يُرِيدُ أَنّ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ أُمّهُمْ مِنْ خُزَاعَةَ، وَكَذَلِكَ قُصَيّ أُمّهُ فَاطِمَةُ بِنْتُ سَعْدٍ الْخُزَاعِيّةُ وَالْوُلْدُ بِمَعْنَى الْوَلَدِ. وَقَوْلُهُ ثُمّتَ أَسْلَمْنَا، هُوَ مِنْ السّلْمِ لِأَنّهُمْ لَمْ يَكُونُوا آمَنُوا بَعْدُ غَيْرَ أَنّهُ قَالَ رُكّعًا وَسُجّدَا، فَدَلّ عَلَى أَنّهُ كَانَ فِيهِمْ مَنْ صَلّى لِلّهِ فَقُتِلَ وَاَللّهُ أَعْلَمُ وَذَكَرَ فِيهِ الْوَتِيرَ، وَهُوَ اسْمُ مَاءٍ مَعْرُوفٍ فِي بِلَادِ خُزَاعَةَ، وَالْوَتِيرُ فِي اللّغَةِ الْوَرْدُ الْأَبْيَضُ وَقَدْ يَكُونُ مِنْهُ بَرّيّ، فَمُحْتَمَلٌ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْمَاءُ سُمّيَ بِهِ وَأَمّا الْوَرْدُ الْأَحْمَرُ فَهُوَ الْحَوْجَمُ وَيُقَالُ لِلْوَرْدِ كُلّهِ جَلّ قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ، وَكَأَنّ لَفْظَ الْحَوْجَمِ مِنْ الْحَجْمَةِ وَهِيَ حُمْرَةٌ فِي الْعَيْنَيْنِ يُقَالُ مِنْهُ رَجُلٌ أَحْجَمُ.
حلف المطيبين (هو بفتح الطاء المخففة وكسر الياء)،
هم بنو عبد مناف وبنو زهرة وبنو الحارث بن فهر وتيم بن مرة وأسد بن عبد العزى
وسبب ذلك أن هاشماً وعبد شمس والمطلب ونوفل بني عبد مناف أجمعوا أن يأخذوا ما بأيدي بني عبد الدار بن قصي مما كان قصي جعل إلى عبد الدار من
الحجابة واللواء والرفادة والسقاية والندوة، ورأوا أنهم أحق به منهم لشرفهم عليهم وفضلهم في قومهم، وكان الذي قام بأمرهم هاشم بن عبد مناف، فأبت بنو عبد الدار أن تسلم ذلك إليهم، وقام بأمرهم عامر بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار،
والمطيبون هم
1) بنو عبد مناف بن قصي
2) بنو أسد بن عبد العزى بن قصي
3) وبنو زهرة بن كلاب
4) وبنو تيم بن مرة
5) وبنو الحارث بن فهر،
والأحلاف
1) بنو عبد الدار
2) بنو مخزوم
3) وسهم
4) وجمح
5) وبنو عدي بن كعب،
وخرجت من ذلك بنو عامر بن لؤي ومحارب ابن فهر فلم يكونوا مع واحد من الفريقين،
فعقد كل قوم على أمرهم حلفاً مؤكداً ألا يتخاذلوا ولا يسلم بعضهم بعضاً ما بل بحر صوفة.
طريقة الحلف
أخرجت بنو عبد مناف ومن صار معهم من المطيبين جفنة مملوءة طيباً فوضعوها حول الكعبة ثم غمس القوم أيديهم فيها وتعاهدوا وتعاقدوا وتحالفوا ومسحوا الكعبة بأيديهم توكيداً على أنفسهم، فسموا المطيبين.
وأخرجت بنو عبد الدار ومن كان معهم جفنة من دم فغمسوا أيديهم فيها وتعاقدوا وتحالفوا ألا يتخاذلوا ما بل بحر صوفة، فسموا الأحلاف ولعقة الدم، وتهيؤوا للقتال وعبئت كل قبيلة لقبيلة، فبينما الناس على ذلك إذ تداعوا إلى الصلح إلى أن يعطوا بني عبد مناف بن قصي السقاية والرفادة. وتكون الحجابة واللواء ودار الندوة إلى بني عبد الدار كما كانت، ففعلوا وتحاجز الناس، فلم تزل دار الندوة في يدي بني عبد الدار حتى باعها عكرمة ابن عامر بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي من معاوية بن أبي سفيان، فجعلها معاوية دار الإمارة، فهي في أيدي الخلفاء إلى اليوم.
الطبقات لابن سعد (بتصرف)
يتبع:
ـ[أبو الحارث البقمي]ــــــــ[01 - 06 - 08, 09:21 م]ـ
جزاكم الله خيراً , وبارك فيكم وفي وقتكم شيخنا الفاضل ..
واصل وصلك الله بحفظه ..
ـ[أبو معطي]ــــــــ[02 - 06 - 08, 03:14 ص]ـ
أستاذنا الفاضل أبو حاتم الشريف سلمك الله
طرح قيّم كما تعودنا منك جزاك الله خيراً
وإحاطة واسعة بعناصره نفع الله بك ورفع قدرك
واصل سلمك الله
ـ[أبوحاتم الشريف]ــــــــ[02 - 06 - 08, 01:38 م]ـ
أشكر ك أخي أبا الحارث وجعلك مسددا موفقا
وأقول للأخ الكريم (أبو معطي) بارك الله فيك ونفع بكم
حلف الفضول (بضم الفاء)
سبب الحلف
أن رجلا من أهل اليمن وقيل من سليم قدم مكة ببضاعة فاشتراها رجل من بني سهم وقيل من جمح
فلوى الرجل عنقه فسأله ماله فأبى عليه فسأله متاعه فأبى عليه
فعرف أن لا سبيل إلى ماله فطوف في قبائل قريش يستعين بهم فتخاذلت القبائل عنه فلما رأى ذلك أشرف على أبي قبيس حين أخذت قريش مجالسها ثم قال بأعلى صوته يا لفهر لمظلوم بضاعته
ببطن مكة نائي الأهل والوطن&&
فلما نزل من الجبل أعظمت ذلك قريش فتكالموا فيه وقال المطيبون والله لان قمنا في هذا لنقضين على الاحلاف
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/33)
وقال الاحلاف والله لان تظلمنا في هذا لنقضين على المطيبين
فقال ناس من قريش: تعالوا فلنكرر حلف الفضول دون المطيبين ودون الاحلاف فاجتمعوا في دار عبد الله بن جدعان وصنع لهم يومئذ طعام كثيرا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ معهم قبل ان يوحى إليه وهو إبن خمس وعشرين سنة فاجتمعت بنو هاشم وأسد وزهرة وتيم وكان الذي تعاقد عليه القوم وتحالفوا ان لا يظلم بمكة غريب ولا قريب ولا حر ولا عبد الا كانوا معه حتى يأخذوا له بحقه ويردوا إليه مظلمته من أنفسهم ومن غيرهم
طريقة الحلف
عمدوا إلى ماء زمزم فجعلوه في جفنة ثم بعثوا به إلى البيت فغسلت به أركانه ثم أتوا به فشربوه
معنى الفضول
حلف الفضول، أي حلف الفضائل.
والفضول هنا جمع فضل للكثرة كفلس وفلوس وقيل لإنهم أخرجوا فضول أموالهم للأضياف، وقيل: لأنه قام بأمرهم جماعة اسم كل واحد منهم فضل منهم: الفضل بن الحارث، والفضل بن وداعة، والفضل بن فضالة.
قال عمرو بن عوف الجرهمي:
إنّ الفضول تحالفوا وتعاقدوا ... ألاّ يقرّ ببطن مكّة ظالم
أمرٌ عليه تعاهدوا وتواثقوا ... فالجار والمعتّر فيهم سالم
عن يزيد بن عبد الله بن الهاد الليثي أن محمد بن الحارث التيمي أخبره
أنه كان بين الحسين بن علي وبين الوليد بن عتبة بن أبي سفيان كلام والوليد يومئذ أمير المدينة في زمن معاوية بن أبي سفيان في مال كان بينهما بذي المروة فقال الحسين ابن علي استطال علي الوليد بن عتبة في حقي بسلطانه فقلت أقسم بالله لتنصفني من حقي أو لآخذن سيفي ثم لأقومن في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لأدعون بحلف الفضول قال فقال عبد الله قال بن الزبير عند الوليد حين قال الحسين ما قال وأنا أحلف بالله لأن دعا به لآخذن سيفي ثم لأقومن معه حتى ينصف من حقه أو نموت جميعا فبلغت المسور بن مخرمة بن نوفل الزهري فقال مثل ذلك فبلغت عبد الرحمن بن عثمان بن عبيد الله التيمي فقال مثل ذلك فلما بلغ ذلك الوليد بن عتبة أنصف الحسين من حقه حتى رضي
عن موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن ابيه قال قدم محمد بن جبير بن مطعم على عبد الملك بن مروان وكان من علماء قريش فقال له عبد الملك يا ابا سعيد ألم يكن يعني بني عبد شمس وأنتم يعني بني نوفل في حلف الفضول قال أنت أعلم يا أمير المؤمنين قال لتخبرني بالحق من ذلك فقال لا والله يا أمير المؤمنين لقد خرجنا نحن وأنتم منه وما كانت يدنا ويدكم إلا جميعا في الجاهلية والإسلام
قال النووي في تهذيب الأسماء: حلف المطيبين، هو بفتح الطاء المخففة وكسر الياء، ومعهم حلف الفضول بضم الفاء، هما حلفان كانا في قريش قبل نبوة نبينا - صلى الله عليه وسلم -. والحِلْف بكسر الحاء وإسكان اللام هو العهد والبيعة، أحدهما: أنه وقع تنازع بين بني عبد مناف وبني عبد الدار، فيما كان إلى قصي من الحجابة والسقاية والرفادة واللواء، فتبع عبد مناف قبائل منهم أسد بن عبد العزى وتيم وزهرة وبنو الحارث بن فهر، وتحالفوا أنهم لا يتخاذلون، وأنهم ينصرون المظلومين، ويدفعون الظالمين، وتبع عبد الدر جمح وسهم ومخزوم وعدي وتحالفوا أيضًا وهؤلاء يسمون الأحلاف، وعبد مناف ومن معهم يسمون المطيبين لأنهم خرجوا جفنة فملأوها طيبًا فكانوا يغمسون أيديهم فيها ويتبايعون، وقيل: لأنهم أخرجوا من طيب أموالهم شيئًا أعدوه للأضياف.
والحلف الثاني: أنه كان في قريش من يستضعف الغريب فيظلمه ويأخذ ماله فأنكروا ذلك، وتبايعوا على منع الظالم من الظلم في دار عبد الله بن جدعان اجتمع عليه بنو هاشم وبنو المطلب وأسد بن عبد العزى وزهرة وتيم وسمي هذا حلف الفضول، قيل: لأنهم أخرجوا فضول أموالهم للأضياف، وقيل: لأنه قام بأمرهم جماعة اسم كل واحد منهم فضل منهم: الفضل بن الحارث، والفضل بن وداعة، والفضل بن فضالة. وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معهم في حلف الفضول، وكان أيضا في الحلف الأول مع المطيبين، نقلته من شرح الوجيز.
وجدت في كتاب أبي قال حدثني محمد بن إدريس يعني الشافعي قال لما أراد عمر بن الخطاب أن يدون الدواوين ويضع الناس على قبائلهم ولم يكن قبله ديوان استشار الناس فقال بمن
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/34)
ترون أبدا فقال له قائل تبدأ بقرابتك فقال بل أبدأ بالأقرب فالأقرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم فبدأ ببني هاشم وبني المطلب وقال حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حنين حين أعطاهم الخمس معا دون بني عبد مناف وكانت السن إذا كانت في بني هاشم قدمها وإذا كانت في بني المطلب قدمها وكذلك كان يصنع في جميع القبائل يدعوهم على الأسنان ثم نظر فاستوت له قرابة بني عبد شمس وبني نوفل بالنبي صلى الله عليه وسلم فرأى أن عبد شمس أخو هاشم لأمه دون نوفل فرآه بهذا أقرب ورأى فيهم سابقة وصهرا بالنبي صلى الله عليه وسلم دون بني نوفل فقدم دعوتهم على دعوة بني نوفل ثم بعدهم ثم استوت له قرابة بني أسد بن عبد العزي وبني عبد الدار فرأى أن في بني أسد سابقة وصهرا يعني للنبي صلى الله عليه وسلم وأنهم من المطيبين ومن حلف الفضول وأنهم كانوا أذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقدمهم على بني عبد الدار ثم جعل بني عبد الدار بعدهم ثم رآى آل بني زهرة وهم لا ينازعهم أحد ثم استوت له قرابة بني تيم بن مرة وبني مخزوم بن يقظة بن مرة فرأى أن لبني تيم سابقة وصهرا للنبي صلى الله عليه وسلم فإن بني تيم من المطيبين ومن حلف الفضول فقدمهم على بني مخزوم ثم وضع بني مخزوم بعدهم ثم استوت له قرابة بني جمح وسهم وعدي بن كعب رهطه فقال أما بنو عدي بن كعب وسهم فمعا وذلك أن الإسلام دخل عليهم وهم كذلك ولكن بمن ترون أن أبدأ بسهم أم جمح إني أرى أن أبدأ بجمح فلا أدري السن لجمح أم لغير ذلك ثم وضع بني سهم وبني عدي بعدهم ثم وضع بني عامر بن لوي ثم بني فهر وقد زعموا أن أبا عبيدة بن الجراح لما رأى من يقدم بين يديه قال أيدعى يوضع قبلي فقال أنت حيث وضعك الله فلما رأى
جزعة قال أما على نفسي وأهل بيتي فأنا طيب النفس أن أقدمك وكلم قومك فإن هم طابوا بذلك نفسا لم أمنعكه وقد دعى بنو الحارث بن فهر أن عمر قدمهم فجعلهم بعد بني عبد مناف أو بعد بني قصي فسألت عن ذلك أهل العلم من أصحابه فأنكروه وقالوا أبو عبيدة من بني محارب بن فهر لا من بني الحارث وهذه الدعوة المقدمة في غير موضعها لبني الحارث لا لبني محارب وإنما قدمهم معاوية بن أبي سفيان لخؤلة كانت له فيهم
العلل ومعرفة الرجال
أشهر الصحابة الذين دخلوا مع قريش في حلف من غير حصر
عبد الله بن مسعود الهذلي حليف بني زهرة
عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ بُحَيْنَةَ الأَسْدِىِّ حَلِيفِ بَنِى عَبْدِ الْمُطَّلِبِ
عَمْرَو بْنَ عَوْفٍ وَهُوَ حَلِيفُ بَنِى عَامِرِ بْنِ لُؤَىٍّ
هند بن أبي هالة، واسم أبي هالة النباش بن زرارة بن وقدان بن حبيب بن سلامة بن عوف بن جروة بن أسيد بن عمرو بن تميم (التميمي) حليف بني عبد الدار، وهو ابن خديجة زوج النبي صلى الله عليه وسلم
أبو موسى الأشعري عبد الله بن قيس حليف آل عتبة بن ربيعة بن عبد شمس
مرثد بن أبي مرثد الغنوي حليف حمزة بن عبد المطلب
صهيب بن سنان حليف عبد الله بن جدعان التيمي
خباب بن الأرت بن جندلة بن سعد بن خزيمة بن كعب بن سعد حليف زهرة و قيل أنه مولى بني زهرة
أين وكيف يعقد الحلف؟
نار التحالف والحلف
هي التي توقَدُ عند التَّحالُف؛ فلا يعقِدُونَ حِلفهُمْ إلاَّ عندَها، فيذكرون عند ذلك منافعها، ويَدْعُونَ إلى اللّه عزَّ وجلَّ، بالحرمان والمنع من منافعها، على الذي يَنْقُضُ عَهْدَ الحِلف، ويَخيس بالعهد.
ويقولون في الحلف: الدَّمُ الدَّمُ، والهدَمُ الهدَمُ، يحرِّكون الدّالَ في هذا الموضع؛ لا يزيده طلوعُ الشمس إلا شَدًّا، وطولُ اللَّيالي إلاَّ مَدّاً، ما بلَّ البحر صوفة، وما أقام رضوى في مكانه، إن كان جبلهم رَضْوَى.
وكلُّ قومٍ يذكرون جبلهم، والمشهورَ من جبالهم.
وَربّما دَنَوْا منها حتى تكاد تحرقهم، ويهوِّلون على من يُخافُ عليه الغَدْرُ، بحقوقها ومنافعها، والتَّخويفِ مِنْ حِرْمانِ منفعتها، وقال الكُمَيت:
كهُولةِ ما أوقد المحلفُو ... ن للحالِفينِ وما هَوّلوا
وأصل الحِلْف والتَّحالف، إنما هو من الحَلِفِ والأيمان، ولقد تحالفت قبائلُ من قبائل مُرَّةَ بنِ عَوف، فتحالفوا عندَ نارٍ فَدَنَوْا منها، وعشُوا بها، حَتَّى مَحَشَتهم، فَسُمُّوا: المحاشَ.
وكان سيدَهم والمطاعَ فيهم، أبو ضمرة يزيد بن سنان بن أبي حارثة، ولذلك يقول النَّابغة:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/35)
جَمِّعْ محَاشَكَ يا يزيدُ فإنَّني ... جَمَّعْتُ يرْبُوعاً لكم وتميما
ولحِقتُ بالنَّسَبِ الذي عَيّرتَني ... وتركْتَ أصلاً يا يزيدُ ذَميما
وقوله: تميم يريد: تميمة، فحذف الهاء.
التحالف والتعاقد على الملح وربّما تحالفوا وتعاقدوا على الملح، والملحُ شيئان: أحدهما المرَقة، والأخرى اللَّبَن،
لعقة الدم عند الأحلاف:
وذلك عندما عمدت بنو سهم بن عمرو فنحرت جزورا فقالت من كان معنا فليدخل يده في دم هذا الجزور فأدخلت عبد الدار يديها ومخزوم وعدي وجمح وسهم فسموا الأحلاف وقام الأسود بن حارثة فأدخل يده في الدم ثم لعقها فلعقت بنو عدي أيديها فسموا لعقة الدم. الحيوان للجاحظ
الأحاديث الواردة في الحلف.
عن عاصم قال
: قلت لأنس رضي الله عنه ه أبلغك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لا حلف في الإسلام). فقال قد حالف النبي صلى الله عليه وسلم بين قريش والأنصار في داري
أخرجه البخاري في كتاب الأدب باب الإخاء والحلف
[5733، 6909]
[وأخرجه مسلم في فضائل الصحابة باب مؤاخاة النبي صلى الله عليه وسلم بين أصحابه رقم 2529
وعند مسلم (عن جبير بن مطعم قال
: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:لا حلف في الإسلام وأيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة)
وأخرج الترمذي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبته: أوفوا بحلف الجاهلية فإنه لا يزيده يعني الإسلام إلا شدة ولا تحدثوا حلفا في الإسلام.
قال وفي الباب عن عبد الرحمن بن عوف و ام سلمة و جبير بن مطعم و ابي هريرة و ابن عباس و قيس بن عاصم
قال ابو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
عن عبد الرحمن بن عوف قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: شهدت غلاما مع عمومتي حلف المطيبين فما أحب ان لي حمر النعم وإني أنكثه. أخرجه أحمد في المسند والبخاري في الأدب المفرد وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني وابن حبان في صحيحه (التقاسيم والأنواع) والحاكم في المستدرك والبيهقي في السنن الكبرى وغيرهم كثير
تفسير العلماء للحديث
قال ابن الأثير:أصل الحِلْف: المُعاقَدةُ والمعاهدة على التَّعاضُد والتَّساعُد والاتّفاق
فما كان منه في الجاهلية على الفِتَن والقتال بين القبائل والغاراتِ فذلك الذي ورد النَّهْي عنه في الإسلام بقوله صلى اللّه عليه وسلم [لا حِلْفَ في الإسلام] وما كان منه في الجاهلية على نَصْر المَظْلوم وصلة الأرحام كحلْف المُطَيَّبين وما جرى مَجْراه فذلك الذي قال فيه صلى اللّه عليه وسلم [وأَيُّمَا حِلفٍ كان في الجاهلية لم يَزِدْه الإسلام إلا شدة] يريد من المُعاقدة على الخير ونُصْرَة الحق وبذلك يجتمع الحديثان وهذا هو الحِلْف الذي يَقْتَضِيه الإسلام والمَمْنُوع منه ما خالف حُكْم الإسلام. وقيل المحالفة كانت قبل الفتح
وقال النووي: قلت أما ما يتعلق بالارث فيستحب فيه المخالفة عند جماهير العلماء وأما المؤاخاة في الاسلام والمحالفة على طاعة الله تعالى والتناصر في الدين والتعاون على البر والتقوى واقامة الحق فهذا باق لم ينسخ وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم في هذه الاحاديث وأيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الاسلام إلا شدة وأما قوله صلى الله عليه وسلم [2530] (لا حلف في الاسلام) فالمراد به حلف التوارث والحلف على ما منع الشرع منه والله أعلم. شرح مسلم
قالَ الْحَافِظ شَمْس الدِّين اِبْن الْقَيِّم رَحِمَهُ اللَّه: فَالظَّاهِر - وَاَللَّه أَعْلَم - أَنَّ الْمُرَاد بِالْحَدِيثِ: أَنَّ اللَّه تَعَالَى قَدْ أَلَّفَ بَيْن الْمُسْلِمِينَ بِالْإِسْلَامِ وَجَعَلَهُمْ بِهِ إِخْوَة مُتَنَاصِرِينَ مُتَعَاضِدِينَ يَدًا وَاحِدَة بِمَنْزِلَةِ الْجَسَد الْوَاحِد، فَقَدْ أَغْنَاهُمْ بِالْإِسْلَامِ عَنْ الْحِلْف، بَلْ الَّذِي تُوجِبهُ أُخُوَّة الْإِسْلَام لِبَعْضِهِمْ عَلَى بَعْض: أَعْظَم مِمَّا يَقْتَضِيه الْحِلْف.
فَالْحِلْف إِنْ اِقْتَضَى شَيْئًا يُخَالِف الْإِسْلَام فَهُوَ بَاطِل، وَإِنْ اِقْتَضَى مَا يَقْتَضِيه الْإِسْلَام فَلَا تَأْثِير لَهُ، فَلَا فَائِدَة فِيهِ.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/36)
وَإِذَا كَانَ قَدْ وَقَعَ فِي الْجَاهِلِيَّة ثُمَّ جَاءَ الْإِسْلَام بِمُقْتَضَاهُ لَمْ يَزِدْهُ إِلَّا شِدَّة وَتَأْكِيدًا وَأَمَّا قَوْل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " شَهِدْت حِلْفًا فِي الْجَاهِلِيَّة مَا أُحِبّ أَنَّ لِي بِهِ حُمْر النَّعَم، لَوْ دُعِيت إِلَى مِثْله فِي الْإِسْلَام لَأَجَبْت " فَهَذَا - وَاَللَّه أَعْلَم - هُوَ حِلْف الْمُطَيِّبِينَ، حَيْثُ تَحَالَفَتْ قُرَيْش عَلَى نَصْر الْمَظْلُوم، وَكَفّ الظَّالِم وَنَحْوه، فَهَذَا إِذَا وَقَعَ فِي الْإِسْلَام كَانَ تَأْكِيدًا لِمُوجَبِ الْإِسْلَام وَتَقْوِيَة لَهُ.
وَأَمَّا الْحِلْف الَّذِي أَبْطَلَهُ فَهُوَ تَحَالُف الْقَبَائِل: بِأَنْ يَقُوم بَعْضهَا مَعَ بَعْض وَيَعْضُدهُ وَيُحَارِب مَنْ حَارَبَهُ، وَيُسَالِم مَنْ سَالَمَهُ. فَهَذَا لَا يُعْقَد فِي الْإِسْلَام، وَمَا كَانَ مِنْهُ قَدْ وَقَعَ فِي الْجَاهِلِيَّة. فَإِنَّ الْإِسْلَام يُؤَكِّدهُ وَيَشُدّهُ، إِذَا صَارَ مُوجَبه فِي الْإِسْلَام التَّنَاصُر وَالتَّعَاضُد وَالتَّسَاعُد عَلَى إِعْلَاء كَلِمَة اللَّه تَعَالَى وَجِهَاد أَعْدَائِهِ، وَتَأْلِيف الْكَلِمَة، وَجَمْع الشَّمْل.
قَالَ الْحَافِظ شَمْس الدِّين ابْن الْقَيِّم رَحِمَهُ اللَّه: وَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْحِلْف الَّذِي نَفَاهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ هُوَ الْحِلْف وَالْإِخَاء الَّذِي عَقَدَهُ بَيْن الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَار، وَيُشْبِه أَنْ يَكُون أَنَس فَهِمَ مِنْ السَّائِل لَهُ: أَنَّ النَّهْي عَنْ الْحِلْف مُتَنَاوِل لِمِثْلِ مَا عَقَدَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَدَّ عَلَيْهِ أَنَس بِحِلْفِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْن أَصْحَابه فِي دَارهمْ، وَاَللَّه أَعْلَم.عون المعبود
قال ابن حجر:وتضمن جواب أنس إنكار صدر الحديث لأن فيه نفي الحلف وفيما قاله هو إثباته ويمكن الجمع بأن المنفي ما كانوا يعتبرونه في الجاهلية من نصر الحليف ولو كان ظالما ومن أخذ الثأر من القبيلة بسبب قتل واحد منها ومن التوارث ونحو ذلك والمثبت ما عدا ذلك من نصر المظلوم والقيام في أمر الدين ونحو ذلك من المستحبات الشرعية كالمصادقة والمواددة وحفظ العهد
وقد تقدم حديث بن عباس في نسخ التوارث بين المتعاقدين وذكر الداودي أنهم كانوا يورثون الحليف السدس دائما فنسخ ذلك
وقال ابن عيينة:حمل العلماء قول أنس حالف على المؤاخاة
قلت: لكن سياق عاصم عنه يقتضي أنه أراد المحالفة حقيقة إلا لما كان الجواب مطابقا وترجمة البخاري ظاهرة في المغايرة بينهما وتقدم في الهجرة إلى المدينة باب كيف آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين أصحابه وذكر الحديثين المذكورين هنا أولا ولم يذكر حديث الحلف وتقدم ما يتعلق بالمؤاخاة المذكورة هناك. فتح الباري
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (شهدت من حلف قريش إلا حلف المطيبين وما أحب أن لي حمر النعم وإني كنت نقضته) قال: والمطيبون: هاشم و أمية و زهرة و مخزوم.
صححه ابن حبان في كتابه الصحيح/وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (4/ 524)
قال أبو حاتم (بن حبان):أضمر في هذين الخبرين (من) يريد به: شهدت من حلف المطيبين لأنه صلى الله عليه وسلم لم يشهد حلف المطيبين لأن حلف المطيبين كان قبل مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حلف الفضول وهم من المطيبين قد ذكرت الكلام على هذا الخبر بتفصيل في كتاب (التوريث والحجب).
وفي رواية: عن عبد الرحمن بن عوف عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: شهدت حلف المطيبين مع عمومتي وأنا غلام فما أحب ان لي حمر النعم وأني أنكثه قال الزهري قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يصب الإسلام حلفا الا زاده شدة ولا حلف في الإسلام وقد ألف رسول الله صلى الله عليه وسلم بين قريش والأنصار. أخرجه أحمد في المسند والبخاري في الأدب المفرد وصححه ابن حبان والحاكم في المستدرك وغيرهم كثير
والحديث صححه الألباني في السلسلة الصحيحة.
وقال محمد بن نصر قال بعض أهل المعرفة بالسير قوله في الحديث (حلف المطيبين) غلط إنما هو حلف الفضول لأنه صلى الله عليه وسلم لم يدرك حلف المطيبين لأنه كان قديما قبل مولده بزمان وبهذا أعل بن عدي الحديث المذكور. تلخيص الحبير
قال القرطبي:
قال العلماء: فهذا الحلف الذى كان في الجاهلية هو الذى شده الاسلام وخصه النبي عليه الصلاة والسلام من عموم قوله: " لا حلف في الاسلام ".
والحكمة في ذلك أن الشرع جاء بالانتصار من الظالم وأخذ الحق منه وإيصاله إلى المظلوم، وأوجب ذلك بأصل الشريعة إيجابا عاما على من قدر من المكلفين، وجعل لهم السبيل على الظالمين فقال تعالى: " إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الارض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم (1) ".
وفى الصحيح (من قوله " انصر أخاك ظالما أو مظلوما " قالوا: يا رسول الله، هذا ننصره مظلوما فكيف ننصره ظالما؟ قال: " تأخذ على يديه - في رواية: تمنعه من الظلم - فإن ذلك نصره ". تفسير القرطبي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/37)
ـ[أبوحاتم الشريف]ــــــــ[03 - 06 - 08, 11:40 م]ـ
هل الحليف يرث
قال الطحاوي:ويدل هذا على مشروعية العاقلة بالأحلاف بين القبائل، فإذا وقع الحلف بين القبيلة والقبيلة على المناصرة والمؤازرة والتحمل، فإن هذا له أصل في الإسلام، ومحمول على ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أنه أبقى حلف آبائه وأجداده مع خزاعة، مع أنه حلف مع القبيلة، فإذا وقعت المناصرة بين قبيلة وقبيلة وبينهم حلف، فإن هذا الحلف تجب به المناصرة، وتتحمل به القبيلة عن القبيلة الأخرى إذا حصلت دماء، وحصلت ديات كثيرة لم تستطع القبيلة الأولى أن تتحملها، فإنها تنتقل إلى القبيلة الثانية بالحلف. والعاقلة في الأصل كما سيبين المصنف رحمه الله: من جهة النسب ومن جهة الولاء، ويلتحق بذلك حلف القبائل -كما ذكرنا- لثبوت السنة به، وقد حمل بعض العلماء قوله تعالى: وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ [النساء:33] على أن المراد به التعاقد باليمين، والحلف على النصرة بين القبائل بعضها مع بعض، وأما إذا انتقل شخص من قبيلته إلى قبيلة أخرى؛ بسبب دم أو فرار من حق فهذا لا حلف فيه على قول طائفة من العلماء، ولا يحصل به العقل، كما قرره غير واحد من الأئمة رحمهم الله، وبينوا: أن المراد به الأحلاف الظاهرة، والحلف إذا كان على الوجه الذي ذكرناه، وكان على أمور شرعية لا جاهلية فيها فإنه مشروع؛ ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث: (شهدت بدار عبد الله بن جدعان حلفاً ما أُحب أن لي به حُمر النعم ولو دُعيت لمثله في الإسلام لأجبت) وهذا الحلف: هو حلف الفضول، وحلف الفضول وقع في دار عبد الله بن جدعان في أنهم يناصرون المظلوم، ويعينون المحروم، وأنهم يعينون الحاج والمنقطع، ونحو ذلك من الأمور التي لا تخالف شرع الله عز وجل.
قال ابن كثير: وهذا نص في الرد على ما ذهب إلى التوارث بالحلف اليوم كما هو مذهب أبي حنيفة وأصحابه، ورواية عن أحمد بن حنبل، رحمه الله.
والصحيحُ قول الجمهور ومالك والشافعي وأحمد في المشهور عنه؛ ولهذا قال تعالى: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأقْرَبُونَ} أي: ورثه من أقربائه من أبويه وأقربيه، وهم يرثونه دون سائر الناس، كما ثبت في الصحيحين، عن ابن عباس؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ألْحِقُوا الفرائِضَ بأهلها، فما بَقِيَ فهو لأوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ" (3) أي: اقسموا الميراث على أصحاب الفروض الذين ذكرهم الله في آيتي الفرائض، فما بقي بعد ذلك فأعطوه العَصَبة، وقوله: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} أي: قبل نزول هذه الآية فآتوهم نصيبهم، أي من الميراث، فأيما حلف عُقد بعد ذلك فلا تأثير له. تفسير ابن كثير
وهذه المسألة تحتاج إلى توسع أكثر
قصة تبين أهمية الحلف في الإسلام
عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ كَانَتْ ثَقِيفُ حُلَفَاءَ لِبَنِى عُقَيْلٍ فَأَسَرَتْ ثَقِيفُ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَأَسَرَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- رَجُلاً مِنْ بَنِى عُقَيْلٍ وَأَصَابُوا مَعَهُ الْعَضْبَاءَ فَأَتَى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهْوَ فِى الْوَثَاقِ قَالَ يَا مُحَمَّدُ. فَأَتَاهُ فَقَالَ «مَا شَأْنُكَ». فَقَالَ بِمَ أَخَذْتَنِى وَبِمَ أَخَذْتَ سَابِقَةَ الْحَاجِّ فَقَالَ إِعْظَامًا لِذَلِكَ «أَخَذْتُكَ بِجَرِيرَةِ حُلَفَائِكَ ثَقِيفَ». ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهُ فَنَادَاهُ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ يَا مُحَمَّدُ. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- رَحِيمًا رَقِيقًا فَرَجَعَ إِلَيْهِ فَقَالَ «مَا شَأْنُكَ». قَالَ إِنِّى مُسْلِمٌ. قَالَ «لَوْ قُلْتَهَا وَأَنْتَ تَمْلِكُ أَمْرَكَ أَفْلَحْتَ كُلَّ الْفَلاَحِ». ثُمَّ انْصَرَفَ فَنَادَاهُ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ يَا مُحَمَّدُ.
فَأَتَاهُ فَقَالَ «مَا شَأْنُكَ». قَالَ إِنِّى جَائِعٌ فَأَطْعِمْنِى وَظَمْآنُ فَأَسْقِنِى. قَالَ «هَذِهِ حَاجَتُكَ». فَفُدِىَ بِالرَّجُلَيْنِ. أخرجه مسلم في صحيحه
ومن الأحلاف المشهورة في العصور المتأخرة حلف شبابة وخندف
خِنْدِفُ: اسم يشمل مجموعة من القبائل متباعدة النسب منها مُطَيْرٍ وهُذَيْل وسُلَيْم وثَقِيْف، وسبيع والبُقُومْ وغامد وبجيلة وغيرها.
ويقابله اسم شبابة يضم قبائل أخرى منها عُتَيْبَةَ وحَرْب وبَلْحَارِث وبَنُو مالك " بَجِيْلَةَ " وجُهَيْنَة وبَليٍّ وزَهْرَان، وغيرها.
وهو تقسيم كانت تلك القبائل تلجأ إليه حينما تحدث بينها حروب كبيرة في العهود الماضية.
وفي الحقيقة موضوع الأحلاف متشعب ويحتاج إلى دراسة أكثر وكثير من القبائل العربية المعاصرة قائمة على الأحلاف إما قحطانية أو عدنانية وأحيانا خليط بين العدنانية والقحطانية
وتكلمنا عن هذا الموضوع باستفاضة في مبحث أنساب القبائل العربية فراجعه غير مأمور
وصلى الله على محمد وآله وسلم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/38)
ـ[مصعب الجهني]ــــــــ[04 - 06 - 08, 01:41 ص]ـ
الأستاذ والشيخ أبا حاتم الشريف حفظك الله
جهد تشكر عليه ولكن نريد منكم ومن الإخوه المهتمين بعلم النسب أن يوضحوا لنا عدة أمور منها:
1 - شروط الحلف وأسبابه وما هي الدوافع التي قد تؤدي إلى نقضه أو حله
2 - ضرب نماذج وأمثله على التحالفات بين قبائل العرب القديمة والحديثة
3 - إيراد الأدلة والشواهد والأحاديث التي تذكر الحلف والولاء وتقويه
4 - الأسباب التي تدفع إلى التحالف مع إعطاء نماذج وأمثله على ذلك
5 - التركيز على التحالف والإخاء الذي عقده النبي صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار
ـ[أبو الحارث البقمي]ــــــــ[04 - 06 - 08, 11:31 م]ـ
ومع مرور السنين تجهل هذه النسبة مع أن بعض العامة يعرفون أن هذا الفرع إنما هو داخل في القبيلة حلفا وليس أصلا في القبيلة وأحيانا توجد وثائق تقطع النزاع وأحيانا لا يوجد شيء وإنما هو أقوال للعامة قد يكون صحيحا وقد يكون غير ذلك
يتبع:
لو يلقى الضوء أكثر حول إسناد أهل الأنساب من العامة في حلف وأنساب القبائل والأشخاص , وأقوال النسابين المحققين في هذه المسألة ... خصوصاً وأن بعض النسابين يعتمدون عليهم مطلقاً ...
وعن مدى الإحتجاج بالوثائق في الإنساب , وهل هي قاطعة للنزاع قولاً واحداً؟.
ـ[أبوحاتم الشريف]ــــــــ[20 - 06 - 08, 09:13 م]ـ
الأستاذ والشيخ أبا حاتم الشريف حفظك الله
جهد تشكر عليه ولكن نريد منكم ومن الإخوه المهتمين بعلم النسب أن يوضحوا لنا عدة أمور منها:
1 - شروط الحلف وأسبابه وما هي الدوافع التي قد تؤدي إلى نقضه أو حله
2 - ضرب نماذج وأمثله على التحالفات بين قبائل العرب القديمة والحديثة
3 - إيراد الأدلة والشواهد والأحاديث التي تذكر الحلف والولاء وتقويه
4 - الأسباب التي تدفع إلى التحالف مع إعطاء نماذج وأمثله على ذلك
5 - التركيز على التحالف والإخاء الذي عقده النبي صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار
أخي الكريم مصعب حياك الله وبياك وسوف أرد على أسئلتك قريبا إن شاء الله
ولدي وثيقة فيها حلف بين قبيلتين سوف أوردها قريبا والله الموفق
ـ[أبوحاتم الشريف]ــــــــ[16 - 07 - 10, 05:57 م]ـ
للتذكير بموضوع الأحلاف فهو جدير بالدراسة ولي عودة(146/39)
أريد بحث حول الأدلة العقلية والكونية على نبوة النبي صلى الله عليه وسلم
ـ[أبو مسلم السلفي]ــــــــ[02 - 06 - 08, 01:58 ص]ـ
أريد بارك الله فيكم بحث مطول في هذا الموضوع {الأدلة العقلية والكونية على نبوة النبي صلى الله عليه وسلم وربطها بالأدلة الشرعية}
و حبذا لو ذكرتم لنا كتبا إلكترونية تفي بالموضع تصح أن تكون مراجع(146/40)
((الأندلسيون في العراق))
ـ[هشام زليم]ــــــــ[02 - 06 - 08, 02:04 ص]ـ
يقول الدكتور علي الكتاني رحمه الله في كتابه "انبعاث الإسلام بالأندلس" الصفحة 410 و 411.
"ومن الأندلسييين الذين انتقلوا إلى العراق منذ القدم أبو عثمان سعيد بن نصر بن خلفون (من أستجة) , سمع بقرطبة و بمكة, ثم رحل إلى بغداد و بها مات. و منهم النحوي الشاعر أبو محمد عبد الله بن حمود الزبيدي (من أشبيلية) , ابن عمر الزبيددي اللغوي, جمع شرحا لكتاب سيبويه, انتقل إلى فارس و العراق و استقر ببغداد إلى أن توفي بها سنة 372ه. و منهم الإمام الحافظ أبو عبد الله محمد بن فتوح الحميدي (من قرطبة) , برع في الحديث و الأدب و سائر الفنون, وصنف مصنفات كثيرة منها "جذوة المقتبس في أخبار علماء الأندلس", كان إمام في الحفظ و المعرفة و الديانة و النزاهة, رحل إلى مصر و دمشق و مكة وواسط, ثم استقر ببغداد و بها توفي سنة 491ه. ومنهم الحافظ المحدث النسابة أبو عامر محمد بن سعدون العبدري (من مايورقة) , ولد بقرطبة و هاجر إلى المشرق حيث استقر ببغداد إلى أن توفي بها سنة 524ه. و منهم المحدث أبو الحسن سعد الخير بن محمد الأنصاري (من بلنسية) , رحل إلى أن وصل الصين ثم استقر بأصبهان و تزوج بها وولدت له ابنته فاطمة ابنة سعد الخير, و كانت امرأة عالمة وفاضلة, ثم استقر ببغداد و بها توفي سنة 541ه و دفن إلى جانب عبد الله ابن الإمام بن حنبل. ومنهم أبو بكر يحي بن سعدون الأزدي (من قرطبة) , كان دينا عالما بالقراءات و بالنحو, رحل في عنفوان شبابه إلى مصر ثم دخل بغداد منها إلى أصبهان ثم استقر بالموصل إلى أن مات بها سنة 567 ه عن 81 سنة.
و من أندلسيي القرن السابع المهاجرين إلى العراق الأديب الشاعر الكاتب أبو عبد الله محمد بن أحمد الزهري (من إشبيلية) , صاحب كتاب "البيان و التبيين في أنساب المحدثين", في ستة أجزاء, ولد بمالقة, ودخل مصر و الشام والجزيرة و أصبهان, واستقر ببغداد, قتله التتار في 17 رجب سنة 617ه, وعمره 57 سنة. ومنهم الصوفي الدين أبو محمد عبد العزيز ابن الأمير القائد أبي علي الحسن بن عبد العزيز اللخمي, رحل إلى مكة و بغداد وواسط و أصبهان و خراسان, واستقر بالبصرة إلى أن توفي بها في 10 رمضان سنة 617ه عن 40 سنة. ومنهم النحوي أبو عبد الله محمد بن ظاهر الحزرجي (من دانية) , صاحب كتاب "تحصيل عين المذهب من معدن جوهر الأدب في علم مجازات العرب", خرج حاجا و زار دمشق و مصر, ثم أقام ببغداد إلى أن توفي بها سنة 619ه عن 107 سنة.
و لا يعرف الوجود الأندلسي المعاصر في العراق. وهو يستحق الدراسة باستعمال الوثائق العثمانية في أسطنبول كذلك."
انتهى النقل.
اللهم فرج كرب إخواننا السنة بالعراق.
http://www.muslm.net/vb/images/misc/progress.gif(146/41)
نظم في بني عبد مناف بن زهرة وآخر في بني المطلب
ـ[أمين حماد]ــــــــ[02 - 06 - 08, 10:34 ص]ـ
هذان نظمان للأستاذ الشيخ أحمد بن مود حفظه الله
ولا يخلوان من فائدة والثاني في نظري أفضل
لأن كثيرا من طلبة العلم لا يفرقون بين بني عبد الطلب وبني المطلب
ومعروف أن أبناء هاشم
1شيبة2المطلب3نوفل4 عبد شمس وتكونت منهم الأسر المعروفة
بنو هاشم وتشمل ذرية شيبة وذرية المطلب لحديث البخاري
ثم بنوأمية بن عبد شمس ثم بنونوفل
ـ[أسامة الأثري]ــــــــ[30 - 01 - 10, 10:26 ص]ـ
كأن الرابط لا يعمل, من كانت عنده المنظومة فليرفعها مشكوراً
ـ[السلامي]ــــــــ[31 - 01 - 10, 02:50 ص]ـ
.........
ـ[احمد بن كنانة]ــــــــ[31 - 01 - 10, 05:55 ص]ـ
كأن الرابط يعمل ..
وكيف لا يعمل وهو مرفوع علي الملتقي نفسه ..
أعني في الملحقات
ـ[حسين بن حيدر]ــــــــ[01 - 02 - 10, 09:23 ص]ـ
أبناء هاشم بن عبد مناف هم:
شيبة الحمد وهو عبد المطلب، وأسد بن هاشم.
أما المطلب وعبد شمس ونوفل فؤلئك إخوة هاشم، المطلب بن عبد مناف، وعبد شمس بن عبد مناف، ونوفل بن عبد مناف.
أما أسرة بني هاشم فهم المعروفون بآل محمد صلى الله عليه وسلم الذين تحرم عليهم الزكوات ولهم سهم مفروض من المغانم والفيء.(146/42)
ماذا تعرف عن الخليفة هارون الرشيد؟؟؟؟؟؟؟؟
ـ[ريم صباح]ــــــــ[02 - 06 - 08, 09:05 م]ـ
خلافة هارون الرشيد
(170 - 193هـ/ 788 - 810م)
لقد سار الرشيد في إدارته على نهج قويم، وأعاد إلى الخلافة مجدها الذى كان لها على عهد جده المنصور، وما كان مسرفًا ولا بخيلا، وسمى الناس أيامه "أيام العروس" لنضارتها وكثرة خيرها وخصبها، وكانت دولته من أحسن الدول وأكثرها وقارًا ورونقًا وأوسعها مملكة، واتسعت الدولة الإسلامية فى عهد الرشيد، وجاءه الخير من كل مكان، وعين الرشيد يحيى بن خالد البرمكى، وجعله كبير وزرائه، وقال له: قد قلدتك أمر الدولة، وأخرجته من عنقى إليك، فاحكم فى ذلك بما ترى من الصواب، واستعمل من رأيت، واعزل من رأيت، وأمض الأمور على ما ترى. وسلَّم إليه خاتم الخلافة.
إدارة حكيمة:
أما الولايات فقد فوضها إلى أمراء جعل لهم الولاية على جميع أهلها، ينظرون فى تدبير الجيوش والأحكام، يعينون القضاة والحكام، ويجْبُون الخراج، ويقبضون الصدقات، ويقلدون العمال فيها، ويحمون الدين، ويقيمون حدوده، ويؤمُّون الناس فى صلاة الجمعة، الصلوات الأخرى أو يستخلفون عليها، فإذا كانت أقاليمهم ثغرًا متاخمًا للعدو تولوا جهاده.
وما قسمت أعمال الدولة منذ انتقالها إلى بنى العباس تقسيمها فى زمن الرشيد، ولذلك كان للخليفة وقت ليحج، ووقت ليغزو، ووقت ليصطاف فى الرقة، ويترك قصر الخلد فى بغداد.
لقد كان الرشيد على أشد ما يكون من الانتباه لكل ما صغر وكبر من شئون الملك، ومن أشد الملوك بحثًا عن أسرار رعيته، وأكثرهم بها عناية، وأحزمهم فيها أمرًا؛ لذلك فما اشتعلت فتنة فى أرجاء دولته إلا أطفأها.
وألغى الرشيد العُشْر الذى كان يؤخذ من الفلاحين والمزارعين بعد النصف، وكان رحمه الله يسدُّ كل خللٍ فى مملكته، ويهتمُّ كل الاهتمام بما يخفف عن الفلاحين.
وقد ولّى الرشيد رجلا بعض أعمال الخراج، فدخل عليه يودعه، وعنده يحيى بن خالد البرمكى، وابنه جعفر، فقال الرشيد ليحيى وجعفر: أوصياه. فقال له يحيى: وفِّر وعَمِّر. وقال له جعفر: أنصف وانتصف. فقال له الرشيد: اعدل وأَحْسِن.
وكتب الرشيد إلى أحد عماله: أجْرِ أمورك على ما يكسب الدعاء لنا لا علينا، واعلم أنها مدة تنتهي، وأيام تنقضى، فإما ذكر جميل، وإما خزى طويل. ومما يعد جديدًا فى تعظيم الحكم أن قاضى الرشيد "أبا يوسف" صاحب أبى حنيفة وتلميذه كان أول من دُعى فى الإسلام قاضى القضاة (وزير العدل الآن)، وكان الرشيد لا يبخل بالمال فى سبيل الدولة، وقد خلف من المال -على كثرة بذله- مالم يخلف أحد مثله منذ كانت الخلافة.
قال ابن الأثير: كان الرشيد يطلب العمل بآثار المنصور إلا فى بذل المال، فإنه لم يُر خليفة قبله كان أعطى منه للمال، وكان لا يضيع عنده إحسان محسن، ولا يؤخر عنده.
سياسة رشيدة:
وكذلك كان الرشيد حكيمًا فى سياسته كما كان حكيمًا فى إدارته، لقد بويع للرشيد عند موت أخيه الهادى، وكان أبوهما قد عقد لهما بولاية العهد معًا، ويروى أن الهادى قد حدثته نفسه بخلع الرشيد، وجمع الناس على تقليد ابنه العهد بعده، فأجابوه، وأحضر "هرثمة بن أعين"، فقيل له: تبايع يا هرثمة؟ فقال: يا أمير المؤمنين، يمينى مشغولة ببيعتك، ويسارى مشغولة ببيعة أخيك، فبأى يد أبايع؟
فقال الهادى لجماعة الحاضرين: شاهت وجوهكم، والله لقد صدقنى مولاى، وكذبتمونى، ونصحنى فغششتمونى، وسلم إلى الرشيد بحقه فى الولاية بعده.
وكانت سياسة الرشيد سياسة رشيدة فى الداخل والخارج، غزا الروم حتى وصل إلى "إسكدار" من ضواحى "القسطنطينية" أيام ولايته العهد، وتغلغل مرة ثانية فى بلادهم وغزاهم فى خلافته بضع غزوات، وأخذ منهم "هرقلية"، وبعث إليه ملكهم بالجزية عن شعبه، واشترط عليه الرشيد ألا يعمر هرقلية، وأن يحمل إليه فى السنة ثلاثمائة ألف دينار.(146/43)
كتاب المواضع والديار
ـ[فيصل الصاعدي]ــــــــ[03 - 06 - 08, 04:45 م]ـ
كتاب
المواضع والديار والامكنة في شعر معن بن أوس المزني
اهداء للاعضاء
تحميل الكتاب ( http://www.rashdd.com/myplo/3.rar)
ـ[احمد المزني المدني]ــــــــ[21 - 05 - 09, 04:37 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي الكريم
بعض الكتب عندي في مكتبتي ولكن ليست موجودة على الجهاز
جزاك الله خيرا(146/44)
قصة بناء كنيسة السيدة الإفريقية بالجزائر-منقول-
ـ[عيسى عبده]ــــــــ[03 - 06 - 08, 06:33 م]ـ
قصة بناء كنيسة السيدة الإفريقية
منقول من موقع: منار الجزائر
إن الإنسان يشيد الأبنية من حجارة صماء, لكن المغزى الذي أنشئت من أجله بعض هذه الأبنية، تجعل الحجر الجلمود كأنه ينطق بقضية و يدافع عنها , وتصبح الجدران داعية إلى فكرة بانيها, لا ريب أن باني كنيسة السيدة الإفريقية كان يعلم هذا الأمر علم اليقين ... سأرحل بك أخي القارئ عبر التاريخ لنعرف القصة العجيبة لبناء أكبر صرح للنصرانية في الجزائر, وأحد أعظم رموزها في إفريقيا بل في العالم بأسره, عسى قصتي أن تثير في نفسك حسرة وتجلب لك عَبرة فتفيد فيك عِبرة وتوقظ فيك همة فتَهُم بعمل صالح (ولعلك تفعله!) فتؤجر على همك بالخير (أو فعلك له) وأوجر أنا-معك- لأنني أثرت في نفسك حسرة وجلبت ... إلخ .. ولنشرع الآن في المقصود.
همة امرأة
لما استدعي القسيس (بافي) من مدينة ليون ليعين أسقفا للجزائر عام 1836, اصطحب معه عاملتين فقيرتين وهبتا نفسيهما لخدمة النصرانية مرجاريرت بيرجر) و (آنا سانكان) , كانت همة (مارجاريت) تفوق همم كثير من الرجال, تركت وطنها وأهلها وهاجرت إلى بلد بعيد غريب لتنشر دينها في القارة الإفريقية كلها!! بدا للأسقف الجديد أن يستقر بمنطقة الزغارة, وينشئ بها ديرا, لكن ضاق صدر (مارجاريت) أن لا يكون في الجزائر كنيسة للعذراء, فراحت تصر على الأسقف ليل نهار أن يشيد للعذراء معبدا في هذه البلاد, ولتخفف من نهمتها الشركية ولشدة كلفها برؤية أصنام العذراء وصورها وضعت غصن زيتون وصنما للعذراء في مكان منقطع يسمى الكهف, وسمت هذا المعبد الذي سيكون أصلا لكنيسة السيدة الإفريقية, بسيدة الكهف. وفي الأخير استجاب الأسقف لطلب (مارجاريت) , ولم يجد أفضل من المكان الذي توجد فيه الكنيسة اليوم حتى أنه اشتراه بثمن عظيم, وغرضه أن يراها الداخل إلى الجزائر من البحر, وأن تحمي حسب معتقده الفاسد النصارى الذين يبحرون, وكان الشروع في البناء يوم1855/ 10/14.
نصارى العالم يساهمون في بناء الكنيسة!
وجه الأسقف نداء للتبرع لتغطية المصاريف الهائلة التي يكلفها بناء الكنيسة, فتهاطلت التبرعات والهبات من فقراء النصارى وأغنيائهم في العالم بأسره, وتهافت أشراف فرنسا من جنرالات وقادة لتقديم هداياهم فقدم الجنرال (بيليسييه) صليبا عظيما وجرسا وسيفا من سيوفه، وكذلك أهدى المرتد الخبيث الجنرال "يوسف" سيفا من سيوفه لتزيين الكنيسة وتبعه قادة آخرون كـ (بيجو) و (سونيس) وغيرهم.
وصول الصنم
ونقصد به صنم العذراء السوداء الذي أخذت منه الكنيسة شهرتها واسمها و"بركتها"، والذي يشد إليه النصارى الرحال, وهو في الحقيقة امتداد للاعتقادات الوثنية لليونان! كان هذا الصنم في مدينة ليون فنقل إلى منارة أحد المساجد الجزائرية المحولة إلى كنيسة ثم نقل إلى كنيسة أخرى بسطاوالي, وأخيرا قرر سدنة الكنيسة الجديدة أن ينصب الوثن فيها حين يكتمل بناؤها، تفاؤلا به وتيمنا، ذلك أن اللون الأسود لمعدن البرونز الذي صنع منه يوحي بالتنصير القريب للقارة السوداء انطلاقا من الجزائر،واصطلح القوم على تسمية عُزّاهم بالسيدة الإفريقية.
لافيجري "شخصيا" يدشن الكنيسة:
لم يفرح (بافي) بكنيسته ولا اكتحلت عيناه برؤيتها, إذ أهلكه الله في16نوفمبر1866,وخلفه في منصب الأسقفية (لافيجري) المنصر الخبيث الحاقد على الإسلام صاحب الصليب والخبز. وفي1872/ 07/02 احتفل النصارى بكنيستهم الجديدة في حفل مهيب ذرفت فيه العيون وخشعت القلوب فرحا بعودة النصرانية إلى إفريقيا بعد قرون من الغياب, ونقل الصنم إلى داخلها يوم الأحد 1873/ 05/04.
ترقية الكنيسة إلى رتبة بازيليكية
وفي 1876/ 4/30 وبطلب من أسقف الجزائر (لافيجري) ذي الحظوة والمكانة عند البابوات لحسن بلائه في نشر النصرانية, منح البابا (بيوس الخامس) تاجا يحلى به صنم السيدة الإفريقية, جاعلا من الكنيسة بازيليكية basilique ، وهو لقب شرفي يمنحه البابا خصيصا لبعض الكنائس ذات القيمة الكبيرة عندهم.
طريقة الآباء البيض
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/45)
وأنا أقصد بالطريقة المعنى الصوفي للكلمة, إذ سنتطرق بإيجاز إلى حدث تاريخي آخر يبرز الأهمية الكبيرة لهذه الكنيسة بالنسبة للنصارى عامة, والمنصرين منهم خاصة ,وهو إنشاء جمعية الآباء البيض وفرعها النسوي الأخوات البيض.
من هم الآباء البيض؟
أنشأ (لافيجري) سنة 1868 جمعية تنصيرية تتكفل بتنصير إفريقيا انطلاقا من الجزائر, واختاروا في بداية دعوتهم ارتداء البرانس البيضاء لتسهيل اختلاطهم بالمسلمين, فسموا بجماعة الآباء البيض, لكن هل تعلم أنهم يسمون أيضا بإخوة السيدة الإفريقية نسبة إلى كنيستنا التي كانت مقرهم آنذاك؟ , وكان صنمها ملاذهم يجأرون إليه أن يعينهم في "هداية" المسلمين إلى النصرانية. واليوم صارت هذه الجماعة بفرعها النسوي أكبر منظمة تنصيرية في العالم تفتن المسلمين عن دينهم وتنشر هذا الدين الباطل بين القبائل النائية في إفريقيا وآسيا وأمريكا ولا يزالون إلى يومنا هذا في بلدنا-الجزائر- يغرون جهال المسلمين بالنشاطات الاجتماعية والثقافية التي يقدمونها في مراكزهم ليستميلوا قلوبهم ويفتنوهم عن دينهم
شيوخ الطريقة وأورادها ومزاراتها
لا تعجب أخي القارئ من هذه العناوين, فإن النصارى وبالأخص الكاثوليك منهم لا يقلون سذاجة وسخفا في الاعتقاد عن غلاة الصوفية, فكما أن للصوفية أولياؤهم وكراماتهم وأربطتهم وأورادههم وأضرحتهم التي يشدون إليها الرحال، فإن للنصارى مثل ذلك؛ فمن أولياء الآباء البيض العذراء عليها السلام -وهي منهم براء-وصنمها يعبد في الكنيسة-كما سبق-, ومنهم أيضا (مارجاريت بيرجر) التي أوحت ببناء الكنيسة كما ذكرنا ويذكرون لها كرامات وخوارق، ومنهم الأسقف (بافي) الذي وضع له ضريح داخل الكنيسة, ومنهم (لافيجري) الذي نصب له صنم في ساحة الكنيسة، وغيرهم من أقطاب النصرانية وأوتادها, أما الأوراد فإنهم يفخرون بأن الآلاف من النصارى حول العالم يرددون دعاء السيدة الإفريقية التي اخترعه الأسقف "سيدي" (بافي) , واعلم أن الكنيسة وصنمها يزاران ويتمسح بهما إلى يومنا هذا ويقدم لهما النذور والقرابين ويستشفى بهما! حتى من بعض جهال المسلمين!!!
وقفات
الوقفة الأولى ... ألا همة كهمة مارجاريت!!
ألا همة كهمة تلك الكافرة! , تخيل أخي مقدار الإثم الذي باءت به هذه المرأة التي أوحت ببناء هذه الكنيسة, ثم تخيل مقدار الأجر الذي يناله مسلم تكون له مثل هذه الهمة في الدعوة إلى الله ونشر الإسلام, بالمساهمة في بناء مسجد أو مكتبة, في التوزيع الخيري للأشرطة والمطويات, بل وبالأفكار, وماذا تكلفك فكرة أو نصيحة تساهم بها في هذه المهمة النبيلة مهمة الأنبياء والرسل:الدعوة إلى الله. فلا تحقرن عملا تقدمه لدينك فعسى أن يبارك الله تعالى فيه فتنتفع بأجره وتنفع إخوانك.
الوقفة الثانية ... كيف نتصرف تجاه الكنيسة وأصحابها؟
قد علمت أخي القيمة العظيمة التي تمثلها هذه الكنيسة للنصارى، وأنها من أعظم كنائسهم وأنها مهد أكبر جمعية تنصيرية في العالم, فالحذر الحذر! إياك أن تعظم مكانا يكفر فيه بالله, أو أن تتكثر به مفاخرا أهل الأحياء الأخرى، ومن تعظيمه تكثير سواد أصحابه وإعمار ساحته, وإياك ودخول الكنيسة متنزها متفرجا, ولا يخلو من يفعل ذلك من محادثة سدنة الكنيسة الحاذقين في فن الغواية, ثم إياك أن تسجل نفسك أو أولادك في النشاطات التي يقدمها المنصرون, واعلم أنك -إن فعلت ذلك- على قاب قوسين من الكفر والعياذ بالله, واجتنب التودد والتملق لأصحاب الكنيسة أو الثناء عليهم بعد أن عرفت قصدهم وتاريخهم, وهذا لا يعني أن نؤذيهم أو نظلمهم فإن الله تعالى ينهانا عن ذلك.
الوقفة الثالثة ... حقيقة دين النصارى
لقد علمت مما سبق أن في النصرانية بقايا من الوثنية , ورأيت كيف يمجد النصارى القبور والأصنام وينذرون لها النذور ويتمسحون بها ويدعونها من دون الله, وينسبون الكرامات والمكاشفات إلى أوليائهم وغير ذلك من الدروشة والشطحات , فهذه هي النصرانية الحقيقية التي يخفيها المنصرون, ويظهرون دينهم بأنه دين العلم والتنوير، فليعلم من تنصر أنه قد تصوف شاء أم أبى!
الوقفة الرابعة ... أعيدوا الحياة إلى جامع السيدة!
دخل المستعمر البغيض بلادنا فعاث فيها فسادا نصب الصلبان في السماء على رؤوس الكنائس الشاهقة وسوى بالأرض مساجد وزوايا ومدارس صرنا اليوم نطؤها بأقدامنا ونحن لا نشعر، تكلمنا عن كنيسة "السيدة" ولنتكلم الآن عن جامع "السيدة" يذكر المؤرخون أن جامع السيدة كان من أقدم الجوامع في العاصمة (كان مقره ساحة الشهداء حاليا) وأجملها، بنته سيدة مسلمة عقيلة أحد ملوك بجاية في القرن الثاني عشر من الهجرة وبها سمي، وجدده أحد الباشاوات بعد أن هدمه الإسبان بمدافعهم (تاريخ الجزائر الثقافي 1/ 253 الهامش)،وبقي هذا الجامع مرفوعا يذكر فيه اسم الله تعالى إلى جاء المستعمر البغيض فاغتصب زرابيه وثرياته وأعمل فيه المعاول والفؤوس سنة 1830حتى جعله دكا بحجة توسيع المجال لأحد المخازن (تاريخ الجزائر الثقافي5/ 10 و13 - 14، 8/ 359)،فإنا لله وإنا إليه راجعون، كان جامع السيدة الأول في قائمة طويلة من الجوامع والمساجد والمدارس والزوايا التي هدمها الاستعمار، تنتظر من يبعث فيها الحياة من جديد
الوقفة الخامسة ... هل أدلكم على تجارة ..
قذف بعض إخواننا المسلمين فلذات أكبادهم في حضانة المنصرين التي مقرها كنيسة السيدة الإفريقية، والحجة التي تلوكها ألسنة الكثير منهم أن لم يجدوا خيرا من تلك الحضانة من السعر والجودة وأن الحاضنات المسلمات شرسة أخلاقهم مرتفعة أسعارهم وما نملك إلا أن نقول لهؤلاء لحاضنة مسلمة خير من مشركة ولو أعجبتكم أولئك يدعون إلى النار!،أما أصحاب الدثور فهل لكم في تجارة رابحة في الدنيا والآخرة-إن شاء الله تعالى-، اكفوا المسلمين بحضاناتكم عن حضانات الكفار،واستثمروا أموالكم في مشاريع الحضانات، وفوقوا الكفار في ما أنتم أولى به من حسن المعاملة وإتقان العمل،وسوف ترون كيف تنهال عليكم الطلبات ويلهج لكم بحسان الدعوات، أكسدوا تجارة الكفار بتجارتكم مع الواحد القهار، وليهنكم حينئذ يا أهل الدثور الذهاب بالأجور!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/46)
ـ[تامر الجبالي]ــــــــ[08 - 06 - 08, 03:22 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[عيسى عبده]ــــــــ[18 - 06 - 08, 05:16 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
إنما نقلت هذا المقال من أجل هذا الاقتراح
الوقفة الخامسة ... هل أدلكم على تجارة ..
قذف بعض إخواننا المسلمين فلذات أكبادهم في حضانة المنصرين التي مقرها كنيسة السيدة الإفريقية، والحجة التي تلوكها ألسنة الكثير منهم أن لم يجدوا خيرا من تلك الحضانة من السعر والجودة وأن الحاضنات المسلمات شرسة أخلاقهم مرتفعة أسعارهم وما نملك إلا أن نقول لهؤلاء لحاضنة مسلمة خير من مشركة ولو أعجبتكم أولئك يدعون إلى النار!،أما أصحاب الدثور فهل لكم في تجارة رابحة في الدنيا والآخرة-إن شاء الله تعالى-، اكفوا المسلمين بحضاناتكم عن حضانات الكفار،واستثمروا أموالكم في مشاريع الحضانات، وفوقوا الكفار في ما أنتم أولى به من حسن المعاملة وإتقان العمل،وسوف ترون كيف تنهال عليكم الطلبات ويلهج لكم بحسان الدعوات، أكسدوا تجارة الكفار بتجارتكم مع الواحد القهار، وليهنكم حينئذ يا أهل الدثور الذهاب بالأجور!
جزاكم الله خيرا(146/47)
الامام المحدث المؤلف المشارك أحمد البوني
ـ[ابو مريم الجزائري]ــــــــ[03 - 06 - 08, 07:42 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
ترجمتنا هذه تهدف إلى التعريف بعالم من علمائنا الذين اشتهروا بثقافتهم الواسعة و المتنوعة وخاصة في علم الحديث الشريف رواية و دراية، وهو واحد من مشاهير الكُتّاب وأكثرهم خصباً وإنتاجاً في أواخر القرن الحادي عشر وأوائل القرن الثاني عشر للهجرة.
كنيته و مولده و أسرته:
أبو العباس أحمد بن قاسم بن محمد ساسي التميمي البوني، وُلد ببونة (و هي المدينة المعروفة الآن بعنابة و تقع في أقصى شرق الجزائر) سنة (1063ه /1653م)،. نشأ في أسرة ميسورة الحال، معروفة بعراقته في العلم و المعرفة و حتى بالتصوف، فقد كانت عائلتُه حسب ما ذكره في كتابه ((الدرة المصونة في علماء وصلحاء بونة)):" ... تنتمي إلى مجموعة بشرية واسعة مُمتدّة غرباً إلى نواحي قسنطينة، وشرقاً إلى نواحي الكاف وباجة، حيث أخذت العلم من هذه النواحي"، و هو تميمي النسب، كما كان يضيف ذلك إلى إسمه في الكتب و المخطوطات التي خطها بيديه.
كما أن أسرة البوني اشتهرت بأنها كانت على علاقة طيبة ووطيدة مع العثمانيين سواءا الباشاوات في الجزائر العاصمة، أو بايات الشرق الجزائري، كما ساهمت هذه الأسرة مثل الكثير من الأسر العلمية الجزائرية في الإنتاج العلمي و الفقهي أيضا مساهمة واضحة.
طلبه العلم و شيوخه:
في بونة بدأ تعليمه على يد والده قاسم بن محمد البوني الذي كان من علماء بونة (عنابة) المشهورين بالتقوى و الصلاح، درس في جامعها التفسير و الحديث و بعض الفقه، وجدّه محمد بن إبراهيم ساسي البوني [الذي أخذ عنه الحديث بالدرجة الأولى، و لما كان جده قد جمع بين الفقه و التصوف،حيث ابتلي بدخوله وتقليده للطرق الصوفية فهو من أبرز مرابطي و علماء القرن الحادي عشر في عنابة، وقد اشتهر بالفقه و التصوف حتى أصبح، كما يقول معاصره عبد الكريم الفكون في " منشور الهداية ": (( ... مسموع القول عند الخاصة و العامة))، و قد ذكر مترجمنا و أعترف بأن جده هذا قد أثار بعض علماء الوقت ضده لمبالغته في التصوف و إستعمال بعض الطرق غير السليمة لجلب المال و أضاف قائلا عنه: " إن الفقه و التصوف قد غلبا على جدي ((حتى إمتزجا فيه))،ثم عدد له بعض التأليف التي لا تخرج عن التصوف]
و قد ساح البوني طويلا و طلب العلم في تونس و المغرب و في مصر، و لا سيما مدينة رشيد التي إلتقى بعلمائها و أجاز فيها حسن بن سلامة الطيبي في الحديث. كما سافر الى الحجاز و استقر هناك فترة بعد ادائه لفريضة الحج يتصل بشيوخ الحجاز و العلماء الذين يقصدون البقاع المقدسة من مختلف اقطار العالم الاسلامي ليأخذ منهم و يستفيد مما لديهم من علوم و معرفة و خاصة الحديث الشريف، وقد كتب عن رحلته الحجازية كتاب هو في حكم المفقود سماه (الروضة الشهية في الرحلة الحجازية).
شيوخه في علم الحديث الشريف:
لقد جعلت عنوانا خاصا لشيوخه في الحديث الشريف نظرا لما عرف عنه من عنايته بهذا العلم الشريف و رحلاته و أسفاره المتعددة لطلبه و أخذه من أفواه و مجالس شيوخ وعلماء هذا الفن في مختلف البلدان و الأصقاع، و يظهر ذلك كذلك من خلال التأليف في هذا الميدان (سأذكرها بعد حين، إلى جانب ثبته و فهرسته و إجازاته) إضافة الى المجالس التي كان يعقدها لرواية وشرح الصحاح الستة و الموطأ، كلها تدل على الاهتمام الكبير الذي كان يوليه للحديث الشريف رواية و دراية حتى لقب بالمحدث والمسند والجماع والمطلع و غيرها من الألقاب و الأوصاف التي حلاه بها مترجموه و معاصروه و تلاميذته.
إن مصادر شيوخ أحمد البوني في علم الحديث هي كتبه و مؤلفاته، حيث تعرض لذكرهم في عدة مناسبات، ومن هذه المؤلفات:
- الرحلة الحجازية المسماة ب (الروضة الشهية في الرحلة الحجازية)
و قد عددهم فبلغوا اثنين و عشرين شيخا من تونس و مصر و الحجاز، و هذه الرحلة هي التي نصح إبنه الناس بالإطلاع عليها لأن ((فيها طرفا و ظرفا)).
أ - الألفية الصغرى المعروفة بإسم (الدرة المصونة في علماء وصلحاء بونة)، وقد خصص الباب الرابع منها لتعداد شيوخه في علم الحديث الشريف و قسم الباب الى ثمانية فصول كالتالي:
- الفصل الأول لذكر شيوخه المغاربة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/48)
- الفصل الثاني في ذكر شيوخه من بونة.
- الفصل الثالث في ذكر شيوخه من باجة.
- الفصل الرابع في ذكر مشيخته من أهل تاستور وسليمان.
- الفصل الخامس في ذكر مشيخته من أهل الكاف.
- الفصل السادس في ذكر مشيخته من أهل القيروان.
- الفصل السابع في ذكر مشيخته من أهل سوسة.
- الفصل الثامن في ذكر مشيخته من أهل تونس.
ب - كتاب: (التعريف بما للفقير من التواليف).
ج - إجازته لولده أحمد الزروق و محمد بن علي الجعفري مفتي قسنطينة، و هي الإجازة التي جمع فيها أكثر شيوخه كعادة المحدثين في إجازاتهم، و هذه الإجازة كتبها في أخريات أيامه سنة 1136 هـ، و قد قال عبد الحي الكتاني في فهرس الفهارس و الأثبات:" ... وقد وقفت على إجازة المترجم أحمد بن قاسم المذكور العامة لولده أحمد الملقب زروق ورفيقه محمد بن علي السعيدي الجعفري نسبة إلى الجعافرة عرب بناحية قسمطينة [قسنطينة] المعروف بمفتي قسمطينة وهي في نحو أربع كراريس اشتملت على فوائد وغرائب عدد فيها شيوخه وأسانيد الستة وبعض المصنفات المتداولة في العلوم))، كما ذكر مؤرخنا الدكتور أبو القاسم سعد الله – حفظه الله- أنه اطلع على نسخة من هذه الاجازة مكتوبة سنة 1140 هـ، أي بعد وفاته بفترة قصيرة، وذكر أن البوني بدأها بالتعريف بشرف علم الحديث الشريف، ثم قال إنه أخذه عن والده محمد ساسي، و يحي الشاوي و أحمد العيدلي الزواوي الملقب بالصديق، و أبي مهدي عيسى الثعالبي، و أبي القاسم بن مالك اليراثني الزواوي أيضا و بركات بن باديس القسنطيني، و هؤلاء جميعا من الجزائريين، كما ذكر غيرهم من التونسيين و المصريين و المغاربة ... و إكتفى البوني بذكر بعضهم فقط وذلك ((خوف الإطالة))، ثم ذكر كتب الحديث التي أخذها عن هؤلاء، و فصل القول فيها، و عدد أيضا بعض تأليفه، ثم أحال المجيز على كتابه (التعريف بما للفقير من التواليف) ".
ومن شيوخه أيضا:
- محمّد بن محمّد بن سليمان المغربي الرداني المكي (توفي بدمشق سنة 1094) صاحب كتاب " صلة الخلف بموصول السلف"
- خليل بن إبراهيم اللقاني العلامة المسند المالكي الأزهري (ت سنة 1105هـ) له فهرس " إتحاف ذوي الإرشاد لتحرير ذوي الاسناد"
- أبو عبد الله محمد بن عبد الباقي بن يوسف بن احمد بن علوان الزرقاني محدث الديار المصرية، له " شرح المواهب " و" شرح الموطأ" و"شرح البيقونية" و"مختصر المقاصد الحسنة "للسخاوي و غيرها (ت سنة 1122
- أبو عبد الله محمد الخرشي المالكي (ت 1101 هـ)
- الشيخ إبراهيم بن التومي (المتوفى سنة 1087ه /1676م).
- الشيخ عبد الباقي الزرقاني المتوفى سنة (1099هـ).
- يحي الشاوي الملياني (ت 1096 هـ)
- أحمد بن عبد الطيف البشبيشي
- إبراهيم الشبرخيتي المالكي.
- أبو الحسن علي الخضري الرشيدي الحنفي
- أبو عبد الله محمد بن عبد العزيز المنوفي الشافعي.
وغيرهم كثير.
علاقته بعلماء و حكام عصره:
اشتهر مترجمنا بعلاقاته الكثيره و مراسلاته مع علماء عصره و صداقته لهم مثل شيخه بركات بن باديس القسنطيني، و تلامذته حسن بن سلامة الطيبي المصري، و عبد الرحمن الجامعي، وعبد القادر الراشدي القسنطيني و غيرهم من الطلاب النجباء الذين اسهموا بنشاط علمي بارز، و انتجوا مؤلفات عديدة شملت مختلف مجالات الفكر الاسلامي، و يكفي ذكر إبنه المحدث المسند أحمد الزروق الذي أجاز مرتضى الزبيدي سنة 1179 هـ، وكذلك أبو زيد عبد الرحمن الجامعي الفاسي المغربي الذي نزل عنده و أخذ عليه و طلب منه الإجازة، و ترجم له في رحلته المسماة ب " نظم الدرر المديحية في محاسن الدولة الحسينية "وفي " التاج المشرق الجامع ليواقيت المغرب والمشرق" حيث قال عنه:" ... لما دخلتها [يعني بونة] أممت دار الشيخ الرباني العالم العرفاني ... أبي العباس أحمد بن الولي الصالح البر الناجح أبي عبد الله قاسم ابن الولي الصالح أبي عبد الله محمد المعروف ساسي فوجدته طلق المحيا، وأنزلني بمنزل لإكرام أضيافه مهيأ، فأقمت عنده ينزهني في كل يوم في رياض تآليفه الحديثية وغيرها، وينثر علي كل ساعة من فرائد فوائده ما تبخل به على الغائصين قعور بحرها، وكنت أحضر أثناء تلك المدة مجلس رواية الصحيحين بين يديه مع مشايخ بلده وولديه ومما رويت عنه فسح الله في أجله وأسهب، وإن تآليفه بلغت ما ينيف على المائة ما بين مختصر ومسهب
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/49)
،ولما وقفت في علم الحديث على البحر العباب والعجب العجاب سألته الإجازة فيما وقفت عليه وغيره من تصانيفه "
كما كانت تربطه علاقات طيبة بحكام عصره خاصة الباشوات و البايات العثمانين من خلال محاولاتهم للتقرب منه و طلب وده، نظرا للمكانة العلمية و الروحية التي كانت تتمتع بها الأسرة، و ما اكتسبه البوني من حب الناس و احترامهم له، فتوددوا اليه و أرسلوا له الهدايا و العطايا، و مما يجدر ذكره هنا ان الباشا محمد بكداش [و بكداش: كلمة تركية معناها الحجر الصلب] عندما كان موظفا في حكومة الباشا السابق له حسين خوجة – وهذا الباشا حسين خوجة كان صديقا للبوني ولوالده من قبله - قد نُفِيَ الى مدينة بونة، فحضر دروس الشيخ ابو القاسم البوني و تتلمذ له و قامت بينهما صداقة دامت حتى بعد تعيين محمد بكداش في أعلى هرم السلطة، وتوليه حكم (باشوية) الجزائر، حيث كانت بينهما مراسلات و سفارات، وحين فتح هذا الباشا مدينة وهران سنة 1120ه، بعد احتلالها من قبل الأسبان مدة ستّ ومائتي سنة، ذكر هذا الحدث أحمد البوني في درته حين قال:
وفتحتْ على يديهِ وهرانُ ... فكَملَ المَجْدُ له والبرهان
ثم أهدى اليه أرجوزة مهنِّئاً إياه فيها بفتح وهران، ولافِتَاً نظره إلى أحوال مدينة بونة (مشيرا إليها بهذي القرية)، و ما يجري فيها من مظالم و مناكر فقال:
يا حاكَم الجَزائر ... يا أنْس نَفْس الزَائرِ
أريدُ أنْ أخْبركُمْ ... أدَامَ رَبَّيِ نَصْركُمْ
بحَالِ هَذي القرْيَةِ ... بِالصّدْق لاَ بالفريةِ
قدْ صَالَ فيهَا الظَّالِمُ ... وهَان فِيهَا العالِمُ
خُرّبَتِ المسَاجِدُ ... وقلَّ فيها السَّاجِدُ
حُبُسُهَا قَدْ أسرفَا ... نَاظِرُهُ فأشْرفَا
وأهْمِلَتْ أسْعَارُها ... وبُدِّلَتْ شِعَارُهَا
والشّرْعُ فِيها باطِلُ ... والظلمُ فيها هَاطِلُ
والخَوفُ في سُبُلِهَا ... والقحط في سُنْبُلِهَا
وَكَمْ من القبَائِح ... وكَمْ من الفضائِحِ
يَضيقُ عَنها النّظمُ ... وَخارَ مِنْهَا العَظمُ
نِبكي عليها بالدمِ ... قدْ قرُبَتْ مِنُ عَدِمِ
والله قَدْ وَلاكُم ... حُكماً وقدْ عَلاكُمٌ
فداركوا الإسْلاَمَا ... ونوّروُا الظَّلامَا
وسَدِّدُوا الأحْكَامَا ... وقرِّحُوا الأنَامَا
آثاره و مؤلفاته:
ألف أحمد البوني تأليف كثيرة بلغت، كما أخبر بنفسه، أكثر من مائة تأليف، بدون المنظومات و المقطوعات. و هو الذي كتب تأليفا خاصا سماه (التعريف بما للفقير من التواليف). وقد علق عليها الدكتور أبو القاسم سعد الله – حفظه الله – في موسوعته تاريخ الجزائر الثقافي ج 2 فقال: " ... و من هذه التأليف ما كمل و منها ما لم يكمل، و منها الشعر و النثر، كما أن منها ما يدخل في باب الحديث و السنة و ما يتناول غير ذلك. و قد أطلعنا على بعض أعماله فكان منها القصير الذي لا يتجاوز الكراسة و منها الوسط و الطويل".
وقد نشر أبو القاسم الحفناوي قائمة لتلك التآليف في كتابه "تعريف الخلف برجال السلف"، إلا أنَّ الأستاذ سعيد دحماني، ذكر أثناء التعريف بكتابه " بونة إفريقية، بلد سيدي أبي مروان الشريف " أنَّ تآليفه بلغت زهاء (165) عنواناً، معظمُها "منظومة في قالب (أراجيز)، مواضيعها تتعلق بالحديث [الشريف] والسنة [المطهرة] والقرآن [الكريم] ".
و قبل أن اسرد بعضا من عناوين هذه المؤلفات، أقول مع الأسف الشديد ان اكثرها ضاعت او اتلفت، وأنه لم يطبع من هذه الثروة العلمية الهامة - حسب علمي- إلا كتابين إثنين كلاهما في التاريخ هما:
1 - "الدرة المصونة في علماء وصلحاء بونة" نشر الدكتور ابن أبي شنب، في التقويم الجزائري لسنة 1331ه /1913م.: (( ... وهو عبارة عن منظومة تحتوي على ألف بيت (1000)،إختصرها من منظومته الكبرى المحتوية على ثلاثة آلاف بيت (3000)، وهي منظومة للتعريف ببونة وعلمائها و صلحائها، وكذلك علماء القرى المجاورة، والعلماء الواردين عليها، سواء أكانوا عابري سبيل أم مقيمين من مختلف جهات العالم الاسلامي ... والعنوان أخذ من قوله:
فجئْتُهُ "بدُرَّةٍ مَصوُنّهْ" ... ذَكَرْتُ فِيهَا أوْلياءَ بُونَهْ
لَكن بلا طولٍ وَلاَ تاريخ…لضيق نَظمِي بهِم صَريخِي
وقد انتهى أحمد البوني من تأليفه أواخر القرن الحادي عشر، وفي ذلك يقول:
"في عام تسعين وألف نظمتُ ... وآن أنْ أدعو لمّا تمَمْتُ "
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/50)
وقد اشترط في مترجميه العلم مع الاستقامة والصلاح، يقول:
بشرْطٍ إنْ كانوا لعلْمٍ دَرَسوا ... أوْ لِصَلاحٍ نُسِبُوا ما انْدرسُوا".
2 - " التعريف ببونة إفريقية، بلد سيدي أبي مروان الشريف " (تقديم الأستاذ سعيد دحماني)، نشر المجلس الشعبي البلدي بعنابة، سنة 2001م: ((وهذا الكتاب بمثابة رد على ما أورده الرحالة محمد العبدري البلنسي عن بونة وقسنطينة في كتابه: "الرحلة المغربية" وهذا ما يؤكده قول البوني في مقدمة كتابه [بعد البسملة والحمدلة و الصلاة و السلام على النبي المختار صلى الله عليه وعلى آله وسلم]:"… لمّا كتبتُ بإعانة الله تعالى رحلة الإمام العبدري رحمه الله تعالى، عثرتُ على بعض الأماكن ارتكب فيها غير الصّواب، عند ذكره بلدنا وبلد قسنطينة فأردتُ التنبيه عليها ليعلمها كل أوّاب، وقد كتبتُ عليها أزيد من 300 طرة، كلُّ واحدة أحسن من دُرّة عند ذي نفس برة، فمن أضافها لهذه الأوراق، كانت حاشية عليها عذب موردها وراف، وقد أعجلني الوقت عن فعل ذلك، وقد أذنت غيري أن يفعله ساعياً في خير المسالك، راجياً ثواب الإعانة على العلم الشريف ذي الظل الوريف. وقد أخل بالتعريف ببلد هذا العبد الضعيف، بل ذكر لها نقيصة عظيمة، وأموراً مخلة بها هضيمة، لا يقبلها عقل عاقل، ولا يصدق بها ناقل، وسأفَصّلُ ذلك تفصيلاً حسناً، وأؤصّلُ فضلها تأصيلاً بسنا، قولاً بالحق لا مبالغة فيه ولا إيقالَ، وإن كنت في كثير من الاشتغال، وسميت هذه الأوراق (ببعض التعريف ببونة إفريقية بلد سيدي أبي مروان الشريف) ".
وهذا ثبت ببعض مؤلفاته الأخرى التي ضاع أكثرها:
1 - إتحاف الأقران ببعض مسائل القرآن.
2 - إتحاف الألبان بأدوية الأطباء.
3 - إتحاف النجباء بمواعظ الخطباء.
4 - إظهار القوة بإحكام الباب والكوة.
5 - الإعانة على بعض مسائل الحصانة.
6 - إعلام الأحبار بغرائب الأخبار.
7 - إعلام أرباب القريحة بالأدوية الصحيحة.
8 - إعلام القوم بفضائل الصوم.
9 - إلهام السعداء لما يبلغ لمراتب الشهداء.
10 - الإلهام والانتباه في رفع الإبْهام والاشتباه.
11 - أنس النفوس بفوائد القاموس.
12 - تحفة الأريب بأشرف غريب.
13 - الترياق الفاروق لقراء وظيفة الشيخ زروق.
14 - تعجيز التصدير وتصدير التعجيز.
15 - تلقيح الأفكار بتنقيح الأذكار.
16 - تليين القاسي من نظم الإمام الفاسي.
17 - تنوير قلوب أولي الصفا بذكر بعض شمائل الحبيب المصطفى.
18 - الثمار المهتصرة في مناقب العشرة.
19 - الجوهرة المضيَّة في نظم الرسالة القدسية (أبياتها نحو 775 بيتاً).
20 - حث الوُرّاد على حب الأوراد (في ثمانية أجزاء).
21 - خلاصة العقائد للقاني والتواتي.
22 - رفع العناء عن طالب الغناء.
23 - الظل الوريف في البحث عن العلم الشريف.
24 - الفتح المتوالي بنظم عقيدة الغزالي.
25 - الكواكب النيرات المعلقة على دلائل الخيرات.
26 - لبّ اللباب في ذكر رب الأرباب.
27 - المنهج المبسوط في نظم عقيدة السيوط.
28 - نظم تراجم كتاب الشمائل للترمذي.
29 - نظم كتاب البخاري.
30 - الياقوتتان: الكبرى والصغرى في التوحيد.
31 - نظم الخصائص النبوية.
32 - المستدرك على الحافظ السيوطي من خصائص الجمعة.
33 - زاد المسير إلى دار المصير.
34 - إظهارنفائس ادخاري المهيأة لختم كتاب البخاري.
35 - اختصار مقدمة ابن حجر للفتح.
36 - فتح الباري في شرح غريب البخاري.
37 - التحقيق في أصل التعليق الكائن في البخاري.
38 - الإلهام والانتباه في رفع الإيهام والاشتباه الكائن في البخاري
39 - التحرير لمعنى الأحاديث من الجامع الصغير
40 - نفح الروانيد بذكر بعض المهم من الأسانيد.
41 - تخميس القصيدة المسماة قرة العين بمدح الصحيحين
42 - النفحات العنبرية بنظم السيرة الطبرية.
43 - طل السحابة في الصحابة [رضي الله عنهم].
44 - الدّخر الأسنى بذكر أسماء الله الحسنى.
45 - الثمار المهتصرة في مناقب العشرة.
46 - تنوير السريرة بذكر أعظم سيرة.
47 - التيسير في إسنادنا في كتب جمع من التفاسير.
48 - فتح الاغلاق على وجوه مسائل مختصر خليل بن اسحاق.
49 - نظم شعب الايمان.
50 - سوابغ النعم وسوابق الكرم.
إن المتمعن في عناوين هذه التآليف يدرك أن البوني كان من الشخصيات المتعددة الثقافة، فهو مع رسوخ قدمه في الفقه المالكي، والتفسير والحديث النبوي الشريف، كان أديبا شاعرا يملك ناصية القوافي، وقد استغل هذه الملكة الشعرية في تنظيم منظومات شعرية تعليمية الهدف منها تبسيط العلوم لطلبة العلم وتسهيل حفظه كما هي عادة العلماء المدرسين، فعلى سبيل المثال فقد قام بنظم كتاب " غريب القرآن الكريم" لِلْعَزِيزي في نحو أربعة آلاف بيت (4000)، و نظم " نخبة الفكر لابن حجر " سماه " الدرر في نخبة الفكر"، كما نظم "الخصائص الكبرى" للسيوطي في نحو ثمان مائة بيت (800)، ونظم "الأجرومية" في تسعين بيتا (90)، وغيرها من المنظومات.
وفاته:
توفى رحمه الله في مدينة بونة (عنابة) و فيها دفن و ذلك سنة (1139ه /1726م).
المصادر و المراجع:
- "التعريف ببونة إفريقية بلد أبي مروان الشريف" لأحمد بن قاسم البوني، دار الهدى [بعين أمليلة ولاية أم البواقي]، الجزائر، 2001م.
- " تاريخ الجزائر الثقافي"، ابو القاسم سعد الله – نشر دار الغرب الإسلامي، بيروت، الطبعة الأولى، 2000م.
- " تعريف الخلف برجال السلف"لأبي القاسم محمد الحفناوي- المكتبة العتيقة تونس الطبعة الأولى 1402هـ- 1982م.
- "التحفة المرضية في الدولة البكداشية في بلاد الجزائر المحمية" لمحمد بن ميمون الجزائري - تحقيق محمد بن عبد الكريم -الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر، الطبعة 1 سنة 1972م.
- "فهرس الفهارس و الاثبات " لعبد الحي الكتاني – تحقيق
د. إحسان عباس، دار الغرب الإسلامي لبنان الطبعة 2 سنة 1982م.
- "كشف الظنون" لحاجي خليفة، دار الفكر، بيروت، 1981م.
- "الأعلام" للزركلي، دار العلم للملايين، بيروت، ط5، 1980م.
- "محاضرات الملتقي العاشر للفكر الإسلامي" المنعقد بعنابة من 10 الى 19 يوليو 1976م: منشورات وزارة التعليم الأصلي و الشؤون الدينية الجزائر، المجلد الأول، ص: 54 و هي محاضرة للمحقق المهدي البوعبدلي رحمه الله بعنوان:" لمحات من تاريخ بونة الثقافي والسياسي".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/51)
ـ[أمين حماد]ــــــــ[17 - 06 - 08, 11:12 ص]ـ
هل ابن بونه الشنقيطي من ذريته أم بونة آخر؟(146/52)
دراسة للزواج المختلط بالأندلس بين النصارى و المسلمين
ـ[هشام زليم]ــــــــ[04 - 06 - 08, 02:59 ص]ـ
بسم الله الرحمان الرحيم.
دراسة لسحر السيد عبد العزيز سالم من كلية الأداب بالإسكندرية بعنوان (الجوانب الإيجابية و السلبية في الزواج المختلط في الأندلس-دراسة سياسية أدبية و اجتماعية). و هذه الدراسة مقتبسة من أعمال الندوة العلمية الدولية التي نظمتها كلية الأداب بالرباط سنة 1994. و تناولت هذه الندوة دراسة العلاقات بين الغرب الإسلامي و الغرب المسيحي خلال العصور الوسطى.
و قد تم و الحمد لله جمع دراسات هذه الندوة في كتاب قيم نسقه الدكتور محمد حمام.
و لأهمية مادار في هذه الندوة اقتبست جزءا منها و هو محور نقلي أدناه.
أترككم مع الموضوع. (ص33 إلى38 من الكتاب المذكور)
" 1 - مصاهرة الفاتحين المسلمين للإسبان
ما كاد فاتحو الأندلس من العرب و البربر ينفضون عنهم غبار الحرب, و يلتمسون الراحة بعد المعركة و ينعمون بالإستقرار في نواحي الأندلس حتى امثتلوا لأمر أميرهم عبد العزيز بن موسى بن نصير, الذي تزوج من إيخيلونا (1) أرملة لذريق التي عرفت في المصادر العربية باسم أم عاصم (2). وقد حدا حذوه العديد من رجال العرب أمثال زياد بن النابغة التميمي الذي تزوج هو الأخر من إحدى الأميرات القوطيات (3) , و عبد الجبار بن نذير الذي تزوج من إحدى بنات تدمير (4) , وعيسى بن مزاحم الذي نزوج من سارة القوطية, ابنة المند بن غيطشة, و كان من أحفادها المؤرخ اللغوي الفقيه أبو بكر بن القوطية, ثم تزوجها عمير بن سعيد بعد وفاة زوجها عيسى سنة 138ه (755م). (5)
لقد أصبح الزواج من إسبانيات تقليدا شائعا عند أهل الأندلس, أمراءهم و خلفاءهم و خاصتهم و عامتهم. و من أمثلة ذلك زواج أمراء بني أمية في الأندلس من نساء البشكن و الجلالقة ممن يقعن في أيديهم سبيا بسبب الحروب المتواصلة و الغزوات المتتابعة, إلى حد أن كثيرا من الباحثين المعاصرين يعتبرون البيت الأموي بيتا مولدا, و أن كان هؤلاء الأمراء-الذين هم في كثير من الأحيان نتاج هذا الزواج المختلط- يعتزون بأصولهم العربية و يتغاضون عن أصولهم الإسبانية (6). فأم الأمير هشام الرضا بن الأمير عبد الرحمان بن معاوية (الداخل) كانت جارية إسبانية اسمها حورا (7) , و أم الحكم الربضي بن الأمير هشام الرضا, كانت أم ولد اسمها زخرف أهداها قارلة بن بليان الرومي لأبيه الداخل عند مسالمته له (8). كما كان لعبد الرحمان الأوسط العديد من الجواري الإسبانيات بعضهن كن أمهات ولد له. و من جواريه الشهيرات طروب و مجد و الشفاء و متعة و أثل (أم ولده المنذر) و قلم (9).
و كانت أم الامير عبد الله بن محمد بن عبد الرحمان الأوسط أم ولد اسمها عشار, وقيل بهار (10). و كانت أم الخليفة عبد الرحمان الناصر أم ولد رومية اسمها مزينة (11) , وكان هو نفسه حفيد أميرة نبرية الأصل كانت أم ولد للأمير عبد الله تعرف باسم أنيجة بنت فرتون غرسية الأنقر حفيد أنييجو أريستا, وعرفت في المصادر العربية بالسم در (12). و كانت طوطة (13) "ملكة البشكنس" و الوصية على عرش نبرة (ت 349ه-960م) عمة الخليفة عبد الرحمان الناصر عن طريق جدته در, إذ أن أباه محمد كان أخا لها من أمه. وكانت در المذكورة و هي نفس أنيجة بنت فرتون, قد تزوجت في صباها من أمير نبري هو إثنار سانشت, و أنجبت منه طوطة التي أصبحت وصية على نبرة. ثم تزوجت أنيجة بعد ذلك من الامير عبد الله جد عبد الرحمان بن محمد الذي سماها در, و أنجبت من عبد الله ابنه محمد والد عبد الرحمان الناصر, بمعنى أن الأمير محمد والد الناصر كان أخا لطوطة من الأم (14) فهي لذلك عمة الناصر. و قد وفدت على الناصر في سنة 347ه بصحبة ولدها شانجة بن رودمير الذي يعتبر ابن عمة الناصر كما صحبها أيضا ولده غرسية بن شانجة فاحتفل الناصر لقدومهم و تلقاهم أحسن لقاء, و عقد الصلح لشانجة و أمه و بعث فرقة من جيش المسلمين مع غرسية ملك جيليقية فرد عليه ملكه (15).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/53)
كانت كذلك أم الحكم المستنصر بالله بن عبد الرحمان الناصر, أم ولد إسبانية الأصل إسمها مرجان. أما هشام المؤيد بالله بن الحكم فكانت أمه السيدة صبح أم ولد بشكنسية (16) , وكانت قد أنجبت للحكم المستنصر ولده عبد الرحمان الذي توفي طفلا, ثم أنجبت له ولده هشام في سنة 354ه. كذلك كانت أم المهدي محمد بن هشام بن عبد الجبار بن عبد الرحمان الناصر أم ولد اسمها مزنة أو مونة (17). ومن بين أمهات خلفاء بني أمية في الأندلس, إسبانيات الأصل, ظبية أم سليمان المستعين (18) , و غاية أو غادة أم المستظهر (19) بالله و حوراء أم المستكفي بالله (20) و عاتب أم المعتد بالله (21).
أما المنصور محمد بن أبي عامر, فقد هابته ملوك النصرانية, ووادعته ابتغاء مرضاته و سلمه و منهم برموده الثاني ملك ليون الذي هادى المنصور بابنته تيريسا في سنة 382ه مبالغة في خطب وده, فتسرى بها المنصور ثم أعتقها و تزوجها (22). كما أهداه شانجة غرسية ملك بنبلونة, ابنته التي عرفت في المصادر العربية باسم عبدة بنت شانجة النصراني فتزوجها المنصور و حسن إسلامها, و أنجب منها ولده عبد الرحمان الملقب بشنجول تضغيرا لشانجة اسم جده (23) , الذي كان يشبه حفيده عبد الرحمان غاية الشبه. ولم يكن الزواج المختلط وقفا على العرب, فقد تابعهم في ذلك البربر. ومن الأمثلة الدالة على زواج كبار قادة البربر من سيدات و أميرات إسبانيا المسيحية, شأنهم في ذلك شأن العرب الفاتحين, زواج مونوسة القائد البربري الشهير و حاكم إقليم شرطانية في عصر الولاة (في طليعة القرن الثاني للهجرة) من أخت بلاي القوطي مرة, ومن مينين بنت إيوديس دوق أقطانية مرة أخرى, وإن كان جيشار يعتقد أن اسم مونوسة كان اسمالشخصين مختلفين و ليس لشخص واحد. (24).
ولم يقتصر الزواج المختلط في الأندلس على زواج القادة و الأمراء و الخلفاء المسلمين من نساء إسبانيا المسيحية, فقد تجاوز ذلك في ظروف خاصة إلى حد إقدام بعض حكام المسلمين في الأندلس من المولدين على تزويج بناتهم من ملوك و أمراء مسيحيين دون حرج, و ينحصر هذا الموع من الزيجات في أسرة بني قسي المولدين أصحاب الثغر الأعلى. و من أمثلة ذلك زواج أورية بنت موسى بن موسى بن فرتون ابن قسي أول ثوار هذه الأسرة على السلطة المركزية في عهد عبد الرحمان الأوسط من إبن غرسية ملك نبرة الذي أنجبت منه موسي بن غرسية (25). كما زوج موسى بن موسى بنتي أخيه لب من ولدي ونقة بن شانجة أحد أمراء البشكنس, وكذلك تزوجت أراكة بنت عبد الله بن محمد بن لب بن موسى بن موسى من فرويلة بن أذفونش ملك أشتورياس و ليون و أنجبت منه ولديه أردون و ردميره (26) و نضيف إلى هذه الأمثلة مثلا أخر هو زواج مطرف بن موسى بن موسى بن فرتون من فلشكيطة بنت شانجة ملك بنبلونة (27).
و يرجع السبب في عدم تحرج بني قسي من تزويج بناتهم من أمراء و ملوك مسيحيين فيما يبدو إلى أن بني قسي كانوا أكثر المولدين اعتزازا بأصولهم الإسبانية على حساب إيلامهم و كانوا يلتمسون في مصاهرة ملوك و أمراء إسبانيا المسيحية لهم, نوعا من التحالف ضد السلطة المركزية بقرطبة (28) , إذ كانوا دائمي الثورة على أمراء بني أمية, وكثيؤا ما خاضوامع قوات الإمارة معارك طاحنة. و على أية حال, كان الزواج المختلط ظاهرة شائعة في إسبانيا الإسلامية و المسيحية على السواء و تتمشى مع عادات هذه البلاد (29) , وإن كان زواج المسلمين من إسبانيات مسيحيات أكثر شيوعا من زواج مسلمات بمسيحيين لتحريم الإسلام ذلك النوع الأخير من الزواج. و أمثلة هذه الزيجات الأخيرة في المصادر العربية شحيحة للغاية: من ذلك زواج جميلة أخت محمود بن عبد الجبار المصمودي الثائر بماردة في سنة 214ه بعد وقوعها في أسر ملك جيليقية من أحد قوامسة, وقد أنجبت منه ولدا أصبح فيما بعد أسقفا لمدينة شانت ياقو (30) و منها زواج زايدة المسلمة, كنة المعتمد بن عباد ملك إشبيلية, في عصر دويلات الطوائف من ألفونسو السادس ملك قشتالة و ليون, وقد أنجبت منه ابنه الوحيد شانجة الذي لقي مصرعه في وقعة إقليش سنة 501 ه (31). و هناك مثل أخر لامرأة مسلمة هي بنت أحفاد المنصور بن أبي عامر من ولده عبد الله بن المنصور, تزوجت بمحض إرادتها من فارس مسيحي (32).
الهوامش
(1) السيد عبد العزيز سالم, "تاريخ المسلمين و أثارهم في الأندلس" ص128.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/54)
(2) ابن القوطية القرطبي, "تاريخ افتتاح الأندلس"ص111.
(3) أخبار مجموعة ص20.
(4) العذري:نصوص عن الأندلس ص10 .... ابن الأبار "التكملة" ج1 ص279.
(5) ابن القوطية "تاريخ افتتاح الأندلس" ص6.
(6) حسين مؤنس "فجر الأندلس" ص 376 و ما يليها.
(7) مجهول "ذكر بلاد الأندلس" ص118.
(8 مجهول "ذكر بلاد الأندلس" ص124.
(9) مجهول "ذكر بلاد الأندلس" ص144.
(10) ابن عذاري "البيان" ج2 ص 120.
(11) مجهول "ذكر بلاد الأندلس" ص159 ... ابن عذاري "البيان" ص 156
(12) ابن عذاري "البيان" ج2 ص 120.
(13) المقري "نفح الطيب" ج1 ص 342
(14) ليفي بروفنسال "تاريح أسبانيا المسلمة" ج1 ص 33 بالفرنسية.
(15) المقري "نفح الطيب " ج1 ص 342.
(16) ذكر بلاد الأندلس ص 174,,, ابن عذارى, البيان ج2 ص 252
(17 ذكر بلاد الأندلس ص 199, ابن عذارى, البيان ج3 ص50
(18 ذكر بلاد الأندلس ص 202 ابن عذارى, البيان ج3ص 91
(19 ذكر بلاد الأندلس ص 208 ابن عذارى, البيان ج3ص 135
(20ذكر بلاد الأندلس ص 211 ابن عذارى, البيان ج3ص 140
(21ذكر بلاد الأندلس ص 212 ابن عذارى, البيان ج3ص 140
(22) ابن خلدون كتاب العرب ج4 ص 389
(23) ابن الخطيب أعمال الأعلام فيمن بويع قبل الإحتلام من ملوك الإسلام ص 66
(24) كيشارد ص 172 - 185 بالفرنسية
(25) العذري ص30
(26) سحر سيد عبد العزيز سالم, بمو خطاب ص 19
(27) العذري, ص 62
(28) عبد الرحمان حجي , العلاقات الدسبلوماسية الأندلسية .... بالأنجليزية ص 102
(29) ليفي بروفنسال. " الإسلام في المغرب و الأندلس" ترجمة السيد عبد العزيز سالم و السيد محمد صلاح الدين حلمي ص 157.
(30) ابن القوطية ص 27 و ابن حزم في جمهرة الأنساب ص 501 و ابن حيان " المقتبس" ص 674
(31) ابن عذاري في البيان ص 50
(32) جيشارد ص 234 بالفرنسيةو ليفي بروفنسال في التاريخ ص 241
-يتبع-
2 - التقويم التاريخي و مناقشة ظاهرة الزواج المختلط(146/55)
الإمارة في الأندلس
ـ[ريم صباح]ــــــــ[04 - 06 - 08, 10:45 م]ـ
الإمارة في الأندلس
(138 - 422هـ/ 750 - 1031م)
عبدالرحمن الداخل:
لما قامت الخلافة العباسية طارد العباسيون الأمويين، ويشاء الله أن يفلت من أيديهم واحد من بنى أمية: أتدرى من هو؟ إنه عبدالرحمن بن معاوية بن هشام حفيد هشام بن عبد الملك عاشر الخلفاء الأمويين.
لقد هرب إلى فلسطين، ومنها إلى مصر ثم المغرب بعد خمس سنوات من التجول والتخفى عن عيون العباسيين ومكث عند أخواله الذين أكرموه.
ومن هناك راح ينتقل من "برقة" إلى "المغرب الأقصى" حتى وصل إلى مدينة "سبتة" سنة 137هـ/ 755م، وراح يُعِدّ العدة ويلتقط أنفاسه، ويرسم الخطوط العريضة لإقامة دولة يحيى بها مجد آبائه وأجداده الأمويين.
وأخذ يتطلع إلى "الأندلس الإسلامية" ليقيم فيها الخلافة الإسلامية الأموية من جديد، فهى البلاد التى فتحها الجيش الإسلامى بقيادة طارق بن زياد وموسى بن نصير، زمن الأمويين منذ سنة 92هـ/711م، وإليهم يرجع الفضل فى فتحها!
ولقد استقرت بها طوائف من أهل الشام وجُنْدِه الموالين للبيت الأموى.
وهنا أرسل "عبد الرحمن" أحدَ أتباعه، وهو مولاه "بدر"؛ ليجمع كلمة الذين يدينون لبنى أمية بالولاء والانتماء، ورَحّبَ به أنصارُ بنى أمية، ورأَوْا فيه شخصًا جديرًا بأن يتولى زعامتهم بدلا من ذلك الوالى العباسى، وعبر البحر إلى شاطئ الأندلس، وهناك انضمّ إليه أنصارُ بنى أمية، فقد انتهز عبد الرحمن الداخل فرصة الخلافات بين العرب المُضَريِّين والعرب اليمنيين فى الأندلس، فانضم إلى اليمنيين لأنهم كانوا مغلوبين على أمرهم، وهزم المضريين بقيادة يوسف الفهرى فى موقعة "المصارة" فى 138هـ/ 756م، فاستولى على مدن البلاد الأندلسية الجنوبية دون مقاومة، ثم راح يستولى على "قرطبة" عاصمة "ولاية الأندلس" سنة 141هـ/ 759م، بعد هزيمة الوالى العباسي، وأعلن نفسه أميرًا، وأصدر عفوّا عامًا غداة دخوله قرطبة ليمكن لنفسه فى البلاد، وتم له ما أراد بعد بضع سنوات فقط من تولى العباسيين عرش الخلافة فى بغداد، وبهذا انفصلت ولاية الأندلس، عن الخلافة فى بغداد انفصالا رسميّا.
ولكن ماذا كان موقف العباسيين من هذا الذى زاحمهم فى الأندلس، بل وأنهى حكمهم هناك؟
ظل "عبد الرحمن الأموى" يعمل طوال مدة حكمه التى استمرت ثلاثة وثلاثين عامًا على تأمين مركزه فى جميع أجزاء دولته الجديدة، فأخمد الفتن، وأحبط الدسائس، وقضى على تلك المحاولات التى قام بها العباسيون لإخراجه من الأندلس.
صقر قريش:
لقد أرسل أبو جعفر المنصور إليه جيشًا بقيادة العلاء بن مغيث لإخضاع، الأندلس فهزمه عبد الرحمن بن معاوية وقتل العلاء.
فماذا فعل المنصور؟ وكيف كان رد الفعل؟
لم يحاول المنصور العباسى أن يُعيِّن على الأندلس أحدًا بعد هذا الذى قُتل.
ولم يحاول أن يرسل جيشًا لحربه، بل فَضَّل أن يقر بالأمر الواقع ويعترف له بلقب: "صقر قريش"، فقد أطلق عليه أبوجعفر المنصور هذا اللقب لاعترافه بشجاعته وقوته، فيروى أن أبا جعفر قال يومًا لبعض جلسائه: "أخبرونى من صقر قريش من الملوك،؟ قالوا ذلك أمير المؤمنين الذى راضى الملوك، وسكن الزلازل، وأباد الأعداء، وحسم الأدواء (يقصدون أبا جعفر المنصور). قال: ما قلتم شيئًا. قالوا: فمعاوية؟ قال: لا. قالوا: فعبد الملك بن مروان؟ قال ما قلتم شيئًا. قالوا: فمن يا أمير المؤمنين؟ قال صقر قريش عبدالرحمن بن معاوية الذى عبر البحر، وقطع القفر، ودخل بلدًا أعجميّا منفردًا بنفسه فمصَّر الأمصار، وجنّد الأجناد، ودَوَّن الدواوين، ونال ملكًا بعد انقطاعه بحسن تدبيره وشدة شكيمته، إن معاوية نهض بمركب حمله عمر وعثمان عليه وذلَّلا له صعبه، وعبد الملك ببيعة أبرم عقدها، وأمير المؤمنين بطلب عترته واجتماع شيعته، وعبد الرحمن منفرد بنفسه، مؤيد بأمره مستصحب لعزمه، فمد الخلافة بالأندلس، وافتتح الثغور وقتل المارقين وأذل الجبابرة الثائرين".
أخلاق عبدالرحمن:
وقد كان عبد الرحمن جوادًا بسيطًا متواضعًا، يؤثر لبس البياض، ويصلى بالناس الجمع والأعياد، ويحضر الجنائز، ويعود المرضى، ويزور الناس ويخاطبهم، وكان نقش خاتمه "عبد الرحمن بقضاء الله راض " و "بالله يثق عبد الرحمن به يعتصم"، وكان شاعرًا بليغًا عالمًا بأحكام الشريعة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/56)
ولقد اكتفت الخلافة العباسية ببقاء عبد الرحمن الأموى بعيدًا عنها فى إمارته.
النهضة العمرانية:
وراح عبد الرحمن يبنى، ويعمر، ويُعيدُ الحياة الآمنة الهادئة إلى ربوع الأندلس أكثر من ثلاثين سنة.
ولقد قابلته صعوبات وعقبات، منها تلك الفتن التى نشبت بين المضرية واليمنية، وهما من العرب، وكان هناك خطر جاثم يتمثل فى "دولة الفرنجة" (فرنسا الآن)، وكانت هناك أسبانيا النصرانية التى استطاعت أن تكون مملكة فى الشمال الغربى من شبه جزيرة أيبيريا (أسبانيا).
ولقد استطاع أهل مدينة سرقسطة مع واليهم أن يصدوا هجوم شارلمان سنة 161هـ/ 778م.
وقد استطاع عبد الرحمن أن ينافس العباسيين فى بغداد، وفاقت حضارة بلاده حضارات الدولة الأوربية المعاصرة لها، فقد أعاد عبد الرحمن بناء مسجد قرطبة، وأنشأ فيها الحدائق والبساتين والقصور، واهتم بالعلم والعلماء.
وعاش من فى الأندلس من مسيحيين ويهود عيشة هانئة آمنة سعيدة فى ظل التسامح الإسلامى، حتى توفى عبد الرحمن سنة 172هـ/97_م، وعاشت الدولة من بعده قرنين ونصف قرن من الزمان! ترى من سيخلف "عبد الرحمن الأموي" وهل سيصفو الجوُّ لَهُ كما صفا لمن سبقه؟
هشام الأول:
لقد حكم الأندلس بعد وفاة "عبد الرحمن الداخل" ابنه "هشام الأول"، وكان وَرِعًا تقيّا يتشّبه بعمر بن عبد العزيز -رضى الله عنه-، وكان شغفه بالجهاد، وإعلاء كلمة الدين من أخص مظاهر تقواه، فقد أرسل الحملات الكثيرة التى هزمت الفرنجة، واستولى على مدنهم، ونشر الإسلام فيها، وكان ينفق الأموال الطائلة فى افتداء أسرى المسلمين حتى لم يَبْقَ فى قبضة العدو منهم أحد، رتب فى ديوانه أرزاقًا لأسر الجند من الشهداء، وفى عهده جُعلت اللغة العربية لغة التدريس فى معاهد اليهود والنصارى، وكان ذلك سببًا فى استقرار البلاد وهدوء الخلافات بين النصارى والمسلمين، ووقوف النصارى على حقيقة الإسلام، ودخول الكثيرين منهم فى الإسلام.
وكان يحب مجالس العلم والفقه والأدب، وكان معاصرًا للإمام مالك، وكان الإمام مالك يحبه ويعجب بسيرته، ولذلك انتشر مذهب الإمام مالك فى الأندلس فى عهد هشام، ولشدة عدله وتقواه قصده كثير من العلماء والفقهاء.
وكان يرسل الوعاظ إلى جميع أجزاء مملكته للأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وكان يعود المرضى، ويخرج فى الليالى العاصفة وهو يحمل الطعام لأحد الزهاد، حتى إذا بلغ داره جلس بجانبه يؤنسه ويرعاه، ويرسل من يثق فيهم من رجاله إلى بلاد الأندلس ومدنها، يسألون الناس عن أحوالهم وسيرة عماله فيهم، فإذا انتهى إليه أن أحدهم أسرف عزله عن عمله، وكان يهتم بالزكاة فيجمعها وينفقها فى وجوهها. ولقى هشام ربه سنة 180هـ/ 796م.
الحكم الأول:
وجاء بعد هشام ابنه الحكم الأول، وكان حازمًا شجاعًا قويًا على أعدائه، كريمًا يميل إلى العفو، فطنًا، حسن التدبير، واسع الحيلة، يؤثر العدل، ويحرص على إقامته، ويختار لقضائه أفضل الناس وأكثرهم نزاهة وورعًا، وكان يسلط قضاته على نفسه وولده وخاصته، وكان قاضيه محمد بن بشير من أعظم القضاة نزاهة واستقلالا فى الرأى والحكم، وكان الحكم خطيبًا مفوهًا وشاعرًا مجيدًا، نظم الشعر فى مناسبات مختلفة.
واهتم بالعمران والصناعة والزراعة، وكان محبّا للثقافة، نصيرًا للعلوم والآداب، يحشد حوله جمهرة من أكابر العلماء والأدباء والشعراء، مثل العلامة الفلكى الشهير عباس بن فرناس.
وقد اشتهر ببره بأهل بيته، وإغداقه النعم على أقربائه، وكان يعشق الفلك، ويهتم بدراسته، وكان ابن فرناس، وعبيد الله بن الشمر من أساتذته فى هذا الفن، وكان يقربهما ويجرى عليهما الأرزاق.
وفى عهده ازداد شأن الحكومة الإسلامية عند بلاد الفرنجة، وصارت لها مكانتها ومنزلتها بين حكومات هذه البلاد الفرنجية، وصارت الدولة الإسلامية توفد سفاراتها إلى كل هذه الدول، وتوفى سنة 206هـ/228م.
عبدالرحمن الثانى:
ويتولى الأمر فى "الأندلس" عبد الرحمن الثانى (الأوسط) ولكن الوضع فى عهده كان يختلف عمن قبله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/57)
لقد امتاز عهده بالهدوء والسلام الداخلى بعد أن قضى على الثورات والفتن الداخلية، وقضى على غارات النورمان على الأندلس، فنهض لإصلاح البلاد؛ مما أدى إلى ازدهار الحياة بها ونمائها حتى راحت تنافس دولة العباسيين فى النهضة العلمية، وفى التقدم الاقتصادى والحضارى. وقد أنشأ دارًا كبيرة فى أشبيلية لصناعة السفن، كانت نواة للأسطول الإسلامى الأندلسى الذى ازدهر فى أيام عبد الرحمن الناصر.
وظلت الأندلس تنعم بحياة مزدهرة حتى لقى الأمير عبد الرحمن الأوسط ربه سنة 238هـ/ 853م.
ثلاثة أمراء:
وتمر السنوات سراعًا فيتغير حال الأندلس، وتضطرب الأمور نتيجة للثورات الداخلية، ويتوالى على الحكم ثلاثة من الأمراء:
الأول: محمد بن عبد الرحمن (الأول)، وكان فاضلا مهتمّا بأحوال المسلمين، والعناية بمصالحهم وثغورهم، حاول الحفاظ على الدولة الإسلامية بالأندلس من التفكك والضعف. ولكن الأحداث كانت تجرى على غير ما يشتهى، ومع ذلك فقد أرسل الحملات الكثيرة لتأديب الثائرين وقمع المعتدين، وكان يخرج بنفسه على رأس حملات لغزو النصارى ورد كيدهم، وقوّى الجيش وأعد الحصون، وخفف الضرائب عن الناس رغم كثرة الحروب، واكتفى بدعوتهم للتطوع للجهاد فى سبيل الله، وكان يُقرب العلماء والفقهاء، ونال الفقهاء فى عصره كثيرًا من الرعاية، ومع أن مدته كانت حربًا عسكرية فإنه قام بالعديد من الإصلاحات، مثل بعض التجديدات والإضافات الكثيرة فى المسجد الجامع بقرطبة.
الثانى: المنذر بن محمد وكان قويّا شجاعًا حازمًا مع زعماء الفتنة يخافونه ويهابونه، ولولا وفاته المفاجئة لقضى على هذه الفتن، وكان من أصلح أمراء بنى أمية وأحسنهم خلقًا، وكان يؤثر مجالس العلماء والشعراء ويعظمهم، وكان يلجأ إلى أهل العلم لاستشارتهم.
الثالث: عبد الله بن محمد الذى استمر حكمه حتى سنة 300هـ/913م.
وكان الوضع السياسى خلال فترة هؤلاء الثلاثة منذرًا بأسوأ حال، فلقد تمزقت وحدة البلاد، وانحسر الحكم الأموى عن البلاد، ولم يبقَ فى يد الأمراء المسلمين إلا قرطبة، بينما انقسمت الدولة الأندلسية إلى دويلات مستقلة حتى قيض الله لها فى القرن الرابع الهجرى، العاشر الميلادى من يأخذ بيدها، فقد بلغت البلاد من القوة والازدهار وذيوع الصيت ما لم تبلغه من قبل فى عهد عبد الرحمن الناصر (300 - 350هـ/ 913 - 961م) كذلك كانت ولاية حكم المستنصر (350 - 366هـ/961 - 977)، والأسرة العامرية خيرًا وبركة على الدولة الإسلامية حتى نهاية القرن الرابع الهجرى.
ملوك الطوائف:
شاء الله أن تدخل الأندلس فى القرن الخامس الهجرى، الحادى عشر الميلادى دورًا طويلا من التفكك الداخلى بين أجزائها على أيدى ملوك مسلمين أَطلق عليهم التاريخ اسم "ملوك الطوائف"، وما زال هؤلاء الملوك يتناحرون فيما بينهم حتى سقطت طُلَيْطِلَة فى أيدى الأسبان، وهنا ظهر المرابطون، وهم جماعة من البربر الأشداء ظهروا فى بلاد المغرب، واستطاعوا حكمها حتى استنجد بهم المسلمون فى الأندلس بعد سقوط طليطلة، فأوقعوا بالأسبان الصليبيين هزيمة ساحقة على يد الزعيم المرابطى العظيم يوسف بن تَاشَفِين، ومضى خلفاء يوسف على ذلك العهد من الجهاد للأعداء والحفاظ على الأندلس حتى ضعفت دولتهم، وورثها الموحدون وهم يشبهون المرابطين فقد كانوا أيضًا من البدو الذين حكموا المغرب، ثم عبروا إلى الأندلس مجاهدين ليمدوا فى عمر المسلمين هناك عصورًا أخرى من الغزو والحضارة، فلما ضعف الموحدون انقسمت الأندلس بين زعمائها حتى ظهر بنو الأحمر فى "عُمْر ناقة" فأقاموا بها ملكًا عظيمًا.
مظاهر الحقد الصليبى:
لقد ظهر الحقد الصليبى فى أبشع صوره بعد سقوط طليطلة، فقد حولوا جامعها إلى كنيسة على يد الفونس السادس، الحاكم الأسبانى، ولم يسلم مسلم من أذاهم، وتجلى حقدهم الأعمى على الإسلام والمسلمين، فأعملوا فيهم القتل والتعذيب والإحراق، وما تزال صحائف محاكم التفتيش السود تنطق بما حَلّ بالمسلمين، تلك التى أقاموها للمسلمين بعد أن زال سلطان المسلمين نهائىّا من أسبانيا عندما استسلم أبو عبد الله ملك "غرناطة" سنة 898هـ/ 1492م. وضاع ذلك "الفردوس" من أيدى المسلمين. لقد كان البيزنطيون يقيمون المذابح فى البلاد القريبة من الحدود البيزنطية فى الشام والجزيرة من بلاد العراق. كما ارتكبت الجرائم على أيدى الصليبيين الذين غزوا مصر والشام. وراح التتار يشنون حرب إبادة وتعذيب فى بلاد ما وراء النهر وخراسان والعراق والشام. كلهم تكالبوا على المسلمين، ونكلوا بهم، بينما كان الفتح الإسلامى كله عدل ورحمة ومحبة وتسامح وحرية للأديان، واحترام لحقوق الإنسان. لقد هدموا المساجد فى الأندلس التى تدل على تاريخ المسلمين بها، بينما بقيت الكنائس فى كل البلاد التى ظلت تحت حكم الإسلام والمسلمين، ألا فلتشهد الدنيا سماحة الإسلام والمسلمين!
ترى هل تعود الأندلس إلى أحضان المسلمين ثانية؟ لن تعود إلا بالعمل الجاد والإيمان العميق والعلم والتقدم، ووحدة الصف الإسلامي.
لقد رفضت الدولة الرومانية الدعوة السلمية التى بعث بها رسول الله (إلى ملكها ليدخل فى دين الله، وتحركت بدافع صليبى لمحاولة القضاء على الإسلام، فنشأ الصراع الحربى الذى انتهى بدخول المسلمين الشام ثم آسيا الصغرى، بالإضافة إلى مصر والنوبة وشمال إفريقية وإجلاء الرومان عنها، فزادت الضغينة، وتراكمت المرارة فى قلوب الصليبيين، فظلوا يتربصون لهذا الدين، يتمنون فرصة مواتية يكرُّون عليه فيها، ويُجْلونه عن الأماكن التى فتحها وفتح قلوب أهلها للحق.
لكنهم ما كانوا يفكرون فى ذلك والدولة الإسلامية فى قوتها وسطوتها أيام الأمويين، وأيام قوة الدولة العباسية.
فلما انتشر الترف؛ تراخى المسلمون عن رسالتهم وسادت النزاعات والشقاقات فيما بينهم.
وهنا جاءت الصليبية، واستولت على ساحل الشام فى القرنين الخامس والسادس الهجريين، ثم هب الشرق ممثلا فى الأتراك العثمانيين فأسقط الدولة البيزنطية، واستولى على البلقان. وعاد الغرب فى القرنين التاسع عشر والعشرين ممثلا فى الاستعمار الأوربى ليستولى على كثير من بلاد الشرق.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/58)
ـ[احمدعاطف]ــــــــ[13 - 06 - 08, 03:47 م]ـ
جزاك الله خيراااا واصل العطاء
ـ[عبدالمحسن المطوع]ــــــــ[13 - 06 - 08, 11:53 م]ـ
كنت كتبت تعقيبا مطولا قبيل أيام والآن لا أراه، ولكن حاصله:
أن عهد الأمارة بدأ بعبدالرحمن الداخل وأنهاه عبدالرحمن الناصر حيث أعلن نفسه خليفة، لما رآى ضعف الخلافة العباسية في العراق، ولم يتسموا بالخلافة ورعا من باب لا يجتمع خليفتان في الأرض، وكانت الخلافة العباسية إذ ذاك قوية ولكنها ضعفت على يد الأعاجم فاستلحقها عبدالرحمن الناصر.
وعهد الإسلام في الأندلس بدأ ب:
1 - عهد الولاة
2 - عهد الأمارة.
3 - عهد الخلافة.
4 - عهد الحجابة العامرية.
5 - ملوك الطوائف.
ثم بدأ حكم البربر إلى أن صارت في يد بني الأحمر الأنصارية، وعلى يدهم تم بيع آخر ما تبقى من الأندلس.(146/59)
رجل يدعي الالوهيه؟ المسيح الدجال
ـ[ريم صباح]ــــــــ[05 - 06 - 08, 01:23 ص]ـ
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن المسيح الدجال سيظهر آخر الزمان، وأنه يقول للسماء: أمطري، فتمطر، ويقول للأرض: أنبتي، فتنبت، وأنه يقتل رجلاً مؤمنًا، ثم يقول له: قم، فيقوم، ويقول له: (أنا ربك، فيقول له: كذبت؛ بل أنت الأعور الكذاب الذي حدثنا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله ما ازددت فيك إلاَّ بصيرة، وأنه يريد قتله بعد ذلك فلا يسلط عليه، وأنه يدعي الإلهية، وقد بَيَّن النبي صلى الله عليه وسلم له ثلاث علامات تدل على كذبه في دعوة الإلهية، الأولى: أنه أعور العين اليمنى، والله تعالى ليس بأعور، الثانية: أنه مكتوب بين عينيه كافر، يقرؤه كل مؤمن قارئ وغير قارئ، والثالثة: أنه يرى في الدنيا، والله تعالى لا يراه أحد حتى يموت.
يدل على ذلك ما جاء في حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه عند مسلم: في باب ذكر فتنة الدجال من قوله صلى الله عليه وسلم: "فَيَأْتِي على القوم فَيَدْعُوهُم فيُؤْمِنُونَ به ويسْتَجِيبُونَ لَهُ فَيَأْمُرُ السماء فتُمْطِرُ والأرض فَتُنْبِت .. إلى قوله صلى الله عليه وسلم عنه: ثم يَدْعُو رجلاً مُمْتَلِئًا شبابًا فَيَضْرِبُهُ بالسيفِ فَيَقْطَعُهُ جَزْلَتَيْنِ رَمْيَةَ الْغَرَضِ ثم يدعُوهُ فيُقْبِلُ ويَتَهَلَّلُ وَجْهُهُ وَيَضْحَك" [1] ( http://www.alukah.net/Fatawa/FatwaDetails.aspx?CategoryID=33&FatwaID=1211#_ftn1_ftn1)، وفي رواية أخرى لمسلم، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: قوله صلى الله عليه وسلم: "فَيَخْرُجُ إليه يومئذٍ رجلٌ هو خَيْرِ الناس أو مِنْ خَيْرِ الناس فيقول له: أَشْهَدُ أنك الدجال الذي أَخْبَرَنَا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثه، فيقول الدجال: أرأيتم إن قَتَلْتُ هذا ثم أَحْيَيْتُهُ أَتَشُكُّونَ في الأمر؟ فيقولون: لا، فَيَقْتُلُه، ثم يُحْيِيهِ، فيقول حين يُحْيِيه: والله ما كنتُ قبل قَطُّ أشدَّ بصيرةً مني الآن، قال: فيريدُ الدجالُ أن يَقْتُلَهُ، فلا يُسلَّطُ عليه" [2] ( http://www.alukah.net/Fatawa/FatwaDetails.aspx?CategoryID=33&FatwaID=1211#_ftn2_ftn2)، وعند مسلم أيضًا: "أنَّ مع الدجال ماءٌ ونارٌ؛ فنارُهُ ماءٌ باردٌ، وماؤهُ نارٌ، فلا تَهْلِكُوا" [3] ( http://www.alukah.net/Fatawa/FatwaDetails.aspx?CategoryID=33&FatwaID=1211#_ftn3_ftn3)، وهذا الأخير هو الذي يقال فيه: أنه تخييل (قَمْرَةٌ) [4] ( http://www.alukah.net/Fatawa/FatwaDetails.aspx?CategoryID=33&FatwaID=1211#_ftn4_ftn4) ، وما عداه مما ذكر من أحداثه ليست تخييلاً؛ بل حقيقة واقعة أجراها الله على يده لتكون فتنة يتميز بها الطيب من الخبيث مع إقامة الحجة على كذبه فيما يدعيه من الإلهية، قال مسلم رحمه الله: حدثنا أبو خيثمة زهير بن حرب، ثنا الوليد بن مسلم، ثني عبدالرحمن بن يزيد بن جابر، ثني يحيى بن جابر الطائي قاضي حمص، ثني عبدالرحمن بن جبير، عن أبيه جبير بن نفير الحضرمي، أنه سمع النواس بن سمعان الكلابي.
وحدثني محمد بن مهران الرازي بالسند نفسه في حديث النواس: فيأتي على القوم فيدعوهم فيؤمنون به، ويستجيبون له فيأمر السماء فتمطر والأرض فتنبت؛ فَتَرُوحُ عليهم سَارِحَتُهُم أَطْوَلَ ما كانت ذُرًى، وأَسْبَغَهُ ضُروعًا، وأَمَدَّهُ خَوَاصِر، ثم يأتي القوم فيدعوهم فيردُّونَ عليه قَوْلَه؛ فينصرف عنهم فيصبحون مُمْحِلِين ليس بأيديهم شيء من أموالهم ... - وفيه: ثم يدعو رجلاً ممتلئًا شبابًا فيضربه بالسيف فيقطعه جَزْلَتَيْنِ رَمْيَةَ الغَرَضِ، ثم يدعوه فَيُقْبِلُ ويتهلَّلُ وجهه ويضحك ... [5] ( http://www.alukah.net/Fatawa/FatwaDetails.aspx?CategoryID=33&FatwaID=1211#_ftn5_ftn5) إلخ.
وفي رواية أخرى لمسلم: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: "فيخرج إليه يومئذٍ رجل هو خَيْرُ الناس، أو مِنْ خَيرِ الناس، فيقول له: أشهدُ أنَّكَ الدجال الذي حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثه؛ فيقولُ الدجال: أرأيتُم إن قتلتُ هذا ثم أَحْيَيْتُه أتشكُّونَ في الأمر؟ فيقولون: لا، قال: فيقتله ثم يُحْيِيهِ، فيقول حين يُحْيِيهِ: والله ما كنتُ قبل قَطُّ أشَدَّ بصيرةً مني الآن، قال: فيريد الدجال أن يقتلَهُ فلا يُسَلَّطُ عليه" [6] ( http://www.alukah.net/Fatawa/FatwaDetails.aspx?CategoryID=33&FatwaID=1211#_ftn6_ftn6). اهـ. من باب ذكر الدجال من كتاب الفتن (ج 8).
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
ــــــــــــــــــــ
[1] ( http://www.alukah.net/Fatawa/FatwaDetails.aspx?CategoryID=33&FatwaID=1211#_ftnref1_ftnref1) مسلم (2937). ومعنى (جَزْلَتَيْن): أي قِطْعَتين. ومعنى (رَميةَ الغَرَض): الغَرَض: الهَدَف؛ أي: أن الضربة تُصيبه إصابة هادفةً لا تخطئ. أو أن المعنى: بُعْدُ ما بين القطعتين بقدر رمية السهم إلى الهدف.
[2] ( http://www.alukah.net/Fatawa/FatwaDetails.aspx?CategoryID=33&FatwaID=1211#_ftnref2_ftnref2) مسلم (2938).
[3] ( http://www.alukah.net/Fatawa/FatwaDetails.aspx?CategoryID=33&FatwaID=1211#_ftnref3_ftnref3) البخاري (7130)، ومسلم (2934).
[4] ( http://www.alukah.net/Fatawa/FatwaDetails.aspx?CategoryID=33&FatwaID=1211#_ftnref4_ftnref4) أي: غلبة السحر على العينين أو خدعه إياها.
[5] ( http://www.alukah.net/Fatawa/FatwaDetails.aspx?CategoryID=33&FatwaID=1211#_ftnref5_ftnref5) مسلم (2937).
[6] ( http://www.alukah.net/Fatawa/FatwaDetails.aspx?CategoryID=33&FatwaID=1211#_ftnref6_ftnref6) مسلم (2938).(146/60)
رحمة النبي - صلى الله عليه وسلم - بالأسرى
ـ[ريم صباح]ــــــــ[05 - 06 - 08, 01:27 ص]ـ
في الوقت الذي كانت فيه الحروب الجاهلية لا تعرف أيسر قواعد أخلاقيات الحرب، ظهر النبي – صلى الله عليه وسلم - بمبادئه العسكرية؛ ليشرِّع للعالمين تصوراً شاملاً لحقوق الأسرى في الإسلام.
وفي هذا العصر الحديث، الذي نرى فيه المنظمات الدولية قد شرَّعت بنوداً نظرية – غير مفعَّلة ولا مطبَّقة – لحقوق الأسرى، كاتفاقية جنيف، بشأن معاملة أسرى الحرب، ورعايتهم جسدياً ونفسياً.
وخير دليل على عدم تطبيق هذه الاتفاقيات، ما فعله الصرب بمسلمي البوسنة والهرسك وكوسوفا، من مذابح يندى لها جبين البشرية، ولقد أنشأ الصرب معسكراتٍ أُعدت خصيصى لاغتصاب المسلمات.
وما يفعله الصهاينة في فلسطين، وما فعله الأمريكان في العراق وأفغانستان والسودان والصومال من فساد في الأرض، وإهلاك للحرث والنسل، ومذابح جماعية للأسرى والضعفاء، وهتكٍ للأعراض الطاهرة، في معتقلات – سرية أو علنية - لا تعرف أي معنى لكرامة الإنسان.
في حين نرى رسولنا – صلى الله عليه وسلم - يشرِّع قبل هذه المنظمات بمئات السنين حقوقاً شاملة وجامعة للأسرى، أضف إلى ذلك أن النبي – صلى الله عليه وسلم - لم يجعل هذه الحقوق بنوداً نظرية بعيدة عن واقع الحروب – كما هو الحال في عصرنا - بل جعلها منهجاً عملياً، وطبقها بنفسه في غزواته، وطبقها الصحابة والتابعون - من بعدهم - في السرايا والمعارك الإسلامية.
إن في إكرام النبي – صلى الله عليه وسلم - للأسرى، مظهراً فريداً من مظاهر الرحمة، في وقت كانت تُستَباح فيه الحرمات والأعراض.
"وكثيراً ما أطلق - صلى الله عليه وسلم - سراح الأسرى في سماحة بالغة، برغم أن عددهم بلغ في بعض الأحيان ستة آلاف أسير" [1] ( http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=63&ArticleID=547#_ftn1_ftn1).
يقول لويس سيديو: "والكل يعلم أنه - صلى الله عليه وسلم - رفض - بعد غزوة بدر- رأْيَ عمر بن الخطاب في قتل الأسرى، وأنه صفح عن قاتل عمِّه حمزة، وأنه لم يرفض - قط - ما طُلب إليه من اللطف والسماح" [2] ( http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=63&ArticleID=547#_ftn2_ftn2).
نماذج في معركة بدر (17 رمضان 2هـ)
لقد استشار النبي - صلى الله عليه وسلم – وزراءه من الصحابة في أُسارى بدر؛ فأشار عليه أبو بكر - رضي الله عنه - أن يأخذ منهم فدية؛ فهم بنو العم، والعفو عنهم أحسن، ولعل الله أن يهديهم إلى الإسلام، وقال عمر - رضي الله عنه -: "لا، والله ما أرى الذي رأى أبو بكر، ولكن أرى أن تمكننا فنضرب أعناقهم؛ فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها".
فهوى النبي – صلى الله عليه وسلم - ما قال أبو بكر، ولم يهوَ ما قال عمر، فلما كان من الغد أقبل عمر؛ فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبكى هو وأبو بكر؛ فقال عمر: "يا رسول الله، من أي شيء تبكي أنت وصاحبك؛ فإن وجدت بكاء، بكيت، وإن لم أجد بكاء، تباكيت؛ لبكائكما؟ فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: "أبكي للذي عرض على أصحابك من أخذهم الفداء؛ لقد عرض علي عذابهم أدنى من هذه الشجرة"، وأنزل الله – تعالى - قوله: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ} [الأنفال: 67].
وقد تكلم العلماء في أي الرأيين كان أصوب؛ فرَجَّحَت طائفة قول عمر؛ لهذا الحديث، ورجحت طائفة قول أبي بكر؛ لاستقرار الأمر عليه، وموافقته الكتاب الذي سبق من الله بإحلال ذلك لهم، ولموافقته الرحمة التي غلبت الغضب، ولتشبيه النبي – صلى الله عليه وسلم – لأبي بكر في ذلك بإبراهيم وعيسى، وتشبيهه لعمر بنوح وموسى، ولحصول الخير العظيم، الذي حصل بإسلام أكثر أولئك الأسرى، ولخروج من خرج من أصلابهم من المسلمين، ولحصول القوة التي حصلت للمسلمين بالفداء، ولموافقة رسول الله – صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر أولاً، ولموافقة الله له آخراً؛ حيث استقر الأمر على رأيه، ولكمال نظر الصديق؛ فإنه رأى ما يستقر عليه حكم الله آخراً، وغلَّب جانب الرحمة على جانب العقوبة [3] ( http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=63&ArticleID=547#_ftn3_ftn3).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/61)
وحين أُتي بالأسارى - بعد بدر - فرَّقهم النبي– صلى الله عليه وسلم - بين أصحابه وقال: ((استوصوا بهم خيراً)) [4] ( http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=63&ArticleID=547#_ftn4_ftn4) ، وبهذه الوصية النبوية الرفيعة، تحقق في هذا الجيل الإسلامي الفضيل قول الله تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً} [الإنسان: 8].
وهذا أبو عزيز بن عمير، أخو مصعب بن عمير، يحدثنا عما رأى، فيقول: "كنت في الأسرى يوم بدر [5] ( http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=63&ArticleID=547#_ftn5_ftn5)، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((استوصوا بالأسارى خيراً)) [6] ( http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=63&ArticleID=547#_ftn6_ftn6). وكنت في رهط من الأنصار حين أقبلوا بي من بدر؛ فكانوا إذا قدَّموا غداءهم وعشاءهم خصوني بالخبز وأكلوا التمر؛ لوصية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إياهم بنا؛ ما تقع في يد رجل منهم كِسرة خبز إلا نفحني بها، قال: فأستحيي؛ فأردُّها على أحدهم؛ فيردها عليَّ ما يمسها" [7] ( http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=63&ArticleID=547#_ftn7_ftn7).
ويقول جابر بن عبدالله - رضي الله عنه -: "لما كان يوم بدر، أُتي بالعباس، ولم يكن عليه ثوبٌ؛ فنظر النبي – صلى الله عليه وسلم - له قميصاً؛ فوجدوا قميص عبدالله بن أُبي يقدر عليه فكساه النبي – صلى الله عليه وسلم - إياه" [8] ( http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=63&ArticleID=547#_ftn8_ftn8).
كان هذا الخُلق الكريم، الذي غرسه القائد الرحيم – صلى الله عليه وسلم - في أصحابه وجنده وشعبه، قد أثَّر في إسراع مجموعة من كبراء الأسرى وأشرافهم إلى الإسلام؛ فأسلم أبو عزيز عقب معركة بدر، بُعيد وصول الأسرى إلى المدينة، وتنفيذ وصية النبي - صلى الله عليه وسلم - وأسلم معه السائب بن عبيد.
وعاد الأسرى إلى بلادهم وأهليهم، يتحدثون عن محمد – صلى الله عليه وسلم - ومكارم أخلاقه، وعن محبته وسماحته، وعن دعوته، وما فيها من البر والتقوى والإصلاح والخير [9] ( http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=63&ArticleID=547#_ftn9_ftn9).(146/62)
((الأندلسيون في الشام))
ـ[هشام زليم]ــــــــ[06 - 06 - 08, 12:42 ص]ـ
قال عليه الصلاة و اسلام" إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم، لا تزال طائفة من أمتي منصورين لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساع"ة
الراوي: قرة بن إياس المزني -: صحيح على شرط الشيخين - المحدث: الألباني - المصدر: السلسلة الصحيحة - الصفحة أو الرقم: 403
-و قال أيضاعليه الصلاة و السلام" صفوة الله من أرضه الشام، و فيها صفوته من خلقه و عباده، و ليدخلن الجنة من أمتي ثلة لا حساب عليهم و لا عذاب "
الراوي: أبو أمامة الباهلي: صحيح - المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 3765
من كتاب" انبعاث الإسلام بالأندلس" للدكتور علي الكتاني رحمه الله. الصفحة 407 - 409.
"كان لبلاد الشام موقع خاص في نفوس المغاربة و الأندلسيين لما ورد في فضلها من أحاديث صحيحة, هاجر إليها عبر القرون عدد كبير من خاصتهم و عامتهم, قبل سقوط غرناطة و بعدها. وممن ذكر المقري في "نفح الطيب" أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله بن حصن, هاجر إلى بلاد الشام وولي الحسبة بها أيام الحاكم العبيدي سنة 395ه, وتوفي بدمشق سنة 404ه. و منهم أبو محمد بن عبد العزيز بن عبد الله السعدي (من شاطبة) , قذم دمشق و صنف غريب الحديث على حروف المعجم , توفي بحوران سنة 465ه. ومنهم أبو عبد الله محمد بن عيسى بن بقاء الأنصاري (من بلغي بالثغر الأعلى) , أخذ القراءات و رحل حاجا فقدم دمشق و قرأ بها القرأن بالسبع, وتوفي بها سنة 512ه.
و من أندلسيي القرن السادس الذين قدموا إلى بلاد الشام أبو حامد محمد بن عبد الرحيم المازني (من غرناطة) , رحل إلى مصر و خراسان, ثم رجع إلى الشام و استقر بحلب, وكان حافظا عالما أديبا, توفي بدمشق سنة 565 ه عن 92 سنة. منهم أبو الحكم عبيد الله بن المظفر المغربي (من ألمرية) , جمع بين الأدب و الطب, و له ديوان شعر, توفي بدمشق سنة 459ه عن 63 سنة. منهم أبو الأصبح عبد العزيز بن علي بن الطحان (من إشبيلية) , رحل إلى مصر ثم إلى بلاد الشام حيث استقر بحلب, واختص في القراءات و التجويد و له شعر جيد, توفي بحلب عن 61 سنة عام 559ه. و منهم أبو عبد الله محمد بن علي بن ياسر الأنصاري (من جيان, زميل المؤرخ ابن عساكر, اختص في القراءات, استقر بحلب و توفي بها سنة 563ه. و منهم الشيخ الإمام الولي العارف أبو عبد الله محمد بن أحمد القرشي الهاشمي (من الجزيرة الخضراء) , انتقل إلى مصر ثم سافر إلى الشام فاستقر ببيت المقدس إلى أن مات سنة 599ه و هو ابن55 سنة. و منهم الطبيب الصوفي أبو الفضل محمد عبد المنعم الغساني (من جليانة من أعمال غرناطة) , قدم إلى القاهرة و سار إلى دمشق, كان يقال له حكيم الزمان, توفي بدمشق سنة602ه. و منهم النحوي أبو الحسن علي بن محمد بن خروف القيسي (من قرطبة) , له شرح كتاب سيبويه و كتب في الفرائض, وله شعر, استقر في حلب و توفي بها سنة 602ه.
و من أندلسيي القرن السابع المهاجرين إلى بلاد الشام الصوفي الشهير أبو بكر عتيق بن أحمد بن عبد الباقي الأندلسي المتوفى سنة 616ه عن سن عالية. ومنهم الأديب الفقيه أبو العباس أحمد بن تميم البهراني (من لبلة) , جال في بلاد الإسلام من العراق إلى خراسان و استقر بدمشق حيث توفي سنة 625ه. و منهم الصوفي الشهير أبو الحسن بن أحمد الحرالي (من حرالة بأعمال مرسية) , ولد بمراكش و رجع إلى الأندلس, ثم انتقل إلى المشرق و استقر ببلاد الشام حيث توفي بحماة سنة 637ه. و منهم الصوفي الظاهري المشهور الشيخ الأكبر محي الدين ابن عربي الحاتمي (من مرسية) , ولد بمرسية في 10 رمضان سنة 560ه, و انتقل إلى إشبيلية سنة 568ه حيث قرأ, و ارتحل إلى المشرق سنة 598ه فدخل مصر و الحجاز و العراق و بلاد الروم, ثم استقر في دمشق حيث توفي في 28 ربيع الثاني سنة 628 ه, و قبره بها يزار إلى يومنا هذا. و منهم الاديب الشيخ نور الدين أبو الحسن المايورقي (من مايورقة) , له نظم حسن, رحل إلى المشرق و استقر بدمشق حيث توفي سنة 655ه. و منهم النحوي الشهير محمد بن عبد الله بن مالك (من جيان) , صاحب التسهيل و الألفية, ولد سنة 600ه و استقر بدمشق حيث درس إلى أن توفي حوالي سنة 680ه. و منهم الشيخ الإمام العالم العامل الزاهد أبو بكر محمد بن أحمد البكري (من شريش) صاحب المصنفات المفيدة,
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/63)
هاجر إلى بلاد الشام و تولى مشيخة الصخرة بالحرم القدسي و مشيخة المالكية بدمشق, وعرض عليه القضاء فرفض, توفي بدمشق سنة 685ه عن 84سنة. ومنهم أبو بكر محمد بن أحمد الوائلي (من شريش) , رحل إلى الإسكندرية وبغداد, ثم انتقل إلى الشام حيث ولي مشيخة المدرسة بالقدس و مشيخة الرباط الناصري بالجبل, وأقام في دمشق يفتي و يدرس, كان أحد أئمة العربية و اتلفقه و التفسير و الأصول, توفي بدمشق سنة 685ه, و منهم الإمام المحدث الزاهد زكي الدين أبو إسحاق إبراهيم بن عبد العزيز (من لورة من أعمال إشبيلية) , سمع بمصر و دمشق و حلب و أفتى و درس, وهو أول من باشر بظاهرية دمشق مشيخة الحديث, توفي بدمشق سنة 678ه عن نيف و سبعين سنة. ومنهم الشاعر النحوي أبو الوليد نحند بن الجنان (من شاطبة) , قصد مصر و دمشق و حلب, توفي بدمشق حوالي سنة 690ه و دفن بسفح جبل قاسيون. ومنهم أبو عبد الله محمد بن نوح (من إشبيلية) , حصل على الكثير في علم القرأن و الادب و له نظم و نثر, جال الأقطار المغربية و المشرقية و استقر بدمشق حيث توفي سنة 699 ه عن 68سنة.
و من أندلسيي القرن الثامن الذين هاجروا غلى بلاد الشام الإمام المقرئ الزاهد أبو عبد الله محمد بن غصن (من الجزيرة الخضراء) , كان عارفا بمتون الحديث و أحكامه, أقرأ القرأن بمكة و المدينة و القدس, وله مصنفات في القراءات, توفي ببيت المقدس سنة 723ه عن سن عالية. ومنهم أبو عبد الله بن جابر الضرير (من المرية) , صاحب بديعية العميان, له أمداح نبوية كثيرة و تأليف منها " شرح ألفية بن مالك" و ديوان شعر, دخل مصر و الشام و استوطن حلب و بها توفي في أواخر القرن الثامن. و منهم رفيقه أبو جعقر الألبيري (من ألبيرة) , له كذلك نظم بديع و تأليف جمة منها " شرح لبديعية ابن جابر", توفي بحلب أواخر القرن الثامن.
و انتقل إلى بلاد الشام, خاصة الساحب اللبناني و دمشق و بيت المقدس, جم غفير من الأندلسيين بعد سقوط غرناطة أيام الدولة المملوكية, وبعد طرد سنة 1609م أيام الدولة العثمانية, كما انتقلت إليها عائلات أندلسية من المغرب و الجزائر و تونس. غير أن ذكرى الأندلس لم تبق إلا في بعض هذه العائلات , منها بدمشق علئلة الألشي, نسبة إلى الش بمقاطعة لقنت, و المالقي, نسبة إلى مالقة, وبحلب عائلة بلانكو و منها مفتي الجمهورية السورية السابق, و غيرها من العائلات. و تستحق العائلات الأندلسية ببلاد الشام دراسة خاصة عبر الوثائق العثمانية."(146/64)
علامة نجد في زمانه أحمد بن محمد المنقور التميمي
ـ[سلطان التميمي]ــــــــ[06 - 06 - 08, 12:52 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
بحثت في الشبكة عن ترجمة لهذا العلم الكبير فوجدت ترجمة مقتضبة لاتستحق النشر فقمت بهذا الجهد المتواضع
1 - نسبه:
عرفه الشيخ محمد بن عبد العزيز بن مانع التميمي في ترجمة التي وضعها في مقدمة كتاب في للشيخ المنقور, فقال ((هو الشيخ أحمد بن محمد التميمي الشهير بالمنقور , ينتهي نسبه إلى سعد بن زيد مناة بن تميم , والمنقور لقب له، لأنه من قبيلة قيس بن عاصم المنقري الصحابي رضي الله عنه)) كمافعل أيضا بن حميد النجدي.
2 - نشأته ومولده:
ولد الشيخ احمد المنقور في الثاني عشر من ربيع الأول من عام 1067هـ , كما يروي هو عن والده , في حوطة سدير ونشأ فيها , وترعرع , وفقد والدته وهو في الثانية من عمره , ومعها فقد عمه سليمان في العام نفسه.
وتوفي والده بعد عشر سنوات من وفاة والدته.
3 - أولاده وبناته:
رزق الشيخ احمد بأول مولد له أرخ له في كتابه عام 1092هـ , أي وهو في الخامسة والعشرين من عمره.
وأبنائه بالترتيب هم:
1 - محمد
2 - إبراهيم
3 - غالية
4 - هيفاء
5 - عبد الرحمن
6 - موضي
4 - رحلاته للحج:
حج رحمه الله أكثر من مرة وكانت أول حجاته في عام 1091هـ وعام 1092هـ , وعام 1093هـ , وعام 1096هـ.
5 - طلبه للعلم:
قد كثرت رحلاته خارج مدينة سدير فقد رحل للرياض لطلب العلم على شيخها فضيلة الشيخ عبد الله بن ذهلان , قاضيها فقرأ عليه متن الإقناع وقد ذكر في تاريخه انه قرأ عليه خمس مرات بتواريخها.
6 - مشايخه:
لم يذكر في ولا غير شيخه عبد الله بن محمد ذهلان.
7 - تلاميذه:
أما تلاميذه فلم يذكر غير ابنه إبراهيم فهو الذي ورثه أباه في العلم وأصبح قاضي سدير في وقته.
8 - مؤلفاته:
1 - الفواكه العديدة في المسائل المفيدة.
2 - جامع المناسك الثلاثة الحنبلية.
3 - تاريخ الشيخ أحمد بن محمد المنقور.
9 - وفاته:
توفي الشيخ احمد المنقور في السادس من جمادى الأولى من عام 1125هـ
وله من العمر ثمان وخمسين سنه ولم يذكر مكان وفاته رحمه الله.
10 - المراجع
ــ تاريخ الشيخ أحمد بن محمد المنقور.
ــ ترجمة للشيخ محمد بن عبد العزيز بن مانع في أول كتاب الفواكه العديدة.
ــ السحب الوابله لأبن حميد النجدي ثم المكي.
ــ عنوان المجد عثمان بن بشر.
ــ تسهيل السابلة لابن عثيمين.
ــ علماء نجد خلال ثمانية قرون عبد الله بن بسام.
بحث أعده ونقله للشبكة
سلطان العنقري التميمي
ـ[المغربي أبو عمر]ــــــــ[25 - 09 - 09, 09:49 ص]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[الفايد]ــــــــ[25 - 09 - 09, 09:56 ص]ـ
بارك الله فيك
ـ[أبو حاتم المهاجر]ــــــــ[25 - 09 - 09, 10:21 ص]ـ
اللهم أرحم عبدك " سلطان " اللهم فسحه له في قبره ونوره عليه واجعل ماعندك خير له مما عندنا.
آمين آمين آمين(146/65)
العالم المصلح المفتي النحوي المدرس عبد الكريم الفكون
ـ[ابو مريم الجزائري]ــــــــ[09 - 06 - 08, 06:16 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
هذه ترجمة لشخصية لجزائرية فذة كانت لها إشعاعات على مستويات عديدة في بلده الجزائر و في غيرها من البلدان الإسلامية، وذلك من خلال لقاءاته أو مراسلاته مع العلماء و الشيوخ و الرؤساء أثناء قيادته لركب الحج الجزائري لمدة تصل إلى عشرين (20) سنة، أو من خلال دروسه و إجازاته، و بالأخص من خلال تآليفه العديدة التي تفصح عن باعه الطويل في العلم واقتداره على ممارسة الكتابة بجدارة واستحقاق. ولقد وظف علمه وقلمه للدفاع عن الشريعة الإسلامية، محارباً لأهل الادعاء والبدع من علماء السلطان و أصحاب المذاهب الكاذبة كالمعتزلة و الخوارج و الروافض، و أدعياء الصوفية الدجالين، منتصراً في كتاباته لأهل الاقتداء والورع.
مولده و نسبه وعائلته:
ولد عبد الكريم الفكون بقسنطينة سنة 988 هـ / 1580 م، و هي السنة نفسها التي توفي فيها جده عبد الكريم بن قاسم الفكون فسمي باسمه، و ينتمي مترجمنا عبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم بن قاسم ين يحي الفكون [ويخطأ البعض من مترجميه فيطلقون عليه اسم محمد بن عبد الكريم كما فعل الرحالة المغربي أبي سالم العياشي في " الرحلة العياشية، ج 2، ص. 206 "] لأحد أعرق وأشهر البيوتات العلمية في مدينة قسنطينة: بيت آل الفكُّون، و التي توارث أفرادها منذ عهد بعيد المجد و الرئاسة، و العلم و الصلاح، يرجع أصلها إلى قبيلة تميم العربية، إذ نجد أن أفرادها يتبعون القابهم بهذه النسبة (بني تميم)، و لكن العلامة عبد القادر الراشدي (ت سنة 1194 هـ / 1780 م) الذي كان يشغل منصب مفتي الحنفية والقضاء بقسنطينة في القرن الثاني عشر هجري / أواخر القرن الثامن عشر الميلادي ينكر هذه النسبة و يذكر في آخر صفحة من كتابه " عقد اللآلئ المستضيئة لنفي ظلام التلبيس " أن نسب الأسرة ينتهي الى " فكونة" يقول الراشدي: " .... وأولاد نعمون من توابع الحفاصة من هنتاتة و أولاد المسيح من بني مرداس بن عوف السلمي و أولاد الخيتمي من ختيمة قرية باوراس و أولاد الفقون من فكونة قرية بأوراس ايضا، و لم يتحر نسبهم كمن قبلهم"
و قد اصبحت هذه العائلة في العهود الاخيرة تعرف بعائلة سيدي الشيخ، و لا يزال إلى يومنا هذا أبناء الشيخ الفقون (تغير لقبهم كما تلاحظ الى الفقون بثلاث نقاط فوق القاف، كما ينطق إخواننا المصريين الجيم) في مدينة قسنطينة يتمتعون بنفوذ و جاه كبيرين.
و مهما قيل في أصل هذه العائلة و نسبها فمن المؤكد انها من الاسر العريقة بقسنطينة، اذ تعود في أصولها الى القرن السادس الهجري فمن أجداده المتقدمين الفقيه الأديب ابي علي الحسن بن علي (عمر) الفكُّون القسنطيني، صاحب الرحلة المنظومة التي قام بها من بلدته قسنطينة إلى مراكش أواخر القرن السادس الهجري و مطلعها:
ألا قل للسرى ابن السرى ... إلى البدر الجواد الأريحي
و قد ترجم له الغبريني في " عنوان الدراية " و حلاه بقوله: " و هو من الفضلاء، و كان رفيع القدر، و من له الحظوة و الاعتبار، و كان الأدب له من بابا الزينة و الكمال .... و أصله من قسنطينة من ذوي بيوتاتها و من كريم أروماتها "
و هي العائلة التي اشتهرت بكثرة الأموال و الأملاك الواسعة التي كانت تنفقه في وجوه البر و الإحسان، كما أصبحت تتمتع بنفوذ روحي كبير خاصة بعد تكليفها برئاسة ركب الحج الجزائري إلى الحجاز مع ما يكسبه هذا المنصب من احترام و مكانة في الجزائر و الحجاز و البلدان الاسلامية التي يمر بها، كما كانت لهم في قسنطينة زاوية تحمل اسمهم لاستقبال الضيوف من الفقراء و الغرباء، و إيواء العلماء و الطلاب العالم المصلح المفتي النحوي المدرس كما قلنا سابقا، و لهم أيضا مدرسة مفتوحة لطلبة العلم من كل القطر الجزائري، و حتى من الدول الإسلامية المجاورة، و ممن اشتهر من هذه العائلة و ذاع صيته في الافاق، عبد الكريم الفكون (الجد) (ت 988 هـ) و الذي كان أول من تولى وظيفة الامامة و الخطابة من عائلة الفكون بالجامع الكبير بقسنطينة خلال العهد العثماني بعد سنة 975 هـ، و قد ترجم له حفيده عبد الكريم الفكون في " منشور الهداية " فقال عنه: " كان منشغلا بما يعنيه دينا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/66)
و دنيا معتكفا على الاقراء و التدريس، و كان إماما بالجامع الأعظم و خطيبه، و ممن يرجع إلى قوله في النوازل و الأحكام و كانت الولاية اغلب عليه، مواظبا على الأذكار و قيام الليل إلى أن مات ".
و منهم والده الذي تولى جميع وظائف أبيه من إمامة و خطابة بالجامع الكبير بقسنطينة و قد توفي أثناء رجوعه من الحج في مكان بين الحجاز و مصر سنة 1045 هـ " و كان فقيها صوفيا، و ربما يرجع إليه في المسائل و الافتاء، و كان ذا سمت و تعفف و أوراد و قيام الليل "
و قد استطاعت عائلة الفكون خلال العهد العثماني أن تتحصل على امتيازات كثيرة وان تحتل مكانة اجتماعية مرموقة بسب سمعتها الدينية و العلمية، و ثروتها الطائلة، و وقد نوه به وبأسرته ـ نظماً ونثراً ـ معاصره العلامة الأديب أحمد المقري التلمساني نزيل فاس ثم القاهرة (ت 1041 هـ). يقول: " فهو العالم الذي ورث المجد لا عن كلالة، وتحقق الكل أن بيته شهير الجلالة، بيت بني الفكُّون، هضاب العلم والوقار والسكون، لا زال الخلف منهم يحيون مآثر السلف.
ودام عبد الكريم فردا ... في العلم والزهد والولاية
فهو الذي حاز فضل سبق ... وصار في الزمان آية "
طلبه العلم وشيوخه:
نشأ الفكون في كنف والده الذي هو كان أول شيوخه فحفظ على يديه القرآن الكريم و تلقى المبادئ الأولية للعلوم في زاوية العائلة، ثم عكف على تحصيل مختلف العلوم الشرعية و اللغوية، ثم تولاه كبار شيوخ عصره من امثال:
- سليمان القشي الذي قال عنه في " منشور الهداية " ص 60: " ومن اشياخنا في البداءة الشيخ البركة ابو الربيع سليمان بن أحمد القشي نسبا، أصله من بلدة نقاوس [تابعة لولاية باتنة و هي مشهورة بفاكهة المشمش،و منها العصير الذي يباع بكثرة في الجزائر] وانتقل الى قسنطينة مراهقا بعد موت والده سنة ثلاث وستين ... ورحل الى مصر يقصد الحجاز فعاقه عائق تخلف في الجامع الازهر فقرأ على شيخ عصره العلامة البحر الفهامة ابي النجاة سالم السنهوري المختصر و الرسالة و الألفية و ألفية العراقي، و اقام بها مدة ثم رجع الى قسنطينة ... و قد انتفع به خلق كثير لقرب عبارته و وسع صدره، فلا تجد المبتدئ يقرأ الا اليه لبساطة كلامه و حسن نيته و كثرة توفيره، وحلو الفكاهة و المحادثة، منبسطا يداعب الصغار و الكبار، ملازما للذكر كثير التلاوة، قرأت عليه أوائل الرسالة وحضرت باقيها، وقرأت شرح الصغرى و القطر [قطر الندى و بل الصدى لابن هشام النحوي] و الجرومية بشرحها جبريل [لعله زين الدين جبريل وقد نشر هذا الشرح المستشرق الفرنسي دولفان سنة 1886م بمطبعة ارنست لورو في وهران – الجزائر]، وبعض اوائل الألفية".
- عبد العزيز النفاتي الذي قرأ عليه الحساب و بعض الفرائض،،
- أبو عبد الله محمد الفاسي المغربي الذي قرأ عليه الاصطرلاب و بعض الفرائض.
- محمد التواتي المغربي: الذي ترجم له في " منشور الهداية" ص 55 فقال عنه: " ... وممن لقيناه وقرأنا عليه الشيخ الاستاذ النحريرالنحوي، آخر المتكلمين لسان حجة المسلمين، ابو عبد الله محمد بن مزيان التواتي ,,, قرأت عليه المرادي [يقصد شرح ألفية ابن مالك للمرادي، الحسن بن قاسم] سنة احدى و ثلاثين و ألف مرارا، و عقائد السنوسي [الكبرى و الوسطى و الصغرى] بشراحها، وابن الحاجب بمطالعة التوضيح عليه، والتذكرة للقرطبي، و حضرته [كذا] للتفسير نحو العشرة أحزاب، وكتاب مسلم بن الحجاج بقراءة الأبي [يقصد الشرح المسمى ب: " إكمال الإكمال في شرح صحيح مسلم " بشرح الأبي، أبو عبد الله محمد بن خلفة بن عمر الوشتاتي المتوفي سنة 828 هـ] و كان رحمه الله يسر بمباحثتي معه، و لي معه كلام في إعراب السيوطي {عدد خلقه} و {رضي نفسه} و {زنة عرشه} ".
و محمد بن راشد الزواوي، وقد كان لهذين العالمين الأخيرين تأثير كبير في اتجاهه نحو دراسة النحو و التضلع فيه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/67)
وكان محبا للمطالعة و تثقيف نفسه، فكان كثيرا ما يعتكف على القراءة وحده من مكتبة العائلة الزاخرة بأمهات الكتب و المخطوطات التي جمعها شيوخ العائلة خلال عقود من الزمن [بالمناسبة لقد تعرضت هذه المكتبة إلى النهب و السلب بعد دخول الإستدمار الفرنسي الى قسنطينة و عندي نسخة من القائمة الكاملة لعناوين و نسخ المخطوطات التي كانت بها كتبها مستشرق فرنسي قبل سرقتها]، ساعيا لتوسيع دائرة معارفه يساعده على ذلك ذهن وقاد و ذكاء حاد، و طموح عريض، و أنفة و اعتزاز بالنفس يقول عن نفسه: " كنت ذا نفس أبية، و مع صغر سني لا أرضى أن أكون خلي المعرفة مما عرفه غيري".
الوظائف و المهام التي تولاها:
تولى التدريس بالجامع الكبير بقسنطينة في حياة والده الذي كان ينيبه عنه أثناء غيابه رغم صغر سنه نسبيا، و قد ظهرت عليه مخايل النبوغ و الذكاء في سن مبكرة فكان بارعا في " فنون العربية لغة و نحوا و تصريفا و بلاغة مع المشاركة التامة في الفقه و الاصلين الحديث و التصوف و غير ذلك "، كما دَرَّسَ في زاوية العائلة و في مصلى بيته، و في المدرسة التابعة لعائلة الفكون فكان يستقبل الطلبة من قسنطينة و من غيرها من نواحي القطر خصوصا من منطقة زواوة و من منطقة الجزائر و ما حولها، و من منطقة الزيبان و عنابة، وكان يُدَّرِسُ التفسير و صحيح البخاري و الفقه من ابن حاجب و الرسالة و النحو.
و بعد وفاة ابيه عام 1045 هـ خلفه في امامة المصلين و الخطبة ايام الجمع و الأعياد، و السهر على أوقاف الجامع الكبير، كما تقلد إمارة ركب الحج و حصل على لقب شيخ الاسلام بعد ان بلغ نفوذه العلمي و الروحي ذروته، و قد بقيت إمارة الحج في أيدي عائلة الفكون لقرون عديدة و كان آخر من تولاها محمد بن عبد الكريم بن بدر الدين الذي أدركه الاحتلال الفرنسي و هو يناهز الثمانين من عمره و الذي توفي عام 1256 هـ.
يقول المؤرخ البحاثة الجزائري المهدي البوعبدلي عن إمارة الحج:
" ... كانت خطة إمارة ركب الحج لا تسند إلا لأمثل عالم، تراعى فيه عدة مقاييس، أهمها التبحر في العلم والاستقامة، إذ هو الممثل لبلاده ولنخبة علمائها، حيث يجتمع بجل علماء الأقطار الإسلامية، ويتبادل معهم الإجازات والتآليف، ويشارك في المناظرات العلمية التي كانت تعقد لحل المشاكل العويصة. فكانت مهمة أمير الركب في رحلاته الإفادة والاستفادة"
وكل من بلغ مبلغ الفكون من الجاه و العلم و الوظيفة يقصده الناس بالمراسلات و العلاقات مثل مراسلاته مع سعيد قدورة مفتى الجزائر في وقته، و مع بلغيث القشاش و تاج العارفين العثماني، و إبراهيم الغرياني و المقري صاحب " نفح الطيب "، والعالم المصري الشيخ عبد الرحمن الأجهوري، والسوسي المغربي من المغرب الشقيق و غيرهم.
تلامذه:
تخرج على يدي الفكون مجموعة كبيرة من الطلاب النجباء الذين ذاع صيتهم، و من اشهرهم: ابو مهدي عيسى الثعالبي و قد برجم له و سجل ما قرأه على يديه من كتب و ما أجازه به في ثبته المسمى ب " كنز الرواة "، و ابو سالم العياشي المغربي، و يحي الشاوي، و بركات بن باديس و احمد بن سيدي عمار، و محمد وارث الهاروني، و محمد البهلولي، و احمد بن ثلجون و علي بن عثمان بن الشريف و غيرهم.
ثناء العلماء و معاصريه عليه:
كان الفكون من أعلام عصره في الحديث و الفقه و النحو بارعا فيه، اديبا شاعرا، جمع بين علم الظاهر و الباطن، و قد تحدث عنه علماء عصره و تلامذته و نوهوا بمكانته المتميزة في العلم، فقال عنه المقري: " عالم قسنطينة و صالحها و كبيرها و مفتيها سلالة العلماء الأكابر ووارث المجد كابرا عن كابر، المؤلف سيدي الشيخ عبد الكريم الفكون حفظه الله .... عالم المغرب الأوسط غير مدافع، و له سلف علماء ذوو شهرة، و لهم في الأدب الباع المديد "
و حلاه تلميذه أبو مهدي عيسى الثعالبي في "كنز الرواة " بقوله: " علامة الزمان و رئيس علوم اللسان و فخر المنابر إذا خطب، و لسان المحابر إذا شعر أو كتب "، أما أبو سالم العياشي فقد قال عنه: " العلامة الفهامة الناسك الجامع بين علمي الظاهر و الباطن سيدي عبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم الفكون القسنطيني "
وفاته:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/68)
يقال – و الله اعلم – أنه لما تقدمت به السن انقبض عن الناس وترك الاشتغال بالعلوم، وسمع يقول: " قرأتها لله وتركتها لله"،توفي بالطاعون عشية الخميس 27 ذي الحجة 1073 هـ الموافق ل 3 أوت 1663 م عن عمر يناهز خمس و ثمانين سنة.
آثاره و مؤلفاته:
- " منشور الهداية في كشف من ادَّعى العلم والولاية" مؤلَّف ذو قيم متعددة، ووثيقة علمية نادرة، فهو كتاب تراجم حيث تعرض إلى ترجمة أكثر من سبعين شخصا، كما إنه تقييد هام يصور طبيعة البيئة القسنطينية زمن الانهيار والتجزُّؤ وهيمنة عقلية الهرطقة والخرافة، كما أرخ لأحداث مدينته و ما جاورها، وما يجلب الانتباه في هذا الكتاب هي تراجمه التي لم يقصد بها التعريف بمناقب المترجم لهم، و إنما أراد به نقد أحوال أدعياء العلم و التصوف – من الطائفتين - في وقته وصاحبه ينطلق كما يصرح بنفسه من خلفية إصلاحية تنويرية، وقد صدر مطبوعاً سنة 1981 م، من دار الغرب الإسلامي،تقديماً ومتناً أصلياً وفهارس بعناية الدكتور أبي القاسم سعد الله - حفظه الله-.
- "سربال الردة في من جعل السبعين لرواة الإقرا [كذا] عدة": ذكر. أبو القاسم سعد الله في موسوعته " تاريخ الجزائر ج 2 ص 25 " أن الكتاب مخطوط بباريس، وهو تأليف في القراءات، غني بالآراء والنقول، عالج فيه أنواع القراءات ورواتها وغير ذلك مما يتصل بهذا الموضوع".
وقال عنه المهدي البوعبدلي: " ... و قد نص على أن هذا التأليف لا يتجاوز كراسة و أنه قد وضعه بعد واقعة و قعت له مع أحد علماء قسنطينة عندئذ و هو أحمد بن حسن الغربي و يبدو من العنوان و من ظرف التأليف أن هذه الكراسة عبارة عن مناقشة لما ادعاه الغربي و لكن معرفتنا لبعض آثار الفكون الأخرى تجعلنا نعتقد أن هذا العمل غني بالآراء و النقول و أن صاحبه قد عالج فيه أنواع القراءات و رواتها و غير ذلك مما يتصل بهذا الموضوع و مما يتصل بأوجه القراءات طريقة النطق بالتكبير و الصلاة على النبي (صلى الله عليه وسلم) عند الختم ".
- " فتح الهادي في شرح جمل المجرادي و مخارج الحروف من الشاطبية " وهو مؤلف في القراءات أيضا.
- "الدرر في شرح المختصر". والمقصود به "مختصر" عبد الرحمن الأخضري. وعن أهميته وما فيه من مضامين وفرائد، يقول مؤلفه: " ... نبهنا على فوائد فيه لم توجد في المطولات، ونكت حسان قل أن تلقى في غيره، وتنبيهات أخذناها من فحوى خطابه، وفروع كملنا بها ما لم يفصح به كلامه رضي الله عنه وأرضاه ـ وربما نبهنا على ما طغى به قلم شارحه"، وهو مجلد أجاد فيه غاية الإجادة.
- "شرح البسط والتعريف في علم التصريف" (2): ألفه سنة 1048 هـ. [وهو شرح للأرجوزة المشهورة من 403 لصاحبها النحوي الكبير عبد الرحمان المكودي الفاسي (ت 807 هـ).]، وقد التزم فيه عقب كل شاهد ذكر حديث مناسب للشاهد معنى و إعرابا، قال عنه تلميذه وصاحبه ومعاصره أبو سالم العياشي في رحلته ج 2، ص. 391 ما نصه: " وقد وازن بين الشرح، وشرح العلامة المغربي محمد المرابط الدلائي [ت سنة 1089 هـ، يعرف هذا الشرح ب "فتح اللطيف للبسط والتعريف في علم التصريف"]. وشرحه هذا أوسع نقلاً وأكثر بحثاً وأتم تحريراً من شرح العلامة سيدي أبي عبد الله المرابط الدلائي، ولا أدري أيهما سبق إلى شرحه".
- "فتح المولى في شرح شواهد الشريف بن يعلى". وهو الكتاب الذي رصد فيه منتخبات الشواهد الشعرية التي وظفها الشريف أبو عبد الله محمد بن أحمد بن يعلى الحسني [بالمناسبة هو الآخر جزائري، وشرحه يسمى "الدرة النحوية في شرح الآجرومية" وهو أول شرح لمتن "الآجرومية"].
- "شرح لامية الجمل النحوية" للمجراد السلاوي (ت 778 هـ).
- "محدد السنان في نحور إخوان الدخان" ويسمى ايضا " بمحدد اللسان": وهو تقييد مفيد يرد فيه على دعاة حلِّيَّة شرب عشبة التبغ، وعلى رأسهم العالم المصري الشهير الأجهوري، وقد أورد فيه معالجة فقهية جامعة لهذه الظاهرة الغريبة، مبينا بالحج و البراهين حرمتها و مضارها، وهي من العادات السيئة التي بدأت تنتشر في عصره.
- " كتاب في حوادث فقراء الوقت".
- " فتح المالك في شرح ألفية ابن مالك": وهو شرح على لامية ابن مالك في التصريف.
- " شفاء الأمراض لمن التجأ الى الله بلا اعتراض " و هو نظم في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم، و أصحابه و التابعين و الأولياء (رضي الله عنهم).
- "ديوان شعري": يقول الأستاذ أبو القاسم سعد الله في مقدمة " منشور الهداية " ص 11 ـ 12: " أما تعاطيه الشعر، فالظاهر أنه كان يمارسه سليقة وكان يعارض به ما يرد عليه منه في رسائل المراسلين أمثال المقري وتاج العارفين والسوسي المغربي (ت 1023 هـ)، ومنه ما كان ينظمه للتنفيس عن كرب الدنيا مثل "سلاح الذليل في دفع الباغي المستطيل"، ومنه ما نظمه في المديح النبوي تحت ضغط المرض الذي عانى منه طلباً من الله لتعجيل الشفاء".
المصادر و المراجع:
- " منشور الهداية في كشف من ادَّعى العلم والولاية" عبد الكريم الفكون، تقديم وتحقيق وتعليق، الدكتور أبو القاسم سعد الله، بيروت، دارالغرب الإسلامي،1987م
- " تعريف الخلف برجال السلف " أبو القاسم محمد الحفناوي موفم للنشر - الجزائر 1991.
- - " تاريخ الجزائر الثقافي " أبو القاسم سعد الله، بيروت، دار الغرب الإسلامي، 1998م.
- مجلة معهد اصول الدين، جامعة الأمير عبد القادر الاسلامية، السنة الاولى - العدد الثاني 1420 هـ / 1999 ص 147 و 148.
- مقال للمحقق المهدي بوعبدلي رحمه الله بعنوان:" عبد الكريم الفكُّون والتعريف بتأليفه: "منشور الهداية" مجلة الأصالة العدد:51، ص 15.(146/69)
العالم المصلح المفتي النحوي المدرس عبد الكريم الفكون
ـ[ابو مريم الجزائري]ــــــــ[09 - 06 - 08, 06:23 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
هذه ترجمة لشخصية لجزائرية فذة كانت لها إشعاعات على مستويات عديدة في بلده الجزائر و في غيرها من البلدان الإسلامية، وذلك من خلال لقاءاته أو مراسلاته مع العلماء و الشيوخ و الرؤساء أثناء قيادته لركب الحج الجزائري لمدة تصل إلى عشرين (20) سنة، أو من خلال دروسه و إجازاته، و بالأخص من خلال تآليفه العديدة التي تفصح عن باعه الطويل في العلم واقتداره على ممارسة الكتابة بجدارة واستحقاق. ولقد وظف علمه وقلمه للدفاع عن الشريعة الإسلامية، محارباً لأهل الادعاء والبدع من علماء السلطان و أصحاب المذاهب الكاذبة كالمعتزلة و الخوارج و الروافض، و أدعياء الصوفية الدجالين، منتصراً في كتاباته لأهل الاقتداء والورع.
مولده و نسبه وعائلته:
ولد عبد الكريم الفكون بقسنطينة سنة 988 هـ / 1580 م، و هي السنة نفسها التي توفي فيها جده عبد الكريم بن قاسم الفكون فسمي باسمه، و ينتمي مترجمنا عبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم بن قاسم ين يحي الفكون [ويخطأ البعض من مترجميه فيطلقون عليه اسم محمد بن عبد الكريم كما فعل الرحالة المغربي أبي سالم العياشي في " الرحلة العياشية، ج 2، ص. 206 "] لأحد أعرق وأشهر البيوتات العلمية في مدينة قسنطينة: بيت آل الفكُّون، و التي توارث أفرادها منذ عهد بعيد المجد و الرئاسة، و العلم و الصلاح، يرجع أصلها إلى قبيلة تميم العربية، إذ نجد أن أفرادها يتبعون القابهم بهذه النسبة (بني تميم)، و لكن العلامة عبد القادر الراشدي (ت سنة 1194 هـ / 1780 م) الذي كان يشغل منصب مفتي الحنفية والقضاء بقسنطينة في القرن الثاني عشر هجري / أواخر القرن الثامن عشر الميلادي ينكر هذه النسبة و يذكر في آخر صفحة من كتابه " عقد اللآلئ المستضيئة لنفي ظلام التلبيس " أن نسب الأسرة ينتهي الى " فكونة" يقول الراشدي: " .... وأولاد نعمون من توابع الحفاصة من هنتاتة و أولاد المسيح من بني مرداس بن عوف السلمي و أولاد الخيتمي من ختيمة قرية باوراس و أولاد الفقون من فكونة قرية بأوراس ايضا، و لم يتحر نسبهم كمن قبلهم"
و قد اصبحت هذه العائلة في العهود الاخيرة تعرف بعائلة سيدي الشيخ، و لا يزال إلى يومنا هذا أبناء الشيخ الفقون (تغير لقبهم كما تلاحظ الى الفقون بثلاث نقاط فوق القاف، كما ينطق إخواننا المصريين الجيم) في مدينة قسنطينة يتمتعون بنفوذ و جاه كبيرين.
و مهما قيل في أصل هذه العائلة و نسبها فمن المؤكد انها من الاسر العريقة بقسنطينة، اذ تعود في أصولها الى القرن السادس الهجري فمن أجداده المتقدمين الفقيه الأديب ابي علي الحسن بن علي (عمر) الفكُّون القسنطيني، صاحب الرحلة المنظومة التي قام بها من بلدته قسنطينة إلى مراكش أواخر القرن السادس الهجري و مطلعها:
ألا قل للسرى ابن السرى ... إلى البدر الجواد الأريحي
و قد ترجم له الغبريني في " عنوان الدراية " و حلاه بقوله: " و هو من الفضلاء، و كان رفيع القدر، و من له الحظوة و الاعتبار، و كان الأدب له من بابا الزينة و الكمال .... و أصله من قسنطينة من ذوي بيوتاتها و من كريم أروماتها "
و هي العائلة التي اشتهرت بكثرة الأموال و الأملاك الواسعة التي كانت تنفقه في وجوه البر و الإحسان، كما أصبحت تتمتع بنفوذ روحي كبير خاصة بعد تكليفها برئاسة ركب الحج الجزائري إلى الحجاز مع ما يكسبه هذا المنصب من احترام و مكانة في الجزائر و الحجاز و البلدان الاسلامية التي يمر بها، كما كانت لهم في قسنطينة زاوية تحمل اسمهم لاستقبال الضيوف من الفقراء و الغرباء، و إيواء العلماء و الطلاب العالم المصلح المفتي النحوي المدرس كما قلنا سابقا، و لهم أيضا مدرسة مفتوحة لطلبة العلم من كل القطر الجزائري، و حتى من الدول الإسلامية المجاورة، و ممن اشتهر من هذه العائلة و ذاع صيته في الافاق، عبد الكريم الفكون (الجد) (ت 988 هـ) و الذي كان أول من تولى وظيفة الامامة و الخطابة من عائلة الفكون بالجامع الكبير بقسنطينة خلال العهد العثماني بعد سنة 975 هـ، و قد ترجم له حفيده عبد الكريم الفكون في " منشور الهداية " فقال عنه: " كان منشغلا بما يعنيه دينا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/70)
و دنيا معتكفا على الاقراء و التدريس، و كان إماما بالجامع الأعظم و خطيبه، و ممن يرجع إلى قوله في النوازل و الأحكام و كانت الولاية اغلب عليه، مواظبا على الأذكار و قيام الليل إلى أن مات ".
و منهم والده الذي تولى جميع وظائف أبيه من إمامة و خطابة بالجامع الكبير بقسنطينة و قد توفي أثناء رجوعه من الحج في مكان بين الحجاز و مصر سنة 1045 هـ " و كان فقيها صوفيا، و ربما يرجع إليه في المسائل و الافتاء، و كان ذا سمت و تعفف و أوراد و قيام الليل "
و قد استطاعت عائلة الفكون خلال العهد العثماني أن تتحصل على امتيازات كثيرة وان تحتل مكانة اجتماعية مرموقة بسب سمعتها الدينية و العلمية، و ثروتها الطائلة، و وقد نوه به وبأسرته ـ نظماً ونثراً ـ معاصره العلامة الأديب أحمد المقري التلمساني نزيل فاس ثم القاهرة (ت 1041 هـ). يقول: " فهو العالم الذي ورث المجد لا عن كلالة، وتحقق الكل أن بيته شهير الجلالة، بيت بني الفكُّون، هضاب العلم والوقار والسكون، لا زال الخلف منهم يحيون مآثر السلف.
ودام عبد الكريم فردا ... في العلم والزهد والولاية
فهو الذي حاز فضل سبق ... وصار في الزمان آية "
طلبه العلم وشيوخه:
نشأ الفكون في كنف والده الذي هو كان أول شيوخه فحفظ على يديه القرآن الكريم و تلقى المبادئ الأولية للعلوم في زاوية العائلة، ثم عكف على تحصيل مختلف العلوم الشرعية و اللغوية، ثم تولاه كبار شيوخ عصره من امثال:
- سليمان القشي الذي قال عنه في " منشور الهداية " ص 60: " ومن اشياخنا في البداءة الشيخ البركة ابو الربيع سليمان بن أحمد القشي نسبا، أصله من بلدة نقاوس [تابعة لولاية باتنة و هي مشهورة بفاكهة المشمش،و منها العصير الذي يباع بكثرة في الجزائر] وانتقل الى قسنطينة مراهقا بعد موت والده سنة ثلاث وستين ... ورحل الى مصر يقصد الحجاز فعاقه عائق تخلف في الجامع الازهر فقرأ على شيخ عصره العلامة البحر الفهامة ابي النجاة سالم السنهوري المختصر و الرسالة و الألفية و ألفية العراقي، و اقام بها مدة ثم رجع الى قسنطينة ... و قد انتفع به خلق كثير لقرب عبارته و وسع صدره، فلا تجد المبتدئ يقرأ الا اليه لبساطة كلامه و حسن نيته و كثرة توفيره، وحلو الفكاهة و المحادثة، منبسطا يداعب الصغار و الكبار، ملازما للذكر كثير التلاوة، قرأت عليه أوائل الرسالة وحضرت باقيها، وقرأت شرح الصغرى و القطر [قطر الندى و بل الصدى لابن هشام النحوي] و الجرومية بشرحها جبريل [لعله زين الدين جبريل وقد نشر هذا الشرح المستشرق الفرنسي دولفان سنة 1886م بمطبعة ارنست لورو في وهران – الجزائر]، وبعض اوائل الألفية".
- عبد العزيز النفاتي الذي قرأ عليه الحساب و بعض الفرائض،،
- أبو عبد الله محمد الفاسي المغربي الذي قرأ عليه الاصطرلاب و بعض الفرائض.
- محمد التواتي المغربي: الذي ترجم له في " منشور الهداية" ص 55 فقال عنه: " ... وممن لقيناه وقرأنا عليه الشيخ الاستاذ النحريرالنحوي، آخر المتكلمين لسان حجة المسلمين، ابو عبد الله محمد بن مزيان التواتي ,,, قرأت عليه المرادي [يقصد شرح ألفية ابن مالك للمرادي، الحسن بن قاسم] سنة احدى و ثلاثين و ألف مرارا، و عقائد السنوسي [الكبرى و الوسطى و الصغرى] بشراحها، وابن الحاجب بمطالعة التوضيح عليه، والتذكرة للقرطبي، و حضرته [كذا] للتفسير نحو العشرة أحزاب، وكتاب مسلم بن الحجاج بقراءة الأبي [يقصد الشرح المسمى ب: " إكمال الإكمال في شرح صحيح مسلم " بشرح الأبي، أبو عبد الله محمد بن خلفة بن عمر الوشتاتي المتوفي سنة 828 هـ] و كان رحمه الله يسر بمباحثتي معه، و لي معه كلام في إعراب السيوطي {عدد خلقه} و {رضي نفسه} و {زنة عرشه} ".
و محمد بن راشد الزواوي، وقد كان لهذين العالمين الأخيرين تأثير كبير في اتجاهه نحو دراسة النحو و التضلع فيه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/71)
وكان محبا للمطالعة و تثقيف نفسه، فكان كثيرا ما يعتكف على القراءة وحده من مكتبة العائلة الزاخرة بأمهات الكتب و المخطوطات التي جمعها شيوخ العائلة خلال عقود من الزمن [بالمناسبة لقد تعرضت هذه المكتبة إلى النهب و السلب بعد دخول الإستدمار الفرنسي الى قسنطينة و عندي نسخة من القائمة الكاملة لعناوين و نسخ المخطوطات التي كانت بها كتبها مستشرق فرنسي قبل سرقتها]، ساعيا لتوسيع دائرة معارفه يساعده على ذلك ذهن وقاد و ذكاء حاد، و طموح عريض، و أنفة و اعتزاز بالنفس يقول عن نفسه: " كنت ذا نفس أبية، و مع صغر سني لا أرضى أن أكون خلي المعرفة مما عرفه غيري".
الوظائف و المهام التي تولاها:
تولى التدريس بالجامع الكبير بقسنطينة في حياة والده الذي كان ينيبه عنه أثناء غيابه رغم صغر سنه نسبيا، و قد ظهرت عليه مخايل النبوغ و الذكاء في سن مبكرة فكان بارعا في " فنون العربية لغة و نحوا و تصريفا و بلاغة مع المشاركة التامة في الفقه و الاصلين الحديث و التصوف و غير ذلك "، كما دَرَّسَ في زاوية العائلة و في مصلى بيته، و في المدرسة التابعة لعائلة الفكون فكان يستقبل الطلبة من قسنطينة و من غيرها من نواحي القطر خصوصا من منطقة زواوة و من منطقة الجزائر و ما حولها، و من منطقة الزيبان و عنابة، وكان يُدَّرِسُ التفسير و صحيح البخاري و الفقه من ابن حاجب و الرسالة و النحو.
و بعد وفاة ابيه عام 1045 هـ خلفه في امامة المصلين و الخطبة ايام الجمع و الأعياد، و السهر على أوقاف الجامع الكبير، كما تقلد إمارة ركب الحج و حصل على لقب شيخ الاسلام بعد ان بلغ نفوذه العلمي و الروحي ذروته، و قد بقيت إمارة الحج في أيدي عائلة الفكون لقرون عديدة و كان آخر من تولاها محمد بن عبد الكريم بن بدر الدين الذي أدركه الاحتلال الفرنسي و هو يناهز الثمانين من عمره و الذي توفي عام 1256 هـ.
يقول المؤرخ البحاثة الجزائري المهدي البوعبدلي عن إمارة الحج:
" ... كانت خطة إمارة ركب الحج لا تسند إلا لأمثل عالم، تراعى فيه عدة مقاييس، أهمها التبحر في العلم والاستقامة، إذ هو الممثل لبلاده ولنخبة علمائها، حيث يجتمع بجل علماء الأقطار الإسلامية، ويتبادل معهم الإجازات والتآليف، ويشارك في المناظرات العلمية التي كانت تعقد لحل المشاكل العويصة. فكانت مهمة أمير الركب في رحلاته الإفادة والاستفادة"
وكل من بلغ مبلغ الفكون من الجاه و العلم و الوظيفة يقصده الناس بالمراسلات و العلاقات مثل مراسلاته مع سعيد قدورة مفتى الجزائر في وقته، و مع بلغيث القشاش و تاج العارفين العثماني، و إبراهيم الغرياني و المقري صاحب " نفح الطيب "، والعالم المصري الشيخ عبد الرحمن الأجهوري، والسوسي المغربي من المغرب الشقيق و غيرهم.
تلامذه:
تخرج على يدي الفكون مجموعة كبيرة من الطلاب النجباء الذين ذاع صيتهم، و من اشهرهم: ابو مهدي عيسى الثعالبي و قد برجم له و سجل ما قرأه على يديه من كتب و ما أجازه به في ثبته المسمى ب " كنز الرواة "، و ابو سالم العياشي المغربي، و يحي الشاوي، و بركات بن باديس و احمد بن سيدي عمار، و محمد وارث الهاروني، و محمد البهلولي، و احمد بن ثلجون و علي بن عثمان بن الشريف و غيرهم.
ثناء العلماء و معاصريه عليه:
كان الفكون من أعلام عصره في الحديث و الفقه و النحو بارعا فيه، اديبا شاعرا، جمع بين علم الظاهر و الباطن، و قد تحدث عنه علماء عصره و تلامذته و نوهوا بمكانته المتميزة في العلم، فقال عنه المقري: " عالم قسنطينة و صالحها و كبيرها و مفتيها سلالة العلماء الأكابر ووارث المجد كابرا عن كابر، المؤلف سيدي الشيخ عبد الكريم الفكون حفظه الله .... عالم المغرب الأوسط غير مدافع، و له سلف علماء ذوو شهرة، و لهم في الأدب الباع المديد "
و حلاه تلميذه أبو مهدي عيسى الثعالبي في "كنز الرواة " بقوله: " علامة الزمان و رئيس علوم اللسان و فخر المنابر إذا خطب، و لسان المحابر إذا شعر أو كتب "، أما أبو سالم العياشي فقد قال عنه: " العلامة الفهامة الناسك الجامع بين علمي الظاهر و الباطن سيدي عبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم الفكون القسنطيني "
وفاته:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/72)
يقال – و الله اعلم – أنه لما تقدمت به السن انقبض عن الناس وترك الاشتغال بالعلوم، وسمع يقول: " قرأتها لله وتركتها لله"،توفي بالطاعون عشية الخميس 27 ذي الحجة 1073 هـ الموافق ل 3 أوت 1663 م عن عمر يناهز خمس و ثمانين سنة.
آثاره و مؤلفاته:
- " منشور الهداية في كشف من ادَّعى العلم والولاية" مؤلَّف ذو قيم متعددة، ووثيقة علمية نادرة، فهو كتاب تراجم حيث تعرض إلى ترجمة أكثر من سبعين شخصا، كما إنه تقييد هام يصور طبيعة البيئة القسنطينية زمن الانهيار والتجزُّؤ وهيمنة عقلية الهرطقة والخرافة، كما أرخ لأحداث مدينته و ما جاورها، وما يجلب الانتباه في هذا الكتاب هي تراجمه التي لم يقصد بها التعريف بمناقب المترجم لهم، و إنما أراد به نقد أحوال أدعياء العلم و التصوف – من الطائفتين - في وقته وصاحبه ينطلق كما يصرح بنفسه من خلفية إصلاحية تنويرية، وقد صدر مطبوعاً سنة 1981 م، من دار الغرب الإسلامي،تقديماً ومتناً أصلياً وفهارس بعناية الدكتور أبي القاسم سعد الله - حفظه الله-.
- "سربال الردة في من جعل السبعين لرواة الإقرا [كذا] عدة": ذكر. أبو القاسم سعد الله في موسوعته " تاريخ الجزائر ج 2 ص 25 " أن الكتاب مخطوط بباريس، وهو تأليف في القراءات، غني بالآراء والنقول، عالج فيه أنواع القراءات ورواتها وغير ذلك مما يتصل بهذا الموضوع".
وقال عنه المهدي البوعبدلي: " ... و قد نص على أن هذا التأليف لا يتجاوز كراسة و أنه قد وضعه بعد واقعة و قعت له مع أحد علماء قسنطينة عندئذ و هو أحمد بن حسن الغربي و يبدو من العنوان و من ظرف التأليف أن هذه الكراسة عبارة عن مناقشة لما ادعاه الغربي و لكن معرفتنا لبعض آثار الفكون الأخرى تجعلنا نعتقد أن هذا العمل غني بالآراء و النقول و أن صاحبه قد عالج فيه أنواع القراءات و رواتها و غير ذلك مما يتصل بهذا الموضوع و مما يتصل بأوجه القراءات طريقة النطق بالتكبير و الصلاة على النبي (صلى الله عليه وسلم) عند الختم ".
- " فتح الهادي في شرح جمل المجرادي و مخارج الحروف من الشاطبية " وهو مؤلف في القراءات أيضا.
- "الدرر في شرح المختصر". والمقصود به "مختصر" عبد الرحمن الأخضري. وعن أهميته وما فيه من مضامين وفرائد، يقول مؤلفه: " ... نبهنا على فوائد فيه لم توجد في المطولات، ونكت حسان قل أن تلقى في غيره، وتنبيهات أخذناها من فحوى خطابه، وفروع كملنا بها ما لم يفصح به كلامه رضي الله عنه وأرضاه ـ وربما نبهنا على ما طغى به قلم شارحه"، وهو مجلد أجاد فيه غاية الإجادة.
- "شرح البسط والتعريف في علم التصريف" (2): ألفه سنة 1048 هـ. [وهو شرح للأرجوزة المشهورة من 403 لصاحبها النحوي الكبير عبد الرحمان المكودي الفاسي (ت 807 هـ).]، وقد التزم فيه عقب كل شاهد ذكر حديث مناسب للشاهد معنى و إعرابا، قال عنه تلميذه وصاحبه ومعاصره أبو سالم العياشي في رحلته ج 2، ص. 391 ما نصه: " وقد وازن بين الشرح، وشرح العلامة المغربي محمد المرابط الدلائي [ت سنة 1089 هـ، يعرف هذا الشرح ب "فتح اللطيف للبسط والتعريف في علم التصريف"]. وشرحه هذا أوسع نقلاً وأكثر بحثاً وأتم تحريراً من شرح العلامة سيدي أبي عبد الله المرابط الدلائي، ولا أدري أيهما سبق إلى شرحه".
- "فتح المولى في شرح شواهد الشريف بن يعلى". وهو الكتاب الذي رصد فيه منتخبات الشواهد الشعرية التي وظفها الشريف أبو عبد الله محمد بن أحمد بن يعلى الحسني [وشرحه يسمى "الدرة النحوية في شرح الآجرومية" وهو أول شرح لمتن "الآجرومية"].
- "شرح لامية الجمل النحوية" للمجراد السلاوي (ت 778 هـ).
- "محدد السنان في نحور إخوان الدخان" ويسمى ايضا " بمحدد اللسان": وهو تقييد مفيد يرد فيه على دعاة حلِّيَّة شرب عشبة التبغ، وعلى رأسهم العالم المصري الشهير الأجهوري، وقد أورد فيه معالجة فقهية جامعة لهذه الظاهرة الغريبة، مبينا بالحج و البراهين حرمتها و مضارها، وهي من العادات السيئة التي بدأت تنتشر في عصره.
- " كتاب في حوادث فقراء الوقت".
- " فتح المالك في شرح ألفية ابن مالك": وهو شرح على لامية ابن مالك في التصريف.
- " شفاء الأمراض لمن التجأ الى الله بلا اعتراض " و هو نظم في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم، و أصحابه و التابعين و الأولياء (رضي الله عنهم).
- "ديوان شعري": يقول الأستاذ أبو القاسم سعد الله في مقدمة " منشور الهداية " ص 11 ـ 12: " أما تعاطيه الشعر، فالظاهر أنه كان يمارسه سليقة وكان يعارض به ما يرد عليه منه في رسائل المراسلين أمثال المقري وتاج العارفين والسوسي المغربي (ت 1023 هـ)، ومنه ما كان ينظمه للتنفيس عن كرب الدنيا مثل "سلاح الذليل في دفع الباغي المستطيل"، ومنه ما نظمه في المديح النبوي تحت ضغط المرض الذي عانى منه طلباً من الله لتعجيل الشفاء".
المصادر و المراجع:
- " منشور الهداية في كشف من ادَّعى العلم والولاية" عبد الكريم الفكون، تقديم وتحقيق وتعليق، الدكتور أبو القاسم سعد الله، بيروت، دارالغرب الإسلامي،1987م
- " تعريف الخلف برجال السلف " أبو القاسم محمد الحفناوي موفم للنشر - الجزائر 1991.
- - " تاريخ الجزائر الثقافي " أبو القاسم سعد الله، بيروت، دار الغرب الإسلامي، 1998م.
- مجلة معهد اصول الدين، جامعة الأمير عبد القادر الاسلامية، السنة الاولى - العدد الثاني 1420 هـ / 1999 ص 147 و 148.
- مقال للمحقق المهدي بوعبدلي رحمه الله بعنوان:" عبد الكريم الفكُّون والتعريف بتأليفه: "منشور الهداية" مجلة الأصالة العدد:51، ص 15.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/73)
ـ[توبة]ــــــــ[09 - 06 - 08, 07:52 م]ـ
بارك الله فيكم
و قد اصبحت هذه العائلة في العهود الاخيرة تعرف بعائلة سيدي الشيخ، و لا يزال إلى يومنا هذا أبناء الشيخ الفقون (تغير لقبهم كما تلاحظ الى الفقون بثلاث نقاط فوق القاف، كما ينطق إخواننا المصريين الجيم) في مدينة قسنطينة يتمتعون بنفوذ و جاه كبيرين
صحيح،و اللقب الذي تعرف به هذه العائلة القسنطينية العريقة اليوم هو (بن الشيخ الفقون).
ـ[أبو إسحاق المالكي]ــــــــ[12 - 06 - 08, 08:46 م]ـ
(تغير لقبهم كما تلاحظ الى الفقون بثلاث نقاط فوق القاف، كما ينطق إخواننا المصريين الجيم)
أحسن الله إليك وبارك فيك،،،
الذي أعلمه أن "فكون" تنطق بالقاف المعقودة (جيم أرض الكنانة)، في عهده وبعد عهده، .. كما ينطقون: عبد الله كنون، في المغرب بالقاف المعقودة، ويَغلط مَن ينطقها قافا ...
ـ[ابو مريم الجزائري]ــــــــ[16 - 06 - 08, 06:33 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
بارك الله فيك اخي الفاضل ابو اسحاق المالكي، و جزاك الله خيرا
انني أؤكد لما قلته من ان لقب العائلة اصبح بن الشيخ الفقون (بثلاث نقاط فوق القاف) فهو ما عليه الآن احفاد الشيخ الفكون، و انا اعرف العديد منهم في قسنطينة، و هكذا هو لقبهم، ومنهم دكتور مختص توجد عيادته بالطريق الجديدة بقسنطينة جنب مقر جريدة النصر القديم، و لقبه مكتوب على اللوحة المعدنية بخط عريض بالفرنسية هكذا: BEN CHEI
قال الشيخ الألباني :
H LEFGOUNNE
ـ[أبو إسحاق المالكي]ــــــــ[17 - 06 - 08, 03:37 م]ـ
أحسن الله إليك أخي أبا مريم،،،
لم أشكك في نطقها الآن، إنما قصدت أن النطق بهذه الهيئة هو المعروف قديمًا وحديثًا، فليس الموضعُ موضع تغيير؛ وغاية الأمر أنَّ القاف المعقودة ( g) قدتكتب كافا (ك) ..(146/74)
اقرؤوا التاريخ فإن فيه العبر
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[10 - 06 - 08, 02:23 ص]ـ
اقرؤوا التاريخ فإن فيه العبر * *ضل قوم لا يدرون الخبر
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) وبعد:.
التاريخ مرآة الأمم؛يعكس ماضيها؛ يترجم حاضرها؛ تستلهم من خلاله مستقبله؛ فالشعوب التى لا تاريخ لها لا وجود لها.
وأعتقد أن أهم فائدتين للتاريخ هما:
1 - معرفة الأحفاد كيف كانوا الأجداد. كيف كانوا عظماء لنحاول أن نقلدهم حتى نعيد المجد المفقود والعز المسلوب. (وهذا هو حالنا مع تاريخنا)
فتشبّهوا أن لم تكونوا مثلهم إن التشبه بالرجال فلاح
فإن كان من لا تاريخ لهم يفتخرون بتاريخهم المزيف الذى بنوه على أجساد الأبرياء وكتبوه بدماء السكان الأصليين للبلاد التى أحتلوها
فما بالك بمن تاريخهم ليس فخر فقط لأصحابه بل للإنسانية كلها.
بداية من بعثة النبى (صلى الله عليه وسلم) حتى سقوط الخلافة الإسلامية العثمانية. فقدوا كتبهم تاريخهم بحروف من نور أضاءوا للبشرية طريقهم الذى كان يسلوكه خاصة فى عصور الظلام فى أوربا. ولقد خسر العالم كثيراً نتيجة عدم قيادة الأمة الإسلامية للعالم ونحن نرى ماذا فعلوا الكفار لمّا أصبحوا القوى الأولى فى العالم.
2 - الفائدة الأهم وهى أخذ العبر والعظات من التاريخ لأن التاريخ كما يقول الشاعر طرفة بن العبد:
(ما أشبه الليلة بالبارحة)
فما حدث أمس يحدث اليوم وسيحدث غدا!
فحوادث التاريخ متشابهة مع اختلاف الأشخاص وأحيانا الأماكن
مثلاً طريقة تفكير الغازى حديثا لا تختلف عما كانت عليها قديما فمثلا بدلا من حماية المقدسات الدينية أيام العصور الوسطى أصبحت الآن فى ظل العلمانية حماية الشعوب المقهورة من الأنظمة الديكتاتورية؛حرب ضد الأرهاب؛الخطر النووى.
ونعرف أن عدوك قديما هو هو عدوك الآن مهما تلون وتقنّع لنحذره ونواجهه.
لذا فكرت أن عرض بعد القصص من التاريخ مع إظهار ما فيه من العبر على قدر فهمى الضئيل. والله المستعان
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[10 - 06 - 08, 02:26 ص]ـ
(1) كيف كانوا وكيف كنا ..... ومن تاريخهم
فى زمن التبعية والغثائية أصبحت الأمة لاتملك من أمرها شيئا وأصبح أعدائها هم من يقررون مصيرها ويحددون طريقها.
أصبحنا نستورد مانأكله وما نشربه وما نلبسه وما نركبه.
نستورد القمح من الدولة الأمريكية وحتى السبح والسجاد الذى نصلى عليه من الدولة الشيوعية والشماعات (التى نعلق عليها ملابسنا) من الدولة الصهيونية.
عذراً آثرت أن أبدأ بشىء من واقعنا ثم نعرض كيف كان ماضينا لنعقد مقارنة نخرج منها بأفكار نصحح بها مسارنا نحو عودة لمجدنا وحضارتنا.
أما القصة فهي من أحدى الكتب الأنجليزية التى تتحدث عن الحروب الصليبية اسمه (الحروب الصليبية بنظرة عربية)
تروى أن الصليبيين طلبوا من سوريا طبيب ليعالج سيدة يئسوا من علاجها هى وجندى مصاب فأرسل لهم الوالى طبيباً فى دهشة منهم ولكن الطبيب عاد بسرعة فسألوه لماذا عدت بهذ البسرعة؟ قال عرضوا علىّ سيدة مصابة بألم فى رأسها (صداع) فوصفت لها أعشاب فرفضوا أن تتناول الوصفة وقال لها أحدهم نجرح رأسك حتى يخرج العفريت الذى يسكنك ففعلوا فنزفت حتى الموت؛ ثم عرضوا علىّ جندى مصاب فى قدمه فوصفت له علاج طويلا ولكنهم قالوا هل تريد أن تحيا بقدم واحدة أو تموت بقدمين سخرية من علاجى ... فوافق على قطع قدمه المصابة فقطعوها بفأس فخرج النخاع منها فمات ...
سبحان الله انظر كيف كانوا فى ظلامات بعضها فوق بعض.
ومع هذا كانت هذه الحملات الصليبية بداية بناء دولتهم المتقدمة فقدوا استفادوا من العرب فى شتى العلوم والفنون.
ومن المعروف فى الغالب أن الدولة الغازية المحتلة هى الأكثر تقدما والأكثر تحضّرا ولكن فى حالتين فقط حدث العكس الأولى فى الغزو الصليبى للبلاد الإسلامية والثانية فى الهجوم التترى على نفس البلاد_والله أعلم_.
وكما قامت دولتهم وتقدمهم على أكتاف حضارتنا آن الأوان لنعيد حضارتنا ومجدنا وأيضاً على أكتافهم بإن نأخذ منهم العلوم المفيدة التى تعيننا فى مسيرتنا نحو التقدم.
ولكن قبل كل هذا لن يحدث أى شىء من هذا إلا بالعودة للدين والعودة إلى منهج الصحيح السليم الخالى من الشوائب.
قال تعالى ((وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ)) {الأعراف/96}
ـ[عادل علي]ــــــــ[10 - 06 - 08, 11:36 ص]ـ
جزاك الله خيرا
أنصح بهذا الموقع
http://www.altareekh.com/new/doc/index1.php
ـ[أبو الوفاء]ــــــــ[10 - 06 - 08, 11:50 ص]ـ
صدقت يا أخي ... فإن التاريخ يورث العبر ولا يورث الأمجاد
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[11 - 06 - 08, 12:38 ص]ـ
أخى عادل وأبا الوفاء جزاكم الله خيرا وشكرا على مروركم
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/75)
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[11 - 06 - 08, 01:21 ص]ـ
جزاك الله خيرا أخى عادل الموقع أكثر من رائع
واسمح لى أن أجعله فى موضوع جديد ليظهر لأعضاء وزوار الملتقى
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[16 - 06 - 08, 01:58 ص]ـ
سليمان الحلبي السورى الذى انتقم للمصريين
التعريف بسليمان الحلبى:
سليمان الحلبي ولد سليمان الحلبي عام 1777 م - في قرية كوكان القريبة من مدينة عفرين التابعة لمحافظة حلب في سوريا وكان عمره 24 عاماً حين اغتال قائد الحملة الفرنسية على مصر (1798م-1801م) الجنرال كليبر.
تكونت في راس سليمان الحلبي فكرة محاربة الفرنسيين واخراجهم من مصر وخاصة انه تعرف على شيوخ كبار من الازهر وشاهد مافعلة الفرنسيون واعدام عدد منهم ومن الشيوخ الاجلاء، فحين سافر إلى مصر وعاد إلى حلب مره اخرى وهاجس اخراج هؤلاء الغزاه وتحرير الارض منهم تداعب مخيلته، فسافر سليمان الحلبي من حلب إلى القدس وحين رجع الوزير العثماني بعد هزيمتهم أمام الفرنسيين في مصر، في حين كان الوزير في " غزة" الذي أرسل "أحمد آغا" أحد آغوات الوزير الذي كان في غزة إلى القدس ليتسلم منصبه في بيت المتسلم (الوالي). فعمد سليمان الحلبي إلى مقابلة ياسين آغا الذي شجعة وتم الاتفاق على خطة سليمان الحلبي وتبلورت الفكرة في قتل القائد الفرنسي في مصر.
وبعد 10 أيام سافر من غزة في قافلة صابون ودخان، ووصل القاهرة بعد 6 أيام. ذهب إلى الأزهر وسكن هناك عرف بعض الساكنين معه وهم من بلده حلب أنة حضر ليغازي في سبيل الله بقتل الكفرة الفرنساوية (المختار من تاريخ الجبرتي) ..
تفاصيل عملية الإغتيال:
في يوم السبت 21 محرم 1215 هـ - 14 يونيو 1800م، كان سليمان الحلبي قد فكر وخطط لكيفية الوصول وتنفيذ خطته، حيث ان كليبر ومعه كبير المهندسين بالبستان الذي بداره بالأزبكية (والتي كان يتم إصلاحات بها)، فحان وقت التنفيذ تنكر سليمان الحلبي في هيئة شحاذ أو شخص له حاجة عند كليبر وخل عليه ومد كلير يده ليقبلها، فمد سليمان الحلبي يده وشده بعنف وطعنه 4 طعنات متوالية اردته قتيلا، وحين حاول كبير المهندسين الدفاع عن كليبر طعنه أيضاً ولكنه لم يمت، وحين إمتلأت الشوارع بالجنود الفرنسيين اختبأ في حديقة مجاورة، إلى أن فتشوا عنه وأمسكوا به ومعه الخنجر الذي ارتكب به الحادث (والذي يحتفظ به الفرنسيون إلى يومنا هذا بأحد المتاحف الفرنسية).
.
الحكم:
أولاً - أن سليمان الحلبي المثبت اسمه الكريه بقتل السارى عسكر كليبر فلهذا هو يكون مدحوضاً بتحريق يده اليمنى وبتحريقه حتى يموت فوق خازوقه وجيفته باقية فيه لمأكولات الطيور كما ذكر الجبرتى فى كتابه.
رحم الله سليمان الحلبى. ونحسبه عند الله من الشهداء
لقد ذكرت العنوان (سليمان الحلبي السورى الذى انتقم للمصريين) وهذا بلغة هذا العصر ومصطلح الفرقة التى نعيشها؛العصر الذى تففكت فيه دول الإسلام إلى دويلات بعد أن كانت وحدة واحدة فى ظل الخلافة الإسلامية العثمانية، الآن هذا مصرى وهذا سعودى وهذا سورى وهكذا .... وظهرت العصبيات والقوميات والجيش لا يدافع إلا عن أرض الوطن ونسى إن بلاد الإسلام كلها وطن واحد إذا تعرضت بلد مسلم لاحتلال وجب على المسلمين أن يدافعوا عنها ويردوا الاحتلال. ((عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم انصر أخاك ظالما أو مظلوما. فقال رجل يا رسول الله أنصره مظلوما فكيف أنصره ظالما؟ قال تمنعه من الظلم فذاك نصرك إياه)). متفق عليه
ولكن الذى حدث ما قاله النبى صلى الله عليه وسلم:
((إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلا لاينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم))
و بلغة ذلك العصر هذا مسلم رأى أحدى بلاد الإسلام تتعرض لاحتلال بغيض يفسد فى أرض الإسلام. فهب يدافع عن بلده مصر كما هى بلده سوريا لم يقل وما شأنى بهذه البلاد أليس بها رجال يدافعون عنها.
وعرّض نفسه لمخاطر عظيمة لايقوى عليها إلاالشجعان.
الأمر الثانى أن من بث فيه روح الجهاد فى سبيل هم رجال الأزهر فى هذا الوقت رحمهم الله. ولقدكانت هذه الحقبة هى من أكثر الحقب التى ظهرت فيها قوة الأزهر وعلمائه ودورهم فى الدفاع عن الدين والوطن فهم من قادوا الشعب للثورة ضد الفرنسيين مرتين فى ثورتى القاهرة الأولى والثانية وهم من ولوا محمد على حكم مصر قبل أن يغدر بهم) عندما
امر بعزل السيد عمر مكرم من نقابة الاشراف ونفاه الي دمياط وبالتخلص منه يكون نفوذ المشايخ ودورهم السياسي قد زال ولم يعد ملموسا في حياة مصر) (1)
ثم قيامه بإضعاف الأزهر كمؤسسه بإنشاء التعليم المدنى حتى لم يعد للأزهر دور فى عصر الاحتلال فأغلب الزعماء الوطنيين الحقيين هم من نتاج التعليم المدنى.
والآن يمكن أن نقول)) سليمان الحلبي المسلم الذى انتقم لأخوانه المسلمين))
(1): د/ وجيه علي ابو حمزه، د/ السيد دياب، تاريخ مصر الحديث والمعاصر ص305
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/76)
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[21 - 08 - 08, 06:41 ص]ـ
اقرأ التاريخ إذ فيه العبر .................. ضاع [ضل] قوم ليس يدرون الخبر
[أحمد شوقي]
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[22 - 08 - 08, 01:06 ص]ـ
كعادتك شيخى أبو مالك مصحح لأخطاء أعضاء الملتقى
لا حرمنا الله منك جزيت الجنة
البيت نقلته من كتاب عودة الحجاب للشيخ محمد إسماعيل المقدم الجزء الأول المقدمة
ـ[ابوعمر الدغيلبي]ــــــــ[22 - 08 - 08, 03:03 ص]ـ
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=145715
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[23 - 08 - 08, 04:34 ص]ـ
جزاك الله خيرا أخى أبا عمر
ـ[طالب علم الحديث]ــــــــ[23 - 08 - 08, 06:39 م]ـ
فعلاً ما أشبه الليلة بالبارحة
من تأمل في حال دنياه وجدها كألوان الطيف, والكيس من اعتبر واستفاد, وتمحص في الأسباب والوقائع
هي الأمور كما شاهدتها دول**من سره زمن ساءته أزمان
وهذه الدار لا تبقي على أحد**ولا يدوم على حال لها شان
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[24 - 08 - 08, 01:04 ص]ـ
بارك الله فيك أخى طالب علم الحديث
أخطأت عندما ذكرت أن مصدر بيت الشعر
اقرؤوا التاريخ فإن فيه العبر * *ضل قوم لا يدرون الخبر
كتا ب عودة الحجاب فعندما عدت للكتاب لم أجده ولكن لا أتذكر من أين جئت به على العموم هو منقول وليس من حفظى(146/77)
أريد أن استفسر عن بعض العبارات في تاريخ الخلفاء للسيوطي رحمه الله
ـ[ابن المبارك]ــــــــ[10 - 06 - 08, 06:24 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
كنت اقرأ في هذا الكتاب فوجدت بعض الكلمات أود الإستفسار عنها ومنها
في الصفحة (475) في ترجمة المطيع لله أبو القاسم .. مايلي
وفي سنة أربع وخمسين ماتت أخت معز الدولة فنزل المطيع في (طيارة) إلى دار معز الدولة يعزيه فخرج إليه معز الدولة ولم يكلفه الصعود من (الطيارة) وقبل الأرض مرات ورجع الخليفة إلى داره
ماهي الطيارة هنا؟
وكذالك قوله:
وفي ثاني عشر ذي الحجة منها عمل عيد غدير خم وضربت (الدبادب.)
ماهي الدبادب؟
وجزاكم الله خير
ـ[أبو باسل]ــــــــ[10 - 06 - 08, 09:08 م]ـ
الطيارة والدباب نوع من السفن، ويراجع السفن الإسلامية لدرويش النخيلي(146/78)
موقع التاريخ ... أمة لا تعرف ماضيها لا تحسن صياغة مستقبلها
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[11 - 06 - 08, 01:34 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
موقع التاريخ موقع لدراسة التاريخ الإسلامى والحديث والتراجم والدراسات والبحوث التاريخية
أولا الفضل يرجع لأخى عادل على الذى أشار للموقع فجزاه الله عنا خيرا
موقع أكثر من رائع المشرف العام عليه د/ محمد موسى الشريف
http://www.altareekh.com/new/doc/index1.php (http://www.altareekh.com/new/doc/index1.php)
و رسالتهم هى
التاريخ موقع يصل الماضي بالحاضر، فمن لا ماضي له فليس له حاضر، وهذا الموقع يحمل رسالة واضحة إلى كل متصفحيه تتلخص في الآتي:
1. تعريف الأمة بالمهم من ماضي تاريخها؛ إذ ليس كل ما مضى من تاريخنا مهماً أو يحسن التعريف به، فيحصل بالتعريف بالمهم من التاريخ صورة واضحة لدى زائري الموقع عن التاريخ.
2. استخراج العبر والعظات من التاريخ على وجه يربط الماضي بالحاضر، ويعين على معرفة الجراح، ووضع اليد على سبل الحل الملائمة.
3. التعريف بالرواد من هذه الأمة رجالاً ونساءً، فالأمة الإسلامية زاخرة بآلاف الأعلام العظام من الرجال والنساء الذين يستحقون الإبراز وتعريف الأجيال بهم.
4. الترفيه عن الزائرين بذكر بعض القصص والطرائف والعجائب والنوادر؛ حتى تكون لهم بديلاً عن الغثاء السائد والنكات التافهة.
5. الحديث عن التاريخ المعاصر، وقضايا الأمة الكبرى وهو من أهم صفحات هذا الموقع، إذ به تتم الفائدة.
6. الإجابة على الأسئلة الهادفة التي ترد إلى الموقع فيما يختص بالتاريخ.
7. الدلالة على الكتب و الأشرطة النافعة في التاريخ لاقتنائها و الاطلاع عليها، من خلال التعريف وبمناهجها.
8. الإرشاد إلى مقالات تاريخية فاخرة مستخرجة من بطون الكتب القديمة و المعاصرة، فيها عبر و عظات رائعات.
وغير هذا كثير إن شاء الله تعالى.
سياسة الموقع 1. عدم تجريح الأشخاص والهيئات والدول.
2. ذكر الحقائق كاملة بعيدة عن الأهواء والمجاملات.
3. المشاركة مع الزائرين والاستفادة منهم.
4. التواصل مع المواقع الأخرى وبناء الجسور معها.
5. التحديث الدائم لمعلوماته في جميع أقسامه.
6. محاولة الإجابة الأسبوعية على أسئلتكم الواردة إلينا.(146/79)
غزوة بني المصطلق
ـ[أبو مسلم السلفي]ــــــــ[11 - 06 - 08, 03:52 م]ـ
أريد رد وافي لشبهة أن النبي صلى الله عليه وسلم غزا بني المصطلق وهم غارون بليل
ـ[أبو مسلم السلفي]ــــــــ[11 - 06 - 08, 03:54 م]ـ
أريد الإجابة للضرورة بارك الله فيكم
ـ[أبو مسلم السلفي]ــــــــ[11 - 06 - 08, 04:30 م]ـ
اجيبوني أجيبونب أجيبوني
ـ[أبو مسلم السلفي]ــــــــ[11 - 06 - 08, 07:07 م]ـ
أرجو الرد للأهمية
ـ[أبو عمر الفاروقي]ــــــــ[12 - 06 - 08, 12:57 ص]ـ
روى الشيخان (واللفظ لمسلم) عن ابن عون قال: كتبت إلى نافع أسأله عن الدعاء قبل القتال؟ قال: فكتب الى: إنما كان ذلك فى أول الإسلام, قد أغار رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على بنى المصطلق وهم غارون وأنعامهم تسقى على الماء. فقتل مقاتلتهم وسبى سبيهم وأصاب يومئذ جويرية بنت الحارث.وحدثنى هذا الحديث عبدالله بن عمر وكان فى ذاك الجيش. {البخارى2541 - مسلم1730}
ـ[أبو مسلم السلفي]ــــــــ[12 - 06 - 08, 01:07 ص]ـ
جزاك الله خيرا
ولكن أعتقد أن هناك رد أقوى من ذلك والمشكلة أني لا أتذكره ولمن أتذكر منه كلمات وهي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد دعا بني المصطلق من قبل فقد علموا رسالته ولكني أريد رد شامل يبحث المسألة من جميع جوانبها
وثانيا جزاك الله خيرا
ـ[أبو عمر الفاروقي]ــــــــ[12 - 06 - 08, 01:13 ص]ـ
ارجع لشرح الحديث فى شروح البخارى ومسلم ثم كتاب وأبواب الجهاد فى كتب الفقه, يسر الله لك.(146/80)
خوفا من المسلمين ... لم يكن الإسبان ينامون حتى يطمئنوا بسماع هذه العبارة
ـ[هشام زليم]ــــــــ[12 - 06 - 08, 12:58 ص]ـ
بعد سقوط غرناطة سنة 1492م هاجر الأندلسيون إلى المغرب و استقروا بشماله. و كانوا يشنون بطريقة مستمرة غارات بحرية على السواحل الإسبانية (أو ما يسميه المؤرخون المسلمون بالجهاد البحري بينما يطلق عليه الإسبان قرصنة و تخريب) و قد استنزفت هذه الغارات الدولة الإسبانية الصليبية التي لم تعد تستطيع حماية مواطنيها القاطنين بالسواحل الجنوبية المقابلة لبلاد المغرب. فاضطر الإسبان إلى السكنى بعيدا من السواحل و تشييد الأبراج للمراقبة خوفا من نزول مفاجئ للمجاهدين المسلمين. فأصبحوا لا ينامون حتى يتأكدوا من عدم وجود أي إنزال مغربي أو عثماني بل وحتى ينادوا بعضهم أنه "لا يوجد مسلمون في الساحل" " No moros en la costa".
لقد ترسخت حالة الهلع هذه في ذهن الإسبان و أصبحت هذه العبارة مع مرور الوقت عبارة في الخطاب اليومي للإسبان - حتى بعد زوال الخطر من على سواحلها- و هي تستعمل إلى يومنا هذا لتحذير شخص ما و تنبيهه بضرورة أخذ الحذر حيث يقولون ": Moros en la costa" التي تعني "خذ حذرك ".
و هاهو القس الصليبي الإسباني (الذي يعمل في البعثة التبشيرية الأفريقية) خيسوس ماريا سان خوان يؤكد أصل هذه العبارة حيث يقول في مقال له - مقال على موقع البعثة على الأنترنت -حول الجهود التبشيرية لتنصير المهاجرين بألمرية:
"يقع إقليم ألمرية بجنوب إسبانيا وقد كان أرض استقبال و عرضة للغزو لفترة طويلة من الزمن. الفينقيون , اليونان, الرومان كل هؤلاء تركوا أثارهم. كان المسلمون (العرب و البربر .. ) هم أخر من وصل إلى هنا. تقريبا كل الساحل المتوسطي محاط بأبراج المراقبة. فالأبراج المربعة الشكل ذات أصل عربي بينما الدائرية فأصلها مسيحي و أغلبها بني على أنقاض الأبراج العربية المربعة. منذ استعادة بلنسية و طيلة قرن من الزمان, حاول المسلمون استعادة هذه الأراضي لأن سواحل البحر سهلة الوصول. من هنا أتت العبارة التقليدية المشهورة بالمنطقة: "لا يوجد مسلمون بالساحل". هذه العبارة كانت تجعل الناس بالإقليم ينامون بسلام. لكن منذ الوصول الكثيف للقوارب التي تحمل المهاجرين من المغرب, أصبح الناس يقولون بجدية: "احذر, المسلمون بالساحل"."(146/81)
مع طرد المورسكيين ... وُلِدت أول دولة عنصرية في التاريخ
ـ[هشام زليم]ــــــــ[12 - 06 - 08, 04:13 م]ـ
ما سأنقله أدناه هو ترجمة لمقال للمثقف الإسباني الإشبيلي الموسوعة رودريغو دي زياس (يقال أنه من أصول عربية) كتبه بمجلة لوموند دبلوماتيك الفرنسية LE MONDE DIPLOMATIQUE عدد مارس 1997.
وهذا المقال جد مهم حيث يكشف اللثام عن وثائق جديدة تأكد عنصرية الكاثوليك والأسباب التي دفعتهم لطرد المسلمين المورسكيين من إسبانيا سنة 1609.
أترككم مع المقال:
"منذ الحروب الأخيرة بيوغوسلافيا السابقة و القوقاز, كثر الحديث عن "التطهير العرقي". هذا الإجراء الذي يهدف عبثا لخلق "طائفة متجانسة", يعتمد على طرد أو تصفية (كما في رواندا سنة 1994) أقليات متهمة بكل الشرور. من بين أشنع عمليات "التطهير" نجد الإبادة الجماعية لليهود و الغجر بأوربا في الأربعينات على يد نظام هتلر, وكذلك إبادة الأرمن خلال العقد الأول من القرن العشرين على يد الدولة التركية الفتية. لكن النموذج العصري لهذه الإضطهادات العنصرية بدأ يتكون منذ سنة 1609 بإسبانيا مع طرد المورسكيين, هؤلاء المسلمون الذين أُجبروا على اعتناق الكاثولكية خلال سقوط غرناطة سنة 1492م, وهي السنة التي طُرد فيها اليهود من البلاد.
1 - الوثائق المهمة
السير رتشارد فوكس فاسل إنجليزي, يعتبر ثاني لورد هولاند (1773 - 1840م). كان رجلا ثريا و مشهورا, لكن هذا لم يمنع من إصابته ببعض الإضطربات الصحية. سنة 1802م نصحه الطبيب بأخذ قسط من الراحة في مكان مناخه جاف و صحي. السر رتشارد اختار مدريد و استقر بها. بعد مضي سنتين تعلم اللورد الشاب الإسبانية و انشغل بالبحث عن مخطوطات لإغناء "مكتبة هولاند", هذا المقام العائلي السامق الذي لازال يثير الإعجاب بلندن. سنة 1804م اشترى حزمة وثائق مخطوطة من شخص يدعى إزدور دي أولمو. هكذا و دون أن يعلم , اشترى السير رتشارد عقد ازدياد أول دولة عنصرية في التاريخ.
رغم ذكائه و ثقافته, لم يدرك اللورد هولاند كل أهمية الوثائق التي حملها إلى لندن, حيث اكتفى بالكتابة على رأس الحزمة: "أوراق, مخطوطات, أوصاف و مراسلات مأرخة ما بين 1542 و 1610م حول المورسكيين بإسبانيا" ثم تابع " بعضها نسخ والباقي أصلي, من هذه الأخيرة بعض رسائل كونزالو لوبيز (والد أنطونيو لوبيز الشهير (1)) إلى فيليب الثاني مرفوقة بملاحظات هامشية مخطوطة أصلية تمثل ردود الملك).
في 21 نونبر 1989, عُرض مجموع هذه الوثائق في المزاد بلندن: هي الأن ضمن أرشيفي بإشبيلية تحت العنوان النوعي "مجموعة هولاند". الدراسة المعمقة لهذه المجموعة تبين حجم الجدل الذي دار داخل أعلى هيئات الدولة الإسبانية بخصوص الأقلية الإسبانية المسلمة المهمة و التي أُُجبرت على اعتناق الكاثولكية.
المشكل الإجتماعي و السياسي الذي طرحته هذه الأقلية كان هو مشكل جميع الأقليات: رفض الأغلبية لخصوصيات الأخر.
بداية , الخصوصية الدينية, لأن المورسكيين بقوا في الحقيقة مسيحيين-مسلمين. الخصوصية الإجتماعية و اللغوية كذلك, لأنهم كانوا مصرين على الحفاظ على لغنهم (العربية) , طريقتهم في اللباس, عاداتهم في الأكل و النظافة (لا يأكلون الخنزير, ويغتسلون باستمرار, الشيئ الذي لم يتقبله المسيحيون أنذاك) , و أعيادهم الخاصة. بالإضافة إلى ذلك, كان ينظر إليهم "كعميل للعدو الخارجي" أي حلفاء نشطين للإمبراطورية العثمانية. خصوصية المورسكيين كانت تجعلهم بشكل واضح "تهديدا للجمهورية المسيحية".
يتبع
2 - في اتجاه دولة عنصرية
ـ[هشام زليم]ــــــــ[12 - 06 - 08, 11:21 م]ـ
2 - في اتجاه دولة عنصرية
"منذ تأسيس محاكم التفتيش على يد الملوك الكاثوليك و جعلها جزءا لا يتجزأ من الدولة (1481 - 1483م) , كانت لإسبانيا نزعة دينية فريدة و موحدة. يمكن القول أن " القضية المورسكية" في إسبانيا أسبابها و نتائجها تذكرنا بالقضية اليهودية خلال الثلاثينات و الأربعينات و حتى بالوضعية الحالية لبعض الأقليات العرقية بأوربا وغيرها.
الفائدة الأساسية من "مجموعة هولاند" هي كشفها للتحول إلى دولة طائفية يمكن للإنسان المنتمي لأقلية طائفية أن يغير دينه للإنضمام لمجتمع الأغلبية, وحيث التحول إلى دولة عنصرية تصبح فيها الأقلية عرضة لاضطهاد المؤسسات, و فوق كل اعتبارات دينية.
على أية حال فأول خطوة في اتجاه الدولة العنصرية كانت متواضعة, وكان تاريخها أقدم من وثائق "مجموعة هولاند": سنة 1535م, أسقف كاتدرائية قرطبة طلب من البابا بولس الثالث أن يبارك فرض شرط "نقاء الدم" للوصول إلى وضيفة داخل الأسقفية. لكن البابا رفض , فلجأ أسقف قرطبة إلى الملك الإمبراطور "شارل كانت". هذا الأخير راقت له الفكرة و مارس ضغوطات على البابا لمباركة تطبيق هذا الشرط على عموم المملكة. و هكذا أُجبر البابا على القبول: كل شخص يطمح لشغل وضيفة في أسبانيا عليه إثبات عدم وجود أي عضو يهودي أو مسلم في عائلنه منذ أربعة أجيال على الأقل. هكذا أصبح هذا الشرط قانونا و لم يُلغى بصفة كاملة إلا في 13 ماي 1865, مع انقطاع بسيط خلال فترة حكم جوزيف بونبارت (1809 - 1812م)."
- يتبع -
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/82)
ـ[هشام زليم]ــــــــ[19 - 06 - 08, 03:20 ص]ـ
"بخصوص اليهود أو" الخنازير", مثلا ذهبت الدولة الإسبانية إلى حد اعتبارمسألتهم "صراع بين التقليد الوطني ( ... ) و تقليد يهودي غامض"؛ "و انطلاقا من هذه الفكرة, سيُعتبر يهوديا كل من أظهر علامات قاطعة أو تخمينات خطيرة أو وجود أو الإصرار على التقليد اليهودي". ليس المهم كون التقليد يهودي أو مسلم: فالمشكلة كانت نفسها تماما. الإقتراحات, أعلاه, ذكرها الفرنسي كسافي فالا, و نشرها في مذكراته بعد سنة 1945 (2). لكن فالا كان أقل صرامة من أسلافه الإسبان, لأنه اكتفى بضرورة أثبات الإنحدار من جدين غير يهوديين فقط لوصف مواطن ما ب"فرنسي صالح"
لقد رأينا أن" نقاء الدم " بإسباني قبل 1865 م لا يتم الحصول عليه إلا بعد 4 أجيال "غير ملوثة"؛ لكن ما يلفت الأنظار هو وجود استمرارية للتصورات إلى حد تصبح فيه محل تداول. فكسافي فالا كان كاثوليكيا صالحا إلى حد لا يمكن تصور تواطؤه مع النازيين المحتلين؛ وهذا ما أثبته خلال محاكمته أمام المجلس الأعلى للعدالة سنة 1947, وقد استفاد من شهادة الطبيب اليهودي غاسطون نورا."
(2) كسافي فالا ترأس الهيئة الفرنسية العليا للمسألة اليهودية 1941 - 1942خلال الإحتلال النازي لفرنسا.
- يتبع بإذن الله -
ـ[هشام زليم]ــــــــ[23 - 06 - 08, 02:42 م]ـ
"هل يمكن أن نتحدث عن "عنصرية دولة" في عهد شارل كانت؟ لا, لأن إجبارية إثبات "نقاء الدم" لم تشكل بعدا غير ديني بعد. نطلق على شخص أنه مسلم أو يهودي إذا كان يطبق شرائعهما: و هكذا فالديانات لا تنتقل عبر الدم , يعني بطريق وراثية عبر الجينات. لكننا أمام التباس أو سوء تقدير, وهو نوع من التحريف الطائفي للدولة فرضه الملوك الكاثوليك. غير أنه تحريف له دلالة: وثائق مجموعة هولاند التي تعود لفترة حكم فيليب الثاني, أتت بتعريف جديد للأقلية المورسكية. يتعلق الأمر ب"أمة". فماذا تعني "الأمة " في إسبانيا القرن السادس عشر؟ باختصار, كل جماعة واضحة التمييز يمكن أن يطلق عليها أمة. و هكذا , في عدة حالات يوجد كاثوليكيون إسبان صالحون يُنسبون إلى "الأمة المورسكية". "نقاء الدم" أدى إلى خلق معيار جماعي جديد لا يقل غموضا عن تعريف اليهودي كمنتمي ل"عرق " ما. منذ ذلك الوقت, الهيئات الكبرى بالبلاد, المجلس الأعلى لمحاكم التفتيش, مجلس الدولة, مجلس الخزينة, الحكام العامون لقشتالة و أراغون, دون احتساب رجال الكنيسة الأكثر تأثيرا, كل هؤلاء كانوا يرون ضرورة القضاء على "الأمة المورسكية".
اختلفت الأراء ثلاثة أقسام حول طريقة تنفيذ هذا الإقصاء: الإبادة, التهجيربكثافة, أو الإستيعاب القهري تحت المراقبة العليا.
ورغم كل شيئ فمن المبكر التحدث عن "عنصرية الدولة" , حيث لم يكن هناك قانون إسباني يمنع وجود أقلية-وإن كان يطلق عليها "امة"- على أراضيها.
ثلاث وثائق من مجموعة رولاند تقترح بوضوح حل الإبادة. إما بالإعدام أو الأشغال الشاقة بمناجم أمريكا و التجديف بالسفن, وهذا سيؤي إلى حد نسل المورسكيين. هذا الحل لم يلق قبول ملوك إسبانيا لندرة أو عدم تطبيقه خلال تلك الفترة. الإقتراحين الأخرين سيتم تطبيقهما: فيليب الثاني سيظهر دائما كمناصر للإستيعاب, بينما فيليب الثالث (1598 - 1621) سيدعم أنصار التهجير.
لم تكن الإعتبارات الإقتصادية غائبة في الإختيارات التي تم تبنيها: بالنسبة افيليب الثاني, واردات الجزية المفروضة على المورسكيين تشكل مبررا مهما لضرورة بقائهم. الجميع يستفيد منهم: الدولة, الكنيسة, كبار الأسياد الإقطاعيون الدين يشكلون الجزء المهم من الوزارات العلمانية بالدولة.
فيليب الثاني ملك حذر و واقعي, كان متأثرا بضغوطات كبار الأسياد الذين كانت مصالحهم معارضة لمصالح محاكم التفتيش. كان يماطل و يلجأ للجان, باختصار: كان يربح الوقت. و كان المورسكيون يدفعون. عندما تمردوا في مملكة غرناطة لبقديمة (1568 - 1571) تم الإنتصار عليعم و هُجّروا إلى مناطق أخرى من إسبانيا. لكنهم بقوا دائما هنا و لازالوا يدفعون, طبعا, أقل من السابق لأن ثقافة إنتاج الحرير اختفت من غرناطة. لقد كانت النشاط المورسكي الأكثر ربحا, لكن المورسكيين ضلوا أفضل المزارعين بالمناطق التي أعطوها قيمة و سقوها بأيديهم منذ أجيال عديدة.
بالمقابل, بالنسبة لفيليب الثالث, الوضع كان يُطرح من وجهة أخرى. هذا الملك لم يكن له ذكاء أبيه و لا إرادته. لقد أعطى زمام الحكم لشخص مفضل لديه: الماركيز البلنسي دودينيا الذي كان ذوقا لدوليرما ثم كاردينالا. ابتداءا من 1608 أصبح عم دوق دوليرما كبير المفتشين. نظرية التهجير التي كان يدعمها بقوة أنصار دو ليرما الذين يراقبون جهاز الدولة, هذه النظرية كان لها أيضا داعم اقتصادي: الخسائر التي ستترتب عن الطرد سيتم تعويضها بشكل كبير بالأرباح الناتجة عن مصادرة أملاك المورسكيين."
يتبع 3 - التهجير
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/83)
ـ[هشام زليم]ــــــــ[29 - 06 - 08, 02:00 ص]ـ
3 - التهجير
"يوم 22 شتنبر 1609م, الملك فيليب الثالث يوقع الظهير الذي سيعلن ميلاد أول دولة عنصرية في التاريخ. هكذا, لا أحد من أعضاء "الأمة المورسكية" يستطيع الإقامة على الأراضي الخاضعة للسيادة الإسبانية, ومن خالف أُعدم. المسؤول الرئيسي عن هذا الظهير لم يكن الملك, لكنه الدوق دوليرما.
المنظّر الأكبر للدولة العنصرية هو قس بلنسيو عضو محكمة التفتيش ببلنسية يُدعى فراي خايم بليدا: و هو مؤلف كتاب يعرض نظرياته و يبرهن فيه على أن إقصاء المورسكيين هو "ضرورة عاجلة". الكتاب كان غامضا بعض الشيئ بالنسبة للملك, فقام قس قريب من بليدا يدعى فراي لويس بلتران بتلخيصه و تبسيطه.
هذه الوثيقة تحمل رقم 40 ضمن مجموعة هولاند, تحمل القرار الملكي. لقد انتصر الذوق دوليرما: خمسمائة ألف رجل و امرأة و طفل سيتم تهجيرهم مع حوالي 75 بالمائة من "الخسارة".
كل أملاك هؤلاء التعساء ستنعش خزينة دوق دو ليرما و أنصاره. هكذا أصبح لدوليرما –لوحده- ثروة تفوق بكثير خزينة المجلس المالي الذي يعود إليه هو أيضا.
في هذه الفترة كانت إسبانيا مهيمنة عسكريا و سياسيا على أوربا, وكان عدد سكانها حوالي 8 ملايين نسمة , معرفة هاته المعلومات ستمكننا من قياس أهم عامل لتخلفها اللاحق و خرابها: في مناطق كاملة هُجرتالزراعة و أصبحت الأراضي أراضي موات. اختفت أكثر الحرف ازذهارا: النقل, حرف البناء, كبار مربي الحمير و البغال, مشيدوا القنوات المائية السقوية, منتجوا الغلات , كلهم كانوا مورسكيين .. أضف هذا إلى التضخم المتصاعد خلال القرن السادس عشر و الأوبئة و الفساد الإداري و لا مبالاة و جشع دوق دوليرما و الحروب المتواصلة؛ هذه الظروف أدخلت إسبانيا في أحلك فترة في تاريخها.
منذ توقيعها لاتفاقية شين غين, أصبحت إسبانيا المعاصرة حارس جنوب غرب أوربا. حرسُها المدني يراقب سواحل الأندلس لمنع الهجرة الإقتصادية للمغاربيين.
مثل أولئك البحارة الممقوتين الذين كانوا ينقلون المورسكيين باتجاه و هران لكن يلقونهم وسط البحر لربح الوقت و المال؛ البحارة الحاليون ينقلون بانتظام مهاجرين بين الريف و الأندلس و يرمون بهم أحيانا, وسط الظلام, بعيدا عن السواحل الأندلسية حيث يموتون غرقا. أما المحظوظون الذين وصلوا إلى الساحل فيتم إيقافهم و إرجاعهم مقيدي الأيدي من طرف الحرس المدني.
العنصرية ضد الغجر, أخر أقلية واضحة التكوين و التمييز, أصبحت عنيفة و بوثيرة غير منتظمة. لكن ليست إسبانيا وحدها المتبوعة بهذا, فإجراءات التطهير العرقي المتخذة ما بين 1992و1995 من طرف الوطنيين الصرب و الكروات ضد المسلمين بالبوسنة ذكرتنا بطريقة مأساوية أن الدولة العنصرية لا تنتمي فقط إلى الماضي السحيق."
تمت الترجمة و النقل ولله الحمد(146/84)
كرونولجيا المأساة المورسكية بعد سقوط غرناطة ... أهم التواريخ و الحوادث
ـ[هشام زليم]ــــــــ[13 - 06 - 08, 01:31 ص]ـ
"1491 - توقيع اتفاقية تسليم غرناطة (18نونبر)
1492 - تنصير المسلمين على يد الكاردينال ثسينروس, و إحراق الكتب العربية.
1501 - إخضاع المتمردين
-قرار بتنصير مورسكيي غرناطة
-حظر دخول مورسكيي قشتالة مملكة غرناطة (20 يوليو)
1502 – قرار يخير مسلمي قشتالة بين التعميد و النفي (11 فبراير)
-حظر مغادرة مورسكيي قشتالة لأراضيهم (17 فبراير) و بهذا ألغي خيار النفي.
1516 - الكاردينال ثسينروس يصدر قرارا يجبر فيه المسلمين على التخلي عن أزيائهم و عاداتهم, لكن القرار جمد.
1520 - 1522 – حروب الجماعات في فالينسيا, الجماعات تجبر المورسكيين على التعميد تحت التهديد بقتلهم.
-جدل حول ما إذا كان التعميد شرعيا أم لا.
1524 – البابا كليمنتي السابع يحث كارلوس الخامس على وضع حد لمشكلة المسلمين في أراغون, ويسمح له بطرد من لم يتم تعميدهم و يحله من وعده أمام المجلس الملكي, والخاص باحترام عادات المورسكيين (15مايو).
1525 – كارلوس الخامس يخير مورسكيي فالنسيا بين التعميد و النفي, و يتعهد بأن يكون المتعمدون في مأمن من محاكم التفتيش لمدة 40 عاما.
1526 - تعميد مورسكيي أراغون بناءا على قرار بذلك.
- ثورة مورسكيي فالنسيا في بناغواتيل, وفي سيرادي اسبادان.
-قرار بحظر لغة و أزياء و عادات مورسكيي غرناطة. تأجيل تنفيد القرار.
1527 - قرار بحظر عادات المورسكيين و حظر استعمال اللغة العربية.
1568 - 1570 - حرب غرناطة.
1570 - البدء في ترحيل مسلمي غرناطة إلى قشتالة (1نونبر)
1571 - قرار بنزع أسلحة مورسكيي فالنسيا (28يونيو)
1585 - حرب في أراغون بين المورسكيين (من زراع الأراضي) و الرعاة.
1609 - نشر قرار طرد مورسكيي فالنسيا (22شتنبر)
-حظر بيع مورسكيي قشتالة ممتلكاتهم العقارية (14نونبر)
1610 - الإعلان في فالنسيا عن قرار طرد مورسكيي أندلوثيا و مرسية و أورناتشوس (1) (12 يناير)
-السماح بمغادرة قشتالة لمن شاء من المورسكيين (18 يناير)
- الأمر بطرد مورسكيي قطالونيا (17 أبريل)
- الإعلان في سرقسطة عن قرار طرد مورسكيي أراغون (29 مايو)
- الإعلان عن قرار طرد مورسكيي قشتالة و إكسترامادورا و لامانشا (10 يولية)
1614 - انتهاء عملية طرد أخر المورسكيين, وهم مورسكيو بايي دي ريكوتي الذين تم تأجيل طردهم نظرا لشهرتهم كمسيحيين مخلصين."
مقتبس من ص29و 30 من كتاب "المورسكيون الأندلسيون" للكاتبة الإسبانية مرثيدس غارسيا أرينال و ترجمة الدكتور جمال عبد الرحمان.
(1) سكان هذه المنطقة الأندلسية استقروا بالكامل في مدينة الرباط عاصمة مملكتنا المغربية و بالتحديد بقصبة الوداية و هؤلاء الأورناتشوس كانوا معروفين بتشبتهم بالإسلام.
ـ[هشام زليم]ــــــــ[13 - 06 - 08, 02:37 ص]ـ
-------------
ـ[ابونصرالمازري]ــــــــ[13 - 06 - 08, 02:40 ص]ـ
حبذا لو جعلت مختصرا لتاريخ الاندلس من الفتح الى السقوط تذكر اهم الملوك واهم العلماء والشعراء في خمس او ست صفحات
وفقكم الله(146/85)
المهدي المنتظر بين الروايات التاريخية والأحاديث النبوية الصحيحة
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[13 - 06 - 08, 05:09 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين , الرحمن الرحيم , مالك يوم الدين
اللهم صلّ وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
المهدي المنتظر بين الروايات التاريخية والأحاديث النبوية الصحيحة
"تاريخ الغرب الإسلامي أنموذجًا"
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وآله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
فهذه المقالة في نقد بعض الراويات التاريخية وغربلتها وإماطة اللثام عن انحرافاتها العقدية ونقضها؛ ذلك أن نقد هذه الراويات التي تزين المصادر التاريخية بالأباطيل والأفكار التي تمس جوهر العقيدة، ضروري كضرورة النار لتصفية الذهب، وكضرورة الجراحة لعلاج المريض .. ضرورة مراجعة المصادر التاريخية أضحى في الآونة الأخيرة آكد وأشد خاصة والزمن زمن الفتن! زمن سيطرة المعلومة وسرعة انتشارها! زمن يغلف الباطل بأنواع عدة من الدعم فيصبح حقا! زمن تفوق المادة على حساب الروح .. مع هذا لا ينبغي البتة الاستسلام لليأس أمام بهرجة الباطل اليوم! فإن العمل الجاد و مواصلة السير –بعد توفيق الله تعالى– كفيل بالتوصل إلى نتائج مرضية .. !
دواعي كتابة الموضوع:
لم أكن بدعًا في اختياري لهذا الموضوع، لكن تجدده في الطرح والتناول في العالم العربي الإسلامي بله العالم الغربي بين النظرية والتطبيق .. مع ما تفيض به المصنفات التاريخية المغربية بطرف عقائدي مشبوه! .. ومع أن السنة في الغرب الإسلامي [1] ( http://www.alukah.net/articles/2/2870.aspx#_ftn1) راسخة رسوخ الجبال منذ القدم ... فإن بعض عقائد وطقوس الشيعة (طقوس يوم عاشوراء، تشويه الاعتقاد بالمهدي المنتظر .. ) لتوالي دولهم ردحا من الزمن على منطقة الغرب الإسلامي (الدولة العبيدية (الفاطمية)، دولة الموحدين .. إلخ) صار في زعم بعض دارسي التاريخ من صميم المظاهر الدينية التي عرفوا بها، حتى ملئت مصنفاتهم بذكرها، وخطتها أقلام المفكرين والمثقفين في دواوينهم يسطرونها بمدادهم ويلوكونها بألسنتهم .. إذ يقول أحد شيوخ الزاوية التيجانية الصوفية بالمغرب -وهو في هذا لا يختلف كثيرًا عن العقيدة الشيعية-: "المهدي المنتظر حي يرزق في المغرب، ولدته بدوية بربرية، لكنه لم يتلق بعدُ الإذنَ بالإعلان عن نفسه" [2] ( http://www.alukah.net/articles/2/2870.aspx#_ftn2)!
كما أذيع في أحد البرامج التلفزيونية التي تفسر الرؤى: أن سائلة رأت أنها ترضع طفلا في القمر، فلما سألت الشيخ عن هذا، استحلفها على ذلك فحلفت، ثم بكى الشيخ، فلما سئل عن سبب بكائه قال: "إن المهدي المنتظر قد ولد في هذه الليلة! " لكن العلماء الأجلاء سرعان ما كذبوا تفسير هذا الحلم -ليس الرؤيا- بأدلة نبوية شرعية ألجمت أفواه المضللين!
ومن المضحكات المبكيات؛ اعتقاد "أحمدي نجاد" الرئيس الإيراني الحالي أنه، وبكل سياساته ووجوده أصلا، ليس إلا تمهيدًا لظهور المهدي، وأن هالة من النور كانت تحيط به في أثناء إلقاء خطابه في الأمم المتحدة .. [3] ( http://www.alukah.net/articles/2/2870.aspx#_ftn3)!، كما نستحضر جميعًا ذهنية الضفة الغربية التي يدعي فيها "جورج بوش" بأنه المنقذ المنتظر، ويخبر في مكالماته الغريبة جاك شيراك -الرئيس الفرنسي السابق- عن اقتراب ظهور يأجوج ومأجوج!
وهنا صار كثير من الأسئلة والمسائل مطروحة للنقاش اليوم، ومنها قضية المهدي المنتظر .. ولا أغرب مما قرأت في بعض المجلات المغربية؛ مِن زعم شخص أنه المهدي المنتظر في مدينة قلعة السراغنة (مدينة وسط المغرب) حيث كان يرعب الناس ويضربهم، حتى قبضت عليه السلطات المغربية، فكفانا الله شره!
كما استغربت لمن ادّعى أن المهدي المنتظر سيظهر في سنة 2016م [4] ( http://www.alukah.net/articles/2/2870.aspx#_ftn4).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/86)
كما يَكثُر اليوم الحديث بخلط ممجوج بين المهدي المنتظر والمجددين انطلاقا من الحديث الذي رواه أبو داود والحاكم والطبراني بإسناد صحيح عن أبي هريرة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إن الله عز وجل يبعث لهذه الأُمة على رأس كل مائة سنة من يُجدد لها دينها)، واستنادًا على الفهم الخاطئ لمثل هذا النص النبوي، وقلة العلم، وترأس الجهال في الفتوى، وحب الرياسة والحظوة أصبح كل حزب وكل جماعة تعد شيخها ومؤسسها هو المهدي المنتظر والمجدد الموعود، حتى أُصيبت الأُمة بتخمة المجددين والمهديين .. !!! [5] ( http://www.alukah.net/articles/2/2870.aspx#_ftn5).
وفي المقابل هناك موقف آخر يحرف الكلم عن مواضعه، وممن يمثل هذا التيار الدكتور المغربي المسمى محمد عمراني حنشي الذي ألف كتابه "المهدي اللامنتظر لا عند اليهود ولا عند الشيعة ولا عند السنة ولا عند البرتغال"؛ ليثبت -حسب زعمه استنادًا إلى مغالطات سياسية وعقائدية-أن المهدوية أسطورة غارقة في الموروث الوثني! تعود إلى ديانة "زرادشت" في التراث الإيراني، ويضيف "أسطورة أو خرافة المهدي المنتظر لا تثير الدهشة؛ لأنها أمر طبيعي ومتوقع في العديد من المنعطفات التاريخية، وخاصة المنعطفات المرتبطة بالتأزم واليأس .. ! ".
ومن النقط الأخرى الأساسية التي وجهتني لكتابة هذه المقالة المتواضعة: التفكير في الاستعداد لقيام الساعة دون الاقتصار فقط على الدنيا وملذاتها؛ يدل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل: متى الساعة؟ فقال: "ماذا أعددت لها" [رواه البخاري 3688]، أضف إلى ذلك إثبات أن خبر المهدي المنتظر من دلائل النبوة البعيدة عن التأويلات والتحريفات والتخريفات ..
باب مهم للولوج:
بادئ بدء أشير في ضوء دراستي لهذا الموضوع الشائك؛ أنه إن كانت هناك فجوات أو ثغرات تحدث في حياة الأمم وفي حياة المجتمعات، وهي تحدث ولا شك في حياة كل أمة .. وإن لم يسجل تاريخها تسجيلا أمينا مفصلا موثوقا، فذلك بالفعل من طبيعة البشر؛ إن هو زاغ عن المنهج القويم منهج الحق الذي ارتضاه الله لعباده الله الصالحين .. ؛ لأن الإنسان كما قال أبو الحسن الندوي رحمه الله: "صاحب شعور، وصاحب عقلية، وصاحب تجارب، وصاحب أهواء وميول وشهوات، وصاحب غايات وأهداف، يواجه معارضات وصراعًا نفسيًّا، وفي بعض الأوقات صراعًا سياسيًّا وصراعًا اجتماعيًّا .. ، فإنه لا بد أن تحدث في كل مجتمع مهما بلغ من العلم الديني، والصلاح العلمي، ومن الفضيلة الخلقية مكانا ساميا -والفترة النبوية خير شاهد على ذلك- من هنا لملء تلك الثغرات لا بد من الاستنجاد بالعقيدة السليمة وحكمةِ حاملِيهِ وشارحيه" [6] ( http://www.alukah.net/articles/2/2870.aspx#_ftn6).
وإذا تتبعنا فكرة المهدوية [7] ( http://www.alukah.net/articles/2/2870.aspx#_ftn7) في تاريخ الغرب الإسلامي في العصر الوسيط، وجدنا أنها كانت الطور النهائي والمرحلة الأخيرة، والتمهيد لـ"الانقلاب" السري ضد السلطة القائمة .. بعبارة أخرى: "المهدوية" -حسب المصادر التاريخية وليس المصادر الشرعية- العملاق المستعد ليخرج من قمقمه ليمحو أثر الظلم الذي يمارسه النظام القائم ليملأ الأرض عدلا بعدما ملئت جورًا!! من هنا نزلت على بني جنس العصر الوسيط المغربي قبعات متعددة من ألوان المهدوية يلبسها كل من يرفض أن يرى الإسلام -عقيدة وشريعة- عرضة للإهانة من قبل مؤسسات الدولة ويسعى أن ينتشل المجتمع من الغرق المحقق .. وأن المهدي المنتظر المغربي يتحين أي فرصة تكون فيها الأزمة السياسية خانقة متفلتة من الضوابط وخارقة للقوانين .. !!
وتأسيسا لإشكالية الموضوع -الذي لا أقلل من قدره في هذا العصر كما ذكرت ذلك آنفا- لا بد من طرح الأسئلة التالية: هل المهدي يدخل في خانة المعتقدات الشرعية المسلم بها؟
أم هو صنيع الفرق الكلامية السياسية؟ أم المهدي المنتظر خاص بكل وطن من الأوطان ويظهر على إثر كل مرحلة عصيبة؟
أم هو إرث العقيدة الشيعية والصوفية خاصة وأنهما يسيران في خط متطابق والأقرب إلى الاندماج؟
أم هو بطل من أبطال التاريخ؛ الذي يقف حجر عثرة وعقبة كأداء أمام استمرار نفوذ الدولة القائمة وإحداث مجموعة من القلاقل والاضطرابات السياسية التي تؤدي في نهاية الأمر إلى انهيارها (كما فعل المهدي بن تومرت مع الدولة المرابطية)؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/87)
أم هو من وحي أصحاب الفرق المذهبية التي تأثرت بمعتقدات أخرى؟
وهل كل منطقة جغرافية لها مهديها المنتظر تبعًا للظروف السياسية والدينية التي تعيشها في تلك الظرفية التاريخية؟!
ثم هل المهدوية أسطورة مبتكرة من طرف المؤرخين لإضفاء الشرعية على السلطة القائمة مع حيفها وتجبرها؟
أم هي عقيدة صهيونية نصرانية (جعلت الرئيس الأمريكي يؤيد الكيان الصهيوني الغاصب بدعوى حرب وخدعة هرمجدون)؟
أم هذا -بلا شك- جهل بتعاليم الإسلام الصافية البعيدة عن كل أشكال (الأدلجة)، وعدم التمكن من فهم مناطات الأدلة الشرعية التي تناولت الإيمان بالمهدي المنتظر -بصفاته التي أخبر عنها النبي الكريم- تصديقا وعقيدة صافية بعيدة عن كل غبش ولبس؟!
صحيح أن معالجة كل هذه القضايا والإشكالات مهمة، ولكن طرقها بكل تفاصيلها يحتاج إلى مجلد ضخم .. خاصة بعد ما سيطر على ألباب غالبية مدرسي التاريخ الإسلامي عمومًا وتاريخ الغرب الإسلامي خصوصًا أن المهدي المنتظر عقيدة شيعية تارة، وأسطورة خيالية تارة أخرى، بل الأدهى والأمر أن الحرب الخليجية الثالثة دفعت بالبعض إلى إلصاق الإيمان بالمهدي المنتظر بالثقافة الصهيونصرانية!
وبهذا الاعتبار لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة .. وقبل الدخول في تفاصيل المصنفات التاريخية ومظانها، ومع انتشار ثقافة "الساندويتش" عند البعض (المختصرات)، وحتى لا يستمر ذلك الدجل والتخرص بين إخواننا؛ يكون من الأولى التطرق للرؤية الشيعية الرافضية ثم الشرعية السليمة على الهدي النبوي الصافي منذ بداية الموضوع، ومن ثم التطرق لسيرورتها التاريخية في بلدان الغرب الإسلامي التي تقلبت بين التوجهات التي ذكرتها آنفا (شيعية، أسطورية ميثولوجية، صهيونية نصرانية ... ) لأختم الموضوع بردود علمية لبعض العلماء الأجلاء.
التعريف اللغوي لاسم المهدي:
يشتق اسم المهدي من فعل هدى؛ أي بيّن طريق الهدى وعرّفه وأرشد إليه؛ ومنه اشتق اسم الهادي الذي هو من أسماء الله الحسنى.
وخلافه ضل، أي تاه وأخطأ وزاغ عن الصراط المستقيم.
ويدل المصدر هدى على الطاعة والورع وبذلك يدل اسم المفعول مهدي على الذي قد هداه الله إلى الحق [8] ( http://www.alukah.net/articles/2/2870.aspx#_ftn8)، وهو من الهداية. وسمي بذلك لأنه يهدي الناس هداية إرشاد إلى الحق ..
المهدي المنتظر عند الشيعة:
ظاهرة خرافية: أما المهدي المجمع عليه عند الشيعة الاثنا عشرية، فهم يعتقدون أنه محمد بن الحسن العسكري الذي غاب في سرداب "سامراء" وعمره خمس سنوات سنة (260هـ)، وهم ينتظرون خروجه إلى هذا اليوم، ليظهر القتل في أهل السنة فيكون قتلاً ذريعاً لا مثيل له، ويهدم البيت الحرام والمسجد النبوي، وينبش قبري أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ويصلبهما ويحرقهما، وأنه يحكم بشريعة داود عليه السلام، وهذا من الأدلة على جذورهم اليهودية -الذين هم ليسوا على دين داود- وقد أسس مذهبهم عبدالله بن سبأ اليهودي الذي أظهر حب أهل البيت نفاقًا، حتى يتمكن من هدم الإسلام عن طريق تقديس الأئمة .. والغريب في الأمر انتظارهم له على باب السرداب، وهم يصيحون به أن يخرج إليهم قائلين: "اخرج يا مولانا"، ثم يرجعون بالخيبة والحرمان فهذا دأبهم. ولقد أحسن من قال:
ما آن للسرداب أن يلد الذي كلمتموه بجهلكم ما آنا
فعلى عقولكم العفاء فإنكم ثلثتم العنقاء والغيلانا
ولقد أصبح هؤلاء عاراً على بني آدم وضحكة يسخر منها كل عاقل، وسببا للنيل من الإسلام!!
.. وأصبحت نظرية المهدي تمثل جزءًا هاما من الممارسات العملية في الفكر الشيعي المعاصر، وما دعوة ولاية الفقيه التي ينادي بها فريق من الشيعة إلا جزء من هذه الممارسة، حيث يقوم الفقيه العالم، مقام المهدي الغائب، إلى أن يؤذن له بالظهور. وبسبب الاجتهاد المفتوح عند الشيعة، فقد تعددت وجهات النظر في موضوع المهدي والمهدوية، لدرجة أن أحد الكتاب من الشيعة المعاصرين وهو أحمد الكاتب أنكر تماما ولادة محمد بن الحسن العسكري (المهدي)، وقد أصدر في ذلك كتابا بعنوان (تطور الفكر السياسي الشيعي .. من الشورى .. إلى ولاية الفقيه) .. تناول فيه قضايا مثيرة للجدل في موضوع (المهدي المنتظر) [9] ( http://www.alukah.net/articles/2/2870.aspx#_ftn9).
المهدي المنتظر من الناحية الشرعية والأحاديث النبوية المتواترة:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/88)
وكعادة أي دراسة؛ يذيل المقال بالطرح الصائب بعد ذكر الشبه والعورات والثغرات التي ميزت قضية معينة، ولكنني آثرت في هذا المقال التمهيد بالسليم من الأحاديث المتواترة باعتبارها ضوابط لدفع تحريفات وتخريفات ميزت التاريخ العقدي والسياسي للغرب الإسلامي، وما زالت تميز الساحة الدولية بدءًا من الشيعة الروافض إلى العقيدة الصوفية المخذلة والمخدرة، إلى المسيح المنتظر الذي يعتقد فيه اليهود ومن ورائهم الرئيس الأمريكي (خدعة "هرمجدون" الحرب النووية التي يتزعمها مسيحهم الدجال لإبادة الأغيار؛ ومن ثم ينعم اليهود بالراحة التامة، ولا يبقى في الوجود غيرهم!).
فعقيدة المهدي المنتظر عقيدة سنية صحيحة، ثبتت بشارتها عن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم في أحاديث متواترة صحيحة مع كثرة الأحاديث الضعيفة والموضوعة في هذا الباب ..
ولندع المراجع الشيعية -بثغراتها العقدية- جانبا لنقف أمام المصادر السنية، الحافلة بأخبار المهدي المنتظر .. فأهل السنة والجماعة يؤمنون: أن الله يؤيد دينه وعباده في آخر الزمان برجل من أهل البيت يملأ الأرض عدلاً كما مُلئت ظلماً وجوراً، يواطئ اسمه اسم النبي صلى الله عليه وسلم واسم أبيه، أي (محمد بن عبدالله)، ويؤمنون أنه يولد في آخر الزمان وليس في أول الزمان، وتتزامن بداية دعوته مع نزول المسيح عليه السلام. وقال الإمام الشوكاني رحمه الله تعالى عن هذه الأحاديث: الأحاديث في تواتر ما جاء في المهدي المنتظر التي أمكن الوقوف عليها منها خمسون حديثاً، فيها الصحيح والحسن والضعيف المنجبر، وهي متواترة بلا شك أو شُبهة.
أولا: ثبوت ظهور المهدي في آخر الزمان:
في آخر الزمان يخرج رجل من أهل البيت يؤيد الله به الدين، ويملك سبع سنين، يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورًا وظلما، تنعم الأمة في عهده نعمة لم تنعمها قط، تخرج الأرض نباتها، وتمطر السماء مطرها، ويعطى المال بغير عدد، ومن الأدلة على إثبات ظهور المهدي أخر الزمان ما يلي:
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "في آخر أمتي المهدي يسقيه الله الغيث، وتخرج الأرض نباتها، ويعطى المال صحاحا، وتكثر الماشية وتعظم الأمة، يعيش سبعا أو ثمانيا يعني حججا" [10] ( http://www.alukah.net/articles/2/2870.aspx#_ftn10).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم" [11] ( http://www.alukah.net/articles/2/2870.aspx#_ftn11).
كما جاء في المسند قول النبي صلى الله عليه وسلم: "المهدي منا أهل البيت يصلحه الله في ليلة"، وفيه: "المهدي منّي، أجلى الجبهة، أقنى الأنف، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً ويملك سبع سنين" [12] ( http://www.alukah.net/articles/2/2870.aspx#_ftn12).
وعند مسلم تنبيه على المهدي من قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة فينزل عيسى ابن مريم فيقول أميرهم: تعال صل لنا، فيقول: لا، بعضكم على بعض أمراء تكرمة الله هذه الأمة" [13] ( http://www.alukah.net/articles/2/2870.aspx#_ftn13).
وقد ذكر أهل العلم أن هذا الرجل الذي يتقدم ويصلي بعيسى هو المهدي ثم يتولى بعد ذلك عيسى ابن مريم -صلوات الله وسلامه عليه- زمام الأمور، وفي رواية ذكر ابن القيم أن إسنادها جيد: "فيقول أميرهم المهدي".
قال ابن كثير رحمه الله: في زمانه تكون الثمار كثيرة، والزروع غزيرة، والمال وافر، والسلطان قاهر، والدين قائم، والعدو راغم، والخير في أيامه دائم.
1 - اسمه: روى الإمام أحمد عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقوم الساعة حتى يلي رجل من أهل بيتي يواطئ [أي يطابق] اسمه اسمي [14] ( http://www.alukah.net/articles/2/2870.aspx#_ftn14).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/89)
فهذا الرجل اسمه كاسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، واسم أبيه كاسم أبي النبي صلى الله عليه وسلم، فيكون اسمه محمدَ أو أحمد بن عبدالله، وهو من ذرية فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم من ولد الحسن بن علي رضي الله عنهم، فعن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو لم يبق من الدنيا إلا يوم، لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجل مني أو من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي"، وفي رواية: "يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً" أخرجه أبو داود في باب ذكر المهدي (4281) وقال الألباني: صحيح، انظر صحيح الجامع الصغير (5180).
قال ابن كثير رحمه الله في المهدي: (وهو محمد بن عبدالله العلوي الفاطمي الحسني رضي الله عنه) [النهاية في الفتن والملاحم (1/ 55)].
2 - وصفته الواردة: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المهدي مني -أي من نسلي-، أجلى الجبهة -أي منحسر الشعر من مقدمة رأسه، أو واسع الجبهة-، أقنى الأنف -أي طويل الأنف مع دقة أرنبته وحدب في وسطه-، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، كما ملئت ظلماً وجوراً، ويملك سبع سنين) [15] ( http://www.alukah.net/articles/2/2870.aspx#_ftn15).
3- مكان خروجه: يكون ظهور المهدي من قبل المشرق، فقد جاء في الحديث عن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يقتتل عند كنزكم ثلاثة كلهم ابن خليفة، ثم لا يصير إلى واحد منهم، ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق فيقتلونكم قتلا لم يقتله قوم"، ثم ذكر شيئا لا أحفظه فقال: "فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حبوًا على الثلج، فإنه خليفة الله المهدي" أخرجه ابن ماجه والحاكم وقال حديث صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي. وقال ابن كثير: والمراد بالكنز المذكور في هذا السياق كنز الكعبة.
موقف المؤرخين من فكرة المهدي المنتظر:
كانت المهدوية مختلطة بالصراعات والمساجلات بين مختلف المؤرخين؛ منهم من أنكر ظهوره ومنهم من بالغ في إضفاء صفة المهدي المنتظر على بعض سلاطين الدولة المغربية، ومنهم من شكك فيه:
- الموقف الرافض: ويمثله أحمد أمين (الذي اهتم بتاريخ الإسلام مع افتقاره لآليات الجرح والتعديل والصناعة الحديثية! التي تمكنه من جمع الأحاديث والتمييز بين صحيحها وحسنها وغريبها .. ) فقد ربط قضية المهدي بالأسباب السياسية التي أدت إلى وضع الأحاديث، وأضاف أن أكثر الأطروحات شيوعا -من وجهة نظره- هي الأطروحة القائلة بأن المهدي إن هو إلا عيسى الذي سيظهر في آخر الزمان لمقاتلة المسيح الدجال، وإعادة النظام والعدل إلى العالم [16] ( http://www.alukah.net/articles/2/2870.aspx#_ftn16)، انطلاقا من الحديث الذي احتج به: "لا مهدي إلا عيسى ابن مريم" رواه ابن ماجه، وهذا الحديث كما قال علماء الحديث ضعيف، وقال فيه الذهبي منكر، وقال أبو الحاكم في أحد رجاله مجهول .. واستطرد بعض العلماء المعاصرين بتفسير افتراضي -على حد قوله- من أن المقصود: أي لا مهدي كاملا ومعصوما إلا عيسى عليه الصلاة والسلام.
- الموقف المشكك: ويمثله ابن خلدون الذي لم يجزم بنفي عقيدة المهدي المنتظر، ولكنه استبعدها وناقش عددًا من أحاديثها، فقد اعتبر العلماء ذلك منه شذوذاً لعقيدة إسلامية استفاضت أحاديثها وتواترت، وانتقدوه بأنه مؤرخ وليس من أهل الاختصاص في الحديث حتى يحق له الجرح والتعديل والاجتهاد .. قال في مقدمته: "اعلم أن المشهور بين الكافة من أهل الإسلام على ممر الأعصار أنه لا بد في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت يؤيد الدين ويظهر العدل، ويتبعه المسلمون ويستولي على الممالك الإسلامية، ويسمى بالمهدي، ويكون خروج الدجال وما بعده من أشراط الساعة الثابتة في الصحيح على أثره، وأن عيسى ينزل من بعده فيقتل الدجال، أو ينزل معه فيساعده على قتله ويأتم بالمهدي في صلاته" [17] ( http://www.alukah.net/articles/2/2870.aspx#_ftn17).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/90)
ثم استعرض ابن خلدون ثمانية وعشرين حديثاً وردت في المهدي وناقش في بعض رجال أسانيدها، وختم مناقشاته بقوله: "فهذه جملة الأحاديث التي خرجها الأئمة في شأن المهدي وخروجه في آخر الزمان، وهي كما رأيت لم يخلص منها من النقد إلا القليل والأقل منه" [18] ( http://www.alukah.net/articles/2/2870.aspx#_ftn18).
ثم استعرض بعض آراء المتصوفة في المهدي المنتظر، وختم مناقشته لها بقوله: "والحق الذي ينبغي أن يتقرب لديك أنه لا تتم دعوة من الدين والملك إلا بوجود شوكة عصبية تظهره وتدافع عنه من يدفعه حتى يظهر أمر الله فيه، وقد قررنا ذلك من قبل بالبراهين القطعية التي أريناك هناك، وعصبية الفاطميين بل وقريش أجمع قد تلاشت من جميع الآفاق، ووجد أمم آخرون قد استعلت عصبيتهم على عصبية قريش إلا ما بقي بالحجاز في مكة وينبع بالمدينة من الطالبيين من بني حسن وبني حسين وبني جعفر، وهم منتشرون في تلك البلاد وغالبون عليها، وهم عصائب متفرقون في مواطنهم وإماراتهم وآرائهم يبلغون آلافاً من الكثرة. فإن صح ظهور هذا المهدي فلا وجه لظهوره ودعوته إلا بأن يكون منهم ويؤلف الله بين قلوبهم في أتباعه حتى تتم له شوكة وعصبية وافية بإظهار كلمته وحمل الناس عليها. وأما على غير هذا الوجه مثل أن يدعو فاطمي منهم إلى مثل هذا الأمر في أفق من الآفاق من غير عصبية ولا شوكة إلا مجرد نسبه في أهل البيت .. إلخ" [19] ( http://www.alukah.net/articles/2/2870.aspx#_ftn19).
- الموقف المغالي: يمثله كل من مؤرخي الشيعة -خلافا لأهل السنة- وعلمائهم؛ الذين يعتقدون بأنه هو الإمام الثاني عشر محمد بن الحسن العسكري المولود سنة 255هـ الغائب المنتظر -وهو شخصية موهومة لا حقيقة لها لأن الحسن العسكري لم يكن له عقب- ذهبت به أمه إلى سامراء فدخل سردابًا ولم يخرج منه؛ ومد الله تعالى في عمره كما مد في عمر الخضر عليه السلام فهو حيٌّ غائب حتى يأذن الله له بالظهور.
كما يمثله مؤرخو العصور الوسطى في المغرب الذين تأصلت فيهم العقيدة الشيعية في أقات متقطعة (الشيعة العبيدية، والعقيدة التومرتية .. )، وأبرز هؤلاء أبو بكر بن علي الصنهاجي المكني بالبيذق، وهو من التلاميذ المنبهرين بشخصية ابن تومرت إلى حد القداسة [20] ( http://www.alukah.net/articles/2/2870.aspx#_ftn20) في كتابه "أخبار المهدي بن تومرت وبداية دولة الموحدين" دار المنصور للطباعة والوراقة، الرباط 1971م، فهو لا يذكر اسمه إلا ويعقبه برضي الله عنه، أو أنه يكتفي فقط بنعته بالمعصوم أو سيدنا المعصوم رضي الله عنه [21] ( http://www.alukah.net/articles/2/2870.aspx#_ftn21)، كما يصفه في مواضع أخرى من كتابه بالإمام والمهدي المنتظر مرفوقة ببعض الخوارق العجيبة! [22] ( http://www.alukah.net/articles/2/2870.aspx#_ftn22).. والقائمة طويلة، لكن يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق!
الاتجاهات الفكرية والعقدية التي سادت في تاريخ الغرب الإسلامي إبان العصور الوسطى:
يعد المهدي بن تومرت من أبرز دعاة المهدوية في المغرب، لكن قبل الخوض في عقيدته، لا بأس بإطلالة لأهم المدارس الفكرية والعقدية التي ميزت تاريخ المغرب والتي مهدت الأرضية والساحة لمثل هذه الأفكار أن تنبت -بشكل معوج بعيدًا عن أي تفكير سليم- كالفطريات وتتناسل كالفئران .. فمن أهم الدراسات النموذجية التي وقفت عليها في هذا الباب؛ تلك الدراسة التي أنجزها الدكتور علي محمد الصلابي بعنوان "صفحات من التاريخ الإسلامي في الشمال الإسلامي: دولة الموحدين"، بالإضافة إلى دراسة الأستاذ المغربي عبدالإله لمليح "تاريخ الفتح الإسلامي لبلاد المغرب"، والمؤرخ محمد عبدالله عنان في دراسته القيمة عصر المرابطين الموحدين في المغرب الأندلس، الطبعة1964 ...
1 - الاتجاه السني ويمثله دولتا الأغالبة والمرابطين والدولة الزيرية الصنهاجية في آخر عمرها:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/91)
أ- دولة الأغالبة: هي دولة امتدت مدة حكمها من سنة 184 إلى سنة 296هـ)؛ كانت في بداية حكمها تابعة للخلافة العباسية (هارون الرشيد رحمه الله) .. لكن سرعان ما حصلت على استقلال اسمي شريطة أن تدفع للخلافة إتاوة من المال كل سنة .. ، وفي أواخر حكمها دب فيها الانقسام والتشرذم مما ساعد الدولة العبيدية على استغلال الفرصة للانقضاض عليها .. يقول (ول ديورانت): "الحضارة نهر ذو ضفتين، يمتلئ النهر أحيانا بالدماء والظلم، ولكننا نجد على الضفتين في الوقت ذاته أناسا يبنون الحضارة، لكن المؤرخون متشائمون لأنهم يتجاهلون الضفاف ويتعلقون بالنهر .. "، فبالرغم من هذا الانقسام السياسي عرفت الدولة الأغلبية توطيدًا للسنة ونشرها في المغرب وصقلية ..
ب- دولة المرابطين (451 - 541هـ): ظهرت نواتها وبذرتها الأولى على ضفاف نهر السنغال في جنوب بلاد المغرب الأقصى بزعامة الفقيه عبدالله بن ياسين، والأمير يحيى بن إبراهيم الجدالي ثم يحيى بن عمر اللمتوني، وتوسعت حتى ضمت المغرب كله والأندلس في عصر القائد الأمير يوسف بن تاشفين، وكانت دولة المرابطين على أسس إسلامية سليمة، إذ نهجت نهج أهل السنة والجماعة، ولم تتأثر بأي نزعة دينية أخرى، وكان من أهم الأسس التي تبنتها "الجهاد في سبيل الله" (تمثل في انتصارهم على النصارى في معركة الزلاقة سنة 479هـ)، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتزام أحكام الدين في فروض الزكاة والأعشار، وكل أمور الدولة (انظر: قيام دولة المرابطين لحسن محمود ص166).
جـ- الدولة الزيرية الصنهاجية: قد اتبعت النهج السني في آخر عمرها وذلك حينما أعلن المعز بن باديس (406/ 453هـ) انفصاله عن الدولة العبيدية في سنة 440هـ إذ خلع طاعتهم، وأخذ بمذهب أهل السنة (انظر: ابن خلدون 6/ 159)، وبهذا تحول اتجاه هذه الدولة إلى الاتجاه السني، بعد أن كان اتجاهها رافضيا (نفس المصدر السابق) ..
2 - الاتجاه الخارجي: ويمثله إمارتا المدراريين (140 - 347هـ)، والرستميين (144 - 296هـ):
أ- إمارة بني مدرار: وقد قامت في سجلماسة جنوب المغرب الأقصى سنة 140هـ، على يد عيسى بن يزيد المكناسي الذي كان يدين بالمذهب الصفري أحد الفرق الكبرى من فرق الخوارج.
ب- دولة الرستميين: التي كانت تنهج المذهب الإباضي، فقد أسسها في بلاد المغرب الأوسط عبدالرحمن بن رستم (144/ 171هـ) سنة 144هـ، حيث اتخذ مدينة تاهرت حاضرة له. (المغرب الكبير 3/ 583).
3 - الاتجاه الرافضي وتمثله دولة العبيديين:
وهذا الاتجاه كان آخر المذاهب الفكرية دخولاً لبلاد المغرب إذ إن الدولة العبيدية التي نشرت هذا المذهب هناك لم تقم في بلاد المغرب الأدنى إلا في سنة 296هـ.
ومع أن الدولة العبيدية قد تمكنت من القضاء على الأغالبة، والرستميين، والمدراريين، والأدارسة فاستطاعت بذلك -إلى حد ما- أن تبسط سلطانها السياسي على معظم أقاليم بلاد المغرب، إلا أنها لم تتمكن من فرض مذهبها الديني على أهالي تلك الديار، وذلك لأن الناس لم يتقبلوا أفكار العبيديين لما فيها من غلو وشطط لم يألفه سكان تلك الديار، بل إنهم تطلعوا إلى خلافة سنية جديدة قامت في الأندلس هي الخلافة الأموية بالأندلس كما أن أهل السنة قاموا بمقاومة المد الرافضي العبيدي بكل ما يملكون وهذا مما جعل الروافض يرحلون إلى مصر عام 362هـ.
فكرة المهدي المنتظر في تاريخ المغرب صنيعة الاتجاهات الفكرية السابقة والظروف السياسية المتعاقبة:
1 - الأدارسة: من خلال تصفح مجموعة من المصادر التاريخية التي تناولت الحقبة الإدريسية لا نعثر على إشارة لفكرة المهدي المنتظر .. لكن ما يمكن الإشارة إليه أن إدريس الأول عندما استقبلته قبيلة "أوربة" أحاطته بهالة من التقديس والتشريف؛ وذلك لما راج عن أصله الشريف ..
2 - الدولة العبيدية: سلالة شيعية حكمت في تونس، ومصر، والشام وعلى مراحل في الجزائر، والمغرب والجزيرة العربية، سنوات 909/ 1171م.
ويستمد الفاطميون لقبهم -على حد زعمهم- من فاطمة بنت الرسول صلى الله عليه وسلم، كما يدعون انتسابهم لأهل البيت عن طريق الإمام السابع إسماعيل بن جعفر الصادق، ومنه جاءت الطائفة الإسماعيلية.
ويرى أغلب المؤرخين اليوم أن نسبهم كان منحولاً، ويفضل أغلب علماء السنة أن يطلقَ عليهم لقب "العبيديين" نسبة إلى جدهم عبيدالله بن القداح.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/92)
مؤسس السلالة عبيدالله المهدي (909 - 934م) اعتمد في دعوته الجديدة على أبي عبدالله الشيعي، الذي كان يدعي أنه المهدي المنتظر، نجح صاحب دعوته في القضاء على دولة الأغالبة وحمله إلى السلطة.
استولى العبيديون على تونس، وليبيا وشرقي الجزائر ثم صقلية التي بقيت في حكمهم حتى 1061م. وفي سنة 969م استولى المعز (953 - 975 م) على مصر وقرر بناء عاصمة جديدة لدولته هي القاهرة.
دخل الفاطميون في صراع مع العباسيين للسيطرة على الشام، كما تنازعوا السيطرة على شمال إفريقية مع الأمويين حكام الأندلس، وتمكنوا من إخضاع الحجاز والحرمين ما بين سنتي 965 - 1070م.
ازدهرت التجارة ونما اقتصاد البلاد ونشطت حركة العمران في أثناء عهد العزيز (965 - 996م)، ثم الحاكم (996 - 1021م) الذي كان متهورًا ومتطرفًا في أفكاره إلى أقصى حد، عرفت البلاد في عهده اضطرابات كثيرة، وبعد مماته انشقت عن الإسماعيلية طائفة من الشيعة عرفت باسم الدروز.
وبعد حكم المستنصر (1036 - 1094م) الطويل انشق الإسماعيليون مرة أخرى إلى طائفتي النزارية والمستعلية، وتولى الحكمَ من بعده خلفاء أطفال. ومع حكم الحافظ (1131 - 1149م) تقلصت حدود الدولة إلى مصر فقط.
آخر الخلفاء وقع تحت سيطرة القادة العسكريين الأيوبيين، فقام صلاح الدين الأيوبي الذي تولى الوزارة منذ 1169م، بالقضاء على الدولة الفاطمية نهائيا سنة 1171م، وعادت مصر بعدها إلى المذهب السني [23] ( http://www.alukah.net/articles/2/2870.aspx#_ftn23).
3- الدولة المرابطية: إن ما يلفت النظر في المرابطين أنهم لم يحاولوا في أي وقت أن يفرضوا أنفسهم باسم عصبيتهم الصنهاجية -على حد تعبير ابن خلدون- بل جاءوا قبل كل شيء لنشر الإسلام الصحيح بعيدًا عن الخرافات التي روج لها العبيديون الشيعة الإسماعيليون .. ومن ثم تحلوا باسم المرابطين؛ أي المؤمنين المنقطعين للجهاد وتعلم العلم الشرعي البعيد عن كل أشكال البدع الحقيقية والإضافية .. وخاصة هذه الأخيرة التي تجلت في فكرة المهدي المنتظر التي روج لها العبيديون؛ فتم لَيُّ أعناق النصوص الحديثية المتواترة الصحيحة لخدمة أغراضهم السياسية ..
بالفعل؛ كانت الدولة السنية التي تركت بصماتها في تاريخ المغرب؛ لكن لم تخل هي أيضًا من فجوة عقدية؛ فالمهدي بتعبير هذه المرحلة يعني عند البرابرة الرجل المناسب الذي يستطيع أن ينجز مشاريع سياسية كبرى. وذلك كان شأن عبدالله بن ياسين مؤسس الدولة المرابطية، فهل تلقب بهذا الاسم في حياته؟
الراجح أنه لم يفعل ذلك، وأن ذلك كان من عمل كتاب الأخبار بعد وفاته لإبراز الأثر الحاسم الذي أداه في جمع صنهاجيي الصحراء وتوحيدهم للاستيلاء على السلطة في المغرب، غير أن ابن ياسين لم يكن يحيط نفسه بأية أسرار، وكان يفضل أن يبدو فقيها مالكي المذهب وحاكما عادلا [24] ( http://www.alukah.net/articles/2/2870.aspx#_ftn24).
4- الدولة الموحدية: والمشكلة أن كثيرًا من الساسة يحاول ركوب خيل الشرعيات ولي أعناق الآثار والنصوص الدينية المروية؛ يستغلونها من أجل حماية شرعيتهم، والقول بأنهم تجسيد حي لإرادة الله، وأنهم يتصلون بقوة علوية تجعل قدرتهم غير قابلة للمقاومة، فهي من الله مباشرة، ولذلك فإننا نجد أغلب المتصفين بشيء من هذه الصفات الغيبية في السياسة هم أهل بطش ودموية في أثناء الحكم، بل ربما يشعرون براحة ضمير داخلية لأنهم أمناء على إرادة الله.
وابن تومرت هو واحد من الذين تبنّوا هذه الفكرة في أوائل القرن الخامس الهجري في بلاد المغرب الأقصى، حيث تمكّن هذا الرجل من إقناع المجتمع البَدَوي بصحّة دعواه عن طريق القيام بثورة تحريضية تمكن بفضلها من إسقاط دولة المرابطين السنية وإنشاء دولة جديدة قامت على أنقاضها سُمّيت دولة الموحّدين ..
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/93)
لقد استخدم ابن تومرت الأسلوب التلفيقي وسيلة مباشرة لإثبات فكره النظري على أرض الواقع، ومع تنوع المصادر والمناهل التي استقى منها ابن تومرت آراءه، ووضوح الطابع الانتقائي -إن لم نقل التلفيقي- الذي يطبع تلك الآراء، إلاّ أنه لم يأت بجديد، ولم يمتلك فلسفة خاصة في نظرته إلى المبادئ التي حاول أن يضع لها حلولاً، فإن مجمل آرائه هي مجموعة منتقاة من فلسفة الفرق الكلامية المختلفة والمتناقضة أحيانا، فتجد بينها آراء اعتزالية وبجانبها أفكار أشعرية تأويلية وشيعية، على أن تنوّع مصادر علمه أعطى لعقيدته الاستهجان المذهبي! فقد وافق ابن تومرت الأشعرية في مسألة تأويل الأسماء والصفات ومسائل أخرى كثيرة دفعت بابن خلدون إلى القول: "وحملهم (أي قوله) على القول بالتأويل، والأخذ بمذهب الأشعرية في كافة العقائد" [25] ( http://www.alukah.net/articles/2/2870.aspx#_ftn25).. فليس غريبًا لمن كان هدفه الرياسة أن يسلك مسلكا ممجوجًا إذا خاف البطش وإيقاع الفعل به، فخلّط في كلامه فينسب إلى الجنون [26] ( http://www.alukah.net/articles/2/2870.aspx#_ftn26). وقد وصفه بعض من ترجم له بأنه: (كان صارماً سفاكاً للدماء؛ يستبيح دم أعدائه ودم أصدقائه إذا لم يصدعوا في الحال بأمره، وكان إذا أراد المبالغة في عتاب أحد أمر بدفنه حياً، وكان يذكي حماسة جنده بما يعدهم به من عظيم الثواب في جنات الخلد التي تنتظرهم إذا استشهدوا في سبيل الدين الصحيح، وكان يلقنهم صلاة صغيرة يتلونها في الحرب في الذهاب والوقوف والقتال اقتصادًا في الوقت، ولكي لا يضطروا إلى الركوع والسجود كما يحدث في الصلوات المعتادة [27] ( http://www.alukah.net/articles/2/2870.aspx#_ftn27).
ويتضح من خلال ذلك أن ابن تومرت كان يحاول استغلال سذاجة المجتمع البربري القائم، وبدائية معارفه العلمية والدينية التي وجد فيها مرتعاً خصباً لتمرير سياسة الإصلاح الديني، مستهدفاً التغيير السياسي لضعضعة دولة المرابطين.
المهدي المنتظر .. حجج واهية .. وردود مفحمة للعلماء:
أ- عدم ورود ذكره في الصحيحين:
للرد على هذه الشبهة يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله: "إن البخاري ومسلمًا لم يلتزما بإخراج جميع ما يحكم بصحته من الأحاديث، فإنهما قد صححا أحاديث ليست في كتابيهما؛ كما ينقل الترمذي وغيره عن البخاري تصحيح أحاديث ليست عنده، بل في السنن وغيرها" [28] ( http://www.alukah.net/articles/2/2870.aspx#_ftn28).
ب- تعدد من ادعى المهدوية:
في هذا الباب يقول الشيخ حمود بن عبدالله التويجري رحمه الله: "من ادعى من المفتونين أنه المهدي المنتظر، ولم يخرج الدجال في زمانه، فإنه دجال كذاب، وكذلك من ادعى أنه المسيح ابن مريم، ولم يكن الدجال قد خرج قبله، فإنه دجال كاذب، وللمسيح ابن مريم علامتان لا تكونان لغيره من الناس، إحداهما: أنه يقتل الدجال كما تواترت بذلك الأحاديث، والثانية: أنه لا يحل لكافر يجد ريح نفسه إلا مات ... ) [إقامة البرهان في الرد على من أنكر المهدي والدجال].
جـ- إنكار المهدي بالكلية:
في هذا الباب قال الشيخ العلامة ابن باز رحمه الله: "أما إنكار المهدي المنتظر بالكلية -كما زعم ذلك بعض المتأخرين- فهو قول باطل؛ لأن أحاديث خروجه آخر الزمان .. قد تواترت تواترًا معنويا .. ولكن لا يجوز الجزم بأن فلانًا هو المهدي، إلا بعد توفر العلامات التي بينها النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الثابتة، وأعظمها وأوضحها: يملأ الأرض قسطًا وعدلا كما ملئت جورًا وظلمًا".
خاتمة:
ومما يؤكد غموض هوية المهدي المنتظر، حتى عند أهل السنة؛ هو تكرر دعوات المهدوية هنا وهناك .. حتى كانت معظم الروايات التاريخية عن "المهدوية" في القرون الوسطى والمعاصرة، مرتبطة ومنبثقة من حركات سياسية ثورية تتصدى لرفع الظلم والاضطهاد، وتلتف حول زعيم من الزعماء، وعادة ما يدعي نسبه لأهل البيت (كما فعل ذلك ابن تومرت في العصر الوسيط، والجيلالي بن إدريس الزرهوني المعروف ببو حمارة إبان الاستعمار الفرنسي للمغرب، وما يفعله الزعيم الروحي لجماعة العدل والإحسان المغربية عبدالسلام ياسين الصوفي مع أنه لم يدع المهدية ولكنه يشتغل بالرؤى والمنامات ويعلق عليها آمالا لتحقيق أهدافه السياسية، وأنه تتوفر فيه –على حد زعم مرشدهم- كل الشروط لتولي الخلافة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/94)
الإسلامية!! .. ).
إننا ننصح هؤلاء المغرر بهم أن يقرأوا ويدرسوا ما سطره علماءُ السلف من كتب تبين حقيقة المهدي المنتظر .. فبالعلم الصحيح تدحض كل الأباطيل ويتبين الحق .. والله تعالى يهدي إلى سواء السبيل!
ــــــــــــــــــــــــــ
[1] ( http://www.alukah.net/articles/2/2870.aspx#_ftnref1) المغرب الإسلامي: أو الغرب الإسلامي تعبير تاريخي اتخذ أبعادًا جغرافية مختلفة ومتذبذبة حسب الأوقات التاريخية، فكان يدل على الجهة التي تغرب فيها الشمس، ثم أصبح يدل على المنطقة الواقعة غرب مصر من طرابلس شرقًا إلى المحيط الأطلسي غربًا، ومن البحر المتوسط شمالا إلى الصحراء الكبرى جنوبًا، إضافة إلى الأندلس التي كانت تعد جزءًا من المغرب إلى سقوط آخر مملكة إسلامية في الأندلس غرناطة سنة 1492م.
[2] ( http://www.alukah.net/articles/2/2870.aspx#_ftnref2) سارة الزعيمي ومنتصر حمادة: الزوايا تروج للمهدوية: المهدي المنتظر مغربي تيجاني اسمه أحمد؛ جريدة الأخبار السياسية العدد 35 - 10 يونيو 2004، ص8.
[3] ( http://www.alukah.net/articles/2/2870.aspx#_ftnref3) وقد انتشر كتاب "أحمدي نجاد والثورة العالمية المقبلة"، لمؤلف شيعي ذكر فيه علامات ظهور المهدي المنتظر في نظر الشيعة، وقرر فيه أن عودة المهدي قريبة جداً! وأننا نعيش الآن ما أسماه "عصر الظهور"، وأن أحمدي نجاد هو قائد قوات المهدي, وأن مرشد الثورة علي خامئني هو صاحب رايته، ثم سرد بعض الأحداث التي اعتبرها ممهدة لظهور المهدي. انظر "الراصد" عدد (39) www.alrased.net (http://www.alrased.net/).
[4] (http://www.alukah.net/articles/2/2870.aspx#_ftnref4) راجع الكتاب القيم: ظهور المهدي المنتظر 2016م بين الإقرار والإنكار لياسر حسين.
[5] ( http://www.alukah.net/articles/2/2870.aspx#_ftnref5) محمد الشويكي: المهدي المنتظر والخلافة الثانية على منهاج النبوة، الطبعة الأولى، بيت المقدس 1428هـ - 2007م.
[6] ( http://www.alukah.net/articles/2/2870.aspx#_ftnref6) أبو الحسن الندوي: تساؤلات وتحديات على طريق الدعوة، دار الكلمة 1997، بتصرف يسير، ص: 12 - 13.
[7] ( http://www.alukah.net/articles/2/2870.aspx#_ftnref7) نسبة إلى المهدي المنتظر؛ وقد آثرت استعمال هذا المصطلح لكثرة استعماله في أغلب الكتابات والمصادر والمراجع التي اطلعت عليها، وليس قدحا في الخليفة الراشد الذي لا يعلم وقت ظهوره نبي مرسل ولا ملك مقرب .. وهناك من أطلق المهدية على المهدي الحقيقي وأطلق تسمية المهدوية على من ادعى أنه المهدي المنتظر، ومن أشهر هؤلاء أحمد أمين وله في كتابه: (المهدي والمهدوية).
[8] ( http://www.alukah.net/articles/2/2870.aspx#_ftnref8) ابن منظور، لسان العرب، مادة هدى.
[9] ( http://www.alukah.net/articles/2/2870.aspx#_ftnref9) ظاهرة دعاوي المهدي المنتظر وجذورها التاريخية: جريدة الشرق الأوسط: السبت 12 رمضان 1423هـ 16 نوفمبر 2002م العدد 8754.
[10] ( http://www.alukah.net/articles/2/2870.aspx#_ftnref10) أخرجه الحاكم (4/ 557،558) ووافقه الذهبي، وقال الألباني: هذا سند صحيح رجاله ثقات.
[11] ( http://www.alukah.net/articles/2/2870.aspx#_ftnref11) أخرجه البخاري (6/ 491) أحاديث الأنبياء، ومسلم (2/ 193) الإيمان.
[12] ( http://www.alukah.net/articles/2/2870.aspx#_ftnref12) رواه أبو داود والحاكم وحسنه الألباني في صحيح الجامع (6736).
[13] ( http://www.alukah.net/articles/2/2870.aspx#_ftnref13) أخرجه مسلم (2/ 193/194) الإيمان.
[14] ( http://www.alukah.net/articles/2/2870.aspx#_ftnref14) المسند (1/ 376) بسند صحيح.
[15] ( http://www.alukah.net/articles/2/2870.aspx#_ftnref15) رواه أبو داود (برقم 2485) و إسناده حسن.
[16] ( http://www.alukah.net/articles/2/2870.aspx#_ftnref16) أحمد أمين، ضحى الإسلام، ج3 القاهرة، 1949، ص:235.
[17] ( http://www.alukah.net/articles/2/2870.aspx#_ftnref17) ابن خلدون: المقدمة، طبعة دار إحياء التراث العربي، ص311.
[18] ( http://www.alukah.net/articles/2/2870.aspx#_ftnref18) المصدر نفسه: ص322.
[19] ( http://www.alukah.net/articles/2/2870.aspx#_ftnref19) المصدر نفسه: ص327.
[20] ( http://www.alukah.net/articles/2/2870.aspx#_ftnref20) يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ليس لأحد أن ينصب للأمة شخصًا يوالي ويعادي من أجله غير النبي صلى الله عليه وسلم.
[21] ( http://www.alukah.net/articles/2/2870.aspx#_ftnref21) أخبار المهدي بن تومرت وبداية دولة الموحدين دار المنصور للطباعة والوراقة، الرباط 1971م، ص11 - 12 - 13.
[22] ( http://www.alukah.net/articles/2/2870.aspx#_ftnref22) نفس المرجع ص:16.
[23] ( http://www.alukah.net/articles/2/2870.aspx#_ftnref23) للتوسع في الموضوع الرجوع إلى تاريخ الخلفاء الفاطميين بالمغرب؛ إدريس عماد الدين. تحقيق: محمد اليعلاوي.
[24] ( http://www.alukah.net/articles/2/2870.aspx#_ftnref24) ابن أبي زرع الفاسي: روض القرطاس الرباط، 1972م ص124 /محمد زنيبر: المغرب في العصر الوسيط: الدولة والمدينة والاقتصاد، منشورات كلية الآداب بالرباط 1999م. ص:136 - 137.
[25] ( http://www.alukah.net/articles/2/2870.aspx#_ftnref25) العبر: ج6 ص 226 وانظر الزركشي، أبي عبدالله محمد بن إبراهيم (ت894هـ)، تاريخ الدولتين الموحدية والحفصية تحقيق: محمد ماضور، المكتبة العتيقة، تونس 1966م: ص 5.
[26] ( http://www.alukah.net/articles/2/2870.aspx#_ftnref26) ابن خلكان، الوفيات: ج6 ص 46.
[27] ( http://www.alukah.net/articles/2/2870.aspx#_ftnref27) يوسف أشباخ، تاريخ الأندلس في عهد المرابطين والموحدين، ص195.
[28] ( http://www.alukah.net/articles/2/2870.aspx#_ftnref28) الشيخ المحدث أحمد شاكر: الباعث الحثيث: شرح اختصار علوم الحديث لابن كثير، دار الكتب العلمية، ص:25.
مولاي المصطفى البرجاوي
الرابط ( http://www.alukah.net/articles/2/2870.aspx)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/95)
ـ[علي الغامدي]ــــــــ[14 - 06 - 08, 06:17 م]ـ
شكرا للكاتب
وشكرا لك ياأبا زارع المدني على النقل الموفق ان شاء الله
وأسأل الله ان ينصر دينه ويعلي شأن أهله برحمته سبحانه فهذا الدين لايكتمل الا مع قوة السلاح ذودا عنه وعن مايدعوا اليه من مكارم الأخلاق التي لاتليق بمن لايؤمن بالله واليوم الآخر ولايقبلونها لأنها تعارض أفكارهم ومبادئهم والامام المهدي لايعنينا متى يظهر بقدر مايعنينا حالنا وسوء مآلنا وهواننا على الناس والحمد لله رب العالمين(146/96)
خير الدِّين الزِّرِكلي (المؤرَّخ الأديب الشَّاعر .. صاحب كتاب الأعلام)
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[13 - 06 - 08, 05:13 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين , الرحمن الرحيم , مالك يوم الدين
اللهم صلّ وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
خير الدِّين الزِّرِكلي
المؤرَّخ الأديب الشَّاعر .. صاحب كتاب الأعلام
لمحاتٌ من حياته:
أصله ونسبه:
هو خير الدِّين بن محمود بن محمد علي بن فارس الزِّرِكلي الدِّمشقي، ثم السعودي الجنسية، المصري الوفاة.
أمُّه عربيَّةٌ، وأبوه كرديٌّ، ولكن من أصلٍ عربي، يُرجعه هو إلى قبيلة الأزارقة من الخوارج التي نزحت إلى كردستان، واندمجت مع أهلها.
مولده ونشأته:
ولد في بيروت لأبوين دمشقيين ليلة التَّاسع من ذي الحجَّة سنة 1309هـ، وكان لوالده تجارةٌ فيها، ثم انتقلا عائدين به إلى دمشق وكان عمره سبع سنين، وما لبث أن توفي والده سنة 1320هـ، ورُبِّي بما أبقاه له والده من ثروة، وكان يتنقل بين دمشق وبيروت، إلى أن نشبت الحرب العالمية الأولى فاستقرَّ في دمشق، وافتتح متجراً، وعكف على طلب العلم ليلاً، فقرأ على بعض مشايخ دمشق، ودرس بها في المدرسة العثمانية، ثم في الكلِّية العبَّاسية، والكلَّية العلمانية في بيروت.
شيوخه:
أخذ الزِّركلي العلم عن أئمَّةٍ أعلامٍ من شيوخ الشَّام وهم:
- جمال الدِّين القاسمي: إمام الشَّام في عصره علْماً بالدِّين، وتضلُّعاً في فنون الأدب، كان سلفيَّ العقيدة، لا يقول بالتَّقليد، له نيِّف وثمانون من المؤلَّفات، منها (محاسن التَّأويل) في تفسير القرآن الكريم في سبعة عشر مجلداً.
- طاهر بن صالح الجزائري: بحَّاثةٌ من أكابر علماء اللُّغة والأدب في عصره، استوعب جملة معارف عصره القديمة منها والحديثة، كان كلفاً بالمخطوطات والبحث عنها، وصاحب فكرة إنشاء المكتبة الظَّاهرية في دمشق، وأوَّل مديرٍ لها، كما كان من أعضاء المجمع العلمي العربي، له نحو عشرين مصنَّفاً مطبوعاً في مختلف الفنون.
- عبد القادر بدران: فقيهٌ أصوليٌ حنبليٌّ، عارفٌ بالأدب والتَّاريخ، له شعر، كان سلفيَّ العقيدة، فيه نزعةٌ فلسفية، حسن المحاضرة، له عدة تصانيف في الفقه، وديوان شعر.
- محمد بن عبدالرزاق كرد علي: رئيس المجمع العلمي العربي بدمشق ومؤسِّسه، وصاحب مجلة (المقتبس) والمؤلَّفات الكثيرة، وأحد كبار الكتَّاب، من مؤلَّفاته (خطط الشَّام) في ستة مجلدات.
- محمد كامل القصَّاب: عالمٌ من زعماء الحركة الاستقلالية في سورية، سيرته فصلٌ كاملٌ من تاريخ الشَّام الحديث، أنشأ المدرسة الكاملية في دمشق، وعمل في الأعمال الوطنية، ولِيَ إدارة المعارف في الحجاز، ثم استعفى، واستقرَّ في حيفا، وأنشأ فيها مدرسة، وألَّف مع الشَّهيد عزِّ الدِّين القسَّام كتاب (النقد والبيان)، عاد إلى دمشق وتوفي فيها.
- أبو الخير الميداني: عالمٌ عاملٌ، وَلِي تدريس العلوم الإسلامية في معاهد دمشق سنواتٍ طويلة، وكان له تأثيرٌ كبير في الناس، توفي في دمشق.
أعماله ووظائفه:
بعد حصوله على حظٍّ من العلم، عُيِّن الزِّركلي مدرِّساً في المدرسة الكاملية بدمشق (والتي سُمِّيت بالمدرسة الهاشمية فيما بعد)، ودُعي إلى الجندية سنة 1916م، فدخلها ستة أشهر ثم توارى، ولجأ بعد أن هدَّد جمال باشا المتوارين بالقتل، إلى إرضائه بمدحه بأربع قصائد، فأعفاه من الجندية، وانتدبه لتأليف كتاب في تراجم الشُّعراء الذين مدحوه، فعكف على الاشتغال بما سبق له البدء به من جمع التَّراجم لكتاب (الأعلام) ومَطَل جمال باشا في الكتاب الذي أراده متظاهراً بالعمل لإنجازه.
وفي دمشق أصدر صحيفة (الأصمعي) الأسبوعية سنة 1912م، واستمرت حتى صادرتها الحكومةُ العثمانية.
ثم أنشأ مع إبراهيم حلمي العمر بعد الحرب العالمية الأولى سنة 1918 صحيفة (لسان العرب)، فصدرت ثلاثة أشهر، ثم تنازل عنها لشريكه.
ثم أصدر صحيفة (المفيد) مع يوسف حيدر، واستمرَّت حتى دخول الفرنسيين دمشق سنة 1920م، فجاهرهم بالعداء ودعا إلى مقاومتهم، فحُكم عليه بالإعدام غيابياً.
بعد وقعة ميسلون في 24/ 7/1920م غادر الزِّركلي الشَّام قاصداً القاهرة، ووصلها في 10/ 8/1920م.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/97)
غادر الزِّركلي القاهرة بعد أن أقام فيها أشهراً إلى الحجاز بدعوةٍ من ملكها حينئذ الشَّريف الحسين بن علي، ووصلها في 20/ 9/1920م، وأقام في ضيافة الشَّريف حسين، آملاً منه إنقاذَ بلاد الشَّام من استعمار الفرنسيين والإنكليز، وبقي فيها إلى أوائل سنة 1921م.
وقد زار في رحلته تلك الطَّائفَ، وأقام فيها نيفاً وعشرين يوماً، وفيها وضع كتابه (ما رأيت وما سمعت) في وصف رحلته إلى الحجاز جملة.
بعد عودته من الحجاز أقام في عمَّان، وبقي فيها حتى سنة 1923م، عمل خلالَها في حكومة شرقي الأردن مفتِّشاً، ثم رئيساً لديوان رئاسة الحكومة.
وقد كانت شرقيُّ الأردن في ذلك الوقت مركزاً لتجمُّع الوطنيين والأحرار من مختلف بلاد الشَّام أمثال: محمد الشريقي، ونبيه العظمة، وفؤاد الخطيب، ورشيد طليع، وعادل أرسلان، وجودة الركابي، وكان الزِّركلي من أكثرهم حماساً ووطنية، وعلَّق الآمال على الأمير عبد الله بن الحسين في تحقيق آمال الأمَّة، ولكن الأمير لايَنَ الإنكليز ولم يستجب للثوَّار، مما جعل قلب الزِّركلي يتغيَّر عليه، وحداه ذلك وغيره إلى النَّيل منه، ويبدو ذلك جلياً في (الأعلام) وفي (عامان في عمَّان) الكتاب الذي ألَّفه في مرحلة إقامته بعمَّان.
التجأ الزِّركلي إلى القاهرة بعد خروجه من عمَّان، وانصرف إلى العمل الثَّقافي، فأنشأ (المطبعة العربية) وطبع فيها كتبه، ونشر كثيراً من كتب التُّراث.
ولما ساءت صحَّتُه من العمل في المطبعة باعها سنة 1927م،واستجمَّ ثلاث سنوات زار خلالها الحجاز مدعوًّا من الملك عبد العزيز بعد أن أمسك مقاليد الحكم فيها.
وفي عام 1930م ذهب إلى القدس وأصدر مع زميلين له جريدة (الحياة) اليومية، ولما عطَّلت سلطات الاحتلال الصَّحيفة شارك في تحرير جريدة (الدِّفاع) في يافا مع إبراهيم طوقان، وعبد الكريم الكرمي، وسامي السَّراج.
في عام 1934م عيَّنه الملك عبد العزيز مستشاراً في الوكالة العربية السعودية بالقاهرة التي أصبحت مفوضية.
وكان الزِّركلي ويوسف ياسين المندوبَين السعوديين فيما سبق إنشاء جامعة الدُّول العربية من مداولات، ثم في التَّوقيع على ميثاقها، ثم نُدب عام 1946م لإدارة وزارة الخارجية في جُدَّة والعمل في جامعة الدُّول العربية معاً.
وفي سنة 1951م عُيِّن وزيراً مفوَّضاً ومندوباً دائماً للسعودية في جامعة الدُّول العربية، وبقي فيها حتى سنة 1957م.
وقد ساعده الاستقرار الذي شعر به في هذه المرحلة من حياته في إغناء كتابه (الأعلام)، فصدرت طبعته الثَّانية في عشرة مجلَّدات، وأنشأ في دارته بالقاهرة خزانة كتبٍ تُعدُّ من أنفس خزائن الكتب الخاصَّة وأحفلها بالنَّوادر، وتعرَّف فيها علماءَ ساعدوه في كتابه الأعلام مادَّةً وخطوطاً، منهم: فؤاد السَّيد، ومحمد رشاد عبد المطَّلب، وأحمد خيري، وابراهيم شبوح، وعبد العزيز الميمني.
وفي العام الذي أُقيل فيه من عمله مندوباً في جامعة الدُّول العربية؛ عُيِّن سفيراً للسعودية بالمغرب، وفيها تعرَّف كبارَ علماء المغرب العربي، أمثال: محمد المختار السنوسي، ومحمد إبراهيم الكتاني، ومحمد المنوني، وأبو بكر التطواني، وفتح له أهل المغرب قلوبهم وخزائن كتبهم، فجمع مادَّةً محرَّرةً لتراجم المغاربة والأندلسيين.
وفي عام 1963م دُعي الزِّركلي إلى الرَّياض، فطلب من الملك فيصل إحالته إلى التَّقاعد، فأبى، فطلب منه إجازة مفتوحةً لإنجاز كتاب (شبه الجزيرة في عهد الملك عبد العزيز)، واختار أن يقيم في بيروت، فكان له ذلك.
وفي بيروت أنجز الزِّركلي كتابه (شبه الجزيرة)، ومختصره (الوجيز في سيرة الملك عبد العزيز)، والطَّبعة الثَّالثة من (الأعلام)، أتبعها بالمستدرك الثَّاني.
كما تعرَّف هناك علماء أفادوه في كتبه، منهم: حمد الجاسر، وظافر القاسمي، وزهير الشاويش.
وكان يتردَّد بين الفينة والفينة على دمشق، والسعودية، والقاهرة، ويزور سويسرة لمراجعة الطبيب (شتوكي) بشأن ضربات قلبه التي أصبحت أدنى من المستوى الطَّبيعي.
مرضه ووفاته:
في إحدى ليالي أوائل عام 1967م، نُقل الزِّركلي إلى مستشفى الجامعة الأمريكية في بيروت إثر إغماءةٍ أصابته، وعُولج بتقوية حركة القلب بجهازٍ كهربائي، وبعد أن استردَّ عافيته سافر إلى دمشق ومكث فيها أياماً قليلة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/98)
وفي أواخر آب سنة 1967م سافر إلى القاهرة حيث يقيم أبناؤه: الدكتور غيث وأخواته الثَّلاث، وأُدخل مستشفى المعادي، نُقل بعدها إلى مستشفى الشُّوربجي حيث توفي يوم الخميس الثَّالث من ذي الحجَّة سنة 1396هـ- الخامس والعشرين من تشرين الثَّاني سنة 1976م، وصُلِّي عليه يوم الجمعة في مسجد عمر مكرم، ودُفن بالقاهرة.
وبذلك طُويت صفحة أبي غيث العَلَم الذي خلَّد الأعلام، أدخله الله في واسع رحمته، وأسكنه فسيح جناته.
حليته وشمائله:
كان رحمه الله أسمرَ، طُوالاً بين الرِّجال، أميل إلى النَّحافة، حلو القسمات.
أما شمائله، فقد كان دمث الأخلاق، خفيف الرُّوح، حلو الحديث، بارع النُّكتة، سريع البديهة، عصبيَّ المزاج، يتبسَّط مع أصدقاءه ويتفقَّدهم، فيه لطافةٌ وشفافيةٌ مع رحابة صدر، مالم تُمسَّ كرامته.
مكانته:
عرفت المجامع العربية للزِّركلي مكانتَه، فقد ضمَّه إلى أعضائه كلٌّ من: المجمع العربي بدمشق سنة 1930م، ومجمع اللُّغة العربية بالقاهرة سنة 1946م، والمجمع العلمي العراقي سنة 1960م، وكان يُحتفى به في كل بلدٍ عربيٍّ ينزله.
رحلاته:
قام الزِّركلي برحلاتٍ إلى إنكلترة، والولايات المتحدة الأمريكية، وتركية، وإيطالية، واليونان، وسويسرة، وتونس، فتيسَّر له في أغلب هذه الرِّحلات الطَّواف على أهمِّ خزائن الكتب فيها، وقد أتاحت له صفته الدبلوماسية في بعض تلك الرّحلات زاداً وافراً من المخطوطات والمطبوعات النَّادرة، جمعها في خزانة كتبه.
ولم يكن بُعْدُ الشُّقَّة قط مانعاً له من السَّفر للحصول على كتابٍ أو مخطوطة، يحدِّث هو بأنَّه كان مرَّة في إسطنبول يفتَّش عن كتابٍ خاصٍّ، فأُخبر بأنَّه موجودٌ في بلدة (مغنيسة) فركب السَّيارة إليها، وأمضى في الطَّريق إحدى عشرة ساعة، ولما وصلَها وزار مكتبتَها وجدها من أغنى المكتبات، لكنَّها بغير فهارس، وكانت تملأ اثني عشر درجاً، فراح يستعرض الدُّرج الأول خلال صيفٍ كامل، وعاد في الصَّيف التَّالي لاستعراض مخطوطات الدُّرج الثَّاني، وظلَّ يُعاود الزِّيارة إلى أن اطَّلع عليها جميعاً.
الزِّركلي شاعراً وناثراً:
الزِّركلي شاعرٌ أصيلٌ، التزم قواعد الشِّعر العربي، وصاغ موشحاتٍ على منوال الأندلسيين، وجمع إلى جزالة اللَّفظ ومتانة الأسلوب، سهولةَ الوزن وبراعةَ الوضع، فجاء شعرُه غايةً في الجودة والإبداع.
أما نتاجه النَّثري، فهو وجهٌ آخر لعملة إنتاجه الأدبي، فلا تكاد تفصل بين نثره وشعره، إن أتيته من ناحية القيمة الأدبية وجودة الصِّياغة.
وللزِّركلي بيانٌ آسرٌ خلاَّب،يتمثَّل ذلك في كتبه كلِّها، وحسب ما قيل في كتابه الأعلام؛ من أنَّ أسطراً معدوداتٍ يكتبها عن صاحبه الذي يترجم له، تأتي مُلِمَّةً بحياته، محيطةً بها، جامعةً لأحداثها، مضيئةً لجوانبها، من خلال فكرٍ نيِّر ناضر، وأسلوبٍ قويٍّ سمح، وعرضٍ منطقيٍّ متماسك، وعبارةٍ هي إلى روح الشِّعر أقرب.
والزِّركلي شاعر الوطن، ما عرفت الشَّام شاعراً أبرَّ بوطنه منه، وشعره البلسم الشَّافي لآلام الصَّابرين وجراحات المجاهدين، فما ناب سوريةَ خطبٌ ولا ألمَّت بأهلها ملمَّةٌ، إلا مسح بشِعره مواجعَ المنكوبين ومدامعَ المعذَّبين.
يقول في قصيدته (الفاجعة) التي نظمها على إثر وقعة ميسلون:
لهفي على وطنٍ يجوس خلالَه شُذَّاذُ آفاق شراذم سودُ
أبرابر السّنغال تسلبُ أمَّتي وطني ولا يتصدَّع الجلمودُ
شرُّ البليَّة والبلايا جمةٌ أن تستبيح حمى الكرام عبيدُ
وهو لم يقصر عمله وشعره على الجهاد في سبيل حرِّية بلاده سورية وحدها، وإنما امتدَّت آفاق جهاده فوق كل أرضٍ للعرب حلَّ فيها، فهو في أيِّ بلدٍ استوثق من روح الوطنية في رجالها مال إليه. يقول فيه الشاعر الكبير أنور العطار: "شاعرٌ مُجيدٌ معاصرٌ، من أكبر شعراء القومية العربية، ومن أرقِّهم عاطفة، وأصفاهم أسلوباً".
يقول الزِّركلي في قصيدة يخاطب فيها أمَّة العرب:
سيروا إلى مجدكم رُوحاً وأبدانا
واسعوا إلى عزِّكم شِيباً وشُبانا
تُشيِّدوا ذكركم، تبنوا لكم شانا شأناً تلوح به كواكب السَّعدِ
عطفاً على ذكر بغداد ومن حلُّوا
ربوعها واذكروا الشَّام وما يتلو
وعهد أندلسٍ فالذِّكر قد يحلو وكفكفوا مدمعاً يجري على الخدِّ
قفوا على تونس واستمطروا الدَّمعا
وسائلوا عن بني مراكش الرَّبعا
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/99)
عسى تُرى عدن تصغي لكم سمعاً فتحفزُ الآل من صنعاء أو نجدِ
وفي الحجاز لنا شعبٌ نحيِّيه
وعهدُ مجدٍ أصيلٍ في مغانيهِ
يا أُمَّة العُرب تيهي بالعُلا تيهي زهواً وأكرمْ بعهدِ القرب من عهدِ
لقد حمل الزِّركلي في نفسه همَّ العرب، فجاء شعرُه استنهاضاً لهممهم وشحذاً لعزائمهم ودفعاً بهم إلى الثَّورة والتَّحرُّر. لقد كان شعرُه ثورةً أو كاد، فلقد أزعجت قصائدُه الوطنية سلطات الانتداب الفرنسي، وأقضّت مضجعَها، فأصدرت حكمَها عليه -غيابياً- بالإعدام مرتين، فلم يرهبه الحكم، ولم تفزعه توابعه من مصادرة أملاكه، وها هو يقابل حكمهم بهذين البيتين:
نذروا دمي حنَقاً عليَّ وفاتَهم أنَّ الشَّقيَّ بما لقيتُ سعيدُ
الله شاءَ ليَ الحياةَ وحاولوا ما لم يشأ ولِحكمِه التَّأييدُ
ويبقى للزركلي عنصر الصِّدق في شعره، فقد تحدَّث عن حاله وحال النَّاس فأنصفهم، وصدق في وصفه لهم، رقَّ للفقراء ونفَحَهم من نفسه، ويبقى له صدقه في حماسته الوطنية وإحساسه بقومه، لقد كان شاعراً ينبض شعره بقومه، يذود عنهم ويفخر بهم، وديوانه مملوء بشواهد على ذلك كثيرة.
الزِّركلي مؤرخاً:
يضع كتابُ (الأعلام) مؤلِّفَه (الزِّركلي) في طليعة من ألَّف في الموسوعات؛ جمع به شتات ما في كتب التَّراجم، مخطوطها ومطبوعها، قديمها وحديثها، ممن اجتازوا مرحلة الحياة، وخلَّفوا آثاراً تذكرهم، أو أخباراً تروى عنهم. ويعد الزِّركلي بذلك مؤرِّخ العصر بلا منازع.
أما كتاباه الآخران (عامان في عمَّان)، و (ما رأيت وما سمعت)، فيمثِّل كلُّ منهما وجهةً نظرٍ ذاتية، تصلح أن تكون شهادة لدى المؤرِّخ المحايد.
تعريف بمؤلَّفاته:
أ- مؤلَّفاته المخطوطة:
1 - أدب البداة: شعرهم، ولغتهم، وشعراؤهم، وأبحاث تتعلَّق بمذاهبهم في اللُّغة والشِّعر.
2 - الأمثال.
3 - حكمة الشِّعر وسحر البيان، مختارات من المنظوم والمنثور.
4 - دروس الإنشاء، ثلاثة أجزاء لتعليم الإنشاء في المدارس.
5 - شعراء العرب في القرن الرابع عشر.
6 - صفحةٌ مجهولةٌ من تاريخ سورية في العهد الفيصلي.
7 - الصيِّب المنثال في ما جاء على وزن أفعل من الأمثال.
8 - عامان في عمَّان (الجزء الثاني).
9 - معجم ما ليس في المعاجم.
10 - الملك عبد العزيز في ذمَّة التاريخ.
11 - الملك حسين: نسبه، وترجمته، وأخلاقه، وعاداته، ومجمل تاريخ حياته.
ب- مؤلَّفاته المطبوعة:
1 - ديوان الزركلي.
2 - ما رأيت وما سمعت.
3 - عامان في عمَّان (الجزء الأول).
4 - شبه الجزيرة في عهد الملك عبد العزيز.
5 - الوجيز في سيرة الملك عبد العزيز.
6 - الأعلام: قاموس تراجم لأشهر الرجال والنساء من العرب والمستعربين والمستشرقين.
وقد جمع فيه الزِّركلي نحو خمسة عشر ألف ترجمة لأشهر الرجال والنساء من العرب والمستعربين والمستشرقين، وتوسَّع قليلاً فأضاف إلى هؤلاء طائفةً ممن كتبوا بلغاتهم عن العرب وقد درسوا العربية، وإن لم يظهر لهم أثرٌ فيها، وبدأ الزِّركلي العمل فيه عام 1912م حتى وفاته، ولم ينفض يده منه على مدى ستين عاماً.
أما المنهاج الذي انتهجه الزِّركلي في كتابة التراجم، فيمكن إجماله بالنُّقاط التالية:
- ذكر عنوان التَّرجمة، وتاريخ الولادة والوفاة.
- ذكر اسم المترجَم كاملاً ونسبه، ولقبه وكنيته.
- ذكر مكان الولادة والوفاة، والنَّشأة والتَّعلُّم، وأعمال المترجَم.
- تفسير معاني أسماء الأعلام الغريبة.
- ذكر الخلاف في اسم المترجم، وكنيته، وولادته، ووفاته، ونسبة الكتب، مع اتِّخاذ موقف الحسم والتَّرجيح.
- إشارته للشكِّ إذا لم يستطع الحسم والتَّرجيح.
- إطالته في تراجم الذين عرفهم.
- جلاء الغموض في بعض التَّراجم.
- عدم إهمال المترجَم إذا لم يجد له ترجمةً وافية.
- إشارته إلى تعامل ولاة المسلمين مع أهل الكفر والأعداء.
- اختياراته من شعر المترجَم.
- تفريقه بين الشَّاعر والنَّاظم.
- اهتمامه بوصف خط المترجَم.
- اهتمامه بذكر اعتناء المترجَم بجمع الكتب.
- عنايته بذكر فقر المترجم وغناه.
- ذكر حلية المترجَم.
- إشارته إلى حالة المترجَم الصحية.
- تبيانه الحالة الاجتماعية.
- صلة القربى بين المترجَم ومن هو مشهور ومترجم له في أعلامه.
- إثبات صور المعاصرين، وإثبات الصُّور الرَّمزية لمن لم يدركهم التَّصوير الفوتوغرافي.
- إثبات خطوط المترجمين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/100)
- الاستعانة بالمراجع الحيَّة من ذريَّة المترجم، أو بالعلماء من أهل بلده.
- ذكره نفائس المخطوطات.
- إشارته إلى المطبوع والمخطوط من مؤلفات المترجَم.
- التَّمييز بين الكتب المتشابهة في الاسم.
- إشارته إلى من جمع شعر المترجم.
- ذكره محقَّق الكتاب.
- تصحيح نسبة الكتب إلى مؤلفيها.
- تعداد مجلَّدات الكتاب.
- إظهار رأيه في بعض كتب المترجَم.
- نثره الفوائد العلمية في التراجم.
- تثبُّته وتمحيصه عند النَّقل.
- رجوعه عن رأيه إذا اتَّضح غلطه.
- إشارته إلى المتشابه من الأسماء والتَّفريق بينها، وذكره الكتب التي ألفت في المترجَم.
- الإحالة على مصادر الترجمة.
- حسن بيانه وصفاء عبارته.
وأختم بذكر أقوال بعض الأعلام في (الأعلام):
" ... الكتاب العظيم (الأعلام) أحد الكتب العشرة التي يفاخر بها هذا القرنُ القرونَ السَّابقة" [علي الطنطاوي].
"لو سئُلت عن أعظم كتابٍ عربيٍّ صدر في القرن الرابع عشر الهجري، لقلت دونما تردد: إنه (الأعلام) للزِّركلي رحمه الله" [عبد العزيز الرفاعي].
"عملُ الزِّركلي في أعلامه عملٌ فذٌّ، لا قدرة لأحد على مجاراته، وطريقته في التَّرجمة عن السَّلف الصالح لا ترضي المعاصرين وأكثرهم طَموح" [الدكتور عدنان الخطيب].
"والحقُّ أنَّ عمل الزِّركلي عليه رحمة الله من أدقِّ الأعمال التي تمَّت في هذا العصر وأضبطها، ومن أنفعها، فهو بحقِّ (علمٌ يُنتفع به) " [الدكتور عبد العظيم الديب].
"أما (الأعلام) فهو خير كتابٍ أُلِّف في بابه، بل هو خير ما كَتَب كاتبٌ في تراجم الرِّجال والنَّساء في هذا العصر .. لا ينبغي أن تخلو مكتبةُ طالب العلم من هذا الكتاب" [الدكتور محمود الطناحي].
"كتاب (الأعلام) لأستاذنا أبا غيث أوفى كتابٍ حديثٍ في التَّراجم فيما أعلم، فهو عصارة فكر بحَّاثةٍ جليل، قلَّ أن يضاهيه أحدٌ في سعة اطِّلاعه على المؤلَّفات قديمها وحديثها، وهو خلاصة مئات من الكتب والمطبوعات أُلِّفت في التَّراجم، بحيث يصحُّ القول بأن (الأعلام) من مفاخر عصرنا الثقافي" [حمد الجاسر].
"لا يملك متأمِّل لـ (أعلامه) منصفٌ، أو ناهل من عُباب تياره الزَّاخر مستفيد، إلا أن يستصغر الهمم بإزائه همَّته، ويحقر جليل الصَّبر في جنب صبره ومطاولته، وأن يجد يسير غلطه، حين يجده، مغموراً في البليغ الثَّرِّ من فوائده وصوابه".
" ... (الأعلام) مفزع أهل العصر من الباحثين في التَّراجم خاصة" [عزُّ الدِّين البدوي النَّجار ومحمد عدنان الجوهرجي].
المرجع:
كتاب (خير الدين الزِّركلي، المؤرخ الأديب الشاعر)، تأليف: أحمد العلاونة، وهو الكتاب رقم (20) في سلسلة: (علماء ومفكرون معاصرون، لمحات من حياتهم وتعريف بمؤلفاتهم) التي تصدرها دار القلم بدمشق، الطبعة الأولى، 1423هـ - 2002م.
إعداد: أحمد بن محمود الداهن
الرابط ( http://www.alukah.net/articles/174/2907.aspx?cid=186)
ـ[العدناني]ــــــــ[13 - 06 - 08, 08:01 ص]ـ
قال الشيخ بكر أبو زيد -رحمه الله-: وهذا الرجل أنصفه الناس في كتابه الأعلام وظلموه في شخصه ... إذ لم يترجم له بعد وفاته من أقرانه وتلاميذه سوى ترجمة واحدة. (الطبقات)
ـ[العوضي]ــــــــ[14 - 06 - 08, 01:47 ص]ـ
بارك الله فيك أخي الكريم , وفي الملتقى مواضيع عديدة عن كتاب الزركلي (الأعلام)
ولعله من عجائب الاتفاقات أن كتاب الأعلام أمامي الآن كوني كنت اقرأ فيه
وشكرا للأخ العدناني على هذه الإضافة من العلاكة بكر - رحمه الله -
ـ[العدناني]ــــــــ[14 - 06 - 08, 04:17 م]ـ
كتاب تتمة الأعلام جيد جدا ...
وأنا أستغرب أنه لم يضع ترجمة لابي تراب الظاهري ....
ولعل من كان له صلة بالاستاذمحمد خير رمضان يوسف أن يخبره حتى يستدركه في المستدرك على التتمة ...
ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[21 - 06 - 08, 09:12 ص]ـ
قال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله في "تحريف النصوص" (ص 127):
الزركلي - تجاوز الله عنا وعنه - عضو حزب الاستقلال العربي، فيه نفس قومي حاد، وهو القائل: (لو مثّلوا لي موطني وثناً، لهممتُ أعبد ذلك الوثنا)، لهذا لم يترجم - حسب التتبع - لأحد من سلاطين الدولة العثمانية في "الأعلام"، وهذه لفتة نفيسة، لم أَرَ من تنبّه لها، وهي منقصة للزركلي وكتابه، إذ كيف يترجم للأعلام وفيهم: الكفار، والضلاّل من أهل القبلة، ويترك تراجم سلاطين دولة عاشت نحو سبعة قرون، أليس في وسعه أن يترجم للعلم بما له وما عليه، أو يعرّف به فحسب كشأنه في عدد من الأعلام؟! "
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[23 - 06 - 08, 04:00 ص]ـ
ابا معاوية جزيت خيرا للتو اقرأ هذا التعليق للشيخ بكر ولا اخفيك سرا فوجئت عند قراءة ذلك
وفقت وسددت
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[23 - 06 - 08, 04:03 ص]ـ
الكتب التي لحقت كتاب الأعلام للزركلي:
1 - كتاب الأعلام للزركلي
1 إلى 8 مجلدات
الناشر / دار العلم للملايين
2 - كتاب فوات الأعلام مع الإستدراكات والإسهام في إتمام الأعلام
المؤلف/ عبدالعزيز الرفاعي
الناشر / دار الرفاعي
3 - كتاب تتمة الأعلام ويليه المستدرك على الأعلام
1 إلى 3 مجلدات
من 1396 إلى 1415 هجري
المؤلف / محمد خير رمضان يوسف
الناشر / دار ابن حزم
4 - ذيل الأعلام
1 إلى 3 مجلدات
المؤلف / أحمد العلاونة
الناشر / دار المنارة - جدة
5 - الإعلام بتصحيح كتاب الأعلام
المؤلف / محمد بن عبدالله الرشيد
6 - كتاب موسوعة الأعلام في تاريخ العرب والإسلام (50000 ترجمة من آدم عليه السلام إلى عام 1900 م)
المؤلف / أحمد بن عبدالرزاق الحلفي
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/101)
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[23 - 06 - 08, 04:04 ص]ـ
وينظر أيضا ...
نظرات جديدة في كتاب (الأعلام) للزركلي (1) و (2) ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=115557)
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[18 - 02 - 10, 08:06 ص]ـ
يضاف للكتب التي لحقت كتاب الأعلام:
إتمام الأعلام: ذيل لكتاب الأعلام لخير الدين الزركلي
تأليف: الدكتور نزار أباظة، ومحمد رياض المالح
الطبعة: الأولى 1419 هـ
عدد الأجزاء: 1
عدد الصفحات: 336
الناشر: دار صادر
ـ[مكتب زهير الشاويش]ــــــــ[18 - 02 - 10, 09:16 ص]ـ
وأيضاً نظرات في كتاب الأعلام
لأحمد العلاونة
الناشر: المكتب الاسلامي للطباعة والنشر
ـ[عضيدان]ــــــــ[21 - 02 - 10, 09:29 ص]ـ
لي مشاركة قديمة عن الزركلي
على هذا الرابط
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=15906
ـ[محمد العقاد]ــــــــ[21 - 02 - 10, 10:29 ص]ـ
تعقيب على الشيخ ابو معاوية البيروتي
يقول الشيخ عبدالله الهدلق فى مجلس له مع بكر ابو زيد قال:حين زرتُ الدكتور محمود الطناحي في مصر، أخبرته أنكم ذكرتكم في بعض كتبكم أن الزركلي لم يترجم في أعلامه لأحد من سلاطين آل عثمان لعصبيته العربية، وأنكم لم تروا من نبه على هذا قبلكم، وأن الطناحي قال لي: سلم على الشيخ بكر وقل له: بلى، نبه عليه أحد الكتاب، ثم قام وأحضر كتابه وأراني الموضع، وهو كان طبع قبل الكتاب الذي ذكرتم فيه ما ذكرتم، فقال الشيخ وكأنه ضاق صدره بعض الشيء: والله ما قرأت هذه المعلومة لأحد، وإنما هو شيء توصلت إليه ابتداءً. قلت: سلاطين آل عثمان ليسوا على شرط الزركلي؛ إلا أن يكون محمد الفاتح.
و للفائد فان الركلي شاعر غذب الالفاظ و لم اعرف شعره الا عندما رايت فصيده له معلقة فى مطار دمشق و فيها البيت الذى استشهد فيه بكر ابو زيد على قومية الزركلى:
العين بعد فراقها الوطنا
لا ساكناً ألفت ولا سكنا
ريانة بالدمع أقلقها
ألا تحس كرى ولا وسنا
يا موطناً عبث الزمان به
من ذا الذي أغرى بك الزمنا
قد كان لي بك عن سواك غنى
لا كان لي بسواك عنك غنى
ما كنت إلا روضة أنفاً
كرمت وطابت مغرساً وجنى
عطفوا عليك فأوسعوك أذى
وهم يسمون الأذى مننا
وجنوا عليك فجردوا قضبا
مسنونة وتقدموا بقنا
يا طائراً غنى على غصن
والنيل يسقي ذلك الغصنا
زدني وهج ما شئت من شجني
إن كنت مثلي تعرف الشجنا
أذكرتني ما لست ناسيه
ولرب ذكرى جددت حزنا
أذكرتني بردى وواديه
والطير آحاداً به وثنى
وأحبة أسررت من كلفي
وهواي فيهم لاعجا كمنا
كم ذا أغالبه ويغلبني
دمع إذا كفكفته هتنا
لي ذكريات في ربوعهم
هنّ الحياة تألقاً وسنا
لو مثلوا لي موطني وثناً لهممت أعبد ذلك الوثنا
و من قصائد البديعة
خذ ماصفالك من ود ومن خلق
فيمن تعاشر فانعم بالأخلاء
والناس كالماء ان أرضاك سلسله
فلا تنقب عن المدفون في الماء(146/102)
ماذا فعل عبدالملك بن مروان حين تولى الخلافة؟؟
ـ[ريم صباح]ــــــــ[13 - 06 - 08, 10:56 م]ـ
كان الأمويون عندما عقدوا "مؤتمر الجابية" لمبايعة مرْوان بن الحكم قد اتفقوا على أن يخلفه: "خالد بن يزيد بن معاوية" ثم "سعيد بن العاص" من بعده. "
غير أن "مروان بن الحكم" نقض ذلك العهد وعهد بالخلافة لابنه "عبد الملك" ومن بعده ابنه " عبد العزيز" وراح يصرف الأنظار عن "خالد بن يزيد" الذى كان شابّا محدود الخبرات فى الإدارة .. بما أوتى من وسائل، ورغم ما فى ذلك من إيثار لابنه ونقض لعهده فإنه كان خيرًا لاستقرار الدولة وكان خيرًا للإسلام والمسلمين.
وباتت الدولة الإسلامية الموحدة تتقاسمها خلافتان:
الأولى: عليها عبد الله بن الزبير وتضم الحجاز والعراق.
أما الثانية: فيتولاها عبد الملك بن مروان الذى تولى عقب وفاة أبيه، ولم تعد تضم إلا الشام ومصر.
وقد نجح عبد الملك بن مروان فى ضبط الأمور، والقضاء على الفتن، فانتشل الدولة من الفوضى التى وصلت إليها، وأعاد الأمن والاستقرار إلى ربوعها.
لقد ظهر بالكوفة المختار بن عبيد الله الثقفي، وجمع من حوله شيعة على -رضى الله عنه-، وراح يتتبع قتلة الحسين هنا وهناك وقتل منهم الكثير وعلى رأسهم أمير الجيش الذى حارب الحسين " عمر بن سعد بن أبى وقاص"، وقتل "عبيد الله بن زياد" أمير العراق الأموى، وشتت جيشًا قوامه (40) ألفًا، كما قتل "الحصين ابن نمير" واستولى على الموصل، وراح يدعو لمحمد بن الحنفية ابن الإمام على كرم الله وجهه، ويناديه بالإمام المهدى يريد المهدى المنتظر.
لقد انتشر نفوذ الشيعة فى شرق الدولة وكان هذا العامل هو المعول الذى مهد لزوال الدولة الأموية على مر الزمن!
وقد عمد الشيعة فى ذلك الوقت وعلى رأسهم المختار إلى الانتساب لمحمد بن الحنفية، ليستفيدوا من هذه النسبة فى اكتساب مزيد من المؤيدين الناقمين على بنى أمية والثائرين من أجل المطالبة بدم الحسين وآله.
والمعروف أن محمد بن الحنفية كان عالمًا زاهدًا، قد رفض أن يبايع لأحد من الخليفتين ابن الزبير أو ابن مروان، وقال لا؛ حتى يبايع الناس أجمعون فإن بايعوا بايعت. وهكذا فعل عبد الله بن عباس، ولم يكن له مطمع فى الخلافة، أو هدم البيت الأموى أوالقضاء على ابن الزبير.
ولقد أغضب الدعوة باسم محمد بن الحنفية "عبد الله بن الزبير" فأرسل أخاه "مصعب بن الزبير"؛ ليكون أميرًا على العراق، وأمره بالقضاء على "المختار الثقفى".
وقد نجح مصعب فى حصار المختار بالكوفة وقتله، وأصبح الحجاز والعراق لابن الزبير ومصر والشام لعبد الملك بن مروان.
وفى سنة 70هـ /690م خرج عبد الملك بن مروان إلى العراق لأخذها من الزبيريين، وتدور بينه وبين مصعب عدة معارك، وأخيرًا يتمكن "عبد الملك بن مروان" من القضاء على "مصعب ابن الزبير" فى معركة "دير الجاثليق" وكان ذلك سنة 71هـ/691م وقيل: سنة 72هـ/692م. المهم أن عبد الملك بعد مقتل "مصعب ابن الزبير" دخل "الكوفة" معقل الزبيريين، وأخذ البيعة من أهلها لنفسه، وولَّى ولاة من قِبله على العراق.
الحجاج وابن الزبير:
ولم يبق إلا الحجاز يسيطر عليه عبد الله بن الزبير من مكة، وقد حانت الساعة الفاصلة، ساعة الحزم والحسم، فأمر عبدالملك ابن مروان "الحجاج بن يوسف الثقفى" -الذى يمكن أن يتخذ من الطائف مسقط رأسه قاعدة لعملياته الحربية- أن يتصدى لعبد الله ابن الزبير المتحصن بمكة المكرمة.
وتحرك جيش الحجاج من الطائف إلى مكة فحاصرها كما فعل الحصين بن نمير من قبل، وقذف ابن الزبير بالمنجنيق، وظل يضيق على ابن الزبير وأنصاره الخناق حتى تفرق عنه معظم أنصاره، لكن ابن الزبير ظل يقاوم رافضًا أن يستسلم حتى قتل سنة 73هـ/ 693م، وكانت خلافته تسع سنين.
وبمقتل ابن الزبير دخلت الحجاز من جديد تحت حكم بنى أمية، وكوفئ الحجاج بأن ظل واليًا على الحجاز من قبل عبد الملك ابن مروان حتى سنة 75هـ/ 695م.
ثورات ابن الأشعث:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/103)
ولا يكاد عبد الملك بن مروان يلتقط أنفاسه ليتفرغ للبناء والتعمير، ومواصلة الفتوح حتى يرى أن جماعات الشيعة فى مدن العراق مثل الكوفة تشكل خطرًا على الدولة؛ بسبب قربها من بلاد فارس، التى رأى أهلها فى الشيعة خير سبيل لتحقيق أطماعهم القومية فى ضرب الأمويين باعتبارهم ممثلين للعنصر العربى وسلطانه فى الدولة الإسلامية، وركز الفرس نشاطهم فى سبيل وصول أبناء الحسين بن على بن أبى طالب إلى منصب الخلافة، مدعين بأنهم من سلالة الحسين؛ وذلك لأنه تزوج من شهر بانوه بنت يزدجرد الثالث آخر أكاسرة الفرس، وزعموا أن تلك السلالة من أبناء الحسين تجمع بين دم عربى، وأشرف دم فارسى.
وتصدى الحجاج بن يوسف لهذه الفتنة مرة أخرى، ويحقق الأمن والاستقرار فى ربوع البلاد.
ويصدر الأمر من الخليفة الأموى بأن يتولى الحجاج أمر العراق والمشرق الإسلامى، ويسير إليها فى جيش من أهل الشام.
وكان الحجاج شديدًا عنيفًا، فراح يواجه عدة ثورات كانت إحداها بقيادة "عبد الرحمن بن الأشعث".
وتدور معارك شرسة مثل "دير الجماجم" بين الجيش الأموى وبين جيش ابن الأشعث، يتبادل فيها الفريقان النصر والهزيمة، وتستمر سجالا بينهما فى أكثر من ثمانين موقعة، تدور الدائرة بعدها على ابن الأشعث، فيهرب إلى بلاد الهند. ولكن الحجاج يرسل من يلاحقه ويتابعه حتى يأتى إليه برأسه فى الكوفة.
وهكذا استطاع الحجاج إخضاع بلاد العراق وما والاها من بلاد المشرق لسلطان عبد الملك بن مروان، وبهذا توطدت دعائم الدولة فى عهده، وانتشر الأمن فى البلاد، ويتفرغ عبد الملك لجانب من الإصلاح الداخلى، فيصدر أمره بصك الدنانير الإسلامية، عليها شهادة التوحيد لا إله إلا الله محمد رسول الله بسم الله، فكان أول من ضرب الدنانير والدراهم الإسلامية، لتحمل محل العملة البيزنطية فيتحقق للدولة استقلالها المالى والاقتصادى.
وأصدر أمره بجعل اللغة العربية هى اللغة الرسمية التى تكتب بها الدواوين فى أرجاء الدولة، وينفذ ابنه عبد الله بن عبدالملك بن مروان والى مصر هذه التعليمات؛ حيث كانت مصر ما تزال تكتب باللغة القبطية، بما أدى إلى انتشار اللغة العربية لغة القرآن والحديث، فهى بلا شك إحدى المقومات الأساسية للدولة الإسلامية.
وسوف تظل هذا الخطوة الرائدة صفحة مضيئة يسجلها التاريخ لعبد الملك بن مروان على مر الزمان.
الفتوحات الإسلامية فى عهد عبدالملك:
وبعد أن استقرت الدولة فى الداخل، وتم القضاء على الفتن والثورات، راح عبد الملك يواصل ما بدأه السابقون من الفتوحات، ويعمل على تأمين الحدود التى تعرضت للإغارة والمهاجمة والاستيلاء على بعضها من جانب الروم، منذ أن أصدر معاوية أمره إلى الجيش الذى كان يحاصر القسطنطينية بالعودة إلى البلاد، وتمكن عبد الملك من استرداد الثغور الإسلامية، وإخضاع أرمينية، وسواحل سورية، وكثير من الثغور الإسلامية، وفَتْح عدد من حصون الروم منها: "مرعش" و"عمورية" و"أنطاكية"، وأظهر للروم أن الدولة الإسلامية باقية، وأنها لم تضعف ولم تهن!
وما كاد عام 62هـ/682م يأتى حتى صدر الأمر بأن يتولى "عقبة بن نافع" إفريقية للمرة الثانية؛ ليواصل حروبه وفتوحاته، ويتمكن من فتح الجزائر، ويتوغل نحو بلاد "السوس" فى المغرب الأقصى.
وكان عقبة فى عهد معاوية قد انطلق بجيوشه إلى إفريقية واستولى عليها واختار "القيروان" قاعدة له، ولكن بعد الانتهاء من بناء القيروان صدر قرار بتعديل القيادة العليا بالميدان الإفريقى سنة 55هـ/ 675م.
فقد استعمل معاوية بن أبى سفيان مسلمة بن مخلد على مصر وإفريقية، فاستعمل مسلمة على إفريقية مولى له يقال له "أبو المهاجر" فلما وصلها عزل عقبة.
وكان معاوية يهدف من ذلك إلى مواجهة الإمبراطورية البيزنطية صاحبة السيادة إذ ذاك على شمال إفريقية، ومحاولاتها إيقاف الزحف الإسلامى المنتظر من القيروان.
واستطاع "أبو المهاجر دينار" أن يفسد خطط البيزنطيين باكتساب البربر إليه، ونشر الإسلام بينهم.
وتجلّى نجاح هذا القائد حين اكتسب إلى صفوفه زعيم قبيلة البربر وهو "كسيلة" فدعاه إلى الإسلام، فأسلم وترتب على ذلك انتشار الإسلام بين كثير من البربر، فراحوا يتفهمون حقيقة الإسلام، ويقبلون عليه، وراح الفتح الإسلامى فى شمال إفريقية يمتد وينتشر.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/104)
ولكن الفتوحات الإسلامية تتعرض لأول نكسة خطيرة لها لعدم معرفة نتيجة السلطة المركزية فى "دمشق" بالتطورات التى طرأت على السياسة البيزنطية فى تلك البلاد، فعندما أعادت السلطات "عقبة بن نافع" سنة 62هـ/682م إلى القيادة العليا للميدان الإفريقى، ووصل إلى "القيروان" قاعدته الحربية التى أنشأها من قبل، انطلق منها لممارسة المهمة التى عين ثانية من أجلها، بل إن عقبة لما عاد إلى ولاية إفريقية جازى المهاجر عما فعله به عندما عزله سنة 55هـ، فقبض عليه وأوثقه فى الحديد، وخرج به مكبلا فى زحف خاطف، وصل به إلى ساحل المحيط الأطلسى، وعند ذلك النهر الذى تقوم عليه مدينة مراكش اليوم أدخل عقبة ابن نافع فرسه فى المحيط وراح يرفع رأسه فى عزة المؤمن، وتواضع المعترف بفضل الله عليه قائلا: "اللهم فاشهد أنى لو كنتُ أعلم وراء هذا البحر أرضًا لخضته غازيًا فى سبيلك".
لكن عقبة فاته أن يستمع إلى أبى المهاجر ونصائحه حول البيزنطيين وسياستهم، ولجوئهم إلى أسلوب الغدر والخديعة والمكر والخيانة، فقد انتظروا حتى عاد قاصدًا القيروان، وكان يسير فى مؤخرة جيشه، وأعدوا له كمينًا وهو فى طريق العودة بالتعاون مع كسيلة -الزعيم البربرى- الذى تحالف مع الروم، وادعى أن عقبة قد عزم على تأديب البربر؛ لأنه أساء الظن فى حقيقة إسلامهم.
والتقى الجميع فى معركة "تهوذة" عام 63هـ/ 683م، وأحاطت قوات البزنطيين بعقبة بن نافع وراح "أبو المهاجر" يدافع عنه دفاع الأبطال ولكنهم تمكنوا من قتله، واستشهد عقبة ولحق بالرفيق الأعلى.
وبعثت الخلافة الأموية بجيوش جرارة على رأسها قائد من خيرة قادتها هو "حسان بن النعمان" الذى عمل على تحرير شمال إفريقية تمامًا من البيزنطيين، والقضاء على أساليبهم الغادرة.
دخل حسان القيروان سنة 74هـ / 694م، وبادر بالزحف على "قرطاجنة"، وهى أكبر قاعدة للبيزنطيين فى إفريقية "تونس الحالية" ودمرها تمامًا، ثم طارد فلول الروم والبربر، وهزمهم فى "صطفورة" و"بنزرت" ولم يترك حسان موضعًا من بلادهم إلا دخله بجنوده، ثم عاد "حسان" إلى القيروان، فأقام بها حتى استراح الجيش وضمدت جراح المصابين.
واضطر حسان إلى اتخاذ مراكزه فى "برقة" حتى جاءته الإمدادات من مصر سنة 81هـ/ 700م، فخرج بالجيوش لملاقاة جيوش البربر بقيادة امرأة منهم تدعى الكاهنة، واستطاع الانتصار على البربر، وأعاد القيروان إلى حضن الإمبراطورية الإسلامية.
وأخذ حسان يعمل بعد ذلك على تدعيم الفتوحات الإسلامية بشمال إفريقية، فأسس قاعدة بحرية إسلامية باسم "تونس".
واستعان بعمال مصر وخبرتهم فى بناء تلك القاعدة، ثم أقبل حسان على إفساد خطط البيزنطيين، وراح يعمل للقضاء على مكرهم وألاعيبهم. فحبب الإسلام وزينه فى قلوب أبناء الكاهنة، ثم قربهم إليه، وجعلهم فى الرئاسة العليا على أبناء قبيلتهم، مبينًا لهم أن العزة لله ولرسوله وللمسلمين، وأن الإسلام يستهدف عزة أبناء إفريقية وإخراجهم من الظلمات إلى النور، وهكذا عادت إفريقية إلى الإسلام والمسلمين.
وعلى الجانب الآخر، فى خراسان، تابع "المهلب بن أبى صُفرة" أمر الفتوح فى تلك البلاد بعد أن أسند إليه الحجاج ولايتها!
لقد فتح خُجَنْدة وغزا "كَشّ" سنة 80هـ/699م، واتخذها مركز القيادة، وأرسل منها أولاده لغزو كثير من البلاد، لكنه مات فى شهر ذى الحجة على مقربة من "مرو" وتولى ابنه يزيد بعد أبيه، فاستهل عهده بغزو "خوارزم".
ويأتى عام 85هـ فيتولى "المفضل بن أبى صفرة" أمر خراسان ويفتح "باذغيش" و"أخرون" "وشومان"، لكن الحجاج سعى بآل المهلب لدى عبد الملك حتى لا يولى منهم أحدًا، واتهمهم بأنهم كانوا من أتباع عبد الله بن الزبير، وأشار على "عبد الملك" بأن يولى قتيبة بن مسلم الباهلى على خراسان، وهو من باهلة التى تنتمى إلى قيس، وبذلك يستطيع أن يجذب إليه القيسيين فى خراسان.
ووصل قتيبة بن مسلم إلى "مرو" فى نهاية سنة 85هـ/704م.
ولكنه لم يكد يستقر فى خراسان حتى وصلت الأنباء فى سنة 86هـ/705م بوفاة الخليفة عبد الملك بن مروان رحمه الله رحمة واسعة
ـ[صقر بن حسن]ــــــــ[20 - 06 - 08, 04:21 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من أين مراجع هذا البحث؟
فلو ذكرت المراجع لكان أحسن وأكثر فائدة، لو تكرمت.(146/105)
دفاع حاكم قطر علي بن عبد الله آل ثاني عن العقيدة السلفية
ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[14 - 06 - 08, 12:36 م]ـ
كتب الشيخ علي بن عبد الله آل ثاني رحمه الله:
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى جناب المكرم الشيخ أحمد الإمام العنداني وفّقنا الله وإيّاه لِما يحب ويرضى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد، فقد وصل إليَّ كتابكم ومعه نسختان من كتابكم المسمَّى "سؤدد الإسلام باتباع سيد الأنام"،وذكرتم بخطابكم أنه طُبِع على شرف صاحب السموّ الشيخ علي آل ثاني حاكم قطر، وحيث أنكم نسبتم طبعه إليَّ قبل موافقتي وعرضه عليَّ، غهذا عمل غير صواب وخلاف الأمانة الدينية، فإنّني رجل سلفيّ العقيدة صحيح المذهب، فلا أعتقد ضلالات الجهمية وطرائق الصوفية المبتدعة، ولا أسلك مسالك القبورية دعاة الأموات. وكتابكم اشتمل على جميع هذه الضلالات والجهالات، وعجبتُ من جرأتكم على نسبة ذلك إليَّ، فذكرتم أقوالاً في التفسير لآيات الله غير ثابتة، وذهبتم مذهب الجهمية في الإيمان وأنه تصديق القلب، ولم تذكروا بقية الأركان، وذكرتم مسألة العلوّ ولم تسلكوا فيها مسلك أهل الحق، وذكرتم التوسل بالذوات وهذا غير صحيح، فإن َّ التوسل الصحيح ما يكون إلّا بالأعمال الصالحات، وذهب بكم الغلوّ إلى أن ذكرتم خروج اليد الشريفة لأحمد الرفاعي وخروج الصوت من القبر الشريف في حجة ثانية، ثم ختم الكتاب بطريقة النقشبندية وذكرتم كيفيّة الذكر عندهم والرابطة الشركيّة إلى غير ذلك ممّا أعرضنا عن ذكره، لأنّ المقصود إعلان إنكارنا نسبة طبع هذا الكتاب إلينا، بل نحن نبرأ إلى الله من هذا الذي ذكرنا وأمثاله، فلا يحلّ لك أن تبعث إلينا منه شيئاً ولا توزعه باسمنا. والسلام.
علي بن عبد اللله آل ثاني
(مجلة التمدن الإسلامي/جمادى الأولى 1378 /الموافق كانون الأول 1958)
وذكرت المجلة أن هذا الخطاب وردها من الأستاذ عبد البديع صقر مدير المكتبات في حكومة قطر ومدير المعارف سابقاً.
ـ[العوضي]ــــــــ[14 - 06 - 08, 01:24 م]ـ
بارك الله فيك ورحم الله حاكم قطر , وهذا مقال سيفيدك
الحاكم السلفي: الشيخ علي بن عبد الله بن قاسم آل ثاني حاكم دولة قطر رحمه الله تعالى ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=5263)
ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[16 - 06 - 08, 06:24 م]ـ
توفي الشيخ علي بن عبد الله آل ثاني رحمه الله سنة 1394 (1974م)،وكان قد تولَّى إمارة قطر في حياة أبيه من سنة 1369 (1949م) حتى سنة 1380 (1960م) حيث تنازل لابنه أحمد.
(الأعلام 4/ 309).
وللفائدة، فقد بنى الشيخ قرب مدينة عاليه - في جبل لبنان - مسجداً منذ أكثر من أربعين سنة، وسلَّم إمامته للشيخ السَّلفي سعيد الطبَّاع رحمه الله (الذي التقى بالشيخ الألباني رحمه الله عند مجيئه للبنان)،واشترط الشيخ علي أن يُقام المسجد على السُّنَّة ويُجتنب فيه البدعة، وأن يتكفَّل أولاد الشيخ علي فقط بمصاريف المسجد، فلا يقبل صدقات من أحد، وهذا ما تم.
توفي الشيخ سعيد رحمه الله منذ أكثر من عشر سنوات، واستلم أمور المسجد أولاده، ثبَّتهم الله على السير على منهج السلف الصالح، ووقاهم شرور وكيد أهل البدع.
ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[28 - 08 - 09, 06:46 م]ـ
وللفائدة، فقد بنى الشيخ قرب مدينة عاليه - في جبل لبنان - مسجداً منذ أكثر من أربعين سنة، وسلَّم إمامته للشيخ السَّلفي سعيد الطبَّاع رحمه الله (الذي التقى بالشيخ الألباني رحمه الله عند مجيئه للبنان)،واشترط الشيخ علي أن يُقام المسجد على السُّنَّة ويُجتنب فيه البدعة، وأن يتكفَّل أولاد الشيخ علي فقط بمصاريف المسجد، فلا يقبل صدقات من أحد، وهذا ما تم.
توفي الشيخ سعيد رحمه الله منذ أكثر من عشر سنوات، واستلم أمور المسجد أولاده، ثبَّتهم الله على السير على منهج السلف الصالح، ووقاهم شرور وكيد أهل البدع.
قامت دار الإفتاء اللبنانية قبل أمس باستلام المسجد عبر الشرطة اللبنانية، مبرزة بذلك وثائق قانونية أنها الآن الوصيّ على المسجد، وقامت بإغلاق المسجد في وجوه المصلّين إلى إشعار غير معلوم، ويقوم المصلون الآن بإقامة الصلوات الخمس والتراويح في الباحة الخارجية للمسجد، كما أخبرني أحد الشيوخ الذين يصلّون هناك،
ولا ندري متى سيُفتَح المسجد،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/106)
ولكن ستُذرَف الدموع هناك على زمن إقامة السنة وإماتة البدعة بما أن دار الإفتاء استلمت المسجد، والله المستعان!!
ـ[سفيان السلفي]ــــــــ[04 - 04 - 10, 08:08 م]ـ
الشيخ قاسم بن محمد آل ثاني (مؤسس دولة قطر) ودوره في نشر الدعوة السلفية
قاسم بن محمد آل ثاني
اسمه ونسبه:
هو الأمير الجليل التقي الفصيح الورع الزاهد الشيخ (قاسم بن محمد بن ثاني بن محمد بن ثامر بن علي بن سيف بن محمد بن راشد بن علي بن سلطان بن بريد بن سعد ابن سالم بن عمرو بن معضاد بن ريّس بن زاخر .... )
هذا هو المعروف المشهور في نسب الشيخ قاسم رحمه الله، أنه معضادي من بني تميم، حيث نسب غير واحد من المؤرخين والكتاب أسرة آل ثاني إلى المعاضيد من بني تميم، والمعاضيد أبناء معضاد بن ريس بن زاخر.
ولادته ونشأته:
ولد الشيخ قاسم بفريق آل بو كوّارة والفضالة في بيت آل فهد بمنطقة الحد شرقي المحرق بالبحرين على الراجح، وجاء في بعض المصادر أنه ولد بقطر، وهو ليس بشىء.
واختلفت الروايات في تاريخ مولد الشيخ قاسم، ولعل هذا الاختلاف منشؤه الروايات المنقولة من أفواه العارفين من المسنين في دولة قطر.
وأرجح الأقوال في تاريخ ولادته هو عام 1246هـ.
نشأ متأثراً بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب السلفية فشب الشيخ قاسم متحلياً بتلك الفضائل، ولما جاوز سن الشباب صار ينوب عن والده في تدبير أمور البلاد وإدارتها فكان ساعد والده الأيمن، كما زوال الشيخ مهنة التجارة وكان يبذل المال في سبيل البر والإحسان.
حياته العلمية:
تلقى الشيخ قاسم تعليمه في بواكير حياته على أيدي العلماء، وكان من الملتزمين بالمذهب الحنبلي، والمتحمسين للدعوة السلفية، وكانت الروح الإسلامية تبدو في سلوكه وأشعاره، وكان شغوفاً بالعلم محباً للعلماء، له اطلاع على كتب العلماء السلفيين ككتب الشيخ محمد بن عبد الوهاب والشيخ العلامة محمود شكري الآلوسي، وكان يجتمع بالعلماء أثناء زيارتهم له في قطر، ويتذاكر معهم في مسائل العلم، غيوراً على دينه قائماً بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يؤم الناس في صلواتهم، ويخطب بهم الجمعة، وإذا خطب أذهل السامعين، وجلب قلوبهم إليه، وهو من أركان العربية وأنصارها، ويباشر بنفسه تعليم الناس، كما يباشر بنفسه القضاء والفصل في المنازعات بين مواطنيه.
عقيدته:
كان رحمه الله صاحب عقيدة سلفية، وطوية حسنة، كثير الميل إلى مذهب السلف الصالح، بعيداً عن البدع والمحدثات، بل هو حرب عليها. ينتهج في عقيدته منهج السلف الصالح لهذه الأمة من الصحابة الأبرار والتابعين الأخيار، وهي العقيدة التي دعا إليها الكتاب والسنة، وكان عليها سلف الأمة، وتتمثل هذه العقيدة في توحيد الله جل وعلا، وصرف العبادة له وحده دون من سواه.
كما أبان عن عقيدته في وصيته التي تركها من بعد موته، وهي تحوي مجمل اعتقاده.
وقد حرص على طباعة الكتب التي ترد على المناوئين للدعوة السلفية.
وقد ختم حياته وهو يردد كلمة التوحيد، وذلك لأنها رسخت في قلبه وتغلغلت.
عبادته:
كان رحمه الله رجلاً عابداً تقياً، محافظاً على الصلاة يتحين أوقاتها يجلس من بعد صلاة الفجر في مصلاه يذكر الله تعالى ويسبحه حتى طلوع الشمس وارتفاعها فيقوم فيصلي ركعتين.
وقد وصفه العلامة محمود شكري الآلوسي بقوله: إنه (مواظب على طاعاته، مداوم على عبادته وصلواته).
صفاته:
تميز الشيخ قاسم بشخصية قوية حازمة وعزم وتصميم لا مثيل لهما، فقد كان الشيخ قاسم من أفذاذ الرجال، وكان رحمه الله متحلياً بكافة صفات الرجولة ومكارم الأخلاق.
وكان رجلاً متديناً نقياً وهو على جانب عظيم من التقوى ومخافة الله، شديد الخشية لله، عادلاً في أحكامه وأقضيته.
تواضعه:
التواضع هو انكسار العبد لله، وخفض جناح الذل والرحمة للخلق، وعدم تزكية النفس والإعجاب بها، ومنشأ التواضع من معرفة العبد قدر عظمة ربه، ومعرفة قدر نفسه.
والشيخ قاسم رحمه الله كان حسن الخلق لطيف المعشر متواضعاً، ومن تواضعة خدمة الأهل والأضياف.
جوده وكرمه:
مما اتصف به هذا الشيخ الجليل الجود والكرم والإنفاق في وجوه الخير الكثيرة، فقد كان كريماً محباً للخير وأهله، معروفاً بالسخاء، وقد جلب إليه جوده وحسن أخلاقه محبة الناس وإجلالهم فشاع له الذكر الجميل.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/107)
يقول عنه الشيخ محمد عثمان القاضي وهو يتحدث عن الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف آل الشيخ مبيناً مصادر رزقه وإنفاقه:
"وكان يعتمد في ذلك بعد الله على الزراعة وما تغل عليه، ومما يهديه له الرجل الصالح والسخي الشهير الشيخ قاسم بن ثاني حاكم قطر"
الشفاعة:
من صفات الشيخ قاسم رحمه الله أنه كان بذولاً للمال والشفاعة، معيناً على أمور الخير، والشفاعة من الأعمال المبرورة والمساعي المشكورة التي كان يقوم بها الشيخ رحمه الله
. أهم مواقفه:
للشيخ قاسم مواقف كبيرة وعظيمة سطرتها كتب التاريخ والتراجم، وهي تدل على مكانته وشخصيته، وأصيل معدنه، وعلو قدره، من ذلك:
وقوفه إلى جانب آل سعود أثناء محنتهم زمن الإمام عبد الرحمن الفيصل آل سعود والد الملك عبد العزيز، وتفاصيل ذلك تجده في الترجمة الموسعة للشيج قاسم.
وكانت إقامة الإمام عبد الرحمن وأسرته في قطر أربعة أشهر تقريباً من صفر إلى جمادى الأولى سنة 1310هـ أغسطس إلى نوفمبر 1892م.
ومن مواقفه رحمه الله أنه ظل حياته كلها رافضاً رفضاً حاسماً أن يدخل في تعاقد مع غير جهة إسلامية كما أنه في أشد مراحل خلافه مع العثمانيين رفض إغراء بتغيير تلك السياسة الثابتة التي تمسك بها في حياته كلها، وهي حقائق كشف عنها الوثائق العثمانية وتقارير رجالات العثمانيين في المنطقة.
تجارته:
لم يعتمد الشيخ قاسم على وظيفته كحاكم للبلاد، مصدراً للرزق، بل إنه أخذ بأسباب الرزق في حياته، وذلك بالتجارة في اللؤلؤ الذي كانت سوقه رائجة في ذلك الوقت، وكان يتخذ من تلك التجارة وسيلة لإقامة بيت المال للدولة للصرف منه على المرافق العامة وإشاعة العدل والإنصاف، ومد يد العون لأفراد الشعب وإقالة عثار الكرام والمكلومين.
وكانت له ثلاثون سفينة، تعمل في الغوص، بالإضافة إلى أنه أحد الممولين لسفن الغوص، وكان يشتري اللؤلؤ من الغواصين بثمنه الحقيقي، ويصدره إلى بومباي بالهند.
وقد كون من هذه التجارة ثروة عظيمة كان ينفق معظمها على الشؤون الدينية، وخصوصاً على العلماء وبناء المساجد.
صلته بعلماء عصره ومراسلاته معهم:
كان العلماء من نجد يزورون الشيخ قاسم، وعند اجتماعه بهم يتذاكر معهم العلم ويستفيد منهم، كما كان يراسل العلماء ويصلهم أيضاً ومن هؤلاء العلماء الشيخ العلامة عبد الله بن عبد اللطيف آل الشيخ.
قال صاحب مشاهير علماء نجد وهو يترجم للشيخ عبد الله بن عبد اللطيف: "وكان بينه وبين الشيخ قاسم بن محمد بن ثاني حاكم قطر في حياته صداقة متينة، وكان الشيخ قاسم يحترمه ويجله ويراسله".
كما كان للشيخ قاسم صلات أخوية ومكاتبات أدبية وعلمية مع العلامة العراقي الشيخ محمود شكري الآلوسي، إذ قال في كتابه تاريخ نجد ـ وهو يتحدث عن الشيخ قاسم ـ: (وبيني وبينه محبة غيبية، ومكاتبات لطيفة، أودعتها في كتابي بدائع الإنشاء).
شعره:
كان الشيخ قاسم من أبرز الشعراء وأكثرهم ألمعية في عالم الشعر النبطي، فله فيه القدح المعلى، واليد الطولى، ويمتاز أسلوبه بالجزالة وسعة الأفق.
فقد كان رحمه الله رجلاً نادر المثال، جمع بين هموم القيادة والسياسة وتأسيس الدولة، وبين هموم الشعر ونظمه، والمثير للدهشة أنه لم يحدث تعارض بين السياسة والشعر في شخصيته، بل حدث بينهما تفاعل وإخصاب فغدّت الأحداث السياسية اللاهبة عاطفة الشعر وأجّجتها، وقام الشيخ بدوره في خدمة القضية السياسية والتعبير عنها والدفاع عن حياضها".
وقد اهتم بعض الدارسين بشعر الشيخ قاسم، واعتبروا أبيات قصائده حكماً ومواعظ تتناقل في المجالس، ويضرب بها الأمثال.
المحن التي تعرض لها في حياته:
تعرض الشيخ لكثير من المحن والبلايا في حياته، فقد ابتلي في نفسه، وابتلي في ماله، وابتلي في ولده، ولكنه قابل كل ذلك بالصبر والرضا والمجالدة، وهذا هو شأن المؤمن الموحد الذي يوقن أن من سنة الله تعالى في عباده الابتلاء والامتحان والتمحيص، (ليبلوكم في ما آتاكم) [الأنعام/165]، ويمكن أن نجمل ما وقع للشيخ مما سبق ذكره فيما يلي:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/108)
1. سجنه: سجن الشيخ قاسم في البحرين لمدة سنة وشهرين من قبل أميرها محمد بن خليفة، وذلك بعد أن قام الشيخ قاسم بزيارة ودية إلى البحرين، وعندما وصل إليها، ألقي القبض عليه، وأودع السجن، وكان ذلك في أعقاب وقعة الوكرة الشهيرة سنة 1286هـ، ولم يطلق سراحه إلا بعد أن وقع في الأسر بعض شيوخ آل خليفة في نهاية معركة دامسة، فتم عقبها تبادل الأسرى بين الطرفين.
. مصادرة أمواله: وذلك من قبل الإنجليز بواسطة حكومة الهند البريطانية، وكان سبب ذلك طرد الشيخ قاسم للتجار الهنود "البانيان" الذين يعتبرون من رعايا بريطانيا في ذلك الحين، فانتقاماً من الشيخ قاسم نتيجة ذلك التصرف، قامت بريطانيا بمصادرة أملاك وأموال الشيخ قاسم في كل من البحرين وبومباي بالهند بحجة تعويض رعاياها.
3. مقتل ابنه علي: كان علي الملقب بجوعان من أحب أبناء الشيخ قاسم إليه، وكان رجلاً فاضلاً أديباً من شجعان الرجال، خاض بعض المعارك في عهد أبيه، وكان قتله على يدي العجمان سنة 1304هـ بعد هجومهم على الدوحة ليلاً في حالة غفلة من أهلها، وغيبة من الشيخ قاسم في منطقة الظعاين التي يقيم فيها.
وفاته:
بعد حياة حافلة بجلائل الأعمال، وحميد الخصال، انتقل الشيخ قاسم بن محمد آل ثاني إلى رحمة الله تعالى.
وعند وفاته كان كثير الترديد لكلمة التوحيد، والسؤال عن وقت الصلاة، والحث على إكرام الضيوف، وقد سطر هذا الشاعر محمد بن حسن المرزوقي القطري في مرثيته للشيخ قاسم حيث قال:
شهادة توحيد تكررها له وتسألنا هل جاء وقت صلاة
وهل أكلوا ضيفي وهل لبسوا الكسا كعادتك الغراء قبل ممات
وكانت وفاته عصر يوم الخميس 13 من شهر شعبان سنة 1331هـ، الموافق 17 يوليو 1913م ودفن في قرية الوسيل وهي قرية تقع على بعد 24 كيلومتر شمالي الدوحة.
وبوفاته فقدت قطر علماً من أعلامها، ورمزاً من رموز أصالتها، وأديباً من أدبائها، رجل العلم والفضل والكرم.
نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يتغمده برحمة منه وأن يسكنه الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقاً.
أولاده:
بارك الله تعالى في عقب الشيخ قاسم رحمه الله فخلف ذرية مباركة من البنين والبنات، وللشيخ قاسم من الذكور ستة عشر ولداً ومن الإناث ست أما أولاده فهم:
1ـ فهد بن قاسم (الكبير)، 2ـ خليفة بن قاسم، 3ـ ثاني بن قاسم 4ـ عبد الرحمن ابن قاسم 5ـ عبد الله بن قاسم أمير "قطر" 6ـ علي بن قاسم الملقب بـ (جوعان) 7ـ سلطان بن قاسم آل ثاني 8ـ محمد بن قاسم 9ـ علي بن قاسم 10ـ فهد بن قاسم (الصغير) 11ـ أحمد بن قاسم
ومن أولاده مبارك وقد توفي وعمره ستة وعشرون عاماً.
وسلمان وناصر وعبد العزيز وغانم.
أما البنات فالذي وقفنا عليه من أسمائهن فاطمة ونجلاء وشيخة وسبيكة ومريم وطفلة.
قالوا عن الشيخ قاسم:
أثني على الشيخ قاسم كثير من الأعلام بما يكشف مقامه، ويبين منزلته فليس غريباً أن يكتب العلماء والأدباء عن هذا الطود الشامخ والأديب المبرز، والعالم الفاضل للثناء عليه، وليس غريباً أن يتسابق الشعراء على مدحه في حياته، وعلى رثائه من بعد موته، ولنقتطف هنا من كلامهم ما جاء في صفات هذا الرجل العظيم:
قال محمود شكري الآلوسي: "وهو من خيار العرب الكرام، مواظب على طاعاته، مداوم على عبادته وصلواته، من أهل الفضل والمعرفة بالدين المبين، وله مبرات كثيرة على المسلمين… وهو مسموع الكلمة بين قبائله وعشائره، وهم ألوف مؤلفة…"وقال تلميذ الآلوسي محمد بهجت الأثري: الشيخ قاسم بن محمد بن ثاني حاكم قطر من كبار أنصار الإصلاح الإسلامي.
وقال خالد بن عبد الله الفرج: "كان مشهوراً بالكرم، والتمسك بالديانة، وإيراده من تجارة اللؤلؤ التي هي حياة سكان ضفاف الخليج".
وقال أيضاً: "هو من أمراء العرب العصاميين المشهورين رحمه الله".
وقال عبد الله بن خميس: "هو العالم الجليل، والسلفي المحض، والموقف نفسه وماله لخدمة العلم والعلماء".
وقال عثمان القاضي: "كان رجلاً من فحول الرجال علماً وحلماً ورأياً ثاقباً وكرماً حاتمياً"
وقال أيضاً: تحت عنوان: فصل فيمن اشتهر من الأدباء المتأخرين رحمهم الله:
"قاسم بن ثاني أمير قطر أديب بارع، وجواد سخي".
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/109)
يقول سليمان الدخيل عنه: "هو من النابغين في الأمة العربية، العاملين لسعادة الدين والوطن، وقد آتاه الله من فضله خيراً كثيراً، ومن العلم والمال والولد"
وقال الزركلي: "كان أريحياً جواداً"
وقال جون فيلبي: "وكان هذا الرجل ذا سمعة أسطورية فاحتفظ بقوته العقلية والجسمانية حتى النهاية، وكثيراً ما كان يشاهد وهو يمتطي جواده مع فرقة من الخيالة كلها من أبنائه وأحفاده، وقد خلفه ابنه عبد الله فظل يحافظ على العلاقات الودية مع جاره العظيم الذي كان حكيماً فلم يتدخل قط في استقلال شبه الجزيرة".
آثاره:
آثاره في دولة قطر:
1. يعد الشيخ قاسم بن محمد آل ثاني المؤسس الحقيقي لدولة قطر، فقد كان من كبار الساسة عمل نائباً لوالده الشيخ محمد مما أكسبه خبرة ودراية سياسية كبيرة.
2. عمل على أن تكون قطر بلداً موحداً مستقلاً، فهو أول رجل ظهرت قطر في ظل زعامته كياناً عضوياً واحداً متماسكاً مما استدعى تدخل بريطانيا التي ازداد نفوذها في تلك الآونة.، وقد استطاع من خلال سياسته أن يعمل على توازن للاعتراف باستقلال قطر من جانب أكبر قوتين متنافستين على النفوذ في منطقة الخليج العربي وأعني كلاًّ من انجلترا وتركيا.
3. لمع نجمه وزادت شعبيته، وذلك بما آتاه الله من عقل وحكمة وحنكة وحسن سياسة، حيث استطاع أن يوحد القبائل القطرية تحت لوائه ويجمع شتاتها، لقد وحد القلوب فاجتمعت على محبته.
4. أرسى دعائم استقرار البلاد والحكم لآل ثاني أثناء فترة حكمه.
ويقول الشيخ عبد الله البسام عن الشيخ قاسم وآثاره في عهده "توسعت أعمال البلاد، ونشط عمل الغوص فيها، وصار لها ميناء بحري تجاري لتصدير البضائع وتوزيعها، فكثر السكان، وتعددت الأعمال، واتسعت البلاد، وتوسع فيها العمران، وصار للعاصمة الدوحة قرى وضواح، وأصبحت دولة مستقلة.
ويقول عنه: إنه ساس قطر "بالعدل والحكمة والرحمة حتى أحبته رعيته".
جهوده في نشر الدعوة السلفية في قطر
حين قامت الدولة السعودية الأولى وانتشرت الدعوة السلفية كانت قطر من ضمن المناطق التي امتدت إليها هذه الدعوة. ولا أحد ينكر ما قام به الشيخ قاسم من نشر للدعوة السلفية في قطر فهو الذي أرسى دعائمها فيها، وكان من المتحمسين لها، ولا أدل على ذلك من عدم وجود مظاهر الانحراف في شرك العبادة عند القطريين، وهذا مستمر إلى يومنا هذا والحمد لله.
وكانت تربطه علاقات مع علماء الدعوة السلفية سواء في نجد كالعلامة الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف آل الشيخ أو في العراق كالشيخ العلامة محمود شكري الآلوسي.
وقد تمثل دوره في نشر تلك الدعوة من عدة نواح منها:
1. قيامه بنفسه بالدعوة والإرشاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما ذكر المؤرخون عنه.
2. قيامة بالخطابة في الناس كل جمعة ولا شك أنه من خلال الخطبة ينشر العقيدة الصحيحة في الناس، كما أنه عقيب كل صلاة جمعة يلقي درساً لطيفاً يحض به على طلب العلم والسعي إليه، والعمل بأحكام الدين والجهاد والزكاة وغير ذلك من الأمور النافعة.
3. استجلابه للعلماء من نجد للقيام بأمر الدعوة إلى الله، وتوجيه الناس، فكان أولئك العلماء يجلسون للناس في المساجد يدرسونهم العلوم الشرعية من عقيدة وفقه وحديث وتفسير، ومن هؤلاء العلماء عالم الأحساء المالكي الشيخ المحدث عيسى بن عكاس قال عنه صاحب روضة الناظرين: (وكان حسن التعليم طلبه الشيخ قاسم بن محمد بن ثاني حاكم قطر ليقيم عنده في الدوحة لنشر العلم والدعوة والإرشاد وإمامة جامعه، والخطابة فيه، فسافر إلى قطر، وأقام بها سنة واحدة، وانتفع منه خلق، ودرّس في العقائد والحديث ورجاله والفقه.……)
4. إرساله لبعض القطريين من طلبة العلم للدراسة عند علماء نجد ومن هؤلاء الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله الدرهم.
ـ[ابن عبدالكريم]ــــــــ[05 - 04 - 10, 06:55 ص]ـ
هل الضبط الصحيح لإسم الشيخ هو " قاسم بن عبدالله " أم " جاسم بن عبدالله "؟ فالبعض يعتبر اسم " جاسم " مجرد تحريف لـ " قاسم " , و البعض يعتبره اسما مستقلا.
فما الصحيح في المسألة؟
ـ[أبو إسحاق الشاذلي]ــــــــ[05 - 04 - 10, 05:14 م]ـ
وقد سطر هذا الشاعر محمد بن حسن المرزوقي القطري
.
أنظر ترجمة الشيخ على الرابط http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=193814
ـ[أبوعابد الأثري]ــــــــ[20 - 05 - 10, 02:46 م]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/110)
الشيخ قاسم بن محمد آل ثاني (مؤسس دولة قطر) ودوره في نشر الدعوة السلفية
عقيدته:
كان رحمه الله صاحب عقيدة سلفية، وطوية حسنة، كثير الميل إلى مذهب السلف الصالح، بعيداً عن البدع والمحدثات، بل هو حرب عليها. ينتهج في عقيدته منهج السلف الصالح لهذه الأمة من الصحابة الأبرار والتابعين الأخيار، وهي العقيدة التي دعا إليها الكتاب والسنة، وكان عليها سلف الأمة، وتتمثل هذه العقيدة في توحيد الله جل وعلا، وصرف العبادة له وحده دون من سواه.
عبادته:
كان رحمه الله رجلاً عابداً تقياً، محافظاً على الصلاة يتحين أوقاتها يجلس من بعد صلاة الفجر في مصلاه يذكر الله تعالى ويسبحه حتى طلوع الشمس وارتفاعها فيقوم فيصلي ركعتين.
تواضعه:
ومن مواقفه رحمه الله أنه ظل حياته كلها رافضاً رفضاً حاسماً أن يدخل في تعاقد مع غير جهة إسلامية كما أنه في أشد مراحل خلافه مع العثمانيين رفض إغراء بتغيير تلك السياسة الثابتة التي تمسك بها في حياته كلها، وهي حقائق كشف عنها الوثائق العثمانية وتقارير رجالات العثمانيين في المنطقة.
2. عمل على أن تكون قطر بلداً موحداً مستقلاً، فهو أول رجل ظهرت قطر في ظل زعامته كياناً عضوياً واحداً متماسكاً مما استدعى تدخل بريطانيا التي ازداد نفوذها في تلك الآونة.، وقد استطاع من خلال سياسته أن يعمل على توازن للاعتراف باستقلال قطر من جانب أكبر قوتين متنافستين على النفوذ في منطقة الخليج العربي وأعني كلاًّ من انجلترا وتركيا.
جهوده في نشر الدعوة السلفية في قطر
2. قيامة بالخطابة في الناس كل جمعة ولا شك أنه من خلال الخطبة ينشر العقيدة الصحيحة في الناس، كما أنه عقيب كل صلاة جمعة يلقي درساً لطيفاً يحض به على طلب العلم والسعي إليه، والعمل بأحكام الدين والجهاد والزكاة وغير ذلك من الأمور النافعة.
3.
ما هذا الكلام و التدليس ... اي سلفية و اي عقيدة؟ قاسم بن محمد انتفض على الحامية العثمانية في بلاده بمساعدة بريطانية بدعوى ان السلطان العثماني يتدخل في شؤون قطر ثم استدعى البحرية البريطانية لتحتل بلاده لاكثر من ستين سنة بعدها و لم يخرج الانكليز الا من تلقاء نفسهم.
ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[20 - 06 - 10, 07:44 م]ـ
صدر آخر العام الماضي (الحلي الداني في سيرة الشيخ علي آل ثاني) حاكم قطر السابق.
والكتاب من تأليف الشيخ خالد بن محمد بن غانم بن علي آل ثاني. ويقع في سبع مئة صفحة, بطباعة أنيقة وتجليد فاخر.
ويشمل الكتاب مقدمة في علم التاريخ والتراجم , ثم مولد الشيخ علي ونسبه ونشأته, ثم جوانب من حياته الشخصية والسياسية والعلمية والأدبية, ثم النهضة والأزدهار في عصره, ثم ما قيل فيه نثراً وشعراً. وأخريات حياته رحمه الله.
يُطلَب الكتاب من المكتب الإسلامي / بيروت.
ـ[أبو سليمان الجسمي]ــــــــ[20 - 06 - 10, 08:49 م]ـ
جزاكم الله خيرا.
ـ[خالد جمال]ــــــــ[20 - 06 - 10, 09:01 م]ـ
كتاب (إجابة السائل على أهم المسائل) إجابة عن أسئلة الشيخ قاسم بن محمد آل ثاني - رحمه الله ورفع درجته
http://www.mahaja.com/showthread.php?8010-%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8-%28%D8%A5%D8%AC%D8%A7%D8%A8%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A7%D8%A6%D9%84-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A3%D9%87%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%A6%D9%84%29-%D8%A5%D8%AC%D8%A7%D8%A8%D8%A9-%D8%B9%D9%86-%D8%A3%D8%B3%D8%A6%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%8A%D8%AE-%D9%82%D8%A7%D8%B3%D9%85-%D8%A8%D9%86-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A2%D9%84-%D8%AB%D8%A7%D9%86%D9%8A-%D8%B1%D8%AD%D9%85%D9%87-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D9%88%D8%B1%D9%81%D8%B9-%D8%AF%D8%B1%D8%AC%D8%AA%D9%87
ـ[أبو إسحاق الشاذلي]ــــــــ[29 - 06 - 10, 05:18 م]ـ
ما هذا الكلام و التدليس ... اي سلفية و اي عقيدة؟ قاسم بن محمد انتفض على الحامية العثمانية في بلاده بمساعدة بريطانية بدعوى ان السلطان العثماني يتدخل في شؤون قطر ثم استدعى البحرية البريطانية لتحتل بلاده لاكثر من ستين سنة بعدها و لم يخرج الانكليز الا من تلقاء نفسهم.
اعلم وفقك الله يا أثري أن الشيخ قاسم كان رافضا لدخول الانكليز و العثمانيين وذلك لان الانكليز كفار والعثمانيين عندهم شيء من الشركيات كما ذكر ذلك الشيخ -رحمه الله- في احدى قصائده ويوم اضطر رحمه الله أن يعقد معاهدة اما مع البريطانيين أو العثمانيين اختار العثمانيين لأنهم أخف الضررين ثم كان من العثمانيين أن اسروا الشيخ أحمد أخو الشيخ قاسم فقام الشيخ فقاتلهم بمشاركة بعض قبائل قطر دون أي تدخل أجنبي وبعد انتصار الشيخ قاسم في المعركة أرسلت الدولة العثمانية رسالة اعتذار للشيخ -رحمه الله- وحاول الانكليز انتهاز الفرصة ليقيموا علاقة مع الشيخ قاسم رحمه الله مستغلين الجرح الذي وقع بينه وبين العثمانيين فما كان منه رحمه الله إلا أنه رفض رفضا شديدا إقامة أي علاقة معهم و نظم بعد ذلك قصيدة أشار فيها إلى هذا الأمر والانكليز ما عقدوا المعاهدة مع قطر إلا بعد موته بثلاث سنوات حتى ابنه الشيخ عبدالله بن قاسم كان رافض العلاقة حتى ضيق عليه واضطر ان يقيم معاهدة حماية مع بريطانيا بشرط ان يكون المبعوث البريطاني مقيما في البحرين فرحم الله الشيخ قاسما رحمة واسعة وأدخله فسيح جناته.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/111)
ـ[أبو جاد التونسي السلفي المهاجر]ــــــــ[29 - 06 - 10, 05:25 م]ـ
سبحان الله معلومة طيبة رحمه الله.
ـ[أبو إسحاق الشاذلي]ــــــــ[29 - 06 - 10, 05:45 م]ـ
علما بأن الشيخ قاسم رحمه الله لا توجد له صورة إذ كان رحمه الله يحرم التصوير و أهل قطر قاطبة أجمعوا على حبه لدينه و تقواه
ـ[أبوعابد الأثري]ــــــــ[30 - 06 - 10, 02:36 ص]ـ
لكل دولة او قوم اساطيرهم و خيالاتهم فقد كان بعض الرومان القدماء يزعمون ان مؤسس دولتهم ارضعته ذئبة و كان بعض الاغريق و الفراعنة يعتقدون ان حكامهم آلهة الا ان المسلم و على الاخص طالب علم الحديث لا شان له بتلك الخزعبلات. و من هنا يمكن ان نطرح جانبا سوالف الربع و الديرة و نتعامل مع التاريخ المدون الموثق عالميا لقطر. في 1867 انتفضت بعض عائلات قطر ضد حكامهم من آل خليفة حكام البحرين و استدعوا البحرية البريطانية لتعضدهم فارسلت ثلاث سفن احرقت اسطول آل خليفة و اجبرتهم على دفع تعويضات لاهل قطر و احرقت قرية المحرق البحرانية. عرفانا بجميل بريطانيا وقع محمد بن ثاني آل ثاني و الى جانبه ولي عهده قاسم بن محمد آل ثاني معاهدة استسلام و خضوع لبريطانيا شبيهة بالاتفاقيات المنفردة التي وقعتها قرى ساحل عمان المعروفة باتفاقيات الساحل المتصالح و يتعهد فيها بعدم التعامل او ابرام اتفاقية اتحاد مع اي امارة او دولة الا من خلال بريطانيا التي تتولى الدفاع عن قطر ضد اي عدو خارجي. بموجب الاتفاقية التي كانت ضمن سلسلة معاهدات "فرق تسد" اعلنت بريطانيا ان قطر و سكانها خمسة الاف هي امارة مستقلة يحكمها محمد بن ثاني رئيس وفد التفاوض مع الكولونيل لويس بيللي المقيم البريطاني بالبحرين. ظل الحال على هذا الى ان تحركت حملة عثمانية بقيادة مدحت باشا والي بغداد لغزو الاحساء فاحتلت القطيف و الهفوف و توقفت عند حدود قطر التي كانت قرية لا يؤبه بها سكانها خمسة الاف كما اسلفنا. فحمل عبد الله الصباح امير الكويت اعلاما عثمانية على راس قوة بحرية و سلمها لقاسم بن محمد (الذي كان يومها حاكما فعليا لبلاده في حياة ابيه) ليعلقها على داره كعلامة خضوع رمزية. لم يكن في الامر وطنية او سلفية من قاسم، مجرد خضوع رمزي لحملة مسلحة اجتاحت الارض من البصرة الى حدود بلاده. ظل الامر على ما هو عليه في الاربعين سنة التي تلت ذلك و زاد عليه السماح بتواجد قوة عثمانية صغيرة تعد بالعشرات لا سلطة لها. و ما ان حاولت تلك القوة ممارسة سلطات الحكم باي شكل حتى انتفض ضدها قاسم بن محمد و اعلن خروجه على السلطان. قامت بريطانيا وقتها بصفتها ضامنة استقلال قطر بالتفاوض لجلاء العثمانيين من قطر و توصلت بعد مفاوضات استمرت سنوات لميثاق انكلو-عثماني بين ابراهيم حقي باشا وزير الخارجية العثماني و ادوارد كراي وزير الخارجية البريطاني في 29 يوليو 1913 بعد موت قاسم بن محمد باسبوعين تتنازل بموجبها الدولة العثمانية عن قطر التي تصير محمية بريطانية ذات حكم ذاتي يتولاه خلفاء قاسم بن محمد. كان نص المعاهدة في الفقرة الحادية عشر ان تتنازل الدولة العثمانية عن قطر ليحكمها قاسم بن محمد و ولي عهده من بعده فيما تضمن بريطانيا الا تسعى البحرين في ضم قطر. لم يتم التوقيع النهائي للمعاهدة لاندلاع الحرب العالمية الاولى بين بريطانيا و تركيا و اجبرت تركيا لاحقا على الانسحاب من الدوحة بدون مقابل خلاصة القول ان قاسم بن محمد امضى عمره كله تحت الحماية البريطانية منذ ايام ولايته لعهد ابيه حتى اليوم الذي مات فيه و لم يكن له ان يطرد الحامية العثمانية لولا ان البحرية البريطانية منعت ولاة البصرة من الرد عليه و تدعيم قواتهم بالدوحة و هو الامر الذي ما كان يقتضي اكثر من سفينة بخارية عثمانية واحدة. اما ما عدا ذلك من سوالف عن تقواه و سلفيته و كراهيته للتصوير فلا شان لها بحكايتنا و لا بالتاريخ.
ـ[أبو إسحاق الشاذلي]ــــــــ[30 - 06 - 10, 03:43 م]ـ
أصبح كلام الغرب وكتاباتهم تاريخ موثق وشهادات العلماء الآلوسي وابن مانع والعلامة آل الشيخ و الشيخ المرزوقي سوالف ربع وكلام ديوانيات .. ونعم الأثري.
ـ[أبوعابد الأثري]ــــــــ[30 - 06 - 10, 04:22 م]ـ
ان كثيرا من تلك المعلومات مصدرها الارشيف الرسمي العثماني و الامر متعلق بمعاهدات دولية تعلن على الملا بين دول عظمى. كما ان هناك حوادث مشهورة رآها الناس مثل تدخل الاسطول البريطاني لضرب البحرين و احراق المحرق تدعيما لقطر اثناء حوادث خروج اهل قطر على حكامهم و هناك الوثائق العثمانية التي تدون تحذيرات بريطانيا للسلطان من ارسال قوة عثمانية لتثبيت الحكم العثماني بقطر. _______________________________________ اما العلماء فلم يكونوا ابدا طرفا في المفاوضات السرية التي كان يبرمها الحكام لا يومها و لا اليوم فلا داعي للزج بهم في تلك القضية، و كم راينا من حاكم يذكر علماء بلادهم انهم بقية السلف الصالح امراء المؤمنين و يكشف التاريخ انهم كانوا يبرمون اتفاقيات سرية مع بابا الفاتيكان لانشاء كنائس في ديار الاسلام و استقدام مرتزقة نصارى يدافعون عنهم.________________________________________ فيما يخص طلب عبد الله بن قاسم عدم حضور مقيم بريطاني لقطر فقد كان هذا هو الوضع مع الكويت في بداية معاهدتها و دبي و راس الخيمة و ابوظبي و الشارقة و غيرها من الامارات و ليس في الامر سلفية حيث كان المقيم بالبحرين يحكم كل تلك المناطق من خلال موظفيه و اذا اقتضى الامر ينزل في زيارة رسمية لتفقد ضياعه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/112)
ـ[أبو إسحاق الشاذلي]ــــــــ[30 - 06 - 10, 04:56 م]ـ
الشيخ كان سلفيا وذكر في وصيته لأبنائه من بعده أنه على منهج الشيخ محمد بن عبدالوهاب وأن من ذكر الشيخ بسوء فقد عقني وأساء إلي ... ثانيا لم يأمرنا ديننا بالتنقيب خلف العلماء والحكام وهل هم كانوا حقا سلفيين أم لا وهل الشيخ فلان كان عميلا والحاكم الفلاني قيل أنه سلفي واكتشفنا أنه كان يعقد اتفاقيات مع المشركين كل هذا لاينبغي اتق الله لا تتكلم في الناس وخاصة الذين قد توفوا.
ـ[أبوعابد الأثري]ــــــــ[30 - 06 - 10, 09:16 م]ـ
الشيخ كان سلفيا وذكر في وصيته لأبنائه من بعده أنه على منهج الشيخ محمد بن عبدالوهاب وأن من ذكر الشيخ بسوء فقد عقني وأساء إلي ... ثانيا لم يأمرنا ديننا بالتنقيب خلف العلماء والحكام وهل هم كانوا حقا سلفيين أم لا وهل الشيخ فلان كان عميلا والحاكم الفلاني قيل أنه سلفي واكتشفنا أنه كان يعقد اتفاقيات مع المشركين كل هذا لاينبغي اتق الله لا تتكلم في الناس وخاصة الذين قد توفوا.
يزعم الاشاعرة و الماتريدية ايضا انهم اهل السنة و الجماعة كما يزعم ابليس انه خير من آدم اما اليهود فيقولون ان النار لن تمسهم الا اياما معدودة و انهم اتباع موسى. ان الاساطيل البريطانية التي طالما حمت قاسم بن محمد آل ثاني لم تكن امرا خفيا يحتاج الى تنقيب و اسال اهل البحرين الذين صبت عليهم تلك الاساطيل الحمم لتجليهم عن قطر و تحمي محمد بن قاسم. كما لم تكن رسائل التهديد التي ترسلها بريطانيا الى السلطان العثماني لتنهاه عن التمركز في قطر سرا مخفيا فقد ضج العثمانيين بالشكوى و هي محفوظة للباحثين في الارشيف العثماني و منشورة في الجامعات العربية. نحن لسنا دراويش و لا بهاليل. اما بخصوص "الكلام في من توفوا" و هو ما يعرف في علم الحديث بالجرح فهو امر لا اظنك تجادل في جوازه في منتدى يعني بعلوم الحديث.
ـ[أبو إسحاق الشاذلي]ــــــــ[30 - 06 - 10, 11:27 م]ـ
عموما حاولنا اقناعك و لكن دون جدوى و نسأل الله أن يرينا الحق حقا و يرزقنا اتباعه و أن يرينا الباطل باطلا و يرزقنا اجتنابه
ـ[عبد الله الأبياري]ــــــــ[01 - 07 - 10, 12:18 ص]ـ
بل الاساطير هي تلك التي تتحدث عن اساطيل بريطانيا التي صنعت الوهابية و خرافات مذكرات همفر و غيرها
هذا الاسلوب استخدمته بريطانيا ضد الدعوة السلفية ثم تناقله اهل الشرك و الالحاد لمحاربة "الوهابيية"
مؤسس دولة قطر رحمه الله كان على عقيدة أهل الأثر
ـ[أبو إسحاق الشاذلي]ــــــــ[01 - 07 - 10, 12:39 ص]ـ
بل الاساطير هي تلك التي تتحدث عن اساطيل بريطانيا التي صنعت الوهابية و خرافات مذكرات همفر و غيرها
هذا الاسلوب استخدمته بريطانيا ضد الدعوة السلفية ثم تناقله اهل الشرك و الالحاد لمحاربة "الوهابيية"
مؤسس دولة قطر رحمه الله كان على عقيدة أهل الأثر
جزاك الله خيرا وأسعدك كما أسعدتنا بهذه المشاركة ...
ـ[ضرار بن الأزور]ــــــــ[12 - 09 - 10, 06:38 م]ـ
ما هذا الكلام و التدليس ... اي سلفية و اي عقيدة؟ قاسم بن محمد انتفض على الحامية العثمانية في بلاده بمساعدة بريطانية بدعوى ان السلطان العثماني يتدخل في شؤون قطر ثم استدعى البحرية البريطانية لتحتل بلاده لاكثر من ستين سنة بعدها و لم يخرج الانكليز الا من تلقاء نفسهم.
ما مصدرك؟؟
المعروف أن الوالي العثماني غدر العهد، وبعد المعركة أرسل الشيخ قاسم رسائل إلى السلطان تبين له حقيقة الموقف، وقد عزل مدحت باشا بسبب حربه هذه.(146/113)
المنظرى الغرناطى، مؤسس تطوان
ـ[جمال عبد الرحمن]ــــــــ[14 - 06 - 08, 02:46 م]ـ
هذا هو الكتاب الثانى للدكتور غوثالبيس بوستو حول الأثر الأندلسى الموريسكى فى المغرب. كان الكتاب الأول بعنوان "الموريسكيون فى المغرب"، وقد نشره المجلس الأعلى للثقافة منذ نحو عامين، وكان يتناول الوجود الموريسكى فى المغرب بشكل عام. أما هذا الكتاب فهو يتحدث عن منطقة مغربية محددة هى تطوان، ويذكر أن قائدا أندلسيا هو الذى أعاد بناء المدينة بعد أن كانت أطلالا.
لم يكن سقوط غرناطة مفاجئا للمتابعين لتطور الأحداث فى شبه جزيرة إيبيريا فى نهاية القرن الخامس عشر، وقد ذكرنا فى مقدمة الكتاب الأول للمؤلف أنه بعد سقوط دولة الإسلام فى الأندلس –بل وقبيل السقوط- كانت الهجرة إلى بلد إسلامى تعد فى كثير من الأحوال هى الحل الأنسب، فقد رأى نبلاء غرناطة أن الأمور فى بلدهم تسير من سيئ إلى أسوأ وأن دولة الإسلام منهارة لا محالة، ولم يكن من الممكن آنذاك عمل أى شئ يوقف زحف الملك الكاثوليكى.
ذكرنا أيضا أن تلك الهجرة كانت لها نتائج ملموسة، سواء على الذين هاجروا، أو على بعض البلاد التى هاجروا إليها. وتعرض لنا صفحات الكتاب بعضا من هذه النتائج: لقد أعاد فارس غرناطى مهاجر تأسيس مدينة مغربية.
*******
تعتبر قصة "ابن سراج وشريفة الجميلة" من أهم القصص الموريسكية وأجملها. القصص الموريسكية هى التى تتحدث عن الموريسكيين بإعجاب، وقد اختلف النقاد حول شخصية مؤلفها، فمنهم من قال إنه مسيحى دفع له النبلاء مالا حتى يظهر الموريسكيين بشكل طيب فيتعاطف معهم الناس وهكذا لا يتم طردهم من إسبانيا، ومنهم من رأى أن المؤلف موريسكى أراد أن يدافع عن بنى وطنه وأن يظهر إيجابياتهم كرد على كتب الأدب الإسبانى التى يظهر فيها المسلم بشكل سلبى. (1)
لن نتوقف الآن عند هذه القضية رغم أهميتها، لكننا نوجز القصة.
كان الفتى المسلم "ابن الرئيس" وهو من بنى سراج فى طريقه للقاء خطيبته "شريفة" الجميلة، وكان يتعين عليه أن يمر بمنطقة يسيطر عليها المسيحيون. يعترضه فرسان مسيحيون، فيصرع منهم ثلاثة، ويفر الرابع طلبا للنجدة من القائد نارباييث. يأتي القائد ويبارز الفارس المسلم فيصرعه " لأنه كان جريحا وكان قد فرغ لتوه من مبارزة ثلاثة فرسان". يقول ابن سراج للقائد المسيحي إنه انتصر عليه، لا لتفوقه في القوة، ولكن لأن الله أراد أن يمنعه من رؤية محبوبته. يعجب القائد المسيحى بشجاعة الفتى المسلم ويدور بين الاثنين حوار. يقص ابن سراج على القائد المسيحي أنه يحب شريفة وأنه كان في الطريق إليها، فيعرض عليه القائد أن يطلق سراحه لمدة ثلاثة أيام يعود بعدها إليه. ينصرف ابن سراج ويلتقي بمحبوبته ويتزوجها، ويعود- ومعه زوجته- إلى الأسر. يعجب القائد المسيحي بوفاء المسلم فيطلق سراحه بلا فدية. يتوجه الزوجان إلى بلدهما ويرسلان إلى القائد المسيحي هدية تتكون من أسلحة وجياد وعملات ذهبية. يقبل القائد المسيحي الأسلحة والجياد "للدفاع عن الزوجة المسلمة ضد الأخطار التي قد تتهددها" ويرد إليهما العملات الذهبية شاكرا. تنشأ بين المسلم والمسيحي صداقة تدوم مدى الحياة. (2)
هذه القصة، التى يبدو وكأنها لا يمكن أن تحدث إلا فى عالم الخيال، تستند إلى واقع تاريخى، وقد كتب البروفيسور لوبيث استرادا بالفعل أن هذه القصة الجميلة ما كان لها أن تصل إلى عالم الأدب لولا أن لها أصلا تاريخيا. على أن جهود ذلك العالم الإسبانى فى التوصل إلى حقيقة الأمر ذهبت سدى، فالراوي يزعم أن الأحداث وقعت فى آلورا وأن القائد المسيحى اسمه نارباييث ... إلخ. يستعرض لوبيث استرادا التاريخ الإسبانى فيكتشف أن أنتيكيرا ظلت إسلامية حتى عام 1410وقد تولى قيادتها نارباييث، وبالتالى فلا يمكن أن يكون قائدا لأنتيكيرا وآلورا -التى كانت إسلامية حتى عام 1482 - فى آن واحد. يخلص استرادا فى النهاية إلى أن التاريخ المشار إليه فى القصة لا يتفق مع الوقائع الموثقة، لكنه يؤكد –كما أشرنا – وجود حدث تاريخى استند إليه مؤلف القصة الموريسكية. ما هو الحل إذنا؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/114)
الكتاب الذى بين يدينا الآن يجيب على تساؤلاتنا، إذ يحدثنا عن عروس غرناطية استوقفتها مجموعة جنود إسبان مسيحيين وهى فى طريقها لكى تزف إلى زوجها الفارس المسلم فى المغرب. وقد تحلى القائد المسيحى بشيم الفرسان وأفرج عن العروس التى واصلت طريقها. اعتبارا من ذلك التاريخ نشأت علاقة ودية بين فارسين نبيلين، أحدهما مسيحى إسبانى، والآخر مسلم غرناطى كان قد هاجر لتوه إلى المغرب.
أما الفارس المسيحى فهو السيد إنييغو لوبيث دى ميندوثا، ماركيز مونديخار وكونت تينديا، والمسلم الغرناطى هو أبوالحسن على المنظرى، قائد قلعة بينيار الغرناطية الذى أسس أو أعاد تأسيس مدينة تطوان المغربية، والفتاة التى ظهرت فى القصة الموريسكية إذن هى النموذج الأدبى لفاطمة خطيبة على المنظرى.
*******
فى السطور التالية نعرض بإيجاز شديد مضمون فصول الكتاب. الفصل الأول يتناول جغرافية تطوان وما حولها، وهى الساحة التى ستجرى عليها الأحداث بعد وصول الموريسكيين المطرودين من إسبانيا أو قبيل سقوط غرناطة. يتوقف المؤلف كذلك عند الفترة السابقة على وصول الأندلسيين. ويتحدث الفصل الثانى عن تاريخ غرناطة فى الفترة التى سبقت سقوطها مباشرة حتى يتعرف القارئ على المنظرى الذى كان أحد قواد جيش أبى عبد الله الصغير، ويخلص المؤلف إلى القول بأن المنظرى قد رحل عن إسبانيا قبل سبتمبر عام 1485. يتحدث المؤلف كذلك عن عائلة المنظرى استنادا إلى مصادر إسبانية وبرتغالية، بالإضافة إلى مؤرخين عرب مثل لسان الدين بن الخطيب والمقرى صاحب "نفح الطيب".
ا لفصل الثالث يحدثنا عن خطيبة المنظرى الغرناطية-وهى فاطمة ابنة بن كماشة وقريبة الملك أبى عبد الله الصغير- التى تعرضت للأسر وهى تعبر نهر شنيل ولم يكن برفقتها سوى بعض الخدم. فور علم المسلمين الغرناطيين بما حدث أطلقوا سراح فارس مسيحى لكى يبلغ كونت تينديا استعداد ملك غرناطة لدفع فدية مقابل إطلاق سراح العروس. إزاء هذا الاهتمام يطلق القائد المسيحى سراح العروس دون فدية، وهى بادرة كان لها صدى كبير فيما بعد. يتحدث الفصل الثالث كذلك عن زوجة أخرى للمنظرى، مغربية هذه المرة، وهى ست الحرة ابنة على بن راشد - صاحب السلطان الفعلى على المنطقة الغربية من شمال المغرب آنذاك- التى سيكون لها شأن عظيم فى تاريخ تطوان.
الفصل الرابع يحدثنا عن النشاط الجهادى للمنظرى –استنادا إلى مصادر برتغالية- ضد البرتغال وإسبانيا برا وبحرا، ويخصص المؤلف جانبا من الفصل للحديث عن القرصنة (من وجهة نظر المؤرخين الإسبان) أو الجهاد البحرى (من وجهة نظر المؤرخين العرب) (3)، وكيف أن فك أسر المسيحيين الإسبان كان يكلف الدولة الإسبانية مبالغ طائلة كانت تدخل فى خزانة أصحاب السلطة فى المغرب.
الفصل الخامس يتناول إدارة المنظرى لشئون تطوان بعد إعادة تأسيسها، وكيف أن بن راشد –والد ست الحرة (4) *- ساعده فى ذلك. يذكر المؤلف أن المنظرى ظل يحكم المدينة دون منازع حتى تقدم فى العمر وفقد بصره. يتحدث المؤلف عن يأس كل من المنظرى وبن راشد فى الحصول على الاستقلال المطلق عن فاس، ويقول إن هذا أدى إلى إجرائهما محادثات مع البرتغاليين بهدف توفير سفن تسمح لهما ولعائلتيهما بالرحيل إلى تونس وتسليم مدينة تطوان للبرتغاليين. يقول المؤلف إن لديه وثائق تثبت ما يقول، لكننا لا نملك سوى إبداء التحفظ إزاء ما يذكره، فهو لا يعرض وثيقة وقعها المنظرى أو بن راشد، ثم إننا لا نطمئن كثيرا لكتابات المؤرخين الأوروبيين فى ذلك العصر (انظر على سبيل المثال حديثهم عن الذهب الكثير الموجود فى المغرب والعصا السحرية التى تدل على مكانه)
الفصل السادس يتحدث عن العلاقة بين القادة فى شمال المغرب وإسبانيا. يعرض المؤلف وثيقة عبارة عن محضر شرعى قام بمقتضاه أشخاص رسميون إسبان مسيحيون بتنفيذ حكم الإعدام فى مواطنين مسيحيين إسبان مقيمين فى مدينة ترغة. يرى المؤلف أن قيام رسميين مسيحيين بتنفيذ حكم الإعدام فى بلد مسلم لم يكن ممكنا دون اتفاق مسبق بين السلطات فى إسبانيا والمغرب. يتحدث كذلك عن وجود اتصالات بين ثافرا وبن راشد، وبين كونت تنديا والمنظرى. يعرض رسائل متبادلة بين أولئك القادة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/115)
الفصل السابع يتحدث –استنادا إلى مصادر برتغالية وقشتالية- عن محاولة ملك إسبانيا غزو فاس. يذكر المؤلف أن البرتغال كانت تعارض دائما أى تدخل إسبانى فى فاس، ولهذا أخفى الملك الكاثوليكى نيته عن الجميع تقريبا وأراد أن يقود الحملة بنفسه. يسوق المؤلف أدلة على أن الحملة كانت موجهة إلى فاس رغم أن المصادر الإسبانية لا تكاد تذكر شيئا عن هذا الموضوع.
الفصل الثامن يتحدث عن السنوات الأخيرة التى عاشها المنظرى ثم وفاته. يفرد المؤلف صفحات للحديث عن صداقة جمعت بين القائد الغرناطى والراهب كونتريراس. يتحدث بعد ذلك عن ست الحرة التى حكمت تطوان بعد وفاة المنظرى.
الفصل التاسع يتحدث عن آثار عائلة المنظرى فى غرناطة بعد سقوط دولة بنى نصر، فيعرض وثائق تتحدث عن أملاك عائلة المنظرى وعن أن أحد أفراد العائلة استطاع تهدئة ثورة أقرانه من الموريسكيين.
الفصل العاشر يتحدث عن آثار المنظرى فى تطوان ومن بينها برج أو قلعة المنظرى، وبوابات سور مدينة تطوان، وضريح القائد الغرناطى.
يتضمن الكتاب عدة ملاحق وثائقية: وثيقة برتغالية تتحدث عن انهيار مدينة تطوان قبل أن يعيد المنظرى تأسيسها، ووثيقة ثانية تتحدث عن زوجة المنظرى، فاطمة الغرناطية، ووثيقة ثالثة تؤكد وفاة المنظرى فى أواخر عام 1540 أو أوائل عام 1541، أما الملاحق من الرابع إلى السادس فهى تعرض وثائق خاصة بممتلكات عائلة المنظرى فى إسبانيا وتعود إلى الفترة ما بين عامى 1544 و 1576.
********
هناك عامل مهم يضفى على هذا الكتاب أهمية خاصة، وهو يتمثل فى الوثائق البرتغالية التى يعرضها، والتى تتناول العلاقة مع تطوان فى القرن السادس عشر. لا نظن أن هذه الوثائق قد ترجمت إلى العربية، ونأمل أن تؤدى الفقرات المترجمة منها فى هذا الكتاب إلى إدراك أهميتها و –بالتالى- إلى ترجمة الكتاب كله من البرتغالية إلى العربية مباشرة.
هذا الكتاب يثير قضية مهمة إلى أقصى حد. إن أصحاب النفوذ فى المغرب العربى –طبقا لرواية المؤلف- قد تعاونوا مع الملك فيرناندو مما أسهم فى التعجيل بسقوط غرناطة، والأمر هنا شديد الوطأة على النفس، ويبقى أن يتسلح مؤرخونا بالوثائق لدحض هذا الرأى أو الاعتراف بصحته وإعادة كتابة تاريخ سقوط غرناطة. (إن صدق ما يرويه المؤلف فسيكون لدى مؤرخينا سبب آخر لكيلا يتحدثوا عن خيانة أبى عبد الله الصغير. يحضرنى هنا أن صديقنا غوثالبيس بوستو كان يرى أن الكتابات التأريخية العربية قد ظلمت آخر ملوك غرناطة ظلما واضحا، فقد حمّلته مسئولية ضياع غرناطة، فى حين أن سقوط المملكة الإسلامية لم يكن سوى محصلة لعقود طويلة من الضعف والتهاون من جانب أسلافه) (5).
يذكر المؤلف -فى الملحق الوثائقى الثالث- أن المؤرخين المغاربة لم يتمكنوا من رصد تاريخ وفاة المنظرى وأنهم –لهذا السبب- حاولوا ملء الفراغات بأحداث بعيدة الاحتمال، وهذا ما أثر على الكتابات التأريخية المتعلقة بالمغرب. والمؤلف يعتمد على مصادر إسبانية وبرتغالية لترتيب الأحداث.
نستطيع أن نقول –بناء على هذا الكتاب (الفصل السابع) - إن الحرب التى أعلنتها فرنسا وفينيسيا ضد إسبانيا هى التى منعت فيرناندو الكاثوليكى من الاستيلاء على مملكة فاس.
إذن فهذا الكتاب مهم لتصحيح بعض الأخطاء الواردة فى الكتب التى تتعرض لتاريخ المغرب، أو يسد فراغات يمكن أن توجد فى هذه الكتب.
يطرح الكتاب الذى نقدم له قضية ينبغى التوقف عندها. هل كان مسلمو الأندلس يقدمون "جنسيتهم الإسبانية" على هويتهم الإسلامية؟ هل كان أبو على المنظرى مؤسس تطوان على استعداد لتسليم المدينة لفيرناندو الكاثوليكى؟ يقول المؤلف إن تسليم المدن والقلاع لم يكن شيئا غريبا على القادة المسلمين فى شبه جزيرة إيبيريا، وبالتالى فهو مستعد لقبول فكرة أن المنظرى كان بصدد تسليم تطوان للملك الإسبانى.
على المؤرخ العربى أن يدلى بدلوه فى هذه القضية، وإن كان هذا لا يمنع من أن نتساءل: إذا كان المنظرى ممن يبيعون أنفسهم بهذا الشكل المخزى، فلماذا هاجر إلى شمال إفريقيا حيث المعيشة الصعبة؟ ألم يكن من الأنسب له أن يعرض خدماته على الملك فيرناندو وينضم إلى حاشيته؟
*******
لعل المشكلة الأولى التى يصادفها من يتصدى لهذا الكتاب الذى نقدم له تتمثل فى قلة المصادر العربية التى كان يمكن أن تحل قضية كتابة أسماء الأعلام، وقد حاولنا التغلب علي المشكلة كما حدث فى كتاب غوثالبيس بوستو الأول، فاجتهدنا قدر الإمكان فى التعرف على الاسم الصحيح لكل شخصية تاريخية بارزة، أما أسماء الأعلام الأقل أهمية فلم يكن التعرف عليها بالأمر اليسير، لكننا اجتهدنا على أية حال، ونحسب أننا وفقنا فى بعض محاولاتنا، بل نحسب أننا فى هذا الكتاب الثانى كنا أوفر حظا من هذه الناحية، فقد رجعنا إلى مصادر لم تكن متاحة عند ترجمة الكتاب الأول، وهكذا تمكنا الآن من كتابة كثير من أسماء الأعلام بشكل صحيح.
الكتاب مفيد بلا شك، ونحسب أنه يمثل إضافة إلى مكتبتنا العربية الخاصة بتاريخ المغرب العربى وبالنتائج التى ترتبت على سقوط غرناطة الإسلامية.
لست فى حاجة إلى إعادة تقديم الدكتور غوثالبيس بوستو إلى القارئ العربى، لكننى أكرر هنا أنه كان يرسل إلىَّ أبحاثه أولا بأول ومعها كلمات طيبة كإهداء، وحدث أن سمعت عن هذا الكتاب الذى نقدم له اليوم، وأدهشنى أنه لم يرسل إلى نسخة كعادته، فكتبت إليه أعاتبه، وحمل إلى البريد نسخة بدون إهداء ففهمت أن الأسرة هى التى أرسلت الكتاب وأن صديقى قد رحل عن عالمنا مأسوفا عليه.
لا يسعنى فى النهاية سوى أن أعبر عن جزيل الشكر والامتنان مرة أخرى لكل من أرملة المؤلف وابنه الدكتور إنريكى غوثالبيس أستاذ التاريخ بجامعة غرناطة على تعاونهما فى إصدار هذا الكتاب
والحمد لله الذى بنعمته تتم الصالحات
جمال عبد الرحمن
القاهرة فى الثانى عشر من رجب عام 1428 هـ(146/116)
أخوتي وجدت في البداية والنهاية الأديم العكاظي فما هو؟
ـ[خالد العازمي]ــــــــ[14 - 06 - 08, 11:58 م]ـ
أخوتي وجدت في البداية والنهاية الأديم العكاظي فما هو؟
ـ[عبدالمصور السني]ــــــــ[15 - 06 - 08, 12:37 ص]ـ
الأديم الجلد. والعكاظي نسبة الى سوق عكاظ.
الدر المنثور ج5/ص57
وأخرج البيهقي في البعث عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات قال يزاد فيها وينقص منها وتذهب آكامها وجبالها وأوديتها وشجرها وما فيها وتمد مد الأديم العكاظي أرض بيضاء مثل الفضة لم يسفك فيها دم ولم يعمل عليها خطيئة والسموات تذهب شمسها وقمرها وننجومها
تفسير القرطبي ج20/ص63
وقال الكلبي إن هذا نزل في رجل من بني جمح كان يقال له أبو الأشدين وكان يأخذ الأديم العكاظي فيجعله تحت قدميه فيقول من أزالني عنه فله كذا فيجذبه عشرة حتى يتمزق ولا تزول قدماه وكان من أعداء النبي صلى الله عليه وسلم وفيه نزل أيحسب أن لن يقدر عليه أحد يعني لقوته
تاج العروس ج20/ص239
ومنه الأديم العكاظي منسوب إليها كما نقله الجوهري وهو ما حمل إلى عكاظ فبيع بها.(146/117)
سؤال محيرني بين الإمام أحمد ويحيى بن معين؟
ـ[عادل المامون]ــــــــ[15 - 06 - 08, 03:50 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد،.
سألني شخص هل الإمام أحمد ترك أو غضب من الإمام يحيى بن معين أيام فتنة الإمام في مسألة خلق القرآن؟ مع علمي شدة تلازمهما معًا؟
ـ[أحمد بن سالم المصري]ــــــــ[15 - 06 - 08, 04:11 ص]ـ
قال الإمامُ الذهبيُّ في "سير أعلام النبلاء" (11/ 87):
[قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَمْرٍو البَرْذَعِيُّ: سَمِعْتُ الحَافِظَ أَبَا زُرْعَةَ الرَّازِيَّ يَقُوْلُ:
كَانَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ لاَ يَرَى الكِتَابَةَ عَنْ أَبِي نَصْرٍ التَّمَّارِ، وَلاَ عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، وَلاَ عَنْ أَحَدٍ مِمَّنْ امْتُحِنَ فَأَجَابَ.
قُلْتُ: هَذَا أَمرٌ ضَيِّقٌ، وَلاَ حَرَجَ عَلَى مَنْ أَجَابَ فِي المِحْنَةِ، بَلْ وَلاَ عَلَى مَنْ أُكرِهَ عَلَى صَرِيحِ الكُفْرِ عَمَلاً بِالآيَةِ - وَهَذَا هُوَ الحَقُّ -.
وَكَانَ يَحْيَى -رَحِمَهُ اللهُ- مِنْ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ، فَخَافَ مِنْ سَطْوَةِ الدَّوْلَةِ، وَأَجَابَ تَقِيَّةً].
ـ[أبو تراب السلفى الاثري]ــــــــ[15 - 06 - 08, 08:14 م]ـ
السلام عليكم
قال الشيخ الحوينى فارق امام اهل السنة امام الجرح والتعديل بسبب ذلك بسب ذلك
وقد اجاب شيخنا احمد سالم المصرى
وقال بعض اهل العلم يلوموننى انى اجبت فى الفتنة ولو ضربت سوط لمت(146/118)
همزة اخنوخ فوق ولا تحت
ـ[أبو مسلم السلفي]ــــــــ[15 - 06 - 08, 07:01 ص]ـ
همزة اخنوخ الذي يذكرون أنهم اسم نبي الله إدريس فوق ولا تحت
ـ[أبو مسلم السلفي]ــــــــ[15 - 06 - 08, 01:25 م]ـ
هل من مجيب
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[15 - 06 - 08, 02:52 م]ـ
في القاموس (خَنوخ أو أخنوخ)
وتجريد الهمزة من الضبط معناه أنها مفتوحة
ـ[أبو مسلم السلفي]ــــــــ[15 - 06 - 08, 07:59 م]ـ
لو تكرمت علينا أخانا الكريم وضبط لنا اسم نبي الله اشعياء
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[06 - 07 - 08, 02:59 م]ـ
إِشَعْيَاءَ: هكذا ضبطها نصارى العرب في كتابهم بكسر الهمزة، وهي كذلك في الإنجليزية ( Isiah)
ـ[أبو مسلم السلفي]ــــــــ[06 - 07 - 08, 05:12 م]ـ
جزاك الله خيرا(146/119)
أعلموني عن حسين مؤنس؟! ..
ـ[أبو طعيمة]ــــــــ[16 - 06 - 08, 11:20 ص]ـ
السلام عليكم ..
أرجو من الأخوة المهتمين بالدراسات التاريخية أن يبينوا لنا منهجية حسين مؤنس في قراءة التاريخ و كتابته حيث إني لمست منه طعنا في الصحابة في بعض كتاباته ..
فهل من مبين لنا منهجيته في كتبه التاريخية؟! ..
وسمعت عن كتاب له تحت عنوان دراسات في السيرة النبوية -لم أجده- و أنه ليس كما ينبغي في سرد الأحداث و تحميلها ما لا تحتمل من تأويلات في حق الصحابة لا سيما أبي بكر و عمر رضي الله عنهما ..
أفيدونا بارك الله فيكم
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[16 - 06 - 08, 01:41 م]ـ
مؤرخ وكاتب أديب من الطراز الأول
ولديه ولاء صادق لأمته العربية الإسلامية
وإن شئت فاقرأ كتابه (الربا وخراب الدنيا)
وهو شديد النقد للناصرية والاشتراكية، ولكن بإنصاف
وقد عرفته في آخر حياته رحمه الله، وأهداني بعض مؤلفاته، وأخذته بالسيارة إلى مكة لأداء العمرة
أما أنه يطعن في الصحابة فلا أعتقد ذلك، إذ هو ينظر إلى ذلك الجيل الذي شيَّد مملكة الإسلام من الصين إلى الأندلس بنظرة الإعجاب والتقدير
وإذا كان القصد الطعن على طريقة الروافض فغير صحيح قطعاً
وعلى أي حال، كفى المرء نبلاً أن تُعَدَّ معايبه
ـ[ابو هبة]ــــــــ[16 - 06 - 08, 02:20 م]ـ
السلام عليكم ..
أرجو من الأخوة المهتمين بالدراسات التاريخية أن يبينوا لنا منهجية حسين مؤنس في قراءة التاريخ و كتابته حيث إني لمست منه طعنا في الصحابة في بعض كتاباته ..
فهل من مبين لنا منهجيته في كتبه التاريخية؟! ..
وسمعت عن كتاب له تحت عنوان دراسات في السيرة النبوية -لم أجده- و أنه ليس كما ينبغي في سرد الأحداث و تحميلها ما لا تحتمل من تأويلات في حق الصحابة لا سيما أبي بكر و عمر رضي الله عنهما ..
أفيدونا بارك الله فيكم
وعليكم السلام ورحمة الله.
قد يحسن إيراد هذه المواضع من كتاباته ليرى الأخوة مافيها.
ـ[أحمد محمد أحمد بخيت]ــــــــ[16 - 06 - 08, 02:20 م]ـ
عفوا أخي خزانة الأدب، فالدكتور حسين مؤنس (غفر الله له) ممن قرأ فقه الإسلام وتاريخه بعيون على عبد الرازق وطه حسين وجماعة الأحرار الدستوريين ولتقف على هذه الحقيقة اقرأ كتابه دستور أمة المسلمين، لتجد أن الإسلام عنده دين لا شأن له بالدنيا والحكم، والفقهاء كل الفقهاء فقهاء سلاطين أحلوا لهم الحرام وحرموا بناء على طلبهم الحلال.
ـ[أبو طعيمة]ــــــــ[16 - 06 - 08, 03:20 م]ـ
في كتابه تاريخ قريش قبل الإسلاو و أثناء و الإسلام و بعد وفاة النبي يريك أن بني أمية دونما استثناء قد دخلوا الإسلام طمعا في الجاه و أنهم امتطوا ظهر الإسلام لأنه لا مفر منه و من ثم أسلموا كارهين كأبي سفيان و معاوية! رضي الله عنهم ..
وفي كتابه عن الأنصار -نسيت اسم الكتاب- يريك أن عمر بن الخطاب قد أقصى الأنصار عن الحكم و ما يتعلق فيه-أي الأمور السياسية- طمعا في حصر الخلافة و أمور الحكم بقريش لا في غيرها ..
و أن ليس في الجيوش التي جيشها أبو بكر و عمر للفتوحات أي قائد أنصاري بل كلهم من المهاجرين أي من قريش لهذه النعرة أو العصبية القبيلة في أبي بكر و عمر لقريش لا للإسلام و إن تغلفت بغلاف الإسلام ..
وهو يرى تضعيف حديث الأئمة من قريش بل يدعي أن علماء الإسلام قد وضعوه تقربا لأهل الحكم من الأمويين وإلا فلا أساس له من الصحة ..
إن شاء الله أرجع لهذين الكتابين و أنقل لكم منهما ما يلمسه القارئ من طعن في الصحابة بل في أفضلهم على الإطلاق أبي بكر و عمر رضي الله عنهما ..(146/120)
ثناء مفتي بيروت -الذي أخفاه المبتدعة- على "القواعد الأربع" للشيخ محمد بن عبد الوهاب
ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[16 - 06 - 08, 08:18 م]ـ
تولَّى الشيخ عبد الباسط بن علي آل فاخوري منصب الإفتاء لولاية بيروت من رجب سنة 1296 (1879م) حتى وفاته عصر يوم الجمعة 2 صفر 1323 (7 نيسان 1905م)،وهو من مواليد سنة 1240 (1824م)، تلقَّى العلم عند والده الشيخ علي فاخوري، ثم انكَبَّ على محَدِّث بيروت الشيخ محمد الحوت (ت 1276) يغترف من علومه في الفقه والحديث والأصول والتفسير وغير ذلك من المعقول والمنقول، وقد ألَّف العديد من المصنَّفات في مختلف الفنون، ومن كتبه:"تحفة الأنام مختصر تاريخ الإسلام" - وقد طُبِعَ في حياته - ابتدأ فيه بمقدمة عن العرب وجاهليتهم وأهل الفترة، ثم قسَّم كتابه إلى أربعة أقسام: (ذكر الخلفاء الراشدين، ذكر الخلفاء الأمويين، ذكر الخلفاء العباسيين، ذكر السلاطين العثمانيين).
وعند ترجمته للسلطان العثماني محمود خان الثاني (ت 1255) ترجم الشيخُ عبد الباسط للشيخ محمد بن عبد الوهاب وذكر بداية دعوته، ثم ساق رسالته "القواعد الأربع" كلها، ثم قال: " وهذه الرسالة والقواعد التي أسَّسها ذلك الشيخ لا شبهة فيها، لأن هذا هو الدين الذي جاء به النبي والأنبياء من قبله صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين ". لكن انتقد الشيخَ محمد وأتباعه أنّهم فرَّطوا وقصَّروا عند تطبيقهم لهذه القواعد وحاربوا المسلمين.
وانتقد أيضاً غلوّ العوام في الأولياء فقال: "وكما أنّ أكثر العوام من جهلة الإسلام قد تغالوا وأفرطوا وابتدعوا بدعاً تخالف المشروع من الدين القويم، فصاروا يعتمدون على الأولياء الأحياء منهم والأموات معتقدين أنّ لهم التصرف وبأيديهم النفع والضر، ويخاطبونهم بخطاب الربوبية، وهذا غلوّ في الدين القويم وخروج عن الصراط المستقيم".
وقد قامت دار الجنان في بيروت - منذ أكثر من عشر سنوات - بطباعة كتاب "تحفة الأنام"، وأشرف على تحقيق الكتاب رجل ينتمي إلى فرقة الأحباش المبتدعة، وقام هذا المحقق عمداً بحذف الصفحات الست التي تكلم فيها المفتي الفاخوري على الشيخ محمد بن عبد الوهاب ودعوته وأورد فيها رسالته "القواعد الأربع"، ووضع مكان الحذف نقطاً وقال في الحاشية:"يوجد سقط في النسخة إن شاء الله سنستدركها في الطبعة الثانية"!!! وتولى فضح هذه الجريمة الشيخ عبد الرحمن دمشقية في كتابه "موسوعة أهل السنة" (2/ 1191 - 1195)، وأرفق في كتابه صورة التحريف الواقع في نسخة دار الجنان.
ونظراً لأهمية الكتاب، وتغطيته لتاريخ الإسلام على مدى ثلاثة عشر قرناً رغم صِغَر حجمه، وعدم وجوده مطبوعاً إلا طبعة دار الجنان المحرّفة، فقد قُمتُ - بعد حصولي على نسخة كاملة من الكتاب طُبِعَت بعد وفاة المؤلف رحمه الله ببضع سنين - بالتعليق على الكتاب وإضافة ملاحق مهمة إليه، وطبعته في المكتبة العصرية في بيروت سنة 1424، وتقع الصفحات - التي أُسقِطت - في طبعتي من صفحة (168 - 173).
وسبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.
ـ[أبو معطي]ــــــــ[28 - 06 - 08, 10:46 م]ـ
بارك الله فيك أخي الفاضل على جهدك الطيّب
وجزاك الله خيراً ورفع قدرك، هل الكتاب موجود في السعودية سلمك الله؟
ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[30 - 06 - 08, 07:11 ص]ـ
أثناء اعتماري السنة الماضية، رأيته في مكتبة الرشد في مكة.
ـ[أبو معطي]ــــــــ[30 - 06 - 08, 02:51 م]ـ
أثناء اعتماري السنة الماضية، رأيته في مكتبة الرشد في مكة.
بارك الله فيك وجزاك خيراً
ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[01 - 03 - 10, 08:30 م]ـ
وفيكم بارك الله.
ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[05 - 03 - 10, 05:46 م]ـ
الحمد لله الذي بنعمته تتمّ الصالحات،
تيسّر لي تصوير صفحات طبعة دار الجنان (بصيغة بي دي أف) التي حذف منها الأحباش ثناء مفتي بيروت رحمه الله على عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب.
وصوّرت أيضاًَ طبعة المكتبة العصرية التي تحتوي على المقطع المحذوف.
انظروا المرفقات:
ـ[محمد وحيد]ــــــــ[05 - 03 - 10, 10:18 م]ـ
أخي الكريم وجدت طبعة في زمن المؤلف ليس فيها حذف [ص 263 - 269]
اذن هناك طبعات غير طبعةدار الجنان
http://www.4shared.com/get/202973942/6fa5242e/_____.html;jsessionid=CD5AAAEF1C1BA002F588C062CE56 AA39.dc209
ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[08 - 03 - 10, 06:42 م]ـ
جزاك الله خيراً يا محمد،
وأفيد الإخوة أنني تصفّحت طبعة دار الجنان اليوم كلها،
فألفيتُ محقّقها وضع نقطاً صفحة (ص 187) - قبل ذِكر حكم السلطان إبراهيم خان الأول - وقال في الحاشية:
يوجد بالنسخة سقط إن شاء الله سنستدركها بالطبعة الثانية.
وعند مراجعتي لتحقيقي (طبعة المكتبة العصرية) لم أجد أي سقطٍ فيها!!
فيبدو أن المحقق كتب هذه الحاشية ليضلّل القارئ ولا يستغرب فيتساءل: لماذا سقطت فقط الصفحات التي تتكلم على الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله،
والله المستعان!!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/121)
ـ[أبو ابراهيم العاصمي]ــــــــ[15 - 03 - 10, 09:58 ص]ـ
بارك الله فيك
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[15 - 03 - 10, 12:08 م]ـ
أخي الكريم وجدت طبعة في زمن المؤلف ليس فيها حذف [ص 263 - 269]
اذن هناك طبعات غير طبعة دار الجنان
هذا ما قاله الأخ أبو معاوية!
وقد طُبِعَ في حياته
ـ[محمد وحيد]ــــــــ[15 - 03 - 10, 02:20 م]ـ
هذا ما قاله الأخ أبو معاوية!
وقال أيضا
وعدم وجوده مطبوعاً إلا طبعة دار الجنان المحرّفة
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[15 - 03 - 10, 03:56 م]ـ
يعني في السوق!
ـ[محمد وحيد]ــــــــ[15 - 03 - 10, 05:06 م]ـ
يا صاحب الأدب المحترم
قد يفهم من كلامه غير ذلك
قوله وعدم وجوده مطبوعاً تحتمل عدم وجوده مطلقا أي انه مفقود
وتحتمل ما ذكرتَ
وتحتمل أن ذلك مبلغ علمه
فهذه ثلاثه
وكونه وجد في الشبكة فيحتمل أنه يوجد ولكن لم يعلم به الاخ لندرته
فمن اين لك القطع
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[15 - 03 - 10, 06:58 م]ـ
مشكور على الرابط
ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[19 - 03 - 10, 10:53 ص]ـ
بارك الله فيكم،
لكن ...
ما هي الدار التي طبعت " تحفة الأنام " غير دار الجنان الحبشية والمكتبة العصرية / طبعتي؟
هل من مفيد؟
ـ[أبو البركات]ــــــــ[13 - 04 - 10, 05:28 م]ـ
هل القواعد الأربع التي ذكرها مفتي لبنان هي نفسها القواعد الأربع التي ذكرها الشيخ محمد بن عبدالوهاب
لأني لاحظت زيادات عند نقل مفتي لبنان اكثر مماهو عليه الكتاب مطبوع والذي فيه ذكر القواعد الأربع لمحمد بن عبدالوهاب؟
ـ[أسلم اليعربي]ــــــــ[14 - 04 - 10, 06:58 ص]ـ
لا غرو أن ترى مثل هذه الخيانات العلمية لدى من هم دون الأحباش من المبتدعة فكيف بهؤلاء الغلاة
وجزى الله الاخ خيرا
ـ[ابا إسماعيل الالماني]ــــــــ[16 - 04 - 10, 08:54 ص]ـ
بارك الله فيك
جزاك الله خيرا
ـ[ابوخالد الحنبلى]ــــــــ[11 - 06 - 10, 01:15 ص]ـ
انتظروا ردى بعد التحميل لرابط الاخ محمد وحيد
ـ[ابوخالد الحنبلى]ــــــــ[11 - 06 - 10, 01:30 ص]ـ
شكرا لمعاوية البيروتى
نعم انا معك ان المحقق قد يكون غير امين بناء على كلامك وهذه النسخة التى حملتها من رابط محمد وحيد وما ذكرته يؤكد صحة كلامك
ولكنى اختلف معك اخى فقد يكون هناك سقط فى المخطوطة عنده
بانتظار افادتك
ـ[ابوخالد الحنبلى]ــــــــ[11 - 06 - 10, 01:59 ص]ـ
ويبدو ان المؤلف نفسه لم يفهم كلام الشيخ واتى بكلام متناقض فقال فى ص263
ان هذه الرسالة والقواعد لا شبهة فيها لان هذا هو الدين هو الذى جاء به النبى والانبياء من قبله ولكن الشيخ لم يحقق ولم يتحقق
نقول هذا سجع الكهان
وتكلم على الحب فى الله مما يشعرنا ان المؤلف مما وقع فى هذه البدع والخرافات
ولم يفهم كلام الشيخ محمد او لا يعرف الفرق بين تكفير المعين وتكفير الفئة(146/122)
رجل لم تبكه عين و لا خط تاريخه قلم (وثيقة نادرة من محاكم التفتيش الإسبانية)
ـ[هشام زليم]ــــــــ[17 - 06 - 08, 01:36 ص]ـ
بسم الله الرحمان الرحيم. و صلى الله و سلم على نبينا محمد صلى الله عليه و سلم.
فهذه و ثيقة نادرة من محاضر محاكم التفتيش الإسبانية الصليبية عرضها الدكتور الطاهر أحمد مكي بمجلة الدوحة عدد أبريل-نيسان 1981. وقد نقلتها من "الموسوعة العامة لتاريخ المغرب و الأندلس" ج3. ص227 - 230 للأستاذ نجيب زبيب. لكن للأسف لم يذكر صاحب الموسوعة المصدر الذي اقتبس منه الدكتور مكي الوثيقة.
تبين هذه الوثيقة أنه بعد 114 سنة على سقوط غرناطة أخر معقل للمسلمين بإسبانيا حافظ المسلمون على دينهم سرا رغم جور و ظلم محاكم التفتيش الخبيثة التي طبقت فيهم كل ما ابتكره الإنسان من وسائل التعذيب لثنيهم عن اعتقادهم.
كما تبرز أن المورسكيين (المسلمون المتنصرون ظاهرا و المسلمون باطنا) كانوا يقومون بالدعوة للإسلام و يبشرون به غير المسلمين. فكانت هذه طامة كبرى للكنيسة التي أصبحت تقدم لمحاكم التفتيش المسلمين لا بتهمة أغفاء الإسلام وراء إعتناقهم للكاثوليكية فقط و إنما بتهمة التبشير به سرا بين الأخرين حولهم.
و هذه فرصة لذكر بعض سيرة هؤلاء المسلمين الذين أهملهم التاريخ الإسلامي و شوههم التاريخ الإسباني.
"اعتراف تم أمام محكمة بلنسية من قبل خوان بيبي مسيحي قديم فرنسي المواطنة و فيه يصرح بإفاضة كيف أن سيده (بيثنتي) مورسكي من بلنسية أقنعه باعتناق الإسلام. و دفعه إلى أداء الفرائض الإسلامية في جلسة لمحكمة التفتيش المقدسة في 22 أغسطس من سنة 1605 برئاسة فيديريكي مورنتي أحضر بناء على طلبه رجل من السجن السري و أقسم بأنه يقول الحقيقة عن التهمة الموجهة إليه في هذه الجلسة و كذلك في الجلسات التالية حتى تنتهي المحكمة من الإتهام الموجه إليه. و أن يحتفظ بالأمر سرا.
قال: إن اسمه خوان بيبي راعي غنم و يعيش في "سوت" في بيت (ميلون دي قمرة) مسيحي جديد و أنه أصلا من مدينة روان من مملكة فرنسة و لا يعرف كم من الأعوام و لكنه فيما يظن يجب أن يكون قد بلغ 25 عاما غير أن مظهره يوحي بأنه قد تجاوز الثلاثين و ألقي القبض عليه في منسنيرة في الجبل الأبيض حبث يرعى أغنام سيده ووضعوه أمس في السجن السري لمحكمة التفتيش المقدسة و صرح بنسبه و أنه من طبقة وجيل مسيحي قديم و جنسيته فرنسي من مدينة روان.
و قد صدر الأمر بالقبض على هذا الشاهد كمتهم لأنه كان يأتي بأعمال كالمسلمين. و عندما ذكر الأمر أمامه لأول مرة اعترف بالأتي عن هذا الإتهام: قال أنه سوف يقول الحقيقة لأنه يود أن ينقذ نفسه و أنه عصى الله سيدنا و يطلب الرحمة و أنه شديد الندم و لن يعود إلى العيش مرة أخرى بين المورسكيين. و الحقيقة أنه يقيم في مدينة شقر كما قال مع بيثنتي هذا و هو مسيحي جديد و لأنه ظل وقتا طويلا معه امتد إلى سوت سنوات. و رغم أنه كان يلتقي مع مسيحيين جدد لأخرين كان يعيش دائما و يبيت في دار بيثنتي. و بما أن هذا كان مسلما و يعيش حياة إسلامية فقد أقنعه بأن يصبح مسلما و أن يعيش حياة المسلمين لأنه إن صنع هذا فسوف ينجو و يقول أنه قاوم و لكنه أخيرا كشخص بسيط اعتقد أن من الأفضل له أن يصبح مسلما و أنه يستطيع أن ينجو في دين المسلمين. و هكذا فإنه قبل عيد الميلاد الماضي بثمانية أشهر على التقريب قرر أن يعتنق الإسلام ووعد بثنتي بأن يصبح مسلما. و علٌمه هذا كيف يغتسل و يتوضأ أمامه من إحدى عيون سوت و استجاب له خوان. فغسل قدميه و يديه و رأسه و الأعضاء المخجلة و لكنه لم يقل أية كلمة لأنه لا يعرف و لا يفهم العربية وو بعد ذلك أحضربيثنتي حصيرة إلى العين مخبأة تحت عباءته و جلس في وسطها و قبلها أولا , و بعد ذلك قبلها خوان ثلاث مرات لأن بيثنتي علمه هذا. ثم اتجه إلى حيث تشرق الشمس ثم خفض و رفغ رأسه ثلاث مرات و قال بيثنتي بعض الصلوات باللغة العربية التي يفهمها خوان. و بعد أن انتهت الصلاة ذهب ليرعى الغنم. و في اليوم التالي من طلوع الشمس توضأ و صلى. بنفس الطريقة و كان بيثنتي نفسه المشار إليه حاضرا وقال بالعربية أشياء من التي تخص المسلمين وبدأ يقوم و يقعد و خوان يفعل مثله.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/123)
و في اليوم الثالث أيضا في الوقت نفسه من طلوع الشمس توضأ و صلى عند نفس العين و على نفس الصورة و بيثنتي يعلمه ما يجب عليه أن يفعله و هو يصلي بالعربية كما قلنا. و بعد أن قام خوان بالوضوء و الصلاة ثلاث مرات لاحظ أنه ارتكب معصية كبيرة و تألم مما فعل و عرض على بيثنتي ألا يصنع هذا أزيد مما صنع لأنه مسيحي طيب و أن يعمل مع سيده لكي يقبض ما يجب و يذهب إلى روما و يعترف بخطيئته و لكنهم لا يدفعون له. ثم توقف عن الإعتراف.
و سئل عما إذا كان تمة أشياء أخرى أو طقوس إسلامية قام بها و أن عليه أن يعترف كاملا دون أن يخفي أي شيئ أي شيئ لكل يبرئ ضميره و لصالحه من الأوفق له كثيراأن يعترف و أن يقول كل شيئ كاملا و بالتفصيل دون أن يترك شيئا و لا تغضب نفسك و لا شاهدا أخر مزيفا و بهذه الطريقة يمكن أن نستخدم معك الرحمة على نحو أفضل.
قال: إنه يرغب في أن يبرئ ضميره تماما و أنه سوف يفكر و سيقول كل ما يتذكر و لقد قلت له أن يفكر جيدا هذه الليلة لأن من اللأوفق له كثيرا أن يعترف بالحقيقة كاملة.
و سئل: عندما وعد بأن يصير مسلماو توضأ و صلى ثلاث مرات على نحو ما اعترف, هل كان يعرف أنه الدين الإسلامي و أن الوضوء و الصلوات التي قام بها ضد العقيدة الكاثوليكية المقدسة و عما إذا اعتقد أن دين المسلمين هذا يجعل منه رجلا طيبا و كافيا لينقد روحه معه و أن يذهب إلى السماء. فاعترف بأنه كان يعرف جيدا أن دين المسلمين هذا. و أن الوضوء و الصلاة ضد قانون المسيح سيدنا. و لكن بما أن بيثنتي ظل يقنعه لمدة طويلة بأن يصبح مسلما, و أنه الدين الإسلامي سوف ينقذ روحه و يصعد إلى السماء. و بما أن خوان بسيط اعتقد أن دين المسلمين كاف لإنقاذه, وهكذا وعد بيثنتي بأن يعتنق الإسلام و قام كمسلم بالوضوء و الصلاة ثلاث مرات على نحو ما ذكر, وغايته أن ينقذ روحه بهذه الصلوات. وبعد أن أداها عاد إلى نفسه و تألم كثيرا مما فعل و فكر في أن يعود مسيحيا و أن يذهب إلى روما, وأن يعيش و يموت على العقيدة الكاثوليكية المقدسة.
وقد هددته بعظمة الله سيدنا بأن يفكر جيدا في موضوعه و أن يقول الحقيقة كاملة لينقذ روحه, ثم أمرت بأن يعود إلى سجنه السري"
رئيس محكمة التفتيش
فيدريكي كورنت
السكرتير: الأب خوان بيدال (توقيع)
من بيثنتي هذا؟ ... إنه واحد من ألوف المسلمين الطيبين في إسبانيا توزعتهم السجون و أكلتهم الطرق, أو كانوا طعاما شهيا للنيران, ذهبوا و لم تبكهم عين ولا خط تاريخهم قلم."
فنسأل الله أن يكون أخونا بيثنتي قد ثبت على الإسلام و أن يرحمه رحمة واسعة.
ـ[صقر بن حسن]ــــــــ[17 - 06 - 08, 02:14 ص]ـ
أخي الكريم جزاك الله خيرا على هذا النقل.
ونسأل الله تعالى أن ينصر الإسلام والمسلمين ويوحد صفوفهم، فكم من محاكم تفتيش في هذا العصر فيها من الظلم والعدوان مثل تلك المحاكم إن لم تكن أعظم.
ـ[جمال عبد الرحمن]ــــــــ[17 - 06 - 08, 07:28 م]ـ
الوثيقة التى أوردها أستاذنا الدكتور الطاهر مكى مستخرجة من الأرشيف التاريخى الوطنى Miv. Ahn
وقد نشرها بدرو لونغاس فى كتابه "حياة الموريسكيين الدينية" الذى ترجمته إلى العربية، ونشر فى تونس عام 1993.
ـ[هشام زليم]ــــــــ[19 - 06 - 08, 02:33 ص]ـ
جزى الله خيرا الدكتور جمال عبد الرحمان
ـ[هشام زليم]ــــــــ[19 - 06 - 08, 03:17 ص]ـ
-------
ـ[أبو أروى]ــــــــ[25 - 06 - 08, 12:22 ص]ـ
إلى الأخ أبي تاشفين
بارك الله فيك وفي جهودك وأود ان أسألك سؤالا: رأيت قد نقلت من كتاب انبعاث الإسلام للكتاني ربما في موقع آخر غير هذا وربما موقع الأندلس فهل هذا الكتاب ممتوفر على شكل pdf أم لا؟(146/124)
ياكرام من يدلني على هذه الرسالة؟ لأحد العلماء أظنه في الأندلس
ـ[ليث الحجري]ــــــــ[17 - 06 - 08, 03:10 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
قرأت قديما رسالة لأحد العلماء أظنه في الأندلس كتب رسالة وقد كانوا في حالة ضعف شديد ينصحهم بعدم اظهار الشعائر الظاهره والتخفيف من بعض العبادات وذكر لهم سماحة الإسلام و هكذا.
فمن يدلني عليها ومواطنها؟
ـ[جمال عبد الرحمن]ــــــــ[17 - 06 - 08, 08:05 م]ـ
السلام عليكم أخى الكريم
ربما تكون رسالة مفتى وهران التى أرسلها إلى مسلمى الأندلس بعد سقوط دولة الإسلام فى غرناطة، والرسالة منشورة فى عدة مصادر، منها كتاب"دولة الإسلام فى الأندلس" لمحمد عبد الله عنان، وكتاب"الموريسكيون الأندلسيون" الذى ترجمته عن الإسبانية ونشر فى القاهرة (المجلس الأعلى للثقافة)
ـ[ليث الحجري]ــــــــ[18 - 06 - 08, 04:19 ص]ـ
جزاك الله خير
هل تحتفظ بنصها فترقمه هنا؟
هل اتت في غير هذه الكتب من المصادر؟
ـ[جمال عبد الرحمن]ــــــــ[19 - 06 - 08, 01:36 ص]ـ
النص التالى ورد فى كتاب "الموريسكيون الأندلسيون" الذى ترجمناه عن الإسبانية وأشرنا إليه، وقد نقلته عن كتاب الدتور محمد عبد الله عنان" دولة الإسلام فى الأندلس". أما كتاب بدرو لونغاس "حياة الموريسكيين الدينية" الذى ترجمناه ونشر فى تونس، فهو يتضمن وثيقة أخرى قريبة الشبه بوثيقة مفتى وهران، ولما لم نعثر على النص الأصلى لها ترجمنا عن الإسبانية.
إجابة مفتى وهران على أسئلة وردت إليه من الأندلس فى 3 مايوعام 1563
" الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً. إخواننا القابضين على دينهم كالقابض على الجمر، ممن أجزل الله ثوابهم، فيما لقوا فى ذاته، وصبروا النفوس والأولاد فى مرضاته، الغرباء القرباء إن شاء الله، من مجاورة نبيه فى الفردوس الأعلى من جناته، وارثو سبيل السلف الصالح فى تحمل المشاق، وإن بلغت النفوس إلى التراق، نسأل الله أن يلطف بنا، وأن يعيننا وإياكم على مراعاة حقه، بحسن إيمان وصدق، وأن يجعل لنا ولكم من الأمور فرجاً، ومن كل ضيق مخرجا"
" بعد السلام عليكم، من كاتبه إليكم، من عبيد الله أصغر عبيده، وأحوجهم إلى عفوه ومزيده، عبيد الله تعالى أحمد بن بوجمعة المغراوى ثم الوهرانى.
كان الله للجميع بلطفه وستره، سائلاً من إخلاصكم وغربتكم حسن الدعاء، بحسن الخاتمة والنجاة من أهوال هذه الدار، والحشر مع الذين أنعم الله عليهم من الأبرار، ومؤكداً عليكم فى ملازمة دين الإسلام آمرين به من بلغ من أولادكم. إن لم تخافوا دخول شر عليكم من إعلام عدوكم بطويتكم، فطوبى للغرباء الذين يصلحون إذا فسد الناس، وإن ذاكر الله بين الغافلين كالحى بين الموتى، فاعلموا أن الأصنام خشب منجور، وحجر جلمود لا يضر ولا ينفع، وأن المُلك مُلك الله ما اتخذ من ولد، وما كان معه من إله. فاعبدوه واصطبروا لعبادته، فالصلاة ولو بالإيماء، والزكاة ولو كأنها هدية لفقيركم أورياء، لأن الله لا ينظر إلى صوركم ولكن إلى قلوبكم، والغُسل من الجنابة، ولو عوماً فى البحور، وإن مُنعتم فالصلاة قضاء بالليل لحق النهار، وتسقط فى الحكم طهارة الماء، وعليكم بالتيمم ولو مسحاً بالأيدى للحيطان، فإن لم يمكن فالمشهور سقوط الصلاة وقضاؤها لعدم الماء والصعيد، إلا أن يمكنكم الإشارة إليه بالأيدى والوجه إلى تراب طاهر أو حجر أو شجر مما يتيمم به، فاقصدوا بالإيماء، نقله ابن ناجى فى شرح الرسالة لقوله عليه السلام: فأتوا منه ما استطعتم".
" وإن أكرهوكم فى وقت صلاة إلى السجود للأصنام أو حضور صلاتهم فأحرموا بالنية، وانووا صلاتكم المشروعة، وأشيروا إلى ما يشيرون إليه من صنم، ومقصودكم الله، وإن كان لغير القبلة تسقط فى حقكم كصلاة الخوف عند الالتحام، وإن أجبروكم على شرب خمر، فاشربوه لا بنية استعماله، وإن كلفوا عليكم خنزيراً فكلوه ناكرين إياه بقلوبكم، ومعتقدين تحريمه، وكذا إن أكرهوكم على محرم، وإن زوجوكم بناتهم، فجائز لكونهم أهل الكتاب، وإن أكرهوكم على إنكاح بناتكم منهم، فاعتقدوا تحريمه لولا الإكراه، وإنكم ناكرون لذلك بقلوبكم، ولو وجدتم قوة لغيرتموه".
" وكذا إن أكرهوكم على ربا أو حرام فافعلوا منكرين بقلوبكم، ثم ليس عليكم إلا رءوس أموالكم، وتتصدقون بالباقى، إن تبتم لله تعالى. وإن أكرهوكم على كلمة الكفر، فإن أمكنكم التورية والإلغاز فافعلوا، وإلا فكونوا مطمئنى القلوب بالإيمان إن نطقتم بها ناكرين لذلك، وإن قالوا اشتموا محمداً فإنهم يقولون له مُمَد، فاشتموا مُمَداً، ناوين أنه الشيطان، أو ممد اليهود فكثير بهم اسمه. وإن قالوا عيسى ابن الله، فقولوها إن أكرهوكم، وانووا إسقاط مضاف أى عبد اللاه مريم معبود بحق، وإن قالوا قولوا المسيح ابن الله، فقولوها إكراها، وانووا بالإضافة للملك كبيت الله لا يلزم أن يسكنه أو يحل به، وإن قالوا قولوا مريم زوجة له، فانووا بالضمير ابن عمها الذى تزوجها فى بنى إسرائيل ثم فارقها قبل البناء. قاله السهيلى فى تفسير المُبهم من الرجال فى القرآن. أو زوجها الله منه بقضائه وقدره. وإن قالوا عيسى قد توفى بالصلب، فانووا من التوفية والكمال والتشريف من هذه، وإماتته وصلبه وإنشاد ذكره، وإظهار الثناء عليه بين الناس، وأنه استوفاه الله برفعه إلى العلو، وما يعسر عليكم فابعثوا فيه إلينا نرشدكم إن شاء الله على حسب ما تكتبون به، وأنا أسأل الله أن يُديل الكرة للإسلام حتى تعبدوا الله ظاهراً بحول الله، من غير محنة ولا وجلة، بل بصدمة الترك الكرام. ونحن نشهد لكم بين يدى الله أنكم صدقتم الله ورضيتم به، ولابد من جوابكم. والسلام عليكم جميعاً. بتاريخ غرة رجب عام عشرة وتسع مائة عرف الله خيره".
" يصل إلى الغرباء إن شاء الله تعالى"(146/125)
إشكال في كتاب حملة رسالة الإسلام الأولون لمحب الدين الخطيب
ـ[محمد عمارة]ــــــــ[18 - 06 - 08, 05:08 م]ـ
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله
أما بعد
فقد قرأت كتاب الشيخ محب الدين الخطيب و أعجبني جدا
لكن حدث لي إشكال في الكتاب و هو قوله
(إن هذا الشيطان هو عبد الله بن سبأ من يهود صنعاء و كان يسمى ابن السوداء و كان يبث دعوته بخبث و تدرج و دهاء و استجاب له ناس من مختلف الطبقات فاتخذ من بعضهم دعاة ..................... - إلى أن قال - أما المدينة فلم يندفع في هذا الأمر من أهلها إلا ثلاثة نفر و هم محمد بن أبي بكر و محمد ابن أبي حذيفة بن عتبة ابن ربيعة بن عبد شمس و عمار بن ياسر)
فقلت لعله خطأ في فهمي و قلت لعله تصحيف
ثم قلت لعل الأخوة يعلمون في هذا ما لا أعلم
فهل من حل لهذا الإشكال بارك الله فيكم
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
ـ[محمد عمارة]ــــــــ[26 - 06 - 08, 01:45 ص]ـ
للرفع
ـ[صلاح الدين الشريف]ــــــــ[26 - 06 - 08, 02:42 ص]ـ
الأخ محمد عمارة أنا أتابع معك
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=140746
راجع المشاركة 48
في هذا الرابط:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=85626
وهو أحد التساؤلات العديدة التي لم أطرحها بعد وفيه إتهام لعمار رضي الله عنه!!.
ـ[محمد عمارة]ــــــــ[01 - 07 - 08, 08:13 م]ـ
سبحان الله
ألم تصل لتفسير لهذه النقطة
و هل نفس الاتهام موجود بكتاب العواصم من القواصم؟
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[03 - 07 - 08, 03:39 م]ـ
لا يوجد تصحيف
ولكن لعلك أخطأت الفهم بسبب اختصارك للنص بقولك (إلى أن قال)
فمراد الخطيب أن الثلاثة اندفعوا في أمر الثورة على عثمان (وهذه حقيقة تاريخية)، وأن ابن سبأ كان يحرِّض على عثمان (وهذه أيضاً حقيقة تاريخية)، ولا يلزم من ذلك أن الثلاثة كانوا أتباعاً لابن سبأ ولم يقل الخطيب ذلك.
واعلم أن الرافضة صاروا يلبِّسون على الناس بقولهم: كيف ينخدع فلان وفلان بهذا اليهودي؟!(146/126)
عندما ألقى التتار الحاقدين كتب العلم في نهر دجلة ببغداد سنة 656
ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[19 - 06 - 08, 09:30 ص]ـ
"وخربت بغداد الخراب العظيم،
وأُحرِقت كتب العلم التي كانت بها من سائر العلوم والفنون التي ما كانت في الدنيا؛
قيل: إنّهم بنوا بها جسراً من الطين والماء عوضاً عن الآجُر،
وقيل غير ذلك".
(ابن تغري بردي، النجوم الزاهرة 7/ 84)
"وأُلقيت كتب العلم التي كانت بخزائنهم جميعاً في دجلة،
وكانت شيئاً لا يعبّر عنه،
مقابلة في زعمهم بما فعله المسلمون الأوائل في كتب الفرس وعلومهم".
(ابن خلدون، العِبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر 7/ 48)
"يُقال أنّ أعظم خزائن الكتب في الإسلام ثلاث خزائن،
إحداها خزانة الخلفاء العباسيين ببغداد،
كان فيها من الكتب ما لا يُحصى كثرة ولا يقوم عليها نفاسة،
ولم تزل على ذلك إلى أن دهمت التتار بغداد،
وقتل ملكهم هولاكو المستعصم آخر خلفائهم ببغداد،
فذهبت خزانة الكتب فيما ذهب،
وذهبت معالمها وأعفيت آثارها".
(القلقشندي، صبح الأعشى في صناعة الإنشا 1/ 466)
"لمّا استولى التتار على بغداد،
وكان الطوسي منجّماً لهولاكو،
استولى على كتب الناس الوقف والملك،
فكان كتب الإسلام مثل التفسير والحديث والفقه والرقائق يعدمها،
وأخذ كتب الطب والنجوم والفلسفة والعربية،
فهذه عنده هي الكتب المعظمة".
(ابن تيمية، مجموع الفتاوى 13/ 111/ط. دار الوفاء)
فإنّا لله وإنّا إليه راجعون! كم ضاع من تراث الإسلام ببغداد - بل بالمشرق الإسلامي - بأيدي هؤلاء المجرمين الحاقدين! اللهم أَجِرنا في مصيبتنا واخلف لنا خيراً منها.
نقلتُ هذه النصوص من كتابي "تأريخ المحدّثين لمدن المشرق والشام حتى اجتياح التتار لها بالقرن السابع الهجري" (ص 29 - 30)، وبينما كنتُ أطالع أمس كتاب "الوسيط في رسالة المسجد العسكرية" للواء محمود شيت خطاب رحمه الله (ت 1998م)، وجدته أورد فائدة مهمة تتعلق بهذا الموضوع، قال (ص 323): " هناك دليل مادي يثبت جريمة هولاكو ... وهو كتاب في المكتبة القادرية الموجودة في جامع الشيخ عبد القادر الكيلاني في بغداد، استطاع أحد المسلمين في أيام احتلال بغداد انتشاله من نهر دجلة، وسجّل عليه في أول صفحة من صفحاته أنه انتشله من نهر دجلة من بين الكتب التي قذفها هولاكو وقومه فيه، ويستطيع كل قارئ أن يطّلع على هذا الكتاب، وعلى ما هو مسجّل فيه، وعلى أثر البلل الذي لحق بالكتاب فأربك الحبر في بعض صفحاته.
فإذا استطاع هولاكو والتتار تدمير مثل هذه الكمية الهائلة من الكتب في بغداد وحدها، فكم استطاعوا أن يدمروا من الكتب في البلاد العربية والإسلامية الأخرى!! " انتهى.
ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[19 - 06 - 08, 03:45 م]ـ
أعتذر للّحن الذي وقع سهواً في العنوان، وصوابه:
عندما ألقى التتار الحاقدون كتب العلم في نهر دجلة ببغداد سنة 656.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[20 - 06 - 08, 05:14 م]ـ
"وأُلقيت كتب العلم التي كانت بخزائنهم جميعاً في دجلة،
وكانت شيئاً لا يعبّر عنه،
مقابلة في زعمهم بما فعله المسلمون الأوائل في كتب الفرس وعلومهم".
(ابن خلدون، العِبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر 7/ 48)
الشعوبي ابن خلدون يدندن كثيرا على هذه المقولة وهي لم تصح، فالتتار لم يكن في بالهم قط الانتقام للفرس وربما الذي نال الفرس منهم أكثر مما نال العرب، واسطورة إحراق كتب الفرس كذلك لم تصح. فلم يتلف المسلمون الأوائل لا كتب الفرس ولا غيرهم.
ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[09 - 11 - 08, 08:07 ص]ـ
قال كوركيس عوّاد في كتابه " خزائن الكتب القديمة في العراق ":
ذكر بعض المؤرّخين " أن المغول رموا كتب مدارس بغداد في بحر الفرات (1)، فكانت لكثرتها جسراً يمرّون عليها ركاباً ومشاةً، وتغيّر لون الماء بمداد الكتابة إلى السواد " (2).
----------------------------------
(1) يريد نهر دجلة.
(2) " الإعلام بأعلام بيت الله الحرام " لقطب الدين النهرواني (ص 181 - 182 / طبعة وستنفلد)، ولا يخلو الخبر المنقول من المبالغة.
انتهى النقل.
ـ[د. محمد العطار]ــــــــ[09 - 09 - 09, 10:29 م]ـ
واسطورة إحراق كتب الفرس كذلك لم تصح. فلم يتلف المسلمون الأوائل لا كتب الفرس ولا غيرهم.
حبذا الادلة ...
ولا سيما في قبال (سند) تاريخي مثل كتاب ابن خلدون
ـ[خالد السهلي]ــــــــ[09 - 09 - 09, 10:47 م]ـ
ابن خلدون شعوبي؟!!!
كنت سمعت أنه قاضي مسلم والذي اعرفه عنالشعوبيين أنهم زنادقة يكرهون العرب ودخلوافي الإسلام نفاقا
ـ[د. محمد العطار]ــــــــ[10 - 09 - 09, 01:10 ص]ـ
يذكر ابن خلدون ما يشين العرب الـ (بدو) ...
ومع ان ما اطلعت عليه من معظم كلامه في هذا المجال علمي، الا انه لا يحلو للبعض ...
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/127)
ـ[محمد ابن عمر المصرى]ــــــــ[10 - 09 - 09, 01:33 ص]ـ
ولكن ما الدليل على ان ما فعله التتار كان سببا فى فقدان الكثير من تراث المسلمين
و كان السبب فى قولنا عن بعض الكتب (مفقود)
فهل لم يكن هناك نسخا لهذا الكتاب الا التى فى بغداد؟؟
ـ[جابر بن محمد العرجاني]ــــــــ[28 - 09 - 09, 03:23 م]ـ
ولكن ما الدليل على ان ما فعله التتار كان سببا فى فقدان الكثير من تراث المسلمين
و كان السبب فى قولنا عن بعض الكتب (مفقود)
فهل لم يكن هناك نسخا لهذا الكتاب الا التى فى بغداد؟؟
احتمال كبير مع كثره المكاتب في كل بيت ومسجد وكثر النساخين والوراقين مع العلم كانت هنالك مكتبه الاندلس العريقه
(ومن المعروف أن أبا الفرج أرسل نسخة من كتاب «الأغاني» إلى الحكَم المستنصر فأجازه عليها.
ويقول المقري
وطار الكتاب إلى الأندلس قبل أن تتلقفه أيدي الوراقين ببغداد؛ ذلك أن الحكم المستنصر (366هـ) لولعه باقتناء الكتب «بعث في كتاب الأغاني إلى مصنفه أبي الفرج، وكان نسبُه في بني أمية، وأرسل إليه فيه بألف دينار من الذهب العين، فبعث إليه بنسخة منه قبل أن يُخرجه إلى بغداد» (نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب: المقري) 0.
هذا على كتاب الاغاني فما حال كتب الفقه والحديث والشعر والتاريخ
ـ[مروان الحسني]ــــــــ[02 - 10 - 09, 06:43 م]ـ
بعض الكتب كان نادرا في بغداد ...
قال الصغاني في العباب في شاش ما معناه عن الشاشي:
و المسند للشاشي عندي , و لا توجد نسخة أخرى من هذا الكتاب في بغداد بأسرها!
علما أن الصغاني توفي سنة 650 هجرية.
ـ[مروان الحسني]ــــــــ[02 - 10 - 09, 06:48 م]ـ
(كتاب في المكتبة القادرية الموجودة في جامع الشيخ عبد القادر الكيلاني في بغداد، استطاع أحد المسلمين في أيام احتلال بغداد انتشاله من نهر دجلة، وسجّل عليه في أول صفحة من صفحاته أنه انتشله من نهر دجلة من بين الكتب التي قذفها هولاكو وقومه فيه، ويستطيع كل قارئ أن يطّلع على هذا الكتاب، وعلى ما هو مسجّل فيه، وعلى أثر البلل الذي لحق بالكتاب فأربك الحبر في بعض صفحاته)
معلومة عجيبة سببت لي البكاء ...
ليته ذكر إسم الكتاب على الأقل ...
لكن ما مصير مكتبة مراغة التي جمعها النصير الطوسي من بغداد و غيرها و بلغت 400 ألف مجلد!؟!
ـ[د. محمد العطار]ــــــــ[03 - 10 - 09, 04:17 م]ـ
وكذلك إلى ما ألت مكتبة رشيد الدين فضل الله الهمداني في تبريز؟
ـ[مروان الحسني]ــــــــ[04 - 10 - 09, 12:31 ص]ـ
(مكتبة رشيد الدين فضل الله الهمداني في تبريز)
ما هي ترجمة هذا العلم وفقك الله تعالى؟
و ما خبر هذه المكتبة تفصيلا؟
و ما الذي حوته؟
و ما المصادر التي ذكرتها؟
ـ[د. محمد العطار]ــــــــ[11 - 02 - 10, 12:46 م]ـ
يوجد للمكتبة وقفية مفصلة بقيت ...
وكان المدعو طبيبا اصبح وزيراً فيما بعد للبلاط المغولي ...
وهو صاحب اهم مصدر لتاريخ المغول ... (جامع التواريخ) حسب ما اذكر، وهو كتاب ضخم لم يطبع كاملا للان ... ولا اعلم ان كانت كل مخطوطاته متوفرة ...
عموما، لا يسعني حاليا الكتابة عنه ... ولكنه شخصية مهمة جدا حتى ان مؤتمرا دوليا اقيم عنه حضره الكثير من المشهورين في تاريخ العلم ... سابقا في ايران (ايام الشاه)
ومرفق صورة غلاف الكتاب الحاوي لما القي هناك ...
ـ[الحاج خليفة]ــــــــ[13 - 02 - 10, 08:50 م]ـ
(كتاب في المكتبة القادرية الموجودة في جامع الشيخ عبد القادر الكيلاني في بغداد، استطاع أحد المسلمين في أيام احتلال بغداد انتشاله من نهر دجلة، وسجّل عليه في أول صفحة من صفحاته أنه انتشله من نهر دجلة من بين الكتب التي قذفها هولاكو وقومه فيه، ويستطيع كل قارئ أن يطّلع على هذا الكتاب، وعلى ما هو مسجّل فيه، وعلى أثر البلل الذي لحق بالكتاب فأربك الحبر في بعض صفحاته)
هو كتاب المفردات للراغب الأصفهاني
و رقمه في المكتبة 489
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[13 - 02 - 10, 10:13 م]ـ
ابن خلدون شعوبي؟!!!
كنت سمعت أنه قاضي مسلم والذي اعرفه عنالشعوبيين أنهم زنادقة يكرهون العرب ودخلوافي الإسلام نفاقا
ليس كلهم زنادقة، وإن كان هذا حال كثير منهم ... وقد كثرت الشعوبية اليوم بين العجم، لا أقصد الفرس فقط فهؤلاء زنادقة، لكن بين بعض الهنود والأتراك والأكراد وأضرابهم.
ـ[أبو قتادة وليد الأموي]ــــــــ[13 - 02 - 10, 10:18 م]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/128)
الشعوبية بدعة مجانبة للسنة، مذمومة بينة الذم، وقد كتب بعض الأئمة في التنويه بها عبارات في عقائدهم، كما كتب الإمام أحمد في رسالة الاصطخري وغيره، وقد بسط القول في ذلك الإمام ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم عند كلامه عن فضل العرب والعربية.
ـ[أبو طالب الهاروني]ــــــــ[08 - 03 - 10, 06:20 م]ـ
هل هذه الكتب القيت في نهل دجلة فعلاً ليعبر عليها التتار؟
أم القيت حسب قول الإمام المؤرخ ابن خلدون انتقاما.
وأظن أن ماقاله ابن خلدون فيه قرب من الصحة خصوصا، أنه لا يتصور أن تلقى الكتب ومن ثم تمشي الخيول عليها.
فكم هو عرض النهر وكم العرض الطبيعي للكتب كي يتهيئ للخيول المشيئ عليها وكم هو عمق النهر علما أن الخيول بإمكانها المشي في الماء بعمق معقول.
ولا أظن إلا أن الذهول والمنظر الرهيب الذي وقع أمام أهل بغداد هو ما جعلهم يصورون تلك الحالة وذلك الوصف المبالغ فيه.
ثم أكمل المشهد عامة أهل بغداد الفاريين إلى الشام وغيرها بصورة جعلت مؤرخي أهل الشام يتفنون في التعبير المتلقف من أفواه أولئك الهالعين من دمار بغداد وما جرى لهم ...
يبقى مسالة وهي تلك الأرقام الفلكية للمكتبات الأسلامية العامة والخاصة كقول أن مكتبة نصير الدين 400 ألف كتاب أو مجلد أين هي عمران هذه المكتبات لمَ لمْ يبقى منها شيئ من الأطلال فضلاً عن أصولها فها هي ذي مكتبات العالم في عصرنا هذا مع توفر وسائل النقل والموصلات لم تبلغ هذه الأرقام.
فمثالٌ قريب مكتبة الملك عبد العزيز يعرفه القاطنون والوافدون كم في من مجلدات فهل تبلغ جملتها نصف ما ذكر لنصير الدين بما مع هذه الاسرة من الامكانيات والثروة هائلة فما بلكم بأفراد عاشوا في عصور غابرة مغبرة لايصل الواحد منهم العمل في دواوين الإمارة إلا بعد ردح من الزمان فكيف لمن يريد أن يبلغ وزير أمير الخافقين.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[09 - 03 - 10, 05:16 ص]ـ
ولكن ما الدليل على ان ما فعله التتار كان سببا فى فقدان الكثير من تراث المسلمين
و كان السبب فى قولنا عن بعض الكتب (مفقود)
فهل لم يكن هناك نسخا لهذا الكتاب الا التى فى بغداد؟؟
كان التتار يحقدون على كل مظاهر الحضارة، وتخريبهم لم يقتصر على بلاد الإسلام بل شمل غيرها كذلك خصوصاً في الصين، على أن هولاغو كان لديه حقد خاص على المسلمين بسبب تحريض زوجته النصرانية النسطورية.
فما قام به التتار أدى إلى تخريب المشرق كلية، وانعدمت الحركة العلمية فيه تقريباً، أما مصر فبقيت فيها كتب كثيرة ضاعت بسبب الركود العلمي وانتشار الجهل أيام الحكم التركي الجائر. فكثير من الكتب كانت موجودة بعد عصر التتار لكنها فقدت اليوم.
ـ[لطفي مصطفى الحسيني]ــــــــ[09 - 03 - 10, 10:12 ص]ـ
كان عندي رأي في هذه المسألة خلاصته أن قصة الكتب المفقودة ليست ذات شأن كبير، لأن الله قد تكفل بحفظ الدين جملة، وقد يدخل فيه حفظ التراث، فما فقد كان قليل الفائدة - إن لم يكن عديمها- أو قل هو مغمور في بحر ما بلغنا، والله أعلم بالصواب
ـ[أبو قتادة وليد الأموي]ــــــــ[09 - 03 - 10, 02:15 م]ـ
الشعوبية بدعة مذمومة، وابن خلدون له في الحط على العرب أشياء عجيبة غريبة مريبة وهو غير مأمون في ذم العرب بما يتصوره ذمًّا، وكذلك مدحه للعرب يشك فيه.
والله أعلم.
ـ[أسلمة الجندي]ــــــــ[11 - 03 - 10, 04:08 م]ـ
بارك الله فيكم
ـ[مصعب الجهني]ــــــــ[12 - 03 - 10, 02:18 م]ـ
لعلَّ أخر من وصف حال ومآل مكتبات بغداد وبلاد الشام والعالم الإسلامي الجغرافي الشهير (ياقوت الحموي)
وذلك في مقدمة كتابه العظيم (معجم البلدان) فقد وضع معجمه اعتماداً من تلك المكتبات الوقفية الكبيرة؛ فكان يصف كل مكتبة يزورها؛ وقد ذكر قصة فراره من بغداد نحو الشام عندما دهمها التتار.
ـ[محمد ابن عمر المصرى]ــــــــ[13 - 03 - 10, 12:02 ص]ـ
ولكن المكتبات كانت منتشره بكثره فى بلدان المسلمين
وكانت الكتب تعد فيها بالملايين فى مكتبه واحده فى بلده واحده من بلد واحد من بلدان المسلمين من الهند الى الاندلس والان جميع ماوصل من تراث المسلمين عدة ملايين اى عدد مكتبه واحده
و ما اريده كيف نعرف ما حدث لتراث المسلمين و مهما فعل التتر ببغداد فلا يودى الى فقدان هذا العدد من كتب السلف خصوصا؟؟؟؟
ـ[محمد أحمد الغمري]ــــــــ[23 - 03 - 10, 12:22 ص]ـ
لنهر كبير وانا ممن وقف على هذا النهر وتخيلت الكتب الي سوف تطمر هذا النهر ثم أن الكتب هل كانت بحجم كتبنا او أكبر فإذا كانت أكبر فتحتاج إلى مكتبات ضخمة جدا لحفظها ودواليب كبيرة هذا رأيي أن الشخصي والله أعلم
ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[03 - 07 - 10, 08:34 ص]ـ
للفائدة،
نكباتُ المكتباتِ الإسلاميةِ في التاريخِ. بقلم: نواف الرشيد ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=215975)(146/129)
نسب الامام البخاري رحمه الله , هل كان من نسب تاجك ام؟؟؟
ـ[محمد احمد الحقاني الافغاني]ــــــــ[19 - 06 - 08, 07:19 م]ـ
نسب الامام البخاري رحمه الله , هل كان من نسب تاجك ام؟؟؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل من اخ يوجد في حدود اطلاعه المعلومات عن نسب الامام البخاري رحمه الله تعالي صاحب الصحيح المتوفي سنة 256 ه, هل كان من القوم المشهور بتاجك ام ما ذا؟ وهل يوجد الكلام علي نسبه في مصادر التراجم؟ جزاكم الله تعالي كل خير
ـ[مصعب الجهني]ــــــــ[19 - 06 - 08, 07:40 م]ـ
أصلهُ من بخارى
ويقال الجعفي نسبة إلى مواليه بني جعفي: بطن من سعد العشيرة من القحطانيين.
ـ[محمد احمد الحقاني الافغاني]ــــــــ[19 - 06 - 08, 08:07 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله تعالي كل خير في الدارين علي الجواب
((الجعفي نسبة إلى مواليه بني جعفي: بطن من سعد العشيرة من القحطانيين.))
فكان هذا هو نسب مواليه لا نسب البخاري نفسه, وفيه رحمه الله يقولون انه عجمي, فما ذا نسب الامام نفسه؟
ـ[صقر بن حسن]ــــــــ[19 - 06 - 08, 08:45 م]ـ
البخاري رحمه الله، أكثر الذين ترجموا له يذكرون نسبه إلى جده (بردزبه) فيقولون: محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبة.
ولا يرفعونه فوق ذلك.
والله أعلم.
ـ[محمد احمد الحقاني الافغاني]ــــــــ[19 - 06 - 08, 09:00 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله تعالي خيرا
يعني في حدود اطلاعك لا يوجد التصريح او اي المعلومات في الموضوع, فننتظر لعل احدا من الاخوة يتحفنا به.
ـ[مصعب الجهني]ــــــــ[19 - 06 - 08, 10:36 م]ـ
قال الحافظ ابن حجر في مقدمة فتح الباري بشرح صحيح البخاري:
هو أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبه الجعفي, ولد يوم الجمعة بعد الصلاة لثلاث عشرة ليلة خلت من شوال سنة أربع وتسعين ومائة ببخارى, قال المستنير بن عتيق أخرج لي ذلك محمد بن إسماعيل بخط أبيه وجاء ذلك عنه من طرق, وجده بردزبه بفتح الباء الموحدة وسكون الراء المهملة وكسر الدال المهملة وسكون الزاي المعجمة وفتح الباء الموحدة بعدها هاء, هذا هو المشهور في ضبطه, وبه جزم بن ماكولا, وقد جاء في ضبطه غير ذلك, وبردزبه بالفارسية الزراع كذا يقوله أهل بخارى, وكان بردزبه فارسياً على دين قومه ثم أسلم ولده المغيرة على يد اليمان الجعفي وأتى بخارى فنسب إليه نسبة ولاء, عملاً بمذهب من يرى أن من أسلم على يده شخص كان ولاؤه له, وإنما قيل له الجعفي لذلك, وأما ولده إبراهيم بن المغيرة فلم نقف على شيء من أخباره.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[20 - 06 - 08, 05:11 م]ـ
المراجع الأولى لا تشير إلى قومية البخاري أي كونه من الطاجيك (وهم قرباء من الفرس) أم من الترك. والبعض استنتج أنه من الطاجيك كون بردزبه اسم فارسي. والله أعلم.
والمنطقة قبل الإسلام كان يحكمها الترك لكن كان فيها طاجيك كذلك.
ـ[محمد احمد الحقاني الافغاني]ــــــــ[22 - 06 - 08, 09:52 ص]ـ
جزاكم الله تعالي كل خير في الدارين اخواننا الكرام
ـ[ابن حنبل]ــــــــ[24 - 06 - 08, 09:05 م]ـ
في كتبه, ما يغنيك التنقيب عن نسبه.(146/130)
الصحابي مروان بن الحكم (رضي الله عنه وأرضاه) المُفترى عليه
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[19 - 06 - 08, 09:41 م]ـ
مروان بن الحَكَم المُفترى عليه
بسم الله الرحمن الرحيم
مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية القرشي الأموي المدني t، أبو عبد الملك و يقال أبو القاسم و يقال أبو الحكم. ولد عام 2 هـ على قول الجماهير، وقيل عام 3 أو 4 وهو ضعيف. رأى رسول الله r عام الفتح سنة 8 هـ وعمره 6 سنوات، فمنهم من عده صحابياً (مثل الذهبي وابن حجر) ومنهم من استصغر سنه عند الرؤية فجعله من كبار التابعين، ذلك لأن أباه ما لبث أن تحوّل إلى الطائف ولم يسكن بالمدينة. توفي سنة 65 هـ بدمشق. روى عن عدد من الصحابة منهم علي بن أبي طالب t. وروى عنه (أيام معاوية) سهل بن سعد وهو أكبر منه سنا وقدرا لأنه من الصحابة، وروى عنه عدد من أفاضل التابعين مثل علي بن الحسين (زين العابدين) وعروة بن الزبير وسعيد بن المسيب. وأخرج حديثه البخاري وأبو داود والترمذي (وصححه) والنسائي وابن ماجه، وهو ثقة بإجماعهم، وكان يُعَد من الفقهاء. نزل إلى المدينة بعد وفاة رسول الله r، و كان كاتباً لعثمان t، وحاول منع قتله. ثم شهد الجمل مع أم المؤمنين عائشة، ثم صفين مع معاوية t. ثم ولي إمرة الحجاز. وعاش معظم حياته في المدينة حتى أخرجه منها أنصار ابن الزبير t أيام خلافة يزيد، فخرج إلى الشام. و بويع له بالخلافة بعد موت معاوية بن يزيد بن معاوية بالجابية، فسيطر على الشام ثم مصر، و كانت خلافته تسعة أشهر. قال ابن حجر: وقد اعتمد حتى مالك على حديثه ورأيه. وقال المؤرخ ابن خلدون في مقدمته الشهيرة: «وكذلك كان مروان ابن الحكم وابنه -وإن كانوا ملوكا- لم يكن مذهبهم في الملك مذهب أهل البطالة والبغي. إنما كانوا متحرين لمقاصد الحق جهدهم، إلا في ضرورة تحملهم على بعضها، مثل خشية افتراق الكلمة الذي هو أهم لديهم من كل مقصد. يشهد لذلك ما كانوا عليه من الاتباع والاقتداء، وما علم السلف من أحوالهم ومقاصدهم. فقد احتج مالك في الموطأ بعمل عبد الملك. وأما مروان فكان من الطبقة الأولى من التابعين، وعدالتهم معروفة».
ملاحظة: علامات r و t سببها أني أنقل من مقال في موقعي، وباعتبار أن استعمال الفونت هنا غير متوفر، تظهر تلك العلامات باللاتينية بدلا من "صلى الله عليه وسلم" ومن "رضي الله عنه"، فمعذرة على هذا
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[19 - 06 - 08, 09:44 م]ـ
الشبهات التي أثيرت حوله:
قصة خروج أبيه للطائف
يزعم بعض أعداء بني أمية أن رسول الله r قد طرد الحكم (والد مروان) إلى الطائف، وسيأتي في تخريج الأسانيد أن هذا الزعم ليس له أي إسناد صحيح. وقد فند شيخ الإسلام ابن تيمية هذه الأسطورة وبيّن أن الحكم قد خرج طوعاً بعد إسلامه إلى الطائف وأقام هناك. فلما تولى عثمان الخلافة، استدعاه إلى المدينة. قال شيخ الإسلام في منهاج السنة: «وقد ذكر غير واحد من أهل العلم أن نفي الحكم باطل. فإن النبي r لم ينفه إلى الطائف، بل هو ذهب بنفسه. وذكر بعض الناس أنه نفاه، ولم يذكروا إسنادا صحيحا بكيفية القصة وسببها».
اتهامه بمعاداة أهل البيت
وهذه كذبة شيعية، ليس لها إسناد صحيح. وكان مروان كثير التعظيم لبني هاشم، وكان على صلة قوية بهم. وما يردده بعض الجهلة من أنه كان يسب أهل البيت، هو أمر مناقض لما هو ثابت متواتر عنه من حبه لهم وحبهم له. فهو يروي الحديث عن علي بن أبي طالب t، ويروي عنه الحديث علي زين العابدين ابن الحسين t. وذكر الذهبي في سير أعلام النبلاء (4|389): روى شعيب عن الزهري قال: «كان علي بن الحسين من أفضل أهل بيته، وأحسنهم طاعة، وأحبهم إلى مروان وإلى عبد الملك». قال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال سمعت الشافعي يقول: لما انهزم الناس بالبصرة يوم الجمل كان علي بن أبي طالب يسأل عن مروان بن الحكم فقال رجل يا أمير المؤمنين إنك لتكثر السؤال عن مروان بن الحكم، فقال: «تعطفني عليه رحم ماسة، وهو مع ذلك سيد من شباب قريش». وهذه القصص يرويها عدد من الضعفاء (من أمثال عمير بن إسحاق الذي قال عنه ابن معين: لا يساوي شيئاً، وقال الذهبي: فيه جهالة، والتشيع ظاهر في روايته). وقد ذكرت كثيراً من هذا في قسم الأحاديث النبوية، فانظره.
دوره في فتنة مقتل عثمان
كان كاتب عثمان في خلافته. وزعم أتباع عبد الله بن سبأ اليهودي أن عثمان كتب إلى والي مصر كتاباً بقتل زعيمهم، فرجعوا إلى المدينة وحاصروا عثمان حتى قتلوه. والكتاب المزعوم الذي قيل بأن مروان كتبه على لسان عثمان رضي الله عنه بقتل محمد بن أبي بكر ومن معه، كذب وزور وبهتان. فلم يكتب شيئاً. ولو صح ما زعموه، فيكف عرف أهل العراق بالكتاب المزعوم وقد ساروا ثلاثة أيام شرقاً وهؤلاء غرباً، ثم عادوا جميعا في وقت واحد على المدينة؟ وقد زوروا على لسان علي وعائشة وكثير من الصحابة كتبا مماثلة، فهل يبعد عنهم أن يزوروا على لسان عثمان رضي الله كتبا عديدة؟
(يتبع إن شاء الله)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/131)
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[19 - 06 - 08, 09:48 م]ـ
دوره في مقتل طلحة
يزعم الواقدي الكذاب أن مروان بن الحكم لما قاتل في يوم الجمل ثم رأى انكشاف الناس، نظر إلى طلحة بن عبيد الله (أحد العشرة المبشرين بالجنة) واقفاً، فقال: والله إن دم عثمان إلا عند هذا هو كان أشد الناس عليه! فرماه بسهم فقتله. وما أسمج هذه الكذبة. كيف يكون هو بجيش طلحة وكلاهما يقاتل دفاعا عن دم عثمان فيقوم ويغدر به فيقتله؟ ومروان يعلم علم اليقين أن طلحة بن عبيد الله لم يشارك في دم عثمان، خاصة أن مروان كان يدافع عن عثمان بالدار، وقد شاهد بعينه قتلة عثمان الذين حاصروه ودخلوا عليه. ومعلوم عند الجميع أن طلحة لم يحرض على عثمان أبداً، بل أرسله ولده محمد ليدافع عن عثمان من القتلة. ويشتهر أن محمد بن طلحة كان يقول: أنا ابن من حامي عليه بأحد ... ورد أحزابا على رغم معد. ولما قُتِلَ عثمان كان طلحة من أشد الناس سخطاً لمقتله، فخرج يطالب بدمه بعد ذلك ويبذل في ذلك روحه. وهذه الكذبة السمجة تريد الترويج لفكرة شيطانية هي أن الصحابة هم الذين تآمروا على عثمان بن عفان ليقتلوه. ويظهر لي أن عمدة هذه الأسطورة هم اثنان:
1 - عم يحيى بن سعيد الأنصاري
أخرج ابن شبة في تاريخ المدينة (4|1172): حدثنا زهير بن حرب قال حدثنا وهب بن جرير (206هـ) قال حدثنا جويرية (173هـ) قال حدثنا يحيى بن سعيد الأنصاري (ت144هـ): حدّثني عمّي-أو عمّ لي- (مجهول) قال: بينما أنا عند عائشة -وعثمان محصور، والناس مجهّزون للحجّ- إذ جاء مروان، فقال: «يا أُمّ المؤمنين، إنّ أمير المؤمنين يقرأ عليكِ السلام ورحمة اللَّه، ويقول: "ردّي عنّي الناسَ؛ فإنّي فاعل وفاعل"»، فلم تُجِبه. فانصرف وهو يتمثّل ببيت الربيع بن زياد العبسي: وحَرّقَ قَيسٌ عَليَّ البِلا ... دَ حتى إذا اشتَعلتْ أجذما. فقالت: «ردّوا عليّ هذا المتمثّل»، فرددناه. فقالت -وفي يدها غِرارة (وعاءٌ من الأوعية) لها تعالجها-: «واللَّه، لوددتُ أنّ صاحبَك الذي جئتَ من عنده في غرارتي هذه، فأوكيتُ عليها، فألقيتُها في البحر».
قال ذلك العم المجهول: «بينما نحن متواقفون، إذ رمى مروان بن الحكم بسهم طلحة بن عبيد الله فشكل ساقه بجنب فرسه فقمص به الفرس موليا، والتفت إلى أبان بن عثمان وهو إلى جنبه فقال: "قد كفيتك أحد قتلة أبيك"».
وأخرج الحاكم (3|418 #5593 ط. عطا) (4|452 #5646 ط. علوش): حدثني محمد بن ظفر الحافظ وأنا سألته حدثني الحسين بن عياش القطان ثنا الحسين ثنا يحيى بن عياش القطان (مجهول) ثنا الحسين بن يحيى المروزي (مجهول) ثنا غالب بن حَلْبس الكلبي أبو الهيثم (صدوق) ثنا جويرية بن أسماء عن يحيى بن سعيد ثنا عمي (مجهول) قال: لما كان يوم الجمل نادى علي في الناس: «لا ترموا أحدا بسهم ولا تطعنوا برمح ولا تضربوا بسيف ولا تطلبوا القوم، فإن هذا مقام من أفلح فيه فلح يوم القيامة» قال: فتوافقنا، ثم إن القوم قالوا بأجمع: «يا ثارات عثمان» قال: وابن الحنفية أمامنا بربوة معه اللواء، قال: فناداه علي قال: فأقبل علينا يعرض وجهه، فقال: «يا أمير المؤمنين يقولون "يا ثارات عثمان"». فمد علي يديه وقال: «اللهم أكب قتلة عثمان اليوم بوجوههم». ثم إن الزبير قال للأساورة كانوا معه قال: «أرموهم برشق». وكأنه أراد أن ينشب القتال. فلما نظر أصحابه إلى الإنتشاب، لم ينتظروا، وحملوا، فهزمهم الله. ورمى مروانُ بن الحكم طلحةَ بن عبيد الله بسهمٍ فشكّ ساقه بجنب فرسه، فقبض به الفرس، حتى لحِقه فذبحه! فالتفت مروان إلى أبان بن عثمان -وهو معه- فقال: «لقد كفيتك أحد قتلة أبيك».
والملاحظ أن الحاكم على تشيعه وفرط تساهله، لم يصحح تلك الرواية. لكنها تكمّل رواية ابن شبة، والتي إسنادها إلى الرجل المجهول جيد، مع استغرابي لتفرد جويرية بهذا عن يحيى، مع أني لم أجد أحداً يذكره ضمن تلاميذ يحيى على كثرتهم. فربما نكارة الرواية منعت الناس من التحديث بها، والله أعلم. والذي نجده بوضوح في الرواية الأولى أنها تطعن الطعن الشديد بأمنا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وتتهمها بالتآمر لقتل عثمان. وهذه فرية افتراها عليها أتباع ابن سبأ اليهودي، وما زال الرافضة يرددونها إلى اليوم. وقد أقسمت وهي الصديقة البارة بأنها لم تحرض على عثمان. ونحن نصدق أمنا عائشة ونكذب هذا الرجل المجهول،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/132)
ونقول لعنة الله على الكاذبين.
والرواية الثانية لها نفس إسناد الأولى، لكن الثالثة (رواية الحاكم) أطول منها. ومتن هذه الرواية يخالف المشهور في حرب الجمل. ومن ذلك: أنها تذكر أن المعركة قد بدأت في النهار، وهذا غير صحيح بل بدأت في الليل وليس في النهار. والثاني تنص على أن الذي بدأ بالقتال هو الزبير t، وهذا كذب. بل الذي بدأ بالقتال هم قتلة عثمان المتمركزين في جيش علي، بعد أن وجدوا أن علياً قد تصالح مع طلحة والزبير وقرر إخراجهم من جيشه. وفيها كذلك تهمة واضحة للزبير t بأنه كان يريد القتال ويحرض عليه، وهذا كذب عليه، فلم يكن كذلك. كما أنها تناقض الروايات الأخرى في مقتل طلحة t، فهي تزعم أن مروان أصابه بسهم ثم ركض إليه وذبحه، وهذا لم يرد في أي رواية أخرى، بل الذي ورد هو ضربه بسهم ثم مات بعد فترة بسبب النزيف، ولم يرد في رواية أنه قام بعد ضربه بسهم بذبحه! وفيه تهمة واضحة لطلحة t أنه ممن أعان على قتل عثمان t، وهذا كذب كذلك! وكذلك أبان بن عثمان t لم ينكر ذلك على مروان t وكأنه شريكه في الجريمة، مما يؤكد التهمة بحق طلحة t، وهذا كذب.
2 - قيس بن أبي حازم (من رواية إسماعيل بن أبي خالد، تفرد بها)، وهو تابعي ثقة، لكنه كان يدلس، وقد جاوز المئة حتى "خرف وذهب عقله" كما يذكر إسماعيل راوي الخبر. وكان يحيى بن سعيد ينكر عليه أحاديث، منها حديث الحوأب الذي يطعن بأم المؤمنين عائشة. فإن كان قد حدّث به قبل خرفه، فهو دليل قاطع على أنه أرسله ولم يكن مع جيش عائشة. وقيس هذا مع كثرة إرساله، لم يشهد الجمل، كما نص عليه الإمام ابن المديني صراحة في العلل (ص50). وعن قيس جاءت باقي المراسيل. ولعل الذي أخبره قد وهم، فمن الصعب أن يشاهد من أين جاء السهم، إلا إن كان بجانب مروان. كما أنه من المحتمل أن يكون السهم قد أصابه بالخطأ. فإن طلحة كان يقاتل مع مروان طلباً إقامة الحد على قتلة عثمان، فكيف يقتله مروان بدم عثمان؟!! مع أن أحداً لم يتهم طلحة بدم عثمان. ثم كيف بقي مروان فقيهاً يرجع الناس إليه ويروون عنه الحديث؟ ولا نعلم أن بنو طلحة ولا غيرهم من المسلمين طالبوا قط بدمه. وطلحة هو من العشرة المبشرين بالجنة ومن خير أهل الأرض آنذاك، فكيف لا يطالب أحد بدمه؟! هذا محال.
أما من روى الأسطورة غير هؤلاء فكلهم كانوا صغاراً لم يدركوا المعركة أصلاً، فمروياتهم منقطعة بغير خلاف. منهم:
محمد بن سيرين. ابن سيرين وقد ولد لسنتين بقيتا من خلافة عثمان رضي الله عنه أي سنة 32 هـ، فلا تقبل هذه الرواية كما هو معلوم، لأنه كان طفلاً رضيعاً لم يدرك الأحداث، ولم يذكر من الذي حدثه بهذا الخبر، وربما يكون قيساً أو غيره. مع أن الإسناد إليه فيه كلام. قال خليفة: فحدثني أبو عبد الرحمن القرشي عن حماد بن زيد عن قرة بن خالد عن ابن سيرين. ولم يرد في شيوخ حماد بن زيد: قرة بن خالد، ولا في طلاب قرة بن خالد: حماد بن زيد. أي لم يسمع منه.
عوف الأعرابي. ولد عام 60هـ بعد سنين طويلة من الأحداث. وقد صدّر خبره بقوله "بلغني أن ... "، وهذا لا يُقبل لأنه لم يذكر من حدثه بذلك.
الجارود بن أبي سبرة. وهذا قد توفي سنة 120هـ أي لو كان عمره 70 سنة، لكان مولده سنة خمسين، أي بعد معركة الجمل بسنين طويلة. فلا قيمة لروايته.
نافع مولى ابن عمر. توفي سنة 117 أو بعدها، فقد ولد بعد تلك الأحداث بسنين طويلة، ولم يذكر من حدثه، فلا تُقبل روايته.
فإن قيل هل تتقوى تلك المراسيل باجتماعها؟ والجواب لا، لأن الانقطاع هو في نفس الموضع، والظاهر أنه يرجع لنفس الرجل. والمُلاحظ أن تلك المراسيل قريبة من رواية قيس، وهي كلها تعارض رواية عم يحيى، ولذلك أميل لأن تكون رواية قيس هي مصدر باقي الروايات. وهناك روايات سخيفة وضعها الكذابون لينقلوا بها اعتراف مروان بأنه القاتل!
1 - أخرج ابن شبة في تاريخ المدينة (4|1170): حدثنا عبد الله بن عمرو قال، حدثنا عمرو بن ثابت، عن أبي فزارة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال، قال لي عبد الملك ابن مروان: أشهدت الدار؟ قلت: «نعم، فليسل أمير المؤمنين عما أحب» ... قال (عبد الملك): «لولا أن أبي أخبرني يوم مرج راهط أنه قتل طلحة، ما تركت على وجه الأرض من بني تيم أحدا إلا قتلته».
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/133)
أبو فزارة فيه كلام، لكن علة الحديث هي في عمرو بن ثابت الكوفي الرافضي الخبيث. قال عنه الذهبي في الميزان (#6340): «عمرو بن ثابت أبي المقدام بن هرمز الكوفي، يكنى أبا ثابت. قال ابن معين: ليس بشيء. وقال - مرة: ليس بثقة ولا مأمون. وقال النسائي: متروك الحديث. وقال ابن حبان: يروى الموضوعات. وقال أبو داود: رافضي. وقال البخاري: ليس بالقوى عندهم. وقال هناد: كتبت عنه كثيرا، فبلغني أنه كان عند حبان بن علي، فأخبرني من سمعه يقول: كفر الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أربعة. فقيل لحبان: ألا تنكر عليه؟ فقال حبان: هو جليسنا. ولما تكلم عمرو بهذا أخذ يتنادم - يعنى حبان. وقال ابن المبارك: لا تحدثوا عن عمرو بن ثابت، فإنه يسب السلف. وقال الفلاس: سألت عبد الرحمن عن حديث لعمرو بن ثابت، فأبى أن يحدث عنه. وروى معاوية بن صالح، عن يحيى، قال: عمرو بن ثابت لا يكذب في حديثه». وفي سؤالات الآجري: «أخبرنا داود عنه، قال: رافضي خبيث. وقد روى إسماعيل بن أبي خالد، وسفيان عنه، كذا قال أبو داود، ثم قال: وهو المشئوم، ليس يشبه حديثه أحاديث الشيعة - يعني أنها مستقيمة».
2 - وأخرج ابن سعد في الطبقات (3|223): أخبرني من سمع أبا حباب الكلبي يقول حدثني شيخ من كلب قال سمعت عبد الملك بن مروان يقول: «لولا أن أمير المؤمنين مروان أخبرني أنه هو الذي قتل طلحة ما تركت من ولد طلحة أحدا إلا قتلته بعثمان بن عفان».
ففيها أولا جهالة شيخ ابن سعد (ولعله الواقدي الكذاب). وكذلك فيها أبو جناب الكلبي (وليس أبا حباب فهذا لا وجود له أصلا)، وأبو جناب الكلبي -كما في التقريب- "ضعفوه لكثرة تدليسه"، وشيخه مجهول. أي ظلمات بعضها فوق بعض.
3 - وأخرج ابن عساكر في تاريخ دمشق (60|423) في ترجمة موسى بن طلحة بن عبيد الله: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي أنا أبو الفضل بن البقال أنا أبو الحسين بن بشران أنا عثمان بن أحمد نا حنبل بن إسحاق نا الحميدي نا سفيان عن عبد الملك بن (*) مروان قال دخل موسى بن طلحة على الوليد بن عبد الملك فقال له الوليد: «ما دخلت علي قط إلا هممت بقتلك لولا أن أبي أخبرني أن مروان قتل طلحة». وفي الهامش: (*) كذا بالأصل، وفي "د"، و "ز"، و"م": بن أبي مروان.
فإن كان المروي عنه عبد الملك بن مروان، فلم يدركه سفيان أساساً، فلا يصح الخبر. وإن كان الراوي عنه هو عبد الملك بن أبي مروان، فهو رجل مجهول لا يُعرف، ومن ثم لا يُعَوّل على خبره.
4 - وأخرج أيضاً في (69|261) في ترجمة: عائشة بنت موسى بن طلحة بن عبيدالله: قرأت في كتاب عن عبد الصمد بن عبد الله بن عبد الصمد بن أبي يزيد الدمشقي نا معاوية بن صالح الأشعري حدثني عبد الرحمن بن شريك نا أبو بكر بن عيسى بن موسى بن طلحة قال: سمعت عائشة بنت موسى -وكانت تحت عبد الملك بن مروان- قالت: قال لي عبد الملك: «يا عائشة لولا أن مروان قتل طلحة ما تركت على ظهرها طلحيا إلا قتلته».
أولا: ليس فيه تحديث ما بين ابن عساكر وعبد الصمد. وقد توفي عبد الصمد سنة 306 هـ، وابن عساكر 571 هـ، فبينهما أكثر من 250 عام. ثانيا: الكتاب الذي قرأه ووجد فيه هذا الخبر لا نعرفه. ثالثا: عائشة بنت موسى بن طلحة مجهولة. رابعا: الراوي عنها أبو بكر بن عيسى بن موسى بن طلحة مجهول. خامسا: عبد الرحمن بن شريك مجهول العين ليس له ترجمة، وهو غير النخعي الضعيف لاختلاف الطبقة. والنتيجة أن خبر عبد الملك بن مروان غير صحيح ولا يجوز التعويل عليه. كما أنه من غير المعقول أن يصدر ذلك من عبد الملك بن مروان لزوجته، فكيف يأمنها على نفسه وقد قتل والده جدها وهو يذكرها بجريمته النكراء؟ وكذلك هذا الخبر مفترى على عبد الملك (وهو المشهور بعدله)، فلماذا لا يبقي على وجه الأرض تيمياً؟ فهذا إثبات للتهمة التي ألصقت زورا وبهتانا بطلحة بأنه كان من المحرضين والمؤلبين على عثمان. مع أنه لا يُعرف عن عبد الملك أنه كان يبحث عن قتلة عثمان فضلاً أن يعاقب ذرياتهم وقبائلهم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/134)
وقصة اتهام مروان بقتل طلحة يلزم منها أمورً خطيرة، منها أن مروان بن الحكم مجرم وقاتل عمدا من غير تأويل، فهو ساقط العدالة، فلا يجوز أن تقبل له رواية. ومع هذا فقد روى له علماء الحديث جميع مروياته، واحتج به جميع فقهاء الأمصار. فكيف يحتجون بقاتل أحد العشرة المبشرين بالجنة؟ وكذلك فيه تهمة لأمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه حيث جعله أمين سره وكاتبه وهو لا يستحق ذلك! وفيه تهمة لطلحة رضي الله عنه أنه كان ممن أعان على عثمان رضي الله عنه أو ألب عليه! وفيه تهمة خطيرة لمعاوية رضي الله عنه، إذ كيف يولي قاتلا فاسقا على خير بلاد المسلمين وهي المدينة المنورة! والقصة على نكارتها ليس فيها ولا حديث متصل واحد، إلا الذي ذكره ابن شبة عن رجل مجهول لا أحد يعرف اسمه أصلاً. كما أن قصة رمي مروان لطلحة (رضي الله عنهما) يوم الجمل، مستنكرة عند ذوي العقول. فوجود طلحة في الجيش كان محرضاً للناس على الالتحاق به، ومشكك للطرف الآخر في شرعية القتال، فكيف يقتل مروان (وهو صاحب عقل وفهم) صحابيا جليلا في صفه من خيرة قادة المسلمين؟ لو كان طلحة في صف قتلة عثمان، لكان في قتله مبرر، لكن أن يكون واقفاً مع مروان في نفس الجيش مطالباً بالقصاص من قتلة عثمان، فقصة قتله مستبعدة. وما أحسن ما قاله ابن كثير في البداية والنهاية: «ويقال إن الذي رماه بهذا السهم مروان بن الحكم، وقال لأبان بن عثمان: "قد كفيتك رجالا من قتلة عثمان". وقد قيل إن الذي رماه غيره، وهذا عندي أقرب، وإن كان الأول مشهوراً، والله أعلم». وهكذا المؤرخون الأذكياء لا يأخذون الأخبار إلا بعد تنقيتها وتنقيحها، بخلاف الإخباريين الحشوية الذين ينقلون الأخبار دون فهم ولا تحقيق.
وقد يبقى السؤال، فمن قتل طلحة إذاً؟ والجواب أنه قاتله مجهول العين، لكنه معروف أنه من جيش علي. ولا يُعرف من أطلق ذلك السهم، لكن جهة إطلاقه معلومة. قال محمد بن سعد في الطبقات (3|225): أخبرنا الفضل بن دكين (ثقة ثبت) نا أبان بن عبد الله البجلي (جيد) حدثني نعيم بن أبي هند (ثقة) حدثني ربعي بن خراش (ثقة) قال: إني لعند علي جالس إذ جاء ابن طلحة فسلم على علي فرحب به علي فقال: «ترحب بي يا أمير المؤمنين وقد قتلت والدي وأخذت مالي». قال: «أما مالك فهو معزول في بيت المال فاغد إلى مالك فخذه. وأما قولك قتلت أبي فإني أرجو أن أكون أنا وأبوك من الذين قال الله عز وجل {ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين}». فقال رجل من همدان أعور: «الله أعدل من ذلك». فصاح علي صيحة تداعى لها القصر قال: «فمن ذاك إذا لم نكن نحن أولئك؟». وهذا إسناده جيد، وهو أقوى حديث وأصرحه أن الذي قتل طلحة هو جماعة علي. وعلي رضي الله عنه لم ينكر ذلك. وهذا يُكذّب الخبر الشائع والمشهور عند المؤرخين أن قاتله هو مروان بن الحكم. وهو نصٌّ في محل النزاع. وكل ما سواه باطل لا يُعَوَّلُ عليه كما بَيَّنا سابقاً بعون الله تعالى.
ملاحظة: استفدت من موضوع سابق هنا للشيخ أبي حمزة الشامي لكن خروج الطرفين عن الأدب دفعني لعدم المشاركة هناك.
ـ[صقر بن حسن]ــــــــ[19 - 06 - 08, 10:33 م]ـ
جزاك الله خيرا وبارك فيك.
جهد مشكور.
لكن مروان بن الحكم رحمه الله الراجح والله أعلم أنه مخضرم، وليس صحابياً.
ولذلك جعله الحافظ ابن حجر في القسم الثاني من الإصابة، ممن لهم رؤية.
قال ابن حجر: " ولد بعد الهجرة بسنتين، وقيل: أربع، وقال ابن شاهين: مات النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وهو ابن ثمان سنين ". فيكون مولده بعد الهجرة بسنتين ... لكن لم أر من جزم بصحبته، فكأنه حينئذ لم يكن مميزاً، ومن بعد الفتح أخرج أبوه إلى الطائف وهو معه، فلم يثبت له أزيد من الرؤية ... وأنكر بعضهم أن يكون له رؤية منهم البخاري ... ".
الإصابة لابن حجر باختصار 6/ 203
وروايته التي في صحيح البخاري عدها ابن حجر مرسلة، ولو كان صحابيا لكانت متصلة.
والله أعلم.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[19 - 06 - 08, 10:55 م]ـ
رأى مروان رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح سنة 8 هـ وعمره 6 سنوات، وهذا يعني أنه مميز فأصغر سن هو خمس سنين. ومن العجب أن البعض ينكر صحبة مروان و يجزم بصحبة محمد بن أبي بكر، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم توفي وهو رضيع لم يُفطم!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/135)
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[20 - 06 - 08, 01:28 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=19471
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[20 - 06 - 08, 04:03 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=140254
ـ[ابن وهب]ــــــــ[20 - 06 - 08, 07:18 ص]ـ
ابن حجر ذكر في التقريب
(لا تثبت له صحبة)
وقال في الهدي
(يقال له رؤية فإن ثبتت فلا يعرج على من تكلم فيه)
)
وأما الذهبي فقال في الميزان (له أعمال موبقة) ولا يقول ذلك في صحابي
وقال في السير (وَقِيْلَ: لَهُ رُؤْيَةٌ، وَذَلِكَ مُحْتَمَلٌ)
فلم يثبت صحبة مروان لا الذهبي ولا ابن حجر
الأمر الآخر
ذكرتم
(فيه تهمة لطلحة رضي الله عنه أنه كان ممن أعان على عثمان رضي الله عنه أو ألب عليه! وفيه تهمة خطيرة لمعاوية رضي الله عنه، إذ كيف يولي قاتلا فاسقا على خير بلاد المسلمين وهي المدينة المنورة!)
فما بالكم قبلتم الرواية التي فيها أن محمد بن أبي بكر - رحمه الله - (أقل أحواله أنه كان مسلما فليس من الورع عدم الترحم عليه والترحم على الحجاج) خصوصا أنه ولد الصديق رضي الله عنه وأمه أسماء بنت عميس رضي الله عنها
وأخته أم المؤمنين عائشة وأيضا أسماء
(فما نقل عنه لعله نال عقوبته في الدنيا وهناك الشفاعة في الآخرة وهذا ابن الصديق فإذا كان روي أن الشهيد يشفع في أهل بيته فما بالك بالصديق)
في أنه قتل أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه
أليس في ذلك اتهام لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه كان يولي قاتل عثمان رضي الله عنه ولاية من أهم الولايات مصر بل ويقربه
(قال ابن عبد البر فى " الاستيعاب ": كان على يثنى عليه و يفضله، لأنه كانت
له عبادة و اجتهاد،)
انتهى من التهذيب
وهذا بنفس المنطق الذي أنكرتم فيه رواية قيس بن أبي حازم
والمقصود الرد عليكم بنفس حجتكم
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[20 - 06 - 08, 08:54 ص]ـ
بالنسبة لابن حجر فقد اضطر في هذا الأمر لكنه في الإصابة أثبت الرؤية، أما الإسلام فلم يختلف فيه أحد. وهذا يقتضي بالضرورة إثبات الصحبة حيث أنه مروان كان مميزاً. أما الذهبي فالخطأ مني لأن كلامه كان عن أبيه الحكم وليس عنه.
ولم أفهم قولكم "فما بالكم قبلتم الرواية التي فيها أن محمد بن أبي بكر" هل تقصد لماذا لم أترحم عليه؟ طيب، رحم الله محمد بن أبي بكر. أما عن الشفاعة فمردها إلى الله وليس لنا بها علم، ولكن نحكم على الناس بحسب أعمالهم. وهذا الرجل لا نعلم له عمل خير زائد (والعلم عند الله) أما الحجاج فعلى موبقاته كانت له أعمال جليلة وفتوحات كثيرة. والمفاضلة طبعاً تكون على الظاهر من عمل العبد في الدنيا أما في الآخرة فليس هذا إلينا.
بالنسبة لعلي رضي الله عنه فمن الأخطاء التي وقع بها هي توليته لقتلة عثمان وتقريبهم إليه، وقد ولى منهم الأشتر على مصر، فلما تسمم، ولى ابن أبي بكر على مصر، فثار الناس واعترض الصحابة في مصر على تولية هذا الفاسق فثاروا عليه، فتمكن بذلك عمرو بن العاص من غلبته و مجازاته ما يستحق.
والفارق أننا لا نجد أحداً من الصحابة قد اعترض على تولية مروان على المدينة، بل وجدنا فقهائها يحتجون بحديثه ويتدينون به!
ـ[ابن وهب]ــــــــ[20 - 06 - 08, 03:03 م]ـ
------
ـ[آل عامر]ــــــــ[20 - 06 - 08, 04:16 م]ـ
قال الحافظ رحمه الله في الفتح:و ثبت عن مروان أنه قال لما طلب الخلافة فذكروا له ابن عمر
فقال:ليس ابن عمر بأفقه مني،ولكنه أسن مني وكانت له صحبة.
فهذا اعتراف منه بعدم الصحبة ا-هـ
8/ 260
ـ[صلاح الدين الشريف]ــــــــ[21 - 06 - 08, 07:55 ص]ـ
الإخوة والمشايخ الفضلاء صقر بن حسن وخالد بن عمر وابن وهب وآل عامر السلام عليكم ورحمة الله
وجزاكم الله خيرا
الأخ الأمين ـ هداه الله ـ لايزال على إنحرافه عن علي وآل بيته (رضي الله عنهم) ومن ناصروهم
وكذلك مازال ينافح عن الأموية والمروانية وأذنابهم، ويحاول تزيين الصورة السيئة التي خلفوها.
والموضوع به الكثير من المغالطات والتحامل على علي 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - وعلى محمد بن أبي بكر الصديق
على سبيل المثال:
محمد الأمين
بالنسبة لعلي رضي الله عنه فمن الأخطاء التي وقع بها هي توليته لقتلة عثمان ..... ولى ابن أبي بكر على مصر، فثار الناس واعترض الصحابة في مصر على تولية هذا الفاسق فثاروا عليه ...
محمد بن أبي بكر الفاسق ـ كما زعمتَ ـ كان من أواخر أعمال عثمان رضي الله عنه أن أرسله والياًعلى مصر بدلا ً من عبد الله بن أبي سرح.
محمد الأمين
واعترض الصحابة في مصر على تولية هذا الفاسق فثاروا عليه
أين مصدر هذا الكلام؟ وما صحته؟
وسأُخبرك من الذي إعترض علي توليته الصحابة ليس في مصر بل ....
محمد الأمين
طيب، رحم الله محمد بن أبي بكر. أما عن الشفاعة فمردها إلى الله وليس لنا بها علم، ولكن نحكم على الناس بحسب أعمالهم.
محمد بن أبي بكر لم يشكك أحد من أهل العلم في إسلامه
ومحمد بن أبي بكر يشفع له الصِّدّيق ـ خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتشفع له أسماء بنت عميس رضي الله عنها التي هاجرت الهجرتين و هي زوجة الخليفتين،وتشفع له عائشة وأسماء رضي الله عنهما، ويشفع له عليّ رضي الله عنه.
ومحمد بن أبي بكر مادمت تترحم عليه وتقر بأنه مسلم فهو يدخل في هذه الآية:
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ ......... ) [الطور: 21]
محمد الأمين
أما الحجاج فعلى موبقاته كانت له أعمال جليلة وفتوحات كثيرة.
أما الحجاج ـ عليه من الله ما يستحق ـ فمنهم من شكك في إسلامه ومن السلف من كفره
قال صلى الله عليه وسلم:"إنه لا يدخل الجنه إلا نفس مسلمة، و إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر".
ولي عودة بإذن الله تعالى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/136)
ـ[صقر بن حسن]ــــــــ[21 - 06 - 08, 11:31 ص]ـ
والله لا أرضى هذا الأسلوب في النقاش.
إن كان الكلام في هذه المسألة يجر إلى الوقيعة بأبناء الصحابة رضي الله عنهم، أو ببني أمية أو بني مروان أو غيرهم، فأقول: (((قد سلم الله سيوفنا من الخوض في دمائهم، فلنسلم ألسنتنا من الخوض في أعراضهم))).
وأوجه الكلام لي أولا ثم لكم ثانيا بأن نتقي الله.
ولذلك فلن أستمر في النقاش في هذا الموضوع.
ـ[أبو حُذيفة النجدي]ــــــــ[21 - 06 - 08, 02:52 م]ـ
ما أكثر مادس هؤلاء الحتالة الرافضيه في الكتب من الروايات ..
والمصيبه أنك تجدها في كتب من هم من أهل السنة فليتبس على الجاهل الأمر ..
شكراً أخي الحبيب ..
أنا أذكر أني رأيت في المكتبه كتاب الحجاج بن يوسف المفترى عليه فلا أدري هل قرأته؟ وما رأيك فيه؟
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[21 - 06 - 08, 07:28 م]ـ
وكذلك مازال ينافح عن الأموية والمروانية وأذنابهم، ويحاول تزيين الصورة السيئة التي خلفوها.
والموضوع به الكثير من المغالطات والتحامل على علي 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - وعلى محمد بن أبي بكر الصديق
على سبيل المثال:
محمد بن أبي بكر الفاسق ـ كما زعمتَ ـ كان من أواخر أعمال عثمان رضي الله عنه أن أرسله والياًعلى مصر بدلا ً من عبد الله بن أبي سرح ..
غالباً تأتينا المشاركات الشيعية من أناس يلقبون أنفسهم بألقاب مثل (الشريف، الحسيني، إلخ) لأسباب معروفة، لا أريد الخوض بها، لكن أريد التعليق على مغالطة صلاح هذا. فالذي لقب ابن أبي بكر بالفاسق هو أحد كبار فقهاء ذلك العصر: الحسن البصري رحمه الله. وتعيين عثمان لذلك الفاسق تم تحت ضغط من أتباع ابن سبأ اليهودي عندما حاصروا عثمان وطالبوه بعزل ابن أبي سرح وتعيين محمد بن أبي بكر، فلما كتب لهم كتاباً بذلك، سقط في أيديهم، فرجعوا خائبين، فلما مرت ثلاث أيام، فإذا بأهل مصر وأهل البصرة وأهل الكوفة يعودون في يوم واحد ويدعون أنهم وجدوا كتاباً سرياً بخط مروان على زعمهم وختم عثمان يأمر ابن أبي سرح بقتل الفاسق. والكتاب مزوّر طبعاً، لكن العبرة أن ابن سبأ وقومه ما كان مرادهم عزل واليهم بل كانوا يريدون قتل الخليفة وهدم صرح الإسلام. وقد فضحهم علي عندما تسائل إن كان وفد مصر قد عثر على الكتاب المزعوم فرجع، فما سبب رجوع وفدي العراق في نفس الوقت؟ لكنها مؤامرة حيكت في المدينة ...
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[21 - 06 - 08, 08:54 م]ـ
ما أكثر مادس هؤلاء الحتالة الرافضيه في الكتب من الروايات ..
والمصيبه أنك تجدها في كتب من هم من أهل السنة فليتبس على الجاهل الأمر ..
شكراً أخي الحبيب ..
أنا أذكر أني رأيت في المكتبه كتاب الحجاج بن يوسف المفترى عليه فلا أدري هل قرأته؟ وما رأيك فيه؟
بارك الله بك
والحق يُقال أن الناظر في تاريخ الخلافة من بدايتها حتى نهايتها (باستثناء عهد أبي بكر وعمر)، لا يجد أحداً قدم الفتوحات العظيمة مثل ما قدم خلفاء بني أمية. فحري بنا أن نشكر صنيعهم ولا نكفره.
بالنسبة للحجاج فهذا موضوع آخر لعلي أفرد له موضوعاً آخر. فأنا لم أنته بعد من موضوع مروان ولم أتحدث عن حربه مع ابن الزبير وأحتاج كذلك لذكر كل الأحاديث التي وردت فيه وتبيين الخلل في أسانيدها.
لكن باختصار أقول هناك عدة كتب صدرت عن الحجاج وأفضلها:
# الحجاج بن يوسف الثقفي (رحمة الله) المفترى عليه للدكتور: محمود زيادة.
# الحجاج بن يوسف الثقفي للدكتور إحسان صدقي العمد
قال ابن كثير: (إن اعظم ما نقم على الحجاج وصح من افعاله سفك الدماء وكفى به عقوبه عند الله، وقد كان حريصا على الجهاد وفتح البلاد، وكانت فيه سماحه اعطاء المال لاهل القران فكان يعطى على القران كثيرا، ولما مات لم يترك سوى 300 درهم).
http://www.saaid.net/Doat/Althahabi/9.htm
ـ[ابن وهب]ــــــــ[21 - 06 - 08, 09:26 م]ـ
هناك فرق بين الادارك والرؤية
فكون الرجل أدرك زمن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لا يلزم منه الرؤية
وقد نقلوا عن إمام الصنعة نفي الرؤية
فاثبات الرؤية مجرد احتمال
نعم هو محتمل لكن أين الدليل على الرؤية
لو سلمنا أنه ولد سنة أحد هل كان بمكة وقت فتح مكة أو وقت حجة الوداع
ألا يمكن أن يكون في الطائف وقد ذكروا أن حاضنته ثقفية
فقولكم
(أما الإسلام فلم يختلف فيه أحد. وهذا يقتضي بالضرورة إثبات الصحبة حيث أنه مروان كان مميزاً)
غير مسلم
وأيضا أمر آخر لو كان رأى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لكان افتخر بذلك وقال رأيت النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وأنا ابن ست سنين
وهذا السائب ينقل عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وهو صغير
ومروان لم يذكر ذلك
ثم أن عبد الملك بن مروان وغيره من الخلفاء ما افتخروا يوما بأن مروان صحابي رأى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
فلو كان رآه لافتخروا بذلك
أتراه يغيب عنهم ذلك
وأما إذا كنت تسمي محمد بالفاسق تبعا للحسن البصري فاتبع من سمى الحجاج بالفاسق وهم أكثر عددا وجلالة
بل الحجاج ورد فيه نص حملته أسماء على الحجاج خاصة
فمن ورد به النص أولى أن يسمى بالفاسق من رجل مختلف فيه
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/137)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[21 - 06 - 08, 09:49 م]ـ
(غالباً تأتينا المشاركات الشيعية من أناس يلقبون أنفسهم بألقاب مثل (الشريف، الحسيني، إلخ) لأسباب معروفة، لا أريد الخوض بذلك)
بغض النظر عن تسمية المشاركات بالمشاركات الشيعية ... الخ
شيء منطقي وطبيعي والعقل يؤكد ذلك أن الهاشمي ينتصر لقومه أتراه ينتصر لخصومه
وهل يلام الرجل على حبه لقومه
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[21 - 06 - 08, 10:24 م]ـ
شيء منطقي وطبيعي والعقل يؤكد ذلك أن الهاشمي ينتصر لقومه أتراه ينتصر لخصومه
وهل يلام الرجل على حبه لقومه
لا يلام الرجل على حبه لقومه لكن يُلام على أن يحكم بالهوى، فالمحبة والبغض لا يجيب أن تؤثر على الحكم. قال عبد الله بن رواحة رضي الله عنه: "يا معشر اليهود أنتم أبغض الخلق إليّ، قتلتم أنبياء الله عز و جل وكذبتم على الله، وليس يحملني بغضي إياكم على أن أحيف عليكم" فقالوا "بهذا قامت السماوات والأرض"
وبالمناسبة أحد مشايخي وهو من أحب الناس إلي، حسني معروف النسب. أحد أجداده كان نقيب الأشراف أيام الخلافة العثمانية وصاحب كتاب في أنساب أهل البيت. ولا شك أنه يحب قومه وأهله، لكنه يقول الحق ولا تأخذه فيه لومة لائم. وهو ممن يرى أن معاوية أحق بالأمر من علي!! وله مقولات يشيب لها رأس " ... الشريف" المذكور أعلاه. والعبرة أن محبته لقومه لم تمنعه من قول ما يراه حقاً.
ـ[ابن وهب]ــــــــ[21 - 06 - 08, 10:38 م]ـ
(والحق يُقال أن الناظر في تاريخ الخلافة من بدايتها حتى نهايتها (باستثناء عهد أبي بكر وعمر)، لا يجد أحداً قدم الفتوحات العظيمة مثل ما قدم خلفاء بني أمية. فحري بنا أن نشكر صنيعهم ولا نكفره.
)
انتهى
وأمير المؤمنين عثمان 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - فإن قلت انه أموي فالجواب لا يقال عن عثمان أنه من خلفاء بني أمية
نعم هو 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - أموي ولكن لا يقال هو من خلفاء بني أمية
هكذا باطلاق
ولا يخفى عليك من يقول ذلك هم الرافضة
ـ[ابن وهب]ــــــــ[21 - 06 - 08, 10:40 م]ـ
وبالمناسبة أحد مشايخي وهو من أحب الناس إلي، حسني معروف النسب. أحد أجداده كان نقيب الأشراف أيام الخلافة العثمانية وصاحب كتاب في أنساب أهل البيت. ولا شك أنه يحب قومه وأهله، لكنه يقول الحق ولا تأخذه فيه لومة لائم. وهو ممن يرى أن معاوية أحق بالأمر من علي!! وله مقولات يشيب لها رأس " ... الشريف" المذكور أعلاه. والعبرة أن محبته لقومه لم تمنعه من قول ما يراه حقاً.
)
يمكن فهذا صاحب الأغاني أموي وشيعي لعل النشأة الفارسية أثرت فيه
فكذا لعل شيخكم نشأ أيام انتشار الفكر القومي في بعض بلاد المسلمين
فتأثر بهم
ـ[صلاح الدين الشريف]ــــــــ[22 - 06 - 08, 03:12 ص]ـ
(وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ)
صلاح الدين الشريف
الإخوة والمشايخ الفضلاء صقر بن حسن وخالد بن عمر وابن وهب وآل عامر السلام عليكم ورحمة الله
وجزاكم الله خيرا
الأخ الأمين ـ هداه الله ـ لايزال على إنحرافه عن علي وآل بيته (رضي الله عنهم) ومن ناصروهم
وكذلك مازال ينافح عن الأموية والمروانية وأذنابهم، ويحاول تزيين الصورة السيئة التي خلفوها.
والموضوع به الكثير من المغالطات والتحامل على علي وعلى محمد بن أبي بكر الصديق
على سبيل المثال:
اقتباس:
محمد الأمين
بالنسبة لعلي رضي الله عنه فمن الأخطاء التي وقع بها هي توليته لقتلة عثمان ..... ولى ابن أبي بكر على مصر، فثار الناس واعترض الصحابة في مصر على تولية هذا الفاسق فثاروا عليه ...
محمد بن أبي بكر الفاسق ـ كما زعمتَ ـ كان من أواخر أعمال عثمان رضي الله عنه أن أرسله والياًعلى مصر بدلا ً من عبد الله بن أبي سرح.
اقتباس:
محمد الأمين
واعترض الصحابة في مصر على تولية هذا الفاسق فثاروا عليه
أين مصدر هذا الكلام؟ وما صحته؟
وسأُخبرك من الذي إعترض علي توليته الصحابة ليس في مصر بل ....
اقتباس:
محمد الأمين
طيب، رحم الله محمد بن أبي بكر. أما عن الشفاعة فمردها إلى الله وليس لنا بها علم، ولكن نحكم على الناس بحسب أعمالهم.
محمد بن أبي بكر لم يشكك أحد من أهل العلم في إسلامه
ومحمد بن أبي بكر يشفع له الصِّدّيق ـ خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتشفع له أسماء بنت عميس رضي الله عنها التي هاجرت الهجرتين و هي زوجة الخليفتين،وتشفع له عائشة وأسماء رضي الله عنهما، ويشفع له عليّ رضي الله عنه.
ومحمد بن أبي بكر مادمت تترحم عليه وتقر بأنه مسلم فهو يدخل في هذه الآية:
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ ......... ) [الطور: 21]
اقتباس:
محمد الأمين
أما الحجاج فعلى موبقاته كانت له أعمال جليلة وفتوحات كثيرة.
أما الحجاج ـ عليه من الله ما يستحق ـ فمنهم من شكك في إسلامه ومن السلف من كفره
قال صلى الله عليه وسلم:"إنه لا يدخل الجنه إلا نفس مسلمة، و إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر".
ولي عودة بإذن الله تعالى.
محمد الأمين
غالباً تأتينا المشاركات الشيعية من أناس يلقبون أنفسهم بألقاب مثل (الشريف، الحسيني، إلخ) لأسباب معروفة،
هلا أوضحت لنا أين التشيع في هذه المشاركة ياشيخ محمد؟!
أم أن الدفاع عن ابن أبي بكر رحمهما الله تشيع؟!
أم هي وسيلة للخروج عن الموضوع؟!
و فضلا أوضح لنا:
اقتباس:
محمد الأمين
واعترض الصحابة في مصر على تولية هذا الفاسق فثاروا عليه
أين مصدر هذا الكلام؟ وما صحته؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/138)
ـ[صلاح الدين الشريف]ــــــــ[22 - 06 - 08, 03:32 ص]ـ
ابن وهب
شيء منطقي وطبيعي والعقل يؤكد ذلك أن الهاشمي ينتصر لقومه أتراه ينتصر لخصومه
وهل يلام الرجل على حبه لقومه
الشيخ الفاضل ابن وهب جزاكم الله خيرا
ليست هناك خصومة فـ (تلك أمة قد خلت)
ولكن هذه أحداث تاريخية يتم دراستها وتوضيحها
ولو أمعن الأخ الأمين النظر لعلم أن هؤلاء أقرب نسباً لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من أبي بكر وعمر اللذين ـ ومن بعدهما عثمان ـ رضي الله عنهم ـ عرفوا لآل البيت والصحابة حقوقهم.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[22 - 06 - 08, 03:41 ص]ـ
فكذا لعل شيخكم نشأ أيام انتشار الفكر القومي في بعض بلاد المسلمين فتأثر بهم
سبحان الله، ما دخل الفكر القومي بهذه القضية؟ وهل القوميون يهتمون أصلا بالنزاع بين علي ومعاوية؟!!
الأخ الأمين ـ هداه الله ـ لايزال على إنحرافه عن علي وآل بيته (رضي الله عنهم) ومن ناصروهم وكذلك مازال ينافح عن الأموية والمروانية وأذنابهم، ويحاول تزيين الصورة السيئة التي خلفوها. والموضوع به الكثير من المغالطات والتحامل على علي 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -
هلا أوضحت لنا أين التشيع في هذه المشاركة ياشيخ محمد؟!
هل نحتاج لإيضاح الواضحات؟
و فضلا أوضح لنا:
ألا تعلم بقصة جيش الصحابة الذي ثار عليه مما مكن عمرو بن العاص من دخول مصر وتحريرها؟ لا أظن هذا يخفى عليك.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[22 - 06 - 08, 04:47 ص]ـ
نتابع الشبهات التي أثيرت حول مروان رضي الله عنه:
تغيير الخطبة
كان مروان أول من قدم الخطبة على الصلاة يوم العيد. وهذه القضية ثبتت عنه، أخرجها مسلم في صحيحه. ونحن لا نوافقه عليها، ولو كان قصده سليما، فجمهور الأئمة على أن ذلك لا يجوز، لأن العبادة أمر توقيفي. والرواية التي تبين مقصد مروان من تقديم الخطبة رواها أبو بكر بكار بن قتيبة نا روح بن عبادة نا داود بن قيس قال سمعت عياض بن عبد الله بن سعد بن أبي سرح يحدث عن أبي سعيد الخدري قال: خرجت مع مروان وهو يمشي بين أبي مسعود وبيني حتى إذا صرنا إلى المصلى فإذا كثير بن الصلت الكناني قد بنى منبرا من طين وكسره، فلما دنونا من المنبر عدل مروان إلى المنبر قلت: «الصلاة، فإني أريد أن تصلي قبل أن تخطب». فقال: «تركت يا أبا سعيد ما تعلم». قال قلت: «كلا ورب المشارق والمغارب لا يأتوني بخير مما أعلم»، ثلاث مرات. فقال مروان: «كنا نصلي فتتفرق الناس قبل الخطبة».
ـ[ابن وهب]ــــــــ[22 - 06 - 08, 06:34 ص]ـ
الفكر القومي يهتم بأمر النزاع بين أمير المؤمنين علي رضي الله عنه وبين أمير المؤمنين معاوية رضي الله عنه
ويهتم بشأن الأمويين والعباسيين
ولهم في ذلك سبب قومي وسبب وطني
فالقوميين بعامة يهتمون بهذا الشأن والقوميين السوريين خاصة لهم عناية بهذا الشأن
ولعلكم تراجعون مقالات وكتب القوميين في هذا المجال
وهذا الشيخ إن كان شيخكم فهذا يعني بالضرورة أنه نشأ في الفترة التي سيطر فيها الفكر القومي
على كثير من البلاد الإسلامية الخاضعة للدولة العثمانية
وأيام الثورة العربية وبقية الثورات القومية
ولا غرابة أيضا فكثير من المنادين بالقوميات والمتأثرين بها لم يكونوا من جنس القومية التي كانوا ينادون بها أو هناك اختلاف في كونهم من نفس الجنس
فهناك أكراد كانوا ينادون بالقومية العربية وهناك من كان من أصل يوناني ينادي بالقومية التركية
وهكذا
وقد تأثر غير واحد في العراق ومصر والشام واليمن بالقومية العربية فمستقل ومستكثر
وقد ذكر الشيخ بكر القضاعي عن الزركلي صاحب الإعلام أن فيه نوع نزعة قومية
والزركلي كردي الأصل
وهكذا غيره
والإنسان يتأثر بالبيئة والمحيط
وهذه مجلات القوميين تحدث عن إنجازات الخلفاء الأمويين أو حتى العباسيين من جهة قومية بحتة
بل يتحدثون عن الخلفاء أبي بكر وعمر وعثمان وعلي من جهة قومية
فغلاة القوميين الملاحدة منهم يرون سيد ولد آدم مصلح من المصلحين وينتصرون له بزعمهم أنه كان عربيا وغالب هولاء يكونوا من غير أهل القبلة أصلا أقصد أصلهم
وأما من انتسب إلى القبلة فعلى قدر قربه من الإسلام تجد فيه المقالات المنحرفة
فالتأثر يكون بحسب القرب والبعد
وقد تجد التأثر في أناس أهل فضل وعلم
و تأثير الفكر القومي (سواء أكان الفكر القومي العربي أو الفارسي أو الأفغاني أو التركي أو الكردي ... الخ
موجود في كثير ممن عاصر تلك الفترة وتأثر بالبيئة
فهولاء) أعني من تأثر بالفكر القومي) و بالفكر القومي السوري تجده لينتصر لدولة لبني أمية
ويتعصبون له ولو بالباطل
ومن ذلك قول هذا الشيخ أن معاوية رضي الله عنه أولى بهذا الأمر من علي رضي الله عنه
فهاشمي لا يقول بهذا المقال إلا إذا تأثر بشيء خارجي
وهو في زماننا الفكر القومي
فما ذكرته هو تحليل لطريقة تفكير هذا الرجل
ودولة بن أمية لها حسنات وعندها سيئات كغيرها من الدول ولكن لا شك أنها كانت في أفضل القرون
وكانت في عصر الصحابة والتابعين فلا شك أن وضعهم أفضل من وضع من جاء بعدهم
ولاشك أن لهم حسنات كثيرة ولكن أن يكون معاوية رضي الله عنه أولى بهذا الأمر من علي رضي الله عنه
فهذا مخالف لقول جمهور العلماء
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/139)
ـ[صلاح الدين الشريف]ــــــــ[01 - 07 - 08, 02:40 ص]ـ
الحمد لله وحده
محمد الأمين
ألا تعلم بقصة جيش الصحابة الذي ثار عليه مما مكن عمرو بن العاص من دخول مصر وتحريرها؟ لا أظن هذا يخفى عليك.
نعم لايخفى عليَّ أمر هذا الجيش الذي وصفتَه بـ "جيش الصحابة" وهي محاولة منك لإضفاء الشرعية لهذا الجيش مع أنه خارج عن الخليفة الراشد المبايع له على منبر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ولو حكَّمتَ الشرع والعقل (ولم تحكم الهوى) لقلتَ إنه جيش من المفسدين، وهذا الجيش لم يذهب لتحرير مصر كما زعمتَ، فمصر حررها عمر بن الخطاب من أيدي الرومان زمن المفوقس، وهي كانت ومازالت مسلمة زمن الفاروق 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - وفي خلافة عثمان 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - وخلافة علي 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -.
ثم أن هذا الجيش الذي زعمتَ أنه ثار على عليّ 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -!! لتوليته محمد بن أبي بكر الصديق 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -
لم يكن هو الجيش الوحيد الذي خرج على دولة الخلافة الراشدة!
ففي تاريخ الطبري (3/ 149):
ثم دخلت سنة تسع وثلاثين
فمما كان فيها من الأحداث المذكورة:
تفريق معاوية جيوشه في أطراف علي
فوجه النعمان بن بشير - فيما ذكر علي بن محمد بن عوانة - في ألفي رجل إلى عين التمر، وبها مالك بن كعب مسلحةً لعلي في ألف رجل، فأذن لهم، فأتوا الكوفة، وأتاه النعمان، ولم يبق معه إلا مائة رجل، فكتب مالكٌ إلى علي يخبره بأمر النعمان ومن معه، فخطب عليٌّ الناس، وأمرهم بالخروج، فتثاقلوا، وواقع مالك النعمان، والنعمان في ألفي رجل ومالك في مائة رجل، وأمر مالك أصحابه أن يجعلوا جدر القرية في ظهورهم، واقتتلوا. أ.هـ
**رجع الحديث إلى حديث عوانة. قال:
ووجه معاوية في هذه السنة سفيان بن عوف في ستة آلاف رجل، وأمره أن يأتي هِيت فيقطعها، وأن يغير عليها، ثم يمضي حتى يأتي الأنبار والمدائن فيوقعَ بأهلها، فسار حتى أتى هِيت فلم يجد بها أحداً، ثم أتى الأنبار وبها مَسلَحة لعليّ تكون خمسمائة رجل، وقد تفرّقوا فلم يبقَ منهم إلا مائة رجل، فقاتلهم، فصبر لهم أصحاب علي مع قلتهم، ثم حملت عليهم الخيل والرجالة، فقتلوا صاحب المسلحة، وهو أشرس بن حسان البكري في ثلاثين رجلاً، واحتملوا ما كان في الأنبار من الأموال وأموال أهلها، ورجعوا إلى معاوية. ا.هـ
*قال: وفيها وجه معاوية أيضاً عبد الله بن مسعدة الفزاري في ألف وسبعمائة رجل إلى تيماء، وأمره أن يصدق من مر به من أهل البوادي، وأن يقتل من امتنع من عطائه صدقة ماله، ثم يأتي مكة والمدينة والحجاز، يفعل ذلك، واجتمع إليه بشرٌ كثير من قومه، فلما بلغ ذلك علياً وجه المسيب ابن نجبة الفزاري، فسار حتى لحق ابن مسعدة بتيماء، فاقتتلوا ذلك اليوم حتى زالت الشمس قتالاً شديداً، وحمل المسيب على ابن مسعدة فضربه ثلاث ضربات، كل ذلك لا يلتمس قتله ويقول له: النجاء النجاء! فدخل ابن مسعدة وعامة من معه الحصن، وهرب الباقون نحو الشأم، ....
*وفيها أيضاً وجه معاوية الضحاك بن قيس، وأمره أن يمرّ بأسفل واقِصة، وأن يُغِيرَ على كل من مَرَ به ممن هو في طاعة عليّ من الأعراب، ووجه معه ثلاثة آلاف رجل، فسار فأخذ أموال الناس، وقَتَلَ من لقي من الأعراب، ومرّ بالثّعلبيّة فأغار على مسالح علي، وأخذ أمتِعتهم، ومضى حتى انتهى إلى القُطْقُطانة، فأتى عَمرو بن عميس بن مسعود، وكان في خيلٍ لعليّ وأمامه أهله، وهو يريد الحج، فأغار على من كان معه، وحبسه عن المسير، فلما بلغ ذلك علياً سَرَّحَ حُجْر بن عديّ الكِندي في أربعة آلاف، وأعطاهم خمسين خمسين، فلحق الضّحاك بتَدْمُر فقتل منهم تسعة عشر رجلاً، وقتل من أصحابه رجلان، وحال بينهم الليل، فهرب الضحاك وأصحابه، ورجع حُجْر ومن معه. ا.هـ
**
ثم دخلت سنة أربعين
ذكر ما كان فيها من الأحداث
فمما كان فيها من ذلك توجيه معاويةُ بُسر بن أبي أرطاة في ثلاثة آلاف من المقاتلة إلى الحجاز.
فذكر عن زياد بن عبد الله البكائي، عن عوانة، قال: أرسل معاوية ابن أبي سفيان بعد تحكيم الحكمين بسر بن أبي أرطاة - وهو رجلٌ من بني عامر بن لؤي في جيش - فساروا من الشأم حتى قدموا المدينة، وعامل عليّ على المدينة يومئذ أبو أيوب الأنصاري، ففر منهم أبو أيوب، فأتى علياً بالكوفة، ودخل بسر المدينة؛ قال: فصعد منبرها ولم يقاتله بها أحد، فنادى على المنبر: يا دينار، ويا نجار، ويا زريق، شيخي شيخي! عهدي به بالأمس، فأين هو! يعني عثمان، ثم قال: يا أهل المدينة، والله لولا ما عهد إلي معاوية ما تركت بها محتلماً إلا قتلته. ثم بايع أهل المدينة، ........ ، وهدم بسر دوراً بالمدينة، ثم مضى حتى أتى مكة، فخافه أبو موسى أن يقتله، فقال له بسر: ما كنت لأفعل بصاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك؛ فخلى عنه، وكتب أبو موسى قبل ذلك إلى اليمن: إن خيلاً مبعوثةً من عند معاوية تقتل الناس، تقتل من أبى أن يقر بالحكومة. ثم مضى بسر إلى اليمن، وكان عليها عبيد الله بن عباس عاملاً لعلي، فلما بلغه مسيره فر إلى الكوفة حتى أتى علياً، واستخلف عبد الله بن عبد المدان الحارثي على اليمن، فأتاه بسر فقتله وقتل ابنه، ولقي بسر ثقل عبيد الله بن عباس. وفيه ابنان له صغيران، فذبحهما. وقد قال بعض الناس: إنه وجد ابني عبيد الله بن عباس عند رجل من بني كنانة من أهل البادية، فلما أراد قتلهما قال الكناني: علام تقتل هذين ولا ذنب لهما! فإن كنت قاتلهما فاقتلني، قال: أفعل؛ فبدأ بالكناني فقتله، ثم قتلهما ثم رجع بسر إلى الشأم. ...... وقتل بسر في مسيره ذلك جماعةً كثيرةً من شيعة عليٍّ باليمن.ا. هـ
والمقصود أن الجيش الذي ذهب (لتحرير مصر!) ثائراً على عليّ ـ كما زعمتَ ـ لتوليته محمد بن أبي بكر كانت هناك جيوش أخرى مثله في كل مكان من دولة الخلافة ـ في العراق وبلاد الحجاز واليمن ـ تعيث في الأرض فساداً وتهدد الآمنين رغم أن الولاة من قِبَل علي ّ بعضهم كان من الصحابة و لم يكونوا فساقاَ ـ كما زعمتَ ـ ولم يُتهموا بمقتل عثمان 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/140)
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[02 - 07 - 08, 08:47 م]ـ
يا صلاح لم تأت بجديد. فالجيش الذي ثار بمصر هو جيش من الصحابة ثاروا على التابعي (وليس الصحابي) محمد بن أبي بكر (الذي لقبه الحسن البصري بالفاسق لكونه من قتلة عثمان) وهذا لا دخل له بالجيوش الأخرى التي فتحت باقي الأمصار. فالمفسدين هم الذين خرجوا على عثمان وحاصروه وقتلوه مظلوماً. فلما حاول أحدهم تولي أمر مصر، رفض الصحابة هذا، مما سهل على فاتح مصر عمرو بن العاص رضي الله عنه تحرير مصر من سيطرة المفسدين والقضاء على فتلة عثمان بها.
والمعروف أن قتلة عثمان ينتمون إلى ثلاثة أمصار: البصرة، وقد قضى عليهم جيش أم المؤمنين. ومصر وقد قضى عليهم جيش الصحابة مع عمرو بن العاص. والكوفة.
أما قصة بسر بن أرطأة رضي الله عنه في اليمن فلم تصح، وليس هذا موضوعنا.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[02 - 07 - 08, 08:56 م]ـ
ومن ذلك قول هذا الشيخ أن معاوية رضي الله عنه أولى بهذا الأمر من علي رضي الله عنه
فهاشمي لا يقول بهذا المقال إلا إذا تأثر بشيء خارجي
وهو في زماننا الفكر القومي
فما ذكرته هو تحليل لطريقة تفكير هذا الرجل
يا شيخ، دعنا من اتهام الناس بالتأثر بأفكار خارجية ... بالأمس اتهمت الشيخ أبو حمزة بالتعصب لبني أمية لأنه شامي (مع أن أهل الشام مالوا للتشيع منذ الحكم العبيدي الفاطمي) واليوم تتهم شيخاً آخر بالتأثر بالقوميين مع أنه ملاحق من قبلهم ومحكوم عليه. وهذه المقولة قد قال بها من قبل صحابة وتابعون واستمرت إلى أن رد عليها ابن تيمية في منهاج السنة.
وقد سلمنا أن القوميون يتحدثون عن الخلفاء من جهة قومية لكنهم لا يهتمون بالفتن مثل صفين لأن طرفي النزاع عربي، بل لعلهم يهملون الحديث عنها عمداً.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[02 - 07 - 08, 09:02 م]ـ
نتابع الشبهات التي أثيرت حول مروان رضي الله عنه:
الأحاديث التي جاءت في ذمه
وكل ما جاء في سب الحَكَم بن أبي العاص (رضي الله عنه) باطل. قال الذهبي في سير أعلام النبلاء (2|108): «وَيُرْوَى فِي سَبِّهِ أَحَادِيْثُ لَمْ تَصِحَّ». وقال ابن السكن (كما في الإصابة): «يقال إن النبي صلى الله عليه وسلم دعا عليه، ولم يثبت ذلك». وقال الذهبي في "تاريخه" (2|96): «وقد وردت أحاديث منكرة في لعنه، لا يجوز الاحتجاج بها».
وسيأتي بيان ذلك بالتفصيل إن شاء الله، أما ما كان في ذم بني أمية دون ذكر الحكم فليس من شرطي وإن كانت كل تلك الأحاديث قد حكم العلماء عليها بالبطلان.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[02 - 07 - 08, 11:29 م]ـ
-عن الشعبي قال: سمعت عبد الله بن الزبير وهو مستند إلى الكعبة وهو يقول: ورب هذه الكعبة لقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلاناً وما ولد من صلبه.
%فيه ضعف: أخرجه أحمد (4|5): ثنا عبد الرزاق أنا بن عيينة عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي به. وأخرجه البزار (6|159): حدثنا أحمد بن منصور بن سيار قال نا عبد الرزاق قال أنا سفيان بن عيينة عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي ... الحديث، وبه: «لعن الحكم وما ولد له». قال البزار: «وهذا الكلام لا نحفظه عن ابن الزبير إلا من هذا الوجه الإسناد، ورواه محمد بن فضيل أيضاً عن إسماعيل عن الشعبي عن ابن الزبير، حدثنا به علي بن المنذر». أي أن التفرد بهذا الإسناد هو من جهة إسماعيل عن الشعبي عن ابن الزبير. وقد أخرجه الطبراني في الكبير (13|121) من طريق محمد بن فضيل وأحمد بن بشير وأبي مالك الجنبي، كلهم عن إسماعيل به.
والإسناد الذي عند أحمد ظاهره أنه على شرط الشيخين، إلا أن عدم إخراج البخاري ومسلم له رغم أنه في الظاهر على شرطهما يدل على علة خفية فيه. وكذلك امتنع أصحاب السنن عن إخراجه. وكذلك أصحاب الصحاح الأخرى كابن خزيمة وابن حبان. وهذه العلل يلجأ إليها العلماء في مثل هذه الأحاديث، فلا تعمّم.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/141)
ويظهر أن هذه العلة هي تدليس إسماعيل بن أبي خالد الكوفي، عن الشعبي. وقد ذكره بالتدليس النسائي وغيره. وجاء في "جامع التحصيل" (ص145): «وذكر عند يحيى بن سعيد القطان شيء يروى عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي أن المغيرة بن شعبة لما شهد عليه الثلاثة الحديث فقال يحيى ليس بصحيح. وذكر عنده قول الشعبي في الجراحات أخماس فقال يحيى كان معي فلم يصححه إسماعيل. وذكر يحيى حديث إسماعيل بن أبي خالد عن عامر يعني الشعبي عن أيمن بن خريم وفيه شعر فقال قال لي إسماعيل لم أسمع هذا الشعر من عامر. وقال بن المديني قلت ليحيى يعني القطان ما حملت عن إسماعيل عن عامر هي صحاح قال نعم إلا أن فيها حديثين أخاف أن لا يكون سمعهما. قلت ليحيى ما هما قال قال عامر في رجل خير امرأته فلم تختر حتى تفرقا، والآخر قول علي رضي الله عنه في رجل تزوج امرأة على أن يعتق أباها».
وهذا يدل على أن إسماعيل قد يحدِّث بما لم يسمع عن الشعبي. وهذا الحديث لا أعرف أن يحيى قد رواه عن إسماعيل. ولا يقال أن يحيى قد استوعب أحاديث إسماعيل عن الشعبي، فلعل هذا الحديث لم يحدث به إسماعيل إلا لأفراد، لما قد علم من تشدد يحيى بن سعيد القطان. ومعلوم أنه كما قال العجلي: «ربما أرسل الشيء عن الشعبي، و إذا وقف أخبر».
فان قيل وهذا الحديث روي من غير طريق إسماعيل كما أخرجه الطبراني (13|221) والحاكم (4|481)، وفي إسناده ابن رشدين وهو ضعيف. فيقال إن الإسناد لا يصح عن هؤلاء، ولعل هذا من الخطأ الذي وقع فيه هؤلاء الضعفاء. فالحديث حديث إسماعيل. وقد نص على ذلك البزار كما ذكرنا.
و المتن فيه نكارة من جهة لعن النسل والولد. لكن يحل الإشكال ما أخرجه النسائي في التفسير من طريق محمد بن زياد قال: لما بايع معاوية رضي الله عنه لابنه قال مروان: «سنة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما». فقال عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما: «سنة هرقل وقيصر». فقال مروان: «هذا الذي أنزل الله تعالى فيه {والذي قال لوالديه أف لكما} الآية». فبلغ ذلك عائشة رضي الله عنها فقالت: «كذب مروان. والله ما هو به. ولو شئت أن أسمي الذي أنزلت فيه لسميته. ولكن رسول الله لعن أبا مروان. ومروان في صلبه. فمروان فضض من لعنة الله».
فاللعن قد وقع للحكم من النبي صلى الله عليه وسلم. ثم إن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ذكرت أن مروان كان آنذاك في صلبه. «فمروان فضض من لعنة الله». أي أن أم المؤمنين أرادت أن تبين له أن والده قد لعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنت ابنه. وهذا يقضي بأن اللعن كان قبل ولادة مروان. ومروان ولد بعد الهجرة. فاللعن إما انه كان قبل الهجرة أو قبل ولادة مروان. وهو على كل حال قبل إسلام الحكم. فلا نكارة في المتن لأن اللعن قد وقع لكافر مجاهر بعداوته للإسلام، ولا دخل للنسل هنا. وهذا الحديث لعله بلغ ابن الزبير رضي الله عنه، ففهم منه على الإطلاق، وفهم عبارة أم المؤمنين عائشة على هذا. ولعل للعداوة التي كانت بين ابن الزبير رضي الله عنهما، وبين مروان دور في هذا الفهم.
هذا إن صح الحديث عنه، وإن صح الحديث عن أمنا عائشة. فكلاهما مطعون في إسناده. فالأول قد عرفت ما فيه، والثاني منقطع. وقد أشار إليه الذهبي في "تلخيص المستدرك" بقوله: «فيه انقطاع. فإن محمداً لم يسمع من عائشة». وهو لا يروي عنها إلا بواسطة. و نقله الزيلعي في "تخريج الكشاف" (3|282) و لم يتعقبه. و كذلك ابن حجر في "إتحاف المهرة" (17|522) و لفظه: «قال الذهبي: محمد بن زياد لم يدرك عائشة، فهو منقطع». كما أن عبد الرحمن تقدمت وفاته. فلم يشهد محمد بن زياد ما حدث بين عبد الرحمن ومروان. و الحديث أصله في صحيح البخاري (من طريق آخر) دون كلام عائشة المذكور، فهذه علة أخرى.
قال البخاري (#4550) عن يوسف بن ماهك قال: كان مروان على الحجاز استعمله معاوية، فخطب يذكر يزيد بن معاوية لكي يبايع له بعد أبيه، فقال له عبد الرحمن بن أبي بكر شيئاً. فقال: خذوه. فدخل بيت عائشة، فلم يقدروا. فقال مروان: هذا الذي أنزل الله فيه {والذي قال لوالديه أفٍ لكما أتعدانني}. فقالت عائشة من وراء الحجاب: ما أنزل الله فينا (أي: بني أبي بكر) شيئاً من القرآن، إلا أن الله أنزل عذري.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/142)
والذي يتأمل الآيات، يجد أن الراجح ما ذكره مروان في أنها نزلت في عبد الرحمان بن أبي بكر. فسورة الأحقاف مكية من أوائل السور، لأن فيها قصة الجن الذين سمعوا القرآن بعد أن انقطع عنهم خبر السماء. قال ابن كثير (7|290): «الجن كان استماعهم في ابتداء الإيحاء». ولا يُعرف في ذلك الوقت رجلٌ أسلم هو وزوجه وبقي أحد من أولاده على الكفر إلا عبد الرحمان. وشهد عبد الرحمن بن أبي بكر بدراً وأُحُداً مع قومه كافراً وكان اسمه عبد الكعبة. ثم أسلم يوم الفتح أو بين الحديبية والفتح. وعائشة أم المؤمنين لم تكن قد ولدت عند تلك الحادثة، إذ ولدت حوالي سبعة سنين قبل الهجرة. فهي أخبرت بما عَلِمت، أي أنها لا تعلم أن الله أنزل في أولاد أبي بكر شيئاً إلا ما جاء في براءتها من الإفك. والمُثبِتُ مُقدَّمٌ على النافي، لا سيما أن كل القرائن هي مع مروان، وأن جمهور المفسرين يفسرون الآية مثله.
قال الله تعالى: {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آَمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} (الأحقاف:17). ذكر العوفي عن ابن عباس أنها نزلت في ابنٍ لأبي بكر. وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة: أنها في عبد الرحمن بن أبي بكر. قال ابن الجوزي في زاد المسير (7|380): «وعلى هذا جمهور المفسرين». وأخرج ابن أبي حاتم في تفسيره (#18573) عن السدي قال: نزلت هذه الآية {والذي قال لوالديه أف لكما} في عبد الرحمن بن أبي بكر قال لوالديه أبو بكر وأم رومان وكانا قد أسلما، وأبى هو أن يسلم فكان يأمرانه بالإسلام ويرد عليهما ويكذبهما، فيقول: فأين فلان؟ وأين فلان؟ يعني مشايخ قريش ممن قد مات. ثم أسلم بعد فحسن إسلامه، فنزلت توبته في هذه الآية {ولكل درجات مما عملوا}. أهـ. وجزم مقاتل والكلبي في تفسيرهما أنها نزلت في عبد الرحمن وأن قوله {أولئك الذين حق عليهم القول} المراد منه هؤلاء الذين ذكرهم عبد الرحمن من المشركين الذين ماتوا قبله، وهم الذين حق عليهم القول، وبالجملة فهو عائد إلى المشار إليهم بقوله {وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِن قَبْلِي} لا إلى المشار إليه بقوله {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَّكُمَآ}. واستحسن هذا الرازي.
ـ[ابن وهب]ــــــــ[03 - 07 - 08, 01:33 ص]ـ
كونه ملاحق من قبلهم لا يعني أنه لم يتأثر بهم بل هذا هو الحل الأمثل لفكره الغريب
ولا يوجد نص عن صحابي أو تابعي قال أن معاوية أحق بالأمر من علي
لا يوجد نص واحد عن واحد منهم
بل أمير المؤمنين معاوية رضي الله عنه لم يقل ذلك عن نفسه
كل ما في الأمر
قال الإمام ابن تيمية - رحمه الله
(والمنتقصون لعلي من أهل البدع طوائف طائفة تكفرة كالخوارج وهؤلاء يكفرون معه عثمان وجمهور المسلمين فيثبت أهل السنة إيمان على ووجوب موالاته بمثل ما يثبتون به إيمان عثمان ووجوب موالاته
وطائفة يقولون إنه وإن كان أفضل من معاوية لكن كان معاوية مصيبا في قتلاه ولم يكن علي مصيبا في قتال معاوية وهؤلاء كثيرون كالذين قاتلوه مع معاوية وهؤلاء يقولون أو جمهورهم إن عليا لم يكن إماما مفترض الطاعة لأنه لم تثبت خلافته بنص ولا إجماع
وهذا القول قاله طائفة أخرى ممن يراه أفضل من معاوية وأنه أقرب إلى الحق من معاوية ويقولون إن معاوية لم يكن مصيبا في قتاله لكن يقولون مع ذلك إن الزمان كان زمان فتنة وفرقة لم يكن هناك إمام جماعة ولا خليفة
وهذا القول قاله كثير من علماء أهل الحديث البصريين والشاميين والأندلسيين وغيرهم وكان بالأندلس كثير من بني أمية يذهبون إلى هذا القول ويترحمون على علي ويثنون عليه لكن يقولون لم يكن
خليفة وإنما الخليفة من اجتمع الناس عليه ولم يجتمعوا على علي وكان من هؤلاء من يربع بمعاوية في خطبة الجمعة فيذكر الثلاثة ويربع بمعاوية ولا يذكر عليا ويحتجون بأن معاوية اجتمع عليه الناس بالمبايعه بما بايعه الحسن بخلاف علي فإن المسلمين لم يجتمعوا عليه ويقولون لهذا ربعنا بمعاوية لا لأنه أفضل من علي بل علي أفضل منه كما أن كثيرا من الصحابة أفضل من معاوية وإن لم يكونوا خلفاء
وهؤلاء قد احتج عليهم الإمام أحمد وغيره بحديث سفينة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تصير ملكا وقال أحمد من لم يربع بعلي في الخلافة فهو أضل من حمار أهله وتكلم بعض هؤلاء في أحمد بسب هذا الكلام وقال قد أنكر خلافته من الصحابة طلحة والزبير وغيرهما ممن لا يقال فيه هذا
القول واحتجوا بأن أكثر الأحاديث التي فيها ذكر خلافة النبوة لا يذكر فيها إلا الخلفاء الثلاثة
مثل ما روى الإمام أحمد في مسنده عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد بن جدعان عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما أيكم رأة رؤيا فقلت أنا يا رسول الله رأيت كأن ميزانا دلى من السماء فوزنت بأبي بكر فرجحت بأبي بكر ثم وزن أبو بكر بعمر فرجع أبو بكر بعمر ثم وزن عمر بعثمان فرجح عمر بعثمان ثم رفع الميزان فقال النبي صلى الله عليه وسلم خلافة نبوة ثم يؤتى الله الملك من يشاء
وروى أبو داود حديثا عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى الليلة رجل صالح أن ابا بكر نيط برسول الله صلى الله عليه وسلم ونيط عمر بأبي بكر ونيط عثمان بعمر قال جابر فلما قمنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قلنا أما الرجل الصالح فرسول الله صلى الله عليه وسلم وأما نوط بعضهم ببعض فهم ولاة هذا الأمر الذي بعث الله به نبيه)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/143)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[03 - 07 - 08, 01:41 ص]ـ
تنبيه
الأخ صلاح الدين
قال الله تعالى
(تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون)
هذا على العموم وأما ما يتعلق بالصحابة فينبغي الحذر الشديد
فإذا كان يشم فيه نوع تعرض للصحابة رضوان الله عليهم أي كان فينبغي السكوت
هذا إذا صحت الرواية فكيف بروايات الأخباريين وأمثالهم
فما نقلتموه من الأخبار فيه من أخبار هولاء ما فيه وينبغي لكم أن تطالبوا المشرف بحذف هذا الكلام
وفيه ما هو كذب وتلفيق من روايات الأخباريين
ولا يحملنكم انتصار البعض للأمويين على مثل هذا
والله الموفق
ـ[ابن وهب]ــــــــ[03 - 07 - 08, 01:49 ص]ـ
الأخ محمد الأمين
تلك فتنة عصمنا الله منها لماذا نتدخل فيها
فنقول
بالجيوش التي فتحت الأمصار ونحو هذا الكلام
إذا كنت ترى أن أمير المؤمنين معاوية رضي الله عنه كان مصيبا في حروبه وأمير المؤمنين علي رضي الله عنه غير مصيب وأن أمير المؤمنين معاوية أقرب إلى الحق من أمير المؤمنين علي رضي الله عنه
وهو قول مرجوح مخالف لقول جماهير أهل العلم
أقول على فرض أن هذا رأيك فهذا لا يجيز لكم الكلام في الفتنة بمثل ما تذكرون
فهل الجيوش التي قاتلت أو تحركت ضد نواب علي 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - فتحت هذه الأمصار
ونحو هذا الكلام
مما فيه من التنقص من الصحابة الذين كانوا مع علي رضي الله عنه وهم أكثر عددا وجلالة ما فيه
ـ[ابن وهب]ــــــــ[03 - 07 - 08, 02:03 ص]ـ
(مع أن أهل الشام مالوا للتشيع منذ الحكم العبيدي الفاطمي) هذا الكلام بهذا الاطلاق غير صحيح
بل الغالب على أهل الشام في زمن العبيديين مذهب السنة لا التشيع فقط في بعض نواحي حلب وبعض المناطق في نواحي الشام مال من مال للتشيع بسبب عوامل أخرى ولكن ظل غالب أهل الشام على مذهب أهل السنة من غير تشيع ولا نصب إلى أن جاء الفكر القومي وهذا قبل سيطرة الحكم القومي بل الفكر القومي سابق على الحكم القومي النصيري فالنصيرية فرقة تسترت بالقومية ليس إلا
أما الفكر القومي فقديم أعني أقدم من سيطرة النصيرية على بلاد الشام
المهم الفكر القومي أظهر هذه الأقوال الغريبة
ثم هذا الكلام مع أننا لا نسلم به لو سلمنا به جدلا فإن كلامنا هو عن العصر الحديث لا عن قبل ألف سنة
وقد وضحناه في الموضوع السابق
ثم التشيع في عهد الدولة المسماة بالفاطمية هو من جور السلطان ليس إلا وإلا فأهل الشام في الجملة أبعد الناس عن البدع فضلا عن بدعة الرفض التي هي من أقبح البدع
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[03 - 07 - 08, 02:08 ص]ـ
إذا كنت ترى أن أمير المؤمنين معاوية رضي الله عنه كان مصيبا في حروبه وأمير المؤمنين علي رضي الله عنه غير مصيب وأن أمير المؤمنين معاوية أقرب إلى الحق من أمير المؤمنين علي رضي الله عنه
كلا، لم أقل بهذا قط. بل علي رضي الله عنه أقرب للحق من معاوية رضي الله عنه، كما نص الحديث في قتال الخوارج، ومعلوم أن الأقرب للحق لا يعني أنه أصاب الحق كله، فأنا أصوب جمهور الصحابة الذين ما شاركوا في القتال.
بالنسبة للجيوش التي تحركت ضد نواب علي رضي الله عنه فأنا تكلمت عن جيش مصر فقط، ومعلوم أن الأشتر ومحمد بن أبي بكر ليس لهما صحبة، بعكس ما ثار عليهما من صحابة مصر، وقد شاركا في من حاصر عثمان رضي الله عنه. ولم أتكلم عن باقي الجيوش، وهي خارجة عن موضوعنا. بل حتى الحديث عن جيش مصر فهو خارج كلية عن موضوعنا. فكلامنا عن مروان بن الحكم، ولم يكن مشاركا في هذا الجيش. وجزاك الله خيرا على التنبيه، وسأعود لإكمال الحديث عن الأحاديث فقط إن شاء الله.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[03 - 07 - 08, 02:19 ص]ـ
(مع أن أهل الشام مالوا للتشيع منذ الحكم العبيدي الفاطمي) هذا الكلام بهذا الاطلاق غير صحيح
بل الغالب على أهل الشام في زمن العبيديين مذهب السنة لا التشيع فقط في بعض نواحي حلب وبعض المناطق في نواحي الشام مال من مال للتشيع بسبب عوامل أخرى ولكن ظل غالب أهل الشام على مذهب أهل السنة من غير تشيع ولا نصب إلى أن جاء الفكر القومي وهذا قبل سيطرة الحكم القومي بل الفكر القومي سابق على الحكم القومي النصيري فالنصيرية فرقة تسترت بالقومية ليس إلا
أما الفكر القومي فقديم أعني أقدم من سيطرة النصيرية على بلاد الشام
قال الذهبي في الميزان (1|205): "قد كان النصب مذهباً لاهل دمشق في وقت، كما كان الرفض مذهباً لهم في وقت، وهو في دولة بني عبيد. ثم عدم -ولله الحمد- النصب وبقي الرفض خفيفاً خاملاً".
وكلامه عن أهل دمشق ينطبق كذلك على باقي بلاد الشام. وقد اشتهر أهل حمص بالرفض أيام بني عبيد، وكان من يُظهر حب أبي بكر في دمشق يُقتل في حدود سنة 400. والتشيع في حلب أقدم من بني عبيد إذ ظهر في عهد بني حمدان وفي عهدهم نشأ مذهب النصيرية. وقد انسحب هذا على علمائهم كذلك مثل سبط ابن الجوزي (راجع ما ذكره الذهبي عنه). وإلى اليوم لا تزال فرق الشيعة قوية في المنطقة مثل النصيرية والدروز والاثني عشرية والاسماعيلية ...
أما عن الفكر القومي فلم تذكروا أحداً من أنصاره أيد معاوية على علي!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/144)
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[03 - 07 - 08, 02:21 ص]ـ
-وعن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ليرعفن على منبري جبار من جبابرة بني أمية فيسيل رعافه". فحدثني من رأى عمرو بن سعيد بن العاصي رعف على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سال رعافه.
%موضوع: رواه أحمد (2|522): عن عبد الصمد ثنا حماد حدثني علي بن زيد (شيعي ضعيف) أخبرني من سمع أبا هريرة يقول. وفيه رجل مجهول لم يسم. وذكر أبي هريرة دلالة على الوضع كما سيأتي بيانه.
-وعن أبي يحيى قال: كنت بين الحسن والحسين ومروان يتشاتمان فجعل الحسن يكف الحسين فقال مروان: أهل بيت ملعونون. فغضب الحسن وقال: أقلت أهل بيت ملعونون؟ فو الله لعنك الله على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم وأنت في صلب أبيك.
-وفي رواية: فقال الحسن والحسين: والله ثم والله لقد لعنك الله. والباقي بنحوه.
%موضوع: رواه أبو يعلى (12|135) واللفظ له، والطبراني (3|85)، كلاهما من طريق حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن أبي يحيى. وعطاء قد اختلط في آخر عمره، وأبو يحيى نخعي مجهول. وهذا من الكذب على مروان والحسن والحسين. فكيف كانا من أطوع الناس له وأحبهم إليه، وهو يسبهما بل يلعن سائر أهل البيت؟! قال الشافعي: أنبأنا حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد (الصادق) عن أبيه (الباقر): أن الحسن والحسين كانا يصليان خلف مروان ولا يعيدانها ويعتدان بها.
-وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا بلغ بنو أبي فلان ثلاثين رجلاً، اتخذوا مال الله دولاً، ودين الله دخلاً، وعباد الله خولاً".
%ضعيف: رواه أحمد (3|80) بهذا اللفظ. ورواه الطبراني في الأوسط (8|6) والصغير (2|271) وأبو يعلى (2|383) إلا أنه قال: " بنو أبي العاص". والحديث كما قال البوصيري في مختصر الإتحاف (3|124): «مدار أسانيده على عطية الكوفي، وهو ضعيف». قلت: هو شيعي متفق على ضعفه. قال ابن عساكر: «عطية من غلاة الشيعة».
ـ[صلاح الدين الشريف]ــــــــ[03 - 07 - 08, 02:57 ص]ـ
الأخ الفاضل ابن وهب
جزاكم الله خيراً ...
كوني استشهدت بروايات إخبارية، وفيها ما لايصح سنداً ومتناً، لايعني أنني أقبلها، بل هي للرد على الأخ الأمين ـ هداه الله ـ الذي يحاول تخطئة علي 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - في استعماله ابن أبي بكر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - على مصر.
ولللأخ المشرف أن يعدل المشاركة أو يحذفها.
ـ[صلاح الدين الشريف]ــــــــ[03 - 07 - 08, 03:19 ص]ـ
محمد الأمين
بالنسبة للجيوش التي تحركت ضد نواب علي رضي الله عنه فأنا تكلمت عن جيش مصر فقط، ومعلوم أن الأشتر ومحمد بن أبي بكر ليس لهما صحبة، بعكس ما ثار عليهما من صحابة مصر، وقد شاركا في من حاصر عثمان رضي الله عنه
قيس بن سعد بن عبادة رضي الله عنهما كان والياً لعلي رضي الله عنه على مصر قبل محمد بن أبي بكر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -.
وقيس 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - صحابي ابن صحابي وسيد من سادات الأنصار وهو لم يُتهم بمقتل عثمان رضي الله عنه.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[03 - 07 - 08, 03:27 ص]ـ
-وعن أبي هريرة أنه قال: إذا بلغ بنو أبي العاصي ثلاثين كان دين الله دخلاً، ومال الله دولاً، وعباد الله خولاً.
% موضوع: أخرجه أبو يعلى (11|402): حدثنا يحيى بن أيوب (هو المقابري البغدادي) حدثنا إسماعيل قال أخبرني العلاء عن أبيه (هو عبد الرحمن بن يعقوب) عن أبي هريرة. العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب: وثّقه أحمد والترمذي، وقال عنه ابن معين: ليس حديثه بحجة. وقال أبو زرعة: ليس هو بالقوي. والصواب أنه صدوق لا بأس به لكن عنده الكثير من الشواذ. قال عنه الخليلي: «مدني، مختلف فيه لأنه ينفرد بأحاديث لا يتابع عليها ... و قد أخرج له مسلم من حديث المشاهير دون الشواذ». أما إسماعيل فلم أميزه. فقد يكون ابن جعفر وقد يكون ابن علية وقد يكون غيرهما. ولذلك قال الهيثمي عن الحديث: «رواه أبو يعلى من رواية إسماعيل ولم ينسبه عن ابن عجلان ولم أعرف إسماعيل». والعجيب أنه يقول: إذا بلغ أبي العاصي ثلاثين رجلاً، مع أن بنو أمية كانوا من أكبر بطون قريش. فيالها من كذبة لم تُحكَم.
ـ[ابن وهب]ــــــــ[03 - 07 - 08, 04:10 ص]ـ
ليس هو إسماعيل بن علية قطعا بل هو إسماعيل بن جعفر
ولكنه غريب فلا أدري هل هو من صحيح حديث العلاء أولا وقولي صحيح حديث العلاء أقصد أنه هل صح ذلك عن العلاء
ومما يدل على غرابة ذلك أن الحاكم لما خرج حديث أبي هريرة لم يخرجه من هذا الطريق
مع أنه لو كان في نسخة العلاء لخرجه من النسخة
فليحرر
وكذا في المسند وغيره
فالحاكم خرج حديث مسلم بن خالد الزنجي عن العلاء ولفظه مختلف
والله أعلم
وأصل الحديث عن أبي هريرة في صحيح البخاري ولفظه
قال البخاري
(حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا عمرو بن يحيى بن سعيد بن عمرو بن سعيد قال أخبرني جدي قال كنت جالسا مع أبي هريرة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة ومعنا مروان قال أبو هريرة
: سمعت الصادق المصدوق يقول (هلكة أمتي على يدي غلمة من قريش). فقال مروان لعنة الله عليهم غلمة. فقال أبو هريرة لو شئت أن أقول بني فلان وبني فلان لفعلت. فكنت أخرج مع جدي إلى بني مروان حين ملكوا بالشأم فإذا رآهم غلمانا أحداثا قال لنا عسى هؤلاء أن يكونوا منهم؟ قلنا أنت أعلم)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/145)
ـ[صلاح الدين الشريف]ــــــــ[03 - 07 - 08, 04:30 ص]ـ
744 - " إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلا، اتخذوا دين الله دخلا و عباد الله خولا و مال الله عز وجل دولا ".
قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 2/ 379:
ورد من حديث أبي هريرة و أبي سعيد الخدري و أبي ذر الغفاري و معاوية بن أبي سفيان.
1 - أما حديث أبي هريرة، فيرويه سليمان بن بلال عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا به. أخرجه تمام في " الفوائد " (59/ 2) و البيهقي في " دلائل النبوة " (ج 2). و تابعه إسماعيل بن جعفر المدائني حدثنا العلاء به. إلا أنه أوقفه على أبي هريرة، و لكنه في حكم المرفوع كما هو ظاهر.
أخرجه أبو يعلى في " مسنده " (305/ 2) و ابن خزيمة في "حديث علي بن حجر "
(ج 3 رقم 15 - نسختي) و عنه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (16/ 176 / 2).
قلت: و هذا إسناد صحيح على شرط مسلم، و قد سرد أبو يعلى بهذا الإسناد أحاديث كثيرة جلها في " صحيح مسلم ".
2 - أما حديث أبي سعيد، فيرويه عطية عنه. أخرجه أحمد (3/ 80) و الطبراني
في " المعجم الأوسط " (1/ 191 - 192) و تمام أيضا و البيهقي و ابن عساكر و الحاكم (4/ 480) شاهدا للحديث الآتي.
3 - أما حديث أبي ذر، فيرويه شريك بن عبد الله عن الأعمش عن شقيق بن سلمة عن حلام بن جذل الغفاري قال: سمعت أبا ذر جندب بن جنادة الغفاري يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. أخرجه الحاكم (4/ 479 - 480)
و قال: " صحيح على شرط مسلم ". و وافقه الذهبي.
و أقول: شريك سيء الحفظ و لم يحتج به مسلم. و حلام بن جذل، و في " الجرح والتعديل " (1/ 2 / 308):" جزل " بالزاي و لعله الصواب و قال: " روى عنه أبو الطفيل ". و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا.
قلت: فالرجل مجهول، و ليس من رجال مسلم.
4 - أما حديث معاوية فيرويه مصعب بن عبد الله حدثني عبد الله بن محمد بن يحيى بن عروة بن الزبير أو غيره قال: " اشتكى عمرو بن عثمان، فكان العواد يدخلون عليه، فيخرجون و يتخلف عنده مروان، فيطيل، فأنكرت ذلك رملة بنت معاوية ....
فلما خرج عمرو إلى الحج، خرجت رملة إلى أبيها، فقدمت عليه الشام، فأخبرته
(فقال): أشهد يا مروان لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره ".
أخرجه ابن عساكر (13/ 294 / 1).
قلت: مصعب هذا صدوق عالم بالنسب، فإن كان حفظ اسم شيخه و أنه عبد الله بن محمد .... فالإسناد واه جدا، لأن عبد الله متروك الحديث كما قال أبو حاتم و لكنه لم يجزم بأنه هو، بل تردد بين أن يكون هو أو غيره.
و بالجملة، فالعمدة في إثبات صحة الحديث إنما هو الطريق الأولى و الثانية و الثالثة شاهدان جيدان له. و الله أعلم.ا. هـ
ـ[ابن وهب]ــــــــ[03 - 07 - 08, 04:51 ص]ـ
بارك الله فيكم ورحم الله الشيخ الألباني
استعجلت ونعوذ بالله من العجلة
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[03 - 07 - 08, 04:57 ص]ـ
سبق بيان ضعف الأول (والغلط من العلاء) والثاني (والعلة هي عطية) وشهد الألباني بضعف الثالث والرابع. والحمد لله رب العالمين.
ـ[ابن وهب]ــــــــ[03 - 07 - 08, 05:06 ص]ـ
وقولكم
(وأبو يحيى نخعي مجهول) محل نظر
:
(خ م د عس ق): عمير بن سعيد النخعى الصهبانى، أبو يحيى الكوفى. اهـ.
و قال المزى:
قال إسحاق بن منصور، عن يحيى بن معين: ثقة.
و قال شعبة، عن الحكم: قال عمير بن سعيد و حسبك به.
و ذكره ابن حبان فى كتاب " الثقات "، و قال: مات سنة سبع و مئة فى ولاية عمر ابن هبيرة.
و قال محمد بن سعد: توفى فى ولاية خالد بن عبد الله سنة خمس عشرة و مئة
ـ[ابن وهب]ــــــــ[03 - 07 - 08, 05:42 ص]ـ
(والمُثبِتُ مُقدَّمٌ على النافي) هذا إذا كان رواية المثبت أقوى
فلا عبرة بمرسل مروان التابعي والحجة في كلام أمنا عائشة رضي الله عنها
وقد سكت مروان عقب إنكار أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها كما في رواية البخاري
ولا عبرة بموافقة عطية الذي ذكرتم
(و شيعي متفق على ضعفه. قال ابن عساكر: «عطية من غلاة الشيعة»)
عن ابن عباس 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -
ولا برواية معمر عن قتادة وفي رواية معمر عن قتادة اضطراب ومراسيل قتادة فيها غرائب ولا عبرة بمرسل أو معضل السدي الذي نسبتموه إلى الكذب ولا عبرة برواية الكلبي (الكذاب) ولا عبرة برواية مقاتل
فإن كان ابن الجوزي - رحمه الله - اعتبر مثل هذه الروايات (قول جماهير المفسرين) فكان ينبغي أن لا تتابعوه
ومالنا لا نشدد في هذه الروايات وفيها رواة شيعة وفيه ذكر لابن أبي بكر الصديق 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - وهو ما يفرح به الرافضة
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[03 - 07 - 08, 09:24 ص]ـ
وقد سكت مروان عقب إنكار أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها كما في رواية البخاري
ومالنا لا نشدد في هذه الروايات وفيها رواة شيعة وفيه ذكر لابن أبي بكر الصديق 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - وهو ما يفرح به الرافضة
رواية البخاري مختصرة جداً ولم تذكر سكوتاً، وفي الرواية الأخرى -إن صحت- نص على أن مروان ذهب إلى حجرة أمنا عائشة وحدثها ثم انصرف. وهذا من أدبه رضي الله عنه أنه لم يرد أن يرد على عائشة رضي الله عنها أمام الناس.
ولا يُعرف في ذلك الوقت رجلٌ أسلم هو وزوجه وبقي أحد من أولاده على الكفر إلا عبد الرحمان.
وليس فيها ما يضر الصديق رضي الله عنه فما ذنبه إن بقي ولده على الكفر؟ نوح نبي مرسل من أولي العزم وقد بقي ابنه وزوجه على الكفر. مع أن عبد الرحمن قد أسلم وحسن إسلامه بعد الحديبية. وسياق الأحداث وظاهر الآيات كله يشهد لقول الجمهور. انظر تفسير الرازي.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/146)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[03 - 07 - 08, 11:38 ص]ـ
أين الدليل مراسيل يعارض به الثابت الصحيح
قال ابن حجر
(لكن نفي عائشة أن تكون نزلت في عبد الرحمن وآل بيته أصح إسنادا وأولى بالقبول
)
ونحتج بالمراسيل المنكرة من أجل الدفاع عن صحة مرسل مروان
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[03 - 07 - 08, 05:48 م]ـ
الدليل قد تقدم. عندما مرسل ينفي العلم بالحادثة ومرسل يثبت وتؤيده القراءن
والسؤال: فمن نزلت الآية؟ لن تجد غير نفس الرجل.
ـ[ابن وهب]ــــــــ[03 - 07 - 08, 06:21 م]ـ
فرق بين مرسل صحابي إذا سلمنا بجميع ما ذكرتم وبين مرسل تابعي
ثم كم كان عمر عبد الرحمن أول البعثة كم الفرق بين عائشة وعبد الرحمن
إذا بالغنا قلنا عشرين سنة
كم كان عمره وقت البعثة
هل كان بالغا مكلفا أصلا
كل هذا بحسب ما ذكرتم
ثم إمام الصنعة البخاري وضع الحديث واحتج به ترى هل يحتج بمرسل مروان
أم بكلام عائشة
طبعا بكلام أم المؤمنين عائشة لأن البخاري لا يقبل مرسل التابعي ويعارض به نقل الصحابي
كيف إذا الصحابية شقيقة الصحابي وهي من العلم بمكان
فكل القرائن تثبت قول أمنا عائشة رضي الله عنها وسكوت مروان فيه دلالة على ذلك فلو كان سمع ذلك من صحابي لذكره
فلا حجة في مرسل مروان فضلا عن مراسيل المتأخرين التي هي أشبه بالمعضلات
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[04 - 07 - 08, 11:49 م]ـ
فكل القرائن تثبت قول أمنا عائشة رضي الله عنها وسكوت مروان فيه دلالة على ذلك فلو كان سمع ذلك من صحابي لذكره
ما أسهل الزعم بلا دليل، خاصة أنك لم تأت بقرينة واحدة، ولم تجب على السؤال أعلاه. رواية البخاري مختصرة جداً ولم تذكر سكوتاً، وفي الرواية الأخرى -إن صحت- نص على أن مروان ذهب إلى حجرة أمنا عائشة وحدثها ثم انصرف. وهذا من أدبه رضي الله عنه أنه لم يرد أن يرد على عائشة رضي الله عنها أمام الناس. ولا يُعرف في ذلك الوقت رجلٌ أسلم هو وزوجه وبقي أحد من أولاده على الكفر إلا عبد الرحمان وعبد الله، وكان عبد الرحمن أكبر. فعلى من نزلت إذاً؟ وسياق الأحداث وظاهر الآيات كله كما أظهره الرازي في تفسيره يشهد لقول الجمهور. ولم ينكر قول مروان أحداً ممن أدرك نزول الآية، ولا حتى عبد الرحمن نفسه.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[04 - 07 - 08, 11:51 م]ـ
-وعن أبي ذر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا بلغت بنو أمية أربعين رجلاً، اتخذوا عباد الله خولا ومال الله دخلا وكتاب الله دغلا.
%موضوع: أخرجه الطبراني وأبو نعيم من طريق أبي بكر بن أبي مريم الغساني (ضعيف) عن راشد بن سعد عن أبي ذر. وهذا منقطع من نكارة المتن. قال ابن عساكر: «كذا قال: "أربعين"! وراشد لم يدرك أبا ذر». والعجيب أنه يقول إذا بلغ بنو أمية أربعين رجلا وبنو أمية كانوا من أكبر قبائل قريش. ويرويه الحاكم (4|479) من طريق شريك بن عبد الله (سيئ الحفظ) عن الأعمش (مدلس) عن شقيق بن سلمة عن حلام بن جذل (أو جزل، مجهول) قال: سمعت أبا ذر.
-وعن عبد الله بن عمرو قال: كنا جلوساً عند النبي صلى الله عليه وسلم وقد ذهب عمرو بن العاصي يلبس ثيابه ليلحقني فقال ونحن عنده: "ليدخلن عليكم رجل لعين". فو الله ما زلت وجلاً أتشوف خارجاً وداخلاً حتى دخل فلان - يعني الحكم.
%إسناده صحيح، بدون زيادة «يعني الحكم»: رواه أحمد (2|163): ثنا ابن نمير ثنا عثمان بن حكيم عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن عبد الله بن عمرو. وزيادة «يعني الحكم» هي لفظة تفسير مدرجة من أحد رواة الحديث، بحسب فهمه للحديث. وقد ظهر هذا الإدراج بشكل أوضح فيما أخرجه البزار والطبراني في الأوسط، حيث فيه: «حتى دخل الحكم بن أبي العاص»
فأصل الحديث «لعن فلانا» فأبدل بعض الرواة لفظ «فلانا» بـ «الحكم». فالتفسير ليس من صلب رواية الصحابي بل هو من تفسير من دونه من الكوفيين. و غالب الإدراج يكون كذلك، فتجد الراوي إذا وصل المرفوع بالموقوف مثلا، جاء من بعده ممن يروي الحديث عنه فساقه مساقا واحدا، فَهْماً منه و ظناً بأن الكل حديث واحد. ثم أين تم ذلك؟ فلم يكن عمرو مسلماً إلا بعد صلح الحديبية. ومتى جاء الحكم إلى المدينة حتى يجتمع بعمرو؟ فالزيادة باطلة، ولا سيما بأن شيعة الكوفة قد كانوا حاقدين على بني أمية. فلا يمكن تصديق أخبارهم في أعدائهم. جاء في المعجم الأوسط (7|160): حدثنا محمد بن عبد الرحيم الديباجي ثنا محمد بن أحمد بن أبي خلف ثنا عبد الله بن نمير بمثله. وجاء في مسند البزار (6|344): حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد قال أخبرنا عبد الله بن نمير بمثله. وقال البزار: «لا نعلم هذا بهذا اللفظ إلا عن عبد الله بن عمرو بهذا الإسناد». وأخرجه ابن عبد البر في "الاستيعاب" (1|318) وابن أبي خيثمة في "التاريخ" (#1786): من طريق عبد الواحد بن زياد ثنا عثمان بن حكيم ثنا شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو عن عبد الله بن عمرو به. وهذا اختلاف في الإسناد، والأول أصح لأن ابن نمير أتقن من عبد الواحد بن زياد.
-وعن جبير بن مطعم قال: بينا أنا جالس مع النبي صلى الله عليه وسلم في الحجر إذ مر الحكم بن أبي العاصي فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ويل لأمتي مما في صلب هذا".
%ضعيف جداً: رواه الطبراني في الأوسط (2|144): قال الطبراني: «لا يُروى هذا الحديث عن جبير، إلا بهذا الإسناد. تفرد به محمد بن خلف». وشيخ ابن خلف هو معاذ بن خالد: ليّن الحديث كما في التقريب (1|536)، وله مناكير كما في لسان الميزان (7|391).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/147)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[05 - 07 - 08, 02:49 ص]ـ
ننظر في كلام الرازي
(اعلم أنه تعالى لما وصف الولد البار بوالديه في الآية المتقدمة، وصف الولد العاق لوالديه في هذه الآية، فقال: {والذي قَالَ لوالديه أُفّ لَّكُمَا} وفي هذه الآية قولان الأول: أنها نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر، قالوا كان أبواه يدعوانه إلى الإسلام فيأبى، وهو {أُفٍّ لَّكُمَا} واحتج القائلون بهذا القول على صحته، بأنه لما كتب معاوية إلى مروان يبايع الناس ليزيد، قال عبد الرحمن بن أبي بكر: لقد جئتم بها هرقلية، أتبايعون لأبنائكم؟ فقال مروان: يا أيها الناس هو الذي قال الله فيه {والذي قَالَ لوالديه أُفٍّ لَّكُمَا}. والقول الثاني: أنه ليس المراد من شخص معين، بل المراد منه كل من كان موصوفاً بهذه الصفة، وهو كل من دعاه أبواه إلى الدين الحق فأباه وأنكره، وهذا القول هو الصحيح عندنا، ويدل عليه وجوه الأول: أنه تعالى وصف هذا الذي قال لوالديه أف لكما أتعدانني بقوله {أولئك الذين حَقَّ عَلَيْهِمُ القول فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمْ مّنَ الجن والإنس إِنَّهُمْ كَانُواْ خاسرين} ولا شك أن عبد الرحمن آمن وحسن إسلامه، وكان من سادات المسلمين، فبطل حمل الآية عليه، فإن قالوا: روي أنه لما دعاه أبواه إلى الإسلام وأخبراه بالبعث بعد الموت، قال: {أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ} من القبر، يعني أبعث بعد الموت {وَقَدْ خَلَتِ القرون مِن قَبْلِي} يعني الأمم الخالية، فلم أر أحداً منهم بعث فأين عبد الله بن جدعان، وأين فلان وفلان؟ إذا عرفت هذا فنقول قوله {أولئك الذين حَقَّ عَلَيْهِمُ القول} المراد هؤلاء الذين ذكرهم عبد الرحمن من المشركين الذين ماتوا قبله، وهم الذين حق عليهم القول، وبالجملة فهو عائد إلى المشار إليهم بقوله {وَقَدْ خَلَتِ القرون مِن قَبْلِي} لا إلى المشار إليه بقوله {والذي قَالَ لوالديه أُفٍّ لَّكُمَا} هذا ما ذكره الكلبي في دفع ذلك الدليل، وهو حسن والوجه الثاني: في إبطال ذلك القول، ما روي أن مروان لما خاطب عبد الرحمن بن أبي بكر بذلك الكلام سمعت عائشة ذلك فغضبت وقالت: والله ما هو به، ولكن الله لعن أباك وأنت في صلبه الوجه الثالث: وهو الأقوى، أن يقال إنه تعالى وصف الولد البار بأبويه في الآية المتقدمة، ووصف الولد العاق لأبويه في هذه الآية، وذكر من صفات ذلك الولد أنه بلغ في العقوق إلى حيث لما دعاه أبواه إلى الدين الحق، وهو الإقرار بالبعث والقيامة أصر على الإنكار وأبى واستكبر، وعول في ذلك الإنكار على شبهات خسيسة وكلمات واهية، وإذا كان كذلك كان المراد كل ولد اتصف بالصفات المذكورة ولا حاجة ألبتة إلى تخصيص اللفظ المطلق بشخص معين،)
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[05 - 07 - 08, 03:23 ص]ـ
-وعن عبد الله البهي مولى الزبير قال: كنت في المسجد ومروان يخطب فقال عبد الرحمن بن أبي بكر: والله ما استخلف أبو بكر أحداً من أهله فقال مروان: أنت الذي نزلت فيك {والذي قال لوالديه أف لكما} فقال عبد الرحمن: كذبت، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن أباك.
%ضعيف: رواه البزار (6|241): من طريق عبد الرحمن بن مغراء نا إسماعيل بن أبي خالد عن عبد الله البهي، الحديث. وقال البزار: «وهذا الكلام لا نعلمه يروى عن عبد الرحمن بن أبي بكر عن النبي إلا من هذا الوجه». ورواه ابن أبي حاتم في تفسيره مطولا من نفس الطريق. عبد الله البهي وثقه ابن سعد، لكن قال عنه أبو حاتم: «لا يُحتج بالبهي، وهو مضطرب الحديث». وفي كل الأحوال لم يسمع من عبد الرحمن بن أبي بكر. عبد الرحمن ضعيف: وثقه الخليلي وأبو خالد الأحمر وضعفه ابن عدي وابن المديني والساجي والحاكم أبو أحمد. ولا يثبت أن عبد الرحمن قد أنكر على مروان أن الآية قد نزلت فيه.
-وعن أبي عبيدة بن الجراح قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يزال هذا الأمر قائماً، حتى يثلمه رجل من بني أمية".
%ضعيف جداً: رواه البزار (4|109): حدثناه سليمان بن سيف الحراني قال نا محمد بن سليمان بن أبي داود قال حدثني أبي عن مكحول عن أبي ثعلبة الخشني عن أبي عبيدة بن الجراح، الحديث. قال البزّار: «وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن النبي إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد». محمد بن سليمان صدوق. لكن أباه ضعيف جداً. قال عنه البخاري في التاريخ (4|11): «منكر الحديث». وقال النسائي: «ليس بثقة و لا مأمون». وقال أبو حاتم: «ضعيف جداً وقال ابن حبان: «يروي عن الأثبات ما يخالف حديث الثقات حتى خرج عن حد الاحتجاج به». وقال أحمد: «ليس بشيء». وقال أبو احمد الحاكم: «في حديثه بعض المناكير». وقال أبو زرعة: «لين الحديث». وذكره الساجي في الضعفاء. وذكره الأزدي وقال: «منكر الحديث».
-وعن أبي عبيدة بن الجراح قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يزال هذا أمر أمتي قائماً بالقسط حتى يكون أول من يثلمه رجل من بني أمية يقال له: يزيد".
%ضعيف: رواه أبو يعلى (2|175): حدثنا الحكم بن موسى حدثنا يحيى بن حمزة عن هشام بن الغاز عن مكحول عن أبي عبيدة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يزال هذا الأمر قائما بالقسط حتى يثلمه رجل من بني أمية. أي بغير زيادة. ثم رواه بعد ذلك عن الحكم بن موسى حدثنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن مكحول عن أبي عبيدة مرفوعاً، مع الزيادة. وكلاهما ضعيف فمكحول لم يلق أبا عبيدة، و الوليد (في الإسناد الثاني) كان يدلّس تدليس تسوية عن الأوزاعي. وأقر ابن حجر في "إتحاف الخيرة" بانقطاع السند.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/148)
ـ[ابن سفران الشريفي]ــــــــ[07 - 07 - 08, 12:37 ص]ـ
بالنسبة لعلي رضي الله عنه فمن الأخطاء التي وقع بها هي توليته لقتلة عثمان وتقريبهم إليه، وقد ولى منهم الأشتر على مصر، فلما تسمم، ولى ابن أبي بكر على مصر، فثار الناس واعترض الصحابة في مصر على تولية هذا الفاسق فثاروا عليه، فتمكن بذلك عمرو بن العاص من غلبته و مجازاته ما يستحق.
!
تقول هذا مع قولك: ((وقصة اتهام مروان بقتل طلحة يلزم منها أمورً خطيرة، منها ......... وفيه تهمة خطيرة لمعاوية رضي الله عنه، إذ كيف يولي قاتلا فاسقا على خير بلاد المسلمين وهي المدينة المنورة))
فهل ترى أن معاوية كان أتقى من علي؟
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[07 - 07 - 08, 04:09 ص]ـ
استدراك جيد لكنك لم تنظر لقولي "وقد ولى منهم الأشتر على مصر، فلما تسمم، ولى ابن أبي بكر على مصر، فثار الناس واعترض الصحابة في مصر على تولية هذا الفاسق فثاروا عليه، فتمكن بذلك عمرو بن العاص من غلبته"
فالشاهد أن أحداً من فقهاء المدينة -على كثرتهم وفضلهم- لم يعترض على تعيين مروان. بل ترى أفاضلهم يروي عنه. أما ابن أبي بكر فقد ثار الناس عليه ورفضوه.
ـ[ابن سفران الشريفي]ــــــــ[07 - 07 - 08, 05:38 م]ـ
استدراك جيد لكنك لم تنظر لقولي "وقد ولى منهم الأشتر على مصر، فلما تسمم، ولى ابن أبي بكر على مصر، فثار الناس واعترض الصحابة في مصر على تولية هذا الفاسق فثاروا عليه، فتمكن بذلك عمرو بن العاص من غلبته"
فالشاهد أن أحداً من فقهاء المدينة -على كثرتهم وفضلهم- لم يعترض على تعيين مروان. بل ترى أفاضلهم يروي عنه. أما ابن أبي بكر فقد ثار الناس عليه ورفضوه.
هل هذا هو جواب سؤالي؟
سؤالي هو:هل ترى أن معاوية أتقى من علي؟
ولأفصل السؤال: هل ترى أن علياً أتقى من معاوية أو مثله في التقى أو أقل منه؟
وسبب السؤال واضح لا علاقة له بما ذكرته الآن وهو:
أنك تستدل على عدم قتل مروان لطلحة أن معاوية ولاه على المدينة، وفي هذا اتهام خطير لمعاوية، أي أنك ترى أن معاوية يستبعد على من في ورعه أن يفعل ذلك.
مع أنك تؤكد أن علياً ولى أكثر من واحد ممن قتلوا من هو خير من طلحة وهو عثمان، أي ما فعله علي هو أفظع مما استبعدته عن معاوية.
فكيف تستبعد عن معاوية ما فعل من هو خير من معاوية بمراحل ما هو شر منه؟
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[07 - 07 - 08, 08:28 م]ـ
قد قلت لك استدراك جيد. فعلي أتقى من معاوية وأفضل.
ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[09 - 07 - 08, 07:36 م]ـ
على الهامش
فضيلة لمروان بن الحكم
في حديث البخاري 1925، الذي أخبرت فيه أم سلمة وعائشة رضي الله عنهما أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كان يدركه الفجر وهو جُنُب من أهله ثم يغتسل ويصوم، وأصرّ مروان بن الحكم على عبد الرحمن بن الحارث أن يخبر أبا هريرة بالحكم الجديد،
فقال ابن حجر في فتح الباري (4/ 149) =فيه فضيلة لمروان بن الحكم، لِما يدل عليه الحديث، من اهتمامه بالعلم ومسائل الدين. اهـ.
ـ[ابن سفران الشريفي]ــــــــ[09 - 07 - 08, 11:01 م]ـ
قد قلت لك استدراك جيد. فعلي أتقى من معاوية وأفضل.
بارك الله فيك قلت استدراك جيد واستدركت على الاستدراك بشيء لم أفهم علاقته به حتى الآن.ولكن أشكرك على تراجعك.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[16 - 07 - 08, 06:53 ص]ـ
-وعن عبد الله بن مسعود قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على بيت فيه اثنا عشر رجلاً فقال: "إن في هذا البيت من فتنته على أمتي أشر من فتنة الدجال".
%موضوع: رواه البزار وفيه مسلم بن كيسان وهو ضعيف.
-وعن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يكون خليفة. هو وذريته من أهل النار".
%ضعيف: رواه الطبراني وفيه من لم أعرفه.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/149)
-وعن عبد الله بن عمر قال: هجرت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فجاء أبو الحسن فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "ادن مني يا أبا الحسن" فلم يزل يدينه حتى التقم أذنه فأتى النبي صلى الله عليه وسلم ليساره حتى رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه كالفزع فقال: "قرع الخبيث بسمعه الباب". فقال: "انطلق يا أبا الحسن فقده كما تقاد الشاة إلى حالبها". فإذا أنا بعلي قد جاء بالحكم آخذاً بأذنه ولهازمه جميعاً، حتى وقف بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم فلعنه نبي الله صلى الله عليه وسلم ثلاثاً، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم لعلي: "أجلسه ناحية" حتى راح إلى النبي صلى الله عليه وسلم ناس من المهاجرين والأنصار، ثم دعا به النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "ها إن هذا سيخالف كتاب الله وسنة نبيه ويخرج من صلبه من فتنته يبلغ دخانها السماء". فقال رجل من المسلمين: صدق الله ورسوله هو أقل وأذل من أن يكون منه ذلك؟ قال: "بلى وبعضكم يومئذ شيعته".
%موضوع: رواه الطبراني (12|439) وفيه الحسين بن قيس الرحبي (حنش) وهو كذاب.
-وعن نصر بن عاصم الليثي عن أبيه قال: دخلت مسجد المدينة فإذا الناس يقولون: نعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله قال: قلت: ماذا؟ قالوا: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب على منبره فقام رجل فأخذ بيد ابنه فأخرجه من المسجد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لعن الله القائد والمقود. ويل لهذه الأمة من فلان ذي الأستاه".
%ضعيف: أخرجه الطبراني في الكبير (17|176) بهذا اللفظ من إسنادٍ جمعي. وأخرجه ابن عبد البر في الاستيعاب (2|784) من طريق موسى بن إسماعيل وحده ولفظه: «ويل لهذه الأمة من ذي الأستاه». فتبين أن اللفظ الذي ساقه الطبراني هو لفظ عقبة بن سنان عن غسان، وقد خالف عقبة موسى بن إسماعيل الثقة الثبت، وهو لا يتحمل ذلك. إذ أن عقبة بن سنان ليس فيه أي توثيق، وإنما قال عنه أبو حاتم: صدوق (وهذا لا يفيد أكثر من إثبات الصدق)، وقال عنه الهيثمي (5|117): ضعيف. فزيادته شاذة. وعاصم بن عمرو بن خالد، ليس له ما يثبت صحبته إلا هذا الحديث، وليس فيه إثبات لصحبته كما تبين. ولذلك شكك الإمام أحمد بصحة الحديث بقوله: «لا أدري أسمع عاصم هذا عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أم لا؟». ثم إننا لا ندري من هو المعني بهذا الحديث أصلاً!
-وعن عمرو بن مرة الجهني -وكانت له صحبة- قال: استأذن الحكم بن أبي العاصي على رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرف كلامه فقال: "ائذنوا له فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، وما يخرج من صلبه إلا الصالحين منهم وقليل ما هم. يُشرَّفون في الدنيا ويرذلون في الآخرة. ذوو مكر وخديعة".
%موضوع: رواه الطبراني هكذا والحاكم (4|528 #8531) وفيه أبو الحسن الجزري وهو مجهول، وقد قال الذهبي عنه في التلخيص: «لا والله ليس بصحيح، وأبو الحسن من المجاهيل». قال ابن عقبة: «عمرو بن مرة هذا ليس له صحبة. هذا الإسناد فيه من يجهل حاله. وجعفر بن سليمان وإن كان قد أخرج حديثه في الصحيح، إلا أنه من الغلاة في التشيع من أهل البصرة». ومتن الحديث يدل على وضعه قطعاً.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[20 - 07 - 08, 03:48 ص]ـ
قال الذهبي في الميزان (1|205): "قد كان النصب مذهباً لاهل دمشق في وقت، كما كان الرفض مذهباً لهم في وقت، وهو في دولة بني عبيد. ثم عدم -ولله الحمد- النصب وبقي الرفض خفيفاً خاملاً".
وكلامه عن أهل دمشق ينطبق كذلك على باقي بلاد الشام. وقد اشتهر أهل حمص بالرفض أيام بني عبيد، وكان من يُظهر حب أبي بكر في دمشق يُقتل في حدود سنة 400. والتشيع في حلب أقدم من بني عبيد إذ ظهر في عهد بني حمدان وفي عهدهم نشأ مذهب النصيرية. وقد انسحب هذا على علمائهم كذلك مثل سبط ابن الجوزي (راجع ما ذكره الذهبي عنه). وإلى اليوم لا تزال فرق الشيعة قوية في المنطقة مثل النصيرية والدروز والاثني عشرية والاسماعيلية ...
أما عن الفكر القومي فلم تذكروا أحداً من أنصاره أيد معاوية على علي!
قال الذهبي في السير: وكان الرفض علانية بدمشق في سنة أربع مئة. ولقد أخذ نائبها تمصولت البربري رجلا في سنة ثلاث وتسعين وثلاث مئة فطيف به على حمار: هذا جزاء من يحب أبا بكر وعمر، ثم قتل.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[20 - 07 - 08, 04:26 ص]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/150)
قال ياقوت الحموي في (3/ 183) ((ومن عجيب ما تأملته في أمر حمص فساد هوائها وترتبها اللذين يفسدان العقل حتى يضرب بحماقتهم المثل، إن أشد على علي رضي الله عنه مع معاوية كان أهل حمص وأكثرهم تحريضاً عليه وجداً في حربه فلما انقضت تلك الحروب ومضى ذلك صاروا من غلاة الشيعة حتى إن بعض أهلها كثيراً ممن رأى مذهب النصيرية وأصلهم الإمامية الذين يسبون السلف فقد التزموا الضلال أولاً وأخيراً))
==========
وفي ما يلي نقولات من مواقع شيعية والرافضة غير موثوقين في النقل لكن باعتبار أن النقل عن أئمة السنة وأنه مشفوع بأرقام الصفحات، فيسهل التأكد منه.
أورد السيوطيّ أنّ جعفر بن فلاح حاكم دمشق من قِبل الفاطميّين أمر أن يؤذَّن في مساجد دمشق بجملة «حيّ على خير العمل»، وذكر أنّ الرفض ـ على حدّ تعبيره ـ انتشر في مصر، وفي شرق الشام وغربها، حتّى عُطِّلت صلاة التراويح (264)
ونُقل عن أبي شامة رأيه أنّ الرفض ازداد في أيّام الفاطميين فأفسد عقائد أهل الجبل الساكنين في ثغور الشام (290).
وقد ذكر المقدسيّ ـ العالم الجغرافيّ في القرن الرابع الهجريّ ـ في أمر شيوع التشيّع في هذه البلاد أنّ أهالي طبرية، ونصف أهل نابلُس والقدس، وأغلب أهل عمان هم من الشيعة. كما ذكر أنّ عدداً كبيراً من أهالي تلك المناطق يرفضون مذهب أهل السنّة، وأنّ أولئك الأهالي يدينون ـ غالباً ـ بالمذهب الفاطميّ (267).
ومن مدن الشام المشهورة مدينة حِمص، وقد انتشر التشيّع في هذه المدينة في القرن الرابع الهجريّ على يد الدولة الحمدانيّة، وذكر المقريزيّ بأنّ أهل حمص كانوا يؤذّنون في سنة 347 هـ بجملة «حَيّ على خير العمل» (268)، وذكر الذهبيّ بأنهم كانوا يؤذنون بها أيضاً في مطلع القرن الخامس الهجريّ، وأنّ والي دمشق كان يومذاك من الشيعة (269).
وذكر المقريزي بأنّ المذهب الرافضي انتشر في زمن الفاطميين في غرب بلاد الشام، وديار بكر، والكوفة، والبصرة، وبغداد، وجميع العراق، وبلاد خراسان، وما وراء النهر، والحجاز، واليمن، والبحرين (276).
وقد تحدّث الرحّالة المعروف ابن جبير (ت 614 هـ) عن تشيّع دمشق، ووصف زيارته لها في رحلته التي استمرت من سنة 578 هـ إلى سنة 581 هـ، وتحدّث على الخصوص عن مشاهد أهل البيت عليهم السّلام والأوقاف التي خصّص الشيعة عائداتها لتأمين مستلزمات تلك المشاهد الشريفة، وصرّح بأنّ الشيعة في بلاد الشام أكثر من أهل السنّة (277).
وقال ابن كثير الشامي في تاريخه: كان مذهب الرفض فيها في أيّام سلطنة الاَمير سيف الدولة بن حمدان رائجاً رواجاً تاماً.
قال ابن كثير: إنّ بدر الدولة أبا الربيع سليمان بن عبد الجبار بن أرتق صاحب حلب لما أراد بناء أوّل مدرسة للشافعية بحلب لم يمكِّنه الحلبيون، إذ كان الغالب عليهم التشيعَ.
وقال ابن جبير: للشيعة في هذه البلاد أُمور عجيبة، وهم أكثر من السنيين بها، وقد عموا البلاد بمذاهبهم. ابن جبير، الرحلة، ص 250 ط مصر. قام برحلته هذه عام 581 و استغرقت ثلاث سنوات.
ـ[ابن وهب]ــــــــ[20 - 07 - 08, 06:35 ص]ـ
(قال ياقوت الحموي في (3/ 183) ((ومن عجيب ما تأملته في أمر حمص فساد هوائها وترتبها اللذين يفسدان العقل حتى يضرب بحماقتهم المثل، إن أشد على علي رضي الله عنه مع معاوية كان أهل حمص وأكثرهم تحريضاً عليه وجداً في حربه فلما انقضت تلك الحروب ومضى ذلك صاروا من غلاة الشيعة حتى إن بعض أهلها كثيراً ممن رأى مذهب النصيرية وأصلهم الإمامية الذين يسبون السلف فقد التزموا الضلال أولاً وأخيراً)))
انتهى
كلام الأديب الكاتب ياقوت بن عبد الله الرومي اليوناني الحموي - رحمه الله وغفر له - فيه نظر
وياقوت - رحمه الله - متهم بالنصب كذا
عموما يدل على خطأ هذا الكلام أمور
قوله
(فلما انقضت تلك الحروب ومضى ذلك صاروا من غلاة الشيعة
)
خطأ
في تهذيب الكمال
(وقال جعفر بن محمد بن الفضيل الرسعني عن عثمان بن صالح السهمي كان أهل مصر يتنقصون عثمان حتى نشأ فيهم الليث بن سعد فحدثهم بفضائل عثمان فكفوا عن ذلك وكان أهل حمص يتنقصون علي بن أبي طالب حتى نشأ فيهم إسماعيل بن عياش فحدثهم بفضائله فكفوا عن ذلك
)
انتهى
وإسماعيل بن عياش ت 181 أو 182
وهذا يعني أنه إلى حدود 150 تقريبا لم يكن هناك شيعة في حمص
وبين حرب صفين و150 أكثر من مائة عام
ثم بعد ذلك هل أصبح سكان حمص شيعة
الجواب
هل تجد في تراجم الحمصيين شيعة عندك شيوخ الإمام النسائي هل تجد أحد اتهم بالتشيع
ولك أن تتأمل في شيوخ الإمام النسائي من أهل حمص
مثال
يحيى بن عثمان الحمصي
هل تجده اتهم بالتشيع
يحيى بن عثمان ت 255
فعندنا 200 عام من انتهاء حرب صفين هل تجد أي وجود للشيعة في حمص
ومع أن في كلام عثمان بن صالح السهمي بحث ولكن المقصود الاستدلال به على خطأ كلام ياقوت الحموي
أما ما تكلم به ياقوت الحموي الكاتب - رحمه الله - عن اشتهار أهل حمص بالحماقة
فانظر ما كتبه عالم حمص المتأخر مصطفى السباعي - رحمه الله - في رده على محمود أبو رية
ولا أدري كيف أهل حمص يوصفوا بهذا وأغلب من نسب إلى العبادة والديانة في أهل الشام هم من أهل حمص
وفي الأثر (من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب)
وأغلب من قيل فيهم الابدال هم من أهل حمص
فأهل حمص منهم من هم من أولياء الله باتفاق علماء المسلمين
فكيف يكونوا بهذا اللؤم الذي ذكرهم عنهم ياقوت الكاتب - غفر الله له -
وأما الحماقة فلعل الطيبة تسمى حماقة ولكن هذه من صفات عباد الله الصالحين
فهم لا يمتازون باللف والدوران
وفي الأثر
(المؤمنون هينون لينون كالجمل الأنف إن قيد انقاد و إذا أنيخ على صخرة استناخ)
وروي عن الحسن البصري -
(: أدركنا أقواما لو رأيتموهم لقلتم مجانين ولو رأوكم لقالوا شياطين)
وهذه تراجم الحمصيين أين الشيعة فيهم
مجرد وجود فئة قليلة في زمن معين في وقت جور السلاطين وسيطرة الشيعة الغلاة
لا يعني أن أهل حمص أصبحوا من غلاة الشيعة
وأما وجود فئة ضالة كالنصيرية أو حتى فرق الإباحية فهذا لا يعارض ما ذكرت
فغالب أهل الشام على السنة
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/151)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[20 - 07 - 08, 07:35 ص]ـ
و أما الكلام عن تربة حمص وعن هواء حمص
فانظر هذا عن البادية فما رأيك بالريف
(البادية في محافظة حمص تنوع نباتي رعوي كبير
الخميس, 10 نيسان , 2008 - 12:55
حمص-سانا
تتصف البادية بمواصفات صحراوية من حيث معدلات الأمطار المنخفضة والمتذبذبة مع تفاوت فصلي كبير في درجات الحرارة حيث تنخفض في الشتاء إلى مادون الصفر مع فترات صقيع بينما ترتفع في الصيف إلى أكثر من 45 درجة مئوية وتترافق برياح جافة متوسط سرعتها 22 كم بالساعة وفي بعض الأحيان تصل إلى درجة العواصف الرملية وتعد نسبة الهطولات المطرية قليلة جداً حيث تصل إلى مايقارب 04ر0 بالمئة ما ينتج عنها نقص حاد في الرطوبة.
وتبلغ مساحة محافظة حمص 4 ملايين و 93 ألف هكتار في حين تبلغ مساحة باديتها 3 ملايين و 528 ألف هكتار حيث تشكل بادية حمص نسبة 86 بالمئة من مساحة المحافظة و 32 بالمئة من مساحة البادية السورية.
وذكر المهندس نبيل ابراهيم رئيس دائرة البادية في مديرية زراعة حمص أن بادية حمص تضم جبالاً شاهقة وسهولاً واسعة وهذا أدى إلى تنوع نباتي وشجيري كبير في أراضيها حيث كانت الجبال شبه مغطاة بأشجار البطم والسويد والسنديان والخوخ واللوز البري إضافة إلى الشجيرات المتقزمة كالشيح والنيتون والرمث والشنان والروثا والرغل والطرفاء مازال بعضها موجوداً.
كما كانت السهول مغطاة بالأعشاب وأكثر من 1400 نوع من النباتات المزهرة وكانت الحياة البرية فيها متنوعة كالغزلان والذئاب والضباع والأرانب وأنواع متعددة من الطيور والزواحف التي انقرض معظمها بفعل الصيد.)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[20 - 07 - 08, 04:55 م]ـ
ومما يدل على فساد ما جاء في كتاب ياقوت الحموي - رحمه الله - عن أهل حمص
قال الحميري
(مدينة حمص.
وقال قتادة: أخبرت أنه نزل حمص خمسمائة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم،
وقيل نزلها من بني سليم ممن صحب النبي صلى الله عليه وسلم أربعمائة.
وأهل هذه البلدة موصوفون بالنجدة والتمرس بالعدو لمجاورتهم له، وبعدهم في ذلك أهل
حلب. وقبليها قلعة حصينة منيعة، وشرقيها جبانة فيها قبر خالد بن الوليد سيف الله
المسلول)
انتهى
ومما يدل على فساد ما نقله الحموي عن أهل حمص
أن أهل حمص كانوا من اليمن
وفي الحديث
(أتاكم أهل اليمن ألين أفئدة وأرق قلوبا الإيمان يمان والحكمة يمانية)
على بعض الأقوال في شرح الحديث
ومما يدل على فساد ما جاء في كلام ياقوت الكاتب - رحمه الله -
أهل حمص نزلوا إشبيلية في الأندلس وذلك لمشابهة إشبيلية لحمص
فهل ترى إشبيلية تربتها فاسدة
وهذا الشعراء كلهم يذكرون حمص الأندلس
فليت شعري هل يذكرون حماقة أهل إشبيلية أو فساد تربتها
إشبيلية كانت تسمى حمص
ـ[ابن وهب]ــــــــ[20 - 07 - 08, 05:53 م]ـ
أما المقدسي فلا يعرف له ترجمة ولا يعرف مذهبه بالتحديد وفي بعض كلامه ما ينكر
وأما المقريزي فكلامه في الخطط
(فانتشرت مذاهب الرافضة في عامة بلاد المغرب ومصر والشام وديار بكر والكوفة والبصرة وبغداد، وجميع العراق، وبلاد خراسان، وما وراء النهر مع بلاد الحجاز واليمن والبحرين، وكانت بينهم وبين أهل السنة من الفتن والحروب والمقاتل ما لا يمكن حصره لكثرته)
وانتشار المذاهب بسبب سيطرة (العبيدية) وسيطرة (بنو بويه) من جهة ولا يعني ذلك أن أن سكان الشام تشيعوا
بل لو قيل بأن أكبر تجمع للسنة وقتها كان بالشام والعراق لما خالف الواقع
ـ[ابن وهب]ــــــــ[20 - 07 - 08, 07:40 م]ـ
أما ما كان بحكم الشيعة فهذا أمر آخر ولا يلزم منه تشيع أهل دمشق
وكلام ابن جبير ففيه نظر وهو ليس من أهل البلد ولعله كان في وقت سيطرة الشيعة
فلم يعرف حقيقة قوة و عدد السنة في دمشق
فتأمل
في تاريخ ابن كثير
(وفي يوم الخميس لخمس خلون من صفر من سنة ستين وثلثمائة أعلن المؤذنون في الجامع بدمشق وسائر مآذن البلد وسائر المساجد بحي على خير العمل بعد حي على الفلاح أمرهم بذلك جعفر بن فلاح ولم يقدروا على مخالفته ولا وجدوا من المسارعة إلى طاعته بدا وفي يوم الجمعة الثامن من جمادى الآخرة أمر المؤذنون أن يثنوا الأذان والتكبير في الاقامة مثنى مثنى وأن يقولوا في الاقامة حي على خير العمل فاستعظم الناس ذلك وصبروا على حكم الله تعالى
)
وتأمل
في تاريخ الخلفاء للسيوطي 468
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/152)
(و في سنة ثمان و ستين خطب للمقتدي بدمشق و أبطل الأذان بحي على خير العمل و فرح الناس بذلك)
فلو كان الناس شيعة أو جلهم لاستعظموا الأمر و ولكن جل أهل دمشق كانوا من السنة فلذلك فرحوا بهذا الأمر
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[21 - 07 - 08, 06:42 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
بالنسبة لاتهام ياقوت الحموي بالنصب فلا يصح. فالذي اتهمه أول الأمر هم شيعة أهل حمص وهم الذين طردوه منها. وأول من ذكر ذلك -في حد علمي- هو ابن خلكان، ثم تلقفه منه من ترجم لياقوت. لكن الحق أنه لم يكن ناصبياً بل هو يترضى عن علي وعن ذريته ويصفه بالإمام ويذم قاتله ويذم النواصب والخوارج. وقد أقر ابن حجر بأنه ليس في مصنفاته ما يدل على النصب. ومعلوم أن الشيعة يتهمون أهل السنة بالنصب، فهذا منه.
لكن في كلامه تحامل، وهو شيء طبيعي إذ أصابه منهم ظلم، وطردوه من مدينتهم. مع أن قوله "فلما انقضت تلك الحروب ومضى ذلك صاروا من غلاة الشيعة" ليس على ظاهره. فلا أظن أنه قصد انتشار التشيع بعد حرب صفين، بل الفاصل الزمني كبير جداً حيث لم يظهر التشيع إلا في عهد بني حمدان، ثم اشتد في عهد بني عبيد.
أما عن اشتهار أهل حمص بالحماقة فلم أقرأ للأسف ما كتبه الشيخ المربي مصطفى السباعي - رحمه الله - لكنه أمر مشهور عنهم، من عصر ابن الجوزي (ذكرهم في كتابه عن الحمقى والمغفلين) إلى يومنا الحاضر. مع أني لم أشاهد شيئاً من هذا فيهم. وأهل سوريا ولبنان يحكون الطرائف على الحمصي كما يحكيها أهل مصر على الصعيدي والأردني على الطفيلي والفرنسي على السويسري والإنكليزي على الإيرلندي ....
وربما أصل ذلك أن أهل حمص اشتهروا بالظرافة. انظر قصص بقية بن الوليد الحمصي. قال الذهبي: كان بقية شيخا حمصيا مزاحا. قال أبو التقي اليزني: سمعت بقية يقول: ما أرحمني ليوم الثلاثاء ما يصومه أحد! قال بركة بن محمد الحلبي: كنا عند بقية في غرفة، فسمع الناس يقولون: لا، لا. فأخرج رأسه من الروزنة، وجعل يصيح معهم: لا، لا. فقلنا: يا أبا يحمد، سبحان الله، أنت إمام يقتدى بك! قال: اسكت، هذه سنة بلدنا. اهـ.
أما عن تربة حمص فهي خصبة، ورياحها بحرية لا تكاد تتوقف، لأنها تعتبر فرجة بين سلسلة جبال اللاذقية وجبال لبنان، فتجد كل أغصان الشجر مائلة بسبب الريح الشديدة. وقد زرت عدداً من مدن سوريا فلم أر أحسن من مناخ حمص، مع أن هذا قد تغير إذ جعلوا مصفاة النفط غرب المدينة فكل الريح صارت فاسدة.
نرجع لمسألة هل كان الشيعة هم الأكثرية أم لا؟
قال ابن جبير في رحلته (ص 106 ترقيم الشاملة) في حديثه عن دمشق وقراها (ولعله يقصد كل بلاد الشام): وللشيعة في هذه البلاد أمور عجيبة، وهم أكثر من السنيين بها. وقد عمروا البلاد بمذاهبهم، وهم فرق شتى: منهم الرافضة، وهم السبتابون؛ ومنهم الإمامية والزيدية، وهم يقولون بالتفضيل خاصة؛
ومنهم الإسماعلية والنصيرية وهم كفرة فإنهم يزعمون الإلهية لعلي، رضي الله عنه، تع الله عن قولهم؛ ومنهم الغرابية، وهم يقولون: أن علياً رضي الله عنه، كان أشبه بالنبي، صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم، من الغراب بالغراب، وينسبون الروح الأمين، عليه السلام قولاً تع الله عنه علواً كبيراً؛ فرق كثيرة بضيق عنهم الإحصاء، قد أضلهم الله وأضل بهم كثيراً من خلقه، نسأل الله العصمة في الدين، ونعوذ به من زيغ الملحدين.
وسلط الله على هذه الرافضة طائفة تعرف بالنبوية، سنيون يدينون بالفتوّة وبأمور الرجولة كلها. وكل من الحقوه بهم لخصلة يرونها فيه منها يحزمونه السراويل فيلحقونه بهم، ولا يرون أن يستعدي أحد منهم في نازلة تنزل به، لهم في ذلك مذاهب عجيبة. واذا أقسم أحدهم بالفتوة بر قسمه. وهم يقتلون هؤلاء الروافض أينما وجدوهم. وشأنم عجيب في الأنفة والائتلاف.
ـ[ابن وهب]ــــــــ[21 - 07 - 08, 06:46 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
(أما عن اشتهار أهل حمص بالحماقة فلم أقرأ للأسف ما كتبه الشيخ المربي مصطفى السباعي - رحمه الله - لكنه أمر مشهور عنهم، من عصر ابن الجوزي (ذكرهم في كتابه عن الحمقى والمغفلين) إلى يومنا الحاضر. مع أني لم أشاهد شيئاً من هذا فيهم. وأهل سوريا ولبنان يحكون الطرائف على الحمصي كما)
بل أقدم من ذلك بكثير
وذلك لسلامة صدورهم وانظر كتاب التنوخي
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[21 - 07 - 08, 06:56 ص]ـ
عذرا كتبت ردي الأخير قبل أن أقرأ مشاركتك #69
عموماً ابن كثير متأخر أكثر من ابن جبير مع أني أستغرب من كون الشيعة غالبية في عهد ابن جبير. أما أن يكون التشيع -كفكر وليس كمذهب- هو السائد فلا أستبعده. وأعني به كفكر يعني مثل حال الصوفية اليوم.
ـ[ابن وهب]ــــــــ[21 - 07 - 08, 07:13 ص]ـ
ابن كثير وإن كان متأخرا فهو دمشقي شامي مؤرخ أعلم ببلده من رجل رحالة
على أن كلام ابن جبير لا يستقيم لا على الشام ولا على دمشق بل ولا على حلب
ونور الدين زنكي أمر بالغاء حي على خير العمل في الأذان في حلب عام 543 تقريبا
وزيارة ابن جبير متأخرة
وكلامه إن كان عن دمشق ففيه نظر بين وهذا ابن عساكر ت 571 ما ذكر أن الرافضة أكثر في البلد من السنة ولا في كتابه أي إشارة إلى ذلك
وإن كان عن الشام ككل
فأصلا أغلب الشام كان في يد الفرنج كما نص عليه ابن جبير
وكان السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي وقتها في الكرك كما نص عليه أيضا
ففي كلام ابن جبير نظر
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/153)
ـ[رقاء الحديث]ــــــــ[24 - 07 - 08, 12:51 ص]ـ
وقولكم
(وأبو يحيى نخعي مجهول) محل نظر
:
(خ م د عس ق): عمير بن سعيد النخعى الصهبانى، أبو يحيى الكوفى. اهـ.
و قال المزى:
قال إسحاق بن منصور، عن يحيى بن معين: ثقة.
و قال شعبة، عن الحكم: قال عمير بن سعيد و حسبك به.
و ذكره ابن حبان فى كتاب " الثقات "، و قال: مات سنة سبع و مئة فى ولاية عمر ابن هبيرة.
و قال محمد بن سعد: توفى فى ولاية خالد بن عبد الله سنة خمس عشرة و مئة
بسم الله الرحمن الرحيم
معذرة، هنا استدراك:
أبو يحيى هو زياد المكي
قال البخاري:
زياد أبو يحيى المكي، سمعت يحيى بن معين قال: حدثنا عبيدة بن حميد عن حصين قال علي وروى عنه عطاء بن السائب قال عبدان عن أبي حمزة عن عطاء عن أبي يحيى زياد الأنصاري عن ابن عباس اختصم رجلان إلى النبي ? .. وقال بن حماد حدثنا أبو عوانة عن عطاء عن زياد أبي يحيى أني لأمشي مع حسن وحسين ومروان وكان حسين أحد من الحسن ومن أفناء الناس (التاريخ الكبير ج 3 /ص 378)
قال عنه ابن حجر: (قال ابن حجر:" أبو يحيى المكي، ويقال الكوفي، الأعرج، مشهور بكنيته، ثقة من الثالثة " (التقريب 1/ 188)
ـ[ابن وهب]ــــــــ[24 - 07 - 08, 01:38 ص]ـ
بارك الله فيكم ونفع ببكم
ـ[رقاء الحديث]ــــــــ[26 - 07 - 08, 12:15 ص]ـ
-
-وعن أبي يحيى قال: كنت بين الحسن والحسين ومروان يتشاتمان فجعل الحسن يكف الحسين فقال مروان: أهل بيت ملعونون. فغضب الحسن وقال: أقلت أهل بيت ملعونون؟ فو الله لعنك الله على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم وأنت في صلب أبيك.
-وفي رواية: فقال الحسن والحسين: والله ثم والله لقد لعنك الله. والباقي بنحوه.
%موضوع: رواه أبو يعلى (12|135) واللفظ له، والطبراني (3|85)، كلاهما من طريق حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن أبي يحيى. وعطاء قد اختلط في آخر عمره، وأبو يحيى نخعي مجهول. وهذا من الكذب على مروان والحسن والحسين. فكيف كانا من أطوع الناس له وأحبهم إليه، وهو يسبهما بل يلعن سائر أهل البيت؟! قال الشافعي: أنبأنا حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد (الصادق) عن أبيه (الباقر): أن الحسن والحسين كانا يصليان خلف مروان ولا يعيدانها ويعتدان بها.
.
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا الحديث من رواية حماد بن سلمة وجرير بن عبدالحميد وأبي عوانة عن عطاء بن السائب عن أبي يحيى زياد الأعرج المكي،
نعم اختلط عطاء فروى عنه بعد الاختلاط جرير .. وأما أبو عوانة وحماد فقد رويا عنه - على الراجح - قبل وبعد الاختلاط، فيكون الحديث ضعيفا من هذه الجهة لتوقفنا في ما روياه عنه لعدم تميزه .. فلم حكمتم عليه بالوضع - وفقكم الله -؟
أفيدوني مأجورين.
علما بأنه لو عضد بغيره لاعتضد.
واما النخعي المجهول، فهذا كلام الذهبي رحمه الله، وعله غاب عنه، وإلآ فهو مترجم له في التقريب .. وراجع - كرما - المشاركة السابقة في بيان أبي يحيى.
جزاكم الله خيرا ووفقكم لرضوانه .. آمين
ـ[رقاء الحديث]ــــــــ[26 - 07 - 08, 12:28 ص]ـ
-
عن الشعبي قال: سمعت عبد الله بن الزبير وهو مستند إلى الكعبة وهو يقول: ورب هذه الكعبة لقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلاناً وما ولد من صلبه.
%فيه ضعف: أخرجه أحمد (4|5): ثنا عبد الرزاق أنا بن عيينة عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي به. وأخرجه البزار (6|159): حدثنا أحمد بن منصور بن سيار قال نا عبد الرزاق قال أنا سفيان بن عيينة عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي ... الحديث، وبه: «لعن الحكم وما ولد له». قال البزار: «وهذا الكلام لا نحفظه عن ابن الزبير إلا من هذا الوجه الإسناد، ورواه محمد بن فضيل أيضاً عن إسماعيل عن الشعبي عن ابن الزبير، حدثنا به علي بن المنذر». أي أن التفرد بهذا الإسناد هو من جهة إسماعيل عن الشعبي عن ابن الزبير. وقد أخرجه الطبراني في الكبير (13|121) من طريق محمد بن فضيل وأحمد بن بشير وأبي مالك الجنبي، كلهم عن إسماعيل به.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/154)
والإسناد الذي عند أحمد ظاهره أنه على شرط الشيخين، إلا أن عدم إخراج البخاري ومسلم له رغم أنه في الظاهر على شرطهما يدل على علة خفية فيه. وكذلك امتنع أصحاب السنن عن إخراجه. وكذلك أصحاب الصحاح الأخرى كابن خزيمة وابن حبان. وهذه العلل يلجأ إليها العلماء في مثل هذه الأحاديث، فلا تعمّم.
ويظهر أن هذه العلة هي تدليس إسماعيل بن أبي خالد الكوفي، عن الشعبي. وقد ذكره بالتدليس النسائي وغيره. وجاء في "جامع التحصيل" (ص145): «وذكر عند يحيى بن سعيد القطان شيء يروى عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي أن المغيرة بن شعبة لما شهد عليه الثلاثة الحديث فقال يحيى ليس بصحيح. وذكر عنده قول الشعبي في الجراحات أخماس فقال يحيى كان معي فلم يصححه إسماعيل. وذكر يحيى حديث إسماعيل بن أبي خالد عن عامر يعني الشعبي عن أيمن بن خريم وفيه شعر فقال قال لي إسماعيل لم أسمع هذا الشعر من عامر. وقال بن المديني قلت ليحيى يعني القطان ما حملت عن إسماعيل عن عامر هي صحاح قال نعم إلا أن فيها حديثين أخاف أن لا يكون سمعهما. قلت ليحيى ما هما قال قال عامر في رجل خير امرأته فلم تختر حتى تفرقا، والآخر قول علي رضي الله عنه في رجل تزوج امرأة على أن يعتق أباها».
وهذا يدل على أن إسماعيل قد يحدِّث بما لم يسمع عن الشعبي. وهذا الحديث لا أعرف أن يحيى قد رواه عن إسماعيل. ولا يقال أن يحيى قد استوعب أحاديث إسماعيل عن الشعبي، فلعل هذا الحديث لم يحدث به إسماعيل إلا لأفراد، لما قد علم من تشدد يحيى بن سعيد القطان. ومعلوم أنه كما قال العجلي: «ربما أرسل الشيء عن الشعبي، و إذا وقف أخبر».
.
نعم إسماعيل بن ابي خالد .. هو مدلس، لكن جعله ابن حجر في المرتبة الثانية من مراتب المدلسين ممن كان يدلس، لكن لا يدلس إلا عن ثقة".
قال الدكتور عبدالرزاق بن خليفة الشايجي في كتابه (ضوابط قبول عنعنة المدلس دراسة نظرية تطبيقية 245 - 246) في الضابط العاشر .. من لا يدلس إلا عن ثقة قال:
"إسماعيل بن ابي خاد الكوفي:
(وقال العجلي كان ثبتا في الحديث، وربما أرسل الشيء عن الشعبي، وإذا وقف أخبر، وكان صاحب سنة، وكان حديثه نحو خمسمائة حديث، وكان لا يروي إلا عن ثقة.) 1 ومعلوم أنه سمع من الشعبي، فإذا أرسل عنه فذلك تدليس الإسناد بلا ريب، لكنه – كما قال العجلي – لا يروي إلا عن ثقة، وهو في هذا مثل سفيان بن عينية، لذلك جعله الحافظ ابن حجر في المرتبة الثانية من مراتب المدلسين 2." أ. هـ. كلام الدكتور.
وبذلك زال مانع قبول الحديث عن ابن الزبير، فيصحح. والله تعالى أعلم.
أم هناك علة أخرى تأكد تدليسه - وفقكم الله -؟
1 - تهذيب التهذيب 1/ 147 - 148
2 - 1/ 28
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[26 - 07 - 08, 05:54 ص]ـ
مسألة فلان لا يحدث إلا عن ثقة فهذا عليه بعض النقاط:
1 - لا يسلم هذا بإطلاقه لأننا وجدنا عددا ممن حازوا هذا اللقب يروون عن ضعاف بل عن كذابين، مثل قول الشعبي حدثنا الحارث وكان كذاباً!
2 - وحتى لو كان، فهذا يعني أنه لا يحدثون عن ثقة بنظرهم، لكن غيرهم من المحدثين قد يرون هذا الثقة ضعيفا أو كذاباً. فمثلا حدث شعبة وسفيان عن جابر الجعفي، وهو كوفي شيعي متروك حتى صرح أبا حنيفة أنه ما لقي أكذب منه ... وأبو حنيفة كوفي والكوفة بلد الوضاعين، ومع ذلك لم يلق أكذب منه.
3 - وحتى لو صرح المحدث وقال حدثني الثقة كذا وكذا، فلا يقبل منه ما لم يصرح بإسم ذلك الثقة. هذا غير أن التوثيق لا يقبل من كل أحد.
4 - وعندما نرجع لتعامل المحدثين في مرويات إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي نجد أن يحيى مثلا استنكر أحد الأحاديث وقال عنه "ليس بصحيح".
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[26 - 07 - 08, 06:00 ص]ـ
نعم اختلط عطاء فروى عنه بعد الاختلاط جرير .. وأما أبو عوانة وحماد فقد رويا عنه - على الراجح - قبل وبعد الاختلاط، فيكون الحديث ضعيفا من هذه الجهة لتوقفنا في ما روياه عنه لعدم تميزه .. فلم حكمتم عليه بالوضع - وفقكم الله -؟
بارك الله بك
السبب لأني أنظر للمتن ولا أقتصر على الإسناد. فمن تأمل العلاقة الحميمة بين مروان وابنه وبين الحسن والحسين، يعلم بطلان الخبر. وكيف كانا من أطوع الناس له وأحبهم إليه، وهو يسبهما بل يلعن سائر أهل البيت؟! ليس هذا بوارد. والله أعلم.
ـ[رقاء الحديث]ــــــــ[26 - 07 - 08, 04:14 م]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/155)
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم ووفقكم لرضوانه.
المعذرة، في أجابتكم الثانية - وفقكم الله وسددكم - في قولكم " فمن تأمل العلاقة الحميمة بين مروان وابنه وبين الحسن والحسين، يعلم بطلان الخبر. وكيف كانا من أطوع الناس له وأحبهم إليه، وهو يسبهما بل يلعن سائر أهل البيت؟! ليس هذا بوارد "
نعم، هو كما ذكرتم،
لكن ماذا عن رواية إسحاق بن راهويه - كما في المطالب العالية 5/ 62 - 64):
وقال إسحاق، أنا إسماعيل بن إبراهيم (ثقة تكلم فيه بلا حجة)، عن ابن عوان (ثقة ثبت فاضل) عن عمير بن إسحاق (مقبول) قال: كان مروان أميرا علينا سنين، فكان يسب عليا كل جمعة على المنبر، ثم عزل مروان، واستعمل سعيد بن العاص سنين، فكان لا يسبه، ثم عزل سعيد، وأعيد مروان، فكان يسبه، فقيل للحسن بن علي: ألا تسمع ما يقول مروان، فلا ترد شيئا؟ فكان يجيء يوم الجمعة فيدخل حجرة النبي ?، فيكون فيها، فإذا قضيت الخطبة، خرج إلى المسجد فصلى فيه، ثم يرجع إلى أهله، فلم يرض بذلك مروان، حتى أهدى له في بيته، فإنا لجلوس معه، إذ قيل له: فلان على الباب، فأذن له، فدخل، فقال: إني جئتك من عند سلطان وجئتك بعزمة. فقال: تكلم. فقال: أرسل مروان بعلي وبعلي وبك وبك، وما وجدت مثلك إلا مثل البغلة، يقال لها: من أبوك؟ فتقول: أمي الفرس. فقال: ارجع إليه، فقل له: «والله لا أمحو عنك شيئا مما قلت بأني أسبك، ولكن موعدي وموعدك الله. فإن كنت صادقا يأجرك الله بصدقك، وإن كنت كاذبا فالله أشد نقمة. قد أكرم الله تعالى جدي أن يكون مثلي مثل البغلة». ثم خرج فلقي الحسين في الحجرة، فسأله، فقال: قد أرسلت برسالة، وقد أبلغتها قال: والله لتخبرني بها أو لآمرن أن تضرب حتى لا تدري متى يفرغ عنك الضرب، فلما رآه الحسن قال: أرسله قال: لا أستطيع قال: لم؟ قال: قد حلفت قال: أرسل مروان بعلي وبعلي وبك وبك وما وجدت مثلك إلا مثل البغلة يقال لها: من أبوك؟ فتقول: أمي الفرس. فقال الحسين: «أكلت بظر أمك إن لم تبلغه عني ما أقول له، قل له: بك وبأبيك وبقومك، وآية ما بيني وبينك أن تمسك منكبيك من لعن رسول الله ?» (قال البوصيري (إتحاف المهرة 10/ 227 - 228): "رواه إسحاق بن راهويه، ورواته ثقات."
- قال إسحاق، أنا النضر بن شميل (ثقة ثبت)، أنا ابن عون، عن عمير بن إسحاق. فذكر نحوه وقال في حديثه: «قد أكرم الله جدي أن يكون مثله مثل البغلة» قال: فخرج الرسول، فاستقبله الحسين، وكان لا يتعوج عن شيء يريده وقال فقال الحسين: إني قد حلفت قال الحسن: فأخبره، فإنه إذا لج في شيء لج، وقال: فاشتد على مروان قوله جدا، يعني قوله: أن تمسك منكبيك. إلى آخره.
وإسناده فيما درسته مقبول إلا أن تفيدوني بغير ذلك، فهو يدل على ما يقع بينهم من النزاع، بذلك تنتفي العلة التي أوردتموها سابقا.
وأما تبادل السب، فلا ينفي أحد أنه واقع بين الأخ وأخيه ممن هم من أعقل الناس وأحبهم لبعض، لاسيما عند الغضب، والجواب عنه ردة فعل بشرية مشروعة - في حدود المشروع - " وجزاء سيئة سيئة مثلها ".
جزاكم الله خيرا ووفقكم لكل خير.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[27 - 07 - 08, 12:55 ص]ـ
اتهامه بمعاداة أهل البيت
وهذه كذبة شيعية، ليس لها إسناد صحيح. وكان مروان كثير التعظيم لبني هاشم، وكان على صلة قوية بهم. وما يردده بعض الجهلة من أنه كان يسب أهل البيت، هو أمر مناقض لما هو ثابت متواتر عنه من حبه لهم وحبهم له. فهو يروي الحديث عن علي بن أبي طالب t، ويروي عنه الحديث علي زين العابدين ابن الحسين t. وذكر الذهبي في سير أعلام النبلاء (4|389): روى شعيب عن الزهري قال: «كان علي بن الحسين من أفضل أهل بيته، وأحسنهم طاعة، وأحبهم إلى مروان وإلى عبد الملك». قال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال سمعت الشافعي يقول: لما انهزم الناس بالبصرة يوم الجمل كان علي بن أبي طالب يسأل عن مروان بن الحكم فقال رجل يا أمير المؤمنين إنك لتكثر السؤال عن مروان بن الحكم، فقال: «تعطفني عليه رحم ماسة، وهو مع ذلك سيد من شباب قريش». وهذه القصص يرويها عدد من الضعفاء (من أمثال عمير بن إسحاق الذي قال عنه ابن معين: لا يساوي شيئاً، وقال الذهبي: فيه جهالة،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/156)
والتشيع ظاهر في روايته). وقد ذكرت كثيراً من هذا في قسم الأحاديث النبوية، فانظره.
قد ترى أني قد تكلمت عن تلك الرواية ولم أهملها. والمتن منكر جداً، وبعيد أن يتكلم مروان والحسن والحسين بهذا الفحش.
ـ[موسى الكاظم]ــــــــ[03 - 08 - 08, 05:00 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي محمد الأمين، فعلا يجب أن ننفض الغبار الذي ظل قرون يخيم على بطون الكتب والمجلدات المشحونة بالروايات التاريخية المتضاربة.
خصوصا إذا علمنا أن أعداء بني أمية من المتسترين بالإسلام، وضعوا آلالاف الروايات في الطعن فيهم. لأنها الدولة التي فتحت بلادهم ونشرت الإسلام.
فمقالك قيم جدا، لكن للأسف قد لوثته ببعض الملاحظات التي قد يتخذها البعض ذريعة للطعن في مقالك، فيظهرون وكأنهم أهل الحق
لقد قلت بأن علي بن أبي طالب ضي الله عنه مخطأ لأنه ولى قتلة عثمان، وهذا لا ينبغي أن يقال، فلايجوز نشر أخطاء الصحابة والتشهير بهم، وعقيدة أهل السنة أننا نتأول لهم ما ستطعنا.
فسيدنا علي، لم يكن باستطاعته أصلا أن يدفع هؤلاء الحمقى. وإلا لقتلوه كما قتلوا سيدنا عثمان، وأظن أن عليا له كلام في توضيح ذلك.
ثانيا: أنت قلت بأن أحد مشايخك هو حسني النسب، ويرى أن معاوية أحق بالأمر من علي، فأقول: هل توافقه على هذا ... !!
إتق الله يا أخي، سيدنا معاوية يرى أن عليا أحق منه بالأمر، وقد ورد هذا من غير وجه.
عن يعلى بن عبيد عن أبيه قال ((جاء بو مسلم الخولاني وناس معه إلى معاوية فقالوا له: أنت تنازع علياً أم أنت مثله؟ فقال معاوية: لا والله إني لأعلم أن علياً أفضل مني، وإنه لأحق بالأمر مني، ولكن ألستم تعلمون أنّ عثمان قتل مظلوما، وأنا ابن عمه، وإنما أطلب بدم عثمان، فأتوه فقولوا له فليدفع إليّ قتلة عثمان وأسلّم لهُ فأتوْا علياً فكلّموه بذلك فلم يدفعهم إليه)) سير أعلام النبلاء جـ3 ص (140) وقال المحقق: رجاله ثقات.
فعلي ابن أبي طالب هو أمير المؤمنين لا يجوز قتاله، وهو أدنى الطائفتين إلى الحق، باتفاق أهل السنة
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ((و هذا أيضاً يدل على صحة إمامة علي و وجوب طاعته و إن الداعي إلى طاعته داع إلى الجنة، وأن الداعي إلى مقاتلته داع إلى النار، و هو دليل على أنه لم يكن يجوز قتال علي، و على هذا فمقاتله مخطئ وإن كان متأولاً أو باغ بلا تأويل و هو أصح القولين لأصحابنا، و هو الحكم بتخطئة من قاتل علياً و هو مذهب الأئمة والفقهاء الذين فرعوا على ذلك قتال البغاة المتأولين. مجموع الفتاوى (4/ 437).
=========
أخي الكريم محمد الأمين،، والله مقالك أكثر من رائع، لكن مثل هذه الثغرات، قد تجعل البعض يزهد في الحق الذي تعرضه
والحق أحب إلينا من أي شئ ...
والسلام
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[05 - 08 - 08, 03:34 ص]ـ
الأخ الفاضل موسى الكاظم وفقه الله
السلام عليك ورحمة الله وبركاته
لقد قلت بأن علي بن أبي طالب ضي الله عنه مخطأ لأنه ولى قتلة عثمان، وهذا لا ينبغي أن يقال، فلايجوز نشر أخطاء الصحابة والتشهير بهم
ليس التشهير بهم لكن الاستفادة من أخطائهم ليس فيه محظور. وإلا لما استفاد الشافعي من حروب علي واستنبط أحطام البغاة. ومعلوم اعتراض ابن معين، وإن كان الحق مع الشافعي.
وهذه الأخطاء تذكر للاستفادة منها وليس للطعن بالصحابة فإن عدالتهم محفوظة، وهم مأجورون كذلك على خطأئهم لأنهم مجتهدون.
وعقيدة أهل السنة أننا نتأول لهم ما ستطعنا.
فسيدنا علي، لم يكن باستطاعته أصلا أن يدفع هؤلاء الحمقى. وإلا لقتلوه كما قتلوا سيدنا عثمان، وأظن أن عليا له كلام في توضيح ذلك.
وهل كان علي الكرار يخاف الموت؟!!
والصحابة أكثر عددا بمرات، فلو شاء أن يقضي عليهم لفعل.
ثانيا: أنت قلت بأن أحد مشايخك هو حسني النسب، ويرى أن معاوية أحق بالأمر من علي، فأقول: هل توافقه على هذا ... !!
أخالفه في كثير من أقواله وأوافقه على بعضها وهذا يحتاج لفتح موضوع منفصل.
أخي الكريم محمد الأمين،، والله مقالك أكثر من رائع، لكن مثل هذه الثغرات، قد تجعل البعض يزهد في الحق الذي تعرضه
سامح الله الأخ الذي اضطرنا للحيدة عن الموضوع الأصلي.
وغفر الله له ولنا ولكم.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[05 - 08 - 08, 06:07 ص]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/157)
-وعن عبد الله بن موهب أنه كان عند معاوية بن أبي سفيان فدخل عليه مروان فكلمه في حوائجه فقال: اقض حاجتي يا أمير المؤمنين، فو الله إن مؤنتي لعظيمة، أصبحت أبا عشرة وأخا عشرة وعم عشرة فلما أدبر مروان، وابن عباس جالس مع معاوية على سريره فقال معاوية: أنشدك الله يا ابن عباس أما تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا بلغ بنو أبي الحكم ثلاثين رجلاً اتخذوا آيات الله بينهم دولاً وعباد الله خولاً وكتابه دخلاً، فإذا بلغوا سبعة وتسعين وأربعمئة كان هلاكهم أسرع من التمرة؟ " قال: اللهم نعم. فذكر مروان حاجة له، فرد مروان عبد الملك إلى معاوية فكلمه فيها فلما أدبر قال معاوية: أنشدك الله يا ابن عباس أما تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر هذا فقال: "أبو الجبابرة الأربعة؟ " قال: اللهم نعم. فلذلك ادعى معاوية زياداً.
%موضوع: رواه الطبراني (12|236) (19|382) وفيه ابن لهيعة وهو شيعي ضعيف الحفظ كان يقبل التلقين. ومتنه منكر، فكيف يقول ذلك عنه معاوية (وهو الذي ولاه إمرة المدينة مرات عديدة) ويُشهد ابن عباس، وهو الذي يقول عنه (بعد أن سأله قبيصة: "من ترى للأمر بعدك؟ "): «وأما القارئ لكتاب الله، الفقيه في دين الله، الشديد في حدود الله، فمروان بن الحكم». تهذيب الكمال (10|505). فهذا الخبر واضح البطلان. قال ابن كثير في النهاية بعد أن جمع أحاديثاً في ذم مروان (آخرها هذا الحديث): «وهذه الطرق كلها ضعيفة».
-وعن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أول من يطلع من هذا الباب رجل من أهل النار، فطلع فلان". وفي رواية: "ليطلعن رجل عليكم يبعث يوم القيامة على غير سنتي أو غير ملتي". وكنت تركت أبي في المنزل فخفت أن يكون هو، فطلع غيره فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هو هذا".
%قال الهيثمي: رواه كله الطبراني وفيه محمد بن إسحاق بن راهويه وحديثه مستقيم وفيه ضعف غير مبين.
-وعنه قال كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أول من يطلع عليكم من هذا الفج ...
%ضعيف جداً: فيه ابن لهيعة الشيعي الضعيف، وفيه عكرمة بن أسد الحضرمي، وقد ضعف العقيلي (3|379) حديثه.
- وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ليطلعن عليكم رجل يبعث يوم القيامة على غير سنتي -أو على غير ملتي- وكنت تركت أبي في المنزل فخفت أن يكون هو فاطلع رجل غيره فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: "هو هذا".
%ضعيف جداً: رواه الطبراني في الكبير، وفيه رجل مجهول لم يسم.
-وعن ابن الزبير قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: أول من يطلع من هذا الباب من أهل النار، فطلع فلان.
%ضعيف جداً: رواه الطبراني في الكبير، وفيه ابن لهيعة وهو شيعي ضعيف مختلط مدلس.
-وعن عبد الرحمن بن أبي بكر قال: كان الحكم بن أبي العاصي يجلس عند النبي صلى الله عليه وسلم فإذا تكلم النبي صلى الله عليه وسلم اختلج، فبصر به النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "أنت كذلك" فما زال يختلج حتى مات.
%موضوع: رواه الطبراني (3|214) وفيه ضرار بن صرد وهو رافضي كذاب.
ـ[رويس الحامد]ــــــــ[05 - 08 - 08, 10:48 ص]ـ
غالباً تأتينا المشاركات الشيعية من أناس يلقبون أنفسهم بألقاب مثل (الشريف، الحسيني، إلخ) لأسباب معروفة، لا أريد الخوض بها، لكن أريد التعليق على مغالطة صلاح هذا. فالذي لقب ابن أبي بكر بالفاسق هو أحد كبار فقهاء ذلك العصر: الحسن البصري رحمه الله. وتعيين عثمان لذلك الفاسق تم تحت ضغط من أتباع ابن سبأ اليهودي عندما حاصروا عثمان وطالبوه بعزل ابن أبي سرح وتعيين محمد بن أبي بكر، فلما كتب لهم كتاباً بذلك، سقط في أيديهم، فرجعوا خائبين، فلما مرت ثلاث أيام، فإذا بأهل مصر وأهل البصرة وأهل الكوفة يعودون في يوم واحد ويدعون أنهم وجدوا كتاباً سرياً بخط مروان على زعمهم وختم عثمان يأمر ابن أبي سرح بقتل الفاسق. والكتاب مزوّر طبعاً، لكن العبرة أن ابن سبأ وقومه ما كان مرادهم عزل واليهم بل كانوا يريدون قتل الخليفة وهدم صرح الإسلام. وقد فضحهم علي عندما تسائل إن كان وفد مصر قد عثر على الكتاب المزعوم فرجع، فما سبب رجوع وفدي العراق في نفس الوقت؟ لكنها مؤامرة حيكت في المدينة ...
الحقيقة أن هذا الموقع مخترق من الشيعة و المتشيعين و يلقبون أنفسهم بالشريف و الحسيني الخ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/158)
سؤال بسيط إلى مدعي الشرف
بنو أمية من عثمان إلى الوليد نشروا الإسلام من الصين إلى فرنسا بينما لم يقم علي و بنوه بمعركة واحدة ضد الكفار و لكنهم شهروا السيوف على إخوانهم من الصحابة و التابعين
أولئك آبائي فجئني بمثلهم .. إذا جمعتنا يا جرير المجامع
طرد من الموقع
وأبقي الرد ليدل على سفاهته ونصبه
## المشرف ##
ـ[صلاح الدين الشريف]ــــــــ[06 - 08 - 08, 02:58 ص]ـ
سبحان الله والحمد لله
يا هذا ...
المشاركة الخامسة لك في هذا الملتقى! وتقول إن الملتقى مخترق من الشيعة والمتشيعين؟!
وتطعن على خلق الله وتتهم كل من تسمى بالشريف والحسيني بأنهم أدعياء شرف!!
ثم تطعن على أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب وعلى آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وتقول: رويس الحامد
لم يقم علي و بنوه بمعركة واحدة ضد الكفار و لكنهم شهروا السيوف على إخوانهم من الصحابة و التابعين
ولاأظنك إلارافضيا خبيثا أو ناصبيا ممن يتخفون خلف زي المدافعين عن الأموية والمروانية
وراجع مشاركات هذا الطاعن على آل بيت النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
هل ثبت أن أنس رضي الله عنه دعا على الحجاج بن يوسف؟؟
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=583967#post583967
راجع المشاركة رقم 5
الواقدي الكذاب شيعي يمارس التقية
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=140933
راجع المشاركة رقم 40
رويس الحامد
وفقه الله تاريخ التسجيل: 09 - 03 - 07
المشاركات: 5
الحقيقة أن هذا الموقع مخترق من الشيعة و المتشيعين و يلقبون أنفسهم بالشريف و الحسيني الخ
سؤال بسيط إلى مدعي الشرف
بنو أمية من عثمان إلى الوليد نشروا الإسلام من الصين إلى فرنسا بينما لم يقم علي و بنوه بمعركة واحدة ضد الكفار و لكنهم شهروا السيوف على إخوانهم من الصحابة و التابعين
أولئك آبائي فجئني بمثلهم .. إذا جمعتنا يا جرير المجامع
فماذا تريد من تكرار الطعن على آل البيت؟!
ـ[النذير1]ــــــــ[07 - 08 - 08, 02:17 ص]ـ
جزى الله المشرفين خيرا لطردهم ذلك الناصبي الخبيث،
ولو سمعك الصديق رضى الله عنه تشتم آل البيت لأمصك ما أمص عروة بن مسعود عندما تطاول على مقام النبي صلى الله عليه وسلم،
والحمد لله الذي طهر هذا الملتقى السني الحديثي من الروافض الأرجاس والنواصب الأنجاس،
لعن الله من سب الصحابة
لعن الله من سب آل البيت
لعن الله من سب أبا بكر الصديق
لعن الله من سب عمر الفاروق
لعن الله من سب عثمان ذا النورين
لعن الله من سب عليا أسد الله وأسد رسوله
لعن الله من سب معاوية كاتب الوحي
وغفر الله لبعض إخواننا الذين يكتبون ما قد يشجع أمثال هذا الكلب الناصبي على التطاول على آل محمد صلى الله عليه وسلم.
#####
ـ[النذير1]ــــــــ[07 - 08 - 08, 02:26 ص]ـ
كان سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه مجاب الدعوة فدعا على رجل سمعه يشتم عليا فما برح من مكانه حتى جاء بعير نادّ فخبطه بيديه ورجليه حتى قتله.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[07 - 08 - 08, 02:55 ص]ـ
1 - ليس المؤمن بالطعّان , ولا باللعان ولا الفاحش ولا البذيء
2 الأخ الهاشمي لم يصدر منه شتم لأحد
ـ[النذير1]ــــــــ[07 - 08 - 08, 04:17 م]ـ
الحقيقة أن هذا الموقع مخترق من الشيعة و المتشيعين و يلقبون أنفسهم بالشريف و الحسيني الخ
سؤال بسيط إلى مدعي الشرف
بنو أمية من عثمان إلى الوليد نشروا الإسلام من الصين إلى فرنسا بينما لم يقم علي و بنوه بمعركة واحدة ضد الكفار و لكنهم شهروا السيوف على إخوانهم من الصحابة و التابعين
أولئك آبائي فجئني بمثلهم .. إذا جمعتنا يا جرير المجامع
طرد من الموقع
وأبقي الرد ليدل على سفاهته ونصبه
## المشرف ##
1 - صدق القائل والناقل فليس المؤمن بالطعّان , ولا باللعان ولا الفاحش ولا البذيء
2 - أنا اتكلم عن رويس الذي فعل ما يلي:
أ- طعن في أنساب الناس (انظر أعلاه) ومثلك لا يجهل حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك!
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/159)
ب- سب عليا وأبنائه رضي الله عنهم أجمعين واتهمهم بأنهم أشهروا سيوفهم في وجوه الصحابة ولم يحاربوا الكفار، وهذا كذب واضح أجمع أهل السنة قاطبة على خلافه، وهذه عقيدة النواصب -هتك الله أستارهم-، ومثلك لا يجهل بطولات علي رضي الله عنه وقتله لصناديد قريش، وأظنك تعلم أن الحسين رضي الله عنه كان في جيش افريقية، وبعد ذلك تقول لم يصدر منه شتم لأحد. ولو أنه شتم ابن ملجم أو شمر بن ذي الجوشن لقام لهما من يدافع عنهما، ولكن عليا رضي الله عنه لا بواكي له.
3 - جزى الله المشرفين الذين طردوه وكتبوا العبارة أعلاه خير الجزاء.
4 - أسأل الله أن يرزقنا الانصاف، فالإنصاف عزيز.
ـ[ابن سفران الشريفي]ــــــــ[08 - 08 - 08, 12:47 ص]ـ
1 - ليس المؤمن بالطعّان , ولا باللعان ولا الفاحش ولا البذيء
2 الأخ الهاشمي لم يصدر منه شتم لأحد
عفوا من تقصد بالهاشمي؟
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[08 - 08 - 08, 05:13 ص]ـ
أ- طعن في أنساب الناس (انظر أعلاه) ومثلك لا يجهل حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك!
ب- سب عليا وأبنائه رضي الله عنهم أجمعين واتهمهم بأنهم أشهروا سيوفهم في وجوه الصحابة ولم يحاربوا الكفار، وهذا كذب واضح أجمع أهل السنة قاطبة على خلافه، وهذه عقيدة النواصب -هتك الله أستارهم-، ومثلك لا يجهل بطولات علي رضي الله عنه وقتله لصناديد قريش، وأظنك تعلم أن الحسين رضي الله عنه كان في جيش افريقية، وبعد ذلك تقول لم يصدر منه شتم لأحد. ولو أنه شتم ابن ملجم أو شمر بن ذي الجوشن لقام لهما من يدافع عنهما، ولكن عليا رضي الله عنه لا بواكي له.
لا يظهر من عبارته أنها طعن في النسب. قوله "مدعي الشرف" ظاهرها إنكار إطلاق لفظ شريف على العلويين، لا أكثر.
عبارته ظاهرها سؤال، مع أن صيغتها غير مستقيمة. انظر قوله "سؤال بسيط إلى مدعي الشرف: بنو أمية من عثمان إلى الوليد نشروا الإسلام من الصين إلى فرنسا بينما لم يقم علي و بنوه بمعركة واحدة ضد الكفار و لكنهم شهروا السيوف على إخوانهم من الصحابة و التابعين" كأنه يتسائل أليس هذا صحيحاً؟ ومفهوم أن كلامه بعد النبي صلى الله عليه وسلم، لأن بطولات علي رضي الله عنه في بدر و الخندق و خيبر مشهورة حتى عند العوام. عموماً جواب سؤاله لا، لأن الحسن أو الحسين رضي الله عنهما قد شارك في حصار القسطنطنية الأول بقيادة الأمير يزيد رحمه الله.
ـ[ابن سفران الشريفي]ــــــــ[08 - 08 - 08, 10:55 ص]ـ
لا يظهر من عبارته أنها طعن في النسب. قوله "مدعي الشرف" ظاهرها إنكار إطلاق لفظ شريف على العلويين، لا أكثر.
عبارته ظاهرها سؤال، مع أن صيغتها غير مستقيمة. انظر قوله "سؤال بسيط إلى مدعي الشرف: بنو أمية من عثمان إلى الوليد نشروا الإسلام من الصين إلى فرنسا بينما لم يقم علي و بنوه بمعركة واحدة ضد الكفار و لكنهم شهروا السيوف على إخوانهم من الصحابة و التابعين" كأنه يتسائل أليس هذا صحيحاً؟ ومفهوم أن كلامه بعد النبي صلى الله عليه وسلم، لأن بطولات علي رضي الله عنه في بدر و الخندق و خيبر مشهورة حتى عند العوام. عموماً جواب سؤاله لا، لأن الحسن أو الحسين رضي الله عنهما قد شارك في حصار القسطنطنية الأول بقيادة الأمير يزيد رحمه الله.
هل تعني أنه لم يخطئ في شيء؟
ـ[عصام البشير]ــــــــ[08 - 08 - 08, 11:46 ص]ـ
نعوذ بالله من آفة النصب.
أما إذا اجتمعت مع الجهل والتعالم، فتلك الطامة الكبرى.
ـ[أبو إبراهيم الفيفاوي]ــــــــ[08 - 08 - 08, 12:25 م]ـ
الحقيقة أن هذا الموقع مخترق من الشيعة و المتشيعين و يلقبون أنفسهم بالشريف و الحسيني الخ
سؤال بسيط إلى مدعي الشرف
بنو أمية من عثمان إلى الوليد نشروا الإسلام من الصين إلى فرنسا بينما لم يقم علي و بنوه بمعركة واحدة ضد الكفار و لكنهم شهروا السيوف على إخوانهم من الصحابة و التابعين
أولئك آبائي فجئني بمثلهم .. إذا جمعتنا يا جرير المجامع
طرد من الموقع
وأبقي الرد ليدل على سفاهته ونصبه
## المشرف ##
جزاك الله خيرا على حذف هذا المأفون
ـ[النذير1]ــــــــ[08 - 08 - 08, 04:50 م]ـ
الأخ محمد الأمين،
إني سائلك بضع أسئلة وأظنك تَصدُقُني:
1 - هل تطاول رويس على علي وأولاده رضي الله عنهم؟
2 - ما هو واجب المسلم تجاه أصحاب النبي وآله إذا سمع من يتطاول عليهم؟
3 - لو تطاول رويس على مروان بن الحكم أو الحجاج، أكنت تدافع عنه وتلتمس له الاعذار كما التمستها له لما تطاول على علي وأولاده رضي الله عنهم أجمعين؟
4 - أترجو من الله أجرا لذبك عن رويس؟
وفقك الله لكل خير
ـ[ابن سفران الشريفي]ــــــــ[08 - 08 - 08, 10:24 م]ـ
وردا على هذا الخبيث الناصبي أقول:
لو لم يخرج معاوية على علي أرأيت علياً وقف عن الفتح؟
ألم يكن تنازل الحسن لمعاوية سبباً في مواصلة الفتح؟
ألم يشهر معاوية سيفه في وجه المسلمين مثل علي؟
هل كان معاوية يحارب الكفار قبل أن ينتهي من المسلمين؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/160)
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[08 - 08 - 08, 11:17 م]ـ
هل تعني أنه لم يخطئ في شيء؟
بل أخطئ! وهذا واضح. ألا ترى قولي "لا، لأن الحسن أو الحسين رضي الله عنهما قد شارك في حصار القسطنطنية الأول بقيادة الأمير يزيد رحمه الله"؟!
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[09 - 08 - 08, 01:58 ص]ـ
وردا على هذا الخبيث الناصبي أقول:
هل يمكن الرد على رجل ممنوع من الكتابة؟!
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[09 - 08 - 08, 04:35 ص]ـ
الأخ محمد الأمين،
إني سائلك بضع أسئلة وأظنك تَصدُقُني:
1 - هل تطاول رويس على علي وأولاده رضي الله عنهم؟
2 - ما هو واجب المسلم تجاه أصحاب النبي وآله إذا سمع من يتطاول عليهم؟
3 - لو تطاول رويس على مروان بن الحكم أو الحجاج، أكنت تدافع عنه وتلتمس له الاعذار كما التمستها له لما تطاول على علي وأولاده رضي الله عنهم أجمعين؟
4 - أترجو من الله أجرا لذبك عن رويس؟
وفقك الله لكل خير
1 - نعم، طريقة السؤال فيها انتقاص لعلي وولديه رضي الله عنهم، والانتقاص هو غير الشتم
2 - الشيء الطبيعي أن يغضب المسلم، لكن هذا الغضب يجب أن يكون مضبوطاً بضوابط الشرع. فقد قال النصارى في الله عز وجل قولاً شنيعاً تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا ومع ذلك أمر الحكيم الخبير بأن لا نجادلهم إلا بأحسن القول طالما أنهم ملتزمين بأدب الحوار. وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ. فإن كان هذا مع النصارى الكفار، فمع المسلمين أولى! بل هذا فرعون يدعي الأولوهية ويطغى في الأرض، ومع ذلك يقول الله سبحانه وتعالى لرسوليه: فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى. وأحسب أن المغزى قد وصل.
3 - مروان؟ والحجاج كذلك؟! أحد أعضاء هذا المنتدى فعل أسوء من ذلك ... كان يطعن في معاوية رضي الله عنه ويفسقه، ومع ذلك فلم أتجاوز في ردي عليه أداب الحوار.
4 - قد حكم شريح على علي في خصومته مع اليهودي. أفلم يكن يرجو الأجر من الله؟
ـ[ابن سفران الشريفي]ــــــــ[09 - 08 - 08, 12:01 م]ـ
هل يمكن الرد على رجل ممنوع من الكتابة؟!
سبحان الله
وما المشكلة؟
أم تريد ان يبقى خبثه بلا رد؟
هبه ميتاً أفلا نرد عليه؟
ألم يتحدث عن أموات لا يستطيعون الرد عليه؟
ـ[ابن سفران الشريفي]ــــــــ[09 - 08 - 08, 12:05 م]ـ
بل أخطئ! وهذا واضح. ألا ترى قولي "لا، لأن الحسن أو الحسين رضي الله عنهما قد شارك في حصار القسطنطنية الأول بقيادة الأمير يزيد رحمه الله"؟!
والله يا أخي أمرك غريب
أفهم من كلامك أن المشكلة عنده مجرد خطأ تاريخي.
أما تنقصه لعلي وبنيه فلا يحتاج منك تعليقاً.
ـ[النذير1]ــــــــ[09 - 08 - 08, 01:58 م]ـ
1 - نعم، طريقة السؤال فيها انتقاص لعلي وولديه رضي الله عنهم، والانتقاص هو غير الشتم
2 - الشيء الطبيعي أن يغضب المسلم، لكن هذا الغضب يجب أن يكون مضبوطاً بضوابط الشرع. فقد قال النصارى في الله عز وجل قولاً شنيعاً تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا ومع ذلك أمر الحكيم الخبير بأن لا نجادلهم إلا بأحسن القول طالما أنهم ملتزمين بأدب الحوار. وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ. فإن كان هذا مع النصارى الكفار، فمع المسلمين أولى! بل هذا فرعون يدعي الأولوهية ويطغى في الأرض، ومع ذلك يقول الله سبحانه وتعالى لرسوليه: فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى. وأحسب أن المغزى قد وصل.
3 - مروان؟ والحجاج كذلك؟! أحد أعضاء هذا المنتدى فعل أسوء من ذلك ... كان يطعن في معاوية رضي الله عنه ويفسقه، ومع ذلك فلم أتجاوز في ردي عليه أداب الحوار.
4 - قد حكم شريح على علي في خصومته مع اليهودي. أفلم يكن يرجو الأجر من الله؟
1 - أحسنت.
2 - فيما أرى أن رويس لم يلتزم أدب الحوار لكي تنطبق عليه الأدلة المذكورة، وما استدللت به من آيات الكتاب فهو على الرأس والعين، ولا تخفى عليك أدلة الشدة مع المخالف إذا كان مبتدعا، والنصب بدعة من أشد البدع.
3 - أخي الفاضل، لم تجب سؤالي، فلم أسالك عن التزامك بأدب الحوار، ولكن سألتك (أكنت تدافع عنه وتلتمس له الاعذار كما فعلت مع رويس؟).
4 - أظن أن في إجابتك حيدة والله أعلم، فليتك تتأمل! إن رويس ليس بصاحب حق أقام بينة على حقه، وأنت لم تكن قاضيا بل كنت -فيما أرى- محاميا عن رويس، وهو كما أقررت أنت منتقص لأمير المؤمنين علي رضي الله عنه، فهل يذب عن منتقص الصحابة؟
ـ[ابوسعيد النجدي]ــــــــ[09 - 08 - 08, 07:53 م]ـ
اخواني الكرام سجال جيد يزداد القارىء منه علما ولكني لي رأي احب أن أطرحه هو: لايعد مروان بن الحكم خليفة فالبيعة قد انعقدة لعبدالله بن الزبير في مكة وكان باغيا على خليفة المسلمين عبدالله بن الزبير وخلافته بدأت من سنة 64هـ حتى مقتله سنة 73هـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/161)
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[13 - 08 - 08, 03:45 ص]ـ
اخواني الكرام سجال جيد يزداد القارىء منه علما ولكني لي رأي احب أن أطرحه هو: لايعد مروان بن الحكم خليفة فالبيعة قد انعقدة لعبدالله بن الزبير في مكة وكان باغيا على خليفة المسلمين عبدالله بن الزبير وخلافته بدأت من سنة 64هـ حتى مقتله سنة 73هـ
ستأتي الإجابة عن هذا قريبا إن شاء الله
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[16 - 08 - 08, 04:35 ص]ـ
-وعن حذيفة قال: لما قبض النبي صلى الله عليه وسلم واستخلف أبو بكر قيل له في الحكم بن أبي العاصي فقال: ما كنت لأحل عقدة عقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
%ضعيف: رواه الطبراني (3|214) وفيه حماد بن عيسى العبسي الكوفي، قال الذهبي: فيه جهالة. انظر لسان الميزان (7|204) و تقريب التهذيب (1|178). والراوي عنه عباد بن يعقوب وهو شيعي محترق غال. وأسطورة نفي النبي صلى الله عليه وسلم، للحكم بن أبي العاص رضي الله عنه، أسطورة شيعية مشهورة، لعل أصلها كذبة من الواقدي ثم وضع الشيعة ما يؤيدها على اضطرابهم في سبب ذلك وتوقيته. وقد فندها شيخ الإسلام ابن تيمية، وبيّن أن الحكم قد خرج للطائف طوعاً منه.
-وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في منامه كأن بني الحكم ينزون على منبره وينزلون فأصبح كالمتغيظ فقال: "ما لي رأيت بني الحكم ينزون على منبري نزو القردة". قال: فما رئي رسول الله صلى الله عليه وسلم مستجمعاً ضاحكاً بعد ذلك حتى مات صلى الله عليه وسلم.
%موضوع: رواه أبو يعلى (11|348): من طريق العلاء عن أبيه عن أبي هريرة. قال ابن الجوزي في العلل المتناهية (2|702): «حديث لا أصل له». وهذا الطريق فيه العلاء بن عبد الرحمن الذي قال يحيى عنه: «ليس حديثه بحجة. مضطرب الحديث. لم يزل الناس يتقون حديثه». وفيه علة هامة جداً، وهي أنه مروي من طريق أبي هريرة. فكيف يقبل على نفسه أن يكون مساعداً لمروان في حكم المدينة ونائبا عنه في حال غيابه، وهو يعلم عنه هذا الكلام وعن أسرته، ويلازمه طيلة إمرته على المدينة؟ فهذا اتهام لأبي هريرة رضي الله عنه. ولذلك فإن الذي ألصق هذا الخبر بأبي هريرة يريد الطعن بأبي هريرة وببني مروان معاً. فلعنة الله على الكاذبين.
-وعن ثوبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أُريت بني مروان يتعاورون منبري فساءني ذلك، ورأيت بني العباس يتعاورون منبري فسرني ذلك".
%موضوع: رواه الطبراني (2|96) وفيه يزيد بن ربيعة وهو متروك.
-وعن أم حكيم بنت عمرو بن سنان الجدلية قالت: استأذن الأشعث بن قيس على علي، فرده قنبر فأدمى أنفه فخرج علي فقال: ما لك وما له يا أشعث؟ أما والله لو بعبد ثقيف تمرست اقشعرت شعيرات أستك، قيل له: يا أمير المؤمنين ومن عبد ثقيف؟ قال: غلام يليهم لا يبقي أهل بيت من العرب إلا أدخلهم ذلاً، قيل: كم يملك؟ قال: عشرين إن بلغ.
%ضعيف جداً: رواه الطبراني (1|237) وفيه إسماعيل بن موسى وهو رافضي ضعيف. وفيه الأجلح الكندي: ضعفه النسائي والجوزجاني وأبو داود وابن سعد، وليّنه أبو حاتم وابن حبان بسبب اضطراب حديثه وسوء حفظه، وقد عده ابن عدي من شيعة الكوفة. قال عنه ابن سعد: «روى عن الشعبي أحاديث مضطربة لا يتابع عليها». انظر تهذيب التهذيب (1|165). يريد واضع الحديث: الحجاج بن يوسف الثقفي رحمه الله.
-وعن عبد الله بن عمرو قال: كان الحكم يجلس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وينقل حديثه إلى قريش، فلعنه رسول الله ومن يخرج من صلبه إلى يوم القيامة. تفرد به سليمان بن قرم، وهو ضعيف.
-وعن عائشة ابنة سعد أن مروان بن الحكم كان يعود سعد بن أبي وقاص وعنده أبو هريرة وهو يومئذ قاضي لمروان بن الحكم فقال سعد ردوه فقال أبو هريرة سبحان الله كهل قريش وأمير البلد جاء يعودك فكان حق قال ممشاه عليك أن ترده فقال سعد ائذنوا له فلما دخل مروان وأبصره سعد بوجهه تحول عنه نحو سرير ابنته عائشة فأرعد سعد وقال ويلك يا مروان إنه طاعتك يعني أهل الشام على شتم علي بن أبي طالب فغضب مروان فقام وخرج مغضبا.
%موضوع: أخرجه ابن عساكر (57|248) من طريق: يعقوب بن جعفر بن أبي كثير (مجهول) عن مهاجر بن مسمار (مجهول الحال) أخبرتني عائشة. قال الطحاوي عن يعقوب: ليس بالمشهور بالعلم ولا عند أهله من أهل الثبت في الرواية. وقال يونس عن سماع مالك من عائشة بنت سعد: إنه دخل على هذه المرأة فلم يرها تضبط ما تحدث به، فلم يأخذ عنها شيئا إلا ما يحيط علما أنها قد ضبطته.
انتهى تخريج الأحاديث بحمد الله رب العالمين وتوفيقه(146/162)
هذا ما قيل فى حق الأمام محمد بن عبد الوهاب من مؤرخ عصره
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[20 - 06 - 08, 05:27 م]ـ
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين رسولنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم وبعد:
بسم الله الرحمن الرحيم
لا انقل هذا الكلام دفاعاً عن الإمام محمد عبد الوهاب _رحمه الله_ فهو لا يحتاج إلى دفاع منا فعقيدته و منهجه يدافعون عنه وغير أنه ألف فى الدفاع عنه عشرات الكتب بقلم علماء أجلاء،ولكن أن يكون من ينصفه ويظهر الحق هو خصمك من باب قوله تعالى (وشهد شاهد من أهلها).و هذا ما حدث مع الإمام المجدد الإمام محمد عبد الوهاب _رحمه الله_ ومؤرخ عصره الجبرتى وهو ينتمى للدولة التى حاربت محمد بن عبد الوهاب (وأقصد هنا الحكومة المصرية فقط أو لنقل محمد على فقط لأن الشعب المصرى وقع تحت التشويش الذى حدث على الإمام محمد عبد الوهاب _رحمه الله_ واتباعه
وإلا فالشعب المصرى شعب متدين يقبل الحق ويكفى شاهداً على هذا دخول أغلب المصريين الإسلام مع الفتح الإسلامى مع أن من الصعب التحول من دين سماوى كالنصرانية إلى دين آخر بعكس ذلك إن كانوا وثنيين وبهذا العدد الهائل وأعتقد أن المصريين لو وصلت إليهم دعوة الإمام محمد عبد الوهاب لتبنوها ولأصبحت مصر الآن خالية من الخمسة الآف قبة ومقام وغيرها من الشركيات التى تمتلئ بها مصر.)
وهذا المؤرخ _رحمه الله_ مصرى عاصر حرب محمد على على الإمام محمد عبد الوهاب _رحمه الله_ واتباعه وتكلم بكلمة الحق ناقلاً عن شهود عيان وأن لم يمنع ذلك ظهور بعض التأثر بمن حوله من المعادين للإمام فى عبارته. حتى قيل أنه قتل على يد محمد على بسبب ما كتبه فى حق الإمام ودعوته.
وقال ويتحدث عن الظلم الواقع على الشعب المصرى من محمد على
((وانقضت السنة بحوادثها العامة، توالي الفرض والمظالم المتوالية وإحداث أنواع المظالم على كل شيء والتزايد فيها واستمرار الغلاء في جميع أسعار المبيعات والمآكل والمشارب بسبب ذلك وفقر أهل القرى وبيعهم لمواشيهم في الغارم فقل اللحم والسمن والجبن وأخذ مواشيهم وأغنامهم من غير ثمن في الكلف ثم رميها على الجزارين بأغلى ثمن ولا يذبحونها إلا في المذبح ويؤخذ منهم إسقاطها وجلودها ورؤوسها ورواتب الباشا وأهل دولته ثم يذهبون بما يبقى لهم لحوانيتهم فتباع على أهل البلد بأغلى ثمن حتى يخلص للجزار رأس ماله وإذا عثر المحتسب على جزار ذبح شاة اشتراها في غير المذبح قبض عليه وأشهره وأخذ ما في حانوته من اللحم من غير ثمن ثم يحبس ويضرب ويغرم مالاً ولا يغفر ذنبه ويسمى خائناً وفلاتياً))
ثم قال ((ومنها انقطاع الحج الشامي والمصري معتلين بمنع الوهابي الناس عن الحج والحال ليس كذلك فإنه لم يمنع أحداً يأتي الحج على الطريقة المشروعة وإنما يمنع من يأتي بخلاف ذلك من البدع التي لا يجيزها الشرع مثل المحمل والطبل والزمر وحمل الأسلحة وقد وصل طائفة من حجاج المغاربة وحجوا ورجعوا في هذا العام وما قبله ولم يعترض لهم أحد بشيء.)).
وقال ((وفي يوم الأحد، حضر الشريف عبد الله ابن سرور وصحبته بعض أقاربه من شرفاء مكة وأتباعهم نحو ستين نفراً وأخبروا أنهم خرجوا من مكة مع الحجاج وأن عبد العزيز بن مسعود الوهابي دخل الى مكة من غير حرب وولى الشريف عبد المعين أميراً على مكة والشيخ عقلياً قاضياً وأنه هدم قبة زمزم والقباب التي حول الكعبة والأبنية التي أعلى من الكعبة وذلك بعد أن عقد مجلساً بالحرم وباحثهم على ما الناس عليهم من البدع والمحرمات المخالفة للكتاب والسنة))
وقال (( .......... وفيه وردت الأخبار بأن الوهابيين استولوا على المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة وأتم التسليم بعد حصارها نحو سنة ونصف من غير حرب بل تحلقوا حولها وقطعوا عنها الوارد وبلغ الأردب الحنطة بها مائة ريال فرانسة، فلما اشتد بهم الضيق سلموها ودخلها الوهابيون، ولم يحدثوا بها حدثاً غير منع المنكرات وشرب التنباك في الأسواق وهدم القباب ما عدا قبة الرسول صلى الله عليه وسلم))
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/163)
وقال ( ......... وفي يوم الخميس ثالث عشره، وصلت قافلة من السويس وصحبتها المحمل فأدخلوه وشقوا به من المدينة وخلفه طبل وزمر وأمامه أكابر العسكر وأولاد الباشا ومصطفى جاويش المتسفر عليه، ولقد أخبرني مصطفى جاويش المذكور أنه لما ذهب إلى مكة وكان الوهابي حضر إلى الحج واجتمع به فقال له الوهابي ما هذه العويدات التي تأتون بها وتعظمونها بينكم يشير بذلك القول إلى المحمل فقال له جرت العادة من قديم الزمان بها يجعلونها علامة وإشارة لاجتماع الحجاج فقال لا تفعلوا ذلك ولا تأتوا به بعد هذه المرة وإن أتيتم به مرة أخرى فإني أكسره))
وقال)) ورد الخبر بأن ركب الحاج الشامي رجع من منزلة هدية ولم يحج في هذا العام وذلك أنه لما وصل إلى المنزلة المذكورة أرسل الوهابي إلى عبد الله باشا أمير الحاج يقول له تأت إلا على الشرط الذي شرطناه عليك في العام الماضي وهوأن يأتي بدون المحمل وما يسصحبهم من الطبل والزمر والأسلحة وكل ما كان مخالفاً للشرع فلما سمعوا ذلك رجعوا من غير حج ولم يتركوا مناكيرهم))
وقال (( ...... وفيه، وصل حجاج المغاربة إلى مصر من طريق البر وأخبروا أنهم حجوا وقضوا مناسكهم وأن مسعود الوهابي وصل إلى مكة بجيش كثيف وحج مع الناس بالأمن وعدم الضرر ورخاء الأسعار وأحضر مصطفى جاويش أمير الركب المصري وقال له ما هذه العويدات والطبول التي معكم يعني بالعويدات المحمل فقال هو إشارة وعلامة على اجتماع الناس بحسب عادتهم فقال لا تأت بذلك بعد هذا العام وإن أتيت به أحرقته وأنه هدم القباب وقبة آدم وقباب ينبع والمدينة وأبطل شرب التنباك والنارجيلة من الأسواق وبين الصفا والمروة وكذلك البدع))
وقال ((ويذكرون أن الوهابي استولى على ما كان بالحجرة الشريفة من الذخائر والجواهر ونقلها وأخذها فيرون أن أخذه لذلك من الكبائر العظام وهذه الأشياء أرسلها ووضعها خساف العقول من الأغنياء والملوك والسلاطين الأعاجم وغيرهم إما حرصاً على الدنيا وكراهة أن يأخذها من يأتي بعدهم أو لنوائب الزمان فتكون مدخرة ومحفوظة لوقت الاحتياج إليها فيستعان بها على الجهاد ودفع الأعداء فلما تقادمت عليها الأزمنة وتوالت عليها السنين والأعوام الكثيرة وهي في الزيادة فارتدت معنى لا حقيقة وارتسم في الأذهان حرمة تناولها وأنها صارت مالاً للنبي صلى الله عليه وسلم فلا يجوز لأحد أخذها ولا إنفاقها والنبي عليه الصلاة والسلام منزه عن ذلك ولم يدخر شيئاً من عرض الدنيا في حياته وقد أعطاه الله الشرف الأعلى وهو الدعوة إلى الله تعالى والنبوة والكتاب واختار أن يكون عبداً ولم يختر أن يكون نبياً ملكاً.
وثبت، في الصحيحين وغيرهما أنه قال اللهم اجعل رزق آل محمد قوتاً.__
F_ وروى، الترمذي بسنده عن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال عرض علي ربي ليجعل لي بطحاء مكة ذهباً قلت لا يا رب ولكن أشبع يوماً وأجوع يوماً أو قال ثلاثاً أو نحو ذلك فإذا جعت تضرعت إليك وذكرتك وإذا شبعت شكرتك وحمدتك ثم إن كانوا وضعوا هذه الذخائر والجواهر صدقة على الرسول ومحبة فيه فهو فاسد فهو لقول النبي صلى الله عليه وسلم أن الصدقة لا تنبغي لآل محمد إنما هي أوساخ الناس ومنع بني هاشم من تناول الصدقة وحرمها عليهم والمراد الانتفاع في حال الحياة لا بعدها فإن المال أوجده المولى سبحانه وتعالى من أمور الدنيا لا من أمور الآخرة قال تعالى إنما الحياة الدنيا لعب ولهو زينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد وهو من جملة السبعة التي ذكرها الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز في قوله تعالى زين للناس حب الشهوات مكن النساء والبنين والقناطير المقنظرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب فهذه السبعة بها تكون الخبائث والقبائح وليست هي في نفسها أموراً مذمومة بل قد تكون معينة على الآخرة إذا صرفت في محلها. وعن مطرف عن أبيه قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ ألهاكم التكاثر قال يقول ابن آدم مالي مالي فهل لك يا ابن آدم من مالك إلا ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت أو تصدقت فأمضيت إلى غير ذلك ومحبة الرسول بتصديقه واتباع شريعته وسنته لا بمخالفة أوامره وكنز المال بحجرته وحرمان مستحقيه من الفقراء والمساكين وباقي الأصناف الثمانية وإن قال
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/164)
المدخر أكنزها لنؤائب الزمان ليستعان بها على مجاهدة الكفار والمشركين عند الحاجة إليها قلنا قد رأينا شدة احتياج ملوك زماننا واضطرارهم في مصالحات المتغلبين عليهم من قرانات الإفرنج وخلو خزائنهم من الأموال التي أفنوها بسوء تدبيرهم وتفاخرهم ورفاهيتهم فيصالحون المتغلبين بالمقادير العظيمة بكفالة إحدى الفرق من الإفرنج المسالمين لهم واحتالوا على تحصيل المال من رعاياهم بزيادة المكوس والمصادرات والطلبات والاستيلاء على الأموال بغير حق حتى أفقروا تجارهم ورعاياهم ولم يأخذوا من هذه المدخرات شيئاً بل ربما كان عندهم أو عند خونداتهم جوهر نفيس من بقايا المدخرات فيرسلونه هدية إلى الحجرة ولا ينتفعون به في مهماتهم فضلاً عن إعطائه لمستحقه من المحتاجين وإذا صار في ذلك المكان لا ينتفع به أحد إلا ما يختلسه العبيد خصيون الذين يقال لهم أغوات الحرم.
والفقراء من أولاد الرسول وأهل العلم والمحتاجون وأبناء السبيل يموتون جوعاً وهذه الذخائر محجور عليها وممنوعون منها إلى أن حضر الوهابي واستولى على المدينة وأخذ تلك الذخائر فيقال أنه عبى أربعة سحاحير من الجواهر المحلاة بالألماس والياقوت العظيمة القدر ومن ذلك أربع شمعدانات من الزمرد وبدل الشمعة قطعة ألماس مستطيلة يضيء نورها في الظلام نحو مائة سيف قراباتها ملبسة بالذهب الخالص ومنزل عليها ألماس وياقوت ونصابها من الزمرد واليشم ونحو ذلك وسلاحها من الحديد الموصوف كل سيف منها لا قيمة له وعليها دمعات باسم الملوك والخلفاء السالفين وغير ذلك)).
وقال ((في رابعه الحجاج المغاربة ووصل أيضاً مولاي إبراهيم ابن السلطان سليمان سلطان الغرب وسبب تأخرهم إلى هذا الوقت أنهم أتوا من طريق الشام وهلك الكثير من فقرائهم المشاة وأخبروا أنهم قضوا مناسكهم وحجوا وزاروا المدينة وأكرمهم الوهابية إكراماً زائداً)).
قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد وينكر الفم طعم الماء من سقم
فأعداء دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب بهم رمد بأعينهم فلا يرون الحق وهو واضح كالشمس بشهادة من عاصروه ومن جاؤا بعده من المنصفين.
اللهم ارنا الحق حق وأرزقنا اتباعه وارنا الباطل باطل وأرزقنا اجتنابه.
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[21 - 06 - 08, 04:11 م]ـ
نسيت أن أذكر الكتاب وهو " عجائب الآثار فى التراجم والأخبار "
وهذه نبذة مختصرة عن صاحب الكتاب رحمه الله
عبد الرحمن الجبرتى
هو عبد الرحمن بن حسن برهان الدين الجبرتي ولد بالقاهرة سنة 1168 هـ / 1756م وتوفي بها سنة 1240 هـ / 1825م، وقد جاءت أسرة عبد الرحمن الجبرتي من قرية جبرت قرب ميناء زيلع على البحر الأحمر وهى منطقة كانت تابعة لنجاشي الحبشة وعرفت بالتقوى البالغة لسكانها، وفى نهاية القرن السادس عشر الميلادي هاجر عبد الرحمن الجد السابع للمؤرخ عبد الرحمن الجبرتي ليصبح شيخا لرواق الجبرتية بالأزهر الشريف وهو منصب كان ينتقل فى ذلك الوقت من الأب إلى الابن، ولقد كان معلم عبد الجبرتي الأول هو والده حسن الدين برهان الذى كان مرجعه الأول فى تعلم الحساب والفلك وعلم الفلك والتقويم وغيرهم من العلوم.
ولقد عاصر الجبرتي فترة انحلال النظام العثماني ومحاولات المماليك التمرد على النظام العثماني كما عاصر مجيئ الحمل الفرنسي على مصر بقياد نابليون بونابرت سنة 1798م، كما عاصر تولي محمد على باشا حكم مصر لتبدأ مرحلة جديدة من تاريخ مصر لعل أهمها التغييرات العديدة التى حدثت فى البناء الاقتصادي والاجتماعي لمصر.
ولقد ترك عبد الرحمن الجبرتي لنا مؤلفين هامين الأول هو " عجائب الآثار فى التراجم والأخبار " وهو مؤلف من أربع مجلدات تمتد من سنة 1688م إلى سنة 1821م أرخ فيه لتاريخ مصر العام والخاص فى ذلك الوقت، أما المؤلف الثاني فهو " مظهر التقديس بذهاب دولة الفرنسيس " ويغطي فترة الاحتلال الفرنسي لمصر من سنة 1798م إلى سنة 1800م.
ـ[محمد الفردي]ــــــــ[08 - 07 - 08, 08:37 ص]ـ
أخي الكريم
أين طبع المُؤلَّفين؟
ـ[تامر الجبالي]ــــــــ[09 - 07 - 08, 07:55 ص]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[10 - 07 - 08, 01:55 ص]ـ
جزاك الله خيرا أخى أبا حفص على مرورك الكريم
أخى محمد يمكنك السؤال عن الكتابين فى منتدى الكتب ما نقلته من النسخة الألكترونية للكتاب
ـ[تامر الجبالي]ــــــــ[11 - 07 - 08, 08:50 م]ـ
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/165)
أخي الكريم
أين طبع المُؤلَّفين؟
كلاهما طُبع بتحقيق الدكتور عبدالرحيم عبد الرحمن، في مصر
وهما موجودان في خزانة الكتب بي دي إق
مظهر التقديس بذهاب دولة الفرنسيس، هنا:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=141655
وعجائب الآثار، ابحث عنه ستجده
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[21 - 11 - 08, 01:25 ص]ـ
انتهينا في المقال السابق إلى القول أن الدعوة السلفية كان من الطبيعي أن تستمر في التمدد والانتشار خارج نطاق جزيرة العرب، وحيثما وجد مسلمون، نظرا لكونها دعوة تهم المسلمين جميعا، ولما يتوافر لديها من روح معنوية عالية نابعة من عقيدتها الصحيحة الراسخة.
ونزيد على ذلك بالقول أنه كان هناك عوامل عديدة تنبىء بولادة دولة إسلامية جديدة على أسس صحيحة، تأخذ على عاتقها مواجهة التحديات المصيرية التي تواجه الأمة، قد تكون على غرار دولة المرابطين الإصلاحية السلفية في شمال أفريقيا، في القرن الخامس الهجري، على الأقل.
والذي لديه إلمام بعلم التاريخ، يجد أن التشابه كبير بين الدولة المرابطية، والدولة السعودية الأولى، وبين الداعية الفقيه عبد الله بن ياسين، منظر المرابطين، والشيخ محمد بن عبد الوهاب شيخ الدعوة السلفية.
والدولة المرابطية كما هو معروف هي الدولة الأبية التي أنقذت الإسلام في كل من المغرب والأندلس، والمعروفة بسجلها الجهادي الناصع ومنجزاتها الضخمة العظيمة، والتي امتدت حدودها من طليطلة في وسط الأندلس شمالا إلى غانا وبلاد السودان جنوبا.
ومشروع الدولة السلفية الحديثة كان من شأنه أن يحقق آمال المسلمين وطموحاتهم وتطلعاتهم، ولم يكن ذلك بالأمر المستبعد في ذلك الوقت، لأن الهجمة الغربية على بلاد المسلمين لم تكن قد بدأت. لولا أن الدولة العثمانية وقفت في وجهها بكل قوتها وسخرت كل إمكانياتها لضربها، والحرب عليها، وذلك من خلال واليها على مصر العلماني الباطني محمد علي باشا. وكان ذلك لأسباب سياسية بحتة، بعيدة كل البعد عن الدين.
وتعالوا معنا نستعرض واقع الدولة العثمانية أثناء ظهور الدعوة السلفية. والأسباب الحقيقة التي دعتها لضربها والحرب عليها وتشويه صورتها- وهو الذي ما زال يرده الجهلاء والحاقدون حتى اليوم.
الدولة العثمانية عند قيام الدعوة السلفية:
لعبت الدولة العثمانية في العصور السالفة، دورا مهما في حماية ديار الإسلام، من الغارات والحملات الصليبية، ولقد وضعت الخطط الواسعة من قبل الكنيسة الكاثوليكية والدول الأوروبية، للقضاء عليها، وباءت كلها بالفشل أثناء احتفاظها بقوتها.
" ولاشك أن العثمانيين شكلوا ما بين فتح القسطنطينية سنة 1453 وتوقيع اتفاقية " قارلوجة" سنة 1699 استعادة المسلمين دورا عالميا فقدوه مطلع القرن 11م وأسهموا في نشر الإسلام خارج المدى الذي وصله الفاتحون العرب ومن تفرعوا عن الدولة العربية الإسلامية، كما قدموا دعما للمقاومة العربية في مواجهة طلائع الاستعمار الأوروبي، ولهم بالتالي تقدير كل من يعتنق الإسلام دينا ويتمثله حضارة " (1)
وفي تلك الفترة حسب الأوربيون أن خط الإسلام السياسي قد تصاعد وصار الخطر الداهم، مما حمل الدول الأوروبية النصرانية على أن تتجاوز خلافاتها الطائفية والقومية والتاريخية، باعتبارها فرعية وثانوية مقارنة بالتحدي الرئيسي وهو الإسلام. " إذ تحول الأرثوذكس إلى جزء من تحالف كاثوليكي – بروتستانتي – يهودي – ضد الإسلام." (2) وبالأحرى ضد الدولة العثمانية التي كانت تمثل الإسلام حينذاك، حتى تمكنت القوى الأوروبية مجتمعة من هزيمتها وأضعاف قوتها.
وأثناء سطوع نجم الشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب (1115 - 1206هـ/ 1703 - 1792م)، ودعوته السلفية الإصلاحية التوحيدية، في شبه جزيرة العرب، في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي، وبداية القرن التاسع عشر، كان العثمانيون قد وصلوا إلى درجة كبيرة من الضعف والتدهور " ودب إليهم داء الأمم من قبلهم: الحسد والبغضاء، واستبداد الملوك وجورهم وسوء تربيتهم وفساد أخلاقهم وخيانة الأمراء وغشهم للأمة وإخلاد الشعب إلى الدعة والراحة ... وكان شر ما أصيبوا به الجمود في العلم والجمود في صناعة الحرب وتنظيم الجيوش " (3)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/166)
وأصبحت الطرق الصوفية البدعية، بكل سلبياتها وشطحاتها وطقوسها وشعائرها الغبية، تسيطر على مجمل الحياة العامة في سائر الولايات العثمانية، وأصبحت السلطنة أو دولة الخلافة العثمانية – سمها ما شئت - عاجزة عن تحقيق الأهداف العليا للأمة التي كانت هي الأساس لشرعية السلطان والخلافة العثمانية في نظر المسلمين. والأهداف هي: الجهاد، والدعوة، وحماية دار الإسلام، والحفاظ على الوحدة الداخلية، والحيلولة دون الفتنة. الأمر الذي جعل شرعية الخلافة العثمانية في محل شك، لاسيما بعد أن تحقق عجز العثمانيين عن حماية الدار بسقوط مصر في أيدي الفرنسيين عام 1798.
أما على الخط الحضاري – كما يقول الدكتور شاكر مصطفى - فقد كان الوضع أسوأ بكثير. ضرب الحصار العثماني طوقاً من الجمود على الإمبراطورية باسم الدفاع عن الإسلام. وخنق بذلك كل مبادرة للتطلع خارج هذا الطوق. وانعدم الوعي التاريخي لدى السلاطين والناس. وماتت أفكار التحدي والجهاد وصار الآخر هو العدو المريب (4)
"ولم يكن الجمود العلمي والكلال الفكري مقتصرين على تركيا وأوساطها العلمية والدينية فحسب، بل كان العالم الإسلامي من شرقه إلى غربه مصابا بالجدب العلمي، وشبه شللٍ فكري، قد أخذه الإعياء والفتور، واستولى عليه النعاس (5)
ومعنى ذلك أن الدعوة السلفية الإصلاحية في جزيرة قد جاءت في وقتها، وكانت تعبيرا عن إرادة حرة إسلامية صادقة ونزيهة، وبدافع الغيرة على الدين وإصلاح حال المسلمين، ولتغيير واقع مزري وقاتم، وتهيئة المجال لحياة عزيزة كريمة أفضل، وأنها كانت ضرورة ليس فقط لتجديد ما أندرس من معالم الدين، وتنقية العقيدة من الشوائب الشركية التي علقت بها، وإنما أيضا ضرورية لإيقاظ المسلمين من السبات العميق، استعدادا لما يحيط بهم من تحديات، ولمواجهة الموقف الناشئ عن ضعف الدولة العثمانية، والذي قد يترتب عليه إمكانية سقوطها في أي وقت.
يقول الدكتور شاكر مصطفى: "لم يعد للتاريخ العربي في الفترة العثمانية التي دامت 400 سنة من وجود. اندمج هذا التاريخ مع التاريخ العثماني لأول مرة. وكانت البلاد العربية مستعدة دينياً لمثل هذا الإلحاق. الجو الديني لم يترك فيها منفذاً للشعور بالذات العربية الخاصة، فالدين الإسلامي هو الجامع للبشر. وما دامت الدولة العثمانية تدافع عن الدين في فتراتها الأولى فهي تدافع أيضاً عن البلاد العربية في الوقت نفسه. نصرها كانوا يعتبرونه نصراً لهم, فلما ضعفت وبدأت الأطماع الاستعمارية تتناوشها، عاد العرب يفكرون في مصائرهم من جديد. عادوا يوقظون مثلهم العليا السابقة، وهي ليست إلا مثلاً دينية. وهكذا ظهرت أوائل حركات اليقظة حاملة شعار العودة إلى الإسلام. ظهرت الحركة الحنبلية الوهابية في نجد، والحركة السنوسية في المغارب وليبيا، ثم الحركة المهدية في السودان. وكانت حركات على الأطراف. ما اهتمت القسطنطينية بالبعيد منها كحركة أحمد بك والحاج عمر في شرق إفريقيا، وإن حرصت على محاربة القريب منها "أتباع محمد بن عبد الوهاب " لأسباب سياسية، وحاربت حركة فخر الدين المعني "المتصلة بأوربا" في الشام. " (6)
وليس ذلك فحسب، إنما بلغت الاستهانة بالدولة العثمانية في القرن التاسع عشر، أن أعداءها من القوى الأوروبية، لم يعودوا يكترثون من أجل القضاء عليها، لأنها أصبحت بنظرهم أحد الأطراف في لعبة التوازن الدولي.
سر محاربة العثمانيين للدعوة السلفية
ومع أن الدولة العثمانية أثناء ظهور الدعوة السلفية في شبه جزيرة العرب، كانت عمليا في غرفة الإنعاش، وفي حالة جمود فكري وركود اقتصادي، وفي قمة العجز والخنوع السياسي، مع فقدان أي قوة ذاتية للدفاع، وانعدام الوعي التاريخي لدى السلاطين، وموت أفكار التحدي والجهاد. فقد كان طبيعيا أن يظل السلاطين العثمانيون يتظاهرون بزعامة المسلمين، ويتشبثون بمظاهر الخلافة وألقابها إلى آخر رمق، إذ كان من الصعب عليهم أن يسلموا بانتهاء دورهم ويحكموا على دولتهم بالوفاة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/167)
ومن أبرز تلك المظاهر استمرار سيطرتهم على الحجاز وخاصة المدينتين المقدستين، مكة والمدينة، حتى تتم المظاهر الشكلية للخلافة العثمانية، وحتى لا يقع الشك في مقدرتهم على حماية الحرمين الشريفين، فتزول هيبتهم، ويضعف أمرهم. فطالما والحرمان الشريفان تحت نفوذهم فسيظل بإمكانهم حمل ألقاب الخلافة والتشدق باسمها، ورفع الصوت باسم الإسلام والمسلمين، وحتى ولو كانوا قد فقدوا الأهلية والكفاءة لذلك من الناحية العملية – والأمر كان كذلك في الواقع-.
"فالحجاز يمثل السيادة الروحية على العالم الإسلامي كله؛ نظرًا لوجود الحرمين الشريفين فيه، وفقده يعني زوال تلك السلطة الروحية والسيادة والزعامة الدينية التي يتمتع بها الخلفاء العثمانيون. " (7)
وبعد أن سيطر أنصار الدعوة السلفية على الحرمين الشريفين، وأجروا فيهما بعض الإصلاحات الضرورية بموافقة علماء مكة والمدينة، وبعد أن باءت بالفشل كل المحاولات الداخلية لضربها، وأمام هذا التمدد الكبير للدعوة السلفية الإصلاحية، كثر الوافدون على الآستانة من المتملقين والحاقدين على تلك الدعوة، وأزداد عدد المحرضين عليها في بلاط السلطان العثماني، والمتظاهرين زورا وبهتانا بالغيرة على الإسلام، وعلى وحدة المسلمين، وعلى دولة الخلافة الإسلامية، من خطرها.
كما أخذ القناصل الأجانب بدورهم وعلى رأسهم القناصل الانجليز، يضغطون على السلطان محمود الثاني (1808 - 1839)، للتحرك ضد الدعوة السلفية التي كان أتباعها يستعدون لبسط سيادتهم على مياه البحر الأحمر، ومياه الخليج، ومن ثم مهاجمة الأساطيل الانجليزية التي كانت قد بدأت تتسلل إليهما.
وأمام هذه الضغوط، وجد السلطان العثماني محمود الثاني نفسه، يتساءل عن كيفية مواجهة هذه الحركة التي نبزوها بـ" الوهابية ".
وراق الدولة العثمانية هذا النَّبْزُ، فأجرته على ألسنة الدراويش وتنابلة السلطان، وأفرطت في إلقاء الشبهات عليه وتشويهه، ثم شرعت بعد ذلك تخطط وتعد العدة، لضرب الحركة والقضاء عليها، ليس غيرةً على الدين، ولا انتصارا للمسلمين، ولا لأي مبرر وجيهٍ آخر، وإنما لفرط أنانيتها، ودفاعا عن مصالحها وهيبتها، ولأسباب سياسية ضيقة، وفي مقدمة كل ذلك استعادة الحرمين الشريفين في مكة والمدينة، والاستئثار بالنفوذ فيهما، كي يوهموا الناس أن الخلافة العثمانية لا تزال باقية، وأنها هي الناطق الرسمي باسم المسلمين، وأنها لا تزال حاملة راية الجهاد، ولو كان ذلك من الناحية الشكلية فقط، ولو كان في ذلك تقديما لمصلحتها الخاصة، على مصلحة الإسلام، ولو كان ذلك يجعلها فقط (كالقط يحكي انتفاخا صورة الأسد)، ولو كان ذلك يمثل حجرا على إرادة المسلمين وإجبارا لهم على أن يظلوا في قوقعتهم، في حالة غيبوبة وتجمد، فلا يستيقظون من سباتهم، فيرون التغيير الذي يجري من حولهم، والتحديات التي تواجههم، ويكتشفوا حقيقة ما آلت إليه خلافتهم من ضعف وركود واستخذاء، فينهضوا لإصلاح شئونهم، ويسعون لإيجاد البديل، اعتمادا على إمكاناتهم وقواهم الذاتية، قبل فوات الأوان.
هذا هو السر وراء إصرار الدولة العثمانية على ضرب الدعوة السلفية. وكان موقف الدولة العثمانية يجسد شعار " إما أنا أو الطوفان" وهذا كان منتهى الأنانية. والذي كان فيما بعد هو الطوفان. لأن محاولات ترقيع دولة الخلافة العثمانية باءت كلها بالفشل. لأنه ببساطة كان ترقيع للمرقع.
ولو أنه كانت هناك إمكانية لمنع سقوط دولة الخلافة العثمانية، لتم ذلك على يد السلطان عبد الحميد الثاني (1842 - 1918) فإنه حاول منذ أن تبوأ العرش عام 1876، بكل طاقته وبكل جد وإخلاص، أن يوقف انهيار الدولة، ولكن من دون جدوى. لأن المرض كان قد وصل إلى مخ العظام. وكانت النتيجة هي خلعه وإبعاده عن العرش بتهمة الرجعية سنة 1909م.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/168)
هذا إضافة إلى الدور البريطاني في التحريض على الدعوة السلفية " وكانت انجلترا ومستشرقوها ما فتئت تخوف الدولة التركية وتؤلبها على مهد (اليقظة) في جزيرة العرب .. واستجابت دار الخلافة بغفلتها إلى هذا التأليب حتى جردت حملات متتابعة لقمع (اليقظة) الوهابية، وآبت في جميعها بالإخفاق، ثم منذ ولي (محمد علي سرششمة) جعلت تركية) تدعوه إلى تجريد جيوشه لقتال الوهابيين، وتتابع هذا الطلب من سنة 1807 إلى سنة 1810 (1222 - 1225هـ)، فلم يستجيب لنداء تركية، ولكن الاستشراق بقناصله زين أخيرا لمحمد علي سرششمة أن يستجيب ليحقق مأربه في وأد (اليقظة) التي كادت تعم جزيرة العرب، وأمدوه بالسلاح الذي يعينه على خوض الحرب، وذلك في سنة 1226هـ/1811م (أي بعد ولايته على مصر بست سنوات) (8)
محمد علي والحرب على الدعوة السلفية
وأيا كان الأمر فإن المهم هو أن السلطان العثماني الشقي محمود الثاني، كلف محمد علي باشا، والي مصر بمهاجمة الدولة السعودية الفتية وإجهاض الدعوة السلفية وخنقها .. هذا الأخير الذي فكر وقدر، ثم تولى كبره، فشن حربا لا هوادة فيها ضد الدعوة السلفية التجديدية، وجهز الحملة تلو الحملة للقضاء عليها، وأجلب عليها بالرعاع، وشذاذ الآفاق، والجنود المرتزقة من الأرناءوط والجركس والأرمن والترك، والبدو الجفاة، الذين حشدهم من كل فجٍ عميق، إلى جانب الآلاف من الفلاحين المصرين الذين أقحموا في هذه الحرب العدوانية الظالمة، وكان كثيرا منهم وقودا لها دون أن يكن لهم فيها ناقة أو بعير.
وقد سخر محمد علي باشا للحرب على الدعوة السلفية، إمكانات مصر وبلاد الشام، مع الدعم غير المحدود من دولة الخلافة. وهي " الحرب التي لم تنته إلا بعد ثمان سنوات، في 1235هـ/1819م وفقدت الجيوش المصرية آلافا من أبنائها، ولقيت هزائم كادت تودي بها. وأخيرا تم النصر لمحمد علي سرششمة، بعد أن أرتكب من الفظائع ما لا يستحمله مسلم، واستباح الديار والأموال والنساء، وهدم المدن، فكان هو وابنه إبراهيم وسائر أولاده طغاة من شر الطغاة، وكانت حربا طاحنة لا معنى لها، ولا ينتفع بها إلا مؤججوها من (دعاة المسيحية الشمالية) (9)
وكان الشعار الذي شنت تحته تلك الحرب العدوانية الظالمة على الدعوة السلفية الفتية، هو " شق الصف والخروج على دولة الخلافة" واستطاعوا من خلال وصمها بهذا الوصف، التضليل على كثير من المسلمين والتغرير بهم وذر الرماد في عيونهم، وهي تهمة سخيفة كاذبة، ودعوى متهافتة ساقطة، ولا أساس لها من الصحة، فإن بلاد نجد لم تخضع يوما للدولة العثمانية حتى وهي في أوج عزها وسلطانها في القرن السادس عشر. فكيف سيكون ذلك في القرن الثامن عشر، وقد أصبح الأعداء يطلقون عليها اسم " الرجل المريض"؟ وقد تحدثنا في الجزء الأول عن الأوضاع الدينية والسياسية في نجد أثناء ظهور الدعوة السلفية.
والمهم أن محمد علي باشا أستطاع استرداد الحجاز بما فيها مكة والمدينة والحرمين الشريفين، بل وابعد النجعة في محاربة الدعوة السلفية، فزحفت قوته بقيادة ابنه إبراهيم باشا على الدرعية عاصمة نجد، وتم تسويتها بالأرض بطريقة غادرة ماكرة، جسدت الخيانة ونقض العهد بصورة واضحة، وذلك في ذي القعدة 1233هـ/ سبتمبر1818م.
وبهذا تمكن محمد علي باشا من إجهاض مشروع الدولة السعودية، والدعوة الإصلاحية السلفية، وعزله في حدود الصحراء العربية. وقدم بذلك خدمة لا نظير لها للدول الغربية الاستعمارية التي كانت قد ارتاعت من هذه الحركة التوحيدية الفتية التي كانت ترفع راية الجهاد ضد الغزاة، لا سيما بريطانيا العظمى التي كانت تخطط لبسط نفوذها على شبه الجزيرة العربية والخليج العربي بهدف التحكم في الطريقين البحريين الرئيسيين إلى الهند.
وأما الدعوة السلفية، في حد ذاتها فلم يستطع القضاء عليها، لأنها كانت قد تأصلت في القلوب وباتت جزءا لا يتجزأ من الواقع في جزيرة العرب، كما أنها كانت قد انتشرت لا سيما لدى الخاصة من العلماء والدعاة، في أنحاء عدة من بلاد العالم الإسلامي مثل المغرب والهند ومصر واليمن وغيرها.
فهل يا ترى حقق محمد علي للدولة العثمانية ما كانت تأمل؟ وهل قويت الخلافة العثمانية وعادت لها هيبتها، بخنق الدعوة السلفية الإصلاحية والقضاء على مشروعها الإسلامي للنهضة؟
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/169)
الجواب: كلا. لأن محمد علي باشا، بالأصل لم يشن الحرب على الدعوة السلفية، تنفيذا لرغبة العثمانيين، وإنما لنزوةٍ شيطانيةٍ في نفسه هو.
والواقع أنه ما أن انتهت حرب محمد على الدعوة السلفية، حتى بدأ العرب والمسلمون يحصدون الحصاد المر، وشوك الحسك والسعدان والعلقم، الذي زرعه العثمانيون ومحمد علي باشا باستكبارهم وتجبرهم وغفلتهم، في ضرب تلك الدعوة، وسيكون العثمانيون هم أول الحاصدين لمازرعوه. وكذلك محمد علي باشا، خسر الحرب في النهاية، وتحطم مشروعه، وفرضت عليه الاتفاقيات المذلة والمهينة من قبل القوى الأوروبية. ومن زرع الشوك سوف لا يحصد العنب. لكن سيكون المسلمون عامة هم الخاسر الأكبر – كما سيثبت ذلك التاريخ والأحداث اللاحقة-.
----------------------------------------------------------
(1) عوني فرسخ، القوميون والإسلاميون العرب، إشكاليات الحاضر وتحديات المستقبل، مجلة المستقبل العربي، العدد 260، 10/ 2000، ص54
(2) مجلة السنة العدد 105، صفر 1422هـ.
(3) أبو الحسن الندوي، ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين، دار الكتاب العربي، بيروت – لبنان، ص148
(4) شاكر مصطفى، مع التاريخ على جناح طائر، مجلة العربي الكويتية-العدد458 - يناير1997
(5) أبو الحسن الندوي، المرجع السابق، ص151
(6) شاكر مصطفى، مع التاريخ على جناح طائر، العربي- العدد458 - يناير1997
(7) سمير حلبي، "محمد بن عبد الوهاب" والعودة إلى جوهر التوحيد، إسلام اونلاين،
http://www.islamonline.net/Arabic/history/1422/07/article21.shtml
(8) مجلة السنة، نقلا عن كتاب رسالة في الطريق إلى ثقافتنا، تأليف العلامة محمود محمد شاكر، ص199 - 203)
(9) مجلة السنة، نقلا عن كتاب رسالة في الطريق إلى ثقافتنا، تأليف العلامة محمود محمد شاكر، ص199 - 203)
الدعوة السلفية
وعبقرية الشيخ محمد بن عبد الوهاب (2)
بقلم: أحمد الظرافي
http://www.altareekh.com/vb/showthread.php?t=51524
ـ[السني]ــــــــ[21 - 11 - 08, 04:51 م]ـ
عجائب الآثار
http://www.wadod.net/books/17/1737.rar
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[21 - 11 - 08, 05:46 م]ـ
جزيت الجنة أخى السنى
ـ[أبو أيوب الجهني]ــــــــ[01 - 12 - 08, 07:50 م]ـ
من المستحسن أن نفرق بين من يتكلم في دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب للطعن فيها قاصدا بذلك الطعن في التوحيد والعقيدة السليمة النقية الصافية، وبين من يتكلم عن الطريقة والأسلوب التي كانت فظة منفرة عن الدين خصوصا من الأتباع من بعد الشيخ رحمه الله.
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[08 - 02 - 09, 02:18 ص]ـ
=====================================
المصريون والوهابيون
أرسل «محمد علي باشا» أول بعثة مصرية إلى فرنسا، وكانت تتكون من أربعين شاباً من الأتراك والمصريين، ثم زاد عددهم بعد ذلك، ولما عاد أعضاء البعثة اعتمد عليهم «محمد علي باشا»، وأحلهم محل الأجانب، ومضى أبناؤه من بعده على ذلك في الاهتمام بأمر مصر التي أصبحت ملكاً لهم، حتى وصل الأمر إلى حفيده «إسماعيل بن إبراهيم» الذي كان يقول: «إن بلادي ليست من أفريقيا، بل هي جزء من أوروبا».
ولم يشذ عن هذا الخط من أبناء «محمد على» إلا خليفتُهُ وابنُ ابنه الأكبر «طوسون» الذي ولي بعد وفاة «إبراهيم باشا»: وهو «عباس باشا الأول».
ولقد كان هذا الرجل قد تربى تربية دينية شرقية وعُرف عنه بغضه للفرنساويين، وبلغ به الأمر إلى أن عمل على إيقاف إيفاد البعثات إلى فرنسا، واتخذه الأوربيون عموماً ـ ولا سيما في فرنسا ـ التي كانت تعرف بغضه لها هدفاً لسهامهم.
لذلك يقول عنه بروكلمان: «إنه كان مسلماً متعصباً يزدري التربية الأوروبية ازدراءً بعيداً». ويتهمه بأنه كان طاغية، والحق أنه كان متديناً تقياً.
ويدل على ذلك أمران:
أحدهما: قبل ولايته: فقد استطاع «عباس الأول» محافظ مصر آنذاك لجده «محمد علي» أن يخرج الوهابيين من أبناء ابن سعود والذين سجنهم «محمد علي» في القلعة بحيلة دبرها، ولم يستطع الجنود أن يخبروا «محمد علي» إلا بعد ثلاثة أيام خوفاً منه، ولكنه على كل حال لم يفعل شيئاً؛ لأنه كان يثق بعباس، ومنذ ذلك الحين صار عباس صديقاً حميماً لفيصل بن سعود إلى نهاية حياتهما.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/170)
ولا ريب أن انتشار أئمة الدعوة في مصر كان له الفضل الأكبر في سريان حقائق الدعوة هناك، ولا سيما أن هؤلاء «الوهابيين» كانوا طلبة علم، فالتحقوا بالأزهر، ودرسوا فيه، ودرَّسوا.
والأمر الآخر: أن «عباساً الأول» كان الوحيد من أولاد «محمد علي» الذي كان يتردد إلى المساجد في شهر رمضان لاستماع الدروس والمواعظ الدينية، وفي أيام «عباس باشا» لم يكن أحد يستطيع أن يسير في الشوارع وقت الصلاة وإلا تعرض لسياط «الشاويشية» الأتراك، جنود عباس، وفيما عدا عباساً كان أبناء «محمد علي» جميعاً يميلون إلى أبيهم «محمد علي الكبير» ويتبعون سياسته في الحكم مائلين إلى الغرب.
• موقف بعض العلماء الأزهريين:
كان من المقرر أن يصطحب ستة من علماء الأزهر وفقهائه حملة «محمد علي» الأولى إلى جزيرة العرب تحت قيادة «طوسون باشا»، ولكنهم تخلفوا في الشرقية بأعذار مختلفة، وكلها من التكئات الواهية؛ فهم مطالَبون بمناظرة علماء التوحيد أمام الناس عند الغزو، كنوع من الإعلام يستخدمه الأتراك لإحراج علماء السعودية، وعلماء الأزهر يدركون أن ما يقوله العلماء هناك حق وصدق، وهو لب الدين وجوهره، ويصعب عليهم أن يقولوا ما لا يعتقدون، وإن قالوا؛ فلن يجدوا الأدلة على باطلهم من القرآن والسنة، وسيكون موقفهم مزرياً ومثيراً للخجل والاحتقار.
ولم يكن منتظراً منهم أن يذهبوا مع الحملة إلى جزيرة العرب، ثم يعلنوا انضمامهم إلى إخوانهم من العلماء، تاركين أهلهم وأولادهم في مصر تحت رحمة الباشا الطاغية، ثم هم ليسوا من طلاب الشهادة والاستبسال بوجهٍ عام [12].
• موقف «الجبرتي» فخر المؤرخين المصريين:
كان «عبد الرحمن الجبرتي» وهو أحد مشاهير علماء الأزهر يطالع، ويدوِّن في حذر ما يأتيه من أخبار الحركة الوهابية.
ولما قرأ الجبرتي بعض المنشورات الوهابية التي أحضرها الحُجَّاج من البلاد الحجازية، أثبت المنشور بطوله في كتابه، وفيه دعوة خالصة إلى التوحيد والسنة، ونبذ الشرك والبدعة مدعمة بأدلة الكتاب والسنة، وعلق الجبرتي ـ رحمه الله تعالى ـ قائلاً:
«أقول: إن كان الحال كذلك، فهذا ما ندين الله به نحن أيضاً، وهو خلاصة لُباب التوحيد، وما علينا من المارقين والمتعصبين، وقد بسط الكلام في ذلك ابن القيم في كتابه (إغاثة اللهفان)، والحافظ المقريزي في (تجريد التوحيد)، والإمام اليوسي في (شرح الكبرى)، و (شرح الحِكَم) لابن عباد، وكتاب (جمع الفضائل وقمع الرذائل)، وكتاب (مصايد الشيطان)، وغير ذلك» [13] ا هـ.
لقد صار الجبرتي شديد الإعجاب بالوهابيين، يدافع عنهم في مجالسه، وفي أوراقه التي يكتبها، ولم يخش سلطان «محمد علي باشا» الذي كان يحكم مصر، برغم أن هؤلاء كانوا في عداد أعدائه.
وظل يُظهر تعاطفه مع الدعوة الوهابية، حتى تَحوَّل تاريخه إلى دعاية صريحة للوهابيين، وقد كلَّفه هذا الموقف حياة ابنه ثم حياته نفسِه.
يقول الأستاذ محمد جلال كشك: «أستطيع أن أجزم بأن كتابات الجبرتي عن القضية الوهابية هي السبب الأساسي لما نزل به من تنكيل الباشا، إلى حد اغتيال ابنه، وتوقفه عن الكتابة، ثم نهايته الغامضة الظروف» [14].
وقال الزركلي في ترجمة الجبرتي: «وقُتل له ولد، فبكاه كثيراً حتى ذهب بصره، ولم يَطُلْ عماه، فقد عاجلته وفاته مخنوقاً» [15].
وقال الشيخ أحمد بن عبد العزيز الحصيِّن: «وبلغ حقدهم الدفين على هذه الدعوة المباركة حتى وصل الأمر إلى قتل ابن المؤرخ المصري عبد الرحمن الجبرتي وهو ممن يتحمسون لهذه الدعوة، بإيعاز من محمد علي حاكم مصر الذي حارب هو وأبناؤه الدعوة انتقاماً من أبيه لتعاطفه مع الوهابيين» [16].
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[08 - 02 - 09, 02:20 ص]ـ
• موقف الشيخ محمد رشيد رضا [17]:
لم يعرف الشيخ «رشيد» عن دعوة «الشيخ محمد بن عبد الوهاب» في الشام إلا ما يعرفه عامة الناس آنذاك، وما تتناقله الألسن من الكذب والافتراء على دعوة «الشيخ محمد ابن عبد الوهاب»، ولم يعرف الشيخ «رشيد» حقيقة هذه الدعوة إلا بعد قدومه مصر، واطلاعِه على تاريخ الجبرتي، ولقد وصلت دعوة الشيخ «محمد بن عبد الوهاب» إلى مصر عن طريق أولاده وأحفاده الذين أتى بهم واليها «محمد علي» ومعهم عِلمُهم وكتبهم، لقد قدم إلى مصر عدد كبير من أسرة شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، ودرس بعضهم في الأزهر، وكانوا طلقاء يمشون بين الناس،
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/171)
ولهذا السبب، ولأنهم دَرَسوا في الأزهر، ودرَّسوا، وصنفوا، انتشرت هذه الدعوة بمصر، وعُرفت.
لقد بقي «عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب» تلميذ الجبرتي مدة ثماني سنوات في مصر قبل عودته إلى وطنه في سنة (1241هـ)، وبقي ابنه «عبد اللطيف» ثلاثين عاماً في الأزهر.
ومن هذا يتضح أن دعوة الشيخ محمد وصلت مصرَ مبكراً، وهناك عرفها الشيخ رشيد رضا على حقيقتها؛ فماذا عرف عنها؟
يقول الشيخ رشيد: «لم يخلُ قرن من القرون التي كثرت فيها البدع من علماء ربانيين يجددون لهذه الأمة أمر دينها، بالدعوة والتعليم وحسن القدوة، وعدول ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين ... ولقد كان الشيخ محمد بن عبد الوهاب النجدي من هؤلاء العدول المجددين، قام يدعو إلى تجريد التوحيد، وإخلاص العبادة لله وحده، بما شرعه في كتابه وعلى لسان رسوله خاتم النبيين - صلى الله عليه وسلم -، وترك البدع والمعاصي، وإقامة شرائع الإسلام المتروكة، وتعظيم حرماته المنتهكة المنهوكة ... ».
إنه لا يسع منصفاً مهما اختلف مع الشيخ رشيد رضا [18] إلا أن يقر بأنه «أبو السلفية» في مصر، وأن له في عنق السلفيين، شاؤوا أم أبوا شكروا له أو جحدوا، مِنَّةً وفضلاً، وآية ذلك دوره الرائد في نشر التراث السلفي، ومنافحته عن عقيدة السلف، ورموزها ممثلة في شيخي الإسلام ابن تيمية، ومحمد بن عبد الوهاب، وذلك من خلال مجلته «المنار».
لقد بدأ رشيد رضا الدفاع عن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب سنة 1320هـ (1903م)، ففي تلك السنة أقيمت بمصر احتفالات بمناسبة مرور مائة عام على مُلك أسرة «محمد علي» على مصر، وزُيِّنَتَ المساجد والجوامع بالأنوار، فهاجم رشيد ذلك العمل، وقال: «إن المساجد بيوت الله، ولا يصح أن تُزَين للاحتفال بذكرى الملوك والأمراء المستبدين». ثم تطرق إلى مساوئ سياسة «محمد علي» ومنها قتاله للوهابيين وقضاؤه عليهم، وهم الذين نهضوا بالإصلاح الديني في جزيرة العرب مهدِ الإسلام ومعقله» [19] ا هـ.
وقال أيضاً:
«هذه نُبذة صحيحة من تاريخ مجدد الإسلام في القرن الثاني عشر محمد بن عبد الوهاب، وقد اتفق الواقفون على تأثير ذلك الإصلاح من مؤرخي الشرق والغرب على أنه يشبه نشأة الإسلام الأولى، وأنه لولا الموانع التي اعترضته لجدد للإسلام مجده الديني والدنيوي معاً، وأعظم تلك الموانع: مقاومة الدولة العثمانية له، ومساعدة محمد علي باشا لها على قتال الوهابيين، وتدمير قوتهم، وكان المحرك الخفي لهذه المقاومة دولة الدسائس الشيطانية ـ يقصد بها بريطانيا ـ وعدوة الشرق ولا سيما الأمة الإسلامية» [20] ا هـ.
وقال الأمير شكيب أرسلان:
تصدى رشيد رضا للدعاية المناوئة لعلماء نجد، وعندما انتشرت الأراجيف ضدهم بعد افتتاح الطائف وزع ألوفاً من رسالة «الهدية السنية والتحفة النجدية»، ونشر مقالات في الدفاع عنهم، والرد على خصومهم، وقد قال له شيخ الأزهر أمام ملأ من العلماء: «جزاك الله خيراً بما أزلت عن الناس من الغمة في أمر الوهابية» [21].
وما زال أعداء الدعوة السلفية يروِّجون لهذه الكتب المملوءة بالكذب والتدليس، مما أوحاه الشيطان وزخرفه إبليس، وينفخون في رمادها، ويكررون صدى صوتها، **أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ} [الذاريات: 53]، ولا عجب، فإن أعداء الحق في كل عصر على وتيرة واحدة، وقلوبهم متشابهة فيما يرد عليها من الخواطر والوساوس، وتلك سُنَّة ماضية، وكأنما التاريخ يعيد نفسه:
ألا إنما الأيامُ أبناءُ واحدٍ ... وهذي الليالي كلُّها أخواتُ
فلا تطلبن من عند يومٍ ولا غدٍ ... خلافَ الذي مرت به السنواتُ
ومن سنة الله ـ تعالى ـ أيضاً أنه يسلط جند الحق على أهل الباطل، فيذبُّون عن شريعته الغراء ما يُكدِّر صَفْوَها، ويُميطون أذى المبتدعين عنها.
من الدين كشف الستر عن كل كاذب ... وعن كل بِدْعيٍّ أتى بالعجائبِ
ولولا رجال مؤمنون لهدمت ... صوامع دين الله من كل جانبِ
وما أكثر المصنفات النافعة المباركة التي صنفها المئات من علماء أهل السنة ودعاتهم يذبون فيها عن دعوة شيخ الإسلام، ويدحضون شُبَهَ خصومها، ويكشفون حقائقها الناصعة. رحم الله أمواتهم، وبارك في عمر أحيائهم. واستقصاء ذلك له موضع آخر. (1)
(1) من كتاب خواطر حول الوهابية للشيخ محمد إسماعيل المقدم
ـ[ابومحمد بكري]ــــــــ[22 - 03 - 09, 01:22 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[أبومالك المصرى]ــــــــ[26 - 03 - 09, 10:23 م]ـ
وإياك أخى
ـ[ماهر ابو البراء]ــــــــ[30 - 03 - 09, 02:24 م]ـ
زين للناس حب الشهوات مكن النساء
زين للناس حب الشهوات من النساء
ارجوا العديل
وجزاك الله خيرا
ـ[سامح رضا]ــــــــ[10 - 04 - 09, 05:10 م]ـ
بارك الله فيكم(146/172)
علامة القصيم الشيخ عمر بن سليم (1299هـ - 1362هـ) وجهوده في عهد الملك عبدالعزيز
ـ[السلامي]ــــــــ[20 - 06 - 08, 10:14 م]ـ
أنقله للفائدة
علامة القصيم الشيخ عمر بن سليم (1299هـ - 1362هـ) وجهوده في عهد الملك عبدالعزيز
كان لعلامة القصيم الشيخ عمر بن سليم منهج يحتذى في التعامل والتعاون والتلاحم والتآزر مع ولاة الأمر والسعي لتوحيد الكلمة، فكان نموذجاً للعالم العامل الناصح الصادق، سار على منهج النبوة واقتفي آثار الصحابة والتابعين وسلك مسلك أئمة الدعوة السلفية وأساطين الملة الحنيفية فكان وراء الدعوة يحمي حماها ويذود عن حياضها فأعلى الله مقامه ونشر ذكره في العالمين وجعل له لسان صدق في الآخرين وجمع الله قلوب عباده على حبه وألهج ألسنتهم بالثناء عليه. فأطلقت عليه المشيخة وهو دون العشرين وسئل وأفتى وشيوخه حضور، فما زال الشيخ عبدالله بن عبداللطيف يوصي الملك عبدالعزيز به خيراً فكان الملك يدعوه لاجتماع كبار العلماء وسنه دون الثلاثين مما دعا رئيس القضاة الشيخ عبدالله بن بليهد أن يطلق عليه لقب (إمام العلماء) ولما بلغ الملك عبدالعزيز خبر وفاة الشيخ عمر بن سليم أرسل برقية لأبنائه يواسيهم وأنه سندهم من بعده، وقال (هذا ركن في هالشمال انهد) بهذه الكلمات اختزل الملك عبدالعزيز رحمه الله كل ما يكنه للشيخ عمر بن سليم من مكانه فشبهه بالركن لعظم مكانته وعلو منزلته مما دعا سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم أن يرثيه بمرثية مبكية قال في مطلعها إن المصيبة فقدنا عمراً أعظم بميتته رزء بنا كبر.
وفي هذه العجالة نستوقف التاريخ ليحدثنا عن مواقفه و جهوده في عهد الملك عبدالعزيز رحمه الله:
1 - لما ابتدأ الملك عبدالعزيز بتهجير البادية عام 1330هـ أرسله إلى الأرطاوية فكان يقيم عندهم الشهرين والثلاثة يذكرهم ويعلمهم فكان له أكبر الأثر في نشر العقيدة وتعليم الفقه ونشر مكارم الأخلاق، ونبذ العادات السيئة، وتوفي ثلاثة من كبار طلابه أثناء إقامتهم في تلك البلدة بسبب الوباء عام 1337هـ.
2 - أصبح إماماً في مسجد الحميدي عام 1328هـ ثم إماماً ومدرساً في مسجد ناصر بن سيف ببريدة عام 1339هـ وفي هذه الفترة جند نفسه للتدريس والتعليم وتخرج على يده أعداد كبيرة من طلبة العلم ثم أصبح إمام وخطيب (الجامع الكبير) جامع خادم الحرمين الشريفين ببريدة عام 1351هـ والتف حوله طلاب العلم من كل حدب وصوب.
3 - في عام 1346 هـ ساهم في محاولة إخماد أكبر الفتن الداخلية فشارك مع جملة من كبار العلماء مثل: (الشيخ محمد بن عبداللطيف - وسعد بن عتيق - وابن سحمان - وعبدالله العنقري - ومحمد إبراهيم) في كتابة رسالة قيمة لمناصحة الدويش ومن معه وذلك إخماداً لنار الفتنة.
كما شارك في الجواب على بعض المسائل التي أثيرت حول مسألة الجهاد واستخدام المبرقات وغيرها فكان من أبرز رجال الجهاد الفكري الديني.
4 - في عام 1347 هـ لما زحف الملك عبدالعزيز إلى بريدة أثناء ما فترة معركة السبلة وما قبلها بعث الشيخين عبدالله بن سليم، وأخاه عمر بن سليم وأمرهما أن يبذلا في نصيحتهما الجد والاجتهاد، وذلك حقناً لدماء المسلمين فذهب الشيخان على راحلتين إلى (الصريف) للمفاوضة والمناصحة.
5 - عين قاضياً لبريدة بعد وفاة أخيه الشيخ عبدالله رحمه الله وذلك عام 1351 هـ، وأصبح رئيساً لقضاة القصيم، وكان الملك عبدالعزيز يستشيره في تعين القضاة فعندما زار الملك بريدة طلب من الشيخ عمر أن يختار قاضياً لعنيزة، فرشح الشيخ عثمان القاضي، ومرت أوقات لا يوجد في المملكة محكمة إلا وفيها من تلاميذه.
6 - في عام 1353 هـ شارك مع كبار العلماء مثل الشيخ عبدالله العنقري والشيخ محمد بن عبداللطيف ومحمد بن إبراهيم آل الشيخ في كتابة رسالة لكافة المنتسبين لطلب العلم من أهل نجد في الحث على طلب العلم وصدق الملك عبدالعزيز في أسفلها بأن ما كتب المشائخ هو الحق والنصح.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/173)
7 - وفي عام 1353هـ توجه للحج الشيخ عمر ومعه قرابة ثلاثين من كبار طلبة العلم من تلاميذه بناءً على أمر الملك عبدالعزيز فتم توزيعهم على محاكم مدن وقرى المنطقة الجنوبية ابتداءً من جيزان وانتهاءً بأبها فمنهم من عين قاضياً ومنهم من عين أماماً ومعلم ومرشد، ولم يخلُ منصب في القضاء إلا ويبعث الملك عبدالعزيز إلى الشيخ عمر يطلب منه تعين أحد تلاميذه، وقد جعل الله فيهم البركة فنفعوا بعلمهم جميع أطراف البلاد السعودية، وكل ذلك ببركة دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب وأبنائه وأحفاده الذين أخذ عنهم آل سليم العلم.
8 - في عام 1356 هـ الموافق 1937م قبل الحرب العالمية الثانية بسنتين قام اليهود بالاعتداء على فلسطين فعقد الشيخ عمر بن سليم مجلساً للبحث والنقاش حول الموقف من هذا الحدث وهل تجب مساعدة أهل فلسطين والانخراط في صفهم ضد أعداء الله ورسوله اليهود، وذلك بأمر من الملك عبدالعزيز وحضر الاجتماع أمير القصيم عبدالله الفيصل الفرحان وثلة من العلماء منهم: (الشيخ عبدالعزيز العبادي والشيخ محمد الحسين والشيخ عبدالله الرشيد ومن الأعيان فهد الرشودي وعبدالعزيز المشيقح وسليمان الجربوع ومحمد الربدي) رحمهم الله جميعاً واتفقوا إذا أمر الوالي الرعية بنصرة المسجد الأقصى فإنهم يقدمون في نصرته أنفسهم وأموالهم طاعة لولي الأمر وهذا يدل على سبرهم لأغوار الشريعة ومعرفة أبعاد المسألة وفهم نصوص الكتاب والسنة وقراءات منهج علماء السلف والوقوف على موقفهم في هذا القضية فكانت كتابتهم مؤصلة وتوصياتهم موثقة ورفع هذا الرأي إلى عتبة الملك عبدالعزيز فكان له أحسن الوقع والقبول.
9 - ساهم الشيخ عمر مع الملك عبدالعزيز في بناء وتوسعة الجامع الكبير عام 1359هـ ووضع النواة الأولى لمكتبة بريدة العلمية بالجامع والتي تعتبر أول مكتبة علمية في المملكة العربية السعودية .. وقد أنعشت هذه المكتبة الحياة العلمية وساهمت في النهضة الثقافية في البلاد وحافظت على تراث الأمة وما نعيشه الآن وننعم به من بنية معلوماتية في المكتبات لم تنطلق من فراغ بل هي غرس الماضي وكفاح الآباء والأجداد.
أخيراً وليس آخراً أتقدم بالشكر الكبير إلى المسؤولين في دارة الملك عبدالعزيز وعلى رأسهم صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز رئيس مجلس الإدارة على ما يبذلونه في حفظ تاريخ البلاد وإنني في هذا المقام أدعو مركز التاريخ الشفوي بالدارة إلى المبادرة في رصد جهود آل سليم حيث كانت لهم الأدوار العلمية والقضائية المعروفة في القصيم خلال نصف قرن من الزمان وكان لهم جهود عظيمة في ترسيخ الأمن والقضاء على الفتن حتى أصبحوا دعامة من دعائم العلم الشرعي والاستقرار السياسي، وذلك عرفاناً بفضلهم ووفاءً بحقهم.
عبدالملك بن عبدالوهاب البريدي
مدير مركز علاقات الإنسان بالقصيم
alaqat323@hotmail.com(146/174)
نظم الغزوات النبوية سنينها الهجرية وشهورها القمرية للعدواني
ـ[أمين حماد]ــــــــ[21 - 06 - 08, 12:30 ص]ـ
نظم الغزوات النبوية سنينها الهجرية وشهورها القمرية
للعدواني مفرغ من شرحه المنشور بمجلة المورد العراقية(146/175)
فارس الشدياق، عالم اللغة النصراني الذي اعتنق الإسلام
ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[21 - 06 - 08, 07:30 ص]ـ
ولد فارس بن يوسف بن منصور الشدياق في عشقوت من قرى كسروان بلبنان سنة 1219 (1804م)، من أسرة مارونية، انتقل والده إلى قرية الحدث على مقربة من بيروت، فترعرع فيها وتعلّم في مدرسة عين ورقة، ولمّا مات والده انكَبَّ على المطالعة واحترف مهنة نسخ الكتب.
سافر إلى القاهرة ليكون أستاذ اللغة العربية عند رجال البعثات الأميركيين، وهناك انكَبَّ على دراسة اللغة العربية، وعهد إليه بتحرير جريدة الحكومة الوقائع المصرية، ثم ذهب إلى مالطة بناءً على طلب المدرسين الأميركان، ولبث في تلك الجزيرة أربع عشرة سنة يعلم في مدرسة هؤلاء ويصحّح مطبوعات طبعتهم.
ثم طلبته وزارة الخارجية الإنكليزية من حاكم مالطة ليعاون الدكتور لي على ترجمة التوراة، فلبّى طلبها، ومكث في لندن عشر سنوات تعرّف خلالها بأكبر علماء أوروبة وأدبائها هناك، (وسافر إلى تونس سنة 1274/ 1857م)، وفي تونس غمره الباي بنعمه وقلّده مديرية المعارف ورئاسة تحرير جريدة الرائد التونسي.
وفي غمرة هذه النعم، أعلن فارس الشدياق إسلامه وأضاف إلى اسمه أحمداً وتكنّى بأبي العباس، واستدعاه السلطان عبد المجيد العثماني بواسطة الباي، وعهد إليه إدارة المطبعة السلطانية، (دُعِيَ إلى الآستانة فأقام بضع سنوات، ثم أصدر بها جريدة الجوائب سنة 1277، فعاشت 23 سنة، وتوفي بالآستانة /الأعلام 1 - 193).
وزار أحمد الشدياق القاهرة، فأكرمه الخديوي توفيق، ثم عاد إلى العاصمة العثمانية وتوفي فيها سنة 1304 (1887م)، ثم نُقِل جثمانه إلى لبنان وصُلِّيَ عليه بالجامع العُمَري الكبير ببيروت، ودُفِن على مقربة من الحدث في محلة الحازمية على جانب الطريق بين بيروت ودمشق،رحمه الله رحمةً واسعة وأدخله فسيح جنّاته.
من مؤلفاته: كنز الرغائب في منتخبات الجوائب في سبع مجلدات، اختارها ابنه سليم من مقالاته، كشف المخبا عن فنون أوروبا، اللفيف في كل معنى ظريف، سر الليال في القلب والإبدال، الساق على الساق فيما هو الفارياق، وغيرها.
المصدر: معجم المؤلفين (1641) لعمر كحالة.
ـ[أبو معاوية البيروتي]ــــــــ[30 - 05 - 10, 09:43 ص]ـ
يُرفَع للفائدة.
ـ[القاسم بن محمد]ــــــــ[30 - 05 - 10, 10:25 ص]ـ
شكراً لكم.
قرأت عنه مرة أنه كان لا يؤمن بالوحي، هل هذا صحيح؟
ـ[أبو سليمان الجسمي]ــــــــ[31 - 05 - 10, 12:32 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[أبو الطيب أحمد بن طراد]ــــــــ[31 - 05 - 10, 01:37 ص]ـ
هذه ترجمة كتبتها له منذ مدة، وفيها بعض مؤلفاته والتعقيب عليها:
الشدياق
(1219 - 1304 هـ = 1804 - 1887 م)
هو: أبو العباس أحمد فارس بن يوسف بن منصور جعفر بن فهد الشدياق (*).
قال الزركلي: "عالم باللغة والأدب ". (1)
وقال كحالة: " أديب، لغوي ". (2)
وقال الباباني: " الأديب اللغوي صاحب جريدة الجوائب ". (3)
وقال ادوارد فانديك: " الأديب الشاعر اللغوي الكاتب البليغ". (4)
وقال في الموسوعة العربية العالمية: " لغوي صحفي لبناني ". (5)
ولقبه الأستاذ أبو محمد مارون عبود بـ " صقر لبنان " (6).
قال عنه المستشرق جب: " أحد الأبطال العظام المدافعين عن الإسلام" (7).
قال الأستاذ محمد الجوادي عنه: " [كان] داعية إلى بعث المجد العربي والإسلامي كالأفغاني وإلى الأخذ بالتمدن الإسلامي كمحمد عبده" (8).
وقال الأستاذ عجاج نويهض: " هو نيزك لبنان في القرن التاسع عشر" (9).
وذكر عنه السندوبي أنه بهر في شيخوخته أفاضل الأدباء بـ:
" حضور ذهنه، وتوقد ذكائه، وحلاوة سمره، ورقة حاشيته، ورشيق عبارته" (10).
وقال الأستاذ أنور الجندي عنه: " قريع الدهر في علم الأدب العربي ".
(موسوعة مقدمات العلوم والمناهج للأستاذ أنور الجندي، صـ 28،ج4).
ووصفه شقيقه طنوس الشدياق بأنه: " عاقلاً، شجاعاً، لا يهاب أخطار الحرب، حاد المزاج، ديّناً، مستقيماً، كريماً، كثير المطالعة ".
(أخبار الأعيان في جبل لبنان، ج 1،صـ 137).
* قال فيليب دي طرازي: " من سلاسة المقدم رعد بن المقدم خاطر الحصروني الذي تولى جبل كسروان سبعاً وثلاثين سنة في أوائل القرن السابع عشر (11) ".
* ولد في قرية عشقوت ـ من قرى كسروان بلبنان ـ وأبواه مسيحيان مارونيان سمياه فارساً.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/176)
* انتقل مع والده إلى الحدث، فاستوطنها.
* ثم تعلم في مدرسة عين ورقة المارونية (**)، قال فانديك: " الاكليريكية الكائنة في عمل كسروان".اهـ (12)، وقال شيخو: " ودرس [فيها] مبادئ العلوم اللسانية (13) ".اهـ
* تعلم نسخ الكتب عن أخيه، وبرع فيها واتخذها مهنة، وحصَّل منها معرفة، فكان كلما تركها واشتغل بالتجارة عاد إليها.
* رحل إلى مصر فتلقى الأدب عن علمائها [يذكر سركيس سبب رحيله إلى مصر فيقول:
" وفي أثناء ذلك انتحل أخوه أسعد المذهب الإنجيلي فاضطهده أهله ورؤساؤه فمات قهرا.
فجاهر فارس بسوء فعلهم وأخذ يطعن فيهم ثم التجأ إلى المرسلين الأمر كان فبعثوا به إلى مصر].اهـ (14) وقال في الموسوعة العربية العالمية: " جاء إليها في عهد محمد علي باشا. واتصل بالشيخ محمد شهاب الدين، محرر الوقائع المصرية الذي فسح له المجال للعمل فيها".اهـ (15)، وذكر في أعيان البيان: " أنه تعرف الشيخ الفاضل نصر الله الطرابلسي واتصل بالشيخ محمد شهاب الدين ولازمه وقرأ عليه طائفة من كتب اللغة والأدب (16) ".
* تولى تحرير الوقائع المصرية على عهد عباس باشا الأول أمير مصر. (فانديك) (17).اهـ
وقال السندوبي: " فكان ينشئ فيها الفصول الرائقة بأسلوب مستقل عما ألفه كتاب ذلك العصر" (18).اهـ
* رحل إلى مالطة فأدار فيها أعمال المطبعة الأميركانية. قال في الموسوعة العربية العالمية:
" وفي عام 1834م سافر إلى جزيرة مالطة تحت رعاية المنصرين الأمريكيين، ومكث بها أربع عشرة سنة، واشتغل بترجمة الإنجيل من الإنجليزية إلى العربية".اهـ (19)
* تنقل في أوربا.
* واشتغل في لندرا في تعريب ترجمة التوراة فزادت بذلك شهرته (شيخو) (20).
* ثم سافر إلى تونس، ومدح باي تونس أحمد باشا بقصيدة جارى فيها لامية كعب بن زهير فأعجب من حسن نظمه ودعاه إلى خدمة دولته في تونس فلبى دعوته ورحل إلى المغرب وكان هناك يحرر جريدة الرائد التونسي، ثم اعتنق فيها الدين الإسلامي وتسمى (أحمد فارس).
وذكر السندوبي سبب إسلامه فقال:
" ثم وقعت بينه وبين شيخ الإسلام بالديار التونسية مجادلات في العقائد الدينية أدت إلى اعتناقه الدين الحنيف ودعى نفسه (أحمد فارس) وتكنى (بأبي العباس) (21).اهـ
*دعي إلى الآستانة فأقام بضع سنوات بها.
وذكر السندوبي سبب ذهابه للآستانة فقال:
أنه نظم قصيدة في الحرب التي شبت بين الروسيا ـ كذا في أعيان البيان وقد رأيت كثيراً من أبناء هذا القرن ومعاصريهم أشياء كثيرة ظهرت في كتابات الأفغاني ومحمد عبده والنديم ـ والدولة العلية " فنالت رضا السلطان عبد المجيد فأمر باستدعائه إلى الآستانة (22).
* ثم أصدر بها جريدة (الجوائب) سنة 1277هـ فعاشت 23 سنة.
قال الأستاذ محمد الجوادي: " وقد نالت هذه الصحيفة أكثر من دعم مالي حيث نالت دعم السلطان عبد المجيد كما نالت دعم الخديوي إسماعيل إضافة إلى باي تونس (23) ".
وذكر السندوبي أن الخديوي إسماعيل هو من أشار عليه بإنشاء تيك الصحيفة ونفحه ـ كما يقول ـ بـ 5000 (24).اهـ
* قال الزركلي: " توفي بالآستانة (25) "، وقال كحالة: " وتوفي بالقسطنطينية (26)، وقال فانديك: "
و أوصى ابنه الوحيد سليماً أن لا يدفن جثته إلا في قرية ولادته. فنقل سليم الجثة إلى بيروت و دفنها في أرض جبل لبنان عند الحازمية بقرب مدفن فرانقو باشا متصرف جبل لبنان الأسبق و على بعد ربع ساعة من قرية الحدث (27) ".اهـ (28)
* نقل جثمانه إلى لبنان.
* من آثاره:
* (كنز الرغائب في منتخبات الجوائب - ط)
الروابط:
ج1: http://www.4shared.com/file/12508590...ec/_____1.html?
ج6: http://www.4shared.com/file/125090578/99c222e6/_2______.html?
- قال الزركلي: "سبع مجلدات، اختارها ابنه سليم من مقالاته في الجوائب ". (29)
- قال عنه سركيس:
* الأول: يشتمل على مقالات أدبية.
* الثاني: يحتوي على ذكر حرب جرمانيا مع فرنسا.
* الثالث: يحتوي على بعض قصائد نظم المؤلف.
* الرابع: يشتمل على قصائد الأدباء في مدح صاحب الجوائب.
* الخامس: يشتمل على حوادث تاريخية ووقائع دولية من سنة 1277 إلى 1293.
* السادس: يشتمل على حوادث تاريخية جرت سنة 1295 هـ.
* السابع: يشتمل على الحوادث والوقائع من سنة 1295 إلى 1298 هـ.
* ثم قال: " طبعت كلها بمط الجوائب من سنة 1288 إلى 1298. اهـ (30)
- ذكره صاحب هداية العارفين ويبدو أنه وهم في عدد المجلدات حيث قال بأنهم في جزأين. (31).
- وقال فانديك: " و هو مقتطفات من جريدته اليومية السياسية العلمية جمعها ابنه سليم فارس و طبعها في 7ج في القسطنطينية 1295هـ و فائدة الكنز هذا عظيمة للوقوف على تاريخ الشرق بعد حرب القرم إلى حرب سنة 1878م. و إنشاء أحمد فارس و لغته من أحسن ما كتبه المتأخرون نثراً في اللغة العربية في عصر النهضة الأخيرة ".اهـ (32)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/177)
ـ[أبو الطيب أحمد بن طراد]ــــــــ[31 - 05 - 10, 01:39 ص]ـ
* (سر الليال في القلب والإبدال)
الرابط: http://www.archive.org/details/sir-allayal
- قال الزركلي: " في اللغة، جزءان، طبع الأول منهما ". (33)
- وذكره كحالة في معجمه (34).
- وقال فانديك: " طبع في 600صح في القسطنطينية 1284ه و هو عظيم الفائدة لمعرفة اللغة و مبني على ثلاثة مقاصد حذا فيه حذو المحكم لابن سيده الذي لم يطبع إلى يومنا".اهـ (35)
- وقال عنه سركيس: " وهو مبني على ثلاثة مقاصد:
(1) سرد الأفعال والأسماء التي هي أكثر تداولاً لإيضاح تناسبها وإبداء تجانسها
(2) إيراد الألفاظ المقلوبة والمبتدلة.
(3) استدراك ما فاته صاحب القاموس أستانة 1284 " (36).
- ذكره صاحب هداية العارفين (37).
- ذكره شيخو وقال: " على شكل معجم لم يتمه (38) ".اهـ
- قال السندوبي: " كتاب لغوي جليل يدل اسمه على موضوعه، لم يطبع منه غير جزئه الأول وهو معروف ومتداول (39) ".
- قال فيليب دي طرازي: " مجلدين وهو يحتوي على تبيين معاني الألفاظ وانتساق وضعها (40) ".
* (الواسطة في أحوال مالطة - ط).
الرابط: http://www.4shared.com/file/125088875/177fcc57/____.html?
- ذكره الزركلي وأشار إليه بالرمز (ط) أي مطبوع (41).
- وذكره صاحب هداية العارفين (42).
- وقال عنه فانديك: " و هو مرشد و دليل لجزيرة مالطة و القلعة الحصينة التي فيها طبع في مالطة" (43).اهـ
- وذكره كحالة في معجمه (44).
- و قال فيه السندوبي: " كتاب وصف فيه هذه الجزيرة وصفاً شاملاً لم يغادر شيئاً فيها إلا أحصاه، وأبان فيه عن أصل لغة أهلها العربية شيبت بلهجات الفاتحين ولحون الطارئين (45) ".
- ذكره فيليب دي طرازي في ترجمة الشدياق (46).
* (كشف المخبا عن فنون أوربا - ط).
- ذكره الزركلي وأشار إليه بالرمز (ط) أي مطبوع (47).
- قال عنه سركيس: " فصل فيه سياحته في بلاد الإنجليز ومروره بكثير من القرى والبلدان الأوروبية مط الجوائب 1299هـ (48).اهـ
- وذكره صاحب هداية العارفين (49).
- وقال فانديك: " و هو ذكر رحلة المؤلف في أقطار أوربا (50) ".اهـ
- قال فيه السندوبي: "فصل فيه سياحته في بلاد الإنجليز ومروره بكثير من القرى والبلدان الأوربية، فوصف عادات الإنكليز وآدابهم وأخلاقهم وأسرار تقدمهم وتاريخ تمدنهم بأسلوب عذب، ومنهج سهل (51) ".
- ذكره فيليب دي طرازي (52).
- قال جُرجي بك زيدان: " وصف به تلك البلاد وصفاً دقيقاً بعبارة رقيقة تأخذ بمجامع القلوب لا يمل القارئ، من قراءتها فضلاً عما يستفيده منها عن أحوال أمم أوربا وخصوصاً باريس فأوجز في وصفها اعتماداً على ما كان قد كتبه عنها المرحوم رفاعة بك الشهير، وقد طبع الطبعة الأولى في تونس، والثانية في الآستانة سنة1299هـ، وهي مشهورة ومتداولة" (53).اهـ
* (شرح طبايع الحيوان).
- قال سركيس: " (معرب) الجزء الأول في ذوات الأربع مالطه 1841" (54).اهـ
* (الجاسوس على القاموس - ط).
الرابط: http://www.archive.org/details/ALJASOUS
- ذكره الزركلي وأشار إليه بالرمز (ط) أي مطبوع (55).
- وذكره كحالة في معجمه (56).
- وقال صاحب هداية العارفين: " مجلد ضخم مطبوع (57) ".
- وقال فانديك: " طبع في القسطنطينية 1299ه في 690صح و هو انتقاد على خطأ الفيروزآبادي في قاموسه المحيط. غير أن كثيرين من المتأخرين المقلدين لم يرضوا بما و جده أحمد فارس من الخطأ في القاموس و في أي الحالات فإن الجاسوس هذا لا يخلو من الفوائد في كشفه على بعض هفوات الفيروزآبادي (58) ".اهـ
- ذكره شيخو في تاريخ الآداب العربية (59).
- وقال السندوبي: " كتاب ممتع حافل بالفوائد اللغوية وضعه لاستدراك ما فات المجد في قاموسه ورد ما وهم فيه من الألفاظ إلى أصولها، وهو مطبوع متداول" (60).
- قال فيليب دي طرازي: " الذي انتقد فيه قاموس الفيروزآبادي المرآة لم يزل غير مطبوع وهو يشتمل على أكثر من سبعمائة صفحة كبيرة (61).
- قال فيه جُرجي زيدان: " ألفه في الآستانة ينتقد فيه معجم القاموس المحيط للفيروز آبادي وهو يشتمل على مقدمة وأربعة وعشرين نقداً، أما المقدمة فهي ملاحظات كثيرة لغوية من جملتها ترتيب الأفعال بحسب ما نسقه الكوفيون ثم ترجمة صاحب القاموس وصاحب العباب، وصاحب الصحاح وصاحب المحكم وصاحب لسان العرب، وهم من فطاحل علماء اللغة، أما الأربعة والعشرون نقداً فهي انتقاده ما ورد في القاموس من عبارته وخطئه ومعاني ألفاظه واشتقاقها وما شاكل ذلك، وعدد صفحات الكتاب زهاء سبع مئة صفحة (62) ".
* (اللفيف في كل معنى طريف - ط).
الرابط: http://www.4shared.com/file/125092176/d37a6fb6/____.html?
- ذكره الزركلي وأشار إليه بالرمز (ط) أي مطبوع (63).
- قال سركيس: " مالطة 1839 م ومط الجوائب 1300م (64) ".اهـ
- ذكره صاحب هداية العارفين (65).
- وقال فانديك: " و هو كتاب أدب و مطالعة و تعليم القراءة و تمرين الخواطر في المراتب فيه أمثال قديمة و حديثة و نوادر و هو من أحسن مؤلفاته طبع في 215صح في القسطنطينية 1300ه و قبل ذلك في مالطة سنة 1839م" (66).اهـ
- ذكره فلييب دي طرازي (67)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/178)
ـ[أبو الطيب أحمد بن طراد]ــــــــ[31 - 05 - 10, 01:40 ص]ـ
* (الساق على الساق في ما هو الفارياق - ط).
الرابط: http://www.4shared.com/file/125096431/a0db6aad/_____.html?
- ذكره الزركلي وأشار إليه بالرمز (ط) أي مطبوع (68).
- ذكره كحالة في معجمه (69).
- وقال فانديك: " وهو متضمن بعض الحوادث من سيرة المؤلف مع شيء من الهجو المستتر طبع في باريس 1855م في 712صح (70) ".اهـ
- ذكره الراهب اليسوعي لويس شيخو وقال: " لم يرع فيه جانب الأدب (71) ".اهـ
- قال عنه السندوبي: " كتاب من أجل الكتب وأمتعها، جمع بشر اللهو إلى عبوس الجد، وضعه في طالعة أمره ومستهل نشأته، فوصف فيه أحواله الخاصة بحركاته وسكناته، وما عاناه في عراك أيامه، وذياد لياليه، سبكه في قالب المقامات، أو على شكل الروايات، غير أن أكثره مرسل، صاغه بلباقة فأدقه وأجله، وأغرب فيه وأطرب، وذهب في إبداعه كل مذهب، لم يتبع فيه سابقا، ولن يبلغ شأوه فيه لاحق. طبع في باريس سنة 1855وهو الآن في حكم المعدوم (72) ".اهـ
- ذكره فيليب دي طرازي، ثم قال: " والفارياق لفظ مقتطع من اسمه فارس الشدياق (73) ".
- قال جُرجي بك زيدان: " وهو كبير الحجم يشتمل على نحو ثمان مئة صفحة كبيرة كتبه أثناء سياحته في أوربا، ويظهر لمن طالعه أن مؤلفه أراد به ثلاثة أمور:
الأول: وصف أسفاره وأحواله الخصوصية، وما قاساه في أوائل حياته.
الثاني: التنديد بجماعة من الاكليروس لم يذكر أسمائهم إلا رمزاً وتقبيح ما ارتكبوه في مقتل أخيه أسعد.
وأما الأمر الثالث: وهو الأهم فهو إيراد الألفاظ المترادفة في اللغة في مجموعات كل موضوع على حدة كأسماء الآلات والأدوات وأصناف المأكول، والمشروب والمشموم والمفروش والمركوب والحلي والجواهر وأوصاف الرجال والنساء وغير ذلك مما لا يتيسر وجوده في كتاب واحد وعلى أسلوب لم نشاهد مثله في العربية، على إننا لا نستطيع الانتقال من وصف كتاب الفارياق قبل الإشارة إلى أمر وددنا لو كفانا ـ رحمه الله ـ مؤونة النظر فيه ـ وذلك أنه أورد في ذلك الكتاب ألفاظاً وعبارات أراد بها المجون ولكنها تجاوزت حدوده حتى لا يتلوها أديب إلا ودَّ لو أنها لم تمر في ذهن شيخنا ولا دوَّنها في كتابه تنزيهاً لأقلام الكتاب عما يخجل من قراءته الشاب فضلاً عن العذارء، وقد طبع في باريس سنة 1270هـ (74).
- قال الأستاذ محمد الجوادي: " وقد بنى أفكار كتابه الشهير الساق على الساق على مطلبين جوهريين هما:
تحرير اللغة العربية والمرأة، ويرى بعض النقاد أن كتابه هذا هو أول رواية عربية في العصر الحديث (75) ".
- قال فيه الشيخ رشيد رضا:
" (الساق على الساق في ما هو الفارياق)
أو أيام وشهور وأعوام في مجد العرب والأعجام، صفحاته 422 بالقطع
الوسط خلا الخاتمة وجدول بيان المترادف المتجانس، وإهداء الكتاب، طبع ثانية
في مطبعة رمسيس بمصر على ورق أبيض جيد وورق عادي سنة 1919.
هذا الكتاب من أشهر مؤلفات النابغة العلامة اللغوي أحمد فارس , وقد صدره
بهذين البيتين:
تأليف زيد و هند في زمانك ذا ... أشهى إلى الناس من تأليف سفرين
ودرس ثورين قد شُدا إلى قرن ... أقنى وأنفع من تدريس حبرين
وكان قد طبع في باريس سنة 1270 هـ، وجعل الفهرس في أوله، ثم
صورة إهداء الكتاب، ثم التنبيه من المؤلف قال فيه بعد الحمدله: (وبعد، فإن
جميع ما أودعته في هذا الكتاب فإنما هو مبني على أمرين، أحدهما (إيراد غرائب
اللغة ونوادرها) إلخ، (والأمر الثاني ذكر محاسن النساء ومذامهن إلخ) وفي
هذا يقول في الفاتحة:
غيري من الوصاف في ذا صنفوا ... لكنهم لم يحسنوا التصنيفا
إذ كان ما قالوه مبتذلاً ولم ... يتقص منهم واصف موصوفا
لكن كتابي - أو أنا- بخلاف ذا ... نكفي الجفي الحسد والتعريفا
لا عيب فينا غير أنك ترى ... صنوًا لنا في فننا وحريفا
ثم مقدمة مفيدة لناشر الكتاب رافائيل كحلا [1] ثم فاتحة الكتاب فالكتاب الأول
إلى الرابع، ثم بيان ما في الكتاب من الألفاظ المترادفة والمتجانسة وهو جدول
مفيد للكاتب والحاسب والطبيب والاجتماعي والمؤلف والمترجم، أو هو زبدة ما
يعني اللغوي، والأديب من هذا الكتاب , ثم (ذنب الكتاب) ينتظم فيه أغلاط
مدرسي اللغات العربية في باريس، وكنت أود أن أثبت هنا مقدمة ناشره الأول
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/179)
وإعذارًا لمؤلفه وناشره، وطابعه وقارئه ولكن منع من ذلك ضيق المقام، أو المكان.
(نفذت الطبعة الأولى، ولكن بعد نيف وستين سنة من طبعه، واشتد الطلب
عليه، ولكن عز المطلب فأقدم على طبعه يوسف أفندي توما البستاني , وجعل أوله
فاتحة المؤلف، وحذف مقدمة ناشره، وما عدا ذلك وُضع بعد (الذنب) وإذا
كانت الطبعة الأولى لم تخل من أغلاط مطبعية مع أنها طبعت تحت إشراف
المصنف، وقد جعل لأكثرها جدول خطأ وصواب، وبقي البعض منها مثل ما في
الصفحة الثانية، والسطر الثالث في الذنب من غلطة في آية كريمة وهي خطأ وقل
ينسفها) وصوابها (فقل ينسفها) وتابعته الطبعة الثانية عليها، وهي في الصفحة
الأولى والسطرالـ 16 منها وكذلك كلمة (مبتهج) في ص 3 س 18 متبهج،
وصوابها (مبتهج).
وترى في الطبعة الثانية شيئًا من هذا مثل ما في ص5 س 8 أجازك
والصواب أجارك وص 4 س 6 (الوفا) وصوابها (الفوفا) وص 29 س23
(الياء) وصوابها (الباء) وص 263 س 16 (يعتمرون) وصوابها (يعمرن) مما
لا يكاد يخلو منه كتاب.
ويحق لقراء العربية شكر ناشر هذا الكتاب بعد طيه فإنه من أمتع الكتب
العربية وأفيدها وأفكهها وأثبتها لكثير من عادات الشرقيين والأوربيين في مساكنهم
ومجالسهم ومدارسهم ومعابدهم وصلواتهم وخلواتهم وجلواتهم وهو أحسنهم، وقد
أنحى على الأكليروس باللائمة وخصوصًا الماروني منه، وسلقهم بلسان من حديد،
وانتقم لأخيه المعلم أسعد الشدياق , ثم صار منتقدًا مطلقًا قصصيًّا مؤرخًا، ولم يدع
سيداته النساء من لذعات قلمه، والحاصل أن المؤلف لم يكن يجهل أن زمنه كان مما
يصعب فيه نشر الكتاب ولذلك قال في فاتحته:
وحياة رأسك إن رأسي عالم ... أني به لن أستفيد رغيفا
لكن بقرني حكة هاجت على ... أني أحاول مرة تأليفا
فصلته لكن على عقلي فما ... مقياس عقلك كان لي معروفا
ما راج من قولي فخذوه وما تجد ... من زائف فاتركه لي ملفوفا
لا ترفسن ما سَرّ منه لأجل ما ... قد ساء بل لا توله تأفيفا
حاشاك أن تقضي علي تهافتا ... من قبل أن تتحقق التوقيفا
فتقول قد كفر المصنف فاحشدوا ... يا قوم صاحبكم أتى تجديفا
فتهيج أرباب الكنائس هيجةً ... شؤمى فيخترطوا عليه سيوفًا
ولكن الزمن قد تحول وتغيرت الأفكار، وكثر من يرغب بهذا المؤلف
النفيس حتى من أرباب الكنائس، وقام من الطائفة المارونية من طبعه وعني بنشره،
وثمن النسخة منه 60 قرشًا من الورق العادي، و80 قرشًا من الورق الجيد،
وأجرة البريد خمسة قروش، ويطلب من مكتبة العرب، ومكتبة المنار بمصر ".اهـ
(مجلة المنار مج 21،صـ 327)
* (غنية الطالب - ط).
الرابط: http://www.archive.org/details/GHONYAT-ATTALIB
- ذكره الزركلي وأشار إليه بالرمز (ط) أي مطبوع (76).
- قال عنه سركيس: " في الصرف والنحو وحروف المعاني مط الجوائب أستانة 1288" (77).اهـ
- وذكره صاحب هداية العارفين (78).
* (الباكورة الشهية في نحو اللغة الإنكليزية - ط)
الرابط: http://www.4shared.com/file/125094749/490e028a/_____.html?
- ذكره الزركلي وأشار إليه بالرمز (ط) أي مطبوع (79).
- وذكره سركيس (80).اهـ
- ذكره فيليب دي طرازي (81).اهـ
- قال جُرجي زيدان: " وهو كتاب مدرسي لتعليم اللغة الإنكليزية (82) ".
* (سند الراوي في الصرف الفرنساوي - ط)
- ذكره الزركلي وأشار إليه بالرمز (ط) أي مطبوع (83).
- قال جُرجي زيدان: "وهو كتاب لتعليم اللغة الفرنساوية (84) ".
* (المرآة في عكس التوراة)
- ذكره الزركلي (85).
- وذكره صاحب هداية العارفين (86).
- قال السندوبي: " كان أوصى أن لا يطبع إلا بعد وفاته، ويقال أنه واقعاً في أجزاء كثيرة (87) ".
* (تراجم الرجال)
- ذكره الزركلي (88).
- وذكره السندوبي (89).
* (التقنيع في علم البديع - خ)
- قال الزركلي: " في شستربتي (4099) (90) ".اهـ
- ذكره فيليب دي طرازي (91).
* (منتهى العجب في خصائص لغة العرب).
- ذكره كحالة في معجمه (92).
- ذكره شيخو وقال: " أتلفه الحريق قبل أن يطبع (93) ".
- قال السندوبي: " كتاب كان قد وضعه في أسرار اللغة وخصائص الحروف ومدلولاتها بما لم يسبق إليه، ذهب فريسة النار التي أصابت منزله بالآستانة، ولو سلم منها وطبع لجاء بنفع عظيم، ترى نموذجاً كافياًَ منه في أوائل كتاب الساق على الساق أو في الجزء الأول من كنز الرغائب (94) ".
- قال جُرجي زيدان: " قضى في تأليفه سنين عديدة نحا فيه نحواً حديثاً لم يسبقه إليه غيره على أسلوبه، وقد أسهب فيه حتى بلغ مجلدات كثيرة وموضوعه البحث في خصائص الحروف الهجائية العربية مثال ذلك قوله: أن من خصائص حرف الحاء السعة والانبساط أي أن الألفاظ التي تنتهي بحرف الحاء يكون معناها شيء من خصائص هذا الحرف نحو الابتحاح والبندح والبراح والأبطح والأبلنداح والرحرح والمسفوح والمفرطح والمسطح وما شكل، ومن خصائص حرف الدال اللين اللبن والنعومة والغضاضة نحو البرخدة والتيد والتأد والخود والرادة والرهادة والفرهد والأملود والقشدة والملد وغيرها.
ومن خصائص حرف الميم القطع والاستئصال والكسر نحو أرم وترم وجزم وجلم وخسم وحطم وما جرى مجراها وقس عليها. ولو نظرنا في ما أورده من الأمثال لرأينا منه تساهلاً في تطبيقها على ما أراده على أننا لا ننكر ما كان يرجى منه من الفوائد الجزيلة لو طبع الكتاب ونشر ولكنه فقد حرقاًَ على أثر حريق أصاب منزله في الآستانة فأسف هو لذلك أسفاً شديداً" (95)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/180)
ـ[أبو الطيب أحمد بن طراد]ــــــــ[31 - 05 - 10, 01:41 ص]ـ
* (فلسفة التربية والأدب).
- قال عنه سركيس: " وهي مجموعة أدب وتهذيب. نشره علي محمود الحطاب وذيله ببعض الحكم (دون تاريخ) الإسكندرية (96) ".اهـ
* (قصيدة يمدح فيها أحمد باشا والي مملكة تونس)
- قال سركيس: "ومعها ترجمتها بأشعار فرنسية طبع حجر باريس 1851" (97).اهـ
* (كنز اللغات).
قال سركيس: " فارسي وتركي وعربي بيروت 1876م " (98).اهـ
* (المحاورة الإنسية في اللغتين العربية والإنجليزية).
ذكره فيليب دي طرازي في تأريخه للصحافة العربية (99).
* (لا تأويل في الإنجيل).
- انفرد بذكره فيليب دي طرازي وقال: " لم يزل غير مطبوع (100) ".
* (الأجرومية)
- انفرد بذكره فيليب دي طرازي (101).
* (النفائس في إنشاء أحمد فارس)
- انفرد بذكره فيليب دي طرازي (102).
* (الروض الناضر في أبيات ونوادر).
- انفرد بذكره فيليب دي طرازي (103).
* (السلطان بخشيش).
- انفرد بذكره فيليب دي طرازي، ثم قال: " مع ترجمته للمسيو أرنو الترجمان الأصلي " (104).
* قال الزركلي: "وله عدة كتب لم تزل مخطوطة، منها (ديوان شعره) يشتمل على اثنين وعشرين ألف بيت، طبع نحو ربعه في الجزء الثالث من (كنز الرغائب) (105) ".اهـ
* A practical grammar of the Arabic: with interlineal reading lessons, dialogues and vocabulary
فارس الشدياق
الطبعة الرابعة (1891م)
http://www.archive.org/download/prac...hidrich_bw.pdf
* (( مماحكات الإنجيل)):
الرابط: http://www.4shared.com/file/12509923..._2_______.html
** ومن الكتب التي كتبت عنه:
* ((هو الباقي)).
- قال فيه فيليب دي طرازي: " جمع [فيه] يوسف آصاف ترجمة الفقيد مع بعض ما ورد في رثائه من أقوال الجرائد وقصائد الشعراء التي أجمعت بأسرها على إكبار الخطب بفقده".اهـ (106)
* ((صقر لبنان)).
- قال عنه الأستاذ محمد الجوادي: " وكتب عنه الأديب اللبناني مارون عبود كتاباًَ بعنوان " صقر لبنان " لأنه في نظره شيد دولة عربية غربية ". (107)
* ((أحمد فارس الشدياق وآراؤه اللغوية والعربية)).
قال فيه الأستاذ محمد الجوادي: " نشر الدكتور محمد أحمد خلف كتاباً بعنوان " أحمد فارس الشدياق وآراؤه اللغوية والعربية ". (108)
وقال أيضاً: " كما قدر الدكتور أحمد مختار جهده في دراسات قيمة". (109)
* ((أحمد فارس الشدياق أديب القرن التاسع عشر)).
وهي رسالة قدمت لكلية الآداب في جامعة بيروت الأميركية لنيل شهادة أستاذ في العلوم وضعها محمد فؤاد نجم سنة 1948م.
الرابط: http://www.archive.org/download/Shed.../Shedyaq-9.pdf
* (( جهد أحمد فارس الشدياق اللغوي في كنز الرغائب ومنتخبات الجوائب)).
الرابط: http://www.4shared.com/file/12508024..._________.html
* (( الأجناس الأدبية في كتاب الساق على الساق)).
دراسة أدبية نقدية للأستاذ / وفاء زبادي، جامعة النجاح الوطنية.
الرابط: http://www.4shared.com/file/125093989/72f25835/______.html?
* (( أحمد فارس ورأيه في بعض المستشرقين)).
الرابط: http://www.4shared.com/file/125092732/b4f61219/_____.html
______________________________ _____
(*) " الشدياق: عند النصارى أدنى من الكاهن بدرجة واحدة ".
(المنجد في اللغة والأعلام، ط23،دار المشرق، بيروت، لبنان 1986م، مادة شدق)
(**) مدرسة عين ورقة: تعد من أشهر المدارس المارونية التي أنشئت في القرن الثامن عشر، إذ كانت تعلم اللغة السريانية، والعربية، والفصاحة، والمنطق، واللاهوت، وقد أمدت النهضة الأدبية في القرن التاسع عشر بعدد من الرجال الذين كانوا من دعائم الحركة الأدبية واللغوية والعلمية، انظر: زيدان، جورجي: تاريخ الآداب العربية، ط2،مطبعة الهلال، (4/ 28)، 1937،وانظر: حسن، محمد عبد الغني:أحمد فارس الشدياق، ص36، وانظر: الركابي، جودت: الأدب العربي من الانحدار إلى الازدهار، ط1، دار الفكر، دمشق،1974،ص276، وانظر: حاشية كتاب، البستاني، بطرس: أدباء العرب في الأندلس وعصر الانبعاث، دار مارون عبود (3/ 245)، 1979.
(1) الأعلام للزركلي، ج1صـ 193، دار العلم للملايين أيار 2002م.
ومما يبرز حبه للغة:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/181)
- قوله عن نفسه: " في كتابه الساق على الساق:" كان للفارياق ارتياح غريزي من صغره لقراءة الكلام الفصيح، وإمعان النظر فيه، ولالتقاط الألفاظ الغريبة التي كان يجدها في الكتب".
(محمد عبد الغني حسن؛ أحمد فارس الشدياق، ص. 134).
- وقول مترجمه الوفي الأستاذ أبو محمد مارون عبود: " كان أحمد فارس الشدياق يهجس باللغة في كل موقف، فبينما هو يتفتح عاما من أعوام الجوائب يستطرد إلى البحث في اللغة، وبينما هو يكتب في موضوع سياسي يستطرد إلى اللغة ".
- قلنا: ولتمكنه في اللغة واللغات الأخرى كالفرنسية والإنجليزية والعربية وغيرهما خول له ذلك أن يسخر من المستشرقين ـ ذلك مثل قوله: " في كتابه (ذيل الفارياق): "أن هؤلاء الأساتيذ (المستشرقين) لم يأخذوا العلم عن شيوخه، وإنما تطفلوا عليه تطفلاً، وتوثبوا فيه توثباً، ومن يخرج فيه بشيء فإنما تخرج على القسس، ثم أدخل رأسه في أضغاث أحلام، أو أدخل أضغاث أحلام في رأسه، وتوهم أنه يعرف شيئاً وهو يجهله، وكل منهم إذا درس في إحدى لغات الشرق أو ترجم شيئاً منها تراه يخبط فيها خبط عشواء، فما اشتبه عليه منها رقعه من عنده بما شاء، وما كان بين الشبهة واليقين حدس فيه وخمَّن، فرجح منه المرجوح، وفضل المفضول".وأن يسب لغتهم ويذكر محاسن اللغة العربية ومن ابتكراته:
تسمية الصحف اليومية " بجرائد "، وإطلاق لفظ الاشتراكية، والباخرة وغيرها.
(مارون عبود؛ صقر لبنان، ص. 185).
(2) معجم المؤلفين لكحالة، ج1صـ 224،مؤسسة الرسالة.
(3) هدية العارفين للباباني، ج1 صـ 191، استانبول1951م.
(4) اكتفاء القنوع بما هو مطبوع لفانديك، صـ 405،دار صادر 1896م.
* قال الزركلي: " وفي شعره رقة وحسن انسجام ".اهـ (الأعلام ج1صـ193).
* وقال في معجم البابطين: " الشدياق يملك موهبة الشاعر، غذاها بالاطلاع النهم على عيون التراث العربي، الذي عاش يعزف على أوتاره ويرعى جمالياته، على الرغم من سياحته في أنحاء العالم وتعرفه على ثقافات مختلفة. لقد امتلأ وجدانه شعراً ففاض موزوناً، ومنثوراً، وتأثر بنمط حياته، فطغى على خصوصية مشاعره، من ثم سلك طريق القدماء في الاستجابة للمناسبات فانقسم شعره في المدح والرثاء والهجاء، واستجاب للطريقة فوقف على الأطلال، ووصف الحبيبة وانتقل إلى وصف الرحلة إلى الممدوح. وهكذا حافظ على عمود
الشعر التقليدي، وأسرف في تزيينه بالمحسنات البلاغية التي قد تسوقه إلى التكلف والمغالاة، ولا نستطيع أن نصف شعر الشدياق بأنه «نسخة منقولة» فقد لمس جوهر قضايا عصره، في دعوة المسلمين إلى النهضة، وإلى التجديد، وإلى الأخذ بالتمدن، بما فيه من تحرير للمرأة .. وهو بهذا التوجه يأخذ مكانه في التمهيد لعصر أدبي جديد، يعده بعض النقاد محافظاً حاول التجديد ولم يسلك مسالكه، ويعده بعض آخر أول متمرد على وحدة الوزن والقافية، وأول من قال الشعر المرسل.
( http://www.almoajam.org/poet_details.php?id=760)
وقال الأستاذ محمد الجوادي: " كما أنه شاعر، وإن كان مقلد على حين أنه نثر مجدد ".
(موسوعة أعلام الفكر الإسلامي صـ 78).
وقال السندوبي: " وأما شعره فليس فيه ما في نثره من جمال الانطباع، وحسن الاختراع غير أنه كان إذا رام قصد تناوله غثاً وسميناً، يسرك هزله، ولا يروعك جده. فهو في جبهة الطبقة الأولى من كتاب وقته، وفي صدر الثانية من شعراء عصره.
(أعيان البيان للسندوبي/ صـ 115).
(5) http://www.mawsoah.net/maogen.asp?th=0$$main&fileid=s tart
(6) برتوكولات حكماء صهيون، عجاج نويهض، ج2،صـ 291،طلاس 1984نيسان.
" صقر لبنان ": كتاب صغير الحجم في أقل من 225صفحة، وهو على إيجازه، الكتاب الكافي الوافي في ترجمة أحمد فارس الشدياق، ذلك لأن المترجم والمؤرخ مارون عبود الدائر في ذلك وحده، وأما تسمية هذا الكتاب بصقر لبنان فسببها تسمعه من مارون عبود نفسه فقال في صفحة مفردة بعد صفحة الوسمة: "أخي القارئ! ربما ذكرك قولنا " صقر لبنان" بقولهم " صقر قريش"، وهو كذلك. فكما في السياسية كذلك في الأدب. فرَّ عبد الرحمن من الشام فشيد مملكة طريفة نسميها اليوم " الفردوس المفقود"، وفرَّ أحمد فارس الشدياق من لبنان فاحماً دولة أدبية مازال رأسها سالماً. ليس للبنان فرد صقر، قد اهتدى بهذا العالم صقور ونسور، وكان ما كان ". (من هامش برتوكولات
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/182)
حكماء صهيون وهي نفس الصفحة السابقة).
(7) http://www.almoajam.org/poet_details.php?id=760
(8) موسوعة أعلام الفكر الإسلامي، ترجمة الشدياق بقلم أ: محمد الجوادي، صـ 78،المجلس الأعلى للشئون الإسلامية. القاهرة 2007م.
قال الشدياق:
لا يحسب الغِرُّ البراقع للنسا ... منعًا لهن عن التمادي في الهوى
إن السفينة إنما تجري إذا ... وُضِع الشراع لها على حكم الهوا (9) برتوكولات حكماء صهيون، عجاج نويهض، ج2،صـ 292،طلاس 1984نيسان.
(10) أعيان البيان للسندوبي، صـ 113،المطبعة الجمالية بحارة الروم بمصر.
(11) تاريخ الصحافة العربية لطرازي، صـ96،ج1،المطبعة الأدبية. بيروت1913م.
(12) اكتفاء القنوع بما هو مطبوع لفانديك، صـ 406،دار صادر 1896م.
(13) تاريخ الآداب العربية، لويس شيخو، صـ 212، دار المشرق، بيروت.
(14) معجم المطبوعات لسركيس، صـ 1104.
(15) http://www.mawsoah.net/maogen.asp?th=0$$main&fileid=s tart
(16) أعيان البيان للسندوبي، صـ 111،المطبعة الجمالية بحارة الروم بمصر.
(17) اكتفاء القنوع بما هو مطبوع لفانديك، صـ 406،دار صادر 1896م.
(18) أعيان البيان للسندوبي، صـ 112،المطبعة الجمالية بحارة الروم بمصر.
(19) http://www.mawsoah.net/maogen.asp?th=0$$main&fileid=s tart
(20) تاريخ الآداب العربية، لويس شيخو، صـ 212، دار المشرق، بيروت.
يقول عنها الأستاذ عجاج نويهض: " لم نقف عليها، ولا هي في الوجود المحرز، ولا في أي متناول، على ما هو ظاهر، ولا نعلم أحداً من العرب المعاصرين في لبنان قد وقف عليها، ولا نعلم شيئاً من السبب في احتجابها بعد أن طبعت". (بروتوكولات حكماء صهيون صـ 299)
وقال أيضاً: " ترجمة أحمد فارس الشدياق هي أسبق الجميع في الظهور، لكن في بلاد الإنجليز لا في بلاد العرب ". (المصدر السابق صـ 300).
تعليل الأستاذ نويهض عدم ظهور ترجمة الشدياق:
قال ـ رحمه الله ـ: " لما رأت أن المترجم قد أسلم ـ أي الجمعية التي كان يمثلها الدكتور لي في لندن لترجمة الكتاب المقدس ـ في تالي حياته، وهو وحده كان مضطلعاً بعبء العمل، مع الدكتور لي، فرأت أنه أولى بالترجمة أن تطوى، بعد أن طبعت، ولا توضع في التدوال ".
(المصدر السابق نفس الصفحة)
وقال الأستاذ أنور الجندي نقلاً عن أمير البيان شكيب أرسلان أنه قرأ في كشف المخبا أن الشدياق: " كان يعرب التوراة وهو في انكلترا فكان يقف على الترجمة العربية قسيس إنجليزي شدا شيئاً من العربية فكان كلما رأى لأحمد فارس جملة شم فيها رائحة الفصاحة مسخها واستبدل بها جملة ركيكة، فكان الشدياق يعجب من أمره، وقد نقل عنه من ذلك النسق جملاً يستغرب لها الإنسان من الضحك إذ كيف كان القسيس يتعمد قلب العالي بالساقط والجيد بالرذل تعمداً ويتهافت على الركيك تهافت الذباب على الحلواء، ويصرح بأنه إنما يتوخى بذلك ـ أي القسيس ـ إبعاد الكلام عن شبه القرآن ".
(موسوعة مقدمات العلوم والمناهج للأستاذ أنور الجندي صـ 97، مطبعة عبد الله وهبة).
(21) أعيان البيان للسندوبي، صـ 112،المطبعة الجمالية بحارة الروم بمصر.
(22) أعيان البيان للسندوبي، صـ 112،المطبعة الجمالية بحارة الروم بمصر.
(23) موسوعة أعلام الفكر الإسلامي، ترجمة الشدياق بقلم أ: محمد الجوادي، صـ 77،المجلس الأعلى للشئون الإسلامية. القاهرة 2007م.
(24) أعيان البيان للسندوبي، صـ 112،المطبعة الجمالية بحارة الروم بمصر.
(25) الأعلام للزركلي، ج1صـ 193، دار العلم للملايين أيار 2002م.
(26) معجم المؤلفين لكحالة، ج1صـ 225،مؤسسة الرسالة.
(27) اكتفاء القنوع بما هو مطبوع لفانديك، صـ 406،دار صادر 1896م.
ـ[أبو الطيب أحمد بن طراد]ــــــــ[31 - 05 - 10, 01:42 ص]ـ
(28) قال الأستاذ عجاج نويهض: " وحدث أخيراً 1937أنه بينما كان العمال يحفرون (في إصلاح الطريق العام في الحازمية حيث مدفن الشدياق) عثروا على نعش من الرصاص، ففتحوه فإذا به يضم جثمان أحمد فارس الشدياق.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/183)
والجثمان على حاله ـ ولشدة ما كانت دهشة العمال عندما وجدوا الجثمان لا يزال على حاله، كأن العلامة الشدياق ميت منذ يومين فقط، فلحيته باقية وحاجباه باقيان أيضاً، ولم يطرأ على شعره وعلى وجهه أي تبدل أو تغير، وليس هذا فقط، بل إن الكفن الذي لف به وهو من الحرير المعروف (بالتفتا) لا يزال على حاله أيضاً، كما أن ختم دائرة الصحة في استانبول ما برح موجوداً على التابوت " (صقر لبنان ص206و207و215و216)
(29) الأعلام للزركلي، ج1صـ 193، دار العلم للملايين أيار 2002م.
(30) معجم المطبوعات لسركيس، صـ 1106.
(31) هدية العارفين للباباني، ج1 صـ 191، استانبول1951م.
(32) اكتفاء القنوع بما هو مطبوع لفانديك، صـ 406،دار صادر 1896م.
(33) الأعلام للزركلي، ج1صـ 193، دار العلم للملايين أيار 2002م.
(34) معجم المؤلفين لكحالة، ج1صـ 225،مؤسسة الرسالة.
(35) اكتفاء القنوع بما هو مطبوع لفانديك، صـ 406،دار صادر 1896م.
(36) معجم المطبوعات لسركيس، صـ 1106.
(37) هدية العارفين للباباني، ج1 صـ 191، استانبول1951م.
(38) تاريخ الآداب العربية، لويس شيخو، صـ 213، دار المشرق، بيروت.
(39) أعيان البيان للسندوبي، صـ 116،المطبعة الجمالية بحارة الروم بمصر.
(40) تاريخ الصحافة العربية لطرازي، صـ97،ج1،المطبعة الأدبية. بيروت1913م.
(41) الأعلام للزركلي، ج1صـ 193، دار العلم للملايين أيار 2002م.
(42) هدية العارفين للباباني، ج1 صـ 191، استانبول1951م.
(43) اكتفاء القنوع بما هو مطبوع لفانديك، صـ 406،دار صادر 1896م.
(44) معجم المؤلفين لكحالة، ج1صـ 225،مؤسسة الرسالة.
(45) أعيان البيان للسندوبي، صـ 115،المطبعة الجمالية بحارة الروم بمصر.
(46) تاريخ الصحافة العربية لطرازي، صـ96،ج1،المطبعة الأدبية. بيروت1913م.
(47) الأعلام للزركلي، ج1صـ 193، دار العلم للملايين أيار 2002م.
(48) معجم المطبوعات لسركيس، صـ 1106.
(49) هدية العارفين للباباني، ج1 صـ 191، استانبول1951م.
(50) اكتفاء القنوع بما هو مطبوع لفانديك، صـ 406،دار صادر 1896م.
(51) أعيان البيان للسندوبي، صـ 115،المطبعة الجمالية بحارة الروم بمصر.
(52) تاريخ الصحافة العربية لطرازي، صـ96،ج1،المطبعة الأدبية. بيروت1913م.
(53) مشاهير الشرق لجرجي زيدان، ج2،صـ 82،مطبعة الهلال1922م.
(54) معجم المطبوعات لسركيس، صـ 1106.
(55) الأعلام للزركلي، ج1صـ 193، دار العلم للملايين أيار 2002م.
(56) معجم المؤلفين لكحالة، ج1صـ 225،مؤسسة الرسالة.
(57) هدية العارفين للباباني، ج1 صـ 191، استانبول1951م.
(58) اكتفاء القنوع بما هو مطبوع لفانديك، صـ 407،دار صادر 1896م.
(59) تاريخ الآداب العربية، لويس شيخو، صـ 213، دار المشرق، بيروت.
(60) أعيان البيان للسندوبي، صـ 116،المطبعة الجمالية بحارة الروم بمصر.
(61) تاريخ الصحافة العربية لطرازي، صـ96،ج1،المطبعة الأدبية. بيروت1913م.
(62) مشاهير الشرق لجرجي زيدان، ج2،صـ 81،مطبعة الهلال1922م.
(63) الأعلام للزركلي، ج1صـ 193، دار العلم للملايين أيار 2002م.
(64) معجم المطبوعات لسركيس، صـ 1107.
(65) هدية العارفين للباباني، ج1 صـ 191، استانبول1951م.
(66) اكتفاء القنوع بما هو مطبوع لفانديك، صـ 407،دار صادر 1896م.
(67) تاريخ الصحافة العربية لطرازي، صـ96،ج1،المطبعة الأدبية. بيروت1913م.
(68) الأعلام للزركلي، ج1صـ 193، دار العلم للملايين أيار 2002م.
(69) معجم المؤلفين لكحالة، ج1صـ 225،مؤسسة الرسالة.
(70) اكتفاء القنوع بما هو مطبوع لفانديك، صـ 407،دار صادر 1896م.
(71) تاريخ الآداب العربية، لويس شيخو، صـ 212، دار المشرق، بيروت.
(72) أعيان البيان للسندوبي، صـ 116،المطبعة الجمالية بحارة الروم بمصر.
(73) تاريخ الصحافة العربية لطرازي، صـ96،ج1،المطبعة الأدبية. بيروت1913م.
(74) مشاهير الشرق لجرجي زيدان، ج2،صـ 81،مطبعة الهلال1922م.
(75) موسوعة أعلام الفكر الإسلامي، ترجمة الشدياق بقلم أ: محمد الجوادي، صـ 78،المجلس الأعلى للشئون الإسلامية. القاهرة 2007م.
(76) الأعلام للزركلي، ج1صـ 193، دار العلم للملايين أيار 2002م.
(77) معجم المطبوعات لسركيس، صـ 1106.
(78) هدية العارفين للباباني، ج1 صـ 191، استانبول1951م.
(79) الأعلام للزركلي، ج1صـ 193، دار العلم للملايين أيار 2002م.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/184)
(80) معجم المطبوعات لسركيس، صـ 1107.
(81) تاريخ الصحافة العربية لطرازي، صـ96،ج1،المطبعة الأدبية. بيروت1913م.
(82) مشاهير الشرق لجرجي زيدان، ج2،صـ 82،مطبعة الهلال1922م.
ـ[أبو الطيب أحمد بن طراد]ــــــــ[31 - 05 - 10, 01:43 ص]ـ
(83) الأعلام للزركلي، ج1صـ 193، دار العلم للملايين أيار 2002م.
(84) مشاهير الشرق لجرجي زيدان، ج2،صـ 82،مطبعة الهلال1922م.
(85) الأعلام للزركلي، ج1صـ 193، دار العلم للملايين أيار 2002م.
(86) هدية العارفين للباباني، ج1 صـ 191، استانبول1951م.
(87) أعيان البيان للسندوبي، صـ 117،المطبعة الجمالية بحارة الروم بمصر.
(88) الأعلام للزركلي، ج1صـ 193، دار العلم للملايين أيار 2002م.
(89) أعيان البيان للسندوبي، صـ 117،المطبعة الجمالية بحارة الروم بمصر.
(90) الأعلام للزركلي، ج1صـ 193، دار العلم للملايين أيار 2002م.
(91) تاريخ الصحافة العربية لطرازي، صـ98،ج1،المطبعة الأدبية. بيروت1913م.
(92) معجم المؤلفين لكحالة، ج1صـ 225،مؤسسة الرسالة.
(93) تاريخ الآداب العربية، لويس شيخو، صـ 213، دار المشرق، بيروت.
(94) أعيان البيان للسندوبي، صـ 116،المطبعة الجمالية بحارة الروم بمصر.
(95) مشاهير الشرق لجرجي زيدان، ج2،صـ 82،مطبعة الهلال1922م.
(96) معجم المطبوعات لسركيس، صـ 1106.
(97) معجم المطبوعات لسركيس، صـ 1106.
(98) معجم المطبوعات لسركيس، صـ 1107.
(99) تاريخ الصحافة العربية لطرازي، صـ96،ج1،المطبعة الأدبية. بيروت1913م.
(100) تاريخ الصحافة العربية لطرازي، صـ97،ج1،المطبعة الأدبية. بيروت1913م.
(101) تاريخ الصحافة العربية لطرازي، صـ97،ج1،المطبعة الأدبية. بيروت1913م.
(102) تاريخ الصحافة العربية لطرازي، صـ97،ج1،المطبعة الأدبية. بيروت1913م.
(103) تاريخ الصحافة العربية لطرازي، صـ98،ج1،المطبعة الأدبية. بيروت1913م.
(104) تاريخ الصحافة العربية لطرازي، صـ98،ج1،المطبعة الأدبية. بيروت1913م.
(105) الأعلام للزركلي، ج1صـ 193، دار العلم للملايين أيار 2002م.
(106) تاريخ الصحافة العربية لطرازي، صـ98،ج1،المطبعة الأدبية. بيروت1913م.
(107) موسوعة أعلام الفكر الإسلامي، ترجمة الشدياق بقلم أ: محمد الجوادي، صـ 78،المجلس الأعلى للشئون الإسلامية. القاهرة 2007م.
(108) موسوعة أعلام الفكر الإسلامي، ترجمة الشدياق بقلم أ: محمد الجوادي، صـ 78،المجلس الأعلى للشئون الإسلامية. القاهرة 2007م.
(109) موسوعة أعلام الفكر الإسلامي، ترجمة الشدياق بقلم أ: محمد الجوادي، صـ 78،المجلس الأعلى للشئون الإسلامية. القاهرة 2007م.
ـ[أبو الطيب أحمد بن طراد]ــــــــ[31 - 05 - 10, 01:44 ص]ـ
للفائدة:
قال الأستاذ عجاج نويهض في كتابه " بروتوكولات حكماء صهيون ":
" كان الفارياق يذهب في تفسير القضايا الدينية، في المسيحية والإسلام مذهباً عقلياً، أو معتزلياً إذا جاز التعبير، وهناك نقاد في كل عصر للمسائل الدينية، على هذا الغرار، أما في الإسلام، فقد قال مؤرخه مارون عبود أبو محمد أنه لا يؤمن بالوحي ويخطّئ ما لا يسلم به العقل ". (صقر لبنان ص107)
(برتوكولات حكماء صهيون، عجاج نويهض، ج2،صـ 301،طلاس 1984نيسان)
ـ[أبو الطيب أحمد بن طراد]ــــــــ[31 - 05 - 10, 02:43 ص]ـ
جاء في الترجمة التي وضعتها لفظ اعتنق وهو خطأ، قال الشيخ تقي الدين الهلالي:" قال صاحب اللسان: وعانقه معانقةً، وعناقاً: التزمه، فأدنى عُنُقِه، وقيل: المعانقة في المودة، والاعتناق في الحرب، قال:
يطعنهم ما ارتموا، حتى إذا طعنوا *=*=*=* ضارب، حتى إذا ما ضربوا اعتنقا
وقد يجوز الافتعال في موضع المفاعلة، فإذا خصصت بالفعل واحداً دون الآخر لم تقل إلا عانقه في الحالين، قال الأزهري: وقد يجوز الاعتناق في المودة كالتعانق، وكلُّ في كل جائز. اهـ
فظهر أن المعانقة والاعتناق كلاهما مأخوذ من إدناء العنق من العنق، والدين ليس له عنق، ولا يعانق من دخل فيه، فالفعل هنا من جانب واحد.
والعرب لا تقول أبداً: اعتنق الإسلام، أو اعتنق النصرانية، أو اعتنق الفكرة، وإنما تقول: أسلم، وتنصَّر، واعتقد كذا، وكذا، قال تعالى في سورة آل عمران (20):
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/185)
{فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}
ومثل هذه العبارات في الكتاب والسنة كثيرة جداً، ولا يوجد التعبير باعتناق الإسلام في أي موضع، لا يقال: إن اعتناق الإسلام استعارة، لأنَّا نقول: ليس كل استعارة مستحسنة، ولو كان التعبير بالاعتناق مستحسناً لعبر به القرآن أو السنة أو فصحاء العرب.
وقال الفيروز آبادي في القاموس: وأسلم: انقاد وصار مسلماً. اهـ
أقول: أسلم في اللغة إذا كان لازماً، معناه: إنقادَ واستسلم وأما في اصطلاح الشريعة فمعناه: إنقادَ إلى ما جاء به رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقبله كله في الظاهر، فإن كان قبوله له ظاهراً و باطناً فهو مسلم حقاً ومؤمن، وإن كان قد قبل ما جاء به النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وانقاد له في الظاهر فقط فهو منافق، تجري عليه أحكام الإسلام، وهو في الحقيقة كافر، قال تعالى في سورة الحجرات (14):
{قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ}
وإن كان هذا الفعل متعدياً فمن معانيه: إخلاص التوجه إلى الله تعالى.
قال تعالى في سورة النساء (125):
{وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا}
ومن معانيه: الإلقاء في الهلكة، قال صاحب اللسان: قال ابن الأثير: يقال: أسلم فلان فلاناً إذا ألقاه في الهلكة ولم يَحْمِه من عدوه، وهو عام في كل من أسلم إلى شيء، لكن دخله التخصيص، وغلب عليه الإلقاء في الهلكة.
ومنه الحديث: " إني وهبت لخالتي غلاماً فقلت لها: لا تسلميه حجاماً ولا صائغاً، ولا قصاباً، أي؛ لا تعطيه لمن يعلِّمه إحدى هذه الصنائع. اهـ
أقول: والعجب من ابن منظور، كيف وقع في خطأ عامي، وهو تعديته (أعطى) إلى المفعول الثاني باللام، وهو متعد بنفسه إلى مفعولين يقال: أعطاه الله علماً، قال تعالى: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ}، لكن لكل سيف نَبْوَة، ولكل جواد كَبْوَة، والكمال لله.
ومن أسلم المتعدي قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ:" المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يسلمه، أي لا يخذله بل يحميه ويدافع عنه، والحديث رواه البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن عمر.
وهذا التعبير أيضاً من استعمار لغة الأجانب واستعبادها للغة العربية فهو في الإنكليزية ( Embrace )، وقال الله تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا}، ولم يقل: يعتنقون دين الله. اهـ ([1]).
______________________________________
[1]- محمد تقي الدين الهلالي، تقويم اللسانين، ط2، مكتبة المعارف ـ الرباط ـ 1404/ 1984م، ص 30ـ ص32.
ـ[أبو الطيب أحمد بن طراد]ــــــــ[26 - 06 - 10, 07:12 ص]ـ
للفائدة:
فارس يوسف الشدياق
هو: فارس الملقب بالشيخ أحمد فارس الشدياق أصغر أبناء يوسف، الملقب بالحاج أبي حسين بن منصور الملقب بالشدياق منصور فهد (الذي إليه ينتسب بنو الشدياق في حدث بيروت) بن جعفر (شقيق الشيخ بطرس الملقب بالشدياق الذي مات منتحراً وهو أعظم رجال بني الشدياق) بن أبي يونس فهد بن أبي فهد شاهين بن الحاج جعفر الأول بن رعد بن فهد الأول بن رعد الأول بن الشدياق شاهين المشروقي الذي يمت بصلة النسب إلى الأمير يوحنا من أمراء المردة، وهو أمير الموارنة الذي قتل في قرية قب الياس في البقاع، أحد أقاليم لبنان، بمكيدة كادها له يُوستنيانوس الأخرم بن الملك قسطنطين اللحياني ملك الروم في أواخر القرن السابع (1).
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/186)
ولد فارس في عشقوت إحدى قرى كسروان من أعمال لبنان في سنة 1805، وليس في سنة 1804 كما يزعم بعضهم خطأ. ومن المتفق عليه أنه ولد في عشقوت. ووالداه انتقلا من حارة الحدث المجاورة لبيروت إلى هذه القرية في سنة 1805 على أثر إيعاز الأمير حسن عمر شهاب إلى والده يوسف منصور الشدياق بالإقامة في كسروان بعد أن عينه مدبراً لشؤونه. فقصد يوسف هذا إلى عشقوت واشترى داري أبيه منصور وعمه بطرس من بنت الشيخ صليبي الخازن ووالدتها. لأن هاتين الدارين كان قد صادرهما الأمير ملحم شهاب الوالي ووهبهما إلى الشيخ أبي صليبي مرعب الخازن، كما ذكرنا في ما تقدم. فيكون فارس و الحالة هذه ولد في سنة 1805 بعد انتقال والديه إلى عشقوت. غير أن إقامة والديه لم تطل في هذه القرية فغادراها مع أولادهما عائدين إلى حارة الحدث في سنة 1809. وفي سنة 1810 باع يوسف داريه في عشقوت إلى أولاد الأمير يوسف بن الأمير ملحم شهاب فرحل هؤلاء من درعون إلى عشقوت وتوطنوها. ومن ذلك الحين لم يعد آل الشدياق إلى عشقوت إلا زائرين أو لقضاء فصل الصيف.
ترعرع فارس في حارة الحدث، أو حارة البطم، حيث بدت عليه مخايل النجابة و الفطنة و النبوغ. ودرس أولاً وهو في حجر والديه، وتلقن عن أخيه أسعد شيئاً من اللغة و النحو، ثم أدخل إلى مدرسة عين ورقة الإكليريكية في كسروان حيث أتم العلوم الابتدائية. وقبل أن يجاوز العاشرة من عمره نظم الشعر وأجاده. وكان مولعاً باللغة الفصحى يطالع الكتب التي كانت في مكتبة والده، وهي زاخرة بالمؤلفات النفيسة، ويقف عند كل لفظة غريبة استجلاء لمعناها وإدراكاً لمرماها. وهذا الميل إلى سبر غور الألفاظ اللغوية كان فطرياً فيه فكبر وكبر معه حتى أصبح ملكة فيه. وانتهى به الأمر إلى أن سما به إلى منزلة أئمة اللغة وجهابذة العلم، ولذلك لا نكون مغالين إذا حكمنا بعد أن قارنا بينه وبين سواه من الكتاب و العلماء بأنه أكبر كتبة القرن التاسع عشر، وفي طليعة الذين أسسوا النهضة العلمية و الأدبية الحديثة في مصر و الشام.
توفي والده في سنة 1820 وهو يافع لم يكد يناهز البلوغ، وأدرك أنه أصبح يتيماً يتعين عليه أن يعمل لنفسه بعد الاتكال على الله. فعكف على الدرس و التحصيل توسيعاً لدائرة معارفه، وأتقن الخط العربي وانصرف إلى نسخ الكتب اقتداء بطنوس شقيقه الأكبر، الذي يجيد الخط لرواج المخطوطات وقلة المطبوعات في ذلك الزمن. وحدث في خلال ذلك أن شقيقه أسعد (1798 - 1830) اعتنق المذهب الإنجيلي فنقم عليه البطريرك كما ذكرنا آنفاً. وكان فارس وقتئذ يفكر في مغادرة لبنان إلى الخارج جاداً في طلب الرزق و العلا، وكان شديد الحب لشقيقه أسعد و الأميركان يعرفون ذلك فلجأ إليهم ورأوا أن من وراء شدهم لأزره فائدة محققة لهم فأرسلوه إلى مصر في سنة 1825 لتعليم المرسلين الأميركان فيها اللغة العربية وقواعدها فشد الرحال إليها وحاكمها يومئذ محمد علي باشا مؤسس الأسرة العلوية (2). هجرته إلى مصر – وفي انبثق فجر نبوغه فما كاد يستقر به المقام حتى انكب على العلم يطوي الأيام و الليالي في الدرس و التحصيل و التعليم إلى أن أتم علومه العربية وسواها.وكان يكثر من مطالعة كتب اللغة والأدب من منظوم ومنثور ولا سيما ما انطوى منها على التعليق الذي يبين مآخذ الكلام من اللغة. وطالع ديوان المتنبي مراراً فاشتد ولعه بالشعر وانصرف إلى نظمه خصوصاً في المدح و الهجاء و الغزل و الحماسة. وأربى ما نظمه على 22 ألف بيت من الشعر الجيد.وتمكن من علوم اللغة، كالنحو و الصرف والاشتقاق و المنطق، تمكناً جعله مرجعاً فيها جميعاً. وكان كثير الاختلاط بعلماء مصر، ولا سيما بالشيخ محمد شهاب الدين ونصر الله الطرابلسي الحلبي، وهما من كبار الأستاذة الذين كان يعجب بعلمهم ويأخذ عنهم. وهذا ما مهد له السبيل إلى الاتصال برجال معية عزيز مصر وإحراز ثقتهم مما أدى إلى أن يعهد إليه في تحرير الوقائع المصرية بدلاً من العلامة رفاعة رافع الطهطاوي. فانصرف إلى عمله بهمة لا تعرف الكلال حقبة من الزمان أبدى فيها من آيات الذكاء و العبقرية ما أكسبه احترام الحكام وجهابذة العلم وسما به إلى مكانة رفيعة عجز دونها كثيرون ممن تقدموه في خدمة الإمارة المصرية أو عاصروه من رجال العلم و الفضل.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/187)
وتزوج وهو في مصر من بنت الصولي من أعيان السوريين ورزق منها ولدين سليم (1826 - 1906) وفايز (1828 - 1856).
في مالطة – وفي سنة 1834 طلبه المرسلون الأميركان في مالطة فغادر مصر إليها وأقام فيها 14 سنة يعلم في مدرستهم ويصحح ما كان يطبع في مطبعتها من الكتب العربية. وانصرف إلى التأليف و التصنيف حتى لا يكاد يخلو كتاب مطبوع هناك وقتئذ من أثار قلمه ونفثات صدره. واعتنق وهو في مالطة هناك المذهب الإنجيلي مسوقاً بعاطفة الانتقام لأخيه أسعد من بطريرك الموارنة.
في أوربا – وفي سنة 1848 سافر إلى لندره بإيعاز وزير خارجية إنجليز إجابة لدعوة جمعية ترجمة الأسفار المقدسة فأعانها في ترجمة هذه الأسفار إلى العربي تحت إشراف الدكتور ((لي)) وأعجب الدكتور بعلمه وغزارة مادته وشدة تدقيقه. وبعد الفراغ من عمله أمّ باريس وهناك تمكن من اللغتين الفرنسوية و الإنجليزية وعكف على التأليف وقضى زهاء عشرة أعوام جائلاً في أنحاء أوربا ودوّن سياحته هذه في كتابه: كشف المخبا عن فنون أوربا وصف فيه الممالك الأوربية وصفاً بديعاً يستهوي القلوب. أما باريس فأوجز الكلام في وصفها اكتفاء بما كان قد كتبه عنها رفاعة بك العلامة المصري الشهير. وأنشأ في ذلك الحين كتابه: الساق على الساق فيما هو الفارياق.
وفي أثناء وجوده في أوربا تزوج بسيدة إنجليزية لم يرزق منها بأولاد وأنعمت عليه الحكومة الإنجليزية بحمايتها وهي لم تكن سهلة المنال وكانت مقيدة بشروط يتعذر توافرها في رجل ما لم يكن نظير فارس الشدياق من أهل الموهبة الخارقة. ونظم وهو في باريس قصيدة عصماء في مدح السلطان عبد المجيد على أثر حربه مع روسيا وقد استهلها بقوله:
الحق يعلو و الصلاح يعمرُ و الزور يمحق و الفساد يدمر
ومنها:
طغت الطغاة الروس لما غرهم في الأرض كثر سوادهم وتجبروا
وختمها بهذين البيتين:
أنشدت تاريخين هجريين في ختمي مديحك وهو حظي الأوفر
عبد المجيد الله أركى ضده سلطاننا خير بجدّ ينصر
فوقعت هذه القصيدة في نفس السلطان أحسن وقع وبعث يستقدم ناظمها إلى الآستانة لمكافأته، وهمّ هذا بالرحيل غير أنه اتفق أن أحمد باشا باي تونس زار عاصمة فرنسا وفارس الشدياق هناك فتعرف إليه ونظم قصيدة في مدحه لما رأى من وجوده وسخائه على الفقراء و المعوزين ومطلع القصيدة:
زارت سعادُ فقلبي اليوم متبولُ فما الرقيب بغير النشر مدلول
فأحبه الباي وقربه إليه وأعجب بعلمه وفصاحته. وبعد أن عاد إلى بلاده بعث يستقدمه إليه على مركب حربي مبالغة في أكرامه فأكبر فارس هذا الإكرام وقال: ((لعمري ما كنت أحسب أن الدهر ترك للشعر سوقاً ينفق فيه ولكن أراد الله بعبدٍ خيراً، لم يعقهُ عنه الشعر ولا غيرهُ)).
في تونس - فلم يجد له من ثم مندوحة عن السفر إلى تونس نزولاً على إرادة الباي ولا سيما أن أحد أقطاب الباب العالي حبب إليه الإقامة فيها دون الآستانة، فشدّ الرحيل إليها وأكرم الباي مثواه وولاه أسمى منصب لديه وعهد إليه في تحرير جريدة الرائد التونسي وهي الجريدة الرسمية لحكومة تونس إلى اليوم.
وكانت ذكرى وفاة شقيقه أسعد في الظروف التي ألمعنا إليها في ما تقدم لا تزال راسخة في ذهنه تؤلمه وتقض مضجعه فسولت له نفسه اعتناق الإسلام وسمي أحمد فارس. وصرف في تونس مدة كان فيها قبلة الأنظار ومرمى الأبصار وموضع الإعجاب و الاحترام وذاعت شهرته في الأقطار العربية والإسلامية شرقاً وغرباً، وسمع السلطان عبد المجيد بعلمه وأدبه وسعة اطلاعه وسمو أخلاقه فطلبته الصدارة العظمى من باي تونس وشق على الباي ذلك ولكنه رأى أن النزول على رغبة الخليفة أمر لا مناص له منه فسمح لفارس بالرحيل وغادر هذا تونس إلى الآستانة فرحب به أقطاب الدولة وعظماؤها ورجال الفضل و الأدب في عاصمتها وقضى هناك عدة سنين في تصحيح مطبوعات الحكومة وسواها في المطبعة العامرة حيث كان المرجع الأخير في كل أمر من أكورها الهامة. وظفر بعطف السلطان والتفاته السامي فأنعم عليه بالرتب والأوسمة العالية الشأن ونسجت الحكومات الأوربية على منواله فأغدقت عليه أوسمتها واختصه الملوك والأمراء برعاية خاصة وخاطبه عظماء العالم وأقطابه وكبار علمائه ونعتوه بأحسن النعوت وأجل الأوصاف، وبالإجمال قد أحرز وهو في القسطنطينية من المكانة السامية و النفوذ السياسي والأدبي ما
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/188)
لم يحرزه أحد من معاصريه في عاصمة بني عثمان.
جريدة الجوائب: وفي سنة 1861 م الموافقة لسنة 1278 هـ أنشأ جريدة الجوائب الشهيرة في الآستانة نفسها، وأجاد في إنشائها كل الإجادة وأبدع كل الإبداع، فأقبل الناس على مطالعتها وجابت أخبارها وفوائدها الممالك والأقطار من مصر إلى المغرب إلى الشام إلى العراق وبقية البلاد العربية برمتها إلى بلاد فارس و الهند. وكانت مرجعاً لأهل الطبقات الراقية في كل هذه الأقطار مما لم تفز به جريدة سيارة في ذلك الحين حتى في الأقطار الأوربية نفسها. وكانت كبريات الصحف في باريس ولوندرا تستقي منها أنباء الشرق مستشهدة في ما تكتبه عن السياسة الشرقية بأقوال محررها وتلقبه بالسياسي الشهير والإخباري الذائع الصيت. ولا غرو فهو بلا نزاع بكر الصحافيين الشرقيين بل هو أميرهم ونقيبهم وقدوتهم.
ثم حال تراكم الأعمال عليه ووفرة المهام الملقاة على عاتقه دون تمكنه من مواصلة العمل منفرداً في تحرير الجوائب، وهو عبء ثقيل يعجز دونه من كان في مقام فارس يحدق به طلاب الحاجات وتزدحم في بابه مناكب أهل العلم و المعرفة. فعهد في تحريرها إلى نجله سليم فاقتفى أثره في إنشائها وجال فيها جولات صادقة في السياسة والاجتماع والأدب كان لها صدى عظيم في أندية العلم و السياسة، حتى صدق فيه القول المأثور: ((إن ذاك الشبل من ذاك الأسد)). وواصل سليم العمل في تحرير الجوائب إلى أن كانت سنة 1884 فقضت الظروف السياسية التي نشأت على أثر احتلال الإنجليز لمصر بتعطيلها لأنها كانت شوكة في جنب كل طاغ جبار، يوم كانت الأفكار هاجعة و القرائح جامدة و الأقلام ساكنة ساكتة غارقة في سبات عميق، والإنشاء يرفل في الأطمار البالية، فوشاه فارس المبتكرات و المنحوتات ورصعه بالأوضاع المحيطة بأعراض المستحدثات. على أن هذه الصدمة لم تكن لتوهن عزيمة هذا الفارس المغوار، ولا لتثبط همة نجله، فشدد هذا الرحال إلى تونس وهي معقلهما الحصين وهناك استأنف إصدار الجوائب وإرسالها إلى الممالك العثمانية، وفي جملتها مصر حيث كان دخولها محظوراً بحكم سياسة الاحتلال إلى أن حالت عوامل قاهرة دون مواصلة إصدارها (3). ثم أنشأ سليم جريدة القاهرة الحرة بالاشتراك مع الأستاذ يوسف بك آصاف المحامي الذي هو اليوم صاحب جريدة المحاكم.
وظل فارس عاكفاً على التحرير و التأليف إلى آخر مرحلة من حياته غير حافل بوقر الشيخوخة ووطأة الأيام. ولم يكف عن الكتابة و المطالعة إلا في سنة 1884 حيث اعتراه ضعف في بصره اضطر إلى اعتزال العمل و الجهاد.
رجوعه إلى مصر: وفي شتاء سنة 1886 عاد مصحوباً بعائلته إلى مصر، التي شهدت بزوغ شمس عبقريته ونبوغه، وهو سيخ جليل أحنت الأيام ظهره ولكنها لم تحن هامته ولم تفلّ من غرار عزيمته ومضاء ذهنه. وظل كما عهده جلاسه في وادي النيل رقيق الجانب، لطيف المعشر، أبي النفس، لين العريكة، طلق المحيا، محباً للخير وفاعليه، يكيل المعروف بغير حساب، لا يتقد إليه طالب حاجة ويعود خائباً، فصيح اللسان، ميالاً إلى المجون، مولعاً بالنكبة البيانية.
وفي مصر رحب به العلماء ورجال الأدب و الفضل أحسن ترحيب. وقد أطلعنا على قصيدة نظمها حضرة العالم حبيب غزالة بك تحية له وترحيباً به في جملة ما جاء فيها قوله:
قل للذي قد رام حصر كماله هذي الجوائب أنبأت بعلائه
مصباح آداب اللغات بأسرها تجلى لياليها بسر ضيائه
وزاره الوزراء و الكبراء وحظى بالمثول بين يدي توفيق باشا الخديو الأسبق فلقى منه كل رعاية وأثنى عليه ذاكراً جهاده في سبيل العلوم و المعارف وبلاءه في سبيل اللغة و الشرق. وكان قد وطن النفس على العودة إلى لبنان ليختم فيه أيامه متفيئاً ظلال الأرز ولكن الظروف قضت عليه بالنكوص و العودة إلى الآستانة في ربيع تلك السنة نفسها.
أما نجله سليم فقصد إلى أوربا. وأنهى فارس جهاده الطويل في سبيل اللغة بإنجاز كتابه النفيس: منتهى العجب في خصائص لغة العرب فأبى نكود الطالع إلا أن يحرم الناطقين بالضاد من درره العالية فالتهمته ألسنة اللهيب مع ما التهمت من مخطوطاته وكتبه النفيسة التي كانت في مكتبته يوم اضطرمت النار في قصره بالآستانة. ولو أن صناديق المجوهرات وهدايا الملوك و السلاطين و الأمراء و العظماء كانت سريعة الالتهاب ما ظفروا بإنقاذها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/189)
ولما آن الأوان لأن تفجع اللغة و الوطن به آذنت شمس حياته بالمغيب هم بالعودة إلى لبنان ليموت فيه بين أهله ومواطنيه فوافته منيته قبل أن يدرك أمنيته.
وقبل وفاته بأيام سأل حرمه أن تشترك معه في إحصاء عدد الذين سبقوه إلى عالم الأرواح من خلانه وأصدقائه وذكر 181 نفساً قال إن أعزهم لديه: سامي باشا ونجله صبحي باشا وكمال باشا وعالي باشا وفؤاد باشا – وهم من أقطاب الدولة في ذلك الحين – وأستاذان يعرف لهما فضلهما عليه هما: الشيخ شهاب الدين الخفاجي و السيد نصر الله الطرابلسي الحلبي، وهما اللذان أتم عليهما دروسه في العلوم العربية وهو في مصر.
موته في الأستانة: وفي أول سبتمبر (أيلول) انحرفت صحته، ونجله سليم في باريس، وحدثته نفسه بدنو أجله فارتبك، وكان الأستاذ نجيب هندية أحد محرري جريدة القاهرة التي أنشأها سليم ملازماً له وقتئذ، فأنبأه بأنه قلق البال مضطرب الأفكار وأوعز إليه أن يستقدم ابنه من باريس على جناح السرعة ففعل. وفي صباح 19 سبتمبر وصل إلى الآستانة فابتهج فارس بلقياه وانتعشت نفسه وخيل إلى أسرته أنه بات في منجاة من الخطر، ولكن ما غربت شمس اليوم التالي، وهو يوم الثلاثاء الواقع في 20 سبتمبر، حتى ساءت حاله. وبعد أن طبع قبلة على جبين نجله اتكأ على الوسادة واستغرق في النوم ثم استيقظ يقظة الموت. وفي الساعة الثامنة و الدقيقة العاشرة من تلك الليلة نفسها لفظ أنفاسه الأخيرة بين ذراعي نجله سليم.
وكان لوفاته دوي عظيم تردد صداه في أنحاء الشرق و الغرب. وفي صباح الأربعاء ظهرت صحف الآستانة مطوقة بالسواد حداداً عليه، ورثاه كتابها بمقالات ضافية عددوا فيها مآثره ذاكرين فضله على اللغة و العلم. ووصلت صحف لندره وباريس فإذا بها تنعيه لقرائها بعبارات مؤثرة تشف عن تقديرها لعلمه وفضله. وطير منعاه إلى الأقطار العربية فأكبرت فجيعة العرب فيه وأبدعت صحفها في رثائه ووصف جهاده. ورثاه الشعراء و الكتاب في كل ناد وصقع بينهم طائفة مختارة من أئمة اللغة وأقطاب الأقطار الشرقية وأمراؤها وعظماؤها. وبالإجمال، إن وفاته عدت في المحافل العلمية و الأندية العلمية و السياسية، سواء في الآستانة أو في الممالك الإسلامية أو الأوروبية، خسارة عظيمة على أهل الأدب و الفضل في الأقطار العربية.
وكان فارس أوصى بأن يدفن في وطنه لبنان. وعملاً بوصيته هذه حنطت جثته ووضعت في تابوت من الرصاص، ووضع هذا التابوت في تابوت آخر من الجوز، ثم في صندوق متين من الخشب. ونقل النعش أولاً من قصره في ((قاضي كوي)) إلى قصر نجله سليم المجاور لنظارة المعارف.
وفي صباح الخميس في 29 سبتمبر غصّ القصر بالمعزين من الأمراء و النبلاء و العلماء و رجال الفضل والأدب وطنيين وأجانب وأرباب المناصب العالية من ملكيين وعسكريين بينهم كثير من الصدور العظام السابقين و الوزراء وأقطاب الدولة وكبراؤها، نظير منيف باشا ناظر المعارف العمومية وكبار موظفي نظارته، وأعضاء مجلس المعارف الكبير، وحسن فهمي باشا ناظر العدلية سابقاً، وصاحب السماحة الشيخ محمد ظافر أفندي شيخ جلالة الخليفة وأنجاله وأنسباؤه وشقيقه، وصاحب السماحة الشيخ حمزة أفندي، وكبار موظفي نظارتي النافعة و التجارة، ومحمد سعدي أفندي مكتوبي النظارتين، وصهر نامق باشا يارو السلطان، وموظفو مجلس شورى الدولة، وصاحب السيادة السيد إسمعيل أفندي نقيب أشراف مكة المكرمة وعربي زروق باشا من أمراء تونس، وأحمد عزت باشا الفاروقي، وسليم أفندي المدير العام لإدارة الديون العمومية، وغيرهم من كبار رجال الدولة. ووصل سفراء فرنسا وروسيا وإيران ومندوبو البنك العثماني وأعيان الأجانب و المحامون و الأطباء وكبار التجار، وأصحاب صحف الآستانة وكتابها، ومراسلو الصحف الأوربية ومندوبو شركتي روتر وهافاس، وجم غفير من مشايخ الطرق وسواهم. وخرج الموكب من القصر في نظام بديع بين صفين من الجماهير المحتشدة على جانبي الطريق حتى الميناء. فكان مشهداً فخماً رائعاً قلما شهدت الآستانة مثله، وكان إثنان من وزراء الدولة الفخام يرافقان نجل الفقيد ويعزيانه. ونقلت الجثة إلى الباخرة النمسوية التي أعدت لنقلها إلى لبنان على زورق جميل نشرت فوقه الأعلام منكسة بين صفين من الزوارق تقل عظماء الدولة وكبراءها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/190)
مأتمه في لبنان: وفي صباح الأربعاء 5 أكتوبر وصلت الباخرة إلى ثغر بيروت فصعد إليها العلماء ورجال الفضل يتقدمهم الشيخ عبد الباسط أفندي مفتي المدينة، ثم أنزل النعش إلى الميناء على زورق مخصوص من زوارق الحكومة، وسير به في مشهد عظيم إلى الجامع العمري الكبير تحف به كوكبة من الفرسان وتتقدمه فرقة من رجال البوليس وجاويشية المجلس البلدي ومحضري المحاكم النظامية، وازدحمت الطرق بالجماهير ازدحاماً هائلاً. وحين خرج الموكب من بيروت استقبلته عند حدود لبنان فرقة من فرسان الجند اللبناني ومشاته بقيادة ضابط كبير فأحاطوا بالنعش تعظيماً لمقام الفقيد، ثم ساروا في الموكب إلى بلدة الحدث، مسقط رأس الفقيد، وهناك اجتمع عشرات الألوف من اللبنانيين بينهم كثير من أقطاب البلاد وكبرائها وأعيانها وفي مقدمتهم الأمراء بنو شهاب و المشايخ من كل طائفة. وقبل أن يوراى في رمسه أبّنه بعض العلماء والأدباء منهم: العلامة الأستاذ الشيخ إبراهيم الأحدب، والأستاذ الشيخ قاسم أبي حسن الكستي، والأستاذ محمد اللبابيدي، والأستاذ الكبير الأمير شكيب أرسلان، وسواهم.
وبعد حفلة الدفن ذهب سليم إلى الحدث حيث تلقى تعازي المعزين من كبراء لبنان وأعيانه ووفود بلدانه، ثم قصد إلى بيت الدين ليشكر دولة واصه باشا متصرف لبنان على إصداره الأوامر اللازمة للجند اللبناني بالسير في جنازة والده، فحيته لدى وصوله ثلة من الجند ورحب به دولة الباشا ترحيباً جميلاً وأنزله في ضيافته، ثم عاد إلى الحدث، وابتاع أرضاً في الحازمية نقل إليها جثة والده وأقام له هناك ضريحاً فخماً يليق بمقامه ومقام أسرته، وهو قائم إلى اليوم يحدث الرائح و الغادي بعظمة هذا الرجل ونبوغه وعبقريته وسمو مقامه.
تأبينه: أما الذين رثوه من رجال العلم والأدب في الديار السورية والمصرية فكثيرون. وقد عني حضرة الأستاذ الكبير يوسف بك آصاف المحامي الشهير وصاحب جريدة المحاكم بجمع مراثيه وطبعها في كتاب سماه هو الباقي. وفي جملة القصائد التي نظمت في تأبينه قصيدة عصماء لحسن حسني بك صاحب جريدة الإنسان، وأخرى لسليمان الصولي الشاعر المعروف، وأخرى للعلامة الشهير الشيخ إبراهيم الأحدب من علماء بيروت، وقصيدة للشيخ قاسم أبي الحسن الكستي البيروتي، وقصيدة للأستاذ محمد اللبابيدي، وقصيدة للسيد عبد الرحمن النحاس نقيب أشراف بيروت، وقصيدة لإبراهيم بك كرامة، وقصيدة عصماء للأستاذ الكبير الأمير شكيب أرسلان، وقصيدة للأستاذ بشارة الشدياق، وقصيدة للعالم الأستاذ حبيب بك غزالة وقصيدة للشيخ علي الليثي من شعراء مصر، وقصيدة للأستاذ سليم جدي، وقصيدة لأحمد عزت باشا الفاروقي من خاندان العراق، وقصيدة للعلامة الشيخ يوسف الأسير من أئمة اللغة في الديار الشامية وكان من أعز أصدقائه، وقصيدة للشيخ عمر بن أبي بكر من علماء تونس، وقصيدة للأستاذ الكبير يوسف بك آصاف، وقصيدة للعلامة الشيخ أحمد الأديب رئيس إدارة أوقاف الحرمين الشريفين في تونس، وأخرى لفيليب نصر الله طرازي من علماء بيروت، وأخرى للشيخ نعمان آلوسي زاده من علماء بغداد، وقصيدة للشيخ يوسف النبهاني من علماء اللاذقية، إلخ.
أقوال الصحف فيه: وأما الصحف التي أبنته وعددت مآثره فأخصها: جريدة القاهرة الحرة، و الوقائع المصرية، وجريدة الوطن، وجريدة الأهرام، وجريدة الفلاح، وجريدة الصادق والأجبسيان غازت، والفار دالكساندري، والبوسفور، والمساجري إيجبسيانو، وجريدة الحقوق و الاتحاد المصري، وجريدة الإعلام، وثمرات الفنون، وجريدة بيروت، ولسان الحال، والمصباح، وحديقة الأخبار، وذلك علاوة على الصحف الأوروبية والأميركية و الفارسية وسواها مما يضيق المقام دون ذكرها.
وإليك مقتطفات مما قالت بعض هذه الصحف فيه:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/191)
جريدة القاهرة الحرة .... كان شعلة الذكاء ومثال الولاء، واسع الاطلاع طويل الباع في العلم والأدب حر الضمير، كاتباً مشهوراً، ولغوياً عالماً، قوي التصور، حاد الذهن، قضى العمر بين الموائد و المحابر. فألف وصنف فرصاً نفيسة جليلة الفائدة جزيلة العائدة. . . تولى تحرير الوقائع المصرية فأفتن قراءها ببلاغة أقواله وفصاحة ألفاظه. فإنه كان طلق اللسان متوقد الجنان واسع المعارف طويل الباع في السياسة و المباحث. . . كانت عبارته تنطلق بين الرقة والانسجام فتفتن الألباب وتلعب بالعقول على أبدع نظام. وكان العظماء والوجهاء يتباهون بأقواله ويتفاخرون بأشعاره ويعجبون بألفاظه وأي إعجاب. والحق يقال إنه خدم العلم وفن الإنشاء في الجوائب خدمة جليلة تخلد له الأثر الجميل و الذكر الحسن. . . وله خدمات جليلة نحو الدولة العلية استحق بها أن يكون أهلاً لأسمى نياشينها. . . ولم يكن يبخل بآرائه السديدة عند كل ملمة غير خاش في الحق لومة ولا متلبس بمظاهر الخداع و المخاتلة. وكانت جرائد باريس الخطيرة، وصحف لندرة الشهيرة، تأتي بذكره كثيراً في أقوالها عن سياسة الشرق، مستندة في آرائها إليه مقدرة إياه حق قدره. فتصفه بالسياسي المشهور والإخباري الطائر الصيت و الكاتب اللوذعي الكبير. وكانت منزلته عند كتاب الصحف في أوربا وعلماء الغرب و الشام ومصر و العراق ونجد وبغداد سامية جداً، فمدحه جميع الشعراء وأثنى على فضله جميع الخطباء و البلغاء من سائر بلاد العربية حتى من أقاصي الهند وبلاد فارس. . . وما من قادم إلى الآستانة كان يقصده في قضاء لبانة ويعود خاسئاً خائباً. . . نبغ في فنون الشعر واشتهر بالحماسة والغزل و المدح والهجاء و المجون وفي النحو و الصرف و الاشتقاق و المنطق. وهذه مزية ما امتاز بها أحد من العلماء قبله. وله قصائد في التطريز و التشطير و التخميس و التسميط وحبك الطرفين في غاية البلاغة و الانسجام. فضلاً عن أنه في النثر كان كاتباً لوذعياً وكان طويل الباع في أحكام الطرق طرق الأخبار و التفنن في ضروب الحكاية. وما من علم عرف في زمانه حتى بذل فيه جهد إمكانه فسهل حزنه، ووطأ متنه، وصاد شوارده،وقاد أوابده. . .قد كان ريحانة العرب في مصر و الشام و الغرب و العراق وسائر البلاد العربية. ولا بدع فالشرق قد خسر بفقده أعظم عالم وأفضل كاتب.
الوقائع المصرية - وحق لنا أن نأسف على وفاة رجل العلم وخادم الأمة العالم الشهير والكاتب البليغ المرحوم أحمد فارس، صاحب الجوائب الشهيرة. . .أمضى عمره في إفادة أهل الأدب و الفضل وفي خدمة اللغة الشريفة العربية.
جريدة الوطن – يوم الأربعاء ورد خبر من الآستانة بنعي العالم العلامة الفصيح البليغ الفهامة ((أحمد أفندي فارس)) الذي له في اللغة العربي أجزل وأفضل المغارس. . . فقد انثلم بموته ركن الأدب وانهارت دعائم لغة العرب. فكان في اللغة العربية المجلي وكل لغوي يأتم به ووراءه يصلي. فكان يرجع إليه في مهماتها ومبهماتها وكناياتها وإشاراتها ورموزها وكنوزها وتراكيبها وأساليبها وحكمة واضعها وأسباب شارعها. . لو عاصره الأخفش لاغترف من بحره الزاخر، ولو رآه أبو عبيدة لأصبح ل عبداً واتخذه ركناً مشتداً، ولو شاهد ابن فارس ما له من حسن المغارس لاعترف بأنه لم يخرج عن كونه ابناً له، ولو رآه صاحب اللامع المعلم العجاب لقال: أين أنا من هذا العباب؟. . وكان أول من أنشأ في بلادنا العربية الجرائد وبث فيها الفؤاد. فالجرائد العربية بهديه اهتدت وبمثاله اقتدت. إنه ألف وصنف، وابتدع وأبدع، وعرب وهذب، ونثر ونظم،وأجاد وأفاد. فكان كالبحر الزاخر بل كان آية من آيات الله في نثره ونظمه وتأليفه وتصانيفه.
الأهرام - نعت أنباء الآستانة العالم الفاضل و اللغوي البارع الشيخ أحمد أفندي فارس. . .كان من أفاضل العلماء المدققين والكتاب البارعين و الشعراء المجيدين. خدم اللغة العربية الشريفة بتأليف كثير من الكتب الأدبية واللغوية وأصدر جريدة الجوائب مدة طويلة وطبع في مطبعتها كثيراً من الكتب التاريخية و الشعرية.
جريدة الفلاح – كان من ذوي الفضل و الوجاهة و العلم و النزاهة. . فإن آثار الفقيد لا تحصى و تآليفه الغراء التي يفتخر بها الشرق لا تستقصى.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/192)
جريدة الصادق - فجعنا بأستاذ العصر وقدوة الفضلاء الغني بفضله من أطناب الواصفين ((الشيخ أحمد فارس)) الإمام الذي كانت له في الفنون الأدبية و السياسية و العلوم العربية اليد العليا و الفضل الباذخ.
الإجبسيان غازت– علمنا بمزيد الأسف وفاة العالم العلامة الشيخ الجليل ((أحمد أفندي فارس)) شاعر زمانه وأحد آحاد المنشئين الأفاضل و العلماء الأماجد، والد سعادة زميلنا الفاضل سليم أفندي فارس مدير القاهرة الحرة. و للفقيد عدة تآليف غراء فريدة في بابها.
وكان عزيزاً بين قومه محبوباً لدى العظماء مقرباً من الملوك و الأمراء فكانوا يقدمون له أنفس الهدايا وأسمى النياشين الافتخارية. وقد أنشأ الجوائب في الآستانة العلية وتولى تحريرها مدة أربعين عاماً، (والأصح نحو ربع قرن)، نال فيها أعظم شهرة في حسن التعبير و التحرير وبلاغة الإنشاء وفصاحة العبارة. فنالت الجريدة بذلك شهرة وأهمية ما نالتها قط جريدة عربية لا قبلها ولا بعدها. ولا شك أننا فقدنا بفقد هذا العلامة العظيم أعظم ركن للأدب.
الفار دالكساندري ـ. . . كان، رحمة الله عليه، عالماً فاضلاً له جملة مؤلفات طائرة الصيت عند أهل الأدب و المعارف.ولا شك أن الآداب فقدت بفقده طوداً عظيماً وركناً متيناً.
جريدة البوصفور- خطف الموت جوهرة كان يتحلى بها جيد العلم ويتنافس فيها أهل الفضل و الأدب. قضى العالم الشهير و الكاتب الكبير ا ((الشيخ أحمد فارس)) وكان صاحب شهرة غنية عن الوصف في البلاغة و الفصاحة وله عدة تآليف تشهد بفضله.
جريدة الميساجري إيجبسيانو – نعي إلينا العالم العلامة ((الشيخ أحمد فارس)) والد سعادة سليم أفندي فارس مدير جريدة القاهرة.
جريدة الحقوق -. . أسفنا غاية الأسف على فقد هذا الرجل الفريد وكان جاهداً في تحصيل العلوم و التأليف مدة تنيف على خمسين سنة وله مصنفات عديدة.
جريدة الاتحاد المصري -. . . كان، رحمه الله، أديباً أريباً وشاعراً مجيداً بل لغوياً فريداً. تآليفه الجمة المدمجة بالمعان تغني من الإفصاح و البيان.
جريدة الوطن -. . فشيع جنازته (في الآستانة) كثير من وزراء الدولة العلية و كبار موظفيها وعلمائها الأعلام، وغيرهم من كبار الأوربيين، وسفراء الفرس وفرنسا وروسيا، ونواب البنك العثماني، ولجنة الدين العمومي. وهذا ليس بكثير على نابغة هذا الزمان.
جريدة الإعلام – هو علاّمة اللغة في هذا العصر السابق في ميدان البراعة بلا نكر. صاحب التآليف العديدة و المصنفات المفيدة و الجوائب الفريدة أبو الجرائد العربية.
ثمرات الفنون - (من أمهات صحف سورية) – نعي إلينا العالم الفاضل و الجهبذ الكامل الإنشاء و الإنشاد. . . من لم ينسج على منواله، وقد عقم الدهر أن يأتي بمثاله ((أحمد فارس الشدياق)) المحلى بروائع الحكم وبدائع الأخلاق. . . جاوز سنه الثمانين وهو متقلد اليراعة ومطارد لفرسان البراعة. . . وجاء من سعادة ولده سليم رسالة تلغرافية إلى العلامة الشيخ يوسف الأسير يعهد إليه بها القيام بالاحتفالات اللائقة بمشهد دفنه.
[وفي عدد آخر نشرت نبأ وصول الجثة إلى بيروت على الباخرة النمسوية متطرقة إلى وصف الاحتفال باستقبالها بما لا يخرج عما أوجزناه فيما تقدم].
جريدة بيروت - فارس مضمار البلاغة و البراعة وقادح زند الفصاحة و اليراعة العالم النحرير الذي أخرج درر المعاني من كنوزها و العلامة الشهير الذي أظهر خبايا الحقائق من زوايا رموزها. السابق في حلبة الفنون والأدب الجامع في صدره علوم العجم و العرب. ركن المعارف وينبوع اللطائف و العوارف، الكاتب الذي لا يجاريه في مضمار القلم مجار و البليغ الذي لا يباريه في حلبة العلوم مبار، كنز المعقول و المنقول الذي تتيه في بيداء معارفه العقول، صاحب الجوائب التي جابت الأقطار وأنارت الديار، المؤلف الشهير الذي أغنى بتآليفه المفيدة المكاتب و المصنف الخبير الذي طأطأت لفضله الشهب الثواقب، الجامع لبلاغة قس وفصاحة سبحان الذي سارت بذكره الركبان و اشتهر فضله في كل مكان ((أحمد فارس أفندي الشدياق)). . . فكسفت لفقده شمس العلوم وخسف بدر المنطوق و المفهوم، ودك طود الفضل وهار كوكب النبل. . .
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/193)
جريدة لسان الحال -. . . .العالم البارع و الناظم الناثر. . . المخلد الأثر بمنشوراته الذي طار ذكره في الآفاق فقد جابت جوائبه الأرض وكفى بذلك شاهداً لفضله. وكان للعربية ركناً ولأرباب القلم عماداً عالماً، تغني شهرته عن الأطناب، وناظماً ناثراً، تغني براعته عن الإسهاب.
جريدة المصباح - ... هو العالم النحرير و اللغوي البارع الشهير ذي اليد الطولى في صناعة النظم و النثر فارس ميدان البلاغة و البيان وصاحب الجوائب التي جابت البلدان. . . وكان من أئمة اللغة العربية وفحول كتبتها وشعرائها.
حديقة الأخبار -. . . العالم الفاضل العلامة النحرير و الشاعر الناثر اللغوي الشهير صاحب الجوائب الغراء والتآليف الفريدة العديدة.
مجلة الإنسان - مضى فارس لو كل من مات مثله غدا الموت في أهل الحياة هو الطلب. . . هذا جامع المحاسن وفذلكة الأحاسن ومستجمع الفضائل ومستودع الفواصل ومثال العلماء الأفاضل ومشكاة البلغاء الأماثل. . . هو الحجة العليا في اللغة العربية والمرجع الوحيد في فنون الأدب. . .و النسخة الكبرى لمكارم الأخلاق. لطيف المعاشرة، أنيس المحاضرة، حكيم السكوت، وقور الكلام، متواضع الجانب، عميق الفكر، قوي الحجة، كبير الهمة، ثابت الجأش، شديد العزيمة، عظيم الذاكرة، إذا رأيت علماً متجسماً ومكارم أخلاق قد حلت فاستحالت إنساناً كاملاً، إذا خاطبته خاطبت لغة العرب، وإذا ذكرته ذاكرت العصر الثالث عشر إحاطة لم تعقد همته العالية شيخوخة ولم يضعف نزعته كبر. . . كانت حياته من أنفس الغنائم وأجل الذخائر. . . .
وهذا غير ما نظمه الأستاذ حسن بك حسني صاحب هذه المجلة في رثائه نظير قوله في مطلع القصيدة:
أبكي وإن البكا من بعض ما يجب على إمام بكاه العلم و الأدب
أبكي ويحزنني أن لست أذكره إلا بكيت المعالي وهي تنتحب
مراثي الشعراء:
أما الذين رثوه من الشعراء فكثيرون لا يتسع المقام لذكرهم والإلماع إلى ما نظموه من الدرر الغوالي في رثائه. وحسبنا أن نورد على سبيل المثال بعض ما قاله أشهر هؤلاء الشعراء مما يعد من أنفس الشعر وبديع القول:
قال سليمان الصولي من كبار شعراء الشام في قصيدة:
أفارس ميدان البلاغة في اللحد ينوح عليه العم أم علم المجد
وشاءت تفدّيه الدراري فلم تجد كواكبها للجوهر الفرد من ندّ
ولولا ابنه المجد ما دام للعلى عماد بلا دك وسور بلا هدّ
ولا مات من أبقى لنا الله شبله سليم سليماً ماجد الخال و الجدّ
فتى حليتاه العزم و الحزم كاتب يراعته أمضى من الصارم الهندي
وقال العلامة الشاعر الشيخ إبراهيم الأحدب:
راعت بني الآداب منه لوعة تورى الأوار وحرقة لا تخمد
قد حلّ في دار السعادة وقعه لكن بما قد جاء قلّ المسعد
وقال العالم الشاعر الشيخ أبي الحسن الكستي البيروتي:
فأنت أحمد هذا العصر فارسه وأنت أحرزت فيه المجد والأدبا
وقال الشاعر البليغ إبراهيم بك كرامة:
سألت عن فارس الشدياق حين نأى عنا السماء فقالت إنه فيها
فقلت قد عاد علم الأرض أجمعه إلى السماء فقل سبحان معطيها
وقال العلامة الكبير الأستاذ الأمير شكيب أرسلان:
تمادت علينا بالخطوب الدوامس ليلٍ لها بالمجد عصف الروامس
وأصمت رجالاً للزمان وإنهم لنعم رجال الدهر شم المعاطس
أحقاً عباد الله ذا اليوم إنه وجوماً قد اسودت وجوه المدارس
وأصبح مضمار البلاغة خالياً لدن غاب عنه اليوم أحمد فارس
هو الفارس السباق في كل حلبة تجمع فيها كل قرم ممارس
إذا صال لم يترك مصالاً لفارس وإن قال لم يترك مقالاً لنابس
أقام مناراً هادياً كل حائر وأوقد ناراً أمها كل قابس
غدا ذكره ملء الزمان ولم تكن لآثاره الأيام غير فهارس
وشيد للفصحى قصوراً شواهقاً على عفو هاتيك الرسوم الطوامس
لقد جابت الدنيا جوائبه التي بإنشائه كانت طراز المجالس
تبلج نور الشرق عن وجه سافر بها وتثنى العصر عن عطف مائس
وقال المعلم الأستاذ حبيب بك غزالة من كبار أدباء مصر:
ربّ النهى فارس الآداب أحمدها من لا يباريه في العرفان من رجل
ذابت قلوب الورى حزناً عليه وقد سالت غيوت الدما دمعاً من المقل
فاق الأنام بأنواع الفنون فمن حماس فر ومن مدح ومن غزل
جابت جوائبه الآفاق و انتشرت شرقاً وغرباً وإن رمت البيان سل
وقال الشاعر العالم الشيخ علي الليثي من كبار شعراء مصر:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/194)
كانت زواهر فكره عند السرى نوراً وناراً للسريّ القابس
كشف المخبا واستنار بفكره سر الليالي في سماء مدارس
وابان جاسوس التفكر و النهى عن درّ قاموس دنا من لامس
هل غير أحمد في ميادين العلا أجرى اليراع وقال هل من فارس
جابت جوائبه البلاد فواصلت بين المسوس وبين أعظم سائس
واستجمع المجد الأثيل ولم يدع لسواه فخراً يزدهي بمجالس
عجباً لفلك قله وجرى به بين الخضم وبحر علم نفائس
ومنهم أيضا:
الشاعر الكبير الأستاذ أحمد عزت باشا الفاروقي من خاندان العراق
الشاعر النجيب محمد بك عفت نجل خليل باشا عفت مدير الدقهلية بمصر
العلامة الشيخ يوسف الأسير من كبار علماء سورية
وقال العلامة الشيخ عمر بن أبي بكر من أقطاب حكومة تونس وعظمائها
وقال العالم الشيخ أحمد الأديب رئيس إدارة أوقاف الحرمين الشريفين في تونس
الشاعر فيليب نصر الله طرازي
الأستاذ الشيخ نعمان آلوسي زاده من علماء بغداد
الأستاذ الشيخ يوسف النبهاني رئيس محكمة الجزاء في اللاذقية
الأستاذ الكبير يوسف بك آصاف جامع مراثي الفقيد
مواهبه ونبوغه: كان الشدياق متوسط القامة، بيضاوي الوجه، عريض الجبين،واسع الحدقتين يسبح إنساناهما في يم ّ من النبوغ، حاد النظر ينم على حذق وفطنة وتوقد ذهن ونشاط عقلي بعيد الغور. كل ذلك تجلّى على أتمه في قلمه المرهف السيال الذي لم ينضب معينه ولم يجف مداده منذ اليوم الذي قطر فيه مداداً على قرطاس إلى أن جمدت تلك اليد الفولاذية التي كانت قابضة عليه. وفي مادته المبتكرة الفياضة التي زخر ينبوعها وملأت العالم العربي حكمة ذكرته بحكمة سليمان وبلاغة هي نهج البلاغة أنسته بلاغة قس بن ساعدة وفصاحة هي نبراس الفصاحة ذكرته بفصاحة سحبان.كان شاعراً بفطرته وإلا لما نظم الشعر وهو دون العاشرة وقد أجاده كما أجاد النثر، لأنه كان قاموس اللغة وعى ألفاظها ومرادفاتها. فإذا كتب انقادت له اللغة الفصحى بمبناها فيفرغ المعنى في القالب الذي يختاره له بلا تكلف ولا مشقة فتجيء كتابته منسجمة طلية تستهوي النفوس وتستأسر القلوب. وهذا يرجع السبب فيه إلى توقد ذهنه وفرط ذكائه وقوة ذاكرته وسعة اطلاعه. وكان صريحاً حر الضمير جريئاً في القول و العمل. وهذا ما يتجلى في كل ما كتبه فلم يكن يحتاط لهفوة يخشى أن يقع فيها ولو أدى به الأمر إلى إثارة الرأي العام عليه. فكان الناس عنده سواء يكتب لهم ما شاء لا ما يشاءون كما يرى مثلاً في فارياقه الذي آخذه كثيرون على بعض ما جاء فيه من العبارات و الألفاظ التي أراد بها المجون.
ومما امتازت به كتاباته الانسجام و السلامة و الارتباط الوثيق القائم على المنطق. فإذا وصف عادة من عادات أمة قابلها بما يماثلها من عادات أمة أخرى، وأتى على وجه الخطأ أو الصواب فيها وكيف نشأت وتطورت، ولا يلبث أن يرجع إلى الموضوع الذي تطرق منه إلى ذكرها بأسلوب طلي جذاب يستهوي القارئ إلى متابعة الكلام للنهاية.
ومن خصائصه أنه مغال يسمو بممدوحه إلى أرفع منزلة، ويهوي بالذي يهجوه إلى الدرك الأسفل. وعبارته على بلاغتها ومتانتها سهلة منسجمة، وهذه هي الفصاحة بعينها، وهو ما يدل على أنه كان لا يخفي فكرة تجول في خاطره لأنه كان مستقل الرأي. وهذه منزلة له انفرد بها عن كتاب عصره. كما أنه امتاز بما أدل في كتاباته من الألفاظ اللغوية تعريفاً لمستحدثات لم يعرفها العرب.وهذا له شأنه وقيمته عند أئمة اللغة وعلمائها.
وصفوة ما يقال في فارس الشدياق إنه من أكبر علماء الشرق الذين نشأوا في القرن التاسع عشر. وهو في اعتبار أئمة اللغة أقدر من عاصره من كتّابها وأرسخهم قدماً في قواعدها، وأقدرهم على نفع طلابها، بصرف أذهانهم عما يعدّ حشواًَ إلى ما يحلو ويصلح من لبابها. وهو من أولئك الرجال الذين لا تسعد حال الأمم إلا بهم ولا تنهض البلاد التي تلتمس الرقي الصحيح من دونهم.
مؤلفاته:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/195)
سر الليال في القلب و الإبدال: هو كتاب لغوي سرد فيه مفردات اللغة بحسب ألفاظها، وشفعها بالألفاظ المقلوبة وفي جملتها المترادفات مستدركاً ما شط عنه قلم صاحب القاموس من الألفاظ و المعاني و الأمثال. وهو يحتوي على 609 صفحات. طبعه في الآستانة سنة 1284هـ[1867]. وقد جعل هذا الكتاب جزئين ولكنه لم يطبع منه سوى الجزء الأول. وانتقل الجزء الثاني إلى حيازة نجله سليم مع ما انتقل إليه من مخطوطات والده.
الساق على الساق في ما هو الفارياق: كتاب ضخم يشتمل على نحو 800 [712] صفحة أنشأه وهو في أوربا، وقد انفتحت له مغالق الحرية على صفحاته. فهو صورة حياته في مراحلها الأولى، ومرآة نفسه الثائرة الناقمة على رجال الدين من أجل ما فعلوه بأخيه أسعد، وقد ملأه بالمترادفات على أسلوب بديع نحا فيه نحواً جديداَ لم ينسج على منواله أحد في العربية (وحذا حذوه فيما بعد الشيخ إبراهيم اليازجي في كتابه ((نجعة الرائد)) المطبوع في سنة 1904 بمصر).
وفي هذا الكتاب عبارات وألفاظ يؤاخذ عليها قصد بها المجون و لكنها جاوزت الحدود.وقد طبعه في باريس سنة 1270 هـ وسنة 1854 م [1855] و الفارياق لفظ متقطع من اسمه فارس الشدياق. طبع أيضاً في القاهرة سنة 1919.
الجاسوس على القاموس: أنشأ هذا الكتاب في الآستانة وهو يقع في نحو 700 [690] صفحة ويشتمل على مقدمة و24 نقداً وخاتمة. عنى فيه بنقد معجم الفيروزابادي [القاموس المحيط] وقابل بين تعريفه لمفردات اللغة وإعادتها إلى أصولها ودلالتها على معانيها وبين تعريف سواه من منشئي المعجمات العربية الذين هم من أقطاب اللغة وأئمتها نظير صاحب لسان العرب وصاحب الصحاح ومنشئ المحكم ومؤلف العباب. وقال في نقده هذا إنه اكتفى من القلادة بما أحاط بالجيد.وفي هذا الكتاب تجلت عبقريته على أتمها في ما بدا للعيان من مقدرته اللغوية العظيمة، مما جعله نابغة اللغة ومرجع أوضاعها وأصولها ومعين فلسفتها، وهو مع كل ذلك يعترف بفضل الفيروزابادي عليه وعلى اللغة. طبع في القسطنطينية 1299هـ/ 1882م.
كشف المخبا عن فنون أوربا: كتاب كبير طبعه في سنة 1854. وصف فيه سياحته في أوربا واستعرض أحوالها متبسطاً في الكلام عن عادات الأوربيين وأخلاقهم، مع المقارنة بينها وبين أخلاق الشرقيين و المالطيين، شافعاً ذلك بتعريف لغاتهم ووصف مجالسهم وآدابهم. فمدح وقدح وجال وصال مسترسلاً بأسلوبه البديع الساحر مما يستهوي القلوب ويخلب الألباب.
الواسطة في معرفة أحوال مالطة: وضع هذا الكتاب في سنة 1834وهو في جزيرة مالطة فتكلم عن جغرافيتها وتاريخها ولغات سكانها وعاداتهم وألاقهم وكل ما يتعلق بحالتهم الاجتماعية و السياسية و الأدبية. ثم طبع مع كشف المخبا عن فنون أوربا سنة 1299هـ /1882م.
ترجمة الكتاب المقدس: عني بترجمة الأسفار المقدسة وهو في لندن إجابة لرغبة المرسلين الإنجيليين هناك عل نحو ما ذكرنا في وصف سيرته. فجاءت الترجمة دقيقة صحيحة اتخذها الذين اشتغلوا بعده في ترجمة هذه الأسفار أو تعريبها مرجعاً لهم في ضبط مبناها واستيعاب معناها.
اللفيف في كل معنى ظريف: أنشأ هذا الكتاب وهو في أوربا وهو ينطوي على نكات لغوية وأمثال أدبية وحكم مأثورة وقصص تهذيبية مفرغة في قالب من الفصاحة وحسن الأسلوب ودقة التعبير يأخذ بمجامع القلوب. طبع ثانية في مطبعة الجوائب سنة 1299 هـ / 1882 م.
غنية الطالب ومنية الراغب: كتاب في عالم الصرف و النحو نحا فيه نحواً جديداً جعله في مقام أفضل المؤلفات الموضوعة في هذا العلم. القسطنطينية 1874.
السند الراوي في الصرف الفرنساوي: كتاب مدرسي أنشأه وهو في باريس لتعليم اللغة الفرنسوية ويعدّ من أفضل الكتب المدرسية ولو أن صاحبه تعلم هذه اللغة بعد أن جاوز سن الشباب ومضى عليه دور الدرس و التحصيل، 1874.
الباكورة السنية في نحو اللغة الإنكليزية: كتاب مدرسي وضعه بعد أن أتقن اللغة الإنكليزية في أوربا. وهو سهل المأخذ حسن الأسلوب ويخيل إلى من يطالعه أنه من وضع واحد من أخص أبناء هذه اللغة وكبار أساتذتها. طبع ثانية في مطبعة الجوائب سنة 1299 هـ /1882 م.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/196)
كنز الرغائب في منتخبات الجوائب: هو كتاب ينطوي على فصول منتخبة من مجموعة جريدة الجوائب الشهيرة التي أنشأها في الآستانة وصرف زهاء ربع قرن في تحريرها. وقد جمع هذا الكتاب نجله سليم فارس في سبعة مجلدات، 1871 – 1880.
مخطوطاته:
وهناك كتب أرى مخطوطة لم يتسع له الوقت لطبعها منها: ((المرآة في عكس التوراة)) وهو سفر ضخم يقع في نحو 700 صفحة أفرغه في قالب بديع لم ينسج أحد على منواله. وقد شرع في إنشائه على أثر ترجمته للتوراة في لندن على ما ذكرناه وأتمه في آخر مرحلة من حياته. وكان قد أوعز إلى نجله ألا يطبعه إلا بعد وفاته. وله: ((النفائس في إنشاء أحمد فارس)) و ((الروض الناضر في أبيات ونوادر)) و ((والتقنيع في علم البديع)) وله ديوان شعر يحوي 22ألف بيت من الشعر النفيس وقد صححه سنة 1882. وهذا علاوة على نبذة مخطوطة شائقة في الرد على مطران الروم في مالطة (4) وفصول ورسائل شتى في الأدب منها ما هو محفوظ إلى اليوم عند بعض أقاربه وهي مكتوبة بخط جميل يستوقف الأبصار.وكلل جهاده الطويل في خدمة اللغة بكتاب مطول عنوانه (منتهى العجب في خصائص لغة العرب))
وقد قضى في تأليفه أعواماً فجاء سفراً نفيساً طويلاً بلغ عدة مجلدات بحث فيه خصائص الحروف الهجائية عند العرب ونسج في وضعه وأسلوبه على منوال لم يسبقه إليه أحد من أئمة اللغة. ولكن هذا الكتاب احترق مع ما احترق من مخطوطاته. هذه وسواها من الأوراق و المؤلفات التي لم يتصل بنا نبأها على نحو ما ذكرنا فيما تقدم.
على أن فضله على اللغة لم يقف عند هذا الحد بل جاوزه إلى خدمتها من ناحية أخرى لها شأنها وأهميتها في عالم الأدب وهي انصرافه إلى طبع المخطوطات العربية النادرة في مطبعة الجوائب وإذاعتها في العالم العربي. وهي مأثرة له تذكر بالشكر والإطراء مع ما يذكر له من الأعمال المجيدة والمآثر الغراء.
أولاده: وقد لف فارس ثلثة أولاد: سليم ولد سنة 1826 في القاهرة وتوفي سنة 1906 في لندره. وفايز ولد سنة 1828 في القاهرة وتوفي سنة 1856. وأسعد ولد سنة 1850 وتوفي سنة 1851 في ضواحي لندره وقد رثاه والده بقصيدة عصماء مؤلفة من 72 بيتاً قال في مطلعها:
سليم فارس الشدياق: أما سليم فهو بكر أولاده وساعده الأيمن. عاونه عدة سنين في تحرير الجوائب ثم استقل بتحريرها تحت إشرافه إلى أن قضت الظروف السياسية بتعطيلها سنة 1884.
وسليم كان قطباً من أقطاب السياسة العثمانية ومستودع أسرار المابين، وأحد رجال تركيا الفتاة، ومن واضعي القانون الأساسي الذي اقترحه مدحت باشا الملقب بأبي الأحرار في عهد السلطان عبد الحميد، ومن أكبر أنصار السلطان مراد وأعوان صاحبي السمو إسماعيل باشا ونجله توفيق باشا الخديويين الأسبقين. عالم كبير وكاتب متفنن مجيد وله من الجوائب جولات سياسية و اجتماعية كان لها صدى عظيم في عالم الأدب وأندية السياسة في الشرق والغرب وخاض غمار السياسة في شؤون الممالك الهامة فأحرز مكانة سامية يحسد عليها.
وقد ظفر بثقة السلطان عبد الحميد فاختصه بالتبة الأولى المتمايزة، وجال في عواصم أوربا واتصل بأقطابها وحكامها، وورث عن أبيه كنوزه وثروته العظيمة مادية كانت أو أدبية فكانت له عوناً على الاحتفاظ بمقامه ومكانته الأدبية العالية.
ولم يعقب سليم ولداً ذكراً ومات عن بنت وحيدة تسمى روز، فآلت إليها ثروته الطائلة وهي مسلمة ولدت من أم جركسية اقترن بها والدها في الأستانة.
وقد امتازت روز بظرفها وجمالها وتلقت العلوم في كلية روبرت الشهيرة. وفي سنة 1896 سافرت إلى لندره في صحبة خالتها صفية هانم زوجة والدها الأولى وهي بريطانية الأصل اعتنقت الإسلام وتزوجها سليم. وفي لندره عرفت روز (أو كل هانم أي وردة أو روز كما كانت تسمى قبل الزواج) الجنرال ليج، وهو يومئذ ضابط برتبة يوزباشي في الجيش البريطاني، فتزوجته بعد أن أسلم من أجلها، وسمى نوري أفندي، وتولى عقد زواجهما الشيخ عبد الله كويليام الرئيس الديني لمسلمي ليفربول. وبذلك انتقلت ثروتها إلى زوجها وكان لا يملك شيئاً، وولدت له عدة أولاد ذكور أسمت أحدهم باسم والدها سليم، وفي أثناء الحرب العظمى ارتقى زوجها إلى رتبة جنرال.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/197)
ولخلاف وقع بينهما يرجع إلى عدم سماحها له بالتصرف في الثروة التي ورثتها عن والدها طلقها بحجة أنها تأبى أن تتقيد بتقاليد الزوجية التي تخول الرجل الحق في السيطرة على مال زوجته طبقاً للقانون الإنجليزي. وهي اليوم [1934] في لندره ولا تزال محتفظة بالذخائر الأدبية النفيسة المتروكة عن جدها فارس وتأبى التخلي عنها لذويها من آل الشدياق مع ما أبدوا لها من الرغبة في احتيازها لطبعها وإذاعة ما احتوته من الدرر الغوالي، وهذا ما يبعث على الآسف. ولعل عذرها يعود إلى شدة حرصها على هذه المخلفات التاريخية وخوفها أن تعبث بها يد الضياع، ولا سيما أنها مخطوطة بيد جدها نفسه. ولكن هذا العذر قد انتحلته فيما مضى لا يبرر هذا الإصرار من جانبها على الاحتفاظ بهذه المخلفات، ولا سيما متى أيقنت أنها لن تلبث أن تبرز إلى عالم المطبوعات بحلة قشبية ادعى إلى تمجيد اسم المؤلف وإضافة ركن جديد إلى صرح مجده الباذخ وعظمته الخالدة.
هوامش مرجعية:
1 - جاء في الصفحة 364 من كتاب سفر الأخبار للمطران يوسف الدبس ما نصه: ((وخلف قسطنطين اللحياني ابنه يوستنيانوس الثاني الملقب بالأخرم لجذع أنفه وكان شريراً خبيثاً جائراً. واتبع بدعة القائلين بالمشيئة الواحدة. . .وفي السنة الأولى من ملكه أرسل إليه عبد الملك ابن مروان وفداً لتجديد الصلح الذي كان عقد في أيام أبيه، بشرط أن يصدّ عساكر المردة الذين في جبل لبنان ويمنع هجومهم وعبد الملك يدفع إليه كل يوم ألف ذهب وألف جواد وألف مملوك فأجابه يوستنيانوس إلى ذلك وعقد الصلح معه. وأخذ الملك من المردة 12 ألفاً لكنه أضعف بذلك قوة مملكته ... ذلك أن يوستنيانوس أرسل عسكراً بحجة قتال العرب، وأرسل مع قائده رسائل وهدايا إلى أمير الموارنة (الأمير يوحنا) وأمره بأن يمكر به ويقتله فأتى قائد الجيش إلى يوحنا أمير الموارنة الذي كان يسكن حينئذ في قب الياس. فقبله يوحنا بمزيد التكريم وبينما كان القائد يحدثه بشأن غزوة العرب أشار إلى جنوده فوثبوا على الأمير يوحنا فقتلوه مع كثير من أعوانه وجنوده)) وجاء في الصفحة 373 ما نصه: ((وبعد مدة شرع قائد جيش الملك يعتذر للموارنة عن هذا الصنيع ويظهر لهم أن الملك يحتاج إلى إنجادهم له في القسطنطينية، وأن من مضى لنجدته نال خير الجزاء. فاقتنع كثيرون من الموارنة فتوجهوا وعلى رأسهم الأمير سمعان ابن أخت الأمير يوحنا المقتول، وكانوا نحو 12 ألفاً، فأخذوا أولاً إلى أرمينيا ثم إلى تراقية واستمر خلفاؤهم في مقاطعة بمفيليه أجيالاً حيث كان ملك الروم يعين لهم والياً منهم يقيم في أضاليا ويسمى قبطاناً)).
2 - من أكبر بواعث على هجرة فارس أن بني الشدياق كانوا في جملة الذين تآمروا على الأمير بشير الكبير، وأحبط الأمير مساعيهم في حادثة المختارة الشهيرة، وخاف هؤلاء انتقامه، وفارس يومئذ شاب تطمح نفسه إلى المجازفة و الجهاد في مطارح الغربة فوافقوه على الرحيل إنقاذاً له من شر الأمير.
3 - أقدم أحد أنجال يوسف بك الشدياق بن غالب شقيق فارس على إصدار الجوائب في بيروت بعد الحرب العالمية العظمى ولكنها لم تلبث أن احتجبت ثانية إلى اليوم.
4 - عرب فارس للإنكليز كتاباً يشتمل على صلواتهم وعقائدهم وطبع في مالطة. وذهب المطران أثناسيوس التوتنجي إلى بلاد الإنكليز فسئل عن تعريب ذلك الكتاب وغيره مما عربه لهم فارس فقال: إن عبارته إسلامية لا تناسب أهل الكنيسة. ففوضوا إليه النظر في كتاب الصلوات هذا وتصحيحه فجعل يبدل الفصيح منه بالركيك القبيح و الكلام العربي بالأعجمي، وحرّف وصحف وزاد وأجحف وأوهم القوم أنه قد صححه، أي تصحيح. وقد رد عليه فارس في نبذة أسماها ((الدر اللجي في غلط المطران أثناسيوس التوتنجي)) وذلك في سنة [1260هـ /1844 م] وصدره بقصيدة جاء فيها:
أكل طويل اللحية اليوم عالم*وكل مشير بالبنان مناظر
وكل امرئ يبري اليراعة كاتب*وكل فتى يحوي الدفاتر شاعر
أفي كل دهر يهضم الحق هاضم*وفي كل عصر يكفر الفضل كافر
وفي كل وقت يخذل العلم خاذل*وفي كل جيل ينصر الجهل ناصر
ألم يخل يوم عن حسود ومفتر*يطاول أرباب العلى وهو قاصر
يظن المعالي أنها طول جبة*وتوسيع أكمام وعلج يعاقر
ويحسب أن الفضل ما شهدت به*له عجم لم تدر ما هو هاذر
-
-
-
-
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/198)
ـ[أبو الطيب أحمد بن طراد]ــــــــ[26 - 06 - 10, 07:14 ص]ـ
إعدداد ودراسة: الياس جرجوس
للأستاذ مارون بك عبود (بيروت) الكتاب ج2 (1946)،ص587 - 606
هو أحد أقطاب الأدب العربي العظام، نشأ في لبنان وشب في مصر و مالطة، واكتهل في باريس ولندن وتونس، وشيخ في القسطنطينية. فمات ابن ثلاث وثمانين. ما أحوجته الثمانون إلى ترجمان، ولم تأخذ من ذلك الرأس شيئاً فبقي غضاً ونفسه خضراء، كما شهد في بذلك جرجي زيدان:
قدم مصر وقد شاخ وهرم سنة 1886 ((وأتيح لنا مشاهدته وقد علاه الكبر، وأحدق بحدقتيه قوس الأشياخ، واحدودب ظهره، وكنه لم يفقد شيئاً من الانتباه أو الذكاء. وكان إلى آخر أيامه حلو الحديث، طلي العبارة، رقيق الجانب، مع ميل إلى المجون، وقد لاقى في أثناء إقامته بمصر، هذه المرة، حسن الفائدة، فزاره الوزراء و العظماء، وتشرف بالمثول بين يدي الخديوي [توفيق]،فأرمه ولاطفه وذكر خدمته للشرق)) [تراجم مشاهير الشرق القاهرة: مطبعة الهلال 1907، ج2، ص108].
هذا هو الشدياق الذي نتحدث عنه. كان في حياته حديث عصره، وهو، بعد مرور ستين عاماً على وفاته [1946]، حديث حسن لمن وعى.
((الشدايقة)) كانوا في لبنان، وخصوصاً في شماليه، أكثر من الهم على القلب، فكل من لبس القنباز شدياق، وكل من شك دواة في زناره شدياق، ناهيك أن هذا اللقب يطلق على كل طامح إلى خدمة المذبح. وأحمد فارس هو ابن واحد من هؤلاء. هو فارس بن يوسف بن منصور بن جعفر، شقيق بطرس الملقب بالشدياق، من سلالة المقدم رعد بن خاطر الحصروني الذي تولى جبة بشري في القرن السابع عشر.
فهو سليل بيت كان له ضلع في الحكم. فالشدياق بطرس كان دهقاناً ومحاسباً سنة 1715 في عهد الأمير حيدر، ثم صار سنة 1729 مدبراً لولده الأمير ملحم. وفي سنة 1737غضب الأمير عليه، فانتحر في سجنه، وضبط الأمير بيت الشدياق.
وفي سنة 1768 مات الأمير قاسم عمر الشهابي، وأقام منصوراً الشدياق وصياً على ولديه حسن وبشير- الأمير بشير الكبير أو المالطي – ثم ولي الأمير حسن، فدعا يوسف بن منصور الوصي إلى خدمته، فاستعاد دراهم التي ضبطها الأمير ملحم، واستوطن عشقوت في مقاطعة كسروان. في تلك الدار ولد أحمد فارس، ثم دارت الأيام دورتها وتعكر صفو خاطر الحاكم فنزح والد أحمد فارس إلى حدث بيروت، وباع داره إلى أبناء المير يوسف ومن تلك الدار فر أحمد فارس، بعد أن مر في أطوار كثيرة، من طالب علم في عين ورقة، إلى فتى ينسخ الكتب، إلى كاتب عند (المير حيدر) صاحب التاريخ المعروف باسمه، وقد سماه أحمد فارس في فارياقه – بعير بيعر – وتندر عليه وعلى تاريخه ما شاء، وأبت الأقدار، إلى أن توالي ضرباتها على هذا البيت، فكانت نكبة أخيه أسعد وكان لها أبعد الأثر في حياة أحمد فارس، ففر من لبنان إلى مصر، ولم يلحقه ظفر جارح كعبد الحميد، فعاش طويلاً للأدب الخالص.
وفي ظلال ذلك الوادي الأمين طفق الطائر يغرد، وأعجب الناس ترجيعه، فاجتر ومضى على سننه، يعبث بالعرف و العادة والتقليد.وعهد إليه في تحرير الوقائع المصرية، فبرز في ذلك الميدان. وشاءت الأقدار فمدت يدها الجبارة فإذا بالشدياق في مالطة يعلم الأمريكان ويصحح ما يطبعون من كتب، ويؤلف كتاباً فريداً قال فيه الأستاذ جبر ضومط في كتابه فلسفة اللغة العربية وتطورها (وجد الشدياق فوجد كتاب الواسطة وكتاب كشف المخبا وسائر كتاباته الأدبية البالغة مبالغها من الطلاوة و الحسن)).
وتستدعيه وزارة خارجية إنجلترا ليعاون الدكتور ((لي)) في ترجمة التوراة وتنقيحها، فيقيم في لندرة وضواحيها سنوات، وصفها لنا أطرف وصف في كتابه كسف المخبا عن أحوال أوربا. ثم يغادرها إلى باريس، وهناك يطبع كتابه الخالد ((الفارياق)). وفي غضون إقامته بباريس ألّف سر الليال و الجاسوس على القاموس، ومنتهى العجب في خصائص لغة العرب. وفي باريس يمدح أحمد باشا باي تونس بقصيدته المشهورة ((زارت سعاد)) فاستقدمه إليه على مدرعة وجهت خصيصاً ليبحر الشدياق وعائلته عليها، فعجب لهذا الإكرام العظيم وقال في فارياقه: "لعمري ما كنت أحسب أن الدهر ترك للشعر سوقاً ينفق فيه " [الساق على الساق، ص 316].
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/199)
وفي تونس غرق في نعمة الباي، قلده أسمى المناصب، وحرر جريدة الرائد التونسي. وهناك أسلم وتسمى أحمد وتكنى بأبي العباس، وطار صيته في الشرق و الغرب، فطمعت الآستانة به، فطلبه الصدر الأعظم من الباي، فتولى تصحيح الطباعة الشاهانية ردحاً من الزمن، ثم أصدر الجوائب في سنة 1861 فصدرت أمهات جرائد أوربا عن رأيها في سياسة الشرق، وبقي في القسطنطينية إلى آخر العمر. فكان منه كما قال المتمشرق الأستاذ جب:" أحد الأبطال العظام المدافعين عن الإسلام ".
الشدياق الكاتب:
كاتب اهتدى إلى ذاته العظمى، وكان مغامراً فلم يخف على أسلوبه من الموت، فأرسله في العالم العربي، غير مبالي بضواطير الأدب، ولا بمن صدئت عقولهم لنومتهم العبودية في أقبية التقاليد. كان معلم الجيل في تآليفه الكثيرة ومحدثه الدائم في جوائبه أوتي قوة الاختراع فعبر عن فكره الطريف بأسلوب ظريف، فهو مخترع أبداً حتى في الفصول السياسية والأخبار المحلية. مبتكر في التعبير خاصة. خلق منطقياً جدلياً، فجاء فارياقه ملآن بالتعابير الفجائية التي يسوق إليها الحوار. وهو لم يفته شيء من الأصول الفنية، فأدرك أن ما أنطق به الفارياقية - زوجته – لا يتفق وعلمها، فاعتذر في مقدمة كتابه، وهكذا نجا من المؤاخذة. وقد أنبأني ما لاحظت في آثاره الأدبية أن مولانا الشيخ من قطاع الطرق في الأدب لا يدع سبيلاً لمتربص به، بل يسد عليه الدروب كلها. وهذا أيضاً من خواص دماغه الكبير.
أدرك المعلم أن السجع - وهو لم يسلم منه - مرض عصور الأدب فقال ((السجع للمؤلف كالرِجل من خشب للماشي، فينبغي لي أن لا أتوكاً عليه في جميع طرق التعبير لئلا تضيق بي مذاهبه ... ولقد رأيت أن كلفة السجع أشق من كلفة النظم ... ومَن أحب أن يسمع الكلام كله مسجعاً مقفى وموشحاً بالاستعارات ومحسّناً بالكنايات فعليه بمقامات الحريري أو بالنوابغ للزمخشري)) (الساق على الساق، ج1، ص 47). ((فأما إذا تعنَّت عليَّ أحد بكون عبارتي غير بليغة، أي متبّلة بتوابل التجنيس والترصيع و الاستعارات والكنايات فأقول له: إنني لما تقيدت بخدمة جنابه في إنشاء هذا المؤلَّف لم يكن يخطر ببالي التفتازاني و السكاكي والآدمي و الواحدي والزمخشري والبستي وابن المعتز وابن النبيه وابن نُبَاتة،وإنما كانت خواطري كلها مشتغلة بوصف الجمال ..... وبغبطة من خوّله الله عزة الحسن، وبرثاء من حرمه منه، وفي ذلك شاغل عن غيره ... وبعدُ فإني علمت بالتجربة أن هذه المحسّنات البديعية التي يتهور فيها المؤلفون، كثيراً ما تشغل القارئ بظاهر اللفظ عن باطن المعنى)) (الساق على الساق، ج1، ص13).
أجل، إن انشغال بال الفارياق بالجمال وهجسه به ليلاً ونهاراً خلع هذا الجمال الفني على ما خطه قلمه، فهو ككاتب، معلم عصره، ونوابغ كتاب زمانه تلاميذه. لقد فكك القيود وحرر الأذهان من عبودية القديم، فهو ربوبيته عن كرسي مجدها. ولكنه وضع لتقديس القديم حداً لا يمتهن الألوهة ولا يجر إلى الوثنية. ولو برهنت عن أثره هذا بسرد نتف من كلامه لملأت بذلك مجلداً وما اكتفيت.
فعد أنت إلى تآليف الشيخ. أحمد الشاعر. قال أحمد: ((وكان الفارياق يتهافت منذ حداثته على النظم من قبل أن يتعلم شيئاً مما يلزم لهذه الصنعة ... مع اعتقاده أن الشعراء أفضل الناس، وأن الشعر أجل ما يتعاطاه الإنسان)) (الساق على الساق، ج1، ص20).
أما نحن فنقول: إن شاعرية الشدياق كانت قوية جداً وقريحته كانت أغزر ما تكون القرائح، ولو شاء أن يحكي شعراً لقدر، ولكنه كان قليل التجديد شاعراً، كثيره ناثراً. بكى الطلول كما بكوا،وقال الغزل الكاذب مثلهم، مع علمه أنهم من ضلال مبين. وما أكثر ما انتقد خطتهم تلك، فالظاهر أن بين فمه وأذنيه أربعة أميال لا أربع أصابع. مدح وهجا ورثى، وقال الشعر في كل غرض ومطلب , ولكنه كان يحاول التجديد دائماً، حتى فكر أن يفكك أغلال القافية، فقال أربعة أبيات مختلفة القوافي، وصرح لنا أنه يقصد التجديد، ثم خمع خلف القدماء.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/200)
إننا نعذر الشدياق على مدحه، ففي ((بانت سعاد)) لم يكن كعب أعلى منه كعباً، ولو أتيح لشعراء المناسبات عندنا جزء من مليون مما ناله الشدياق لعذرناهم وصفقنا لهم. ولكنهم، ويا للخجل، كالقرداين يمدحون الناس ويشتهون الرغيف في يد من يضمه ويشمه كبخيل أبي نواس.
شقي أحمد أولاً، ثم فاز أخيراً بهذا الشعر الذي كان خير بضاعة عصره – لا تنسى أني قلت عصره.
– فاسمعه يصف شقاءه، ولاحظ وأنت مار في هذه البيوت الشعرية، ما فيها من تقليد أعمى:
سميري من وجه النهار يراعة وليليَ درس الصحف من كل كاذب
فيا لك من يوم كريه صباحه ويا لك من ليل بطيء الكواكب
كأني في حلق الزمان شجا فلم يزل لافظاً بي أرض من لم يبالي بي
أما في الورى من عادل غير أما فيهم من صاحب غير حاصب
أما حين ضحك له الدهر بهذا الشعر وحمله الباي على بارجة حربية لأجل (زارت سعاد) فقال:
ما كنت أحسب أن الدهر ترك للشعر سوقاً ينفق فيه. ومضى قدماً في السياسة يأخذ بثأر أبيه وجدوده. كان الإمام متشائماً قبلما صلحت حاله وكثر ماله، فشكا الدنيا قائلاً:
إن تبتسم دنياك يوماً فلا تركن إليها إنها آلقه
فربما شاقك برق سرى مبتسماً يتبعه صاعقة
ولكن الصواعق زالت، و الحمد الله، وجاءت الديم، وسكن الشاعر القصور الشاهقة في الآستانة العلية بعد ذلك الكوخ المالطي الذي قال فيه:
تعالوا وافقهوا عني ثلاثاً تعلمكم مراعاة النظير
خلاقي،ثم جسمي،ثم بيتي صغير في صغير في صغير
وشاعرنا ماجن مهذب في شعره – إلا إذا هجا – متهتك وقح في نثره، وقد عرفنا بنفسه يوم كان شقيّاً:
ما زارني إلا خليع ماجن فدع الحياء إذا حضرت حصيري
إن الحياء أخو النفاق وما صفت دون المجون سرير لعشير
وللمرأة في أدبه، شعراً ونثراً، أوفى نصيب، فهو كالحطيئة، للأنثى عنده حظ الذكرين. وقد أنبأنا في مقدمة فارياقه أنه بناه على أساسين: المرأة واللغة وفي المرأة يقول متشوقاً متحرقاً:
أصبحت في غرفتي رهن الهموم فما يعتادني غير أشجاني و أوطاري
أرى لكل امرئ أنثى تؤانسه وليس عندي من أنثى سوى النار
ويذكرني شقاؤه في أول شأنه ما كتبه ويكتبه الشاعر أحمد الصافي النجفي، فاسمع وصف الشدياق لشقائه ذاك:
غدَا بيتي كثير الفرش لمّا تهلهل فيه نسج العنكبوت
فلا عجب إذا ما قلت يوماً لكيد الناس: إني ذو بيوت
ولكنه ينتقم لسوء حاله فيقول أيضاً:
يراني الناس في كوخ حقير فيحتقرون منزلتي احتقارا
فهل يا قوم عندكم المعالي علو مباءة تحوي حمارا
والأستاذ الذي لا يملأ عيني شعره، وخصوصاً المدحي منه، ينخدع ويقول لنا:
من ظن أن مفاعلن متفاعلن سر القريض فجهّزنَّ به إلى
ثم يسمعنا شعر المديح الذي بوَّاه سدة اعتبار وإجلال يتمناها كثيرون من رؤساء حكومات العالم اليوم، فهل غير يا ترى بعد الميسرة فصار كالناس الذين قال فيهم:
الناس في الدنيا على رأي إذا هم أعسروا
لكنما أهواؤهم شتى إذا هم أيسروا
يحدثنا التاريخ أن شاعر زمانه كان لسان قومه في الآستانة ثم إليه يرجعون.كان بيته مفتوحاً لهم، ولكننا لم نقرأ شيئاً عن كرمه. أما مروءته فكانت كاملة فهو لم يتقاعد عن نجدة، ولم يتهاون بداع من أبناء جلدته. وآخر ما نقوله في شعره أنه كان جاهلياً في إغرابه، عباسياً في مدحه ومجونه، شامياً في تصوره وتفكيره. حاول التجديد في الشعر، ثم مشى على بلاط ملوك عصره في نعال مشركة. يدل نظمه على قلة تنقيح، وهو لو نقح لنفض عن شعره هذه اللزقات الأميركية التي لا تخلو منها قصيدة، فكأنه عدو للموسيقى الشعرية، مع أنه كان يعزف على الطنبور. وقصص طنبوره كقصص مداس أبي القاسم. وفي كل حال هو أمتن شعراء زمانه، يضعف شعره حين يمدح، ويسرح في المراسلة، ويشتد في الهجو حتى يكاد يخلو من الحشو، ويتساقط كأنه حجارة المنجنيق. وقبل أن أدع شاعريته التي لا أجل نتاجها وإن كانت أسعدته وابنه وحفيدته التي تعيش اليوم في إنجلترا عيشة اللوردات، أحب أن أذكر بيتين لا يستهان بهما، قد أعجب بهما أحمد حتى عدا طوره وحتى تخلق بأخلاق ابن الأثير حين ذكرهما فقال:
لا يحسب الغر البراقع للنسا منعاً لهن عن التمادي في الهوى
إن السفينة إنما تجري إذا وضع الشراع لها على حكم الهوى
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/201)
رحم الله شيخنا وغفر له، فقد كان يرى العالم كله في المرأة، وقد قال في بنات حواء: إنهن زخرف الكون، بل أقول غير متحرج عرف الآلهة، إذ لا يكاد الإنسان يبصر جميلة إلا و يسبح الخالق. (الساق على الساق، ج1، ص14).
الرحالة السياسي:
قال عن نفسه:
لقد طفت في الدنيا على غير طائل فلما بدا عجزي أنبت (جوائبي)
فيا ليت شعري و النوائب جمة أيخفق كل من منيب ونائب
فارس الشدياق ابن بيت لبناني عريق، عالج ذووه السياسة في الدنيا والدين –كما علمت– فعركتهم عرك الرحى بثفالها، مات جده وأبوه وأخوه شهداء حرية الفكر و الميل،وهو أحد مشردي هذا البيت. قضى عمره مجاهداً، لم يدع قطراً في الشرق و الغرب إلا حلته ركابه، وكتب عنه بعين لاقطة لا يفوتها شيء، فكأنها عدسة المصور، ففي الواسطة وكشف المخبأ و الفارياق صور شتى لأحوال الشرق و الغرب. وإن أكبرنا جهاد المتمشرقين فلا حرج علينا أن نكبر أكثر منهم جهاد هذا المتمغرب الذي كان إعلاناً للدماغ اللبناني بلا ثمن. وإن أفلح وصار حجة السياسة الشرقية للأوروبيين فلأن الوراثة جعلت منه سياسياً عظيماً، يحسن تعليل الأمور بعقله الثاقب.وليست سياسة العالم بأصعب من سياسة لبنان المختلفة بضاعته الطائفية، كمخازن ألف صنف وصنف. وأصدق دليل على تمسك الفارياق بأذيال السياسة رسائله التي كانت ترد على أصحابه وذويه، فهي تنبئنا أن كل المتاعب لم تشغل الأستاذ عن الاستطلاع سياسة وطن مات وفي قلبه حنين إليه، وإن لم يكن يقل في ذلك شعراً. وما شرده عنه وكتبه الفارياق إلا تلك النكبة التي وقعت بأخيه أسعد، فطوحت به في الآفاق يطوي وينشر ما عنَّ له تنفسياً لكربته، فجابت ((جوائبه)) الأرض، وكانت مدرسة عامة، ليلية نهارية، للناطقين بالضاد. فصحت بها لغة عصره الفاسدة، وقامت حرب البيان على ساقها. ومن الأنين المتصاعد من [كنز الرغائب في منتخبات (ج3)] يظهر لنا إعجابه بصحيفته وتألمه من حاله:
وإن كان سعيي في الجوائب خاسراً فإني لذخر الفخر أصبحت كاسبا
فهو يرى كل ما فيها، وحاشاه، فانياً، وتلك حالة الأديب في كل زمان يرى في المجد غنى عن النقد. وكذلك الصحافي العربي، فهو هو، و المشتركين هم هم، كما يخبرنا الفارياق.
عل سطح ذي الدنيا أراني نقطة أخط خطوطاً لا تسمن لي ضلعا
وقد أعجب النقاد جمع جوائبي ولكنني للنقد لم أستطع جمعا
وما بلغت الجوائب ستة وثلاثين أسبوعاً – أي تسعة أشهر – حتى عجز الشدياق عن إصدارها، فأعلن إفلاسه في العدد السادس و الثلاثين، قائلاً: و الضمير في ((أقلت)) يعود إلى ((الدنيا)):
أقلت ذي الجوائب قدر حمل الـ ـجنين وأسقطتها في الترائب
ومن يك قرنه الإفلاس دهراً فكيف يطيعه عاصي المطالب
لقد تربت يدي عن نيل طرس أخط به من الخطط الغرائب
بكيت وليس يجديني بكاء وأرخت (انقضى درس الجوائب)
فاهتز لنجدته الصدر الأعظم فؤاد باشا، فلم ينقض درس الجوائب، وعاشت سنين، حتى قال شيخنا: الله درها .... وظلت تصدر حتى قضت الحوادث السودانية بوقفها سنة 1884، أما صاحبها فما وقف قلمه حتى الموت.
اللغوي و المصنف:
ما رأينا قبله لغوياً بحث اللغة فرد ألفاظها إلى أصول قليلة اشتبكت فروعها فصارت أدغالاً مخوفة، ولا من كشف الغطاء عن خصائص الحروف فدلنا على حكمة الواضع. فالشدياق عالم قارح، رأسه كمخازن الترنزيت التي تتكدس فيها البضائع، أو أهراء فرعون يوم أقام يوسف بن يعقوب قهرماناً له.
فهو مستودع الجرايات في هذه المجاعة. لجأ إلى ((جاسوسه)) و ((سر لياليه)) كثيرون، ففي عدل بنيامين ألف كأس يوسفية، تخبرنا أن الذين بحثوا اللغة و القواميس بعده عيال عليه، كما كانوا على الجاحظ قبله. إنهم ينهبون ولا يستحون، ويسرقون ثم ينسون أنهم سرقوا الرجل، فيدعون المعرفة غير منوهين بذكر من جاهد ثمانين حولاً ولم يسأم. فما فهمه الشدياق من أسرار اللغة لم يخطر ببال أحد، وقد كان شديد الإعجاب بسر الليال حتى أفرط في الثناء عليه، وعقد معلناً فائدته لأولي الألباب، فكان كالكريم حين يخشى أن لا تأكل من ألوان مأدبته كلها فيتولى بنفسه تشويقك وترغيبك.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/202)
وتلك كانت حاله في خلق الألفاظ للمسميات الحديثة، فقد جاء الصحافة في صباها، فكان أبا الراقية منها لغة وسياسة. اعترضته مشاق كثيرة عند وضع الكلمات للفارياق وكشف المخبا و الجوائب،ولكنها لم تعوقه، فسمى الداليجانس،حافلة المجد. و الفكونات، الرتل، والباخرة سفينة النار، و الفنون الجميلة، الصنائع الظريفة، وبوليس التحري الثقاف. وكان يتألم كثيراً من هذا العناء المخلوط ببرد أوربا وسطمبول، فقال فيه شعراً:
ومن فاته التعريب لم يدر ما العنا ولم يصل نار الحرب إلا المحارب
أرى ألف معنى ما له من مجانس لدينا، وألف ما له ما يناسب
فيا ليت قومي يعلمون بإنني على نكد التعريب جدي ذاهب
اسكت يا شيخ، لقد علموا، ولكن أنت تنفخ في رماد.
لقد كتب في تآليفه كل ما هو مبتكر حقاً، فخلق أدباً حياً لا أدباً ذابلاً، إن تحرك ناس كلعب الأولاد.ويا ليه كتب قصة بمعناها المعروف اليوم، إذن لكان لنا أروع القصص. وإن صح حشر سيرة الحياة بين القصص، فالفارياق قصة عالمية رائعة. فما أروع وصف تلك الغربة التي جلت ذاك الصقيل الفرد.
حدثنا رواة الأخبار عن المعري القفلة، ولكن الدليل على ذاكرته العجيبة لم يقم، أما إمامنا ففي فارياقه وجميع آثاره ألف دليل على ذلك الدماغ الغريب، فهو المؤلف العجيب حتى في كتبه اللغوية، وكل من ألفوا قبله وبعده نساخ، فمن شاء أن يؤلف في اللغة بعد أحمد فليستح، وليعذرني أبو عثمان المازني إن استعرت كلمته هذه، فهنا محلها أيضاً.
الأديب و الناقد:
الشدياق رجل قوي الباصرة، ليس في جرابه رغيف من خبز الرومنتيكية، فهو الجاحظ سواء بسواء، ولولا تشكيه البرد وتبرمه بالثلج لقلت إنه لم يحسّ الطبيعة قط، اكتفى بالمرأة عن كل ما خلق وما لم يخلق، فكل الصيد في جوف الفرا. ولولا كرهه طعام الإنجليز وحنينه إلى طعامنا لقلت إن الرجل يعيش على الانتقاد، فلم تنج ناحية من نواحي الاجتماع من جراد نقده الزحاف، لم يدع زاوية من زوايا الكون إلا ولجها، ينتقد الدنيا جماعات وأفراداً وحكومات وبلداناً، فقل إذا شئت:
لم يسلم من لسانه أحد. أما نقده الأدبي، ففي الفارياق، وكشف المخبا، وسلوان الشجي، وفصوله المجموعة سبعة أجزاء كثير منه. انتقد أساليب الكتاب و الشعراء وتفكيرهم وتعبيرهم، فكأنه أقام نفسه معلماً أو مدعياً عاماً في محكمة الأدب.
وقد اطلعت على رسالة بخطه نقد فيها كتاب أخيه طنوس. كتاب أخبار الأعيان في جبل لبنان فما حاباه ولا تغاضى عن هفواته ونعى عليه تذبذبه.
أذكر أنني قرأت كلمة لأمين الريحاني نقد بها ((غطارفة البيان)) كما سماهم، وإذا بي أجدها بمعناها في الفارياق، لست أعني أن الريحاني ناقل، بل قلت هذا لأدلك عل رجل نظر أمس كما ننظر نحن اليوم، إلى هؤلاء الفحول المقلدين، وما ننكره نحن الآن عليهم أنكره هو قبلنا في الفارياق، وكشف المخبا، وأشبعهم سخراً وهزءاً. ولكن أولئك كهؤلاء لا يردعهم شيء حتى الصفع فخصلة البدن لا يغيرها إلا الكفن، ولو كان ربنا يسمع شعراً لنظموا له عقوداً زبرجدية يعلقها في شماريخ عرشه.
ولو قرأت ما كتبه في الواسطة عن الزانية التي تضع صورة العذراء بالمقلوب حين تفحش، لتذكرت، إن كنت قرأت ((البعث))، وصف هذه الحالة الذي كتبه فيلسوف الروس العظيم، وأدركت أنه لم يفت أديبنا العظيم فسبق إليه.
والأستاذ جريء على استعمال القياس، فحلحل مكابس اللغويين. لقد جمع ونسب كما قرر مجمع مصر الملكي، وهو في عمله هذا واثق من نفسه، يؤدي العبارة على حقها ولا احتكاك عنده، فكأنه يقطع من مقلع.
والخلاصة أن الفرق بين أحمد ومعاصريه كالفرق بين رافائيل وبين من ينقلون صوره عن معجم لاروس وغيره.
المتهكم الساخر:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/203)
تقرأ في الفارياق (الساق على الساق ج1، ص 53، 66) نقدأً لاذعاً وتهكماً ساخراً بمؤلفي النحو ومعلميه، وحركات الإعراب، وتمسك النحاة بها، حتى يعبر عن مشاكل النحاة وعراقيلهم التي لا تنتهي بقوله صرت أعتقد بخلود النفس لأن مبهمات النحو الخالدة!! أليس هذا ما يعالجه اليوم معلمو زماننا حاسبين أنهم اخترعوا البارود. وكذلك فعل بعلم البيان و البديع، فمضى يسخر من أنواع الاستعارة، وظل يفعل حتى شبع، وأخيراً شبهها بأشكال الدرج فقال: ومنها القرقي و اللولبي و الحلزوني، إلخ. حتى قال في علل النحاة: ومات الأصمعي وفي عنقه من رسم الهمزة غدة. ثم يهزأ بتمسك بعض البيانيين بالحروف فيقولون: (الواو) هنا أفصح من (الفاء) و (أو) أفصح من (أم) وهلم جراً. ويهاجم الساجعين المنمقين الذين يتلاهون عن الحقيقة باستعارة أو كناية أو تصور غريب، فيقول كلمة عن المؤبنين:
((المصاب ينتحب ويولول، والمؤلف يسجع ويجنس، ويرصع ويروي، ويستطرد ويلتفت، ويتناول المعاني البديعة، فيمد يده تارة إلى الشمس، وتارة إلى النجوم، ويحاول إنزالها من أوج سمائها إلى السافل)). ويقول في مكان آخر: ((نقضي ساعة تامة في شرح جملة غير تامة)). ثم يقول: أكثر الكتاب يتهوسون في إهداء السلام والتحيات للمخاطب، كأنهم مهدون إليه عرش بلقيس. وكقوله للطبيب الذي عالجه علاجاً عنيفاً: أنا صاحب جثتي أفلا تشاورني! وكقوله عن الإنجليزية التي دعاه زوجها إلى العشاء عنده، وهرب من وجهه ولم يعشه: تسار بناتها كأنما نزل بهن نكبة البرامكة. ولست أذكر لك شيئاً عن تهكمه بفئة معلومة من الناس، فاقرأه أنت في محله.
إن المتمشرق الذي قال للأستاذ زكي مبارك في النثر الفني: الأدب العربي رواسم - كليشيهات – مصيب جداً، ولكنه بلا شك لم يقرأ الشدياق ليعلم أن فينا من خرج من الصيرة.ولو عرف صاحب لسان العرب أن الدهر سيلد لنا واحداً كالشدياق لما تجرأ أن يقول لنا: خذوا لغتكم من أعجمي فقد كشف الفارياق عورة هؤلاء العجم وفضحهم.
وقصارى القول كان المعلم جاحظياً نواسياً في فارياقه، بطوطياً في واسطته وكشف مخباه، متنبئياً في مدحه، خليلياً في لغوياته ونحوه: وقد صدقت الإجبسيان غازت حين قالت: إذا وضعت الكتبة الإنجليزية سكيت وأمرسون وواردزورت ووايلكلف وبلويز في شخصية واحدة يمكنك حينئذ أن تتصور عظمة هذا الرجل. ولو ولد الشدياق في أوربا لدفن مع نخبة العظماء، ولنصبت له التماثيل في مدن بلاده.
إن أحمد فارس ضخم مختوم كقبره، يمر به الناس ولا يعرفونه، وهو العارف بكل شيء، وهو مثال العربي المثقف الكامل في القرن التاسع عشر. لا تقرأ كتبه من عنوانها، فالجديد يقفز من بين سطورها قفز الأطلاء من دار خولة بالرقمتين. إن أحمد فارس كجبال لبنان، في كل قرنة معنى خاص، وفي كل واد صورة جديدة، فعليك به كله، فهو للقديم متجر، وللجديد مكسب.
الأديب المترجم:
استعانت به جمعية التوراة فوقف على ترجمتها التي أعجبت العلامة المطران يوسف الدبس، أما الشدياق فكان غير راض عن هذه الترجمة، لأنه يكره الركاكة التي نعت بها رجال الدين في فارياقه.
وها نحن نفسح له المجال ليدافع عن نفسه، ويلقي التبعة على الدكتور ((لي)):
وفي مثل قولنا ((ضرب لهم مثلاً)) كان يبدل ضرب بقال، لأنه كان يترجم في عقله لفظ ضرب إلى لغته فلا يجد لها معنى سوى إيصال الألم. وكان يبدل ((علم اعتقادهم)) برأي اعتقادهم، ويزعم أنها أبلغ في المعنى، وأن الاعتقاد ليس بمرادف للإيمان، فإنه إنما ينظر إلى أصل اشتقاقه وهو العقد، وهو غير مفيد معنى الإيمان. وكان يبدل ((ماء البحر)) بمياه البحر، وهذا لا محظور منه إلا أن تبديله هوس .. وكان يزعم أن لفظة ((المعجزات)) ليست من كلام النصارى حتى وجدناها في نسخة رومية. ومن أشد وساوسه تجنبه السجع و التركيب الفصيح غاية ما أمكن، حتى إنه زعم أن ما في الترجمة من قوله:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/204)
((خرجتم إليَّ بعصي كلص)) سجع، وحاول تغييرها فلم يقدر فتركها وهو آسف. وكذا وهمه في: ((نلت خيراتك في حياتك)) فكان يقول: هو من السجع الذي يجب مجانبته في كلام الله تعالى. وكان كلما رأى كلمة أو جملة تنتهي بواو ونون أو ياء ونون يقول إنها مضاهية لكلام القرآن، فيبدلها، حتى إنه رأى هذه الجملة وهي ((وأنتم على ذلك شهود)) فقال: إن هذا الموقف يشبه وقف القرآن، فمن ثمّ يبدلّها بقوله: وأنتم شهود على هذا.
ووجد عبارة أرى وهي ((وما أولئك بعابرين من هناك إلينا)) فقال: هذا التركيب فصيح! فبدل عابرين بيعبرون. ولم أتعجب من تغييره، وإنما تعجب من أنه شعر بحسن هذا التركيب .. (كشف المخبا ص 123 - 412).
لابروير العرب:
هذا ابن بيت قديم نكبته السياسة، كما قلنا، ولكنها تأصلت فيه، فجاء سياسياً أباً عن جد، و السياسيون المنكوبون في كل عصر يصبحون أفقر البرية متى انتزعت منهم أملاكهم، كما حل ببيت الشدياق، فقد أخذ المير أملاكهم حتى لم يدع لهم بيتاً فغادر عشقوت واستقر في حارة البطم بحدث بيروت، وورث فارس عن أبيه الذي مات في دمشق شهيد ثورة سياسية، مكتبة ثمينة، فصار نساخاً له وللناس. وضاق به المعاش فكان ((عطاراً)) يطوف الضيع خلف حمار، ثم لم تربح تجارته فانقلب صاحب دكان، وأخفق أيضاً فصار كاتباً لبعير بيعر – أمير حيدر – صاحب التاريخ الذي طبعته الحكومة اللبنانية مؤخراً – فنسخ له سفاسفه التي يحدثنا عنها في فارياقة، وقد حدثنا عن غفلة أميره هذا، وعن أشياء أخرى، لا محل لذكرها هنا، فارجع إليها بنفسك فليس عليّ أن أزقك كالفرخ، أما الآن فسمع شيئاً من سفاسف بعير بيعر مما كان يكتبه الفارياق في أساطير بعير بيعر أي في تاريخ المير حيدر: ((في هذا اليوم وهو الحادي عشر من آذار سنة 1818 قص فلان بن فلانة بنت فلانة ذنب حصانه الأشهب بعد إذ كان طويلاً يكنس الأرض، وفي ذلك اليوم عينه ركبه فكبا به)) إلخ.
((اليوم نظرت سفينة في البحر مارة، فظن أنها بارجة قدمت من أحد مراسي فرنسا لتحرير أهل البلاد، لكن عند التحقيق علم أنها إنما كانت زورقاً مشحوناً ببراميل فارغة، وكان سبب قدومها للاستقاء من كذا)) (الفارياق ج1، ص39).
ونكب أخوه أسعد – كما مر – ففر من بلاده يطوف الدنيا، وظل يشقى ويسعد حتى مات أخيراً شبعان من كل شيء. فغير عجيب إذن إن لمحت فيما صنفه وكتبه دروساً عميقة لأخلاق الناس. قد عالج الكثير من شؤون النفس معالجة النطاسي الأخلاقي، ولو كان غير عربي لدرسته المدارس كما يدرسون لابروير، وعول الناس على رأيه فيها كما كان يعول عليه في سياسة الشرق.
إن فصوله التي أذاعتها جوائبه تحت عنوان ((جمل أدبية)) وهي كثيرة تبتدئ غالباً بـ ((من الناس)) تنم من عالم بسيكولوجي يحلل خوالج النفوس ويصورها بقلم غني جداً، معتمداً في الغالب على عينه التي كانت تسبر الأعماق النفسانية، فيدرك الكثير مما يمر به سواه ولا يرى فيه شيئاً.
أحمد المتمغرب:
عجب الناس لهؤلاء المتمشرقين الذين درسوا أدبنا وكتبوا بلغتنا. وتمنى الأستاذ إبراهيم المنذر – بمناسبة الكلام على كتاب ((المستشرقون)) النفيس للأستاذ العقيقي – أن يكون عندنا متمغربون. يا سبحان الله! أما وجد الشيخ فينا متمغرباً! أما رأى أولاده في بيته ..... إننا لأحوج إلى التمشرق.
فجبران متمغرب، وغانم مثله، و الريحاني أيضاً، و القرم وخلاط وفصيلتهما كذلك، و السمعاني و الحاقلاني ونوفل و التولاوي و الفغالي متمغربون، فما أكثر الغربيين فينا وأقل الشرقيين.
قد تمغربنا، وكتبنا بلغة القوم كما كتب نوابغهم، أما هؤلاء المتمشرقون فآثارهم أمامك، وإن كنت لم ترها فارجع إلى الفارياق وكشف المخبا فعند أحمد الخبر اليقين. أما إذا كنت تبغي متمغرباً بالمعنى الأتم، فها هو أمامك. هو ذلك الجهبذ – لم أجد لفظة أصلح منها فكأنها وضعت لتقال فيه – هو ذلك النائم في الحازمية نومة الأبد بعد ما ملأ الدنيا نصف قرن.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/205)
هذا الذي تمغرب وثأر للشرق من كتّاب الغرب، واكتشف من عيوبهم أكثر مما اكتشفوا عندنا. ولكنه كان أعدل منهم، فذكر ما لهم وما عليهم، بينما هم لا يرون عندنا إلا المخازي و المعايب. قد زيف بضاعة المتمشرقين المزجاة، فاقرأ تعلم أي مقدار من العلم بلغة العرب عند هؤلاء الذين نمشي وراءهم ولا نسأل إلى أين. فما رأيكم بواحد من هؤلاء يقرأ ((حيل بينهما)) جبل ببنها! وذلك في قول الشاعر الأندلسي:
يا رب أم وطفل حيل بينهما كما تفرق أرواح وأبدان
ثم شرحه شرحاً وافياً، فصرف ساعات تامة في شرح جملة غير تامة كما قال الشدياق. اقرأوا في الفارياق تلك العظة الشهيرة التي ألقاها أحد هؤلاء المتمشرقين في كنائسنا، ولا ترموا شيخنا بالغلو.
فقد سمعت بأذني الثنتين عظة مثلها. فهذا هو المتمغرب الكامل الثقافة.
عرف ابن زهير كما عرف شكسبير وملتون ولامرتين وفرجيل، حتى حدثنا عن أدب الغرب وخص بالذكر منه الشعر، ناعياً عليه رموزه وغموضه.إنه لم يترك شاردة ولا واردة، وأذاع بالطبع كتباً عربية نفيسة كما أذاع المتمشرقون، وحسبه أنه نشرها سالمة من فاحش الخطأ الذي لا يدركه أولئك.
وإني لأعجب من المتمشرق كراتشكوفسكي الذي عد شدياقنا من غير البلاد العربية. فلو قرأ الشدياق كلمته تلك لنهض من قبره يحمل إحدى الأسطوانتين. وأسمعه ما أسمع من أهل زمانه. فالرجل يأبى أن ينسب إلى غير بلاده ولو أعطيته ملء الأرض ذهباً وحسبنا دليلاً على تعصبه لجبله أنه تمغرب بزيه الشرقي. وكم استغربوه ولم يبال. فليت من يشاء عملاً يذكر أن يخوض في عباب سر لياله ويحدثنا عنه، ولا بأس عليه أن قال: فيا لك من ليل تمطى بصلبه.
خُلقه وخَلقه:
من ينظر رأس أحمد فارس في صورته يخال أنه أمام جبار. عبل الشوى كحصان عنتر، ولكن من يقرأ شعره يعلم أنه أقل من مربوع. وإن تقل قد يبالغ الشاعر قلنا لك عليك بالفارياق (الساق على الساق، ص282) فتقرأ: ((قد كنت أظن أن صغر جثتك – يا فارياق – لا يكون موجباً لإنشاء تأليف كبير الحجم مثل هذا)). وبعد: فالرجال لا تباع بالذراع و لا تقاس بالأقدام ...... و الذي تراءى لي من قراءة الرجل أنه متطرف في كل شيء، متطرف في اجتهاده وجهاده، متطرف في عزمه الذي لا يكل ولا يمل، متطرف في مطالعاته، متطرف في تأملاته، متطرف في تعبيره وتفكيره، يتخطى كالمنطيقي الزنديق ولا يسقط في يده. تسوؤه أقل بادرة فيشهر حرب البسوس،وترضيه كلمة فيعفو وإذا بالماضي مضى، يخلص لأصحابه الود، ويغفر لمن أساء إليه إن استعطفه متذللاً. الغريزة الجنسية عنده ملاك الحياة، فهو لا يعنيه من هذا الوجود إلا ما تدركه الحواس. أما ما وراء الطبيعة فيرى البحث فيه تهليساً ومهارشة. حبه لعائلته يفوق الحد، وقد عبر عنه بوعظه الأمراء في فارياقه، وظهر لنا جلياً في حزنه وبكائه على ولده فائز حين قابل الدكتور لي. لا يؤمن بالوحي، ويخطئ ما لا يسلم به العقل. لو كان اليوم لضحك من أدبائنا الموسوسين الذين يفتشون عن الله و الآخرة.
جاء أحمد قبل الوقت فقاسى آلاماً وعذاباً، وقال شيئاً وترك أشياء كانت تجول في صدره. وتقف على رأس لسانه، وفي (المرآة في عكس التوراة) الذي أوصى أن لا يطبع إلا بعد وفاته. دليل على ما بقي في ذلك الدماغ.فالمحيط البيتي و البلدي وتلك النكبات المتتالية جعلت منه هذا الساخط الحانق، وهو بطبعه يجيد الكلام متى حنق، وقد أوتي قوة استطراد عجيبة، فكانت سلاحه الماضي في منازلة خصومه. قد يكون حب المجون والأحماض من طبعه، ولكن مكتبة والده التي عكف عليها صغيراً، وهي حافلة بالكتب العربية القديمة، كالكشكول و المستظرف وغيرهما، قد أنمت هذا الذوق، ثم عززه النسخ و القراءة،فجاء صارخاً عجاجاً.
بين التجديد و التقليد
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/206)
الفن لفظة جوفاء يستتر وراءها كل صفيق الفكر، أما العبقري فيخلق فنه، وعلى الذرية أن تضع المقاييس، فشكسبير وراسين كانا قبل فرويد. وهكذا فعل نابغتنا العظيم، ولكنه لم يجرؤ على الطفرة، فوضع كما يقول الفلاح اللبناني:رِجلاً في البور. فرأيناه تارة يسجع، وطوراً يدع السجع هازئاً، ثم يعود إلى تلك الرجل الخشبية، وكأنه يأبى إلا أن يكون له ما كان لأهل زمانه، فكتب أربع مقامات،ولكن في أغراض غير أغراضهم، فطمست روح المعلم معالم التقاليد، ولا عجب فهو ممن يصنعون القالب على الرِجل، لا الرِجل على القالب.
وبينا نحن نقرأ ازدراءه القديم إذا بنا نراه ينهج نهجهم في عناوين كتبه (الواسطة في أحوال مالطة))، ((كشف المخبا عن فنون أوربا))، ((سر الليال في القلب والإبداع))، ((السند الراوي في الصرف الفرنساوي))، ((الباكورة السنية في نحو اللغة الإنكليزية))، وأخيراً ((غنية الطالب ومنية الراغب)) على وزن بحث المطالب، إلخ. كل هذا يدلني على أن عقلنا مهما كبر وتجرد من قيود الماضي فلا بد أن يظل عالقاً بشيء منه فلا يتفلت منه بسهولة، و الخوف من الغد يزيد هذه الأمور تمكيناً. وإذا تساءلنا:هل الشدياق عالم أو فيلسوف أو مؤرخ؟ كل شيء من هذا وليس بشيء منه،فهو لا تعنيه إلا أخلاق البشر من حيث الاجتماع فقط، واستنباطه من الواقع. فالمرئيات كما قلنا نواة أدبه، تلقى في أرض أسلوبه المغلال، فتعطي الواحدة مئة، كالحبة التي ضربها الإنجيل مثلاً. وقد تكون الفكرة مبتذلة فيجلوها المعلم، كجنان النواسي، فتفضح العروس وتفتن النظارة.
ذوقه الفني:
لا أعلم لماذا يعجبني فن هذا الرجل، فإذا قرأت الفارياق أنكرت أن يكون سيرة حياة، فهو عندي قصة رائعة، وهل نكتب غير قصتنا قصة غيرنا. ماذا كان يقصد أحمد فارس حين ترك الأرقام التاريخية في فارياقه؟ وماذا كان يقصد حين جرد من نفسه شخصاً سماه الفارياق فكتب قصته بلسانه؟ أي فن أراد، وأي إحساس أحس حين فعل هذا؟ أما قرأت أن نقاد الغرب أعجبوا اليوم بأندره مروا لأنه فعل ما فعله الشدياق منذ قرن؟ إنني لواثق بأن شدياقنا كامل الذوق، وهو لو لم ينفق جل حياته في شؤون أخرى لما قصر في الفن والأدب عن أعاظم رجاله اليوم. وإليك نموذجاً يدلك على ذوق إمامنا الفني. قال في الرقص:
((وكان للحاكم عادة [في مالطة] أن يدعو جميع المعروفين في خدمته إلى ليلة عيد يرقص فيها الرجال و النساء بحضرته، وكان من جملة المدعوين الفارياق وزوجته. فلما رأت هذه الرجال يرقصون وهم مخاصرون للنساء قالت لزوجها: هل هؤلاء النساء أزواج هؤلاء الرجال؟ قال: منهن هكذا، ومنهن بخلاف ذلك. قالت: وكيف يخاصرونهن إذاً؟ قال، هذه عادة القوم هنا وفي سائر بلاد الإفرنج. قالت وبعد المخاصرة ما يكون منهم؟ قال: لا أدري، ولكن بعد انفضاض الناس يذهب كل إلى منزله. قالت: أشهد بالله إنه ما خاصر رجل امرأة إلا باطنها! قال: لا تسيئي الظن، إنها عادة مشوا عليها. قالت: نعم، هي عادة ونعمت العادة، ولكن كيف يكون إحساس المرأة حين يلمسها رجل جميل في خصرها؟ فقلت: لا أدري، إنما أنا رجل لا امرأة. قالت: ولكن أنا أدري، إن الخصر إنما جعله الله في الوسط مركزاً للإحساس الفوقي و التحتي، ولذلك كانت النساء عن الرقص و القرص في أي موضع كان من أجسامهن يبدين الحركة في الخصر. ثم تنفست الصعداء وقالت: يا ليت أهلي علموني الرقص، فما أرى فيه لأنثى نقص. فقلت: لو فتحت ((الصاد)) في كل من المصراعين لكان بيتاً مطلقاً.
يا للفضيحة بين الأنام، أتقول هذا الكلام في هذا المقام. فقلت: هيت إلى البيت، فقد كفاني ما سمعت الليلة وما رأيت. قالت: لا بد من أرى ختام الرقص. قال: فلبثنا إلى الصباح، ثم انصرفت بها فكانت تقول وهي سائرة: نساء مع رجال راقصات، رجال مع نساء راقصون، راقصات راقصون راقصات. فقلت فاعلات فاعلون، فاعلون فاعلات! قالت الرجال و النساء و البنون و البنات. كيف، متى، أين؟ [الساق على الساق، ص223]. أرأيت كيف يتحدث وينهي حديثه عن الرقص، إنه رقص وزيادة. وهذا هو الفن الكامل – تبحر كثيراً في هذا الكلام لتفهم قليلاً، أو كلف أحد العارفين بشرحه لك، وإلا فيا ضياع تعبي.
أحمد الهجّاء:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/207)
ما أحلى ترديد ما قاله لامرتين حين قرأ ((الشاتيمان)) لفكتور هيجو، ثلاثة آلاف بيت كل سب، هذا كثير. ونحن نقول: إن حملة الفارياق على أخصامه عنيفة جداً، ولكن الرجل خُلق هجاء، و الهجاء يدل كثيراً على الشاعر وهذا ما حملنا على خص هجاء أحمد بهذه الكلمة. الرجل سباب شتام حين يهجو، قلما يهزأ ويتهكم، يهاجم الخصم فيكسره شر كسرة. لا حيلة ولا هوادة في الأمر. الحرب الكلامية عنده تطول، دائماً المعركة فاصلة. وما تخيلناه من تقلب طباعه يدلنا عليه تبادل الهجاء بينه وبين أديب إسحق، الكاتب الذي نوه به أحمد. ثم قال يهجوه:
لو أن آدم عالم في أنه ستكون من أبنائه فيما غب
لأباح حوا بالطلاق ثلاثة وأبى لأجلك أن يكون أبا البشر
فأجاب أديب:
عجباً هجوت وكنت قبلا مادحي لا بدع قبلي قد خدعت محمدا
ومكرت في عيسى وخنت أباك في لقب أخذت ولم يكن لك أحمدا
وظهرت في ذلك الزمان جريدة برجيس باريس فناوأته وتحدته فاسمع كيف يهجو صاحبها:
إذا البرجيس فاه سددت أنفي فإن بنتنه تعجيل حتفي
فما لعلاج ذاك الفتح منه سوى سد، وبعض القول يكفي
صنان تشمئز النفس منه ويمنى كل ذي أنف برعف
وقال يهجو زميله المعلم بطرس البستاني، المشهور بفضله وعلمه:
كابدت من زمني كوارث جمة وأمرها في مرها ثنتان
لغة (الجنان) إذا هذت في مدح قا رئ لغوها و (سياحة البستاني)
وانتقد الفارياق اليازجي الأب فقام ابنه إبراهيم يدافع عن والده فهجاه أحمد بقوله:
عجباً لمجترئ عليّ وما له عند البراز سوى عتاد هرائه
فكأنه الظربان معتمداً على دفع الملم به بريح فسائه
لا ريب أنك لاحظت مثلي أن هجاء الفارياق يخلو من الحشو الذي يكثر في شعره، وهذا يجعلني أرى أن ظني في محله، فالرجل كان قليل التنقيح. أما الشيخ إبراهيم فاعتزل هذه الحرب معتذراً اعتذاراً نبيلاً فقال:
ليس الواقعة من شأني، فإن عرضت أعرضت عنها بوجه بالحياء ندي
إني أضن بعرضي أن يلم به غيري، فهل أتولى خرقه بيدي
لسنا ننكر علم الشيخ إبراهيم وأدبه، ولكننا نرى الأستاذ بطرس البستاني قد اشتط في كتابه النفيس ((أدباء العرب)) إذ شبه مناظرة الشدياق و اليازجي إبراهيم بمناظرة الخوارزمي و الهمذاني، فقد كان الشيخ إبراهيم يومئذ رخصاً و الشدياق قارحاً. وإننا نحمد الله على نقد الشدياق الذي خلق لنا عالماً لغوياً نفتخر بتدقيقه كالشيخ إبراهيم وإنما الظروف و الأحوال تخلق الرجال.
إلى القارئ:
لا تظنن بعد الذي قرأته أنك قرأت أحمد فارس أو عرفته، لا والله، فأحمد فارس لا يدرك جله ما لم يقرأ كله عشر مرات، فهو جديد نفيس، ولذلك هو غريب عنا.
حينما تقع في أرض الشدياق تجد الجديد طمعاً ولوناً، فهو الأديب العديد النواحي كأدباء العالم، بل يمتاز من أكثرهم بأسلوبه الذي يغريك فتقرأ غصباً عنك، إنه لا يمل حتى في (جمله السياسية) وأخباره المحلية، يقدمها لك في أجمل صحن مبهرة مفلفلة. وقد عرف الأستاذ حاله فوصفها لنا بقوله:
ما راج من قولي فخذه، وما تجد من زائف فاتركه لي ملفوفاً
لا بدّ أن تجد الصيارف مرة بين الدراهم درهماً مزيوفاً
إن المصنف لا يكون مصنفاً إلا إذا جعل الكلام صنوفاً
فما أكثر صنوف الشيخ، الشخصية كلها متجسدة فيها، ولذلك نحني الرأس إجلالاً أمام هذا العبقري قائلين: الله أكبر يا أحمد!
مارون عبود
ـ[أبو الطيب أحمد بن طراد]ــــــــ[26 - 06 - 10, 07:15 ص]ـ
إعدداد ودراسة: الياس جرجوس
للأستاذ مارون بك عبود (بيروت) الكتاب ج2 (1946)،ص587 - 606
هو أحد أقطاب الأدب العربي العظام، نشأ في لبنان وشب في مصر و مالطة، واكتهل في باريس ولندن وتونس، وشيخ في القسطنطينية. فمات ابن ثلاث وثمانين. ما أحوجته الثمانون إلى ترجمان، ولم تأخذ من ذلك الرأس شيئاً فبقي غضاً ونفسه خضراء، كما شهد في بذلك جرجي زيدان:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/208)
قدم مصر وقد شاخ وهرم سنة 1886 ((وأتيح لنا مشاهدته وقد علاه الكبر، وأحدق بحدقتيه قوس الأشياخ، واحدودب ظهره، وكنه لم يفقد شيئاً من الانتباه أو الذكاء. وكان إلى آخر أيامه حلو الحديث، طلي العبارة، رقيق الجانب، مع ميل إلى المجون، وقد لاقى في أثناء إقامته بمصر، هذه المرة، حسن الفائدة، فزاره الوزراء و العظماء، وتشرف بالمثول بين يدي الخديوي [توفيق]،فأرمه ولاطفه وذكر خدمته للشرق)) [تراجم مشاهير الشرق القاهرة: مطبعة الهلال 1907، ج2، ص108].
هذا هو الشدياق الذي نتحدث عنه. كان في حياته حديث عصره، وهو، بعد مرور ستين عاماً على وفاته [1946]، حديث حسن لمن وعى.
((الشدايقة)) كانوا في لبنان، وخصوصاً في شماليه، أكثر من الهم على القلب، فكل من لبس القنباز شدياق، وكل من شك دواة في زناره شدياق، ناهيك أن هذا اللقب يطلق على كل طامح إلى خدمة المذبح. وأحمد فارس هو ابن واحد من هؤلاء. هو فارس بن يوسف بن منصور بن جعفر، شقيق بطرس الملقب بالشدياق، من سلالة المقدم رعد بن خاطر الحصروني الذي تولى جبة بشري في القرن السابع عشر.
فهو سليل بيت كان له ضلع في الحكم. فالشدياق بطرس كان دهقاناً ومحاسباً سنة 1715 في عهد الأمير حيدر، ثم صار سنة 1729 مدبراً لولده الأمير ملحم. وفي سنة 1737غضب الأمير عليه، فانتحر في سجنه، وضبط الأمير بيت الشدياق.
وفي سنة 1768 مات الأمير قاسم عمر الشهابي، وأقام منصوراً الشدياق وصياً على ولديه حسن وبشير- الأمير بشير الكبير أو المالطي – ثم ولي الأمير حسن، فدعا يوسف بن منصور الوصي إلى خدمته، فاستعاد دراهم التي ضبطها الأمير ملحم، واستوطن عشقوت في مقاطعة كسروان. في تلك الدار ولد أحمد فارس، ثم دارت الأيام دورتها وتعكر صفو خاطر الحاكم فنزح والد أحمد فارس إلى حدث بيروت، وباع داره إلى أبناء المير يوسف ومن تلك الدار فر أحمد فارس، بعد أن مر في أطوار كثيرة، من طالب علم في عين ورقة، إلى فتى ينسخ الكتب، إلى كاتب عند (المير حيدر) صاحب التاريخ المعروف باسمه، وقد سماه أحمد فارس في فارياقه – بعير بيعر – وتندر عليه وعلى تاريخه ما شاء، وأبت الأقدار، إلى أن توالي ضرباتها على هذا البيت، فكانت نكبة أخيه أسعد وكان لها أبعد الأثر في حياة أحمد فارس، ففر من لبنان إلى مصر، ولم يلحقه ظفر جارح كعبد الحميد، فعاش طويلاً للأدب الخالص.
وفي ظلال ذلك الوادي الأمين طفق الطائر يغرد، وأعجب الناس ترجيعه، فاجتر ومضى على سننه، يعبث بالعرف و العادة والتقليد.وعهد إليه في تحرير الوقائع المصرية، فبرز في ذلك الميدان. وشاءت الأقدار فمدت يدها الجبارة فإذا بالشدياق في مالطة يعلم الأمريكان ويصحح ما يطبعون من كتب، ويؤلف كتاباً فريداً قال فيه الأستاذ جبر ضومط في كتابه فلسفة اللغة العربية وتطورها (وجد الشدياق فوجد كتاب الواسطة وكتاب كشف المخبا وسائر كتاباته الأدبية البالغة مبالغها من الطلاوة و الحسن)).
وتستدعيه وزارة خارجية إنجلترا ليعاون الدكتور ((لي)) في ترجمة التوراة وتنقيحها، فيقيم في لندرة وضواحيها سنوات، وصفها لنا أطرف وصف في كتابه كسف المخبا عن أحوال أوربا. ثم يغادرها إلى باريس، وهناك يطبع كتابه الخالد ((الفارياق)). وفي غضون إقامته بباريس ألّف سر الليال و الجاسوس على القاموس، ومنتهى العجب في خصائص لغة العرب. وفي باريس يمدح أحمد باشا باي تونس بقصيدته المشهورة ((زارت سعاد)) فاستقدمه إليه على مدرعة وجهت خصيصاً ليبحر الشدياق وعائلته عليها، فعجب لهذا الإكرام العظيم وقال في فارياقه: "لعمري ما كنت أحسب أن الدهر ترك للشعر سوقاً ينفق فيه " [الساق على الساق، ص 316].
وفي تونس غرق في نعمة الباي، قلده أسمى المناصب، وحرر جريدة الرائد التونسي. وهناك أسلم وتسمى أحمد وتكنى بأبي العباس، وطار صيته في الشرق و الغرب، فطمعت الآستانة به، فطلبه الصدر الأعظم من الباي، فتولى تصحيح الطباعة الشاهانية ردحاً من الزمن، ثم أصدر الجوائب في سنة 1861 فصدرت أمهات جرائد أوربا عن رأيها في سياسة الشرق، وبقي في القسطنطينية إلى آخر العمر. فكان منه كما قال المتمشرق الأستاذ جب:" أحد الأبطال العظام المدافعين عن الإسلام ".
الشدياق الكاتب:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/209)
كاتب اهتدى إلى ذاته العظمى، وكان مغامراً فلم يخف على أسلوبه من الموت، فأرسله في العالم العربي، غير مبالي بضواطير الأدب، ولا بمن صدئت عقولهم لنومتهم العبودية في أقبية التقاليد. كان معلم الجيل في تآليفه الكثيرة ومحدثه الدائم في جوائبه أوتي قوة الاختراع فعبر عن فكره الطريف بأسلوب ظريف، فهو مخترع أبداً حتى في الفصول السياسية والأخبار المحلية. مبتكر في التعبير خاصة. خلق منطقياً جدلياً، فجاء فارياقه ملآن بالتعابير الفجائية التي يسوق إليها الحوار. وهو لم يفته شيء من الأصول الفنية، فأدرك أن ما أنطق به الفارياقية - زوجته – لا يتفق وعلمها، فاعتذر في مقدمة كتابه، وهكذا نجا من المؤاخذة. وقد أنبأني ما لاحظت في آثاره الأدبية أن مولانا الشيخ من قطاع الطرق في الأدب لا يدع سبيلاً لمتربص به، بل يسد عليه الدروب كلها. وهذا أيضاً من خواص دماغه الكبير.
أدرك المعلم أن السجع - وهو لم يسلم منه - مرض عصور الأدب فقال ((السجع للمؤلف كالرِجل من خشب للماشي، فينبغي لي أن لا أتوكاً عليه في جميع طرق التعبير لئلا تضيق بي مذاهبه ... ولقد رأيت أن كلفة السجع أشق من كلفة النظم ... ومَن أحب أن يسمع الكلام كله مسجعاً مقفى وموشحاً بالاستعارات ومحسّناً بالكنايات فعليه بمقامات الحريري أو بالنوابغ للزمخشري)) (الساق على الساق، ج1، ص 47). ((فأما إذا تعنَّت عليَّ أحد بكون عبارتي غير بليغة، أي متبّلة بتوابل التجنيس والترصيع و الاستعارات والكنايات فأقول له: إنني لما تقيدت بخدمة جنابه في إنشاء هذا المؤلَّف لم يكن يخطر ببالي التفتازاني و السكاكي والآدمي و الواحدي والزمخشري والبستي وابن المعتز وابن النبيه وابن نُبَاتة،وإنما كانت خواطري كلها مشتغلة بوصف الجمال ..... وبغبطة من خوّله الله عزة الحسن، وبرثاء من حرمه منه، وفي ذلك شاغل عن غيره ... وبعدُ فإني علمت بالتجربة أن هذه المحسّنات البديعية التي يتهور فيها المؤلفون، كثيراً ما تشغل القارئ بظاهر اللفظ عن باطن المعنى)) (الساق على الساق، ج1، ص13).
أجل، إن انشغال بال الفارياق بالجمال وهجسه به ليلاً ونهاراً خلع هذا الجمال الفني على ما خطه قلمه، فهو ككاتب، معلم عصره، ونوابغ كتاب زمانه تلاميذه. لقد فكك القيود وحرر الأذهان من عبودية القديم، فهو ربوبيته عن كرسي مجدها. ولكنه وضع لتقديس القديم حداً لا يمتهن الألوهة ولا يجر إلى الوثنية. ولو برهنت عن أثره هذا بسرد نتف من كلامه لملأت بذلك مجلداً وما اكتفيت.
فعد أنت إلى تآليف الشيخ. أحمد الشاعر. قال أحمد: ((وكان الفارياق يتهافت منذ حداثته على النظم من قبل أن يتعلم شيئاً مما يلزم لهذه الصنعة ... مع اعتقاده أن الشعراء أفضل الناس، وأن الشعر أجل ما يتعاطاه الإنسان)) (الساق على الساق، ج1، ص20).
أما نحن فنقول: إن شاعرية الشدياق كانت قوية جداً وقريحته كانت أغزر ما تكون القرائح، ولو شاء أن يحكي شعراً لقدر، ولكنه كان قليل التجديد شاعراً، كثيره ناثراً. بكى الطلول كما بكوا،وقال الغزل الكاذب مثلهم، مع علمه أنهم من ضلال مبين. وما أكثر ما انتقد خطتهم تلك، فالظاهر أن بين فمه وأذنيه أربعة أميال لا أربع أصابع. مدح وهجا ورثى، وقال الشعر في كل غرض ومطلب , ولكنه كان يحاول التجديد دائماً، حتى فكر أن يفكك أغلال القافية، فقال أربعة أبيات مختلفة القوافي، وصرح لنا أنه يقصد التجديد، ثم خمع خلف القدماء.
إننا نعذر الشدياق على مدحه، ففي ((بانت سعاد)) لم يكن كعب أعلى منه كعباً، ولو أتيح لشعراء المناسبات عندنا جزء من مليون مما ناله الشدياق لعذرناهم وصفقنا لهم. ولكنهم، ويا للخجل، كالقرداين يمدحون الناس ويشتهون الرغيف في يد من يضمه ويشمه كبخيل أبي نواس.
شقي أحمد أولاً، ثم فاز أخيراً بهذا الشعر الذي كان خير بضاعة عصره – لا تنسى أني قلت عصره.
– فاسمعه يصف شقاءه، ولاحظ وأنت مار في هذه البيوت الشعرية، ما فيها من تقليد أعمى:
سميري من وجه النهار يراعة وليليَ درس الصحف من كل كاذب
فيا لك من يوم كريه صباحه ويا لك من ليل بطيء الكواكب
كأني في حلق الزمان شجا فلم يزل لافظاً بي أرض من لم يبالي بي
أما في الورى من عادل غير أما فيهم من صاحب غير حاصب
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/210)
أما حين ضحك له الدهر بهذا الشعر وحمله الباي على بارجة حربية لأجل (زارت سعاد) فقال:
ما كنت أحسب أن الدهر ترك للشعر سوقاً ينفق فيه. ومضى قدماً في السياسة يأخذ بثأر أبيه وجدوده. كان الإمام متشائماً قبلما صلحت حاله وكثر ماله، فشكا الدنيا قائلاً:
إن تبتسم دنياك يوماً فلا تركن إليها إنها آلقه
فربما شاقك برق سرى مبتسماً يتبعه صاعقة
ولكن الصواعق زالت، و الحمد الله، وجاءت الديم، وسكن الشاعر القصور الشاهقة في الآستانة العلية بعد ذلك الكوخ المالطي الذي قال فيه:
تعالوا وافقهوا عني ثلاثاً تعلمكم مراعاة النظير
خلاقي،ثم جسمي،ثم بيتي صغير في صغير في صغير
وشاعرنا ماجن مهذب في شعره – إلا إذا هجا – متهتك وقح في نثره، وقد عرفنا بنفسه يوم كان شقيّاً:
ما زارني إلا خليع ماجن فدع الحياء إذا حضرت حصيري
إن الحياء أخو النفاق وما صفت دون المجون سرير لعشير
وللمرأة في أدبه، شعراً ونثراً، أوفى نصيب، فهو كالحطيئة، للأنثى عنده حظ الذكرين. وقد أنبأنا في مقدمة فارياقه أنه بناه على أساسين: المرأة واللغة وفي المرأة يقول متشوقاً متحرقاً:
أصبحت في غرفتي رهن الهموم فما يعتادني غير أشجاني و أوطاري
أرى لكل امرئ أنثى تؤانسه وليس عندي من أنثى سوى النار
ويذكرني شقاؤه في أول شأنه ما كتبه ويكتبه الشاعر أحمد الصافي النجفي، فاسمع وصف الشدياق لشقائه ذاك:
غدَا بيتي كثير الفرش لمّا تهلهل فيه نسج العنكبوت
فلا عجب إذا ما قلت يوماً لكيد الناس: إني ذو بيوت
ولكنه ينتقم لسوء حاله فيقول أيضاً:
يراني الناس في كوخ حقير فيحتقرون منزلتي احتقارا
فهل يا قوم عندكم المعالي علو مباءة تحوي حمارا
والأستاذ الذي لا يملأ عيني شعره، وخصوصاً المدحي منه، ينخدع ويقول لنا:
من ظن أن مفاعلن متفاعلن سر القريض فجهّزنَّ به إلى
ثم يسمعنا شعر المديح الذي بوَّاه سدة اعتبار وإجلال يتمناها كثيرون من رؤساء حكومات العالم اليوم، فهل غير يا ترى بعد الميسرة فصار كالناس الذين قال فيهم:
الناس في الدنيا على رأي إذا هم أعسروا
لكنما أهواؤهم شتى إذا هم أيسروا
يحدثنا التاريخ أن شاعر زمانه كان لسان قومه في الآستانة ثم إليه يرجعون.كان بيته مفتوحاً لهم، ولكننا لم نقرأ شيئاً عن كرمه. أما مروءته فكانت كاملة فهو لم يتقاعد عن نجدة، ولم يتهاون بداع من أبناء جلدته. وآخر ما نقوله في شعره أنه كان جاهلياً في إغرابه، عباسياً في مدحه ومجونه، شامياً في تصوره وتفكيره. حاول التجديد في الشعر، ثم مشى على بلاط ملوك عصره في نعال مشركة. يدل نظمه على قلة تنقيح، وهو لو نقح لنفض عن شعره هذه اللزقات الأميركية التي لا تخلو منها قصيدة، فكأنه عدو للموسيقى الشعرية، مع أنه كان يعزف على الطنبور. وقصص طنبوره كقصص مداس أبي القاسم. وفي كل حال هو أمتن شعراء زمانه، يضعف شعره حين يمدح، ويسرح في المراسلة، ويشتد في الهجو حتى يكاد يخلو من الحشو، ويتساقط كأنه حجارة المنجنيق. وقبل أن أدع شاعريته التي لا أجل نتاجها وإن كانت أسعدته وابنه وحفيدته التي تعيش اليوم في إنجلترا عيشة اللوردات، أحب أن أذكر بيتين لا يستهان بهما، قد أعجب بهما أحمد حتى عدا طوره وحتى تخلق بأخلاق ابن الأثير حين ذكرهما فقال:
لا يحسب الغر البراقع للنسا منعاً لهن عن التمادي في الهوى
إن السفينة إنما تجري إذا وضع الشراع لها على حكم الهوى
رحم الله شيخنا وغفر له، فقد كان يرى العالم كله في المرأة، وقد قال في بنات حواء: إنهن زخرف الكون، بل أقول غير متحرج عرف الآلهة، إذ لا يكاد الإنسان يبصر جميلة إلا و يسبح الخالق. (الساق على الساق، ج1، ص14).
الرحالة السياسي:
قال عن نفسه:
لقد طفت في الدنيا على غير طائل فلما بدا عجزي أنبت (جوائبي)
فيا ليت شعري و النوائب جمة أيخفق كل من منيب ونائب
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/211)
فارس الشدياق ابن بيت لبناني عريق، عالج ذووه السياسة في الدنيا والدين –كما علمت– فعركتهم عرك الرحى بثفالها، مات جده وأبوه وأخوه شهداء حرية الفكر و الميل،وهو أحد مشردي هذا البيت. قضى عمره مجاهداً، لم يدع قطراً في الشرق و الغرب إلا حلته ركابه، وكتب عنه بعين لاقطة لا يفوتها شيء، فكأنها عدسة المصور، ففي الواسطة وكشف المخبأ و الفارياق صور شتى لأحوال الشرق و الغرب. وإن أكبرنا جهاد المتمشرقين فلا حرج علينا أن نكبر أكثر منهم جهاد هذا المتمغرب الذي كان إعلاناً للدماغ اللبناني بلا ثمن. وإن أفلح وصار حجة السياسة الشرقية للأوروبيين فلأن الوراثة جعلت منه سياسياً عظيماً، يحسن تعليل الأمور بعقله الثاقب.وليست سياسة العالم بأصعب من سياسة لبنان المختلفة بضاعته الطائفية، كمخازن ألف صنف وصنف. وأصدق دليل على تمسك الفارياق بأذيال السياسة رسائله التي كانت ترد على أصحابه وذويه، فهي تنبئنا أن كل المتاعب لم تشغل الأستاذ عن الاستطلاع سياسة وطن مات وفي قلبه حنين إليه، وإن لم يكن يقل في ذلك شعراً. وما شرده عنه وكتبه الفارياق إلا تلك النكبة التي وقعت بأخيه أسعد، فطوحت به في الآفاق يطوي وينشر ما عنَّ له تنفسياً لكربته، فجابت ((جوائبه)) الأرض، وكانت مدرسة عامة، ليلية نهارية، للناطقين بالضاد. فصحت بها لغة عصره الفاسدة، وقامت حرب البيان على ساقها. ومن الأنين المتصاعد من [كنز الرغائب في منتخبات (ج3)] يظهر لنا إعجابه بصحيفته وتألمه من حاله:
وإن كان سعيي في الجوائب خاسراً فإني لذخر الفخر أصبحت كاسبا
فهو يرى كل ما فيها، وحاشاه، فانياً، وتلك حالة الأديب في كل زمان يرى في المجد غنى عن النقد. وكذلك الصحافي العربي، فهو هو، و المشتركين هم هم، كما يخبرنا الفارياق.
عل سطح ذي الدنيا أراني نقطة أخط خطوطاً لا تسمن لي ضلعا
وقد أعجب النقاد جمع جوائبي ولكنني للنقد لم أستطع جمعا
وما بلغت الجوائب ستة وثلاثين أسبوعاً – أي تسعة أشهر – حتى عجز الشدياق عن إصدارها، فأعلن إفلاسه في العدد السادس و الثلاثين، قائلاً: و الضمير في ((أقلت)) يعود إلى ((الدنيا)):
أقلت ذي الجوائب قدر حمل الـ ـجنين وأسقطتها في الترائب
ومن يك قرنه الإفلاس دهراً فكيف يطيعه عاصي المطالب
لقد تربت يدي عن نيل طرس أخط به من الخطط الغرائب
بكيت وليس يجديني بكاء وأرخت (انقضى درس الجوائب)
فاهتز لنجدته الصدر الأعظم فؤاد باشا، فلم ينقض درس الجوائب، وعاشت سنين، حتى قال شيخنا: الله درها .... وظلت تصدر حتى قضت الحوادث السودانية بوقفها سنة 1884، أما صاحبها فما وقف قلمه حتى الموت.
اللغوي و المصنف:
ما رأينا قبله لغوياً بحث اللغة فرد ألفاظها إلى أصول قليلة اشتبكت فروعها فصارت أدغالاً مخوفة، ولا من كشف الغطاء عن خصائص الحروف فدلنا على حكمة الواضع. فالشدياق عالم قارح، رأسه كمخازن الترنزيت التي تتكدس فيها البضائع، أو أهراء فرعون يوم أقام يوسف بن يعقوب قهرماناً له.
فهو مستودع الجرايات في هذه المجاعة. لجأ إلى ((جاسوسه)) و ((سر لياليه)) كثيرون، ففي عدل بنيامين ألف كأس يوسفية، تخبرنا أن الذين بحثوا اللغة و القواميس بعده عيال عليه، كما كانوا على الجاحظ قبله. إنهم ينهبون ولا يستحون، ويسرقون ثم ينسون أنهم سرقوا الرجل، فيدعون المعرفة غير منوهين بذكر من جاهد ثمانين حولاً ولم يسأم. فما فهمه الشدياق من أسرار اللغة لم يخطر ببال أحد، وقد كان شديد الإعجاب بسر الليال حتى أفرط في الثناء عليه، وعقد معلناً فائدته لأولي الألباب، فكان كالكريم حين يخشى أن لا تأكل من ألوان مأدبته كلها فيتولى بنفسه تشويقك وترغيبك.
وتلك كانت حاله في خلق الألفاظ للمسميات الحديثة، فقد جاء الصحافة في صباها، فكان أبا الراقية منها لغة وسياسة. اعترضته مشاق كثيرة عند وضع الكلمات للفارياق وكشف المخبا و الجوائب،ولكنها لم تعوقه، فسمى الداليجانس،حافلة المجد. و الفكونات، الرتل، والباخرة سفينة النار، و الفنون الجميلة، الصنائع الظريفة، وبوليس التحري الثقاف. وكان يتألم كثيراً من هذا العناء المخلوط ببرد أوربا وسطمبول، فقال فيه شعراً:
ومن فاته التعريب لم يدر ما العنا ولم يصل نار الحرب إلا المحارب
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/212)
أرى ألف معنى ما له من مجانس لدينا، وألف ما له ما يناسب
فيا ليت قومي يعلمون بإنني على نكد التعريب جدي ذاهب
اسكت يا شيخ، لقد علموا، ولكن أنت تنفخ في رماد.
لقد كتب في تآليفه كل ما هو مبتكر حقاً، فخلق أدباً حياً لا أدباً ذابلاً، إن تحرك ناس كلعب الأولاد.ويا ليه كتب قصة بمعناها المعروف اليوم، إذن لكان لنا أروع القصص. وإن صح حشر سيرة الحياة بين القصص، فالفارياق قصة عالمية رائعة. فما أروع وصف تلك الغربة التي جلت ذاك الصقيل الفرد.
حدثنا رواة الأخبار عن المعري القفلة، ولكن الدليل على ذاكرته العجيبة لم يقم، أما إمامنا ففي فارياقه وجميع آثاره ألف دليل على ذلك الدماغ الغريب، فهو المؤلف العجيب حتى في كتبه اللغوية، وكل من ألفوا قبله وبعده نساخ، فمن شاء أن يؤلف في اللغة بعد أحمد فليستح، وليعذرني أبو عثمان المازني إن استعرت كلمته هذه، فهنا محلها أيضاً.
الأديب و الناقد:
الشدياق رجل قوي الباصرة، ليس في جرابه رغيف من خبز الرومنتيكية، فهو الجاحظ سواء بسواء، ولولا تشكيه البرد وتبرمه بالثلج لقلت إنه لم يحسّ الطبيعة قط، اكتفى بالمرأة عن كل ما خلق وما لم يخلق، فكل الصيد في جوف الفرا. ولولا كرهه طعام الإنجليز وحنينه إلى طعامنا لقلت إن الرجل يعيش على الانتقاد، فلم تنج ناحية من نواحي الاجتماع من جراد نقده الزحاف، لم يدع زاوية من زوايا الكون إلا ولجها، ينتقد الدنيا جماعات وأفراداً وحكومات وبلداناً، فقل إذا شئت:
لم يسلم من لسانه أحد. أما نقده الأدبي، ففي الفارياق، وكشف المخبا، وسلوان الشجي، وفصوله المجموعة سبعة أجزاء كثير منه. انتقد أساليب الكتاب و الشعراء وتفكيرهم وتعبيرهم، فكأنه أقام نفسه معلماً أو مدعياً عاماً في محكمة الأدب.
وقد اطلعت على رسالة بخطه نقد فيها كتاب أخيه طنوس. كتاب أخبار الأعيان في جبل لبنان فما حاباه ولا تغاضى عن هفواته ونعى عليه تذبذبه.
أذكر أنني قرأت كلمة لأمين الريحاني نقد بها ((غطارفة البيان)) كما سماهم، وإذا بي أجدها بمعناها في الفارياق، لست أعني أن الريحاني ناقل، بل قلت هذا لأدلك عل رجل نظر أمس كما ننظر نحن اليوم، إلى هؤلاء الفحول المقلدين، وما ننكره نحن الآن عليهم أنكره هو قبلنا في الفارياق، وكشف المخبا، وأشبعهم سخراً وهزءاً. ولكن أولئك كهؤلاء لا يردعهم شيء حتى الصفع فخصلة البدن لا يغيرها إلا الكفن، ولو كان ربنا يسمع شعراً لنظموا له عقوداً زبرجدية يعلقها في شماريخ عرشه.
ولو قرأت ما كتبه في الواسطة عن الزانية التي تضع صورة العذراء بالمقلوب حين تفحش، لتذكرت، إن كنت قرأت ((البعث))، وصف هذه الحالة الذي كتبه فيلسوف الروس العظيم، وأدركت أنه لم يفت أديبنا العظيم فسبق إليه.
والأستاذ جريء على استعمال القياس، فحلحل مكابس اللغويين. لقد جمع ونسب كما قرر مجمع مصر الملكي، وهو في عمله هذا واثق من نفسه، يؤدي العبارة على حقها ولا احتكاك عنده، فكأنه يقطع من مقلع.
والخلاصة أن الفرق بين أحمد ومعاصريه كالفرق بين رافائيل وبين من ينقلون صوره عن معجم لاروس وغيره.
المتهكم الساخر:
تقرأ في الفارياق (الساق على الساق ج1، ص 53، 66) نقدأً لاذعاً وتهكماً ساخراً بمؤلفي النحو ومعلميه، وحركات الإعراب، وتمسك النحاة بها، حتى يعبر عن مشاكل النحاة وعراقيلهم التي لا تنتهي بقوله صرت أعتقد بخلود النفس لأن مبهمات النحو الخالدة!! أليس هذا ما يعالجه اليوم معلمو زماننا حاسبين أنهم اخترعوا البارود. وكذلك فعل بعلم البيان و البديع، فمضى يسخر من أنواع الاستعارة، وظل يفعل حتى شبع، وأخيراً شبهها بأشكال الدرج فقال: ومنها القرقي و اللولبي و الحلزوني، إلخ. حتى قال في علل النحاة: ومات الأصمعي وفي عنقه من رسم الهمزة غدة. ثم يهزأ بتمسك بعض البيانيين بالحروف فيقولون: (الواو) هنا أفصح من (الفاء) و (أو) أفصح من (أم) وهلم جراً. ويهاجم الساجعين المنمقين الذين يتلاهون عن الحقيقة باستعارة أو كناية أو تصور غريب، فيقول كلمة عن المؤبنين:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/213)
((المصاب ينتحب ويولول، والمؤلف يسجع ويجنس، ويرصع ويروي، ويستطرد ويلتفت، ويتناول المعاني البديعة، فيمد يده تارة إلى الشمس، وتارة إلى النجوم، ويحاول إنزالها من أوج سمائها إلى السافل)). ويقول في مكان آخر: ((نقضي ساعة تامة في شرح جملة غير تامة)). ثم يقول: أكثر الكتاب يتهوسون في إهداء السلام والتحيات للمخاطب، كأنهم مهدون إليه عرش بلقيس. وكقوله للطبيب الذي عالجه علاجاً عنيفاً: أنا صاحب جثتي أفلا تشاورني! وكقوله عن الإنجليزية التي دعاه زوجها إلى العشاء عنده، وهرب من وجهه ولم يعشه: تسار بناتها كأنما نزل بهن نكبة البرامكة. ولست أذكر لك شيئاً عن تهكمه بفئة معلومة من الناس، فاقرأه أنت في محله.
إن المتمشرق الذي قال للأستاذ زكي مبارك في النثر الفني: الأدب العربي رواسم - كليشيهات – مصيب جداً، ولكنه بلا شك لم يقرأ الشدياق ليعلم أن فينا من خرج من الصيرة.ولو عرف صاحب لسان العرب أن الدهر سيلد لنا واحداً كالشدياق لما تجرأ أن يقول لنا: خذوا لغتكم من أعجمي فقد كشف الفارياق عورة هؤلاء العجم وفضحهم.
وقصارى القول كان المعلم جاحظياً نواسياً في فارياقه، بطوطياً في واسطته وكشف مخباه، متنبئياً في مدحه، خليلياً في لغوياته ونحوه: وقد صدقت الإجبسيان غازت حين قالت: إذا وضعت الكتبة الإنجليزية سكيت وأمرسون وواردزورت ووايلكلف وبلويز في شخصية واحدة يمكنك حينئذ أن تتصور عظمة هذا الرجل. ولو ولد الشدياق في أوربا لدفن مع نخبة العظماء، ولنصبت له التماثيل في مدن بلاده.
إن أحمد فارس ضخم مختوم كقبره، يمر به الناس ولا يعرفونه، وهو العارف بكل شيء، وهو مثال العربي المثقف الكامل في القرن التاسع عشر. لا تقرأ كتبه من عنوانها، فالجديد يقفز من بين سطورها قفز الأطلاء من دار خولة بالرقمتين. إن أحمد فارس كجبال لبنان، في كل قرنة معنى خاص، وفي كل واد صورة جديدة، فعليك به كله، فهو للقديم متجر، وللجديد مكسب.
الأديب المترجم:
استعانت به جمعية التوراة فوقف على ترجمتها التي أعجبت العلامة المطران يوسف الدبس، أما الشدياق فكان غير راض عن هذه الترجمة، لأنه يكره الركاكة التي نعت بها رجال الدين في فارياقه.
وها نحن نفسح له المجال ليدافع عن نفسه، ويلقي التبعة على الدكتور ((لي)):
وفي مثل قولنا ((ضرب لهم مثلاً)) كان يبدل ضرب بقال، لأنه كان يترجم في عقله لفظ ضرب إلى لغته فلا يجد لها معنى سوى إيصال الألم. وكان يبدل ((علم اعتقادهم)) برأي اعتقادهم، ويزعم أنها أبلغ في المعنى، وأن الاعتقاد ليس بمرادف للإيمان، فإنه إنما ينظر إلى أصل اشتقاقه وهو العقد، وهو غير مفيد معنى الإيمان. وكان يبدل ((ماء البحر)) بمياه البحر، وهذا لا محظور منه إلا أن تبديله هوس .. وكان يزعم أن لفظة ((المعجزات)) ليست من كلام النصارى حتى وجدناها في نسخة رومية. ومن أشد وساوسه تجنبه السجع و التركيب الفصيح غاية ما أمكن، حتى إنه زعم أن ما في الترجمة من قوله:
((خرجتم إليَّ بعصي كلص)) سجع، وحاول تغييرها فلم يقدر فتركها وهو آسف. وكذا وهمه في: ((نلت خيراتك في حياتك)) فكان يقول: هو من السجع الذي يجب مجانبته في كلام الله تعالى. وكان كلما رأى كلمة أو جملة تنتهي بواو ونون أو ياء ونون يقول إنها مضاهية لكلام القرآن، فيبدلها، حتى إنه رأى هذه الجملة وهي ((وأنتم على ذلك شهود)) فقال: إن هذا الموقف يشبه وقف القرآن، فمن ثمّ يبدلّها بقوله: وأنتم شهود على هذا.
ووجد عبارة أرى وهي ((وما أولئك بعابرين من هناك إلينا)) فقال: هذا التركيب فصيح! فبدل عابرين بيعبرون. ولم أتعجب من تغييره، وإنما تعجب من أنه شعر بحسن هذا التركيب .. (كشف المخبا ص 123 - 412).
لابروير العرب:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/214)
هذا ابن بيت قديم نكبته السياسة، كما قلنا، ولكنها تأصلت فيه، فجاء سياسياً أباً عن جد، و السياسيون المنكوبون في كل عصر يصبحون أفقر البرية متى انتزعت منهم أملاكهم، كما حل ببيت الشدياق، فقد أخذ المير أملاكهم حتى لم يدع لهم بيتاً فغادر عشقوت واستقر في حارة البطم بحدث بيروت، وورث فارس عن أبيه الذي مات في دمشق شهيد ثورة سياسية، مكتبة ثمينة، فصار نساخاً له وللناس. وضاق به المعاش فكان ((عطاراً)) يطوف الضيع خلف حمار، ثم لم تربح تجارته فانقلب صاحب دكان، وأخفق أيضاً فصار كاتباً لبعير بيعر – أمير حيدر – صاحب التاريخ الذي طبعته الحكومة اللبنانية مؤخراً – فنسخ له سفاسفه التي يحدثنا عنها في فارياقة، وقد حدثنا عن غفلة أميره هذا، وعن أشياء أخرى، لا محل لذكرها هنا، فارجع إليها بنفسك فليس عليّ أن أزقك كالفرخ، أما الآن فسمع شيئاً من سفاسف بعير بيعر مما كان يكتبه الفارياق في أساطير بعير بيعر أي في تاريخ المير حيدر: ((في هذا اليوم وهو الحادي عشر من آذار سنة 1818 قص فلان بن فلانة بنت فلانة ذنب حصانه الأشهب بعد إذ كان طويلاً يكنس الأرض، وفي ذلك اليوم عينه ركبه فكبا به)) إلخ.
((اليوم نظرت سفينة في البحر مارة، فظن أنها بارجة قدمت من أحد مراسي فرنسا لتحرير أهل البلاد، لكن عند التحقيق علم أنها إنما كانت زورقاً مشحوناً ببراميل فارغة، وكان سبب قدومها للاستقاء من كذا)) (الفارياق ج1، ص39).
ونكب أخوه أسعد – كما مر – ففر من بلاده يطوف الدنيا، وظل يشقى ويسعد حتى مات أخيراً شبعان من كل شيء. فغير عجيب إذن إن لمحت فيما صنفه وكتبه دروساً عميقة لأخلاق الناس. قد عالج الكثير من شؤون النفس معالجة النطاسي الأخلاقي، ولو كان غير عربي لدرسته المدارس كما يدرسون لابروير، وعول الناس على رأيه فيها كما كان يعول عليه في سياسة الشرق.
إن فصوله التي أذاعتها جوائبه تحت عنوان ((جمل أدبية)) وهي كثيرة تبتدئ غالباً بـ ((من الناس)) تنم من عالم بسيكولوجي يحلل خوالج النفوس ويصورها بقلم غني جداً، معتمداً في الغالب على عينه التي كانت تسبر الأعماق النفسانية، فيدرك الكثير مما يمر به سواه ولا يرى فيه شيئاً.
أحمد المتمغرب:
عجب الناس لهؤلاء المتمشرقين الذين درسوا أدبنا وكتبوا بلغتنا. وتمنى الأستاذ إبراهيم المنذر – بمناسبة الكلام على كتاب ((المستشرقون)) النفيس للأستاذ العقيقي – أن يكون عندنا متمغربون. يا سبحان الله! أما وجد الشيخ فينا متمغرباً! أما رأى أولاده في بيته ..... إننا لأحوج إلى التمشرق.
فجبران متمغرب، وغانم مثله، و الريحاني أيضاً، و القرم وخلاط وفصيلتهما كذلك، و السمعاني و الحاقلاني ونوفل و التولاوي و الفغالي متمغربون، فما أكثر الغربيين فينا وأقل الشرقيين.
قد تمغربنا، وكتبنا بلغة القوم كما كتب نوابغهم، أما هؤلاء المتمشرقون فآثارهم أمامك، وإن كنت لم ترها فارجع إلى الفارياق وكشف المخبا فعند أحمد الخبر اليقين. أما إذا كنت تبغي متمغرباً بالمعنى الأتم، فها هو أمامك. هو ذلك الجهبذ – لم أجد لفظة أصلح منها فكأنها وضعت لتقال فيه – هو ذلك النائم في الحازمية نومة الأبد بعد ما ملأ الدنيا نصف قرن.
هذا الذي تمغرب وثأر للشرق من كتّاب الغرب، واكتشف من عيوبهم أكثر مما اكتشفوا عندنا. ولكنه كان أعدل منهم، فذكر ما لهم وما عليهم، بينما هم لا يرون عندنا إلا المخازي و المعايب. قد زيف بضاعة المتمشرقين المزجاة، فاقرأ تعلم أي مقدار من العلم بلغة العرب عند هؤلاء الذين نمشي وراءهم ولا نسأل إلى أين. فما رأيكم بواحد من هؤلاء يقرأ ((حيل بينهما)) جبل ببنها! وذلك في قول الشاعر الأندلسي:
يا رب أم وطفل حيل بينهما كما تفرق أرواح وأبدان
ثم شرحه شرحاً وافياً، فصرف ساعات تامة في شرح جملة غير تامة كما قال الشدياق. اقرأوا في الفارياق تلك العظة الشهيرة التي ألقاها أحد هؤلاء المتمشرقين في كنائسنا، ولا ترموا شيخنا بالغلو.
فقد سمعت بأذني الثنتين عظة مثلها. فهذا هو المتمغرب الكامل الثقافة.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/215)
عرف ابن زهير كما عرف شكسبير وملتون ولامرتين وفرجيل، حتى حدثنا عن أدب الغرب وخص بالذكر منه الشعر، ناعياً عليه رموزه وغموضه.إنه لم يترك شاردة ولا واردة، وأذاع بالطبع كتباً عربية نفيسة كما أذاع المتمشرقون، وحسبه أنه نشرها سالمة من فاحش الخطأ الذي لا يدركه أولئك.
وإني لأعجب من المتمشرق كراتشكوفسكي الذي عد شدياقنا من غير البلاد العربية. فلو قرأ الشدياق كلمته تلك لنهض من قبره يحمل إحدى الأسطوانتين. وأسمعه ما أسمع من أهل زمانه. فالرجل يأبى أن ينسب إلى غير بلاده ولو أعطيته ملء الأرض ذهباً وحسبنا دليلاً على تعصبه لجبله أنه تمغرب بزيه الشرقي. وكم استغربوه ولم يبال. فليت من يشاء عملاً يذكر أن يخوض في عباب سر لياله ويحدثنا عنه، ولا بأس عليه أن قال: فيا لك من ليل تمطى بصلبه.
خُلقه وخَلقه:
من ينظر رأس أحمد فارس في صورته يخال أنه أمام جبار. عبل الشوى كحصان عنتر، ولكن من يقرأ شعره يعلم أنه أقل من مربوع. وإن تقل قد يبالغ الشاعر قلنا لك عليك بالفارياق (الساق على الساق، ص282) فتقرأ: ((قد كنت أظن أن صغر جثتك – يا فارياق – لا يكون موجباً لإنشاء تأليف كبير الحجم مثل هذا)). وبعد: فالرجال لا تباع بالذراع و لا تقاس بالأقدام ...... و الذي تراءى لي من قراءة الرجل أنه متطرف في كل شيء، متطرف في اجتهاده وجهاده، متطرف في عزمه الذي لا يكل ولا يمل، متطرف في مطالعاته، متطرف في تأملاته، متطرف في تعبيره وتفكيره، يتخطى كالمنطيقي الزنديق ولا يسقط في يده. تسوؤه أقل بادرة فيشهر حرب البسوس،وترضيه كلمة فيعفو وإذا بالماضي مضى، يخلص لأصحابه الود، ويغفر لمن أساء إليه إن استعطفه متذللاً. الغريزة الجنسية عنده ملاك الحياة، فهو لا يعنيه من هذا الوجود إلا ما تدركه الحواس. أما ما وراء الطبيعة فيرى البحث فيه تهليساً ومهارشة. حبه لعائلته يفوق الحد، وقد عبر عنه بوعظه الأمراء في فارياقه، وظهر لنا جلياً في حزنه وبكائه على ولده فائز حين قابل الدكتور لي. لا يؤمن بالوحي، ويخطئ ما لا يسلم به العقل. لو كان اليوم لضحك من أدبائنا الموسوسين الذين يفتشون عن الله و الآخرة.
جاء أحمد قبل الوقت فقاسى آلاماً وعذاباً، وقال شيئاً وترك أشياء كانت تجول في صدره. وتقف على رأس لسانه، وفي (المرآة في عكس التوراة) الذي أوصى أن لا يطبع إلا بعد وفاته. دليل على ما بقي في ذلك الدماغ.فالمحيط البيتي و البلدي وتلك النكبات المتتالية جعلت منه هذا الساخط الحانق، وهو بطبعه يجيد الكلام متى حنق، وقد أوتي قوة استطراد عجيبة، فكانت سلاحه الماضي في منازلة خصومه. قد يكون حب المجون والأحماض من طبعه، ولكن مكتبة والده التي عكف عليها صغيراً، وهي حافلة بالكتب العربية القديمة، كالكشكول و المستظرف وغيرهما، قد أنمت هذا الذوق، ثم عززه النسخ و القراءة،فجاء صارخاً عجاجاً.
بين التجديد و التقليد
الفن لفظة جوفاء يستتر وراءها كل صفيق الفكر، أما العبقري فيخلق فنه، وعلى الذرية أن تضع المقاييس، فشكسبير وراسين كانا قبل فرويد. وهكذا فعل نابغتنا العظيم، ولكنه لم يجرؤ على الطفرة، فوضع كما يقول الفلاح اللبناني:رِجلاً في البور. فرأيناه تارة يسجع، وطوراً يدع السجع هازئاً، ثم يعود إلى تلك الرجل الخشبية، وكأنه يأبى إلا أن يكون له ما كان لأهل زمانه، فكتب أربع مقامات،ولكن في أغراض غير أغراضهم، فطمست روح المعلم معالم التقاليد، ولا عجب فهو ممن يصنعون القالب على الرِجل، لا الرِجل على القالب.
وبينا نحن نقرأ ازدراءه القديم إذا بنا نراه ينهج نهجهم في عناوين كتبه (الواسطة في أحوال مالطة))، ((كشف المخبا عن فنون أوربا))، ((سر الليال في القلب والإبداع))، ((السند الراوي في الصرف الفرنساوي))، ((الباكورة السنية في نحو اللغة الإنكليزية))، وأخيراً ((غنية الطالب ومنية الراغب)) على وزن بحث المطالب، إلخ. كل هذا يدلني على أن عقلنا مهما كبر وتجرد من قيود الماضي فلا بد أن يظل عالقاً بشيء منه فلا يتفلت منه بسهولة، و الخوف من الغد يزيد هذه الأمور تمكيناً. وإذا تساءلنا:هل الشدياق عالم أو فيلسوف أو مؤرخ؟ كل شيء من هذا وليس بشيء منه،فهو لا تعنيه إلا أخلاق البشر من حيث الاجتماع فقط، واستنباطه من الواقع.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/216)
فالمرئيات كما قلنا نواة أدبه، تلقى في أرض أسلوبه المغلال، فتعطي الواحدة مئة، كالحبة التي ضربها الإنجيل مثلاً. وقد تكون الفكرة مبتذلة فيجلوها المعلم، كجنان النواسي، فتفضح العروس وتفتن النظارة.
ذوقه الفني:
لا أعلم لماذا يعجبني فن هذا الرجل، فإذا قرأت الفارياق أنكرت أن يكون سيرة حياة، فهو عندي قصة رائعة، وهل نكتب غير قصتنا قصة غيرنا. ماذا كان يقصد أحمد فارس حين ترك الأرقام التاريخية في فارياقه؟ وماذا كان يقصد حين جرد من نفسه شخصاً سماه الفارياق فكتب قصته بلسانه؟ أي فن أراد، وأي إحساس أحس حين فعل هذا؟ أما قرأت أن نقاد الغرب أعجبوا اليوم بأندره مروا لأنه فعل ما فعله الشدياق منذ قرن؟ إنني لواثق بأن شدياقنا كامل الذوق، وهو لو لم ينفق جل حياته في شؤون أخرى لما قصر في الفن والأدب عن أعاظم رجاله اليوم. وإليك نموذجاً يدلك على ذوق إمامنا الفني. قال في الرقص:
((وكان للحاكم عادة [في مالطة] أن يدعو جميع المعروفين في خدمته إلى ليلة عيد يرقص فيها الرجال و النساء بحضرته، وكان من جملة المدعوين الفارياق وزوجته. فلما رأت هذه الرجال يرقصون وهم مخاصرون للنساء قالت لزوجها: هل هؤلاء النساء أزواج هؤلاء الرجال؟ قال: منهن هكذا، ومنهن بخلاف ذلك. قالت: وكيف يخاصرونهن إذاً؟ قال، هذه عادة القوم هنا وفي سائر بلاد الإفرنج. قالت وبعد المخاصرة ما يكون منهم؟ قال: لا أدري، ولكن بعد انفضاض الناس يذهب كل إلى منزله. قالت: أشهد بالله إنه ما خاصر رجل امرأة إلا باطنها! قال: لا تسيئي الظن، إنها عادة مشوا عليها. قالت: نعم، هي عادة ونعمت العادة، ولكن كيف يكون إحساس المرأة حين يلمسها رجل جميل في خصرها؟ فقلت: لا أدري، إنما أنا رجل لا امرأة. قالت: ولكن أنا أدري، إن الخصر إنما جعله الله في الوسط مركزاً للإحساس الفوقي و التحتي، ولذلك كانت النساء عن الرقص و القرص في أي موضع كان من أجسامهن يبدين الحركة في الخصر. ثم تنفست الصعداء وقالت: يا ليت أهلي علموني الرقص، فما أرى فيه لأنثى نقص. فقلت: لو فتحت ((الصاد)) في كل من المصراعين لكان بيتاً مطلقاً.
يا للفضيحة بين الأنام، أتقول هذا الكلام في هذا المقام. فقلت: هيت إلى البيت، فقد كفاني ما سمعت الليلة وما رأيت. قالت: لا بد من أرى ختام الرقص. قال: فلبثنا إلى الصباح، ثم انصرفت بها فكانت تقول وهي سائرة: نساء مع رجال راقصات، رجال مع نساء راقصون، راقصات راقصون راقصات. فقلت فاعلات فاعلون، فاعلون فاعلات! قالت الرجال و النساء و البنون و البنات. كيف، متى، أين؟ [الساق على الساق، ص223]. أرأيت كيف يتحدث وينهي حديثه عن الرقص، إنه رقص وزيادة. وهذا هو الفن الكامل – تبحر كثيراً في هذا الكلام لتفهم قليلاً، أو كلف أحد العارفين بشرحه لك، وإلا فيا ضياع تعبي.
أحمد الهجّاء:
ما أحلى ترديد ما قاله لامرتين حين قرأ ((الشاتيمان)) لفكتور هيجو، ثلاثة آلاف بيت كل سب، هذا كثير. ونحن نقول: إن حملة الفارياق على أخصامه عنيفة جداً، ولكن الرجل خُلق هجاء، و الهجاء يدل كثيراً على الشاعر وهذا ما حملنا على خص هجاء أحمد بهذه الكلمة. الرجل سباب شتام حين يهجو، قلما يهزأ ويتهكم، يهاجم الخصم فيكسره شر كسرة. لا حيلة ولا هوادة في الأمر. الحرب الكلامية عنده تطول، دائماً المعركة فاصلة. وما تخيلناه من تقلب طباعه يدلنا عليه تبادل الهجاء بينه وبين أديب إسحق، الكاتب الذي نوه به أحمد. ثم قال يهجوه:
لو أن آدم عالم في أنه ستكون من أبنائه فيما غب
لأباح حوا بالطلاق ثلاثة وأبى لأجلك أن يكون أبا البشر
فأجاب أديب:
عجباً هجوت وكنت قبلا مادحي لا بدع قبلي قد خدعت محمدا
ومكرت في عيسى وخنت أباك في لقب أخذت ولم يكن لك أحمدا
وظهرت في ذلك الزمان جريدة برجيس باريس فناوأته وتحدته فاسمع كيف يهجو صاحبها:
إذا البرجيس فاه سددت أنفي فإن بنتنه تعجيل حتفي
فما لعلاج ذاك الفتح منه سوى سد، وبعض القول يكفي
صنان تشمئز النفس منه ويمنى كل ذي أنف برعف
وقال يهجو زميله المعلم بطرس البستاني، المشهور بفضله وعلمه:
كابدت من زمني كوارث جمة وأمرها في مرها ثنتان
لغة (الجنان) إذا هذت في مدح قا رئ لغوها و (سياحة البستاني)
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/217)
وانتقد الفارياق اليازجي الأب فقام ابنه إبراهيم يدافع عن والده فهجاه أحمد بقوله:
عجباً لمجترئ عليّ وما له عند البراز سوى عتاد هرائه
فكأنه الظربان معتمداً على دفع الملم به بريح فسائه
لا ريب أنك لاحظت مثلي أن هجاء الفارياق يخلو من الحشو الذي يكثر في شعره، وهذا يجعلني أرى أن ظني في محله، فالرجل كان قليل التنقيح. أما الشيخ إبراهيم فاعتزل هذه الحرب معتذراً اعتذاراً نبيلاً فقال:
ليس الواقعة من شأني، فإن عرضت أعرضت عنها بوجه بالحياء ندي
إني أضن بعرضي أن يلم به غيري، فهل أتولى خرقه بيدي
لسنا ننكر علم الشيخ إبراهيم وأدبه، ولكننا نرى الأستاذ بطرس البستاني قد اشتط في كتابه النفيس ((أدباء العرب)) إذ شبه مناظرة الشدياق و اليازجي إبراهيم بمناظرة الخوارزمي و الهمذاني، فقد كان الشيخ إبراهيم يومئذ رخصاً و الشدياق قارحاً. وإننا نحمد الله على نقد الشدياق الذي خلق لنا عالماً لغوياً نفتخر بتدقيقه كالشيخ إبراهيم وإنما الظروف و الأحوال تخلق الرجال.
إلى القارئ:
لا تظنن بعد الذي قرأته أنك قرأت أحمد فارس أو عرفته، لا والله، فأحمد فارس لا يدرك جله ما لم يقرأ كله عشر مرات، فهو جديد نفيس، ولذلك هو غريب عنا.
حينما تقع في أرض الشدياق تجد الجديد طمعاً ولوناً، فهو الأديب العديد النواحي كأدباء العالم، بل يمتاز من أكثرهم بأسلوبه الذي يغريك فتقرأ غصباً عنك، إنه لا يمل حتى في (جمله السياسية) وأخباره المحلية، يقدمها لك في أجمل صحن مبهرة مفلفلة. وقد عرف الأستاذ حاله فوصفها لنا بقوله:
ما راج من قولي فخذه، وما تجد من زائف فاتركه لي ملفوفاً
لا بدّ أن تجد الصيارف مرة بين الدراهم درهماً مزيوفاً
إن المصنف لا يكون مصنفاً إلا إذا جعل الكلام صنوفاً
فما أكثر صنوف الشيخ، الشخصية كلها متجسدة فيها، ولذلك نحني الرأس إجلالاً أمام هذا العبقري قائلين: الله أكبر يا أحمد!
مارون عبود
ـ[أبو الطيب أحمد بن طراد]ــــــــ[26 - 06 - 10, 07:17 ص]ـ
معركة الشدياق الصحفية مع المعلم بطرس البستاني
((تصويب سهام التغليط على قطر المحيط)) [البستاني]
تحت هذا العنوان باشر الشدياق نقده لقاموس البستاني في
سلسلة أعداد من الجوائب اعتباراً من العدد 566 تاريخ
3/ 1/1872ص4 - 5: شبلي، ص 160 - 162:
باسمك اللهم يا قاهر البغاة ومدمر الطغاة. . . .
ثم قبل الشروع في تخطئة كلام الشيخ ناصيف وفي الردّ على ابنه ينبغي أن نعرّج على تخطئة صاحب الجنان في كتابه الذي ألّفه في اللغة العربية وسمّاه: محيط المحيط إشارة إلى أنه أربى فيه على القاموس المحيط. كما أن الشيخ ناصيف ادّعى الفضل على الحريري فجعل مقاماته ستّين، وإنما عمدنا إلى تخطئة صاحب الجنان أولاً لأنا رأيناه محبنطئاً بالكبر و العنجهية و الغطرسة و العيدهيّة و التطول و التمدّح و التبجّج و المفاخرة و المباهاة حتى كاد يفسد اللغة، ولأنه هو كان محضّاً للتحريش وسبباً في سفاهة ابن اليازجي إلا إنا لم نظفر الآن بمحيط المحيط وإنما ظفرنا بمختصره الذي سمّاه: قطر المحيط وهو كاف في إظهار جهله وفضح كبريائه، فلعله يرتدع بعد ذلك عن أن يقول (كتبنا ومصالحنا ودوائر أشغالنا)) وهذا أوان الشروع والله يخزي المتكبرين.
قال (الأب))، الكلاء أو المرعى أو ما أنبتت الأرض ج أَوُبّ بفتح ((الهمزة)) الأولى وضم الثانية وتشديد ((الباء)) فقبل الكلام على هذا الجمع ينبغي أن نضع هنا قاعدة يُرجع إليها في كل ما كان من هذا القبيل وهي: أنه إذا تفرَّد أحد بنقل حرفٍ ما من اللغة وكان غير أمين في النقل ولا صادق في الرواية ولا سيما إذا عُرف بالتحريف و التصحيف وجب عليه أن يذكر اسم من نقل عنه وإلا فيرد عليه نقله. فهذا المحبنطي ذكر جمع ((الأب)) على هذه الصيغة ولم نرَ له جمعاً في الصحاح ولا في الكليات ولا في المصباح ولا في القاموس ولا في حاشيته ولا في شرحه تاج العروس الذي جمع فأوعى.
فإن كان له جمع فقياسه على ((أبواب)) كحب و ((حبوب)) وما أحسن ما قلته هنا في سر الليال من أن الأب من معنى القصد.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/218)
ثم قال مؤلف القطر: ((أب)) يئب ويؤب أباً وأبيباً وأباباً وأبابة هزم بحملة. و الشيء حرّكه، وللسير تهيّأ. وإلى وطنه أبّاً وأبابةً (بالكسر و الفتح) اشتاق ويده إلى سيفه ردّها ليسلّه. إلى أن قال: وأبت أبابته: استقامت طريقته. وعبارة القاموس أب للسير يئب ويؤب أباً وأبيباً وأباباً وأبابةً تهيَّأ، وإلى وطنه أباً وأبابةً وإبابة بالفتح و الكسر اشتاق ويدهُ إلى سيفه، ردّها ليسلّهُ إلى أن قال: أب أبه قصد قصده، وأبت إبابته ويُكسر استقامت طريقته. . .
وأب هزم بحملة لا مكذوبة فيها، و الشيء حرّكه. فالمفهوم من اصطلاح القاموس بعد ذكره لأب أبه أي قصد قصده، إن المصدر ((أب)) بمعنى هزم بحملة واحدة هو ((الأب)) وأن المضارع مضموم خلافاً لترتيب صاحب الجنان على أنه لم يروَ في أبت، إبابته غير الفتح.
ومن ذلك قوله: إبثه يأبثه إبثاً سبعهُ عند السلطان، وعبارة القاموس: إبثه يأبثه وإبث عليه سبعه عند السلطان. فكان ينبغي له أن يذكر تعديته بعلى، لأن من يذكر الأبرشية و الأخور وأمثالهما من ألفاظ العجم لا يعذر على الاختصار.
ومن ذلك قوله: في ا ب د الآبدة الداهية يبقى ذكرها أبداً ((ج)) أبد (بضم الهمزة وتشديد الباء وفتحها) وأوابد والأوابد أيضاً الوحوش و القوافي الشرد. وعبارة القاموس والأوابد الوحوش لأنها لم تمت حتف أنفها كالأبد (بضم الهمزة وتشديد الباء) والدواهي و القوافي.
الشرَّد. فقولهُ كالأبد يرجع إلى الوحوش لا على الدواهي، هكذا اصطلاحه.
ومع ذلك قوله ا ب ر. الآبار الرصاص المحرق ولم يذكرها صاحب القاموس، فكان عليه أن يبيّن مأخذها. وقوله، المئبر و المئبار: بيت الإبرة و النميمة ((ج)) مآبر، و المئبرة كالمئبر وعبارة القاموس: و المئبر كمئبر موضع الإبرة و النميمة وإفساد ذات البين كالمئبرة وما يلحق به النخل وما رقّ من الرمل. فقوله كالمئبرة يرجع إلى إفساد ذات البين خاصة لا لإلى موضع الإبرة. هكذا اصطلاحه.
ومن ذلك قوله الإبريز والإبريزي من الذهب الخالص الصافي. فارسي معرَّب. وليس في عبارة القاموس ما يدل على أنه معرّب. والأولى أن يكون من معنى البروز ومثله في المأخذ الجوهر.
ومن ذلك قوله: الإبريسم و الإبريسم الحرير معرّب إبريشم بالفارسية، ضبط الأولى بكسر الراء وفتح السين، و الثانية بفتح الراء و السين، و الثالثة بكسر الراء وضم السين. وعبارة القاموس في باب الميم: الإبريسم بفتح السين وضمها الحرير أو معرّب. فقوله أو يدل على الخلاف فيها خلافاً لجزم مؤلف القطر بكونها معرّبة مع أن صاحب القاموس كثيراً ما يقول في اللفظ العربي الأصيل أنه معرّب كما في الجاموس.
ومن ذلك قوله في الإبريق إنه يجمع على أباريق وأبارقة ولم يروِ القاموس و الصحاح و المصباح غير الجمع الأول وهو القياس. وفاته هنا الإبريق للمرأة الحسناء وهو أولى من الأبرشية.
ومن ذلك قوله: الأبزيم و الأبزام الذي في رأس المنطقة ((ج)) أبازيم فارسي ومعرّب. وليس في القاموس و الصحاح ما يدل على كونه معرّباً، والأظهر أنه من معنى البزم بمعنى العض ومن هذا المأخذ البزيم للخوصة يشدّ بها البقل. فقد رأيت من هذا القدر القليل أن هذا المحبنطي عامل على إفساد اللغة العربية وانتحال محاسنها للغات الأعجمية.
ومن ذلك قوله في ا ب ض و الماشية خلاَّها و الشيء سكن وتحرك ضد. والإبض (بالضم) الدهر أو الأبد وباطن الركبة ومن البعير باطن المرفق ((ج)) آباض. وعبارة القاموس والإبض التخلية ضد الشدّ والسكون و الحركة و بالضم الدهر ((ج)) آباض، وقال أولاً و المأبض كمجلس باطن الركبة ومن البعير باطن المرفق كالإبض بالضم.
فقوله كالأبض بالضم يرجع إلى باطن المرفق خاصة لا إلى باطن الركبة خلافاً لعبارة قطر المحيط. ثم أن قول صاحب القاموس والأبض التخلية ضدّ الشدّ مطلق،وصاحب القطر قيّدها بالماشية فلا ندري كيف يتصرّف في عبارة الأصل من غير تحرج قيدّه الله بسيئاته.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/219)
ومن ذلك قوله في ا ب ل: الآبل الشديد التأنق في رعي الإبل و الشاة. ضبط ((الباء)) من الإبل بالفتح و الصواب الكسر. قال في القاموس. إبل كنصر وفرح أبالة وابلاً فهو آبل، وإبل حذق مصلحة الإبل و الشاة. وإنه من آبال الناس من أشدّهم تأنقاً في رعيتها. فقوله: فهو آبل، وإبل الأول اسم فاعل يعود إلى وزن نصر، و الثاني على وزن كتف يعود إلى فرح فهو من اللف والنشر المرتّب. فكأن هذا المحبنطي ظن من قول القاموس: وإنه من آبل الناس أن اسم الفاعل بفتح ((الباء)) وعبارة الصحاح وابل الرجل بالكسر يأبل إبالةً مثل شكس شكاسة وتمه تماهة فهو أبل (ككتف) وآبال إي حاذق بمصلحة الإبل، وهو من آبال الناس إي من أشدّهم تأنقاً في رعية الإبل وأعلمهم بها.
ومن ذلك كقوله: الأبالة والإبالة (يعني بتشديد الباء وتخفيفها مع كسر الهمزة) السياسة وشيء تصدر به البئر، و الحزمة الكبيرة من الحطب. وعبارة القاموس: والإبالة ككتابة السياسة. إلى أن قال في آخر المادة: وككتابة شيء تصدر به البئر وقد أبلتها فهي مأبولة، و الحزمة الكبيرة من الحطب ويضمُ. فظهر أن الإبالة بمعنى السياسة وشيء تصدر به البئر بالتخفيف لا غير. أما الإبالة التي يجوز فيها التخفيف و التشديد فبمعنى القطعة من الطير و الخيل والإبل. وعليها ورد قولهم في المثل: ضغثٌ على إبالة. وقوله: والإبالة الحزمة الكبيرة من الحطب قد تقدّم في عبارة القاموس أن الضمَّ لغة في الكسر وعلى الثاني اقتصر الجوهري.
الرد المعلم بطرس البستاني على الشدياق
الجنان، السنة 2، الجزء 4 (28 شباط 1872) ص88 - 92
الرد على محرر الجوائب
لقد اطلعنا على عدد 564 من الجوائب وتلقينا بالترحاب البشرى التي بشرنا محررها بها.ولا ريب أن محرر الجوائب قد اطلع على طلبنا في آخر باب ((الراءِ)) في صفحة 848 من السطر 11 إلى السطر 16 من كتابنا في اللغة المسمى بمحيط المحيط حيث التمسنا إلى أهل العلم أن ينبهونا إلى ما يعثرون عليه فيه من الأوهام و السقطات التي لا يتبرأ إنسان منها ولا يخلو كتاب عنها لكي ندرج ذلك في جدول إصلاح الغلط الذي وعدنا به في آخر الكتاب المذكور. ولهذا إذا أصاب لا يكون انتقادهُ، مهما كان ما حملهُ عليه، إلا تتميماً لأقصى مرغوباتنا. وإذ كان قد خطأ الإمام الفيروزابادي الذي هو إمامهُ وإمامنا الذي أخذنا عنهُ لا يكون غريباً إذا خطأ غيرهُ. ولكن عليه أن يتذكر أن ليس كل من يتصدَّى إلى تخطئة غيره يكون مصيباً، كما جرى لهُ ولآخرين من أمثالهِ.
غير أننا نستغرب من أنهُ في العدد نفسهِ من الجوائب يعتذر بضيق وقتهِ عن المدافعة عن نفسهِ فمن أين لهُ الوقت لكي يخطئ كتابنا المذكور وديوان المرحوم الشيخ ناصيف اليازجي ومقاماته؟ وذلك مع كبر سنهِ. وكان الأجدر به كما نظن أن يدافع أولاً عن نفسهِ ويناضل عن كتبهِ ويصلح ما بها من الغلط ليبرهن على أنه كفؤٌ للدخول في هذا الميدان ويُركَن إليهِ ويعتمد على رأيهِ و انتقادهِ.ثُم يأخذ، كما هو دأبهُ، في الطعن في غيرهِ وتخطئة تآليفاتهم. وإننا نشكرهُ سلفاً كما نشكر كل من أراد من العلماءِ والأدباءِ أن يتحفنا بشيءً من هذا القبيل. وعلى الخصوص إذا فعل ذلك بخلوص النية كما أشرنا إلى ذلك في كتابنا المذكور لا بروح الحسد و العدوان و التعدي على حقوق الأدب و الأدباء. وقد أجاد من قال: كفى المرء نبلاً أن تعد معايبه. وطالما تطاول محرر الجوائب على الجنان ومحرره محاولاً بذلك أن يحمل الجنان على أن يدخل معهُ في الميدان المعلوم الذي حمل غيرهُ من الجرائد على الدخول معهُ فيهِ، فجرى بينهُ وبينها ما جرى، فساقها وساقتهُ إلى ما جلب عارأً، وأي عار، عليه وعليها وعلى الأدب والأدباءِ وضرراً على العموم. فلم يظفر بمرغوبهِ من هذا القبيل لأن ذلك ليس من مقاصد الجنان ولا يروق لنا ولا لقرائهِ فإننا نعلم أنهُ لا يسر مطالعي جرائدنا أن يرونا نشغل أعمدتها التي يدفعون ثمنها بمماحكات صبيانية لا طائل تحتها وعبارات زقاقية يخجل رعاع الناس وأوباشهم وسفلتهم أن يأتوا بمثلها و مسائل لا تفيد أكثر مطالعي الجرائد من أبناء هذا الزمان الذين يفضلون أن يصرفوا أوقاتهم الثمينة في مطالعة أمور أمثر فائدة لهم في الدين و الدنيا.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/220)
وأما زعمهُ أن لهُ هو تمويه لا يصدقهُ إلا المغفلون لأنهُ ما من أحد ينتصر للباطل إلا القوم المبطلون. اللهم إلا أن يكون قد أراد من رأينا ما قد رأينا منهم من الانتصار لهُ وفي هذا القدر كفاية لذوي الألباب.
ثم بعد أن حررنا ما تقدم وقدمناهُ للمطبعة لكي يدرج في جرائدنا فتأخر لضيق المقام إذا بالعدد 566 من الجوائب قد ورد على أجنحة البخار حاملاً السهام الأولى من سهام التغليط التي صوبها صاحب الجوائب على قطر المحيط. ولدى الوقوف على ما قالهُ هذا العلامة وجدنا أنهُ قد أخطأ العرض فخاب أملنا من الحصول على كبير فائدة منهُ في هذا الباب. ورأينا أنهُ قد تصدى لأمر ليس هو كفؤاً لهُ وفتح لنا سبيلاً لأن نردَّ عليهِ وذلك رغماً عنا ونخطئهُ في نفس تخطئته لتأليفنا المذكور. فإنهُ بعد أن وضع قاعدة للناقلين، طالما خالفها هو نفسهُ وكثيرون من مشاهير اللغويين، تمهيداً لما كان مزمعاً أن يرشق كتابنا به. قال إنهُ لم يرَ جمعاً للأبّ في الصحاح ولا في الكليات ولا في المصباح ولا في القاموس ولا في حاشيته ولا في شرحهِ تاج العروس الذي جمع فأوعى. فإن كان لهُ جمع فقياسهُ على أبوب كحب وحبوب، أه. أما قولهُ إنهُ لم يجدلهُ جمعاً في الكتب المذكورة التي هي أشهر كتب اللغة في العربية وأطولها حال كونهِ قد وجد ذلك في قطر المحيط فهو شهادة منهُ (إن كانت شهادتهُ لهُ أو عليه بعد ظهور ما ظهر من عدوانهِ وسقطاتهِ مما يعتدُّ به) عن غير ذلك قصد لفضل مختصرنا المذكور فهي منهُ رمية من غير رام. وأما قوله (فإن كان لهُ جمع فقياسهُ على أبوب)) فيستفاد منهُ أولاً أنهُ لا جمع عندهُ للكلمة المذكورة، وذلك خطأٌ أوضح من أن يبين، قد ساقهُ إليهِ جهلهُ لقواعد اللغة أو غشاء الادعاءِ وحدة الغرض. ثانياً إن قياس جمع فَعْل عندهُ إنما هو فُعُول لا غير، وهذا خطأ أقبح من ذاك لا يرتكبهُ أطفال المدارس، فإن فَعْلاً الصحيح ((العين)) يُجمع قياساً على أَفْعُل أيضاً نحو فَلْس وأفْلُس وظبي واظب، وقد أتى عليهِ أيضاً كفّ وأكُفّ وضبّ وأضُبّ وغيرهما من المضاعف (نرجو أن محرر الجوائب لا يؤاخذنا على جسارتنا هذه ومناقضتنا لهُ حال كونهِ يدعي أنهُ إمام اللغة وإنهُ إذا قال فما السامعين إلا الرضوخ، وأن لهُ حقاً أن يخطئ الجميع ولا حقَّ لغيرهِ أن يدافع عن نفسهِ ولا عن غيرهِ من أصحاب الفضل أو يجيب بكلمة، وأنهُ إذا انتهك حرمة الأدب لا حق لأحدٍ أن يزجرهُ أو يردعهُ عن غيهِ. فما لنا ولهذا البحث فلنرجع إلى ما كنا في صدده).
هذا ولو سألنا صبيان المدارس الذين لم يطالعوا إلا مفتاح المصباح في الصرف و النحو للمبتدئين عن جمع هذه الكلمة لأجابوا على الفور ومن دون تردد أن جمعها ((أَؤُبُ)) وأن ابن عقيل في شرح ألفية ابن مالك في باب الإبدال من كتاب التصريف (ولولا اختلاف النسخ المطبوعة لعينا الوجه و السطر لنوفر على صاحبنا الذي كأنهُ لم يطالع هذا الكتاب ولا غيرهُ من كتب الصرف و النحو كلفة التفتيش) قد نصَّ على جمع هذه الكلمة حيث قال: فالأول نحو ((أوب)) جمع أبّ وهو المرعي أصلهُ أَأْبُب لأنهُ أفعُل فنقلت حركة عينهِ إلى فائهِ ثم أُدغم فصار أَوبّ، أه. وكفى بمحرر الجوائب خجلاً أمام أطفال المدارس لدى مقابلة تخطئتهِ لقطر المحيط على الكتب الابتدائية التي يطالعونها. ومن الغريب أن محرر الجوائب مع طول ادعائهِ وعرضهِ قد أشكلت عليهِ هذه المسألة البسيطة، فلله درهُ ما أطول باعهُ. وكنا نود أن نعتذر عنهُ بكونهِ ناهز السبعين ولكن نخشى من أن تكذبنا شواهد أحوالهِ التي تدل على أن أعمالهُ وأقوالهُ هي أعمال من كان في عنفوان صبائهِ. ولكن أحسن عذر نقدمهُ عنهُ هو أنهُ ربما لم يدخل مدرسة ولا قرأَ العربية على أستاذ فصحَّ فيهِ المثل السائر الجاري على ألسنة العامة: كل صنعة بلا أستاذ يدركها الفساد. ولنا أن نسألهُ هنا سؤالاً ربما يصعب عليه جوابهُ. أما كان أولى بك أن تسالم العلماءَ والأدباءِ وتقف في حدود الأدب والإنصاف فتوفر اسمك وشهرتك التي اكتسبتها وتبقى مستوراً بين قومك وأبناءِ وذلك الأصليين و الحاليين؟ على أنني أظن أن لسان حالهِ يجاوبَ عنهُ على الفور طبيعة في البدن لا يغيرها إلا الكفن، وأن الشاب إذا شاخ لا يحيد عن طريقه. نفعنا الله بمثاله عبرة. وأما
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/221)
قولهُ متمدحاً وما أحسن ما قلتهُ هنا في سر الليال من أن الأب هو من معنى القصد كأنهُ سر لم يكاشف بهِ غيرهُ فقد خالفهُ فيه أو نبههُ إليه ابن فارس فإنهُ جعل أصل الأبّ الاستعداد كما نقلهُ عنهُ صاحب المصباح. وأما باقي كلامه فهو تطويل بلا طائل. فكأنهُ يظن أن كثرة الكلام ترخص البضاعة، كما يقال إلى أن يقول: ((فالمفهوم من اصطلاح القاموس))، إلخ. فإن عبارة القطر لا يفهم منها أن لأبَّ بمعنى قصد مصدراً غير الأبّ ولا أن مضارعهُ غير مضموم لأن عبارة القطر و القاموس هنا واحدة. وإذ كان القطر قد نص على جواز الفتح و الكسر في الأبابة لم تكن حاجة إلى إعادة ذلك. وما لاحظناهُ من كتاب سرّ الليال وغيره يبان أن معرفتهُ في اصطلاح القاموس هي أقصر جداً مما يدَّعي. فمما تقدم يظهر جلياً أن محرر الجوائب متعنت متمحّل مفتِئت وأن سهمهُ قد سقط دون الغرض. ويعلم القوم من هو الذي حشر نفسهُ بين المؤلفين. فإذا كانت هذه براعة الاستهلال عند محرر الجوائب فليت شعري ماذا يكون حسن الختام.ولله
قول الشاعر:
وكم من عائب قولاً صحيحاً وآفتهُ من الفهم السقيم
وقبل أن نختم الكلام نلتمس إلى حضرتهِ أن يضع قاعدة المخطئين، كما وضع ذلك للناقلين، وهي: أن لا يتعرضوا لتخطئة غيرهم ما لم يكونوا هم موقنين بأنهم كفوءٌ لذلك، وأن لا ينددوا بالمؤلفين وكتبهم ما لم يكونوا هم وكتبهم خالين ممَّ يسوّغ لغيرهم أن ينددوا بهم، وأن يفعلوا ذلك بخلوص النية وقصد الإفادة و الاستفادة لا على وجه المكابرة و الانتقام و النكاءة، وأن يتجنبوا السفاهة في ذلك فإنها ليست من الخير في شيء ولا تقوم مقام الدليل. وهو أعظم الجهل أن لا يقر الإنسان بجهلهِ وأن يدعي العصمة لنفسهِ ولا يسلم بصحة شيء مما لغيره، وأن يرى عيوب غيره ويغفل عن عيوبه، وهو من أصعب الأمور أن يعرف الإنسان نفسهُ، فنرى لهُ لأن يقلع عن السفاهة عالماً بأن كل إنسان يقدر عليها إذا شاء ولا سيما من كان عندهُ تأليفهُ المسمى بالفارياق (وهي كلمة منحوتة أي مقتطعةٍ من اسمه ولقبهِ أي فارس الشدياق) فإنهُ قد جمع فيهِ كل أنواع السفاهة وبوَّب لها أبواباً حتى إذا مست الحاجة يطلب في تأليفهِ المذكور الباب الذي يوافق المقام فيجد هناك مطلوبهُ صبرةً واحدة فيتلخص من كلفة التفتيش عليهِ في كتب اللغة فيرشق بهِ من أراد عندما يملأُ الحقد و الحسد قلبهُ و الحدة دماغهُ. فتبّاً لهُ من تأليف وسقياً لصاحبهِ من مؤلف. ولكن لا ينتفع بذلك من الكتَّاب غيرهُ بالنظر إليهِ فإنهُ إذا شاءَ مدحهُ يراهُ قد مدح نفسهُ قبلهُ وإذا حاول هجاءَهُ يراهُ قد هجا نفسهُ، وأي هجاء، فيضيق بهِ المجال ويا ليت صاحبنا المذكور يراعي سنَّهُ ومبادئ الأدب وخير الوطن. ويعلم أن الفضل لا يسلم لأحد، وأن فوق كل ذي علم عليماً، ويرعوي عن غيّهِ وريائهِ ودعاويهِ ويرجع إلى رضى ربهِ ويتذكر أن الحياة قصيرة وأن ليس للإنسان إلا ما سعى ويقضي بقية عمره بالتوبة و التقرب إلى الله و التكفير عن سيئاته عالماً بأن شمس حياته قد قاربت الغروب، وبأن الدنيا لا تغني عن الآخرة. ونسأل الله أن يهدينا وإياهُ وكل من أمسك القلم إلى سواءِ السبيل فهو على كل شيء قدير، وبالإجابة جدير. وأما ما رشقنا بهِ شخصياً من سهام العدوان فنترك الحكم فيهِ لعدالة الجمهور و الله مع الصابرين.
ثم بعد أن فرغنا من تبييض ما تقدم إذا بالعدد 567 من الجوائب قد أقبل وعلى عاتقهِ جعبة أخرى مملؤة من سهام التغليط، ويا لها من سهام، قد أُخذت من شجرة قديمة العهد ولم يحسن بريها ولا تثقيفها فكأنها لم تكن أو كانت لكي تظهر براعة باريها وأخلاق مثقفها وتبين للخاص و العام تهذيبهُ وغور معرفتهِ في اللغة العربية وقواعدها.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/222)
فمن ذلك تخطئتهُ للقطر لأنهُ لم يذكر تعدية أَبَثَ بعلى وقد فاتهُ الإبريق للمرأة الحسناءِ فاعجب بهِ من مخطئ فإنه يسوغ لهُ و الحالة هذه أن يخطئ سر الليال وكل كتب اللغة لأن كلاً منها قد ترك من الأصول و الفروع ِ ما لا يحصى، وذكر مواد ربما كانت عند غيرهِ أقل أهمية مما ذكرهُ من ذلك. وقد فاتهُ أن انتخاب المواد يتوقف على رأي المؤلف ونظرهِ ومقاصده لا على استحسان المستحسنين. هذا وإننا قد ذكرنا في مطولنا محيط المحيط ما تشكى محرر الجوائب من مختصرنا على تركهِ إياهُ. ومنهُ قولهُ: إن الأُبَّد ترجع إلى الوحوش لا إلى الدواهي. وقد فاتهُ أن الأُبَّد جمع الأبدة وأن جمع فُعَّل مقيس في وصف صحيح ((اللام)) على فاعل أو فاعلة كالشرَّد و الأُبَّد جمع الشاردة و الأبدة.فلله درهُ من منتقد. ومنهُ قولهُ إن القطر ذكر الأَبَار ولم يذكرها صاحب القاموس.
و الظاهر أنهُ كان على عينيهِ غشاوة عندما طالع مادة ا ب ر في القاموس لأنه ذكر هناك ((الأبار)) بقوله: وأشياف الأبار دواءٌ للعين، ولم يَرهُ حضرتهُ. ومنهُ قولهُ: فقولهُ (أي قول صاحب القاموس) كالمئبرة يرجع إلى إفساد ذات البين خاصة، أه. أي أنهُ لا يطلق على النميمة ولا على موضع الإبرة اعتماداً على ما يفهمهُ من اصطلاح صاحب القاموس. والحال أن المئبرة تطلق على النميمة أيضاً كما صرح بذلك صاحب الصحاح الذي أخذ عنهُ صاحب القاموس حيث قال: و المآبر واحدتها مئبرة و هي النميمة وإفساد ذات البين، أه. وعلى موضع الإبرة بالقياس فلو كان كل ما لم ينص عليه صاحب القاموس غير صحيح كما يستفاد من كلام محرر الجوائب لكان قسم كبير من اللغة غير صحيح، وهذا لا يسلم لهُ بهِ أحد. ومن ذلك قولهُُ في الكلام عن الإبريز: والإبريزي وليس في عبارة القاموس ما يدل على أنهُ معرَّب والأولى أن يكون من معنى البروز، أه. وقد فاته أن المصباح المنير قد نص على أن الإبريز معرَّب بقولهِ: والإبريز الذهب الخالص معرَّب، أه. ولعل صاحب المصباح ثقة عند محرر الجوائب أكثر من صاحب القاموس الذي خطأهُ في مواضع كثيرة. ومن ذلك تخطئته القطر لقولهِ الإبريسم معرَّب ومخالفتهِ للقاموس في ضبطها. وقد فاتهُ أن صاحب المصباح قد ذكر هذا الحرف في فصل ((الباءِ)) مع ((الراءِ)) وجزم بكونهِ معرَّباً. وخالف القاموس في ضبطهِ حيث قال ما نصُّهُ: الإبريسم معرَّب وفيهِ لغات كسر ((الهمزة)) و ((الراءِ)) و ((السين)) وابن السكيت يمنعها. ويقول ليس في الكلام إِفعيلِل بكسر ((اللام)) بل الفتح مثل اهليلج واطريفل، و الثانية فتح الثلاثة، و الثالثة كسر ((الهمزة)) وفتح ((الراءِ)) و ((السين))، أه. وكذلك عبارة صاحب الصحاح حيث قال: و الإبريسم معرَّب وفيه ثلاث لغات و العرب تخلط في ما ليس من كلامها، أه. فليغلطهما محرر الجوائب إذا قدر. والقطر قد وافق القاموس في لغتيهِ و المصباح و الصحاح في الثالثة من لغاتهما، وكذلك القول في تعريب الإبزيم فليراجع كتب اللغة. ومنهُ قولهُ: إن القاموس و الصحاح و المصباح لم يرووا في جمع الإبريق إلاَّ الأباريق يريد بذلك أن جمعهُ على أبارقة هو غير صحيح، ويستفاد من كلامهِ أن كل ما لم ينص عليهِ هؤلاء الأئمة من الجموع هو غير صحيح و الحال أنهم لم ينصوا على كثير من الكلم و الجموع. فإنهم لم ينصوا على جمع إبليس مثلاً بوزن إبريق فهل يذهب حضرتُ إلى أن جمعهُ على أبالس وأبالسة هو غير صحيح. وقد فاتهُ أن ((التاء)) تزداد قياساً في الجمع للدلالة على العجمة أو للتعويض عن الحرف المحذوف كما في جواربه وموازجة وأبارقة و تلامذة وزنادقة وصياقلة و صيارفة، وهلمَّ جرّاً. والظاهر أن معرفة محرر الجوائب في قواعد اللغة قاصرة، ولهذا يُعذَر في تخطئتهِ لما أتى مطابقاً لها وتصويبهِ لما خالفها. فرعياً لهُ من لغويّ صرفيّ نحويّ.
فمما تقدم يُعلم من هو عامل على إفساد اللغة العربية ومنتحل محاسنها للغات العجمية. وقانا الله من أطوارهِ ودعاويهِ العريضة. وفي هذا القدر كفاية الآن. وأما ما بقي من كلامهِ في العدد المذكور الذي كان يمكنهُ أن يجمعهُ في أسطر قليلة لو لم يقصد الإيهام و التمويه بكثرة الكلام فلضيق المقام و الوقت وخوف الملل قد استحسنا أن نؤخر الردَّ عليهِ إلى أن ينتهي حضرتهُ من موالهِ (يعذرنا محرر الجوائب في استعمال هذه الكلمة على خلاف أصلها لأنها صارت كالمَثَل، و الأمثال لا تغير عن مواردها) الذي يبان أنهُ سيكون طويلاً كموال ذلك الإفرنجي ولكن من نغمة واحدة ومعنى واحد. وإذا وجدنا بعد تدقيق النظر أنهُ أصاب في شيء فإننا لا نتردد عن التسليم بهِ وتأدية فريضة الشكر لتلك اليد البيضاءِ التي أتحفتنا به. لأننا لا ندَّعي لنفسنا ولا لشيء من تآليفنا العصمة، لأن العصمة و الكمال لله وحدهُ، فهو حسبنا ونعم الكفيل. على أننا نظن أنهُ بعد اطلاعه على هذا الرد يعدل عن تخطئة ديوان المرحوم الشيخ ناصيف اليازجي ومقاماتهِ ويكتفي بالرد على قطر المحيط أنهُ قد ظهر لهُ ربح من هذه التجارة و انتشر فضلهُ واتساع مادته فنرغب إليهِ أن يداوم عملهُ هذا بالهمة و النشاط لأن العالم مفتقر كل الافتقار إلى تأليف غريب يكون خطأهُ أكثر من صوابه، وليس من يقدر عليهِ إلا حضرة محرر الجوائب الموما إليه.
_
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/223)
ـ[أبو الطيب أحمد بن طراد]ــــــــ[26 - 06 - 10, 07:18 ص]ـ
معركة فارس الشدياق
الصحفية مع إبراهيم اليازجي
(1)
فارس الشدياق يرثي الشيخ ناصيف اليازجي
الجوائب العدد 519 (10/ 5/ 1871)، ص3
شبلي: الشدياق و اليازجي، ص 62 - 66
قد كان بيني وبين الشيخ ناصيف اليازجي مودة قديمة كما أشار إليه سليم أفندي دياب في صفحة 192 من الجزء السادس من الجنان لأنّا كنا جيراناً في ساحل بيروت، فكان مقرّه في كفرشيما ومقرّي في حارة الحدث. ولما كنت في مالطا جرت بيننا مراسلات أدبية فأرسل إليَّ قصيدة من الجناس العاطل مطلعها:
لأهل الدهر آمالٌ طوالُ وأطماعٌ ولو طال المطالُ
وهي مطبوعة في أول جزءٍ من ديوانه صفحة 22 وأجابني أيضاً عن قصيدة بأبيات مطلعها:
هوىّ في القلب يعذب وهو داءٌ كذا الدنيا وما فيها رياءُ
وهي في صفحة 25 وفيها يقول:
تقطعت الزيارة منك عنا إلى أن كاد ينقطع الرجاءُ
ولم يكُ بيننا نارٌ ولكن تعرَّض بيننا كالنار ماءُ
وهو كلامٌ في غاية الرقّة. ثمّ أرسل إليّ قصيدةً أخرى عنوانها: وقال يعزّي صديقاً له قد توفوا كتب بها إليه في بلاد المغرب:
لا تبك ميتاً ولا تفرح بمولود فالميت للدود و المولود للدودِ
وهي في صفحة 29. ولا أدري ما منعه من التصريح باسمي مع صفاء الحبّ بيننا. ثم بعد أن استقرّ بي المقام بالآستانة العلية أرسل إليَّ كتاباً ذكر فيه أنه بلغه أن أحد سكان الآستانة يريد أن يطبع مقاماته ولا يكون ذلك على وفق رضاهُ فإن في نيته زيادة شيءٍ عليها وتغيير شيءٍ منها، فأجبته بأني استقصيت عن هذه القضية فلم أقف لها على أثر فإذا علمت شيئاً بعد ذلك أنهيته إليه وأطلعته. وكان أول ما خطر ببالي من التغيير الذي نراه لفظة ((الفطحل)) المذكورة في المقامة الإنطاكية صفحة 257 بقوله: ((ويصبح غاضباً ولا يزال عاتباً يذكّرني في زمن الفِحَطْل وينجز الوعد بالمطل)) ثم قال في تفسيرها: ((هو زمن قبل أن يخلق الناس ويمكن أن يكون المراد به زمن الطوفان لأن الفحطل هو المطر الشديد. والمراد أنه لا يزال يذكّرها بأمور قديمة، وهو مثّل لما تقادم عهده)) اهـ.
وهو وهمٌ فإن حق اللفظة تقديم ((الطاء)) على ((الحاء)) قال في القاموس: الفِطَحْل كهزبر: دهر لم يخلق فيه الناس بعد. أو زمن نوح عليه السلام. أو زمن كانت الحجارة فيه رطاباً. و السيل و التارّ العظيم و الضخم من الإبل. وقال الصحاح: الفطحل على وزان الهزبر. زمن لم يخلق الناس فيه بعد. قال الجرميّ: سألت عبيدة عنه فقال: الأعراب تقول إنه زمنٌ كانت الحجارة فيه رطبةً وأنشد للعجاج:
وقد أتانا زمن الفطحلِ والصخر مبتلٌ كطين الوحلِ
وفطحل بفتح الفاء اسم رجل. وفي بعض نسخ الصحاح:
إنك لو عمّرت عمرَ الحَسَلِ أو عمرَ نوح زمن الفطحلِ
و الصخر مبتلٌ كطين الوحل كنت رهين هرمٍ أو قتل
وأهل بيروت يقولون للرجل المحنّك: فحطل على وزن جعفر وهي أيضاً محرفة. ولا شك في أن قول الشيخ ناصيف في المتن و الشرح فحطل بتقديم ((الحاء)) على ((الطاء)) هو من غلط الوهم الذي يغتفر للشاعر. وهو كقوله في صفحة 81:
تكثر الخيل في المرابض إن عدت ولكن تقلّ عند السباقِ
ونحو هذا قول المتنبي:
وما الخيل إلاّ كالصديق قليلةٌ وإن كثرت في عين من لا يجرّب
وإنما المرفوض من الغلط غلط الجهل كقول القائل: يوصف ويوعد في يصف ويعد. فأمّا الغلط الذي يكون من سبق الوهم فلا يخلو من أحد. فإن الشيخ ناصيف لم يكن يجهل أن المرابض للغَنَم و المرابط للخيل وإنما سبق وهمه إلى إبدال (الطاء) بـ (الضاد).ومن العادة إن الشاعر إذا سبق وهمه إلى تحريف لفظةٍ استمرّ عليها ولو كتبها بخطه عدة مرار. وفي الجملة فإن الشيخ كان مطبوعاً في الشعر ولم يكن في كلامه تكلف ولا تعسف ولا تصلف وكان ينحو به منحى المتنبي في ضرب الأمثال وله فيه بدائه وبدائع.
وذكر محّرر ترجمته، أعني سليم أفندي الموما إليه، في الصحيفة التي تقدم ذكرها: إنه في أواخر أيامه أخذ في نظم قصيدةٍ ليرسلها إليّ وفي أثناء نظمها دهمهُ المصاب العظيم بولده الشيخ حبيب فلم يتمّها. قال وإذ وجدتها من القصائد النفيسة أحببتُ ذكر ما وقفت عليه منها وهو هذا:
يا سفح نعمان لولا خزر نعمانِ لما سقاك زلالاً دمع أجفاني
ولا شجاني حمامٌ ناح فيك على فراق إلفٍ وجيرانٍ فأبكاني
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/224)
قد علم البين أجفاني البكا فغدا يحلو لها كالكرى في عين وسنان
بانت سعاد فبان النوم عن دنفٍ يسامر النجم حتى الصبح سهران
ناديتها يوم جدّ البين فالتفتت كظبيةٍ جفلت في رمل عسفان
لها من الظبي عيناهُ ولفتته ووجته بدرٍ لها وجه غزلانِ
كحلاء ما مسّ كحلٌ هدب مقلتها ولا تحلّت بأصباغ ٍ وألوان
قد علّمت شعراء العصر بهجتها سبك القوافي على ألحان عيدان
تداولتها رواة العاشقين لنا بكل بيتٍ بديع السبك رنّان
يجري بها الركبُ من سهل إلى جبل جريَ الجوائب في مدن ٍ وبلدان ِ
جوائب البيد والأبحار واردةٌ عن أحمد الفارس المفضال ذي الشان
أكرم بها جنّة طابت فكاهتها نضيرةً وجناحا حاضرٌ دان
جريدة جرّدت أخبار عالمنا عن كل زورٍ وإخلال ٍ وبهتان
لا غرو و الحاذق الشهم اللبيب لها على الحقيقة أنشا أيّ بنيان ِ
تاجٌ على لغة الأعراب شرّفها وزانها بحلى درَّ ومرجان ِ
قد آنس اليوم دار الملك معتفياً رحيلِه وحشةً في أرض لبنان ِ
وقلت أرثيه على ما يوجبه عهد المودة ويقتضيه:
مضى وكلّ قطين ٍ بعده فان ِ مَن كنتُ في البعد أرعاه ويرعاني
ومن على موته عيني مسهدةٌ ترعى النجوم وليل الهمّ يغشاني
ومن أتانيَ منعاه ولم أرهُ فهاج حزني وأنضاني وأضناني
يا طور لبنان هل تشجيك أشجاني لفقد إلف ٍ عزيز ٍ للصبى ثان ِ
وهل ذوى منك دوح باسقٌ أسفاً كما ذوى من فؤادي كلّ سلوان
وهل أتاك حديث الأولين مضوا وفخرهم دائمٌ من دون نقصان
أمثال فردك ناصيف فهل لك من فقدانه بدلٌ يا فجع فقدان
هيهات ليس له ندٌ فينسينا فرط الحنين إليه بعض نسيان
يا سائلي هل شجا ناعيه ذا شحطٍ ولاع منه فؤاداً لوعة الداني
أنظر إلى دمعيَ القاني وقس لهباً عليه بين الحشا من نار أحزاني
حرٌ تحرّى حلى الآداب في زمن ٍ فيه المآدب تحدو كل إنسان
فلم يُضع ساعةً من عمره عبثاً ولم يضع قوله في غير إحسان
كانت قوافيه تطوي البيد سائرةً سير النجوم فتهدي كلّ حيران
تنزّهت عن عيوب الشعر رائقةً لفظاً ومعنىً هما في الحسن صنوان
كما تساوى لديه من نزاهتهِ مالٌ وعدْمٌ هما للحرّ سيّان ِ
لو لم تكن درراً ما كان ناظمها فكرٌ لهُ ثاقبٌ في جيد أزمان
له البلاغة مذ عهد الصبى خُلقٌ لم يثنه ِ عنهُ في السبعين من ثان
ما كان يهجو ولا يُهجى ولا حجبت ذكا قريحته أحلاك حدثان
كانت أسرَّته عنوان نيته على المصافاة في سرًّ وإعلان
وشانئ شأنه تهجين ذي شأن ٍ لكنه عاش ذا شأن ٍ بلا شاني
مضى وفي ثوبه الآداب قد طويت من بعدما نشرت عنه بتبيان
إن الذي انتشرت أشعارهُ حكماً حيٌّ وإن درجوهُ ضمن أكفان
إن كنتُ بالغتُ في تأبينه فلكم في مدحه ِ بالغت صحبي وأقراني
لا تنكروا فضل ذي فضل ٍ لمذهبه وفي (اطلبوا علم أهل الصين) برهاني
واحسرتاه عليه إذ نؤرخهُ مضى وكل قطين ٍ بعدهُ فان
رد الشيخ إبراهيم اليازجي
الجنان، السنة 2، الجزء 12 (15/ 6/1871)، ص405 - 412:
شبلي: الشدياق واليازجي، ص67 - 74
قد ورد في العدد 519 من الجوائب أبيات من محررها أحمد فارس أفندي الشدياق، يرثي بها، المرحوم أبي، ناصيف اليازجي، قد صدَّرها بكلام طويل أشار به إلى مودَّةٍ قديمة بينهما أوجبت عليه رثاءه. فتمنينا له طول البقاء من بعده. غير أننا وجدنا في أثناء كلامه من الانتقاد عليه، رحمه الله، ما حملنا على الاستغراب و العَجَب. ولقد وددنا أن نحمل كلامه هذا على مقتضيات المودّة كما حمل الرثاء عليها رغبة أن يسلم له الجميل وإن كنا لا نجد لذلك وجهاً سديداً.
ولما كان ما أورده من الكلام لا يخلو من مَظنّة جاهل واهم، أو من نقد عالم بصير، رأيتُ من باب الوجوب أن أتصدّى لإجابته رداً لأوهام الواقفين عليه إلى كنه الصواب والحقيقة. على أن تصديّ له هو على غير ما أهوى لما لا يخفي على اللبيب، فأنا على الحالين مدفوعٌ إلى ما أكرهه. غير أني آثرت الردّ ولو كرهاً رجاء أن أكون أدنى إلى العذر، فقد وقع الواقع ولا عتب على المضطرّ. فأقول:
قد ذكر صاحب الجوائب في صدر كلامه مقدّماتٍ أشار بها إلى مودّةٍ بينه وبين أبي، رحمه الله، كان منشأها الوطن و الجيرة، ثم استمرّت بالمراسلات الحبيّة و المطارحات الأدبية. و الأمر كذلك فإن أبي بث إليه بقصيدةٍ عزّاه بها عن أنسباء له، مطلعها:
لا تبكِ ميتاً ولا تفرح بمولود فالميت للدود و المولود للدود
وقد أجابه عنها بما مطلعه:
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/225)
ما بين يومٍ وليلٍ دهر تنكيد فما البقاء وإنْ نحرص بمحمود ِ
وقد وجدتُ نسخة من الجزء الأول من كتابه الذي يدعوه سر الليال بعث بها إليه وعلى ظاهرها بخط قلمه:
إلى جناب العلامة الفاضل الشيخ ناصيف اليازجي مع سلام ٍ من كاتبه أحمد فارس – في غرَّة ربيع الثاني سنة 85 [12هـ 22/ 7/1868 م].
وقبل وفاته، عفا الله عنه، كان قد أخذ في نظم قصيدةٍ ليبعثها إليه فلم تسمح له الظروف بإتمامها. ثم لم تمض أيامٌ حتى توفاه الله عزّ وجلّ إلى رحمته فطُبعَت في ترجمته مع بعض ما نظمه في مدة مرضه. وهي التي ساقت ما ساقت مما تكرّم به صاحبنا مقابلةً لها إذا صرفنا النظر عما يوجبه عهد المودّة، بيّض الله وجهه. وقد أشار في أثناء كلامه غير ما ذكرتُ، إلى قصيدتين يقول إن أبي أجابه بإحداهما عن قصيدةٍ له وبعث إليه بالأخرى. وبين ذلك مَدح وأثنى وذكَرَهُ بالجميل. ثم استدرك بذكر موجدةٍ قديمة وعتبٍ لعدم تصريحه باسمه في عنوان القصيدة التي عزّاه بها حين طبعها في ديوانه. قال ((ولا أدري ما منعه من التصريح باسمي مع صفاء الحب بيننا)).
أقول: والعجب من هذا فإنه مع ما عنده من صفاء الحب قد أضمر له ما أضمر إلى ما بعد وفاته. ولعل في ذلك سراً يدركه أولو الألباب. ولا أدري ما ضرّه عدم التصريح باسمه وليس في القصيدة مدحٌ له وإنما هي حِكَمٌ وأمثالٌ يعزّيه بها. ومن الغريب أن أمراً كهذا قد أثقل منكبي الإمام وألق وقاره حتى نشره في جريدةٍ سيّارةٍ وألقى به نفير العتاب في الأقطار وأعمل الأفكار في البحث عن سبب ذلك، وربما خَطَر لها ما لا يرضيه، أصلحه الله وإيانا.
ثم استطرد إلى ذكر كتابٍ قال إن أبي بعثه إليه في الآستانة يقول فيه: إنه بلغه أن أحد ٍسكانها يريد طبع مقاماته وأن ذلك لا يكون على وفق رضاه، فإن في نيّته زيادة شيءٍ عليها وتغيير شيء منها.
ثمّ قال ((وكان أول ما خطر ببالي من التغيير الذي نواه لفظة الفِحَطْل المذكورة في المقامة الأنطاكية)) إلى آخره.
والظاهر أن هذا هو الذي دعاه إلى ذكر الكتاب فجعله تمهيداً لِما نواهُ، سامحه الله. وأعجب كيف لم يدرج هذا في جوابه له حينئذٍ وقد كان المقام أليقَ به من كل الوجود. وشهد الله أني منذ اليوم لم أكن أتوقّع مثل ذلك من هذا الصديق القديم، إذ لم يقع بيننا ما يبعث عليه كما تقرّر من كلامه. ولا كان عندي أنه ممن يحاول النضال عند مَظَنّةِ الانفراد وقد كان ما في نفسه ممكناً على وجهٍ أليق وأجمل به. وهذا حَسْبُ اللبيب.
أمّا وجهُ الانتقاد على اللفظة المذكورة فهو أن ((الحاء)) منها مقدَّمة على ((الطاء)) في الواقع، و الحق العكس وأن يقال الفِطَحْل بتقديم ((الطاء)). وقد أورد على ذلك شواهد وأدلّةً من كتب اللغة شهدنا له فيها بالفضل و البراعة.ومن جملة ما أورد من ذلك قال: ((وفطحل بفتح ((الفاء)) اسم رجل)).
أقول: وقرائن كلامه تقتضي بقاءَ ما سوى ((الفاء)) على حاله فيكون مفتوح ((الطاء)) أيضاً مع سكون ((الحاء)). ولا وجود لهذه اللفظة على هذا الوجه أصلاً. قال في القاموس ((الفِطَحْل كهِزَبْر، دهرٌ لم يخلق فيه الناس بعدُ أو زمن نوح عليه السلام، أو زمن كانت الحجارة فيه رطابا و السيل و التارّ: العظيم و الضخم من الإبِل. وكجَعْفَر وقُنْفُذ، اسم)) اهـ.
ففي قول صاحبنا وهمٌ ظاهر، أو حمل الكلمة على وزن جَعْفَر وفيه سهوٌ. وكان الأولى أن يقيّده بفتح الحاء أيضاً، أو يقتصر على أن يقول بالفتح كما جرى اصطلاح اللُغَويّين ويترك ذكر الفاء التي إنما هي زيادةٌ في اللفظ تؤدي إلى نقص ٍ في المعنى.ويذكر الوجه الثاني أيضاً وهو الضمّ.
قلتُ:ومثل هذه الزيادة قوله في كتابه سر الليال في صفحة 3، في كلامه عن لغات الأعاجم، قال (فما مثَلهن إلا مَثَل الثوب المرقع و الوجه القبيح المبرقع)) فإنه قَصَد المبالغة في قبحه فالتوى عليه المعنى وجاء عكس المقصود.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/226)
هذا وإذا سلّمنا بعدم انثلام عبارته، أو سلّم بصحة انتقادنا، وثبت على الوجهين أن الكلمة هي بوزن جَعْفَر أو قُنْفُذ، ورد عليه الاعتراض من وجهٍ آخر وهو أن المقام لا يحتمل وزن جعفر ولا قُنفذ، لوقوع الكلمة في الفاصلة مقابلة بالمطل، ولا يفي أن الفاصلة حكم القافية. على أنه لو ترك إيراد هذه اللفظة أصلاً لكان أسلم من الانتقاد. وما أدري ما الذي ساقها وهي اسم رجلٍ لا مدخل لها في المقام البتّة فضلاً عما تقدم.
و الشيء بالشيء يُذكر فما مرّ الكلام عليه من الخلل في أحكام الفاصلة هو على حدّ قوله في كتابه سر الليال المارّ ذكره في الصفحة عينها: ((لكنهم عدلوا عن هذه الجادّة إلى جادةٍ أخرى جاهدة)). ومثلهُ قوله بعد ذلك: ((فظهرت أسارير حسنها وتباشير فنّها وحكمة وضعها وبهجة مطلعها)). فإن ((الجادة)) لا توافق ((جاهدة))، و ((وضعها)) لا توافق ((مطلعها)). وإنما تكون ((الجادة)) بإزاء ((النادّة)) مثلاً، و ((جاهدة)) بإزاء ((شاردة))، وهلمّ جراً.
ومنه قوله أيضاً في أثناء ذلك (مع أن الجمع في لغة العجم له علاقةٌ واحدة وإشارة غير شاذّة، ولا نادّة بزيادة ((راءٍ)) بعد ((الدال)) وهي متلفةٌ لفظاً ومعنىّ. وما أدري أيتهما المعوّل عليها عنده، ولعلها الثانية، كما أن الفحَطْل بتقديم ((الحاء)) على ((الطاء)) هي المعوّل عليها عند أبي على رأيه.
وهنا أعجبُ كيف جزم بقوله (ولا شك في أن قول الشيخ ناصيف في المتن و الشرح فحطل، بتقديم ((الحاء)) على ((الطاء)) وهو من غلط الوهم)) إلى آخره. ولو بنى كلامه هذا على الاحتمال لكان أسدّ. على أن غلط الوهم لا يخلو منه أحدٌ كما أشار بعد ذلك، فلا عيب فيه وإلا فكلّ عائبٍ معيب. غير أنني قد كشفتُ في النسخة الأصلية التي بخطه رحمه الله ,فلم أجد لذلك من أثر، وإنما هو غلطٌ في الطبع من النوع الذي وقع للمولى في ما ذكرتُ.
ومنه إبدال ((البدائع)) بـ ((المدائع)) في صحيفة الجوائب المذكورة في العمود الثاني من صفحة 3، وغير ذلك مما لا يخفى على ذي عينين. وأمثال هذا في أكثر الكتب المطبوعة كثيرةٌ قلّ منها ما يخلو من كميّات من الأغلاط التي أخصّها القلب و الإبدال كما يعلم الأستاذ. فينتبه المؤلف إلى بعضها فيُدْرَج تحت إصلاح الغلط كما جرت العادة، ويُغفل عن بعضها فيبقى عرضةً لعبث الناقدين إلى ما بعد وفاته.
ومن ذلك قوله (وأهل بيروت يقولون للرجل المحنّك فحطل على وزن جعفر، وهي أيضاً محرّفةٌٌ)) أقول: وقصده بهذا ظاهرٌ وإذا سلم بأن اللغة معلقةٌ على موضع الإقامة، فما أخال القول بهذا الحكم يرضيه. وهو المخيّر في إثبات ما قاله أو نقضه، وأما حقيقة اللفظة، فالصحيح أن التحريف قد حدث من قبله وإنما هم يقولون فلانٌ من الفطاحل، بتقديم ((الطاء)) على ((الحاء)) بخلاف روايته. وهي مسموعة عندهم بصيغة الجمع فقط كما أشرتُ، ولم يجر ِ لها على ألسنتهم مفردٌ ولا مثنّى. ولذلك يصعب التسليم بكونها على وزن جعفر أو غيره. غير أن للمولى عذراً بالنظر إلى تقادم عهده ببيروت فربما ورد عليه ذلك من طريق النسيان. والله أعلم.
وأمّا اعتراضه بأن ((المرابض)) للغنم دون الخيل، فهو وهمٌ. و الصحيح أنها عامّةٌ تتناول جميع أنواع الدّابة كما نصّت علماء اللغة. وهي جمع ((مربض)) اسم موضع من الربض أو الرَبْض. و الظاهر أن هذا المعنى مأخوذ في الأصل من الرَبض بفتحتين وهو الامعاء، أو مجتمع الحوايا في البطن. يُستعمل للدابّة لأن رَبضها حينئذٍ يلاصق الأرض، فيُقال ربَضَت. وهذا لا يختصّ بدابّة دون أخرى. كما أخذ البروك للإبل من البَرْك بالفتح، وهو الصدرُ لأنها تبرك على صدورها. ولذلك وُضع في الأصل لها. على أنهم تسامحوا في هذا الأخير وأشباهه من المختصّات في الأصل فأجروها مجرى المشتركات كما يشهد الاستقراء. ولا يسعنا المقام لإيراد شواهد على ذلك من أئمة اللغة وشعرائها فنتخطاه إلى ما كنا عليه.
فممّا جاء من النصّ على عموم ((المرابض)) في كتب اللغة قول صاحب القاموس ملخّصاً.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/227)
قال: ((والرِبض بالكسر من البقر جماعته حيث تربض –و الربض بالضمّ وبضمّتين ويُفتح ويحرّك، الزوجة لأنها تربّض زوجها –وربضتْ الشاة ربضاً وربضةً وربوضاً كبركت في الإبل. قال في تعريف الشاة: و الشاة الواحدة من الغنم للذكر وأنثى. أو يكون من الضأن و المعز و الظباء و البقر و النعام وحُمُر الوحش و المرأة))، انتهى – و الربّاض ككتان الأسد- وربض الأسد على فريسته و القِرن على قٍرنه بَرَكَ – واربض الإناء القوم أرواهم حتى ثقلوا وناموا ممتدّين على الأرض. وغير ذلك وكلها بمعنىّ. وورد في الصحاح: ((وربوض الغنم و البقر و المعزى و الفرس و الكلب مثل بروك الإبل وجثوم الطير – وأربضت الشمس اشتدّ حرّها حتى ربض الظبي و الشاةُ –وقولهم: دعا بإناءٍ يُرٍبض الرهط أي يرويهم حتى يثقلوا فيربضوا.
وقال في المصباح المنير في كتاب ((الراء)): ((ربضت الدابّة ربضاً من باب ضرب، وربوضاً وهو مثل بروك الإبل)). وقال في كتاب ((الدال)): ((وكل حيوان في الأرض دابّة وأمّا تخصيص الفرس و البغل بالدابّة عند الاطلاق فعُرف طارئ)). وقال في القاموس: ((والدابّة ما دبَّ من الحيوان وغلب على ما يُركب)).
وقال في الكليّات: ((الدابّة تقع على كلّ ماشٍ في الأرض عامّة، وعلى الخيل و البغال و الحمير خاصّةً)) انتهى. وهنا اعتبار دقيق لا يخفى على اللبيب. وفي ما أوردناه كفاية، فقد وضح بأجلى بيان وأصرح عبارةٍ من كلام أشهر علماء اللغة وأئمتها أن (المرابض) لا يختصّ بصنفٍ من الدوابّ فضلاً عن أي لا تتعين للغنم. فتأمّل.
وأمّا ((المرابط)) التي قال إنها للخيل على وجه التعيين، فالصحيح أنها مشتركة أيضاً. قال صاحب القاموس: ((والمِرْبَط كَمِنْبَر. ما رُبط به الدابّة كالمِرْبطة وكمقْعّدٍ ومَنْزِل موضعهٍ)).
وقد مرّ قُبَيل هذا من عبارة صاحب المصباح وغيرهِ في تفسير الدابّة ما يغني عن التكرار.
وفي الصحاح: ربطتُ الشيءَ أربُطهُ واربِطهُ أيضاً عن الأخفش أي شددتهُ. و الموضع مَرْبَط ومَرْبِط. يقال: ليس له مربط عنزٍ. وفلانَ يرتبط كذا رأساً من الدوابّ. ويُقال نعم الربيط، لِما يرتبط من الخيل. انتهى. ولا حاجة إلى الإسهاب بإيراد غير ما ذُكِر وفي كتب اللغة ما يكفينا ويكفيه.
ومن المستغرب إن الإمام مع طول اشتغالهِ باللغة وحسن نقدهِ فيها، قد سقط في مثل هذا مما لا يكاد يُصدّق عن مثله. ولهذا يترجّح عندي أن ذلك قد وقع منه من باب التسرّع بأن قلمه قد سبق فكره فأثبت ما كتبه قبل الثقة بصحته. وكثيراً ما يقع ذلك للكتاب فيسقطون في ما لا يُظنّ أنهم يجهلونه.
ومن هذا الباب قوله في كتابه سرّ الليال، في الصفحة [3] المسمّاة آنفاً (فلهذا كان أقصى همي أن أغوص في بحر هذه اللغة عن دراري أسباب هذه الألفاظ)) إلى آخره. فإن المراد بالدراري بتخفيف ((الياء)) وبعدها همزة، أو بتشديدها بلا همزٍ: الكواكب. ولا يتصوّر الغوص في البحر على الكواكب. و المقام يقتضي الدُرَر وهي اللالئ فيستقيم المعنى كما لا يخفى.
وهنا أمسك عنان القلم اكتفاء بما ذُكر عما لم يُذكَر على أنني علّقته ما علّقه عن غير اختيارٍ مني كما أشرتُ في ما سبقَ، ولكن قد جرى القلم ولعلي في جانب العذر. ولم أتخطّ في الجوائب ما نحن فيه من كلامه،حاشا الأبيات التي رثاه بها فإنه لا يليق مقابلتها إلا بالقبول. كما أنني في ما تداركتُ على سر الليال، لم أيتجاوز الصفحة الواحدة ولم أورد منها إلا ما ساق إليه أسلوب الكلام مما احتمله المقام.
ولا بدّ من ملاحظة ما ذكرهُ صاحب الجوائب مراراً في أثناء انتقاده من الاعتذار عن أبي، رحمه الله، في ما احتسبه خطأ منه. وكأني به وراء ذلك يقصد بسط العذر لنفسه أيضاً في وجه مَن ربّما خيّل له الواقع أن الذمَم عنده تموت بموت صاحبها، و العياذ بالله. وذلك مما تأباه أخلاقه ولا يرضى به من تحلى بشعائر الكرم و الشهامة. فإنه قد حفظ له ذلك العهد زمناً ينيف عن ستين سنة وبينهما مسافةٌ من الأرض. فمن أصعب ما يُخال التسليم بأنه قد تنازل إلى نكثهِ معه حين أصبح ولا مُطالِبَ بهِ إلا أمانته وذمته.
هذا ما خطر لي تعليقه من هذا القبيل. وأسأل الله أن يوفقنا جميعاً إلى سواء السبيل. وهو حسبُنا ونعم الوكيل.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/228)
قالت مجلة الجنان في آخر هذا الردّ: ((انتهى رد الشيخ إبراهيم اليازجي. ولا ريب أن أكثر مطالعي الجنان يرغبون في الوقوف على هذه المباحثة الأدبية المبنية على أساسات الوداد و الصداقة،ولذلك قد عزمنا إن شاء الله على طبع ما ربما يُكتب في هذا الباب من الردّ و الأجوبة من الفريقين مما كان خالياً مما يتعلق بالشخصيات)).
رد الشدياق على اليازجي
الجوائب، العدد 538 (30/ 8/1871)، ص1 - 2:
الجنان، السنة 2، الجزء 21 (1/ 11/1871)، ص729 - 732
شبلي: الشدياق و اليازجي، ص 76 - 82.
لا يخفى أن الخوجا إبراهيم اليازجي كان قد كتب في صحيفة الجنان في الجزء الثاني عشر مقالةً خطَّأني بها فيما أوردته على لفظة ((الفحطل)) و ((المرابض))، ثم انتقل منها إلى تخطئة بعض الألفاظ وردت في مقدَّمة سر الليال وأطال لسانه بالتهكم و التنديد مكافأة لي على كوني رثيت أباه، وحيث كان وصول مقالته إليّ وأنا أطوف في البلاد لتبديل الهواء وكان اعتنائي بصحتي إذ ذاك أوجب عليَّ من معارضة السفهاء، لم يهمني الردّ عليه وتخطئته فيما خطَّأني به، ولا سيما أن تخطئته كانت ظاهرة من عين كلامه لأنه كله مبنيٌ على المغالطة و التمويه وهو صفةُ كثير من أمثاله الذين زبّبوا من قبل أن يحصرموا فإذا قالوا شيئاً فإنما يقصدون به إعجابَ جيرانهم ومعارفهم من الأغبياء المسفسفين لا إرضاء العلماء. إلا أني لما استقر بيّ المقام بالآستانة رأيت الجواب عن سفسطة المذكور أولى من السكوت، لكي يعلم الناس أني لم أزل مراعياً لحقوق العربية التي تقضي عليّ بأن أردع كلّ سفيهٍ عنها. فأقول إن قولهُ: ((ولا أدري ما ضرّه عدم التصريح باسمه وليس في القصيدة مدحٌ له وإنما حِكَمُ وأمثالٌ يعزيه بها، إلخ)) محضُ مواربة، فإن أباه صرّح بمدحي في قصيدته الهمزية بقوله:
ورُبّ رسالةٍ عذراءَ جاءت لها بالمسك ختمٌ و ابتداءُ
من اللفظ الفصيح لها خباءٌ على المعنى الصريح له بناءُ
لآلئُ لجّةٍ بيضٌ عليها رجال الحيّ غارت و النساءُ
إذا قلنا اليتيمة كذَّبَتْنا لها شِيَعٌ تجلّ وأنسباءُ
رأيتك ما أَنِفْتَ لمدح مثلي فذاك عليك من كرمٍ ثناءُ
إلى أن يقول:
خلعتَ عليّ فضلاً أدّعيه وحسبي أن مثلك لي جلاءُ
وكذلك صرَّح بمدحي في قصيدته العاطلة التي مطلعها:
لأهل الدهر آمالٌ طوالُ. . .وكنت قد ذكرت هاتين القصيدتين مع قصيدة التعزية فما باله يقول الآن،وليس في القصيدة مدحٌ له. فهل ذلك إلا من العمى و التعامي؟
أما قوله: ((الظاهر أن هذا هو الذي دعاه إلى ذكر الكتاب فجعله تمهيداً لِما نراه)) فالجواب أني لم أنوِ طعناً في مقامات أبيه. ولو كان في قصدي ذلك لم أقتصر على لفظة ((الفطحل))، وإنما اختصصتها بالذكر لغرابتها. ومن شأن الشاعر إذا تعمّد إيراد لفظةٍ غريبة أن يتروى فيها ولا يوردها مجازفة. أما قوله إنها من غلط الطبع فيكذّبه ورود ((المطل)) بعدها. فتأمل.
أما قوله (أما وجه الانتقاد على اللفظة المذكورة فهو أن ((الحاء)) منها مقدّمة على ((الطاء)) في الواقع، و الحق العكس وأن يقال الفِطَحْل)). فقوله في الواقع، صوابه في المقامات. فإن الواقع هو تقديم ((الطاء)) على ((الحاء)). وهنا أطال الكلام هذراً وهذياناً فزعم أنه يلزمني أن أقول وفَطْحَل بفتح ((الفاء)) وسكون ((الطاء)) وفتح ((الحاء))، لأنه يقول: إن قرائن كلامي تقتضي بقاء ما سوى ((الفاء)) على حاله. على حاله. فالعجب من هذا التبلتع فإنه إذا قال أحدٌ وفَطحل بفتح ((الفاء)) لم يفهم منه سوى وزان جعفر، إذ ليس للرباعي المفتوح ((الفاء)) سوى هذا الوزن))،فما موجب هذا الهذيان كله في هذه الكلمة؟ أما قوله (ومثل هذه الزيادة قوله في كتاب سر الليال في كلامه عن لغات الأعاجم: ((فما مثَلُهنّ إلا مَثَل الثوب المرقّع و الوجه القبيح المبرقع، فإنه قصد المبالغة في قبحه فالتوى عليه المعنى وجاء عكي المقصود)). فلعمري إنه لا يرى في هذا المعنى إلتواء إلا من إلتوت نيّته وقصر فهمه وطال لسانه. فإن القبيح قد يكون مبرقعاً، كما أن ((المبرقع)) قد يكون قبيحاً فلا تضاد بين هاتين الحالتين. فمن أين جاء الإلتواء. وقد قال أبو الطيّب:
قبحاً لوجهك يا زمان فإنه وجه له من كل قبحٍ برقعُ
فما الفرق بين الكلامين.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/229)
ثم إنه بعد أن لط في فطحل اسم رجل، انتقلَ إلى الاعتراض على قولي في سر الليال لكنهم عدلوا عن هذه الجادة إلى جادة أخرى جاهدة. فقال: ((إن ذلك لا يجوز في السجع، وإنما تكون الجادّة بإزاء النادّة مثلاً، وجاهدة بإزاء شاردة)). و الجواب إن إنكاره هذا من غير دليل ليس بشيء. وإنه كما يصح أن يقال مثلاً ((عظم جدهُ كذلك يصحّ أن يقال جادّة وجاهدة. نعم إن الأحسن أن تكون الجادّة مقابلةً، للمادة، غير أن الأحسن لا ينفي الحسن. كما أن الأفصح لا ينفي الفصيح)).
وبعدُ فمن أين عَلِمَ أني مقيّدٌ بالسجع في جميع هذه الفِقَر. وقوله (إن لفظة النادرة مختلة لفظاً ومعنى)).فهذا الاختلال إنما نشأ من قصور فهمه. فإن المراد بالنادرة هنا معنى الشاذة، فإن صحّت هذه صحّت تلك وإلا فكان يجب عليه أن ينكر الشاذة أيضاً.
وقله: ((إن أهل بيروت لا يستعملون مفرد الفطاحل وإنما هي مسموعة عندهم بصيغ الجمع ((فقط))، يكذبه ما حرره الفاضل سليم أفندي نوفل فإنه قال في كتاب أرسله إليّ من بطرسبرغ: وأما لفظة ((الفطحل)) فإني وجدتها غير مرّة في رسائل قُسٍ من أهل بيروت يستعملها في محل علاّمة أو فحل رجال، بل جمعَ بها مرة في خطاب ألقاهُ أمام أحد الكروش في بيروت. اهـ.
وما أورده الفاضل الموما إليه كان على سبيل الاتفاق وكان من جملة الألفاظ الحوشية التي وجدها في الجنان فأنكرها. أما قول اليازجي: إن قصدي بإيراد هذه اللفظة ظاهر. فالأظهر. أن يقال إنه ندب أضرابه من أهل بيروت للتحزّب معه عليّ.
ثمّ إنه انتقل إلى لفظة المرابض وقال (إن تخصيصي لها بالغنم وهمٌ وإن الصحيح أنها عامّة تتناول جميع الدابّة لأنه يقال ربضت الدابّة)). و الجواب إن كلامه كله في هذه اللفظة خلطٌ في ثلط وخبط في خبط، لأننا إذا سلمنا باشتراك الفعل لم ينتج منه اشتراك اسم المكان. فإن العرب كثيراً ما تفرد اسم المكان بمعنىً مخصوص من معاني الفعل المتعددة وذلك لكثرة استعمالها له. فمن ذلك لفظة المحافل فإنها لا تُستعمل عند الإطلاق إلا بمعنى المجالس التي يحفل فيها أي يجتمعون. مع أنه يقال حَفل الماء واللبن كما يقال حفل القوم، فإن أراد الشاعر الرجوع إلى أصل الفعل كان لا بدّ له من التقييد، كأن يقول مثلاً محافل الماء. وأمّا عند الإطلاق فينصرف المعنى إلى المجالس. وأمثال هذا كثيرة، ومن القبيل لفظة المرابض. قال في العباب: المرابض للغنم كالمعاطن للإبل. وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم: صلوا في مرابض الغنم، ولا تصلوا في أعطان الإبل. وقال في لسان العرب: و المرابض للغنم كالمعاطن للإبل، واحدها مربض مثال مجلس. وقال صاحب القاموس: وربضت الشاةُ تربض ربضاً وربضة وربوضاً وربضةً حسنةً بالكسر، كبركتْ في الإبل ومواضعها مرابض. وقال صاحب الصحاح: و المرابض للغنم كالمعاطن للإبل. وقال صاحب المصباح في أول المادة: و المربض وزان مجلس للغنم، مأواها ليلاً. فأنت ترى أن أئمة اللغة خصّوا المرابض بالغنم و المعترض اقتصر على ذكر الفعل مغالطةً وتمويهاً. على أنه عين الاعتراض عليه. فقد جاء في لسان العرب: ربض بالمكان يربض إذا لصق به وأقام ملازماً.
فهل يصحّ عنده إطلاق المرابض على الناس؟ فإن أصر على المكابرة و العناد بعد هذا النص الصريح،فأئمة اللغة في هذا العصر تحكم بيننا.
أمّا قوله: ((والظاهر أن هذا المعنى (أي الربوض) مأخوذٌ في الأصل من الربض بفتحتين وهو الأمعاء ومجتمع الحوايا في البطن، يستعمل للدابة لأن ربضها حينئذٍ يلاصق الأرض فيقال ربضت وهذا لا يختصّ بدابّة دون أخرى))، فمنتهى التشدّق و التبلتع لأنه يقال له إذا كان المربوض من الربض بفتحتين. فمن أين أخذ الربض؟ بل الأولى أن يقال إن الربض للأمعاء من معنى الملاصقة من قولهم ربض بالمكان إذا لصق به، كما أشار إليه صاحب لسان العرب. إذ القاعدة أن الأشياء الظاهرة ـكون أصلاً للباطنة كما أخذ العقل من عقلت البعير، و الحكمة بالكسر من الحَكَمَة بفتحتين و الذكاء لتوقد الذهن من ذكت النار، ومثله ثقوب الفكر كما أشرت إليه في مقدمة سر الليال صفحة 11. وأصل معنى ربض ربّ، أي لزم المكان وأقام به كأرب. ومثله لبّ وألب، وهذا المعنى وارد في ربث وربد وربص وربع وربغ. ويقرّب منه ربط وربق فتأمّله
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/230)
ولا عجب من أن هذا المتبلتع يقول مثل هذا الكلام، فإنه غرٌ لم يمارس اللغة، وإنما العجب من كاتب الجنان أن ينشره عنه مع كونه حشر نفسه في عداد المؤلفين في هذه اللغة الشريفة، وما ذلك إلا لأن كلام اليازجي أصاب منه موضع جَرَبٍ فحكّه.
أما اعتراض اليازجي على قولي في مقدمة سر الليال: فلهذا كان أقصى همّي أن أغوص في بحر هذه اللغة على دراري أسباب هذه الألفاظ، فإن الدراري غلط و صوابها الدرر. فالجواب أني ذكرتُ في آخر سر الليال أني سأبين الغلط الذي وقع فيه في جدول ٍ مخصوص بعد ختام الكتاب بأسره، إذ لم تكن لي فرصة لجمع ما كان يُطبع منه. وليكن معلوماً هنا أني كنت أحرّر هذا السفر كما كنتُ أحرّر الجوائب، أعني صفحةً صفحة، وكلما نجزت صفحة منه سلمتها إلى المرتب فلم تمكني الفرصة من تهذيبه كما أردت، ولم يكن لي همّ سوى في إظهار أصل معاني الألفاظ على النسق الذي تحريته، وأعظم شاهدٍ على ذلك أني في مقدمة الكتاب المذكور أنكرت على صاحب القاموس خلطه الأفعال الرباعية و الخماسية و السداسية بالفعل الثلاثي، وكان من قصدي تمييزها عنه فلم يتهيأ لي ذلك لسبب العَجلة.
وبقيَ هنا تنبيه المعترض إلى ما ارتكبه من الخطأ، فمن ذلك قوله في صفحة 409 [من الجنان]: عند مظنّة الانفراد. ضبط الظاء بالفتح وهي مكسورة. وقوله هذا يشير إلى أني أجسر على تخطئة أبيه وهو في قيد الحياة، فلما أن توفي تصدّيت لتخطئته، و الحال أني لما أوردت الفطحل و المرابط، نسبتهما إلى غلط السهو لا إلى غلط الجهل ولم أتجاوزهما مخافة أن يُنسب إليّ نقض الذمم كما ذكر ابنه، ولو كان قصدي التخطئة لما اقتصرت عليهما، على أن غلط الجهل أيضاً لا ينفي عن الشاعر الشاعرية، فكم قد رأينا من إناس يجيدون الشعر وهم غير متضلعين من العربية. وكم من علماء متضلعين منها وهم لا يحسنون أن ينظموا بيتاً واحداً. لا جَرم أنه ما من شاعر قال شعراً إلا وأخذ عليه. إلا أن حسناتهم في ضرب الأمثال وجودة السبك أذهبت سيئاتهم، ولم يلتّ ذلك شيئاً من فضلهم، وكذلك المؤلفون. فإذا كان هذا المعترض يدّعي بأن أباه كان معصوماً من الغلط، فتلك بدعةٌ شؤمى.
أمّا قوله: إنه يلزمني إشعار أبيه باختلال لفظة الفطحل، على ما يقتضيه عهد المودة، فهو لا يلزمني لأن لهذه اللفظة أخوات كثيرة في المقامات، فلو اختصصت منها بالذكر لفظة الفطحل لما كنتُ مصيباً، ولأني كنت مترقباً إصلاحها منه، فلما بقيت على الخطأ نبّهت عليها قياماً بحق اللغة، فإني لا أخشى في حبها لومة لائم. على أن أقول كما قلت آنفاً، إن هذه الأغلاط مفتقرة بالنظر إلى ما في المقامات من جودة السبك و الفصاحة.
ومن الخطأ المعترض في الرسم قوله: على أن تصدّىّ، بتشديد الياء، وصوابه تصديي. ومن خطائه في المعنى قوله: وشهد الله أني مذ اليوم لم أكن أتوقع مثل ذلك من هذا الصديق القديم. وصوابه:إلى هذا اليوم، كما لا يخفى. ومن خطائه في اللغة قوله في صفحة 412: فإنه قد حفظ له ذلك زمناً ينيف عن ستين سنة. و الصواب ستين. ومن ذلك قوله: إن الذّمم عنده تموت بموت أصحابها. ضَبط الذال من الذمم بالضم وهي مكسورة. وأقبح من ذلك قوله في آخر كلامه: أمانته وذُمته. ضَبط الذال من ذمته بالضم وهي مكسورة. عل أن أجهل العامّة في بيروت وجبل لبنان يقول عند الحلف: على ذِمّتي بالكسر. ومن ذلك قوله في صفحة 410: على أن غلط الوهم لا يخلو منه أحد كما أشار. والصواب كما أشار إليه.
فمن كان رأس ماله في العربية هذا المقدار وإلا فليستعين بصاحب الجنان [بطرس البستاني] على تنقيح كلامه. فأمّا تعقيد كلامه واضطراب عبارته وإسهابه في غير موضع الإسهاب، فنكله إلى من له ذوق سليم وطبع مستقيم، وأنكر من ذلك كله قول صاحب الجنان: ((ولذلك قد عزمنا إن شاء الله على طبع ما ربّما يُكتب في هذا الباب من الرد والأجوبة من الفريقين)). وحاصله أنه عازم على تشريف صحيفته بكلام اليازجي مرّة أخرى بل مراراً متعدّدة، لأن موضع الجَرَب منه لم يُشف بعد.
(يُتْبَع .. اقلب الصفحة)
(146/231)